فتاوى واستشارات الإسلام اليوم

مجموعة من المؤلفين

عن هذه الفتاوى

فتاوى موقع الإسلام اليوم خزانة الفتاوى ... خزانة مفتوحة لكل باحث عن فائدة وطالب لعلم، أودع فيها كل ما أجيب عنه من استفتاءاتكم، ما نُشر منها وما لم يُنشر، مصنّفة تصنيفاً فقهياً، ويمكنك الاطلاع على فتاوى ما شئت من الأبواب الفقهية من خلال النقر على عنوان الباب.

ـــــ القرآن الكريم وعلومه ـــــ

القرآن الكريم وعلومه

تفسير آيات أشكلت

هل تنطبق هذه الآية على غزو الفضاء؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 1/6/1422 السؤال أرجو من المفتي أن يفسر هذه الآية الكريمة، وهل هي تنطبق على المركبة الفضائية التي أطلقت إلى كوكب المريخ؟ قال تعالى: ((ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فهي يعرجون؛ لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون)) سور الحجر الآية رقم 14، 15. الجواب في هذه الآية الكريمة يصف الله -تبارك وتعالى - شدة معاندة مشركي مكة وأضرابهم، ومنابذتهم للحقّ الذي جاء به الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- من عند ربه - عز وجل- ويبيّن سبحانه إصرارهم على الكفر والطغيان مهما جاءتهم من الآيات الواضحات، والدلائل البينات، والمعجزات الباهرات المؤكدة لصحة الرسالة وصدق الرسول، بحيث لو فُتح لهؤلاء المشركين المعاندين باب من السماء يرونه بأمّ أعينهم، ثم ظلوا يعرجون، أي يصعدون إلى السماء عبر هذا الباب، ولمسوا هذا الأمر العظيم واقعاً محسوساً، لما أنفكوا عن عنادهم ومكابرتهم، زاعمين أنّ هذا ناتج عن سُكرٍ وغشاوة على أبصارهم فأصبحت عاجزة عن التمييز والإبصار، أو هو سحر أصابهم فظهر لهم ما ليس بحق ولا واقع، وهذا -كما ترى- إمعان في الضلال، وإصرار عجيب على البغي والفساد. وأما قول السائل: هل تنطبق الآية الكريمة على الركبة الفضائية التي أطلقت إلى كوكب المريخ؟ فأقول:

سواء وصل الكفار إلى المريخ أو غيره، أو لم يصلوا، فلا ريب أنّ من سبقت عليه الشقاوة الأبدية لا ينتفع بما يتلى على مسامعه من الآيات الشرعية، وما يراه من الآيات الكونية الباهرة. ولقد تيسّر لأهل زماننا عبر هذه المركبات الفضائية وغيرها ما يدفعهم إلى الإيمان بالإله الحق سبحانه، ولكن ما أشبه الليلة البارحة، فلا يزال المكذبون سادرين في غيّهم، ممعنين في ضلالهم وهو مصداق قوله تعالى: ((إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون)) إذ أن أصح الأوجه في تفسير الآية: أنها في الذين قضى الله عليهم بالشقاء الأبدي السرمدي، فما عادت تنفع فيهم موعظة، أو تنجع فيهم تذكرة، نسأل الله العافية والسلامة.

الجن والشياطين سلالة من؟

الجن والشياطين سلالة من؟ المجيب د. عبد الله السبتي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 22/7/1422 السؤال يقول الله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ... الآية الإنس من بني آدم والجن من نسل من؟ والشياطين من نسل من؟ وماذا قال أهل العلم بقوله تعالى (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) ظاهر قول الملائكة بأن الأرض كان يقطنها مخلوق مفسد فمن هم؟ الجواب الذي يظهر والله أعلم أن إبليس هو أبو الجن وذلك هو ظاهر القرآن ولا معارض له مقبول فإن الله سبحانه قد أخبر في كتابه عن إبليس أنه اعترض على السجود بقوله: (خلقتني من نار وخلقته من طين) فهو يتحدث عن خلقه هو لا عن غيره من أب أو جد فأول الجن خلقا هو إبليس وهو أبوهم (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو) كما أن أول الإنس خلقا هو آدم وهو أبوهم وإبليس قد خلق قبل آدم (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون*والجان خلقناه من قبل من نار السموم) قال الحسن البصري رحمه الله:"ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس "قال ابن كثير:" وهذا إسناد صحيح عن الحسن " (1/74) في تفسير قوله (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) . قال ابن القيم_رحمه الله_: واسأل أبا الجن اللعين أتعرف الخلاق أم أصبحت ذا نكران وقال ابن حجر في الفتح (6/369) :" إبليس أبو الجن كلهم "

وكل قول غير هذا غير فإنه معارض لظاهر القرآن كما أن مستنده النقل عن بني إسرائيل فمرة ينسب إلى حي من الملائكة وأخرى إلى الجن ولكن اصطفى فكان بين الملائكة ... إلى غير ذلك من الأقوال، والمسألة سمعية لا مجال للرأي فيها، ومثلها لا يستند فيه على الإسرائيليات، وتجدر الإشارة إلى أنها قد وردت مجموعة من الروايات عن المتقدمين في إبليس وكيفية نسبته إلى الجن، وتحديد مهمته، وذكر عبادته، وكيفية انتقاله، إلى السماء وتسميته، وغير ذلك، ومصدر ذلك والله أعلم الإسرائيليات، قال ابن كثير في تفسيره (3/87) :" وقد روي في هذا آثاراً كثيرة عن السلف وغالبها من الإسرائيليات، التي تنقل لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير، منها ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته الحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة، لأنها، لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان وقد وضع في هذا أشياء كثيرة ". وحينئذ فلا داعي للعدول عن ظاهر القرآن. وبهذا القول يزول الإشكال عن كيفية وجود إبليس بين الملائكة وهو ليس منهم، فالله قد خلقه وجعله بينهم، كما أنه خلق آدم وجعله في الجنة ثم أنزل الجميع إلى الأرض جزاءا وابتلاء، هذا بالنسبة لأبي الجن. وأما بالنسبة لأبي الشياطين فلا بد من مقدمة لبيان ذلك، فإن لفظ (شيطان) يطلق على إبليس ويطلق على جنس من الجن وهم المرة من ذرية إبليس، ويطلق على المتمرد من الإنس على أوامر ربه. فأما إطلاقه على إبليس ففي مثل قوله تعالى (فأزلهما الشيطان عنها) وقوله تعالى (فوسوس لهما الشيطان) وقوله تعالى (لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة) وهذا غالب إطلاقه، فالشيطان علم في الغالب على إبليس. وأما إطلاقه على جنس من الجن ففي مثل قوله تعالى (وما تنزلت به الشياطين) وقوله تعالى (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين) (والشياطين كل بناء وغواص) (وجعلناها رجوما للشياطين) وهو ههنا وصف لهم.

وأما إطلاقه على متمردي الإنس ففي مثل قوله تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدو شياطين الجن والإنس يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) وهو هنا وصف لهم أيضا. وحينئذ فلا يمكن أن يقال: أبو الشياطين هو فلان إذ منهم جن ومنهم بشر، إلا أن يكون الحكم أغلبي، فيقال إبليس أبو الشياطين لأن غالب الشياطين منهم ولأنه مصدر شيطنتهم والله أعلم. س/ هل يدل قول الملائكة (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) ؟ ج/ ليس في الآية دليل صريح على ذلك؛ إذ ربما عرفت الملائكة أن هذا الخليفة سيفسد في الأرض ويسفك الدماء بوحي من الله إليها كما نقل معناه ابن كثير عن الحسن البصري في تفسير الآية. وقد ورد في كتب التواريخ وبعض التفاسير: أنهم علموا ذلك بسبب أعمال من تقدم آدم من الجن الذين سكنوا الأرض، وسبق بيان شئ من ذلك السؤال، السابق والله أعلم.

كيف نجمع بين هاتين الآيتين

كيف نجمع بين هاتين الآيتين المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 7/6/1424هـ السؤال سؤالي هو: في سورة النساء آيتان متتاليتان لم أفهمهما فهما صحيحاً، وسبب ذلك لي خلطاً عجيباً يقول المولى - عز وجل-: "وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً"، "مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً" [النساء:78-79] ، فما الفرق بين الأولى والثانية؟ وهل هذا يعني أن الإنسان مسير؟؟ وكيف نخالف الجبرية إذا؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فنقول أولاً أحبك الله الذي من أجله أحببتنا، ونسأل المولى -عز وجل- أن يجمعنا وإياكم في الدنيا على محبته وطاعته، وفي الآخرة في دار كرامته، ثم لتعلم أيها الحبيب أن كلام الله تعالى لا اختلاف فيه ولا تناقض، "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" [فصلت: 42] ، وما يتوهمه بعض الناس من اختلاف بين الآيات فإنما هو من جهة نظر الناظر وقصور علمه، لا من جهة حقيقة كلام الله تعالى، فهو (مبين) ؛ كما وصفه الله - عز وجل-، وما ذكرت من سؤال بين آيتي النساء المذكورتين فالجواب عليه من وجهين:

الوجه الأول: أن الحسنة والسيئة كلتاهما بتقدير الله تعالى وهذا معنى "قل كل من عند الله" [النساء: 78] أي بتقديره عز وجل، لكن الحسنة سببها التفضل من الله تعالى على عباده، وهذا معنى: "ما أصابك من حسنة فمن الله"، أما السيئة فسببها فعل العبد كما قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى: 30] وهذا معنى قوله: "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" [النساء: 79] أي بسبب فعلك، فإضافة السيئة إلى العبد من إضافة الشيء إلى سببه لا إلى مقدره، أما إضافة الحسنة والسيئة إلى الله فهي من باب إضافة الشيء إلى مقدره وموجده. الوجه الثاني: ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى (8/110) ] من أن المراد بالحسنة والسيئة في الآية الأولى يعني النعم والمصائب، كما في قوله تعالى: "إن تمسسكم حسنة تسؤهم" - يعني نعمة- "وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها" - يعني المصائب- "وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً" [آل عمران: 120] والمراد بالحسنة والسيئة في الآية الثانية الطاعة والمعصية، نحو قوله تعالى: "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها" [الأنعام: 160] قال: وفي كل موضع ما يبين المراد باللفظ فليس في القرآن العزيز بحمد الله إشكال بل هو مبين، ا. هـ. يعني أن الحسنة والسيئة تطلق في القرآن الكريم ويراد بها النعمة والمصيبة، كما تطلق ويراد بها الطاعة والمعصية، وفي سياق الآيات ما يدل على أي المعنيين هما المرادان. ففي الآية الأولى المراد بالحسنة والسيئة فيها: النعم والمصائب، وكلها من عند الله، وفي الآية الثانية المراد بالحسنة والسيئة: الطاعة والمعصية، فالطاعة من الله تعالى تفضلاً وتوفيقاً، والمعصية من العبد فعلاً وإرادة، وإن كانت كل من الطاعات والمعاصي من عند الله تقديراً وإيجاداً، والله أعلم.

عدم ذكر الأعمام والأخوال في آية النور

عدم ذكر الأعمام والأخوال في آية النور المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 18/4/1424هـ السؤال ما الحكمة من عدم ذكر الأعمام والأخوال في قوله تعالى في سورة النور: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ" [النور: من الآية31] مع أنهم من المحارم. الجواب الحمد لله، - والصلاة والسلام- على رسول الله، وبعد:

ورد في الآية الكريمة ذكر المحارم الذين يحل للمرأة أن تبدي زينتها لهم، فذكرت عدداً من الرجال على اختلاف قوة ودرجة قربهم منها، ولم يرد في الآية ذكر العم والخال، لكن قد ذهب جماهير أهل العلم من السلف والخلف، إلى دخول العم والخال ضمن محارم المرأة، الذين يحل لها أن تبدي زينتها لهم، وعدم ذكرهما في عداد من يحل للمرأة أن تبدي زينتها لهم لا يلزم منه عدم اعتبارهما من جملة من يحل لهم ذلك، ولهذا نظائر كتحريم الجمع - في النكاح- بين المرأة وعمتها أو بين المرأة وخالتها، فهذا وإن كان محل إجماع كما قد نص عليه عدد من أهل العلم، ومع هذا فلم يرد ذكرهما في المحرمات من النساء، في قوله تعالى: "حرمت عليكم أمهاتكم ... " [النساء: 23] ، مع أنه ورد ذكر تحريم الجمع بين المرأة وأختها في هذه الآية حيث قال تعالى: "وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" [النساء: 23] ، نعم يبقى السؤال عن العلة في عدم ذكرهما - أعني العم والخال- وارداً، وقد نظرت في كلام أهل العلم فلم أجد - بحسب ما وقفت عليه- ما يشفي في هذا، بل بعض ما ذكر لا يسلم به، ومن أحسن ما وجدت - وإن كان لا يخلو من نظر- ما حكاه الألوسي - رحمه الله- في تفسيره روح المعاني، حيث قال: "لم يذكروا يعني العم والخال، اكتفاء بذكر الآباء، فإنهم عند الناس بمنزلتهم، ولا سيما وكثيراً ما يطلق الأب على العم" أ. هـ. كلامه. ومن أمثلة إطلاق لفظ الأب على العم قوله تعالى ذاكراً قول يوسف - عليه السلام- "واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب" [يوسف: 38] ، فهذا التعليل أحسن ما وجدت، والله أعلم بمراده، وسبحان من لا تنقضي عجائب كتابه، هذا - وصلى الله وسلم- على نبينا محمد.

تفسير قوله تعالى: " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا "

تفسير قوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا " المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 01/10/1425هـ السؤال يقول الله تعالى- في آخر سورة فاطر: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) . أورد ابن كثير- رحمه الله- في تفسيره، عن أبي وائل، قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، فقال: من أين جئت؟ قال: من الشام. قال: من لقيت؟ قال: لقيت كعبًا. قال: ما حدَّثك؟ قال: حدثني أن السماوات تدور على منكب ملك. قال: أصدّقتَه أو كذبتَه؟ قال: ما صدقتُه ولا كذبتُه. قال: لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها، كذب كعب، إن الله تعالى يقول: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ) . وهذا إسناد صحيح إلى كعب وابن مسعود، رضي الله عنهما. نأمل تفسير الآية، وشرح المفردات التالية: أن تزولا، الزوال، الحركة، الدوران، التسخير في قوله تعالى: (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) [الأعراف:54] . مع التمثيل لكل منهما، وهل هناك فرق في الدلالة بين المعطوف والمعطوف عليه، أي: (السماوات والأرض) ؟ وهل ينطبق مدلول الآية أو مفهومها على الشمس والقمر والنجوم والأرض؟ وما هي أسماء الثوابت من النجوم؟ وهل تدخل في معنى التسخير؟ وخلاصة القول: ألا يعتبر القول بدوران الأرض مخالفًا للآية أم لا؟ الجواب الجواب عن تفسير آية فاطر: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ

وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر:41] . التفسير الموجز لمعنى الآية هو أن الله سبحانه خالقَ السماوات والأرض هو الممسكُ لها أن تتغير عن موضعها الذي قدرها الله فيه، ولو فرض عقلاً زوالها عن مكانها، فلا يمكن لأحد غيره أن يمسكها ويعيدها في مكانها كما كانت، ولن يكون هذا التغيير إلا له- سبحانه- يوم القيامة، حين يختل نظام هذا الكون المترابط، فتتحطم الكواكب، وتتناثر النجوم، وتُسعَّر البحار بالنار، وتبعثر القبور ... إلخ. معاني المفردات: الزوال: هو التغيُّر والتصرُّف والتفرُّق والميل عن المكان، وفي أصل وضع هذه الكلمة (الزوال) لا تقع أو تستعمل إلا في شيء من حقه الثبات. نقول: زال الجبل أو أزيل بعد أن كان ثابتًا. ومنه قوله تعالى: (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) [إبراهيم:46] . وتقول: زالت الغشاوة عن البصر بعد أن كانت موجودة. ويستعمل الزوال حقيقة في الواقع الفعلي وفي الاعتقاد، مثال الثاني: قولنا: زالت الشمس. ومعلوم أن الشمس متحركة دائمًا ولا ثبات لها، وإنما جاز استعمال هذا اللفظ؛ لأن المعتقد أن الشمس وقت الظهيرة ثابتة في كبد السماء كما يبدو للعين المجردة، قال العرب ذلك؛ لأنهم كانوا يقيسون حركة الشمس بحركة ظل أي شاخص، وفي لحظة من قائم الظهيرة لا يوجد للشاخص ظل فاعتقدوا أن الشمس زالت. الحركة: الحركة ضد السكون، ولا تكون إلا للجسم المحسوس، ومنه قوله تعالى: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) [القيامة:16] .

الدوران: مصدر للفعل الثلاثي دار يدور دورانًا، ومنه الدائرة، وهي الخط المحيط بالشيء، وقيل للدار: دارٌ. باعتبار الحائط الذي يحيط بها، وعليه فالسماوات تقع داخل الدائرة (الفلك) الخاص بها، لا تخرج عنه بحال إلا حين اختلال هذا الكون بانقضاض أفلاكه وكواكبه ونجومه، ولا يكون ذلك إلا بتقدير الله يوم القيامة. التسخير: مصدر للفعل سخَّر الرباعي، والتسخير سوق الشيء ودفعه إلى هدف معين عن طريق القهر والغلبة، ومنه تسخير السماوات والأرض وما فيها للعباد. قال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) [الجاثية:13] . وقوله: (وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) [الأعراف: 54] . أي: سير النجوم (دورانها) في أفلاكها زمانًا ومكانًا هو بتسخير الله وتقديره.

أما الأثر عن كعب الأحبار الذي ذكره ابن كثير عند تفسير الآية، فهو من الأحاديث الإسرائيلية المردودة والتي لا تقبل؛ لمخالفتها لشرعنا، فإن وضع السماوات والأرض- كما في قول كعب، رضي الله عنه- على كتف ملك من الملائكة، مخالف للواقع والحس، فضلاً عن أن الشرع لا يدل عليه. يدل على هذا تكذيب عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، لقول كعب، رضي الله عنه. هذا، ولو كان مثل هذا صحيحًا لجاءنا بحديث صحيح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، ولما لم يأتنا تبيَّن كذبه وبطلانه، وقد ذكر ابن جرير الطبري بعد رد عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، زيادة بعد تلاوته الآية، وهي: (كفى بها زوالاً أن تدور) . أي: أنها إذا زالت كيف تدور؟ فكأن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، يشير بقوله هذا إلى مخالفة هذا الأثر للواقع العقلي، وليس هناك فرق بين المعطوف والمعطوف عليه (السماوات والأرض) من حيث الدوران، غير أن المراد بالسماوات: الأفلاك والنجوم، الثابت منها والمتحرك. وليس المراد بالسماء ذات الأبواب والحرس التي فيها الأنبياء والملائكة والجنة وفوقها عرش الرحمن جل وعلا، فإن هذه السماوات عالم غيبي تعرف بالخبر عن الصادق المصدوق، بخلاف السماوات ذات النجوم والشهب والكواكب، فطريق معرفتها الحس والمشاهدة، وهي المقصودة المرادة في آية فاطر هذه. ومن المعلوم، كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- أن الأفلاك كلها مستديرة (مكوَّرة) وكلها في السماء، والسماء على الأرض مثل القبة، وإذا كان ما في هذه السماء من كواكب ونجوم ومجرات تدور في أفلاكها (سمائها) ، فإن الأرض تدور كذلك؛ لأن السماء محيطة بها.

وعلى هذا فإن دلالة الآية على الدوران، كلٌّ بحسبه (الشمس والقمر والنجوم) ، وهي كلها في السماء يدور كل منها على نفسه وفي مداره، فينتج عن ذلك الليل والنهار، وكذلك للأرض دورة حول الشمس ينتج منها فصول السنة الأربعة، وصدق الله العظيم: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) [يس:40] .

الحكمة من خلق السماوات والأرض في ستة أيام

الحكمة من خلق السماوات والأرض في ستة أيام المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 6/6/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نرجو من فضيلتكم التفضل ببيان المعنى والحكمة الإلهية من بيان أن الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام، حيث إن هذا السؤال قد تكرر أثناء الحوار مع بعض الهندوس العاملين بالمملكة، وقولهم ألم يكن ربكم يستطيع أن يخلق السماوات والأرض بقوله كن فيكون؟ فلماذا لم يفعل ذلك؟ وتعالى الله عما يشركون، ولذا نرجو من فضيلتكم أن تزودونا بالجواب الشافي ببيان الحكمة من ذلك، وجزاكم الله خيراً، ونفع المسلمين بعلمكم. الجواب

أولاً: إن الله - سبحانه وتعالى - لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، هؤلاء الذين لا يعرفون الخالق فالخالق لا يوجه إليه السؤال، وإنما يوجه إلى المخلوقين، أما الخالق سبحانه وتعالى فحكمته بالغة وحجته دامغة، وكل شيء يفعله وكل شيء يعمله إنما هو لحكمة، ثم إن الله -سبحانه وتعالى- علم المخلوقات عن طريق أفعاله، فهو علمنا التدرج في الأمور وعلمنا أن المخلوقات تنشأ نشأة متطورة ومتدرجة فكما ينشأ الصبي صغيراً ثم يكبر ثم يهرم إلى آخره، فكذلك نشأ الكون نشأة متدرجة، هذا من حكمته - سبحانه وتعالى-، ومن حكمته أيضاً أن الزمان صاحب المكان ورافقه في رحلة الوجود، فهذه الأيام الستة واليوم السابع هي التي كتب الله أن الزمان سيدور عليها والزمان إنما يدور في المكان، فعلاقة الزمان بالمكان علاقة حميمة، وبالتالي كانت هذه النشأة حتى اكتمل المكان الذي نعيش فيه، وهي البيئة التي تحوطنا وتحيط بنا في هذا الكون من سماوات وأرض، فالزمان شيء اعتباري لا نراه، والبيئة المكانية نراها فربطها الله -سبحانه وتعالى- بالزمن، وهذه الأمور قد لا يدركها الإنسان خاصة إذا لم يكن بصيراً مستبصراً ومسلماً لأمر الله -سبحانه وتعالى-، وكما قال ابن القيم - رحمه الله تعالى-: وقل للعيون الرمد للشمس أعين *** سواك تراها في مغيب ومطلع وسامح نفوساً بالقشور قد اكتفت *** وليس لها في اللب من متطلع فسوأل هؤلاء لم خلقت الأيام؟ لم خلق الزمان؟ هذا كله أمره عند الخالق، والإنسان أصغر من هذا وأضعف من أن يسأل الخالق، وأن يوجه إلى الرب سبحانه وتعالى السؤال، فالأسئلة لا توجه إلى الله، "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون" [الأنبياء:23] ، كل أمره حكمة، وإذا لم يرها الإنسان فإن العيب في الإنسان وليس في تلك الحكمة البالغة التي قد لا يراها الأعمى، هذا ما حضرني الآن والله - سبحانه وتعالى - أعلم.

هل يعذب على ذنوبه ولو رجحت عليها حسناته؟

هل يُعذب على ذنوبه ولو رجحت عليها حسناتُه؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 26/11/1424هـ السؤال هل يكفي أن تكون حسنات المؤمن أكثر من سيئاته حتى ينجو من النار؟ وكيف نوفق بين هذا وقوله - تعالى -: "ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"، وقوله تعالى "من يعمل سوءا يجزى به" وشكراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فإن الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وهو الذي يقتضيه ظاهرها أن من رجحت حسناته بسيئاته فهو من الناجين - إن شاء الله تعالى - واقرأ - إن شئت - قول الله - تعالى - في سورة الأعراف: "والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون" [الآيتين:8-9] ، وقوله - تعالى - في سورة المؤمنون: "فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون" [الآيتين:102-103] . أما قول الله - تعالى -: "ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" [الزلزلة:8] فمعناه يجده أمامه يوم القيامة ويطلعه عليه ربه - سبحانه -. وأما قوله - تعالى -: "من يعمل سوءاً يجز به" [النساء:123] فإنها نزلت لسببٍ على ما ذكر أهل التفسير، وهو أن المسلمين وأهل الكتاب تفاخروا في أي الأديان خير، فأنزل الله - تعالى - قوله: "ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به" الآية [النساء:123] ، ثم أعقبه بقوله - تعالى -: "ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا" [النساء:124] ، وقيل بل نزلت في كفار قريش لما قالوا للمسلمين: لن نبعث ولن نعذب، فأنزل الله: "من يعمل سوءاً يجز به" [النساء:123] .

وروي من طرق كثيرة موقوفة ومرفوعة في تأويل الآية أن المؤمنين يجزون في الحياة الدنيا لقاء أعمالهم من الأمراض والمصائب حتى النكبة ينكبها المؤمن والشوكة يشاكها تكفر عنه سيئاته حتى يلقى ربه. والقاعدة العامة - يا أخي - في التعامل مع نصوص الوعد والوعيد جمعها وليس أن يفرد المرء نصوص الوعيد ويجعلها نصب عينيه فيقع فيما وقعت فيه المعتزلة، ولا يعكس ذلك بحيث يفرد نصوص الوعد، ويغفل عن نصوص الوعيد، فيقع فيما وقعت فيه المرجئة، ومنهج أهل السنة وسط بين هذين، وهو الجمع بين نصوص الوعد والوعيد، مع الرجوع إلى كتب التفسير والحديث لمعرفة المراد من الآيات. والله الموفق.

"حتى يغنيهم الله من فضله"

"حتى يغنيهم الله من فضله" المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 7/5/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء -محمد صلى الله عليه وسلم-. ما حكم كلمة "حتى" في الآية الكريمة "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ"؟ هل هي تأكيد ووعد من الله -سبحانه وتعالى-؟ وبث الأمل في قلب الصابر؟ وهل هذا الفضل سيجزى به في الدنيا؟ وما هو هذا الفضل هل هو زوج لمن لا زوج لها أو زوجة لمن لا زوجة له؟ وأخيراً يا شيخ أسألك أن تدعو لي بأن يفرج الله همي، وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، وبعد:

فهذه الآية الكريمة جاءت في سياق عدد من الآيات التي تحذر من الزنا وتنهى عنه وتسد جميع السبل المفضية إليه، كما تضمنت العلاج الناجع العاصم -بإذن الله- من هذه الفاحشة، وهو النكاح والسعي في تحصيله، ولذا قال تعالى: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم" [النور: 32] ، وهذا خطاب للمجتمع المسلم كله باعتباره كياناً واحداً بأن يسعى في تزويج الرجال والنساء، وأن ييسر أسبابه ويذلل عقباته، ونهى تعالى عن جعل الفقر وقلة ذات اليد ذريعة تحول دون تزويج الرجل أو المرأة، بل وعد تعالى ـ ووعده الحق ـ أن يغنيهم من فضله، يقول تعالى: "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [النور: 32] ، وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي (1655) وغيره ـ بسند حسن ـ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -; قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -; "ثلاثةٌُ حقٌُّ على الله عونهم المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف"، ومع هذا الأمر والوعد منه تعالى، فقد يوجد من الرجال والنساء من لا تتيسر له أسباب النكاح، ولهذا أرشدهم تعالى إلى الاستعفاف إلى أن يهيئ لهم تعالى من يعينهم على أمر النكاح، والاستعفاف هو بذل الوسع في تحصيل الأسباب التي تعين على تجنب الوقوع في فاحشة الزنا، والاجتهاد في البعد عن السبل المفضية إليه والوسائل الداعية إليه، يقول تعالى "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله" [النور: 32] فقوله: "لا يجدون نكاحا" المراد به على الصحيح من كلام أهل العلم كل مريد للنكاح تعذرت عليه أسبابه، قال ابن عطية رحمه الله في المحرر الوجيز: (فأمر الله تعالى في هذه الآية كل من يتعذر عليه النكاح ولا يجده بأي تعذر أن يستعف..) ، وعلى هذا فالفضل الذي وعد به تعالى في هذه الآية لفظ مطلق يشمل كل ما يعين على تيسير النكاح وتحققه، والرجل والمرأة في هذا سواء. بقي أن أوصيك أختي الكريمة بوصية الله تعالى لك

حيث قال: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله" [النور: 32] ، ولتعلمي أن الاستعفاف يكون بأمرين أشارت إليهما الآيات في سورة النور، أولهما: البعد عن المواطن التي تدعو إلى الفاحشة، والحذر من الأسباب التي تفضي إليها، فكل ما يثير الشهوة ويدعو إليها يجب الابتعاد منه والإعراض التام عنه. والأمر الآخر: يكون بالسعي في تحصيل النكاح وإعفاف النفس به، كما قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث المتفق عليه عند البخاري (1905) ، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، ومن هذا الباب فلا حرج عليك أن تجتهدي في طلب النكاح ولكن بالوسائل المشروعة التي لا تبعث على الريبة والتهمة، كأن يكون ذلك بواسطة بعض محارمك الرجال أو قريباتك وأخواتك من النساء اللائي تثقين في دينهن وسداد رأيهن، وأخيراً فأبشرك بوعد الله تعالى لك ولكل من اتقى ربه يقول تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [الطلاق: 2-3] وقوله تعالى: "ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا" [الطلاق: 4] ، فأبشري وأملي وثقي بوعد ربك، أسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشداً، وأن يبلغك أملك ومرادك. هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل خلقت الأرض جملة واحدة أم مرت بمراحل؟

هل خلقت الأرض جملة واحدة أم مرت بمراحل؟ المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 25/06/1426هـ السؤال كيف نرد بأن الأرض مرت بمراحل حتى تكونت الجبال والهضاب خلال ما يسمى بالعصور الجيولوجية، والله سبحانه يقول في الآية الكريمة: "ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام"، أرجو التفصيل في ذلك، وقد أثبت العلم أن الأرض مرت بمراحل. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد: فأقول مستعيناً بالقادر وحده على كل شيء، سائله تعالى العون والتوفيق:

في سبعة مواضع يقرر القرآن أن خلق العالم قد تم في عملية واحدة ذات أطوار كما لو كان بناءً واحداً تتابع تشييد خطة تصميمه المقدرة منذ البدء "فِي سِتّةِ أَيّامٍ" [الأعراف: 54، يونس: 3، هود:7، الفرقان:59، السجدة:4، ق:38، الحديد:4] ، والأيام ذوات العدد في مقام بناء الكون هي أقرب الأمثلة لبيان سبق التقدير والقصد منذ البدء لا الصدفة العمياء، خاصة أن التمثيل هو الأسلوب الأمثل في تعبير القرآن لكشف الحقائق الخفية بضرب المثل بالنظير المألوف, فيستقيم إذن أن تكون الستة أيام تمثيلاً، خاصة أن الزمن ناتج عن حركة أجرام، وعند التكوين لم توجد أجرام بعد, والكون بهذا ليس أبدي الوجود، وإنما تشكل في فترات مقدرة بلا توقف أو تردد كما لو كانت ستة أيام متلاحقة, وكالإنسان قدرت أيام حمله كذلك قدرت أحوال الأرض في يومين من الستة قبل الولادة, ومن بدء الحمل إلى البلوغ أربعة أيام, وهو نفس التمثيل في قوله تعالى: "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ" [فصلت: 9 -10] , وبهذا خُلق العالم في ثلاث مراحل رئيسة متساوية:

في الأولى تكونت اللبنات العظام، وفي الثانية النشأة الحقيقية للأرض وبقية الأجرام أقرانها خلال نشأة المجرة ذاتها، وفي الثالثة نشأت القشرة والجو، وعمرت الأرض بالحياة, فإذا كانت النشأة الحقيقية حركياً للأرض ترجع إلى حوالي 8.4 بليون سنة قبل أن تعمر بالنبات الذي بدأ يطلق أكسجين الجو منذ حوالي 0.25 بليون سنة علامة على تكامل البناء؛ وإذا كان تشكيل الأرض في أربعة أيام تمثيلاً يكون الكون في ستة أيام، فيكون عمره الفعلي بنفس القيمة المعروفة الآن؛ حوالي 12.5 (10-15) بليون سنة. [الكون لستيفن هاوكنج (ص55) ، والانفجار الكبير لسيلك (ص75) ] .

هل الإصلاح ينجي الكافرين

هل الإصلاح ينجي الكافرين المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 12/9/1426هـ السؤال قال تعالى: (وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) هل يشمل هذا الخطاب في الآية المسلمين والكافرين، وهل يأمن الكفار الهلاك إذا سعى بعضهم لنبذ ما يخالف الفطرة من محرمات، أمثال أولئك الكفار الذين يتظاهرون في البلدان الغربية، لمنع إقرار الشذوذ في بلدانهم، وهل السعي بالإصلاح في شيء واحد يكفي للنجاة من العقوبة، أم لابد من إنكار كل محرم والنهي عنه حتى يندفع الهلاك العام؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قيل: معنى هذه الآية كما قال القرطبي: (وما كان ربك ليهلك أهل القرى بشركهم وكفرهم وهم مصلحون فيما بينهم في تعاطي الحقوق) ، أي لم يكن ليهلكم بالكفر وحده حتى يضاف إليه الفساد كما أهلك قوم شعيب لبخس الميزان والمكيال، وقوم لوط باللواط، وغيرهم ببغيهم وطغيانهم على أنبيائهم ورسلهم وفي الترمذي (2168) من حديث أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه". ولكن الأقرب في معناها: ما كان ربك يا محمد ليهلك القرى التي قص عليك نبأها ظلماً وأهلها مصلحون، ولكن أهلكها لكفر أهلها بالله، وتماديهم في غيهم، وتكذيبهم رسلهم، وركوبهم السيئات. والأمر في ذلك واسع، وكلا المعنيين وارد، فإن من سنة الله الكونية إهلاك الظالم ولو بعد حين، والمتأمل في التاريخ يجد مصداق ذلك في الدول والمجتمعات، فكم من دولة بادت واندثرت حين بغت واعتدت، وكم من أخرى مكنها الله في الأرض حين أقامت العدل.

ولا شك أن السعي في الإصلاح سبيل الصلاح، وفي المقابل فإن بقاء أي أمة على ظلمها -من طغيان وفساد بسائر أنواعه- سبيل إلى هلاكها ودمارها، كما قال تعالى: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا) [الإسراء:16] وأما السعي بالإصلاح فلابد أن يشمل كل ما يعلمه الإنسان من منكر، فلا يجوز أن يقتصر إنكاره على أمر، دون أمر ولابد لدفع البلاء من استقامة القوم على الحق، وإلا كان العقاب واقعاً بهم لا محالة، وحين يقع العقاب ينجي الله المصلحين منهم فحسب، كما قال تعالى: (فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون) [الأعراف:165] .

المقصود: بملك اليمين

المقصود: بملك اليمين المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 15/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من المعروف أن الإسلام قد أحل للمسلم زوجته وما ملكت يمينه. وسؤالي: ما هو المقصود بلفظ وما ملكت أيمانهم الوارد ذكرها بالقرآن الكريم؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن سؤال مشابه لسؤالك فأجابت عنه بما فيه كفاية، فإليك السؤال والإجابة. السؤال: المراد بكلمة "ماملكت أيمانكم" وهل يحق للمالك هذا أن يتصرف فيما يملكه كيف يشاء بجميع ألوان التصرف دون أي حساب مع الافتراض بأنني أملك أمه وأملك زوجها مثلاً أيحق لي كل ألوان التصرف فيهما وما حدود هذا التصرف؟ الجواب: المراد بكلمة "ما ملكت أيمانكم" [النور:33] ، في الشرع: ما ملكه الإنسان من العبيد أو الإماء أو غيرهما ملكاً شرعياً، وليس لمالك العبد أو الأمة أن يتصرف فيها بهواه أو رأيه المحض، بل بما شرعه الله من العدل، فيستخدمهما فيما يطيقانه من العمل المباح، وله أن يطأ أمته غير المتزوجة، فإذا حملت منه فهي أم ولده، لا يجوز له بيعها بل تصير حرة بموته، ولا يجوز له أن يفرق بين الأمة وطفلها، إلى غير ذلك مما شرعه الله من أحكام التصرفات العادلة للسيد في عبده وأمته من إباحة وتحريم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو: عبد الله بن غديان نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز

هل ما نراه هو السماء الدنيا فحسب؟!

هل ما نراه هو السماء الدنيا فحسب؟! المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 13/08/1426هـ السؤال هل الكون - فلكياً- هو السماء الدنيا، بحيث يكون ما نراه هو السماء الدنيا فقط، كما يقول معظم علماء الإعجاز العلمي؟ وما الدليل على هذا من القرآن؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فكيف يقولون: كان الكون متصلاً ثم انفصل، بدليل الآية: "أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما", والآية تتكلم عن كل السماوات وليس السماء الدنيا فقط, فكيف نحل هذا الإشكال؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد: جوابا على السؤال عن دلالة تعبير (السماء الدنيا) في القرآن الكريم وموافقتها للواقع؛ أقول مستعينا بالله العليم القادر:

تنصرف دلالة لفظ (السماء) في القرآن الكريم إلى موجودات تميزها قرائن السياق؛ لأن أصل دلالته وجود في العلو, ولذا قالوا: "السماء هي كل ما علاك فأظلك", فقد يعني سقف البيت أو السحاب أو الجو أو ما يصطلح عليه باسم الفضاء, ووروده بالجمع بلفظ (السماوات) يدل لغة على طبقية التكوين، فيعني تميز الموصوف سواء الفضاء أو الجو إلى طبقات, وقد وصف الكون بدقة في قوله تعالى: "تَنزِيلاً مّمّنْ خَلَق الأرْضَ وَالسّمَاوَاتِ الْعُلَى. الرّحْمََنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىَ. لَهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثّرَىَ" [طه 4-6] ، فلفظ (الْعُلَى) جمع العليا تأنيث (الأعلى) ، فأفاد وجود غيرها تماثلها في طبقية التكوين، وهو ما يتفق مع تشكل الفضاء لطبقات تميزها بروج الأجرام وتشكل الجو كالأرض بالمثل طبقات, وفي قوله تعالى: "إِنّا زَيّنّا السّمَاءَ الدّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظاً مّن كُلّ شَيْطَانٍ مّارِدٍ لاّ يَسّمّعُونَ إِلَىَ الْمَلإِ الأعْلَىَ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلّ جَانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ إِلاّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ" [الصافات: 6-10] ؛ فلفظ (الدنيا) تأنيث (الأدنى) وهو من الدنو أو الدناءة، ولذا يدل تعبير (السماء الدنيا) هنا على الطبقة الأقرب أو الأسفل من آفاق الأجرام, والمعنى أنه خلال الهروب بسرعة متزايدة نحو الفضاء الأقرب المميز بالكواكب يمر العابر بمنطقة الرجم بالشهب.

وتمييز الفضاء الأقرب للأرض بالكواكب (Planets) يتفق تماما مع المعرفة العلمية الحديثة بأنها بالفعل دون بروج النجوم (Stars) التي تتراكب في آفاق عظيمة الأبعاد تميزها عناقيد أو تجمعات (Constellation) أقربها مجموعات نجومية صغيرة ضمن حشود أكبر تشكل المجرة (Galaxy) ثم المجموعة المجرية المحلية تعلوها مجرات أعظم (Super-cluster) دون أشباه النجوم (Quasars) حيث يعجز البصر عن إدراك أي شيء يعدوها لانحساره بنفس سرعة الضوء الذي يصدره, ويفصلنا الجو عن تلك الآفاق السبعة كمنطقة بينية طبقية مثلها، وتتميز عن بقية السماء بتيارات الرياح ومسارات السحب, والشهب ظاهرة ضوئية تحدث في جو الأرض نتيجة الاحتكاك بالهواء فناسبها وصف الشهاب بالثاقب أي شديد الضوء, وبهذا يحمل تعبير (السماء الدنيا) على الجو عند الإطلاق، وعلى الأفق الأدنى من آفاق الأجرام عند التخصيص بالكواكب. وفي قوله تعالى: (وَزَيّنّا السّمَاءَ الدّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ... ) [فصلت: 9-12] ، وقوله تعالى: (وَلَقَدْ زَيّنّا السّمَاءَ الدّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لّلشّيَاطِينِ) [الملك: 5] ؛ ورد التشبيه بلفظ (مصابيح) في موضع (الشهب) مؤكدا على أنها ظاهرة ضوئية, ودل تعبير (السماء الدنيا) هنا بإطلاق دون تقييد بالأجرام على حدوث الشهب في الجو الأدنى تكوينا من آفاق الأجرام, وفسرت (المصابيح) في الآيتين الكريمتين بالنجوم, ولكن في العرف تسمى الشهب بالنجوم المارقة (Shooting Stars) .

وتأكيد القرآن على أن ما ترجم به الشياطين هو الشهب، وهي ظاهرة ضوئية تحدث في الجو يقطع بنفي وصف الكون الممكن الإدراك أجمعه بأنه (السماء الدنيا) ، وذلك في قوله تعالى: "وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيّنّاهَا لِلنّاظِرِينَ. وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلّ شَيْطَانٍ رّجِيمٍ إِلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مّبِينٌ [الحجر 16-18] ، وقوله تعالى: "وَأَنّا لَمَسْنَا السّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنّا كُنّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الاَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رّصَداً [الجن 8-9] .

والقول إذن بأن (السماء الدنيا) تعبير عن الكون كله، وأنها الوحيدة التي يمكن للإنسان أن ينظر إليها قول يعوزه الدليل, وما بني عليه من أن السماوات الست الباقية غيبية لا ترى يخالف صريح القرآن الكريم في إمكان النظر إلى كل السماوات بأدلة لا تدفع، منها قول الله جل وعلا: "قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ" [يونس 101] وقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) [الأعراف: 185] وقوله تعالى: "أَفَلَمْ يَنظُرُوَاْ إِلَى السّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيّنّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ" [ق: 6] قال النحاس: "السماوات مرئية" , وقال الألوسي: "ظواهر الآيات والأخبار ناطقة بأن السماء مرئية" , وفي قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً. وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنّ نُوراً وَجَعَلَ الشّمْسَ سِرَاجا" [نوح: 15-16] ؛ ظاهر التعبير أن أدنى سماوات الكون على حسب الترتيب في النظم هي التي تقع فيها الشمس ويقع القمر, وهو ما يتفق فلكياً مع تسمية أفق الكواكب الأدنى في آفاق الأجرام المرئية بالنظام الشمسي، حيث يتبع القمر الأرض ويتبع الكل الشمس, قال ابن جزي: "القمر.. في السماء الدنيا، وساغ أن يقول فيهن لما كان في إحداهن فهو في الجميع، كقولك: فلان في الأندلس إذا كان في بعضها" , وقال أبو حيان: "الضمير في فيهن عائد على السماوات والقمر في السماء الدنيا (منها) ، وصح كون السموات ظرفاً للقمر لأنه لا يلزم من الظرف أن يملأه المظروف؛ تقول زيد في المدينة وهو في جزء منها".

ومرد الإشكال إلى الفهم بأن الشهب المعبر عنها في الآيتين الكريمتين تشبيها بالمصابيح لتوهجها هي النجوم الثوابت، ولكن المحققون قد دفعوا هذا الوهم، وقالوا بأن النجوم ثوابت في مواقعها لا ينقص عددها، وإنما المراد هو الشهب دونها كما هو ظاهر القرآن, وبذلك يسقط الاستدلال على أن سماوات الكون التي تميزها بروج الأجرام هي جميعا السماء الدنيا, قال الألوسي: "وإطلاق الرجوم على النجوم وقولهم رمى بالنجم يحتمل أن يكون مبنياً على الظاهر للرائي، كما في قوله تعالى في الشمس: "تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ", وهذه الشهب ليست هي الثوابت، وإلا لظهر نقصان كثير في أعدادها، بل هي جنس آخر غيرها يحدثها الله تعالى ويجعلها رجوما للشياطين, ولا يأباه قوله تعالى: "وَلَقَدْ زَيّنّا السّمَاءَ الدّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لّلشّيَاطِينِ"؛ حيث أفاد أن تلك (المصابيح) هي (الرجوم) بأعيانها؛ لأنا نقول كل نير يحصل في الجو العالي فهو مصباح لأهل الأرض.. والشهب من هذا القسم، وحينئذ يزول الإشكال" , وبمثله قال كثيرون, فتأمل الدقة المذهلة في تعبير القرآن الكريم، بينما في العرف تُسمي الشهب نجوماً، ولا تميز لغة التخاطب بين النجوم والكواكب, والله تعالى أعلم.

ألا تحتمل آية التعدد الزواج بأكثر من أربع؟!

ألا تحتمل آية التعدد الزواج بأكثر من أربع؟! المجيب محمد سالم بن عبد الودود (عدود) رئيس المحكمة العيا بموريتانيا سابقاً، وعضو المجمع الفقهي بالرابطة والمؤتمر القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 01/04/1427هـ السؤال عندما قرأت الآية الكريمة: "مثنى وثلاث ورباع". فجمعتها وهو عدد أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فراودتني بعض الشكوك في تفسيرها، أرجو أن تقنعوني بما هو صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالآية المشار إليها هي قول الله تعالى: "فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا" [النساء:3] . والأعداد المذكورات في الآية معدولات عن الأعداد الأصليات للتكرير، والمعنى أن الفئة التي بإمكانها القيام بواجب امرأتين تنكح اثنتين، والتي تقدر أن تقوم بواجب ثلاث نسوة تنكح ثلاثا، والتي تقدر أن تقوم بواجب أربع تنكح أربعا. وأهم الواجب للنساء: العدلُ بينهن، فإن خاف الرجل ألا يعدل فواحدة أو ما ملكت يمينه. وقد فهم بعض الفقهاء نحو ما فهمتَ، فأجاز الجمع بين تسع، وقد نسب هذا الفهم إلى القاسم بن إبراهيم (من أئمة الشيعة) ، وإلى بعض الظاهرية. وهذا الفهم مخالف للوضع العربي، وقد زيفت هذه المقالة، وأنكر علماء الشيعة نسبة هذا الفهم إلى الإمام المذكور؛ فقد جاء في البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار لأحمد بن قاسم العنسي الصنعاني (6/ 237) : وتحرم الزيادة على الأربع لقوله تعالى "مثنى وثلاث ورباع" ... فأما الرواية عن القاسم فغير صحيحة". كما صرح الإمام ابن حزم الظاهري -في المحلى (9/441) - بتزييف هذا الفهم أيضا. والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

دلالة اختلاف التعبير عن الإرادة في قصة الخضر وموسى بـ (أردت، أردنا، أراد ربك)

دلالة اختلاف التعبير عن الإرادة في قصة الخضر وموسى بـ (أردتُ، أردنا، أراد ربك) المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 21/11/1424هـ السؤال أريد أن أسأل عن آخر سورة الكهف عندما فسر الخضر لسيدنا موسى - عليه السلام - ما كان منه فقال في الأولى "أردت" وفي الثانية "أردنا" والثالثة "أراد ربك". فلماذا هذا التغير رغم أنه كله بإرادة الله؟ وشكراً. الجواب قول الخضر في الأولى: "فأردت" دلالة على أن ذلك ليس بإذن مباشر من الله -عز وجل، وإنما هو باجتهاده. والثانية: "فأردنا" إما أن يكون الكلام من الله -عز وجل- وهو الأقرب، وإما من الخضر وانكشف له عن حال هذا الغلام بواسطة بعض الملائكة، فعبر عن نفسه وعن الملك، وإما أن ذلك منه على سبيل التواضع، قال الأخير ابن عاشور أحد المفسرين المعاصرين. وأما الثالث: فهي إسناد الإرادة إلى الله -عز وجل- مباشرة فلا إشكال فيه؛ لأن ذلك بأمره ووحيه -عز وجل-. والله أعلم.

الفرق بين العام والسنة

الفرق بين العام والسَّنة المجيب د. عبد العزيز بن علي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 19/12/1424هـ السؤال سؤالي هو: قال تعالى "فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً" لماذا فرق بين السنة والعام مع أنهما مسمى واحد؟ ولكم الشكر سلفاً وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، في ذلك جواب معروف، وهو أن العام والسنة يطلقان على زمن واحد من حيث عدد الشهور، غير أن العرب تستعمل كلمة: (العام) إذا كان عام رخاء في العين والحياة، وتطلقه كذلك في الزمن المستقبل المجهول على سبيل التفاؤل ليكون أيضاً عام رخاء وبلهنية في العين. وأما السنة فإنهم يستعملونها في زمن القحط والمجاعة، بل توسعوا في ذلك حتى سمو القحط سنة، من باب إطلاق المحل وإرادة الحال، وعلى هذا إذا تأملت الحالين اللذين عاشهما نوح - عليه السلام - وهي زمن اللبث في قومه والزمن الآخر وجدت التمييز بلفظ سنة في حال الإنذار مناسباً لذلك المعنى، لأن نوحاً -عليه السلام - لقي من قومه الإيذاء والعناد والصلابة والسخرية، وصادف قلوباً ميتة قاسية لم يؤثر بها وابل الوحي ولم تحي بالإيمان، فكان كالأرض الهامدة الميتة التي أصابتها سنة بسبب انقطاع الغيث، والمدة التي لبثها في قومه تسعمائة وخمسون سنة، وأما الخمسون عاماً فلم تكن كذلك فقد عاشها نوح - عليه السلام - مع قومه المؤمنين بعد هلاك الكافرين، ويمكن أن تكون هذه الخمسون قبل الإنذار أو بعضها قبله وبعضها بعده. والله أعلم.

ما معنى: "ولم يكن له كفوا أحد"

ما معنى: "ولم يكن له كفواً أحد" المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 07/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: ما معنى (الكفؤ) في قوله تعالى: "لم يكن له كفوا أحد؟ "، هل معناه المساوي فقط؟ أم معناه أنه لا يوجد أحد يناظر الله أو يشابهه؟ لأن المساواة هي غير المماثلة، فعندما نقول: لا أحد يساوي الله في صفة (مثلا قدرته على الخلق) ، غير قولنا لا أحد منذ الأزل يشابه الله في صفة قدرته على الخلق، فبذلك ننفي كلياً صفة قدرة الآخر على الخلق، بينما عندما نقول لا يوجد أحد يساوي الله في صفة قدرته على الخلق مثلا فإننا لا ننفي صفة (قدرة الآخر على الخلق) ، بل نقول: إن الآخر لا يساوي الله فقط في هذه الصفة، ولا ننفيها عنه. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فإن "الكفؤ" هو الندّ والمثيل والنظير، والله –تعالى- منزه ومقدس أن يكون له مثيل أو نظير في ذاته، أو أسمائه، أو صفاته، أو أفعاله، ومن العقائد المقررة عند أهل الإسلام أن الله –تعالى- غني بذاته، بائن عن مخلوقاته، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، وليس في مخلوقاته شيء من ذاته، وقد دل على ذلك أدلة كثيرة من القرآن منها قوله تعالى: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى: 11] ، وقوله: "هل تعلم له سميا" [مريم: 65] ، وقوله تعالى: "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد" [الإخلاص: 1-4] ، وقوله تعالى: "وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيراً" [الإسراء: 111] ، وإذا انتفت المماثلة بين الخالق والمخلوق من أي وجه فانتفاء التساوي المطلق أو من وجوه متعددة من باب أولى، ولم يثبت عن أحد من الفرق أو من أهل الديانات المحرمة، بل وحتى ملل الكفر كلها أن أحداً زعم وجود تشريك مطلق بين الله –تعالى- وبين شيء من الآلهة أو الأنداد، أو إمكانية ذلك، فلا يوجد ذلك أصلاً عندهم حتى نحتاج أن ننفيه لأنه متقرر في الفطر، وثابت في العقول، وهنا يتبين خطأ من يحصر الشرك بالله –تعالى- بأنه اعتقاد المساواة بين الله –تعالى- وبين غيره، فلا يكون شركاً، ولا يسمى العمل شركاً إلا إذا كان كذلك، وهذا المعنى الخاطئ فضلاً عن مخالفته للمدلول اللغوي للفظة (الشريك) ، فلم يقل به أحد من الخلق حتى يحتاج إلى نفي، هذا أولاً. وثانياً: أن هذا التعريف يخرج جميع الصورة المعتبرة في الشرك في الربوبية والألوهية عن كونها شركاً، وهذا خروج عن المدلول الشرعي واللغوي لهذه الكلمة، وتصحيح للأعمال والأقوال الشركية التي لا يكون فيها اعتقاد المساواة المطلقة، وأولية الله –تعالى- وأزليته ثابتة لله –تعالى-، وكذا اتصافه بصفات الكمال ثابتة له أزلاً وأبداً.

وكون الله -تعالى- واحد بلا عدد؛ المراد به تفرده تعالى بالوحدانية، فليس له شريك ولا صاحبة، ولا ولد، وربما أطلق لفظة (واحد بلا عدد) ، أو (واحد في ذاته لا قسيم له) بعض أهل الكلام النفاة للصفات، ومرادهم من ذلك تمرير نفي الصفات الخبرية كالوجه واليد، وغيرها تحت هذا المصطلح، فليعلم المراد من هذه المصطلحات الحادثة فلا تقبل مطلقاً ولا ترد مطلقاً؛ وإنما الاستفصال حتى يزول الاشتباه، أو الإجمال فيقبل ما كان حقاً ويرد ما كان باطلاً. والله أعلم.

اختلاف المفسرين هل هو اختلاف في القرآن؟

اختلاف المفسرين هل هو اختلاف في القرآن؟ المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 19/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي عن شبهة حول القرآن، وهو من مكائد النصارى للإسلام وقد انتشر بين الناس عندنا، أرجو أن تجيبوا عليه قبل أن تحدث فتنة لا تبقي ولا تذر، وهو كما يلي: يقول الله -تعالى-: " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا" والمعروف لدى المسلمين أن القرآن قد اختلف في تفسير كثير من آياته. وهذا معناه (حسب المشكّك) دليل من القرآن على أنه من عند غير الله. فما هو الجواب لمثل ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً هذه الآية يجب أن تفهم فهماً آخر غير الفهم الذي فهمها هذا المشكك، فالمسألة لا تتعلق باختلاف عموم الناس في آيات القرآن ودلالاته، بل إنها تفسر على ثلاثة أوجه: الوجه الأول: الاختلاف هو التناقض، فالقرآن لا تناقض فيه، فهو يأمر بالعدل أبداً وبالإحسان أبداً، فلا يوجد فيه حيف ولا ظلم، إذاً المبادئ الأساسية والكبرى التي يدعو إليها القرآن لا تختلف أبداً، بينما لو كان من عند غير الله لغلب الهوى على الإنسان، فمرة يأمر بالمعروف ومرة يأمر بالمنكر، فهذا هو التفسير الأول.

الوجه الثاني: أن القرآن لو كان من عند غير الله لاختلف عما يخبر به، بمعنى أن الخبر لا يكون موافقاً للمخبر عنه، والقرآن لا يخبر عن شيء إلا كان كذلك، فهو يحدثهم عما في أنفسهم من الكفر والنفاق، وهم يعلمون ذلك بديهة، وأن ما يحذرهم به القرآن هو حق فأخبار القرآن هي أخبار صحيحة، سواء كانت تتعلق بالأحوال الكونية، أو الناس وبما يقومون به، فالواقع دائماً والتجارب والمستقبل والحاضر دائماً يصدق القرآن الكريم، وهذا ما ظهر جلياً في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. الوجه الثالث: لو كان من عند غير الله لوجدتموه مختلفاً عما هو عليه، فلما لم يكن مختلفاً عما هو عليه علمنا أنه من عند الله، وهذا يحتاج إلى شيء من الروية والفهم، بمعنى: أنه لو كان كتاباً من عند غير الله لاختلف هذا الكتاب، ولكان مختلفاً عن الحالة التي عليها القرآن الكريم. فهذه الأوجه الثلاثة هي الأوجه التي فسر بها المفسرون هذه الآية:"ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً" [النساء: 82] ، ولكنه من عند الله فلا اختلاف فيه، وليس الأمر متعلقاً باختلاف الناس في القرآن، أو اختلاف دلالات الألفاظ، أو اختلاف السور في طولها وقصرها، هذا ليس مراداً في الآية الكريمة، فهذا هو الجواب عن هذه الآية، والله أعلم.

لماذا قدم الفجور في قوله: "فألهمها فجورها وتقواها"

لماذا قدم الفجور في قوله: "فألهمها فجورها وتقواها" المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 24/5/1425هـ السؤال أود أن أسأل عن سورة الشمس، عند قوله تعالى: "ونفس وما سواها* فألهمها فجورها وتقواها *" صدق الله العظيم، وأريد أن أسأل لماذا كان ذكر الفجور قبل التقوى، رغم أن الله قد خلق آدم وهو تقي، وكان الشيطان دخيلاً على هذه التقوى؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: ذكر المفسرون عدة أوجه لتقديم الفجور على التقوى، مع أن التقوى أفضل، وهي الأصل كما ورد في الحديث: "كل مولود يولد على الفطرة" رواه البخاري (1358) ، ومسلم (2658) ، ومن تلك الأوجه: 1- قدمها مراعاة لفواصل الآيات؛ لأن نظم القرآن أحد أوجه إعجازه. 2- وقيل: لأن إلهامه بهذا المعنى من مبادئ تجنّبه تخلية، والتخلية مقدمة على التحلية. 3- وقيل: قدمها مراعاة لأحوال المخاطبين بهذه السورة، وهم المشركون، وأكثر أعمالهم فجور لا تقوى. والله أعلم.

شبهة تعارض بين آيتين

شبهة تعارض بين آيتين المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 3/2/1425هـ السؤال هناك من يقول بوجود تناقض في القرآن الكريم، فيذكر أن الآية: 9 في سورة فصلت: "قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين"، وفي آيات أخرى تنص على ستة أيام ثم استوى على العرش. أرجو توضيح المسألة لأحاجج بها من يدعي التناقض. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قوله -تعالى-: "قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا" [فصلت: 9 - 12] . لا يعارض الآيات الدالة على خلق السماوات والأرض في ستة أيام، بل هو تفصيل لتلك الأيام الستة، فقد أخبر الله -تعالى- في الآية أنه خلق الأرض في يومين، وأخبر أنه خلق ما فيها من الجبال والأنهار، والمياه، وقدر فيها الأقوات في يومين آخرين، فالمجموع أربعة أيام، وهي المذكورة في قوله -تعالى-: "في أربعة أيام". وأخبر الله -تعالى- أنه خلق السماوات السبع في يومين فمجموع هذه الأيام ستة أيام، كما في قوله -تعالى-: "خلق السماوات والأرض في ستة أيام" الآية [الأعراف:54] ، وليس بين هذه الآيات تعارض، وإنما هذه الآية تفصل ما ورد مجملاً في الآيات الأخرى. والله أعلم.

الحكمة من ترتيب: "يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه ... " الآيات

الحكمة من ترتيب: "يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه ... " الآيات المجيب د. عبد العزيز بن علي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 24/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. السؤال هو: هل للترتيب في ذكر الأقارب في الآية الكريمة: (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه) . فهل لترتيب الأخ ثم الأم والأب والزوجة والأبناء حكمة معينة أرادها الله عز وجل؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: جواب السؤال عن سر الترتيب في قوله تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس:34-37] . نعم لهذا الترتيب معنى معقول، وبيانه- والله أعلم- أن ذكر الأقارب في هذا السياق فيه تدرج من الأدنى للأعلى، أو من القريب للأقرب، فإنه ذكر الأخ أولاً فالأم، فالأب، فالصاحبة (وهي الزوجة) ، فالبنين، وهم أقرب المذكورين.. ولابد أن يلحظ أن ترتيب الترقي في الآيات يراعى فيه الفرار، فإن الفرار من الأبناء في الخطوب وعظائم الأمور من أكبر العار، يليه الفرار من الزوجة، فالفرار من الأم وهي أحق من الأبوين، ولكن جرت العادة أن الإنسان يستميت في الدفاع عن أهله وبنيه أكثر من الأب، وأولى بالعناية والإنقاذ، ثم الأب، ثم الأخ، وليس معنى ما ذكر أن الزوجة والأولاد أحق من غيرهم، ويلحقه من العار لو فر منهم ما لا يلحقه لو فرّ ممن عداهم، ولو كان فراره من الأبوين. وأيضًا فإن الأبناء ليس لهم قريب كالوالد، ولا من هو أولى منه، بخلاف الأبوين، فإن لهم أبوين وأبناء، هذا ما ظهر لي في معنى هذه الآية، والترتيب هنا مخالف لما جاء في سورة المعارج، فهذا في الفرار، وذلك في الافتداء.. والله أعلم.

إشكال حول قول: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ... "

إشكال حول قول: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ... " المجيب محمد بن إبراهيم شقرة أحد علماء الأردن القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 20/12/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة النور، الآية: 33:"ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا....". السؤال: ماذا تعني كلمة البغاء في هذه الآية الكريمة؟ هل تعني الزنا؟ وإذا كانت تعني الزنا، فلماذا لم يقل الله -تبارك وتعالى- الزنا بدل البغاء؟ لأن الله -تعالى- أشار إلى الزنا بكل وضوح في الآية -الثانية- من نفس السورة في قوله تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رافة في دين الله ... " هل أن الرجل عندما يكره بنته أو بناته على أن يصبحن راقصات أو عارضات أزياء، أو يعلمهن السباحة بالملابس العارية مع الرجال، أو يعلمهن الغناء بأن يصبحن مغنيات في الفرق الغنائية يعتبر هذا العمل هو الإكراه على البغاء أي يختلف عن الزنا؟ لأن الزنا يعني الجماع أو الوطء في القبل، أو في فرج المرأة، ولكن الرقص بصورة عارية أمام أنظار الرجال، أو الغناء بصورة شبه عارية من الملابس أو السباحة، هذه الأعمال هل تعتبر إكراهاً على البغاء؟ أي البغاء الذي جاء ذكره في الآية الثالثة والثلاثين من سورة النور في القرآن الكريم، يرجى الإجابة عن السؤال، وتبيان الفرق بين الزنا والبغاء لأن كل واحد منهما جاءتا في آيتين مختلفتين من سورة النور. وجزاكم الله -تعالى- خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

البَغِيُّ في لغة العرب المرأة الفاجرة حرة كانت أم أمة (جارية) ، والبغاء إتيان فاحشة الزنا -عياذاً بالله تعالى- بفجور ومن غير توق ولا استحياء، ومن هذا المعنى للبغاء نعلم أن الزنا قد يقع في خفاء وهو الأغلب والأعم، ويكون من الحرة والأمة، فإن كان يقع على نحو ما كان عليه البغايا جمع بغي في الجاهلية وهي التي تزني في معالنة من غير استحياء، وكان يقع من الإماء، أما حرائر النساء فلم يكن منهن البغاء على نحو ما كان من الإماء اللواتي كان منهن ما يشبه المهنة يتخذنها، وقد عجبت هند بنت عتبة رضي الله عنها لما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأخذ عليها العهد ألا تزني فقالت: أو تزني الحرة؟ فإن كان من الحرة الزنا على نحو ما كان من الأمة فهو نادر شاذ لا يقاس عليه، فالبغاء إذاً أشبه ما يكون أنه من خصوصيات قبائح الإماء، وأين الحرة من الأمة؟ ومن هنا خص القرآن الإماء بالبغاء فقال: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً ... " إلى آخر الآية. أما كلمة الزنا، التي وردت في سائر الآيات فهو مخصوص بالحرائر اللواتي يقعن في هذه الفاحشة على نحو يستوجب إيقاع العقوبة بها كفاً وزجراً ودرءاً لآثارها وعواقبها البشعة السيئة، ومثل ذلك في إيجاب العقوبة، رمي المحصنات المؤمنات، أي عقوبة الجلد ثمانين جلدة. وهنالك عموم وخصوص بين البغاء وبين الزنا، فالزنا أعم من البغاء، إذن الزنا هو الفاحشة المعروفة ومثل ذلك يقال في البغاء، غير أن البغاء يزيد عن الزنا في قبحه، بزيادة في الفجور. ومن أجل هذا الفجور، الذي يذهب معه الحياء، وتكون به المجاهرة والمعالنة، سمي هذا النوع من الزنا بغاء، وهو الذي عناه الرسول-صلى الله عليه وسلم- في الحديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ثمن الكلب، ومهر البغيّ، وحلوان الكاهن"، ومعنى مهر البغيّ الأجر الذي يعطيه الزاني- عياذاً بالله- للزانية البغيّ.

ومما تقدم ذكره، نعلم أن ذكر البغي في سورة النور يراد به شيء غير الذي يراد من ذكر الزانية، وهذا من جلال القرآن وجمال معانيه، والحكمة البالغة التي تميز آياته. وأما قوله تعالى: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً" فليس يقال هنا إن كانت الأمة مملوكة، أو كانت الحرة تحت ولاية وليّ لها، وترغب في تعاطي البغاء بمحض رغبتها وإرادتها، فلا يكون المعنى أنه لا حرج، على مالك هذه الأمة أو ولي هذه الحرة أن يقبل منها أو لها أن تكون بغياً، أو أن تتعاطى هذه المهنة القبيحة والقبيحة جداً. إذاً؛ فماذا يراد من قوله تعالى: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً". أقول: إن هذا النهي إنما هو استمرار للتذكير بقبيح هذا الأمر الشنيع السيئ، الذي كان أهل الجاهلية عليه، وهو تحذير للمؤمنين من هذا الأمر القبيح السيئ، ومن هنا قال العلماء: هو نهي لا معنى له، وهو يشبه قوله تعالى: "لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة"، فالربا كله حرام سواء أكان قليلاً أم كثيراً. ومثله يقال أيضاً في البغاء، فيستوي التحريم على أي حال كان الزنا، بإكراه أم برضا.

أما ما يكون من امتهان بعض المهن التي تمتهنها بعض النساء، مثل عرض الأزياء وما يعرف بانتخاب ملكة الجمال والرقص والغناء، والسباحة وألعاب السيرك، وغير ذلك مما شاع أو يشيع في دنيا الناس من أنماط الفساد، وصنوف الشر، وأوبئة الأخلاق، فإن هذا كله لا يعدو أن يكون فساداً وإفساداً، أضحى من أسباب الكسب التي يستكثر بها المال والنساء اللواتي يمتهن هذه المهن الخبيثة أنزل مرتبة من الإماء اللواتي كن يعرضن في أسواق الرق، ويكرهن على البغاء الذي كان شائعاً في المجتمع الجاهلي، وورد ذكره في الآية رقم (33) من سورة النور. وهذه المهن إن لم تكن في نفسها أنواعاً من البغاء، فهي ذرائع وطرائق تنتهي بأولئك النساء إلى السقوط في تلك الفاحشة. بل إنهن لا يرضين بهذه المهن إلا إن كن بغايا، وبين الفينة والأخرى يعرضن في وسائل الإعلام وبخاصة التلفزيون ما يندى منه جبين الإنسانية. إنها حضارة الدمار والتدمير.

معنى قوله: (كانتا رتقا ففتقناهما)

معنى قوله: (كانتا رتقًا ففتقناهما) المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 12/02/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم: أريد من فضيلتكم معرفة التوفيق بين هذه الرواية: عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بعث ريحاً فصفقت الماء، فأبرزت عن خشفة واحدة في موضع البيت كأنها قبة فدحا الله الأرض من تحتها فأوتدها بالجبال) . وآية: (أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما) ، هذا فيما معنى الآية حيث أنني قرأت هذه الرواية في إحدى مواضيع الإعجاز العلمي ولسيادتكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: ذكر الله سبحانه وتعالى في مواضع من القرآن ما يدل على أن الأرض خلقت قبل خلق السماء، ومن ذلك قوله عز وجل: (قُلْ أَئنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ) إلى قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت: 9-11] ، وقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: 29] ، و (ثم) كما هو معلوم للترتيب والتراخي. ودلت الآية في سورة النازعات أن دحوا الأرض بعد خلق السماء، قال تعالى: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) [النازعات:27-30] .

وقد قال رجل لابن عباس - رضي الله عنهما - إني لأجد في القرآن أشياء تختلف علي ... فذكر منها: قوله تعالى: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) ، فذكر خلق السماء قبل الأرض، ثم قال تعالى (قُلْ أَئنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ) إلى قوله (طَائِعِينَ) فذكر في هذه خلق الأرض قبل خلق السماء، فقال ابن عباس: " خلق الأرض في يومين ثم خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين ثم دحى الأرض ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعى وخلق الجبال والرمال والجماد والآكام وما بينهما في يومين آخرين فذلك قوله تعالى دحاها وقوله (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) فخلق الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام وخلق السماوات في يومين " [ينظر: تفسير ابن كثير (4/94) ] . وذهب بعض العلماء إلى أن خلق الأرض جميعاً حصل قبل خلق السماء، ووجهوا قوله تعالى: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) ، بأن المراد بـ (بعد) أي: مع. وأثر ابن عباس المذكور في السؤال - إن صح وسيأتي الكلام عليه - لا ينافي ما تقدم وهو يدل على أن دحو الأرض حصل ابتداء من هذه البقعة المباركة وهي الكعبة، والله أعلم. وأخرج الطبري في تفسيره (3/60) عن مجاهد قال: كان موضع البيت على الماء قبل أن يخلق الله السماوات مثل الزبدة البيضاء، ومن تحته دحيت الأرض.

أما أثر ابن عباس الوارد في السؤال فقد أخرجه الأزرقي في أخبار مكة (1/ 32) من طريق سعيد بن سلام عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه قال: " لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بعث الله تعالى ريحا هفافة فصفقت الماء فأبرزت عن خشفة في موضع هذا البيت كأنها قبة فدحا الله الأرضين من تحتها فمادت ثم مادت فأوتدها الله تعالى بالجبال فكان أول جبل وضع فيها أبو قبيس فلذلك سميت مكة أم القرى". وسعيد بن سلام أبو الحسن البصري العطار، ضعيف، قال البخاري: سعيد بن سلام أبو الحسن العطار البصري يذكر بوضع الحديث، وقال أحمد بن حنبل: كذاب، وضعفه النسائي [ينظر: الكامل لابن عدي (3/404) ، الضعفاء للعقيلي (2/108) ، الميزان (2/ 141) ] . وطلحة بن عمرو الحضرمي المكي، ضعفه ابن معين وغيره، وقال أحمد والنسائي: متروك الحديث، وقال البخاري وابن المديني: ليس بشيء. [ينظر: الكامل لابن عدي (4/107) ، الضعفاء للعقيلي (2/224) ، (الميزان (2/340) ] . وقد أخرجه الطبري في تفسيره (3/60) من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قال عطاء وعمرو بن دينار: بعث الله رياحاً فصففت الماء، فأبرزت في موضع البيت عن حشفة كأنها القبة، فهذا البيت فمنها، فلذلك هي " أم القرى ". قال ابن جريج: قال عطاء: ثم وتدها بالجبال كي لا تكفأ بميد فكأن أول جبل " أبو قبيس ". أما قوله سبحانه وتعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) ، فرتقاً: مصدر رتقه رتقاً إذا سده، يقال: رتق فلان الفتق رتقاً إذا ضمه وسده، وهو ضد الفتق الذي هو بمعنى الشق والفصل. وللعلماء في هذا الآية خمسة أقوال:

القول الأول: أن معنى (كَانَتَا رَتْقاً) يعني أن السماوات والأرض كانت متلاصقة بعضها مع بعض، ففتقها الله وفصل بين السماوات والأرض، فرفع السماء إلى مكانها. قال قتادة: قوله: (كَانَتَا رَتْقاً) يعني أنهما كانا شيئاً واحداً ففصل الله بينهما بالهواء. القول الثاني: أن السماوات السبع كانت رتقاً؛ أي متلاصقة بعضها ببعض، ففتقها الله وجعلها سبع سماوات، كل اثنتين منها بينهما فصل، وكذلك الأرضين كانت رتقاً ففتقها، وجعلها سبعاً بعضها منفصل عن بعض. قال مجاهد: كانت السماوات طبقة واحدة مؤتلفة، ففتقها فجعلها سبع سماوات، وكذلك الأرضين كانت طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبعاً " القول الثالث: أن معنى (كَانَتَا رَتْقاً) أن السماء كانت لا ينزل منها مطر، والأرض كانت لا ينبت فيها نبات، ففتق الله السماء بالمطر، والأرض بالنبات. قال ابن عباس: كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، فلما خلق سبحانه للأرض أهلاً، فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات. القول الرابع: أنهما (كَانَتَا رَتْقاً) أي في ظلمة لا يرى من شدتها شيء ففتقها الله بالنور، وهذا القول يرجع إلى القول الأول والثاني. القول الخامس: - وهو أبعدها – أن الرتق يراد به العدم، والفتق يراد به الإيجاد؛ أي كانتا عدما فأوجدناهما. وقد رجح بعض المحققين من المفسرين والعلماء القول الثالث – وهو أن كونهما رتقاً بمعنى أن السماء كان لا ينزل منها مطر، والأرض كانت لا تنبت شيئاً ففتق الله السماء بالمطر والأرض بالنبات – وذلك لأن هناك قرائن تدل على هذا المعنى من كتاب الله عز وجل منها:

1- أن قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) يدل على أنهم رأوا ذلك لأن الأظهر في " رأى " أنها بصرية، والذي يرونه بأبصارهم هو أن السماء تكون لا ينزل منها مطر، والأرض لا نبات فيها، فيشاهدون بأبصارهم نزول المطر من السماء، وخروج النبات من الأرض. 2- أنه سبحانه أتبع ذلك بقوله: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) ، والظاهر اتصال هذا الكلام بما قبله أي: وجعلنا من الماء الذي أنزلناه بفتقنا السماء، وأنبتنا به أنواع النبات بفتقنا الأرض، كل شيء حي. قال الفخر الرازي في تفسيره: " ورجحوا هذا الوجه على سائر الوجه - يعني كونهما رتقاً بمعنى أن السماء كان لا ينزل منها مطر، والأرض كانت لا تنبت شيئاً ففتق الله السماء بالمطر والأرض بالنبات - بقوله بعد ذلك: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) ، وذلك لا يليق إلا وللماء تعلق بما تقدم، ولا يكون كذلك إلا إذا كان المراد ما ذكرنا. 3- أن هذا المعنى جاء موضحاً في آيات أخرى، كقوله - تعالى -: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ) ، والمراد بالرجع: نزول المطر من السماء تارة بعد أخرى، والمراد بالصدع: انشقاق الأرض عن النبات. والآية الكريمة مسوقة لتجهيل المشركين وتوبيخهم على كفرهم، مع أنهم يشاهدون بأعينهم ما يدل دلالة واضحة على وحدانية الله تعالى وقدرته، ويعلمون أن من كان كذلك لا يصح أن تترك عبادته إلى عبادة حجر أو نحوه، مما لا يضر ولا ينفع. هذا ولله أعلم. ينظر: تفسير الطبري (3/60) ، أضواء البيان للشنقطي (4/ 563 - 566) .

المقصود "في سبيل الله" في القرآن

المقصود "في سبيل الله" في القرآن المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 08/05/1425هـ السؤال السلام عليكم. سمعت أنه إذا ذكرت عبارة "في سبيل الله" في القرآن الكريم يقصد بها القتال في سبيل الله، ولم تذكر هذه العبارة لغير هذا القصد إلا في موضع واحد، هل هذا صحيح؟ وما هو هذا الموضع؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يظهر صحة هذا القول، بل في القرآن الكريم أكثر من آية، يراد "في سبيل الله"، مطلق النفقة في مرضاته ... ومنها قوله -تعالى-: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت...." [البقرة من الآية: 261] ، وقوله -تعالى-: "الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله...." [البقرة من الآية: 262] ، وسبيل الله نوعان: 1- عام: وهو الإنفاق في مرضاته وطاعته عامة. 2- خاص وهو الإنفاق في الجهاد في سبيل الله. والله أعلم.

الحكمة في ترتيب"تعقلون- تذكرون- تتقون"

الحكمة في ترتيب"تعقلون- تذكرون- تتقون" المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 18/06/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الآيات الثلاث من سورة الأنعام: (151-152-153) لماذا ختمت أو لماذا ذكر الله في نهايتها هذه الكلمات: (تعقلون- تذكرون- تتقون؟) . الجواب الحمد لله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فبعد حمد الله والصلاة على رسول الله. قال بعض المفسرين في بيان سر ختم الآيات الثلاث من سورة الأنعام: [151-152-153] بقوله: تعقلون، تذكرون، تتقون، إن السامع إذا تلقى الأمر القرآني فإنه أول أمره التعقل، أي تعقل ما سمعه من أمر الشارع وتدبره، ثم يدفعه ذلك إلى تذكر وجوب الإذعان والامتثال، ثم يدفعه أخيراً إلى تحقيق التقوى بالامتثال الفعلي والعمل الصالح. والله أعلم.

الجمع بين قوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به، وقوله: إن الله يغفر الذنوب جميعا

الجمع بين قوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به، وقوله: إن الله يغفر الذنوب جميعًا المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 21/11/1425هـ السؤال يقول الله جل وعلا، في كتابة الكريم: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء) . ويقول الله جل وعلا، في كتابه الكريم: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا) . ما الفرق بين الآيتين؟ ولماذا الله جل وعلا، استثنى في الآية الأولى الشرك ولم يستثنها في الآية الثانية؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الآية الأولى فيمن لقي الله عز وجل مشركًا، أو مذنبًا بدون شرك، فمن لقيه، عز وجل، مشركًا لا يغفر له، ومن لقيه مذنبًا فهو في المشيئة. وأما الآية الثانية فهي فيمن كان مشركًا أو مذنبًا ثم تاب، فإن الله عز وجل، يفتح له باب الرجاء بأنه عز وجل يغفر للتائب جميع ذنوبه، وبهذا يتضح الفرق. والله أعلم.

تفسير "وجعلناكم شعوبا وقبائل"

تفسير "وجعلناكم شعوبًا وقبائل" المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 08/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) . صدق الله العظيم. فماذا يقصد بكلمة (شعوبًا) في هذه الآية الكريمة، هل تعني العرب أو الأتراك أو الفرس أو الإنجليز أو الألمان؟ أم تعني معنى آخر؟ وماذا تعني كلمة قبائل في هذه الآية الكريمة؟ هل تعني القبائل العربية، وجزاكم الله تعالى ألف خير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- مفسرًا الآية المذكورة (4/18) : (يقول تعالى مخبرًا الناس أنه خلقهم من نفس واحدة، وجعل منها زوجها، وهما آدم وحواء، وجعلهم شعوبًا، وهي أعم من القبائل، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر، والعمائر، والأفخاذ، وغير ذلك.. وقيل: المراد بالشعوب بطون العجم، والقبائل بطون العرب، كما أن الأسباط بطون إسرائيل.. فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء- عليهما السلام- سواء، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية وهي طاعة الله تعالى، ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة واحتقار بعض الناس بعضًا منبهًا على تساويهم في البشرية: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) [الحجرات: من الآية13] . أي ليحصل التعارف بينهم كل يرجع إلى قبيلته ... قال البخاري (4689) : حدثنا محمد بن سلام: حدثنا عبدة، عن عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الناسِ أَكْرَمُ؟ قال: "أَكْرَمُكُمْ عندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ". قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ. قال: "فَأَكْرَمُ الناسِ يُوسُفُ نبيُّ اللهِ ابنُ نبيِّ اللهِ ابنِ نبيِّ اللهِ ابنِ خَلِيلِ اللهِ". قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: "فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ ". قالوا: نعم. قال: "فَخِيارُكُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ في الإِسْلامِ إذَا فَقُهُوا") . ا. هـ. وانظر: تفسير ابن جرير (26/139) ، وتفسير القرطبي (16/343) . والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل أيام خلق السماوات والأرض مثل أيام الدنيا؟

هل أيام خلق السماوات والأرض مثل أيام الدنيا؟ المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 13/02/1426هـ السؤال خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، هل هي من أيام الدنيا أم من الأيام المقصودة في قوله تعالى: "وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون". الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد: جوابا على السؤال (خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام هل هي من أيام الدنيا أم من الأيام المقصودة في قوله تعالى: "وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون"؛ أقول مستعينا بالله العلي العظيم:

تشير الأبحاث العلمية إلى أن تاريخ الكون ضارب في القدم, وأقرب الحسابات هي أن عمره حوالي 12.5 (10-15) بليون سنة, وأن آخر معالم التكوين هي تشكل القشرة الصخرية للأرض واستقرار الجو المحيط بها منذ حوالي 250 مليون سنة, وهكذا تشكل العالم بخلاف ما اعتقد سابقا في بلايين من السنين تكونت فيها لبنات البناء المتسع الأرجاء بالتسلسل إلى أن تشكل أصل كوكبنا مع بقية أفراد المجرة وهو ما يعرف بسديم النظام الشمسي Solar System Nebula منذ ما يزيد عن ثمانية بليون سنة, وبعد ذلك انفصلت كتلة الأرض وتميزت وتقلصت تحت تأثير جاذبية مادتها وتشكلت طبقاتها الداخلية جميعا بنزول أثقل المواد نحو الباطن خاصة الحديد وخروج أخفها ليشكل السطح الصخري والجو منذ ما يزيد عن أربعة بليون سنة تمثل عمرها الجيولوجي, وبذلك يمكن تقسيم مراحل نشأة العالم المحيط بنا إلى ثلاثة أزمنة رئيسية متعاقبة تكونت فيها الأجرام السماوية ثم تكون أصل الأرض ثم تكونت طبقات الجو من دخان تبدد معظمه وتكونت معها أصول الألواح القارية كجزر تمتد وتميد فوق دوامات الصهير إلى أن ثبتتها الجبال, ونصيب الأرض على هذا باعتبار الأصل مرحلتين من الثلاث, فإذا كان خلق العالم كله في ستة أيام - إن شئت أن تعبر بأيام الأسبوع المعهودة عن تلك الأزمنة الهائلة فوق كل التصورات القديمة - فإن خلق الأرض بدون السطح الصخري والجو في يومين ومجموع فترات خلقها أربعة أيام, وتعجب أن تجد تلك الحصيلة العلمية التي اكتشفت وحققت في حوالي ثلاثة قرون تكاد تلمس فحسب بعض جوانب من التفصيل المعجز في قوله تعالى:] قُلْ أَإِنّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالّذِي خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبّ الْعَالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيَ أَرْبَعَةِ أَيّامٍ سَوَآءً لّلسّآئِلِينَ. ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ

وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ. فَقَضَاهُنّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىَ فِي كُلّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيّنّا السّمَآءَ الدّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [[فصلت 9-12] . فأما السماء التي تلي الأرض في الخلق والنظم فيرشدك إلى تعيينها علميا في هذا المقام قول الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور (يرحمهم الله أجمعين) : "والسماء إن أريد بها الجو المحيط بالكرة الأرضية فهو تابع لها متأخر عن خلقها, وإن أريد بها (آفاق الأجرام السماوية فهي) .. أعظم من الأرض فتكون أسبق خلقا" [تفسير التحرير والتنوير ج1ص384] . والجو بالنسبة للأرض يصح لغةً أن يسمى سماء, وبالنسبة إلى كل ما يعلوه من وجود مادي يصح وصفه بأنه الأدنى, ونتيجة لتميزه عما نسميه فضاء Space بوجود الهواء يمكن وصفه أيضا بأنه منطقة بينية بين الأرض وكل ما يعلوه, وأما التشبيه بالمصابيح بجامع التوهج فنظيره قوله تعالى:] وَلَقَدْ زَيّنّا السّمَآءَ الدّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لّلشّيَاطِينِ [[الملك: 5] . وقد توصل المحققون أن تلك الأجسام الملتهبة التي شبهت في القرآن بالمصابيح ويمكن أن تسبب ضررا للعابرين ليست إلا الشهب وهي بالقطع ظاهرة ضوئية لا تتجاوز جو الأرض, قال الشوكاني: "المصابيح جمع مصباح وهو السراج.. (و) الضمير في قوله وجعلناها راجع إلى المصابيح.. أي شبها (بدليل قاطع وهو قوله تعالى:) ..) إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ( [الصافات: 10] " [تفسير الشوكاني ج5ص260] . وقال الألوسي: و"الشهب شعل نارية" [تفسير الألوسي ج23ص73] .

و"هذه الشهب ليست هي الثوابت.. وإلا لظهر نقصان كثير في أعدادها.. (خاصة أن التعبير قد) أفاد أن تلك المصابيح هي الرجوم بأعيانها.. (و) كل نير يحصل في الجو العالي فهو مصباح لأهل الأرض" [تفسير الألوسي ج14ص26] . وقال الثعالبي: "ومعنى السماء الدنيا أي القريبة من الناس" [تفسير الثعالبي ج4ص320] . وهكذا يمكن حمل تعبير (السماء الدنيا) على الجو المحيط بالأرض, وعند التخصيص بالكواكب دون عوالم النجوم العظيمة الأبعاد يمكن حمله على العالم الأقرب من عوالم الأجرام في قوله تعالى:) رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبّ الْمَشَارِقِ. إِنّا زَيّنّا السّمَآءَ الدّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ( [الصافات: 5-6] . وأما التسبيع فهو دلالة على الطبقية؛ وتلك حقيقة علمية توافق ما ذهب إليه بعض المفسرين من أن التسبيع ها هنا على العرف في الدلالة على التعدد والتكامل لا على التعيين, ولكن العدد لا يأباه العلم باعتبار ثلاث طبقات بينية بين الأربعة الرئيسة وهو الموافق إلى ما ذهب إليه جل المفسرين, وأما الستة أيام في بيان خلق الكون المشاهد أو بالأحرى الممكن المشاهدة فقد ورد ذكرها في سبعة مواضع أولها على حسب ترتيب النزول قول جامع يكشف العلم بخفايا التكوين ويعالج توهم في الدين ما عاد بالإمكان حذفه من المدونات الأسبق؛ وهو قول العلي القدير:] وَلَقَدْ خَلَقْنَا السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتّةِ أَيّامٍ وَمَا مَسّنَا مِن لّغُوبٍ [[ق: 38] . وهو بالمثل قائم على التقريب والتمثيل بالمعهود لأنه لا وجود للأيام قبل خلق الأرض والشمس, قال القرطبي: "إن لم يكن شمس فلا يوم" [تفسير القرطبي ج7ص219] . وقال ابن عطية: "قال أكثر أهل التفسير الأيام هي من أيام الدنيا" [تفسير المحرر الوجيز ج3ص152.] .

وقال الشوكاني: "ولا يستقيم أن يكون المراد بالأيام هنا الأيام المعروفة.. لأنه لم يكن حينئذ لا أرض ولا سماء" [تفسير الشوكاني ج2ص482.] . وقال الألوسي: "المفسرون قالوا المراد بالأيام الأوقات" [ما دل عليه القرآن ج1ص46] . فالتعبير إذن تمثيل والمراد أزمنة متتابعة كالأيام تميزها ثلاث مراحل, وأما إتيان الأرض وما يحيط بها فهو مشهد يكشف تلازم حركة الجو مع الكوكب وفق تقدير بعد مرحلة معدومة التلازم مما يعني تبدد الكثير من الجو, وتلك حقيقة علمية مبهرة جسدها التعبير بالتصوير, وترتيب الأحداث مطابق تماما لما كشفه العلم؛ كما في قوله تعالى:] ءأَنتُمْ أَشَدّ خَلْقاً أَمِ السّمَآءُ بَنَاهَا. رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوّاهَا. وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا. وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا. أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا. وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا. مَتَاعاً لّكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ [[النازعات:27-33] . وهكذا يتجلى كل حين العلم في القرآن الكريم بخفايا التكوين بضرب الأمثال للمجهول زمن التنزيل بالمعلوم لتشع دلائل التنزيل بنور اليقين في صدور النابهين, يقول العلي القدير:] لَوْ أَنزَلْنَا هََذَا الْقُرْآنَ عَلَىَ جَبَلٍ لّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ [[الحشر: 21] . هذا والله جل جلاله أعلم.

( ... إن تنصروا الله ينصركم ... )

( ... إن تنصروا الله ينصركم ... ) المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 17/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. لم أحصل على تفسير واضح بخصوص الآية من سورة محمد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) [محمد:7] . بعد أن راجعت تفسير ابن كثير. والذي أفهمه من الآية هو أن نساعد عباد الله، مثلما ورد في الحديث أن الله سبحانه وتعالى يقول لعبده يوم القيامة: يا عبدي، استطعمتك فلم تطعمن. ي فيقول العبد: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ فيقول الرب سبحانه وتعالى: إن عبدي فلانًا استطعمك فلم تطعمه، أمَا لو أنك أطعمته لوجدت ذلك عندي. فهل فهمي لهذه الآية صحيح؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالذي ظهر لي أن السائل الكريم أشكل عليه معنى: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ) . والله تعالى هو القوي العزيز، وجواب هذا ببيان معنى: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ) . وللشيخ السعدي- رحمه الله- في تفسيره، كلام مختصر واضح يبين معنى الآية حيث يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ..) . هذا أمر منه تعالى للمؤمنين أن ينصروا الله بالقيام بدينه والدعوة إليه وجهاد أعدائه والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك نصرهم الله وثبَّت أقدامهم ... فهذا وعد منه كريم صادق الوعد أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه وييسر له أسباب النصر. انتهى كلامه- رحمه الله.

فالمقصود بنصر الله تعالى: نصر دينه والدفاع عنه وجهاد أعدائه. وإلا فإن الله تعالى هو القوي القاهر لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، وهو الذي ينصر عباده حقيقة على أعدائهم ويثبت أقدامهم، ولذا جاء في الآية الكريمة: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) . فالنصر حقيقة من الله تعالى، لكن الله تعالى وعد به من ينصر دينه ويجاهد أعداءه. هذا والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

شبهة حول نزول عيسى -عليه السلام-

شبهة حول نزول عيسى -عليه السلام- المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 16/11/1425هـ السؤال أحد المنكرين لرجوع عيسى عليه السلام، في آخر الزمان أرسل إليّ رسالة طويلة فيها شبهات تقلقني ولا أستطيع الرد عليها. أرجو من فضيلتكم أن تجيبوا عن هذه الشبهات. ومنها: يقول الله: (والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون. أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون) [سورة النحل: 21، 22] . وهذا يعني أن كل من اتخذهم الناس آلهة من دون الله- ومن ضمنهم كريشنا وبوذا وعيسى (عليه السلام) فإنهم قد ماتوا كما مات سائر الأكوان. وهذا من الأدلة التي تثبت أنهم ليسوا آلهة. ولو كان عيسى (عليه السلام) حيًّا لكان ذلك يعارض الآية. ومن يزعم أن الآية خاصة بالأصنام فيقال له: إن الأصنام لا تموت ولا تُبْعَث بعد الموت. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

قال الله تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص: 88] . (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [الرحمن:26، 27] . فهذه الآيات عامة بموت جميع الخلق حتى الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين بما فيهم المسيح عليه السلام، ومعنى أموات في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ* أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) [سورة النحل: 21، 22] . ليس معناها ماتوا في الماضي، كما في قوله تعالى: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ* ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) [الزمر: 30، 31] . فهذه الآية نزلت في السنة الثالثة من الهجرة فهل معناها أنها نزلت والرسول صلى الله عليه وسلم ميت!!.. وإنما المعنى أن قانون الموت سارٍ عليهم وهذا أسلوب العرب الذي نزل به القرآن، يعبرون عن الشيء المتحقق الوقوع في المستقبل بصيغة الماضي، وعلى هذا عند فهم القرآن لا بد من فهم أسلوبه العربي وحمل بعضه على بعض. ولو كان هذا الفهم الذي فهمه السائل أن كل من اتخذهم الناس آلهة من دون الله- ومن ضمنهم كريشنا وبوذا وعيسى (عليه السلام) - أنهم قد ماتوا كما مات سائر الأكوان. فهذا يعنى لو ادّعى أحد في الوقت الحاضر الألوهية ودعا الناس إلى عبادة نفسه لصح ذلك لأنه حيٌّ والمنهي في الإسلام عنه هو عبادة الأموات!! وهذا فهم بعيد جدًّا.

ونظير ذلك كما في لغة الكتاب المقدس أنهم يعبرون عن الجزء من اليوم بيوم كامل، كما في مسألة صلب المسيح وكم جلس في القبر، ولو كان المقصود يومًا كاملًا لكان جلس أقل من ثلاثة أيام، وهذا يخالف الشريعة المسيحية، ولكن لغة اليهود في ذلك الوقت تعتبر أن غالب اليوم أو جزءًا منه يوم كامل وعلى هذا بقي المسيح ثلاثة أيام بين الأموات وهذه معروفة في معتقد المسيحيين، لكن القصد التنبيه على فهم اللغة التي نزل بها القرآن وكيف فهمه المخاطبون به، وأيضًا كيف فهم اليهود تعاليم المسيح المخاطبين بها فهذا الفهم من الجميع مع الإقرار به من جهة المشرع حجة. ومثال ذلك: قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) [آل عمران: 144] .

وهذه الآية تلاها أبو بكر لما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم- انظر صحيح البخاري (3670) - فقد تبين فعلًا وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأنه واحد من الأنبياء، وتدل الحادثة التاريخية أيضًا أن الشك ارتفع عن الصحابة بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه كباقي الرسل بما فيهم المسيح، ولم تحفظ كتب الحديث أو التاريخ أنه حصل اعتراض من الناس الذين سمعوا أبا بكر يتلو هذه الآية بإيراد كون المسيح لم يمت، وهذا يدل أنهم فهموا من الآية كما هو ظاهرها، وكون المسيح حيًّا لا يعني عدم موته في آخر الزمان. فقد قال الله تعالى: (إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) [آل عمران: 55] . أي: متوفيك بعد الرفع وبعد نزولك إلى الأرض في آخر الزمان. لأن الواو في لغة العرب، كما هو معروف، لا تقتضي الترتيب، أو: متوفيك وفاة عند تمام أجلك. إعلامًا له بأن اليهود لا تتولى قتله، كما يدل عليه قوله تعالى في نفس الآية: (وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [آل عمران: 55] . وأما إيراد السائل بمن يزعم أن الآية خاصة بالأصنام فيقال له: إن الأصنام لا تموت ولا تُبْعَث بعد الموت. فيقال لما تقرر بيانه في أول الجواب أن الآية عامة سواء في الأصنام وغيرها، ومن قال إن الأصنام لا تموت ولا تبعث فيقال إن الأصنام تبعث يوم القيامة وتنطق وتتبرأ من عابديها إيغالًا في إقامة الحجة على المشركين. وإذا كان المسيح له القدرة على إرجاع الروح في الأجساد التي فارقتها روحها فإن الله له القدرة على إيجاد الروح في الأجسام التي ليس فيها روح أصلًا، كما هو ظاهر القرآن. وأيضًا ظاهر الكتاب المقدس أن الأب أعظم وأقدر من الابن.

دفع الإشكال في قوله تعالى "ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد"

دفع الإشكال في قوله تعالى "وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ" المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 19/10/1426هـ السؤال أود طرح نقطة حرجة أرقتني ولم أجد لها حلاً، وكلما سألت ذا علم قوبلت بأجوبة، مثل (ملحد، كافر، منافق) فالدين الإسلامي يرتكز على القرآن الكريم، والذي نزل على رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- وفي القرآن عينه وجدت آية "ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد"، ولكن أين أحمد؟! لقد جاءنا محمد وليس أحمد، فماذا لو بعد عدة سنين جاءنا رجل اسمه أحمد، وقال: إنه هو الرسول، ويقول: إن كتابكم قال ذلك الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: القرآن الكريم قد ثبتت صحته بعشرات الأدلة، وذلك من خلال محتواه اللفظي والمعنوي. أما اللفظي فقد تحدى العرب وهم الفصحاء البلغاء الذين كانوا أمراء العبارة وفرسان الكلام فعجزوا، فدل على أنه ليس في مقدور بشر أن يأتي بمثله ولا بسورة من مثله. ثانياً: هذا الاسم مثبت في القرآن الكريم منذ نزوله، وسمعته العرب وهي تعرف أن الذي أنزل عليه القرآن هو "محمد"، فلم ينكر شخص واحد على هذه التسمية - وسيأتي التعليل بمشيئة الله-. ثالثاً: هذا الاسم مثبت في القرآن، وقد سمعه أهل الكتاب من اليهود والنصارى ولم ينكروا، مما يدل على أنه ليس فيه شبهة عندهم. رابعاً: هذه البشارة بهذا الاسم نزلت في لغة غير عربية، واللغات لا تتطابق فيها الأسماء تمام المطابقة، فقد يقرأ الاسم الواحد بأكثر من لفظ لضرورة الترجمة. ألا ترى "إبراهيم" يقرأ كذلك، ويقرأ "إبراهام" ويقرأ "إبراهوم" في قراءات القرآن الكريم، ولم يقل أحد أن الاسم الأول غير الاسم الثاني، ولكن جرى التسامح في رسمها ونطقها لاختلاف اللغة.

خامساً: اللفظ الذي ورد في كتب اليهود والنصارى يؤدي المعنيين فكلاهما حق. فـ "محمد" اسم بمعنى "محمود" على وزن مفعول أي محمود من الناس. و"أحمد" كذلك اسم على وزن "أفعل" أي أحمد من غيره. فكلاهما يرجعان إلى اشتقاق متقارب. سادساً: الاسم الذي ورد في كتبهم وتحتمله كتبهم مشتقة من الحمد وهو: "الفار قليط"، ومن معناها عندهم: "الحماد" أو "الحامد" أو "الحمد"، فكلها كما ترى مشتقة من "الحمد". ونحن نعلم ما تعرضت له كتب النصارى من تحريف. سابعاً: القرآن الكريم نزل على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وعمره أربعون سنة، وقد عرف في قومه باسم "محمد" والقرآن نزل واسمه معروف، فلو كان دلالة أحمد غير دلالة محمد بالنسبة لما ورد في الكتب السابقة لقال الله عز وجل: "اسمه محمد"، ولما كان كلا اللفظين تدل عليه الكتب السابقة التي ذكر فيها -عز وجل- الاسم سماه الله -عز وجل- "أحمد" وفي مكان آخر: "محمداً". ثامناً: يبدو أن اللغة التي دونت بها التوراة والإنجيل إنما ذكر فيها المادة التي يشتق منها الاسم، فكلا الاسمين يشتقان من تلك المادة، فقارئ التوراة والإنجيل يفهم من تلك المادة كلا الاشتقاقين. هذا موجز عن هذه المسألة أرجو أن تحقق المطلوب.

تفسير قوله: "وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج"

تفسير قوله: "وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ" المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 13/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. أنا إنسان طبيعي، لست متخصصاً في علوم الدين، ولكن وجهة نظري -باعتباري مسلماً ومرت علي آيات قرآنية- لماذا لا تكون الأنعام أنزلت من عند الله ولم تخلق على الأرض مثل نزول الحديد؟ والدليل على ذلك أن الله أنزل الناقة على سيدنا صالح، وأنزل الكبش على سيدنا إبراهيم، وإننا ننتظر حتى يكتشف هذه الحقيقة غيرنا، وللأسف كل اكتشاف جديد نقول بأنه موجود في القرآن، ونسارع بقولنا هذا دون النظر إلى أمور غيبية لا نعلمها، وكأننا نطلب شهادة الكفرة بأن ديننا هو من عند الله، الموضوع طويل وأكتفي بهذا. والسلام عليكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد: جواباً على السؤال: لماذا لا يكون "إنزال الأنعام" في قوله تعالى: "وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ" [الزمر 6] ؛ دلالة على تكونها خارج الأرض دون بقية الأحياء؟ , وأجيب مستعيناً بالله العلي القدير سائلاً العون والتوفيق:

الأصل هو حمل التعبير في القرآن الكريم على ظاهره، إلا بقرائن صارفة تبيح حمله على ضرب المثل, وقد أكثر القرآن الكريم من التمثيل كأبلغ سبيل لبيان المراد بحالة مماثلة، نحو ما يصرح به قوله تعالى: "وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنّاسِ وَاللهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ" [النور: 35] ، وقوله تعالى: "وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ" [الحشر: 21] ، وقوله تعالى: "وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَذَكّرُونَ" [إبراهيم: 25] ، وأما قوله تعالى: "وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاّ الْعَالِمُونَ" [العنكبوت: 43] ؛ فيقصر الانتفاع بتلك الأمثال على العالم بالله عن تفكر وإدراك. وفي قوله تعالى: "يَا أَيّهَا النّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مّن رّبّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مّبِيناً" [النساء: 174] , ظاهر التعبير (وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مّبِيناً) انتقال ضوء الشمس نحو الأرض, ولكن السياق يتعلق بإقامة البرهان في مجال الدين بقرينة التعبير (يَا أَيّهَا النّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مّن رّبّكُمْ) . ولذا لم يختلف المفسرون في تأويل لفظ (النور) ، وصرفه عن ظاهر دلالته وبيان أن المراد به هو القرآن الكريم. قال البيضاوي: "عنى بالبرهان المعجزات وبالنور القرآن أي قد جاءكم دلائل العقل وشواهد النقل ولم يبق لكم عذر ولا علة" [تفسير البيضاوي (ج2ص285) ] . وقال الثعالبي: "البرهان الحجة النيرة الواضحة التي تعطي اليقين التام, والنور المبين يعني القرآن" [تفسير الثعالبي (ج1ص435) ] .

وقال السعدي: "يمتن تعالى على سائر الناس بما أوصل إليهم من البراهين القاطعة والأنوار الساطعة، ويقيم عليهم الحجة ويوضح لهم المحجة؛ فقال (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم) أي حجج قاطعة على الحق تبينه وتوضحه وتبين ضده، وهذا يشمل الأدلة العقلية والنقلية والآيات الأفقية والنفسية، لقوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وَفِيَ أَنفُسِهِمْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُ الْحَقّ) ,.. (وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً) ، وهو هذا القرآن العظيم الذي قد اشتمل على علوم الأولين والآخرين والأخبار الصادقة النافعة، والأمر بكل عدل وإحسان وخير، والنهي عن كل ظلم وشر، فالناس في ظلمة إن لم يستضيئوا بأنواره" [تفسير السعدي (ج1ص217) ] . فإنزال القرآن -إذن- بلفظ النور تصوير للتشريف بجامع جلاء الطريق والاهتداء, وهكذا ترى أن التصوير يجسد الدلالة ويطلق العنان لتوارد فيض من المضامين، فيبلغ بالتعبير أعلى المراتب في البيان. وقد ورد فعل (الإنزال) ليفيد الانتقال من الأعلى نحو الأسفل، كما في قوله تعالى: "وَأَنزَلَ مِنَ السّمَاءِ مَاءً" [البقرة: 22] , وأما قوله تعالى: "وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ" [الحديد: 25] ؛ فيمكن حمله على النزول إلى لب الأرض لانتفاء ما يصرف عن الظاهر, ولا يجادل اليوم أحد بالفعل أن معظم لب الأرض حديد, فطابقت شهادة الواقع صريح التعبير, ولكن القرائن الصارفة قد تمنع حمل (الإنزال) على الظاهر، كأن يكون الموصوف من المعنويات، كما في قوله تعالى: "هُوَ الّذِيَ أَنزَلَ السّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ" [الفتح: 4] , والقرينة أن السكينة حالة شعورية وليست تكويناً مادياً, ولذا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه صرف النزول إلى (الجعل) بقوله: " (أَنزَلَ السّكِينَةَ) أي جعل الطمأنينة" [تفسير ابن كثير (ج4ص185) ] .

ومثلها (النعاس) في قوله تعالى: "ثُمّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مّن بَعْدِ الْغَمّ أَمَنَةً نّعَاساً يَغْشَىَ طَائِفَةً مّنْكُمْ" [آل عمران:154] . فليس النعاس بالمثل جسماً مادياً ليصح وصفه بالنزول الحسي، وإنما يصح التمثيل بالمطر ينقذ الأرض العطشى خاصة مع العدول عن التعبير بفعل الإنزال إلى التصوير بالتغشية في قوله تعالى: "إِذْ يُغَشّيكُمُ النّعَاسَ أَمَنَةً مّنْهُ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السّمَاءِ مَاءًَ" [الأنفال:11] , فتأمل الجناس بين النزول المعنوي للنعاس، والحسي للمطر بجامع النصرة والتثبيت, وكأن وقوع النعاس بما صاحبه من زوال الخوف غيثًا أحاط بهم فأزال خوفهم من الهلاك, ومثله قوله تعالى: "وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَم وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماًُ" [النساء: 113] . فليست الحكمة جسما لتنزل حسياً، ولم ينزل الكتاب صفحات ورقية؛ وإنما الإنزال بياناً للفضل ويفسره التعليم. وفي وصف بعثة النبيين -عليهم السلام أجمعين- في قوله تعالى: "كَانَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النّبِيّينَ مُبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقّ" [البقرة: 213] ، لا تدل المعية بنزول الكتاب معهم على هبوطهم من السماء، وإنما فعل البعث يصرف (الإنزال) إلى التصوير تشريفاً لهم وبياناً لوحدة الرسالة لتوحيد الكتاب, ومثله قوله تعالى: "فَالّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتّبَعُواْ النّورَ الّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [الأعراف: 157] .

وأما قوله تعالى: "يَابَنِيَ آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ" [الأعراف: 26] ؛ فلا يفيد بالمثل أن ما نلبسه هبط من السماء، لأن مصدره معلوم كالصوف من الحيوان والقطن من نبات الأرض, ولذا اجتهد المفسرون في صرف (أنزلنا) عن معنى الهبوط, قال الشوكاني: "عبر سبحانه بالإنزال عن الخلق أي خلقنا لكم لباساً" [تفسير فتح القدير للشوكاني (ج2ص197) ] . وقال الجصاص: "وإنما قال أنزلنا لأن اللباس يكون من نبات الأرض أو من جلود الحيوان وأصوافها، وقوام جميعها بالمطر النازل من السماء" [أحكام القرآن للجصاص (ج4ص203) ] . وقال السمعاني: "وفي معنى (أنزلنا عليكم) ثلاثة أقوال، أحدها: خلقنا لكم, والثاني: ألهمناكم كيفية صنعه, والثالث: أنزلنا المطر الذي هو سبب نبات ما يتخذ لباس" [تفسير زاد المسير لابن الجوزي (ج3ص181) ] . وقد يصح أن معنى (الإنزال) في الملابس باعتبار الأصل وهي ترجع للمطر, وقد يصح نزول القرآن باعتبار العلاء المعنوي تشريفا, ويصح الجمع بين الحالتين بالتمثيل بالغيث ينزل ليغشي الأرض العطشى وينقذها من الهلاك.

ومن نعم الله -تعالى- على العرب الأولين أن هيأ لهم حيوانات الرعي التي كانت عماد حياتهم في البادية خاصة الأغنام والمعز والإبل والبقر, ولكنهم ضيقوا على أنفسهم بتقاليد تمنع الانتفاع ببعضها, ومن بالغ الرحمة إذن أن يشدد القرآن على تحريرهم من تلك التقاليد وإباحة تلك الأنعام لهم في بيان مستفيض حاسم؛ يقول تعالى: "وَمِنَ الأنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلاَ تَتّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ إِنّهُ لَكُمْ عَدُوّ مّبِينٌ. ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مّنَ الضّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْءَآلذّكَرَيْنِ حَرّمَ أَمِ الاُنثَيَيْنِ أَمّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الاُنثَيَيْنِ نَبّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ. وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ" [الأنعام: 142-144] . ولفظ (الأنعام) اسم صفة لا اسم ذات ومنه (النعمة) , لذا سميت أيضا بلفظ (النّعَمِ) في قوله تعالى: "يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مّتَعَمّداً فَجَزَآءٌ مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النّعَمِ" [المائدة: 95] , ووصفها بالأنعام والنّعَمِ والرزق المباح للأكل يجسد بالتسمية نعمة الله تعالى عليهم, ويؤكد الإنعام وصف إيجاد الأنعام بلفظ (الإنزال) في قوله تعالى: "وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ" [الزمر: 6] . وقد يصح أن يكون فعل الإنزال في حالة النعمة أو النقمة باعتبار العلاء المعنوي بيانا لمشيئة الله تعالى وتقديره.

ويصح التمثيل بالمطر بلفظ (الإنزال) تجسيداً للنعمة؛ لأن نزوله هو أول مشهد متبادر لفعل الإنزال يبش له العربي الأول، ويشعره بالامتنان، ويجسد له رحمة الله تعالى, وهم محتاجون للأنعام تماما كاحتياج الأرض العطشى للمطر, واستبدال فعل (الإنزال) بأفعال (الخلق) و (الجعل) و (الإمداد) في بيان سبق التهيئة بالأنعام قرينة جلية تصرفه عن الظاهر الحسي إلى معنى الإيجاد؛ كما في قوله تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّا خَلَقْنَا لَهُم مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ" [يس: 71] , وقوله تعالى: "اللهُ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأنْعَامَ لِتَرْكَبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ" [غافر: 79] , وقوله تعالى: "أَمَدّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ" [الشعراء: 133] , وتسمى الكوارث نوازل، وتوصف الأحداث تصويرًا بالوقوع والمجيء والإتيان، ولا يعني شيء من ذلك بالضرورة هبوطها من السماء. قال البغوي: " (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) معنى الإنزال هاهنا الإحداث والإنشاء، كقوله تعالى (أنزلنا عليكم لباسا) " [تفسير البغوي (ج4ص72) ] . وقال السمعاني: "أي وخلق لكم من الأنعام.., وهو مثل قوله تعالى (أنزلنا عليكم لباسا) أي خلقنا" [تفسير السمعاني (ج4ص458) ] . وقال الكلبي: "وأما (أنزل) ففيه ثلاثة أوجه الأول:.. خلق, الثاني:.. قضى,.. الثالث أنه أنزل المطر الذي ينبت به النبات، فتعيش منه هذه الأنعام، فعبر بإنزالها عن إنزال أرزاقها وهذا بعيد" [التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي (ج3ص191) ] .

ولا يعني تعبير (الإنزال) إذن هبوط الأنعام من السماء دون كافة الأحياء, والتمثيل بالغيث يجمع كل ما قيل من معان، فيجسد عناية الله -تعالى- ويتضمن معنى التنزيه وسبق التهيئة والإنعام على العباد المحتاجين, ولكن قد تتحول النعمة نقمة بيانا لمشيئته تعالى ويصبح النزول غضب والمطر عقوبة, والواجب التوجيه اللائق لكل لفظ بما لا يخالف الواقع والنظرة الشاملة لكل الآيات وتقصي القرائن في كل سياق, وهو منهج الأعلام على مر الأيام, والله تعالى أعلم.

هل يصح هذا التفسير للمقام المحمود؟

هل يصح هذا التفسير للمقام المحمود؟ المجيب.......... القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 17/06/1426هـ السؤال هل القول بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سيجلس على العرش يعتبر من عقيدة أهل السنة والجماعة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: كلاّ، ليس القول بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سيجلس على العرش من عقيدة أهل السنة والجماعة، ولم يثبت في ذلك نص، وإنما الوارد في هذا الباب حديث واهٍ لا يثبت، وكذلك ما رُوِي عن مجاهد -رحمه الله- في تفسير قول الله تعالى: " عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا" [الإسراء:79] ، حيث رُوِِيَ عنه تفسير" المقام المحمود" بأنه جلوس نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وقعوده على العرش. وهذا الأثر عن مجاهد غير صحيح وليس له طريق معتبر، بل الثابت عن مجاهد وعن غيره من جمهور المفسرين تفسير" المقام المحمود" بأنه الشفاعة العامة لنبينا محمد _صلى الله عليه وسلم- وهذا هو الحق الذي لاريب فيه، وقد تضافرت الأدلة على ذلك، وليس هذا موضع بسطها. وبهذا نعلم أن هذا القول ليس من عقيدة أهل السنة والجماعة، وليس له شاهد من كتاب الله -تعالى- ولا من صحيح سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- والله أعلم.

تفسير قوله تعالى: (يخرج من بين الصلب والترائب)

تفسير قوله تعالى: (يخرج من بين الصلب والترائب) المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 25/10/1426هـ السؤال يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الطارق: "فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب". والصلب هو ظهر كل من الجنسين، والترائب هي صفائح الصدر لكل من الجنسين، ونحن نعلم أن الحيوانات المنوية تتكون على مستوى الخصيتين، وأن البويضات تتكون على مستوى المبيض، فكيف ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, أما بعد: فأقول مستعينا بالله القادر، سائله تعالى التوفيق والسداد: من مآثر علماء السلف -رحمهم الله جميعاً- في تناولهم للكتاب العزيز اعتبار دلالة السياق والقرائن وبلوغ قاعدة في التفسير تعالج دلالة النص، مع ما يشترك معه في نفس الموضوع وفق القول المشهور: "القرآن يفسر بعضه بعضا", وفي قوله تعالى: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ" [الطارق 5-10] .

(مّآءٍ دَافِقٍ) وصف للمني العديد المكونات بالماء العديد النطف أو القطرات مبينة تحركها ذاتيا بنشاط باسم الفاعل (دافق) قبل أن يعاين كثرتها وحركتها تحت المجهر إنسان, ويناسب تنكير لفظ (ماء) تعدد خصائص المني بتعدد الأفراد, وضمير الفعل (يخرج) يحتمل رجوعه لأحد المذكورين: إما (الماء الدافق) أو (الإنسان) بنوعيه من الذكر والأنثى, ولا عبرة بأقرب المذكورين إذا دلت قرائن السياق على رجوعه للأبعد وهو (الإنسان) ، خاصة أنه موضوع الحديث وفق التعبير (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ) , وكافة الضمائر سواه تصلح أن تعود على (الإنسان) ، ولا تصلح أن تعود على (الماء) بقرينة التعبير (يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ) , وهو باتفاق يوم القيامة؛ لأن المني لا يصح وصفه بإمكان إعادته حيا ليحاسب في التعبير (إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ) وإنما يصلح الوصف للإنسان, ولا يصح أن يوصف بأنه فاقد القوة الذاتية ونصرة الأهل والعشيرة أو الصحبة والأنصار في التعبير (فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ) وإنما يصلح للإنسان, ولا خلاف في عودة ضمير (مِمّ خُلِقَ) وضمير (خُلِقَ) على (الإنسان) , والأصل عند المحققين عدم تشتيت مرجع الضمائر.

والتعبير (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ) يدعو لتأمل أصل الإنسان، فيرجع به نحو الماضي الأقرب ومنه إلى الأصل الأبعد, وأصله الأقرب من الجين الأسبق يبينه التعبير (خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ) , والأصل الأبعد عند تكون أعضاء أجنة الجين الأسبق بناء على المعرفة الطبية تكوين بدايات الخصية والمبيض كعضوي إنجاب الذرية في الظهر، وخروجها في الجنسين من بين عظام الظهر أو الصلب وعظام الصدر أو الترائب لينزل المبيض للحوض والخصية لكيس الصفن قبل الولادة, فيصلح أن يكون التعبير (يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ) وصفا لموضع خروج الإنسان من ظهور الآباء باعتبار أصله، خاصة أن فعل الخروج ورد كثيراً في القرآن للإنسان بيانا لخروجه من بطون الأمهات ويوم البعث للحساب، بينما لم يرد قط للمني, وحينئذ يستقيم المعنى، ويزول الإشكال، وتتطابق دلالة النص الشريف مع أدق وأثبت معطيات العلم الحديث, والله تعالى أعلم.

تفسير قوله تعالى: "يمحو الله ما يشاء ويثبت"

تفسير قوله تعالى: "يمحو الله ما يشاء ويثبت" المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 28/09/1426هـ السؤال أرجو توضيح قوله تعالى: "يمحو الله ما يشاء ويثبت". الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد: فقد اختلف المفسرون في معنى هذه الآية، فقال بعضهم: المراد ينسخ ما يشاء من الشرائع ويثبت ما اقتضت حكمته إثباته. وقيل: يمحو من ديوان الحفظة ما ليس من الحسنات والسيئات، لأنهم مأمورون بكتابة كل شيء: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" [ق:18] . وذهب ابن عباس -رضي الله عنهما- وجمع من السلف إلى أن المعنى: أن الله تعالى يمحو ما يشاء من الأقدار ويثبت ما يشاء، ويجعل لثبوتها أسباباً ولمحوها أسباباً، كما جعل البر والصلة والإحسان من أسباب طول العمر وزيادة الرزق، وكما جعل المعاصي سبباً لمحق بركة العمر والرزق. قال ابن كثير -رحمه الله-: وقد يستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد عن ثوبان، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وثبت في الصحيح أن صلة الرحم تزيد في العمر، وفي حديث آخر: "إن الدعاء والقضاء ليعتلجان بين السماء والأرض" انتهى مختصرا. والله أعلم.

تأويل السلف لقوله: " والسماء بينناها بأيد"

تأويل السلف لقوله: " والسماء بينناها بأيد" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 03/11/1426هـ السؤال يقال: إن بعض السلف أوّل صفة اليد لله في قوله تعالى: "والسماء بنيناها بأيد" بأن ذلك يعني بقوة. فهل هذا صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقوله تعالى: "والسماء بنيناها بأيدٍ" [الذاريات: 47] . قال المفسرون: أي بقوة، وهذا لا خلاف فيه. والأيد في الآية مصدر آد يئيد، يعني القوة، كما قال تعالى: "واذكر عبدنا داود ذا الأيد" [ص:17] أي ذا القوة، وليس هو بمعنى اليد، فاليد جمعها (أيدي) ، كما قال تعالى: "أَولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا" [يس: 71] ، وعلى هذا فتفسير الأيد بالقوة ليس تأويلاً أصلاً، فإن التأويل هو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى غيره، فلا يرد على هذا التفسير، فلا يجوز أن يقال: إن السلف أولوا هذه الآية، بل فسروها بمعناها الظاهر، وليس في هذا التفسير صرف للفظ عن ظاهره فلا يكون تأويلاً، ومن قال: إن السلف أولوا. فهو إما جاهل، وإما ملبس يريد أن يحتج بذلك على ما يذهب إليه من التأويل الباطل. والله أعلم.

تفسير "والسماء ذات البروج"

تفسير "والسماء ذات البروج" المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 07/03/1427هـ السؤال ما هي بروج الشمس والقمر المذكورة في قوله تعالى: "والسماء ذات البروج"؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ذكر كثير من المفسرين أن "البروج" المذكورة في قوله تعالى: "والسماء ذات البروج" [البروج:1] هي منازل الشمس والقمر، وهو ما استصوبه الطبري ومال إليه، وهي اثنا عشر برجاً، تعرفها العرب منذ القدم، وتقطعها الشمس في سنة، والقمر في ثمانية وعشرين يوماً. وذكر بعضهم أسماءها، كالحمل والثور والدلو وغيرها، والله أعلم بحقيقة الأمر.

معنى "السياحة في القرآن"

معنى "السياحة في القرآن" المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 02/06/1427هـ السؤال ما تفسير كلمة (السائحون) الواردة في القرآن، وهل تعتبر السياحة في أيامنا هذه عبادة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيقول تعالى: "التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ ... " [التوبة:112] . واختلف المفسرون في معنى (السائحون) في الآية على أقوال، ولعل أقوى هذه الأقوال وأرجحها أنهم الصائمون، وهو المروي عن أبي هريرة، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة وسعيد بن جبير، ومجاهد، والحسن، والضحاك، وعطاء، وقتادة. وبه قال أكثر العلماء، كالطبري وابن قتيبة، والزجاج، والزمخشري، والبيضاوي، وابن كثير، وابن باز، ومن أدلة هذا القول: ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " (السائحون) : هم الصائمون". رواه ابن جرير (12/11) . عن عبيد بن عمير قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن السائحين فقال: "هم الصائمون". رواه ابن جرير (12/10) وغيره، وقال ابن كثير: "وهذا مرسل جيد". وأخرجه ابن جرير (12/11) ، وابن مردويه من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كل ما ذكر الله في القرآن ذكر السياحة هم الصائمون" رواه ابن جرير (12/13) . وما يقوي هذا القول أنه هو المروي الثابت عن الصحابة -رضي الله عنهم-. وقيل: هم المجاهدون، وبه قال عطاء لما أخرجه أبو داود (2486) أن رجلاً قال: يا رسول الله، ائذن لي في السياحة. قال: "إن سياحة أُمتي الجهاد في سبيل الله تعالى". والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع.

وقد يقال: إن هذا أيضاً داخل في معنى الآية، فيكون معنى السياحة: الصيام، والجهاد لمن يجب عليه؛ لأن الله قال: "عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ ... سَائِحَاتٍ" [التحريم:5] ومن المعلوم أن النساء لا جهاد عليهن. ومن الأقوال في الآية: أنهم طلبة العلم، أو المهاجرون، والله أعلم. أما السياحة الآن فهي بمجردها لا تعتبر عبادة، إلا إذا اقترن بها ما هو عبادة، أو تعين على العبادة؛ كأن يسافر ليتفكر في عجائب صنع الله وبديع مخلوقاته، فيقوى إيمانه، وتنشط نفسه للعبادة، مع البعد عن إضاعة الأوقات، أو الانزلاق فيما لا يحل للمرء أن يأتيه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أسباب النزول

سبب نزول قوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ... ) المجيب د. عبد الله بن مقبل القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/أسباب النزول التاريخ 29/2/1425هـ السؤال ما سبب نزول قول الله -تبارك وتعالى-: "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" أفيدونا أفادكم الله وشكراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وبعد:

رداً على سؤال الأخ السائل عن سبب نزول قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [المائدة:105] ، أقول وبالله التوفيق إن هذه الآية الكريمة العظيمة من نداءات القرآن لأهل الإيمان فيها الأمر بإصلاح النفس، والعمل على طاعة الله، والبعد عن معصيته، وقد تحدث عنها وما يتعلق بها جمع من الصحابة - رضي الله عنهم - منهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، فقد روى أبو داود (4338) ، والترمذي (2168) وغيرهما بسند حسن عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه - أنه قال: أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ"، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه".فدل على أنه لا بد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال البغوي في تفسيره روينا عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه- أنه قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" وتضعونها في غير موضعها ولا تدرون ما هي، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الناس إذا رأوا منكراً فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه"، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" رواه الترمذي (2169) من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "قولوها ما قبلت منكم فإذا ردت عليكم فعليكم أنفسكم"، (أي مر بالمعروف وانه عن المنكر فإذا لم يقبل منك فعليك أن تعمل

بالمعروف وتنتهي عن المنكر" أما سبب نزول هذه الآية، فقد ذكر الواحدي في كتابه أسباب نزول:" قوله تعالى " يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذا اِهتَدَيتُم " الآية. قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل هجر وعليهم منذر بن ساوى يدعوهم إلى الإسلام فإن أبوا فليؤدوا الجزية، فلما أتاه الكتاب عرضه على من عنده من العرب واليهود والنصارى والصابئين والمجوس، فأقروا بالجزية وكرهوا الإسلام وكتب إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أما العرب، فلا تقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وأما أهل الكتاب والمجوس فاقبل منهم الجزية فلما قرأ عليهم كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلمت العرب، وأما أهل الكتاب والمجوس فأعطوا الجزية، فقال منافقو العرب: عجباً من محمد يزعم أن الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب، فلا نراه إلا قبل من مشركي أهل هجر ما رد على مشركي العرب، فأنزل الله تعالى " عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَن ضَلَّ إِذا اِهتَدَيتُم "، يعني من ضل من أهل الكتاب. وهذه الرواية ضعيفة لأنها من طريق الكلبي عن أبي صالح وهي أضعف الطرق التي يذكر فيها قول ابن عباس -رضي الله عنهما-.وقد نقل ابن الجوزي في كتابه زاد المسير في علم التفسير في سبب نزولها قولين فذكر ما تقدم ثم قال: (وقال مقاتل: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب، فلما أسلمت العرب طوعاً وكرهاً قبلها من مجوس هجر، فطعن المنافقون في ذلك، فنزلت هذه الآية. والثاني: أن الرجل كان إذا أسلم، قالوا له سفهت آباءك وضللتهم، وكان ينبغي لك أن تنصرهم. فنزلت هذه الآية. والمعتبر مما تقدم هو ما قاله أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الآيات التي نزلت في عرض قريش على النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك دينه

الآيات التي نزلت في عرض قريش على النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك دينه المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/أسباب النزول التاريخ 29/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. سمعت في إحدى المحاضرات أن الآيات التالية نزلت عندما جاء كفار قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعرضون عليه التخلي عن دينه، وقت مقاطعة قريش حين اضطر المسلمون لأكل ورق الشجر، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لن يقبل منهم حتى لو وضعوا الشمس في يد والقمر في اليد الأخرى، وهذه الآيات هي الآيات [74- 75 من سورة الإسراء] . فهل صحيح أنها نزلت في هذا الشأن؟ وقد قرأت في مكان آخر أن سورة الكافرون هي التي نزلت في هذا الخصوص. أرجو التوضيح. قال تعالى: (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (74) إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) . الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الذي ظهر لي من قراءة أسباب النزول في كتب التفسير: أن آية الإسراء: (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّتَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (74)) . ليس فيها سبب نزول محدد، بل تعددت الروايات وبعضها ليس له إسناد فليس له اعتبار، ولم يكن في الآية ما يدل على أحدها، فبقيت على الاحتمال.

قال ابن جرير- رحمه الله- بعد ذكر الروايات: (والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره- أخبر عن نبيه صلى الله عليه وسلم أن المشركين كادوا أن يفتنوه عما أوحاه الله إليه ليعمل بغيره، وذلك هو الافتراء على الله، وجائز أن يكون ذلك ما ذكر عنهم من ذكر أنهم دعوه إلى أن يمس آلهتهم ويلم بها، وجائز أن يكون ذلك ما ذكر عن ابن عباس، رضي الله عنهما، من أمر ثقيف ومسألتهم إياه ما ذكرنا، وجائز أن يكون غير ذلك، ولا بيان في الكتاب ولا في خبر يقطع العذر أي ذلك كان، والاختلاف فيه موجود على ما ذكرنا، فلا شيء فيه أصوب من الإيمان بظاهره حتى يأتي خبر يجب التسليم له ببيان ما عني بذلك منه) . ابن جرير 15/20. وأما السيوطي فقد ذكر أن ابن مردويه وابن أبي حاتم أخرجا من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن ابن عباس، رضي الله عنهم، قال: خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد، تعال فاستلم آلهتنا وندخل معك في دينك. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم فرقّ لهم، فأنزل الله: (وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا

إِلَيْكَ. . .) إلى قوله: (نَصِيرًا) [73- 75] . قال السيوطي: هذا أصح ما ورد في سبب نزولها وهو إسناد جيد وله شاهد. وذكر أن أبا الشيخ أخرج عن سعيد بن جبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر فقالوا: لا ندعك تستلم حتى تستلم آلهتنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومَا عَلَيَّ لَو فَعَلْتُ، واللهُ يَعْلَمُ مِنِّي خِلَافَهُ". فنزلت. أخرجه ابن جرير 15/13. وأخرج نحوه عن ابن شهاب وأخرج عن جبير بن نفير: أن قريشًا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن كنت أرسلت إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم فنكون نحن أصحابك. فركن إليهم، فنزلت. لباب النقول 139. ومحمد بن أبي محمد مجهول، وقال ابن الجوزي في زاد المسير 5/68،67: هذا باطل، وأما ما أخرجه أبو الشيخ فلا نعرف إسناده وفي متنه غرابة. فالله أعلم. وأما سورة الكافرون: فالسورة تدل على أنهم طلبوا عبادة آلهتهم وهم سيعبدون آلهة محمد صلى الله عليه وسلم وليس ذلك في سورة الإسراء، ومن نزلت فيهم الآيات قد سبق في علم الله تعالى- أنهم سيبقون على الكفر حتى يموتوا، أو أن من أسلم منهم يخرج من وصف الكفر المذكور في السورة، وهو الأقرب. وأورد ابن جرير في سبب نزول سورة الكافرون روايتين:

الأولى: قال في تفسيره (30 / 331) : حدثني محمد بن موسى الحرشي قال: حدثنا أبو خلف قال: حدثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، رضي الله عنهم: إن قريشًا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة، ويزوجوه ما أراد من النساء، ويطئوا عقبه، فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد، وكف عن شتم آلهتنا فلا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل، فإنا نعرض عليك خصلة واحدة فهي لك ولنا فيها صلاح. قال صلى الله عليه وسلم: "مَا هِيَ؟ ". قالوا: تعبد آلهتنا سنة- اللات والعزى- ونعبد إلهك سنة. قال: "حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَأتي مِن عندِ رَبِّي". فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: (قل يا أيها الكافرون) السورة. وأنزل الله: (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ... ) إلى قوله: (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ) [الزمر64-66] . وضعف الطبراني في معجمه الصغير (ج:2 ص:44 ح751) ما رواه بإسناد الطبري نفسه فقال: لم يروه عن داود بن هند إلا عبد الله بن عيسى، تفرد به محمد بن موسى، وخالف ما عليه الثقات، وأحاديثه أفراد كلها، وضعفه الحافظ في الفتح 8/733. والثانية: قال الطبري: حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية عن محمد بن إسحاق قال: حدثني سعيد بن ميناء مولى البختري قال: لقي الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد ونشركك في أمرنا كله، فإن كان الذي جئت به خيرًا مما بأيدينا كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيرًا مما في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت منه بحظك. فأنزل الله: (قل يا أيها الكافرون) حتى انقضت السورة. قلت: سعيد بن مينا تابعي ولم ينسب سبب النزول عن الصحابي، رضي الله عنه، ولم يعتضد برواية أخرى عن تابعي مثله فيكون سبب النزول مرسلًا ضعيفًا.

ولم أقف على سبب نزول صحيح في سورة الكافرون. فالله أعلم. وأما أن حصار النبي صلى الله عليه وسلم في الشعب كان بعده نزول سورة الكافرون فلم أقف عليه مطلقًا. والذي ينبغي على طالب العلم في التعامل مع أسباب النزول أن يكون بتوثق وتحرّ كبيرين؛ لأن سبب النزول له حكم الرفع، ولا يعتبر سبب النزول عن الصحابي إلا إذا كان بإسناد صحيح، وبصيغة صريحة، ولا يعتبر سبب النزول عن التابعي إلا بأربعة شروط: صحة الإسناد، والصراحة في السببية، وأن يعرف التابعي بالأخذ عن الصحابي، وأن يعتضد برواية تابعي آخر. وينظر في تقرير ذلك كتب علوم القرآن. والله أعلم.

علوم القرآن

معنى: أنزل القرآن على سبعة أحرف المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 6/5/1422 السؤال قال صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه)) . فما هو القول الراجح في قوله: (سبعة أحرف) ؟ الجواب حديث الأحرف السبعة من الأحاديث المتواترة تواتراً معنوياً، وأخرجه الأئمة في مصنفاتهم، ولا يكاد يخلو منه مصنف في الحديث، وممن أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، وأبو داود، ومالك في الموطأ وغيرهم. وقد اختلف العلماء في تبيين المراد من الأحرف السبعة حتى أوصلها السيوطي في الإتقان إلى أربعين قولاً!! والراجح من هذه الأقوال _ والله أعلم _ ما ذهب إليه جمهور العلماء أن الأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد.. وتوضيحه: من المعلوم أنَّ للعرب لغات متنوِّعة، ولهجات متعدّدة للتعبير عن معنى من المعاني، فمثلاً: كلمة ((تعال)) يُعبَّر عنها بلغة قبيلة أخرى بـ ((هلم)) ، وقبيلة ثالثة بـ ((أقبل)) وهكذا.. فحيث تختلف لغات العرب في التعبير عن معنى من المعاني يأتي القرآن مُنزّلاً بألفاظ على قدر هذه اللغات لهذا المعنى الواحد، وحيث لا يكون هناك اختلاف فإنه يأتي بلفظ واحد أو أكثر، ولا يزيد على سبعة. ويحسن التنبيه على أمرين قد يلتبسان على بعض الناس: الأول: أن هذه الأحرف السبعة التي كان القرآن يُقرأ بها كانت من باب التيسير على الأمة حين نزول القرآن، فلما ذلّت به ألسنتهم، وائتلفوا على قراءته، جمعهم عثمان -رضي الله عنه- على حرف واحد هو لسان قريش الذي يقرأ به القرآن اليوم. الثاني: أن الأحرف السبعة ليست القراءات السبع المشهورة اليوم. فهذه القراءات هي قراءات للحرف الذي اجتمعت الأمة على قراءة القرآن به. والله أعلم.

حكم إتقان التلاوة

حكم إتقان التلاوة المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 08/10/1425هـ السؤال هل إجادة تلاوة القرآن الكريم فرض على من يستطيع التعلم وإن لم يتعلم فهل عليه إثم؟ جزاكم الله عنا خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: لقد أنزل الله القرآن على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام؛ وأحب من المسلم أن يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، وإذا كانت تلاوة القرآن عبادة، فإن معرفة كيفية قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؛ في هذه العبادة مطلب لكل مسلم حريص على قراءة القرآن كما أُنزل، يستوي في ذلك الأمر الصحابةُ، رضي الله عنهم، فضلاً عمن جاء بعدهم. والقرآن له كيفية مخصوصة في الأداء لا يشاركه فيها غيره من وجوه الكلام، لذا نوَّه الرسول صلى الله عليه وسلم- بهذا في قوله: "مَن أحَبَّ أنْ يقرَأ القُرآنَ غَضًّا كما أُنزل فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قراءةِ ابنِ أُمِّ عَبْدٍ". أخرجه أحمد (4255) ، وابن ماجة (138) ، من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه. كما لم يدع للصحابة- وهم عرب خلص- مجالاً في الأداء، بل قال لهم: "اقْرَؤوا كَمَا عُلِّمْتُمْ". انظر مسند أحمد (832) ، وصحيح ابن حبان (746) ، وانظر كذلك صحيح البخاري (2410) .

وقال لهم: "خُذُوا القُرآنَ عَلَى أَرْبَعَةٍ". أخرجه البخاري (3760) ، ومسلم (2464) ، من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه. وحثَّهم على تحسين الصوت بالقرآن بقوله: "ليس مِنَّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآنِ". أخرجه البخاري (7527) ، من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه. وفي رواية: "ما أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ كأَذَنِهِ لنبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ". انظر صحيح البخاري (5024) ، وصحيح مسلم (792) إلى غير ذلك من الآثار الدالة على قدر زائد على أداء حروفه بالعربية، وإذا تأملت هذه النصوص وغيرها مما جاء في أداء القرآن، وعلمت أن قراءته عبادة، وكيفية أداء العبادة سنة، وأن هذه السنة قد نقلها القراء كما نقلوا حروفه، فإن كنت تقبل نقلهم في الحروف فإن قبول نقلهم للأداء كقبول نقلهم للحروف سواء بسواء. أقول إذا تأملت هذا، فإن إجادة تلاوة القرآن مطلب لكل مسلم، فمن مهر به كان مع السفرة الكرام البررة، ومن شق عليه كان له أجران، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، في قوله: "الماهِرُ بالقرآنِ معَ السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والَّذي يَقْرَأُ القُرآنَ ويَتَتعْتَعُ فِيه، وهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَه أَجْرَان". أخرجه البخاري (4937) ومسلم (798) ، من حديث عائشة، رضي الله عنها. ويعني بالأجرين: أجر تلاوته وأجر مشقته. أما مسألة فرضية إجادة التلاوة فتحتاج إلى تحرير فقهي، إذ فرض الشيء، على المسلمين ليس بالأمر الهين، لكن يكفيك قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس مِنَّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآنِ". والله الموفق.

شبهة حول خلو السور المكية من التشريع والأحكام

شبهة حول خلو السور المكية من التشريع والأحكام المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 12/11/1424هـ السؤال هناك من يزعم أن المكي قد خلا من التشريع والأحكام؛ لأنه كان في مكة بين أميين، على حين أن المدني مشحون بتفاصيل التشريع والأحكام، وذلك يدل على أن القرآن من وضع محمد - صلى الله عليه وسلم- وتأليفه تبعاً لتأثره بالوسط الذي يعيش فيه؛ لأنه لما حل بالمدينة بين أهل الكتاب المثقفين جاء مليئاً بتلك العلوم والمعارف. كيف أستطيع نقض هذه الشبهة بأسلوب علمي مع تزويدي بالمصدر، وفقكم الله وزادكم علماً. وجزاكم خير الجزاء. الجواب ليس صحيحاً زعم خلو القرآن المكي من التشريع لأمية أهل مكة، ولكن حقيقة الأمر أن القرآن المكي ركز على تقرير عقيدة الألوهية في النفوس لتدنس فطر الناس بالشرك الأكبر، وتعلقهم بالأوثان والأصنام، فلم يكن من الحكمة في شيء أن يدعى الناس إلى الزكاة والصوم، والحج، وهم مشركون وثنيون، حتى إذا دخل الإسلام من شاء الله هدايته من أهل مكة من المهاجرين الأولين، ورحب الأنصار في المدينة بشريعة الله ودينه العظيم، ودخل الإسلام بيوتهم، وخالط الإيمان شغاف قلوب هاتين الفئتين العظيمتين المهاجرين والأنصار، بدأت التشريعات والأحكام تنزل تباعاً في المدينة، بعد أن تهيأ المسلمون لتحملها والقيام بأعبائها.

هذا كل ما في الأمر، وأما زعم البعض بأن التشريعات المدنية كانت مجاراة لأهل الكتاب المثقفين فدعوى عارية من الصحة؛ لأن أهل الكتاب من يهود المدينة كانوا ذوي ثقافة توراتية محرفة، وأقلية عددية واضحة في المجتمع المدني، فلم يعطهم القرآن الكريم أكثر من حجمهم الطبقي، وليس الخطاب القرآني لأهل الكتاب إلا لإقامة الحجة عليهم، وتذكيرهم بوجوب الاستجابة لدعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم- عطفاً على ما عندهم من بعض علم الكتب السابقة، ودعوى اختلاق نبينا - صلى الله عليه وسلم- للقرآن دعوى قديمة تولى كبرها صناديد قريش ومشركو مكة، وهي تتجدد بتجدد الملاحدة المكذبين لله ولرسوله -عليه الصلاة والسلام-. ويمكن كشف هذه الشبهة ونقضها حين تذكر أن نبينا -عليه السلام- كان أمياً لا يحسن كتابة أو قراءة اسمه الشريف، ولم يسجل له التاريخ مجالس علم أو مذاكرة مع أهل الكتاب، أو غيرهم ليتسنى لذي كذب أن يقول عن القرآن بأنه إفك افتراه محمد -عليه السلام- وأعانه عليه قوم آخرون. كما يمكن دحض هذه الشبهة - بل هذه الفرية - حين نتذكر إعجاز القرآن بألفاظه ومعانيه، بحيث لا يتأتى لبشر مهما أوتي من فصاحة، أو بلاغة أن يأتي بسورة واحدة من مثل القرآن، بل لا يتأتى ذلك للإنس والجن أن يفعلوا "ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" [الإسراء:88] . وأنصحك بقراءة ما كتبه الزرقاني في كتابه: (مناهل العرفان في علوم القرآن) ففيه فصول نافعة كما فيه جزء حول ما سألت عنه، كما فند جملة من الشبهات المثارة حول القرآن بما فيها شبهة اختلاق نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- للقرآن. وفقك الله وأعانك.

القراءة بمثل تلاوات المرتلين

القراءة بمثل تلاوات المرتلين المجيب د. عبد العزيز بن علي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 2/1/1424هـ السؤال استمعت إلى بعض تلاوات القرآن لعدد من القراء من أمثال القارئ عبد الباسط والمنشاوي، وغيرهم، فما حكم التلاوة بتلك الطريقة؟ علماً أنه يصاحبها تكبير وتعليق من الحاضرين لتلك التلاوة، أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب أمر الله عز وجل بترتيل القرآن وتلاوته على مكث وترسل، ويتحقق ذلك ببيان الحروف وإخراجها من مخارجها بصفاتها بوضوح من غير تكلف، فما كان كذلك من القراءة سواء كان بحدر -أي إسراع- أو تحقيق -أي تطويل- فهو سائغ. وشرط ذلك كله: (1) ألا يتجاوز في أحكام التجويد حتى يخرج عن حد القراءة. (2) وألا يعجل به القارئ عجلة تمنعه من التدبر والفهم. (3) أن يراعي النطق الصحيح بالحروف. وتلاوة كثير من قراء المحافل ومنهم من ذكر في السؤال يحصل لديهم تجاوز وإفراط في المدود والغنن، والمنشاوي من أقلهم تكلفاً وأحسنهم أداء، وتلك القراءات التي يحصل فيها التكبير والتعليق والصياح كلها من البدع المنكرة التي ابتدعت في العصور المتأخرة، ولا يزال علماء الشريعة والقراءة ينكرون على من فعل ذلك، والفطر السليمة تدرك مخالفته لما يستوجبه المقام من سكينة ووقار، والله أعلم.

النسخ في القرآن الكريم

النسخ في القرآن الكريم المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 7/9/1422 السؤال أرجو التكرم بالإجابة بالتفصيل عن موضوع الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم؛ لأنه يوجد من يدعي أنه لا نسخ في القرآن، وأن من يقول ذلك يعد كافراً، مع العلم أن هذا الأمر مذكور في الصحيحين، فضلاً عن كتاب الله العزيز وفي أكثر من موضع، ولكنه الجدل الذي لا دليل معه. الجواب أجيب عن السؤال بخمس نقاط على الإيجاز والاختصار، فأقول: الأولى: المعنى اللغوي للنسخ: النسخ في اللغة مصدر للفعل الثلاثي نسخ ينسخ نسخاً، ويطلق في اللغة على معانٍ أربع، هي: (1) الإزالة تقول: نسخت الشمس الظل إذا أزالته، ومنه قوله - تعالى -:".. فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ". [الحج: 52] . (2) التبديل والتغيير كقولك: نسخت الريح آثار الديار أي: بدلتها وغيرت هيئتها، ومنه قوله - تعالى -: " وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر " [النحل:101] . (3) التحويل كالمناسخات في المواريث، وهو: أن يموت الميت، ثم يموت وارثه قبل أن تقسم تركة الميت الأول، وهكذا. (4) بمعنى: النقل من موضع إلى آخر، تقول: نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه إلى موضع آخر من كتاب ونحوه حاكياً للفظه، ومنه قوله - تعالى -:" إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ". [الجاثية: 29] .

الثانية: أجمعت الأمة من السلف والخلف على جواز النسخ ووقوعه في القرآن الكريم بدليل قوله – تعالى -:" ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير " [البقرة: 106] ، وقوله:" يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " [الرعد: 39] ، وقوله: " وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعقلون " [النحل: 101] . فهذه الآيات نصت على أن الله إذا أراد نسخ حكم أو تأجيله أتى بحكم مثله أو أفضل منه؛ لأن علمه محيط بكل شيء في هذا الكون، ومسطور عنده في اللوح المحفوظ، ويمحو الله منه ما يشاء ويثبت ما يشاء ممّا فيه مصلحتهم، وهو العليم في إبداله آية مكان أخرى، وحكماً مكان آخر، وبهذا يتبين أن كل المعاني اللغوية في النسخ متحققة في معناه الشرعي، على أن السلف من الصحابة والتابعين أكثر ما يطلقون لفظ النسخ في القرآن يريدون به التخصيص وهو غير ما يريده أو عرفه به علماء الأصول، حيث هو عندهم: (رفع الحكم السابق بحكم لاحق بدليل شرعي متراخياً عنه) ، فالمعنى عند السلف حين فسروا النسخ بالتخصيص أوسع من تعريف المتأخرين، وقد بالغ بعض المفسرين في تعيين المنسوخ من آيات القرآن حتى عدوا جميع آيات الجهاد في القرآن وقالوا: نسختها آية واحدة هي آية السيف " وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة " [التوبة: 36] ، وقالوا: إن هذه الآية نسخت ما يقرب من (500) آية من القرآن، وهذه المبالغة في هذا التوجه إنما هو مسايرة للمفهوم الأول للنسخ، المعروف عند السلف من الصحابة والتابعين كعبد الله بن عباس، وابن عمر، ومجاهد، والحسن البصري، ولو طبق على كل هذا العدد من الآيات التي يقال إنها منسوخة. - الاصطلاح الثاني – اصطلاح المتأخرين من علماء أصول التفسير والفقه لا نحصر هذا إلى عدد رؤوس الأصابع، فمثلاً الإمام محمد بن جرير الطبري شيخ المفسرين يرى أن آيات الجهاد

والقتال ليس فيها ناسخ ومنسوخ، بل تحمل آيات القتال والغزو على حال ما إذا كانت الأمة المسلمة قوية، وتحمل آيات الصبر والموادعة والمهادنة على ما إذا كانت الأمة ضعيفة مغلوبة على أمرها، وهذا رأي راشد وسديد، وعليه لا تكون آية السيف ناسخة لذلك العدد الكبير من آيات القتال. وقد تتبع الحافظ بن جرير الطبري الآيات التي يمكن أن يقال إنها منسوخة فوجهها توجيهاً سديداً، وبقي عنده قرابة إحدى عشرة آية فقط هي منسوخة الحكم قطعاً لتغير الحكم اللاحق عن السابق بنص قطعي من القرآن الكريم، أو السنة الصحيحة، وهي معروفة عند أهل الاختصاص في علوم القرآن. وعلم الناسخ والمنسوخ من أهم علوم القرآن، روي عن علي بن أبي طالب أنه سمع واعظاً يعظ الناس، فقال له: أتعرف الناسخ من المنسوخ في القرآن؟ قال: لا، فقال له: لقد هلكت وأهلكت. الثالثة: قال بمنع وقوع النسخ في القرآن قديماً اليهود - عليهم لعائن الله - وتبعهم أبو مسلم الأصبهاني المعتزلي (ت 459هـ) ، وبعض الكتاب المعاصرين كعبد الكريم الخطيب، وعبد المتعال الجبري، ووجه منع وقوعه في القرآن الكريم عند اليهود أن القول بالنسخ يعني القول بالبداء، وهو: الظهور بعد الخفاء، أما من جاء بعدهم فوجه منعه عندهم لئلا يأتي أحد فيغير حكم الله، ثم يقول: إن هذا كان منسوخاً، ودليل هؤلاء وأولئك في المنع ظاهر قوله - تعالى - في وصف القرآن:" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " [فصلت: 42] ، والباطل ضد الحق. ولكن أولئك نسوا أن الله هو منزل القرآن وهو المتكفل بحفظه " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " [الحجر: 9] . كما نسوا أو تناسوا أن الحافظ لهذا الكتاب من أن يقع فيه باطل أو تحريف، هو الذي أوجد فيه الناسخ والمنسوخ لحكمة يعلمها- سبحانه -.

واليهود قد تذرعوا ظاهراً لما منعوا وقوع النسخ في كلام الله – بالبداء، وهو: الظهور بعد الخفاء، وتبعهم الرافضة الغلاة، ويروون عن جعفر الصادق أنه قال:" البداء ديني ودين أبائي "، ومتى كان اليهود يقصدون التنزيه للباري - سبحانه -، وهم الذين وصفوه بأحط الصفات – تعالى - الله عن ذلك علواً كبيراً، وقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء، وقالوا: عزير ابن الله، وقالوا: الملائكة بنات الله.. إلخ. وإنما كان قصد اليهود في مقالتهم تلك لما منعوا وقوع النسخ في كلام الله كتمان الحق، وكراهية أهله، وبغضاً لمحمد – صلى الله عليه وسلم – الذي يعرفونه حق المعرفة " الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ... " [الأعراف:157] . أما إنكار أبي مسلم الأصبهاني المعتزلي (ومخالفته لجمهور المعتزلة أيضاً) ، وبعض الكتاب المعاصرين إنما كانت مخالفتهم لجهلهم باللغة العربية، وأقوال سلف الأمة، ومحبتهم للتجديد والمخالفة طلباً للشهرة واتباعاً لكل قول مطمور مهجور. الرابعة: سبق أن ذكرت بأن التخصيص (النسخ عند السلف) أعم من النسخ عند المتأخرين؛ لأن التخصيص قد يكون بالتقييد بعد الإطلاق، أو بالتفصيل بعد الإجمال، أو بالوصف، أو الاستثناء.. إلخ، وهذا معلوم في مظانِّه وعند أهله المتخصصين به. ويجب أن يعلم أن النسخ في القرآن لا يقع إلا في خطاب الأمر والنهي، ولا يقع في الأخبار، فلم يقع في قصص الماضين، ولا في أمور الاعتقاد؛ كالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ولا في أسماء الله وصفاته، كما لا يقع النسخ في الأمور الكونية كقوله:" الذي خلق سبع سموات طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت " [الملك: 3] . ونحو قوله:" وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون " [يس: 37] . الخامسة: بعض الآيات المنسوخة حكماً عند جمهور الأمة من السلف والخلف: 1) نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في المسجد الحرام.

2) عدة المرأة المتوفى عنها زوجها كانت عدتها من أول الأمر سنة كاملة، ثم نسخ ذلك فصارت أربعة أشهر وعشراً. 3) المصابرة في مقابلة العدو كان في أول الأمر يجب أن يثبت المسلم أمام عشرة من الكفار، ثم نسخ ذلك بأخف منه لما علم الله ضعف المسلمين، فلزم أن يثبت المسلم أمام اثنين من الكفار فقط. 4) كانت الخمر حلالاً في مثل آية البقرة، ثم نسخ ذلك بآية الخمر في سورة المائدة. 5) نسخ الصدقة عند إرادة مناجاة الرسول كما في سورة المجادلة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

تنكيس الآيات والسور

تنكيس الآيات والسور المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 16/2/1423 السؤال سمعت أن من يقرأ القرآن على غير ترتيبه أي ينكس في ترتيب السور ينكس الله قلبه، فهل هذا صحيح؟ الجواب التنكيس نوعان: النوع الأول: تنكيس الآيات، وهو أن يقرأ الآيات بقلب ترتيبها، فتكون الآية رقم (2) قبل الآية رقم (1) وهكذا، كأن يقرأ: مالك يوم الدين الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وهذا التنكيس لا يجوز إطلاقاً، ومن قرأ به فهو منكوس القلب؛ لأنه يخلُّ بالقرآن وبمعانيه. وعلى هذا يحمل الأثر الوارد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه سئل عن رجل يقرأ القرآن منكوساً، فقال: "ذلك منكوس القلب"، أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (7947) ، وابن أبي شيبة في مصنفه (30298) ، وأبو عبيد في فضائل القرآن، والطبراني في المعجم الكبير (9/170) ، والبيهقي في شعب الإيمان (2111) ، وإسناده جيد. النوع الثاني: تنكيس السور، وهو أن يقرأ السور خلاف ترتيبها في المصحف، فيقرأ سورة الناس، ثم الفلق، ثم الصمد، وهكذا. وقد حمل بعض العلماء أثر ابن مسعود -رضي الله عنه- السابق على تنكيس السور، ولكن الذي يظهر أن كلام ابن مسعود -رضي الله عنه- عن الذي ينكس الآيات لا الذي ينكس السور، خصوصاً إذا علم أن ترتيب مصحف ابن مسعود -رضي الله عنه- لم يكن كالترتيب الذي استقر عليه المصحف العثماني، وهذه مسألة تحتاج إلى نظر وبحث.

ثم إنه قد صح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قرأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، فقد روى مسلم في صحيحه (772) عن حذيفة بن اليمان –رضي الله عنه- قال: "صليت مع النبي –صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوّذ". وعمل النبي –صلى الله عليه وسلم- يدل على جواز التنكيس، وقد حمله بعض العلماء على أنه قبل أن يستقر الترتيب في العرضة الأخيرة، وهذا يعني أن هذا مما نسخ، وهذا غير سديد؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لجاء من النص الصريح ما يدل على ذلك، فلما لم يرد عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أمر باتباع ترتيب السور، ولا ورد عنه –صلى الله عليه وسلم- نهي عن أن يخالف الترتيب، فإن الأمر يبقى على الجواز، خصوصاً مع وجود عمله –صلى الله عليه وسلم- كما في هذا الحديث، وكذا تقريره لهذا في الحديث الذي ورد عن أنس بن مالك قال: "كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ"قل هو الله أحد" حتى يفرغ منها، ثم يقرأ بسورة أخرى معها، فكان يصنع ذلك في كل ركعة، فلما أتاهم النبي –صلى الله عليه وسلم- أخبروه الخبر، فقال: "مايحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ قال: إني أحبها، قال النبي –صلى الله عليه وسلم- حبُّك إياها أدخلك الجنة"، ذكره البخاري تعليقاً في كتاب الأذان باب: الجمع بين السورتين في الركعة والقراءة بالخواتيم، ورواه الترمذي (2901) والحاكم (913) وغيرهما. ولا شك أن التزام الرجل بقراءة سورة الإخلاص في كل ركعة يلزمه أن يقرأ بعدها سورة متقدمة عليها، وفي هذا الحديث تقرير النبي –صلى الله عليه وسلم- لهذا العمل، فهو دليل على جواز تنكيس السور أيضاً.

ثم إن عمل المسلمين منذ القديم في تعليمهم للصبيان جاء على تنكيس السور، حيث يبدؤون بهم من آخر القرآن، ولو كان لا يجوز لما أطبق عليه المسلمون كما ترى. ومن حَمَلَ أثر ابن مسعود -رضي الله عنه- على عدم جواز تنكيس السور فإن ذلك يلزم منه لوازم، منها: 1-أنه يجب وجوباً عينياً معرفة ترتيب السور. 2-أن المسلمين لم يكونوا يعملون بهذا الترتيب حتى كتب عثمان -رضي الله عنه- المصاحف؛ لأن قراء الصحابة لم يكن كلهم على علم بهذا الترتيب، كما لم يكونوا على علم بما نسخ وما لم ينسخ، فكانوا يقرؤون بما قرؤوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يَدَعُوه إلا في عهد عثمان -رضي الله عنه- حيث أجمعوا على التزام مصاحف عثمان -رضي الله عنه-، وتركوا ترتيب السور الذي كان في مصاحفهم، كما تركوا المنسوخ من الآيات، وهذه المسألة تحتاج إلى بسط ليس هذا محله والله الموفق. والمقصود أن تنكيس السور جائز بالدلائل السابقة، والله أعلم.

ما هي القراءات السبع؟

ما هي القراءات السبع؟ المجيب القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 5/11/1423هـ السؤال السلام عليكم. لقد أشكل علي أمر القراءات، بالأخص بعدما علمت أنها ليست هي الأحرف السبعة، فهل هي واردة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أم من أين هي؟ وكيف أفسر لشخص جديد بالإسلام هذا الأمر بعدما وجد اختلافاً بين حفص وورش؟ ومن هو حفص وورش؟ وإن لم تكن هذه القراءات إلا بعد سنين من الرسول -عليه الصلاة والسلام- فكيف يكون حفظ الله عز وجل للقرآن؟ أريد أجوبة فاصلة وجزاكم الله خيراً. الجواب جُمع القرآن الكريم ثلاث مرات، المرة الأولى في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان مفرقاً على اللخاف والرقاع والعُسب وغيرها، بالأحرف السبعة أي: اللهجات العربية التي كانت منتشرة في جزيرة العرب، ثم جُمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في مصحف واحد على الأحرف السبعة أيضاً، ثم جُمع في عهد عثمان -رضي الله عنه- على حرف قريش أي على لغة قريش، وذلك لأن أكثر القرآن الكريم نزل بلغة قريش، ولأنه أول ما نزل كان بلغة قريش، والقراءات السبع جزء من حرف قريش، أي: من لغة قريش، واختلاف القراءات اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، وقد جمعت القراءات السبع في القرن الثالث الهجري جمعها أبو بكر بن مجاهد -رحمه الله- في كتابه (السبعة) ، إذن فالقراءات السبع ليست هي الأحرف السبعة بل هي جزء منها. حفص هو: حفص بن سليمان الكوفي تلميذ عاصم بن أبي النجود الكوفي توفي سنة (180) هـ. وقراءته أكثر القراءات القرآنية انتشاراً في العالم. ورش: هو عثمان بن سعيد المصري الملقب بـ ورش، تلميذ نافع المدني توفي سنة (197) هـ. وقراءته منتشرة في بلاد المغرب العربي خاصة، والله أعلم. يراجع الإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي. البرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي.

لا يعطى إجازة في القرآن حتى يقسم على أن يجيز غيره!

لا يعطى إجازة في القرآن حتى يقسم على أن يجيز غيره! المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 3/9/1424هـ السؤال المراكز الموجودة في بلدي (جمعية المحافظة على القرآن الكريم) لا تعطي إجازة في القرآن إلا إذا أقسم أمام شيوخ الإجازة على أن يجيز ثلاثة على الأقل (وهو إجباري عندهم) ، وإذا لم يقسم رفضوا أن يعطوه الإجازة بأي حال من الأحوال، وحجتهم في ذلك أن الشروط المعتبرة عند العلماء: (1) إخلاص النية. (2) أن يقرأ القرآن من أوله إلى آخره بسند صحيح. (3) أن يقرئ كما قرأ. (4) أن يورث هذا العلم. أنا طالبة أدرس في هذا المركز وأقرأ القرآن حالياً أمام معلمة تحمل إجازة في القرآن، وهي ترفض أن تعطيني الإجازة إلا بالقسم فهل يجوز لي أن أقسم؟ وما معنى كتمان العلم؟ وهل إذا حصل الشخص على إجازة ولم يجز في المستقبل، هل يعتبر كاتماً للعلم وما هو الدليل؟ وما هو المقصود بتوريث العلم لطالب الإجازة، هل يعني ذلك أن يجيز أم يكفي له أن يدرّس علم التجويد؟ وهل كل من يحصل على الإجازة عن طريق شيخ واحد يعتبر مُؤهَّلاً لأن يجيز في المستقبل أم لا بد له أن يتردد على شيوخ آخرين؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فما ذكرته السائلة الكريمة عن هذا المركز وطريقته في إعطاء الإجازة، هو من جملة الوسائل والطرق في تعليم القرآن الكريم، ولا مشاحة فيها، لأنها من المصالح التي لا تخالف نصا من كتاب أو سنة، بل هي مما يعين على تحقيق ما أمر الله به في كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - حيث أمر تعالى ببلاغ دينه، وحذر من كتمانه، في عدد من الآيات كقوله تعالى: "وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم" [آل عمران: 187] ، وقال تعالى: "إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار" [البقرة: 174] ، وفي الحديث الذي أخرجه أحمد (10420) ، وأبو داود (3658) ، والترمذي (2649) ، وابن حبان (95-96) ، والحاكم (351-352) ، وصححه الحاكم وغيره عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار"، فلا يظهر لي ما يمنعك من القسم على نحو ما شرطوا عليك إذا علمت من نفسك الوفاء بمقتضى هذه الشروط، وضابط الوفاء بهذه الشروط أن تبذلي وسعك وطاقتك في الوفاء بها، فإن حصل منك بعد هذا تقصير أو نقص فأرجو أن لا حرج عليك، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يظهر لي أن عدم إعطاء إجازة يعد من كتم العلم، وما ذكرته في سؤالك لا يدل على أن هذا المركز اشترط أن تعطي الإجازة لمن تعلمينه القرآن، وبكل حال فالمقصود تبليغ العلم وتعليم الناس، والإجازة من الوسائل وليست غاية في ذاتها، فإذا حصل تعليم القرآن الكريم للناس ونشره فيهم حتى من غير إعطاء الإجازة فقد حصل المقصود، وبرأ العالم من إثم كتم العلم، على أن أكثر المدارس والمشايخ لا يشترطون غالب هذه الشروط، ولا يلزم أن تكون الإجازة من ثلاثة من المشائخ، بل العالم المتقن الذي يحمل إجازة يحق له أن يعطي غيره من المتعلمين إجازة إذا أتقن

التلاوة والأداء. وأما المراد بتوريث العلم فلعك تسألين المركز ذاته عن مراده، لأنه يحتمل أكثر من معنى، وإن كان الظاهر أنهم قصدوا تعليم العلم ونشره بين الناس، والله أعلم.

التنقل بين القراءات في السورة الواحدة

التنقل بين القراءات في السورة الواحدة المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 28/4/1424هـ السؤال إذا بدأ الإنسان بقراءة سورة طويلة من القرآن بقراءة معينة من القراءات السبع أو العشر، فهل يجب عليه أن يكمل ويتم السورة كلها بهذه القراءة؟ أم يجوز أن يغير فيها من قراءة لأخرى؟ الجواب اختلف أهل العلم في حكم جمع القارئ القراءتين أو أكثر في تلاوة واحدة على النحو التالي: (1) من أهل العلم من منع ذلك مطلقاً كأبي الحسن السخاوي في كتابه "جمال القراء" حيث عدَ خلط القراءات بعضها ببعض خطأ. سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن جمع القراءات السبع هل هو سنة أو بدعة فأجاب (....وأما جمعها في الصلاة أو في التلاوة فهو بدعة مكروهة) [الفتاوى 13/404] . (2) قال ابن الجزري: (وأجازها أكثر الأئمة مطلقاً) [النشر:1/18] . (3) ومن أهل العلم من فصل في المسألة: فقد قال النووي - رحمه الله - في كتابه "التبيان" (وإذا ابتدأ القارئ بقراءة شخص من السبعة فينبغي أن لا يزال على تلك القراءة ما دام الكلام له ارتباط، فإذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بقراءة آخر من السبعة، والأولى دوامه على تلك القراءة في ذلك المجلس) أ. هـ. قال ابن الجزري (النشر 1/18) : (وهذا معنى ما ذكره أبو عمرو بن الصلاح في فتاويه) ثم نسب إلى أبي اسحاق الجعبري قوله: (والتركيب ممتنع في كلمة وفي كلمتين إن نطق أحدهما بالآخر وإلا كره) .

قال ابن الجزري - رحمه الله: (والصواب عندنا في ذلك التفصيل والعدول بالتوسط إلى سواء السبيل فنقول: إن كانت إحدى القراءتين مترتبة على الأخرى فالمنع من ذلك منع تحريم كمن يقرأ "فتلقى آدم من ربه كلمات" [البقرة: 37] بالرفع فيها أو بالنصب آخذاً رفع "آدم" من قراءة غير ابن كثير، ورفع "كلمات" من قراءة ابن كثير، ونحو "وكفلها زكريا " [آل عمران: 37] بالتشديد مع الرفع أو عكس ذلك ونحو "أخذ ميثاقكم" [الحديد: 8] وشبهه مما يركب بما لا تجيزه العربية ولا يصح في اللغة، وأما ما لم يكن كذلك فإنا نفرق فيه بين مقام الرواية وغيرها. فإن قرأ بذلك على سبيل الرواية فإنه لا يجوز أيضاً، حيث إنه كذب في الرواية وتخليط على أهل الدراية. وإن لم يكن على سبيل النقل والرواية بل على سبيل القراءة والتلاوة فإنه جائز صحيح مقبول لا منع منه ولا حظر، وإن كنا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات من وجه تساوي العلماء بالعوام، لا من وجه أن ذلك مكروه أو حرام، إذ كل من عند الله ... " ا. هـ المقصود من كلامه (النشر 1/18- 19) ، قلت هذا ملخص أقوال أهل العلم، والذي أرجحه هو المنع مطلقاً- ما لم يكن من أجل التعليم أو المدارسة - لأنه لم يكن من هدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام، إذ لم يحفظ أو ينقل عنهم الخلط بين قراءات شتى في تلاوة واحدة والله أعلم وأحكم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه.

هل البسملة آية من الفاتحة؟

هل البسملة آية من الفاتحة؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 23/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل تعتبر البسملة التي في سورة الفاتحة آية؟ وإذا كانت تعتبر آية لماذا لا يجهر بها في الصلاة؟ وإذا كانت لا تعتبر آية فما المقصود من السبع المثاني؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: البسملة ليست آية في سورة الفاتحة، ويدل لهذا ما ثبت في صحيح مسلم (395) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله - عز وجل - "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، قال الله: مجدني عبدي ... فلم يذكر البسملة، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم، خلافاً لما ذهب إليه الشافعي، فإنه يرى أن البسملة آية من سورة الفاتحة، وأما هل يجهر بها أو لا يجهر بها؟ فأكثر الأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يجهر بها، انظر مثلاً ما رواه البخاري (743) ، ومسلم (399) من حديث أنس -رضي الله عنه- وهذا ما عليه جمهور أهل العلم، خلافاً لما ذهب إليه الشافعي، والصواب أنه يجهر بها في بعض الأحيان، كما اختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، أنه يجهر بها للتأليف والمصلحة، وقد دل على هذا حديث أبي هريرة وأم سلمة - رضي الله تعالى عنهما - انظر ما رواه النسائي (905) ، والدارقطني في سننه (2/312) .

عدد آيات القرآن

عدد آيات القرآن المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 15/05/1425هـ السؤال هل عدد آيات القرآن يختلف من مصحف إلى آخر؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اختلف القراء في عدد آيات القرآن؛ والسبب في ذلك وقوف كل واحد منهم على ما نقله ممن سبقه من أئمة القراءة والصحابة - رضي الله عنهم-، ومن بعدهم، فهناك العد المدني والكوفي والبصري، وهكذا.. وعلى هذا الاختلاف يعرف هل بين المصاحف اختلاف أم لا؟ فإذا كانت المصاحف قد كتبت على عد واحد فلا اختلاف بينها، أما إذا كتبت بعضها على عد وبعضها على عد آخر فسيكون بينها اختلاف، ومما ينبغي التذكير به مسألتان: 1- العلماء -رحمهم الله- قد اختلفوا هل معرفة الآيات توقيفية، أم منها ما هو توقيف ومنها ما هو اجتهاد؟ والأقرب والله أعلم القول الثاني. 2- أن العلماء قد اتفقوا على أن عدد آيات القرآن ستة آلاف ومائتين وكسر، ولكنهم اختلفوا في هذا الكسر، فقيل خمس وقيل أربع عشرة، وقيل ست عشرة، وقيل عشرون، وقيل ست وثلاثون، وقيل غير ذلك. والله أعلم.

هل نسخ جزء من سورة الأحزاب؟

هل نُسِخَ جزء من سورة الأحزاب؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 25/1/1425هـ السؤال ورد في مسند الإمام أحمد -رحمه الله- هذا الحديث الصحيح، والذي صححه الألباني -رحمه الله-، والحديث هو: عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب - رضي الله عنه- قال: كم تقرؤون سورة الأحزاب قال: بضعًا وسبعين آية، قال: لقد قرأتها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مثل البقرة أو أكثر منها آية الرجم"، فالسؤال هو: كيف كانت سورة الأحزاب في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مثل سورة البقرة، ونحن الآن نقرؤها 73 آية، فإذا كان قد حصل نسخ في السورة؛ فهل من الممكن أن ينسخ أكثر من 200 آية؛ لأن سورة البقرة 286 آية؟ فأرجو الإجابة منكم مشكورين.. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالحديث الذي أشار إليه السائل الكريم روي عن أبي بن كعب -رضي الله عنه-، من طريقين: أحدهما: من طريق يزيد بن أبي الزناد عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب - رضي الله عنه-، وقد أخرجه أحمد في مسنده (20701) ، ويزيد بن أبي زياد ضعيف، قال عنه ابن معين: لا يحتج به. والثاني: من طريق عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب- رضي الله عنه-، وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه (4428) والحاكم في المستدرك (2/415) وصححه والنسائي في الكبرى (7150) والبيهقي (8/211) وأحمد (21206) وعبد الرزاق (13363) ، وعاصم بن بهدلة صدوق له أوهام، والحديث بهذا حسن، ومن أهل العلم من قال: تفرد عاصم بن بهدلة في مثل هذا مما لا يحتمل.

وبكل حال فالحديث -على القول بثبوته - دال على أن جزءاً كبيراً من سورة الأحزاب قد نسخ، وأن مما كان فيه آية رجم الزاني المحصن، ولا يخفى عليك -أخي الكريم- أن أمر النسخ مرده إلى الله -تعالى- فإذا شاء تعالى نسخ، وإذا شاء أحكم، وهذا معنى قوله -تعالى-"ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير" [البقرة:106] ، ولذا قرر أهل العلم أن نسخ النص الشرعي لا يكون إلا بنص شرعي مثله، ولما كان الأمر كذلك؛ فلا ريب أنه إنما يقع لحكمة بالغة، فهو تعالى الحكيم العليم، ولهذا فلا إشكال -حقيقة - فيما دل الحديث عليه؛ لأننا نعلم يقينًا أن النسخ لا يكون إلا لحكمة بالغة، ربما يدركها الخلق، وقد تغيب عنهم، وغير بعيد أن يقع نسخ هذا الجزء الكبير من السورة، فإن الأمر لله -تعالى- يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، بل وقع النسخ فيما هو أكبر من ذلك؛ إذ مما لا شك فيه أن هذه الشريعة جاءت ناسخة لكل الشرائع قبلها ومهيمنة عليها، ونحن نعلم أن الشرائع قبلنا قد نزلت معها كتب إلهية، هي كلام الله الذي أنزله على الرسل قبل نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-، كما في صحف إبراهيم -عليه السلام- والتوراة، والإنجيل، وغيرها مما لا يعلمه إلا الله، ولم يكن في هذا النسخ غضاضة ولا حرج؛ لأن ذلك كله إنما يقع لحكمة بالغة ومشيئة نافذة، وربما كان من تلك الحكم أن الآيات المنسوخة من سورة الأحزاب أو غيرها تضمنت شرائع، وأحكاماً وقتية يحتاجها الناس فقط في الوقت الذي نزلت فيه، أما مَنْ بعدهم من الناس فلا يحتاجونها، كأن تكون الآيات تقص خبراً وقع في تلك الفترة، أو تبين حكماً في حادثة وقتية، أما أصول الدين كالعقائد، وأمهات الأخلاق، وأصول العبادات، فهذه لا يتناولها النسخ قطعاً؛ لأن حاجة الخلق متعلقة بها مهما اختلف زمانهم وتغير مكانهم؛ ولأنها - أيضاً - مما لا يعتريه اختلاف، ولا يطرأ عليه تغير؛ لأن ما تضمنه من قيم يتصف

بالدوام والثبات. بقي -أيها السائل الكريم- أن ألفت نظرك إلى أن الحديث دل على أن سورة الأحزاب كانت سورة طويلة تعدل سورة البقرة، ولا تلازم بين أن تعدل سورة البقرة في الطول، وأن تكون مماثلة لها في عدد الآيات، فسورة الشعراء - مثلاً - هي أكثر من سورة آل عمران في عدد الآيات، مع أن آل عمران ضعفها في الطول. وأخيراً فيجب أن تعلم يقيناً، أن ما بين أيدينا الآن هو كلام الله الذي أنزله على رسوله - صلى الله عليه وسلم-، بقي منه ما أبقاه الله، ونُسخ منه ما أراد -تعالى- نسخه، ونقله إلينا في كل عصر عدوله، حتى بلغنا غضًّا طريًّا كما نزل، بلا نقص ولا زيادة، فهذه حقيقة لا يعتريها شك، وإجماع أهل الإسلام لا يختلفون فيه، وهو مصداق قوله -تعالى-: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر:9] هذا، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الوقوف في التلاوة عند غير علامة الوقف

الوقوف في التلاوة عند غير علامة الوقف المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 13/3/1425هـ السؤال ما هو حكم الوقوف عند تلاوة القرآن عند غير علامات الوقف؟ فإذا وقفت عند معنى مكتمل فهل يلزم أن آتي بكلمة أو كلمتين قبل ما وقفت عنده؟. الجواب لا يلزم الإتيان بكلمة أو كلمتين مطلقا إذا كان معنى الجملة التي تلوتها مكتملاً، وإنما المستحسن إذا كان الوقف على جملة لم يتم معناها، وهذا ليس على سبيل الوجوب بل هو على الأفضل والأحسن؛ لأن معرفة الوقوف داخلة تحت الترتيل قال علي - رضي الله عنه- (الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف) ، وفي أبجد العلوم (2/571) قال ابن الأنباري: (من تمام معرفة القرآن معرفة الوقف والابتداء فيه، قال النكزاوي لا يتأتى لأحد معرفة معنى القرآن ولا استنباط الأدلة الشرعية منه إلا بمعرفة الفواصل، وللوقف أقسام مذكورة في كتب الوقوف) ، ويمكن التغليظ في الوقف على من علم المعنى الناقص المترتب على وقفه ووقف عليه، فهذا يشابه تحريف معناه، ويجافي حسن التلاوة والترتيل، والله أعلم.

ما المراد بالقراءات السبع؟

ما المراد بالقراءات السبع؟ المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 24/1/1425هـ السؤال ما معنى القراءات السبع للقرآن؟ وفي بعض القراءات هناك فارق في الإعراب والتشكيل، وحتى حذف أو زيادة لفظ فما توجيهه؟ وهل أنزل القرآن في القراءات السبع أو في القراءة التي متداولة الآن؟. وشكراً. الجواب القراءات: علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية، وطرق أدائها وما يتعلق بذلك، والقراءات القرآنية متعددة منها هذه السبع المعروفة، وكلها قرآن نزل من عند الله - تعالى-، ونزول القرآن الكريم بهذه القراءات لحكم أبرزها: (1) التيسير على العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، حيث كانوا قبائل مختلفة كقريش، وتميم، وثقيف، وهوازن، وكان بين لغاتهم ولهجاتهم شيء من الاختلاف سواءٌ في طريقة النطق كالفتح والإمالة، أو التحقيق والتسهيل أو حتى في إعراب الكلمات، وغير ذلك من أنواع الاختلاف. (2) إعجاز القرآن حيث نزل على هذه الأوجه جميعاً، إذ تأتي الآية أحياناً على وجهين مختلفين دون أن يكونا متناقضين، وقد تأتي قراءة بزيادة لفظ فيكون فيها فائدة، وتأتي قراءة أخرى تحذف هذا اللفظ لتشير إلى معنى آخر من جهة أخرى. (3) أن يكون في بعض القراءات زيادة حكم، إذ إن القراءتين كالآتيتين كما في قوله - تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ... " [المائدة:6] قرئ بنصب "وأرجلكم" وجرها، قال بعض المفسرين: النصب يفيد الغسل؛ لأنه معطوف على الأيدي، والجر يفيد المسح حين يكون على الأرجل جوارب؛ لأنه معطوف على الرؤوس، وغير ذلك من الحكم. والله أعلم.

ترتيل القرآن على إحدى المقامات الصوتية

ترتيل القرآن على إحدى المقامات الصوتية المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 05/04/1425هـ السؤال سؤالي هو: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أمرنا بالتغني عند تلاوة القرآن الكريم، وأن نحسن أصواتنا به، فأنا أريد أن أتعلم أحد المقامات الصوتية؛ كي أحسن صوتي في تلاوة القرآن الكريم، ولكن هل يمكن أن يستخدم معلمي للمقام آلة العود أو الأورغن كي يعلمني الطبقات الصوتية عن طريق السمع والترديد مع النغمة الصوتية؟ هل يجوز لي ذلك أم لا؟ وهل هنالك وسائل أخرى لتعلم المقامات في حال كان حراما؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب جاء في الحديث قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" رواه البخاري (7527) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وأمر بتحسين الصوت بالقرآن، وكان أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه- صوته حسن استمع إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: "لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود"، فقال أبو موسى - رضي الله عنه-: "لو علمت أنك تستمع إلي لحبرته لك تحبيراً" رواه البخاري (5048) ، ومسلم (793) ، ولعل ذلك أن الصوت الحسن يكون سبباً في التأثر بسماع القرآن، وقد علم أن الأصوات ليست اكتسابية ولكنها فطرية، فالله -تعالى- هو الذي يعطي من يشاء ويحرم من يشاء وله في ذلك الحكمة البالغة، وليس للإنسان أن يتكلف ما لا يقدر عليه، وإنما عليه أن يحرص على تحسين صوته بقدر الاستطاعة، وإذا لم يتمكن من تغيير صوته فإنه معذور، فيقرأ قدر ما أعطاه الله.

قراءة حفص بقصر المنفصل

قراءة حفص بقصر المنفصل المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 19/1/1425هـ السؤال فيما يخص قراءة حفص عن عاصم، هل القراءة برواية حفص عن عاصم بوجه قصر المد المنفصل يترتب عليها إلغاء بعض الأوجه الخاصة بمصحف الملك فهد مثل: السكتات (س) ؟ وحكم مد هاء الغائب بكلمة (فيه ى) في قوله -تعالى-: "ويخلد فيه مهانا" (سورة الفرقان) وغيرها. أرجو منكم التوضيح بارك الله فيكم وفي علمكم. الجواب أخي الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فالقراءة بالقصر من طريق الطيبة وليس من طريق الشاطبية، ومصحف المدينة النبوية الذي طبع في مجمع الملك فهد مضبوط على طريق الشاطبية، وطريق الشاطبية بتوسط المنفصل، وبناءً على هذا فلو قرأت بطريق قصر المنفصل فإن الضبط سيختلف عما في مصحف المدينة النبوية، لأن بعض الوجوه مثل السكت على بل ران لا توجد، وبناءً عليه لا يكتب في الضبط علامة السكت، لكن أغلب الضبط سيبقى على حاله. والله أعلم.

هل في القرآن ترادف؟!

هل في القرآن ترادف؟! المجيب د. عبد العزيز بن علي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 1/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. لقد وردت هذه الألفاظ في القرآن الكريم، نرجو منكم أن تبينوا لنا الفرق بين هذه الألفاظ المتشابهة في الظاهر والمختلفة في المعنى والمضمون: (1) الفؤاد، والقلب. (2) البصر، والرؤيا، ونظر. (3) الهم، والغم، والحزن. (4) الإفراط، والتفريط. (5) الكذب، والإفك. (6) السنة، والعام. (7) الضر، والضرار. ولكم الشكر. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، وبعد: لا يوجد في اللغة العربية ترادف حقيقي، ولكن يكون الشيء من الأشياء له إطلاقات باعتبار المراد، وما ورد في القرآن من ذلك مما يشبه المترادف، ليست كإطلاقاتنا التي تفتقد الدقة؛ بل بين كلماته فرق بحيث لو وضع مكان الكلمة غيرها؛ فقد المدلول التام لتلك الكلمة، ومن ذلك ما ورد في السؤال، فالفؤاد هو القلب، لكنه (أي: الفؤاد) إذا ورد روعي فيه المعنى الاشتقاقي، وهو التفؤد أي: التوقّد، كقوله -تعالى-: "وأفئدتهم هواء" [إبراهيم: 43] ، وقوله: "وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً" [القصص: 10] ، فإذا كان المقام مقام حزن، وهم، وخوف، أو ملابسة اشتعال، كقوله -تعالى-: "التي تطَّلع على الأفئدة" [الهمزة: 7] ، كان الفؤاد هو المناسب للحال والسياق. والنظر: تقليب العين لإدراك المرئي، والبصر رؤية مع تأمل، والرؤية أوسع من هذا، وهذا يطلق عليهما وعلى غيرهما. وأما الهمّ: فإنه يكون على شيء مستقبل البداية أو النهاية، والحزن على شيء مضى وانقضى. والغمُّ: كربة تَغْشى القلب، وتكسب الحيرة والدهش. والإفراط: مجاوزة الحد، والتفريط: التقصير فيه، وهذان اللفظان لم يردا في القرآن بهذه الصيغة، ووردت لهما صيغ أخرى.

والإفك: يراعى فيه صرف الشيء عن وجهه، كالصرف عن الحق إلى الباطل، ولا يدخل فيه مخالفة الواقع إن كان غير مقصود، والكذب أوسع من ذلك. وأما السَّنَة؛ فإنها تطلق على الزمن المعروف المؤلف من اثني عشر شهراً، لكن إذا أطلقت يراعى فيها معنى القحط، والشدة، والضيق، والعام يطلق على تلك المدة، إذا كان الزمن زمن رخاء وسعة، ومنه قوله -تعالى-: "فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً" [العنكبوت: 14] ، فإن مكثه فيهم كان زمن نصب، وتعب، وإيذاء، ولهذا ميزت بالسنة. والخمسون عاماً كانت مع من بقي معه من المؤمنين، وكان خيراً من هذه الجهة، ولهذا ميَّز بالعام، وقد يستعمل أحدهما في موضع الآخر بالنظر إلى المدلول العام وهو الزمن المعروف المعيَّن. وأما الضر: فمعلوم معناه، وهو ضد النفع، وهو الاسم، وأما الضرار: فهو فعل الضر، هو المضارّة؛ لأنه مصدر، كالقتال والقتل. والله أعلم.

تجزيء القرآن وتحزيبه

تجزيء القرآن وتحزيبه المجيب د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري المشرف العام على شبكة التفسير والدراسات القرآنية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 03/07/1425هـ السؤال أريد نبذة موجزة عن تقسيم القرآن الكريم إلى أجزاء وأنصاف الأجزاء متى تم ذلك؟ وهل هو توقيفي لا تجوز مخالفته؟ وما هي الكتب التي تتحدث عن هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم أولاً: متى تم تقسيم القرآن الكريم إلى أجزاء وأنصاف؟ ورد التعبير بالجزء كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"قرأت جزءاً من القرآن" رواه أبو داود (1392) ، وصححه الألباني. وقول عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة) . وقول عائشة رضي الله عنها: (إني لأقرأ جزئي) . ومثل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما. وورد استعمال لفظ الوِرْد، كما في قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (كنت في قضاء وِردي) .

وهذه المسألة تعرف عند العلماء بتحزيب القرآن، وقد ورد فيها حديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما-، الذي رواه جمعٌ من الأئمة بينهم الأئمة الستة. البخاري (1976) ، ومسلم (1159) ، والترمذي (2946) ، والنسائي (2399) ، وأبو داود (1388) ، وابن ماجة (1346) ، ولفظ الإمام مسلم: (كنت أصوم الدهر، وأقرأ القرآن كل ليلة، قال: فإما ذكرت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإما أرسل لي، فأتيته، فقال: "ألم أُخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ القرآن كل ليلة؟ " فقلت: بلى يا نبي الله؛ ولم أرد إلا الخير، قال:" فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام ... ، ثم قال: "واقرأ القرآن في كل شهر"، قال: قلت: يا نبي الله: إني أطيق أفضل من ذلك، قال:"فاقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك، فإن لزوجك عليك حقاً، ولزورك عليك حقاً، ولجسدك عليك حقاً"، قال: فشددت؛ فشدد علي، قال: وقال لي النبي-صلى الله عليه وسلم-:"لعلك يطول بك العمر"، فصرتُ إلى الذي قال لي النبي-صلى الله عليه وسلم-، فلما كبرت وددت أني قبلت رخصة النبي-صلى الله عليه وسلم. وقد أشار الإمام السخاوي إلى أن معنى التجزئة والتحزيب ورد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قال:"طرأ عليَّ حزبي من القرآن" رواه ابن ماجة (1345) و"إنه قد فاتني الليلة جزئي من القرآن.." أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (3/363) . وذكر قصة جمع الحجاج بن يوسف للقراء والحفاظ في عهده، وسؤالهم عن عدد آيات القرآن، وعن منتصف القرآن وربعه وثلثه وغيرها. وقد استند على هذه الحادثة كثير من العلماء الذين كتبوا في تاريخ القرآن، وقالوا بأن أول من أحدث الأجزاء والأحزاب هو الحجاج بن يوسف الثقفي المتوفى 110هـ.

وقال الزركشي في البرهان ذكر عند الحديث عن تحزيب القرآن 1/349: (وأما التحزيب والتجزئة فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين كما في الربعات بالمدارس وغيرها. وقد أخرج أحمد في مسنده وأبو داود وابن ماجة عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حياته: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من (ق) حتى يختم. وتحدث ابن تيمية في مجموع الفتاوى 13/405 حديثاً طويلاً عن تحزيب القرآن، تحسن مراجعته إن أمكن، ذهب فيه إلى أن التحزيب بالسور أفضل من التحزيب الحاصل، والذي يقف فيه القارئ أحياناً على مواضع مرتبطة بما بعدها، والبدء بمواضع لها تعلق بما قبلها، وأشار إلى سبق الحجاج إلى تجزئة القرآن بالحروف. وقد ذكر السخاوي -رحمه الله- في (جمال القراء) في الكتاب الرابع منه (تجزئة القرآن) كلاماً طويلاً نافعاً عن تفاصيل أجزاء القرآن وأرباعه وأسباعه وأثمانه وغيرها بدقة ينتفع بها الحافظ لكتاب الله، ومن يرغب في حفظه بسهولة ويسر. ثانياً: هل هذا التحزيب والتقسيم توقيفي؟ الذي عليه العلماء -وهو الصحيح إن شاء الله - أن تجزئة القرآن وتحزيبه وقسمة الأرباع على الصورة التي توجد في مصاحف المسلمين اجتهادية، ولها أصل من فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لكن على غير هذه القسمة، وكان السلف يختلفون في ذلك، وليس المعنى فيه تعبدياً، وإنما هو لتيسير أخذ القرآن. ثالثاً: من الكتب التي تحدثت عن ذلك. - جمال القراء وكمال الإقراء، للسخاوي 1: 124 ـ 187 - البرهان في علوم القرآن للزركشي. - فتاوى ابن تيمية 13/405 وما بعدها. - هناك بحث للشيخ محمد الدويش نشر في مجلة البيان فصل فيه جوانب هذه المسألة.

المراد بـ"آيات متشابهات"

المراد بـ"آيات متشابهات" المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 21/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أرجو منكم إفادتي بمعنى "آيات متشابهات" وأمثلة منها من القرآن كما في الآية السابعة من سورة آل عمران، والله يجزيكم عني خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. التشابه في القرآن نوعان: الأول: تشابه في الإتقان والبلاغة، والجمال، وتصديق بعض القرآن بعضاً، وهو المذكور في قوله تعالى: "الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابها مثاني ... " [الزمر: 23] . والثاني: تشابه يقابل المحكم من القرآن، وهو خاص ببعض القرآن لا كله، ويُعنى به اشتماله على أكثر من معنى، وهو المذكور في قوله تعالى: "مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ" [آل عمران: من الآية7] . والمتأمل في الآية الشريفة يدرك أن المتشابه له أكثر من معنى، وأن أهل الزيغ يتبعون من المعاني التي تحتملها الآية ما يوافق أهواءهم ابتغاء الفتنة.

كما يدرك أن بالإمكان تحديد مفهوم التشابه في الآية بأنه الحقيقة التي يؤول إليها الكلام بدلالة قوله: " وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ"، وهو واضح بأن ثمة أشياء لها مآل تؤول إليه، لا يعلم حقيقة ذلك إلا الله دون غيره، وهذا إذا رجحنا الوقت على لفظ الجلالة، وأما إذا كان لفظ الجلالة غير موقوف عليه، فذلك دال على أن أولي العلم يعلمون تأويله كذلك، وذلك بردهم المتشابه إلى المحكم فيصير القرآن كله محكماً، ولعل من أمثلة المتشابه في القرآن الحروف المقطعة في أوائل السور. والله أعلم.

مصاحف المشارقة والمغاربة

مصاحف المشارقة والمغاربة المجيب د. عبد العزيز بن علي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 7/2/1425هـ السؤال كنت أقرأ القرآن في أحد المساجد، ثم وقع في يديَّ قرآن فيه كتابة حرف الفاء بدون نقطة، والقاف بنقطة واحدة، وهنالك اختلاف في أحرف أخرى، ولكن ما لفت انتباهي أكثر وجود آيات برقم تسلسلي غير الذي عهدناه، ومكتوب على القرآن رواية ورش بن نافع. أفيدوني، هل هناك مصاحف بهذا الشكل؟ وهل هناك مصاحف أخرى مختلفة؟. الجواب الحمد لله: هنالك اختلاف في رسم الحروف والنقط بين مصاحف المشارقة والمغاربة، وهذا المصحف الذي قرأت فيه من مصاحف المغاربة، وطريقتهم في رسم الفاء هكذا "ف" بنقطة واحدة من أسفل، والقاف بنقطة واحدة من فوق، وهنالك اختلاف في أحرف أخرى، وأما اختلاف أرقام الآيات فهو راجع إلى اختلاف علماء القراءة في العدد، فعدد الآيات عند المكيين يختلف عن البصريين، والعدد المدني يختلف عن العدد الشامي، وهكذا، فمثلاً: الكوفيون والمكيون يعدون البسملة آية من سورة الفاتحة، ولا يجعلها غيرهم آية؛ بل يجعلون الآية الأولى من الفاتحة هي: "الحمد لله رب العالمين" ويعدون قوله تعالى: "صراط الذين أنعمت عليهم" [الفاتحة:7] ، بعض الآية السابعة من الفاتحة، وهذا الاختلاف كالاختلاف في القراءات كله يؤخذ به ويقبل، وليس من نوعي اختلاف التضاد والتضارب. والله أعلم.

ترجمة معاني القرآن وإشكال الترادف

ترجمة معاني القرآن وإشكال الترادف المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 28/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أعرف الفرق بين المترادفات التالية بحكم دراستي للترجمة وتخصصي في ترجمة معاني القرآن الكريم: التدبر والتفكر، العام والسَّنة، الصَّب والسكب، الختم والطبع حيث وجدت أن أغلب ترجمات معاني القرآن إلى الإنجليزية لا تفرق بين معاني هذه المترادفات، ولتوضيح الفكرة سأتطرق إلى المترادفات التالية: المطر والغيث فمن المعروف أن المطر لم يذكر في القرآن إلا بوصفه عقوبة لا رحمة، بينما كان ذكر الغيث يوحي بأنه مطر رحمة لا عذاب، أرجو أن أجد لديكم الإجابة الشافية. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ذكر الفرق بين الألفاظ المذكورة قد لا يتسع المجال لذكره، وإنما نشير للقواعد الآتية: 1- اختلف العلماء في وقوع الترادف في اللغة، يقول ابن الأعرابي: (كل حرفين أوقعتهما العرب على معنى واحد في كل واحد منهما معنى ليس في صاحبه) . 2- واختلفوا في وقوعه في القرآن، والصحيح أنه نادر أو معدوم، إذ لا يوجد في القرآن لفظان معناهما واحد من جميع الوجوه، وهذا من وجوه إعجاز القرآن. 3- الترجمة الحرفية للقرآن غير ممكنة، والترجمة المعنوية يرى بعضهم أنها غير ممكنة، كذلك وإنما نترجم مفاهيم القرآن ومفاهيم الإسلام؛ لعدم إمكانية وجود ألفاظ في اللغة المترجمة لها توازي ألفاظ القرآن التي قد يظن أنها مترادفة - كما أشار السائل- أنهم لم يفرقوا بين الألفاظ المذكورة مع وجود الفرق الحقيقي بينها. والله أعلم.

ترتيب آيات سور القرآن

ترتيب آيات سور القرآن المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 7/3/1425هـ السؤال كيف تم ترتيب الآيات في السور كما نعرفها؟، فلو نزلت آيات من سورة معينة، ثم بعد فترة نزلت آيات أخرى، فكيف يتم تحديد آيات كل سورة؟ أعلمُ معنى آية ومعنى تنزيل، ولكن ما معنى كلمة سورة؟ هل معناها الارتفاع كما يتبادر لي؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، وبعد: شكر الله للسائل اهتمامه بكتاب الله -تعالى- وسؤاله عما يتعلق به، وأما بخصوص السؤال المذكور؛ فهذا أو أن الإجابة عليه، فأقول وبالله التوفيق: 1- قول السائل: (معلوم أن القرآن نزل في آيات وليس كسور كاملة) ليس على إطلاقه فهناك سور عديدة نزلت كاملة نزلت دفعة واحدة، كالفاتحة، وكثير من قصار السور وسورة الأنعام، وغير ذلك، فعلى سبيل المثال جاء في الصحيح من حديث أنس - رضي الله عنه- أغفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إغفاءة ثم استيقظ متبسماً فقلنا ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: أنزلت علي آنفاً سورة، ثم قرأ: "بسم الله الرحمن الرحيم، إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر.." الحديث رواه مسلم (400) عن أنس - رضي الله عنه-. 2- وأما كيفية ترتيب الآيات في السور فهو أمر توقيفي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا اجتهاد للناس فيه، فكان - صلى الله عليه وسلم- يأمر كتبة الوحي بكتابة كل ما ينزل من القرآن في سورته المحددة فيقول: "ضعوا هذه الآية أو الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا، أو ضعوها في سورة كذا انظر ما رواه الترمذي (3086) ، وأبو داود (786) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وهذا أمر متفق عليه عند أهل العلم.

بخلاف ترتيب السور، فالجمهور على أنه توقيفي أيضاً، وبعض العلماء يرى بأنه اجتهادي بناءً على ما تبين لهم من ترتيب مصاحف بعض الصحابة - رضي الله عنهم- كابن مسعود -رضي الله عنه- وغيره، حيث كان على خلاف الترتيب المعروف الآن. 3- أما معنى سورة فإنها في اللغة: الْمَنْزِلَة، وما طال من البناء وحسن، انظر القاموس المحيط، ولذا يمكن أن يقال ما قاله الزرقاني في مناهل العرفان (1/343) : السورة: طائفة مستقلة من آيات القرآن ذات مطلع ومقطع، قالوا: وهي مأخوذة من سور المدينة، وذلك إما لما فيها من وضع كلمة بجانب كلمة وآية بجانب آية، كالسور توضع كل لبنة فيه بجانب لبنة ويقام كل صف منه على صف، وإما لما في السورة من معنى العلو والرفعة المعنوية الشبيهة بعلو السور ورفعته الحسية) ا. هـ، مختصراً قلت: وربما كان ذلك لما في السور من الإحاطة بالدار أو البلد فكذلك السورة تحيط بجمع من الآيات، وتستقل بهن عن غيرهن. والله أعلم.

عدم كتابة (البسملة) في سورة التوبة

عدم كتابة (البسملة) في سورة التوبة المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 09/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة وبركاته. لماذا لم تكتب بسم الله الرحمن الرحيم في أول سورة التوبة؟ وما السبب في ذلك؟. ودعائي لكم بدوام التوفيق والسداد, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: للعلماء رحمهم الله في توجيه عدم كتابة البسملة أول سورة التوبة وجوه، منها: الأول: أن البسملة رحمة وأمان، و"براءة" نزلت بالسيف، فليس فيها أمان، وهذا القول مروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وسفيان بن عيينة، والمبرد -رحمهما الله-، ورجحه أبو القاسم الشاطبي -رحمه الله - حيث قال: ومهما اتصلت أو بدأت براءة تنزيلها بالسيف لست مبسملا. الثاني: أن ذلك على عادة العرب إذا كتبوا كتابا فيه نقض عهد أسقطوا منه البسملة، فلما أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - علياً -رضي الله عنه - ليقرأها عليهم في الموسم قرأها ولم يبسمل، على عادة العرب في شأن نقض العهد. ولا يخفى ضعف هذا؛ لأن القرآن يؤخذ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا عن الصحابة رضوان الله عليهم، فلو أقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم- علياً بالبسملة فإنه سيقرؤها ولا شك. الثالث: أن الصحابة - رضي الله عنهم- لما اختلفوا: هل براءة والأنفال سورة واحدة؟ أو سورتان؟ تركوا بينهما فرجة؛ لقول من قال: إنهما سورتان، وتركوا البسملة من المصحف؛ لقول من قال: هما سورة واحدة، فرضي الفريقان، وثبتت حجاجهما في المصحف، قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما. وهذا القول يضعفه ما نقل عن السلف من أسماء السورة: فهي تسمى براءة والتوبة، والمقشقشة، والمنقرة، والفاضحة، وسميت بغير ذلك.

الرابع: أنه لما لم يتبين لهم أنها سورة مستقلة، واشتبهت مع الأنفال في قصتها وموضوعها ضمت إليها، ويصلح دليلاً على هذا ما رواه ابن عباس – رضي الله عنهما- فقال: قلت لعثمان بن عفان- رضي الله عنه: (ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا –قال ابن جعفر: بينهما - سطراً: بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ قال عثمان: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد، وكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده يقول: "ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " وينزل عليه الآيات فيقول: "ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " وينزل عليه الآية فيقول: "ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " وكانت الأنفال من أوائل ما أنزل بالمدينة، وبراءة من آخر القرآن، فكانت قصتها شبيهة بقصتها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها وظننت أنها منها، فمن ثم قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطراً: بسم الله الرحمن الرحيم، قال ابن جعفر: ووضعتها في السبع الطول) . وهذا القول رجحه ابن العربي في أحكام القرآن، والشنقيطي في أضواء البيان. والأثر الذي استدلا به رحمهما الله: رواه أحمد (1/57 و69) ، وأبو داود (786و787) ، والترمذي (3086) ، والنسائي في الكبرى (8007) ، والبزار (344) ، وابن أبي داود في المصاحف (ص 39) ، وابن حبان (43) ، والحاكم (2/221و330) ، والبيهقي (2/42) . وهو نص في الموضوع، وقد صححه ابن حبان والحاكم، ولكن الصواب أنه ضعيف كما قال الشيخ أحمد شاكر والألباني وشعيب الأرناؤط وغيرهم.

والسبب في التضعيف: انفراد عوف بن أبي جميلة بروايته عن يزيد الفارسي، ويزيد هذا مختلف في تحديده هل هو ابن هرمز أم غيره، واشتبه تحديده على مثل: عبد الرحمن بن مهدي وأحمد والبخاري، فهو في عداد المجهولين، وذكره البخاري في الضعفاء، ونقل البخاري في التاريخ الكبير (8/367) والضعفاء (ص122) عن يحيى القطان: أنه لم يعرفه وأنه كان يكون مع الأمراء، وعده ابن حجر في (تقريب التهذيب) مقبولاً. ينظر تحقيق المسند (1/460-462) . وتفرد الراوي عن شيخه وهو خفيف الضبط يعتبر علة توجب رد الرواية عند أئمة علماء علل الحديث المتقدمين، فالحديث معلول، وأين أصحاب ابن عباس عنه؟. الخامس: أن سورة براءة نسخ أولها فسقطت معه البسملة، وهذا القول مروي عن مالك وابن عجلان كما ذكر ابن العربي، وروي عن عثمان ذكره القرطبي بدون إسناد. السادس: قال القرطبي -نقلا عن عبد الملك القشيري النيسابوري صاحب التفسير الكبير المتوفى 465هـ -: والصحيح أن البسملة لم تكن فيها؛ لأن جبريل ما نزل بها فيها، وروي معناه عن أبي بن كعب بدون إسناد ذكره ابن العربي. وهذا هو الأظهر -والله أعلم- أن السورة هكذا أنزلت، والصحابة رضوان الله عليهم كتبوا القرآن على التجريد أي تجريد كلام الله عن غيره، ولما سمعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرأها بدون بسملة لم يكتبوها. والمسألة سهلة يسيرة؛ إذ إنها لا ترتبط بآيات السورة، بل بالبسملة في أولها، والبسملة على الصحيح آية مستقلة في كل سورة، إلا في براءة فقد أجمع القراء على عدم القراءة بها فيها. والله أعلم.

المحكم والمتشابه

المحكم والمتشابه المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 22/11/1425هـ السؤال الآية رقم 7 في سورة آل عمران: (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) . تبين الآية وجود بعض العلم غير الواضح لنا تمامًا ويسبب حيرة لنا فيدخل كل ذلك في المتشابهات، هل كلامي الذي فهمته من الآية صحيح؟ وفي سورة الإسراء الآية 85: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) . فبناءً على هذه الآية فإن مناقشة ماهية الروح، وكيف خلقت، وما العلم الذي وصل إلينا عنها، وخلاف ذلك يدخل في المتشابهات، لأنها لا تدخل في أسس الإيمان وليس عندنا علم تام عنها. فهل ما فهمته من الآية صحيح؟ هل تقولون بأن الحديث عن علم الروح يدخل ضمن المتشابهات للأسباب التي ذكرتها أعلاه؟ الجواب

المحكم هو البين الواضح كما في قوله تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [البقرة:83] . فكل أحد من السامعين يعرف المراد بالوالدين ويعرف معنى الإحسان إليهما، أما المتشابه فهو الذي قد يظهر معناه للعالم وقد يخفى بحسب العلم والعمل، وقد يظهر بعض معناه ولا يظهر بعضه الآخر، وقد يخفى المراد منه فلا يعلمه سوى الله تعالى، فمثلاً استواء الله تعالى، على عرشه واضح المعنى، ولكن حقيقته وكنهه وكيفيته من المتشابه الذي لا يعلمه أحد سوى الله تعالى، وكذلك بقية الصفات الحسنى، ومن ذلك المراد بالحروف المقطعة في أوائل بعض السور. وليس كل ما سبب حيرة للإنسان فهو من المتشابه، خاصة إذا كان الذي أصابته الحيرة ليس من أهل العلم الشرعي، فقد تصيب الإنسان الحيرة من أمر يراه خفيًّا عليه وهو جلي واضح بالنسبة لغيره، ومثال ذلك تحير بعض أبناء البلاد الإسلامية أمام الآيات الناصة على وجوب التحاكم إلى شرع الله واضطرابهم في ذلك اضطرابًا هائلًا، مما يدل على حيرتهم، وهي قضية محكمة واضحة جلية عند جميع أهل العلم والإيمان، فقد علم جميع المسلمين وآمنوا بأن الدين الإسلامي له جانبان؛ أحدهما عبادة الله وحده دون سواه، والثاني تحكيم شريعته وحده دون سواه0 وقل مثل ذلك في حيرة بعض الطوائف المبتلاة بحب القبور ودعوة أهلها مع الله أو دون الله في أمور لا يقدر عليها إلا الله، مع أن هذه القضية من قضايا الدين الأصلية الكلية الثابتة المحكمة، فلا تدل حيرتهم على انتقالها من حيز المحكم الواضح إلى حيز المجمل أو المتشابه.

وأما ما ذكر من أمر الروح فلأهل العلم في المراد بالروح في آية الإسراء أقوال منها: أن المراد جبريل عليه السلام. ومنها: أن المراد الروح التي بها يحيا الإنسان. وعلى هذا المعنى ورد سؤال السائل. والحديث عن الروح بهذا المعنى له وجهان أحدهما محكم جلي والآخر متشابه، فمن المحكم أن الروح مخلوقة مستحدثة من العدم، وأنها جسم لطيف، تسري في الأعضاء، وأن هذا الجسم يقبض، ويمسك ويرسل، وينعم ويعذب. ومن المتشابه حقيقة الروح وكنهها وكيفية نفخها في الجسد وكيفية انبثاثها فيه، وكيفية قبضها وإرسالها، وكيفية تنعمها وعذابها، وكيفية علاقتها بالجسد في دار البرزخ، وفي الآخرة، وغير ذلك من الأمور التي قد تظهر للبعض وتخفى عن البعض، وقد تخفى عن الجميع فلا يعلمها إلا الله وحده، أما الحديث عن عالم الروح فبحسب نوع الحديث وصوابه وصحته، فقد يكون من المحكمات كما لو تحدث عن أنها مخلوقة مربوبة تقع تحت تدبير الله تعالى وإرادته. وقد يكون الكلام عن الروح من المتشابه كما لو تحدث عن كيفية قبضها حال النوم وإرسالها، وقد يكون الكلام عن الروح من الباطل والخرافة كما يحصل عند أصحاب تحضير الأرواح، وكما يحدث عند الهنادكة والقائلين بالتناسخ وأصحاب السحر والكهانة والتنجيم. والله أعلم.

آية الرجم المنسوخة

آية الرجم المنسوخة المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/علوم القرآن التاريخ 10/04/1427هـ السؤال ما سبب نسخ آية الرجم من القرآن الكريم مع أن حكمها باقٍ إلى يومنا هذا؟ الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد: فإن ما يجريه الله تعالى من أحكام في شرعه أو قدره فإنما هو لحكمة عظيمة، ذلك أن الله هو العليم الحكيم، فليس شيء يجري عبثاً ولا يحصل لغواً، كما قال تعالى عن خلق السماوات والأرض: (ما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً) [ص:27] . وقال: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ" [الأنبياء:16] . ثم إن بعض هذه الحكم قد تظهر للمكلفين وقد تخفى عنهم أشياء كثيرة، منها ما يكون فيه ابتلاء للعباد ليظهر مقدار إيمانهم بالغيب، وتصديقهم بالرسل، وتعبدهم لله جل وعلا. ومن الحكم التي ذكرها أهل العلم في نسخ آية الرجم خاصة، أن ذلك يظهر به مقدار طاعة العباد بالمسارعة إلى القيام بهذا الحد الذي فيه إزهاق للنفوس، حتى ولو لم يجدوه مكتوباً في القرآن، فهذا امتحان لإيمانهم واختبار لصحة تصديقهم بما جاءهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.

التفسير الموضوعي

هل المعنى مجازي في قوله "ولتصنع على عيني" المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 07/05/1427هـ السؤال ما هو موقف أهل السنة والجماعة من هذا الكلام: المعنى الحرفي لقوله تعالى "ولتصنع على عيني" وقوله تعالى: "فإنك بأعيننا" وقوله تعالى: "واصنع الفلك بأعيننا" فالمعنى الحرفي لهذه النصوص أن الآلة التي بُنِيَ لها الفعل هي: العين، وهذا مجاز، أي: "تحت عنايتنا" فلا بد من التفسير المجازي للآيات! وأنها تعني العناية الفائقة. أرجو التعليق؟ الجواب الحمد لله، وصلى الله على نبيه ومصطفاه، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان ووالاه، أما بعد: فإن أسماء الله وصفاته التي وصف بها نفسه تعالى في كتابه الكريم الذي أنزله، أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله مما صح عنه، يجب التعامل معها كغيرها من كلام الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حملها على الظاهر المتبادر في العربية، ولكن: دون تمثيل لله بخلقه، ودون تكييف للصفة، وأيضا دون تحريف لمعاني الألفاظ، ودون تأويل لمفهومها بالمجاز ونحو ذلك، إلا إذا دل عليه الدليل. وليعلم كل مسلم أنه لا يمكنه الإحاطة بمولاه، كما قال تعالى: "ولا يحيطون به علما" [طه:110] وقال تعالى: "هل تعلم له سميا" [مريم:65] فليقطع التفكير في الكيف، بعد إثباته معنى الاسم، والصفة، وما يدلان عليه. وهذا المنهج هو ما سار عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وهو منهج أهل السنة والجماعة، وهو ما يجب على كل مسلم ومسلمة، وهو الأسلم، والأحكم، والأعلم. ومن الأدلة الظاهرة على صحة هذا المنهج قول الله تعالى: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى: 11] ، فنفى الله عن نفسه مماثلة خلقه، وأثبت في الوقت نفسه اسمين كريمين وهما: السميع، والبصير.

وكل اسم متضمن لوصف، وقد وصف سبحانه بعض خلقه بالوصفين المشتقين من هذين الاسمين في آيات أخرى، قال تعالى في سورة الإنسان: "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا" [الإنسان:2] وليس الله السميع، كالمخلوق السميع، ولا الله البصير، كالمخلوق البصير، وليس سمع الخالق كسمع المخلوق. وهذا ما يسمى بالقدر المشترك موجود في كل ما يقال إنه موجود مثلا، فليس فيه تشبيه على الإطلاق. وما سألت عنه أخي أيضا داخل تحت هذه القاعدة: ففي الآيات السابقة: في قوله تعالى: "ولتصنع على عيني" [طه:39] ، وقوله تعالى: "فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" [الطور:48] ، وقوله تعالى: "وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا" [القمر:14] ، وقوله أيضا: "واصنع الفلك بأعيننا ووحينا" [هود:37] ، وقوله: "فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا" [المؤمنون:27] . ففيهن: إثبات صفة العين لله تعالى، كما يليق بجلاله وعظمته، وورودها على صيغة الجمع للتعظيم، ودل على ذلك صنيع البخاري كما سيأتي. وقد جاءت السنة النبوية بإثبات صفة العين لله تعالى أيضاً. ففي صحيح البخاري، كتاب التوحيد، بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: "وَلِتُصْنَعَ على عَيْنِي".. وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ:"تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" ثم ساق (7407) بإسناده إلى.. عبد اللَّهِ بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللَّهَ ليس بِأَعْوَرَ، وَأَشَارَ بيده إلى عَيْنِهِ، وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ ". وبإثبات صفة العين لله تعالى، تثبت الرؤية، والحفظ، والرعاية، والعناية، وإذا أثبتنا الرؤية فقط، لا يلزم منها إثبات صفة العين المنصوص عليها في الآيات.

ومما يدل على أن هذا النهج هو الأسلم، والأحكم، والأعلم: أنه هو مدلول المفهوم من الكلام، أي كلام، وهو الحمل على الظاهر، والله أنزل كتابه بلسان عربي مبين، ثم إنه لو سألك ربك يوم القيامة فقال: لم يا عبدي أثبت لي صفة العين، واليد، والاستواء، والكلام، والمحبة، والغضب، وغير ذلك، لكان الجواب: هذا يا رب ما فهمنا من كلامك في كتابك، وكلام رسولك صلى الله عليه وسلم. ولكن لو وقع الشخص -لا قدر الله- في التحريف والتأويل وسأله مولاه، يا عبدي: لم نفيت عني ما أثبته لنفسي من صفة أو اسم؟ أأنت أعلم بي مني؟؟ كيف يكون جوابه!؟. ولذلك فما ذكرتَ من التفسير في سؤالك غير سليم، بل هو تأويل للنص بغير دليل ظاهر، والصواب ما تقدم. والله أعلم. فائدة من نقولات ابن القيم في الصواعق المرسلة (1/260-262) : قول عثمان الدارمي: الأعور ضد البصير بالعينين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال: "إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور" وقد احتج السلف على إثبات العينين له سبحانه بقوله: "تجري بأعيننا" [القمر:14] . وممن صرح بذلك إثباتا واستدلالا؛ أبو الحسن الأشعري في كتبه كلها فقال في المقالات، والموجز، والإبانة، وهذا لفظه فيها: "وجملة قولنا: أن نقر بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله ... إلى أن قال: وإن الله مستو على عرشه، كما قال: "الرحمن على العرش استوى" [طه:5] . وأن له وجها، كما قال: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" [الرحمن:27] . وأن له يدين، كما قال: "بل يداه مبسوطتان" [المائدة:64] ، وقال: "لما خلقت بيدي" [ص:75] ، وأن له عينين بلا كيف، كما قال: "تجري بأعيننا" [القمر:14] ، أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لاتباع الوحيين، ولزوم دلالتهما على طريقة الصحابة، والتابعين، والذين اتبعوهم بإحسان. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

كيف علمت الملائكة بأن الإنسان سيفسد في الأرض؟

كيف علمت الملائكة بأن الإنسان سيفسد في الأرض؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 04/03/1426هـ السؤال عندما أراد الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل في الأرض خليفة رفض كل من الملائكة والجبال حمل الرسالة فقبل الإنسان حملها، فحينما علمت الملائكة أن خليفة الأرض هو الإنسان قالوا بما معناه: أتجعل من يسفك الدماء فيها وينشر فيها الفساد؟ السؤال: هو كيف علمت الملائكة أن الإنسان سوف يفسد في الأرض، وهي لا تعلم ما الإنسان وما هي خليقته؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: السائل الكريم يشير إلى قوله تعالى: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك" [البقرة:30] ، ومعنى هذه الآية الكريمة وقع فيه خلاف بين السلف، وتشعَّبت بأهل العلم المسالك في فهم الآية، ومن نظر فيها من المفسرين بحسب ظاهر الآية وسياقها -ولم يتأثر ببعض تلك الأقوال المتكلفة والآثار الواهية- كان قوله أقرب للصواب، وأبعد عن الشطط. وظاهر الآية الكريمة يدل على أن الله -تعالى- أخبر ملائكته أنه جاعل في الأرض خليفة يخلف بعضهم بعضًا على هذه الأرض، وعندئذ قالت الملائكة -على سيبل الاستفهام والاسترشاد، طلبا لبيان الحكمة من خلق بشر وجعله خليفة، مع أنه سيقع منه الفساد وسفك الدماء-: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء". والآية الكريمة لم توضح كيف علم الملائكة بأن هذا المخلوق سيقع منه الفساد وسفك الدماء، ولم يرد في كتاب الله -تعالى- أو فيما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يوضِّح الوسيلة التي عرفوا بها ذلك، ولهذا اختلف السلف -رحمهم الله- في تعيين الكيفية التي عرفت الملائكة بها هذا.

وأقرب الأقوال وأقلها تكلفا أن يكون الله -تعالى- قد أطلعهم على هذا، فكما أخبرهم أنه سيجعل في الأرض خليفة، أخبرهم أنه سيقع من ذلك الخليفة فساد وسفك دماء، وهذا احتمال غير بعيد، ومما يقويه ما جاء في الأثر عن قتادة فيما أخرج الطبري وابن أبي حاتم ـ بسند حسن ـ في قوله تعالى: "أتجعل فيها من يفسد فيها" قال: كان الله أعلمهم أنه إذا كان في الأرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا الدماء، فذلك حين قالوا: "أتجعل فيها من يفسد فيها". وهذا القول مال إليه شيخ المفسرين ابن جرير رحمه الله. وبكل حال فالملائكة ينزهون عن أن يظن أنهم تكلموا في أمر بمجرد التخمين والظن، ولهذا لما طلب منهم تعالى أن يخبروه بأسماء المخلوقات سبحوا الله وعظموه أن يقولوا قولاً لا علم لهم به، فقالوا: "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا" [البقرة:31-32] . بقي أن أشير إلى ما ورد في السؤال، فمقدمته تشعر أن الله -تعالى- عرض على الجبال والملائكة أن يكونوا خلفاء في الأرض فأبوا ذلك، فإن كان هذا ما أراده السائل الكريم فهو خطأ ووهم، فلم يرد ما يدل على أن الله تعالى عرض خلافة الأرض على الملائكة والجبال، بل هو خطأ بيِّن، ينزه كلام الله عنه. ولعل السائل اختلطت عليه مسألة الخلافة بعرض الأمانة التي ورد ذكرها في موضع آخر من سورة الأحزاب، حيث قال تعالى: "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا" [الأحزاب: 72] ، والمراد بالأمانة هنا ـ كما ذكر ابن كثير وغيره ـ التكاليف، وقبول الأوامر والنواهي بشرطها، وهو إن قام بذلك أثيب، وإن تركها عوقب. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ربط النصوص الدينية بالظواهر الطبيعية

ربط النصوص الدينية بالظواهر الطبيعية المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 27/12/1424هـ السؤال قرأت مقالاً في أحد المنتديات: ذكر علماء الفلك أن كوكب المريخ قد تباطأت سرعته في الاتجاه الشرقي في الأسابيع القليلة الماضية، حتى وصل إلى مرحلة التذبذب ما بين الشرق والغرب، وفي يوم الأربعاء 30 يوليو توقفت حركة المريخ عن السير في الاتجاه الشرقي، وبعد ذلك في شهري أغسطس وسبتمبر تحول المريخ بالانطلاق بشكل عكسي نحو الغرب، وذلك إلى نهاية شهر سبتمبر، وذلك يعني أن الشمس تشرق الآن من مغربها على المريخ، وهذه الظاهرة العجيبة تسمى retrograde motion أو الحركة العكسية، ويقول العلماء إن كل الكواكب سوف تحدث لها هذه الظاهرة مرة على الأقل، ومن بينها كوكبنا (كوكب الأرض) ، سوف تحدث له هذه الحركة العكسية يوماً ما، وسوف تشرق الشمس من مغربها، وقد يكون هذا الأمر قريباً ونحن غافلون.

قد قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم- إن من علامات الساعة الكبرى أن تشرق الشمس من مغربها، وعندما يحدث ذلك لا تقبل التوبة، والعجيب أن علماء الشريعة قد ذكروا أن طلوع الشمس من المغرب يحدث فقط مرة واحدة يوم الطلوع، ثم تعود إلى الطلوع من المشرق وتستمر هكذا إلى أن يشاء الله، وهذا مشابه لما يحدث في المريخ، فإنه يتوقف ويعكس الاتجاه لفترة بسيطة ثم يعود كما كان، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله –تعالى- يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه مسلم. إن هذا الخبر على خطورته فإنه يفتح أبوابا للدعوة سواء للمسلمين الغافلين أو الكفار، فعندما نعرض هذه الأحاديث التي ذكرت تلك الظاهرة قبل 1400 سنة، فسوف يدخل في الإسلام خلقٌ كثيرٌ، وأما المسلمون فقد رأوا أن هذا الأمر حدث للمريخ، وما يدرينا لعله مقدمة لما سيحدث على كوكبنا في القريب العاجل. وسؤالي: هل هذا الكلام صحيح؟ فنحن من كثرة ما نسمع من أحاديث آخر الزمان أصبحنا لا نعرف الحق من الكذب. أفيدونا جزاكم الله خيراً مع أملي بأن تلحقون الإجابة بعلامات الساعة الكبرى بالترتيب. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:

تبدو النجوم للراصد الأرضي ثابتة على مر الأعوام نتيجة لبعدها الشديد، ولذا اتخذت منذ القدم علامات ثابتة يهتدي بها المسافرون، بينما تتغير مواقع الكواكب ويمكن رصد حركتها أمام النجوم، ولذا سميت بالسيارات، ومن المعلوم فلكياً أن الأرض هي الكوكب الثالث بالنسبة للشمس، ويسبقها عطارد والزهرة وتليها مجموعة الكواكب الخارجية التي منها المريخ والمشترى وزحل، وقد لوحظ منذ القدم أن السيارات الخارجية تنكص حركتها دورياً، فيقف تقدمها حول الشمس ظاهرياً وتبدو متراجعة، وقد فسرت تلك الظاهرة حديثاً على أساس أنها ذات مدارات أكبر من الأرض وسرعات أقل، ولذا تبدو دورياً متراجعة، بينما تنعدم تلك الحركة التناقصية الظاهرية في حالتي عطارد والزهرة؛ لأن مداريهما أصغر وسرعتهما أكبر، وفي الحقيقة أن حركة جميع الكواكب لا تتوقف سواء حول الشمس أو حول نفسها، وهذه الحركة التراجعية الظاهرية للكواكب معلومة لدى المفسرين - رحمهم الله- حتى إن بعضهم فسر بها قول الله - جل وعلا-: "فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس" [التكوير: 15-16] باعتبار أنها جوار أي سيارات والخنس النكوص والتراجع، وتراجع المريخ حالياً ليس إذاً ظاهرة غير معلومة سابقاً لننزل عليها أحاديث آخر الزمان، بل إحدى سنن الله المعتادة في خلقه، وينبغي الحذر والحيطة عند ربط النصوص الدينية بالظواهر الطبيعية أو الاجتماعية؛ لأن التعجل بإنزالها على الواقع بلا بينة مجازفة وشهادة بغير علم، وقد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه خاصة مع ترصد من ينتظر زلة ليطعن في نصوص الوحي. والله -تعالى- أعلم.

هل أمر إبليس بالسجود لآدم؟!

هل أمر إبليس بالسجود لآدم؟! المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 23/9/1424هـ السؤال يقول الله -جل وعلا- "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" [الكهف: من الآية50] ، السؤال: عندما وجه الله -جل وعلا- الأمر بالسجود وجهه إلى الملائكة، ولم يوجهه إلى الجن، فإبليس لم يسجد وهو غير مقصود في ظاهر الآية، إذاً كيف يؤاخذ الله إبليس وهو لم يؤمر بالسجود، حيث قال تعالى: "وإذ قال ربك للملائكة ... " ثم قال سبحانه:"إلا إبليس كان من الجن، ففسق عن أمر ربه"، آمل من فضيلتكم التكرم ببيان الإجابة عن هذه الشبهة، وفقكم الله وسدد خطاكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد

أيها الأخ الفاضل، حسنٌ أن سميت هذه المسألة بأنها شبهة، والتحقيق في هذا الأمر واضح لو أنك نظرت إلى قوله تعالى:" وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِين [ٍ الأعراف: 12] ، فهذه الآية نصٌّ صريح على دخوله في الأمر بالسجود مع الملائكة، ولو كان الأمر كما قلت لكان إبليس أولى من يحتجُّ بهذا، وهو لم يفعل، بل قال: أنا خير منه ... إلخ، ففهم أنه مأمور بهذا الخطاب، وإن لم يكن من الملائكة. والسؤال الذي يرد: إذا كان إبليس مأمورًا بالسجود كما نصَّت الآيات، فكيف يُدركُ دخوله في الخطاب، ولم يرد توجيه الأمر إليه مباشرة؟ فالجواب أن يقال: إن ذلك جاء على صيغة تغليب الأكثر وتوجيه الخطاب إليه، فإبليس فردٌ والملائكة جمعٌ كثيرٌ، فذُكروا بالأمر بالسجود دونه من باب التغليب وهو أسلوب عربي عريق، قد جاء كثيرًا في نصوص القرآن والسنة ولغة العرب، والله الموفق. ومن باب الفائدة فيما يتعلق بأصل إبليس وما وقع له في السماء يحسن أن تراجع ما كتبه الشيخ الفاضل عبد الله بن عبد العزيز السبتي تحت عنوان (الجن والشياطين سلالة من؟) ، في خزانة الفتاوى من الموقع نفسه تحت باب تفسير آيات وسور من القرآن، وأسأل الله لي ولك التوفيق.

كيف كان المخذلون إخوانا للغزاة؟

كيف كان المخذّلون إخواناً للغزاة؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 5/1/1425هـ السؤال أصحاب الفضيلة: يقول الباري - علا وجل - "يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض ... " الآية، كما يقول الله -تعالى-: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين" "،والإشكال الجامع بين هاتين الآتين: كيف كان المثبطون والمخذلون في الآية الأولى إخوانًا للضاربين والغزاة، مع أن الله -تعالى- حكم بكفرهم، بدليل أن الآية الثانية الأخوة فيها بإقامة الصلاة والزكاة، والأخوة لا تكون إلا بين المسلمين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ليس المراد من الآية ما ذكرت، والذي ذكره أهل التفسير في تأويل قوله -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزّىً لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا" [آل عمران: من الآية156] ، أن الآية فيها نهي للمؤمنين أن يقولوا لإخوانهم المؤمنين أو عن إخوانهم المؤمنين ما قاله الكفار، أو يقولونه عن إخوانهم في الكفر أو النفاق، أو النسب، واقرأ إن شئت كلام إمام المفسرين أبي جعفر الطبري - رحمه الله- في تفسير هذه الآية (4/146) ، إذ قال: (يعني بذلك -جل ثناؤه- يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وأقروا بما جاء به محمد من عند الله لا تكونوا كمن كفر بالله وبرسوله- صلى الله عليه وسلم- فجحد نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم- وقال لإخوانه من أهل الكفر إذا ضربوا في الأرض فخرجوا من بلادهم سفراً في تجارة أو كانوا غزى، يقول أو كان خروجهم من بلادهم غزاة فهلكوا فماتوا في سفرهم، أو قتلوا في غزوهم، لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا، يخبر بذلك عن قول هؤلاء الكفار أنهم يقولون لمن غزا منهم فقتل أو مات في سفر خرج فيه طاعة لله، أو تجارة لو لم يكونوا خرجوا من عندنا، وكانوا أقاموا في بلادهم ما ماتوا وما قتلوا) ا. هـ، كلامه، وقال ابن الجوزي - رحمه الله- (1/484) ، قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا"، أي كالمنافقين الذين قالوا لإخوانهم في النفاق وقيل إخوانهم في النسب. والله أعلم.

شبهة التعارض بين آيات خلق السموات والأرض

شبهة التعارض بين آيات خلق السموات والأرض المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 28/3/1425هـ السؤال هذا سؤال من شخص غير مسلم: يقول هناك تناقض في القرآن بخصوص الخلق. أول تعارض موجود في القرآن يتعلق بما بدأ خلقه أولا السماء أم الأرض؟ ففي سورة فصلت:"خلق الأرض في يومين" ثم قال: "فقضاهن سبع سموات في يومين". ثم قال تعالى: "هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات" وقال:" ثم استوى إلى السماء وهي دخان ... فقضاهن" وهذا يعارض:"الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش....وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا". فالآيات الأولى تبين أن الأرض خلقت أولا لكن في الآيات التالية ذكر تعالى أن السماء خلقت أولا. ومن ناحية أخرى هناك تساؤل عن عدد الأيام التي تم فيها الخلق. "الذي خلق الأرض في يومين ... وجعل فيها رواسي من فوقها ... وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام....إلى أن قال: فقضاهن سبع سموات في يومين" (سورة فصلت) فيكون عدد الأيام 2+4+2= 8 أيام وهذا ما يعارض ما ورد في سورة هود: "وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام" والآية رقم 3 من سورة يونس: "إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام" وكذلك الآية رقم 54 من سورة الأعراف:"إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام" ففي الآيات الأولى نص على مرور ثمانية أيام على اكتمال الخلق وفي المجموعة الثانية ستة أيام فقط. أرجو التكرم بتوضيح هذه المسألة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم

الآيات التي ذكرها السائل لا تعارض بينها لمن عرف دلالات اللغة العربية، أما الآيات الأول فهي دالة على أن خلق الأرض قبل السماء، وهذا واضح، أما قوله تعالى: "اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً" [الرعد: 2-3] ، فهذه الآية ليس فيها ما يدل على أن السماء خلقت أولاً قبل الأرض لمجرد أنها عطفت عليها بالواو، فإنه مما هو معلوم في لغة العرب أن العطف بالواو – بمجرده- لا يقتضي الترتيب بين المعطوفات، فإننا قد نقول: جاء علي وأحمد، وليس معنى ذلك أن أحمد جاء بعد علي، وسياق الآيات السابقة في بيان قدرة الله –تعالى- وعظيم خلقه، وليست في بيان ما خلق أولاً.

ثم اعلم أن ظاهر القرآن الكريم قد دل على أن الله -جل في علاه- قد خلق الأرض أولاً ثم خلق السماء ثم دحا الأرض - أي أخرج منها ماءها ومرعاها- ويدل لذلك قوله -تعالى-: "قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" [فصلت: من الآية9-12] ،وقوله تعالى: "أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا" [النازعات:27] . وأما عدد الأيام التي تم فيها الخلق فهي ستة؛ كما نص على ذلك القرآن الكريم في كثير من الآيات، ونصت على ذلك الكتب السماوية السابقة، وأما قوله: "قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ ... " [فصلت: من الآية9-12] ، فهو تفصيل لثلث الأيام الستة، حيث أخبر تعالى أنه خلق الأرض في يومين، وأخبر أنه خلق ما فيها من الجبال وقدر الأقوات في يومين آخرين، فالمجموع أربعة أيام، وهي المذكورة بقوله: "في أربعة أيام سواء للسائلين"، وليس المقصود أن جعل الرواسي وتقدير الأقوات فقط في أربعة أيام، بل المقصود أن هذا مع خلق الأرض كله في أربعة أيام، وأن خلق السماوات في يومين، فيكون المجموع ستة أيام، والله الهادي إلى سواء السبيل. والله أعلم.

الجواب عن هذه الشبهة في خلق القرآن

الجواب عن هذه الشبهة في خلق القرآن المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 01/06/1427هـ السؤال عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله "يا أبا المنذر: أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ ". قال قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "يا أبا المنذر: أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ ". قال قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم. قال: فضرب في صدري، وقال: "والله ليهنك العلم أبا المنذر". ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده إن لها لساناً وشفتين، وتسبح الله وتحمده عند قدمي العرش". فأنا أؤمن أن القرآن هو كلام الله غير مخلوق، لكن ألا يحتج من يقولون بخلق القرآن بمثل هذا الحديث على صحة مذهبهم؟ إذ كيف لكلام الله أن يكون له لسان وشفتان تسبح الله وتحمده عند قدمي العرش؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن مما لا شك فيه ولا ريب أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، ونؤمن ونعتقد ذلك، كما أن السائل كذلك، وهذا محل إجماع بين أهل السنة والجماعة، فقد جاء في شرح العقيدة الطحاوية ما نصه: (وبالجملة فأهل السنة كلهم من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم من السلف والخلف متفقون على أن القرآن كلام الله غير مخلوق) . انتهى. قال تعالى: "وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ" الآية [التوبة:6] . هذا وما ذكره السائل من أنه قد يحتج من يقول: بخلق القرآن بمثل قوله صلى الله عليه وسلم عن آية الكرسي: "والذي نفسي بيده إن لها لساناً وشفتين، وتسبح الله وتحمده عند قدمي العرش".

نقول: إن المقصود بهذا الحديث وأمثاله مما ورد عن فضل القرآن، أو بعض سوره، أو آياته، المراد بذلك ثواب العمل، كما قرره أهل العلم، كالترمذي، فقد جاء في جامع الترمذي، في باب ما جاء في آل عمران، في الحديث (2884،2883) عن نواس بن سمعان –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي القرآن وأهله الذين يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران". قال نواس: وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بَعْدُ، قال: "تأتيان كأنهما غيابتان وبينهما شرق، أو كأنهما غمامتان سوداوان، أو كأنهما ظلة من طير صواف تجادلان عن صاحبهما" قال الترمذي: ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم: أنه يجئ ثواب قراءته. كذا فَسَّر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث أنه يجئ ثواب قراءة القرآن، وفي حديث نواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما فسروا. إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم "وأهله الذين يعملون به في الدنيا" ففي هذا دلالة أنه يجئ ثواب العمل. وأخبرني محمد بن إسماعيل: أخبرنا الحميدي قال: قال: سفيان بن عيينة في تفسير حديث عبد الله بن مسعود: ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي. قال سفيان: لأن آية الكرسي هو كلام الله وكلام الله أعظم من خلق الله من السماء والأرض". انتهى بنصه. هذا وجاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي) 8/194) ما نصه: (تجادلان عن صاحبهما) أي: تحاجان عنه، كما في رواية، والمحاجة: المخاصمة وإظهار الحجة. وصاحبهما هو المستكثر من قراءتهما وظاهر الحديث أنهما يتجسمان حتى يكونا كأحد هذه الثلاثة التي شبهها بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يقدرهما الله -سبحانه وتعالى- على النطق بالحجة. وذلك غير مستبعد من قدرة القادر القوي الذي يقول للشيء كن فيكون. ا. هـ

قلت ومما تقدم يتضح المراد، فالله سبحانه وتعالى يجعل من كلامه الذي أنزله على عباده أجساماً قادرة على النطق بقدرة القادر جل جلاله، تُحاجُّ عن صاحبها المستكثر من القراءة لتلك السور أو الآيات، وكما أن الأعمال والتي منها الأقوال؛ كالذكر، وقراءة القرآن، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك توزن يوم القيامة، وتوضع في كفتي الميزان فتكون كالأعراض. فالله على كل شيء قدير. هذا ما أردت إيضاحه وقد أطلت الجواب عن هذا السؤال لأهميته. والله أعلم.

حول قوله تعالى: "وحملناهم في البر والبحر"

حول قوله تعالى: "وحملناهم في البر والبحر" المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 08/11/1426هـ السؤال ذكر الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم في سورة الإسراء، الآية70 "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ... الخ". سؤالي: لماذا لم يذكر الله (الجو) ، أليست الطائرات تحملنا مثل السفن؟ أفيدونا مأجورين. الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فإن هذه الآية الواردة في السؤال جاءت في سياق الامتنان على بني آدم، ولفظ (حملناهم) يشتمل على الفعل الماضي، وإلى حين نزول هذه الآية لم يكن هناك طائرات تحمل الناس في الجو، فليس من المناسب الامتنان عليهم بشيء لم يقع. بل لو أخبروا بذلك في ذلك الوقت لكذبوا به، كما كذبوا بالإسراء والمعراج؛ لبعدهما عن الواقع الذي يعيشونه في ذلك التاريخ. لكن تعال وانظر إلى قول الله -سبحانه وتعالى- في سياق الامتنان أيضاً، ولكن مع الإشارة إلى المستقبل: "والأنعام خلقها" إلى قوله: "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون" [سورة النحل: 5-8] . فقد اشتمل قوله تعالى: "ويخلق ما لا تعلمون". على الطائرات وغيرها مما يصل إليه تطور العلم الحديث في الحاضر والمستقبل. ولا يغبْ عن ذهنك أن لفظ (يخلق) فعل مضارع، ودلالته الأصلية على الزمان المستقبل، بينما لفظ (حمل) فعل ماض - كما سبق- ودلالته الأصلية على ما مضى من الزمان. وفي هذا أروع نماذج الدقة والمصداقية في التعبير، وهو أمر لا يمكن تذوقه إلا لمن أخذ بجانب من معرفة دلالات الألفاظ وأساليب العربية؛ لأن القرآن (بلسان عربي مبين) . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حول قوله تعالى: "وحملناهم في البر والبحر" المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 08/11/1426هـ السؤال ذكر الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم في سورة الإسراء، الآية70 "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ... الخ". سؤالي: لماذا لم يذكر الله (الجو) ، أليست الطائرات تحملنا مثل السفن؟ أفيدونا مأجورين. الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فإن هذه الآية الواردة في السؤال جاءت في سياق الامتنان على بني آدم، ولفظ (حملناهم) يشتمل على الفعل الماضي، وإلى حين نزول هذه الآية لم يكن هناك طائرات تحمل الناس في الجو، فليس من المناسب الامتنان عليهم بشيء لم يقع. بل لو أخبروا بذلك في ذلك الوقت لكذبوا به، كما كذبوا بالإسراء والمعراج؛ لبعدهما عن الواقع الذي يعيشونه في ذلك التاريخ. لكن تعال وانظر إلى قول الله -سبحانه وتعالى- في سياق الامتنان أيضاً، ولكن مع الإشارة إلى المستقبل: "والأنعام خلقها" إلى قوله: "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون" [سورة النحل: 5-8] . فقد اشتمل قوله تعالى: "ويخلق ما لا تعلمون". على الطائرات وغيرها مما يصل إليه تطور العلم الحديث في الحاضر والمستقبل. ولا يغبْ عن ذهنك أن لفظ (يخلق) فعل مضارع، ودلالته الأصلية على الزمان المستقبل، بينما لفظ (حمل) فعل ماض - كما سبق- ودلالته الأصلية على ما مضى من الزمان. وفي هذا أروع نماذج الدقة والمصداقية في التعبير، وهو أمر لا يمكن تذوقه إلا لمن أخذ بجانب من معرفة دلالات الألفاظ وأساليب العربية؛ لأن القرآن (بلسان عربي مبين) . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

استراق الجن للسمع

استراق الجن للسمع المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 17/04/1427هـ السؤال سؤالي بخصوص قوله تعالى في سورة الجن "وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدًا" بحسب ما فهمته منها فإن الجن كانوا يسترقون السمع من السماء، وبهذا تمكنهم مساعدة العرافين وإخبارهم بالغيب. وبعد بعثة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يقدر الجن على سرقة أي معلومات من السماء، لكل من قراءتي لتفسير ابن كثير فهمتُ أن الجن قد حجبوا وقت تنزيل القرآن حماية له، ثم أخلي عنهم بعد ذلك، ويمكنهم الآن سماع ما يدور في السماء كما كان الوضع قبل نزول القرآن. فهل فهمي صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قال الله تعالى: "وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ" [الحجر:16-18] . وقال تعالى: "إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ" [الصافات:6-10] .

ففي هذه الآيات دلالة على أن السماء محفوظة محروسة من الشياطين، فلا ينفذون منها ولا ينالون منها شيئاً، إلا ما يخطفه مسترق السمع من كلام الملائكة مما أوحى الله به، وتكلم به، فيصيب الملائكة من ذلك الغشي، فإذا أفاقوا تساءلوا عما قال الله، فيخبرون بذلك كما قال تعالى: "حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ" [سبأ:23] . ومسترق السمع إذا سمع شيئاً من كلام الملائكة ألقاه إلى من تحته، ثم يلقيه الآخر إلى من تحته، إلى أن تبلغ الكاهن، ولابد أن يرمى مسترق السمع بالشهاب المحرق، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقي الكلمة، وربما ألقاها قبل أن يدركه، كما ثبت في صحيح البخاري (4800) عن أبي هريرة –رضي الله عنه-: قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق وهو العلي الكبير. فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض -ووصف سفيان (أحد رواة الحديث) بكفه فحرفها، وبدد بين أصابعه- فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهابُ قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذبُ معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا: يوم كذا وكذا، كذا وكذا، فَيُصَدَّقُ بتلك الكلمة التي سمع من السماء". وأما قوله تعالى: "وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا " [الجن:8-9] .

فهذا خبر من الله عن الجن أنهم قالوا ذلك، وكلامهم هذا يدل على أنهم كانوا أولاً يتمكنون من الاستماع، ثم حيل بينهم وبين ذلك بسبب تشديد الحراسة على السماء، ومضاعفة الرمي بالشهب، وذلك عندما يوحى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حفظاً للوحي من أن تدرك الشياطين شيئاً منه، أو تخطف منه كلمة، وهذا الأمر مختص بوقت نزول القرآن مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: إن حجب الشياطين عن استراق السمع مستمر، فهم الآن لا يستطيعون أن يقتربوا من السماء، وأن يسترقوا شيئا من كلام الملائكة. وقال بعض العلماء: إن عزل الشياطين عن قربان السماء واستراق السمع مختص بوقت نزول الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- صيانة وحفظا لما كان ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- من الكتاب والحكمة، ولما انقطع الوحي بوفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- عاد الأمر إلى ما كان عليه. وهذا والله أعلم- أظهر، وهو الذي ذكرته عن الإمام ابن كثير رحمه الله. والله أعلم.

ما الفرق بين التفسير الظاهري والباطني للقرآن؟!

ما الفرق بين التفسير الظاهري والباطني للقرآن؟! المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 24/05/1427هـ السؤال ما الفرق بين تفسير القرآن الظاهري والباطني؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالتفسير الظاهري للنص هو المعتبر في كل لغة، وكل كلام إنما يفسر حسب الظاهر المتبادر لقارئ الألفاظ ومستمع الكلام. والقرآن كذلك نزل باللسان العربي، قال تعالى: "إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" [يوسف:2] , وقد بيّن الله تعالى أيضا أن هذا القرآن: بيان وهدى ورحمة وفرقان، وهذه الصفات تعني أن يحمل على ظاهر لفظه، ولا يمكن أن يكون الكلام المحمول على غير الظاهر هاديا وبيانا، ولو حمل كل إنسان القرآن على معنى غير ظاهر من اللفظ لزالت عن القرآن صفة الهداية والبيان والرحمة والفرقان، وإذا زالت عنه هذه الصفات فلا يرجى أن يعقل ما فيه ولا أن يفهم ما يحويه وذلك معنى قوله: "لعلكم تعقلون" بعد قوله: "عربيا". ونقل السيوطي في الإتقان في علوم القرآن (2/485) قول النسفي: النصوص على ظاهرها، والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن إلحاد. وقول التفتازاني: سميت الملاحدة باطنية؛ لادعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها، بل لها معان باطنية لا يعرفها إلا المعلم، وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية. ا. هـ والتفسير الباطني: داخل تحت تحريف الكلام عن مواضعه، ووضع للأدلة في غير مواضعها، وهو تَقَوُّلٌ على الله تعالى ما لم يقل، وبهتان مبين، وانحراف عن جادة السبيل. ومن ذلك تفسير قوله تعالى: "وكلم الله موسى تكليما" [النساء:164] . قال بعض المعتزلة المنكرين لكلام الله: كلمه بأظفار المحن، أي جرح قلبه بالحكم والمعارف تجريحا. وقام بعضهم بتحريف إعراب لفظ الجلالة من الرفع على أنه فاعل، إلى النصب على أنه مفعول به هكذا: وكلم اللهَ موسى تكليما.

فالتحريف الأول تحريف معنوي للفظ، والتحريف الثاني لفظي. قال النحاس: أجمع النحويون على أن الفعل إذا أكد بالمصدر لم يكن مجازا، فإذا قال: تكليما. وجب أن يكون كلاما على الحقيقة التي تعقل. ومما يردّ عليهم هذا التحريف قوله تعالى في موضع آخر: "ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه" [الأعراف:143] . قال الزرقاني في مناهل العرفان في علوم القرآن (2/55) : ومذهب الباطنية على عمومه وباء انتقل إليهم بطريق العدوى من المجوس. ومن تأويلاتهم الفاسدة في القرآن أنهم يقولون في تفسير قوله تعالى: "وورث سليمان داود" [النمل:16] . إن الإمام عليا ورث النبي في علمه. ويقولون: معنى الجنابة: إنها مبادرة المستجيب بإفشاء السر قبل أن ينال رتبة الاستحقاق، ومعنى الغسل: تجديد العهد على من فعل ذلك. ومعنى الطهارة: التبري من اعتقاد كل مذهب سوى متابعة الإمام، ومعنى التيمم: الأخذ من المأذون إلى أن يشاهد الداعي الإمام، ومعنى الصيام: الإمساك عن كشف السر، ويقولون: إن الكعبة هي النبي صلى الله عليه وسلم، والباب: علي، والصفا: هو النبي، والمروة: علي، ونار إبراهيم: هي غضب النمرود عليه، وعصا موسى: هي حجته ... إلى غير ذلك من الخرافات التي لا يقبلها عقل ولا يؤيدها نقل. وهذه التأويلات الفاسدة من أشد وأنكى ما يصاب به الإسلام والمسلمون؛ لأنها تؤدي إلى نقض بناء الشريعة حجرا حجرا، وإلى الخروج من ربقة الإسلام، وحل عراه عروة عروة، ولأنها تجعل القرآن والسنة فوضى فاحشة يقال فيهما ما شاء الهوى أن يقال، كأنهما لغو من الكلام أو كلأ مباحاً للبهائم والأنعام، وأخيرا ينفرط عقد المسلمين ويكون بأسهم بينهم من جراء هذا العبث بتلك الضوابط الدينية الكبرى والحوافظ الأدبية العظمى وما دام لكل واحد أن يفهم من القرآن ما شاء له الهوى والشهوة دون اعتصام بالشريعة ولا التزام لقواعد اللغة لم يعد القرآن قرآنا وإنما الهوى والشهوة فحسب ...

وأما التفسير الإشاري، فهو تأويل القرآن بغير ظاهره، لإشارة خفية تظهر لأرباب السلوك والتصوف، ويمكن الجمع بينها وبين الظاهر المراد أيضا ... كقول بعضهم في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار" [التوبة:123] : إن المراد النفس، يريدون أن علة الأمر بقتال من يلينا هي القرب وأقرب، شيء إلى الإنسان نفسه. قال الزرقاني في مناهل العرفان في علوم القرآن (2/57) : ومن هنا يعلم الفرق بين تفسير الصوفية المسمى بالتفسير الإشاري وبين تفسير الباطنية الملاحدة، فالصوفية لا يمنعون إرادة الظاهر، بل يحضون عليه، ويقولون: لا بد منه أولا، إذ من ادعى فهم أسرار القرآن ولم يحكم الظاهر، كمن ادعى بلوغ سطح البيت قبل أن يجاوز الباب، وأما الباطنية فإنهم يقولون: إن الظاهر غير مراد أصلا، وإنما المراد الباطن، وقصدهم نفي الشريعة. ا. هـ وقد اختلف العلماء في هذا التفسير الإشاري، فمن منعه قال خشية الوقوع في التقول على الله بغير علم ولا هدى. ومن أجازه شرط في ذلك سبعة شروط: الأول: ألا يكون التفسير الإشاري يتنافى وما يظهر من معنى النظم القرآني. الثاني: ألا يدعى أنه هو المراد وحده دون الظاهر، أو باقي وجوه التفسير. الثالث: ألا يكون له معارض شرعي أو عقلي. الرابع: ألا يكون مبنيا على نصرة البدعة ونشر الهوى. الخامس: ألا يكون له شاهد شرعي يؤيده. فلا يكون بهذا إشاريا. السادس: ألا تؤخذ الأحكام عن طريق التفسير الإشاري لعدم الدليل الواضح عليها.. وما يستفاد منها فهو في مجال الأخلاق وسمو النفس وتقوية الإيمان وتثبيت اليقين.

السابع: ألا يتحتم على أحد الأخذ بالتفسير الإشاري..وإنما هي معاني الأسرار القرآنية تنقدح في قلب المؤمن التقي الصالح العالم، فهو إما أن يبقيها بينه وبين ربه تبارك وتعالى، وإما أن يعلم بها من غير أن يلزم بها أحدا، وهذه الشروط عند توافرها تخالف واقع التفاسير الصوفية. انظر أسباب الخطأ في التفسير (2/742-743) . وقال ابن تيمية في الفتاوى (13/241) : وجماع القول في ذلك أن هذا الباب نوعان: أحدهما: أن يكون المعنى المذكور باطلا، لكونه مخالفا لما علم، فهذا في نفسه باطل، فلا يكون الدليل عليه إلا باطلا؛ لأن الباطل لا يكون عليه دليل يقتضي أنه حق. والثاني: ما كان في نفسه حقا، لكن يستدلون عليه من القرآن والحديث بألفاظ لم يُرَدْ بها ذلك، فهذا الذي يسمونه إشارات..ثم قال: وأما النوع الثاني فهو الذي يشتبه كثيرا على بعض الناس فإن المعنى يكون صحيحا لدلالة الكتاب والسنة عليه، ولكن الشأن في كون اللفظ الذي يذكرونه دل عليه وهذان قسمان: أحدهما: أن يقال: إن ذلك المعنى مراد باللفظ فهذا افتراء على الله، فمن قال: المراد بقوله: (تذبحوا بقرة) : هي النفس، وبقوله: (اذهب إلى فرعون) : هو القلب، (والذين معه) : أبو بكر، (أشداء على الكفار) : عمر، (رحماء بينهم) : عثمان، (تراهم ركعا سجدا) : علي. فقد كذب على الله إما متعمدا وإما مخطئا. والقسم الثاني: أن يجعل ذلك من باب الاعتبار والقياس، لا من باب دلالة اللفظ، فهذا من نوع القياس، فالذي يسميه الفقهاء قياسا هو الذي يسميه الصوفية إشارة، وهذا ينقسم إلى صحيح وباطل كانقسام القياس إلى ذلك:

فمن سمع قول الله تعالى: "لا يمسه إلا المطهرون" [الواقعة:79] ، وقال: إنه اللوح المحفوظ، أو المصحف، فقال: كما أن اللوح المحفوظ الذي كتب فيه حروف القرآن لا يمسه إلا بدن طاهر، فمعاني القرآن لا يذوقها إلا القلوب الطاهرة، وهي قلوب المتقين، كان هذا معنى صحيحا واعتبارا صحيحا؛ ولهذا يروى هذا عن طائفة من السلف. قال تعالى: "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" [البقرة:1-2] . وقال: "هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين" [آل عمران:138] . وقال: "يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام" [المائدة:16] وأمثال ذلك. وكذلك من قال:"لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا جنب " فاعتبر بذلك أن القلب لا تدخله حقائق الإيمان إذا كان فيه ما ينجسه من الكبر والحسد فقد أصاب، قال تعالى: "أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم" [المائدة:41] . وقال تعالى: "سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا" [الأعراف:146] وأمثال ذلك ا. هـ. والله أعلم.

هل هذه الآية حرز من العين؟

هل هذه الآية حرز من العين؟ المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 05/04/1427هـ السؤال هل يصح الاستدلال بقوله تعالى: "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله" كدليل بأن قول "ما شاء الله لا قوة إلا بالله" يزيل العين، أم أن هذه الآية دليل على وجوب شكر النعمة فقط؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالآية لا شك أنها دالة على وجوب شكر النعمة، إذ فيها اعتراف بأن ما عند العبد فهو من الله، وفيها تبرؤ من الحول والقوة إلا به تعالى. كما أنه ينبغي لمن رأى شيئاً يعجبه أن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "هلا إذا رأيت ما يعجبك برّكت". مسند أحمد (15413) ، وسنن ابن ماجه (3509) . فينبغي لمن رأى ما يعجبه -له أو لغيره- أن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية: "وأما العلاج للعائن فإذا رأى ما يعجبه فليذكر الله وليبرك كما جاء في الحديث: "هلا إذا رأيت ما يعجبك برّكت" فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. ويدعو للشخص بالبركة". ا. هـ.

وقال ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: "ولهذا قال بعض السلف: من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة، وقد روي فيه حديث مرفوع أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي في "مسنده". حدثنا جراح بن مخلد: حدثنا عمر بن يونس: حدثنا عيسى بن عون: حدثنا عبد الملك بن زرارة، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فيرى فيه آفة دون الموت". وكان يتأول هذه الآية: "وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" [الكهف:39] . قال الحافظ أبو الفتح الأزدي: عيسى بن عون عن عبد الملك بن زرارة عن أنس لا يصح حديثه. ا. هـ كلام ابن كثير. والله أعلم.

مسائل متفرقة

المجاز في القرآن المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 24/7/1422 السؤال ما حكم تأول المجاز عند تفسير القرآن فنقول مثلا عند تفسير قوله تعالى: ((إن الأبرار لفي نعيم)) إن استعمال النعيم في الآية مجاز؛ لأن النعيم لايحلَّ فيه الإنسان لأنه معنى من المعاني، وإنما أطلق فيه الحال وأريد المحل، وهل يعتبر المجاز في القرآن من باب القول على الله بغير علم؟ الجواب مسألة تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز من المسائل التي نقل الخلاف فيها قديماً، وجماهير أهل العلم من المفسرين، والأصوليين، وأهل اللغة على إثباته، ولايفرقون بين مورده في اللغة، ومورده في القرآن الكريم، وفيهم أئمة لهم قدم صدق في تقرير عقيدة السلف والذود عنها. والذين ذهبوا إلى نفي المجاز -خصوصاً من أهل السنة- حملهم على ذلك مارأوه من تسلط المبتدعة بدعوى المجاز على نصوص الوحيين، فعطلوها عن دلالاتها في مسائل الغيبيات، وصفات الخالق -عز وجل- خصوصاً. وفي الحق، فإن القول بالمجاز لاخطر وراءه، ذلك أن الأصل في الكلام أن يحمل على حقيقته إلا بقرينة بإجماع أهل العلم، ولا قرينة تصحّح قول المعطل، وإنما أُتوا من توهّم كيفيات معينة لتلك النصوص، ثم سلّطوا التأويل عليها لدفع توهمهم الفاسد. على أن تلك الأخبار المتعلقة بالله -تعالى- لاتقبل دعوى المجاز من جهة اللغة وتراكيب الكلم، وهذا مبسوط تقريره في كلام أهل السنة -والحمد لله-. والمقصود أنه لاضير من القول بالمجاز، ولايعدّ من القول على الله بغير علم، إذ القرآن الكريم نزل بلغة العرب، فجرى على طرائقهم في التعبير، وأساليبهم في تركيب الكلم، وإنما يكون قولاً على الله بغير علم إذا تعلق بأمور غيبية لاتدرك، ولم تشاهد تُعطل عن ظواهرها، ويُلحد فيها. بقي أن يقال: إن الأسلوب المجازي ضرورة لبقاء أي لغة وحياتها، إذ الألفاظ وإن كثرت فهي محدودة لا تستوعب كل ما يطرأ من المعاني في حياة الناس، ومن تأمل هذا الأمر زال عنه - بإذن الله - كل تردد في هذه المسألة، والله ولي التوفيق.

هل البسملة آية من الفاتحة

هل البسملة آية من الفاتحة المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 10/8/1422 السؤال هل البسملة آية من آيات سورة الفاتحة، وهل تجب قراءتها في كل ركعة من الصلاة؟ الجواب ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية هذه المسألة في الفتاوى (22/276 - 279، 406 - 408) . وخلاصة ما ذكره - رحمه الله - أن العلماء اختلفوا في ذلك على أقوال: الأول: أنها ليست آية من القرآن إلا في سورة النمل، وأن ذكرها في أول السور على سبيل التبرك. الثاني: قال طائفة منهم الشافعي: إنها آية من كل سورة، ولهم على ذلك أدلة منها أن الصحابة لم يكتبوها في المصحف مع تجريدهم للمصحف عما ليس من القرآن إلا وهي من السورة. الثالث: قال أكثر فقهاء الحديث كأحمد ومحققي أصحاب أبي حنيفة: إنها من القرآن للعلم بأنهم لم يكتبوا فيه ما ليس بقرآن، لكن لا يقتضي ذلك أنها من السورة، فقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" نزلت عليّ آنفاً سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر ... ". وثبت في الصحيح أن أول ما جاء الملك بالوحي قال:" اقرأ باسم ربك الذي خلق ... الآيات " فهذا أول ما نزل، ولم ينزل قبل ذلك بسم الله الرحمن الرحيم، وثبت في السنن أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:" سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك "وهي ثلاثون آية بدون البسملة. فمجموع هذه الأدلة يدل لهذا القول وهو أن البسملة آية في أول كل سورة وليست من السورة، وهو أوسط الأقوال وأعدلها. وأما تلاوتها في الصلاة فإن طائفة لا تقرأها سراً ولا جهراً كمالك والأوزاعي، وطائفة تقرأها جهراً كأصحاب ابن جريج والشافعي، والطائفة الثالثة المتوسطة: جماهير فقهاء الحديث يقرؤونها سراً. ولكن ينبغي مراعاة تأليف القلوب بفعل الأمر الذي لا تنكره قلوب الناس ولا تنفر منه؛ لأن مصلحة تأليف القلوب في الدين أعظم من مصلحة فعل بعض المستحبات. انتهى ملخصاً، وارجع إلى كلامه في موضعه فإنك واجد ثمة مزيد فائدة.

بأي التفاسير تنصحون؟

بأي التفاسير تنصحون؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 1/6/1422 السؤال بأي التفاسير تنصحون من ابتغى علم التفسير؟ الجواب أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله- على سؤال مشابه لسؤالك بالفتوى رقم 2677 فكانت الإجابة كالتالي: أجود كتب التفسير يختلف باختلاف طاقة القارئ ووسعه، وعلى كل حال فإن أجودَها في نفسها كتاب تفسير ابن جرير الطبري، وكتاب تفسير ابن كثير ونحوهما من كتب التفسير بالأثر، فإنها أسهل تعبيراً وأعدل في فهم المراد، وألمس لمعاني القرآن، وأقرب إلى إصابة الحق وبيان مقاصد الشريعة، مع ذكر ما يشهد لذلك من الأحاديث والآثار الثابتة، ورد المتشابه من الآيات إلى المحكم منها. ا. هـ ومما يُذكّر به أيضاً أن كتب التفسير تختلف بحسب حاجة القارىء إليها؛ فمن كان يبحث عن المسائل الفقهية، أو استنباطات ودلالات الأحكام فإن تفسير القرطبي وكتب تفسير آيات الأحكام تفيده. ومن كان يبحث عن الأمور اللغوية فإن التفاسير التي يغلب عليها هذا الجانب؛ تفسير أبي حيّان ونحوه تفيده. وهكذا بحسب الفنون التي يقصدها القارئ. ومعاني كتاب الله - عز وجل- من السعة والشمول بحيث لا يحيط بها كتاب من كتب التفسير مهما عظُم قدْر مؤلِّفه. وإن من جوانب الإعجاز التي ينبغي ألا يغفل عنها أن كل مفسر يرى أنه سيضيف جديداً في تفسيره، ويرى أن كتب التفسير التي سبقته لم توفّ ما وفّاه ويظل هذا الكتاب المعجز متجدداً بفيوض معانيه على تعاقب الأجيال، لا يخلق من كثرة الردّ. بقي أن نذكّر أن من كتب التفسير المتأخرة الميسرة المفيدة، تفسير الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي - رحمه الله -. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رفع الصوت بقراءة القرآن

رفع الصوت بقراءة القرآن المجيب محمد بن عبد العزيز العامر القاضي بمحكمة جدة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 7/4/1422 السؤال ما حكم رفع الصوت بقراءة القرآن؟ الجواب إن كان الإنسان خالياً فلا بأس (إن شاء الله تعالى) ، وإن كان هذا في المسجد، والناس يصلون فلا ينبغي مثل هذا لما فيه من التشويش على غيره، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه أحمد وأبو داوود من حديث أبي سعيد الخدري، قال: "اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له، فكشف الستر، وقال: ألا كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة". وروى مالك في الموطأ عن البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس، وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: "إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن".

إهداء قراءة القرآن للميت

إهداء قراءة القرآن للميت المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 03/09/1425هـ السؤال ما حكم قراءة القرآن الكريم وإهداء ثوابه للميت؟ هل يجوز استدعاء حفظة القرآن الكريم لنفس الغرض، مقابل إعطائهم مبلغاً غير مشروط من المال؟، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فالجواب عن السؤال الأول إن قراءة القرآن وإهداءها للميت محل خلاف بين أهل العلم، فمن العلماء من رأى أنه مشروع قال ابن أبي العز الدمشقي في شرح الطحاوية (2/673) ما نصه: (وأما قراءة القرآن وإهداؤها له أي للميت تطوعاً بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل إليه ثواب الصوم والحج) ، وجاء في الروض المربع للبهوتي الحنبلي (ص192) في آخر كتاب الجنائز ما نصه: (وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة، وصوم، وحج، وقراءة قرآن، وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم أو حي نفعه ذلك، قال أحمد: (الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه) ، وذهب كثير من أهل العلم إلى أن إهداء قراءة القرآن للميت غير مشروعٍ؛ لأنه لم يكن معروفاً في السلف ولا أرشدهم إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أرشدهم إلى الصوم، والحج، والصدقة عن الميت دون قراءة القرآن، وفي نظري أن هذا القول أرجح وأن على المهدي لميته أن يدعو له للحديث الصحيح:"إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم (1631) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والله أعلم. وأما الجواب عن السؤال الثاني فنقول: إن استئجار قوم يقرؤون القرآن وإهداءه للميت ولو لم يتفق على الأجرة من البدع المستحدثة، قال ابن أبي العز الدمشقي في شرح الطحاوية (2/672) ما نصه: (وأما استئجار قوم يقرؤون القرآن ويهدونه للميت فهذا لم يفعله أحد من السلف، ولا أمر به أحد من أئمة الدين ولا رخص فيه) ، انتهى والله أعلم.

أحاديث فضل سورة الحشر

أحاديث فضل سورة الحشر المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 23/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي بالنسبة للثلاث آيات التي في آخر سورة الحشر. سمعت أن من حافظ عليها في الصباح والمساء مات شهيداً، وقد جاء هذا الكلام عن الشيخ أبي بكر الجزائري في الراديو، وقد وجد هذا في كتاب ابن كثير، علماً أن الألباني قد ضعف الأحاديث التي وردت في ذلك، نرجو التوضيح منكم، وهل المحافظة عليها إذا كانت الأحاديث ضعيفة فيها إثم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: أقول وبالله التوفيق: إنه قد ورد غير ما حديث في فضل سورة الحشر على الخصوص، أو في فضل خواتمها، ولم يصح من هذه الأحاديث شيء، بل كلها ضعيفة أو واهية. وهناك أقوال لأهل العلم في العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، والقول الوسط الصحيح أنه لا يعمل بالحديث الضعيف إلا بشرطين: الأول: أن لا يكون شديد الضعف. الثاني: أن لا يكون الحديث الضعيف مؤسساً لحكم تكليفي (كالاستحباب أو الكراهة) غير وارد في النصوص الثابتة من الكتاب وثابت السنة. وبهذين الشرطين يتبين أن العمل بالحديث الضعيف بتحققهما ليس عملاً بالحديث الضعيف اعتماداً عليه، بل لا يتجاوز العمل به أن يكون بمعنى الاعتبار به والاستئناس، واستحضاراً للثواب الوارد فيه أو للعقاب المتوعَّد به. وبناءًَ على ذلك: فإن المحافظة على قراءة خواتيم سورة الحشر ستكون من باب اعتقاد سنيتها، ولم يأت دليل على هذه السنية؛ لأن الأحاديث في ذلك كلها ضعيفة كما سبق. ولهذا فلا يجوز أن يحافظ على قراءتها، ولا العمل بها باستحضار هذا الثواب المخصوص لهذه الآيات الخاصة. هذا والله أعلم.

أفضل طريقة لحفظ القرآن الكريم

أفضل طريقة لحفظ القرآن الكريم المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 13/3/1424هـ السؤال ما هي أحسن طريقة لحفظ القرآن؟ الجواب طريقة حفظ القرآن: (1) الإخلاص لله، والحذر من المراءاة، فأول من تسعر بهم النار من قرأ القرآن ليقال: قارئ!، وإنما يكون قصدك الأجر من الله، وأن يقال له في الآخرة: "اقرأ وارْتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها " رواه الترمذي (2914) ، وأبو داود (1464) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- ويحصل على الخيرية الواردة في قوله - صلى الله عليه وسلم-: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" رواه البخاري (5027) من حديث عثمان - رضي الله عنه- وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن لله أهلين من الناس قالوا يا رسول الله: من هم؟ قال: هم أهل القرآن أهل الله وخاصته". رواه ابن ماجة (215) بسند صحيح (2) تصحيح القراءة ما أمكن حسب الاستطاعة، مع استعمال وسائل الاتصال والأجهزة الحديثة، ولا يغني ذلك عن متقن للقراءة من جنسك. (3) تقييد المحفوظات الحالية في سجل، ومتابعة المراجعة لها خلال أسبوع أو عشرة أيام أو أسبوعين على الأكثر؛ ليبقى هذا الحفظ راسخاً. (4) ابتداء الحفظ الجديد بعد المراجعة اليومية السابقة رقم (3) فإن لم تتمكني من المراجعة فلا تحفظي! وهذا لمصلحتك طبعاً ولتسرعي في حفظ القرآن!. (5) تكرار الحفظ الجديد في نفس اليوم ما استطعت حتى يستقر. (6) تكرار الحفظ الجديد أربعة أيام متوالية، ثم إدخاله مع المراجعة العامة رقم (3) . (7) احفظي على قدر لا يحصل منه الضجر أو الملل، حتى ولو كان قليلاً والعبرة بالمواصلة، ومن سار على الدرب وصل، والمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى. (8) التزمي بمصحف رسمه واحد ولا تغيريه، وكلما كان الخط كبيراً كان الحفظ أظهر. (9) اربطي الحفظ الجديد بالقديم، فاربطي الآية الأخيرة في القديم بالحفظ الجديد. (10) استعيني بتفسير مختصر جداً، كالتفسير الميسر لمجمع الملك فهد، وزبدة تفسير فتح القدير للأشقر؛ ليكون الحفظ سريعاً مع الفهم. (11) تدربي على قراءة المحفوظ في صلواتك وخلواتك، خاصة إذا ضاق عليك الوقت. (12) ليكن يوم في الأسبوع موعداً لتصفية حسابات المراجعة، فما كان ديناً عليك في المراجعة فأوفيه في هذا اليوم. (13) اختاري الأوقات المناسبة لك، وكلما كان الذهن أجمع كان الحفظ أجمع. (14) أكثري من الاعتصام بالله، والدعاء أن يسهل عليك ويوفقك. (15) اجتنبي المعاصي، وخاصة النظر والسماع. (16) وهناك طرق أخرى يطول ذكرها، وتصلي إليها بالممارسة والسؤال لأمثالك. وفقك الله وسدد خطاك، وجعلنا وإياك من أهل القرآن.

حمل الكافر للمصحف

حمل الكافر للمصحف المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 9/1/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ.. ما حكم حمل الخادمة غير المسلمة للمصحف الشريف لترتيب وتنظيف المكان؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: مس المصحف لا يجوز إلا بطهارة؛ لحديث عمرو بن حزم - رضي الله تعالى عنه-:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كتب إليه: "وألا يمس القرآن إلا طاهر" الموطأ (1/191) الحديث رقم (478) ، والدارمي (3/1455) ، الحديث رقم (2312) وهذا الحديث ثابت إن شاء الله، وعلى هذا فلا يجوز للخادمة الكافرة أن تمسه، وقال العلماء - رحمهم الله-: حتى جلده وحواشيه، فلا يجوز أن تمسه إلا من وراء حائل.

قراءة القرآن من غير تجويد

قراءة القرآن من غير تجويد المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 16/1/1424هـ السؤال أنا لا أستطيع أن أقرأ القرآن بأحكام التجويد بشكل جيد، هل أستطيع أن أقرأ القرآن بدون أحكام التجويد؟ فإذا قرأت بصوت منخفض أخشى أن أقرأ القرآن بشكل خاطئ ماذا أفعل؟ الجواب إذا كنت تستطيعين أن تتعلمي قراءة القرآن وإقامة عربيته فإن الأولى أن تتعلميه على هذا النحو. وإذا كنت لا تستطيعين فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ويكون لك أجران كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأه وهو عليه شاق فله أجران أجر تلاوته وأجر مشقته" انظر: البخاري (4937) ومسلم (798) .

إستماع القرآن عند النوم

إستماع القرآن عند النوم المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 29/11/1423هـ السؤال الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. فضيلة الشيخ: يسأل البعض عن الحكم الشرعي في عمله التالي: وهو أنه عادة ما يشغل المسجل ويضع شريطاًَ للقرآن الكريم ويستمع له قبل النوم ثم يغفو وينام ... فما حكم الشرع في هذا الفعل؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب سئل الشيخ عبد الله المنيع عن سؤال مشابه لسؤال نذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة: أحب أن أنام على صوت القرآن في المذياع، وأستغرق في النوم، وعندما أستيقظ أجده ما زال يتلو وأنا غير منتبه، فما حكم الشرع في ذلك؟ الجواب: الحمد لله، لا يظهر لي بأس في ذلك، وكونك أخذك النوم وأنت تستمع القرآن لا تثريب عليك، فالأمر باستماع القرآن حين يتلى موجه إلى السامع العاقل، قال - تعالى -: " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" [الأعراف:204] ، والله أعلم. [مجموع فتاوى وبحوث الشيخ عبد الله المنيع - الجزء الأول، ص: 266]

المساجلة بآيات القرآن

المساجلة بآيات القرآن المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 29/11/1423هـ السؤال طرح عضو بأحد المنتديات فكرة على الأعضاء، وهي المساجلة بالآيات القرآنية كما هي المساجلة بالأبيات الشعرية!!، فيبدأ الأول على سبيل المثال بقوله - تعالى - (قل أعوذ برب الناس) فيرد الآخر بقوله - تعالى - (سأصليه سقر) وأثناء المساجلة لا يقول قال - تعالى - بل يأتي بنص الآية، وسؤالي ما حكم هذا العمل سواء عبر المنتديات، أو عبر المجالس؟ وهل هناك فرق بين كون النية تذاكر الآيات، أو مجرد التسلية؟ أفتونا مأجورين، فقد توقفت عن المشاركة، وقلت لهم الأمر خطير جداً، ولابد من الرجوع إلى أهل العلم، أرجو إفادتي، رعاكم الله وحفظكم من بين يديكم ومن خلفكم ومن أمامكم، وعن إيمانكم، وعن شمائلكم ومن فقوكم ومن تحت أرجلكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذا الفعل الذي وصفه السائل الكريم مما لا يليق بمقام القرآن الكريم أذ هو كلام الله - تعالى - وحقه أن يعظم ويجل، وقد أخبر - تعالى - عن أثره على القلوب والأبدان فقال تعالى: " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ" [الزمر:23] وقال تعالى: "لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ" [الحشر: من الآية21] ، فإذا كان هذا حال الجبال الصم، فالمؤمن أولى أن يتأثر به ويعظمه حق تعظيمه، ومن تدبر كلام الأئمة - رحمهم الله - عند الكلام عما يجب للقرآن من تعظيم وإجلال، أدرك مبلغ تشددهم فيما يجب للقرآن العظيم والصورة التي ذكرها السائل الكريم يظهر لي أنها تعارض إجلال القرآن الواجب، ومجرد حسن النية في العمل - وإن عذر به المرء عند الخطأ ونحوه - فإنها لا تجعله مقبولاً جائزاً، بل لابد مع النية الحسنة أن يكون الفعل مأذوناً به شرعاً، ثم إن مدارسة القرآن ومراجعته على الحقيقة لا تكون بهذه الطريقة، وإنما بالمذاكرة والمراجعة مرة بعد أخرى، والله أعلم.

الحكمة في جعل السماوات والأراضين سبعا

الحكمة في جعل السماوات والأراضين سبعًا المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 10/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. وبعد: ما حكمة الله -تعالى- أو الإعجاز العلمي في العدد سبعة سماوات. سبعة أراضين. إلخ.. وجزاكم الله عنا خير الجزاء؟. الجواب حكمة بالغة بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إجابةً على السؤال: ما حكمة الله تعالى أو الإعجاز العلمي في العدد سبعة مثل سبع سماوات؟ أقول مستعينًا بالله العلي القدير العزيز الحكيم, سائله تعالى التوفيق والرشاد: إن ثمرة الوجود هي الإنسان المُهَيَّأ للتطلع حوله ليُعاين في كل شيء دلالة تدله على مضمون مستور, وإذا نزع الإنسان حُجُب الإلف والغفلة فسيرى كل شيء مُظهرًا لوحدانية الله وتجسيدًا لصفات الكمال والجلال والتنزيه فيقشعر بدنه ويحنو وجدانه ويستقر جنانه ويخبت في ابتهال ساجدًا لله في يقين, فالجمادات لن تبدو بعين البصيرة كذلك وإنما حشود تُسَبِّح كُلٌّ يميزه إيقاع, وتلك الرؤية الوجدانية ليست وهمية؛ لأن كل شيء تتحرك لبناته بجِدٍّ وعَجَلٍ وفق تقدير يدفع الصدفة ويَئِن حقيقةً مترنمًا بجلال الله كأنما خُلِقَ من عَجَل, هكذا يرى البصير في كل شيء آية تشهد لله بالوحدانية والاقتدار والعظمة, والعجيب أن وحدة الإنشاد تلك هي آخر صيحة في الفيزياء تصف الكون كوتر واحد يُصدر كافة النغمات في إيقاعات منتظمة بلا نشاز. وإن شئت فأنصت لإنشاد تردده جنبات الكون ومناجاة تشدو لتستحث الغافلين في روائع يفيض بها القرآن تأخذ بالوجدان وتهز الكيان؛ يقول تعالى: (سَبّحَ للهِ مَا فِي السّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحديد:1] .

ويقول تعالى: (يُسَبّحُ لِلّهِ مَا فِي السّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ الْمَلِكِ الْقُدّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [الجمعة:1] . ويقول تعالى: (يُسَبّحُ لِلّهِ مَا فِي السّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التغابن:1] . ولا يسعك عند تبصر حقيقة كل شيء إلا أن تشارك الحشود في التسبيح على بصيرة في هيبةٍ وإجلال. والمدهش أن يُنزِل القرآن كل شيء في الوجود منزلة العقلاء المسبحين مما حيَّر أعلام المفسرين, قال الطبري: (يعني تعالى ذكره.. أن كلّ ما دونه من خلقه يسبحه تعظيمًا له، وإقرارًا بربوبيته، وإذعانًا لطاعته، كما قال جلّ ثناؤه: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ والأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقُهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء:44] (تفسير الطبري ج27/ص215) . وقال ابن الجوزي: (فأما تسبيح الحيوان الناطق فمعلوم, وتسبيح الحيوان غير الناطق فجائز أن يكون بصوته وجائز أن يكون بدلالته على صانعه, وفي تسبيح الجمادات ثلاثة أقوال؛ أحدها أنه تسبيح لا يعلمه إلا الله, والثاني أنه خضوعه وخشوعه لله, والثالث أنه دلالته على صانعه فيوجب ذلك تسبيح مُبصره, فإن قلنا إنه تسبيح حقيقةً كان قوله: (وَلَكِنْ لا تَفْقُهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) . لجميع الخلق, وإن قلنا إنه دلالته على صانعه كان الخطاب للكفار لأنهم لا يستدلون) (تفسير زاد المسير - ابن الجوزي ج5/ص40) . وكما ينطق الوجود بجلال الله كذلك يفيض القرآن بدلائل قدرته ووحدانيته, يقول تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هََذَا الْقُرْآنَ عَلَىَ جَبَلٍ لّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مّتَصَدّعًا مّنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ) [الحشر:21] .

وهنا أنزل الجماد كذلك منزلة العقلاء الخاشعين هيبةً أمام عظمة الله وجعله مثلًا ليتفطن مغزاه المتأملون, وبهذا بلغ التمثيل في القرآن غاية الإحكام والبيان لينبه الغافلين ويستحث النابهين, قال ابن كثير: (فإذا كان الجبل في غلظته وقساوته لو فهم هذا القرآن فتدبر ما فيه لخشع وتصدع من خوف الله - عز وجل - فكيف يليق بكم يا أيها البشر أن لا تلين قلوبكم وتخشع وتتصدع من خشية الله وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه) (تفسير ابن كثير ج4/ص344) . قال النسفي: (جائز أن يكون هذا تمثيلاً كما في قوله تعالى: (إِنّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ... ) [الأحزاب: 72] . ويدل عليه قوله: (وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ) . وهي إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله في مواضع من التنزيل) (تفسير النسفي ج4/ص234) . وقال البيضاوي: (تمثيل وتخييل.. ولذلك عقبه بقوله: (وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ) . (تفسير البيضاوي ج5/ص323) . وقال السمرقندي: (هذا على وجه المثل، يعني: لو كان الجبل له تمييز لتصدع من خشية الله) (تفسير السمرقندي ج3/ص409) . وقال الثعالبي: (ضرب الله سبحانه هذا المثل ليتفكر فيه العاقل) (تفسير الثعالبي ج4/ص288) . وعن القرطبي: (أي إنه لو أنزل هذا القرآن على جبل لخشع لوعده وتصدع لوعيده، وأنتم أيها المقهورون بإعجازه لا ترغبون في وعده ولا ترهبون من وعيده) (تفسير القرطبي ج18/ص44) . قال القفال: (فإذا تقرر أنه تعالى يضرب الأمثال وورد علينا من الخبر ما لا يخرج إلا على ضرب المثل وجب حمله عليه) (تفسير القرطبي ج14/ص256) .

وهكذا حاكت ألفاظ القرآن دلالات تفوق بكثير أقصى ما يمكن أن يبلغه فرسان البلاغة وأساطين البيان, فاستولى على وجدانهم وأخذ بألبابهم منذ زمن التنزيل, وأذعن له غلاظ المكابرين وصاروا أتباعًا مناصرين قبل أن يكشف أحد أدلة ما فيه من تشريع يسمو بالإنسان إلى سواء الفطرة أو علم بالتكوين يشهد بالتنزيل؛ عن الزركشي: (قال الخطابي: وقلت في إعجاز القرآن وجهًا آخر ذهب عنه الناس فلا يكاد يعرفه إلا الشاذ في آحادهم، وهو صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس, فإنك لا تسمع كلامًا غير القرآن منظومًا ولا منثورًا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال, ومن الروعة والمهابة في حال أخرى.., قال الله تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هََذَا الْقُرْآنَ عَلَىَ جَبَلٍ لّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مّتَصَدّعًا مّنْ خَشْيَةِ اللهِ) . وقال تعالى: (اللهُ نَزّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مّتَشَابِهًا مّثَانِيَ تَقْشَعِرّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ) الآية. قلت: ولهذا أسلم جبير بن مطعم لما سمع قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- للطور حتى انتهى إلى قوله: (إِنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِع) . قال: "فكأنما صدع قلبي" أخرجه أحمد (16762) . وفى لفظ: كاد قلبي يطير أخرجه البخاري (4854) ، فأسلم. وفى أثر آخر أن عمر لما سمع سورة طه أسلم أخرجه الدارقطني 1/123، والحاكم4/65 والبيهقي 1/88 وغير ذلك) (البرهان في علوم القرآن - الزركشي ج2/ص106) .

وبالمِثْلِ تتساوق الأرقام في القرآن مع الواقع كما الألفاظ وترسم ظلالاً وصورًا فتتجاوز مألوف دلالاتها, فالكون بناء ممتد إلى حيث يكل النظر، لبناته شديدة الترابط لا تتجاوز سبعة آفاق تمامًا كنُطُق بنية الذرة, والشمس والقمر من معالم فضاء الكواكب التي يسبح معها بيتنا المعمور المأهول وحده بينها بذوي الإدراك, وكان حد معرفة الشعوب قبل عصر المناظير هو خمسة كواكب معهما تحت سقف تناثرت عليه النجوم تطوف حول الأرض الساكنة كما يعدها بمجرد النظر القاطنون، فظنوا مداراتها هي "السماوات السبع", لكن الكواكب ليست إلا معالم في الفضاء الأدنى تُطبق عليها بروج النجوم في مستويات متزايدة العلو؛ التجمع المحلي للنجوم فالأعظم ثم المجرة فالتجمع المحلي للمجرات فالأعظم ثم ما يدعى بالكوازارات, وطبيعة التكوين الطبقي للكون تنعكس في الذرة كأصغر لبنة فلا تزيد مستويات مداراتها كذلك عن سبع, والكل في حركة دائبة لا يمل من التسبيح, وبذا اكتسب العدد سبعة معنى إضافيًّا يتجاوز دلالة الإحصاء, فأفاد بلوغ الغاية حتى أفاد في مواضع معنى الاكتمال أو التكثير واقترن بوحدة طابع التكوين والانتظام. لا تزيد مستويات الطاقة حول نواة الذرة عن سبعة مستويات في غاية الانتظام وفي قوله تعالى: (هُوَ الّذِي خَلَقَ لَكُمْ مّا فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ فَسَوّاهُنّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة:29] .

قال أبو حيان: (إنما خلق السماوات سبعًا لأن السبعة والسبعين فيه دلالة على تضاعيف القوة والشدة كأنه ضوعف سبع مرات.. لما في ذكرها من دليل المضاعفة؛ قال تعالى: (خُذُوهُ فَغُلّوهُ* ثُمّ الْجَحِيمَ صَلّوهُ* ثُمّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ* إِنّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ) [الحاقة:30- 33] . وقال تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة:80] . والسبعة تذكر في جلائل الأمور؛ الأيام سبعة, والسماوات سبع, و (نُطُق) الأرض سبع, و (السَّيَّارات) .. سبعة: زحل والمشتري وعطارد والمريخ والزهرة والشمس والقمر. والبحار سبعة, وأبواب جهنم سبعة) (تفسير البحر المحيط لأبي حيان ج1 ص282) . وورد عن الأعلام أن السماء التي وردت في النظم بعد تشكيل الأرض ليست كل ما يعلوها من الكون وإنما دخان خرج منها عند بدء تكوينها فشكل طبقات الجو, وهو ما يوافق الرؤية العلمية الحديثة أنها كانت في غاية الالتهاب وما زال باطنها كذلك يمور في دوامات هائلة تحمينا منها طبقة رقيقة مثل قشرة البيضة, نقل الماوردي عنهم أنها: (الدخان الذي جعله الله للأرض سماء) (تفسير النكت والعيون للماوردي ج1ص92) . وكأنهم فسروا قوله تعالى: (ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ فَسَوّاهُنّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ) . بعد خلق الأرض بقوله: (ثُمّ اسْتَوَىَ إِلَى السّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ* فَقَضَاهُنّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ..) [فصلت:11،12] .

وأجاز ابن عاشور رأيًا يحفظ للأداة "ثم" أصل دلالتها على ترتيب الأحداث ويدفع الخلاف حول أسبقية التكوين؛ الأرض أم السماء؟ بالتمييز بين السماء التي تسبق الأرض في النَّظم والتكوين والسماء التي تلحق بها, قال ابن عاشور (رحمهم الله جميعًا) : (والسماء إن أريد بها الجو المحيط بالكرة الأرضية فهو تابع لها متأخر عن خلقها, وإن أريد بها (محل الأجرام السماوية فهي) .. أعظم من الأرض فتكون أسبق خلقًا, وقد يكون كل من الاحتمالين ملاحظًا في مواضع من القرآن غير الملاحظ فيها الاحتمال الآخر) (تفسير التحرير والتنوير ج1ص384) . وهذا يؤكد تباين دلالة لفظ "السماء" حسب السياق منها ما نراه وما هو غيب من ذلك البناء المحيط بنا. وفي قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ..) [المؤمنون:17] . ورد عن الأعلام تفسيرها بمسارات الأجرام السماوية التي تعلونا تارةً وبالسماوات السبع تارةً أخرى, كما في قوله تعالى: (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا* وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهّاجًا) [النبأ:12،13] . وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا* وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنّ نُورًا وَجَعَلَ الشّمْسَ سِرَاجًا) [نوح:15، 16] . قال ابن عاشور: (قد عدَّ الله تعالى- السماوات (العُلَى كذلك) سبعًا، وهو أعلم بها وبالمراد منها, إلا أن الظاهر الذي دلت عليه القواعد العلمية أن المراد من السماوات (محل) الأجرام العلوية العظيمة.. ويدل على ذلك أمور: أحدها أن السماوات ذكرت في غالب مواضع القرآن مع ذكر الأرض.. فدل على أنها عوالم كالعالم الأرضي.. ثانيها أنها ذكرت مع الأرض من حيث أنها أدلة على بديع صنع الله تعالى فناسب أن يكون تفسيرها تلك الأجرام المشاهدة) (تفسير التحرير والتنوير ج1ص385) .

والقرآن يدعو في مواضع عديدة إلى النظر في السماوات كما النظر في الأرض ومشاهدة دلائل الوحدانية والاقتدار, وقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَنّ السّمَوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا..) [الأنبياء:30] . فيه دلالة على وحدة الأصل في النشأة والتكوين بينة على وحدانية الله وقدرته، كما قال غير واحد من المحققين, والمعلوم اليوم أن كل الأجرام تتكون من نفس المواد، وأما وحدة النشأة فهي محصلة جهود المختصين, وفي الحقيقة يذهل اليوم كل عارف بخفايا التكوين أمام تلك الأوصاف المبهرة في القرآن والمؤيدة لرسالته. إن الرقم "واحد" في كل اللغات يعني وحدة الكينونة كاللفظ "أحد" بلا تجزئة أو اشتراك بعكس الرقم "اثنين", وأما "الثلاثة" أو كل ما تجاوز المفرد والمثنى فهو بداهةً في قواعد لغات التخاطب "جمع", ولذا تثليث الرقم "واحد" تناقض صارخ يجعل المفرد والجمع سواء فيناطح المسلمات الراسخة كالجبال الشوامخ, وأما الرقم "سبعة" فبينة على العلم بخفايا التكوين تشهد بالوحي للقرآن الكريم, وهو بصمة في كيان كل شيء تعلن عن الوحدة والانتظام في طبيعة التكوين من أصغر لبنة لأكبر تكوين، فتشهد لكل يقظ فطين بوحدانية الله وقدرته, وهكذا تسطع حكمة بالغة في حديث القرآن كما في الكون المنظور لم تتخلف عن بيانها الأرقام مشاركةً الحشود في التسبيح, يقول العلي القدير: (أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىَ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف: 185] .

ذكر الله نفسه بصيغة الجمع

ذكر الله نفسه بصيغة الجمع المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 28/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لماذا يتكلم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بصيغة الجمع، مثال: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" لماذا "نحن" أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب إن القرآن نزل بلسان عربي مبين، ومن أساليب اللغة العربية أن صيغة الجمع يتكلم بها الواحد الذي له شركاء فتدل على الجمع والتعدد، ويتكلم بها الواحد العظيم الذي له صفات عديدة، فلا تفيد تعدد المتكلم، بل هو واحد لكنه عظيم، فالله تعالى في كتابه يخبر عن نفسه تارة بصيغة الواحد كقوله لموسى "وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى" [طه:13] وقوله: "إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني" [طه:14] ، وقوله: "قل هو الله أحد" [الإخلاص: 1] وقوله: "وإلهكم إله واحد" [البقرة:163] . ويذكر نفسه تارة بصيغة الجمع الدالة على عظمته سبحانه وتعدد أسمائه وصفاته كما في الآية المذكورة، ونظائرها كثير؛ كقوله تعالى: "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً" [الفتح:1] ، "إنا أعطيناك الكوثر" [الكوثر:1] ، وقوله سبحانه: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون، والأرض فرشناها فنعم الماهدون" [الذاريات:47-48] فلا تدل هذه الصيغة على تعدد الإله بل الإله واحد، ولكنه سبحانه له أسماء كثيرة وكلها حسنى، وله صفات كثيرة وكلها صفات كمال فهو الإله الحق وهو واحد لا شريك له وهو العلي العظيم سبحانه وتعالى.

حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم

حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 25/10/1422 السؤال ما حكم أخذ الأجرة على تدريس وتعليم كتاب الله، مع العلم أنني طالب علم لا دخل لي، ولا أستطيع ممارسة أي عمل آخر، يضاف لهذا كله أنني أحتاج المال في المواصلات وغيرها من الأمور؟ الجواب يجوز أخذ الأجرة على تدريس وتعليم كتاب الله سيما مع الحاجة إليها، ويستدل لهذا بما أخرجه البخاري في صحيحه (5737) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله " وهو قول جمهور أهل العلم، ومنهم: مالك، والشافعي، ورواية عن أحمد، وظاهر صنيع البخاري حيث أردف حديث ابن عباس السابق ذكره بحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في أخذ الأجرة على رقية اللديغ، انظر البخاري (2276) . وقد ذهب أبو حنيفة - رحمه الله - وأحمد في رواية عنه إلى تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن؛ لما رواه أبو داود (3416) من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: " علَّمت ناساً من أهل الصُّفة الكتاب والقرآن، فأهدى إليّ رجل منهم قوساً، فقلت: ليست بمال، وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل لأتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلأ سألنه، فأتيته فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إليّ قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله، قال: إن كنت تحب أن تُطَوَّق طَوْقاً من نار فاقبلها ". قلت: وهو حديث ضعيف، فيه مغيرة بن زيادة مختلف فيه، قال أحمد: مضطرب الحديث، أحاديثه مناكير، وقال أبو زرعة: في حديثه اضطراب، ووثقه وكيع وابن معين. وفيه الأسود بن ثعلبة قال عنه ابن حجر في (التقريب) مجهول، وهناك قول ثالث: وهو جواز أخذ الأجرة للحاجة، وهو رواية أخرى عن أحمد واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية. وخلاصة القول: جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وما دونه كالحديث والفقه وسائر العلوم الشرعية لصراحة الدليل الذي أشرنا إليه آنفاً وصحته، والله أعلم.

حكم دعاء ختم القرآن الكريم

حكم دعاء ختم القرآن الكريم المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 03/09/1425هـ السؤال أود أن أسأل عن دعاء ختم القرآن، فإني كتبته في أحد المنتديات، وقد قيل لي: إنه بدعة، فلا أدري أهو بدعة أم لا؟ أريد جواباً وافياً منك. الجواب سئل الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - عن حكم دعاء ختم القرآن، نذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة: السؤال: ما حكم دعاء ختم القرآن؟ الجواب: لم يزل السلف يختمون القرآن، ويقرؤون دعاء الختمة في صلاة رمضان، ولا نعلم في هذا نزاعاً بينهم فالأقرب في مثل هذا أنه يقرأ، لكن لا يطول على الناس، ويتحرى الدعوات المفيدة والجامعة، مثل ما قالت عائشة - رضي الله عنها -:" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك" أخرجه أحمد (25151) ، وأبو داود (1482) . فالأفضل للإمام في دعاء ختم القرآن والقنوت تحري الكلمات الجامعة وعدم التطويل على الناس يقرأ: (اللهم اهدنا فيمن هديت) الذي ورد في حديث الحسن بن علي - رضي الله عنهما - في القنوت انظر سنن أبي داود (1425) ، وجامع الترمذي (464) . ويزيد معه ما يتيسر من الدعوات الطيبة كما زاد عمر، ولا يتكلف، ولا يطول على الناس، ولا يشق عليهم. وهكذا في دعاء ختم القرآن يدعو بما يتيسر من الدعوات الجامعة، يبدأ ذلك بحمد الله والصلاة على نبيه - عليه الصلاة والسلام -، ويختم فيما يتيسر من صلاة الليل أو في الوتر ولا يطول على الناس تطويلاً يضرهم ويشق عليهم، وهذا معروف عن السلف تلقاه الخلف عن السلف، وهكذا كان مشايخنا مع تحريهم للسنة وعنايتهم بها يفعلون ذلك، تلقاه آخرهم عن أولهم، ولا يخفى على أئمة الدعوة ممن يتحرى السنة ويحرص عليها، فالحاصل أن هذا لا بأس به - إن شاء الله - ولا حرج فيه، بل هو مستحب لما فيه من تحري إجابة الدعاء بعد تلاوة كتاب الله - عز وجل -، وكان أنس - رضي الله عنه- إذا أكمل القرآن جمع أهله ودعا في خارج الصلاة انظر مصنف ابن أبي شيبة (30029) فهكذا في الصلاة، فالباب واحد؛ لأن الدعاء مشروع في الصلاة وخارجها وجنس الدعاء مما يشرع في الصلاة فليس بمستنكر. ومعلوم أن الدعاء في الصلاة مطلوب عند قراءة آية العذاب وعند آية الرحمة يدعو الإنسان عندها كما فعل النبي - عليه الصلاة والسلام - في صلاة الليل، فهذا مثل ذلك مشروع بعد ختم القرآن، وإنما الكلام إذا كان في داخل الصلاة، أما في خارج الصلاة فلا أعلم نزاعاً في أنه مستحب الدعاء بعد ختم القرآن، لكن في الصلاة هو الذي حصل فيه الإثارة الآن والبحث، فلا أعلم عن السلف أن أحداً أنكر هذا في داخل الصلاة كما أني لا أعلم أحداً أنكره خارج الصلاة هذا هو الذي يعتمد عليه في أنه أمر معلوم عند السلف قد درج عليه أولهم وآخرهم، فمن قال: إنه منكر فعليه الدليل، وليس على من فعل ما فعله السلف، وإنما إقامة الدليل على من أنكره، وقال: إنه منكر، أو إنه بدعة، هذا ما درج عليه سلف الأمة وساروا عليه وتلقاه خلفهم عن سلفهم، وفيهم العلماء والأخيار والمحدثون، وجنس الدعاء في الصلاة معروف من النبي - عليه الصلاة والسلام- في صلاة الليل، فينبغي أن يكون هذا من جنس ذاك. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، تأليف الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -، الجزء 11، ص 354] .

هل استماع القرآن يعدل قراءته؟

هل استماع القرآن يعدل قراءته؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 29/3/1423 السؤال هل سماع القرآن على شرائط كاسيت يومياً والتمعن فيه وعدم الانشغال عنه يعادل قراءة المصحف؟ الجواب سماع القرآن الكريم من خلال شرائط التسجيل أمر طيب، وفاعله مأجور على ذلك، لكنه مع هذا لا يعادل قراءة المرء بنفسه للقرآن، سواء كان من المصحف أو عن ظهر قلب، فهذه القراءة التي ورد فيها الفضل المخصوص كالحديث الذي رواه الترمذي (2910) وصححه عن عبد الله بن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها ... " الحديث. أما استماع التلاوة وإن كان المرء يثاب عليه، فليس كقراءة القرآن ولا يعادل فضلها، وإنما حكي الخلاف بين أهل العلم في التفضيل بين القراءة من المصحف أو القراءة عن ظهر غيب، فذهب جمهور السلف -كما حكاه النووي- إلى أن القراءة من المصحف أفضل؛ لأن القارئ يجتمع له فضل القراءة وفضل النظر في المصحف، وقد كان كثير من السلف لا يخلون يومهم من النظر في المصحف، وبالله التوفيق.

ختم القرآن في رمضان

ختم القرآن في رمضان المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 2/9/1422هـ السؤال هل يمكن أن يستفاد من مدارسة جبرائيل -عليه السلام- للنبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان أفضلية ختم القرآن؟ الجواب نعم يستفاد منها المدارسة، وأنه يستحب للمؤمن أن يدارس القرآن من يفيده وينفعه؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- دارس جبرائيل للاستفادة؛ لأن جبرائيل هو الذي يأتي من عند الله -جل وعلا- وهو السفير بين الله والرسل، فجبرائيل لا بد أن يفيد النبي -صلى الله عليه وسلم- أشياء من جهة الله -عز وجل-، من جهة إقامة حروف القرآن، ومن جهة معانيه التي أرادها الله، فإذا دارس الإنسان من يعينه على فهم القرآن، ومن يعينه على إقامة ألفاظه، فهذا مطلوب كما دارس النبي -صلى الله عليه وسلم- جبرائيل، وليس المقصود أن جبرائيل أفضل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولكن جبرائيل هو الرسول الذي أتى من عند الله فيبلغ الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما أمره الله به من جهة القرآن، ومن جهة ألفاظه، ومن جهة معانيه، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يستفيد من جبرائيل من هذه الحيثية، لا أن جبرائيل أفضل منه -عليه الصلاة والسلام-، بل هو أفضل البشر وأفضل من الملائكة -عليه الصلاة والسلام-، لكن المدارسة فيها خير كثير للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللأمة؛ لأنها مدارسة لما يأتي به من عند الله، وليستفيد مما يأتي به من عند الله -عز وجل-. وفيه فائدة أخرى، وهي: أن المدارسة في الليل أفضل من النهار؛ لأن هذه المدارسة كانت في الليل، ومعلوم أن الليل أقرب إلى اجتماع القلب وحضوره والاستفادة أكثر من المدارسة نهاراً. وفيه أيضاً من الفوائد: شرعية المدارسة، وأنها عمل صالح حتى ولو في غير رمضان؛ لأن فيه فائدة لكل منهما، ولو كانوا أكثر من اثنين فلا بأس أن يستفيد كل منهم من أخيه، ويشجعه على القراءة، وينشطه فقد يكون لا ينشط إذا جلس وحده، لكن إذا كان معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له وأنشط له، مع عظم الفائدة فيما يحصل بينهم من المذاكرة والمطالعة فيما قد يشكل عليهم، كل ذلك فيه خير كثير. ويمكن أن يفهم من ذلك أن قراءة القرآن كاملة من الإمام على الجماعة في رمضان نوع من هذه المدارسة؛ لأن في هذا إفادة لهم عن جميع القرآن، ولهذا كان الإمام أحمد -رحمه الله -يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن، وهذا من جنس عمل السلف في محبة سماع القرآن كله، ولكن ليس هذا موجباً لأن يعجل ولا يتأنى في قراءته، ولا يتحرى الخشوع والطمأنينة، بل تحري هذه الأمور أولى من مراعاة الختمة. مجموع فتاوى الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-، الجزء الخامس عشر، ص (324) فتوى رقم (114) .

التسمي "بأسيرة القرآن"

التسمي "بأسيرة القرآن" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 14/7/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي سؤال عن امرأة أطلقت على نفسها اسماً في أحد المنتديات العامة، هذا الاسم أثار في نفسي نوعاً من الشك من ناحية جوازه من عدمه، والاسم هو (أسيرة القرآن) ، فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خير الجزاء، ونفع بكم وبعلمكم الإسلام والمسلمين. الجواب لا ينبغي أن تتسمى بهذا الاسم؛ لأنه لفظ محتمل لما يُحمد وما يُذم، فأسيرة القرآن تعني أن القرآن أسرها، وما معنى أن القرآن أسرها، هل ذلك على وجه التبرم بما في القرآن من أوامر ونواهي تقيد الإنسان عن الانطلاق في شهواته أم أن ذلك مقول على وجه التمدّح بالعمل بالقرآن، فيكون ذلك من الإعجاب بالعمل والاغترار، وكل هذا وذاك مذموم، فالواجب ترك التكلف وترك الدعاوى الباطلة التي تحتمل الغلو والمبالغة، نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل، والله أعلم.

الاقتباس من القرآن في الكلام

الاقتباس من القرآن في الكلام المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 14/5/1423 السؤال السلام عليكم. أنا من الذين لهم ميول أدبية، وأحب عند حديثي مع الناس أن يتخلله كثير من المفردات العربية الفصحى، وأعلم أن القران الكريم هو أفصح اللغة العربية، فلذلك أتحدث أحياناً بمقاطع من القرآن في سياق كلامي بشكل عفوي، وفي أحيان أخرى أتعمد ذلك، على سبيل المثال: عندما رأيت من صديقي أمراً أغضبني عبرت عن استيائي، فقلت له: يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً، فهل في ذلك محظور شرعي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أقول وبالله التوفيق: أما عنايتك -يا أخي الكريم- باللغة العربية واهتمامك بها فهذا أمر يُحمد لك، فهي لغة ليست كغيرها من اللغات، إذ هي لغة القرآن الكريم ولغة الرسول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- والعناية بها وحفظها أمر وثيق الصلة بالدين وحفظه، وإذا صاحب اهتمامك بها نية التقرب بذلك إلى الله كنت مأجوراً على صنيعك، لكن ينبغي أن يكون هذا من غير تكلُّف وتشدُّق، ففي الحديث:"إن الله -عز وجل- يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها"، خرجه أبو داود في سننه (5/274) (5005) . أما ما ذكرت من أنك تُورد أحياناً مقاطع من القرآن في سياق كلامك بشكل عفوي، وفي أحيان أخرى تتعمد ذلك، كقولك على سبيل المثال: وقد رأيت من صديقك أمراً أغضبك معبراً عن استيائك "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً" [مريم:24] فأقول لك: إن هذا الأمر يندرج تحت ما يُعرف بالاقتباس، والذي منه تضمين الشعر أو النثر بعض القرآن لا على أنه منه بألاّ يقال فيه قال الله -تعالى- ونحوه، فإنك إن صدرته بقولك: قال الله -تعالى- لم يكن اقتباساً، وإنما يجري هذا مجرى الاستدلال. ومسألة الاقتباس هذه مما اختلف فيه، فقد نقل السيوطي -رحمه الله- أنه اشتهر عن المالكية تحريمه وتشديد النكير على فاعله، أما الشافعية فلم يتعرض له المتقدمون ولا أكثر المتأخرين منهم، مع شيوع الاقتباس في أعصارهم، واستعمال الشعراء له قديماً وحديثاً وتعرض له جماعة من المتأخرين، فسئل عنه الشيخ: عز الدين بن عبد السلام فأجازه، واستدل بما ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- من قوله في الصلاة وغيرها:"وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين ... "الخ، رواه مسلم (771) والترمذي (3421) وأبو داود (760) والنسائي (897) ، وقوله:"اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً اقض عني الدين وأغنني من الفقر ... الخ" خرجه الإمام مالك في الموطأ بلاغاً (1/201) ، وورد في سياق وصية أبي بكر -رضي الله عنه- قوله:"أني أستخلف عليكم عمر بن الخطاب فإن يعدل فذاك ظني به ورجائي فيه وإن يجر ويبدِّل فلا أعلم الغيب، "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" نقلها ابن كثير في تفسيره عند تفسير هذه الآية (3/355) . وبالجملة فهذه النصوص وغيرها تدل على جوازه في النثر في مقام الوعظ والثناء والدعاء وكره بعض العلماء تضمينه في الشعر، وقد ورد في تراجم بعض العلماء استعماله في الشعر كما ورد في ترجمة أبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي أنه قال شعراً: يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف ثم انتهى ثم ارعوى ثم اعترف أبشر بقول الله في آياته "إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف" والذي يظهر -والله أعلم- أنه إذا كان المقام يحتمله وفيه موعظة وتذكير فلا حرج، أما إذا كان السياق لا يحتمله فإن هذا مما لا يجوز نظماً أو نثراً، كما قيل عن أحد ولاة بني مروان أنه رُفعت إليه شكاية من بعض عماله فوقَّع عليها "إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم" [الغاشية:25-26] وكذا لو تكلف وأسرف في ليّ أعناق النصوص القرآنية ليعبر بها عن معنى من المعاني كالذي ينقل عن المرأة التي كانت لا تتحدث -في زعمهم- إلا بالقرآن فإن هذا من التكلف، وهو أشبه بالعبث بألفاظ القرآن الكريم -نسأل الله العافية-. وهذه المسألة تبحث في آداب تلاوة القرآن فليعتنِ اللبيب ببحثها في مظانها من كتب علوم القرآن وممن بحثها الإمام السيوطي -رحمه الله- في كتابه (الإتقان في علوم القرآن) ، وفق الله الجميع، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يخرج من بين الصلب والترائب

يخرج من بين الصلب والترائب المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 15/2/1425هـ السؤال من المعروف أن تلقيح الحيوان المنوي للبويضة ينتج عنه الزيجوت الذي ينمو ليكون الجنين، وتنتج الحيوانات المنوية في الخصيتين خارج الجسم، والبويضة من مبايض الأنثى الواقعين على جانبي الرحم قال تعالى: "فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ" [الطارق: 5-7] ، إذاً الماء الدافق هو المني، الترائب: عظام صدر المرأة كما يلي الترقوتين، والصلب: فقار الظهر ألم يعلم أنه لا علاقة للحيوانات المنوية بالظهر؟ ولا البويضة بصدر المرأة؟ هذا السؤال طرح للتشكيك في معجزة القرآن الكريم، ونسبته إلى رب الجلالة - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا -؛ فأرجو من العلماء الأجلاء الرد في أسرع وقت ممكن لدحض هذه الشبهة التي ينشرها ويتشدق بها النصارى على موقع في الإنترنت، ولي رجاء من قارئ هذا السؤال أن يطلب من العلماء أصحاب الفتوى في هذا المنتدى والذين نثق بعلمهم أن يقوموا بجمع الشبهات المثارة على الإنترنت والإجابة عليها في كتاب أو في هذا المنتدى ليكون المسلم بعيداً عن أي تشكيك. الجواب في قوله تعالى: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ" [الطارق 5-10] ؛ الماء الدافق: تعبير وصفي للمني لأنه سائل تركيبه يماثل قطيرات الماء إلا أنه حي تتدفق تكويناته وتتحرك بنشاط ويصدق عليها الوصف بصيغة اسم الفاعل (دافق) لدلالته على الحركة الذاتية, وجميع الأوصاف عدا وصف الماء بالدافق تتعلق بالإنسان؛ لأن بدء خلقه هو محور الحديث والموضوع الرئيس وهو المستدل به على إمكان الإرجاع حيًّا, وضمير (له) في قوله تعالى "فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ" لا يستقيم عوده إلى الماء وإنما إلى الإنسان, وضمير (رجعه) في قوله تعالى: "إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ" الأظهر عوده إلى الإنسان والإرجاع هو إعادة الخلق للحساب بقرينة وقت الإرجاع "يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ", ولا توجد ضرورة لتشتيت مرجع الضمائر في "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ" و"خُلِقَ مِن مّآءٍ" و (رجعه) في "إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِر" و"فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ" ولذا الأولى عود ضمير (يخرج) في "يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ" إلى الإنسان كذلك مثلها, خاصة أن المني لا يخرج بذاته كذلك وإنما من الخصية, والوصف بالإخراج آية مستقلة كبيان متصل بأصل الحديث عن الإنسان, وبيان القدرة المبدعة وسبق التقدير وإمكان الإعادة أظهر في إخراج الذرية من ظهور الأسلاف, والتلازم قائم بين (إخراج) الإنسان للدنيا وليداً و (إرجاعه) حيًّا بينما لا تلازم بين (إخراج) المني و (إرجاع) الإنسان, وخروج ذرية الإنسان من الظهر مُبَيَّن في قوله: "وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ" [الأعراف: 172] , وقوله: "أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ" [النساء: 23] , ولم يرد في القرآن فعل (الإخراج) متعلقاً بالمني بينما ورد كثيرا متعلقا بالإنسان لبيان خروجه للدنيا وليداً وخروجه حيًّا للحساب, وللوجدان أن يقشعر من تلك الدقة المتناهية التي ميزت بين موضع تكون أعضاء إنتاج الذرية في الظهر وموضع خروجها على طريق هجرتها!. وهجرة أصولها الخلوية بين بدايات العمود الفقري والضلوع قبل انفصالها وتميزها. والحقيقة العلمية هي أن الأصول الخلوية للخصية في الذكر أو المبيض في الأنثى تجتمع في ظهر الأبوين خلال نشأتهما الجنينية ثم تخرج من الظهر من منطقة بين بدايات العمود الفقري وبدايات الضلوع ليهاجر المبيض إلى الحوض بجانب الرحم وتهاجر الخصية إلى كيس الصفن حيث الحرارة أقل وإلا فشلت في إنتاج الحيوانات المنوية وتصبح معرضة للتحول إلى ورم سرطاني إذا لم تُكمل رحلتها, والتعبير "يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ" يفي بوصف تاريخ نشأة الذرية ويستوعب كافة الأحداث الدالة على سبق التقدير والاقتدار والإتقان والإحكام في الخلق منذ تكوين البدايات في الأصلاب وهجرتها خلف أحشاء البطن ابتداءً من المنطقة بين الصلب والترائب إلى المستقر, وحتى يولد الأبوان ويبلغان ويتزاوجان وتخلق الذرية مما يماثل نطفة ماء في التركيب عديمة البشرية من المني لكنها حية تتدفق ذاتياً لتندمج مع نطفة نظير فتتكون النطفة الأمشاج من الجنسين, ويستمر فعل الإخراج ساري المفعول ليحكي قصة جيل آخر لجنين يتخلق ليخرج للدنيا وليداً وينمو فيغفل عن قدرة مبدعه, وكل هذا الإتقان المتجدد في الخلق ليشمل تاريخ كل إنسان قد عبر عنه العليم الحكيم بلفظة واحدة تستوعب دلالاتها كل الأحداث: "يَخْرُجُ", فأي اقتدار وتمكن في الخلق والتعبير! , ومع كل تلك المشاهد المتجددة والتقديرات المبدعة والقدرة المفزعة هل يرد مجرد هاجس على الخاطر: أنبعثُ حقاً ونُحَاسَب!. وهكذا يتصل العرض وينقلك في ومضة من مشاهد بدايات مقدرة تسبق وجود الإنسان إلى حيث يقف عاجزاً معرّى السريرة ليواجه مصيره وحده بلا أعوان فيتجلى بتلك النقلة الكبيرة الفارق في أحواله, وسرعة النقلة تؤكد التقدير وسبق التهيئة وتجلي قدرة الله تعالى وحكيم تدبيره مؤيدةً "إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ", قال الكلبي: "الضمير في إنه لله تعالى وفي رجعه للإنسان", وقال المراغي: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ " أي فلينظر بعقله وليتدبر في مبدأ خلقه ليتضح له قدرة واهبه وأنه.. على إعادته أقدر.. "خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ".. حقائق علمية تأخر العلم بها والكشف عن معرفتها وإثباتها ثلاثة عشر قرنًا, بيان هذا أن صلب الإنسان هو عموده الفقري (سلسلة ظهره) وترائبه هي عظام صدره.. وإذا رجعنا إلى علم الأجنة وجدنا في منشأ خصية الرجل ومبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات التي حيرت الألباب.. فكل من الخصية والمبيض في بدء تكوينهما يجاور الكلى ويقع بين الصلب والترائب أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريباً ومقابل أسفل الضلوع.. فإذا كانت الخصية والمبيض في نشأتهما وفي إمدادهما بالدم الشرياني وفي ضبط شئونهما بالأعصاب قد اعتمدتا في ذلك كله على مكان في الجسم يقع بين الصلب والترائب فقد استبان صدق ما نطق به القرآن الكريم وجاء به رب العالمين ولم يكشفه العلم إلا حديثاً بعد ثلاثة عشر قرناً من نزول ذلك الكتاب, هذا وكل من الخصية والمبيض بعد كمال نموه يأخذ في الهبوط إلى مكانه المعروف؛ فتهبط الخصية حتى تأخذ مكانها في الصفن ويهبط المبيض حتى يأخذ مكانه في الحوض بجوار بوق الرحم, وقد يحدث في بعض الأحيان ألا تتم عملية الهبوط هذه فتقف الخصية في طريقها ولا تنزل إلى الصفن فتحتاج إلى عملية جراحية.. وإذا هُدي الفكرُ إلى كل هذا في مبدأ خلق الإنسان سهل أن نصدق بما جاء به الشرع وهو البعث في اليوم الآخر.. "إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِر" أي أن الذي قدر على خلق الإنسان ابتداء.. قادر أن يرده حيًّا بعد أن يموت". واقتدار الخالق شاخص في كل العرض بينما يتملى الخيال مشاهد أعرضت عن الإنسان فعبرت عنه بالغائب في ومضات تُعَرِّيه من الخيلاء وتفاجئه بأصله ومصيره طاويةً حياته ومماته وكأنه لم يكن, في مقابل مشهد استكباره في تبجح صارخ يعلنه الاحتجاج المستهل بحرف (الفاء) ليفصح بأصل دلالته على التعقيب عن محذوف يكشف ما يجول في طوية نفسه: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ", كأنه صيحة مدوية مؤنبة تقول: ألم تحدثك نفسك؟ , وليس للإنسان في تلك المحاكمة إلا حضوراً باهتاً داخل قفص الاتهام في زاوية من المخيلة بينما تشخص عياناً أدلة التجريم؛ وكأنه تعالى يقول: "أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىَ" [القيامة 40] , وهذا المشهد الأصغر لتعري السرائر مثال لمشهد يوم عظيم "يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ", فتأمل الاتساق في عرض المشاهد, تصوير عجيب يكشف ما قبل فتح الستار وحتى بعد ضمه تبقى في الخاطر شتى صور العقاب وتؤز في المسامع نيران تتشوق لمن يشك لحظة في قدرة الخالق سبحانه! , أسلوب مذهل جامع فريد لا يبلغه اليوم أي كتاب ينسب للوحي قد بلغ الذروة في التصوير وثراء المعنى مع الغاية في إيجاز اللفظ, وأما التفاصيل العلمية التي يستحيل أن يدركها بشر زمن التنزيل فهي بعض دلائل النبوة الخاتمة التي تسطع اليوم أمام النابهين.

ربط الأحداث بالتعدد الرقمي في القرآن

ربط الأحداث بالتعدد الرقمي في القرآن المجيب د. فهد بن عبد الرحمن الرومي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 16/11/1422 السؤال كثر في هذا الوقت الحديث على موضوع الرقم (11) ، وعلاقته أو ذكره في القرآن الكريم في سورة التوبة. أرجو بيان الرأي بذلك، مع العلم أنه خرج منذ أكثر من عشرين سنة رجل اسمه رشاد خليفة بنى على التعداد الرقمي في القرآن الكريم لمعرفة يوم القيامة، فتبين أنه من القاديانيين. الجواب من أنواع التفسير ما يسمى بالتفسير الإشاري وله أصوله وضوابطه وقواعده، كما أن من أنواع الإعجاز القرآن ما يسمى بالإعجاز العددي، وهي ظاهرة برزت في العصر الحديث، وانتشرت فكتب عن العدد (19) ، وعن العدد (سبعة) ، وعن الأعداد عموماً، ثم أدخل الحاسب الآلي، وظهرت عجائب أخرى. وشطح قوم في التفسير الإشاري حتى خرجوا عن الصواب بل إلى الانحراف في العقيدة، كما غلا آخرون في الأعداد حتى التمحل والتكلف. وكأن السائل يشير إلى الآية (110) في سورة التوبة، وهي التاسعة إلى حادثة 11/9 سبتمبر، ورقم (110) يجمع الحادي عشر بحذف الصفر، وعدد أدوار البنايتين، وإشارة الآية: " لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم " [التوبة:110] إلا أن في هذا صرفاً للفظ عن مدلوله والمراد به، وهو مسجد الضرار الذي نزلت الآيات فيه، وهذا بلا شك تكلف مذموم وصرف لألفاظ القرآن عن مدلولها الحقيقي، ولو سلكنا هذا المسلك لانصرفت أكثر آيات القرآن عن مدلولها إلى معان باطلة وخلت من مضامينها الشرعية، ولذا قال الشيخ الزرقاني - رحمه الله تعالى - في الرد على أمثال هؤلاء: " ولعلك تلاحظ معي أن بعض الناس قد فتنوا بالإقبال على دراسة تلك الإشارات والخواطر فدخل في روعهم أن الكتاب والسنة، بل الإسلام كله ما هي إلا سوانح وواردات على هذا النحو من التأويلات والتوجيهات، وزعموا أن الأمر ما هو إلا تخيلات، وأن المطلوب منهم هو الشطح مع الخيال أينما شطح، فلم يتقيدوا بتكاليف الشريعة، ولم يحترموا قوانين اللغة العربية في فهم أبلغ النصوص العربية كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ا. هـ. قلت: وإن كان الشيخ يقصد طائفة من الصوفية إلا أنه يدخل في ذلك كل من صرف اللفظ عن مدلوله بلا دليل صحيح من الكتاب والسنة.

قراءة القرآن للمحدث والحائض

قراءة القرآن للمحدث والحائض المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 27/2/1425هـ السؤال 1- هل يجوز قراءة القرآن ولمسه من غير وضوء؟. 2-هل يجوز قراءة القرآن للحائض غيباً؟. الجواب 1-2 سئل الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، نذكر لك فيما يلي نصّ السؤال والإجابة: س: ما حكم مس المصحف بدون وضوء أو نقله من مكان لآخر؟ وما الحكم في القراءة على الصورة التي ذكرت؟ ج: لا يجوز للمسلم مس المصحف وهو على غير وضوء عند جمهور أهل العلم، وهو الذي عليه الأئمة الأربعة -رضي الله عنهم-، وهو الذي كان يفتي به أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد ورد في ذلك حديث صحيح لا بأس به، ومن حديث عمرو بن حزم -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى أهل اليمن: "أن لا يمس القرآن إلا طاهر" رواه مالك في الموطأ (468) والدارمي في سننه (2266) وهو حديث جيد له طرق يشد بعضها بعضاً. وبذلك يعلم أنه لا يجوز مس المصحف للمسلم إلا على طهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وهكذا نقله من مكان إلى مكان، إذا كان الناقل على غير طهارة. لكن إذا كان مسه أو نقله بواسطة، كأن يأخذه في لفافة أو في جرابه، أو بعلاقته فلا بأس، أما أن يمسه مباشرة وهو على غير طهارة فلا يجوز على الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم؛ لما تقدم، وأما القراءة فلا بأس أن يقرأ وهو محدث عن ظهر قلب، أو يقرأ ويمسك له القرآن من يرد عليه ويفتح عليه فلا بأس بذلك. لكن الجنب صاحب الحدث الأكبر لا يقرأ؛ لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يحجبه شيء عن القراءة إلا الجنابة انظر ما رواه الترمذي (146) والنسائي (265) أبو داود (229) وابن ماجة (594) من حديث علي - رضي الله عنه - وروى أحمد (874) بإسناد جيد عن علي -رضي الله عنه-، قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثم قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال: "هذا لمن ليس بجنب، أما الجنب فلا، ولا آية" والمقصود: أن ذا الجنابة لا يقرأ لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل، وأما المحدث حدثاً أصغر وليس بجنب فله أن يقرأ عن ظهر قلب ولا يمس المصحف. وهنا مسألة تتعلق بهذا الأمر، وهي مسألة الحائض والنفساء، هل تقران أم لا تقران؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم: منهم من قال: لا تقران، وألحقهما بالجنب. والقول الثاني: أنهما تقران عن ظهر قلب دون مس المصحف؛ لأن مدة الحيض والنفاس تطول، وليستا كالجنب؛ لأن الجنب يستطيع أن يغتسل في الحال يقرأ، أما الحائض والنفساء فلا تستطيعان ذلك إلا بعد طهرهما، فلا يصح قياسهما على الجنب لما تقدم. فالصواب: أنه لا مانع من قراءتهما عن ظهر قلب، هذا هو الأرجح؛ لأنه ليس في الأدلة ما يمنع ذلك، بل فيها ما يدل على ذلك، فقد ثبت في الصحيحين البخاري (1650) ، ومسلم (1211) ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعائشة - رضي الله عنها - لما حاضت في الحج: "افعلي كما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري"، والحاج يقرأ القرآن، ولم يستثنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدل ذلك على جواز القراءة لها، وهكذا قال لأسماء بنت عميس - رضي الله عنها - لما ولدت محمد بن أبي بكر - رضي الله عنهما - في الميقات في حجة الوداع انظر ما رواه مسلم (1209) من حديث عائشة - رضي الله عنها - فهذا يدل على أن الحائض والنفساء لهما قراءة القرآن، لكن من غير مس المصحف. وأما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن" رواه الترمذي (131) وابن ماجة (596) ، فهو حديث ضعيف، في إسناده إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، وأهل العلم بالحديث يضعفون رواية إسماعيل عن الحجازيين ويقولون: إنه جيد في روايته عن أهل الشام أهل بلاده، لكنه ضعيف في روايته عن أهل الحجاز، وهذا الحديث من روايته عن أهل الحجاز فهو ضعيف. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، تأليف الشيخ/عبد العزيز بن باز -رحمه الله-، ج10 صـ149]

تعليق الآيات القرآنية

تعليق الآيات القرآنية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 4/1/1423 السؤال ما حكم تعليق الآيات القرآنية على شكل لوح أو سجاد في البيت؟ الجواب القرآن الكريم أنزله الله للعمل به والتعبد به كما أمر الله وأمر رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- ولم ينزله لمجرد التلاوة والتبرك به، مع أنه كنز البركة، وفي تلاوته الأجر والثواب، وإنما أنزله الله للعمل به وتحكيمه في كل أمر وشأن من شؤون الحياة، لقوله -تعالى-: "وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عما أنزل الله إليك" [المائدة:49] ، وقوله: "ما فرطنا في الكتاب من شيء" [الأنعام:38] ولا شك أن تعظيم آيات الله حقاً هو بتطبيق أحكامها والتحاكم إليها. أما مجرد كتابتها وتعليقها للتبرك دون العمل والاعتبار، أو كتابتها لغرض طرد الشياطين من المنزل أو وضع المصحف في السيارة لدفع العين عن صاحبها، أو ليقال إن صاحب هذا المنزل أو السيارة متدين إلخ ... فكل ذلك من الابتداع المنهي في الشرع ومدخل للرياء والسمعة. وكل ذلك مما لم يأذن به الله ولا رسوله، ولم ينقل عن أحد من الصحابة أو التابعين ومن بعدهم من سلف الأمة، وهو نوع من أنواع الابتذال والامتهان لآيات الله. أما إذا كان الغرض من كتابة آيات القرآن على لوح أو زجاج أو سجاد وعلقت في مكان محترم كأن توضع في صدر المجلس في البيت ليتذكر الداخل والخارج والجالس معاني تلك الآيات، أو تكون مجال بحث في تفسيرها، حينئذ فلا أرى مانعاً شرعياً، إذ رفعُها وكتابتها على هذه الهيئة وبهذا الغرض من تعظيمها. وقد نص العلماء على جواز زخرفة المصحف وتزويقه وتجليده تجليداً فاخراً، حتى لو طلي بشيء من الذهب أو الفضة لجاز. وخلاصة القول: إن كتابة آيات القرآن وتعليقها في البيت بقصد التعظيم لها والتذكر والتدبر في معانيها فإن هذا جائز. وما عدا هذا الغرض فحرام. والله أعلم

خلق القرآن

خلق القرآن المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 27/12/1422 السؤال أرجو من فضيلتكم إخباري عن كيفية الرد على من قال إن القرآن مخلوق غير منزل، مع الأدلة الصحيحة من القرآن والسنة، وما حكم من قال إن القرآن مخلوق وليس منزلاً؟ علماً أنهم يقولون في تفسير كلمة نزلنا إنه منزل من الفوقية إلى الأسفل أو التحتية، أرجو أن تكون محاضرة أو مقال كامل عن هذا الموضوع، وما هي الكتب والمراجع التي تعينني على ذلك؟ الجواب القرآن الكريم كلام الله - عز وجل - المنزل بلفظه ومعناه كما دل عليه القرآن نفسه وليس هناك أي دليل يعارض ذلك. ومن الأدلة قوله - تعالى -: " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله" [التوبة:6] وقوله - تعالى -:" وكلم الله موسى تكليماً" [النساء:164] . وقال - عز وجل - لموسى:" وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري" [طه:14] وهذا القول سمعه موسى - عليه السلام- فممن سمعه؟ سمعه من الله - عز وجل -. وعلى هذه العقيدة علماء الأمة المحققون. وأورد اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة أقوال أكثر من خمسمائة وخمسين عالماً قالوا بهذا القول. ويراجع كتاب (مجموع فتاوى ابن تيمية المجلد 12 وعنوانه: القرآن كلام الله" والفتاوى الكبرى له المجلد 6 آخره) ففيها تفصيل للمسألة، والله أعلم.

المسابقات القرآنية

المسابقات القرآنية المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 12/1/1424هـ السؤال نقيم في مدرستنا مسابقات للقرآن والسنة ويشترك في هذه المسابقة جميع منسوبات المدرسة تقريباً ومنهن المديرة والوكيلة، فهل إذا حصلت المديرة على المركز الأول مثلاً وأعطيت هدية من قبل المسؤولة عن المسابقة - علماً بأن التي تقدم الهدية معلمة - هل هذا يدخل في الرشوة أو هدايا العمل؟ والله يشهد أن هذه الهدايا لم تقدم لهذا الغرض، وإنما لبث روح المنافسة وشغل الوقت بما هو مفيد، وهل يصح مشاركة بعض المتسابقات في دفع مبلغ للمساهمة في شراء الهدايا؟ الجواب إذا كانت المسابقات في القرآن الكريم والسنة والعلم الشرعي النافع فإنه لا حرج إن شاء الله من وضع هدايا عليها ولا بأس من أن تعطى مديرة المدرسة أو الوكيلة إذا كانت هي الفائزة، ولا يظهر لي أن هذا يدخل في هدايا العمل لأن سببه معلوم ظاهر وهو المسابقة فإن أرادت المديرة أو الوكيلة أن تترك الهدية ورعاً فهذا شيء حسن جداً. ويجوز أيضاً أن يشارك بعض المتسابقات في دفع المبلغ لشراء الهدية، والله أعلم.

حفظ القرآن ثم نسيانه

حفظ القرآن ثم نسيانه المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 13/3/1423 السؤال كنت أحاول حفظ سور من القرآن الكريم مع مجموعة من الأخوات، ومع مرور الزمن نسيت أغلب ما حفظته ولكني لازلت مستمرة بمحاولة حفظ الجديد من السور، وقد قرأت قبل فترة حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: عن أن أعظم عذاب رآه هو عذاب من يحفظ القرآن وينساه، فخفت كثيراً وقررت التوقف عن حفظ المزيد من السور، والتركيز فقط على مراجعة ما قد حفظته والحرص على عدم نسيانه، فهل هناك إثم على قراري هذا؟ وإذا لم يكن فيه إثم فهل أخبر من معي في المجموعة بالحديث الذي قرأته، وربما أدى ذلك إلى خوفهن هن أيضاً من عقوبة النسيان، وتوقفهن عن الحفظ؟ أنا لازلت مستمرة بحضور الدروس ولكني حولتها من حفظ إلى تلاوة، ومحاولة لتطبيق التجويد أثناء القراءة، أفيدونا جزيتم خيراً. الجواب تشير السائلة إلى حديث: "عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها"، وهذا الحديث قد أخرجه أبو داود (461) ، والترمذي (2916) ، وابن خزيمة (576) ، والبيهقي في السنن (2/440) ، وأبو يعلى (4265) ، وعبد الرزاق (3/361) ، كلهم من طريق المطلب بن حنطب بن عبد الله، عن أنس بن مالك مرفوعاً، غير أن هذا الحديث لا يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد ضعفه جمع من أهل العلم منهم علي بن المديني، والبخاري، والترمذي، وابن حجر، فلا يصح الاحتجاج به. وإني أنصح السائلة بالجمع بين المراجعة والحفظ مع العناية بالمراجعة وكثرة التكرار، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر عن شدة تفلت القرآن من صاحبه إذا لم يتعاهده بالمذاكرة والمراجعة، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري (5033) ، ومسلم (791) ، عن أبي موسى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تعاهدوا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها"، وقد رويت آثار عن السلف تدل على كراهتهم لنسيان شيء من القرآن الكريم لأن هذا دليل على التساهل والتهاون. كما أنصح السائلة أيضاً بالعناية بجانب التفسير، والفهم، لمعاني ما تقرأ وتحفظ مما يعينها على العمل بما تتلو من القرآن، وهذا هو المقصود الأول من نزول القرآن الكريم، يقول الله تعالى: "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب" [ص:29] ، فإذا اتضح للسائلة هذا الأمر فلا مانع من إطلاع أخواتها عليه، والله أرجو أن يوفقنا جميعاً للبر والتقوى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تعليق لوحات الآيات القرآنية

تعليق لوحات الآيات القرآنية المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 29/6/1423هـ السؤال السلام عليكم. تستخدم الآيات القرآنية لتزيين المساجد، والبعض يعلقها في بيته، فما حكم ذلك؟ أفادكم الله. الجواب سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم كتابة الآيات وتعليقها على الحائط، وجاء في الإجابة ما يلي: أنزل الله -تعالى- القرآن موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين، وليكون حجة على الناس، ونوراً وبصيرة لمن فتح قلبه له، يتلوه ويتعبد به، ويتدبره، ويتعلم منه أحكام العقائد والعبادات والمعاملات الإسلامية، ويعتصم به في كل أحواله، ولم ينزل ليعلق على الجدران زينة لها، ولا ليجعل حروزاً وتمائم تعلق في البيوت أو المحلات التجارية ونحوها؛ صيانة وحفظاً لها من الحريق واللصوص، وما شابه ذلك مما يعتقده بعض العامة، وخاصة المبتدعة -وما أكثرهم- فمن انتفع بالقرآن فيما أنزل من أجله فهو على بينة من ربه وهدى وبصيرة، ومن كتبه على الجدران أو على خرق تعلق عليها ونحو ذلك؛ زينة أو حرزاً وصيانة للسكان والأثاث وسائر المتاع فقد انحرف بكتاب الله أو بآية أو بسورة منه عن جادة الهدى، وحاد عن الطريق السوي والصراط المستقيم، وابتدع في الدين ما لم يأذن به الله ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم- قولاً أو عملاً، ولا عمل به الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- ولا أئمة الهدى في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها خير القرون، ومع ذلك فقد عرّض آيات القرآن أو سوره للإهانة عند الانتقال من بيته إلى آخر بطرح هذه الخرق في الأثاث المتراكم، وكذا الحال عند بلاها وطرحها هنا وهنا مما لا ينبغي، وجدير بالمسلم أن يرعى القرآن وآياته، والمحافظة على حرمته، ولا يعرضه لما قد يكون فيه امتهان له. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (4/46) ] .

تفسير كلمات القرآن بلغة أجنبية

تفسير كلمات القرآن بلغة أجنبية المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 1/6/1423 السؤال هل يجوز أن تفسر بعض كلمات القرآن على أساس أن الكلمة تشبه كلمة _إنجليزية مثلاً- من اللغات غير العربية؟ الجواب لم يوضح السائل سؤاله بشكل كاف, ولكن نقول: إن ترجمة ألفاظ القرآن الكريم إلى لغة أخرى غير جائزة؛ لأن الله -تعالى- أودع في القرآن من الأسرار والإعجاز مالا يمكن نقله بلغة أو عبارة أخرى, ولكن الجائز هو ترجمة تفسير القرآن الكريم, إذ تفسير القرآن جهد بشري يعتمد على أصول شرعية, وهو بهذه المثابة يمكن نقله إلى لغة أخرى, والله أعلم.

هل التقى موسى وشعيب؟

هل التقى موسى وشعيب؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 8/3/1423 السؤال عندما توجه موسى -عليه السلام- إلى مدين في القصة المعروفة لديكم، هل الذي عمل عنده موسى -عليه السلام- وأنكحه إحدى ابنتيه هو شعيب -عليه السلام-؟ الجواب ذكر كثير من المفسرين أن صاحب مدين النبي شعيب -عليه السلام-، ويستدلون على ذلك ببعض الآثار، لكنها لا تسلم من مقال، وفي الحق فإن هذا القول محل نظر لأمور: 1-لم يثبت فيما ذكروا شيء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد الصحابة -رضي الله عنهم-، وفي هذا يقول ابن جرير -رحمه الله-: "وهذا مما لا يدرك علمه إلا بخبر، ولا خبر بذلك تجب حجته ... ". 2-بُعْد الزمن الذي بين موسى وشعيب -عليهما السلام-، فقد بعث شعيب -عليه السلام- في زمن غير بعيد من زمن إبراهيم -عليه السلام-، ذلك أن إبراهيم ولوطاً -عليهما السلام- بعثا في نفس الفترة، وقد قال الله -تعالى- عن شعيب وهو يعظ قومه: "وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُم بِبَعِيد" [هود:89] ، ومن المعروف أن بين إبراهيم -عليه السلام- وموسى -عليه السلام- عدة قرون. 3-ويستأنس في هذا بما ورد في أسفار أهل الكتاب، فقد ذكر عدد من المفسرين أن صاحب مدين كان يسمى عندهم (يثرون) ، ولم يذكر فيها أنه النبي شعيب -عليه السلام-. وقد أشار ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره إلى بعض ما ذكرت، وبكل حال فإن اسم صاحب مدين قد أبهم في القرآن الكريم، ذلك أن الجهل به لا يضر، وبالله التوفيق.

هل في القرآن أخطاء إملائية

هل في القرآن أخطاء إملائية المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 4/3/1424هـ السؤال السلام عليكم. يتهم بعض الملاحدة القرآن الكريم بأنه جاء فيه بعض الكلمات التي فيها أخطاء -بزعمهم- إملائية مثل كلمة (القرءان) وكلمة (يس) وغير ذلك، فما هو الرد المناسب لهم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: رسم المصحف من الأمور الاصطلاحية التي لم تتلق بوحي من الله تعالى، وإنما كتبت على نحو ما اصطلح الناس عليه في ذلك الوقت واتفقوا -والأمور التي يتفق عليها الناس لا مشاحة فيها ولا منازعة ولا ينكر فيها على أحد إذا حصل بها المقصود-، ومن ذلك الرسم الإملائي، إذ هو أمر اصطلاحي جرى عليه الناس بقصد أن يكون وسيلة تساعدهم في تناقل العلم وغيره من أوجه النشاط الحضاري، والرسم الإملائي لما كان أمراً اصطلاحياً يجوز أن يقع فيه اختلاف وتغير، على مر العصور، ومن تتبع المراحل التي مر بها الرسم الإملائي العربي أدرك ذلك، بل حتى في عصرنا هذا يوجد اختلاف بين المدارس المعاصرة في رسم عدد غير قليل من الكلمات، ومثل هذا الاختلاف غير مؤثر ولا إشكال فيه، وكذلك الحال فيما يتعلق بالقرآن الكريم، فكونه قد كتب بالرسم الموجود في ذلك الوقت مما اصطلح على تسميته بعد ذلك بالرسم العثماني مما يخالف الرسم الإملائي المعاصر لا يعد ذلك نقصاً في القرآن الكريم، لخروجه عن حقيقته، لأنه لم ينزل مكتوباً، وإنما نزل متلواً، فلا يضره أن يكتب خطأ على فرض أن ذلك قد وقع، كما لو أنه كتب -مثلاً- على ألواح وقراطيس رديئة ونحو ذلك، لم يكن ذلك مما يعاب به القرآن الكريم، على أن أهل العلم كالإمام أبي عمر المدني قد كتبوا قديماً في بيان سبب رسم بعض الكلمات في القرآن على نحو يخالف الرسم القياسي مما يطول ذكره هنا، والله أعلم.

بث القرآن أثناء الطابور المدرسي

بث القرآن أثناء الطابور المدرسي المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 26/2/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: سؤالي هو: هل يجوز أن نشغل المسجل بالقرآن الكريم في المدرسة قبيل الطابور بعشر دقائق؟ علماً أن أغلب الطلاب أو المارة يتكلمون ولا يستمعون، مع أن هناك أناساً قد يهديهم الله على يديك، وهناك أصوات جميلة جداً للقراء ربما تشغف القلوب، ما رأي فضيلتكم؟ حفظكم الله. الجواب الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِ على عبدك ونبيك محمد وعلى آله ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد.. فتشغيل الإذاعة قبيل الطابور جزء من النشاط المدرسي، والإذاعة إن لم تشغل بما يفيد فستملأ بكلام ساقط أو غير مفيد. فشغل إذاعة المدرسة باختيار قصار السور، بأداء قراء جيدين هو من خير ما يقدم لصباح اليوم المدرسي، ولا يضر إن انصرف بعضهم عن الاستماع أو الإصغاء. والله أعلم.

الفرق بين "ذلك" و"ذلكم" في القرآن

الفرق بين "ذلك" و"ذلكم" في القرآن المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 19/5/1424هـ السؤال ما هو الفرق بين (ذلك) وبين (ذلكم) في القرآن الكريم؟ الجواب وردت (ذلكم) في أربعين موضعاً من القرآن، و (ذلك) في عدد أكثر من ذلك بكثير. ومعنى: ذلكم، إشارة للبعيد، وإذا كانت في سياق ذكر الخير فالبعد للتعظيم والتفخيم، كقوله تعالى:"ذلكم أزكى لكم وأطهر" [البقرة:232] ، وإذا كانت في سياق ذكر الشر فالبعد للتفظيع والتحذير، كقوله تعالى:"وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق" [المائدة:3] . والكلمة على التجزئة (ذا) اسم إشارة، واللام للبعيد، والكاف للخطاب، والميم للجمع المخاطب بالكلام. وقد تجيء آيات الإفراد والجمع معاً، قال تعالى:"ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر" [البقرة: 232] وغيرها، والله أعلم.

كيف أشعر بعظمة القرآن

كيف أشعر بعظمة القرآن المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 03/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لا أعرف كيف أبدأ بالسؤال، حيث إن عندي مشكلة كبيرة جداً -من وجهة نظري على الأقل- مع القرآن وهو أني -أستغفر الله- لا أستشعر بعظمته، بل وأحياناً أقرأ القرآن وأبكي ليس تأثراً به بل حسرة على نفسي لأني لا أشعر بعظمته، وخاصة عندما أقرأ السور التي فيها تبيين لتأثير القرآن، كسورة الجن: فأقول في نفسي سبحان الله، الجن تقول قرآناً عجباً وأنا التي أدعي الإسلام لا أعرف أين هذا العجب، بل أحياناً أشعر بأن كفار قريش أفضل مني لأنهم فهموا القرآن -بغض النظر عن استكبارهم وكفرهم- لا أدري إن كانت المشكلة واضحة لكن هل هناك حل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: أختي السائلة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لا ريب أن التأثر بقراءة القرآن والعمل به هو المقصد الرئيس من إنزال القرآن العظيم، ولذا يقول الله تعالى في شأن الجبال الصم:"لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون" [الحشر: 21] ، فإذا كانت الجبال القاسيات الراسيات تخشع وتتصدع من عظمة القرآن وجلاله كان من باب أولى أن يرق قلب الآدمي ويلين خشية لربه، ومعرفة بقدره تعالى. وأنت أختي الكريمة عليك أن تجاهدي نفسك على تدبر الآيات التي تقرئينها، وعليك بمحاولة التعرف على تفسيرها وبيان أهل العلم لها -قدر الإمكان- مع مداومة الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يهبك الخشوع ولين القلب، وتذكري -بارك الله فيك- أن من أعظم الأسباب التي تعين على حصول المقصود، التخلص من الذنوب والخطايا وسرعة المبادرة إلى التوبة النصوح علّ الله تعالى أن يفتح عليك من بركاته، ويمن بلين القلب وخشوع القراءة، وثقي بأن الله عز وجل متى رأى منك الصدق والإخلاص بلغك ما تأملين وتنشدين، والله المسؤول أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

تسمية سور القرآن بألفاظ فيها

تسمية سور القرآن بألفاظ فيها المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 5/4/1424هـ السؤال هل يجوز تسمية سور القرآن الكريم بشيء مما ذكر فيها؟ مثلا تسمية سورة (الإخلاص) بسورة (الصمد) أو تسمية سورة (البقرة) بسورة الكرسي، أسوة بآية الكرسي المذكورة فيها؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء. وشكرا. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد فاعلم أنه لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهيٌ عن أن تُسمى سورة باسمٍ ما، كما أنه لم يأمر بذلك، ويمكن تقسيم تسمية السور إلى أقسام: القسم الأول: سورة ثبتت تسميتها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كالبقرة وآل عمران، في مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-:"اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران " الحديث رواه مسلم (804) من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه-، وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من الدجال" رواه مسلم (809) وغيره من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه-. والأحاديث الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تسمية السور كثيرةٌ. القسم الثاني: ما ثبتت تسميته عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم-، ومن ذلك ما رواه البخاري (4029) ، ومسلم (3031) ، واللفظ له، عن سعيد بن جبير قال: "قلت لابن عباس -رضي الله عنهما-: سورة الأنفال. قال: تلك سورة بدر" ويمكنك أن تنظر إلى أسماء السور في مبحث المكي والمدني من كتاب الإتقان في علوم القرآن، حيث ذكر السور المكية والسور المدنية بأسمائها عن بعض الصحابة والتابعين وأتباعهم، وستلاحظ وجود أكثر من اسم لبعض السور، كما أن السيوطي قد عقد لهذه الأسماء المختلفة مبحثًا خاصًّا. القسم الثالث: ما تعارف عليه من جاء بعد الصحابة -رضي الله عنهم- إلى عصرنا الحاضر، وهذا مما يقع فيه التسامح، لذا ترى كثيرًا من التسميات التي تعارف عليها الناس، وهي في الغالب حكاية أول السورة، كقولهم: سورة لم يكن، سورة إذا زلزلت، سورة تبت يدا أبي لهب، سورة قل هو الله أحد، وهكذا غيرها من التسميات، والظاهر من عمل المسلمين خلال العصور أنه لا تناكر بينهم في تسمية السور، والتعارف عليها باسم لم يوجد في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عصر الصحابة -رضي الله عنهم-، غير أن الأولى أنَّ ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصَّة أن لا يُعدل عنه، لأنه قد يكون في التسمية حكمة لا تُعلم إلا بالبحث، وهذه الأسماء النبوية للسور مبحث لطيف فلم أر من بحث فيه علاقة التسمية، ومن المفسرين الذين اعتنوا بهذا المبحث (الطاهر بن عاشور) ومن ذلك ما ذكره في سبب تسمية سورة البقرة قوله: "ووجهُ تسميتِها: أنَّها ذُكرت فيها قصَّةُ البقرةِ التي أمرَ اللهُ بني إسرائيلَ بذبحِها؛ لتكونَ آية ووصف سوء فهمِهم لذلك، وهي مما انفردت به هذه السورة بذكرِه، وعندي أنها أضيفت إلى قصةِ البقرةِ تمييزًا لها عن سورِ آل" آلم "من الحروف المقطَّعةِ …". التحرير والتنوير (1/201) ، وقد ظهر لي في مناسبة هذا الاسم سِرٌّ لطيفٌ، إذ قد يقول قائلٌ: إنَّ في قصَّةِ البقرةِ إحياءَ ميِّتٍ فسُمِّيتْ السورةُ بما يُشيرُ إلى ذلك الحدث الغريبِ، والجوابُ: أنها لم تكن هي الأميزَ في موضوعِ إحياءِ الموتى، فقد وردَ في هذه السُّورةِ أكثرُ من قصةٍ فيها إحياءُ الموتى، وهي إحياءُ بني إسرائيلَ بعد الصَّعقةِ، وذلك قوله -تعالى-: "وَإذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [البقرة: 55 ـ 56] . وقصَّةُ الَّذين خرجوا من ديارهم، وهم ألوف، خرجوا حذر الموتِ، فأماتهم الله ثُمَّ أحياهم، وقصَّة الذي مرَّ على قرية وهي خاوية على عروشها، فأماته الله مائة عامٍ ثُمَّ بعثه، وقصَّة إحياء الطيور الميِّتةِ لإبراهيم -عليه الصلاة والسلام-. إذًا فليست هي القصةَ الوحيدةَ في هذا الشأنِ العجيبِ، وهو إحياءُ الموتى والذي يُمكنُ أن يُقال في مناسبةِ تسميتها بهذا الاسم: أنَّ هذه السُّورةَ من أوائلِ السُّورِ المدنيَّةِ، والعهد المدنيُّ كان فيه إقرار كثيرٍ من الأحكامِ الشرعيَّة، وكان الأمرُ في أحكامِ اللهِ أن تُنفَّذَ، ولا يُتأخَّرَ فيها أو يُعترضَ عليها؛ فأخبرَ اللهُ بقصَّةِ البقرةِ التي فيها التَّنبيه والإعلامُ بشأنِ من تلكَّأ في الاستجابةِ لأحكامِ الله، فإنَّ بني إسرائيلَ لَمَّا شدَّدُوا وتعنَّتوا في تنفيذِ أمرِ اللهِ؛ شدَّدَ اللهُ عليهم، إذ لو ذبحوا في أولِ أمرِ اللهِ لهم أيَّ بقرةٍ، لأجزأهم ذلك، ولكانوا بذلك مستجيبين لأمرِ اللهِ، وفي هذه القصَّةِ عِظةٌ أيَّما عِظَةٍ للصَّحابةِ -رضي الله عنهم-، كي لا يتردَّدُوا في تنفيذِ أحكامِ اللهِ، فيشدِّدَ اللهُ عليهم كما شدَّد على بني إسرائيلَ في شأنِ البقرةِ. وحياتُهم -رضي الله عنهم- مع نبيِّهم -صلى الله عليه وسلم- تدلُّ على أنهم وَعَوا هذا الدَّرسَ وتلقَّنوه جيِّدًا، فلم يكونوا يتأخَّرون عن تنفيذِ أوامرِ الَشَّرعِ، واللهُ أعلمُ. وهذا الاستطراد ذكرته لك للفائدة، أسأل الله أن يمن عليَّ وعليك بحسن الفهم، وبالإخلاص في القول والعمل.

ما يستحب قراءته من القرآن كل ليلة

ما يستحب قراءته من القرآن كل ليلة المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 25/3/1424هـ السؤال أود أن تخبروني جزاكم الله خيراً عن سور القرآن المستحب قراءتها كل ليلة، وما هو جزاء كل سورة؟ وما الحكمة من ذلك؟ وشكراً. الجواب ثبت في الصحيحين من حديث أبي مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه" البخاري (5009) ، ومسلم (807) . وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما يقرأ فيهما "قل هو الله أحد" و "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس" ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات) . أخرجه البخاري (5017) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها-. وجاء في قصة أبي هريرة - رضي الله عنه - حينما جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة، قال له الشيطان "إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي "الله لا إله إلا هو الحي القيوم...." فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "صدقك وهو كذوب" أخرجه البخاري (3275) تعليقاً، ووصله غيره كما في فتح الباري (4/487-488) . وفي حديث أبي سعيد - رضي الله عنه- عند البخاري (5015) ، وأبي الدرداء - رضي الله عنه- عند مسلم (811) ، مرفوعاً "أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن" قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: "قل هو الله أحد، تعدل ثلث القرآن".

رفع الصوت بالقرآن قبل الجمعة

رفع الصوت بالقرآن قبل الجمعة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 6/3/1424هـ السؤال ما حكم قراءة القرآن في يوم الجمعة؟ هل له أصل في الشرع؟ وهل ورد أي حديث أو حتى آثار دلت على ذلك؟ فأنا أقصد تلك القراءة التي تقرأ بالسماعة في كل المساجد قبل الخطبة بفترة، (حيث يسمع كل الناس ولا ينصتون له) ، فإذا أمكنكم أن تعطوا حديثا أو أقوالاً لعلماء تدل على ذلك فهو مناسب. وجزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا العمل الذي أشار إليه السائل من رفع الصوت في السماعات قبل الخطبة لكي يستمع الناس إلخ.. بدعة، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، والسنة الواردة عن النبي - عليه الصلاة والسلام- هي تعظيم هذا اليوم بكثرة العبادة كالذكر، أو الصلاة أو القراءة، بأن يتقدم الإنسان إلى المسجد من بعد طلوع الشمس، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا حضر الإمام دخلت الملائكة تستمع الذكر" البخاري (881) ، ومسلم (850) . ويستحب للإنسان التقدم من بعد طلوع الشمس، وقال بعض أهل العلم: من بعد صلاة الفجر، لكي يتفرغ للذكر والقراءة والصلاة.. إلخ، فيفعل ما هو الأخشع لقلبه هذه هي السنة، وهذا هو الأفضل، وهذا هو هدي الصحابة - رضي الله عنهم-. وأما رفع الصوت بالقراءة التي قد يستمع بعض الناس لها وقد لا يستمعون إلخ، وقد تشوش عليهم، فهذا كله محدث ليس على هَدْي النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه -رضي الله عنهم-.

الاقتباس القرآني

الاقتباس القرآني المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 18/3/1424هـ السؤال وردت هذه الجملة في أحد مواضيع المزاح على أحد المنتديات، وعندما اعترضت عليها أخبرني صاحب المنتدى أنني لست بعالمة دين أو مفتية لكي أعترض، وأنني يجب أن أدعم اعتراضي بفتوى موثقة، فهلا أجبتموني أفادكم الله وجزاكم خيراً؟ وهذه هي الجملة سبب الخلاف (إعلان العرب للحرب: يا مبارك اذهب أنت وشعبك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون) أفيدونا أفادكم الله وجزاكم خيراً كثيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.. المقولة التي أوردها السائل الكريم قد تضمنت جزءاً من قوله -تعالى- في سورة المائدة: "فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون" [المائدة: من الآية 24] وهذا التضمين يندرج تحت ما يسميه أهل العلم بالاقتباس، وحقيقته تضمين الكلام سواء كان شعراً أو نثراً بعض ألفاظ القرآن لا بلفظ قال الله، بل على وجه يتوهم معه أنه غير قرآن، ونحو ذلك، وهذا الاقتباس قد اختلف فيه أهل العلم قديماً، حتى إن بعض المالكية قد تشدد في النهي عنه كثيراً، والصحيح من كلامهم- رحمهم الله - أن الاقتباس جائز بشرط أن يكون ذلك في الكلام الطيب الحسن الذي يراد به هداية الناس ووعظهم وتوجيههم ونحو ذلك، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه، ولم يزل أهل الفضل من العلماء والخطباء والوعاظ يضمنون رسائلهم وخطبهم شيئاً من كلام الله - عز وجل-، أما ما كان خارجاً عن هذا بأن يكون على سبيل الهزل والمزاح، فهذا مما يصان عن مثله القرآن، قال صاحب مختصر الروضة:"الاقتباس ثلاثة أقسام: مقبول ومباح ومردود، ثم ذكر من جملة القسم المردود تضمين آية في معنى هزل" والذي أشار إليه السائل، -إن صح أنه ورد في معرض المزاح ونحوه على حد قوله-، فهو مما يندرج ضمن الممنوع والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قطع القراءة قبل تمام المعنى

قطع القراءة قبل تمام المعنى المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 9/4/1424هـ السؤال ما حكم الوقف في الصلاة في مثل هذه الآية (15) من سورة يس، والآية (18) من نفس السورة؟ علماً أن إمام المسجد عندنا في الحي كثيراً ما يقف في مثل هذه الآيات بقصد أو بغير قصد؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، أما بعد: فسؤالك أيها الأخ الفاضل غير واضح، وسأجيب على ما ظهر لي منه، فأقول: إن كنت تقصد أنه يقطع قراءته على الآية الخامسة عشرة من سورة (يس) ، وهي قوله تعالى: "قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ" [يّس:15] ، ثم يركع، ثم يقوم فيقرأ الآية السادسة عشرة، وهي قوله تعالى: "قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ" [يّس:16] . ويقرأ قوله تعالى: "قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ" [يّس:18] ، ثم يركع، ثم يقوم فيقرأ: "قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ" [يّس:19] ، فأقول: إن في الأمر سَعَةً، والذي يدلُّ على ذلك ما رواه البخاري (4582) ، ومسلم (800) ، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يقرأ عليه سورة النساء، حتى إذا وصل إلى قوله تعالى: "فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً" [النساء:41] قال له: حسبك الآن، قال فرأيته، فإذا عيناه تذرفان. وقطع القراءة على هذه الآية قبل تمام المعنى؛ لأن قوله تعالى: "يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً" [النساء:42] مرتبط من جهة المعنى بما قبله، والتمام على رأس الآية هو الوقف التام؛ لأن ما بعدها كلام مستأنف جديد، وهو قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً" [النساء:43] ، وهذا العمل منه صلى الله عليه وسلم حجة في من قطع قراءته قبل تمام المعنى، والله أعلم. ولكن إن تتبع المعاني، وقطع عند انقضاء الأخبار والقصص، كما ورد ذلك عن السلف الصالح من التابعين والقراء وغيرهم، فذلك حسن، بل هو مما يعتني به علماء الوقف والابتداء.

التباكي أثناء التلاوة

التباكي أثناء التلاوة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 11/4/1424هـ السؤال كثر في الآونة الأخيرة عدد من المقرئين، والذين يتلون القرآن بطريقة بكائية (تشبه البكاء) ، مما يفقد التلاوة حلاوتها، وتتحول إلى ما يشبه العويل، فما رأيكم في ذلك؟ وجزاكم الله كل خيراً. الجواب الحمد لله، تلاوة القرآن من أفضل القربات؛ بل هي أفضل القربات المطلقة، ولتلاوة القرآن آداب منها الترتيل كما قال تعالى: "ورتل القرآن ترتيلا" [المزمل: 4] . لكن بغير إفراط، فليس من الترتيل المشروع التقعر في تلاوة القرآن، وهو ما يسمى بالتجويد الذي فيه تشديد وتكلف، فإنه ينبغي أن تكون القراءة قراءةً سهلة ليس فيها تكلف، ومما يتأكد على تالي القرآن أن يتدبر ما يقرأ، ويكون اهتمامه بفهم معاني القرآن، ومما يستحب له أن يحسن صوته؛ بل ينبغي له ويتأكد عليه أن يحسِّن صوته بالقرآن دون تكلف، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" رواه البخاري (7527) ، ومسلم (792) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، وأما من يخترع طريقة تخرج التلاوة عن حد الاعتدال كتصنع البكاء، وتكييف القراءة على هذا الوجه- كما جاء في السؤال أن هذه الطريقة تصيِّر التلاوة إلى نوع من العويل والصياح- وأنا لا أعرف هذه الصفة، لكن متى كانت قائمة على المبالغة والتكلف فهي مذمومة، فخير الأمور أوسطها، والله أعلم.

الجمع بين آيات في مولى الكفار

الجمع بين آيات في مولى الكفار المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 20/6/1424هـ السؤال كيف الجمع بين قوله تعالى: "وأن الكافرين لا مولى لهم"، وقوله: "بعضهم أولياء بعض"، وقوله: "النار هي مولاكم". الجواب تبين وجه الجمع بين هذه الآيات من خلال النظر في سياقاتها والمراد منها: فالآية الأولى: من سورة محمد جاءت بعد قوله تعالى: " الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ" [محمد:1-8] . ثم قال تعالى: "ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ" [محمد:11] ، فمما سبق يتبين أن الله تعالى هو ناصر المؤمنين وحافظهم ومعينهم، وأما الكافرون فليس لهم ناصر ينصرهم من الله، وليس لهم حافظ يحفظهم من أمر الله، وليس لهم من يمنعهم من قضاء الله، لأن الله هو القوي العزيز. وأما الآية الأخرى وهي قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51] ، ففيها نهي عن موالاة اليهود والنصارى، وبيان أن بعضهم يوالي بعضاً، فمن تولاهم فهو منهم، فالكفار يوالي بعضهم بعضاً الموالاة البشرية، ولكن ليس لهم من الله عاصم، بخلاف المؤمنين الذين يستمدون ولا يتهم من ولاية الله العلي الكبير، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، الذي لا يعز من عاداه ولا يذل من والاه. وأما قوله تعالى: "فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" [الحديد:15] فالمراد أنها أولى بكم وأحرى، ويجوز أن يراد أنها ناصركم، فتكون على سبيل التهكم، فإنهم لا ناصر لهم، فإن كان لهم ناصر فإنما هو النار، وإذا كانت النار لا تنصرهم وإنما هي عذاب الله لهم، فإذن لا ناصر لهم. وبهذا تبين أن المنفي عن الكفار هو أن يكون لهم ولي ينصرهم من دون الله أو يرد عنهم المكروه لأن ذلك إنما هو لله تعالى، والله تعالى ليس ولياً لهؤلاء الكفار، وأما المثبت من ولاية الكفار بعضهم البعض فإنما هو تعاونهم فيما يقدرون عليهم مما مكنهم الله فيه كسائر الأسباب مع أنها ولاية تابعة لمصالحهم الدنيوية كثيراً ما يتخلون عنها، إذا تعارضت مع أهوائهم، وأما في الآخرة فليس لهم أولياء ينصرونهم، بل يعادي بعضهم بعضاً ويلعن بعضهم بعضاً، ومأواهم النار وبئس المصير، والله أعلم.

اشتراط التواتر في القراءة

اشتراط التواتر في القراءة المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 7/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فإن جمهور أهل العلم من القراء والأصوليين على أن القراءات السبع وكذلك العشر متواترة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد خالف في ذلك قلة من أهل العلم منهم أبو شامة والجزري فيما قاله في النشر، وكذلك الشوكاني ونسب هذا القول إلى المدني والمهدوي كما هو في نيل الأوطار في أبواب صفة الصلاة, باب: الحجة في الصلاة بقراءة ابن مسعود وأبي، حديث (721-722) ، وذهبوا إلى أنه يجوز القراءة بأي قراءة سواء كانت من العشر أم من غيرها ما دام صح السند - مع عدم اشتراط التواتر بل يكفي أن يكون آحاداً - مع موافقتها لرسم المصحف وموافقتها لوجه من العربية، هناك عدة أسئلة متعلقة بهذا الموضوع؛ حتى يتم ثبوت إيضاح الحق، فمن لم يثبت التواتر في القراءات يقول ما الدليل على أن السند من أحد القراء -كحمزة أو عاصم مثلا- أنه متواتر، حتى إن الصنعاني قال (إن الطرف الأول من سند هؤلاء القراء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الصحابي كان أحاديًا، حيث قال إن النبي -صلى الله عليه وسلم -كان يدعو أحد الصحابة- رضي الله عنهم- ليبلغه القرآن) . نرجو الرد على هؤلاء الأئمة مع عزو النقل إلى المصنفات ليتم الرجوع لها، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: لا بد أن نعتقد جميعاً بأن القرآن الكريم وصل إلينا بالتواتر، فقد تلقاه الصحابة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وتلقاه عن الصحابة - رضي الله عنهم- من بعهدهم من التابعين، وهكذا.. حتى وصل إلينا كاملاً غير منقوص. ثانياً: من المجمع عليه عبر العصور الإسلامية كلها أن القرآن قطعي الثبوت، ولم يُعرف عن أحد من المسلمين إنكاره لحرف واحد من القرآن الذي بين أيدينا اليوم. ثالثاً: من المؤكد أن القراءات المنسوبة إلى السبعة وهم: الكوفيون، عاصم بن أبي النجود، وحمزة بن حبيب الزيات، وعلي بن حمزة الكسائي، وأبو عمر بن العلاء البصري، وعبد الله بن عامر اليحصبي، ونافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني، وعبد الله بن كثير المكي. أقول من المؤكد أن هذه القراءات المنسوبة لهؤلاء القراء الأعلام قراءات صحيحة تلقتها الأمة بالقبول لصحة أسانيدها وموافقتها للغة العربية وللرسم العثماني المجمع عليه عن الصحابة الكرام - رضي الله عنهم-. رابعاً: اشترط أهل العلم بالقراءات ثلاثة شروط لقبول القراءة وهي: 1- صحة السند. 2- موافقة اللغة العربية ولو بوجه من الوجوه. 3- موافقة الرسم العثماني ولو احتمالاً. لكن اختلفوا في اشتراط التواتر مع الصحة، فالجمهور يشترطون تواتر القراءة، وبعض العلماء كابن الجزري وأبي شامة، وجماعة لا يشترطون ذلك، ومع ذلك فهؤلاء العلماء الذين لا يشترطون التواتر، ويكتفون بصحة السند مع الشرطين الآخرين لا يطعنون في شيء من القراءات السبع المعروفة، وبذلك يصبح الخلاف بينهم وبين الجمهور لا ثمرة له تستدعي كبير بحث أو جهد يتعلق بإثبات قرآنية القراءات السبع أو نفيه، فالأمر محسوم والقضية محل تسليم الجميع، لكن ربما كانت ثمرة الخلاف ظاهرة من حيث أهمية الإجابة عن السؤال التالي: هل نقبل أي قراءة خارج السبعة إذا استوفت الشروط الثلاثة الآنف ذكرها في القراءات الثلاث المتممة للعشر؟ والجواب - والله أعلم- نعم، علينا أن نقبل كل قراءة ثابتة بأسانيد صحيحة، وكانت موافقة لوجه من وجوه اللغة العربية، وموائمة للرسم العثماني ولو احتمالاً، ولم تكن معلة بعلة قادحة أو شاذة، إذ من المعلوم أن أهل العلم قد ردوا كثيراً من الأحاديث الصحيحة لاشتمالها على علة قادحة أو شذوذ بين. آمل أن تكون الصورة قد وضحت الآن، وتبين لك وجه الصواب في هذه المسألة المهمة. والله يرعاك.

من الإعجاز العلمي: البعوضة وما فوقها

من الإعجاز العلمي: البعوضة وما فوقها المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 22/8/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين. أما بعد..فضيلة الشيخ يتناقل الشباب هذه الأيام رسالة عبر البريد الإلكتروني تتحدث عن إعجاز الله في خلقه للبعوضة، وكان مما ذكر قولهم: إن هناك حشرة تعيش فوق ظهر تلك البعوضة، وعليه فإنهم في الرسالة فسَّروا قول الله تعالى "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ" [البقرة: 26] . على أن المقصود بالآية هو تلك الحشرة الصغيرة. فضيلة الشيخ لو صدق النقل فهل الآية يمكن أن تُفسَّر بما ذكر أعلاه؟ بارك الله فيكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..

فهذا جواب مختصر لما سألتموني عنه حول اكتشاف علمي لكائنات حية تفوق البعوضة في الضآلة والخطورة: قال الله تعالى: "إِنّ اللهَ لاَ يستحيي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمّا الّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنّهُ الْحَقّ مِن رّبّهِمْ وَأَمّا الّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهََذَا مَثَلاً يُضِلّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلّ بِهِ إِلاّ الْفَاسِقِينَ" [البقرة: 26] , وذلك في معرض الحديث عن القرآن الكريم، والذي يؤكد فيه "أَنّهُ الْحَقّ" من عند الله ويتوعد الكافرين بتلك الحقيقة، ويبشِّر المؤمنين ويتحدَّى أن يأتي أحد بمثله, واستهل الحديث بقوله تعالى: "وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مّمّا نَزّلْنَا عَلَىَ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّن مّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَآءَكُم مّن دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" [البقرة: 23] , وهذا يعني أن ضرب المثل بالبعوضة هو من جملة المتحدى به مما يحمل علما لا يدرك أغواره أحد زمن تنزيله، وأنها ذات أثر خطير في حياة المخاطبين, خاصة أن التعبير "أَنّهُ الْحَقّ" قد ورد نفسه في الإعلان المتحدي بتضمن القرآن حقائق خفية عن العالم تكشفها الأيام بينة على أنه من عند الله العليم بالخلق؛ وهو قول الله تعالى: "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللهِ ثُمّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلّ مِمّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ. سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاَفَاقِ وَفِيَ أَنفُسِهِمْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُ الْحَقّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ أَنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. أَلاَ إِنّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مّن لّقَآءِ رَبّهِمْ أَلاَ إِنّهُ بِكُلّ شَيْءٍ مّحِيطُ" [فصلت 52-54] , قال الطاهر بن عاشور: (كانت الآيات السابقة ثناء على هذا الكتاب المبين ووصف حال المهتدين بهديه، والناكبين عن صراطه وبيان إعجازه والتحدي به, ووجه ربطها بما تقدم.. إقامة الحجة على أحقية القرآن أنه معجز) .

الدلالة العلمية: لم يكن أحد زمن نزول القرآن يدرك أسرار المخلوقات على النحو الذي كشفته اليوم - بعد جهود مضنية في المجالات العلمية المتنوعة - الثورة المحمومة لكشف المجهول، والتي بدأت بعد نزول القرآن بأكثر من عشرة قرون, وقد جاءت الكشوف العلمية مؤيدة لعناية القرآن بالبعوضة لأهميتها في حياة البشر رغم ضآلتها في عالم الأحياء, وهذا مثل صارخ لتسامي القرآن الكريم عن النظرة النسبية في الحكم على الأشياء وتنزهه عن التصورات المحصورة بزمن، فلا تخرج في تعريفها للأشياء عما هو سائد فيه, وفي بيئة التنزيل لم يعرف عن البعوضة سوى أنها غير ذات شأن؛ من جملة ما يستحيى من ذكره في المسائل العظام, ولا يجب أن تلقى أي عناية أو اهتمام, وبلغت اعتبارها المثل في الضآلة والاستحقار, لأن في منظورهم: (ليس شيء.. أصغر من البعوضة) , وأنها: (نهاية في القلة والضعف) , فماذا قرر القرآن الكريم؟: دفع الاستحقار بالبعوضة في منظور الحقيقة؛ فكشف العلم بأنها ذات خطورة على المخاطبين وإن لم يدركوها، وأنها ليست نهاية في الضآلة كما يتصورون, بل هناك ما هو "فَوْقَهَا" في الضآلة ويفوقها في الخطورة, وذلك قبل أن تكتشف الأمراض الخطيرة التي تسببها البعوضة وعوالم الكائنات الحية الأدق وغير المرئية, ولم يكتشف المجهر ويستخدم لمعاينة الكائنات الدقيقة إلا في القرن السابع عشر الميلادي, وهكذا تجاوز القرآن الأفق الأعلى لمعارف المخاطبين لعدة قرون، ورفع أستار المجهول جملة واحدة. وفي نفي الاستحياء بالبعوضة دفع للاستهانة وبيان للأهمية والخطورة والتمكين بقدرات تتحدى المخاطبين, و (الفوقية) في اللغة العلو والزيادة في صفة يبينها السياق سيقت من أجلها المقارنة, قال الفخر الرازي: (أراد بما فوقها في الصغر أي بما هو أصغر منها، والمحققون مالوا إلى هذا القول؛ لأن: الغرض هاهنا بيان أن الله تعالى لا يمتنع من التمثيل بالشيء الحقير، وفي مثل هذا الموضع يجب أن يكون

المذكور ثانياً أشد حقارة من الأول.. والشيء كلما كان أصغر كان الاطلاع على أسراره أصعب، فإذا كان في نهاية الصغر لم يحط به إلا علم الله تعالى، فكان التمثيل به أقوى في الدلالة على كمال الحكمة من التمثيل بالشيء الكبير.. وإذا قيل هذا فوق ذلك في الصغر وجب أن يكون أكثر صغراً منه) , وقال الماوردي: (فما فوقها) في الصغر لأن الغرض المقصود هو الصغر. وقال الألوسي: (والزيادة في المعنى الذي وقع التمثيل فيه هو الصغر والحقارة، فهو تنزل من الحقير للأحقر.. (خاصة أن الفاء للدلالة على ترتب ما بعدها على ما يشير إليه ما قبلها) . وقال الطاهر بن عاشور: (ولفظ (فوق) يستعمل في معنى التغلب والزيادة في صفة.. ولذلك كان لاختياره في هذه الآية - دون لفظ (أقل) ودون لفظ (أقوى) مثلاً - موقع من بليغ الإعجاز، والفاء عاطفة ما فوقها على بعوضة أفادت تشريكهما في ضرب المثل بهما.. (أي في الحكم مع بيان التدرج في الرتب) , وقال السعدي: (المعنى الذي ضربت فيه مثلاً هو القلة والحقارة.. ولا يقال كيف يضرب المثل بما دون البعوضة وهي النهاية في الصغر؟ , لأن التعقيب على الآية: {فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم} , وهذا يجعلهم: يتفكرون فيها، فإن علموا ما اشتملت عليه على وجه التفصيل ازداد بذلك علمهم وإيمانهم وإلا علموا أنها حق وما اشتملت عليه حق، وإن خفي عليهم وجه الحق فيها لعلمهم بأن الله لم يضربها عبثاً بل لحكمة بالغة) , ويقرر صاحب تفسير مراح لبيد أن نبأ ما دون البعوضة: (لا يسوغ إنكاره لأنه ليس عبثاً بل هو مشتمل على أسرار) , وهكذا يشير القرآن الكريم إلى ما دون البعوضة من كائنات، ويدفع الاستهانة بها قبل اكتشاف الكائنات الحية المجهرية، وقدرتها على إصابة الإنسان وغيره من الكائنات الأكبر منها حجماً بالأمراض المهلكة. ولا يعدل القرآن في حديثه عن الحق، ولا يخالف في بيانه الواقع, فيعبر بالجمع عند الحديث عن "الذباب" و"الفراش" و"الجراد"

لأن العلامات الموصوفة تشمل الذكر والأنثى, ولكنه يعدل في حديثه عن البعوض إلى اللفظ المفرد المؤنث "بعوضة", والعجيب أن الأنثى هي بالفعل التي تتغذى على الدماء وتنقل الأمراض, أما الذكر فهو أكبر حجماً ويتغذى فقط على رحيق الأزهار, وهكذا ناسب الاشتقاق أن البعوضة هي الأقل حجماً والأخطر شأناً. فهذه إضافات علمية، إذ إن المعرفة بالبعوضة والأحياء الدقيقة دونها ودورها في نقل الأمراض يستحيل أن يدركها أحد قبل اكتشاف المجهر, فلم يعرف دور البعوضة في نقل طفيل الملاريا مثلا إلا قبيل بداية القرن العشرين, فقد تمكَّن (الفونس لافيران) من معرفة الطفيل المسبب للملاريا عام 1880, وفي عام 1897 اكتشف (سير رونالدز روز) انتقال الطفيل عن طريق البعوضة, وفي عام 1898 تمكَّن فريق من الباحثين من تأكيد دور البعوضة في نقل المرض, وقبيل بداية القرن العشرين كانت هناك عدة فرضيات تحاول تفسير سبب وباء الحمى الصفراء, وفي عام 1881 افترض كارلوس فينلاي أن الناقل هو البعوض, وهو ما أكده ميجور والتر عام 1900 وأثبته ويليام جورجاس في القرن العشرين, وبالتخلص منه أثناء شق قناة بنما تراجع المرض, وفي نفس الفترة اكتشف باتريك مانسون طفيل الفلاريا الذي يسبب داء الفيل، وعرف أن الناقل له هو البعوض كما ينقل طفيل الملاريا, وكلمة "ملاريا" إيطالية الأصل وتعني الهواء الفاسد, وقد بقيت مستخدمة حاليا كمصطلح تاريخي يعكس الاعتقاد الخاطئ بأن المرض ينتقل للإنسان عن طريق الهواء الفاسد, وذلك قبل أن يُعرف دور البعوضة في نقل الطفيليات المجهرية التي تسببه. والبعوضة mosquito في الاصطلاح العلمي حشرة ضئيلة من ثنائيات الأجنحة, وفم الذكر ماص وليس له أية أجزاء ثاقبة ليمص الدماء, ولكن الأنثى وحدها فمها مصمم على ثقب جلد الإنسان والحيوانان ذات الدماء الحارة، لتتغذى عليها باعتبارها مصدر غني بالبروتين اللازم لإنتاج البيض, وتفرز الأنثى على الجرح سوائل من غدتها

اللعابية تؤدي إلى الاحتقان، وتمنع تجلط الدم فتجعله ينساب بسهولة إلى فمها, وإذا كانت حاملة لكائنات دقيقة تسبب الأمراض انتقلت إليها من لسعة سابقة لإنسان أو حيوان مصاب، فمن الممكن أن تنقلها مع سوائل الغدة اللعابية وتنشر الأمراض في محيط واسع, ولذا ليست خطورتها في مجرد طنينها المزعج، أو لسعاتها التي قد تكون مؤلمة ومسببة للحكة والاحتقان، وإنما فيما تنقل من كائنات تسبب الأمراض الوبائية الخطيرة، والتي منها طفيل الملاريا Plasmodium وطفيل الفلاريا الذي يسبب داء الفيل Elephantiasis, وعدد من الفيروسات مثل فيروس مرض الحمى الصفراء Yellow fever والحمى المخية Encephalitis ومرض أبو الركب Dengue fever والحمى النازفة Hemorrhagic fever وحمى الوادي المتصدع Rift Valley fever , ويمتد خطرها إلى عديد من الطيور والثدييات كذلك, ومن تلك الأمراض مرض دودة القلب Heartworm disease الذي يصيب الكلاب خاصة ونادراً ما يصيب الإنسان، وهو ناتج عن الإصابة بنوع من طفيليات الفلاريا. وتتكون حشرة البعوض من رأس وصدر وبطن كما هي بقية الحشرات, ولها ثلاثة أزواج من الأرجل الطويلة النحيلة, ولها زوج من الأجنحة وعضوين بجوارهما في موضع زوج آخر ضامر من الأجنحة يستخدمان كأعضاء توازن, وتوجد قشور عديدة على أوردة الجناحين تزيد من قدرة الجناح على الطيران, وتبيض الحشرة الكاملة 100 - 400 بيضة تفرز منها آليات التوازن البيئي أعداداً قليلة تستطيع إكمال دورة الحياة، وبلوغ طور النضوج في مدة قد تبلغ 7 - 10 أيام في بعض الأنواع, ويمكنك توقُّع توالد البعوض في حدود أسبوعين من وضع البيض عندما يتوفر الماء؛ لأنه ضروري لفقس البيض وحياة اليرقات والعذارى, ويمكن للبيضة الكمون لفترات طويلة في انتظار الماء. وقد تفقس البيضة بعد (واحد - ثلاثة أيام) من وضعها لتتحول إلى يرقة Larva وتمكث بدورها خمسة أيام - عدة أسابيع قبل أن تتحول إلى عذراء Pupa, واليرقات أو

الدعاميص نشطة الحركة، ولذا تسمى بالهزازات Wigglers, وتأكل بشراهة وتتغذى على الطحالب والمواد العضوية في الماء, وهي من النهم والشراسة، بحيث إنها قد تتغذى على يرقات أمثالها, وتتنفس اليرقات عن طريق أنبوب ذيلي وكذلك العذراء، وعند إثارتها تأتي بحركة لولبية ولذا تسمى بالبهلوان أو الشقلباظ Tumblers, وتمكث 2-3 يوم قبل أن تخرج من غلافها الحشرة الكاملة وتتهيأ بعد مدة قليلة للتزاوج. وتبلغ أنواع الحشرات 3 - 4 مليون على الكوكب، يوجد منها أكثر من 2000 - 3000 نوع من البعوض ينتشر في بيئات مناخية مختلفة ليبلغ كل منطقة يعمرها الإنسان ويمتد من المناطق الاستوائية حتى الدائرة القطبية، ومن الأودية إلى رؤوس الجبال. والبعوض ثلاثة أنواع رئيسة مهمة وهي: أولاً: بعوض الأنوفيليس Anopheles: ينقل طفيل الملاريا وطفيل الفلاريا وفيروس الحمى المخية, وتقف الحشرة وجسمها مائل على السطح ورأسها للأسفل, وتضع الأنثى البيض فرادى على سطح الماء, وجسم اليرقات مغمور في الماء في وضع أفقي يوازي سطح الماء, وتتم دورة الحياة في حوالي 18 يوما، وقد تمتد إلى عدة أسابيع. ثانيا: بعوض الكيولكس Culex: ينقل طفيل الفلاريا وفيروس الحمى الدماغية, وتقف الحشرة موازية للسطح, ويلتصق البيض في مجموعات كل منها قد يزيد عن 100 بيضة, وتميل اليرقات بزاوية على سطح الماء, وتتم دورة الحياة في 10 - 14 يوما.

ثالثاً: بعوض الإيديز Aedes: ينقل فيروسات الحمى الصفراء وحمى (أبو الركب) والحمى الدماغية, فالحشرة موازية للسطح وتميل اليرقات بزاوية على سطح الماء مثل الكيولكس, لكنه يتميز عنه بخصائص منها أن الحشرة عليها قشور فضية, ويستطيع البيض الصمود لفترات طويلة من الجفاف, وقد تتم دورة الحياة في عشرة أيام فقط، وقد تطول إلى عدة أشهر إذا لم يتوفر ماء, وتوفر الماء ضروري لفقس البيض وحياة اليرقات والعذارى, والبرك والمستنقعات والمزارع المفتوحة من أنسب مواضع التكاثر, ويمكن لبعض الأنواع استخدام المياه المالحة أو الماء الجاري, ويكفي في بعضها القليل مثل بقايا مياه المطر المتجمعة في ثقوب الأشجار، بل ربما رحيق زهرة إذا تعذر البديل, ويتكاثر البعوض عادة بالقرب من مصادر الماء, ولكن بعض الأنواع ينتقل لمسافات بعيدة عن مكان التوالد، ولذا لا تنجح كثيرا الوسائل الفردية للتخلص من البعوض، ويحتاج الأمر لجهود قومية لتخفيض نسبة التكاثر, ويتفق التوزيع الجغرافي لأكثر المناطق إصابة بالأمراض التي يسببها البعوض، مع التوزيع الجغرافي للمناطق الحارة, وفي فصل الشتاء قد تكون البعوضة كامنة في بعض الأنواع في انتظار فصل الربيع، أو قد تكون في طور البيضة في انتظار توفر الماء, وبانتهاء مواسم تكاثر البعوض تقل نسبة الأمراض وتتلاشى نوبات الوباء, ومن وسائل الحماية الشخصية عند تفشي المرض استخدام المواد الصناعية الطاردة أو الطبيعية، كمستخلصات نبات النيم لما فيها من مواد مؤثرة كالسالانين Salannin أو استخدام الشبكات الواقية (الناموسيات) , وللحد من تكرر النوبات في المناطق المعرضة ينبغي اتخاذ احتياطات وقائية عديدة، منها ردم البرك والمستنقعات أو تربية الأسماك التي تتغذى على أطوار البعوض في الماء مثل أسماك الجامبوزيا Gambosia وجابي Guppy. ويستخدم البعوض قرونه كأدوات للاستشعار, ومن الجائز أن تكون كذلك أعضاء للذوق والشم واستشعار الحركة,

والشعيرات الأكثر كثافة التي تغطي قرني الاستشعار عند الذكر تزيد من كفاءته وقدرته على تمييز أنثى نوعه, وقد تجمع من الأدلة ما يكفي للقناعة بأن قرون الاستشعار عند البعوض في غاية الحساسية والكفاءة كأدوات استقبال صوتي تماثل الآذان, خاصة مع اكتشاف انتفاخات عصبية في قواعد الشعيرات تجعلها تستجيب وتتحرك تجاه أصوات ترددها يماثل تردد طنين أجنحة الأنثى من نفس النوع, وعلى سبيل المثال تميز الذبذبة 384 هرتز (دورة/ثانية) بعوض الحمى الصفراء, وتكون تلك الذبذبات على أشدها عندما يكون قرن الاستشعار موجها نحو مصدر الصوت، وبهذا يمكن للحشرة بكل بساطة ودقة تحديد اتجاه الصوت أو الحركة الخفيفة خاصة مع وجود قرنين. ويختلف معدل خفقات الأجنحة في الحشرات المختلفة, فيتدنى ليبلغ 8 خفقات في الثانية في بعض الفراشات، ويرتفع إلى ما يزيد عن 1000 خفقة في الثانية في بعض الحشرات, والبعوض من الحشرات السريعة الخفقان، حيث يبلغ حوالي 600 خفقة في الثانية, وخفقات أجنحة إناث البعوض هي التي تحدث الطنين المعهود, وقد أثبتت الأبحاث أنه يختلف من نوع لآخر فتستطيع الذكور بسهولة تمييز الإناث من نوعها، وبذلك تتواصل الأجيال في النوع ذاته, ومعدل اهتزاز الجناح في الأنثى يقل قليلا عن الذكر, وإذا أمكن تمييز هذه الذبذبات في منطقة ما يمكن معرفة الأنواع المتواجدة, بل من الممكن كذلك اجتذاب الذكور للمصائد والتخلص منها عن طريق أحداث همهمات صناعية تماثل ذبذبات أجنحة الإناث من نفس النوع المتواجد, ومحاكاة الطبيعة كتقنية للتخلص من البعوض يمكن توجيهها كذلك لاجتذاب الإناث عن طريق أجهزة خاصة (مغناطيس البعوض) ، تطلق حرارة ومواداً تماثل ما تطلقه، الأجسام والتي منها ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء في هواء الزفير وحمض العرق Lactic acid وقد تستخدم المصابيح ليلاً, وإذا نجحت تلك المحاولات في مناطق انتشار السكان ستكون كذلك أسلم كثيراً من المبيدات الحشرية

كمادة د. د. ت DDT، خاصة أنها تقتل الطيور والحشرات المفيدة وتخرق التوازن البيئي، ومع الوقت تتولد ضدها مناعة عند البعوض فتصبح أقل قيمة في مقاومته. كائنات ضئيلة تتحدى البشر: قد تسبب لسعة البعوضة حكة موضعية نتيجة لاستدعاء الجسم لآليات التخلص من المواد التي تفرزها البعوضة أثناء الوخز, لكن خطرها الحقيقي يتمثل في نقل الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض, فمن الممكن أن تنقل فيروسات قد تغزو الجهاز العصبي للإنسان وتسبب الالتهاب السحائي Meningitis أو المخي Encephalitis أو المخي الشوكي Encephalo-myelitis, والعائل الوسيط عادة يكون حيواناً أو طائراً قد تغذت البعوضة من دمائه الملوثة قبل مهاجمة الضحية الجديدة, والحمى المخية مرض خطير ومن علاماته تصلب الرقبة وصعوبة تمايلها للخلف، وظهور تشنجات وعدة أعراض عصبية أخرى، وتصل نسبة الوفيات إلى حوالي 70%, وفي الحمى الصفراء يحطم الفيروس الخلايا الكبدية، ويؤدي إلى صفراء تصاحب الحمى ومن هنا كان الاسم, وحمى الوادي المتصدع ينقلها البعوض ويسببها فيروس يصيب المواشي، وقد يؤدي إلى نفوقها ومن الممكن أن يصيب الإنسان, وتبدأ الأعراض بحمى وحساسية من الضوء وآلام عضلية ووهن شديد وربما نزيف، وقد يؤدي للعمى إذا كتبت النجاة للمريض, والحمى المخية من مضاعفات المرض, ويمكن أن ينتقل للإنسان عن طريق التعامل مع اللحوم المصابة والمواد الإخراجية للحيوان المريض, وقد سجلت الحالات الأولى في كينيا في منطقة الوادي المتصدع ومن هنا كان الاسم, ولكن الحالات المرضية سجلت أيضا في شرق وجنوب أفريقيا وأخيراً عام 2000 في بلدان آسيوية كاليمن والمملكة العربية السعودية، ومع ذلك بقي الاسم كمصطلح علمي على المرض, ومرض (أبو الركب) سببه فيروس ومن أعراضه حمى وطفح جلدي وألم شديد في المفاصل، ولذا يسمى حمى تكسير العظام Break-bone fever, ويتسبب في دخول حوالي 0.5 مليون سنويا إلى المستشفيات ووقوع آلاف الوفيات,

وقد ظهر شكل للمرض أكثر عنفا بعد الحرب العالمية الثانية في جنوب شرق آسيا سمي "حمى الركب النازفة" أصاب الأطفال وأدى إلى وفيات عديدة, ويتميز بنزيف حاد من الفم والأنف وظمأ شديد وصعوبة في التنفس, وينتشر الآن في أمريكا الوسطى ويمتد شمالا نحو الولايات المتحدة الأمريكية, وقد سجلت حالاته المرضية في أكثر من 100 دولة, ويظهر هذا المرض خاصة في مارس كل عام؛ نتيجة لتكاثر البعوض في الجو الحار صيفاً, ولا يتوفر لهذا المرض حتى الآن أي لقاح ولا يوجد له أي علاج ناجح, وداء الفيل عبارة عن تورم بعض مناطق الجسم خاصة مناطق القدمين والثديين وكيس الصفن؛ نتيجة انسداد الأوعية الليمفاوية بطفيل الفلاريا. ويتكاثر طفيل الملاريا داخل الكريات الدموية الحمراء, والسبب في النوبات هو الانفجار الجماعي لتلك الكريات المصابة دوريا كل يوم أو يومين أو ثلاثة تبعا لنوع الطفيل وإطلاق مواد غريبة مناعيا هي المسئولة عن دورية الأعراض الرئيسية: قشعريرة وارتفاع في درجة الحرارة، ثم عرق تتبعه فترة راحة بين النوبات, وتستمر نوبة الملاريا في العادة 4 - 10 ساعات, وتبدأ بعد حوالي 8 - 25 يوما من التعرض للبعوض, والطفيل من النوع فالسيبارم P.Falciparum يسبب الملاريا الخبيثة, وقد سميت الحالة كذلك لكونها تؤدي إلى موت حوالي 95% من حالات الملاريا, وبعد تناقص عدد الإصابات نتيجة لاستخدام مستخرجات نباتية تماثل الكينين مثل الكلوروكين Chloroquine بدأت الشكوى مع نهاية القرن العشرين من قلة الفاعلية وزيادة عدد الإصابات من جديد؛ نتيجة تنامي أنواع من الطفيل ذات مناعة مما يحتم استخدام بدائل جديدة, ومن الممكن أن تنتقل الملاريا عن طريق استخدام شخص سليم لنفس الإبرة الطبية التي استخدمها شخص مصاب بدون تعقيمها, مثلما يحدث في حالات إدمان المخدرات باستخدام الإبر، وربما ينتقل المرض كذلك عن طريق نقل الدم, وطبقا لتصريحات منظمة الصحة العالمية مازالت الملاريا تصيب

حوالي 400 مليون ضحية سنويا على مستوى الكوكب، وتقتل حوالي 2 مليون شخص معظمهم من الأطفال، ولا يوجد لقاح فعال ضدها حتى الآن. وينتقل مرض الإيدز H.I.V. أساسا عن طريق الفاحشة ولكنه يمكن أن يصيب شخصاً سليماً عن طريق نقل الدم من شخص مصاب, ومع اكتشاف المرض وانتشاره السريع اتهمت البعوضة في نقل الوباء, لكن فيروس الإيدز لا يستطيع العيش داخل البعوضة ولذا لا تستطيع أن تنقله من شخص لآخر, بينما يستطيع طفيل الملاريا العيش داخلها 9 - 12 يوما وفيروس الحمى المخية 10 - 25 يوما, والغالب أن فيروس الإيدز يُهضم في بطن البعوضة مع وجبة الدم في حدود 1 - 2 يوما حيث لا تحتاج البعوضة خلال تلك الفترة إلى وجبة إضافية, والنقل عن طريق تلوث فم بعوضة لم يتهيأ لها إكمال وجبتها غير محتمل؛ لأن الأعداد الحرة للفيروس في الدم قليلة لا تكفي عمليا للإصابة بهذه الكيفية, وبهذا أعفيت البعوضة من الاتهام وكفاها ما تسببه من أمراض. عجز البشر أمام التحدي:

إن البعوضة من أخطر الآفات الحشرية Pests ومازالت تهدد البشرية, وإذا لم يمكن التخلص منها - على الأقل حتى الآن - فهل يمكن محاولة تغييرها وراثيا بحيث تصبح حشرات غير ضارة بالإنسان أو الحيوان وتكف عن تناول وجبات الدم؟ , أو يتوقف نقل الأمراض عن طريقها؟ , أو إحداث تغييرات وراثية في المادة الجينية للكائنات الوبائية التي تنقلها بحيث يتوقف إحداثها للأمراض؟ , تعكس مثل تلك التساؤلات الجريئة التي يطرحها المختصون العجز حاليا أمام إمكانات البعوضة، وتحمل في طياتها آفاقا محتملة من التغير البيئي الذي قد يمتد ليشمل جميع الآفات على الكوكب، والذي لا يعلم اليوم مداه أحد إلا الله سبحانه وتعالى وحده. ولقد طالت هجمات البعوضة أكثر الدول تقنية, وعلى سبيل المثال قد انتشرت فجأة في أغسطس عام 1995 في نيوجرسي بالولايات المتحدة الأمريكية بعوضة عدوانية لسعاتها مؤلمة تهاجم بشراسة حتى في وضح النهار, ولأن موطنها الأصلي هو آسيا ولعدوانيتها الشديدة وتخطيط جسمها تسمى بالنمر الآسيوي Asian tiger, وهي من نوع الإيديز Aedes albopictus, وقد ظهرت لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1985, فقد بدأت انتشارها بعد الحرب العالمية الثانية في هاواي ومناطق المحيط الهادئ، ولكنها أخيراً وجَّهت زحفها نحو الولايات المتحدة الأمريكية, وتتكاثر تلك البعوضة سريعاً جداً؛ لأنها لا تحتاج لكميات ماء كثيرة كي يفقس بيضها، وتكفيها أية بقايا متجمعة في أواني مهملة كالإطارات القديمة للسيارات أو بقايا مياه المطر المتجمعة في فجوات الأشجار، ولذا تصعب مقاومتها عملياً, وتستطيع أن تنقل فيروسات مرض (أبو الركب) والحمى المخية في الإنسان والحيوان. ومع خرق التوازن البيئي بتقلص مساحة الغابات والمناطق الزراعية وانطلاق أدخنة المصانع بكميات وفيرة من الغازات المؤثرة مثل ثاني أكسيد الكربون في الجو تزداد كمية حرارة الكوكب بنسبة ملحوظة نتيجة عدم قدرة الحرارة المنعكسة منه

على الهروب, وهذا يسمى تأثير البيت الزجاجي؛ لأنه يماثل ما يحدث في بيت الزجاج المستخدم لإنتاج نباتات تحتاج لحرارة أكثر, ويتوقع أن يزداد المعدل الوسطي لحرارة الكوكب حوالي 1 - 3.5 درجة مئوية بحلول عام 2100 ميلادية, ولذا يتوقع زيادة أعداد البعوض وارتفاع نسبة الأمراض التي يسببها، إذا لم يمكن اتخاذ إجراءات وقائية حاسمة على مستوى الكوكب، وتعاون الجنس البشري في مواجهته.

دعوى عدم إمكانية تطبيق القرآن

دعوى عدم إمكانية تطبيق القرآن المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 10/9/1424هـ السؤال ما رأي فضيلتكم في هذه العبارة: قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يطبقوا هذا القرآن لا يستطيعون تطبيقه كاملاً، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً؟ الجواب الحمد لله، هذه المقولة دعوى لا دليل عليها، والله تعالى إنما أخبر عن عجز الإنس والجن أن يأتوا بمثل القرآن، ولم يخبر سبحانه وتعالى عن عجز الإنس والجن أن يعملوا بهذا القرآن، ولا ريب أن مجموع من آمن من الجن والإنس قد عملوا بكل ما في القرآن من الأوامر والنواهي، نعم الواحد من المؤمنين يمكن أن يقال إنه عاجز عن العمل بكل ما في القرآن على وجه التمام، ولهذا قال سبحانه وتعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] فغاية ما يفعله العبد من طاعة الله ما كان مستطيعاً له وهذا ما كلفه الله به، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاقتصاد في العبادة، وقال: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا" أخرجه البخاري (69) ، ومسلم (1734) من حديث أنس - رضي الله عنه- وقال: "القصد القصد تبلغوا" أخرجه البخاري (6463) ، وانظر صحيح مسلم (2816) . وقال - صلى الله عليه وسلم - " إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا " أخرجه البخاري (39) ، وانظر صحيح مسلم (2816) .، والحاصل أن هذه العبارة المسؤول عنها من خيال من اخترعها، واقتبس لفظ القرآن قالباً لها، فكان بهذا مخطئاً لفظاً ومعنى، والله أعلم.

الإعجاز العددي في القرآن

الإعجاز العددي في القرآن المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 18/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل في القرآن إعجاز عددي مثل ذكر الحديد، أو عدد ذكر الرجل والمرأة، وغيرها؟. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، وبعد: فالكلام عن مصطلح الإعجاز العددي يحتاج إلى دارسة وافية ونظر متأمل، فالكلام حوله كثير والدراسات المعاصرة متعددة ـ وفي الحق ـ فإن من الصعوبة أن أختصر الكلام في هذه المسألة، لأنها تحتاج إلى بسط ومزيد إيضاح، ومع هذا فسأجتهد وُسْعِي أن أختصر الكلام، وألخصه في نقاط بما يحضرني، مع يقيني أن المسألة تحتاج إلى مزيد من البحث والعناية، والله المسئول أن يعصمنا من زلل الرأي وخطل القول:

أولا/ مصطلح (الإعجاز العددي) مصطلح متأخر بدأ تداوله في العصر الحديث، غير أن الباحث ربما وجد عند المتقدمين ما يمكن أن يسمى إرهاصات له، واستحضر الآن مثالين على ذلك، أولها ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2172) والبيهقي في السنن الكبرى (4/213) والحاكم في المستدرك (1639) وصححه عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعوني مع أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ويقول لي: لا تتكلم حتى يتكلموا، قال: فدعاهم وسألهم عن ليلة القدر قال: أرأيتم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: التمسوها في العشر الأواخر، أي ليلة ترونها؟ قال: فقال بعضهم: ليلة إحدى، وقال بعضهم: ليلة ثلاث، وقال آخر: خمس، وأنا ساكت فقال: ما لك لا تتكلم؟ فقلت: إن أذنت لي يا أمير المؤمنين تكلمت، قال فقال: ما أرسلت إليك إلا لتتكلم، قال: فقلت: أحدثكم برأيي! قال: عن ذلك نسألك، قال فقلت: السبع، رأيت الله ذكر سبع سماوات، ومن الأرضين سبعا، وخلق الإنسان من سبع، وبرز نبت الأرض من سبع. قال فقال: هذا أخبرتني ما أعلم أرأيت ما لا أعلم ما قولك: نبت الأرض من سبع، قال فقلت، إن الله يقول "شققنا الأرض شقا" [عبس:26] إلى قوله: "وفاكهة وأبا" [عبس:31] والأب نبت الأرض مما يأكله الدواب ولا يأكله الناس، قال: فقال عمر - رضي الله عنه -: أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم يجتمع شؤون رأسه بعد، إني والله ما أرى القول إلا كما قلت، قال وقال: قد كنت أمرتك أن لا تتكلم حتى يتكلموا وإني آمرك أن تتكلم معهم. فابن عباس - رضي الله عنهما - نظر إلى تكرر رقم سبعة في عدد من آيات القرآن الكريم، مما يدل على أن له معنى خاصا، فجعله أمارة يستنبط منها أن ليلة القدر الوارد ذكرها في قوله تعالى:"إنا أنزلناه في ليلة القدر" [القدر:1] هي ليلة السابع من العشر الآواخر من رمضان، وهذا لا يمنع أن يكون - رضي الله عنه- استند في فهمه إلى قرائن أخرى.

والثاني: أننا نجد عند بعض المفسرين من السلف ومن بعدهم محاولات لبيان معنى حروف التهجي التي افتتح بها بعض سور القرآن الكريم معتمدين في ذلك على حساب الجمل (وهو ما كان يعرف عند العرب قديما من وضع قيمة رقمية لكل حرف عربي حسب ترتيب (أبجد هوز) ويسمونه: حساب الجمل) ، وانظر في هذا إلى ما أشار إليه الألوسي وابن عاشور في تفسيرهما رحمهما الله، ولا يضيرنا أن تكون تلك المحاولات قد أصابت الحق أو أخطأته، لأن المراد البحث في نشأة هذا النوع من الدراسة. إلا أن هذا المصطلح قد أحاط ظهوره في العصر الحديث كثير من الدخل والدخن؛ فالحسابات العددية ارتبطت بالبهائية (وهي أحد الفرق الباطنية الضالة) وعلى تلك الحسابات اعتمد ـ الهالك ـ رشاد خليفه في دعوى النبوة، وهذا الارتباط مع عوامل أخرى، جعل كثيراً من الدارسين يقف من هذا الاتجاه الحادث موقف الريب، وينزع فيه منزع الشك، ومن أبرز العوامل ـ أيضا ـ ما اتسمت به كثير من الدراسات المتعلِّقة بالإعجاز العددي من مظاهر التكلف وصور التمحل وافتقاد المنهجية المطردة المنضبطة، مما يُجل القرآن الكريم عنه، إلى عوامل أخرى ربما ورد ذكرها في ثنايا الكلام. ثانيا: عند النظر في مصطلح (الإعجاز العددي) نجده يتركب من جزأين: الإعجاز، والعدد. والأمر المعجز: هو الشيء الذي لا يُستطاع ويُعجز عنه، قال في القاموس عند تعريف المعجزة: هي ما أعجز به الخصم عند التحدي. والعد والعدد: الإحصاء، ويُراد به هنا الأرقام المعروفة التي يُعد بها ويُحصى. وبهذا يظهر أن مصطلح الإعجاز العددي يراد به ـ وبحسب ما تبين لي من خلال الدراسات المتعلقة به ـ أنه: ((ما ورد في القرآن الكريم من إشارات إلى حقائق كونية بطريق الحساب العددي)) ومن خلال هذا يتبين أن مصطلح الإعجاز العددي يتألف من ركنين أساسين: أولهما: أن يكون أمراً معجزاً ليس في مقدور البشر المجيء بمثله.

الثاني: أن يكون الأمر المعجز معتمدا على الأرقام والأعداد. إن معرفة هذين الركنين في مصطلح (الإعجاز العددي) أمر أساس فلكي، يصح أن نطلق على ذلك النوع من الدراسات أنها من قبيل البيان لما في القرآن الكريم من إعجاز عددي، فيجب أن يتوفر فيها هذان الركنان، الأول: أنها أمر معجز، والثاني: أنها تعتمد على لغة الأرقام والأعداد. وبهذا يظهر لنا جليا الخلل الكبير الذي اتسمت به كثير من الدراسات المتعلقة بهذا النوع من الإعجاز، وقد أشار السائل الكريم إلى مثال على هذا، وهو تساوي ذِكْر الرجل والمرأة في القرآن الكريم أو تساوي ذكر الدنيا والآخرة، أو الملائكة والشياطين، فهذه أمور ذكرها من كتب في الإعجاز العددي مستشهدا بها على ما في القرآن الكريم من إعجاز عددي، وهذه الأمثلة ونحوها لو سُلِم بصواب عَدِها وانضباطها مع أن فيها نظر ـ فهي ليست مما يندرج ضمن الأمور المعجزة التي لا يُقدر عليها، فأنت مثلا تستطيع أن تؤلف كتابا ضخما وتتعمد أن تراعي تساوي عدد المرات التي تذكُر فيها لفظ الرجل والمرأة، أو لفظ الدنيا والآخرة، أو لفظ الملائكة والشياطين، فمثل هذا لا خلاف أنه في مقدور كل أحد أن يفعله، وإذاً فهو ليس أمراً معجزا، فلا يصح أن يدرج في البحوث المتصلة بالإعجاز العددي. لأنها غير معجزة أصلاً، وربما ازداد الأمر وضوحاً في الفقرة الرابعة.

ثالثا/ أما ما يتعلق بالحكم الشرعي على هذا النوع من الدراسات الحديثة، فقد أبدى كثير من المختصين في الدراسات القرآنية تحفظهم الشديد على هذا النوع من البحوث المتصلة بالقرآن الكريم، بل رأينا المبالغة في النكير على القائلين به والداعين إليه، حتى خرج البحث عن المسار العلمي إلى نطاق يتعلق بالأشخاص، وهذا شطط لا موجب له. وربما أثر في هذا ما أحاط نشأته من إشكالات وما اتسمت به كثير من دراساته بالتكلف والتمحل ـ كما سبق الإشارة إليه ـ إننا قبل أن نطلق الحكم الشرعي على هذه المسألة يجب أن نطرح سؤالاً منهجياً مهماً وهو: هل هذه (الأعداد المعجزة) التي يُذكر أنها في القرآن الكريم، والتي تشير إليها البحوث والدراسات المعاصرة جائزة الوقوع عقلاً، بحيث لا يمتنع وقوعها عقلا في القرآن الكريم، وبمعنى آخر هل هناك ما يمنع من ورود أرقام وأعداد تحسب بطريقة ما فتدل على حقائق علمية وكونية، إن هذا سؤال جوهري، الإجابة عليه بشكل علمي تزيل كثيراً من الحرج، وترفع كثيراً من اللبس في هذه المسألة، والظاهر عندي أن هذا الأمر جائز الوقوع عقلاً؛ لأنه لا يوجد ما يحيل وقوعه لا من حيث نصوص الشرع، ولا من حيث جريان العادات والسنن، كما أنه تعالى لا يعجزه شيء ولا يعزب عنه مثقال ذرة، وعدم وجود المانع دليل على الجواز قطعا، على أنه لا تلازم بين الجواز العقلي والوقوع الفعلي، إذ ليس كل ما يجوز عقلاً يقع فعلاً، وهذا لا إشكال فيه بحمد لله.

ومتى صار بنا البحث إلى التسليم بجواز وقوعه عقلاً، فلا معنى للقول بمنعه والحكم بتحريمه ابتداءً، لأنه ممكن الوقوع، ومتى ما وقع صار ذات الوقوع دليلاً على جوازه شرعا، مثال ذلك: حينما نقول: يجوز عقلاً ورود إشارة في القرآن الكريم إلى إحدى الحقائق الكونية التي كشفها العلم الحديث، فلا يلزم منه أن ترد في القرآن الكريم، لكن متى ما وردت كان ذلك الورد بعينه في القرآن دليلاً على جواز البحث القرآني في مثل هذه المسائل شرعا وصحة القول بها، وكذا الحال هنا في المسألة محل البحث، وهذا يجعلنا على حذر من المسارعة إلى الإنكار والتحريم لهذا النوع من الدراسات، معتمدين في ذلك على ما نراه من دراسات جانبت الصواب؛ لأن الإنكار والتحريم سيذهب سُدى بمجرد أن تظهر دراسة علمية رصينة تكشف دلالة الحساب العددي في القرآن الكريم على حقيقة علمية ما، لا سبيل إلى ردها أو التشكيك فيها، إلا بنوع من المكابرة. ـ وفي الحق ـ فلا تلازم بين القول بجواز هذا النوع من الدراسة من حيث النظر العقلي وتصحيح البحوث الموجودة اليوم، بل فيها ما هو باطل قطعاً، وفيها ما دون ذلك مما يحتاج إلى مزيد من النظر، وإنما المقصود بحث هذه المسألة بحثاً علمياً مجرداً عن تطبيقاتها الحالية.

رابعا/ من المسائل المهمة التي وقع خلل كبير نتيجة عدم الوعي بها، أن كثيراً من الدراسات ذات الصلة بموضوع الإعجاز العددي، لا تفرق بين ما توفر فيه ركنا الأمر المعجز ـ كما تقدم في الفقرة الثانية ـ وبين ما أخل بهذين الركنين أو أحدهما، فأدخلوا بعض الحسابات العددية التي توصلوا لها وفق عملية حسابية معينة ضمن إطار الإعجاز، وهذا إخلال في المنهج، وقد مَرّ قريبا في الفقرة الثانية ضرب بعض الأمثلة على هذا الأمر، ومن الأمثلة كذلك قول بعضهم: إن لفظة الجهر ورد في القرآن (16) مرة، مساويا لفظ العلانية، ولفظ إبليس وردت (11) مرة ويساويه لفظ الاستعاذة بالله، ولفظ الرغبة بلغ (8) مرات ويساويه لفظ الرهبة، فهذه وأمثالها ـ كما مر ـ ليست أمرا معجزا لا يُقدر عليه؛ لأن كل أحد يقدر على هذا، وإذاً فمثل هذه التوافقات العددية في القرآن الكريم ليست من الإعجاز، ويمكن أن نطلق عليها مصطلح الظاهرة العددية في القرآن الكريم، فهي حقيقة ظواهر عددية في القرآن الكريم، وليست أمراً معجزاً يدرج ضمن بحوث الإعجاز العددي، وعليه فيجب أن يفرق بين الظاهرة العددية في القرآن وبين الإعجاز العددي فيه. ولا يفهم من هذا النهي عن الاشتغال بمثل هذه الظواهر العددية، ذلك أن السلف قديماً أحصوا حروف القرآن الكريم بشكل دقيق، وتفننوا في ذلك وشققوا المسائل فيه وفرعوا، فلنا فيهم أسوة، وإنما أردت القول إنها ليست من ضمن البحث الإعجازي في القرآن الكريم.

خامسا/ من خلال ما قرأته من دراسات تتعلق بموضوع الإعجاز العددي ظهر لي بشكل جلي ـ وأعتقد أن كثيراً من المختصين يشاركونني هذا الرأي ـ أن هذا النوع من الدراسات يفتقر إلى المنهجية العلمية التي تحكم مساره وتضبط أبحاثه، ولا سيما أن هذا النوع من الدراسات قد يتأثر بمقررات عند الباحث سابقة لدراسته، قد تجعله ـ حتى من غير قصد ـ يتحكم في مسار البحث واتجاه الدراسة، ومن صور افتقاد المنهجية اعتماد بعض الدراسات على بعض المسائل الخلافية المتصلة بالقرآن الكريم التي لم يزل الخلاف فيها بين أهل العلم قائماً، نحو رسم المصحف وترتيب السور، حيث وجدت أن بعض من كتب في هذا المجال يصرح بشكل واضح أنه ينطلق في أبحاثه من اعتبار رسم المصحف أمراً توقيفياً، وهذه المسائل الخلافية وإن كان المرء ربما يرجح فيها قولا ما، فمن الصعب أن يجعل اختياره وترجيحه أساسا منهجيا يُبنى عليه دراسات علمية، بل قد رأيت من تلك الدراسات ما يعتمد على بعض ما أُحدث في رسم المصحف الشريف من الأحزاب والأجزاء، وهذا خلال منهجي خطير؛ لأن هذه الأحزاب والأجزاء أمور حادثة من صنع البشر، بل هي مخالفة لما كان عليه الشأن في عصر النبوة، حيث اشتهر أن القرآن الكريم كان يقسم إلى الطوال والمئين والمثاني والمفصل، فهذه الأمور المحدثة في رسم المصحف ليس لها العصمة التي لكلام الله حتى يبنى عليها وتجعل مأخذا ومنزعا لما يسمى بالإعجاز العددي؛ لأن الباحث ينطلق مما للقرآن الكريم من عصمة باعتباره كلام الله جل وعلا، فيجعله دليلا يرشده إلى حقائق كونية أو مسائل غيبية، ولولا هذه العصمة لم يصح استدلاله، فكيف يساوى هذا بما هو من اجتهاد البشر وصنعهم. ومن الأمثلة التي نُذَكِر بها هنا ما تردد كثيراً بعد الأحداث التي وقعت في أمريكا، واستدلال بعضهم عليها بما ورد في سورة التوبة، معتمدين في جزء من قوله على هذه الأجزاء والأحزاب.

ومما يذكر في هذا الصدد، أن تكون الدراسات التي يتوصل لها الباحث ذات قيمة علمية، أي أن تكون ذات معنى علمي مفيد مهما كان مجاله، سواء، شرط أن تكون ذات قيمة علمية أو فائدة عملية، وإلا كانت عبثا ينزه كلام الله عنه، وتصان الدراسات المتعلقة به عن مثله، وهاك مثالاً ذكره أحد أشهر المهتمين بالدراسات العددية في القرآن الكريم حيث يقول: إنّ سورة النمل تُستهلّ بـ (طس) وقد لفت انتباهنا أنّ حرف الطاء يتكرر في السورة 27 مرّة، وهذا هو ترتيب سورة النمل في المصحف، وأنّ تكرار حرف السين في سورة النمل هو 93 وهذا هو عدد آيات السورة، وأن المجموع هو: (27+ 93) = 120 وهذا هو جُمّل كلمة (نمل) " أ. هـ كلامه، ويريد بقوله (جمل) أي حساب الجمل الذي تقدم بيانه، فهذا المثال على فرض التسليم بصحة ما تضمنه من أرقام وحساب، فإن المحصلة النهائية له ليست ذات قيمة علمية أو عملية، فضلاً عن أنها ليست أمراً معجزاً في ذاتها، فأين هذا من وصف ربنا جل وعلا لكتابه الكريم بقوله: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) . سادسا/ وأخيراً أود أن أختم هذا الكلام بذكر بعض التنبيهات. أولها: يجب أن لا يغيب عن النظر ونحن ندرس ما في القرآن الكريم من تلك الإشارات الكونية أو الغيبية، أن القرآن الكريم لم ينزل ليكون كتاب علوم كونية أو دلالة على حوادث غيبية، بل هو كما أخبر جل وعلا كتاب هداية وبيان وإيضاح ورشاد، فلا يضير القرآن الكريم أن لا يوجد فيه شيء من تلك المسائل، إذاً فنحن لسنا بحاجة إلى أن نتكلف أمراً لم يدل عليه القرآن الكريم بشكل جلي.

ثانيا/ رأينا بعض الدراسات التي تتعلَّق بمسائل غيبية أوحوادث مستقبلة ـ وفي الحق ـ فهذا دحض مزلة، ومسلك خطر، لا تُأمن فيه السلامة، ولم يزل الدجل والإفك يقترن بما اتصل بالغيبيات والأمور المستقبلة من بحوث ودراسات، ومسائل الغيب قد حجبها الله عن عباده إلا من ارتضى من رسله، فينبغي أن تنزه البحوث المتعلقة بالقرآن الكريم عن الخوض في هذا البحر اللجي. ثالثا: كثير من المحاولات التي نراها اليوم يقوم بها أناس فيهم غيره ومحبة لهذا الدين، لكنهم ليسوا على علم راسخ بالقران الكريم، ولا معرفة بالأدلة الشرعية والأصول المرعية، وأهل العلم مجمعون على أن الناظر في كلام الله عز وجل ـ حتى يجوز له الكلام فيه ـ لا بد أن يستجمع أموراً معروفة ويحقق شروطاً معلومة، ومن نتائج الخلل في هذا الجانب والقصور فيه، أننا رأينا بعض الدراسات تنطلق من قناعات سابقة في أمر ما، تكون حكما على القرآن الكريم، حتى إنك ترى الباحث يتكلَّف ويتمحَّل في البحث والاستنتاج حتى يصل إلى تلك النتيجة المقررة عنده سلفا. وأخيرا فلعلك ـ أيها السائل الكريم ـ قد تبيَّن لك أن مسألة الإعجاز العددي أمر جائز الوقوع عقلاً، ولا يوجد ما يمنع من ورود ما يؤيده في القرآن الكريم، غير أن التكلُّف والتمحُّل في الإبحاث ذات الصلة وافتقاد المنهجية شابت كثيراً من تلك الدراسات، مما يجعل المرء على حذر من قبولها مطلقا دون فحص ونظر. هذا، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

السور التي جاءت أحاديث صحيحة في فضلها

السور التي جاءت أحاديث صحيحة في فضلها المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 23/4/1424هـ السؤال ما هي السور التي ورد في فضائلها أحاديث صحيحة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فللإجابة عن هذا السؤال نضع النقاط التالية: أولاً: موضوع فضائل القرآن الكريم وسوره وآياته قد ألف فيه العلماء قديماً وحديثاً تصانيف مستقلة، ومن أجود هذه التآليف كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام، وفضائل القرآن للنسائي، ومن كتب المعاصرين كتاب (موسوعة فضائل سور وآيات القرآن) للشيخ محمد بن رزق الطرهوني، وهو كتاب معتبر في بابه. ثانياً: وردت أحاديث متعددة في فضائل لبعض السور، ومن هذه السور: سورة الفاتحة والبقرة، وآل عمران، والأنعام، والإسراء، والكهف، والملك، والزلزلة، والكافرون، والصمد، والفلق، والناس، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. ثالثاً: وردت أحاديث في فضل سورة واحدة، ووردت أحاديث فيها بيان فضيلة سورتين أو أكثر، فمن الأول قوله - صلى الله عليه وسلم- عن الفاتحة: "والذي نفسي بيده ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته" رواه الترمذي (2875) ، وأصله في البخاري (4704) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة" رواه مسلم (780) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. ومن المثاني ما جاء في حديث أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركةٌُُ، وتركها حسرةٌُ، ولا تستطيعها البطلة" رواه مسلم (804) . والله أعلم.

تفسير البيضاوي

تفسير البيضاوي المجيب د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 15/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل تفسير البيضاوي من التفاسير الموثوق بها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تفسير البيضاوي تفسير متوسط الحجم جمع فيه صاحبه -رحمه الله- بين التفسير والتأويل على مقتضى قواعد اللغة العربية، وقد اختصره من تفسير الكشاف للزمخشري، وترك ما فيه من اعتزالات، وأحياناً يذهب إلى ما قال صاحب الكشاف. وجملة القول: إن تفسير البيضاوي من أمهات كتب التفسير، التي لا يستغني عنها الباحث المتخصص في التفسير أو طالب العلم المتمكن؛ الذي يميز الغث من السمين. أما غير المتخصص فأنصحه بقراءة تفسير ابن كثير، أو اختصاره لمحمد نسيب الرفاعي، وغيره من كتب التفسير الموجزة، والله الموفق.

القول بأن للقرآن ظاهرا وباطنا

القول بأن للقرآن ظاهراً وباطناً المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 30/4/1424هـ السؤال ما معنى القول بأن القرآن له ظاهر وباطن؟ وما حكم من قال به؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذا القول من أقوال الباطنية، المعروف من تاريخهم وسيرهم العمل على هدم الشرائع عموماً وشريعة الإسلام على وجه الخصوص، وقد كتب زعيم لهم يدعى عبيد الله بن الحسن القيرواني إلى سليمان بن الحسن بن سعيد الجنابي رسالة طويلة جاء فيها (وإني أوصيك بتشكيك الناس في القرآن والتوراة والزبور والإنجيل وتدعوهم إلى إبطال الشرائع، وإلى إبطال المعاد والنشور من القبور، وإبطال الملائكة في السماء، وإبطال الجن في الأرض..) انظر الفرق بين الفرق ص 280. والباطنية يقولون: (إن للقرآن ظاهراً وباطناً والمراد باطنه دون ظاهره المعلوم من اللغة، ونسبة الباطن إلى الظاهر كنسبة اللب إلى القشر، والمتمسك بظاهره معذب ... وباطنه مؤد إلى ترك العمل بظاهره) . وقد ذكر الشاطبي في الاعتصام 2/68 أن اعتماد فعل هذه الفرق على التأويل إنما أرادوا به ضرب شوكة الإسلام في تأويل الشرائع على وجوه تعود إلى قواعد أسلافهم. وحاصل القول أن دعوى أن للقرآن ظاهراً وباطناً، وأن المراد باطنه دون ظاهره من أبطل الأقوال التي فصل القول في إبطالها العلماء وردوا مزاعمها منذ نشأتها، وانظر للمزيد الكتب التي عنيت بدراسة الفرق والملل، وانظر كتاب التفسير والمفسرون، لمحمد حسين الذهبي ج2 /240 والله الموفق.

الاتكاء على رفوف المصاحف

الاتكاء على رفوف المصاحف المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 27/04/1425هـ السؤال ما حكم استدبار المصحف؟ حيث إن بعض الإخوة -خاصة في المساجد- يستندون بظهورهم على المصاحف الموجودة على الرفوف، وهل يجب ترك مسافة فاصلة بين ظهر الشخص والمصاحف؟ الجواب احترام المصحف واجب؛ لأنه يحتوي على كلام الله - جل وعلا- الذي هو خير الكلام، الذي لا يمسه إلا المتطهر من جميع الأحداث والأنجاس، وأما كون الإنسان يستند إلى رفوف فيها مصاحف فأرجو إن شاء الله ألا شيء في ذلك، إذا كان لم يقصد احتقارها بالاستدبار، وإنما وضعت هكذا خلف المصلين، واتكأ على الرفوف ولم يتكئ على المصاحف، فالمصحف لا يُتكأ عليه ولا يستند عليه، وإنما على الأرفف ونحوها، فأرجو إذا كان بهذه الصورة ألا شيء فيه، أما أن يتكئ على المصاحف فلا؛ لأن هذا فيه نوع استهانة بها. والله ولي التوفيق.

رفض أبوها حضورها حلقات التحفيظ، فهل تعصيه؟

رفض أبوها حضورها حلقات التحفيظ، فهل تعصيه؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 27/08/1425هـ السؤال أحضر حلقات القرآن الكريم والتفسير- بدون علم والدي؛ لأنه لا يرى تعلم المرأة ذلك، وقد تعلمت كثيرًا من القرآن، وبدأت أدرسه، هل ترون جواز استمراري في ذلك بالنظر لعدم علم والدي عن ذلك؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الاهتمام بحفظ القرآن وتفهمه، ومعرفة تفسيره، هذا من أساسيات الدين، والقرآن هو خير كتاب، وخير كلام، وفيه الكلام العدل، والحكم بالحق، والدلالة على الهدى والرشاد، وحفظ الإنسان لقدر يقرؤه في صلاته أمر واجب، وحتم على كل مسلم ومسلمة، واهتمام الإنسان رجلاً أو امرأة بحفظه من علامات التوفيق والسعادة له، وأما كون ذلك بدون علم والدها، فإذا كان خروجها من منزلها يعرضها لخطر وفتنة، أو إلحاق ضرر بها، فإنه لا يجوز لها الخروج، وإذا كان لا يترتب عليه شيء من الأضرار والمفاسد فلا بأس بخروجها لأجل أن تحفظ القرآن في مكان مصون، ولا تتعرض فيه للفتنة، وبهذه المناسبة أنصح السائلة أن تحاول إقناع والدها بأهمية حفظها للقرآن هي وغيرها من أهلها وغيرهم، بل وهو، وأن حفظ القرآن ينبغي أن يهتم به الجميع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُكُمْ مَن تعَلَّم القُرآنَ وعلَّمه". أخرجه البخاري (5027) ، والقرآن يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القيامة، تقدمه البقرة وآل عمران، تُحَاجَّان عَن صاحبهما. انظر صحيح مسلم (805) . ويقال يوم القيامة لحافظ القرآن: "اقْرَأْ وارْقَ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنتَ تُرَتِّلُ في الدُّنيا؛ فإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِندَ آخِرِ آيةٍ تَقْرَؤهَا". أخرجه أحمد (6799) والترمذي (2914) . وبالله التوفيق.

فضائل سورة المزمل

فضائل سورة المزمل المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 01/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل هناك فضائل زائدة لقراءة سورة المزمل؟ البعض يقولون إن قراءتها مائة مرة يكون معها فضائل أخرى. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لم أقف على دليل صحيح يدل على فضيلة خاصة لقراءة سورة المزمل، كما لم أقف على دليل صحيح أو ضعيف يدل على فضيلة لتكرارها بعدد معين كمائة مرة، كما في السؤال. وجاء في حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورةَ المزمِّلِ دفَع اللهُ عنه العُسْرَ في الدنيا والآخِرةِ".أخرجه ابن مردويه في تفسيره، والواحدي في الوسيط-كما في تخريج الكشاف 4/112-113. وهذا لا يصح، فقد اعترف راويه بأنه كذب ووضعه ليرغب الناس في القرآن!. وقد وقفت على حديث متعلق بجملة من آية سورة المزمل الأخيرة وهي قوله تعالى: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) [المزمل:20] . قال ابن كثير في تفسيره (4/44) : وقال الطبراني (10940) : حدثنا أحمد بن سعيد بن فرقد الجدي: حدثنا أبو حمة محمد بن يوسف الزبيدي: حدثنا عبد الرحمن بن طاوس، من ولد طاوس، عن محمد بن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) . قال:"مائة آية ". وقال ابن كثير: هذا حديث غريب جدًّا لم أره إلا في معجم الطبراني رحمه الله تعالى. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/130) : رواه الطبراني، وفيه عبد الرحمن بن طاوس، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا. ا. هـ. فالحديث ضعيف أيضًا. والذي يظهر أن التكرار مائة مرة منكر؛ لمخالفته المعهود من نصوص الشرع الدالة على فضائل سور وآيات وغالبها ليس فيه تكرير، وما وجد فيه تكرير لآي القرآن أو سوره، فليس أكثر من ثلاث مرات إذ لم يصح تكرار شيء من القرآن فوق ذلك والله أعلم. وعليه، فالأصل في قراءة سورة المزمل الحديث العام في فضيلة قراءة القرآن، وهو عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، والحسنةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، ولكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ ولَامٌ حَرْفٌ ومِيمٌ حَرْفٌ". أخرجه الترمذي (2910) وقال: حديث حسن صحيح غريب. ومن السور التي ثبت أن لها فضائل خاصة بأدلة صحيحة: سورة الفاتحة، والبقرة، وآل عمران، والكهف، والملك، والإخلاص، والمعوذتان [أعني سورتي: الفلق والناس] ، ومن الآيات: آية الكرسي [البقرة 255] ، والآيتان من آخر البقرة [285-286] . وفقنا الله وإياك لاتباع الصحيح من سنة محمد صلى الله عليه وسلم وترك ما سواه.

ختم القرآن كتابة بالمنتديات

ختم القرآن كتابةً بالمنتديات المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 26/12/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شاع وجود الكثير من المنتديات واختلفت من حيث المحتوى، سؤالي -جزاكم الله كل الجزاء- إنه خلال تواجدي بأحد المنتديات لاحظت وجود مواضيع تحت عنوان (فلنختم القرآن بهذا المنتدى) ، علماً بأن المنتدى منتدى عام، توجد فيه أقسام متعددة، علماً بأن الكاتب لعدد من آيات القرآن الكريم قد لا يكون بموضع طهارة، فهل يجوز طرح مثل تلك المواضيع مع جواز المشاركة فيها؟ جزاكم الله ووفقكم لما فيه خير لهذه الأمة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: إذا كان الغرض من ختم القرآن بالمنتدى المذكور هو تحفيز المشاركين على التعاون على حفظ كتاب الله، واستحضار الآيات فلا يظهر لي بهذا الفعل محذور، ولا يضر كتابة الآيات بلا طهارة؛ لأن الممنوع عند بعض العلماء مس المصحف الشريف بلا طهارة، أما كتابة الآيات وتلاوتها لمن تلبس بحدث أصغر فلا شيء في ذلك، وفقك الله وأعانك. والسلام عليك.

قراءة القرآن بعد الصلاة

قراءة القرآن بعد الصلاة المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 25/7/1424هـ السؤال أنا أقوم بقراءة القرآن بعد الصلاة فهل ذلك بدعة؟ كما أني أكثر من قراءة سورة يس؛ لأنها تساوي قراءة القرآن عشر مرات فهل ذلك بدعة؟ الجواب السنة بعد الصلوات قراءة الأذكار الواردة، وقراءة القرآن في كل وقت لا بأس بها، وأفضل ذلك في الفجر لقوله تعالى: "وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً" [الإسراء: من الآية78] . والإكثار من قراءة يس أمر طيب، بشرط ألا يهجر بقية القرآن، فقد روى أنها قلب القرآن وأنها تقرأ عند الموتى، وأنه يغفر لقارئها في ليلة ابتغاء وجه الله.

كتابة الآيات على التحف

كتابة الآيات على التحف المجيب د. رفعت فوزي عبد المطلب رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 24/06/1426هـ السؤال ما حكم عمل البنات في (البازارات) في بيع كل من: أوراق البردي - خرطوشة تعلَّق في سلسلة أو ميدالية - تماثيل فرعونية - شماغ ـ جلاليب ـ فضيات بعضها مكتوب عليه آيات قرآنية، وبعضها مرسوم عليه فراعنة؟ وماذا لو تجنَّبت بيع التماثيل أو المرسوم عليه فراعنة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أولاً: إذا دعت البنتَ ضرورة للخروج للعمل، كأن لم يكن لها من يكفيها مؤنة الحياة، فعليها الالتزام بالآداب الشرعية، كلبس الحجاب الشرعي، وأن تراعي عدم الاختلاط بالرجال الأجانب عنها؛ درءاً لفتنة الاختلاط، وألا تعمل في مجال محرَّم، ثانياً: العمل في هذه (البازارات) إذا انطبقت عليه الشروط الشرعية السابقة فلا بأس، لكن بشرط تجنب بيع التماثيل، فبيع مثل ذلك لا يجوز؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"، قالوا: يا رسول الله: أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، هو حرام". ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: "قاتل الله اليهود؛ إن الله لما حرَّم شحومها جملوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها" صحيح البخاري (2236) ، صحيح مسلم (1581) . أما بيع ما سوى ذلك فالأصل الإباحة، وللمرأة المسلمة أن تبيع وتشتري ولا حرج. أما كتابة بعض آيات القرآن الكريم على الدراهم والدنانير وبيع ذلك فلا ينبغي؛ خشية الامتهان، فقد صدرت فتوى من دار الإفتاء بمصر، بتاريخ 3 من يوليو 1969م جاء فيها: "تكره كتابة القرآن وأسماء الله تعالى على الدراهم والمحاريب والجدران وما يفرش" (الفتاوى الإسلامية- مجلد 5صـ1632) . وجاء في الفتاوى الإسلامية أيضاً (مجلد 5صـ 1634) : "تكره كتابة شيء من القرآن على الدراهم والدنانير؛ لأن في ذلك تعريضاً لمسها أثناء تدوالها من الجنب والحائض والنفساء والمحدث وغيرهم، وليست هناك ضرورة تدعو إلى ذلك". والله أعلم.

لم قالوا (أنزل من بعد موسى) ولم يذكروا عيسى

لم قالوا (أنزل من بعد موسى) ولم يذكروا عيسى المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 14/3/1425هـ السؤال "وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَءَامِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" [الأحقاف:29-31] . لماذا لم يقولوا"من بعد عيسى" والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فهذه الآية الكريمة التي ذكرها السائل الكريم تضمنت خبراً عما جرى بين الجن الذين استمعوا لآيات من القرآن الكريم، فذكروا وصفين للقرآن، أحدهما: أنه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، والثاني: أنه أنزل من بعد موسى - عليه السلام -، وسبب قولهم: "من بعد موسى" مع أن عيسى - عليه السلام - كان أقرب لمبعث محمد عليهم -الصلاة والسلام-، قد حاول أهل العلم من المفسرين توجيهه، فأشار كثير منهم ـ كالبغوي، والرازي، وأبي السعود، وغيرهم ـ إلى أن ذلك النفر من الجن كان على دين موسى -عليه السلام-، واعتمدوا في ذلك على أثر يذكر عن قتادة -رحمه الله-، وقد بحثت عنه مسندا في مظانه فلم أجده فلا أستطيع الجزم بصحة نسبته إليه، على أنه إن صحت نسبته إليه فتوجيه الآية اعتمادا عليه محل نظر؛ لاحتمال أن يكون قاله باجتهاده معتمدا في ذلك على مصادر ليست معصومة كروايات أهل الكتاب مثلا، ذلك أن ظواهر النصوص من الكتاب والسنة تقوي القول بضعف هذا التوجيه لما قد تقرر عند أهل العلم؛ أن من خصائص نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- أنه بعث للثقلين الإنس والجن، وأن من كان قبله من الأنبياء كان يبعث إلى قومه خاصة، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري (335) ومسلم (521) وغيره عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجلٍ من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة"، وفي لفظ عند البزار: "وبعثت إلى الإنس والجن" قال ابن عبد البر -رحمه الله-: لا يختلفون ـ أي أهل العلم ـ أنه - صلى الله عليه وسلم- بعث إلى الإنس والجن، وهذا مما فضل به على الأنبياء" أ. هـ وحكى الإجماع أيضا ابن قتيبة في تأويل مشكل الحديث في سياق رده على النظام المعتزلي.

والمقصود أن هذا التوجيه المذكور محل نظر، وأحسن منه ما أورده ابن كثير والسمعاني في تفسيريهما، وحاصله أن شريعة عيسى - عليه السلام- جاءت متممة لشريعة موسى - عليه السلام- لم تخرج عنها بكثير شرائع، بل كان غالبها رقائق ومواعظ؛ فلأجل هذا ذكروا موسى - عليه السلام - ولم يذكروا عيسى عليهما السلام، قال ابن كثير -رحمه الله-: " ولم يذكروا عيسى - عليه السلام - لأن عيسى - عليه السلام- أنزل عليه الإنجيل فيه مواعظ وترقيقات وقليل من التحليل والتحريم، وهو في الحقيقة كالمتمم لشريعة التوراة، فالعمدة هو التوراة، فلهذا قالوا: أنزل من بعد موسى - عليه السلام-، وهكذا قال ورقة بن نوفل حين أخبره النبي - صلى الله عليه وسلم- بقصة نزول جبريل - عليه السلام- فقال: بخ بخ هذا الناموس الذي نزل الله على موسى" رواه البخاري (4) ومسلم (160) من حديث عائشة - رضي الله عنها - أ. هـ هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

إهداء ثواب قراءة القرآن للأم

إهداء ثواب قراءة القرآن للأم المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 27/7/1424هـ السؤال أمي امرأة أمية، لا تعرف القراءة ولا الكتابة، وقد ختمت القرآن وتصدقت به عليها، ودائماً كلما أقرأ أتصدق عليها، فهل يجوز ويقبله الله؟ وجزاكم الله عني خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قراءة القرآن وإهداء ثوابه لحي أو ميت مسألة داخلة في قضية إهداء ثواب القربات والطاعات، فمن أهل العلم من منعها إلا ما قام الدليل على جوازه والإذن به كالصدقة والحج وقضاء صوم النذر عن الميت ونحوه، ومنهم من أجاز ذلك مطلقاً في العبادات المالية والبدنية وهو مذهب الحنابلة وهو أوسع المذاهب في هذه المسألة، وعلى كل حال فالقول بجوازه لا يعني أفضليته ومشروعيته بذاته وإنما جوازه فقط، والذي أنصح به السائلة أن تسعى لما هو أكثر أجراً وأعظم نفعاً وهو الدعاء الذي هو مشروع بالاتفاق للغير حياً أو ميتاً، وهو المنصوص عليه في الحديث الصحيح: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له"، وكذلك الصدقة عنها، ثم أنصحك أيضاً بمحاولة تعليمها بعض السور القصيرة وتحفيظها لها والتدرج في ذلك؛ حتى تعتاد على قراءة القرآن ويمتلئ جوفها به ويحيا به قلبها، وتسلم من الوصف المترتب على الجوف الخالي من القرآن: "كالبيت الخرب" رواه الترمذي (2913) وغيره من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، ومن تشبيهه بالميت "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت" رواه البخاري (6407) ، ومسلم (779) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -.

علامات الترقيم في كتابة القرآن

علامات الترقيم في كتابة القرآن المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 25/4/1423 السؤال وأنا أقرأ أحد المواضيع عن الصلاة وأهميتها أورد الكاتب هذه الآية بهذا الشكل:"كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر؟ قالوا: لم نك من المصلين"، فهل يجوز عند كتابة أي آيه قرآنية كتابة علامات الاستفهام عند الآية التي تأتي بمعنى سؤال أو إضافة نقطتين إلى غير ذلك، أم أن هذا يعد زيادة في القرآن؟ أفيدونا رحمكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: كتابة علامات الترقيم كالتي أشار إليها السائل ونحوها عند كتابة آية من القرآن الكريم فيه تفصيل، فإن كان ذلك في كتابة المصحف جميعه فإن بعض أهل العلم يشدد في مثل هذا ويمنع منه، من باب حياطة القرآن الكريم وسداً للذريعة التي ربما أفضت إلى التبديل في القرآن الكريم أو التغيير، أما إن كانت الكتابة لجزء من القرآن كآية ونحوها في مقام التعليم والتدريس وما في هذا المعنى، فهذا أرجو ألا بأس به؛ لأنه من باب التوضيح وإفهام القارئ، وقد سبق للسلف -رحمهم الله تعالى- أن وضعوا ما يعرف بنقط المصحف للتفريق بين الحروف، كالعين والغين والفاء والقاف، ووضعوا ما يعرف بشكل المصحف كالفتحة والكسرة، وقصدهم في ذلك ضبط لفظ القرآن الكريم وعصمة تاليه من الخطأ عند القراءة، كما وضعوا الأجزاء والأحزاب لتيسير حفظه وضبطه، ومثل هذا لا يعد زيادة في القرآن الكريم؛ لأن حقيقة الزيادة إنما تكون بتغيير حروفه زيادة أو نقصاً، والله أعلم.

إهداء ترجمات معاني القرآن للكفار

إهداء ترجمات معاني القرآن للكفار المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 8/6/1423هـ السؤال ما حكم من أعطى نسخة مترجمة للقرآن -لغير المسلمين-؛ ليطلعوا عليها؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الكتب التي تتضمن ترجمة معاني القرآن الكريم ليس لها حرمة خاصة كالتي للقرآن الكريم، بحيث لا يمسها إلا المطهرون بل هي في حقيقة الأمر مثل كتب التفسير، لكنها بلغة غير العربية، وعليه فلا حرج من أن تعطى لغير المسلمين، لا سيما إذا رجي انتفاعهم بها، إلا أن يعلم المرء أن آخذها من غير المسلمين يمتهنها ونحو ذلك، فعندئذ لا يجوز إعطاؤه والحالة هذه، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الاجتماع لقراءة القرآن على الشبكة

الاجتماع لقراءة القرآن على الشبكة المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 19/11/1423هـ السؤال هل يجوز أن يجتمع الأخوات على الشبكة في رمضان لقراءة القرآن؟ أم يكون هذا بدعة؟ الجواب الاجتماع على قراءة القرآن عمل مشروع، سواء أكان المجتمعون رجالاً، أو نساءً لا يستمع لهن غير محرم لهن، وسواء أكان مباشراً، أم غير مباشر عبر الشبكة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يجتمع مع أصحابه - رضي الله عنهم - على القراءة كما اجتمع مع ابن مسعود- رضي الله عنه- في الحديث المتفق عليه البخاري (4582) ، ومسلم (800) ، بل وحض على ذلك في الحديث الذي رواه مسلم (2699) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده" وبوب عليه النووي في رياض الصالحين فقال:" باب استحباب الاجتماع على القراءة".

ختم القرآن مساء أو صباحا

ختم القرآن مساءً أو صباحاً المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 9/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ونحن في شهر رمضان شهر القرآن سمعت أن ختم القرآن في بداية المساء أفضل ووجه التفضيل أن الملائكة تصلي عليك حتى تصبح -لأننا في الشتاء وليل الشتاء أطول-، السؤال: ما صحة هذا الكلام؟ وإن كان صحيحاً فمتى الوقت المحدد لنيل فضل المساء بعد الغروب أم قبله؟ وما دليل ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما ذكر السائل من أن ختم القرآن في أول المساء أفضل لصلاة الملائكة على القارئ لا أعلم أنه قد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه شيء، لكن قد وردت آثار عن بعض السلف -رحمهم الله- تدل على أن الملائكة تصلي على قارئ القرآن، فإن كان يقرؤه نهاراً صلت عليه حتى يمسي، وإن كان يقرؤه ليلاً صلت عليه حتى يصبح، ولذا كانوا يستحبون أن يكون ختم القرآن الكريم في أول النهار أو أول الليل، حتى يستغرق تسبيح الملائكة وقتاً النهار كله أو الليل كله، فقد ثبت عند الدارمي (3518) من طريق الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة موقوفاً عليه قال:"إذا ختم الرجل القرآن بنهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وإن فرغ منه ليلاً صلت عليه الملائكة حتى يصبح"، وله أي الدارمي (3526) من حديث طلحة بن مصرف عن مصعب بن سعد عن سعد بسند ضعيف قال:"إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح وإن وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي فربما بقي على أحدنا الشيء فيؤخره حتى يمسي أو يصبح" وله (3520) -أيضاً- من حديث الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: إذا قرأ الرجل القرآن نهاراً صلت عليه الملائكة حتى يمسي وإن قرأه ليلاً صلت عليه الملائكة حتى يصبح. قال سليمان -يريد الأعمش-: فرأيت أصحابنا يعجبهم أن يختموه أول النهار وأول الليل. وسنده صحيح، وهذه الآثار عن السلف -رحمهم الله- يستأنس بها في هذه المسألة، قال ابن قدامة في المغني مقرراً هذا: قال أبو داود: وذكرت لأحمد قول ابن المبارك: إذا كان الشتاء فاختم القرآن في أول الليل، وإذا كان الصيف فاختمه في أول النهار، فكأنه أعجبه، وذلك لما روي عن طلحة بن مصرف، قال: أدركت أهل الخير من صدر هذه الأمة يستحبون الختم في أول الليل وفي أول النهار، يقولون: إذا ختم في أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا ختم في أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وقال النووي -يحكي مشروعيته- في كلامه عن ختم القرآن: يستحب كونه في أول الليل وأول النهار، والله أعلم.

القراءة الصامتة للقرآن

القراءة الصامتة للقرآن المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 17/09/1425هـ السؤال ما حكم قراءة القرآن قراءة صامته؟ وهل لابد من تحريك اللسان والشفتين؟ أرجو التوضيح مع ذكر الدليل. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قراءة القرآن الكريم قراءة صامتة فيه تفصيل فإن كان القارئ يقرأ في غير الصلاة فلا بأس بذلك، وأما إن كان يقرأ في الصلاة فلابد أن يحرك لسانه بالقراءة، ولا يجزئه أن يقرأ قراءة صامتة بأن يعرض آيات القرآن على قلبه، لأن القراءة هي فعل اللسان وذلك بإقامة الحروف، فلا يجزئ إلا بتحريك اللسان والشفتين، بل ذهب أكثر أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه لابد مع تحريك اللسان أن يسمع نفسه، وذهب المالكية إلى أنه لا يشترط إسماع نفسه، وهو الصحيح؛ لأن إسماع النفس قدر زائد عن القراءة، والله أعلم.

هل فسر الرسول القرآن

هل فسر الرسول القرآن المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 30/12/1423هـ السؤال السلام عليكم. كنت جالسا عند أحد الأصدقاء فسألني أحد الجالسين سؤالاً احتار به ذهني وجعلني في شبه: قال لي هل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسر القرآن كاملاً؟ طبعاً قلت له نعم والدليل على ذلك التفاسير الموجودة ابن كثير وغيرها، فرد علي كأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبين كل ما في القرآن بدليل أنه إلى الآن وكل يوم يظهر لنا إعجاز علمي جديد في القرآن. والسلام عليكم. وهذا باختصار للكلام الذي دار نرجو منكم الإفادة. الجواب لم يفسر الرسول كل لفظة أو آية من القرآن وإنما فسر ما قد يكون فيه خفاء على الصحابة -رضوان الله عليهم-، وقد يسأل الصحابة عما يشكل عليهم فيبينه لهم الرسول كما سأل الصحابة عن الظلم المقصود في قوله تعالى:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" [الأنعام: 82] وأما أنه -صلى الله عليه وسلم- بين كل كلمة أو كل آية فهذا لم يحصل لأنه لو حصل لنقله لنا الصحابة -رضي الله عنهم- ولم يكن الصحابة يحتاجون لذلك لأنهم عرب والقرآن نزل بلسان عربي مبين وحين جاء عصر التابعين وخفي عليهم بعض معاني الآيات فسرها لهم الصحابة بما علموه من رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وبما فهموه من لغة العرب وما أدركوه من نزول الآيات وأحوال من نزلت عليهم. وأما فيما يتعلق بما يسمى الإعجاز العلمي فما كان منه صحيحاً وموافقاً للآيات فليس معنى الآية متوقفاً عليه بل معنى الآية العام معلوم منذ عصر الصحابة، وجاءت مثل هذه الكشوف لتزيد من وضوح الآية وتعمق من دلالتها كما قال تعالى:"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" [فصلت: 53] ، والله أعلم.

كلام الله عز وجل

كلام الله عز وجل المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 14/9/1424هـ السؤال السلام عليكم. القرآن هو كلام الله وغير مخلوق، فهل يعني هذا أنه ليس له بداية ولا نهاية مثل الله -عز وجل-؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف نفهم أن الله يتكلم متى شاء؟ فمثلاً عندما تكلم إلى موسى ألم يكن لكلامه ذاك بداية ونهاية؟ وإذا كان له بداية ونهاية ألا يعني ذلك أنه مخلوق أرجو الإجابة لإزالة حيرتي. الجواب الحمد لله، القرآن هو كلام الله الذي أنزله على محمد - صلى الله عليه وسلم-، وهو المحفوظ في صدور المؤمنين "بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم" [االعنكبوت:49] وهو المكتوب في المصاحف المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس، وهذا القرآن عند أهل السنة وهو الحق، منزل من عند الله غير مخلوق منه بدأ، أي إنه تعالى تكلَّم به حقيقة وبلغه جبريل وهو الروح الأمين وهو روح القدس بلغه لمحمد - صلى الله عليه وسلم- كما قال تعالى: "نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين" [الشعراء: 193-194] ، وقال تعالى: "قل نزله روح القدس من ربك بالحق" [النحل: 102] نعم والقرآن له بداية ونهاية وليس القرآن كل كلام الله، بل التوراة والإنجيل والزبور التي أنزلها الله على موسى وعيسى وداود - عليهم الصلاة والسلام- هي أيضاً كلام الله، وكلام الله لا يحصى عدداً أبداً، كما قال تعالى: "قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا" [الكهف: 109] وقال: "ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله" [لقمان: 27] ، فجنس كلام الله لا نهاية له ولا بداية له بمعنى أن الله لم يزل يتكلم إذا شاء بما شاء كيف شاء، ولا يزال كذلك، وأما آحاد الكلام مثل تكليمه لموسى وندائه للأبوين وتكليمه للملائكة وكل هذا له بداية ونهاية، وأساس هذا أنه يتكلم سبحانه وتعالى بمشيئة هذا كله مذهب أهل السنة، وأما المخالفون لأهل السنة من سائر الطوائف فلهم في كلام الله مذاهب فمنهم من يقول: إن الله تعالى لا يتكلم، وكل ما يضاف إليه من الكلام فهو مخلوق وهذا قول المعتزلة، ومنهم من يقول: إن كلام الله معنى نفسي ليس بحرف ولا صوت وهو قديم فلا تتعلق به المشيئة وهذا قول الأشاعرة، والمذهبان باطلان، فالقرآن على قول المعتزلة كلام خلقه الله لم يصدر من ذاته سبحانه وتعالى، وعلى قول الأشاعرة هو عبارة عن ذلك المعنى النفسي وليس هو في الحقيقة كلاماً لله، وما ذكرت أيها السائل من الإشكال، إذ كيف يجمع بين كون القرآن قديماً، أو أن كلام الله قديم وبين كلام الله لموسى، ومعلوم أن له بداية ونهاية؟ هذا الإشكال لا يرد على مذهب أهل السنة الذي تقدم تفصيله، وإنما يرد على قول الأشاعرة، وعلى مذهب الأشاعرة موسى لم يسمع كلام الله من الله وإنما سمع كلاماً خلقه الله عبارة عن المعنى النفسي القائم بالله - سبحانه وتعالى- وتقدم أن قول الأشاعرة في كلام الله قول باطل مخالف للعقل ودلالة الشرع فالحق لا يتناقض، وإنما التناقض هو من خصائص المذاهب الباطلة، فيظهر أنك أيها السائل لم تعرف المذهب الحق في كلام الله، فلذلك وقع في ذهنك هذا الإشكال، وهو بحمد الله غير وارد على مذهب أهل السنة والجماعة وهو مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين، وهو الذي تقتضيه الأدلة العقلية والنقلية والحمد لله على نعمة الإسلام ونعمة السنة نسأل الله أن يثبتنا عليهما حتى نلقاه، والله أعلم.

اختلاف مصاحف الصحابة رضي الله عنهم

اختلاف مصاحف الصحابة رضي الله عنهم المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 11/11/1424هـ السؤال تعرضت لموقف أصابني بالحيرة والدهشة معاً، فأنا أعرف شخصاً إنجليزياً أعطاني ورقة مطبوعة من موقع على الإنترنت، وفيها شبهات كثيرة على الإسلام، فالورقة عبارة عن ترجمة لمجموعة من الأحاديث في البخاري ومسلم بأرقامها، مترجمة باللغة الإنجليزية، ويقوم الموقع بشرحها بطريقة توحي لمن يقرؤها أن القرآن الكريم قد تم تحريفه، وأنه كان هناك مصاحف خاصة لبعض الصحابة الكرام - رضي الله عنهم-، بالتحديد عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-، تختلف عن مصحف عثمان بن عفان - رضي الله عنه-، والذي اتفق عليه المسلمون أجمعون، والذي هو موجود بأيدينا الآن، فمثلا: هناك حديث في البخاري مكتوب في الورقة بأنه في المجلد السادس، حديث رقم (468) ، عن أن قوماً من الصحابة - رضي الله عنهم- ذهبوا لأبي الدرداء- رضي الله عنه-، فسألهم عمن يستطيع قراءة سورة الليل كما كان يقرؤها عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-؟ فأشاروا إلى علقمة، الذي قرأ "والذكر والأنثى" بدلا من "وما خلق الذكر والأنثى"، وقال إنه لن يتبع من يقرأها بغير هذا، وأيضا حديث آخر في البخاري، مكتوب بأنه حديث رقم (60) ، صفحة (46) ، في المجلد السادس، عن

ابن الزبير - رضي الله عنهما- أنه قال لسيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه- عن أن هناك آية في سورة البقرة قد تم تغييرها بآية أخرى، أعتقد أنهم يقصدون آية عن الذين يتوفون ويتركون زوجاتهم،- عذراً فأنا لا أحفظ الآية - فإجابه عثمان - رضي الله عنه- بأن يترك الآية مكانها، فهو لن يغير أي شيء عن مكانه، والعديد من الأقوال الأخرى عن أشياء من هذا القبيل، وعن وجود اختلاف بين المسلمين وقت جمع القرآن، أرجو من سيادتكم التكرم بالرد علي، حيث إنني قد فوجئت وقتها ولم أستطع أن أرد على هذا الشخص، وأنا لا أريد أن يكون في قلبي أي شبهة على ديني، ولا أريد أن يوسوس لي الشيطان بأشياء تبعدني عن الله، أفيدوني بإجابة سريعة بالله عليكم عن كل نقطة ذكرتها في سؤالي، ومعذرة للإطالة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله، وبعد: أخي في الله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اعلم - وفقك الله وحفظك- أن القرآن الكريم كتاب الله المقدَّس، ودستوره المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وقد وصلنا كاملاً غير منقوص، لم يخرم منه حرف واحد، كيف وقد قال الله: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر:9] ، وقد أجمع المسلمون على أن القرآن الذي بين أيدينا هو القرآن المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم- بتمامه وكماله، من غير زيادة ولا نقصان. وقد كان لبعض الصحابة - رضي الله عنهم- مصاحف خاصة بهم، كتبوها لأنفسهم بقصد الحفظ والمذاكرة، ورتبوها باجتهادهم الخاص أحياناً وليس في ذلك مانع شرعي؛ لأن القرآن في مصاحفهم جميعاً، وهو لم يتغير، أو يتبدل، وإن اختلف الترتيب. أرأيت لو أن إنساناً اليوم أراد حفظ سورة البقرة، وسورة النساء فكتبها أو صورها، وجمعها في ملزمة واحدة، فهل يقول أحد بالتحريم؟!. أو هل يزعم أحد بوجود تناقض بين ما صفه هذا الإنسان من الجمع والترتيب مع المصحف العثماني المعروف؟!

الجواب: كلا فليس ثمة حرمة أو تناقص، ثم اعلم أن عثمان - رضي الله عنه- حين جمع القرآن أقره كل الصحابة - رضي الله عنهم- على فعله، وأجمعوا عليه بما فيهم ابن مسعود، وأبو الدرداء- رضي الله عن الجميع. وأما ما نقل عن ابن مسعود وأبي الدرداء -رضي الله عنهما- من قراءة "الذكر والأنثى" فالإسناد إليها من أصح الأسانيد، والرواية أخرجها الشيخان كلاهما وليس البخاري فقط. ففي البخاري (6278) ومسلم (824) بيد أنها قراءة منسوخة لإمكانية النسخ شرعاً وعقلاً، قال الله: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير أو مثلها ... " [البقرة:106] ، ولعل النسخ لم يبلغ هذين الصحابيين الجليلين - رضي الله عنهما-. قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله-: ولعل هذا مما نسخت تلاوته، ولم يبلغ النسخ أبا الدرداء ومن ذكر معه -رضي الله عنهم-، والعجب من نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة وعن ابن مسعود - رضي الله عنه- وإليها تنتهي القراءة بالكوفة، ثم لم يقرأ بها أحد منهم، وكذا أهل الشام حملوا القراءة عن أبي الدرداء ولم يقرأ أحد منهم بهذا، فهذا مما يقوي أن التلاوة بها نسخت، ا. هـ الفتح (8/707) . وأما الآية الأخرى التي سألت عنها فهي قوله تعالى: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج ... " [البقرة:240] . وهي آية منسوخة حكماً باقية تلاوة؛ لأن النسخ أنواع منها: (1) أن ينسخ اللفظ والحكم. (2) أن ينسخ اللفظ ويبقى الحكم. (3) أن ينسخ الحكم ويبقى اللفظ مثل عدة المتوفى زوجها في الآية السابقة، فقد كانت العدة حولاً كاملاً، فنسخت إلى أربعة أشهر وعشرة أيام، كما في قوله تعالى: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً.." الآية وكلتاهما في البقرة [الآية:234] .

وبهذه المناسبة أنصح الأخ السائل وغيره ألا يرتادوا تلك المواقع المشبوهة في شبكة الإنترنت، أو غيرها مما سخره أعداء الدين لإلقاء الشبهة وتشكيك الشباب وغيرهم في دينهم، واقتناص الفرص لبلبلة الأذهان وترويج الشائعات المغرضة، والآراء المسمومة. وليس للعامة من أبناء الأمة إقحام أنفسهم في أتون تلك المواقع، أو قراءة ما يكتبه الملاحدة والكفرة والمنافقون بقصد التشكيك والإفساد حفاظاً على دينهم ورعاية لعقائدهم. والله المسؤول أن يحفظ علينا ديننا، ويكبت عدونا إنه سميع قريب. وفقك الله وأعانك والسلام عليكم.

أخطاء (في ظلال القرآن)

أخطاء (في ظلال القرآن) المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 15/6/1424هـ السؤال هل يوجد حقاً في كتاب ظلال القرآن سموم يجب الحذر منها الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد، فإن كتاب (في ظلال القرآن) لسيد قطب (رحمه الله) كغيره من كتب البشر لا يخلو من المآخذ، ومن أبرزها ما يلي: - (1) لقد نشأ سيد قطب أديباً وشاعراً وربما غلب عليه الأسلوب الأدبي في بعض الأحيان في كتابه (في ظلال القرآن) ، وخرج ببعض الكلمات والعبارات التي تخالف منهج السلف. (2) وقع سيد قطب -رحمه الله- ببعض التأويلات على منهج المعتزلة والأشاعرة لبعض الصفات، ومنها على سبيل المثال كلامه حول قوله - تعالى -: "الرحمن على العرش استوى" [طه: 5] قال بأن الاستواء كناية عن الهيمنة، وهذا مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة. وكذلك ما ذهب إليه في تأويل صفة اليد، والقبضة، والفوقية ونحوها. (3) تردده في إثبات بعض الصفات لله - تعالى -، مثل صفة الوجه. (4) قلة الاعتماد على النصوص الشرعية والآثار عن السلف في بيان معنى الآيات. (5) كتابه (في ظلال القرآن) ليس تفسيراً بالمعنى الصحيح، بل هو حديث حول الآيات في جوانب دعوية وإيمانية ونحوها. ومع هذه الملحوظات فلا يعني ذلك أن نتركه بالكلية بل فيه خير كثير، لكن يتنبه فيه من جانب الكلام على صفات الله - عز وجل -.

القصص القرآني

القصص القرآني المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 1/8/1424هـ السؤال هل تم بحث القصص القرآني في رسائل الماجستير والدكتوراه؟ وإن كان كذلك فأرجو تزويدي بأسماء بعضها، وشكراً وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد اشتمل القرآن الكريم على أحسن القصص وأفضلها، كما أخبر بذلك ربنا تبارك وتعالى، حيث قال: "نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن" [يوسف:3] . وقد ورد في هذه القصص خبر من كان قبلنا من الأمم وأحوالهم مع أنبيائهم ورسلهم، وأمرنا الله سبحانه وتعالى بالتدبر في هذه القصص، وأخذ العظة والعبرة مما جاء فيها من أخبار وأحكام، وامتثالاً لهذه الأوامر الكريمة قام كثير من العلماء والباحثين بدراسة هذه القصص المختلفة واستنباط العبر، والدروس، والفوائد التي اشتملت عليها في سور القرآن الكريم، وقد كانت مؤلفاتهم وبحوثهم تدور حول ثلاثة مطالب: الأول: دراسة القصص القرآني بشكل عام، وبيان مرتكزات هذه القصص وأساليبها الأدبية والبلاغية، وكيفية الاستفادة منها، من دون التركيز على قصة معينة. الثاني: دراسة قصة معينة من قصص القرآن الكريم، وذلك بجمع الآيات التي تحدثت عن هذه القصة في كل سور القرآن الكريم، كدراسة قصة موسى عليه السلام كما وردت في القرآن الكريم. الثالث: دراسة القصص القرآني الوارد في سورة معينة، كدراسة القصص القرآني الوارد في سورة الأعراف مثلاً. ومن أراد الاطلاع على هذه القصص فعليه بكتاب الله تعالى، حيث اشتمل على أحسن القصص بأسلوب فريد، وبلاغة منقطعة النظير، فيقرؤها الإنسان ويتدبرها ويأخذ العظة والعبرة مما جاء فيها، ويستفيد مما كتبه العلماء في تفاسيرهم، حيث اهتم كثير من المفسرين بقصص القرآن الكريم، وبينوها واستنبطوا منها الدروس والعبر، ونحو ذلك مما هو مهم في هذا الباب. أما الرسائل الجامعية المؤلفة في مجال القصص القرآني فهي كثيرة، ومنها على سبيل المثال الرسائل الآتية: عنوان الرسالة اسم الباحث المرحلة الجامعية التاريخ. (1) الجانب القصصي في القرآن الكريم، عمر محمد باحاذق، ماجستير، الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة 1403هـ. (2) القصص في القرآن الكريم، مريم بنت عبد القادر السباعي، دكتوراه، جامعة أم القرى في مكة المكرمة 1404هـ. (3) القصص القرآني الكريم بين الآباء والأبناء، عماد زهير حافظ، ماجستير، جامعة أم القرى في مكة المكرمة 1408هـ. (4) قصة آدم عليه السلام كما يصورها القرآن الكريم، علوية بنت عبد الرحمن كلنتن، 1402هـ. (5) قصة نوح عليه السلام كما يصورها القرآن الكريم، علي بن عبد الله طوبجي، 1402هـ. (6) العبرة من قصة موسى عليه السلام في القرآن، محمد خير عدوي 1400هـ. (7) الدعوة والعقيدة في قصة موسى عليه السلام، سليمان بن طلق الحازمي، 1410هـ. (8) دعوة سيدنا شعيب عليه السلام في القرآن الكريم، حسين بن عبد القادر مصطفى، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1403هـ. (9) القصص القرآني بين المفسرين والمؤرخين، شاكر بن جدعان جبل، جامعة بغداد 1998م (10) الأهداف التربوية في القصص القرآني، مدهش علي خالد أحمد، جامعة أم القرى 1409هـ. (11) التناسق الفني في القصص القرآني، أحمد إسماعيل نوفل، جامعة الأزهر 1975م. (12) قصص النساء في القرآن الكريم والدروس والعبر والأحكام المستفادة منها، محمد بن ناصر الحميد، دكتوراه، الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

نسيان بعض القراءات

نسيان بعض القراءات المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 21/3/1425هـ السؤال ما حكم نسيان الروايات لمن حفظ بعض الروايات في القرآن؟ مع العلم بأنه لم يتلقها عن مشايخ بل عن طريق كتاب يوضح الفروقات بينها وبين حفص. الجواب حكم نسيان الروايات فرع لحفظ فروع العلم، ولا يأثم الإنسان بذلك؛ بل ولا يأثم من حفظ القرآن ثم نسيه لأن إسناد الحديث شديد الضعف (انظر سنن سعيد بن منصور (1/87 ح18 (فقد جمع المحقق طرق الحديث) ، ويمكن أن تحمل على نسيان القرآن بسبب الإعراض عنه وهجر العمل به ونحو ذلك، فهذا لا شك أنه فاعل إثماً عظيماً، وأما من نسيه لا عن إعراض بل لتزاحم الأعمال وهو يرغب في مواصلة الحفظ فهذا لا يأثم إن شاء الله. ولا شك أن العلم يحتاج إلى مدارسة ومراجعة ومذاكرة وإلا جاء عليه داء النسيان، وقد جاء تحديد مراجعة القرآن أو قراءته في قصة عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- في مدة أقصاها أربعين، فلا ينبغي التقاصر عن قراءة القرآن فيها انظر ما رواه الترمذي (3570) وأبو داود (1395) وأصله في البخاري (1978) ، ومسلم (1159) والله أعلم.

إشكالات لغوية في بعض الآيات

إشكالات لغوية في بعض الآيات المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 16/12/1424هـ السؤال وصلتني هذه الرسالة وأريد الرد عليها: بسم الأب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين إلى الإخوة المسلمين السلام والتحية، نرجو من الإخوة المسلمين الإجابة عن هذه الأسئلة اللغوية: (1) رفع المعطوف على المنصوب س 106: جاء في سورة المائدة 5: 69 "إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ"، وكان يجب أن ينصب المعطوف على اسم إن فيقول والصابئين كما فعل هذا في سورة البقرة 2: 62 والحج 22: 17. (2) نصب الفاعل س 107: جاء في سورة البقرة 2: 124 "لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ". وكان يجب أن يرفع الفاعل فيقول: الظالمون. (3) تذكير خبر الاسم المؤنث. س 108: جاء في سورة الأعراف 7: 56 "إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ". وكان يجب أن يتبع خبر إن اسمها في التأنيث فيقول: قريبة. (4) تأنيث العدد وجمع المعدود. س 109: جاء في سورة الأعراف 7: 160 "وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً"، وكان يجب أن يذكر العدد ويأتي بمفرد المعدود فيقول: اثني عشر سبطاً. (5) جمع الضمير العائد على المثنى. س 110: جاء في سورة الحج 22: 19 "هذانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ"، وكان يجب أن يثنّي الضمير العائد على المثنّى فيقول خصمان اختصما في ربهما. (6) أتى باسم الموصول العائد على الجمع مفرداً. س 111: جاء في سورة التوبة 9: 69 "وَخُضْتُمْ كَالذِي خَاضُوا". وكان يجب أن يجمع اسم الموصول العائد على ضمير الجمع فيقول: خضتم كالذين خاضوا.

(7) جزم الفعل المعطوف على المنصوب. س 112: جاء في سورة المنافقون 63: 10 "وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ" وكان يجب أن ينصب الفعل المعطوف على المنصوب فأَصدق وأَكون. (8) جعل الضمير العائد على المفرد جمعاً س 113: جاء في سورة البقرة 2: 17 "مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ"، وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً فيقول: استوقد ... ذهب الله بنوره. (9) نصب المعطوف على المرفوع. س 114: جاء في سورة النساء 4: 162 "لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً. وكان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع فيقول: والمقيمون الصلاة. (10) نصب المضاف إليه. س 115: جاء في سورة هود 11: 10 وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ. وكان يجب أن يجرَّ المضاف إليه فيقول: بعد ضراءِ. (11) أتى بجمع كثرة حيث أريد القلة. س 116: جاء في سورة البقرة 2: 80 "لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً"، وكان يجب أن يجمعها جمع قلة حيث إنه أراد القلة فيقول: أياماً معدودات.

(12) أتى بجمع قلة حيث أريد الكثرة. س 117: جاء في سورة البقرة 2: 183 و184 "كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُودَات"، وكان يجب أن يجمعها جمع كثرة، حيث إن المراد جمع كثرة عدته 30 يوماً فيقول: أياماً معدودة. (13) جمع اسم علم حيث يجب إفراده. س 118: جاء في سورة الصافات 37: 123-132 "وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ ... سَلاَمٌ عَلَى إِلْيَاسِينَ ... إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِين"، فلماذا قال: إلياسين بالجمع عن إلياس المفرد؟ فمن الخطأ لغوياً تغيير اسم العلَم حباً في السجع المتكلَّف. وجاء في سورة التين 95: 1-3 "وَالتِّينِ وَالزَيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ"، فلماذا قال: "سينين" بالجمع عن سيناء؟ فمن الخطا لغوياً تغيير اسم العلَم حباً في السجع المتكلف. (14) أتى باسم الفاعل بدل المصدر س 119: جاء في سورة البقرة 2: 177 "لَيْسَ َالبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ"، والصواب أن يُقال: ولكن البر أن تؤمنوا بالله؛ لأن البر هو الإيمان لا المؤمن. (15) نصب المعطوف على المرفوع. س 120: جاء في سورة البقرة 2: 177 "وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ"، وكان يجب أن يرفع المعطوف على المرفوع فيقول: والموفون ... والصابرون. (16) وضع الفعل المضارع بدل الماضي. س 121: جاء في سورة آل عمران 3: 59 "إنّ مثَل عيسى عند الله كمثَل آدمَ خلقه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون". وكان يجب أن يعتبر المقام الذي يقتضي صيغة الماضي لا المضارع فيقول: قال له كن فكان.

(17) لم يأت بجواب لمّا. س 122: جاء في سورة يوسف 12: 15 "فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ". فأين جواب لمّا؟ ولو حذف الواو التي قبل أوحينا لاستقام المعنى. (18) أتى بتركيب يؤدي إلى اضطراب المعنى س 123: جاء في سورة الفتح 48: 8 و9 "إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيرا لتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً"، وهنا ترى اضطراباً في المعنى بسبب الالتفات من خطاب محمد - صلى الله عليه وسلم-إلى خطاب غيره؛ ولأن الضمير المنصوب في قوله: "تعزّروه وتوقروه" عائد على الرسول المذكور آخراً، وفي قوله: "تسبحوه" عائد على اسم الجلالة المذكور أولاً. هذا ما يقتضيه المعنى. وليس في اللفظ ما يعينه تعييناً يزيل اللبس، فإن كان القول:"وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً" عائداً على الرسول يكون كفراً، لأن التسبيح لله فقط. وإن كان القول:"تعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلاً" عائداً على الله يكون كفراً، لأنه -تعالى- لا يحتاج لمن يعزره ويقويه!! (19) أتى باسم جمع بدل المثنى. س 130: جاء في سورة التحريم 66: 4 "إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا". والخطاب (كما يقول البيضاوي) .موجّه لحفصة وعائشة - رضي الله عنهما-. فلماذا لم يقل صغا قلباكما بدل "صغت قلوبكما" إذ إنه ليس للاثنتين أكثر من قلبين؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وبعد: فسيكون الجواب - بإذن الله- مجملاً ومفصلاً، فأما الإجمال فأقول:

لا ريب أن أعداء هذا الدين لا يألون جهداً في محاولة النيل من إسلامنا وعقيدتنا، وقرآننا العظيم، وقد سخروا طاقاتهم وعلمائهم لتشكيك المسلم العادي في دينه، وكتاب ربه، ومن ذلك ما ورد من هذه الأسئلة التي حاولوا من خلالها وصم القرآن بالنقص والعيب، ورميه بمصادمة القواعد النحوية المعتبرة عند العلماء. ونسي هؤلاء عظمة اللغة العربية وسعتها واستيعابها لوجوه عديدة في الألفاظ، والمعاني، والمباني، والأوجه النحوية، والإعرابية. ولو فقه هؤلاء المشككون لغة العرب ودرسوا فنونها، وأصولها، واشتقاقاتها، وقواعد النحو، والصرف ووجوه الإعراب، وطالعوا دواوين الشعر في عصور الاحتجاج لرأوا بطلان كل ما أوردوه من الإشكالات الموهومة، كما سيأتي بيانه بعد قليل بحول الله وقوته. ثم هاهنا تنبيهان قبل الشروع في الجواب المفصل أولهما: أن هذه التسمية التي صدر بها رسالة القوم هي من بدعهم الشركية، حيث جعلوا عيسى -عليه السلام- وروح القدس وهو جبريل -عليه السلام- إلهيين متساويين لله -تعالى-، وهي عقيدة التثليث المشؤومة التي يؤمن بها النصارى تعالى الله عما يفعله ويقوله هؤلاء الكافرون. ثانيهما: قولهم إلى الإخوة المسلمين، فالحقيقة أننا نحن المسلمين نبرأ من إخوة هؤلاء النصارى فهم ليسوا لنا بإخوة ونحن نبرأ إلى الله من أخوتهم، بل هم أعداؤنا وبغضاؤنا حتى يسلموا لله الواحد الأحد الفرد الصمد. وأما الجواب المفصل فإليك بيانه والله المستعان: السؤال الأول: إن رفع "الصابئون" [المائدة:69] على نية التأخير وتقديره ولا هم يحزنون والصابئون كذلك، فهو مبتدأ، والخبر محذوف ومثله: فإني وقيار بها لغريب، أي: فإني لغريب وقيار بها كذلك. وهناك تأويلات أخرى أعرضت عن ذكرها اختصاراً. السؤال الثاني:

وأما نصب "الظالمين" في قوله -تعالى- "لا ينال عهدي الظالمين" فلأن (الظالمين) مفعول به وليس فاعلاً والتقدير: لا يصل عهدي الظالمين، في عهدي فاعل وليس مفعولاً به كما توهم السائل. السؤال الثالث: وأما تذكير قريب، في قوله: "إن رحمة الله قريب من المحسنين" [الأعراف: 56] ، فلذلك عدة تأويلات وكلها سائغة في لغة العرب فمن ذلك: (1) ذكرت: قريب، على النسب كما يقال: امرأة طالق، فالتقدير إن رحمة الله ذات قرب. (2) ويمكن أن يقال: أراد المكان، أي: إن مكان رحمة الله قريب. (3) أن قريب، فعيل بمعنى مفعول كما يقال: كن خطيباً. السؤال الرابع: وأما اعتراض السائل على جمع (أسباطاً) في قوله -تعالى-: "وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطاً أمماً" [الأعراف: 160] ، وزعمه وجوب تذكير العدد وإفراد أسباطاً، فالجواب: أن قطعنا بمعنى: صيرنا فيكون اثنتى عشرة، مفعولاً ثانياً، والتأنيث باعتبار التقطيع آل إلى تصييرهم قطعاً جمع قطعة. وأما جمع أسباطاً فلأنها بدل من اثنتي عشرة لا تمييز. السؤال الخامس: وأما جمع الضمير في اختصموا في قوله -تعالى-: "هذان خصمان اختصموا في ربهم" [الحج: 19] فذلك حملاً على المعنى؛ لأن كل خصم عبارة عن فريق يضم عدداً من الأشخاص فروعي تعدد الأشخاص لا تثنية الخصم. والتقدير: هذان فريقان: فريق المؤمنين وفريق الكافرين، المؤمنون جماعة والكافرون جماعة أيضاً. السؤال السادس: وأما إفراد الاسم الموصول في قوله -تعالى-: "وخضتم كالذي خاضوا" [التوبة: 69] ، فالجواب: أن الذي جنس والتقدير: خوضاً كخوض الذين خاضوا. السؤال السابع: وأما جزم وأكن، في قوله -تعالى-: "لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين" [المنافقون: 63] . ففي وأكن قراءة أخرى بالنصب (وأكونَ) قرأ بها أبو عمرو البصري من السبعة. وقرأ الجمهور بالجزم وأكنْ حملاً على المعنى إي: إن أخرتني أكن. السؤال الثامن:

وأما جمع الضمير في نورهم في قوله -تعالى-: "مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم" [البقرة: 17] فالجواب: أن الذي مفرد باللفظ والمعنى على الجمع، ووجه وقوع المفرد موقع الجمع أنه أريد به الجنس مثل: من فيعود إليه الضمير تارة بلفظ المفرد، وتارة بلفظ الجمع. السؤال التاسع: وأما نصب المقيمين في قوله -تعالى-: والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله ... " [النساء: 162] ، فالجواب: أن نصبها باعتبارها مفعول به لمفعول محذوف تقديره: وأخص المقيمين. السؤال العاشر: وأما نصب ضراء في قوله: "ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته" [هود: 10] ، فلأنها ممنوعة من الصرف للتأنيث مثل: صحراء والممنوع من الصرف يخفض بالفتحة. السؤال الحادي عشر: وأما قوله:"معدودة"، في قوله -تعالى-: "لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة" [البقرة: 80] ، فهذا استثناء مفرغ فأياماً منصوب على الظرف بالفعل قبله والتقدير: لن تمسنا النار أبداً إلا أياماً قلائل، يحصرها العد، لأن العد يحصر القليل. السؤال الثاني عشر: وأما قوله: "معدودات"، في قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ... أياماً "معدودات" فإن معدودات صفة، وجمع صفة ما لا يعقل بالألف والتاء مطرد نحو هذا، ونحو قوله: "وقدور راسيات" [سبأ: 13] ، وقوله:"أيام معلومات" [الحج: 28] . السؤال الثالث عشر: وأما قوله "الياسين" في قوله -تعالى-: "سلام على إل ياسين"، [الصافات: 13] فيمكن أن يقال: إل يعني: آل وأهل ياسين. أو يقال: سلام على الجماعة المنسوبين لإلياس، وهو نبي كريم -صلى الله عليه وسلم- مثل: الأشعرون نسبة إلى الأشعري، وكان حقه أن يقال: الأشعريون، فإلياسين، على هذا القول جمع إلياس فحذفت ياء النسبة تخفيفاً كما ذكرنا في (الأشعرون) ، وأما سينين فليست جمعاً لـ سيناء، كما توهم السائل بل هي لغة أخرى لـ سيناء. السؤال الرابع عشر:

وأما اعتراض السائل على جملة "ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة" [البقرة: 177] ، حيث زعم الصواب أن يقال: ولكن البر أن تؤمنوا فالجواب: أن التقدير: ولكن البر بر من آمن فحذف المضاف، وإنما احتيج إلى هذا التقدير؛ لأن البر مصدر "ومن آمن" جسم وعين والأجسام لا تكون خبراً عن المصادر، ولا المصادر خبراً عن الأجسام. السؤال الخامس عشر: وأما نصب الصابرين، في قوله -تعالى-:"والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء ... " [البقرة: 177] ، فقد تقدم جواب مشابه عن السؤال التاسع ونعيده، فأقول: نصبت بتقدير فعل محذوف تقديره: وأخص الصابرين أو على المدح. والله أعلم. السؤال السادس عشر: وأما قوله: "ثم قال له كن فيكون" في الآية الكريمة: "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون" [آل عمران: 59] ، فالمعنى فيكون كما يأمر الله فيكون حكاية للحال التي يكون عليها آدم، ويجوز أن يكون فيكون، بمعنى فكان وعلى هذا أكثر المفسرين والنحويين. السؤال السابع عشر: وأما حذف جواب لما، في قوله "فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب ... " [يوسف: 15] ، فالجواب محذوف تقديره: عرَّفناه أو نحو ذلك وبعض العلماء يقولون الجواب: أوحينا والواو زائدة إعراباً وهو مذهب الكوفيين. السؤال الثامن عشر: ليس فيما ذكره المعترض أدنى لبس لمن فهم اللغة العربية والخطاب العربي في قوله -تعالى-: "إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا" [الفتح: 8-9] ، فيجوز حمل الضمائر كلها على الله -تعالى-، ويجوز أن يكون الأولان عائدين على الرسول - صلى الله عليه وسلم- والأخير عائداً على الله -تعالى- لأن التسبيح خاص به، والعربي المسلم يعي هذا فلا إشكال فيه. السؤال التاسع عشر: وأما الجمع في قلوبكما، في قوله -تعالى-: "فقد صغت قلوبكما" [التحريم: 4] فسائغ لغة أن يعبر بالجمع عن المثنى؛ لأن التثنية جمع فأقل الجمع اثنان.

هل تشترط لتدريس القرآن أخذ الإجازة فيه

هل تشترط لتدريس القرآن أخذ الإجازة فيه المجيب د. عبد العزيز بن علي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 19/10/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم هناك أحد علماء التجويد عندنا يقول بأنه لا يجوز لمن ليس لديه سند متصل بالقرآن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يعرض القرآن على شيخ قارئ فيجيزه فيه، لا يجوز له قراءة القرآن ولا تدريسه، ولدينا في بلادنا حلقات لتحفيظ القرآن الكريم يدرس فيها بعض الشباب الصالح غير أنهم ليسوا على ما ذكر ذلك الشيخ. فهل ما قاله صحيح؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب من قال: لا يجوز إقراء القرآن ولا قراءته إلا بإجازة وإسناد فهو مخطئ، جاهل بمذهب السلف، ويذكر عن بعض المتأخرين اشتراط ذلك لمن أراد الإقراء، لا القراءة، فإن اشتراط الإجازة للقراءة لا يقوله عاقل، ولا يمكن تصور إجازة إلا بعد قراءة، وأظن مسألة القراءة زيادة من السائل، فهمها خطأ، لم يقل بها معلم التجويد المذكور، والمقصود: أن اشتراط ذلك والتعسير على الناس بمثل هذا ليس من الحق في شيء، فإن الله يسر للناس الذكر، تلاوة، وحفظاً فقال: "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ" [القمر: من الآية17] ، وكان في الصحابة -رضي الله عنهم- العربي والعجمي، وفيهم الأعرابي، وكل يقرأ بما تيسر له، ويقول لهم: "اقرءوا فكل حسن" أبو داود (830) وأحمد (14849) والحديث صحيح، بل أنزل القرآن على سبعة أحرف (لغات) ، تيسيراً عليهم ودفعاً للمشقة، ولم يكن منهم ولا بعدهم من أهل القرون الأولى من يجيز، ولا يجاز بإسناد، وقد رد السيوطي في كتاب (الإتقان) على من يشترط ذلك، وتفصيل ذلك يطول، وقد جرت بيني وبين بعض الناس مباحثة في هذا، وكان مما قلته له هذه الأبيات التي منها: قالوا: الإجازة من شيوخ *** الذكر شرط في القراءة قلت: السلام عليكم*** رفقاً بنا ما ذي الجراءة هل كان لأسلاف الأوائل *** قبل عام التسعماءة لا يقرؤون بغيرها *** أين التثبت والبراءة؟ من يعشق التقليد يوماًً *** يرجع التقليد داءه والله الموفق.

إمام متساهل في أحكام التجويد

إمام متساهل في أحكام التجويد المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 19/7/1424هـ السؤال إمام مسجدنا متساهل في أحكام التجويد، وخاصة في السكتات الخفيفة مثلا. فكيف يمكن توجيهه إذا اعتبرنا هذا العمل خطأ منه؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، أما بعد: فإن كان يستطيع تعلم أحكام التجويد، فالأولى له أن يتعلم هذا العلم ليقوِّم قراءته، ويضبطها، أما إذا كانت أخطاؤه جلية تمسُّ عربية القرآن، فهذا ممن لا يصلح للصلاة بالناس، فالأولى أن لا يصلي بالناس. وأما السكتات التي ذكرت، فإن كان يقرأ من طريق حفص عن عاصم، فله سكتات أربع مشهورة، وهي: السكت على (عوجا) من قوله تعالى: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا" [الكهف:1] . والسكت على (مرقدنا) من قوله تعالى: "قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ" [يّس:52] .والسكت على (بل) من قوله تعالى: "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" [المطففين:14] ، والسكت على (مَن) من قوله "وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ" [المدثر:27] . ومن قرأ برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية فليس له أن يترك هذه السكتات، وإن كان يعلمها فلا شيء عليه، والله أعلم. وبالجملة، فالأولى لمثل هذا الذي تقلَّد الإمامة للناس أن يتعلم التجويد ويحسِّن قراءته، والله الموفق.

التفسير الكبير للرازي

التفسير الكبير للرازي المجيب د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 19/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي عن التفسير الكبير للرازي، لم عدَّه العلماء من التفاسير المنحرفة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يمكن القول بأن الرازي - رحمه الله- من الأشاعرة المتكلمين، وتفسيره: (مفاتيح الغيب) المسمى بالتفسير الكبير فيه لطائف لغوية دقيقة، ونكت إعجازية من البلاغة القرآنية والحقائق الشرعية، إلا أن فيه مآخذ منها: قلة استشهاداته بالأدلة الشرعية، وعدم تمحيص الصحيح من الضعيف، وإقحامه للعقلانية والفلسفة، والعلوم الرياضية والطبيعية، وكتابه: (مفاتيح الغيب) أشبه بموسوعة في علم الكلام، وفي علوم الكون والطبيعة، حتى كادت أن تقلل من أهمية الكتاب كتفسير للقرآن العظيم - كما يقول بعض أهل التفسير-. وقال الحافظ ابن حجر عنه في (لسان الميزان) : (كان يعاب بإيراد الشبهة الشديدة، ويقصر في حلها، حتى قال بعض المغاربة: يورد الشبهة نقداً، ويحلها نسيئة) . وأنصح القارئ غير المتخصص والمتمكن في علوم الشريعة بعدم قراءته، ويمكن الرجوع إلى غيره من التفاسير الموثوقة والميسرة.

قراءة سورة الإخلاص ثلاثا هل تعدل ختم القرآن؟

قراءة سورة الإخلاص ثلاثاً هل تعدل ختم القرآن؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 27/08/1426هـ السؤال أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأ: ُ"قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ". فهل يكفي أن نقرأ سورة الإخلاص ثلاث مرات في اليوم بدلاً من قراءة أجزاء كثيرة من القرآن؟ وهل يجب التسمية عند كل قراءة للسورة إذا قرأتها ثلاث مرات متتابعةً؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: في هذا الحديث دليل على فضل: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ، وبيان أنها تعدل ثلث القرآن الكريم، قال بعض أهل العلم: "هي ثلث القرآن باعتبار معاني القرآن الكلية، لأنه أحكام، وأخبار، وتوحيد، وقد اشتملت هي على القسم الثالث، وهو أشرف المعارف وأفضلها، فكانت ثلثاً بهذا الاعتبار، ويستأنس لهذا بقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ جَزَّأَ القُرْآنَ ثَلاَثَةَ أَجْزَاءٍ فجعل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) جُزْءاً مِنْ أَجْزَاءِ القُرْآنِ" [فتح الباري (9/61) ] . وقال أبو العباس بن سريج لما سئل عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن"، فقال: "معناه أنزل القرآن على ثلاثة أقسام: ثلث منها الأحكام، وثلث منها وعد ووعيد، وثلث منها الأسماء والصفات، وهذه السورة جمعت الأسماء والصفات " [ينظر: مجموع الفتاوى (17/103) ] .

وقال القرطبي: " اشتملت هذه السورة على اسمين من أسمائه تعالى يتضمنان جميع أوصاف كماله تعالى, لم يوجدا في غيرها من السور وهما "الأحد"، "الصمد"؛ لأنهما يدلان على أحادية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، وبيان ذلك أن "الأحد" يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، وأما "الصمد": فهو المتضمن لجميع أوصاف الكمال، فإن "الصمد" هو الذي انتهى سؤدده بحيث يصمد إليه في الحوائج كلها، أي يقصد، ولا يصح ذلك تحقيقاً إلا ممن حاز جميع خصال الكمال حقيقة، وذلك لا يكمل إلا لله -تعالى- فهو الأحد الصمد الذي: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ، فقد ظهر أن لهذين الاسمين من شمول الدلالة على الله تعالى وصفاته ما ليس لغيرهما من الأسماء، وأنهما ليسا موجودين في شيء من سور القرآن، فظهرت خصوصية هذه السورة بأنها ثلث القرآن" [المفهم (2/441- 442) ] . وقد ورد في فضل هذه السورة أحاديث أخرى، منها: حديث عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فَلَمَّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ " فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ" أخرجه البخاري (7375) ، ومسلم (813) .

وهذه السورة المباركة إذا قرأها المسلم حصل له ثواب بقدر ثواب ثلث القرآن، ولكن لا يكتفى بتلاوتها ثلاث مرات عن تلاوة بقية القرآن، وذلك لتنوع الثواب والأجر، وحاجة المسلم إلى قراءة بقية القرآن لما فيه من الأحكام والقصص التي يحتاج المسلم إلى تدبرها والانتفاع بما تضمنته من أوامر ونواهٍ وتوجيهات حتى يعبد الله على بصيرة وهدى، ويوفق للاستقامة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: فإذا قرأ الإنسان "قل هو الله أحد" حصل له ثواب بقدر ثواب ثلث القرآن، لكن لا يجب أن يكون الثواب من جنس الثواب الحاصل ببقية القرآن، بل قد يحتاج إلى جنس الثواب الحاصل بالأمر والنهي والقصص، فلا تسد (قل هو الله أحد) مسد ذلك ولا تقوم مقامه،.... بل يبقى فقيراً محتاجاً إلى ما يتم به إيمانه من معرفة الأمر والنهي والوعد والوعيد، ولو قام بالواجب عليه فالمعارف التي تحصل بقراءة سائر القرآن لا تحصل بمجرد قراءة هذه السورة، فيكون من قرأ القرآن كله أفضل ممن قرأها ثلاث مرات من هذه الجهة لتنوع الثواب، وإن كان قارىء (قل هو الله أحد) ثلاثاً يحصل له ثواب بقدر ذلك الثواب، لكنه جنس واحد ليس فيه الأنواع التي يحتاج إليها العبد، كمن معه ثلاثة آلاف دينار وآخر معه طعام ولباس ومساكن ونقد يعدل ثلاثة آلاف دينار، فإن هذا معه ما ينتفع به في جميع أموره، وذاك محتاج إلى ما مع هذا وإن كان ما معه يعدل ما مع هذا، وكذلك لو كان معه طعام من أشرف الطعام يساوي ثلاثة آلاف دينار فإنه محتاج إلى لباس ومساكن وما يدفع به الضرر من السلاح والأدوية وغير ذلك مما لا يحصل بمجرد الطعام. " [مجموع الفتاوى (17/138) ] . والبسملة عند افتتاح كل سورة مستحبة إلا عند قراءة سورة التوبة، هذا والله أعلم.

آية الرجم المنسوخة

آية الرجم المنسوخة المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 22/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. هل هنالك آية تسمى آية الرجم حذفت من القرآن؟ إن كان ذلك صحيحاً نرجوكم أن توضحوا لنا الحكمة من ذلك، وهل هناك آيات أخرى حذفت؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فنقول وبالله التوفيق نعم هناك آية في كتاب الله عز وجل تسمى آية الرجم لم تحذف ولكن العبارة الصحيحة أنها نسخت لفظاً وبقي حكمها وهذا أمر مقرر شرعاً وهو نسخ اللفظ وبقاء الحكم وهونوع من أنواع النسخ في القرآن أخرج البخاري في صحيحه6/2503 حديث (6441) حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال عمر - رضي الله عنه - لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف قال سفيان كذا حفظت ألا وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، باب: رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت.

وأخرج البخاري (6/2504) أيضا من حديث عمر رضي الله عنه أنه قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله) . وأخرج مسلم: 3/1317حديث (1691) عن عمر رضي الله عنه أنه قال وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف وأخرج ابن حبان في صحيحه:10/274 أخبرنا محمد بن الحسن بن مكرم بالبصرة قال حدثنا داود بن رشيد قال حدثنا أبو حفص الأبار عن منصور عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال لقيت أبي بن كعب - رضي الله عنه - فقلت له إن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول إنهما ليستا من القرآن فلا تجعلوا فيه ما ليس منه قال أبي قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا فنحن نقول كم تعدون سورة الأحزاب من آية قال قلت ثلاثا وسبعين قال أبي والذي يحلف به إن كانت لتعدل سورة البقرة ولقد قرأنا فيها آية الرجم "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم".

وأخرج الحاكم في مستدركه2/450 أخبرنا أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا حجاج بن منهال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة وكان فيها "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأخرج أيضا في4/400 حديث (8068) قال حدثنا أحمد بن كامل القاضي ثنا محمد بن سعد العوفي ثنا روح بن عبادة ثنا شعبة قال وحدثنا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي ثنا أبو النعمان محمد بن الفضل ثنا حماد بن زيد جميعا عن عاصم عن زر قال قال لي أبي بن كعب - رضي الله عنه - وكان يقرأ سورة الأحزاب قال قلت ثلاثا وسبعين آية قال قط قلت قط قال لقد رأيتها وإنها لتعدل البقرة ولقد قرأنا فيما قرأنا فيها "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأخرج أيضا برقم (8069) قال: أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم السياري ثنا محمد بن موسى الباشاني ثنا علي بن الحسن بن شقيق أنبأ الحسين بن واقد ثنا يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عباس رضي الله عنهما قال من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب قوله -عز وجل- "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب" [المائدة:15] فكان الرجم مما أخفوا هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. أخرج أيضا حديث برقم (8070) قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ بن وهب أخبرني الليث بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن مروان بن عثمان عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن خالته أخبرته قالت لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الرجم "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة

وأخرج أيضاً برقم (8071) فقال: حدثني محمد بن صالح بن هانئ ثنا الحسين بن محمد بن زياد ثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن كثير بن الصلت قال كان ابن العاص وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما - يكتبان المصاحف فمرا على هذه الآية فقال زيد - رضي الله عنه - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثم "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" فقال عمرو - رضي الله عنه - لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أكتبها فكأنه كره ذلك فقال له عمرو ألا ترى أن الشيخ إذا زنى وقد أحصن جلد ورجم وإذا لم يحصن جلد وأن الثيب إذا زنى وقد أحصن رجم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. فهذه الآية التي ذكرت ثبت أنها كانت فيما أنزل من القرآن ثم نسخ لفظها وبقي حكمها، وأما الحكمة من ذلك فقد نعلمها وقد لا نعلمها لكن إذا لم نعلمها فالواجب علينا التسليم والنسخ أمر مقرر شرعاً: يقول الله جل وعلا "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منه أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير" [البقرة 106] . وقال "وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون" [النحل 101] . ومن الحكم التي ذكرها أهل العلم للنسخ 1- اللطف والتخفيف بعد التشديد والتغليظ قال تعالى "الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين......." [الأنفال:66] فنسخ لقاء الواحد من المسلمين للعشرة من المشركين إلى لقاء الواحد للإثنين. 2-العقوبة والمجازاة على جرائم المكلفين كما في قوله - تعالى - "فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم..........." [النساء160] .

3- التكريم للمكلف وطلب رضاه وما تطيب به نفسه كما في قوله -تعالى- "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام......." الآية [البقرة:144] ، وقد كان يستقبل بيت المقدس لكنه كان يكره استقبال قبلة اليهود ويحب استقبال قبلة إبراهيم -عليه السلام - فنسخ الله -سبحانه- ما كرهه بما رضيه من القبلتين كرامة له -صلى الله عليه وسلم-. 4-المصلحة المبنية على ما تقدم من السهولة بعد الصعوبة وتخفيف التكليف لكونه أقرب للاستجابة استصلاحا للمكلفين 5- وقد يكون ابتلاء من الله -عز وجل- ولا يبين وجه الأصلح فيه إذ له -عز وجل- فعل ما يشاء كما في قوله -عز وجل- "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها" فأجابهم بقوله "قل لله المشرق والمغرب"الآية، [البقرة:142] . فأخبر أنه يملك المشرق والمغرب فله أن يوليهم إلى أي جهة وعلل بالابتلاء في قوله: "وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه" [البقرة:143] فهذا نسخ للابتلاء والاختبار. والنسخ باب واسع من أبواب أصول الفقه ينظر في هذا الواضح في أصول الفقه لأبي الوفاء ابن عقيل1/243وما بعدها والذي ينبغي أن يعلم أن الرجم حكم ثابت أيضا بالسنة الصحيحة في حق الزاني المحصن إذا ثبت عليه ذلك بإقراره المعتبر شرعا أو بالبينة المعتبرة شرعا وتوافرت بقية شروطه المفصلة في كتب الفقه والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

القراءات العشر

القراءات العشر المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 04/02/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقد أحببت السؤال بخصوص القراءات المتسلسلة للقرآن الكريم أن عددها عشرة قراءات، وأتمنى أن تعلموني كيف يتم التفريق بينها، إضافة إلى سبب عدم كتابة هذه القراءات، وكيف يمكن للمسلم أن يتعلمها، وما السبيل لذلك؟. وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. - القراءات القرآنية جمع قراءة، والقراءة: هي مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء في النطق بالقرآن الكريم. والقراءات القرآنية الصحيحة هي المتلقاة بأسانيد صحيحة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- مع اجتماع باقي الشروط التي ذكرها العلماء لذلك. ومن أمثلة القراءات القرآنية قوله تعالى: "مالك يوم الدين" [الفاتحة:4] ، وفي قراءة: "ملك يوم الدين"، ومن أمثلتها قوله تعالى: "ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون" [البقرة:10] ، وفي قراءة: "يكذّبون"، ومن أمثلتها قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" [الحجرات:6] ، وفي قراءة: "فتثبتوا". - والقراءات القرآنية تناقلها الأئمة القراء، وهي مثبتة في كتب أهل العلم، ولكن لا يسوغ جمعها في مصحف واحد؛ لأنه يؤدي إلى التشويش والتلبيس، ومن أراد تعلُّم هذه القراءات فعليه أن يتلقاها من الأئمة القراء الذين تلقوا هذه القراءات عمن قبلهم، كما أنه من الممكن أن يستفيد من كتب أهل العلم المصنفة في القراءات ككتاب التيسير لأبي عمر الداني والنشر في القراءات العشر لابن الجزري. والله أعلم.

علماء الإغريق واكتشاف مراحل الجنين

علماء الإغريق واكتشاف مراحل الجنين المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 1/05/1425هـ السؤال هل صحيح أن علماء الإغريق القدامى مثل أرسطو اكتشفوا كيف يتم تكوين الجنين في بطن أمه؟ أي قبل نزول القرآن على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ لأن هناك شخصاً هندوسياً تحدى القرآن، وأبطل كون القرآن كتاباً علمياً، وأنه سبق الكثير من العلوم الحالية في اكتشافاته مثل تكوين الجنين. والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بخصوص السؤال عن الحقائق العلمية المتعلقة بخلق الجنين، والتي كشفها القرآن الكريم هل كان يعرفها أحد زمن التنزيل؟؛ بديهي أن تسمع من المشككين مغالطات آملين التشويش على غير العارفين بالحقائق, ويكفي أن نخبة من كبار المختصين في العالم في علم الأجنة قد بهرتها الأوصاف العلمية الدقيقة في القرآن، فشاركت معنا في العديد من المؤتمرات العلمية الدولية، مقررة سبق القرآن للمعارف البشرية، ومعترفة أنه ليس بقول بشر, ومن هؤلاء (كيث مور) Keith Moore رئيس قسم التشريح وعلم الأجنة بجامعة (تورنتو) في كندا, ولك أن تطالع كتابه بالإنجليزية حول تخلق الجنين البشري The Developing Human لتجد أمامك مقابل حقائق علم الأجنة المكتشفة حديثاً على يد أشخاص معروفين نفس الدلالات في القرآن، لتشهد للكتاب الكريم بالتنزيل.

عاش المفكر الإغريقي أرسطو Aristotleفي القرن الرابع قبل الميلاد, وقد أصاب شهرة واسعة؛ نتيجة لتأملاته في كثير من الظواهر الطبيعية قبل اكتشاف المجهر في القرن السابع عشر, وله مساهمات تجريبية في وصف تطور جنين الدجاجة وغيرها بالعين المجردة، حتى إن البعض يعتبره واضع أساس علم الأجنة, ومع ذلك فقد جاءت الثورة العلمية الحديثة ابتداء من القرن السابع عشر بمكتشفات نقضت معتقداته, ومن ذلك اعتقاده بتخلق الجنين من دم الحيض نتيجة للاتحاد مع السائل المنوي, وليس هو أول من وصف تطور جنين الدجاجة من الإغريق فقد سبقه (أبو قراط) Hippocrates بحوالي قرن عدا كثير من اجتهاداته في الطب، حتى إن كثيراً ممن يحاول من الغربيين قصر نسبة تاريخ العلوم على أسلافه يعتبره أبا الطب, وربما كان (جالن) Galen الذي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد أكثر دقة من أرسطو في كثير من أوصاف أجنة الحيوان بالعين المجردة, وفي العصور الوسطى قبل عصر النهضة عاشت أوروبا في كساد علمي لم يتجاوز كثيرا ترديد أفكار الإغريق, ولذا يتعجب البروفيسور (كيث مور) في كتابه من وفرة وتآزر الحقائق العلمية المتعلقة بخلق الجنين في القرآن, فيقول: "لم تُضف في العصور الوسطى معلومات ذات قيمة في مجال تخلق الجنين, ومع ذلك قد سجل القرآن في القرن السابع وهو الكتاب المقدس عند المسلمين أن الجنين البشري يتخلق من أخلاط تركيبية من الذكر والأنثى, مع بيان تخلق الجنين في أطوار ابتداءً مما يماثل في التركيب قطيرة أو نطفة تنغرس وتنمو في الرحم كالبذرة.. ومع وصف الجنين في أول مرحلة بما يماثل العلقة Leech التي تعيش على مص دماء الغير، ثم مما يماثل كتلة ممضوغة بما فيها من علامات أسنان وانبعاجات وهو ما يتفق تماما مع تطور الأعضاء في المرحلة التالية, وإذا أردت مزيدا من الأوصاف العلمية في القرآن في مجال علم الأجنة فإني أحيلك إلى كتابي طبعة 1986.., مع العلم أن أول من درس جنين الدجاجة

باستخدام عدسة بسيطة هو (هارفي) Harvey عام 1651, ودرس كذلك أجنة الأيل Deer ولصعوبة معاينة المراحل الأولى للحمل استنتج أن الأجنة ليست إلا إفرازات رحمية, وفي عام 1672 اكتشف جراف Graaf حويصلات في المبايض ما زالت تسمى باسمه Graafian Follicles وعاين حجيرات في أرحام الأرانب الحوامل تماثلها، فاستنتج أن الأجنة ليست إفرازات من الرحم وإنما من المبايض, ولم تكن تلك التكوينات الدقيقة التي عاينها (جراف) سوى تجاويف في كتل الخلايا الجنينية الأولية Blastocysts, وفي عام 1675 عاين مالبيجي Malpighi أجنة في بيض دجاج ظنه غير محتاج لعناصر تخصيب من الذكر، واعتقد أنه يحتوى على كائن مصغر ينمو ولا يتخلق في أطوار, وباستخدام مجهر أكثر تطوراً اكتشف هام Hamm وليفنهوك Leeuwenhoek الحوين المنوي للإنسان للمرة الأولى في التاريخ عام 1677ولكنهما لم يدركا دوره الحقيقي في الإنجاب، وظنا أيضاً أنه يحتوي على الإنسان مصغراً لينمو في الرحم بلا أطوار تخليق, وفي عام 1759 افترض وولف Wolff تطور الجنين من كتل أولية التكوين ليس لها هيئة الكائن المكتمل, وحوالي العام 1775 انتهى الجدل حول فرضية الخلق المكتمل ابتداءً، واستقرت نهائيا حقيقة التخليق في أطوار وأكدت تجارب إسبالانزاني Spallanzani على الكلاب على أهمية الحوينات المنوية في عملية التخليق.. وقبله سادت الفكرة بأن الحوينات المنوية كائنات غريبة متطفلة، ولذا سميت بحيوانات المني Semen Animals, وفي عام 1827 بعد حوالي 150 سنة من اكتشاف الحوين المنوي عاين (فون بير) von Baer البويضة في حويصلة مبيض إحدى الكلاب, وفي عام 1839 تأكد شليدن Schleiden وشوان Schwann من تكون الجسم البشري من وحدات بنائية أساسية حية ونواتجها، وسميت تلك الوحدات بالخلايا Cells وأصبح من اليسير لاحقا تفهم حقيقة التخلق في أطوار من خلية مخصبة ناتجة عن الاتحاد بين الحوين المنوي والبويضة.. وفي عام 1878 اكتشف فليمنج

Flemming الفتائل الوراثية Chromosomes داخل الخلايا, وفي عام 1883 اكتشف بينيدن Beneden اختزال عددها في الخلايا التناسلية, وفي القرن العشرين تم التحقق نهائيا من احتواء الخلية البشرية الأولى Zygot على العدد الكامل من تلك الأخلاط الوراثية من الذكر ومن الأنثى وعُرف عددها". هذا هو تاريخ اكتشاف تلك الحقائق التي سبق القرآن وذكرها قبل اكتشافها بقرون, فكيف لمحقق أن يجهلها أو يتجاهلها ويعارض الحقيقة إلا ويتهمه التاريخ والعلم بالجهل أو الحيدة عن الإنصاف! , يقول العلي القدير: "مّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلّهِ وَقَاراً. وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً" [نوح: 13و14] , ويقول عز وجل: "يَأَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ" [الحجرات: 13] , قال القرطبي: "بَيَّنَ الله -تعالى- في هذه الآية أنه خلق الخلق من الذكر والأنثى، وقد ذهب قوم من الأوائل إلى أن الجنين إنما يكون من ماء الرجل وحده، ويتربى في رحم الأم ويستمد من الدم الذي يكون فيه.. والصحيح أن الخلق إنما يكون من ماء الرجل والمرأة لهذه الآية فإنها نص لا يحتمل التأويل", ويقول عز وجل: "إِنّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ" [الإنسان: 2] , قال الشوكاني: "وأمشاج صفة لنطفة وهي جمع مشج أو مشيج وهي الأخلاط والمراد نطفة الرجل ونطفة المرأة واختلاطهما", وقال ابن القيم: "الجنين يخلق من ماء الرجل وماء المرأة خلافا لمن يزعم من الطبائعيين أنه إنما يخلق من ماء الرجل وحده, إن فيض التفاصيل العلمية في القرآن، والتي يستحيل أن يدركها بشر زمن التنزيل هي بعض دلائل النبوة الخاتمة التي تسطع اليوم أمام النابهين.

لماذا لم يفسر الرسول القرآن درءا للخلاف؟

لماذا لم يفسر الرسول القرآن درءاً للخلاف؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 10/03/1427هـ السؤال لماذا لم يفسر الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرآن كلمة كلمة؟ ألم يكن ذلك حماية لكتاب الله من محاولات البشر لتفسيره كلٌّ كما يرى، مما أدى -في رأيي- إلى تفريق الملتفين حوله كل يدعي صحة تفسيره، وخاصة في عصرنا الحالي، وكلٌّ يستند إلى تفسير البشر المقربين من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أي الصحابة وكأنهم بشر مقدسين؟ وأخطر مثال لذلك ما يحدث بين علماء السنة وعلماء الشيعة وكلاهما يكفر الآخر ويدعو أتباعه إلى قتل الآخر وهنا أسأل: أين الحقيقة بين الفريقين، وخاصة فيما يخص الأحاديث النبوية؟ ولماذا لم يوجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصحابة بضرورة كتابة وتدوين القرآن وكذلك الأحاديث؛ حتى يمكنه تدقيقها بنفسه، وقطع الطريق على المدلسين ... والغريب أن ذلك تم بعد موته بقليل بشأن القرآن، وبعد مدة طويلة بشأن الأحاديث، مما أدى إلى دخول عوامل أخرى أثرت في دقة التدوين، وتعلمون ذلك مما يشاع من قرآن لدى الشيعة مختلف قليلا عن قرآن السنة، والأمر أوضح في الأحاديث؟ أرجو أن لا يفهم تساءلي على أنه رغبة في هدم الإسلام، بل على العكس إنه نقد يهدف إلى تزويد المدافعين عن الإسلام بأجوبة مقنعة لأسئلة تواجههم من خلال وسائل تبادل المعلومات في عصرنا الحالي. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فقد عرض السائل الكريم في سؤاله لعدد من الموضوعات، وفي بعض ما أورده مسائل كبار، ربما لم يمكن استيعابها في هذه الإجابة، فأرجو أن يكون فيما أذكره ما يفي بمبتغى السائل، ويضع يده على طريق الصواب.

فأما سؤالك عن عدم تفسير النبي -صلى الله عليه وسلم- للقرآن، فيغلب على ظني أن الذي حملك على مثل هذا السؤال ما رأيت من اختلاف واسع بين المنتسبين إلى الإسلام، فظننت أنه لو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- فسر القرآن كاملا لكان عصم الأمة من هذا الاختلاف، والجواب على هذا من جانبين: أولهما: أن الاختلاف بين البشر سنة باقية، هي من لوازم وجودهم واجتماعهم، وهي قدر الله السابق، وله في ذلك الحكمة البالغة، والمشيئة النافذة، وهو تعالى يعلم أن هذا الاختلاف سيقع من الناس، ولو شاء لم يكن ذلك، وإنما أراد عز وجل ذلك؛ ليعلم بهذا من يطيعه ممن يعصيه، ويبتلي عباده لينظر من يعظم أمره ممن يتعداه، ولهذا خلق الإنس والجن، وأوجد الجنة والنار، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب. ولو طردنا هذا الذي تقول في مسألة اختلاف المسلمين، لجاز لنا أن نسأل: لم قدر الله اختلاف الناس أصلا، بين مؤمن وكافر، وبر وفاجر؟ ومتى أجبتَ عن هذا السؤال والإيراد، وبينت حكمة هذا الاختلاف، كان ما قلتَه هو الجواب عما استشكل عليك، ذلك أن الله -عز وجل- لو شاء لهدى الناس جميعا، فكانوا أمة واحدة، لا خلاف بينها، كما قال عز وجل: "وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" [النحل:93] ، ولكن الله -تعالى- أراد أن يبتلي عباده، ليعلم المؤمن من الكافر، والبر من الفاجر. فمهما يكن من بذل للأسباب المانعة من الخلاف، فإنه لا بد أن يقع بين الأمة اختلاف وافتراق، كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح الذي أخرجه أبوداود (4596) ، والترمذي (2640) وغيرهما، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تفرقت اليهود على إحدى وسبعين، أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة".

ثانيهما: يجب لفت نظرك الكريم، إلى أن الخلاف بين أهل الإسلام في فهم كلام الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم -وإن كان واسعا- فإنه بحمد لله لم يوجب شقاقا ولا نزاعا؛ لأنه بقي في دائرة البحث العلمي والنظر الفقهي، الذي تتعدد فيه الرؤى وتتنوع الاعتبارات، وهؤلاء صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسلف الأمة من القرون المفضلة، ثم من تبعهم من علماء المسلمين وأئمة الدين، لم يقع بينهم شقاق أو نزاع، يخرج عن دائرة الاجتهاد والنظر في فهم كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، لأنهم متفقون على أصول الاعتقاد، وأصول العبادة، وأمهات المسائل الشرعية، والخلاف الذي وقع بينهم سائغ في أصله، لم يوجب أن يضلِّل أو يُبَدِّع بعضهم بعضا. وأما ما وقع فيه أهل البدعة والضلالة، الذين تأولوا كتاب الله على غير وجهه، فإن من المهم أن تعلم -أخي السائل- أن هذا الخلاف لم يكن من جهة غموض دلالة القرآن والسنة، وعدم فهم مراد الشارع فيهما، بل هم أناس اعتقدوا عقيدة بهوى أنفسهم، وبنوا عليها رأيهم، وأصَّلوا عليها أصولهم، ثم طلبوا الدليل لها، فلما أعياهم ذلك بدأوا يأولون كلام الله، ويحرفون الكلام عن مواضعه، ومن كانت هذه حاله فلن يردعهم عن ضلالهم تفسير النبي-صلى الله عليه وسلم- لجميع القرآن، ولو فعل، وخذ على سبيل المثال، من أنكر سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- جملة وتفصيلا، مقتصرًا على القرآن الكريم، ممن يسمون أنفسهم ـ كذبا ـ (قرآنيون) فهؤلاء يردون سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- من أصلها، ولا يقبلون شيئا منها، وإن كانت ثابتة، فإذاً لو فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- كامل القرآن كلمة كلمة، لم يمنعهم ذلك من مخالفة المسلمين.

ومثال آخر: تلك الفرق الباطنية المتعددة، التي تقوم أساسا على تفسيرات باطنية، تخالف الظاهر المدرك، ولا تجري على لغة العرب ونسقها، فضلا عن مخالفتها لإجماع علماء المسلمين، فمثل أولئك لابد أن يقع خلاف معهم، لأن أسس الاستدلال والفهم والالتزام غير مشتركة، فلابد أن تكون النتيجة غير متفقة. وفي هذا السبيل الخلاف الذي أشرت إليه في سؤالك، بين أهل السنة والشيعة، فالخلاف بين الفريقين ليس خلافا في فهم آية من كتاب الله، أو استدلال بحديث من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو فرع من فروع الشريعة، بل الخلاف معهم أعمق من هذا، إنه خلاف في أصول الاعتقاد، ومصادر التلقي، ومنهج الاستدلال، مما يجعل الخلاف منظومة فكرية كاملة، فلو كتب النبي -صلى الله عليه وسلم-، -كما تقول أنت- سنته كاملة، وضبطها وراجعها، لما أغنى ذلك في الخلاف مع الرافضة -وهم غلاة الشيعة- لأنهم يقدحون في كل الصحابة، إلا نفرا قليلا جدا، لا يبلغ العشرة منهم، فلو جئتهم بسنته مكتوبة، وقلت: هذا ما كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لما قبلوها، زاعمين أن من كتبها ونقلها -وهم الصحابة -رضي الله عنهم- قد غيروا وبدلوا، بل هذا ما وقع فعلا في كتاب الله -وقد أشرت أنت إلى ذلك- فمع أنه كان قد كتب عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحفظ وضبط، فلم يغن شيئا عند أهل الغلو منهم، فزعموا نقص القرآن وتحريفه. وأما ما ذكرته من مسألة التلقي عن الصحابة والاحتجاج بأقوالهم، فهي مسألة أصولية بسطت في محلها من كتب الأصول ولها قيود وضوابط، ومن المهم أن تعلم أن الاحتجاج بأقوالهم، ليس لأنهم بشر مقدس لا يخطئ، بل هم يخطئون ويصيبون، ويؤخذ من قولهم ويرد، لا يختلف في ذلك أهل العلم، وإنما كان لأقوالهم في تفسير كلام الله تعالى مزية عن غيرهم لأمور، من أهمها:

أولا: أنهم أهل اللسان الذين نزل به القرآن الكريم، فهم أهل العربية الناطقون بها، فمن المعقول أن يكونوا أولى مَنْ فهم كلام الله، وعَرَف مراده. ثانيا: أنهم قد عايشوا التنزيل، وشهدوا مواقع نزول القرآن، وما احتف بذلك النزول من حوادث، وهذه مزية تجعلهم أعلم بمعاني الكلام، ومراد المتكلم به. ثالثا: أنهم لصحبتهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- وطول ملازمتهم له، كانوا أعلم الناس بهذه الشريعة، وأدرى الأمة بمراد الشارع. لهذه الأسباب، وغيرها مما لم أشر إليه، فلا يختلف أهل الإسلام؛ أنهم المقدمون على من سواهم، وأن قولهم حجة على من بعدهم. وأما مسألة الدقة في التدوين فلا أدري ما قصدك بها، لأنه لا توجد أمة على وجه الأرض، حفظت سنة نبيها وآثار سلفها، كما فعلت هذه الأمة، على نحو يدل أن ذلك من توفيق الله تعالى لها، وهدايته إياها، حتى سلكت هذا السبيل، وبنظرة خاطفة إلى دواوين السنة، والمؤلفات الخادمة لها، تدرك مدى الجهد العلمي الضخم، الذي بذله علماء السنة، وأساطين الدين، حتى حفظوا لنا سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بأسماء رواتها كلهم، على اختلاف بلدانهم، وتنوع أعصارهم، وتفاوت درجاتهم في العدالة والحفظ، بشكل مذهل معجب، مع العناية الفائقة بتمييز الصحيح من الضعيف، والمقبول من المردود. ومع هذا التدوين والكتابة الدقيقة، فلم يكن الاعتماد على هذا فقط، بل هناك حفظ الصدور، حيث اشتهر في تاريخ تدوين السنة، عدد ضخم من الحفاظ المتقنين، الذين تربو محفوظاتهم من الآثار والسنن بأسانيدها، عن عشرات الألوف، بل وبعضهم مئات الألوف، ولذا فلا شك عند علماء المسلمين، أن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد حفظت لنا، حفظا متقنا، نعلم معه ونميز به، ما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما كُذب عليه ونسب إليه.

وبقي أن أقول -أيها السائل الكريم-: ليس بين يدي طالب الحق، الباحث عن الهدى والنور، أو حتى من يدافع عنه، إلا أن يجتهد وسعه، ويخلص النية لله تعالى، ويسأله الهداية لما اختلف فيه من الحق، والله الموفق للصواب، الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

تحزيب القرآن الكريم

تحزيب القرآن الكريم المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 27/11/1424هـ السؤال أرجو التفضل بالإفادة عن تقسيم القرآن الكريم إلى أجزاء، وأحزاب، وأرباع، متى تم ذلك؟ ومن الذي قام به؟ وعلى أي أساس؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب لقد مرّ المصحف الشريف بمراحل متعددة قبل أن يصل إلينا بحليته الموجودة بين أيدينا الآن، وقد كان القرآن الكريم في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم- مفرقاً، في الألواح، وعُسْب النخل والأكتاف، وغيرها مما تيسر آنذاك، ثم حصل جمع القرآن في عهد الصديق - رضي الله عنه-، ثم جمع الجمع الأخير، في عهد عثمان - رضي الله عنه- لأسباب وظروف معلومة، يطول شرحها، وظل القرآن في عصر الصحابة - رضي الله عنهم- غير منقوط أو مشكوك حتى اضطر المسلمون إلى نقطه وضبطه بالشكل حين كثر اللحن وشاع الخطأ، وقيل: أول من نقطه هو أبو الأسود الدؤلى وقيل: بل يحيى بن يعمر، وقيل: غير ذلك، وكان بداية تحزيبه بشكله المعروف الآن في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13/409) ، ومما هو جدير بالذكر أن تحزيب الصحابة - رضي الله عنه- كان بالسور وهو أفضل وأحسن من تحزيبه الحالي الذي لا يخلو من بعض الوقوفات على كلمات أو آيات ذات صلة وثيقة بما بعدها، كما أشار السائل. والله أعلم.

الإعجاز العلمي للقرآن

الإعجاز العلمي للقرآن المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 12/04/1425هـ السؤال ما حكم ما يسمى بالإعجاز العلمي للقرآن؟، وأعني بذلك تفسير آيات القرآن الكريم بقوانين العلوم الطبيعية (كالكيمياء، والطب، والجيولوجيا، والفلك، ونحوها) ، هل هو جائز بإطلاق؟ أم ممنوع بإغلاق؟ أم هناك ضوابط وقواعد؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: لقد ادخر القرآن الكريم كثيراً من الآيات للأجيال في عبارات معلومة الألفاظ، لكن الكيفيات والحقائق لا تتجلى إلا حيناً بعد حين, يقول تعالى: "إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ" (ص 87و88) , وقد فسر الطبري معنى الحين بقوله: (فلا قول فيه أصح من أن يطلق كما أطلقه الله من غير حصر ذلك على وقت دون وقت) , فلكل نبأ في القرآن زمن يتحقق فيه، فإذا تجلى الحدث ماثلا للعيان أشرقت المعاني، وتطابقت دلالات الألفاظ والتراكيب مع الحقائق, وهكذا تتجدد معجزة القرآن على طول الزمان, يقول العلي القدير: "وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" [الأنعام: 66-67] , ونقل ابن كثير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- تفسيره للمستقر بقوله: (لكل نبأ حقيقة أي لكل خبر وقوع ولو بعد حين) , وقد تردد هذا الوعد كثيرا في القرآن الكريم بأساليب متعددة كما في قوله -تعالى- "ثم إن علينا بيانه" [القيامة: 19] , وقوله: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" [فصلت: 53] , وقوله: "وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها" [النمل: 93] , قال ابن حجر: (ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة، وخرقه للعادة في أسلوبه، وفي بلاغته، وإخباره بالمغيبات، فلا يمر عصر من العصور إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه) , قال محمد رشيد رضا: (ومن دلائل إعجاز القرآن أنه يبين الحقائق التي لم يكن يعرفها أحد من المخاطبين بها في زمن تنزيله بعبارة لا يتحيرون في فهمها والاستفادة منها مجملة، وإن كان فهم ما وراءها من التفصيل الذي يعلمه ولا يعلمونه يتوقف على ترقي البشر في العلوم والفنون الخاصة بذلك) , وقال جوهري: (أما قولك كيف عميت هذه الحقائق على كثير من أسلافنا؟ , فاعلم أن الله هو الذي قال: "سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ"، وقال: "وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا", إن الله لا يخلق الأمور إلا في أوقاتها المناسبة، وهذا الزمان هو أنسب الأزمنة) , "والمدار على الفهم، والفهم في كل زمان بحسبه، وهذا زمان انكشاف بعض الحقائق) . وفي قوله -تعالى-: "سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" [الأنبياء: 37] ، قال ابن عاشور: (وعد بأنهم سيرون آيات الله في نصر الدين) , وهي كما قال الرازي: (أدلة التوحيد وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم- ولذلك قال -سبحانه-:"فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" أي أنها ستأتي لا محالة في وقتها) , واستعجال المنكرين يعني كما قال الشيخ طنطاوي: (استبعاد ما جاء في هذه الآيات من الأمور العلمية التي أوضحها علماء العصر الحاضر، فهم يستبعدونها طبعاً؛ لأنهم لا يعقلونها، فقال الله -تعالى- لا تستبعدوا أيها الناس "سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ"، فإذا لم تفهمها أمم سابقة.. سيعرفها من بعدهم، فقد ادخرنا هذه الأمور لأمم ستأتي؛ لتكون لهم آية علمية على صدقك فتكون الآيات دائما متجددة) , قال محمد رشيد: (والكلام في وجوه إعجاز القرآن واجب شرعاً، وهو من فروض الكفاية، وقد تكلم فيه المفسرون والمتكلمون، فإن كان ذلك قد وفى بحاجة (تلك) الأزمنة.. فهو لا يفي بحاجة هذا الزمان، إذ هي داعية إلى قول أجمع، وبيان أوسع، وبرهان أنصع في أسلوب أجذب للقلب، وأخلب للب، وأصغى للأسماع، وأدنى إلى الإقناع) , هذا ما قاله المحققون، ولكنه لا يعني تعريض كتاب الله للمؤاخذة بسوء فهم للنصوص، وتحريفها عن دلالتها لتلتقي مع حقيقة علمية، أو الانتصار لفرضية لم تؤيدها الوقائع بعد لتلتقي مع دلالة نصية أو استنباطية, تلك هي أهم أصول التحقيق, والله أعلم.

حكم الزاني والزانية

حكم الزاني والزانية المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 3/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ما حكم الزاني والزانية في القرآن الكريم، وأي الآيات التي تدل على الرجم حتى الموت أمام الملأ؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الزاني لا يخلو إما أن يكون بكراً -وهو الذي لم يتزوج- أو محصناً وهو الذي وطئ في نكاح صحيح، فأما إذا كان بكراً لم يتزوج فإن حده جلد مائة، لقول الله -تعالى-: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" [النور: 20] ، هذا ما ورد في القرآن في حكم الزاني البكر، وجاء في السنة أنه يغرب سنة مع الجلد، وذلك فيما رواه البخاري في كتاب الأحكام (7195) ، ومسلم في كتاب الحدود (1698) من رواية الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجنهي - رضي الله عنهما- قالا: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه وكان أفقه منه فقال: صدق، اقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي يا رسول الله، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "قل" فقال: إن ابني هذا كان عسيفاً - يعني أجيراً- على هذا فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم، فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال - صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله- جل ذكره- المائة والخادم رد عليك، وعلى ابنك جلد، وتغريب عام، ويا أنيس أغد على امرأة هذا فسلها فإن اعترفت فارجمها، فاعترفت فرجمها"، وفي هذا الحديث دلالة على تغريب الزاني عام مع جلد مائة، كما في الآية، وبهذا قال جمهور أهل العلم في حق الزاني البكر، وهذا القول هو المأثور عن مالك والشافعي وأحمد، أما أبو حنيفة - رحمه الله- فيرى أن التغريب مرده إلى الإمام، إن شاء غرب وإن شاء لم يغرب، وفي هذه المسألة نزاع طويل وتفصيل ليس هذا محل بسطه، وأما إذا كان الزاني محصناً، وهو الذي وطئ في نكاح صحيح وهو حرّ بالغ عاقل فحده الرجم، لحديث أبي هريرة وزيد بن خالد - رضي الله عنهما- السابق، ولأحاديث أخرى، منها ما أخرجه البخاري في الحدود (6829) ، ومسلم في الحدود أيضاً (1691) ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "جلس عمر - رضي الله عنه- على المنبر، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: "أما بعد: فإن الله بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم- بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها ووعيناها وعقلناها، رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم-،ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة، أوكان الحبل أو الاعتراف"،وقوله: كان مما أنزل الله آية الرجم، المراد بهذه الآية (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما) . وعن شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن كثير بن الصلت، قال: قال زيد بن ثابت - رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" قال عمر - رضي الله عنه- لما أنزلت، أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: أكتبنيها - قال شعبة- كأنه كره ذلك، فقال عمر - رضي الله عنه- ألا ترى أن الشيخ إذا لم يحصن جلد؟ وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم؟، وقد ساق بعض طرق هذا الحديث ابن كثير في تفسيره (10/162) ثم قال: وهذه طرق كلها متعددة متعاضدة، ودالة على أن آية الرجم كانت مكتوبة فنسخ تلاوتها، وبقي حكمها معمولاً به ولله الحمد. وأما الآية التي تدل على الرجم حتى الموت فهي قول الله تعالى: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم، فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت، حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا" [النساء: 15] . قال البغوي - رحمه الله - في تفسيره (1/405) قوله: "فإن شهدوا فأمسكوهن" فاحبسوهن في البيوت "حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا" وهذا كان في أول الإسلام قبل نزول الحدود، وكانت المرأة إذا زنت حبست في البيوت حتى تموت، ثم نسخ ذلك في حق البكر بالجلد والتغريب، وفي حق الثيب بالجلد والرجم" اهـ. الجواب مختصراً. والله سبحانه أعلم.

حول مصحف عبد الله بن مسعود

حول مصحف عبد الله بن مسعود المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 24/2/1425هـ السؤال السلام عليكم سمعت أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لم يدخل سورتي الفلق والناس في مصحفه، ما سبب ذلك؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما أشار إليه السائل الكريم عن ابن مسعود رضي الله عنه صحيح، إذ روي ذلك عنه بأسانيد حسان، فقد أخرج ابن حبان (797) وغيره عن زر بن حبيش قال: لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت له: "إن ابن مسعود رضي الله عنه كان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول: إنهما ليستا من القرآن فلا تجعلوا فيه ما ليس منه ... الحديث"، وأخرج الطبراني في الكبير (9151) عن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول: لا تخلطوا بالقرآن ما ليس فيه، فإنما هما معوذتان تعوذ بهما النبي - صلى الله عليه وسلم- "قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس" وكان عبد الله رضي الله عنه يمحوهما من المصحف. وأخرج الطبراني في الكبير (9148) عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله رضي الله عنه يحك المعوذتين، ويقول: لم تزيدون ما ليس فيه، وفي لفظ عنده: ليستا من كتاب الله. وقد اختلف الأئمة قديما في هذا المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فمنهم من رد الرواية عنه وضعفها بل وبالغ في إنكارها كصنيع ابن حزم رحمه الله، ومنهم من صحح الرواية واعتذر عنها بما لا يخلو من ضعف، كصنيع الباقلاني رحمه الله، وبكل حال فإن هذا المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه اجتهاد منه، بحسب ما انتهى إليه علمه، إذ ظن أنهما دعاء كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يتعوذ بهما، يدل على ذلك ما رواه الطبراني في الكبير (9152) عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه كان يحك المعوذتين من المصاحف، ويقول: (إنما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يتعوذ بهما ولم يكن يقرأ بهما) وهذا منه رضي الله عنه اجتهاد بحسب ما انتهى إليه علمه، وهو بشر غير معصوم يصيب ويخطئ، كما يصيب البشر ويخطئون، ولا عصمة لقول أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم-، ولذا رأينا الصحابة رضي الله عنهم لم يقروه على قوله بل خالفوه، وأجمعوا على إثبات المعوذتين في المصحف الإمام وفي سائر المصاحف التي أُرسلت إلى الأمصار، ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه تابع ابن مسعود رضي الله عنه على قوله هذا، بل رأينا أبي بن كعب رضي الله عنه يخالفه في ذلك استنادا إلى ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فقد أخرج أحمد (21186) وغيره بسند صحيح عن زر بن حبيش قال: قلت لأبي بن كعب رضي الله عنه: إن ابن مسعود رضي الله عنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه! فقال: أشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له: "قل أعوذ برب الفلق" فقلتها، فقال: "قل أعوذ برب الناس" فقلتها، فنحن نقول ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- ومن المتقرر؛ أن من حفظ وعلم، حجة على من لم يحفظ ولم يعلم، فابن مسعود رضي الله عنه لم يحفظ ولم يعلم هاتين السورتين، وغيره من سائر الصحابة رضي الله عنهم علمها وحفظها فالحجة لهم عليه، وكذلك لم ينقل عن أحد من تلاميذ ابن مسعود رضي الله عنه ـ مع كثرتهم وجلالة قدرهم ـ أنه تابعه على قوله هذا، بل ثبت عن بعضهم مخالفته صراحة فقد روى ابن أبي شيبة (30197) عن النخعي قال: قلت للأسود بن يزيد ـ وكان من أعلم أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه من القرآن هما؟ قال: نعم، يعني المعوذتين. وفوق هذا أن إجماع الأمة كلها من عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى يومنا على إثبات هاتين السورتين أبلغ دليل على خطأ هذا القول، ومع هذا فقد ثبتت أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في المعوذتين خصوصا تدل على أنهما من القرآن الكريم، وأنهما أنزلتا كما أنزل القرآن الكريم، فقد أخرج النسائي (953) وغيره بسند صحيح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنزل علي آيات الليلة لم يُر مثلهن قط "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس"، وأخرج أحمد (17341) وغيره بسند صحيح عنه أيضا أنه قال اتبعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو راكب فوضعت يدي على قدمه فقلت أقرئني سورة هود أو سورة يوسف فقال: "لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من "قل أعوذ برب الفلق" "قل أعوذ برب الناس". فالحمد لله الذي حفظ كتابه من التبديل وصانه من التغيير، هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إهداء قراءة القرآن للميت

إهداء قراءة القرآن للميت المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 17/09/1425هـ السؤال هل يجوز إهداء قراءة القرآن للميت وإذا كان كذلك هل يجوز أن ندعو لأنفسنا عند دعاء الختمة التي نريد إهدائها ويكون الدعاء مستجاباً كم لو كانت لنا؟ الجواب سئل فضيلة الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك فنذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة: س: والدتي أمية لا تقرأ ولا تكتب، فهل يجوز لي قراءة القرآن الكريم وصلاة النوافل وإهداء ثواب ذلك لها. وإذا كان لا يجوز، فما هي الأمور التي يمكن أن أهدي ثوابها إليها؟ وجزاكم الله خيراً. ج: ليس هناك دليل شرعي على شرعية إهداء الصلاة والقراءة عن الغير سواء كان حياً أو ميتاً، والعبادة توقيفية لا يشرع منها إلا ما دل الشرع على شرعيته، ولكن يشرع لك الدعاء لها والصدقة عنها، والحج عنها والعمرة إذا كانت كبيرة السن لا تستطيع الحج والعمرة. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، تأليف الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-، ج9 صـ321] .

القرآن ... ودعوى الإبهام

القرآن ... ودعوى الإبهام المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 8/3/1425هـ السؤال السلام عليكم صديق نصراني يقول -والعياذ بالله-: إن القرآن مبهم، حيث إنه بالمقارنة بالإنجيل نحتاج نحن المسلمين للنظر في كتاب آخر نسميه (التفسير) لمعرفة ما حدث من تفاصيل عندما نزلت الآية، وكمثال أذكرُ عندما قال لموسى لقومه: "يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم"، ولم يكن رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- هناك، والقصة بخصوص الآية أعلاه مذكورة في التفسير، فسألني هذا النصراني: ما هي مصادر التفسير بجانب الإنجيل؟ لأن هذه القصة بتمامها مذكورة في الإنجيل، وأنهم بدلاً من العجل الحي جعلوا عجلاً من ذهب ولؤلؤ، وتفاصيل عن السامري الذي دعا بني إسرائيل لعبادة صنم، أنا أؤمن بالقرآن وأصدق به، ولا أحتاج كتاباً آخر لتوضيح الأمور، لكن في هذا الوضع أرى أننا بحاجة للنظر في الكتب الأخرى لمعرفة ما جرى. فما هي صحة الكتب الأخرى التي تتكلم في هذه الوقائع؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب عن هذا الإشكال الذي أُورد على السائل الكريم يقتضي ذكر مقدمتين، فهمهما يعين على دفع هذه الشبهة:

الأولى: لقد نزل القرآن الكريم بلغة العرب، وجرى على أساليبهم، ومعهود خطابهم في الكلام، فالعربي الذي لم تتأثر سليقته العربية باختلاطه بالأعاجم لا يحتاج في فهم أكثر (ألفاظ القرآن الكريم) إلى بيان وتفسير؛ لأنه نازل بلغته وبلسانه، ولذا رأينا قلة التفسير المروي عن الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين، وإن كان في التابعين أكثر، وإنما توسع الناس في تفسير ألفاظ القرآن الكريم بعد ظهور العجمة وضعف السليقة العربية، بدخول الأعاجم في الإسلام وتأثيرهم على اللسان العربي. وعلى هذا؛ فإن أكثر آيات القرآن الكريم واضحة المعنى من جهة الألفاظ، وإنما أشكل على الناس فهمها بعد أن ضعف اللسان العربي.

الثانية: من المهم جدا أن ندرك طبيعة منهج القرآن الكريم في عرض القصص والحوادث التي وقعت في الأمم الماضية، فالقرآن الكلام ـ وهو كلام ربنا ـ ليس كتابا تأريخيا يعتني بسرد الوقائع بتفصيلاتها الدقيقة وجزيئاتها الصغيرة، بل هو فوق هذا كله وأعظم، إنه كتاب هداية وإرشاد، يهدي كما وصفه المتكلم به -جل وعلا-: "للتي هي أقوم" [الإسراء: من الآية 9] ، ويقول تعالى ـ أيضاً ـ في وصفه: "قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين" [يونس:57] ، فالقرآن الكريم لم يورد هذه الوقائع من أجل سردها سرداً قصصياً فقط، إنما كان الهدف من ذكرها أخذ العبرة بما وقع للأمم الماضية، والاستفادة من تجاربهم فيما يقع لنا يقول -تعالى-: "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل" [الروم:42] وإذا؛ فلا يذكر القرآن من تلك الحوادث إلا ما تدعو الحاجة لبيانه، مما يساعد على أخذ العبرة والهداية من تلك الحادثة أو القصة، فلا نجد في القرآن الكريم ذكر كثير من الأسماء التي يحكي خبرها ولا أسماء الأمم ولا تواريخ الحوادث؛ لأنها لا تؤثر ولا تمنع أخذ العبرة منها، وخذ مثلا؛ قصة أصحاب الكهف، نجد حديث القرآن عنها وذكره لها مقتصرا على ما يحقق الغاية المتمثلة في أخذ العبرة من تلك القصة، ولذا لم يذكر تعالى أسماءهم ولا زمن القصة ولا اسم القرية التي كانوا فيها؛ لأنها لا تؤثر في الهدف الذي سيقت من أجله.

وعلى هذا فدعوى أن القرآن مبهم فيما يتعلق بالحوادث والقصص عارية عن الصحة، وذلك أننا نقطع جازمين بأننا لسنا بحاجة إلى أي تفاصيل زائدة عما في القرآن الكريم من أجل أخذ العبرة، فنحن نستطيع أن نفهم القصة أو الحادثة بشكل عام، ونستطيع أيضا أن نستلهم الهدايات من خلالها مقتصرين على ما ورد ذكره في القرآن الكريم فقط؛ لأن ما لم يذكر في القرآن الكريم من تلك التفاصيل والجزئيات لا يخدم الهدف والغاية التي من أجلها سيقت، وبعبارة أكثر دقة وموضوعية لا يؤثر عدم ذكرها في تحقق الهدف والغرض. وأما سؤالك ـ بناء على ما أورده عليك ذلك النصراني ـ عن مصادر التفسير فقد تكلم أهل العلم عن ذلك بكلام طويل أذكر لك أبرز ما هنالك مختصرا: أولها: القرآن الكريم ذاته، فهو أولى ما فسر القرآن به. وأما المصدر الثاني فهو ما ورد عن النبي- صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير يتعلق بمعنى آية وفهم المراد بها، يقول -تعالى-: " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" [النحل: من الآية 44] . ومن المصادر أيضا الصحابة -رضي الله عنهم-، وكونهم من مصادر التفسير لأمور؛ فهم أهل اللغة إذ القرآن نزل بلغتهم، وفضلا عن هذا فالنبي- صلى الله عليه وسلم- بين أظهرهم يسمعون منه ويتلقون عنه ويسألونه، ثم إن القرآن الكريم نزل عليهم فهم أعلم الناس بأسباب نزوله وما احتف به من وقائع ومناسبات. ويأتي بعد الصحابة - رضي الله عنهم- التابعون لهم بإحسان فهم أقرب الناس بعد الصحابة لزمن الوحي العجمة فيهم أقل ممن جاء بعدهم.

ومن مصادر التفسير ـ أيضا ـ أخبار أهل الكتاب ورواياتهم المتعلقة بالحوادث التي وقعت لأنبيائهم ومن عاصرهم، أو الأمور الغيبية المستقبلية ونحوها، غير أنه مما يجدر التأكيد عليه أن هذا المصدر ليس في قيمة المصادر التي قبله ولا يوازيها من جهتين؛ الأولى: من جهة مقدار ما أخذ عنهم، فهو قليل بالنسبة إلى مقدار التفسير. والثانية: من جهة الثقة به والاعتماد عليه، فقد تقرر عند أهل العلم أن أخبار أهل الكتاب ـ مما لم يثبت عندنا بطلانها أو صوابها ـ تروى دون الجزم بصحتها أو بطلانها، ولذا وجدنا أئمة التفسير وأهل التحقيق أقلوا كثيرا من النقل عنهم، بل وحذروا من ذلك، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن الروايات الإسرائيلية: (وما لم يعلم حكمه في شرعنا لا يصدق ولا يكذب وغالبه لا فائدة فيه) أ. هـ. وأما سؤالك عن الكتب التي تكلمت على هذه فهناك من الكتب من بالغت وأكثرت من سرد تفاصيل القصص التي وردت في القرآن الكريم، وهذه المبالغة أوقعت في ذكر الغث والسمين والصحيح والسقيم، حتى كان بعضهم ينقل بلا تمييز مما يجب أن يصان تفسير كلام الله عن مثله كتفسير الثعلبي والخازن، وغالب كتب التفسير تنقل تلك التفاصيل على نحو مختصر، وأفضل ما أنصحك به فيما يتعلق بهذا الأمر كتاب تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير -رحمه الله -؛ فهو فارس الحلبة لا يشق غباره، أدرك قصب السبق غير منازع.

وبعد فبقي أن ألفت نظرك إلى أن وجود الإبهام في القرآن الكريم ليس أمرا يعاب وجوده بإطلاق، بل ربما كان أمرا محمودا حيث يعرف به العالم من الجاهل، ولو تساوى الناس في فهمه فأي فضيلة تكون، بل حتى هذه الأناجيل التي بين أيديهم لا يزعم أهلها أنها قد حوت من التفاصيل ما لا تحتاج معه إلى بيان، بل المقطوع به يقينا أن فيها من الإجمال ما تحتاج معه إلى بيان وتفصيل، وفوق هذا؛ فأكثر هذه الأناجيل ـ كما يعلم ذلك المختصون ـ عبارة عن شروح وهوامش كتبت على النص الموحى به. هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند القراءة في الصلاة

الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند القراءة في الصلاة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 15/08/1425هـ السؤال حينما نصلي ويتلو الإمام آيات من القرآن فيها ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، يقع ضجيج من المصلين لأنهم يصلون على النبي عليه الصلاة والسلام- في الصلاة. سؤالي: هل يجوز أن نصلي على نبينا صلى الله عليه وسلم- جهرًا؟ أو نصلي على نبينا صلى الله عليه وسلم- في السر؟ وأرجو من فضيلتكم جوابًا واضحًا. وأعانكم الله. والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يقول الحق في محكم التنزيل: (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف: 204] . وعلى ذلك فالواجب الاستماع إلى كتاب الله وتدبر آياته، وعدم التشويش على المصلين؛ امتثالاً للأمر الكريم المذكور في الآية، ولم يرد فيما أعلم أنه صلى الله عليه وسلم أو أحد من صحابته، رضي الله عنهم، كانوا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم- في الصلاة إذا ورد ذكره صلى الله عليه وسلم في آية من كتاب الله. والله أعلم.

تطور الجنين كما حكاه القرآن

تطور الجنين كما حكاه القرآن المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 03/04/1426هـ السؤال السلام علبكم ورحمته وبركاته. أريد من فضيلتكم إعطائي تفسيراً علمياً دقيقاً عن تطور الجنين في بطن الأم كما جاء في القرآن، مع ما جاء في العلم الحديث، وهل هو متوافق مع العلم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إجابة على السؤال حول مراحل تطور الجنين البشري في القرآن الكريم، ومدى تطابقها مع المعطيات العلمية الحديثة؛ أقول مستعينا بالله العلي العظيم، القادر وحده على كل شيء: ليس غرض القرآن أن يعطي المخاطب درساً في علم الأجنة على نحو المقررات الدراسية اليوم, وإنما يمد بصره في نظرة أوسع من آفاق المألوف تعيده إلى البداية، حيث لم يكن شيئاً لتقوده إلى اليقين بقدرة الله؛ يقول العلي القدير: "أَوَلاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَانُ أَنّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً" [مريم: 67] , وفي ثنايا العرض ترد في عفوية جملة من الحقائق التي لم يكن يعلم بها أحد زمن التنزيل؛ يقول العلي القدير: "هَلْ أَتَىَ عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مّنَ الدّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مّذْكُوراً. إِنّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً" [الإنسان: 1-2] , فلم يكن يعلم أحد بتكون الجنين من بويضة مخصبة Fertilized egg تماثل "نطفة" أي قطرة ماء غاية في الضآلة، ذات أخلاط تحتوي على مكونات وراثية من الأبوين؛ نسميها اليوم كروموزومات Chromozomes.

ويكفيك أن تعرف أن الإدراك بتكون الجنين من أخلاط من الجنسين؛ أي أمشاج, لم يتحقق إلا بعد عقود من اكتشاف المجهر في القرن السابع عشر, وأول من استخدم عدسة بسيطة في دراسة أجنة الدجاج هو هارفي Harvey عام 1651م، ولصعوبة معاينة المراحل الأولى استنتج أن الأجنة ليست إلا إفرازات رحمية, وفي عام 1672، اكتشف جراف Graaf حويصلات المبايض Graafian Follicles وعاين حجيرات في أرحام الأرانب الحوامل تماثلها، فاستنتج أن الأجنة ليست إفرازات من الرحم وإنما من المبايض, ولم تكن تلك التكوينات الدقيقة التي عاينها جراف سوى تجاويف في كتل الخلايا الجنينية الأولية Blastocysts, وفي عام 1675م عاين مالبيجي Malpighi أجنة في بيض الدجاج، واعتقد بأنه يحتوى على كائن مصغر ينمو في الحجم فحسب، ولا يتخلق في أطوار, وباستخدام مجهر أكثر تطوراً اكتشف هام Hamm وليفنهوك Leeuwenhoek الحوين المنوي عام 1677م، وظنا أيضاً أنه يحتوي على الإنسان مصغراً, وفي عام 1827م عاين فون بير von Baer البويضة, وأخيراً انتهى الجدل حول فرضية الخلق المكتمل، وتأكدت أهمية كل من الحوينات المنوية والبويضة، واستقرت حقيقة التخلق في أطوار, وفي عام 1878م اكتشف فليمنج Flemming الكروموزومات, وفي القرن العشرين تم التحقق نهائياً من احتواء البويضة المخصبة على تلك الأخلاط الوراثية، والتخلق من الذكر والأنثى [The Developing Human, Keith L. Moore, Fourth ed.,1988, Saunders Comp., Toronto, P: 7-11, 14.] . وبديهي أن يسعى المعاند إلى التهرب من الحجج بكل وسيلة ممكنة, لكن تأكيد القصد في البيان بالتثنية يغلق عليه الأبواب، فترسمه المخيلة مغلق العينين عن الحقيقة الساطعة, يقول العلي القدير: "يَأَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ" [الحجرات: 13] , قال القرطبي: بيَّنَ الله -تعالى- في هذه الآية أنه خلق الخلق من الذكر والأنثى..

وقد ذهب قوم من الأوائل إلى أن الجنين إنما يكون من ماء الرجل وحده، ويتربى في رحم الأم، ويستمد من الدم الذي يكون فيه.. والصحيح أن الخلق إنما يكون من ماء الرجل والمرأة لهذه الآية؛ فإنها نص لا يحتمل التأويل" [تفسير القرطبي ج: 16 ص: 342و343.] . وفي قوله تعالى: "فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً"؛ سبقت وظيفة السمع في مقام بيان أطوار التخليق وظيفة البصر, ووظيفة السمع خلال تكون الجنين تسبق بالفعل وظيفة البصر، حيث تبدأ العمل ابتداء من الشهر الخامس بينما يتأخر البصر, فهل هي مصادفة أن يتفق النظم مع الواقع، أم هو الإحكام في البيان والبينة على التنزيل؟ وهكذا كلما غصت أكثر نحو الأغوار، كان رصيدك أكثر من دلائل الإحكام في البيان الموافق الحقيقة من كل وجه. ولصعوبة الرؤية في المجاهر الأولية رسم داليمباتيوس Dalempatius الإنسان كاملاً داخل رأس الحوين المنوي عام 1699م, أي قبل بداية القرن 18 بعام واحد فقط, بدون إدراك لتخلق الجنين من الأبوين في أطوار, بينما يعلن القرآن الكريم -بجلاء- منذ القرن السابع الميلادي بتخلق الجنين في أطوار, يقول العلي القدير: ?مّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلّهِ وَقَاراً. وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً? [نوح: 13-14] . وقد تتلاحق المشاهد في سرعة خاطفة لتبرز النقلات الواسعة في إنجاز المشروع الخلقي والقدرة الفائقة وفق تقدير غاية في الإحكام من مكونات ضئيلة، ليس لها في مرأى العين وجود, فتتجلى القدرة المبدعة في جلاء يعمق اليقين بقدرة الخالق وإمكان البعث, يقول العلي القدير: "قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ. مِنْ أَيّ شَيءٍ خَلَقَهُ. مِن نّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدّرَهُ ثُمّ السّبِيلَ يَسّرَهُ" [عبس: 17-20] , ولكن العجيب أن تتخفى الحقائق في ثنايا العرض فلا يكاد يلمحها إلا العالمون, فبعد تكون البويضة الملقحة مباشرة يتكون البرنامج الوراثي، وتقدر بالفعل سمات الجنين.

ويرجع القرآن بالإنسان إلى أصول أولية للبويضة المخصبة نحو السائل المنوي المماثل للماء عديد النطف، وأصول جيولوجية أبعد كالطين، ليدرك أن معرفة الله وعبادته هي القصد من كل تكوين, يقول العلي القدير: "الّذِيَ أَحْسَنَ كُلّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ. ثُمّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مّن مّآءٍ مّهِينٍ" [السجدة: من 7-8] . وندرك اليوم أهمية المني في الإنجاب, ونعرف أن نخبة أو سلالة هي التي تنجح بالفعل في بلوغ البويضة, ويرجع القرآن بالإنسان إلى أصل ضئيل في مرأى العين، ويمضى به نحو قاع الضآلة، ثم ينقله فجأة إلى وليد مكتمل القسمات ليشهد بالقدرة المفزعة, يقول العلي القدير: "أَلَمْ نَخْلُقكّم مّن مّآءٍ مّهِينٍ. فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مّكِينٍ. إِلَىَ قَدَرٍ مّعْلُومٍ. فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ" [المرسلات: 20-23] ، وفي قوله تعالى: "كَلاّ إِنّا خَلَقْنَاهُم مّمّا يَعْلَمُونَ" [المعارج: 39] ؛ يشير إلى الإبهام بضآلة الأصل، ويضاعف الإعراض قدر الجريمة، ويجعل المتهم شاهد عيان يعرف بنفسه الحكم. ولا يقوم بالإخصاب إلا مكون منوي واحد من السائل المنوي المماثل للماء عديد النطف (حوالي 60 مليون\ ميلليليتر) , يقول العلي القدير: "أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ" [القيامة: 36-37] , والمدهش أن يعدل القرآن في وصف مكونات المني المماثل للماء إلى اسم الفاعل "دافق" بدلا من اسم المفعول قبل أن نعاين بالمجهر حركته الذاتية, يقول تعالى: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّاءٍ دَافِقٍ" [الطارق: 5-6] .

ويحتوي الحوين المنوي على نصف عدد الكروموزومات، وتحتوي البويضة على النصف المكمل, والحوينات إما أن تكون ذات شارة تأنيث؛ لوجود كروموزوم الجنس فيها على هيئة (Y) أو تكون ذات شارة تأنيث لوجوده على هيئة (X) بينما لا تملك البويضة إلا شارة تأنيث, ولذا يرجع تحديد جنس الجنين إلى المني فحسب, وهو ما تطالعه في قوله تعالى: "وَأَنّهُ خَلَقَ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ. مِن نّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىَ" [النجم: 45-46] , وقوله تعالى: "أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ. ثُمّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوّىَ. فَجَعَلَ مِنْهُ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ" [القيامة: 37-39] . ويبين القرآن بالتفصيل تباين أطوار تكون الجنين في تعبيرات وصفية بالغة الإحكام, يقول العلي القدير: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مّن طِينٍ. ثُمّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مّكِينٍ. ثُمّ خَلَقْنَا النّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" [المؤمنون 12-14] .

ومشهد محاكمة المعاند مألوف خلال عرض مثل تلك الحقائق فضحاً لما في طويته من مكابرة وعناد, وترى غالباً ذلك الناكر في زاوية من المخيلة يترقب إصدار الحكم يشاهد مع الحضور دلائل التنزيل, وفي المحاكمة يجعلك التعبير تعجب من الجسارة وجسامة الجريمة آملا أن ينال المجرم أقصى عقوبة خاصة مع النقلة العاجلة التي تجلي عناية الله وقدرته, يقول تعالى: "خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن نّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مّبِينٌ" [النحل: 4] , ويقول تعالى: "أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنّا خَلَقْنَاهُ مِن نّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مّبِينٌ" [يس 77] , حقائق مبهرة، وتألق في مهابة, فأين المهرب إذن! , يقول العلي القدير: "فَأيْنَ تَذْهَبُونَ. إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لّلْعَالَمِينَ. لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ" [التكوير: 26-28] .

جمع القرآن وفقد آية الأحزاب

جمع القرآن وفقد آية الأحزاب المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 23/07/1426هـ السؤال أرجو شرح رواية الإمام البخاري في جمع القرآن الكريم في عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وفيها: قال زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: حين نسخنا المصحف التمسنا آية في سورة الأحزاب، فوجدناها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه". فهل معنى ذلك أن هذه الآية لم تكتب في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- وهل هي متواترة، حيث اقتصروا على خزيمة -رضي الله عنه-؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الحديث المذكور أخرجه البخاري (4986) قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي، فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! قَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِذَلِكَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ. قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لا نَتَّهِمُك، َ وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَتَبَّعْ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ. فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ... " حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ، فَكَانَتْ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عنهما-. قال البخاري: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ: " مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ " فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ. كان زيد - رضي الله عنه - لا يكتفي في جمعه للقرآن بالحفظ دون الكتابة، وكان لا يقبل من أحدٍ شيئاً حتى يشهد شاهدان، ولما جمع القرآن لم يجد آخر براءة مكتوبة إلا عند أبي خزيمة بن أوس، وكذلك آية الأحزاب لم يجدها مكتوبة إلا عند خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، ومعنى هذا أنه لم يجد هذه الآيات مكتوبة وإلا فهي محفوظة في صدور الصحابة، ويدل على ذلك قول زيد نفسه: فقدتُ آية من سورة الأحزاب....، فإن تعبيره بلفظ " فقدت " يشعر بأنه كان يحفظ هذه الآية، وأنها كانت معروفة له، غير أنه فقدها مكتوبة. وهذا لا ينفي أن تكون هذه الآيات متواترة، ونحن بحمد الله لدينا دليل قطعي على أن هذا القرآن محفوظ بحفظ الله، قال الله عز وجل: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل في القرآن العظيم كلمات أعجمية؟

هل في القرآن العظيم كلمات أعجمية؟ المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 07/08/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل في القرآن الكريم كلمات غير عربية، أقصد أصلها غير عربي؟ شكر الله لكم ونفع بعلمكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اختلف العلماء على أحوال: 1- لا يوجد في القرآن. 2- يوجد. 3- اختار جمع من المحققين أن في القرآن كلمات، وإن كانت أصلها غير عربي إلا أن العرب في استعمالها عربتها، فأصبحت كلمات عربية مستعملة عند العرب، وعلى القول الأول فإن قوله تعالى: "قرآنا عربياً" أن المقصود أصل تنزيله وأكثره، وإذا كانت فيه كلمات يسيرة غير عربية فإنها لا تخرجه عن أصل كونه عربياً، وأما إذا قلنا إنه لا توجد في القرآن كلمة غير عربية، أو أن العرب قد عربتها باستعمالها، فإن الآية واضحة الدلالة على هذين القولين في كون القرآن عربياً. والله أعلم.

متى كتب القرآن الكريم؟

متى كتب القرآن الكريم؟ المجيب د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري المشرف العام على شبكة التفسير والدراسات القرآنية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 27/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا سؤال هام: أنا أعيش في أمريكا، وقد سألني سائل إذا كان القرآن كتب على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أم بعد وفاته؟ أرجو تقديم جواب مفصل؛ لكي أقنع هذا الشخص بالدخول في الإسلام. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم القرآن الكريم كله كُتِبَ في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان ظهور الإسلام في مكة إيذاناً بنهضة كتابية عظيمة، تتمثل في حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على تدوين القرآن الكريم منذ بدء نزوله، وتعلم الصحابة - رضي الله عنهم- للكتابة. والأدلة على أن القرآن الكريم كتب كله بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرة على ذلك منها: 1- في قصة إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أنه ذهب لبيت أخته فاطمة بنت الخطاب وهي مع زوجها -رضي الله عنهما-، يقرأُ لهما سورة طه خباب بن الأرت رضي الله عنه من صحيفة مكتوبة، وهي صحيفة من صحف كثيرة كان يكتب فيها القرآن الكريم في أول الإسلام في مكة، ثم بعد ذلك في المدينة.

2- نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن كتابة غير القرآن في أحاديث كثيرة، منها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه (3004) : "لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا إِلاَّ الْقُرْآنَ فَمَنْ كَتَبَ عَنِّي شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ " وهذا لفظ أحمد (11142) . وهذا حث من النبي -صلى الله عليه وسلم -وأمر بكتابة القرآن، ودليل على عناية الصحابة - رضي الله عنهم- بكتابة الوحي، وأنهم قد تجاوزوا تدوين القرآن إلى تدوين كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- مما دعاه عليه الصلاة والسلام أن ينهاهم عن كتابة شيء غير القرآن. 3- عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: قلت لعثمان بن عفان - رضي الله عنه- ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال؟ فقال عثمان- رضي الله عنه-: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وإذا نزلت عليه الآية فيقول ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا) . أخرجه الترمذي (3086) وأبو داود (786) والنسائي في السنن الكبرى (8007) والبيهقي في السنن الكبرى (2/42) وأحمد (376) . فهذا دليل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بكتابة كل ما ينزل عليه من القرآن مباشرة.

4- أخرج أبو داود (2507) وغيره عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه- قال: (كنت إلى جنب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سُرِّي عنه فقال:"اكتب". فكتبت في كتف: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" "والمجاهدون في سبيل الله ... " إلى آخر الآية [النساء:95] . فقام ابن أم مكتوم - رضي الله عنه- وكان رجلا أعمى لما سمع فضيلة المجاهدين فقال يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين؟ فلما قضى كلامه غشيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السكينة فوقعت فخذه على فخذي ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى ثم سُرِّي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"اقرأ يا زيد". فقرأت: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"غير أولي الضرر.." الآية كلها. قال زيد - رضي الله عنه- فأنزلها الله وحدها فألحقتها والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى مُلْحَقِهَا عِنْدَ صَدْعٍ فِي كَتِف ... ) . وفي الصحيحين البخاري (2831) ، ومسلم (1898) عن البراء بن عازب - رضي الله عنه- قال: " لما نزلت "لا يستوي القاعدون من المؤمنين" دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - زيدا - رضي الله عنه- فجاء بكتف فكتبها وشكا ابن أم مكتوم - رضي الله عنه- ضرارته فنزلت: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر ... " الآية [النساء:95] . وهذا دليل صريح على أن القرآن كان يكتب مباشرة بعد نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم.

5- آيات كثيرة تدل على معرفة العرب للكتابة وشيوعها بينهم، فقد وردت مادة كتب وما اشتق منها في القرآن الكريم أكثر من ثلاثمائة مرة (300) ، ووردت مادة قرأ وما اشتق منها نحواً من ثمانين مرة (80) ، ووردت مادة خط وأسماء أدوات الكتابة: القلم، والصحف، والقرطاس، والرق. مما يعني أن كل هذه الأمور مما يعرفه العرب المخاطبون بالقرآن الكريم، وليست مجرد معرفة ساذجة كما يزعم بعض الباحثين، بل معرفة شائعة بينهم. 6- بلغ عدد الذين يكتبون للنبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة وأربعين كاتباً، وكان بعضهم منقطعاً لكتابة القرآن خاصة، ومن أشهرهم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وحنظلة بن الربيع -رضي الله عنهم جميعاً -. وكان أول من كتب للنبي -صلى الله عليه وسلم- من قريش هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح -رضي الله عنه- وأول من كتب له من الأنصار أبي بن كعب -رضي الله عنه -.

ويجب التفريق بين كتابة القرآن وتدوينه كله في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبين جمعه في مصحف واحد بعد وفاته، أما عن التدوين فالقرآن كله كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وأما عدم تدوين القرآن الكريم في مصحف جامع فهذا يرجعه العلماء إلى عدم الحاجة إليه في هذا العصر لوجود النبي -صلى الله عليه وسلم- مرجعا للناس، إضافة إلى نزول القرآن مفرقاً منجماً بحسب الوقائع والأحداث، وما قد يعتريه من النسخ. وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن للصحابة - رضي الله عنهم- القراء مرجع سوى المحفوظ في صدر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو الأصل الذي يُرجع إليه عند التنازع، أما ما كان مكتوبًا في الرقاع وغيرها فلم يكن مما يرجع إليه الناس، مع وفرته وصحته وصوابه، وكذلك في عهدي أبى بكر وعمر -رضى الله عنهما- كان الاعتماد على الحفظ في الصدور هو المعول عليه دون الكتابة؛ لأنها كانت مفرقة، ولم تكن مجموعة، ولذلك استنكر أبو بكر على عمر - رضي الله عنهما- عندما أشار عليه بجمع القرآن. وكانت حظوظ الصحابة- رضي الله عنهم-، من حفظ القرآن متفاوتة، فكان منهم من يحفظ القدر اليسير، ومنهم من يحفظ القدر الكثير، ومنهم من يحفظ القرآن كله. وهم جمع كثيرون مات منهم في موقعة اليمامة في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - سبعون حافظًا للقرآن- رضي الله عنهم-، وكانوا يسمون حفظة القرآن بـ (القُرَّاء (.

ولما قتل سبعون رجلاً من حُفَّاظِه دعت الحاجة إلى جمع ما كتب مفرقًا في مصحف واحد في منتصف خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - باقتراح من عمر -رضي الله عنه-.وبعد وفاة أبي بكر - رضي الله عنه - تسلم المصحف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-، وبعد وفاته ظل المصحف في حوزة ابنته أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها-، وفي هذه الفترة كان حفظ القرآن في الصدور هو المتبع كذلك. وانضم إلى حُفَّاظه من الصحابة - رضي الله عنهم - بعد انتقال النبي -عليه الصلاة والسلام - إلى الرفيق الأعلى، التابعون من الطبقة الأولى، وكانت علاقتهم بكتاب الله هي الحفظ بتفاوت حظوظهم فيه قلة وكثرة، وحفظًا للقرآن كله، وممن اشتهر منهم بحفظ القرآن كله التابعي الكبير الحسن البصري -رضي الله عنه- وآخرون. كان هذا أول جمع للقرآن، والذي تم فيه هو جمع الوثائق التي كتبها كتبة الوحي في حضرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-،بمعنى تنسيق وثائق كل سورة مرتبة آياتها على نسق نزولها، ولا معنى لهذا الجمع إلا هذا، وإطلاق وصف المصحف عليه إطلاق مجازي. والغاية منه أن يكون مرجعًا موثوقًا به عند اختلاف الحفاظ. ومما يجب التنبيه إليه مرات أن الجمع في عهد أبي بكر وعثمان -رضي الله عنهما - لم يضف شيئًا أو يحذفه من تلك الوثائق الخطية، التي تم تدوينها في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- إملاءً منه على كتبة وحيه الأمناء الصادقين. فالجمع في عهد أبي بكر وعثمان - رضي الله عنهما- لم يُدْخِِِِِلا على رسم الآيات ولا نطقها أي تعديل أو تغيير أو تبديل، وفي كل الأماكن والعصور واكب حفظ القرآن تدوينه في المصاحف، وبقي السماع هو الوسيلة الوحيدة لحفظ القرآن على مدى العصور حتى الآن وإلى يوم الدين ومع كثرة انتشار الطباعة اليوم، وكثرة المصاحف، إلا أن هذا لا يغني عن الأخذ عن القراء المتقنين، وهذا من خصائص القرآن الكريم.

وينبغي أن ينبه إلى أن هذا التدوين أو الجمع المبكر للقرآن كان وما يزال هو الأصل الثابت الذي قامت على أساسه كل المصاحف فيما بعد، حتى عصرنا الحالي. وهذه الفترة الراشدة التي سبقت جمع القرآن في خلافة أبي بكر -رضى الله عنه-، لم تكن فترة إهمال للقرآن، كما يزعم بعض خصوم القرآن من المبشرين والمستشرقين والملحدين بل العكس هو الصحيح، كانت فترة عناية شديدة بالقرآن اعتمدوا فيها على السماع من الحفظة المتقنين لحفظ القرآن وتلاوته، والحفظ المتقن في الصدور والسماع هما أقدم الوسائل لحفظ وتلاوة كتاب الله العزيز. وسيظلان هكذا إلى يوم الدين. والله أعلم.

(المنجيات السبع) !

(المنجيات السبع) ! المجيب د. محمد أبو رحيم أستاذ الشريعة في جامعة العلوم التطبيقية سابقًا القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 29/07/1425هـ السؤال وردتني رسالة جاء فيها إذا مررت بضيق نتيجة مشكلة أو كرب فعليك قراءة السبع الآيات المنجيات وأنت على يقين بأن الفرج لا يأتي إلا من عند الله سبحانه وتعالى. السبع الآيات المنجيات: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون". "وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم". "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين". "إني توكلت على الله ربى وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم". "وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم". "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم". "ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون". الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن القرآن من جهة العموم فيه شفاء؛ قال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) [الإسراء: 82] . وقال تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) [فصلت: 44] . وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم؛ الفزع إلى الصلاة عندما يحزبه أمر، ومعلوم حكمًا أن القرآن يدخل فيها. أما تخصيص هذه الآيات والنص على أنها من المنجيات من الكرب فيحتاج إلى نص من كتاب أو سنة؛ لأنها أمور توقيفية. وليس في الكتاب ما يدل على تخصيصها مجتمعة أو متفرقة، وكذا السنة، فيما أعلم. أما الآيات الواردة في إثبات التفريج لله وحده نصًّا أو معنى فكثيرة، منها بعض ما ورد على لسان السائل، ومنها قوله تعالى: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) [النمل 62] . ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم، في قوله تعالى: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن: 29] . قال: من شأنه؛ أن يغفر ذنبًا، ويفرج كربا، ويرفع قوما، ويخفض آخرين. أخرجه ابن ماجة (202) ، وقد ثبت من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أدعية عند الكرب منها: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند الكرب: "لا اله إلا الله العظيم الحليم، لا اله إلا الله رب العرش العظيم، لا اله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم. أخرجه البخاري (6346) ومسلم (2730) . وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا". أخرجه أحمد (3712) وصححه أحمد شاكر. والله الموفق.

(إنا أنزلناه في ليلة القدر)

(إنا أنزلناه في ليلة القدر) المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 06/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قرأت تفسير الآية الأولى من سورة القدر: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) . وفي التفسير: إن القرآن الكريم نزل جملة إلى السماء الدنيا، ومن المعروف أنه نزل مُنَجَّمًا، وعندما يكون في مكان ما ليل، فقد يكون في الآخر نهار، أرجو التوضيح. وجزاكم الله خيرًا. الجواب بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قد جاء عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن القرآن الكريم أنزل إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل منجمًا على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم. انظر ما رواه الحاكم في المستدرك (2881) . والليل المراد هنا هو ليل مكة، حيث إنها مهبط الوحي أول ما نزل، ولا إشكال في ذلك. والله أعلم.

قراءة الفاتحة في الاجتماع

قراءة الفاتحة في الاجتماع المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 1/05/1425هـ السؤال ما حكم قراءة سورة الفاتحة قبل عقد الاجتماعات العامة؟ أرجو تفصيل الحكم، مع التكرم ببيان الدليل؛ حتى يكون معنا حجة شرعية. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تستحب القراءة مطلقاً بشكل مطلق لا بقيد مكاني معين، ولا زماني، والله - سبحانه وتعالى- يقول: "فاقرأوا ما تيسر من القرآن" وفي نفس الآية: "فاقرأوا ما تيسر منه" [المزمل: 20] ، فقراءة القرآن فيها ثواب عظيم؛ لأن الله - سبحانه وتعالى- يعطيك مقابل كل حرف عشر حسنات ولا أقول (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" أو كما قال - عليه الصلاة والسلام- فيما رواه الترمذي (2910) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- وفي الحديث الذي يرويه الترمذي (2926) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين"، إذاً قراءة القرآن هي من فضائل الأعمال ومستحباتها، أما كون ذلك قبل الاجتماعات، أو بعد الاجتماعات، أو أثناءها فهذا لم يرد فيه النص، فإذا فعله الإنسان، وهو يعتقد أنه سنة من السنن، أو فريضة من الفرائض فهذا خالف الشرع، وإذا كان يقرأه تبركاً بالقرآن الكريم فهذا لا بأس به - إن شاء الله- على الصحيح الذي نختاره، والمسألة فيها الخلاف الوارد على ما يسمى بالبدعة الإضافية، وكثير من المالكية يكرهون البدعة الإضافية، وعند بعض العلماء المسألة ترجع إلى الدليل العام، فما شمله الدليل العام من الإباحة، أو الاستحباب، كما يرى الشافعية والعز بن عبد السلام، وكذلك القرافي من المالكية، فالمسألة - إن شاء الله- لا بأس بها، بمعنى أنه لا ينبغي أن توجد خلافاً بين المسلمين، "لا تباغضوا ولا تحاسدوا، ولا تدابروا ... " الحديث رواه البخاري (6065) ، ومسلم (2559) عن أنس -رضي الله عنه- فمن أراد أن يقرأ فلا نمنعه أن يقرأ الفاتحة. لكن لا تقول: إنها من السنن أو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبدأ بها، هذا ليس صحيحاً، لكن مع ذلك إذا قرأت الفاتحة تبركاً بها، وطلباً لما عند الله من الأجر والثواب، فهذا أمر لا بأس به -إن شاء الله-.

طريق إثبات عدم تحريف القرآن

طريق إثبات عدم تحريف القرآن المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 16/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل بالإمكان أن نثبت أن القرآن غير محرف لمن لا يؤمن به مثل المسيحي مثلاً؟. وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وجود مصحف واحد في جميع العالم في مكة وإسرائيل والصين وأمريكا، وهكذا في جميع دول العالم دليل على حفظه من التحريف. أما نسخ التوراة والإنجيل فلا تخلو من اختلاف وتناقض، وعليك بقراءة كتاب: (إظهار الحق) ، فقد عرض كثيراً من اختلافات تلك النسخ. أما القرآن فقد حفظه الله - عز وجل- وعندما أراد (موريس بوكاي النصراني) أن يدرس القرآن ليبين عدم صحته، انتهى إلى الإسلام، وأكد أنه الكتاب الوحيد الذي بقي كما أنزل. راجع كتابه الذي يقارن فيه بين القرآن والتوراة والإنجيل. والله الموفق.

كيفية جمع القرآن الكريم في عهد عثمان -رضي الله عنه-

كيفية جمع القرآن الكريم في عهد عثمان -رضي الله عنه- المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 25/06/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. كيف تم جمع القرآن الكريم في عهد سيدنا عثمان -رضى الله عنه-؟ وهل كان جمعاً أم نسخاً للمصحف الذي كان موجوداً في عهد سيدنا أبي بكر الصديق -رضى الله عنه-؟ وهل شارك زيد بن ثابت- رضي الله عنه- في المرتين؟. أرجو الإفادة أفادكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله- صلى الله عليه وسلم-، وبعد: فعن أنس - رضي الله عنه- "أن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قدم على عثمان - رضي الله عنه- وكان يغازي أهل الشام في أرمينية وأذربيجان مع أهل الطرق، فأفزع حذيفة -رضي الله عنه- اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان- رضي الله عنه-: "أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل إلى حفصة -رضي الله عنها- أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها من المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة -رضي الله عنها- إلى عثمان - رضي الله عنهما- فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام - رضي الله عنهم- فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان - رضي الله عنه- للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت- رضي الله عنه- في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنه إنما نزل بلسانهم ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان- رضي الله عنه- الصحف إلى حفصة - رضي الله عنها- وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن من كل صحيفة أو مصحف أن يحرق، قال زيد - رضي الله عنه-: آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري-رضي الله عنه-: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه" [الأحزاب: 23] فألحقناها في سورتها في المصحف) رواه البخاري (4988) . وهذا الجمع الذي حصل في عهد عثمان - رضي الله عنه- لم يعتمد على النسخ المجرد لما جمع في عهد أبي بكر - رضي الله عنه-، بل اتسم بمزيد توثيق وتدقيق، كما أنه جمع في مصحف واحد مرتب الآيات والسور، كما هو الحال في المصحف الذي بين أيدينا، بينما لا يظهر أن الجمع الذي كان في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- قد اعتنى بترتيب السور وإنما بجمعها، كما أن الجمع الأخير كان جمعاً على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن على الصحيح من أقوال العلماء كما يظهر من قول عثمان - رضي الله عنه- للرهط القرشيين الثلاثة-رضي الله عنهم- إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت-رضي الله عنه- في شيء في القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما نزل بلسانهم. وأما بالنسبة لمشاركة زيد- رضي الله عنه- في الجمع فإنه قد شارك في المرتين كما ثبت في البخاري، وليس في ذلك ما يستنكر، ذلك أنه كان يتمتع بقدرات تمكنه من هذا العمل الجليل، وقد كان قيامه بالجمع الأول مرجحاً لمشاركته في الجمع الثاني، وذلك أنه قد أضحى عنده من القدرة والأهلية والخبرة ما يمكنه من ذلك، كما أن في اختيار أفضل الأمة وهما أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما- له دليل على جدارته بهذا العمل، وقدرته عليه أكثر من غيره، كما أنه في الجمع الثاني لم يقم بهذا العمل لوحده، وإنما شاركه معه غيره؛ كما في الحديث السابق. والله أعلم.

اختلاف بعض الألفاظ في قصص القرآن المتكررة

اختلاف بعض الألفاظ في قصص القرآن المتكررة المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 21/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فسؤالي، عفا الله عنكم: أني عندما أقرأ القرآن الكريم، وخصوصًا عندما أمر على قصص القرآن يرد في ذهني إشكال وهو أن- مثلًا- هذه القصة وقعت مرة واحدة، وأجد التعبيرات القرآنية مختلفة مما يشكل علي أيُّ الألفاظ قيلت، مع أن المعنى واحد، مثلًا يقول الله تعالى، عن موسى: (إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارًا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى) [طه: 10] . بينما يقول في سورة النمل: (إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون) . وقال في سورة القصص: (آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار) . والأمثلة على هذا كثيرة ولا تخفى عليكم، فهل هذا من المتشابه الذي يجب الإمساك عنه؟ أم أن الله تقدس وعلا يروي ذلك بالمعنى؟ أم ماذا؟ أفيدونا مأجورين وبارك الله في علمكم ونفع بكم، آمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فليس ما سأل عنه السائل من المتشابه الذي لا يعقل معناه أو المراد به، بل هذا التنوع في العبارات هو لأن الآيات تدل على أكثر من معنى، ففي كل آية يبرز معنى من المعاني، ومن المعلوم أن موسى عليه السلام، أو فرعون لم يتكلما باللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم، وإنما جاء التعبير في القرآن عن المعاني التي ذكروها كما هي، فمثلًا القبس أو شهاب القبس، أو جذوة النار تدل على شيء واحد، فلا اختلاف بينها، وإن كانت كل آية تشير إلى معنى زائد غير ما أشارت إليه الآية الأخرى، ولذلك لا تجد بين هذه الآيات وإن اختلفت ألفاظها تضادًّا أو تناقضًا، بل تجد بينها توافقًا، مع أن كل آية تشير إلى معنى زائد بحسب سياقها. والله أعلم.

الاهتزاز أثناء التلاوة

الاهتزاز أثناء التلاوة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 03/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم الاهتزاز وتحريك الجسم أثناء الجلوس وتلاوة القرآن الكريم؟ البعض يقول بتحريم ذلك؛ لأن فيه تشبهاً باليهود. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بالنسبة لتحريك الجسم والاهتزاز هذا لم يرد عن النبي - عليه الصلاة والسلام- ولا عن صحابته - رضي الله عنهم- فالأحسن ترك مثل ذلك، وإن اعتقد هذا الذي يهتز أنه سنة وأنه يتقرب بذلك فهو يعد بدعة؛ لأن العبادات توقيفية، وأما القول بأن هذا من عمل اليهود فهذا لا أعرفه. والله أعلم.

تلاوة القرآن أم الصلاة به

تلاوة القرآن أم الصلاة به المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 11/08/1425هـ السؤال هل قراءة القرآن في الصلاة النافلة والإطالة فيه أفضل، أم قراءته في غير الصلاة، وجزاكم الله خيراً. الجواب إطالتك في قراءة القرآن في صلاة النافلة أفضل من قراءتك بدون صلاة؛ لأنك تجمع بين الصلاة والقراءة، والإطالة في القرآن بالصلاة تدخل تحت قوله تعالى: "وقوموا لله قانتين" [البقرة: 238] ، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيراً ما يطيل القراءة في الصلاة حتى تتفطر قدماه، وربما قرأ في الركعة الواحدة سورة البقرة والنساء وآل عمران.

الحكمة من تكرار القصص القرآني

الحكمة من تكرار القصص القرآني المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 21/11/1425هـ السؤال ما الحكمة من تكرار نفس القصة في العديد من سور القرآن مثل قصة موسى عليه السلام، وفرعون؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فتكرار القصص في القرآن الكريم، يرتكز بشكل أساس على عدد من القصص، التي أعيد ذكرها في القرآن الكريم، وهي قصة آدم، ونوح، وعاد، وهود، وإبراهيم، ولوط، وشعيب، وموسى، فهذه أبرز القصص التي وردت في القرآن الكريم وتكرر ذكرها فيه، ويمكن إدراك بعض الحكمة من هذا التأكيد على تلك القصص بعينها، وإعادة القول فيها مرة بعد أخرى، عند التأمل في طبيعة تلك القصص، ومضمونها. إن المتأمل في هذه القصص، يجد كل قصة منها بأحداثها تعالج أنواعًا من الانحراف، الذي يظهر في المجتمعات البشرية، باعتبارها تجمعات إنسانية، بغض النظر عن جنسها، وبيئتها الزمانية والمكانية، وهذا النوع من الضلال عن الحق، والانحراف عن الصراط المستقيم، الذي أشارت إليه قصص القرآن الكريم، لم يزل يتكرر في المجتمعات البشرية، فمثلًا: قصة فرعون مع موسى- وقد أشار إليها السائل- تمثل نوعًا من الانحراف الذي يورثه عز السلطة ونشوة القوة، حتى تبلغ بصاحبها درجة من الانحراف تصل به إلى أن يكذب أكبر كذبة عرفتها البشرية، فيقول: أنا ربكم الأعلى. فضلًا عن الكبر والبطر والأشر، ونحن لم نزل نرى هذا المثل يتكرر على تعاقب الزمان ومر العصور، ولذا رأينا أن الله تعالى أعاد ذكر هذه القصة في أكثر من موضع، فهي لا تعالج أمرًا ظرفيًّا آنيًّا يكون ثم يزول، بل هي صورة لم تزل تتكرر مرة بعد أخرى، وكذا الشأن في باقي القصص التي أعيد ذكرها في القرآن الكريم، فكل منها تعالج نوعًا من الانحراف الذي تشهده المجتمعات البشرية في كل العصور. وإذًا: فتكرار مثل هذه القصص، والتأكيد عليها، وإعادتها مرة بعد أخرى، هو مما تقتضيه الحكمة، فالناظر في هذه القصص يتمثل المنهج الأمثل في مواجهة هذه الانحرافات على منهج الأنبياء عليهم السلام. وفضلاً عن هذا، فقد تميز كل موضع ذكرت فيه تلك القصص، بأنه يعتني بجانب من جوانب أحداث القصة، ويلقي الضوء على زاوية من زواياها، على نحو لا يوجد في الموضع الآخر، الذي تذكر فيه القصة، على معنى: أن السياقات التي ترد فيها القصة، تختلف باختلاف موضعها الذي تذكر فيه، واختلاف السياقات يورث- ولابد- اختلافًا في المعاني التي تستفاد منها، وهذا ما يؤكد ما قرره أهل العلم من أن القصة لا تتكرر على نحو حرفي، بل لها في كل موضع ذكرت فيه ما يميزها، ويجعلها موضعًا لاستنباط هدايات وعظات جديدة، وبعد هذا فقصص القرآن الكريم، مظهر من مظاهر الإعجاز البياني، فالقصة الواحدة ترد في القرآن الكريم، بسياقات وألفاظ متعددة، بتعدد المواضع التي ترد فيها، وهذا من كمال البلاغة وعظيم البيان. والله أعلم. وصلى الله على وسلم على نبينا محمد.

شبهة حول قوله تعالى: "وأنزل لكم من الأنعام ... "

شبهة حول قوله تعالى: "وأنزل لكم من الأنعام ... " المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 06/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فيما يلي مقال نشر على أحد مواقع الإنترنت، يشكّك في القرآن وإعجازه، أرجو من فضيلتكم قراءته والرد عليه: قال أشهر علماء العالم في مؤتمرات الإعجاز العلمي للقرآن الكريم الدكتور (استروخ) وهو من أشهر علماء وكالة ناسا الأمريكية للفضاء، قال: لقد أجرينا أبحاثا كثيرة على معادن الأرض وأبحاثاً معملية، ولكن المعدن الوحيد الذي يحير العلماء هو الحديد، قدرات الحديد لها تكوين مميز، إن الإلكترونات والنيترونات في ذرة الحديد لكي تتحد فهي محتاجة إلى طاقة هائلة تبلغ أربع مرات مجموع الطاقة الموجودة في مجموعتنا الشمسية، ولذلك فلا يمكن أن يكون الحديد قد تكون على الأرض، ولا بد أنه عنصر غريب وفد إلى الأرض ولم يتكون فيها، قال تعالى: "وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" [الحديد: 25] المصدر (الأدلة المادية على وجود الله) لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، يتصور المسلمون بأن قرآنهم يحوي معجزات علمية حديثة، وهم في محاولتهم تلك يلوون عنق اللغة العربية ويجعلون القرآن ينطق بما لم يخطر على بال كاتبه، في مثالنا هذا حول المعجزة المزعومة في القرآن بأن الحديد أتى إلينا من الفضاء الخارجي نجد المحاولة الخائبة من المسلمين مفضوحة تماماً بلا ستر أو أستار، لأن القرآن نفسه ينقضها نقضاً واضحاً، تقول سورة الحديد: "وأنزلنا الحديد"، ويحاول مسلم هذا العصر أن يقول لنا بأن مقصد القرآن بأن الحديد أنزل من السماء ولم يتكون على الأرض، ولكني يجب أن أتوقف عند آية مشابهة وأفحصها هي الأخرى، تقول سورة الزمر الآية 6: "وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج"، يقول ابن كثير في تفسير الآية: وقوله تعالى "وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج" أي وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية أزواج وهي المذكورة في سورة الأنعام، ثمانية أزواج من الضأن

اثنين، ومن المعز اثنين، ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين. إذاً من الواضح لنا تماماً بأن هذه الأنعام ليست إلا حيوانات: إبل، بقر، ضأن، معز. إذًا وجب علي الأيمان بأن "أنزلنا الحديد" تعني نزوله من الفضاء الخارجي إلى الأرض (مخالفاً كل تفاسير ثقات المفسرين للآية) يجب علي أن أؤمن بأن الإبل، البقر، الضأن، المعز كلهم قد هبطوا إلى أرضنا من الفضاء الخارجي أيضاً. لأن القرآن يقول: "وأنزل لكم". أو إذا قلت بأن معنى "وأنزل لكم من الأنعام"، هو خلق لكم من الأنعام. إذًا يجب أن أسلم بأن "أنزلنا الحديد" تعني أيضا خلقنا الحديد. وإذا لم تعجبك هذه المقارنة، قارن أنت بنفسك آية الحديد إلى الأعراف (26) : "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً" لا تقل لي بأن اللباس (وهو الملابس) قد هبطت علينا من السماء أيضاً؟! إذا لم يعجبك كلامي راجع تفاسير القرآن بنفسك. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:

جوابا على السؤال حول تباين دلالة لفظ (الإنزال) في موضعين في القرآن الكريم بين الإنزال الحسي للحديد والإنزال المعنوي للأنعام وللقرآن وما شابه تبعا للسياق وكليهما حقيقة واقعة؛ أقول مستعينا بالله تعالى: إن ظاهرة تباين دلالة اللفظ تبعا للسياق من الخصائص الأساسية في لغات التخاطب وهي أجلى ما تكون في لغة القرآن الكريم, وسماها اللغويون "الوجوه", والدلالات المعجمية لنفس اللفظ لا يتحدد إحداها إلا من خلال السياق, وكمثال على ذلك قوله تعالى: (بَقَرَةٌ لاّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ) [البقرة:71] ؛ فليس المراد هنا بلفظ (الأرض) الكرة الأرضية لأن المقام يتعلق بمشهد معلوم وهو إثارة بقرة للغبار ولذا يستقيم أن يكون المراد بلفظ (الأرض) هو التربة, وفي قوله تعالى: (مَن كَانَ يَظُنّ أَن لّن يَنصُرَهُ اللهُ فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السّمَآءِ ثُمّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) [الحج: 15] ؛ ليس المراد بلفظ (السماء) هنا مطلق الكون أو الجو الذي يعلونا لأن المقام يتعلق بمشهد معلوم وهو مشنوق مربوط إلى ما يعلوه وهو السقف عادة. ومن يتتبع مدار لفظ (أنزلنا) في القرآن الكريم يجده متعلقا بأمر جلل استوجب التعبير بالتعظيم, وفي مقام النعمة يجد أن فيض الطيف الدلالي يتباين من مقام إلى آخر بين الحسي والمعنوي مع قاسم مشترك من الدلالات مثل التفضل والإنعام من العلي القدير وسبق التقدير من الحكيم العظيم إلى المحتاج الضئيل بما يستوجب الامتنان والتعظيم, وفي مقام النقمة يتجلى معنى الاقتدار والتهويل.

والدلالة الحسية في (أنزلنا) لا تُستبعد إلا بقرائن صارفة ولا تنفي الدلالة المعنوية, وفي قوله تعالى: (يَا أَيّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مّن رّبّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مّبِينا) [النساء: 174] ؛ يتعلق المقام بوصف القرآن كنعمة تستوجب الامتنان لما فيه من رحمة للبشرية فناسبه تعبير (الإنزال) , وهو كقوله تعالى: (وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ) [الزمر:6] ؛ وأجناسها على النحو التالي: الضأن والمعز والإبل والبقر, وتمثل لحومها وألبانها أهم مصادر الغذاء لسكان البادية, وتعبير (الإنزال) يكشف مدى الرحمة والإنعام في إيجاد تلك المواشي المعبر عنها بلفظ (الأنعام) , وفي قوله تعالى: (وَجَعَلَ لَكُمْ مّن جُلُودِ الأنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىَ حِينٍ) [النحل:80] ؛ منافع إضافية غير اللحوم والألبان وهي منتجات الجلود كالصوف في زمهرير الصحراء, ولبيان هذا الإنعام في اللباس خاصة ناسب التعبير عن هذا (الجعل) بلفظ (الإنزال) ضمن مصادر اللباس في تاريخ البشرية؛ وذلك في قوله تعالى: (يَابَنِيَ آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ) [الأعراف:26] ، ولذا فقد أصاب المفسرون في توجيه دلالة لفظ (الإنزال) في مثل هذا المقام إلى معاني كالإنعام والجعل والإيجاد.

أما في قوله تعالى: (وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ) [الحديد: 25] ؛ فيستقيم حمل لفظ (الإنزال) على الأصل وهو الدلالة الحسية باعتبار تعلق المقام هنا بخلق الأرض لمجيء بيان إنزال الحديد وهو من أثقل مكونات الأرض في مقابل بيان إخراج المواد الأخف من الأرض نحو السطح في قوله تعالى: (وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا. أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا. وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) [النازعات:30-32] , وهذا ما يتفق تماما مع المعرفة الحديثة بخروج كل ما أدى في النهاية إلى وجود مظاهر الحياة من نبات وحيوان المعبر عنها باللفظ الجامع (مَرْعَاهَا) بعد التهيئة بتكثف أبخرة الماء وانقشاع دخان البراكين في مقابل هبوط أثقل المواد ممثلة بالحديد نحو لب الأرض الذي يتكون معظمه بالفعل من الحديد, وناسب اقتصار نزول الحديد على ما دون الجو الخلو من الإضافة (من السماء) التي لازمت في مواضع عديدة بيان نزول الماء من السحب في الجو نحو قوله تعالى: (وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ السّمَآءِ مَآءً) [النمل: 60] , ويتفق هذا مع تكون الأرض من طبقات يعلو بعضها بعضا أخفها الأعلى وأثقلها هو ما فيها في الباطن, وتلك الحقيقة العلمية يتضمنها بيان أحداث نهاية الأرض المعلومة لدينا اليوم في قوله تعالى: (وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا) [الزلزلة:2] ، وفي قوله تعالى: (وَإِذَا الأرْضُ مُدّتْ. وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلّتْ) [الإنشقاق:3و4] ؛ فالوصف متعلق بالأرض المعهودة حاليا لأن ضمير (أثقالها) وضمير (ما فيها) عائد قطعا عليها نفسها. نزول الحديد نحو الباطن عند تكون الأرض مع خروج المواد الأخف في اتجاه السطح (المصدر كتاب فرانك برس: علوم الأرض) تتكون الأرض من طبقات بعضها فوق بعض وتتزايد الكثافة مع العمق ومعظم اللب حديد.

وتتميز ذرة الحديد بقوة ترابط شديدة مدهشة قد لا تكفي حرارة باطن شمسنا لتكونها مما فتح بابا لفرضية تكونه خارج النظام الشمسي في قلب نجم مجاور أعظم كتلة انفجر وتناثرت مكوناته, وتدخل ذرة الحديد في تركيبات حيوية غاية في الأهمية بالنسبة للأحياء مثل مركب هيموجلوبين الدم, وتولد حركة الحديد في لب الأرض أغلفة مغناطيسية تحمي الأحياء من خطر الرياح الشمسية, وكل تلك الحقائق يجملها قوله تعالى:) وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ (, هذا والله تعالى أعلم.

أول تسمية القرآن بالمصحف

أول تسمية القرآن بالمصحف المجيب د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري المشرف العام على شبكة التفسير والدراسات القرآنية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 25/02/1426هـ السؤال هل صحيح أن الصديق -رضي الله عنه- هو من أطلق اسم المصحف على القرآن الكريم؟ وهل هذا يعني أن كلمة المصحف لم تكن في قاموس العرب قبل ذلك؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم قال الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن (1/377) : (ذكر المظفري في تاريخه: لَمَّا جَمعَ أبو بكر القرآنَ قال: سَمُّوهُ. فقال بعضُهم: سَمُّوهُ إِنْجيلاً. فَكرهوه. وقال بعضُهم: سَمُّوهُ السِّفْرَ. فكرهوه مِن يهود. فقال ابنُ مَسعودٍ: رأيتُ للحَبَشَةِ كِتَاباً يدعونهُ المُصْحَفَ، فسمُّوهُ بهِ) . فهذه الرواية إن صحت تدل على أن صاحب الرأي بتسمية المصحف بهذا الاسم هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقد وافقه الصحابة واستمر إلى اليوم. وكلام ابن مسعود يدل على أن التسمية حبشية الأصل، غير أني لم أجد من ذكر كلمة مصحف في كتب (المُعَرَّب) في اللغة مثل الجواليقي والمُحبي وغيرهم، وذلك لأن أصل الكلمة وهي مادة (صحف) عربية معروفة. أَمَّا كلمةُ صُحُفٍ وصَحيفة فهي معروفة عند العرب بِمَعنى الشيء الذي يكتب فيه من الورق ونحوه، ومن ذلك قول لقيط بن يعمر الإيادي وهو شاعر جاهلي مات قبل الإسلام، وقد بعث بهذه الأبيات لتحذير قومه قبيلة إياد العربية غَزوَ الفُرس: سَلامٌ في الصحيفةِ من لَقيطٍ *** إلى من في الجزيرةِ من إيادِ وأَمَّا المُصْحَفُ فهو الجامعُ للصُحُفِ المكتوبةِ بين الدفتين. وقد ذكره اللغويون في معاجمهم، كالخليل بن أحمد في العين، فقد ذكر المصحف فقال: (سُمِّيَ المُصْحَفُ مُصْحَفاً لأنَّه أُصْحِفَ، أي جُعِلَ جامعاً للصُحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْن) . ومن ذلك قول الجوهري في مادة (صحف) : (والمُصْحَفُ والمِصْحَفُ. قال الفراء: وقد استثقلت العربُ الضَمَّةَ في حروفٍ فكسروا ميمها وأصلها الضمُّ، من ذلك مِصْحَفٌ، ومِخْدَعٌ، ومِطْرَفٌ، ومِغْزَلٌ، ومِجْسَدٌ: لأنَّها في المعنى مأخوذة من أُصْحِفَ أن جمعت فيه الصحفُ، وأُطْرِفَ أي جُعِلَ في طرفيْهِ عَلَمان، وأُجْسِدَ أُلْصِقَ بالجسد) . وقال الصاغاني في كتابه العباب الزاخر: (والمَصْحَفُ والمِصْحَفُ والمُصْحَفُ -بالحركات الثلاث- عن ثعلب قال: والفتح لغة صحيحة فصيحة) . ولم تكن العربُ تعرفُ لفظةَ المُصحفِ بِمعنى الكتابِ الذي يَجمعُ بين دفتيه صُحُفاً مكتوبةً، وإِنَّما هو اسمٌ أطلقَ على القرآن الكريِم بعدَ جَمعهِ بين الدفتين في عهد أبي بكر الصديق، وأَصبحَ عَلَمَاً على القرآن الكريم. فيقال: قرأتُ المُصحفَ، ويُجمعُ على مَصَاحِف. وقد تكون التسمية هذه نسبت لأبي بكر باعتبار حصولها في زمنه رضي الله عنه، كما سمي المصحف الذي جمع في عهد عثمان بالمصحف العثماني وإن لم يكن هو الذي كتبه بيده رضي الله عنه. وقد بحثت في الكتب المصنفة في الأوائل مثل كتاب العسكري ومعجم الأوائل لفؤاد السيد، فلم أجد من أشار إلى أول من سَمَّى المصحفَ بهذا الاسم، فلعله مِمَّا فاتهم، أو أنَّهم لم يجدوا نصاً صحيحاً في ذلك. وقد بدأ الشعراء يستخدمونه في شعرهم على قلة في ذلك العهد ثم كثر بعد ذلك في شعر شعراء بني أمية وبني العباس. ومن ذلك قول الحصين بن حمام الفزاري المريّ الذبياني، وهو شاعر مخضرم أدرك الجاهلية، وقال يوم صفين: فَما بَرِحوا حَتّى رَأى اللَهُ صَبرَهُم *** وَحَتّى أَشَرَّت بِالأَكُفِّ المَصاحِفُ يعني رفع المصاحف على أسنة الرماح في القصة المشهورة، وقال العجاج التميمي وهو شاعر مخضرم وذكر المصحف: وَذِروَةَ الناسِ وَأَهلَ الحُكَّمِ *** وَمُستَقَرَّ المُصحَفِ المُرَقَّمِ عِندَ كَريمٍ مِنهُمُ مُكَرَّمِ وأما في عصر بني أمية فمن ذلك قول العرجي الأموي: لَهُ مَعَ النَعتِ الَّذي *** أَنعَتُ لَونٌ مُشرَبُ كَوَرَقِ المَصحَفِ قَد *** أُجرى عَلَيهِ الذَهَبُ وقال أعشى همدان الأموي: وَإِنّي اِمرُؤٌ أَحبَبتُ آلَ مُحَمَّد *** وآثَرتُ وَحياً ضُمِّنَتهُ المَصاحِفُ وقال الطرماح بن حكيم من شعراء الخوارج وهو أموي العصر: وَلَكِن أَحِن يَومي شَهيداً وَعُقبَة *** يُصابونَ في فَجٍّ مِنَ الأَرضِ خائِفِ إِذا فارَقوا دُنياهُمُ فارَقوا الأَذى *** وَصاروا إِلى مَوعودِ ما في المَصاحِفِ وقال الفرزدق: سَمَوتَ فَلَم تَترُك عَلى الأَرضِ ناكِثا *** وَآمَنتَ مِن أَحيائِنا كُلَّ خائِفِ أَبَرتَ زُحوفَ المُلحِدينَ وَكِدتَهُم *** بِمُستَنصِرٍ يَتلو كِتابَ المَصاحِفِ وقال الفرزدق أيضاً: هُوَ المانِعُ الجيرانِ وَالمُعجِلُ القِرى *** وَيَحفَظُ لِلإِسلامِ ما في المَصاحِفِ وأما في العصر العباسي فقد كثر ذكره المصحف في أشعار الشعراء، ومن ذلك قول أبي تمام: بِأَكُفِّ أَبدالٍ إِذا أَمّوا بِها *** مَلمومَةً عَمِلوا بِما في المُصحَفِ وقال ابن المعتز: وَيَثقُبُ الجِلدَ وَراءَ المُطرَفِ *** حَتّى تَرى فيهِ كَشَكلِ المِصحَفِ وقال البحتري: أَنزَلتَ بِالإِنجيلِ ثُمَّ بِأَهلِهِ *** ذُلّاً أَراهُم عِزَّ أَهلِ المُصحَفِ وهذا يؤكد إن شاء الله أن لفظة المصحف لفظة استحدثت في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه سُمِّي بها القرآن الكريم بعد جَمعه بين الدفتين، وأصبحت عَلَمَاً عليه. والله أعلم.

التشكيك في وجود الإعجاز العلمي في القرآن

التشكيك في وجود الإعجاز العلمي في القرآن المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 26/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كيف يمكن الرد على من يشككون في الإعجاز العلمي في القرآن ويقولون مثلاً أن ذكر أطوار نمو الجنين مثلاً ذكر قبلاً في التوراة ومحمد- صلى الله عليه وسلم- لم يأت بجديد؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد: أقول مستعينا بالله تعالى: ليس نادرا أن يوجد من يعمل على وأد الحقيقة عن إدراك التزاما بموروث الآباء حتى لو شابه التناقض وعابه الخلل, ولكن النادر أن ينبري محقق للنقد الموضوعي والاعتراف بالحقيقة وإن خالفت الإرث الطائفي, وفي يقظة جريئة بين ركام التقليد اعترف المحقق الفرنسي موريس بوكاي بسبق القرآن الكريم في تسجيل كثير من الحقائق في ميادين علمية مختلفة بلا خطا واحد بينما لم تثبت المدونات التي تنسب للوحي للنقد العلمي, وهكذا نال بكتابه "القرآن والإنجيل في ضوء العلم الحديث" شهرة واسعة ورفعه صدقه وجرأته إلى مصاف الأعلام. وفي التماعة لا تخلو من جرأة كذلك في كتاب "دليل إلى قراءة الكتاب المقدس" المنشور في 12 تشرين الثاني عام 1982 والمطبوع بالعربية في بيروت؛ كتب المحقق الفرنسي الأب أسطفان شربنتييه قائلا: "إن الكتاب المقدس لا سيما العهد القديم كتاب محير, نعلم قبل أن نفتحه أنه الكتاب المقدس عند اليهود والمسيحيين ونتوقع أن نجد فيه كلام الله غير ممزوج بأي شيء.. وعندما نفتحه نجد فيه قصصا من ماضي شعب صغير, قصصا كثيرا ما تكون لا فائدة فيها, وروايات لا نستطيع أن نقرأها بصوت مرتفع دون أن نخجل؛ وحروبا واعتداءات, وقصائد لا تحملنا على الصلاة وإن سميناها مزامير, وفضائح أخلاقية قديمة تخطاها الزمن وكثيرا ما هي مبغضة للنساء" ص 8, "وكذلك فإن أسفار الكتاب المقدس كثيرا ما تبدو لنا مبتذلة ولا فائدة لها" ص 8, وفي الحقيقة قد شارك الكاتب في فضل جرأة الاعتراف عدد من أعلام الطائفة هم المترجم: الأب صبحي حموي اليسوعي, والمقدم الأب أنطوان أودو اليسوعي أستاذ الكتاب المقدس بجامعة القديس يوسف في بيروت, والموافق على النشر النائب الرسولي: بولس باسيم, وما يهمنا في أقوال الأب أسطفان شربنتييه فيما يتعلق بالجوانب العلمية عامة أو الحقائق التي فاض بها القرآن الكريم هو اعترافه بجرأة قائلا: "قد نجد في الكتاب المقدس كثيرا من الأمور غير المطابقة للواقع" ص9, ولو تناول أي إنسان يرغب في معرفة الحقيقة جميع ما ينسب للوحي من مدونات تسبق القرآن فلن يجد شيئا خاصة في مجال علم الأجنة؛ فمن أين إذن ذلك الفيض غير المسبوق من الحقائق العلمية في القرآن الكريم قبل أن يبزغ عصر الكشوف العلمية بأكثر من عشرة قرون إذا كان ما يسبقه ناقص ومغلوط!.

العزوف عن حفظ القرآن خشية نسيانه

العزوف عن حفظ القرآن خشية نسيانه المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 14/05/1426هـ السؤال كثير من الشباب يريدون حفظ القرآن؛ لما في ذلك من الأجر والثواب، ولكنهم لا يفعلون؛ بسبب الحديث الذي فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- اطلع على حسنات أمته وذنوبها حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، فما وجد ذنباً أعظم من رجل أوتي آية من القرآن ثم نسيها، فالبعض يتهيب التوسع في حفظ القرآن من أجل ذلك. فماذا نقول لهؤلاء؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا وسوسة من الشيطان؛ ليصد المؤمنين عن حفظ القرآن، ولو أخذ كل أحد بهذه الطريقة ما أقدم أحد على عمل صالح يعزم على المداومة عليه، ولتركه خشية أن يمل وينقطع عنه، وعلى المسلم أن يحسن النية، فمن أحسن النية وأخلص العمل لله كان قمناً أن يعينه الله عليه، ومن حفظ شيئاً من القرآن بنية صالحة فهو مأجور -إن شاء الله-، ولا يضيع أجر حفظه حتى لو نسي شيئاً من ذلك. ومن نسي شيئاً من القرآن لعذر أو لكثرة الصوارف والشواغل التي تفرضها ظروف الحياة وطلب المعيشة، فهو في ذلك معذور إن شاء الله. المهم ألا يلتفت إلى هذه المخاوف التي يثيرها له الشيطان ليصرفه عن هذه القربات. وأما الحديث الذي يشير إليه السائل، فقد رواه ابن خزيمة في صحيحه (1297) ، والترمذي (2916) ، وأبو داود (461) ، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، لكنه حديث ضعيف، قال الترمذي: حديث غريب، وضعَّفه الألباني، واستغربه البخاري. وضعَّفه ابن عبد البر في التمهيد (14/136) . وقال ابن عيينة: النسيان المذموم هو ترك العمل به، وليس من انتهى حفظه وتفلَّت منه بناسٍ إذا عمل به، ولو كان كذلك ما نسي شيئاً منه، قال تعالى: "سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله" (شرح الزرقاني 17/2) على موطأ مالك. والله الموفِّق.

رسالة جوال في فضائل سور القرآن

رسالة جوال في فضائل سور القرآن المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 30/11/1425هـ السؤال أرسل لي أحدهم رسالة جوال هذا نصها: "سورة الفاتحة تمنع غضب الله، وسورة الكوثر تمنع الخصومة، وسورة الكافرون تمنع الكفر عند الموت، وسورة الإخلاص تمنع النفاق، وسورة الفلق تمنع الحسد، وسورة الناس تمنع الوسواس، أرسلها إلى خمسة غيرك أمانة في ذمتك إلى يوم القيامة"، وسؤالي: ما صحة الفضائل التي وردت في الرسالة، وهل أنا آثم في عدم إرسال هذه الرسالة؟! الجواب أما هذه الفضائل الواردة في سور القرآن، فمثلها لا يقال بالرأي، بل لا بد لها من خير ثابت عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم-، ولا يوجد شيء من ذلك فيما نقله السائل، بل كل ذلك كذب. وليعلم أن أكثر الأحاديث الواردة في فضائل السور لا تصح، فالذي صح منها قليل بالنسبة لما ورد من الأحاديث في هذا الباب. ولقد ذكرتني هذه الرسالة بأحاديث الكذابين الذي يضعون الحديث، ويكذبون على الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليرغبوا الناس في القرآن! فما أعظم جنايتهم! وما أعظم فريتهم! يكذبون على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وينسبون إليه ما لم يقله! وقد روى أبو جعفر العقيلي في "الضعفاء" 1/156 عن ابن المبارك - وذكر عنده الحديث الذي ذكر فيه فضائل سور القرآن من الفاتحة إلى البقرة- فقال: أظن الزنادقة وضعته. فانظر كيف جعل هذا الإمام الجليل مثل هذا العمل من قبيل الزندقة؟! وتعظم إساءة هذا المرسل وأمثاله بإحراج الآخرين وتأثيمهم بمثل هذه العبارات "أرسلها إلى خمسة غيرك أمانة في ذمتك إلى يوم القيامة"!! أحشفًا، وسوء كيلة؟! فليتق الله هؤلاء -الذين قد يدفعهم حب الخير لمثل هذه العمل المنكر-. ومن جاءته مثل هذه الرسالة، أو وقف على شيء من هذه الفضائل، فلا يصح له التسرع في الإرسال حتى يسأل أهل العلم، ويتأكد من صحة ما يرسل. كما ينبغي البعد والحذر من إلزام الناس بمثل تلك العبارات التي وردت في السؤال لو كان ما فيها حق، فكيف بها وما فيها ليس عليه أثارة من علم؟!.

الكون بين الاتساع والانكماش

الكون بين الاتساع والانكماش المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 11/07/1426هـ السؤال يقول القرآن إن الساعة قريبة، بينما يؤكد دعاة الإعجاز العلمي ما يقوله الفيزيائيون من أن الكون في اتساع دائم، فما تفسير ذلك؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد: جوابا على السؤال حول حالة الكون الآن: (هل هو في اتساع مستمر إلى أن تضم جوانبه فجأة، أم هو في ارتداد قد بلغتنا علاماته, وهل الجواب في القرآن والعلم سواء) ؛ أقول مستعينا بالعلي القدير سائله -سبحانه وتعالى- العون والتوفيق:

أعلن أدوين هبل Edwin Hubble في العام 1929 ملاحظة كانت حجر الأساس في المفهوم الحديث حول طبيعة الكون وتطوره, فقد لاحظ أن المجرات العظمى تبدو في انحسار، وكلما زاد بعدها زاد معدل الانحسار مما يعني أن مادة الكون في الماضي البعيد كانت في حيز ضئيل تزايد بالاتساع كما تتباعد المواد عند الانفجار, ولذا نالت تسمية "الانفجار العظيم Big Bang" قبولا واسعا في تفسير نشأة الكون وتشكل مكوناته بالاتساع Expansion, ومعدل انحسار المجرات قيمته ثابتة وفقا لبعدها ويسمى (ثابت هبل) وتقديره حاليا حوالي: 24 (30-20) كم/ ثانية، ولذا يمكن استنتاج عمر الكون (عمر الكون = سرعة الضوء\ثابت هبل×مليون) وهو حوالي: 12.5 (10-15) بليون سنة, ولما كانت فكرة مركزية الأرض للكون قد دفعتها مشاهدات سابقة فلم يبق إلا قبول مبدأ التجانس Uniformity في تباعد المجرات أو اقترابها بحيث يعاين المراقب من أي موقع في الكون نفس ما يعاينه المراقب على الأرض, ولما كان الكون حادثا وليس أزليا والتوسع المعاين يعكس حالة المجرات العظمى في الماضي البعيد عندما صدر الضوء المحدود السرعة منها منذ بلايين السنين فليس مستبعدا أن يكون بناء الكون آيل للانهيار والزوال خاصة أن المجرة الأقرب على سبيل المثال وهي المجرة المسلسلة Andromeda تبدو في اقتراب بسرعة حوالي 300 كم\ثانية, فإذا كان التجانس مقبولا في ابتعاد المجرات واقترابها فليس مستبعدا أن يكون الكون حاليا ينطوي في انكماش بلغتنا شواهده من الطرف الأقرب، ولم تصلنا بعد من المجرات الأعظم إلا شواهد الانحسار في الماضي نتيجة لبعدها الشديد, والقول إذن بأن الكون في اتساع مستمر يغفل عن اقتراب أقرب المجرات والسرعة المحدودة للضوء القادم من المجرات الأعظم ذات الأبعاد الهائلة، وهو في جانب وهم أزلية المادة والتشكيك في مبدأ حدوث الكون واستبعاد نهايته.

واكتشاف أدوين هبل بأن الكون يبدو في توسع مما يحتم أن تكون له بداية قد أزعج فئة تميل للإلحاد، فحاولوا التشويش عليه تهربا من مبدأ الخلق بفرضيات يجمعها وهم سرمدية الكون تحت مسمى الحالة الثابتة ٍSteady state, ولو كان الكون ذا بداية أكبر كثافة وأكبر حرارة نتيجة لانضغاط المادة في حيز ضئيل لأصدر في كل اتجاه أشعة تدل على درجة الحرارة الهائلة، تلك التي لا يبلغها اليوم قلب أي نجم مهما بلغت عظمته, ولذا جاءت الضربة القاصمة لتلك الفرضيات قبل نهاية القرن الماضي، فتوارت إلى الأبد عندما اكتشف أرنو بنزياس Arno Penzias وروبرت ويلسون Robert Wilson تلك الأشعة عام 1964 بغير قصد, وتحتمت البداية بلا منافس وتزاحمت الاحتمالات حول كيفيتها, واعترف الفيزيائي هاوكنج قائلا: "إن كونا ذا بداية يستحيل مطلقا أن يكون بلا خالق", فوحدة البداية تقطع بوجود الخالق، وبالطبع وحدته ناهيك عن التصميم المتقن والنظام الثابت الذي أقر هاوكنج أنه "عماد تاريخ العلم التجريبي أجمعه". ويبحث الفيزيائيون -حالياً- عن أدلة تكشف نهاية الكون, وأحد الأساليب لتأييد احتمال الانكماش أو الكون المغلق Closed universe اصطلاحا هو تجاوز القيمة الحرجة للكثافة الوسطية للمادة في الكون وقيمتها: 10-29 جم\سم3؛ أي ما يعادل حوالي 5 ذرات أيدروجين في المتر المكعب، وهي في حدود القيمة المحسوبة حاليا للمادة المنظورة, وللمقارنة تبلغ قيمة كثافة الماء 1 جم\سم3 أي ما يعادل حوالي 500 بليون بليون بليون ذرة أيدروجين في المتر المكعب, والمعتقد حاليا وجود مادة غير منظورة بكميات هائلة تسمى المادة السوداء Black matter ترجح انكماش الكون.

وكلما انكمش الكون تزايدت كثافته، ومع تلاشي المسافات تصبح لا نهائية, ولكن تلاشي المسافة يعني انعدام المادة بحيث تتلاشي الكثافة, وهذا يعني توقف القوانين وبلوغ حالة يستوي فيها العدم والوجود في لحظة الفناء العظيم، وهي تماثل تماما لحظة الخلق العظيم حيث وجدت مادة الكون فجأة من عدم, تلك اللحظة المبهرة تسمى -فيزيائياً- لحظة التفرد Singularity لتوحد كافة تنوعات المادة في بنية أساسية واحدة, واللحظة التي يحتمل إعمال قوانين الفيزياء عندها أو قبلها تسمى الكثافة عندها كثافة بلانك Planck density وتبلغ 10 93 جم\سم3 أو ما يماثل 100 بليون مجرة مكدسة في حيز ضئيل لا يتجاوز مداه 10-35 متر (مسافة بلانك) عندما كان عمر الكون 10-43 ثانية (زمن بلانك) , ولك أن تقول إنه كان عدما عند اللحظة صفر فلا تعمل قوانين الفيزياء إلا مع توفر المادة بعد أجزاء ضئيلة للغاية من أول ثانية, فصفحة الكون ليست أبدية، وإنما ضمن منظومة طوي بعضها الزمن والبعض لم يظهر بعد للوجود، وإنما الكون ينحني على نفسه وينطوي في امتداد مستمر نحو نهايته إن شئت التعبير بالاستمرار, والتعبير الأدق أن يقال: إنه كان حين البناء في اتساع كما ترتفع طوابق البيت حين البناء، وعندما تحين ساعته يُعكس الاتجاه ليعود لأصل حالته, والقول إذن بأن الكون في اتساع مستمر يغفل عن قوانين تطوره، ويماثل القول بالخلق الفجائي للكائنات بلا أطوار.

وقد بلغ التمثيل في القرآن الكريم لحقائق الكون الخفية زمن التنزيل الغاية في الدقة والوفرة والاستيعاب بما لا يعارض حقيقة مكتشفة والقمة في التلطف بما لا يلفت عن غرض, فوصف الكون بالبناء، وجاء بتعبير السماء الدال على العلو بالنسبة للمتطلع من الأرض في مرونة يحدد مداه السياق, وجعل بروج النجوم لبنات والوجود آفاق بتعبير السماوات, ووظف دلالات لفظ السماء لتشمل طيفا واسعا من الكيانات التي تمتد فوق سطح الأرض ولذا طالها فرع شجرة في قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السّمَاءِ" [إبراهيم: 24] ، وبعيدا عن تصورات الكيفية قبل استقرار الحقائق فإن القرآن حاسم في جعل تنوعات التجمعات النجمية باسم البروج فوق عالم الكواكب الأدنى، حيث تسبح الشمس والقمر في محيط الوجود حولنا في قوله تعالى: "وَالسّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ" [البروج: 1] , وقرائن السياق قد تدل على الإطلاق فتمد دلالة لفظ السماء لتستوعب الكون الفيزيائي Physical universe أجمعه.

ولا يفوتك أن التعبير عن التوسع حين البناء برفع السماء تمثيلا جاء فيه فعل (الرفع) بصيغة الماضي بلا استثناء مما يقصر الاتساع على وقت البناء، ويعارض القول باستمراره إلى الآن, يقول تعالى: "أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبلِ كَيْفَ خُلِقَتْ. وَإِلَى السّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ" [الغاشية 17و18] ، ويقول تعالى: "وَالسّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ" [الرحمن: 7] ، ويقول تعالى: "اللهُ الّذِي رَفَعَ السّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا" [الرعد:2] ، وجاء التعبير عن الرفع بلفظ الخلق بيانا لتكامل البناء في قوله تعالى: "خَلَقَ السّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا" [لقمان: 10] ، إنه عمل كامل يمكن معاينته اليوم، ولذا ورد بيان خلقه بفعل (البناء) بالماضي كذلك بلا استثناء, يقول تعالى: "أَأَنتُمْ أَشَدّ خَلْقاً أَمِ السّمَاءُ بَنَاهَا. رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوّاهَا" [النازعات: 27و28] ، ويقول تعالى: "أَفَلَمْ يَنظُرُوَاْ إِلَى السّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا" [ق: 6] ، ويقول تعالى: "وَالسّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا" [الشمس: 5] ، وفي قوله تعالى: "وَالسّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنّا لَمُوسِعُونَ" [الذاريات: 47] ؛ فعل (البناء) بالماضي يفيد التكامل، ويرجح أن (مُوسِعُونَ) أي قادرون على إعادته كقوله تعالى: "عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُه" [البقرة: 236] ، أي القادر خاصة أنه غير (مُوَسِّعُون) أي نوسعها دوما.

فهل الكون في القرآن في ارتداد؟؛ هذا هو صريح الآيات، فالموعد قريب والكون كله كمثقلة على وشك الوضع، والأمر قد أتى ولم يصل بعد تأكيدا لتقدير سرعته، ولا دليل على أن سرعة الانتقال عند نهاية الكون ستصبح لحظية فجأة وتخرق قانونا يشهد بوحدة التقدير, وإذا كنا نشاهد الأطراف البعيدة في انحسار فذلك حالها يوم أن انطلق في الماضي السحيق الضوء المرصود الآن، أما حالها آنيا فلا يعلم به أحد سوى الله تعالى وحده, أليس الضوء مقدر السرعة؟ فكيف نقرأ إذن رسالة سُطِّرَت منذ بلايين السنين عند تشييد الطوابق قبل اكتمال ارتفاع هيكل البناء وكأنها كُتِبَت الآن؟ , وإن شئت أن تنال ما تستحقه الحقيقة من فزع فاسأل الجيران من المجرات في أقرب الآفاق تخبرك أقربهن على بعد 2 مليون سنة ضوئية أنها تقترب مسرعة، ولا نعلم شيئا عنها الآن, ولم يقل القرآن إن الكون في اتساع مستمر, وقوله تعالى: "وَالسّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنّا لَمُوسِعُونَ" [الذاريات: 47] ؛ لا يعني دوام التوسع بعد تكامل البناء، وإلا ما كانت للنهاية ساعة, وفي اللغة اسم الفاعل "مُوَسِّعُون" (بضم الميم وفتح الواو وتشديد وكسر السين) يعني دوام التوسعة، ولكن الذي في الآية "مُوسِعُون" (بضم الميم وتسكين الواو وكسر السين) ويعني دوام القدرة, والقدرة في مقام الخلق تعني إعادته.

وأصل اللفظ (مُوسِعُون) أي لذو سعة تمثيلا للقدرة والاستطاعة بالامتداد في المكان وتكشف قرائن السياق ماهية السعة, فتشمل أحوالا كسعة المكان وسعة الرزق وسعة الثراء وسعة القوة والقدرة والاستطاعة، وفي مقام خلق الكون تعني القوة والقدرة والاستطاعة على إعادته وتتضمن الدلالة على بالغ سعة امتداده وعظمته إيغالا في بيان الاقتدار فتعني ضمنا التوسعة الهائلة حين البناء, قال ابن جزي: "وسع يسع سعة من الاتساع ضد الضيق، والسعة الغنى، والواسع اسم الله تعالى، أي واسع العلم والقدرة والغنى والرحمة", وقال البغوي: " (وإنا لموسعون) قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- لقادرون", وقال الزمخشري: " (وإنا لموسعون) لقادرون من الوسع وهو الطاقة", وقال ابن حجر: "قوله لموسعون أي لذو سعة، وكذلك (على الموسع قدره) يعني في قوله تعالى (ومتعوهن على الموسع قدره) أي من يكون ذا سعة.. يعني القوي وروى ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح قال (وإنا لموسعون) قال أن نخلق سماء مثلها", وقال السمعاني: "قال مجاهد معناه يسع قدرتنا أن تخلق سماء مثلها", وقال الرازي: "وبناء السماء دليل على القدرة على خلق الأجسام ثانيا كما قال تعالى: (أَوَلَيْسَ الَذِي خَلَقَ السّمَاواتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىَ وَهُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ) [يس: 81] .

والقرآن الكريم يؤكد على قرب ساعة الميعاد؛ يقول تعالى: "أَزِفَتْ الْآزِفَةُ" [النجم: 57] , ويقول تعالى: "اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ" [الأنبياء: 1] , ويقول تعالى: "فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا" [محمد: 18] , "يَسْأَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنّكَ حَفِيّ عَنْهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ" [الأعراف: 187] ، وفي كل هذا كما قال ابن كثير وغيره (رحمهم الله جميعا) : "يخبر تعالى عن اقتراب الساعة وفراغ الدنيا وانقضائها، كما قال تعالى: "أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ" [النحل: 1] ", فكيف يُستبعد إذن أن يكون الكون في ارتداد والقوى تمضي مسرعة لا تحتاج مزيد استعجال ليكتمل طي كل الصفحات! , كما قال تعالى: "يَوْمَ نَطْوِي السّمَاءَ كَطَيّ السّجِلّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوّلَ خَلْقٍ نّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنّا كُنّا فَاعِلِينَ" [الأنبياء: 104] ، والسجل مسطح يُطوى يحوي كل الصفحات، ولا يظهر منه سوى طرفه القريب، وهو أدق وصف للكون المترابط البناء المنحني المحجوب, وأما بدء الخلق فحقيقة ساطعة قضت إلى الأبد على فرضية الكون الأزلي باسم الحالة الثابتة، وزيفت مستنداً مزعوماً فطواه الزمن, وتصريح القرآن بالتوسع الكوني -قبل أن يدركه بشر بقرون- دليل حاسم على التنزيل.

قصة تحريق عثمان -رضي الله عنه- للمصاحف

قصة تحريق عثمان -رضي الله عنه- للمصاحف المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 25/03/1426هـ السؤال أنا مسلمة ملتزمة، وعن فهم والحمد لله، المشكلة أنني مقتنعة أن الله لا يريدني أن أكون مسلمة لمجرد أني ولدت مسلمة، فإن لم أتفكر، فما الفرق بيني وبين المسيحيين، أو حتى المشركين الذين يعيب الله عليهم اتباعهم دين آبائهم دون تفكير؟ لذلك بدأت أقرأ عن المسيحية وأستمع للطرفين، والمشكلة أنني أريد أن أكون محايدة، مما يجعلني في موقف شك في كل شيء إلا وجود الله الخالق عز وجل، هل ما أفعله حرام وأنا مقتنعة من أنه حقي أن أختار الإسلام ديناً، وليس أن يفرض علي كما يرضى اليهود والنصارى. والأمر الآخر أرجو توضيح قصة حرق عثمان للمصاحف، وما هي القراءات؟ شكراً لكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: يقول الله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم " [البقرة:256] .

فاختيار الدين راجع لقرار الإنسان، ولذلك لم يجبر الإسلام أحداً على الدخول فيه ولم يحارب أحداً على الدخول في الإسلام، وإنما حارب من يقف بينه وبين تبليغه للناس، أو من يقف في طريق الناس لاتخاذ قرارهم في الإسلام أو عدمه، ولذلك بعد الفتوحات الإسلامية ترك الناس على أديانهم التي كانوا عليها قبل الإسلام، فمن شاء دخل فيه ومن شاء بقي على دينه، ولهم جميع الحقوق، ولكن بعد تبيين الحق يتحمل الإنسان مسؤولية قراره الديني والدين الذي ارتضاه لنفسه، ويتحمل خطأه إن كان أخطأ في الآخرة، أو يفوز بالنعيم الأبدي إذا أحسن اختيار القرار الصحيح، وليس هذا في الإسلام فحسب، بل حتى في اليهودية والنصرانية، بل في المسيحية الوضع أشد، فلا يعذر أحد بجهله كما هو معروف في يوم الدينونة، يوم يدين المسيح العالم على حسب اعتقادهم. أما في الإسلام فقد يعذر الإنسان بجهله، أو غيره من الأعذار التي قررها الإسلام في شرائعه. وأما ما يتعلق بالبحث بين الفروق بين الإسلام وغيره من الديانات فهذا ليس واجباً على المسلم، بل يكفي في المسلم إذا أراد أن يعرف الفروق بين الديانات أن يقرأ القرآن الكريم، ففيه كل شيء عن أحوال الديانات السابقة، وأيضاً فيه الرد عليها وبيان فسادها، ولا أفضل من التعبير الرباني في بيان الحق ورد الباطل. والأفضل في ذلك قراءة القرآن بتفهم وتدبر، والوقوف على بيان ميسَّر لبيان ألفاظه.

ومهمة البحث في أقوال أهل الديانات الأخرى من خلال كتبهم ومراجعهم فهذا ليس فيه فائدة؛ لأن الله أغنانا بالقرآن عن ذلك وهو أصدق الحاكمين، ولكن هذه المهمة ممكن أن تكون خاصة بأهل العلم، ممن يقوم بالدعوة في صفوف المخالفين أو مناقشتهم في معتقداتهم، وهذه لا ينبغي الإقدام عليها إلا ممن وثق في قوة حجته وقوة إيمانه ويقينه وتصديقه، لأنه قد يتعرض للفتنه والشبهات، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان كثيراً ما يدعو بقوله: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" أخرجه الترمذي (2140) . وأما الوصول إلى الشك في كل شيء إلا في وجود الخالق، فلا شك أنه حرام في كل الديانات، والشك لا يغني من الحق شيئاً، والشك ضده الإيمان وهو التصديق، أي التصديق بكل ما جاء عن خبر الصادق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا من شك فمعناه أنه ليس مؤمناً؛ لأن الإيمان هو التصديق، فالله أغنانا عن النظر في كلام المسيحيين مما ساقه هو في كتابه، فالأفضل الوقوف عنده. أما السؤال عن موضوع إحراق المصاحف فهذه شبهه يرددها المسيحيون للتشكيك في القرآن الكريم، وخلاصتها الصحيحة:

أنه في عهد عثمان - رضي الله عنه - وعلى التحديد عام ثلاثين للهجرة أخذت مهمة تعليم القرآن التي كانت موكولة إلى القراء تتعرض لخطر اختلاف القراءات باختلاف القراء المعلمين، وقول كل منهم إن قراءته هي الأدق، وخصوصاً بعد توسع الفتوحات الإسلامية، ودخول كثير من غير العرب في الإسلام، ومضى حذيفة بن اليمان الذي كان رفيق سعيد بن العاص في فتح أذربيجان، وأعلن عن تخوفه من أن يختلف الناس على القرآن، ومضى حذيفة إلى عثمان فأخبره بما رأى، وهو يقول: أنا النذير العريان فأدركوا الأمة. واستجاب لحذيفة، وقرر عثمان نسخ مصحف إمام، فأرسل إلى حفصة يطلب منها المصاحف التي كان قد نسخها أبو بكر فأرسلتها، وأمر زيداً ليقوم بالمهمة التي قام بها أيام أبى بكر، وضم إليه عبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقال لهم، إذا اختلفتم فاكتبوه بلسان قريش ففعلوا. وبعد أن نسخوا المصحف ردَّ عثمان إلى حفصة نسختها، وأرسل إلى كل أفق بمصحف وحرق ما سوى ذلك انظر صحيح البخاري (4988) . وحدد عثمان - رضي الله عنه - مع الكُتّاب - رضي الله عنهم - الأسس والمنهج الذي يعتمدون عليه في نسخ المصاحف العثمانية، وهي: 1- لا يكتب شيء إلا بعد التحقق من أنه قرآن. 2- لا يكتب شيء إلا بعد العلم بأنه استقر في العرضة الأخيرة التي عرضها جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم. 3- لا يكتب شيء إلا بعد التأكد أنه لم ينسخ. 4- لا يكتب شيء إلا بعد عرضه على جمع من الصحابة. 5- إذا اختلفوا في شيء من القرآن كتبوه بلغة قريش. 6- يحافظ على القراءات المتواترة، ولا تكتب قراءة غير متواترة. 7- اللفظ الذي لا تختلف فيه وجوه القراءات يرسم بصورة واحدة. فالضوابط التي حددها عثمان -رضي الله عنه- لا تجعل مجالاً للشك في أن الذي بين أيدي المسلمين اليوم إنما هو عين القرآن الذي أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وما فعله الخليفة عثمان -رضي الله عنه- كان محل الرضى من الأمة ومن جميع الصحابة. وهذا خلاصة ما فعله الخليفة عثمان رضي الله عنه، مع العلم أن بعض المسيحيين يزيدون وينقصون في هذه القصة، ويأخذون بعض الأقوال الشاذة، ويبرزونها على أنها الحقيقة، وهذا مخالف للمنهج العلمي كما هو معروف، فالمنهج العلمي ألا يؤخذ من الخصم إلا ما صح عند الخصم نفسه، وهكذا. وأما عن القراءات فهي تعني كيفية النطق بكلمات القرآن، وغالبها في أداء التلاوة وكيفية النطق بكلماتها كالإدغام والإظهار والتَفخيم والترقيق والمَد والقَصْر والتليين، وهلم جرا، وليس معناها آيات جديدة، أو قرآن جديد. وضابط القراءات المقبولة: كل قراءة وافقت أحد المصاحف العثمانيّة، ولو تقديرًا، ووافقت اللغة العربية ولو بوجه وصحّ إسنادها، ـ فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردُّها ولا يحل إنكارُها. وسبب تعدد القراءات مرجعه إلى النقل واللغة العربية، فليس لأحد أن يقرأ القرآن برأيه المجرد، بل القراءة سنة متبعة، بمعنى أن القراءة توقيفية أي مردها إلى الشارع الحكيم، فمتى ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ بها جازت، وإلا فلا. والله أعلم.

هل تلقى جبريل القرآن عن اللوح المحفوظ؟

هل تلقى جبريل القرآن عن اللوح المحفوظ؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 19/07/1426هـ السؤال هل هذه العبارة صحيحة: (تلقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن عن جبريل -عليه السلام- عن اللوح المحفوظ، عن رب العزة؟) الجواب الحمد لله، وبعد: مذهب أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله تكلَّم به وألقاه إلى جبريل الروح الأمين، فنزل به فأوحاه إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- فألقاه على سمعه وقلبه، فابتداء نزول القرآن على النبي -صلى الله عليه وسلم- من ربه بواسطة الرسول الكريم جبريل، قال الله تعالى: (وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) [الشعراء: 192-195] . وقال تعالى: (قل نزله روح القدس من ربك بالحق) [النحل: 102] . وقال تعالى: (إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين) [التكوير: 19-20] ، وقال تعالى: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) [الزمر: 1] . وهذه العبارة المذكورة في السؤال تقتضي أن جبرائيل -عليه السلام- لم يسمع القرآن من الله، وإنما أخذه من اللوح المحفوظ. نعم القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ، واللوح المحفوظ هو أم الكتاب، كما قال تعالى: (إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) [الزخرف: 3-4] . وقال تعالى: (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) [البروج: 21-22] . وبهذا يتبين أن العبارة غير صحيحة؛ لما تتضمنه من المعنى الفاسد، وهو أن جبريل لم يسمع القرآن من الله، وهذا مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة وغيرهم، يقولون: إن الله لا يتكلم وهذا القرآن مخلوق، بل كل كلام يضاف إلى الله فهو مخلوق، والأشاعرة يقولون: إن كلام الله معنىً نفسي قديم لا يُسمع منه ولا تتعلق به مشيئته، وهذا القرآن المكتوب في المصاحف، المتلو بالألسن، المحفوظ المسموع هو عبارة عن المعنى النفسي. وحقيقة قولهم أن هذا القرآن مخلوق، فشابهوا بذلك المعتزلة، وهذه مذاهب مبتدعة باطلة مناقضة للعقل والشرع، ومناقضة لمذهب أهل السنة والجماعة من السلف الصالح من الصحابة والتابعين -رضوان الله عليهم- والله أعلم.

هل قرأ ابن مسعود هذه الآية هكذا؟!

هل قرأ ابن مسعود هذه الآية هكذا؟! المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 24/10/1426هـ السؤال السلام عليكم ذكر الحافظ الزيلعي في كتاب "نصب الراية" رواية عن مؤلف كتاب "التنقيح" ان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- نسي كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتلو قول الله تعالى: "وما خلق الذكر والأنثى" فما صحة ذلك؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الغر الميامين، وبعد: فقد ذكر هذا القول الزيلعي في نصب الراية (1/397-402) ، نقلاً عن كتاب تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي، وهو فيه (2/778) نقلاً عن الإمام أبي بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب النيسابوري الصِّبغي (ت342هـ) . وهو قول ذكره هذا الإمام ليُقابل به قَوْلَ من ردَّ رفع اليدين في الصلاة قبل الركوع وبعد التشهد الأوّل، وهو ثابت من حديث عدد من الصحابة، ذكر البخاري في جزء (رفع اليدين) أنهم سبعة عشر صحابياً، فأراد ذلك الرادُّ أن يدفع هذا كُله لمجرّد أن ابن مسعود -رضي الله عنه- لم يحفظ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا رفعاً واحداً عند تكبيرة الإحرام. فأراد هذا الإمام أن يُقابل غُلُوَّ هذا الرادّ بقول يردعُه، وهو أن هذا النقل عن ابن مسعود -رضي الله عنه- لو ثبت (لأن في ثبوته خلافاً) ، فيبقى احتمال نسيان ابن مسعود -رضي الله عنه- وارداً. فإن قيل: كيف ينسى ابن مسعود -رضي الله عنه- هذا الأمر المشهور من أمر الصلاة المتكررة أمامه من فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فيُجاب عليه بما ذكره أبو بكر الصِّبغي: أن ابن مسعود -رضي الله عنه- نسي ما لا ينساه أحدٌ، بمعنى أن الحافظ القوي الحفظ قد ينسى ما لا ينساه أحد، كما أنّ الذكي الشديد الذكاء قد يغفل ويستغلق عليه ما لا يستغلق على بُلداء الخلق أحياناً.

هذا هو قول هذا الإمام، وهو قول غير مرضي، وبيان ذلك كالآتي: 1- أما تطبيق ابن مسعود -رضي الله عنه- في الركوع، وهو أن يشبك بين أصابع كفّيه، ويضعهما بين فخذيه، وأنه لم يكن يأخذ بركبته، وهو ثابت من فعله وحثه عليه، كما في صحيح مسلم (534) . فهو محمول على أنه كان يرى جواز التطبيق، وجواز الأخذ بالركب، لا على النسيان، إذ كيف ينسى هيئة الصلاة وسبع عشرة ركعة يصليها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومع أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-. أما ما جاء من حثِّه على هذا الفعل، فلا يقطع بأنه كان لا يُجَوِّزُ الأخذ بالركب، ولكنه خشيّ -حسب اجتهاده في المسألة- أن يُظنَّ عدمُ جواز التطبيق، ورأى كثرة الآخذين بالركب وغلبتهم، فرأى أن يحث على التطبيق، ليتقرّر جوازه عند الناس. ولولا أن هذا الاجتهاد كان سائغاً في زمن الصحابة، وإن كان عندهم مرجوحاً لما سكتوا عنه، ولألزموه الحجّة بعدم صحّة فعله هذا. 2- وأمّا وضع المرافق في السجود، فهو ثابت أيضاً عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2670، 2676) ، بإسنادين صحيحين عنه، أنه قال: "هُيّئت عظامُ بني آدم للسجود، فاسجدوا حتى بالمرافق"، وأحد الإسنادين اقتصر على العبارة الأخيرة. وهذا القول ليس شاذاً غريباً، ولابن مسعود -رضي الله عنه- من يوافقه من السلف، كما تراه في المصنّف لابن أبي شيبة (2/104-106) . وإذا حمل قول ابن مسعود هذا على الجواز عند الإعياء والتعب من طول السجود، فهو قول وجيه لأهل العلم. 3- وأمّا أن ابن مسعود -رضي الله عنه- كان يقرأ سورة الليل: "والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى" دون أن يقرأ "وما خلق الذكر والأنثى" فهو أيضاً ثابتُ عنه في صحيح البخاري (3742، 3743، 3761، 4943، 4944، 6278) ، وفي صحيح مسلم (824) .

ولكن أوّلاً: لم ينفرد بها ابن مسعود -رضي الله عنه- بل وافقه على ذلك أبو الدرداء -رضي الله عنه- كما في الصحيحين (المواضع السابقة) . وهذا يدلّ على أن هذه القراءة إحدى الأحرف السبعة التي تنزل بها القرآن، وليست خطأ ولا نسياناً من هذين الصحابيين الجليلين القارئين -رضي الله عنهما-. ولكن بعد أن جمع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- الأمة على مصحف واحد، خشية أن لا تعي ما وعاه الصحابة -رضوان الله عليهم- من شأن الأحرف السبعة، وأجمع الصحابة على قبول فعله هذا، وأجمعت الأمة عليه، أصبح من غير الجائز أن يُقرأ بغير ما في المصحف العثماني، وأصبحت موافقة القراءة لمصحفه شرطاً من شروطٍ ثلاثةٍ لقبول صحة القراءة عند جميع الأمة. وهذا ما يفسِّرُ ثبوت قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء كليهما لسورة الليل، كما في المصحف "وما خلق الذكر والأنثى" بالتواتر عنهما؛ لأنهما اثنان ممن اتصلت أسانيدُ القُرّاء بهم من الصحابة -رضي الله عنهم-. فقراءة ابن مسعود وأبي الدرداء بالقراءة الموافقة لخطّ المصحف، وتركهما القراءة الأخرى، يدل على أنهما تركاها لما خالفت إجماع الصحابة -وهما منهم- على مصحف عثمان -رضي الله عنه-. والشاهد: أن ابن مسعود -رضي الله عنه-لم يقرأ بتلك القراءة نسياناً، ولا تركها نسياناً بل قرأ بها قبل إجماع الأمة على مصحف عثمان، وتركها بعد إجماعها عليه.

ومع هذا كله، ومع خطأ أبي بكر الصِّبغي في تقريره لهذه المسائل، وأنها نسيانٌ من ابن مسعود -رضي الله عنه- إلا أنه يصح أن يُحْتَجَّ بها على من خالف الثابت عن العدد الوفير من الصحابة -رضي الله عنهم- في رفع اليدين قبل الركوع وبعده؛ بأن ابن مسعود -رضي الله عنه- لم يكن يفعله، أو لم يكن يعلم به. وذلك بأن يقال له: أنت تخالف الظاهر من تلك الروايات الثلاث عن ابن مسعود في الركوع والسجود والقراءة، وأوجدت لذلك التخريجات والتأويلات الصحيحة، فلماذا لا تفعل ذلك مع رواية ابن مسعود -رضي الله عنه- في مسألة رفع اليدين؟! وثبوتُ خلافها للراجح لائح واضح. وهذا هو ما فعله الإمام الشافعي في الأمّ (7/184-189) ، حيث ذكر مسائل عديدة، منها مسألة تطبيق الركوع، ووضع المرافق في السجود، مما يقول به ابن مسعود -رضي الله عنه- وخالفه الحنفيّة. ليذكَّرهم أن مخالفة ابن مسعود -رضي الله عنه- إذا جاء الدليل بخلاف قوله، أو الرواية أقوى مما رُوي عنه، ليس أمراً جديداً على الفقه، ولا على فقههم هم أنفسهم، فلا ينبغي أن تكون مخالفته مجرّدةً دليلاً على مجانبة الصواب. هذا والله أعلم. والحمد لله على أفضاله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله.

الإعجاز العلمي في قوله "إذا بلغ مغرب الشمس ... "

الإعجاز العلمي في قوله "إذا بلغ مغرب الشمس ... " المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 03/11/1426هـ السؤال يؤرقني تفسير الآية (86) من سورة الكهف: "حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة...." رجاء التفسير في ضوء الحقائق العلمية المسلَّم بها حالياً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فجوابا على السؤال حول معنى قوله تعالى: "حَتّىَ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ" [الكهف:86] , ومدى مطابقته للواقع؛ أقول مستعينا بالله -تعالى- سائله العون والتوفيق: (1) في أعماق البحار شقوق تدفع بحمم حامية ملتهبة:

اكتشف علماء الجيولوجيا حديثا أن القشرة الأرضية مقسمة بشبكة من الصدوع العميقة إلى قطع متجاورات يسمى كل منها لوحًا (Plate) بالإضافة إلى عدة ألواح صغيرة تسمى لويحات (Platelets) , وتطفو هذه الألواح على طبقة شبه منصهرة، وتصعد الصهارة (Magma) من بينها في قيعان المحيطات، لتضيف مادة جديدة إلى كل لوحين متجاورين، وبالزيادة من طرف تنقص الألواح من الطرف الآخر دوما بالانثناء تحت طرف الألواح المجاورة, وهكذا تبين تميز وجود صدوع عميقة في منتصف المحيطات (Mid-Oceanic Rifts) تمتد لتغطي القشرة الأرضية بأكملها، وقد يصل عمقها إلى حوالي (150كم) بعمق القشرة ذاتها في أسمك منطقة, وتبين كذلك أن جميع القارات المعلومة اليوم وما يميزها من جبال تتحرك بحركة الألواح التي تحملها متقاربة أو متباعدة عن بعضها البعض حركة بطيئة، لتحقق مسافة لا تتجاوز عدداً قليلاً من السنتيمترات كل سنة، ولكنها حركة مستمرة, فمثلاً يتسع شق البحر الأحمر بنسبة (3 سم) في السنة، وشق خليج كاليفورنيا بنسبة (6سم) في السنة، ويعتقد حاليا بأن القارات الشابة كانت متكتلة مع بعضها البعض منذ حوالي (200) مليون سنة، لتكون قارة وحيدة ضخمة وسط محيط واحد, ومع انقسامها سمي الصدع الأصلي

بصدع المنتصف الأطلنطي (Mid-Atlantic Ridge) ومازال إلى اليوم يمثل منطقة نشطة بركانياً, وفي مناطق الوديان العميقة في منتصف المحيطات (Mid-Ocean Rifts) حيث تلتقي الألواح القارية تتوقد الأعماق بنيران لا يقدر ماء المحيطات كله على إطفائها, وتبلغ درجة الحرارة في تلك المناطق البركانية النشطة الألف درجة مئوية, وفي قوله تعالى: "وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ. إِنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ" [الطور:6و7] ترجع عظمة القسم على المقسوم به كدليل على الوحي, ولفظ (البحر) اسم جنس يعني البحار العظيمة في سياق نظرة شمولية للعالم حاليا تنذر بخرابه مستقبلا في جواب القسم "إِنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ", ووصف البحر بلفظ (المسجور) يعني أن قاعه ملتهب يتقد بالنيران، كما في قوله تعالى: "ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ" [غافر:72] أي توقد تحتهم، لأن (السجر) هو الإيقاد في التنور. وأما قوله تعالى: "وَإِذَا الْبِحَارُ سُجّرَتْ" [التكوير: 6] فيعني أن نيران القاع محجوزة وينذر باندفاعها لتصبح منظورة لاحقاً بياناً لدمار العالم مستقبلاً, ولم تعرف صدوع منتصف المحيط (Mid-OceanRifts) إلا بعد الحرب العالمية الثانية خلال نظرية الألواح التكتونية (Tectonic Plates) التي صيغت في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي فقط. ومن الناحية العلمية تمثل تلك الصدوع الملتهبة المتصلة والممتدة عميقا أبرز معلم لقشرة الأرض, ولذا في قوله تعالى: "وَالأرْضِ ذَاتِ الصّدْعِ" [الطارق:12] وقوله تعالى: "وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ" يعتبر سبق القرآن بالإشارة إلى هذه الحقائق المخبوءة عميقا تحت سطح المحيطات دليلاً جازماً على أنه كلام الله العليم الحكيم. (2) مشهد غروب الشمس في البحر مبني على رأي العين:

الواقع أن جرم الشمس أكبر كتلة وحجما من كواكبها وأقمارها مجتمعة، حيث يحوي وحده ما يقدر فلكيا بنسبة (99.86%) من كتلة النظام الشمسي, وتبلغ كتلتها (1.99) × (10 أس 30) كجم [وللاختصار يصطلح رياضيا بالأس لتضاعيف الأعداد, والقيمة (10 أس 3) تعني 1 أمامه 3 أصفار (1000) وكذلك القيمة (10 أس 30) تعني 1 أمامه 30 صفراً] ، أي (333.1325) ألف مرة قدر كتلة الأرض التي تبلغ (5.9736) × (10 أس 24) كجم, ويبلغ متوسط نصف قطر الشمس حوالي (696) ألف كم، بينما يبلغ نصف قطر الأرض (6371.3) كم, ونظراً لضخامة الشمس يمكن أن تستوعب حوالي (1.3) مرة قدر حجم كوكب الأرض, ومع أن قرص الشمس يبدو كالقمر حجما قطع القرآن بأنه حقيقة أكبر على لسان نبي الله إبراهيم (عليه السلام) محاججا قومه في قوله تعالى: "فَلَماّ رَأَى الشّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هََذَا رَبّي هََذَآ أَكْبَرُ فَلَمّآ أَفَلَتْ قَالَ يَقَوْمِ إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تُشْرِكُونَ" [الأنعام:78] ، ولا يتوهم إذن أن القرآن يقرر أن جرم الشمس صغير حتى تهبط حقيقة في بحر من بحار الأرض؛ لأن التعبير (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) قائم على النسبة لسكان الأرض كما ترى العين، نحو قوله تعالى: "قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنّ اللهَ يَأْتِي بِالشّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ" [البقرة:258] ، وعلى هذا اتفق الجمع الغفير من المفسرين سلفا وخلفا؛ قال ابن الجوزي: "ربما توهم متوهم أن هذه الشمس على عظم قدرها تغوص بذاتها في عين ماء وليس كذلك.. وإنما وجدها تغرب.. كما يرى راكب البحر الذي لا يرى طرفه أن الشمس تغيب في الماء، وذلك لأن ذا القرنين انتهى إلى آخر البنيان" [زاد المسير لعبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي المتوفى سنة (597 هـ) , المكتب الإسلامي بيروت (1404 ط3) , (ج5ص186) ] .

وقال البيضاوي: "بلغ ساحل المحيط فرآها كذلك إذ لم يكن.. (أمام) بصره غير الماء، ولذلك قال (وجدها تغرب) ، ولم يقل (كانت تغرب) " [أنوار التنزيل وأسرار التأويل لأبي سعيد عبد الله بن عمر الشيرازي البيضاوي المتوفى (سنة 791 هـ) , دار الفكر بيروت (1416) , (ج3ص520) ] . وقال الرازي: "الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة، فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض.. (و) أول الليل عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق, بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد، ووقت الظهر في بلد آخر، ووقت الضحى في بلد ثالث، ووقت طلوع الشمس في بلد رابع، ونصف الليل في بلد خامس، وإذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء والاعتبار، وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يقال أنها تغيب (حقيقة) في الطين والحمئة كلاما على خلاف اليقين, وكلام الله –تعالى- مبرأ عن هذه التهمة فلم يبق إلا أن يصار إلى التأويل" [التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب لابن خطيب الري فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفى (سنة 606 هـ) , دار الكتب العلمية بيروت (1421) , (ج21ص142) ] . وقال البغوي: "معنى قوله: (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) .. في رأي العين" [معالم التنزيل للحسن بن سعيد الفراء البغوي المتوفى (سنة 516 هـ) , دار المعرفة بيروت (1407 ط) , (ج3ص179) ] . وقال أبو حيان: "أي فيما ترى العين" البحر المحيط لأبي حيان في تفسير الآية.

وقال القرطبي: "ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربا ومشرقا حتى وصل إلى جرمها ومسها؛ لأنها مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض، بل هي أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة، بل المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض، ولهذا قال: "حَتّىَ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىَ قَوْمٍ لّمْ نَجْعَل لّهُمْ مّن دُونِهَا سِتْراً" [الكهف:90] ، ولم يُرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم، بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم" [الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى (سنة 671 هـ) , دار الشعب القاهرة (1372ط2) , (ج11ص49) ] . وقال السعدي: " أعطاه الله ما بلغ به مغرب الشمس، حتى رأى الشمس في مرأى العين كأنها تغرب في عين حمئة أي سوداء، وهذا هو المعتاد لمن كان بينه وبين أفق الشمس الغربي ماء رآها تغرب في نفس الماء وإن كانت في غاية الارتفاع" [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي المتوفى (سنة 1376 هـ) , مؤسسة الرسالة (بيروت 1421) , (ص485) ] .

وقال الألوسي: " (حَتّىَ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشّمْسِ) أي منتهى الأرض من جهة المغرب، بحيث لا يتمكن أحد من مجاوزته، ووقف كما هو الظاهر على حافة البحر المحيط الغربي الذي يقال له أوقيانوس.. (و) جرم الشمس أكبر من جسم الأرض بأضعاف مضاعفة، فكيف يمكن دخولها في عين ماء في الأرض؟ وهو مدفوع بأن المراد: وجدها في نظر العين كذلك إذ لم ير هناك إلا الماء، لا أنها كذلك حقيقة، وهذا كما أن راكب البحر يراها إذا لم ير الشط كأنها تطلع من البحر وتغيب فيه إذا لم ير هناك إلا الماء لا أنها كذلك حقيقة، والذي في أرض ملساء واسعة يراها أيضا كأنها تطلع من الأرض وتغيب فيها.. فالشمس على ما هو الحق لم تزل سائرة طالعة على قوم غاربة على آخرين بحسب آفاقهم.. ويدل على ما ذكر ما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء في فلكها، فإذا غربت جرت بالليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من شرقها وكذلك القمر" [روح المعاني لشهاب الدين الألوسي المتوفى (سنة 1270 هـ) , دار إحياء التراث العربي بيروت (ج16ص31) ] . وأوجز سيد قطب فهم المفسرين -رحمهم الله تعالى أجمعين- بقوله: "ومغرب الشمس هو المكان الذي يرى الرائي أن الشمس تغرب عنده وراء الأفق، وهو يختلف بالنسبة للمواضع، فبعض المواضع يرى الرائي فيها أن الشمس تغرب خلف جبل، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الماء كما في المحيطات الواسعة والبحار، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الرمال إذا كان في صحراء مكشوفة على مد البصر, والظاهر من النص أن ذا القرنين غَرَّبَ حتى وصل إلى نقطة على شاطئ المحيط الأطلسي، وكان يسمى بحر الظلمات ويظن أن اليابسة تنتهي عنده، فرأى الشمس تغرب فيه" [في ظلال القرآن لسيد قطب المتوفى (سنة 1386 هـ) , طبعة دار الشروق] . (3) شقوق أعماق المحيطات تدفع بصهارة حارة تسود بالتبرد:

قال الألوسي: "وجدها أي الشمس (تغرب في عين حمئة) أي ذات حمأة وهي الطين الأسود.. وقرأ عبد الله وطلحة بن عبيد الله وعمرو بن العاص وابنه عبد الله وابن عمر ومعاوية والحسن وزيد بن علي وابن عامر وحمزة والكسائي (حامية) .. أي حارة" [روح المعاني للألوسي (ج16ص31) ] . وقال الصنعاني: "عن الحسن في قوله تعالى (حمئة) قال حارة" [تفسير عبد الرزاق بن همام الصنعاني المتوفى (سنة 211 هـ) , مكتبة الرشد الرياض (1410) , (ج2ص410) ] . وقال ابن عاشور: " (حامية) .. أي حارة، من الحمو وهو الحرارة" [التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن عاشور المتوفى (سنة 1393) هـ, الدار التونسية (1984م) , صفحة: (2573) ] . وقال الطبري: "والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان.. ولكل واحدة منهما وجه صحيح" [تفسير محمد بن جرير الطبري المتوفى (سنة 310 هـ) , دار الفكر بيروت (1405) , (ج16ص11) ] . وقال الرازي: "فجائز أن تكون العين جامعة للوصفين جميعا" [التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب للرازي (ج21ص142) ] . وبمثلهما قال النحاس [معاني القرآن لأبي جعفر أحمد بن إسماعيل النحاس المتوفى (سنة 338 هـ) , جامعة أم القرى مكة المكرمة (1409) , (ج4ص288) ] . (4) الشقوق الملتهبة في قيعان المحيطات هي أبرز معالمها: قال الشنقيطي: "قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: أي رأى الشمس تغرب في البحر المحيط.. ومقتضى كلامه أن المراد بالعين في الآية البحر المحيط.. والعين تطلق في اللغة على ينبوع الماء.. فاسم العين يصدق على البحر لغة.. وكون من على شاطئ المحيط الغربي يرى الشمس في نظر عينه تسقط في البحر أمر معروف، وعلى هذا التفسير فلا إشكال في الآية، والعلم عند الله تعالى" [أضواء البيان لمحمد الأمين بن محمد بن المختار الجكني الشنقيطي المتوفى (سنة 1393) , دار الفكر بيروت (1415 هـ) , (ج3ص341) ] .

وقال القرطبي: "قال القتبي: ويجوز أن تكون هذه العين من البحر" [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ج11ص49) ] . وبمثله قال أبو حيان والنحاس, ومقتضى كلامهم أن تلك العيون من لوازم المحيطات وأنها متصلة، وفي كل محيط عين حامية حمئة مما يتفق مع وجود فوهات تدفع بحمم الصخور النارية الداكنة خاصة في المحيط الغربي أو الأطلسي, وعلى هذا الوجه يكون في التعبير إيجاز حذف اكتفاء بشهرة معلوم، وهو مشهد غروب الشمس بالمحيط، وعبر عن المحيط بلازمه الذي لم تشاهده عين وهو شقوق قاعه, ولا يأبى السياق التقدير (وجدها تغرب في مرأى العين في محيط ذي عين حمئة) ؛ أي يطفح قاعه بمواد صخرية نارية سوداء من عيون متصلة بطول المحيط, واحتمل الألوسي كلا الوجهين بقوله: "المراد بالعين الحمئة إما عين في البحر أو البحر نفسه، وتسميته عينا مما لا بأس به" [روح المعاني للألوسي (ج16ص32) ] . والمعنى أن البحر المحيط نفسه أو شق في قاعه يدفع على الدوام بمواد ملتهبة قاتمة وهو ما يتفق مع الواقع بالفعل, وخص القرآن للمحيط الغربي أو الأطلسي بالبيان يتفق مع كونه المحيط المتميز بالصدع الأصلي والأعظم عندما كانت القارات كلها متصلة في قارة واحدة, وعلى هذا الوجه يتضمن النص الكريم إخباراً بغيب لا يعلمه بشر زمن الوحي يصف خفايا أعمق مما شاهده ذا القرنين، وما يشاهده جميع الناس على سواحل المحيطات عند الغروب, والله تعالى أعلم.

ـــــ السنة النبوية وعلومها ـــــ

السنة النبوية وعلومها

تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها

وافدة النساء المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 24/7/1422 السؤال ما رتبة الحديث الذي رواه البيهقي في شعب الإيمان " أن أسماء بنت يزيد الأشهلية الأنصارية أتت النبي فقالت: إني وافدة النساء إليك ... إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: انصرفي.. من خلفك من النساء.... تهلل وتكبر استبشاراً "، أفتونا مأجورين. الجواب أيها الأخ السائل: أشكر لك حرصك على معرفة صحة الحديث من ضعفه، في الوقت الذي يتهاون فيه كثير من الناس بهذه القضية مع أهميتها، فزادك الله هدى وتوفيقاً. أما ما سألت عنه - وفقك الله - من الحديث، فقد رواه البيهقي في " شعب الإيمان " (15/248) رقم الحديث8369 عن وافدة الأنصار، فهو مروي من حديث أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنها، ومن حديث ابن عباس رضي الله عنه. فأما حديث أسماء، ففي سنده عبد الله بن سعيد الساحلي، وقد بحثت عنه كثيراً فلم أجد له ترجمة تبيّن حاله، وعليه فهو في عداد المجاهيل؛ إذ لو كان معروفا بالرواية لم تغفله كتب التراجم على كثرتها. وأما حديث ابن عباس -رضي الله عنه- فضعيف الإسناد جداً؛ لأنه من رواية رشدين بن كريب. قال عنه الإمامان أحمد والبخاري: منكر الحديث، والله أعلم.

حديث ... هل أنشره في الإنترنت؟!

حديث ... هل أنشره في الإنترنت؟! المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 24/7/1422 السؤال ما صحة هذا الحديث؟ وهل تنصحوني بنشره إذا كان صحيحاً في المنتديات؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: " من قال حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شئ قدير " عشر مرات كتب الله بكل واحدة قالها عشر حسنات، وحط الله عنه عشر سيئات، ورفعه الله بها عشر درجات، وكن له كعشر رقاب، وكن له مسلحة من أول النهار إلى آخره ولم يعمل يومئذ يقهرهن"، وحين يمسي له مثل ذلك. الجواب السلام عليك ورحمته وبركاته، وبعد، فبين يدي جواب سؤالك، فإني أحمد لك أمرين دلت عليهما مسألتك: أولهما: حرصك على نشر الخير، ودلالة إخوانك المسلمين عليه، من خلال نشر هذا الحديث في المنتديات التي طفحت بفضول القول ومكرور الكلام. وثانيهما: تثبتك في عملك، وسؤالك عن صحة الخبر قبل نشره، وخيراً صنعت إذ سألت، وقد أحسن من انتهى إلى ما علم. زادك الله بصيرة وهدى، وجعلك من مفاتيح الخير ودعاة الحق، ثم إني أختصر لك الجواب اختصاراً في نقاط: الأولى: هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه أحمد في (المسند 23568) من حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من قال حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير (عشر مرات) كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات، وحط عنه بها عشر سيئات، ورفعه الله بها عشر درجات، وكن له كعشر رقاب، وكنّ له مسلحة من أول النهار إلى آخره، ولم يعمل يومئذ عملاً يقهرهنّ، فإن قال حين يمسي فمثل ذلك " وهو حديث صحيح. وهو عند البخاري (6404) مختصراً، بمعناه، وفيه " كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل "، وعند مسلم (2693) بمعناه مختصراً، وقال:" كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل ". ثانياً: جاء معنى الحديث عن جمع من الصحابة منهم: أبو هريرة، ومعاذ بن جبل، وأبو أمامة، وعبد الرحمن بن غنم، وأبو عياش، وغيرهم. وانظرها في (الترغيب والترهيب) ، باب (الترغيب في أذكار يقولها بعد صلاة الصبح) و (سلسلة الأحاديث الصحيحة) رقم (2563) . ثالثاً: اختلفت الروايات في عدد الرقاب التي تعدل هذا الذكر، قال الحافظ في (الفتح) : " واختلاف هذه الروايات مع اتحاد المخرج يقتضي الترجيح بينها، فالأكثر على ذكر أربعة ". رابعاً: ظاهر إطلاق الحديث أن الأجر يحصل لمن قال هذا التهليل في اليوم متوالياً أو متفرقاً في مجلس، أو مجالس في أول النهار أو آخره، لكن الأفضل أن يأتي به أول النهار متوالياً، ليكون له حرزاً جميع نهاره، وكذا في أول الليل ليكون له حرزاً في جميع ليله. خامساً: ترتب هذا الثواب العظيم على هذا الذكر دليل على شرفه، وفضله، وعظيم ما احتواه من المعاني، ففيه توحيد الله - جل جلاله - بقوله: (لا إله إلا الله) ، وتأكيد هذا التوحيد بقوله: (لا شريك له) ، وتمجيده - جل وعلا - بقوله: (له الملك) ، وحمده -سبحانه وتعالى - بقوله: (له الحمد) ، والثناء عليه وتعظيمه - سبحانه - بقوله: (وهو على كل شيء قدير) . فمن قال هذا الذكر فقد وحد ربه، ومجّده، وحمده، وعظّمه، وأثنى عليه، وهو - سبحانه - أهل الثناء والمجد، جل ربنا وتعالى وتقدس. سادساً: ما ذكر في هذا الحديث من ثواب هذا الذكر ليس حصراً للثواب، وإنما ذكر لبعضه، وللذكر فوائد وثمرات طيبة مباركة من أجلّها: ذكر المولى - جل وتقدس - لعباده الذين يذكرونه: "فاذكروني أذكركم " فهل ثمة شرف لهذا المخلوق الضعيف أعظم من أن يذكره مالك الملك في الملأ الأعلى؟ كما في الحديث القدسي " وإن ذكرني في ملإٍ ذكرته في ملأ خير منهم ". أخرجه البخاري (7405) . وارجع - زادك الله توفيقاً وهدى - إلى مقدمة (الوابل الصيّب) للإمام الرباني ابن القيم، فإنه سيوقفك على فوائد مجتناة في فضل الذكر يفصلها لك بِنَفَس العالم المتألّه الذي عرف فوصف، وذاق طعم المناجاة والذكر، فأخبر عنها خبر العارفين. سابعاً: في هذا الحديث مشهد من مشاهد كرم الله وجوده، وسعة فضله، حيث يعطي هذا العطاء الغامر ثواباً لعمل يسير لا يأخذ من جهدك ووقتك إلا أقل القليل، ولكنه عطاء الكريم الغني، كما أن فيه دلالة على باب من أبواب الخير، وطريق من طرق كسب الثواب، وكان من فضل الله - جل جلاله - أن نوّع طرق الخير ويسرها، حتى يجد كل ما يناسبه ويقدر عليه، وقد بوب النووي ـ رحمه الله ـ في كتابه الماتع (رياض الصالحين) باب في كثرة طرق الخير، وألف الحافظ الدمياطي كتابه الحفيل (المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح) فجمع فيه فأوعى من الأحاديث الدالة على أنواع من أعمال الخير مثاب عليها بعظائم الأجور، وهو لك مفيد إذا رجعت إليه مع التثبت من صحة الأحاديث المذكورة فيه. جعلنا الله وإياك من المسارعين إلى الخيرات، ورزقنا إخلاص القصد، وصدق القول، وصلاح العمل، والله أعلم.

هذا حديث موضوع

هذا حديث موضوع المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 3/8/1422 السؤال وجدت الحديث التالي وأريد أن أعرف معناه ومدى صحته من إحدى المنتديات عن أبي هريرة رفعه قال: ((كلم الله هذا البحر الغربي، وكلم البحر الشرقي، فقال للغربي: إني حامل فيك عباداً من عبادي، فكيف أنت صانع بهم؟)) قال أغرقهم قال: بأسك في نواحيك، وحرمه الحلية والصيد وكلم هذا البحر الشرقي، فقال: إني حامل فيك عباداً من عبادي، فما أنت صانع بهم؟ ((قال: أحملهم على يدي، وأكون لهم كالوالدة لولدها، فأثابه الحلية والصيد. ثم قال لا تعلم أحداً)) جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: أولاً: الحديث موضوع مكذوبٌ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا تجوز نسبته إليه -صلى الله عليه وسلم- بحالٍ من الأحوال. وبيان ذلك أن الحديث باللفظ الذي ذكره السائل أخرجه البزار في مسنده (كما في كشف الأستار عن زوائد البزّار: 2/265 - 266 رقم 1669) ، من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال البزّار عقبه: "تفرّد به عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة: عبدُ الرحمن، وهو منكر الحديث وقد رواه سهيل، عن النعمان بن أبي عياش، عن عبد الله بن عمرو موقوفاً)) . فهنا قد بيَّنَ البزار سببَ ردِّ الحديث: فهو من جهة: يرويه رجلٌ متهم بالكذب هو عبد الرحمن بن عبد الله العمري حتى قال الإمام أحمد (كما في العلل ومعرفة الرجال: رقم 4364) : "أحاديثه مناكير، كان كذّاباً"، وكفى بمن كذّبه الإمام أحمد - على ورعه وإنصافه - سوءاً. ولذلك أنكر هذا الحديث عليه عامّة أهل العلم: كالعقيلي في الضعفاء (2/748) ، وابن حبّان في المجروحين (2/53-54) ، وابن عدي في الكامل في معرفة ضعفاء المحدّثين (4/277) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (رقم 33) . بل إن ابن عدي لما أورده، قال بعد إيراده: "هو أفظعُ حديثٍ أُنكر عليه". ثم هو من جهةٍ أخرى إنما يُروى من حديث عبد الله بن عَمرو بن العاص عن كعب الأحبار، أو من حديث عبد الله بن عَمرو من كلامه لا يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. (كما تراه في المصادر الأتيه: السنن لسعيد بن منصور (رقم 2389) ، وتاريخ بغداد للخطيب (10/233-235) ، والعلل المتناهية لابن الجوزي (رقم 35، 36) . وهذا يعني أن الحديث من الإسرائيليات، إمّا أن عبد الله بن عَمرو بن العاص أخذه عن كعب الأحبار، وهو من علماء اليهود الذين أسلموا وحَسُنَ إسلامهم، فكانت تُنقل عنه بعضُ أخبار كُتُب أهل الكتاب. وإما أن عبد الله بن عَمرو أخذ هذا الخبر عن كتب بني إسرائيل مباشرة، وإلى ذلك مال ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية1/52) وبهذا نعلم أن هذا الحديث إنما هو من الإسرائيليات، وهي الأخبار عن التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب اليهود والنصارى. والمسلمون يؤمنون بأن الله - عز وجل - أنزل التوراة على موسى عليه السلام والإنجيل على عيسى عليه السلام وأنزل كُتباً أخرى على أنبيائه عليهم السلام، بل هذا أحد أركان الإيمان عند المسلمين، كما قال تعالى: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلٌ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحدٍ من رسله"، وقال -صلى الله عليه وسلم- لما سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشرِّه" أخرجه مسلم (8) من حديث عمر، لكن كما يؤمن المسلمون بذلك، ولا يصح إيمانهم إلا به، فإنهم يؤمنون كذلك أن هذه الكتب قد حُرّفت وبُدِّلت، وأعظم ما حُرِّف فيها عقيدة التوحيد، كما قال تعالى: "وقد كان فريقٌ منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون" وقال سبحانه: "فويلٌ للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويلٌ لهم مما كتبت أيديهم وويلٌ لهم مما يكسبون" وقال عز وجل: " من الذين هادوا يُحرّفون الكلم عن مواضعه" ومع ذلك كُلِّه فلأن هذا الدين دين الله عز وجل، فقد جعل الله تعالى العَدْل واحداً من أعظم خصائصه "وتمّت كلمةُ ربِّك صدقاً وعدلاً لا مُبدّل لكلماته وهو السميع العليم " وقياماً بفريضة العدل والإنصاف وبناءً على الأدلة التي جاءت في موضوع الإسرائيليات، وبملاحظة واقع هذه الإسرائيليات فقد قسم العلماء الإسرائيليات إلى ثلاثة أقسام: الأول: ما نؤمن بمضمونه ونصدّق به، وهو ما وافق القرآن والسنة ونحن في هذا القسم مُستغنون بما لدينا عمّا لديهم. الثاني: ما نكذُبه ونقطع بتحريفه، وهو ما خالف الكتاب والسنة. الثالث: ما قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- "لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم" أخرجه البخاري (4485) ، وهو مالم نجد في الكتاب والسنة دليلاً على صدقه أو على كذبه، وهذا القسم هو الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-:" حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"أخرجه أبو داود (3662) من حديث أبي هريرة. وغالب الإسرائيليات الثابتة عن السلف، أو المذكورة في كتب أئمة السنة (كتفسير الطبري وابن كثير) هي من القسم الأول والثالث. أمّا القسم الثاني فلا يذكرونها غالباً إلا مع بيان بطلانها، ومخالفتها للحق الوارد في الكتاب والسنة والحديث الذي يسأل عنه السائل هو من القسم الثالث، ولذلك حدّث به عبد الله بن عمرو (رضى الله عنه) فليس لدينا دليلٌ بصدقه، ولا دليل بكذبه وهو إن كان قد رُفع الحرج عن التحديث به، إلا أن الانشغال بغيره مما قد يقع الحرج بسبب الجهل به أَوْلَى وأحقّ، كفرائض الإسلام وسننه والله ينفعنا وإياكم بالعلم النافع، وييسر لنا جميعاً العمل المتقبَّل الصالح. والله أعلم.

معنى حديث " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل "

معنى حديث " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل " المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 3/8/1422 السؤال هل مقولة: " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل " هو حديث صحيح، أو قاعدة فقهية تتبع، أم ماذا؟ وما معناها؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد فالمقولة المذكورة حديثٌ صحيح: باللفظ المذكور في (صحيح ابن حبّان رقم 1183) ، وفي (صحيح مسلم رقم 349) بلفظ: "إذا جلس بين شعبها الأربع، ومسَّ الختانُ الختانَ، فقد وجب الغُسل". وأصل الحديث متفق عليه بمعناه. (صحيح البخاري رقم 291) . والمعنى: أن وُجُوبَ الغُسْل من الجنابة لا يُشترط فيه إنزالُ ماء الرجل أو المرأة، وإنما يجب الغُسْل بمجرّد الإيلاج، ويكفي في الإيلاج الموجب للغُسْل إدخال حشفة ذكر الرجل في فَرْج المرأة. فالمقصود بالختانين: ختان الرجل وختان المرأة، أي موضع الختان من كل واحدٍ منهما، والله أعلم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

أحاديث الأذان والإقامة في أذن المولود

أحاديث الأذان والإقامة في أذن المولود المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 1/6/1422 السؤال ما صحة أحاديث الأذان والإقامة في أذن المولود؟ الجواب قد ورد في هذا الباب أحاديث بعضها موضوع، وبعضها ضعيف، وأجود ما ورد في الباب -حسب علمي- حديث أبي رافع -رضي الله عنه- قال: ((رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة)) أخرجه أحمد 6/9، وأبو داود (5105) ، والترمذي (1514) وقال: حسن صحيح. ورواه غيرهم. ولكنه ضعيف الإسناد؛ لأن مداره على عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف الحديث. وقد أورد العلامة ابن القيم في الباب الرابع من كتابه (تحفة المودود بأحكام المولود) ثلاثة أحاديث في هذا الموضوع، أحسنها حديث أبي رافع على ضعفه، ثم ذكر الحكمة من استحباب بعض أهل العلم التأذين في أذنه أوّل ما يولد. والذي يظهر أنه إذا لم تثبت بذلك الأحاديث المرفوعة، ولا الآثار الموقوفة فلا ينبغي فعله، ومن استحبه من أهل العلم فالظاهر أنه لم يقف على ضعف الأحاديث الواردة في الباب، والله أعلم.

ارتداد أم جحود

ارتداد أم جحود المجيب د. سعد بن عبد الله الحميد أستاذ الدراسات العليا بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 7/4/1422 السؤال ما صحة حديث إرتداد بعض الصحابة عقب حادثة الإسراء والمعراج بعد إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لهم بها؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإنه لا يصح أن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ارتدّ بعد حادثة الإسراء، ولم يرد ذلك صراحة إلا في حديث منكر أخرجه الحاكم (3/62و63) وغيره من طريق محمد بن كثير الصنعاني، عن معمر بن راشد، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: لمّا أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتدّ ناس ممن كانوا آمنوا به وصدّقوه … الحديث قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ فإن محمد بن كثير صدوق) ، والحاكم كما هو معلوم انتُقد كثيراً على أحكامه على الأحاديث في "المستدرك"، ويظهر انتقاده هنا بوضوح. فإن محمد بن كثير هذا لم يخرج له أحد الشيخين شيئاً، ومع هذا فهو مضَعف من قبل حفظه، ويشتد ضعفه إذا روى عن معمر، وهذا من روايته عنه. قال عبد الله بن الإمام أحمد: ذكر أبي محمد بن كثير فضعّفه جداً، وضعّف حديثه عن معمر جداً، وقال: هو منكر الحديث، وقال: يروي أشياء منكره. أ. هـ من "تهذيب الكمال" (26/331) . والصواب في هذا الحديث: رواية ابن جرير له في تفسيره (17/335) عن ابن شهاب الزهري، عن ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن مرسلاً، والمرسل من أنواع الضعيف، ومع ذلك فذكر الارتداد لم يرد من قولهما، وإنما ذكره عبد الله بن وهب من قوله، وابن وهب هو الرواي للحديث عن يونس بن يزيد، عن الزهري. فإن قيل: ورد خبر الارتداد أيضاً في حديث ابن عباس عند الإمام أحمد (1/374 رقم 3546) ، والنسائي في "الكبرى" (11383) ، وغيرهما، وصححه ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" (17) ، وابن كثير في "التفسير" (5/26) . فالجواب: أن هذا الحديث ليس فيه دلالة على أنهم كانوا مؤمنين، ولفظه عند هؤلاء: "فقال ناس: نحن لا نصدق محمداً بما يقول، فارتدّوا كفاراً، فضرب الله أعناقهم مع أبي جهل. . " الحديث. فقوله: "فارتدوا كفاراً" لا يدل على أنهم كانوا مؤمنين، وإنما يدل على أنهم بعد أن رأوا هذه الآية العجيبة؛ وهي أنهم تحدّوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يثبت صدقه في أنه أسري به إلى بيت المقدس، ثم رجع في ليلة، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يصف لهم بيت المقدس وصفاً دقيقاً، وهم يعلمون أنه لم يره، وأخبرهم بعيرهم التي في الطريق، وهذه آية عظيمة تستوجب من كفار مكة الإيمان بصدق نبوته r، ولكنهم مع هذا كله قالوا: نحن لا نصدق محمداً بما يقول، فبدلاً من الإيمان ارتدّوا إلى كفرهم، وباقي الروايات التي ذكرت في هذه الحادثة من غير هذا الطريق تدل على ما ذكرته، فليس فيها ذكر الارتداد، فضلاً عن التصريح بردة بعض من كان آمن، على أن سند الحديث يحتاج إلى تأمل، يشعر به قول ابن جرير الطبري في الموضع السابق من "تهذيب الآثار": "وهذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح؛ لعلل: إحداها: أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن ابن عباس - على ما روي عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عنه - إلا من هذا الوجه، وإن كان قد روى بعض ذلك عن عكرمة، من غير حديث هلال بن خباب. .)) الخ ما قال، والمهم منه ذكر العلة الأولى هذه فالحديث يرويه هلال بن خبّاب، عن عكرمة، عن ابن عباس. وأحاديث الإسراء وردت عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم استوعب ذكرهم الحافظ ابن كثير في أول سورة الإسراء، ومنهم ابن عباس رضي الله عنهما، ولم يرد في حديث أي منهم ذكر الردّة إلا في طريق عائشة الذي تقدم الكلام عنه، أو في هذه الرواية. وقد روي الحديث عن ابن عباس من خمس طرق - على ما ذكر ابن كثير -، وبعضها في الصحيح، وليس في شيء منه هذه الطرق ذكر الردّة، إلا في رواية عكرمة. ولم نجد هذه الرواية مروية عن عكرمة إلا من طريق هلال بن خبّاب، وتلاميذ عكرمة الذين رووا عنه السنّة كثر، ولم يرو أحد منهم هذا الذي رواه هلال بن خبّاب، وهم أكثر ملازمة لعكرمة من هلال، وأحاديثهم مخرّجة في الصحيح عنه، وأما هلال بن خبّاب فأعرض صاحبا الصحيح عن إخراج حديثه بالمرة، لأنه تغيّر قبل موته بسبب كبر سنّه، ومثله لا يحتمل منه التفرُّد بهذه الرواية، وفيها ما تقدم ذكره مما ينكر عليه من لفظها. فهذا ما يتعلق بالرواية من حيث السند، أمن نقدها من حيث المتن فهي منكرة للأسباب التالية: - (1) حديث أبي سفيان مع هرقل، وفيه سؤال هرقل لأبي سفيان - وكان حين ذلك مشركا - هل يرتد أحدٌ منهم - يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - سخطة لدينه بعد أن يدخلة قال أبو سفيان: لا، فلو كانت حادثة الارتداد عن الإيمان صحيحة لما أقرّ أبو سفيان بذلك، بل كان يقول له: نعم هناك من ارتدّ عن الإيمان به لما حصل كذا وكذا. (2) في متن هذا الحديث من هذا الطريق ألفاظ أخرى منكرة تدل على عدم ثبوته؛ كقوله: "ورأى الدجال في صورته رؤيا عين، ليس رؤيا منام. . "، وذكر صفته، فلو كان صلى الله عليه وسلم رآه في تلك الليلة؛ لما التبس الأمر عليه بابن صيّاد بعد أن هاجر إلى المدينة، بل كان يعرفه بعد أن رآه رأي العين، وبالأخص ما ذكر في الحديث من علاماته التي لا تخفي، ومنها قوله: "رأيته فيلمانيَّاً أقمر هِجَاناً إحدى عينيه قائمة كأنها كوكب دُرِّيّ، كأن شعر رأسه أغصان شجرة"، وبعض هذه الأوصاف من أنها لم تكن في ابن صياد، كذكر العين؛ فإن عينه كانت في زمن النبي rسليمة، وإنما نَفَرت بعد ذلك كما يدلّ عليه حديث ابن عمر عند مسلم في "صحيحه" (2932) . (3) إن الصحابة كانوا وقت حادثة الإسراء قلة قليلة معروفون بأسمائهم وأسماء آبائهم وحفظت لنا كل الحوادث التي مرت بهم في تلك الفترة، فنقل إلينا خبر إسلامهم وتعذيبهم وهجرتهم الأولى والثانية إلى الحبشة ومن مات منهم ومن ولد له كل ذلك باسم كلٍ منهم، فلا يعقل أن يحدث لأحد منهم هذا الحدث وهو الردة عن الإسلام، ثم لا ينقل لنا اسم أحد من هؤلاء المرتدين، فلم يسمي لنا من طريق صحيح أو ضعيف، أسم شخص على أنه ممن ارتد بعد حادثة الإسراء. ومعلوم أنه لا يمكن أن تنقل لنا أحدثٌ أقل من هذا شأناً ويترك ذكر ذلك. (4) أن كل مؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم يؤمن بأن جبرائيل ينزل من السماء على قلب محمد صلى الله عليه وسلم في لحظة، فكيف يستبعد أن يُسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس في ليلة. ولذلك نقل هذا المعنى عن أبي بكر -رضى الله عنه- في محاجته للمشركين، وأنه قال لهم أنا أصدقه فيما هو أعظم من ذلك بخبر السماء يأتيه في لحظة. فعُلِمَ من ذلك كله عدم صحة هذه الحادثة، ولشهرتها أطلنا القول فيها تصحيحاً لأحداث السيرة وبياناً للحق والله أعلم.

ما صحة هذا الحديث. .

ما صحة هذا الحديث. . المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 22/7/1422 السؤال من قرأ القرآن وعمل بما فيه، ألبس والداه تاجا يوم القيامة، ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل بهذا؟ " الجواب أخرجه أبو داود ح (1453) ، وأحمد 3/ 440 وغيرهما وهو ضعيف الإسناد جداً، لأن فيه زبان بن فائد، وهو ضعيف الحديث وفي روايته عن سهل بن معاذ ـ وهو شيخه في هذا الحديث ـ ضعف شديد، كما نبه على ذلك ابن حبان في " المجروحين " 1/ 313. وقد ورد معنى هذا الحديث أيضاً عند الطبراني في " الأوسط " من حديث أبي هريرة ح (5764) وهو أيضاً لا يصح، لأن مداره على شريك وهو سئ الحفظ، وقد تفرد به، كما نص على ذلك الطبراني رحمه الله تعالى.

خبر عائشة في قتل عثمان

خبر عائشة في قتل عثمان المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 25/8/1424هـ السؤال هل الأحاديث الواردة صحيحة: فتوى عائشة بقتل عثمان "اقتلوا نعثلاً فقد كفر"، ونعثل اسم لشخص يهودي، "اقتلوا نعثلاً فقد كفر" أي عثمان، راجع، تاريخ الطبري (4/459) ، الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزري (3/209) ، تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي صـ 61-64، الإمامة والسياسة لابن قتيبة (1/49) ، وفيه "فجر" بل كفر. السيرة الحلبية لعلي برهان الدين (3/286) ، تاريخ بن أعشم صـ 155، النهاية لابن الجوزي (5/80) ، تاج العروس من شرح القاموس للزبيدي (8/141) ، لسان العرب (14/193) . الجواب الخبر الذي أشار إليه السائل لا يثبت عن عائشة - رضي الله عنها-. وقد أخرجه الطبري في تاريخه 4/459 من طريق سيف بن عمر الضبي، وهو متفق على تضعيفه وقد تفرد به، وعليه فلا يثبت عن عائشة - رضي الله عنها- كيف وهي التي روت بعض الأحاديث في فضل عثمان بن عفان - رضي الله عنه- وخرجت في وقعة الجمل للمطالبة بدمه - رضي الله عنهم أجمعين_. والله أعلم.

صحة قصة عمر مع أم كلثوم بنت علي

صحة قصة عمر مع أم كلثوم بنت علي المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 18/04/1427هـ السؤال قرأت أن عليا -رضي الله عنه- أرسل ابنته أم كلثوم إلى عمر -رضي الله عنه- بغرض الزواج بها. وفي رواية ذُكر أن عمر كشف ثوبها ونظر إلى ساقيها!! أرجو بيان صحة هذه الرواية مع المرجع؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالأثر المروي أن عمر -رضي الله عنه- كشف ساق أم كلثوم بنت علي -رضي الله عنهم- لم يصح، بل هو منقطع، فإن الأثر قد رواه عبد الرزاق في مصنفه (6/163) وسعيد بن منصور (1/147) ، كلاهما من طريق محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: خطب عمر ... الحديث. وسبب انقطاعه أن محمد بن علي لم يدرك عمر ولا عليا -رضي الله عنهما. وروي من طريق أخرى منقطعة، وهي طريق الأعمش، أن عمر -رضي الله عنه- خطب ... الحديث. رواه عبد الرزاق -أيضاً- (6/163) ، والأعمش لم يسمع أحداً من صغار الصحابة، فكيف بعمر -رضي الله عنه-؟!. تنبيه: وقع في التلخيص الحبير (3/147) أن راوي الأثر هو محمد بن علي بن الحنفية، والذي رأيته في المصدرين السابقين هو أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وليس محمد بن الحنفية، فإن ابن الحنفية مشهور بكنيتين: أبي القاسم، وأبي عبد الله، ولا يعرف أنه يكنى بأبي جعفر، ينظر: تهذيب الكمال (26/148) . ولما كان الشوكاني ينقل كثيراً من "التلخيص" في كتابه "نيل الأوطار"، فقد وقع في الوهم نفسه الذي وقع للحافظ، والله أعلم.

صحة حديث" واضربوهم عليها لعشر"

صحة حديث" واضربوهم عليها لعشر" المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 03/05/1427هـ السؤال في بلدي كثر ممن ينكر أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم! هؤلاء الجهال ينكرون حديث "مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر". يقولون: الرسول أرسل رحمة، والقلم مرفوع عن الأطفال، فكيف يأمر بضربهم؟ سؤالي: أولاً ما صحة هذا الحديث؟ ثانياً: هل ضرب الرسول عليه الصلاة والسلام الأطفال في حياته الطاهرة؟ وإذا ضرب، لماذا وكيف؟ ثالثا: كيف نجيب هؤلاء؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالحديث المذكور هو من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا إسناد حسن عند أكثر أهل العلم على اختلاف بينهم في ذلك، لكن بشرط ثبوت الإسناد عن عمرو بن شعيب، وهنا قد رواه عنه راو فيه كلام وتابعه آخر ضعيف، وقد قواه بعض أهل العلم خصوصاً أن له ما يشهد له. ومع ذلك هو لا يخلو من ضعف [ (المسند) (6689) ] . المهم في هذا أن من تكلم في هذا الحديث من جهة إسناده فله وجه، أما من رده لموجب رأي رآه هو دون أن يعتبر صحته وعدمها، فليس هذا بصحيح. فإن ضرب التأديب سواء للأطفال أو لغيرهم كالنساء، إنما يجوز بالقدر الذي يحصل به المقصود، ثم هو ضرب خفيف غير مبرح يراد به التأديب وليس التعذيب. ولا أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب أحداً لا طفلاً ولا امرأة فإنه كان رحيماً رفيقاً. ولكن هذا لا يمنع من الضرب عند الحاجة فعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كانت له درة يحملها، والله قد أذن بضرب المرأة إذا خيف نشوزها. ضرباً غير مبرِّح. وهؤلاء المخالفون هنا يبين لهم، فإن كان خلافهم نشأ عن جهل فتوضح لهم السنة، وإن كان عن اتباع هوى، فيوعظون، ويذكرون، وتقام عليهم الحجة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

حديث: "من مات ولم يعرف إمامه"

حديث: "من مات ولم يعرف إمامه" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 08/05/1425هـ السؤال يقول الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم-: "من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة الجاهلية"، أنا بصراحة لا أعرف من هو إمامي؟ هل إذا مت أعتبر من الجاهلين؟ وما السبيل لأعرف إمامي؟ الجواب الحمد لله، هذا الحديث لا أصل له عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو حديث موضوع مكذوب، وهو من وضع الرافضة؛ لأن الرافضة يرون أن معرفة الإنسان لإمامه أو معرفة المكلف للإمام كمعرفته للرسول - صلى الله عليه وسلم-، فكما يجب على كل إنسان معرفة الرسول - صلى الله عليه وسلم- والإقرار برسالته، فكذلك عند الرافضة يجب على كل مكلف أن يعرف الإمام والأئمة عندهم اثنا عشر أولهم: علي - رضي الله عنه-، وآخرهم الإمام محمد بن الحسن العسكري، الذي يزعمون أنه دخل سرداب سامراء، وهو ابن خمس أو ست سنين، وأنه سيخرج في آخر الزمان، وهم ينتظرونه، وهذا من حماقات الرافضة، ويسمونه الإمام المنتظر، وإمام الزمان، والإمام المعصوم، وهو في الحقيقة الإمام المعدوم المزعوم، والرافضة تزعم العصمة للأئمة الاثني عشر، وبهذا يرفعونهم إلى منزلة الأنبياء، بل ربما فضلهم بعضهم على الأنبياء، فلا تغتر أيها السائل بهذا الحديث وأمثاله من الموضوعات، وإذا سمعت بحديث فعليك أن تسأل أهل العلم عن ثبوته عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه قد وضع الكذابون على الرسول - صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة ضل بها كثير من الناس، والذي دلت عليه السنة الصحيحة أن الإنسان يسأل في قبره عن ربه ودينه، ونبيه، ولا يسأل عن إمامه، وإمام كل مسلم هو الرسول - صلى الله عليه وسلم-، وأنت بحمد الله تعرفه، فعليك أن تحقق إيمانك به بتحقيق متابعته وطاعته، ومحبته - صلى الله عليه وسلم-، فإنه صلى الله عليه وسلم- سيد المرسلين وإمام المتقين، جعلنا الله منهم بمنه وكرمه. والله أعلم.

انحسار الفرات عن جبل من ذهب

انحسار الفرات عن جبل من ذهب المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 18/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل تعد المعركة القائمة الآن -في العراق الجريح- مصداقاً لما في حديث الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فيما معناه (سيتقاتل على جبل من ذهب إلى تسعة وتسعين) ... إلى آخر الحديث؟ خصوصاً أن الدول المحاربة الآن كثيرة، وكذلك الدول الأخرى التي أرسلت القوات، أو التي أيدت أمريكا وبريطانيا هل هي بداية لذلك؟ وجزاكم الله خيراً وأحسن إليكم ورفع منزلتكم في الدنيا والآخرة، والسلام عليكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أقول وبالله التوفيق: صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم لعلي أكون أنا الذي أنجو" أخرجه البخاري (2894) ومسلم (2895) ، واللفظ له. فهذا الحديث واضح منه أن هذا الذي يقتتل عليه هو معدن صلب يكون كالجبل، بل قد سماه النبي صلى الله عليه وسلم ذهباً، فهو الذهب المعروف، ولا يصح حمله على النفط. أما متى سيقع ذلك؟ فالله أعلم؛ إلا أننا نجزم أنه سيقع كما أخبر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- في مستقبل الزمان، الذي قد يكون قريباً وقد يكون بعيداً. وهنا أحذر من التعجل وعدم التثبت في تنزيل أحاديث الفتن وأشراط الساعة والملاحم على الواقع، كما أنني أحذر من تعطيل معانيها وعدم الاستفادة منها في تصور المستقبل، أو تفسير الواقع إذا كانت تتعلق بالواقع يقيناً. والله أعلم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

قراءة سورة هود يوم الجمعة

قراءة سورة هود يوم الجمعة المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 22/5/1424هـ السؤال هل ورد شيء صحيح عن قراءة سورة هود في يوم الجمعة؟ أي هل كان هذا من فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أفيدونا بارك الله فيكم، لأنني كنت أظنها واردة، وأنا أداوم عليها كل جمعة، والآن أخاف أن تكون هذه مخالفة لما كان يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم-. وجزاكم الله خيراً على ما تقومون به من مجهودات. الجواب الحديث الذي تشير إليه نصه: "اقرؤوا سورة هود يوم الجمعة" أخرجه الدارمي في سننه ج:2ص: 545 (3403) و (3404) ، والبيهقي في شعب الإيمان ج 2ص: 472، وهو على أحسن الأحوال مرسل عن كعب الأحبار -رضي الله عنه-، وعليه فالحديث ضعيف لا يثبت، ولم يصح من الأحاديث فيما يقرأ يوم الجمعة في غير صلاة فجرها وجمعتها إلا سورة الكهف، والله أعلم، وفقنا الله وإياك لتحري السنة والتثبت من الأحاديث. فائدة قال ابن حجر: واعلم أن المتبادر إلى أكثر الأذهان أنه ليس المطلوب قراءته ليلة الجمعة ويومها إلا الكهف وعليه العمل في الزوايا والمدارس وليس كذلك، فقد وردت أحاديث في قراءة غيرها يومها وليلتها منها ما رواه التيمي في الترغيب:"من قرأ سورة البقرة، وآل عمران في ليلة الجمعة كان له من الأجر كما بين البيداء -أي الأرض السابعة- وعروباً -أي السماء السابعة-" وهو غريب ضعيف جداً، وما رواه الطبراني في الأوسط (6157) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً:"من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة -صلى الله عليه- وملائكته حتى تغيب الشمس"، قال ابن حجر: وفيه طلحة بن زيد ضعيف جداً؛ بل نسب للوضع، وخبر أبي داود في فضائل القرآن عن الحبر -رضي الله عنه-:"من قرأ سورة يس والصافات ليلة الجمعة أعطاه الله سؤله"، وفيه انقطاع، وخبر ابن مردويه عن كعب -رضي الله عنه- يرفعه:"اقرؤوا سورة هود يوم الجمعة" قال ابن حجر: مرسل سنده صحيح، انظر فيض القدير ج: 6ص: 199.

حديث اشتراط الطواف للتحلل يوم النحر

حديث اشتراط الطواف للتحلل يوم النحر المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 11/8/1424هـ السؤال يوجد حديث أخرجه الحاكم وأبو داود والبيهقي، وفيه "هذا يوم رخص فيه لكم إذا رميتم الجمرة ونحرتم الهدي إن كان لكم فقد حللتم من كل شيء حرمتم منه إلا النساء حتى تطوفوا بالبيت، فإذا أمسيتم ولم تفيضوا صرتم حرما كما كنتم أول مرة حتى تفيضوا بالبيت". وقد صحح الإمام الألباني هذا الحديث وقال به، وسبقه الإمام النووي في المجموع، واعتذر عنه بأن الإجماع انعقد على خلافه، وبأن ذلك الإجماع دل على ناسخ لهذا الحديث. فما رأي فضيلتكم بالعمل بهذا الحديث؟ علماًَ أن مذاهب الأئمة على خلافه، وإن قلتم به فما حكم من تحلل من ملابس الإحرام؟ ولكنه لم يطف إلا في اليوم التالي ليوم النحر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن هذا الحديث قد قال فيه البيهقي -رحمه الله-: (لا أعلم أحداً من الفقهاء قال به) . وقد ضعفه ابن حزم رحمه الله، ومن صححه فقد رأى أنه مخالف للإجماع، كما ذكر النووي -رحمه الله-. والذي يظهر لي -والله أعلم- أن هذا الحديث لا يخلو من ضعف أو شذوذ، وإذا أردت الاستزادة في شأن الكلام على هذا الحديث فارجع إلى كتاب (المسائل المشكلة من مناسك الحج والعمرة) لـ د/ الصبيحي، فهو من خير ما وقفت عليه في دراسة هذا الحديث وبيان ما فيه، والله أعلم.

سؤال اليهود للرسول عن الصلوات

سؤال اليهود للرسول عن الصلوات المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 26/5/1424هـ السؤال سلام الله عليكم، أود أن أتأكد من صحة هذا الحديث أو ضعفه، وأرجو الإفادة، وجزاكم الله خيراً، في حفظ الله. روي عن سيدنا علي - رضي الله عنه - بينما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - جالساً بين الأنصار والمهاجرين إذ أتى إليه جماعة من اليهود فقالوا له: يا محمد إنا نسألك عن كلمات أعطاهن الله تعالى لموسى بن عمران لا يعطاها إلا نبي مرسل أو ملك مقرب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - سلوا، فقالوا يا محمد أخبرنا عن هذه الصلوات الخمس التي افترضها الله على أمتك؟ فقال النبي أما صلاة الظهر إذا زالت الشمس يسبح كل شيء لربه، وأما صلاة العصر فإنها الساعة التي أكل فيها آدم عليه السلام من الشجرة، وأما صلاة المغرب فإنها الساعة التي تاب الله على آدم - عليه السلام - فيها، فما من مؤمن يصلي هذه الصلاة محتسباً ثم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه، وأما صلاة العتمة فإنها الصلاة التي صلاها المرسلون قبلي، وأما صلاة الفجر فإن الشمس إذا طلعت تطلع بين قرني الشيطان ويسجد لها كل كافر من دون الله، قالوا له صدقت يا محمد فما ثواب من صلى؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أما صلاة الظهر فإنها الساعة التي تسعر فيها جهنم فما من مؤمن يصلي هذه الصلاة إلا حرم الله تعالى عليه لفحات جهنم يوم القيامة، وأما صلاة العصر فإنها الساعة التي أكل آدم - عليه السلام - فيها من الشجرة فما مؤمن يصلي هذه الصلاة إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ثم تلا قوله تعالى: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى". وأما صلاة المغرب فإنها الساعة التي تاب الله فيها على آدم - عليه السلام - فما من مؤمن يصلي هذه الصلاة محتسباً ثم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه، وأما صلاة العتمة فإن القبر ظلمة ويوم القيامة ظلمة فما من مؤمن مشى في ظلمة الليل إلى صلاة العتمة إلا حرم الله عليه وقود النار، ويعطى نوراً يجوز به على الصراط، وأما صلاة الفجر فما من مؤمن يصلي الفجر أربعين يوماً في جماعة إلا أعطاه الله براءتين براءة من النار وبراءة من النفاق، قالوا صدقت يا محمد. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أقول وبالله التوفيق: الحديث المذكور حديث ظاهر النكارة والتصنُّع، وملامح الوضع ظاهرة عليه، فلا تجوز نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإجماع في مثله، بل الجزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع العلم ببطلانه من أكبر الكبائر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من حدث عني حديثاً وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين". رواه الترمذي (2662) ، وابن ماجة (41) من حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-. ومع ذلك فلا شك أن فضل الفروض الخمسة من الصلوات ثابت معلوم من الدين بالضرورة، وهي أفضل القربات بعد تحقيق التوحيد، دلّ على ذلك الكتاب وصحيح السنة والإجماع، والله أعلم. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

ما معنى "النساء ناقصات عقل ودين"

ما معنى "النساء ناقصات عقل ودين" المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 17/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما مدى صحة الحديث المنقول عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو:"النساء ناقصات عقل ودين"؟ وإن كان صحيحاً فما هو نص الحديث؟ وما هي مناسبته؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أخي الفاضل: الحديث صحيح، وروي من طرق متعددة، وصيغته هي: "عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطر؛ أي يوم عيد الأضحى أو عيد الفطر إلى المصلى، فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقلن: وبم يا رسول الله قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل قلن: بلى: قال فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها"، وقد ورد الحديث 32 مرة في كتب السنة وشروحها، راجع البخاري ج2 ص 531 رقم (1393) ، ح 2 ص 941، رقم (298) ، (2515) ، وصحيح مسلم من رواية عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- مع خلاف في بعض الألفاظ، وفي المستدرك حـ 4 ص645، رقم (8783) ، وسنن الترمذي حـ 5 ص 10رقم (2613) ، وسنن ابن ماجة حـ 2 ص 1306، رقم (4003) ، ومسند أحمد حـ 2 ص 26، رقم (5343) ، وسنن أبي داود حـ 4 ص 219 وابن خزيمة حـ 3ص 268، رقم (2045) ، وغير ذلك من كتب السنة. مناسبة الحديث: الرسول - صلى الله عليه وسلم- يلفت نظر المسلمين إلى إكمال جوانب النقص في العبادة، وإذا كانت بعض السيدات لا يصلين لظروف خاصة، فإن الصدقة تجبر النقص في غير الفرائض. والحديث فيه مدح للنساء أكثر من كونه ذماً لهن، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أكد على قدرة النساء في السيطرة على عقول وقلوب الرجال، فهن أقوى تأثيراً على الرجل من تأثير الرجل عليهن. وعلينا نحن المسلمين أن لا نأخذ بحديث واحد ورد بحق النساء ونترك سائر آيات القرآن التي كرمت المرأة كالرجل، وامتدحتها كما امتدحت الرجل، وكذلك الأحاديث النبوية التي أثنت على المرأة في كل مرحلة من مراحلها، وأوجبت برها وحسن معاملتها، سواء أكانت بنتاً أو أختاً، أو زوجة، أو أماً..إلخ ... والله أعلم.

حديث توسل الأعمى بالنبي

حديث توسل الأعمى بالنبي المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 26/2/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. سؤالي بخصوص الحديث الشريف "أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال ادع الله لي أن يعافيني، فقال إن شئت أخرت لك، وهو خير وإن شئت دعوت فقال ادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي في حاجتي، هذه لتقضى اللهم شفعه في" وإسناده صحيح. السؤال هو: أليس في هذا الحديث سؤال برسول الله -عليه الصلاة والسلام- وهو شيء منهي عنه؟ سؤالي سؤال الجاهل لا المعترض. جزاكم الله خيراً. الجواب سئل فضيلة الشيخ عن هذا الحديث: أنّ أعمى أتى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ادع الله أن يكشف عن بصري. قال: "أو أدعك"، قال: يا رسول الله إنه قد شق علي ذهاب بصري، فقال:"فانطلق فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم قل: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد، - صلى الله عليه وسلم- نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي" ما صحة هذا وما معناه؟ فأجاب قائلاً: هذا الحديث اختلف أهل العلم في صحته، فمنهم من قال إنه ضعيف، ومنهم من قال إنه حسن، وقد رواه الترمذي (3578) ، وقال حسن صحيح غريب، وصححه الألباني - رحمه الله-، ولكن له وجهة ليست كما يتبادر من اللفظ، فإن هذا الحديث معناه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر هذا الرجل الأعمى أن يتوضأ ويصلي ركعتين؛ ليكون صادقاً في طلب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم- له، وليكون وضوؤه وصلاته عنواناً على رغبته في التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم- والتوجه به إلى الله - سبحانه وتعالى-،فإذا صدقت النية وصحت وقويت العزيمة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- يشفع له إلى الله - عز وجل-، وذلك بأن يدعو النبي - صلى الله عليه وسلم- له فإن الدعاء نوع من الشفاعة، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه" مسلم (948) ، فيكون معنى هذا الحديث أن هذا الأعمى يطلب من النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يدعو الله له، لأن هذا الدعاء نوع شفاعة. أما الآن وبعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم- فإن مثل هذه الحال لا يمكن أن تكون لتعذر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم- لأحد بعد الموت، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- "إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" مسلم (1631) ، والدعاء بلا شك من الأعمال التي تنقطع بالموت، بل الدعاء عبادة كما قال الله - تعالى -: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" [غافر:60] ، ولهذا لم يلجأ الصحابة- رضي الله عنهم- عند الشدائد وعند الحاجة إلى سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يدعو الله لهم، بل قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- حين قحط المطر "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون" البخاري (1010) ، وطلب من العباس - رضي الله عنه- أن يدعو الله - عز وجل- بالسقيا فدعا فسقوا. وهذا يدل على أنه لا يمكن أن يطلب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعد موته أن يدعو لأحد، لأن ذلك متعذر لانقطاع علمه بموته صلوات الله - وسلامه عليه-، وإذا كان لا يمكن لأحد أن يطلب من النبي - صلى الله عليه وسلم- فإنه لا يمكن - ومن باب أولى - أن يدعو أحد النبي - صلى الله عليه وسلم- نفسه بشيء من حاجاته أو مصالحه، فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، والذي حرم الله على من اتصف به الجنة، قال الله - تعالى-: "وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ" [يونس:106] وقال - تعالى- "فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ" [الشعراء:213] ، وقال الله - عز وجل-: "وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ" [المؤمنون:117] . وقال - تعالى- "إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ" [المائدة: من الآية72] ، فالمهم أن من دعا رسول الله - صلى الله عله وسلم- بعد وفاته أو غيره من الأموات لدفع ضرر أو جلب منفعة فهو مشرك شركاً أكبر مخرجا عن الملة، وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يوجه الدعاء إلى العلي الكبير، الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، وإني لأعجب من قوم يذهبون إلى قبر فلان وفلان يدعونه أن يفرج عنهم الكربات ويجلب لهم الخيرات، وهم يعلمون أن هذا الرجل كان في حال حياته لا يملك ذلك فكيف بعد موته؟! بعد أن كان جثة، وربما يكون رميماً قد أكلته الأرض، فيذهبون يدعونه ويتركون دعاء الله - عز وجل-، الذي هو كاشف الضر وجالب النفع والخير، مع أن الله -تعالى - أمرهم بذلك وحثهم عليه، فقال: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" [غافر: من الآية60] . وقال - تعالى-:" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" [البقرة: من الآية186] . وقال تعالى منكراً على من دعا غيره:"أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ" [النمل:62] ، أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- (2/348) ]

صحة حديث في الاحتراس

صحة حديث في الاحتراس المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 11/4/1424هـ السؤال ما مدى صحة الحديث الطويل القائل:"بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله، بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض والسماء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، وأعز وأجل مما أخاف وأحذر، اللهم إني أستجيرك وأحتجب بك من كل شيء خلقته وأحترس بك من جميع خلقك ... " سبع مرات؟ الجواب الحديث أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة برقم (346) من حديث أبان بن أبي عياش عن أنس -رضي الله عنه- قال: كتب عبد الملك إلى الحجاج بن يوسف أن انظر إلى أنس بن مالك خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فادن مجلسه وأحسن جائزته وأكرمه قال: فأتيته فقال لي: ذات يوم يا أبا حمزة إني أريد أن أعرض عليك خيلي فتعلمني أين هي من الخيل التي كانت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فعرضها فقلت شتان ما بينهما فإنها كانت تلك أرواثها وأبوالها وأعلافها أجرا فقال الحجاج: لولا كتاب أمير المؤمنين فيك لضربت الذي فيه عيناك فقلت: ما تقدر على ذلك قال: ولم؟ قلت: لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- علمني دعاء أقوله لا أخاف معه من شيطان ولا سلطان ولا سبع قال: يا أبا حمزة علمه ابن أخيك محمد بن الحجاج فأبيت عليه فقال: لابنه إيت عمك أنساً فسله أن يعلمك ذلك قال أبان: فلما حضرته الوفاة دعاني فقال: يا أحمر إن لك إلي انقطاعا وقد وجبت حرمتك وإني معلمك الدعاء الذي علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فلا تعلمه من لا يخاف الله -عز وجل- أو نحو ذلك قال: تقول: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر بسم الله على نفسي وديني بسم الله على كل شيء أعطانيه ربي بسم الله خير الأسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء بسم الله افتتحت وعلى الله توكلت، الله ربي لا أشرك به أحداً أسألك اللهم بخيرك من خيرك الذي لا يعطيه أحد غيرك عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك اجعلني في عياذك من شر كل سلطان ومن الشيطان الرجيم، اللهم إني أحترس بك من شر جميع كل ذي شر خلقته وأحترز بك منهم وأقدم بين يدي بسم الله الرحمن الرحيم "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد" ومن خلفي مثل ذلك وعن يميني مثل ذلك وعن يساري مثل ذلك ومن فوقي مثل ذلك" وهذا الحديث إسناده ضعيف جداً؛ لأنه من رواية أبان وهو متروك الحديث كما قال الحافظ في التقريب، وعلى هذا فلا يصح هذا الحديث، والله أعلم.

أحاديث فضل فاطمة

أحاديث فضل فاطمة المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 19/2/1424هـ السؤال ما مدى صحة الأحاديث التالية؛ لأني أقرأ عنها لأول مرة: (1) "إذا كان يوم القيامة نادى مناد يا أهل الجمع غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة". (2) "إذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رقبة فاطمة". (3) إذا اشتقت إلى ثمار الجنة قبلت فاطمة"، أول مرة أسمع بهذه الأحاديث أفيدوني مأجورين. الجواب هذه الأحاديث كلها موضوعة ولا يصح نسبتها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأما الأول فأخرجه تمام في فوائده (1491) وابن حبان في المجروحين (2/190) وابن عدي في الكامل (5/5) ، وغيرهم من طريق العباس بن الوليد الضبي عن خالد الواسطي عن بيان عن الشعبي عن أبي جحيفة عن علي بنحوه. وقال ابن عدي: وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر، لا أعلم قد رواه عن خالد غير عباس هذا، وقال ابن حبان عن العباس: يروي العجائب لا يجوز الاحتجاج به بحال. وذكر هذا الحديث ابن الجوزي في الموضوعات والسيوطي في اللآلي وحكما عليه بأنه موضوع، وللاستزادة يراجع تخريج محقق فوائد تمام (4/313) . وأما الحديثان الثاني والثالث فهما لحديث واحد أورده السيوطي أيضاً في اللآلي المصنوعة (1/394) ونقل عن غير واحد من الأئمة تضعيفهم له، ومن ذلك قول الذهبي: هذا كذب جلي وهو من وضع مسلم الصفار. وقال في الميزان: هذا حديث موضوع. ومقام فاطمة - رضي الله عنها وأرضاها- أعلى من أن يشاد بهذه الأحاديث الموضوعة والواهية، فهي سيدة نساء العالمين، وهي بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يريبه ما يريبها، ويحزنه ما يحزنها، وأول أهله لحوقاً به، فصلوات الله وسلامه وبركاته على محمد وذريته وأزواجه وآله وصحبه. والخلاصة أن هذه الأحاديث موضوعة ولا تثبت، والله أعلم.

صحة حديث "من ترك ثلاث جمع تهاونا ... "

صحة حديث "من ترك ثلاث جمع تهاوناً ... " المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 24/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ما هو نص الحديث الذي ذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من لا يحضر ثلاث صلوات جمعة متتالية فهو كافر؟ وهل الحديث صحيح؟ وما هو قول العلماء في الحكم المستنبط من هذا الحديث؟ وما هي الاستدلالات على هذا الحكم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحديث ليس كما ذكر في السؤال، وإنما لفظه " من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه" أخرجه أبو داود في سننه، باب التشديد في ترك الجمعة حـ (1052) - عن مسدد عن يحيى بن عمرو عن عبيدة بن سفيان عن أبي الجعد الضمري، قال أبو داود: (وكانت له صحبة) . وأخرجه أيضاً أحمد في مسنده (3/424 - 425) ، والترمذي في جامعه في الصلاة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر حـ (500) ، والنسائي في سننه 3 /88، باب التشديد في التخلف عن الجمعة، والدارمي (1/369) ، والبيهقي (3/172) ، والحاكم (1/280) .. كلهم من طريق محمد بن عمرو به والحديث صححه ابن خزيمة حـ (1857) ، وابن حبان حـ (2786) كما في صحيحيهما وقد جاء من حديث جابر رواه ابن ماجة في سننه حـ (1126) ، وأحمد في مسنده بلفظ:" من ترك الجمعة ثلاثاً من غير ضرورة طبع الله على قلبه ". وصححه الحاكم في مستدركه (1/292) والبوصيري في مصباح الزجاجة. وقد جاء أيضاً من حديث عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه باللفظ السابق، رواه أحمد في مسنده حـ (22558) لكن المحفوظ كما قال أبو حاتم في العلل (1/203) أنه من رواية عبد الله بن أبي قتادة عن جابر. والحكم المستنبط من الحديث، التشديد في ترك الجمعة كما بوب بذلك أبو داود والنسائي وغيرهما على هذا الحديث، وقال ابن حبان في صحيحه (7/26) على هذا الحديث:" باب صلاة الجمعة، ذكر طبع الله جل وعلا على قلب التارك إتيان الجمعة على سبيل التهاون بها عند المرة الثالثة ". وقد روى الإمام مسلم في صحيحه حـ (865) ، في الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين".

حديث:"إني والإنس والجن في نبأ عظيم ... "

حديث:"إني والإنس والجن في نبأ عظيم ... " المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 21/2/1424هـ السؤال ما مدى صحة هذا الحديث القدسي؟ وأين أجده في كتب الحديث؟ "إني والإنس والجن في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري، خيري إلى العباد نازل وشرهم إلي صاعد ... " إلى آخر الحديث. الجواب هذا الحديث أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/93) رقم (974) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (17/77) . وأخرجه أيضاً البيهقي في شعب الإيمان (4/134) رقم (4563) (طبعة دار الكتب العلمية) وعبد الغني المقدسي في كتاب التوحيد صـ (85) رقم (89) . كلهم من طريق بقية بن الوليد، عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وشريح بن عبيد الحضرميان، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- نحوه. وحكم الشيخ الألباني على الحديث بالضعف في السلسلة الضعفية رقم (2371) وفي ضعيف الجامع رقم (4052) .

صحة حديث: إحياء ليلة العيد

صحة حديث: إحياء ليلة العيد المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 29/9/1424هـ السؤال ما صحة حديث من قام ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب؟ الجواب هذا الحديث رواه ابن ماجه ح (1782) من طريق بقية بن الوليد، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلتي العيدين، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب". وفي سنده بقية بن الوليد، وهو وإن كان ثقة، إلا أنه يدلس ويكثر من ذلك عن الضعفاء والمتروكين، وهو هنا لم يصرح بالسماع، وقد رواه الطبراني في "الأوسط" من طريق عمر بن هارون، عن ثور به، إلا أنه جعله من مسند عبادة بن الصامت. وعمر بن هارون هذا، لا يبعد ـ والله أعلم ـ أن يكون هو شيخ بقية بن الوليد في الحديث السابق، واختلاف مخرج الحديث من سوء حفظه، بل قال عنه ابن مهدي، وأحمد، والنسائي: متروك، وكذبه ابن معين وصالح بن محمد البغدادي ـ كما في "الميزان" 3/228،وقد صحح الإمام الدارقطني وقف هذا الحديث على مكحول، كما ذكره ابن حجر في "التلخيص" 2/80. والحديث بلا شك فيه نكارة من جهة المتن أيضاً، فإن من المقطوع به أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحي ليلة النحر في حجته، بل قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في سياق حجته صلى الله عليه وسلم في زاد المعاد 2/ 247: "ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيد شيء ". وخلاصة القول أن هذا الحديث ضعيف جداً إن لم يكن موضوعاً، وقد ورد نحو هذا الحديث حديثان موضوعان، فينظر السلسلة الضعيفة رقم (520،522) . ومع ذلك، فمن كانت عادته قيام الليل، فإن إحياءه لليل جرياً على عادته لا إشكال في جواز عمله؛ وإنما المقصود بهذا الحديث من يعمد إلى إحيائها اتكاءا على هذا الحديث الضعيف جداً، والله أعلم.

صحة حديث: يوم العيد يوم الجوائز

صحة حديث: يوم العيد يوم الجوائز المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 30/9/1422 السؤال ما صحة حديث يوم العيد يوم الجوائز؟ الجواب هذا الحديث يروى أنه: " إذا كان يوم الفطر وقفت الملائكة على أفواه الطرق، ونادت: يا معشر المسلمين! اغدوا إلى رب رحيم، يأمر بالخير ويثيب عليه الجزيل، أمركم فصمتم ،وأطعتم ربكم، فاقبلوا جوائزكم، فإذا صلوا العيد، نادى مناد من السماء: ارجعوا إلى منازلكم راشدين، فقد غفرت ذنوبكم كلها، ويسمى ذلك اليوم: يوم الجوائز " قال الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف (374) : خرّجه سلمه بن شبيب في كتابه (فضائل رمضان) وغيره وفي إسناده مقال، وقد روي من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما- موقوفاً بعضه، وقد روي معناه مرفوعاً من وجه أخر فيها ضعف " ا. هـ. وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم 1/97: "وهذا الحديث رويناه في كتاب المستقصى في فضائل المسجد الأقصى تصنيف الحافظ أبى محمد بن عساكر الدمشقي -رحمه الله- ". ولم أقف على سند لهذا الحديث ليتسنى الحكم عليه، ولكن ما من شك لدى المشتغلين بهذا العلم الشريف، أن الحديث إذا لم يكن في دواوين الإسلام المعروفة، فهو مظنة الضعف، فكيف به إذا لم يوجد ولا في الكتب التي هي من مظان الضعاف والغرائب؟ هذا أبعد وأبعد من الصحة، والله أعلم.

هل هذا الحديث صحيح؟

هل هذا الحديث صحيح؟ المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 28/9/1422 السؤال ما صحة الحديث الآتي: ما رواه أحمد - رحمه الله - عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجلاً، أو مؤخراً "؟ الجواب أخرج الإمام أحمد (6/442) ، والدارقطني، في الأفراد (كما في أطرافه رقم 4617) الحديث المسؤول عنه، فقال الإمام أحمد: " حدثنا محمد بن بكر، قال: حدثنا ميمون (يعني أبا محمد المرَئي التميمي) قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال صحبت أبا الدرداء أتعلم منه، فلما حضره الموت، قال: آذِن الناس بموتي، فآذنت الناس بموته، فجئت وقد مُلئ الدار وما سواه قال: فقلت: قد آذنت الناس بموتك، وقد مُلئ الدار وما سواه، قال: أخرجوني، فأخرجناه، قال أجلسوني، فقال: أجلسناه فقال: أيها الناس، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم صلى ركعتين يُتِمَّهُما، أعطاه الله ما سأل مُعَجَّلاً أو مؤجَّلاً. قال أبو الدرداء: يا أيها الناس، إياكم والإلتفات في الصلاة، فإنه لا صلاة لملتفت، فإن غُلبتم في التطوع، فلا تُغْلَبُنّ في الفريضة ". وإسناده حسن، وقد حكم الدارقطني بتفرّد محمد بن بكر البُرْساني به. لكن أخرجه المحاملي في أماليه (رقم 71) ، من طريق محمد بن بكر البرساني، لكن بتسمية الراوي، من يوسف بن عبد الله بن سلام، يحيى بن أبي هيثم - وهو العطار - أحدُ الثقات، وهو المعروف بالرواية عن يوسف بن عبد الله، كما في تهذيب الكمال (32/436) . فالحديث على أيًّ من الوجهين حسنُ الإسناد. وللحديث وَجْهٌ آخر حسن الإسناد أيضاً، من طريق صدقة بن أبي سهل، عن كثير بن يسار، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبي الدرداء، قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قام فصلى ركعتين أو أربع ركعات [شكّ سهل] يُحسن فيهن الركوع والسجود والخشوع، ثم استغفر الله، غفر له " أخرجه الإمام أحمد وابنه عبد الله في زوائده (6/420) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (رقم 2040) والطبراني في الدعاء (رقم 1848) لكن الإسناد الأول أشهرُ رجالاً، ومتنه أضبط لفظاً. والله أعلم.

أفطرنا ثم أقلعت الطائرة فرأينا الشمس

أفطرنا ثم أقلعت الطائرة فرأينا الشمس المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 3/9/1424هـ السؤال في شهر رمضان يكون إقلاع بعض الرحلات وقت أذان المغرب فنفطر ونحن على الأرض، وبعد الإقلاع والارتفاع عن مستوى الأرض نشاهد قرص الشمس ظاهراً، فهل نمسك أم نكمل إفطارنا؟ الجواب أكمل إفطارك، ولاتمسك؛ لأنك أفطرت بمقتضى الدليل الشرعي؛ لقوله -تعالى-:" ثم أتموا الصيام إلى الليل " [البقرة:187] ، وقوله- صلى الله عليه وسلم-:"إذا أقبل الليل من هاهنا، وأشار إلى المشرق وأدبر النهار من هاهنا، وأشار إلى المغرب وغربت الشمس فقد أفطر الصائم". مجموع فتاوى ورسائل الشيخ/محمد بن عثيمين-رحمه الله- فتوى رقم (1174) .

صحة حديث استياك النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم

صحة حديث استياك النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 6/9/1422 السؤال ما صحة حديث: " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك مالا أحصي وهو صائم " الجواب هذا الحديث رواه أبو داود - وغيره كما سيأتي، فقال في (2/768) باب السواك للصائم ح (2364) : حدثنا محمد بن الصبّاح، حدثنا شريك /ح/، وحدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال:" رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يستاك وهو صائم"، زاد مسدد: "ما لا أعد ولا أحصي". تخريجه: أخرجه (الترمذي 3/104) باب ما جاء في السواك للصائم ح (725) ، و (أحمد 3/248، 445،446) ، و (ابن أبي شيبة 2/295) ح (9148) و (الحميدي 1/77) ح (141) (ابن خزيمة 3/) 248 ح (2007) ، و (البخاري (تعليقاً) 2/39) ، باب سواك الرطب واليابس للصائم، عن عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - بصيغة التمريض. الحكم عليه: إسناد الحديث ضعيف من أجل عاصم -كما سبق بيان حاله - ولذا قال أبو جعفر العقيلي في (الضعفاء 3/334) - عقب إخراجه الحديث من طريق الثوري عن عاصم: " ولا يروى بغير هذا الإسناد، إلا بإسناد لين " ا. هـ. وقال الدارقطني عقب إخراجه الحديث (2/162) ح (2344) "عاصم بن عبيد الله غيره أثبت منه " ا. هـ وقال - كما في (إتحاف المهرة لابن حجر 6/393) "عاصم ليس بقوي " ا. هـ وقد سقط هذا الكلام من المطبوع. وقال (البيهقي 4/272) لما أخرجه من طريق عاصم: " عاصم ليس بالقوي "، وفي موضع آخر قال عن عاصم 2/12: " ضعيف "، وقال في 10/24: " روايات عاصم فيها ضعيف ". وأشار ابن عبد البر إلى تضعيفه بقوله في (الاستذكار 10/254) : " وقد روي عنه.. " ا. هـ. وقال المنذري في (اختصار سنن أبي داود 3/241) - عقب حكاية تحسين الترمذي - " وفي إسناده عاصم بن عبيد الله، وقد تكلم فيه غير واحد ". وقال ابن حجر في (التغليق 3/159) : وأما إمام أهل الصنعة محمد بن إسماعيل فعلق حديثه بصيغة التمريض للين فيه " ا. هـ ومع ذلك فقد حسن إسناده الحافظ في (التلخيص 1/62) . وأما ابن خزيمة فقد قال عقب إخراجه له: " وأنا برئ من عهدة عاصم.. - ثم قال -:" كنت لا أخرج حديث عاصم بن عبيد الله في هذا الكتاب، ثم نظرت فإذا شعبة والثوري قد رويا عنه ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، وهما إماما أهل زمانهما قد رويا عن الثوري عنه، وقد روى عنه مالك خبراً في غير الموطأ "ا. هـ. وبما سبق يعلم أن في تحسين الترمذي وابن حجر في (التلخيص 1/62) له نظر، والله أعلم ولم أقف على ما يشهد لما دل عليه حديث الباب من كثرة السواك للصائم إلا أنه جاء حديث عن عائشة مرفوعاً: " من خير خصال الصائم السواك " وهو حديث ضعيف؛ لأنه من رواية مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة - رضي الله عنها - ومجالد ليس بالقوي، وفي روايته عن الشعبي - خاصة - ضعف - كما نص عليه الإمام أحمد - رحمه الله - فينظر جملة كبيرة من أقوال الأئمة فيه في ترجمته عند العقيلي في (الضعفاء 4/233) ولذا قال ابن حجر في (التلخيص) عن هذا الحديث (1/68) : " ضعيف " ولا تخلو أحاديث الباب - التي وقفت عليها - من ضعف وبعضها شديد الضعف. وبعد: فإن ضعف الأحاديث الواردة في الباب، لا يعني عدم مشروعية السواك للصائم، بل المشروعية ثابتة بالأحاديث العامة التي تدل على مشروعية السواك في كل وقت كحديث:" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " أخرجه البخاري ح (887) ومسلم ح (252) . وقد حكى ابن القيم - رحمه الله - استحباب السواك في كل وقت عن أكثر العلماء، كما في (تهذيب السنن 3/241) . ولعل من المناسب هنا أن أشير إلى أشهر حديثين تمسك بهما - فيما أعلم - من كره السواك بعد الزوال: الحديث الأول: حديث علي وخباب - رضي الله عنهما - الذي أخرجه (البزار 6/82-83) ح (2138،2137) والطبراني في (الكبير 4/78) ح (3696) ، والدارقطني في (السنن 2/204) والبيهقي في (الكبرى 4/274) من طريق كيسان أبي عمر القصار، عن يزيد بن بلال، عن علي - رضي الله عنه -، وثنا كيسان عن عمرو بن عبد الرحمن، عن خباب - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا صمتم فاستكاوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي؛ فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كان نوراً بين عينيه يوم القيامة ". هذا لفظ الطبراني، وقال بعده: " لم يرفعه علي " أي: أنه موقوف على علي - رضي الله عنه - من قوله، وهذا الحديث مداره - كما ترى - على كيسان أبي عمر القصار، وقد ضعفه أحمد وابن معين والساجي وقال الدارقطني: "ليس بالقوي"، كما في (تهذيب التهذيب 8/396) .وقال الدارقطني - عقب إخراجه الحديث في سننه -: "كيسان أبو عمر ليس بالقوي ومن بينه وبين علي غير معروف "، ووافقه على ذلك الذهبي في تهذيبه للسنن الكبرى للبيهقي 4/1650 ح (7203) ، وضعفه ابن حجر في (التلخيص 1/62) . الحديث الثاني: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه (الدارقطني 2/203) ، و (البيهقي 4/274) من طريق عمرو بن قيس، عن عطاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "لك السواك إلى العصر، فإذا صليت العصر فألقه، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك "، وفي إسناده عمرو بن قيس، قال عنه ابن حبان في (المجروحين 2/85) يروي عن عطاء، وكان فيه دعابة، ويقلب الأسانيد ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات "، ولذا قال الذهبي في تعليقه على سنن (البيهقي 4/1650-1651) ح (7204) : " عمرو واهٍ "

صحة حديث "أفطر الحاجم والمحجوم "

صحة حديث "أفطر الحاجم والمحجوم " المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 7/9/1422 السؤال نرجو بيان درجة حديث: " أفطر الحاجم والمحجوم " الجواب هذا الحديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- من طرق كثيرة، لكن أصح ما ورد فيها بنص جمع من الأئمة حديثان، وهما: الحديث الأول: حديث ثوبان - رضي الله عنه - وقد أخرجه أبو داود: وغيره من الأئمة كما سيأتي: قال أبو داود: 2/770 باب في الصائم يحتجم ح (2367) حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن هشام /ح/ حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا حسن بن موسى، حدثنا شيبان جميعاً، عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، يعني الرحبي، عن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أفطر الحاجم والمحجوم ". قال شيبان: أخبرني أبو قلابة، أن أبا أسماء الرحبي حدثه أن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقبل أن أذكر تخريجه والكلام عليه مفصلاً، أذكر خلاصة ما ظهر لي في هذا البحث وهي كما يلي: 01 أن الحديث روي عن ثوبان من أربعة طرق، وأن هذه الطرق أكثرها معل، وأقواها الطريق التي رواها مسدد، عن يحيى القطان، عن هشام الدستوائي، عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان - رضي الله عنه _ 02 أن أكثر أئمة الحديث كأحمد والبخاري والدارمي وغيرهم على تصحيح الحديث وخالف في ذلك إمامان، وهما: يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي، ولعل سبب إعلالهما له هو ما وقع فيه من اضطراب سيأتي الجواب عنه -إن شاء الله-. 03 أن تصحيح الحديث لا يكفي في الحكم به وحده على مسألة الحجامة للصائم، لأن؛ في المسألة أحاديث كثيرة تدل على أن هذا الحديث منسوخ وبإمكان القارئ الفاضل أن يراجع مظان هذه المسألة من كتب الشروح، والفقه مع الإشارة إلى أن مذهب جماهير أهل العلم على عدم الفطر بالحجامة. تخريج الحديث: الحديث في مسند أحمد 5/283 وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/217) ، باب ذكر الاختلاف على أبي قلابة ح (3137) وأحمد (5/282) وفي (5/277) و (الدارمي 1/440) ح (1682) والحاكم (1/427) من طرق عن هشام الدستوائي به بنحوه إلا أن في حديث أصحاب هشام جميعاً - سوى ابن علية- قصة في أوله. وأخرجه (ابن ماجه 1/537) باب ما جاء في الحجامة للصائم ح (1680) و (عبد الرزاق 4/209) ح (7522) و (أحمد 5/280) و (ابن خزيمة 3/226) ح (1962) وا (بن حبان 8/301) ح (3532) و (الحاكم 1/427) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به بنحوه وفي حديث بعضهم قصة. وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/217) ح (3139) من طريق عاصم بن هلال، وفي ح (3140،3141) من طريق عباد بن منصور. وفي ح (3142) من طريق جرير بن حازم. وفي ح (3143) من طريق حماد بن زيد، وفي ح (3144) من طريق ابن عيينة وعبد الرزاق 4/209 ح (7519) عن معمر، ستتهم (عاصم، وعباد، وجرير، وحماد، وابن عيينه، ومعمر) عن أيوب، عن أبي قلابة به بنحوه إلا أن عباد بن منصور اضطرب فجعله مرة كحديث الباب، ومرة جعله عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد، وفي حديث جرير: عن أبي قلابة عن شداد وثوبان، لم يذكر أبا أسماء، وقال جرير: عرضت على أيوب كتاباً لأبي قلابة، فإذا فيه: عن شداد وثوبان هذا الحديث، قال: عرضته عليه فعرفه، وفي حديث حماد وابن عيننه: عن أبي قلابة عن شداد فحسب، ليس فيه أبو أسماء ولا ثوبان، وفي حديث معمر: عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء عن شداد وفي حديث عاصم: عن أبي قلابة عن أبي أسماء، عن شداد وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/216) باب من الشيخ؟ ح (3136) من طريق راشد بن داود، و (أحمد 5/282) ومن طريقه (أبو داود 2/772) ح (2370) و (النسائي 2/216) ح (3135،3134) من طريق عن ابن جريج. و (أبو داود 2/273) ح (2371) و (النسائي 2/216) ح (3135) من طرق العلاء بن الحارث و (النسائي 2/217) ح (3137) من طريق سعيد بن عبد العزيز ثلاثتهم (ابن جريج، والعلاء، وسعيد) عن مكحول. كلاهما (راشد، ومكحول) عن أبي أسماء الرحبي به بنحوه، وفي حديث ابن جريج، وسعيد بن عبد العزيز عن شيخ من الحي، وقد سماه العلاء بن الحارث في حديثه وأنه مكحول , وأخرجه (النسائي 2/221) ح (3157) من طريق همام بن يحيى وفي 2/222 ح (3158) وأحمد 5/282، من طريق ابن أبي عروبة و (أحمد 5/286) من طريق شعبة، ثلاثتهم (همام، وابن أبي عروبة، وشعبة) عن قتادة، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم و (النسائي في 2/222) ، باب الاختلاف على خالد الحذاء ح (3159) ، والطبراني في " الكبير " 2/91 ح (1406) من طريق بكير بن أبي السميط، عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة، والنسائي في 2/222 ح (3160) و (ابن خزيمة 3/236) ح (1984) ، والطبراني في (الأوسط 57/153) ح (4720) من طريق الليث، عن قتادةن عن الحسن. ثلاثتهم (ابن غنم، ومعدان، والحسن) عن ثوبان به بنحوه، إلا أن هماماً لم يذكر عبد الرحمن بن غنم، بل جعله عن شهر عن ثوبان. دراسته والحكم عليه: إسناد أبي داود صحيح، وما يخشى من إرسال أبي قلابة زال بتصريحه بالسماع كما نقل ذلك أبو داود عن شيبان عن أبي قلابة نفسه، وأما ما وقع في حديث ابن جريج وسعيد بن عبد العزيز من قولهما: عن شيخ من الحي، فقد صرّح العلاء بن الحارث في روايته عن مكحول بأنه أبو أسماء الرحبي، وقد نص على اسمه أيضاً أبو حاتم - كما في (العلل) لابنه 1/238 ولذلك جعل المزي في (التحفة 2/143) حديث ثوبان هذا فيما رواه عنه أبو أسماء حيث أحال عليه عند قوله: "حديث شيخ من الحي". وقد تبين من التخريج السابق أن الحديث رواه عن ثوبان أربعة: 01 أبو أسماء الرحبي، وعنه ثلاثة: مكحول، وراشد بن داود، وأبو قلابة، وقد اختلف على أبي قلابة: أ. فرواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء عن ثوبان ب. ورواه أيوب، عن قلابة، واختلف عليه: - فرواه عباد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان. - ورواه عباد نفسه، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن شداد، عن أوس. -ورواه جرير بن حازم، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن شداد وثوبان، مرسلاً، فلم يذكر أبو قلابة أحداً بينه وبين ثوبان ولا شداد. -ورواه حماد بن زيد، وابن عيينة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن شداد فأرسلاه عن أبي قلابة. -ورواه معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء، عن شداد -ورواه عاصم بن هلال، عن أبي أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن شداد. أما رواية عباد بن منصور، فقد قال عنها النسائي (2/217) : " عباد بن منصور جمع بين الحديثين، فقال: عن أبي أسماء، عن ثوبان، عن أبي الأشعث عن شداد: " ثم قال عقب ذلك (2/218) : " وعباد بن منصور ليس بحجة في الحديث، وقيل إن ريحان بن سعيد - الراوي عنه - ليس بقديم السماع منه ". وقول النسائي هنا: (ليس بحجة) مفسرٌ بقوله في (الضعفاء) ص (214) رقم (414) : " ضعيف، وكان أيضاً قد تغير " ا. هـ. أما رواية معمر، فهي من روايته عن البصريين، وهي متكلم فيها عند الأئمة - كما في ترجمته من (تهذيب الكمال 28/303) . وأما رواية جرير، فجرير وإن كان ثقة، إلا أن الإمام أحمد قال - كما في شرح علل الترمذي 2/699 - " يروي عن أيوب عجائب " ا. هـ، ومع ذلك فقد خولف من قبل حماد بن زيد، وسفيان، وحماد خاصة ـ من أثبت الناس في أيوب، كما نص على ذلك جمع من الأئمة - كما في شرح العلل 2/699- ولذلك أشار النسائي إلى ترجيح رواية حماد بن زيد على غيره بقوله - في (السنن الكبرى 2/218) : " تابعه حماد بن زيد على إرساله عن شداد وهو أعلم الناس بأيوب"ا. هـ وأما رواية عاصم، فعاصم قال عنه أبو زرعه - كما في أسئلة البرذعي له (2/536) -: " حدث عن أيوب بأحاديث مناكير" ا. هـ فلعل هذا منها، والله أعلم. وهناك اختلاف أوسع من هذا على أيوب، سيأتي ذكره في حديث شداد التالي - إن شاء الله تعالى - فتبين إذاً أن الراجح عن أيوب، هو ما رواه حماد بن زيد، وابن زيد، وابن عيينه، وتابعهما جرير بن حازم على بعض ذلك، عن أيوب عن أبي قلابة عن أيوب، فرجع حديث أيوب إلى حديث شداد، وسيأتي الكلام على حديث شداد في الحديث التالي - إن شاء الله تعالى -. أما بقية الراوة عن ثوبان فهم ثلاثة، وهم: 01 معدان بن أبي طلحة: وقد رواه عنه سالم بن أبي الجعد، وعن سالم، بكير بن أبي السميط. 02 الحسن البصري: وقد رواه عنه قتادة، وعن قتادة، الليث بن سعد وقد سئل أبو حاتم الرازي - كما في (العلل) لابنه (1/226) عن طريق الليث فقال:" هذا خطأ، رواه قتادة، عن الحسن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو مرسل ورواه أشعب بن عبد الملك عن الحسن، عن أسامة بن زيد " ا. هـ. وقال النسائي عن هذين الطريقين: " ما علمت أحداً تابع الليث، ولا بكير بن أبي السميط على روايتهما، والله أعلم " ا. هـ وقال ابن خزيمة: " الحسن لم يسمع من ثوبان " ا. هـ وقال الطبراني في (الأوسط) : " لم يرو هذا الحديث عن قتادة عن الحسن عن ثوبان إلا الليث بن سعد " ا. هـ. 03 عبد الرحمن بن غنم: قد رواه عنه شهر بن حوشب وعن شهر، قتادة واختلف عليه: أ. فرواه ابن أبي عروبة، وشعبة، عن قتادة، عن شهر، عن عبد الرحمن بن غنم، عن ثوبان. ب. ورواه همام بن يحيى، عن قتادة، عن شهر، عن ثوبان، ليس فيه ذكر عبد الرحمن بن غنم. وقد قال أبو حاتم - كما في (العلل) لابنه (1/226) - " وأما حديث ثوبان، فإن سعيد بن أبي عروبة يرويه عن قتادة، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن ثوبان عن النبي- صلى الله عليه وسلم - ورواه بكير بن أبي السميط، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه يزيد بن هارون، عن أيوب أبي العلاء، عن قتادة، عن شهر بن حوشب عن بلال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه قتادة عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " ا. هـ. وكلام الإمام أبي حاتم، يشير إلى أن في الحديث اضطراباً، وأن قتادة اختلف عليه في ذلك كثيراً، ويمكن أن يقال: إن هذا الاضطراب الذي وقع في الطرق إلى شهر، إنما هي من شهر نفسه، لأنه متكلم في حفظه وضبطه، كما في ترجمته من (تهذيب الكمال 12/587) . والله أعلم. وبناء على ما تقدم من نقد الطرق إلى ثوبان فإنها كلها معلولة سوى الطريق الأولى التي أخرجها أبو داود. وقد صحح حديث الباب جمع من الأئمة، منهم: 01 ابن المديني، كما نقله عنه الترمذي في (العلل الكبير) ص (123) 02 أحمد: ففي مسائل أبي داود ص (311) قال أحمد: " كل شيء يروى عن ثوبان فهو صحيح، يعني حديث مكحول هذا " ا. هـ. وفي مسائل ابنه عبد الله (2/626) قال: شيبان جمع الحديثين جميعاً، يعني: حديث ثوبان، وحديث شداد بن أوس " ا. هـ وقد نص أحمد على الحديثين - أي ثوبان وشداد - كما في (طبقات الحنابلة 1/206) وفي مسائل (ابن هانئ 1/131) نص على أن أقوى حديث عنده هو حديث ثوبان. ونقل ابن حجر في (الفتح 4/209) عن عثمان الدرامي أنه قال: " صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم، من طريق ثوبان، وشداد، قال: وسمعت أحمد يذكر ذلك، ولما قيل لأحمد: إن يحيى بن معين قال: ليس فيه شيء يثبت، قال: هذه مجازفة " انتهى بتصرف " 03 عثمان الدرامي، وقد تقدم آنفاً. 04 البخاري: نقله الترمذي في (العلل الكبير) ص (122) ،فأورد الترمذي عليه ما فيه من الاضطراب؟ فقال: كلاهما عندي صحيح؛ لأن يحيى بن أبي كثير، روى عن أبي قلابة عن أبي أسماء، عن ثوبان، وعن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس، روى الحديثين جميعاً ا. هـ. قال ابن حجر معلقاً على ذلك في (الفتح 4/209) يعني فانتفى الاضطراب، وتعين الجمع بذلك " ا. هـ. 05 (ابن خزيمة 3/226) . 06 (ابن حبان 8/301) . 07 (الحاكم 1/427) . 08 ابن حزم في (المحلى 6/203) . 09 النووي في (ا

صحة حديث دعوة الصائم عند فطره

صحة حديث دعوة الصائم عند فطره المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 9/9/1422 السؤال ما صحة حديث: ((ثلاثة لا تردّ دعوتهم ... )) وذكر منهم: ((والصائم حتى يفطر)) ؟ الجواب حديث: " ثلاثة لا ترد دعوتهم ... ": هذا الحديث رواه الإمام (الترمذي 4/580) كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في صفة الجنة ونعيمها ح (2526) فقال: حدثنا أبو كريب، حدثنا محمد بن فضيل، عن حمزة الزيات، عن زياد الطائي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قلنا يا رسول الله، مالنا إذا كنا عندك رقت قلوبنا، وزهدنا في الدنيا، وكُنَّا من أهل الآخرة، فإذا خرجنا من عندك فآنسنا أهالينا، وشممنا أولادنا أنكرنا أنفسنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم تكونون إذا خرجتم من عندي كنتم على حالكم ذلك، لزارتكم الملائكة في بيوتكم، ولو لم تذنبوا لجاء الله بخلقٍ جديد كي يذنبوا فيغفر لهم "، قال: قلت يا رسول الله ممّ خُلِق الخلق؟ قال: "من الماء "، قلنا: الجنة ما بناؤها؟ قال: " لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ومِلاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران، من دخلها ينعم ولا ييأس، ويُخلَّد ولا يموت، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم"،ثم قال:" ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب -عز وجل-: وعزتي لأنصرنَّكِ ولو بعد حين ". قال أبو عيسى: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل، وقد روي هذا الحديث بإسنادٍ آخر عن أبي مُدلَّة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبل أن ذكر الكلام عليه مفصلاً، أذكر خلاصة الحكم، فأقول: 1- الحديث مداره ـ على الراجح ـ على أبي مدلة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. 2- إن أبا مدلة في عداد المجاهيل، ولم يتابعه أحد فيما وقفت عليه. 3- أنه قد ورد معنى هذا الحديث عن أنس -رضي الله عنه- وفيه ضعف ـ كما سأبينه ـ. 4- أن الأحاديث الواردة في إجابة دعوة المسافر ـ وإن كانت ضعيفة ـ إلا أن ذلك لا يعني ترك الصائم للدعاء، فإن الدعاء مشروع في كل وقت، بل دعاء الإنسان عند تلبسه بالعبادة أرجى في الإجابة، والله أعلم. تخريجه: *أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (380) ح (1075) عن حمزة الزيات، عن سعد الطائي، عن رجلٍ، عن أبي هريرة به بنحوه، فسمَّى شيخ حمزة: سعداً. *وأخرجه (الترمذي 5/539) في الدعوات، باب في العفو والعافية ح (3598) من طريق عبد الله بن نمير، و (ابن ماجة 1/557) باب الصائم لا ترد دعوته ح (1752) ، و (أحمد 2/443،477) من طريق وكيع، و (الدارمي في 2/789) ح (2717) عن أبي عاصم النبيل، ثلاثتهم (ابن نمير، ووكيع، وأبو عاصم) عن سعدان بن بشر، والطيالسي ص (337) ، وأحمد 2/304 عن أبي كامل، وأبي النضر، وأحمد 2/305 عن حسن بن موسى، والطبراني في "الدعاء" (3/1414) ح (315) من طريق أحمد بن يونس، و (ابن حبان 8/214) ح (3428) ، وفي 16/396 ح (7387) من طريق فرح - بالحاء المهملة - ابن رواحة، ستتهم (الطيالسي، وأبو كامل، وأبو النضر، وحسن، وأحمد بن يونس، وفرح) عن زهير بن معاوية، و (ابن خزيمة 3/199) ح (1901) من طريق محمد بن عبد الرحمن المحاربي، عن عمرو بن قيس الملائي، ثلاثتهم (سعدان، وزهير، وعمرو) عن أبي مجاهد سعد بن عبيد الطائي، عن أبي مدلّة، عن أبي هريرة به بنحوه، إلاَّ أن وكيعاً، والطيالسي، وعمرو بن قيس اقتصر حديثهما على قوله: (ثلاثة لا ترد دعوتهم ... الخ) ، وفي الموضع الثاني - عند (أحمد 2/477) - قال وكيع في حديثه: (الصائم لا ترد دعوته) فحسب، وفي الموضع الأول عند أحمد عن وكيع (1/443) اقتصر حديثه على قوله: (الإمام العادل لا ترد دعوته) فحسب، ولفظ حديث فرح في الموضع الأول نحو حديث الطيالسي وعمرو الملائي، واقتصر حديث أبي عاصم على صفة بناء الجنة. *وأخرجه (البزار 4/38) ح (3139) - كشف - من طريق إبراهيم بن خيثم بن عراك بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة بنحوه، إلاَّ أنه قال: "والمسافر حتى يرجع" بدلاً من "الإمام العادل". الحكم عليه: وقد تبين من التخريج أن الحديث رواه عن أبي هريرة اثنان، وهما: زياد (أو سعد) الطائي - كما سيأتي تحريره - وأبو مدلة، ولكن عند التأمل والنظر يتبين أنهما واحد، وبيان ذلك أن يقال: إن محمد بن فضيل، رواه عن حمزة الزيات، عن زياد الطائي، عن أبي هريرة، وخالفه ابن المبارك، فرواه عن حمزة عن سعد الطائي - الذي هو أبو مجاهد - حدثه، عن رجل، عن أبي هريرة فذكره بنحوه، ورواية ابن المبارك أرجح من وجهين: الأول: أن ابن المبارك ثقة ثبت فقيه عالم - كما في التقريب (320) ، وابن فضيل ليس في منزلته، على أن في روايته مخالفةً أخرى ـ كما سيأتي ـ. الثاني: أن الرواة الآخرين عن أبي مجاهد رووه كذلك عنه عن أبي مدلة، فعاد حديث حمزة إلى رواية الجماعة. وثمة مخالفة أخرى من ابن فضيل لابن المبارك في إسناده، وهو أن ابن فضيل قد أسقط الواسطة بين أبي هريرة وزياد الطائي، بينما رواه ابن المبارك بذكر الواسطة. وقد سئل الدارقطني ـ كما في (العلل 11/235) ـ عن هذا الحديث فقال - بعد إشارته إلى الرواة عن أبي مجاهد الذين سبق ذكرهم -: "ورواه حمزة الزيات، عن سعد الطائي أبي مجاهد، وقال: عن رجل، عن أبي هريرة، وأحسبه لم يحفظ كنيته، فقال: عن رجل، وأراد أبا مدلَّة، والله أعلم، والحديث محفوظ" اهـ. فالإمام الدارقطني، لم يشر إلى مخالفة ابن فضيل في إسناده، فكأنه لم يلتفت إليها، وإنما أشار إلى رواية ابن المبارك فحسب، وإلى هذا أشار الترمذي بقوله عن الطريق التي رواها ابن فضيل:" هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل، وقد روي هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي مدلَّة، عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. فكأنه يقول - رحمه الله -: إن هذا هو المحفوظ في حديث أبي مدلة عن أبي هريرة، وأن تسمية زياد وهْم، وبهذا يمكن أن تفسر كلمة الدارقطني بقوله: "والحديث محفوظ" أي من حديث أبي مدلة عن أبي هريرة، والله أعلم. وإذا تبين أن مدار الحديث على أبي مجاهد، عن أبي مدلة، عن أبي هريرة، فقد حسنه الترمذي ح (3598) ،وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وحسنه ابن حجر - كما في "الفتوحات الربانية" لابن علان (4/338) -. وابن خزيمة - رحمه الله - قد صحح الحديث من طريق محمد بن عبد الرحمن المحاربي عن عمرو بن قيس الملائي، عن أبي مجاهد به، وقد قال الدارقطني - كما في (أطراف الغرائب 5/297) -:" تفرد به المحاربي محمد بن عبد الرحمن، عن عمرو بن قيسٍ بطوله، وروي عن قُرَّان بن تمام، عن عمر بعضه" اهـ. وأبو مدلَّة - الذي مدار الحديث عليه - قال عنه ابن المديني - كما في (تهذيب التهذيب 12/204) -: " أبو مدلة مولى عائشة لا يعرف اسمه، مجهول، لم يرو عنه غير أبي مجاهد" اهـ. وفي التقريب (671) : مقبول، ومثل هذا لا يحسن حديثه، خاصةً وأنه لم يتابع - فيما وقفت عليه - والله أعلم. وفيما يتعلق بالطريق التي أخرجها البزار، فهي لا تصلح، لأن في إسنادها إبراهيم بن خيثم، قال عنه النسائي: "متروك" كما في "الميزان" 1/30. وهذا الحديث قد اشتمل على عدة فقرات، إلاَّ أنني لم أجد ما يشهد له بهذا السياق، وأما المعنى الذي لأجله ذكر الحديث ههنا هذا الحديث وهو قوله: "ثلاث دعوات ... ومنها: والصائم حتى يفطر" فقد وقفت على حديث أخرجه (البيهقي 3/345) ، والضياء في (المختارة 6/74) ح (2057) من طريق إبراهيم بن بكر المروزي، عن عبد الله بن بكر السهمي، عن حميد الطويل، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر ". وفي إسناده إبراهيم بن بكر، لم أظفر له -بعد البحث - بترجمة، مع أنه في طبقة الإمام أحمد بن حنبل؛ لأن عبد الله بن بكر السهمي في طبقة شيوخ أحمد، فقد توفي سنة 208هـ، كما في التقريب (293) ، ومثل هذا لو كان مشهوراً، أو له عناية بالحديث لترجمه الأئمة أو بعضهم، ولكن لم أجد شيئاً من هذا، إلاَّ أن ابن الجوزي قال - كما نقله عنه الذهبي في "الميزان" 1/24 -:"وإبراهيم بن بكر ستة، لا نعلم فيهم ضعفاً سوى هذا " يعني الشيباني الأعور، قال الذهبي معلقاً:" قلت: ولو سماهم لأفادنا، فما ذكر ابن أبي حاتم منهم أحداً " اهـ، فكلمة الذهبي فيها ردٌ لكلمة ابن الجوزي؛ لأنهم لو كانوا معروفين بحمل العلم لترجمهم الأئمة. وفي الإسناد أيضاً عنعنة حميد، وهو كثير التدليس حتى قيل إن معظم ما يرويه عن أنس، رواه بواسطة ثابت وقتادة - كما في تعريف أهل التقديس (133،134) - ولم أقف على غير هذا الحديث.

صحة حديث (صوموا تصحوا)

صحة حديث (صوموا تصِحُّوا) المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 2/9/1422 السؤال نرجوا بيان صحة حديث: صوموا تصِحُّوا: الجواب هذا الحديث روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - منهم: 01 أبو هريرة - رضي الله عنه -: أخرج حديثه العقيلي في " الضعفاء " 2/92 في ترجمة زهير بن محمد التميمي، والطبراني في " الأوسط " 8/213 ح (8312) من طريق زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: " اغزوا تغنموا، وصوموا تصحوا، وسافروا تستغنوا ". قال العقيلي عقب إخراجه: " لا يتابع عليه إلا من وجه فيه لين ". وقال الطبراني: " لم يروِ هذا الحديث عن سهيل بهذا اللفظ إلا زهير " وضعفه العراقي في " تخريج الإحياء" 3/115 02 علي - رضي الله عنه - أخرجه ابن عدي في " الكامل " 2/357 من طريق حسين بن عبد الله بن ضميرة بن أبي ضميرة، عن أبيه عن جده، عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " صوموا تصحوا " وإسناده تالف؛ لأن حسيناً هذا متروك الحديث كما قاله أحمد والنسائي وغيرهما، وقال عنه البخاري: منكر الحديث، كما ذكر ذلك ابن عدي عنهم. 03 عن ابن عباس - رضي الله عنه -: أخرجه ابن عدي في " الكامل " 7/57 من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " سافروا تصحوا، وصوموا تصحوا، واغزوا تغنموا ". وإسناده ضعيف جداً، إن لم يكن موضوعاً؛ لأن نهشل بن سعيد قال عنه ابن راهويه: كان كذاباً، وقال النسائي: متروك الحديث. وخلاصة القول: أن الحديث روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، ولا يصح منها عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - شيء، ولا يعني ذلك بطلان معناه؛ لأن الأطباء يتحدثون كثيراً عن فوائد الصيام الصحية، وهو أمر مشاهد ومعروف، بل هو - أي الصيام - من الأساليب التي يستخدمها بعض الأطباء لعلاج بعض الأعراض، ولكن هنا ينبغي التنبُّه لأمرين: الأول: أن المحدثين يهتمون ببيان صحة الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهل هو ثابت عنه من ذلك الطريق أم لا؟ وقد يكون معناه صحيحاً، أو صح موقوفاً عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - إلا أن صحة المعنى أو ثبوته عن الصحابي شيء، وصحة نسبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - شيء آخر. الثاني: أن بعض الناس حينما يتحدث عن فوائد بعض العبادات الصحية أو الطبية، يوغل في ذلك ويبالغ مبالغة غير محمودة، حتى إنه ليخيل لبعض المستمعين أن تلك العبادة إنما شرعت لهذه الفوائد الطبية أو تلك، وهذا خطأ! لأن الغاية العظمى من مشروعية العبادات هي تعبيد الناس لرب العالمين - جل جلاله - وحصول التذلل له -سبحانه- وزيادة الإيمان بالإقبال عليه - تبارك وتعالى -، وحصول التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي شرع وبين لأمته هذه العبادات العظيمة.. نعم، في العبادات فوائد صحية وبدنية، لكنها تبع، وليست أصلاً، فينبغي أن تعطى حجمها اللائق بها، والله أعلم.

صحة حديث " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته "

صحة حديث " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 4/9/1422 السؤال ما صحة حديث: " صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته"؟ الجواب هذا اللفظ هو جزء من حديث روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - وحديث بعضهم في الصحيحين، ولذا فسأقتصر على ذكر اثنين منهم، وهما: أبو هريرة، وابن عمر -رضي الله عنهما -. فأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: فأخرجه (البخاري 2/32) ح (1909) ، و (مسلم 2/762) ح (1081) وأما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - فأخرجه (البخاري 2/30) ح (1900) ، و (مسلم 2/759) ح (1080) .

صحة حديث "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة"

صحة حديث "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة" المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 5/9/1422 السؤال نرجو منكم بيان درجة حديث: " إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين " الجواب هذا الحديث متفق على صحته من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فقد أخرجه (البخاري 2/30) ح (1899) ، و (مسلم 2/758) ح (1079) . ولفظ البخاري: " إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين" ولفظ مسلم " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وفي لفظ (الرحمة) - وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين".

متى يحكم الباحث على الأحاديث؟

متى يحكم الباحث على الأحاديث؟ المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 22/6/1423 السؤال متى يحكم طالب العلم المتخصص في علم الحديث على حديث ما بالصحة أو الضعف؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حدّه، أما بعد: فأقول وبالله التوفيق: إن الطالب الذي يتخصص في علوم السنة النبوية قد يكون في مراحل طلبه الأولى، وقد يكون تجاوز ذلك، ولا أقصد بذلك الزمن أو المراحل التعليمية والشهادات والألقاب، فكم من رجل يمضي عمره ويشيخ في السن ولم يزل في أولى مراحل الطلب، وكم من دكتور في علوم السنة ولما يزل في أولى تلك المراحل. ولكني قصدت مراحل التعليم الحقيقية التي يترقى من خلالها طالب العلم، حتى يصل إلى الحد الذي يُمكن الطالب فيه أن يفهم مآخذ الأحكام على الأحاديث وطريقة الوصول إليها، وكنت قد ذكرت في مناسبة قديمة السلم التعليمي الذي إذا سار عليه طالب علم الحديث، رجي له أن يصل إلى حد الإفادة، ويمكن أن أضع ضابطاً إجمالياً للحد الذي إذا بلغه طالب العلم يكون معه متأهلاً للحكم على الأحاديث بدراسة أسانيدها، وهو أن تكون غالب أحكامه صواباً ويعرف أن غالب أحكامه صواب، بأن توافق أحكامه -غالباً- أحكام الأئمة المعتمدين، لا تقليداً، ولكن اتباعاً وفهماً لدليل الحكم. فإذا وصل الطالب إلى هذا الحد، حق له أن يحكم على الأحاديث التي يظهر له فيها وجه الحكم، ويبقى أنه لا بد أن يقف على أحاديث لا يظهر له فيها وجه الحكم، فلا ينسى حينها أن يقول: لا أدري. ثم إن الأحاديث التي يحكم عليها المتأخر من المتخصصين في علوم السنة تنقسم قسمين: الأول: الأحاديث التي سبق إلى الحكم عليها بنحو حكمه عليها -صراحة أو تلميحاً- من إمام متقدم من النقاد المعتبرين، فهذه يكون حكمه عليها شاملاً الإسناد والمتن؛ لأن الناقد المتقدم قد قام بما يعجز عنه المتأخر من نفي وجود العلل الخفية عند الحكم على الحديث بالصحة، أو نفي وجود المتابعة المقوية للحديث عند الحكم عليه بالضعف. الثاني: الأحاديث التي لم يُسبق إلى الحكم عليها، وهذه ليكن حكمه عليها مقتصراً على الإسناد وحده دون المتن؛ لأن المتأخرين لم تتحقق فيهم أهلية الاستقلال بالحكم على المتن. وقد سبق الجواب في هذا الموقع عن الفرق بين الحكم على الإسناد والحكم على المتن، وبينت في الجواب إفادة الحكم على الإسناد وحده، وأنها تقيم الحجة بالحديث المحكوم على إسناده بالقبول -صحة أو حسناً-، وأنها أيضاً إفادة بعدم الثبوت وعدم القبول للحديث المحكوم على إسناده بالضعف، هذا والله أعلم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.

حديث باطل

حديث باطل المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 14/11/1422 السؤال قرأت حديثاً شريفاً ولكنني غير متأكدة من صحته، والحديث هو: قال الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: يا علي لا تنم قبل أن تأتي بخمسة أشياء هي: قراءة القرآن كله، والتصدُّق بأربعة آلاف درهم، وزيارة الكعبة، وحفظ مكانك في الجنة، ورضاء الخصوم. فقال علي - كرم الله وجهه -: كيف ذلك يا رسول الله؟ " فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما تعلم أنك إذا قرأت (قل هو الله أحد) إلى آخره ثلاث مرات فقد قرأت القرآن كله، وإذا قرأت (سورة الفاتحة) أربع مرات فقد تصدقت بأربعة آلاف درهم، وإذا قلت (لا إله إلا الله يحي ويميت وهو على كل شيء قدير) عشر مرات فقد زرت الكعبة، وإذا قلت (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) عشر مرات فقد حفظت مكانك في الجنة، وإذا قلت (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) فقد أرضيت الخصوم. أرجو من حضرتكم معرفة ما إذا كان هذا الحديث صحيحاً أم أنه موضوع؟ الجواب جواباً على سؤال السائلة عن حديث: " يا علي، لا تنم قبل أن تأتي بخمسة أشياء، هي: قراءة القرآن كله، والتصدُّق بأربعة آلاف درهم، وزيارة الكعبة، وحفظ مكانك في الجنة، ورضاء الخصوم..) إلى آخره. فأقول إن هذا الحديث حديث باطل لا أصل له، وفيه من علامات الوضع ما لا يخفى على أهل العلم، مع أنه قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قراءة سورة الإخلاص: " قل هو الله أحد " تعدل ثلث القرآن انظر ما رواه البخاري (5013) ومسلم (811) ، وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل سورة الفاتحة أحاديث متعددة انظر ما رواه البخاري (4474) ومسلم (806) ، وكذلك صح في صنوف الذكر من التهليل والتسبيح والتحميد والتكبير وغير ذلك أحاديث ووردت فيها نصوص، لكن هذا الحديث المسؤول عنه بهذا اللفظ وبهذه المقادير والأجور والخصائص لا يصح، وفي هذا السياق فإني أنبه إلى أن هناك كتاباً يتضمن وصايا من النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقد طُبع مراراً أنه كتاب مكذوب على نبينا - صلى الله عليه وسلم -، يجب الحذر منه وتحذير الناس منه. وقد نبّه العلماء على كذب غالب الوصايا المنسوبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - زوراً وبهتاناً والموجَّهة - بزعمهم- إلى عليّ - رضي الله عنه - مبدوءة بعبارة: " يا علي " حتى قال بعض أهل العلم: " إن وصايا علي المصدّرة بياء النداء كلها موضوعة غير قوله - صلى الله عليه وسلم -: " يا علي، أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي " فقد رواه أحمد (27467) وانظر ما رواه البخاري (3706) ومسلم (2404) وإن كان في هذا الحصر نظر، لكن يبقى أن غالب هذه الوصايا مكذوب، فعلى المسلم أن يحذر من أمثال هذه الأحاديث وأن يسأل عنها أهل العلم. ومن هذه الوصايا ما أورده ابن الجوزي في الموضوعات (رقم 1677، 1678) والصنعاني في الموضوعات (رقم 9،8) ، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (2/373 - 376) ، والأسرار المرفوعة لملا علي القارئ (رقم 614) والمصنوع في معرفة الحديث الموضوع له أيضاً (رقم 436) والتنكيت والإفادة لابن هِمّات (44-45) . والله أعلم. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

صحة حديث: فرعون هذه الأمة

صحة حديث: فرعون هذه الأمة المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 21/11/1422 السؤال ما صحة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبي جهل "إنه فرعون هذه الأمة " عندما أخبره ابن مسعود عن قتله إياه، فإن كان صحيحاً كيف يكون أبو جهل من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وقد مات كافراً، ومن المعلوم أنه إذا أطلق لفظ "أمة محمد " قصد به المسلمون دون غيرهم؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حده. أما بعد. فجواباً عن سؤال القائل: " ما صحة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبي جهل " إنه فرعون هذه الأمة.. " يعني السائل: هل ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ثم يسأل عن وجه وصف أبي جهل بأنه فرعون هذه الأمة، مع أن أمة محمد هم المسلمون فقط دون غيرهم. فأقول وبالله التوفيق: أولاً: الحديث المذكور أخرجه الإمام أحمد (رقم 3824، 3825، 4246، 4247) وأبو داود مختصراً ليس فيه موطن الشاهد (رقم 2716) ، والنسائي في السنن الكبرى مختصراً (رقم 8617) وغيرهم من طريق أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه - رضي الله عنه - بقصة مقتل أبي جهل يوم بدر، وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " هذا فرعون هذه الأمة ". غير أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه كما عليه عامة من تكلم في هذا الإسناد من أهل العلم، وانظر البحث القوي للشيخ أبي إسحاق الحويني في هذه المسألة الإسنادية المذكورة في كتابه. (النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة 1/26 31 رقم 6) ولذلك قال ابن حزم في المحلى (9/389) عن هذا الحديث " إسناده متكلم فيه " وللحديث متابعات كلها لا تصح، ومرجعها إلى أن تكون وهماً عن الرواية السابقة كما بين ذلك النسائي في الكبرى (رقم 5961) والدارقطني في العلل (5/294-295 رقم 893) والبيهقي في الكبرى (9/92-93) مع أن أصل قصة مقتل أبي جهل ثابت صحيح لكن دون ذكر الكلمة المسؤول عنها - فانظر صحيح البخاري (رقم3141،3964،3963،3962،3961) وصحيح مسلم (رقم 1800) . ومع ما ذكرناه من الكلام في إسناد هذا الخبر إلا أنه قابل للتحسين، لعلم أبي عبيدة بأبيه وتقصيه لأحواله، ولذلك كان الترمذي غالباً ما يُحَسَّن أحاديث أبي عبيدة عن أبيه. والخلاصة: أن هذه اللفظة ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم. ثانياً: أما ما استشكله السائل من وصف أبي جهل بكونه من هذه الأمة، فجوابه أن الأمة في اللغة تطلق على كل جماعة يجمعها أمرٌ، ما إما دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد، أو نسب واحد، وغير ذلك. أما أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فيقول الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات (3/11) : " لفظة الأمة تطلق على معانٍ منها: من صَدَّق النبي - صلى الله عليه وسلم - وآمن بما جاء به واتبعه فيه، وهذا هو الذي جاء مدحه في الكتاب والسنة كقوله - تعالى-: " وكذلك جعلناكم أمة وسطاً " و " كنتم خير أمة " وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: " شفاعتي لأمتي " وقوله: " تأتي أمتي غُراً محجلين " وغير ذلك، ومنها من بُعِِثَ إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من مسلم وكافر، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: " والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة: يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار " رواه مسلم في صحيحه (رقم 153) في كتاب الإيمان. وهذان القسمان من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - هما اللذان اصطلح العلماء على تسميتهما بأمة الإجابة (وهم المسلمون) وأمة الدعوة (وهم كل أهل الملل ممن أدرك بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو جاء بعدها إلى قيام الساعة) . ومن العلماء من يقسم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى ثلاثة أقسام: أمة الاتباع (وهم أهل العمل الصالح من المسلمين) وأمة الإجابة (وهم مطلق المسلمين) وأمة الدعوة (وهم من عداهم ممن بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم) كما تراه في فتح الباري لابن حجر (11/411) . وعلى هذا فإنما وصف أبو جهل بأنه فرعون هذه الأمة لأنه من أمة الدعوة أي من الأمة المطالبة بالإيمان بدين الإسلام الذي بعث به النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس في هذه الإضافة إلى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أي تشريف، إنما التشريف يكون لمن كان من أمة الإجابة والاتباع فقط دون أمة الدعوة. والله الهادي إلى سواء السبيل ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله أعلم. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

صحة حديث "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا"

صحة حديث "رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً" المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 18/1/1425هـ السؤال ما صحة الحديث: " رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً ". الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: حديث: " رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً" من الأحاديث التي اختلف فيها، والحكم عليه فيه دقة بالغة , والذي أميل إليه التوقف فيه. فقد أخرجه الإمام أحمد (5980) ، وأبو داود (1265) ، والترمذي (430) وقال: حديث غريب حسن (430) ، وابن خزيمة في صحيحه (1193) ، وابن حبان في صحيحه (2453) ،كهلم من طريق أبي داود الطيالسي عن محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران بن المثنى عن جدَّه أبي المثنى مسلم بن المثنى، عن ابن عمر - رضي الله عنهما-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وسبب الخلاف هو شيخ أبي داود الطيالسي: محمد بن إبراهيم بن مسلم فإنه تفرد بأحاديث عن جدَّه، منها هذا الحديث، والتفرد يُلزم التثبت في الرواية، بل ربما في الراوي نفسه، خاصة مع قلة حديث مثل هذا الراوي، ويُنظر هل يقع في ضبطه وإتقانه ما يجبر تفرده؟ وهل طبقته تحتمل أن يتفرد بما تفرد به؟ فذهب الترمذي وابن خزيمة وابن حبان إلى قبول حديثه، وهذا يقتضي أنهم قد قبلوا روايته ورأوه أهلاً لضبط ما نقل، في حين قال الفلاس: أنه ذكر لعبد الرحمن بن مهدي حديثاً تفرد به هذا الراوي عن جده عن ابن عمر في الوتر، قال: " فأنكره، ولم يرض الشيخ " وتابعه الفلاس فقال عنه:" روى عنه أبو داود الطيالسي أحاديث منكرة في السواك وغيره ". وسُئل أبو زرعة الرازي عنه، مُعرَّفاً في السؤال بأنه الذي روى عن جده عن ابن عمر - رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:" من صلى قبل العصر" فقال أبو زرعة: " واهي الحديث " ولم يرد شيء من هذه الأقوال في هذا الراوي في ترجمته في تهذيب التهذيب (9/16-17) وإنما ورد في الجرح والتعديل (8/78) والكامل لابن عدي (6/243) وقد أورد ابن عدي كلمة ابن مهدي في ترجمة هذا الراوي، وأخرج له ثلاثة أحاديث وكان منها حديثه هذا ثم قال: " ومحمد بن مسلم بن مهران " هذا ليس له من الحديث إلا اليسير، ومقدار ماله من الحديث لا يتبين صدقه من كذبه " وهذا الذي ذهب إليه ابن عدي هو ما أرجحه، وهو التوقف عن الحكم على الراوي وعلى حديثه. والله أعلم بالصواب. والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.

صحة حديث "كل عمل ابن آدم له يؤجر عليه إلا البناء"

صحة حديث "كل عمل ابن آدم له يؤجر عليه إلا البناء" المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 4/12/1422 السؤال ما مدى صحة حديث " كل عمل ابن آدم له يؤجر عليه إلا البناء"، وما هو فقه الحديث -إن صح-، وكيف الجمع بينه وبين الأحاديث التي تدل على أجر المسلم فيما ينفقه على أهله. الجواب الحديث الذي أشار إليه السائل هو ما ورد عن خباب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يؤجر الرجل في نفقته كلها إلا التراب"، وفي رواية: " إلا البناء "، والحديث أخرجه أحمد بإسناد رجاله ثقات، كما أخرجه الترمذي، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وانظر تمام تخريجه في هامش المسند (طبعة مؤسسة الرسالة 34/539، رقم 21059) ، ومعنى الحديث محمول على ما لا حاجة للإنسان فيه. قال الحافظ ابن حجر بعد إشارته لهذا الحديث، ونحو مما ورد في معناه، قال:"وهذا كله محمول على ما لا تمس الحاجة إليه مما لا بد منه للتوطن، وما يقي البرد والحر". (فتح الباري 11/95، الحديث رقم 6302) ، وقال المباركفوري في شرحه على الترمذي: "وهذا في بناء لم يقصد به قربة أو كان فوق الحاجة". ولما تقدم فلا معارضة بينه وبين ما ذكره السائل من أنه قد يفهم منه تعارض هذا الحديث مع الأحاديث الدالة على أجر المسلم فيما ينفقه على أهله؛ لأن البناء الذي يبنيه الرجل له ولأهله مما يريد به الاستقرار فيه، وغير ذلك مما هو معلوم من حاجة الإنسان للبناء، فهذا كله داخل في النفقة على الأهل، ولعله أن لا يحرم الأجر - إن شاء الله -، وخاصة مع الاحتساب في ذلك، والله أعلم.

صحة حديث "من زار قبري وجبت له شفاعتي"

صحة حديث "من زار قبري وجبت له شفاعتي" المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 6/12/1422 السؤال ما صحة الحديث الذي يقول:" من زار قبري وجبت له شفاعتي"؟ الجواب أولاً: يشكر الأخ السائل على حرصه على البحث عن درجة الحديث إذ ليس كل حديث في الكتب يكون صحيحاً، فيجب على المسلم قبل أخذ الحديث التأكد من صحته. ثانياً: هذا الحديث هو فقرة من حديث موضوع، قال ابن عبد الهادي:"هو حديث موضوع مكذوب مختلق مفتعل مصنوع من النسخة الموضوعة المكذوبة الملصقة بسمعان المهدي قبح الله واضعها ... "، وللحديث رواية أخرى رواها أبو داود الطيالسي (65) ، ورواها البيهقي في (الشعب والسنن) ثم قال في (السنن) :" إسناد مجهول" (5/245) . ثالثاً: زيارة القبور مشروعة ما لم ينشئ لها سفراً، فأما السفر للزيارة فلا يجوز قال -صلى الله عليه وسلم-:" كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" رواه مسلم (977) من حديث بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه-، وقال - صلى الله عليه وسلم -:" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى" متفق عليه عند البخاري (1189) ومسلم (827) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. رابعاً: زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - مستحبة، ثم بعد ذلك يزور قبره - صلى الله عليه وسلم -، والله الموفق.

صحة حديث" تعلموا السحر ولا تعملوا به"

صحة حديث" تعلموا السحر ولا تعملوا به" المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 27/12/1422 السؤال ما صحة الحديث الذي يقول:" تعلموا السحر ولا تعملوا به"؟ الجواب سئل الشيخ/ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - عن هذا الحديث، نذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة: السؤال: ما صحة حديث سمعته عن النبي - صلى الله عليه وسلم-: " تعلموا السحر ولا تعملوا به"؟ الجواب: هذا الحديث باطل لا أصل له، ولا يجوز تعلم السحر ولا العمل به، وذلك منكر بل كفر وضلال، وقد بين الله إنكاره للسحر في كتابه الكريم في قوله -تعالى-:" واتبعوا ما تتلوا الشياطين على مُلك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يُعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحدٍ إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خيرٌ لو كانوا يعلمون " [البقرة:102-103] ، فأوضح -سبحانه- في هذه الآيات أن السحر كفر، وأنه من تعليم الشياطين، وقد ذمهم الله على ذلك وهم أعداؤنا، ثم بين أن تعليم السحر كفر، وأنه يضر ولا ينفع، فالواجب الحذر منه؛ لأن تعلم السحر كله كفر، ولهذا أخبر عن الملكين أنهما لا يعلمان الناس حتى يقولا للمتعلم إنما نحن فتنة فلا تكفر، ثم قال: " وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " فعلم أنه كفر وضلال، وأن السحرة لا يضرون أحداً إلا بإذن الله، والمراد بذلك إذنه -سبحانه- الكوني القدري لا الشرعي الديني؛ لأنه -سبحانه- لم يشرعه ولم يأذن فيه شرعاً، بل حرمه ونهى عنه، وبين أنه كفر ومن تعليم الشياطين، كما أوضح -سبحانه- أن من اشتراه، أي: اعتاضه وتعلمه ليس له في الآخرة من خلاق؛ أي: من حظ ولا نصب، وهذا وعيد عظيم، ثم قال -سبحانه-:" ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون"، والمعنى: باعوا أنفسهم للشيطان بهذا السحر، ثم قال -سبحانه-:" ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون" فدل ذلك على أن تعلم السحر والعمل به ضد الإيمان والتقوى ومناف لهما، ولا حول ولا قوة إلا بالله. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز - رحمه الله - (الجزء 6ص 371) ]

بطلان حديث أوس في التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-

بطلان حديث أوس في التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 14/11/1424هـ السؤال قرأت هذا الحديث في مقدمة سنن الدارمي، وقد ذكر لي أن الدارمي من علماء الحديث، أفلا يدل على جواز التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة وأن الذي أمرهم بذلك السيدة عائشة -رضي الله عنها-؟ عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله قال: "قحط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكوا إلى عائشة فقالت: "انظروا قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا فمطرنا مطراً حتى نبت العشب، وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق. الجواب لا شك أن الدارمي -رحمه الله- من علماء الحديث ومن أصحاب الكتب المصنفة فيه، ولكن لا تلازم بين عدالة وإمامة الجامع للأحاديث في مصنف، وبين صحة كل ما ورد فيه؛ لأنه يذكر الأحاديث بأسانيدها، ويستطيع الباحث عن صحتها بعد ذلك أن يعرف هل هي صحيحة أو لا من خلال البحث؟ فهذا الحديث أخرجه الدارمي في سننه رقم (92) باللفظ المذكور في السؤال، ولكن الحديث فيه علل من حيث الإسناد ومن حيث المتن، فأما من حيث الإسناد: 1-فيه سعيد بن زيد، نقل العقيلي في الضعفاء عن يحيى بن معين أنه ضعيف، وأنه ليس بشيء، وضعفه يحيى بن سعيد. فإذا انفرد في مثل هذا الحديث فهذه علة قوية. 2-فيه أبو النعمان: محمد بن الفضل الملقب بعارم، قال فيه الحافظ في التقريب: ثقة ثبت تغير في آخر عمره، وقد نص على اختلاطه البخاري وأبو حاتم والعقيلي والنسائي والدارقطني. 3-فيه عمرو بن مالك النكري قال فيه ابن حبان: يخطئ ويغرب، وقال في الكامل في الضعفاء: منكر الحديث عن الثقات ويسرق الحديث، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق له أوهام، وإن كان قد نقل في التهذيب من الطعن فيه ما يظهر للناظر أنه أدنى مرتبة من قوله صدوق له أوهام، والله أعلم. وأما من حيث المتن: 1-ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على البكري، وما روي عن عائشة -رضي الله عنها- من فتح الكوة من قبره إلى السماء لينزل المطر فليس بصحيح، ولا يثبت إسناده، ومما يبين كذب هذا أنه في مدة حياة عائشة -رضي الله عنها- لم يكن للبيت كوة، بل كان باقياً كما كان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، بعضه مسقوف وبعضه مكشوف، وكانت الشمس تنزل فيه كما ثبت في الصحيحين البخاري (545) ومسلم (610) عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها، ولم تزل الحجرة كذلك في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد، ثم إنه بني حول حجرة عائشة -رضي الله عنها- التي فيها قبر جدار عال، وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف، وأما وجود الكوة في حياة عائشة -رضي الله عنها- فكذب بين، ولو صح ذلك لكان حجة ودليلاً على أن القوم لم يكونوا يقسمون على الله، وإنما فتحوا على القبر لتتنزل الرحمة عليه، ولم يكن بدعائه أو بعلمه، فإن الله -تعالى- يحب أن نتوسل إليه بالإيمان والعمل والصلاة والسلام على نبيه -صلى الله عليه وسلم- ومحبته وطاعته وموالاته، فهذه هي الأمور التي يحب الله أن نتوسل بها إليه. 2-أن هذا الأثر فيه غرابة؛ لأن فتح السقف على القبر كيف يكون له أثر في نزول المطر؟! فهل المقصود أن يكون القبر حينئذ أقرب إلى الله؟ فكيف يقال هذا والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند وفاته: "في الرفيق الأعلى في الرفيق الأعلى"، كما في الصحيحين البخاري (4451) ومسلم (2192) من حديث عائشة -رضي الله عنها-؟ فمنزلته -عليه الصلاة والسلام- أعلى من أن يتصور أن يحول بينه وبين قربه من ربه سقف الحجرة فضلاً عن غيره. وإن كان المقصود أن ينزل المطر على قبره، فإذاً كان قبره بحاجة إلى تنزل الرحمة عليه كما أشار إلى ذلك ابن تيمية، مع أن تنزل المطر على قبره لا يظهر كونه سبباً للاستسقاء. 3-أن من يستدل بهذا الأثر إنما يستدل به على التوسل بذات النبي -صلى الله عليه وسلم- كما هو وارد في السؤال أيضاً. وهذا الاستدلال لا يستقيم حتى مع صحة الأثر، ولو كان باتفاق الصحابة -رضي الله عنهم-، وذلك أن الأثر ليس فيه إلا فتح الكوى، فليس فيه أن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أمرتهم بالتوسل بذاته -عليه الصلاة والسلام- وقالت: قولوا: اللهم اسقنا بنبيك أو بجاهه ونحو ذلك. 4-أن هذا الأثر -على فرض صحته- هو من قبيل الموقوف عن عائشة -رضي الله عنها-، وحينئذ فقد يكون اجتهاداً منها في هذه المسألة لم ينقل عن غيرها مثله، ومن استقرأ ما جاء عن الصحابة -رضي الله عنهم- تبين له أنهم لم يكونوا يتوسلون بذات النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع أنهم أصدق الناس له حباً وأكملهم له اتباعاً، بل كانوا يتوسلون بدعائه -صلى الله عليه وسلم- في حياته، وأما بعد مماته فكانوا يدعون الله مباشرة، أو يطلبون ممن يرونه أصلح منهم وأتقى لله وأقرب إليه أن يدعو لهم كما في قصة عمر -رضي الله عنه- في توسله بالعباس -رضي الله عنه- حين قحطوا وذلك بطلب الدعاء منه، وهذا في البخاري (1010) من حديث أنس -رضي الله عنه-، وكذلك طلبه من أويس القرني أن يدعو له، وهذا في مسلم (2542) من حديث أُسير بن جابر -رضي الله عنه-، وكما طلب معاوية -رضي الله عنه- من يزيد بن الأسود أن يدعو في الاستسقاء. وهذا يدل على أنهم لم يكونوا يتوسلون بذات النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ لو كانوا يرون التوسل به جائزاً ما عدلوا عنه إلى غيره، بل إن عمر -رضي الله عنه- وهو من هو في العلم والدين والفضل لم يتوجه إلى قبر المصطفى -عليه الصلاة والسلام- عند الاستسقاء، بل إنما طلب من العباس -رضي الله عنه- الدعاء، وكان هذا بمجمع من الصحابة -رضي الله عنهم-، ومع ذلك لم ينقل أن أحداًَ منهم أرشده إلى غير ما فعله (سبق تخريجه) . فلو فرض ثبوت النقل عن أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- بخلاف ذلك كما في هذا الأثر عن عائشة -رضي الله عنها- لو صح، وكما ورد في أثر آخر أيضاً لم يثبت عن عثمان بن حنيف -رضي الله عنه- فهذا لا يقاوم ما ثبت عن جمهورهم من ترك ذلك، وما زال بعض الصحابة -رضي الله عنهم- يقول القول ولا يوافق عليه سائرهم، كما كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يغسل عينيه في الوضوء. وكما كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يغسل ذراعيه حتى يبلغ الإبط، وكقول ابن عباس في العول وبعض مسائل الفرائض وغير ذلك. بل عائشة -رضي الله عنها- جاء عنها بعض مسائل لم يوافقها عليها سائر الصحابة -رضي الله عنهم- وعامة الأمة كثبوت المحرمية برضاع الكبير وغيرها. وقول الصحابي إنما يكون حجة حين يوافقه بقية الصحابة -رضي الله عنهم- فيصبح إجماعاً. أو لا ينقل عن غيره مخالفة له، أو لا يعرف له مخالف، فقوله حينئذ حجة عند طوائف من أهل العلم. 5-أن هذا الأثر لو صح أو صح غيره مما يدل على التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، واعتقد الناظر صحة تلك الأدلة، وأنه لا معارض لها فينبغي حينئذ أن يقتصر على التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- دون غيره، فإن إلحاق غيره به لا يصح بحال، ولا يمكن الاستدلال له بذات الأدلة؛ لما لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الخصوصية والمنزلة التي لا يشاركه -بل ولا يدانيه- فيها غيره. وهذا على فرض صحة الأدلة وسلامتها من المعارض، مع أنا قد بينا خلاف ذلك، وليس لأحد حين يتبين له الحق أن يحيد عنه إلى غيره، وقد تبين له ضعف دليله، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

أحاديث شهر رجب

أحاديث شهر رجب المجيب محمد بن ناصر السلمي القاضي في وزارة العدل التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 06/07/1426هـ السؤال حفظكم الله يا شيخ: أود معرفة صحة هذه الأحاديث الأربعة، وحبذا يا شيخنا إعطائي مصدر تضعيفها؛ لكي يتسنى لي البحث في الأحاديث الموضوعة والضعيفة في شهر رجب. الأحاديث هي كالتالي: (1) رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي. (2) عن علي- رضي الله عنه-: من صام يوماً من رجب كتب الله له صوم ألف سنة، ومن صام منه سبعة أيام أغلقت عنه أبواب جهنم، ومن صام منه خمسة عشر يوماً بدلت سيئاته حسنات، ونادى مناد من السماء: قد غفر لك فاستأنف العمل. (3) إن في الجنة نهراً يقال له رجب. من صام يوماً من رجب سقاه الله من ذلك النهر. (4) من صام ثلاثة أيام من شهر حرام كتب الله له عبادة تسعمائة سنة. وجزاكم الله كل خير يا شيخنا على كل ما بذلتم وماتبذلون. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم اعلم -وفقني الله وإياك- أنه لما كثر اختلاف الناس في هذا الشهر المسمى برجب، وقلَّ العارف به المتكلم فيه بما وجب، حتى قال بعضهم في نهاره بفضيلة صيامه، ونزع بعضهم في ليله إلى الاعتناء بقيامه، وجعله من لا يدري مفضلاً على الشهور، وزاده فضيلة على الأربعة الحرام في المذكور، ولما كثر الخلط في ذلك بين العوام، ولم يكن من الخواص من يعرف ما فيه من الكلام، تعيَّن على أهل العلم (1) بيان الحق في هذا الشهر المذكور. فأقول: إن هَدْي النبي - صلى الله عليه وسلم- في الشهور محفوظ منقول، حفظه عنه أصحابه الكرام - رضي الله عنهم- في أحاديث صحيحة كثيرة، جاءت في الصحاح، والسنن، والمسانيد....إلخ. ولم يكن له في ذلك هدي خاص في رجب، ولو كان له فيه هدي لنقله إلينا أصحابه - رضي الله عنهم- كما نقلوه في أشهر أخرى. لكن الوضاعين من الوعَّاظ، والقصَّاص أبوا إلا أن يلصقوا بالسنة ما ليس منها، فألصقوا فيها من الأحاديث الدالة على فضيلة شهر رجب، وفضيلة الصلاة فيه والصيام، وما علموا أن لهذا الفن فرسانه فذبوا عن حياض السنة وحاموا عن حماها، ولكن العجب كل العجب ممن شم رائحة العلم بالسنن أن يغتر بمثل هذه الأحاديث، فيرويها ويعمل بمقتضاها، وما علم أن هذه الأحاديث باطلة منكرة، وأن كل حديث في صوم رجب، وصلاة بعض الليالي فيه كذب مفترى، كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم. قال ابن رجب - رحمه الله- في اللطائف (1/194) : (لم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به، والأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل لا تصح، وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء، وممن ذكر ذلك من أعيان العلماء المتأخرين من الحفاظ أبو إسماعيل الأنصاري، وأبو بكر السمعاني وأبو الفضل بن ناصر، وأبو الفرج ابن الجوزي. ولم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم-) ا. هـ. وقال الإمام أبو العباس ابن تيمية (25/29) : (وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات) . ا. هـ. وقال ابن القيم في المنار المنيف (96) : (وكل حديث في ذكر صوم رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفتري) . ثم ساق - رحمه الله- بعض الأحاديث في ذلك. وقال ابن حجر في تبيين العجب (23) : (لم يرد في فضل شهر رجب -ولا في صيامه، ولا صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه- حديث صحيح يصلح للحجة، وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ) . وقال في موطن آخر (33) : (الأحاديث الواردة في فضل رجب أو فضل صيامه أو صيام شيء منه صريحة، فهي على قسمين ضعيفة وموضوعة) . وقال: (وورد في فضل رجب من الأحاديث الباطلة أحاديث لا بأس بالتنبيه عليها لئلا يغتر بها) ا. هـ (ص40) . وممن ذكر أنه لا يصح في الباب شيء: الإمام ابن دحية الكلبي، وأبو الفضل بن ناصر وغيرهم كثير، والأحاديث التي جاء السؤال عنها: كحديث: (1) "رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي"، فقد جاء من حديث أبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك - رضي الله عنهما- فأما حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: فأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (2/576) ، وابن عراق في التنزيه (2/151) من طريق محمد بن الحسن النقاش: حدثنا أبو عمرو أحمد بن العباس الطبري: حدثنا الكسائي: حدثنا أبو معاوية: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن أبي سعيد به، وذكر حديثاً طويلاً في فضل صيام رجب. قال ابن الجوزي: (هذا حديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والكسائي لا يعرف والنقاش متَّهم) . وقال ابن حجر في تبيين العجب (23) : ولهو سند مركب… والعهدة في هذا الإسناد على النقاش، والنقاش هذا هو مؤلف كتاب "شفاء الصدور" وقد ملأ أكثره بالكذب والزور. قال الخطيب الحافظ أبو بكر بن ثابت البغدادي في تاريخه (2/602) : بل هو شقاء الصدور. ثم ذكر كلام الناس في النقاش واتهامهم له بالوضع، ومن ذلك ما قال الخطيب فيه: من أن أحاديثه مناكير بأسانيد مشهورة، وقال طلحة بن محمد بن جعفر الحافظ: كان النقاش يكذب في الحديث والغالب عليه القصص. وقال البرقاني: كل حديثه منكر. والكسائي هذا غير معروف قال الحافظ في تبيين العجب: (لا يدرى من هو، وليس هو علي بن حمزة المقدسي، فإنه أقدم من هذه الطبقة بكثير) . وله طريق آخر: أخرجه السهمي في تاريخ جرجان (225) ، فقال: حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد بن يحيى الثقفي: حدثنا محمد بن إبراهيم المقري: حدثنا أبو عبد الله سختويه بن الجنيد: حدثنا عبيد الله بن موسى: حدثنا عثمان بن الأسود، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- به. وهو حديث مسلسل بالمجاهيل والضعفاء. وللحديث طرق أخرى واهية ذكرها ابن حجر في تبيين العجب. وأما حديث أنس، فأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (2/436) ، وأبو شامة المقدسي في الباعث على إنكار البدع والحوادث، والكناني في فضل رجب، وابن عراق في تنزيه الشريعة، من طريق عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن منده، عن أبي الحسين علي بن عبد الله بن جهضم، عن علي بن محمد بن سعيد البصري، عن أبيه، عن خلف بن عبد الله -وهو الصغاني - عن حميد الطويل عن أنس به، وفيه ذكر صلاة الرغائب. قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد اتهموا به ابن جهضم ونسبوه إلى الكذب، وسمعت شيخنا عبد الوهاب الحافظ يقول: رجاله مجهولون، وقد فتشت عليهم جميع الكتب، فما وجدتهم، زاد الذهبي بل لعلهم لم يخلقوا. قلت: ابن جهضم هذا متهم بوضع الحديث، قاله الذهبي في الميزان (3/142) ، وقد استوفى الحافظ اللكنوي في (الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة) الكلام على هذا الحديث فعد إليه. وله طريق آخر أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7/396) من طريق نوح بن أبي مريم عن زيد العمي عن يزيد الرقاشي عن أنس به. قال البيهقي: (هذا إسناد منكر) . وهو حديث مسلسل بالضعفاء والمتروكين. (2) وحديث علي - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن شهر رجب شهر عظيم من صام فيه يوماً كتب الله له صوم ألف سنة" ... الحديث. أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (2/578) ، وابن شاهين في الترغيب والترهيب، من طريق إسحاق بن إبراهيم الختلي قال: حدثنا الحسين بن علي بن يزيد الصدائي: حدثنا أبي: حدثنا هارون بن عنترة عن أبيه عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- به. قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم-. قلت: هذا الحديث مسلسل بالمجاهيل الضعفاء والمتروكين. فإسحاق بن إبراهيم الختلي ضعيف الحديث. الميزان (1/180) ، وعلى بن يزيد الصدائي قال عنه الذهبي: تالف. وهارون بن عنترة قال عنه ابن حبان: منكر الحديث جداً يروي المناكير الكثيرة، حتى يسبق إلى قلب المستمع لها أنه المتعمد لذلك من كثرة ما يروي مما لا أصل له، ولا يجوز الاحتجاج به بحال. وقد ذكر هذا الخبر ابن حجر في تبيين العجب، واتهم به إسحاق بن إبراهيم الختلي، وقال السيوطي في اللآلي: (لا يصح، وهارون بن عنترة يروي المناكير) . وعده الشوكاني في الفوائد المجموعة من المنكرات. (3) وحديث: "إن في الجنة نهراً يقال له رجب، من صام يوماً من رجب سقاه الله من ذلك النهر" أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (8300) ، وابن شاهين في الترغيب والترهيب، ومن طريقه الخلال في فضل رجب (ق: 103/أ) ، والديلمي (1/2/281) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/555) ، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1847) ، والذهبي في الميزان (4/189) ، من طريق منصور بن يزيد الأسدي عن موسى بن عمران عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- به. قال ابن الجوزي: لا يصح وفيه مجاهيل لا ندري من هم. وقال الذهبي: ومنصور لا يعرف والخبر باطل، وقد أورده الألباني - رحمه الله- في الضعيفة رقم (1898) ، وقال: (حديث باطل) . (4) وحديث: "من صام ثلاثة أيام من شهر حرام كتب الله له عبادة تسعمائة سنة". أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (1789) ، والبيهقي في فضائل الأوقات (308) ، والخطيب في الموضح (1/118) ، وابن عساكر في تاريخه (19/116) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/554) من حديث أنس -رضي الله عنه- بلفظ: "من صام ثلاثة أيام من شهر حرام: الخميس والجمعة والسبت؛ كتب له عبادة تسعمائة عام". وعندالطبراني بلفظ: "عبادة سنتين". وروي بألفاظ أخر. وفي إسناده مسلمة بن راشد، قال أبو حاتم: مضطرب الحديث. وقال الأزدي: لا يحتج به. وأورده الألباني في الضعيفة (4611) . والله أعلم.

_ (1) مقدمة كتاب (أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب) لابن دحية الكلبي.

حديث صلاة الأبرار

حديث صلاة الأبرار المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 30/6/1424هـ السؤال الرجاء التفضل بتعليق فضيلتكم بيان المقصود بقوله: "فصلى ركعتين" في حديث أبي أمامة الذي أخرجه الطبراني في الكبير: عن أبي أمامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من توضأ ثم أتى المسجد فصلى ركعتين قبل الفجر ثم جلس حتى يصلي الفجر كتبت صلاته يومئذ في صلاة الأبرار وكتب في وفد الرحمن". قوله:"فصلى ركعتين قبل الفجر" هل سنة الفجر أو قيام الليل أو تحية المسجد أو ركعتين لهما ثواب معين؟. حديث عثمان مرفوعا "من توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد فركع ركعتين ثم جلس غفر له ما تقدم من ذنبه ولا تغتروا". (صحيح) انظر صحيح الجامع. الظاهر في هذا أن المراد بقوله:"فصلى ركعتين" هي سنة الفجر. أن أكثر الأحاديث الواردة في قوله:"ركعتين قبل الفجر" المراد بها سنة الفجر. كما في مسند أحمد: عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى ركعتين قبل الفجر ربما اضطجع. وكما روى النسائي في سننه عن مالك بن ربيعة السلولي، قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فأسرينا ليلة، فلما كان في وجه الصبح، نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنام، ونام الناس، فلم يستيقظ إلا بالشمس قد طلعت علينا، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المؤذن، فأذن، ثم صلى ركعتين قبل الفجر، ثم أمره، فأقام، ثم صلى بالناس، ثم حدثنا ما هو كائن، حتى تقوم الساعة. وعند النسائي من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الذي فيه "ثم أتيته فقمت عن يساره فتناولني بيده فأقامني عن يمينه فصلى ثلاث عشرة ركعة ثم اضطجع حتى جاءه بلال -رضي الله عنه- فأذن بالصلاة فقام فصلى ركعتين قبل الفجر". قال المباركفوري في تحفة الأحوذي في (باب ما جاء في الوتر بركعة 2/454) قوله:"أطيل في ركعتي الفجر" المراد بركعتي الفجر سنة الفجر، وفي رواية البخاري: قلت لابن عمر أرأيت الركعتين قبل صلاة الغداة أطيل فيهما القراءة. وأما معنى قوله صلاة الأبرار: فقال المناوي في فيض القدير الجزء الرابع في حديث (صلاة الأبرار ركعتان إذا دخلت بيتك وركعتان إذا خرجت (عن عثمان بن أبي سودة مرسلا. (ضعيف) انظر حديث رقم: 3508 في ضعيف الجامع) . (صلاة الأبرار) لفظ هذه الرواية كما حكاه المؤلف (أي السيوطي) في مختصر الموضوعات، وكذا غيره صلاة الأوابين وصلاة الأبرار (ركعتان إذا دخلت بيتك وركعتان إذا خرجت من بيتك) أي: من محل إقامتك بيتاً أو غيره، فهاتان الركعتان سنة للدخول والخروج. على أنه صححه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب (1/240-241) وبيَّن أحاديث أفضلية صلاة السنة الراتبة في البيت؛ لأن لكل منهما أجراً خاصاً به. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حدّه. أما بعد: فجواباً على السؤال أقول وبالله التوفيق: الحديث المسؤول عنه منكر سنداً ومتناً. فقد أخرجه الطبراني في الكبير (رقم 7766) ، ومسند الشاميين (رقم 525-1229) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن هود، عن محمد بن يزيد الكلاعي الواسطي، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن عروة بن رُويم، عن القاسم بن عبد الرحمن الشامي، عن أبي أمامة ... به مرفوعاً. قلت: فيه إسماعيل بن إبراهيم بن هود -وينسب إلى جده- الواسطي، مولى قريش أبو إبراهيم الضرير، (ت 243هـ) مختلف فيه، لكن الأرجح أنه ضعيف، فانظر (لسان الميزان 1/101-102 رقمه 1125) . ثم هو مخالف في إسناده: فقد أخرجه عبد الرزاق (رقم 4783) عن الأوزاعي، عن عروة بن رُويم، قال:"من صلى ركعتي الفجر، وصلى الصبح في جماعة، كُتبت صلاته يومئذ في صلاة الأوابين، وكُتب يومئذ في وفد المتقين". وأخرجه أبو نعيم في الحلية (6/122) من وجه آخر عن الأوزاعي بمثله، ثم تعقبه بالإشارة إلى مخالفته لحديث عاصم بن رجاء بن حيوة. ولا شك أن الأوزاعي وحديثه أرجح وأصح إسناداً. ثم هو يختلف في متنه عن متن الحديث المرفوع، مما يدل على نكارة متن الحديث المسؤول عنه أيضاً، حيث إن هذا الحديث يدل على أن الركعتين الأولى هي سنة الفجر، وليس فيه أنها كانت في المسجد، وأن الركعتين الثانية هي فريضة الفجر في جماعة، ولو صح الحديث المسؤول عنه، فيحمل على تحية المسجد بعد أداء راتبته في البيت. وأما فقه المسألة: فقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية جواز صلاة النافلة غير راتبة الفجر قبل فريضة، بشرط ألا يتخذ ذلك سنة، كما في مجموع الفتاوى (23/205) . وأما ما نقله السائل من تصحيح الألباني -عليه رحمة الله- للحديث، في صحيح الترغيب والترهيب، فلم أجده فيه، بل وجدت نقيضه، فقد أورده في ضعيف الترغيب والترهيب (1/125-126 رقم 228) , مشيراً في الحاشية إلى أنه كان قد حسنه، ثم رجع عن ذلك إلى الحكم بنكارته. هذا والله أعلم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.

خبر: رجم القردة للزانية

خبر: رجم القردة للزانية المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 17/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. روى البخاري في صحيحه كتاب مناقب الأنصار أن أحد الصحابة -رضوان الله عليهم- مر على قردة قد زنت وقد اجتمع حولها قردة يرجمونها فرجمها معهم، فما حكم هذا الحديث؟ مع العلم أن ابن عبد البر -رحمه الله- قال عنه: حديث موضوع. وهل يقبله العقل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: (1) إن عَمْر بن ميمون ليس صحابياً إنما هو تابعي. (2) إن هذا الحديث ليس حديثاً مرفوعاً، إنما هي قصة من قسم المقطوع حسب اصطلاح علماء مصطلح الحديث. (3) هذه القصة ذكرها البخاري تعليقاً لأن أغلب رواياته -رحمه الله- عن نعيم بن حماد تعليقا، ً كما حكى ذلك الحافظ في الفتح مجلد (7/160) وحديث (3849) ولعل هذا منها. (4) قال السائل: وهل هذا يعقل؟ فنقول: شرعنا جاء بما تدركه العقول وبما لا تدركه العقول، لكنه لم يرد فيه ما تستحيله العقول. (5) هذه القصة لم يكن فيها تشريع إنما هي حكاية صورة وقعت من هذا المخلوق أشبهت ما يقع من المكلفين من الجن والإنس الذين نزل التشريع فيهم. (6) لمّا ذكر ابن عبد البر هذه القصة استخرج منها حكمين، أحدهما: إضافة الزنا إلى غير المكلفين. وثانيهما: إقامة الحد على من وقع منه ذلك من البهائم. وقال: هذا منكر عند أهل العلم. (الاستيعاب 3/5-1206) . وأجاب الحافظ بأنه لا يلزم من كون صورة الواقعة صورة الزنا والرجم أن يكون ذلك زنا حقيقة ولا حداً وإنما أطلق ذلك عليه لشبهه به، فلا يستلزم ذلك إيقاع التكليف على الحيوان. (7) حكاية السائل عن ابن عبد البر أنه قال: هذا حديث موضوع، قول باطل لأمور ثلاثة: أحدها: إنه لا يوجد في صحيح البخاري حديث موضوع بإجماع أهل العلم. وثانيها: أن ابن عبد البر لم يقل ذلك وإنما قال استنكرها أهل العلم. وثالثها: أن الحديث الموضوع هو التقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما لم يصدر منه من قول أو فعل أو تقرير، وليس في القصة المذكورة شيء من ذلك. (8) إن هذه القصة لا يجوز الاستدلال بها على إثبات حكم من الأحكام على أي نوع من المخلوقات عدا المكلفين من الجن والإنس. (9) قد ورد في الصحيح وغيره شيء من الحكايات والقصص التي لا يراد منها التشريع في إثبات حكم أو نفيه كما ورد عن أخبار بني إسرائيل وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، البخاري (3461) ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حديث: من وضع يده على امرأة لا تحل له..

حديث: من وضع يده على امرأة لا تحل له.. المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 28/2/1424هـ السؤال السلام عليكم، نرجو إفادتنا بدرجة هذا الحديث: من وضع يده على امرأة لم تحل له بشهوة جاء يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه، فإن قبلها قرضت شفتاه في النار، فإن زنى بها نطقت فخذه وشهدت عليه يوم القيامة، وقالت: أنا للحرام ركبت، فينظر الله - تعالى- إليه بعين الغضب، فيقع لحم وجهه فيكابر، ويقول: ما فعلت، فيشهد عليه لسانه فيقول: أنا بما لا يحل نطقت، وتقول يداه، أنا للحرام تناولت، وتقول عيناه أنا للحرام نظرت، وتقول رجلاه: أنا للحرام مشيت، ويقول فرجه، أنا فعلت، ويقول الحافظ من الملائكة: وأنا سمعت، ويقول الآخر: وأنا كتبت ويقول الله - تعالى- وأنا اطلعت وتسترت، ثم يقول الله - تعالى- "يا ملائكتي خذوه ومن عذابي أذيقوه، فقد اشتد غضبي على من قل حياؤه مني". الجواب لم أقف على من أخرج هذا الحديث بهذا اللفظ وليت أن السائل ذكر من أي مصدر جاء به. وإن كان لفظه لا يشبه كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أشبه بكلام القصاص والوعاظ وسياقه بهذا اللفظ يشبه الأحاديث الموضوعة. ولكن ورد عدة أحاديث صحيحة في الترهيب من الزنا وفي أن زنا العين النظر وزنا اليد البطش ... إلخ وكذا في الترهيب من الخلوة بالأجنبية. وفيها غنية عن هذه الأحاديث الغريبة والتي تكون عادة ضعيفة أو موضوعة.

حديث (ما نزل بلاء إلا بذنب)

حديث (ما نزل بلاء إلا بذنب) المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 25/7/1423هـ السؤال هناك أثر يقول:"ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة"، فهل هذا الأثر حديث أم قول لأحد السلف؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد: فجواباً على سؤالك أقول - وبالله التوفيق-: الحكمة القائلة "ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة "، لم أجده من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما وجدته مروياً عن العباس بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنه - فأخرج الدينوري في (المجالسة رقم 727) ، وابن عساكر في (تاريخ دمشق - مجلد ترجمة العباس - رضي الله عنه - 184 - 185) ، بأسانيد واهية شديدة الضعف، أنه كان من ضمن دعاء العباس في استسقائه: "اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة". إلا أن هذه الحكمة حق لا مرية فيها، وتواترت نصوص الكتاب والسنة في الدلالة عليها، فكل عقوبات الله -تعالى- العامة للأمم المذكورة في كتاب الله -تعالى- كانت بسبب الكفر والمعاصي، وفي ذلك يقول الله -تعالى-:"كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ" [آل عمران:11] ، وقال -تعالى-:"أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ" [الأنعام:6] ، وقال -تعالى-:"أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ" [الأعراف:100] ، وبين الله -تعالى- أثر الإيمان والتقوى والاستغفار في حصول الخير لأهل الأرض، فقال -تعالى-:"وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" [لأعراف:96] ، وفي دعوة نوح -عليه السلام- يقول -تعالى-:"فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً" [نوح: 10- 12] ، وقال -تعالى-: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: 2 - 3] . إلى غير ذلك من آيات كثيرة جداً، وفي الصحيحين (صحيح البخاري رقم (7507) ، وصحيح مسلم (2758) ، في الحديث القدسي، أن الله -تعالى- يقول:"أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب ... ". وعن ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ... " أخرجه ابن ماجة (رقم 90، 4022) ، وابن حبان في صحيحه (872) ، والحاكم وصححه (1/493) قال البوصيري في (مصباح الزجاجة رقم 33) :"سألت شيخنا أبا الفضل العراقي - رحمه الله - عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث حسن". وهو كما قال العراقي، فأقل أحواله الحسن. وفي حديث بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم" أخرجه الإمام أحمد (4/260) (5/293) وأبو داود رقم (4347) بإسناد صحيح، وفي تفسير قوله -صلى الله عليه وسلم-:"حتى يعذروا" قال أبو عبيد في غريب الحديث (1/131) يقول:"حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم". وعن جبير بن نفير - رضي الله عنه - قال: لما فتحت مدائن قبرس وقع الناس يقتسمون السبي ويفرقون بينهم ويبكي بعضهم على بعض فتنحى أبو الدرداء ثم احتبى بخمائل سيفه، فجعل يبكي فأتيته، فقلت: ما يبكيك يا أبا الدرداء؟! أتبكي في يوم أعزَّ الله فيه الإسلام وأهله وأذل فيه الكفر وأهله؟!! فضرب على منكبيه، ثم قال: ثكلتك أمُّك يا جبير ابن نفير!! ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره!!! بينما هي أمّةُ قاهرة ظاهرة على الناس، لهم الملك، حتى تركوا أمر الله، فصاروا إلى ما ترى، وإنه إذا سلط السباء على قوم فقد خرجوا من عين الله، وليست لله بهم حاجة" أخرجه الإمام أحمد في (الزهد رقم 762) ، وسعيد بن منصور في سننه - واللفظ له - (2/290 - 291 رقم 2660) ، وابن أبي الدنيا في (العقوبات رقم 2) بإسناد صحيح. أسأل الله -تعالى- أن يوفقنا لما رضيه، وأن يجعل أعمالنا خالصة له، والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

صحة حديث: "العنوهن فإنهن ملعونات"

صحة حديث: "العنوهن فإنهن ملعونات" المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 17/8/1424هـ السؤال الحديث الشهير الذي أوله: صنفان من أهل النار لم أرهما، هل وردت في آخره عبارة "العنوهن فإنهن ملعونات"؟ وما المقصود بها؟ ولماذا لم يأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم- بالدعاء لهم بالرحمة والهداية؟ الجواب الحديث المشهور: "صنفان من أمتي.." حديث صحيح أخرجه مسلم وابن حبان وغيرهما من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه-. ولكن لم يرد فيه لفظ "العنوهن" الحديث. وهذه اللفظة وردت في حديث آخر عند أحمد (2/223) وابن حبان برقم (5703) ، والحاكم (4/436) ، والطبراني في الصغير (1125) ، من رواية عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما-. ولكن في إسنادهم جميعاً عبد الله بن عباس القتيباني وهو ضعيف، وعليه فلا تثبت هذه اللفظة، إضافة إلى معارضتها للأحاديث الكثيرة التي نهت عن لعن المسلم. والله أعلم.

"استفت قلبك وإن أفتوك"

"استفت قلبك وإن أفتوك" المجيب د. أنيس بن أحمد طاهر عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 7/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أسأل عن عبارة (استفت قلبك وإن أفتوك) (1) هل من حديث صحيح ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟. (2) هل المقصود بهذه العبارة أنني إذا كنت أعتقد أن هذا الأمر حلال وأفتاني أهل العلم بحرمته فإنني أترك فتوى أهل العلم، وأعمل بما أشعر به بقلبي؟. (3) نرجو إيضاح معنى هذا الحديث إذا كان صحيحا والمقصود به؟ جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب هذا الحديث أخرجه أحمد (18006) ، والدارمي (2575) ، وغيرهما، من حديث وابصة بن معبد -رضي الله عنه- وحسنه النووي وغيره. وهناك حديث صحيح آخر وهو: "البر هو ما اطمأن إليه القلب وسكنت إليه النفس، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس"، وهو يحمل المعنى نفسه، والمراد به أن القلب يطمئن بعد معرفة حكم القرآن والسنة في هذا الأمر، فإذا كان حلالاً وكان مما يرضي الله - تبارك وتعالى - فإن النفس المؤمنة تطمئن إلى هذا، وأما إذا كان فيه حرام أو كانت فيه شبهة فغالباً ما يقع عدم السكينة في الأمور المشتبهة، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "البر ما اطمأن إليه القلب"، والغالب أن البر يطمئن إليه القلب، والبر أول ما يدخل فيه ما أحله الله - تبارك وتعالى - في كتابه وأباحه النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته، وأما الإثم أو المشتبه الذي يشتبه على الإنسان تحليله أو تحريمه فهذا يقع في النفس منه ما يقع من الاضطراب وعدم السكينة وعدم الطمأنينة، وهذا هو المراد بالاستفتاء للقلب، ليس بمعنى ما يدعيه ويعتقده بعض من انحرفت عقيدتهم عن أهل السنة والجماعة من أن الإنسان لا يعلم حلالاً ولا حراماً ولا سنة ولا بدعة، ولكن يترك لقلبه العنان باختيار ما يختاره وفي محبة ما يحب وفي كراهة ما يكره، هذا يؤدي إلى ضلال مبين، وهو ما يقع فيه بعض طوائف الصوفية هداهم الله، من قولهم: حدثني قلبي عن ربي، وما شابه ذلك، ولكن الحديث يدل على أن قلب المؤمن كما يقال دليله، ولكن بالإيمان والتوحيد والعلم، وإنما العلم بالتعلم.

صحة حديث: "من مات يوم الجمعة ... "

صحة حديث: "من مات يوم الجمعة ... " المجيب د. سعد بن عبد الله الحميد أستاذ الدراسات العليا بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 15/1/1425هـ السؤال ما صحة حديث أن من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة وقاه الله عذاب القبر؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فهذا تخريج لحديث: "ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر"، وبيان لدرجته التي خلاصتها: أنه حديث ضعيف، لا يصح من طريق، ولا يتقوى بمجموع طرقه، وهذا ظاهر صنيع البخاري -رحمه الله -؛ حين ترجم في كتاب الجنائز من "صحيحه" (3/253- الفتح) بقوله: (باب موت يوم الإثنين) ، ثم أخرج برقم (1387) حديث موت أبي بكر -رضي الله عنه-، فقال: حدثنا مُعَلّى بن أسد؛ قال: حدثنا وُهَيْب، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: دخلت على أبي بكر -رضي الله عنه-، فقال: في كم كَفّنْتم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: في ثلاثة أثوابٍ بيضٍ سَحولِيّة، ليس فيها قميص ولا عمامة. وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: يوم الإثنين، قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الإثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرّض فيه به رَدْعٌ من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين فكفِّنوني فيها. قلت: إن هذا خَلِق، قال: إن الحيّ أحقّ بالجديد من الميت، إنما هو للمُهْلَة. فلم يُتَوَفّ حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودُفِن قبل أن يصبح. قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري 3/253) : قوله: "باب موت يوم الإثنين": قال الزين ابن المنيِّر: تعيين وقت الموت ليس لأحد فيه اختيار، لكن في التسبب في حصوله مدخل؛ كالرغبة إلى الله لقصد التبرك، فمن لم تحصل له الإجابة أثيب على اعتقاده. وكأن الخبر الذي ورد في فضل الموت يوم الجمعة لم يصح عند البخاري، فاقتصر على ما وافق شرطه، وأشار إلى ترجيحه على غيره. والحديث الذي أشار إليه [يعني: ابن الْمُنَيِّر] أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- مرفوعًا: "ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر"، وفي إسناده ضعف، وأخرجه أبو يعلى من حديث أنس -رضي الله عنه- نحوه وإسناده أضعف. اهـ. وقال العيني في "عمدة القاري" (8 / 218) : أي: هذا باب في بيان فضل الموت يوم الإثنين. فإن قلت: ليس لأحد اختيار في تعيين وقت الموت، فما وجه هذا؟ قلت: له مدخل في التسبب في حصوله؛ بأن يرغب إلى الله لقصد التبرك، فإن أجيب فخير حصل، وإلا يثاب على اعتقاده. اهـ. وقال عن مناسبة الحديث للترجمة: (مطابقته للترجمة: من حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم- كانت وفاته يوم الإثنين، فمن مات يوم الإثنين يرجى له الخير لموافقة يوم وفاته يوم وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم-، فظهرت له مزيّة على غيره من الأيام بهذا الاعتبار ... ) ، ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- الذي ذكره ابن حجر، ثم قال: (فلذلك لم يذكره البخاري فاقتصر على ما وافق شرطه) . وحديث فضل الموت يوم الجمعة هذا ورد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس، وجابر -رضي الله عنه-. أما حديث عبد الله بن عمرو: فأخرجه الإمام أحمد في (المسند 2/169) ، والترمذي في "الجامع" (1074) والطحاوي في (شرح مشكل الآثار ص277) ، وابن منده في "تعزية المسلم ص108) من طريق هشام بن سعد، عن سعيد ابن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن عبد الله بن عمرو؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر". وأخرجه عبد الرزاق في (المصنف 5596) عن ابن جريج، عن ربيعة بن سيف، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "برئ من فتنة القبر". وابن جريج معروف بالتدليس، ولم يصرح هنا بالسماع. قال الترمذي: (هذا حديث غريب) ؛ يعني أنه ضعيف، يوضحه قوله بعد ذلك: (وهذا حديث ليس إسناده بمتصل؛ ربيعة بن سيف إنما يروي عن أبي عبد الرحمن الْحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-، ولا نعرف لربيعة بن سيف سماعًا من عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما-) . وقد خولف هشام بن سعد في هذا الإسناد، فرواه الليث بن سعد، واختلف عليه. فأخرجه الطحاوي في (شرح المشكل ص 279) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن الليث، عن ربيعة بن سيف: أن عبد الرحمن بن قحزم أخبره: أن ابنًا لفياض بن عقبة توفي يوم جمعة، فاشتد وجده عليه، فقال له رجل من أهل الصدق: يا أبا يحيى، ألا أبشرك بشيء سمعته من عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- سمعته يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول ... ، فذكره. ثم أخرجه الطحاوي (280) فقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم؛ حدثنا أبي وشعيب بن الليث، عن الليث؛ حدثنا خالد _ يعني ابن يزيد _، عن ابن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف: أن عبد الرحمن بن قحزم أخبره: أن ابنًا لفياض بن عقبة، ثم ذكر مثله سواء. وأخرجه البيهقي في "إثبات عذاب القبر ص 155) من طريق يعقوب بن سفيان عن أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث وأبي بكر _ غير منسوب _، كلاهما عن الليث بمثل رواية ابن عبد الحكم. وكان الطحاوي أعلّ الحديث أوّلاً (1/ 250) بمثل إعلال الترمذي، ثم قال: عن هذا الإسناد: (وزاد [يعني ابن عبد الحكم] على يونس في إسناده إدخاله بين الليث وبين ربيعة بن سيف: خالد بن يزيد وسعيد ابن أبي هلال، وهو أشبه عندنا بالصواب _ والله أعلم _، فوقفنا بذلك على فساد إسناد هذا الحديث، وأنه لا يجوز لمثله إخراج شيء مما يوجب حديث عائشة -رضي الله عنها- دخوله فيه) . وحديث عائشة -رضي الله عنها- الذي ذكره الطحاوي هو الحديث الأصل الذي أورده في أول الباب، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن للقبر لضغطة، لو كان أحد ناجيًا منها؛ نجا سعد بن معاذ"، ولأجله ضعّف حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- الذي فيه: "وقاه الله فتنة القبر". ومع ما تقدم من العلل: فإن ربيعة وإن كان صدوقًا، فإنه ضعيف من قبل حفظه، فقد قال عنه البخاري في (التاريخ الكبير 3/290) : ((عنده مناكير)) ، وقال في (الأوسط) (1464) : ((وروى ربيعة بن سيف المعافري الإسكندراني أحاديث لا يتابع عليه)) ، وقال النسائي في رواية: ((ليس به بأس)) ، وقال في أخرى: ((ضعيف)) ، وقال الدارقطني في (سؤالات البرقاني ص 153) : ((صالح)) ، وذكره ابن حبان في (الثقات 6/301) ، وقال: ((يخطئ كثيرًا)) ، وقال ابن يونس: ((في حديثه مناكير)) ، وقال العجلي في (تاريخه) (463) : ((ثقة)) . انظر (تهذيب التهذيب ص3/ 221) . وقد عدّ الذهبي هذا الحديث من مناكير هشام بن سعد، حين قال في (الميزان 7/81) : (ومن مناكيره ما ساق الترمذي له عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن سيف ... ) ، ثم ذكر هذا الحديث. وله طريق آخر عن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-: أخرجه الإمام أحمد (2/176و220 رقم 6646 و7050) ، وعبد بن حميد (323) والطبراني في (الأوسط، 3107) ، والدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في (أطرافه، 3585) ، وابن منده في (تعزية المسلم ص 106 و 107) ، والبيهقي في (إثبات عذاب القبر، ص 156) من طريق معاوية بن سعيد التجيبي، عن أبي قَبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من مات في يوم الجمعة _ أو ليلة الجمعة _ وُقي فتنة القبر". قال الدارقطني: (تفرد به معاوية بن سعيد، عن أبي قبيل) . وسنده ضعيف؛ فيه معاوية بن سعيد التجيبي ولم يوثق من إمام معتبر، وإنما ذكره البخاري في (تاريخه 7 / 334 رقم 1441) ، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 8/384 رقم 1755) ، وسكتا عنه، وذكره ابن حبان في (الثقات 9/166) وقال: (من أهل مصر يروي المقاطيع) ، ولذا قال عنه ابن حجر في (التقريب 6757) : (مقبول) . وروي موقوفًا على عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: أخرجه البيهقي في "إثبات عذاب القبر ص 157) من طريق ابن وهب؛ أخبرني ابن لهيعة، عن سنان بن عبد الرحمن الصدفي: أن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- كان يقول: من توفي يوم الجمعة _ أو ليلة الجمعة _ وُقي الفتان. وأما حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: فأخرجه أبو يعلى (4113) _ ومن طريقه ابن عدي في "الكامل ص 7/ 92) _ من طريق عبد الله بن جعفر، عن واقد بن سلامة، عن يزيد بن أبان الرقاشي، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من مات يوم الجمعة وقي عذاب القبر". وسنده ضعيف جدًّا؛ فيه يزيد بن أبان الرقاشي ضعيف كما في "التقريب ص 7683) . والراوي عنه واقد _ ويقال: وافد (بالفاء) _ ابن سلامة وهو ضعيف أيضًا. انظر لسان الميزان 6/215 رقم 754) . والراوي عنه عبد الله بن جعفر يظهر أنه والد علي بن المديني، وهو ضعيف أيضًا كما في "التقريب 3255) . وله طريق أخرى أخرجها ابن منده في "تعزية المسلم 109) من طريق الحسين ابن علوان، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لا ينجو من ضغطة القبر إلا شهيد أو مصلوب أو من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة". لكنها متابعة أوهى من سابقتها، فالحسين بن علوان كذاب يضع الحديث كما في (الكامل) لابن عدي (2/359) . وأبان ابن أبي عياش متروك كما في "التقريب ص 142) . وأما حديث جابر -رضي الله عنه-: فأخرجه أبو نعيم في "الحلية 3/155) من طريق عمر بن موسى بن الوجيه، عن محمد بن المنكدر، عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة أجير من عذاب القبر، وجاء يوم القيامة عليه طابع الشهداء". وفي سنده عمر بن موسى بن وجيه وهو يضع الحديث أيضًا. انظر "لسان الميزان 4/332_333) . وللحديث طرق أخرى مراسيل وفيها مجاهيل، لا يعتضد بشيء منها، والله أعلم.

الصيام في شدة الحر

الصيام في شدة الحر المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 9/9/1424هـ السؤال أريد صيام يوم الاثنين القادم وهو حسب التقويم الموجود لدي أطول نهاراً في هذه السنة. وقد قرأت أنّه من صام في يوم طويل شديد الحرارة إيمانا واحتسابا لوجه الله الكريم وقاه الله تعالى حر الموقف يوم القيامة، وأظله وسقاه بصيامه هذا اليوم الحار، وأدخله جنته برحمته. سؤالي: (1) كيف يكون العمل إيماناً واحتساباً؟ (2) هل ما قرأت عنه وارد عن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - أم أنه تقوّل عنه؟ (3) إذا كان صحيحاً فكيف تكون نية الصيام لأكون قد صمت إيمانا واحتسابا؟. ولكم جزيل الشكر وأرجو لكم دوام التقدم والنجاح. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أقول: أما بالنسبة للحديث المشار إليه في السؤال، فلم أعثر عليه في كتب السنة بهذا اللفظ، ولا بهذا المعنى، وإنما جاء بنحوه بسند ضعيف - في مستدرك الحاكم (3/530) من طريق عبد الله بن المؤمل عن عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمل أبا موسى على سرية البحر، فبينما هي تجري بهم في البحر في الليل، إذ ناداهم مناد من فوقهم: ألا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه، أنه من يعطش لله في يوم صائف، فإن حقاً على الله أن يسقيه يوم العطش الأكبر" ثم قال الحاكم في المستدرك (3/530) : "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" أهـ فتعقبه الإمام الذهبي في التخليص، وقال: "إن المؤمل ضعيف" أ. هـ وهو كما قال، ولا سيما فيما انفرد به كما قاله ابن حبان في المجروحين (2/27-28) ، وعبارته: "عبد الله بن المؤمل المخزومي شيخ من أهل مكة كان قليل الحديث، منكر الرواية، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد ... "أهـ ثم ذكر من رواياته هذا الحديث، وقال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (ص: 384) : "ضعيف الحديث " كما في ترجمته برقم (3648) . ومع هذا، فقد ذكر المنذري في الترغيب والترهيب (2/51) هذا الحديث من رواية البزار عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً بدون إسناد، ثم قال: "رواه البزار بإسناد حسن - إن شاء الله - ورواه ابن أبي الدنيا من حديث لقيط عن أبي بردة عن أبي موسى - رضي الله عنه- بنحوه، إلا أنه قال فيه: "قال: إن الله تعالى قضى على نفسه أنه من عطش نفسه لله في يوم حار، كان حقاً على الله أن يرويه يوم القيامة، قال: وكان أبو موسى- رضي الله عنه- يتوخى اليوم الشديد الحر، الذي يكاد الإنسان أن ينسلخ فيه حراً، فيصومه" أ. هـ. وقد علق الهيثمي في مجمع الزوائد (3/183) على رواية البزار بقوله: "رواه البزار، ورجاله موثوقون" أهـ ولم أعثر على هذا الحديث في مسند البزار المطبوع، للنظر في إسناده، وبكل حال، فالأحاديث الصحيحة الواردة في فضل الصيام كثيرة، ومنها قول نبينا - صلى الله عليه وسلم - "من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً" أخرجه البخاري (2840) ، ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وفي صحيح البخاري (2/671) ومسلم (2/808) عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم...." الحديث، قال العيني في عمدة القاري (10/262) في معرض تفسيره للفظ (الريان) ما نصه: " ... مشتق من الري الكثير، الذي هو ضد العطش وسمي بذلك: لأنه جزاء الصائمين على عطشهم وجوعهم، واكتفى بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه، وأفرد لهم هذا الباب إكراماً لهم، واختصاصاً؛ وليكون دخولهم الجنة غير متزاحمين، فإن الزحام قد يؤدي إلى العطش" أهـ. وهذا بالنسبة للحديث المشار إليه وما يتعلق به من أحاديث، وبهذا يتبين أن اللفظ المذكور " ... إيماناً واحتساباً ... لا وجود له في ذلك الحديث، فيما وقفت عليه. وقد جاء هذا اللفظ في أحاديث أخرى صحيحة، ومنها ما أخرجه البخاري (2/672) ومسلم (1/523) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ... " الحديث. ومعنى قوله: "إيماناً واحتساباً" أي: تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه، وطلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه كما أشار إلى هذا المعنى الحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/251) وبهذا يعلم أن نية الصيام تكون بالقلب، وذلك بأن يكون قصده من الصيام التقرب إلى الله سبحانه بهذا العمل الصالح، وهو الصيام لأجل كسب رضا الله سبحانه وما يترتب عليه من ثواب في الآخرة، والله أعلم.

أحاديث المهدي

أحاديث المهدي المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 13/3/1425هـ السؤال سؤالي عن المهدي المنتظر، هل أحاديث المهدي ضعيفة كلها أم صحيحة كلها؟ أم يوجد هناك الضعيف والصحيح؟ وإن كان هناك أحاديث صحيحة في المهدي فهلا سمحتم بإيرادها، وإن كانت كل أحاديثه ضعيفة فهل نستنتج من ذلك أن أمر المهدي هو من المظنونات؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب ورد في المهدي أحاديث كثيرة، منها ما هو مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومنها ما هو موقوف على الصحابة - رضي الله عنهم -، وقد ذكر جماعة من أهل العلم أن أحاديث المهدي بلغت حد التواتر المعنوي (انظر: الإشاعة لأشراط الساعة للبرزخي صـ (87) ولوامع الأنظار البهية (2/84) للسفاريني، والإذاعة للقنوجي صـ (112) . قال الشوكاني:"الأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي لها حكم الرفع، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك". (الإذاعة للقنوجي صـ (113) نقلاً عن كتاب الشوكاني (التوضيح) . ومن الأحاديث الصحيحة ما يلي: 1. عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطى المال صحاحاً، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثماني (يعني حججاً) -يعني: سبع أو ثمان سنين-". أخرجه الحاكم (4/557) بهذا اللفظ وقال: صحيح، وأخرجه أبو داود (4284) ، وأحمد (3/37) بنحوه، قال ابن القيم على سند أبي داود: إسناده جيد. وقال الألباني في (السلسلة الصحيحة 2/336) : سنده صحيح. 2. وعن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"المهدي منا -أهل البيت- يصلحه الله في ليلة" أخرجه أحمد (2/58) ، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح، وأخرجه ابن ماجه (1367) . 3. وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"المهدي من عترتي من ولد فاطمة" أخرجه أبو داود (4283) وابن ماجة (1368) ، وقال الألباني في صحيح الجامع (6610) : صحيح. 4. وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي" وفي رواية:"يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً". أخرجه أبو داود في باب ذكر المهدي (4281) ، وقال الألباني: صحيح. انظر صحيح الجامع الصغير (5180) . 5. وعن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثياً لا يعده عدا " قال الجريري -أحد رواة الحديث-: قلت لأبي نصرة وأبو العلاء: أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟ فقالا: "لا" أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة من صحيحه (18/38 مع شرح النووي) . وهذا الحديث وإن لم يصرح بأن هذا الخليفة هو المهدي إلا أن أكثر العلماء ذكروا أن المراد به المهدي كما جاء في روايات وأحاديث أخرى أنه في زمن المهدي يكثر المال ... إلخ. هذه هي أشهر الأحاديث الصحيحة في هذا الباب وهناك أخرى لكنها أقل منها في الصحة، وكل من ألف في أشراط الساعة فإنه يذكرها ويستدل بها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

هل تفسير ابن عباس لهذه (والسماء بنيناها بأيد) من باب التأويل؟

هل تفسير ابن عباس لهذه (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) من باب التأويل؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 28/09/1425هـ السؤال ما صحة نسبة هذه الآثار إلى ابن عباس، رضي الله عنهما: 1- في قول الله تعالى: (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) [الذاريات:47] . قال: أي بقوة عظيمة. (رواه الطبري وذكره سفيان الثوري وقتادة) . 2- في قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [النور:35] . أولها ابن عباس بالهادي الذي يخلق الهداية. (رواه الطبري) . 3- في قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ) [القلم:42] . أولها ابن عباس، رضي الله عنهما، باشتداد الأمور في يوم القيامة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: هذه الآثار الثلاثة مما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، رضي الله عنهما، ومن المعلوم أن علي بن أبي طلحة له نسخة مشتملة على تفسير ابن عباس، رضي الله عنهما، وقد أثنى عليها العلماء؛ لأنها من أجود الطرق وأصحها عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال الإمام أحمد: بمصر صحيفة في التفسير، رواها علي بن أبي طلحة، لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدًا، ما كان كثيرًا. وقال الحافظ ابن حجر: وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث، رواها عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وهي عند البخاري عن أبي صالح، وقد اعتمد عليها في صحيحه كثيرًا فيما يعلقه عن ابن عباس. وقال الحافظ السيوطي: وقد ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يحصى كثرة، وفيه روايات وطرق مختلفة، فمن جيدها طريق علي بن أبي طلحة عنه. وتنظر هذه الآثار في صحيفة علي بن أبي طلحة التي جمعها بعض الباحثين (ص: 375، 466، 496) ، وليس ما جاء عن ابن عباس من باب التأويل، بل فهم منها ابن عباس، رضي الله عنهما، أنها ليست نصًّا في الصفات، إذ لا يعرف عن الصحابة، رضي الله عنهم، تأويل شيء من نصوص الصفات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات فليس عن الصحابة، رضي الله عنهم، اختلاف في تأويلها، وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، رضي الله عنهم، وما رووه من الحديث، ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة، رضي الله عنهم، أنه تأوَّل شيئًا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف.... وتمام هذا أنى لم أجدهم تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ) . فروى عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وطائفة أن المراد به الشدة، أن الله يكشف عن الشدة في الآخرة، وعن أبى سعيد وطائفة أنهم عدوها في الصفات؛ للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين، ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ) . نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف. ينظر: مجموع الفتاوى (6/394) . وقال أيضًا: ثم قول من قال من السلف: هادي أهل السموات والأرض. لا يمنع أن يكون في نفسه نورًا، فإن من عادة السلف في تفسيرهم أن يذكروا بعض صفات المُفسَّر من الأسماء أو بعض أنواعه، ولا ينافى ذلك ثبوت بقية الصفات للمسمَّى بل قد يكونان متلازمين ولا دخول لبقية الأنواع فيه..... فقول من قال: (نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) : هادى أهل السماوات والأرض. كلام صحيح، فإن من معاني كونه نور السماوات والأرض أن يكون هاديًا لهم، أما أنهم نفوا ما سوى ذلك فهذا غير معلوم، وأما أنهم أرادوا ذلك فقد ثبت عن ابن مسعود أنه قال: إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور السماوات من نور وجهه. وقد تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر نور وجهه، وفى رواية (النور) ما فيه كفاية. ينظر: مجموع الفتاوى (6/390) . والحاصل أن بعض الآيات والأحاديث يفهم من سياقها والقرائن المحتفة بها أنها ليست نصًّا في الصفات، فتفسر بما يفهم من المقصود بها مثل قوله تعالى: (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة:115] . ومثل قوله تعالى: (أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ) [الزمر:56] . وقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ) [يس:71] . قال الحافظ ابن رجب- معلقًا على قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا) : وليس المراد هنا الصفة الذاتية- بغير إشكال- وإلا استوى خلق الأنعام وخلق آدم عليه السلام. فتح الباري لابن رجب (1/7) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والصواب في كثير من آيات الصفات وأحاديثها: القطع بالطريقة الثابتة كالآيات والأحاديث الدالة على أن الله سبحانه وتعالى- فوق عرشه، ويعلم طريقة الصواب في هذا وأمثاله، بدلالة الكتاب والسنة والإجماع على ذلك؛ دلالة لا تحتمل النقيض، وفى بعضها قد يغلب على الظن ذلك مع احتمال النقيض، وتردد المؤمن في ذلك هو بحسب ما يؤتاه من العلم والإيمان، (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) [النور:40] . ينظر: مجموع الفتاوى (5/117) . هذا والله أعلم.

صحة أثر ابن عباس في الحكم

صحة أثر ابن عباس في الحكم المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 2/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما صحة الأثر المنسوب إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قوله تعالى في سورة المائدة "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ"؛ أنه قال: "كفر دون كفر". وهل الأثر الضعيف إذا اجتمعت له شواهد ومتابعات ضعيفة أخرى تقويه؟ أفيدونا أثابكم الله. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: أما الأثر المنسوب إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -، فهو مشهور عنه، وله عن ابن عباس طرق كثيرة، بعضها ضعيف، وبعضها قوي، وأقواها ما رواه الإمام محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" 2/521 رقم (570،571) ، وابن جرير الطبري 6/256 من طريق ابن طاووس، عن أبيه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وسنده صحيح، ومما يؤيد ثبوته عن ابن عباس، شهرته عن أصحابه كعطاء، وطاووس، كما نقل ذلك ابن نصر، وابن جرير. ولكن لهذا الأثر فقه ونظر وتوضيح، وهو مبسوط في مواضعه، ومنها: رسالة تحكيم القوانين، للشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله-[نشرته دار الوطن وغيرها] ، وكتاب الشيخ د. عبد الرحمن المحمود: الحكم بغير ما أنزل الله، أحواله وأحكامه (نشرته دار طيبة) ، وكذلك كتاب: نواقض الإيمان القولية والعملية، للشيخ د. عبد العزيز العبد اللطيف (نشرته دار الوطن) .

بول الكلاب في مسجد الرسول

بول الكلاب في مسجد الرسول المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 17/2/1424هـ السؤال ورد حديث كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما كانوا يرشون عليها شيئا، ً فما صحة هذا الحديث؟ وهل يدل على أن بول الكلاب طاهر؟ وما الجمع بينه وبين حديث إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: هذا الحديث صحيح، أخرجه البخاري معلَّقاً بصيغة الجزم (174) ، ووصله أبو داود في سننه (382) ، والبيهقي في السنن الكبرى (1/242) ، وصححه البيهقي والنووي كما في المجموع (2/585) . وظاهره يدل على طهارة بول الكلاب، ولكن أجيب عن الاستدلال به لذلك بعدة أجوبة: الجواب الأول: إن ذلك كان أول الأمر؛ إذ جاء في رواية أبي داود قول ابن عمر -رضي الله عنهما- وهو راوي الحديث ـ: كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكنت فتىً عَزِباً، وكانت الكلاب تبول...... الحديث. ثم ورد الأمر بتكريم المساجد، وتطهيرها، وجعل الأبواب عليها. (وهذا أحسن جوابٍ وأقواه، وهو ما ارتضاه ابن حجر من الأجوبة على الاستدلال بهذا الحديث) . الجواب الثاني: المراد أنها كانت تبول خارج المسجد في مواطنها، ثم تقبل وتدبر في المسجد، إذ لم يكن عليه في ذلك الوقت غلق، ويبعد أن تترك الكلاب تنتاب المسجد حتى تمتهنه بالبول فيه. الجواب الثالث: إنهم لم يكونوا يرشّون شيئاً من المسجد؛ لأن مكان بول الكلاب خفي عليهم، لكن من علمه وجب عليه غسله. وعلى كل حالٍ فلا يسوغ ترك حديث الولوغ الشهير الصحيح الصريح لمثل هذا الحديث المحتمل، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بأهل بيته

وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بأهل بيته المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 16/2/1425هـ السؤال وردت علينا هذه الشبهة من رافضي وحيث إنها تحتاج إلى متخصص في علم الحديث فأرجو التكرم بالإجابة عنها من متخصص. يقول الرافضي:" عندما يقول الشيعة بأن رسول الله -صلى الله عليه وآله- أوصى الأمة بالتمسك بعترته مع القرآن يصر البعض دون خجل وخشية لله تعالى أن يحرف الحقائق، ويصر على الكذب والتشويه، ويتمسك بخبر غير صحيح موضوع على لسان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو: "إني تارك لكم كتاب الله وسنتي" وما ذلك إلا محاربة لله تعالى، ولرسوله -عليه الصلاة والسلام-، ولأهل بيت رسوله الأطهار. ولنناقش تلك الكذبة المفضوحة: أي سنة تركها رسول الله - صلى الله عليه وآله - بعد وفاته؟ هل كانت سنته مكتوبة مدونة حتى يتسنى للمسلمين التمسك بها، لاسيما وأن كتابة الحديث كان منهيا عنها حتى سنيين طويلة بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وآله-، وكان لعمر بن الخطاب مقولة شهيرة يمنع فيها تدوين السنة حتى لا تختلط بالقرآن. أسأل الجميع سؤالاً واضحاً ومحدداً: هل ورد هذا الحديث الموضوع في واحد من الكتب الستة المشهورة عندكم؟ * ففي (الموطأ) جاء فيه ما نصه:"وحدّثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه [وآله] وسلم- قال: تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنة نبيه" (1) . (الموطأ 2: 899 حديث 3) . وها أنت ترى بأن الحديث لا سند له: وقد قال السيوطي بشرحه: «وصله ابن عبد البر من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده» (تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك 3: 93) وقال الحاكم: حدث عن أبيه عن جده نسخة فيها مناكير. *وأما في المستدرك فقد أخرجه من طريق ابن أبي أويس عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، ثم قال: "وقد وجدت له شاهداً من حديث أبي هريرة" فأخرجه عنه من طريق صالح بن موسى الطلحي (المستدرك على الصحيحين 1: 93) . هكذا رأيتم أيها الإخوة حال هذا الحديث الموضوع، والذي وضع قبالة الحديث الصحيح الوارد عن رسول الله -صلى الله عليه وآله-، وهو:"ألا أيها الناس إنَّما أنا بشر يوشك أنْ يأتي رسول ربي فأُجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين: أوَّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي". وفي لفظ آخر: إنِّي تارك فيكم ما إنْ تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله عزَّ وجلَّ حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. (انظر: سنن الترمذي 5: 662 و 663 صحيح مسلم 4: 1873, 2408 مسند أحمد 3: 17 و5: 181، مستدرك الحاكم 3: 109، أُسد الغابة 2: 12، السيرة الحلبية 3: 336، مجمع الزوائد 9: 163 الصواعق المحرقة: 230) وهو حديث تواتر نقله عن الصحابة والتابعين، حتى إن ابن حجر المكي مثلاً قال: «إنّ لحديث التمسّك بذلك طرقاً كثيرةً وردت عن نيف وعشرين صحابّياً". رغم أن التتبع يظهر بأنها بلغت نيفاً وثلاثين صحابيًّا، ولكن لا يهم. انتهى كلام الرافضي. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حدّه. أما بعد: فجواباً على السؤال أقول وبالله التوفيق: إن الحديث المذكور أورده الإمام مالك في الموطأ بلاغاً (معلقاً) غير متصل، رقم (2618) ، ووصله بعض أهل العلم من طرق لا تصح، وليس في طرقه ما يُقوي بعضها، هذا ما يترجح لديّ وإن كان من أهل العلم من صحح أو قبل بعضها، بل منهم من اعتبره مستغنياً بشهرته عن الإسناد، كابن عبد البر في التمهيد (24/331) . لكن لي مع كلام ذلك الرافضي وقفات، لن أستوعب فيها إلا أهم ضلالاته وتلبيساته: الأولى: اعتباره الحديث موضوعاً، هذا لا يُقبل منه ولا من غيره، بل الحديث ضعيف فقط، فبلاغات الإمام مالك، وإن كانت ضعيفة حتى نقف على إسنادها، فهي من أقوى المنقطعات. ومع ذلك: فمعنى الحديث ثابت بالكتاب وصحيح السنة، فالآيات الآمرة بطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- والمحذرة من معصيته والحاثة على الاقتداء به والرجوع إلى سنته أكثر من أن تحصى، وكذلك أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الثابتة عنه. الثانية: أن هذا الرافضي لبِس لباس المكتشف لأمر خفي على أهل السنة، وكأنه قد عرف ما لم يعرفوه! ألم يكفِه أن الحديث لم يخرجه أحد من أصحاب أمهات كتب السنة عند أهل السنة كما ذكر هو، ليعلم أن أهل السنة كانوا أدرى بضعفه منه؟! ولئن صحح الحاكم (وكان فيه تشيع) بعض طرقه (1/93) ، فإن الحاكم عند أهل السنة لا يُقلد في أحكامه ما دام قد بان لنا ما يدل على خلاف حكمه، مع إمامته، هذا ما نص عليه أهل السنة في كتب علوم الحديث. على أن ابن عدي، وهو من أئمة السنة، وقد توفي قبل هذا الرافضي بألف سنة (حيث توفي سنة 365هـ) ، قد أورد إحدى طريقي الحديث عند الحاكم في كتابه (الكامل في معرفة ضعفاء المحدثين وعلل الحديث 4/69) ، مبيناً ضعف روايته ونكارة إسناده. ولئن خالف بعض أهل السنة في تضعيف هذا الحديث، فصححه، أو احتج به، فلم يكن ذلك منهم لأنهم يريدون رد حديث الوصية بالعترة!! بل هذه الدعوى هي الكذبة المفضوحة!!! فهذا الحاكم الذي صحح الحديث المسؤول عنه، قد صحح أيضاً حديث العترة (3/109-110) ، وهذا الإمام مسلم يخرج حديث العترة في صحيحه (رقم 2408) ، دون الحديث المسؤول عنه، وأخرج حديث العترة جماعة من أهل السنة وصححوه. فلماذا يدعي هذا الرافضي ما ليس له، ويتشبع بما لم يُعطَ؟! بل هذه بضاعتنا ردت إلينا، وهو دخيل فيها دعي عليها! وهذا يبين أن تصحيح من صحح الحديث المسؤول عنه أو احتجاجه به من أهل السنة لم يكن بقصد تضعيف ورد حديث الوصية بالعترة، كما ادعاه ذلك الرافضي، بل هو راجع إلى أحد سببين: الأول: اختلاف الاجتهاد، حيث إن في الحديث خلافاً -كما تقدم-، وهذا أمر غير مستنكر. الثاني: أنه ناشئ عن عدم اطلاع على علم الحديث عند بعض المحتجين به، ممن ليس تخصصه الحديث ولا علم له به من أتباع السنة، ومثل هذا يوجد في كل الملل والفرق. وإن كان الواجب -حينها- على هذا الذي لا علم عنده بالسنة من أهل السنة أن يسأل أهل العلم بها، كما فعل هذا السائل الذي طلب الإجابة لهذا الرافضي -وفقه الله تعالى-. الثالثة: أن هذا الرافضي قد اعتاد أن يلبس ثوبي زور!! فكما حاول أن يوهم أنه عرف ما لم يعرفه أهل السنة بالنسبة للحديث المسؤول عنه، فإنه أخذ يوهم نحو ذلك في حديث الوصية بالعترة، وكأنه هو وأمثاله من الرافضة أول من عرف صحته!!! فحديث العترة صححه وحسنه من أئمة السنة -كما سبق- عدد منهم، ومنهم الإمام مسلم (رقم 2408) ، والترمذي (رقم 3786-3788) ، وابن خزيمة (رقم 2357) ، والحاكم (3/109-110-148) وغيرهم. لكن الفرق بين أهل السنة والرافضة في حديث العترة، أن الرافضة يعتبرونه دليلاً على عصمة أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- (وهو معتقد باطل يصادم الكتاب والسنة والإجماع) ، وأما أهل السنة فيعتبرونه دليلاً على حق آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإكرام والمحبة والتقدير واحتمال الخطأ منهم والعفو عن إساءتهم وعلى عدم إهانتهم أو إيذائهم أو إنكار حقوقهم، حيث إن أصح ألفاظ حديث العترة، وهو لفظ صحيح مسلم (8408) ، ليس فيه أكثر من هذه المعاني الصحيحة، فلفظه:"وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما: كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به" فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال:"وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي" ثم بيّن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- وهو راوي الحديث- أن أهل بيته هم: أزواجه أمهات المؤمنين، وآل علي وآل عقيل وآل جعفر أبناء أبي طالب، وآل العباس بن عبد المطلب، -رضي الله عنهم أجمعين-. وأهل السنة هم أعرف الناس بحق آل البيت، وأن تحقيق هذا الحق من جليل شعب الإيمان، وهذا إمام أهل السنة قاطبة، خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يقول -كما في صحيح البخاري رقم (3712-4036-4241) -:"والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحب إلي أن أصل من قرابتي"، ويقول -رضي الله عنه- كما في صحيح البخاري رقم (3713) :"ارقبوا محمداً -صلى الله عليه وسلم- في أهل بيته" ويُفدي الحسن بن علي -رضي الله عنهما- بأبيه، فيقول -رضي الله عنه- كما في صحيح البخاري رقم (3542-3750) وهو حامل للحسن على عاتقه:"بأبي شبيه بالنبي، لا شبيه بعلي" وعلي -رضي الله عنه- يضحك. ولا ينكر أهل السنة أن آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بُغي عليهم وظلموا، كما لا يجهلون أنه قد أُفرط في محبتهم، وغُلي في شأنهم، وأن الناس فيهم بين إفراط وتفريط، إلا ما كان من أهل السنة، الذين عرفوا لهم حقهم، وحققوه قولاً وعملاً -لا قولاً بغير عمل- بغير غلو ولا جفاء. فما لهذا الرافضي أن يدخل بين آل البيت وأنصارهم حقاً من أهل السنة؟!! فما خان آل البيت إلا أنتم!! وكما رفضكم أَوَّلوُنا يرفضكم آخِرونا!!! والله الهادي إلى سواء السبيل. والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن ولاه.

"أنت ومالك لأبيك"

"أنت ومالك لأبيك" المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 11/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أمي متوفاة منذ 30 عامًا، وخلَّفتْ من الأولاد والبنات تسعة، وبعدها تزوج أبي وأعطى كل مصاغ المرحومة أمي لزوجته الجديدة، وعشنا وعاش الجميع، والله أعلم كيف عشنا نحن أولاد المرحومة، وخلفت زوجة أبي من الأولاد والبنات 13، وبضغط من زوجة أبي تريد كل شيء لأولادها، أبي والحمد لله كان وضعه المادي جيدًا، ولكن كان يحب أن يأخذ منا للآخرين ودائمًا. ما تفسير: "أنت ومالك لأبيك؟ ". الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قوله صلى الله عليه وسلم: "أنتَ ومالُكَ لأبيك". أخرجه أبو داود (3530) وابن ماجه (2292) . يعني أنه يجوز للأب أن يأخذ أو يتملك من مال ابنه ما يشاء، لكن بشرط ألا يضر الابن، وذلك بأن يأخذ الأب ما يحتاجه الابن أو يضطر إليه، وذلك مثل أن يأخذ الأب أثاث بيت الابن المضطر إليه، أو يكون ليس مضطرًّا إليه، لكنه بحاجة إليه، أو يأخذ منه مالاً هو محتاج إليه، أو نحو ذلك فمثل هذه الأشياء ليس للأب أن يأخذها من ابنه. وأما ما ذكرته من أن والدك يعطي إخوتك من زوجته الثانية أكثر منكم، فهذا لا يجوز، ويجب على الأب أن يسوي بين أولاده، ولعلك تبيِّن لأبيك بلطف وحكمة أن هذا أمر لا يجوز، أو تطلب من غيرك مثل أعمامك أو غيرهم ممن يناسب أن يبين لأبيك ذلك؛ لعله يقبل منه ويرجع إلى العدل بينكم. والله أعلم.

صحة حديث: "خير أمتي في المدن"

صحة حديث: "خير أمتي في المدن" المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 06/10/1426هـ السؤال أرجو إفادتي عن صحة حديث: "خير أمتي في المدن ". الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد بحثت عن هذا الحديث فلم أجده، ولكن معناه -من حيث الجملة- صحيح، أعني أن أهل المدن والقرى -في الغالب- خير من أهل البوادي، وذلك لأمور، منها: 1- أن الأنبياء كلهم بعثوا من القرى -أي من الحواضر- كما قال سبحانه: "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى ... " [يوسف:109] ، ولم يبعث الله نبياً قط من البادية. 2- أهل الحواضر والمدن أكثر علماً بالشرع، وأقرب إلى التدين من أهل البوادي من الأعراب وأمثالهم، كما قال سبحانه وتعالى: "الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم" [التوبة:97] . 3- أن أهل المدن ألين عريكة، وأسمح خلقاً، وأكثر تسامحاً، وأقرب إلى العفو. ولا يعني هذا التفضيل المطلق، فإنه ما من شك أن في أهل البادية فضلاء، وفي أهل البوادي من كريم الأخلاق ما قد لا يوجد عند بعض أهل المدن، وقد أنصفهم خالقهم سبحانه وتعالى؛ فقال عنهم: "ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم" [التوبة:99] . وأوكد على أن هذا لا يبيح نسبة هذا الحديث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- بإسناد يحتج بمثله، والله أعلم.

عدم قبول صلاة شارب الخمر

عدم قبول صلاة شارب الخمر المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 7/5/1424هـ السؤال هل صحيح أن من شرب خمراً وسكر لا تقبل الصلاة منه لمدة أربعين يوماً، وأنه إن مات خلال الأربعين يوماً يكون كعابد وثن، وردت تلك الأحاديث في كتاب (الكبائر) للذهبي في موقع الوراق؟. الجواب جواباً عن سؤال من سأل عن صحة حديث فيه أن من شرب خمراً وسكر لا تقبل منه صلاة لمدة أربعين يوماً، وأنه إن مات خلال الأربعين يوماً يكون كعابد وثن، وعزاه السائل إلى كتاب (الكبائر) للذهبي، أقول وبالله التوفيق: صح من حديث عبد الله بن عَمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من شرب الخمر فسكر لم تُقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد فشرب فسكر، لم تُقبل له صلاة أربعين صباحاً فإن مات دخل النا ر، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد فشرب فسكر لم تُقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخَبال يوم القيامة " قالوا: يا رسول الله ما طينة الخبال؟ قال: " عُصارة أهل النار " ـ أخرجه الإمام أحمد (رقم 6644، 6659، 6773،6854) ، والنسائي (رقم 5664، 5670) ،وابن ماجة (رقم 3377) ، وابن خزيمة (رقم 939) ، وابن حبان (رقم 5357) ، والحاكم وصححه (1/30-31، 257) (4/146) ، وأما حديث:" مدمن الخمر كعابد وثن " فقد اختلف فيه تصحيحاً وتضعيفاً، والراجح ضَعْفُه من جميع وجوهه، فانظر (العلل) لابن أبي حاتم (رقم 1553، 1591) ، و (التاريخ الكبير) للبخاري (1/129) (3/515) ، و (شعب الإيمان) للبيهقي (5/12-13رقم 5597 - 5598) ، (والعلل المتناهية) لابن الجوزي (رقم 1116-1121) ، وأما من صححه كابن حبان (رقم 5347) ، والضياء (10/330) فتأولوا الحديث وفسروه بأقوال: منها: أن المشبه بعابد الوثن هو المستحل له المعتقد أنه حلال مع علمه بتحريم الله تعالى له (وهو تفسير ابن حبان له) . ومنها: أن وجه الشبه، هو: حبوط عمله كحبوط عمل الكافر، أي أنه لا يُثاب على القربات (وهو تفسير طاووس بن كيسان أحد علماء التابعين، كما في (المجتبي) للنسائي رقم 5665) . ومنها: أن المدمن والكافر سواءٌ في مطلق التعذيب بالنار، ولا يلزم استواؤهما في كل شيء، فإن الكافر مخلّد في النار، وأما عُصاة المؤمنين فلا يخلدون، ثم هم مُعرضون لعفو الله ورحمته. ومنها: أن مدمن الخمر في اتباعه لهواه ومخالفته أمر الله -تعالى- كعابد الوثن، وقد قرن الله - تعالى- بين الخمر وعبادة الأوثان، فقال - تعالى-: " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " [المائدة: 90] . ومنها: أن تعلق قلب مدمن الخمر بالخمر يشبه تعلق قلب عابد الوثن بالوثن، كما قال - تعالى- عن اليهود: " وأُشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم" [البقرة: 93] . وعلى هذه المعاني يُحمل قول عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -: " من شرب الخمر فلم يِنْتشِ لم تقبل له صلاةٌُ ما دام في جوفه أو عروقه منها شيءٌُُ، وإن مات مات كافراً، وإن انتشى لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، وإن مات فيها مات كافراً " أخرجه النسائي (رقم 5668) ، وأما عزو السائل للحديث إلى كتاب (الكبائر) للذهبي، فهذه فرصة للتنبيه على أمر مهم بخصوص هذا الكتاب، فإن كتاب (الكبائر) طبع عدة طبعات، ومنه نسخة طبعت بتحقيق الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة - رحمه الله -، وبتحقيق عبد الرحمن فاخوري، وطُبع بتحقيق غيرهما وهي طبعات لا تُمثل كتاب الذهبي في (الكبائر) ففي نسبة تلك الطبعات للإمام الذهبي شكٌ كبير، وبيَّن ذلك واستدل له الأستاذ محي الدين مستو في الطبعة التي بتحقيقه لكتاب (الكبائر) للذهبي، وطبعته هذه هي التي تمثل كتاب الذهبي فعلاً. وقد نظرت في كتاب (الكبائر) للذهبي بتحقيق محيي الدين مستو، فلم أجد فيها الحديث المسؤول عنه! ، وليس هذا بأول حديث ضعيف أو باطلٍ يوجد في الطبعة المنسوبة خطاً للذهبي، ففيها - غيره- كثير!!. والله أعلم.

حديث الأعرابي في الطواف

حديث الأعرابي في الطواف المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 22/5/1424هـ السؤال بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطواف، إذ سمع أعرابياً يقول: يا كريم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- خلفه: يا كريم، فمضى الأعرابي إلى جهة الميزاب، وقال: يا كريم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- خلفه: يا كريم، فالتفت الأعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال: يا صبيح الوجه، يا رشيق القد، أتهزأ بي لكوني أعرابياً؟ والله لولا صباحة وجهك، ورشاقة قدك لشكوتكم إلى حبيبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، تبسم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال: أما تعرف نبيك يا أخا العرب؟ قال الأعرابي: لا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: فما إيمانك به؟ قال: آمنت بنبوته ولم أره، وصدَّقت برسالته ولم ألقه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا أعرابي اعلم أني نبيك في الدنيا، وشفيعك في الآخرة فأقبل الأعرابي يقبل يد النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: مه يا أخا العرب لا تفعل بي كما تفعل الأعاجم بملوكها، فإن الله -سبحانه وتعالى- بعثني لا متكبراً ولا متجبراً، بل بعثني بالحق بشيراً ونذيراً، فهبط جبريل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال له: يا محمد السلام يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك: قل للأعرابي، لا يغرنه حلمنا ولا كرمنا، فغداً نحاسبه على القليل والكثير، والفتيل والقطمير، فقال الأعرابي: أو يحاسبني ربي يا رسول الله، قال: نعم يحاسبك إن شاء، فقال الأعرابي: وعزته وجلاله إن حاسبني لأحاسبنه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وعلى ماذا تحاسب ربك يا أخا العرب؟ قال الأعرابي: إن حاسبني ربي على ذنبي حاسبته على مغفرته، وإن حاسبني على معصيتي حاسبته على عفوه، وإن حاسبني على بخلي حاسبته على كرمه، فبكى النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى ابتلت لحيته، فهبط جبريل -عليه السلام- على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال: يا محمد، السلام يقرئك السلام، ويقول لك: يا محمد قلل من بكائك، فقد ألهيت حملة العرش عن تسبيحهم. قل لأخيك الأعرابي لا يحاسبنا ولا نحاسبه، فإنه رفيقك في الجنة. فما أصل هذا الحديث، وما مدى صحته الجواب إن الحديث المذكور يصلح مثالاً للأحاديث التي تظهر فيها علامات الوضع والكذب، وفيه من ركاكة اللفظ، وضعف التركيب، وسمج الأوصاف، ولا يَشُكُّ من له معرفة بالسنة النبوية وما لها من الجلالة والجزالة أنه لا يمكن أن يكون حديثاً صحيحاً ثابتاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم أجده بهذا اللفظ، وليت أن السائل يخبرنا بالمصدر الذي وجد فيه هذا الحديث ليتسنى لنا تحذير الناس منه. على أن أبا حامد الغزالي - على عادته رحمه الله - قد أورد حديثاً باطلاً في (إحياء علوم الدين 4/130) قريباً من مضمونه من الحديث المسؤول عنه، وفيه أن أعرابياً قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله من يلي حساب الخلق يوم القيامة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم-: الله - تبارك وتعالى-، قال: هو بنفسه؟ قال: نعم، فتبسم الأعرابي، فقال - صلى الله عليه وسلم-: ممَّ ضحكت يا أعرابي؟ قال: إن الكريم إذا قدر عفا، وإذا حاسب سامح.. إلى آخر الحديث. وقد قال العراقي عن هذا الحديث:"لم أجد له أصلاً"، وذكره السبكي ضمن الأحاديث التي لم يجد لها إسناداً (تخريج أحاديث الإحياء: رقم 3466، وطبقات الشافعية الكبرى: 6/364) ، ومع ذلك فالنصوص الدالة على سعة رحمة الله -تعالى- وعظيم عفوه -عز وجل-، وقبوله لتوبة التائبين، واستجابته لاستغفار المستغفرين كثيرة في الكتاب وصحيح السنة. قال - تعالى-:"وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى" [طه:82] ، وقال - تعالى-:"وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون" [الشورى:25] ، وقال -تعالى-:"ورحمتي وسعت كل شيء " [الأعراف: 156] . وفي الصحيحين البخاري (7554) ومسلم (2751) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي"، والله أعلم.

هل بنى الصحابة مسجدا على قبر أبي بصير؟

هل بنى الصحابة مسجداً على قبر أبي بصير؟ المجيب د. سعد بن عبد الله الحميد أستاذ الدراسات العليا بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 14/06/1426هـ السؤال اطلعت في بعض المواقع على حديث منسوب إلى مغازي موسى بن عقبة، أن أبا بصير-رضي الله عنه- لما توفي دُفن بسيف البحر، وبني على قبره مسجد، فما درجة صحة هذا الحديث؟ وهل يصلح دليلاً على جواز بناء المساجد على القبور؟ أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فهذا الحديث المشار إليه رواه موسى بن عقبة، كما في "الاستيعاب" لابن عبد البر (4/1613-1614) ، و"الاكتفاء" للكلاعي (2/184) ، و"تاريخ الإسلام" للذهبي (2/400) ، و"فتح الباري" لابن حجر (5/351) . ومن طريق موسى بن عقبة أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (4/172- 175) فقال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، قال: أخبرنا أبو بكر بن عتَّاب العَبْدي، قال: حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن موسى بن عقبة. (ح) ، وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني، قال: حدثنا جَدِّي، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن فُلَيح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب - وهذا لفظ حديث القطان -، قال: ولما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة انفلت رجل من أهل الإسلام من ثقيف - يقال له: أبو بصير بن أسيد بن جارية الثقفي - من المشركين ... ، فذكر قصة أبي جندل وأبي بصير -رضي الله عنهما- المشهورة، وكيف قتل أبو بصير أحد الرجلين اللذين أخذاه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم خرج حتى أتى سيف البحر، وكيف انفلت أبو جندل بن سهيل من قريش، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فما سمعوا بِعِيرٍ خرجت لقريشٍ إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تناشده أن يرسل إلى أبي بصير وأصحابه ... ، وفي آخره قال: "وكتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي جندل وأبي بصير يأمرهم أن يقدموا عليه، ويأمر من معهما ممن اتبعهما من المسلمين أن يرجعوا إلى بلادهم وأهليهم، ولا يعترضوا لأحدٍ مرَّ بهم من قريشٍ وعيرانها، فقدم كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زعموا -على أبي جندل وأبي بصير، وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يده يقرؤه، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا". وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" (25/299-300) من طريق البيهقي السابق، ومن طريق الخطيب البغدادي، عن أبي الحسين بن الفضل القطان شيخ البيهقي، به. والشاهد من هذه القصة: قوله: "وجعل عند قبره مسجدًا". وهذا ليس فيه دلالة على جواز بناء المساجد على القبور؛ لأمرين: الأول: أن هناك فرقًا بين قوله: «على قبره» ، وقوله: «عند قبره» ، فالمنهي عنه هو: «بناء المساجد على القبور» ، وليس «عند القبور» ؛ لما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها-: أن أم حبيبة وأم سلمة -رضي الله عنها- ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة". أخرجه البخاري (427) ، ومسلم (528) . ومن المعلوم أن قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه -رضي الله عنهما- عند مسجده، ولو كان ذلك غير جائز لما قُبِروا هناك، فكان الأولى بهذا الْمُسْتَدِلِّ أن يستدِلَّ بهذا الذي هو أقوى وأصرح!! ولكن الذي يظهر لي أنه وقع على خطأ جاء في الموضع السابق من "الاستيعاب" لابن عبد البر، فإن اللفظ عنده هناك جاء هكذا: «فدفنه أبو جندل مكانه، وصلى عليه، وبنى على قبره مسجدًا» . وطريقة أهل السنة في مثل هذه المواضع أنهم يأخذون بالمحكم، ويردون إليه المتشابه، فقد نقل هذا النص عن موسى بن عقبة عدد من أهل العلم، وكلهم قالوا: «عند قبره» ، ومنهم الكلاعي، والذهبي، وابن حجر، وكذا رواه عنه البيهقي وابن عساكر بإسناديهما كما سبق، ولم أجد من ذكر أن موسى بن عقبة قال في روايته: «على قبره» ، سوى ما جاء في كتاب ابن عبد البر، وهذا يحتمل أن يكون خطأً من الطباعة، فلا بُدَّ من مراجعة نسخ الكتاب الخطِّيَّة، فإن وجد فيها كذلك فلَعَلَّه تصحيف من النُّسَّاخ، وربما كان من ابن عبد البر نفسه؛ فإنه ليس معصومًا من الزلل، وقد ذكر هو في "كتاب الاستذكار" (1/521) : حديث سهو النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة، ثم قال: «وفي هذا الحديث بيانُ أن أحدًا لا يسلم من الوهم والنسيان؛ لأنه إذا اعتَرَى ذلك الأنبياء، فغيرُهم بذلك أحرى» . ونبَّه في "كتاب التمهيد" (1/366) على خطأ وقع فيه ابن شهاب الزهري بقوله: «لا أعلم أحدًا من أهل العلم والحديث المصنِّفين فيه عوَّل على حديث ابن شهاب في قصة ذي اليدين؛ لاضطرابه فيه، وأنه لم يُتِمَّ له إسنادًا ولا متنًا، وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه أحدٌ، والكمال ليس لمخلوق، وكلُّ أحد يؤخذ من قوله ويُترَك، إلا النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم-» . الأمر الثاني: أن موسى بن عقبة رواه عن الزهري مرسلاً، والمرسل ضعيف كما هو مقرر عند أهل الحديث، فلا تقوم بهذه الرواية حجة. ويزداد ضعف هذه الرواية بكونها من مراسيل ابن شهاب الزهري، فإنها رديئة عند طائفة من أهل العلم بالحديث. قال ابن أبي حاتم في "المراسيل" (ص3) : "حدثنا أحمد بن سنان؛ قال: كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئًا، ويقول: هو بمنزلة الريح". وقال أيضًا: «قرئ على عباس الدوري، عن يحيى بن معين قال: مراسيل الزهري ليس بشيء» . وروى ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (55/368) عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد قال: سمعت يحيى بن سعيد [يعني: القطان] يقول: «مرسل الزهري شرٌّ من مرسل غيره؛ لأنه حافظ، وكلما قدر أن يُسَمِّيَ سَمَّى، وإنما يترك من لا يحسن أو يستجيز أن يُسَمِّيَه» . وروى أيضًا هو والخطيب البغدادي في "الكفاية" (ص386) من طريق أحمد بن أبي شريح الرازي، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي الذَّابَّ عن أهل السنة، والمنكر على أهل البدعة - رضوان الله عليه ورحمته - يقول: «إرسال الزهري عندنا ليس بشيء، وذلك أنَّا نجده يروي عن سليمان بن أرقم» . وفي لفظ؛ قال: سمعت الشافعي يقول: «يقولون: نُحابي، ولو حابَيْنا لحابينا الزهري! وإرسال الزهري ليس بشيء، وذاك أنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم» . وسليمان بن أرقم هذا متروك الحديث، كما قال أبو داود وأبو حاتم والترمذي وأبو أحمد الحاكم والدارقطني وغيرهم، وقال البخاري: تركوه. انظر "تهذيب التهذيب" (4/148) . وروى ابن عساكر أيضًا (55/369) عن علي بن المديني ويعقوب بن شيبة أنهما قالا: «مرسلات الزهري رديئة» . ولما أورد الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (5/339) بعض هذه الأقوال؛ قال: «قلت: مراسيل الزهري كالمعضل؛ لأنه يكون قد سقط منه اثنان، ولا يسوغ أن نظن به أنه أسقط الصحابي فقط، ولو كان عنده عن صحابي لأوضحه، ولما عجز عن وصله، ولو أنه يقول: عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن عَدَّ مرسل الزهري كمرسل سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ونحوهما، فإنه لم يَدْرِ ما يقول، نعم مرسله كمرسل قتادة ونحوه» . هذا، وقد روى البخاري في "صحيحه" (2731 و2732) أصل قصة أبي بصير وأبي جندل ومن معهم رضي الله عنهم، ولم يذكر هذه اللفظة أصلاً، لا بلفظ «عند قبره» ، ولا غيره، ورواه متصلاً، فقال: حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق. أخبرنا معمر، قال: أخبرني الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان - يُصَدِّقُ كُلُّ واحد منهما حديثَ صاحبه - قالا: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زمن الحديبية ... ، فذكر حديث صلح الحديبية بطوله، وفيه قصة أبي جندل وأبي بصير -رضي الله عنهما- المشهورة، وكيف قتل أبو بصير أحد الرجلين اللذين أخذاه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم خرج حتى أتى سيف البحر، وكيف انفلت أبو جندل بن سهيل من قريش، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فما سمعوا بِعِيرٍ خرجت لقريشٍ إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تناشده بالله والرحم أن يرسل إلى أبي بصير وأصحابه: فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم، فأنزل الله تعالى: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) حتى بلغ: (الحمية حمية الجاهلية) [الفتح: 26] ، وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت. هكذا رويت هذه القصة بالإسناد المتصل، ولم تذكر فيها وفاة أبي بصير -رضي الله عنه- ولا أنه بني على قبره مسجد. ثم إن البخاري روى الحديث (2733) عقب هذه الرواية تعليقًا، فقال: وقال عقيل عن الزهري. قال عروة: فأخبرتني عائشة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يمتحنهن، وبلغنا أنه لما أنزل الله -تعالى- أن يردوا إلى المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهم، وحكم على المسلمين أن لا يمسكوا بعصم الكوافر: أن عمر طلق امرأتين. وما نعلم أحدًا من المهاجرات ارتدَّت بعد إيمانها، وبلغنا أن أبا بصير بن أسيد الثقفي قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- مؤمنًا مهاجرًا في المدَّة، فكتب الأخنس بن شريق إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأله أبا بصير، فذكر الحديث. اهـ، وانظر (4182) . وأوضح الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5/351) مراد البخاري بصنيعه هذا فقال: «قوله: "قال عقيل، عن الزهري" تقدم موصولاً بتمامه في أول الشروط. وأراد المصنف بإيراده: بيان ما وقع في رواية معمر من الإدراج. قوله: "وبلغنا" هو مقول الزهري، وصله ابن مردويه في تفسيره من طريق عقيل. وقوله: "وبلغنا أن أبا بصير ... " إلخ، هو من قول الزهري أيضًا، والمراد به: أن قصة أبي بصير في رواية عقيل من مرسل الزهري، وفي رواية معمر موصولة إلى المسور، لكن قد تابع معمرًا على وصلها ابن إسحاق كما تقدَّم، وتابع عقيلاً الأوزاعي على إرسالها، فلعل الزهري كان يرسلها تارة، ويوصلها أخرى، والله أعلم» . وانظر "فتح الباري" (7/455) أيضًا. وخلاصة ما تقدَّم: أنه لم يثبت في شيء من طرق هذا الحديث الصحيحة ذكر وفاة أبي بصير - واسمه: عُتْبَة بن أَسيد بن جارية - رضي الله عنه بسيف البحر، وأنه بُني عند قبره مسجد، وورد في طريق مرسلة ضعيفة أرسلها الزهري - وانفرد بها عن الزهري موسى بن عقبة -: «فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا» ، وهذه اللفظة لو ثبتت لم يكن فيها حُجَّة، فالمنهي عنه هو: «بناء المساجد على القبور» ، وليس «عند القبور» ، فكيف وهي لم تثبت؟!! والله أعلم.

حديث "من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل"

حديث "من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل" المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 1/3/1425هـ السؤال كتب لي أحد الإخوة حديثاً بدأ فيه بقوله: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل"، فهل هذا حديث أو جزء من حديث؟ وما درجة صحته إن كان حديثاً؟ أم هو من كلام الناس الدارج على ألسنتهم؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب لم أجد شيئاً بهذا اللفظ، ولكن الأحاديث الواردة في وجوب أداء حقوق الناس والنهي عن إضاعتها وبيان عظيم العقوبة لمن ضيعها ولم يؤدها كما أمر الله كثيرة جداً، منها ما رواه مسلم في صحيحه في كتاب البر والصلة (ح2582) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء "، ومنها ما رواه البخاري في صحيحه في كتاب المظالم ح (2449) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " من كانت عنده مظلمة لأخيه، من عرضه أو من شيء، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.."، وفي صحيح البخاري أيضاً في كتاب فرض الخمس ح (3118) عن أبي الأسود عن ابن أبي عياش عن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ". وفي صحيح مسلم، في كتاب البر والصلة ح (2581) عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:" أتدرون من المفلس؟ قالوا: " المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع " فقال: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار ". وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة، وكل هذه الأحاديث التي ذكرت صحيحة ثابتة وفيها غنية عن ما لم يصح، وجميعها دلت على التشديد في حقوق الناس وأموالهم، ووجوب التخلص من هذه الحقوق وإعطائها أصحابها قبل أن لا يكون دينار ولا درهم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

معنى: (كان الله ولا مكان)

معنى: (كان الله ولا مكان) المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 05/04/1425هـ السؤال السلام عليكم. كنت قد تكلمت مع بعض المخالفين لعقيدة أهل السنة والجماعة في مسألة الاستواء، فقال لي كلاماً ونسبه لعلي -رضي الله تعالى عنه-، وهو أن الله كان؛ ولا مكان؛ وهو على ما كان عليه كان، فهل نسبة هذا الكلام لعلي - رضي الله عنه- صحيحة، وما معنى هذا الكلام. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه. أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فهذا الكلام لا تصح نسبته إلى علي -رضي الله عنه- ولا غيره من الصحابة -رضوان الله عليهم- وإنما تكلم بهذا بعض المتأخرين من المتكلمين، فقالوا: (كان الله ولا مكان ولا زمان، وهو الآن على ما عليه كان) ، ومرادهم بذلك نفي حقيقة الاستواء على العرش ونفي علو الله بذاته، ونفي نزوله إلى السماء الدنيا على ما يليق بجلاله، وهذا من تقولهم على الله بلا علم ومن السجع المتكلف الذي أرادوا به معارضة النصوص ونفي دلالتها على إثبات بعض صفات الله، والثابت هو قوله صلى الله عليه وسلم من حديث عمران بن حصين مرفوعاً بلفظ "كان الله ولم يكن شيء قبله"، وفي لفظ "ولم يكن شيء معه، وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السماوات والأرض" رواه البخاري (3192) ، فحرف الملاحدة الاتحادية المدّعون للتحقيق والعرفان لفظ الحديث فأوردوه بلفظ: "كان الله ولم يكن شيء معه وهو الآن على ما عليه كان"، وهذه الزيادة كذب مفترى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد اتفق أهل العلم بالحديث على أن هذه الزيادة موضوعة مختلقة، ولمزيد البيان حول هذه المقولة انظر فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (2/272-278) . والله الموفق.

حديث: "أنتم أعلم بأمر دنياكم"

حديث: "أنتم أعلم بأمر دنياكم" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 19/5/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بالنسبة لرواية: (أنتم أعلم بأمر دنياكم) التي عند مسلم -رحمه الله- هناك رجل يزعم: 1- أنها موضوعة بناء على إسنادها. 2- أن معناها باطل؛ لأنها على زعمه: أ - مقيدة بالله فيكون معناها أنتم أعلم بأمر دنياكم من الله. ب - مطلقة فيكون معناها -على زعمه- أنتم أعلم بأمر دنياكم من الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- والملائكة، والجن ... الخ، ويرفض رفضاً شديداً أن يكون المقصود بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- فما رأي فضيلتكم في تفكير ذلك الرجل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قصة تأبير النخل أخرجها الإمام مسلم من حديث غير واحد من الصحابة - رضي الله عنهم-: 1- أخرجها ح (2361) من حديث طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه- قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْمٍ عَلَى رُؤوسِ النَّخْلِ، فَقَالَ: "مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟ " فَقَالُوا: يُلَقِّحُونَهُ يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى فَيَلْقَحُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا " قَالَ: فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-بِذَلِكَ فَقَالَ: "إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ، فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا. فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ؛ وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ اللَّهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-". 2- ومن حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه- ح (2362) قال: قَدِمَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ، يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ، فَقَالَ: "مَا تَصْنَعُونَ؟ " قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قَالَ: لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا"، فَتَرَكُوهُ فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ، قَالَ: فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ " قَالَ عِكْرِمَةُ أَوْ نَحْوَ هَذَا. 3- من حديث أنس- رضي الله عنه- ح (2363) أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ فَقَالَ: "لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ" قَالَ: فَخَرَجَ شِيصًا، فَمَرَّ بِهِمْ، فَقَالَ: "مَا لِنَخْلِكُمْ؟ " قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: " أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ ". - هذه القصة ظاهرة الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم قد خاطب أصحابه- رضي الله عنهم- حينما وجدهم يؤبرون النخل، فظن أن هذا لا يفيد شيئاً، والصحابة -رضي الله عنهم- فهموا أنه صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ذلك فتركوا التأبير، والرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-لم ينههم عن التلقيح، لكن هم غلطوا في ظنهم أنه نهاهم. وظنه عليه الصلاة والسلام في أمور المعايش وخبرات الحياة كغيره، فلا يمتنع وقوع مثل هذا ولا نقص في ذلك، قال القرطبي: "وقوله صلى الله عليه وسلم": ما أظن ذلك يغني شيئاً " يعني به الإبار، إنما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-هذا؛ لأنه لم يكن عنده علم باستمرار هذه العادة، فإنه لم يكن ممن عانى الزراعة، ولا الفلاحة، ولا باشر شيئاً من ذلك، فخفيت عليه تلك الحالة. " المفهم (6/168) . وقال النووي: "قال العلماء: ولم يكن هذا القول خبراً وإنما كان ظناً؛ كما بينه في هذه الروايات، قالوا: ورأيه صلى الله عليه وسلم في أمور المعايش وظنه كغيره فلا يمتنع وقوع مثل هذا، ولا نقص في ذلك، وسببه تعلق هممهم بالآخرة ومعارفها، والله أعلم " شرح النووي لصحيح مسلم (15/116) . - هذه القصة وقعت مرة واحدة، وقد تعددت ألفاظها، مما يشعر بدخول الرواية بالمعنى في بعض سياقاتها، والإمام مسلم قدم حديث طلحة - رضي الله عنه- في الترتيب، ولعل ما جاء في سياقه مقدم على غيره ثم ثنى برواية عكرمة بن عمار عن رافع بن خديج وفيه: "وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ". قال النووي - رحمه الله -: " لفظة الرأي إنما أتى بها عكرمة على المعنى لقوله في آخر الحديث قال عكرمة: أو نحو هذا، فلم يخبر بلفظ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-محققاً "، وينظر إكمال المعلم (7/334) . ثم ذكر الإمام مسلم السياق الثالث، وهو من طريق حماد بن سلمة، وكان حماد يخطئ، وهذا السياق هو الذي فيه: "أنتم أعلم بأمور دنياكم"، وبعض الناس اتخذ من قوله: "أنتم أعلم بأمور دنياكم" ذريعة للتنصل من أحكام الإسلام المتعلقة بالدنيا مثل المعاملات ونحوها، ومن المعلوم أن تشريعات الإسلام وأحكامه جاءت لتحكم حياة الناس في جميع شؤونهم من عبادات ومعاملات وأحكام أسرية، وغير ذلك، قال الله -تعالى-: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً"، وقال تعالى: "إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً"، وقال عز وجل: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

صحة حديث أحب النساء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-

صحة حديث أحب النساء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 28/11/1424هـ السؤال أرجو بيان صحة الحديث التالي: روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر على زوجاته في ليلة، وقدم لهن خواتم، وقال: "أحبك أكثر، وفي اليوم التالي اجتمع بهن كلهن، وقال: أتدرين من أحب أكثر؟ فسألت أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن-: من؟ فقال: التي أحبها أكثر هي من أعطيتها خاتماً. الجواب هذا الأثر، ليس موجوداً في كتب السنة المشهورة - كما تبين لي بعد بحث وتقصٍ- والثابت في هذا الباب، ما رواه البخاري في الفضائل (3662) ، وفي المغازي (4358) عن خالد الحذاء عن أبي عثمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعث عمرو بن العاص - رضي الله عنه- على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة" قلت: من الرجال؟ قال: "أبوها". وهذا الحديث صحيح صريح الدلالة على أن أحب نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه عائشة - رضي الله عنها-، يؤيده أحاديث أخرى كثيرة، منها ما رواه البخاري في صحيحه في الفضائل (3774) عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول: "أين أنا غداً؟ أين أنا غداً؟ " حرصاً على بيت عائشة - رضي الله عنها- قالت عائشة - رضي الله عنها-: فلما كان يومي سكن. وفي البخاري أيضاً في الفضائل (3775) ، عن هشام عن أبيه قال: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة - رضي الله عنها-، قالت عائشة - رضي الله عنها-: "فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة - رضي الله عنها- فقلن: يا أم سلمة: والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة - رضي الله عنها- وإنا نريد الخير كما تريده عائشة - رضي الله عنها- فمري رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان، أو حيثما دَارَ، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة - رضي الله عنها- للنبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: فأعرض عنِّي، فلما عاد إليَّ ذكرت له ذلك، فأعرض عنِّي، فلما كان في الثالثة ذكرت له، فقال: "يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها". والله سبحانه أعلم. اهـ.

ضعف أحاديث التباكي

ضعف أحاديث التباكي المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 6/3/1425هـ السؤال ذكر أحد الفضلاء في كتابٍ له عن البكاء والتباكي أن أحاديث الحث على التباكي كلها ضعيفة وأن االتباكي من النفاق، فما وجهة نظركم في هذا الكلام؟ الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد نعت الله -عز وجل- عباده المؤمنين المتدبرين لكلامه المتفكرين في معانيه بوجل القلب ورقته وخشوعه وجريان الدمع عند سماعه وتلاوته فقال -تعالى-: " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" [الزمر:23] ، وقال -تعالى-: "إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً" [الإسراء:107-109] ، قال عبد الأعلى التيمي: (من أوتي من العلم ما لا يبكيه فليس بخليق أن يكون أوتي علماً ينفعه؛ لأن الله -تعالى- نعت العلماء فقال: "إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ.... "وتلا الآيتين. وقال -تعالى-: "وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ... " [المائدة:83] ، وفي الصحيحين البخاري (4582) ، ومسلم (800) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي، فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: "فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا" [النساء:41] رَفَعْتُ رَأْسِي أَوْ غَمَزَنِي رَجُلٌ إِلَى جَنْبِي فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ "، قال ابن بطال: " وإنما بكى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند هذا لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به، وسؤاله الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف، وأهواله، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن "، واقتدى الصحابة -رضي الله عنهم- ومن بعدهم من سلف هذه الأمة رضي الله عنهم بالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ذلك فكانوا عند قراءة القرآن أو سماعه يغلبهم الوجل أو البكاء بأدب وخشية. - ففي صحيح مسلم (418) من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال في مرضه الذي تُوفي فيه: " مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ " قَالَتْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعْ النَّاسَ....، وفي رواية قالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ ". - وفي صحيح البخاري (3905) من حديث عائشة -رضي الله عنها- حين ذكرت خروج أبي بكر - رضي الله عنه- إلى أرض الحبشة، ثم رجوعه، ودخوله في جوار ابن الدَّغنة، قالت: ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَنقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ، وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ.... - ولما قدم أهل اليمن في زمان أبي بكر -رضي الله عنه- فسمعوا القرآن جعلوا يبكون فقال أبو بكر - رضي الله عنه-: " هكذا كنا ثم قست القلوب " - وعن عبد الله بن شداد أنه قال: " سمعت نشيج عمر - رضي الله عنه-، وأنا في آخر الصف، وهو يقرأ سورة يوسف: "إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ" [يوسف:86] - وعن سالم بن عبد الله أن ابن عمر -رضي الله عنهما- قرأ: "وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ" [البقرة:284] الآية فدمعت عيناه. - وعن عبد الله بن رباح عن صفوان بن محرز أنه كان إذا قرأ هذه الآية بكى حتى أرى قصص زوره سيندق " وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" [الشعراء:227] . - وعن إبراهيم التيمي قال: " لقد أدركت ستين من أصحاب عبد الله في مسجدنا هذا أصغرهم الحارث بن سويد، وسمعته يقرأ: "إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا...... " حتى بلغ "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ" [الزلزلة:7] قال: فبكى ثم قال: إن هذا الإحصاء شديد.." - وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-: " ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخلطون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكياً محزوناً حليماً حكيماً...." - وعن أبي رجاء قال: " كان هذا المكان من ابن عباس - رضي اله عنهما - مجرى الدموع مثل الشراك البالي من الدموع ". (أخرج هذه الآثار ابن أبي شيبة في مصنفه (7/224) . ومن خلال ما سبق يتضح ما كان عليه السلف من تدبر للقرآن وحسن فهمه واستحضارهم لمعانيه وخشوعهم عند سماعه وتلاوته فيغلبهم الوجل أوالبكاء من غير تكلف ولا تصنع بخلاف أهل البدع الذين يتصارخون عند سماع القرآن، ويتكلفون ما ليس فيهم ويتصنعون الصعق والغشيان عليهم. وقد بدأ ظهور هذا في زمن الصحابة، قال قتادة في قوله تعالى: " تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ.." [الزمر:23] قال: " هذا نعت أولياء الله -تعالى-، نعتهم الله فقال: تقشعر جلودهم، وتبكي أعينهم، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله تعالى، ولم ينعتهم الله تعالى بذهاب عقولهم، والغشيان عليهم، إنما هذا في أهل البدع، وإنما هو من الشيطان) . وعن عبد الله بن عروة بن الزبير - رضي الله عنه-، قال: " قلت لجدتي أسماء - رضي الله عنها - كيف كان يصنع أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قرأوا القرآن؟ قالت: كانوا كما نعتهم الله -عز وجل-: تدمع أعينهم، وتقشعر جلودهم، قلت: فإن ناساً ههنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم غَشْية؟ ، فقالت: أعوذ بالله من الشيطان ". وأما الأحاديث الواردة في الأمر بالتباكي فهي ضعيفة من جهة أسانيدها، ومنها: ما أخرجه ابن ماجه (1327) من حديث سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا وَتَغَنَّوْا بِهِ فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا " ففي إسناده إسماعيل بن رافع وهو متروك. وما أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص:22) من حديث عبد الملك بن عمير أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: " إني قارئ عليكم سورة فمن بكى فله الجنة، فقرأها فلم يبك أحد، ثم أعاد الثانية، ثم الثالثة، فقال: ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا "، وهذا الحديث مرسل وفيه عبد الرحمن بن إسحاق وهو ضعيف.. وأخرج البيهقي حديثاً في الشعب (5/19) في الأمر بالتباكي من حديث جرير بن عبد الله البجلي وقال: هذا إسناد ضعيف بمرة وهذه الأحاديث على فرض ثبوتها محمولة على أن التباكي مندوب إليه، ومعناه أن يتدبر القارئ آيات القرآن ويستحضر معانيها مع الحرص على الخشوع، وليس المقصود ما يفعله بعض القراء من تصنع البكاء وتكلفه، فالبكاء الصادق ما يجلبه التدبر لآيات القرآن وهذا الذي كان عليه السلف رضي الله عنهم. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. ضعف أحاديث التباكي المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 6/3/1425هـ السؤال ذكر أحد الفضلاء في كتابٍ له عن البكاء والتباكي أن أحاديث الحث على التباكي كلها ضعيفة وأن االتباكي من النفاق، فما وجهة نظركم في هذا الكلام؟ الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد نعت الله -عز وجل- عباده المؤمنين المتدبرين لكلامه المتفكرين في معانيه بوجل القلب ورقته وخشوعه وجريان الدمع عند سماعه وتلاوته فقال -تعالى-: " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" [الزمر:23] ، وقال -تعالى-: "إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً" [الإسراء:107-109] ، قال عبد الأعلى التيمي: (من أوتي من العلم ما لا يبكيه فليس بخليق أن يكون أوتي علماً ينفعه؛ لأن الله -تعالى- نعت العلماء فقال: "إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ.... "وتلا الآيتين. وقال -تعالى-: "وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ... " [المائدة:83] ، وفي الصحيحين البخاري (4582) ، ومسلم (800) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي، فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: "فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا" [النساء:41] رَفَعْتُ رَأْسِي أَوْ غَمَزَنِي رَجُلٌ إِلَى جَنْبِي فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ "، قال ابن بطال: " وإنما بكى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند هذا لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به، وسؤاله الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف، وأهواله، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن "، واقتدى الصحابة -رضي الله عنهم- ومن بعدهم من سلف هذه الأمة رضي الله عنهم بالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ذلك فكانوا عند قراءة القرآن أو سماعه يغلبهم الوجل أو البكاء بأ

أول الشاربين من حوضه صلى الله عليه وسلم

أول الشاربين من حوضه صلى الله عليه وسلم المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 27/3/1425هـ السؤال لقد سمعت كلاما من بعض الناس، وأود أن أعرف ما مدى صحته، قالوا: إن أول من يشرب من حوض النبي -صلى الله عليه وسلم-، هم أهل اليمن؟ ما مدى صحة هذا الكلام? إذا كان صحيحا لماذا أهل اليمن بالضبط؟ الجواب الحمد لله، وبعد: فقد روى الإمام مسلم - رحمه الله تعالى - في صحيحه (2301) ، كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا -صلى الله عليه وسلم- وصفاته، عن ثوبان -رضي الله عنه- أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني لَبِعُقْر حوضي أذود الناسَ لأهل اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفضَّ عليهم". قال الإمام النووي -رحمه الله - في شرحه لهذا الحديث: (ومعناه: أطرد الناس عنه من غير أهل اليمن ليرفضَّ على أهل اليمن. وهذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه، مجازاةً لهم بحسن صنيعهم وتقدّمهم في الإسلام، والأنصار من أهل اليمن، فيدفع غيرهم حتى يشربوا، كما دَفَعوا في الدنيا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعداءَه، والمكروهات. ومعنى (يرفضّ عليهم) : أي يسيل عليهم، وبهذا يظهر صحة الكلام المذكور لأن الحديث صحيح، وفي كلام النووي رحمه الله بيان لكون أهل اليمن أول من يشرب من الحوض وسبب ذلك. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.

اشتراط الخلافة في ولد فهر بن مالك

اشتراط الخلافة في ولد فهر بن مالك المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 26/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أما بعد: لقد قرأت كتاب جمهرة أنساب العرب لابن حزم، واستشهد فيه بحديث لرسول الله -صلى الله عليه وسلم - أنه لا تجوز الخلافة إلا في ولد فهر بن مالك أي قريش، فهل هذا الحديث صحيح؟ وإن كان صحيحا فما هي آثاره في العصر الحديث لتفريق الصادق من الدعي، لاسيما وأن علم الأنساب قد أهمل، أرجو منكم الإفادة أفادكم الله فأنا باحث في العلوم السياسية أحاول الموازنة بين الجديد من الأفكار بالرجوع إلى الأصل أي القرآن والسنة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لم أجد في كتب الحديث المشهورة حديثا فيه النص على أن الخلافة لا تجوز إلا في ولد فهر بن مالك، والثابت في هذا الباب، ما رواه البخاري (3501) ومسلم (1820) عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي اثنان" وعند مسلم (1820) : "ما بقي من الناس اثنان"، وروى البخاري (3496) ومسلم (1818) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم ". وروى البخاري (7223) ومسلم (1821) عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول اله - صلى الله عليه وسلم يقول: "يكون اثنا عشر أميراً كلهم من قريش". وروى البخاري في صحيحه (3500) عن معاوية - رضي الله عنه - قال: "إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحدٌ إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين" وفي رواية "الصلاة ". وهذه الأحاديث كلها صحيحة ثابتة عند أهل العلم، قال القاضي عياض: المراد بالأئمة في هذه الأحاديث الخلفاء. وقال ابن حجر - رحمه الله - في الفتح 126/13 في المراد بقوله:" لا يزال هذا الأمر -أي الخلافة-، وقال - رحمه الله - عن رواية مسلم (1820) لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان ": ليس المراد حقيقة العدد، وإنما المراد به انتفاء أن يكون الأمر في غير قريش ويحتمل أن يحمل المطلق على المقيد في الحديث الأول ويكون التقدير: لا يزال هذا الأمر أي لا يسمى بالخليفة إلا من كان من قريش، ويحتمل أن يكون بقاء الأمر في قريش في بعض الأقطار دون بعض ". وقال الكرماني في شرحه على البخاري:" لم يخل زمان عن وجود خليفة من قريش إذ في المغرب خليفة منهم على ما قيل....". وقد ذكر ابن حجر - رحمه الله - عن بعض الشراح قولاً ثالثاً وهو: أنه ليس المراد أن الفضل لا يكون إلا للقرشي، إنما المراد أنه كونه قرشياً من أسباب الفضل، وأما طريق إثبات النسب لقريش فقد ذكر الفقهاء وعلماء النسب أنه يكون بأحد ثلاثة أمور: 1 - الاستفاضة والشهرة بذلك لا سيما إذا كان ذلك مستفيضاً عند علماء الأنساب. 2 - أن ينص عليه إمام معتبر من أئمة النسب. 3 - أن يشهد بذلك اثنان من الاثبات الثقات. والطريقان الأولان هما المعتمدان عند أهل العلم. والله اعلم.

توبة صاحب البدعة

توبة صاحب البدعة المجيب محمد بن ناصر السلمي القاضي في وزارة العدل التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 8/2/1425هـ السؤال أرجو بيان صحة هذا الحديث: "إن الله لا يقبل توبة صاحب بدعة حتى يتوب" (رواه الطبراني وغيره) ، كما أرجو بيان صحة القول التالي للإمام الشافعي: "من كان يظن أنه يستطيع أن يبتدع في الدين بأفضل مما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مشرع، وكأنه ينافس الله عز وجل، فلو كان ذلك جائزاً في الإسلام لتقدم المفكرون وليس علماء الشرع بدين جديد ولضل الناس". الجواب بسم الله الرحمن الرحيم حديث: "إن الله لا يقبل توبة صاحب بدعة حتى يتوب"، أقول: أخرج نحوه أبو الشيخ في تاريخ أصبهان (259) ، والطبراني في الأوسط (4202) ، والهروي في ذم الكلام (960) ، والبيهقي في شعب الإيمان (12/513) ، والمقدسي في المنار (2054) ، كلهم عن طريق هارون بن موسى الفروي عن أبي ضمرة أنس بن عياض عن حميد الطويل عن أنس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن حجز وفي لفظ حجب التوبة عن كل صاحب بدعة"، وهذا الحديث تفرد به هارون بن موسى الفروي، وإن كان ثقة كما وصفه بذلك الدارقطني وغيره، إلا أنه لا يقبل منه ما يتفرد به لا سيما مثل هذا، وقد عد الذهبي - رحمه الله- في الميزان (4/287) هذا الحديث من منكراته وقال: هذا منكر. والسبب في ذلك - والعلم عند الله- أن هارون بن موسى تفرد بهذا الخبر، والتفرد من علامات المنكر لا سيما إذا كان المتفرد بالحديث من أهل الطبقات النازلة، وهو من دون عصر التابعين بعد أن استقرت الرواية وعرفت مخارجها، قال الإمام الذهبي في الموقظة (77-78) ، بعد أن ذكر أسامي جملة من الحفاظ، قال: فهؤلاء الحفاظ الثقات، إذا انفرد الرجل منهم من التابعين فحديثه صحيح، وإن كان من الأتباع قيل: صحيح غريب، وإن كان من أصحاب الأتباع قيل: غريب فرد، ويندر تفردهم، فتجد الإمام منهم عنده مئتا ألف حديث، لا يكاد ينفرد بحديثين أو ثلاثة، ومن كان بعدهم، فأين ما ينفرد به؟ ما علمته يوجد، ثم قال: وقد يسمي جماعة من الحفاظ الحديث الذي ينفرد به مثل هشيم وحفص بن غياث منكراً، ثم قال: فإن كان المنفرد من طبقة مشيخة الأئمة، أطلقوا النكارة على ما انفرد به، مثل عثمان ابن أبي شيبة وأبي سلمة التبوذكي، وقالوا: هذا منكر، قلت: وهارون بن موسى الفروي من هذه الطبقة، وقد تفرد بهذا الخبر وليس هو ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه. قال ابن رجب في شرح العلل (2/582) ، وأما أكثر الحفاظ المتقدمين، فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه إنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً.."، وقد ذكر المعلمي - رحمه الله- هارون بن موسى هذا في حديث ذكره الشوكاني في الفوائد ثم قال: تفرد به هارون بن موسى وهارون شيخ لا يقبل منه ما يتفرد به لا سيما مثل هذا ص (503) ، قلت: وتابع هارون محمد بن عبد الرحمن القشيري، أخرجه ابن أبي عاصم في السنة رقم (37) ،وابن عدي في الكامل (7/505) ، من طريق بقية بن الوليد عن محمد بن عبد الرحمن القشيري به، ومحمد بن عبد الرحمن القشيري: قد قال فيه أبو الفتح الأزدي، كذاب متروك الحديث، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن عدي: منكر الحديث، وقال الذهبي: فيه جهالة وهو متهم ليس بثقة. ذكر ابن عدي حديثه هذا قال: وهذه الأحاديث لمحمد بن عبد الرحمن القشيري بأسانيد كلها مناكير بهذا الإسناد/ وفيها ما متنه منكر ومحمد هذا مجهول وهو من مجهولي شيوخ بقية، وانظر كلام ابن الجوزي حول هذا الحديث في العلل المتناهية (1/145) ، وأخرج نحوه ابن وضاح في البدع والنهي عنها رقم (156) من طريق بقية عن محمد بن عبد الرحمن القشيري عن هشام عن الحسن مرسلاً، وفي إسناده القشيري وقد تقدم أنه متروك الحديث.

حديث: "ثلاث جدهن جد.."

حديث: "ثلاث جدهن جد.." المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 06/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. مشايخنا الكرام والإخوة في موقع (الإسلام اليوم) -جزاكم الله خيراً-. ما صحة الحديث الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- القائل: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد". وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: حديث: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد؛ النكاح والطلاق والعتق". رواه أبو داود (2194) ، والترمذي (1184) ، وابن ماجة (2039) ، وسعيد بن منصور (1603) ، وابن الجارود في (المنتقى (712) ، والطحاوي (4/98) ، والدارقطني (3/256و257) ، و (4/18-19) ، والحاكم (2/198) ، والبيهقي (7/340-341) ، والبغوي (9/219) كلهم من طريق عبد الرحمن بن حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن يوسف بن ماهك عن أبي هريرة - رضي الله عنه- به. قال الترمذي (4/171) هذا حديث حسن غريب ... اهـ، وأقره المنذري في مختصر السنن (3/119) . وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وعبد الرحمن بن حبيب من ثقات المدنيين ولم يخرجاه. اهـ. وتعقبه الذهبي فقال: فيه لين 0اهـ. وعبد الرحمن بن حبيب بن أردك المدني، قال النسائي: منكر الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات، وجهله القطان في كتابه " بيان الوهم والإيهام" (3/509-510) . وتعقبه الذهبي فقال في النقد (ص 98) : قال النسائي: منكر الحديث. اهـ. وكذا قال في التنقيح (2/207) . ولما نقل الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير" (3/336) تصحيح الحاكم قال: وهو من رواية عبد الرحمن بن حبيب بن أردك، وهو مختلف فيه. قال النسائي: منكر الحديث. ووثقه غيره فهو على هذا حسن. اهـ. ولما نقل الألباني رحمه الله في "الإرواء" (6/225) قول الحافظ ابن حجر: "ووثقه غيره". قال: ليس بحسن؛ لأن الغير المشار إليه إنما هو ابن حبان لا غير، وتوثيق ابن حبان مما لا يوثق به إذا تفرد به، كما بينه الحافظ في مقدمة اللسان، وهذا إذا لم يخالف، فكيف وقد خالف هنا النسائي في قوله فيه: منكر الحديث، ولذلك رأينا الحافظ لم يعتمد على توثيقه في كتابه الخاص بالرجال (التقريب) ، فالسند ضعيف وليس بحسن عندي والله أعلم. اهـ. ورواه ابن عدي في الكامل (6/5) قال: حدثنا زيد: ثنا مسعود: ثنا عمر بن أيوب: ثنا غالب عن الحسن عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاث ليس فيهن لعب من تكلم بشيء منهم لاعباً فقد وجب عليه الطلاق والعتاق والنكاح". وهذا الحديث إسناده ضعيف؛ لأن فيه غالب بن عبيد الله العقيلي الجزري وهو ضعيف، بل قال أبو حاتم والنسائي: متروك. اهـ. ولهذا قال الحافظ ابن حجر في "الدراية" (2/91) : وفي إسناده غالب بن عبد الله وهو متروك. اهـ. والخلاصة أن الحديث الوارد في السؤال ضعيف. والله أعلم.

تفسير ابن عباس لقوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد)

تفسير ابن عباس لقوله تعالى: (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 22/11/1425هـ السؤال ما صحة نسبة هذه الآثار إلى ابن عباس، رضي الله عنهما: 1- في قول الله تعالى: (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) [الذاريات:47] . قال: أي بقوة عظيمة. (رواه الطبري وذكره سفيان الثوري وقتادة) . 2- في قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [النور:35] . أولها ابن عباس بالهادي الذي يخلق الهداية. (رواه الطبري) . 3- في قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ) [القلم:42] . أولها ابن عباس، رضي الله عنهما، باشتداد الأمور في يوم القيامة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: هذه الآثار الثلاثة مما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، رضي الله عنهما، ومن المعلوم أن علي بن أبي طلحة له نسخة مشتملة على تفسير ابن عباس، رضي الله عنهما، وقد أثنى عليها العلماء؛ لأنها من أجود الطرق وأصحها عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال الإمام أحمد: بمصر صحيفة في التفسير، رواها علي بن أبي طلحة، لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدًا، ما كان كثيرًا. وقال الحافظ ابن حجر: وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث، رواها عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وهي عند البخاري عن أبي صالح، وقد اعتمد عليها في صحيحه كثيرًا فيما يعلقه عن ابن عباس. وقال الحافظ السيوطي: وقد ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يحصى كثرة، وفيه روايات وطرق مختلفة، فمن جيدها طريق علي بن أبي طلحة عنه. وتنظر هذه الآثار في صحيفة علي بن أبي طلحة التي جمعها بعض الباحثين (ص: 375، 466، 496) ، وليس ما جاء عن ابن عباس من باب التأويل، بل فهم منها ابن عباس، رضي الله عنهما، أنها ليست نصًّا في الصفات، إذ لا يعرف عن الصحابة، رضي الله عنهم، تأويل شيء من نصوص الصفات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات فليس عن الصحابة، رضي الله عنهم، اختلاف في تأويلها، وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، رضي الله عنهم، وما رووه من الحديث، ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة، رضي الله عنهم، أنه تأوَّل شيئًا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف.... وتمام هذا أنى لم أجدهم تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ) . فروى عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وطائفة أن المراد به الشدة، أن الله يكشف عن الشدة في الآخرة، وعن أبى سعيد وطائفة أنهم عدوها في الصفات؛ للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين، ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ) . نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف. ينظر: مجموع الفتاوى (6/394) . وقال أيضًا: ثم قول من قال من السلف: هادي أهل السموات والأرض. لا يمنع أن يكون في نفسه نورًا، فإن من عادة السلف في تفسيرهم أن يذكروا بعض صفات المُفسَّر من الأسماء أو بعض أنواعه، ولا ينافى ذلك ثبوت بقية الصفات للمسمَّى بل قد يكونان متلازمين ولا دخول لبقية الأنواع فيه..... فقول من قال: (نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) : هادى أهل السماوات والأرض. كلام صحيح، فإن من معاني كونه نور السماوات والأرض أن يكون هاديًا لهم، أما أنهم نفوا ما سوى ذلك فهذا غير معلوم، وأما أنهم أرادوا ذلك فقد ثبت عن ابن مسعود أنه قال: إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور السماوات من نور وجهه. وقد تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر نور وجهه، وفى رواية (النور) ما فيه كفاية. ينظر: مجموع الفتاوى (6/390) . والحاصل أن بعض الآيات والأحاديث يفهم من سياقها والقرائن المحتفة بها أنها ليست نصًّا في الصفات، فتفسر بما يفهم من المقصود بها مثل قوله تعالى: (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة:115] . ومثل قوله تعالى: (أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ) [الزمر:56] . وقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ) [يس:71] . قال الحافظ ابن رجب- معلقًا على قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا) : وليس المراد هنا الصفة الذاتية- بغير إشكال- وإلا استوى خلق الأنعام وخلق آدم عليه السلام. فتح الباري لابن رجب (1/7) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والصواب في كثير من آيات الصفات وأحاديثها: القطع بالطريقة الثابتة كالآيات والأحاديث الدالة على أن الله سبحانه وتعالى- فوق عرشه، ويعلم طريقة الصواب في هذا وأمثاله، بدلالة الكتاب والسنة والإجماع على ذلك؛ دلالة لا تحتمل النقيض، وفى بعضها قد يغلب على الظن ذلك مع احتمال النقيض، وتردد المؤمن في ذلك هو بحسب ما يؤتاه من العلم والإيمان، (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) [النور:40] . ينظر: مجموع الفتاوى (5/117) . هذا والله أعلم.

الأحاديث الضعيفة في كتاب (قصص الأنبياء)

الأحاديث الضعيفة في كتاب (قصص الأنبياء) المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 29/3/1425هـ السؤال هل يوجد أحاديث ضعيفة في كتاب ابن كثير (قصص الأنبياء؟) . الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا الكتاب كغيره من كتب التاريخ التي لم يشترط مؤلفوها أن لا يذكروا إلا صحيحاً، وكتب التاريخ عامة يكون فيها الصحيح ويكون فيها الضعيف بل والموضوع، ومن المؤلفات التي يكثر فيها الموضوعات والأخبار الإسرائيلية - قصص الأنبياء للثعلبي، وتنبيه الغافلين للسمرقندي، وقرة العيون له أيضا، وبدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس -، وكتاب إحياء علوم الدين للغزالي -، ومن التفاسير المشهورة: تفسير الزمخشري، وتفسير النسفي -، وتفسير البيضاوي، وغيرها كثير، وعلى القارئ أن يحذر أخذ الحديث من غير أهله، وأن يسأل أهل الحديث عما يشكل عليه منها، وليعلم أن جملة المؤلفين في التاريخ والتفسير والرقائق - حتى الفقه والحديث أحيانا - لم يشترطوا أن لا يذكروا إلا حديثا صحيحاً إلا ما ندر منهم كصاحبي الصحيح البخاري ومسلم وابن خزيمة وابن حبان وقلائل من المصنفين، وقد أجاز بعض أهل العلم ذكر الحديث الضعيف من غير بيان ضعفه لكن شرطوا لذلك شروطاً: الأول: أن يكون الحديث في القصص أو المواعظ أو فضائل الأعمال أو نحو ذلك مما لا يتعلق بالعقائد ولا بالحلال والحرام. ثانياً: أن يكون مندرجاً تحت أصل عام في الشريعة. ثالثاً: أن لا يكون موضوعاً ولا ضعيفاً ضعفاً شديداً. قال عبد الرحمن بن مهدي - فيما أخرجه البيهقي في المدخل: " إذا روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحلال والحرام والأحكام الشرعية شددنا في الأسانيد، وانتقدنا الرجال، وإذا روينا في الفضائل والثواب والعقاب سهلنا في الأسانيد وتسامحنا في الرجال". وقال أحمد - في رواية الميموني عنه: (الأحاديث الرقائق يحتمل أن يتساهل فيها حتى يجيء شيء فيه حكم) . وقال في رواية الدوري عنه: (ابن إسحاق رجل تكتب عنه هذه الأحاديث، يعني المغازي ونحوها، وإذا جاء الحلال والحرام أردنا قوماً هكذا - وقبض أصابع يديه الأربع) . ومسألة رواية الحديث الضعيف في غير باب الأحكام، مسألة نزاع وخلاف بين أهل العلم قديماً وحديثاً. يرجع فيها إلى ما كتبه أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله في الفتاوى 18/65-68. ولشيخنا الدكتور/ عبد الكريم الخضير -حفظه الله- مؤلف نفيس في هذا الموضوع فليرجع إليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

درجة حديث: "سبعة يلعنهم الله تعالى ... "

درجة حديث: "سبعة يلعنهم الله تعالى ... " المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 18/08/1425هـ السؤال ما صحة حديث: "سَبْعَةٌ يَلْعَنُهُم اللهُ تعالى ولا يَنظُرُ إليهم يومَ القِيامَةِ، ويقولُ: ادخُلوا النَّارَ مع الدَّاخِلِين: الفَاعِلُ والمفعولُ به -يعني اللواط- وناكِحُ البهيمةِ، وناكحُ الأمِّ وبنتِها، وناكحُ يدِهِ، إلاَّ أنْ يتُوبُوا". ثم إن كان صحيحًا، لماذا لم يستدل به العلماء على حرمة فعل العادة السرية؟ وما درجة انتساب هذا القول لابن عباس، رضي الله عنهما: "أن اللوطيَّ إذا مات من غير توبة فإنه يُمسَخُ في قبرِه خِنزيرًا". وهل نحن، أهل السنة والجماعة، نؤمن بالمسخ؟! الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الحديث ضعيف، ضعفه ابن حجر العسقلاني وغيره، وأما ما ذكرت من الأثر عن ابن عباس، رضي الله عنهما- فقد أخرجه مرفوعًا أبو الفتح الأزدي في كتاب الضعفاء، كما في لسان الميزان 1/446، وكشف الخفاء 2/532، وهو لا يثبت؛ ومعناه لا يصح، فما وجه الزجر في المسخ بعد الدفن، وليس له نظائر في الشرع، وأما سؤالك عن الإيمان بالمسخ، فالمسخ أوقعه الله في أمة من اليهود، كما في قوله سبحانه: (فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) ] البقرة: من الآية65 [. وسيقع في قوم من هذه الأمة يستحلون الحِرَ، والحرير، والخمر، والمعازف، يمسخون قردة وخنازير، رواه البخاري (5590) من حديث أبي مالك الأشعري. والله أعلم.

هل ورد شيء في تفضيل الشباب على الشيوخ؟

هل ورد شيء في تفضيل الشباب على الشيوخ؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 18/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "بعثني الله عز وجل وصدقني الشباب وكذبني الشيوخ". أو نحو هذا المعنى, وهل ثبت في فضل الشباب شيء؟ أرجو منكم التكرم بالإجابة عن هذا السؤال، ونتمنى أن يكون المجيب هو الشيخ القناص أو الشيخ حاتم العوني لتخصصهما في هذا الفن. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا الحديث لم أقف عليه بعد البحث الواسع في كتب السنة وغيرها من المصادر، ولكن من المعلوم أن الشباب أسرع استجابة وأقبل للحق من الشيوخ، فكثير من السابقين الأولين ممن استجاب لدعوة الإسلام كانوا من الشباب، قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله- عند قوله تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) [الكهف:13] . قال: فذكر تعالى أنهم فتية، وهم الشباب، وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم- شبابًا، وأما المشايخ من قريش فعامتهم بقوا على دينهم، ولم يسلم منهم إلا القليل، وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابًا. [تفسير ابن كثير (3/75) ] . وقال أبو حمزة الشاري الخارجي في خطبته المشهورة: يا أهل الحجاز، قد بلغني أنكم تعيرونني بأصحابي وتزعمون أنهم شباب، ويحكم! وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شبابًا؟ ... أخرجه الفاكهي (1909) . وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ مِنْ النَّفَلِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَتَقَدَّمَ الْفِتْيَانُ وَلَزِمَ الْمَشْيَخَةُ الرَّايَاتِ فَلَمْ يَبْرَحُوهَا، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَالَ الْمَشْيَخَةُ: كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ، لَوْ انْهَزَمْتُمْ لَفِئْتُمْ إِلَيْنَا فَلَا تَذْهَبُوا بِالْمَغْنَمِ وَنَبْقَى. فَأَبَى الْفِتْيَانُ، وَقَالُوا: جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأَنْفَالِ قُلْ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) إِلَى قَوْلِهِ: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ) [الأنفال:1-5] . أخرجه أبو داود (2737) والنسائي في السنن الكبرى (11197) . وكان العلماء في تعليمهم وتدريسهم يعتنون بالشباب، ويحرصون عليهم؛ لكونهم أقدر من غيرهم على حمل العلم وتبليغه، حيث يتوفر فيهم القوة والنشاط، وحدة الذهن، وصفاء النفس، وصدق الرغبة، وقوة الحافظة، فعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أنه كان إذا رأى الشباب قال: مرحبًا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نوسع لكم في المجلس، وأن نُفهمكم الحديثَ، فإنكم خلوفنا، وأهل الحديث بعدنا. وكان يقبل على الشاب يقول له: يا ابن أخي، إذا شككت في شيء فسلني حتى تستيقن، فإنك إن تنصرف على اليقين أحب إلي من أن تنصرف على الشك. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (1741) . وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: ما بعث الله نبيًّا إلا وهو شاب، ولا أوتي عالم علمًا إلا وهو شاب. أخرجه الطبراني في الأوسط (6421) . وكان الحسن يقول: قَدِّموا إلينا أحداثكم، فإنهم أفرغ قلوبًا، وأحفظ لما سمعوا، فمن أراد الله أن يتمه له أتمه. وقال مالك بن دينار: إنما الخير في الشباب. وعن سعيد بن رحمة الأصبحي قال: كنت أسبق إلى مجلس عبد الله بن المبارك بليل، معي أقراني، لا يسبقني أحد، ويجيء هو مع الأشياخ، فقيل له: قد غلبنا عليك هؤلاء الصبيان. فقال: هؤلاء أرجى عندي منكم، أنتم كم تعيشون؟ وهؤلاء عسى الله أن يَبْلُغ بهم. قال سعيد: فما بقي أحد غيري. وعن يحيى بن حميد الطويل قال: أتينا يومًا حماد بن سلمة وبين يديه صبيان يحدثهم، فجلسنا إليه حتى فرغ فقلنا له: يا أبا سلمة، نحن مشايخ أهلك، قد جئناك، تركتنا وأقبلت على هؤلاء الصبيان! قال: رأيت فيما يرى النائم كأني على شط نهر، ومعي دُلَيَّة أسقي فَسِيلاً فَتأوَّلْتُهُ هؤلاء الصبيان. ولما كلف أبو بكر، رضي الله عنه، زيد بن ثابت، رضي الله عنه، بجمع القرآن، قال له: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلَا نَتَّهِمُكَ، كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فَتَتَبَّعْ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ ... أخرجه البخاري (4679) . قال الحافظ ابن حجر: ذكر له أربع صفات مقتضية خصوصيته بذلك: كونه شابًّا فيكون أنشط لما يطلب منه، وكونه عاقلاً فيكون أوعى له، وكونه لا يتهم فتركن النفس إليه، وكونه كان يكتب الوحي فيكون أكثر ممارسة له، وهذه الصفات التي اجتمعت له قد توجد في غيره لكن مفرقة. [فتح الباري (9/13) ] . والشاب إذا وفق للاستقامة والثبات على الدين، وسلوك مسلك الاعتدال والوسط، والبعد عن الغلو والإفراط؛ فهو على خير عظيم، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظله إلا ظله شابًّا نَشَأ في طَاعَةِ اللهِ. أخرجه البخاري (660) ، ومسلم (1031) . وفي الحديث الآخر: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَعْجَبُ مِنْ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ". أخرجه أحمد (17371) . والشباب بما أعطاهم الله من القوة والنشاط والحماس بحاجة إلى الاستفادة من حكمة الشيوخ، وتجاربهم في الحياة، وحسن نظرهم في العواقب ومآلات الأمور، ولهذا لما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم- المؤلفة قلوبهم يوم حنين من أموال هوازن، وسمع أن ناسًا من الأنصار قالوا: يغفر الله لرسول الله، يعطي قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فلما جمعهم قال: " مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ ". فَقَالَ لَهُ فُقَهَاءُ الْأَنْصَارِ: أَمَّا ذَوُو رَأْيِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ، قَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ، أَفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ". فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ رَضِينَا. قَالَ: "فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَثَرَةً شَدِيدَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنِّي عَلَى الْحَوْضِ". قَالُوا: سَنَصْبِرُ. أخرجه البخاري (3147) ، ومسلم (1059) . ولما ذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخوارج وصفهم بحداثة الأسنان، وسفاهة الأحلام، ففي حديث علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". أخرجه البخاري (3611) ، ومسلم (1066) . ويؤخذ من هذا أن حداثة السن مظنة للوقوع في الخطأ والزلل والغلو في الدين إذا لم تقترن بالعقل والعلم والفقه في الدين، والبعد عن التسرع، والأخذ عن العلماء الربانيين الراسخين في العلم، والتأسي بهم، والوقوف عند كلامهم. والله أعلم.

شبهة في تجويز البدعة

شبهة في تجويز البدعة المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 26/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ... وبعد: قرأت في فتح الباري تعليقًا لابن حجر- رحمه الله- على حديث: (حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع الزرقي، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلما رفع رأسه من الركعة قال: "سمع الله لمن حمده". قال رجل وراءه: (ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه) . فلما انصرف قال: "من المتكلم؟ ". قال: أنا. قال: "رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أول". قول استدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور) . وسؤالي هو: ألا يخالف قول ابن حجر هذا- أومن نقل عنه هذا القول- حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل محدثة بدعة"؟ وعلى قوله فهل يجوز لي أن أحدث دعاءً جديدًا في الصلاة؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد: أقول، وبالله التوفيق والسداد: حديث رفاعة بن رافع، رضي الله عنه، في صحيح البخاري (799) . وأمّا قول الحافظ ابن حجر في الفتح (2/335) : (واستدلّ به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالفٍ للمأثور) . فليس فيه مخالفةٌ لقوله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ". لأنّ الحافظ لم يُجوّز المداومة على هذا الذكر دون توقيف من النبيّ صلى الله عليه وسلم، وإنما نقل جواز الذكر بغير المأثور في الصلاة دون تعرُّضٍ لكون هذا الذكر داومَ عليه المصلّي أو لم يداوم عليه. والذي يُرجِّحُ أن الحافظ إنما نقل الجواز بناءً على أنه كان ذكرًا عارضًا من غير مداومة عليه ولا كان بقصد المداومة عليه، أنه رجّح أن قصّة هذا الحديث قد وقعت للصحابي الذي رواه، وهو رفاعة بن رافع، رضي الله عنه، وأنه قال هذا الذكر بعد أن عطس في صلاته، كما جاء مصرّحًا به عند أبي داود (773) ، والترمذي (404) ، والنسائي (931) ، وجمع الحافظ بين حديث البخاري وحديث هؤلاء بقوله: (والجواب أنه لا تعارض بينهما، بل يُحمل على أن عطاسه قد وقع عند رفع رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم) . وبناءً على ذلك: فالحافظ إنما نقل جواز ذكرٍ غيرِ مأثور على وَجْه العُرُوض والندرة، لا على وجه التكرار أو المداومة. وهذا ليس من الابتداع في شيء، وهو يتخرّج على قول من يُجيز الذكر بغير المأثور، في صلاة الفرض، إذا كان من دعاء الآخرة، وهو قول عامّة أهل العلم: [انظر: بداية المجتهد لابن رشد (1/92) ، والمغني لابن قدامة (2/237- 239) ، والشرح الكبير للحفيد مع الإنصاف في حاشيته (3/553- 560، 626- 633) . بل ظاهر الحديث يدل على أكثر من ذلك، كما قال ابن عبد البر في التمهيد (16/199) : (وفي حديث هذا الباب لمالكٍ أيضًا دليل على أن الذكر كله والتحميد والتمجيد ليس بكلام تفسد به الصلاة، وأنه كله محمود في الصلاة المكتوبة والنافلة، مستحبٌّ مرغوب فيه) . ولذلك فليس في كلام الحافظ ابن حجر مؤاخذة عندي، لا من جهة أنه نقله عن غيره فقط، وإنما من جهة أنه لا يدل على أن ابتداعَ ذكر في الصلاة جائز؛ لأن الذكر بغير المأثور، إذا لم يكن على جهة المداومة والاعتياد عليه، ولا على وجه الحثّ عليه، وأمر الناس به حتى يتوهَم الناس أنه مأثور أو أنه مستحبٌّ على التخصيص- لا وَجْهَ للقول ببدعيّته. والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

حديث: "يضحك الله إلى رجلين ... "

حديث: "يضحك الله إلى رجلين ... " المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 4/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. هناك حديث يذكر أن الله يضحك إلى ثلاثة أشخاص، فعلام يدل من يضحك الله إليه؟ ومن هم هؤلاء النفر؟ سمعت أن منهم من يترك زوجته في الليل ليتهجد، وهل ينطبق ذلك أيضاً على المرأة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. روى ابن ماجة (200) وأحمد (11352) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله ليضحك إلى ثلاثة للصف في الصلاة، وللرجل يصلي في جوف الليل، وللرجل يقاتل أراه قال: خلف الكتيبة" وهذا الحديث لا يصح؛ لأن في سنده: (مجالد بن سعيد) ضعيف، والصحيح: "يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، يُقاتل هذا في سبيل الله فيُقتل ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد" رواه البخاري (2826) ومسلم (1890) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، وضحك الله - عز وجل- للشخص دليل الرضا عنه، وإذا رضي الله عنه أكرمه وأدخله الجنة. والله أعلم.

مرويات حديث "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين ... "

مرويات حديث "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين ... " المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 24/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما صحة هذا الحديث: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ... ". قيل من هم وأين هم؟ قال: "هم في بيت المقدس". أو كما قال، لا أحفظ الحديث، ولكن هل هم فعلاً الذين في بيت المقدس؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: هذا الحديث بالسياق الذي ذكره السائل في مسند الإمام أحمد (22320) وجادةً؛ قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ: (وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ: حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ السَّيْبَانِيِّ- وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو- عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: "بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ". وفي إسناده عمرو بن عبد الله السيباني الحضرمي، لم يوثقه غير ابن حبان والعجلي. وللحديث شاهد من حديث مُرَّة بن كعب البهزي، رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا تَزَالُ طائِفةٌ مِن أُمَّتي عَلَى الحَقِّ ظاهِرِين على مَن نَاوَأَهُمْ، وَهُمْ كالإِنَاءِ بينَ الأَكَلَةِ حتَّى يَأْتِي أَمْرُ اللهِ وهُمْ كَذَلِكَ". قلنا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: "بأَكْنَافِ بيتِ المَقْدِسِ". أخرجه الطبراني 20/317 (754) . ومن حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَزَالُ عِصابَةٌ مِن أُمَّتي يُقاتِلونَ علَى أبوابِ دِمَشْقَ ومَا حَوْلَهُ، وعلَى أبوابِ بيتِ المَقْدِسِ ومَا حَوْلَهُ، لَا يَضُرُّهُم خِذْلانُ مَن خذَلهم، ظَاهِرِين علَى الحَقِّ إلى أنْ تَقُومَ السَّاعَةُ". أخرجه أبو يعلى (6417) ، والطبراني في الأوسط (47) ، وابن عدي في الكامل 7/84. وأصل الحديث في الصحيحين دون قوله: "بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ". من حديث الْمُغِيرَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَنْ يَزَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ". البخاري (3640) ، ومسلم (1921) . وأخرجاه من حديث معاوية، رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ". قَالَ عُمَيْر بن هاني -الراوي عن معاوية-: فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ: قَالَ مُعَاذٌ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ. البخاري (3641) ومسلم (1037) . وأخرجه مسلم (1920) من حديث ثوبان، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ". وأخرجه مسلم (1922) من حديث جابر بن سمرة، رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا يُقَاتِلُ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ". وأخرجه مسلم (1923) من حديث جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". وأخرج أبو داود (2484) ، والإمام أحمد (19851) ، من حديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَيَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام". وأخرج الإمام أحمد (8274) ، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَزَالُ لِهَذَا الْأَمْرِ- أَوْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ- عِصَابَةٌ عَلَى الْحَقّ، ِ وَلَا يَضُرُّهُمْ خِلَافُ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ". وهذا الحديث من الأحاديث المستفيضة المشهورة، بل يمكن أن يكون متواترًا فقد رواه ما يقرب من عشرين صحابيًّا، رضي الله عنهم، وفيه بشارة لهذه الأمة المحمدية ببقاء واستمرار وجود طائفة من هذه الأمة على الحق إلى أن يأتي أمر الله، لا يضرهم خلاف المخالف، ولا خذلان الخاذل. والمتأمل في هذه الأحاديث يجد أن بعضها حدد هذه الطائفة ببيت المقدس، وبعضها بالشام، وبعضها أطلق ولم يحدد، ولا خلاف بينها بإذن الله، حيث يمكن توجيه تحديد الطائفة بالشام وبيت المقدس على ما يكون قبل قيام الساعة، حيث تدل النصوص الكثيرة على أن معظم الأحاديث المتعلقة بالمهدي وعيسى ونحوهما من أحداث الساعة إنما تكون بالشام، فيكون قوله: "ببيت المقدس". أي حال إتيان الأمر. قال الحافظ ابن حجر فيما نقله عن الطبري: (المراد بالذين يكونون ببيت المقدس الذين يحصرهم الدجال إذا خرج، فينزل عيسى إليهم فيقتل الدجال، ويظهر الدين في زمن عيسى، ثم بعد موت عيسى تهب الريح المذكورة، فهذا هو المعتمد في الجمع، والعلم عند الله تعالى....) ينظر: فتح الباري (13/294) . وأما الأحاديث التي دلت على وجود الطائفة المنصورة ولم يرد فيها التحديد فتحمل على إطلاقها، والله أعلم، ويؤخذ منها وجود هذه الطائفة ولا يلزم أن تكون محددة بمكان، قال الإمام النووي. (وأما هذه الطائفة فقال البخاري: هم أهل العلم. وقال أحمد بن حنبل: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم. وقال القاضي عياض: إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث ... ) . وقال أيضًا: (ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين منهم شجعان مقاتلون ومنهم فقهاء ومنهم محدثون ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ومنهم أهل أنواع أخرى من الخي، ر ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض ... ) ينظر: شرح النووي على مسلم (13/67) .

هل تجاب دعوة الساهي في دعائه؟

هل تجاب دعوة الساهي في دعائه؟ المجيب د. رفعت فوزي عبد المطلب رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 12/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. سمعت من أحد الوعاظ أن من دعا بشيء وعقله في شيء آخر أي أنه ساهٍ في دعائه لا يجيب الله دعاءه، وقال الواعظ إن موسى -عليه السلام- مرّ على رجل يدعو ربه فطلب من موسى-عليه السلام- أن يدعو له حتى يجيبه الله، فقال له ربه: إن الرجل يدعو وعقله في غنمه وأن لو كان عقله معي لأجبته. هل هذا صحيح؟ وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، مجيب السائلين، وحبيب التائبين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد النبي الهادي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: أولاً: أدعو الله لك ـ يا أختنا الكريمة ـ أن يحقق لك الخير حيث كان، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا، وأن يهدينا وإياك إلى ما فيه رضاه. ثانيًا: لم أجد هذه الرواية التي جاءت في سؤالك الكريم في أي من كتب الحديث المعروفة، إلا رواية ضعيفة ساقها الألباني ـ رحمه الله ـ في السلسلة الضعيفة برقم (317) وجاء فيها "إن موسى بن عمران مر برجل وهو يضطرب، فقام يدعو له أن يعافيه، فقيل له: يا موسى إنه ليس الذي يصيبه خبط من إبليس، ولكنه جوَّع نفسه لي فهو الذي ترى، إني أنظر إليه كل يوم مرات أتعجب من طاعته لي، فمره فليدع لك فإن له عندي كل يوم دعوة". ثالثًا: هناك آداب وشروط للدعاء، كما أن هناك موانع لإجابة الدعاء، وإليك ـ أختي الكريمة ـ بعض ما يتعلق بهذا: قال سهيل بن عبد الله التّستري: شروط الدعاء سبعة: التضرع والخوف والرجاء والمداومة والخشوع والعموم وأكل الحلال. وقال ابن عطاء: إن للدعاء أركاناً وأجنحةً وأسباباً وأوقاتاً..... فإن وافق أركانه قوي، وإن وافق أجنحته طار في السماء، , وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه نجح..، وأركانه حضور القلب والرأفة والاستكانة والخشوع، وأجنحته الصدق، ومواقيته الأسحار، وأسبابه الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد روى البخاري (6338) ، ومسلم (2678) واللفظ للبخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولنَّ: اللهم إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له"، وفي الموطأ (494) ، وصحيح البخاري (6339) ، ومسلم (2679) : "اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت". فلا بد من العزم في المسألة والاجتهاد في الطلب ويكون على رجاء من الإجابة ولا يَمل ولا يَسأم ولا يَقنط من رحمة الله التي وسعت كل شيء فإنه يدعو كريماً، وقد قال في هذا المعنى سفيان بن عينية: (لا يمنعنَّ أحداًً من الدعاء ما يعلمه من نفسه فإن الله تعالى قد أجاب شر الخلق إبليس حين دعاه قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين) . والمؤمن موضعه من ربه أقرب فكان لا بد من حسن الظن بالله عز وجل حين يدعوه ويطلب منه، ففي كل فعل وأداء وأمر ونهي يحسن الظن بالله؛ بأن يقبله ويتقبل منه، وقد أخرج مسلم (2877) في هذا المعنى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قال: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله". وحسن الظن وطهارة القلب وصفاؤه لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض فلا يمكن أن يوجد حسن الظن وتنتفي طهارة القلب فالقلب الداعي لربه العابد له المؤتمر بما أمر يدعو ويطلب، وحُسن ظنه بربه أن يستجيب، يوضح ذلك ما روى شهر بن حوشب أن أم الدرداء -رضي الله عنه- قالت له: يا شهر ألا تجد القشعريرة؟ قلت: نعم، قالت: فادع الله؛ فإن الدعاء مستجاب عند ذلك. وطهارة القلب وحُسن الظن إن تمازجا أنتجا (الرضا) ، والرضا هو اطمئنان القلب لقضاء الله -عز وجل-، وحين يدعو من اطمأن قلبه ورضي كان دعاؤه مناجاة لربه، وصدق الله العظيم ?اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ? [الزمر:23] . ولابد في النهاية من حضور القلب والعقل في الدعاء فقد قال صلى الله عليه وسلم: "اعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ" الترمذي (3479) .

حديث الصيحة إذا وافق نصف رمضان يوم جمعة

حديث الصيحة إذا وافق نصف رمضان يوم جمعة المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 11/09/1425هـ السؤال وردت بعض الأحاديث في كتاب (هرمجدون) التي تتحدث عن موافقة يوم الجمعة للنصف من رمضان، فإنه ستحدث صيحة في رمضان، ومعمعة في شوال، وأشياء كثيرة، فما مدى صحة هذه الأحاديث؟ وما الموقف الصحيح تجاهها؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: أقول وبالله التوفيق: لهذا الحديث ألفاظٌ متعدّدة، وروايات عِدّة، وكلّها لا يصحّ منها شيء. 1- فمنها حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-: أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (رقم 638) ، ومن طريقه الشاشي في مسنده (رقم 837) ، وأبو الشيخ في الفتن (كما في اللآلئ المصنوعة للسيوطي 2/386) . وفي إسنادهم محمد بن ثابت بن أسلم البناني، وهو مختلفٌ فيه بين الضعف والضعف الشديد، وفي الإسناد إليه أيضًا من لا يُعتمد. 2- حديث فيروز الديلمي (وفي صحبته خلاف) : أخرجه الطبراني في الكبير (18/332) ، وأبو عَمرو الداني في السنن الواردة في الفتن (رقم 518) ، والجورقاني في الأباطيل والمناكير (رقم 468، 469) ، وابن الجوزي في الموضوعات (رقم 1687) . وبيّن الجورقاني وابن الجوزي شدّة ضعفه، بل حكم عليه ابن الجوزي بالوضع. 3- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وله عنه طُرق: أ- أخرجه نعيم بن حماد (رقم 628) ، ومن طريقه الحاكم في المستدرك (4/517-518) ، والجورقاني في الأباطيل (رقم 470) . وفيه مسلمة بن علي، وبه ضعّفه الحاكم، وأنكره الجورقاني، وكذّبه ابن الجوزي- (3/461-462) ، وتعقبه الذهبي في تلخيص المستدرك بقوله عن مسلمة: "بل هو ساقطٌ متروك". ب- أخرجه العقيلي في الضعفاء - في ترجمعة عبد الواحد بن قيس- (3/807 رقم 1014) ، وابن الجوزي في الموضوعات (رقم 1686) ؛ من طريق عنبسة بن أبي صغيرة، عن الأوزاعي عن عبد الواحد بن قيس عن أبي هريرة. وعنبسة اتّهمه الذهبي، ودافع عنه ابن حجر (اللسان 6/242) ، وعبد الواحد لم يسمع من أبي هريرة، وهو مختلفٌ فيه بين تضعيف شديد وتوثيق. ونكارة هذا الحديث لا تعدو أحدهما، وأظن المتّهم به عنبسة، كما مال إليه الذهبي. ج- أخرجه الطبراني في الأوسط (رقم 516) من طريق نوح بن قيس عن البختري بن عبد الحميد عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة. وقال الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن شهر إلا البختري، تفرّد به نوح بن قيس". والبختري- بالخاء المعجمة، أو المهملة- مجهول، وقد قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/210) : "لم أعرفه". د- ورُوي موقوفًا على أبي هريرة: أخرجه نعيم بن حماد (رقم 645) ، عن شيخ من الكوفيين عن ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة. وعلّقه الجورقاني في الأباطيل والمناكير (رقم 471) ، وابن الجوزي في الموضوعات (3/461) ، من طريق إسماعيل بن عياش عن ليث بن أبي سليم به. وفي الإسناد الأول إبهامُ شيخ نُعَيم بن حماد، وما في ليث من ضعف الحفظ. وفي الإسناد الثاني: فوق التعليق، أن حديث إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين ضعيف، وليثٌ ليس شاميًّا. مع نكارة المتن في كليهما. 4- حديث عبد الله بن عَمرو (وفيه جزء مرفوع وجزء موقوف عليه) : أخرجه نعيم بن حماد (رقم 631، 632، 986، 987) ، ومن طريقه الحاكم في المستدرك ساكتًا عليه دون تصحيح (4/502) . فتعقّبه الذهبي بقوله عن رجال أحد طريقيه: "سنده ساقط، ومحمد أظنّه المصلوب". قلت: وفي إسناده أبو يوسف الكوفي ثم المقدسي (انظر: الفتن لنعيم بن حماد رقم 599) ، لم أستطع تمييزه، ففيه جهالة عندي، مع نكارة حديثه. وقد رُوي الحديث مرسلاً مقطوعًا على بعض التابعين، وهم: 1- سعيد بن المسيب مقطوعاً: أخرجه نعيم بن حماد (رقم 629) ، ولا يصحّ عنه. 2- شهر بن حوشب: أخرجه نعيم بن حماد (رقم 630) ، وأبو عَمرو الداني في السنن الواردة في الفتن (رقم 519) مرسلاً، وفي إسناده عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة القرشي، وهو متروك متّهم بالوضع. وأخرجه نعيم من حماد (رقم 652) مقطوعاً، ولا يصح عنه أيضاً. 3- مكحول الشامي مرسلاً: أخرجه نعيم بن حماد (رقم 626) عن رشدين بن سعد، عن ابن لهيعة، عن عبد الوهاب بن بخت، عن مكحول. ورشدين بن سعد وابن لهيعة فيهما ضعف مشهور، مع ضعف الإرسال من مكحول أيضاً. 4- وكثير بن مُرّة: أخرجه نعيم بن حماد (رقم 637، 647، 650، 653) . 5- وكعب الأحبار: أخرجه نعيم بن حماد (رقم 622، 643) . فيبدو أن مرجع هذا الخبر أنه من الإسرائيليّات، بدليل ذكر كعب الأحبار له. ثم أخذه عنه الكذّابون والمغفّلون وركّبوا له الأسانيد السابقة. ولذلك فقد تتابع العلماء على الحكم على هذا الحديث بالوضع، وأنه مكذوبٌ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ومن هؤلاء العلماء: 1- العقيلي في الضعفاء، حيث قال عقب أحد طرقه السابقة: "ليس لهذا الحديث أصل من حديث ثقة، ولا من وجه يثبت". 2- والجورقاني في الأباطيل والمناكير. 3- وابن الجوزي حيث أورده في الموضوعات. 4- والذهبي (كما سبق عنه) ، وكما في الميزان (2/675) في ترجمة عبد الواحد بن قيس. 5- وابن القيّم في المنار المنيف (رقم 212) . 6- وعمر بن بدر الموصلي في المغني عن الحفظ والكتاب، كما في جُنّة المرتاب (رقم 95) . 7- وملا علي القاري في الأسرار المرفوعة (450) . 8- والعجلوني في كشف الخفاء (2/569) . أمّا السيوطي فخالف في الحكم عليه بالوضع، ولم يُصرّح بقبوله، كما في اللآلئ المصنوعة (2/386-389) ، والنكت البديعات (رقم 271) ، وتابعه على ذلك ابن عراق- كعادته- في تنزيه الشريعة المرفوعة (2/347-348) . والحديث واضح البطلان، ولذلك ضرب ابن القيم به وبأمثاله المثل على الأحاديث الظاهرة الكذب. وما أحسن ما تعقِّب به الجورقاني بعض الطرق السابقة، حيث بيَّن عللها الإسناديّة، ثم أورد حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنّة، وغُلّقت أبواب النار، وصُفّدت الشياطين"، وهو حديث متفق على صحّته. ثم قال عقب هذا الحديث وحديثٍ آخر بمعناه: "وهذا الشهر شهر رمضان مخصوصٌ بالبركة والخير والرحمة، بَشّرَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أُمته بهذه الفضائل التي ذكرها في هذا الحديث وغيره من الأحاديث الصِّحاح. فلا يجوز الذّهاب عن الحديث الصحيح إلى حديثٍ واهٍ باطل، ليس لسنده قِوام ولا لحقيقته نظام". (الأباطيل للجورقاني 2/88) . وصدق (رحمه الله) وبَرَّ. هذا والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

السفر بالقرآن إلى بلاد الكفار

السفر بالقرآن إلى بلاد الكفار المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 07/01/1426هـ السؤال ما صحة هذا الحديث: (عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) ، وقد قيل لي أن هذا النهى في حالة ما إذا خيف وقوعه بأيدي العدو، فكيف يصح هذا مع أن الحديث غير مقيد بشرط؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فهذا الحديث صحيح رواه الشيخان البخاري (2990) ، ومسلم (1869) وغيرهما، والنهي مقيد بما إذا خيف على القرآن أن تنتهك حرمته من قبل العدو، تبين ذلك رواية مسلم، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو، وعليه فإذا لم يخف على القرآن أن يمتهن، فلا شيء في السفر به، خاصة لمن لا يحفظ القرآن، فهو محتاج إلى تلاوته وعدم هجره. والله أعلم.

أسانيد (تاريخ الطبري)

أسانيد (تاريخ الطبري) المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 19/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل كل الأسانيد والأحاديث الواردة في كتاب الإمام الطبري (تاريخ الأمم والملوك) صحيحة؟ إن كان قليل منها غير صحيح أو أقل من مرتبة الصحيح فكيف أتأكد وأعرف ذلك؟ سبب سؤالي هو أني قرأت في المجلد الأول للطبري فوجدت أسانيد للصحابي الجليل عبد الله بن العباس، رضي الله عنهما، ولكعب الأحبار قد أثارت الشك لدي، بالذات حينما قرأت في فصل خلق الأرض والشمس والقمر, والعين الحمئة. ونترك لسماحتكم الإجابة, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله. وبعد: محمد بن جرير الطبري (224 - 310 هـ) أحد الأئمة المشهورين في التفسير والفقه والتاريخ، واشتهر بكتابيه في التفسير والتاريخ، وكتابه في التاريخ من أوسع الكتب التاريخية وأكثرها شمولاً للأحداث والوقائع، ولم يلتزم الصحة فيما يذكره من الروايات والأخبار، ولكنه أوردها مسندة وترك الحكم للقارئ، على منهج وطريقة: العهدة على الرواة، ومن أسند فقد أحال. قال في مقدمته: فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين، مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهًا من الصحة ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أُتي من قبل بعض ناقليه إلينا، وأنَّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُدِّي إلينا. ينظر: تاريخ الطبري (1/8) . وقد وقع في تاريخه كثير من الأخبار الواهية والإسرائيليات المنكرة، والأحاديث الموضوعة والضعيفة، ونجد في تاريخ الطبري الاعتماد على كتب الأخباريين المطعون في عدالتهم والمتكلم فيهم، من أمثلة: سيف بن عمر التميمي (ت 170 هـ) ، وأبي مخنف لوط بن يحيى (ت 157 هـ) ، وعلي بن محمد المدائني (225 هـ) ، ومحمد بن عمر الواقدي (207 هـ) ، وغيرهم، ويصعب التعامل مع تاريخ الطبري لغير المتخصصين الذين يستطيعون التمييز بين صحيح الأخبار وسقيمها، ولهذا أنصح السائل أن تكون مطالعته في كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير لعنايته بانتقاء الروايات والأخبار ونقد المرويات، حيث ذكر منهجه في مقدمته (1/ 6) ، قال: أما بعد: فهذا كتابٌ أذكر فيه بعون الله وحسن توفيقه ما يسَّره الله تعالى بحوله وقوته من ذكر مبدأ المخلوقات من خلق العرش والكرسي والسموات والأرضين وما فيهن وما بينهن من الملائكة والجان والشياطين، وكيفية خلق آدم عليه السلام وقصص النبيين، وما جرى مجرى ذلك إلى أيام بني إسرائيل، وأيام الجاهلية حتى تنتهي النبوة إلى أيام نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه، فنذكر سيرته كما ينبغي فتشفي الصدور والغليل وتزيح الداء عن العليل، ثم نذكر ما بعد ذلك إلى زماننا، ونذكر الفتن والملاحم وأشراط الساعة، ثم البعث والنشور وأهوال القيامة، ثم صفة ذلك وما في ذلك اليوم وما يقع فيه من الأمور الهائلة، ثم صفة النار ثم صفة الجنان وما فيها من الخيرات الحسان، وغير ذلك وما يتعلق به، وما ورد في ذلك من الكتاب والسنة والآثار والأخبار المنقولة المقبولة عند العلماء وورثة الأنبياء الآخذين من مشكاة النبوة المصطفوية المحمدية على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام، ولسنا نذكر من الإسرائيليات إلا ما أذن الشارع في نقله مما لا يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهو القسم الذي لا يصدق ولا يكذب مما فيه بسط لمختصر عندنا أو تسمية لمبهم ورد به شرعنا مما لا فائدة في تعيينه لنا، فنذكره على سبيل التحلي به لا على سبيل الاحتياج إليه والاعتماد عليه وإنما الاعتماد والاستناد على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مهما صح نقله أو حسن، وما كان فيه ضعف نبينه، وبالله المستعان وعليه التكلان. وأُرشد السائل أيضًا إلى العناية بكتب السنة مثل الكتب الستة ومسند أحمد ولاسيما الصحيحين، مع الرجوع إلى شرحيهما مثل فتح الباري للحافظ ابن حجر، وشرح النووي على مسلم، وأما من أراد دراسة أسانيد تاريخ الطبري فعليه الرجوع إلى كتب الرجال لمعرفة مراتبهم ومنزلتهم، وكتب الرجال كثيرة، منها المتقدمة والمتأخرة، ومنها المطولة والمختصرة مثل: التاريخ الكبير للبخاري، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، طبقات ابن سعد، كتاب الثقات لابن حبان، والمجروحين له، الكامل لابن عدي، الضعفاء الكبير للعقيلي، الميزان للذهبي، تهذيب الكمال للمزي، وتهذيب التهذيب لابن حجر، وغيرها من الكتب التي صنفت في الرجال، ويمكن الاستفادة في البحث عن الرجال من برامج الحاسب مثل: المكتبة الألفية، الموسوعة الذهبية، موسوعة الكتب التسعة، وعلى الدارس للأسانيد التأكد من مواضع الاتصال والانقطاع، وذلك بالرجوع إلى كتب المراسيل مثل: المراسيل لابن أبي حاتم، جامع التحصيل للعلائي، وغيرهما، وعليه أيضًا الرجوع إلى كتب العلل للنظر في المحفوظ من الروايات وغير المحفوظ، وعلى كل حال فدراسة الأسانيد فن له أصوله وقواعده، ويمكن الاستفادة من الكتب التي ألفت في هذا الفن، وهي متوفرة في المكتبات، ويوجد لأساتذة الجامعات مذكرات في هذه المادة حيث إن مادة دراسة الأسانيد تدرس في كليات أصول الدين، وفي برنامج الماجستير والدكتوراه في تخصصات السنة وعلومها. والله أعلم.

حديث "من حمل جنازة فليتوضأ"

حديث "من حمل جنازة فليتوضأ" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 17/04/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: ما صحة حديث "من حمل جنازة فليتوضأ، ومن غسلها فليغتسل؟ ". الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه الطيالسي (2314) ، وابن أبي شيبة (11153،12000) ، وأحمد (9862) ، والبيهقي (1/303) من طريق ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، قال: سمعت أبا هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من غسَّل ميتاً فليغتسل". وفي هذا الإسناد: صالح مولى التوأمة، وهو صدوق اختلط وقد اختلف في رفع هذا الحديث ووقفه، وأشار غير واحد من الأئمة -منهم الإمام أحمد والبخاري وأبو حاتم- إلى أن المحفوظ وقف الحديث على أبي هريرة رضي الله عنه. وللحديث طرق أخرى يطول المقام ببسطها [ينظر: البدر المنير (2/524 - 543) ] . وقد ذكر غير واحد من الأئمة أنه لا يصح في هذا الباب شيء، منهم الإمام أحمد، وعلي بن المديني، والذهلي وقال الترمذي: "سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: إن أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله قالا: لا يصح في هذا الباب شيء " [ينظر: علل الترمذي (1/142) ، سنن البيهقي (1/302) ] . وفي سنن البيهقي (1/302) : "قال محمد بن يحيى: لا أعلم فيمن غسل ميتاً حديثاً ثابتاً، ولو ثبت لزمنا استعماله". وقال البيهقي (1/302) بعد أن ذكره موقوفاً: " هذا هو الصحيح موقوفاً على أبي هريرة كما أشار البخاري". ويتلخص مما سبق أن الحديث موقوف على أبي هريرة -رضي الله عنه- وعلى هذا فلا ينهض للاستدلال به على وجوب الغسل على من غَسَّل الميت، وقد ذهب بعض العلماء إلى استحباب الغسل لمن غسل ميتاً، وهذا قول الشافعي وإسحاق والأحناف، ورواية عن الإمام أحمد وعليها المذهب، وفي رواية أخرى لا يستحب، والله أعلم.

صحة حديث (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان)

صحة حديث (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 03/07/1426هـ السؤال ما صحة حديث: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل رجب قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان". الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلاة على رسول الله، وبعد: حديث: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبلغنا رَمَضَانَ". وفي رواية: "وبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ". أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (2346) ، والبزار في مسنده، -كما في كشف الأستار (616) -، وابن السني في عمل اليوم والليلة (658) ، والطبراني في الأوسط (3939) ، وفي الدعاء (911) ، وأبو نعيم في الحلية (6/269) ، والبيهقي في الشعب (3534) ، وفي كتاب فضائل الأوقات (14) ، والخطيب البغدادي في الموضح (2/473) ، وابن عساكر في تاريخه (40/57) ، من طريق زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري عن أنس. وهذا إسنادٌ ضعيف: زائدة بن أبي الرقاد: قال البخاري والنسائي: منكر الحديث، وقال أبو داود: لا أعرف خبره، وقال أبو حاتم: يحدث عن زياد النميري عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة، ولا ندري منه أو من زياد، وقال الذهبي: ضعيف، وقال الحافظ ابن حجر: منكر الحديث [ينظر: التاريخ الكبير (3/433) ، الجرح (3/613) ، المجروحين (1/308) ، الميزان (2/65) ، التهذيب (3/305) ، التقريب (1/256) ] . وزياد بن عبد الله النميري البصري: قال ابن معين: ليس بشيء، وضعفه أبو داود، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ، ثم ذكره في المجروحين، وقال: منكر الحديث يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات، لا يجوز الاحتجاج به، وقال الذهبي: ضعيف، وقال الحافظ: ضعيف [ينظر: تاريخ ابن معين (2/179) ، الجرح (3/536) ، الكامل (3/1044) ، الميزان (2/65) ، التهذيب (3/378) ] . وقد تفرد زائدة بن أبي الرقاد بهذا الحديث عن زياد النميري، قال الطبراني في الأوسط: "لا يروى هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بهذا الإسناد، تفرد به زائدة بن أبي الرقاد". وقال البيهقي: " تفرد به النميري وعنه زائدة بن أبي الرقاد، قال البخاري: زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري منكر الحديث". وقد أشار غير واحد من العلماء إلى ضعف إسناد هذا الحديث منهم: النووي في الأذكار (547) ، وابن رجب في لطائف المعارف (ص143) ، والهيثمي في المجمع (2/165) ، والذهبي في الميزان (2/65) ، وابن حجر في تبيين العجب (38) . ويحسن الإشارة بمناسبة تخريج هذا الحديث إلى أنه لم يثبت في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا قيام ليلة مخصوصة منه حديث صحيح، قال الحافظ ابن حجر في تبيين العجب بما ورد في شهر رجب (ص23) : "لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة، وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره". وقال الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف (ص140) : " فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به، والأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل لا تصح، وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء، وممن ذكر ذلك من العلماء المتأخرين من الحفاظ: أبو إسماعيل الأنصاري، وأبو بكر بن السمعاني، وأبو الفضل بن ناصر، وأبو الفرج بن الجوزي، وغيرهم، وإنما لم يذكرها المتقدمون لأنها أحدثت بعدهم، وأول ما ظهرت بعد الأربعمائة فلذلك لم يعرفها المتقدمون ولم يتكلموا فيها، وأما الصيام فلم يصح في فضل رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه.... وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظمية، ولم يصح شيء من ذلك، فروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولد في أول ليلة منه، وأنه بعث في السابع والعشرين منه، وقيل: في الخامس والعشرين، ولا يصح شيء من ذلك، وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان في السابع والعشرين من رجب، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره."

استغاثة زينب أخت الحسين يوم كربلاء

استغاثة زينب أخت الحسين يوم كربلاء المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 22/07/1426هـ السؤال في قصة كربلاء ذكر بعضهم أن زينب أخت الإمام الحسين -رضي الله عنه- حفيدة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نادت: "يا محمد يا محمد قد هلك أهلك اليوم" أو شيء من هذا القبيل. فما مدى صحة هذه الرواية؟ وإذا صحَّت، فما توضيح أهل السنة والجماعة لقولها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الرواية المذكورة أخرجها الطبري في تاريخه (5/455) ، من رواية أبي مخنف، قال: حدثني أبو زهير العبسي، عن قرة بن قيس التميمي، قال: نظرت إلى تلك النسوة لما مررن بحسين وأهله وولده صِحْنَ ولطمن وجوههن، قال: فاعترضتهن على فرس، فما رأيت منظراً من نسوة قط كان أحسن من منظر رأيته منهم ذلك اليوم، قال: فما نسيت من الأشياء لا أنس قول زينب ابنة فاطمة حين مرت بأخيها الحسين صريعاً وهي تقول: يا محمداه يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء، يا محمداه وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة، تسفي عليها الصبا، قال: فأبكت والله كل عدو وصديق. وأبو مخنف هو: لوط بن يحيى، وهو شيعي ضعيف الحديث، أجمع نقاد الحديث على تضعيفه، بل على تركه وأنه لا يعتد بروايته، ولا ريب أن مقتل الحسين -رضي الله عنه- يحزن له كل مسلم، وهو مصيبة عظيمة، أخرج البخاري (5994) بسنده عن ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: كُنْتُ شَاهِدًا لابن عُمَرَ -رضي الله عنهما- وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُول: ُ "هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنْ الدُّنْيَا". والحسين - رضي الله عنه - من سادات المسلمين وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي هي أفضل بناته، وكان عابداً شجاعاً سخياً، وقد أسرف الرافضة في إظهار الجزع والحزن لمقتل الحسين، وأحدثوا كثيراً من البدع الشنيعة يوم عاشورا إحياءً لذكرى مقتل الحسين -رضي الله عنه-، قال الحافظ ابن كثير: "فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتله رضي الله عنه، ولكن لا يحسن ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنعٌ ورياءٌ، وقد كان أبوه أفضل منه، فقتل وهم لا يتخذون مقتله مأتما كيوم مقتل الحسين، فإن أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصورٌ في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتما، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحد يوم موتهم مأتما يفعلون فيه ما يفعله هؤلاء الجهلة من الرافضة ... وأحسن ما يقال عند ذكر هذه المصائب وأمثالها ما رواه علي بن الحسين عن جده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من مسلم يصاب بمصيبة فيتذكرها وإن تقادم عهدها فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه الله من الأجر مثل يوم أصيب بها" [البداية والنهاية (8/203) ] . وقال في موضع آخر: "وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها فكانت الدبادب - أي الطبل - تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويُذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثيرٌ منهم لا يشرب الماء ليلتئذٍ موافقةً للحسين؛ لأنه قتل عطشان ثم تخرج النساء حاسراتٍ عن وجوههن ينحن ويلطمنَ وُجوههن وصدورهن حافيات في الأسواق إلى غير ذلك من البدع الشنيعة "، هذا والله أعلم.

حديث مسح ظهر آدم

حديث مسح ظهر آدم المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 14/09/1426هـ السؤال قرأت حديثاً أن الله -تعالى- مسح ظهر آدم عليه السلام. وهناك أسانيد كثيرة لهذا الحديث، لكنني أعلم أن جميع هذه الروايات ضعيفة. فهل هناك أي حديث صحيح في هذه المسألة؟ أو على الأقل هل مجموع هذه الروايات تجعله حسناً لغيره؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فقد أخبر الله -سبحانه وتعالى- في كتابه أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم، قال عز وجل: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) [الأعراف:172] . واختلف المفسرون في معنى الإشهاد المذكور في الآية على قولين: 1-أن الإشهاد في الآية هو أن الله فطرهم على التوحيد، وجبلهم على الإيمان وجعل لديهم الاستعداد لقبوله، قال سبحانه وتعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم:30] ، وفي الصحيحين [البخاري (1385) ، ومسلم (2658) ] من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ". وفي صحيح مسلم (2865) من حديث عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ: "أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا، كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ... " الحديث. 2- تفسير الإشهاد بما ورد في بعض الأحاديث والآثار الدالة على أن الله -عز وجل- استخرج ذرية آدم من صلبه، وأشهدهم أنه ربهم ومعبودهم، ففي الصحيحين [البخاري (3334) ، ومسلم (2805) ] من حديث أنس -رضي الله عنه-: "إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ". ووردت أحاديث فيها تفصيل هذا الإشهاد الذي أُخذ على بني آدم حينما اسْتُخِرجوا من صلب آدم عليه السلام، وهذه الأحاديث لا تخلو من كلام، ومن تلك الأحاديث ما يأتي: 1- حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ (يَعْنِي عَرَفَةَ) ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا قَالَ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ". أخرجه أحمد (2327) ، عن حسين بن محمد، عن جرير بن حازم، عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. ورجال هذا الإسناد ثقات، ولكن الحديث أُعل بالوقف، قال الحافظ ابن كثير: " وقد رواه عبد الوارث، عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فوقفه. وكذا رواه إسماعيل بن علية ووكيع، عن ربيعة بن كلثوم بن جبر، عن أبيه، به. وكذا رواه عطاء بن السائب وحبيب بن أبي ثابت وعلي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وكذا رواه العوفي وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، فهذا أكثر وأثبت والله أعلم" [تفسير ابن كثير (2/347) ] . وقال النسائي بعد إخراجه للحديث في السنن الكبرى (6/347) : "وكلثوم هذا ليس بالقوي، وحديثه ليس بالمحفوظ" 2- حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ) ، فَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْهَا، فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- خَلَقَ آدَمَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّة، ً فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّه، ِ فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ". أخرجه مالك في الموطأ (1395) ، ومن طريقه أبو داود (4081) ، والترمذي (3001) ، وأحمد (311) ، عن زيد بن أبي أنيسة، أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ... ". وهذا الإسناد ضعيف، مسلم بن يسار الجهني لم يسمع من عمر، ولم يوثقه غير ابن حبان والعجلي، ولم يرو عنه غير عبد الحميد بن عبد الرحمن فهو في عداد المجاهيل. وذكر في بعض الطرق بين مسلم بن يسار رجل وهو: نعيم بن ربيعة، وهو مجهول الحال. وقال ابن عبد البر في التمهيد (6/3) : "هذا الحديث منقطع بهذا الإسناد؛ لأن مسلم بن يسار هذا لم يلق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. ثم قال: زيادة من زاد في هذا الحديث نعيم بن ربيعة ليست حجة؛ لأن الذي لم يذكره أحفظ، وإنما تقبل الزيادة من الحافظ المتقن. وجملة القول في هذا الحديث أنه حديث ليس إسناده بالقائم؛ لأن مسلم بن يسار ونعيم بن ربيعة كليهما غير معروفين بحمل العلم، ولكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرها". 3- حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم، قال: "أخذوا من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس، فقال لهم: (ألست بربكم قالوا بلى) ، قالت الملائكة: (شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) . أخرجه ابن جرير في تفسيره (6 /110) من طريق أحمد بن أبي طيبة، عن سفيان بن سعيد، عن الأجلح، عن الضحاك، عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-. وأُعل هذا الحديث بالوقف، قال الحافظ ابن كثير: "أحمد بن أبي طيبة هذا هو: أبو محمد الجرجاني، قاضي قومس كان أحد الزهاد، أخرج له النسائي في سننه، وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه، وقال ابن عدي: حدث بأحاديث كثيرة غرائب. وقد روى هذا الحديث عبد الرحمن بن حمزة بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو. وكذا رواه جرير، عن منصور، به، وهذا أصح، والله أعلم". وقال أيضاً بعد أن ساق عدداً من الأحاديث والآثار الواردة في أخذ الذرية من صلب آدم عليه السلام، قال: "فهذه الأحاديث دالة على أن الله -عز وجل- استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل الجنة وأهل النار، وأما الإشهاد عليهم هناك بأنه ربهم، فما هو إلا في حديث كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وفي حديث عبد الله بن عمرو وقد بينا أنهما موقوفان لا مرفوعان، كما تقدم، ومن ثم قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الإشهاد، إنما هو فطرهم على التوحيد، كما تقدم في حديث أبي هريرة وعياض بن حمار المجاشعي، ومن رواية الحسن البصري عن الأسود بن سريع، وقد فسر الحسن الآية بذلك، قالوا: ولهذا قال: (وإذ أخذ ربك من بني آدم) ، ولم يقل من آدم (من ظهورهم) ، ولم يقل من ظهره (ذريتهم) أي جعل نسلهم جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن، كقوله تعالى: (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) ، وقال: (ويجعلكم خلفاء الأرض) ، وقال: (كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين) ، ثم قال (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) أي أوجدهم شاهدين بذلك قائلين له حالاً وقالاً والشهادة تارة تكون بالقول، كقوله: (قالوا شهدنا على أنفسنا) الآية، وتارة تكون حالا كقوله تعالى: (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر) أي حالهم شاهد عليهم بذلك لا أنهم قائلون ذلك، وكذا قوله تعالى: (وإنه على ذلك لشهيد) كما أن السؤال تارة يكون بالقال، وتارة يكون بالحال، كقوله: (وآتاكم من كل ما سألتموه) . قالوا: ومما يدل على أن المراد بهذا هذا أن جعل هذا الإشهاد حجة عليهم في الإشراك، فلو كان قد وقع هذا -كما قال من قال- لكان كل أحد يذكره ليكون حجة عليه، فإن قيل: إخبار الرسول -صلى الله عليه وسلم- به كاف في وجوده، فالجواب: أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره، وهذا جعل حجة مستقلة عليهم فدل على أنه الفطرة التي فطروا عليها من الإقرار بالتوحيد، ولهذا قال: (أن تقولوا) أي لئلا تقولوا يوم القيامة (إنا كنا عن هذا) أي التوحيد (غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا) " [ينظر: تفسر ابن كثير (2/345- 347) ] .

درجة حديث: "من قرأ الفاتحة لن يرى الفقر أبدا"

درجة حديث: "من قرأ الفاتحة لن يرى الفقر أبداً" المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 25/10/1426هـ السؤال روي أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أخبر بأنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من قرأ سورة الفاتحة في الليل لن يرى الفقر أبداً"، فما مدى صحة هذه الرواية؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذا حديث لا يصح في فضل سورة الفاتحة، مع أنه قد صحّ في فضل هذه السورة أحاديث عدة، بل صحّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنها أفضل سورة في القرآن. والمرويُّ عن ابن مسعود -رضي الله عنه- بنحو هذا المعنى إنما ورد في سورة الواقعة، لا في سورة الفاتحة، وهو مع ذلك حديث لا يصح أيضاً، كما بين ذلك الإمام أحمد، حيث حكم على حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- في سورة الواقعة أنه حديث منكر. المنتخب من العلل للخلال (ص116-117) رقم (49) . والله أعلم. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

درجة حديث: "واقرأ وأنت ساجد الفاتحة سبع مرات"

درجةُ حديث: "واقرأ وأنت ساجد الفاتحة سبع مرات" المجيب د. بندر بن نافع العبدلي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 02/06/1427هـ السؤال قرأت في كتاب "الدّعاء المستجاب من الحديث والكتاب" لأحمد عبد الجوّاد: عن النبي-صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "اثنتي عشرة ركعة تصلّيهنّ من ليل أو نهار، وتتشهّد بين كلّ ركعتين. فإذا تشهّدت في آخر صلاتك، فأثن على الله عزّ وجلّ، وصلِّ على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- واقرأ وأنت ساجد (فاتحة الكتاب) سبع مرّات، وآية الكرسي سبع مرّات، وقل: "لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير" عشر مرّات. ثمّ قل: "اللهم إنّي أسألك بمعاقد العزّ من عرشك، ومنتهى الرّحمة من كتابك، واسمك الأعظم، وجدّك الأعلى، وكلماتك التّامة". ثمّ سل حاجتك، ثمّ أرفع رأسك، ثمّ سلّم يميناً وشمالاً" رواه الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه. ثمّ بعد توضيح هذه الصّلاة روى الكاتب عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- نهى عليًّا عن القراءة وهو راكع أو ساجد! وأسئلتي هي: 1- كيف تجوز قراءة القرآن أثناء السّجود في الصّلاة، وهل هذا لا يتنافى مع الحديث المذكور أعلاه عن النّهي؟ 2- فهمت أنّه بعد التّشهّد يقع سجود، ثمّ دعاء، ثمّ سلام. فهل يجوز السّلام بعد السّجود من دون تشهّد آخر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا الحديث وهو حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق الحاكم (1029) ، ولم أقف عليه في "المستدرك" للحاكم. وأورده السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (2/68) ، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/112) . وقال ابن الجوزي بعد إخراجه: هذا إسناد موضوع بلا شك، وإسناده مخبَّط كما ترى، وفي إسناده عمر بن هارون، قال يحيى: كذاب، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المعضلات، ويدَّعي شيوخًا لم يرهم. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن القراءة في السجود ا. هـ. فالحديث موضوع سنداً، منكر متناً؛ لمخالفته للأحاديث الصحيحة في نهيه صلى الله عليه وسلم عن القراءة في الركوع والسجود. وأما حديث ابن عباس فهو ثابت في "صحيح مسلم" (479) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا وإني نهيت أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظمِّوا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فَقَمِنٌ أن يستجاب لكم". والله الموفق.

درجة حديث (أجد نفس ربكم قبل اليمن)

درجة حديث (أجد نَفَسَ ربكم قِبَل اليمن) المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 24/10/1426هـ السؤال هناك حديث يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول فيه: "أجد نَفَسَ ربكم مِنْ قِبلَ اليمن"، فماذا يعني هذا الحديث؟ هل يعني أن هناك صفة تنفس لله عز وجل؟ وهل يشعر من يذهب إلى اليمن بذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فالحديث المشار إليه في السؤال أخرجه الإمام أحمد في مسنده (10978) ، قال: حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، عَنْ شَبِيبٍ أَبِي رَوْحٍ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ حَدِّثْنَا عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: قَالَ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَلَا إِنَّ الْإِيمَانَ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةَ يَمَانِيَةٌ وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ". وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (1083) من طريق علي بن عياش الحمصي، عن حريز بن عثمان به. وأصل الحديث في الصحيحين بلفظ: "جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية ". وقوله: "وأجد نفس ربكم من قبل اليمن" زيادة تفرد بها شبيب أبو روح، ولم يوثقه غير ابن حبان. وعلى تقدير ثبوت هذه الزيادة، فمعناها أي تفريج الله وتنفيسه من قبل اليمن. والمراد أن الله -سبحانه وتعالى- نفس الكرب عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأهل اليمن، وهم الأنصار، قال ابن قتيبة: "وهذا من الكناية؛ لأن معنى هذا أنه قال: كُنتُ في شدة وكرب وغم من أهل مكة، ففرج الله عني بالأنصار، يعني أنه يجد الفرج من قبل الأنصار وهم من اليمن، فالريح من فرج الله تعالى وروحه، كما كان الأنصار من فرج الله تعالى" [ينظر: تأويل مختلف الحديث ص (143) ] . قال القرطبي في تفسيره (20/212) : " روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إني لأجد نفس ربكم من قبل اليمن"، وفيه تأويلان: أحدهما: أنه الفرج لتتابع إسلامهم أفواجاً، والثاني: معناه أن الله تعالى نفس الكرب عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأهل اليمن وهم الأنصار". وقال ابن الأثير في النهاية (5/203) : (عَنَى به الأنصار؛ لأنَّ اللَّه نَفَّس بهم الكَرْبَ عن المؤمنين وهُم يَمَانُون لأنَّهم من الأزْد) هذا والله أعلم.

هل الأكل من ضيافة المريض تنقص الأجر

هل الأكل من ضيافة المريض تنقص الأجر المجيب د. بندر بن نافع العبدلي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 03/05/1427هـ السؤال كنا في عيادة مريض، فقدم لنا أهل المريض طعاما للضيافة فأبى أحدنا من الأكل بحجة أنه يوجد حديث ملخصه أن من أكل عند مريض فذلك هو ثوابه من تلك العيادة لذلك المريض! السؤال: هل ورد في هذا الخصوص حديث؟ وما درجة صحته؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم ورد حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إذا عاد أحدكم مريضاً، فلا يأكل عنده شيئاً، فإنه حظُّه من عيادته" أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (1/1207) . وإسناده ضعيف جداً، لأن في سنده عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، وهو متروك، وكذَّبه ابن معين، كما في التقريب" (ص666) . وعليه فالصحيح جواز الأكل عند المريض، وأن ذلك لا ينقص من ثواب عيادته. بل ربما يكون الأكل أحياناً مما يُدخل السرور عليه فيندب حينئذ. والله الموفق.

درجة حديث "علموهم الصلاة يعلموكم الدعاء"

درجة حديث "علموهم الصلاة يعلموكم الدعاء" المجيب د. خالد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 05/04/1427هـ السؤال سألت فضيلتكم عن حكم مناجاة قصيرة لئن سألتني يا رب يوم القيامة عن ذنبي لنسألنك عن رحمتك ولئن سألتني يا رب عن تقصيري فلنسألنك عن عفوك ولئن قذفتني في النار لأخبرن أهل النار أني أحبك كفاني عزا أن تكون لي ربا وكفاني فخرا أن أكون لك عبدا فأجبتوني بأن حكم مثل هذه المناجاة أنها بدعه، وهي من طرق تعبد الصوفية، فسؤالي الآن هل يشمل ذلك إرفاق دعاء أو مناجاة بنية إطلاع الإخوان على دعاء أو مناجاة لم يطلعوا عليها لسبب أو لآخر، وهل يشمل هذا الحكم نية التعليم كما ورد في أهل عسير والتي هذه قصتهم التي ذكرها الرحالة ابن بطوطة: لهم صدق نية، وحسن اعتقاد وهم إذا طافوا بالكعبة يتطارحون عليها لائذين بجوارها، متعلقين بأستارها، داعين بأدعية تعتصر لرقتها القلوب، وتدمع العيون الجامدة، فترى الناس حولهم باسطي أيديهم مؤمنين على أدعيتهم ولا يمكن لغيرهم الطواف معهم، ولا استلام الحجر لتزاحمهم على ذلك. وبمثل ذلك وصفهم ابن جبير في موسم حج عام (579) هـ وذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكرهم وأثنى عليهم خيراً، وقال: "علموهم الصلاة يعلموكم الدعاء "، وأضاف: ودعاءهم: "كثير التجشيع للنفوس". أفيدونا أفادكم الله , فالجميع حريص على طاعة الله أولا، ودمتم بحفظ الله. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد: فبادئ ذي بدء إنني لم أطلع على هذا السؤال سابقاً ولكن لا بأس من بعض الإيضاح عل الله أن ينفع به.. فأقول وبالله التوفيق وهو المعين على التحقيق: أولا: فأحسن الدعاء هو ما أرشد إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم من جوامع الدعاء وأكمله وأحسنه، كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة، ومن أراد ذلك فهو يسير ومطبوع في كتب الأذكار التي عني بها علماء الحديث من أهل السنة والجماعة، ولله الحمد. ثانياً: إن الدعاء المذكور في السؤال منه ما هو حسن ومنه ما دون ذلك، كأن يكون غير مشروع في أقل أحواله، ومن ذلك الجرأة في قول السائل "لأسألنك ... لأسألنك ... لأسألنك"، وفي ذلك اليوم العصيب لا يسأل الخلاق العظيم بل المسؤول هو المخلوق الضعيف، كما قال عز من قائل: "فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الحجر:92] . وقال تعالى: "يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا" [طه:108-111] . ثالثا: بالنسبة لكلام ابن جبير الرحالة فهو على ظاهره من رقة وخشوع أهل اليمن وإخباتهم، وهذا من حسناتهم، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- صحيح البخاري (4388) ، وصحيح مسلم (52) . ولا يلزمنا إن خالف أحد من الناس أو جاء بما يوهم أن نجتنب ذلك وأن نبين أنه مخالف لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-. رابعاً: ما ذكره السائل من دعاء أهل عسير لم يذكر لنا هل هو ثابت أم لا ومن أين جاء به ومن أي الكتب قرأه؟؟، وقد بحثت عنه في كتب السنة قاطبة فلم أجد له أثراً.. والواجب التثبت قبل أن ننسب كلاما للنبي الأعظم -صلى الله عليه وسلم-. خامسا: الحديث دراية يدل على أنه لا يثبت -والله أعلم- لأن الصحابة رضوان الله عليهم هم الذين يعلمون الناس الدين وقد ابتعثهم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لتعليم الناس أمور دينهم كما في حديث معاذ صحيح البخاري (1458) ، وصحيح مسلم (19) . فكيف يعلم الجاهل المتعلم للصلاة والدين أمور الدين الأخرى التي هو أحوج لتعلمها لمن هو أعلم منه بالأصول والفروع؟؟ سادساً: نشكر للسائلة الحرص على تعلم أمور دينها وتوخي اتباع السنة في عباداتها ونسأل الله لنا ولها اتباع سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- والحمد لله رب العالمين.

حديث فتح القسطنطينية

حديث فتح القسطنطينية المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 16/04/1427هـ السؤال ما صحة حديث: "إنكم ستفتحون القسطنطينية، فأفضل قائد هو قائد جيش الفتح، والجيش هو أفضل الجيوش". علماً أن الحديث مذكور في الجامع الصغير، وفي مستدرك الحاكم، فهل هناك أي شك في صحة هذا الحديث؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا الحديث مختلف فيه بين العلماء، وقد صححه الحاكم، وحسنه ابن عبد البر، وضعّفه جماعة آخرون، كالألباني وهو الأقرب، لجهالة أحد رواته، وهو عبد الله بن بشر الخثعمي. وقد تحقق فتح القسطنطينية على يد السلطان العثماني محمد الفاتح -رحمه الله- وقد جاء في صحيح مسلم ما يدل على أن القسطنطينية ستفتح مرة أخرى قبل قيام الساعة، فقد روى مسلم (2897) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر". قالوا: نعم يا رسول الله! ... الحديث، وفيه: "فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا".

صحة حديث "القرآن أعظم شفاعة"

صحة حديث "القرآن أعظم شفاعة" المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 11/03/1427هـ السؤال أرجو بيان صحة الحديث الذي معناه: يوم القيامة لن يكون أعظم شفاعة عند الله من القرآن، لا نبي ولا ملَك". الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فاللفظ الذي سألت عنه -من كون القرآن هو أعظم شافع، وأنه أعظم من شفاعة كل نبي وملك- لم أجده، وفي صحة ذلك نظر، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطي أنواعاً من الشفاعة عظيمة، اختص منها بثلاث، وشاركه غيره من الأنبياء والصالحين والملائكة بثلاث. وقد جاء في السنة في بيان شفاعة القرآن أحاديث، أشهرها حديثان: الأول: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد". أخرجه أحمد (6626) ، والحاكم (1/554) ، وغيرهما. وصححه الحاكم وحسنه المنذري، ولينه الذهبي، وقوله أصح. الثاني: ما رواه مسلم في صحيحه (804) من حديث أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرأوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرأوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة". قال معاوية -أحد رواة الحديث-: بلغني أن البطلة: السحرة. والله الموفق.

مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل

اختلاف الحكم على الحديث، بين المتقدمين والمتأخرين المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 6/5/1422 السؤال أحياناً نجد بعض الأحاديث التي حكم عليها علماء الحديث قديماً بالضعف كابن حبان، وأبي حاتم، وابن خزيمة وغيرهم. وهذه الأحاديث حكم عليها علماء حديث معاصرون بالتصحيح أو العكس. فلمن يكون الترجيح؟ فهناك من يقول نأخذ قول العلماء الأوائل؛ لأنهم أقرب عهداً برواة الحديث، وبالسلف الصالح. وهناك من يقول إن الترجيح للمعاصرين؛ لأنهم أوتوا من سبل البحث والتحقيق ما لم يؤتَ أولئك. نرجو التوضيح. الجواب الحمد لله، وبعد: فهذا السؤال يتصل بقضية كثر الكلام فيها أخيراً، ولعلي أجمل الجواب في ست نقاط. الأولى: لا ريب أن الأصل هو التعويل والرجوع إلى الأئمة المتقدمين، وهذا ليس خاصاً بعلم الحديث بل في كل فن من علوم الشريعة. الثانية: من حيث العموم فأئمة الحديث المتقدمون أعلم من المتأخرين، وأدقّ نظراً، وأقرب عهداً بعصور الرواية والتدوين؛ فقد شاهدوا جمعاً غفيراً من حملة الآثار ورواة الأسانيد، ووقفوا على كتبهم وأصولهم التي يروون منها، فتحصّل عندهم، وتهيأ لهم من ملكة النقد، والقدرة على التمحيص ما لم يتهيأ لغيرهم ممن أتى بعدهم، خاصة في أدق وأجل علوم الحديث، وهو علم (العلل) الذي برز فيه جمع من الأئمة الكبار كابن المديني، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم. الثالثة: إذا تقرر أن الأئمة المتقدمين لهم من المزايا والخصائص ما ليس لغيرهم ممن أتى بعدهم، فإنه يجب التسليم لقولهم إذا اتفقوا ولم ينقل عنهم اختلاف، ولو خالفهم بعض المتأخرين، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((فمتى وجدنا حديثاً قد حكم إمام من الأئمة المرجوع إليهم بتعليله، فالأولى تباعه في ذلك، كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صححه)) (انظر: النكت 2/711) وللعلائي، وابن كثير، والسخاوي رحمهم الله كلام يدور حول هذا المعنى، فينظر: اختصار علوم الحديث: 79، وفتح المغيث 1/237. الرابعة: هذا الذي سبق فيما إذا اتفق المتقدمون على الحكم على الحديث بالصحة أو الضعف، فأما إذا اختلفوا، فإن كان الشخص قادراً على المقارنة والترجيح أخذ بما تطمئن إليه نفسه، وإن كان لا يقدر فيقلد من يرى أنه أعلم بهذا الشأن، كما بيّن ذلك غير واحد من الحفاظ المتأخرين كالعلائي رحمه الله. (ينظر: فتح المغيث 1/236) الخامسة: أن قول بعض الناس إن سبب ترجيح قول المعاصرين لكونهم أوتوا من سبل البحث والتحقيق ما لم يكن للأوائل، فالحقيقة أن هذا الكلام لا يصدر ممن له أدنى اطلاع ومعرفة بأقدار الأئمة، وما آتاهم الله عز وجل من سعة الاطلاع العجيب، والفهم الدقيق، والنظر العميق في الأحاديث، وطرقها وعللها، ومعرفة أحوال رواتها على وجه الدقة. ويكفي أن يعلم السائل الكريم أن المتأخرين لم يظفروا بكثير من الطرق التي كانت معروفة عند الأئمة. ثم أين يقع علم المتأخرين الذين علم كثير منهم في كتبه، مع علم الأئمة المتقدمين الذين أكثر علمهم محفوظ في صدورهم، يأتون به متى شاؤوا؟! ولا ريب أن هذا كلّه لا يعني انتقاص أقدار العلماء المتأخرين - ومنهم المعاصرون - حاشا والله، بل لهم فضل وأثر كبير في نفع الأمة، وخدمة السنة، وإنما المقصود بيان منازل أولئك الأئمة ومعرفة أقدارهم على وجه الإيجاز الشديد. السادسة: أن السائل - بارك الله فيه - قرن في سؤاله بين ثلاثة من الأئمة وهم: أبو حاتم الرازي، وابن خزيمة، وابن حبان. ومع الاتفاق على جلالة هؤلاء الأئمة إلاّ أن أهل العلم بالحديث يقدمون أبا حاتم على ابن خزيمة، كما يقدمون ابن خزيمة على تلميذه ابن حبان رحم الله الجميع. فأبو حاتم له طريقة متميزة في النقد على مشرب الأئمة الكبار: أحمد، والبخاري، وأبي داود، والنسائي، وغيرهم. وابن خزيمة مع موافقته في كثير من الأحيان لمشرب الأئمة، إلاّ أنه أحياناً - مع تلميذه ابن حبان - لهما طريقة في النقد لا يوافقهما عليها الأئمة الكبار، ومن سار على طريقتهم. ومقصودي من هذا التنبيه أن تُعلم أقدار الأئمة، وأن الله تعالى فضّل بعضهم على بعض في العلم والفهم، ينبغي أن يلاحظ هذا ويعتبر عند النظر في كلامهم، والله أعلم.

بين أمهات المؤمنين رضي الله عنهن

بين أمهات المؤمنين رضي الله عنهن المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 24/06/1425هـ السؤال إلى فضيلة الشيخ: - حفظه الله - كيف نجمع بين هذين الحديثين؟ الحديثان بالمعنى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخلت عليه إحدى أمهات المؤمنين ومعه غيرها منهن، فجعلت تسبها، فقال عليه الصلاة والسلام للتي عنده: دونك فانتصري". والآخر: أن إحدى زوجاته عليه الصلاة والسلام جعلت تسب أخرى منهن وهي صامتة، ثم أخذت ترد عليها، فقال: "كان ملك يذب عنك فلما تكلمت ذهب وتركك". الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: الحديث الأول أخرجه باللفظ المذكور الإمام أحمد بإسناد حسن (24664) من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "مَا عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَهِيَ غَضْبَى، ثُمَّ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَحْسِبُكَ إِذَا قَلَبَتْ لَكَ بُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيِّعَيْهَا ثُمَّ أَقْبَلَتْ إِلَيَّ فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "دُونَكِ فَانْتَصِرِي"، فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا قَدْ يَبِسَ رِيقُهَا فِي فَمِهَا مَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئًا فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ. وهذا الحديث أصله في الصحيحين البخاري (2581) ، ومسلم (2442) بسياق مطول من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: " أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ وَأَنَا سَاكِتَةٌ قَالَتْ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ فَقَالَتْ بَلَى قَالَ: فَأَحِبِّي هَذِهِ قَالَتْ فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَقُلْنَ لَهَا مَا نُرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَقُولِي لَهُ إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ وَأَتْقَى لِلَّهِ وَأَصْدَقَ حَدِيثًا وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ وَأَعْظَمَ صَدَقَةً وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ، قَالَتْ فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ قَالَتْ ثُمَّ وَقَعَتْ بِي فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ هَلْ يَأْذَنُ لِي فِيهَا قَالَتْ: فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ، قَالَتْ: فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَبَسَّمَ إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ فِي الْمَعْنَى، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا أَنْ أَثْخَنْتُهَا غَلَبَةً " واللفظ لمسلم. والحديث الثاني: حديث حسن، قد رواه جماعة من الصحابة، فقد أخرجه أحمد (23796) من حديث النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَبَّ رَجُلٌ رجلاً عِنْدَهُ قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ الْمَسْبُوبُ يَقُولُ عَلَيْكَ السَّلَامُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " أَمَا إِنَّ مَلَكًا بَيْنَكُمَا يَذُبُّ عَنْكَ كُلَّمَا يَشْتُمُكَ هَذَا قَالَ لَهُ بَلْ أَنْتَ وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيْكَ السَّلَامُ قَالَ لَا بَلْ لَكَ أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ" وأخرجه الإمام أحمد (9622) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَقَامَ فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وَقُمْتَ قَالَ إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ وَقَعَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ أَكُنْ لِأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ ثُمَّ قَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعَزَّ اللَّهُ بِهَا نَصْرَهُ...." الحديث، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (419) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما- وأخرجه عبد الرزاق مرسلاً (20255) من حديث زيد بن أثيع. ومن خلال استعراض هذه الأحاديث يتبين أن السباب وقع بين رجلين، وفي بعض هذه الأحاديث أن المسبوب أبو بكر -رضي الله عنه-، وليس كما ورد في السؤال أن السباب كان بين زوجتين من أزواج الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-والله أعلم. ولا تعارض بين الحديثين، فيجوز للإنسان أن ينتصر ممن ظلمه كما فعلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- مع أم المؤمنين زينب رضي الله عنها حينما نالت منها، وتطاولت عليها بالكلام، ولكن العفو والصفح أفضل إذا لم يكن في الانتصار مصلحة أكبر، قال الله -عز وجل-: "وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ "إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ" [الشورى: 39-41] ، والانتصار مشروط بشرطين: 1- القدرة على ذلك، فإذا كان عاجزاً أو كان الانتصار يفضي إلى عدوان زائد أو مفسدة أكبر ترك، وهو أصل النهي عن الفتنة. 2- ألا يعتدي. قال الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ" أخرجه مسلم (2587) من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- وعلى هذا فالمباح في الانتصار أن يرد مثل ما قال الجاني، أو يقاربه لأنه قصاص، فلو قال له: يا كلب - مثلاً - فالانتصار أن يرد عليه بقوله: بل هو الكلب. وهكذا فلا يتجاوز المنتصر في السباب وغيره. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

إقرارات النبي - صلى الله عليه وسلم -

إقرارات النبي - صلى الله عليه وسلم - المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 14/9/1424هـ السؤال ذكر القاضي أبو يعلى في العدة أن تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم- لحكم يستفاد منه تارة الجواز وتارة الوجوب، فهل هناك مثال للوجوب؟. الجواب التقرير هو: سكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إنكار قول أو فعل قيل، أو فُعل بين يديه، أو في عصره وعلم به، وهذا التقرير كاشف عن حكم القول أو الفعل، فترك النكير على الفاعل، أو القائل بيان لحكم الفعل، ومثال الإقرار الذي يفيد الوجوب أن يشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من يفعل فعلاً على جهة الوجوب فيقره عليه بترك الإنكار عليه فيدل على وجوبه، كما أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في مرض موته على الصلاة قياماً خلفه وهو جالس، انظر ما رواه البخاري (687) ، ومسلم (418) مع أنه قد تقدم قوله - عليه الصلاة والسلام - في حكم متابعة الإمام والاقتداء بفعله: " وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً " مسلم (413) ، فدل إقراره لهم على القيام على نسخ القعود خلف الإمام القاعد، وإعادة الأمر إلى ما كان عليه، وهو الوجوب؛ لأن القيام في الصلاة فرض مع القدرة لقوله - تعالى-: " وقوموا لله قانتين" [البقرة: 238] .

الفرق بين القرآن والحديث القدسي

الفرق بين القرآن والحديث القدسي المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 26/7/1424هـ السؤال ما الفرق بين الحديث القدسي والقرآن؟ حيث إنني أعتقد أن الحديث القدسي معنى من الله ولفظاً من النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا أنني فوجئت أن هناك من يقول إن هذا من أقوال الأشاعرة، وأن الصحيح أن الحديث القدسي لفظاً ومعنى من الله، فإذا كان كذلك هل معنى هذا أن كلام الله على درجات منه الفصيح ومنه الرديء، أستغفر الله - حيث إن القرآن - بلا شك - أفصح من الحديث القدسي أفيدونا، جزاكم الله خيراً. الجواب الحديث القدسي هو الذي يسنده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ربه عز وجل - والقدسي نسبة للقدس وهو التنزيه والتعظيم والتكريم، وبين الحديث القدسي والقرآن عدة فروق: منها. 1. أن القرآن الكريم كلام الله لفظاً ومعنى، أما الحديث القدسي فذهب بعض أهل العلم إلى أنه كلام الله لفظاً ومعنى لكنه يختلف عن القرآن في طريقة تبليغه وعن الواسطة فيه وهو جبريل عليه السلام، بحيث يكون بالإلهام أو الإلقاء في الروع أو حال المنام أو غيرها من طرق الوحي غير المجلى، وذهب آخرون إلى القول المشهور وهو أن الحديث القدسي معناه من الله ولفظه من الرسول - صلى الله عليه وسلم - واختاره عامة المؤلفين في القرآن وعلومه، وكون الأشاعرة يقولون به لا يعني موافقته لطريقتهم في صفة الكلام. ومن الفروق أيضاً: 2. أن القرآن متواتر كله فهو قطعي الثبوت، أما الحديث القدسي فمنه الصحيح والضعيف والموضوع، ووصفه بقدسي راجع إلى منزلته فلا يعني بالضرورة ثبوت كل مروي فيه، إذ إن موضوع الصحة والضعف المدار فيه على السند وقواعد القبول والرد المعروفة عند المحدثين. 3. أن الحديث القدسي تجوز روايته بالمعنى، أما القرآن فلا يجوز فيه ذلك. 4. أن القرآن متعبد بتلاوته فكل حرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها كما في الحديث الذي رواه الترمذي (2910) وغيره عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. 5. القرآن معجز بلفظه ومعناه، أما الحديث القدسي فليس كذلك. 6. القرآن تحدى الله به العرب - بل العالمين - أن يأتوا بمثله، وأما الحديث القدسي فليس فيه تحد، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

جرح العدل الضابط

جرح العدل الضابط المجيب بكر بخاري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 10/6/1423هـ السؤال إذا كان أحد رواة الحديث عدلاً ضابطاً عند جمهور المحدثين ثم يقوم أحد علماء الجرح والتعديل كالإمام الذهبي -رحمه الله- بتجريح هذا الراوي جرحاً غير مفسَّر، فهل يقدم في هذه الحالة الجرح على التعديل أم العكس؟ الجواب بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن علماء المصطلح عقدوا مباحث في تعارض الجرح والتعديل وكذا علماء الأصول، وتباينت مذاهبهم في ذلك، والذي يحسن بطالب العلم معرفته: أنه ما من قاعدة إلا ولها مستثنيات، ولا يقدح هذا في كونها قاعدة؛ لأنها قواعد استقرائية، وإنما القواعد التي تنقض بالمستثنيات القواعد العقلية. وأنه ما من عام إلا وقد خص، وحتى هذه القاعدة قد خصت بقوله -تعالى-:"إن الله بكل شيء عليم" [الأنفال:75] . والحاجة إلى هذه المقدمة المختصرة ماسة عند التعامل مع قواعد العلماء في الجرح والتعديل؛ لأنها استقراء واستنتاج لتصرفات أئمة هذا الشأن، ولذا يقع التباين بين التقعيد والتطبيق، فيلزم النظر في كل راوٍ نظراً مستقلاً مع استصحاب قواعد أهل العلم، وأما ما يخص ذات السؤال فيظهر منه أنه سؤال افتراضي وهو محتمل لأمرين: الأمر الأول: كون الموثقين جمهور، أي أنه وجد لهم مخالف، وحينئذ فللناظر أن يرجح ما يراه أقرب إلى الصواب مراعياً القواعد والقرائن في ذلك الراوي. الأمر الثاني: كون الموثقين جميع من وقف عليهم الباحث بحيث يغلب على ظنه اتفاقهم وخاصة إذا كان منهم أئمة هذا الشأن وحينئذٍ إذا كان جرح من بعدهم مجملاً فله اجتهاده، ولنا أن نتبع من سَلَفَ من الأئمة فإن رأي الجماعة مقدم على رأي الفرد خاصة إذا كانوا أعلم وأقرب لزمن الرواية، والله -تعالى- أعلم.

قبول روايات الصحابة

قبول روايات الصحابة المجيب بكر بخاري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 13/8/1423هـ السؤال السلام عليكم. عندي سؤال عن الصحابي أبي بكرة - رضي الله عنه -: ذكرتْ عدة مصادر قصة لأبي بكرة - رضي الله عنه - مع صحابي آخر هو المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - ملخصها: أن أبا بكرة - رضي الله عنه - مع اثنين من إخوته اتهموا المغيرة بالزنى أيام عمر -رضي الله عنه-، ولما أنكر أخ لهم رابع رؤيته للإيلاج، أقيم حد القذف على الإخوة بما فيهم أبو بكرة - رضي الله عنه - الذي رفض إعلان التوبة وأصر على اتهامه للمغيرة - رضي الله عنه -. هذه الراوية وردت في (وفيات الأعيان) لابن خلكان، (سير الأعلام) للذهبي وغيرها، هناك كتب أخرى أشارت للواقعة دون إسهاب. السؤال هو: لماذا قبلت رواية الحديث عن طريق أبي بكرة والمغيرة - رضي الله عنهما -؟ أبو بكرة - رضي الله عنه - حُدّ للقذف، والمغيرة - رضي الله عنه- وضع نفسه موضع الشبهات، وعلى الرغم من ذلك نجد لهم أحاديث حتى في صحيح البخاري. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فقد أجاب ابن حجر في الفتح (5/256) عند ذكر البخاري للقصة في صحيحه في باب: شهادة القاذف والسارق والزاني من كتاب الشهادات، قال: وقد حكى الإسماعيلي في "المدخل" أن بعضهم استشكل إخراج البخاري هذه القصة واحتجاجه بها مع كونه احتج بحديث أبي بكرة - رضي الله عنه - في عدة مواضع، وأجاب الإسماعيلي بالفرق بين الشهادة والرواية، وأن الشهادة يطلب فيها مزيد تثبت لا يطلب في الرواية كالعدد والحرية وغير ذلك، واستنبط المهلب من هذا أن إكذاب القاذف نفسه ليس شرطاً في قبول توبته؛ لأن أبا بكرة - رضي الله عنه - لم يكذب نفسه ومع ذلك فقد قبل المسلمون روايته وعملوا بها. ومعنى كلام المهلب أن قبول شهادة القاذف متوقفة على إكذاب نفسه، فلما لم يكذب أبو بكرة نفسه لم تقبل شهادته، والرواية متعلقة بالعدالة، والعدالة متعلقة بالتوبة، ولا ارتباط بين التوبة وإكذاب النفس، وقد قال -تعالى- بعد ذكر حكم القاذف:"إلا الذين تابوا من بعد ذلك" [النور:5] ، فإن قيل: كيف يكون عدلاً ولا تقبل شهادته؟ فالجواب: أن بين الرواية والشهادة فرقاً، فالشهادة يطلب فيها العدد ولا تقبل شهادة الواحد وإن كان عدلاً، ولذا احتجنا إلى تتميم النصاب باليمين المكملة، ولا تقبل شهادة ذي الظنة والجنة ولا شهادة الفرع لأصله والعكس مع قبول روايتهم. ومما يجدر التنبيه عليه أن الله -تعالى- يقدّر على بعض الصحابة - رضي الله عنهم - شيئاً من الذنوب، وله في ذلك حكم منها: بيان التشريع وتنزل الأحكام، ومعرفة كيفية تطبيقها، فلو لم تقع الفتنة بين الصحابة -رضي الله عنهم- ما عرفنا أحكام البغاة، فهي إنما عرفت من تصرفاتهم -رضي الله عنهم- في الفتنة، وكذا تطبيق أحكام القذف والقاذف التي بينها عمر -رضي الله عنه- في هذه القصة، وأما من وقعت منهم تلك الأشياء فلهم من سابقة الصحبة والجهاد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ونصرته، والحسنات المكفرة والإيمان والتوبة ما يمحو الله به السيئات، والله -تعالى- أعلم.

حال المستظل بن حصين الأزدي

حال المستظل بن حصين الأزدي المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 25/10/1425هـ السؤال روى الحاكم في مستدركه أثرًا عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه- رجاله ثقات إلا المستظل بن الحصين أبو الميثا، فما حاله؟ خصوصًا أنه ليس من رجال كتب السنة، ولا من رجال (تعجيل المنفعة) أو (لسان الميزان) . الجواب هذا الراوي هو: المستظل بن حصين الأزدي البارقي، أبو ميثاء الكوفي، وهو تابعي قديم، حتى ذُكر في الصحابة خطأ، وعُدَّ من المخضرمين، كما تجده في الإنابة إلى معرفة المختلف فيهم من الصاحبة لملغطاي (رقم:9506) ، والإصابة لابن حجر (6/290) ، وتذكرة الطالب المعلم بمن يقال إنه مخضرم لبرهان الدين الحلبي (26) . سمع عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وحذيفة بن اليمان، وجرير بن عبد الله البجلي، ويقال: عن أبي ذرّ أيضًا. وروى عنه شبيب بن غردقة البارقي [وهو تابعي ثقة من رجال الجماعة] ذكره البخاري في التاريخ الكبير (8/62) ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/429) ، ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلاً. لكن ترجم له ابن سعد في الطبقات (8/250) ، وقال عنه: "كان ثقة قليل الحديث". وقال عنه العجلي (رقم:1706) : "كوفي تابعي ثقة". وذكره ابن حبان في الثقات (5/463-462) . وأخرج له الحاكم في المستدرك (4/428) ، وصحح إسناد حديثه. وقد قال الذهبي في الموقظة (78) عمن لم نجد فيه جرحًا أو تعديلاً: "إن صحح له كالدارقطني والحاكم، فأقل أحواله حُسن حديثه". فكيف بمن وجدنا فيه توثيقًا دون جرح؟! وأخرج له أيضًا الضياء في المختارة مصححًا له بذلك (1/398رقم281) . فرجل من طبقة هذا التابعي الكبير المخضر، في جلالة هذه الطبقة وفضلها، ويوثقه أولئك الأئمة بالقول الصريح، وبالفعل المقتضي للتوثيق، ولم يجرحه أحد لا شك أنه ثقة. وانظر لتكملة مصادر عناصر ترجمته وضبط كنيته الكتب التالية: الجعديات لأبي قاسم البغوي (رقم:2385-2386) ، ومسند البزار (7/340-341رقم2938) ، والكنى لمسلم (110) ، والمعجم الكبير للطبراني (2/347-348رقم2457، 3/44رقم2631) ، والمعجم الوسيط (رقم371) ، والمؤتلف والمختلف للدارقطني (4/7-21) ، والإكمال لابن ماكولا (7/307) ، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين (8/322-323) ، وتاج العروس للزبيدي (ميث 5/366) .

توثيق ابن حجر

توثيق ابن حجر المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 17/8/1423هـ السؤال السلام عليكم. لله الحمد والمنة فقد أشرفت على موسوعة الحافظ ابن حجر العسقلاني في الأحاديث التي حكم عليها الحافظ في جميع مؤلفاته، وخرجت الموسوعة عن مؤسسة الحكمة في ستة مجلدات كبار، ورغم ما بها من أخطاء في الطباعة أو غير ذلك فيبقى جهداً به من الخير ما به، واليوم وقد شرعت -ولله الحمد- بموسوعة الرجال الذين تكلم عليهم الحافظ ابن حجر، وقد شارفت على الانتهاء من الجمع، وفكرة الموسوعة هي: (1) جرد الكلام الموجود في جميع مؤلفات الحافظ المطبوعة حول الرجال. (2) لا يدخل في هذه الموسوعة كلام الحافظ في (التهذيب، التقريب، تعجيل المنفعة، اللسان، الإيثار بمعرفة رواة الآثار) . واكتفيت بذكر إحالة على هذه المؤلفات، أما الكلام في غير هذه المؤلفات فقد ذكرته بنصه، وقد تحصل لنا فوائد كثيرة أذكر منها مثالاً لا حصراً: 1. الكلام على رواة لم يتكلم الحافظ حولهم في المؤلفات السالفة. 2. إضافة معلومات جديدة حول الرواة. 3. معلومات دقيقة تنفع في علم العلل ومقارنات دقيقة. السؤال: في مواضع كثيرة يذكر الحافظ أن هذا الحديث رجاله ثقات، أو عبارة وثقوا، أو سنده صحيح. هل أبحث في هذه الأسانيد، وأذكر الرجال الذين أشار لهم الحافظ؟ وسبب سؤالي: أني وجدت الحافظ يذكر هذه العبارة ويعني بها طرف السند لثلاثة أو أربعة رجال، أما شيوخ الراوي كالطبراني أو الطبري فلا يدخلون في شرطه، وأنا محتار هل أعد هؤلاء من شرط الكتاب أم لا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حدّه، أما بعد: فأقول وبالله التوفيق: إذا قال الحافظ أو غيره من العلماء عن إسناد:"رجاله ثقات"، أو "سنده صحيح" فالأصل أنها تدل على أن رجال الإسناد كلهم ثقات عند القائل، إلا إذا استثنى أحداً صراحة، أو دل سياق كلامه على استثناء أحد منهم، وأما إذا قال:"وثقوا" فلا يلزم من ظاهر هذه العبارة أن يكونوا ثقاتاً عند قائلها، ولكن يلزم أن يكون القائل قد علم أنه لم يخل أحد منهم من توثيق، ولو من واحد، ولو كان مخالفاً لغيره بتضعيف. لذلك أنصح السائل بما يلي: (1) أن ينقل في ترجمة جميع رجال الإسناد عبارة الحافظ التي ذكرها، إلا من استثناه صراحة، أما من لم يستثنِهِ صراحة فإنه ينقل العبارة فيه، لكن إن رأى أن ينبِّه على دلالة الاستثناء التي لاحت له في حاشية الكتاب، أو أن ينبه في مقدمة كتابه على أهمية الرجوع إلى سياق كلام الحافظ لاحتمال خروج الراوي عن أن يكون مقصوداً في كلام الحافظ حتى لا يُفهم كلام الحافظ بغير مراده، فهذا حسن، وبذلك تبرأ عُهدة السائل، ولم يُفوت فائدة (ولو محتملة) ! (2) وتخفيفاً على السائل ما لا طائل تحته، فإني أنصحه بألا يذكر تلك العبارات من عبارات التوثيق الضمني في الأئمة المشهورين الذين أغنت شهرتهم بالإمامة عن نقل أمثال تلك العبارات فيهم. وفق الله السائل لكل خير، والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وصف الحسن البصري بالتدليس

وصف الحسن البصري بالتدليس المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 26/02/1426هـ السؤال هل صحيح أن أحداً من المتقدمين لم يصف الحسن البصري بالتدليس غير النسائي؟ وأن إعلال حديثه بالتدليس لا يعرف إلا عند المتأخرين؟ وأن هذا غير سديد؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أقول وبالله التوفيق: لقد وصف الحسن البصري بالتدليس غير واحد من أئمة النقد، كخلف بن سالم (ت231هـ) ، والنسائي، وابن حبان، والحاكم. غير أن تدليس الحسن البصري الذي أكثر منه وكان له أثر في قبول عنعنته هو من نوع رواية الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه، وهو النوع الذي سماه الحافظ ابن حجر: (المرسل الخفي) ، وفرق بينه وبين (التدليس) . وهذا التفريق خطأ لم يسبق الحافظ ابن حجر إليه، والعلماء قبله بخلافه. وهذا النوع من التدليس (وهو رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه) ، يقتضي أن لا تقبل عنعنة المكثر منه عمن روى عنه حتى نعلم أنه قد سمع من روى عنه، ولو في حديث واحد من أحاديثه عنه، لنضمن أن هذا الراوي قد سمع من هذا الشيخ، وأنه في روايته عنه ليس من قبيل ما عرفناه عنه من أنه يروي عمن عاصره ولم يلقه. فإذا ثبت السماع (ولو في حديث واحد) من ذلك الشيخ حملنا عنعنته عنه بعد ذلك على السماع. هذا هو حكم هذا النوع من التدليس، وهو حكم لم ينص عليه أحد في كتب علوم الحديث؛ إلا أني استنبطته من تصرفات أئمة النقد، ومن غير ذلك. وقد بسطت الكلام عنه في كتابي (المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس) ، واستفاد هذا الحكم منه أهل زماننا، مع العزو أحياناً، ودون عزو أحياناً أخرى. وإذا كان هذا هو نوع تدليس الحسن البصري، وذا هو حكمه، فإن القول بأن العلماء لم يكونوا يعلون الأحاديث المعنعنة للحسن بذلك قول مجانب للصواب كل المجانبة، فما زال العلماء يتوقفون في سماع الحسن ممن روى عنه، حتى يثبت عندهم سماعه، لتدليسه هذا النوع من التدليس. كما تراه موسعاً بيانه في كتابي المشار إليه. نعم إطلاق..القول برد عنعنة الحسن، حتى عمن عرفناه بلقائه وسماعه منه، لا أعرفه عن أحد من أئمة النقد المتقدمين، بل واضح أحكامهم وتطبيقاتهم بخلافه. والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

التفريق بين السنة والعادة

التفريق بين السنة والعادة المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 26/8/1424هـ السؤال بالنسبة لوضع الإثمد للعينين أو تطويل الشعر أو أكل الثريد وغيرها, هل هي عادات يحبها النبي صلى الله عليه وسلم, أم عبادات نؤجر إذا اتَّبعناه فيها؟. الجواب هذه الأمور بعض العلماء اعتبرها من العادات، وبعض العلماء قال: إن الوصف هو المطلوب فيه الاقتداء، بمعنى أن الطريقة التي وضع بها الإثمد في عينه، أو الطريقة التي أكل بها هي التي تعتبر من الشرع، ولهذا قال صاحب مراقي السعود في نظم جمع الجوامع: وفعله المركوز في الجبلة *** كالأكل والشرب فليس ملة من غير نفي الوصف، أي أن الأفعال المركوزة في الجبلة أي الأفعال الطبيعية ليست شرعاً، إلا أننا إذا لمحنا الوصف أي: الطريقة التي أتى بها بالفعل نقول: إن هذه الطريقة يستحب للإنسان أن يسلكها إذا كان يريد أن يضع إثمداً في عينه، فعليه مثلاً أن ينظر إلى الطريقة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يضع الإثمد في عينه ويبدأ باليمنى ... إلخ، ولكن العلماء يختلفون في بعض الأفعال هل هي من العبادات أم من العادات، كحجه - صلى الله عليه وسلم - راكباً انظر ما رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- وكضجعة الفجر، أي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضجع بعد ركعتي السنة بينها وبين صلاة الفجر انظر ما رواه البخاري (626) ، ومسلم (736) من حديث عائشة -رضي الله عنها- فهنا يختلف العلماء فبعضهم قال هذه من العبادة، وبعضهم قال إنها من العادة، فذهب الإمام أحمد إلى أنها مستحبة، وذهب الإمام مالك إلى غير ذلك، وقال: إنها من العادات، ولهذا قال في مراقي السعود بأن هذه الأشياء يختلف فيها: والحج راكباً عليه يجري *** كضجعة بعد صلاة الفجر فالأمر سهل إن شاء الله، ومن شاء أن يفعله فذلك خير، ومن تركه فلا شيء عليه إن شاء الله.

حول حفظ أبي هريرة -رضي الله عنه-

حول حفظ أبي هريرة -رضي الله عنه- المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 10/11/1425هـ السؤال قرأت أن ذاكرة أبي هريرة، رضي الله عنه، لم تكن جيدة، وأنه كان ينسى كثيرًا، فلا تكون الأحاديث التي يرويها صحيحة، وسأنقل لكم جزءًا من كامل النص وأرجو أن تخبروني عن صحة ذلك من عدمه، وأيضًا أريد معرفة منزلة الإمام الزركشي بين أهل السنة والجماعة، وأن عائشة، رضي الله عنها، نازعت في كثير من أحاديث أبي هريرة، رضي الله عنه، وقررت في كثير من الأحيان أنه لا يسمع جيدًا، وأنه عندما يُسأل يعطي أجوبة خاطئة (الزركشي صفحة 116) ، وأيضًا ذكر العسقلاني نقلاً عن أبي هريرة، رضي الله عنه، في مناقب الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قولَه: "نريد أن نقول أشياء كثيرة لكننا نخاف من هذا الرجل (عمر) . الإصابة للعسقلاني (مجلد 7، صفحة 44) . الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: ما قرأته عن أبي هريرة، رضي الله عنه- غير صحيح، وهذا كلام بعض المغرضين الذين يريدون النيل من أبي هريرة، رضي الله عنه، والتشكيك فيه؛ حتى يتسنى لهم التشكيك في الأحاديث التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم- بالحرص على الحديث. انظر صحيح البخاري (99) . وشهد له الصحابة، رضي الله عنهم، بالحفظ والضبط لما يحدِّث به، قال الإمام الشافعي: (أبو هريرة أحفظ مَن روَى الحديث في عصره) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هو حافظ الأمة على الإطلاق، يؤدي الحديث كما سمعه ويدرسه بالليل درسًا، فكانت همته منصرفة إلى الحفظ وتبليغ ما حفظه كما سمعه) [مجموع الفتاوى (4/ 94) ] ، وقد سبق أن فصلت القول في هذه القضية والإجابة عن الشبهات التي أثيرت حول أبي هريرة، رضي الله عنه- في جواب نشر في الموقع فراجعه إن شئت. وأما كون عائشة، رضي الله عنها، قد استدركت على أبي هريرة، رضي الله عنه، فعائشة، رضي الله عنها، استدركت على أبي هريرة وغيره من الصحابة، رضي الله عنهم، مثل: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنهم، وهذا حسب اجتهادها، وقد يكون الصواب معها في بعض ما استدركته، وقد يكون الصواب والحق مع غيرها، وهذه قضايا اجتهادية بين الصحابة، رضي الله عنهم، والتفصيل في كل قضية يطول. أما الإمام الزركشي، فهو: محمد بن عبد الله بن بهادر بن عبد الله الزركشي، أبو عبد الله بدر الدين، مصري المولد والوفاة، ولد سنة (745 هـ) ، وأخذ عن الشيخين: جمال الدين الأسنوي، وسراج الدين البلقيني، ورحل إلى حلب فأخذ عن الشيخ شهاب الدين الأذرعي، وسمع الحديث بدمشق وغيرها، وكان فقيهًا أصوليًّا أديبًا فاضلًا، ودرّس وأفتى، وكان أكثر اشتغاله بالفقه وأصوله وعلوم الحديث والقرآن والتفسير، وقد ترك فيها أكثر من ثلاثين مصنفًا، ومن أشهر مؤلفاته: البرهان في علوم القرآن، التذكرة في الأحاديث المشتهرة، النكت على ابن الصلاح، وغيرها. توفي بمصر سنة (794 هـ) . وقد سبقه إلى التأليف في هذا الموضوع- وهو جمع ما استدركته عائشة على الصحابة- أبو منصور عبد المحسن محمد بن على الشيحي البغدادي (ت 489هـ) ، والكتاب مطبوع بعنوان: جزء فيه استدراك أم المؤمنين عائشة على الصحابة، رضي الله عنهم. ينظر: ترجمة الإمام الزركشي في: شذرات الذهب (6/335 - 336) . وأما ما نقل عن عمر، رضي الله عنه، فمن المعروف أن عمر رضي الله عنه كان يشدد على الصحابة، رضي الله عنهم، في التحديث من باب الاحتياط للسنة، والتثبت في النقل، خشية أن يؤدي التوسع في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوقوع في الخطأ والوهم، وقصة عمر مع أبي موسى الأشعري، رضي الله عنهما، مشهورة، فقد روى الإمام مسلم (2154) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: جَاءَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنهم، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُم، هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ. فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُم، هَذَا أَبُو مُوسَى، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، هَذَا الْأَشْعَرِيُّ. ثُمَّ انْصَرَف، َ فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ، رُدُّوا عَلَيَّ. فَجَاءَ، فَقَال: َ يَا أَبَا مُوسَى: مَا رَدَّكَ؟ كُنَّا فِي شُغْلٍ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلَّا فَارْجِعْ". قَالَ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَعَلْتُ وَفَعَلْتُ. فَذَهَبَ أَبُو مُوسَى، رضي الله عنه، قَالَ عُمَرُ: إِنْ وَجَدَ بَيِّنَةً تَجِدُوهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ عَشِيَّةً، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً فَلَمْ تَجِدُوهُ. فَلَمَّا أَنْ جَاءَ بِالْعَشِيِّ وَجَدُوهُ، قَالَ: يَا أَبَا مُوسَى، مَا تَقُولُ؟ أَقَدْ وَجَدْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ. قَالَ: عَدْلٌ. قَالَ: يَا أَبَا الطُّفَيْلِ، مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَلَا تَكُونَنَّ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ. هذا والله أعلم.

منزلة أئمة النقد

منزلة أئمة النقد المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 2/7/1424هـ السؤال عندي سؤال يختص بكتب الرجال، كيف نعلم أن مؤلفي تلك الكتب لم يكذبوا فيما ذكروه عن الرواة فينسبون الكذب إلى الصادق؟ كيف نتيقن من عدالة الذين يقومون بالجرح والتعديل؟ في إمكان الشيعي أن يزعم أن علماءنا كذابون وأن الراوي المجروح في كتبهم صادق في واقع الأمر، كيف نرد عليهم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أقول وبالله التوفيق: إن هذا المشكك الذي أشار إليه السائل ينحو منحى الشكاك الذين لا يرون شيئاً من الأدلة قائماً بشيء من الاستدلال، الذين إذا أطردوا في منهجهم هذا آل بهم الأمر إلى الشك في الموجودات والمحسات كلها، وقد وصل الأمر ببعضهم إلى ذلك فعلاً، قديماً وحديثاً. فما الفرق بين هذا التشكيك وتشكيك من يقول: إن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لم يكن من جلة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن يزعم أنه قد اختلق له ما يدل على ذلك ... بإمكان كل أحد أن يفترض هذه الافتراضات التي لا ترجع إلى عقل ولا تعرف البراهين؛ وإلا: فهل يحتاج النهار إلى دليل. لقد كان أئمة الجرح والتعديل يعيشون بين الناس، ويعاشرونهم، ولم يكونوا محجوبين في سراديب. فعرفهم الناس كما يعرفون الناس، بل كما يعرفون رؤوس الناس، فقد كانوا أئمة ينظر إليهم، ويقتدى بهم، ويحتكم إليهم، ويتناقل الناس أخبارهم، ويروون أقوالهم، ويستشهدون بآرائهم. ثم هم مع ذلك تصدوا للكلام في رواة السنة جرحاً وتعديلاً، وهو تصدٍ صعب، وتصدر له تبعاته وأخطاره، وأنظار الناس وألسنتهم لمن تصدى له متوجهة، خاصة من تكلم فيه وجرح، أو من يمت له بصلة قرابة أو تمذهب أو أي صلة تدعو للانتصار له. ثم يموت هؤلاء العلماء الذين جرحوا وعدلوا، وتبقى أقوالهم على تعاقب الأجيال وتقلب الأحوال، ومع ذلك كله فلم يستطع أحد ممن في عصرهم (أو بعدهم) أن يتهمهم في عدالتهم ودينهم، كما يريد هذا المشكك أن يتهمهم به، مع كل دواعي اشتهار ذلك عنهم لو كان فيهم شيء من ذلك، وحاشاهم منه!! لقد استفاضت عدالة أولئك العلماء وتواترت أخبار ديانتهم وعظيم ورعهم في زمنهم وبعد زمنهم. والتواتر من أقوى الأدلة، كما تواتر الناس على وجود الصين، فنحن نصدق بها وإن لم نرها. وهذا أمر متفق عليه جميع العقلاء، ولم يخالف فيه إلا قوم من المرضى بداء الشك. ثم قد قامت أدلة أخرى كثيرة لا يمكن أن تحصى على تمام ورعهم وعلى صدقهم في تحري الحق، دون محاباة لأحد، أو اعتداء على أحد. حيث منهم من جرح أباه، ومنهم من جرح ابنه، وصديقه، وقريبه. وفي المقابل: أثنوا على من يستحق الثناء عليه ممن يخالفهم في المذهب، وأثنوا عليهم بما فيهم من الخير، مع تنبيههم على خطئهم أو بدعتهم. وأقوالهم في ذلك شهيرة كثيرة، ليست تحتاج إلى ضرب أمثلة. وإنما على المشكك أن يرجع إلى أقوالهم، إن كان قصده معرفة الحق بدليله. ولكن لا بأس بأن أضرب مثالاً واحداً، فهذا الإمام ابن خزيمة يقول عن عباد بن يعقوب الرواجني، وهو من علماء الشيعة وغلاة الرافضة: "حدثني الصدوق في حديثه المتهم في دينه"!! هذا مثال واحد من ألوف الأمثلة عن صدق وورع أئمة الجرح والتعديل، وعلى كمال إنصافهم حتى لمن خالفهم. وأخيراً أقول: إن مآل كلام هذا المشكك التشكيك في دين الإسلام كله؛ لأن السنة - وهي بيان القرآن ووحي الله معه - إنما عرفناها من طريق هؤلاء العلماء، فالطعن فيهم طعن في القرآن والسنة!! وعليه فإن كان هذا المشكك بلغ به الأمر إلى حد الشك في أصل الدين، فيتبدأ معه من أولى الخطوات: فأولاً: نثبت له نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - من خلال دلائل نبوته في القرآن والسنة وغيرهما. إذا أقر بذلك تبين له أن هذا يلزمه بتصديق أن القرآن كلام الله تعالى، منزل من ربنا عز وجل إلى رسولنا - صلى الله عليه وسلم-. فإذا أقر بذلك، بينَّا له أن ذلك يلزمه باعتقاد حفظ السنة، من جهتين: وهي أن القرآن قد وعد الله فيه بحفظه "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، وحفظ القرآن لا يتم إلا بحفظ السنة، لأن السنة هي المفسرة للقرآن، حيث إن بيان القرآن إحدى أعظم وظائف النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قال تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم". والجهة الثانية: أن القرآن أمر في آيات كثيرات بطاعة النبي - صلى الله عليه وسلم- وبالتحذير من مخالفته، وحث على أن نتخذه قدوة وأسوة، وهذه الأوامر ستكون تكليفاً بمالا يستطاع فيما لو ضاعت السنة، ولا يصح شرعاً وعقلاً أن يكلف الله نفساً إلا وسعها؛ فدل ذلك على أن السنة محفوظة ولابد. فإذا أقر بوجوب حفظ السنة، سألناه هل بلغتنا السنة إلا بجهود هؤلاء العلماء؟! وهل عرفنا صحيحها من سقيمها إلا من خلال علمهم وأحكامهم؟! فلو كان أولئك العلماء على ما ادعى ذلك المشكك لزم ضياع السنة، وهذا ما فرغنا من كونه مستحيلاً آنفاً. فلم يبق أن أولئك العلماء على ضد ما ادعاه ذلك المشكك، وأنهم حفظوا السنة، وميزوا بين صحيحها وسقيمها، وفرقوا بين مقبول رواتها ومردودهم. إذن خرجنا أن أولئك العلماء لا يجوز فيهم أن يكونوا كما ادعاه ذلك المشكك شرعاً وعقلاً. والمجال يتسع فيه المقال، لكن الوقت أثمن من أن نمضيه في الرد على كلام من لا يرجع إلى دليل، ولا يعرف صحة برهان. والله الهادي إلى سواء السبيل. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه والله أعلم.

الأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد

الأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 3/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حديث الآحاد يؤخذ به في العقائد، ما حكم منكر نزول سيدنا عيسى عليه السلام؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أقول وبالله التوفيق: أما خبر الآحاد الذي يصححه أهل الحديث ويقبلونه فهو حجة في العقائد والأحكام، بإجماع الصحابة- رضي الله عنهم - والتابعين وتابعيهم، إذ كانوا - رضي الله عنهم- يروون أحاديث الآحاد في العقائد، ويعتقدون بما تضمنته من العقائد والأخبار الغيبية، ولا يفرقون بينها وبين أحاديث الأحكام في شروط القبول وأسباب الرد، بل يوجبون في أحاديث العقائد ما يوجبونه في أحاديث الأحكام من التثبت والتحري. وقد قال الإمام الشافعي في كتابه (الرسالة) : (ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه، بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي. ولكن أقول: لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد، بما وصفت من أن ذلك موجود على كلهم) الرسالة للشافعي (457-458 رقم 1248-1249) . وقال ابن عبد البر الأندلسي الفقيه المالكي الشهير (ت463هـ) ، وهو يتكلم عن خبر الآحاد وموقف العلماء منه: (وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده، على ذلك جميع أهل السنة) . (التمهيد لابن عبد البر1/8) . وقال ابن قيم الجوزية (ت751) وهو يرد على من لم يحتج بخبر الآحاد في العقائد من أهل البدع، (وأما المقام الثامن: وهو انعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه الأحاديث، وإثبات صفات الرب -تعالى-بها. فهذا لا يشك فيه من له أقل خبرة بالمنقول. فإن الصحابة - رضي الله عنهم- هم الذين رووا هذه الأحاديث وتلقاها بعضهم عن بعض بالقبول، ولم ينكرها أحد منهم على من رواها، ثم تلقاها عنهم جميع التابعين، من أولهم إلى آخرهم ... " (مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم: (577) . وبناءً على ذلك: فإن رد خبر الآحاد في العقائد منهج بدعي يخالف إجماع أهل السنة والجماعة. بل إن رد خبر الآحاد في العقائد يؤول إلى رد السنة كلها، كما قال الإمام أبو حاتم ابن حبان (ت354هـ) ، في مقدمة صحيحة: (فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد) ، إلى أن قال: (وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد، فقد عمد إلى ترك السنن كلها؛ لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد) . (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان: (1/156) ، وأما إنكار نزول عيسى -عليه السلام- في آخر الزمان، فلا شك أنه خطأ كبير، لا يكون إلا عن جهل بنصوص الكتاب والسنة الواردة في ذلك، أو عن منهج مبتدع في طريقة التعامل مع أدلة القرآن والسنة، لن يكون إنكار نزول عيسى -عليه السلام- معه أول ضلالاته ومنكرات آرائه المبنية عليه، ولا آخرها. ولقد جاء ما يدل على نزول عيسى عليه السلام في القرآن الكريم، في ثلاث آيات منه، وهي: قوله -تعالى-: "وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً" [النساء:159] ، ومعنى الآية: ليس أحد من اليهود والنصارى إلا وسيؤمن قطعاً وجزماً بعيسى -عليه السلام-، عبد لله -تعالى- ورسولاً منه -سبحانه-، وذلك سيكون قبل موت عيسى -عليه السلام-، ومعلوم أن هذا لم يقع حتى الآن، مما يعني أنه مما سوف يقع فيما نستقبله من الزمان. وقوله -تعالى-: "وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ" [الزخرف: من الآية61] ، لقد كانت الآيات قبل هذه الآية تتحدث عن عيسى -عليه السلام-، فالضمير في هذه الآية يعود إليه -عليه السلام-. والمعنى: إن عيسى -عليه السلام- شرط وعلامة من علامات الساعة التي تعلم بها، فسمي الشرط علماً لحصول العلم به. وقوله -تعالى-: "وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً" [آل عمران: 46] . ووجه دلالة هذه الآية على نزول عيسى -عليه السلام- أن الله -تعالى- عدد بعض خصائص عيسى -عليه السلام- ودلائل نبوته، فكان منها كلامه في المهد وهو رضيع، وكلام الرضيع من الخوارق الدالة على النبوة ولا شك. فما هو وجه ذكر كلامه وهو كهل، والكهولة سن بداية ظهور الشيب، والأصحاء كلهم يتكلمون في هذا السن؟! إن ذكر الكلام في سن الكهولة في سياق ذكر خصائص عيسى -عليه السلام-، والخوارق التي تدل على نبوته فيه إشارة واضحة إلى أن هذا الكلام سيكون في حالة تكون معها إحدى خصائصه أيضاً الدالة على نبوته، وهذه الحالة لم تقع فيما مضى من حياته التي كان فيها بين الناس، وذلك مما لا يخالف فيه اليهود والنصارى والمسلمون. فلم يبق إلا أن هذه الخصيصة ستتحقق فيما نستقبل من الزمان، وهذا يعني أن عيسى -عليه السلام- سيعود بين الناس، لتتحقق له هذه المعجزة، وهي كلامه كهلاً. ومع هذه الآيات فهناك أحاديث صحيحة كثيرة في نزول عيسى -عليه السلام-، ومنها أحاديث أخرجها البخاري ومسلم في صحيحيهما، اللذين هما أصح الكتب بعد كتاب الله، وهي أحاديث تلقتها الأمة بالقبول، فهي مفيدة لليقين، حتى عند أهل البدع من أهل الكلام، الذين لا يحتجون بأخبار الآحاد في العقائد، بل لقد وصفت أحاديث نزول عيسى عليه السلام بالتواتر، ووصفها بذلك جمع كبير من أهل العلم، ومنهم: (1) ابن جرير الطبري (ت310هـ) في تفسير (5/451) في تفسير الآية (55) من سورة آل عمران. (2) وأبو الوليد ابن رشد المالكي (ت520هـ) في البيان والتحصيل (18/255) . (3) وعبد الحق بن عطية المالكي (ت541هـ) في تفسيره (308) ، في تفسير الآية (55) ، من سورة آل عمران. (4) وابن كثير (ت774هـ) ، في تفسيره (7/236) ، في تفسير الآية (61) من سورة الزخرف. (5) والشوكاني (ت1250هـ) ، له كتاب: (التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح) . (6) والكتاني (1345هـ) ، فقد ذكره في كتاب: نظم المتناثر من الحديث المتواتر (رقم 291) . (7) ومحمد أنور شاه الكشميري (ت1352هـ) ، له كتاب: التصريح بما تواتر في نزول المسيح. ولذلك فقد ذهب بعض أهل العلم إلى تكفير من أنكر نزول عيسى -عليه السلام-، مع علمه بالنصوص الواردة في ذلك، كما ذهب إليه العلامة محمود شكري الألوسي البغدادي (ت1342هـ) ، في تفسيره (روح المعاني) ، في تفسير الآية رقم (44) من سورة الأحزاب (22/34) . ولا شك أن التكفير له شروط، ولا يفقهها كل أحد. لكن هذا كله يدل على بعد إنكار نزول عيسى -عليه السلام- عن الصواب، وأن على قائل ذلك الرجوع إلى الحق، وأن لا يتكلم إلا بعلم، وأن يسلم لنصوص الوحيين: الكتاب والسنة. هدى الله الجميع إلى مرضاته، وبلغنا أعالي جناته. والله أعلم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

هل في البخاري أحاديث ضعيفة

هل في البخاري أحاديث ضعيفة المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 24/12/1424هـ السؤال هل صحيح أن الشيخ الألباني وجد أحاديث لا ترقى إلى الصحة في صحيح البخاري؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: أقول وبالله التوفيق: نعم.. لقد ضعَّف الشيخ الألباني أحاديث قليلة جداً في صحيح البخاري، ولكن لا يلزم من تضعيف الشيخ لها أن تكون ضعيفة بالفعل، بل قد تكون صحيحة كما ذهب إلى ذلك البخاري من قبل، وقد تكون ضعيفة فعلاً. فتضعيف الشيخ الألباني - عليه رحمة الله- اجتهاد منه، قابل للقبول والرد. لكن العلماء قد نصوا أن أحاديث الصحيحين (صحيح البخاري وصحيح مسلم) كلها مقبولة، إلا أحاديث يسيرة انتقدها بعض النقاد الكبار، الذين بلغوا رتبة الاجتهاد المطلق في علم الحديث. وأن ما سوى تلك الأحاديث اليسيرة، فهي متلقاة بالقبول عند الأمة جميعها. وبناء على ذلك: فإن الحديث الذي يضعفه الشيخ الألباني في صحيح البخاري له حالتان: الأولى: أن يكون ذلك الحديث الذي ضعفه الألباني قد سبقه إلى تضعيفه إمام مجتهد متقدم، فهذا قد يكون حكم الشيخ الألباني فيه صواباً، وقد يكون خطأ، وأن الصواب مع البخاري. الثانية: أن يكون الحديث الذي ضعفه الألباني لم يسبق إلى تضعيفه، فهذا ما لا يقبل من الشيخ -رحمه الله-؛ لأنه عارض اتفاق الأمة على قبول ذلك الحديث (كما سبق) . والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

معنى الجرح والتعديل ومن يقوم به

معنى الجرح والتعديل ومن يقوم به المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 15/1/1425هـ السؤال ارجو أن توضحوا لي باختصار ما معنى: (الجرح والتعديل؟) ومن يقوم به؟ ومن أين جاء؟ مع الأدلة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبعد: الجرح في اللغة: التأثير في الجسم بالسلاح ونحوه، يقال: جرحه جرحاً إذا أثر فيه، ويكون الجرح معنوياً فيقال: جرحه بلسانه أي: شتمه، وسبه، وقال بعض أئمة اللغة: (الجُرح- بالضم - يكون في الأبدان بالحديد ونحوه، والجَرح - بالفتح - يكون باللسان في المعاني والأعراض ونحوها. وقد استعمل المحدثون الجرح في نقد الرواة والمقصود به: وصف الراوي بما يقتضي تليين روايته أو تضعيفها أو ردها، مثل قولهم: لين الحديث، سيىء الحفظ، مجهول، متروك، متهم بالكذب، كذاب، وضاع. والتعديل في اللغة: التسوية، وتقويم الشيء وهو ضد الجور.. والتعديل عند المحدثين: وصف الراوي بما يقتضي قبول روايته، مثل قولهم: ثقة متقن، ثقة ثبت، ثقة، حجة، صدوق، لا بأس به، وذلك إذا تحقق فيه شرطان هما: عدالة الراوي وضبطه، كما أن جرح الراوي يكون بسبب اختلال هذين الشرطين أو أحدهما.... والمراد بالعدالة: ملكة تحمل المرء على ملازمة التقوى والمروءة، والمراد بالتقوى: اجتناب الأعمال السيئة من شرك أو فسق أو بدعة، وأما المروءة فآداب تحمل الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات، ويرجع في معرفتها إلى العُرْف، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص والبلدان. والمراد بالضبط: الضبط نوعان هما: ضبط الصدر وضبط الكتاب، فضبط الصدر: أن يكون الراوي يقظاً غير مُغَفَّل بل يحفظ ما سمعه ويُثْبِتُه، بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء، مع علمه بما يحيل المعاني إن روى بالمعنى. وضبط الكتاب: صيانته لديه منذ سمع فيه وصححه إلى أن يؤدي منه، والأدلة على اعتبار العدالة والضبط في الرواة: الأصل في اعتبار عدالة الراوي قوله -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات: 6] ، ووجه الدلالة أن الآية نص في وجوب التبين والتثبت من حقيقة خبر الفاسق. والأصل في اعتبار الضبط الحديث المشهور: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلَّغها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه..... "الحديث أخرجه الترمذي (2580) وغيره من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، وفي بعض رواياته: ".... سمع منا شيئاً فبلغه كما سمع" عند الترمذي (2657) ، ووجه الدلالة: (1) أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فحفظها) نص على الحفظ، وهو يشمل الحفظ في الصدر وفي الكتاب. (2) وقوله: " فبلغه كما سمع " نص على اعتبار الضبط عند الأداء، وجرح الرواة بقدر الحاجة لا يعد من الغيبة المحرمة بإجماع المسلمين، بل هو واجب إذ يترتب عليه تميز ما يقبل من الأحاديث، وما يرد منها، ومن الأدلة على جواز الغيبة لغرض شرعي: ما أخرجه البخاري (6032) ، ومسلم (2591) من حديث عائشة -رضي الله عنها-: أن رجلاً استأذن على النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما رآه قال: "بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة"فلما جلس تَطَلَّقَ النبي -صلى الله عليه وسلم- في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت عائشة- رضي الله عنها-: يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عائشة متى عهدتني فاحشاً؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره " وفي رواية عند مسلم: " اتقاء فحشه ". ووجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- تكلم في ذلك الرجل على وجه الذم لما كان في ذلك مصلحة شرعية، وهي التنبيه إلى سوء خلقه ليحذره السامع كما يفيده قوله: " إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه " سبق تخريجه، ولذلك تطلق في وجهه وانبسط إليه مداراة له لا مداهنة، وتثبت عدالة الراوي بأحد أمرين: الأمر الأول: الاستفاضة بأن يشتهر الراوي بالصدق والأمانة والاستقامة، ويعرف بالضبط والإتقان والعلم، مثل الأئمة الأعلام كمالك وأحمد والشافعي، ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر، والاشتهار بالصدق والبصيرة والفهم. الأمر الثاني: تنصيص الأئمة على عدالة الراوي، ويكفي تعديل الإمام الواحد على القول الراجح قياساً على قبول خبر الراوي الثقة عند تفرده، ويعرف الأئمة عدالة الراوي بتتبع سيرته وحياته، وهذا يقوم به من عايش هذا الراوي، وقد يستدل على عدالة الراوي بتمعن أحاديثه، وأما ضبط الراوي فيعرف بعرض رواياته على أقرانه ممن يروي عن شيخه، فإذا وافق الثقات صار ضابطاً، وإذا خالفهم اختل ضبطه، وهو درجات، وقد يعرف ضبط الراوي باختباره مباشرة من قبل أحد الأئمة، والذي يقوم باختبار ضبط الراوي ومعرفته لعدالته هم أئمة الجرح والتعديل: كأحمد، وابن معين، وابن المديني، والبخاري وغيرهم، فالإمام أحمد أو غيره من الأئمة مثلاً عندما يقول: فلان في أحاديثه اضطراب يكون عرف ذلك بتتبع مروياته ودراسة أحاديثه. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

قولهم: (إسناده صحيح) هل يلزم منه تصحيحهم للحديث؟!

قولهم: (إسناده صحيح) هل يلزم منه تصحيحهم للحديث؟! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 04/11/1425هـ السؤال علمت من مقدمة ابن الصلاح أن قول المحدث: (إسناده صحيح) . لا يدل على صحة الحديث قطعًا عند المحدث وإلا لقال: (صحيح) . ورد عليه ابن حجر في النكت على ابن الصلاح بأن هذا ليس شأن كل المحدثين وأنه يجب الرجوع لما اطردت عليه عادة كل محدث على حدة. وأسأل الآن: هل إذا قال الألباني: إسناده صحيح رجاله ثقات. يعني أن الحديث صحيح عنده؟ بارك الله فيك. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: نعم ذكر ابن الصلاح أن قول المحدث: (هذا حديث صحيح الإسناد أو حسن الإسناد) . دون قولهم: (هذا حديث صحيح (أو حديث حسن) . لأنه قد يقال: هذا حديث صحيح الإسناد. ولا يصح، لكونه شاذًّا أو معلولاً ... [مقدمة ابن الصلاح (ص: 38) ] . وتعقبه الحافظ ابن حجر بأن هذا لا يطرد مع كل محدث بل يحتاج إلى استقراء طريقة كل محدث والنظر فيها، ولكن ذكر السيوطي عن الحافظ ابن حجر أنه قال: (والذي لا أشك فيه أن الإمام لا يعدل عن قوله صحيح إلى قوله صحيح الإسناد إلا لأمر ما) [تدريب الراوي (1/161) ] . وهذا الذي ذكره الحافظ جيد، فإن كثيرًا من الأئمة المتأخرين إذا قيدوا التصحيح أو التحسين بالإسناد، فإنهم يقصدون توفر ثلاثة شروط وهي: عدالة الراوي، ضبطه، اتصال السند. قال السخاوي: (قد يصح السند أو يحسن لاستجماع شروطه من الاتصال، والعدالة، والضبط دون المتن لشذوذ أو علة....) [فتح المغيث (1/106) ] . بل ذكر السخاوي أن من المحدثين والفقهاء من يحكم بصحة الحديث أو حسنه على وجه الإطلاق قبل النظر في سلامته من الشذوذ والعلة، وقد انتقد هذا المسلك فقال: (وأما من لم يتوقف من المحدثين والفقهاء في تسمية ما يجمع الشروط الثلاثة صحيحًا، ثم إن ظهر شذوذ أو علة رده- فشاذ، وهو استرواح حيث يحكم على الحديث بالصحة قبل الإمعان في الفحص عن تتبع طرقه التي يعلم بها الشذوذ والعلة نفيًا وإثباتًا فضلاً عن أحاديث الباب كله التي ربما احتيج إليها في ذلك) [فتح المغيث (1/17) ] . ولو نظرنا في طريقة الحاكم في المستدرك فإنه كثيرًا ما يصحح الأسانيد، ولا يشترط سلامتها من العلة، وقد نص على هذا في المقدمة حيث قال: (وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها، أن أجمع كتابًا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل ومسلم بن حجاج بمثلها، إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له....) . وقال: (وأنا أستعين بالله على إخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما، وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام أن الزيادة في الأسانيد والمتون من الثقات مقبولة ... ) . وكذلك الضياء المقدسي في (المختارة) فإنه يصحح أحاديث، ولا يشترط سلامتها من العلة، وقد نص على هذا في المقدمة حيث قال: (هذه أحاديث اخترتُها مما ليس في البخاري ومسلم، إلا أنني ربما ذكرتُ بعض ما أورده البخاريُّ معلَّقًا، وربما ذكرنا أحاديث بأسانيد جياد لها علَّةٌ.....) [الأحاديث المختارة (1/69- 70) ] وقال ابن القيم: (وقد عُلِم أن صحة الإسناد شرط من شروط صحة الحديث وليست موجبة لصحة الحديث، فإن الحديث الصحيح إنما يصح بمجموع أمور منها: صحة سنده، وانتفاء علته، وعدم شذوذه ونكارته، وألاَّ يكون راويه قد خالف الثقات أو شذ عنهم) [الفروسية لابن القيم ص (64) ] . وأما ما يتعلق بخصوص الشيخ الألباني، فقد أشار في مقدمة تمام المنة إلى أن إطلاق الصحة على الإسناد يقصد بها استيفاء الشروط الخمسة، فعلى هذا لا فرق عنده بين إسناده صحيح أو حديث صحيح، قال رحمه الله: (قول بعض المحدثين في حديث ما: (رجاله رجال الصحيح) أو: (رجاله ثقات) أو نحو ذلك لا يساوي قوله: (إسناده صحيح) ؛ فإن هذا يثبت وجود جميع شروط الصحة التي منها السلامة من العلل....) . ومن المعلوم أن الشيخ- رحمه الله- يغلب على طريقته في التحسين أو التصحيح الإطلاق دون التقيد بالإسناد. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

السنن المؤكدة

السنن المؤكدة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 09/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: ما هي السنن المؤكدة؟ ولو تكرمتم أعطوني أمثلة عليها، وهل إذا لم يؤدها الشخص يكون عليه إثم؟ أرجو الإسهاب في ذلك مع ذكر أقوال الأئمة، وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع الطيب. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن السنة كما يعرفها أهل العلم: ما يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها، ولها أمثلةٌ عديدة، منها: السنن الرواتب، والوتر، والسواك، والمبالغة في المضمضة والاستنشاق، وتخليل الأصابع، وإفطار الصائم على تمرٍ، وتكرار الحج والعمرة، والصدقة غير الزكاة، ومساعدة المحتاجين من الناس، ونحو ذلك. إلا أن هذه السنن ليست على درجةٍ واحدةٍ، بل بعضها أقوى من بعض مع اشتراكها في أفضلية الفعل، وعدم المعاقبة على الترك، ولذلك قسم أهل العلم السنن قسمين: سنن مؤكدة، وسنن غير مؤكدة. والذي يعنينا هنا السنن المؤكدة، وهي كما يعرفها أهل العلم: ما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم-; وواظب على فعله، كالسنن الرواتب، والوتر، وصلاة العيدين عند طائفةٍ من أهل العلم، وقراءة السورة بعد الفاتحة في الصلاة، وسجود التلاوة، وقيام الليل، والأضحية، وصلاة الكسوف، وصلاة الاستسقاء، وركعتا الطواف، وإبداء السلام، وعيادة المريض، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير. هذا هو المشهور عند أهل العلم في معنى السنة المؤكدة، وخلاصته أن فاعلها يستحق الثواب، وتاركها لا يستحق العقاب. إلا أن الأحناف لهم تفسيرٌ آخر للسنة المؤكدة، فهم يعنون بها الواجب، يقول الكاساني في بدائع الصنائع (1/155) : «....لأن السنة المؤكدة, والواجب سواء, خصوصا ما كان من شعائر الإسلام» ، ولا شك أن السنة بهذا المعنى تختلف عن المعنى المتقدم ذكره، وذلك من حيث الأثر المترتب على تركها، فإن تارك السنة المؤكدة بالمعنى الأول لا يأثم، لكن تارك السنة بالمعنى المشهور عند الأحناف يأثم؛ لأنها مثل الواجب، والواجب يعاقب تاركه كما هو معلوم، ومن أمثلة السنة المؤكدة عند الأحناف: صلاة الجماعة، فإنهم يصرحون بأنها سنة مؤكدة، وليس معنى هذا أنهم يجيزون التخلف عنها، ولكنهم يعنون بالسنة المؤكدة الواجب كما صرحوا هم به، ولذلك فإنهم لا يجيزون التخلف عن صلاة الجماعة من غير عذر. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الشك في أحاديث الصحيحين

الشك في أحاديث الصحيحين المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 25/04/1427هـ السؤال هل يجوز رفض حديث وارد في صحيح البخاري أو في صحيح مسلم على ضوء الحجج التالية: 1- الشك في رواية الحديث. 2- القبول بأن الحديث صحيح، لكن بسبب عدم التمكن من فهمه، أو أنه يعارض حديثاً صحيحاً آخر فيتأتى رفضه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن التعامل مع الصحيحين الذي ورد طرف منه في السؤال يجب التفريق فيه بين من له دراية بعلم الحديث وأهليته، وبين عامة الناس، بل ربما يقال حتى من طلبة العلم الذين ليس لديهم الأهلية في علم الحديث. فأما المشتغلون بعلم الحديث فهؤلاء لهم أن يناقشوا قبول أي حديث حتى وإن كان في الصحيحين، ولكن ليس ببدعٍ من القول، وإنما على ضوء القواعد الحديثية المعروفة، ومن خلال كلام من تقدم من أهل العلم، وقد أشار الحافظ ابن حجر -رحمه الله- إلى ذلك في (مقدمة فتح الباري) وذكر أمثلة من الأحاديث المنتقدة على الصحيح، والإجابة عنها. ومن أوائل من انتقد بعض أحاديث الصحيحين الإمام الدارقطني -رحمه الله- في (الإلزامات والتتبع) . ومع هذا الذي ذكرت فإنني أنبه إلى أمور: 1- أن طالب العلم لا ينبغي له التعجل في هذا الباب والاستقلال بالحكم، فإن للصحيحين من المنزلة وتلقي الأمة لهما بالقبول ما ليس لغيرهما، ولذا فإنك تجد من علماء الحديث من لم يسلّم بهذه الانتقادات كلها سوى مواضع يسيرة منها كابن الصلاح، والنووي، وابن حجر وآخرين. 2- أن الانتقاد الوارد على الصحيحين إنما هو في أحاديث معدودة نسبتها ضئيلة إلى جانب مجموع ما فيهما، ومع ذلك فكثير منها قد أجيب عنه كما تقدم. 3-أن ما يمكن انتقاده على الصحيحين يكاد أن يكون قد فرغ منه، فقد مضى على تأليف الصحيحين أكثر من ألف عام، وما من حديث قد يتطرق إليه الانتقاد إلا ذُكر خلال هذه المدة، وستجد في المقابل من يجيب عن الانتقاد سواء كان ذلك من جهة السند أو المتن. 4- -وهو أمر مهم- أن الغالب في الانتقادات الواردة كانتقادات الدارقطني -رحمه الله- إنما هو من جهة السند الذي ساقه صاحب الصحيح، مع أن متن الحديث ثابت من طرق أخرى، وكثير منها يسلّم به المنتقِد كالدارقطني. فإذاً لا يلزم من توجيه الانتقاد إلى حديث ما في أحد الصحيحين عدم ثبوته من وجه آخر. 5- أن النظر العقلي المحض وردّ الروايات الصحيحة بدعوى مخالفتها للعقل -فحسب- ليس من منهج أهل السنة، فإنهم -وإن كانوا قد يناقشون المتن منفرداً عن السند- بيد أنهم لا يطلقون العنان للعقل المجرد كي يردّ ما شاء من صحيح المنقول، وإنما تَرِدُ المناقشة عندهم في المتن -حين يقتضي الحال ذلك- على ضوء النصوص الأخرى والقواعد الحديثية والأصولية والفقهية. ولئن كان هذا في شأن أهل العلم، فهو في حق العامة أولى، إذ ليس لهم أن يردوا الأحاديث بدعوى عدم موافقتها للعقل، وأي عقل هذا الذي يتحاكم إليه؟ فإن عقول الناس وفهومهم مختلفة متفاوتة! هذا ما يتعلق بالمتخصصين في هذا العلم أما غيرهم -لا سيما عامة الناس- فلا ينبغي لهم الخوض في قضية القبول والرفض لما في الصحيحين، بل عليهم أن يأخذوا بالأصل، وهو: قبول ما في الصحيحين، لتلقي الأمة لهما بالقبول والتسليم بصحة ما فيهما في الجملة. أما ما أشير إليه في السؤال فإنما ينظر فيه أهل الاختصاص المشار إليهم أولاً، مع أن التعبير الأصح بدلاً من (الشك في رواية الحديث) (نقد الرواية) ، وأما عدم التمكن من فهم الحديث فليس عذراً في رفضه، بل يرجع إلى أهل العلم في فهمه من خلال الكتب أو السؤال، كما أن مخالفة حديث لآخر لا يلزم منها الرفض لأحدهما وردّ ما فيه، بل تجرى عليهما قواعد أهل العلم في الأحاديث التي ظاهرها التعارض، والله -تعالى- أعلم.

هل مخالفة الصحابي للسنة تدل على نسخها؟!

هل مخالفة الصحابي للسنة تدل على نسخها؟! المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 29/09/1426هـ السؤال إذا خالف فعل بعض الصحابة أو التابعين أو تابعي التابعين أمراً من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فهل يجوز أن نستند على هذا الفعل، ونقول: إن الذي ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُنة منسوخة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأود أن أقول -قبل الإجابة عن هذا السؤال- إن مخالفة الصحابي -فضلاً عمن دونه من فضلاء هذه الأمة من التابعين، وتابعي التابعين، للسنة- لا تكون إلا لعذر، ولا يمكن لإمام من أئمة الدين أن يتعمد مخالفة السنة، كما بين ذلك بجلاء شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه القيم "رفع الملام عن الأئمة الأعلام"، حيث بيّن أعذار العلماء الذين ثبتت عنهم مخالفة السنة. أما ما يتصل بسؤال الأخ عن مخالفة الصحابي، أو التابعي، أو تابع التابعي للسنة، فهل تكون تلك السنة منسوخة؟ فيقال: ذيول هذا الجواب طويلة، وهي تتصل بمسائل حديثية، ومسائل أصولية: أما الحديثية: فهي مخالفة الصحابي للسنة، فهل هذه المخالفة لما رواه هو أم غيره؟ فإن كانت المخالفة لما رواه هو، فينظر في نقد الأئمة للمرفوع والموقوف، فإنه -وبالتتبع- وُجد أنهم ينظرون إلى هذه الصورة بأحد ثلاثة طرق: إما أن يضعفوا المرفوع بالموقوف، أو بالعكس، أو يصححوا كلا الوجهين، وتفصيل ذلك ليس هذا موضعه. فينظر في ثبوت ذلك، ثم بعد ذلك ينظر إليه من الجهة الأخرى، وهي الجهة الأصولية: فبعض صور سؤال الأخ لها صلة بما يعرف بمسألة الإجماع السكوتي، ومدى حجيته، وهل هي خاصة بالصحابة، أم عامة في جميع المجتهدين؟! فإن كان المخالف من الصحابة أو من دونهم، قد خالفه غيره من أقرانه، فلا حجة فيه بلا ريب، فضلا عن أن يكون ناسخاً للسنة الثابتة. وإن كان الصحابي قال قولاً يخالف سنة مروية، ثم ينتشر عنه، ولا يُعلم أن أحداً خالفه، أو أنكر عليه، فهل يعتبر هذا القول حجة لاحتمال كونه اطلع على ناسخ؟. وفي هذه الصور خلاف -أيضاً- لكن الراجح- كما هو قول الجمهور- أنه لا يعتبر قوله دليلاً على أنه اطلع على ناسخ، لاحتمالات كثيرة. قال الحافظ العلائي -رحمه الله- في كتابه القيم (إجمال الإصابة في أقوال الصحابة) ، ص (91) : "والذي ذهب إليه جمهور العلماء أنه لا يعدل عن الخبر الظاهر، أو النص إلى مذهب الراوي -وإن قلنا إن مذهب الصحابي حجة- لأن مذهب الصحابي إنما يكون حجة إذا لم يعارضه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وظن كونه اطلع على ناسخ، أو دليل يترجح على هذا الخبر -وإن كان منقدحاً- فهو مرجوح، لما سيأتي من الاحتمالات التي تعارضه، والظن المستفاد من الخبر أرجح منه ... " ثم ذكر الاحتمالات، ويمكنك مراجعتها هناك، وينظر: إرشاد الفحول للشوكاني (113) .

أقوى الأسانيد عند الشافعي

أقوى الأسانيد عند الشافعي المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 02/05/1425هـ السؤال ما هي أقوى أسانيد الإمام الشافعي التي استخدمها؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: تلقى الإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي (150 هـ - 204 هـ) مروياته الحديثية عن جماعة من أئمة الحديث، ومن أبرزهم الإمام مالك بن أنس (ت 179 هـ) إمام دار الهجرة، حيث سمع منه الموطأ، وقد قال الإمام البخاري: أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. (علوم الحديث لابن الصلاح ص:16) ، والإمام الشافعي روى عن مالك من هذا الطريق أحاديث كثيرة، فقد روى مالك عن نافع في الموطأ ثمانين حديثاً، وهذه كلها رواها الشافعي؛ لأنه سمع الموطأ من مالك كما سبق، قال أبو منصور: أجل الأسانيد: الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، واحتج بإجماع أصحاب الحديث على أنه لم يكن في الرواة عن مالك أجل من الشافعي -رضي الله عنهم أجمعين-. وينظر بعض مرويات الشافعي بهذا الإسناد في مسنده (رقم: 164، 213، 682، 683،789، 966،) ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص:16، تجريد التمهيد ص:170، النكت لابن حجر (1/262) ، مسند الإمام الشافعي الذي جمعه أبو العباس بن يعقوب الأصم (ت 346 هـ) ورتبه محمد عابد السندي. هذا والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.

مصطلحات حديثية

مصطلحات حديثية المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 27/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمان الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نرجو من فضيلتكم أن تشرحوا لنا معاني هذه الكلمات، التي تبين نوع أو إسناد الحديث: حديث غريب, مرسل, موقوف, مرفوع, منكر, حسن, لا بأس به, حسن غريب, صحيح الإسناد, منقطع, حسن صحيح, وضعيف، وهل يعمل بأمثال هذه الأحاديث؟ نرجو من فضيلتكم توضيح وشرح هذه الكلمات. وفقكم الله لما فيه الخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فهذا بيان المصطلحات الحديثية التي سأل عنها - السائل- وهي: 1- حديث غريب: الحديث الغريب هو الذي تفرد بروايته راوٍ واحد، وهذه الغرابة قد تكون مطلقة، وقد تكون نسبية، فالغريب المطلق هو ما كانت الغرابة في أصل سنده، يعني بأن لا يكون لهذا الحديث إلا مخرج واحد، فليس له طريق آخر. وأما الغريب النسبي فهو ما كانت الغرابة في أثناء سنده، يعني له طرق متعددة، وفي أثناء بعضها وقعت الغرابة، وهي التفرد. والحديث الغريب داخل تحت تقسيم الحديث باعتبار طرقه، وهذا التقسيم ليس من حيث الصحة وعدمها، فقد يكون الحديث غريباً، ويكون إسناده صحيحاً يجب العمل به، مثل حديث: "إنما الأعمال بالنيات" رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) عن عمر -رضي الله عنه-، وقد يكون إسناد الحديث الغريب ضعيفاً لا يعمل به، وهذا كثير. 2- مرسل: أصل الإرسال الانقطاع، فما كان من الحديث مرسلاً فهو منقطع، ولكن اشتهر إطلاق ذلك على ما رفعه التابعي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. والحديث المرسل في أصله ضعيف للانقطاع الذي فيه، ولكن المراسيل تتفاوت، فمنها مراسيل قوية كمراسيل سعيد بن المسيب، ومنها غير ذلك، وقد يحتف بالمرسل ما يجعله صالحاً للاحتجاج والاستدلال عند كثير من أهل العلم، ومنهم من يحتج به مطلقاً، ومنهم من لا يحتج به أبداً، ولهذه المسألة تفاصيل تنظر في مظانها. 3- الحديث الموقوف: هو ما نسب إلى الصحابي من قوله أو فعله أو تقريره، وقد يكون الإسناد إليه صحيحاً، وقد يكون ضعيفاً، وقول الصحابي إن خالف نصاً صحيحاً فليس بحجة، وإن خالفه صحابي آخر فهي مسألة خلافية ينظر فيها، وأما إذا اتفق الصحابة - رضي الله عنهم- على شيء فهو حجة يجب العمل به. 4- مرفوع: الحديث المرفوع هو ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، ثم قد يكون صحيحاً يجب العمل به، وقد يكون ضعيفاً لا يجب العمل به. 5- منكر: الحديث المنكر يطلق على أنواع من الحديث؛ منها: الحديث الذي خالف فيه الراوي الضعيف من هو أوثق منه، كما يطلق على الحديث الذي ينفرد به راو فاحش الغلط، أو نحو ذلك وإن لم يكن فيه مخالفة، بل قد يطلق على حديث الصدوق أو نحوه إذا علم أنه غلط فيه، وقد قال الإمام أحمد بن حنبل: المنكر أبداً منكر، فالحديث المنكر لا يصح العمل به ولا الاحتجاج. 6- حسن: الحديث الحسن اشتهر في كتب المصطلح تقسيمه قسمين: 1- الحسن لذاته: وهو ما توفرت فيه شروط الحديث الخمسة، إلا أن راويه أخف ضبطاً من راوي الحديث الصحيح. 2- الحسن لغيره: وهو الحديث الذي فيه ضعف غير شديد، مثل الحديث المرسل إذا جاء ما يعضده، على تفصيل في الاعتضاد متى يكون، وبم يكون، ومبحث الحديث الحسن مبحث فيه غموض، وأشهر من ذكر هذا المصطلح واستعمله هو الإمام الترمذي، وقد اشترط في الحديث الحسن ثلاثة شروط نص عليها في خاتمة كتابه، وهي: أ- ألا يكون فيه راو متهم. ب- وألا يكون شاذاً. ج- وأن يروى نحوه من غير وجه. وأما العمل به فالمشهور في كتب المصطلح أن الحديث الحسن داخل في دائرة القبول يجب العمل به، ولكن هذا ليس على إطلاقه، خصوصاً في كلام الترمذي، فإن شروطه الثلاثة المذكورة لا يلزم منها القبول. 7- حسن غريب: سبق معنى الحسن ومعنى الغريب، وهذا المصطلح إنما يكثر من ذكره الإمام الترمذي، وليس بين الحسن والغرابة تعارض على مصطلح الترمذي، فالحسن توفرت فيه شروطه الثلاثة السابقة، وغرابته أن إسناده فرد من الوجه الذي ذكره، ولا يعني ذلك أنه لا يروى من وجه آخر، ولذا فربما قال بعد ذلك: لا نعرفه من هذا الوجه إلا من حديث فلان، وما حكم عليه الترمذي بهذا الحكم ليس يلزم من شروطه السابقة أن يكون ثابتاً، بل الظاهر خلاف ذلك، ولو كان عنده ثابتاً لقال: حسن صحيح غريب، ولكن اختلاف نسخ الترمذي في هذا كثير، فيجب التحقق من صحة النسخة. 8- لا بأس به: الظاهر أن هذا قريب من معنى الحسن على المشهور، وهو ما كان مقبولاً ولكنه دون الصحيح، وقد يكون لبعض الأئمة اصطلاح يخصه في هذه العبارة، هذا إذا كانت هذه العبارة في حكم على الحديث، أما إذا كانت في الحكم على راوٍ فهي تعني أنه متوسط من صدوق أو نحو ذلك، وبعض الأئمة -كابن معين - تعني عنده التوثيق، والله أعلم. 9- صحيح الإسناد: الصحيح ما توفرت فيه شروط خمسة متفق عليها بين الأئمة، وهي: عدالة الرواة، وتمام ضبطهم، واتصال الإسناد، والسلامة من الشذوذ، والسلامة من العلة القادحة، ولكن يستعمل بعضهم قوله: صحيح الإسناد فيما توفرت فيه الشروط الثلاثة الأولى فقط، وهذه خطوة أولى لا يصح الاعتماد عليها حتى تستعمل الخطوة الثانية بالسلامة من الشذوذ والعلة القادحة، وإنما يلجأ إلى ذلك بعضهم لحال الاستعجال أو عدم الكتب أو عدم القدرة، أو غير ذلك، وقد حصل من أجل ذلك تشويش وإيهام فينبغي فهم ذلك، وما كان من الحديث صحيحاً فيجب العمل به، أما إذا كان هذا الحكم لتوفر الشروط الثلاثة الأولى فقط، فلا يجب العمل به حتى يتحقق من سلامته من الشذوذ والعلة القادحة ليكون صحيحاً. 10- منقطع: هو ما لم يتصل إسناده في أي مكان كان هذا الانقطاع، واشتهر في كتب المتصل التفريق بين أنواع المنقطع المشهورة، الإرسال، وقد سبق، والتعليق وهو ما حذف أول إسناده من جهة المصنف، والمعضل وهو ما سقط منه رجلان فأكثر على التوالي، فالمنقطع هو ما سوى ذلك، مع صحة إطلاق اسم المنقطع على جميع هذه الأقسام كما هو المستعمل عند أئمة الحديث الأولين، والحديث المنقطع ليس بصحيح فلا يجب العمل به. 11- حسن صحيح: هذا المصطلح أكثر منه الترمذي، وقد وقع للأئمة كلام كثير في معناه، والصحيح فيه ما حققه الحافظ ابن رجب شارح جامع الترمذي، ومفاد ذلك أن الحسن الصحيح توفرت فيه شروط الحسن الثلاثة السابقة عند الترمذي مع شروط الحديث الصحيح المشهورة عند جميع الأئمة، ومعلوم أنه ليس في شروط الحسن زيادة، إلا أنه يروى من غير وجه، فيضاف هذا الشرط إلى شروط الصحيح ليكون الحديث حسناً صحيحاً، وبهذا يكون الحسن الصحيح أعلى مما قيل فيه: صحيح فقط؛ لزيادته شرطاً سادساً على شروط الصحيح، ولا شك أنه يجب العمل بالحديث الحسن الصحيح لثبوته. 12- ضعيف: الحديث الضعيف: هو ما فقد شرطاً من شروط قبول الحديث السابقة. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

مرويات الواقدي

مرويات الواقدي المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 16/08/1426هـ السؤال حصل عندي إشكال: وهو أني عندما أقرأ في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو في سير السلف أجد الكثير منقولاً عن الإمام الواقدي، وعندما نرى كلام الأئمة عنه نجد أنهم مجمعون على ضعفه، فكيف نوفق؟ وكيف يمكن أن يتساهل في السيرة والأحكام تؤخذ منها؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الواقدي هو: محمد بن عمر بن واقد الواقدي الأسلمي مولاهم، أبو عبد الله المدني، القاضي، أحد الأعلام، ولد سنة (130 هـ) ، وتوفي سنة (207 هـ) ، واتفق أئمة النقد على أنه متروك، قال الذهبي: "استقر الإجماع على وهن الواقدي"، وقد عرف عن الواقدي سعة حفظه للأخبار والسير والمغازي والحوادث وأيام الناس، ولهذا نجد أن الأئمة الذين كتبوا في التاريخ والمغازي والأخبار احتاجوا إلى ما عند الواقدي، فأوردوا شيئاً كثيراً من طريقه، ومن أمثال هؤلاء: الذهبي، وابن كثير، وابن حجر، قال ابن كثير: والواقدي - رحمه الله - عنده زيادات حسنة وتأريخ محرر غالباً، فإنه من أئمة هذا الشأن الكبار، وهو صدوق في نفسه مكثار". وقال الذهبي: "وقد تقرر أن الواقدي ضعيف، يحتاج إليه في الغزوات والتأريخ ". وقال في موضع آخر: "الواقدي جمع فأوعى، وخلط الغث بالسمين والخرز بالدر الثمين فاطرحوه لذلك، ومع هذا فلا يستغنى عنه في المغازي وأيام الصحابة وأخبارهم. " [ينظر: سير أعلام النبلاء (9/454) ] . ويظهر من صنيع هؤلاء الأئمة أن الواقدي يؤخذ عنه ما عرف اختصاصه به وهو المغازي والسير والأخبار، ولكن يحتاط فيما إذا تضمنت المرويات عنه أشياء في العقائد أو الأحكام والشريعة، وكذلك عند الاختلاف يرجح مرويات من كان أوثق منه، والله أعلم.

معنى قول الترمذي: "حسن صحيح غريب"

معنى قول الترمذي: "حسن صحيح غريب" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 01/11/1426هـ السؤال حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه خرج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فسمع رجلاً يتلو: "قل هو الله أحد"، فقال: "قد أوجبت". فقلت: ما أوجبت؟ فقال: "الجنة". رواه الترمذي وغيره من طريق الإمام مالك، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من رواية مالك. السؤال: ما معنى قول الترمذي: "حسن صحيح غريب"؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه الترمذي (2897) ،قال الترمذي: حدثنا أبو كريب: حدثنا إسحاق بن سليمان، عن مالك بن أنس، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن أبي حنين مولى لآل زيد بن الخطاب، أو مولى زيد بن الخطاب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أقبلت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمع رجلا يقرأ: "قل هو الله أحد الله الصمد" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "وجبت"، قلت: ما وجبت؟ قال: "الجنة". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث مالك بن أنس، وأبو حنين هو عُبيد بن حنين. ومعنى قول الترمذي: حسن صحيح أي أن الحديث توفرت فيه شروط الصحة، وهي: عدالة الرواة، وتمام ضبطهم، واتصال السند والسلامة من الشذوذ والعلة القادحة، وهي الشروط الخمسة المعروفة. ووصف الترمذي له بالحسن مع الصحة من باب التأكيد على صحة الحديث، وترادف العبارة لاسيما وأن بعض الأئمة المتقدمين يصفون الحديث الحسن بالصحة. قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "واختار بعض من أدركنا أن اللفظين -يعني الحسن والصحيح- عند الترمذي مترادفان، ويكون إتيانه باللفظ الثاني بعد الأول على سبيل التأكيد، كما يقال: صحيح ثابت، أو جيد قوي، أو غير ذلك" [ينظر النكت على ابن الصلاح (1/478) ] . وقال ابن دقيق العيد: "إن ههنا صفات للرواة تقتضي قبول الرواية، وتلك الصفات درجات بعضها فوق بعضٍ، كالتيقظ والحفظ والإتقان مثلاً، فوجود الدرجة الدنيا كالصدق مثلاً وعدم التهمة بالكذب لا ينافيه وجود ما هو أعلى منه كالحفظ والإتقان، فإذا وجدت الدرجة العليا لم يناف ذلك وجود الدنيا، كالحفظ مع الصدق، فيصح أن يقال في هذا: إنه حسن باعتبار وجود الصفة الدنيا، وهي الصدق مثلاً، صحيح باعتبار الصفة العليا، وهي الحفظ والإتقان" [ينظر: الاقتراح ص (176) ] . وأما وصف الترمذي له بالغرابة، فالمقصود أن هذا الحديث ليس له إلا طريقٌ واحد، فمداره على مالك بن أنس. ولهذا قال: لا نعرفه إلا من حديث مالك بن أنس. وللعلماء أقوال أخرى في توجيه جمع الترمذي بين الحسن والصحة في وصف الحديث منها: 1- أن ذلك بسبب التردد الحاصل من المجتهد في راوي الحديث، هل اجتمعت فيه شروط الصحة أو قصر عنها؟. قال الحافظ ابن حجر: "فإن جُمعا أي الصحيح والحسن في وصفٍ واحدٍ، كقول الترمذي وغيره" حديث حسن صحيح "فللتردد الحاصل من المجتهد في الناقل، وهل اجتمعت فيه شروط الصحة أو قصر عنها، وهذا حيث يحصل منه التفرد بتلك الرواية. وعرف بهذا جواب من استشكل الجمع بين الوصفين، فقال: الحسن قاصر عن الصحيح، ففي الجمع بين الوصفين إثبات لذلك القصور ونفيه. ومحصل الجواب: أن تردد أئمة الحديث في حال ناقله اقتضى للمجتهد ألا يصفه بأحد الوصفين، فيقال فيه: حسن باعتبار وصفه عند قوم، صحيح باعتبار وصفه عند قوم، وغاية ما فيه أنه حذف منه حرف التردد؛ لأن حقه أن يقول: "حسن أو صحيح"، وهذا كما حذف حرف العطف من الذي بعده، وعلى هذا فما قيل فيه: حسن صحيح دون ما قيل فيه: صحيح، لأن الجزم أقوى من التردد، وهذا حيث التفرد" [ينظر: نزهة النظر ص: 66] . وهذا التوجيه بعد أن ذكره الحافظ في كتابه النكت عن بعض المتأخرين، قال: "ويتعقب هذا بأنه لو أراد ذلك لأتى بالواو التي للجمع، فيقول: "حسن وصحيح" أو أتى بـ "أو" التي هي للتخيير أو التردد، فقال: "حسن أوصحيح". ثم إن الذي يتبادر إلى الفهم أن الترمذي إنما يحكم على الحديث بالنسبة إلى ما عنده لا بالنسبة إلى غيره، فهذا يقدح في هذا الجواب ويتوقف -أيضاً- على اعتبار الأحاديث التي جمع الترمذي فيها بين الوصفين، فإن كان في بعضها ما لا اختلاف فيه عند جميعهم في صحته، فيقدح في الجواب -أيضاً- لكن لو سلم هذا الجواب من التعقب لكان أقرب إلى المراد من غيره، وإني لأميل إليه وأرتضيه" [ينظر: النكت على ابن الصلاح (1/477) ] . 2- أنه حسن باعتبار إسناد، وصحيح باعتبار إسناد آخر، وهذا إذا كان للحديث أكثر من إسناد، قال ابن الصلاح: "إن ذلك راجع إلى الإسناد، فإذا روي الحديث الواحد بإسنادين أحدهما إسناد حسن، والآخر إسناد صحيح استقام أن يقال فيه إنه "حديث حسن صحيح". أي: أنه حسن بالنسبة إلى إسنادٍ، وصحيح بالنسبة إلى إسنادٍ آخر" [ينظر: علوم الحديث ص: 39] . وقد تعقب هذا ابن رجب، فقال: "إن الترمذي إذا جمع بين الحسن والصحة فمراده أنه روى بإسنادين: أحدهما حسن، والآخر صحيح. وهذا فيه نظر، لأنه يقول كثيراً: "حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه". 3- أن المقصود أن الحديث بين الصحة والحسن، قال ابن كثير: "والذي يظهر لي أنه يُشرِب الحكم بالصحة على الحديث كما يُشرِب الحسن بالصحة، فعلى هذا يكون ما يقول فيه: "حسن صحيح" أعلى رتبة عنده من الحسن ودون الصحيح، ويكون حكمه على الحديث بالصحة المحضة أقوى من حكمه عليه بالصحة مع الحسن، والله أعلم" [اختصار علوم الحديث ص: 47] . وتعقب ابن رجب هذا القول فقال: "ومن المتأخرين من قال: إن "الحسن الصحيح" عند الترمذي دون "الصحيح" المفرد، فإذا قال: "صحيح" فقد جزم بصحته، وإذا قال: "حسن صحيح" فمراده أنه جمع طرفاً من الصحة وطرفاً من الحسن، وليس بصحيح محض، بل حسن مشوب بصحة، كما يقال في المز: إنه حلو حامض، باعتبار أن فيه حلاوة وحموضة وهذا بعيد جداً، فإن الترمذي يجمع بين الحسن والصحة في غالب الأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها، والتي أسانيدها في أعلى درجة الصحة، كمالك عن نافع عن ابن عمر، والزهري عن سالم عن أبيه، ولا يكاد الترمذي يفرد الصحة إلا نادراً، وليس ما أفرد فيه الصحة بأقوى مما جمع فيه بين الصحة والحسن" [ينظر: شرح علل الترمذي (1/392- 393) ] . وتعقب الحافظ قول ابن كثير، فقال: "قلت لكن هذا يقتضي إثبات قسم ثالث ولا قائل به، ثم إنه يلزم عليه أن لا يكون في كتاب الترمذي حديث صحيح إلا النادر؛ لأنه قل ما يعبر إلا بقوله: حسن صحيح" [النكت على ابن الصلاح (1/477) ] . فهذه خلاصة أجوبة أهل العلم عن الجمع بين الحسن والصحة، والترمذي لم ينص على قصده بهذا الاصطلاح، ولكن فسر الحسن بأن لا يكون في إسناده متهم بالكذب، ولا يكون شاذاً، ويروى من غير وجه نحوه. فكل حديث كان كذلك فهو عنده حديث حسن." [شرح علل الترمذي (1/384) ] . ولهذا فيمكن أن يرجع في المراد بالحسن لما ذكره، قال ابن رجب: "فعلى هذا: الحديث الذي يرويه الثقة العدل، ومن كثر غلطه، ومن يغلب على حديثه الوهم، إذا لم يكن أحد منهم متهماً كله حسن بشرط أن لا يكون شاذاً مخالفاً للأحاديث الصحيحة، وبشرط أن يكون معناه قد روي من وجوه متعددة. فإن كان مع ذلك من رواية الثقات العدول الحفاظ فالحديث حينئذ حسن صحيح، وإن كان مع ذلك من رواية غيرهم من أهل الصدق الذين في حديثهم وهم وغلط -إما كثير أو غالب عليهم- فهو حسن، ولو لم يرو لفظه إلا من ذلك الوجه، لأن المعتبر أن يروى معناه من غير وجه، ولا نفس لفظه. وعلى هذا: فلا يشكل قوله: "حديث حسن غريب"، ولا قوله: "صحيح حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، لأن مراده أن هذا اللفظ لا يُعرف إلا من هذا الوجه، لكن لمعناه شواهد من غير هذا الوجه، وإن كانت شواهده بغير لفظه. وهذا كما في حديث "الأعمال بالنيات"، فإن شواهده كثيرة جداً في السنة، مما يدل على أن المقاصد والنيات هي المؤثرة في الأعمال، وأن الجزاء يقع على العمل بحسب ما نوي به، وإن لم يكن لفظ حديث عمر مروياً من غير حديثه من وجه يصح". ويحتمل أن يقال: إن الترمذي أراد بالحسن الذي فسره إذا أفرد هذه العبارة، قال الحافظ ابن رجب: "إن الترمذي إنما أرد بالحسن ما فسره به، إذا ذكر الحسن مجرداً عن الصحة، فأما الحسن المقترن بالصحيح فلا يحتاج إلى أن يروى نحوه من غير وجه، لأن صحته تغني عن اعتضاده بشواهد أخر. والله أعلم" [شرح علل الترمذي (1/384- 386) ] .

التعويل على منهج المتقدمين في تصحيح الأحاديث

التعويل على منهج المتقدمين في تصحيح الأحاديث المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل التاريخ 04/05/1427هـ السؤال أنا أَطْلُبُ العلمَ عند أحدِ طلبةِ العلمِ في مدينتنا، إلا أنه كثيرا ما يرد أحاديث صححها الشيخ الألباني، ويضعف أي زيادة على الصحيحين إذا كان المُخْرِجُ واحدًا، حتى وإن كانت من الثقات، ويقول: أنا أتبع منهج المتقدمين، ويقول: إن المتأخرين متساهلين في التصحيح، وأن المتقدمين هم أهل الصنعة. أرجو توجيهي في هذه المسألة بتفصيل (منهج المتقدمين والمتأخرين) ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فبالنسبة لما ذكرته من حال شيخك الذي تطلب العلم عنده، ويرد كثيراً من تصحيحات الشيخ الألباني -رحمه الله-، ويضعف أي زيادة على الصحيحين إذا كان المخرج واحداً -وإن كان من الثقات- ويعزو ذلك إلى منهج المتقدمين، فأقول: كثر الحديث عن منهج المتقدمين والمتأخرين في الآونة الأخيرة، وظهرت دعوة قوية للرجوع إلى طريقة المتقدمين، وكأي دعوة تصحيحية في أي منهج علمي أو دعوي، ينقسم الناس في ذلك إلى ثلاثة أقسام: قسم غالٍ في الطرح وطريقة الدعوة، وقسم جافٍ ومعارض، وقسم متوسط بين ذلك. والصواب -فيما أرى- مع المتوسطين، الذين يدعون إلى التعويل على منهج المتقدمين، مع الاعتدال في الطرح، والأدب في النقاش، والاستفادة من جهود العلماء المتأخرين، والبناء عليها -مهما أمكن- بدلاً من هدمها. والذي يخشى من هذا الاندفاع الحاصل الآن -في مسألة المتقدمين والمتأخرين- هو أنه بدأت تظهر مقالات وآراء جريئة وجازمة، وذلك بإصدار أحكام كلية في مسائل هي من أدق مسائل هذا الفن ونسبتها إلى الأئمة المتقدمين، مع أن البحث العلمي الدقيق لا يساعد على قبولها، كمسائل التدليس، والجهالة، والاتصال والانقطاع، ونحو ذلك. وقد كتبت سابقاً -كما كتب بعض أهل العلم- مقالات وأجوبة حول هذه المسألة طرحت في هذا الموقع، وفي غيره من الملتقيات العلمية، كملتقى أهل الحديث، فأوصيك بالرجوع إليها للاستفادة منها، وبالله التوفيق.

شروح حديثية

الجواب عما أشكل في حديث "سجود الشمس" المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 09/05/1427هـ السؤال في الصحيحين عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتدري أين تذهب هذه الشمس إذا غربت؟ قلت: لا. قال: إنها تنتهي فتسجد تحت العرش، ثم تستأذن، فيوشك أن يقال لها: ارجعي من حيث جئت، وذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً". أثار هذا الحديث في قلبي شبهة! إذ يفهم منه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتكلم من منطلق أن الأرض مسطحة وثابتة، والشمس هي التي تدور حولها، تخرج من المشرق، وتغرب من المغرب، أرجو توضيح ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأشكرك -أخي- على طرح مثل هذه الأسئلة، والبحث عن مخرج لما يقع في القلب من الشبه، فإن العبد إذا أهمل السؤال عن مثل هذه الأمور، ربما أدت به إلى نهايات خطيرة يدخل منها الشيطان على قلب العبد؛ فَيفسِدُ عليه دينه. أما بالنسبة لما سألت عنه، فجوابه فيما يلي: 1- اعلم -وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه- أنه إذا صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يمكن أبدا أن يكون معارضاً لما هو كائن في الواقع، بل إما أن فهمنا للواقع غير صحيح، أو فهمنا للنص غير صحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخبر إلا بالحق، وأخبار الوحي -كتاباً وسنة- لا يمكن أن يدخلها الخطأ. فيبقى الأمر -في حقنا- هو: وجوب النظر فيما يزيل هذا الإشكال الذي وقع في نفوسنا. 2- اعلم -وفقك الله- أن ظواهر الكتاب والسنة تكاد تصل إلى حد الصراحة -وأؤكد على كلمة ظواهر- في أن الحركة إنما تصدر من الشمس لا من الأرض، ومن ذلك هذا الحديث، ومنه -أيضاً- آيات كثيرة في كتاب الله تعالى، أذكرها الآن؛ ليتضح لك هذا المعنى بشكل جلي: أ- قوله تعالى: "فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً" [الأنعام:78] . فنسب البزوغ لها. ب- قوله تعالى -في قصة أصحاب الكهف-: "وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَال" [الكهف:17] . فهذه أربعة أفعال نسبت إلى الشمس: الطلوع، والغروب، والتزاور والقرض. ج- وفي قصة ذي القرنين يقول تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ". إلى قوله "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ". [الكهف:86-90] . فنسب الغروب والطلوع إليها. د- ومن أصرح الأدلة قوله تعالى: "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" إلى قوله سبحانه: "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" [يس:38-40] . فنسب الجري والإدراك للشمس. هـ- وفي قصة سليمان عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى عنها: "حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ" [ص:32] . أي أن الشمس غربت، فنسب التواري إليها.

فأنت ترى -وفقك الله- أن نسبة هذه الأفعال كلها للشمس ظاهر في أنها تتحرك. إذا علم ذلك، فاعلم أن القرآن لم ينف أن الأرض تتحرك ولم يثبت ذلك -أيضاً-، وعليه فلا تعارض بين القرآن والواقع العلمي الذي يثبت حركة الأرض، ويكون ما ذكر -من نسبة الأفعال إلى الشمس- هو باعتبار نظر العين لها. 3- فيما يخص سجود الشمس، وذهابها وسجودها تحت العرش. وكيفية تصوره مع أنها إنما تغرب عنا لتشرق على آخرين، فالجواب عنه سهل -بحمد الله- وذلك من وجهين: الأول: إنه لا مانع أن تكون الشمس في حالة سجود دائم لربها -عز وجل-، وهذا ليس بغريب إذا تصورت أن كل ما في السماوات والأرض يسجد لله، وأن سجود كل شيء بحسبه، كما قال تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ" [الحج:18] . ومن المعلوم أن سجود الآدميين ليس كسجود السماوات والأرض وبقية هذه المخلوقات العظيمة التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية، والفعل المضارع يفيد التجدد والاستمرار. ولا عجب فالملائكة -وهم مخلوقون يتكلمون ويبصرون ويقومون بوظائف جليلة- يقول الله عنهم: "يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ" [الأنبياء:20] . فإذا كان هذا في حق هذه المخلوقات التي كلفت ببعض الوظائف فما ظنك بالجمادات؟! هي من باب أولى في ديمومة سجودها لله تعالى، ومنها الشمس، فهي في حالة سجود واستئذان دائمين في شروقها وغروبها. فإن قلت: إن قوله في الحديث: "ثم تذهب تسجد" مشعر بأن هناك سجود غير السجود العام الذي دلّت عليه الآية؟! فالجواب: هذا الذي ذُكر في الإيراد محتمل، والمخرج منه أن يقال: إن مجرد غروب الشمس عن أعيننا في قطر من الأقطار هو في الوقت ذاته سجود لها، وإن كانت تظهر على آخرين، وهذا تصوره غير عسير -بحمد الله-، ونظيره ما يقال عن كسوف الشمس، فإنك تعلم -وفقك الله- أن الشمس قد تنكسف عن بلدٍ، بينما بلدان أخرى لا يحصل فيها كسوف، مع أن الأرض واحدة والشمس واحدة، فإذا كان هذا متصوراً في الأمور المحسوسة، فتصوره في الأمور الغيبية المعنوية من باب أولى. الثاني: أن الشمس إنما هي -في هذا الكون العظيم- جرم صغير، فأينما سجدت فهي ساجدة تحت عرش الرب -عز وجل-. هذا مبلغ علمي في هذه المسألة، وأرجو أن نتخلص بهذا الجواب -مع ما سأذكره لك لاحقاً- من هذا الإشكال، فإن انشرح صدرك لهذا الجواب فالحمد لله، وهذا هو المطلوب، وإلا فعلينا -جميعاً- أن نؤمن ونصدق وإن لم تدرك عقولنا الحقيقة، ونقول: صدق الله ورسوله، مبتعدين بذلك عن مسالك بعض الناس الذين جعلوا عقولهم حاكمة على النصوص، من أمثال المعتزلة أو من تأثر بمسلكهم، يطعنون في هذا الحديث بحجة أنه خبر آحاد!! وما أعظم جناية هؤلاء على الشريعة! وإنني لأتعجب منهم هل أحاطت عقولهم بالغيب؟!

أليسوا يجهلون كنه وحقيقة الروح التي بين جنوبهم؟! فكيف يتصورون أنهم لابد أن يفهموا وجهة كل نص من النصوص التي تتحدث عن الأمور الغيبية سواء في الدنيا، أو في الآخرة؟! وكم من الأحاديث التي تتحدث عن أمور غيبية لو حكمنا فيها عقولنا القاصرة لعجزنا عن إدراكها، ولكن معاذ الله أن نجعل عقولنا حاكمة على خبر الله ورسوله، بل نقول في باب الأخبار: آمنا وصدقنا. وفي باب الأحكام: سمعنا وأطعنا. وسيأتي في الفقرة التالية مزيد إيضاح لهذه المسألة العظيمة. 4- ثمة قاعدة تذكر في هذا الباب -أعني باب الإشكالات التي ترد في النصوص مع الواقع وغيره -وهي قاعدة تريح قلب المؤمن إذا أخذ بها، وهي: أنه إذا لم تزل عنك الشبهة -مع صحة النص الشرعي- فعليك بالتسليم والتصديق ولو لم تفهم، فإن هذه هي حقيقة العبودية، وقل -كما قال خيار هذه الأمة-: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِن رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" [البقرة:285] . بل هذه طريقة الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم بقوله: "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ" [آل عمران:7-8] . ولقد ضرب الصحابة أروع الأمثلة في الانقياد والتسليم، وإن كان الأمر في أول وهلة على غير ما تهواه نفوسهم، أولم يفهموا الغرض منه، وإليك مثالاً واحداً يجلي هذه المعاني، ففي الصحيحين أن ظهير بن رافع، وهو عم رافع بن خديج -رضي الله عنهما- لما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صورة معينة من صور المزارعة، قال: لقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا رافقاً -يعني فيه رفق بنا- قال رضي الله عنه: وطواعية الله ورسوله أنفع لنا. صحيح البخاري (2339) ، وصحيح مسلم (1548) . ولما حدّث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث الدجال، قال الصحابة -رضي الله عنهم-: وما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوماً: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم". قلنا: يا رسول الله: فذلك اليوم الذي كسنةٍ أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا، اقدروا له قدره". صحيح مسلم (2937) .

فانظر إلى عمق علم الصحابة -رضي الله عنهم-، كيف لم يقولوا: كيف يكون اليوم كسنة، أو كشهر، أو كجمعة؟ لأنهم يعلمون أن من جعل اليوم (24ساعة) ، قادر على جعله أسبوعاً (168ساعة) ، وقادر على جعله شهراً (720 ساعة) ، وهكذا، بل سألوا عما يخصهم، وهو أمر دينهم، سألوا عن صلاتهم! فرضي الله عنهم وأرضاهم، ما أعمق علمهم، وأقوى تصديقهم! نسأل الله تعالى أن يرزقنا السير على طريقتهم في العلم والعمل، وأن يجمعنا بهم في الجنة بحبنا إياهم، والله تعالى أعلم.

الجمع بين حديث: "لا نورث" ووراثة سليمان لداود!

الجمع بين حديث: "لا نُوَرث" ووراثة سليمان لداود! المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 11/04/1427هـ السؤال هل يمكن أن يترك نبيٌّ تركةً من المال؟ فإني قرأتُ في بعض التفاسير أن سليمان ورث من داود عليهما السلام ألف حصان؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد: فالجواب على هذا السؤال في ثلاث مسائل: 1- نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا يورث كما دل على ذلك الحديث الصحيح، في البخاري (3093) ، ومسلم (1758) أنه قال: "لا نورث ما تركنا صدقة" وبهذا عمل أبو بكر والصحابة -رضي الله عنهم- فيما خلفه النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم عملوا فيه بأمره صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "لا يقتسم ورثتي ديناراً ولا درهما، ما تركت بعد نفقة نسائي ومئونة عاملي، فهو صدقة" رواه البخاري (2776) ، ومسلم (1760) . 2- أما فيما يتعلق بباقي الأنبياء عليهم السلام فإن جمهور أهل العلم على أن حكمهم كحكم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لقوله: "إنا معاشر الأنبياء لا نورث" أخرجه أحمد (9593) وأصله في الصحيحين، وذهب بعض أهل العلم كابن عُليَّة إلى أن هذا الحكم خاص بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأن غيره من الأنبياء يورثون، ومما استدل به قوله تعالى حكاية عن زكريا "يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ" [مريم:6] وقوله: "وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ" [النمل:16] . والصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم أن سائر الأنبياء لا يورثون؛ للحديث السابق، وأما الآيات السابقة فهي محمولة على أن المراد بها وراثة العلم، والحكمة، والملك، لا وراثة المال. 3- وما ذكره السائل من أن سليمان ورث من داود ألف حصان، فإن هذا من أخبار بني إسرائيل التي لا يصح الاعتماد عليها. والله أعلم.

الفرار من مرض الالتهاب الرئوي

الفرار من مرض الالتهاب الرئوي المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 24/2/1424هـ السؤال انتشر عندنا في شرق آسيا مرض الالتهاب الرئوي، وهذا المرض قاتل، وينتشر انتشاراً سريعاً عن طريق التنفس، وحتى الآن توجد 2000 حالة إصابة، منهم 80 توفوا بهذا المرض، فهل يجوز الفرار خوفاً من العدوى؟ وهل نشبهه بالطاعون؟ وفي الحديث كما تعلمون قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه"؛ يعني الطاعون، فهل منع الفرار في الحديث لعدم نقل العدوى لمنطقة أخرى، أو هو لعدم الفرار من قدر الله؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد روى أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها" صحيح البخاري (5728) ، صحيح مسلم (2218) . والمراد بالطاعون كل مرض عام أو وباء ينتشر في جهة من الأرض، فيشمل المرض المسؤول عنه والفرار منه منهي عنه، وفي بعض روايات الحديث:"فلا تخرجوا منها فراراً"، وأخرج أحمد (14478) ، والألباني في الصحيحة (1292) عن عائشة -رضي الله عنها- بسند حسن مرفوعاً:"الفار من الطاعون كالفار من الزحف"، وروى البخاري (5734) عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليس عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابراً يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له، إلا كان له مثل أجر الشهيد". وقد التمس العلماء عللاً لهذا النهي ذكر جملة منها الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/200) ، منها: ضياع مصلحة المريض لفقد من يتعاهده حياً وميتاً، وإدخال الرعب في قلوب الناس خاصة من لم يفر، ونقل المرض إلى بقاع أخرى، وهذا الأخير له حظ كبير من النظر، وهو ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد (4/43) ، وأما الخروج من أرض الطاعون لغير الفرار بل لعارض كتجارة وعمل معتادين فلا بأس به إذا كان سليماً من المرض وأمن أن ينقل العدوى بحمله للمرض. وليستغل كل مسلم إقامته في بلد الوباء بحمل النفس على الثقة بالله والتوكل عليه والصبر على قضائه والرضا به، وتذكر الأجر فيه، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"الطاعون شهادة لكل مسلم" صحيح البخاري (5732) ، صحيح مسلم (1961) ، والله الموفق.

قبول التوبة بعد خروج الدجال

قبول التوبة بعد خروج الدجال المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 9/4/1424هـ السؤال أود أن أسأل فضيلتكم عن توجيهكم لهذا الحديث: قال الإمام مسلم -رحمه الله-: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدثنا وكيع ح وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق جميعاً عن فضيل بن غزوان ح وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء واللفظ له حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض". ورواه الترمذي -رحمه الله- قال: حدثنا عبد بن حميد حدثنا يعلى بن عبيد عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل الآية، الدجال والدابة وطلوع الشمس من المغرب أو من مغربها" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وأبو حازم هو الأشجعي الكوفي واسمه سلمان مولى عزة الأشجعية. حيث نجد الحديث رواه أحمد بنفس إسناد مسلم، ولكن بلفظ آخر: حدثنا وكيع قال حدثنا فضيل بن غزوان الضبي عن أبي حازم عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا؛ طلوع الشمس من مغربها والدخان ودابة الأرض" وهذا الحديث الظاهر من خلال السند أنه صحيح الإسناد وهو موافق للأحاديث الصحيحة التي تدل على أن التوبة تقبل بعد خروج الدجال، حيث يخرج المسيح -عليه السلام- بعد خروج الدجال ويقتل الدجال ولا يقبل من أهل الكتاب إلا الإيمان، فدل على أن التوبة تقبل بعد خروج الدجال، وهذا يتعارض مع رواية مسلم والترمذي أن التوبة لا تقبل بعد خروج الدجال. فما توجيهكم لهذا؟ حفظكم الله ورعاكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أقول وبالله التوفيق: بعد النظر في ألفاظ الحديث، وما جاء عند الإمام أحمد في مسنده من استبدال لفظ (الدخان) بـ (الدجال) ترجح عندي أن لفظ (الدجال) أصح من جهة الرواية؛ لاتفاق مصادر متعددة على ذكره، دون لفظ (الدخان) ، وتوجيه هذا الاختلاف أنه ربما كان من قبل راوي المسند عن عبد الله بن الإمام أحمد، وهو القطيعي، فقد ذكرت له أخطاء في روايته للمسند لعل هذا أحدها، خاصة أن احتمال تصحيف (الدجال) إلى (الدخان) احتمال وارد، لتشابه الكلمتين في الخط.

أما الإشكال في المعنى، من جهة أن باب التوبة لا يُغلق بعد خروج الدجال، فحله يظهر من حديث صحيح آخر، وهو حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"بادروا بالأعمال ستاً: الدجال، والدخان، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة، وخويصة أحدكم" أخرجه مسلم رقم (2947) . والمقصود بأمر العامة: قيام الساعة، وأما خويصة أحدنا: فهو الموت، أما المراد بالمبادرة بالأعمال، أي: المسابقة بالأعمال الصالحة، والمسارعة باغتنام الوقت قبل هذه الأمور الستة التي هي دواه ومصائب عظام، تُلهي الإنسان عن العمل الصالح وتشغله، أو لا يوفق إليه من لم يسبق له قدم ثبات على الهدى والحق، فيفتن عن التوبة والعمل الصالح، لا لمانع، ولكن لضعف إيمانه الذي لا يصمد أمام هذه الدواهي، ومن هذه الأمور الستة ما لا تقبل بعدها التوبة، لو حاولها أحد من شاهدها، وهي: طلوع الشمس من مغربها، وقيام الساعة، وغرغرة الموت. وانظر: المفهم للقرطبي (7/308 رقم 2842) وشرح الطيبي على المشكاة (11/3448-3449 رقم 4565) . وعليه فيكون معنى الحديث المسؤول عنه: أن تلك الأمور الثلاثة، إذا وقعت بهتت الناس وحيرتهم، فلم يقو على التوبة والثبات إلا من حسن عمله وصح توكله على الله تعالى، ولا يعارض ذلك أن من هذه الأمور الثلاثة ما ضم إلى ذلك أنه لا تقبل معه التوبة، كطلوع الشمس من مغربها، ولا يعارض ذلك أيضاً أن من هذه الأمور ما إذا زال وانتهى وجوده، لم تبق حيرته وفتنته بعد زواله، فيمكن الناس بعدها التوبة والعمل الصالح، إذا قدر لهم ألا يموتوا في زمن الفتنة والتحير، كما قد يحصل في فتنة الدجال. هذا ما ظهر لي، والله أعلم. والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حده.

معنى (أعمار أمتي بين الستين ... )

معنى (أعمار أمتي بين الستين ... ) المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 5/1/1424هـ السؤال بخصوص حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين" ما المقصود بأمتي؟ وهل تشمل في عصرنا هذا المسلم والكافر؟ ولماذا الستين والسبعين؟ ولماذا يعمر الأوروبيون؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فهذا الحديث رواه أبو هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك" وهو حديث صحيح أخرجه الترمذي (3550) ، وابن ماجة (4236) ، وابن حبان (2/96) ، والحاكم (2/427) ، وقد حسّن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري (11/244) ، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وللحديث شاهد من حديث أنس نحوه إلا أنه قال:"وأقلهم الذين يبلغون الثمانين" أخرجه أبو يعلى (5/283) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (757) ، والمراد بالأمة في الحديث أمة الدعوة فشمل المسلم والكافر. والمراد بالستين والسبعين إما أن العقد على طريقة من يلغي الكسر بين العقود فيقول: لمن كان عمره خمسة وستين عمره ستون، أو أن السبعين انتهاء الغاية. وأما لماذا فهذا قدر الله تعالى الذي كتبه على عباده لا يسأل عما يفعل وهم يُسألون، وقد التمس بعضهم حكمة لذلك أن تقل الأعمار فيسهل الحساب (فيض القدير للمناوي (2/11) . وأما الأوروبيون فإن متوسط أعمارهم لا يتجاوز إلى الثمانين فآخر تقرير لمتوسط الأعمار في البلدان المتقدمة أنه بين السبعين والست وسبعين حسب ما صدر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف (وضع الأطفال في العالم صـ88) ، وهذا مصداق للحديث على الاعتبار الأول الذي دلت عليه رواية أنس. ولو زاد متوسط الأعمار عن ذلك -كما تشير إليه بعض الدراسات نظراً للتحسن المطرد في مستوى الخدمات الصحية- فهذا لا يعارض الحديث أيضاً إذ هم من القلة التي تجوز السن المذكور وتبقى أمم أخرى لا تصل إليه من الحاضرة مع قرون كثيرة ماضية، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله.

معنى كلمات الله التامات

معنى كلمات الله التامات المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 03/04/1427هـ السؤال ما هي كلمات الله التامة التي نتعوذ بها، والتي ذكرت في حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم-. الجواب نعم صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمره بأن يستعاذ بكلمات الله التامات في الصباح والمساء، وعندما ينزل الإنسان منزلاً، بدلاً مما كان يفعله المشركون في الجاهلية من الاستعاذة بالجن، حيث كان أحدهم إذا نزل وادياً قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، فأبدلها النبي - صلى الله عليه وسلم- بالاستعاذة بالله - عز وجل- واللجوء إليه، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه (3708) ، عن خولة بنت حكيم -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول:"من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات، من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك"، وقد اختلف العلماء في المراد بكلمات الله التامات على قولين القول الأول: أنها أسماء الله الحسنى وصفاته العلى بأن يستعيذ بأسمائه فيقول: أعوذ بالسميع العليم، أو بصفاته فيقول: أعوذ برحمة الله وقوة الله وكبرياء الله، والقول الثاني: أن المراد بكلمات الله هو القرآن الكريم، فإن القرآن كلامه، تكلم به سبحانه ونزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفت الكلمات بالتامات لأنها سالمة من العيوب والنقائص التي تعتري أسماء وصفات البشر على القول الأول، وعلى القول الثاني فالقرآن سالم من النقص والعيوب التي تعتري كلام البشر، لذا أعجز العرب مع فصاحتهم وبلاغتهم أن يأتوا بمثل أقصر سورة فيه، وسأسوق لك ما ذكره الشيخ عبد الرحمن بن حسن في شرح كتابه فتح المجيد؛ حيث قال: شرع الله لأهل الإسلام أن يستعيذوا به بدلاً عما يفعله أهل الجاهلية من الاستعاذة بالجن، فشرع الله للمسلمين أن يستعيذوا بأسمائه وصفاته، قال القرطبي: قيل: معناه الكاملات التي لا يلحقها نقص ولا عيب، كما يلحق كلام البشر، وقيل: معناه: الشافية الكافية، وقيل: الكلمات هنا هي القرآن، فإن الله تعالى قال عنه بأنه "هدى وشفاء" [فصلت: 44] ، وهذا الأمر على جهة الإرشاد إلى ما يدفع به الأذى، ولما كان ذلك استعاذة بصفات الله تعالى كان من باب المندوب إليه المرغب فيه، وعلى هذا فحق المستعيذ بالله أو بأسمائه وصفاته، أن يصدق الله في التجائه إليه، ويتوكل في ذلك عليه ويحضر ذلك في قلبه، فمتى فعل ذلك وصل إلى منتهى طلبه ومغفرة ذنبه.

قلت: وبما أن هذه العبارة وهي قوله - صلى الله عليه وسلم-" أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" حصن حصين، وحمى مكين، من نزغات الشيطان، ومن شياطين الإنس والجان، فأرشدك يا أختي إلى بعض النصوص من كتاب الله، وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فهي حصن المسلم كآية الكرسي، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، يقول المسلم هذا ثلاث مرات في الصباح والمساء، ويقول أيضاً بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، وأعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وأعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، ويحسن الالتجاء إلى الله - عز وجل- ويكثر من قراءة القرآن والأوراد الواردة عند النوم والاستيقاظ ودخول البيت والخروج منه وعند الأكل والشرب، والوضوء وغير ذلك. - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.

حتى أهل مكة يحرمون من مكة

حتى أهل مكة يحرمون من مكة المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 12/11/1423هـ السؤال ما معنى قوله:- صلى الله عليه وسلم- "حتى أهل مكة يحرمون من مكة" بعد أن قال:- صلى الله عليه وسلم- "من أراد الحج والعمرة" في الرواية الصحيحة لابن عباس رضي الله عنهما؟ الجواب معناه أن كل من أراد الحج والعمرة وكان منزله دون المواقيت يحرم من منزله، حتى أن أهل مكة يحرمون لنسكهم من مكة، وهو عام في الحج والعمرة، ولكنه خصصه حديث أمره - صلى الله عليه وسلم- عائشة رضي الله عنها أن تعتمر من التنعيم، لكونه أدنى الحل من الحرم، فصار الحديث الذي سألت عن معناه محمولاً على من يحج أو يعتمر وهو دون المواقيت المسماة في الأحاديث، وخارج حدود الحرم، وعلى من يحرم بالحج مفرداً أو بالحج والعمرة قراناً أو يحج ممن تمتع بالعمرة إلى الحج لا على من يحرم بالعمرة فقط، استثنائها بحديث عائشة، عملاً بالأحاديث الواردة في النسك كلها دون نظر إلى قياس أو خصوصية لعائشة أو غيرها. وبالله التوفيق - وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/149-150) ]

حديث:"ولد صالح يدعو له"

حديث:"ولد صالح يدعو له" المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 3/2/1424هـ السؤال السلام عليكم. أرجو إفادتي في حديث "وولد صالح يدعو له" هل منها العمرة عن الوالدين المتوفين؟ أي العمرة النفل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب دعاؤك لوالديك، وعملك ما تدخله النيابة من القرب كالحج والعمرة والصدقة ينفع والديك بإذن الله، ويكون من تمام برك بهما، فقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء بعد موتهما، قال -عليه الصلاة والسلام-:"نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وبر صديقهما" أبو داود (5142) ، وابن ماجة (3664) ، وأحمد (16059) . "وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم" [التوبة: 103] ، والمراد: أدعو لهم، وكان -عليه الصلاة والسلام- يدعو لمن جاء بصدقته، والله أعلم.

معنى حديث "إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر "

معنى حديث "إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 7/11/1422 السؤال ما معنى حديث " ينصر الدين بالرجل الفاجر"، وما درجة صحته؟ الجواب الحديث في البخاري ومسلم فهو صحيح بلا شك، ولفظه: " إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " انظر البخاري (رقم 3062) ، ومسلم (رقم 111) ، ومعنى الحديث يببينه ما ورد في سببه، وهو أن رجلاً ممن قاتل مع المسلمين في إحدى المعارك لما أصيب قام وقتل نفسه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فمعناه أن الله - عز وجل - قد يجعل من أفعال بعض الناس سبباً لنصرة هذا الدين وإن لم يكن قصد ذلك الشخص هذه النصرة، ولو لم يكن هذا الشخص مؤمناً، وقال بعض شراح الحديث: إن معنى الرجل الفاجر يشمل الكافر، وقال بعض شراح الحديث: إن معنى الرجل الفاجر يشمل الكافر والمسلم الذي عنده بعض المعاصي. وعلى هذا فالمسلم العاصي والفاسق قد يحدث الله على أيديهم ما يكون سبباً في نصرة هذا الدين، وفي هذا إشارة إلى أن العاصي والفاسق ينبغي أن لا يحتجوا بسبب عصيانهم بعدم العمل لهذا الدين، والله أعلم.

حديث:"خلق الله آدم على صورته ... "

حديث:"خلق الله آدم على صورته ... " المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 17/11/1423هـ السؤال ما هو الراجح في تفسير قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:"خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً" رواه البخاري؟ الجواب هذا من أحاديث المتشابه الخاص الذي يعلم من وجه دون وجه، فيعلم من جهة المعنى دون الكنه والكيف أو الحقيقة. ومعلوم أنه لا يراد به الظاهر الذي فيه التمثيل بصفات المخلوقين أو ما هو من خصائصهم، لأن الله سبحانه وتعالى "ليس كمثله شيء" [الشورى:11] ، و"لم يكن له كفواً أحد" [الإخلاص:4] وقد وسع كرسيه السماوات والأرض، والسماوات والأرض بالنسبة للكرسي -الذي هو موضع قدميه سبحانه- كحلقة ملقاة في فلاة فما ظنك برب العالمين. لا أحد يحيط به وصفاً ولا تخيلاً فمهما تخيل الإنسان من عظمة لله فالله أعظم من ذلك، فيحمل الحديث على أن المراد خلق آدم على صورته تعالى من حيث الجملة، ومجرد كونه على صورته لا يقتضي المماثلة، فقد ورد في الحديث:"إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أضوأ كوكب في السماء" مسلم (2834) ولا يلزم من ذلك أن تكون هذه الزمرة مماثلة للقمر لأن القمر أكبر من أهل الجنة بكثير، فإنهم يدخلون الجنة طولهم ستون ذراعاً فليسوا مثل القمر من كل وجه، فالمؤمن العاقل يدرك أن هناك قدراً مميزاً هذا عن هذا. وذكر العلماء قولاً آخر وهو: أن الله خلق آدم على صورة اختارها وأضافها إلى نفسه - تعالى- تكريماً وتشريفاً، والراجح الأول، والله أعلم.

معنى حديث: "خير المجالس ما استقبل به القبلة"

معنى حديث: "خير المجالس ما استقبل به القبلة" المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 3/3/1423هـ السؤال ما معنى حديث: "خير المجالس ما استقبل القبلة"؟ آمل الجواب بالتفصيل. الجواب حديث: "خير المجالس ما استقبل به القبلة"، من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، ولذلك أورده السخاوي في كتابه المهم في بابه: (المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة) (رقم153) بلفظ: "أكرم المجالس ... ". وللحديث طرق متعددة وشواهد: وأشهر رواياته حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، لكن الإسناد إليه شديد الضعف، وحكم عليه بالبطلان، كما تراه في أحاديث الشيوخ الثقات لأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وحاشية تحقيقه (رقم173) . وخير أسانيده ما أخرجه الطبراني في (الأوسط رقم2375) ، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن لكل شيء سيداً، وإن سيد المجالس قبالة القبلة". فقد وصفه السخاوي بقوله: "سنده حسن"، وهو كما قال، فشيخ الطبراني الذي قد يتمسك من يضعف الحديث به لتضعيفه، وهو إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي، الصواب فيه أنه مقبول الحديث، وباقي رجال الإسناد معروفون مقبولون. لكن يبقى التفرد الذي في إسناده، أخشى أن يؤتى الإسناد من قِبَلِهِ. وقد يشير إلى عدم صحة الحديث مرفوعاً من جميع وجوهه، ما نقله السخاوي عن ابن حبان أنه حكم على الحديث بالوضع، وقال: "وقد كانت أحواله -صلى الله عليه وسلم- في مواعظ الناس أن يخطب وهو مستدبر القبلة"، لكن السخاوي تعقبه بقوله: كذا قال! وما استدل به لا ينهض للحكم بالوضع، إذ استدباره -صلى الله عليه وسلم- القبله؛ ليكون مستقبلاً لمن يعلمه أو يعظه ممن بين يديه". وإن كنت لا أجرؤ على الحكم على الحديث بالقبول، إلا أني لا أحكم بعدم صحة معناه، وأن استقبال القبلة في المجالس، وخاصة مجالس العبادة، مثل: عند الذكر والدعاء وقراءة القرآن والتعليم ونحو ذلك، أمر دلت النصوص المتفرقة على استحسانه، وجاءت آثار السلف على اتباعه. فالقبلة هي اتجاه أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي الصلاة حتى أطراف الأصابع تستقبل بها القبلة في السجود، وإشارة الإصبع في التشهد. (صحيح البخاري رقم828) وفي الحج: يحج البيت (وهي القبلة) ، ويطوف بها، ويهل حين يهل بالحج مستقبلاً لها (صحيح البخاري رقم1553) ، ويستقبل القبلة على الصفا والمروة للذكر والدعاء، وكذلك في عرفة، وعند المشعر الحرام بمزدلفة (صحيح مسلم رقم1218) ، ويوجه الهدي عند النحر إلى القبلة (موطأ مالك رقم1112) ، وبعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى يتوجه البيت بالدعاء (صحيح البخاري رقم1751،1752،1753) وفي الاستسقاء تستقبل القبلة عند الدعاء (صحيح البخاري رقم1005،1028، وصحيح مسلم رقم894) . وعند الابتهال بالدعاء، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر (صحيح مسلم رقم1763) .

وحتى يدفن المسلم، يوجه إلى القبلة كما فُعِل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه -رضي الله عنهما-، وكما هو حال جميع مقابر المسلمين قديماً وحديثاً، وهذا كله يدل على تكريم هذه الجهة حتى في غير الصلاة. ويدل على أن تكريم هذه الجهة مقصد شرعي: النهي الصريح الصحيح عن استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة (صحيح البخاري رقم 144، وصحيح مسلم رقم264،265) . ولذلك فقد جاء عن جمع من السلف استحباب الجلوس مستقبل القبلة. ففي المصنف لابن أبي شيبة (8/675) بإسناد صحيح: "أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- جلس مستقبل القبلة"، وأورده ابن أبي شيبة مع آثار أخرى، تحت باب (من كان يستحب إذا جلس أن يجلس مستقبل القبلة) . وانظر أيضاً: (الأدب المفرد للبخاري (رقم1137) ، وأدب الإملاء والاستملاء للسمعاني رقم119) . ويظهر من ذلك أن المقصود من هذا الحديث مطلب شرعي صحيح، وهو تكريم جهة القبلة، والحرص على الجلوس باستقبالها في حال المجالس الفاضلة. وقد عبر المناوي في (فيض القدير 2/512) عن ذلك تعبيراً حسناً، فقال: "يشير إلى أن كل حركة وسكون من العبد على نظام العبودية، بحسب نيته، في يقظته ومنامه، وقعوده وقيامه، وشرابه وطعامه، تشرف حالته بذلك، فيتحرى القبلة في مجلسه، ويستشعر هيئتها، فلا يعبث، فيسن المحافظة على استقبالها"، والله أعلم.

معنى حديث: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم.."

معنى حديث: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم.." المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 17/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة وبركاته. أرجو منكم تفسير هذا الحديث الذي رواه مسلم: "والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم". وجزاكم الله خيراً. الجواب ليس هذا الحديث تسلية للمنهمكين في الذنوب كما يتوهمه بعض الناس، ولكنه لبيان عفو الله - تعالى - ليرغب المسيء في التوبة، والمعنى لو كنتم مجبولين على ما جبلت عليه الملائكة من عدم مقارفة الذنوب لجاء بقوم يذنبون فيستغفرون، وذلك أن من أسماء الله الغفار الحليم التواب العفو وهذا يقتضي غفران الذنوب والحلم عنها، وقبول التوبة من العاصي والعفو عنه، وهذا من حكمة الله تعالى، فإن الله خلق الإنسان وفيه شموخ وعلو وترفع وإعجاب بنفسه، فقدر له من الذنوب ما يوقظه به إذا انشغل عنه، إذ يوجب له الشعور بالذنب الاعتراف بالله وبعبوديته له، فينتكس رأسه بعد العجب ويميل إلى الندم والأسف ويسعى إلى حصول التوبة والاستغفار لتحصيل عفو الله، والله يحب العفو، وانظر إلى كلام نفيس لابن القيم في كتاب طريق الهجرتين في حكمة تقدير المعاصي على بني آدم.

معنى حديث "ليبلغن هذا الدين"

معنى حديث "ليبلغن هذا الدين" المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 19/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما يقول فضيلتكم فيمن يشكك في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين" بحجة أن هناك أماكن في مجاهيل إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية لم يصل إليها الدين الإسلامي بعد على الرغم من مرور أكثر من ألف وأربعمائة عام على بعثة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وأن هناك كثيراً من البيوت لم يدخلها الإسلام قد هدمت خلال تلك الأعوام؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فأقول وبالله التوفيق: أولاً: إن هذا الحديث صحيح وثابت وصححه الألباني في السلسلة تحت رقم الحديث (3) مجلد (1) وأخرجه الإمام أحمد عن تميم الداري مجلد (4) صـ (103) وعن مقداد بن الأسود مجلد (6) صـ (4) وإسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه ابن منده في الإيمان (1085) والبيهقي في السنن (9/181) وأخرجه البخاري في التاريخ (2/150) ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/231) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6155) والحاكم (4/430) وأخرجه الطبراني في الكبير (1280) وأورده الهيثمي في المجمع (6/14) ، وقال رواه أحمد والطبراني ورجال رجال الصحيح. ثانياً: أن تشكيك الأعداء بهذا الدين ومصادره ليس أمراً جديداً فإنهم ما فتئوا يشككون فيه منذ بدء نزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن التشكيك مقتصراً على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بل يشككون في القرآن المعجز الذي أعجز الفصحاء والبلغاء أن يأتوا بسورة من مثله مع تحدي الله لهم. ثالثاً: أن من المعلوم والمجزوم به أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: 3-4] فإذا صح ثبوت الخبر إليه فهو حق لا مرية فيه والإيمان بما دل عليه الخبر واجب. رابعاً: هذا الحديث ليس بينه وبين الواقع الذي أشار إليه السائل تعارض ولا تنافٍ ولا مجال للغمز في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

خامساً: جوابنا على استشكال المستشكل أن الحديث لا يدل على أن أهل الأرض يدخلون في الإسلام جميعاً وقد دل على ذلك القرآن الكريم حيث يقول الله عز وجل:"ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" [يونس: 99] ومعنى الحديث أن خبر هذا الدين وشيوعه ينتشر انتشاراً كثيراً وأن ذكره سيصل كل بيت وهذا متحقق بوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية فإن خبر الإسلام يدخل في كل بيت حتى في مجاهل أفريقيا وأمريكا سواءً كان وصول الخبر من طريق أهل الإسلام للدعوة إليه أو من طريق أعدائه للتحذير منه، وهذا محسوس وملموس ولم يرد في الحديث أن كل فرد من أهل البيت يدخل في الدين، وإنما الذي دل عليه الحديث دخول الدين في البيت وهذا يعني دخول الخبر، ودخول الدين غير الدخول فيه وإنما تضمن الحديث البشارة بأن هذا الدين سينتشر انتشاراً كثيراً كما جاء في الحديث الصحيح قوله -صلى الله عليه وسلم-:"إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وأن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها" مسلم (2889) وملك الأمة على هذه الرقعة الكبيرة من الأرض لا يلزم منه إسلام جميع أفراد من يعيش عليها بل يوجد منهم من لم يدخل في الإسلام، ولذلك شرعت الجزية على من بقي من اليهود والنصارى والمجوس بين أظهر المسلمين. وقال الألباني -رحمه الله- حول هذا الحديث عبارة جميلة ونصها "ومما لا شك فيه أن تحقيق هذا الانتشار يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء في معنوياتهم ومادياتهم وسلاحهم حتى يستطيعوا أن يتغلبوا على قوى الكفر والطغيان وهذا ما يبشرنا به الحديث. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ربا العباس بن عبد المطلب

ربا العباس بن عبد المطلب المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 14/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ورد في خطبة الوداع قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "وإن ربا الجاهلية موضوع ... وأول ما أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب" ماذا يقصد بربا العباس أو ما هو ربا العباس الذي ألغاه النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ أسأل الله أن يحفظكم ويرعاكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالجواب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال في الحديث المذكور"وإن ربا الجاهلية موضوع كله وأول ربا أضع ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله" مسلم (1218) ، قال النووي في شرحه لهذا الحديث في هذه الجملة إبطال أفعال الجاهلية وبيوعها، وقوله في الربا إنه موضوع كله، معناه الزائد على رأس المال، كما قال تعالى "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم" [البقرة: 275] ، وهذا الذي ذكرته إيضاحاً، وإلا فالمقصود مفهوم من نفس لفظ الحديث، لأن الربا هو الزيادة، فإذا وضع الربا فمعناه وضع الزيادة، والمراد بالوضع الرد والإبطال، انتهى كلامه -رحمه الله- قلت وربا العباس الذي ألغاه الرسول - صلى الله عليه وسلم- هو من ربا الجاهلية الذي قال فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم- "وإن ربا الجاهلية موضوع كله" (سبق تخريجه) ، والربا إذا وضع يبقى رأس المال لمالكه، كما قال تعالى: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون" (سبق تخريجها) ، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

الملك العضوض والملك الجبري

الملك العضوض والملك الجبري المجيب د. عبد الله بن وكيل الشيخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 14/4/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: حفظه الله آمل من فضيلتكم شرح الحديث الآتي: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت. رواه أحمد 273/4: ثنا سليمان بن داود الطيالسي: ثنا داود بن إبراهيم الواسطي: ثنا حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال: كنا قعوداً في المسجد _ وكان بشير رجلاً يكف حديثه _ فجاء أبو ثعلبة الخشني، فقال: يا بشير بن سعد! أتحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأمراء؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته. فجلس أبو ثعلبة، فقال حذيفة: (فذكره مرفوعاً) . قال حبيب: فلما قام عمر بن عبد العزيز - وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته - فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه، فقلت له: إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين - يعني: عمر - بعد الملك العاض والجبرية. فأدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز، فسر به وأعجبه. (والحديث حسن على أقل الأحوال إن شاء الله تعالى) ، (ومن البعيد عندي حمل الحديث على عمر بن العزيز؛ لأن خلافته كانت قريبة العهد بالخلافة الراشدة، ولم يكن بعد ملكان: ملك عاض وملك جبرية والله أعلم. ملاحظة: أرجو بيان معنى كلمة ملكاً عاضاً وجبرياً. الجواب هذا الحديث حسن أخرجه أحمد (30/355 حديث 18406) ، والبزار والطبراني في الأوسط (6577) وسند أحمد حسن فيه داود بن إبراهيم الواسطي روى عنه الطيالسي ووثقه وذكره ابن حبان في الثقات [يراجع تحقيق المسند طبعة الرسالة (30/355) ] . وهذا الحديث خبر منه - صلى الله عليه وسلم - عن أمر أمته وأنها تمر بخمس أحوال: الحالة الأولى: حال النبوة وهو أكمل أحوالها حيث يوجد نبيها - عليه السلام - ويتنزل الوحي إليه، ويرشد الأمة إلى الحق والخير. والحالة الثانية: خلاف على منهاج النبوة، وهي تلك الفترة الذهبية من عمر هذه الأمة، وقد جاء تحديدها في الحديث الذي رواه سفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: الخلافة ثلاثون عاماً ثم يكون بعد ذلك الملك، قال سفينة: أمسك؛ خلافة أبي بكر سنتين، وخلافة عمر عشر سنين، وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة وخلافة علي ست سنين" رواه أحمد (حديث 21919) وأبو داود (4647) ، والترمذي (2226) وابن حبان (6943) وغيرهم، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وإنما سميت هذه الفترة بالخلافة كما في بعض الروايات، وبخلافة النبوة في روايات أخرى، لأن الخلفاء صدقوا هذا الاسم بأعمالهم، وتمسكوا بسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، والتزموا الشرع في أحكامهم، كما قاله حميد بن زنجوية فيما نقله عنه البغوي في شرح السنة.

الحالة الثالثة: الملك العضوض وهو الذي يصيب الرعية فيه عسف وظلم، كأنه معضوض فيه عضاً، ويقال عضوض بضم العين وأعضاد جمع عض وهو الخبيث الشرس. الحالة الرابعة الملك الجبري وهو الذي يكون فيه عتو وقهر. الحالة الخامسة: خلافة على منهاج النبوة وقد سبق بيان معنى كونها على منهاج النبوة. وهذا الحديث وما في معناه يبين فضل الخلافة على الملك لما في الملك من النقص من بعض الوجوه، ولذا لما خير الله نبيه - عليه السلام - بين أن يكون ملكاً أو يكون عبداً رسولاً اختار - صلى الله عليه وسلم - أن يكون عبداً رسولاً؛ كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي أخرجه أحمد (7160) ، وابن حبان في صحيحه (6365) [السلسة الصحيحة حديث رقم 1002] ، وقد روى ابن سعد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل سلمان - رضي الله عنه عن الفرق بين الخليفة والملك؟ فقال سلمان - رضي الله عنه- إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهماً أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك، أما الخليفة فهو الذي يعدل في الرعية، ويقسم بينهم بالسوية ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهل بيته، والوالد على ولده، ويقضي بينهم بكتاب الله " [الطبقات الكبرى 3/306] . على أنه مما ينبغي أن ينتبه له أن هذه الأحكام في الملك إنما هي في الجملة وإلا فقد يحصل من بعض الملوك من اتباع السنة ونشر الشريعة والجهاد في سبيل الله مثل ما يحصل في زمن الخلفاء، كما كان في عهد عمر بن عبد العزيز وبعض الملوك من بعده، ثم إنه يجوز إطلاق الخليفة على الملوك من بعد الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم-، وإنما اختص الخلفاء الراشدون -رضي الله عنهم- بكمال الخلافة، فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فيكثرون، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم [البخاري (3455) - الفتح 6/495، مسلم حديث رقم 1842] ، وعلى كل ففي الحديث بشارة لهذه الأمة أنه سيكون في آخرها خلافة النبوة، فيعز الإسلام وتعلو رايته وينتشر دين الله في الأرض، فعلى المسلم أن يثق بهذا الوعد الكريم، وأن يحدث نفسه بالجد في أن يكون من أسباب تحقق هذا الوعد. وما ذكره السائل من استبعاد أن يكون عمر بن عبد العزيز من الخلفاء بعد فترة الملكين حق، خاصة وأن الخلافة الأخيرة التي على منهاج النبوة هي خاتمة هذه الأمة أو قرب خاتمتها، فلعل سروره - رضي الله عنه - لما ستكون عليه خاتمة الأمة. للتوسع [مجموع الفتاوى 35/18 وما بعدها، تحفة الأحوذي 9/70 وما بعدها، عون المعبود 13/397) .

حديث الأعمى (لا أجد لك رخصة) وتخلف المعذور عن الجماعة

حديث الأعمى (لا أجد لك رخصة) وتخلف المعذور عن الجماعة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 9/10/1424هـ السؤال مما أشكل علي بالنسبة لحديث الأعمى الذي أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة في المسجد بعد أن سأله "هل تسمع النداء" فأجاب بنعم، ما جاء فيه من قرائن كثيرة تدل على تعذُّر الصلاة في المسجد لهذا الأعمى، فقد جاء في الحديث أنه أعمى، ولا يجد من يقوده، وأن بينه وبين المسجد وادياً أو نحو هذا فيه سباع وعقبات، ومن المعلوم أن الشرع خفَّف على من أصابه مطر يبل الثياب ويحدث الوحل بأن يصلي في بيته، فكيف بهذا الأعمى الذي اجتمعت فيه الموانع كلها؟ وسؤالي هل من الممكن إزالة هذا الإشكال، فهل هذا الحديث صحيح أصلاً (لأن الكثيرين يستشهدون به) ؟ وهل هو منسوخ (لأني سمعت بعض العلماء يقول إن الأعمى عليه أن يستأجر من يقوده للمسجد) ؟ الرجاء إزالة هذا الإشكال مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إن حديث ابن أم مكتوم الأعمى قد ورد بعدة روايات، فقد رواه مسلم (653) وغيره، وجاء فيه أنه ليس له قائد يلازمه، وأنه يسمع النداء، وفي بعض الروايات بينه وبين المسجد أشجار ونخيل، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لما قال له: أتسمع النداء قال: نعم، قال: "أجب فإني لا أجد لك رخصة"، قال النووي في المجموع شرح المهذب (4/192) ، بعد ما ذكر أن حديث الأعمى من أدلة القائلين بأن الجماعة فرض عين، قال في الإجابة عنه: وأما حديث الأعمى فجوابه ما أجاب عنه الأئمة الحفاظ الفقهاء: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة والحاكم أبو عبد الله والبيهقي، قالوا لا دلالة فيه لكونها فرض عين، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لعتبان حين شكا بصره أن يصلي في بيته وحديثه في الصحيحين البخاري (425) ، ومسلم (33) قالوا وإنما معناه لا رخصة لك تلحقك بفضيلة من حضرها، انتهى.

أقول وحديث عتبان المذكور جاء فيه أنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله إني قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم ولم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي لهم، وودت أنك يا رسول الله تأتي تصلي في مصلى فأتخذه مصلى، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أفعل إن شاء الله ... " الحديث، وقد فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى في مكان في بيته، قلت وأرى أن الجواب الذي ذكره النووي عن بعض الأئمة عن حديث ابن أم مكتوم الأعمى، والاستدلال بحديث عتبان غير مقنع، للفرق بين مضمون كل من الحديثين في نظري، فابن أم مكتوم جاء يطلب رخصة مستمرة ليصلي في بيته فلم يرخص له، وعتبان ذكر في طلبه أنه إذا كانت الأمطار سال الوادي وحال بينه وبين مسجد قومه.... الخ فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكان في بيته ليصلي فيه النوافل مطلقاً والفريضة عند الحاجة، وهذا هو الجواب عن الإشكال الوارد في السؤال؛ كيف لم يعذر هذا الأعمى ... في ترك الجماعة، وجاء العذر في حال المطر الذي يبل الثياب أو الوحل، وذلك لما تقدم من الفرق بين العذر المستمر لعذر الأعمى، والعذر الطارئ كالمطر والوحل، وكالجمع والقصر لعذر السفر وغير ذلك. والله أعلم.

معنى "حتى يحب لأخيه"

معنى "حتى يحب لأخيه" المجيب محمد بن عبد المحسن المطلق مدرس العلوم الإسلامية بثانوية صقلية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 14/5/1424هـ السؤال لقد استمعت إلى جزء من محاضرة لأحد المشايخ في إحدى الإذاعات، وقد كان يتحدث عن حديث "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، ففسر معنى الأخ بأنه ليس أخا الإسلام وإنما الأخ في الإنسانية ككل، بالتالي لا يؤمن أحد حتى يحب للكافر مثلاً الهداية، وعليه كيف يمكن أن نوفق بين هذا المعنى، وبين ما الدعاء على الكفار؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد: فإن لفظ الأخوة في الحديث الذي ذكرتيه المراد به هو أخوة الدين؛ لأن الكافر ليس أخاً لنا في الدين، قال تعالى "إنما المؤمنون إخوة" [الحجرات: 10] ، وهذا أسلوب حصر، فحصر الأخوة في المؤمنين، وقال تعالى عن الكفار كما في سورة التوبة: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين" [التوبة: 11] ، فيفهم من الآية أن المشركين إذا لم يتوبوا من شركهم ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فليسوا إخوة لنا في الدين، وليس في الدين ولاء يقوم على الإنسانية، وهذا المصطلح أحدثه الغربيون ليقربوا بين الدين الإسلامي والنصرانية واليهودية، وما ورد من إطلاق لفظ الأخوة على الكفار في سورة الشعراء والأعراف من قبل بعض الأنبياء كقوله - تعالى -: "وإلى عاد أخاهم هودا" [الأعراف: 65] ، وقوله تعالى: "وإلى مدين أخاهم شعيبا" [الأعراف: 85] ، فهذا من باب القرابة من جهة النسب، فهو أخوهم من النسب، لأنه من قبيلتهم، حيث كانت الأنبياء تبعث في أقوامهم، ومما يوضح أن هؤلاء الكفرة ليسوا إخوة لنا في الدين، بل هم شر الخليقة كما في قوله - تعالى -: "إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية" [البينة: 6] ، ومن أصول الدين الولاء والبراء؛ الولاء للمؤمنين والبراءة من المشركين، بل إن إبراهيم -عليه السلام- تبرأ من المشركين قبل البراءة من الشرك؛ كما ذكر الله ذلك في سورة الممتحنة، لكن لا يمنع هذا من الإحسان إلى الكفرة الذين لم يقاتلونا، ولم يظاهروا على إخراجنا، خاصة إذا كانوا أقارب، كما في سورة الممتحنة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

معنى حديث "العبادة في الهرج كهجرة إلي"

معنى حديث "العبادة في الهرج كهجرة إلي" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 17/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فضيلة الشيخ: قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-فيما معنى الحديث "العبادة في الهرج كهجرة إلي" (1) ما هو الهرج؟ (2) وهل القيام بأي عبادة سواء كانت فرضاً، أم نافلة، أو ذكراً من الأذكار، أو غير ذلك يكون كالهجرة؟ (3) وهل ورد في الوحيين ذكر لأجر الهجرة؟ (4) لماذا كانت العبادة في الهرج بهذا الأجر؟ أو لماذا حرص المصطفى -صلى الله عليه وسلم- على الحث عليها في الهرج؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد: هذا الحديث أخرجه مسلم (2948) ، والإمام أحمد (20298) ، والترمذي (220) من حديث معقل بن يسار -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "العِبَادة في الهَرْجِ كهِجْرةٍ إليَّ"، وعند الإمام أحمد: " العمل في الهَرْجِ ... " الهَرْج: أصل الهرج في اللغة الاختلاط، ومنه هرج الرجل في حديثه خلط، وهَرَّجَ الناس: اختلطوا واختلفوا، والمراد به في الحديث: القتل والفتن. وقد شبَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- العبادة في الهرج- وهو زمن ظهور الفتن والقتل، واختلاط أمور الناس - بالهجرة إليه عليه الصلاة والسلام، ووجه الشبه: أن المهاجر قد فرَّ بدينه من دار الكفر وأهله إلى دار الإيمان وأهله، والمتعبد في الهرج قد اعتصم بعبادة ربه من الفتن، وتمسَّك بدينه، واتبع ما يحبه الله ويرضاه، وتجنب ما يسخطه، ونبذ ما يكون عليه الناس في زمن الفتن من اتباع الأهواء والآراء المنحرفة، التي تصد عن دين الله. وهناك معنى آخر: وهو ما يحصل في زمن الفتن، من انشغال الناس وغفلتهم عن العبادة؛ بحيث لا يتفرغ لها إلا القليل من الناس، فبذلك يعظم أجرها وثوابها، ثم ما يكون في لزوم العبادة من زيادة الإيمان، ورسوخ اليقين الذي يظهر أثره على المتعبد فتحصل له العصمة -بإذن الله- من الفتن، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم. يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً. يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا" أخرجه مسلم ح (118) ، والعبادة - المنوه بفضلها في زمن الهرج - يدخل فيها جميع أنواع العبادة من الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، والعمرة، والذكر، وقراءة القرآن، وغير ذلك. وأما عن فضل الهجرة، فقد ورد في القرآن والسنة ما يدل على فضلها ومنزلتها، وامتداح أهلها قال الله -عز وجل-: "وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [النساء:100] قال سبحانه: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة:100] وقال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [البقرة:218] . وورد في السنة أحاديث كثيرة تدل على فضل الهجرة وعظيم ثوابها، وتكفيرها للذنوب ومن ذلك: ما أخرجه مسلم (121) من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه- عندما جاء يبايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأراد أن يشترط، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ... "، وكذلك ما أخرجه مسلم (116) من حديث الطفيل بن عمرو الدوسي -رضي الله عنه- عندما هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- ومعه رجل آخر من قومه فقتل هذا الرجل نفسه، فرآه الطفيل في المنام في هيئة حسنة، فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وما أخرجه النسائي (780) من حديث أبي مسعود - رضي الله عنه- قال: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة فإن كانوا في القراءة سواء فيؤمهم أقدمهم هجرة ... "، وما جاء في الصحيحين البخاري (1296) ، ومسلم (1628) من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم....."، وهذا يدل على فضل الهجرة، وحرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على أصحابه كي يفوزوا بفضلها، ولا يفوتهم ما ادخر الله لهم من أجلها من أجر عظيم وثواب جزيل. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الجرس في البيت

الجرس في البيت المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 1/2/1425هـ السؤال ما حكم الجرس عند دخول البيت؟ وهل يدخل ضمن هذا الحديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه الجرس) ؟ جزاكم الله خيراً. الجواب ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جرس" رواه أبو داود (4231) ، وأحمد (25521) من حديث عائشة - رضي الله عنها-، والمراد بالملائكة هنا ملائكة الرحمة ونحوهم، وجاء التعليل لذلك بأن الجرس من مزامير الشيطان، والملائكة بضده، لكن لما دعت الحاجة إلى وضع ما ينبه خصوصاً مع اتساع البيوت، لذا فإنه ينبغي للإنسان أن يتخذ منبهاً من غير الأجراس أو الموسيقى؛ لئلا يكون داخلاً ضمن النهي الوارد في هذا الحديث. وبالله التوفيق.

هل الكراهية للحديث بعد العشاء مطلقة!

هل الكراهية للحديث بعد العشاء مطلقة! المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 29/05/1427هـ السؤال سمعنا أنه ينبغي النوم بعد صلاة العشاء , فهل هذا صحيح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها. ففي الصحيحين عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها صحيح البخاري (547) ، وصحيح مسلم (647) . وقد ذكر العلماء علة ذلك، منها ما قاله القاضي عياض، والنووي، وابن حجر وملخصه: أن سبب كراهة النوم قبلها أنه يعرضها لفوات وقتها باستغراق النوم، أو لفوات وقتها المختار والأفضل، ولئلا يتساهل الناس في ذلك، فيناموا عن صلاتها جماعة. وسبب كراهة الحديث بعدها أنه يؤدي إلى السهر، ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل، أو الذكر فيه، أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز، أو في وقتها المختار أو الأفضل. ولأن السهر في الليل، سبب للكسل في النهار عما يتوجب من حقوق الدين، والطاعات، ومصالح الدنيا. ثم إن المكروه من الحديث بعد العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها، أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه؛ وذلك كمدارسة العلم، وحكايات الصالحين، ومحادثة الضيف، والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة، ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم أو أنفسهم، والحديث في الإصلاح بين الناس، والشفاعة إليهم في خير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإرشاد إلى مصلحة ونحو ذلك. فكل هذا لا كراهة فيه. وقد جاءت أحاديث صحيحة ببعضه والباقي في معناه ... ثم كراهة الحديث بعد العشاء المراد بها بعد صلاة العشاء لا بعد دخول وقتها. واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلا ما كان في خير، كما ذكرناه. والله أعلم.

حديث"رأيت ربي في أحسن صورة"

حديث"رأيت ربي في أحسن صورة" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 18/5/1425هـ السؤال السلام عليكم. أريد شرحاً لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- الذي ورد فيه قوله: "رأيت الله في أحسن صورة.."، ولعل هذه الجملة التي أحتاج شرحاً لها بالتفصيل. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وبعد:

الجملة المذكورة في السؤال وردت في حديث معاذ - رضي الله عنه-، والحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/243) ح (22162) قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا جهضم - يعني اليمامي- حدثنا - يحي يعني بن أبي كثير- حدثنا زيد يعني بن أبي سلام- عن أبي سلام- وهو زيد بن سلام بن أبي سلام نسبه إلى جده- أنه حدثه عبد الرحمن بن عياش الحضرمي عن مالك بن يخامر أن معاذ بن جبل - رضي الله عنه- قال- احتبس علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ذات غداة عن صلاة الصبح، حتى كدنا نتراءى قرن الشمس، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سريعاً فثوب بالصلاة وصلى وتجوز في صلاته، فلما سلم قال: "كما أنتم على مصافكم"، ثم أقبل إلينا فقال: "إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة، إني قمت من الليل، فصليت ما قدر لي، فنعست في صلاتي حتى استثقلت فإذا أنا بربي - عز وجل- في أحسن صورة، فقال يا محمد: أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري يا رب قال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري رب فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين صدري فتجلى لي كل شيء وعرفت، فقال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات، قال: وما الكفارات؟ قلت: نقل الأقدام إلى الجمعات وجلوس في المساجد بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء عند الكريهات، قال: وما الدرجات؟ قلت: إطعام الطعام، ولين الكلام، والصلاة والناس نيام، قال: سل، قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم، فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك" وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إنها حق فادرسوها وتعلموها" أخرجه الترمذي ح (3235) ، وقال: حديث حسن صحيح، وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الإمام أحمد كما في التهذيب (6/205) : والرؤية المذكورة في الحديث رؤيا منام لا يقظة، وهذا ظاهر من قوله في الحديث: "فنعست في صلاتي حتى استثقلت ... " وفي المسند: "حتى استيقظت"، وقال الحافظ ابن كثير- بعد أن أورد الحديث-: (فهذا حديث المنام المشهور ومن جعله يقظة فقد غلط) ، وأما ما جاء في هذا الحديث من وصف النبي - صلى الله عليه وسلم- لربه، فهو حق يجب الإيمان به من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه، كما قال -عز وجل- عن نفسه: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى من الآية: 11] ، قال الحافظ ابن رجب: "وأما وصف النبي - صلى الله عليه وسلم- لربه عز وجل بما وصفه به فكل ما وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - به ربه عز وجل فهو حق وصدق يجب الإيمان والتصديق به كما وصف الله عز وجل به نفسه مع نفي التمثيل عنه، ومن أشكل عليه فهم شيء من ذلك واشتبه عليه فليقل كما مدح الله تعالى به الراسخين في العلم وأخبر عنهم أنهم يقولون عند المتشابه: "آمنا به كل من عند ربنا" [آل عمران من الآية: 7] ، وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- في القرآن: "وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه" خرجه الإمام أحمد (6702) ، ولا يتكلف ما لا علم له به فإنه يخشى عليه من ذلك الهلكة، وقد أفرد الحافظ ابن رجب - رحمه الله- شرح الحديث في كتاب مستقل، وهو: "اختيار الأولى في شرح حديث الملأ الأعلى"، وهو كتاب نفيس توسع فيه ابن رجب في شرح الحديث، فيحسن الرجوع إليه. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل يقتضي حديث: "سياحة أمتي الجهاد" تحريم السياحة للنزهة؟!

هل يقتضي حديث: "سياحة أمتي الجهاد" تحريم السياحة للنزهة؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 5/8/1424هـ السؤال السلام عليكم. يدَّعي بعض الناس أن السفر لغرض السياحة محرَّم، وهم يستندون في دعواهم على حديث: "سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله" نرجو التكرم بإيضاح الأمر بالتفصيل على ضوء الحديث أعلاه. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: السياحة المنهي عنها في بعض الأحاديث والآثار، والتي ذمها أهل العلم في القديم ليست بالسياحة التي تعارف الناس عليها اليوم، ولكنها سياحةُ العُبّاد والزهاد، وهي الذهاب في الأرض للتعبد والترهب واعتزال الناس، وقد كانت هذه السياحة مما يتعبد به رهبان النصارى. وقد عقد أبو داود -رحمه الله- في سننه باباً سماه: بابٌ في النهي عن السياحة (سنن أبي داود/ كتاب الجهاد) وأورد فيه حديث أبي أمامة - رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله! ائذن لي في السياحة. فقال: "إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله". كما أخرجه الحاكم 2/83 وصححه، والبيهقي 9/161، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2172) . قال ابن تيمية (مجموع الفتاوى (10/642) : (السياحة في البلاد لغير قصد شرعي، كما يفعله بعض النساك ـ أي ذهابهم في الأرض للتعبد والترهب واعتزال الناس ـ أمرٌ منهي عنه) ، قال الإمام أحمد: (ليست السياحة من الإسلام في شيء، ولا هي من فعل النبيين والصالحين) أهـ. وقال ابن كثير في تفسيره "عند تفسيره للآية 112 من سورة التوبة": (وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن والزلازل في الدين) أهـ. ويقابل هذه السياحة المذمومة سياحةٌ شرعية مستحبة، ندب الله إليها بالثناء على أهلها في كتابه، كما في قوله تعالى: "التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ" [التوبة: من الآية112] وفي وقوله: "مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً" [التحريم: من الآية5] . وذهب جمهور المفسرين إلى أن المقصود بهذه السياحة هو الصيام، روي ذلك عن ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم- ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح والضحاك وابن عيينة وغيرهم. وعلى ما تقدم فإن كل سياحة رغب إليها القرآن فهي التقرب إلى الله بالصيام، وكل سياحة ذمّها أهل العلم السابقون فهي سياحةُ العُبّاد والزهاد، وهي الذهاب في الأرض للتعبد والترهب واعتزال الناس. وأما السياحة بمفهومها المعاصر وعرف الناس اليوم والتي تعني السفر للتنزّه والفرجة والاستمتاع وما إلى ذلك فمصطلح حادثٌ لا يصح أن تُنزّل عليه النصوص التي سيقت فيها السياحة مدحاً أو ذماً.

وظاهرٌ من صورة السياحة بمفهومها المعاصر أنها مندرجة في حكم السفر، فإن كانت السياحة بقصد مباح إلى مكان لا يحرم قصده فهي سياحة مباحة حتى وإن تخللها ارتكابٌ لمعصية، وهذا ما يسمى عند الفقهاء بالمعصية في السفر، وهو أن يكون أصل السفر مباحاً لكن ارتكب المسافر أثناءه معصيةً ما، أما العاصي بسفره فهو الذي أنشأ السفر لقصد محرم؛ كارتكاب فاحشة أو إبرام عقدٍ ربوي مثلاً، وهذا (العاصي بسفره) هو الذي يحرم عليه في قول كثير من أهل العلم أن يترخص بشيء من رخص السفر؛ لأن الرخص ـ عندهم ـ لا تُستباح بالمعصية. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

شرح: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"

شرح: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 26/12/1425هـ السؤال السلام عليكم. هناك حديث: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة". أريد توضيح الحكم المستفاد من هذا الحديث، وهل هناك أي اختلاف بين العلماء بهذا الشأن؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه مسلم (710) ، والترمذي (421) ، والنسائي (865) ، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ ". والحديث يدل على النهي عن الاشتغال بالنافلة بعد الشروع في إقامة الصلاة، سواء كانت النافلة راتبة الفجر أو غيرها، وقد جاء في رواية: (قِيلَ: يَا رَسُول اللَّهِ، وَلَا رَكْعَتَيْ الْفَجْر؟ قَالَ: "وَلَا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ". أخرجها ابن عدي 7/246 والبيهقي 2/483 وحسّن إسنادها الحافظ في الفتح (2/149) . وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من صلى ركعتي الفجر وقد أقيمت الصلاة، ففي الصحيحين: البخاري (663) ، ومسلم (711) ، من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِرَجُلٍ يُصَلِّي، وَقَدْ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ، فَكَلَّمَهُ بِشَيْءٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا أَحَطْنَا نَقُولُ: مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: قَالَ لِي: "يُوشِكُ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ أَرْبَعًا". وقال أبو بكر الأثرم: سئل أحمد بن حنبل، وأنا أسمع، عن الرجل يدخل المسجد والإمام في صلاة الصبح ولم يركع الركعتين؟ فقال: يدخل في الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ ". واحتج أيضًا بقوله: "أَصَلاتَانِ مَعًا". أخرجه الترمذي (422) [التمهيد (22/74) ] . وقد أشار غير واحد من الأئمة إلى الحكمة من هذا النهي، قال النووي، رحمه الله: (الحكمة فيه أن يتفرغ للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الإمام، والمحافظة على مكملات الفريضة أولى من التشاغل بالنافلة) . وقال القاضي عياض، رحمه الله: (وفيه حكمة أخرى: وهو النهي عن الاختلاف على الأئمة) . شرح النووي على مسلم (5/ 230) . وأباح بعض العلماء صلاة ركعتي الفجر ولو بعد إقامة الصلاة، منهم من قيد ذلك بألا تفوته الركعة الأولى، ومنهم من قيده بألا تفوته الركعة الثانية، ومنهم من قيده بألا يكون ذلك في المسجد بل يكون خارج المسجد، قال مالك: إذا كان قد دخل المسجد فليدخل مع الإمام ولا يركعهما، وإن كان لم يدخل المسجد فإن لم يخف أن يفوته الإمام بركعة فليركع خارج المسجد، ولا يركعهما في شيء من أفنية المسجد. وقال الثوري: إن خشي فوت ركعة دخل معهم ولم يصلهما، وإلا صلاهما وإن كان قد دخل المسجد.

وقال الأوزاعي: إذا دخل المسجد يركعهما إلا أن يوقن أنه إن فعل فاتته الركعة الآخرة، فأما الركعة الأولى فيركع وإن فاتته. وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن خشي أن تفوته الركعتان ولا يدرك الإمام قبل رفعه من الركوع في الثانية دخل معه، وإن رجا أن يدرك ركعة صلى ركعتي الفجر خارج المسجد ثم يدخل مع الإمام. وقد استدلوا بدليلين: 1- أن ركعتي الفجر من السنن المؤكدة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها. انظر صحيح البخاري (1163) ومسلم (724) . 2- ما روي عن ابن مسعود، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنه جاء والإمام يصلي الفجر، فصلى ركعتين إلى سارية، ولم يكن صلى ركعتي الفجر. أخرجه عبد الرزاق (4021) . وما روي عن ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه دخل المسجد والناس في الصلاة، فدخل بيت حفصة، رضي الله عنها، فصلى ركعتين، ثم خرج إلى المسجد فصلى. أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (22/ 75) . والأولى الأخذ بما دل عليه عموم الحديث أنه إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، والسنة هي الحجة عند التنازع. وإذا تقرر ما سبق من النهي عن الشروع في النافلة بعد سماع الإقامة، فهل يقطع النافلة من كان داخلاً فيها بعد إقامة الصلاة؟ من العلماء من قال بقطع النافلة عند سماع الإقامة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ ". قال العراقي: (إن قوله: " فَلَا صَلَاةَ ". يحتمل أن يراد: فلا يشرع حينئذٍ في صلاة عند إقامة الصلاة. ويحتمل أن يراد: فلا يشتغل بصلاة، وإن كان قد شرع فيها قبل الإقامة، بل يقطعها المصلي لإدراك فضيلة التحريم، أو أنها تبطل بنفسها، وإن لم يقطعها المصلي. يحتمل كلا من الأمرين) . [ينظر: نيل الأوطار (3/97) ] . وخص بعض العلماء النهي في الحديث عن الشروع في النافلة بعد سماع الإقامة، أما من كان شارعًا فيها قبل الإقامة فلا يشمله النهي، وله أن يتمها بشرط أن لا تفوته الجماعة، وبعضهم لم يشترط ذلك، واستدلوا بعموم قوله تعالى: (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) [محمد: 33] . ويمكن الإجابة عن الآية بأنها عامة والحديث خاص، فيخصص ما تضمنه الحديث من عموم الآية، ثم إن سياق الآية يدل على أن المقصود بالإبطال المعصيةُ من الشرك وغيره الذي يؤدي إلى إبطال العمل. والذي يظهر - والله أعلم - أن المصلي إذا كان في نافلة وسمع الإقامة فإن أمكنه أن يتمها خفيفة ويدرك أول الصلاة مع الإمام بحيث لا تفوته الركعة الأولى من الصلاة فله ذلك، وإذا قطعها أخذًا بعموم الحديث فلا حرج. والله أعلم. هذا والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.

هل في هذا ما يقدح في عدالة الصحابة؟!

هل في هذا ما يقدح في عدالة الصحابة؟! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 24/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. أرجو التكرم بشرح الحديث الذي في البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لددنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في مرضه، فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق قال: "ألم أنهكم أن تلدوني؟ " قلنا: كراهية المريض للدواء، فقال: "لا يبقى أحد في البيت إلا لد وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم". فإن الشيعة يستدلون به على لعن الصحابة-رضي الله عنهم-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (4458) ، ومسلم (2213) من حديث عَائِشَةُ -رضي الله عنها- قالت: لَدَدْنَا النبي -صلى الله عليه وسلم- فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لَا تَلُدُّونِي، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي؟ " قُلْنَا: كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ: "لَا يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ إِلَّا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَّا الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُم"ْ. وأخرج عبد الرزاق في مصنفه (9754) وأحمد (27469) من حديث أسماء بنت عميس-رضي الله عنها- قالت: أول ما اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت ميمونة-رضي الله عنها-فاشتد مرضه حتى أغمي عليه، قال: فتشاور نساؤه في لده فلدوه، فلما أفاق قال: "هذا فعل نساء جئن من هؤلاء - وأشار إلى أرض الحبشة - وكانت أسماء بنت عميس-رضي الله عنها- فيهن قالوا: كنا نتهم بك ذات الجنب يا رسول الله، قال: "إن ذلك لداء ما كان الله ليقذفني به لا يبقين في البيت أحد إلا التدَّ إلا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم- يعني عباسا - فلقد التدت ميمونة-رضي الله عنها- يومئذ وإنها لصائمة لعزيمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. [صحح إسناده الحافظ في الفتح (8/148) ] . ومعنى الحديث ظاهر وهو أن بعض الصحابة-رضي الله عنهم- ممن كان موجوداً عنده في مرضه أراد أن يداوي النبي -صلى الله عليه وسلم-عن طريق اللد. واللد معناه: أن يُجعل في جانب فم المريض دواء بغير اختياره. وقد جاء في رواية أحمد في فضائل الصحابة (1754) أنهم أذابوا قسطاً بزيت فلدوه به. وعند ابن سعد 2/235-236 من طريق الواقدي - وهو ضعيف -: قال: فبما لددتموني؟ ، قالوا بالعود الهندي وشيء من ورسٍ، وقطرات زيت، وذلك لأن الصحابة-رضي الله عنهم- ظنوا أن به ذات الجنب، وهو ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن، فلدوه بما يرونه ملائماً لدائه ومرضه، ونهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؛ لأنه كان غير ملائم لمرضه، ولكنهم لم يستجيبوا، لحملهم نهي الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهم على كراهية المريض للدواء، فأقدموا على لده، فعند ذلك أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يؤدبهم لتركهم امتثال نهيه صلى الله عليه وسلم.

وأما العباس - رضي الله عنه - فلم يشهد الموقف بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ"، فلذلك استثناه النبي -صلى الله عليه وسلم-. وليس في الحديث غض من قدر الصحابة - رضي الله عنهم - فما فعلوه هو من تمام شفقتهم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكمال محبتهم له، حيث رغبوا أن يبذلوا ما يستطيعون من أسباب لكي يستعيد النبي -صلى الله عليه وسلم- عافيته، ولكن اجتهادهم حملهم على تأويل نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، وأنه قال ذلك من باب كراهية المريض للدواء، وأن المريض ولو كره الدواء يلزم به ويحمل عليه، ولما أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يلد جميع من في البيت، بادروا إلى ذلك فلم يبق أحد في البيت إلا لد. والصحابة - رضي الله عنهم - هم سادة الأمة فضلاً وعلماً ومنزلة، وكيف يستجيز أحدٌ سبهم والنيل منهم وهم خير القرون وأفضل الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ" أخرجه البخاري (3673) ومسلم (2541) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. ومن المعلوم أن الصحابة-رضي الله عنه- كلهم عدول، كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد بإجماعهم من الأمة، والطعن في عدالتهم وتنقصهم من سمات أهل الزندقة والضلال، قال أبو زرعة الرازي: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة-رضي الله عنهم-، وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، فالجرح بهم أولى) .

وقال الخطيب: (عدالة الصحابة-رضي الله عنهم- ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن، فمن ذلك قوله تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ". وقوله: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً". وقوله: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً". وقوله تعالى: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ"، وقوله تعالى: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ". وقوله: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ". وقوله تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" في آيات يكثر إيرادها ويطول تعدادها ... ، وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم، ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله -تعالى- له إلى تعديل أحدٍ من الخلق له، على أنه لو لم يرد من الله -عز وجل- ورسوله-صلى الله عليه وسلم- فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد، ونصرة الإسلام، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين، القطع على عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم وأنهم أفضل من جميع الخالفين بعدهم، والمعدلين الذين يجيؤن من بعدهم، هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء) [الكفاية في علم الرواية ص: 46-48، والإصابة في تميز الصحابة (1/ 11) ] . وقال ابن الصلاح: (للصحابة بأسرهم خصيصة وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه؛ لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة) . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الحكمة في عدم الاسترقاء

الحكمة في عدم الاسترقاء المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 16/1/1424هـ السؤال لماذا خص النبي - صلى الله عليه وسلم - في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب "ولا يسترقون" دون سائر أنواع الاستطباب؟ الجواب الحمد لله، الاسترقاء هو طلب الرقية من الغير، وسؤال الغير فيه ميل إلى المخلوق واحتياج إليه وقد دلت النصوص على أن من كمال التوحيد عدم سؤال الناس، وقد بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من أصحابه - رضوان الله عليهم - على أمور منها: ألا يسألوا الناس شيئاً حتى كان أحدهم يسقط سوطه فينزل من على دابته فيأخذه ولا يسأل أحداً أن يناوله إياه كما جاء في صحيح مسلم (1043) ، وفي ذلك تحقيق استغناء العبد عن المخلوقين، فالاسترقاء تركه أولى، وأما إذا رقى الإنسان نفسه أو رقاه أخوه متبرعاً دون طلب فإنه لا كراهة في ذلك. إنما المكروه أن يطلب الإنسان الرقية من الغير، كما يدل عليه لفظ الاسترقاء، فإن السين والتاء في الفعل تدل على الطلب كالاسترقاء والاستعانة وما أشبه ذلك، فهؤلاء السبعون ألفاً من كمال توحيدهم وكمال استقامتهم تحقيق مقام التوكل على الله وذلك باجتناب كل ما ينافيه أو ينقصه ومن ذلك أنهم يتركون الأسباب المتضمنة لما ينقص كمال التوكل عليه سبحانه وتعالى ولهذا قال في وصفهم "لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون" أخرجه البخاري (5705) ، ومسلم (220) ، والله أعلم.

معنى "من خاف أدلج ... "

معنى "من خاف أدلج ... " المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 17/9/1424هـ السؤال ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل) ؟ الجواب معنى الحديث أن من خاف من عدو ونحوه أدلج، ومعنى أدلج أي سار أول الليل، فإذا سار أول الليل بلغ منزله ومأمنه. قال المنذري: ومعنى الحديث أن من خاف ألزمه الخوف إلى السلوك إلى الآخرة، والمبادرة بالأعمال الصالحة خوفاً من القواطع والعوائق، وقال الرامهرمزي في أمثال الحديث: ومعناه من خاف النار جد في العمل، ومن جد في العمل وصل إلى الجنة، فجعل خائف النار بمنزلة المسافر الذي يخاف فوت المنزل فيرحل مدلجاً. انتهى. وللحافظ ابن رجب الحنبلي كتاب جيد في شرح هذا الحديث، أنصح السائل بقراءته واسمه: المحجة في سير الدلجة، والله أعلم.

معنى حديث: "الأئمة من قريش"

معنى حديث: "الأئمة من قريش" المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 8/2/1425هـ السؤال ما هو تفسير قول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "الأئمة من قريش" وشكراً لكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، وبعد: فهذا الحديث المتفق على صحته من الأحاديث المتواترة فرواه أحمد (12489 - 19278) والحاكم في المستدرك (6962) وغيرهما، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أنه جمع طرقه عن نحو أربعين صحابيًّا - رضي الله عنهم-، فتح الباري (7/32) ، وقد انعقد الإجماع على اشتراط القرشية في الخليفة الذي يختاره أهل الحل والعقد إماماً للمسلمين، حكى هذا الإجماع النووي والقاضي عياض، والماوردي، وغيرهم، ولم يخالف في ذلك إلا ما حكي عن بعض الخوارج، وبعض المتكلمين، وقلة من المعاصرين. أما تفسيره فهو من ظاهره، وهو أنه يشترط في الخليفة العام للمسلمين أن يكون قرشياً، قال النووي: (هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة- رضي الله عنهم- والتابعين، فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة) أ. هـ، شرح مسلم (12/200) ، وقد اشترط ذلك الأئمة الأربعة، وقال به الإمام أبو حنيفة في رواية زرقان عنه (أصول الدين ص275) ، وقال الإمام مالك: ولا يكون الإمام إلا قرشياً وغيره لا حكم له إلا أن يدعو إلى الإمام القرشي) ، أحكام القرآن لابن العربي (4/1721) ، ونص على ذلك الشافعي في الأم (1/143) ، وقال الإمام أحمد في رواية الاصطخري: الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها، ولا يخرج عليهم، ولا يُقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة) طبقات الحنابلة (1/26) . لكن هذا الشرط لا يشترط في ولاية الأقاليم، ولا يشترط إلا عند الاختيار من أهل الحل والعقد، أما الإمام المتغلب الذي غلب على الحكم بالقوة فلا يشترط فيه القرشية؛ بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة" رواه البخاري (693) من حديث أنس - رضي الله عنه -، فالحديث أوجب الطاعة لكل إمام، وإن كان عبداً حبشيًّا. والله أعلم.

إن يك في أمتي محدثون فإنه عمر

إن يك في أمتي محدثون فإنه عمر المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 1/9/1424هـ السؤال ما معنى حديث (إن يكن منكم محدثون ... فإنه عمر) ؟ وهل من الممكن أن يعلم أحد من الناس الغيب المستقبل (غير نبي) ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد: هذا الحديث أخرجه البخاري ح (3689) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر " وأخرجه مسلم ح (2398) من حديث عائشة رضي الله عنها. المحدثون - بفتح الدال -: جمع محدث، وهو الملهم، بهذا فسره ابن وهب كما في صحيح مسلم، وفي مسند الحميدي - عقب حديث عائشة رضي الله عنها -: المحدث الملهم بالصواب الذي يلقى على فيه. والمعنى: أنهم يلقى في قلوبهم الصواب والحق فيجري على ألسنتهم، ويخبرون بالشيء فيقع كما أخبروا.... وفسره بعض العلماء بأن معناه أنهم مصيبون فيما يظنون من نوع الفراسة والتوسم ... وخص عمر رضي الله عنه بهذا لكثرة ما وقع له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من الموافقات التي نزل القرآن مطابقاً لها، ووقع له بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشياء عديدة حدث بها فأصاب كما في قصة: الجبل يا سارية. .وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وجود المحدثين في الأمم السابقة، وعلق وجودهم في هذه الأمة بـ " إن " الشرطية، مع أنها أفضل الأمم وأكرمها عند الله، - هذا والله أعلم - لاحتياج الأمم قبلنا إليهم في إصابة الحق حيث لا يكون حينئذ فيهم نبي، واستغناء هذه الأمة بالقرآن والسنة، لهذا لا يؤخذ بقول أحد محدث ولا ملهم حتى يعرض على الكتاب والسنة. وأما السؤال عن الغيب المستقبل، وهل يعلمه غير نبي؟ فيجاب بأن الغيب الحقيقي، وهو ما لا يمكن أن تدركه الحواس والعقول، فهذا على مرتبتين: 1- المرتبة الأولى: ما استأثر الله بعلمه، فهذا لا يطلع عليه أحد لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، كعلم الساعة وسائر الأمور الخمسة التي هي مفاتح الغيب، قال سبحانه: " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو......." [الأنعام: 59]

2- ما لم يرد فيه نص صريح أن الله سبحانه قد كتمه عن الخلق جميعا، فله سبحانه أن يطلع من يشاء من رسله على ما شاء منه، قال سبحانه: " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا " سورة [الجن: 26- 27] ، وقال سبحانه: " وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء..... " [آل عمران: 179] ، فالرسل عليهم الصلاة والسلام لا يعلمون شيئا من الغيب إلا ما أطلعهم الله عليه.... قالت عائشة رضي الله عنها: " من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول " قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله " [النمل: 65] أخرجه مسلم (177) .ولهذا نعرف ضلال من يدعي شيئا من علم الغيب الذي استأثر به الله، أو لم يمكن الخلق من أسباب معرفته مثل ما يدعيه المنجمون والكهنة وغيرهم من علم الغيب.

معنى "يقادون إلى الجنة في السلاسل"

معنى "يقادون إلى الجنة في السلاسل" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 2/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "عجب ربنا - عز وجل - من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل" رواه البخاري وأحمد وأبو داود، ما معنى الحديث، مع ذكر أمثلة للتوضيح؟ والسلام. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد: الحديث أخرجه البخاري ح (3010) بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: " عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل " وأخرجه ح (4557) بلفظ: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: خير الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام". ومعنى الحديث أن الأسارى الذين يؤتى بهم إلى بلاد الإسلام وهم مقيدون بالسلاسل يمن الله عليهم بالإسلام فيدخلون الجنة ... ويكون دخولهم في الإسلام عن طواعية واختيار بعد ما يعلمون أنه الحق، فما حصل لهم من الأسر والتقييد سببا لما تحقق لهم من الخير. وذكر بعض العلماء: أن ذكر السلاسل ليس مقصوداً وإنما المراد أنهم يقادون إلى ديار الإسلام مكرهين فيدخلون في الإسلام، وقد حصل في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم والفتوحات الإسلامية أن المسلمين يأتون بالسبايا من المشركين من غير أن يكونوا مسلسلين أو مقيدين، فإذا عرفوا الإسلام وسمعوا القرآن أسلموا ... ويمكن أن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في هذا الحديث طائفة من الأسارى يؤتى بهم على الصفة المذكورة، وهذا دليل على شدة نفورهم وكراهيتهم للمسلمين ومع هذا فيدخلون في الإسلام حينما يعلمون أنه الحق ويخالط الإيمان بشاشة قلوبهم. ويؤخذ من الحديث أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد بالعبد خيراً هيأ له الأسباب التي توصله إليه وتدله عليه وإن كان كارهاً لهذه الأسباب، فربما أراد شخص - على سبيل المثال - أن ينتقل من بلد إلى بلد وهو كاره فيجد في البلد الذي انتقل إليه رفقة طيبة من أهل الخير والصلاح فينتفع بصحبتهم وتتغير حاله إلى الأفضل والأحسن، وربما تزوج شخص امرأة ولم يحبها ولكنه أمسكها ولم يطلقها فحصل له منها ذرية طيبة صالحة، ولهذا قال الله عز وجل:" فإن كرهتهموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً " سورة النساء آية 19

مفهوم الولد في حديث "إذا مات ابن آدم انقطع عمله...."

مفهوم الولد في حديث "إذا مات ابن آدم انقطع عمله...." المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 17/08/1426هـ السؤال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث. منها ولد صالح يدعو له". السؤال المطروح: هل الولد المقصود في الحديث الشريف هو الولد من الصلب أم الولد بشكل عام؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فمعنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا بهذه الأشياء الثلاثة؛ لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف، وعلى هذا فالولد الصالح في الحديث هو ولد الإنسان من صلبه، ولكن إذا صدر الدعاء من المسلم لأخيه المسلم أو لمن له فضل عليه في تربية أو تعليم أو إحسان، فإن الدعاء ينتفع به الميت، ولهذا أثنى الله -سبحانه وتعالى- على المؤمنين الذين يأتون بعد إخوانهم ويدعون لهم: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر: 10] ، وفي دعاء التشهد: "السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه، ُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" البخاري (5876) . وأخرج مسلم (2732) من حديث أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ". وشُرع دعاء المسلم للأموات من المسلمين إذا مر بالمقبرة، ففي حديث بُرَيْدَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ " أخرجه مسلم (975) . وكذلك الدعاء للميت عند الصلاة عليه، ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ" أخرجه أبو داود (2784) .

وفي حديث عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قال: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى جَنَازَةٍ فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، قَالَ: حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْمَيِّتَ". أخرجه مسلم (963) . وهذا كله يدل على انتفاع المسلم بدعاء أخيه المسلم، وأن ثواب الدعاء والصدقة يصل إلى الأموات، والله أعلم.

شرح حديث "اللهم لك الحمد أنت نور السماوات ... "

شرح حديث "اللهم لك الحمد أنت نور السماوات ... " المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 06/06/1426هـ السؤال كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو في الليل: "اللهم لك الحمد أنت رب السموات والأرض، لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، لك الحمد أنت نور السموات ... أنت إلهي لا إله غيرك" أرجو شرح الحديث. الجواب السلام عليكم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (1120) ، ومسلم (769) من حديث ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: " اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ. اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْت، ُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ". شرح الحديث: قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ": أي إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل، وظاهر السياق أنه كان يقوله أول ما يقوم إلى الصلاة. قوله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ": معنى الحمد: الثناء على الله -تبارك وتعالى- لما اتصف به من صفات الكمال والجلال والجمال، ولنعمه وآلائه على عباده، فهو المستحق للحمد دون سواه و "ال" في الحمد للاستغراق، أي جميع أصناف الحمد له سبحانه وتعالى. قوله صلى الله عليه وسلم: "قَيِّمُ السَّمَوَاتِ": من صفاته سبحانه القيام والقيِّم والقيُّوم، ومعنى ذلك أن الله -سبحانه وتعالى- هو القائم بنفسه الدائم الذي لا يزول، وهو قيمٌ لأهل السموات والأرض، القائم بتدبيرهم وأرزاقهم وتصريف أحوالهم، المطلع على أعمالهم، وسوف يجازيهم ويحاسبهم، قال تعالى: (أفمن هو قائمٌ على كل نفسٍ بما كسبت) [آل عمران:39] .

قوله صلى الله عليه وسلم: "أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ": من صفات الله -تبارك وتعالى- النور، ومنه اشتق اسم النور الذي هو أحد الأسماء الحسنى، وقد أضاف الله -سبحانه وتعالى- النور إلى نفسه إضافة الصفة إلى موصوفها في قوله تعالى: (وأشرقت الأرض بنور ربها) [الزمر:69] ، ومن معاني قوله: "أنت نور السموات والأرض" أنه هادي أهل السموات والأرض، وأنه منور السموات والأرض وخالق نورهما. قوله صلى الله عليه وسلم: "أَنْتَ الْحَقُّ": من أسمائه تبارك وتعالى: الحق، فهو الحق المبين في ذاته وصفاته لا شك ولا ريب في وجوده، فهو واجب الوجود الذي لا تنبغي الألوهية والربوبية إلا له لا شريك له، وما سواه من الآلهة والمعبودات باطل زائل. قوله صلى الله عليه وسلم: "وَوَعْدُكَ الْحَقُّ": أي وعدك ثابت لا يتخلف، وعرفه ونكر ما بعده لأن وعده مختص بالإنجاز دون وعد غيره والتنكير في البواقي (لقاء - قول) للتعظيم، واللقاء وما ذكر بعده داخل تحت الوعد، لكن الوعد مصدر وما ذكر بعده هو الموعود به، ويحتمل أن يكون من الخاص بعد العام، كما أن ذكر القول بعد الوعد من العام بعد الخاص. قوله صلى الله عليه وسلم: "وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ": فيه الإقرار بالبعث بعد الموت، وهو عبارة عن مآل الخلق في الدار الآخرة بالنسبة إلى الجزاء على الأعمال. قوله صلى الله عليه وسلم: "وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ": فيه إشارة إلى أنهما موجودتان. قوله صلى الله عليه وسلم: "وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ": خصه بالذكر تعظيماً له. قوله صلى الله عليه وسلم: "وَالسَّاعَةُ حَقٌّ": أي يوم القيامة وأصل الساعة القطعة من الزمان، وإطلاق اسم الحق على ما ذكر من الأمور معناه أنه لا بد من كونها، وأنها مما يجب أن يصدق به، وتكرار لفظ حق للمبالغة في التأكيد. قوله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ": أي انقدت وخضعت، "وَبِكَ آمَنْتُ": أي صدقت، "وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْت"ُ: أي فوضت الأمر إليك، "وَإِلَيْكَ أَنَبْت":ُ أي رجعت إليك في تدبير أمري، "وَبِكَ خَاصَمْتُ": أي بما أعطيتني من البرهان وبما لقنتني من الحجة، "وَإِلَيْكَ حَاكَمْت"ُ: أي كل من جحد الحق حاكمته إليك، وجعلتك الحكم بيننا لا من كانت الجاهلية تتحاكم إليه من كاهن ونحوه. قوله صلى الله عليه وسلم: "فَاغْفِرْ لِي": قال ذلك مع كونه مغفوراً له إما على سبيل التواضع والهضم لنفسه وإجلالاً وتعظيماً لربه، أو على سبيل التعليم لأمته لتقتدي به، والأولى أنه لمجموع ذلك. قوله صلى الله عليه وسلم: "مَا قَدَّمْتُ": أي قبل هذا الوقت، "وَمَا أَخَّرْتُ": عنه، "وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْت":ُ أي أخفيت وأظهرت، أو ما حدثت به نفسي وما تحرك به لساني. قوله صلى الله عليه وسلم: "أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ": أي أن الله -سبحانه وتعالى- يقدِّم من شاء من عباده بتوفيقه، ويؤخر من شاء بخذلانه، وينزل الأشياء منازلها، يقدم من شاء من مخلوقاته ويؤخر.

وهذا حديث عظيم من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام، تضمن حمد الله والثناء عليه بأسمائه وصفاته الحسنى الدالة على عظمته وجلاله وكماله وإحاطته بخلقه، وفي هذا الدعاء إظهار العبودية لله، والتأله وتفويض الأمور إليه، والإقرار بذكر الإيمان بالأمور الغيبية التي هي أصول الإيمان وأركانه مثل الإيمان بالله والنبيين واليوم الآخر والجنة والنار، وتقديم الثناء على الله قبل طلب المغفرة. فحري بالمسلم أن يتضرع إلى الله بهذا الدعاء الكريم اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. هذا والله أعلم.

هل في حديث "ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء" استهانة بهن؟!

هل في حديث "ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء" استهانة بهن؟! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 21/10/1424هـ السؤال أرجو من حضرتكم إيضاح وتفسير المعنى في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:"ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء" وأرجو أن يكون ذلك بإسهاب؛ لما قد يبدو من ظاهر الحديث من أنه استهانة بحق النساء وتقليل من شأنهن ... وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد: الحديث المذكور في السؤال أخرجه البخاري ح (5096) من حديث أُسَامَةَ بْن زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ قَالَ:"مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ" وأخرجه مسلم ح (2742) من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ" ومعنى الحديث التحذير من الفتنة بالنساء، وذلك أن الله سبحانه وتعالى ركب في طبيعة الرجل الميل إلى المرأة ومحبتها، كما قال سبحانه:"زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ......" [آل عمران: الآية14]

فإذا كان هذا فيما أباحه الله من الزواج فهو مطلوب، وقد امتن الله به على عباده، قال سبحانه:" وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً ... " [النحل: الآية72] ، وقال سبحانه:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً...." [الروم: الآية21] ، ورغب النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج وحث عليه، لما يحصل فيه من غض البصر وتحصين الفرج وبقاء النسل، ففي الصحيحين البخاري (5065) ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"، وفي مسلم (1403) من حديث جابر رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:"إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ"، وأما إذا كان الميل والمحبة وقضاء الشهوة عن الطرق المحرمة فالمرأة تكون فتنة للرجل حيث أوقعته فيما حرم الله، ولهذا قال سبحانه:"وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ... " [النساء: الآية24] ، وقال سبحانه:"الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُم وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ...." [المائدة:5] ، وقد تكون الزوجة فتنة لزوجها إذا صرفته عن طاعة الله، أو أمرته بمعصية الله سبحانه وتعالى، مثل أن تحمله على قطيعة أرحامه، أو تحمله على التساهل في ترك أوامر الله مثل الصلاة أو الزكاة أو الجهاد ونحو ذلك، ولهذا قال سبحانه وتعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ... " [التغابن: الآية14] .

وحث النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الزوجة الصالحة التي تعين زوجها على الاستقامة والخير وتحفظه في نفسها وماله، ففي الصحيحين البخاري (5090) ومسلم (1466) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ"، وفي صحيح مسلم (1467) من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ"، ونهى الله سبحانه وتعالى المرأة عن التبرج وإظهار الزينة لغير محارمها؛ حتى لا تكون فتنة للرجل، وأمرها بالعفاف والحشمة وغض البصر. قال تعالى:"وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [النور:31] ، وقال تعالى:"وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ...." [الأحزاب: الآية33] والمرأة حينما تخالف ما شرع الله سبحانه وتعالى، وتنحرف عن الصراط المستقيم تكون فتنة للرجال، وقد وقع ما حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منه من فتنة الرجال بالنساء، وهي من أعظم الفتن التي تفاقم خطرها، وعظم خطبها، ولعل من المناسب أن أذكر بعض مظاهر الفتنة بالمرأة في زماننا الحاضر: 1) سفور النساء وتبرجهن في كثير من المجتمعات الإسلامية، مما ترتب عليه إطلاق النظر إليهن وإثارة الغرائز وثوران الشهوة والوقوع فيما حرم الله والافتتان بهن. وكما قيل: نظرةٌ، فابتسامةٌ، فسلامُ فكلامٌ، فموعدٌ فلقاءُ 2) تفننت وسائل الإعلام بأنواعها من تلفاز وفضائيات وفيديو ومجلات وكتب في عرض صور النساء الخليعة وشبه العارية مما لم يوجد في عصر مضى، وأصبحت الفتنة بهن عظيمة، حيث تعلق كثير من الرجال بصورهن وافتتنوا بهن. 3) كثر الاختلاط بين الجنسين في كثير من مجالات الأعمال، مما أدى إلى حصول الفتنة بالنساء التي حذَّر منها النبي صلى الله عليه وسلم.

والحاصل أن الحديث لا يفهم من ظاهره الاستهانة بحق المرأة، وحاشا كلام النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتمل على مثل هذا، كيف والإسلام رفع شأن المرأة وأعلى مكانها، فهي الأم والبنت والأخت والزوجة، والنساء شقائق الرجال كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو داود والترمذي، ولكن الحديث حذَّر الرجال أن يحملهم ما يجدونه من المحبة والميل إلى المرأة في الوقوع فيما حرم الله، وهو متضمن تحذير المرأة من إظهار زينتها للرجال الأجانب فتكون سبباً في فتنتهم. وقد سمى الله سبحانه الأولاد والأموال فتنة، لأن هذه الأشياء محبوبة للنفس، فإذا أدت إلى الوقوع فيما حرم الله أو ترك ما أوجب الله تكون فتنة، قال سبحانه وتعالى:"إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ... " [التغابن: الآية15] ، وقال سبحانه:"قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" [التوبة:24] ، هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

حديث الأخفياء الأتقياء

حديث الأخفياء الأتقياء المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 4/1/1425هـ السؤال أريد شرحاً وافياً لهذا الحديث وما درجته: "إن الله يحب الأخفياء الأحفياء الأتقياء الأبرياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل فتنة عمياء مظلمة". الجواب بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الحديث المسؤول عنه وهو حديث: "إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا ... إلخ.." قد أخرجه ابن ماجة في سننه برقم: (3989) ولفظه: عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أنه خرج يوماً إلى مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوجد معاذ بن جبل - رضي الله عنه- قاعداً عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- يبكي، فقال: ما يبكيك؟ قال: يبكيني شيءٌ سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن يسير الرياء شركٌ، وإن من عادى لله ولياً، فقد بارز الله بالمحاربة، إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة". وهذا الحديث إسناده ضعيف؛ لأن فيه: عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف، ومعنى قوله: "الأخفياء" جمع خفي، وهو المعتزل عن الناس الذي يخفى عليهم مكانه، ولا يعرف من بينهم. وقوله: "لم يفتقدوا" أي: ما يلتفت أحد إلى معرفة حالهم ومكانهم، ولا ينظر أحد إلى أنهم أحياء أو أموات. وقوله: "لم يدعوا" أي: إلى المجالس والأمور المهمة لقلة شأنهم وعدم اكتراث الناس بهم وبرأيهم. وقوله: "غبراء" أي: مشكلة وبليِّة شديدة. وقد جاء في معنى هذا الحديث الضعيف حديث آخر صحيح وهو ما روى مسلم في صحيحه برقم: (2965) ، عن عامر بن سعد - رضي الله عنه- قال: كان سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- في إبله، فجاءه ابنه عمر، فلما رآه سعد -رضي الله عنه-، قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب، فنزل، فقال له: أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم؟ فضرب سعد في صدره، فقال: اسكت، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي". ومعنى قوله: "الخفي" قال النووي: "أي: الخامل المنقطع إلى العبادة والاشتغال بأمور نفسه" وفي هذا الحديث حجة لمن يقول: اعتزال الناس أفضل من الاختلاط بهم، وفي المسألة خلاف سبق بيانه، ومن قال بتفضيل الاختلاط قد يتأول هذا الحديث على الاعتزال وقت الفتنة ونحوها. وقوله - صلى الله عليه وسلم- في الحديث: "الغني" قال النووي: (المراد بالغنى غنى النفس، هذا هو الغنى المحبوب) ، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "ولكن الغنى غنى النفس" رواه البخاري (6446) ومسلم (1051) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وذهب القاضي عياض إلى أن المراد الغنى بالمال، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

معنى "فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه"

معنى "فليستنثر ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 28/10/1426هـ السؤال ما معنى الحديث التالي: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه"؟ ولماذا ينام الشيطان على خيشومه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فالحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (3295) ، ومسلم (238) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أُرَاهُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ". الخيشوم: بفتح الخاء المعجمة وبسكون الياء التحتانية وضم المعجمة وسكون الواو هو الأنف. وقوله: فإن الشيطان يبيت على خيشومه: يحتمل أحد أمرين: 1- أن يكون هذا على ظاهره، وأن الشيطان يبيت في هذا المكان، ويختار الشيطان هذا المكان لأن الخيشوم محل الأذى والقذارة، قال ابن القيم -رحمه الله-: "وفي مبيت الشيطان على الخيشوم سر يعرفه من عرف أحكام الأرواح، واقتران الشياطين بالمحال التي تلابسها، فإن الشيطان خبيث يناسبه الخبائث، فإذا نام العبد لم ير في ظاهر جسده أوسخ من خيشومه فيستوطنه في المبيت" [ينظر حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (1/85) ] . 2- ويحتمل أن يكون المعنى أن ما يكون في الأنف من الأذى والقذارة يوافق الشيطان، لأن الشياطين خبيثة، وتكون في الأماكن الخبيثة، فيشرع للنائم إذا استيقظ أن ينظف أنفه بالاستنثار، وهو جذب الماء إلى الأنف ثم إخراجه، قال القاضي عياض: "يحتمل أن يكون ذلك على حقيقته، وأن يكون على الاستعارة، فإن ما ينعقد من الغبار ورطوبة الخياشيم قذارة توافق الشيطان" ينظر: شرح النووي على مسلم (3/127) . وظاهر الحديث أن هذا يتناول كل نائم، ويحتمل أن يكون مخصوصاً بمن لم يحصن نفسه بشيء من الذكر عند النوم، مثل قراءة آية الكرسي. قال الحافظ ابن حجر: "ظاهر الحديث أن هذا يقع لكل نائم، ويحتمل أن يكون مخصوصاً بمن لم يحترس من الشيطان بشيء من الذكر لحديث أبي هريرة، فإن فيه: "فكانت له حرزاً من الشيطان" وكذلك آية الكرسي، وقد تقدم فيه: "ولا يقربك شيطان"، ويحتمل أن يكون المراد بنفي القرب هنا أنه لا يقرب من المكان الذي يوسوس فيه وهو القلب، فيكون مبيته على الأنف ليتوصل منه إلى القلب إذا استيقظ، فمن استنثر منعه من التوصل إلى ما يقصد من الوسوسة فحينئذ فالحديث متناول لكل مستيقظ" فتح الباري (6/343) ، والله أعلم.

أفضل دينار ينفقه الرجل

أفضل دينار ينفقه الرجل المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 30/1/1425هـ السؤال جاء في الحديث: "أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله"، قال أبو قلابة: وبدأ بالعيال، ثم قال أبو قلابة: وأي رجل أعظم أجراً من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم، أو ينفعهم الله به ويغنيهم، صحيح مسلم (994) . وفي حديث آخر: "أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على فرس في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله". السؤال: هل الحديث يفيد التساوي في الأجر للثلاثة الأصناف، أم يفيد الأفضلية؟ أي: الأول الإنفاق على العيال، والثاني على الفرس، والثالث الإنفاق في سبيل الله. أفيدونا -جزاكم الله كل خير-. الجواب جاء جواب هذا الإشكال في حديث آخر رواه مسلم أيضاً في صحيحه (995) من طريق مجاهد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك". فهذا الحديث صريح الدلالة في أن الإنفاق على الأهل هو أفضل هذه الأنواع، وأعظمها أجراً، بل إن الإنفاق على الأهل واجب، قال الطبري: (الإنفاق على الأهل واجب، والذي يعطيه يؤجر على ذلك بحسب قصده، ولا منافاة بين كونها واجبة، وبين تسميتها صدقة، بل هي أفضل من صدقة التطوع) ، وقال المهلب: "النفقة على الأهل واجبة بالإجماع". وقال البخاري -رحمه الله- (باب وجوب النفقة على الأهل والعيال) ، وذكر تحته حديث رقم (5355) عن أبي هريرة - رضي الله عنه-: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول ... " الحديث، والأحاديث الواردة في فضل الإنفاق على الأهل والعيال كثيرة، منها ما رواه البخاري (2742) ومسلم (1628) من طريق عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة، حتى اللقمة ترفعها إلى فيّ امرأتك ... " الحديث. ومنها ما رواه البخاري (5351) من طريق عبد الله بن زيد عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أنفق المسلم نفقة على أهله - وهو يحتسبها - كانت له صدقة". أما الديناران الآخران المذكوران في الحديث الوراد في السؤال "دينار ينفقه على فرس في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله ... " الحديث رواه مسلم (994) من حديث توبان - رضي الله عنه - فالتفضيل بينهما راجع إلى مقدار منفعتهما في الجهاد في سبيل الله، فأيهما كان أعظم نفعاً فهو أعظم أجراً. والله أعلم.

حديث افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة

حديث افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 27/11/1424هـ السؤال أرجو التكرم بشرح الأحاديث التي تتكلم عن تفرق المسلمين إلى 73 فرقة جميعها في النار ما عدا واحدة، فمن هي تلك الفرقة؟ وهل ينطبق الحديث فقط على تلك الفرق الخارجة من ملة الإسلام مثل: الأحمدية والبهائية والعلوية؟ (هذا ما نصت عليه إحدى المجلات) ، وما معنى كلمة: (فرقة) المذكورة في الحديث. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإنه يصعب الشرح مفصلاً لأحاديث افتراق الأمة في مثل هذا الجواب، غير أني سأبين لك ما يتسع المقام لبيانه، وأحيلك على ما تجده في ثنايا هذا الجواب من المراجع، فأقول ومن الله أستمد العون والتوفيق: أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- عن وقوع الافتراق والأهواء في هذه الأمة وحذر منه، ومن ذلك ما ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "تفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة"، رواه أبو داود (4596) وابن ماجة (3991) والترمذي (2640) وقال: حديث حسن صحيح. وقد اختلف أهل العلم قديماً وحديثاً في الفرق الثنتين والسبعين الهالكة من هي، ومن يدخل فيها من الفرق التي ظهرت، ومن يخرج، وهل يمكن تعيينها نوعاً وعدداً وإحصاؤها على سبيل الحصر والتحديد. أما الفرقة الناجية فليست موضع خلاف بين أهل العلم - ولله الحمد -، فقد جاء تعيينها بالوصف حيث وصفها الرسول - صلى الله عليه وسلم- بأنها من كان على ما عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه - رضي الله عنهم-. وقد اجتهد بعض أهل العلم في تعيين أصول الفرق الهالكة وتقسيم عددها على أصول الفرق الكبرى في زمانهم، قال ابن تيمية - رحمه الله-: ولهذا قال عبد الله بن المبارك ويوسف بن أسباط وغيرهما، أصول البدع أربعة: الشيعة، والخوارج، والقدرية، والمرجئة، قالوا: والجهمية ليسوا من الثنتين وسبعين فرقة، انظر مجموع الفتاوى (17/447) . كما حاول بعضهم تسمية الثنتين وسبعين فرقة وتحديدها كما فعل ذلك البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق، والشهرستاني في كتابه الملل والنحل، والسكسكي في كتابه البرهان، والملطي في كتابه التنبيه والرد، وابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس وغيرهم. ويمكن القول بأن الفرقة يصدق عليها وصف المفارقة لأهل السنة والجماعة في حالتين: إحداهما: فيما إذا خالفت أهل السنة والجماعة في أصل كلي أو قاعدة كلية من قواعد الشرع. ثانيتهما: فيما إذا خالفت في فروع كثيرة وجزئيات كثيرة مخرجة عن سمة أهل السنة وهديهم كبدع الشعائر والعبادات، إذا كثرت، وانظر في ذلك الاعتصام للشاطبي ج (2/200-201) ، وانظر مقدمات في الأهواء والافتراق والبدع للدكتور ناصر العقل ص34-35.

على أنه ينبغي أن يعلم أن الفرق الثنتين والسبعين الهالكة كلهم من أهل الوعيد المستحقين دخول النار بنص الحديث، لكن لا يلزم من ذلك أن يكونوا كلهم كفاراً، كما أنهم ليسوا كلهم خارجين عن الملة، قال ابن تيمية - رحمه الله-: (ومن قال إن الثنتين وسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفراً ينقل عن الملة فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين- بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة، فليس فيهم من كفر كل واحد من الثنتين وسبعين فرقة، وإنما يكفر بعضَهم بعضاً ببعض المقالات) ، انظر مجموع الفتاوى (7/217-218) . وقال أيضاً: وأما من يقول ببعض التجهم كالمعتزلة ونحوهم الذين يدينون بدين الإسلام باطناً وظاهراً فهؤلاء من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم- بلا ريب، وكذلك من هو خير منهم كالكلابية والكرامية، وكذلك الشيعة المفضلين لعلي - رضي الله عنه- ومن كان منهم يقول بالنص والعصمة مع اعتقاده بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم-باطناً وظاهراً، وظنه أن ما هو عليه هو دين الإسلام فهؤلاء أهل ضلال وجهل، ليسوا خارجين عن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بل هم من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، انظر مجموع الفتاوى (17/448) ، فليتنبه الفطن اللبيب إلى ضرورة معرفة الضوابط التي يحكم بها على المعين ببدعة أو فسق. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

حديث: "ستكون أمراء ... " وحكام اليوم

حديث: "ستكون أمراء ... " وحكام اليوم المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 4/12/1424هـ السؤال ما معنى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ستكون أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا"، وهل ينبطق على حكامنا اليوم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد:

الحديث المذكور أخرجه مسلم (1854) من حديث أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ قَالَ: "سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: لَا مَا صَلَّوْا". وقوله في الحديث: "سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُون"َ أي: يعمل الأمراء أعمالاً منها ما تعرفون كونه معروفاً، ومنها ما تعرفون كونه منكراً..... أي: أن أفعالهم منها ما يكون حسناً موافقاً للشريعة، ومنها ما يكون قبيحاً مخالفاً للشريعة..وقوله: "فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ"، والرواية الأخرى في مسلم أيضاً: "فمن كره فقد برئ". ومعناه: فمن كره ذلك المنكر فقد برئ من إثمه وعقوبته، وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه، فيكره بقلبه.. وقوله: "وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِم"َ. أي: من أنكر باللسان تلك الأفعال القبيحة إذا استطاع ذلك فقد سلم من الهلاك.. ويحتمل أن يكون الإنكار أيضاً بالقلب، ويكون المعنى: اعتقد الإنكار بقلبه، وقد جاء في رواية في صحيح مسلم: "أي: من كره بقلبه وأنكر بقلبه"، قال القرطبي: أي اعتقد الإنكار بقلبه، وجزم عليه بحيث لو تمكن من إظهار الإنكار لأنكره. ومَن كان كذلك فقد سلم من مُؤاخذة الله -تعالى- على الإقرار على المنكر. وهذه المرتبة هي رتبةُ مَن لم يقدر على تغيير المنكر لا باللسان، ولا باليد، وهي التي قال فيها -صلى الله عليه وسلم-: "وذلك أضعف الإيمان" أخرجه مسلم (49) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وفي الحديث الآخر: "وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" رواه مسلم (50) من حديث أبي مسعود -رضي الله عنه-، وقوله: "وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ....." أي: من رضي المنكر، وتابع عليه فعليه الإثم والعقوبة والمؤاخذة. قال النووي: وفيه دَلِيل عَلَى أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ إِزَالَة الْمُنْكَر لَا يَأْثَم بِمُجَرَّدِ السُّكُوت. بَلْ إِنَّمَا يَأْثَم بِالرِّضَا بِهِ، أَوْ بِأَلَّا يَكْرَههُ بِقَلْبِهِ أَوْ بِالْمُتَابَعَةِ عَلَيْهِ. وقوله في الحديث: "أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: لَا مَا صَلَّوْا.." أي: ما أقاموا الصلاة في الناس، وفي حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه- كما سيأتي: "لا ما أقاموا فيكم الصلاة" رواه مسلم (1855) قال النووي: "لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق، ما لم يغيروا شَيئاً من قواعد الإسلام." وقال شيخ الإسلام: "هذا يبين أن الأئمة هم الأمراء ولاة الأمور، وأنه يُكره ويُنكر ما يأتونه من معصية الله، ولا تنزع اليد من طاعتهم، بل يطاعون في طاعة الله، وأن منهم خياراً وشراراً". وقد دلت أحاديث أخرى على ما دل عليه حديث أم سلمة - رضي الله عنها- من ترك الخروج على أئمة الجور

ما لم يوجد منهم كفر بواح، والسمع والطاعة ما لم يأمروا بمعصية. - ففي صحيح مسلم (1855) من حديث عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: " خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ:" لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ " وفي الصحيحين البخاري

(7199) ، ومسلم (1842) من حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رضي الله عنه- قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ" زاد في رواية عندهما بعد قوله: "وألا ننازع الأمر أهله" قال: " إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان "وفي الصحيحين البخاري (3455) ، ومسلم (1842) من حديث أَبَي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: " كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُم، ْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ" وفي الصحيحين البخاري (7053) ، ومسلم (1849) من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:" مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا، فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً" وفي صحيح مسلم (1846) من حديث سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ - رضي الله عنه -أنه سأل رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاء، ُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فقَالَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ". وفي الصحيحين البخاري (7084) ، ومسلم (1847)) من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَر، ٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ، فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: "نَعَم"ْ قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قُلْت: ُ كَيْفَ؟ قَالَ: "يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ" قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُك، َ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ" وقد أخذ بما دلت عليه هذه الأحاديث جمهور أهل السنة والجماعة، فذهبوا إلى تحريم

الخروج على أئمة الظلم والجور ما لم يحصل منهم كفر بواح..قال الإمام أحمد: " والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ومن ولي الخلافة، فاجتمع الناس عليه، ورضوا به"وقال الإمام الطحاوي: "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله -عز وجل- فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة" وقال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية: " وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا فلأنه يترتب على الخروج عن طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور" وقال ابن بطال: "وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء.. ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح" وقال شيخ الإسلام: " استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة؛ للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم" وقال: "وإن ما أمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الصبر على جور الأئمة، وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وإن من خالف ذلك متعمداً أو مخطئاً لم يحصل بفعله صلاح بل فساد "وقال أيضاً: " إن الملك الظالم لا بد أن يدفع الله به من الشر أكثر من ظلمه، وقد قيل: ستون سنة بإمام ظالم خير من ليلة واحدة بلا إمام. وإذا قدر كثرة ظلمه فذاك ضررٌ في الدين، كالمصائب تكون كفارة لذنوبهم، ويثابون عليها، ويرجعون فيها إلى الله، ويستغفرونه، ويتوبون إليه، وكذلك ما يسلط عليهم من العدو.. ولهذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتال من يقاتل على الدين الفاسد من أهل البدع كالخوارج، وأمر بالصبر على جور الأئمة، ونهى عن قتالهم والخروج عليهم"، وكلام الأئمة في هذا الموضوع كثير يطول المقام بذكره، ولعل فيما ذكرته كفاية، وينبغي الإشارة إلى أن حرمة الخروج على أئمة الجور لا تعني عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإظهار الشرع وإعلاء كلمة الحق بحسب الاستطاعة، وقد سبق في حديث عبادة -رضي الله عنه- قال: " بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ "وفي حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ " أخرجه الترمذي (4001) ولكن الأمر والنهي يحتاج إلى الرفق والصبر والعلم والحكمة..... قال بعض السلف: لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيهاً فيما يأمر به، فقيهاً فيما ينهى عنه، رفيقاً فيما يأمر به، رفيقاً فيما ينهى عنه، حليماً فيما يأمر به، حليماً فيما ينهى عنه"، وأما إذا ظهر من

الحاكم كفر بواح قام عليه البرهان وجب الخروج مع القدرة، ويدل على هذا ما تقدم في حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: "إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان "، ولأنه لا ولاية للكافر على المسلم، والمخاطب في ذلك الأمة ممثلة بأهل الحل والعقد ... قال القاضي عياض: " أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه كفرٌ وتغيير للشرع أو بدعة مكفرة خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه، ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك وجب عليهم القيام بخلع الكافر " وينبغي هنا الإشارة إلى الفرق بين الحكم على القول أو الفعل بالكفر وتكفير المعين، فقد يحكم على القول أو الفعل بأنه كفر ويتوقف في تكفير المعين، قال ابن تيمية في تكفير الخوارج والروافض ونحوهم ممن يقول بالكفر، ويفعل أفعالاً من جنس أفعال الكفار: " الصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها، التي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- كفر، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضاً..... ولكن تكفير الواحد المعين منهم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه، فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق، ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضي الذي لا معارض له". هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل الولد وماله لأبيه مطلقا؟!

هل الولد وماله لأبيه مطلقاً؟! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 04/05/1425هـ السؤال أنا رجل قد كتبت كتابي على فتاة، هذه الفتاة أبوها في غاية الطمع، وشعاره في الحياة (الابن وماله لأبيه) ، وقد أخذ زوجتي قبل أن يوافق على خطبتي لها إلى أحد المصارف، وجعلها تأخذ ديناً ربوياً له هو. وسؤالي هو: أليس من حق الزوج أن يعرف بكل تصرفات زوجته التي تريد أن تقدم عليها؟ ثانياً: أوليس حراماً أن يأخذ هذا الأب ابنته إلى البنك رغماً عنها وهي رافضة كل الرفض أخذ النقود من البنك، خصوصاًً وأن البنك ربوي؟ ثالثاً: هل الحديث: "الابن وماله لأبيه" يجيز له أن يأخذ منها ما يشاء؟ وإن كانت الإجابة بنعم، فأنا لا أوافقكم، خصوصاً بأن المال الذي ستأخذه زوجتي هو مال ليس لها؛ لأنها لم تستحقه بعد، وإنما هو عبارة عن مال مستقبلي لم تجنه، والله وحده يعلم هل ستعيش هي أو أي شخص آخر حتى تستحقه أم لا. رابعاً: هل رغبة الأب في الذهاب إلى الحج تجيز له ما يقدم على فعله؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بخصوص حكم تملك الأب من مال ولده، فقد اختلف العلماء في ذلك، قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى-: (وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه، ومع عدمها صغيراً كان الولد أو كبيراً، بشرطين أحدهما ألا يجحف بالابن ولا يضربه، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته. الثاني: ألا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر؛ نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى، وقد روي أن مسروقاً زوج ابنته بصداق عشرة آلاف، فأخذها وأنفقها في سبيل الله، وقال للزوج جهز امرأتك، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: (ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا") رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-. وروي عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "كل أحد أحق بكسبه من والده وولده والناس أجمعين" رواه سعيد في سننه، والبيهقي في السنن الكبرى (10/319) وهذا نص. وروي أن النبي -صلى الله عليه سولم- قال: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه" رواه الدارقطني في سننه (2522) ، وأحمد (20172) ؛ ولأن ملك الابن تام على مال نفسه فلم يجز انتزاعه منه لأنه تعلقت به حاجته، ولنا ما روت عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم" أخرجه النسائي (4450) ، وأبو داود (3528) ، وابن ماجة (2290) الترمذي (1358) ، وقال: حديث حسن.

وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: إن أبي اجتاح مالي، فقال صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" رواه الطبراني في معجمه مطولاً، ورواه غيره وزاد: "إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم" انظر ما رواه أبو داود (3530) ، وابن ماجة (2292) ، وغيرهما. وروى محمد بن المنكدر، والمطلب بن حنطب، قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن لي مالاً وعيالاً، ولأبي مال وعيال، وأبي يريد أن يأخذ مالي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنت ومالك لأبيك" انظر ما رواه ابن ماجة (2291) من حديث جابر -رضي الله عنه-؛ ولأن الله -تعالى- جعل الولد موهوباً لأبيه فقال: "ووهبنا له إسحاق ويعقوب" [الأنعام: 84] ، وقال تعالى: "ووهبنا له يحيى" [الأنبياء: 90] ، وقال زكريا: "هب لي من لدنك ولياً" [مريم: 5] ، وقال إبراهيم: "الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق" [إبراهيم: 39] ، وما كان موهوباً له كان له أخذ ماله كعبده، وقال سفيان بن عيينة في قوله: "ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم" [النور: 61] ، ثم ذكر بيوت سائر القرابات إلا الأولاد لم يذكرهم؛ لأنهم دخلوا في قوله: "بيوتكم" [النور: من الآية: 61] ، فلما كانت بيوت أولادهم كبيوتهم لم يذكر بيوت أولادهم؛ ولأن الرجل يلي مال ولده تولية فكان له التصرف فيه كمال نفسه، وأما أحاديثهم فأحاديثنا تخصها وتفسرها؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل مال الابن مالاً لأبيه؛ بقوله: "أنت ومالك لأبيك" (سبق تخريجه) ، فلا تنافي بينهما، وقوله: "أحق به من والده وولده" مرسل ثم يدل على ترجيح حقه على حقه لا على نفي الحق بالكلية، والولد أحق من الوالد بما تعلقت به حاجته. ا. هـ المغني (5/395) . ويحرم على الأب وغيره أن يقترض باسمه أو باسم غيره قرضاً ربوياً من بنك أو فرد أو غيرهما؛ قال تعالى: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [البقرة:275] . ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" رواه البخاري (2767) ، ومسلم (89) . والله -تعالى- أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حديث "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء"

حديث "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 24/04/1426هـ السؤال ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" رواه مسلم (250) فما المراد من الحديث؟ وهل الزيادة في الغسل على المرفقين والكعبين جائزة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: المراد بهذا الحديث -وغيره مما جاء في معناه- هو إسباغ الوضوء أي تعميم العضو بالماء، لا أن المراد بذلك هو الزيادة على ما جاءت به السنة، فلا يشرع له أن يزيد على المرفق في غسل اليد، حتى يغسل شيئاً من العضد، وكذا لا يشرع له أن يزيد في غسل القدم حتى يغسل شيئاً من الساق، وهذا هو مذهب جماهير أهل العلم؛ لأنه لم يرد عن النبي- صلى الله عليه وسلم-. والله أعلم.

حديث الثقلين: كتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وسلم

حديث الثقلين: كتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وسلم المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 9/6/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. آبائي العلماء: -حفظكم الله وأبقاكم-. أنا محتار في حديث الثقلين، فلا أدرى أيهما أصح: هل هو كتاب الله وعترتى؟ أم كتاب الله وسنتي؟ أخرجوني من حيرتي، جزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المراد بالثقلين هما: كتاب الله -تعالى-، وأهل بيته صلى الله عليه وعلى آل بيته الطيبين وسلم، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم (2408) ، وغيره من حديث يزيد بن حيان، قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة، وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم - رضي الله عنه-، فلما جلسنا إليه قال له حصين: (لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: يا ابن أخي: والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعد الذي كنت أعي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً- بين مكة والمدينة- فحمد الله، وأثنى عليه، ووعظ، وذكر، ثم قال: "أما بعد: ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي") الحديث ... قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم (15/180) : قال العلماء: سميا ثقلين لعظمهما، وكبير شأنهما، وقيل لثقل العمل بهما. ولتعلم - أخي السائل- أن الوصية بكتاب الله -تعالى- متضمنة للوصية بالسنة، ولو لم ينص عليها؛ لأن المسلم لا يمكنه أن يطبق ما في القرآن من أوامر على الوجه الصحيح من غير السنة، فالصلاة - مثلاً- أمرنا بها، وكذا الزكاة، وكذا الحج وغيرها من العبادات، فمن استغنى عن السنة، فلن يستطيع أن يصلي على الوجه المطلوب، وهذا ظاهر، ويدل لهذا التلازم قوله -تعالى-: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب" [الحشر: من الآية 7] ، وبهذه الآية كان السلف من الصحابة - رضي الله عنهم- ومن بعدهم يستدلون على تلازمهما، كما في الصحيحين البخاري (4886) ، ومسلم (2125) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه- قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله؟ فقال عبد الله: "وما لي لا ألعن من لعن رسول الله وهو في كتاب الله"، فقال المرأة: "لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته"، فقال: لئن قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله - عز وجل-: "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر: 7] الحديث.. والله أعلم.

معنى حديث التبايع، العينة

معنى حديث التبايع، العِينة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 6/3/1425هـ السؤال أرجو التكرم بشرح الحديث التالي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا إلى دينكم". -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحديث المذكور رواه أبو داود (3462) ، وأحمد (4810) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - والعينة أن يشتري سلعة نقداً بدون ما باع به نسيئة، فهذه مسألة العينة، وهي محرمة؛ لأنها ذريعة إلى الربا، مثالها أن يبيع بيته بمائة وخمسين ألف ريال نسيئة، ثم يشتريه منه بمائة ألف ريال نقداً فكأنه أقرض مائة بمائة وخمسين، وقوله: "وأخذتم أذناب البقر"، كناية عن الاشتغال بالحرث عن الجهاد، حيث صاروا يمشون خلف أذناب البقر، بعد أن كانوا يركبون ظهور الخيل، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "ورضيتم بالزرع"، أي: تكون همتكم وغايتكم ونهمكم، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "وتركتم الجهاد"، أي: المتعين فعله في زمن يكون على الناس فيه فرض عين، وقوله: "سلط الله عليكم ذلاً"، أي: صغاراً ومسكنة، ولا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم"، أي: لا يزيله، ولا يكشفه عنكم حتى ترجعوا إلى الاشتغال بأمور دينكم، وليس معنى الحديث النهي عن الاشتغال بالزرع، فإن الحرث والاشتغال به من أطيب الكسب والعمل، بل ورد فيه نصوص ليس هذا موضع بسطها، حتى قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أحمد (12569) من حديث أنس -رضي الله عنه- "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل".

معنى (وحق العباد على الله ألا يعذبهم ... )

معنى (وحق العباد على الله ألا يعذبهم ... ) المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 20/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. في الحديث الذي ذكر فيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين حقوق الله على الناس وحقوق الناس على الله. وقد ورد في الحديث أن للناس حق على الله إذا عبدوه وحده ولم يشركوا به شيئا فلن يعذبهم. شخص يقول: " وددت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: سيكافئهم بدلا من قوله: لن يعذبهم فكيف أرد عليه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ورد في الصحيحين البخاري (7373) ومسلم (30) في قصة إرداف النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه-، والحديث مشهور ومعروف، وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه حق الله -عز وجل-، على العباد ثم حق العباد على الله-عز وجل- وحق العباد على الله -عز وجل- ألاّ يعذبهم إذا قاموا بحقه، وهذا النص محمول على أن الله -عز وجل- لا يعذب العباد إذا قاموا بشهادة لا إله إلا الله وبمقتضياتها وحقوقها، وسلموا من الشرك بقسميه الأكبر والأصغر ومن البدع والأهواء ومن المعاصي والذنوب. فهؤلاء لهم الأمن التام والاهتداء التام ويدخلون الجنة، وأما من تلبس بشيء من الذنوب والمعاصي فهو تحت المشيئة إن شاء الله عز وجل عذبه بقدر ذنوبه وإن شاء تجاوز عنه ثم مآله إلى الجنة، فهذا النص: "ألاّ يعذبهم"، محمول على من قال لا إله إلا الله ولم يمت مصراً على ذنب، أو قالها بصدق ويقين ثم مات على ذلك.

وأما قول المعترض: وددت أن الرسول -صلى الله عليهم وسلم- قال: "سيكافئهم" بدل من قوله: "ألاّ يعذبهم" فهذا الكلام خطأ عظيم من القائل ويخشى على هذا القائل، فهذا استدراك على حكم الشارع، وهو جهل من القائل، فقوله: لو أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعبر بـ"يكافئهم" هذا قول مردود فالنبي-صلى الله عليه وسلم- هو أعلم الناس، وهو أعلم بما يخبر به عن رب العالمين وهو مؤتمن على ذلك، والنبي-صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى وهو معصوم بالإجماع فيما يتعلق بتبليغ الشرع. وهذا الكلام جهل من القائل ولا ينبغي له أن يكون مستدركاً على الشارع متعقباً عليه بل يكون حاله مع الشرع حال التسليم والانقياد والقبول لما جاء به النبي-صلى الله عليه وسلم- وهذا من شروط شهادة ألاّ إله إلا الله، وجعل أمور الشرع مجالاً للانتقاد والكلام فيها لا شك أنه مسلك خطير، بالإضافة إلى ما فيه من تضييع الأوقات وصرف الكلام بما لا يعود بالنفع على العبد بل يعود عليه بالضرر المحض. والأمة في الأزمنة الأخيرة اعتادت أن تتكلم كثيرا ولا تفعل إلا القليل، والجدل لا خير فيه فكيف إذا كان الجدل في أمور محسومة من قبل الشارع. فينبغي للقائل أن يصرف وقته فيما يعود عليه بالنفع وأن يحرص على زيادة إيمانه ويكون موقفه من الشرع موفق المسلم المنقاد الراضي بما جاء، لا موقف المنتقد المستدرك. وعلى السائل أن يترك جدال هذا الشخص القائل، فجميل بن زيد قال للإمام مالك: الرجل يكون عالماً بالسنة يخبر بها، قال: نعم، قال يجادل بها، قال: لا. فهذا المسلك مشهور عند أهل العلم عدم المجادلة مع أهل الباطل في الأصل وإن كانت توجد استثناءات ليس هذا محلها، والله أعلم.

المقصود بموجبات الرحمة في "اللهم أسألك موجبات رحمتك"

المقصود بموجبات الرحمة في "اللهم أسألك موجبات رحمتك" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 22/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ورد في الدعاء المأثور: "اللهم أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك". فما هي موجبات رحمة الله وعزائم مغفرته سبحانه وتعالى؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الدعاء الوارد في السؤال جاء ضمن الحديث المعروف بحديث صلاة الحاجة؛ أخرجه الترمذي (479) ، وابن ماجه (1384) ، من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ لْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لْيُثْنِ عَلَى اللَّهِ وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ وَلَا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ". قال الترمذي: (هذا حديثٌ غريبٌ، وفي إسناده مقالٌ، فائدُ بنُ عبد الرحمن يضعَّف في الحديث وفائِدٌ هو أبو الوَرْقَاءِ) . فالحديث ضعيف. وله شاهد من حديث أنس وأبي الدرداء، رضي الله عنهما، وهما ضعيفان [ينظر: كلام الحافظ ابن حجر على هذه الأحاديث في الفتوحات الربانية (4/298) ] . ومعنى قوله: "موجباتِ رحمتك": أي الأفعال والخصال والأقوال التي تكون سببًا لنيل رحمة الله ودخول جنته. ويدخل في ذلك: الإيمان بالله ورسوله، عليه الصلاة والسلام، وتقوى الله وطاعته، وحسن الاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ... ) [الأعراف: 157، 156] . ومقصود هذا الدعاء أن يوفق العبد للأخذ بالأسباب التي توجب رحمة الله. وعزائم مغفرته: جمع عزيمة، ومعنى هذا الدعاء أن يوفق العبد لأعمال صالحة تتعزم وتتأكد بها مغفرة الله سبحانه وتعالى. هذا والله أعلم.

حديث: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ... )

حديث: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ... ) المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 10/05/1425هـ السؤال حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يتحمل أذاهم" رواه الترمذي وابن ماجة، هل المقصود بـ (الناس) في الحديث المبتدعة؟ وما معنى الحديث؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحديث هو حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"، والحديث رواه الترمذي (2507) ، وابن ماجة (4032) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، وهو من أحاديث بلوغ المرام، والألف واللام في الناس للاستغراق فالمراد بالناس الجنس، دون تخصيص الناس بنوع معين. ومعنى الحديث: أن المؤمن الذي يخالط الناس، ويدعوهم إلى الخير، ويدعوهم إلى الإسلام، ويصبر على ما يناله من أذى في سبيل دعوتهم، وإيصال الخير إليهم خير من المؤمن الذي ينعزل عن الناس؛ لأن الأول صاحب نفع متعد، والثاني صاحب نفع خاص، فالحديث عام في جميع الناس. والله أعلم.

ما جدوى العمل إذا كان "لا يدخل أحد الجنة بعمله"!

ما جدوى العمل إذا كان "لا يدخل أحد الجنة بعمله"! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 27/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد من فضيلتكم أن تشرحوا لي قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل أحد الجنة بعمله". أو كما صح عنه صلى الله عليه وسلم, وقوله: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة ... "إلخ. حتى يكمل العشرة المبشرين بالجنة، فالرسول عليه الصلاة والسلام استدل على دخول أبي بكر، رضي الله عنه، الجنة لما رآه منه من حسن الخلق ومن صالح الأعمال فشهد له في الجنة، وكذلك التسعة الباقين، رضي الله عنهم أجمعين، فكيف نوفق بين الحديث الأول والثاني؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:

الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (5673) ، ومسلم (2816) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ". قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا، وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ؛ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ". وهذا الحديث يدل على أن دخول الجنة لا يكون بمجرد العمل، بل لولا رحمة الله وفضله لما دخل الجنة أحد؛ لأن الأعمال مهما بلغت لا تُقاوِم نِعَمَ اللهِ التي أنعم بها على عباده؛ حيث أوجدهم من العدم، ورزقهم من الطيبات، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وهداهم إلى الإيمان، ووفقهم للأعمال الصالحة، وفي الحديث: "لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ ... ". أخرجه أحمد (21589) وأبو داود (4699) . وعلى هذا فدخول الجنة ليس عوضًا عن العمل ولا مقابلة به، فمن شهد له النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بدخول الجنة ومنهم العشرة المبشرون بالجنة، فدخولهم الجنة برحمة الله وفضله، ولكن أعمالهم الصالحة سبب لدخولهم الجنة، قال الله تعالى: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [النحل: 32] . وقال تعالى: (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأعراف: 43] . وقال تعالى: (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة: 19] . وقال تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الطور: 19] . فالباء الواردة في الآيات هي باء السببية، أي أن الله سبحانه وتعالى يدخل عباده المؤمنين الجنة بسبب أعمالهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، بعد أن ذكر هذه النصوص ونظائرها: (فبين بهذه النصوص أن العمل سبب للثواب، والباء للسبب كما في مثل قوله تعالى: "فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات"، وقوله: "وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها"، ونحو ذلك مما يبين به الأسباب، ولا ريب أن العمل الصالح سبب لدخول الجنة والله قدر لعبده المؤمن وجوب الجنة بما ييسره له من العمل الصالح كما قدر دخول النار لمن يدخلها بعمله السيئ كما في الصحيحين عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار". قالوا يا رسول الله: أفلا نتكل على الكتاب وندع العمل؟ قال: "لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له"، أما من كان من أهل السعادة فسييسره لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فسييسره لعمل أهل الشقاوة، وقال إن الله خلق للجنة أهلا وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم وبعمل أهل الجنة يعملون وخلق للنار أهلا وخلقها لهم

وهم في أصلاب آبائهم وبعمل أهل النار يعملون". وإذا عرف أن الباء هنا للسبب فمعلوم أن السبب لا يستقل بالحكم فمجرد نزول المطر ليس موجبا للنبات بل لا بد من أن يخلق الله أمورا أخرى ويدفع عنه الآفات المانعة فيربيه بالتراب والشمس والريح ويدفع عنه ما يفسده فالنبات محتاج مع هذا السبب إلى فضل من الله أكبر منه، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل". فإنه ذكره في سياق أمره لهم بالاقتصاد قال: "سددوا وقاربوا واعلموا أن أحدا منكم لن يدخل الجنة بعمله". وقال: "إن هذا الدين متين وإنه لن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدجلة والقصد القصد تبلغوا". فنفى بهذا الحديث ما قد تتوهمه النفوس من أن الجزاء من الله عز وجل على سبيل المعاوضة والمقابلة كالمعاوضات التي تكون بين الناس في الدنيا فإن الأجير يعمل لمن استأجره فيعطيه أجره بقدر عمله على طريق المعاوضة إن زاد زاد أجرته وإن نقص نقص أجرته وله عليه أجرة يستحقها كما يستحق البائع الثمن، فنفى صلى الله عليه وسلم أن يكون جزاء الله وثوابه على سبيل المعاوضة والمقابلة والمعادلة، والباء هنا كالباء الداخلة في المعاوضات كما يقال: استأجرت هذا بكذا وأخذت أجرتي بعملي...... وإذا تبين ذلك أفاد هذا الحديث ألا يعجب العبد بعمله بل يشهد نعم الله عليه وإحسانه إليه في العمل وأنه لا يستكثر العمل فإن عمله لو بلغ ما بلغ إن لم يرحمه الله ويعف عنه ويتفضل عليه لم يستحق به شيئا". [رسالة ابن تيمية في دخول الجنة (ص: 47 - 50) ] . وينظر: [رسالة ابن تيمية في دخول الجنة، مفتاح دار السعادة (1/8، 10) ، ومدارج السالكين (1/94، 96) لابن القيم، فتح الباري لابن حجر (11/294 - 297) ] . هذا والله أعلم.

فوائد من حديث الأعرابي الذي بال في المسجد

فوائد من حديث الأعرابي الذي بال في المسجد المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 17/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تحدثت مع أحد الشباب حول كون أحاديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان، ومضمون كلامه أن هناك أحاديث قالها الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصبحت الآن غير صالحة للتطبيق؛ حيث إن الماديات قد تغيرت في ظل الحضارة الحديثة والتطور المادي، فيقول هو: إن حديث الأعرابي الذي بال في المسجد غير ممكن الحدوث اليوم؛ حيث إن المساجد أصبحت تختلف عمّا كان عليه الحال في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو ينطلق من هذا الأساس ليقول: إن هذا الحديث -على سبيل المثال- أصبح وجوده في مناهج التعليم وفي الكتب الأخرى مجرد حشو على حد تعبيره، كما أنه يقول: إن هناك أحاديث كثيرة على هذا النحو مما تغير الحال عما كان عليه في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إذن هي لا تحدث فهي لمجرد الحفظ فقط، أو لا داعي لتعليمها للجيل الجديد على حد زعمه. فما ردكم على ذلك؟. جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فهذا الذي جرى بينك وبينه جدال حول أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، إنما أُتي في الحقيقة من جهله بالسنة، وما أكثر جنسه ولونه في هذا العصر! وعلى سبيل المثال فحديث الأعرابي هذا، نظر إليه من حيث الشكل، وغفل عن المضمون، فالبناء وإن اختلف في شكله على مر العصور، ولكن المسجد يبقى هو المسجد في أحكامه، وما يجب له من حرمة، إلخ ... علماً أن كثيراً من المساجد اليوم لاسيما الواقعة في البلاد الفقيرة أو في القرى والهجر، هي على الحال التي عليها المساجد القديمة من بنائها بالطين وفرشها بالحصباء، كما هو الحال في بعض البلاد الإفريقية وغيرها، فلماذا اختزل هذا الأخ المساجد كلها في أنحاء العالم في الواقع الذي يعيشه هو، أو تعيشه أكثر الدول؟ وعوداً على ذي بدء، أقول: لقد استنبط علماؤنا الأجلاء فوائد كثيرة جداً من حديث الأعرابي هذا، وقبل أن أسرد بعضاً من هذه الفوائد، فإني أسوق الحديث بنصه كما جاء في صحيح مسلم (285) : عن أنس -رضي الله عنه- قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: مَهْ، مَهْ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لا تزرموه- يعني: اتركوه لا تقطعوا عليه بوله- دعوه"، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاه، فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، وإنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن". فأمر رجلاً من القوم، فجاء بدلو من ماء، فشنه عليه. وفي لفظ للبخاري (220) : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: "دعوه وهريقوا على بوله سَجْلاً -يعني: دلواً- من ماء، أو ذنوباً من ماء؛ فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين". هذا هو الحديث، وإليك بعض الفوائد المستقاة من هذا الحديث، والتي تفيد المسلم وتهمه في كل عصر:

فأولاً: فيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، ورأفته بالمتعلم ولطفه به، وهكذا ينبغي أن يكون المعلم والمربي والعالِم والمسؤول في كل عصر ومصر، ينبغي أن يتحلى بالأخلاق الفاضلة، وبالآداب الكريمة مع الناس، حتى ولو وقع منهم سلوك مشين، كما وقع من هذا الأعرابي. وثانياً: فيه وجوب الرفق بالجاهل، وعدم التعنيف عليه، وأنه يجب التفريق في المعاملة بين من يقع في المنكر وهو عالم به مصر عليه، وبين من يقع فيه وهو جاهل به، وأن الداعية والعالم ينبغي أن يكون ميسراً لا معسراً، في حدود الشرع. وثالثاً: فيه بيان تعظيم المساجد، ووجوب احترامها، وتنزيهها عن الأقذار، أيًّا كان بناؤها؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا البول ولا القذر ... ". فلفظ (المساجد) هو من صيغ العموم؛ فتعم كل مسجد في القديم أو في الحاضر، فلا يجوز البول فيها، ولا تقذيرها بأي لون من ألوان القاذورات، سواء بالبصاق فيها - كما يفعله بعض الناس اليوم، حيث يبصق في ساحة المسجد الواقعة داخل السور- أو بإلقاء النفايات والمناديل داخل أروقة المسجد ... إلخ. والتعبير بالقذر في الحديث يشمل كل ما يتقذر منه الناس، ويخالف الذوق العام، وينافي حرمة المسجد. ورابعاً: فيه دلالة على نجاسة بول الآدمي، وهو محل إجماع عند أهل العلم، كما حكاه الصنعاني في سبل السلام (1/25) ، وغيره. وخامساً: فيه تقرير قاعدة عظيمة في الدين، وهي (دفع أعظم المفسدتين بارتكاب أدناهما) ، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- حين ترك هذا الأعرابي حتى يتم بوله، كان ذلك لأجل ألا يترتب على منعه أن يقوم فيلوِّث ثيابه وبدنه، ويلوِّث أجزاء أخرى من المسجد فيؤدي إلى انتشار النجاسة، وتنجيس مكان واحد أخف من تنجيس أماكن متفرقة من المسجد، وهذه القاعدة الشرعية أشار إليها المازري، وكما في شرح الزرقاني (1/190) ، ويتخرج على هذه القاعدة ما لا يحصى من النوازل الفقهية في باب السياسة الشرعية، وفي باب المعاملات المالية المعاصرة، وفي باب الطب الحديث، وغيرها من الأبواب، ومن ذلك على سبيل المثال نازلة رفع أجهزة الإنعاش عند الموت الدماغي في بعض صوره الجائزة، فالحاصل أن هذه القاعدة قد استنبطت من عدة نصوص، ومنها هذا الحديث النبوي الشريف. وسادساً: فيه جواز التمسك بالعموم حتى يظهر دليل التخصيص، وهي مسألة أصولية مشهورة، ويترتب عليها فوائد كثيرة، ليس هذا الجواب محل بسطها. وسابعاً: فيه وجوب إزالة المفاسد عند زوال المانع؛ لأمره صلى الله عليه وسلم صحابته بصب الماء عند فراغه من البول. وثامناً: فيه أن الماء أداة من أدوات التطهير، وأنه لا يشترط حفر الأرض إذا وقعت عليها النجاسة، خلافاً للحنفية. وتاسعاً: فيه أنه لا ينبغي قطع البول على من شرع فيه؛ لما قد يؤدي إليه من مفاسد صحية، وربما جاء الطب الحديث بما يؤيد هذا، فقد اكتشف الطب الحديث علوماً كثيرة، كان قد ذكرها القرآن الكريم، والرسول -صلى الله عليه وسلم- أو أشار إليها قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة. ومنها، وهي الفائدة العاشرة:

أنه لا يجوز البول في الأماكن التي يرتادها الناس، إما للعبادة كالمساجد - كما في هذا الحديث-، وإما للجلوس والراحة كمواطن الظل، وإما لاتخاذها طريقاً ... ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا اللعانين.. الذي يتخلى في طريق الناس، أو في ظلهم" أخرجه مسلم في صحيحه (269) . وفي سنن أبي داود (26) وابن ماجه (328) عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد - يعني موارد الماء- وقارعة الطريق، والظل". وفي هذا يقول الدكتور علي البار: بعض الدول الإسلامية تشكو من داء البلهارسيا، وتنفق الدولة سنوياً ما يقارب المليار في حرب هذا المرض، فلم تستطع القضاء عليه، وفشلت فشلاً ذريعاً، بينما حديث واحد من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحل الإشكال، ويقضي على البلهارسيا من أصلها، ويحل مشكلة عويصة جداً، لما تسببه من سرطان المثانة، وتعمل مضاعفات في الكلى، كل هذا يمكن تجنبه باتباع هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما منع التبول والتغوط في الموارد، وقارعة الطريق ... انتهى من (الإعجاز العلمي في السنة النبوية لمؤلفه صالح رضا 1/482) . ولا شك أننا بهذه النصوص الشرعية، وبامتثالنا لهذه التوجيهات النبوية سنرتقي بأخلاقنا، ونسمو بمبادئنا وقيمنا، ونساهم في المحافظة على نظافة مجتمعنا من كل ما يكدر صفوه ظاهراً وباطناً، كما نساهم في المحافظة على البيئة من كل تلوث يؤدي إلى الأمراض والأسقام. والله -تعالى- أعلم.

المقصود بالكمأة وحكم التداوي بها

المقصود بالكمأة وحكم التداوي بها المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 16/04/1426هـ السؤال أود أن أسألكم عن معنى هذا الحديث، وإن كان صحيحاً فكيف تتم الاستفادة منه؟ أي كيف أستطيع الحصول على مائها، يقول صلى الله عليه وسلم: (إن صح الحديث) "الكمأة من المن, وماؤها شفاء للعين". وهل توجد أحاديث أخرى تبحث في شفاء العين؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (5708) ، ومسلم (2049) من حديث سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْكَمْأَةُ مِنْ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ"، والكمأة نبات يكون في جوف الأرض، ينبت بعد نزول المطر وتنفلق عنه الأرض، ويشتهر باسم: الفقع، ومعنى قوله: "من المن" أي هو مما امتن الله -سبحانه وتعالى- به من غير جهد من الإنسان، حيث لا يد للإنسان في استنباته، فهو من هذه الحيثية شبيه بالمن الذي أنزله الله -سبحانه وتعالى- على بني إسرائيل، حيث كان الطل يسقط على الشجر فيجمع ويؤكل حلواً، ومعنى قوله: "ماؤها شفاء للعين" ظاهره أن ماءها يعصر ويكحل به العين بعد أن تشوى على النار. وللعلماء أقوال أخرى، قال الحافظ ابن القيم: "وقوله صلى الله عليه وسلم في الكمأة: "وماؤها شفاء للعين" فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن ماءها يُخلط في الأدوية التي يُعالج بها العين، لا أنه يستعمل وحده، ذكره أبو عبيد. الثاني: أنه يُستعمل بحتا بعد شيِّهَا، واستقطار مائها لأن النار تُلطِّفه وتنضجه، وتُذِيبُ فضلاته ورطوبته المؤذية وتبقي المنافع. الثالث: أن المراد بمائها الماء الذي يحدث به من المطر، وهو أولُ قطر ينزل إلى الأرض، فتكون الإضافة إضافة اقتران، لا إضافة جزء، ذكره ابن الجوزي، وهو أبعد الوجوه وأضعفها وقيل: إن استعمل ماؤها لتبريد ما في العين، فماؤها مجرداً شفاء، وإن كان لغير ذلك فمركب مع غيره، وقال الغافقي: ماء الكمأة أصلح الأدوية للعين، إذا عُجِنَ به الإثمد واكُتحل به ويقوِّي أجفانها، ويزيدُ الروحَ الباصرة قوةً وحدِة، ويدفع عنها نزول النوازل " [زاد المعاد (4/365) ] . وقد أجريت أبحاث استخدم فيها ماء الكمأة في علاج (التراكوما) مع مركبات أخرى فكانت نتائجه جيدة [ينظر: موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ص (826- 831) ، ليوسف الحجاج أحمد] ، ولكن لا ينبغي للمريض أن يُقدم على استخدام ماء الكمأة حتى يسأل أهل الخبرة والمعرفة ليتبين هل يناسبه أم لا، لأنه ربما يكون الحديث من العام المخصوص، أي أن ماء الكمأة يصلح لبعض أمراض العيون دون الأخرى، وقد ورد في السنة الحث على الاكتحال بالإثمد، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يجلو البصر وينبت الشعر، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اكتحلوا بالْإِثْمِدِ, فإنه يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ"، أخرجه الترمذي (1757) ، وقال: حديث حسن غريب

وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ عِنْدَ النَّوْمِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ" أخرجه ابن ماجه (3496) . والإثمد حجر معروف أسود يضرب إلى الحمرة يكون في بلاد الحجاز، وأجوده ما يؤتى به من أصفهان، وأجوده السريع التفتت الذي لفتاته بصيص، وداخله أملس ليس فيه شيء من الأوساخ، قال الحافظ ابن القيم: "الإثمد ينفع العين ويقويها، ويشد أعصابها، ويحفظ صحتها، وينقي أوساخها، وهو أجود أكحال العين لاسيما للمشايخ، والذين قد ضعفت أبصارهم إذا جعل معه شيء من المسك" [زاد المعاد (4/283) ، وينظر: الطب من الكتاب والسنة لموفق الدين عبد اللطيف البغدادي (ت 629 هـ) ] وعلى من يريد استخدام الإثمد التأكد من سلامته من الغش، حيث يوجد في الأسواق أكحال مغشوشة، ففي دراسة لمستشفى الملك خالد لطب العيون بالرياض عن الكحل الموجود في أسواق الرياض (عام 1986م) وجد الباحثون نوعين من الكحل، وكلا النوعين ملوث بالبكتريا العضوية والفطريات، كما وجدوا أن الكحل مغشوش بمواد أخرى غير الإثمد، مثل الرصاص. هذا والله أعلم.

معنى: " ولا يسترقون "

معنى: " ولا يسترقون " المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 11/03/1426هـ السؤال ما المقصود في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ولا يسترقون" عندما ذكر صفات السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب؟ وهل يدخل تحت المعنى من يذهب للعلاج بالرقية الشرعية عند الشيوخ؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن المعنى المراد من قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يسترقون" أخرجه البخاري (5705) ومسلم (220) هو أنهم لا يطلبون الرقية من غيرهم، يعني: لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم، وليس المعنى أنهم يرفضون الرقية، ولذا قال: "يسترقون"، ولم يقل: (يرقون) ، فاللفظ الأول دال على طلب الفعل، وهذا بخلاف اللفظ الثاني، ولهذا كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يرقي، ورقاه جبريل - عليه السلام- انظر صحيح مسلم (2185) ، وعائشة - رضي الله عنها- انظر صحيح البخاري (5016) ومسلم (2192) ، وهذا دليل على مشروعية الرقية. والحديث المشار إليه في السؤال دليل على عدم استحباب طلب الرقية - ومنه الذهاب إلى القراء- لما في طلبها من تفويت كمال التوكُّل على الله، ولما يؤدي إليه من التعلّق بغير الله تعالى، كما هو مشاهد في هذا العصر، وهذا لا يعني عدم الأخذ بالآيات. والله تعالى أعلم.

حديث من بلغه عني ثواب عمل فعمله حصل له أجره ...

حديث من بلغه عني ثواب عمل فعمله حصل له أجره ... المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 01/04/1426هـ السؤال ما رأي علمائنا في الروايات الواردة التي نصها من بلغه عني ثواب عمل فعمله حصل له أجره، وإن لم أكن قلته؟ فهل هذه القاعدة تامة عندنا، من أنه من بلغه ثواب على عمل ما فعله الإنسان برجاء ذلك الثواب فإنه يحصل عليه، وإن لم يقله النبي -صلى الله عليه وسلم-. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه الحسن بن عرفة العبدي في جزئه ص: 78 (63) ، قال: حدثنا أبو يزيد خالد بن حيان الرقي، عن فرات بن سليمان، وعيسى بن كثير، -كليهما- عن أبي رجاء، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من بلغه عن الله -عز وجل- شيء فيه فضل، فأخذه إيماناً به، ورجاء ثوابه، أعطاه الله -عز وجل- ذلك، وإن لم يكن كذلك". ومن طريقه الخطيب في تاريخه (8/296) ، وابن الجوزي في الموضوعات (1/258) . وفي إسناد الحديث أبو رجاء، وقد رمي بالكذب، قال يحيى بن معين: "كذاب"، وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (ص 405) : "خالد وفرات فيهما مقال، وأبو رجاء لا يعرف". قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". وأخرجه أبو الشيخ في مكارم الأخلاق كما في المقاصد (ص 405) ، من طريق بشر بن عبيد الله، حدثنا حماد، عن أبي الزبير، عن جابر، مرفوعاً. وبشر متروك. وأخرج أبو يعلى الموصلي في مسنده (3443) ، ومن طريقه ابن عدي في الكامل (2/59) ، والطبراني في المعجم الأوسط (5129) ، من طريق بزيع أبي الخليل عن ثابت عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها، لم ينلها". وبزيع ضعيف جداً. وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/22) ، من طريق أبي معمر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ: "من بلغه عن الله فضل فأخذ بذلك الفضل الذي بلغه أعطاه الله ما بلغه، وإن كان الذي حدثه كاذباً". وأبو معمر عباد بن عبد الصمد، قال أبو حاتم: "ضعيف جداً"، وقال ابن حبان في المجروحين: "روى عن أنس نسخة أكثرها موضوعة". وهذا الحديث لا يستقيم من جهة المعنى لأمرين: 1- يخالف ما دلت عليه الأدلة من وجوب التثبت والاحتياط في قبول الأخبار. 2- أن العمل بهذا الحديث يؤدي إلى العمل بأشياء لا تثبت، فيحصل الوقوع في البدع والمخالفات الشرعية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ" أخرجه مسلم (1718) . هذا والله أعلم.

معنى: "لا حول ولا قوة إلا بالله"

معنى: "لا حول ولا قوة إلا بالله" المجيب د. عبد العظيم بن إبراهيم المطعني رئيس قسم التفسير والحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 06/08/1426هـ السؤال أرجو معرفة معنى قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" وإن وجد شرح للأذكار المختلفة أرجو التفضل بإفادتي به؛ حتى أتمكن من تدبر المعنى في أثناء الذكر، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن كلمة "لا حول ولا قوة إلا بالله" من أعظم الكلمات التي يتوجه بها العبد إلى ربه، ففيها من التفويض والتوكل والبراءة من كل شيء، والاستناد في كل شيء على من له القوة جميعاً ـ سبحانه ـ وقد جاء في فضلها أحاديث، منها ما رواه مسلم (2696) عن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء أعرابي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: علمني كلاماً أقوله. قال: "قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم". قال: فهؤلاء لربي، فما لي؟ قال: "قل: اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني". ورُوي عنه صلى الله عليه وسلم: " أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها تَدْفَعُ تسعةً وتسعينَ باباً من الضُر أدناها الهم" رواه الطبراني في الأوسط (3541) عن جابر -رضي الله عنه. ورُوي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنت عند النبي -صلى الله عليه وسلم-فقلتها، فقال: "تدري ما تفسيرها؟ ". قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله" أخرجه البزار في مسنده (2004) ، والبيهقي في الشعب (664) . وقال في شرح العقيدة الطحاوية: "وأفعال العباد خلق من الله، وكسب من العباد، ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون، ولا يطيقون إلا ما كلفهم، وهو تفسير "لا حول ولا قوة إلا بالله". نقول لا حيلة لأحد ولا حركة لأحد ولا تحول لأحد من معصية الله إلا بمعونة الله، ولا قوة لأحد على إقامة طاعة الله والثبات عليها إلا بتوفيق الله. وكل شيء يجري بمشيئة الله تعالى وعلمه وقضائه وقدره. غلبت مشيئته المشيئات كلها، وغلب قضاؤه الحيل كلها، يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبداً، تقدَّس عن كل سوء وحين، وتنزه عن كل عيب وشين "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون". أما كتب الأذكار وشروحها فعديدة منها: (1) الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار - الإمام النووي. (2) رياض الصالحين - النووي - شرح الشيخ ابن عثيمين. (3) تحفة الذاكرين - الإمام الشوكاني. (4) الوابل الصيب - الإمام ابن القيم. جعلنا الله وإياك من الذاكرين.. والله أعلم.

معنى: "اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد"

معنى: "اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد" المجيب د. عبد العظيم بن إبراهيم المطعني رئيس قسم التفسير والحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 24/10/1426هـ السؤال ما معنى: "اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد"؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد: فما ذكرت أخي الفاضل في سؤالك هو جزء من أحد أدعية النبي -صلى الله عليه وسلم- في افتتاح الصلاة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: بأبي وأمي يا رسول الله! أرأيت إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: "أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد". أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير (744) , ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة (598) . أما معنى هذا الدعاء المبارك فقد ذكره صاحب كتاب "المنهل العذب.." فقال: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب": المباعدة بين المشرق والمغرب هي غاية ما يبالغ فيه الناس، والغرض من هذا التشبيه امتناع الاقتراب من الذنوب كامتناع اقتراب المشرق من المغرب، المعنى: باعد بيني وبين فعل الخطايا بحيث لا أفعلها, وباعد بيني وبين عقوبتها إن فعلتها، "اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس": المراد الخطايا والذنوب التي فعلها فينقى منها, وهذا التشبيه لقوة التنقية، أي: اللهم طهرني من خطاياي طهارة كاملة, وأزلها عني كما يطهر الثوب الأبيض من الوسخ, ووقع التشبيه بالثوب الأبيض, لأن ظهور النقاء فيه أشد وأكمل لصفائه, بخلاف غيره من الألوان, وبعد التنقية قال: "اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد " فبان أن المراد بالمباعدة أي: أن لا أفعل الخطايا, ثم إن فعلتها فنقني منها, ثم أزل آثارها بزيادة التطهير بالماء والثلج والبرد, وكأنه جعل الخطايا بمنزلة جهنم؛ لكونها مسببة عنها, فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل, وبالغ فيه باستعمال المبردات, ترقياً عن الماء إلى أبرد منه. (المنهل العذب (5/194، 195) .

صحة حديث: "لا ينظر الله لامرأة لا تشكر لزوجها"

صحة حديث: "لا ينظر الله لامرأة لا تشكر لزوجها" المجيب د. عبد الله بن محمد الحكمي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقا التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 16/08/1426هـ السؤال ما معنى حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: "لا ينظر الله لامرأة لا تشكر لزوجها". وهل هذا صحيح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن ولاه، وبعد: فهذا الحديث أخرجه النسائي في سننه الكبرى (9086،9087) ، والبزار في مسنده -كما في "كشف الأستار" (1460) -والحاكم (2/190) وقال صحيح الإسناد، وأقره الذهبي، والبيهقي في سننه الكبرى (7/294) ، من طرق عن قتادة، عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، وله تتمة، قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وهي لا تستغني عنه". والحديث صحيح بمجموع طرقه، وقد صححه جمع من أهل العلم. ومعنى الحديث واضح، وقد أورده أهل العلم في أبواب عشرة النساء، وهو يدل على أن الشكر من حقوق الرجل على زوجته، والأحاديث في حقوق الرجل على زوجته كثيرة، أُفردت فيها الكتب المستقلة، وكذلك حقوق المرأة على زوجها وردت بها الأحاديث الثابتة الكثيرة. وفق الله الزوجين إلى العشرة الطيبة الكريمة، التي يستقيم بها صلاح الأسرة وسلامتها من التفكك، وصلى الله وسلم على خير خلقه.

عندي إشكال في حديث "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا"!

عندي إشكال في حديث "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً"! المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 11/04/1427هـ السؤال حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرا ولما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون". 1- هل يعني أن الصحابة لو علموا ما علم النبي صلى الله عليه وسلم لكانوا أشد خوفاً لله منه؟ 2- لقد علم النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لم يعلموا، ومع ذلك تلذذ بالنساء على الفرش، ولم يخرج إلى الصعدات يجأر؟ نرجو التوضيح وإزالة الإشكال، وإحالتنا إلى مرجع مقروء يفيد في ذلك. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن الحديث المذكور في السؤال قد رواه ابن ماجه (4190) ، والترمذي (2312) ، وقال: حسن غريب. وقد ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير، وأوله في الصحيحين. والجواب على القول بصحة الحديث ما يأتي: أما السؤال الأول: فجوابه أن نقول: حاشا لله أن يكون الصحابة -رضي الله عنهم- لو علموا ما علم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكونوا أشد خوفا لله منه، وهو القائل: "والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له" أخرجه البخاري (5063) ، ومسلم (1401) . وهذا مما لا يختلف فيه اثنان. أما السؤال الثاني: فجوابه أن الحديث المذكور فيه إخباره صلى الله عليه وسلم بأمور مخيفة قد لا يطيقها البشر لو علموها؛ لكن نقول بالفرق بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين غيره من الناس، في صبره، وتحمله، وأخلاقه، وكافة أحواله، فله خصائص كثيرة لا تحصى، ومن تلك الخصائص التي لها علاقة بالموضوع: تثبيت الله له قال تعالى: "وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ" [هود:120] . وقال تعالى "كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا" [الفرقان:32] . وأيضاً قد عصمه الله قال تعالى: "وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" [المائدة:67] . وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يواصل في الصوم، فرغب الصحابة في ذلك فنهاهم، وقال: "إنى لست كهيئتكم"، وفي رواية "لست مثلكم، إني أبيت أطعم وأسقى". صحيح البخاري (7299،1922) وصحيح مسلم (1103،1102) . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "نصرت بالرعب مسيرة شهر". صحيح البخاري (335) ، وصحيح مسلم (521) . وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تنام عيناي ولا ينام قلبي" صحيح البخاري (3569) . وخصائصه صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تحصر، وفيها مؤلفات. وعلى السائل وغيره أن يرجع إلى تلك المؤلفات. هذا وقد عقد العلامة البهوتي في كتابه (كشاف القناع) فصلاً في خصائصه صلى الله عليه وسلم بما يقرب من أربع عشرة صفحة (5/23-37) في أول كتاب النكاح، وكان آخر ما قال: "وخصائصه صلى الله عليه وسلم لا تنحصر فيما ذُكر، وفيها كتب مشتملة على بعضها". انتهى.

هذا ومما يزيل الإشكال أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم، صاحب رسالة عازم على تبليغها وإظهارها، ولهذا روي عنه أنه قال: "والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه" تاريخ الطبري (2/315) ، وسيرة ابن هشام (1/284-285) ، والسلسلة الصحيحة (92) ، والضعيفة (909) . وإذا كان الأمر كذلك، فهل يليق بصاحب هذه الرسالة أن يخرج إلى الصعدات يجأر، ويترك ما حَمَّلَهُ ربه القائل "يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ" [المدثر:1] . هذا ومن اطلع على سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما يلقاه من الشدة عند تبليغ رسالة ربه، وعند نزول الوحي، عرف أنه -صلى الله عليه وسلم- ليس كغيره من الناس كما تقدم إيضاحه. وجاء في صحيح مسلم (2867) في قصة مرور النبي صلى الله عليه وسلم ببعض القبور قال: "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه"، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: " ... تعوذوا بالله من عذاب القبر ... ". قلت فهذا الحديث يدل على ما ذكرته من وجود الفرق بين المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وبين غيره من الناس، فالله سبحانه قد أطلعه على عذاب القبر، وأسمعه، وكان بالإمكان أن يدعو ربه لأمته أن يسمعها ما يسمع، لكنه صلى الله عليه وسلم امتنع عن ذلك لسبب ذكره صلى الله عليه وسلم بقوله: "لولا أن لا تدافنوا" ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دفن كثيراً من أصحابه، فما منعه اطلاعه على عذاب بعض أهل القبور من الدفن، بينما يراه صلى الله عليه وسلم في أمته مانعاً، مما يدلك على أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كغيره من الناس، فالله سبحانه قد ثبت فؤاده وقوى إيمانه، فلا يقاس عليه غيره مطلقاً. هذا ما أردت إيضاحه حول هذا السؤال المهم، وهذا هو رأيي حول هذا الإشكال، فإن كان صوابًا فمن الله، وإن كان خطأ فمني، ومن الشيطان، والله بريئ منه ورسوله. والله أعلم وصلى الله علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كيف أجتنب المجاهرة بالمعصية وانتهاكها في السر؟!

كيف أجتنب المجاهرة بالمعصية وانتهاكها في السر؟! المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 10/04/1427هـ السؤال ورد في قول صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين". وكذلك حديث العبد الذي يأتي يوم القيامة بحسنات كالجبال ثم يجعلها الله هباءً منثوراً، فكيف نتجنب المجاهرة والعصيان بالسر، سيما وأنتم تعلمون أن الإنسان ليس معصوماً من الخطأ والعصيان. حيث أني قد ابتليت بالمعاصي في السر، ثم أتوب منها، لكن بعد وقت أرجع إلى ذلك الذنب، فما هو الحل جزيتم خيراً؟ الجواب الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي السائل وفقك الله لما يحب ويرضى، وجنبنا وإيّاك أسباب سخطه وغضبه، واجب المسلم عند توهم التعارض بين الآيات والأحاديث، أن يجمع بعضها إلى بعض، ويستقصي جميع النصوص في الموضوع الواحد، حتى يكون تصوره له صحيحا، فحديث النهي عن المجاهرة بالمعاصي أصح وأثبت، وقد رواه البخاري (6069) ومسلم (2990) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. وأما حديث ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله هباء منثوراً". قال ثوبان: يا رسول الله: صفهم لنا جلهم لنا؛ أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: "أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها". وهذا الحديث لم يروه إلاّ ابن ماجة (4245) وقد طعن العلماء في الأحاديث التي يتفرد بها، وقد يصححه بعض المتأخرين، وقد يستدل البعض بقول الله عز وجل: "يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً" [النساء:108] ، وهو بمعناه، لكن الله تعالى لم يذكر حبوط العمل في الآية. وعلى فرض صحة الحديث فلا تعارض بينه وبين حديث النهي عن المجاهرة إذا أدركنا مراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن المجاهرة بالمعاصي إثمها عظيم وذنبها كبير، لدلالتها على الاستهانة بالذنب والمعصية، وتشجيع الآخرين عليها. ويحمل حديث ثوبان -رضي الله عنه- على من يكون هذا حاله دائما، بمعنى أنه لا يبالي بالوقوع في المحرمات متى خلا بها، ولا يقيم وزنا لرقابة الله واطلاعه عليه، وأما ارتكاب المعاصي في الخلوات أحيانا، فلا يكاد يسلم منه أحد، إلاّ من عصمه الله. نسأل الله أن يعامل الجميع بفضله. ومعلوم أن من دعاء المؤمنين الاستغفار من الذنوب (ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا) وفي الأحاديث الأخرى" ... يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة". جامع الترمذي (3540) وفضائل التوبة دالة على أن العباد من شأنهم الخطأ والذنب. "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون". ولاشك أن المؤمن حيي لا يحب أن يجاهر بمعصيته، وهو حين يرتكب المعصية سرا -لغلبة الشيطان والنفس الأمارة بالسوء- يرجو مغفرة ربه ورحمته، فيعود سريعا للاستغفار والتوبة. أسأل الله أن يوفقنا جميعا للتوبة النصوح.

حديث "من عاشر قوما أربعين يوما ... "

حديث "من عاشر قوماً أربعين يوماً ... " المجيب د. علي بن عبد العزيز العميريني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 20/03/1427هـ السؤال يقول -صلى الله عليه وسلم-: "من عاشر قوماً أربعين ليلة صار منهم" فإذا اضطررت للبقاء في دولة غربية أكثر من أربعين ليلة، فهل معنى هذا أني أصبحت منهم، وفقاًًًَ لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله"، أخرجه أبو داود في الجهاد (787) ، وفي لفظ عند الحاكم (2674) : "لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم، فمن ساكنهم، أو جامعهم فليس منا". وقد قسم العلماء المقيم في البلاد غير الإسلامية إلى ثلاثة أقسام: 1- أن يقيم عندهم رغبة واختياراً لصحبتهم، بأن يرضى ما هم عليه من الدين، أو يعاونهم على المسلمين، فهو منهم وقد كفر بالله ورسوله. 2- أن يقيم عندهم لأجل مال أو ولد أو بلاد، ولا يعينهم على المسلمين، فهذا آثم في الإقامة معهم، وبصفة خاصة إذا كان لا يستطيع أن يظهر دينه مع قدرته على الهجرة. 3- من لا حرج عليه في الإقامة بين أظهرهم، فإن كان مظهراً لدينه، لا يجد حرجاً من ذلك. فإنه لا تجب عليه الهجرة ولا يكون آثماً، أما إن أقام عندهم مستضعفاً، فقد استثناه الله تعالى: فقال: "إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا" فمن كانت هذه حاله "فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا" [النساء:98-99] . وما ذكره السائل على أنه من الحديث مشهور بين الناس، ولا أعرفه والمعنى واحد. وبالله التوفيق.

معنى حديث "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر"

معنى حديث "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر" المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 09/05/1427هـ السؤال ما معنى الحديث "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر" ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم؟ الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: قال الشوكاني في نيل الأوطار (5/318) : عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله؛ أنزل الله بهم بلاء فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم" رواه أحمد، وأبو داود ولفظه: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم". الحديث أخرجه أيضاً الطبراني وابن القطان وصححه، قال الحافظ في بلوغ المرام: ورجاله ثقات. شرح الحديث: قال الرافعي: وبيع العينة هو أن يبيع شيئاً من غيره بثمن مؤجل، ويسلمه إلى المشتري، ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل من ذلك القدر. انتهى. قوله: "واتبعوا أذناب البقر" المراد: الاشتغال بالحرث، وفي الرواية الأخرى: "وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع"، وقد حُمِلَ هذا على الاشتغال بالزرع في زمن يتعين فيه الجهاد. قوله: "وتركوا الجهاد". أي المتعين فعله. قوله: "ذلا" بضم الذال المعجمة وكسرها، أي صغارا ومسكنة، وسبب هذا الذل -والله أعلم- أنهم لما تركوا الجهاد في سبيل الله الذي فيه عز الإسلام وإظهاره على كل دين؛ عاملهم الله بنقيضه، وهو إنزال الذلة بهم، فصاروا يمشون خلف أذناب البقر بعد أن كانوا يركبون على ظهور الخيل التي هي أعز مكان. قوله: حتى ترجعوا إلى دينكم: فيه زجر بليغ لأنه نَزَّلَ الوقوع في هذه الأمور منزلة الخروج من الدين. والله أعلم.

تساؤلات حول حديث الواهبة نفسها

تساؤلات حول حديث الواهبة نفسها المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 14/05/1427هـ السؤال قرأت رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى المواقع، فأثارت في نفسي بعض التساؤلات؟ تقول الرواية: ذهب رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجلس عنده، فجاءت امرأة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ووقفت عنده، وقالت: يا رسول الله! جئت أهب نفسي لك، أريدك أن تتزوجني، فنظر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وصعد النظر وصوبه كأنها ما أعجبته فسكت قليلاً، فجاء رجل من عنده، وقال: يا رسول الله! زوجنيها إذا لم يكن لك بها حاجة، فقال له الرسول عليه السلام: "ابحث عن مهر ... ". إلى آخر الرواية. السؤال الذي دار في ذهني هو عندما جاءت هذه المرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ورفضها؛ لأنها لم تعجبه وأعتقد لجمالها القليل، هل الرسول صلى الله عليه وسلم يبحث عن الجمال قبل الدين؟ وهو القدوة، وقد قال: "اظفر بذات الدين تربت يداك". أليس الأولى بالرسول صلى الله عليه وسلم أن ينظر إلى دينها أولا؟ الشبهة الثانية التي دارت في نفسي: وجود ذلك الصحابي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف كشفت المرأة عن وجهها أمامه وهو غير معني بالأمر لأنها جاءت للرسول فقط؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا الحديث الذي ذكرتِهِ -يا ابنتي- يسميه العلماء حديث الواهبة نفسها، وهو ثابت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- صحيح البخاري (5030) ، وصحيح مسلم (1425) . ولا إشكال فيما ذكرت -بحمد الله-: أما الشبهة الأولى: فإنك قلت في سؤالك: أعتقد لجمالها القليل! وهذا مجرد ظن، فلا يصلح أن تبني عليه حكماً، أو شبهة، خاصة وأن الأمر متعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم. ثم لو فرضنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرغبها لقلة جمالها، فليس في ذلك ما يدعو إلى الاستغراب أو سوء الظن، فإن الجمال من مطالب الفطرة التي أقرتها الشريعة، كما في حديث أبي هريرة -المتفق عليه-: "تنكح المرأة لأربع ... ". وذكر منها: "ولجمالها" صحيح البخاري (5090) ، وصحيح مسلم (1466) . والرسول صلى الله عليه وسلم بشر من الناس يعجبه الجمال. وأما كونه يبحث عن الجمال قبل الدين فليس الأمر كما ظننتِ -يا ابنتي- لسببين: الأول: لأن هذه المرأة معلومة الدين والعفة، ومعلومة النسب -أيضاً- لذا لم يسأل عنهما، فمجتمع المدينة صغير، لا يكاد يخفى فيه أمر أحد صلاحاً وفساداً، فلم يبق إلا المطلب الأخير وهو الجمال -على فرض أن هذا هو السبب في الرفض-. الثاني: أن المرأة قد تكون من أجمل النساء، ولكن لا يقع حبها في القلب، ولا توجد الراحة من قبل الرجل لها، وهذا أمرٌ معروف لا ينكره أحد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف". رواه مسلم (2638) موصولاً من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والبخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب الأرواح جنود مجندة، تعليقاً من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وكم من امرأة اشتهرت بالجمال طلقت من أول أيام زواجها، لعدم وجود الائتلاف والمحبة بين الزوجين. وههنا مسألة، وهي: هل الأولى للإنسان أن يسأل عن الجمال أولاً أم عن الدين؟ الذي يظهر لي أنه يسأل عن الجمال أولاً، فإن كان كما يحب، سأل عن الدين حتى إذا كان الدين غير مرضي ردّها؛ ليُعْلَمَ أنه ردّها من أجل دينها، لا من أجل جمالها. وأما الشبهة الثانية: فهذا الحديث محمول على أنه كان قبل نزول آية الحجاب، وبذلك يزول الإشكال، والحمد لله رب العالمين.

الجمع بين حديث "من قتل دون نفسه" وفتنة عثمان

الجمع بين حديث "من قُتل دون نفسه" وفتنة عثمان المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية التاريخ 09/04/1427هـ السؤال شاهدنا اليوم على إحدى القنوات الفضائية من يقول: إنه إذا أقتحم أحد ما منزلاً ما وشهر على صاحبه سلاحا وأراد قتله فلا يدافع عن نفسه ليموت شهيداً، بسبب أن المسلم لا يجوز أن يرفع في وجه أخيه السلاح بل يدعه يقتله ليلقى لله -عز وجل- شهيداً وليدخل القاتل النار ويخلد فيها. واستدل بحادثة سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فهل هذا يعقل؟! وأين نحن من حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "من مات دون عرضه فهو شهيد ... " إلى آخر الحديث الشريف، فهل ندع الغوغاء يقتحمون علينا دورنا ويعتدون علينا ونحن نسلمهم رقابنا دون أن ندافع على أنفسنا؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فللإنسان أن يدفع عن نفسه أو أهله أو ماله إذا اعتدي عليه، بل قال بعض أهل العلم: إنه يلزمه ذلك، والدليل قوله تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة:195] ومن استسلم للصائل الذي يريد قتله فقد ألقى بنفسه إلى التهلكة ووقع فيما نهى الله عنه، ولما رواه مسلم في صحيحه (140) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: "فلا تعطه مالك". قال: أريت إن قاتلني؟ قال: "قاتله". قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "فأنت شهيد". قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار". أما ما ذكره السائل من أن المسلم لا يجوز أن يرفع في وجه أخيه السلاح، فمعناه أن يبتدئ هو برفع السلاح على أخيه ومن غير سبب يقتضي ذلك. وأما ما ذكره من الاستدلال بحادثة عثمان -رضي الله عنه- فنقول: ذكر بعض أهل العلم أنه يستثنى من وجوب دفع الصائل حال الفتنة، مستدلين بحديث خباب بعد الأرتِّ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي. قال: "فإذا أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل" أخرجه أحمد (20154) ، وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه: في ذكر الفتنة قال: "تلزم بيتك". قلت: فإن دخل عليَّ بيتي؟ قال: إن يبهرك شعاع السيف، فألق ثوبك على وجهك، يبوء بإثمك وإثمه". أخرجه أحمد (20362) ، وأبو داود (4261) . واستدلوا أيضاً بأن عثمان -رضي الله عنه- لم يدفع الذين خرجوا عليه عن نفسه، ونهى الصحابة أن يدفعوا عنه. هذا والذي أراه أن الفتنة إذا ترتبت على المدافع فإنه يترتب عليها شر أكبر أو كانت المدافعة لا تجدي لكثرة الغوغاء ففي هذه الحال لا يجب الدفع، وإلا وجب الدفع؛ لما تقدم من الأدلة، وتحمل النصوص الواردة في ذلك على هذه الحال، وكذلك ما ورد عن عثمان -رضي الله عنه- لأن عثمان -رضي الله عنه- رأى أن أهل المدينة لو دافعوا لا لتهمها هؤلاء الخارجون لأنهم عدد كبير لا طاقة لأهل المدينة بمدافعتهم. بينما يرى بعض أهل العلم أنه يلزم الدفع مطلقاً وأن الأحاديث الواردة في ذلك فيما إذا كان الإنسان لا يستطيع المدافعة حيث فلا فائدة في تلك المدافعة. والله أعلم.

مسائل متفرقة

صحة حديث: (العنوهن فإنهن ملعونات..) ! المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 6/10/1424هـ السؤال هل ورد حديث صحيح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما معناه: (يأتي في آخر الزمان أن يركب الرجل المياثر وزوجته بقربه وفيهم خير) وفي آخر الحديث العنوهن فإنهن ملعونات (أي الزوجة) وما هي مناسبة الحديث؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أقول وبالله التوفيق: الحديث الذي أشار إليه السائل، هو ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "سيكون في آخر هذه الأمة رجال يركبون على المياثر، حتى يأتوا أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات، على رؤوسهن كأسمنة البخت العجاف، العنوهن فإنهن معلونات.." الحديث. أخرجه الحاكم في المستدرك (4/436) واللفظ له، وأحمد (2/223) ، وابن حبان (13/64) رقم (5753) ، والطبراني في المعجم الكبير القسم الثاني من الجزء 13، رقم (156) ، وفي الأوسط (10/154) ، رقم (9327) ، وفي الصغير رقم (1125) . كلهم من طريق عبد الله بن عياش بن عباس القتباني، عن أبيه، عن عيسى بن هلال، وأبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما-، نحوه. وهذا الحديث إسناده ضعيف، فمداره على عبد الله بن عياش، وهو ضعيف، ضعفه عدد من الأئمة. ولكن لبعض ما ورد فيه شاهد صحح، وهو إخباره - صلى الله عليه وسلم- بظهور نساء كاسيات عاريات، فقد أخرج مسلم في صحيحه (2128) ، (125) ، وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. ومعنى كاسيات عاريات: قال ابن الأثير: معنى الحديث أنهن كاسيات من نعم الله، عاريات من الشكر، وقيل: هو أن يكشفن بعض جسدهن، ويسدلن الخمر من ورائهن، فهن كاسيات كعاريات، وقيل: أراد أنهن يلبسن ثياباً رقاقاً يصفن ما تحتها من أجسامهن، فهن كاسيات في الظاهر، عاريات في المعنى. والخلاصة أن الحديث باللفظ الذي أشار إليه السائل لا يثبت، ولكن ورد لبعضه شاهد صحيح. والله أعلم.

تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي

تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 17/5/1424هـ السؤال كيف يمكن الحكم بموافقة الإمام الذهبي من عدمها لتصحيح الإمام الحاكم في مستدركه على الصحيحين، من خلال تعليقاته على الأحاديث؟ فإنه أحياناً يقول: صحيح. ويسكت, وأحياناً ينتقد, وأحياناً لا يعلق شيئاً بل يكتفي بالصمت!. ثم هو في البداية لم يذكر منهجه في التعليق على المستدرك, وهل يمكن أن تعتمد أحكامه في هذا التعليق؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه. أما بعد.. أقول وبالله التوفيق: إن الإمام الذهبي قد قام باختصار (المستدرك) ، كما قام باختصار كتب أخرى كثيرة، والأصل في الاختصار ألاّ يكون فيه إضافة من مختصره، بل يقتصر على بعض ما في أصله، دون زيادة، لكن الإمام الذهبي لم يكن يخلي مختصراته من تعقبات وفوائد ينشرها في الكتاب، وهي خارجة عن أصل شرط الكتاب، بل هي فضلة يتبرع بها الذهبي على المستفيدين، فتأتي هذه الإضافات على غير قاعدة مطردة، بل تأتي كيفما اتفق وتيسَّر. أضف إلى ذلك الأصل: أن الذهبي لم يذكر عبارة صريحة بأنه إن نقل حكم الحاكم وسكت عليه يكون موافقاً له، أو أنه لا يكون مخالفاً له إلا إذا تعقب حكمه! ونسبة رأي إلى الذهبي لا بد أن يكون متيقناً أو غالباً على الظن، أما والظن الغالب بخلاف تلك النسبة، فلا تصح. وواضح من خلال كتاب الذهبي أنه إنما ينقل عقب كل حديث حكم الحاكم عليه، ثم إذا أراد أن يتعقبه قدم التعقب بقوله: (قلت) ، وعلى هذا فكل ما خلا عن كلمة (قلت) ، فليس هو إلا رأي الحاكم. أما الاستدلال بتعقيب الذهبي على أن سكوته يدل على الإقرار، فهو استدلال ضعيف؛ لأنه خلاف الأصل في عمل المختصر، الذي لا يعدو سكوته أن يكون نقلاً لما في الأصل. ويدل على أن الذهبي لم يلتزم التعقب في كل ما يخالف فيه الحاكم - سوى ما سبق- الأمور التالية: -قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" في ترجمة الحاكم، مجلد (401هـ- 420هـ) - (132) ، وهو يتحدث عن (المستدرك) :"ففي المستدرك جملة وافرة على شرطهما، وجملة كبيرة على شرط أحدهما. لعل مجموع ذلك نحو النصف، وفيه نحو الربع مما صح سنده وفيه بعض الشيء، أو له علة. وما بقي، وهو نحو الربع، فهو مناكير وواهيات لا تصح، وفي بعض ذلك موضوعات، قد أعلمت بها لما اختصرت هذا المستدرك، ونبهت على ذلك".

فهذا النص يدل على أن الذهبي لم يعتن ببيان كل الواهيات، وإنما اعتنى بالتعليق على بعضها، وخاصة الموضوعات. ألا ترى أنه ذكر أن ربع الكتاب مناكير وواهيات، في حين أنه لم يتعقب إلا قدر ثمن الكتاب، حيث إن عدد أحاديث الحاكم يبلغ (9045) ، وعدد تعقبات الذهبي (1182) حديثاً، في حين أن ربع أحاديث كتاب الحاكم هو (2261) ، وهذه الإحصائية مستفادة من مقدمة تحقيق مختصر استدراك الذهبي لابن الملقن (8/9) ، وبناءً على ذلك فإن الذهبي كان يعلم بوجود ضِعْفِ الأحاديث التي تعقبها في المستدرك من الواهيات، وقد سكت عنها؛ فهل يصح أن نعتبر سكوته بعد ذلك إقراراً؟ بل إن ربع المستدرك عند الذهبي -سوى الربع الأول-، أحاديث ظاهرها الصحة، ولها علل خفية تقدح في صحتها، وعلى هذا: فالذهبي كان يعلم أنه لم يتعقب إلا قدر ربع الأحاديث المنتقدة عنده هو، فكيف يعتقد أن سكوته إقرار وموافقة بعد ذلك؟!! ومما يشهد لذلك أيضاً: انتقاد الذهبي لغيرما حديث في المستدرك، في غير المختصر من كتبه الأخرى، مع سكوته عنه في المختصر، ومن ذلك: (1) فلما صحح الحاكم حديثا (1/544-545) ، وسكت عنه الذهبي في المختصر، ذكره في الميزان (1/136 رقم 547) حاكماً عليه بالبطلان، ثم قال: "قال الحاكم: صحيح الإسناد. قلت: كلا. قال: فرواته كلهم مدنيون. قلت: كلا. قال: ثقات. قلت: أنا أتهم به أحمد". (2) وصحح الحاكم حديثاً آخر (2/545) ، وسكت عنه الذهبي في المختصر، لكنه قال في الميزان (3/179 رقم 6042) :"صححه الحاكم، وهو حديث منكر كما ترى". (3) وصحح الحاكم حديثاً ثالثاً (2/493) ، وسكت عنه الذهبي في المختصر، وقال في العُلُو للعلي العظيم (1/593 رقم 146) : "شريك وعطاء فيهما لين، لا يبلغ بهما رد حديثهما، وهذه بلية تحير السامع، كتبتها استطراداً للتعجب، وهو من قبيل اسمع واسكت". وبعد هذا كله، لئن أصرَّ من فرط منه رأي سابق في هذه المسألة، على أن سكوت الذهبي عن تعقب الحاكم إقرار منه وموافقة، أقول له: ما قيمة هذا الإقرار؟ وقد صرح الذهبي بأن مختصره للحاكم يعوزه عمل وتحرير، كما في السير (17/176) ، وبلغ هذا الإعواز إلى حد أنه لم يتعقب إلا نحو ربع ما يستحق التعقب عنده. إن الإصرار على ذلك الرأي إن هو إلا شين للذهبي لا زين، وتمسك بحبل رث غير متين!!! وهذا التقرير بأدلته -لا شك- أنه أولى من تقليد بعض أهل العلم، الذين اعتبروا مجرد سكوت الذهبي إقراراً، كالسيوطي في النكت البديعات (197) ، والمناوي في فيض القدير، والحسيني في البيان والتعريف، وغيرهم من العلماء المعاصرين. والله أعلم، والحمد لله وحده، - وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اتقى حده-.

الدعاء بطول العمر

الدعاء بطول العمر المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 30/12/1423هـ السؤال كيفية الجمع بين دعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لخادمه أنس بطول العمر كما ثبت هذا عند أصحاب السنن وبين نهيه لزوجته أم حبيبة -رضي الله عنها- كما ثبت في صحيح مسلم عندما قالت: اللهم متعني بزوجي رسول الله وبأبي أبي سفيان وأخي معاوية؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أقول وبالله التوفيق: إن الدعاء من الأسباب التي تحقق المقصود بإذن الله تعالى، بل هو -إذا استتم شروط الاستجابة- أعظم الأسباب على الإطلاق؛ لأنه طلب من مسبب الأسباب ومحقق الغايات، وهو الله تعالى، وهو القائل:"ادعوني أستجب لكم" [غافر: 60] . فكما أن الأرزاق وعافية الأبدان والسعادة أمور مقدرة، ولم يناف ذلك طلبها بالأسباب المشروعة، فكذلك طلبها بالدعاء لا ينافي الإيمان بكونها مقدرة في علم الله تعالى من الأزل، والأعمار من جملة الأمور المقدرة أيضاً، يشرع أن تُتّبع الأسباب المشروعة (ومنها الدعاء) لإطالتها ومد أجلها. وأما ما جاء في حديث أم حبيبة في صحيح مسلم رقم (2663) أنها دعت فقالت:"اللهم متعني بزوجي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئاً قبل حله، أو يؤخر شيئاً عن حله. ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب النار أو عذاب القبر كان خيراً وأفضل" فلهذا الحديث توجيهان: الأول: إما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علم بالوحي أن أعمار الذين دعت لهم أم حبيبة لن يزاد عليها بدعائها، فنهاها عن ذلك لذلك. الثاني: وإما أنه قصد أن يرشدها إلى ما هو خير لها وأفضل من أن تدعو بزيادة الأعمار والتمتع بها في الدنيا، وهو الدعاء بالنجاة من عذاب النار وعذاب القبر. وهذا المبحث من مباحث القدر الكبرى، وله علاقة بتفسير قول الله تعالى:"يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب" [الرعد:39] ، وقد تكلم عنه المازري (تـ536 هـ) في المعلم بفوائد مسلم بكلام جامع نقله عنه من جاء بعده (3/184-186) فانظر: إكمال المعلم للقاضي عياض (8/153-156) ، والمفهم للقرطبي (6/681-682) وشرح النووي (8/452-454) ، والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم-

التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- المجيب التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 20/3/1423 السؤال هل اتباع السنة يعني تقليد النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- في كل أفعاله حتى في الأكل والملبس؟ الجواب الأصل متابعة الأمة لنبيها -صلى الله عليه وسلم- في أفعاله وأقواله وأحواله، فقد جعل الله لها قدوة، فقال: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر" [الأحزاب:21] . قال ابن كثير:" هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله وأحواله" [تفسير ابن كثير 3/483] . ثم إن أفعاله -صلى الله عليه وسلم- من سنته عند جميع العلماء، وقد أمر -صلى الله عليه وسلم- بلزوم سنته. ولكن أفعاله -صلوات الله وسلامه عليه- عند أهل العلم أنواع من حيث دلالاتها على مشروعية ذلك الفعل للأمة، فهي على أقسام ثلاثة: القسم الأول: ما فعله -صلى الله عليه وسلم- بمقتضى الجبلة، أي: الحاجة العادية التي طبع عليها البشر كقيامه وقعوده وأكله وشربه، وهذا الأصل فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقصد به التشريع والتعبد فهذا لا يطالب المكلف بالاقتداء به -صلى الله عليه وسلم- فيه فيقوم الإنسان ويقعد ويشرب بحسب حاجته هو لهذه الأفعال، سواء وافق فيها فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- أم لم يوافقه. وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه إن تأسى به متأسٍ فلا بأس، وإن تركه لا رغبة عنه ولا استكباراً فلا بأس، فقد جاء عن الشافعي أنه شرب قائماً اقتداءً بفعله -صلى الله عليه وسلم- لكن ما ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- في هذه الأفعال مما هو زائد عن أصل الفعل ودل دليل على حكم له آخر فإنه يأخذ ذلك الحكم، فصفة الأكل والشرب من التسمية واستعمال اليمين والحمد عند الانتهاء وآداب المجالسة على الطعام كلها مشروعة بحسب الأدلة وجوباً أو استحباباً. والنوم مستقبل القبلة وعلى جانبه الأيمن وقول الذكر عند النوم كلها مشروعة وهي أمر زائد عن أصل فعل النوم. ويلحق بهذا ما فعله -صلى الله عليه وسلم- بحكم الاتفاق ولم يقصده مثل: أن ينزل بمكان ويصلي فيه لكونه نزله لا قصداً منه الصلاة والنزول فيه فإن تخصيص ذلك المكان بالصلاة لا يكون تأسياً به -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لم يقصد ذلك المكان بالعبادة. القسم الثاني: الأفعال التي دل الدليل على أنه -صلى الله عليه وسلم- مختص بها كالجمع بين أكثر من أربع من النساء، والوصال في الصوم فإنه لا يشرع لأحدٍ أن يتأسى به -صلى الله عليه وسلم- في ذلك. القسم الثالث: أفعاله -صلى الله عليه وسلم- التي يبين بها التشريعات المجملة كبيانه بالفعل للصلاة التي جاءت مجملة في كتاب الله، وبيانه للحج والزكاة والصوم ونحو ذلك، فهذه الأفعال تأخذ حكم ما بينته، فإن بينت واجباً فهي واجبة، وإن بينت مندوباً فهي مندوبة. يراجع هذا الأمر الكتب التالية: [مجموع فتاوى شيخ الإسلام 1/280، 10/409، الفقيه والمتفقه 1/349 وما بعدها ط: عادل العزازي، شرح الكوكب المنير 2/178 وما بعدها، معالم أصول الفقه لمحمد بن حسين الجيزاني 131] .

الخلع وطلب الطلاق

الخلع وطلب الطلاق المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 23/4/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أرجو من فضيلتكم التوضيح، كيف يمكننا أن نجمع حديث امرأة ثابت بن قيس - رضي الله عنهما- الذي رواه البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما- وحديث ثوبان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة، رواه أبو داود والترمذي وحسنه، والبيهقي وفيه قال: وإن المختلعات هن المنافقات ... جزاكم الله خيراً. الجواب الجمع من لفظ الحديث، فإن حديث ثوبان - رضي الله عنه- النهي فيه عن سؤال المرأة زوجها الطلاق من غير بأس، وأما حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- في امرأة ثابت بن قيس - رضي الله عنهما- فإنها طلبت الطلاق من بأسٍ، ذلك بأنها قالت للرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ولكني لا أطيقه" رواه البخاري (5275) وورد في مسند الإمام أحمد (16095) قولها: "إني لا أراه فلولا مخافة الله - عز وجل - لبزقت في وجهه" وفي رواية للبخاري (5273) "ولكني أكره الكفر في الإسلام". فإذا خشيت المرأة ببقائها مع زوجها الوقوع في المحاذير الشرعية من عصيانه وعدم إجابته إلى الفراش فلا جناح عليها أن تطلب الفراق، قال تعالى: " ... إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ... " [البقرة: 229] قال طاووس: ألا يقيما محدودة فيما افترض لكل واحد منهما على صاحبه في العشرة والصحبة.

هل الاحتلام من الشيطان؟

هل الاحتلام من الشيطان؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 2/1/1424هـ السؤال هل ورد حديث صحيح يدل على أن الاحتلام من الشيطان؟ الجواب لا أعلم في ذلك حديثاً صحيحاً والذي وقفت عليه في هذا، حديث رواه الطبراني في المعجم الكبير (11/225) والأوسط (8/91) واللفظ له، وابن عدي في الكامل (3/92) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال:"ما احتلم نبي قط إنما الاحتلام من الشيطان". وهذا الحديث ضعفه ابن دحية كما نقله ابن الملقن في غاية السول (290) وهو كما قال؛ لأن في سنده عبد العزيز بن أبي ثابت، قال عنه البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث، وزاد أبو حاتم: جداً، وقال النسائي: متروك الحديث، كما في التهذيب لابن حجر (6/308) . ومع ضعفه الشديد: اختلف عليه في رفعه ووقفه. وقد ذكر بعض العلماء أن عدم الاحتلام من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذا نظر حتى يثبت به الأثر، ولا يلزم أن يكون المني من تلاعب الشيطان، بل هو فيض زيادة المني يخرج في وقته، ينظر: شرح مسلم للنووي (3/199) ، والله أعلم.

رفع اليدين عند قبر النبي

رفع اليدين عند قبر النبي المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 15/8/1424هـ السؤال هل ثبت في السنة شيء عن الصحابة - رضي الله عنهم - أنهم كانوا يرفعون أيديهم عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم عند السلام؟ وما حكم ذلك في الشرع؟ وما حكم الإطالة في السلام؟ وما حكم الجلوس مستقبلاً قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الوارد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه إذا جاء للسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - يقف إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: السلام عليك يا رسول الله، ثم يقول السلام عليك يا أبا بكر، ثم يقول: السلام عليك يا عمر يا أبت انظر ما رواه مالك في الموطأ (406) ، وينصرف، ولم ينقل عن الصحابة - رضي الله عنهم - فيما أعلم أنهم كانوا يرفعون أيديهم أو يقفون طويلاً وإنما يسلمون وينصرفون، قال بعض السلف إذا أحبَّ أن يدعو فيتوجه إلى القبلة، ويدعو الله بما أحبَّ من خيري الدنيا والآخرة كعادته دائماً وأبداً، في دعائه يستقبل القبلة.

إنكار السنة بدعوى أن الله لم يتعهد بحفظها

إنكار السنة بدعوى أن الله لم يتعهد بحفظها المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 19/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم من كذب بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - محتجاً بأن الله تعالى لم يتعهد بحفظها كالقرآن، فلا تثريب عليّ، ويحتج أيضاً بأننا لو فتحنا هذا الباب لاحتج أصحاب الديانات الأخرى أيضاً على ما لديهم من المنقول، فهذه شبهة قامت في نفوس جماعة من المسلمين في بلدنا، فنرجو تزويدنا بالجواب؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حده. أما بعد: أقول وبالله التوفيق: إن السنة النبوية محفوظة بحفظ الله تعالى لدينه وكتابه القرآن الكريم، وعلى ذلك إجماع المسلمين. أما من شك أو شكك في ذلك، فإنا نقول له: إما أنك مسلم، أو لست بمسلم. فإن كنت مسلماً لك جواب، وإن كنت غير ذلك فلك جواب آخر. أما المسلم فإنا نقول له: يدل على حفظ الله تعالى للسنة أمور كثيرة منها ما يلي: أولاً: قال الله تعالى: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [آل عمران:85] . وقال تعالى: "مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً" [الأحزاب:40] . وقال تعالى: "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" [التوبة:33] . فدلت هذه الآيات أن دين الإسلام هو آخر الشرائع، وأنه لا يقبل الله تعالى من العالمين سواه، وأنه سيبقى إلى قيام الساعة. ولا شك أن بقاء هذا الدين يعني حفظ شرائعه وأحكامه، وعلى رأس ذلك أركان الإسلام. ومن المعلوم أن الصلاة. إنما جاء في القرآن الأمر بإقامتها أمراً مجملاً، دون بيان أعدادها وشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، وأن ذلك كله إنما ورد في السنة مفصلاً مبيناً، فكيف نؤمن ببقاء دين الله تعالى، لو اعتقدنا ضياع السنة، التي لا بقاء لهذا الركن العظيم من أركان الإسلام بدونها؟! وقل مثل ذلك في الزكاة والصيام والحج وغيرها من الأحكام؛ حيث إن تفاصيل أحكام ذلك كله لم تأت في القرآن الكريم، إنما جاء في السنة، وعلى هذا فلو اعتقدنا ضياع السنة فقد كذبنا القرآن الذي أخبرنا ببقاء هذا الدين وحفظه؛ لأن في ضياعها ضياع الدين كله!! ثانياً: يقول الله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر:9] ، ولا شك أن الذكر في هذه الآية هو القرآن الكريم، وهذا وعد من الله عز وجل بحفظ كتابه.

ومن المعلوم أن القرآن إنما أنزله ربنا عز وجل لنفهم معانيه ولنتدبره، كما قال تعالى: "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ" [صّ:29] . وقال سبحانه "أفلا يتدبرون القرآن" [النساء: 82] . والمقصود من التدبر هو العمل بأحكامه والاهتداء بنوره وعبادة الله تعالى على وفق مراده سبحانه، وقد بين لنا ربنا عز وجل أن بيان القرآن وتفسيره موكول إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن ذلك التفسير والبيان هو أعظم وظيفة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأجل ذلك أنزل عليه القرآن، ليبلغه حروفاً ومعاني وذلك كله في قوله تعالى: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" [النحل: من الآية44] . وفي قوله سبحانه: "وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" [النحل:64] . ولذلك فإن تعهد الله تعالى بحفظ القرآن يتضمن التعهد بحفظ بيانه من السنة النبوية؛ لأن حفظ القرآن لن يتم بغير حفظ ألفاظه ومعانيه، ومعانيه لا تعرف إلا بالسنة، فدل ذلك على تحقيق حفظ السنة بحفظ القرآن. بل إن حفظ معاني القرآن التي جاءت بها السنة أهم من حفظ حروفه مع تضييع معانيه؛ لأن المقصود من حفظ القرآن العمل بمقتضاه، ولا يعمل بمقتضاه إذا لم تعرف معانيه، ولذلك فلا يتحقق حفظ القرآن بغير حفظ السنة. وهذا هو الذي جعل العلماء من قديم يذكرون أن قوله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر: 9] كما يتضمن الوعد بحفظ القرآن، فهو يتضمن الوعد بحفظ السنة النبوية أيضاً. ثالثاً: لقد جاء في آيات كثيرة جداً في القرآن الكريم الأمر بطاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - كقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ" [النساء: من الآية59] . وكقوله تعالى: "من يطع الرسول فقد أطاع الله" [النساء: 80] . ونفى تعالى الإيمان عمن لم يقبل حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [النساء:65] .

وأمر بالرجوع إلى كتابه الكريم وإلى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - عند التنازع، فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ" [النساء:59] . وحذر تعالى من مخالفة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عز وجل: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [النور: من الآية63] . وقال تعالى: "وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً" [الأحزاب: من الآية36] . وقال سبحانه: "وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً" [الجن: من الآية23] . وحثنا سبحانه أن نقتدي بالنبي - صلى الله في قوله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" [الأحزاب:21] . فهذه الأوامر الإلهية وغيرها مما هو في معناها كثير جداً في كتاب الله تعالى، كيف ستطبق لو لم تحفظ السنة؟! كيف سنطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ وكيف سننتهي عن مخالفة أمره؟ وكيف سنعرف هديه لنقتدي به فيه؟ لو أن السنة غير محفوظة!! إن اعتقاد ضياع السنة يعني أن تلك الآيات (جميعها وغيرها مما هو في معناها) لا فائدة منها ولا معنى لها؛ لأنها تكليف بما لا يستطاع!! والحاصل أن ربنا - عز وجل - قال: "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا" [البقرة: من الآية286] . وبذلك نضيف وجهاً جديداً ودليلاً آخر على أن حفظ القرآن لا يتحقق بغير حفظ السنة؛ لأن تلك الآيات الآمرة بطاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - والمحذرة من معصيته والحاثة على الاحتكام إليه والاقتداء بسنته لن يمكن العمل بها إذا لم تحفظ السنة!!! ولهذا كله كان التشكيك في السنة تشكيكاً في القرآن الكريم، وهذا لا يقع من مسلم أبداً، إلا أن يكون جاهلاً، والجاهل لا يعذر بعد أن تقوم عليه الحجة بهذه الأدلة الآنفة الذكر. أما غير المسلم: وهو الذي إذا احتججنا عليه بمنقولاتنا (وهي القرآن والسنة) احتج علينا بنقولاته، كما جاء في السؤال؛ فإننا لا نبدأ خطابه بالأدلة السابقة؛ لأنه لا يؤمن بالقرآن أصلاً وإنما نبدأ بدعوته إلى الإسلام، وبإثبات نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - من خلال دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام المتعددة: كإعجاز القرآن الكريم المتنوع الوجوه: في بلاغته، وتشريعاته، وإخباره بالمغيبات، وسبقه العلمي الكوني (المسمى بالإعجاز العلمي) ، وكإعجاز السنة النبوية كذلك، وبيان بشارات الأنبياء به - صلى الله عليه وسلم -، والتي مع تحريف اليهود والنصارى لكتبهم، ومع إخفائهم لكثير منها لم يزل فيها إلى اليوم ما يدل على ذلك ... إلى غير ما سبق من دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم. فإذا ما صدق وآمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً، بيَّنا له بالأدلة المتقدمة حفظ الله - تعالى - للسنة النبوية.

ولذلك فلسنا نخشى إن احتججنا بمنقولاتنا من احتجاج أصحاب الديانات الأخرى علينا بمنقولاتهم؛ لأن الأمر ليس بمجرد الدعاوى، وإنما الأمر بالحجة والبرهان؛ فشتان شتان بيننا وبين من يخالفنا في الدين!! وهذا هو مصدر قوتنا - نحن المسلمين - أننا أصحاب الحق المطلق على هذه الأرض، ولدينا الأدلة القاطعة على ذلك كله، ولولا ذلك لما بقت للإسلام والمسلمين باقية، مع كثرة أعدائنا، وتكالبهم علينا، وشراسة حربهم ضدنا. إن ديننا الحق؛ لأنه دين الله تعالى الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأدلة هذه الدعوى عندنا كثيرة، كافية لإيمان أهل الأرض كلهم. لكن من يبلغها لأهل الأرض؟! بل من يُبصِّر أبناء المسلمين بها قبل غيرهم؟ هذا ما يسعى إليه الناصحون لدينهم، الغيورون على أبناء ملتهم، الحريصون على هداية الناس كلهم إلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة. هذا والله أسأل أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم. والله أعلم. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أحاديث الإفطار

أحاديث الإفطار المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 1/1/1425هـ السؤال ما هي الأحاديث الواردة عند الإفطار؟ الجواب أحاديث الدعاء عند الإفطار: ورد في هذا الباب جملة من الأحاديث، كلها لا تخلو من مقال، منها: (1) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- الذي أخرجه ابن ماجة (1753) من طريق إسحاق بن عبيد الله المدني، قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد". قال ابن أبي مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي. وقد أخرجه الحاكم (1/422) وغيره. (2) حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: أخرجه أبو داود (2/765) باب: القول عند الإفطار (2357) من طريق مروان -يعني ابن سالم المقفع- قال: رأيت ابن عمر -رضي الله عنهما- يقبض على لحيته، فيقطع ما زاد على الكف، وقال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال:"ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله". (3) عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال:" بسم الله، اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت" رواه الطبراني في الأوسط (7549) ، وفي الباب أحاديث أخرى، لكنها ضعيفة جداً. وفي الباب أيضاً آثار عن بعض السلف في الدعاء عند الصوم ومنها: أثر الربيع بن خثيم، وهو ثقة عابد مخضرم، فقد كان يقول:"الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت". أخرجه ابن فضيل في كتاب (الدعاء) وعند ابن أبي شيبة في المصنف (9744) عن حصين بن عبد الرحمن السلمي قال: كان الربيع بن خثيم يقول: فذكره. وهذا يدل على شهرة هذا الأمر عند السلف -رحمهم الله تعالى-، والعمل عليه جار عند الأمة منذ الأعصار الأولى، وفي القرآن الكريم إشارة إلى هذه المسألة، يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله- حين قال عند تفسير قوله -تعالى-:"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة:186] (1/208) : وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة بل وعند كل فطر، كما رواه الإمام أبو داود الطيالسي في مسنده ... " ثم ذكر جملة من الأحاديث السابقة.

حديث (إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)

حديث (إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها) المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 1/8/1424هـ السؤال سمعت حديثاً عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - معناه: يوم القيامة يأتي أناس بأعمال مثل جبل تهامة، يجعلها الله هباء منثوراً، أريد نص الحديث كاملاً وشرحاً له. الجواب إلى أخي الكريم: عبد الله حفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فهذا نص الحديث الذي تريده. عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثوراً أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" رواه ابن ماجة. وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع (5-3) . ومعنى الحديث أنه يأتي أناس يوم القيامة من بني قومنا يتكلمون بلغتنا نعرفهم ويعرفوننا، ولكن الله يجعل أعمالهم هباء منثوراً تضيع عليهم ويخسرونها فلا تنفعهم أعمالهم فيكونون من أهل النار، لماذا؟ لأنهم قوم فجار ماكرون فهم أمام الناس من المصلين المحافظين، أما إذا غابوا عن الناس فجروا ومكروا فلم يرعوا الله وقارا، ولم يستحوا من ربهم في الوقوع في المحرمات وانتهاك الأعراض من السب والغيبة والنميمة، والظلم، والتعدي، على حقوق الآخرين، كما قال تعالى: "يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً" [النساء:108] ، وكما في حديث المفلس الذي يأتي بصلاة وصدقة وصيام ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، فيؤخذ لهذا من حسناته، وهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه فطرح في النار" رواه مسلم، نعوذ بالله من الخسران.

رد حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم

رد حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 21/3/1425هـ السؤال السؤال: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "لا أعرفن أحداً منكم أتاه عني حديث وهو متكئ في أريكته فيقول: اتلوا علي به قرآنا، وما جاءكم عني من خير قلته أو لَم أقله, فأنا أقوله, وما آتاكم عني من شر, فأنا لا أقول الشر" مسند الإمام أحمد (8787) , والترمذي. وقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا سمعتم الحديث عني, تعرفه قلوبكم, وتلين له أشعاركم وأبشاركم, وترون أنه منكم قريب , فأنا أولاكم به , وإذا سمعتم الحديث عني, تنكره قلوبكم, وتنفر عنه أشعاركم وأبشاركم, وترون أنه منكم بعيد, فأنا أبعدكم منه" ابن حبان, مسند الإمام أحمد. وقوله عليه الصلاة والسلام: "مَن كذب علي متعمداً, فليتبوأ بيتاً في النار ومَن ردَّ حديثاً عني, فليتبوأ بيتاً في النار, ومَن ردَّ حديثاً بلغه عني فأنا مخاصمه يوم القيامة, وإذا بلغكم عني حديث, ولَم تعرفوه, فقولوا الله أعلم" الطبراني في المعجم الكبير (6163) . وقوله عليه الصلاة والسلام: "مَن بلغه عني حديث, فكذب به, فقد كذب ثلاثة: الله, ورسوله , والذي حدث به" الطبراني في الأوسط (7596) . وقوله عليه الصلاة والسلام: "عسى أن يكذبني رجل وهو متكئ على أريكته, يبلغه الحديث عني, فيقول: ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دع هذا وهات ما في القرآن" أبو يعلى في المسند (1813) . وقوله عليه الصلاة والسلام:"من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها لَم ينلها" الطبراني في الأوسط (5129) . فضيلة الشيخ: هل نستطيع أن نحكم بهذه الأدلة على أن المصطلحات النبوية أو الأحاديث النبوية كلها صحيحة؟ وأن مَن كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- يعود إثمه على الراوي: "مَن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار", وهل نستطيع أن نقول إن جميع ما في كتب السنن الثمانية صحيحة؟ لأن أصحابها اشترطوا على أنفسهم صحة الأحاديث التي في كتبهم، وربما نثقل عليكم؛ نريد رداً علمياً على هذه الشبهة, وهذا مما عهدناه منكم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبعد:

السنة المطهرة حجة باتفاق العلماء سواء منها ما كان على سبيل البيان للقرآن أو على سبيل الاستقلال، وقد دلت الأدلة المستفيضة من القرآن والسنة على وجوب اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم-، والتحذير من مخالفة أمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا" [النساء: 59] ، قال ميمون بن مهران: (الرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه، والرد إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم- هو الرجوع إليه في حياته وإلى سنته بعد مماته) ، وقال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" [آل عمران من الآية: 31] ، وقال تعالى: "من يطع الرسول فقد أطاع الله" [النساء من الآية 80] ، فقد جعل طاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- من طاعته سبحانه، وحذر من مخالفته فقال: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" [النور من الآية 63] ، فلولا أن أمره حجة ولازم لما توعد على مخالفته بالنار، وقال سبحانه وتعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر" [الأحزاب من الآية 21] ، وقال سبحانه: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما" [النساء: 65] وقال سبحانه وتعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر من الآية: 7] ، وقد فهم الصحابة - رضوان الله عليهم- من هذه الآيات وجوب الرجوع إلى السنة والاحتجاج بها، روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقالت أم يعقوب: ما هذا؟ قال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وفي كتاب الله، قالت: والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته، فقال: والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر من الآية: 7] ، أخرجه البخاري ح (4886) ، وحينما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم- معاذاً -رضي الله عنه- إلى اليمن قال له: "بم تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله." أخرجه أبو داود ح (3592) .

وأما الأحاديث الدالة على وجوب اتباع السنة فكثيرة منها ما رواه أبو داود في سننه عن المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا إنني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول: عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فعليه أن يعقبهم بمثل قراه" أخرجه أبو داود ح (4604) ،قال الخطابي: (وقوله: يوشك رجل شبعان.." يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له من القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض فإنهم تمثلوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا، وأراد بقوله متكئ على أريكته أن من أصحاب الترفه والبدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم من مظانه) معالم السنن (4/298) ، وفي حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه مرفوعاً: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين عضوا عليها بالنواجذ" رواه أبو داود ح (4607) ، والترمذي (2676) وقال حديث حسن صحيح، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- خطب في حجة الوداع فقال: "قد يئس الشيطان أن يعبد بأرضكم ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم فاحذروا يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً: "كتاب الله وسنة نبيه" أخرجه مالك في الموطأ (2/899) ، والحاكم ح (318) واللفظ له.

ولمكانة السنة من الدين ومنزلتها من القرآن الكريم عُني الصحابة - رضي الله عنهم- بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم-، فحفظوا كلامه صلى الله عليه وسلم-، ووعوا ما شاهدوا من أفعاله وأحواله، وأحاطوا علماً بالظروف والملابسات التي قيلت فيها هذه الأحاديث، وقد بلغ من حرصهم على سماع الوحي والسنن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنهم كانوا يتناوبون في هذا السماع، روى البخاري في صحيحه عن عمر - رضي الله عنه- قال: "كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ينزل يوماً وأنزل يوماً، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك" أخرجه البخاري ح (89) ، وكان إذا قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم- وفد وعلمهم من القرآن والسنة أوصاهم بأن يحفظوا ويبلغوا، ففي صحيح البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم- قال لوفد بني عبد القيس: "احفظوه وأخبروه من وراءكم" أخرجه البخاري ح (87) ،وفي حديث مالك بن حويرث قال: "ارجعوا إلى أهلكم فعلموهم" أخرجه البخاري ح (685) ، ومسلم (674) ، وتثبت الصحابة واحتاطوا في قبول الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم- مسترشدين بكتاب الله - عز وجل- الذي أمر بالتثبت في قبول الأخبار قال سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، وفي قراءة: "فتثبتوا" [الحجرات من الآية: 6] ، ومستضيئين بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم- التي حذرت من الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فكان أبو بكر - رضي الله عنه- أول من احتاط في قبول الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، روى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر - رضي الله عنه- تلتمس أن تورث، فقال أبو بكر: ما أجد لك في كتاب الله شيئاً، وما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ذكر لك شيئاً، ثم سأل الناس؟ فقام المغيرة فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يعطيها السدس فقال له أبو بكر: هل معك أحد؟ فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها أبو بكر - رضي الله عنه- أخرجه أبو داود ح (2894) ، والترمذي ح (2100) ، وابن ماجة ح (2724) ، وتثبت عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- أيضاً في قبول الأخبار، من ذلك ما رواه الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري، قال: "كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت فقال: ما منعك؟ قلت استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع"، فقال والله لتقيمن عليه بينة، أمنكم أحد سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم، فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال ذلك" فقال عمر لأبي موسى: أما إني لم أتهمك، لكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-" أخرجه البخاري ح (6245) ، ومسلم ح (2153) ، ومالك في الموطأ (2/964) ،وقوله: "أما إني لم أتهمك ... " ليس في الصحيحين وهو عند مالك في الموطأ، وفي رواية لمسلم أن أبي بن

كعب قال: يا ابن الخطاب لا تكونن عذاباً على أصحاب رسول الله، قال عمر: سبحان الله إنما سمعت شيئاً فأحببت أن أتثبت"، وروى مسلم عن المسور بن مخرمة قال: استشار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الناس في ملاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة: شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم- قضى فيه بغرة: عبد أو أمة، قال: فقال عمر ائتني بمن يشهد معك، قال: فشهد له محمد بن مسلمة، أخرجه مسلم ح (1689) ، والملاص: هو جنين المرأة، والغرة: العبد والأمة، وما ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- من التثبت في قبول الأخبار كثير لا يتسع المقام لبسطه وقد سار على منهج الصحابة -رضي الله عنهم- التابعون، ومن بعدهم فاعتنوا بالأسانيد وفتشوا عن حملة الأخبار ونقلة الآثار، فنقدوا الرجال وميزوا الثقات من غيرهم، قال ابن سيرين: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم) ، وفي رواية عنه أنه قال: (إن هذا الحديث دين فلينظر الرجل عمن يأخذ دينه) قال عبد الله بن المبارك: (الإسناد عندي من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، فإذا قيل له من حدثك؟ بقي) وقال سفيان الثوري: (الإسناد سلاح المؤمن، إذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل؟) ، وقال الأوزاعي: (ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد) ، وقد درس الأئمة هذه الأسانيد ونظروا في أحوال الرواة من خلال قواعد وأصول علوم الحديث، فميزوا المقبول من الأحاديث من المردود والمحفوظ من الشاذ والمعلل.

وبهذه الجهود المباركة حفظت السنة، وتميز الصحيح من الضعيف، ولعله اتضح بهذا أنه ليس كل ما نسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- يقبل ويؤخذ به، بل لا بد من معرفة ثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، وذلك لوجود الوضع في السنة، ولأن السنة نقلت عن طريق رجال الأسانيد، وحملة الأخبار فيهم الثقات وغير الثقات، والثقات يتطرق إلى حديثهم الوهم والخطأ، وهذا أمر ظاهر والذين صنفوا في السنة من الأئمة منهم من اشترط الصحة فيما يورده من الأحاديث كالبخاري ومسلم، ومن بعدهما كابن خزيمة وابن حبان، ولكن كتابيهما لا يبلغا مبلغ كتابي الشيخين، ومنهم من لم يشترط الصحة، لكن غالب ما يذكر الصحيح، وما قاربه وما فيه بعض ضعف، وهذا مثل بقية الكتب الستة وهي السنن الأربع: سنن أبي داود والنسائي، والترمذي، وابن ماجة، وهذه الكتب مع الصحيحين تسمى الكتب الستة، ومثلها موطأ مالك ومسند الإمام أحمد، فهذه المصنفات ونظائرها من كتب السنة أورد الأئمة فيها أمثل ما وقفوا عليه من المتون والأسانيد وما يصلح للاحتجاج والاستشهاد لأنهم ألفوها للعمل بما جاء فيها، ولتكون مرجعاً للأمة، قال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه،: (فإنكم سألتم أن أذكر لكم الأحاديث التي في كتاب السنن، أهي أصح ما عرفت في الباب؟ ووقفت على جميع ما ذكرتم، فاعلموا أنه كذلك كله.....وهو كتاب لا ترد عليكم سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- بإسناد صالح إلا وهي فيه ... ولا أعلم شيئاً بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب ... وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته، ومنه ما لا يصح سنده وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح وبعضها أصح من بعض) ، وقال الإمام أحمد عن المسند: (إن هذا الكتاب قد جمعته وأتقنته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فارجعوا إليه، فإن كان فيه وإلا فليس بحجة) ، وهذا القول من الإمام أحمد المقصود به - والله أعلم- أصول الأحاديث، فإنه ما من حديث غالباً إلا وله أصل في المسند، وقال أيضاً: "قصدت في المسند الحديث المشهور.... ولو أردت أن أقصد ما صح عندي، لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث لست أخالف ما ضعف إذا لم يكن في الباب ما يدفعه) خصائص المسند لأبي موسى المديني ضمن مسند الإمام أحمد (1/27) ، والحاصل: أن هذه المصنفات هي كتب الأصول التي ينبغي العناية بها والرجوع إليها، وهناك مصنفات في السنة لم يقصد مؤلفوها ما قصده هؤلاء الأئمة بل هي مشتملة، على الغرائب والمناكير ... وهذه يتعامل معها المتمكن في علم الحديث، يقول الحافظ ابن رجب - رحمه الله - بعد كلام نقله عن الخطيب يحذر فيه من تتبع الأحاديث الغرائب-: (وهذا الذي ذكره الخطيب حق، ونجد كثيراً ممن ينتسب إلى الحديث لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة وبمثل مسند البزار، ومعاجم الطبراني، أو أفراد الدارقطني، وهي مجمع الغرائب والمناكير "شرح علل الترمذي (1/409) ، والأحاديث التي ذكرها السائل - وفقه الله - في سؤاله منها ما يصح، ومنها ما لا يصح، وهي تدل على حجية السنة ووجوب اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم-، ومتضمنة لوجوب التثبت في قبول الأحاديث لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- حذر من الكذب عليه ولا يكون التحذير إلا من أمر يخشى وقوعه، وقد حصل هذا وبذل الأئمة جهوداً كبيرة لكذب عن السنة وتميز المقبول من المردود. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الأخذ بالحديث الحسن في العقائد

الأخذ بالحديث الحسن في العقائد المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 13/7/1424هـ السؤال الحديث الآحاد يؤخذ بالعقائد، فما حكم الحديث الحسن بذلك؟ هل يؤخذ أيضاً أم لا؟ (أي يؤخذ فيه بالعقيدة) ، أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، الحديث الحسن هو من الآحاد، وأحاديث الآحاد هي خلاف المتواتر، وعند أهل السنة أن كل ما صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجب الأخذ به في العقائد وفي الأعمال، أي في جميع مسائل الدين العلمية والعملية، وإن كانت الأحاديث متفاوتة في درجة القبول، لكن كل ما توافرت فيه شروط القبول وجب العمل به، والقول بأن الآحاد لا يستدل بها في مسائل الاعتقاد هو من الأقوال المبتدعة، وهو خلاف ما عليه الصحابة والتابعون ومن سار على نهجهم من أهل السنة والجماعة، فتفريق السائل بين الحسن والآحاد هو خطأ، بل هو كما ذكر أن الحديث الحسن هو من نوع الآحاد، فأحاديث الآحاد منها الصحيح والحسن والضعيف فليُنتبه لذلك، والله أعلم.

الحكمة من استحباب النوم على الشق الأيمن

الحكمة من استحباب النوم على الشق الأيمن المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 12/04/1425هـ السؤال السلام عليكم. من السنة عند النوم، النوم على الجهة اليمنى. فما الحكمة منها؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قوله وفعله استحباب النوم على الشق الأيمن؛ ومن ذلك حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت؛ فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به" قال فرددتها على النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما بلغت اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت: ورسولك، قال: لا، ونبيك الذي أرسلت " أخرجه البخاري (247) ، ومسلم (2710) . أما الحكمة فلاشك بأن لهذا حكمة، ولكن إذا لم يرد النص بها فلا نستطيع الجزم بشيء إلا أنا نقول سمعنا وأطعنا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

لعن المخنثين

لعن المخنثين المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 23/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. سؤال قد حيرني كثيرًا، وهو عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم- مخنثى الرجال الذين يتشبهون بالنساء، والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال، والمتبتلين من الرجال الذين يقولون: لا نتزوج. والمتبتلات من النساء اللاتي يقلن ذلك. السؤال: لماذا لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم- هؤلاء الأصناف، مع أن القتل والزنا أشد من ذلك؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر، كما قال سبحانه: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) [النساء:31] . وكقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى:37] . وقوله تعالى: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) [النجم: من الآية32] . وقوله صلى الله عليه وسلم: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ". أخرجه مسلم (233) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، فقد دلت هذه النصوص على انقسام الذنوب إلى صغائر وكبائر، وقد تنوع وصف الكبائر في نصوص الكتاب والسنة، فتارة يلعن مرتكبها وتارة يتوعد مرتكبها بالنار أو الغضب، أو منع دخول الجنة أو شم رائحتها، أو يكون على مرتكبها حد في الدنيا أو عقوبة في الآخرة. فإذا ورد اللعن في حق مرتكب بعض الكبائر وبعضها لم يوصف مرتكبها باللعن وهي أشد، فلا نقول: لماذا لم يلعن مرتكبها؟ لأن تلك الذنوب قد جاء في حق مرتكبها ما هو مثل اللعن أو أشد.

والزنا والقتل قد رتبت عليهما أشد العقوبات في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا قتل الزاني المحصن وجلد الزاني غير المحصن وتغريبه، وفي الآخرة وعد بدخول النار، والقاتل عوقب في الدنيا بالقتل، وفي الآخرة توعد بالنار واللعن والغضب، قال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) [الفرقان:68] . وقال سبحانه: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء:93] . والحديث المذكور في السؤال أخرجه أحمد (7891) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- "مُخَنَّثِي الرِّجَالِ الَّذِينَ يَتَشَبَّهُونَ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالرِّجَالِ، وَالْمُتَبَتِّلِينَ مِنْ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا نَتَزَوَّجُ. وَالْمُتَبَتِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ اللَّائِي يَقُلْنَ ذَلِكَ، وَرَاكِبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ". فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اسْتَبَانَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِهِمْ، وَقَالَ: "الْبَائِتَ وَحْدَهُ". وما جاء في هذا الحديث من لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال صحيح، فقد جاء من طرق عديدة من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. أخرجه البخاري (5885) وغيره. والحكمة من لعن المتشبهين والمخنثين لما في فعلهم من تغيير خلق الله، فالرجل يظهر نفسه بصورة المرأة، والمرأة تظهر نفسها بصورة الرجل، وقد جاء في لعن الواصلات تعليل اللعن بقوله في الحديث: "المُغَيِّراتِ خَلْقَ اللهِ". أخرجه البخاري (4886) ومسلم (2125) ، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وأما لعن المتبتلين وما ذكر بعده في الحديث فهذا ضعيف، فقد رواه أحمد من طريق: طيب بن محمد، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، وطيب بن محمد مجهول، وأورده البخاري في التاريخ الكبير 4/362، وقال: لا يصح. وقد جاءت الأحاديث بالنهي عن التبتل وعن الوحدة في السفر وأن يبيت الرجل وحده. والله أعلم. هذا، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

حكم من ينكر السنة

حكم من ينكر السنة المجيب سالم بن ناصر الراكان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 13/09/1426هـ السؤال لدي ثلاثة استفسارات. أولاً: ما الحكمة في إباحة تعدد الزوجات؟ ثانياً: لو أراد شخص ما الدخول في الإسلام، ما هي أقصر الطرق وأيسرها؟ ثالثاً: قال لي شخص مسلم: أنا لا أؤمن بكل ما جاء من أحاديث في قولكم هذا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن الواجب على كل مسلم ومسلمة الرضا بحكم الله، والتسليم بقدره، والعلم الجازم بأن الله عليم حكيم، عليم بخلقه حكيم في شرعه، لا يشرع لعباده إلا ما فيه صلاح أولاهم وأخراهم، وقد استفاد العلماء من قوله -عز وجل- لمريم لما سألت من الحمل: "قال كذلك قال ربك" فيكفي أن الله -عز وجل- قال، وفي هذا إرشاد إلى وجوب التسليم بحكم الله وقضائه. ثم بيّن لها الحكمة من هذا الحمل بقوله "ولنجعله آية للناس"، ثم ختم الآية بالقضاء أيضاً، فقال: "وكان أمراً مقضياً" [مريم:21] ، فبدأ الآية بوجوب التسليم لحكم الله، ثم بين لها الحكمة، ثم ختمها بوجوب الرضا بقضاء الله جل وعلا. وبعد هذا نقول للأخ السائل: إن أهل السنة والجماعة مجمعون على أنه لا يحق للرجل أن يجمع في عصمته أكثر من أربع نسوة، وأما من غير جمع فيمكن الزيادة على أربع، وقد حفظ لنا التاريخ من تزوج أكثر من مائة امرأة، كما في كتب التراجم، وأما عن الحكمة من تقييد الحد الأعلى للزوجات بأربع فلم أقف بخصوصه على كلام أحد من أهل العلم. ثم إن السؤال عن الحكمة من العدد أيًّا كان -غير مجدٍ، فصلاة الظهر مثلاً لماذا كانت أربع ركعات ولم تكن خمساً أو ثلاثاً، ومثلها باقي الصلوات؟ وكذلك الطواف لماذا كان سبعة أشواط، وغيرها من ذوات العدد. ومن ذلك النكاح فلو قدر أن الله شرعه خمساً أو ستاً أو أقل أو أكثر فإن السؤال سيبقى قائماً ولا مصير حينئذٍ إلا إلى التسليم بعلم الله وحكمته وعدله، وأنه ما شرع هذا العدد إلا لما علمه في خلقه من الخصائص النفسية والاجتماعية والجنسية وغيرها التي لا تحتمل الزيادة على هذا العدد. وأما سؤالك عن أقصر الطرق لمن أراد الدخول في الإسلام فهو النطق بكلمة التوحيد، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والعمل بما تقتضيه هذه الكلمة، فهذا هو أقصر الطرق وأوحدها للدخول في الإسلام.

وأما سؤالك عمّن لا يقبل من الأحاديث الصحيحة إلا بما يوافق العقل أو ما في ظاهر خير الإسلام من المسلمين فصاحب هذه المقالة على خطر عظيم، وما ضل من يسمون بالعقلانيين إلا بتقديم ما تستحسنه عقولهم ويوافق أهواءهم على أحكام الشرع، ابتداء بمعتزلة العصور الأولى وانتهاء بعقلانيي العصر، وهؤلاء إنما أُتوا من قبل أنفسهم والشيطان، وإلا فإن العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح أبداً، ومن توهم ذلك فإن الغشاوة والغبش في عقله هو، وقد صنف الشيخ تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله- كتاباً حافلاً بين فيه -بجلاء- موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول، سماه (تعارض العقل والنقل) ، ثم إن السنة وحي من الله "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"، والعقل وصاحبه مخلوقان لله، فكيف تعارض أحكام الله بأحد مخلوقاته؟. ورحم الله الإمام الشافعي إذ يقول: (إن للعقل حداً ينتهي إليه، كما أن للبصر حداً ينتهي إليه) . ولنذكر مثالاً على هذا قصة الحديبية التي أجاب فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطة قريش مع أن هذه الخطة في ظاهرها شر على المسلمين وهضم لحقوقهم، وقد كره بعض الصحابة بنود هذه الخطة، لكنهم أذعنوا وسلموا لحكم الله ورسوله، وكانت العاقبة أن جعله الله فتحاً للإسلام والمسلمين، والوقائع في هذا كثيرة. وليعلم قائل هذه المقولة أن قدم الإسلام لا تثبت إلا على الاستسلام والتسليم، وأن القصد الأسمى من التشريع -كما يقول الشاطبي رحمه الله-: (إخراج المكلف عن داعية الهوى؛ حتى يكون عبداً لله اختياراً كما هو عبد الله اضطراراً كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به") . ومن خذلان هؤلاء أنهم ربما عارضوا بعض الأحاديث الصحيحة بعقولهم -كحديث الذباب- لكن إذا أثبت الطب والعلم الحديث مصداق هذا المعنى أذعنوا وسلموا لتجارب البشر، وهذا من قلة التوفيق والحرمان وطاعة الهوى والشيطان، عصمنا الله وإياكم من الضلال بعد الهدى، وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وصلى الله على نبينا محمد.

لماذا النساء أكثر أهل النار؟

لماذا النساء أكثر أهل النار؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 1/3/1425هـ السؤال ورد في الحديث الصحيح أن أكثر أهل النار من النساء، ثم ذكر سببين لذلك: كونهن ناقصات في العقل والدين. ثم سألت امرأة عن النقصان في العقل فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن نقصان عقلها شهادتها على النصف من شهادة الرجل، ونقصان دينها تركها للصلاة عند الحيض. لكننا نرى من واقع الحياة كثيراً من النساء أعقل من الرجال، ومسألة الحيض هي شيء كما ورد في خطاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة -رضي الله عنها- "كتبه الله على بنات آدم". فكيف تحاسب النساء على شيء مكتوب عليهن؟ أنا حديثة التزام بديني ومثل هذه المسائل سببت لي قلقاً لعدة أشهر، ولم يستطع أهل الدين عندنا أن يجيبوني. أرجو التكرم بتقديم إجابة شافية. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: أولاً: ما ذكرته الأخت السائلة من أنه ورد في الحديث الصحيح أن عامة أهل النار من النساء صحيح، بل هو حديث متفق على صحته، غير أن الحديث جاء بلفظ "أُرِيتكن أكثر أهل النار". ثانياً: ما ذكرته من أن الرسول صلى الله عليه وسلم- ذكر سببين لذلك كونهن ناقصات عقل ودين غير صحيح، بل إنه صلى الله عليه وسلم ذكر سببين هما: "كثرة اللعن، وكفران العشير، - أي الزوج- وبناءاً على هذا فالسببان اللذان جعلتهن أكثر أهل النار هما: اللعن، وكفران الزوج. وجاء ذكر نقص العقل والدين زيادة على الجواب يُسميها العلماء بالاستتباع، لا أنهما السبب في كونهن أكثر أهل النار. وتتميماً للفائدة أنقل نص الحديث فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى، أو في فطر إلى المصلى فمر على النساء، فقال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر النساء: تصدقن؛ فإني أُرِيتكن أكثر أهل النار، فقلن وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب لِلُبِّ الرجل الحازم من إحداكن، قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل، ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها" صحيح البخاري (304) ، وقد رواه مسلم أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ قريب من لفظ البخاري حديث (79) فالحديث متفق عليه.

هذا، وقول السائلة -في وصف النبي صلى الله عليه وسلم النساء بنقصان العقل والدين- لكننا نرى من واقع الحياة أن كثيراً من النساء أعقل من الرجال، ومسألة الحيض ... إلى آخر سؤالها جوابه ما قاله المازري وغيره، فقد قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (ج2ص67) ، وما بعدها ما نصه: (قال الإمام أبو عبد الله المازري رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل" تنبيه منه صلى الله عليه وسلم على ما وراءه وهو ما نبه الله تعالى عليه في كتابه بقول تعالى: "أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى" [البقرة:282] ، أي أنهن قليلات الضبط، قال وقد اختلف الناس في العقل ما هو؟ فقيل هو العلم، وقيل بعض العلوم الضرورية، وقيل قوة يميز بها بين حقائق المعلومات، هذا كلامه، قلت: والاختلاف في حقيقة العقل وأقسامه كثير معروف، لا حاجة هنا إلى الإطالة فيه، واختلفوا في محله، فقال أصحابنا المتكلمون هو في القلب، وقال بعض العلماء وهو في الرأس والله أعلم. وأما وصفه صلى الله عليه وسلم النساء بنقصان الدين لتركهن الصلاة والصوم في زمن الحيض، فقد يستشكل معناه وليس بمشكل، بل هو ظاهر، فإن الدين والإسلام مشتركة في معنى واحد، كما قدمنا في مواضع، وقد قدمنا أيضاً في مواضع أن الطاعات تسمى إيماناً وديناً، وإذا ثبت هذا علمنا أن من كثرة عبادته زاد إيمانه ودينه، ومن نقصت عبادته نقص دينه، ثم نقص الدين قد يكون على وجه يأثم به؛ كمن ترك الصلاة أو الصوم أو غيرهما من العبادات الواجبة عليه بلا عذر، وقد يكون على وجه لا إثم فيه؛ كمن ترك الجمعة أو الغزو أو غير ذلك مما لا يجب عليه لعذر، وقد يكون على وجه هو مكلف به؛ كترك الحائض الصلاة والصوم. فإن قيل فإن كانت معذورة، فهل تثاب على الصلاة في زمن الحيض؟ وإن كانت لا تقضيها كما يثاب المريض والمسافر، ويكتب له في مرضه وسفره مثل نوافل الصلوات التي كان يفعلها في صحته وحضره. فالجواب: أن ظاهر هذا الحديث أنها لا تثاب، والفرق أن المريض والمسافر كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته لها، والحائض ليست كذلك، بل نيتها ترك الصلاة في زمن الحيض، بل يحرم عليها نية الصلاة في زمن الحيض، فنظيرها مسافر أو مريض كان يصلي النافلة في وقت، ويترك في وقت غير ناوٍ الدوام عليها، فهذا لا يكتب له في سفره ومرضه في الزمن الذي لم يكن يتنفل فيه) انتهى كلام النووي. هذا وقول السائلة: ومسألة الحيض هي شيء كما ورد في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها كتبه الله على بنات آدم فكيف تحاسب النساء على شيء مكتوب عليهن؟ انظر ما رواه البخاري (294) ، ومسلم (1211) .

جوابه: أن نقول: ومن الذي قال بأنها تحاسب على ذلك؟ ليس في الحديث ما يدل على ذلك، وما جاء في الحديث من أن النساء أكثر أهل النار تقدم ذكر سببه وهو اللعن، وكفران العشير لا الحيض، وما جاء في الحديث من وصف المرأة بنقص الدين بين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها تجلس الأيام لا تصلي، وهذا نقص دين فمن كثرت عبادته زاد إيمانه ودينه، ومن نقصت عبادته نقص دينه. فالكامل مثلا ناقص عن الأكمل، ومن ذلك الحائض لا تأثم بترك الصلاة زمن الحيض لكنها ناقصة عمن يصليها على الدوام، ومن طال عمره وحسن عمله، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وأما وصف النبي صلى الله عليه وسلم للنساء بنقص العقل فليس معناه نقص أصل العقل، وإنما المراد به قلة ضبط المرأة وضعف ذاكرتها غالباً، ولهذا جعل الله شهادة المرأتين تقوم مقام شهادة الرجل، وبين سبحانه العلة في ذلك بقوله: "أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى" [البقرة:282] ، وهذا تشريع من الحكيم العليم الخالق الذي أوجد الخليقة من العدم قال تعالى: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك: 14] ، وقال تعالى: "هو أعلم بكم إذا أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى" [النجم: 32] ، والله سبحانه وتعالى لم يجعل المرأة مساوية للرجل في كل شيء، قال -تعالى-: "وليس الذكر كالأنثى" [مريم: 36] ، وقال -تعالى-: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" [النساء: 34] ، وقال تعالى: "وللرجال عليهن درجة" [البقرة: 228] ، قال ابن كثير في تفسيره (ج1 ص271) ، أي في الفضيلة والخَلق، والخُلق والمنزلة، وطاعة الأمر، والقيام بالمصالح، والفضل في الدنيا والآخرة" انتهى، هذا، وقد جعل الله - سبحانه وتعالى- المرأة على النصف من الرجل في عدة أحكام: أحدها الشهادة كما تقدم، والثاني في الميراث، والثالث في الدية، والرابع في العقيقة، والخامس في العتق. والله سبحانه يخلق ما يشاء ويختار، قال -تعالى-: "وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة" [القصص: 68] ، ولقد فضل الله بعض الرسل على بعض؛ قال -تعالى-: "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض" [البقرة: 253] ، وفضل بعض الأماكن على بعض، وبعض الزمان على بعض ... إلخ. هذا وعلى المرء المسلم التسليم لما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من غير تردد ولا شك، قال -تعالى-: "وما كان لمؤمنة ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36] ، وقال -تعالى- في شأن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء: 65] ، هذا، وأكتفي بهذا القدر من الإجابة. سائلاً الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يثبتنا على دين الإسلام، وأن يتوفانا عليه، وأن يرزقنا التسليم لما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يعيذنا من همزات الشياطين إنه على كل شيء قدير، وأن يرزق الأخت السائلة الثبات على الدين وطمأنينة القلب وحسن الختام وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

خلق المرأة من ضلع أعوج

خَلْق المرأة من ضلع أعوج المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 17/01/1426هـ السؤال هل صحيح أن الزوجة مخلوقة من ضلع أعوج؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً مع ذكر المراجع من القرآن والسنة وكتب التفاسير وشروح الأحاديث. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (5184،3331) ، ومسلم (1468) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاه، ُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ"، ومعنى الحديث الحث على الرفق بالمرأة والإحسان إليها، وطيب معاشرتها وحسن مراعاتها ومداراتها، وقد بوب عليه البخاري بقوله: باب المدارة مع النساء، وقوله: "خلقت من ضلع" فيه إشارة إلى أنها خلقت من ضلع آدم، وقد دل القرآن أن المرأة خلقت من الرجل، قال تعالى: "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا" [الأعراف:189] ، قال الطبري: (ويعني بقوله: وجعل منها زوجها، وجعل من النفس الواحدة، وهو آدم زوجها حواء ... ) ، ثم ذكر عن قتادة: (وجعل منها زوجها، حواء جعلت من أضلاعه، ليسكن إليها) ، وقال الحافظ ابن كثير: (ينبه تعالى على أنه خلق جميع الناس من آدم عليه السلام، وأنه خلق منه زوجته حواء ثم انتشر الناس منهما ... ) ، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا" [النساء:1] ، قال ابن كثير: (وخلق منها زوجها وهي حواء عليها السلام خلقت من ضلعه الأيسر من خلفه وهو نائم، فاستيقظ فرآها فأعجبته، فأنس إليها وأنست إليه ... ) ، وقال ابن جرير: (وخلق منها زوجها، وهي حواء ... ) .

وذهب بعض العلماء إلى أن قوله في الحديث: (من ضلع) قصد به المثل أي من مثل ضلع، وقصد من هذا التشبيه الحث على الرفق بها والإحسان إليها، وإمساكها بالمعروف ويشهد له ما جاء في رواية مسلم: "لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها؛ استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها: طلاقها"، ومن المعلوم أن الخالق جل ثناؤه قد زود كلاً من الرجل والمرأة بخصائص تتناسب والمهمة التي يقوم بها كل منهما، فالمرأة هي الحاضنة والمربية والحاملة والمرضعة، وهذه المهمة بحاجة إلى عواطف جياشة ومشاعر مرهفة حتى تستطيع أن تؤدي مهمتها على الوجه الأكمل، وغلبة هذه العاطفة مع ما يتكرر معها من المحيض والولادة يولد لديها بعض الضعف من الانفعال النفسي والشعور بالضيق فيضعف تحملها فتحتاج إلى مراعاة، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى طبيعة المرأة، وأنها تحتاج إلى مراعاة ومداراة وترك التقصي عليها فلا تعامل بالشدة والمحاسبة الدقيقة على تصرفاتها، ولو أن الزوج استحضر هذه الوصية عند تعامله مع امرأته لطابت حياتهما وعاشا حياة طيبة وعيشة هنيئة بعيدة عن المشاكل والمكدرات، والإسلام كما لا يخفى في تشريعاته وأحكامه قد أعطى المرأة مكانة عالية ومنزلة رفيعة وحفظ كرامتها وأنوثتها وعفتها وقد عرض القرآن الكريم لكثيرٍ من شئون المرأة في أكثر من عشر سور منها سورتان عرفت إحداهما بسورة النساء الكبرى، وعرفت الأخرى بسورة النساء الصغرى، وهما سورتا: النساء والطلاق، وعرض لها في سور: البقرة والمائدة والنور والأحزاب والمجادلة والممتحنة والتحريم، وحظيت المرأة في الإسلام بمكانة لم تحظ بها في شرع سماوي سابق ولا في اجتماع إنساني، ومع هذه المكانة للمرأة في تشريعات الإسلام يأتي من يزعم أن الإسلام هضم حق المرأة، وجعلها متعة بيد الرجل، والقرآن يقول: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" [البقرة:228] ، والحقيقة أن القضية لا ترجع إلى حق وعدل ولكن إلى أهواء وشهوات وتقليد لما يوجد في البلاد الغربية والتي أخرجت المرأة عن وظيفتها الإنسانية وأقحمتها في ميادين ليست لها وقضت على أنوثتها وعفتها وكرامتها، والشاهد خير واقع، إن الإسلام منح المرأة كل خير وصانها من كل شر، ولا منقذ لها ولا حافظ لكرامتها سوى التعاليم التي جاءت في نصوص الوحيين الكتاب والسنة، والإسلام بين أن المرأة خلقت من الرجل، وأن خلق المرأة نعمة ينبغي أن يحمد الله عليها، قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] ، وقال تعالى: "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً" [النحل:72] ، والمرأة في الإسلام كالرجل فهي شقيقته وشريكته، ومن الرجل والمرأة تعددت القبائل والشعوب "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ ... " [الحجرات:13] ، والمرأة هي الأم، وقد وضعها الإسلام موضع التكريم والإجلال، وجاءت الوصايا بالإحسان إليها: "وَوَصَّيْنَا الْإنْسَانَ

بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" [لقمان:14] ، وقال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً" [الأحقاف:15] ، والمرأة كالرجل فرض الله عليها القيام بالواجبات الشرعية، وهي كالرجل إذا استجابت لأمر الله: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [النحل:97] ، "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ" [آل عمران:195] ، "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً" [الأحزاب:35] ، والمرأة مسئولة مسؤولية خاصة عن واجباتها الشرعية، ومسئولة مسؤولية عامة فيما يختص بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف، والإرشاد إلى الفضائل والتحذير من الرذائل، قال تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [التوبة:71] ، وللمرأة في الإسلام حرية التصرف في مالها، ولها حق أن تستأذن في أمر زواجها، ولها أن ترفض وليس لوليها أن يكرهها فيمن لا ترغب فيه، ولها نصيبها من الميراث، واعتنى الإسلام بتعليم المرأة وتثقيفها. والحاصل أن المتأمل في هذه الشريعة العظيمة يرى أنها أحاطت المرأة بتشريعات وأحكام تكمل بها كرامتها وسعادتها، وتتحقق لها الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، ويجب أن ننظر إلى جميع ما ورد في شأن المرأة، ولا ننظر إلى جزئية مقطوعة عن باقي التشريعات، فالنظرة الجزئية خاطئة، والله أعلم.

رواية الحديث بالمعنى

رواية الحديث بالمعنى المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 01/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. ما حكم ذكر الحديث بالمعنى مع تطابق أغلب ألفاظه دون القول: فيما معناه. أو نحوها؟ لا سيما أن بعض العامة إذا قلت عندهم: فيما معناه. تقالُّوا النصيحة، بل ربما صححوا الحديث بالظن. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: رواية الحديث بالمعنى أكثر العلماء على جوازها لمن كان عالمًا بلغات العرب، بصيرًا بالمعاني، عالمًا بما يحيل المعنى وما لا يحيله، قال الإمام أحمد: ما زال الحفاظ يحدثون بالمعنى. وروي عن الحسن أنه استدل لذلك بأن الله يقص قصص القرون السالفة بغير لغاتها، وروي عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، قال: لقيت عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاختلفوا في اللفظ، واجتمعوا في المعنى. وقال أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه: كنا نجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، عسى أن نكون عشرة نفر، نسمع الحديث، فما منا اثنان يؤديانه، غير أن المعنى واحد. وروي عن ابن مسعود وأبي الدرداء، رضي الله عنهما: أنهم كانوا يحدثون عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقولون: أو نحو هذا، أو شبهه. وكان أنس، رضي الله عنه، يقول: أو كما قال. وعن ابن عون قال: كان إبراهيم النخعي والحسن والشعبي يأتون بالحديث على المعاني. ينظر: الكفاية (ص: 204 - 210) ، المحدث الفاصل (ص: 533- 537) ، جامع بيان العلم وفضله (1/78-81) ، شرح العلل (1/145- 149) . وهذا كله قبل وجود المصنفات والدواوين، أما بعد وجودها فيتعين على من ينقل عنها أن يحافظ على الألفاظ، وذلك لزوال الحاجة التي من أجلها سوِّغت الرواية بالمعنى، حيث كانت السنة تنقل مشافهة، قال ابن دقيق العيد: لا تغير الألفاظ بعد الانتهاء إلى الكتب المصنفة سواء روينا فيها أو نقلنا منها. ينظر: فتح المغيث (3/147) . وقال ابن الصلاح: ثم إن هذا الخلاف لا نراه جاريًا، ولا أجراه الناس فيما نعلم فيما تضمنته بطون الكتب، فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ويثبت بدله لفظًا آخر بمعناه، فإن الرواية بالمعنى رَخَّص فيها من رَخَّص لما كان عليهم من ضبط الألفاظ والجمود عليها من الحرَج والنصَب، وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق والكتب. ينظر: علوم الحديث (ص: 214) . ولكن إذا كان المتحدث يتكلم مشافهة في كلمة أو موعظة أو خطبة أو نحو ذلك، ثم استشهد بحديث فلا يلزم أن يسوقه بلفظه، فلو أورده بمعناه، وهو عالم بما يحيل المعنى وما لا يحيله، فلا بأس، ولا يلزم أن يقول: أو كما قال. وإن قالها فهذا أكمل وأفضل، لأن الذين نقلوا الحديث بالمعنى لم يلتزموا بذلك، ولكن إذا كتبت هذه الكلمة أو الخطبة، فيجب أن تراجع الأصول بحيث تورد الأحاديث بألفاظها. والله أعلم.

حديث: "إنما الشؤم في ثلاثة ... "

حديث: "إنما الشؤم في ثلاثة ... " المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 4/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد وقفت الأيام الماضية على حديث ورد في السلسة الصحيحة للشيخ الألباني -رحمه الله- المجلد الثاني تحت رقم 788 حديث عن الطيرة والتشاؤم، وهذا متن الحديث (لا عدوى ولا طيرة, وإنما الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار"، وحسب علمي -البسيط جداً- أنه لا طيرة في الإسلام، والسؤال هنا ما الفرق بين الطيرة والتشاؤم؟ وما هو تفسير هذا الحديث؟ وكيف يكون التشاؤم من هذه الثلاثة؟ نريد توضيحاً مفصلاً بارك الله فيكم لهذا الحديث. جزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: الطيرة مأخوذة من زجر الطير، وكان العرب يزجرون الطير والوحش ويثيرونها، فما تيامن منها، أي أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحاجاتهم، وما تياسر منها، أي أخذت ذات الشمال تشاءموا بها ورجعوا عن سفرهم وحاجتهم، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم، ثم استعملوا التطير في كل شيء فتطيروا من الأعور والأبتر وغيرهما. وأما الفأل، فمعناه التفاؤل مثل أن يكون رجل مريضاً، فيتفاءل بما يسمع من كلام مثل أن يسمع آخر يقول: يا سالم، أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول: يا واجد، فيقع في ظنه أنه يبرأ من مرضه ويجد ضالته، وقد خص الشرع الطيرة بما يسوء، والفأل بما يسر، وفسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة. وقد دلت الأحاديث على نفي الطيرة وتحريمها وبطلانها، وأنها من الشرك لما فيها من تعلق القلب بغير الله ومنافاة التوكل، واعتقاد أنها مؤثرة في جلب النفع ودفع الضر، ففي الصحيحين [البخاري ح (5754) ، ومسلم ح (2223) ] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا طيرة وخيرها الفأل " قالوا: وما الفأل يا رسول الله؟ قال: " الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم ". وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الطيرة شرك، الطيرة شرك ثلاثاً " أخرجه أبو داود ح (3411) ، وأما حديث: " لا عدوى ولا طيرة, وإنما الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار"- فقد أخرجه البخاري ح (5772) ، ومسلم ح (2225) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما -، وفي رواية للبخاري ح (5753) : " والشؤم في ثلاث: في المرأة والدار والدابة "، وفي رواية أخرى [البخاري ح (2858) ، ومسلم ح (2225) ] : " إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار "، وفي رواية لمسلم: " إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة "، وفي رواية أخرى لمسلم: " إن يكن من الشؤم شيء حق ففي الفرس والمرأة والدار ". - وأخرجه البخاري ح (2859) ومسلم ح (2226) من حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن كان في شيء ففي المرأة والفرس والمسكن "

- وأخرجه مسلم ح (2227) من حديث جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس ". وقد اختلف العلماء في توجيه هذا الحديث، وأجابوا عنه بأجوبة منها: 1- حمل الحديث على ظاهره، وأنه قد يحصل الشؤم في هذه الثلاث، ومعنى ذلك أنه ربما لحق الإنسان ضرر وفوات منفعة، ونزع بركة بتقدير الله في سكناه لبعض البيوت، أو في زواجه من بعض النساء، أو امتلاكه لبعض المراكب، فعند ذلك يجد الإنسان في نفسه كراهة لهذه الأشياء عند حصول الضرر، فإذا تضرر الإنسان من شيء، فيشرع له تركه ومفارقته مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى، وأن هذه الأشياء ليس لها بنفسها تأثير ,إنما شؤمها ويمنها ما يقدره الله تعالى فيها من خير وشر. وفي حديث أنس - رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا، وقلت فيها أموالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذروها ذميمة " أخرجه أبو داود ح (3423) ، وقال ابن قتيبة: " وإنما أمرهم بالتحول منها؛ لأنهم كانوا مقيمين فيها على استثقال لظلها واستيحاش بما نالهم فيها، فأمرهم بالتحول، وقد جعل الله في غرائز الناس وتركيبهم استثقال ما نالهم السوء فيه، وإن كان لا سبب له في ذلك، وحب من جرى على يده الخير لهم وإن لم يردهم به، وبغض من جرى على يده الشر لهم وإن لم يردهم به " (تأويل مختلف الحديث ص: 99) قال الخطابي: " اليُمن والشؤم سمتان لما يصيب الإنسان من الخير والشر والنفع والضر، ولا يكون شيء من ذلك إلا بمشيئة الله وقضائه، وإنما هذه الأشياء محال وظروف جعلت مواقع لأقضيته، ليس لها بأنفسها وطباعها فعل ولا تأثير في شيء، إلا أنها لما كانت أعم الأشياء التي يقتنيها الناس، وكان الإنسان في غالب أحواله لا يستغني عن دار يسكنها وزوجة يعاشرها وفرس يرتبطه، وكان لا يخلو من عارض مكروه في زمانه ودهره أُضيف اليُمن والشؤم إليها إضافة مكان ومحل وهما صادران عن مشيئة الله سبحانه " (أعلام الحديث 2/1379) 2- ومن العلماء من وجه الحديث بأن المقصود بالشؤم ما يكون في هذه الأشياء من صفات مذمومة، فقالوا: إن المراد " بشؤم الدار " ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم، وقيل: بعدها عن المساجد وعدم سماع الأذان منها وشؤم المرأة: عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب، وشؤم الفرس: أن لا يغزى عليها، وقيل: حرانها وغلاء ثمنها، وشؤم الخادم سوء خلقه، وقلة تعهده لما فوض إليه.

3- ومن العلماء من وجه الحديث بأن المراد بالشؤم هنا عدم التوافق، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد ح (1445) من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء "وقد أشار البخاري إلى هذا التأويل بأن قرن بالاستدلال بهذا الحديث قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ) (التغابن: من الآية14) . والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

هل هناك أحاديث صحيحة لم تصلنا ?!

هل هناك أحاديث صحيحة لم تصلنا ?! المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 22/12/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل كان في عصر الأئمة الأربعة أحاديث صحيحة لم تكتب ولم تصل إلينا استندوا إليها في فتواهم؟ أم أن جميع فتواهم استندوا فيها إلى أحاديث نعرفها الآن؟ وما مدى تأثير غزو التتار للبلاد الإسلامية على القضاء على كتب أحاديث لم تصل إلينا في هذا العصر؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) ، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فاعلم- أخي الكريم: أولًا: ينبغي أن تعلم- وفقك الله- أن آثار النبي صلى الله عليه وسلم، لم تكن في عصر أصحابه، رضي الله عنهم، وكبار تابعيهم مدونة في الجوامع ولا مرتبة، كما ذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري، لأمرين: أحدهما: أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك- كما ثبت في صحيح مسلم (3004) - خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم. وثانيهما: سعة حفظهم، وسيلان أذهانهم؛ ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة، ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار، وتبويب الأخبار؛ لما انتشر العلماء في الأمصار، وكثر الابتداع من الخوارج والروافض، ومنكري الأقدار.

فأول من جمع ذلك: الربيع بن صبيح، وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهما، وكانوا يصنفون كل باب على حدة، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة فدونوا الأحكام، فصنف الإمام مالك (الموطأ) ، وتوخَّى فيه القوي من حديث أهل الحجاز، ومزجه بأقوال الصحابة، رضي الله عنهم، وفتاوى التابعين، ومن بعدهم، وصنف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج بمكة، وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي بالشام، وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة، وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار بالبصرة، ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم، إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وذلك على رأس المائتين، فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسندًا، وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندًا، وصنف أسد بن موسى الأموي مسندًا، وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر مسندًا، ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم، فقل إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد كالإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من النبلاء، ومنهم من صنف على الأبواب وعلى المسانيد معًا كأبي بكر بن أبي شيبة، قال السيوطي: وهؤلاء المذكورون في أول من جمع، كلهم من أبناء المائة الثانية، وأما ابتداء تدوين الحديث فإنه وقع على رأس المائة في خلافة عمر بن عبد العزيز. وأفاد الحافظ في الفتح أيضًا: أن أول من دوّن الحديث بأمر عمر بن عبد العزيز- يرحمه الله- هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري المدني، أحد الأئمة الأعلام، وعالم أهل الحجاز والشام، ثم شاع التدوين في الطبقة التي تلي طبقة الزهري، ولم يزل التأليف في الحديث متتابعًا إلى أن ظهر الإمام البخاري، وبرع في علم الحديث، وصار له فيه المنزلة التي ليس فوقها منزلة، فأراد أن يجرد الصحيح ويجعله في كتاب على حدة، ليخلص طالب الحديث من عناء البحث والسؤال، فألف كتابه المشهور وأورد فيه ما تبينت له صحته، وكانت الكتب قبله ممزوجًا فيها الصحيح بغيره، بحيث لا يتبين للناظر فيها درجة الحديث من الصحة إلا بعد البحث عن أحوال رواته، وغير ذلك مما هو معروف عند أهل الحديث، فإن لم يكن له وقوف على ذلك اضطر إلى أن يسأل أئمة الحديث عنه، فإن لم يتيسر له ذلك بقي ذلك الحديث مجهول الحال عنده، واقتفى أثر الإمام البخاري في ذلك الإمام مسلم بن الحجاج، وكان من الآخذين عنه والمستفيدين منه، فألف كتابه المشهور الصحيح، ولُقِّب هذان الكتابان بالصحيحين، فعظم انتفاع الناس بهما، ورجعوا عند الاضطراب إليهما، وألفت بعدهما كتب لا تحصى، فمن أراد البحث عنها فليرجع إلى مظان ذكرها. ثانيًا: اعلم- وفقك الله- أن الصحيحين كل ما فيهما مجمع على الأخذ به وتلقته الأمة بالقبول، وليس معنى ذلك أن غيرهما لا يوجد فيه أحاديث صحيحة، لذا ألف الحاكم المستدرك على الصحيحين، وقد تعقبه الذهبي، لكن الحديث إن كان في غيرهما فينبغي التحري والدقة والبحث في إسناده، والتحقق من رجاله، بخلاف الحديث الذي هو في الصحيحين.

ثالثًا: لقد حرص أهل العلم على نقل السنة، ونقد ما لم يصح منها، وقد بذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس من أوقاتهم وأموالهم، يقول ابن سيرين: لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة- يعني فتنة الخوارج- قالوا: سموا لنا رجالكم. فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم. ويقول عبد الله بن المبارك: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. بل قد تعدى الأمر إلى التأليف في الأحاديث الموضوعة المكذوبة، لبيان عوجها. رابعًا: أن علينا أن نعتقد أن السنة النبوية قد نقلت إلينا نقلًا كاملًا، ولا يوجد حديث يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مفقود، أو أن هناك حديثًا لم يتعرض العلماء له بالتصحيح أو التضعيف، أو أن هناك أحاديث صحيحة اختلطت بغيرها، فخفيت على الأمة، أو غير ذلك من الشبه والأباطيل، ذلك أن حفظ السنة هو حفظ لدين الأمة، والأمة معصومة من أن تضل شيئًا من أمر دينها، سواء بضياعه منها، أو عدم إبانته للناس، وإن الشك في ذلك لهو أمر خطير ينبغي الحذر منه، وإن فتنة التتار من الكوارث التي حلت بالمسلمين، يقول ابن الأثير في الكامل: (حادثة التتار من الحوادث العظمى، والمصائب الكبرى التي عقمت الدهور عن مثلها إذ عمت الخلائق وخصت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم منذ خلقه الله لم يبل بمثلها. لكان صادقًا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها، ومن أعظم ما يذكرون فعل بختنصر ببني إسرائيل ببيت المقدس، فما بيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من مدن الإسلام، وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى ما قتلوا من الأنام، فهذه الحادثة التي استطار شررها، وعم ضررها، وسارت في الدنيا سير السحاب استدبرته الريح، فإن قومًا خرجوا من أطراف الصين فقصدوا كبار المدن والقرى، فتملكوا ملكها، وأبادوا أهلها، كل ذلك في أقل من سنة، أمر لم يسمع بمثله) . لكن مع ما حصل من التتار من شر وويلات، فلا يمكن أن يتخذ مثل ذلك ذريعة إلى الدس على السنة، أو التشكيك في صحتها؛ للأدلة الصريحة على حفظ الدين، ولعصمة الأمة من أن تضل شيئًا من أمر دينها، فعلماء الأمة الذين سكنوا العراق لهم طلاب وتلامذة، من العراق وغيرها، نقلوا عنهم العلم في صدورهم وكتبهم، وتوارثته الأمة قرنًا بعد قرن، وجيلًا بعد جيل إلى يومنا هذا، ولله الحمد والمنّة. وختامًا، أنصحك، أخي الكريم، بالاستزادة حول ما أثير حول السنة من شبه، والجواب عنها في كتاب (زوابع في طريق السنة) للشيخ صلاح الدين مقبول أحمد. والله أعلم.

رواية نعيم بن حماد للفتن

رواية نعيم بن حماد للفتن المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 18/08/1425هـ السؤال أكثر ما يروي الفتن (نعيم بن حماد) ، فهل كل ما رواه صحيح؟ خاصة وأنه شيخ البخاري، عليهما رحمة الله. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم لا يقال إن أكثر من يروي أحاديث الفتن نعيم بن حماد، فإن رواة أحاديث الفتن والمصنفين فيها خلق كثير، ولكن نعيمًا- رحمه الله- أفرد مصنفًا في الفتن، ولنعيم أخطاء تتبعها ابن عدي، وقال: بقية حديثه مستقيم، ولكنه جاء في الفتن بما لم يتابع عليه وبما هو منكر، ولم يخرج البخاري له إلا مقرونًا. والله أعلم.

التقرب بأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم

التقرب بأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم المجيب د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 22/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما دليل من يقيدون ذكر الله في قوالب محددة وبألفاظ معينة، ويعيبون على بعض الناس أنهم يذكرون الله بما لم يذكره به رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ فما المانع من أن أذكر الله وأتقرب إليه بأذكار وأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، مادامت هذه الأوراد وتلك الأذكار غير خارجة عن الدين؟ قال الله تعالى، في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) [الأحزاب: 41] . فالأمر فيه سعة، فلماذا يضيقون واسعًا؟ ومن ذلك أنهم يمنعون ذكر الله باسمه المفرد، وقد قال الله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الإنسان: 25] . فما يمنع أن أجري على لساني اسم: الله الله الله..؟. جزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ينحل الإشكال إذا نظرنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم نظر المريض.. والراغب في استكمال الصحة: إلى الطبيب. فهذا يتبعان إرشاداته حذو القذة بالقذة، ويعتقدان أن من الخطأ مخالفته في أدنى شيء، وعلى هذا اتفاق البشر، باعتبار أنه أدرى بأمور الصحة، بحكم التخصص.. ولو عنّ لأحد أن يجتهد، فيتعاطى دواء لم يصفه الطبيب، أو يزيد أو ينقص فيه، لكان محل اللوم والتسفيه..!!. فهذا الحكم مع طبيب الأبدان، والنبي صلى الله عليه وسلم طبيب القلوب.. وطبيب الأبدان يخطئ، وفي كثير من الأحيان، أما طبيب القلوب عليه الصلاة والسلام فلا يخطئ أبدًا في علاجه: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: 3، 4] . فهذا دليل عقلي على: خطأ اختراع نوع من العبادة (كالذكر مثلاً) في هيئة مستحدثة، إذا لم ينص الشرع عليه. والبدعة هي: كل أمر محدث في الدين؛ أي ليس عليه نص شرعي، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه من بعده، ومعلوم أن أحرص الناس على الدين واستكماله، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، هم الصحابة، فإذا تركوا لونًا من العبادات (كالذكر بالاسم المجرد، أو المولد) فإنهم ما تركوه إلا لأنه ليس من الدين، فإذا أتى من يزعم جوازها، فهذا اتهام ضمني لهؤلاء المصطفين أنهم مفرطون..!! وحاشاهم، فهم الكمل، وما من خير إلا وهم إليه سابقون، شهد الله لهم بالخير والرضى: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ) [المائدة: 119] . وما ذاك إلا لكمال دينهم، فما لم يفعلوه فليس من الدين قطعًا، فمن قلدهم فهو مفلح، ومن عارضهم، فما يدرى ما حاله. فانظر: هل ذكروا الله تعالى بالاسم المجرد: الله، الله، الله..؟! وقد روي في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ". أخرجه البخاري (2697) ومسلم (1718) .

فمن جادل، واعترض على وصف العبادة الحادثة، التي لم تكن في عهد النبوة، مع توفر الدواعي لوقوعها بالبدعة. فعليه أن يفسر لنا هذا الأثر، وعلى أي شيء ينطبق؟ ومتى يكون العمل بدعة، ومتى لا يكون؟ في حقيقة الأمر أن المحدِثين في الأمة أنواع العبادات، التي لم تكن في العهد الأول: ليس ثمة عمل مردود عندهم، فكل ما استحسنته عقولهم، فهو من الدين!! وهذا غير مقبول، لا شرعًا، ولا عقلاً. وإلا فقل لي بربك عن هؤلاء الذين يستحبون الذكر بالاسم المفرد المجرد (المتصوفة) : ما العمل الذي يعدونه بدعة، مع ما يرتكبونه من بدع لا تُعَدُّ ولا تحصى؟! جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "إِنَّ اللهَ حَجَب التَّوبةَ عَن صاحبِ كُلِّ بِدْعَةٍ". أخرجه الطبراني في الأوسط (4202) . ومن هذا قال الحسن البصري: (أبى الله لصاحب بدعة بتوبة) . والمعنى أن صاحب البدعة أقل توفيقًا واهتداء (وليس ممنوعًا منه) ، لاستمساكه بها، لظنه أنها من الدين، ليس كصاحب المعصية، الذي يشعر بالإثم والحرج، فهو أقرب للتوبة، ومن هنا قال سفيان الثوري: (البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية، فإن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها) . وإذا احتج أحد بأن البدعة منها: الحسن، والسيئ. مستدلًا بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلاة التراويح: (نعم البدعة هذه) . أخرجه البخاري (2010) . فلنا أن نحاجه بقول النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، ومن وجب اقتفاء أثره، وتقديم قوله: "كُلُّ بِدْعةٍ ضَلَالَةٌ". أخرجه مسلم (867) . فهذا عام بألفاظه، فـ"كل" للعموم، و"بدعة" نكرة، والنكرة تعم، فلا يستثنى منها شيء إذن. فلو فرضنا أن عمر، رضي الله عنه، قصد ما أرادوه، فقول النبي صلى الله عليه وسلم مقدم عليه بلا شك، فكيف والحقيقة أن عمر، رضي الله عنه، لم يقصد ما أرادوه؟ فإن عمر، رضي الله عنه، من أشد المحاربين للبدعة، وهذا مشهور، ولو اقتفى هؤلاء المحتجون به هنا: أقواله، وأفعاله، وآثاره. لأفسد عليهم كثيرا مما استحسنوه من العبادات المحدثة، مثل التبرك بالآثار! - أليس هو الذي أمر بقطع شجرة الرضوان؟ - أليس هو الذي نهى عن تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة فيها؟ فعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عدو البدع.. فلم يقصد بقوله ما أرادوه، بل قصد أنها بدعة نسبة إلى أنها لم تفعل منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، والتراويح ليست بدعة بالاتفاق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها في حياته- انظر صحيح البخاري (924) ومسلم (761) - ولا يظن بعمر، رضي الله عنه، أن تخفى عليه هذه المسألة. وبخصوص الذكر بالاسم المفرد أو المجرد: أسوق أثرًا يوضح خطورة الاستحداث في طريقة الذكر، كما يعلن عن موقف صريح للصحابة، رضي الله عنهم، رافضًا لأي نوع من أنواع الإحداث، حتى لو دقّ وصغر، وهي فتوى من رضي الله عنهم، وعن دينهم، وأمر باتباعهم:

روى الإمام الدارمي في سننه (204) أن أبا موسى الأشعري، رضي الله عنه، قال لابن مسعود، رضي الله عنه: (يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا خَيْرًا. قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ. قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ، فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً. فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً، فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً. فَيُهَلِّلُونَ مِائَة، ً وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً. فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً. قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ وَانْتِظَارَ أَمْرِكَ. قَالَ: أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ. ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ. قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ! هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ. قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ. ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ) . فانظر: كيف صار هؤلاء من هذا النوع من الذكر المحدث، البسيط في صورته، الخطير في معناه، إلى شقاق أعظم، حيث صاروا من قوم ذمهم النبي صلى الله عليه وسلم غاية الذم، وأمر بقتلهم وقتالهم- انظر صحيح البخاري (3611) ومسلم (1066) . وانظر: كيف لم يُفِدْ هؤلاء قصدُهم الطاعةَ، ولا إرادتهم الخير، إذ كانوا على عمل لم يشرع. فهذا يدلك على عاقبة البدعة، مهما صغرت.

إن الدين قد كمل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: 3] . ولم يكلف الله تعالى عباده بإحداث شيء، وزيادة عبادة. فما شُرع يعجز الإنسان عن الإتيان به كاملاً واستكماله، لو مكث عمره كله يعمل.. وإذا كان كذلك: فكل عمل محدث، يقع مكان عمل مسنون، ومن هنا كان ما قاله الإمام الأوزاعي غاية في الفقه: (ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ولا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة) . وتأمل حال الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعين ومن تبعهم: هل تجد فيهم هذه المحدثات؟ كلا، لا تجدها إلا فيمن بعدهم، ممن تأخر عن مقامهم، وخالف سبيلهم، ونحن إنما أمرنا باتباعهم، لا باتباع من بعدهم، ممن خالفهم، ولم يهتد بسنتهم. إن مما يظهر خطورة البدعة أن صاحبها يحرم من الورود على حوض النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث: "إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، فَوَاللَّهِ لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِي رِجَالٌ فَلَأَقُولَنَّ: أَيْ رَبِّ، مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي! فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ". أخرجه مسلم (2294) . وقد كان عليه الصلاة والسلام حريصًا على أمته أن يجنبهم الابتداع في الدين، يقول: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ". أخرجه أبو داود (4607) والترمذي (2676) وابن ماجه (42) . قد جرى الصحابة على ذلك وثبتوا على الأمر كما أنزل، ولذا مر عصرهم وهو أزهى العصور وأعزها، يقول أبي بن كعب: (عليكم بالسبيل والسنة فإنه ليس من عبد على سبيلٍ وسنةٍ ذكَر الرحمن عز وجل ففاضت عيناه من خشية الله عز وجل فتمسه النار أبدًا ... وإن اقتصادًا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة) . أخرجه أحمد في الزهد ص 197، وأبو نعيم 1/253، واللالكائي (10) . بعد هذا التأصيل لحكم البدعة في الإسلام، نجيب مباشرة على السؤال الوارد فنقول: - هل الذكر بالاسم المجرد: الله، الله، الله. ورد فعله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ اللهم، لا. ولو كان خيرًا لما فرط فيه. - فهل ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعين، وتابع التابعين؟ اللهم، لا. ولو كان خيرًا ما فرطوا فيه. إذًا، لم يرد عن أهل القرون المفضلة، الذين دعا النبي صلى الله عليه وسلم، لهم بالخيرية، فعمّن ورد إذًا؟ عن جماعة من المتصوفة.. وهل هؤلاء قدوة الأمة؟! هل نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته، رضي الله عنهم،، لنقتدي بجماعة لا يدرى ما حالهم عند الله تعالى؟! فلا مستند شرعيًّا لهذا النوع من الذكر، لا من كتاب ولا سنة، ولا من فعل الصحابة. - ثم ما معنى أن يردد المرء: الله، الله، الله؟

هل هذه جملة مفيدة، أم ناقصة غير مفيدة؟ وقد علم أن الجمل الشرعية كلها جمل مفيدة، ومنها الدعوات والأذكار، فمن الأذكار: سبحان الله، الحمد لله، الله أكبر، لا إله إلا الله. وكلها جمل مفيدة؛ أي لها معنى. أما ذكر الاسم المجرد المفرد فلا معنى له، لأنه ليس جملة تامة مفيدة: مبتدأ وخبرًا، أو فعلًا وفاعلًا ومفعولًا. وقوله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الإنسان: 25] .هو مثل قوله تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [الأعلى: 1] . وقوله: (فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) [الأنعام: 118] . كلها تحصل بجمل مفيدة مثل قوله: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي العظيم، بسم الله، بسم الله الرحمن الرحيم. وليس معنى الآية ذكر الاسم المفرد مجردًا من الإضافة. وعادة الذين يذكرون هذا الذكر، ينتقلون منه إلى قول: هو، هو، هو. فما معنى هذا أيضا؟! إنها لأذكار غريبة، بعيدة كل البعد عن روح الإسلام، وأوامره، وما هي إلا مبتدعات ما أنزل الله بها من سلطان. وفي هذا القدر كفاية لإيضاح المقصود، وقد حصل مطلوب السائل من الإجابة على سؤاله بكل التخصيص.

تبادل التحايا مع غير المسلم

تبادل التحايا مع غير المسلم المجيب فيصل بن أنور بن فؤاد مولوي قاضي متقاعد التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 12/07/1426هـ السؤال هل يمكن لغير المسلم أن يحيي بـ "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وهل يمكن للمسلم أن يحيي أو يرد بنفس التحية على غير المسلم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: 1- نعم، يمكن لغير المسلم أن يحيّي بعبارة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ، ولكنه لا ينال الأجر الذي يناله المسلم؛ باعتبار هذه التحية سنة من سنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وغير المسلم لا يعتقد ذلك. 2- نعم يجوز للمسلم أن يحيي غير المسلم بلفظ السلام، روي هذا القول عن ابن عباس وابن مسعود وأبي أمامة وابن محيريز وعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة والشعبي والأوزاعي والطبري، واختار هذا القول السيد رشيد رضا في تفسير المنار، والشيخ الشنقيطي في أضواء البيان. * ونحن نؤيد هذا القول بناءً على الآيات الكريمة التي تأمر بالسلام بشكل مطلق ومنها: - قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها" [النور: 26] . - قوله تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وقالوا: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" [القصص: 25] . - قوله تعالى: " ... وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً" [الفرقان: 63] . - قوله تعالى: "وقيله يا ربّ إنّ هؤلاء قوم لا يؤمنون، فاصفح عنهم وقل: سلام فسوف يعلمون" [الزخرف: 88] . - قوله تعالى: "قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً" [مريم: 47] . * وكذلك الأحاديث الصحيحة التي تأمر بالسلام بشكل مطلق أيضاً أي تجاه جميع الناس: - " ... وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" متّفق عليه، البخاري (12) ، ومسلم (39) . - لما خلق الله آدم، قال "اذهب على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله) متفق عليه، البخاري (3326) ، (6227) ، ومسلم (2841) . - (أفشوا السلام..) رواه الترمذي (1854) ، وقال حديث حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه (489) . * أما الحديث الصحيح الذي اعتمد عليه جمهور العلماء حتى قالوا بكراهية التحية لغير المسلم بالسلام أو حرمتها، فهو قوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام.." رواه مسلم (2167) . فهو يتعلق بحالة حرب كانت قائمة. يؤيّد ذلك روايات أخرى للحديث وهي صحيحة أيضاً: (إنا غادون على يهود، فلا تبدأوهم بالسلام) رواه أحمد [26695] ، والطبراني [المعجم الكبير 22/291] بسند رجاله رجال الصحيح، وكان هذا يوم غزو بني قريظة. وفي رواية ثانية لأحمد: (إني راكب غداً إلى يهود، فلا تبدأوهم بالسلام..) [المسند 16844، 17584] وهو صحيح كما جاء في الفتح الرباني. ونقل العسقلاني في فتح الباري رواية البخاري في الأدب المفرد والنسائي أن النبي -صلى لله عليه وسلم- قال: "إني راكب غداً إلى اليهود فلا تبدأوهم بالسلام" [فتح الباري 11/39] .

هذا الرأي (وهو جواز إلقاء التحية على غير المسلم بلفظ السلام) ، والذي قال به جمهور كبير من العلماء داخل المذاهب وخارجها يتأكد بالنسبة إليك لوجودك خارج ديار الإسلام في حالة سلم، وضمن ما يعتبر ميثاقاً مع البشر الذين تعيش معهم، وسواء كنت من أهل تلك البلاد أو مقيماً فيها، وذلك لأنّ مهمتك في هذه الحالة الدعوة، والابتداء بالتحية من أخلاق الدعاة. 3- أما إذا حياك غير المسلم بلفظ السلام، فإنّ الرد عليه يصبح واجباً؛ لقوله تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" [النساء: 86] فندب إلى الفضل وأوجب العدل، والعدل في التحية تقتضي أن يرد عليه نظير سلامه، كما قال ابن القيم (أحكام أهل الذمة) . راجع في هذا الموضوع كتب التفسير للآيات المشار إليها، وخاصة تفسير القرطبي -والمنار لرشيد رضا- وأضواء البيان للشنقيطي، وراجع كتب شرح الأحاديث وخاصة: فتح الباري بشرح صحيح البخاري وشرح النووي على صحيح مسلم، والفتح الرباني على مسند الإمام أحمد، وأحكام أهل الذمة لابن القيم. جزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

صحة نسبة كتاب النزول للدارقطني

صحة نسبة كتاب النزول للدارقطني المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة التاريخ 24/07/1426هـ السؤال هل كتاب النزول تثبت نسبته إلى الإمام الدارقطني؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: كتاب "أحاديث النزول" للإمام الحافظ أبي الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني البغدادي (385 هـ) ذُكر ضمن مصنفات الدارقطني، ونسبته ثابتة له، ويدل على ذلك ما يأتي: (1) رواية الكتاب بالسند المتصل إلى المؤلف. (2) استفادة العلماء منه، ونسبتهم إياه إلى الدارقطني، كما فعل الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (6/115) ، حيث قال: "وروى الدارقطني حديثاً من طريق عبد الحميد بن سلمة، وقال: عبد الحميد بن سلمة وأبوه وجده لا يعرفون، قال: ويقال: عبد الحميد بن يزيد بن سلمة، وكذا قال في كتاب السنة له في أحاديث النزول"، ونسبه إليه أيضاً سزگين في تاريخ التراث العربي (1/420) . وقد حقق الكتاب الدكتور: علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، ونشر عام (1403 هـ) .

ـــــ العقائد والمذاهب الفكرية ـــــ

العقائد والمذاهب الفكرية

توحيد الألوهية

الحكمة من خلق المخلوقات المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الألوهية التاريخ 19/1/1424هـ السؤال لماذا خلق الله المخلوقات مع العلم أنه سبحانه ليس محتاجاً لهم. الجواب الحمد لله، قال الله تعالى: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً" [الطلاق:12] وقال تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً" [الملك: 2] ، وقال سبحانه وتعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ" [الذاريات:56-57] إلى غير ذلك من الآيات، فبين سبحانه وتعالى أنه خلق الخلق لحكم بالغة؛ منها الابتلاء، ومنها أن يعلم العباد ويعرفوا ربهم، بأنه على كل شيء قدير وأنه قد أحاط بكل شيء علماً، فله الحكمة البالغة في خلقه للسماوات والأرض ومن فيهن وما بينهن، وهو الغني بذاته على كل ما سواه، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ" [فاطر:15-17] والواجب على العبد أن يؤمن بأن الله تعالى حكيم؛ يعني ذو حكمة في خلقه وأمره، لا يخلق شيئاً عبثاً؛ كما قال تعالى: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ" [المؤمنون:115-116] ، والله أعلم.

في حق الله تعالى، هل يصح العشق؟

في حق الله تعالى، هل يصح العشق؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الألوهية التاريخ 19/10/1424هـ السؤال أيهما أصح: أحب الله أم أعشق الله؟ لقد قرأت في كتاب لابن الجوزي: (تلبيس إبليس بعدم جواز كلمة عشق الله) ، ما التصوف وما الطرق الصوفية؟ جزاك الله خيراًًَ. الجواب الحمد لله، من مقامات الإيمان القلبية والأحوال الإيمانية حب الله سبحانه وتعالى، وقد مدح الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأنه يحبهم ويحبونه، فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ" [المائدة: من الآية54] ، وقال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ" [آل عمران: من الآية31] ، هذا هو الذي ورد في القرآن والسنة، لفظ المحبة وكذلك العبادة التي أمر الله بها جميع الناس حقيقتها كمال الذل والتعظيم، وكمال الحب، فأكمل الناس عبودية لله أكملهم محبة له، وأما لفظ العشق فلم يرد في القرآن ولا في الحديث، وإنما يطلقه الجهلة بالله من الفلاسفة والصوفية فإن من عبارات الفلاسفة عن الله: (عشق وعاشق ومعشوق) ، ومن عبارات الصوفية أن يقول أحدهم: (إنه عاشق لله) ، وهذا لفظ مبتدع لا يجوز التعبير به عن محبة الله، أولاً: أنه لم يرد في شيء من النصوص، والثاني: أنه يدل على الحب المفرط الذي دافعه الشهوة، إذاً العشق إنما يليق ويعبر به عن الحب الذي يكون بين بعض الناس وبعض، وأكثر ما يستعمل في الحب الذي بين الرجل والمرأة، إذاً فلا يجوز استعمال هذا اللفظ في حب العبد لربه، ولا في حب الرب لعبده، بل نقول: إن الله يُحَب ويُحِب، كما قال سبحانه وتعالى: "يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ".

وأما الصوفية فهم طوائف أكثر اهتمامهم بالعبادة والأذكار وتصفية الباطن، وهذا ينطبق على قدمائهم، وأما المتأخرون فهم يتشبهون بالأوائل، وهم منحرفون عن طريقهم وضلال الصوفية وجهالهم أهل بدع كثيرة أخفها الأذكار البدعية في ألفاظها وفي كيفية أدائها وما يقترن بذلك من الأعمال المنكرة كالرقص والغناء، وأقبح الاعتقادات الصوفية اعتقاد وحدة الوجود وهو أن وجود الرب عين وجود كل موجود، فعند هؤلاء الملاحدة الكفار أن هذا الوجود المشاهد وغير المشاهد هو الله نفسه فلا فرق عندهم بين الخالق والمخلوق، والعبد والرب، وهؤلاء عند أهل العلم أكفر من اليهود والنصارى، نعوذ بالله من الخذلان. والله أعلم.

توحيد الربوبية

الجوهر الفرد المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الربوبية التاريخ 22/6/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل الجزء الفرد الذي تكلم عنه الفلاسفة ورد عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية هو ما يسمى في العلم الحديث بـ (الذرة) ؟ وهل هناك تعارض بين نظرية استمرارية الخلق عن طريق اجتماع الذرات وافتراقها وبين إفراد الله -جل جلاله- بالخلق والتصوير؟ أفيدونا، جزاكم الله خيراً. الجواب الجزء هو: ما يتركب الشيء منه ومن غيره، سواء كان موجوداً في الخارج أو في العقل أو الذهن، وهو أصغر من الكل، إلا أنه قد يكون أبسط منه فيسمى عنصراً أو ركناً أو أصلاً، وقد يكون مساوياً له في التركيب فيسمى قطعة أو قسماً، والجزء الذي لا يتجزأ: جوهر ذو وضع، لا يقبل القسمة أصلاً، لا قطعاً، ولا كسراً، ولا وهماً ولا فرضاً، تتألف الأجسام من آحاده بانضمام بعضها إلى بعض، أثبته المتكلمون ونفاه الفلاسفة. والذرة في الأصل هي: الجزء الفرد أو الجزء الذي لا يتجزأ. والجوهر الفرد ذو وضع لا يقبل القسمة أصلاً لا قطعاً ولا كسراً ولا وهماً ولا فرضاً. ويطلق المحدثون لفظ الذرة على أصغر جزء من عنصر مادي ما، يصح أن يدخل في التفاعلات الكيميائية، وهذه الأجزاء المادية ثابتة الكيفيات منها الذرة الكيماوية وهي أصغر جزء في العنصر الكيماوي؛ لأنهم لم يكشفوا حتى الآن عن جزء أصغر منها ... إلخ. لكن الله -سبحانه وتعالى- يخلق ما يشاء -سبحانه- باجتماع الذرات أو افتراقها أو غير ذلك على كيفية هو يعلمها -سبحانه وتعالى- فهو المتفرد بالخلق والتصوير لا ندرك ولا يدرك أحد كيفية خلقه فله الخلق وحده وهو الخالق وحده وعلم كيفية خلقه له -سبحانه- وهذا دليل على عظمة قدرته وإتقانه وصنعه، يخلق ما يشاء متى شاء كيف شاء، لا أحد يعلم الكيفية ولا أحد يقطع على الله أنه إذا اجتمعت الذرات أو افترقت تم الخلق أبداً، "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة:260] ، والله الموفق.

الحكمة في خلق السموات والأرض في ستة أيام

الحكمة في خلق السموات والأرض في ستة أيام المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الربوبية التاريخ 23/3/1424هـ السؤال شيخنا الفاضل أذكركم أننا طلبة في دولة من دول روسيا السابقة، آثرنا لحفظ دين الشباب أن نعمل حلقات تربوية للشباب العرب والروس الذين اعتنقوا الإسلام، ولكن - ولقلة بضاعتنا من العلم الشرعي ولوجود بعض المروجين لإحدى الفرق الضالة- ينتاب شبابنا بعض الشبهات التي لا نجد لها إجابة، فنرجو من الله -سبحانه- أن يوفقكم للإجابة عنها: - في مسألة خلق السماوات والأرض في ستة أيام، والجمع بينها وبين كون أن الله - سبحانه- أمره أن يقول لشيء كن فيكون. الجواب أما خلق السماوات والأرض في ستة أيام فقد أخبر -تعالى- عنه في كتابه العزيز، يقول -تعالى-: "إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش" [الأعراف: 54] ، [يونس: 3] وخلقها في هذه المدة لا يعارض قوله -تعالى-: "إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون" [يس: 82] ؛ لأن كون الشيء وحدوثه متعلق بإرادة الله -تعالى- أن يقع في هذه المدة بعينها، ولو تعلقت إرادة الله -تعالى- بأقل من هذا العدد أو أكثر لكان الأمر كما أراد -سبحانه وبحمده- وإن كان طرفة عين، وهذه سنته -تعالى- في مخلوقاته صغيرها وكبيرها، وفي حكمة هذا يقول ابن العربي في كلام له جيد في أحكام القرآن عند قوله -تعالى-: "وواعدنا موسى ثلاثين ليلة" [الأعراف: 142] قال: "ضرب الأجل للمواعيد سنة ماضية، ومعنى قديم أسسه الله في القضايا وحكم به للأمم وعرفهم به مقادير التأني في الأعمال، وإن أول أجل ضربه الأيام الستة التي مدها لجميع الخليقة فيها، وقد كان قادراً في أن يجعل ذلك لهم في لحظة واحدة؛ لأن قوله لشيء إذا أراده أن يقول له: كن فيكون، بيد أنه أراد تعليم الخلق التأني، وتقسيم الأوقات على أعيان المخلوقات، ليكون لكل عمل وقت" ا. هـ. وربما توجه السؤال بعد هذا عن الحكمة في تعلق الإرادة بهذه المدة بعينها دون زيادة أو نقص، وقد خاض المتكلمون في الكشف عن سره بما لا طائل وراءه، ولعل هذا من جملة الغيب الذي خفي علينا، وامتدح الله عباده بالإيمان به.

كيف خلق الله الكون؟

كيف خلق الله الكون؟ المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الربوبية التاريخ 19/04/1425هـ السؤال سألني أحد إخواني في الإسلام: كيف خلق الله الكون؟ حاولت أن أجيب بما أعرف، لكن هو يريد وصفاً كيف الله -سبحانه وتعالى- عمل المياه والجبال؟ ومتى كان ذلك؟ في أي يوم مثلاً؟ فأرجو أن تفيدونا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: منذ القدم كان هذا الكون العجيب الممتد حولنا محط تساؤلات الإنسان وفضوله، ومن بين الأسئلة، كيف ظهر هذا الكون إلى الوجود؟ هل هو حادث أم أزلي؟ وما عمره؟ هذه بعض الأسئلة التي كانت دوماً محل جدل بين المؤمنين بمبدأ الخلق والملحدين الذين ادعوا عدم احتياج الكون إلى خالق؛ لأن المادة أزلية بزعمهم. ولم يفت المفكرين المسلمين بيان تلك المسألة، ودفع وَهْم أزلية المادة، والجواب على الاعتراضات الفلسفية، فقالوا: بأن الذات العلية أزلية لا يحدها حادث عارض كالزمان أو المكان؛ لأن الزمان مبني على حركة الأجرام وتغير المكان بانتظام، والحركة وليدة الحدوث، ولا بد لها من قدرة أوجدتها، وحفظت النظام، قال ابن تيمية - رحمه الله- في مجموع الفتاوى (6/588) : (الليل والنهار، وسائر أحوال الزمان تابعة للحركة، فإن الزمان مقدار للحركة، والحركة قائمة بالجسم المتحرك) ، وقال في درء التعارض (9/155) : (وأما قدم شيء من العالم فلا دليل لكم عليه، بل دليلكم يدل على نقيضه، فإنه لو كان المفعول مقارناً للفاعل لزم ألا يحدث في العالم شيء، بينما قال أبو حامد الغزالي - رحمه الله-: بأن الكون حادث، وأنه لم يكن قبله زمان، أي أن بدء الزمان والمكان قد وقع مع خلق الكون؛ لأن الزمان مرتبط بالحركة، ولو تصورنا أن كل شيء في هذا الكون قد سكن وتوقف إذن لتوقف الزمان، أي: لم يعد هناك زمان، وهكذا فمن الخطأ توهم وجود زمان قبل خلق هذا الكون، وعندما أشارت النظرية النسبية إلى أن الزمان بُعْد رابع كالطول، والعرض، والارتفاع كان بديهياً عدم وجوده في عالم لم تخلق بعد أبعاده الأخرى، وقد تجمع اليوم من الأدلة العلمية ما يكفي للقطع بخلق الكون منذ عدة مليارات من السنين، وأن سرمدية المادة وهم، والدليل العلمي يدفعه، ولذا قد تلاشت الآن تماماً فرضية الحالة المستقرة، (steady state) للكون التي تقول بأن الكون لا مولد له، أي: أنه لا نهائي في الزمان والمكان، رغم أنها كانت نظرية مقبولة في الأوساط العلمية حتى منتصف القرن العشرين. كم هو عمر الأرض؟ وما هو عمر الكون؟ هناك عدة طرق لتقدير العمر، مثل معدل تزايد ملوحة البحار لتقدير عمر البحار، ومعدل تحلل المواد المشعة لتقدير عمر القشرة الأرضية، وعمر النيازك والأحجار القمرية، وأما تقدير عمر الكون فيعتمد على معدل تباعد المجرات أو (ثابت هابل) ، وعلى هذا الأساس يقدر عمر الكون بمليارات السنين، وباستخدام أدق الأجهزة في قياس قيمة ثابت هابل تقديره حالياً حوالي: 24 (30-2) كم/ ثانية، مما يعطي عمراً للكون حوالي: 12.5 (10-15) مليار سنة (عمر الكون = سرعة الضوء/ ثابت هابل × مليون) .

والحقيقة أن مجرد اكتشاف الإنسان لظاهرة الإشعاع كان كافياً لدفع وهم أزلية المادة تهرباً من الإقرار ببدء الخلق الذي يقطع بوجود الخالق وقدرته، وأزليته وحده؛ لأنه ما دامت الشمس وجميع النجوم الأخرى مشتعلة، وتبعث الإشعاعات، إذاً فلا بد من وجود بداية لها؛ لأنها لو كانت أزلية لنفد وقودها منذ مليارات السنين. وهكذا ساهم علم الفيزياء (physics) ، في توجيه ضربات أليمة للملحدين قبل أن يوجه لهم الضربة القاضية بتأكيد بدء الخلق، ولا يمكن تجاهل دور علم الفلك (ASTRNOMY) ، فكلاهما قدساهم بطريقة أو أخرى في معرفة العديد من خصائص الأجرام السماوية البعيدة بما يدفع أزلية الكون، فقد كشف (فاستو مالفن سليفر) عام 1913م، أن بعض الأجسام السماوية التي كان يعتقد سابقاً أنها غبار كوني تبعد عنا بسرعة: (218001كم/ ثانية) ، وقد عرف من بعد أن تلك الأجسام لم تكن إلا مجرات، ثم أعلن إدوين هابل عام 1929م قانونه القائل بأن المجرات (خارج مجموعتنا المحلية) ، تبدو منحسرة بسرعة تتناسب طرديَّاً مع بعدها، وكان مغزى هذا الاكتشاف مفاجأة كبيرة للعلماء؛ لأنه يعني أن الكون قد عانى من التوسع عند نشأته وسبب حدية سرعة الضوء لا يعني أنه يتوسع الآن؛ لأن الضوء القادم يحتاج لأزمنة تتناسب مع الأبعاد، فيحتاج الضوء القادم من القمر حوالي 1 ثانية، ومن الشمس حوالي 8 دقائق، ومن أقرب نجم حوالي 4.3 سنة، ومن أبعد ما يمكن رصده سيحتاج باستخدام أكبر وحدة للزمن عمر الكون أي حوالي 50سنة من سنوات الشمس (حوالي 250مليون سنة من سنوات الأرض) . وعماد نظرية الانفجار العظيم هو أن انفجاراً قد وقع للمادة الأولية للكون مما أدى لتوسعته، ومن ثم برودته، وفي اللحظات الأولى من عمر الكون كانت درجة الحرارة هائلة نتيجة لتجمع المادة، وقد سادت فيها الجسيمات الأولية التي تمثل لَبَنات الذرات، ثم وجدت الذرات، منها تألف الغبار الكوني الذي نشأت منه فيما بعد المجرات، ولو شغَّلنا الفيلم عكسيَّاً فمن الضروري إذن أن الكون كله كان متركزاً في البدء في نقطة صغيرة، ولكنها قد جمعت كل كتلة الكون الحالي، وبسبب الانضغاط الهائل كانت البداية ذات حرارة هائلة لا تبلغها اليوم أعظم النجوم، ومع كل درجة حرارة يصدر إشعاع ذي طول موجي محدد يميزها، فلو كان هذا التصور صحيحاً فلا بد من إشعاع يغمر الكون كله الآن يعكس تلك الحرارة الهائلة، وهو ما كشفه بالفعل بنزياس وولسون عام 1965م وتأكد وجود هذا الإشعاع عندما أرسلت مؤسسة ناسا الأمريكية لأبحاث الفضاء قمراً صناعياً عام 1989م وبهذا أصبحت نظرية الانفجار العظيم (BIG BANG) مقبولة لدى معظم العلماء وأساسها تجمع مادة أولية في حيز صغير، ولك أن تواصل تشغيل الفيلم عكسياً حتى تصل إلى لحظة (الإبداع العظيم) التي لا يسبقها سوى انعدام المادة.

إن وهم أزلية المادة لا مستند له في الأصل كما هي حال كافة ادعاءات الملحدين التي تتلبس ثوب العلم، ونظرية الانفجار العظيم ليست إلا تصوراً وليد تجارب علمية أيدت عملياً بدء الخلق الذي نادى به رسل الله، بالإضافة إلى جزئيات نظرية قابلة للتعديل وفق معطيات الكشوف العلمية، ولا يخفى أن التسمية بالانفجار مهما كانت عظمته فيها بعض التضليل؛ لأنها تقصر العودة في تلاشي الكون إلى مادة أولية مكومة وليس إلى مجرد العدم، ولا مبرر مقبول لتلك التسمية سوى التهرب السافر من الخلق من العدم المحض الذي يلزم بوجود الخالق، ولكنها لم تمنع أحد أعلام الفيزياء وهو البروفيسور/ ستيفن هاوكنج البريطاني من الاعتراف بأن وحدة البدء تقطع بوجود الخالق، وبالطبع وحدته ناهيك عن التصميم المتقن، والنظام الذي يمثل كشفه تاريخ العلم التجريبي بأجمعه (تاريخ موجز للكون هاولنج (ص122، 140) ، وبالمثل قال ألفريد هويل: (تقول نظرية الانفجار الكبير بأن الكون نشأ نتيجة انفجار كبير، ونحن نعلم أن كل انفجار يبعثر المادة دون نظام، ولكن الانفجار الكبير عمل العكس، إذ عمل على جمع المادة وفق تصميم وقدرة فريدة لتشكيل المجرات والنجوم والتوابع، ونشأة الإنسان على هذه الأرض، والنتيجة الحتمية التي توصل إليها العالم الأمريكي جورج كرنشتاين قد أعلنها بقوله: (كلما دقَّقنا في الأدلة التي يقدمها الكون المفتوح الصفحات أمامنا واجهتنا على الدوام الحقيقة نفسها، وهي أن هناك قدرة إلهية خلف بدء الخلق وكافة الأحداث) ، ولكن المدهش أن علامات بدء الخلق التي تعلنها رسالة الكون إلى أهل النظر قد أمر القرآن الكريم بالبحث عنها في قوله -تعالى-: "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير" [العنكبوت: 20] .

لماذا خلق الله الخلق لعبادته؟

لماذا خلق الله الخلق لعبادته؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الربوبية التاريخ 19/8/1424هـ السؤال قد يكون السؤال غريباً ولكنه طالما حيرني كثيراً، ألا وهو: إذا كان الله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته، والملائكة يعبدون الله من قبلنا، إذاً فما الداعي لخلقنا إذا كان هناك من يقوم بهذا العمل بدلاً منا؟ ولكم خالص الشكر والتحيات. الجواب الحمد لله، لقد سأل الملائكة ربهم هذا السؤال فرد الله عليهم بقوله: "إني أعلم ما لا تعلمون" كما جاء في سورة البقرة "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ" [البقرة:30] ، ومعنى هذا أن لله حكماً في خلق آدم وذريته مهما يحصل منهم من سفك للدماء وإفساد في الأرض، فيجب التسليم لحكم الله والإيمان بحكمته البالغة، كما يجب على الإنسان أن يقف عند حده ويعرف قدر نفسه، فلا يحكم على الله ولا يعترض عليه بعقله القاصر، بل يسلم الأمر لله راضياً عن تدبيره مؤمناً بأنه سبحانه أعلم وأحكم، ويجب أن يكون السؤال بغير هذه الصيغة وهي قولك: ما الداعي، فإن هذا يشعر بالاعتراض، بل ينبغي أن يكون السؤال بنحو: ما الحكمة، وعلى وجه الاسترشاد وطلب العلم، فإن ظهر شيء من حكمة الله في خلق الشيء فذلك مما يفتح الله به على من شاء من عباده، ولا يجوز أن يتوقف الإيمان بحكمة الله في تقديره وتدبيره على معرفتها، بل نؤمن بأن لله حكماً في أقداره وإن لم نعلمها، وإن علمنا منها شيئاً فإننا لا نحيط بحكمه علماً قال سبحانه وتعالى: "ولا يحيطون بشيء من علمه" [البقرة: 255] وقد اعترف الملائكة لربهم بقصور علمهم فقالوا: "لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" [البقرة: 32] والله أعلم.

الفرق بين الرب والإله

الفرق بين الرب والإله المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الربوبية التاريخ 12/01/1426هـ السؤال ما الفرق بين الرب والإله؟ وعندما رأى سيدنا إبراهيم القمر، لماذا قال: هذا ربي. ولم يقل: هذا إلهي؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الرب: هو المربي المالك المتصرف، والإله: هو المألوه المعبود بالمحبة والخوف والرجاء، وبينهما عموم وخصوص، فالرب الحق هو وحده المستحق للألوهية (العبادة) والعبادة والألوهية لا يستحقها إلا الرب سبحانه. وإبراهيم عليه السلام قال: "هذا ربي". للقمر وللنجم والشمس؛ لأن مقام الربوبية هو المقام الأول في الإثبات والمعرفة، فلا يمكن أن تكون الألوهية إلا بعد ثبوت الربوبية. والله أعلم.

هل يصح هذا العبارة: (عرفنا ربنا بالعقل)

هل يصح هذا العبارة: (عرفنا ربنا بالعقل) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 18/08/1425هـ السؤال ما مدى جواز قول القائل: (عرفنا ربنا بالعقل) . تفصيلاً؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، وبعد: لقد فطر الله عباده على معرفته، فإن الإنسان بفطرته يعلم أن كل مخلوق لا بد له من خالق، وأن المُحدَث لا بد له من مُحدِث، وقد ذكر الله الأدلة الكونية من آيات السماوات والأرض على وجوده، وقدرته، وعلمه، وحكمته، ولهذا يذكر الله عباده بهذه الآيات، وينكر على المشركين إعراضهم عنها، قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) [يوسف:105] . وهذه المعرفة الحاصلة بالآيات الكونية هي من معرفة العقل، فتحصل بالنظر والتفكُّر؛ ولهذا يقول تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) [الأعراف: من الآية185] . ويقول تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ) [الروم: من الآية8] . والآيات بهذا المعنى كثيرة، ومع ذلك فالمعرفة الحاصلة بالعقل هي معرفة إجمالية؛ إذ الإنسان لا يعرف ربه بأسمائه وصفاته، وأفعاله على وجه التفصيل، إلا بما جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، فالرسل- صلوات الله وسلامه عليهم- جاؤوا بتعريف العباد بربهم بأسمائه وصفاته وأفعاله، وبهذا يُعلم أن العقول عاجزة عن معرفة ما لله من الأسماء والصفات، وما يجب له، ويجوز عليه على وجه التفصيل، فطريق العلم بما لله من الأسماء والصفات تفصيلاً هو ما جاءت به الرسل، ومع ذلك فلا يحيط به العباد علمًا مهما بلغوا من معرفة، كما قال تعالى: (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا" [طه: 110] . وقال صلى الله عليه وسلم: "لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ" أخرجه مسلم (486) . وبهذا يتبين أن من طرق معرفة الله طريقين: العقل، والسمع، وهو النقل، وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة، وأن من أسمائه وصفاته ما يعرف بالعقل والسمع، ومنها ما لا يعرف إلا بالسمع. وبهذه المناسبة يحسن التنبيه إلى أنه يجب تحكيم السمع، وهو الوحي، وجعل العقل تابعًا مهتديًا بهدى الله، ومن الضلال المبين أن يعارض النقل بالعقل، كما صنع كثير من طوائف الضلال من الفلاسفة والمتكلمين. ووفق الله أهل السنة والجماعة للاعتصام بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واقتفاء آثار السلف الصالح، فحكّموا كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ووضعوا الأمور في مواضعها، وعرفوا فضيلة العقل، فلم يعطلوا دلالته، ولم يقدموه على نصوص الكتاب والسنة، كما فعل الغالطون والمبطلون، فهدى الله أهل السنة صراطه المستقيم، فنسأل الله أن يسلك بنا سبيل المؤمنين، وأن يعصمنا من طريق المغضوب عليهم، والضالين. والله أعلم.

هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل؟

هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل؟ المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الربوبية التاريخ 13/04/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم تحدى أحد الذين أعلنوا الحرب صراحة على الدعوة السلفية في بلدي -في صفحات إحدى الجرائد- علماء ودعاة السلفيين على الإتيان بنص واحد فقط من القرآن، أو السنة، أو كلام السلف يثبت تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، معتبراً هذا التقسيم من باب تثليث النصارى، وقال: أعطيكم مهلة ست سنوات، وإن جئتم بدليل واحد، فأنا على استعداد لإعلان توبتي على صفحات الجرائد والاعتذار، فمن يجيبه؟ الجواب أولاً: العبرة بالحقائق وليس بالصور، والمعاني التي جاءت في هذا التقسيم صحيحة، وكلها يشهد لها القرآن والسنة. فتوحيد الألوهية: يعني أن توحد الله -عز وجل- في العبادة، فإن معنى: "إله" أي معبود، فهذا سماه ابن تيمية توحيد العبادة، فهل هذا المعنى صحيح؟ فإن كان صحيحاً فماذا نسميه؟ وتوحيد الربوبية: مشتق من: "الرب" أي الخالق، فهل اعتقاد أن الله- عز وجل- هو المتفرد بالخلق صحيح؟ وتوحيد الأسماء والصفات: أي نوحد الله -عز وجل- في أسمائه وصفاته، ونعتقد أنها لا تشابه صفات المخلوق وأسمائه، فهل هذا المعنى فيه أشكال؟! ثانياً: سبب التقسيم أن بعض المسلمين خالف في بعض هذه الأنواع وأقر ببعضها، فكان الحوار يقتضي بيان جوانب الاتفاق وجوانب الخلاف، وذلك لا يتم إلا بهذا التقسيم. فكل الأمة مقرة بتوحيد الربوبية، بل المشركون أنفسهم مقرون بتوحيد الربوبية، قال تعالى: "ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله" [لقمان: 25] . فهذا الجانب من جوانب التوحيد لا تنكره قريش، فدل على أن النبي-صلى الله عليه وسلم- جاء يدعوهم لشيء أنكروه وهو توحيد العبادة معنى "إله" فقال قولوا: لا إله إلا الله، أي لا معبود، ولم يرد: لا خالق؛ لأنهم لا ينكرونه. فإذا جاء أحد من المسلمين وفسر"لا إله إلا الله" بمعنى لا خالق إلا الله، فنقول: هذا خطأ يبين له من خلال التقسيم هذا ... إلخ فكان هذا التقسيم مساعداً لبيان جوانب الصواب وجوانب الخطأ في العقائد. وبهذا يتبين أن التقسيم لا يترتب عليه تثليث ولا تربيع وإنما لزيادة الإيضاح، وأما معاني تلك الأقسام فهي واضحة في تفسير الآيات في كتب التفاسير، فبالرجوع إليها يتضح التقسيم. والله الموفق.

كيف أقنعها بوجود الله!

كيف أقنعها بوجود الله! المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الربوبية التاريخ 07/05/1427هـ السؤال معي طالبة في الفصل، وهي تقول: أنا أعيش بلا دين، لأني لا أؤمن بوجود إنه! فأقول من خلقك؟، فتقول: لا أعلم مثلي مثل الحيوان، أقول: والعقل الذي ميزك الله به عن الحيوان؟ تقول: لا أعلم، نحن نوع من الحيوانات! أرجو أن تبينوا لي كيف أتعامل معها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيظهر أن هذه الطالبة من الصنف الذي يعيش تحت وطأة لوثات فكرية إلحادية، أو في بيئة معرضة عن ذكر الله، والبعض يعاني من اضطراب، وخلل في العقل والتفكير، أو وساوس ونحو ذلك، وهذه الحالات النادرة أرى أن لا تكون محل اهتمام كبير لندرتها، ولأنها لا تبحث عن الحقيقة فيما يبدو، ومجرد الإشفاق على هذا النوع غالباً إنما يكون عاطفياً، ولذا فإني أوصي السائلة بأن لا تذهب نفسها حسرات ولتتذكر أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) [فاطر:8] . وقال: "إنك لا تهدي من أحببت" [القصص:56] . ولتتذكر أيضًا وأن القلوب بيد الله يهدي من يشاء. ويضل من يشاء، ولا يعني ذلك عدم دعوة هؤلاء الضالين. بل يُدعون للحق، لكن بشيء من الرفق، وبالقدوة، وعدم التمادي في الجدال. وبالمحاجة الفطرية، والعقلية السهلة، ويمكن أن ينصحوا بقراءة الكتب المتخصصة التي تخاطب العقل، والفطرة، والوجدان، وتلفت النظرة إلى آيات الله في الإنسان، والكون.. وأهمها ترجمة معاني القرآن، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثل كتاب: "الله يتجلى في عصر العلم"، وكتاب "الإنسان ذلك المجهول" لإلكسس كارل ونحوهما.

خلق الكون في ستة أيام!

خلق الكون في ستة أيام! المجيب د. خالد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الربوبية التاريخ 22/05/1427هـ السؤال لماذا خلق الله الكون في ستة أيام؟ وهو سبحانه إذا أراد شيئًا قال له كن، فيكون؟! الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا شك أن الله تعالى له القوة المطلقة والإرادة المطلقة، وإذا أراد أمرا، فإنما يقول له كن فيكون، فبكلامه تعالى يخلق ويكوّن الأشياء من العدم (ألا له الخلق والأمر) [الاعراف: 54] . فبالأمر يكوّن ويخلق إلى قيام الساعة. أما لماذا لم يخلق الكون بالأمر دون الفعل في ستة أيام، فهذا لا يمكن أن نعرفه على وجه الحقيقة إلا على يد نبي معصوم، وقد انقطع الوحي بموت رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولكن أهل العلم يقولون إنه فعل ذلك لحكمة عظيمة يعلمها -سبحانه- وقد يعلم البشر شيئا منها. ويمكن أن يقال في كثير من الأمور ما قالته السائلة، كأن يقال: بما أن الله قدر الأقدار وعلم أهل الجنة والنار، فلماذا لم يخلقهم جملة واحدة ويدخلهم إلى مصيرهم فورا؟ ويقال: لماذا أخفى عنا بعض الخلق كالجن والملائكة؟ ويقال ويقال ... والواجب على المؤمنين التسليم لنصوص الشرع الحنيف واتباع ما جاء به النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وأما معرفة ما هو من اختصاص ذاته سبحانه وصفاته، فلا سبيل للوصول، إليه كما قال سيدنا المسيح عيسى عليه السلام "تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب" [المائدة:116] . وصلى الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

توحيد الأسماء والصفات

هل الحنان والعطف من صفات الله؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 22/7/1422 السؤال هل (الحنان والعطف) من صفات الله تعالى؟ وهل يجوز للمسلم أن يدعوا قائلاً: "يارب أنعم علينا بعطفك وحنانك …" …وجزاكم الله خيراً الجواب أما العطف فلا أعلم أنه ورد في شيء من النصوص نسبته إلى الله. وأما الحنان فقد ورد في المسند 3/230 بسند ضعيف جدا عن أنس مرفوعا:" أن عبداً في جهنم ينادي ألف سنة يا حنان يا منان ". ولكن يلاحظ أن لفظ العطف يرد في بعض كلام أهل العلم كمجاهد قد قال في قوله تعالى: ((وحناناً من لدنا)) تعطفاً من ربه عليه. وكذا ورد في كلام ابن القيم بنحو هذا. فلعله يعتبر مما يصح في الخبر دون الوصف حيث أن باب الخبر أوسع- كما في القاعدة المقررة - والعطف قريب معناه من الرحمة.

صفة الشم لله تعالى..

صفة الشم لله تعالى.. المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 22/7/1422 السؤال هل يصح إثبات صفة الشم لله تعالى؟ فقد قال عليه الصلاة والسلام (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) الجواب أما عن إثبات صفة الشم لله تعالى فقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية أن بعض الطوائف أثبتوها ومنهم من نفاه عن الله تعالى، ولم ينقل شيخ الإسلام عن جمهور السلف الصالح إثبات لذلك. ونوصي السائل بالحرص على ما ينفع، وترك التكلف والبحث عما أمسك عن سلفنا الصالح، لا سيما وأن في التفقه والتعبد بأسماء الله تعالى وصفاته الثابتة في نصوص الوحيين_ما يكفى ويشفي والله أعلم. (1) أنظر مجموع الفتاوى 6/135

هل هذا من التنجيم؟

هل هذا من التنجيم؟ المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 9/4/1422 السؤال رجل يقول بأنه يستدل بحركة النجوم على بعض الأحداث، مثلاً قال لأحد الناس: ازرع في وقت كذا أما في وقت كذا فدع الحرث والزرع، فإنه لن يأتيك بثمر، وفعلاً حصل ذلك. الجواب الاستدلال بالبروج على مواسم البذر، والغرس ليس من التنجيم في شيء، وهو عمل المسلمين خلفاً عن سلف، وقد أجرى الله العادة بصلاحية كل وقت لبذر أو غرس معين، إلا أن الذي لا يجوز هنا اعتقاد أن لهذا النجم أو ذاك أثراً في حصول الثمر، أو جودته، أو نزول المطر أو نحو ذلك. ومثل هذا يقال في تحديد وقت تزداد فيه خصوبة الرجل أو المرأة. وقد ضرب الفقهاء أجلا للعنين قدروه بسنة، وعللوا لذلك بمرور الفصول الأربعة عليه، فإن لم ينشط في أحدها فلا فائدة في زيادة الانتظار.

حقيقة التجسيد عند السلفيين

حقيقة التجسيد عند السلفيين المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 3/2/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما حقيقة أن السلفيين جسدوا الله جل جلاله؟ وهل يعتبر ذلك من أبواب الشرك بالله؟ الجواب

الحمد لله، من يقول من الناس إن الله جسد أو جسم، أو إن الله ليس بجسم فإنه محدث في صفاته ما لم يرد في كتاب الله ولا في سنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ولفظ الجسم أو الجسد كما يعبر بعض الناس -مع أنه لم يرد في صفاته- هو لفظ مجمل وقد يراد به حق، وقد يراد به باطل، فمن تكلم بهذا اللفظ وأمثاله فإن الواجب أن يستفصل عن مراده؛ فإن كان حقاً قبل ما أراد وإن أراد باطلاً رد، ومن أجل ذلك لا يجوز إطلاق هذه الألفاظ في صفات الله لا نفياً ولا إثباتاً، وهذا سبيل أهل السنة والجماعة، لا يصفون الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وإثبات الصفات التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- هو الواجب على كل مسلم يؤمن بالله ورسوله -عليه الصلاة والسلام-، فتثبت لله الصفات مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية، ومن قال: إن من يثبت لله الصفات يكون مجسماً فإنه مفتر فيما يقول، فأهل السنة الذين يثبتون لله الصفات كالوجه واليدين ويثبتون علو الله على خلقه؛ لا يقولون إنه تعالى جسم كما لا يقولون إنه تعالى ليس بجسم، فلا يطلقون هذا اللفظ لا نفياً ولا إثباتاً كما تقدم، وهذه الشبه وهي أن إثبات الصفات يستلزم التجسيم، هو الذي حمل المعطلة كالمعتزلة على نفي صفات الله التي أخبر بها سبحانه وتعالى، وأخبر بها رسوله -عليه الصلاة والسلام- فضلوا بذلك عن الصراط المستقيم، وعارضوا كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بعقولهم، وتنقصوا رب العالمين الذي يجب إثبات الكمال له، وكل ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله -عليه الصلاة والسلام- فإنه كمال لا نقص فيه، وهو ثابت له على ما يليق به سبحانه، لا يماثل في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله أحداً من خلقه، ولا يماثله أحد من خلقه، كما قال سبحانه:"ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى: 11] ، والله أعلم.

الله نور السماوات والأرض

الله نور السماوات والأرض المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 10/5/1423 السؤال قوله -سبحانه وتعالى-:"الله نور السماوات والأرض" هل يعني أن الله -سبحانه- مثل الشمس؛ لأن نور الأرض هي الشمس؟ أرجو منكم جواباً مفصلاً. الجواب من منهج أهل السنة والجماعة إثبات ما أثبته الله لنفسه من الصفات، وما أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم- إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل، ومن الصفات الثابتة له -سبحانه- صفة النور، وهي ثابتة بالقرآن والسنة. وعليه فأهل السنة والجماعة يقولون: إن الله متصف بصفة النور، ولا يشبهون هذه الصفة بصفات المخلوقين. فليس نروه كنور الشمس، أو القمر، أو سائر الأنوار، فالله -سبحانه وتعالى-"ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى:11] ، لا مثيل ولا شبيه لا في ذاته ولا في صفاته، ففي جميع الصفات منهجهم واحد، كما قال مالك وربيعة:"الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة"، أجاب به من سأل عن كيفية استواء الرحمن -سبحانه وتعالى-.

روح الله -تعالى-

روح الله -تعالى- المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 23/12/1423هـ السؤال هل لله روح؟ وهل صحيح أنه نفخ في آدم من روحه؟ هل لله يد أم أنها صفة معنوية؟ الجواب أولاً: الله -سبحانه وتعالى- لم يصف نفسه بالروح، وإضافته روح آدم عليه السلام إليه في قوله -تعالى-:"فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" [الحجر:29] "ونفخ فيه من روحه" [السجدة:9] وإضافته -سبحانه- روح عيسى - عليه السلام - إليه في قوله -سبحانه-: "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ" [التحريم:12] هذه الإضافة كالإضافة في قوله -سبحانه-: "وطهر بيتي للطائفين والقائمين" [الحج:26] وقوله - عز وجل - " فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها" [الشمس:13] . فهذه الإضافة من إضافة الخلق إليه -سبحانه- على وجه التشريف والتعظيم، فإن المضاف إلى الله نوعان أحدهما: إضافة ما يكون منفصلاً عنه قائماً بنفسه أو قائماً بغيره، فإضافته إلى الله إضافة خلق وتكوين، ولا يكون ذلك إلا فيما يقصد به تشريف المضاف أو بيان عظمة الله -تعالى- لعظم المضاف فهذا النوع لا يمكن أن يكون من ذات الله -سبحانه- ولا من صفاته إنما إضافة مخلوق إلى خالقه -سبحانه- ومن هذا النوع إضافة الله -تعالى- روح آدم وعيسى إليه -سبحانه-، وإضافة البيت والناقة بل كل ما في السماوات والأرض إليه سبحانه. الثاني: من المضاف إلى الله ما لا يكون منفصلاً عن الله بل هو من صفاته الذاتية أو الفعلية كوجهه ويده وسمعه وبصره واستوائه على العرش ونزوله إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ونحو ذلك، فإضافته إلى الله -تعالى- من إضافة الصفة إلى موصوفها.

ثانياً: الله -سبحانه وتعالى- وصف نفسه باليد في نصوص متعددة أظهرها "لما خلقت بيدي" [ص:75] وقوله " " بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ" [المائدة: من الآية64] وإضافة اليدين هنا من إضافة الصفة إلى موصوفها كما سبق، فله -سبحانه- كما قال عن نفسه يد على الحقيقة لا تماثل يد المخلوق؛ لأن ذاته -سبحانه- لا تماثل ذوات المخلوقين، فكما أن له ذاتاً حقيقة لا تماثل ذوات المخلوقين فله يد -كما وصف نفسه- حقيقة لا تماثل أيدي المخلوقين "القول في الصفات كالقول في الذات" فله يد حقيقة تدل على معنى يليق بالله، كما أن للمخلوق يد حقيقية تليق به، ولله المثل الأعلى.

هل رؤية الله -تعالى- في الدنيا ممكنة؟

هل رؤية الله -تعالى- في الدنيا ممكنة؟ المجيب د. علي بن بخيت الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 20/12/1422 السؤال لقد دار حديث بيني وبين المدرس عن رؤية الله في الدنيا، فهل هي مستحيلة أو ممكنة؟ ولقد قرأت الكثير من الأدلة التي تثبت استحالة رؤية الله في الدنيا، فأفيدونا -جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، وبعد: فالذي عليه جماهير أهل السنة أن رؤية الله بالأبصار في الآخرة حق لا ريب فيه للمؤمنين، وهي أعظم نعيم لهم في الجنة - جعلنا الله منهم -، واتفقت الأمة على أن الله لا يراه أحد في الدنيا بعينه، واختلف في نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - هل رأى ربه؟ والصحيح وهو ما عليه الجمهور أنه لم يره، والرؤيا في الدنيا ممكنة، على الراجح من أقوال أهل العلم، إذ لو لم تكن ممكنة لما سألها موسى - عليه السلام -. وعلى العموم فلا ينبغي أن يكثر الجدال في أمثال هذه المسائل التي لا يحكم على المخالف فيها ببدعة أو ضلال، والله الهادي إلى صراط مستقيم.

معنى: "بائن من خلقه"

معنى: "بائن من خلقه" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 6/9/1423هـ السؤال فضيلة الشيخ: ما معنى قول العلماء عن الله: بائن من خلقه؟ وما معنى قولهم عن القرآن: إليه يعود؟ الجواب أما قول أئمة السنة: إنه سبحانه وتعالى فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، معنى بائن من خلقه: أي أنه ليس حالاً في مخلوقاته، ليس هو داخل شيء من مخلوقاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، والمراد بهذه العبارة هو نفي الحلول في الجانبين، فليس في ذات الله شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، لأنه العلي الأعلى فوق كل شيء، والحلول ينافي ذلك، وأما قول أهل السنة في القرآن: إنه منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، المقصود: رفعه في آخر الزمان، فإنه في آخر الزمان يرفع من الصدور ومن المصاحف فتخلوا الأرض من القرآن، وذلك عند اقتراب قيام الساعة حين لا يبقى لوجود القرآن في الأرض أثر من الانتفاع به، فلا ينتفع به أحد لغلبة الكفر على الخلق، وأما أهل الإيمان فيُنزل الله ريحاً تقبض أرواحهم فتخلوا الأرض من الخير ولا يبقى فيها إلا شرار الناس وعليهم تقوم الساعة، نسأل الله السلامة والعافية.

أول ما خلق الله

أول ما خلق الله المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 13/9/1423هـ السؤال جاء في الحديث الصحيح أن الله -تعالى- أول ما خلق القلم أمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فهل كون القلم أول خلق خلقه الله -تعالى- يستلزم أن الله قبل خلقه للقلم لم يكن خالقاً أم كان خالقاً يخلق ما يشاء لو شاء، ولكن قضت حكمته وشاءت ألاّ يخلق شيئاً قبل القلم؟ هذه إشكالية عند بعض إخواننا، أرجو أن تتفضلوا بالإجابة التفصيلية عنها. الجواب اعلم أخي -حفظك الله- أن العلماء مختلفون في أول المخلوقات هل هو القلم أم العرش؟ والأقرب للصواب أنه العرش؛ لحديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء" مسلم (2653) ، فهذا صريح أن الله -تعالى- لما كتب مقادير الخلائق بالقلم الذي أمره أن يكتب في اللوح كان عرشه على الماء، فكان العرش مخلوقاً قبل القلم، وهذا واضح عند التأمل؛ لأن التقدير وقع عند أول خلق القلم، أما قوله -صلى الله عليه وسلم-:"أول ما خلق الله القلم ... " الترمذي (2155) ، أبو داود (4700) فمعناه أول المخلوقات من هذا العالم توفيقاً بين الأحاديث هذا إذا كان قوله:"أول"، و"القلم" مرفوعان. أما إن كان الحديث جملة واحدة فيكون معناه أنه عند أول خلقه قال له: اكتب، ولهذا في بعض ألفاظ الحديث"لما خلق الله القلم قال له: اكتب"، وفي اللفظ الآخر:"أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب ... ".

ومعنى هذه الأحاديث "أول ما خلق ... " المراد بها الإخبار عن مبدأ خلق هذا العالم المشهود الذي خلقه الله في ستة أيام وليس المراد منها الإخبار بأن الله -تعالى- كان موجوداً وحده ثم ابتدأ إحداث الحوادث بمعنى: أن الله صار فاعلاً بعد أن لم يكن يفعل شيئاً، فهذا المعنى ليس بصحيح، بل الصحيح -كما سبق- أن معناه الإخبار عن مبدأ خلق العالم المشهود من السماوات والأرض وغيرهما، أما ابتداء خلق ما خلقه الله قبل ذلك فليس في هذه الأحاديث تعرض له، ولهذا شواهد ودلائل أخرى كثيرة، والله -تعالى- أعلم.

معنى: "قال الله ولا يزال قائلا"

معنى: "قال الله ولا يزال قائلاً" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 30/1/1424هـ السؤال نسمع بعض الخطباء يقولون:"قال الله عز وجل ولا يزال قائلاً" وبعد ذلك يتلو بعض آيات القرآن الكريم، فما معنى قال تعالى ولا يزال قائلاً؟. الجواب الحمد لله، لا ينبغي أن يقول الإنسان عند الاستشهاد ببعض آي القرآن أن يقول:"ولا يزال قائلاً"، بل يقول قال الله تعالى، ثم يتلو الآية أو الآيات التي يريد الاستشهاد بها، فإن قوله:"ولا يزال قائلاً" لفظ يحتمل معنى باطلاً، وهو: أن كلام الله لا تتعلق به مشيئته ولا يزال قائلا: يا نوح، يا موسى، هذا مذهب معروف لبعض أهل البدع، يقولون: إن كلام الله قائم به قيام الحياة، فلم يزل متكلماً بأعيان ما في القرآن من أنواع الكلام خبراً، أو أمراً، أو نهياً، وأهل السنة والجماعة ينكرون ذلك، ويقولون: إنه تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء بما شاء، وكيف شاء، وأن كلام الله قديم النوع حادث الآحاد، فالقرآن لا يقال له قديم؛ لأن الله تكلم به حين أنزله ونزل به الروح الأمين، وتكليمه تعالى لموسى إنما كان وقت ما جاء موسى لميعاد ربه، وكذلك لما كلمه من الشجرة كما قال تعالى:"فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين ... "الآيات. فالمقصود أن قول القائل:"إن الله قال ولا يزال قائلاً" لفظ يحتمل حقاً وباطلاً فيجب اجتنابه، والله أعلم.

القرب الحسي والمعنوي من الله تعالى

القرب الحسي والمعنوي من الله تعالى المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 18/4/1424هـ السؤال أرجو أن تبينوا لنا قول أهل السنة عن قرب العباد من ربهم والرب من عباده، وهل يكون الشخص الذي في أعلى الجبل أقرب إلى الله من الذي في أسفله؟ أرجو إجابتي عن هذه الشبهة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قال الله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" [البقرة:186] ، والله تعالى أعظم وأجل من أن تقاس أحواله على أحوال خلقه، ولذلك ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء" رواه مسلم (482) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- مع أن السجود أخفض من الركوع والقيام في مقاييس الخلق، فالله تعالى ليس كمثله شيء، ولا تضرب له الأمثال. ولذلك لا يجوز افتراض مثل هذه الشبهة، فالمسلم إذا عظم الله تعالى حق التعظيم، تهيب من افتراض الأحوال، وإذا تمادت به الخيالات والأوهام فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ويقول آمنت بالله، ويستشعر عظمة الله -تعالى- بقلبه ومشاعره وجوارحه وفي كل أحواله. وعليه لا ينبغي السؤال في حق الله تعالى، ويجب على المسلم كذلك أن يسلم بالنصوص الثابتة في أسماء الله وصفاته وأفعاله، ويؤمن بأنها حق على ما يليق بجلال الله وعظمته سبحانه من غير تمثيل ولا تأويل. فالإنسان لا يدري كيفية نفسه وعقله وروحه وكثير من الخلق، والله أعظم وأجل -تبارك ربنا وتعالى- "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى: 11] .

آخر وقت نزول المولى سبحانه

آخر وقت نزول المولى سبحانه المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 5/11/1424هـ السؤال هل الساعة التي ينزل فيها الله -تعالى- إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل تستمر إلى أذان الفجر؟ أم أن لها وقتاً ينتهي قبل الأذان؟ أثابكم الله. الجواب يستمر الوقت إلى طلوع الفجر، أو حتى ينصرف القارئ من صلاة الفجر، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر، أو حتى يطلع الفجر، أو حتى ينصرف القارئ من صلاة الفجر" رواه البخاري (1145) ومسلم (758) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، علماً بأن الوقت ثلث الليل الآخر، وليس ساعة كما ورد في السؤال.

هل تحمل آيات الصفات هذه على المجاز؟

هل تحمل آيات الصفات هذه على المجاز؟ المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 29/05/1427هـ السؤال ما موقف أهل السنة والجماعة من هذا الكلام: المعنى الحرفي لقوله تعالى: "ولتصنع على عيني"، وقوله تعالى لموسى: "فإنك بأعيننا"، وقوله تعالى: "واصنع الفلك بأعيننا"، فالمعنى الحرفي لهذه النصوص أن الآلة التي بُني بها الفعل هي العين. ولكن باللغة العربية هذا مجاز يعني "تحت إشرافنا" فلابد من التفسير المجازي للآيات، وأنها تعني العناية الفائقة والإشراف! الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأهل السنة والجماعة من منهجهم في الصفات إثبات ما أثبته الله لنفسه، وأثبت له رسول الله صلى الله عليه وسلم، إثباتاً بلا تمثيل، وتنزيها بلا تعطيل. ومن الصفات التي يثبتها أهل السنة والجماعة صفة العينين. لله فيعتقدون أن لله عينين، على ما يليق بجلاله -سبحانه وتعالى- وقد ذكر ذلك علماء أهل السنة في كتبهم المعتمدة، ونصوا عليه. ومن أدلتهم على إثبات هذه الصفة هذه الآيات القرآنية: "تجري بأعيننا" [القمر:14] ، "ولتصنع على عيني" [طه:39] ، قوله صلى الله عليه وسلم في الدجال: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور". صحيح البخاري (3057) ، صحيح مسلم (196) . فمن زعم أن الذي يظهر من الآية أن الآلة التي بني به الفلك هي العين فزعمه باطل. فلا أحد يفهم العربية يتبادر إلى ذهنه هذا المعنى. فلعل من يظن هذا الظن من الأعاجم. وإذا قيل: إن المراد: اصنع الفلك بمرأى منا وعناية منا، فهذا المعنى لا يلغي دلالة الآية على إثبات صفة العين لله. ومثال: عندما يطلب منك إنسان أن تعمل له على عمل، أو يطلب منك شيئاً فتقول: "على راسي وعلى عيني" نقول هذا الكلام بمنتهى الأدب، ولا يفهم منك أنك ستعمل العمل على رأسك وعلى عينك.

ولا يفهم إذا لم يفهم ذلك أن لا رأس لك، ولا عين. والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد.

معنى: "إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام "

معنى: "إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ " المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 4/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما معنى قوله تعالى "هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ"، هل يأتي الله سبحانه وتعالى مع الغمام والملائكة أم أنه يرسل الملائكة الموكلة بحمل الغمام يوم القيامة ويأتي هو بما شاء؟ وهل يكون ذلك يوم الحشر والمؤمنين والكافرين مع بعض؟ أم أن ذلك مخصص للمؤمنين؟ وهل هذه الآية آية تخويف ووعيد أم أنها آية رحمة؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالمراد أن هؤلاء المكذبين ما ينظرون إلا إتيان الله يوم القيامة، فهو استفهام بمعنى النفي المتضمن للإنكار، فهم في غيهم سادرون وفي شهواتهم غارقون، ما ينتظرون إلا هذا الموقف العصيب يوم القيامة، حين يشفع النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ربه أن ينزل لفصل القضاء بين الخلائق، بعد أن يصيبهم من الكرب والشدة شيء عظيم، فينزل جل وعلا مع الغمام - وهو السحاب الأبيض - وتنزل الملائكة وحملة العرش والكروبيون. وهذا الموقف - كما سبق - يكون يوم القيامة والناس جميعاً محشورون مؤمنهم وكافرهم برهم وفاجرهم، وهذه الآية فيها تخويف شديد للمجرمين الذين بارزوا الله تعالى بالمعاصي، وخالفوا أمره وارتكبوا نهيه، كما أن فيها طمأنينة للمؤمن الذي يحب لقاء الله الذي أحسن العمل في الدنيا فأحسن الظن بربه عز وجل. نسأل الله تعالى أن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه، وأن يتغمدنا برحمته إنه غفور رحيم، والله أعلم.

أسماء الله الدالة على وصف متعدي وغير متعدي

أسماء الله الدالة على وصف متعدي وغير متعدي المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 16/7/1424هـ السؤال ما هي أسماء الله المتعدية وغير المتعدية؟ وما المقصود بالمتعدي وغير المتعدي؟ أرجو منكم التوضيح وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فإن أسماء الله - تعالى - الحسنى تنقسم من حيث دلالتها على الصفات وما يشتق منها إلى قسمين: الأول: أسماء دلت على وصف متعد ... وهو ما يصل أثره إلى غيره، وهذه تتضمن ثلاثة أمور: أ. ثبوت ذلك الاسم. ب. ثبوت تلك الصفة المشتقة من ذلك الاسم. ج. ثبوت حكمها وأثرها ومقتضاها. ومثال ذلك اسم "السميع" لله تعالى، فهذا الاسم ثابت لله تعالى، ويشتق له منه صفة "السمع" فالله - عز وجل - ذو سمع يسمع به المسموعات كما يثبت لله تعالى من ذلك الأثر المترتب على ذلك الاسم وهو الفعل والحكم وهو أن الله (يسمع) المسموعات، قال تعالى: " قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا" [المجادلة: من الآية1] ، وقال تعالى: "قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى" [طه:46] ، وهذا الاسم دل على وصف متعد وهو الحكم والأثر لذلك الاسم. الثاني: أسماء دلت على وصف غير متعد ... وهذا يتضمن أمرين: أ. ثبوت ذلك الاسم. ب. ثبوت الصفة المشتقة من ذلك الاسم. ولا يثبت لله الحكم أو الفعل أو الأثر؛ لأنه غير متعد مثل اسم "الحي" فالاسم ثابت لله تعالى: "وتوكل على الحي الذي لا يموت" [الفرقان:58] كما يثبت له الصفة المشتقة من ذلك الاسم وهي صفة "الحياة" لكن لا يثبت له الحكم أو الأثر أو الفعل؛ لأنه غير متعد فلا يقال إن الله يحيى أو حيا وعلى هذا فقس. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الضابط في أسماء الله الحسنى

الضابط في أسماء الله الحسنى المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 15/9/1424هـ السؤال ما الضابط في أسماء الله سبحانه وتعالى فأنا طالب علم، وقد درست في جامعة الإمام أن ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو من أسمائه جل شأنه، ولكني رأيت أن هذه القاعدة غير مضطردة، فقد سألت عالماً جليلاً عن (المسعر) هل هو من أسماء الله؟ وساق الحديث الذي فيه "فإن الله هو المسعر" ثم قال إذاً هو من أسماء الله، ثم سألت عنه عالماً له مكانته ليطمئن قلبي لهذه القاعدة فزادني منها شكاً، حيث ذكر الحديث، ثم قال ليس من أسماء الله! أفتونا ودلونا على كتاب في ضبط ذلك، وجزاكم الله خيراً. الجواب القاعدة في أسماء الله وصفاته أن كل ما أضيف إلى الله بصيغة المشتق، كالخالق والخلاق والرازق والرزاق والفتاح فإنه اسم من أسمائه سبحانه وتعالى، ومعلوم أن ما ورد في القرآن من هذا لا يختلف الناس في اعتباره اسماً من أسمائه سبحانه وتعالى؛ كأسمائه المذكورة في آخر سورة الحشر، وأسمائه التي ختم بها كثير من الآيات كالعليم والخبير والحكيم والغفور وعالم الغيب وعلام الغيوب والقوي والمتين، وهكذا ما ورد في السنة من الألفاظ التي أضيفت إلى الله وهي بصيغة المشتق كما تقدم، ومن ذلك الجميل الرفيق والمسعر والقابض والباسط كما جاء في ذلك الحديث من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق" رواه الترمذي (1314) ، وأبو داود (3451) ، وابن ماجة (2200) ، من حديث أنس -رضي الله عنه- ومن نفى أن يكون ذلك اسم فعليه أن يذكر الفرق بين هذه الألفاظ الواردة في السنة، وما ورد في القرآن، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله هو المسعر" سبق تخريجه، كقوله: إن الله عليم حكيم، هذا والله أعلم.

نقل أسماء الله وصفاته من الحقيقة إلى المجاز

نقل أسماء الله وصفاته من الحقيقة إلى المجاز المجيب د. عبد العزيز بن عمر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 15/6/1424هـ السؤال يقول بعض الأشاعرة أو الماتريدية أن أهل السنة يثبتون المعنى وينفون الكيفية في أسماء الله - عز وجل - وصفاته، والمرجع في إثبات المعنى هو اللغة العربية، وعند الرجوع للمعنى في اللغة العربية نجد أن المعنى لا يليق بالله - عز وجل -، فلا نأخذ به، فنكون بذلك قد خرجنا من الحقيقة إلى المجاز، مثال ذلك اليد في اللغة تطلق على الجارحة التي هي جزء مركب في الشيء، وهذا المعنى لا ينطبق على الله، لأنه يستلزم منه أن الله مركب أو أنه يتحيز، فنقول إن ذلك المعنى اللغوي غير مراد فنكون بذلك قد خرجنا من الحقيقة إلى المجاز الذي هو التفويض أو التأويل، فما هو الجواب إزاء هذه الشبهة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب

أهل السنة والجماعة لهم رأي رشيد ونهج سديد في أسماء الله تعالى وصفاته وأفعاله، فهم ينطلقون في إثبات الأسماء والصفات لله تعالى من منطلق أن كل ما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة من أسماء أو صفات لله تعالى أثبتوها له تعالى من غير تشبيه ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، على قاعدة (إقرار وإمرار) أمروها كما جاءت، معتمدين على قوله تعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" [الشورى: من الآية11] ، وفي هذه الآية الكريمة رد على المشبهة وعلى المعطلة في نفس الوقت، وعلى قوله تعالى: "قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ" [البقرة: من الآية140] ، وعلى قاعدة (كل ما يخطر ببالك فالله على خلاف ذلك) ، وما لم يرد في الكتاب أو السنة الصحيحة فإنهم لا يثبتونه، ليس لهم منهج آخر، ولا أسد ولا آمن من هذا، لذا فهم في مأمن من التناقض الذي وقع فيه جميع أهل البدع المنطلقين من منطلقات غير الكتاب والسنة، عقلية بزعمهم أو لغوية أو غير ذلك، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (ولهذا لا يوجد لنفاة بعض الصفات دون بعض الذين يوجبون فيما نفوه إما التفويض وإما التأويل المخالف لمقتضى اللفظ قانون مستقيم، فإذا قيل لهم لم تأولتم هذا وأقررتم هذا والسؤال فيهما واحد؟ لم يكن لهم جواب صحيح فهذا تناقضهم في النفي ... ) انظر كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في العقيدة (3/26) ، لأجل هذا كثر النطاح فيما بين المبتدعة، وما يفرون من شيء إلا لزمهم ما أثبتوه، فهم جميعاً متفقون على إثبات صفة الحياة لله تعالى، والحياة ثابتة للمخلوق أيضاً بنص القرآن الكريم قال تعالى:"أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأنعام:122] ، فإذا ما قيل لهم ذلك قالوا: نحن نثبت الحياة لله تعالى كما

تليق به، والحياة للعبد كما تليق به، قلنا لهم وكذا سائر الأسماء والصفات إذ لا فرق بين صفة وأخرى، فالكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخر، وإلا كنتم كمن يفرق بين المتماثلات بمجرد الهوى. أما ما ذكر من أن أهل السنة والجماعة ينفون الكيفية وهو ما يعرف بالتفويض، فهذا الأمر ليس على إطلاقه بل فيه تفصيل:

فإن كان المراد بنفي الكيفية (التفويض) هو نفي معرفة كنه تلك الصفة وكيفيتها أو الاسم فهذا حق وصدق فإنهم يقولون: (لا يعلم كيف هو إلا هو تعالى) ، ولهذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى كما في اجتماع الجيوش الإسلامية (1/141) (روى ابن بطة عنه في الإبانة بإسناده قال إذا قال لك الجهمي كيف ينزل فقل كيف يصعد) وفي أقاويل الثقات لمرعي بن يوسف المقدسي قوله: (وما أحسن ما قال بعضهم إذا قال لك الجهمي كيف استوى أو كيف ينزل إلى السماء الدنيا أو كيف يداه ونحو ذلك فقل له كيف هو في نفسه، فإذا قال لا يعلم ما هو إلا هو وكنه الباري غير معلوم للبشر فقل له فالعلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، فكيف يمكن أن تعلم كيفية لموصوف لم تعلم كيفيته وإنما تعلم الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغي له، بل هذه الروح قد علم العاقل اضطراب الناس فيها وإمساك النصوص عن بيان كيفيتها، أفلا يعتبر العاقل بها عن الكلام في كيفية الله تعالى مع أننا نقطع بأن الروح في البدن، وأنها تخرج منه وتعرج إلى السماء، وأنها تسل منه وقت النزع كما نطقت بذلك النصوص الصحيحة..) (1/207) ، ولما سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن الاستواء قال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ... ) ، نقل ذلك عنه في كثير من كتب العقائد، قال الإمام المقدسي في أقاويل الثقات (والمشهور عند أصحاب الإمام أحمد أنهم لا يتأولون الصفات التي من جنس الحركة كالمجيء والإتيان والنزول والهبوط والدنو والتدلي، كما لا يتأولون غيرها متابعة للسلف الصالح، قال وكلام السلف في هذا الباب يدل على إثبات المعنى المتنازع فيه. قال الأوزاعي - لما سئل عن حديث النزول - يفعل الله ما يشاء. وقال حماد بن زيد: يدنو من خلقه كيف يشاء قال وهو الذي حكاه الأشعري عن أهل السنة والحديث. وقال الفضيل بن عياض: إذا قال لك الجهمي أنا أكفر برب يزول عن مكانه فقل

أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء. وقال أبو الطيب: حضرت عند أبي جعفر الترمذي وهو من كبار فقهاء الشافعية وأثنى عليه الدارقطني وغيره فسأله سائل عن حديث: "إن الله ينزل إلى سماء الدنيا ... " رواه البخاري (7494) ، ومسلم (758) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- وقال له فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علو فقال أبو جعفر الترمذي النزول معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، فقد قال في النزول كما قال مالك في الاستواء وهكذا القول في سائر الصفات، وقال أبو عبد الله أحمد بن سعيد الرباطي حضرت مجلس الأمير عبد الله بن طاهر وحضر إسحاق بن راهويه فسئل عن حديث النزول (سبق تخريجه) أصحيح هو قال نعم، فقال له بعض قواد الأمير: يا أبا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة قال نعم قال كيف ينزل قال له إسحاق: أثبت الحديث حتى أصف لك النزول فقال له الرجل أثبته فقال له إسحاق: قال الله تعالى: "وجاء ربك والملك صفاً صفا" [الفجر: 22] فقال الأمير عبد الله بن طاهر يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة فقال إسحاق: أعز الله الأمير ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟ وقال حرب بن إسماعيل: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول ليس في النزول وصف، قال وقال إسحاق لا يجوز الخوض في أمر الله كما يجوز الخوض في أمر المخلوقين لقول الله تعالى: "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون" [الأنبياء: 23] ولا يجوز أن يتوهم على الله بصفاته وأفعاله بفهم ما يجوز التفكر والنظر في أمر المخلوقين، وذلك أنه يمكن أن يكون الله موصوفاً بالنزول كل ليلة إذا مضى ثلثها إلى السماء الدنيا كما شاء، ولا يسأل كيف نزوله لأن الخالق يصنع ما شاء كما شاء ... ) انظر أقاويل الثقات (1/200 – 202) ، هذا هو التفويض المحمود وهو تفويض الكيفية، ولا يسع المؤمن غير هذا، أما التفويض المذموم فهو تفويض المبتدعة الضلال الذين يفوضون المعنى، ويزعمون أنهم لا يفهمون معنى الأسماء والصفات لغوياً، فلا يدرون ما معنى

السمع ولا معنى البصر ولا معنى الكلام ولا معنى الحياة ولا معنى العلم وهكذا، ويقولون إنما هي ألفاظ مبهمة نثبتها كما هي دون أن ندري ما معناها، وكأن الله تعالى خاطبنا بلغة لا ندري ما هي وتعبدنا بفهمها وهذا تكليف بغير المطاق، وهو مخالف لقوله تعالى:"وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ" [فصلت:44] ، لسنا من الزط ولا من البربر لا ندري لغة القرآن الكريم الذي أنزله تعالى بلسان عربي مبين، وهذا الكلام باطل بكل المقاييس الشرعية والعقلية وغيرها، فنحن نعلم معنى السمع وأنه غير معنى البصر، ومعنى العلم أنه غير معنى الحياة، ومعنى الكلام غير معنى الاستواء وهكذا، لكن نفوض الكيفية لا المعنى وبين التفويضين كما بين العمى والبصر والضلال والهدى، وأما ما ذكره الفاضل من مثال اليد من أنها تكون جارحة ونحو ذلك فهذا صحيح لو أن أهل السنة والجماعة أثبتوا لله تعالى الأسماء والصفات على ظاهرها دون تنزيه له تعالى من أن يكون له شبيهاً أو مثيلاً، وللسائل أن يجيبني عن معنى قوله تعالى: "اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ" [صّ:17] ، كم لأيوب عليه السلام من أيد؟ أم أن الأيدي هنا يراد بها العلم والقوة وليست الجارحة؟ وإلا لزم أن يكون له عدة أيادٍ بنص القرآن الكريم، وهذا مالم يقل به أحد من العالمين، وما معنى قول العرب: فلان له أياد بيضاء؟ ولفلان عندي يد لا أنساها؟ هل المعنى على ظاهره؟ أم أن المراد منه أعمال الخير والبر والمعروف؟ أما يدا الخالق تبارك وتعالى فنثبتها كما نثبت غيرها من الصفات الذاتية أو الفعلية بنفس المنهج السابق (إقرار وإمرار) بلا

تشبيه ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وقد قال تعالى في إثبات صفة يديه: "بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء" [المائدة من الآية 64] ، لا نقول جارحة ولا نقول مبالغة في الإثبات، ولا نقول ليس لله تعالى يدان إيغالاً في النفي، بل نقول له يدان تليقان، كما له تعالى سمع وبصر وحياة تليق به، والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل.

الأسماء الإدريسية

الأسماء الإدريسية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 04/04/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قرأت في كتاب اسمه في ملكوت الله مع أسماء الله، تأليف الشيخ/ عبد المقصود محمد سالم مؤسس (جماعة تلاوة القرآن الكريم) , قرأت فيه عن الأسماء الإدريسية السهروردية، للشيخ/ شهاب الدين عمر السهروردي، وهي من أسماء الله -تعالى-، وقد ذكر المؤلف أن هذه الأسماء اشتهرت بسرعة الإجابة, حتى قيل إنها من أذكار الأنبياء السابقين, توارثها الذاكرون مع اختلاف الرواية حتى وصلت إلى الأمة المحمدية, فتداولتها جيلاً بعد جيل, وذاع فضلها في الآفاق، وقد ذكر المؤلف أنه تلقاها من الشيخ/ يوسف إسماعيل النبهاني، كما ذكر الشيخ/ عبد المقصود في كتابه أنه لا ضرر من قراءة الأسماء الإدريسية يومياً على سبيل الورد, وفي وقت الشدائد والأزمات, أو تقرأ إحدى عشر مرة بعد صلاة الفجر، أرجو إفادتي ونصحي بالتعريف بهذه الأسماء, ولماذا سميت بالأسماء الإدريسية؟ وعن صحة ما ورد في هذا الكتاب؟.وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب

الحمد لله، أسماء الله الحسنى إنما تستمد من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فلا طريق للعباد إلى معرفة أسمائه سبحانه إلا بالرجوع إلى ما أنزله الله على نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم- من الكتاب والحكمة، والله قد أغنانا بكتابه وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم- عن كل ما سواهما، وكل ما يسمى الله به مما لم يرد به كتاب ولا سنة فلا يجوز اعتقاد أنه اسم لله، وما يروى عن الأنبياء السباقين عليهم الصلاة والسلام، والكتب السابقة أحسن أحواله أن يكون من جنس أخبار بني إسرائيل تعرض على كتاب الله، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم- فما دل على صدقه صدقناه، وما دل على كذبه كذبناه، وما لم يتبين فيه هذا ولا ذاك توقفنا فيه، كما قال – صلى الله عليه وسلم-: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: "آمنا بالله وما أنزل ... " [البقرة: 136] ، رواه البخاري (4485) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-"، وما ذكرتيه أيتها السائلة عن هذا الكتاب المسمى (بملكوت الله) يجب أن ينظر في هذه الألفاظ التي تسمى أو تعرف بالأسماء الإدريسية، ولعلهم يزعمون أنها مما جاء بها نبي الله إدريس عليه السلام، وما يزعمه هذا المؤلف من فضل هذه الأسماء الأظهر أنه من افتراءات الصوفية وبدعهم، ومزاعمهم التي لا يستندون فيها إلى برهان، ويؤيد ما ذكرت أن هذه الأسماء نسبها مؤلف الكتاب إلى عمر السهروردي، ويوسف النبهاني، فظاهر ما ذكر عنهما أنهما من شيوخ الصوفية فيجب الحذر من هذا الكتاب، أعني المسمى بملكوت الله، وعدم الاغترار بما ادعاه من فضل هذه الأسماء والأذكار، وهذه عادة أصحاب الطرق يبتدعون أذكاراً ويذكرون لها فضائل ما أنزل الله بها من سلطان، فعليك أيتها السائلة بالإقبال على كتاب الله، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم-، وكتب أهل العلم الموثوقين مثل (رياض الصالحين) ، و (الأذكار) للنووي، وأسماء الله، -ولله الحمد- موجودة ميسرة في القرآن، واقرئي

قوله تعالى: "هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم" [الحشر: 22] إلى آخر سورة الحشر، واقرئي آية الكرسي، وفي ذلك غنية لك عن هذه الكتب التي تقوم على الدعاوى الباطلة، فهي إذاً كتب ضلال وإضلال، وقانا الله وإياك شر المضلين، وهدانا بمنه وكرمه صراطه المستقيم. والله أعلم.

حفظ أسماء الله الحسنى وتعيينها

حفظ أسماء الله الحسنى وتعيينها المجيب د. عبد العزيز بن عمر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 2/5/1424 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أرجو إفادتي عن كيفية الحصول على الأسماء الحسنى المضبوطة، حيث إنني وجدتها مختلفة في أكثر من كتاب، حيث تحتوي بعض الكتب على أسماء لا تحتوي عليها بعض الكتب الأخرى، كما أرجو تفسير سبب ذلك الاختلاف، وكيف نستطيع التحقق من صحة الأسماء؟ وهل كلها من أسماء الله الحسنى؟ وكيف أستطيع أن أحفظ تسعة وتسعين اسماً كما ورد في الحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - "إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة، إنه وتر يحب الوتر". الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد: فأسأل الله تعالى أن يجزي الإخوة المشايخ الفضلاء القائمين على موقع (الإسلام اليوم) خير الجزاء على الجهد الجبار الذي يقومون به خدمة لدينهم وأداء للرسالة الملقاة على عواتقهم، وحيث إنهم قد أحسنوا بي الظن، ووجهوا إلي بعض الأسئلة العقدية الموجهة إليهم فقد رغبت في المساهمة معهم متلمساً قول الشاعر: أسير خلف ركاب القوم ذا عرج *** مؤملاًَ كشف ما لاقيت من عوج فإن ظفرت بهم من بعد ما سبقوا*** فكم لرب النوى في ذاك من فرج وإن بقيت بظهر الأرض منقطعاً *** فما على عَرَجٍ في ذاك من حرج وخير منه قوله تعالى: كما في الحديث القدسي: "هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" البخاري (6408) ، ومسلم (2689) متوخياً الصواب فيما أقول راجياً من الله تعالى التوفيق والسداد والعمل بالرشاد، وأن يستخدمنا لطاعته وفي مرضاته. يقول السائل أرجو إفادتي عن كيفية الحصول على أسماء الله الحسنى المضبوطة ... الجواب عليه: الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

أسماء الله تعالى كلها حسنى، والحسنى صيغة مبالغة من الحسن، والأصل فيها قوله تعالى: "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأعراف:180] ، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: "إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة "وزاد همام عن أبي هريرة – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم- "إنه وتر يحب الوتر" متفق عليه البخاري (2736) ، ومسلم (2677) . وقد انقسم الأئمة الأعلام في فهم الحديث السابق إلى فريقين: الفريق الأول: يرى أن الله عز وجل ليس له سوى هذا العدد من الأسماء، وأن الغرض من الحديث هو الحصر للأسماء بالعدد السابق تسعة وتسعين، ومن هؤلاء الإمام أبو محمد بن حزم وآخرون.

الفريق الثاني: يرى أن الله تعالى له أكثر من هذه الأسماء الوارد عددها في الحديث السابق، وأن المراد بالحديث ليس الحصر في هذا العدد، بل المراد بالحديث أن من أحصى هذه الأسماء دخل الجنة، قال الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى-: قوله "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة" رواه البخاري (2736) ، ومسلم (2677) ، فالكلام جملة واحدة وقوله ومن أحصاها دخل الجنة صفة لا خبر مستقبل، والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة، وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها، وهذا كما تقول لفلان مائة مملوك وقد أعدهم للجهاد فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد وهذا لا خلاف بين العلماء فيه) انظر: بدائع الفوائد (1/177) قوله: (فقوله: "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة" لا ينفي أن يكون له غيرها، والكلام جملة واحدة أي له أسماء موصوفة بهذه الصفة كما يقال لفلان مائة عبد أعدهم للتجارة، وله مائة فرس أعدها للجهاد، وهذا قول الجمهور، وخالفهم ابن حزم فزعم أن أسماءه تنحصر في هذا العدد..) انظر شفاء العليل (2/277) . وهذا الفريق انقسم أيضاً إلى قسمين: القسم الأول: يرى جواز إطلاق أي اسم على الله تعالى شريطة أن يدل على الكمال، وشريطة أن لا يرد في الشرع ما يمنع من إطلاقه، كالموجود، والصانع، والذات، وهذا مذهب أهل الضلال من المبتدعة كالمعتزلة والكرامية والباقلاني من الأشاعرة، ولا شك في بطلانه لعموم قوله تعالى: "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" [الأعراف:33] ، كما أن أسماء الله تعالى توقيفية لا يجوز أن نطلق عليه تعالى إلا ما ورد في الكتاب أو السنة.

القسم الثاني: يرى أنه لا يجوز أن نطلق على الله تعالى إلا ما ورد في الكتاب والسنة حتى لو كان معناه صحيحاً، فلا يقال (الموجد) بل يقال: (الخالق) لعدم ورود الأول وورود الثاني، ولا يقال (العاقل) ويقال (الحكيم) ولا يقال (السخي) ويقال (الكريم) ولا يقال (الشفيق) ويقال (الرحيم) وهكذا. أما معنى من أحصاها دخل الجنة ففيها لأهل العلم تفصيل هو: 1. أن المراد من الإحصاء هو: مجرد العد والحفظ، ودعاء الله تعالى بها كلها، ولم يقتصر في دعائه على بعضها مع الإيمان بها، لعموم قوله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ" [يّس:12] . 2. أن المراد من الإحصاء هو: الإطاقة، كما قال تعالى: "علم أن لن تحصوه" [المزمل: 20] أي: لن تطيقوه، فمن أحصاها: أي من قام بحقها، فإذا قال: (الحكيم) سلم بجميع أوامره، وإذا قال (القدوس) نزهه عن كل النقائص، وإذا قال: (الرزَّاق) وثق من أن الرزق من عنده تعالى فلم يتملَّق للخلق ... وهكذا. 3. أن المراد من الإحصاء هو: الإحاطة، وهذا مأخوذ من قول العرب: فلان ذو حصاة، أي عقل ومعرفة، فعلى المسلم أن يبذل غاية جهده في الإحاطة بأسمائه تعالى من الكتاب والسنة المطهرة. 4. أن المراد من الإحصاء هو: العمل بمقتضى هذه الأسماء، فما يسوغ الاقتداء بمعناه اقتدى به كالغفور، والرحيم، والكريم. وما يختص به تعالى يقر العبد به ويخضع له، كالجبار، والمتكبر، والأحد. وما كان فيه معنى الوعد رغب العبد فيه وتطلع إليه، كالوهاب، والولي، واللطيف، وما كان في معنى الوعيد خاف العبد منه وخشيه، كالمنتقم، العدل، والقهار. والذي يبدو لي أن معنى الإحصاء من هذا هو كل ما سبق لا واحداً منها.

أما كيفية الحصول عليها بطريق مأمونة فلا آمن من الكتاب والسنة، ويمكن تتبع هذه الأسماء من خلال الكتاب والسنة ومعرفتها، علماً أنه لم يرد في تحديدها عن المعصوم – صلى الله عليه وسلم – حديثاً جامعاً لها، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى كما في الفتاوى (22/482 – 484) (أن التسعة والتسعين اسماً لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم - وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب بن أبي حمزة وحفاظ أهل الحديث يقولون هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث، وفيها حديث ثان أضعف من هذا رواه ابن ماجة، وقد روى في عددها غير هذين النوعين من جمع بعض السلف، وهذا القائل الذي حصر أسماء الله في تسعة وتسعين لم يمكنه استخراجها من القرآن، وإذا لم يقم على تعيينها دليل يجب القول به لم يمكن أن يقال هي التي يجوز الدعاء بها دون غيرها، لأنه لا سبيل إلى تمييز المأمور من المحظور، فكل اسم يجهل حاله يمكن أن يكون من المأمور ويمكن أن يكون من المحظور، وإن قيل لا تدعو إلا باسم له ذكر في الكتاب والسنة قيل هذا أكثر من تسعة وتسعين.

الوجه الثاني: أنه أعلى ما في حديث الترمذي مثلاً، ففي الكتاب والسنة أسماء ليست في ذلك الحديث مثل اسم الرب فإنه ليس في حديث الترمذي، وأكثر الدعاء المشروع إنما هو بهذا الاسم كقول آدم "ربنا ظلمنا انفسنا" [الأعراف: 23] ، وقول نوح "رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم" [هود: 47] ، وقول إبراهيم: "ربنا اغفر لي ولوالدي" [إبراهيم: 41] ، وقول موسى "رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي" [القصص: 16] ، وقول المسيح "اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء" [المائدة: 114] ، وأمثال ذلك، حتى إنه يذكر عن مالك وغيره أنهم كرهوا أن يقال يا سيدي، بل يقال يا رب لأنه دعاء النبيين وغيرهم كما ذكر الله في القرآن، وكذلك اسم المنان، ففي الحديث الذي رواه أهل السنن أن النبي – صلى الله عليه وسلم – سمع داعياً يدعو اللهم إني أسألك بأن لك الملك وأنت الله المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم فقال النبي "لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى" وهذا رد لقول من زعم أنه لا يمكن في أسمائه المنان، وقد قال الإمام أحمد رضي الله عنه لرجل ودعه قل (يا دليل الحائرين دلني على طريق الصادقين واجعلني من عبادك الصالحين) ، وقد أنكر طائفة من أهل الكلام - كالقاضي أبي بكر وأبي الوفاء بن عقيل - أن يكون من أسمائه الدليل لأنهم ظنوا أن الدليل هو الدلالة التي يستدل بها، والصواب ما عليه الجمهور، لأن الدليل في الأصل هو المعرف للمدلول، ولو كان الدليل ما يستدل به فالعبد يستدل به أيضاً فهو دليل من الوجهين جميعاً، وأيضاً فقد ثبت في الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "إن الله وتر يحب الوتر" البخاري (6410) ، ومسلم (2677) وليس هذا الاسم في هذه التسعة والتسعين، وثبت عنه في الصحيح أنه قال: "إن الله جميل يحب الجمال" مسلم (91) ، وليس هو فيها، وفي الترمذي (2799) ، وغيره أنه قال: "إن الله نظيف يحب النظافة"

وليس فيها، وفي الصحيح عنه أنه قال: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً" مسلم (1015) ، وليس هذا فيها، وتتبع هذا يطول، ولفظ التسعة والتسعين المشهورة عند الناس في الترمذي (3507) : "الله الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدئ المعيد المحيي المميت الحي القيوم الواجد الماجد الأحد. ويروى الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعالي البر التواب المنتقم العفو الرؤوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغني المغني المعطي المانع الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"، ومن أسمائه التي ليست في هذه التسعة والتسعين اسمه السبوح، وفي الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: "سبوح قدوس" انظر: مسلم (487) ، واسمه الشافي كما ثبت في الصحيح أنه كان يقول: "أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقماً" البخاري (5678) ، ومسلم (2191) ، وكذلك أسماؤه المضافة مثل أرحم الراحمين وخير الغافرين ورب العالمين ومالك يوم الدين وأحسن الخالقين وجامع الناس ليوم لا ريب فيه ومقلب القلوب وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة، وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين وليس من هذه التسعة والتسعين، الوجه الثالث ما احتج به الخطابي وغيره وهو حديث ابن مسعود – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن

اللهم إني عبدك وابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه وأبدله مكان حزنه فرحاً" قالوا يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات قال:"أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" أحمد (3712) ، والحاكم (1/509-510) ، وابن حبان (972) ، وغيرهم. وهذا الحديث الأخير مما استدل به العلماء على أن لله تعالى أكثر من تسعة وتسعين اسماً، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه أجمعين والحمد لله رب العالمين.

هل من أسماء الله: الواجد والماجد؟

هل من أسماء الله: الواجد والماجد؟ المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 15/05/1426هـ السؤال هل الواجد والماجد من أسماء الله أم لا؟ أفتوني مأجورين. الجواب اسم الواجد والماجد ذكرهما بعض الأئمة والعلماء من ضمن أسماء الله الحسنى، كالأصبهاني وابن منده والبيهقي، وذلك استناداً منهم على رواية سرد الأسماء الحسنى التي أصلها في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة" صحيح البخاري (2736) ، وصحيح مسلم (2677) . وقد وردت روايات أخرى للحديث بطرق مختلفة عند الترمذي (3507) ، وابن ماجة (3861) ، والحاكم (42) ، والبيهقي في شعب الإيمان (102) ، وفيها سرد الأسماء الحسنى على اختلاف بين هذه الروايات في تعيين الأسماء. وهذان الاسمان المذكوران في السؤال وردا عند الترمذي والحاكم والبيهقي من رواية الوليد بن مسلم، عن شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. والمحققون من أهل العلم على أن هذه الرواية وغيرها تعتبر مدرجة في ذلك الحديث، وليست من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد حكى شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى (22/482،6/379) - اتفاق أهل المعرفة بالحديث على أنها من كلام بعض السلف، وذهب إلى ذلك أيضاً الإمام ابن حزم وابن العربي وابن كثير وابن حجر والصنعاني وابن الوزير والحسين المغربي والألباني -رحمهم الله جميعاً-. وليست العلة في هذه الزيادة تفرّد الوليد بن مسلم بها -كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/219) - بل للاختلاف فيه، والاضطراب وتدليسه واحتمال الإدراج. وإذا كان الحديث ضعيفاً فلا يصح إثباتهما من أسماء الله الحسنى، ولا أعرف دليلاً لمن ذكرهما غير هذه الرواية.

يقول ابن القيم -رحمه الله- في كتابه المدارج، في كلامه على منزلة (الوجود) : " فأما الواجد فلم تجيء تسميته به إلا في حديث تعداد الأسماء الحسنى، والصحيح أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ومعناه صحيح؛ فإنه ذو الوجد والغنى".

صيغة الجمع في القرآن

صيغة الجمع في القرآن المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 3/6/1423 السؤال في بعض الآيات التي أعجز عن فهمها، وأسهل مثال:"إنا أعطيناك الكوثر" (إنا) للجمع، والله واحد أحد فرد صمد. كيف ذلك، وكثير من الآيات تحمل (إنا) وكأن مجموعة تكتب القرآن؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لقد نزل القرآن الكريم بلغة العرب، وعلى مجاري كلامهم وتراكيب ألفاظهم يقول -تعالى-:"بلسان عربي مبين" [الشعراء:195] ومن الأساليب الجارية على ألسنتهم كثيراً التعبير عن الواحد المفرد بضمير الجمع، ولهذا الأسلوب عندهم مقاصد من أشهرها: التعظيم والتفخيم كالذي يجري كثيراً على ألسنة الملوك والرؤساء من قول أحدهم: أمرنا بكذا، وعزمنا على كذا، ونحو ذلك، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مواضع عديدة ما يدل على استعمال هذا الأسلوب، منها: ما أخرجه البخاري وغيره في خبر وفاة إبراهيم ولد النبي - صلى الله عليه وسلم-، وفيه قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" البخاري (1303) ومسلم (2315) ، ومثل ذلك ما وقع في خبر أسرى هوازن كما أخرجه البخاري (2308) وغيره لما أراد النبي ردهم إلى أهلهم، قال:"إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن" الحديث، وفي القرآن الكريم وردت آيات كثيرة على هذا الأسلوب كالتي ذكرها السائل والقصد فيها التعظيم، وكقوله -تعالى-:"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر:9] ، هذا وبالله التوفيق.

عبارة: (يا معين)

عبارة: (يا معين) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 3/2/1425هـ السؤال أنوه بداية أني وضعت من أهداف بريدي هذا تقديم خدمة الفتوى للإخوة والأخوات الذين أعرفهم. هل قول الرجل (يا معين) في دعائه فيه شيء؟ وهل اسم (المعين) من أسماء الله؟. الجواب الحمد لله، قول الرجل إذا أراد أن يقوم بأمر من الأمور: يا معين، يقصد رب العالمين، فإنه لا بأس به، فإن العبد لا يقوى على أي أمر من أموره إلا أن يعينه الله، وخير ما يستعين فيه العبد ربه ما يقربه إليه من أنواع الطاعة، وهي عبادته سبحانه وتعالى كما قال تعالى: "إياك نعبد وإياك نستعين" [الفاتحة:5] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- لمعاذ - رضي الله عنه-: يا معاذ إني أحبك لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" النسائي (1303) ، وأبو داود (1522) وأحمد (21614) ، وصححه الألباني، وقال - صلى الله عليه وسلم- في وصيته لابن عباس -رضي الله عنهما-: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله" الترمذي (2516) ، وأحمد (2664) وقد صححه الألباني إضافة إلى تصحيح الترمذي، وأما كون لفظ (المعين) اسماً لله فلا أذكر أنه ورد في شيء من الآثار إلا أن معناه صحيح كالمنعم، فإنه سبحانه وتعالى المنعم بجميع النعم، وهو المعين لمن شاء على ما شاء، فإنه تعالى لا حول ولا قوة إلا به، وإذا كان هذا اللفظ لم يرد اسماً من أسماء الله، فالأولى أن يقول الإنسان: يا الله أعني، يا قوي، يا حي، يا قيوم أعني، وما أشبه ذلك؛ كما جاء في وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- لمعاذ - رضي الله عنه-، وعلى هذا فلا ينكر على من قال: يا معين أعني ما دام إنه يقصد الاستعانة بالله، لكن يرشد إلى ما هو الأفضل. والله أعلم.

هل (الستير) من أسماء الله

هل (الستير) من أسماء الله المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 25/12/1424هـ السؤال إلى فضيلة الشيخ سلمان: -حفظه الله-: قرأت في بعض المنتديات أن الحديث الذي يدل على أن من أسماء الله الستير منقطع بين عطاء ويعلى -رضي الله عنهما-، وأن تصحيح الشيخ الألباني لهذا الحديث لا يسلم، فهل هذا الكلام صحيح؟ ولو صح فلا يكون اسم الستير من أسماء الله -سبحانه وتعالى-، وإذا كان كذلك فهل يكون من صفاته؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول وبالله التوفيق:

مما ينبغي أن يعلم أن أسماء الله -تعالى- ليست محصورة بعدد معين، يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله- في القواعد المثلى ص13-14: (أسماء الله -تعالى- غير محصورة بعدد معين لقوله - صلى الله عليه وسلم- في الحديث المشهور: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ... " الحديث رواه أحمد (3712) وابن حبان (972) في المستدرك (1/509-510) والحاكم، وهو صحيح، وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به، فأما قوله - صلى الله عليه وسلم-: "إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة" البخاري (2736) ، ومسلم (2677) ، فلا يدل على حصر أسماء الله بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة: إن أسماء الله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة، أو نحو ذلك) ، وقال أيضاً: (ولم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم-تعيين هذه الأسماء، والمروي في تعيينها ضعيف) ، وأما ما سألت عنه من درجة الحديث، فالحديث خرجه أبو داود في سننه كتاب: الحمام، باب: النهي عن التعري برقم (4012) ، (4/302) عن عطاء عن يعلى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يغتسل بالبراز بلا إزار، فصعد المنبر، فحمد لله، وأثنى عليه ثم قال: "إن الله - عز وجل- حييٌّ ستير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر" وخرجه أبو داود أيضاً في الحديث بعده برقم: 4013، (4/302-303) ، والنسائي (1/200) ، والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات (ص113) ، والإمام أحمد في المسند (4/424) ، وغيرهم.

ومن المحققين من صححه كالألباني، ومنهم من حسنه، وأما القول بأن في إسناده انقطاعاً بين عطاء ويعلى -رضي الله عنه-فإن الحديث قد ورد من طريق آخر عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه -رضي الله عن- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- كما في سنن أبي داود، والنسائي، ومسند الإمام أحمد، وعند البيهقي في الأسماء والصفات. وكثيراً ما يرد في عبارات المحققين من العلماء إيراد هذا وأمثاله في حق الله -تعالى-، فيقال: إن الله بر يحب الأبرار، عدل يحب أهل العدل، حييٌّ ستير يحب أهل الحياء والستر، عفو يحب من يعفو عن عباده، ويغفر لهم، صادق يحب الصادقين، رفيق يحب الرفق، جواد يحب الجود وأهله ... إلخ.. ما يذكر في حق الله -تعالى- من ذلك، وانظر على سبيل المثال شرح العمدة في الفقه لابن تيمية (1/ 401) ، والوابل الصيب لابن القيم (1/54) ، وشفاء العليل (1/105-263) ،وطريق الهجرتين (1/214) . ويقول ابن القيم - رحمه الله في نونيته: وهو الحييّ فليس يفضح غيره *** عند التجاهر منه بالعصيان لكنه يلقي عليه ستره *** فهو الستير وصاحب الغفران وهو الحليم فلا يعاجل غيره *** بعقوبة ليتوب من عصيان انظر شرح قصيدة ابن القيم (2/227) ، وعلى هذا فلا حرج من إيراد هذا في حق الله -تعالى- والله الموفق.

معنى علو الله تعالى

معنى علو الله تعالى المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 2/9/1424هـ السؤال أعلم أن العقيدة الإسلامية هي الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره؛ إلا أن قريبة لي قالت لي عندما رأتني أرفع يديّ لله عز وجل قالت: لماذا رفعت يديك؟ ولما قلت: لله سبحانه وتعالى، قالت لي: وما يدريك أن الله في السماء؟ وذكرت لي أقوال وأحاديث كالآتي: قال سيدنا علي كرم الله وجهه: "كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان". أما أهل الحق فقد أجمعوا على تنزيه الله عن المكان والجهات والحد والتغير والحدوث والجلوس والقعود وغيرها من العقائد التي تبثها المشبهة بين المسلمين، يلي ذكر القول من المذاهب الأربعة وغيرها على أن أهل السنة يقولون: الله موجود بلا مكان ولا جهة. (1) قال مصباح التوحيد ومصباح التفريد الصحابي الجليل والخليفة الراشد سيدنا علي رضي الله عنه (40 هـ) ما نصه (1) : (كان- الله- ولا مكان، وهو الآن على ما- عليه- كان اهـ. أي بلا مكان. (2) وقال أيضا (2) : "إن الله تعالى خلق العرش إظهارًا لقدرته لا مكانا لذاته" أهـ. (3) وقال أيضا (3) : (من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود" اهـ. (المحدود: ما له حجم صغيرا كان أو كبيرا) . (4) وقال التابعي الجليل الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم (94 هـ) ما نصه (4) : (أنت الله الذي لا يحويك مكان" أهـ. (5) وقال أيضا (5) : (أنت الله الذي لا تحد فتكون محدودا) اهـ.

(6) وقال الإمام جعفر الصادق (6) بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين رضوان الله عليهم (148 هـ) ما نصه (7) : "من زعم أن الله في شيء، أو من شيء، أو على شيء فقد أشرك. إذ لو كان على شيء لكان محمولاً، ولو كان في شيء لكان محصوراً، ولو كان من شيء لكان محدثاً- أي مخلوقا" أهـ. (7) قال الإمام المجتهد أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه (150 هـ) أحد مشاهير علماء السلف إمام المذهب الحنفي ما نصه (8) : "والله تعالى يرى في الآخرة، ويراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رؤوسهم بلا تشبيه ولا كميّة، ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة" اهـ. (8) وقال أيضا في كتابه الوصية (9) : "ولقاء الله تعالى لأهل الجنة بلا كيف ولا تشبيه ولا جهة حق" اهـ. (9) وقال أيضًا (10) : " قلت: أرأيت لو قيل أين الله تعالى؟ فقال- أي أبو حنيفة-: يقال له كان الله تعالى ولا مكان قبل أن يخلق الخلق، وكان الله تعالى ولم يكن أين ولا خلق ولا شىء، وهو خالق كل شىء" اهـ.. (10) وقال أيضا: (11) : "ونقر بأن الله سبحانه وتعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة إليه واستقرار عليه، وهو حافظ العرش وغير العرش من غير احتياج، فلو كان محتاجا لما قدر على إيجاد العالم وتدبيره كالمخلوقين، ولو كان محتاجا إلى الجلوس والقرار فقبل خلق العرش أين كان الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا" اهـ. أرجو الرد على هذه الأقوال، وهل يجب علينا أن ننكر صفة المكان والجهة كما ورد؟. حفظكم الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فإن مما دلت عليه نصوص الكتاب العزيز وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأجمع عليه أهل السنة والجماعة إثبات صفة العلو لله تعالى كما يليق به سبحانه، وأنه تعالى على العرش استوى، استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشبه شيئاً من مخلوقاته ولا يشبهه شيء من مخلوقاته: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى:11] . أما إنكار رفع اليدين إلى السماء فهو إنكار لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم- في العديد من المواقف والجامع العظيمة، كما حصل منه - صلى الله عليه وسلم- أمام عشرات الألوف من الصحابة - رضي الله عنهم- في عرفة في حجة الوداع، وعند الجمرات، وعلى الصفا والمروة، وعند الاستسقاء، فكان - صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه إلى السماء في الدعاء، ومن أنكر ذلك فقد رد سنة النبي - صلى الله عليه وسلم- الفعلية كما تقدم، والقولية في قوله - صلى الله عليه وسلم-: " ... يَمُدُّ يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب" رواه مسلم (1015) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفي حديث استحياء الله من عبده أن يرفع يديه إليه بالدعاء، فيردهما صفراً، انظر ما رواه الترمذي (3556) وأبو داود (1488) وابن ماجة (3865) من حديث سلمان الفارسي - رضي الله عنه - وغيرها من الأحاديث.

أما نصوص آيات العلو فأكثر من أن تحصر، ومنها قوله تعالى: "أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ... " [الملك:16] ولم يقل سبحانه: أأمنتم من في كل مكان، أو من لا في مكان، كما تدعي المنكرة، وكذلك قوله تعالى: "إليه يصعد الكلم الطيب ... " [فاطر:10] فهل الصعود إلا إلى العلو؟ وكذلك: "تعرج الملائكة والروح إليه" [المعارج:4] والعروج لا يكون إلا إلى العلو، وكذلك: "تنزيل الكتاب" [السجدة:2] من العلو إلى الأسفل وغيرها من النصوص التي لا تحصى، ثم إن دعوى أن الله لا في مكان فهذه لا يوصف بها إلا العدم، ومن قال بذلك يلزمه القول بنفي وجود الله تعالى، وكذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لما سأل الجارية أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: رسول الله، قال – صلى الله عليه وسلم-: اعتقها فإنها مؤمنة" رواه مسلم (537) من حديث معاوية بن الحكم السلمي – رضي الله عنه -، فهذا إقرار من النبي –صلى الله عليه وسلم- للجارية على جوابها، ولو كان لا يجوز أن يقال إن الله في السماء لما أقرها على جوابها، ولا يجوز عليه – صلى الله عليه وسلم- تأخير البيان وقت الحاجة. والمراد بقولنا: في السماء، ليس معناه أن شيئاً من مخلوقاته يحويه سبحانه وتعالى، ولكن المراد بـ (في) هنا بمعنى (على) كما في قوله تعالى: "يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون" [النحل:50] ، وقوله تعالى: "وهو القاهر فوق عباده" [الأنعام:18] ، فقولنا: الله في السماء بمعنى في العلو أو على السماء، وكذلك قولنا باستواء الله على العرش فهو استواء يليق بجلاله تعالى كما أخبرنا به عن نفسه سبحانه، وقد قال تعالى: "قل أأنتم أعلم أم الله" [البقرة:140] ، ولا يدل ذلك على أن شيئاً من مخلوقاته يحويه أو أنه محتاج إليه أو نحو ذلك من لوازم استواء المخلوقين.

ثم إن توجه القلب واليدين إلى السماء عند الدعاء هو من أدلة الفطرة السليمة التي تثبت ما أثبته الكتاب والسنة من أن الله تعالى في العلو. ولذلك لما قام الجويني - أحد كبار المتكلمين- يقول ما قالته المنكرة على المنبر: (كان الله ولا مكان وهو على ما كان ... إلخ..) ، قال له رجل من الحاضرين: أخبرنا يا إمام عن الضرورة التي نجدها في قلوبنا فإنه ما قال عارف قط: يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة طلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا، فلطم أبو المعالي على رأسه ونزل وقال: حيرني الهمداني. أما ما ذكرته المعترضة من لوازم باطلة فهذه اللوازم لوازم صفات المخلوقين من الجلوس والقعود، أما الله تعالى فليس كمثله شيء. وما ذكرته من شبه هي شبه المتكلمين الذين تأثروا بعلم الكلام في القرن الثالث الهجري، ولم تكن معروفة عن الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين ولا أتباعهم ولا الأئمة الأربعة، وإنما قال بها الأشاعرة والمعتزلة من المتكلمين، وهذا مخالف للكتاب والسنة، وعقيدة أهل السنة والجماعة. وما نقلته من بعض الكتب عن أئمة آل البيت - رضي الله عنهم- وعن الإمام أبي حنيفة فكله كذب وافتراء عليهم، ولم تكن هذه المقولات معروفة في زمانهم، وعليك أختي السائلة مراجعة كتاب: (العلو للعلي الغفار للإمام الذهبي لتقفي على أقوال الأئمة الصحيحة عن هذه العقيدة) . وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه وسائر المسلمين.

ما الفرق بين أسماء الله وصفاته؟

ما الفرق بين أسماء الله وصفاته؟ المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 15/8/1424هـ السؤال ما الفرق بين أسماء الله وصفاته، الكريم - مثلاً - اسم من أسماء الله، هل هو صفة أيض الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فيمكن فهم العلاقة بين أسماء الله وصفاته بالرجوع إلى القواعد المتعلقة بأسماء الله وصفاته ومن أحسن المختصرات النافعة في ذلك كتاب "القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى" للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، ومما ذكره في ذلك بيانه أن أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف، فهي أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهي بالاعتبار الأول مترادفة؛ لدلالتها على مسمى واحد وهو الله - عز وجل - وبالاعتبار الثاني متباينة؛ لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فالحي، والعليم والقدير والسميع والبصير، والرحمن، والرحيم، والعزيز، والحكيم كلها أسماء لمسمى واحد وهو الله سبحانه وتعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير وهكذا. ومن القواعد المعينة أيضاً على فهم هذه المسألة معرفة أن باب الصفات أوسع من باب الأسماء؛ وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة؛ ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله لا منتهى لها، ومن أمثلة ذلك أن من صفات الله تعالى المجيء والإتيان والأخذ والإمساك، والبطش إلى غير ذلك من الصفات فنصف الله سبحانه وتعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد ولا نسميه بها، فلا نقول: إن من أسمائه الجائي والآتي، والآخذ والممسك، والباطش والنازل ونحو ذلك، وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

معنى الله معنا

معنى الله معنا المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 12/3/1425هـ السؤال سمعت في المذياع في أحد الأيام، وقد قال الشيخ: (نسأل الله أن يكون معنا بذاته) فلم أفهم معنى هذه الكلمة، وهل هي جائزة شرعاً؟ وما المقصود منها؟. الجواب معية الله لخلقه بعلمه ونصره، وتأييده، فهو يعلم السر وأخفى، وهو مع عباده المؤمنين بالنصر، والتأييد، والحفظ، ولا يقال: معنا بذاته؛ لأن المخلوقات لا تحوزه، "وسع كرسيه السماوات والأرض" [البقرة:255] ، "والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه" [الزمر:67] ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: والسماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم انظر تفسير الطبري (27823) ، فلا يقال: إنه معنا بذاته، ولا يطلب ذلك في الدعاء؛ لأن ذلك ليس فيه تعظيم لله، فالله أكبر وأعظم من مخالطته لعباده، وهو أعظم من أن تحوزه المخلوقات فهو فوق سماواته بائن من خلقه مستو على عرشه كما أخبر عن نفسه.

هل (القديم) من أسماء الله؟

هل (القديم) من أسماء الله؟ المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 6/3/1425هـ السؤال أرجو منكم إفادتي بما يأتي: أولاً: ورد في كتاب الأذكار للنووي- باب ما يقول عند دخول المسجد والخروج منه - حديث ابن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا دخل المسجد يقول: "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم" حسنه النووي.. ثانياً: وفي العقيدة الطحاوية قول المؤلف: "قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء"، وقول الشارح: (وقد أدخل المتكلمون في أسماء الله تعالى القديم، وليس هو من الأسماء الحسنى، وقد أنكر ذلك كثير من السلف والخلف) ، فالسؤال هو عن قوله -صلى الله عليه وسلم- " وسلطانه القديم " وقول الطحاوي " قديم بلا ابتداء"، (1) فما معنى القديم في كل من القولين؟ (2) إذا تأملنا قول النبي -عليه الصلاة السلام -" أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، فكل الصفات المذكورة راجعة إما إلى الله في الأولى، أو إلى وجهه في الثانية، أو إلى سلطانه في الثالثة، أليست هي كلها إلى الله في النهاية؟ (3) وإذا لم يكن كذلك فما معنى: "وسلطانه القديم"؟ وهل سيزول سلطانه في النهاية، أو يبلى أو سيبقى إلى حين وجود السلطان الثاني؟ (4) قول المؤلف: "وقد أنكر ذلك كثير من السلف والخلف" فلم احتاج الطحاوي إلى استعمال لفظ "قديم" ثم زاد "بلا ابتداء"؟ أرجو الإفادة -والله يجزيكم خيراً-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

القديم يطلق ويراد به ما تقدم على غيره؛ كقوله –تعالى-: "حتى عاد كالعرجون القديم" [يس:39] ، وقوله: "إنك لفي ضلالك القديم" [يوسف:95] ، ويطلق ويراد به القديم الأزلي، واعلم – بارك الله فيك- أن الذي عليه سلف الأمة وأئمتها المحققون أن أسماء الله – سبحانه – توقيفية فلا يسمى الله إلا بما سمى به نفسه، أو سماه به رسوله – صلى الله عليه وسلم- واسم القديم لم يرد في الكتاب والسنة، ويغني عنه اسم (الأول) الذي ثبت في الكتاب والسنة، والإجماع، يقول شيخ الإسلام: (هذا اللفظ لا يوجد لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه – صلى الله عليه وسلم-، بل ولا جاء اسم القديم في أسماء الله –تعالى- وإن كان من أسمائه الأول) منهاج السنة (2/123) ، وعلى هذا فالممنوع يا أخي هو تسمية الله بهذا اللفظ؛ لأن الأسماء كما تقدم توقيفية، وأما في باب الإخبار عن الله –تعالى- فالأمر في ذلك واسع، يقول ابن القيم –رحمه الله-: (ما يطلق على الله في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفياً كالقديم، والشيء والموجود والقائم بنفسه) ، بدائع الفوائد (1/170) ، أما الحديث: "وسلطانه القديم" رواه أبو داود (466) من حديث ابن عمرو – رضي الله عنهما - هنا سلطانه –تعالى- وفرق بين أسمائه –تعالى- وأوصاف صفاته، والمنع من إطلاق هذا الاسم على الله لا يعني نفي معناه الصحيح الذي يدل عليه اسم (الأول) ، وإنما الممنوع تسمية الله –تعالى- به، وبالتالي لا يرد ما فهمته من أن نفي ذلك يعني زوال سلطانه، فالله –تعالى- قديم، وسلطانه قديم، أزلاً وأبداً، نخبر بذلك، لكن لا نعد ذلك من أسماء الله –تعالى- فلا نُعبد أحداً له مثل: عبد القديم، ومن هنا تدرك مراد شارح الطحاويه حين ذكر إنكار السلف والخلف لهذه اللفظة أن ذلك في باب الأسماء، وعليه فصاحب المتن حين قال: (قديم بلا ابتداء) إن أراد الإخبار عن الله فهو جائز، وإن أراد لتسميته بذلك، فكلام الشارح في

محله. وفق الله الجميع للعلم النافع في العمل الصالح.

التجسيم في الإسلام والنصرانية

التجسيم في الإسلام والنصرانية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 7/11/1424هـ السؤال السلام عليكم. أنا مسلم هندي، وأقوم بالدعوة لمبشر أمريكي في موقع ضد الإسلام. وقد أخبرته عن فقرات التجسيم في الإنجيل ومفهوم تجسيد المسيح والتثليث. وقد أجابني بأن القرآن يذكر آيات تجسيم، وقَدَّم لي آيات من القرآن وبعض أحاديث تصف الله بأن له عرش، وعين ووجه وساق..الخ. وقد اتهم المسلمين بأنهم مجسمة بسبب هذه الآيات. وقال في رسالته لي بأن أهل السنة يؤمنون بهذه الصفات لله وبأنها على الحقيقة بدون تأويل أو تشبيه أو تعطيل. وأريد أن أسألكم كيف نوضح صفات الله لغير المسلمين؟ إذا قلنا: إن ذلك شيء يليق بجلاله، ولا يستطيع الإنسان الإحاطة بها.. يرد النصارى: وكذلك الله اتخذ ولدا بدون تأويل أو تشبيه أو تعطيل ولا نستطيع الإحاطة بذلك أيضاً. ما هو أفضل رد على النصارى بهذا الشأن؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

ليس في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة أي صفات لله - سبحانه وتعالى- يظهر فيها نقص، فأسماء الله وصفاته كمال، وهي حسنى، "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" [الأعراف من الآية: 180] ، ونحن لا نفوض معاني الأسماء والصفات بل هي معلومة بحسب لغة العرب، وهي مفهومة لعامة من يقرأ القرآن الكريم، وإنما نفوض كيفيات تلك الصفات التي لا نحيط بها علماً، وهذا من كماله سبحانه "يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً" [طه من الآية:110] ، فعلى سبيل المثال نعلم أن الله -سبحانه عليم-، وأنه يعلم كل شيء، وأنه قد أحاط بكل شيء علماً، ولا يخفى على علمه شيء، وأن علمه غير مسبوق بجهل وغير ملحوق بنسيان، وأما كيفية علمه –سبحانه- فنفوضها إليه – سبحانه -، كما قال الإمام مالك عن الاستواء: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.

وكذلك الحالة لكافة صفاته - سبحانه- فنعلم أن له -سبحانه- وجهاً ويدين يليقان به -سبحانه وتعالى - ولا نعلم كيفيتها. أما عند النصارى من نسبة الولد إلى الله -سبحانه وتعالى- فنحن لا نجادل في حقيقة ذلك وكيفيته، وإنما في معناه المعقول لدينا، فهذه العقيدة تنافي توحيد الله -سبحانه- واستغناءه عن غيره حيث إن النصارى القائلين بألوهية المسيح - عليه السلام - أو جاعلوه ثالث ثلاثة، وجعلوا فيه من اللاهوت زعموا، لم يجعلوا الرب مستغنياً عن خلقه، بل هو بحاجة إلى ذلك الجسد المخلوق المولود من مريم -عليها السلام- والمعلق على خشبة صلباً، كما أنه بحاجة إلى الطعام والشراب، وهذا أمر معلوم معقول ليس كأمر حقيقة صفاته -سبحانه-، إذ أن الولد ليس صفة له -سبحانه- بل هو منفصل عنه -سبحانه وتعالى -، وما ينسب إلى الله -سبحانه- من الصفات ليس شيئاً غيره، إذ لا تقوم هذه الصفات بنفسها، وليست هناك صفة بدون موصوف، وأما ما ينسب إليه -سبحانه- من الأعيان كما نسب النصارى الولد فهي ليست صفات له -سبحانه-، إذ أنها تقوم بنفسها، وهي غير الله، فلا قياس، وقد قال -سبحانه وتعالى- رداً على النصارى: "ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون" [المائدة: 75] ، فبدعة الولد ابتدعها النصارى غلواً في المسيح -عليه السلام- لم يأت بها أحد من الأنبياء، وهي معارضة للتوحيد الذي جاء به كل الرسل، والنصارى أنفسهم لديهم إشكال في الجمع بين التوحيد وبين عقيدة التثليث التي هم مضطربون فيها، وأنى لهم الجمع وهم يجعلون في المسيح صفات إلهية، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا. هذا والله أعلى وأعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الرد على مقولة: (الله وحده الموجود ولا شيء سواه)

الرد على مقولة: (الله وحده الموجود ولا شيء سواه) المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 26/11/1424هـ السؤال شخص يقول: الله وحده الموجود، ولا شيء سواه، ويدَّعي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه - رضي الله عنهم- عرفوا هذه الحقيقة، وقدم لي أدلة كثيرة من الكتاب والسنة، أرجو ردكم على ذلك على ضوء القرآن والسنة. الجواب الله -سبحانه وتعالى- هو الخالق وما سواه مخلوق، وهو الرب وما سواه مربوب، ودلائل الفطرة والحس والعقل والنص، والإجماع بل وسائر الديانات والملل على إثبات وجودين مختلفين: والوجود الواجب وهو وجود الله - تعالى - والوجود الممكن وهو وجود سائر المخلوقات والموجودات.

أما زعم أن الوجود شيء واحد وجميعه راجع إلى الله، وأنه ليس في الكون والوجود إلا الله، فهذا من شر أقوال البشر، وهو عقيدة أصحاب ما يسمى بوحدة الوجود أهل الاتحاد وهم من غلاة الصوفية، ومن رموز هذه الطائفة ابن عربي الحاتمي وابن سبعين والقونوي والعفيف والتلمساني وغيرهم، وهو قول ساقط مرذول، وأصحابه القائلون به يستترون به ولا يظهرونه، بل وبعضهم يتبرأ منه ظاهراً، وكل ما يمكن أن يستدل به أحد على ذلك مما تذكره من أدلة صاحبك فقصارى ذلك الدلالة على عظمة الرب - تعالى- وقدرته وقيومته وأزليته، وأنه -تعالى - الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء، وأن المخلوقات كلها محدثة مخلوقة مسبوقة بعدم وصائرة إلى فناء، ولا يصح أي دعوى لمن يزعم أنه يغنى بوجود الله عن وجود سواه، ولا يمكن بأية حال أن يصح له استدلال بوجود الله على هذه القضية الظاهرة، وأرجو من الأخ أن يقرأ كثيراً عن هذه المسألة المحسومة عند أهل الإسلام كله على اختلاف مذاهبهم، وألا يقع فريسة لبعض أهل الشبهات، وأن يتصل بأهل العلم ويسألهم ويناقشهم عما أشكل عليه. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

حكم الذهاب إلى الرقاة

حكم الذهاب إلى الرقاة المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 23/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز الذهاب لشخص متدين لا يتعامل بالسحر، لكنه يعرف إذا كان الشخص مسحوراً ثم يخبر المسحور ماذا يقرأ من القرآن لحمايته منه؟ ثم إنني سمعت أنه من الخطأ الذهاب إلى أشخاص يعرفون إذا كنت واقعاً تحت تأثير السحر أم لا، ماذا نفعل إذا كان هناك بقع من الدم داخل وخارج البيت فإلى من نذهب لإرشادنا؟ والله يحفظكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الذهاب إلى الرقاة الموثوقين في دينهم وعقيدتهم أمر مباح وبحكم التجربة على المرض والمسحورين فإن الراقي قد يعرف من خلال أحوال المريض وتصرفاته، هل هو مسحور أم لا؟ ثم يرقيه بعد ذلك بالرقية الشرعية بآيات القرآن وما ثبت من الأدعية النبوية، أو يأمره أن يقرأها هو على نفسه، أما من يعرف هل الإنسان مسحور أم لا عن طريق تعلم السحر وتعاطيه والتعامل مع الشياطين، فلا يصح الذهاب إليهم أو التداوي عندهم، وفي المشروع والحمد لله غنية، وكفاية عن المحرم والممنوع، ولم يجعل الله شفاء أمة محمد - صلى الله عليه وسلم- فيما حرم عليها وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- حينما سأله الأعراب فقالوا: يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال: "نعم يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاء ... " الحديث رواه الترمذي (2038) ، وأبو داود (3855) ، وابن ماجة (3436) من حديث أسامة بن شريك -رضي الله عنه- وبقع الدم التي في داخل البيت وخارجه ربما كانت من أحد أهل البيت، وربما كانت تخييلاً من الشيطان وهو كثير وشائع عند من يشعر بالمرض، أو الوسواس، وعلى كل حال أنصحك بالاتصال بأحد طلبة العلم الموثوقين المقربين منك لتطلعهم على حقيقة حالك وطبيعة مرضك. وفقك الله.

عدل الله مع الكفار

عدل الله مع الكفار المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 12/1/1425هـ السؤال يسعدني أن أكتب إليكم, بعد أن ترددت كثيراً حيث أن الموضوع الذي سأطرحه على فضيلتكم أخذ الكثير من تفكيري, ولم أجد جواباً شافياً عليه.

بداية أحب أن أوضح إنني إنسان مسلم موحد بالله وأشهد بأنه لا إله إلا هو وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، كما أؤمن باليوم الآخر والجنة والنار وعذاب القبر ونعيمه، ووجود الملائكة والجن والشياطين، كما أؤمن بجميع الرسل والأنبياء الذين قصهم الله علينا في الكتاب أو لم يقصصهم، وبالكتب السماوية المنزلة من عنده, وبأسماء الله الحسنى وبصفاته العلى، وكل ما ذكره سبحانه في القرآن الكريم. نعتقد نحن المسلمين بأن كل من يشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله سيدخل الجنة ولو بعد عذابه في النار حسب أعماله، كما أننا نعتقد بأن من لا يوحد الله ولا يشهد أن محمداً عبده ورسوله بعد بعثته -صلى الله عليه وسلم- لن يدخل الجنة، من أسماء الله الحسنى "العدل" وأنا لدي إيمان مطلق في عدله -سبحانه-, ومن هنا تعذر لدي فهم سبب الاعتقاد الذي أشرت إليه سابقاً، هناك من لا يوحد الله ولكنه يتصف بأخلاق عالية قد لا تراها عند كثير من المسلمين، فعلى سبيل المثال الأم المسيحية (الأم تريزا) والتي أفنت عمرها تداوى فقراء العالم وتوفيت في الهند منذ 5 سنوات مضت تقريباً، والكثير من المصلحين في الكثير من أنحاء العالم وعلى مر حقب زمنية كثيرة، فهل سيدخل الله هؤلاء النار خالدين فيها لأنهم لم يكونوا مسلمين؟ ويدخل عصاة المؤمنين الجنة ولو بعد حين؟ ألسنا نحن أكثر المسلمين, مسلمين بالوراثة, وحتى المتدينين منا هل كانوا مسلمين لو أن آباءهم لم يكونوا مسلمين؟ ألا نجد أن كل من لديه دين أو مذهب معين يؤمن بأنه هو الحق والشواذ قليل؟ قد تقول لي: إن الكافرين يمتعهم الله في دنياهم, وهذا ليس صحيحاً, حيث أن الكفار في الهند والصين وكثير من الأقطار الأخرى يعانون من فقر شديد، بل إن أثرياء المسلمين أشد نعمة من أكثر الكفرة والملحدين، قد تقول لي إنه من واجبنا نحن دعوتهم, وهذا يتعذر على الكثير منا لأسباب اللغة بالإضافة إلى أن هناك أناس مختصين في مثل هذه

المواضيع وأفنوا أعمارهم في الدراسات الدينية، ثم هل يستوي الذين ينكرون وجود الخالق أصلاً؟ مع أولئك الذين يؤمنون بالله, والروح والآخرة والجنة والنار إلا أنهم يعتقدون خطأ بما دسه لهم الأشقياء أن لله ولداً. أخي الفاضل: لقد توجهت بهذا التساؤل لعدد من الشيوخ ولكني لم أجد الجواب الشافي والمقنع. هل باستطاعتك -جزاك الله خيراً- المساعدة والتوضيح؟.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده وبعد: العدل معنى يتصف به الخالق –سبحانه- وليس وصفه بهذا كوصف المخلوق بالعدل؛ لأن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته. وقولك إنك إنسان مسلم موحد بالله وتشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله كما تؤمن باليوم الآخر والجنة والنار وعذاب القبر ونعيمه ووجود الملائكة والجن والشياطين، وتؤمن بجميع الرسل والأنبياء والكتب المنزلة من الله وبأسماء الله الحسنى وبصفاته العلا، وكل ما ذكره سبحانه في القرآن الكريم، وقولك: نعتقد نحن المسلمين بأن كل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله سيدخل الجنة- ولو بعد عذاب في النار حسب أعماله- كما أننا نعتقد بأن من لا يوحد الله ولا يشهد أن محمداً عبده ورسوله ... لن يدخل الجنة.

هذا كله يدل على أنه يجب عليك أن يكون القول والعمل على هذا وينشرح الصدر به، وتزول الشكوك والأوهام وسوء الظن بالله –تعالى-، ومن ذلك نفي الظلم عن الله –تعالى- لقوله –سبحانه-: في الظلم الذي حرمه الله على نفسه ونفاه عن نفسه بقوله: "وما ظلمناهم"، وقوله: "ولا يظلم ربك أحداً" [الكهف من الآية: 49] ، وقوله: "وما ربك بظلام للعبيد" [فصلت من الآية: 46] ، وقوله: "إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها" [النساء من الآية: 40] ،وقوله: "قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا" [النساء من الآية: 77] ، ونفى إرادته بقوله: "وما الله يريد ظلماً للعالمين" [آل عمران من الآية: 108] ، وقوله: "وما الله يريد ظلماً للعباد" [غافر من الآية: 31] ، ونفى أن يخافه الصلحاء بقوله: "ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضما" [طه من الآية: 112] ،وقوله –سبحانه-: "وإنما توفون أجوركم يوم القيامة" [آل عمران من الآية: 185] . وفي الحديث القدسي: "إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً" رواه مسلم (2577] من حديث أبي ذر –رضي الله عنه-، ومن حقيقة الإيمان بالله وكتبه ورسله، والإيمان بمحمد – صلى الله عليه وسلم-، وبعدل الله اليقين بأن الكافر ليس كالمسلم ولا يستحق من الثواب ما يستحق المسلم مهما كان مقصراً بل يثاب المسلم ويعاقب الكافر: "أم نجعل المتقين كالفجار" [ص من الآية: 28] ، "إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم" [الانفطار: 13-14] .

إن عذب الله الكفار ولم يدخلهم الجنة وأدخلهم النار فهذا هو العدل بل غاية العدل،:"لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون" [الحشر:20] ، ثم أخبر عن تفريقه بين عاقبة سعي المحسن وعاقبة سعي المسيء فقال: "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى" [الليل: 5-10] ، فتضمنت الآيتان ذكر شرعه وذكر الأعمال وجزائها وحكمة القدر في تيسير هذا لليسرى وهذا للعسرى، والعبد ميسر بأعماله لغاياتها "ولا يظلم ربك أحدا" [الكهف من الآية: 49] ، وذكر للتيسير لليسرى ثلاثة أسباب أحدها إعطاء العبد وحذف مفعول الفعل إرادة للإطلاق والتعميم أي: أعطى ما أمر به وسمحت به طبيعته وطاوعته نفسه، وذلك يتناول إعطاءه من نفسه الإيمان والطاعة والإخلاص والتوبة والشكر، وإعطاءه الإحسان والنفع بماله ولسانه وبدنه ونيته وقصده، فتكون نفسه نفساً مطيعة باذلة لا لئيمة مانعة فالنفس المطيعة هي النافعة المحسنة التي طبعها الإحسان وإعطاء الخير اللازم والمتعدي فتعطي خيرها لنفسها ولغيرها فهي بمنزلة العين التي ينتفع الناس بشربهم منها، وسقي دوابهم وأنعامهم وزرعهم، فهم ينتفعون بها كيف شاءوا فهي ميسرة لذلك وهكذا الرجل المبارك ميسر للنفع حيث حل فجزاء هذا أن ييسره الله لليسرى كما كانت نفسه ميسرة للعطاء. السبب الثاني: التقوى وهي اجتناب ما نهى الله عنه وهذا من أعظم أسباب التيسير وضده من أسباب التعسير فالمتقي ميسرة عليه أمور دنياه وآخرته، وتارك التقوى وإن يسرت عليه بعض أمور دنياه تعسر عليه من أمور آخرته بحسب ما تركه من التقوى، وأما تيسير ما تيسر عليه من أمور الدنيا فلو اتقى الله لكان تيسيرها عليه أتم ولو قدر أنها لم تتيسر له فقد يسر الله له من الدنيا، ما هو أنفع له مما ناله بغير التقى فإن طيب العيش ونعيم القلب ولذة الروح وفرحها وابتهاجها من أعظم نعيم الدنيا.

فهذا حكم الله وحكمته في خلقه وأمره ونهيه وعقابه، فإن الناس تنازعوا في معنى هذا الظلم تنازعاً صاروا فيه بين طرفين متباعدين، ووسط بينهما وخيار الأمور أوساطها وذلك بسبب البحث في القدر ومجامعته للشرع، إذ الخوض في ذلك بغير علم تام أوجب ضلال عامة الأمم، ولهذا نهى النبي – صلى الله عليه وسلم- أصحابه عن التنازع فيه. "أولما أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم" [آل عمران: 165] ، وهذا لأن الله محسن عدل كل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل فهو محسن إلى العبد بلا سبب منه تفضلاً وإحساناً ولا يعاقبه إلا بذنبه وإن كان قد خلق الأفعال كلها لحكمة له في ذلك فإنه حكيم عادل يضع الأشياء مواضعها، "ولا يظلم ربك أحدا" [الكهف من الآية: 49] ، وإذا كان غير الله يعاقب عبده على ظلمه وإن كان مقراً بأن الله خالق أفعال العباد وليس ذلك ظلماً منه فالله أولى أن لا يكون ذلك ظلماً منه وإذا كان الإنسان قد يفعل مصلحة اقتضتها حكمته لا تحصل إلا بتعذيب حيوان ولا يكون ذلك ظلماً منه فالله أولى أن لا يكون ذلك ظلماً منه. فقد جوز منكراً لا يصلح أن يضاف إلى الله –تعالى- فإن قوله: "أفنجعل المسلمين كالمجرمين" [القلم: 35] ، استفهام إنكار فعلم أن جعل هؤلاء مثل هؤلاء منكر لا يجوز أن يظن بالله أنه يفعله فلو كان هذا وضده بالنسبة إليه سواء جاز أن يفعل هذا وهذا. وقوله: "ساء ما يحكمون" [الأنعام: 136] ، دل على أن هذا حكم سيئ والحكم السيئ هو الظلم الذي لا يجوز، فعلم أن الله –تعالى- منزه عن هذا ومن قاله إنه يسوي بين المختلفين فقد نسب إليه الحكم السيئ، وكذلك تفضيل أحد المتماثلين بل التسوية بين المتماثلين والتفضيل بين المختلفين هو من العدل والحكم الحسن الذي يوصف به الرب -سبحانه وتعالى-.

والظلم وضع الشيء في غير موضعه فإذا جعل النور كالظلمة والمحسن كالمسيء والمسلم كالمجرم كان هذا ظلماً وحكماً سيئاً يقدس وينزه عنه -سبحانه وتعالى-، وقال –تعالى-: "أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون" [المائدة: 50] ، وعند هؤلاء لو حكم بحكم الجاهلية لكان حسناً وليس في نفس الأمر حكم حسن وحكم غير حسن بل الجميع سواء، فكيف يقال مع هذا: "ومن أحسن من الله حكماً"؟ فدل هذا النص على أن حكمه حسن لا أحسن منه والحكم الذي يخالفه، وأيضاً فقوله –تعالى-: "أفنجعل المسلمين كالمجرمين" [القلم: 35] ، وقال تعالى: "أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار" [ص: 28] ، وقال –تعالى-: "أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون" [الجاثية: 21] ، إلى غير ذلك. فدل على أن التسوية بين هذين المختلفين من الحكم السيئ الذي ينزه عنه وأن ذلك منكر لا يجوز نسبته إلى الله –تعالى- وأن من جوز ذلك فقد جوز منكراً لا يصلح أن يضاف إلى الله –تعالى- فإن قوله: "أفنجعل المسلمين كالمجرمين" [القلم: 35] ، استفهام إنكار فعلم أن جعل هؤلاء مثل هؤلاء منكراً لا يجوز أن يظن بالله أنه يفعله فلو كان هذا وضده بالنسبة إليه سواء جاز أن يفعل هذا وهذا. وأما الأم المسيحية تقديساً لنصرانية من النصارى وهم يقدسونها وأمثالها لجهودها في التنصير وتوددها للناس حتى يتعلقوا بها فيضل بها أقوام بسبب هذا: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض" [المائدة من الآية: 51] .

وقد يلقب بعض الناس من طوائفهم بالمصلح وهو من أبعد الناس عن الإصلاح، ولذلك قال الله عن الكفار: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا" [الفرقان: 23] ،وقال سبحانه: "والله يعلم المفسد من المصلح" [البقرة: 220] ، وقال عن المنافقين: "قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون" [البقرة: 11-12] ، أما المصلح حقيقة فهو من آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولا، ودعوا الناس إلى ذلك، هؤلاء هم من قال الله فيهم: "إنا لا نضيع أجر المصلحين" [الأعراف من الآية: 170] ، وأي عمل لا يكون خالصاً لله وعلى وفق الشريعة التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم- ليس إصلاحاً مهما كان. وكيف يدخل الجنة من لا يقوم بالمهمة التي خلق من أجلها؟ "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56] أسأل الله الثبات على الحق وصلى الله على نبينا محمد.

لوازم إثبات الصفات لله

لوازم إثبات الصفات لله المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 07/04/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: يعتقد أهل السنة والجماعة - أخذاً بما في القرآن والسنة - أن لله -تعالى - ذاتاً ترى يوم القيامة بما يليق بجلاله تعالى، وأنه يتكلم سبحانه بصوت يسمعه المخاطب، وأن النظر إليه ومخاطبته وسماع كلامه في الرضى - من صور النعيم التي ينالها المؤمنون في الدنيا والآخرة، ويبقى السؤال حول ما ورد في بعض الأحاديث التالية: 1- حديث جبل نعمان، "إن الله مسح على ظهر آدم فأخرج من ذريته ... ". 2- حديث الملأ الأعلى " أتاني الليلة ربي في أحسن صورة....وفيه فوضع يده بين ثديي حتى أحسست بردها إلى ظهري". 3- حديث "إن الله يضع الجبال على أصبع والأشجار على أصبع ... " الحديث 4- حديث " يضع قدمه على النار ... " الحديث. فهل ثبت من لازم هذه الأحاديث لمساً يليق بجلاله تعالى دون تكييف أو تشبيه؟ أم أن هذا ليس بلازم؟! نسأل الله -تعالى- أن يوفقنا وإياكم للهداية وأن يكتب لنا رضاه، وأن ينعمنا بالنظر إليه سبحانه ومخاطبته في دار كرامته ... آمين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

فاعلم -حفظك الله - أن اللوازم التي يقال إنها تلزم على كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- نوعان: أحدها: لوازم صحيحة، غير منافية لكماله سبحانه، فالواجب الالتزام بها وقبولها، كأن يقول من ينفي الرؤية يلزم من إثبات الرؤية أن يكون الرب تعالى في جهة!، فنقول: نعم، هو في جهة العلو بالنسبة للرائين، فهم يرون ربهم من فوقهم، ولازم الحق حق. الثاني: لوازم باطلة: تنافي كماله سبحانه، فهي ممتنعة في حقه تعالى، ولا نسلم أنها لازمة لنصوص الكتاب والسنة، وإنما يدعيها من يزعم أن ظاهر النصوص تقتضي التشبيه، وتسبق إلى ذهنه لوثة التمثيل، فيبادر إلى نفيها فراراً من هذه اللوازم المزعومة، وهي ليست بلازم، كمن يدعي أن إثبات استواء الله على عرشه يستلزم أن يكون محتاجاً إلى العرش، أو أن يكون الله أكبر من العرش أو أصغر منه أو مساوياً له، أو يستلزم المماسة والملاصقة ونحو ذلك من الإيرادات الناشئة عن التكلف المذموم، والفهم الخاطئ أن استواء الله على عرشه كاستواء أي جسم على أي جسم، ومثله أيضاً ما ورده في هذا السؤال، فيقال: إن ما أخبر الله به عن نفسه من صفات الكمال ونعوت الجلال قد أضافها إلى نفسه وذاته، وحيث إن ذاته لا تشبه الذوات، فصفاته لا تشبه الصفات، فهي صفة حقيقية لائقة بجلاله، لا يلزم عليها شيء من اللوازم الباطلة. ألم تر أن من ينكر الاستواء والرؤية والقدم واليد، استناداً إلى مثل هذه اللوازم المزعومة، أنه في نفس الوقت يثبت الصفات المعنوية كالعلم، لو قيل له إن من لوازم العلم الحفظ، والتذكر، ونحو ذلك، لقال: كلا! هذا علم المخلوقين، وصدق، فكذلك يقال فيما يدعونه من لوازم ليدفعوا بها في نحور النصوص الصحيحة، إنها لا تلزم في حق الخالق، ولو لزمت في حق المخلوقين فإن الله "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى: 11] .

ولما كان لفظ (المماسة) من الألفاظ المجملة التي لم ترد في الكتاب والسنة بنفي ولا إثبات، فإنه يتوقف في لفظها، فإن ألفاظ الصفات توقيفية، وبعض الناس يمكن أن يفهم منه معنى باطلاً ينزه الله عنه، وآخرون يمكن أن يتوصلوا بنفيه إلى نفي صفة ثابتة لله تعالى، لذا فإن المتعين الاقتصار على الألفاظ الشرعية الواردة في نصوص الكتاب والسنة، وهجر الألفاظ المحدثة الموهمة. والله تعالى أعلم، وصلى الله على عبده ونبيه محمد وسلم.

أين الله؟

أين الله؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 27/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أسأل سؤالاً، وأرجو التكرم والإجابة عليه بوضوح: هل الله يوجد في السماء؟ أنا أعرف أنه استوى على العرش، ولكن أين العرش؟ هل هو في السماء أي فوقنا؟ بمعنى أين يوجد السماء السابعة، هل هي فوق السماء الأولى التي فوقنا؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن عقيدة أهل السنة والجماعة، عقيدة أهل القرون المفضلة، سهلة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، لا لبس فيها ولا غموض ولا تعقيد، يفهمها العالم والعامي، والصغير والكبير، وإن جاء فيها ما تحار فيه العقول فهو غير محال في ذاته، وإنما مرجعه إلى قصور العقل البشري عن إدراك كنه الأشياء وكيفياتها، وإن كان يعقل معناها ويتصوره. والذي جاءت به النصوص الشرعية في الكتاب والسنة أن الله -تعالى- مستو على عرشه، وقد ورد ذكره في سبعة مواضع من القرآن الكريم، وورد في السنة أن عرشه سبحانه هو سقف الفردوس، وأن الفردوس هو أعلى الجنة. وحين سأل النبي صلى الله عليه وسلم الجارية: "أين الله، قالت في السماء، أقرها على ذلك وأمر بعتقها" رواه مسلم (537) من حديث معاوية السلمي - رضي الله عنه - وأنه -صلى الله عليه وسلم - قال في دعائه: "وأنت الظاهر فليس فوقك شيء"رواه مسلم (2713) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

فهذا ما يجب على المسلم اعتقاده. أما غير ذلك من التفاصيل التي لم يرد بها نص ولا تعبدنا الله -تعالى- بها فهي من الأمور التي يحرص المسلم على اجتنابها وعدم الخوض فيها، لأن العقل البشري غير مؤهلٍ لذلك، إذ كيف يعرف المرء حدود السموات، بداية السماء الدنيا ونهايتها، ثم بداية السماء الثانية ونهايتها، ثم الثالثة وهكذا ... فهذه من الأمور التي تشوش على الناس عقائدهم، فلا أجر في البحث فيها، ولا وزر على من جهلها. والله يعصمنا من الزلل ويلهمنا الصواب في القول والعمل.

"الكبرياء ردائي"

"الكبرياء ردائي" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 10/1/1425هـ السؤال في الحديث يقول الله تعالى: "العز إزاري"، فهل هناك رداء حقيقة؟. الجواب الحمد لله، ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أن الله يقول: "العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحداً منهما عذبته" أبو داود (4090) ، وابن ماجة (4174) ، وأحمد (8677) ، وصححه الألباني، فيجب الإيمان بذلك وإثبات العظمة والكبرياء لله، فالكبرياء والعظمة صفتان من صفاته - سبحانه وتعالى- فهو العظيم، وهو العزيز الجبار المتكبر، وله الكبرياء في السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم، ولا يلزم من إطلاق لفظ الإزار والرداء أن تكون العظمة والكبرياء شيئين منفصلين عن الله سبحانه وتعالى، ونقول آمنا بالله وما جاء عن الله على مراد الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. والله أعلم.

عبارة: "الله يلوم من يلومك"

عبارة: "الله يلوم من يلومك" المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 17/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد كنت مع أحد الإخوة في الله، فقال داعياً الله -سبحانه وتعالى-: "الله يلوم من يلومك" فقلت له بدون علم: (إن الله لا يلوم) فهل من أفعال الله -سبحانه وتعالى- اللوم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اعلم - بارك الله فيك- أن باب الصفات في حق الله أوسع من باب الأسماء، ومن صفات الله ما يتعلق بأفعاله، وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله لا منتهى لها؛ قال تعالى: "ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم" [لقمان: 27] ، ومن المعلوم أيضاً أنه يتوسع في الإخبار عن الله ولا يلزم من ذلك جعل ما أخبر به مخبر عن الله صفة من صفاته، وهذا الذي ذكرته في السؤال أرجو ألا حرج فيه، فقد يقول القائل: "اللهم لا تلمنا على تفريطنا" أو يقول: (اللهم لا تفضحنا بأفعالنا) ، أو نحو ذلك ما دام أنه لا يتضمن نقصاً في حق الله كمن يقول: (اللهم لا تظلمنا) ، فإن هذا لا يجوز؛ لأن الله لا يظلم، وإن استطاع الإنسان ألا يقول إلا ما ورد فهو الأولى به والأحرى. والله أعلم.

أصابع الرحمن

أصابع الرحمن المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 05/08/1425هـ السؤال كم لله من إصبع- سبحانه وتعالى-؟ وهل يثبت لله الأنملة؟ وأستغفر الله. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: ثبت في السنة على لسان أعلم الخلق بالله -تعالى- أن لله أصابع في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء" أخرجه مسلم (2654) وغيره بألفاظ متقاربة من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- لكن لم يرد في علمي في الكتاب والسنة عدد أصابع الرحمن، والسؤال عن العدد وعن الأنملة إذا لم يرد ذكر العدد أو الأنملة، قد يكون من سؤال الكيفية، والكيفية لا يعلمها إلا الله، والسائل استغفر الله لشعوره بذلك. والله أعلم.

هل يدعو الله بـ (يا ستير) أم بـ (يا ساتر)

هل يدعو الله بـ (يا سَتِير) أم بـ (يا ساتر) المجيب د. علي بن بخيت الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 09/07/1425هـ السؤال لماذا الأفضل أن يقول الشخص يا ستير وليس يا ساتر؟. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين، وبعد: فإن أسماء الله عز وجل توقيفية، بمعنى أن نقف فيها على ما جاء في كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, لا نزيد عليها ولا ننقص، ولذلك فإن المشروع أن يقول الشخص: يا ستير. وليس يا ساتر؛ لأن الأول هو الذي ورد في السنة الصحيحة، حيث جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند (17970) وأبو داود (4012) والنسائي (406) : "إِنَّ اللهَ تعالى حَيِيٌّ سَتِيرٌ يُحِبُّ الحياءَ والسِّتْرَ، فإذا اغْتَسَل أحَدُكُم فلْيَسْتَتِرْ". وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"استواء الله على عرشه"

"استواء الله على عرشه" المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 26/3/1425هـ السؤال هل يصح قول (الله مستو على العرش بذاته أو حقيقة؟) وهل هذا القول منقول عن السلف وخصوصاً القرون الثلاثة المفضلة؟ أم الصحيح أن يقال: الله مستو على العرش استواء يليق بجلاله من غير أن نقول بذاته أو حقيقية، أفتونا مأجورين، وأؤكد ضرورة الإتيان بما يدلل على قول السلف بذلك إثباتاً أو نفياً. ودمتم ذخراً للإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن ما ورد في السؤال عبارات لا تعارض بينها، فمؤداها واحد؛ لأن الله -تعالى- فوق سماواته، مستو على عرشه بذاته، بائن من خلقه حقيقة استواء يليق بجلاله، ولكن بعض هذه الألفاظ أولى بالاستعمال من غيرها.

والإشكال الذي يفهم من السائل أن استعمال لفظ الذات في هذا الموضع لم يعرف في الصدر الأول، وهو كذلك، فإنه من الاصطلاحات التي استعملت في القرن الرابع، ولعل من أوائل من استعملها القاضي أبو بكر الباقلاني، والقاضي عبد الوهاب من علماء المالكية بالعراق، واستعملها ابن أبي زيد في رسالته في قوله: "وأنه فوق عرشه المجيد بذاته"، وكذلك أبو عمر الطلمنكي من أئمة الحديث بالأندلس، ولعل عذرهم في ذلك مبالغتهم في الرد على من قال: إن إثبات العلو والاستواء يستلزم الحيز والإحاطة، وعلى من قال: بأن الله -تعالى- في كل مكان، وليس فيما قالوه - رحمهم الله- مخالفة، وإنما استعمال الألفاظ التي جاءت بها النصوص أولى، وذلك مثل من يقول: الله مستو على عرشه، أو فوق عرشه، فإن مؤدى العبارتين واحد، وقد استعمل ابن أبي زيد لفظة فوق في قوله: "وأنه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو في كل مكان بعلمه ... إلى أن قال: على العرش استوى، وعلى الملك احتوى"، قال القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة: "هذه العبارة الآخرة التي هي قوله: على العرش أحب إلي من الأولى التي هي قوله: وأنه على عرشه المجيد بذاته؛ لأن قوله: على عرشه، هو الذي ورد به النص ولم يرد النص بذكر فوق، وإن كان المعنى واحداً، وكان المراد بذكر الفوق في هذا الموضع أنه بمعنى على، إلا أن ما طابق النص أولى بأن يستعمل" ا. هـ. والله -تعالى- أعلم.

اسم الله الأعظم

اسم الله الأعظم المجيب عبد العزيز بن عبد الله الراجحي عضوهيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 13/11/1425هـ السؤال الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. سؤالي: هل اسم الله الأعظم واحد أم هو متحول حسب الحاجة؟ لأني عندما ربطت الأحاديث الصحيحة الدالة على اسم الله الأعظم لم أجد بينها رابطًا إلا كلمة (الله) . فكيف نوفق بين ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

اسم الله الأعظم ثبت في حديث بريدة قال: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ. قَالَ: فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى". أخرجه أبو داود (1493) والترمذي (3475) ، وابن ماجة (3857) . فمن العلماء من حدّد، وقال: إنه كما ثبت في هذا الحديث. ومنهم من قال: اسم الله الأعظم "الحي القيوم". وقد جمع الله بينهما في ثلاث آيات من كتابه؛ آية الكرسي: (اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ) [البقرة: 255] . وفي أول سورة آل عمران: (آلم* اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ) [1، 2] . وفي سورة طه: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) [111] . وقالوا إن هذا فيه جمع بين اسمين عظيمين، اسم الحي، واسم القيوم، وإليهما ترجع جميع أسماء الله الحسنى، الحي المتصف بالحياة، والقيوم المتصف بالقيومية، فهو الحي، سبحانه وتعالى، الذي له الحياة الكاملة لا يعتريها نوم ولا سِنة، ولا ضعف ولا فساد، وهو القيوم القائم بنفسه المقيم لغيره. ومن العلماء من قال: كل أسماء الله عظيمة، والمراد باسم الله الأعظم المراد العظيم وكل أسماء الله عظيمة. والله أعلم.

هل (الفرد) من أسماء الله تعالى؟

هل (الفرد) من أسماء الله تعالى؟ المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 13/09/1425هـ السؤال هل اسم (الفرد) من أسماء الله تعالى- التي ورد عليها دليل من الكتاب أو السنة؟ علمًا أن أكثر الخطباء يستخدمه في دعائه: (أنت الله الأحد الفرد الصمد) . الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية، أي متوقفة على النص، فإذا وردت في القرآن أو في السنة الصحيحة أثبتناها، وإذا لم ترد فلا يصح لنا أن نثبت اسمًا أو صفة لم يرد. وعليه فإن تسمية الله جل وعلا- بالفرد لا أصل لها، حيث لم يرد به النص لا في القرآن ولا في السنة الصحيحة، وقد ذكر العلماء أن الحديث الوارد فيه لا يصح. والله تعالى أعلم. ولمزيد من الإفادة انظر: معجم المناهي اللفظية للشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد، طبعة دار العاصمة (ص124-125) . والله أعلم.

هل يلزم من رؤية الله في الآخرة التجسيم؟

هل يلزم من رؤية الله في الآخرة التجسيم؟ المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 24/04/1425هـ السؤال رؤية الله يوم القيامة تستلزم أن يكون لله جسماً..هل هذا الكلام صحيح؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن رؤية الله تعالى في الدار الآخرة هي غاية ما يرجو المؤمن، وهي أعلى نعيم في الجنة، وقد دل على ثبوتها الكتاب والسنة وإجماع السلف، [راجع الباب الخامس والستين من حادي الأرواح لابن القيم، طلباً للاختصار] ، والمسلم يجب عليه تلقي أحكام الدين أصوله وفروعه من الكتاب والسنة، على وفق منهج السلف، والتسليم لله ورسوله في كل حكم، وبخاصة فيما يتعلق بالله تعالى وصفاته.. وإثبات رؤية المؤمنين لربهم في الدار الآخرة على الوجه اللائق بالله تعالى لا يستلزم نقصاً في حقه ولا شيئاً من المحاذير التي يذكرها نفاة الرؤية، وذلك للأمور التالية: أن الله أخبر في كتابه أن المؤمنين يرونه يوم القيامة، فلو كان إثبات الرؤية يستلزم نقصاً في كماله أو أي شيء لا يليق بالله سبحانه لما أثبتها لنفسه، وقد أجمعت الأمة على أنه لا أحد أعلم بالله من الله، فإثبات رؤيته يوم القيامة على الوجه اللائق به -سبحانه- لا يلزم منه التجسيم ولا أي نقص في كماله. أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة فيما رواه البخاري (4581) ، ومسلم (182) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وبالإجماع فإنه لا أحد من الخلق أعلم بالله من رسوله- صلى الله عليه وسلم-، ولا أحد أكمل منه ولا أزكى ولا أتقى لله منه، ولو كان إثبات رؤية الله في الآخرة يلزم منه نقص في كمال الله أو أي محذور لم يثبت ذلك أعلم الناس بالله وأبرهم وأصدقهم.

أن السلف الصالح وفي مقدمتهم الصحابة -رضي الله عنهم- أجمعوا على إثبات رؤية الله في الدار الآخرة، اتباعاً لما دلّ عليه الكتاب والسنة، ولم يروا في إثبات ذلك محذوراً، ولا رأوا أن إثبات الرؤية يقتضي التجسيم ونحوه من المحاذير. أن الزعم بأن رؤية الله تستلزم التجسيم ونحوه من المحاذير فيه استدراك على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، اللذين أثبتا رؤية الله دون إخبار بأن إثباتها يقتضي التجسيم ... كما أن فيه سوء أدب مع الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم-. أن الزعم بأن رؤية الله تستلزم التجسيم ... فيه خرق لإجماع السلف الذين أثبتوا الرؤية على الوجه اللائق، دون أن يروا في ذلك الإثبات ما يؤدي إلى التجسيم المزعوم. أن الزعم بأن رؤية الله تستلزم التجسيم ... هو مما ألقاه الشيطان من الشبه إلى نفاة الرؤية من المعتزلة والخوارج والإمامية ومن سار على نهجهم، وقد استندوا إلى تلك الشبه لرد دلالة الكتاب والسنة على إثبات رؤية الله تعالى وسائر صفاته ... ، فالتعلق بذلك من اتباع غير سبيل المؤمنين، وفيه سلوك لطرق أهل الغواية المبتدعين. نسأل الله السلامة من ذلك. والله أعلم.

عبارة (اللهم لا تضر أبنائي) !

عبارة (اللهم لا تضر أبنائي) ! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 10/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل لله أسماء وردت في القرآن الكريم والسنة غير التسع والتسعين التي نعرفها؟ وهل إذا دعونا: (اللهم لا تضر أبنائي) . هل في ذلك سوء أدب مع الله؟ وأنا أعلم أن الله هو النافع الضار، ولا أنسب الضرر إليه، معاذ الله، وجزاكم الله خيرًا. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأسماء التسع والتسعون المشهورة المتداولة وقع استخراجها من القرآن باجتهادات لعدد من أهل العلم، ولذلك وقع اختلاف فيها، وبعض هذه الاجتهادات لا يُوافق على بعض ما عددته اسمًا لعدم وروده في النصوص مورد الاسم، كالناصر اشتقوه من وصف الله بأنه ينصر المؤمنين، وهذا غير صحيح فإنه لم يرد إطلاقه اسمًا على الله، وكالنور لم يرد في القرآن إطلاقه اسمًا، بل وصفًا مضافًا (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [النور:35] . معنى هذا الدعاء: (اللهم لا تضر أبنائي) . الذي يقصده الناس معنى صحيح لا سوء فيه، إذ معناه: (اللهم لا تقدِّر على أبنائي ما يضرهم) . ولكن اللفظ غير موفَّق؛ لأن الضر لا ينسب إلى الله مفردًا، بل مقترنًا بنسبة النفع إليه، فهو النافع الضار- سبحانه- واقتران الوضعين جارٍ مجرى الاسم الواحد. والله أعلم.

صفة النفس لله تعالى

صفة النفس لله تعالى المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 09/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. أريد أن أسأل عن صفة النفس لله تعالى، كيف هي؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فصفة النفس ثابتة لله عز وجل، بالقرآن والسنة وإجماع سلف الأمة، قال تعالى: (وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [الأنعام: من الآية 54] . وقال تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) [آل عمران: من الآية28] . وقال تعالى: (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) [طه:41] . وقال صلى الله عليه وسلم: "يقولُ اللهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ". رواه البخاري في كتاب التوحيد (7405) ، ومسلم في كتاب الذكر (2675) . وقد وردت نصوص أخرى عديدة في هذا. وقد أجمع السلف على إثبات هذه الصفة، ولم ينكرها إلا أصحاب البدع وأهل الأهواء، كما أنكروا غيرها، وإثباتها لله على ما يليق به من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل، قال الإمام ابن خزيمة - رحمه الله- في أول كتابه (التوحيد) : فأول ما نبدأ به من ذكر صفات خالقنا جل وعلا- في كتابنا هذا ذكر نفسه، جل ربنا عن أن تكون نفسه كنفس خلقه، وعز أن يكون عدمًا لا نفس له. (ص11) . ولهذا، فلا يجوز البحث عن كيفيتها، فالكيف مجهول، والكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فكما أن له ذاتًا حقيقية فله صفات حقيقية مثل: النفس والوجه واليد، وغيرها مما ورد. والله أعلم.

نزول الرب جل وعز واختلاف آخر الليل

نزول الرب جل وعز واختلاف آخر الليل المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 12/01/1426هـ السؤال هل نزول ربنا -عز وجل- في السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل يحدث في ليل كل بلد؟ فإذا كان الوقت في بلدي ليلا وفي بلد أخرى نهاراً، فهل ربنا تبارك وتعالى بالنسبة لي في السماء الأولى وبالنسبة للبلد الثانية في السماء السابعة؟ وإذا كانت الدنيا بالنسبة للعرش صغيرة جداً كما ورد في الأحاديث فهل يدل ذلك أن استواء العرش بالنسبة للأرض يكون بصورة عمومية يفهم منها أن البلاد كلها في حيز واحد من السماء الدنيا أو السماء السابعة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبي الله وبعد: فقد صح الحديث في إثبات نزول الحق تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا كل ليلة. صحيح البخاري (1145) ، ومسلم (758) ، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين صحابياً بل قد بلغ مجموع طرق الحديث حدَّ التواتر المفيد للعلم وقد نص العلماء على ذلك. والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا بذلك وهو لا يخبر إلا بحق فيجب التسليم ولو لم تدرك عقولنا ذلك. وبثبوت الحديث ثبوتاً لا مطعن فيه تثبت صفة النزول لله كما يليق بجلاله سبحانه، لأن الله ليس كمثله شئ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، كما دل عليه قوله تعالى: "ليس كمثله شئ وهو السميع البصير" [الشورى:11] . فنزوله لا يشبه نزول المخلوقات بأي وجه من الوجوه. ولا يجوز تكييف نزوله بكيفية معينة. إن نزول الله تعالى لا يتنافى ولا يتعارض مع استوائه على عرشه وعلوه على خلقه فهو في حال نزوله مستوٍ على عرشه ولا يخلو منه العرش. وما أتت الشبهة في السؤال إلا من تصور خلوّ العرش منه وهذا هو التكييف المذموم. ونزوله حق واستواؤه حق ولا تعارض بينهما فهو العلي في دنوه والقريب في علوه ليس كمثله شئ.

إن هذه اللوازم التي يذكرها بعض الناس على نزوله هي لوازم نزول المخلوق أما الخالق فشأنه أعظم وأجل من ذلك. وما يلزم على نزول المخلوق لا يلزم على نزول الخالق سبحانه للقطع بنفي المماثلة بين الخالق والمخلوق. وكون البلاد تختلف في حصول ثلث الليل الآخر ولا تتفق بحيث يحصل الثلث في بلد فإذا انتهى حصل في غيره بحيث أن الأرض جميعاً لا تخلو من ثلث ليل، فهذا صحيح مشاهد، وكون هذا يلزم عليه استمرار النزول الإلهي فلا مانع يمنع من ذلك إذا علمنا أن نزوله سبحانه لا يلزم منه خلو العرش منه، لأن نزوله ليس كنزول المخلوق الذي يلزم منه حركة وانتقال وخلو مكان وما أتت هذه الشبهة إلا من قياس النزول الإلهي على النزول البشري، أما إذا علمنا انتفاء المماثلة بين النزولين فلا يلزم حينئذ على أحد النزولين ما يلزم على الآخر، فلكل نزوله اللائق به، فنزول المخلوق يلزم منه خلو المكان والانتقال من مكان إلى مكان، ونزول الخالق لا يلزم منه ذلك، فهو مع نزوله مستو على عرشه، والجميع حق على حقيقته، نؤمن به، ولا نكيفه، ولا نشبهه، ولا نعطله. وإذا كان نزول الحق سبحانه لا يلزم منه خلو العرش فلا مانع من القول باستمرار النزول نظراً لأن الأرض لا تخلو من ثلث ليل، ويبقى بعد ذلك الفضل المترتب على النزول الإلهي خاصاً بمن أدركهم ثلث ليلهم دون من سواهم فيكون نزول الحق بحسب ثلث كل ليل نزولاً لائقاً بجلال الله وعظمته.

رؤية المنافقين لله يوم القيامة

رؤية المنافقين لله يوم القيامة المجيب د. محمد بن علي السماحي أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة القاهرة العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 03/01/1426هـ السؤال رؤية الله لأهل المحشر، هل يراه المؤمنون والمنافقون دون الكفار، أم يراه المؤمنون والكفار ثم يحتجب عن الكفار، أم لا يراه إلا المؤمنون؟. الجواب بارك الله فيك ـ أخي الكريم ـ فرؤية الله تعالى ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع أهل السنة والجماعة وهي العقيدة الصحيحة، ومن الأدلة على ذلك قوله تَعَالَى: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" [القيامة:22، 23] وهي من أظهر الأدلة، وأما من أبى إلا تحريفها بما يُسميه تأويلاً: فتأويل نصوص المعاد والجنة والنَّار والحساب أسهل من تأويلها عَلَى أرباب التأويل. ولا يشاء مبطل أن يتأول النصوص ويحرِّفها عن مواضعها إلا وجد إِلَى ذلك من السبيل ما وجده متأول هذه النصوص. وإضافة النظر إِلَى الوجه الذي هو محله في هذه الآية، وتعديته بأداة (إلى) الصريحة في نظر العين، وإخلاء الكلام من قرينة تدل عَلَى خلاف حقيقته وموضوعه، صريحٌ في أن الله أراد بذلك نظر العين التي في الوجه إِلَى الرب جل جلاله، فإن النظر له عدة استعمالات، بحسب صلاته وتعديه بنفسه. فإن عدي بنفسه فمعناه: التوقف والانتظار، كقوله: "انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ" [الحديد:13] وإن عدي بـ (في) فمعناه: التفكر والاعتبار، كقوله: "أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" [الأعراف:185] وإن عدي بـ (إلى) فمعناه: المعاينة بالأَبصار، كقوله تعالى: "انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَر" [الأنعام:99] فكيف إذا أضيف إِلَى الوجه الذي هو محل البصر؟!

وروى ابن مردويه بسنده إِلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ" [القيامة:22] قَالَ: من البهاء والحُسن "إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" قال: في وجه الله عَزَّ وَجَلَّ. عن الحسن قَالَ: نظرت إِلَى ربها فنُضِّرت بنوره. وقال أبو صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما "إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" قَالَ: تنظر إِلَى وجه ربها عَزَّ وَجَلّ. وقال عكرمة: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ" قَالَ: من النعيم. "إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ"، قَالَ: تنظر إِلَى ربها نظراً َ. ثُمَّ حكى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مثله. وهذا قول كل مفسر من أهل السنة والحديث] اهـ. ويثبت الإمام أبو جعفر الطّّحاويّ -رَحِمَهُ اللهُ- أن من اعتقاد أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ: أن الرؤية حق لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في الجنة، فأهل الجنة المؤمنون -جعلنا الله وإياكم منهم- يرون ربهم جل وعلا عياناً بالأبصار، كما جَاءَ في الحديث الصحيح انظر صحيح مسلم (181) ، وسنن ابن ماجه (187) ، وهذا هو النعيم الأعلى والأعظم في الجنة، وهو أعظم نعيم يتنعم فيه أهل الجنة بل هو ألذ من جميع أنواع النعيم التي لم ترها عين، ولم تسمع بها أذن، ولم تخطر عَلَى قلب بشر، ثُمَّ يقول: (بغير إحاطة ولا كيفية) ، أي: أنه لا يستلزم من هذا النظر الإحاطة. والذين نفوا الرؤية كالمعتزلة وغيرهم قالوا: إن مما يدل عَلَى نفي الرؤية قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: "لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ" [الأنعام: 103] فما دام أن الأبصار لا تدركه؛ فهو لا يُرى وما علموا أن هناك فرقاً بين الرؤية والإدراك، فإن الإِنسَان قد يرى الشيء لكن لا يحيط به ولا يدرك حقيقته، والذي نفى الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وقوعه هو الإحاطة به وإدراكه وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً" [طه: 110] فإذا كَانَ العلم لا يحيط به سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -ومجاله أرحب وأوسع من الرؤية- فكيف تحيط به الرؤية؟!

قوله: (ولا كيفية) أي: لا نعلم الكيفية التي يرى بها المؤمنون ربهم جل وعلا، وكما قَالَ: (وتفسيره عَلَى ما أراد الله تَعَالَى وعلمه) يعني: تفسير الكيفية لا يعلمها إلا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فنحن نؤمن بالرؤية وأما كيفية وقوع هذه الرؤية فإن الذي يعلمها هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ونحن لا نعلمها، وعماد استدلاله كَانَ بهذه الآية وبالأحاديث الصحيحة الدالة عَلَى الرؤية فقَالَ: (كما نطق به كتاب ربنا: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" [القيامة:22، 23] . وهي من أوضح وأبين وأجلى الأدلة عَلَى رؤية الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، ولهذا فإن الإمام البُخَارِيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في صحيحه جعل هذه الآية هي عنوان الباب، ثُمَّ أورد بعد ذلك أحاديث كثيرة في إثبات رؤية الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عن عدد من الصحابة الكرام- رضي الله عنهم-: عن جرير بن عبد الله البجلي (7436) ، وأَبِي هُرَيْرَةَ (7438) ، وأبي سعيد الخدري (7440) - رضي الله عنهم-، وأورد أحاديث كثيرة في الحشر ويَوْمَ القِيَامَةِ، تثبت رؤية الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وأما رؤية المنافقين والكفار ربهم يوم القيامة فقد اختلف فيها الناس على ثلاثة أقوال: أحدها: أن الكفار لا يرون ربهم بحال لا المظهر للكفر ولا المسر له وهو قول أكثر العلماء المتأخرين، وعليه يدل عموم كلام المتقدمين هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واستدلوا بأدلة منها قوله تعالى: "كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُون"َ [المطففين:15] ، وقوله تعالى: "وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً" [الإسراء:72] ، وقوله تعالى: "وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" [طه:124] ، وأن الرؤية من أعظم كرامات أهل الجنة وبشارة لهم فلو شاركهم الكفار في ذلك بطلت البشارة.

والمذهب الثاني: أنه يراه من أظهر التوحيد من مؤمني هذه الأمة ومنافقيها وغبرات من أهل الكتاب وذلك في عرصة القيامة ثم يحتجب عن المنافقين وهو قول أبي بكر بن خزيمة من أئمة السنة واحتجوا بحديث أبي هريرة-رضي الله عنه- في الصحيحين واللفظ لمسلم: " أَنَّ نَاسًا قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ فَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ " البخاري (806) ، ومسلم (182) .

وفي رواية في الصحيحين من حديث أبي سعيد- رضي الله عنه-: " فَيَقُولُ هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلَّا أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالسُّجُودِ وَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ " البخاري (7440) ، ومسلم (183) . المذهب الثالث: أن الكفار يرونه رؤية تعريف وتعذيب ثم يحتجب عنهم ليعظم عذابهم ويشتد عقابهم وهو قول أبي الحسن بن سالم وأبي سهل بن عبد الله التستري. والراجح هو القول الأول وهو المأثور عن السلف المتقدمين، قال ابن تيمية في الفتاوى: روى ابن بطة بإسناده عن أشهب قال: قال رجل لمالك: يا أبا عبد الله هل يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة؟ فقال مالك: لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعير الله الكفار بالحجاب، قال الله تعالى: "كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ". وعن المزني قال: سمعت ابن أبي هرم يقول: قال الشافعي في كتاب الله "كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ" دلالة على أن أولياءه يرونه على صفته، وعن حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله يعني أحمد يقول: قوله تعالى "كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ" فلا يكون حجاباً إلا لرؤية فأخبر الله أن من شاء ومن أراد فإنه يراه والكفار لا يرونه، ومثل هذا الكلام كثير عن غير واحد من السلف.

قال القاضي أبو يعلى وغيره: كانت الأمة في رؤية الله بالأبصار على قولين: منهم المحيل للرؤية وهم المعتزلة، والفريق الآخر أهل الحق والسلف من هذه الأمة متفقون على أن المؤمنين يرون الله في المعاد وأن الكافرين لا يرونه فثبت بهذا إجماع الأمة - ممن يقول بجواز الرؤية وممن ينكرها - على منع رؤية الكفار لله وكل قول حادث بعد الإجماع فهو باطل مردود.

الفرق بين الإرادة الكونية والشرعية

الفرق بين الإرادة الكونية والشرعية المجيب عبد العزيز بن عبد الله الراجحي عضوهيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 04/09/1425هـ السؤال أريد توضيح الإرادة الكونية والإرادة الشرعية لله -تعالى-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الإرادة صفة من صفات الله -عز وجل-، وهي نوعان: (1) إرادة كونية خلقية قدرية. (2) إرادة دينية شرعية أمرية. وهذا تقسيم عند أهل السنة والجماعة وهو الحق الذي دلت عليه النصوص، الإرادة الكونية الخلقية عامة للمؤمن والكافر، ولا يتخلف مرادها، وكل ما في هذا الكون، وكل ما يكون ويوجد، فإن الله أراده كوناً وقدراً من خير وشر، وصحة وعافية، وعز وإذلال، وكفر وإيمان، وفقر وغنى، ومعصية وطاعة، وسعادة وشقاوة، فكل ما يكون في هذا الكون لا يكون إلا بقدرة الله، كما أن كل شيء خلقه الله، قال تعالى: "اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ" ... [الزمر: من الآية62] ، " ... قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ... " [الرعد: من الآية16] ، "وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً" [الفرقان: من الآية2] ، والإرادة الكونية تعم المؤمن والكافر، أما الإرادة الدينية الشرعية فهي خاصة بالمؤمن، وهي ترادف المحبة والرضا. فالإرادة الشرعية فيما أراده الله ورضيه من أحكام، وتشريع ما شرعه في الكتاب وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم-، فأمر به ونهى عنه، كقوله: "وأقم الصلاة"، هذا أمر ديني شرعي أمر الله بإقامة الصلاة ديناً وشرعاً، ولكن قد يحصل المراد من الإرادة الشرعية وقد لا يحصل، فمن الناس من أطاع الله واستجاب، وأقام الصلاة، ومن الناس من لم يؤمن ولم يستجب، أما الإرادة الكونية، فإنه لا يتخلف مرادها. تجتمع الإرادتان في حق المؤمن كأبي بكر - رضي الله عنه-، فإن الله أراد منه الإيمان قدراً وشرعاً.

وتتخلف في حق الكافر، فإن الله أراد الإسلام لأبي لهب ديناً وشرعاً، ولم يرده كوناً وقدراً. من أمثلة الإرادة الكونية: قوله - تعالى- "فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ... " [الأنعام: من الآية125] ، وقال - تعالى -: "....إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ" [المائدة: من الآية1] ، وقال - تعالى- " ... إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" [هود: من الآية34] ، والإرادة الكونية مرادفة للمشيئة قال - تعالى - "لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ*وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" [التكوير:28-29] . أما الإرادة..... الشرعية فمن أمثلتها قوله - تعالى - " ... يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ... " [البقرة: من الآية185] ، " ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" [الأحزاب: من الآية33] ، " ... تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ... " [لأنفال: من الآية67] . وأما أهل البدع فإنهم لم يقسموا الإرادة إلى قسمين فضلوا وأضلوا فالجبرية لم يثبتوا إلا الإرادة الكونية، والمعتزلة أثبتوا الإرادة الدينية الشرعية، ولم يثبتوا الإرادة الكونية فضلوا، وهدى الله أهل السنة والجماعة؛ فأثبتوا الإرادتين عملاً بالنصوص، فكان مذهب أهل السنة والجماعة هو الحق ووسط بين مذهبين باطلين الجبرية الذين لا يثبتون إلا الإرادة الكونية، والمعتزلة الذين لا يثبتون إلا الإرادة الدينية الشرعية. والله أعلم.

معنى حديث ذراع الجبار

معنى حديث ذراع الجبار المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 26/05/1426هـ السؤال سؤالي: وجدت في كتاب السنة لابن أبي عاصم حديث أبي هريرة: "غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعاً بذراع الجبار"، وقد صححه الشيخ الألباني، وذكر أنه في السلسلة الصحيحة رقم (1105) . وقد بحثت حول هذا الحديث، فوجدت في الكفاية للخطيب: أخبرنا أبو أحمد بن محمد بن غالب البرقاني، وأبو الحسن بشرى بن عبد الله الرومي، قالا: أخبرنا محمد بن جعفر ... عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ضرس الكافر مثل أحد، وفخذه مثل البيضاء، ومقعده من النار كما بين قديد ومكة، وكثافة جلده اثنان وأربعون ذراعاً بذراع الجبار". قال الخطيب: كان في أصل سماع البرقاني: (بذراع الجبار عز وجل) وعليه تصحيح، وهذا يدل على أنه كان في الأصل الذي نقل منه هكذا. ونرى أن الكاتب سبق إلى وهمه أن الجبار في هذا الموضع هو الله -تعالى- وكتب: "عز وجل" ولم يعلم أن المراد أحد الجبارين الذين عظم خلقهم، وأوتوا بسطة في الجسم، كما قال تعالى: "إن فيها قوماً جبارين". وقال ابن حبان: الجبار ملك ظاهر يقال له الجبار. وقال الحاكم: قال الشيخ أبو بكر رضي الله عنه: معنى قوله: بذراع الجبار" أي جبار من جبابرة الآدميين ممن كان في القرون الأولى ممن كان أعظم خلقاً وأطول أعضاءً وذراعاً من الناس.

وقال البيهقي في الأسماء والصفات: قال بعض أهل النظر في قوله: "بذراع الجبار": إن الجبار هاهنا لم يُعْنَ به القديم، وإنما عُني به رجل جبار كان يوصف بطول الذراع وعظم الجسم، ألا ترى إلى قوله: (كل جبار عنيد) ، وقال: (وما أنت عليهم بجبار) . وقوله: (بذراع الجبار) أي: بذراع ذلك الجبار الموصوف بطول الذراع، وعظم الجسد، ويحتمل أن يكون ذلك ذراعاً طويلاً يذرع به، يعرف بذراع الجبار، على معنى التعظيم والتهويل، لا أنَّ له ذراعاً كذراع الأيدي المخلوقة. وقال المنذري: الجبار ملك باليمن له ذراع معروف المقدار، كذا قال ابن حبان وغيره. وقيل ملك بالعجم. ولكن الذي يقع في نفسي أن هذه اللفظة منكرة، ولكن لا يتم القطع بذلك إلا بنظر أهل البصيرة في العلل، فأردنا أن نأخذ رأيكم في هذا الحديث، أثابكم الله ونفع بكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فحديث وصف كثافة وغلظ جلد الكافر في نار جهنم، وأنه اثنان وأربعون ذراعاً بذراع الجبار حديث صحيح، صحّحه جمعٌ من أهل العلم. كابن حبان (رقم 7486) ، والحاكم (4/595) . وفي عامّة مصادر السنة لم يرد عقب لفظة الجبار عبارات التفخيم والتعظيم والتنزيه التي لا تليق بغير الله عز وجل، مثل "عز وجل"، أو "جَلَّ اسمُه"، ونحوها إلا فيما نقله السائل عن (الكفاية) للخطيب، وفي كتاب (إبطال التأويلات) للفراء. ولذلك فقد اختلف أهل العلم في فَهْم هذا الحديث، فحمله بعضهم على أنه من أحاديث الصفات، ونفى الآخرون ذلك وتأوّلوه تأويلاً يجعله ليس من أحاديث صفات الباري عز وجل. فإيراد ابن أبي عاصم له ضمن أبواب أحاديث الصفات في كتاب السنة (رقم 623، 624) يدلّ على أنه عنده من أحاديث الصفات. وكذلك أورده أبو يعلى الفراء في كتابه (إبطال التأويلات) ضمن أحاديث الصفات، وتكلَّم عنه (1/203-205) .

وتأوَّله آخرون بما يجعله ليس من أحاديث الصفات، وعلى هذا عامّةُ من وقفت على كلام له في هذا الحديث، وأخصّ بالذكر منهم هنا من عُرفوا باتِّباع منهج السلف في باب الأسماء والصفات الإلهية، كابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (252) ، والأزهري في تهذيب اللغة (11/61) ، والذهبي حيث قال – فيما نقله عنه المناوي في فيض القدير (4/255) -: "ليس ذا من أحاديث الصفات في شيء". والذي جعله من أحاديث الصفات أثبت به صفة الذراع لله عز وجل، لكن دون تشبيه ولا تجسيم، كما أثبت السلف صفة الوجه واليدين. ولم يروا أن في الحديث ما يدعو إلى تحديد الذراع، كما لم يُفض الاستواء على العرش إلى التحديد، وهذا ما صرّح به أبو يعلى الفراء في إبطال التأويلات (1/204-205) . ومَنْ فهم معنى هذا الحديث على ما ذكره الفرّاء، لا يكون في إثباته في هذه الصفة محذوراً؛ لأنه لم يؤدِّ به الإثبات إلى التشبه، وهذا هو ما فرّ منه المؤولون، الذين تأولوا الحديث لكي لا يكون من أحاديث الصفات أصلاً. أما من لم يفهم من الحديث ذلك، فيلزمه إمّا تفويض المعنى (وليس هو من مناهج السلف) ، أو أن يتأوّل الحديث. وقد تأوّله ابن قتيبة بقوله: " ونحن نقول: إن لهذا الحديث مخرجاً حسناً، إن كان النبي – صلى الله عليه وسلم- أراده، وهو أن يكون الجبار –ههنا- الملِك، قال الله –تبارك وتعالى- " وما أنت عليهم بجبار" [ق:45] أي بملك مُسلَّط، والجبابرة: الملوك، وهذا كما يقول الناس: هو كذا وكذا ذراعاً بذراع الملك، يريدون: بالذراع الأكبر، وأحسبه ملكاً من ملوك العجم، كان تامّ الذراع، فنُسب إليه". ووافقه على ذلك الأزهري في (تهذيب اللغة) ، كما سبق.

وقد افتتح الأزهري مادّة (جبر) بقوله: قال الله عز وجل: "إن فيها قوماً جبارين" [المائدة:22] . قال أبو الحسن اللحياني: أراد الطول والقُوَّة والعِظَم، والله أعلم بذلك. قلت: كأنه ذهب به إلى الجبّار من النخيل، وهو الطويل الذي فات يد المتناول، يقال: رجلٌ جبار إذا كان طويلاً عظيماً قويَّاً، تشبيهاً بالجبار من النخيل". وقد يستغرب هذا التأويل من لم يكن عارفاً بلغة العرب، ولعدم استخدام الجبار لدينا بالمعنى الذي ذكره الأزهري، لكن من عرف أن الجبار في لغة العرب يدل على ذلك المعنى، ولم يُسلِّط عُرْفَه اللغوي على العرف اللغوي الذي كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم- لم يستغرب ذلك المعنى، خاصة مع قول ابن فارس في كتابه مقاييس اللغة (1/501) : " الجيم والباء والراء: أصلٌ واحد، وهو جنسٌ من العظمة والعُلُوّ والاستقامة، فالجبّار: الذي طال وفات اليد، يُقال: فرس جبّار، ونخلةٌ جبّارة..". وقال القَطامي (في ديوانه 351) : ومن يَنْزِعْ أرومتَه لأُخرى فذاك لثابتِ الأصل اعْتِقَارُ كما الزيتونُ لا يَمَّازُ نَخْلاً ولا الجَبّارُ تُبْدَلُهُ صُحَارُ يقول: من ترك أصله وانتسب لغير أصله، فهذا لمن كان صحيح النسب مذلّة. كما أن شجر الزيتون لا يُمكن أن يفارق شجرة الزيتون إلى النخل، والنَّخل الطوال (وهي الجبّار) ، لا تستبدلها صُحَار بغيرها، وصُحَار بلدٌ بعُمَان مشهورة بكثرة النخيل. وعلى هذا يكون قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "بذراع الجبار" يعْني: بذراع الطويل الفائت الطول. وهذا أقوى ما يظهر لي من معناه، وهو ظاهرٌ لا إشكال فيه. والله أعلم والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل؟

هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل؟ المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الربوبية التاريخ 13/04/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم تحدى أحد الذين أعلنوا الحرب صراحة على الدعوة السلفية في بلدي -في صفحات إحدى الجرائد- علماء ودعاة السلفيين على الإتيان بنص واحد فقط من القرآن، أو السنة، أو كلام السلف يثبت تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، معتبراً هذا التقسيم من باب تثليث النصارى، وقال: أعطيكم مهلة ست سنوات، وإن جئتم بدليل واحد، فأنا على استعداد لإعلان توبتي على صفحات الجرائد والاعتذار، فمن يجيبه؟ الجواب أولاً: العبرة بالحقائق وليس بالصور، والمعاني التي جاءت في هذا التقسيم صحيحة، وكلها يشهد لها القرآن والسنة. فتوحيد الألوهية: يعني أن توحد الله -عز وجل- في العبادة، فإن معنى: "إله" أي معبود، فهذا سماه ابن تيمية توحيد العبادة، فهل هذا المعنى صحيح؟ فإن كان صحيحاً فماذا نسميه؟ وتوحيد الربوبية: مشتق من: "الرب" أي الخالق، فهل اعتقاد أن الله- عز وجل- هو المتفرد بالخلق صحيح؟ وتوحيد الأسماء والصفات: أي نوحد الله -عز وجل- في أسمائه وصفاته، ونعتقد أنها لا تشابه صفات المخلوق وأسمائه، فهل هذا المعنى فيه أشكال؟! ثانياً: سبب التقسيم أن بعض المسلمين خالف في بعض هذه الأنواع وأقر ببعضها، فكان الحوار يقتضي بيان جوانب الاتفاق وجوانب الخلاف، وذلك لا يتم إلا بهذا التقسيم.

فكل الأمة مقرة بتوحيد الربوبية، بل المشركون أنفسهم مقرون بتوحيد الربوبية، قال تعالى: "ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله" [لقمان: 25] . فهذا الجانب من جوانب التوحيد لا تنكره قريش، فدل على أن النبي-صلى الله عليه وسلم- جاء يدعوهم لشيء أنكروه وهو توحيد العبادة معنى "إله" فقال قولوا: لا إله إلا الله، أي لا معبود، ولم يرد: لا خالق؛ لأنهم لا ينكرونه. فإذا جاء أحد من المسلمين وفسر"لا إله إلا الله" بمعنى لا خالق إلا الله، فنقول: هذا خطأ يبين له من خلال التقسيم هذا ... إلخ فكان هذا التقسيم مساعداً لبيان جوانب الصواب وجوانب الخطأ في العقائد. وبهذا يتبين أن التقسيم لا يترتب عليه تثليث ولا تربيع وإنما لزيادة الإيضاح، وأما معاني تلك الأقسام فهي واضحة في تفسير الآيات في كتب التفاسير، فبالرجوع إليها يتضح التقسيم. والله الموفق.

هل في هذا الحديث تشبيه الخالق بالمخلوق

هل في هذا الحديث تشبيه الخالق بالمخلوق المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 29/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. قرأت كتاباً يروي فيه مؤلفه عن الإمام مالك، أنه قال: (من يصف أن لله يداً، ويشير إلى يده هو (برفعها لكي تُرى) فيجب أن تقطع يده، وكذلك من شبه بوجهه) . فلماذا أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عينيه وأذنه، عندما تلا قوله تعالى: "إنه هو السميع البصير"؟ وكذلك ما يحيرني هو: كيف قارن النبي -صلى الله عليه وسلم- كلام الله بجر السلاسل على الصخر، أليس في المثالين أعلاه تشبيه؟. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إن من الإيمان بالله -تعالى- الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم- من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل، هذا هو منهج أهل السنة والجماعة في صفات الله -تعالى-، فهم يؤمنون بها إيماناً خالياً من هذه الأمور الأربعة، فالتحريف: تغيير اللفظ والمعنى، فتحريف المعنى هو تغييره بصرف اللفظ عن ظاهره بغير دليل، وهو نوع من التعطيل. أما التعطيل: فهو إنكار ما أثبته الله -تعالى- لنفسه من الأسماء والصفات كلياً أو جزئياً، بتحريف أو بجحود، فهذا كله تعطيلٌ. أما التكييف: فهو ذكر كيفية الصفة من صفات الله -تعالى- وهو محرم، وبدعة منكرة، وقول على الله بغير علم؛ لأن الله - سبحانه - وصف نفسه في كتابه بصفات، ولم يخبرنا بكيفيتها. أما التمثيل: فهو تمثيل الله -سبحانه- بخلقه، في ذاته، أو في صفاته، والتمثيل ذكر مماثل للشيء. وأهل السنة يتبرؤون منه ومن التحريف، والتعطيل، والتكييف، قال تعالى: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى: 11] ، فقوله: "ليس كمثله شيء" ردٌّ على الممثلة، وقوله: "وهو السميع البصير" ردٌ على المعطلة.

وقال تعالى: "هل تعلم له سميا" [مريم: 65] ، أي مماثلاً، وقال تعالى: "ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 4] ، وقال تعالى: "فلا تجعلوا لله أنداداً" [البقرة: 22] ، أي نظراء مماثلين، وقال تعالى: "فلا تضربوا لله الأمثال" [النحل: 74] ، فإن قيل: إن هناك أحاديث قد تشتبه علينا، ونريد الجواب الشافي عنها: أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته" أخرجه البخاري (7434) ، ومسلم (633) ، فالجواب عن ذلك من وجهين: الأول: أنه لا يمكن أن يقع تعارض بين كلام الله –تعالى- وكلام رسوله –صلى الله عليه وسلم- الذي صح عنه أبداً؛ لأن الكل حق من عند الله- تعالى- لكن قد يقع التعارض في فهم البعض، لقلة العلم، أو لقصور الفهم، أو للتقصير في البحث والتعلم والتدبر، أو لسوء القصد والنية، وبناء على ذلك فيجب عليك عند الاشتباه أن ترد المشتبه إلى المحكم؛ حتى يبقى النص كله محكماً، وهذه طريق الراسخين في العلم، قال تعالى: "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات ... " [آل عمران: 7] ، وبهذا تسلم أمام الله. الثاني: أن الحديث ليس فيه تشبيه للمرئي بالمرئي، وإنما فيه تشبيه للرؤية بالرؤية، أي ترون ربكم كرؤيتكم القمر ليلة البدر، ولهذا أعقبه بقوله: "لا تضامون في رؤيته" أو: "لا تضارون في رؤيته" أخرجه البخاري (7440) . ثانياً: قوله صلى الله عليه وسلم: " خلق الله آدم على صورته" أخرجه البخاري (6227) ، ومسلم (2841) ، والجواب عنه من ثلاثة وجوه: الأول: - بما سبق-: أنه لا يمكن أن يتعارض هذا الحديث مع قوله تعالى: "ليس كمثله شيء"، فإن استطعت الجمع فافعل، وإلا فقل: إن الله خلق آدم على صورته، وأنه سبحانه ليس كمثله شيء، فأثبت الصورة بدون مماثلة.

الثاني: أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له من كل وجه، فقد قال صلى الله عليه وسلم-: " أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر" أخرجه البخاري (3246) ، ومسلم (2834) ، فهؤلاء البشر ليسوا على صورة القمر من كل وجه، بل على صورتهم، لكن في الوضاءة والحسن والجمال، وما أشبه ذلك على صورة القمر، لا من كل وجه. الثالث: أن الإضافة في قوله: "على صورته" من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، فيعني خلقه على الصورة التي اختارها، واعتنى بها خلقاً، وتصويراً، فإضافة الله الصورة إليه من باب التشريف والتكريم. ولا يعني ذلك نفي الصورة، فإنها ثابتة لله –تعالى- بأدلة كثيرة، وسيأتي بيان معناها، أي معنى الصورة التي تكون لله –تعالى- وتليق بجلاله وعظمته. وهذا الوجه – أعني الوجه الثالث- صحيح، وله نظير، لكن الوجه الثاني أسلم منه؛ لأن لظاهر اللفظ مساغاً في اللغة، وإمكاناً في العقل، فالواجب حمل الكلام عليه، مع اعتقادنا الجازم أن الصورة لا يلزم منها مماثلة الصورة الأخرى، وحينئذ يكون الأسلم أن نحمله على ظاهره. فإن قيل: ما هي الصورة التي لله –تعالى- ويكون آدم عليها؟ فالجواب: أن الله –تعالى- له وجه يليق بجلاله وعظمته، وله عينان تليقان بجلاله وعظمته، وله يدان تليقان بجلاله وعظمته، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الصفات مماثلة لصفات الآدمي، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة تكون على صورة القمر، لكن بدون مماثلة، وهذا بالنسبة بين المخلوق والمخلوق، فكيف بالأمر إذا كان بين الخالق – سبحانه- وبين المخلوق الذي هو ليس بشيء بالنسبة إلى الخالق- سبحانه- "ليس كمثله شيء".

ثالثاً: قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خُضْعاناً لقوله: "كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك ... " أخرجه البخاري (7481) ، وفي لفظ: "كالسلسلة على صفوان ينفذهم ذلك" أخرجه البخاري (4701) ، وفي لفظ "إذا تكلم الله تعالى بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا.. " أخرجه أبو داود (4738) . ومعنى قوله: "كأنه" أي صوت القول في وقعه على قلوبهم، حين سماعه. وقوله: "صفوان" هو الحجر الأملس الصلب، والسلسلة عليه يكون لها صوت عظيم. والجواب عن ذلك بثلاثة وجوه: الأول: - كما سبق- أنه لا يمكن أن يقع تعارض بين كلام الله وكلام رسوله – صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الكل حق من عند الله –تعالى- فإن استطعت الجمع فافعل، وإلا فرد المتشابه إلى المحكم؛ حتى يبقى النص كله محكماً، "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير". الثاني: أن الحديث ليس فيه تشبيه لصوت الله –تعالى- بصوت السلسلة على صفوان، وإنما فيه تشبيه سماع الملائكة لصوت الله –تعالى- بسماع من يسمع سلسلة على صفوان. أو يقال: إن المراد تشبيه ما يحصل للملائكة من الفزع عندما يسمعون كلام الله –تعالى- بفزع من يسمع سلسلة على صفوان. إذاً ليس في الحديث تشبيه الصوت بالصوت، وإنما فيه تشبيه السماع بالسماع، والفزع بالفزع، والوقع بالوقع، ولذلك أعقبه بقوله: "ينفذهم ذلك" أي أن الصوت يبلغ منهم كل مبلغ. فإن أبى أحدٌ وأصر زاعماً أن في الحديث تشبيهاً للصوت بالصوت، قلنا: إن هذا لا يفهم من الحديث، لكن حتى وإن سلمنا بذلك، فلا يلزم منه أن يكون مماثلاً له من كل وجه، كما سبق وأن بيناه في حديث الزمرة الأولى من أهل الجنة؛ لأن الله – سبحانه- "ليس كمثله شيء" أبداً، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وهذا هو الوجه الثالث.

رابعاً: أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- قرأ قوله تعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ... " إلى قوله تعالى: "إن الله كان سميعاً بصيراً"، فوضع إبهامه على أذنه اليمنى، والتي تليها على عينه، وأبو هريرة –رضي الله عنه- لما حدث به فعل ذلك. أخرجه أبو داود بسند صحيح (4728) . والجواب عن ذلك بوجهين: الأول: - بما سبق-: أنه إذا اشتبه عليك مثل ذلك، ولم تستطع الجمع، فردّ المتشابه إلى المحكم، "ليس كمثله شيء"، واجزم أنه لا تعارض بين كلام الله، وكلام رسوله – صلى الله عليه وسلم-، وأنه إنما حصل لك الاشتباه لسبب من الأسباب المذكورة فيما سبق. الثاني: أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك ليؤكد ثبوت هاتين الصفتين لله –سبحانه- على الوجه اللائق به، فهو إذاً تحقيق لهما، وإثبات لهما بالقول والفعل، وليس في الحديث ما يدل على التمثيل أبداً، لا من قريب ولا من بعيد، "ليس كمثله شيء". خامساً: أنه قد ورد في حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- كيف يحكى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "يأخذ الله – عز وجل- سماواته وأرضيه بيديه، فيقول: "أنا الله، ويقبض صلى الله عليه وسلم أصابعه ويبسطها- أنا الملك" أخرجه مسلم (2788) . ويجاب عنه بالوجهين السابقين، وأن المراد بفعل الرسول –صلى الله عليه وسلم- لذلك، هو تحقيق صفة اليدين لله تعالى، وإثباتها حقيقة على الوجه اللائق به، وأنه سبحانه يقبض بهما سماواته وأراضيه حقيقة، يوم القيامة، كما قال تعالى: "وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه" [الزمر: 67] ، فإن قيل: هل يجوز لأحد أن يفعل كما فعل الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الحديثين السابقين؟

فالجواب: أن هذا يختلف بحسب ما يترتب عليه، فإذا خشينا أن يتوهم أحد التمثيل فينبغي أن نكف عن ذلك كما لو كان أمامك عامة لا يفهمون الشيء على ما ينبغي، وعلى كل فلا حاجة إلى أن نفعل ذلك ما دمنا نعلم أن المقصود هو التحقيق، مما يعني أن ما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم- إنما هو مقصود لغيره، وحينئذ فلا حاجة إلى ذلك، ولكل مقام مقال. المراجع: (1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية. (2) العقيدة الواسطية، لشيخ الإسلام ابن تيمية. (3) شرح العقيدة الواسطية، للشيح محمد بن عثيمين. (4) القول المفيد، للشيخ محمد بن عثيمين. (5) فتح المجيد، للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.

الصفات المشتركة بين الخالق والمخلوق

الصفات المشتركة بين الخالق والمخلوق المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 09/09/1426هـ السؤال يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في كتابه (عقيدة أهل السنة والجماعة) ما يلي: لا شريك لله في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، قال تعالى: "رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا" انتهى كلامه. لا شريك له في صفاته، فكيف ذلك وكثير من الناس يتصفون بالكرم وهو من صفات الله، وآخرون يتصفون بالحلم وهو من صفات الله أيضاً؟. نرجو التوضيح. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فما نقلتَه من كلام الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- محل إجماع من علماء الإسلام، فصفات الله -تعالى- لا تشابه صفات المخلوقين: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى:11] . أما ما ذكرته من وجود أوصاف في بعض المخلوقين، مثل (الكرم والعلم والحلم) فإن الاشتراك في بعض المعاني لا يقتضي التشابه المطلق، ومثال ذلك أن نقول: يد الباب ويد القط ويد الفيل ويد الإنسان، فهي رغم اشتراكها اللفظي لا تقتضي التشابه مطلقاً، ونقول أيضاً: حمامة سريعة وطائرة سريعة، والفرق بين حقيقة الصفتين شاسع جداً، فإذا كان ذلك في حق المخلوقين فهو من باب أولى في حق الخالق سبحانه وله المثل الأعلى، والقاعدة في ذلك أن الاشتراك في الأسماء لا يقتضي التشابه في المسميات.

إثبات الأيدي لله في قوله "مما عملت أيدينا"

إثبات الأيدي لله في قوله "مما عملت أيدينا" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 05/04/1427هـ السؤال قال تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا" حسب إجابة فضيلة الشيخ -حفظه الله- أنه لا يجب علينا تأويل هذه الآية فما معناها الظاهر، وإذا قلنا: إن معناها الظاهر هو الأيدي فسيبدوا لنا تصور وتخيل، فهل يعتبر هذا تجسيمًا أو تشبيهًا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقول الله تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا" [سورة يس:71] . يدل على إثبات اليدين لله تعالى، وسبب ذكر اليدين بصيغة الجمع أنهما أضيفتا إلى صيغة الجمع، كما قال تعالى: "فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ" [الشورى:30] . ومن قواعد اللسان العربي أن المثنى إذا أضيف إلى ضمير التثنية أو ضمير الجمع، جُمع كقوله تعالى: "فقد صغت قلوبكما" [التحريم:4] . وقوله: "فاقطعوا أيديهما" [المائدة:38] . ونظير هذه الآية قوله تعالى: "تجري بأعيننا" [القمر:14] . وهذه الآية أعني " مما عملت أيدينا". لا تدل على أن الله خلق الأنعام بيديه كما خلق آدم، لأنه أسند الفعل إلى الأيدي كقوله: "بما قدمت أيديكم" [آل عمران:182] . ومثل هذا الأسلوب لا يدل على خصوص فعل اليدين بخلاف قوله تعالى: "مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ" [ص:75] . فإنها تدل على أن الله خلق آدم بيديه؛ لأنه أسند الفعل إلى الفاعل وعداه إلى اليدين بالباء، وأهل السنة والجماعة يثبتون اليدين لله على ما يليق به ولا يكيفون ولا يمثلون. فلا تتخيل أيها السائل من صفات الله أنها تماثل صفات المخلوقين فهو سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. والله أعلم.

الإيمان بالملائكة والجن

استخدام الجنّ في العلاج المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 3/8/1422 السؤال ما حقيقة مسّ الجن للإنس وهل يجوز استخدامهم في العلاج؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: جواباً على سؤال السائل: ما حقيقة مس الجن للأنس وهل يجوز استخدامهم في العلاج؟ فنقول: أما مس الجن للإنس فحقيقة ثابتة دل عليها الكتاب والسنة والواقع. ولم يخالف في ذلك إلا بعض من يسمون بالعقلانيين قديماً وحديثاً بناء على تقديسهم العقل. علماً أن العقل السليم لا يمنع من ثبوت ذلك، بل تعدى بعضهم إلى إنكار حقيقة الجن أصلاً وهذه مكابرة. قال الله تعالى: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس …". وقد ثبت ذلك في أحاديث كثيرة صحيحة. كما يشهد له الواقع، وأقوال العلماء في ذلك قديماً وحديثاً مشهودة، أما مسألة حكم الاستعانة بالجن واستخدامهم في العلاج أو غير ذلك فالصحيح أنه لا يجوز حتى وإن كانوا مسلمين وفي أمر مباح أو مشروع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستعن بهم لا في الجهاد، ولا في الإخبار عن أحوال العدو، ولا عن شيء من ذلك مع حاجته الماسة -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك، مع أنه مرسل إليهم عليه الصلاة والسلام، وقد بلغهم رسالة ربه. وهذا الاستخدام من أفعال أهل الجاهلية. فكانوا إذا نزلوا وادياً أو مكاناً خالياً قالوا: نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه … يريدون كبير الجن. فحرّم الإسلام ذلك، قال -تعالى- "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً". وقد أبدلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- خيراً منه فقال -عليه الصلاة والسلام- " من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك " رواه مسلم (2708) .

وهذا الاستخدام هو من الاستمتاع الذي ذمّ الله الكافرين عليه، قال -تعالى- "ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم" فالجن لا يخدم الإنس إلا إذا قدم له شيئا، ً وهذا هو استمتاع بعضهم ببعض. كما أن استخدام الجن في بعض الأمور المباحة أو الطاعات ذريعة للشرك، وقاعدة "سد الذرائع" تمنع من ذلك لما فيه من مخاطر جسيمة على عقيدة المسلم. فعلى المسلم الغيور على دينه البعد عن كل الأمور التي تقدح في عقيدته وتجره إلى الذنب الذي لا يغفره الله تعالى. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

كيف نثبت وجود الملائكة؟

كيف نثبت وجود الملائكة؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 27/6/1422 السؤال هل لكم أن تثبتوا لي أنه يوجد في هذه الدنيا ملائكة؟ أريد جواباً مقنعاً. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسوله، نقول لمن قال ذلك: أتؤمن بالله ورسوله وكتابه؟ فإن قال: نعم أؤمن بالله ورسوله وكتابه. نقول: إن هذا يفرض عليك أن تؤمن بكل ما أخبر الله به في كتابه وعلى لسان رسوله، فإن الملائكة من علم الغيب، ولا طريق للعلم بهم إلا خبر الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم-، فلا طريق للعلم بالملائكة إلا بالوحي المنزل على رسل الله وأعظم ذلك ما أنزله الله -سبحانه وتعالى- من الكتاب والحكمة على محمد -صلى الله عليه وسلم- وقد ذكر الله الملائكة في كتابه في مواضع كثيرة جداً، كما في قصة آدم وإبليس، وذكر أن الإيمان بهم من أركان وأصول الإيمان والبر، وأن الكفر بهم ضلال بعيد كما قال -تعالى-: ((ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله فقد ضل ضلالاً بعيداً)) كما بيّن سبحانه وتعالى في كتابه وعلى لسان رسوله -عليه الصلاة والسلام- أموراً كثيرة عن الملائكة من صفاتهم الخَلقية والخُلقية، والأعمال التي وكلوا بها، فالإيمان بالملائكة من أصول الإيمان فمن ينكر وجودهم، أو يشك في وجودهم فإنه كافر بالله ورسوله وكتبه، ولو ادَّعى أنه مسلم، وأؤكد أنه لا طريق لإثبات وجودهم وأحوالهم إلا السمع، أي: النقل، وهو كتاب الله، وما صحَّ من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وإن كان القائل لا يؤمن بالله، أو لا يؤمن بالرسول، أو لا يؤمن بالقرآن فللكلام معه مقام آخر، لا يتكلم معه في إثبات الملائكة بل يتكلم معه في أصل الأصول، وهو الإيمان بالله ورسوله وكتابه , والله أعلم.

الجن والشياطين سلالة من؟؟

الجن والشياطين سلالة من؟؟ المجيب د. عبد الله السبتي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/تفسير آيات أشكلت التاريخ 22/7/1422 السؤال يقول الله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ... الآية الإنس من بني آدم والجن من نسل من؟ والشياطين من نسل من؟ وماذا قال أهل العلم بقوله تعالى (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) ظاهر قول الملائكة بأن الأرض كان يقطنها مخلوق مفسد فمن هم؟ الجواب الذي يظهر والله أعلم أن إبليس هو أبو الجن وذلك هو ظاهر القرآن ولا معارض له مقبول فإن الله سبحانه قد أخبر في كتابه عن إبليس أنه اعترض على السجود بقوله: (خلقتني من نار وخلقته من طين) فهو يتحدث عن خلقه هو لا عن غيره من أب أو جد فأول الجن خلقا هو إبليس وهو أبوهم (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو) كما أن أول الإنس خلقا هو آدم وهو أبوهم وإبليس قد خلق قبل آدم (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون*والجان خلقناه من قبل من نار السموم) قال الحسن البصري رحمه الله:"ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس "قال ابن كثير:" وهذا إسناد صحيح عن الحسن " (1/74) في تفسير قوله (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) . قال ابن القيم_رحمه الله_: واسأل أبا الجن اللعين أتعرف الخلاق أم أصبحت ذا نكران وقال ابن حجر في الفتح (6/369) :" إبليس أبو الجن كلهم "

وكل قول غير هذا غير فإنه معارض لظاهر القرآن كما أن مستنده النقل عن بني إسرائيل فمرة ينسب إلى حي من الملائكة وأخرى إلى الجن ولكن اصطفى فكان بين الملائكة ... إلى غير ذلك من الأقوال، والمسألة سمعية لا مجال للرأي فيها، ومثلها لا يستند فيه على الإسرائيليات، وتجدر الإشارة إلى أنها قد وردت مجموعة من الروايات عن المتقدمين في إبليس وكيفية نسبته إلى الجن، وتحديد مهمته، وذكر عبادته، وكيفية انتقاله، إلى السماء وتسميته، وغير ذلك، ومصدر ذلك والله أعلم الإسرائيليات، قال ابن كثير في تفسيره (3/87) :" وقد روي في هذا آثاراً كثيرة عن السلف وغالبها من الإسرائيليات، التي تنقل لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير، منها ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته الحق الذي بأيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة، لأنها، لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان وقد وضع في هذا أشياء كثيرة ". وحينئذ فلا داعي للعدول عن ظاهر القرآن. وبهذا القول يزول الإشكال عن كيفية وجود إبليس بين الملائكة وهو ليس منهم، فالله قد خلقه وجعله بينهم، كما أنه خلق آدم وجعله في الجنة ثم أنزل الجميع إلى الأرض جزاءا وابتلاء، هذا بالنسبة لأبي الجن. وأما بالنسبة لأبي الشياطين فلا بد من مقدمة لبيان ذلك، فإن لفظ (شيطان) يطلق على إبليس ويطلق على جنس من الجن وهم المرة من ذرية إبليس، ويطلق على المتمرد من الإنس على أوامر ربه. فأما إطلاقه على إبليس ففي مثل قوله تعالى (فأزلهما الشيطان عنها) وقوله تعالى (فوسوس لهما الشيطان) وقوله تعالى (لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة) وهذا غالب إطلاقه، فالشيطان علم في الغالب على إبليس. وأما إطلاقه على جنس من الجن ففي مثل قوله تعالى (وما تنزلت به الشياطين) وقوله تعالى (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين) (والشياطين كل بناء وغواص) (وجعلناها رجوما للشياطين) وهو ههنا وصف لهم.

وأما إطلاقه على متمردي الإنس ففي مثل قوله تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدو شياطين الجن والإنس يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) وهو هنا وصف لهم أيضا. وحينئذ فلا يمكن أن يقال: أبو الشياطين هو فلان إذ منهم جن ومنهم بشر، إلا أن يكون الحكم أغلبي، فيقال إبليس أبو الشياطين لأن غالب الشياطين منهم ولأنه مصدر شيطنتهم والله أعلم. س/ هل يدل قول الملائكة (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) ؟ ج/ ليس في الآية دليل صريح على ذلك؛ إذ ربما عرفت الملائكة أن هذا الخليفة سيفسد في الأرض ويسفك الدماء بوحي من الله إليها كما نقل معناه ابن كثير عن الحسن البصري في تفسير الآية. وقد ورد في كتب التواريخ وبعض التفاسير: أنهم علموا ذلك بسبب أعمال من تقدم آدم من الجن الذين سكنوا الأرض، وسبق بيان شئ من ذلك السؤال، السابق والله أعلم.

هل الملائكة أجسام نورانية

هل الملائكة أجسام نورانية المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 25/8/1424هـ السؤال هل الملائكة من أجسام نورانية أم لا؟. الجواب نعم الملائكة خلقوا من نور، وابن آدم خلق من طين، والجن خلقت من مارج من نار، والله أعلم.

تلبس الجن بالإنس

تلبس الجن بالإنس المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 9/1/1425هـ السؤال السؤال: ما الفائدة التي يستفيدها الجنَّي عندما يتلبَّس بالإنسان؟ مع العلم أن الإنسان سوف يرفع عنه القلم في حالة الجنون. أعتقد - والله أعلم - أن إبليس لبَّس على المتعلمين بأن جعلهم يعتقدون بأن للجن قدرة يستطيعون بها الدخول في الأجساد البشرية. ونحن نعلم علم اليقين بأن إبليس وجنده دعاة إلى النار، فلا يصح له أن يذهب العقول بتلك الطريقة، وقد يقول قائل بأنها من وسائل حربه، إذاً لما كان في الكفره مجانين. والأحاديث المستشهد بها لا تدل إلا على الإغواء لا الجنون بسبب الجن، كحديث "أن الشيطان يجري من بني آدم مجرى الدم " فالرجاء العودة على مناسبة الحديث، شاكراً لكم سعة صدوركم. الجواب الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فمسألة إنكار تلبُّس الجن بالإنس لا يقول بها إلا مكابر؛ لأنها مسألة تشهد لها الأدلة الشرعية الصحيحة، ويدل عليها الواقع والمشاهدة، وسبق أن أجبنا على سؤال في هذا الموقع عن هذا الموضوع، فيحسن الرجوع إليه. ومن الأدلة الشرعية الدالة على ثبوت التلبس قول الله - تعالى-: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ... " [البقرة: 275] .

ومن الأحاديث ما رواه الإمام أحمد في مسنده (24009) من حديث أم أبان بنت الوازع، عن أبيها أن جدها الزارع انطلق معه بابن له مجنون –أو ابن اخت له- قال جدي: فلما قدمنا على رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قلت إن معي ابناً لي، أو ابن أخت لي مجنون، أتيتك به تدعو الله له قال: ائتني به قال: فانطلقت به إليه وهو في الركاب، فأطلقت عنه، وألقيت عنه ثياب السفر، وألبسته ثوبين حسنين وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال: ادنه مني، اجعل ظهره مما يليني، قال: فأخذ بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض إبطيه، ويقول: "اخرج عدو الله، اخرج عدو الله " فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الأول، ثم أقعده رسوله الله – صلى الله عليه وسلم – بين يديه فدعا له بماء فمسح وجهه ودعا له، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يفضل عليه، ومثله الحادثة التي رواها الإمام أحمد في مسنده (17549) ، من حديث يعلى بن مرة، وإخراج النبي –صلى الله عليه وسلم- الجنَّي من الصبي. يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى (24/276) دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أهل السنة والجماعة. ويقول: ليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجن في بدن المصروع وغيره، ومن أنكر ذلك وادَّعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك، وقال في (19/12) أن ممن أنكر دخول الجن بدن المصروع طائفة من المعتزلة، كالجبائي وأبي بكر الرازي. أما ما ذكره السائل من أن إبليس وجنده دعاة إلى النار، فلا يصح أن تذهب العقول بتلك الطريقة. فنقول: إن دوافع التلبُّس ليست محصورة في العداوة فقط. فقد يكون دافع التلبس الحب والعشق والهوى، فبعض الجن يعشق بعض الإنس فيتلبس بهم.

وقد يكون بدافع الانتقام إذا آذاهم الإنس وهو يشعر أو لا يشعر، ولم يعتصم بذكر الله، وقد يكون الجنيَّ أحياناً مكرهاً على الإيذاء والتلبُّس؛ حيث يجبره على التلبُّس أحد كبرائهم من الشياطين، وهذا يكون عادة عن طريق السحر. وقد يكون بدافع الإيذاء، أما ترى أنه يفرح حين يفرق بين المرء وزوجه، وحين يقطع الرحم؟ إذاً فعداوة الشيطان للإنسان ليست محصورة في إغوائه وصرفه عن الصراط المستقيم، مع أنها أغلى أمانيه ولكنه الإيذاء بشتى أنواع الأذى النفسي والجسدي، وخاصة إذا لم يتمكن من صرفه عن الحق. وصرفه عن الحق إما بإيقاعه في الشرك والخروج من الملة، أو بإيقاعه في البدع أو الذنوب، فإن لم يستطع فبصده عن طاعة الله وإفساد العبادة عليه، فإن لم يستطع فبإشغاله بالمفضول عن الفاضل. إلى غير ذلك من الصور. أعاذنا الله من شياطين الجن والإنس بمنَّه وكرمه. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تكليف الجن بالعبادات

تكليف الجن بالعبادات المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 3/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: هل على الجن تكاليف شرعية كما على الإنس؟ أي: هل الجن مكلفون بالصلاة وصيام رمضان؟ لأنه كما نعرف هناك جن مسلم وآخر كافر، أفيدوني أفادكم الله، وجزاكم الله خيراً. الجواب

نعم، الجن مكلفون كالإنس، ومخلوقون للعبادة، فهم مأمورون ومنهيون، كما قال -تعالى-:"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56] وهم موعودون ومتوعدون، فمؤمنهم موعود بالثواب وكافرهم وعاصيهم متوعد بالعقاب، فقد قضى الله -تعالى- أن يملأ جهنم من الإنس والجن، كما قال -سبحانه وتعالى-:"وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" [هود: 119] ، والصحيح أن مؤمنهم يدخل الجنة كما في سورة الرحمن، والخطاب فيها للثقلين (الإنس والجن) :"فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" [الرحمن: 13] في واحد وثلاثين آية، ومن ذلك قوله -تعالى-:" فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ*فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ*يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ*فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" [الرحمن: 39 -42] إلى قوله:"ولمن خاف مقام ربه جنتان*فبأي آلاء ربكما تكذبان" [الرحمن: 46 - 78] إلى آخر السورة، ولكن لا ندري عن كيفية أدائهم للتكاليف الواجبة عليهم؛ لأن لهم طبيعة وخلقة تختلف عن طبيعة الإنس وخلقتهم، لكنهم مكلفون بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن وجاءه نفر من الجن واستمعوا القرآن وذهبوا إلى أقوامهم منذرين كما ذكر الله ذلك في سورتي الأحقاف والجن، "وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ" [الأحقاف: 29 - 35] إلى آخر الآيات، والله أعلم.

رؤية الجن والكلام معهم

رؤية الجن والكلام معهم المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 6/1/1423 السؤال هل يستطيع الإنسان رؤية الجن أو الملائكة، مع العلم أني قابلت من يقول إنه يرى الجن، وكان معنا شخص قد لبسه جني وكان يتكلم معه. ما قولكم في هذا؟ للعلم هذا الشخص ثقة -إن شاء الله-. الجواب الجن لا يُرون على صورهم الحقيقية التي خلقهم الله -تعالى- عليها، قال الله -تعالى-: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) [الأعراف:27] وقد قال -تعالى-: (إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) [الكهف:50] . ولكن الله قد جعل لهم القدرة على أن يظهروا في صور أشخاص وحيوانات وحشرات وغير ذلك، وقد تمثل الشيطان لقريش في صورة شيخ نجدي. أما سماع أصواتهم وكلامهم على لسان الإنسي المتلبسين به فهذا ثابت وواقع. والله تعالى أعلم. أعاذنا الله من شياطين الجن والإنس. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مذهب أهل السنة في الملائكة والجان

مذهب أهل السنة في الملائكة والجان المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 2/2/1423 السؤال ما مذهب أهل السنة والجماعة في الملائكة والجان؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إليك كلام سماحة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين في إجابته على سؤال قريب من سؤالك قال -رحمه الله-: الملائكة: عالم غيبي مخلوقون، عابدون لله -تعالى-، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، خلقهم الله -تعالى- من نور، ومنحهم الانقياد التام لأمره، والقوة على تنفيذه. قال الله -تعالى-:" ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون" [الأنبياء:19-20] . وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا الله -تعالى-، وقد ثبت في الصحيحين (البخاري (3207) ومسلم (2643)) من حديث أنس -رضي الله عنه- في قصة المعراج أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رُفع له البيت المعمور في السماء يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودُوا إليه آخر ما عليهم. والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور: الأول: الإيمان بوجودهم. الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه (كجبريل) ، ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالاً. الثالث: الإيمان بما علمنا من صفاتهم، كصفة (جبريل) ، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه رآه على صفته التي خُلق عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق، أخرجه الترمذي (3278) وأحمد (3748) .

وقد يتحول الملك بأمر الله –تعالى- إلى هيئة رجل، كما حصل (لجبريل) حين أرسله –تعالى- إلى مريم فتمثَّل لها بشراً سوياً، وحين جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو جالس في أصحابه جاءه بصفة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد من الصحابة، فجلس إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وسأل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، والساعة، وأماراتها، فأجابه النبي –صلى الله عليه وسلم- فانطلق، ثم قال –صلى الله عليه وسلم-:" هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم". رواه مسلم (8) . وكذلك الملائكة الذين أرسلهم الله –تعالى- إلى إبراهيم ولوط كانوا في صورة رجال. الرابع: الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله –تعالى-، كتسبيحه، والتعبد له ليلاً ونهاراً بدون ملل ولا فتور. وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة. مثل: جبريل الأمين على وحي الله –تعالى- يرسله الله به إلى الأنبياء والرسل. مثل: ميكائيل الموكل بالقطر، أي: المطر والنبات. ومثل: إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق. ومثل: ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت. ومثل: مالك الموكل بالنار وهو خازن النار. ومثل: الملائكة الموكلين بالأجنة في الأرحام إذا تم للإنسان أربعة أشهر في بطن أمه، بعث الله إليه ملكاً وأمره بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد. ومثل: الملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم وكتابتها لكل شخص، ملكان: أحدهما عن اليمين، والثاني عن الشمال. ومثل: الملائكة الموكلين بسؤال الميت إذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه. والإيمان بالملائكة يثمر ثمرات جليلة، منها: الأولى: العلم بعظمة الله –تعالى-، وقوته، وسلطانه، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق.

الثانية: شكر الله -تعالى- على عنايته ببني آدم، حيث وكَّل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم، وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم. الثالثة: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله –تعالى-. وقد أنكر قوم من الزائغين كون الملائكة أجساماً، وقالوا: إنهم عبارة عن قوى الخير الكامنة في المخلوقات، وهذا تكذيب لكتاب الله –تعالى-، وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، وإجماع المسلمين. قال الله –تعالى-:" الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع" [فاطر:1] . وقال:" ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم" [الأنفال:50] ، وقال:" ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم" [الأنعام:93] . وقال:" حتى إذا فُزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير" [سبأ:23] . وقال في أهل الجنة:" والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار" [الرعد:23-24] . وفي (صحيح البخاري (3209) ومسلم (2637)) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:" إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء، إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض". وفيه أيضاً عنه قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجاؤوا يستمعون الذكر" رواه البخاري (929) ومسلم (850) . وهذه النصوص صريحة في أن الملائكة أجسام لا قوى معنوية، كما قال الزائغون، وعلى مقتضى هذه النصوص أجمع المسلمون. أما الجن، فإليك كلام سماحة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله تعالى- حول ما سألت عنه: س: هل للجن حقيقة؟ وهل لهم تأثير؟ وما علاج ذلك؟

ج: أما حقيقة حياة الجن فالله أعلم بها، ولكننا نعلم أن الجن أجسام حقيقية، وأنهم خلقوا من النار وأنهم يأكلون ويشربون ويتزاوجون، ولهم ذرية كما قال الله –تعالى- في الشيطان: "أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو" [الكهف:50] وأنهم مكلفون بالعبادات، فقد أرسل إليهم النبي –عليه الصلاة والسلام-، وحضروا واستمعوا القرآن كما قال الله –تعالى-: "قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا" [الجن:1-2] ، وكما قال –تعالى-: "وإذا صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يقومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم" [الأحقاف:29-30] إلى آخر الآيات، وثبت عن النبي –عليه الصلاة والسلام- أنه قال للجن الذين وفدوا عليه وسألوه الزاد، قال: "لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً" مسلم (450) ، وهم –أعني: الجن- يشاركون الإنسان إذا أكل ولم يذكر اسم الله على أكله، ولهذا كانت التسمية على الأكل واجبة، وكذلك الشرب كما أمر بذلك النبي –صلى الله عليه وسلم-، وعليه فإن الجن حقيقة واقعة وإنكارهم تكذيب للقرآن وكفر بالله –عز وجل-، وهم يؤمرون، وينهون، ويدخل كافرهم النار كما قال الله –تعالى-: "قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها" [الأعراف:38] ، ومؤمنهم يدخل الجنة أيضاً لقوله –تعالى-: "ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأي آلاء ربكما تكذبان" [الرحمن:46-49] والخطاب للجن والإنس، ولقوله –تعالى-: "يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين"

[الأنعام:130] إلى غير ذلك من الآيات والنصوص الدالة على أنهم مكلفون يدخلون الجنة إذا آمنوا ويدخلون النار إذا لم يؤمنوا. أما تأثيرهم على الإنس فإنه واقع أيضاً، فإنهم يؤثرون على الإنس؛ إما أن يدخلوا في جسد الإنسان فيصرع ويتألم، وإما أن يؤثروا عليه بالترويع والإيحاش، وما أشبه ذلك. والعلاج من تأثيرهم بالأوراد الشرعية، مثل: قراءة آية الكرسي، فإن من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين الجزء الأول صـ288-290 والجزء الخامس صـ116-119]

دخول الملائكة للبيوت

دخول الملائكة للبيوت المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 15/9/1423هـ السؤال من المعلوم أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، فمن المقصود من الملائكة؟ وهل معنى ذلك أن الحسنات لا تكتب في هذا البيت؟ الجواب

إن الملائكة الموكلون بحفظ العبد وحفظ عمله لا يفارقونه ولا يمنعهم من كتابة الحسنات والسيئات مانع؛ لأنه عملهم الذي وكلهم الله به، وتعبدهم بالقيام به، وهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وعلى هذا فالظاهر أن الملائكة الذين لا يدخلون البيت الذي فيه صورة، أو كلب، هم الملائكة الذين يغشون بيوت المؤمنين، ويحصل لهم بذلك الخير والبركة، فالذين يعلقون في بيوتهم الصور يتسببون في حرمانهم من غشيان الملائكة لبيوتهم ومجالسهم، ويستبدلونه بغشيان الشياطين الذين يضلونهم، وهم في تعليق هذه الصور، وإظهار المعاصي يهينون الملائكة الموكلين بأعمالهم، ولو قدر -والله أعلم- أن الحديث عام في كل الملائكة، فإنهم وإن لم يدخلوا البيت على الإنسان فإن ذلك لا يمنع اطلاعهم على أعماله وإن كانوا متباعدين عنه، كيف وهم يعلمون أعمال قلب العبد، فيعلمون خواطره وهمومه، كما في الحديث الصحيح:"إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، وإن عملها كتبت له عشراً، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة -إذا تركها لله- وإن عملها كتبت له سيئة" مسلم (130) ، فهم يعلمون ما يهم به العبد -والله أعلم-، والمقصود هو التحذير من إيجاد الصور في البيوت ونصبها، وعلى الإنسان أن يهتم بالأمر المطلوب منه، ولا يشغل نفسه بالبحث عن الأمور الغائبة، والمطلوب من العبد أن لا يعصي ربه، ومن المعاصي تعليق الصور في المجالس وسائر جوانب المنزل، وبيت الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما وجد فيه قرام عائشة الذي يحمل تصاوير، وقد علقته لستر فرجة في الحجرة، لم يدخله جبريل حتى أميط القرام، وكسر التمثال، كسر رأسه حتى كان كهيئة الشجرة، فهذا يدل على أهمية الأمر وخطورته، والله أعلم.

هل للموت ملك أم ملائكة؟

هل للموت ملك أم ملائكة؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 8/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: هل يوجد لكل نفس ملك موكل بقبض الروح؟ أم فقط ملك الموت هو الموكل؟ وهل يوجد له أعوان من الملائكة؟ كما في صيغة الجمع من قوله تعالى: (وتتوفاهم الملائكة) . وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

قد وردت آيات القرآن الكريم متضمنة ما يدل على أن الله - تعالى - هو الذي يتوفى الأنفس كما في قوله تعالى:" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الزمر:42] ، وجاءت مرة لتدل على أن ملك الموت هو الذي يتوفى الأنفس كما في قوله: "قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ" [السجدة:11] ، وجاءت أخرى لتدل على أن عدداً من الملائكة تتوفى الأنفس: "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ" الآية، [الأنعام: 61] ، وهذه الآيات وغيرها مما هو في معناها لا تعارض بينها، فما جاء منها بإسناد التوفي إلى الله - تعالى - فلأنه سبحانه هو المتوفي للأنفس حقيقة، وهو - تعالى - خالق الموت والحياة، ويقول – جل وعلا -: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" [الملك:2] ، وما جاء منها بإسناد التوفي إلى ملك الموت فلأنه هو المباشر لقبض الأرواح بأمر الله - تعالى - وتسليطه على خلقه، وما جاء منها بإسناد التوفي إلى الملائكة؛ فلأنهم أعوان ملك الموت في توفي الأرواح وقبضها، وقد جاء في الأثر عند ابن أبي شيبة وصححه ابن كثير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله: "توفته رسلنا وهم لا يفرطون" [الأنعام: 61] قال: أعوان ملك الموت من الملائكة انظر: تفسير ابن كثير (3/1306) . قال الشنقيطي – رحمه الله – في أضواء البيان "فتحصل أن إسناد التوفي إلى ملك الموت في قوله هنا "قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ " [السجدة:11] ، لأنه هو المأمور بقبض الأرواح، وأن إسناده للملائكة

في قوله تعالى "فكيف إذا توفتهم الملائكة" [محمد: 27] ، ونحوها من الآيات لأن لملك الموت أعواناً يعملون بأمره، وأن إسناده إلى الله في قوله تعالى " الله يتوفى الأنفس حين موتها" (سبق تخريجه) لأن كل شيء كائنا ما كان لا يكون إلا بقضاء الله وقدره ... "، وما قرره - رحمه الله - هو حاصل كلام جمهور أهل العلم جمعاً بين الآيات الكريمات، والله أعلم.

الكروبيون

الكروبيون المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 17/2/1424هـ السؤال جاء في كتاب أعلام السنة المنشورة في تقسيم الملائكة وذكر منهم الكروبيون، فمن هم؟ وما هو الدليل على وجودهم؟ وما هي أعمالهم؟ الجواب الملائكة خلق من خلق الله، وعبيد من عبيد الله مربوبون مدبرون، ذكرهم الله في كتابه وذكر بعض صفاتهم الخلقية، وذكر أصنافهم، وذكر دوام عبادتهم وطاعتهم لربهم "يسبحون الليل والنهار لا يفترون" [الأنبياء: 20] ، ومن أصناف الملائكة الموكلون بكتابة أعمال العباد والموكلون بحفظهم، والموكلون بقبض الأرواح كملك الموت، وأما الكروبيون فإنه يراد بهم الملائكة المقربون الذين هم حول العرش كما قال -سبحانه وتعالى-:"الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به" [غافر: 7] ، ولا أعرف لهم ذكراً بهذا اللفظ إلا في حديث الصور الطويل، وهو حديث لم يثبت بطوله، لكن فيه ذكر أمور ثابتة بأدلة صحيحة، وحديث الصور ذكره الإمام ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى:"قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور" [الأنعام من الآية: 73] ، ولكنه ذكرهم فيه عند تفسيره قوله تعالى: "هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ" (البقرة:210) ، ولم يذكر فيه شيئاً عن الكروبيين، فارجع إليه، والله أعلم.

رجال الغيب

رجال الغيب المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 22/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كثيراً جرى على ألسنة بعض الخطباء والوعاظ عن رجال الغيب! فهل هم أناس غائبون عن الأنظار؟ أو هم من الجن؟ وهل ثبت في بعض الروايات الصحيحة أن من ضل في الفلاة أو في الغابة أو الصحراء أو من انفلتت دابته وضاعت عنه له أن يدعوهم أو يطلب مساعدتهم في ذلك؟ كأن يقول: يا رجال الغيب أعينوني! أو يقول: يا عباد الله احبسوا! أشكركم على إجابتكم فالله يجزيكم عني خيراً. الجواب

الحمد لله، من العوالم التي خلقها الله الملائكة والإنس والجن، فأما الملائكة فهم من عالم الغيب وقد يتمثلون فيما يشاء الله، كما تمثل جبريل لمريم بشراً سوياً، والملائكة أضيافا لإبراهيم - عليه السلام -، وكان جبريل يأتي أحياناً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بصورة رجل غريب أو بصورة دحية الكلبي، وأما الجن فهم كذلك من عالم الغيب، إلا أنهم يسكنون مع الناس في هذه الأرض، وقد يتمثلون بصور مختلفة تارة بصورة إنسان، وتارة بصورة حيوان، وأما إذا كانوا على خلقتهم فإن الناس لا يرونهم كما قال سبحانه وتعالى: "إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ " [الأعراف:27] ، وأما الإنس فهم من عالم الشهادة فهم محسوسون مشاهدون، ولا يكون أحداً من الناس غائباً بحيث لا يرى في حال من الأحوال، وعلى هذا فرجال الغيب ليسوا من الإنس بل هم من الجن، ومن الجن رجال، كما قال سبحانه وتعالى: "وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً" [الجن:6] ، وأما من ورد فيهم حديث "إذا أضل أحدكم دابته في فلاة فليقل: يا عباد الله احبسوا " فيحتمل أن يكون - إن صح الحديث المراد بهم الملائكة، ويحتمل أن يكون المراد بهم الجن، وفي الجن الصالحون ومن دونهم، كما قال تعالى: "وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا"، ومنهم المسلم والكافر، كما قال سبحانه وتعالى: "وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً " [الجن:13-14] ، فالاعتقاد أن رجال الغيب من الإنس اعتقاد باطل، والله أعلم.

هل وجد الجن قبل الإنس

هل وجد الجن قبل الإنس المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 6/3/1425هـ السؤال ما الدليل على وجود الجن قبل الإنس بـ 2000 عام، وأنهم طغوا وحوربوا وسكنوا الجزر؟ وما سبب اتفاق العلماء على أن أعقل الجن لا يتجاوز تفكيره تفكير أو عقل صبى بسن 10 سنوات من الإنس؟ وأن ذلك سبب عدم تقدمهم علينا، وعدم قدرتهم على تعمير الأرض؟ أرجو توضيح الأحاديث أو الآيات الدالة على ذلك. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، وبعد:

فقد أورد علماء التفسير روايات عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن أول من سكن الأرض هم الجن، فأفسدوا وسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة، فقتلهم إبليس حتى ألجأهم إلى جزائر البحر، وأطراف الجبال، ثم خلق آدم فأسكنه الأرض، فذلك قوله -تعالى-: "إني جاعل في الأرض خليفة" [البقرة:30] فالخليفة من الجن، ونقلوا أيضاً روايات أخرى عن بعض التابعين في هذا المعنى رواها الإمامان الطبري والبغوي - رحمهما الله تعالى- وقد نقل هذه الروايات الحافظ ابن كثير - رحمه الله- وضعفها، وظاهر الآيات الكريمة في سورة البقرة: يفهم منه أن الله -تعالى- قضت إرادته أن يجعل آدم وذريته خلفاء الأرض، ليعمروها بالعبادة والطاعة، ولا يشترط لذلك أن يكون خليفة عن الجن ولا عن غيرهم، قال الإمام البغوي -رحمه الله-: والصحيح أنه خليفة الله في أرضه لإقامة أحكامه وتنفيذ وصاياه، والجن مكلفون كالإنس، وكل صنف من مخلوقات الله -تعالى- له خصائص ومميزات، ووظائف قد تختلف عما للصنف الآخر، ولا أظن أن الدليل قوي في قضية اختلاف التفكير، والقدرة على التعمير؛ لأن القضية تندرج ضمن عالم الغيب، كما أن ما جاء عن الجن الذين سخرهم الله -تعالى- لنبيه سليمان - عليه السلام- يعملون له ما يشاء، وما جاء عن قدرة العفريت من الجن على إحضار عرش بلقيس، وغير ذلك، يدل على أن لهم نوعاً من القدرة على العمل الحضاري والإبداع المادي، وإن كان يختلف عما عند الإنسان، وأوثر ألا ندخل في قضايا الأمور الغيبية والتي لا دليل لنا من النص عليها، وألا نتكلف ما لا علم لنا به، وما لا طائل من البحث فيه، وما لا يترتب عليه حكم تكليفي. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحب وسلم.

هل هاروت وماروت مطرودان من الجنة؟

هل هاروت وماروت مطرودان من الجنة؟ المجيب د. عبد العزيز بن علي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 28/11/1424هـ السؤال هل الملكان هاروت وماروت اللذان ذكرا في القرآن الكريم مطرودان من الجنة؟ أم حقق الله لهم رغبتهما في النزول إلى الأرض؟ هل يمكن أن أحصل على قصتهما بالتفصيل؟ والله الموافق. الجواب ذكرت قصة (هاروت وماروت) في سورة البقرة آية: [102] ، وفي عامة مبسوطات التفسير تفصيل لصتهما، وخلاف مطوّل في حقيقتهما وحقيقة ما أنزل إليهما، كتفسير ابن جرير الطبري، وتفسير الفخر الرازي، وتفسير المنار لمحمد رشيد رضا، وخلاصة ما قيل فيهما: إنهما ملكان أنزلهما الله، تشكلا للناس؛ ليتعلموا منهما السحر حتى تكشف أسرار السحر التي كان يعملها السحرة، فأراد الله تكذيبهم بواسطتهما. وقيل: هما رجلان تظاهرا بالصلاح ببابل، كانا يعلمان الناس السحر، وظن الناس أنهما ملكان نزلا من السماء؛ لما رأوه فيهما من التقوى، وبلغ مكر هذين الرجلين حين رأيا حسن اعتقاد الناس بهما أنهما صارا يقولان لكل من أراد أن يتعلم منهما: "إنما نحن فتنة فلا تكفر" [البقرة: 102] ، يقولان ذلك لإيهام الناس أن علمهما إلهي، وأنهما لا يقصدان إلا الخير، كما يفعل ذلك كثير من الدجالين في سائر الأزمان، وسميا ملكين (بفتح اللام) لتلقيب الناس لهما بذلك، وفي قراءة الحسن "وما أنزل على الملكين" (بكسر اللام) وهذا القول أوفق من الذي قبله. وأما ما روي من مسخهما وطردهما بعد وقوعهما في الفاحشة وشربهما الخمر بعد أن كانا من الملائكة، فذلك من أُكذوبات اليهود واختلاقاتهم، أبطلها المحققون وبينوا زيفها، ومن أحسن من لخص أقوال المفسرين وعنى بتصفيتها جمال الدين القاسمي 1332هـ في تفسيره: (محاسن التأويل) (2/207-215) ، فليرجع إليه. والله أعلم.

كيف تموت الشياطين؟

كيف تموت الشياطين؟ المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 3/12/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: تحية واحتراما. وبعد: تتعدد الأسباب والموت واحد، هذا بالنسبة لبني آدم، فكيف بالنسبة للشياطين؟ قال تعالى: "وجعلناها رجوماً للشياطين"، أي على ما أعتقد النجوم، هل لك يا شيخ بأن توضح لي كيف تقتل أو تموت الشياطين؟ أي هل هم مثل البشر في الموت؟ وبين كم تتراوح أعمار الشياطين؟ وهل صحيح أن أكبر الشياطين هو إبليس؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

مستقر في عقائد أهل الإسلام أن الجن يموتون، كما جاء في الحديث: "أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون" رواه البخاري (7383) ، ومسلم (2717) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، ومنهم من يموت بقطع حارقة من الشهب الثاقبة، ومنهم من يموت بالقتل وبالمرض، وغير ذلك من أسباب الموت، وقد يسلمون من بعض أسباب الموت بالإنسان مثل الموت غرقاً، فبعضهم يغوص في الأعماق كما في قصة سليمان -عليه السلام-، وبعضهم يطير في الآفاق التي ينعدم فيها الهواء، كما في قصة استراق السمع، وبعضهم قد يسلم من آثار الاصطدام بالأشياء الصلبة للطافة أجسامهم، وإذا حصل منهم التشكل في أجسام إنسية أو حيوانية فإنهم يصبحون أسرى هذا التشكل، ويحصل لهم من التأثر بالعوارض مثلما يحصل للجنس الذي تشكلوا به، كما في قصة الصحابي -رضي الله عنه- الذي استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم- في الذهاب من الجهاد لعروسه فوجد حية على فراشه فقتلها برمحه فوقع صريعاً انظر ما رواه مسلم (2236) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وكما في قصة أبي هريرة - رضي الله عنه- مع الذي كان يأكل الصدقة من الجن فكاد يأسره ثلاث ليال، انظر ما رواه البخاري (2311) وعلى كل حال فالجن يموتون بأسباب يشتركون فيها مع الإنس، وقد ينفردون بأسباب تتعلق بأعمارهم فقد تطول، وورد عن بعض أهل العلم أنها من حيث الجملة أطول من أعمار بني آدم، أما إبليس فهو طويل العمر، بوعد الله له: "قال ربِّ فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين" [الحجر: 36-37] ، وهو أكبر الشياطين ومنه تناسل الجن. والله أعلم.

مصير الجن يوم القيامة

مصير الجن يوم القيامة المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 10/7/1424هـ السؤال خلق الله سبحانه الإنس والجن وأطلق عليهما الثقلين، ومعنى الثقل أي الوزن، والإنسان ذو كتلة ووزن محسوس، ولكن الجان عكس ذلك، ومع ذلك جمع مع الإنس في صفة واحدة ... إذاً ما المقصود بالمعنى هنا؟ ذكر في سورة الرحمن وصف ليوم القيامة وللحساب وللجزاء ثم وصف للجنة ... ، وكررت إحدى الآيات (31) وخاطب الله سبحانه فيها الثقلين، وكانت هذه أول سورة تذكر فيها الجن بشكل مفصَّل، فهل للجن حساب وعقاب وجزاء؟ وهل يدخل فريق منهم الجنة وفريق النار؟ وهل لهم ما للإنسان من مزايا؟ وهل يفتنون في الدنيا كما يفتن الإنسان؟ وما مصيرهم آخر الزمان؟ هل ينضمون تحت تسمية أشرار الخلق ... ؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد فنقول وبالله التوفيق:

قصر معنى الثقل على الوزن فيه نوع تحكم، والصواب أن الثقل يطلق على معان عدة، وقد جاء في لسان العرب لابن منظور 11/88 قوله [وأصل الثقل: أن العرب تقول لكل شيء نفيس خطير مصون ثقلاً، فسماهما ثقلين إعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما] ، وجاء أيضاً: [وسمى الله تعالى الجن والإنس الثقلين، سُميا ثقلان لتفضيل الله إياهما على سائر الحيوان المخلوق في الأرض بالتمييز بالعقل الذي خُصَّا به، قال ابن الأنباري: قيل للجن والإنس الثقلان لأنهما كالثقل للأرض وعليها] ، كما أنه لا يقتصر مسمى الثقلين على الجن والإنس، فقد جاء إطلاق هذا اللفظ على القرآن وأهل بيت النبي – صلى الله عليه وسلم – كما ورد في صحيح مسلم / كتاب فضائل الصحابة/ باب فضائل علي – رضي الله عنه – حديث رقم (2408) ج 4/1873، وفيه "أما بعد: ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به" فحثَّ على كتاب الله ورغَّب فيه ثم قال: "وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ... " الحديث. وأما جانب التكليف فإن الجن مخلوقون للغاية التي خلق الإنس من أجلها، قال تعالى "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56] . فالجن على ذلك مكلفون بأوامر ونواهٍ، فمن أطاع الله رضي عنه وأدخله الجنة، ومن عصى وتمرد فله النار، ويدل على ذلك نصوص كثيرة، ومن ذلك أن الله تعالى يقول يوم القيامة مخاطباً كفرة الجن والإنس: "يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ" [الأنعام:130] .

والدليل على أنهم سيعذبون في النار قوله تعالى: "قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ" [الأعراف:38] ، وقوله: "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" [الأعراف:179] ، وقوله:"وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" [السجدة:13] وهم مشاركون للإنس في جنس التكليف يقول ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 4/233 [الجن مأمورون بالأصول والفروع بحسبهم، فإنهم ليسوا مماثلين للإنس في الحد والحقيقة، فلا يكون ما أمروا به ونهوا عنه مساوياً لما على الإنسان في الحد، لكنهم مشاركون للإنس في جنس التكليف بالأمر والنهي، والتحليل والتحريم، وهذا ما لم أعلم فيه نزاعاً بين المسلمين) . ومن المعلوم أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم مرسل إلى الجن كما أرسل إلى الإنس قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 19/9 (وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين وسائر طوائف المسلمين وأهل السنة والجماعة وغيرهم – رضي الله عنهم أجمعين".

وأما السؤال عن فتنتهم في الدنيا ومصيرهم فظاهر أنهم في الدنيا كالإنس يفتنون ويبتلون، كما أنهم سيموتون، دلَّ على ذلك عموم قوله تعالى: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ" [الرحمن:26-27] ، ثم إنهم سيحاسبون على أعمالهم كما مر، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رؤية الملائكة في الدنيا

رؤية الملائكة في الدنيا المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 24/10/1423هـ السؤال السلام عليكم، وبعد: هل يمكن أن يرى بعض الناس الملائكة في الدنيا؟ الجواب الحمد لله، الذي يظهر أن السائل يقصد هل يمكن لبعض الناس أن يرى الملائكة في الدنيا، رؤية الملائكة للناس حاصلة، ولكن الأصل أن الناس لا يرون الملائكة، لكن يمكن أن يروهم إذا تمثلوا بغير صورتهم التي خُلقوا عليها، وهذا قد حصل للصحابة - رضي الله عنهم -، رأوا جبريل في صورة دحية الكلبي انظر البخاري (4980) ، مسلم (2451) ، وفي صورة إنسان غير معروف كما في حديث جبريل الطويل حديث عمر - رضي الله عنه - انظر: مسلم (8) ، وكذلك تمثّل جبريل لمريم كما قال -تعالى-:"فتمثل لها بشراً سوياً" [مريم:17] ، وكذلك تمثل الملائكة لإبراهيم ولوط -عليهم السلام- في قصة ضيف إبراهيم، وأما من بعدهم فلا نقول إنه مستحيل، لأن الله على كل شيء قدير، فيمكن أن يتمثل بعض الملائكة ببعض الناس، لكن هذا يتوقف على الدليل، ومن يستطيع أن يثبت أن ما رآه فلان أو فلان أنه ملك؟ هذا والله أعلم.

الاستعانة بالجن للدلالة على المفقود

الاستعانة بالجن للدلالة على المفقود المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 1/11/1423هـ السؤال ترك جدنا تركة مخفية في بيت لنا قديم بحثنا عنها ولم نجدها، وتعرفت على شخص أكد وجودها وأنه يستطيع إخراجها، علماً أنه يستخدم الجن، لكنه أقسم بالله أنه لا يشرك بالله عندما يستخدمهم وأنه لم يشرك بالله، هل يجوز لي أن أستخدمه في إخراجها؟ علماً أنه قال لي: أنا وأنت نذهب لأحد المشايخ ونسأله عن جواز ذلك من عدمه، ولكنني لم أفعل، علماً أنني سمعت أنه يجوز ذلك إذا لم يكن فيه إضرار بالآخرين، وهو كذلك إذ التركة خاصة بنا وهي كبيرة جداً، آمل الرد علي بسرعة مع خالص دعواتي بالتوفيق والسداد. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث عدة أن من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-، والمعروف أن الكهان إنما يتلقون ما يخبرون به عن الشيطان مما يسترقه الشيطان من السماء ومما يطلعون عليه من أحوال الناس، وعلى ذلك فهذا الذي يدعي أنه يعرف مكان ذلك المال، وأنه يستعين بالجن في معرفة مكان هذا المال أو غيره من الأمور المخفية الظاهر من حاله أنه كاهن بل هو كاهن ولو زعم أنه لا يشرك ولو أقسم على ذلك، فلا يجوز إذاً الاستعانة به على معرفة مكان هذا المال، ولكن ابحثوا عن أسباب أخرى وتحروا لعلكم تعثرون على هذه التركة دون أن تتوسلوا بما حرم الله، ولهذا نص بعض أهل العلم في تعريف الكاهن أنه الذي يخبر بالمغيبات في المستقبل ويدل على مكان المسروق وعلى الضالة، فهذا مما يحترفه الكهان ويسألهم الناس فيه، فالواجب على المسلم أن يحرص على سلامة دينه ولو فاته ما فاته من أمر الدنيا، والله أعلم.

هل الذي يقبض الروح ملك الموت وحده؟

هل الذي يقبض الروح مَلَكُ الموت وحده؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 12/04/1425هـ السؤال هل ملك الموت (سيدنا عزرائيل) يقبض الأرواح بمفرده أم أن ذلك يتم بمعاونين من الملائكة الكرام، وفي هذه الحالة فما دورهم، كيف يقوم هذا الملك بقبض أرواح الملايين في لحظة واحدة مثل الكوارث كالزلازل والبراكين وانفجار قنبلة ذرية ... الخ، هل يتواجد في لحظة واحدة في مكانين؟ وأين تذهب الروح بعد الموت؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

قال الله -تعالى-: " قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون" [السجدة:11] ، وقال تعالى: "الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" [النحل:28] ، وقال تعالى: " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين" [النحل:32] ومذهب أهل السنة والجماعة أن ملك الموت واحد، وله أعوان كما هو ظاهر هذه الآيات وكما دلت على ذلك السنة عن النبي-صلى الله عيه وسلم- كما في حديث البراء بن عازب- رضي الله عنه- الطويل الذي رواه أبو داود (4753) والنسائي (2001) وابن ماجة (1549) وفيه أن ملك الموت يقبض روح العبد، ثم لا تدعها الملائكة الذين معه -ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب- بل يأخذونها ويضعونها فيما معهم من الكفن والحنوط، ثم روح المؤمن يصعد بها وتفتح لها أبواب السماء، وروح الكفار تغلق دونها أبواب السماء كما قال الله -تعالى-: "لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" الآية [الأعراف:40] ، والإيمان بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين ومن معه من الملائكة هو من الإيمان بالملائكة الذي هو أحد أصول الإيمان ويجب أن يعلم أن الملائكة أعطاهم الله من القدرة والتصرف والتدبير ما لا تحيط به عقول البشر، فهذا جبريل -عليه السلام- يأتي بالوحي من عند الله في لحظات، وذلك حين يُسأل الرسول-صلى الله عليه وسلم- فلا يكون عنده جواب، فيأتيه الجواب من عند الله -سبحانه- في الحال، فلا يجوز أن نقيس قدرة ملك الموت على قدرة الناس، والله -سبحانه وتعالى- الذي هو على كل شيء قدير هو الذي يعطي القدرة، فلا يمتنع أن يجعل ملك الموت قادراً على قبض العديد من الأرواح بل الألوف أو مئات الألوف في وقت واحد، والواجب الإيمان والتسليم بما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وإن لم تدركه عقولنا وتحيط به، فأحوال عالم الغيب فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال، فها هي المخترعات الحديثة التي خلق الله أسبابها وكشفها للعباد وأقدرهم على التصرف فيها قد

كانت ضرباً من الخيال، بل ولم تكن تخطر على البال، ولا تزال باهرة ومحيرة للعقول، كما في أجهزة الاتصال والإعلام التي تبث الأصوات والصور إلى ملايين أجهزة الاستقبال، فسبحان الذي خلق هذا الوجود، وعلم العباد، وكشف لهم ما شاء من أسرار، وما هذه القُدرة وهذه العلوم إلا شيء يسير بالقياس إلى ما في الغيب، قال تعالى: " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" [الإسراء:85] وقد ورد في السؤال اسم ملك الموت وأنه عزرائيل وهذه التسمية مشهورة ولكنها لم تثبت. وإنما الذي ثبت من أسماء الملائكة جبريل وميكائيل واسرافيل ومالك خازن النار وكذلك منكر ونكير وهما الملكان الموكلان بسؤال الميت في قبره. والله أعلم.

رؤية الملائكة لله تعالى

رؤية الملائكة لله تعالى المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 6/3/1425هـ السؤال هناك دليل يستشف منه عدم الرؤية، وهو قول الله -تعالى- في سورة غافر: "الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ" [غافر:7] ، فكلمة يؤمنون به قد تكون إشارة إلى هذا المعنى، هل هذا صحيح؟. الجواب الحمد لله.

قوله - سبحانه وتعالى- عن الملائكة الذين يحملون العرش، والملائكة الحافين بالعرش، أنهم يؤمنون به لا يستلزم نفي رؤيتهم لله، أو رؤية بعضهم، أو رؤية غيرهم من الملائكة، كما أن الرؤية لا تنافي الإيمان، وكذلك التكليم من الله، فإبراهيم - عليه الصلاة والسلام- رأى كيف يحي الله الموتى وازداد بذلك إيماناً، كما قال -تعالى-: "وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي" الآية [البقرة:260] وموسى -عليه الصلاة والسلام- كلمه الله من وراء حجاب، فلم ينف عنه ذلك الإيمان، فالحاصل أنه لا منافاة بين الإيمان والرؤية، ويشهد لهذا أن موسى - عليه السلام- طلب من ربه النظر إليه ليزداد إيماناً "قال رب أرني أنظر إليك" [الأعراف:143] ، نعم الذي ينتفي مع الرؤيا هو الإيمان بالغيب بالنسبة لهذا المرئي، فحملة العرش ومن حول العرش يجوز أن يكونوا قد رأوا الله - سبحانه وتعالى- فحصل لهم أعلى مراتب اليقين، وكذلك المؤمنون إذا رأوا ربهم يوم القيامة انتقلوا من علم اليقين إلى عين اليقين، فإنهم إذا رأوا الله آمنوا به إيمان المشاهدة، وقرت أعينهم بذلك، نعموا برؤيته - سبحانه وتعالى- وسماع كلامه، قال -تعالى-: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" [القيامة:22-23] . فنسأل الله لذة النظر إلى وجهه الكريم، والله أعلم.

دواب الجن!

دواب الجن! المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 20/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: نحن نعرف أن هناك حيوانات سخرها الله لخدمة الإنسان والانتفاع بها، فهل هناك حيوانات تختص بالجن فقط دون الإنسان؟ إذا كانت كذلك فما هي؟ وماذا تسمى؟ وهل يمكن للإنسان أن يراها؟ نحن لا نتحدث عن الحيوانات الإنسية المعروفة. لكم منا جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخرج مسلم من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه- قصة إتيان داعي الجن وذهاب الرسول- صلى الله وعليه وسلم- وقراءته عليهم للقرآن- وفيه "وكل بعرة علف لدوابكم" مسلم حديث (450) أما معرفة أنواع أسماء الدواب فلا أعلم في ذلك شيئاً، ولكني أرى عدم الاشتغال بفضول العلم والمسائل التي لا ينبني عليها عمل أو كبير فائدة، بل هي على حساب أعمال أخرى تفيد الباحث والسائل، وقد نهى علماؤنا عن التكلف والخلاف حول قضايا فضولية أو افتراضية. والله أعلم.

هل آمن الجن بموسى عليه الصلاة والسلام

هل آمن الجن بموسى عليه الصلاة والسلام المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 04/05/1425هـ السؤال هل هناك من الجن من آمن برسالة نبي الله موسى أو عيسى- عليهما السلام- أو غيرهم، أرجو أن تفيدونا بالآية أو الحديث إن كانا موجودين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فمن الحقائق الإيمانية الثابتة أن الله خلق الخلق جنهم وإنسهم لعبادته؛ قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56] ، والله يرسل رسله ليعلموا الناس كيف يعبدون الله، وكيف يوحدونه، والأنبياء جميعاً منهم موسى وعيسى- عليهما السلام-، وغيرهم بعثوا إلى الثقلين الجن والإنس، فمنهم من آمن، ومنهم من كفر، ولو قرأت سورة الجن لاتضح لك الأمر؛ قال تعالى على لسانهم: "وأنَّا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا" [الجن: 11] ، وقال تعالى على لسانهم: "وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا" [الجن: 13] ، وقال تعالى: "وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا" [الجن: 14] . والله أعلم.

احتسى سما فمات

احتسى سُماً فمات المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 13/7/1425هـ السؤال ابن عمي مات بعد أن تناول السم، ففجعنا جميعا، وكان قبل ذلك قد حاول الانتحار ثلاث مرات؛ لأنه كان فاشلاً في عمله ولا ينجح في أي عمل يمارسه، لكن في هذه المحاولة الأخيرة كان هناك سببٌ آخر، قبل سنة من الانتحار كان يخبر باستمرار عن امرأة من الجن تدخل في جسمه في الليل وتمارس الجماع معه، وفي صباح اليوم التالي يغتسل، وكان يخبر أن هذه الجنية كانت تقول إنها ستقتله، لكن والديه وأقاربه لم يصدقوه، ومع ذلك أحضروا شيخاً وأخبروه عن وجود الجن في البيت، وطلبوا منه عمل أشياء كثيرة، فقام بعمل عدة أشياء منها ما هو شرعي وغير شرعي للتخلص من هذه المشكلة، لكنه أخفق، وكان سلوكه مع والديه وأهله في البيت في بعض الأحيان غير طبيعي، ويتكلم بكلام غير اعتيادي، وقبل ثلاثة أشهر من موته كان يتهجد في الليل ويقضي كامل نهاره في الصلاة وقراءة القرآن، وقد كان مسلماً متديِّناً، وليس عنده مشاكل سوى هذه المشكلة، وبعد أن تناول السم وأثناء نقله إلى المستشفى أخبر أمه أنه لا يعرف كيف حصل ذلك وطلب مسامحته، في تلك الليلة تكلم مع والديه وأقاربه بلطف، أما أصدقاؤه فيقولون إنه ليس من النوع الذي ينتحر، وقد كان يحذر كل من يذكر ذلك أمامه، وكانت جنازته جيدة. سؤالي: هل يمكن للجن مهاجمة أي بيت؟ وهل يمكن لنساء الجن الجماع مع البشر؟ وهل يمكنهم قتل الناس؟ وهل موت قريبي هذا يعد انتحاراً؟ كيف يمكن أن نساعده بعد موته؟ كيف يمكن أن يدخل الجنة؟ هل يمكننا أن ندعو له أو نتصدق عنه أو نحج ونعتمر عنه؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فما سألت عنه يمكن الإجابة عنه من جانبين:

الجانب الأول: ما يتعلق بالجن، وهل يمكنهم مهاجمة أي بيت؟ وهل يمكن لنساء الجن جماع البشر؟ هل يمكنهم قتل الناس؟ فنقول لك: الجن جنس من مخلوقات الله، خلقهم الله لعبادته وحده لا شريك له، كما خلق الإنس لهذه الغاية؛ حيث قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56] ، وقد ورد ذكرهم في القرآن والسنة كثيراً، وورد أنهم أصناف منهم مؤمنون ومنهم كفار، ومنهم عصاة، ومنهم موحدون، إلى غير ذلك من الأحكام والأوصاف المتعلقة بهم. وأما إمكان مهاجمتهم لبيوت الإنس، فذلك وارد يمكن وقوعه، وقد يقتلون من يقتلون من البشر، إما انتقاماً منه لإيذائه إياهم، وإما بغياً وعدواناً؛ كما يحدث ذلك من البشر فيما بينهم، وتفاصيل ما يمكن أن يقع منهم من المس والأذى، والتلبس، ومشاركة الإنس في طعامهم وشرابهم، ومساكنهم، وما ذكر من أوصافهم كل ذلك موجود في مظانه من الكتب التي عنيت بذلك. وأما ما سألت عنه من جماع الإنس، فقد ذكر بعض أهل العلم، هذه المسألة واستدلوا على إمكان وقوع النكاح بين الإنس والجن أن حور الجنة قال الله فيهن: "لم يَطْمِثْهُنَّ إنس قبلهم ولا جان" [الرحمن: 56] ، وذكر ابن تيمية – رحمه الله في مجموع الفتاوى (19/39) ، أن ذلك وارد، وأنه قد يولد بينهما ولد، قال: (هذا كثير معروف) , وعلى فرض وقوعه فقد كرهه جمع من العلماء كالحسن وقتادة، وإسحاق، والإمام مالك – رحمه الله – لا يجد دليلاً ينهى عن مناكحة الجن غير أنه لم يستحبه، وعلل ذلك بقوله: (ولكنني أكره إذا وجدت امرأة حامل فقيل من زوجك؟ قالت: من الجن فيكثر الفساد) .

وذهب قوم إلى المنع من ذلك، واستدلوا على مذهبهم بأن الله امتن على عباده من الإنس بأن جعل لهم أزواجاً من جنسهم؛ قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" [الروم: 21] ، فلو وقع فلا يمكن أن يحدث التآلف والانسجام بين الزوجين لاختلاف الجنسين فتصبح الحكمة من الزواج لاغية، حيث لا يتحقق السكن والمودة المشار إليهما في الآية. وعلى أية حال فهذه المسألة على القول بوقوعها تعد من شواذ المسائل، ولربما كان من وقعت له مغلوباً على أمره لا يمكنه أن يتخلص من ذلك، والله أعلم. الجانب الثاني: من سؤالك، وهو ما يتعلق بابن عمك فالذي يغلب على ظني من وصفك لحاله أنه مصاب بمرض نفسي انتهى به إلى ما وقع. وأما كونه يعتبر منتحراً فهذا يرجع إلى مدى وضعه النفسي والعقلي حينما وقع منه ذلك، وعلى أية حال فهو قد فارق الدنيا وأفضى إلى ما قدم، وما يمكنكم فعله هو الدعاء له والصدقة عنه، ولكم أن تحجوا عنه وتعتمروا؛ فإن ذلك مما ينفعه بعد موته- بإذن الله تعالى- والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

وظائف الملائكة

وظائف الملائكة المجيب د. رفعت فوزي عبد المطلب رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 04/03/1427هـ السؤال ما عدد الملائكة التي تحيط بالإنسان؟ وما هي وظائف الملائكة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد الهادي الأمين، وبعد: فالملائكة أقسام كثيرة فمنهم الملائكة "السماويون"، ومنهم "الأرضيون"، ومنهم "الصافون"، و"المسبحون"، كما أن منهم "المدبرون" الذين يدبرون الأمر من السماء إلى الأرض على ما سبق به القضاء، وجرى به القلم الإلهى. وقد أشار الله تعالى إليهم في آيات كثيرة: فقال تعالى: "وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون" [الصافات:165-166] ، وقال كذلك: "والنازعات غرقا والناشطات نشطا والسابحات سبحا فالسابقات سبقا فالمدبرات أمرا" [النازعات:1-5] . وقد روي في الأثر: إن ملائكة الله تعالى طوائف شتى: منهم الموكلون بتدبير الكائنات، ومنهم الموكل بقبض الأرواح، وفريق منهم يكتب الحسنات والسيئات، وآخر يقوم بتنمية النباتات. وقد غصت بهم صفحات السماء، ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد (20539) والترمذي (2312) وابن ماجة (4190) من حديث أبى ذر الغفاري رضى الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السماء وحق لها أن تئطّ ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفراش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى".

ولا يعلم أحد إلا الله ما يُكلَّف به الملائكة من أعمال، وما يوكل إليهم من أمور، فمنهم من يحمل العرش، ومنهم الكروبيون، والمقربون الهائمون في جلال الله المستغرقون في التسبيح والتحميد والتهليل (يسبحون الليل والنهار لا يفترون) ومنهم من يقوم بتنفيذ أوامر الله في العباد، وقد وصفهم الله -سبحانه وتعالى- بقوله: "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" [التحريم:6] ، ومنهم السياحون الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله ملائكة سياحين يبلغونني عن أمتي السلام" أخرجه أحمد (3484) ، والنسائي (1282) . وهم يستغفرون لمن في الأرض، ويرجون رحمة الله أن تتغمدهم، ويدعون لهم بالوقاية من المعاصي والذنوب، والنجاة من الخطايا والآثام. قال تعالى: "والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض" [الشورى:5] . كما أمرهم الله تعالى بحفظ عباده: "له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله" [الرعد:11] . والملائكة جميع أقسامهم عباد مكرمون، وهم ليسوا ذكوراً ولا إناثاً، ولا يأكلون، ولا يشربون، ولا ينامون، ولا يتناسلون، ولا يكتب لهم عمل، لأنهم هم الذين يكتبون أعمال العباد، فهم لا يحاسبون؛ إذ ليس لهم سيئات يسألون عنها، فلقد عصمهم الله تعالى. ولا يعرف عدد الملائكة إلا الله: "وما يعلم جنود ربك إلا هو" [المدثر:31] ، وهم من الكثرة الهائلة بقدر ما يقومون به من أعمال جليلة وكثيرة لا حصر لها: من عبادة وتسبيح وتهليل وتحميد واستغفار وتمجيد، فضلا عما يكلفون به من تنفيذ أوامر الخالق -جل وعلا- في الحفاظ على مخلوقاته، ومعاونة الإنسان في الأرض، وتسهيل قضاء الله فيما أبدعه من أكوان، وتصريف شئون السماء والأرض- وفق حكمته وما قضت به مشيئته: (ويخلق ما لا تعلمون) . فإذاً من شئون الملائكة أن يحفظوا المؤمنين من السوء، ويعاونوهم على أمور دنياهم، ويستغفروا لهم من السيئات.

وظائف الملائكة الموكلين بالعباد

وظائف الملائكة الموكلين بالعباد المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 04/11/1426هـ السؤال سمعتُ بعض الناس يقولون: إن مهام الملائكة الكرام الكاتبين الموكلين بالشخص تتغير في أوقات الفجر والمغرب. فهل هناك أي حديث صحيح بهذا الشأن؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد جاء في القرآن والسنة الصحيحة بيان أن الملائكة أصناف متعددة، منهم الحفظة والكتبة والسيارة التي تبحث عن حلق الذكر. فأما كتبة أعمال بني آدم -كما ورد في سؤالك- فقد جاء تحقيق وصفهم بالكتبة، وجاء ذكر تعاقبهم في الحديث الصحيح في صلاة الفجر وصلاة العصر، صحيح البخاري (555) ، وصحيح مسلم (632) . ولا أحسب ذلك تغيرا للمهام، بل تعاقب بين الملائكة، ومن الأدلة على ذلك: 1- قوله تعالى: "وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون" [الانفطار:10-12] . 2- وقوله عز وجل: "وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا" [الإسراء:78] . قال ابن عطية: معناه ليشهده حفظة النهار وحفظة الليل من الملائكة حسبما ورد في الحديث المشهور من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر.." الحديث بطوله من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- وغيره، وعلى القول بذلك مضى الجمهور. 3- وقوله سبحانه: "إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" [ق:17، 18] . و"المتلقيان" الملكان الموكلان بكل إنسان، ملك اليمين الذي يكتب الحسنات، وملك الشمال الذي يكتب السيئات.

قال الحسن: الحفظة أربعة: اثنان بالنهار، واثنان بالليل. قال ابن عطية: ويؤيد ذلك الحديث: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ... " الحديث بكامله. وقوله تعالى: "له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله" [الرعد:11] ، قال ابن كثير في تفسيرها: أي للعبد ملائكة يتعاقبون عليه، حرس بالليل، وحرس بالنهار، يحفظونه من الأسواء والحادثات، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فاثنان عن اليمين وعن الشمال يكتبان الأعمال، صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه، واحد من ورائه وآخر من قدامه، فهو بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بالليل، حافظان وكاتبان، كما جاء في الصحيح: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيصعد إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون". وأزيدك أخي تفصيلاً بثلاثة نقول مفيدة عن أئمة أعلام: الأول: قال ابن عبد البر في الاستذكار في معنى تعاقب الملائكة: ومعنى الحديث أن ملائكة النهار تنزل في صلاة الصبح فتحصي على بني آدم، ويعرج الذين باتوا فيكم ذلك الوقت، أي يصعدون.. فإذا كانت صلاة العصر نزلت ملائكة الليل، فأحصوا على بني آدم، وعرجت ملائكة النهار، ويتعاقبون هكذا أبداً. انتهى.

الثاني: سئل شيخ الإسلام -كما في مجموع الفتاوى (4/252) -: هل الملائكة الموكلون بالعبد هم الموكلون دائما؟ أم كل يوم ينزل الله إليه ملكين غير أولئك؟ وهل هو موكل بالعبد ملائكة بالليل وملائكة بالنهار؟ وقوله عز وجل: "وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون" [الأنعام: 61] فما معنى الآية؟ فأجاب: الحمد لله، الملائكة أصناف: منهم من هو موكل بالعبد دائما، ومنهم ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيسألهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون. ومنهم ملائكة فضل عن كتاب الناس يتبعون مجالس الذكر. وأعمال العباد تجمع جملة وتفصيلاً، فترفع أعمال الليل قبل أعمال النهار، وأعمال النهار قبل أعمال الليل، تعرض الأعمال على الله في كل يوم اثنين وخميس. فهذا كله مما جاءت به الأحاديث الصحيحة. وأما أنه كل يوم تبدل عليه الملكان فهذا لم يبلغنا فيه شيء والله أعلم. انتهى كلام ابن تيمية رحمه الله. الثالث: قال حافظ حكمي -رحمه الله- في معارج القبول: "1-ومنهم الموكل بحفظ العبد في حله وارتحاله، وفي نومه ويقظته، وفي كل حالاته وهم المعقبات، قال الله تعالى: "سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" [الرعد: 10-11] ، وقال تعالى: "وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة" [الأنعام: 18] ، وقال تعالى: "قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن" [الأنبياء: 42] . قال ابن كثير: أي: بَدَلَ الرحمن؛ يمتنُّ -سبحانه وتعالى- بنعمته على عبيده، وحفظه لهم بالليل والنهار، وكلاءتِه وحراستِه لهم بعينه التي لا تنام. أهـ.

2- ومنهم الموكل بحفظ عمل العبد من خير وشر، وهم الكرام الكاتبون، وهؤلاء يشملهم مع ما قبلهم قوله عز وجل: "ويرسل عليكم حفظة" [الأنعام: 61] ، وقال تعالى فيهم: "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون" [الزخرف: 80] ، وقال تعالى: "إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" [ق 17-18] ، فالذي عن اليمين يكتب الحسنات، والذي عن الشمال يكتب السيئات وقال تعالى: "وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون" [الانفطار: 10] وقال الحسن البصري -رحمه الله تعالى- وتلا هذه الآية: "عن اليمين وعن الشمال قعيد" [ق: 17] : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك وجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة، فعند ذلك يقول الله تعالى: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا" [الإسراء: 14] ، ثم يقول: عدل والله فيك من جعلك حسيب نفسك. اهـ. ويناسب ذكر المعقبات والحفظة ما روى البخاري -رحمه الله تعالى- في باب قول الله -عز وجل-: تعرج الملائكة والروح إليه.. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم، فيقول كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون". ورواه مسلم أيضا، وفيهما عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قام فينا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بأربع كلمات، فقال: "إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار،

وعمل النهار قبل عمل الليل ... " الحديث.. والأحاديث في ذكر الحفظة كثيرة. انتهى كلام حافظ حكمي. أسأل الله أن يوفقنا لمحاسبة أنفسنا ومراقبتها، والاستعداد للحساب قبل نزوله، إنه ولي ذلك، وصلى الله على نبينا محمد.

رؤية الملائكة

رؤية الملائكة المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن التاريخ 21/03/1427هـ السؤال هل يمكن رؤية نور الملائكة، وسماع أصواتهم في هذا الزمن؟! الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فالملائكة عالم غيبي مخلوقون من نور، مكلّفون بما كلفهم الله به من العبادات، خاضعون لله تعالى أتم الخضوع، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والأصل فيهم أنهم لا يرون، وقد يشاهدون، حيث ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى جبريل في صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح وقد سدّ الأفق، كما ورد في البخاري (3232، 3233) (6/313) من الصحيح بشرحه فتح الباري، وورد أنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر، وأنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام والإيمان والإحسان....إلخ في الحديث المشهور. أخرجه مسلم برقم (8) . وتمثل لمريم في صورة بشر، قال تعالى: "فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا" [مريم:17] . وجاءت الملائكة إلى إبراهيم -عليه السلام- في صورة بشر، ولم يعرف أنهم ملائكة حتى كشفوا له حقيقة أمرهم، وفي قصة الثلاثة من بني إسرائيل الأبرص والأقرع والأعمى، وأن الملك تشكّل لهم في صورة بشر، كما في صحيح البخاري (3464) ، وصحيح مسلم (2964) وهذه أمور ثابتة بالنصوص. ويبقى أن يعلم أنه ليس كل من ادعى: أنه رأى ملكاً من الملائكة، أو سمع كلامه يقظة صدقناه، فما أكثر من يدعي أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته يقظة، أو رأى جبريل أو الخضر، وهو في ذلك كله متوهم أو ضال مبتدع أو مدّع بباطل. والله الهادي إلى سواء السبيل.

الإيمان بالقدر

متى يؤجر المرء على الحنث في يمينه؟! المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 11/01/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعلم أن من حلف على شيء فإن عليه أن يلتزم بمقتضى يمينه، لكن متى يؤجر الإنسان على مخالفة يمينه والحنث فيها؟ وإذا صمت ثلاثة أيام كفارة ليميني فهل يجزئ ذلك؟ جزاكم الله سبحانه وتعالى خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحلف بالله أمر عظيم يجب على المسلم ألا يتساهل في شأنه وألا يكثر منه، بل يقتصر على قدر الحاجة التي تدعو لذلك، وإذا حلف فإن عليه المحافظة على يمينه؛ فإن الله - جل وعلا- يقول في كتابه: "واحفظوا أيمانكم" [المائدة:89] ، وهذا يشمل النهي عن الحلف من غير حاجة، والمحافظة على اليمين بعد الحلف، وألا يحنث فيها، لكن إذا تبيَّن له أن الاستمرار في مقتضى اليمين يجرّ إلى مفسدة، أو يمنع من مصلحة أكبر، فإنه يشرع له أن يكفِّر عن يمينه، ويخالف مقتضاها؛ لما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان عن عبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها، فكفِّر عن يمينك وأت الذي هو خير" البخاري (6622) ، ومسلم (1652) . ولهذا فإنك إذا رأيت المصلحة في مخالفة يمينك، فإنك مأجور على ذلك وعليك الكفارة، ولا ينبغي للمسلم أن يجعل الحلف بالله حائلاً بينه وبين فعل الخير وصلة القربى، ورعاية الحقوق، ونحو ذلك؛ فإن الله -تعالى- يقول: "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس" [البقرة:224] ، ولكن في الكفارة تفصيل ذكره الله - جل وعلا- في كتابه في سورة المائدة لا بد من اعتباره، حيث قال جلَّ ذكره: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدّتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ... " [المائدة:89] ، وعلى هذا فإن الكفارة للقادر تكون بالإطعام أو الكسوة أو العتق، فإذا عجز عن ذلك فإنه يكفر بالصوم ثلاثة أيام، أما من كان مستطيعاً لواحد من الثلاثة المتقدمة فإنه لا يجزئه الصوم، وعلى ذلك فإن كنت قادراً على الكسوة أو الإطعام فإن صومك لا يكفي عن الكفارة، وعليك أن تطعم المساكين أو تكسوهم. وبالله التوفيق.

هل في هذين البيتين محظور شرعي؟

هل في هذين البيتين محظور شرعي؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 17/12/1424هـ السؤال هل في هذين البيتين محظور شرعي؟ دع الأيام تفعل ما تشاء *** وطب نفساً إذا حكم القضاء يا من يعز علينا إن نفارقهم *** وجداننا كل شيء بعدكم عدم الجواب الحمد لله، كثيراً ما يأتي عند الشعراء من التجاوزات اللفظية واستعمال بعض المحسنات البديعية والأساليب البلاغية ما يكون محتملاً لأوجه متعددة قد يكون على بعضها ملحوظات عقدية. والبيت الأول قد يفهم منه نسبة الأفعال وما يقع من أحداث إلى الزمن وكأنه هو المتصرف استقلالاً من غير تقدير الله - تعالى - لكن هذا الفهم يوضح انتفاءه الشطر الثاني المثبت للقضاء والقدر. والذي يحث فيه الشاعر على التسليم لقضاء الله وقدره مع أنه ليس كل مقضي يرضى به. فالرضاء والتسليم بالقضاء منه ما هو واجب كالقضاء والقدر الديني الشرعي، ومنه ما هو مستحب فيما إذا وقع القضاء الكوني على خلاف إرادة العبد، ومنه ما هو مباح فيما إذا وقع القضاء الكوني على وفق مراد العبد، ومنه القضاء الذي يحرم الرضا به وهو وقوع المعاصي والمحرمات، فلا يجوز للإنسان أن يرضى بها بل عليه بدفع قدر المعصية بقدر التوبة والطاعة وتفصيل ذلك يطول. وعلى كل فلا أرى في البيت الأول أي محذور عقدي، خصوصاً أنه قد نسب الفعل إلى المحل وهو أسلوب من أساليب العربية. ومثله البيت الثاني فهو يصور شدة وجده على فراق أحبابه، فكأن كل شيء يوجد عليه بعدهم عدم، (وشيء) هنا عمومها مخصوص نحو قوله -تعالى-: " تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم" [الأحقاف: 25] فالمساكن شيء ومع ذلك لم توضع في عموم (شيء) الواردة في الآية، والله أعلم.

مواجهة المصائب

مواجهة المصائب المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 1/4/1423 السؤال حدث أن تغيرت أحوال معيشة عائلة كاملة بكل جوانبها منذ ست سنوات، وهم بين مسلّم أمره لربه بأنه بلاء من عند الله، وآخر يشك أنها عين أصابت العائلة بعدما كانت تسمى (العائلة المثالية) لتآلفهم. كيف يقطع الشك باليقين بكونها عين؟ وإن كانت كذلك كيف السبيل لعلاجها من البيت كافة؟ أفيدونا أسكنكم الله الفردوس الأعلى، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وسلم. قرأت السؤال وآلمني الحال التي وصلت إليها العائلة، وأرى أن شدة ما حصل قد مضى، وتسليتم بمرور الزمن، وإليك هذه الإرشادات: 1-الصبر على الأقدار المؤلمة جزء من الإيمان بالقدر، وهو ركن من أركان الإيمان الستة، ولكم المثوبة على ذلك والعقبى"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" ولكم أيضاً ما ذكر الله -سبحانه- بقوله:"الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" [البقرة:156-157] ، وصلاة الرب -سبحانه- ثناؤه عليكم ورحمته وأنتم بحوله على الطريق المستقيم، وهذه غاية المراد (الهداية) . 2-أن طبيعة الحياة الكدر "لقد خلقنا الإنسان في كبد" [البلد:4] فالإنسان يكابد في هذه الحياة ويتألم ويحزن بعد الفرح والأنس، وقد قال الناس: "دوام الحال من المحال". 3- أن العين وغيرها مما تكون سبباً في إصابة بعض الناس هي من قدر الله -سبحانه-، والبحث في حقيقة ما أصابكم بعد مرور هذه المدة لا بأس إن كان لتجنب الأسباب، وإلا فلا فائدة من إذكاء الأحزان وفتح الجروح.

4-لا بأس من تجنب الأسباب الثلاثة المذكورة في الحديث الصحيح "إن كان الشؤم في شيء، ففي ثلاث: المرأة، والدابة، والمسكن" البخاري (5094) ومسلم (2225) فقد يجعل الله -سبحانه- بعض أقداره بسبب قرب الإنسان من إحدى هذه الأشياء فيقع المكروه فترك المرأة وتغيير السكن ومفارقة الدابة والسيارة قد يقطع عن الإنسان الوساوس. 5-البحث الجاد والمستقصي للأسباب أياً كانت -وخاصة الأسباب المادية- المدركة بالتأمل، وإعطائها مكانة في التحول الذي حصل، وعدم المبالغة في تحميل الأسباب الغيبية (العين، والسحر ... ونحوهما) إلا إذا وقف على أدلة ملموسة ترجح كونها سبباً لما جرى. 6-وبعد ذلك أرى أنه من تمام العقل وحسن الاستمتاع بالحياة نسيان ما مضى، وعدم نكاية الجروح، والفأل الحسن بما يستقبل من الأيام والتأقلم على الوضع، وأن يقنع الإنسان نفسه أن الاجتماع بالشكل الماضي وحسن العيش كان مقدراً له كذا من السنين وانتهت، فهل انتهت الحياة؟ وكم الذين أصيبوا في أموالهم وأولادهم فخرجوا بلا شيء ثم تناسوا ما مضى وأحسنوا الظن بالله -سبحانه-، وبما يقدم عليهم من الأيام فأصبحوا بحال أحسن مما كانوا وأوسع عيشاً، ولو قرأت ما كتبه السابقون حول المصائب مثل: كتاب (المنازل والديار) لأسامة بن منقذ ونحوه، وتأملت في سير المبتلين في الماضي والحاضر لهان ما أصابك، فعندنا رجل حي دفن تسعاً من الزوجات، وكثيراً من الأولاد، وهلك له من المال كثير، وتمثل بقوله:" فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين" [آل عمران:146] أعانك الله على إغلاق منافذ الشيطان من التحزين غير المجدي المضعف للهمة، وأتم عليك النعمة وحسن الحال، والله يكلؤكم بحسن رعايته وعنايته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجبر والاختيار

الجبر والاختيار المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 1/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحمد الله-سبحانه وتعالى- على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وعليه نتوكل وبه نستعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، عليه الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه أجمعين. إخوتنا في الله..كنت قد قرأت على شبكة الإنترنت في موقع لفضيلة الشيخ ابن باز فتوى كانت رداً على سؤال يقول: " بعض الناس يقولون: إن كل الأعمال التي يعملها الإنسان هي من إرادة الله فنرجو أن توضحوا لنا: هل الإنسان مخير أم مسير؟ " وكان أهم ما استرعى اهتمامي في هذه الفتوى هو الآتي: " والإنسان مخير؛ ومسير، مخير لأن الله أعطاه إرادة، كما قال - عز وجل - "لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين" [التكوير:28،29] .

لكن هذه الإرادة وهذه المشيئة لا تقع إلا بعد مشيئة الله - سبحانه وتعالى - فما يقع في العباد، وما منهم كله بمشيئة من الله سابقة وقدر سابق، فالأعمال والأرزاق والآجال والحروب وانتزاع ملك، وقيام دولة، كله بمشيئة الله - سبحانه وتعالى - فالطاعات بقدر الله والعبد مشكور عليها ومأجور، والمعاصي بقدر الله والعبد ملوم عليها ومأزور آثم، والحجة قائمة، فالحجة لله وحده - سبحانه -، قال - تعالى -: "قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم " [الأنعام:149] ، وقال - سبحانه وتعالى -: "ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين" [الأنعام:35] يقول المفتي في بداية فتواه: إن الإنسان هو مخير ومسير ثم ما يلبث أن ينفي صفة التخيير عن الإنسان، إذ لو كان ما يختاره المرء من عقيدة يجعله منهاجه، وعمل يؤجر أو يعاقب عليه، هما مشيئة إلهية سبقت مشيئة العبد، فأين إذا هي إرادة العبد وخياره؟ إن ما يقع في العباد من قضاء وقدر هو من إرادة الله، فلا جدال في ذلك، ولكن ما يقع منهم من عمل، صالحاً كان أم سيئاً، فكيف يكون من عند الله؟ بل كيف يرمى العبد في النار ما دام ذنبه ليس بإرادته ولا باختياره؟ ألم يقترن الإيمان بالعمل في العديد من الآيات الكريمة؟ قال-تعالى-: "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون" [التين:6] …غير ممنون، فكيف يمن على المرء بأجره عن عمل هو بإرادته؟ جزاكم الله عنا كل خير، وجعلكم ذخراً لهذه الأمة، نريد رداً شافياً في هذا الموضوع، مدعوماً بالنصوص الكريمة. الجواب السؤال عبارة عن إشكال وقع فيه السائل مما سمعه من بعض الفتاوى، وفيه يقول: "إن ما يقع في العباد من قضاء وقدر هو من إرادة الله فلا جدال في ذلك، ولكن ما يقع منهم عملاً صالحاً كان أم سيئاً فكيف يكون من عند الله؟ بل كيف يرمى العبد في النار مادام ذنبه ليس بإرادته ولا باختياره ... " إلخ. وإجابة على هذا الإشكال نقول:

إن الإيمان بقضاء الله وقدره ركن من أركان الإيمان الستة وهي معلومة من الدين بالضرورة، وقد وردت في حديث جبريل المشهور عندما سأله عن الإيمان، فقال:" أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال جبريل: صدقت" مسلم (8) . وقال - تعالى -: "إنا كل شيء خلقناه بقدر" [القمر: 49] ، وروى مسلم في صحيحه (2655) عن طاووس قال: أدركت ناساً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون:" كل شيء بقدر. قال: وسمعت عبد الله بن عمر يقول: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس" سبق تخريجه. والسؤال: ما مراتب الإيمان بالقدر؟ وكيف يؤمن الإنسان بالقضاء والقدر؟ لقد بين أهل العمل مراتب الإيمان بالقضاء والقدر، وإن شئت فقل: أركان الإيمان بالقضاء والقدر، وهي: أولاً: الإيمان بعلم الله الشامل لما كان وما سيكون ومالم يكن لو كان كيف سيكون وتعلق علمه بالموجود والمعدوم والمستحيل، والأدلة على ذلك كثيرة "لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً" [الطلاق: 12] . ثانياً: الإيمان بأن ما علمه الله - سبحانه وتعالى - أنه سيقع قد كتبه في اللوح المحفوظ. روى مسلم في صحيحه (2653) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ". قال: "وعرشه على الماء". وقال - تعالى -: "وكل شيء أحصيناه في إمام مبين" [يس:12] . ثالثاً: الإيمان بمشيئة الله الشاملة وقدرته النافذة، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. قال الله - تعالى -: "وما تشاؤون إلا أن يشاء الله " [الإنسان:30] وقال - تعالى -: "من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم" [الأنعام:39] ، "ولو شاء الله ما أشركوا" [الأنعام: 107] .

رابعاً: الإيمان بأن الله خالق كل شيء فهو خالق الإنسان وخالق ما يعمله الإنسان، قال - تعالى -: "الله خالق كل شيء" [الرعد:16] ، "والله خلقكم وما تعملون" [الصافات:96] . هذه مراتب الإيمان بالقضاء والقدر، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة. وخالف في القدر فرقتان: القدرية: الذين أنكروا القدر، وقالوا: الأمر أنف، وقد كفرهم الصحابة، لأنهم أنكروا العلم الأزلي، وزعموا أن الله لا يعلم ما العباد عاملون، وجعلوا الإنسان خالقاً لأفعاله الاختيارية، ومنكرو العلم القديم من القدرية لا وجود لهم اليوم، ولكن القدرية اليوم ينكرون عموم خالقية الله لكل شيء، ويزعمون أن الإنسان خالق لأفعاله الاختيارية، فهم مجوس هذه الأمة. الجبرية: وقالوا: إن الإنسان لا اختيار له ولا إرادة له، بل كل ما يقع من الإنسان فهو بفعل الله حقيقة ولا فعل للإنسان على الحقيقة، ورتبوا على هذا عدم مسؤولية الإنسان عن أعماله لعدم وقوعها منه. وأهل السنة والجماعة وسط بين الفرقتين، فيؤمنون بقضاء الله وقدره، ويؤمنون بوقوع الفعل من الإنسان كما دل على ذلك الحس والواقع، والإنسان مسؤول عما يقع منه، ولهذا يرى أهل العلم أن الرد على الجبرية أن يضرب ويشتم أحدهم، فإن اعترض وقاوم الضارب والشاتم وعاتبه فقد نقض مذهبه في عدم مسؤولية الإنسان، ورجع في ذلك إلى الفطرة. وقد سئلت اللجنة الدائمة عن سؤال مشابه فأجابت عنه، فإليك السؤال والإجابة س: مضمونه أن نقاشاً دار بين جماعتين، مبناه عن الإنسان، هل هو مسير أو مخير؟ والمطلوب الإرشاد إلى الصواب في ذلك على ضوء الكتاب والسنة.

فأجابت اللجنة: أولاً: ثبت أن الله - تعالى - وسع كل شيء رحمة وعلماً وكتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة، وعمت مشيئته وقدرته كل شيء، بيده الأمر كله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما قضى وهو على كل شيء قدير، وقد دلَّ على ذلك وما في معناه نصوص من الكتاب والسنة، وهي كثيرة معروفة عند أهل العلم، ومن طلبها من القرآن ودواوين السنة وجدها، من ذلك قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" الآية، [العنكبوت:62] وقوله: "اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ" الآية، [الزمر:62] ، وقوله: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" [القمر:49] ، وقوله: "وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً" [الإنسان:30] ، وقوله: "يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39] ، وقوله:"مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" [الحديد:22] ، وقوله: " "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" [يونس:99] ، وقوله: "وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا" الآية، [السجدة: 13] .

ومما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك ما حث على الذكر به عقب الصلاة من قول: "لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" البخاري (844) ومسلم (593) ، وكذا ما جاء في حديث عمر – رضي الله عنه – من سؤال جبريل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الإيمان فأجاب النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: "الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" مسلم (8) ، فهذه النصوص وما في معناها تدل على كمال علمه - تعالى - بما كان وما هو كائن وتقديره كل شؤون خلقه، وعلى عموم مشيئته وقدرته، ما شاءه – سبحانه - كان وما لم يشأ لم يكن. ثانياً: ثبت أن الله حكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه، رحيم بعباده، وأنه - تعالى - أرسل الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وأنزل الكتب وشرع الشرائع وأمر كلاً منهم أن يبلغها أمته، وأنه - تعالى - لم يكلف أحداً إلاَّ وسعه، رحمة منه وفضلاً، فلا يكلف المجنون حتى يعقل، ولا الصغير حتى يبلغ، وعذر النائم حتى يستيقظ، والناسي حتى يذكر، والعاجز حتى يستطيع ومن لم تبلغه الدعوة حتى تبلغه، رحمة منه تعالى وإحساناً.

وثبت عقلاً وشرعاً الفرق بين حركة الصاعد على سلم مثلاً والساقط من سطح مثلاً، فيؤمر الأول بالمضي إلى الخير وينهى عن المضي إلى الشر والاعتداء، بخلاف الثاني فلا يليق في شرع ولا عقل أن يوجه إليه أمر أو نهي، وثبت الفرق أيضاً بين حركة المرتعش لمرضه وحركة من ليس به مرض، فلا يليق شرعاً ولا عقلاً أن يوجه إلى الأول أمر ولا نهي فيما يتعلق في الرعشة، لكونه ملجأ مضطراً إليه، بل يرثى لحاله ويسعى في علاجه، بخلاف الثاني فقد يحمد كما في حركات العبادات الشرعية، وقد ينهى كما في حركات العبادة غير الشرعية وحركات الظلم والاعتداء، فتكليف الله عباده ما يطيقون فقط وتفريقه في التشريع والجزاء بين من ذكروا وأمثالهم دليل على ثبوت الاختيار والقدرة والاستطاعة لمن كلفهم دون من لم يكلفهم.

ثم إن الله - تعالى - حكم عدل علي حكيم لا يظلم مثقال ذرة، جواد كريم يضاعف الحسنات ويعفو عن السيئات، ثبت ذلك بالفعل الصريح والنقل الصحيح فلا يتأتى مع كمال حكمته ورحمته وواسع مغفرته أن يكلف عباده دون أن يكون لديهم إرادة واختيار لما يأتون وما يذرون وقدرة على ما يفعلون، ومحال في قضائه العادل وحكمته البالغة أن يعذبهم على ما هم إلى فعله ملجؤون وعليه مكرهون، وإذاً فقدر الله المحكم العادل وقضاؤه المبرم النافذ من عقائد الإيمان الثابتة التي يجب الإذعان لها وثبوت الاختيار للمكلفين وقدرتهم على تحقيق ما كلفوا به من القضايا التي صرح بها الشرع وقضى بها العقل، فلا مناص من التسليم بها والرضوخ لها، فإذا اتسع عقل الإنسان لإدراك السر في ذلك فليحمد الله على توفيقه، وإن عجز عن ذلك فليفوض أمره لله، وليتهم نفسه بالقصور في إدراك الحقائق فذلك شأنه في كثير من الشؤون، ولا يتهم ربه في قدره وقضائه وتشريعه وجزائه فإنه - سبحانه - هو العلي القدير الحكيم الخبير، "سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين" [الصافات:180-182] . وليكف عن الخوض في ذلك الشأن خشية الزلل والوقوع في الحيرة، وليقنع عن رضا وتسليم بجواب النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه – رضي الله عنهم - لما حاموا حول هذا الحمى، فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل؟ فقال لهم: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" رواه البخاري (4949) من طرق عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال: كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في بقيع الغرقد في جنازة فقال: "ما منكم من أحد إلاَّ وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار"، فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل، فقال: "اعملوا فكل ميسر لما خُلق له"، ثم قرأ قوله تعالى: "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى"، إلى قوله تعالى: "فسنيسره للعسرى"، ورواه أيضاً مسلم (2647) وأصحاب

السنن الترمذي (2136) ، وابن ماجة (78) ، وأحمد (621) . وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. عبد الله بن قعود [عضو] ، عبد الله بن غديان [عضو] عبد الرزاق عفيفي [نائب رئيس اللجنة] ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز [الرئيس]

أسباب المصائب

أسباب المصائب المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 1/8/1423هـ السؤال أنا شاب ملتزم منذ سنين، ومنذ حوالي سنة ابتليت بابتلاءات كثيرة، فأريد أن أعرف السبب، هل من ذنب اقترفته؟ كأن يعاقبني الله على الذنوب الكبيرة، مثل التثاقل عن الصلاة، أو يعاقبني على التأخر عن الصلاة، فأعتقد أن الله يريدني أن أترقى في إيماني، هل هذا صحيح؟ وكيف أصبر على العقوبات؟ وكيف يزيلها الله عني؟ الجواب الحمد لله وبعد، أخي في الله هنيئاً لك هذه النشأة المباركة، وهذا الالتزام المبكر، وأرجو أن تكون أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... وذكر منهم "شاب نشأ في عبادة ربه" والحديث رواه البخاري (660) ، واللفظ له، ومسلم (1031) .

وأما بخصوص السؤال فاعلم - حماك الله ووقاك من كل سوء - أنّ ما تعانيه هو ضرب من الفتور الذي قد يعتري بعض الملتزمين نتيجة عدم الاحتراز من بعض المحاذير الشرعية، أو تعاطي بعض المخالفات، أو الإسراف الشديد في ما أصله مباح، ممّا يؤدي إلى ضعف الهمة وغلبة الركون إلى العرض والمتاع الدنيوي الزائل، وأنت على علم بأنّ ذا القلب الحي، والإحساس المرهف، المتفاعل مع قضايا أمته، العازم على فعل كلّ ممكن لنصرتها والذب عن دينها ومكانتها سيكون مترقياً كلّ ساعة في إيمانه، بعيداً كلّ البعد عن بواعث الفتور، ذلك أنه صاحب رسالة وحامل مبدأ، وأمّا من كان ضعيف الهمة، محدود الطموح غايته أداء العبادة بصورة رتيبة، وحركة آلية فما أحراه بالتراجع - عياذاً بالله -، فخذ لنفسك - أخي الكريم - بالعزم والقوة؛ فالله يقول: " خذوا ما آتيناكم بقوة" [البقرة: 63] ، وكن ذا همة عالية، وطموح واسع، واحذر من التهاون بالفرائض أو التثاقل عنها؛ حتى لا تزل قدمك في وحل الخطيئة - لا سمح الله - وتخلص من الذنوب كلها - وأنت أدرى بها - بتوبة نصوح، حينها تجد طمأنينة القلب، وسلامة الخاطر، ويهجرك القلق والحرج والضعف، وفقك الله وأعانك.

معنى الخوض في القدر

معنى الخوض في القدر المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 29/6/1423هـ السؤال أود أن أسأل عن معنى الخوض في القدر. الجواب من معاني الخوض: التلبس بالأمر والتصرف فيه، وقد يراد به التخليط في الأمر من غير وجهه، والخوض من الكلام: ما فيه الكذب والباطل، وفي القرآن الكريم: "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم" (الأنعام68) وانظر لسان العرب (7/147مادة "خوض") . والإيمان بالقدر أصل من أصول الإيمان الستة المذكورة في حديث جبريل المشهور البخاري (50) ، مسلم (9) ، ولا يتحقق إيمان العبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، غير أن التعمق في مسائله والخوض فيها على طريقة القدرية والجبرية هو الذي دلت النصوص على التحذير منه، إذ إن ذلك يورث الاعتراض على المالك المتصرف، ويوقع في الحيرة والاضطراب، ولا يصل بالإنسان إلى اطمئنان القلب ورضاه، فهذا هو الخوض المنهي عنه، وأما معرفة مراتب الإيمان بالقدر وأنواع المقادير وأدلة وجوب الإيمان به ومنهج السلف في ذلك فإن ذلك مما يقتضيه الإيمان بالقدر، وليس من الخوض المنهي عنه، وبالله التوفيق.

لماذا العمل؟

لماذا العمل؟ المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 14/4/1424هـ السؤال الإنسان حياته مقتصرة على ما كتبه الله له أقصد (المكتوب كما يقال) ؛ هذه الكلمة متداولة كثيراً في حياتنا اليومية؛ أحس أن هذه الكلمة تجعلني مقيداً، يعني لماذا أتعب روحي وأدرس وأصلي وأفعل أشياء أخرى ما دام الله كتب علي أشياء كأن أموت في حالة مرض أو أموت بسيارة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأوجه أخي السائل -حفظه الله- إلى أن من أكبر دواعي العلم والنشاط في حياة المسلم عقيدة الإيمان بالقدر، والتي هي ركن من أركان الإيمان الستة، وأن الإيمان بها إضافة إلى أركان الإيمان الأخرى من أقوى الحوافز للمؤمن، لكي يعمل ويقدم على الأمور العظيمة بيقين وعزم وثبات واحتساب. أما دعوى التقيد بسبب هذه الكلمة وهي الإيمان بالمكتوب فهي دعوى باطلة؛ لأن القرآن والسنة مملوءان بالأوامر والتوجيهات للمؤمن بأن يعمل الصالحات، ويسعى للرزق وعمارة الأرض، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل المتوكلين، وسيد الناس أجمعين؛ يلبس لأمة الحرب ويمشي في الأسواق للاكتساب، ويعمل الأسباب، ثم طبق الصحابة - رضي الله عنهم - توجيهات القرآن والسنة فعملوا وبذلوا واجتهدوا في طلب مرضاة الله، وجاهدوا وصبروا وفتحوا البلاد، ونشروا الدين بين العباد. لهذا أقول لأخي السائل -ومن على شاكلته- ابذل السبب، واجتهد وكن متوكلاً على الله معتمداً عليه، فالأسباب لا تعطي النتائج إلا بإذن الله، ويحرم على المسلم ترك الأخذ بالأسباب، ولما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم عن الرقى والأدوية هل ترد من قدر الله شيئاً قال: "هي من قدر الله"رواه الترمذي (2065) ، وابن ماجة (3437) ، من حديث يعمر - رضي الله عنه- والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.

عبارة: (قصف الآجال)

عبارة: (قصف الآجال) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 15/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كثر عند الناس الكلام في ما يسمونه بعبارة (قصف الآجال) ، ومعناها أن الإنسان يموت قبل يومه المكتوب له، لا حول ولا قوة إلا بالله، مثل: الانتحار وحوادث السيارات، أرجو أن تفتونا في هذه المسألة، وجزاكم الله عنا خير الجزاء. الجواب

الحمد لله، من أصول الإيمان، الإيمان بالقدر خيره وشره، والإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بعلم الله السابق لكل شيء، وكتابته لمقادير الأشياء، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه على كل شيء قدير، وأنه خالق كل شيء، ومعنى هذا أن كل ما يجري في الوجود قد سبق به قدر الله علماً وكتابة، وتم بمشيئته سبحانه وتعالى، ومن ذلك موت النفوس، فلا تموت نفس إلا بأجلها المكتوب، كما قال - سبحانه وتعالى -:"وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً" [آل عمران: من الآية145] ، فالله سبحانه وتعالى قد قدر الأقدار وضرب الآجال فلا يتقدم أحد على أجله، ولا يتأخر عن أجله، كما قال سبحانه وتعالى: "إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ" [يونس: من الآية49] ، فكل من مات بأي سبب من الأسباب فقد مات بأجله، وليس هناك من يموت قبل أجله المحتوم، بأي سبب كان موته بقتل أو انتحار أو أي حادث من الحوادث، كما بين ذلك الله - سبحانه وتعالى - في كتابه، وبينه رسوله - صلى الله عليه وسلم - فالمقتول ميت بأجله لم يقطع عليه أجله، خلافاً للمعتزلة، فإن من قولهم: أن المقتول مقطوع عليه أجله، وهذا باطل مخالف لمقتضى الإيمان بالقدر، وقول القائل: قصف الأعمار أو الآجال يعني قطعها، وهذا يتضمن أن من قتل أو انتحر فقد قصم أجله؛ يعني قطع قبل أوانه، وهذا مخالف للإيمان بالقدر، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع أهل السنة والجماعة، فيجب الحذر من هذه الاعتقادات والتصورات الباطلة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، والله أعلم.

العلاقة بين قضاء الله وقدره وعمل الشيطان

العلاقة بين قضاء الله وقدره وعمل الشيطان المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 21/2/1425هـ السؤال إن كل ما يحصل لنا في هذه الدنيا ليس مصدره واحد عند الناس، فعند حصول الأشياء الجميلة والمفرحة نقول الحمد لله فالسبب هنا مشيئة الله، وعند حصول الأشياء المحزنة والسيئة نقول سببها الشيطان -لعنة الله عليه- وليس قضاء وقدر الله. والسؤال هنا حول العلاقة بين قضاء الله وقدره وعمل الشيطان خاصة على المؤمن فكيف يكون؟ وهل حقاً توجد علاقة بينهما؟ وما علاقة النفس الأمارة بالسوء بهما؟. الجواب

الحمد لله، من أصول الإيمان، الإيمان بالقدر وخيره وشره، وكل ما يجري في الوجود من خير وشر من نعم ومصائب، ومن إيمان وكفر وطاعة ومعصية وغير ذلك من أفعال العباد كل ذلك بقدر الله ومشيئة فإنه لا يكون في ملك الله ما لا يريد فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكل ما في هذا الوجود مما وقع ومما سيقع كله قد سبق به علم الله وكتابه، وكل ذلك بمشيئته وقدرته – سبحانه وتعالى-، فالواجب على العبد أن يؤمن بهذا الأصل لكن إن أصابه خير فعليه أن يحمد الله ولا يضيف نعم الله إلى نفسه، أو إلى الأسباب التي كان لها أثر في حصول هذه النعمة بل عليه أن يعلق قلبه بالله ليشكره ويذكره، "وما بكم من نعمة فمن الله" [النحل:53] ، وإن أصابته مصيبة فعليه أن يؤمن كذلك أنها من قدر الله، ولكن عليه أن يذكر الأسباب التي جرت عليه هذه المصيبة، فإن المصائب من الأمراض أو ذهاب الأموال أو ذهاب الأحبة تكون ابتلاء وامتحاناً، وتكون جزاء على السيئات كما قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم" [الشورى:30] ، وقال تعالى: "أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم" [آل عمران:165] ، فإذا أصابت المسلمين هزيمة أو نزلت بهم مصيبة فعليهم أن يحاسبوا أنفسهم ويتفقدوا عيوبهم، وأن يتوبوا من ذنوبهم وأن يتوجهوا إلى ربهم، وهذا شأن المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، والله تعالى له الحمد على كل حال؛ على السراء والضراء والشدة والرخاء؛ لأن كل ما تجري به الأقدار هو بمشيئته وحكمته – سبحانه وتعالى- فله الحمد على كل ما يقدره ويقضيه؛ لأنه تعالى حيكم عليم يضع الأشياء في مواضعها، وليس بلازم أن ندرك حكمة الله في كل جزئية وصغيرة وكبيرة لكن نؤمن بأن الله حكيم فما خفيت علينا حكمته وهو الأكثر فإننا نحيله إلى ما نؤمن به من كمال حكمته – سبحانه وتعالى- ولا شك أن الشيطان هو الداعي إلى كل شر من

أفعال العباد فهو الداعي إلى الكفر وهو الداعي إلى المعاصي، والذنوب والمعاصي سبب لما يصيب العبد من المصائب فإذا أصاب الإنسان مصيبة فعليه أن يصبر، وأن يستغفر وأن يحاسب نفسه، ويتفكر من أين دخل عليه الشر والبلاء؟ حتى يتقيه ويحذر من مداخل الشر، ومن أعظم ما ينفع من ذلك التجاء العبد إلى ربه بأن يعصمه من شر الشيطان وأن يعيذه من الكفر والفسوق والعصيان، فيدعو ربه بأن يوفقه لأسباب السعادة وأن يجنبه أسباب الشقاوة. اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، والله أعلم.

تساؤلات حول القدر

تساؤلات حول القدر المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 07/04/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم وددت أن أسأل عن القضاء والقدر وأفعال الإنسان، وما يحدث بينهما من توافق أو تعارض إن صح التعبير..فمثلا: إذا أراد إنسان أذية إنسان آخر فإنه لا يقدر على ذلك إلا لو كان مقدراً لذلك الإنسان أن يؤذى، ففي هذه الحالة يكون ذلك الأذى أو الضرر فعل محرم يعاقب عليه من قصد الأذية، أم يكون قدرا من الله -تعالى-؟ أرجو الإفادة؛ لأنه لدي تعقيد في فهم التوافق بين القضاء والقدر وبين ما يحصل للإنسان من أذى الآخرين، أعرف أن أذى الناس من قدر الله، ولكن ما مدى الارتباط والتوافق بين القدر وبين وقوع أذية البشر؟. ودمتم سالمين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الإيمان بالقضاء والقدر من الأصول الستة التي عليها مدار عقائد الناس.. والقدر سر الله في الكون، لا يطلع عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب، وقد ورد النهي عن الخوض فيه. والناس أمام القدر طرفان ووسط، فمنهم من نفاه مطلقا وجعل أعمال الناس وتصرفاتهم بمحض إرادتهم، وليست هي بمخلوقة لله -تعالى- ولا مقدرة منه. ومنهم من جعل الإنسان كالريشة في مهب الريح، لا صلة له بأعماله، وأنه مجبر على فعل ما قدره الله عليه دون إرادة منه أو اختيار. وتوسط فريق بين هذين فأقروا لله -تعالى- بتقدير الأمور وتدبيرها وعلمه بها وخلقه لها، وفي الوقت نفسه جعلوا للعبد إرادة بها يقدم على فعل الأشياء أو تركها.

والإشكال الذي أورده السائل جوابه بسيط لا يحتاج إلى إيراد نصوص ونقل كلام الأئمة ولا إلى تفصيل مراتب القضاء وبيان أنواع الإرادة الشرعية والكونية، وإليك المثال التالي: شخص وُضِع أمامه كأس من عصير إن شاء شرب منه وإن شاء امتنع، وهو يشعر من نفسه أنه قادر على الشرب أو الامتناع، ولا يشعر أبدا أنه مجبر على فعل واحد منها، فإن شرب كان شربه له هو السابق في علم الله في الأزل، وأن الله -تعالى- قد كتبه في اللوح المحفوظ وأراده من عبده وهو سبحانه خالق هذا الفعل. وإن امتنع الشخص عن الشرب فكذلك. فإن قيل: كيف يفسر ذلك؟ فالجواب: أن هذا هو سر الله في خلقه، ولن يصل العبد إلى إدراك حقيقة ذلك وكنهه مهما أوتي من علم. ومثل ذلك يقال في جميع ما يأتيه الإنسان من أعمال الطاعات والمعاصي. فالقاتل مثلا الذي يتربص بالمقتول ويخطط لتنفيذ جريمته، ثم يمشي إليها برجليه ويرتكبها بيديه، فلا شك أنه يفعل ذلك بإرادته ومع ذلك فلا يخرج شيء منه عن قضاء الله وقدره، ولله الحكمة البالغة. قد يقول شخص ولكن قد يقع من الإنسان شيء وهو لا يريده ولا يقصده. فالجواب أن هذا لم يقع به التكليف، ولهذا سقط القصاص عن القاتل خطأ لأنه لم يرده ولم يقصده، فجاء رفع القلم، والمراد الجناح عن النائم، والمجنون، والصغير الذي لا يعقل. والله -تعالى- أعلم.

هل هذا من حفظ الملك الموكل بالإنسان؟

هل هذا من حفظ الملك الموكل بالإنسان؟ المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 17/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. أحيانًا يهم الشخص بفعل شيء ما، ثم فجأة يغير رأيه، وبسبب ذلك لم تصبه مصيبة، هل يتم له ذلك؛ لأن الملك الموكل به يحفظه من الحوادث ويحميه؟ البعض يقول إن هناك حاسة سادسة لدى الإنسان. هل هذا صحيح؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لاشك أن ما يصيب الإنسان وما يفعله وما يهم به، وما يعزف عنه وينصرف، كل ذلك بأمر الله وتدبيره الكوني، وكون الإنسان يتقدم عن المصيبة أو يتأخر عنها ثم تقع بعد ذلك، فإن ذلك من حفظ الله له؛ قال تعالى: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) [الرعد: 11] . والحفظ إما بأسباب كونية كفعل الأسباب المطلوبة، وترك الأسباب المؤذية المؤدية إلى الهلاك، وإما بأسباب شرعية كالإيمان والتقوى، وحفظ حدود الله، قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس، رضي الله عنهما: "احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ..". أخرجه أحمد (2669) والترمذي (2516) . أما قضية الحاسة السادسة، فلا أعلم في إثباتها دليلًا شرعيًّا أو عقليًّا. ثم على فرض وجودها تنزلًا، هل فيها خاصية لمعرفة ما لم يقع كيف يقع؟! إذن هذه صورة تكهنية للتعرف على الغيبيات. والله الهادي إلى سواء السبيل.

عبارة: (يلعن أم الحالة)

عبارة: (يلعن أم الحالة) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 2/9/1424هـ السؤال يكثر عند الشباب هذه الأيام هذه الصيغة من اللعان (يلعن أم الحالة) ، فهل قول يلعن أم الحالة داخل في سب الدهر؟. الجواب الحمد لله، قول القائل: يلعن أم هذه الحالة، من قبيح الكلام؛ لأنه يتضمَّن تسخُّط القضاء والحال المكروهة من فقر أو هم أو وجع أو شدة حر أو برد، وكل ذلك بقدر الله فالواجب على العبد إذا نزل به شيء مما يكره أن يصبر وأن يسأل ربه العافية، وأن يأخذ بالأسباب الواقية مؤمناً بقدر الله متوكلاً عليه مؤمناً بعدله سبحانه وتعالى وحكمته، فلا يجوز له أن يقبح أو يلعن هذه المكروهات، فإن ذلك يتضمن الاعتراض على من قدرها والطعن في حكمته وهذا يقدح في إيمان العبد في عدل ربه وحكمته في تدبيره وتقديره، نعوذ بالله من قبيح القول والعمل ونسأله الرضا به رباً والرضا عنه في أحكامه فإنه تعالى أحكم الحاكمين، والله أعلم.

وساوس خاصة بالعدالة الإلهية

وساوس خاصة بالعدالة الإلهية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 20/3/1425هـ السؤال أنا فتاة، أعاني من مأساة الوسواس الذي لا يتركني أبداً، وقد كان يشككني في كل شيء، ولكني بعد قراءات عديدة في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة أيقنت تماماً بوجود الله وبالإسلام ديناً، ومحمد - صلى الله عليه وسلم- رسولاً، ولكن المشكلة الوساوس الخاصة بالعدالة الإلهية، فدائماً أقول لنفسي: إن الله غير عادل؛ لما نحن فيه من بلاء، فأنا أخاف الله جداً، ولكني لا أحبه، والمشكلة الأخرى هي عدم تيقني من مبدأ الثواب والعقاب بالجنة والنار حتى اصبر على ظلم الحياة. فأرجوكم أريد من يمد يده لينقذني مما أنا فيه؟. الجواب الحمد لله:

لقد دل الله عباده بما نصب من آياته الكونية، كالسماوات والأرض وما بينهما، وكل جزء من هذا العالم يدل على وجود الخالق – سبحانه- وقدرته، وحكمته، قال – سبحانه وتعالى-: "إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين" [الأعراف:54] ،وقال –سبحانه وتعالى-: "وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون" [الذاريات:20-21] ، فما على وجه الأرض من جبال وأنهار، وأشجار، وبحار فيها دلالة عظيمة على قدرة الخالق وحكمته، وعلمه –سبحانه-، بل ونفس الإنسان فيه آيات باهرات، ولو فكّر الإنسان في خلقه شهد العجائب، قال –تعالى-: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" [الذاريات:21] ، وقال –تعالى-: "أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون" [الروم:8] ، وقال –سبحانه-: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" [فصلت:53] ، فهذا الإنسان مخلوق من ماء مهين، خلقه الله أطواراً، وصوره في رحم أمه، وركب فيه أعضاءه، وقواه، وجعل فيه آلات الإدراك من السمع، والبصر، والعقل، "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون" [النحل:78] ، والقرآن مملوء من الإرشاد إلى آيات الله الكونية في الأنفس والآفاق، فما أضل الجاهلين! وما أجهل الملحدين!.

فتفكري أيتها السائلة في آيات الله، فإن التفكر الصادق طريق إلى المعرفة، "إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [الرعد:3] فالتفكر في آيات الله الخلقية، وآيات الله القرآنية يزيد المؤمن إيماناً، ويقوي به اليقين، ويذهب الله به الوساوس الشيطانية، قال – سبحانه وتعالى-: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار" [آل عمران:190-191] ، يعني: ما خلقت هذا العالم عبثاً ولا لعباً، بل خلقته بالحق لحكم بالغة، وبقدرة تامة، ومشيئة نافذة، وما دام -أيتها السائلة- أن الله قد وفقك للنظر فيما يُذكِر من الإعجاز العلمي في القرآن، وأنه حصل لك بسبب ذلك اليقين والإيمان بالله، وكتابه، ورسوله – صلى الله عليه وسلم-، ودين الإسلام، فهذه نعمة منَّ الله بها عليك، فإنه – سبحانه- هو الذي يمن على من يشاء بالهداية، ويؤتي فضله من يشاء، وهو الحكيم العليم، كما قال –تعالى-: "يهدي الله لنوره من يشاء" [النور:35] ،وقال –تعالى-: "ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكرَّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم" [الحجرات:7-8] .

ثم اعلمي -أيتها السائلة- أن الخواطر التي ترد على القلب مما يعارض الإيمان بالله ورسوله – صلى الله عليه وسلم-، واليوم الآخر، لا تضر المسلم ما دام أنه يعلم أنها باطلة، ويبغضها، ويكرهها، ويتألم منها، والشيطان إذا عجز عن إضلال المسلم، وإخراجه عن دينه، اجتهد في أن يشوش عليه إيمانه بإلقاء الوساوس التي تزعجه، وقد جاء رجل إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: "إني أحدث نفسي بالشيء لأن أخرُّ من السماء أحب إلي من أن أتكلم به، فقال – عليه الصلاة والسلام-: "الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" رواه أحمد (2098) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما -، وفي لفظ آخر عند مسلم (132) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - قال له - صلى الله عليه وسلم-: "ذاك صريح الإيمان"، يعني: كراهة هذا الوسواس، وبغضه، والنفرة منه من صحة الإيمان، فمثل هذه الوساوس لا تضر المؤمن ما دام أنه ثابت على عقيدته، ثم إنه – صلى الله عليه وسلم- أرشد من خطرت له هذه الخواطر أن يستعيذ بالله من الشيطان، ويقول: آمنت بالله ورسله، وأن يعرض عن هذه الوساوس، ولا يشتغل بها، ولا يسترسل معها، بل يعرض عنها انظر ما رواه البخاري (3276) ومسلم (134) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – وما رواه أحمد (21393) والطبراني في الكبير (3633) من حديث خزيمة – رضي الله عنه -.

ومما يجب الإيمان به القدر، فإن الإيمان بالقدر أحد أصول الإيمان، ومعنى الإيمان بالقدر: الإيمان بأن الله علم كل شيء بعلمه القديم، وكتب ذلك، كما أخبر في كتابه، كما أن من الإيمان بالقدر الإيمان بأن كل ما يجري في هذا الوجود هو بمشيئته – سبحانه- وتدبيره، وأنه –تعالى- خالق كل شيء، فيجب مع الإيمان بالقدر الإيمان بحكمة الله، أن الله حكيم، يعني: له الحكمة البالغة فيما خلق وقدر في هذا الوجود من خير وشر، ومن حكمته –تعالى- ابتلاء العباد، يعني: اختبارهم؛ ليتبين المؤمن من الكافر، والمطيع من العاصي، والصادق من الكاذب، كما قال –تعالى-: "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً" [الملك:2] ،وقال –تعالى-: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" [العنكبوت:2-3] ، فيجب الإيمان بأن له في كل ما يقدره حكمة بالغة، علمنا ذلك أو لم نعلم، بل ما يخفى على العباد من حكمته –تعالى- هو أضعاف أضعاف ما يعلمونه، بل ما يعملونه من حكمته في خلقه يسير جداً، فالعقول لا تحيط به علماً، قال –تعالى-: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" [الإسراء:85] ، وقال –تعالى-: "ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء" [البقرة:255] ، فإذا رأى الإنسان ما يتوهم منه أنه خلاف العدل فليتذكر كمال علمه، وحكمته – سبحانه-، ويتذكر مع ذلك قصور عقل الإنسان عن معرفة أسرار القدر، فالقدر سر الله، لا يعلم العباد منه إلا ما علمهم، ومعنى هذا أن على الإنسان أن يحسن الظن بربه، ويقرّ على نفسه بالعجز والقصور، هذا الأصل عند المؤمن أو المؤمنة، انزاحت عنه الشبهات لحكم الله وحكمته، فلا يستقر الإيمان إلا على مبدأ التسليم؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يدرك عقله كل شيء. ومما يدخل في ذلك أقدار الله الجارية على العباد مثل أنه – سبحانه وتعالى- يُضل ويهدي، ويُسعد ويشقي، ويُعز ويذل، ويُفقر ويغني،

ويبتلي ويعافي، ويعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، كما يدخل في ذلك تنويعه للخلق، حيث خلق الطويل والقصير، والجميل والدميم، وفاضل بين العباد في عقولهم وحواسهم، وخلق – سبحانه وتعالى- الأضداد، فخلق الطيب والخبيث، والنافع والضار، كما خلق الملائكة والشياطين، والعقول قاصرة عن معرفة أسرار هذه الأقدار، فلا بد من التسليم لحكمته – سبحانه وتعالى- وعدله في تدبيره ثم إنه –سبحانه وتعالى- قد جعل هذه الحياة ميداناً للابتلاء، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب لهداية العباد، وإخراج من شاء – سبحانه وتعالى- من الظلمات إلى النور، قال –تعالى-: "كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد" [إبراهيم:1] ، وقد قضى بحكمته أن تكون السعادة والفلاح لمن أجاب المرسلين، واستقام على صراط الله الذي هو دينه، وهو دين الإسلام، وأن يكون الشقاء والضلال لمن كذب الرسل، وأعرض عن دعوتهم، قال – سبحانه وتعالى-: "قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى" [طه:123 – 124] . فالناس أمام دعوة الرسل فريقان مؤمن وكافر، وتقي وفاجر، وقد أعد الله لأوليائه المتقين دار النعيم المقيم، وأعد لأعدائه الكافرين عذاب الجحيم، فهذه الدنيا دار الابتلاء ودار العمل، والدار الآخرة دار الجزاء قال تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" [الزلزلة:7، 8] ، وقال سبحانه: "يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد" [آل عمران:30] .

فأوصيك أيتها السائلة وكل مسلم بالجد والاجتهاد في طاعة الله مع سؤال الله الثبات، فإن العبد في ضرورة إلى هداية الله، ومن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" رواه الترمذي (2140) وابن ماجة (3834) من حديث أنس - رضي الله عنه -، وأنفع الدعاء ما علمه الله عباده، وفرضه عليهم في كل صلاة، وهو ما في سورة الفاتحة: "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" [الآيتين:6-7] . نسأل الله أن يمن علينا بالهداية إلى صراطه المستقيم؛ صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والله أعلم.

الفرق بين الإرادة والمشيئة

الفرق بين الإرادة والمشيئة المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 9/6/1425هـ السؤال أريد أن أعرف الفرق بين الإرادة والمشيئة في اللغة والدين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الإرادة تنقسم قسمين: إرادة كونية قدرية، وهي لا تستلزم المحبة، ولا بد أن تقع، فكل ما يقع في هذا الكون من خير وشر، فهو بإرادة الله الكونية ومشيئته، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. وهناك الإرادة الشرعية، وهي تستلزم المحبة، فكل ما أراده الله شرعاً فهو يحبه ويرضاه، ولكن لا تستلزم الوقوع، فالله يريد الإيمان من الكافر، ولكن قد لا يقع. والمشيئة هي الإرادة الكونية، ولا يعبر عن الإرادة الشرعية بالمشيئة. والله أعلم.

الإنسان بين التسيير والتخيير

الإنسان بين التسيير والتخيير المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 25/08/1425هـ السؤال هل الإنسان مُسَيَّرٌ أم مُخَيَّرٌ؟! الجواب الحمد لله، وبعد: الملائكة والشياطين والإنس والجن، وجميع ما في هذا الوجود، كله خلق الله، وكله واقع بتقدير الله وقضائه ومشيئته وبقدرته، فالشياطين وأعمالهم، والكفرة وأعمالهم، لا خروج لأحد منهم عن مشيئته سبحانه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والله تعالى خلَق الخير والشر، وخلق هذه الأضداد لحكم بالغة، منها ما يظهر للعباد، ومنها ما يخفى عليهم، وهو الأكثر، فإن عقول العباد لا تحيط بما لله من الحِكم البالغة في شرعه وقدره، وقد جعل الله الملائكة والشياطين ضدين، فالملائكة عباد مكرمون مطيعون عابدون لربهم، يحبون ما يحبه الله، ويبغضون ما يبغضه، ويدعون إلى مراضيه، يحبون المؤمنين ويستغفرون لهم، والشياطين أشرار يحبون ما يبغضه الله، ويدعون إلى معاصيه والكفر به، ويحبون الكافرين ويؤذون المؤمنين، ولهذا فكل إنسان قد ابتلي بقرين من الجن يوسوس له ويزين له القبيح، وبقرين من الملائكة يزين له الخير ويدعوه إليه، ولهذا يُروى في الحديث: "إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ اللَّهِ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ الْأُخْرَى فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثُمَّ قَرَأَ: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ) الْآيَةَ". أخرجه الترمذي (2988) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- ورُوي موقوفا عليه.

وأما هل الإنسان مخير أم مسير؟ فهذا اللفظ لم يرد في الكتاب ولا في السنة، بل الذي دلاَّ عليه أن الإنسان له مشيئة ويتصرف بها، وله قدرة على أفعاله، ولكن مشيئته محكومة بمشيئة الله كما قال تعالى: (لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [التكوير:28، 29] . فليست مشيئته مستقلة عن مشيئة الله، ولفظ: مخير ومسير. لا يصح إطلاقهما، فلا يقال: الإنسان مسير. ولا يقال: إنه مخير. بل لابد من التفصيل، فإن أريد أنه مسير بمعنى أنه مجبور ولا مشيئة له، ولا اختيار، فهذا باطل، وإن أريد أنه مسير بمعنى أنه ميسر لما خلق له، وأنه يفعل ما يفعل بمشيئة الله وتقديره، فهذا حق، وكذلك إذا قيل إنه مخير وأريد أنه يتصرف بمحض مشيئته دون مشيئة الله، فهذا باطل، وإن أريد أنه مخير بمعنى أن له مشيئة واختيارًا وليس بمجبر، فهذا حق، وأوسع كتاب تضمن الكلام عن القدر ومراتبه وعن أفعال العباد كتاب (القضاء والقدر والحكمة والتعليل) للإمام ابن القيم- رحمه الله. والله أعلم.

عبارة: (نجا من الموت بأعجوبة)

عبارة: (نجا من الموت بأعجوبة) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 11/01/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم هذه العبارة، حيث إني أسمعها كثيرًا: (لقد نجا من الموت بأعجوبة؟) . وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الموت والنجاة من الموت الكل بقدر الله، ويكون بأسباب معتادة وغير معتادة، وهي من قدر الله، ولكن من الأسباب ما يكون غريبًا ونادرًا، فيكون مثارًا للعجب، فمعنى قول القائل: نجا من الموت بأعجوبة. يعني: بسبب عجيب ما كان منتظرًا ولا متوقعًا، وليس مراد من يقول ذلك أن ما حصل من النجاة كان بمجرد السبب، إذا قال ذلك من يؤمن بقدر الله، لكن على من قال ذلك أن يتذكر أن نجاته كانت بمشيئة الله، وأن السبب الذي نجا به كان بقدر الله، وآية من آيات الله، وعلى هذا فلا حرج في هذه العبارة. والله أعلم.

هل ابتلاء الخلق يعارض الرحمة؟

هل ابتلاء الخلق يعارض الرحمة؟ المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 18/05/1426هـ السؤال كيف نربط بين علم الله الأول بخلقه ورحمته وعدله وعذابه؟ وكيف نفسِّر رحمة الله وعدله، وهو إنما خلق العباد ليبتليهم، وهل الرحمة تعارض ابتلاء الخلق؟. الجواب يا أخي: ينبغي أن تعلم أصولاً في هذه المسألة: الأول: أن كل ما يقع في هذا الكون من أفعال الله -تعالى-، ومن أفعال العباد، والتي هي بمشيئة الله -تعالى- جميع ذلك مرتبط بالحكمة التامة، فمشيئته تابعة لحكمته، فهو سبحانه أحكم الحاكمين، وهو يحكم لا معقب لحكمه. الثاني: أن الله -تعالى- عدل يحب العدل، وعدله تعالى تام في أحكامه وأفعاله وقضائه، ولا يظلم ربك أحداً لكمال عدله سبحانه. الثالث: أن أفعال الله -تعالى- لها غايات، وحكم، وعلل لا تعود إلى ذات المخلوق، ونظره وقياسه، بل هي عائدة وراجعة إلى علم الله -تعالى-، لم يوجب العباد عليه شيئاً، ولا يقاس الخالق بخلقه، لا قياس شمول ولا قياس تمثيل، وبالتالي فمنتهى رحمته هو منتهى علمه، قال تعالى: "ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً" [غافر:7] ، ووجه رحمته كما يكون في من يثيبهم يكون أيضاً فيمن يعذبهم بعدله، ولا منافاة بين الرحمة والعدل، ألا ترى أن إيقاع العذاب والقصاص في الدنيا على من يستحقه هو عدل وكمال، وهو أيضاً رحمة له بالتطهير، ولغيره بكف شره، واستيفائهم حقهم منه، يقول ابن تيمية -رحمه الله-: (ومسألة غايات أفعال الله ونهاية حكمته مسألة عظيمة، لعلها أجل المسائل الإلهية) . منهاج السنة (3/39) .

ويقول ابن قتيبة –رحمه الله-: (وعدل القول في القدر أن تعلم أن الله عدل لا يجور: كيف خلق؟ وكيف قدَّر؟ وكيف أعطى؟ وكيف منع؟ وأنه لا يخرج من قدرته شيء، ولا يكون في ملكوته من السماوات والأرض إلا ما أراد، وأنه لا دين لأحد عليه ولا حق لأحد قبله، فإن أعطى فبفضل، وإن منع فبعدل) .الاختلاف في النظر لابن قتيبة (ص 35) . الرابع: أن منشأ ضلال الخائضين في القدر هو التسوية بين الإرادتين الكونية والشرعية، حيث اعتقدوا أن كل ما شاءه وقدَّره فقد أحبه ورضيه، فنفت الجبرية لذلك أفعال العباد، وسلبتهم الحرية والاختيار. ونفت القدرية قدرة الله، وتقديره لأفعال العباد؛ لئلا يقع ويصدر منه تعالى الشرور والمعاصي التي هي أفعال العباد، وهذا غاية التحريف والانحراف في هذه المسألة الجليلة. وأهل السنة قاطبة على أنه تعالى خلق الأشياء كلها وقدَّرها، وأرادها، فأحب الطاعات والإيمان، والخير، وكره الكفر والفسوق والعصيان، قال تعالى: "إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم" [الزمر:7] ، وقال: "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن" [التغابن:2] . الخامس: أن أصل ضلال الخلق هو طلب تعليل أفعال الرب بعلل وحكم راجعة إليهم يحكمونها بآرائهم وأقيستهم العقلية، فما يرونه مجانباً للعدل في عقولهم يعللون؟ بوجوبه على الله تعالى، وأن عليه أن يفعل الأصلح، ومن هنا صار عامة القدرية الخائضين في القدر على طريقة التعليل صاروا مشبهة في الأفعال، يقول ابن تيمية – رحمه الله- في تائيته المشهورة: (وأصل ضلال الخلق من كل فرقة، هو الخوض في فعل الإله بعلّة) . السادس: أن الحكمة تابعة للعلم والقدرة، فمن كان أعلم وأقدر كانت أفعاله أحكم وأكمل، والرب –تعالى- منفرد بكمال العلم والقدرة، فحكمته متعلِّقة بكل ما تعلّق به علمه وقدره، كما سبق ذلك في الأصل الأول.

السابع: أنه لا يلزم من أثبت تعليل أفعال الله بالحكم والمصالح أن يعلم علة كل فعل وأمر، بل عليه أن يعتقد أن لله –تعالى- في جميع أفعاله حكماً جليلة – ظهرت لنا أو خفيت- فالله –تعالى- لم يطلع خلقه على جميع حكمه، بل أعلمهم بما شاء، وما خفي عليهم أكثر مما علموه. ومن هذه الأصول وغيرها يتبين لك – أخي- أنه لا تضاد بين علم الله وقدره، وبين رحمته وعدله، وكون هذا من الغيب أو لا – كما في سؤالك-، فأقول لك: رحمة الله وعدله آثارها وأسبابها ودلائلها ليست غيباً، بل هي معلومة لنا في القرآن والسنة، وهي داخلة ضمن ما أمرنا بتدبره، وكذلك أسماء الله وصفاته ما يتعلق بمعانيها ودلالاتها، ومعرفة الله وعبادته بمقتضاها هي من الوجه المعلوم لنا، والمذكور في دلائل القرآن والسنة.

أما الكيفيات لما سبق وتفاصيل الحكم والعلل والغايات، فهو ما لم نؤمر بمعرفته وتطلبه، بل بالعكس جاءت الأدلة بالمنع من ذلك، لا لأن العقل يحكم باستحالته وانتفائه وامتناعه، ولكن لأن العقل يحار فيه ولا يدركه ولا يطيقه، كما قال تعالى: "ولا يحيطون به علماً" [طه:110] ، فلا نحيط علماً بالله لا بذاته ولا بأسمائه، ولا بصفاته، ولا بأفعاله، ولا بأقداره، ولا بحكمه، يقول تعالى: "لا يُسأل عما يَفعل وهم يُسألون" [الأنبياء:23] ، وجاء النهي من النبي - صلى الله عليه وسلم- عن الخوض بالقدر كما في قوله: " ... وإذا ذكر القدر فأمسكوا" أخرجه الحارث بن أبي أسامة (742-بغية) والطبراني في الكبير (10448) ، وحسَّنه العراقي وابن حجر والسيوطي، وصحَّحه الألباني، ولما خرج -صلى الله عليه وسلم- على الصحابة - رضي الله عنهم- يوماً وجد بعضهم يتنازعون في القدر، غضب غضباً شديداً حتى احمرّ وجهه، حتى كأنما فقئ في وجنتيه حب الرمان فقال: "أبهذا أمرتم أم بهذا أرسلت إليكم، إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر عزمت عليكم ألا تتنازعوا فيه" أخرجه الترمذي (2133) من حديث أبي هريرة، وحسَّنه الألباني، وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- بلفظ: "لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم" أخرجه أحمد (206) ، وأبو داود (4710) ، والحاكم (1/159) . وهذه الأدلة وغيرها محمولة عند أهل العلم على النهي عن الخوض بالقدر بلا علم، وثانياً: على الاعتماد في معرفة أسرار القدر على العقل البشري، وثالثاً: على البحث عن الجانب الخفي في القدر الذي هو سر الله في خلقه، ورابعاً: على الأسئلة الاعتراضية التي دافعها التعنُّت والتحكم على الله تعالى.

وأخيراً: أسأل الله لي ولك العلم النافع، واليقين الصادق، ولعلك تقرأ مزيداً من ذلك في رسالة ابن تيمية: (أقوم ما قيل في القضاء والقدر والحكمة، والتعليل) ، وكتاب ابن القيم (شفاء العليل) ، والقضاء والقدر للمحمود، ومثله الدسوقي، وشرح تائية ابن تيمية وغيرها. وفقك الله.

الاحتجاج على المعصية بالقدر والضعف البشري!

الاحتجاج على المعصية بالقدر والضعف البشري! المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 15/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. ما هي عاقبة من يخطئ، وينسب الخطأ إلى قدر الله؟ كمن يزني ثم يقول: إنه ضعيف وزنى، وليس ذلك الخطأ كله مني؛ لأن الله جعلني ضعيفاً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن من أصول الإيمان وأركانه الإيمان بالقضاء والقدر، خيره وشره، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، إلا أن ذلك لا يعني أن يرتكب الإنسان المعاصي والقبائح ويحتج بأن ذلك محض قدر الله عليه، فقد عاب الله على المشركين احتجاجهم على شركهم بقدر الله فقال: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ} [الأنعام:148] فلو كان لهم حجة بالقدر على شركهم ما أذاقهم الله بأسه!. فلا يجوز للإنسان أن يحتج بقدر الله على ما يرتكبه من ذنوب وقبائح صغيرة أم كبيرة، وينسب ذلك إلى الله تعالى، ومن نسب ذلك لله على جهة اللوم والاحتجاج به على الوقوع في المعاصي فقد افترى على الله الكذب، والله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} [النحل: 116] . وتتميماً للفائدة نذكر أن الاحتجاج بالقدر على قسمين: القسم الأول: ممنوع: وهو الاحتجاج به على المعاصي لتبريرها، وتبرير الاستمرار فيها، فهذا لا يجوز، بل هو من فعل المشركين، وبعض العصاة، والصوفية الغلاة.

قال الله تعالى عن المشركين: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النحل:35] . وقال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ} [الأنعام:148] . وقد جيء إلى عمر بن الخطاب بسارق، فقام ليقطع يده، فقال: يا أمير المؤمنين إنما سرقت بقدر الله، فقال له: ونحن إنما نقطع يدك بقدر الله. ولما قال أبو عبيدة لعمر: أَفِِرَاراً من قدر الله؟ فقال: نَفِرُّ من قدر الله إلى قدر الله. أخرجه البخاري (5729) ومسلم (2219) . القسم الثاني: مشروع: وذلك في حالين: أ- الاحتجاج به على المصائب. ب- الاحتجاج به على المعصية بعد التوبة منها، ومنه احتجاج آدم وموسى. قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: "احتجَّ آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيَّبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخطَّ لك بيده، أتلومني على أمر قدَّره الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحجَّ آدم موسى، فحجَّ آدم موسى". ثلاثا رواه البخاري (6614) ومسلم (2652) . ففي هذا الحديث: أ- احتجَّ آدم بالقدر على المصيبة، وهي الخروج من الجنة، لا على الذنب الذي هو الأكل من الشجرة. ب- أو أنه احتجَّ بالقدر بعد التوبة من الذنب؛ لدفع اللوم عنه، لا على الاستمرار في الذنب. والخلاصة: أنه يحتج بالقدر على المصائب لا على المعايب = (الذنوب) .

كما أن هناك فرقاً بين من يحتج بالقدر على أمر قد مضى، وهو نادم على فعله، ويعزم أن لا يعود إليه، وبين من يحتج بالقدر ليبرر استمراره على المعصية، فالأول مقبول، والثاني لا يقبل.

هل أعتبر ساخطة على القدر؟!

هل أعتبر ساخطة على القدر؟! المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 05/04/1427هـ السؤال أنا فتاة غير متزوجة أبلغ من العمر (21) عاماً, عانيت كثيراً من مسألة الزواج نظراً لمروري بثلاثة إحباطات متتالية, أخرج منها بخفي حنين، ما يتعبني حقيقة هو أني أخشى أن أكون من الساخطين على القضاء والقدر وهذا ما لا أطيقه, كيف يمكنني ضبط هذا الأمر بحيث لا أتجاوز حدودي. أمر آخر هو أن الله سبحانه وتعالى يقول: "أنا عند ظن عبدي بي". ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل". فأنا عندما أرفع يدي بالدعاء، لا أشعر أني محسنة الظن بالله جل في علاه! حقيقة لا أعلم كيف هي مشاعري أحتاج إلى نصيحة ناصح منكم، ثم كيف لا أعجل؟ أشعر أني في دوامة. كذلك بعد الثلاث إحباطات الآنفة الذكر أصبح لدي حالة من التبلد تجاه الدعاء والتضرع لله متضايقة جداً وحائرة ويكاد رأسي ينفجر. أرجو منكم تفصيل الجواب ويعلم الله كم سبب لي هذا الأمر من معاناة وتعب وحيرة، بينوا لي كيف يتم الإيمان بالقضاء والقدر، وكيف يكون حسن الظن بالله، انصحوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أختي السائلة أسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد. وما طرحتيه من التساؤلات دليل على ما في قلبك من الإيمان والخوف من الله سبحانه وتعالى.

أما ما ذكرت في سؤالك الأول من خشية أن تكوني من الساخطين على القضاء والقدر، أقول لك: اعلمي أنه من طبيعة الإنسان أن يحصل له شيء من الضيق والحزن عندما لا يدرك مطلوبه، كما هي حالك في أمر الزواج، ولكن لا يعني ذلك أنه دليل على عدم الإيمان بالقضاء والقدر، اسمعي قول النبي –صلى الله عليه وسلم- عندما مات ابنه إبراهيم: "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" رواه البخاري (1303) ومسلم (2315) . والنبي –صلى الله عليه وسلم- هو أكمل الأمة في الرضى بالقضاء والقدر، وعليه فإن الحزن الطبيعي ودمع العين لا يخل بالإيمان بالقضاء والقدر، ولكن الذي يخل به هو الجزع بمعنى شدة الحزن، والتلفظ بألفاظ لا تليق، أو تمزيق الثياب، أو ضرب الوجه ونحو ذلك، أما أنت فلم تذكري شيئاً من ذلك ولله الحمد. أما سؤالك المتعلق بالدعاء، اعلمي أختي الفاضلة أن الله سبحانه وتعالى يقول: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" [غافر:60] . وقال سبحانه: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" [البقرة:186] . فالله سبحانه وتعالى أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فعلى الإنسان المؤمن إذا دعا الله سبحانه وتعالى خالصاً من قلبه، أن يستيقن أن الله سبحانه يستجيب دعاءه، فالله أرحم الراحمين، وهو أكرم الأكرمين. ولكن لابد أن يعلم الداعي أن الاستجابة لا تعني حصول المطلوب فقط، بل لها صور ثلاث: فالله سبحانه وتعالى إما أن يعجلها له، وإما يدخرها له يوم القيامة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثلها. فالداعي ربما يعلم بالحالة الأولى فقط، ولا يعلم بالحالتين الأخريين. وأما معنى ما لم يعجل فقد فسرها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بقوله: "يقول دعوت فلم يستجب لي". صحيح البخاري (6340) ، وصحيح مسلم (2735) .

وحسن الظن بالله سبحانه يكون في أمور كثيرة، تستيقنين بأن الله سبحانه وتعالى سيستجيب دعاءك وسيرحمك، وسيعافيك وسيرزقك، والله سبحانه وتعالى يقول: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ" [الزمر:53] . والله الموفق.

نواقض الإيمان

ما الواجب تجاه من يسبّ الله؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 1/6/1422 السؤال ما حكم من سبّ الله؟ القضية أن شاباً يقول: إنّ هذا الرب الذي تعبدونه لا يفيد شيئاً، علماً أنه يقول هذا الكلام أمام مجموعة من الموظفين في العمل، ما الواجب علينا تجاه هذا الشخص؟ الجواب سبُّ الله لونٌ من ألوان الكفر، فمن يؤمن بالله ويؤمن بربوبيته وعظمته، وبأنه خالقه وخالق كل شيء لا يسبه إلا أن يكون في غايةٍ من الانسلاخ من العقل والدين. وإطلاق هذه العبارة، وهي ما ورد في السؤال: (أنّ هذا الرب الذي تعبدونه لا يفيد شيئاً) دالّّ على عدم الإيمان بوجود الله، وأنه إن كان موجوداً فإنه لا ينفع عابديه، فلا تجب عبادته، بل لا تليق عبادته؛ لأن من لا يفيد عابديه لا يحسن بالعاقل أن يعبده. ومثل هذا القول إنما يصحّ فيما يعبده المشركون من أصنام؛ حيث إنها لا تنفع عابديها، فلا تجلب لهم نفعاً ولا تدفع عنهم ضراً. فالحاصل: أن هذا القائل إن كان يدَّعي الإسلام فهو (مرتدّ) ، ويجب على من يسمعه أن ينكر عليه، ويغلظ عليه في الإنكار، ويرفع أمره لمن يقيم عليه حكم الردّة. وأقل ما يجب مع الإنكار عليه بالقول وبيان أنّ هذا ردَّة؛ وجوب مقاطعته وعدم مجالسته، وإن بُلي الإنسان به في مكان عملٍ، فيجب الإعراض عنه، وعدم التسليم عليه، وعدم تلقيه بشيء من البِشر، وعدم استقباله بأي كلمة تدل على الهوادة معه؛ ليستشعر حقيقة جرمه، وشناعة ما قال، وهذا أقلّ ما يفعله المسلم مع من لا يرجو لله وقاراً. نسأل الله السلامة والعافية، وأن يعيذنا من زيغ القلوب.

الفروق بين الشرك الأكبر والأصغر

الفروق بين الشرك الأكبر والأصغر المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 5/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: ما هي الضوابط العامة في التفريق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الشرك الأكبر صاحبه خالد مخلد في النار، وخارج عن دائرة الإسلام، والشرك الأصغر صاحبه لا يخرج عن دائرة الإسلام، ولكن الشرك الأصغر بعضه أكبر من الكبائر، وضابط الشرك الأكبر صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله، والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال كالصلاة والذبح، والنذر، "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ" [الأنعام:162-163] ، والشرك الأصغر كيسير الرياء، والحلف بغير الله، وتعليق التمائم والتولة، وقول القائل لولا فلان لوقع كذا، والعطف بالواو مثل: أنا بالله وبك وهكذا، وما شاء الله وشئت، وفي حالات يصبح الشرك الأصغر أكبر؛ كمن يحلف بغير الله خائفاً من المخلوق أكثر من الله، فلا يحلف بغير الله كاذباً، ويحلف بالله كاذباً، ومن علق تميمة يعتقد فيها النفع استقلالاً من دون الله فهذا أيضاً شرك أكبر، والله أعلم.

رمي الودع (التنبؤ بالغيب)

رمي الودع (التنبؤ بالغيب) المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 15/5/1424هـ السؤال هل يجوز مجالسة أشخاص يتسلون برمي الودع (التنبؤ بالغيب) ؟ عن طريق رمي بعض القواقع وغيرها مع العلم بأنهم لا يؤمنون بها، وأيضا لا أشاركهم فيها، إنما أجالسهم وأشاركهم الضحك؟ الجواب رمي الودع، أو الحجارة، أو الخط بالأرض، أو غيرها، من الطرائق التي يزعم وقوعها في مكان معين، أو إصابتها لهدف معين يدل على وقوع شيء في المستقبل من خير أو شر، كل ذلك من الكهانة المحرمة، وهي ضرب من ضروب الشرك، لأن علم الغيب من خصائص الربوبية وادعاؤه منازعة للرب في ذلك، يقول الله -تعالى-:"قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ" [النمل: من الآية65] ، وأما فعل ذلك على سبيل التسلية فلا معنى له بحال، فصاحبه إن سلم من الاعتقاد الشركي فهو على الأقل مشابهاً لأهله في الفعل الظاهر المحرم، والتشبه بأفعال الكافرين وأحوالهم محرم في الشريعة، ثم إن ذلك وسيلة متدرجة إلى التشكك في نتائجها المزعومة، وقد يصل إلى اعتقاده، والوسائل لها أحكام المقاصد، وبالتالي لا أرى لك مشاركتهم في هذه المجالس، قال -تعالى-:"وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً" [النساء:140] ، والذي أراه لك وفقك الله مناصحتهم والمساهمة في ملء وقتهم بما يفيدهم وينفعهم في دينهم ودنياهم، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاستغاثة بالأموات شرك أصغر أم أكبر

الاستغاثة بالأموات شرك أصغر أم أكبر المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 2/3/1424هـ السؤال هل يمكن أن تكون الاستغاثة بالأموات وطلب الدعاء منهم والنذر لغير الله من الشرك الأصغر؟ أم هي شرك أكبر على الإطلاق؟ وما هو الضابط في التمييز بين الشرك الأصغر والأكبر؟. الجواب

الحمد لله: الاستغاثة هي طلب الغوث برفع الشدة من نصر على عدو وتفريج كربة، أو جلب ما يضطر إليه العبد من ضرورياته، وذلك كله لا يجوز طلبه إلا من الله، فلا تجوز الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله، وأما الاستغاثة بالمخلوق الحي الحاضر فيما يقدر عليه فذلك جائز، والميت لا يقدر على شيء مما يطلب منه، فالاستغاثة به من فعل المشركين؛ لأن الاستغاثة به تتضمن طلب الحوائج منه شفاء، أو نصراً، أو رزقاً، أو ولداً، إذا كان الإنسان لا يولد له، وذلك شرك أكبر، وكذلك النذر، فالنذر يقصد منه التقرب من المنذور له، فالمسلم ينذر لله يريد التقرب إلى الله بما نذر، فإن كان طاعة وجب عليه الوفاء به، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" البخاري (6696) ، إذاً فالنذر للميت تقرباً إليه كما ينذر المسلم لله فذلك شرك أكبر، وأما الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر، فالشرك الأكبر هو اتخاذ المخلوق نداً لله في العبادة، كما قال سبحانه وتعالى: "فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون" [البقرة: 22] ، وقال: "ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله" [البقرة: 165] ، وقال - صلى الله عليه وسلم- لابن مسعود - رضي الله عنه- لما سأله: "أي الذنب أعظم، قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك" البخاري (4477) ، ومسلم (86) ، وأما الشرك الأصغر فهو ما يكون في الألفاظ كقول الرجل: ما شاء الله وشئت، وكالحلف بغير الله، ومنه ما يكون بالقلب كالرياء وكالاعتماد على الأسباب، فذلك كله من الشرك الأصغر، جنبنا الله الشرك كله صغيره وكبيره، والله أعلم.

الذبح في رجب لدفع أذى الجن

الذبح في رجب لدفع أذى الجن المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 06/07/1426هـ السؤال ما حكم من يذبح في شهر رجب من كل سنة بقصد دفع أذى الجن؟ ويدَّعي أنه يذبحها لله؟ علماً أنه إذا لم يذبح فإن الجن تؤذيه. الجواب الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وآله وصحبه، الذبح للجن من أنواع الشرك الأكبر، لأن الذبح لغير الله تعظيماً وتقرباً خوفاً أو رجاءً هو عبادة لغير الله، والذبح لله من التوحيد، كما قرن الله النسك والنحر بالصلاة في قوله: " قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" [الأنعام:162] ، وقال تعالى: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" [الكوثر:2] ، فهذا الذي يذبح للجن هو مشرك، وإن زعم أنه يذبح لله، فالعبرة بالمقاصد وبالنيات، فإذا كانت النية باطلة وسيئة لم تنفع الدعاوى الكاذبة، فالله سبحانه وتعالى يعلم السرائر، وإذا كان يذبح للجن لأنه إذا لم يذبح لهم يؤذونه فليس هذا بعذر، بل عليه أن يستعين بالله ويستعيذ به من شرهم، ولا يطيعهم؛ فإنهم يؤذونه من أجل أن يعبدهم ويتقرب إليهم، وقد كان أهل الجاهلية يستعيذون بالجن فيتسلطون عليهم من أجل أن يلجؤوا إليهم كما قال تعالى: "وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنس يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً" [الجن:6] قال بعض المفسرين: "فزادوهم رهقا"، أي: زاد الجن الإنس خوفاً وذعراً، وقال بعضهم: زاد الإنس الجن كبراً وطغياناً، فالواجب على هذا الذي يذبح للجن أن يتوب إلى الله وأن يخلص الدين لله وأن لا يذبح إلا لله، وإذا صح توحيده كفاه الله شر أعدائه من الجن والإنس، فعليه أن يتوكَّل على ربه ويعتصم به، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، والله أعلم.

وصف الله بالظلم

وصف الله بالظلم المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 16/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما ردكم على من يقول: (والعياذ بالله) إن الله ليس بعادل، إذ كيف يعذب الكافرين الذين نشأوا في بلاد الكفر على الكفر وماتوا عليه؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، له الحمد وله الملك وهو على كل شيء قدير، يفعل ما يشاء وهو الحكيم العليم، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لقد اقتضت حكمته - سبحانه وتعالى - أن يكون الخلق فريقين مؤمن وكافر، "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" [التغابن:2] ، ولو شاء سبحانه وتعالى لآمن من في الأرض كلهم جميعاً كما أخبر بذلك في قوله: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ" [يونس: 99-100] ، فمن آمن من الخلق فبمشيئته وفضله وحكمته، ومن كفر فبمشيئته وعدله وحكمته.

فإنه تعالى يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلاً، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلاً، ولكنه سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعدما تقوم عليه الحجة الرسالية، فمن بلغته دعوة الرسول – صلى الله عليه وسلم – ولم يؤمن به ومات على ذلك دخل النار، ومن لم تبلغه دعوة الرسول – صلى الله عليه وسلم – ومات على حاله فأمره إلى الله، يحكم الله فيه يوم القيامة بعدله، قال – سبحانه وتعالى -: "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" [الإسراء: من الآية:15] ، وكل من يدخل النار يعترف بأنه قد جاءه النذير ولم يؤمن به، كما قال سبحانه وتعالى: "تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ" [الملك:8-9] . وقال سبحانه وتعالى: "وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ" [الزمر:71] .

فمن ولد في الإسلام ونشأ على الإسلام ومات على الإسلام فذلك من فضل الله عليه، ومن ولد في الكفر ونشأ على الكفر وقامت عليه الحجة وأصر على كفره ومات على ذلك كان من أهل النار، ومن ولد في الكفر ونشأ على الكفر ولم تبلغه الحجة لم تبلغه دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكما تقدم؛ حكمه حكم أهل الفترة، فقد جاء في أحاديث عدة أن أهل الفترة والمجانين والصم والبكم يمتحنون يوم القيامة بما يكشف حقائقهم، فإما أن يكونوا مطيعين فيكونون من أهل الجنة، أو عاصين فيصيرون إلى النار، والواجب على العبد خصوصاً من منّ عليه بالإسلام أن لا ينظر إلى القدر بل يؤمن بالقدر، ويؤمن بأن مشيئة الله نافذة، ولكن عليه أن يعمل ويأخذ بالأسباب، كما يصنع مثل ذلك في طلب الرزق واتقاء الأخطار، وطلب منافع الدنيا، وهكذا أمر الآخرة مبني على الأسباب، فعلى العبد أن يأخذ بأسباب السعادة والنجاة، ويحذِّر من أسباب الشقاء والهلكة، نعوذ بالله من الكفر بالله، ومن سوء الخاتمة، ونعوذ به من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، والله أعلم.

ما يستوجب الكفر

ما يستوجب الكفر المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 23/4/1424هـ السؤال الجمهور يقول إن المرء يكفر بالقول والفعل، وإن لم يعلم بأنه كفر. والنووي يقول إنه لا يكفر إلا بما يعتقده أو يفعله عالماً بأنه يوجب الكفر. فنرجو توضيح هذا الإشكال ومتى يعذر المرء بالجهل؟ الجواب

الحمد لله، أصل الإيمان والإسلام تصديق القلب والإقرار بالشهادتين ظاهراً وباطناً، ومعنى هذا أن أصل الدين هو التوحيد والإقرار برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فكل ما ناقض واحداً من هذين الأصلين أو هما معاً فإنه كفر، ولو لم يعلم معتقده، أو قائله، أو فاعله أنه كفر، ما دام أنه يعلم تحريمه ومخالفته للشرع، فليس من شرط الحكم بالكفر على من ارتكبه أن يعلم أنه كفر، لكن الشرط أن يعلم أنه مخالف لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ونظير هذا أن من فعل كبيرة من كبائر الذنوب فإنه لا يعفيه من تبعة وعقوبة هذا الذنب أن يقول: لم أعلم أنها كبيرة، أو لم أعلم أنه تترتب عليها هذه العقوبة، وكل مسلم يعلم أن الاستهزاء بالقرآن أو الرسل - عليهم السلام - أنه حرام، فمن استهزأ بالله أو آياته أو رسوله - عليه الصلاة والسلام - فإنه كافر، ولو لم يعلم أن ذلك كفر، وكذا من سجد لصنم، فإنه يصير بذلك مشركاً، ولو لم يعلم أنه شرك مخرج من الملة، فلا يقبل منه أن يقول: ما ظننت أنه يصل إلى هذه الدرجة في التحريم، وأسباب الردة الاعتقادية والقولية والعملية كثيرة، فمن وقع في شيء منها عالماً عامداً كفر، لكن يعذر المكلف في الأسباب الظاهرة؛ كالأقوال والأفعال إذا أكره عليها، لقوله تعالى: "مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [النحل:106] ، وأما الاعتقادات الموجهة للكفر فلا يتصور الإكراه عليها، لأنه لا سلطان للبشر إلا على ما ظهر من الأقوال والأفعال، فالواجب الحذر من أسباب الكفر، وقانا الله منها وثبتنا على دينه إنه سميع الدعاء، والله أعلم.

الوليمة والذبح في الدار الجديدة

الوليمة والذبح في الدار الجديدة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 28/09/1425هـ السؤال السلام عليكم. لي منزل جديد، نويت أن أقوم بوليمة شكرًا لله، وأقوم بذبيحة، فأجبرتني العائلة على ذبحها داخل المنزل طردًا للجن والعين، فما رأي الشرع في هذا الصنيع؟ وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الذبح على اسم الله تبارك وتعالى عبادة وقربة لله، لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ) [الأنعام:162،163] . ونسكي: ذبحي. والذبح على اسم غير اسم الله كائنًا من كان شرك أكبر مخرج من الملة، وليس هناك مكان أفضل من مكان للذبح إلا ما ورد في الشرع كمكة- كرمها الله- والمشاعر المخصصة للهدي كمنى ومزدلفة وسائر الحرم. والله أعلم.

دفع مال للاستسقاء

دفع مال للاستسقاء المجيب د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 23/10/1424هـ السؤال أنا من منطقة عرفت بقلة العلماء، وأنا في حيرة من أمري في حكم دفع المال إلى من يدعي أنه يستسقي للناس، علماً أنه إذا دفع إليهم مالاً سقوا بإذن الله -عز وجل- وإذا لم يدفع لهم حصل الجدب وهلكت المواشي. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:

فإن الله وحده هو الذي يتولى إنزال الأمطار، كما قال تعالى: "وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ" [الشورى:28] ، وقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ" [لقمان: من الآية34] ، وقال تعالى: "وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ" [الأعراف: من الآية57] ، وحينئذ فمن رغب في نزول المطر فعليه بدعاء الله سبحانه، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم-، والله كريم يجيب دعاء الداعين قال سبحانه: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" [غافر: من الآية60] ، ومن أسباب إنزال الله المطر كثرة الاستغفار مع البعد عن المعاصي، فإن المصائب تقع بسبب ذنوب العباد كما قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ" [الشورى:30] ، ومن ظن أن أحداً من البشر يتمكن بنفسه من إنزال المطر فإنه على ضلالة، واعتقاده هذا شرك في توحيد الربوبية؛ لأن إنزال المطر من أفعال الله وتقع بأمره سبحانه، وحينئذ فصرف شيء من المال لهذا الشخص ليقوم بإنزال المطر يعد عبادة له من دون الله؛ لأنه يدفع المال على جهة التذلل والخضوع مع الرغبة والرهبة، فتكون عبادة صرفت لغير الله، وهذا من الشرك الأكبر المخرج من دين الإسلام، قال تعالى: "قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ" [الرعد: من الآية36] ، وقال سبحانه: "قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ" [الزمر:64] ، وكان الرسل عليهم السلام يدعون أقوامهم إلى أن لا يعبدوا إلا الله، وكونهم إذا دفع لهم الماء نزل المطر، وإذا

لم يدفع لهم المال حصل لهم الجدب، لا يدل على صحة فعلهم معه، بل هذا ابتلاء واختبار من الله ليعلم المؤمن الموحد الذي يتوجه إلى الله وحده ممن يكون مشركاً، ويدل على ذلك أن الدجال يأمر السماء أن تمطر فتمطر، ومع ذلك فهو دجال كذاب يدعو إلى نار جهنم ويجب تكذيبه، وحرص المرء على سلامة آخرته بالتزام العقيدة الصحيحة أولى من فائدة دنيوية موهومة يحصل بها ضياع الآخرة والخلود في نار جهنم، قال تعالى: "إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" [المائدة: من الآية72] . والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

هل تصح عبارة: (نحن أبناء الله، أو عيال الله) ؟

هل تصح عبارة: (نحن أبناء الله، أو عيال الله) ؟ المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 29/10/1424هـ السؤال صرَّح إمام مسجدنا لصحيفة البلد:"نحن نؤمن أن كلنا أبناء الله". تعالى الله عما قال، ذهبت أنا وأخ للإمام ظانين أن المحرر كتب ما لم يقل، ولكن فوجئنا أنه قالها مستدلاً بحديث:"الخلق عيال الله". ما صحة هذا الحديث؟ وما حكم التفوه بهذا القول؟ فحديثو العهد بالإسلام والراغبون بالتعرف على الإسلام سوف يأخذون عقيدة خاطئة بمجرد هذا اللفظ، وذكرنا له قوله تعالى في سورة المائدة (آية 18) فكان الرد أن أبناءه لا تعني أبناءه معتمداً على تفسير الطبري، وكذلك أبدى عدم قبوله بالتراجع عن هذا القول " نحن نؤمن أن كلنا أبناء الله ". أيضاً سمى اليهود والنصارى إخوة، هل يجوز ذلك مستدلاً بنية أنهم إخوة في الإنسانية؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فجواباً عن سؤال الأخ الذي ذكر أن أحد الناس يقول:"نحن نؤمن أننا كُلّنا أبناء الله"، محتجاً بحديث: " الخلق عيال الله "، ويسأل أيضاً عن قول القائل عن اليهود والنصارى: إنهم إخوة للمسلمين، يعني ما سمّاه بأخوة الإنسانية. أقول، وبالله التوفيق: أما العبارة المذكورة:"نحن نؤمن أننا كلنا أبناء الله". فهي عبارة باطلة لفظاً ومعنى، فلفظُها لفظٌ شنيع، يوهم معنى هو أبطل الباطل، ومعناها -بأيّ توجيه- لا يصح، بل هي دعوى كاذبة.

وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ يقول:"لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم" أخرجه البخاري (7320) ومسلم (2669) من حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه-، فهذه المقالة هي مقالة اليهود والنصارى التي كذَّبهم الله تعالى عليها، وردَّ عليهم لهذه الدعوى الباطلة منهم، فقال تعالى:"وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممّن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير" [المائدة: 18] . قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها (2/529) : " قال تعالى رادّاً على اليهود والنصارى في كذبهم وافترائهم " وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه " أي نحن المنتسبون إلى أنبيائه، وهم بنوه وله بهم عناية وهو يحبّنا " وفسَّر جمعٌ من السلف وأهل العلم قوله تعالى:" ألم تر إلى الذين يزكّون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثماً مبيناً" [النساء: 49-50] أن هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى، لمّا قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، فرد الله تعالى عليهم هذا الثناء منهم لأنفسهم، ثم وصف هذه المقالة منهم بأنها افتراء للكذب على الله، وأنه كفى بمثل هذا الكذب إثماً واضحاً عظيماً. وأما الحديث الذي احتجَّ به صاحب تلك المقالة، فهو حديث شديد الضعف، كما بين ذلك ابن عدي في الكامل (5/162) ، (6/341-342) ، (7/153-154) ، وابن حبان في المجروحين (2/238) ، والنووي في فتاويه (251) رقم (10) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (8/191) والألباني في السلسلة الضعيفة رقم (1900) .

على أن لفظ هذا الحديث –أيضاً- يختلف عن العبارة التي ذكرها ذلك القائل؛ لأن العيال في اللغة مأخوذةٌ من عال يعول، بمعنى قام بالكفاية والمؤونة، فمعنى: " الخلق عيال الله ": أي أن الله –تعالى- هو الذي يقوم بأرزاقهم وما يُصلح شأنهم. هذا هو معناها اللغوي، دون تأويل، وإن كان هذا المعنى قد يخفى على بعض الناس اليوم؛ لاستعمالهم لفظ العيال عُرفاً بمعنى الأبناء. وأمّا إطلاق القائل عن اليهود والنصارى بأنهم إخوة لنا في الإنسانية، فهي عبارةٌ خطيرةٌ تُخالف النصوص الكثيرة الصريحة في القرآن والسنة الدالة على البراءة من الكفار، كقوله تعالى " لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم " [المجادلة: 22] ، وقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" [المائدة: 51] . أضف إلى ذلك أن لفظ الأخوة إنما يُطلق في اللغة على أخوة النسب القريب (الأخوة الأشقاء أو لأب واحد أو أم واحدة) ، أو على الصديق والصاحب، وكل هذه لا تنطبق على اليهود والنصارى لمن لا يمتُّ لهم بقربى النسب (كأن يكون أحد أبويه يهودياً أو نصرانياً أو كلاهما) . ويطلق لفظ الإخوة في الشرع على أُخوّة الدين، كقوله تعالى: " إنما المؤمنون إخوة" [الحجرات: 10] ، وقوله –سبحانه-: " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين " [التوبة: 11] بل جاء الإسلام بإلغاء أخوة النسب التي تعني: النصرة والولاية مع اختلاف الدين، كما في الآية السابقة في سورة المجادلة، وكما في قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون " [التوبة: 23] .

وعلى هذا فلفظ الأُخوة (الشرعي) لا يجوز إطلاقه على اليهود والنصارى، ولا على جميع أصناف الكفار، ولا يصح إطلاقه عليهم لغةً أيضاً. ومَثَلُ هذا القائل: إن اليهود والنصارى إخواننا في الإنسانية، مَثَلُه مَثَل القائل: إن القرود والخنازير إخواننا في الحيوانية!!! فهل هذا يقوله أحد، أو يقبله أحد؟!! . والله الهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

التبرك بما يوضع على قبور الصالحين

التبرك بما يوضع على قبور الصالحين المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 26/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. هل بعض الناس الذين يقطعون من القماش الأخضر على قبور المشايخ والمؤمنين ويضعونها في معصمهم يجوز لهم هذا؟ وأيضا هناك شباب يضعون سلاسل من فضة أو ذهب في رقابهم فهل هذا مكروه أيضا؟. أرجو أن تفيدنا، وشكراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الذين يضعون القماش على القبور ثم يضعونها في أيديهم طلباً للبركة، فإنهم بذلك يقعون في الشرك، فطلب البركة من القبور والأماكن التي قد تكون مجالس لأحد الصالحين والجلوس فيها لطلب النفع هو الذي كان يفعله المشركون في اللات والعزى ونحوها. وقد روى الإمام أحمد (21390) والترمذي (2180) وغيرهما بأسانيد صحيحة عن أبي واقد الليثي - رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى حنين، فمررنا بسدرة وللمشركين سدرة ينوطون بها أسلحتهم، ويعفكون عندها، فقلنا يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال - صلى الله عليه وسلم-: "الله أكبر هذا كقول قوم موسى -عليه السلام-:"اجعل لنا إلها كما لهم آلهة" [الأعراف: 138] ومعنى سدرة: شجرة، والسدر شجر النبق يستظل به، ومعنى ينوطون بها: أسلحتهم يعلقونها لأجل البركة، ومعنى يعكفون عندها: يجلسون طلباً للبركة أيضاً.

شبهات في جواز دعاء الأموات

شبهات في جواز دعاء الأموات المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 22/10/1424هـ السؤال أرسل لي شخص رسالة للاستدلال على جواز دعاء الأموات، ولم أهتم في هذه الرسالة إلا لقصتين وردتا فيها: القصة الأولى حديث الرجل الأعمى الذي قال عنه بعض العلماء إنه صحيح وضعَّفه آخرون، وفي هذا الحديث أخبره النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو، وفي الدعاء يقول: "يا محمد إني أسألك ... "، أليس هذا من دعاء الغائب؟ فالنبي - صلى الله عليه وسلم- لم يخبره أن يعود إليه للدعاء، فالظاهر أنه دعا في غياب النبي - صلى الله عليه وسلم- ولماذا يقول في دعائه يا محمد؟. أرجو الإجابة على أساس أن الحديث صحيح، فلا يكفي لمقارعة الصوفيين أن نقول إن الحديث ضعيف، لا سيما وقد صححه كثير من كبار العلماء مثل ابن تيمية. والقصة الثانية: تتعلق بما ذكره ابن كثير في تفسيره للآية 64 من سورة النساء، حيث ذكر أن أعرابياً جاء إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وألقى بعض أبيات الشعر بطلب المغفرة من النبي- صلى الله عليه وسلم-، أليس هذا نوعاً من الشرك؟ لماذا أورد ابن كثير هذه القصة الفظيعة في تفسيره؟ وقد ذكر نفس القصة عند الحديث عن زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- في الفقه كثير من العلماء مثل ابن قدامة والنووي في الأذكار. فلماذا يورد العلماء مثل هذه القصة الفظيعة ويسكتون عنها؟. الجواب

أولا: لا يتجه العبد بالدعاء إلا إلى الله؛ لأنه لا يقدر على الإجابة إلا هو سبحانه، وليس أهلا للإجابة إلا هو، فليس ذلك من اختصاص أي مخلوق لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، فالله هو الذي يدعى وحده، وهو القادر على الإجابة وحده وله الأمر كله؛: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون" [النمل:62] ، فلا يدعى إلا هو سبحانه لا غائب ولا حاضر ولا حي، ولا ميت، ولذلك أمر العباد بدعائه وحده، كما في قوله سبحانه: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم" [غافر:60] ، وما أمرنا بدعاء غيره، وقال سبحانه: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" [الأعراف:180] ، وقال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة:186] . ثانياً: أما الحديث الذي ذكرته فما علمت ولا وجدت في كتب السنة التي بين يدي حديثاً بهذا اللفظ ولا بمعناه لا صحيحاً ولا ضعيفاً، ولا بد من إعادة النظر في نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- ونسبة قبوله إلى العلماء ابن تيمية أو غيره، أما إن كان المقصود الحديث الذي رواه الترمذي (3578) وصححه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- علم رجلاً أن يقول:"اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد يا نبي الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها اللهم شفعه في" فهو دعاء المسلم ربه متوسلاً به - صلى الله عليه وسلم- في حياته وحضوره، لا دعاؤه في مماته ومغيبه. ثالثاً: مقارعة أهل البدع لا تكون بالرأي المجرد والمناظرات البعيدة عن النص، خاصة من ينتسب إلى الإسلام ويقر بالقرآن والسنة فإنه يجب أن تكون الأدلة منهما في مقدمة الجواب على كل بدعة؛ لأنه لا علم لأحد بالحق إلا بالكتاب والسنة، لذلك بعث الله الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأنزل عليه القرآن - وإلا لا عبرة لأحد ولا لقوله بغير ذلك.

ثم كيف يستدل المبتدع أو المخالف بنصوص ينسبها إلى الشرع ثم يقول أنا أريد الجواب من غير ذلك، هذا تناقض يدل على الجهل وفساد المعتقد والله الهادي إلى سواء السبيل. أما القصة الثانية وهي: قوله "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم" [النساء:64] يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم- فيستغفرون الله عنده، ويسألوه أن يغفر لهم فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم ولهذا قال:"لوجدوا الله تواباً رحيماً" [النساء:64] ، وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي، قال كنت جالساً عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول:"ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر الله لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً"، وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول: فطاب من طيبهن القاع والأكم *** يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فيه العفاف وفيه الجود والكرم *** نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيناي فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- في النوم فقال: "يا عتبى الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له"، فلا نوافق ما تدل عليه من دعاء الميت والاستشفاع به بعد موته وفي غيابه، ولا ما تضمنته الرؤيا من أن الله غفر له بهذه الأبيات، وندعو الله أن يعفو عنا وعن ابن كثير - رحمه الله- وغيره ممن ذكرها، وليس لنا محاسبة هؤلاء الفضلاء الذين يجتهدون في ترغيب الناس في الإقبال على الله والتزام شرعه، وإن أخطأوا في اتخاذ الوسيلة الموصلة إلى ذلك، بل نأخذ ما وافق الشرع وندع ما خالفه، وقد أشار ابن كثير - رحمه الله- إلى أنها حكاية من الحكايات المنامية، ولم يبن عليها حكماً في التوسل أو الدعاء والله الهادي إلى سواء السبيل.

بيع الأحجار الكريمة لمن يصنع منها أصناما؟

بيع الأحجار الكريمة لمن يصنع منها أصناماً؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 17/05/1425هـ السؤال أنا من الصين (إيغور) ، في بلادنا تجار يشترون (اليشم اليشف) (الحجر الكريم) ، فيبيعونها إلى الكفار، فيصنعون منها الأصنام، يقولون -أي تجار اليشم-: لا يصنعون الأصنام من الكل، بل يصنعون من الكبار، ويصنع من سائره زينة للمرأة والدار, إنما يصنعون 60% تقريباً، فبدا لي أن أسألكم ما حكم هذه التجارة؟ -جزاكم الله خيراً-والسلام عليكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: بيع هذا الحجر للكفار الذين يصنعون منه الأصنام لا يجوز؛ لقوله -تعالى-: "ولا تعانوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] وليس هناك ذنب أعظم من الشرك، وقد كان كثير من الصحابة - رضي الله عنهم- يحرمون بيع العنب لمن يتخذه خمراً، وفتاويهم في ذلك مشهورة. ولا يجوز بيع هذا الحجر حتى لو كان يُصْنَع من بعضه أصنام، ومن بعضه الآخر زينةً للنساء؛ لأنه لا يمكن أن يميز بعضه عن بعض، أما إذا كان البائع يعلم أنه لزينة المرأة فقط لا يصنع منه أصنام فهنا يجوز، ولا حرج - إن شاء الله- والله أعلم.

طلب العون من غير الله تعالى

طلب العون من غير الله تعالى المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 4/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. عندي سؤال عن جواز طلب العون من غير الله من مثل الأنبياء والأولياء باعتبار كونه من الشرك، لقد سألت أحد المشايخ عن ذلك فأجابني بقوله: ليس من الشرك طلب العون من النبي - صلى الله عليه وسلم- أو الولي، ففي سورة الفاتحة أمرنا بشيئين: عبادة الله وحده، ثم طلب الاستعانة بالله، فليس هناك من يستحق العبادة إلا الله، ولكن بالنسبة للاستعانة فهناك استعانة حقيقية وأخرى مجازية فنحن نؤمن أن المعين الحقيقي هو الله، ولكن الاستعانة بالنبي والولي هي استعانة مجازية، وهم يعينوننا بعون من الله. ما هي وجهة نظركم فيما ذكره هذا الشيخ؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب

الحمد لله، قال الله – عز وجل-: "إياك نعبد وإياك نستعين" أي: لا نعبد غيرك ولا نستعين بغيرك، وقال – صلى الله عليه وسلم- لابن عباس – رضي الله عنهما-: "إذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ... " الترمذي (2516) ، وأحمد (2664) ، وقال الترمذي حسن صحيح، والأمور التي يطلب العون فيها نوعان منها ما لا يقدر عليه إلا الله فهذا لا تجوز الاستعانة فيه إلا بالله كمغفرة الذنوب، والنجاة من النار، والتوفيق للإيمان، وصلاح الأولاد، وتيسير الأمور، ومنها ما يقدر عليه المخلوق، كإعانة الإنسان في حمله على دابته، أو حمل متاعه عليها كما في الحديث: "وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه ... الحديث" البخاري (2707) ، ومسلم (8009) ، وكدلالة الإنسان على الطريق، ومن ذلك التعاون على البر والتقوى، ويدخل في ذلك التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر. والنبي والولي هما من البشر، فهما في الحياة يقدران على بعض الأمور، يقدران على الجهاد وعلى نصر المظلوم، والدعاء للمؤمنين عموماً وخصوصاً فتجوز الاستعانة بهم في مثل هذه الأمور ما داموا في الحياة وأما بعد الموت فإنهم لا يقدرون على شيء من ذلك، فلا يجوز طلب الدعاء منهم، ولا طلب قضاء الحوائج، فلا يقدرون على نصر مظلوم، ولا على جهاد عدو، ولهذا عدل الصحابة – رضي الله عنهم- بعد موت النبي – صلى الله عليه وسلم- إلى الاستسقاء بالعباس – رضي الله عنه-، فكانوا في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم- يستسقون به كما قال عمر – رضي الله عنه-: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا – صلى الله عليه وسلم- فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون"، ولم يكن أحد من الصحابة – رضي الله عنهم- يأتي إلى قبر النبي – صلى الله عليه وسلم- يسأله الدعاء أو حاجة من الحوائج.

فقول هذا الشيخ إن الاستعانة نوعان: حقيقية ومجازية، وأن الاستعانة بالأنبياء بعد موتهم استعانة مجازية، قوله هذا باطل لأنه يتضمن جواز الاستعانة بالنبي والولي بعد موتهما، وهذا هو عمل المشركين الذين يدعون الملائكة والأنبياء والصالحين، ويطلبون منهم قضاء الحوائج، فهذا الشيخ شيخ ضلالة فيجب الحذر من الاغترار بأقواله وتمويهه، حيث زعم أن الاستعانة نوعان: حقيقة ومجازية، والصواب أن الاستعانة بالله حقيقية، والاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه استعانة حقيقية، ولكن إعانة المخلوق للمخلوق ما هي إلا سبب من الأسباب فلا يتم بها المراد إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى فيجب الفرق بين حق الله وحق المخلوق، وقدرة الله، وقدرة المخلوق، فالله على كل شيء قدير، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأما المخلوق فقدرته محدودة، فقد يشاء ما لا يكون وقد يكون ما لا يشاء، فالأمر كله لله، والملك بيده، والخير بيده، وهو الذي يعطي ويمنع لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع. والله أعلم.

الذبح في المقابر

الذبح في المقابر المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الشرك الأكبر التاريخ 16/05/1425هـ السؤال هل يجوز الذبح في المقابر بحجة صلة الميت؟ وهل يعتبر شركاً؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: لا يجوز الذبح في المقابر بأي حجة، وإذا ذبح على اسم الميت للتقرب إليه فذلك شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام؛ لقوله تعالى: "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له" [الأنعام: 162-163] ، وإذا لم يكن بهذه الصفة فهو وسيلة إلى الشرك، فلا يجوز. والله أعلم.

طاعة ولي الأمر

طاعة ولي الأمر المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله التاريخ 20/3/1423 السؤال هل رئيس الجمهورية له حق الطاعة بالرغم أنه لا يعمل بشريعة الإسلام؟ وما العمل إذاً للعودة بالعمل بها؟ أرجو رد فضيلتكم؛ لأن هذا الموضوع قد أثار جدلاً وخلافات بين جميع طلاب الجامعة عندنا. الجواب كل رئيس أو حاكم لا يحكم بشريعة الله فهو كافر؛ لقوله -تعالى-: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة:44] ، وقوله: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء:65] ، وليس لمن هذه حاله ولاية شرعية على مسلم "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" [النساء:141] ، هذا جواب مجمل لشخص غير معين. أما إذا أريد تطبيق هذا الحكم على شخص بعينه يحكم بغير ما أنزل الله ففي الأمر تفصيل لا يخلو من ثلاث حالات، هي: 1-إذا كان يحكم بغير ما أنزل الله من القوانين الوضعية وهو يعلم حكم الله في مسألة أو مسائل، ويرى أن الحكم فيها بما أنزل الله لا يصلح لهذا الزمان فهو كافر كفراً أكبر ينقله عن الملة وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم؛ لأن لسان حاله أو مقاله رد لحكم الله، وقد نصب نفسه مشرعاً معه -سبحانه-. 2-وإن حكم بغير ما أنزل الله في أمر ما وهو يعلم حكم الله، ويرى أن حكم الله وحكم غيره من المتبعين للطاغوت سواء وهو بالخيار له الأخذ بأحدهما مما يراه ينفع نفسه أو ينفع الناس في زعمه، فهو كافر كفراً أكبر كالذي قبله تماماً.

3-إن حكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن حكم الله أصلح للخلق في دينهم ودنياهم، وإنما حكم بخلافه متأولاً، أو مجبراً، أو مكرهاً، أو لشهوة عنده فمن هذه حاله لا يكفر كفراً ينقله عن ملة الإسلام وهو مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب وهذا الذي يسميه العلماء كفراً دون كفر. والصنفان –الأول والثاني- لا يجوز للمسلمين أن يقبلوا ولايتهم بحال، وهم آثمون بذلك. أما الصنف الثالث فواجب المسلمين نصحهم وتوجيههم والإنكار عليهم، وإن استطاع المسلمون عزلهم وتعيين من هو أصلح منهم جاز لهم ذلك بشرط أمن الفتنة من سفك دماء، أو انتهاك أعراض، أو إهدار أموال، وإذا لم يكن تولية حاكم أصلح من هذا فيجب أن يسمع له ويطاع ما لم يأمر بمعصية الله؛ لحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب في الصحيحين (البخاري (2955) ومسلم (1839)) : "السمع والطاعة على المرء فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة". وينبغي التنبيه إلى أن كلاً من المشرع –الواضع- للقوانين الوضعية، والمدافع –المحامي- عنها هما والحاكم بها سواء بسواء، بل إن المشرع والمدافع عنها بالباطل أعظم جرماً وكفراً من الحاكم بها.

وحديث عبد الله بن عمر أصل من أصول الحكم حدد فيه الرسول –صلى الله عليه وسلم- سلطة الحاكم على المحكوم، وحفظ للمحكومين دينهم وعزتهم أمام الحاكم وغيره، والمراد بالمعصية في الحديث، هي: المعصية الصريحة الواضحة المنصوص عليها في الكتاب أو السنة، وليست المعصية –المختلف فيها- التي يتأولها الآمر أو المأمور ويتحايل كل منهما ليبرر معصيته، وكثير من الحكومات اليوم –التي تحكم بالقوانين الوضعية- تأمر شعوبهاً أفراداً أو جماعات بأعمال تسير بها حياة الناس كوضع أنظمة للمرور وقوانين السفر والتجارة والصناعة ... إلخ، مما فيه مصلحة ولا يخالف نصاً صريحاً في القرآن أو السنة، وتلزم بها الناس وتعاقب من يخالفها أو يخرج عليها بعقوبات مالية أو بدنية، ففي مثل هذه الحال يجب على الناس السمع والطاعة؛ لأنهم لم يؤمروا حينئذ بمعصية وإنما أمروا بطاعة، ولكننا -مع الأسف- نجد كثيراً من الناس ومن الشباب خاصة لا يطيعون فيما أمروا به في هذا إذا لم يوافق هواهم أو رغبتهم، بل إن بعض الناس يجتهد في التقصير في أداء ما أمر به بالخروج على هذه النظم قربة إلى الله –سبحانه-! وهذا فهم سقيم وتأول فاسد ترده النصوص الشرعية كحديث عبد الله بن عمر هذا، وحديث عبادة بن الصامت في الصحيحين (البخاري (7199) ومسلم (1709)) : "بايعنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وأثرة علينا ما لم نؤمر بمعصية فإذا أمرنا بمعصية فلا سمع ولا طاعة"، ومعناه: أن الصحابة بايعوا رسول الله أن يسمعوا ويطيعوا لمن سيتولى أمرهم على مر الزمان وجميع الأحوال من قوة، أو ضعف، أو محبة، أو كراهية، أو جور، أو عدل ما لم يؤمروا بمعصية واضحة وصريحة، فهذه النصوص النبوية وأمثالها ترد هذه التأولات والتخرصات، ثم لو أخذ بها لسادت المجتمع الفوضى، وانتشر فيه الظلم والتعدي بين الناس، وانتهكت فيه الأعراض، وسلبت فيه الأموال....إلخ.

وحين نقول: يجب أن يسمع ويطاع لمثل هذا الحاكم الآمر، لا يعني أنه عادل في حكمه هذا، بل قد يكون ظالماً متعدياً، كما يحتمل أن يكون المحكوم -المأمور- ظالماً أو مظلوماً، والظلم من كل أحد وعلى كل أحد حرام: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماًَ فلا تظالموا" مسلم (2577) ولكنه حرام على الآمر فقط، أما المأمور فيجب عليه التنفيذ حيث لم يؤمر بمعصية، ثم إن الظلم في مثل هذه الأمور المتأولة أمر تقديري تختلف فيه الأنظار والآراء والغالب أن المأمور ينظر لنفسه ويحكم لها؛ لأنه ربما يرى أنه مهان فمن النادر أن يكون تقديره للظلم الواقع عليه صواباً. ومما يلاحظ في عامة النصوص التي تأمر بالسمع والطاعة في غير معصية أنها لم تذكر أو تقيد صفة هذا الآمر هل هو كافر صريح، أم متأول، أم مسلم ظالم، أم فاسق، فقد يأمر الحاكم الكافر الصريح في كفره بعض المسلمين بأمر ليس فيه معصية لله، كما هو الحال في الأقليات المسلمة في ديار الغرب، حيث يطالب المسلمون بالتقيد بأنظمة وقوانين تلك البلاد الكافرة، وقل مثل ذلك في كثير من المسلمين في البلاد العربية والإسلامية التي تحكم حكوماتها بالقوانين الوضعية، مع الحكم بالشريعة في الأحوال الشخصية مثلاً المسلمون وإن لم يكونوا أقلية في ديارهم لكنهم مضيق عليهم فلا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر، بل ربما منعوا من رفع دعواهم إلى المحاكم لرفع الأذى والظلم عنهم، فحال الأقليات المسلمة في ديار الغرب وحال المسلمين المستضعفين في ديارهم سواء بسواء، فواجب الجميع السمع والانقياد إذا أمروا بطاعة، ويجب عليهم الإنكار أو الامتناع والرفض إذا أمروا بمعصية. وأخيراً أنصح السائل وإخوانه بالابتعاد عن الخلاف والجدل فيما لا طائل تحته ولا ينتج ثمرة، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. آمين.

الحكم بالقوانين الوضعية

الحكم بالقوانين الوضعية المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله التاريخ 24/12/1424هـ السؤال هل هناك فرق في الحكم بين الحاكم بالدستور الوضعي كالقضاة والحكام وبين المشرع للقوانين المخالفة للشريعة؟ هل يكفي سن قانون واحد مخالف للشريعة أو الحكم به في القضاء أو الاقتصاد أو السياسة الخ ... للحكم بخروج المشرع أو الحاكم من الإسلام؟ وهل يخرج النظام المبني أصلاً على الشريعة من كونه نظاماً إسلامياً له السمع والطاعة بسبب هذا القانون، أم أن شرعيته تبقى رغم ما فعله المشرّع أو الحاكم؟ كيف نترجم عملياً الكفر بالدساتير الوضعية والمشرعين لها والحاكمين بها، هل يجب التصريح اللساني بذلك أم أن الكفر القلبي بهم يكفي لتطبيق الآية: "فمن يكفر بالطاغوت.." الآية خاصة إذا علم ما سيؤدي إليه التصريح بالبراءة منهم من الضرر؟ ومتى يجب التغيير بالخروج؟ الجواب الحكم بغير ما أنزل الله كفر، كما هو صريح القرآن الكريم قال الله -تعالى-: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة: 44] وقال -تعالى-:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما" [النساء: 65] وقال -تعالى-: "أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون" [المائدة: 50] وكل من حكم بغير ما أنزل الله فحكم الجاهلية. ولكن هذا الكفر يختلف باختلاف حال الحاكم، فإن كان هذا الحاكم ممن يحكم بالشريعة في سائر أحكامه، ملتزم بالحكم بما أنزل الله إلا أنه في قضية معينة ولغرض معين حكم فيها بغير ما أنزل الله مع علمه بحكم الله -تعالى- فيها، واعتقاده بعدم جواز فعله ذلك فهذا كفر أصغر من كبائر الذنوب.

أما حالات تشريع القوانين المخالفة لحكم الله ورسوله والالتزام بها وإلزام الناس بالتحاكم إليها فهذا تبديل لشرع الله وتغيير لأحكامه، وهذا كفر أكبر لا شك في ذلك. والحكم يشمل من سنّ تلك القوانين "المشرّع" ومن حكم بها، ومن ألزم الناس بالتحاكم إليها ومن رضي بالتحاكم إليها. أما الذي يحكم بالشريعة في مجمل أحكامه لكنه يحكم في بعضها بالقوانين المخالفة لشرع الله -تعالى- فهذا حال المنافقين الذين قال الله -تعالى- عنهم: "وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون" [النور: 48-51] . أما موقف المسلم من القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية فهو رفضها وإنكارها والتحذير من الحكم بها أو التحاكم إليها، والسعي بقدر المستطاع لإيجاد المحاكم الشرعية التي تحكم بين عباد الله بما أنزل الله. وإذا كان بين مسلميْن خصومة في بلد لا توجد فيه محاكم شرعية، فعليهما أن يصطلحا بينهما، أو يختارا عالماً شرعياً يحتكمان إليه ويرضيان بحكمه. وإن أُجبر المسلم بالتحاكم إليها كأن يكون هو المدعى عليه فالضرورة لها أحكامها. بقي أن نشير إلى أن الآية المذكورة ليست خاصة في الحاكم بغير ما أنزل الله، وإن كان من رؤوس الطواغيت، وإنما تشمل نفي الإلهية عما سوى الله، فالآية:"فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله" [البقرة: 256] هي تفسير كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) ومعناها البراءة من كل معبود سوى الله، وإثبات العبادة لله وحده. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحكم بغير ما أنزل الله

الحكم بغير ما أنزل الله المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله التاريخ 26/11/1422 السؤال استناداً إلى الآية الكريمة التي تقول (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ما هو موقف الشرع في الحاكم المسلم الذي لا يحكم شرع الله؟ أفيدونا، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحكم بغير ما أنزل الله فيه تفصيل، فمنه ما هو كفر أكبر وهذا هو الأصل، ومنه ما هو دون ذلك من كفر المعصية ونحو ذلك، والآية الكريمة عامة تشمل هذا وذاك. أما الحاكم المسلم الذي لا يحكم بشرع الله (وهو الذي يوجه إليه السؤال) : فإنه إن حكم بغير ما أنزل الله معرضاً عن دين الله عمداً من غير تأويل ولا إكراه، ولا نحوه من العوارض العاذرة فهو كافر كفراً أكبر -نسأل الله العافية-. أما إن حكم بغير ما أنزل الله عن جهل، أو إكراه، أو تأويل، أو نحو ذلك من العوارض فهو مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، وكفره كفر غير مخرج من الملة وهو ما يسمى بالكفر الأصغر، أو كفر دون كفر على نحو وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- النياحة والطعن بالأنساب بأنها كفر، ومعلوم أنها لا تخرج من الملة، بل هي من كبائر الذنوب، والله أعلم.

الفرق بين الأنظمة الإدارية والقوانين الوضعية

الفرق بين الأنظمة الإدارية والقوانين الوضعية المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله التاريخ 25/7/1424هـ السؤال ما هو الضابط للتفريق بين الأنظمة الإدارية وبين الأنظمة التي تعد من باب تحكيم القانون الوضعي؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فلا شك أن هذه المسألة من المسائل التي قال فيها ابن القيم - رحمه الله -: (هذا موضع مزلة أقدام، ومضلة أفهام، وهو مقام ضنك، ومعترك صعب، فرط فيه طائفة فعطلوا الحدود وضيعوا الحقوق، وجرؤوا أهل الفجور على الفساد، وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد محتاجة إلى غيرها، وسدوا على أنفسهم طرق صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له، وأفرطت طائفة أخرى قابلة هذه الطائفة فسوقت من ذلك ما ينافي حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - الطرق الحكمية ص 13 - 14، وقال: (وكلا الطائفتين أبانت عن تقصيرها في معرفة ما بعث الله به رسوله - عليه السلام - وأنزل به كتابه، وأنا أقول فيها برأيي وما أراه الحق فإن كان صواباً فالحمد لله وإن كان خطأ فأستغفر الله، والله تعالى بريء من ذلك ورسوله - عليه السلام - ودينه وشرعه. وأقول التشريع الإلهي اسم ينتظم كل ما شرع الله من العقائد والأعمال في كتابه العزيز، أو في سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم نصاً أو دلالة) .

وهذا شامل لكل ما العباد بحاجة إليه في شؤون حياتهم الدينية والدنيوية من حفظ الدين والنفس والنسل والعقل والمال، كما قال تعالى: "ما فرطنا في الكتاب من شيء" [الأنعام: 38] وهذا التشريع بهذا المعنى هو خالص من الله تعالى لا يجوز أن ينازع فيه ولا يقتصر على موضوع دون آخر فإن الله تعالى قد أراد أن تكون شريعته هي المهيمنة، وأن لا يخرج عنها البشر في اجتهاداتهم أو تدابيرهم أو تنظيماتهم، وهي بهذا المعنى ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان، ولا يعني هذا أن تنطق النصوص الشرعية بكل شيء، بل الشرط أن لا تخالف، فإن خولفت على سبيل الاستقلال عنها المضاهي لها كان ذلك تشريعاً وضعياً اعتدى صاحبه على حق الله تعالى، والتنظيمات الإدارية وهي ما يسمى عند المتقدمين بالتراتيب الإدارية والأحكام السلطانية والسياسية الشرعية فهي الإجراءات التنفيذية والاجتهادات البشرية لتحقيق تنفيذ التشريعات الإلهية والمصالح الشرعية، فالتشريع لله بهذا المعنى ملزم لا يجوز به الاجتهاد ولا يسوغ فيه الخلاف بخلاف التنظيمات الإدارية فهي خاضعة للاجتهاد البشري المتغير والخلاف، والتغيير فيها سائغ حسب الزمان والمكان والحال، وهذه التنظيمات تأخذ الصبغة الشرعية من حيث إنها لا تكون إلا فيما أباح الله تعالى وسكت عنه، وفوض البشر للاجتهاد لتحقيقه، وأنها لا تخالف ولا تضاهي التشريع الإلهي في أي صورة من صور المضاهاة والمخالفات، وعليه فحكمها أن ما كان منها محقق لما دل عليه الشرع وإن لم ينطق به وغير مخالفٍ له فهذا يعمل به، وما كان منها مخالف للشرع فهذا لا يجوز العمل به ولا تسويغه. والله أعلم.

اليمين الدستوري

اليمين الدستوري المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله التاريخ 11/6/1424هـ السؤال يا شيخ بارك الله فيك نحن طلبة علم ونسألك ما حكم رجل يجلس أمام حاكم يحكم بغير ما أنزل الله، ويضع هذا الرجل المصحف بين يديه، والدستور (الذي يحكم بغير الشرع) أمامه ثم يقول العبارة التالية: (أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن والأمير، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق ... ) ؟ وقد قال هذا القسم مختاراً من غير إكراه ولا جهل معتبر ولا تأويل سائغ، ويقول هذا القسم أمام الملأ: والسؤال هنا هل هذا المقسم مؤمن بالطاغوت كافراً بالله أم كافر بالطاغوت مؤمناً بالله، ظاهر؟ إذ لا شأن لنا بما يعتقده في قلبه، وما حكم من يرضى بهذا القسم ولم يقسم؟ وجزاك الله خيراً ونسأل الله أن ينفع بكم الأمة. الجواب إذا أريد الحكم الشرعي على حاكم معين لا يحكم بشرع الله فيجب أن يعلم حالة ذلك الحاكم من حيث الإيمان بشرع الله أو ضده، ولهذا لا تخلو حال الحاكم بغير ما أنزل الله من ثلاث حالات: الأول: أن يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعلم حكم الله في هذه المسألة المعينة، ويرى أن حكم الله لا يصلح لهذا الزمان فهذا كافر كفراً أكبر ينقله عن ملة الإسلام. الثانية: إذا حكم الحاكم بغير ما أنزل وهو يعلم حكم، الله ويرى أن حكمه سبحانه وحكم غيره من القوانين البشرية سواء، وله أو لغيره أن يختار أي الحكمين فهو كافر كالذي قبله سواء بسواء.

الثالثة: إذا حكم الحاكم بغير ما أنزل، وهو يعتقد أن حكم الله هو أصلح للعباد في دينهم ودنياهم، وإنما حكم بالقانون الوضعي لجهله بحكمه، أو لتأوله بأنه لا يخالف الشرع لشهوة شخصية ففعله هذا كبيرة من كبائر الذنوب، وهو معصية تقرب من الشرك ولكن لا يكفر بها، وهي عند أهل العلم،: كفر دون كفر، وهذا النوع الثالث عليه أكثر حكام المسلمين اليوم، ومعلوم في القواعد الشرعية المقررة: أن المؤاخذة والتأثيم لا تكون بمجرد المخالفة ولكن بتحقق القصد إليها، فالمتأول في حقيقة الأمر مخطئ غير متعمد للمخالفة، بل هو يعتقد أنه على حق وموافق لشرع الله قال تعالى: "وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ" [الأحزاب: من الآية5] ، وهذا عام في كل خطأ وقد ثبت في صحيح مسلم أنه لما نزل قوله تعالى: "رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" [البقرة: من الآية286] ، قال الله: قد فعلت وأيضاً إن هذا النوع من الحكام يغلب عليهم الجهل بالإسلام وأحكامه، وتعلق بقلوبهم الشبهة تلو الشبهة، فتراه إن دافع عن فعله المنكر دافع بشبهة أو شهوة، وحاله غير مكذّب لقول الله وليس مستحلاً لمخالفة أمره سبحانه فهذا وأمثاله إن أطلق عليه وصف الكفر مراعاة لظاهر النص في القرآن "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة: 44] ، فلا تجرى عليه أحكام الكفار في الدنيا من عدم التوارث أو الصلاة عليه أو الدفن في مقابر المسلمين أو الدعاء له بعد الوفاة ونحوه، ولهذا لابد من التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين، فالإمام أحمد وغيره من علماء السلف رحمهم الله لم يكفروا كل من دعا إلى القول بخلق القرآن، مع إطلاقهم أن القول بخلق القرآن كفر، ولهذا قال علماء السلف: إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع،

وقال ابن تيمية في رده على البكري ص: 260 (كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله فوق العرش لما وقعت محنتهم: أنا لو وافقتكم كنت كافراً لأني أعلم أن قولكم كفر وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال وكان هذا خطاباً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم وأصل جهلهم شبهات عقلية حصلت لرؤوسهم في قصور معرفة المنقول الصحيح والمعقول الصريح الموافق له) أ. هـ، وبناء على هذا نقول شبهات هؤلاء الحكام في هذا العصر هي شبهات أولئك الأمراء والقضاة في السابق، والحجة الشرعية لا تقوم على المخالف عامة في الاعتقاد أو غيره، بمجرد بلوغه الدليل بل لابد مع ذلك من فهم تلك الحجة جيداً بمعرفة لوازمها إثباتاً ونفياً، وأظهر دليل على هذا حكم الله في المنافقين بأن يعاملوا معاملة المسلمين في الدنيا، وإن كانوا في الآخرة من أهل الجحيم؛ كما أخبر الله "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا" [النساء:145] ، ولقد حدثنا الله عن المنافقين الذين صرح الله بكفرهم في كتابه وقد عاملهم رسوله – صلى الله عليه وسلم – معاملة المسلمين لقيامهم بشعائر الإسلام في الظاهر وإن أسروا خلافها؛ قال الله تعالى: "وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ" [التوبة: 65-66] ، فحكام المسلمين اليوم الذين يؤدون شعائر الإسلام الظاهرة، وفي نفس الوقت يحكمون القوانين الوضعية حكمهم حكم المنافقين في الدنيا، وهذا موافق لمذهب السلف بعدم تكفير المسلم المعين إلا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع.

وسؤال السائل عن حكم المقسم بهذا القسم المنصوص في السؤال هل هذا المقسم مؤمن بالطاغوت كافر بالله أو هو كافر بالله مؤمن بالطاغوت؟ مبني على حكم ذلك الأمير الذي يحكم بالقانون الوضعي المخالف لشرع الله هل هو كافر كفراً أكبر أو كفرا أصغر أي كفر دون كفر كما يقول ابن عباس - رضي الله عنهما -، ولهذا أطلت في الأول (الحاكم) لأنه أساس الثاني (مؤدي القسم) ، والراضي بهذا الحكم الوضعي يأخذ حكم الحاكم، والمقسم تبعاً لذلك حسب التفصيل السابق، والناظر لصيغة السؤال يظهر منه أن السائل مستشرف ومتشوق للحكم بالكفر على هذا القسم ولكل من يقسم به، والأولى على هذا أن جملة في آخر السؤال هي: "ولا شأن لنا بما يعتقده قلبه" ثم ألفاظ القسم أكثرها صحيح لا شيء فيه مثل أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن والأمير.. وأذود عن الشعب وأمواله وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق) ، ولم يبق من ألفاظه المحتملة غير احترام الدستور وقوانين الدولة وحريات الشعب) فالدستور وقوانينه وحماية الحريات للشعب يحتمل أن تكون موافقة للشرع ويحتمل أن تكون مخالفة له، فإن كانت موافقة فالحمد لله وإن كانت غير موافقة فينظر هل قبول الحاكم (الأمير) لها وإلزام الناس بها عن معرفة لمخالفتها لشرع الله أم الأخذ بها وتبنيها نتيجة تأويل لديه أو شهوة عنده؟ إن كان الأمر هكذا فيقال أيضاً إن هذا الحكم ليس كفراً، ولا الحاكم به أو المقسم عليه طاغوتاً وإنما هو مخطئ متأول لم تبلغه الحجة عن فهم وبصيرة.

وأخيراً أحذركم من التسرع في إصدار الأحكام على الناس حكاماً أو محكومين تمسكاً بظواهر النصوص دون فقه وتدبر، فإن هذا فتنة للمتكلم والسامع "والفتنة أكبر من القتل" [البقرة: 217] كما قال الله سبحانه، وأوصيكم ونفسي بالتزام طريقة السلف في الحكم على المخالف، وكما في حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه - في البخاري (4269) ، ومسلم (96) لما أهوى بالسيف إلى مشرك ليقتله تلفظ المشرك بقول: "لا إله إلا الله" فقتله أسامة - رضي الله عنه - متأولاً بأنه لم يقل كلمة التوحيد إلا تعوذاً من السيف فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - معاتباً: "أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله فكيف يا أسامة بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاجك عند الله"؟ ومثل هذا يقال بتكفير الحاكم بغير ما أنزل الله، وهو يشهد كلمة التوحيد ويؤدي شعائر الإسلام الظاهرة فكيف بمن يكفره وهو يعلم أنه متأول أو جاهل بالحكم ولم يقم أحد بمناقشته وإقامة الحجة عليه؟! فكيف إذا جاءت كلمة التوحيد وشعائر الإسلام الظاهرة كلها تحاج لصاحبها عند الله يوم القيامة؟! وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

تحاكم المسلم على القانون البريطاني

تحاكم المسلم على القانون البريطاني المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله التاريخ 24/09/1425هـ السؤال إخوتي الكرام: أفيدكم بأنني أعمل في إحدى الشركات، وقد بدأنا التفاوض مع إحدى الشركات العالمية الكبرى لتقديم خدمات فنية لنا لمدة سنتين تقريبا، وبمبلغ مليون ونصف، وعند المراجعة أصرُّوا على أن يكون التحاكم عند الاختلاف إلى القانون البريطاني، ووقعت هذه الاتفاقية، ولقد تم العمل بالاتفاقية الآن، ولكني سمعت أحد المشايخ يقول إن هذا من مبدأ التحاكم إلى غير الله، والله لقد أثرت علي كثيرًا، وأنا مهموم لذلك، وأنا الآن أريد منكم أن تدلوني على حكم ما قمت به، وكيف التعامل مع مثله في المستقبل؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب

التحاكم ابتداء إلى القوانين الوضعية الكافرة لا يجوز للمسلم الإقدام عليه بحال، لأنه حكم بغير ما أنزل أو رضا به والله يقول: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [المائدة: من الآية45] . (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: من الآية44] . (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [المائدة: من الآية47] . ويقول سبحانه: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء:65] . فالتنازع عند الاختلاف لا يجوز أن يكون إلا إلى شرع الله سبحانه، وإذا كنت أبرمت العقد مع الشركة الأجنبية جهلاً منك بالحكم الشرعي فعليك التوبة من ذلك وعفا الله عما سلف، ولا يجوز لك أن تعود إلى مثله أبدًا، سواء في الشركة التي تعمل بها أو في شركات أخرى كسابك أو غيرها، ويلزمكم الوفاء بالعقد مدة سريانه لوجود الجهل بالحكم عند العقد وتحقق الضرر لو نقض، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة: من الآية1] . ويقول: (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [التوبة: من الآية4] . وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: إن مَقاطِعَ الحقوقِ عندَ الشروطِ. رواه البخاري تعليقًا (كتاب الشروط، باب: الشروط في المهر عند عقد النكاح) . فالوفاء بالشروط والعقود يشمل ما كان بين المسلمين بعضهم مع بعض، أو مع الكفار، ثم إن التحاكم إلى القانون البريطاني في هذه المسألة، أمر مظنون وغير مؤكد، حيث من المحتمل ألا يقع خلاف بين الشركتين، وإذا كان لم يحصل تحاكم أصلاً، وهذه جمل مبررات بقاء العقد إلى مدته وعدم نقضه، أما مبدأ التحاكم إلى

القانون الوضعي وقبوله والرضا به فقد سبق بيانه. والله أعلم.

تحاكم المسلمين إلى المحاكم الوضعية

تحاكم المسلمين إلى المحاكم الوضعية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله التاريخ 05/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا إمام مسجد في إحدى البلاد الغربية، وقد سألني بعض الإخوة عن حكم رفع الخصومات إلى محاكم الكفار الطاغوتية، فنقلت الفتوى بجواز ذلك إذ لا يمكن استرجاع الحق إلا به، مما أدى إلى إثارة الفتنة؛ لأن البعض هنا يرى أنه لا يجوز ويخرج من الملة على كل حال، أفيدونا جزاكم الله خيراً بأدلة وتفصيل، وإشارة إلى المراجع والمصادر حتى نطفئ نيران الفتنة. والسلام عليكم. الجواب إذا كانت الخصومة والخلاف بين المسلمين في بلاد لا تحكم إلا بالطاغوت، (الحكم بغير ما أنزل الله) ، فلا يجوز للمتخاصمين أن يتقدما بقضيتهما ابتداء إلى قضاء ذلك البلد، بل يتعين عليهما أن يتصالحا أو يحكِّما بينهما طرفاً ثالثاً مسلماً يرتضيانه ونحو ذلك، أما إذا كان أحدهما مسلماً والآخر كافراً، ويتعذَّر حصول المسلم على حق إلا بالرفع إلى قاضٍ غير مسلم فلا بأس للمسلم حينئذ بالترافع إلى القضاء الوضعي، لا من باب الرضاء بقضاء الكفار ولا ما يحكمون به، وإنما لاستخلاص الحق لصاحبه، ويدل على جواز ذلك أمور منها: (1) وجوب حفظ المال والعرض وسائر الحقوق، والذي دلت عليه نصوص القرآن والسنة مما هو معلوم لكل مسلم، والتفريط بهذه الحقوق إثم.

(2) لما كان المسلمون في العهد المكي مستضعفين كانوا يتعاملون ويتحاكمون في حفظ حقوقهم المالية وغيرها وفق الأعراف والتقاليد العربية الجاهلية مما لم ينزل فيه حكم شرعي، ويدل على ذلك نصوص كثيرة من القرآن الكريم، كالجمع بين الأختين قبل التحريم "وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ" [النساء: من الآية23] ، وفي أكل الربا: "فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ" [البقرة: من الآية275] . ولا شك أن العلة في جواز ذلك في هذه المسائل ونحوها هو ضعف المسلمين وقلتهم أمام الكفار، فالله قادر على أن ينزل أحكامه التفصيلية مبكرة في عهد الاستضعاف، ولكنه سبحانه لم يفعل ذلك رحمة بعباده، ولحكمة يعلمها "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ" [القصص:5-6] . (3) إن الحكم بشرع الله تحت ولاية الكفار اضطراراً جائز شرعاً لاستخلاص الحق ورفع الظلم عن المظلوم وإنما المحرم عكسه، وهو أن يتحاكم الناس إلى الطاغوت وهم يستطيعون أن يتحاكموا إلى شرع الله، فقد قال الله في اليهود والنصارى في قوله: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً" [النساء:50] ، ويقول عن المنافقين: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً" [النساء:60] .

وقد كان فضيلة الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب (أضواء البيان) ، يتعامل مع الحاكم الفرنسي في بلاده في الحكم في الدماء على وفق الشريعة، فقد كان الفرنسي في موريتانيا يحكم بالقصاص في القتل، وبعد محاكمة ومرافعة طويلتين يصدر الحكم، ولا ينفذ حتى يقره عالمان من علماء البلد، كان الشيخ الشنقيطي - رحمه الله- أحدهما، وخلاصة القول أن ما فعله السائل جائز، ما دام لا يمكن التصالح ولا تحكيم مسلم بين الخصمين المتنازعين، ولا يمكن استرجاع الحق إلا بالذهاب إلى المحكمة التي تحكم بالقانون الوضعي، فهذا من باب الاضطرار والضرورة الشرعية، ولا يجوز التنازع والاختلاف بعد بذل الأسباب الممكنة، لا سيما وأنكم تعيشون بين ظهراني الكفار، والله يقول: "وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" [الأنفال: من الآية46] . والله أعلم، وصلى على نبينا محمد.

التكفير بالحكم بغير ما أنزل الله

التكفير بالحكم بغير ما أنزل الله المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله التاريخ 28/2/1425هـ السؤال ما حكم تحكيم القوانين الوضعية؟ وهل يمكن تكفير الحاكم الذي يحكم بالقوانين الوضعية بعينه?. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم هذه مسألة شائكة، فقد كثر فيها القيل والقال، وصدرت فيها الفتاوى في القرن الماضي، وهي مسألة ينبغي أن يقع فيها التفصيل: أولاً: إن تحكيم القوانين الوضعية في مجالات منصوصة في الشريعة تحكيماً منافياً لنصوص الشريعة أمر حرام وكبيرة عظيمة، وهذا أمر لا شك فيه؛ "وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ" [المائدة: من الآية49] ، "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" [المائدة:50] ، هذا بنص القرآن الكريم.

أما التكفير فهو أمر لا يقطع به إلا إذا كان مع حكم هذه القوانين تصريح بازدراء الشريعة وتنقيصها والحط من قدرها، بحيث يقول الذي يسن هذه القوانين: إن الشريعة غير صالحة، ونحو ذلك من الكلام، أما أن يكون مع سن هذه القوانين اعتقاد بأن الشريعة هي الحق، وأن ما سواها ليس على حق، فمجرد سن القوانين وحده ربما لعجز أو لجهل، أو لتقليد، فلا يكون كفراً، ولهذا قال ابن عباس – رضي الله عنهما- في قوله –تعالى-: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة:44] ، قال: كفر دون كفر، وفسق دون فسق، في قوله –تعالى-: "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [المائدة: من الآية47] ، معناه أنه غير مخرج من الملة، وهذا هو الذي نراه بناء على نُقول كثيرة، ومنها نُقول عن شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله-، والأظهر فيه أن الكفر هنا لا يكون مخرجاً من الملة، ولهذا قال عدي بن حاتم – رضي الله عنه – سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرأ في سورة براءة: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله.." [الآية:31] قال: (أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه" رواه الترمذي (3095) وغيره. وهذا هو سر عبادتهم لهم، فهؤلاء يغيرون لهم الشرع يحلون باسم الشرع بحيث يحرمون حلالاً نص عليه في الشرع، ويحلون حراماً نص على تحريمه في الشرع، بحيث ينسبونه إلى الشريعة، كأن يقول الإنسان –مثلاً- الصلاة ليست واجبة في الشرع، والصوم ليس واجباً شرعاً، والزكاة ليست واجبة، أو إن ارتكاب الفواحش حلال شرعاً، أما إذا ارتكب هو هذه الفواحش وترك الآخرين يرتكبونها، فهذا الفعل بحد ذاته ليس مكفراً؛ خلافاً لبعض المفتين والمشايخ في القرن الماضي الذين أفتوا بأن مجرد الفعل يكون كفراً، وقد حققنا ذلك في بحث مستقل وعنوانه: (التكفير بالحكم بغير ما

أنزل الله) ، فليراجع في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، زيادة على ما يترتب على التكفير من ارتكاب الحروب والفتن التي لا تبقي ولا تذر، فالأولى من ذلك هو توعية الناس وتنبيههم على أهمية الشريعة، وعلى المصالح الكبيرة التي توفرها الشريعة المحمدية؛ لأن كثيراً من البلاد الإسلامية كانت مستعمرة وورثت قوانين المستعمر، وبالتالي استمرت على ذلك دون وعي ودون إدراك، ودون - أيضاً- شجاعة لتغيير هذه القوانين. إذاً نحن لا نكفر بذلك إذا لم يصحبه ما ذكرناه من الاستخفاف والاحتقار للشريعة لفظاً، أو من الاعتقاد المنحرف، وصلى الله على نبينا محمد.

تولي المناصب السياسية في دول لا تحكم بالشريعة

تولي المناصب السياسية في دول لا تحكم بالشريعة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله التاريخ 05/08/1425هـ السؤال ما حكم تولي العلماء المناصب السياسية إذا علموا أنه سوف يلزمهم أن يطبقوا دستور الدولة بدلاً من شريعة الإسلام؟ الجواب إذا كان الدستور المطبق يتواءم مع الشريعة ولا يعارضها فعملهم جائز شرعاً، لكن عليهم أن يحرصوا عند التطبيق أن ينووا أنهم إنما يطبقون الشريعة حتى يؤجروا على ذلك. أما إن كانت هناك مخالفة واضحة للشريعة في أكثر مواد الدستور فإنه لا يجوز لهم تولي تلك المناصب. وإن كان فيها كثير مما يوافق الشريعة وفيها ما يخالف الشريعة فالمسألة اجتهادية، قابلة للنظر بناء على قاعدة الترجيح بين المصالح والمفاسد، فإذا ترجح للمسلمين حصول مصلحة مشروعة واندفاع مفسدة كبيرة بهذا العمل -وعلى الأخص في مجتمعات الأقليات الإسلامية- فلا مانع من مثل هذا العمل، وإن ترجحت مفسدته على مصلحته منع وحكم بعدم جوازه، وعلى كل حال فالمسألة تحتاج إلى تقدير واجتهاد ممّن له صلة متينة بالعلم الشرعي وهو مؤهل للاجتهاد والنظر، ولا يصلح أن يقول فيها بالجواز أو المنع من ليس مؤهلاً شرعًا لمثل هذا، وبالله التوفيق.

التحاكم إلى المحاكم الوضعية إذا لم يجد غيرها

التحاكم إلى المحاكم الوضعية إذا لم يجد غيرها المجيب سليمان بن عبد الله الماجد القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله التاريخ 09/04/1427هـ السؤال أقرضت شخصاً مبلغاً من المال، وأخذ يماطلني ولم يرد إلى الآن، وقد مر على ذلك قرابة سنتين، فهل يجوز لي شكايته، على أني في بلد غربي والشكاية تكون أمام محكمة كافرة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيحتاج المسلم في فصل الخصومات في ظل دول كافرة، أو في ظل دول تحكم شعوباً مسلمة بأحكام وضعية إلى معرفة حكم اللجوء إلى محاكم هذه الدول. فنقول: إن أمكن التحاكم إلى من يحكم بالشريعة، ويقر بوجوب تحكيمها، وأنها المصدر الوحيد للتشريع؛ فيحرم في هذه الحال اللجوء إلى المحاكم التي لا تقر بوجوب التحاكم للشريعة. ويكون ذلك بتحكيم من يصلح للفصل في هذه الخصومة. وإن كان ذلك متعذراً فلا يخلو الأمر من حالين: الحالة الأولى: أن يكون ما يطالب به المدعي مما لا تقره الشريعة؛ ففي هذه الحال لا يجوز أن يُلح على المطلوب بالسؤال فضلاً عن التحاكم إلى مثل هذه المحاكم؛ بل إن هذا من التحاكم إلى الطاغوت الذي قال الله فيه: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا" [النساء:60] . وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكون بذلك -مع علمه ببطلان مطالبته- مرتداً. ومثل ذلك في الحكم: إذا كان المتقدم لا يعلم أن ما يطالب به صحيحاً في الشريعة أو غير صحيح، وعليه عند جهله أن يسأل أهل العلم قبل تقدمه إلى هذه المحاكم.

الحال الثانية: أن يكون ما يطالب به مما تقره الشريعة، ويحكم به قانون هذا البلد دون زيادة؛ ففي هذا الحال لا حرج أن يتقدم المسلم إلى محكمة هذا البلد ليطالب بحقه، ولا يُعتبر هذا من التحاكم إلى الطاغوت؛ لأن المتقدم إنما يأخذ حقه الذي أقرته الشريعة فقط، وهذا من شريعة الله، ومحكمة البلد إنما صارت وسيلة لتنفيذ أحكام الشريعة فقط؛ وذلك مثل استخدام الكفار في المحاكم المسلمة لتنفيذ الأحكام الشرعية في الشُرَط ونحوها. ولو قلنا بغير ذلك للزم من ذلك حرج عظيم وضياع للحقوق كبير حتى في بلدان الشعوب المسلمة التي تُحكم بغير الشريعة؛ إذْ لا فرق عندي بين كافر أصلي ومنتسب إلى الإسلام كلاهما يحكم بغير حكم الشريعة؛ فإذا لم نقل بهذا ضاعت الحقوق، وتسلط الظلمة على الصالحين. وإن كان المتقدم يعلم أن هذه المحكمة تحكم بأكثر مما يستحقه المتقدم ففي هذه الحال يجوز التحاكم إليها، وعليه عند التنفيذ أن لا يأخذ إلا ما يستحقه فقط. وأقترح على المسلمين في مثل هذه البلاد أن ينشئوا مراكز متخصصة للتحكيم يقضي فيها فقهاء في الشريعة يكون حكمها ملزماً في حال تراضي الخصمين بتحكيمها -حتى في القوانين-، وفي حال امتناع أحد الخصمين من التحكيم فتصدر رأيها وفق المعطيات التي تقدم بها الخصم الآخر؛ لتكون مسوغًا له للجوء إلى المحاكم الوضعية لتحصيل حقه الثابت له في الشريعة؛ فهذه المراكز تؤدي غرضين: الأول: التحكيم في حال التراضي. الثاني: إعطاء المسلم ما يثبت حقه على سبيل الفتوى؛ ليعلم هو منها أن له مطلباً صحيحاً، وليقي بها عرضه من الطاعنين. وفي مسألتنا هذه يقال: إذا لم يمكن الأخ السائل أن يُحكِّم مسلماً فتنطبق عليه الحال الثانية؛ لأن وجوب رد القرض مما وافقت فيه القوانين شرعيةَ الإسلام؛ فلا حرج من تقدم السائل لمحكمة هذا البلد لتحصيل حقه. والله تعالى أعلم.

القول بتحريف القرآن

القول بتحريف القرآن المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/مسائل متفرقة التاريخ 3/4/1424هـ السؤال أرجو منكم تبيين حكم من يقول بتحريف القرآن وهو مقتنع بذلك تمام الاقتناع، والتحريف المقصود هنا هو ما يقوله بعض علماء الشيعة، كأن يقولوا: بأن هناك كلمات أسقطت من القرآن الكريم، أو أن أماكن الآيات قد تم تبديلها وتغييرها. كما أرجو منكم تبيين حكم من يؤول القرآن ويفسره على مزاجه الخاص، كأن يقال بأن الآية "ويؤتون الزكاة وهم راكعون" قد نزلت في حق سيدنا علي كرم الله وجهه، جعلها الله في ميزان حسناتكم. الجواب

الحمد لله، قال الله -تعالى-: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر:9] ، في هذه الآية ضمان من الله بحفظ ما أنزله على عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد حقق الله وعده بأن وفق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحفظ القرآن بجمعه وكتابته وحفظه في صدورهم، وتلقاه التابعون عنهم فكان القرآن بذلك محفوظاً بحفظه - سبحانه وتعالى -، فمن زعم أنه قد أُسقط شيء من القرآن أو غُيِّر عمّا جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كافر، لأن ذلك يعارض قوله -تعالى-: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر: 9] ، فإذا كان أُسقط شيء منه سورة أو آية لم يكن محفوظاً، ومن تأول القرآن وفسره بحسب هواه ولم يكن عن شبه عرضت له فإنه متلاعب بكلام الله؛ فيكون بذلك كافراً، وذلك مثل تحريفات باطنية الرافضة كقولهم في قوله -تعالى-: "مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ" [الرحمن:19] علي، وفاطمة- رضي الله عنهما- و"يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان" [الرحمن: 22] الحسن والحسين -رضي الله عنهما- وقولهم: المراد "بيدا أبي لهب" أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما- وغير ذلك. وإن تعمُّد تحريف القرآن يشبه طريقة اليهود، كما أخبر الله عنهم بقوله: "يحرفون الكلم عن مواضعه" [النساء: 46] ، وقوله: "أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" [البقرة:75] ، وأما من قال: إن قوله سبحانه: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون"َ [المائدة:55] ، إنها نزلت في علي - رضي الله عنه - حينما تصدق بخاتمه على المسكين وهو راكع، هذه القصة لم تثبت، وإن ذكرها بعض المفسرين، وهي من وضع الشيعة

الذين يريدون أن يجعلوا كثيراً من الآيات جاءت في شأن علي - رضي الله عنه -، فيجب التنبه والحذر من التصديق للروايات المكذوبة، أو الروايات التي لم تثبت بالأسانيد الصحيحة، وكثير مما يذكر في أسباب النزول، إنما جاء في روايات ضعيفة، وقوله سبحانه وتعالى: "وهم راكعون"، يعني: وهم خاضعون لربهم متذللون، فيؤدون فرائض الله من الصلاة والزكاة خاضعين، منقادين لأمر الله، مؤمنين بشرعه، محتسبين لثوابه، والله أعلم.

برج المولود

برج المولود المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 27/6/1422 السؤال ما رأي الإسلام فيما يقال: أن لكل مولود في كل برج (الأبراج الفلكية) ، كبرج الدلو مثلاً صفات معينة؟ الجواب هذا الزعم هو فقه المنجمين الذين يربطون الحوادث الأرضية بتأثير النجوم والطوالع والبروج، وهو ضرب من السحر ورجم بالغيب، جاء في الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)) أخرجه أبو داود (3905) ، وابن ماجة (3726) . وهو حديث حسن فالقول: إن لهذه الأبراج تأثيراً على صفات المواليد وأحوالهم، وأخلاقهم، ومستقبلهم، هو قول باطل في الإسلام. فكل برج، أو نجم يولد فيه الطويل والقصير، والطيب والخبيث، والغني والفقير، يولد فيه من يعمّر ومن لا يعمّر، يولد فيه الجميل والقبيح. فقول المنجمين في هذا قول باطل في الإسلام، وهو من ادعاء علم الغيب، وادعاء علم الغيب منازعة لله -سبحانه وتعالى- في قوله: ((قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله)) . فعلى المسلمين أن يحذروا من أولئك الدجالين الذين يستغلون سذاجة البسطاء، فيستغفلونهم، ويسلبون أموالهم، ويفسدون عقائدهم. فالمنجمون من طوائف المفسدين في الأرض، ولا يجوز الذهاب إليهم وسؤالهم، فإن المنجم من العرافين ويدخل في اسم العراف، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: ((من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد)) أخرجه أحمد (9536) وهو حديث حسن. فالحذر الحذر، والواجب على المسلم أن يعتصم بالله، وأن يحقق إيمانه بربه، ولا يغتر بأولئك المضلين والمفسدين. كفى الله المسلمين شرهم وصلى الله وسلم على محمد.

قتل الساحر

قتل الساحر المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 29/4/1422 السؤال في بلاد لا تحكم بالشريعة الإسلامية هناك ساحر كثر شره على المسلمين في تلك البلاد وهذا الساحر من أسرة مسلمة وأهله مسلمون وقد تم نصحه من قبل الأخوة هناك ولكنه لا يستجيب وقد ارتد عن الإسلام فهل يجوز قتله مع العلم أنه لن يتضرر أحد بقتله ولن يعرف القاتل؟ الجواب أجاب فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن على المشيقح: الحمد لله وحده الصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد.... فإن تغيير المنكر باليد ومن ذلك قتل المفسد المرتد غير معصوم الدم لا يكون لآحاد الناس بل لمن له السلطة والولاية؛ لأن ذلك قد يحدث من الفتنة أعظم من المنكر الذي ترجى إزالته، فعلى من رأى ذلك أن يسعى بالمناصحة باللسان، فإن استجيب له وإلا بلغ الأمر لمن له السلطة والولاية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم الحدود ثم من بعده خلفاؤه، فإن أزيل، وإلا استدام كثرة الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل بإزالته. وبالله التوفيق

رقية أم شعوذة

رقية أم شعوذة المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 22/7/1422 السؤال لنا صديقة مرت بمرض قال الأطباء أنه نفسي. اشار عليها التداوي بالرقية الشرعية لدى امرأة قيل أنها ترقي فذهب لها وحصل الآتي: مدة الإقامة أسبوع تتمتم بكلمات وعندما سألتها قالت أهي القرآن قالت إن جبرائيل يأتيها برائحة المسك من الجنة أخرجت من بطن المريضة سائل أسود ثم وضعته في قطعة قماش بيضاء وقالت إنه بقايا ولادة الجن في بطن المريضة كانت تتوسل ببعض الأولياء الصالحين أثناء الرقية تلاتدي ملابسها الداخلية المقلوبة قالت إنها تختم القرآن أثناء النوم أثناء هذه الفترة إزدادت صديقتي سوءا. هل هذه الرقية شرعية أم لا؟ الجواب هذه المرأة التي تزعم أنها تداوي بالرقية الشرعية، وأن جبريل يأتيها برائحة المسك من الجنة، وتتوسل ببعض الأولياء والصالحين في أثناء الرقية إنما هي مشعوذة اتخذت من الدجل والرقى الشركية والخرافات وسيلة لخداع الناس، فلا يجوز الذهاب إليها بقصد التداوي، بل يجب إبلاغ أهل الحسبة بحالها ليعملوا على كف شرها عن الناس وبالله التوفيق.

هل هذا من التنجيم؟

هل هذا من التنجيم؟ المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/توحيد الأسماء والصفات التاريخ 9/4/1422 السؤال رجل يقول بأنه يستدل بحركة النجوم على بعض الأحداث، مثلاً قال لأحد الناس: ازرع في وقت كذا أما في وقت كذا فدع الحرث والزرع، فإنه لن يأتيك بثمر، وفعلاً حصل ذلك. الجواب الاستدلال بالبروج على مواسم البذر، والغرس ليس من التنجيم في شيء، وهو عمل المسلمين خلفاً عن سلف، وقد أجرى الله العادة بصلاحية كل وقت لبذر أو غرس معين، إلا أن الذي لا يجوز هنا اعتقاد أن لهذا النجم أو ذاك أثراً في حصول الثمر، أو جودته، أو نزول المطر أو نحو ذلك. ومثل هذا يقال في تحديد وقت تزداد فيه خصوبة الرجل أو المرأة. وقد ضرب الفقهاء أجلا للعنين قدروه بسنة، وعللوا لذلك بمرور الفصول الأربعة عليه، فإن لم ينشط في أحدها فلا فائدة في زيادة الانتظار.

الرقية بكتابة الآيات وشرب مائها!

الرقية بكتابة الآيات وشرب مائها! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 19/04/1427هـ السؤال ورد في إحدى فتاوى ابن تيمية للمريض ولمن هو في شدة أن تكتب له آيات من القرآن الكريم بالحبر على اللوح ثم تغسل بالماء ليختلط الحبر بالماء ثم يشرب الماء. وورد عن ابن عباس أنه ذكر دعاء معينا ليكتب ويوضع قرب المرأة التي تعاني صعوبة في الولادة. ويروى عن علي رضي الله عنه قوله إن هذا الدعاء يجب أن يكتب ويربط بذراع المرأة ولم ير أعجب منه" [فتاوى ابن تيمية 19/65] ، وروى تلميذه ابن القيم جواز استخدام التعويذة عن عدد من السلف بمن فيهم الإمام أحمد، وقد ذكر ابن القيم نفسه تعويذات مختلفة [زاد المعاد (3/180] أرجو التعليق على هذه الفتاوى؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: فالرقية مشروعة بالآيات القرآنية، وبأسماء الله الحسنى، وما ثبت في السنة النبوية من الأدعية والأذكار المشروعة، مع اعتقاد أن الرقية سبب من الأسباب، والشفاء من الله تعالى، وتكون الرقية بالقراءة المباشرة على من تراد رقيته، ويجوز أن ينفث الراقي مع القراءة، ففي حديث عائشة - رضي الله عنها - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. أخرجه البخاري (5018) ، ومسلم (2192) .

وفي حديث أبي سعيد –رضي الله عنه- في قصة رقية اللديغ: (فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ.....) أخرجه البخاري (2276) ، ومسلم (2201) . وقد بوب عليهما البخاري بقوله: (باب النفث في الرقية) ينظر: البخاري مع الفتح (10/219) . والنفث شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل، قال ابن القيم –رحمه الله-: "وفي النفث والتفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشر للرقية والذكر والدعاء، فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه، فإذا صاحبها شيء من أجزاء باطنه من الريق والهواء والنفس كانت أتم تأثيرا وأقوى فعلا ونفوذا ... والمقصود: أن الروح إذا كانت قوية وتكيفت بمعاني الفاتحة، واستعانت بالنفث والتفل قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة فأزالته، والله أعلم" زاد المعاد (4/164) . والأولى أن يُقتصر في الرقية على ما ثبت من القراءة المباشرة على المريض، ولا بأس أن تكون القراءة مع النفث كما تقدم. وورد حديث في القراءة بالماء وصبه على المريض أو شربه، ولكن هذا الحديث فيه ضعف، وهو ما رواه يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس، عن أبيه، عن جده ثابت بن قيس -رضي الله عنه– أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيه وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقَالَ: "اكْشِفْ الْبَأْسَ، رَبَّ النَّاسِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ". ثُمَّ أَخَذَ تُرَابًا مِنْ بَطْحَانَ، فَجَعَلَهُ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ نَفَثَ عَلَيْهِ بِمَاءٍ وَصَبَّهُ عَلَيْهِ. أخرجه أبو داود (3387) . وفي إسناده: يوسف بن محمد ليس فيه توثيق معتبر، ورواية محمد بن ثابت عن أبيه مرسلة، قال الحافظ ابن حجر: والظاهر أن رواية محمد عن أبيه مرسلة، لأنه قتل يوم اليمامة وهو صغير إلا أن يكون حفظ عن أبيه وهو طفل، وقد أوردته في الصحابة على قاعدتهم ولا تصح له صحبة.

وقد أخذ بهذا الحديث بعض العلماء وقاسوا عليه كتابة الآيات في ورقة ثم غسلها بالماء وشرب المريض له. وبعد هذه المقدمة نعود إلى ما طلبه السائل الكريم –وفقه الله– من التعليق على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم –رحمهما الله– وقد تضمن كلامهما أمرين: 1- كتابة الآيات في ورقة ثم غسلها في ماء وسقي المريض هذا الماء، ويدخل في هذا الكتابة للمرأة إذا عسرت ولادتها، وهذا لم يرد فيه حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استدل شيخ الإسلام بأثر ابن عباس –رضي الله عنهما– وبما جاء عن الإمام أحمد –رحمه الله-، وورد عن بعض السلف كما ذكر ابن القيم، ولكن الأولى الاقتصار على ما ورد في السنة النبوية كما سبق. وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إن كتابة سورة أو آيات من القرآن في لوح أو طبق أو قرطاس وغسله بالماء، وشرب تلك الغسالة رجاء البركة، أو استفادة علم، أو كسب مال، أو صحة، أو عافية، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله لنفسه أو غيره، ولا أنه أذن فيه لأحد من أصحابه، أو رخص فيه لأمته مع وجود الدواعي التي تدعو إلى هذا، ولم يثبت في أثر صحيح عن أحد من الصحابة، وعلى هذا فالأولى ترك ذلك، وأن يستغنى عنه بما ثبت في الشريعة من الرقية بالقرآن وأسماء الله الحسنى، وما صح من الأذكار والأدعية النبوية، وليتقرب إلى الله بما شرع، رجاء التوبة، وأن يفرج الله كربته. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (1/246، 259) ] . 2- تعليق ما كتب من الآيات على عضد المرأة، وهذا نقله شيخ الإسلام عن أحد رواة الحديث، وهو علي بن الحسين بن شقيق، وقد اختلف السلف في تعليق الرقى على المريض إذا كانت من القرآن فرخص فيه بعضهم، وذهب بعضهم إلى التحريم، واستدلوا

بعموم الأحاديث الواردة في النهي عن تعليق التمائم، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ" أخرجه أبو داود (3385) من حديث عبد الله بن مسعود، وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ، وَمَن تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ" أخرجه أحمد (4/156) من حديث عقبة بن عامر، وغير هذا من الأحاديث التي تدل على النهي عن تعليق التمائم، وهي أحاديث عامة، ولا مخصص لها، فالأولى ترك تعليق التمائم وإن كانت من القرآن، لأن هذا العمل قد يفضي إلى تعليق التمائم المحرمة، وقد يحصل امتهان لهذه التمائم مثل أن يدخل بها الحمام عند قضاء الحاجة، وإذا كانت هذه التمائم معلقة على الأطفال فلا يؤمن أن تقع عليها أوساخ أو نجاسات، هذا والله أعلم.

رجل يعالج باستخدام الجن

رجل يعالج باستخدام الجن المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 13/7/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم في بلدنا رجل يعالج المس الشيطاني باستخدام الجان، ويقول إن معه أربعين ألفاً من الجن المسلم يساعدونه، وكان في البداية يستخدم وسيلة تخاطب معهم، وهي أن يربط المصحف على سورة معينة بحبل، ثم يقومون بتحريكه أي الجن، وبعد اعتراض أهل الدين استخدم معهم سلسلة مفاتيح يحركونها له، فاعترض أهل الدين أيضاً، فأصبحت وسيلة التخاطب الآن تشبه الوسوسة أو الإيحاء كأنه يسمعهم، مع العلم أنه يتقاضى أجراً على ذلك، وهو محافظ على أداء جميع الصلوات جماعة، ويسعى في سبل الخير. فما حكم ذلك؟. الجواب الرجل المذكور ظاهر أنه مخرف ومن عباد الجن، والأعمال المذكورة تدل على ذلك، ولا يصدق بقوله، ولا يمكن أن الجن يطيعونه إلا إذا قدم لهم ما يرضيهم، فقد يطيعونه في بعض مراده لا كله، والواجب الإنكار على من يفعل ذلك أشد الإنكار، وإذا أمكن تعزيره من قبل ولي الأمر -حتى يرتدع أمثاله- فهو واجب. والله أعلم.

تناول الطعام للرقية

تناول الطعام للرقية المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 26/5/1424هـ السؤال أولاً: أحبكم في الله، سؤالي: عائلة لهم طفل مريض، دعونا عندهم لقراءة القرآن عليه، وكنا حوالي 30 شخصاً، وقد صنعت العائلة طعاماً لنا، وبعد أن أكلنا وقبل أن نقرأ القرآن، نازعنا صبي في طريقة التلاوة، البعض قال إن علينا أن نقرأ القرآن كاملاً، لأننا 30 شخصاً، فكل شخص يقرأ جزءاً، آخرون قالوا إن ذلك بدعة ولا نقرأ إلا كما ورد في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم- على المريض، هل يجوز تناول الطعام بسبب قراءة جزء أو كامل القرآن؟. الجواب الصواب مع الذين قالوا إن قراءة ثلاثين جزءاً بعدد الحاضرين بدعة، بل يقرأ حسب ما ورد في السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقط، أما اشتراط تناول الطعام بسبب القراءة فلا حرج فيه إن شاء الله.

التنجيم

التنجيم المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 5/2/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. عرفنا أن السلف كانوا يستعينون بالنجوم (موافقة زمنية) ليعرفوا أوقات الزرع والحصاد، والحر، والبرد، وحاليا المد والجزر، والخسوف، وذلك من عادات ومشاهدات قديمة متوارثة، ولكن إذا قال قائل أو ادعى مدعٍ أن عمل السلف كان يجوز أن يقال إن النجم إذا كان كذا، فإن المولود سيكون ذكراً مثلا، أو أنه سيكون ذكيا أو خجولا أو عصبيا ... إلخ وادعى أن كل ذلك على أساس موافقة زمنية لا غير، وشبه فعله هذا بفعل السلف، وبأن ذلك من مشاهدات وتجارب، لا ادعاء للغيب، فكيف يكون الرد عليه حفظكم الله؟ الجواب

الحمد لله، النجوم من آيات الله السماوية، قال سبحانه وتعالى: "وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون" [الأنعام: 97] ، وقال سبحانه: "وعلامات وبالنجم هم يهتدون" [النحل: 16] ، فهو سبحانه وتعالى خلق النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يُهتدى بها، وهي مع ذلك من أعظم آيات الله الدالة على قدرته وحكمته ورحمته، فالاستدلال بالنجوم على معرفة الجهات ومن ذلك الاستدلال بها على القبلة أمر مشروع، وهو ثابت لا يختلف، والله تعالى- قد امتن في ذلك على عباده كما في الآيتين المتقدمتين، وعلم النجوم الذي يقال له التنجيم نوعان: علم تسيير، وعلم تأثير، فأما علم التسيير فهو معرفة دلالات النجوم على الجهات والأوقات، وهذه الدلالات لا تختلف من شخص لآخر، فهي سنن كونية قدرها الله سبحانه وتعالى كما قدر سير الشمس والقمر لمعرفة حساب الزمان، قال تعالى: "هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب" [يونس: 5] ، وأما علم التأثير فهو التنجيم المنكر الذي هو ضرب من السحر، كما في الحديث الصحيح: "من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد" أبو داود (3905) ، ولكنه قال "علما" بدل "شعبة"، وكذلك رواه ابن ماجة (3726) ، وكذلك الإمام أحمد (2000) ، بلفظ "ما اقتبس رجل علماً من النجوم إلا اقتبس بها شعبة من السحر، "ما زاد زاد"، وقال محققه إسناده صحيح، وقد حسنه الألباني، والمنجم الذي يستدل بحركة النجوم وبمواقع النجوم على الحوادث الأرضية والسُعد والنُحس هو من جنس العراف بل هو عراف، وفي الحديث الصحيح: "من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" الترمذي (135) ، وأبو داود (3904) ، وابن ماجة (639) ، وقال الألباني صحيح، لأن الكاهن والعراف يدعي بما يدعيه علم الغيب، ثم إذا قال المنجم إن المولود إذا ولد في

نجم كذا يحصل له سعد أو نحس، أو أن ذلك علامة على سعادته أو شقاوته، فذلك من الرجم بالغيب، ولا يمكن أن يعرف ذلك بالتجربة، فإنه يولد في الوقت الواحد ويحدث في الوقت الواحد أنواع من الأضداد، فيحدث في الوقت الخير والشر، ويولد في النجم الواحد من يكون سعيداً ومن يكون شقياً ومن يكون صالحاً ومن يكون فاسداً، وعلى هذا فما أراده السائل من جواز التنجيم المحرم قياساً على التنجيم الذي هو علم التسيير هو من أبطل القياس، فهو قياس الباطل على الحق والكذب على الصدق، فيجب الحذر من سؤال المنجمين وتصديقهم، فإن ذلك لا يكون من بصير بدينه، بل ولا من عاقل يدرك الحقائق، ولهذا فعملاء المنجمين وأهل بضاعتهم هم من الجهلة، من الذين لا يفكرون بعقلوهم، وليس لهم معرفة بما يقتضيه شرع الله من تحريم سؤال العرافين والكهان والمنجمين، نسأل الله أن يطهر مجتمعات المسلمين من جميع فئات المفسدين، والله أعلم.

الرقية باللغة السريالية

الرقية باللغة السريالية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 9/3/1424هـ السؤال السلام عليكم. ما هو أصل اللغة السريالية وسبب استخدام بعض الرقاة (هذه اللغة) ، أحد أفراد عائلتي مصاب بمس، وقد جاء أحد الرقاة واستخدم اللغة السريالية, وأثناء الرقية ارتفعت يد أحد أفراد عائلتي وأخذت ترتجف, أريد التأكد من شرعية ما حدث, وهل الشيخ كان راقياً شرعياً أم مشعوذاً؟ وجزاكم الله الخير. الجواب الحمد لله، صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا رقية إلا من عين أو حمة"، البخاري (5705) ، ومسلم (220) ، وأنه قال: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"، وقال: "اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً"، مسلم (2200) فالرقية نوعان: الرقية بالآيات القرآنية وأعظم ذلك سورة الفاتحة، وكذلك سورة الإخلاص والمعوذتان، وكذلك الرقية بالأدعية المباحة لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً" سبق تخريجه، اشترط العلماء في الرقية أن تكون بالآيات القرآنية والأدعية النبوية والأذكار المباحة، وأن تكون باللغة العربية، وإذا كانت بلغة مفهومة يفهمها الحاضرون فأرجو أنه لا بأس بها.

أما إذا كانت بلغة غير مفهومة فلا يجوز قبولها، لأنه يحتمل أن تكون مشتملة على ما هو شرك، وهذا الراقي الذي رقى المريض بلغة سريانية متهم، فما الذي حمله على العدول عن اللغة العربية أو اللغة المعروفة، التي يعرفها المريض وأهله، والأحرى أن هذا دجال، يستعين بالشياطين على مقصوده، فيجب الإنكار عليه والتحذير من الرجوع إليه، وكشف حقيقة أمره حتى لا يغتر به، وذكر العلماء أيضاً من شروط الرقية ألا يعتمد عليها المريض لأنها سبب من الأسباب، والاعتماد على الأسباب شرك في التوحيد، بل يؤمن بأن الرقية الشرعية سبب يرجو من الله أن ينفعه به، وهذا هو الواجب في جميع الأسباب، والله أعلم.

شعوذة من نوع جديد

شعوذة من نوع جديد المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 25/9/1422 السؤال قد وصلتني اليوم هذه الرسالة، فأفيدونا بشرعيتها، قال -تعالى-: " بل الله فاعبد وكن من الشاكرين " [الزمر: 66] ، " فالذين آمنوا به واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " [الأعراف: 157] ، " لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة لا تبديل لخلق الله ذلك الفور العظيم " [يونس: 64] ، " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء " [إبراهيم: 27] . تم إرسال هذه الآيات لتكون مجلبة الخير والفلاح، وقد تم توزيعها بدول العالم تسع مرات، وستجلب لك الخير والفلاح بعد أربعة أيام بإذن من وصلها إليك، وليس الأمر بدعة وكذب، أو اتخاذ بالآيات الكريمة هراء، بل سترى ما يصلك خلال أربعة أيام في البريد، فعليك أن ترسل هذه النسخة من الرسالة لمن من ذو بحاجة إلى الخير والفلاح، وإياك أن ترسل نقوداً، إياك إن تحتفظ بهذه الرسالة، بل يجب أن تتخلص منها بعد ست وستين ساعة من قراءتك لها، سبق أن وصلت هذه الرسالة إلى أحد رجال الأعمال، فوزعها فجاءت أخبار صفقة تجارية بسبعين دينار كويتي زيادة كما يتوقعه، ووصلت إلى أحد الأطباء فأهملها فلقي مصرعه بحادث سيارة أدت إلى تشويهه بالكامل أصبح جثة هامدة؛ لأنه كبر على خالقه وأبى توزيع الرسالة، فوجئ أحد المقاولين عندما قرأ الرسالة، وقام بتوزيع مائة وخمسين ألف دينار بحريني؛ لأنه تمهل توزيعها فتوفي ابنه الأكبر بحادث.

يرجى إرسال عدد خمس وثلاثين رسالة، فاستبشر بما يصلك في اليوم الرابع، وحيث إن هذه الرسالة مهمة الطواف حول العالم كله، يجب توزيعها خمس وثلاثين نسخة مطابقة إلى أصدقائك، ومعارفك، وأقربائك، وبعد أيام ستفاجأ بالنتيجة الطبية، والله الموفق. الجواب إن من رحمة الله بهذه الأمة أن أكمل لهم دينهم، وأتم عليهم نعمته، ورضي لهم الإسلام ديناً، فليسوا بحاجة إلى من يتقدم بين يدي الله ورسوله باعتقاد جديد أو عمل محدث، أو كلام مبتدع. قال الله -جل شأنه-: " يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إنَّ الله سميع عليم " [الحجرات] . قال ابن جرير – رحمه الله -: " يا أيها الذين أقروا بوحدانية الله وبنبوة نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم -: " لا تقدموا بين يدي الله ورسوله "، يقول: لا تعجلوا بقضاء أمر في حروبكم أو دينكم قبل أن يقضي الله لكم فيه ورسوله فتقضوا بخلاف أمر الله ورسوله " (جامع البيان 26/116) . وقال ابن القيم – عفا الله عنه -: " أي لا تقولوا حتى يقول، لا تأمروا حتى يأمر ولا تفتوا حتى يفتي، ولا تقطعوا أمراً حتى يكون هو الذي يحكم فيه ويمضيه، والقول الجامع في معنى الآية: لا تعجلوا بقول ولا فعل قبل أن يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو يفعل وقال –تعالى-:" يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ". فإذا كان رفع أصواتهم فوق صوته سبباً لحبوط أعمالهم، فكيف تقديم آرائهم وعقولهم وأذواقهم وسياستهم ومعارفهم على ما جاء به، ورفعها عليه أليس هذا أولى أن يكون محبطاً لأعمالهم " (إعلام الموقعين1/51) .

وقال أيضاً: " وقد توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر للأمة منه علماً، وعلمهم كل شيء حتى آداب التخلي، وآداب الجماع، والنوم، والقيام والقعود، والأكل والشرب، والركوب والنزول، والسفر والإقامة، والصمت والكلام، والعزلة والخلطة، والغنى والفقر، والصحة والمرض، وجميع أحكام الحياة والموت، ووصف لهم العرش، والكرسي، والملائكة، والجن، والنار والجنة، ويوم القيامة وما فيه حتى كأنه رأي عين، وعرفهم معبودهم وإلههم، أتم تعريف حتى كأنهم يرونه ويشاهدونه بأوصاف كماله ونعوت جلاله، وعرفهم الأنبياء وأممهم، وما جرى لهم، وما جرى عليهم معهم حتى كأنهم كانوا بينهم، وعرفهم من طرق الخير والشر دقيقها وجليلها ما لم يعرفه نبي لأمته قبله، وعرفهم من أحوال الموت ما يكون بعده في البرزخ، وما يحصل فيه من النعيم والعذاب للروح والبدن ما لم يعرّف به نبي غيره. وكذلك عرّفهم -صلى الله عليه وسلم- من أدلة التوحيد والنبوة والمعاد والرد على جميع فرق الكفر والضلال ما ليس لمن عرفه حاجة من بعده..وبالجملة فجاءهم بخير الدنيا والآخرة بُرمته ولم يحوجهم الله إلى حد سواه. فكيف يُظن أن شريعته الكاملة التي ما طرق العالم شريعة أكمل منها ناقصة تحتاج إلى سياسة خارجة عنها تكملها، أو إلى قياس، أو حقيقة، أو معقول خارج عنها، ومن ظن ذلك فهو كمن ظن أن بالناس حاجة إلى رسول آخر بعده "إعلام الموقعين 4/375".

وقال العلامة ابن باز – غفر الله له -:" وقال –تعالى-:" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " وهذه الآية تدل دلالة صريحة على أن الله –سبحانه- قد أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها نعمته، ولم يتوف نبيه -عليه الصلاة والسلام- إلا بعد ما بلّغ البلاغ المبين، وبيّن للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال، وأوضح أنَّّ كل ما يحدثه الناس بعده وينسبونه إلى الدين الإسلامي من أقوال وأعمال فكله بدعة مردودة على من أحدثها ولو حسن قصده (مجموع الفتاوى 1/224) . قلت: وهذه الآيات التي ذكرها باعثوا هذه الرسائل، وما رتَّبوا عليها من الوعد والوعيد والترغيب والترهيب إنما هو من قبيل الإرهاب الفكري، الضغط النفسي لإخضاع الناس لمزاعمهم وأباطيلهم، وإرغامهم على قبول البدع والمحدثات خوفاً من القادم المجهول!! وهي طريقة يلجأ إليها المفلسون حين تنفذ وسائل السيطرة على الآخرين بطريق الحوار والإقناع السليم بمصداقية ما يتبنونه من آراء ويعرضونه من فلسفات وأفكار.!! ولا نشك طرفة عين أن ما ذكره هؤلاء الدجاجلة والمشعوذين إنما هو بدعة وضلالة، وافتيات على الشارع الحكيم، وتقدم بين يدي الله ورسوله بكل وقاحة وسذاجة، فضلاً عن كونها كهانة جديدة، وضرباً من العرافة البغيضة، وادعاء لعلم الغيب بكل صلف وغرور وبكل حماقة واستهتار، وما درى هؤلاء الأفاكون أنهم يسنون للناس سُنَّة سيئة يتحملون وزرها ووزر من عمل بها من بعدهم إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيء كما جاء في الصحيحين وغيرهما، ومرتكبين في الوقت نفسه ناقضاً من نواقض الإسلام بادعائهم علم الغيب ضاربين بصريح القرآن عرض الحائط!! وإلا فكيف يستقيم لهم ما يزعمون، والله يقول:" قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله "، ويقول: " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو "، ويقول: " أم عندهم الغيب فهم يكتبون ".

وإننا ندعو –والله- ونحذر أنفسنا وإخواننا من تصديق هؤلاء المشعوذين أو الوقوع في شباك الكهنة والعرافين، فقد صحّ عنه –عليه الصلاة السلام- فيما رواه أحمد (16638) ، ومسلم (2230) واللفظ له، أنه - عليه الصلاة والسلام- قال: " من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً "، وروى أحمد (9536) ، والبيهقي (1358) ، والحاكم بسند صحيح أن نبينا – صلى الله عليه وسلم – قال:" من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد – صلى الله عليه وسلم – وصححه الحاكم والألباني في (صحيح الجامع 5815) ، والعراف، هو: من يدعي علم الغيب، وأمثاله من المنجمين، وقُرّاء الكف، والفنجان، وغيرها من الخزعبلات والأباطيل التي يلبسونها على الناس. وقد عقد الإمام أبو بكر الطرطوشي – رحمه الله – في كتابه: (الحوادث والبدع) فصلاً بعنوان (في بيان الوجه الذي يدخل منه الفساد على عامة المسلمين) ثم أورد ما رواه الشيخان " أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ". ثم قال: " فتدبر هذا الحديث فإنه يدل على أنه لا يؤت الناس قط من قبل علمائهم، وإنما يؤثون من قبل أنه إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم فيؤتى الناس من قبله، وقد روي عن مكحول أنه قال: " تفقهُ الرعاعِ فسادٌ الدنيا، وتفقه السفلة فسادُ الدين " ا. هـ.

فالله الله بالتزام السنة، والحذر من البدع والخرافات، والإقبال على العلم الشرعي الصحيح بمجالسة العلماء الربانيين، وطلبة العلم المخلصين العارفين، ومطالعة كتب السلف، وسؤال أهل العلم الراسخين عما أشكل فهمه، أو تعذر استيعابه، والحذر الحذر كذلك من النشرات المضللة، والرسائل، والكتب المجهولة المصادر، وأما من التبس عليه أمرها فلم يعرف حقها من باطلها، ونفعها من ضررها فليسأل أهل العلم الموثوق بهم، ولا يفوته قبل هذا وأثناءه وبعده أن يدعو الله، ويلح عليه أن يُبصَّره في دينه، ويُريه الحق حقاً ويرزقه اتباعه، ويريه الباطل باطلاً ويرزقه اجتنابه، ويهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

معالجة المسحور بالقرآن

معالجة المسحور بالقرآن المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 8/9/1422 السؤال هل توجد طرق للعلاج بالقرآن وهل يعالج الإنسان المسحور بالقرآن. الجواب

أما السؤال عن طرق للعلاج بالقرآن وهل يعالج المسحور بالقرآن، فإن الله - تعالى- قد أخبر عن كتابه الكريم أنه شفاء، يقول - عز وجل -: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) (الاسراء:82) ويقول - جل وعلا -: (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) (فصلت: 44) وهذا الشفاء شامل للأمراض الحسية (العضوية) والمعنوية (النفسية) ، ومما يشهد لهذا ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: " كنّا في مسير لنا منزلنا، فجاءت جارية، فقالت: إن سيّد الحيّ سليم، وإن نفرنا غيب، فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنّا نأبنه برقية، فرقاه فبرأ فأمر له بثلاثين شاه، وسقانا لبنا فلمّا رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئاً حتى نأتي، أو نسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي - صلى الله عليه وسلم، فقال: " وما يدريه أنها رقية؟ أقسموا واضربوا لي بسهم " أخرجه البخاري (5007) ومسلم (2201) واللفظ للبخاري، وكذلك الشأن في السحر، بل القرآن الكريم من أعظم ما يداوى به المسحور، فيشرع أن يقرأ عليه قل هو الله أحد والمعوذات وآية الكرسي ويكثر من قراءة هذه الآيات ويكررها، كما يقرأ عليه آيات السحر المعروفة في الأعراف ويونس وطه، كما يشرع أيضاً أن يُرقى بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند البخاري وغيره من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -: (اللهم رب الناس مذهب الباس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقماً) أخرجه البخاري (5742) . بقي أن يقال: إن ما ذكر أسبابٌ أذن الله بها قد يتخلف أثرها لمانع ما، كما أن الدواء المجرب قد يتخلف أثره، وبالله التوفيق.

هل الرقية موهبة وإلهام؟

هل الرقية موهبة وإلهام؟ المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 17/3/1423 السؤال نطرح على فضيلتكم حالة خاصة راجين منكم توضيح الحكم الشرعي فيها، هل هي حلال أم حرام؟ وهل يجوز ممارستها أم هي حرام يجب الإقلاع عنها؟ وهي كما يلي: لي ولد يبلغ من العمر ثنتي عشرة سنة ونصف، منذ حوالي سنة ظهر عليه ما يلي: إذا سمع القرآن يقرأ أو كان يقرؤه وأغمض عينيه يرى أشياء لأماكن أو لأشخاص إذا كان في أي منها أمور شيطانية -والسحر منها- موجودة في مكان أو الشخص وضع له سحر يعرف بوجوده ويبطل مفعوله هذا من جهة، ومن جهة ثانية معالجة الأمراض بالنسبة للأشخاص مثل: العظام, والآلام الجسد, والعجز الجنسي, والصلح بين الزوجين, وزواج بعض اللواتي لم يتزوجن ... إلخ، ويقوم بمعالجة ما سبق ذكره بالرقى بواسطة الزيت أو الماء المقروء عليه، مع العلم أنه لا يطلب مقابلاً محدداً، وإنما يقبض ما يمنح له تلقائياً، كما أحيط فضيلتكم علما أنه بعد ظهور هذا الأمر عليه اتصلت ببعض الأئمة والذين يمارسون الرقية من حفظة القرآن الكريم لاستفسارهم في الأمر، وبعد معاينتهم له وجلوسهم معه أكدوا ما يلي: عدم مسه من طرف الجن، عدم تعامله مع الشياطين، كما أن أحد الأئمة قال عنه ما يلي: إن هذه الحالة إلهام من الله -عز وجل- بها له , أو هي موهبة منذ الولادة في العلاج النفسي، فَلِما سبق بقيت حائراً, الرجاء منكم الإجابة على استفساري شرعاً, هل تحل ممارستها؟ أم هي حرام يجب الامتناع عنها؟ الجواب ما عليه ولدك وما يعمله ليس صحيحاً، ويجب الإقلاع عنه لعدة أمور: الأول: لعدم موافقته لكتاب الله وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

الثاني: أن ما ذكرته عن ولدك شيء رابك وشككت فيه وفي حله، وهذا ما يدل عليه مثل حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البر والإثم، فقال: "البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" رواه مسلم (2553) وفي حديث: وابصة عند أحمد (17999) وغيره: "وإن أفتاك الناس وأفتوك". الثالث: أن معرفة مكان السحر وإبطاله بالكيفية المفهومة من السؤال قد تكون بطريق السحر أيضاً، وهذا ما يسمى بالنشرة المحرمة. الرابع: أن هذا الذي عليه ولدك ليس من الإلهام الذي ذكره بعض من استفتيتهم، ولا من المواهب ولا يُفطر الإنسان على مثل هذا، إنما يفطر على التوحيد على الملة على الدين لا على مثل هذا. الخامس: أن علاج السحر وما يتصل به من التفريق بين الزوجين، يكون بشيئين: أحدهما: الرقى الشرعية. الآخر: الأدوية المباحة التي جربت في علاجه، فمن أنجح العلاج وأنفعه الرقى الشرعية، فقد ثبت أن الرقية يرفع الله بها السحر ويبطله. وهناك نوع ثالث: وهو العثور على ما فعله الساحر من عقد أو غيرها، وإتلافها، وهذا يكون بالبحث والتقصي ومعرفة أماكن إقامة وحركة المسحور ونحو ذلك مما يوصل حساً إلى العثور عليه، لا باستعمال الشياطين ونحو ذلك، أو التوكل على غير الله في معرفة مكان السحر، فإن ذلك شرك. ومن الرقية الشرعية التي تستعمل في رقي المسحور وغيره: قراءة الفاتحة، وآية الكرسي، و"قل يا أيها الكافرون"، و"قل هو الله أحد"، والمعوذتين مع آيات السحر في سورة الأعراف من (117-119) ، وفي سورة يونس من (79-81) ، وفي سورة طه من (65-68) ، هذه الآيات العظيمات ينفث بها في الماء، ثم بعد ذلك يصب هذا الماء الذي قرأ فيه على ماء أكثر، ثم يغتسل به المسحور ويشرب منه بعض الشيء، كثلاث حسوات يشربها منها، ويزول السحر -بإذن الله- ويبطل ويعافي من أصيب بذلك.

وقد يوضع في الماء سبع ورقات خضر من السدر تدق وتلقى في الماء الذي يقرأ فيه ولا بأس بذلك، وقد ينفع الله بذلك أيضاً، والسدر معروف، وهو: شجر النبق. وهناك أدوية مباحة من العقاقير المباحة وما يصفه الأطباء المؤتمنون الحاذقون، فيجوز علاج ما ذكرت في سؤالك بها دون التداوي بما هو حرام، فإن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: "تداووا ولا تتداووا بحرام، فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له دواء" رواه الترمذي (2038) وأبو داود (3855) وابن ماجة (3436) وأصل الحديث في البخاري (5678) ، وقال: "إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها" فتح الباري (1/339) . وفي الأدوية الطبيعية والأدعية الشرعية ما فيه كفاية، ومن الأدعية الشرعية: "اللهم رب الناس أزل البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما" البخاري (5742) ، ومنها: "باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك" مسلم (2186) ، ويكرر ذلك ثلاث مرات، كما ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- (رواه أحمد (25272) والترمذي (972) وابن ماجة (3523) . والغالب على من استعمل هذا مع إخلاص لله وتوجهه إلى الله بطلب الشفاء أنه يعافى –بإذن الله-، وعلى المسحور أو المريض أن يضرع إلى الله، وأن يسأله كثيراً أن يشفيه ويعافيه، وأن يصدق في طلبه، وأن يعلم أن ربه هو الذي يشفيه، وهو الذي بيده الضر والنفع. والراقي ينبغي له ألا يرقي بغير ما ورد في الشرع، وألا يجعل فعله ومعالجته للناس تكسباً يأخذ بذلك أموال الناس، ولا شهرة قد تسبب في الغلو فيه والتبرك بذاته، وأن يشعر المريض بأنه يرقيه بكلام الله وكلام الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وأن هذا من الأسباب، وأن النافع الضار هو الله وحده لا شريك له.

وعسى أن يوجه ولدك ويرشد إلى مثل هذا العمل لا إلى غيره، ونسأل الله لنا ولكم ولكافة المسلمين التوفيق والسداد، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

شيوخ يخبرون بمكان المسروق

شيوخ يخبرون بمكان المسروق المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 27/3/1423 السؤال ما حكم امرأة تذهب إلى شيخ، وتسأله عن شيء وقع لها وهي صائمة؟ وتريد أن تعرف مَنْ الشخص الذي سرق بيتها؟ الجواب من الأصول المقررة في عقيدة المسلم أنه لا يعلم الغيب إلا الله، قال -تعالى-: "قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله" [النمل:65] ، وحتى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وسائر الأنبياء تبرؤوا من دعوى علم الغيب، فلا يعلمون من ذلك إلا ما جاءهم به الوحي: "قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب" [الأنعام:50] ، "قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير" [الأعراف:188] فمن ادعى علم الغيب كان كافراً، نعم هناك المشعوذون كالكهان والسحرة يدعون علم الغيب، وقد يصيبون في أشياء ويخطئون في أكثر من ذلك، بل جاء في شأن الكهان أن مسترق السمع من الجن يخبرهم بما سمع من السماء، فيكذب الكاهن معها مئة كذبة، فيصدقه الناس بأكاذيبه بسبب أنه صدق مرّة، وعلى كل حال فلا يجوز الذهاب لمن يدعي أنه يعرف مكان المسروق فإن هذا من شأن الكهان، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى كاهناً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-" أبو داود (3904) وأحمد (9290) وإن كان هذا المخبر يتظاهر بالدين والخير والصلاح، فإذا كان يدعي أنه يعلم مكان المسروق، ويعرف أين يكون فلان، وأين يوجد فلان، ويحدد مواضعهم مثلاً فإنه كذاب أفاك تنزل عليه الشياطين، قال -تعالى-: "هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون" [الشعراء:221-222] .

وبهذا يعلم أن مثل هؤلاء الكهان لا يصح أن يعرفوا باسم الشيخ، أو العالم أو الفقيه، فإنه وإن ادعى العلم والصلاح دجال، يجب الحذر منه، ويجب التحذير من الاغترار بمظهره، ويجب بيان حقيقة مثل هؤلاء، وإذا كان للإنسان قدرة فعليه أن ينكر عليهم، ويمنعهم من إظهار ما عندهم ومن إتيان الناس إليهم، فإن الكهانة من أعظم المنكرات، وكذلك إتيان الكهان، فمن أقدره الله وجعل له سلطاناً فعليه أن يضرب على يد هؤلاء، ويكف شرهم، ويمنع العامة من ارتياد أماكنهم، ويجب على من لديه علم أن يبيّن للناس حكم الكاهن، وإتيان الكهان، فإن ذلك مما يحول بين هؤلاء المضللين وبين ما يريدون، فإنهم بهذه الأعمال الخبيثة يكونون من المفسدين في الأرض، والواجب على المسلم أن يسعى في الإصلاح ودرء الفساد، والله أعلم.

معالجة السحر

معالجة السحر المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 22/4/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أيها الشيخ الفاضل، أرجو مساعدتي في الإجابة عن السؤال الآتي: لدينا امرأة تعاني من السحر لعدة سنوات، وقد قرأ عليها الكثير من المشايخ الأفاضل، سواء من داخل أو خارج البلاد، وكانوا كلهم أهل ثقة لا يعالجون إلا بالقرآن وقد تحسنت، إلا أنه كلما أخرجوا الجني الموكل بالسحر أرسل إليها غيره، وقد أشار بعضهم إلى أن كون السحر مشروباً، وهذا يعني أن مادة السحر موجودة في بطنها، وهذا الذي يجعل من السهل إرسال إليها جني آخر، وقد قام بعضهم بإعطائها أعشاباً مسهلة، وآخر حاول عن طريق الترجيع، وقد نزل دم أسود، ولكن كانت كل المحاولات ترهق المريضة ولا تستطيع الاستمرار، السؤال بالتحديد: هل هناك طريقة يعلمها أحدكم في إخراج مادة السحر من المعدة، وذلك منطلقاً من حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"تداووا عباد الله، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله"؟ أفيدونا أفادكم الله، فنحن في حيرة من أمرها، وهل من نصح في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا أدري -يا أختي- عن مدى تحققك وجزمك أن ما أصاب هذه المرأة هو نوع من السحر المشروب أو غيره، فلربما توهم كثير من الناس أن ما أصابهم هو السحر، وأنه من نوع كذا وكذا، وعند التحقق يتبين أن الأمر على خلاف ذلك التوهم، غير أني أوصيكم وصية محب بما يلي: 1- أن توطّنوا أنفسكم على الصبر والاحتساب، فالدنيا مترعة بالمتاعب، ومن تأمل عظيم مصائب غيره هانت عليه مصيبته، واعلموا أن الأجر مع الصبر، وأن الله مع الصابرين.

2- أوصيكم –مع هذا- بتعاطي الأسباب المشروعة، ومن ذلك: البدء أولاً بمراجعة الأطباء من ذوي الاختصاص، فلربما يتبين أن المرض عضوي يمكن معالجته لدى ذوي الاختصاص، فإن أشاروا عليكم بعد ذلك بمراجعة المصحات النفسية فافعلوا، فقد أصبح كثير من الناس مبتلى بهذه الأمراض، وبمراجعتهم للمستشفيات النفسية يحصل عندهم كثير من التحسن، والعلماء لا يقللون من أهمية المعالجة لدى ذوي الاختصاص، فهم يبذلون أسباباً ينفع الله بها من يشاء. 3- إذا تحقق بعد اتخاذ الأسباب السالفة الذكر أنه سحر فأوصيكم بالرقى الشرعية المأثورة، ولن تعدموا من يفعل ذلك، فليست الأدعية حكراً على شخص دون شخص، ومن الأنفع في ذلك أن يتعاطى المريض الرقية بنفسه، فيرقي نفسه بنفسه معتمداً على الله صادقاً في التجائه إليه واعتماده عليه، ويداوم على ذلك حتى يزول ما به.

ولسماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- في (مجموع فتاويه ومقالاته) توجيه وتنبيه إلى ما يُتقى به خطر السحر قبل وقوعه، وبعد وقوعه تجدونه مرفقاً بهذه الإجابة، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ... قال الشيخ/ عبد العزيز بن باز: " أما ما يتقى به خطر السحر قبل وقوعه، فأهم ذلك وأنفعه، هو: التحصن بالأذكار الشرعية والدعوات والتعوذات المأثورة، ومن ذلك: قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة مكتوبة بعد الأذكار المشروعة بعد السلام، ومن ذلك قراءتها عند النوم، وآية الكرسي هي أعظم آية في القرآن الكريم، وهي قوله –سبحانه-:"اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ"، ومن ذلك قراءة "قل هو الله أحد"، و"قل أعوذ برب الفلق"، و"قل أعوذ برب الناس"، خلف كل صلاة مكتوبة، وقراءة السور الثلاث (ثلاث مرات) في أول النهار بعد صلاة الفجر، وفي أول الليل بعد صلاة المغرب، ومن ذلك قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في أول الليل، وهما: قوله –تعالى-:"آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" إلى آخر السورة، وقد صح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" وقال لي:" لن يزال عليك من الله حافظ ولا

يقربك شيطان حتى تصبح" رواه البخاري (2311) ، وصح عنه أيضاً –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه" البخاري (5009) واللفظ له، ومسلم (807) ، والمعنى –والله أعلم-: كفتاه من كل سوء، ومن ذلك الإكثار من التعوذ بـ (كلمات الله التامات من شر ما خلق) في الليل والنهار، وعند نزول أي منزل في البناء، أو الصحراء، أو الجو، أو البحر؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-:"من نزل منزلاً، فقال:"أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك" مسلم (2708) ، ومن ذلك أن يقول المسلم في أول النهار وأول الليل (ثلاث مرات) :"بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم" الترمذي (3388) وأبو داود (5088) وابن ماجة (3869) وأحمد (446) ؛ لصحة الترغيب في ذلك عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وأن ذلك سبب للسلامة من كل سوء، وهذه الأذكار والتعوذات من أعظم الأسباب في اتقاء شر السحر وغيره من الشرور لمن حافظ عليها بصدق، وإيمان، وثقة بالله، واعتماد عليه، وانشراح صدر لما دلت عليه، وهي أيضاً من أعظم السلاح لإزالة السحر بعد وقوعه مع الإكثار من الضراعة إلى الله، وسؤاله –سبحانه- أن يكشف الضرر ويزيل البأس، ومن الأدعية الثابتة عنه –صلى الله عليه وسلم- في علاج الأمراض من السحر وغيره –وكان –صلى الله عليه وسلم- يرقي بها أصحابه-:"اللهم رب الناس أذهب البأس اشفه أنت والشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً" البخاري (5743) واللفظ له، ومسلم (2191) (يقولها ثلاثاً) ، ومن ذلك الرقية التي رقى بها جبرائيل النبي –صلى الله عليه وسلم-وهي قوله:"بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك" مسلم (2186) وليكرر ذلك ثلاث مرات، ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضاً، وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله أن يأخذ سبع ورقات من

السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه، ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل، ويقرأ فيها آية الكرسي، و"قل يا أيها الكافرون"، و"قل هو الله أحد"، و"قل أعوذ برب الفلق"، و"قل أعوذ برب الناس"، وآيات السحر التي في سورة الأعراف، وهي قوله –سبحانه-:"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ*فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ*فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ"، والآيات التي في سورة يونس، وهي قوله –سبحانه-:"وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ*فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ*فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ*وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ"، والآيات التي في سورة طه:" قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى*قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى*فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى*قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى*وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى".

وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه (ثلاث مرات) ، ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء -إن شاء الله-، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء، ومن علاج السحر أيضاً وهو من أنفع علاجه بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك، فإذا عرف واستخرج وأتلف بطل السحر، هذا ما تيسر بيانه من الأمور التي يتقى بها السحر ويعالج بها، والله ولي التوفيق. وأما علاجه بعمل السحرة الذي هو التقرب إلى الجن بالذبح أو غيره من القربات فهذا لا يجوز؛ لأنه من عمل الشيطان، بل من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من ذلك، كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين واستعمال ما يقولون؛ لأنهم لا يؤمنون، ولأنهم كذبة فجرة يدعون علم الغيب ويلبسون على الناس، وقد حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم -كما سبق بيان ذلك في أول هذه الرسالة-، وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل عن النشرة، فقال:"من عمل الشيطان" رواه الإمام أحمد (14135) واللفظ له، وأبو داود (3868) بإسناد جيد، والنشرة، هي: حل السحر عن المسحور، ومراده -صلى الله عليه وسلم- بكلامه هذا النشرة التي يتعاطاها أهل الجاهلية، وهي سؤال الساحر ليحل السحر أو حله بسحر مثله من ساحر آخر. أما حله بالرقية والمتعوذات الشرعية والأدوية المباحة فلا بأس بذلك -كما تقدم-، وقد نص على ذلك العلامة ابن القيم، والشيخ عبد الرحمن بن حسن في (فتح المجيد) -رحمة الله عليهما-، ونص على ذلك أيضاً غيرهما من أهل العلم. والله المسؤول أن يوفق المسلمين للعافية من كل سوء، وأن يحفظ عليهم دينهم، ويرزقهم الفقه فيه، والعافية من كل ما يخالف شرعه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- جـ الثالث صـ (277-281) ] .

رقية الحساسية

رقية الحساسية المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 23/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي ابنة لديها حساسية في جلدها وأريد أن أقرأ عليها من القرآن، فما هي الآيات والأحاديث الواردة في هذا الشأن؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالذي أنصح لك به هو: أولاً: الصبر والاحتساب وتوطين نفسك على تحمل الابتلاء فإن لك في ذلك خيراً إن صبرت واحتسبت. ثانياً: بذل الأسباب الظاهرة والمعروفة من تعاطي العلاج عند ذوي الاختصاص من الأطباء لهذه الأمراض. ثالثاً: أن تباشر الرقية بنفسك عليها أو ترقي هي نفسها فإن لم يتيسر رقاها من يحسن الرقية ومن الرقى المشروعة في ذلك قراءة الفاتحة والمعوذات على المريض ورقية الدعاء الوارد في صحيح مسلم (2186) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل -عليه السلام- أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:" يا محمد اشتكيت؟ فقال: نعم، فقال جبريل -عليه السلام-:باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك". وانظر صحيح مسلم حديث رقم (2186) كتاب السلام باب الطب والمرض والرقى (ج4/1718) ، وانظر زاد المعاد (4/176) .

حل السحر بالسحر

حل السحر بالسحر المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 13/8/1423هـ السؤال هل يجوز حل السحر بسحر؟ الجواب حلُّ السحر بالسحر يقتضي الذهاب إلى الساحر ليقوم بفك السحر وإبطاله وهذا لا يتم له إلا باستحضار الجن، أي: الشياطين وطاعتهم، فإنهم لا يطيعون ولا يخدمون إلا من يطيعهم بما يريدون منه، فالذي يذهب للساحر لا بد أن يكون راضياً بما يفعل، والذي يذهب إليه لحلّ السحر يتضمن سؤاله وتصديقه، وهو من نوع الذهاب إلى العرّاف والكاهن، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-" رواه الترمذي (135) ، وأبو داود (3904) ، وابن ماجة (639) وأحمد (9536) ، وعلى هذا فلا يحل السحر بالسحر، والله أعلم.

معالجة المسحور

معالجة المسحور المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 29/11/1423هـ السؤال بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله. شيخنا الفاضل أرجو من الله أن يصلكم سؤالي هذا وأنتم في أتم الصحة والعافية، سيدي لن أطيل عليكم، فمشكلتي تتلخص في أخي الذي لم يوفق في الزواج إلى الآن، شيخنا الجليل إن مشكلتنا في زواج أخي يوافق على الزواج في بادئ الأمر، حتى إذا أوشك الموضوع إلى التمام رفض بشدة، وأصبح في حالة شديدة من الضيق والتعب، أو أن أهل الخطيبة يرفضون بعد الموافقة، لم نشك في الموضوع في بادئ الأمر حتى جاء أحدهم وهو رجل راشد لا يتهم بكذب، وأخبرنا أن والده هو من قام بربط أخي عن الزواج ولا نعرف السبب. الآن مضى على علمنا بالموضوع قرابة العشر سنوات، ونحن نحاول علاج أخي دون جدوى وهو يرفض مناقشة الموضوع أو الذهاب إلى شيخ لعلاجه، شيخنا الآن وقد تجاوز أخي الثالثة والأربعين من عمره، ذكر لنا شيخ يستطيع القراءة عليه، فهل يجوز الذهاب إليه؟ وهل علي إثم في تعريف أهلي بعنوان هذا الشيخ؟ أفيدونا وجزاكم الله ألف خير. الجواب الحمد لله وبعد: أولاً: إذا كان أخوك مسحوراً فعلاً عن الزواج وتريدون علاجه من ذلك، فإن علاجه من نفسه باللجوء إلى الله - سبحانه وتعالى - بالدعاء والتضرع مع حسن العبادة لإزالة ضرره والله - سبحانه وتعالى - قال وقوله الحق "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ " الآية، [البقرة:186] ، وقال سبحانه: "أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ" [النمل:62] ثانياً: حل السحر عن المسحور المسمى بالنشرة على قسمين:

الأول: أن يكون بالقرآن الكريم والأدعية الشرعية والأدوية المباحة، فهذه لأبأس بها لما فيها من المصلحة وعدم المفسدة، بل ربما تكون مطلوبة لأنها مصلحة بلا مضرة. الثاني: إذا كانت النشرة بشيء محرم كنقضه السحر بسحر مثله، فهذا موضع خلاف بين أهل العلم، فمن العلماء من أجازه للضرورة، ومنهم من منعه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن النشرة فقال "هي من عمل الشيطان" رواه أبو داود، وإسناده جيد. فإن كان الذي ذكر لك يداوي بالقرآن والأدعية الشرعية والأدوية المباحة فلا بأس بالذهاب إليه لحاجة أخيك، وإن كان ساحراً أو كاهناً أو يعالج بغير الأدوية المباحة والأدعية الشرعية فلا يذهب إليه. لكن إن كان من فعل السحر بأخيك حياً فليذهب إليه؛ لنقض ما عمل إن لم يترتب على ذلك مفسدة شرعية، والله أعلم.

قراءة الأبراج

قراءة الأبراج المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 7/11/1422 السؤال كنت جالسة في المستشفى أقرأ الجريدة حتى يأتي دوري وأدخل على الدكتور، وخلال تصفحي للجريدة قدمت إلي ممرضة يبدو من هيئتها ونطقها للغة العربية أنها أجنبية، وطلبت مني قراءة الأبراج لها حتى تعرف حظها في ذلك اليوم. قلت لها: إن الأبراج حرام، وأنه لا يعلم الغيب إلا الله، فقالت: نعم أنا أعرف ذلك، وستكون آخر مرة أقرأ بها الأبراج، وبعد إصرارها قرأت لها، مع العلم أنني وضحت لها أكثر من مرة أنه لا يعلم الغيب إلا الله. الآن أشعر بالذنب؛ لأني ساعدتها على هذا المنكر، فهل علي إثم؟ وكيف أتوب من هذا الذنب؟ الجواب لا يجوز معاونة أي إنسان على فعل منكر وليس في الأمر مجاملة؛ لأن إرضاء رب العالمين الذي خلقنا وأوجدنا وبيده الكون كله مقدم على رضا كل البشر، وأما ما فعلته الأخت من قراءة الأبراج فهو معصية كفارتها التوبة، أي: تندم على ما فعلت، وتستغفر، وتتوب، وتعزم على عدم فعل ذلك مستقبلاً، ومن تاب تاب الله عليه، فالله - عز وجل - كريم رحيم يقبل توبة عبده، ويغفر له إذا تاب. والتوبة تجب ما قبلها أي: تمحوه وتزيله، والله الموفق.

هل هذه الرقية جائزة؟

هل هذه الرقية جائزة؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 26/10/1424هـ السؤال هناك رقية للعين مجربة، ثبت بالتجربة المتكررة فائدتها لكثير من الناس، وتتلخص في قراءة الفاتحة سبع مرات، وآية الكرسي ثلاث مرات، والقدر ثلاث مرات، والمعوذتين ثلاث مرات، ثم يقول: (أقسمت عليك أو (حرجت عليك) أيتها العين الضابطة أو العين الحاسدة بعزة الله وقدرته أن تخرجي من هذا الجسد، فإن لم تخرجي فأنت بريئة من الله والله بريء منك) ثم يتلو آيات الشفاء الواردة في القرآن مثل: "وإذا مرضت فهو يشفين ... ". 1- هل يجوز العمل بالرقية المذكورة؟ 2- هل قول أقسمت عليك فيها محظور شرعي؟ 3- يرى البعض أن الرقية مبنية على الاجتهاد، كما جاء في قصة اللديغ، فهل هذه منها؟ الجواب الرقية التي ذكرها السائل لا بأس بها في الجملة، إلا قوله: (فأنت بريئة من الله والله بريء منك) فمثل هذا الكلام لا أعلم ثبوته عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أحد من السلف ممن يقتدى بهم، ومثل هذا لا بد أن يكون عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم- وإلا كان قولاً على الله بغير علم، وفي النهي عن ذلك يقول -تعالى-: "وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" [البقرة:169] فالواجب تركها، كما أن السائل ذكر عدداً محدداً تقرأ به سورة القدر وآية الكرسي، ولا أعلم أن هذا يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن بعض أهل العلم قد رخَّص في هذا وأمثاله إذا ظهر بالتجربة نفعه.

وأما سؤاله عن الرقية أهي من قبيل الاجتهاد، فإن ظاهر النصوص الواردة عن –النبي صلى الله عليه وسلم- تدل على جواز الاجتهاد في الرقية، فقد أخرج مسلم (2200) وغيره من حديث عوف بن مالك –رضي الله عنه- أن بعض الصحابة –رضي الله عنهم- سأل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن الرقى التي يسترقون بها في الجاهلية، وعرضوها عليه قال: "اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" فتضمن الحديث الإذن المطلق في الرقى، وقيدها بألا تكون شركاً، ومثله ما أخرجه مسلم (2199) من حديث جابر –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- نهى عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقالوا: "يا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إنه كانت عندنا رقية نرقى بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى، قال: فعرضوها عليه، فقال: ما أرى بأساً، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه". فدل ظاهر هذه النصوص على جواز ذلك، حتى ماكان من رقاهم في الجاهلية، بشرط ألاّ تتضمن حراماً. على أن أهل العلم شرطوا لجواز الرقية شرطين: الأول: أن تكون الرقية بأمر مباح، ولذا نصَّ أهل العلم على عدم جواز الرقية بألفاظ أعجمية؛ مخافة أن تتضمن كلاماً محرماً، قال مالك –رحمه الله- وقد سئل عن الرقية: (لا بأس بذلك بالكلام الطيب) ، وقال المازري: (ينهى عن الرقى إذا كانت باللغة العجمية، أو بما لا يدرى معناه لجواز أن يكون فيه كفر) ، وبقريب منه قال الحافظ العراقي في طرح التثريب، وعلى هذا فلا يجوز أن تكون الرقية مشتملة على دعاء غير الله –تعالى- أو الاستغاثة بأحد من الخلق من الإنس والجن أو غيرهم، ومن ذلك ما يفعله بعض الدجالين من خلط كلام غير مفهوم أو طلاسم ورموز بآيات قرآنية أو أدعية مأثورة ونحو ذلك مما يلبسون به على الناس.

الثاني: أن يعتقد المرء أن هذه الرقية لا تؤثر بنفسها، بل هي كسائر الأسباب والأدوية المجربة التي أذن بها الشرع، وجعلها -تعالى- أسباباً يحصل بها الشفاء، وإنما الشفاء حقيقة من الله -تعالى-، يقول -تعالى- ذاكراً قول خليله إبراهيم -عليه السلام-: "وإذا مرضت فهو يشفين" [الشعراء:80] . ومما يجب التنبيه عليه أن كثيراً من الناس يتعلَّق بالرقى المحرَّمة بحجة أنها مجربة، وأن نفعها ظاهر، وهذا من جملة البلاء والفتنة التي يمتحن الله بها عباده، فإن السحر له تأثير مشاهد وقد ينفع صاحبه كما أخبر -تعالى-، ومع هذا فأقل ما يقال فيه إنه من كبائر الذنوب، إن لم يكن كفراً مخرجاً من الملة. بقي أن يقال: إن أعظم الرقى وأبلغها نفعاً ما كان من كلام الله، أو تضمنت أسماءه وصفاته، أو ما صح عن نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس يزهدون فيهما إلى كلام آحاد البشر ممن قد يكون لا خلاق له، وهذا من الخذلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

لبس القلائد التي فيها ذكر الله

لبس القلائد التي فيها ذكر الله المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 17/10/1423 السؤال ما حكم لبس القلائد المكتوب فيها اسم الله أو عبارات أخرى مثل: ما شاء الله، وغيرها؟ الجواب لا ينبغي لبس ما فيه ذكر الله؛ لأن ذلك يعرضه للامتهان، وقد قال أهل العلم إن لبس التمائم من القرآن يؤدي إلى امتهان ما فيها من ذكر الله، فإنه قد يدخل بها محل قضاء الحاجة، وقد تكون القلادة في موضع من البدن مستقذر، فينبغي عدم الكتابة لشيء من أسماء الله، أو آيات القرآن على ما يلبس.

الجمع بين النهي عن الطيرة والاسترقاء

الجمع بين النهي عن الطيرة والاسترقاء المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 12/10/1423هـ السؤال في حديث الذين يدخلون الجنة بغير حساب ذكرت عدة أمور، ومنها: لا يسترقون، ولا يتطيرون، والمعروف أن الطيرة من الشرك، والرقية جائزة، فلماذا قرن بين هذا وهذا؟ الجواب نعلم أولاً أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عرّف السبعين ألفاً باجتنابهم للأمور الثلاثة المذكورة، ومعلوم بالضرورة أن هذا الفضل لا يتحقق بمجرد هذه التروك، وإنما هذا من قبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى، فإذا كانوا يتركون المكروه، وخلاف الأولى، فلأن يتركوا سائر الذنوب، ويحافظوا على الواجبات، وترك المحرمات من باب أولى، فهؤلاء السبعون ألفاً لا ريب أنهم من أول السابقين لدخول الجنة، وقد فسر العلماء السابقين المسارعين في الخيرات بأنهم الذين يفعلون الواجبات والمستحبات، ويتركون المحرمات والمكروهات وفضول المباحات، فيجب أن يعلم ذلك، فإن كثيراً من الناس يظن أنه يستوجب هذا الفضل بترك الاسترقاء ونحوه، وأما لِمَ قرن بين الاسترقاء وهو جائز والطيرة وهي شرك؟ فإن دلالة الاقتران كما يقول الأصوليون ضعيفة، فقد يجمع بين الأمرين وإن اختلف حكمهما لما بينهما من الاشتراك، وهذه الأمور وإن تفاوت حكمها فإن بينها قدراً مشتركاً، وهو تحقيق التوكل، ولهذا جمع ذلك بقوله: "وعلى ربهم يتوكلون" البخاري (5705) ، مسلم (218) ، فهم لا يتعاطون هذه الأمور المنافية للتوكل الواجب أو المستحب، والأسباب وإن كانت جائزة فلا يجوز الاعتماد عليها، فإن الاعتماد على الأسباب شرك، فهذا هو الظاهر -والله أعلم- من الجمع بين هذه الأمور الثلاثة أنه يجمعها تحقيق التوكل، والله أعلم.

الذهاب للساحر وتعلم السحر

الذهاب للساحر وتعلم السحر المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 16/12/1423هـ السؤال ما حكم الذهاب إلى الساحر؟ وما حكم طلب علم السحر، مع الإيمان بأنه سبب فقط. الجواب الحمد لله، لا يجوز الذهاب للسحرة، لا لسؤالهم ولا لطلب حلّ السحر، فإن الساحر كالعراف والكاهن وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى كاهناً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم - " الترمذي (135) أبو داود (3904) ابن ماجة (639) النسائي في الكبرى (8968) وأحمد (9290) ، وكذلك لا يجوز تعلم السحر فإنه من علم الشياطين، وقد أخبر - سبحانه وتعالى - عن اليهود بأنهم يتبعون ما تتلوا الشياطين، قال تعالى: "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ" الآية، [البقرة: 102] فهو من العلم الذي تلقيه الشياطين على أوليائها، فلا يجوز طلب هذا العلم فإنه يقوم على الشرك والكفر بالله، ولهذا قال سبحانه وتعالى في نفس الآية: "وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ" الآية [البقرة: 102] .

فدلت الآية على أن تعلمه موجب للكفر لقوله تعالى: "وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر" [البقرة: 102] فالواجب الحذر من الذهاب للسحرة، بل الواجب الإنكار عليهم، والتبليغ عنهم لتطهير المجتمع من وجودهم، فإن وجودهم فساد للأمة، كما أن الواجب على المسلم أن يبتعد عن العلوم المحرمة والعلوم الضارة المفسدة للدين ومن شرها علم السحر، فنسأل الله سبحانه وتعالى العفو والعافية وصلاح أحوال المسلمين بمنه وكرمه، والله أعلم.

هل تجوز هذه التميمة؟

هل تجوز هذه التميمة؟ المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 07/09/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: لي طفل لم يكمل السنة بعد، وعندما يهم بالنوم ألاحظ عليه أنه يفز من نومه كثيرًا، وعندما سألت بعض الزملاء قال لي أحدهم بأن له ولد في مثل سنه كان يمر بتلك الحالة وذهب به إلى أحد المشايخ، وقال له بأن ولده فيه قرين، وأعطاه حرزًا، ومن يومها، ولله الحمد، لم يصبه شيء، فأفيدوني جزاكم الله خيرًا، علمًا بأنني أقرأ على ولدي أحيانًا آية الكرسي وآخر سورة البقرة والمعوذات. والله يحفظكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه المسألة ممن يفيد فيها علماء الاجتماع والنفس الذين لهم خبرة في ذلك؛ لأن معظم الحالات التي ترد على الصغار أو المراهقين ترجع إلى نوع التعامل الأسري الذي يتم في البيت، وكذلك برنامج النوم، وأيضًا ما يتعرض له الطفل أو المراهق من مشاهدات مزعجة تستفز الأعصاب، وتحدث ذلك النوع من الخفقان. أما موضوع الحروز والخطوط وما يعلق في عنق المصاب، أو يوضع له في علبة قريبًا من رأسه، فهذا ليس من هدي السلف، وقد يكون الشفاء امتحانًا لمن توكلوا عليها، وعلى المسلم والمسلمة أن يسلك المنهج الصحيح من الرقية الشرعية وقراءة الأوراد، والبحث عن الأسباب التي تسبب هذه الأمور في الغالب، ومن ثم يسعى لإزالتها كالمنكرات التي ملأت غرف الأولاد والصور، والأغاني ونحوها، فهي من أسباب ذلك. والله أعلم.

ماء الرقية للهداية

ماء الرقية للهداية المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 28/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يوجد شخص منحرف عن طاعة الله ويضايق أهله وطلبوا أن أحضر ماء رقية مقروء فيه، وذلك لعل الله أن يهديه هل هذا العمل صحيح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فمما لا شك فيه أن الرقية الشرعية دواء للأمراض البدنية والنفسية، والرقية الشرعية تكون بالنفث المباشر من الراقي على المرقي، وقد أجاز بعض العلماء القراءة في ماء أو زيت ونحوه ويشربها المرقي أو يدهن بها. أما ما ذكر في السؤال فالأولى والله تعالى أعلم أن يُلح له في الدعاء بالهداية وخاصة في أوقات تحري الإجابة، كما تتخذ معه وسائل الهداية بقدر المستطاع كإبعاده عن رفقاء السوء، والجو الاجتماعي السيئ واختيار الصحبة الصالحة له، إضافة إلى تهيئة جميع الوسائل المناسبة للهداية وتضييق عوامل الغواية، نسأل الله العلي القدير لنا وله الهداية وجميع المسلمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الرقية قبل أو بعد المرض؟

الرقية قبل أو بعد المرض؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 22/6/1424هـ السؤال هل الرقية الشرعية تكون إذا أصيب الإنسان بمرض أو آفة، أم أنها تكون كذلك قبل الإصابة بمرض أو عين أو مس؟ الجواب الرقية إنما تكون حين يصاب الإنسان بسبب يستدعي الرقية، كما في حديث عمران -رضي الله عنه-:"لا رقية إلا من عين أو حُمَةٍ" رواه البخاري (5705) ، ومسلم (220) ، ونصيحتي للأخ السائل وغيره أن يحرصوا على أوراد الصباح والمساء، فهي الحصن الحصين للوقاية من الشيطان ومن كل سوء ومكروه، وهي أوراد معروفة مدونة في كتيبات صغيرة في متناول الجميع، كما ينبغي له حين يأوي إلى فراشه كل ليلة أن يجمع كفيه ثم ينفث فيهما فيقرأ المعوذات ثم يمسح ما استطاع من جسده، يبدأ بهما من على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات، وهذا كله من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-. انظر ما رواه البخاري (5017) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.

تعدي تأثير السحر إلى غير المسحور

تعدي تأثير السحر إلى غير المسحور المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 25/4/1424هـ السؤال هل يمكن أن يصل تأثير السحر إلى غير المسحور؟ بمعنى أنه مثلاً في سحر الصرف والعطف هل يمكن إذا وقع السحر على الزوج أن تكون الزوجة هي التي تحب أو تبغض.. أو العكس؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، الظاهر أن تأثير السحر إنما يقع على المسحور، ولكن قد يتضرر به من تربطه بالمسحور رابطة، فيحصل له من المسحور من الأذى وأنواع الضرر بسبب معاشرة المسحور، وعلى هذا فإذا سحر الزوج لتحبيب امرأته أو ليحب امرأته فذلك يختص به، وحينئذ يتعلق بها ويحبها حباً مفرطاً، لأن حبه لها بسبب السحر ليس حباً طبيعياً عادياً، ولا يلزم من ذلك أن تحبه امرأته في الغالب، بل قد تبغضه وهو مفتون بها، فتعظم المصيبة عليهما معاً، وكذلك سحر الصرف كما يسمونه، وهو ما يفرق به بين الأحبة، وهو الذي ذكره الله في قوله: "فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه" [البقرة: 102] وهذا من أقبح أنواع السحر؛ لأنه مضاد لما يحبه الله ورسوله - عليه الصلاة والسلام - من الألفة بين الزوجين، ودوام عشرتهما، والشيطان وجنوده أحرص ما يكونون على مضادة ما يحب الله، وهم يسعون للفساد والإفساد، وهذا سبيل الأشرار من الإنس والجن، كفانا الله شرهم، ووقانا خطرهم، وقد شرع الله لعباده التعوذ من شر كل ذي شر، ومن السحرة والحاسدين، كما في قوله تعالى: "قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد" [الفلق: 1-5] . والله أعلم.

حكم الساحر

حكم الساحر المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 9/5/1424هـ السؤال ما حكم الساحر؟ وهل الساحر كافر أم مشرك؟ وما الفرق بين الكافر والمشرك؟ وهل المشرك مخلد في النار والكافر في رحمة الله؟ الجواب الساحر الذي يأتي في سحره بمكفرٍ مرتد كافر، وإن ثبت أنه قتل بسحره نفساً معصومة قتل قصاصاً، وإن لم يقتل نفساً ففي قتله بسحره خلاف، والصحيح أن يقتل حداً لردته، ويقتله ولي أمر المسلمين، وهذا هو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد - رحمهم الله - لكفره بسحره مطلقاً لدلالة آية البقرة: "وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ" [البقرة: من الآية102] ، فالآية دلت على كفر الساحر مطلقاً، وعند أبي داود (3043) ، وأصله في البخاري (3156) أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتب إلى الأمصار أن اقتلوا كل ساحر وساحرة ... ، وصح عن أم المؤمنين حفصة - رضي الله عنها - أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها. رواه مالك في الموطأ (1672) . وثبت عند الترمذي (1460) عن جندب -رضي الله عنه- أنه قال: "حد الساحر ضربةٌُ بالسيف"، فهذه الأدلة كلها تدل على قتله ردة لكفره، أما الفرق بين الساحر والمشرك: فالساحر هو الذي يعمل العقد والرقى والقراءات والطلاسم ليتوصل بها إلى استخدام الشياطين فيما يريد ليضر المسحور، أو يستعمل أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله ... إلى آخر ما يعمله السحرة ويؤثرون به على الناس، ومن أقسام السحر ما لا يأتي غالباً إلا بالشرك.

وأما المشرك: فهو من يجعل لله نداً، إما في أسمائه وصفاته فيسميه بأسماء الله ويصفه بصفاته، قال الله تعالى: "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأعراف:180] . وإما أن يجعل له نداً في العبادة: بأن يضرع إلى غيره- سبحانه- من شمس أو قمر أو نبي أو ملك أو ولي مثلاً بقربة من القرب، أو استغاثة في شدة أو مكروه أو استعانة فيما لا يقدر عليه إلا الله في جلب مصلحة، أو دعاء ميت أو غائب لتفريج كربة أو تحقيق مطلوب أو نحو ذلك مما هو من اختصاص الله، فكل هذا وأمثاله عبادة لغير الله واتخاذ شريك مع الله. وإما أن يجعل لله نداً في التشريع بأن يتخذ مشرعاً له سوى الله أو شريكاً لله في التشريع يرتضي حكمه ويدين به في التحليل والتحريم عبادة وتقرباً وقضاء وفصلاً في الخصومات أو يستحله وإن لم يرده دينا كما قال الله تعالى: "اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" [التوبة:31] ، وأمثالها من الآيات والأحاديث. فهذه الأنواع الثلاثة هي أعمال المشرك، وما سبق أعمال الساحر، وهذا يبين الفرق بينهما. والساحر إن كان سحره من استخدام الشياطين لإضرار المسحور فهو من الاستعانة بغير الله وهو ردة، صاحبه من المخلدين في النار لأنه داخل في الكفر، والله قال عن الكافرين: "خالدين فيها أبدا" [النساء: 169] . والمشرك كذلك إذا كان شركه مخرجاً عن الملة كما سبق، والكفر ملة واحدة، "إن الله لا يغفر أن يشرك به" [النساء: 48] ، وليس في رحمة الله منهما إلا من تاب وأناب منهما وعمل صالحاً، وإن عمل سوءاً أو كبيرة غير ما سبق من الكفر والشرك.

ما يفعله العائن لإنقاذ المعين؟

ما يفعله العائن لإنقاذ المعين؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 17/5/1424هـ السؤال تعرضت أختي للإصابة بالعين بسببي عن غير قصد مني، وهي الآن مريضة..ماذا أفعل؟ أفيدوني أفادكم الله..أرجو الرد بسرعة. الجواب العين حق، ولو شيئاً يسبق القدر لسبقته العين، هكذا أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم-، انظر صحيح البخاري (5740) ، وصحيح مسلم (2187-2188) والله تعالى أمرنا في سورة الفلق بالاستعاذة من شر حاسد إذا حسد، فالإصابة بالعين هي ضرب من ضروب الحسد، ولو لم يقصده الإنسان مباشرة، لكنه وقع في نفسه وتحول إلى إصابة في الطرف الآخر، وقد جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة ومن شر كل عين لامة" أخرجه البخاري (3371) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، والواجب على الإنسان الذي يجد في نفسه شيء من هذا المرض الخبيث أن يكثر من ذكر الله، وأن يبرك إذا رأى ما يعجبه في الآخرين، فإذا رأى شيئاً يعجبه قال: ما شاء الله تبارك الله، "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله" [الكهف: 39] فينبغي للإنسان أن ينتبه لهذه الأمور، ويجب عليه ويلزمه أن يدعو لهذا المصاب، ويقرأ عليه سورة الإخلاص والمعوذتين وسورة الفاتحة وآية الكرسي وينفخ على المصاب، ويتوضأ للمصاب في إناء يغسل فيه أعضاء وضوئه ومواطن العرق فيه كإبطيه ونحوه، ويكون ذلك بإناء يغتسل به المصاب، ونسأل الله - جل وعلا - العافية من كل سوء.

استخدام الجن لفك السحر

استخدام الجن لفك السحر المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 9/4/1424هـ السؤال ما هو الحكم في استعمال الجن لفك السحر ومعرفة مكانه والذي قام به؟ وهناك من يقول إنه إذا لم يكن هناك أمر مخالف كذبح للجن وخلافه وإنما هي وسيلة لمعرفة مكان الضرر وإخراجه لكي تنتهي المأساة. والمسألة على خلاف بين أهل العلم. الجواب هذا الموضوع متعلق بمسألة النشرة، وهي حل السحر عن المسحور، وله طريقان: الأول: الرقية الشرعية والتعوذات والأدوية المباحة فهذا طريق مشروع، وهو بحمد الله نافع ومجرب، والرقية الشرعية أجمع العلماء على أنها جائزة بشروط ثلاثة: الأول: أن تكون بالقرآن والأدعية الصحيحة. الثاني: أن تكون باللسان العربي وما يفهم معناه. الثالث: ألا يعتمد عليها بذاتها، وإنما يعتمد على الله، فالله وحده الشافي لا شفاء إلا شفاؤه، والرقية سبب من الأسباب. الطريق الثاني للنشرة: حل السحر بسحر مثله عن طريق التقرب إلى الشياطين ليخدموهم في حل السحر ومعرفة موضعه، فهذه محرمة بل شرك بالله لما فيها من التقرب إلى الشياطين، وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النشرة فقال: "هو من عمل الشيطان" رواه أحمد (14135) وأبو داود (3868) من حديث جابر - رضي الله عنه- بسند جيد. وإن كانت بغير طريق شركي فعامة أهل العلم على التحريم، لأنها وسيلة إليه، ولعموم حديث جابر - رضي الله عنه - السابق وما جاء عن الصحابة - رضي الله عنهم - ولما عند الشياطين من الكذب والتلبيس وتغيير الحقائق والكذب على الأبرياء لإيقاع العداوة والفرقة وفق الله الجميع لرضاه.

حرز الجوشن الكبير

حرز الجوشن الكبير المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 19/7/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، رأيت بعض الناس يقتنون كتيبات صغيرة تحمل اسم (حرز الجوشِن الكبير) ، وقد استغربت منها، فما الحكم في اقتنائها واتخاذها حرزاً من العين وغير ذلك؟ هل تعتبر هذه الكتيبات من التمائم؟ علماً أنها تحتوي على أدعية وأحاديث منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أعرف درجة صحتها..، فأرجو منكم الرد والتوضيح؛ حتى يزول اللبس، وإن كانت من البدع.. فهل من نصيحة نوجهها لهؤلاء الناس الذين يقتنونها دون أن يعلموا أنها كذلك؟ أرجو أن يكون السؤال واضحاً، جزاكم الله خير الجزاء، ووفقكم لما يحب ويرضى. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهداه، وبعد: فبخصوص السؤال عن الكتيبات الصغيرة التي تحمل اسم: (حرز الجوشن الكبير) فهذه لا أعرفها ولم أرها ولا أدري ما محتواها، ولكن الغالب الأعظم في مثل هذه الكتيبات أنها من التمائم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له" رواه أحمد (17404) وابن حبان في صحيحه (6086) وغيرهما من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -، ولا تخلو عادة من البدع إن سلمت من الشرك والعياذ بالله. ثم حتى لو كانت آيات قرآنية وأحاديث نبوية صحيحة فإنه لا يجوز تعليقها وإتخاذها حرزاً بمثل هذه الحالة في الصحيح من قولي العلماء، وقد اختلف الصحابة - رضي الله عنهم - في المعلق من القرآن، والأكثر على منع ذلك، لما يترتب عليه من المحاذير الشرعية، ومنها دخول الخلاء بالآيات القرآنية وغير ذلك من المحاذير.

والتحرز من العين ليس بتعليق التمائم حتى وإن كانت آيات وأحاديث صحيحة، وإنما بما وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - وبما شرع كقراءة المعوذتين وآية الكرسي وسورة الإخلاص ونحوها، والالتزام بالأوراد الشرعية، وإن كان المطلوب تحريزه صغيراً لا يحسن القراءة فليقرأ عليه وليه الكبير، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين ... " رواه البخاري (3371) ، وقال - صلى الله عليه وسلم - "ما تعوذ بمثلهن أحد " رواه النسائي (5430) وأصله في مسلم (814) من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنهما -. ونصيحتي للأخ السائل الحذر من مثل هذه الكتيبات والحروز المجهولة، فهذا أسلم لدينه وأبرأ لجسده، وأحفظ له من الشياطين، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

تحضير الأرواح (النورانية)

تحضير الأرواح (النورانية) المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 21/9/1424هـ السؤال أقرأ في بعض الكتب عن تحضير الأرواح النورانية، مثل خدام المصحف وخدام أسماء الله الحسنى، وهذه تحصل عن طريق الخلوة وإطلاق البخور، هل هذا جائز في الإسلام؟ ولا يتنافى مع الإسلام؟ ولا يدخل في معصية الله؟ وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذا الذي تذكره مما وقفت عليه في بعض الكتب من تحضير الأرواح النورانية عن طريق الخلوة وإطلاق الأدخنة من الباطل المبثوث في كتب الشعوذة والسحر، ولا يجوز التعويل عليه، ولا الالتفات إليه إلا على سبيل الرد والنصح لمن يتعاطى مثل هذه الأشياء، لبيان أن هذا مما يقدح في العقيدة ويتنافى مع التوحيد، ومثله دعاوى القائلين بتحضير الأرواح عن طريق التنويم المغناطيسي، وهي دعاوى وأوهام خاض غمارها أناس، فلما اهتدوا كشفوا عوارها وبان لهم زيفها، وقد بين سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ذلك، وأشار إلى ما ذكره الدكتور محمد محمد حسين في كتابه (الروحية الحديثة حقيقتها وأهدافها) ، حيث كان ذلك الدكتور ممن خدع بهذه الشعوذة زمناً ثم هداه الله للحق، وانظر تفاصيل ذلك في الكتاب المذكور، وفي مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (ج3/309 - 316) ، وانظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة (2/1032) ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ما يقال للعائن لاتقاء عينه؟

ما يقال للعائن لاتقاء عينه؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 5/5/1424هـ السؤال هل هناك قول يجيب به الشخص عندما يقال له أنت متفوق، أنت مداوم على صلواتك وإلخ بقصد الإصابة بالعين؟ فإني قد سمعت أنه يقال: (حبس حابس وحجر يابس وشهاب قابس وردت عين العائن عليه) أفيدونا جزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فلا شك أن العين حق، كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه البخاري (5740) ، ومسلم (2187) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وقد شرع لنا ما نتحصن به من شياطين الجن والإنس، ومن ذلك أوراد الصباح والمساء كتلاوة آية الكرسي والمعوذتين والإخلاص وقد قال - صلى الله عليه وسلم -قل: "قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء" أخرجه أبو داود (5082) ، والترمذي (3575) من حديث عبد الله بن خبيب -رضي الله عنه- وقال عن المعوذتين: "يا عقبة تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما" أخرجه أبو داود (1463) من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- وقال عن آية الكرسي: "لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح" أخرجه البخاري (2311) معلقاً، ووصله غير واحد. انظر فتح الباري (4/487-488) . أما الشخص الذي يعجب بالشيء ويخشى أن يعين غيره فيؤذيه، فعليه أن يبرك أي يدعو له بالبركة ويقال: "ما شاء الله تبارك الله"، اللهم بارك له فيه ونحوها، كما قال - صلى الله عليه وسلم - "إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو من ماله ما يعجبه فليبركه فإن العين حق" أخرجه أحمد (15700) والحاكم (4/215) ، وغيرهما من حديث عامر بن ربيعة -رضي الله عنه-.

أما ما سمعه السائل: (حبس حابس ... الخ) فهذه خرافة يقولها المستعينون بالجن، وهذا شرك لا يجوز أن يقال، وضرره مؤكد ولا نفع فيه. وأنصح الأخ السائل بقراءة حصن المسلم وأذكار الكتاب والسنة، وهو كتيب صغير مشهور فيه خير كثير في هذا المعنى. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

هل من هجر القرآن عدم الاستشفاء به؟

هل من هجر القرآن عدم الاستشفاء به؟ المجيب محمد بن ناصر السلمي القاضي في وزارة العدل العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 29/1/1425هـ السؤال كيف نجمع بين القول بأن عدم الاستشفاء بالقرآن من أنواع هجر القرآن, وبين قول النووي في شرحه لصحيح مسلم في حديث السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب في معنى "لا يسترقون" (وحاصله أن هؤلاء كمل تفويضهم إلى الله -عز وجل-، فلم يتسببوا في دفع ما أوقعه بهم ولا شك في فضيلة هذه الحالة ورجحان صاحبها. وأما تطبب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ففعله ليبين لنا الجواز، والله أعلم) وإذا أراد الإنسان أن يعمل بعمل السبعين ألف جعلنا الله وإياكم منهم ماذا يفعل؟ ما هي أعمالهم؟ دلونا عليها مأجورين، فنحن في زمن لا ندري نخاف من التفريط والغلو وادعوا لنا أن نكون منهم، وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم ما ذكره ابن القيم - رحمه الله- من أن من أنواع هجر القرآن، عدم الاستشفاء به محمول على عدم فعل الرقية بنفسه، أو بغيره تفضلاً وإحساناً. وهذا هو الذي ذكره شيخ الإسلام وتبعه على ذلك ابن القيم واختاره ونصره الشيخ سليمان بن عبد الله، وهو التفريق بين فعل الرقية وبين طلبها. ففعل الرقية سواء بنفسه أو بغيره فضل وإحسان، وطلبها مكروه قادح في التوكل. واستدل - رحمه الله- بما يلي: (1) ما ورد في حديث السبعين ألفاً وفيه "هم الذين لا يسترقون" أي: لا يطلبون من أحد أن يرقيهم والحديث رواه مسلم (218) عن عمران بن حصين - رضي الله عنه -. (2) أنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه رقى نفسه وغيره انظر ما رواه البخاري (4439) ومسلم (2192) عن عائشة - رضي الله عنها - ولم يثبت عنه أنه كان يسترقي، وحاله -صلى الله عليه وسلم- من أكمل الأحوال.

(3) أن هناك فرقاً بين الراقي والمسترقي: فالمسترقي سائل مستعط ملتفت إلى غير الله بقلبه، والراقي محسن، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه" رواه مسلم (2199) عن جابر -رضي الله عنه -. . وأما ما ورد في صحيح مسلم (220) من رواية سعيد بن منصور: (ولا يرقون) فقد قرر شيخ الإسلام أنها وهم وغلط من الراوي. حديث زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يزال الجهاد حلواً حضراً ما قطر". القطر من السماء وسيأتي على الناس زمان يقول فيه قراء منهم: ليس هذا بزمان جهاد، فمن أدرك ذلك الزمان فنعم زمان الجهاد، قالوا: يا رسول الله أو أحد يقول ذلك؟ قال: نعم من لعنه الله والملائكة والناس أجمعون". هذا الحديث إسناده مرسل. وذلك لأن أسلم العدوي لم يسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو من كبار التابعين. روى عن أبي بكر، ومولاه عمر، وعثمان، وابن عمر، ومعاذ بن جبل وأبي عبيدة - رضي الله عنهم- وهو قد أدرك زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكنه لم يسمع منه ولم يره. والله أعلم.

استعانت بالسحرة لتصرفه عن غيرها ويتزوجها

استعانت بالسحرة لتصرِفَه عن غيرها ويتزوجها المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 28/11/1424هـ السؤال لي صديقة كانت مخطوبة من شخص ففسخ خطوبته معها، وتعرف على فتاة أخرى، فلما علمت صديقتي بالأمر لجأت إلى السحرة، وفعلا قامت بالتفرقة بينهما، ورجع معها وتزوجت به، فما حكم هذا الزواج الذي يتم عن طريق السحرة؟ وشكراً. الجواب الحمد لله -تعالى-،وبعد:

فإن اللجوء إلى السحرة والذهاب إليهم، وتصديقهم والعمل على ضوء ما يطلبونه أو يأمرونه به من أسباب الكفر والردة عن دين الإسلام عياذاً بالله من ذلك، قال الله –تعالى-: "وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" [البقرة: من الآية102] وفي الأحاديث الصحيحة جاء التحذير من السحر ومن أهله والوعيد الشديد لمن ذهب إلى السحرة أو عمل على تصديقهم؛ لأن الساحر لا يتوصل إلى ما يريده إلا بعد أن يصرف شيئاً من العبادة للجن، وإتيان هؤلاء وتصديقهم إقرار لهم على ذلك، وعليه فإن الوسائل المحرمة لا يحل استخدامها للتوصل بها إلى ما أباح الله –تعالى- من زواج، أو أي أمر آخر مما هو مباح في الأصل، ومعلوم أن الزواج من أعظم الأمور وأخطرها؛ لأنه رباط وثيق، وقد سماه الله –تعالى- ميثاقاً غليظاً، وهو كما لا يخفى يبنى عليه استحلال الفرج، وبه تكون الأسرة ومنه ينشأ النسل، ونقول إنه لا يحل أن يبنى هذا الزواج على أساس محرم، وما بني على باطل فهو باطل، ولأن هذا الزواج إذا كان على وسيلة محرمة فإنه سيكون مآله إلى الفشل والطلاق وكثرة المشاكل، وهذا أمر معهود ومشاهد ومجرَّب، ولذلك فإنني أنصح صاحب هذا الموضوع بأن عليه أن يتقي الله – عز وجل- وأن يبني زواجه على أساس صحيح والله الموفق، وصل الله على نبينا محمد

وآله وصحبه وسلم.

التطهر لمس كتب السحر!

التطهر لمس كتب السحر! المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 15/8/1424هـ السؤال هل يجوز مس كتب السحر لغير المتطهَّر، مع أنها تحوي الكثير من الآيات وأسماء الله الحسنى -؟. الجواب ما عدا القرآن من الكتب؛ كتب التفسير أو الحديث أو الفقه لا تأخذ حكم القرآن في عدم جواز مسها إلا لمتطهر، فاشتراط الطهارة لمس القرآن خاص به، وما عداه لا يأخذ هذا الحكم هذا أولاً. وثانياً: لا يجوز الاطلاع على كتب السحر أو اقتناؤها أو الاحتفاظ بها نظراً لعظيم الفتنة بها، وقد جاء في حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سمع بالدجال فَلْيَنأَ عنه، فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه، مما يبعث به من الشبهات" رواه أبو داود (4319) وغيره، والله أعلم.

الرقية الجماعية

الرقية الجماعية المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 6/9/1424هـ السؤال السؤال: كثر في هذه الأيام انتشار السحر والعين والحسد بين الناس، ولقلة عدد الرقاة الشرعيين فأصبحت الرقية عليهم متعبة ممانرى ونسمع، فهل تصح الرقية الجماعية عليهم في هذه الحالة؟ وكيف تكون؟ وهل استخدام مكبرات الصوت جائزة في هذه الحالة؟. والله يحفظكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فلا يظهر لي - والله أعلم- المنع من الرقية على الصفة التي ذكرتها في سؤالك إذا دعت الحاجة إلى ذلك، لكني أود أن أنبه على أمرين: أحدهما: أن كثيراً من المترددين لطلب الرقية من العين أو السحر هم في واقع الأمر يعانون من أمراض جسدية، معروف تشخيصها ومعالجتها لدى الأطباء، أو أنهم يتوهمون أنهم مصابون بأنواع من الآفات والأمراض لا حقيقة لها سوى مجرد الوهم، وهنا ينبغي التنبيه إلى عدم الجزم لهؤلاء أن أحدهم مصاب بعين أو أنه مسحور مع أنه في واقع الأمر مصاب بمرض عضوي معروف تشخيصه وعلاجه، أو أنه مصاب بوهم أو وسواس، ولهذا ينبغي نصحهم وتوجيههم إلى أن يتعاطوا الأسباب المشروعة والمعروفة في معالجة هذه الأمراض عند ذوي الاختصاص مع الدعاء وإخلاص التوجيه إلى الله في طلب المعافاة. ثانياً: ينبغي أن يوجهوا أيضاً إلى أن يتعاطوا الرقى الشرعية بأنفسهم لأنفسهم، وذلك بتعلم الأذكار والرقى المشروعة على الصفة المشروعة إذ إن من يرقي نفسه سيكون أخلص في توجهه وأصدق في دعائه لتخليص نفسه وشفائها. والله الموفق.

معالجة روحانية أم كهانة؟!

معالجة روحانية أم كهانة؟! المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 04/11/1426هـ السؤال هل يوجد في الإسلام ما يسمى (معالج روحاني) ، فأنا وجدت موقعاً على الإنترنت لمعالج روحاني، كل كلامه بالقرآن الكريم، والأحاديث النبوية، وفي هذا الموقع يعرض طريقة يمكن للإنسان أن يكتشف إن كان معمولاً له سحر أو لا، فهو يأتي بشيء من ملابس المريض، ويقرأ عليها سورة (يس) سبع مرات، ثم يقول: يا خدام هذه السورة الشريفة بينوا إن كان بي سحر أو لا؟ فأنا أريد معرفة مشروعية هذه الطريقة، وهل هذا الرجل يعتبر دجالاً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه الطريقة غير مشروعة، فهي من الكهانة والعرافة، ولو كان الفاعل لها يتظاهر بالصلاح ويقرأ القرآن، سواء سورة يس أو غيرها، ويدعي من يزعم بأنهم خدام السورة فهو يمارس الكهانة أو العرافة التي جاء الوعيد في شأنها في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد". أخرجه أحمد (9536) ، وأبو داود (3904) ، والترمذي (135) . وقوله: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". أخرجه مسلم (2230) . وهذا يدل على أن من سأله فصدقه كفر، ومن سأله ولم يصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً. والله المستعان.

تحضير خدام القرآن من الجن

تحضير خدام القرآن من الجن المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 1/11/1424هـ السؤال السلام عليكم. باختصار وجدت رسالة هالني ما كتب فيها من خزعبلات وأحببت أن أرد، ولكن أحببت الرد عن طريق شخص تثق الناس في علمه، ليكون للكلام تأثير أكبر، وفيها. تعلَّم تحضير خدام القرآن من الجن المسلمين، واكشف على نفسك أبك سحر أم مس أو نظرة؟ ونبدأ الشرح أولا تحضر من أثرك أو أثر الإنسان الذي تريد الكشف عنه (الأثر يعني قطعة من ملابسه أو منديل) ، وتحضر قلماً، وتعلَّم علامة في الأثر بعد أن تفرد الأثر لكي تقدر على قياسه، وبعد أن تعلم علامة قس هذا الأثر مستخدما كفك، أي أن تقيس مقدار شبر بكفك (مقدار فتحة الكف من الإصبع الخنصر إلى الإبهام) ، وبعد ذلك تعمل علامة عند آخر الشبر (عند آخر صباع من القياس) ، وبذلك تكون تأكدت تماما وعرفت قياس كفك.

ثم تعمل الآتي: تقرأ على هذا الأثر سورة الهمزة كاملة عدد 7 مرات، وتقول بعد أن قرأت السورة 7 مرات توكلوا يا خدام هذه السورة الشريفة، وبينوا لي حال صاحب هذا الأثر، فإن كان ما به من الإنس (أي نظرة أو سحر) فطولوا هذا الأثر، وإن كان ما به من الجن (أي نظرة من جن أو مس من جن) فقصروا هذا الأثر، وإن كان من الله (أي ليس به لا سحر ولا نظرة ولا مس) فأبقوه على حاله (أي على نفس القياس الذي قسته) ، وبعد ذلك قيسوا الأثر فإن طال قليلا بمقدار نص عقلة أصبع أو عقلة كاملة فإن بك نظرة أو سحر، وإن أردت أن تعرف هل بك نظرة من الإنس أم سحر تفعل ما فعلت سابقا، وتقرأ السورة 7 مرات مرة أخرى بعد أن تقيس الأثر تماماً وتعرف القياس، وتقول بعد أن تقرأ السورة توكلوا يا خدام هذه السورة الشريفة وبينوا لي إن كان من نظرة فطولوا هذا الأثر، وإن كان سحر فقصروا هذا الأثر وتقيس وتعرف ما بك، وأيضاً في حالة نظرة من الجن أم مس تفعل ما فعلت سابقا، فنظرة تقول طولوا هذا الأثر، ومس تقول قصروا هذا الأثر، وبعد أن تخلص القياس تصرف خدام السورة بقراءة الآتي: تقرأ الفاتحة 7 مرات وتقرأ الزلزلة 7 مرات وتقرأ آخر سورة الجمعة من أول (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) ، وإن أردت أن تشعل ولو عود بخور فلا بأس، وإن لم ترد فلا مشكلة، واعلموا يا إخواني أن هؤلاء مسلمين لا يؤذون، وهم من خدام القرآن الكريم وهذه أسهل طريقة للكشف، حيث إن هناك العديد من الطرق إنما ذكرت هذه الطريقة للمبتدئين ومن ليس لهم علاقة ولا تداخل بهذا العالم، وأرجو أن أكون شرحت الطريقة بالتفصيل، وأن تكونوا فهمتموها جيدا يا إخواني وإني ذكرت هذه الطريقة لأنه يحدث تباين واضح، فتذهب إلى معالجين كثر، وكل واحد منهم يقول لك شيئاً فإن أنت عرفت ما بك تعرف أين تتعالج، وبأي شيء نتعالج، وما هي وسيلة علاجك؟ جزاكم الله وبارك في أوقاتكم. الجواب

أولاً: إن تحضير الجن هو المعروف باستخدام الجني واستحضاره بأدعية وتعويذات يقوم بها مستحضرهم وذلك نوع من الشعوذة والكهانة وهو ممنوع شرعاً؛ لما فيه غالباً من الشرك والكذب ودعوى علم الغيب ونحو ذلك، قال الله تعالى:"وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً" [الجن:6] وقال سبحانه:"يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم*وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون" [الأنعام:128-129] . أما الاستعانة بالجن واللجوء إليهم في قضاء الحاجات من الإضرار بأحد أو نفعه فهذا شرك في العبادة لأنه نوع من الاستمتاع بالجني بإجابته سؤاله وقضائه حوائجه، في نظير استمتاع الجني بتعظيم الإنسي له ولجوئه إليه واستعانته به في تحقيق رغبته. قال الله تعالى:"ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم*وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون" [الأنعام:128-129] وقال تعالى:"وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً" [الجن:6] .

ثانياً: الجن صنف من مخلوقات الله ورد ذكرهم في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهم مكلفون مؤمنهم في الجنة وكافرهم في النار، ولا يستطيعون شيئاً مما لا يقدر عليه إلا الله، ولا يعلمون الغيب، ولا يعلم ما في السماوات والأرض من الغيب إلا الله، قال الله تعالى:"فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين" [سبأ:14] ، ومن ادعى علم الغيب فهو كافر، أو من صدق علم الغيب فإنه كافر أيضاً، لقوله تعالى:"قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله" [النمل:65] . ثالثاً: لم يرد نص شرعي يؤكد ما ذكر، ولا عرف ذلك عن الصحابة - رضي الله عنهم- أو التابعين أو السلف الصالح الذين هم أعلم الناس بالسنة، وأسباب النزول وما ورد في النصوص الشرعية الصحيحة، وما ذكر عن سورة الهمزة ولا آخر الجمعة أو الفاتحة. رابعاً: لا فرق بين هذه الطريقة وطرق الشعوذة، بل فيها توهيم وتدليس على الناس أن لها صلة بالقرآن. خامساً: قوله: طولوا وقصروا وأبقوه دعوة لغير الله ليفعلوا ما لا يستطيعه إلا الله وهذا شرك. هذا ما بدا لي في هذا، والله الهادي إلى سواء السبيل.

ترقي نفسها عن طريق سماع الأشرطة

ترقي نفسها عن طريق سماع الأشرطة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 15/10/1424هـ السؤال أرقي نفسي عن طريق سماع أشرطة الرقية وأقرأ على نفسي القرآن منذ سنة، وأحس برعشات برجلي خاصة اليسرى، كذلك أحس بانقباضات برأسي ورقبتي، فهل هذا دليل على أني مسحورة؟ أو على العين؟ وكيف أعرف أني شفيت تماما?. الجواب الحمد لله، أوصيك أيتها السائلة بأن تحافظي على أذكار الصباح والمساء، وأفضل ذلك أن تقرئي المعوذتين، وقل هو الله أحد، بعد كل صلاة مرة مرة، وبعد الفجر والمغرب، اقرئيها ثلاثاً ثلاثاً، وكذلك آية الكرسي، وعند النوم انفثي في يديك واقرئي المعوذتين، وقل هو الله أحد، وامسحي على جسدك، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك، وادعي وأكثري من دعاء الله أن يشفيك، واكتفي بذلك، وأرجو أن ذلك يغنيك عن الرقية على رجليك أو غيرها من بدنك، وإن قرأت ومسحت على رجليك فلا بأس، ولا يلزم من حصول ما ذكرت من الرعشة أن تكوني مصابة بعين ولا مس، فقد يكون ذلك من الأوهام التي تعرض لنفس الإنسان، ويكون لها أثر على بدنه، فتوكلي على الله وأكثري من التضرع إليه سبحانه، واحفظي بعض الأدعية الواردة مثل أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق، ردديها في الصباح والمساء، ومثل أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة، وأرجو أن الله تعالى يكفيك ويشفيك ويحفظك من شر الحاسدين، ومن شر الشياطين إنه تعالى على كل شيء قدير. والله أعلم.

كيفية إبطال السحر

كيفية إبطال السحر المجيب د. حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 16/3/1424هـ السؤال إذا وجدت لفافات ورق وقد لفت أيضاً بقصدير وضعت لأحد أقاربي، وقد فتحته ووجدت فيه الآتي: عبارة عن جدول صغير فيه أحرف، وعلى طرف الورقة خارج الجدول مكتوب (اللهم اربط لسان فلان بن فلانة عن فلانة بنت فلانة ويكون في خدمتها العجل العجل) ونحو هذا الكلام فماذا أفعل؟ وإن كان هذا سحر فكيف أحله عن المسحور وأبطل هذا الأمر؟ عافانا الله وإياكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: لا شك أن هذا العمل نوع من الشعوذة، والأحرف التي كتبت في هذا الجدول طريقة السحرة في عمل السحر، والواجب عليك قراءة آية الكرسي، وخواتم سورة البقرة، وأواخر سورة الحشر، وكذلك قول الله -تعالى-:"وقال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين" [يونس: 81] ، وقل هو الله أحد، والمعوذتين وغيرها من الأذكار ثم يحرق هذا الجدول، ولعل هذا كافياً في إبطاله إن شاء الله - والله أعلم- وصلى الله على نبينا محمد-.

هل هذه رقية شرعية

هل هذه رقية شرعية المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 29/4/1423 السؤال ما حكم الشرع في علاج السحر أو العين باستخدام جهاز مسجل يحتوي على شريط قرآني مسجل عليه آيات الرقية وتوصيله بأسلاك تربط بجسم المريض؟ هذه الطريقة تسمح بتحويل الصوت القرآني إلى أمواج صوتية تسري في جسم المريض فيحدث على أثرها تفاعل القرآن مع المرض فيشفى المريض -بإذن الله-، وقد جربت هذه الطريقة وثبت نجاحها. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول، وبالله التوفيق: الرُّقى المشروعة، هي: ما أُثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه وتناقله العلماء وقالوا به من الأدعية والأذكار المأثورة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على الطريقة المعروفة التي بينها العلماء، وهي في مصادرها التي عنيت ببيانها وبيان الكيفية التي يكون عليها، ومن ذلك كتاب (زاد المعاد) لابن القيم الجوزية، وكتاب (الأذكار) للنووي -رحمهما الله-، ونحوهما من الكتب التي عنيت بتحري الهدي النبوي في الأدعية والأذكار. والأصل أن المريض يرقي نفسه أو يرقيه غيره بالتلاوة والأدعية والأذكار المشروعة، أما ما ذكرت في سؤالك من الأسلاك التي تُربط بجسد المريض بحيث يتحول الصوت القرآني إلى أمواج صوتية تسري في جسم المريض ... إلخ ما ذكرت، فأرى أن هذا من التكلف ومن إحداث صفة للرقية ليس لها أصل، والخير كل الخير في الاتباع وترك الابتداع، والله من وراء القصد، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قبول توبة الساحر

قبول توبة الساحر المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 14/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل تقبل توبة الساحر؟ وما الدليل؟ وشكراً لكم. الجواب الحمد لله، نعم توبة الساحر مقبولة عند الله إذا تاب التوبة النصوح وصدق فيها بينه وبين ربه فالله يغفر له ما كان منه وما عمله من السحر، والدليل على ذلك أن سحرة فرعون أمضوا أعمارهم في السحر وعبادة فرعون، فلما رأوا آيات الله التي جاء بها موسى سجدوا لله وقالوا "آمنا برب العالمين رب موسى وهارون" [الأعراف: 121-122] فتابوا من سحرهم وشركهم توبة هي غاية في الصدق لأنهم لم يبالوا بتهديد فرعون وقالوا لما هددهم:"فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى" [طه: 72-73] .

لكن اختلف العلماء في قبول توبة الساحر ظاهراً، أي إذا ادعى التوبة نتركه فلا نقيم عليه حد الساحر أم أنا نقتله وأمره في توبته إلى الله، فإن كان صادقاً غفر الله له، وإن كان كاذباً لم تنفعه توبته لا في الدنيا ولا في الآخرة؟ فالذين قالوا لا تقبل توبته ظاهراً قالوا إن أمره خفي ولا يتبين صدقه في توبته، ومن قال إن توبة الساحر مقبولة يقول: إذا جاءنا تائباً نادماً قبلنا توبته لعموم الأدلة كقوله تعالى:"وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى" [طه: 82] ، وقوله:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة" [النساء: 17] فالساحر ليس أسوأ من سائر الكفار كالذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة، أو الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات كما في سورة البروج "إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق" [البروج: 10] ، وقال تعالى:"لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" [المائدة:73-74] والصواب عندي أن قبول توبة الساحر وعدم قبولها يرجع فيه إلى نظر الحاكم، فإذا تبين صدقه في توبته درأ عنه الحد وقبلت توبته، وإن لم يتبين له حكم عليه بما حكم به الصحابة -رضي الله عنهم- كعمر وابنته حفصة وجندب بن عبد الله، فقد صح عنهم جميعاً قتل السحرة، وقد كتب عمر إلى بعض عماله أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، وقال جندب بن عبد الله:" حد الساحر ضربه بالسيف" هذا هو التفصيل في حكم توبة الساحر، والله أعلم

تعليق ملصق "العهود السبع السليمانية"

تعليق ملصق "العهود السبع السليمانية" المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 5/7/1424هـ السؤال ما حكم تعليق ملصق (العهود السبع السليمانية) لغرض حفظ الشيء؟ الجواب

الحمد لله رب العالمين، وبعد: فإن الله تعالى حفيظ على عباده، يحفظهم من كل شر ويقيهم من كل سوء، فلا يجوز الاعتماد على غيره تعالى في ذلك، وقد تواردت الأحاديث النبوية الشريفة في تحريم تعليق التمائم، وهو خرزات أو أشياء تعلق على الأولاد لتقيهم العين أو الجن أو المرض بزعمهم كما كان يفعله أهل الجاهلية - وقد يسميها بعضهم: (حجاباً) أو (حرزاً) أو (جامعة) ، وقد أبطل الإسلام ذلك؛ لما فيه من التعلق بغير الله تعالى والاعتماد على هذه الوسائل الشركية، ففي الحديث: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" رواه أبو داود (3883) وابن ماجة (3530) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وفي حديث آخر: "من تعلق شيئاً وُكِلَ إليه" رواه الترميذي (2072) من حديث أبي معبد الجهني - رضي الله عنه -، وفيه أيضا: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعةً فلا ودع الله له" رواه أحمد (17404) وغيره من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -، وفي لفظ: "فقد أشرك" عند أحمد (17422) ، وذلك أنهم كانوا يعتقدون أنها تمام الدواء والشفاء، بل جعلوها شريكاً لله، لأنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم وطلبوا دفع الأذى من غير الله تعالى الذي يدفع ذلك، وكل ما يكتب في هذه الحجب والتمائم من الطلاسم ومن أسماء الشياطين والجن والعفاريت والحروف المقطعة والكلام العجمي: فهو حرام وهو من أنواع الشرك الأصغر، وقد يكون شركاً أكبر بحسب ما يعتقده من يعلق ذلك، وهذه الملصقات التي تحتوي على كلام منكر أو شرك وكفر، أو يغلب أن يكون فيها شيء من ذلك، كالعهود السليمانية المذكورة، التي يدعي بعضهم كذباً وزوراً أنها متلقاة من سليمان - عليه السلام - وأنها تحفظ الشيء أو تدفع الضر أو تفك السحر، هذا كله من البدع والخرافات الشركية التي ينبغي على المسلم أن يحذرها، ليحافظ على عقيدته نقية صافية، والله أعلم.

الوقاية من شر الساحر

الوقاية من شر الساحر المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 16/2/1425هـ السؤال أريد منكم يا شيخ حلاً لمشكلتي وهي: أن طليق أختي يمارس السحر والشعوذة ضدنا فما الحل؟ جزاكم الله خيراً. الجواب السحر من أكبر الكبائر، وأضراره على الفرد والمجتمع عظيمة، ولهذا جاء الإسلام بتحريمه ومعاقبة فاعله بالقتل، وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" متفق عليه عند البخاري (2767) ومسلم (89) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. والحل الذي أراه فيما يتعلق بحالتك أن تلجأ إلى الله - سبحانه وتعالى- وتستعين به وتتضرع إليه بالدعاء أن يعصمك من شياطين الإنس والجن، وأن تصدق في تقوى الله - تعالى - واللجوء إليه بعيداً عن كل ما يخل بتوحيد الله، قال الله تعالى: "وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم" [يونس:107] . وعليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والتسمية على كل شيء والاستعاذة عند وساوس الشيطان، وحافظ على الصلوات الخمس في جماعة، لأن التهاون بها يسهل للشيطان مهمته، وأكثر من التوبة النصوح، لأن كثيراً من الشرور التي تصيب الإنسان يكون سببها ذنوبه ومعاصيه، قال الله - تعالى -: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى:30] . ولك أن تأخذ بالرقى الشرعية فإنها من أسباب الشفاء - بإذن الله-، وهي تكون بآيات من كتاب الله -تعالى- أو بأدعية مأثورة من السنة الصحيحة.

ومن التحصينات التي يتحصن بها الإنسان من السحر تطهير البيت من التصاوير والتماثيل المحرمة؛ لأن الملائكة لا تدخل هذه البيوت فتكثر فيها الشياطين، وعليك بقراءة السور الطاردة للشياطين، ومنها: سورة البقرة، والمعوذتان، والإخلاص. ومن ناحية أخرى عليك أن تقوم بمناصحة هذا الشخص وتذكيره بحرمة عمله هذا، وبيان النصوص الشرعية الواردة في تحريم السحر؛ لعله يرعوي، فإن لم يستجب فعليك أن ترفع أمره إلى الجهات الحكومية المسؤولة لكي تمنعه بالقوة، وتطبق عليه حكم الله -تعالى -، ويسلم المجتمع من شره.

الاستشفاء بأسماء الله الحسنى

الاستشفاء بأسماء الله الحسنى المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 12/1/1425هـ السؤال على بعض شاشات التلفاز برنامج ديني وتكلم فيه الشيخ عن الاستشفاء بأسماء الله الحسنى مستدلا بقوله تعالى: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها"، والطريقة أن يأتي بالماء ويقول عليه: بسم الله الرؤوف (أو أي اسم من أسماء الله الحسنى) ، ويكرر ثلاثمائة مرة مثلا، وقد أكد بأن أبحاث علمية أجريت من قبل طبيب معين في المجال نفسه؛ بل لكل مكان معين في الجسم اسم معين للاستشفاء، وكل هذا بالتجربة، فما شرعية ما قاله هذا الشيخ؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسو الله، وبعد: فهذه الطريقة غير مشروعة، ولم تذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- بهذه الصيغة، وإن كان الدعاء بأسماء الله الحسنى مأموراً به كما نصت عليه الآية: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" [الأعراف: 180] ، وممدوحاً كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يدعو بأسماء الله الحسنى وأن ذلك أدعى للإجابة من الله - جل وعلا-. لكن أدعية الاستشفاء الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وهي كثيرة خلاف ما ذكره المتحدث، وقد أفاض ابن القيم - رحمه الله - في كتاب زاد المعاد في هذا الجانب، وكان من هدي النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم- تكرار الدعاء ثلاثاً أو سبعاً، أما ثلاثمائة فلم ترد، وقد أشار المتحدث إلى أن ما ذكره مبني على التجربة وهذا باب واسع، ومرد التجارب الطبية إلى أعمال البشر، أما أن يأتي بنص شرعي ويربطه بالتجربة فهذا قول على الشرع بغير علم ولا دليل، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قوله: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" مسلم (1787) . والله أعلم.

ما ذنب المسحور؟

ما ذنب المسحور؟ المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 18/6/1424هـ السؤال إني أسأل عن المسحور ما ذنبه؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فأقول وبالله التوفيق: المسحور شأنه شأن غيره ممن يبتلى ويصاب بمصيبة، وسواء كان ما أصيب به ظلم وعدوان وبغي، أو كان بسبب تقصير منه في الأخذ بالأسباب المعينة على النجاة والعافية والسلامة، فإن العبد في كل الأحوال مطالب بالصبر والاحتساب مع الأخذ بالأسباب المشروعة. وإذا تبين أن الشخص مصاب بسحر فقد جعل الله من أسباب المعالجة ما هو مأثور ومشروع، وعليه مع هذا أن يتخذ من أسباب الوقاية ما هو مشروع أيضاً من التحصن بالدعاء وملازمة الأذكار، والبعد عن المعاصي والآثام ومواطن الخبث وحبائل الشيطان، مع التوكل على الله: "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ" [الطلاق: من الآية3] ، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً" [الطلاق: من الآية2] ، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً" [الطلاق: من الآية4] . ومع يقيني أن السحر واقع وله تأثير وضرر، إلا أنه يغلب على ظني أن كثيراً من الناس يتوهم لأدنى علة أنه مصاب بسحر، ثم يتعلق بعد ذلك بالسحرة والمشعوذين يطلب عندهم الشفاء والمعالجة، وهذا من ضعف النفوس ووساوس الشيطان التي لا مخرج للعبد منها إلا بالرجوع الصادق إلى الله، وإحسان التعلق به وحسن الظن به، مع الصبر والاحتساب والأخذ بالأسباب، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

يقدم ألعابا سحرية

يقدم ألعاباً سحرية المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 27/2/1425هـ السؤال أقدم عروضاً للألعاب السحرية بطريقة مختلفة عن السحرة الآخرين، حيث لا أدعي القدرة الخارقة، وعند ختام كل عرض أنبه المتفرجين بأن الألعاب السحرية أو ألعاب الخفة في الحقيقة ما هي إلا خفة يد وذكاء، وتلاعب بالكلمات، حيث أقوم بشرح تفاصيل لعبتين أو ثلاث؛ لكي لا أوهمهم بأن الساحر ما هو إلا بشر عادي، وأحرص دائما على عدم قول ما يمكن نسبته إلى الشرك، وأن السحر حرام، الحقيقي الذي يرتبط باستعمال الجن والتفريق بين المرء وزوجه، فهل ما أقوم به يخالف الشرع؟ وما هي الملاحظات التي يمكن أن تسدوها لي بهذا الصدد؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب صحيح أن حقيقة السحر ذات قسمين: الأول سحر التخييل والخداع المعتمد على التمويه والكذب والخداع، وقيام الساحر بأعمال عجيبة غريبة تعتمد على خفة في اليد وسرعة الحركة، أو استخدام الحيل الطبيعية مثل استخدام العقاقير والأعشاب، وبعض الأدوية التي تجعل للإنسان المقدرة على عمل بعض الأمور التي يرى أنها من الخوارق، مثل: الدخول في النار مع عدم الاحتراق، ونحو ذلك مما يشغل الأعين ويضيع الوقت أو يؤدي إلى مفاسد أو أخذ أموال الناس بغير حق. وأما النوع الثاني من السحر فهو ما أشرت إليه في سؤالك بالسحر الحقيقي المعتمد على الاستعانة والاعتماد على الأرواح الأرضية وهم الجن ...

والنوع الثاني: تعلم حرمته وآثاره السيئة كما ظهر من سؤالك، وأما النوع الأول فأنت سألت عنه حتى تدفع الريبة فـ "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"كما في الحديث الذي رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) عن الحسن بن علي - رضي الله عنهما-، و"الإثم ما حاك في صدرك"رواه مسلم (2553) من حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه -، ويكفي أن فيه تمويه وخداع وكذب، والتمويه على الناس حرام والمخادعة حرام، والكذب حرام، وإن أوضحت ذلك كله للناس. فأنا أنصحك بأن تبتعد عن هذا العمل وتتجه إلى عمل أفضل تكسب به خير الدنيا والآخرة. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

كتابة الحرز، وتعليق التمائم

كتابة الحرز، وتعليق التمائم المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 27/10/1424هـ السؤال أعرف شخصاً من الأقارب يقوم بكتابة ما يسمى عندنا بالحروز أو الكتبة، وهي تعلق للمرضى وللأطفال، أو توضع تحت الوسادات، وبعضها يحلل بالماء أو الزيت ويشرب عندما يكتبها بالحبر المصنوع بعد حرق صوف الشاة ويكتب فيها بعضاً من القرآن وربما كلاماً آخر، الرجاء ما الحكم في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالمعلق على المرضى وفي رقاب الأطفال وما يسمى بالحروز على نوعين: الأول: أن تكون آيات من كتاب الله - تعالى - مكتوبة كآية الكرسي، أو المعوذتين، أو نحو ذلك. فالصحيح من قولي العلماء أنها لا تجوز؛ لأنها لم تكن من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولما فيها من إهانة لكتاب الله - تعالى - وآياته العظيمة من دخول بها في أماكن الخلا، ولتعرضها للإهانة وقد تصل إليها النجاسة أحياناً إذا كانت في الأطفال، ولذلك قال إبراهيم النخعي: "كانوا يكرهون -يعني أصحاب عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- التمائم كلها من القرآن وغير القرآن". الثاني: أن تكون تعاويذ مجهولة أو خرزاً أو غير ذلك مما يقصد بها صد العين أو دفع المرض أو رفعه، فهذه من باب أولى لا تجوز وهي من التمائم التي قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من تعلق تميمة فلا أتم الله له" أحمد (17404) وابن حبان (6086) وغيرهم وهو حديث حسن، وقال:"إن الرقى والتمائم والتولة شرك ... " وقال:"ومن تعلق شيئاً وكل إليه" الترمذي (2072) والنسائي (4079) وأحمد (18304) وهو حديث حسن، ولما رآها ابن مسعود على زوجته نزعها وقال: "إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك".

وعن عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً في يده حلقة من صفر فقال: "ما هذا؟ " قال: من الواهنة. قال: "انزعها؛ فإنها لا تزيدك إلا وهناً فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً" ابن ماجة (3531) وأحمد (15498) .. وهو حديث ضعيف. ولما رأى حذيفة -رضي الله عنه- في يد رجل خيطاً أو سيراً في عضده قطعه أو انتزعه ثم قال:"وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" [يوسف:106] ، ولذلك قال سعيد بن جبير: من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة. أما الرقية المشروعة فهي أن يقرأ مباشرة على الطفل أو المريض مع النفث كما كان يعوذ النبي -صلى الله عليه وسلم- الحسن والحسين -رضي الله عنهما-، انظر: البخاري (3371) وأجاز العلماء القراءة في ماء أو زيت ونحوه ومن ثم شربها، أو الاغتسال والادهان بها، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قراءة سورة يونس وطه للمبتلاة بإسقاط الجنين

قراءة سورة يونس وطه للمبتلاة بإسقاط الجنين المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 14/10/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ.. قصتي باختصار شديد هي أنني أم لطفلين أنجبتهما بحمل وولادة طبيعيين 100%، وبعدها حملت ومات الجنين في بطني في الشهر الثاني، وبعدها حملت أيضاً وحصلت ولادة مبكرة في الشهر السادس، وأنجبت طفلة وماتت بعد ساعات، وبعدها حملت وحصل إسقاط بعد أسبوع وبدون أي جهد مني أو أي سبب واضح، بعدها بشهرين حملت وسقطت بعد معرفتي بالحمل بيوم واحد فقط، عملت جميع التحاليل اللازمة وقالوا لي بأني سليمة وقررت أن أرقي نفسي بالقرآن، فلربما كان ما حصل لي بسبب عين أو حسد، وقال لي أحد الأخوة بأن هناك شيئاً يسمى التابعة وهو مرض روحي ولكي أتأكد إن كنت مصابة به يجب أن أقرأ سورة يونس وطه فإذا حصل شئ غريب فتكون هي التابعة.. بصراحة أنا أول مرة أسمع بهذا الشيء، وخفت على عقيدتي إن عملت هذا أكون قد عملت بدعة أو خرافات، فهل لهذا الكلام مصدر من الكتاب أو السنة، وهل لسورتي يونس وطه ميزة عن غيرهما لعلاج العين أو الحسد وغيرهما؟ أفيدوني مأجورين, وطلب خاص يا شيخ جزاك الله خير بأن تدعو لي أن يرزقني ربي بالذرية الصالحة، التي تدعوه آناء الليل وأطراف النهار، وتعز دينه وترفع كلمته اللهم آمين. الجواب

لا أعلم في هذا الكلام مصدراً أو دليلاً من الكتاب والسنة، وكذا تخصيص هاتين السورتين، أما إن كان القصد آيات السحر في هاتين السورتين وما يماثلها في بقية السور فلا بأس بقراءتها، والمشروع عموم الرقية الشرعية بالآيات القرآنية والأدعية النبوية والتركيز على سورة البقرة "فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة" مسلم (804) وكذلك المعوذتين، وأسأل الله بحوله وقوته وهو الرزاق الوهاب أن يرزقك ذرية صالحة، وأن يصلح لنا ولك أمور الدين والدنيا والآخرة. وصلى الله على محمد.

جدتي تمارس الشعوذة

جدتي تمارس الشعوذة المجيب عيسى بن عبد الله المطرودي القاضي بالمحكمة الكبرى في حائل العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 10/1/1425هـ السؤال إني أشكو إليكم مشكلة صغيرة، إن جدتي تستعمل الشعوذة كما يقولون (السحر) ، هل يجوز زيارتها أم لا؟ البارحة جاءت لزيارتنا إلى منزلنا وكنا نراقبها كلنا، وفي الليل وقبل طلوع الفجر كنت راقداً أمامها سمعتها تتكلم وحدها ونهضت أرقبها خفية لكي لا تراني، ثم من بعدها عندما نهضنا لنصلي الفجر قلت لأخي في الصباح سوف أطردها وحلفت على ذلك كنت متهوراً قليلاً، وأسألكم هل علي كفارة أم لا؟ وهل يجوز طرد جدتي من منزلنا؟ وبرغم من ذلك جدتي تصلي وتفعل مثل هذه الأفعال. والسلام عليكم. وأشكركم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: لا يظهر من السائل أنه تأكد أن جدته تقوم بعمل الشعوذة والسحر، ولا بد من التأكد من ذلك حتى لا يسيء الظن ببريء، ولو قدر أن جدته تقوم بهذا العمل فالواجب عليه نصحها بالطريقة المناسبة، ولا أرى أن يقوم السائل بطرد جدته من البيت؛ لأن الله يقول عن الوالدين: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا" [لقمان: 15] ، وعليه بالدعاء لجدته بالهداية. ونسأل الله لنا وله التوفيق والسداد.

أرادت أن تعمل سحرا لوالدها

أرادت أن تعمل سحراً لوالدها المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 21/10/1424هـ السؤال كانت نيتي أن أعمل عملاً لوالدي كي يعطيني حريتي في الخروج، لكنه لم يتم، وأيضا كنت أذهب مع صديقتي إلى المشعوذ أريد أن أتوب لله ويغفر لي، فماذا أعمل كي يسامحني الله؟ علماً أني لم أعمل ذلك بل كانت نيتي العمل، أرجو إفادتي للتوبة. الجواب

الحمد لله، لقد هممت بمنكر عظيم، وهو أن تعملي لأبيك عملاً وهو السحر، لكي يتغير عقله فتتغير معاملته لك، وهذا التصرف الذي هممت به إثم كبير؛ لأنه يتضمن الاستعانة بالسحرة، ويتضمن ظلم أبيك، وفي ذلك ما فيه من قطيعة الرحم، ويتضمن سوء حال أبيك لو تم ما قصدت إليه، ومن حسن حظك أنه لم يتم لك ما نويت، فإن كنت تراجعت قبل أن تفعلي شيئاً فالحمد لله، فأنت مأجورة على ترك ما هممت به من العمل القبيح؛ لأنه في الحديث الصحيح أن من هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة لأنه لم يتركها إلا لله، أما إذا كنت حاولت ولكن الأمر لم يتم لمانع من الموانع فقد ارتكبت الذنب، فالواجب عليك صدق التوبة إلى الله، وذلك بالندم على ما فعلت، وعقد العزم على ألا يتكرر ذلك، والبعد عن الأسباب الداعية إلى وقوع مثل ذلك، والاجتهاد في بر أبيك، فإذا فعلت ذلك فالله يتوب عليك؛ لأنه تعالى هو التواب الرحيم، فمهما ارتكب العبد من الذنوب إذا رجع إلى ربه فتاب وأناب توبة نصوحاً تاب الله عليه، قال تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [الزمر:53] ، وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ" [التحريم: من الآية8] ،وقال تعالى: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [النور: من الآية31] . والله أعلم.

الاستعانة بالمشعوذين في فك السحر!

الاستعانة بالمشعوذين في فك السحر! المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 8/11/1424هـ السؤال حدث لأبي أزمات مادية ونفسية كبيرة من حوالي عامين، وعندما شككنا في الأمر ذهبنا لشيخ ووجدنا أنه (عمل) لقفل باب الرزق وقام الشيخ بفكه، ولكن الأزمة المادية مستمرة، ووالدي تاجر ولديه بضاعة معطلة وعلينا ديون كثيرة، فهل يقوم والدي ببيع الأصول لتسديد الديون؟ أو انتظار الفرج لبيع البضاعة بعد أن فك العمل؟. الجواب أولاً: فك السحر بالرقية الشرعية هو الدواء الناجع كما في الحديث الصحيح، ولا يجوز الذهاب إلى السحرة والمشعوذين لفكه، ولعل الشيخ الذي ذهب إليه والدك ليس من أولئك ولكنه قرأ عليه من القرآن والأدعية النبوية ما أذهب الله عنه ذاك. ثانياً: أداء الديون واجب لا يجوز تأخيره مع القدرة على الأداء إلا بإذن أهل الديون أو الدين، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" البخاري (2387) ، وعلى كل حال إذا أذن أهل الدين بالانتظار فله ذلك، وإلا فعليه التصرف ببيع الأصول وغيرها لأداء الحقوق، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

هل النشرة سحر؟

هل النشرة سحر؟ المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 9/3/1425هـ السؤال هناك من يدعي النشرة، وهي كما يزعم إنزال المطر أو دفعه: 1- هل هذه من ضروب السحر والشعوذة؟ 2- هل لها حقيقة مثل السحر؟ 3- ما حكم مدعيها والتعامل معهم؟ 4- هل وردة نصوص في الكتاب والسنة تشير إلى ما يسمى بالنشرة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد: النشرة: نوع من العلاج والرقية، يعالج به من كان يظن أنه أصابه مس من الجن، سميت بهذا الاسم لأنه ينشر، أي يكشف بها عن المصاب، وليس لها صلة بإنزال المطر أو دفعه، ومن زعم أنه يملك التأثير في نزول المطر فقد كفر في الربوبية، وهو مشعوذ كذاب، لأن ذلك من خصائص الربوبية، قال تعالى: "وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته" [الشورى: 28] . فالنشرة نوعان: نوع محرم: وهي حل السحر عن المسحور بسحر مثله، وهذه من عمل الشيطان، كما في حديث جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن النشرة، فقال: "هي من عمل الشيطان" رواه أحمد (13621) وأبو داود (3868) بسند جيد. ولهذا قال الحسن البصري - رحمه الله -: (النشرة من السحر) ، وقال: (لا يحل السحر إلا ساحر) . نوع جائز: وهي ما كان بالأدعية المباحة والرقية الشرعية، والأدوية النافعة، روى البخاري تعليقاً كتاب: الطب. باب: هل يستخرج السحر عن قتادة قال: قلت لابن المسيب، رجل به طب، أو يؤخذ عن امرأته، أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه. ولا يحل التعامل مع أصحاب الصنف الأول؛ لأنهم سحرة يتقربون إلى الشياطين ليحلوا السحر، أجارنا الله وإياكم، وعافانا وإياكم من كل سوء.

تعلم القرآن لعلاج الجن

تعلم القرآن لعلاج الجن المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 06/08/1425هـ السؤال ما حكم من يتعلم العلاج بالقرآن؛ لكي يعالج الناس من الجن وما شابه ذلك، فإن لي أخًا من الإخوان قد تعلَّم هذا المجال، ودخل في ذلك حتى إنه قد عالج كثيرًا من الناس، ولكن أنا لست براض على ذلك؛ لأنه انشغل عن طلب العلم، وعن حفظ القرآن وعن الدعوة إلى الله -عز وجل-. وأنا أرى -والله أعلم- أنه ليس من هدى السلف ما يفعله، وأنه ظل يظن بالناس أن بهم جن، فما حكم ما يفعلونه وما هي النصيحة التي أنصحه بها للامتناع عن هذا إن كان في ذلك الأمر شيء؟ وأرجو أن تكون النصيحة مقترنة بالدليل إن أمكن. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: الرقية الشرعية أقرها النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا كانت من القرآن والأدعية الصحيحة المأثورة وهي من نفع المؤمن لأخيه، وقد فعل شيئاً من ذلك الصحابة رضي الله عنهم، ولكن الانقطاع لذلك والتواطؤ عليه واستحداث أساليب معاصرة كالقراءة الجماعية أو في المكبرات أو خلوة الرجل القارئ بالمرأة، أو لمس المقروء عليها أو التوسع في هذا الباب في أسئلة موهمة أو تفتح أبواباً من الظنون والأوهام، هي التي لم تعرف عن السلف الصالح، وهي من مداخل الشيطان، لكن أخاك إذا كان ممن عرف عنه الإجادة والإفادة وانتفاء المفسدة فلا يمنع من ذلك. والله أعلم.

تأثير الساحر ماديا على المسحور

تأثير الساحر ماديًّا على المسحور المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 21/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم هل يستطيع الساحر التأثير ماديًّا على المسحور؟ مع أن الله تعالى، يقول: (ولا يفلح الساحر حيث أتى. . .) . وهل يجوز الذهاب إلى أشخاص من أجل قراءة القرآن على المسحور لفك السحر أو إلى الساحر نفسه؟ وما العمل الشرعي الصحيح لفك السحر؟ الجواب الحمد لله، وبعد: نعم يؤثر الساحر على المسحور ماديًّا، بحيث قد يمرض، وقد يعاق، وقد يخيَّل إليه، وعدم فلاح الساحر لا يعني عدم تأثيره، فإن نفي الفلاح له أكثر من مفهوم منها عدم البركة في نسبه وعمره وآخرته، ومنها عدم تحقق مراده كله ونحوها، أما الذهاب إلى الرقاة الشرعيين لرقية المسحور فهو جائز؛ لأن الرقية بالقرآن والأدعية الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مشروعة على المسحور والمعان والمريض، وغيرهم. والله أعلم.

الاستعانة بالجن

الاستعانة بالجن المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 27/06/1426هـ السؤال ما حكم استخدام الجن إذا لم يتقرب إليهم بذبح أو أي نوع من أنواع الشرك، كما زعم ذلك أحدهم ممن يقصده الناس للعلاج؟. الجواب اعلم يا أخي أن ما قاله لك هذا الساحر من أن الجن يساعدونه من غير تقرب هذه مقولة كل ساحر؛ حتى يقبل قوله وعمله ويسعى إليه الناس ويثق به الجميع، فليس من العقل في شيء أن يقول الساحر: إنه يعبد الشيطان ويقدم له القرابين؛ لأن ذلك يوجب قتله ونفرة الناس منه وهجره. والذي يجب التسليم به وعلمه أن عالم الجن والشياطين لا يخدمون الإنس بدون مقابل، وهذا المقابل هو ما يقدمه لهم من قرابين وأنواع العبادة على الوجه الذي يريدونه منه، هذا غير ما يجري له معهم في الخفا من قضايا أخلاقية يندى لها الجبين، ومن أتى إلى مثل هؤلاء فهو داخل -بلا شك- تحت الحديث: "من أتى عرافاً وسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". رواه مسلم (2230) . وحديث: "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" رواه أحمد (10167) وأبوداود (3904) وابن ماجة (639) .

الرقية بأدعية غير مأثورة

الرقية بأدعية غير مأثورة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 28/06/1426هـ السؤال ورد حديث في صحيح مسلم فهمت منه أن هناك كلمات جائزة في الرقية لم تكن من القرآن أو الحديث، وفي الوقت نفسه ليس فيها عبارات تقود إلى الشرك. فهل كلامي صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه مسلم (2200) من حديث عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: "اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ". وأخرج مسلم (2199) من حديث جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ الرُّقَى، فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنْ الْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنْ الرُّقَى، قَالَ: فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ فَقَال: َ "مَا أَرَى بَأْسًا، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ". وحديث عوف بن مالك يدل على أن ما كان من الرقى يؤدي إلى الشرك فيمنع منه، ويدخل في ذلك ما لا يعقل معناه؛ لأنه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " نهى علماء المسلمين عن الرقى التي لا يفهم معناها لأنها مظنة الشرك، وإن لم يعرف الراقي أنها شرك " [ينظر: مجموع الفتاوى (19/13) ] .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (10/195) : "وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى". وقال الشافعي: "لا بأس أن يرقى بكتاب وما يعرف من ذكر الله "، والمستحب أن يقتصر في الرقية على ما ورد في كتاب الله وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- سواء ما ورد من قوله أو إقراره، ومن المعلوم أن كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- اشتملا على أكمل الرقى والتعاويذ، وقد أخرج الترمذي (1984) والنسائي (5399) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا. وقال الحافظ: "وعلى كراهة الرقى بغير كتاب الله علماء الأمة "، وقسم القرطبي الرقى إلى أقسام، فذكر ما يجوز منها، وما لا يجوز فقال: " الرقى أقسام: أحدها: ما كان يرقى به في الجاهلية مما لا يعقل معناه فيجب اجتنابه لئلا يكون فيه شرك، أو يؤدي إلى الشرك. الثاني: ما كان بكلام الله أو بأسمائه فيجوز، فإن كان مأثوراً فيستحب ... "، هذا والله أعلم.

تعليق التمائم

تعليق التمائم المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة التاريخ 15/04/1427هـ السؤال أرجو المساعدة في فهم الحكم الشرعي في كون ارتداء التميمة شركاً أكبر، فالذي أعرفه أن اتخاذ شيء كوسيلة يكون شركاً أصغر فقط، كنتُ أرى المسلم الذي يرتدي تميمة يعتقد أن الله وضع في التميمة قوة لحمايته، أو للسبب الذي يستخدمها من أجله. وفهمتُ أن هذا شركا أصغر. أرجو التكرم بتوضيح هذه المسألة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فليست التمائم كلها شركا أكبر، بل أكثرها من الشرك الأصغر، وهذا بحسب اعتقاد من يعلقها أو يعملها، فإن اعتقد أنها هي التي تدفع عنه الضرر فهذا شرك أكبر، وإن اعتقد أنها سبب فهو شرك أصغر. وكذلك اتخاذ الوسيلة قد يكون شركاً أكبر، إذا اعتقد صاحبه أن الوسيلة تنفعه أو تضره من دون الله، وكذلك إذا عبد هذه الوسيلة كما قال طوائف من المشركين عن وسائلهم: "مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى" [الزمر:3] وعدَّهم الله من أهل الشرك الأكبر. أما إذا اعتقد أن الوسيلة سبب بطريقة غير مشروعة فهو شرك أصغر.

قراءة الفنجان والكهانة

قراءة الفنجان والكهانة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/إدعاء علم الغيب التاريخ 23/5/1424هـ السؤال امرأة تدعي علم الأمور الغيبية عن طريق قراءة الفنجان وما أشبه ذلك، وتضع عنوانها في بعض المجلات، فما نصيحتكم لها؟ مع بيان خطورة هذا الأمر. الجواب الحمد لله. هذه المرأة طريقتها هي طريقة المنجمين والكهان والعرافين، فعملها هذا هو من عمل أولئك الذين يدعون علم الغيب، ودعوى علم الغيب كفر، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، "قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله" [النمل: 65] فيجب على هذه المرأة أن تتوب إلى الله وتصحح إسلامها وتترك هذه الحرفة الخبيثة، فهي إما أن تكون دجالة كذابة تكذب على الناس بدعوى أنها تعلم الأمور المستقبلية لجمع المال من أيديهم، وإما أن تكون مستعينة بالشياطين فهم الذين يأتونها ببعض ما تخبر به، وهذا لا يحصل لها إلا إذا أطاعتهم فيما يريدون منها من شرك أو معصية، كما يجب على المسلمين أن ينكروا ذلك عليها وعلى أمثالها، وينكروا على من يذهب إليها أو يسألها بواسطة الهاتف أو المراسلة، فإن ذلك من سؤال الكهان، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم-" رواه أحمد (9536) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وهذا كاف لمن عقل ألا يقصد إلى هؤلاء الفجرة، فالواجب الحذر من هؤلاء الضالين المضلين، كما يجب الإيمان بأنه لا يعلم الغيب إلا الله، قال الله تعالى: "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول" [الجن: 26-27] ، نسأل الله السلامة والعافية من عمل المفسدين، والله أعلم.

علم النبي عليه الصلاة والسلام الغيب!

علم النبي عليه الصلاة والسلام الغيب! المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/إدعاء علم الغيب التاريخ 2/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. بعض الفئات الضالة يستندون في أعمالهم الشركية على هذين الحديثين وأريد معرفة صحتهما، ورد في الموارد المواهب للزرقاني برواية ابن عمر -رضي الله عنهما-: (إن الله وضع كل الأرض أمامي فأنا أرى الأرض، وكل ما سيحدث عليها إلى يوم القيامة كأني أنظر إلى يدي) . في مسند الإمام أحمد رواية أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "تركنا وما من طائر يضرب بجناحيه إلا وأخبرنا عنه". الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أقول وبالله التوفيق:

أما الحديث الأول: وهو الذي ذكره القسطلاني (ت923هـ) في كتابه (المواهب اللدنية) ، وشرحه الزرقاني (ت 1122هـ) ، فقد ذكره القسطلاني فيه (3/559) ، ناسباً -الحديث إلى الطبراني. وهو حديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير- كما في مجمع الزوائد للهيثمي (8/287) ، وعنه أبو نعيم في حلية الأولياء (6/101) ؛ وأخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن (1/27رقم2) ، كلهم من طريق سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله - عز وجل- قد رفع لي الدنيا، فأنا أنظر إليها، وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة، كأنما أنظر إلى كفي هذه. جليانا من الله جلاه لنبيه، كما جلا للنبيين قبله" "وجليان" بكسر الجيم واللام المشددة المكسورة: أي إظهاراً وكشفاً، وفي إسناده سعيد بن سنان الحمصي، أبو مهدي (ت 163هـ أو 168هـ) . قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب رقم: (2333) : (متروك، ورماه الدارقطني، وغيره بالوضع) ، ولذلك فقد تعقب الهيثمي هذا الحديث ببيان شدة ضعف سعيد بن سنان، كما في مجمع الزوائد (8/287) - وعليه: فهذا الحديث شديد الضعف، لا تجوز نسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فضلاً عن الاحتجاج به!. أما الحديث الآخر: وهو قول أبي ذر - رضي الله عنه-: "لقد تركنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علماً"، فأخرجه الإمام أحمد رقم: (21361-21439-21440) ، والطبراني في المعجم الكبير (2/155-156رقم 1647) ، وابن حبان في صحيحه رقم (65) ، وغيرهم.

وفي الحديث اختلاف في إسناده، ورجح الدارقطني في كتابه العلل (6/290) رقم: (1148) ، أنه من حديث منذر الثوري مرسلاً عن أبي ذر -رضي الله عنه- ومع كون المرسل من أقسام الحديث الضعيف، لكن للحديث شواهد لمعناه، تنهض بقبول معناه. لكن المهم ما هو معناه؟ لقد شرحه الإمام الخطابي (ت388هـ) في كتابه غريب الحديث (2/287) بقوله: معناه: أنه - صلى الله عليه وسلم- قد استوفى بيان الشريعة، حتى لم يغادر منها شيئاً مشكلاً، وبين لهم أحكام الطير، وما يحل ويحرم، وكيف يذبح الطير ويذكى، وما الذي يفدى إذا أصابه المحرم مما لا يفدى منها، إلى ما أشبه هذا من أمرها. ولم يرد أن في الطير علماً سوى هذا علمه إياهم ورخص لهم أن يعاطوا زجر الطير الذي كان أهل الجاهلية يعدونه علماً، سوى هذا علمه إياهم ورخص لهم أن يعاطوا زجر الطير الذي كان أهل الجاهلية يعدونه علماً ويظنونه حقاً، بل أبطله وزجر عنه) . ويقطع بأن هذا هو مقصود أبي ذر - رضي الله عنه- أن الطبراني أخرج الحديث باللفظ التالي: قال أبو ذر -رضي الله عنه-: تركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما، قال: فقال: - صلى الله عليه وسلم-: "ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم" (المعجم الكبير 2/155-156) .وهذا اللفظ يدل أن العلم الذي كان عند الصحابة -رضي الله عنهم- في الطير هو ما يخص أحكامها الشرعية، كما فصله الخطابي سابقاً. وليس العلم بأنواعها فصلا، ولا ما سيقع لها، ومنها من الحوادث إلى يوم القيامة!! فهذا لا يقول به عاقل، ولا يتصور أحد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعلمه، ولا أنه علمه أصحابه - رضي الله عنهم- وانشغل بتعليمهم إياه، ولا أنهم -رضي الله عنهم- حفظوه عنه -صلى الله عليه وسلم-!! هذا كله لا يقول به عاقل، ولا يتصوره.

ولا شك أن الله - عز وجل- قد اختص بعلم الغيب وحده - سبحانه وتعالى-، كما قال جل ذكره: "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو" [الأنعام: 59] !! وقال -سبحانه-: "قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون" [النمل: 65] غير أن الله - عز وجل- يطلع من يشاء من عباده (كملائكته ورسله) على بعض الغيب، لا كله؛ لأنه ليس في قدرة البشر الإحاطة بالغيب كله، كيف ... والله -تعالى- أعظم الغيوب؟! فهل يحيط أحداً به - سبحانه- علماً؟!. فالنبي - صلى الله عليه وسلم- وإن أطلعه الله -تعالى- على بعض الغيوب، فهو لا يعرف الغيب كله، كما قال -تعالى- مخاطباً نبيه - صلى الله عليه وسلم-: "قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم غيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي" [الأنعام: 50] . بل إنه - صلى الله عليه وسلم- لا يعرف كل ما سيحدث له في المستقبل، وإن عرف بعضه بتعليم الله -تعالى له إياه، ولذلك أمره الله -عز وجل- أن يبلغ أمته هذا الأمر، فقال -تعالى-: "قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون" [الأعراف: 188] . وكل سيرته - صلى الله عليه وسلم- تدل على بشريته في هذا الجانب، وأنه لم يكن يعلم من الغيب إلا ما علمه الله -تعالى- إياه، فكم أوذي - صلى الله عليه وسلم-، وكم وقع له ولأصحابه -رضي الله عنهم- مما لا يحبه، ولو كان يعلم الغيب لدفعه عن نفسه وعن أصحابه -رضي الله عنهم-. ولو أراد أحد أن يجمع شواهد ذلك من سيرته -صلى الله عليه وسلم- لوجد السيرة كلها ناطقة به، قاطعة في الدلالة عليه.

فهل يصح بعد هاتين المحكمات من الآيات البينات والأخبار القطعيات أن يحتج محتج لخلافها بالواهيات أو المشتبهات؟! هذا فعل الذين في قلوبهم زيغ "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب" [آل عمران: 7] . والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، ومن والاه.

إدعاء علم الأرواح!

إدعاء علم الأرواح! المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/إدعاء علم الغيب التاريخ 02/06/1427هـ السؤال ما تعريف علم الغيب. يوجد رجل يقول: إنه يعلم علم الأرواح، وهو يخبرنا بما حصل لنا في الماضي بالحرف الواحد، وكلامه صحيح فماذا يكون ذلك؟ وماذا نفعل له؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعلم الغيب: هو الغيب الذي لا يعلمه إلا الله. وهو ما غاب عن جميع الخلق، قال تعالى: "قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ" الآية [النمل:65] . وصفة العلم المأخوذة من اسم العليم، من أعظم وأخص صفات الله جل وعلا، فعلمه سبحانه محيط شامل، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، قال تعالى: "وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" [الأنعام:59] . ويستوي في علم الله الماضي، والحاضر، والمستقبل، فهو يعلم ما كان، وما هو كائن، وما سيكون، وما لم يكن، لو كان كيف يكون. وأما من ادعى علم الغيب كما في السؤال، فهو كاذب، وكافر بالله عز وجل، ومن صدّقه فهو كافر؛ للآية التي في أول الجواب. وما أشير إليه في السؤال مرتبط بدعوة هدامة تسمى "الروحية الحديثة"، يدعي أصحابها العلم، وهم من أهل الشعوذة، والمخادعة، واللعب بعقول الناس بأساليب وطرق عديدة. ولها صلة قوية بالصهيونية العالمية التي تعمل على هدم الخلق والدين، وعلى المسلم ألا ينخدع، حتى ولو جاء في بعض كلامهم بعض الصواب واقرأ كتاب (الروحية الحديثة) للدكتور محمد محمد حسين -رحمه الله- عن هذه الدعوة الخبيثة. والله أعلم.

الصحابة وآل البيت

من هم آل النبي صلى الله عليه وسلم؟ المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 28/2/1425هـ السؤال أتمنى أن أحصل على تعريف عن: آل النبي - صلى الله عليه وسلم-. وآل علي - رضي الله عنه-، وآل جعفر - رضي الله عنه-، وآل عباس - رضي الله عنه-. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وبعد: فآل النبي - صلى الله عليه وسلم- من الناس من يقول: هم أهل البيت- أهل بيته وذريته-، ومنهم من يقول: من أطاعه وعمل بسنته، أي: جميع الأمة الذين تبعوه في الدين - وقيل: أقاربه، وقيل: هم المختصون به من حيث العلم، وذهب الشافعي - رحمه الله - وغيره في رواية حرملة إلى أنهم بنو هاشم وبنو المطلب الذين حرمت عليهم الصدقة، وجعل لهم سهم ذوي القربى من خمس الفيء والغنيمة استدلالاً بحديث: "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد" رواه مسلم (1072) ، ولحديث جبير بن مطعم - رضي الله عنه- قال: "مشيت أنا وعثمان بن عفان - رضي الله عنهما - إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد" رواه البخاري - رضي الله عنه-، وأزواجه من آل محمد أو آل البيت تشبيهاً بالنسب، والمراد ببني هاشم: آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس، وآل الحارث، وآل علي: هم علي بن أبي طالب وذريته ونساؤهم تشبيهاً بالنسب، وآل جعفر - رضي الله عنه- هم جعفر بن أبي طالب وذريته ونساؤهم تشبيهاً بالنسب، وآل العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه- وذريته، ونساؤهم تشبيهاً بالنسب. والله أعلم.

إمامة الخليفة علي -رضي الله عنه-

إمامة الخليفة علي -رضي الله عنه- المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 22/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم، أنا شاب من أهل السنة والجماعة، أريد سؤالكم عن حق إمامة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأن تزودوني بأسماء كتب تناقش الفكر الشيعي وأفكاره، وتبين مواضع الضعف فيه، لأن أفكارهم بدأت تهز عقيدتي "الضعيفة". وجزاكم الله كل خير. الجواب الإمام علي رضي الله عنه له حقوق، فهو من آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأول من أسلم من الشباب، ورابع العشرة المبشرين بالجنة، ورابع الخلفاء الراشدين، وزوج فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو السبطين الحسن والحسين - رضي الله عنهم - أجمعين، ويحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله. وله مناقب كثيرة. الكتب التي تناقش الشيعة كثيرة من أهمها لعامة القراء: (1) الخطوط العريضة [محب الدين الخطيب] . (2) التقريب بين السنة والشيعة [للدكتور ناصر القفاري] . (3) التحفة الاثنى عشرية [للدهلوي] . (4) لله ثم للتاريخ [للموسوي] . (5) الشيعة والتصحيح [للموسوي] . (6) الشيعة في الميزان [د. النجرامي] . (7) ما يجب أن يعرفه المسلم عن عقائد الرافض [الحمدان] . (8) أصول الشيعة [د. ناصر القفاري] . وللرد المطول الموسوعي يراجع منهاج السنة لابن تيمية.

هل جميع الصحابة عدول؟

هل جميع الصحابة عدول؟ المجيب د. سعد بن عبد الله الحميد أستاذ الدراسات العليا بجامعة الملك سعود العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 6/10/1424هـ السؤال كيف نجيب من قال: كيف تعدّلون جميع الصحابة وتقبلون روايتهم مع أنهم يقعون في الكبائر والصغائر، وهذا قادح في العدالة. والصحيح أن يُتوقف في تعديلهم حتى تثبت العدالة أو نثبت العدالة، ومن ظهر منه الفسق جرحناه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فأنصح السائل أولاً وكل من قرأ هذا الجواب، أو اهتم بهذا الأمر بالرجوع لما كتبه العلماء، ولا يقفوا عند حد الشبهة التي قد تورد من مغرض يعلم أن أكثر الناس لا تتسع صدورهم للبحث والقراءة فيسهل اقتناصهم، ومن الكتب التي أنصح بالرجوع إليها (الكفاية) للخطيب البغدادي، و (منهاج السنة) لشيخ الإسلام ابن تيمية، و (تطهير الجنان) لابن حجر الهيتمي، كما أن هناك كتباً ورسائل وبحوثاً صدرت في العصر الحديث لا بد من الرجوع لها، ومنها: (السنة ومكانتها في التشريع) لمصطفى السباعي، و (دفاع عن السنة) لمحمد أبو شهبة و (السنة حجيتها ومكانتها في الإسلام) لمحمد لقمان السلفي، و (صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم) لعيادة الكبيسي، و (إسلام آخر زمن) ، و (براءة الصحابة من النفاق) كلاهما لمنذر الأسعد، و (رسائل العدل والإنصاف) لسعود بن محمد العقيلي، وإنما ذكرت هذه المراجع؛ لأن الأخ السائل سيجد فيها بغيته، ويصعب في جواب مختصر كهذا الإتيان على أطراف الموضوع. ومع هذا ألخص الجواب في النقاط الآتية:

(1) هناك فرق بين من يناقش هذه القضية وهو مسيء للظن بأولئك الصحب الكرام؛ بسبب رواسب عقدية معروفة، وبين من ينظر إليهم نظرة محبة وإجلال؛ بسبب مواقفهم المشرَّفة في نصرة هذا الدين، والدفاع عنه، وصبرهم على الأذى فيه، وبذلهم المهج والأرواح والأموال في سبيله، أو لست ترى عجب عروة بن مسعود الثقفي –حين كان مشركاً – من الصحابة في الحديبية، وذلك حين رجع إلى قومه، فقال: "أي قوم! والله! لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله! إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمدٍ محمداً – صلى الله عليه وسلم -! والله إن تنخّم نخامة إلا وقعت في كفّ رجل منهم فَدَلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدّون إليه النظر تعظيماً له ... إلخ ما قال " البخاري (2731-2732) . (2) تأمل قوله – تعالى-: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً " [الفتح:29] . وقوله – تعالى-: "وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين* وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم" [الأنفال:62-63] . وقوله – تعالى-:"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " [آل عمران:110] . وقوله – تعالى -: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً" [البقرة:143] . ثم انظر ماذا ترى؟ أو لست ترى تعديلهم في الجملة؟

فإن أشكل عليك العموم، فخذ الخصوص: "لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم" [التوبة:117] . وهذه كانت عقب غزوة العسرة (تبوك) ، وكانت في آخر حياته – صلى الله عليه وسلم-. وقال تعالى: "لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً* ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيماً" [الفتح:18-19] . وهذه تزكية عظيمة لأهل بيعة الرضوان. وقال – تعالى -: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم " [التوبة:100] . وهذا نص قاطع في تزكية عموم المهاجرين والأنصار، بل ومن تبعهم بإحسان. وقريب منه قوله – تعالى -: " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون* والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" [الحشر:8-9] . وتأمل الآية بعدها:"والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " [الحشر:10] . وقال – تعالى-: "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير " [الحديد:10] . فكم سيكون عدد هؤلاء الصحابة الذين زكاهم الله – تعالى- وعدَّلهم ممن شملتهم الآيات؟ ومن الذي سيبقى؟ أهم الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا؟ أو ليس الله – تعالى – يقول: "وكلاً وعد الله الحسنى"؟

(3) فإن كان القصد من إيراد هذه الشبه إقصاء بني أمية عن شرف الصحبة، فمن الذي يستطيع أن يقصي عثمان - رضي الله عنه -؟ أو ليس دون ذلك خرط القتاد؟ وأما معاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهما - فهل كان يخفى على النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهما حين أمّر عَمْراً على جيش ذات السلاسل وفيهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما-[البخاري (3662) ومسلم (2384) ] ؟ أو ليس هو ممن أسلم طوعاً وهاجر قبل الفتح؟ فماذا يريد من ذلك؟ ومثله معاوية - رضي الله عنه - كيف ائتمنه النبي - صلى الله عليه وسلم - على كتابة الوحي إن لم يكن عدلاً؟ وكيف وثق به عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وولاه إمرة جيش الشام مع ما عرف من شدة عمر - رضي الله عنه - في الولاية حتى إنه عزل عنها سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -؟ وكيف سكت باقي الصحابة عن ذلك لو لم يكن عدلاً عندهم؟ وكيف زكاه بعض الصحابة كابن عباس وغيره؟ ولماذا لم يتهمه خصومه كعلي - رضي الله عنه - ومن معه من الصحابة في دينه إذا لم يكن عدلاً؟ وكيف قَبِلَ الحسن بن علي - رضي الله عنهما - بالتنازل عن الخلافة له مع كثرة أتباعه وأعوانه إذا كان مشكوكاً في عدالته؟ وكيف قبل باقي الصحابة ذلك؟ (4) فإن ارتضيت المهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان وبيعة العقبة والذين أسلموا قبل الفتح وأنفقوا وقاتلوا، وظهر لك ما تقدم عن معاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهما- فمن بقي؟ فليكن السؤال محصوراً إذاً في: هل ثبتت صحبة فلان وفلان؟ ممن يرى مثير الشبهة أنهم خارجون عن الأدلة السابقة. (5) ليس المراد بعدالة الصحابة - رضي الله عنهم - عصمتهم من الخطأ والنسيان والذنوب والعصيان، فالعصمة لم تثبت لأحد بعد الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام، وإنما المراد بعدالتهم - رضي الله عنهم - براءتهم من النفاق، وصدق محبتهم لله ورسوله، وأنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة) (1/306-307) : "الصحابة يقع من أحدهم هنات، ولهم ذنوب، وليسوا معصومين، لكنهم لا يتعمدون الكذب، ولم يتعمد أحد الكذب على النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا هتك الله ستره" ا. هـ، والدليل على ذلك: ما جاء في (صحيح البخاري (6780) في قصة الرجل الذي جيء به عدة مرات وهو يشرب الخمر ويجلد، فلما لعنه أحد الصحابة نهاه النبي – صلى الله عليه وسلم-، وقال: "لا تلعنوه، فو الله ما علمت إنه يحب الله ورسوله ". وقصة حاطب بن أبي بلتعة – وهي مخرجة في الصحيحين [البخاري (4890) ومسلم (2494) ] – معروفة، فإنه اتهم بالتجسس على المسلمين، ومع ذلك نفى عنه النبي – صلى الله عليه وسلم – الكفر، وقال: "وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". (6) المتتبع لسيرة الصحابة – رضي الله عنهم – يجد أن من نُقل عنه اقترافه شيئاً من الآثام قلة قليلة، وبعض هذه القلة لا يثبت عنه ذلك، ومن ثبت عنه اعتُذر عنه ببعض الأعذار التي لو أعرضنا عنها وافترضنا ثبوت ذلك عنه لما كان له أثر في أصل القضية التي نتحدث عنها؛ لأن القصد حماية جناب السنة بحماية جناب نقلتها وحامليها، ومن نظر بعين الإنصاف وجد حَمَلَةَ السنة من الصحابة – رضي الله عنهم – لم يرد عنهم شيء مما ذُكر، وإنما ورد ذلك عن أناس اختلف في صحبتهم كالوليد بن عقبة، ومع ذلك فليس لهم رواية - بحمد الله -، وأعني بذلك بعد وفاته – صلى الله عليه وسلم –، وأما حال حياته فقد كانت تقع من بعضهم تلك الأمور لمصلحة التشريع كما لا يخفى.

يقول الألوسي – رحمه الله – في (الأجوبة العراقية) (ص 23-24) : "ليس مرادنا من كون الصحابة – رضي الله عنهم – جميعهم عدولاً: أنهم لم يصدر عن واحد منهم مفسَّق أصلاً، ولا ارتكب ذنباً قط، فإن دون إثبات ذلك خرط القتاد، فقد كانت تصدر منهم الهفوات...." إلى أن قال: " ثم إن مما تجدر الإشارة إليه، وأن يكون الإنسان على علم منه: هو أن الذين قارفوا إثماً من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم حُدّوا هم قلة نادرة جداً، لا ينبغي أن يُغَلَّب شأنهم وحالهم على الألوف المؤلفة من الصحابة – رضي الله عنهم – الذين ثبتوا على الجادة والصراط المستقيم، وحفظهم الله – تبارك وتعالى – من المآثم والمعاصي، ما كبُر منها وما صغر، وما ظهر منها وما بطن، والتاريخ الصادق أكبر شاهد على هذا ". ويقول الغزالي في (المستصفى) (ص 189-190) : "والذي عليه سلف الأمة وجماهير الخلف: أن عدالتهم معلومة بتعديل الله – عز وجل – إياهم، وثنائه عليهم في كتابه، فهو معتقدنا فيهم إلا أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد لفسق مع علمه به، وذلك لا يثبت، فلا حاجة لهم إلى تعديل". (7) والمقصود بالمفسَّقات التي نتحدث عنها: ما عدا الفتن التي نشبت بينهم – رضي الله عنهم – فمع كون قتل المسلم يُعد مفسَّقاً إلا أن ما كان منه بتأويل يخرج عما نحن بصدده، والأدلة على هذا كثيرة، ومن أهمها: قوله - تعالى -: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " [الحجرات:10] ، فوصفهم- سبحانه – بالإيمان مع وجود الاقتتال. وأخرج البخاري (2704) عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال عن الحسن بن علي – رضي الله عنهما –: " إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". ولذا عذر أهل السنة كلتا الطائفتين، وتولّوهما، وإن كانت واحدة أقرب إلى الحق من الأخرى.

(8) مما لا شك فيه أنه لا يمكن العمل بالقرآن إلا بالأخذ بالسنة، ولا تصح السنة ولا تثبت إلا بطريقة أهل الحديث، وأهمها جذر الإسناد، وهم الصحابة - رضي الله عنهم-، ولذا يقول أبو زرعة الرازي - رحمه الله -: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، فهم زنادقة" أخرجه الخطيب البغدادي في (الكفاية) (ص 66-67) ، وكان قد قال قبله: "على أنه لو لم يَرِد من الله - عز وجل - ورسوله فيهم - أي الصحابة - شيء مما ذكرناه، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المُهَج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين، القطع بعدالتهم والاعتقاد لنزاهتم، وأنهم أفضل من جميع المعدَّلين والمزكين الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين " ا. هـ. (9) هناك سؤال عكسي نوجهه لمن يثير هذه الشبهة، فنقول: ما هو البديل في نظرك؟ أ. فهل ترى أن الإسلام يؤخذ من القرآن فقط؟. فقل لي: من الذي نقل إلينا القرآن؟ ومن الذي جمعه؟ وهل تستطيع أن تقيم الإسلام بالقرآن فقط؟ وماذا نصنع بالآيات الكثيرة الدالة على وجوب الأخذ بالسنة، كقوله - تعالى -:"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر:7] ، وقوله - تعالى-: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" [النحل:44] . ب. أو ترى أنه يؤخذ بالسنة، ولكن من طريق صحابة بأعيانهم ثبتت لديك عدالتهم، ومن عداهم فلا؟ فسمَّهم لنا وبيَّن لنا موقفك من البقية الباقية بكل وضوح، وسترى من الذي تنتقض دعواه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل سب الصحابة كفر

هل سب الصحابة كفر المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 27/3/1425هـ السؤال قال لي أحدهم: (إذا كفرتم من يسب الصحابة - رضي الله عنهم- فعليكم تكفير أول من سب الصحابة - رضي الله عنهم- وسن سنة السب على المنابر....فقد سب معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه- الخليفة الراشد الرابع علياً بن أبي طالب -كرم الله وجهه-، وجعلها سنة لمن بعده، حيث ظل بنو أمية يسبون علياً- رضي الله عنه- على المنابر وقبل كل صلاة، فهل لديكم الجرأة لتكفروا معاوية - رضي الله عنه -؟ فنتفق على تكفير كل من يسب الصحابة - رضي الله عنهم-؟ أم أنكم تكفرون البعض وتجدون الأسباب للبعض الآخر؟) هل سب معاوية - رضي الله عنه- أهل البيت؟ وكيف أرد عليه؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

ليس كل سب للصحابة - رضي الله عنهم - كفر، بل بعضه فسوق وبعضه كفر، ولا يعرف بسند صحيح أن معاوية -رضي الله عنه- فعل ذلك إلا ما ينقل في كتب التاريخ والأدب، وأسانيد هذه الكتب مثقلة بالوهن والضعف، ومن المؤكد أن معاوية - رضي الله عنه - وبني أمية لا يسبون الصحابة- رضي الله عنهم- كما تفعل الشيعة الرافضة الذين لا يكتفون بشتمهم واتهامهم بالشذوذ الجنسي، والزنا، واللواط، بل يكفرونهم ويخرجونهم من الملة، والمؤمن العاقل لا يهدر نفسه ووقته ومشاعره في تتبع فتن سلمنا الله من الوقوع فيها، والنفوس المترعة بالسلبيات هي التي تتبع أردى أحوال الناس وأقوالهم وتنغمس في ذلك وتعيش في أجوائه وتبتغي جر الناس إلى ذلك وتبحث عن أسباب الشنآن والبغضا. وما حصل بين الصحابة- رضي الله عنهم- من فتن قد تجاوزت حد الأقوال إلى الدماء، ولكن أهل العلم والإيمان يتركون ذلك ويعرضون عنه، ويقولون: "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون" [البقرة:134] ، ويعتبرون ما جرى بين الصحابة - رضي الله عنهم- باجتهاد منهم وبحث عن الأفضل والأجود للأمة، ولكن أخطأ بعضهم في الاجتهاد وأصاب آخرون، ولاشك أن عليا -رضي الله عنه - كان هو المصيب، ولكن ذلك لا يقتضي شتما ولا تكفيراً لغيره، كما كان يفعل علي نفسه -رضي الله عنه-، وكما فعل أبناؤه وأحفاده من بعده، الحسن والحسين وزين العابدين وجعفر الصادق وزيد بن الحسين وعلي الرضا وغيرهم، ولكن الأهواء الضالة قادت بعض الناس إلى استنبات أحقاد واستخراج مآسي وإلهاب مشاعر العامة والخاصة بها تأجيجا للصراع وتحريكا للأحقاد، والعاقل الفطن والمؤمن التقي يحرص على ما ينجيه عند الله، وما يكون سببا في صلاح حال أمة الإسلام ولمن شملها وتوحيد جهودها. والله أعلم.

هل في هذا القول طعن في الصحابة، رضي الله عنهم؟

هل في هذا القول طعن في الصحابة، رضي الله عنهم؟ المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 7/07/1425هـ السؤال شيخنا الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يستدل بعض المخالفين -هداهم الله- بقول الذهبي للطعن بعدالة الصحابة، -رضوان الله عليهم أجمعين- في مقدمة كتابه (الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردّهم) (ص23) : "وما زال يمر بي الرجل الثبت وفيه مقال من لا يعبأ به، ولو فتحنا هذا الباب على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعين والأئمة، (فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما) ، والله يرضى عن الكل ويغفر لهم، فما هم بمعصومين، وما اختلافهم ومحاربتهم بالتي تليّنهم عندنا أصلاً". انتهى قوله. هل من تفسير جزاكم الله خيرًا؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فبخصوص سؤالكم عمّا ذكره الذهبي في مقدمة كتابه (الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد) ، فأقول: الكلام المذكور وما قبله وما بعده في حدود ست صفحات إلى قوله: أما بعد: فهذا فصل نافع في معرفة الثقات. فجميع الكلام السابق مقحم في المقدمة وليس منها، وإنما المقدمة صفحة واحدة فقط أو أقل، وهو ظاهر في النسخة التي معي، وهي بتحقيق إبراهيم سعيد أبي إدريس، وبيدي نسخة أخرى مطبوعة بعنوان: ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثَّق، بتحقيق محمود شكور بن محمود الحاجي، وهذه النسخة المذكورة خالية من تلك المقدمة المقحمة. وهذا الفصل المطول في المقدمة إنما هو في نسخة مطبوعة قديمة ذكرها المحقق، وذكر بعض النقول القديمة عن هذه المقدمة مما يدل على أن إدخالها في مقدمة الكتاب قديم. والله أعلم.

والشيء المهم أن المقدمة المذكورة هي من كلام الذهبي، فيما يظهر لمن تعرّف أسلوبه، ولكن لعلها اجتلبت من موطن آخر، والنص المذكور في السؤال ليس فيه إشكال بل هو واضح إلا قوله: (فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما) ، وأظن هذا هو محل السؤال، ويظهر لي حمل هذا الكلام على أحد أمرين: الأول: أن يكون مراده إطلاق بعضهم على بعض هذا الذنب وقع منه ظنًّا أنه منافق لأجله، كقول عمر، رضي الله عنه، في حاطب بن أبي بلتعة: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق. أخرجه البخاري (3007) ومسلم (2494) . وكقول الأنصاريين في مالك بن الدخشم لما رأوا من مجالسته للمنافقين، ولما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "أَلَيْسَ يَشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلَّا اللهُ وأَنِّي رسولُ اللهِ؟ ". قالوا: إنه يقول ذلك، وما هو في قلبه. أخرجه مسلم (33) ، وهذا ظاهر في أنهم يعتقدونه منافقًا في الباطن، ونحو ذلك من الأحداث التي هي بتأويل، كما هو في كلام الذهبي، فعمر, رضي الله عنه، متأول في قوله؛ لعظم فعل حاطب، والأنصاريون كذلك متأولون. الثاني: أن يكون معنى كلام الذهبي الإشارة إلى ما وقع من الفتنة والقتال، وكلام بعضهم في بعض واستباحة قتاله، وكل ذلك بتأويل. والمعنى الأول أقرب لكلام الذهبي، فإن الثاني ليس فيه تكفير وإنما هو قتال. والله أعلم.

المفاضلة بين الصحابة - رضي الله عنهم -

المفاضلة بين الصحابة - رضي الله عنهم - المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 28/4/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو حول درجات الصحابة - رضي الله عنهم - ومنزلتهم، فكيف نفرق بين سيدنا علي ومعاوية - رضي الله عنهما - في الدرجة والفضل والعلم والأثر والاتباع؟ وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الذي عليه إجماع المسلمين أن الصحابة - رضي الله عنهم - هم أفضل الأمة بعد نبيها، فهم أعظم الناس علماً، وأبرهم قلوباً، وأعمقهم إيماناً، وأن درجتهم في الفضل كدرجتهم في الصحبة، فأفضلهم السابقون، والبدريون، وأهل الشجرة، والمبشرون العشرة، وأفضل العشرة الخلفاء الراشدون الأربعة- رضي الله عنهم- وأفضل الأربعة الشيخان أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- وأفضل الشيخين أبو بكر -رضي الله عنه- وقد دلت على هذا التفضيل نصوص كثيرة، أكتفي منها بقوله تعالى: "لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى" [الحديد: من الآية10] ، ومع معرفة درجاتهم في الفضل والصحبة فذلك لا يعني الإزراء بالمفضول وغمطه حقه، فضلاً عن سبه وشتمه، والصحابة - رضي الله عنهم- كلهم خيار عدول، نحبهم ونتولاهم ونعرف لهم فضلهم وسابقتهم، ونمسك عما شجر بينهم، وهم فيه ما بين مجتهدٍ مصيب فله أجران، ومجتهدٍ مخطئ معذور له أجر واحد.

طعن الشيعة في عمر - رضي الله عنه -

طعن الشيعة في عمر - رضي الله عنه - المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 17/9/1424هـ السؤال إن الشيعة يحتجون بالحديث التالي بأن عمر - رضي الله عنه - أمر بغير ما شرع الله، حين جاء رجل من أهل البادية إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: يا أمير المؤمنين، إنما نمكث الشهر والشهرين لا نجد الماء؟! قال عمر - رضي الله عنه -: أما أنا فلم أكن لأصلي حتى أجد الماء!! فقال عمار بن ياسر - رضي الله عنهما -: أما تذكر إذ أنا وأنت بأرض كذا نرعى الإبل فتعلم أني أجنبت؟ قال: نعم فتمعكت في التراب فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك وقال: إن كان يكفيك من ذلك الصعيد أن تقول: هكذا وضرب بكفيه الأرض، ثم نفخهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه فقال عمر - رضي الله عنه -: اتق الله يا عمار فقال عمار: فيما علي لك من حق يا أمير المؤمنين إن شئت لا أذكره ما حييت؟ فقال عمر: كلا والله ولكن أوليك من أمرك ما توليت. (عب) . رواية رابعة مساندة: مصدرها مسند الإمام أحمد، المجلد الرابع، أول مسند الكوفيين، بقية حديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما. حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أن رجلا أتى عمر - رضي الله عنه -، فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء!! فقال عمر - رضي الله عنه -: لا تصل!!! فقال عمار - رضي الله عنه -: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت فلما أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال إنما كان يكفيك هكذا فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه. أفيدونا أثابكم الله. الجواب

أما الجواب عن السؤال الذي يحتج به الشيعة على أن عمر - رضي الله عنه - قد أمر بغير ما شرع الله! فليس: للشيعة متمسك في هذا الأثر على أن عمر - رضي الله عنه - أمر بغير شرع الله - حاشاه من ذلك - وإذا كان هذا - أعني دعوى الأمر بغير شرع الله - لا يتصور في آحاد الصالحين من هذه الأمة، فكيف يتصور ذلك في الخليفة الراشد الذي أجمعت الأمة في وقته على صحة خلافته؟ ولكنه الهوى والتعصب يجعل من الأسود أبيض ومن الأبيض أسود!! نعوذ بالله من الهوى. واعلم أنه ما من أحد من العلماء - إلا ما ندر - إلا وله من الأقوال والآراء ما يخالف فيه السنة، نظراً لأن السنة لا يمكن لأحد أن يحيط بها إحاطة تامة، بحيث لا يشذ عنه منها شيء، هذا لم يقع لكبار الصحابة - رضي الله عنهم - فضلاً عن غيرهم ممن أتى بعدهم، ومع ذلك فلم يقل أحد من العلماء: إن مخالفة عالم للسنة - بسبب خفائها عليه أو لعذر غيره - إن ذلك من تبديل شرع الله تعالى. ولهذا لم يقل أحد من الأئمة إن علياً - رضي الله عنه - قد بدل الشريعة حينما قال: إن المتوفى عنها زوجها تعتد بأطول الأجلين، لمخالفة قوله هذا للسنة الصحيحة الصريحة في حديث سبيعة الأسلمية - رضي الله عنها - والتي أفتاها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها انقضت عدتها بمجرد وضع حملها؟ بل أهل العلم يعتبرون هذا من جملة الاجتهادات التي يعذر فيها صاحبها، ولا يوافق على قوله، وتمثل هذه الطريقة تعامل أهل العلم المنصفين مع اجتهادات العلماء التي تبين خطؤها، سواء كان العالم من الصحابة - رضي الله عنهم - وهم أولى الناس بالتماس الأعذار - أو مع غيرهم.

وبخصوص حديث عمر هذا، فإن قول عمر – رضي الله عنه – له سبب – كما قال ابن عبد البر في "التمهيد (19/273) : (وذلك أن عمر – رضي الله عنه - كان يذهب إلى أن الجنب لا يجزيه إلا الغسل بالماء، فلما أخبره عمار – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال بأن التيمم يكفيه، سكت عنه ولم ينهه، فلما لم ينهه علمنا أنه قد وقع بقلبه تصديق عمار – رضي الله عنه -، لأن عماراً – رضي الله عنه - قال له: إن شئت لم أذكره، ولو وقع في قلبه تكذيب عمار لنهاه، لما كان الله قد جعل في قلبه من تعظيم حرمات الله، ولا شيء أعظم من الصلاة، وغير متوهم عن عمر أن يسكت على صلاة تصلى عنده بغير طهارة، وهو الخليفة المسؤول عن العامة، وكان أتقى الناس لربه وأصلحهم لهم في دينهم في ذلك الوقت رضي الله عنه "انتهى كلام ابن عبد البر رحمه الله. فتحصل من كلامه رضي الله عنه أمران: الأول: أن عمر كان قد خفيت عليه السنة أو نسيها، وكان يظن أن الجنب لا يصلي حتى يغتسل بالماء، وأن التيمم لا يكفيه، حتى أخبره عمار – رضي الله عنه-. الثاني: أن عمر – رضي الله عنه – قد رجع إلى السنة حينما أخبره عمار بها – كما وضح وجه ذلك ابن عبد البر، وهذا هو الظن بكل مسلم تتبين له السنة، فضلاً عن الصحابة – رضي الله عنهم -، فضلاً عن الخليفة الراشد الوقاف عند حدود الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -.

ولكن المشكلة في بعض الناس - الذي يفقد الإنصاف - حينما يتعامل مع الأخبار والقصص - وفي نفسه شيء على من يقرأ أخباره - فإنه حين يقرأ، إنما يقرأ لتتبع الأخطاء والزلات ونسيان الحسنات، فهو كما يقول شيخ الإسلام، كالذباب لا يقع إلا على الجرح، وهذا مخالف للمنهج القرآني الذي رسمه ربنا بقوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" [المائدة:8] ، ويقول سبحانه: "وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [الأنعام:152] . فنسأل الله العدل والإنصاف مع نفوسنا وإخواننا وخصومنا، ونقول: "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإيمان وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر:10] .

من هم آل البيت؟

من هم آل البيت؟ المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 13/10/1424هـ السؤال السلام عليكم. عندي إشكال في مسألة آل البيت الذين أمرنا أن نصلي عليهم. سمعت أن أهل البيت هم ذرية النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسمعت أنهم عموم المؤمنين، ولكن هذا ليس بظاهر من اللفظ. فيكون هناك إشكال في حصر آل البيت في ذرية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهذا يعني أننا مأمورون بالصلاة على الذرية، وفي ذلك تفضيل أنسباء النبي -صلى الله عليه وسلم- على الآخرين من الناس فقط بسبب نسبهم. فهل هذا هو التأويل الصحيح؟ علماً أنني من أهل السنة، لكني أريد حجة قوية على الشيعة في توضيح هذا الموضوع. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأهل البيت هم آل النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين حرمت عليهم الصدقة وهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس، وبنو الحارث بن عبد المطلب وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وبناته. فأهل السنة والجماعة يحبون أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال يوم غدير خم -وهو اسم موضع-:"أذكركم الله في أهل بيتي" رواه مسلم (2408) . وأهل السنة يحبونهم ويكرمونهم؛ لأن ذلك من محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وإكرامه، وذلك بشرط أن يكونوا مستقيمين على الملة، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وبنيه، أما من خالف السنة ولم يستقم على الدين فإنه لا تجوز موالاته ولو كان من أهل البيت.

وموقف أهل السنة والجماعة من أهل البيت موقف الاعتدال والإنصاف، يتولون أهل الدين والاستقامة منهم، ويتبرؤون ممن خالف السنة وانحرف عن الدين ولو كان من أهل البيت فإن كونه من أهل ومن قرابة الرسول - صلى الله عليه وسلم- لا ينفعه ذلك حتى يستقيم على دين الله، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أنزل عليه:"وأنذر عشيرتك الأقربين" فقال:"يا معشر قريش -أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً ... " الحديث رواه البخاري (2753) ، وفي حديث آخر عند مسلم (2699) :"من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه". وأهل السنة يتبرؤون من طريقة من غلا في بعض أهل البيت وادعى لهم العصمة، ومن طريقة من ناصب آل البيت العداوة وطعنوا فيهم، ومن طريقة المبتدعة والخرافيين الذين يتوسلون بأهل البيت ويصرفون لهم شيئاً من خالص حق الله. وأما ما ذكرته في سؤالك من أن في الصلاة عليهم تفضيل لهم على الآخرين من الناس فذلك فضَّل الله، وقد فضل الله المهاجرين على الأنصار، وفضل أهل بدر وأهل بيعة الرضوان، وفضَّل من أسلم قبل الفتح وقاتل على من أسلم بعد الفتح، وفضَّل الصحابة -رضي الله عنهم- بعضهم على بعض، كما فضَّل الرسل بعضهم على بعض، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم.

تعليق ملصقات شعارها: (أنا أحب الصحابة)

تعليق ملصقات شعارها: (أنا أحب الصحابة) المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 16/10/1424هـ السؤال هناك ملصقات على شكل قلب مكتوب فيها أنا أحب الصحابة -رضي الله عنهم-، وأنا ألصقها على سيارتي، وأنكر علي صاحب لي هذا العمل، وقال: إن الرافضة لما يرون هذا سوف يسبونهم، فأنت تعين على سب الصحابة -رضي الله عنهم- واستشهد بالآية "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم" الآية، فهل هذا الاستدلال صحيح؟ وهل فعلي فيه شيء من الخطأ؟. أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وبعد: الذي أراه أن المجاهرة بحب الصحابة - رضي الله عنهم-،والترضي عليهم أمر واجب، وعقيدة أصيلة، لدى أهل السنة لا ينبغي كتمانها خوفاً من لعن الصحابة - رضي الله عنهم- من قبل الرافضة أو غيرهم، فالرافضة اتخذوا سب الصحابة - رضي الله عنهم- ولعنهم وتكفيرهم ديناً لا يتركونه إلا أن تدركهم رحمة الله، ولن يمنعهم من مجاهرتهم بعداوة الصحابة - رضي الله عنهم- وبغضهم إعلان أهل السنة حبهم للصحابة - رضي الله عنهم- وترضيهم عليهم أو كتمانهم لهذه القضية، وأما الآية التي استدل بها صاحبك، فهذه في شأن سب آلهة المشركين وليست في مسألتنا هذه، صحيح أن العلماء استنبطوا من الآية قاعدة سد الذرائع، بيد أن إعمال القاعدة في هذه المسألة لن يؤدي إلى غرض صحيح لما بينته لك. بقي أخيراً: هل يجوز تعليق هذه الاستكرات (الملصقات) بالصورة التي ذكرت؟ أقول: إنني لا أحبذ ذلك، فحب الصحابة - رضي الله عنهم- الحقيقي يكون باعتناق عقيدتهم، واقتفاء آثارهم، والسير على طريقتهم، وهذا خير لك بحول الله وقوته. والله الموفق.

هل ورد الأمر بالترضي عن الصحابة

هل ورد الأمر بالترضي عن الصحابة المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 19/1/1425هـ السؤال من المتعارف عليه بين المسلمين قول: - رضي الله عنه- بعد ذكر اسم الصحابي، ولكن هذا الأمر لم يأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يفعله الصحابة - رضي الله عنهم- ولا التابعين، وهذا بخلاف الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الأمر إنما أدخل على الإسلام عن طريق بعض الناس في قرون لاحقة للقرون المفضلة بناء على رأي شخصي منهم، ولذلك شعروا بأنهم لا يخالفون أي شعيرة من شعائر الإسلام بل ووجدوه متوافقاً مع مبادئه (حتى لو لم يرد في وقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهل ما ذكرت صحيح؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا شك أن مما تعارف عليه المسلمون هو الترضي على الصحابة - رضوان الله عليهم- بعد ذكر أحدهم والترحم على من سواهم، وهذا وإن كان ظاهره الخبر إلا أن حقيقته والمراد منه الدعاء بمعنى اللهم ارض عنهم. وهذا الاصطلاح لم يكن معروفاً في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة - رضي الله عنهم-، ولكنه اجتهاد مستنبط من الآيات القرآنية التي وصفت الصحابة - برضوان الله عليهم-، كقوله -تعالى-: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه" [التوبة: 100] ، وقال -تعالى-: "لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة" [الفتح: 18] ، وغيرها من الآيات.

وتمييز الصحابة - رضي الله عنهم- عن غيرهم مطلب شرعي لتمييز الله -تعالى- لهم بصحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم-، وقد ميزهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" رواه البخاري (3673) ، ومسلم (2541) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

معنى: (أشد الناس بلاء)

معنى: (أشد الناس بلاء) المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 27/3/1425هـ السؤال سؤالي يتعلق بالحديث الصحيح"أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان في دينه صلابة اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة"..أو كما قال صلى الله عليه وسلم..، وقد لاحظت وجود أناس من أعظم الناس إيمانا ومع هذا لا يبتلون..، وقد يكون الواحد فيهم في رغد من العيش..ولا يذكر في سيرته مثلا أنه ابتلي قط..رغم ما تواتر عنه من صلاح وجهاد وتقوى.. لقد كان أبو بكر..-رضي الله عنه- خير الرجال بعد النبيين..وأرى أن ابتلاء عمر أو عثمان -رضي الله عنهما- كان أشد.. وهناك مثلا كبار المجاهدين..لا يمسهم أذى كبير..بقدر ما يمس الأفراد الصغار..إلخ فكيف نفهم قاعدة"ثم الأمثل فالأمثل"..على الوجه الأمثل؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالجواب: إن البلاء يشمل الابتلاء بالسراء والضراء، كما يشمل الابتلاء بالحروب والفتن والاضطرابات، وتسلّط الأعداء على المسلمين بأي وسيلة كانت، كما يشمل الابتلاء بتولي المسؤوليات، ولاسيما العظيمة منها، كما يشمل الابتلاء بكثرة الفرق والبدع والضلالات، وكثرة الشهوات والفجور، وانتشار الفساد في الأرض ونحو ذلك، وهذا أولاً.

ثانياً: إن الصديق-رضي الله عنه وأرضاه- هو أفضل الأمة وأعلمها وأشدها بلاءً بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويكفي من ذلك ما حصل له مع الرسول- صلى الله عليه وسلم- في أول البعثة، ومن ذلك ما حصل لهما في الغار، ومطاردة المشركين لهما، وهو في ظني أعظم مما حصل لعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم- من البلاء، ومن ذلك أيضاً موقفه العظيم بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد صبر واحتسب ثم اتخذ القرار الصحيح كما في خطبته الشهيرة، كما اتخذه مرة أخرى في حروبه مع أهل الردة وموقفه العظيم في هذا الشأن الذي نصر الله به الإسلام والمسلمين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (إن موت النبي -صلى الله عليه وسلم- من أعظم الأسباب التي أفتتن بها خلق كثير من الناس، وارتدوا عن الإسلام، فأقام الله -تعالى- الصديق -رضي الله عنه- حتى ثبت الله به الإيمان، وأعاد به الأمر إلى ما كان..) ا. هـ الفتاوى (25/303) وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التشكيك في أحاديث أبي هريرة

التشكيك في أحاديث أبي هريرة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 1/3/1425هـ السؤال شخص يصف أبا هريرة -رضي الله عنه- بأنه كذاب؛ لأنه روى كثيراً من الأحاديث من نفسه، ولم يعايش النبي -صلى الله عليه وسلم- لفترة طويلة، كما فعل كثير من الصحابة الآخرين -رضي الله عنهم- فكيف أرد عليه؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أبو هريرة -رضي الله عنه- هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي على المشهور من أقوال المؤرخين، وكنيته أبو هريرة وهو صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحافظ الصحابة -رضي الله عنهم-، قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- عام خيبر سنة سبع من الهجرة، وهو أحفظ أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في عصره، وقد أثيرت بعض الشبهات حول كثرة حديثه مع تأخر هجرته، حيث لم يصحب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا قرابة أربع سنين، ويجاب عن هذا بما يأتي:

1- أن أبا هريرة -رضي الله عنه- منذ هاجر إلى المدينة لازم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يشغله عن حضور مجالسه شيء من مشاغل الدنيا، يقول أبو هريرة -رضي الله عنه- عن نفسه كما جاء في الصحيحين البخاري ح (118) ، ومسلم ح (2492) : "إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا ثُمَّ يَتْلُو: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى ... ) إِلَى قَوْلِهِ: (الرَّحِيمُ) إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُونَ وَيَحْفَظُ مَا لَا يَحْفَظُونَ"، وقد شهد له الصحابة –رضي الله عنهم- بتلك الملازمة كما جاء عند الْبُخَارِيّ فِي (التَّارِيخ) ، وَأَبُي يَعْلَى بِإِسْنَادٍ حَسَن مِنْ طَرِيق مَالِك بْن أَبِي عَامِر قَالَ: (كُنْت عِنْد طَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه, فَقِيلَ لَهُ: مَا نَدْرِي هَذَا الْيَمَانِيّ – يعني أبا هريرة - أَعْلَمَ بِرَسُولِ اللَّه مِنْكُمْ, أَوْ هُوَ يَقُول عَلَى رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يَقُلْ؟ قَالَ: فَقَالَ: وَاَللَّه مَا نَشُكّ أَنَّهُ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَع, وَعَلِمَ مَا لَمْ نَعْلَم , إِنَّا كُنَّا أَقْوَامًا لَنَا بُيُوتَات وَأَهْلُونَ , وَكُنَّا نَأْتِي النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَرَفَيْ النَّهَار ثُمَّ نَرْجِع, وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة –رضي الله عنه- مِسْكِينًا لَا مَال لَهُ وَلَا أَهْل, إِنَّمَا كَانَتْ يَده مَعَ يَد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, فَكَانَ يَدُور مَعَهُ حَيْثُمَا دَار, فَمَا نَشُكّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَع " وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي مَدْخَله مِنْ طَرِيق أَشْعَث عَنْ مَوْلًى لِطَلْحَةَ قَالَ: " كَانَ أَبُو هُرَيْرَة جَالِسًا , فَمَرَّ رَجُل بِطَلْحَةَ فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَة , فَقَالَ طَلْحَة: قَدْ سَمِعْنَا كَمَا سَمِعَ , وَلَكِنَّهُ حَفِظَ وَنَسِينَا " ينظر فتح الباري. 2- عُرِفَ عن أبي هريرة رضي الله عنه شدة حرصه على حفظ السنة ورغبته الشديدة في تحصيل العلم، وقد شهد له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك ففي البخاري ح (99) أن أبا هريرة قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ......"

3- تميز أبو هريرة بحفظه لما سمعه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث كان لا ينسى شيئاً سمعه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد ناله بركة دعاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له كما جاء في صحيح البخاري ح (119) حيث قال أبو هريرة: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ فَبَسَطْتُهُ قَالَ فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ ضُمَّهُ فَضَمَمْتُهُ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ"، ومما يدل على قوة حفظه -رضي الله عنه- ما ذكر ابن حجر في " الإصابة "، قال: " قال أبو الزعيزعة - كاتب مروان -: أرسل مروان إلى أبي هريرة فجعل يحدثه، وكان أجلسني خلف السرير أكتب ما يحدث به، حتى إذا كان في رأس الحول أرسل إليه فسأله وأمرني أن أنظر، فما غير حرفاً "وقد عَرَفَ هذه الخاصية لأبي هريرة -رضي الله عنه- الصحابة – رضي الله عنهم- ومن جاء بعدهم من التابعين، فهذا ابن عمر - رضي الله عنه - يقول عنه: " إن كان لألزمنا لرسول الله، وأعرفنا بحديثه "، وقال أيضاً وهو يترحم على جنازته: " كان يحفظ على المسلمين حديث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "، وقال الإمام الشافعي: " أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في عصره ". 4- أدرك أبو هريرة كبار الصحابة –رضي الله عنهم- وأخذ عنهم ما فاته مما لم يسمعه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فربما رواها عنهم، وربما قال فيها: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهذا ما يعرف بمراسيل الصحابة –رضي الله عنهم-، وكان الصحابة –رضي الله عنهم- بعضهم يروي عن بعض لكمال وثوق بعضهم ببعض.

قال البراء بن عازب -رضي الله عنه-: " ليس كلنا كان يسمع حديث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كانت لنا ضيعة وأشغال ولكن الناس لم يكونوا يكذبون يومئذ، فيحدث الشاهد الغائب". وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: " ... ليس كل ما نحدثكم عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سمعناه منه ولكن كان يحدث بعضناً بعضاً ولا يتهم بعضناً بعضناً"، وفي رواية عن قتادة أن أنساً –رضي الله عنهما- حدث بحديث فقال له رجل: أسمعت هذا من رسول الله – صلى الله عليه وسلم-؟، قال: نعم، أو حدثني من لم يكذب والله ما كنا نكذب (أخرج هذين الأثرين الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) . 5- بقى أبو هريرة -رضي الله عنه- بعد وفاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينشر الحديث بين الناس ويبلغه ولم يشغله عن ذلك ولايات ولا تجارة، ولا غير ذلك، وقد تأخرت وفاته، حيث مات سنة سبع، وقيل ثمان وخمسين وهو ابن ثمان وسبعين سنة.

لهذه الأمور وغيرها كان أبو هريرة أكثر الصحابة –رضي الله عنهم- حديثاً، وقد شاركه الصحابة –رضي الله عنهم- في رواية ما رواه من الحديث حيث يوجد أكثر ما رواه عند غيره من الصحابة –رضي الله عنهم-، وقد تلقى عن أبي هريرة-رضي الله عنه- زهاء ثمانمائة نفس كما ذكر البخاري، ومن بين هؤلاء الرواة أئمة أعلام من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والتابعين لهم بإحسان وأئمة آل البيت مثل: علي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن الحنفية، وغيرهما، وهذا العدد الكبير يدل على حرصهم ورغبتهم في سماع الحديث من أبي هريرة –رضي الله عنهم- لما يعلمون من ضبطه وإتقانه وصدقه، ومن المعلوم أن الصحابة –رضي الله عنهم- كلهم عدول كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد بإجماعهم من الأمة، والطعن في عدالتهم وتنقصهم من سمات أهل الزندقة والضلال، قال أبو زرعة الرازي: " إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة –رضي الله عنهم-، وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، فالجرح بهم أولى "وقال الخطيب: " عدالة الصحابة –رضي الله عنهم- ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، واخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن فمن ذلك قوله –تعالى-: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" [آل عمران:110] وقوله: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً" [البقرة:143] ، وقوله: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً"

[الفتح:18] ، وقوله –تعالى-: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ" [التوبة:100] ، وقوله –تعالى-: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ" [الواقعة:10-11] وقوله: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" [الأنفال:64] ، وقوله –تعالى-: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [الحشر:8-9] في آيات يكثر إيرادها ويطول تعدادها ... وجميع ذلك يقتضى القطع بتعديلهم، ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله –تعالى- له إلى تعديل أحدٍ من الخلق له، على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد، ونصرة الإسلام، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين، القطع على عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم وأنهم أفضل من جميع الخالفين بعدهم، والمعدلين الذين يجيؤن من بعدهم، هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء " (الكفاية في علم الرواية (ص: 46-48) ، والإصابة في تميز الصحابة –رضي الله عنهم- (1/ 11)

وقال ابن الصلاح: " للصحابة -رضي الله عنهم- بأسرهم خصيصة وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة". هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ادعاء عصمة فاطمة -رضي الله عنها-

ادعاء عصمة فاطمة -رضي الله عنها- المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 12/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كنت أتحاور مع أحد الشيعة عن العصمة، وسار بنا الموضوع إلى عصمة فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنها- قال بأن فاطمة -رضي الله عنها- معصومة وغضبها من غضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو غضب الله، فهي معصومة، وذكر حديثاً في صحيح البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: " فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني"، وكذلك حديث في صحيح البخاري أن عليًّا -رضي الله عنه- خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة -رضي الله عنها- فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقالت إنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمعته حين تشهد يقول أما بعد: أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني وصدقني وإن فاطمة بضعة مني وإني أكره أن يسوءها والله لا يجمع بين ابنة رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد فترك علي الخطبة، ومن الحديثين قال يدل على عصمتها؛ لأنها غضبت على شيء ليس لها حق أن تغضب له، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كاد أن يغضب لغضبها لو تم هذا الزواج فما الرد على أدلته؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (3110) ، ومسلم (2449) ، من حديث الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه، خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ، فَقَالَ: "إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا". ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ، قَالَ: "حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي، وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا".

من المتقرر في عقيدة أهل السنة والجماعة أن أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم- هم المعصومون فيما يبلغونه عن الله تبارك تعالى، ولا يُقَرُّون على خطأ في دين الله، ولا عصمة لأحد بعد أنبياء الله ورسله، وفاطمة، رضي الله عنها وأرضاها، كغيرها من الصحابة، رضي الله عنهم، ليست معصومة، ولم تدَّع العصمة لنفسها، وليس في هذا الحديث ما يدل على عصمتها، بل هو يدل على أن غضبها رضي الله عنها كان بحق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها على ذلك وغضب لغضبها، ومن المعلوم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يغضب إلا بحق، ولهذا لما كان عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، يكتب كل شيء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهته قريش، وقالت له: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا؟ فَأَمْسَك عَنْ الْكِتَابِ، ثم ذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ: "اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ". أخرجه أبو داود (3646) . ولكن قد يُستشكل في هذه القصة بأن ما أراد أن يفعله علي، رضي الله عنه، من الزواج على فاطمة، رضي الله عنها، حقٌ له؛ لأنه يجوز للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، وللعلماء توجيهات لما جاء في هذه القصة يتضح من خلالها زوال الإشكال، ومن هذه التوجيهات:

1- أن هذه القصة تُحمل على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حرَّم على علي، رضي الله عنه، أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا ". ومعنى ذلك أن الضرة تكون بمنزلة ضرتها، ولا يليق أن تكون ابنة أبي جهل مع فاطمة في درجة واحدة.

2- أنه يفهم من سياق القصة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَرَط على علي، رضي الله عنه، ألا يتزوج على فاطمة، رضي الله عنها؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكَر صهره الآخر وأنه وفَّى بما قال، ويظهر أنه وفَّى بالشرط وهو ألا يتزوج على ابنته، حيث قال صلى الله عليه وسلم عنه: "حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي". قال الحافظ ابن حجر: قوله: "حدثني فصدقني". لعله كان شرط على نفسه ألا يتزوج على زينب، وكذلك علي، رضي الله عنه، فإن لم يكن كذلك فهو محمول على أن عليًّا نسي ذلك الشرط، فلذلك أقدم على الخطبة، أوْ لم يقع عليه شرط إذ لم يصرح بالشرط، لكن كان ينبغي له أن يراعي هذا القدر، فلذلك وقعت المعاتبة. [فتح الباري (7/86) ] . وقال الحافظ ابن القيم: إن الرجل إذا شرط لزوجته ألا يتزوج عليها، لزمه الوفاء بالشرط، ومتى تزوج عليها فلها الفسخ، ووجه تضمن الحديث لذلك أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن ذلك يؤذي فاطمة ويريبها، وأنه يؤذيه صلى الله عليه وسلم ويريبه، ومعلوم قطعًا أنه صلى الله عليه وسلم إنما زوجه فاطمة، رضي الله عنها، على أن لا يؤذيها ولا يريبها، ولا يؤذي أباها صلى الله عليه وسلم ولا يريبه، وإن لم يكن هذا مشترطًا في صلب العقد، فإنه من المعلوم بالضروة أنه إنما دخل عليه، وفي ذكره صلى الله عليه وسلم صهره الآخر، وثنائه عليه بأنه حدثه فصدقه، ووعده فوفى له تعريض بعلي، رضي الله عنه، وتهييج له على الاقتداء به، وهذا يشعر بأنه جرى منه وعد له بأنه لا يريبها ولا يؤذيها، فهيجه على الوفاء له كما وفى صهره الآخر. [زاد المعاد (5/ 117- 118) ] .

3- أن مراعاة ذلك في حق فاطمة، رضي الله عنها، أنها إذ ذاك فاقدة لمن تركن إليه، ومن يؤنسها ويزيل عنها وحشتها من أم أو أخت، لأنها رضي الله عنها كانت أصيبت بأمها، ثم بأخواتها واحدة بعد واحدة؛ فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة. [ينظر: فتح الباري (7/86) ] . هذا ملخص توجيهات العلماء لهذا الحديث، وهي توجيهات واضحة يندفع بها الإشكال. والحمد لله..

والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يُقِرَّ فاطمة، رضي الله عنها، حين أرسلها أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يطلبن منها أن تناشد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العدل في بنت أبي بكر، كما جاء عن عائشة، رضي الله عنها، قَالَتْ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. وَأَنَا سَاكِتَةٌ. قَالَتْ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْ بُنَيَّةُ، أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ ". فَقَالَتْ: بَلَى. قَالَ: "فَأَحِبِّي هَذِهِ". قَالَتْ: فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ، وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْنَ لَهَا: مَا نُرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُولِي لَهُ: إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ، رضي الله عنها: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا. أخرجه البخاري (2581) ، ومسلم (2442) .

وخفي على فاطمة، رضي الله عنها، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ....". فطالبت أبا بكر، رضي الله عنه، بميراثها من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ففي صحيح البخاري (4241) وصحيح مسلم (1759) ، من حديث عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام بِنْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنه، تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، رضي الله عنه: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْمَالِ". وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ، رضي الله عنه، أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ، رضي الله عنها، مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ. ففاطمة، رضي الله عنها، وهي سيدة نساء العالمين، وابنة سيد ولد آدم أجمعين، ليست معصومة، ولم تدع العصمة لنفسها، فمن ادعى لها العصمة فقد أساء وغَلاَ وضل عن الطريق المستقيم. نسأل الله تبارك وتعالى- أن يهدينا للحق، ويرزقنا اتباعه.

هل معاذ أعلم الصحابة؟

هل معاذ أعلم الصحابة؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 07/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. ورد في الحديث أن معاذ بن جبل، رضي الله عنه- يتقدم على العلماء بدرجة يوم القيامة، فهل يجوز أن نقول إنه كان أعلم الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنه كان أعلم من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 20/29 (40) ، والحاكم في المستدرك 3/301 مرسلاً، عن محمد بن كعب القرظي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ إِمَامُ العُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ يومَ القِيَامَةِ". وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/311: رواه الطبراني مرسلاً، وفيه محمد بن عبد الله بن أزهر الأنصاري، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح. وأخرج الترمذي (3791) من حديث أبي قلابة عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ". ولكن الحديث روي عن أبي قلابة مرسلاً، من غير ذكر أنس، قال الحافظ ابن رجب: وهو أصح عند كثير من الحفاظ. وأشار الحافظ ابن حجر إلى أن الصواب عند الحفاظ إرسال الحديث، وأن الموصول منه ما اقتصر عليه البخاري (3744) ومسلم (2419) ، وهو قوله: " إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الأمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ". [ينظر: فتح الباري لابن رجب (4/118) ، وفتح الباري لابن حجر (7/93) ] .

وعلى تقدير ثبوت الحديث، فلعل المقصود تقديم معاذ على العلماء الذين يفضلهم من الصحابة ومن بعدهم، والله أعلم، قال المناوي، في توجيهه لقوله في الحديث: "وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلالِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ": يعني أنه سيصير كذلك بعد انقراض عظماء الصحابة، رضي الله عنهم، وأكابرهم، وإلا فأبو بكر وعمر وعلي، رضي الله عنهم- أعلم منه بالحلال والحرام، وأعلم من زيد بن ثابت، رضي الله عنه، في الفرائض، ذكره ابن عبد الهادي، قال: ولم يكن زيد على عهد المصطفى -صلى الله عليه وسلم- مشهورًا بالفرائض أكثر من غيره، ولا أعلم أنه تكلم فيها على عهده، ولا عهد الصديق رضي الله عنهم ... [فيض القدير (1/460) ] . ومن المعلوم أن الخلفاء الراشدين مقدمون في الفضل والعلم على سائر الصحابة، رضي الله عنهم جميعًا، فقد أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-باتباع سنتهم. أخرجه أبو داود (4607) وابن ماجه (42) والترمذي (2676) . ولم يرد هذا في غيرهم من الصحابة، رضي الله عنهم، وقال ابن تيمية: أهل العلم متفقون على أن أبا بكر وعمر أعلم من سائر الصحابة وأعظم طاعة. [الفتاوى الكبرى (4/270) ] .

هل نسخ رضا الله عن الصحابة

هل نسخ رضا الله عن الصحابة المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الصحابة وآل البيت التاريخ 13/08/1425هـ السؤال ما ردكم حول ما يقول الشيعة من أن رضا الله الذي وقع على الصحابة الكرام - رضي الله عنهم- إنما وقع في لحظة البيعة فقط، مستدلين بوجود النسخ, أرجو أن تكون الإجابة بما أمكن من تفصيل. وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذا القول من الافتراء المحض الذي لا يسنده دليل من نقل أو عقل، ومنشؤه اعتقاد من يقول بهذا كفر صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا نفراً يسيراً اختلفوا في عددهم، وزوروا لهذا الاعتقاد الباطل الروايات في ذكر مثالب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقول بأنهم ارتدوا بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصنفوا في ذلك كتباً ضمنوها أدعية في لعن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن ذلك الكتاب الذي يسمونه: (مفتاح الجنان) ، ومن المعلوم أن من بلغ به الأمر هذا الحد فقد أسرف على نفسه وعرضها للهلاك، وأصل غرض هؤلاء هدم بنيان الإسلام من أساسه، وتمزيق وحدة المسلمين بانتشار الفتنة والفرقة والخلاف، والذي أصل هذا المذهب - شاء أتباعه أم أبوا- هو عبد الله بن سبأ، اليهودي الذي أراد هدم الإسلام، كما فعل بولص بن يوشع واسمه الأصلي (شاؤول) بدين النصارى من قبل، ولا أدري عن مدى جدوى الجدل مع من وصل به الأمر إلى هذا الحد، ولكن يقال لهؤلاء: - إن كان يجدي معهم النقاش - ما قولكم في الآيات الأخرى الواردة في بيان فضل صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلو منزلتهم؛ كقوله -تعالى-: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً" [الفتح:29] . وقوله -تعالى-: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ

بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة:100] ، وقوله تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ* وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر:8-10] . وما ظنهم بمن جعل في قلبه غلاً على هؤلاء ولم يستغفر لهم.

قال -تعالى-: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً" [الفتح:18] ، مما يستدل بها صراحة على فضل الصحابة - رضي الله عنهم- الذين بايعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحت الشجرة، وقد ثبت في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل النار - إن شاء الله- من أصحاب الشجرة أحد" رواه مسلم (2496) ، وقد ذكر بعض أهل العلم أن الرضا المذكور في الآية رضا خاص بسبب البيعة، فلهم به فضل خاص، -رضي الله عنهم وأرضاهم- وجعلنا ممن يحشر في معيتهم، ونصيحتي لك مع هؤلاء هو الاجتهاد إن استطعت في إنقاذهم من خلل العقيدة وفساد التصور حول قضايا الاعتقاد، وأصول الدين فإن صحة الاعتقاد ينبني عليها فيما بعد صحة العمل وقبوله، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

التوسل وأنواعه

قصة استسقاء النبي بعد موته المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 7/7/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ذكر لي بعض الأشخاص بعد نقاش طويل عن التوسل والاستغاثة وزيارة القبور وغيرها من مجمل حديثه استدل بقصة من كتاب (البداية والنهاية) وهي قصة صحابي أو أعرابي والأرجح من كلامه أنه صحابي، وهي: أن هذا الرجل أتى إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-:"في عهد خلافة عمر -رضي الله عنه- وقال: استسقِ لأمتك فقد هلكوا ثم نام ورأى في المنام أن رسول الله -صلى الله علية وسلم- أتاه وقال له:"أقرئ عمر السلام ... "القصة، هل القصة صحيحة؟ وهل يمكن أنه تم حذفها من الكتاب بعد تنقيحه ومراجعته أو عبث به شخص ما؟ وما الرد عليه في ادعائه؟ وما الكتب التي تنصح بقراءتها للرد على هؤلاء وشبههم؟ وهل صحيح أنه يجوز دعاء أهل القبور إذا اعتقد أن الصمدية لله -عز وجل- ولم يصرفها لهم؟ وهل صحيح أنه ينزل الله الخوارق والكرامات على من زاد إيمانه وتعلق واقترن بالله -عز وجل-؟ الجواب

ساق الحافظ ابن كثير هذه القصة المذكورة في تاريخه (البداية 7/90) "أن رجلاً أتى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ... "إلخ، وهذا الرجل -كما هو ظاهر القصة- مجهول العين والحال، فلا يمكن الالتفات إلى تصرف رجل مجهول العين والحال والإعراض عن النصوص الصريحة الصحيحة الآمرة بدعاء الله وحده والناهية عن دعاء غير الله -تعالى-، وسؤال الموتى الدعاء -كما في تلك القصة- إن لم يكن شركاً فهو وسيلة إلى الشرك وذريعة إلى الاستغاثة بالأموات، وإذا كان ابن كثير قد ساقها في تاريخه فلا يعني صحة القصة فضلاً عن مشروعية ذلك الصنيع، فالعبرة بالدليل والبرهان، وننصح الأخ السائل بقراءة كتاب (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة) لابن تيمية و (الصارم المنكي) لابن عبد الهادي، و (التوصل إلى حقيقة التوسل) لمحمد بن نسيب الرفاعي، و (التوسل) للألباني. ولا يجوز دعاء أهل القبور والاستغاثة بهم، فإن الدعاء حق لله -تعالى- وحده لا شريك له، فمن دعا الأموات فقد أشرك بالله كما قال -تعالى-:"وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ*إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ" [فاطر: 14] . ومن دعا الأموات فقد قصدهم وتعلَّق بهم، فلا يتصور أن دعاة الموتى قد حققوا الصمدية لله -تعالى-. وأما الكرامة فتحصل لأهل الإيمان والولاية، وقد لا تحصل لهم، كما أن الكرامة قد تحصل لضعيف الإيمان حتى يقوى إيمانه، والعبرة بلزوم الاستقامة وتحقيقها، والله أعلم.

شرك المتوسل بالقبور

شرك المتوسل بالقبور المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 6/2/1425هـ السؤال ما أوجه القول بأن التوسل بقبور الأنبياء والصالحين شركٌ؟ أرجو أن يكون الجواب شافياً، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله. زيارة قبور الأنبياء والصالحين نوعان: زيارة شرعية، وهي زيارة للسلام عليهم والدعاء لهم، وتذكر الآخرة، لكن لا يجوز السفر لذلك، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى" رواه البخاري (1189) ومسلم (827) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

وأما زيارة قبورهم للدعاء عندها أو الصلاة عندها، فذلك من البدع في الدين، ومن وسائل الشرك، وكذا التوسل بذواتهم مثل أن يقول: نسألك يا الله بنبيك أو بعبدك الصالح، فذلك بدعة في التوسل؛ لأن التوسل المشروع هو التوسل بدعائهم، وهذا لا يكون إلا في حال حياتهم وحضورهم، وأما قصد القبور للطواف حولها والتقرب إلى أصحابها بالصلاة لهم، وكذلك الاستغاثة بهم عند قبورهم أو بعيداً عنهم؛ فكل هذا من الشرك الأكبر؛ لأن ذلك من عبادتهم مع الله، والله - تعالى - يقول: "يا أيها الناس اعبدوا ربكم ... " [البقرة:21] إلى قوله: "فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون" [البقرة:22] ، قال تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً" [النساء:36] ، وقال: "بل الله فاعبد وكن من الشاكرين"، وقال سبحانه وتعالى: "وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً" [الجن:18] ، فيجب التفريق بين ما هو شرك وما هو من وسائل الشرك، والقبوريون من الصوفية وأشباههم يفعلون عند قبور من يعظمون - سواء كانوا أولياء أو يظنونهم أولياء - كل هذه الأفعال، فإنهم يدعونهم ويدعون الله بهم ويتحرون الصلاة والدعاء عند قبورهم ويستغيثون بهم كذلك ويلجؤون إليهم أعظم من التجائهم إلى الله. والرافضة الذين يسمون أنفسهم الشيعة هم الأصل في هذا الشرك فهم أمكن فيه؛ فإنهم يحجون إلى المشاهد التي بنوها على قبور الأئمة سواءً كانت حقيقية أو وهمية. فالواجب الحذر من هذا الشرك وما يقرب إليه؛ فإنه انتشر في الأمة الإسلامية في الطائفتين الرافضة والصوفية، وقد بلغ الرسول - صلى الله عليه وسلم- البلاغ المبين؛ فحذَّر من الشرك كله وسد كل الطرق الموصلة إليه وذلك من كمال نصحه - صلى الله عليه وسلم-، فأقام الله به الحجة وأوضح المحجة، قال الله تعالى: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" [التوبة:128] . وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

التبرك بتراب من قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم

التبرك بتراب من قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 14/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سمعت من إحدى الأخوات أنها كانت في محاضرة دينية، وجاءت إحداهن بتربة من قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، قيل إنها بطريق الواسطة استطاعت الحصول على هذه التربة، المهم أنهن وضعن هذا التراب في إناء، وكانت تفوح منه رائحة عطر جميلة، فصببن الماء عليه وشربن من هذا الماء، فهل هذا جائز شرعاً؟ وهل هذا من الكرامات التي يختص بها الله أولياءه الصالحين، بأن يناولهم التراب من عند قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يفوح منه هذه الرائحة الزكية؟ أم أنه مستحيل وجود مثل هذا الشيء؟ وهل يمكن الدخول إلى حجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذ التراب من على قبره؟ وهل هناك تراب على قبره؟ فقد سمعت أن قبره صلى الله عليه وسلم مصبوب حوله الرصاص، فلا يستطيع أحد الوصول إليه؟ أفيدونا؛ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فالذي يظهر من هذه الأعمال المسؤول عنها أنها من خرافات القبوريين، والقبوريون يصرفون الناس بأفاعيلهم هذه عما ثبت بالسنة التبرك به والاستشفاء به ويصرفونهم إلى القبور والموتى، وهذه من أكبر ذرائع الشرك التي جاء الإسلام بسدها، ومما يدل على أنه لا يجوز التبرك بأتربة القبور ولا الاستشفاء بها أن صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وتابعيهم -وهم أحرص الناس على السنة وأحبهم لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأكثرهم تعظيماً له وأعرفهم بأحكام دينهم- لم يرد عن أحد منهم أنه كان يأخذ شيئاً من تراب قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- ويتبرك به أو يستشفي، مع أن القبر كان تراباً وفي غرفة عائشة –رضي الله عنها- ومن السهولة بمكان الوصول إليه والأخذ من ترابه، نعم يجوز التبرك والاستشفاء بما ثبت من آثار النبي –صلى الله عليه وسلم- كعرقه ولعابه وشعره بأبي هو وأمي –صلى الله عليه وسلم- كما فعلت أم سليم وبقية الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- لكن من المقطوع به أنه لم يبق من أثر النبي –صلى الله عليه وسلم- شيء البتة، وما زعم أنه من أثر النبي –صلى الله عليه وسلم- كما يقال عن شعره في الهند أو غير ذلك فهو من الكذب واستعطاف عقول الناس لاستدرار أموالهم، أما إمكانية الدخول إلى قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- الآن فهذا أمر لا دخل للواسطة فيه الآن، والظاهر أنه -كما ذكرت السائلة- مصبوب حوله الرصاص لا يستطيع أن يصل إلى تربته أحد –والله أعلم- وقد قال ابن القيم في نونيته عند حديث: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد" رواه أحمد (7311) ، وغيره عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: فأجاب رب العالمين دعاءه*** وأحاطه بثلاثة الجدران حتى غدت أرجاؤه بدعائه*** في عزة وحماية وصيان.

أما الكرامة فهي ثابتة عند أهل السنة، والله على كل شيء قدير، ولكن ليس كل دعي أو مدلس أو مستعين بالشياطين يعد ما يكون على يديه كرامة، فالكرامة لا تقع إلا من مؤمن تقي لا يدعي الكرامة ولا يبحث عنها، وما أكثر الأدعياء في زماننا. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يا رسول الله..يا حبيب الله

يا رسول الله..يا حبيب الله المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 6/12/1424هـ السؤال أحد المشايخ قال: (لا أريد حتى أن أفكر في السفر إلى الغرب) ، ثم يختم كلامه وبقول: يا رسول الله يا حبيب الله، وعندما قلت له: إن مثل هذا الكلام لا يجوز، قال: إنه لا يطلب العون من غير الله. فما الحكم في قوله مع الدليل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

لا شك أن جملة: يا رسول الله أو يا حبيب الله -صلى الله عليه وسلم- جملة نداء، والنداء إنما يكون حقيقة لمن هو قادر على السماع ليجيب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ميت لا يسمع نداءنا ولا يجيب مناديه، وما قاله هذا الرجل لا يخلو إما أن يريد به الاستغاثة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا من الشرك الأكبر، لأن الدعاء عبادة وهي لا تصرف إلا لله -عز وجل-، قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56] ، وقال: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه" [الإسراء: 23] ، وإما أنه يتوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أي يتوسل بجاهه -صلى الله عليه وسلم- أو بحقه أو بذاته، مثل أن يقول الإنسان: يا رسول الله اشفع لي عند ربك، أو أدعُ الله لي بكذا وكذا فهذا بدعة ومن وسائل الشرك ولا يجوز فعله معه -صلى الله عليه وسلم- ولا مع غيره؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ميت لا يسمع كلامنا، وفي قصة استسقاء عمر -رضي الله عنه- بعم النبي -صلى الله عليه وسلم- العباس -رضي الله عنه- خير دليل على ذلك، إذ لو كان ذلك مشروعاً لتوجه عمر -رضي الله عنه- إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- واستشفع به، ولكنه لم يفعل وأخبر أن الناس كانوا يستسقون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته، وبعد مماته -صلى الله عليه وسلم- استسقوا بحي يسمع الكلام، وطلبوا منه أن يدعو الله لهم انظر ما رواه البخاري (1010) من حديث أنس -رضي الله عنه-. وقد تكون هذه الكلمة جارية مجرى العادة ويغلب على المرء قولها دون أن يقصد من ورائها شيئاً، وهذا خطأ ينبغي على المرء تركه وتجنبه؛ لما فيه من التشبه بفعل من يخشى عليه من الشرك أو البدعة، والله أعلم.

(التوسل بالنبي بعد وفاته)

(التوسل بالنبي بعد وفاته) المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 9/6/1425هـ السؤال هل صحيح أن الأئمة (أحمد والشافعي ومالك) أجازوا التوسُّل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته؟ أرجو ذكر آراء الأئمة الثلاثة، أنا أعلم أن التوسُّل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته لا يجوز، لكنني أريد معرفة آراء هؤلاء الأئمة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: لا نعرف أن أحداً من الأئمة الأربعة أجاز التوسُّل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد ورد في صحيح البخاري (1010) أن عمر -رضي الله عنه- توسَّل بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- بعمه العباس - رضي الله عنه- ولو جاز التوسُّل به بعد موته -صلى الله عليه وسلم- لما عدل عن ذلك عمر -رضي الله عنه- وبمحضر من الصحابة - رضي الله عنهم- ولم ينكر عليه أحد، والتوسُّل المذكور توسُّل بدعاء المتوسل به لا بذاته والصحابة -رضي الله عنهم- أعلم الخلق بأمور الدين. والله أعلم.

عبارة: (اشفع لي يا رسول الله عند الله)

عبارة: (اشفع لي يا رسول الله عند الله) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 13/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يرجى بيان مدى جواز سؤال المسلم للرسول -عليه الصلاة والسلام- الشفاعة، كأن يقول: (اشفع لي يا رسول الله عند الله) ، وذلك حين استشعاره بأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعرض عليه أعمال الأمة من قول أو فعل, مع إيمانه بأن الشفاعة تكون بإذن الله؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو سيد الشفعاء، وهو أول شافع وأول مشفع يوم القيامة، وكان عليه الصلاة والسلام يسأله الصحابة -رضي الله عنهم- الدعاء كما قال عكاشة بن محصن -في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب-: ادع الله أن يجعلني منهم. قال: "أنت منهم".صحيح البخاري (6541) ، وصحيح مسلم (220) . وكما كان الصحابة-رضي الله عنهم- إذا أجدبوا سألوه أن يستسقي لهم، كما قال أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. فيسقون. صحيح البخاري (1010) . هذا في حياته صلى الله عليه وسلم. فتبين من هذا الأثر الصحيح أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يتوسلون بالنبي-صلى الله عليه وسلم- يعني يسألونه أن يدعو الله لهم في حياته، ولما مات عدلوا عن ذلك، ولم يأت أحد منهم يسأله الدعاء، بل عدلوا إلى التوسل بدعاء العباس-رضي الله عنه-. وعلم بذلك أن سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته الشفاعة في أمر خاص أو عام غير مشروع، بل هو بدعة في الدين، وهو حرام؛ لأنه وسيلة قريبة إلى الشرك، وليس في الكتاب ولا في السنة ما يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو لأحد وهو في قبره.

لكن يوم القيامة يأتي إليه الناس ويسألونه أن يشفع لهم بعد أن يمروا على آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى - عليهم السلام- فيعتذرون عن التقدم إلى الله بالشفاعة، فيقوم صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها، فيأتي ربه، فإذا رآه خرَّ ساجدًا، فيفتح الله عليه بمحامد، ثم يقال له: ارفع رأسك، وسل تعط واشفع تشفع ويشفع في أهل الموقف أن يقضي الله بينهم، وهذا هو المقام المحمود الذي وعده الله به في قوله: "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" [الإسراء: 79] . ومن يأتِ إلى قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو إلى قبر غيره من الصالحين يسأله الشفاعة في شيء من أمر الدنيا أو الآخرة، فهو مبتدع ضال، أو مشرك، وهو متبع غير سبيل المؤمنين. فسبيل المؤمنين هو ما كان عليه الصحابة -رضي الله عنهم-، وكل ما خالف ما كانوا عليه في أمر الدين فهو بدعة وضلال. نسأل الله أن يبصرنا وأن يعصمنا من الضلالة بمنه وكرمه، والله أعلم.

الدعاء بجاه النبي صلى الله عليه وسلم

الدعاء بجاه النبي صلى الله عليه وسلم المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 23/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وردني قبل أيام نص دعاء من أحد أصدقائي, وجدت في بعضه ما لا يتوافق وسنة نبينا أن ندعو بجاه محمد-صلى الله عليه وسلم- وغيره، ونص الدعاء -الذي أعتقد أنه خطأ- هو: اللهم صلِّ صلاة كاملة، وسلِّم سلاماً كاملاً على سيدنا محمد, الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب، وتقضى به الحوائج، وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم، ويستسقى بوجهه الكريم، وعلى آله وصحبه في كل لمحة ونفس، بعدد كل معدود لك. وهل يجوز لنا أن ندعو بهذه الطريقة؟ مع اعتقادي بحرمتها، وأن الله يقضي حوائجنا برحمته، مع علمنا بعظم قدر نبينا، ولكن الله يمن علينا برحمته، دون شفيع يقربنا إليه. الجواب الحمد لله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا الدعاء من أدعية الصوفية الذين يغلون في النبي -صلى الله عليه وسلم- ويخترعون أدعية وصلوات على الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيها غلو ومبالغة وتنطع ظاهر قد يصل إلى الشرك الأكبر، ثم يجعلون هذه الصلوات التي اخترعوها ورداً يرددونه في الصباح والمساء، وقد يفضلونها على تلاوة القرآن، ثم من تعظيمهم لهذه الصلوات التي اخترعها بعض شيوخهم أن يجعلوا لها من الفضائل ما يقتضي أنها أفضل من تلاوة القرآن، وينسبون كل دعاء من هذه الأوراد إلى من اخترعها، فيقول: هذه صلاة فلان وصلاة فلان من شيوخ الصوفية ورؤوس البدعة. والنبي -صلى الله عليه وسلم- علَّم أصحابه كيف يصلون عليه، حين قالوا له: يا رسول الله: عَلِمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فقال: قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد.. إلى آخره. صحيح البخاري (3370) ، وصحيح مسلم (405) .

وقد جاءت في ذلك روايات بألفاظ متقاربة، وهذا الدعاء المسئول عنه هو -كما ذكر السائل- دعاء مبتدع مشتمل على ألفاظ بدعية منكرة. فقوله في هذا الدعاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم (الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب) إلى آخره، إن كان هذا القائل يريد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الذي يقضي الحوائج ويحل العقد أي المشكلات فإنه شرك أكبر؛ لأنه قد جعل له صلى الله عليه وسلم ما هو من خصائص الربوبية، فإنه تعالى وحده هو الذي يوفق لحسن الخواتيم بيده الملك وبيده الخير والعطا والمنع فيفرج الكربات، ويقضي الحاجات، ويهدي من يشاء من الضلالة، -سبحانه وتعالى- ويوفق من يشاء. وإن كان هذا القائل يريد أن التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- سبب تحصل به هذه المطالب، فذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان وينبغي أن يعلم أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم على وجوه: أحدها: التوسل إلى الله بالإيمان به ومحبته فهذا حق، فالإيمان بالرسول وطاعته ومحبته هي أعظم الوسائل. الثاني: التوسل بدعائه، وذلك إنما يكون في حياته، كما قال عكاشة بن محصن: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: "أنت منهم". صحيح البخاري (6541) وصحيح مسلم (220) . وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يسألونه الدعاء، فيدعو لهم، وإذا أجدبوا سألوه أن يستسقي لهم، وأما بعد وفاته فلم يكن أحد يأت إلى قبره ويسأله الدعاء، بل عدلوا في الاستسقاء إلى دعاء العباس، كما قال عمر -رضي الله عنه- اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقوا. صحيح البخاري (1010) .

الوجه الثالث: التوسل بذاته أو جاهه - صلى الله عليه وسلم - وهو علو منزلته عند ربه وهذا بدعة؛ فجاهه صلى الله عليه وسلم عظيم، ولكن إنما يعود نفع ذلك عليه صلى الله عليه وسلم، ولمن دعا له في حياته، وأما بعد وفاته فلا يطلب منه الدعاء كما تقدم، فالمقصود أن ما ذكره السائل من أن هذا الدعاء مخالف للسنة هو كما قال، فالدعاء به حرام؛ لأن ألفاظه دائرة بين الشرك والبدعة. نعوذ بالله من الضلال واتباع الهوى، والله أعلم.

المشروع والممنوع في التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم-

المشروع والممنوع في التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- المجيب عبد العزيز بن عبد الله الراجحي عضوهيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 18/06/1426هـ السؤال هل التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- مشروع بإطلاق، أم هو ممنوع بإطلاق، أم الأمر يقتضي التفصيل؟ فقد سمعت جدالاً طويلاً حول هذا. أرجو الإيضاح، وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه، أما بعد: فإن التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- مجمل يحتاج إلى تفصيل: إذ هو أنواع، أحدها: التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بمعنى التوسل إلى الله والتقرب إليه بمحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- والإيمان به، فهذا فرض لا بد منه؛ إذ هو أصل الإيمان، فمن لم يتوسل إلى الله بمحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- والإيمان به فليس بمؤمن. الثاني: التوسل بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم- في حياته، بأن يدعو والناس يؤمنون، كما كان يدعو في الاستسقاء والصحابة يؤمنون، وكما توسل بدعائه الأعمى في أن يرد الله عليه بصره، وقال: اللهم شفِّعه فيّ. أخرجه الترمذي (3578) ، وابن ماجه (1385) .

الثالث: التوسل بالنبي – صلى الله عليه وسلم- بمعنى التوسل بذاته والسؤال به، والإقسام على الله به، وهذا من البدع التي لم يفعلها الصحابة مع النبي –صلى الله عليه وسلم-، وإنما كانوا يتوسلون إلى الله بدعائه، لا بذاته ولا بسؤال الله به فإن هذا من البدع المحدثة في الدين، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" صحيح البخاري (2697) ، وصحيح مسلم (1718) ، ولو كان الصحابة يتوسلون بذاته لما عدلوا إلى التوسل بعمه العباس في زمن عمر لما أجدبوا حيث قال عمر –رضي الله عن الجميع-: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا-يعني في حياته- وإنا نتوسل إليك بعمّ نبينا فاسقنا. أخرجه البخاري (1010) . ثم يدعو العباس وهم يؤمنون، فيسقون.

الرابع: التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم -بدعائه من دون الله تعالى، وهذا شرك أكبر يخرج من الملة، وهو الأمر الذي بعث النبي - صلى الله عليه وسلم- بالنهي عنه، والإنكار على من فعله، وتكفيره، قال تعالى: "ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين" [يونس: 106] أي المشركين، وقال تعالى: "فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين" [الشعراء: 213] . وقال تعالى: "وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا" [الجن: 18] . وقال تعالى: "ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون* وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين" [الأحقاف: 5، 6] . فسمى دعاءهم عبادة، وقال تعالى: "والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير" [فاطر: 13، 14] . وهو الله سبحانه، فسمى دعاءهم شركاً، وقال تعالى: "ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون" [المؤمنون: 117] . فحكم بالكفر على من دعا غير الله. وبهذا يتبين أن التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أربعة أنواع، ولكل نوع منها حكمه وأدلته، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحابته وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

عبارة: بحق النبي صلى الله عليه وسلم

عبارة: بحق النبي صلى الله عليه وسلم المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 25/10/1426هـ السؤال هل يجوز أن نقول: بحق محمد وآل محمد الأطهار؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقول القائل: (بحق كذا..) يحتمل أن تكون الباء فيه للقسم، أو للسبب، فإن أراد بها القسم، فالإقسام بالمخلوق على المخلوق حرام، فكيف على الخالق! وإن كانت للسبب، وهو التوسل بالسؤال بحق أحد أو جاهه، ففيه تفصيل: 1- فإن كان بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فللعلماء فيه قولان، كما لهم في الحلف به -صلى الله عليه وسلم- قولان، فجمهورهم -مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، ورواية عن أحمد- على المنع، وأن اليمين لا تنعقد. والرواية الأخرى عن أحمد: تنعقد اليمين به خاصة دون غيره، ويسوغ التوسل به، والقول الأول أصح. 2- وإن كان السؤال بحق أو جاه غيره، فالمنع من باب أولى، لأن الجاه أو الحق، إن كان ثابتاً فعلاً، لمن سأله به، فليس سبباً شرعياً ولا عادياً لاستجابة الدعاء، ومن سأل به سأل بأمر أجنبي ليس سبباً لنفعه، ولم يكن الصحابة، رضوان الله عليهم يفعلونه في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- لا في حياته، ولا بعد مماته، لا عند قبره، ولا غير قبره، فكيف بمن هو أدنى منه -صلى الله عليه وسلم-. والله أعلم.

الإمام أحمد والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

الإمام أحمد والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 29/07/1426هـ السؤال سمعت أن الإمام أحمد -رحمه الله- يجيز التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- والتبرك بأشيائه، وأنه يقول بجواز التوسل بالأولياء، وكذلك سمعت مثل هذا عن الإمام الشوكاني. فهل يصح هذا عنهما؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة يرون مشروعية (التوسل) بالنبي -صلى الله عليه وسلم- على الصور التالية: (1) التوسل به في حياته بطلب دعائه كما في قصة الأعمى. انظر جامع الترمذي (3578) ، وسنن ابن ماجه (1385) . (2) التوسل إلى الله بالإيمان به (أي النبي صلى الله عليه وسلم) ومحبته واتباعه، كأن يقول: اللهم إني أتوسل بحبي للرسول - صلى الله عليه وسلم- واتباعي له، وهذا مشروع في حياته وبعد مماته. (3) التبرك بأشيائه وبذاته في حياته وبما بقي من أشيائه بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- (وبعض الناس قد يسمي ذلك توسلاً) وهو مشروع، ولكن لم يبق شيء من ذلك الآن، وتسمية هذا التبرك توسلاً فيها نظر، بل لا تستقيم. وكذلك التوسل ببقية الأنبياء عند من يرى مشروعيته يكون على هذه الصور أو بعضها، أما التوسل بالأولياء والصالحين فالمشروع منه طلب الدعاء منهم؛ كما فعل عمر مع العباس -رضي الله عنهما- صحيح البخاري (1010) . وهذا ما يقصده الإمام أحمد والشوكاني وغيرهما.

مذاهب الأئمة الأربعة في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

مذاهب الأئمة الأربعة في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 15/08/1426هـ السؤال أريد ذكر أقوال الأئمة الأربعة في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم. الجواب التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أقسام: (1) أن يتوسل بالإيمان به واتباعه، فهذا التوسل صحيح، مثل أن يقول: "اللهم آمنت بك وبرسولك فاغفر لي" وهذا لا بأس به، وقد ذكره الله تعالى في القرآن الكريم في قوله تعالى: "ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار" [آل عمران: 193] . ولأن الإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وسيلة شرعية لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات فهو قد توسل بوسيلة ثابتة شرعاً. (وهذا جائز في حياته وبعد مماته) . (2) أن يتوسل بدعائه، أي بأن يطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو له فهذا جائز في حياته (لا بعد مماته لأنه بعد مماته متعذر) ، وهذا النوع- أي التوسل بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي جاء في قصة توسل الأعمى. انظر جامع الترمذي (3578) ، وسنن ابن ماجه (1385) . 3- أن يتوسل بجاهه ومنزلته عند الله، فهذا لا يجوز لا في حياته ولا بعد مماته؛ لأنه ليس وسيلة، إذ إنه لا يوصل الإنسان إلى مقصوده؛ لأنه ليس من عمله. [ابن عثيمين، الفتاوى (2/343-348) ] .

(فلم يرو عن الصحابة ولا عن أحد من أئمة الدين أو علماء المسلمين المقتدى بهم ولا نُقل أن أحداً منهم قال: "اللهم إني أسألك بحق نبيك أو أنبيائك أو بجاه أو حرمة فلان أو أتوسل إليك بنبيك" ونحو هذا، ولم يفعلوه في الاستسقاء ولا في غيره، لا في حياته ولا بعد مماته، لا عند قبره ولا عند قبر غيره، ولم يرد هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم، وإنما نقله المتأخرون الذين وقعوا في الغلو والشرك، وينقلون في ذلك أحاديث ضعيفة أو موضوعة لا تقوم بها حجة، [الكنز الثمين (1/315/316) ] . وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (1/202) عن أبي حنيفة وأصحابه أنهم صرحوا عن ذلك، وقالوا: لا يسأل بمخلوق، ولا يقول أحد: أسألك بحق أنبيائك، ثم نقل عن أبي حنيفة قال: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، وأكره أن يقول: بمعاقد العز من عرشك أو بحق خلقك. وقد ذكر ابن تيمية –رحمه الله- أن القول بجواز الحلف بالنبي –صلى الله عليه وسلم- وانعقاده قول ضعيف شاذ وكذا ما بني عليه من جواز الإقسام على الله به وما يناسبه من التوسل به كذلك، وما قاله شيخ الإسلام هو الصواب، وهو قول جمهور أهل العلم، وهو مقتضى الأدلة الشرعية، والله ولي التوفيق [اللجنة الدائمة (1/225) ] . وما نقل (ابن تيمية عن الإمام أحمد في التوسل بالنبي –صلى الله عليه وسلم- بصيغة التمريض فلا نعلم له طريقاً صحيحاً عن الإمام أحمد –رحمه الله- ولو صح عنه لم يكن به حجة بل الصواب ما قال غيره في ذلك وهم جمهور أهل السنة؛ لأن الأدلة الشرعية في ذلك معهم [اللجنة الدائمة (1/530) ] .

وكذلك مَنْ نقل عن مالك أنه جوز سؤال الرسول أو غيره بعد موتهم، أو نقل ذلك عن إمام من أئمة المسلمين غير مالك -كالشافعي وأحمد وغيرهما- فقد كذب عليهم ولكن بعض الجهال ينقل هذا عن مالك، ويستند إلى حكاية مكذوبة عن مالك ولو كانت صحيحة لم يكن التوسل الذي فيها هو هذا، بل هو التوسل بشفاعته يوم القيامة، بأن يدعو المسلم ربه -عز وجل- أن يشفع فيه نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- وهذا هو المشروع) [فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (1/255) ] .

الدعاء بحق محمد

الدعاء بحق محمد المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/التوسل وأنواعه التاريخ 17/03/1427هـ السؤال هل يجوز عند التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- بالدعاء أن نقول: اللهم، ثم نبدأ بذكر بعض أسماء الله تعالى، وبعدها نقول: اللهم بحق محمد وآل محمد، وبحق الصحابة الطيبين أسألك أن تستجيب دعائي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد: فأما دعاء الله -تعالى- والتوسل إليه بأسمائه وصفاته فهذا مشروع في حق من يدعو، دلّ على ذلك القرآن والسنة في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأعراف:180] . وأما قول القائل: (اللهم بحق محمد وآل محمد، أو بحق الصحابة الطيبين أسألك أن تستجيب دعائي) . فهذا من التوسل الممنوع الذي لا يجوز لأمرين: أحدهما: أن الله تعالى لا يجب عليه حق لأحد، وإنما هو الذي يتفضل سبحانه على المخلوق بذلك. كما قال تعالى: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" [الروم:47] . فكون المطيع يستحق الجزاء هو استحقاق فضل وإنعام، وليس استحقاق مقابلة كما يستحق المخلوق على المخلوق. الثاني: أن هذا الحق الذي تفضل الله به على عبده حق خاص بذلك العبد لا علاقة لغيره به، فإذا توسل به غير مستحقه كان متوسلاً بأمر أجنبي لا علاقة له به، وهذا لا يجديه شيئاً، كما ذكر ذلك العلامة الشيخ صالح بن فوزان -حفظه الله-. وأما حديث: "أسألك بحق السائلين عليك" الذي أخرجه أحمد (10729) ، وابن ماجه (778) ، وغيرهما، فهو حديث ضعيف في إسناده عطية العوفي وهو مجمع على ضعفه. والله الموفق.

الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة

منهجهم قائم على المنامات المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 25/03/1427هـ السؤال توجد جماعة تقوم برباط في كل شهر في منزل أحدهم، ويقومون برباط كذلك يسمونه (رباط عشري) ، أي عشرة أيام، ورباط أربعيني أي أربعون يوماً. ورؤياهم لا تخلو من رؤية الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما أنهم يزعمون أنهم يشاهدونه، ويعطيهم التمر، ويقول لهم: أنتم على حق. بل الغريب في الأمر أنهم يزعمون أن أحدهم مرة لم يعرف مكان اللقاء، فجاءه محمد -صلى الله عليه وسلم- وأخذه إلى مكان اللقاء. فهل هذا التعبد على السنة? وهل ما يزعمونه صحيح? الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه الأمور التي ذكرتها تدل على أن هذه جماعة مبتدعة، وقد غرر بها الشيطان، فإن الشيطان قد يتمثل في صورة يدعي فيها أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أنه الولي فلان وهو كاذب، والصورة التي ظهر فيها ليست هي صورة النبي -صلى الله عليه وسلم- والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد مات، والموت انقطاع عن الدنيا، وإن كان هو حيًّا في قبره حياة برزخية ليست حياة دنيوية. ولهذا عندما يرد المنافقون والمرتدون يوم القيامة عن حوضه، فيقول: "أصحابي، أو أمتي" فيقال له: "إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك" صحيح البخاري (6526) ، وصحيح مسلم (2860) . فلو كان يخرج من قبره، ويعرف أحوال الناس لما خفيت عليه أحوالهم. وقد حدثت في الأمة أمور كبيرة، منها قتل الحسين -رضي الله عنه- ابن بنته، ولم يخرج لمساعدته.. وهكذا. فالشاهد أن هذه الجماعة مبتدعة، يجب التحذير منها ونصحها. والله أعلم.

الحرية..والليبرالية

الحرية..والليبرالية المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 9/5/1424هـ السؤال أحد الإخوة طرح القضية التالية، وهي: أن الفكر الليبرالي هو الفكر الوحيد القادر على مواجهة تحديات العصر الحالي، وخلاصة قوله أن ما تدعو إليه الليبرالية من أن الحرية الشخصية هي أساس كل شيء، وأن من كان يريد أن يصلي فليصلِ، ومن يريد أن يصوم فليصم، فالعبادة بينه وبين ربه!!! ومن أرادت الحجاب فلتتحجب! ومن لا تريد فتلك حرية شخصية! عندما حصرت له المثال في نطاق عائلته! قلت له: عندي لك حالة: إذا كان أبوك يؤمن بالفكر الليبرالي ويسمح لأختك بالخروج عارية الرأس والقدمين واليدين! وتمارس أنواع التبرج والسفور، وتقابل الشبان هنا، وتتعشى مع فلان هناك، وتنصح أباك ولكنه لا يعتبر، ويرى أن هذه حريتها! ماذا ستفعل؟ أجاب: أنا لا أرضى لها هذا، ولكن ما دام أبي يسمح لها فلا يد لي عليها! إلا النصيحة! قلت وإن لم تستجب! قال هي حرة إذاً. فكان ردي بأن الدين لا يسمح! ولك اليد الآن أن تمنعها بيدك عن المنكر الذي تقوم به، ما دام أبوك قد فقد مؤهلاته الإسلامية عليها، وخالف صريح القرآن "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى.."، فاستطرد علي بأني مخطئ، ولا يحق لي بالدين منعها، ما دام أبوه معجباً بما هي عليه. فسؤالي الآن: هل يعطي الإسلام الصلاحية للأخ على ضبط أخته إذا فقد الأب مؤهلاته وعارض الدين؟ وهل الصلاحية هذه مباشرة يأخذها متى سقطت صلاحية الأب أم لا بد من الرجوع للمحاكم وأخذ الصلاحية؟ إنه من المحزن أن نرى في هذا الزمان من يرضى هذا لأهله، فإنه يوجد الكثير ممن يسمح بهذا لأهله! وآسف على الإطالة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا خليل الله محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

الفكر الليبرالي فكر أرضي مادي شهواني، أعده قوم لا يرجون لله وقاراً، ولا يحترمون أنبياء الله ولا يعظمون وحيه المعصوم، وجذور هذا الفكر تستند إلى قاعدة مادية إلحادية مفادها (أن الحياة والكون والإنسان كلها مستقلة بذاتها ليست في حاجة إلى إله) وعلى ذلك وضعوا مبدأً يقول بألوهية الإنسان، وأنسنة الإله، أي أن الإنسان أصبح إله نفسه، وإن الإله قد تحول إلى إنسان، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. وبناءً على ذلك قرروا أن الإنسان له الحرية المطلقة في اعتقاداته وأعماله وسلوكياته وتصرفاته، وهذا ما يسمونه " بالليبرالية" و"العلمانية" التي تعني "اللادينية"، وهذا مصداق قول الله تعالى: "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً" [الفرقان: 44] . ورغم هذه الدعوى العريضة التي يدعيها الليبراليون في الحرية المطلقة، فإننا نجد أنهم يفعلون ذلك فيما يتعلق بالأخلاق والأديان، انفكاكاً من تأثيرها وابتعاداً عن مضمونها ومقتضياتها، ولكنهم- في الوقت نفسه- يفرضون على الناس قيوداً تحد من حريتهم وتقلص من اختيارهم، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، أن الليبرالية في بلاد الغرب (أوروبا وأمريكا) يمنعون أي انتقاد لليهود وأي مناقشة لمزاعمهم التاريخية في الحرق والإبادة، ويعتبرون من يفعل ذلك (معاد للسامية) ويستحق العقوبة، وتستحق كتبه المصادرة والإتلاف. ويمنعون الحديث الصريح والمكشوف عن الجرائم الأمريكية التي تمارسها ضد المسلمين في العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها، ويعتبرون ذلك مخالفاً لمصالحهم العليا، وفصل الصحفي الأمريكي الشهير الذي تحدث عن جرائم أمريكا في العراق من أوضح الأدلة على حريتهم وليبراليتهم المزعومة. فأين هي الليبرالية؟ وأين هي الحرية المطلقة؟ التي يحاولون ترويجها بمعسول الكلام، ومخادعة العقول.

ومما يؤسف أن هذه الدعوة الفاجرة وجدت آذاناً صاغية في عقول وقلوب بعض أبناء المسلمين قليلي العلم وضعيفي الإيمان، قاصري العقول من الذين انبهروا بالغرب وتقاليده وغشيت بصائرهم عن حقائق دين الإسلام وما فيه من خير ونفع ومصلحة. ومما ينبغي أن يعلم في هذا الصدد أنه ما من شيء أمر الله به إلا وهو يحبه ويرضاه، وفيه مصلحة للخلق ونفع، وتنفيذه يجلب الخير والسعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع. وما من شيء نهى الله عنه إلا وهو يكرهه ويبغضه، وفيه مفسدة للخلق ومضرة، وارتكابه يجلب الشر والتعاسة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع. ومقتضى كون المسلم مسلماً أن يستسلم لأمر الله ونهيه بغير تردد ولا حرج، كما قال تعالى:"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36] . بل لا يكون المرء مسلماً إلا باتباعه أمر الله، والتزامه بشريعته وحكمه في كل قضية من القضايا، كما قال تعالى:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً فيما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء: 65] . ومن يدعي أن الفكر الليبرالي حرية، وأن الإسلام نقيض الحرية فهو ظالم جاهل. (1) ظالم لأنه لم يعرف الإسلام، فحكم عليه بهذا الحكم الجائر، المخالف للواقع، وظالم لنفسه لأنه بمثل هذا المعتقد يصل إلى دركات من الإثم خطيرة عليه في آخرته0 (2) وجاهل لأنه لم يعرف الإسلام حق المعرفة، ولم يعرف الليبرالية والعلمانية حق المعرفة. فمن عرف الإسلام معرفة حقيقية عرف كم فيه من خير ومصلحة للبشرية، وعرف كم في خلافه من شر ومفسدة وبلاء وفتنة، لا يمكن أن يفضل الليبرالية الأرضية الجاهلية على دين الإسلام الرباني المحكم. والزعم بأن الحرية الشخصية أساس في كل شيء، من كان يريد أن يصلي فليصل، ومن يريد أن يصوم فليصم، ومن أرادت الحجاب فلتتحجب، ومن لا تريد فتلك حرية شخصية.

قد يقال هذا في حق من لم يدخل في الإسلام ولم ينتسب إليه، أما من دخل في دين الإسلام فإنه يجب عليه أن يلتزم بأوامره ونواهيه وأحكامه وتشريعاته. وأضرب لذلك مثلاً برجل طلب الانتساب الوظيفي إلى شركة فأعطوه شروط القبول والعضوية في هذه الشركة، ومنها أن يلتزم بالحضور في الساعة السابعة صباحاً ويبقى إلى الثانية ظهراً، وأن يلبس زياً معيناً، وأن يتقيد بأنظمة وتعليمات الشركة ويلتزم بتوجيهاتها ويحرص على مصالحها. فقبل هذه الشروط وانضم إلى هذه الشركة، ولكنه بعد حين صار يحضر التاسعة صباحاً وينصرف الواحدة ظهراً، ويلبس زيا غير زي الشركة، ويذهب إلى مكتب غير مكتبه ويخالف توجيهات الشركة وأنظمتها، ماذا سيكون حاله؟ سيطرد حتماً من الشركة شر طردة، ويخرج منها مذموماً مدحوراً. ولن يلوم أحد هذه الشركة في تعاملها مع هذا العضو المهمل المخالف للأوامر والتعليمات، ولن يجدي معه أن يقول أنا حر أتصرف كما أريد وليس لأحد علي أمر، بل أنا أمارس الحرية الشخصية والليبرالية الذاتية!! ولن يقبل أحد هذه الحجة، ولن تشفع له هذه الدعاوى، ولن تجديه شيئاً عند كل عقلاء الأرض. وكذلك الإسلام هو نظام وأوامر ونواهي وتعليمات فردية وجماعية اعتقادية وتشريعية وأخلاقية، وليس لأحد من المنتسبين إليه أن يقول أنا حر أفعل ما أريد، أو فلان حر يفعل ما يريد، فما دام قد انتسب إلى الإسلام وانتمى إليه فيجب عليه أن يلتزم بتعاليمه ويستمسك بأحكامه. أما إنكار الأخ المنكر الذي وقعت فيه شقيقته المتبرجة فهو واجب شرعي باللسان أولاً وباليد إن كانت له طاقة بذلك، كما يجب عليه أن ينكر على والده الذي يسمح لبنته بممارسة المنكر ومخالطة الفساد وأهله0

وأرى على الأخ السائل قبل إنكار منكر تبرجها وسفورها وتقابلها مع الشباب وإنكار منكر تساهل الأب، أن يوجههم وينصح لهم، وأن يغرس في قلوبهم معاني الإيمان الأساسية، فإن هذه الأعمال لا تصدر من قلب معمور بالإيمان، ولا من نفس تخاف من الله وترجو ثوابه وتخشى عقابه، بل الغالب على هذا الصنف من الناس الغفلة والجهل واتباع الهوى، والركون إلى الدنيا وشهواتها، وإيثارها على الآخرة. فوجب إصلاح هذا الخلل العظيم، وغرس المعاني الأولية في القلب، وبالذات غرس معاني حب الله تعالى وحب دينه وحب نبيه -صلى الله عليه وسلم-، والخوف من الله والرجاء فيما عنده. فمتى استقامت هذه المعاني في القلب استقامت الأعمال وتوجهت بوصلة النفس نحو ما يرضي الله تعالى بشكل تلقائي، ومن الأمور التي تعين على ذلك: معرفة مفاتيح القلوب وأوقات إقبالها، والمناسبات التي تتوجه فيها النفوس إلى الله تعالى. أما الحكم الفقهي في كون الأخ يتولى أمر أخته إذا فقد الأب أهليته، فإن له ذلك بحكم القاضي الشرعي الذي يحكم بشريعة الإسلام. لأن إسقاط الولاية عن الأب والحكم بها لأحد المحارم غيره أمر كبير وشأن عظيم، لا يتم بمجرد دعوى الابن أو بمجرد وقوع الأب في بعض المعاصي، أو تفوهه في حال الغضب ببعض الأقوال. لكن إذا ثبت عند القاضي الشرعي دياثة الأب أو فقده العقل أو فساد دينه، وجب عليه أن ينزع عنه الولاية على المحارم، ويضعها عند من يؤمن دينه وخلقه من الرجال المحارم. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مثل هذه الحالة قائم بحسب المستطاع من غير حاجة إلى حكم قاضٍ ولا رفع ولاية الأب، شريطة أن يتم ذلك وفق ضوابط وآداب الشريعة الإسلامية لتحصل بذلك الفائدة المرجوة ويندفع الفساد أو يقل، والله المستعان وهو ولي التوفيق0 وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم0

النوادي الروتارية

النوادي الروتارية المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 3/4/1424هـ السؤال ما الحكم الشرعي في الانضمام أو حضور اجتماعات النوادي الروتارية ونوادي الروترأكت؟ وما أثرها على الشباب المسلم؟ وهل صحيح أن هدفهم خدمة المجتمع ومساعدة الآخرين؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: هذه النوادي مرتبطة بالماسونية، وتخدم أهداف اليهودية والصهيونية، وتتستر بالخدمات والأعمال الاجتماعية، ولا يجوز المشاركة فيها، وهذه نبذة مختصرة عنها:- التعريف: (الروتاري) منظمة ماسونية تسيطر عليها اليهودية العالمية تعرف باسم (نادي الروتاري) . التأسيس: - في سنة 1905م أسس المحامي بول هاريس أول ناد للروتاري في مدينة شيكاغو. - توفي بول هاريس سنة 1947م بعد أن امتدت الحركة إلى 80 دولة وأصبح لها 6800 ناد تضم 327000 عضو. الأفكار والمعتقدات: - عدم اعتبار (الدين) مسألة ذات قيمة لا في اختيار العضو، ولا في العلاقة بين الأعضاء، لا يوجد أي اعتبار لمسألة الوطن. - تلقن نوادي الروتاري أفرادها قائمة بالأديان المعترف بها لديها على قدم وقدر المساواة مرتبة حسب الترتيب الأبجدي. - باب العضوية غير مفتوح لكل الناس، ولكن على الشخص أن ينتظر دعوة النادي للانضمام إليه على حسب مبدأ الاختيار. - العمال محرومون من عضوية النادي، ولا يختار إلا من يكون ذا مكانة عالية. - يشترط أن يكون هناك ممثل واحد عن كل مهنة، وقد تخرق هذه القاعدة بغية ضم عضو مرغوب فيه، أو إقصاء عضو غير مرغوب فيه. - يشترط أن يكون في المجلس الإداري لكل ناد شخص أو شخصان من رؤساء النادي السابقين أي من ورثة السر الروتاري المنحدر من (بول هاريس)

- نوادي الروتاري تحصل على شعبية كبيرة ويقوى نشاطها حينما تضعف الحركة الماسونية أو تخمد، ذلك لأن الماسون ينقلون نشاطهم إليها حتى تزول تلك الضغوط فتعود إلى حالتها الأولى. - هناك عدد من الأندية تماثل الروتاري فكراً وطريقة، وهي: الليونز، الكيواني، الاكستشانج، المائدة المستديرة، القلم، بنات برث (أبناء العهد) ، فهي تعمل بنفس الصورة ولنفس الغرض مع تعديل بسيط، وذلك لإكثار الأساليب التي يتم بواسطتها بث الأفكار واجتلاب المؤيدين والأنصار. الجذور الفكرية والعقائدية: - التشابه الكبير بين الماسونية والروتاري في مسألة (الدين والوطن) وفي اعتمادهم على مبدأ (الاختيار) ، فالعضو لا يمكنه أن يتقدم بنفسه للانتساب، ولكن ينتظر حتى ترسل إليه بطاقة دعوة للعضوية. - القيم والروح التي يصبغ بها الفرد واحدة في الماسونية والروتاري مثل فكرة المساواة والإخاء والروح الإنسانية والتعاون العالمي، وهذه روح خطيرة تهدف إلى إذابة الفوارق بين الأمم وتفتيت جميع أنواع الولاءات. حتى يصبح الناس أفراداً ضائعين تائهين ولا تبقى قوة متماسكة إلا لليهود الذين يريدون السيطرة على العالم الروتاري وما يماثله من النوادي تعمل في نطاق المخططات اليهودية من خلال سيطرة الماسون عليها، والذين هم بدورهم مرتبطون باليهودية العالمية نظرياً وعملياً، ورصيد هذه المنظمات ونشاطاتها يعود على اليهود أولاً وآخراً. - تختلف الماسونية عن الروتاري في أن قيادة الماسونية ورأسها مجهولان، على عكس الروتاري الذي يمكن معرفة أصوله ومؤسسيه، ولكن لا يجوز تأسيس أي فرع للروتاري إلا بتوثيق من رئاسة المنظمة الدولية، وتحت إشراف مكتب سابق.

- تتظاهر بالعمل الإنساني من أجل تحسين الصلات بين مختلف الطوائف، وتتظاهر بأنها تحصر نشاطها في المسائل الاجتماعية والثقافية، وتحقق أهدافها عن طريق الحفلات الدورية والمحاضرات والندوات التي تدعو إلى التقارب بين الأديان وإلغاء الخلافات الدينية. - أما الغرض الحقيقي فهو أن يمتزج اليهود بالشعوب الأخرى باسم الود والإخاء، وعن طريق ذلك يصلون إلى جمع معلومات تساعدهم في تحقيق أغراضهم الاقتصادية والسياسية، وتساعدهم على نشر عادات معينة تعين على التفسخ الاجتماعي، ويتأكد هذا إذا علمنا بأن العضوية لا تمنح إلا للشخصيات البارزة والمهمة في المجتمع. فتوى المجمع الفقهي (مكة المكرمة – 10/8/1398هـ) : إنها (الماسونية) ذات فروع تأخذ أسماء أخرى تمويهاً وتحويلاً للأنظار، لكي تستطيع ممارسة نشاطاتها تحت مختلف الأسماء، إذا لقيت مقاومة لاسم الماسونية في محيط ما، وتلك الفروع المستوردة بأسماء مختلفة من (أبرزها منظمة الأسود والروتاري والليونز) ، إلى غير ذلك من المبادئ والنشاطات الخبيثة التي تتنافى تنافيا كليا مع قواعد الإسلام، وتناقضه مناقضة كلية. وقد تبين للمجمع بصورة واضحة العلاقة الوثيقة للماسونية باليهودية الصهيونية العالمية، وبذلك استطاعت أن تسيطر على نشاطات كثير من المسئولين في البلاد العربية وغيرها، في موضوع قضية فلسطين، وتحول بينهم وبين كثير من واجباتهم في هذه القضية المصيرية العظمى لمصلحة اليهود والصهيونية العالمية. لذلك ولكثير من المعلومات الأخرى التفصيلية عن نشاط الماسونية وخطورتها العظمى وتلبيساتها الخبيثة وأهدافها الماكرة يقرر المجمع الفقهي اعتبار الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على الإسلام والمسلمين، وأن من ينتسب إليها على علم بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالإسلام مجانب لأهله. فتوى مفتي المملكة الأردنية الهاشمية:

على أثر الضجة التي أثارتها الصحف والأوساط الشعبية حول الماسونية، أصدر المفتي العام للمملكة الأردنية الهاشمية بياناً بناءً على رغبة قاضي القضاة، ومما فيه: إن على المسلم وقد رأى في الماسونية غلبة الصهيونية عليها، وارتياب المسلمين بداخليها، وسوء ظنهم بهم، ورميهم بالكفر والإلحاد، وأقل ما في هذه الماسونية مما هو معلوم عنها قطعاً - تقديم أخوتها على أخوة الدين - فعلى المسلم أن يعتزل الماسونية، هذا إذا لم ينته في الماسونية إلى الكفر الصراح والزندقة والإلحاد، فإن انتهى إلى ذلك وصار فيه إلى العمل والاعتقاد، فإنه يعد بذلك كافراً مرتداً، وتجري عليه أحكام الكافر المرتد، إلا إن تاب ورجع إلى الإيمان والإسلام وتقبل توبته على ذلك فيما بينه وبين الله. المراجع: (الموسوعة الميسرة في المذاهب والأديان المعاصرة من إصدارات الندوة العالمية للشباب الإسلامي) (الماسونية في المنطقة 245 تأليف أبو إسلام أحمد عبد الله) (الماسونية والماسونيون في الوطن العربي تأليف حسين عمر حمادة) . هذا وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أحوال تنسب للتصوف

أحوال تنسب للتصوف المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 30/3/1424هـ السؤال كنت في السابق في جماعة صوفية، وكنت أعمل فيها خيراً، لكني رأيت أن صاحب هذه الطريقة يقوم بأفعال لا تتفق مع الشرع، فكان يشرب المخدرات، وكان لا يصلي في الجامع حتى صلاة الجمعة، لكنه كان يأمرنا بالذكر، وكنت أراه في المنام كثيراً، وكذلك غيري، وكان يتحدث دوماً في أشياء يقول عنها: إنها علم التحقيق، لكنه كان غير عالم بالكتاب والسنة، ولا يحفظ القرآن الكريم، كما أن سلوكه كان مريباً، كما كان يدعونا إلى أن نطلب المدد منه ومن آل البيت، ويدعونا إلى زيارة القبور، لكني ولله الحمد تركت هذا الطريق لما علمت أنه يؤدي للشرك بالله، وحاولت مع أصدقائي أن أجعلهم يتركوا هذا الطريق فلم يستمع إلي منهم إلا اثنان، أما الباقي فهم يعتقدون أن الشيطان ضحك علينا وأنه ليست لدينا القدرة لأن نعيش في عالمهم، وهو عالم الباطن الذي يعتبرون فيه أن السيدة زينب رئيسة الدواوين وصاحبة الشورى، وعندما أكلمهم وأحاول معهم أن أثنيهم عن هذا الطريق يقسمون لي بالله العظيم أنهم رأوا الرسول -صلى الله عليه وسلم - في المنام وهم مجتمعون معه، هم وشيخ الطريقة الذي يسمي نفسه قطب الأقطاب، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يتحدث معهم حسب زعمهم، فما هي حقيقة هذه الروايات التي يرونها؟ علماً بأني قد شاهدت عندما كنت في هذه الطريقة -الرسول صلى الله عليه وسلم- في المنام، لكني لم أسلم عليه لإحساسي أنه ليس الرسول -صلى الله عليه وسلم-، علما أنه كان هناك أناس يقولون لي في هذا المنام إنه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهل تنصحوني بأن أقطع صلتي بهؤلاء الأصدقاء إذا لم يستمعوا لي؟ أتمنى أن تردوا على استفساراتي فإني بحاجة ماسة إليها، وجزاكم الله خيراً. الجواب

فنحمد الله –تعالى-، أن أنقذك من هذا الضلال، ونسأله –تعالى-: أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يهدي أصدقاءك، ويرد ضال المسلمين. أخي العزيز: الأمر كما ذكرت؛ بل أفظع، فالقول بأن الدين ينقسم إلى حقيقة وشريعة، وإلى ظاهر وباطن، كما يقول هؤلاء هو من أخطر وسائل الكفر والضلال، - والعياذ بالله-، وهم بهذا يعدون الأنبياء وأتباعهم وعلى رأسهم نبينا – صلى الله عليه وسلم- من أهل الشريعة والظاهر، وهم من أهل الحقيقة والباطن، ونحن نعلم يقيناً أنه لا نجاة إلا باتباعه – صلى الله عليه وسلم- سائلين المولى –عز وجل- أن يحشرنا في زمرته مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين، والشهداء، والصالحين، لا مع الباطنيين الزنادقة الملحدين، أما ما ذكرته من رؤى يرى فيها الرسول – صلى الله عليه وسلم- أو زينب أو غيرها؛ فإن هذا من تلبيس الشيطان عليهم وتلاعبه بهم، فيأتيهم الشيطان في المنام ويزعم أنه الرسول – صلى الله عليه وسلم- أو زينب أو غير ذلك مما يكون سبباً في الضلال والانحراف. وهؤلاء الطرقية وخاصة الغلاة منهم كالذي ذكرت أحواله ممن يستعينون بالجن ويتعاطون السحر والشعوذة، لذلك يلبسون على ضعاف العقول بمثل هذه الأحابيل، نعم النبي –صلى الله عليه وسلم- قد يُرى في المنام، وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من رآني في المنام فقد رآني على فإن الشيطان لا يتمثل بي" رواه البخاري (6993) ، ومسلم (2266) ، واللفظ له من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- وفي رواية: "من رآني في المنام فقد رأى الحق إن الشيطان لا يتشبه بي" (عند أحمد في مسنده 7553) ، وغيره، ومعناه: من رآه في صورته التي هو عليها – صلى الله عليه وسلم- لا أن يخرج في صورة غير صورته – عليه الصلاة والسلام- ثم يدعي أنه الرسول فهذا ممكن، وما ذكرته أنت هو من هذا القبيل.

وقد أجمع المسلمون على أنه قد انقطع الوحي من السماء بموت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لا تؤخذ من الرؤى أحكام مهما كان الرائي، وأن الرؤى ليست من مصادر الشريعة، فالأحكام الشرعية التي يُعمل بها هي ما أخبرنا به النبي - صلى الله عليه وسلم- في اليقظة قبل موته، أما بعد موته - صلى الله عليه وسلم- فقد انقطع الوحي، وكون الإنسان يرى من يزعم أنه النبي - صلى الله عليه وسلم- ثم يأمره وينهاه بأمر يخالف ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في حياته؛ فهذا دليل قاطع على كذب هذا المدعي وعلى أنه ليس هو النبي - صلى الله عليه وسلم- كما حصل لبعض السلف، وكما في السير، وعليه فأنصحك بالابتعاد عن هذا الضال المضل، وأن تسعى لهداية إخوانك، فإن أجابوك وإلا فاحذرهم وابتعد عنهم، وأنصحك بقراءة كتاب (هذه هي الصوفية) لعبد الرحمن الوكيل؛ لتعرف خطر القوم، ثبتنا الله وإياك على دينه، وحشرنا في زمرة نبيه - صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم، - وصلى الله عليه وسلم وبارك على نبينا محمد-.

مناظرة أهل البدع

مناظرة أهل البدع المجيب عبد العزيز بن عبد الله الراجحي عضوهيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 19/06/1426هـ السؤال ورد كثير من الآثار عن سلفنا الصالح في عدم مناظرة المبتدعة بإطلاق، فهل نفهم هذه الإطلاقات في صور معينة، والمطلوب هو حصر هذه الإطلاقات وتنزيلها على صورها المعينة المخصوصة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه، أما بعد: فقد وردت آثار كثيرة عن السلف الصالح في النهي عن مجالسة أهل البدع والكلام معهم ومناظرتهم- كما ذكر السائل- وهذه الآثار عامة لئلا تنتشر البدع والشبه فيحصل الانحراف والزيغ والضلال عن الحق. أما الرسل والدعاة والأئمة وأهل العلم والبصيرة، فإنهم يناظرون الكفار وأهل البدع لإلزامهم بالحق وإقامة الحجة عليهم، كما أخبر الله -تعالى- عن الرسل أنهم ناظروا أقوامهم وجادلوهم وأقاموا عليهم الحجة. فأخبرنا عن نوح -عليه الصلاة والسلام- أنه قال لقومه: "قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان" [الأعراف: 71] . وقال تعالى عن قوم نوح أنهم قالوا له: "قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا" [هود: 32] ، وكما أخبر الله عن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- ومحاجة قومه له، فقال: "وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان" [الأنعام: 8] .

وقد ناظر الإمام أحمد -رحمه الله- الجهمية، وكشف شبههم، وردَّ عليهم في كتابه المشهور "الرد على الزنادقة والجهمية"، كما ناظر عثمان بن سعيد الدارمي -رحمه الله- بشرًا المريسي، وردَّ عليه في كتابه المشهور، "رد عثمان بن سعيد الدارمي على بشر المريسي" وكتابه الآخر "الرد على الجهمية"، ومن ذلك المناظرة المشهورة لعبد العزيز الكناني في كتابه الجيد "الرد على بشر المريسي" والأمثلة كثيرة. فإذا كان المناظر من أهل العلم والبصيرة، وعنده قدرة على استحضار الأدلة؛ بأن يكون حاضر البديهة، وعنده قدرة على كشف الشبهة التي يوردها المبتدع، ويستطيع الرد عليها، ويغلب على الظن رجوع المبتدع عن بدعته، ولا يتضرر أحد من الحاضرين بهذه الشبهة، كما يحصل في المناظرات التي تجري في القنوات الفضائية التي يسمعها ويراها كل أحد -فتجب الحيطة والحذر، والتأمل في العاقبة والنتيجة لهذه المناظرة والموازنة بين المصالح والمفاسد، ويقدم درء المفاسد على جلب المصالح، ولا يقدر على ذلك إلا أهل العقول والنظر والبصيرة، والله الموفق والمستعان وعليه التكلان، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان.

مصادر لعقيدة السلف

مصادر لعقيدة السلف المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 5/4/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أجيبوني تكرماً حيث إني حديث الالتزام وأحاول أن أكون من الفرقة الناجية التي حدثنا عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهل هناك كتب أقرؤها أو أشرطة (كاسيت) أسمعها تتحدث عن عقيدة رسول الله والسلف الصالح؛ فأكون منهم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: مصادر العقيدة السليمة عند السلف -رحمهم الله- موقوفة على الكتاب والسنة والإجماع، فهذه هي مصادر التلقي والاستمداد، ولهذا أنصحك أخي بتدبر القرآن والرجوع إلى التفاسير المتقدمة الموثوقة، وكذلك إلى كتب السنة كالصحيحين في أبواب الإيمان والتوحيد والاعتصام وغيرها. لتتعرف على الله -تعالى- بأسمائه وصفاته وأفعاله، كما أثبتها هو لنفسه، وأثبتها له رسوله -صلى الله عليه وسلم-. أما الكتب والمراجع المعتمدة في هذا الباب فمنها المتقدم والمطولات مثل: كتاب (التوحيد) لابن خزيمة، وكتاب (اعتقاد السلف أصحاب الحديث) لأبي عثمان الصابوني، و (السنة) لابن أبي عاصم، و (الإيمان) لابن مندة، و (الإبانة) لابن بطة. أما المختصرات: (فلمعة الاعتقاد) لابن قدامة، ورسالة (الواسطية) لشيخ الإسلام ابن تيمية، و (العقيدة الطحاوية) للإمام الطحاوي، و (مئتين سؤال وجواب في العقيدة) للشيخ حافظ الحكمي، و (رسالة مختصرة في معتقد أهل السنة والجماعة) للشيخ محمد بن عثيمين، و (القواعد الكلية) للشيخ الدكتور عمر الأشقر. وفقك الله للصواب، وفقهك في الكتاب والسنة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الفرق بين كلمة نصراني ومسيحي

الفرق بين كلمة نصراني ومسيحي المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 19/10/1423هـ السؤال شاع منذ زمن استخدام كلمة مسيحي، فهل الصحيح أن يقال مسيحي أم نصراني؟ أفيدونا أثابكم الله. الجواب معنى مسيحي نسبة إلى المسيح بن مريم عليه السلام، وهم يزعمون أنهم ينتسبون إليه وهو بريء منهم، وقد كذبوا فإنه لم يقل لهم إنه ابن الله ولكن قال عبد الله ورسوله. فالأولى أن يقال لهم نصارى كما سماهم الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ" الآية [البقرة: 113] . [فتاوى ابن باز رحمه الله كتاب الدعوة (4/19) ] .

حكم التعامل مع من يتهم بالابتداع والتصوف

حكم التعامل مع من يتهم بالابتداع والتصوف المجيب د. محمد الشايع عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 17/9/1424هـ السؤال في مدينتي يوجد بين مساجدها بعض الخلافات كما هو سائد في أكثر المدن هنا، بحيث تجدهم غير متحدين في الجهود ولا في الهدف، وأحاول جاهداً أن أجمعهم على كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولكن من الصعوبات التي واجهتني هي رمي البعض بالتصوف، وأنهم مبتدعة ولا يجب القيام بواجب الدعوة معهم ولا الاتحاد معهم في أي جهد ما داموا على هذه الحال. فهل ما ذهب إليه الإخوة صحيح في عدم التعاون معهم إن صح فيهم التصوف والابتداع؟ وهل تجوز الصلاة خلفهم؟ وهل بدعة الاحتفال بالمولد وبعض الطقوس مثل قراءة القرآن على الناس في المسجد كما يفعله الصوفية من البدع المكفرة، والتي تستوجب عدم العمل معهم؟ الجواب يشكر السائل على جهده وليستمر على عمله بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة واللين في الخطاب والمعاملة. والبدع أنواع ودرجات، ويختلف الحال من شخص لآخر، ومن فرقة لأخرى، والداعي للبدعة أشد في الإنكار من غيره الواقع فيها وما ذكرته ليست من البدع المكفرة والاجتماع خير من الافتراق، وتجوز الصلاة معهم وخلفهم مالم يكن داعية بدعة منكرة وهجره يردعه.

محاسبة النفس باستخدام الجدول المكتوب

محاسبة النفس باستخدام الجدول المكتوب المجيب د. علي بن بخيت الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 10/9/1422 السؤال ورقة مكتوبة على هيئة جدول فيها بعض العبادات الواجبة والمستحبة، وزعت على الطالبات لتقوم الطالبة بتعبئتها خلال الأسبوع أمام كل عبادة فعلتها بعلامة صح، وعلامة تقصير على كل مربع لم تقم به، وتجلس مع نفسها في نهاية الأسبوع جلسة محاسبة، وكتب على الورقة (حاسبي نفسك قبل أن تحاسبي) هل هذا العمل من التصوف؟ هل هو حرام، خصوصاً إذا كان على سبيل تربية الطالبة وتعويدها على وقفات محاسبة النفس؟. الجواب إن المسلم والمسلمة مأمور كل منهما بمحاسبة نفسه، قال الله - تعالى -:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعلمون " (الحشر: 18) . قال العلماء: هذا أصل في محاسبة النفس، وما زال السلف - رضوان الله عليهم - وكثير من الصالحين في هذه الأمة يحاسبون أنفسهم، ويراجعون أقوالهم وأفعالهم ومقاصدهم، ومحاسبة النفس علامة من علامات التوفيق والهداية. وأما السؤال عن هذا العمل هل هو من التصوف؟ فلم يظهر لي شيء في ذلك، خصوصاً إذا كان المقصود أن تلك الطريقة أنشأها أحد المتصوفة، غير أن مما ينبه عليه أن كثيراً من الناس قد يعتقدون أن المتصوفة هم أكثر الناس محاسبة للنفس، وهذا غلط، نعم قد يغالون فيحاسبون أنفسهم على أشياء من الحلال البين، بل على سنة مأمور بها في كثير من الأحيان، ويظن من لا علم عنده أنهم بلغوا الغاية في المراقبة ومحاسبة النفس، وهذا ليس بصحيح.

والذي أراه أن مثل ذلك العمل قد يسوغ فعله مع الطلاب الصغار والطالبات الصغيرات؛ للتشجيع والتعليم في بعض الأحيان، وأما الكبار فالأولى الابتعاد عن مثله؛ لأن مثل هذه الورقة قد تنتشر وتصبح أصلاً يقتدي به الناس في محاسبة نفوسهم، وهو أمر لم يرد مثله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من صحابته الأبرار، ولو فعل الإنسان مثل ذلك منفرداً خالياً مع نفسه لربما ساغ ذلك، وأما بطريقة جماعية فلا. والأولى أن يقعد المرء مع نفسه كل ليلة قبل النوم - كما ذكر ذلك بعض أهل العلم - فيحاسبها، فيحمد الله على الطاعة ليستزيد منها، ويتوب من المعصية، ويعزم على أن لا يعود لمثلها، فإن ذلك أنفع شيء للعبد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل الخوارج كفار؟

هل الخوارج كفار؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 18/12/1424هـ السؤال سؤالي حول الخوارج واعتقاد أهل السنة والجماعة بهم، هل هم كفار على العموم أم غلاتهم أم أنهم من أهل المذاهب؟ الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فالخوارج الذين خرجوا على الخليفة الراشد علي بن أبي طالب – رضي الله تعالى عنه- اختلف الناس في حكمهم هل هم كفار أم لا؟ والصحابة – رضوان الله تعالى عليهم- وهم القدوة لا يكفرونهم. بل إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله تعالى عنه – والذي ناله من أذاهم ما ناله، من الخروج عليه وقتاله وتكفيرهم إياه، وفي آخر الأمر قتلهم له – رضي الله تعالى عنه – لا يرى تكفيرهم، وهذا قمة الورع والإنصاف منه – رضي الله عنه- لا كما يقوله بعض أصحاب الأهواء " نكفر من كفَّرنا" فلما سئل –رضي الله عنه- عنهم: أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا. قيل له: فمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً – يعني على عكس الخوارج وما عرف من كثرة عبادتهم وذكرهم لله – تعالى -. قال: فماذا يكونون؟ قال: قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا أو كما قال – رضي الله عنه – وهذا القول طبقه عملياً علي – رضي الله تعالى عنه – ومعه الصحابة –رضي الله عنهم- فلم يعاملهم معاملة المرتدين كما كان في زمن أبي بكر – رضي الله تعالى عنهم- فلم يبدأهم بقتال ولم يجهز على جريحهم ولم يسب نساءهم ... إلخ. وهذا هو الصحيح في الحكم على الخوارج، والأحاديث التي وردت فيهم من قول النبي – صلى الله عليه وسلم –: "بأنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية" رواه البخاري (4351) ،ومسلم (1064) من حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- وقوله –صلى الله عليه وسلم-:" كلاب أهل النار" رواه ابن ماجة (176) من حديث أبي أمامة –رضي الله عنه-، وأمره- صلى الله عليه وسلم – بقتالهم والثناء على من قتلهم أو قتلوه فيما رواه البخاري (3611) ، ومسلم (1066) من حديث علي –رضي الله عنه- فهذه النصوص لا تدل على كفرهم بأعيانهم، ولا يلزم من الأمر بالقتال أن يكونوا كفاراً، وإنما هي من نصوص الوعيد الدالة على

شنيع جرمهم والتحذير منه. ومع ترجيحنا لعدم تكفيرهم فلا يعني ذلك استصغار جريمتهم وانحرافهم، ويكفي في ذلك من الدلالة على مروقهم وضلالهم وبدعتهم وانحرافهم ما أشرنا إليه آنفاً من الأحاديث الواردة في ذمهم وتوعدهم بالنار، نسأل الله العافية والسلامة. وهذا دليل على إنصاف أهل السنة والجماعة وبعدهم عن التكفير إلا من كفرته النصوص لا كما هو ديدن بعض الطوائف في تكفير كل من خالفهم في انحرافهم. والله أعلم وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

موقف الإسلام من الفرقة البهائية

موقف الإسلام من الفرقة البهائية المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 4/1/1423 السؤال أود التعرف على موقف الإسلام من البهائية، وهل يحق للمسلمين الزواج من أشخاص بهائيين؟ الجواب البهائية كما هو واضح من تعاليمهم ومعتقداتهم مذهب خارج عن الإسلام، لا يتفق مع الإسلام في شيء، ولا مع الرسالات السماوية الأخرى المنسوخة، وذلك بعد أن أوصل أتباعُ المشؤوم حسيناً المازندراني إلى درجة الألوهية، حيث دعاهم فاستجابوا له. ويعود تأسيس هذا المذهب إلى الجهود التي بذلها أعداء الله من اليهودية العالمية التي احتضنته ليكون معول هدم وشوكة في حلوق المسلمين، ليتسنى لهم تنفيذ مخططاتهم وتحقيق أهدافهم بعد إضعافهم المسلمين بمثل هذه الدمامل الخبيثة في جسد الأمة الإسلامية، وتعاليم البهائية قائمة على نسخ الشريعة الإسلامية حسبما قرره أقطاب البابية في مؤتمر بدشت مستبدلين أفكارهم الحاقدة بالشريعة الإسلامية، ومستبدلين بنبي الهدى -صلى الله عليه وسلم- زعيمهم الملحد المازندراني، ومستبدلين بالقرآن الكريم كتابهم (الأقدس) الذي يزعمون أنه أفضل من القرآن الكريم ومن كل الكتب السماوية. وعليه فالمسلمون مجمعون على أن البهائية ليسوا من الإسلام في شيء وعليه فلا يجوز للمسلمين الزواج منهم ولا تزويجهم. والله -تعالى- أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الفرق بين المسيحية والنصرانية

الفرق بين المسيحية والنصرانية المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 11/1/1423 السؤال هل هناك فرق بين (المسيحية) و (النصرانية) ؟ إذا كان نعم أرجو التفصيل. الجواب النصرانية نسبة إلى قرية المسيح -عليه السلام- (نصرانة) وتسمى (ناصرة) ، والنصرانية هي دين النصارى الذين ينتسبون إلى المسيح -عليه السلام-، كما تسمى هذه الديانة المسيحية نسبة إلى المسيح -عليه السلام-، ومصطلح النصارى هو الأصل الذي أطلق على المنتسبين إلى عيسى -عليه السلام-، أما مصطلح المسيحية فقد أطلق بعد ذلك بوقت، وبهذا يظهر أنه لا فرق من حيث الحقيقة بين التسميتين إذ مدلولهما واحد، لكن كره بعض أهل العلم إطلاق لفظ المسيحية على النصارى، قالوا: لأنهم بدلوا دين المسيح فهم ليسوا منه على الحقيقة، كما أن هذا اللفظ لم يرد في القرآن الكريم أو السنة. وبكل حال فلا يظهر لي مانع من إطلاق هذا اللفظ عليهم؛ لأن هذا من باب المصطلحات ولا مشاحة في الاصطلاح، ولا يشكل على هذا أنهم قد بدلوا دين المسيح، فإن الله -تعالى- قد نسبهم إلى الإنجيل وهو منهم براء قال -تعالى-:"وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه" [المائدة:47] فالنسبة هنا نسبة تعريف وتمييز ولا يلزم منها الإقرار لهم بأنهم على ملته، أقول هذا وإن كان الأولى الالتزام بما سماهم الله به في كتابه، فقد سماهم نصارى وأهل الكتاب وأهل الإنجيل، وبالله التوفيق.

الماسونية

الماسونية المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 20/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي الماسونية؟ الجواب الماسونية: تنظيم سري يهودي النشأة والرعاية، محكم العمل والنظام، يهدف إلى إعادة بناء الهيكل الذي هو رمز اليهود وأمنيتهم، كما يهدف إلى تسهيل سيطرة اليهود على أوضاع العالم. وهذه المنظمة تدعو إلى الإلحاد بالله تعالى، وإلى الإباحية الأخلاقية والفساد السلوكي، وفق مراتب معينة وطرائق مختلفة، وتتستر خلف شعارات خداعة من أشهرها عند الماسونية (حرية - إخاء - إنسانية - مساواة) ، ويحرصون على إدخال الشخصيات المهمة في منظمتهم، ويتدرجون بهم في مراتب، بعد أخذ العهود والمواثيق عليهم بحفظ الأسرار، وهي مواثيق تعطى تحت سيف الإرهاب والتهديد بالقتل إن أفشى أسرارهم أو غدر بهم. ولهم محافل منتشرة في العالم يجتمعون فيها ويعملون ويخططون ويتابعون التنفيذ، تمهيداً لإنشاء دولة عالمية أو ما يطلقون عليه (جمهورية ديمقراطية عالمية) وهي - حسب رأيهم - حكومة لا دينية عالمية، تتخذ الوصولية النفعية (البرجماتية) أساساً لتحقيق أغراضها.

الفكر العلماني

الفكر العلماني المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 25/2/1423 السؤال من هم العلمانيون؟ وماذا يريدون؟ وما هي صفاتهم؟ وما هو السبيل إلى معرفتهم والرد على أفكارهم؟ أرجو من فضيلتكم التوضيح والتفصيل. الجواب العلمانيون هم: كل من ينسب أو ينتسب للمذهب العلماني، وينتمي إلى العلمانية فكراً أو ممارسة. وأصل العلمانية ترجمة للكلمة الإنجليزية (secularism) وهي من العلم فتكون بكسر العين، أو من العالَم فتكون بفتح العين وهي ترجمة غير أمينة ولا دقيقة ولا صحيحة، لأن الترجمة الحقيقية للكلمة الإنجليزية هي (لا دينية أولا غيبية أو الدنيوية أولا مقدس) . نشأت العلمانية في الغرب نشأة طبيعية نتيجة لظروف ومعطيات تاريخية -دينية واجتماعية وسياسية وعلمانية واقتصادية- خلال قرون من التدريج والنمو، والتجريب، حتى وصلت لصورتها التي هي عليها اليوم..

ثم وفدت العلمانية إلى الشرق في ظلال الحرب العسكرية، وعبر فوهات مدافع البوارج البحرية، ولئن كانت العلمانية في الغرب نتائج ظروف ومعطيات محلية متدرجة عبر أزمنة متطاولة، فقد ظهرت في الشرق وافداً أجنبياً في الرؤى والإيديولوجيات والبرامج، يطبق تحت تهديد السلاح وبالقسر والإكراه؛ لأن الظروف التي نشأت فيها العلمانية وتكامل مفهومها عبر السنين تختلف اختلافاً جذرياً عن ظروف البلدان التي جلبت إليها جاهزة متكاملة في الجوانب الدينية والأخلاقية والاجتماعية والتاريخية والحضارية، فالشرط الحضاري الاجتماعي التاريخي الذي أدى إلى نجاح العلمانية في الغرب مفقود في البلاد الإسلامية، بل فيها النقيض الكامل للعلمانية، ولذلك كانت النتائج مختلفة تماماً، وحين نشأت الدولة العربية الحديثة كانت عالة على الغربيين الذين كانوا حاضرين خلال الهيمنة الغربية في المنطقة، ومن خلال المستشارين الغربيين أو من درسوا في الغرب واعتنقوا العلمانية، فكانت العلمانية في أحسن الأحوال أحد المكونات الرئيسية للإدارة في مرحلة تأسيسها، وهكذا بذرت بذور العلمانية على المستوى الرسمي قبل جلاء جيوش الاستعمار عن البلاد الإسلامية التي ابتليت بها.

ومن خلال البعثات التي ذهب من الشرق إلى الغرب عاد الكثير منها بالعلمانية لا بالعلم، ذهبوا لدراسة الفيزياء والأحياء والكيمياء والجيولوجيا والفلك والرياضيات فعادوا بالأدب واللغات والاقتصاد والسياسة والعلوم الاجتماعية والنفسية، بل وبدراسة الأديان وبالذات الدين الإسلامي في الجامعات الغربية، ولك أن تتصور حال شاب مراهق ذهب يحمل الشهادة الثانوية ويلقى به بين أساطين الفكر العلماني الغربي على اختلاف مدارسه، بعد أن يكون قد سقط أو أسقط في حمأة الإباحية والتحلل الأخلاقي وما أوجد كل ذلك لديه من صدمة نفسية واضطراب فكري، ليعود بعد عقد من السنين بأعلى الألقاب الأكاديمية، وفي أهم المراكز العلمانية بل والقيادية في وسط أمة أصبح ينظر إليها بازدراء، وإلى تاريخها بريبة واحتقار، وإلى قيمها ومعتقداتها وأخلاقها –في أحسن الأحوال- بشفقة ورثاء، إنه لن يكون بالضرورة إلا وكيلاً تجارياً لمن علموه وثقفوه ومدّنوه، وهو لا يملك غير ذلك. ثم أصبحت الحواضر العربية الكبرى مثل: (القاهرة-بغداد-دمشق) بعد ذلك من مراكز التصدير العلماني للبلاد العربية الأخرى، من خلال جامعاتها وتنظيماتها وأحزابها، وبالذات دول الجزيرة العربية، وقل من يسلم من تلك اللوثات الفكرية العلمانية، حتى أصبح في داخل الأمة طابور خامس، وجهته غير وجهتها، وقبلته غير قبلتها، إنهم لأكبر مشكلة تواجة الأمة لفترة من الزمن ليست بالقليلة. ثم كان للبعثات التبشيرية دورها، فالمنظمات التبشيرية النصرانية التي جابت العالم الإسلامي شرقاً وغرباً من شتى الفرق والمذاهب النصرانية، جعلت هدفها الأول زعزعة ثقة المسلمين في دينهم، وإخراجهم منه، وتشكيكهم فيه. ثم كان للمدارس والجامعات الأجنبية المقامة في البلاد الإسلامية دورها في نشر وترسيخ العلمانية.

ثم كان الدور الأكبر للجمعيات والمنظمات والأحزاب العلمانية التي انتشرت في الأقطار العربية والإسلامية، ما بين يسارية وليبرالية، وقومية وأممية، سياسية واجتماعية وثقافية وأدبية بجميع الألوان والأطياف، وفي جميع البلدان حيث إن النخب الثقافية في غالب الأحيان كانوا إما من خريجي الجامعات الغربية أو الجامعات السائرة على النهج ذاته في الشرق، وبعد أن تكاثروا في المجتمع عمدوا إلى إنشاء الأحزاب القومية أو الشيوعية أو الليبرالية، وجميعها تتفق في الطرح العلماني، وكذلك أقاموا الجمعيات الأدبية والمنظمات الإقليمية أو المهنية، وقد تختلف هذه التجمعات في أي شيء إلا في تبني العلمانية، والسعي لعلمنة الأمة كل من زاوية اهتمامه، والجانب الذي يعمل من خلاله. ولا يمكن إغفال دور البعثات الدبلوماسية: سواء كانت بعثات للدول الغربية في الشرق، أو للدول الشرقية في الغرب، فقد أصبحت في الأعم الأغلب جسوراً تمر خلالها علمانية الغرب الأقوى إلى الشرق الأضعف، ومن خلال المنح الدراسية وحلقات البحث العلمي والتواصل الاجتماعي والمناسبات والحفلات ومن خلال الضغوط الدبلوماسية والابتزاز الاقتصادي، وليس بسر أن بعض الدول الكبرى أكثر أهمية وسلطة من القصر الرئاسي أو مجلس الوزراء في تلك الدول الضعيفة التابعة. ولا يخفى على كل لبيب دور وسائل الإعلام المختلفة، مسموعة أو مرئية أو مقروءة، لأن هذه الوسائل كانت من الناحية الشكلية من منتجات الحضارة الغربية –صحافة أو إذاعة أو تلفزة- فاستقبلها الشرق واستقبل معها فلسفتها ومضمون رسالتها، وكان الرواد في تسويق هذه الرسائل وتشغيلها والاستفادة منها إما من النصارى أو من العلمانيين من أبناء المسلمين، فكان لها الدول الأكبر في الوصول لجميع طبقات الأمة، ونشر مبادئ وأفكار وقيم العلمانية، وبالذات من خلال الفن، وفي الجانب الاجتماعي بصورة أكبر.

ثم كان هناك التأليف والنشر في فنون شتى من العلوم وبالأخص في الفكر والأدب والذي استعمل أداة لنشر الفكر والممارسة العلمانية. فقد جاءت العلمانية وافدة في كثير من الأحيان تحت شعارات المدارس الأدبية المختلفة، متدثرة بدعوى رداء التجديد والحداثة، معلنة الإقصاء والإلغاء والنبذ والإبعاد لكل قديم في الشكل والمضمون، وفي الأسلوب والمحتوى، ومثل ذلك في الدراسات الفكرية في علوم الاجتماع والنفس والعلوم الإنسانية المختلفة، حيث قدمت لنا نتائج كبار ملاحدة الغرب وعلمانييه على أنه الحق المطلق، بل العلم الأوحد ولا علم سواه في هذه الفنون، وتجاوز الأمر التأليف والنشر إلى الكثير من الكليات والجامعات والأقسام العلمية التي تنتسب لأمتنا اسماً، ولغيرها حقيقة. ولا يستطيع أحد جحد دور الشركات الغربية الكبرى التي وفدت لبلاد المسلمين مستثمرة في الجانب الاقتصادي. هكذا سرت العلمانية في كيان الأمة، ووصلت إلى جميع طبقاتها قبل أن يصلها الدواء والغذاء والتعليم في كثير من الأحيان، ولو كانت الأمة حين تلقت هذا المنهج العصري تعيش في مرحلة قوة وشموخ وأصالة لوظفت هذه الوسائل توظيفاً آخر يتفق مع رسالتها وقيمها وحضارتها وتاريخها وأصالتها. بعض ملامح العلمانية: لقد أصبح حَملة العلمانية الوافدة في بلاد الشرق بعد مائة عام من وفودهم تياراً واسعاً نافذاً متغلباً في الميادين المختلفة، فكرية واجتماعية وسياسية واقتصادية، وكان يتقاسم هذا التيار الواسع في الجملة اتجاهان: أ: الاتجاه اليساري الراديكالي الثوري، ويمثله –في الجملة- أحزاب وحركات وثورات ابتليت بها المنطقة ردحاً من الزمن، فشتت شمل الأمة ومزقت صفوفها, وجرت عليها الهزائم والدمار والفقر وكل بلاء، وكانت وجهة هؤلاء الاتحاد السوفيتي قبل سقوطه، سواء كانوا شيوعين أمميين، أو قوميين عنصريين.

ب: الاتحاد الليبرالي ذي الوجهة الغربية لأمريكا ومن دار في فلكها من دول الغرب، وهؤلاء يمثلهم أحزاب وشخصيات قد جنوا على الأمة بالإباحية والتحليل والتفسخ والسقوط الأخلاقي والعداء لدين الأمة وتاريخها. وللاتجاهين ملامح متميزة أهمها: 1-مواجهة التراث الإسلامي، إما برفضه بالكلية واعتباره من مخلفات عصور الظلام والانحطاط والتخلف –كما عند غلاة العلمانية-، أو بإعادة قراءته قراءة عصرية –كما يزعمون- لتوظيفه توظيفاً علمانياً من خلال تأويله على خلاف ما يقتضيه سياقه التاريخي من قواعد شرعية، ولغة عربية، وأعراف اجتماعية، ولم ينج من غاراتهم تلك حتى القرآن والسنة، إما بدعوى بشرية الوحي، أو بدعوى أنه نزل لجيل خاص أو لأمة خاصة، أو بدعوى أنه مبادئ أخلاقية عامة، أو مواعظ روحية لا شأن لها بتنظيم الحياة، ولا ببيان العلم وحقائقه، ولعل من الأمثلة الصارخة للرافضين للتراث، والمتجاوزين له (أدونيس) و (محمود درويش) و (البياتي) و (جابر عصفور) . أما الذي يسعون لإعادة قراءته وتأويله وتوظيفه فمن أشهرهم: (حسن حنفي) و (محمد أركون) و (محمد عابد الجابري) و (حسين أمين) ، ومن على شاكلتهم، ولم ينج من أذاهم شيء من هذا التراث في جميع جوانبه.

2-اتهام التاريخ الإسلامي بأنه تاريخ دموي استعماري عنصري غير حضاري، وتفسيره تفسيراً مادياً، بإسقاط نظريات تفسير التاريخ الغربية العلمانية على أحداثه، وقراءته قراءة انتقائية غير نزيهة ولا موضوعية، لتدعيم الرؤى والأفكار السوداء المسبقة حيال هذا التاريخ، وتجاهل ما فيه من صفحات مضيئة مشرقة، والخلط المتعمد بين الممارسة البشرية والنهج الإسلامي الرباني، ومحاولة إبراز الحركات الباطنية والأحداث الشاذة النشاز وتضخيمها، والإشادة بها، والثناء عليها، على اعتبار أنها حركات التحرر والتقدم والمساواة والثورة على الظلم، مثل: (ثورة الزنج) و (ثورة القرامطة) ومثل ذلك الحركات الفكرية الشاذة عن الإسلام الحق، وتكريس أنها من الإسلام بل هي الإسلام، مثل القول بوحدة الوجود، والاعتزال وما شابه ذلك من أمور تؤدي في نهاية الأمر إلى تشويه الصور المضيئة للتاريخ الإسلامي لدى ناشئة الأمة، وأجياله المتعاقبة. 3-السعي الدؤوب لإزالة أو زعزعة مصادر المعرفة والعلم الراسخة في وجدان المسلم، والمسيرة المؤطرة للفكر والفهم الإسلامي في تاريخه كله، من خلال استبعاد الوحي كمصدر للمعرفة والعلم، أو تهميشه –على الأقل- وجعله تابعاً لغيره من المصادر، كالعقل والحس، وما هذا إلا أثر من آثار الإنكار العلماني للغيب، والسخرية من الإيمان بالغيب، واعتبارها -في أحسن الأحوال- جزءاً من الأساطير والخرافات والحكايات الشعبية، والترويج لما يسمى بالعقلانية والواقعية والإنسانية، وجعل ذلك هو البديل الموازي للإيمان في مفهومه الشرعي الأصيل، وكسر الحواجز النفسية بين الإيمان الكفر، ليعيش الجميع تحت مظلة العلمانية في عصر العولمة، وفي كتابات (محمد عابد الجابري) و (حسن حنفي) و (حسين مروة) و (العروي) وأمثالهم الأدلة على هذا الأمر.

4-خلخلة القيم الخلقية الراسخة في المجتمع الإسلامي، والمسيرة للعلاقات الاجتماعية القائمة على معاني الأخوة والإيثار والطهر والعفاف وحفظ العهود وطلب الأجر وأحاسيس الجسد الواحد، واستبدال ذلك بقيم الصراع والاستغلال والنفع وأحاسيس قانون الغاب والافتراس، والتحلل، والإباحية من خلال الدراسات الاجتماعية والنفسية، والأعمال الأدبية والسينمائية والتلفزيونية، مما هز المجتمع الشرقي من أساسه، ونشر فيه من الجرائم والصراع ما لم يعهده أو يعرفه في تاريخه، ولعل رواية (وليمة عشاء لأعشاب البحر) –السيئة الذكر- من أحدث الأمثلة على ذلك، والقائمة طويلة من إنتاج (محمد شكري) و (الطاهر بن جلون) و (الطاهر وطّار) و (تركي الحمد) وغيرهم الكثير تتزاحم لتؤدي دورها في هدم الأساس الخلقي الذي قام عليه المجتمع، واستبداله بأسس أخرى. 5-رفع مصطلح الحداثة كلافتة فلسفية اصطلاحية بديلة لشعار التوحيد، والحداثة كمصطلح فكري ذي دلالات محددة تقوم على مادية الحياة، وهدم القيم والثوابت، ونشر الانحلال والإباحية، وأنسنة الإله وتلويث المقدسات، وجعل ذلك إطاراً فكرياً للأعمال الأدبية، والدراسات الاجتماعية، مما أوقع الأمة في أسوأ صور التخريب الفكري الثقافي. 6-استبعاد مقولة الغزو الفكري من ميادين الفكر والثقافة، واستبدالها بمقولة حوار الثقافات، مع أن الواقع يؤكد أن الغزو الفكري حقيقة تاريخية قائمة لا يمكن إنكارها كإحدى مظاهر سنة التدافع التي فطر الله عليها الحياة، وأن ذلك لا يمنع الحوار، لكنها سياسة التخدير والخداع والتضليل التي يتبعها التيار العلماني، ليسهل تحت ستارها ترويج مبادئ الفكر العلماني، بعد أن تفقد الأمة مناعتها وينام حراس ثغوره، وتتسلل في أجزائها جراثيم وفيروسات الغزو العلماني القاتل.

7-وصم الإسلام بالأصولية والتطرف وممارسة الإرهاب الفكري، عبر غوغائية ديماجوجية إعلامية غير شريفة، ولا أخلاقية، لتخويف الناس من الالتزام بالإسلام، والاستماع لدعاته، وعلى الرغم من وقوع الأخطاء –وأحياناً الفظيعة- من بعض المنتمين أو المدعين إلى الإسلام، إلا أنها نقطة في بحر التطرف والإرهاب العلماني الذي يمارس على شعوب بأكملها، وعبر عقود من السنين، لكنه عدم المصداقية والكيل بمكيالين، والتعامي عن الأصولية والنصرانية، واليهودية، والموغلة في الظلامية والعنصرية والتخلف. 8-تمييع قضية الحل والحرمة في المعاملات والأخلاق، والفكر والسياسة، وإحلال مفهوم اللذة والمنفعة والربح المادي محلها، واستخدام هذه المفاهيم في تحليل المواقف والأحداث، ودراسة المشاريع والبرامج، أي فك الارتباط بين الدنيا والآخرة في وجدان وفكر وعقل الإنسان، ومن هنا ترى التخبط الواضح في كثير من جوانب الحياة الذي يعجب له من نور الله قلبه بالإيمان، ولكن أكثرهم لا يعلمون. 9-دق طبول العولمة واعتبارها القدر المحتوم الذي لا مفر منه ولا خلاص إلا به، دون التمييز بين المقبول والمرفوض على مقتضى المعايير الشرعية، بل إنهم ليصرخون بأن أي شيء في حياتنا يجب أن يكون محل التساؤل، دون التفريق بين الثوابت والمتغيرات، مما يؤدي إلى تحويل بلاد الشرق إلى سوق استهلاكية لمنتجات الحضارة الغربية، والتوسل لذلك بذرائعية نفعية محضة لا يسيّرها غير أهواء الدنيا وشهواتها.

10-الاستهزاء والسخرية والتشكيك في وجه أي محاولة لأسلمة بعض جوانب الحياة المختلفة المعاصرة في الاقتصاد والإعلام والقوانين، وإن مرروا هجومهم وحقدهم تحت دعاوى حقوق الإنسان وحرياته، ونسوا أو تناسوا الشعوب التي تسحق وتدمر وتقتل وتغصب بعشرات الآلاف، دون أن نسمع صوتاً واحداً من هذه الأصوات النشاز يبكي لها ويدافع عنها، لا لشيء إلا أن الجهات التي تقوم بانتهاك تلك الحقوق، وتدمير تلك الشعوب أنظمة علمانية تدور في فلك المصالح الغربية. 11-الترويج للمظاهر الاجتماعية الغربية، وبخاصة في الفن والرياضة وشركات الطيران والأزياء والعطور والحفلات الرسمية، والاتكاء القوي على قضية المرأة، ولإن كانت هذه شكليات ومظاهر لكنها تعبر عن قيم خلقية، ومنطلقات عقائدية، وفلسفة خاصة للحياة، من هنا كان الاهتمام العلماني المبالغ فيه بموضة المرأة، والسعي لنزع حجابها، وإخراجها للحياة العامة، وتعطيل دورها الذي لا يمكن أن يقوم به غيرها، في تربية الأسرة ورعاية الأطفال، وهكذا العلمانيون يفلسفون الحياة. يعطل مئات الآلاف من الرجال عن العمل لتعمل المرأة، ويستقدم مئات الآلاف من العاملات في المنازل لتسد مكان المرأة في رعاية الأطفال، والقيام بشؤون المنزل، ولئن كانت بعض الأعمال النسائية يجب أن تناط بالمرأة، فما المبرر لمزاحمتها للرجل في كل موقع؟ 12-الاهتمام الشديد والترويج الدائم للنظريات العلمانية الغربية في الاجتماع والأدب، وتقديم أصحابها في وسائل الإعلام، بل وفي الكليات والجامعات على أنهم رواد العلم، وأساطين الفكر وعظماء الأدب، وما أسماء: (دارون) و (فرويد) , (دوركايم) و (أليوت وشتراوس وكانط) وغيرهم بخافية على المهتم بهذا الشأن، وحتى أن بعض هؤلاء قد تجاوزه علمانيو الغرب، ولكن صداه ما زال يتردد في عالم الأتباع في البلاد الإسلامية.

حركة (ناطوري كارتا) اليهودية

حركة (ناطوري كارتا) اليهودية المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 21/5/1423 السؤال لقد ظهرت في الآونة الأخيرة حركة يهودية تسمى حركة (ناطوري كارتا) ، وهي -كما تعلمون- تؤيد حق المسلمين في فلسطين، وتؤكد أنهم شعب مغضوب عليهم، وأن الله قد عاقبهم بتشتيتهم في الأرض، وذلك بسبب ذنوبهم، وهم يعدون اليهود الذين يقيمون دولة إسرائيل -كما يزعمون- أنهم صهاينة ولا يمتون لليهودية بصلة، أنا أعلم أن اليهود مهما حصل لا يمكن تصديقهم، ولكن بما أنهم يؤيدون حق المسلمين ولم يعادوهم، هل تكون معاملتنا لهم أفضل من معاملتنا لليهود الصهاينة المحتلين لفلسطين؟ وما موقف الإسلام من مثل هؤلاء اليهود المعترفين بذنوبهم وغضب الله عليهم؟ وأخيراً أجدد شكري وتقديري لكم، وأسأل الله العلي القدير أن يجمعنا وإياكم في جنات النعيم، وأن يسدد خطاكم فيما هو لصالح المسلمين اللهم آمين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول، وبالله التوفيق: لا شك أن اليهود فرق وطوائف، وأحزاب وجماعات، ومشارب تتفق وتختلف، وهذا هو شأن الباطل وأهله، وسواء كانت تلك الحركة المشار إليها في سؤالك صادقة فيما تدعيه من كراهية اليهود المغتصبين لفلسطين، أم كانت متزلّفة دعيّة، فإن المعوّل عليه في الحكم على اليهود هو ما ثبت لدينا في القرآن والسنة، وما استمد منهما في بيان حقيقتهم، وكشف عوارهم، وفضح دسائسهم، ففي ذلك كله ما يُغني ويكفي ويشفي.

وإذا وجد في اليهود طوائف توافق الحق فيما يتعلق بالحكم على الصهاينة فلا يستغرب فإن الحق أبلج والباطل لجلج، وإذا استأنس مجادل لهم بما يقوله بعضهم في بعض فلا بأس، والحكمة ضالة المؤمن والحق يُقبل أياً كان مصدره، غير أنه ينبغي أن يعلم أن من العجز أن نعوّل في انتصارنا على اليهود باليهود. إن أسباب النصر واضحة المعالم، وإن الأخذ بها واجب، وإن أسباب الهزيمة واضحة المعالم، وإن تفادي الوقوع في شيء منها واجب أيضاً، وعلى الأمة جماعات وأفراداً أن تعترف بقصورها وتقصيرها في الأخذ بما أوجب الله عليها الأخذ به، وأن تعالج مشكلاتها بوضوح وصدق وصراحة وإيمان وبهمة لا تعرف الكلل، وإذا علم الله منا صدق التوجه وحسن النوايا والأخذ بما أوجب من أسباب حقق لنا ما وعد به من النصر والتمكين، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

لعن الكافر المعين

لعن الكافر المعين المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 21/1/1424هـ السؤال ما حكم لعن (وليس سب فقط) اليهود والنصارى أفراداً أو جماعات أحياء كانوا أم أموات؟ وجزاكم الله خيراً الجواب أما لعن الكفار من اليهود والنصارى والمشركين على سبيل العموم فهذا جائز ومشروع من أجل التحذير من أفعالهم، فإن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال في آخر حياته وهو في سياق الموت - صلى الله عليه وسلم -: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، رواه البخاري (435-436) ، ومسلم (531) ، واليهود والنصارى داخلون في عموم قوله تعالى: "إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا" [الأحزاب: 64] ، وقال سبحانه وتعالى: "ألا لعنة الله على الظالمين" [هود: 18] ، واليهود والنصارى ظالمون بتكذيبهم للرسول - صلى الله عليه وسلم - وبغلو النصارى في المسيح وعبادتهم له، وعبادتهم للصليب، واليهود قتلة الأنبياء وهم الناكثون للعهود والخائنون، كما قال سبحانه وتعالى فيهم: "إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون" [الأنفال: 55-56] .

وأما الأفراد الأحياء بأعيانهم مثل فلان أو فلان فلا ينبغي لعنهم، لأنه لا فائدة فيه، ولسنا متعبدين بذلك، إلا من له نكاية بالمسلمين وتسلط عليهم كرؤوس الكفر وأئمته، كرؤساء دول الكفر في هذا العصر فإنه يجوز لعنهم، مثل رؤساء الدول الكافرة المتسلطة على المسلمين، كرئيس الولايات المتحدة الأمريكية وأعوانه فيجوز لعنهم بأعيانهم، لأنهم جمعوا بين الكفر بالله والتسلط على عباد الله، وأما الأموات فكما قال عليه الصلاة والسلام: "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" رواه البخاري (1393) ، لكنهم يدخلون في اللعنة العامة؛ لعنة الله على الكافرين، والله أعلم.

هل نحن أمة آخر الزمان؟

هل نحن أمة آخر الزمان؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 16/4/1424هـ السؤال هل نحن أمة آخر الزمان؟ إن كنا كذلك، ما أول ما ننتظر ظهوره؟ الأعور الدجال؟ أم طلوع الشمس من مغربها؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. وبعد: فالسؤال هل نحن أمة آخر الزمان؟ بلا شك نحن في آخر الزمان، وقد قال الله تعالى: "اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ" [القمر:1] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "بعثت أنا والساعة كهاتين" وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى، رواه البخاري (6504) ، ومسلم (2951) ، من حديث أنس - رضي الله عنه-، ومع ذلك فهناك من أشراط الساعة الصغرى ما لم تظهر بعد ومنها: فتح روميه. وأما العلامات الكبرى فقد ورد في صحيح مسلم (2901) عن حذيفة بن أسيد -ر ضي الله عنه- قال: اطلع علينا النبي - صلى الله عليه وسلم- ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذاكرون؟ " قالوا: نذكر الساعة، قال: "إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات"، فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. فهذا الحديث نص على آخر هذه العلامات وهي النار، ولم ينص على ترتيب البقية، إلا أن الآيات الكبرى متتابعة في وقوعها كما وصف النبي - صلى الله عليه وسلم- بالخرزات المنظومة في سلك فإن يقطع السلك يتبع بعضها بعضا. انظر ما رواه الإمام أحمد (7040) ، وغيره من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-

ويصعب تحديد ترتيب هذه الآيات إلا أن المفهوم من النصوص الواردة أن الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض. وتنتهي بموت عيسى، وأن طلوع الشمس من مغربها أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة، أمّا الخسوفات الثلاث والدخان فترتيبها غير واضح من خلال النصوص الواردة، (والسؤال الذي يجب أن نشغل أنفسنا به هو: ماذا أعددنا للساعة؟ وليس عن موعد قيام الساعة، لأن من مات قامت قيامته، وأجل الإنسان قريب) . فنسأل الله السلامة، والله أعلم.

حزب البعث

حزب البعث المجيب د. حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 4/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هو حزب البعث؟ وما حكم الإسلام فيه؟ ومن أتباعه؟ وأين يوجد؟ وشكراً. الجواب الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: حزب البعث هو الوجه الآخر للقومية العربية التي برزت في الستينات الميلادية على يد جمال عبد الناصر، وهو حزب قومي علماني يقوم على ثلاثة مبادئ هي الوحدة، الحرية، الاشتراكية، وشعار هذا الحزب هو (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) ، وقد أسس هذا الحزب رجل نصراني اسمه (ميشيل يوسف عفلق) ولد في سنة 1910م في دمشق، وقد نشأ في بيت نصراني يتبع الكنيسة الشرقية، ثم انتقل بعد دراسته الثانوية إلى فرنسا، حيث حصل على شهادة جامعة السربون في التاريخ، وهناك انضم إلى جمعيتين قوميتين هما الجمعية العربية السورية، وجمعية الثقافة العربية، وقد تأثر أثناء وجوده بالفكر الفلسفي الأوربي، وأعجب به ودعا إليه، وفي أثناء وجوده دعا الشباب العربي إلى القومية العربية فاستجاب له مجموعات منهم، ومنهم صلاح الدين البيطار، وهو سوري سني فتعاهدا - هو وصلاح - على العمل معاً، وعادا إلى سوريا سنة 1933م؛ وبدآ يبثان أفكارهما بين الشباب في مدرسة التجهيز الأولى، وهي أكبر مدارس دمشق وأهمها، حتى استطاعا بعد سنوات أن يؤسسا هذا الحزب المعروف بحزب البعث العربي، وذلك في عام 1947م.

أما حكم الإسلام فيه، فمن المعروف أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولا يمكن تصور حزب البعث إلا بالاطلاع على تراثه الفكري، وأهم تراث فكري عند البعثيين هي كتب ميشيل عفلق "مؤسس الحزب"؛ ككتاب (في سبيل البعث) الذي نشرته دار الطليعة في بيروت سنة 1959م، وكتاب (معركة المصير الواحد) الذي نشرته دار الآداب في بيروت عام 1959م، وميشيل عفلق في كتبه يرى أن القومية العربية أهم من الدين، فيقول: (أنجعل قوميتنا وهي أساس حياتنا نظرية من النظريات، فنتركها عرضة لتقلبات المنطق والذوق والهوى، فننادي بها اليوم، ونؤثر عليها الأممية والشيوعية غداً، ونعتنق الدعوة الدينية بعد غد) في سبيل البعث ص 24، وفي صفحة 49 وفي الكتاب نفسه يسخر عفلق من الدين وشعائره التعبدية، فيقول: (فالإسلام الأممي الذي يقتصر على العبادة السطحية والمعاني العامة الباهتة أخذ في التفرنج اليوم بالفكر، وغداً بالفكر والاسم معاً) ، وفي صفحة 30 يسوي عفلق بين القومية والدين فيقول: (لا خوف أن تصطدم القومية بالدين، فهي مثله تنبع من معين القلب، وتصدر عن إرادة الله، وهما يسيران متآزرين متعانقين، خاصة إذا كان الدين يمثل عبقرية القومية وينسجم مع طبيعتها) أ. هـ، وإذا تجاوزنا فكر مؤسس الحزب إلى فكر الحزب نفسه فإننا نجد أن من أهم توصيات المؤتمر القومي الرابع للحزب الوصية الرابعة التي تقول: (يعتبر المؤتمر القومي الرابع الرجعية الدينية إحدى المخاطر الأساسية التي تهدد الانطلاقة التقدمية في المرحلة الحاضرة، ولذلك يوصي القيادة القومية بالتركيز في النشاط الثقافي، والعمل على علمانية الحزب، خاصة في الأقطار التي تشوه فيها الطائفية العمل السياسي) والمتأمل لتوصيات الحزب وقراراته من خلال مؤتمراته يجد أن كلمة الدين لم ترد مطلقاً في دستوره إلا على سبيل الازدراء والسخرية، مما يؤكد علمانيته، وهذا يكفي في الحكم عليه وقد قال الله تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن

يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران: 85] ، أما دعاته فمنهم بالإضافة إلى مؤسسي الحزب: سامي الجندي وحمود الشوقي ومنيف الرزاز، ومصطفى طلاس وشبلي العيسمي، بالإضافة إلى قادة الحزب السياسيين مثل صدام حسين وحافظ الأسد، أما أماكن تواجده فأكبر وجود له في العراق وسوريا، حيث كان الحزب هو الحاكم في العراق قبل عدة أسابيع، وهو الحزب الحاكم الآن في سوريا، وله امتدادات تطول وتقصر وتكثر في دول الخليج العربي واليمن والسودان والأردن ودول المغرب العربي كالمغرب وموريتانيا.

قراءة المسلم للتوراة والإنجيل

قراءة المسلم للتوراة والإنجيل المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 13/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز لنا قراءة التوراة والإنجيل وما شابههما من قصص مخترعة، من دون تصديق لها ولا اعتقاد فيها؟ لأن الكثير من هذه القصص انتشر بين الأشخاص في الإنترنت. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: لقد نسخ القرآن جميع الشرائع والأديان، والكتب السابقة، قال تعالى: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْه" [المائدة: من الآية48] ، فنحن أغنياء بديننا وكتاب ربنا الذي فيه خبر من قبلنا ونبأ من بعدنا وحكم ما بيننا، وقد دل القرآن على أن الكتب السماوية السابقة من التوراة والإنجيل قد حرفت على يد اليهود والنصارى، والذي عليه أئمة السنة وعلماؤها النهي عن النظر في التوراة والإنجيل وما يجري مجراهما في الافتتان والتضليل؛ ككتب أهل الكلام والسحر والشعوذة، إلا ما كان في حدود حاجة أهل العلم ودعاة الإسلام لأجل الرد والمناظرة، والقراءة في التوراة والإنجيل حتى وإن كان عن غير اعتقاد لما فيهما لا يسوغ أبداً، وأقل ما فيه أنه عبث وإضاعة للوقت وصرف له عن القراءة النافعة والعمل الصالح، على أننا لا نسلم أنها لمجرد التسلية فقط، إذ لا بد من تأثيرها على المدى الطويل، وتكون رصيد قصص لدى القارئ ينساق مع مدلولاتها تلقائياً، إضافة إلى أن القراءة فيها كفيلة بكسر حاجز النفرة والبعد والبراءة من دين اليهود والنصارى، مما قد يورث القرب إلى مناهجهم والتقارب معهم والعيش بينهم.

وقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما- كما في البخاري (7523) : "يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم -صلى الله عليه وسلم- أحدث الأخبار....أولا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، فلا والله ما رأينا رجلاً منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم". وحينما قرأ عمر - رضي الله عنه- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب غضب النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "أمُتَهَوِّكُونَ فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيءٍ فيخبروكم بحقٍّ فَتُكَذِّبوا به، أو بباطلٍ فتُصَدِّقُوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني" رواه الإمام أحمد (15156) من حديث جابر -رضي الله عنه- وحسنه الألباني في إرواء الغليل (1589) وفي رواية "فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا" عند أحمد أيضاً (14631) فابتعد أخي -بارك الله فيك- عن ذلك واستغن بما أغناك الله، واحفظ وقتك فيما يفيدك في أمر دينك ودنياك، وناصح وراسل من يفعل ذلك في الإنترنت وينشر مثل ذلك، وزودهم بمواد علمية وتوجيهية يتراسلونها فيما بينهم، و"الدال على الخير كفاعله" رواه الترمذي (2670) من حديث أنس -رضي الله عنه- وقال -صلى الله عليه وسلم:"لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم" رواه البخاري (2942) ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-. وفق الله الجميع لرضاه.

حزب البعث بين التدين والسياسة

حزب البعث بين التدين والسياسة المجيب د. حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 2/7/1424هـ السؤال هل حزب البعث حزب ديني؟ أم حزب سياسي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أخي الكريم: حزب البعث حزب ديني وسياسي في آن واحد، ولا أعتقد بوجود حزب سياسي صرف في أي مكان في العالم، فكل الأحزاب التي نراها ونسمع عنها في العالم العربي والغربي تنطلق من منطلق عقدي، ولعله لا يخفى عليك أن الحزب الذي يقود أقوى قوة في العالم اليوم - الولايات المتحدة الأمريكية - حزب ديني متطرف، مع أنه في الأصل حزب سياسي. أما حزب البعث فقد لخص "منيف الرزاز" الأمين العام السابق لحزب البعث مبادئ وعقائد حزب البعث في كتابه (ألف باء البعث) بمجموع ضمن أعماله الفكرية السياسية 3/ 149 - 162، وقد تكلم في هذا الكتاب عن حزب البعث ضمن العناوين التالية: (1) البعث حركة عقائدية. (2) البعث حركة نضالية. (3) البعث حركة ثورية. (4) البعث حركة جماهيرية. (5) البعث حركة قومية. ومن خلال هذه العناوين في كتاب الأمين السابق لحزب البعث يتضح لنا أن حزب البعث عقائدي سياسي في آن واحد، وإذا أردت توضيحاً أكثر فارجع إلى كتاب "حزب البعث تاريخه وعقائده"، لمؤلفه سعيد بن ناصر الغامدي ص (42 - 47) . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تفضيل المراجع الدينية على البشر

تفضيل المراجع الدينية على البشر المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 2/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يكفر من يقول بأن هناك من البشر كالأولياء أو الأئمة كما عند الشيعة من هم أفضل من البشر، مع إقرارهم بأن هؤلاء ليسوا أنبياء ولا رسل، ومع إقراراهم بنبوة الأنبياء ورسالة الرسل وفضلهم جميعاً، وكذلك يقرون بأن خير الخلق أجمعين هو محمد صلى الله عليه وسلم - وليس أحد أفضل منه لا من الرسل ولا الأنبياء ولا الأولياء ولا الأئمة وهل في المسألة خلاف بين متقدمي علماء الأمة أو متأخريهم؟ هذا ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد. الجواب عقيدة المسلم في الأشخاص ما يلي: 1. أفضل الناس الأنبياء والرسل. 2. ثم الخلفاء الراشدون الأربعة بحسب ترتيبهم. 3. ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة. 4. ثم بقية الصحابة رضي الله عنهم جميعاً. 5. ثم الأتقى فالأتقى من المسلمين. وأما عقيدة الشيعة فهي تخالف هذا الترتيب، حيث يعتقدون أن أئمتهم أفضل من الأنبياء والرسل وهذه عقيدة ضالة، والشيعة استخدموا اسم الولي وأطلقوه على أشخاص رفعوهم إلى منزلة فوق منزلتهم مع أن كل مسلم هو ولي لله عز وجل بتفاوت في الولاية قال تعالى: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ" [يونس:63] ، فكل مؤمن تقي ولي لله - عز وجل - والمسلم يبتعد عن الغلو والتقصير وسط بين طرفي نقيض، فلا إفراط ولا تفريط والحذر من عقائد المبتدعة والله أعلم.

المذهب السلفي والمذاهب الأربعة

المذهب السلفي والمذاهب الأربعة المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 19/5/1424هـ السؤال كنت أتناقش مع شخص عن المذاهب، وقلت له إن المذهب السلفي: هو ما قال الله، وقال الرسول - عليه السلام - واتباع السلف الصالح، فقال لي: وهل المذهب المالكي غير ذلك؟ قلت له: من الممكن أن تعرض مسألة للإمام مالك ولا يتوفر له دليل فيفتي فيها باجتهاد، ويبلغنا دليل لم يبلغ الإمام مالكاً، قال لي: إن من العقل أن يكون بلغ الإمام مالك ولم يبلغك، فهو من مواليد القرون الفضلى، وقريب من زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهل كلامه صحيح؟ وأرجو أن تبين لي موقف المذهب السلفي من الأئمة الأربعة بين الغلو والإعراض عنهم. الجواب الحمد لله وبعد: فإن المذهب السلفي ليس مذهباً خارجاً عن المذاهب الأربعة، بل هو منهج موافق لما عليه الأئمة الأربعة من اتباع الكتاب والسنة، والاقتداء بالسلف الصالح، بل الأئمة الأربعة هم من جملة السلف الذين يشملهم مصطلح (السلف) ، لأنهم من القرون المفضلة، وعلى هذا فالمذهب المالكي وغيره من المذاهب الأربعة لا تخالف منهج السلف في أصلها، فالإمام مالك - رحمه الله - من أجل أئمة السلف، ولكن قد يتخذ بعض أتباع المذاهب منهجاً مخالفاً لمنهج السلف، سواء في العقيدة أو في الفروع أو الأحكام والفقهيات، فمثلاً في الفروع قد يتعصب البعض لمذهبه، ويقلد ما يكون فيه من أحكام، حتى وإن كان الدليل على خلافه، فهنا ننتقد هذا التعصب ولا ننتقد المذهب جملة) .

وأما قولك: إن الإمام مالكاً قد يفتي باجتهاده وقد لا يطلع على الدليل، فهذا الاحتمال وارد في شأن بقية الأئمة، بل لكل ذي علم حتى الصحابة - رضي الله عنهم - قد يخفى على الواحد منهم ما يعرفه غيره، كما خفي على عمر - رضي الله عنه - حديث الاستئذان وحديث الطاعون وغيرها فمن سواه أولى بذلك. ولكن هذا لا يعني أن نتطاول على من سبقنا بحجة أننا اطلعنا على ما لم يطلعوا عليه، بل الواجب الأدب مع الأئمة، والتماس العذر لهم. ثم إن مما ينبغي معرفته أنه لا يستدرك على أهل العلم، إلا من هو مثلهم من أهل العلم ممن يدركون بعلمهم وفقههم سبب عدول العالم عن الأخذ بحديث ما، هل هو لعدم اطلاعه عليه؟ أم لوجود ناسخ له عنده؟ أم لعدم ثبوته لديه؟ أم لوجود معارض أقوى منه؟ ونحو ذلك مما يطول بسطه، ويمكنك الرجوع إلى كتاب صغير نفيس لشيخ الإسلام عنوانه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) ذكر فيه جملة من الأسباب التي قد يرجع إليها خلاف أهل العلم، أو عدم أخذ بعضهم بدليل ما، والله أعلم.

لماذا يوصف المسيحيون بالكفر

لماذا يوصف المسيحيون بالكفر المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 21/5/1424هـ السؤال لقد قرأت السؤال التالي في أحد المواقع: إنني مسيحي ولدي سؤال أتمنى منكم تقبله بصدر رحب. لماذا توجه تهمة الكفر للمسيحيين؟ برغم أن القرآن يلقبهم بأهل الكتاب! فكيف يمكن الإجابة على سؤال هذا الشخص بأسلوب مقنع وبسيط؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: الكفر يعني ستر الشيء بعد ظهوره، والمسيح - عليه السلام - قد دعا إلى الإيمان بالله الواحد (أول الوصايا في الناموس) ، وأعلن أنه (لا صالح إلا الله) ، وأخبر أن الساعة لا يعلمها إلا الأب، وأما الابن فلا يعلم من ذلك شيئاً، ودعا أتباعه إلى الإيمان به كإنسان، (وأما ابن الإنسان لا يجد موضعاً لرأسه) ، ولم يخرج في حياته كلها عن حياة سائر البشر، (ولادة - رضاعة - فطاماً - تعميداً - جوعاً - خوفاً - حزناً - أكلاً وشرباً - هرباً ... تسلط الشيطان عليه ... إلخ) . ولكن النصارى بعد هذا كله دعوه ابن الله ودعوه الله ودعوه ثالث ثلاثة، فستروا الحق الذي جاء به المسيح وهو وحدانية الله ونبوته وبشريته، وادعوا ما لم يقله المسيح لهم، فحكم القرآن بكفرهم لهذا السبب "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة" [المائدة: 73] ، "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم" [المائدة: 17] . وأما النداء عليهم بيا أهل الكتاب فيرجع إلى ما أوحى إلى المسيح به وهو الإنجيل، وذلك بحسب الأصل لا بحسب الموجود الآن، والله يهديك إلى الصواب.

مؤتمر حوار السنة والشيعة

مؤتمر حوار السنة والشيعة المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 25/8/1424هـ السؤال سمعنا أن هناك مؤتمراً سيقام في الرياض للحوار مع الشيعة، ومن خلال متابعاتي للشيعة الجعفرية فإنهم يقولون بكفر الصحابة - رضي الله عنهم - أمثال أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، ويقولون بالمتعة، ويتبركون بالقبور، ولا يرغبون بتبديل معتقدهم، فكيف نتحاور معهم؟ وهل نتنازل لهم؟ وهل يكفر القول بتكفير الصحابة - رضي الله عنهم -؟ الجواب لم نسمع بمؤتمر سيقام للحوار بين السنة والشيعة، ولو أقيم مؤتمر من هذا القبيل بين علماء الطائفتين فلا ضير في ذلك، بل قد تكون منه الفائدة والنفع، لإيضاح الحق وبيان الهدي الصحيح، والمسلك القويم. والشيعة الجعفرية الذين ورد السؤال عنهم ليسوا على درجة واحدة في المعتقدات التي وردت في السؤال، بل هناك من ينكرها من علمائهم ومن مثقفيهم، ولا أدل على ذلك من كتب البرقعي وموسى الموسوي وأحمد الكاتب وأحمد الكسروي وغيرهم0 ولبعض علماء ودعاة السنة محاولات في إيران والعراق نتج عنها بصيرة جملة من علمائهم ومثقفيهم، وهذا يدل على فائدة الحوار المبني على أسس علمية صحيحة0 والحوار مع الآخرين لا يقتضي التنازل عن الحق، فقد حاور الأنبياء أقوامهم المشركين، وحاور ابن عباس - رضي الله عنهما - الخوارج المبتدعين، وحاور أحمد في قضية خلق القرآن، وحاور الأذرمي في مجلس الواثق رأس المعتزلة أحمد بن أبي دؤاد، وحاور العلامة العراقي محمود شكري الألوسي بعض علماء الشيعة، ونشر وقائع ذلك في كتابه المسك الأذفر، وغير ذلك كثير.

أما سب الصحابة –رضي الله عنهم- فمحرم بنص الكتاب العظيم والسنة النبوية وإجماع أهل السنة والجماعة، وقد اختلف أهل العلم في حكم من سبهم، فمن قائل بأنه كافر يجب قتله، ومن قائل بأنه فاسق مبتدع يعاقب بما دون القتل، وكل له أدلته، ولعل الصواب في هذا أن يقال بأن سب الصحابة – رضي الله عنهم- على ثلاثة أقسام: الأول: أن يسبهم بما يقتضي الكفر وهو بما تقتضي أن عامتهم فسقوا، أو سبهم بما يقدح في دينهم وعدالتهم فهذا كفر، لأنَّه تكذيب لله ورسوله – عليه الصلاة والسلام - في تزكيتهم والثناء عليهم والترضي عنهم؛ ولأن مضمون هذه المقالة إبطال الشريعة بكاملها؛ لأنَّ الصحابة –رضي الله عنهم- هم نقلتها، وصاحب هذا القول يزعم أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق. الثاني: أن يسبهم باللعن والتقبيح، ففي كفره قولان لأهل العلم، وعلى القول بعدم كفره يجب أن يعزر ويحبس حتى الموت أو يرجع عما قال. الثالث: أن يسبهم بما لايقدح في دينهم كالجبن والبخل، فلا يكفر ولكن يعزر بما يردعه عن ذلك. ومع ذلك فأهل السنة لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة –رضي الله عنهم- معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من المحاسن والفضائل ما يوجب مغفرته، أو أنهم قد تابوا، أو أتوا حسنات عظيمة ماحية، أو غفر لهم بفضل سابقتهم إلى الإسلام، أو بشفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- الذين هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلوا ببلاء في الدنيا كفّر به عنهم، هذا في الذنوب المحققة، فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور لهم، ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم نزر قليل مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله – عليه الصلاة والسلام - والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح.

ومن نظر في سيرهم بعلم وبصيرة، وما منَّ الله به عليهم من الفضائل علم يقيناً أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم هم الصفوة من قرون هذه الأمة، التي هي خير الأمم وأكرمها على الله تعالى، بل هم خير القرون في جميع الأمم كما صرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" رواه البخاري (2652) ، ومسلم (2533) من حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- وأهل السنة يمسكون عما شجر بين الصحابة – رضي الله عنهم - من نزاع وقتال من بعد مقتل عثمان – رضي الله عنه -، ويعتقدون أن ما جرى كان عن تأويل واجتهاد، حيث يظن كل فريق أنَّه على الحق، إذ لايظن بهم ولا يعقل منهم أن يحصل ما حصل وهم يعتقدون أنهم على باطل، ولكن ذلك الاجتهاد لايستلزم أن يكون كل فريق قد أصاب الحق، بل الحق كان مع علي رضي الله عنه، هذا في الحكم على الفاعل، أمَّا في الموقف منه فإنه يجب الإمساك عما شجر، ونسكت عما جرى بينهم ولا يذكر ويطوى ولا يروى إلاَّ لضرورة تقتضيها المصلحة الشرعية. وهذه الأحكام المذكورة في حكم سب الصحابة – رضي الله عنهم - مندرجة تحت ضابط مهم من ضوابط التبديع والتكفير، ملخصه أن هناك فرقاً في الحكم بين العموم والإطلاق والتعيين والتخصيص عند إطلاق وصف الكفر أو الشرك أو النفاق أو البدعة أو الفسق، وعند إطلاق الشهادة بالجنة والنار. ففي حالة العموم والإطلاق يجوز وصف العمل أو القول بأنه كفر أو شرك أو نفاق أو بدعة أو فسق، إذا كان هذا هو حكمه في شرع الله تعالى، أمَّا عند تعيين إنسان بعينه أو طائفة بعينها حصل منهم هذا الفعل أو القول الموصوف شرعاً بالكفر أو الشرك أو النفاق أو البدعة أو الفسق فلايجوز إطلاق هذا الوصف على المعين إلاَّ بعد وجود شروط هذا الوصف في المعين وانتفاء الموانع عنه، ومن أهم الشروط بلوغ الحجة الرسالية وفهمها.

وأهم الموانع التي يجب التحقق من ارتفاعها عن المعين قبل الحكم عليه ما يلي: (1) مانع الجهل الذي يعذر به، وهو الجهل الذي لا حيلة له في دفعه عن نفسه، بسبب عدم تمكنه من العلم الشرعي، أو بسبب العوارض النازلة به كالجنون والعته والنسيان، أمَّا جهل الإعراض والصدود فلا عذر فيه لصاحبه. (2) مانع الاشتباه والتأول الذي يعذر بسببه، وهو المؤدي إلى التأويل له وجه احتمالي في العلم الشرعي وله وجه في لغة العرب. فمن وقع في الخطأ بتأول أو اشتباه له وجه في الاعتماد عليه، وله احتمال في الشرع ولو بوجه مرجوح، وصدر في تأوله عن اجتهاد وحسن نية، بحيث إذا تبين له الحق اتبعه، وعلم من قرائن الأحوال أنه لم يقصد بقوله أو فعله معارضة الشريعة، أو مناوأة الشرع، فهو معذور بهذا؛ لأن هذا هو منتهى وسعه ولابد من رفع هذا المانع حتى تقوم عليه الحجة. (3) مانع سلب الإرادة، فمن وقع في موجب الكفر بغير إرادة منه فلايحكم بكفره، مثل المكره، والذي انغلق عليه فكره بسبب شدة فرح أو حزن أو خوف، ولايدخل في هذا المازح؛ لأنه قاصد ومريد لهذا. والله أعلم.

تحريف الإنجيل

تحريف الإنجيل المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 7/4/1424هـ السؤال في أي بلد وعصر تم تحريف الإنجيل؟ ومن حرفه؟ الجواب مرت النصرانية بعدة مراحل. المرحلة الأولى: مرحلة الدين المنزل من عند الله، وذلك حين بعث الله عيسى عليه السلام نبياً إلى بني إسرائيل مؤيداً من الله تعالى بالمعجزات العظيمة الدالة على نبوته، وقد أيده الله بالحواريين، وآمن بدعوته كثير من الناس، واصطفى عيسى منهم اثني عشر حوارياً هم خلص أصحابه، ويقال: إن عيسى عليه السلام أرسل سبعين رجلاً ليعلموا الدين في القرى المجاورة، وقد تآمر اليهود على عيسى عليه السلام برئاسة الحبر الأكبر (كايافاس) ، وأثاروا عليه الحاكم الروماني الذي كان يحكم فلسطين (بيلاطس) حتى أصدر أمراً بإعدامه عليه السلام، فاختفى عيسى وأصحابه، ودل أحد أصحابه جنود الرومان على مكانه، فألقى الله شبه عيسى على أحد حوارييه ورفع الله عيسى فأخذ الشبه وقتل وصلب.

المرحلة الثانية: وتعرف عند مؤرخي الكنيسة بالعصر الرسولي، وتبدأ من رفع عيسى عليه السلام من أصحابه وحوارييه، وحصل فيها قتل وإيذاء كبير لأتباع عيسى عليه السلام، حتى كادت الديانة النصرانية أن تزول بالكلية، وفي كل هذه الأجواء كان هناك رجل يسمى شاول الطرسوسي اليهودي الفريسي، صاحب الثقافات الواسعة والاطلاع الفلسفي الكبير، وتلميذ أشهر علماء اليهود في زمانه (عمالائيل) ، وكان شاول هذا شديد العداء لأتباع المسيح، وكان يذيقهم أشد أنواع الأذى، ثم فجأة أعلن إيمانه بالمسيح بناءً على رؤيا رآها فلم يصدقه بعض أتباع المسيح وبعضهم فرح بذلك، حتى حسم الأمر (برنابا الحواري) فدافع عن شاول واعترف به، وقبله، وتدرج شاول بما يمتلكه من ذكاء وقوة حيلة ودأب ونشاط، حتى أخذ مكانة مرموقة بين الحواريين وسمى نفسه (بولس) وفيما بين 51 –55م عقد أول مجمع للحواريين (مجمع أورشليم) تحت رئاسة يعقوب بن يوسف النجار؛ ليناقش مشكلة عرضها بولس حول إكراه الأمميين (الوثنيون والكفرة – أي غير بني إسرائيل) على الالتزام بشريعة التوراة، فقرروا في هذا المجمع استثناء غير اليهود من الالتزام بشريعة التوراة إذا كان ذلك سيؤدي إلى تركهم للوثنية، وفي هذا المجمع قرروا تحريم الزنا وأكل المنخنقة والدم وما ذبح للأوثان، وأبيحت الخمر ولحم الخنزير والربا، مع أنها محرمة في التوراة. فكان هذا من أوائل التحريفات التي حصلت في الديانة النصرانية بمكر من بولس، ثم إن بولس عاد بصحبة برنابا إلى أنطاكية مرة أخرى، وبعد صحبة غير قصيرة انفصلا وحدث بينهما منازعة شديدة، لأن بولس أعلن نسخ أحكام التوراة وقوله (بأنها كانت لعنة تخلصنا منها إلى الأبد) ، وادعاءه أن (المسيح جاء ليبدل عهداً قديماً بعهد جديد) ، ولاستعارته من الفلسفة اليونانية فكرة اتصال الإله بالأرض، عن طريق الكلمة أو ابن الإله أو الروح القدس، ثم ترتب على هذا كله القول بعقيدة الصلب والفداء المبتدعة.

ثم تنازع بولس مع بطرس الذي عارضه وهاجمه، وهكذا بدأ الانحراف والتحريف في الكتب المنزلة في التوراة والإنجيل، واستمر الانحراف فيها، وما زالت الزيادات والنقصان تتم في هذه الكتب المنزلة من عند الله تعالى. ومن أهم النصوص التي حرفت في الإنجيل؛ تلك النصوص التي تدعو إلى عبادة الله وحده دون سواه، والتي تبين أن الإله سبحانه حي قيوم غني عن خلقه، خالق مالك مدبر، ليس له صاحبة ولا ولد، ومن أهم النصوص التي حرفت في الإنجيل تلك النصوص التي تشير إلى مجيء النبي - صلى الله عليه وسلم - وتدعو إلى الإيمان به. أما الغرض من التحريف فإنه يختلف باختلاف أهواء المحرفين، فمنهم من كان يحرف الإنجيل لأجل عداوته لليهود، ومنهم من يحرف لأجل أهواء الملوك والسلاطين، ومنهم من كان يحرف لأهوائه وأهواء طائفته، ومنهم من كان يحرف لبغضه للإسلام والمسلمين ونبي الإسلام خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم.

القول بـ: (الحلول)

القول بـ: (الحلول) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 23/10/1424هـ السؤال كيف نرد كمسلمين على مفهوم التجسُّد كما يقال: إن الله تجسَّد كبشر في المسيح عليه السلام؟ النصارى يقولون: إن الله تجسَّد على شكل بشر، ولكننا لا نعرف كيف تم ذلك، والمسلمون كذلك يقولون: "الله أعلم" لكثير من الأسئلة المتعلقة بالأمور الغيبية. فكيف ندحض فكرة التجسُّد بطريقة منطقية وعلمية؟. الجواب الحمد لله، إن من أسماء الله -تعالى-: العلي العظيم، فهو العظيم الذي لا أعظم منه، وهو العلي بكل معاني العلو، فهو العلي على جميع خلقه، وذلك يقتضي أن يكون بائناً من خلقه، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، فإن ذلك ينافي علوه وعظمته، وما ذكرته من التجسد في المسيح هو قول لبعض النصارى، ويعبرون عن ذلك بأنه حل اللاهوت في الناسوت، يعني: حل الإله في الإنسان، ويشبه النصارى في ذلك من يقول من الرافضة بحلول الإله في علي -رضي الله عنه- والأئمة من بعده، ومن يقول من الصوفية: إنه -تعالى- يحل في الصور الجميلة. وهذا كله من نوع الحلول الخاص، ولا أعلم أحداً قال إن الله حل في الشجرة التي كلم منها موسى -عليه السلام- وإنما قالت الجهمية إن الله خلق كلاماً في الشجرة وهو الذي سمعه موسى -عليه السلام-، وقالت الجهمية: إنه حال في كل مكان -تعالى- الله عن قولهم جميعاً علواً كبيراً، فإنه -تعالى- أعظم وأكبر من أن يحيط به شيء من مخلوقاته، فإنه وسع كرسيه السماوات والأرض، وهو الذي استوى على عرشه العظيم كيف شاء. ومن له العلو المطلق كيف تحويه مخلوقاته فضلاً على أن يحويه بعض مخلوقاته، وهو العلي الكبير وهو العلي العظيم -سبحانه وتعالى- عما يقول الظالمون والجاهلون علواً كبيراً. والله أعلم.

هل سب الشيعة غيبة؟

هل سب الشيعة غيبة؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 9/10/1424هـ السؤال لي صديق يسب الشيعة ويشتمهم في غيابهم، هل هذه غيبة؟ وإذا كانت غيبة فماذا يفعل ليكفر عن هذه الذنوب؟ جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم اللهم آمين وجمعنا بكم في الفردوس الأعلى من الجنة اللهم آمين. الجواب الأصل في المسلم أن يحفظ لسانه، ويزن ألفاظه قبل أن ينطق بها، فإن الله تعالى يقول: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" [ق: 18] ، والمسلم لا ينبغي أن يكون طعانا لعانا، بل يقول التي هي أحسن ويدعو إلى الله بحسن مقاله، وصادق أفعاله، يستميل المخالفين للحق بمفتاح القلوب؛ الكلمة الطيبة، والمداراة، وأما شتم المخالف والنيل من مذهبه على وجه الانتقاص والتعيير فإنه يبني الحواجز النفسية، ويصد عن الهداية. وعليه فإنه لا ينبغي شتم أفراد الشيعة وسبهم بأعيانهم لا في حضورهم ولا في غيبتهم؛ لأنه لا فائدة ترجى من ذلك. والظاهر أن السائل يفعل ذلك بحضرة الموافقين له في المذهب ليبوح بشيء مما في صدره ضد ذلك الشيعي، فلا هو دعاه إلى الحق، ولا هو بيَّن لأصحابه ما في مذهب الشيعة من الباطل. ومن جانب آخر فإن الشيعة في جملتهم من طوائف المسلمين، ومن أهل القبلة لا يكفر شخص منهم بعينه ما لم يظهر مكفِّرا، ويلتزم به، فله حقوق المسلم العامة، ومن ذلك عدم سبه، وفي الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم:"سباب المسلم فسوق" البخاري (48) ، ومسلم (64) . ولا يصح أن يسوِّغ المرء لنفسه سب الشيعي بما قرره العلماء من جواز غيبة الفاسق، لأن في السب والشتم أمراً زائداًَ على الغيبة، ثم غيبة الفاسق أجيزت مقيدة بذكر الفاسق بما يُظهر من فسقه ويجاهر به.

فعلى هذا الأخ أن يمسك عن السب والشتم، ويستغفر لزميله ويسأل الله له الهداية. والله أعلم وأحكم.

هذه الفرق الإسلامية: أيها على الحق؟

هذه الفرق الإسلامية: أيها على الحق؟ المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 13/9/1424هـ السؤال شيخنا: إن كل فرقة تدَّعي أنها على العقيدة الصحيحة، وهذا ليس عبثا، لأن الكل حريص أن يعرف العقيدة الصحيحة حتى يكون من الفرقة الناجية، إذا نظرنا إلى أهل السنة في أقطاب الأرض وفي بلادنا العربية على وجه الخصوص، نجد أن السواد الأعظم هم على معتقد الأشاعرة والماتريدية، ويعتقدون أنها هي عقيدة السلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة، والسلفية من طرف آخر تعتقد أنها على العقيدة الحقه التي كان عليها الصحابة والتابعون والأئمة الأربعة، أعلم أن الحق لا يستدل عليه بالكثرة، ولكن ألا ترى يا شيخنا أن السلفية والأشاعرة متفقون على أن العقيدة الصحيحة هي عقيدة السلف، ولكن الاختلاف هو في معرفة ما كان عليه السلف حقا، فهذا الفريق يروي أخباراً وروايات عن الأئمة الأربعة على سبيل المثال تؤيد معتقده، والفريق الآخر يكذب تلك الأخبار ويروي أخبارا أخرى تؤيد معتقده هو، ما يحيرني يا شيخنا، إذا اعتقدنا أن العقيدة السلفية هي العقيدة الصحيحة، كيف كان السواد الأعظم من أهل السنة على خلافها، وهم يتوارثون علم العقيدة جيلا عن جيل، وكيف عرف شيخ الإسلام عقيدة السلف ولم يعرفها علماء الأمة من المذاهب الأربعة قبله؟ هذا ما يحيرني يا شيخنا، وهو كيف لي أن أتحقق من العقيدة الصحيحة؟ ما هي المنهجية الصحيحة التي يجب أن ألجأ إليها بعد الله لأعرف الحق؟ وكيف عرفت أنت أيها الشيخ الكريم أنك على المعتقد الحق؟ وكل أهل السنة باستثناء السلفية على خلاف ما تعتقده أنت في تفاصيل العقيدة. أعتذر عن الإطالة ولكن الموضوع مهم. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فإن العقيدة الصحيحة هي المستمدة من الكتاب والسنة، كما فهمها الصحابة الكرام رضي الله عنهم بمقتضى اللسان العربي الذي أنزل الله به كتابه، ولم يقع بين الصحابة رضوان الله عليهم خلاف في أمر من أمور الاعتقاد، وإن اختلفوا في بعض الفروع الفقهية، وكذلك سار على نهجهم التابعون وتابعوهم من القرون المفضلة، لا يختلفون في شيء من مسائل الاعتقاد، وإنما وقع الخلاف من غيرهم، ممن سلك مسلك المتكلمين، وهجر طريقة أهل الحديث القائمة على الرواية والدراية، وذم الرأي وأهله، وقد نشأت ناشئة أرادت التوفيق بين طريقة السلف المعظمة للنصوص، وطريقة المعتزلة المقدمة للعقل على النقل، فلفقت مذهباً لم يتخلص من اشكالات وشبهات المعتزلة، ولم يحسنوا فهم طريقة السلف، وهو مذهب "الكلابية" الذي تمخضت عنه "الأشعرية" و "الماتريدية" وأتباع المحابسي، والقلانسي، وهم الذين عرفوا بـ "الصفاتية"، وقد كتب لمذهب الأشعري الانتشار لتبني دول وممالك إسلامية له، وحملها الناس عليه بحد السيف، كبعض ملوك بني أيوب في المشرق، ودولة الموحدين في المغرب، وهلك بسبب تلك الحملة خلق كثير، كما حكى ذلك المقريزي. ومما لا شك فيه أن الأشاعرة يميزون بين طريقتهم وطريقة السلف، ولا يرون أنهما متطابقتان، فلذلك يقولون طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم!! وكتبهم وعقائدهم طافحة في النص على طريقة السلف، وطريقة الخلف، وهذا التقسيم بحد ذاته دليل برأسه على اعتراف القوم بمفارقتهم لما كان عليه السلف المتقدمون، وإن لم يكن فرق فلم التقسيم؟! وليسعهم ما وسع خير القرون.

وإنما أتى الخلف من قبل قصور فهمهم لمنهج السلف، فإن الأشاعرة ونحوهم يظنون أن السلف مفوضة، أي يبثون ألفاظ نصوص الصفات، ويفوضون معانيها! وهذا في نظرهم يفتح باب التشبيه على العامة، ثم يرون أن الطريقة الأعلم والأحكم الاجتهاد في التأويل، باستخراج معاني مجازية يحملون عليها نصوص الصفات، مع قطعهم أن الصحابة والتابعين لم يتكلموا بذلك، يقول ناظمهم: وكل نصٍ أوهم التشبيها *** فوضه أو أول ورم تنزيها. والحق أن السلف الصالح أثبتوا ألفاظ الصفات، وأثبتوا ما دلت عليه من المعاني اللائقة بالله، على ما تقتضيه لغة العرب، دون تمثيل، وفوضوا كيفية ذلك لله تعالى كما قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله، لمن سأله عن كيفية الاستواء. (الاستواء غير مجهول) أي غير مجهول المعنى في لغة العرب، إذ هو العلو والاستقرار (والكيف غير معقول) أي أن له كيفية، لكن لا يمكن لعقولنا إدراكها. (والإيمان به واجب) لكون الله أخبر به رسوله - صلى الله عليه وسلم-. (والسؤال عنه بدعة) أي السؤال عن كيفية الاستواء لم يكن من فعل الصحابة - رضي الله عنهم، فالسلف في باب الصفات يثبتون الألفاظ والمعاني ويفوضون الكيفية. والمفوضة يثبتون الألفاظ، ويفوضون المعاني. والأشاعرة يثبتون الألفاظ، ويؤولون المعاني، أي يصرفونها عن ظواهرها، إلى معانٍ اقترحوها والمشبهة يثبتون الألفاظ ويثبتون المعاني على ما يعهدونه من حال المخلوقين، ولا يفوضون الكيفية، فتبين بهذا أن طريقة السلف هي الجامعة بين الإثبات والتنزيه، السالمة من التمثيل والتعليل، وأنها بذلك: أسلم وأعلم وأحكم، ولا يمكن لأحد من الأشاعرة وغيرهم أن يثبت نصاً واحداً عن واحد من الصحابة أو التابعين أو الأئمة الأربعة وغيرهم من السلف المعروفين يؤول فيها نصاً واحداً من كلام الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بل كلهم مطبقون على رواية نصوص الصفات وإمرارها لفظاً ومعنى؟ دون التعرض لتأويلها.

والذي أنصح به الأخ السائل، وغيره من إخواني المسلمين، لزوم ما كان عليه السلف الصالح من الاعتصام بالكتاب والسنة، وترك التكلف المذموم، وتلقي العقيدة الصافية من الوحيين، كما تلقاها الصحابة - رضي الله عنهم -، وعدم الاغترار بكثرة المنحرفين. ولا ريب أن الأشاعرة معظمون للسلف، وإن قصروا في فهم طريقتهم، وأنهم أقرب الفرق إلى أهل السنة والجماعة، لكن شابتهم شائبة الكلام المذموم، وتوارثوا الخطأ كابراً عن كابر، غفر الله لهم، وهدى بقيتهم إلى الحق المحض. وعليك أيها الأخ السائل - الحريص على إصابة الحق في هذه المسألة العظيمة - بقراءة كلام السلف المتقدمين، كالإمام أحمد بن حنبل، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومالك بن أنس، وغيرهم، واقرأ في حكاية أقوالهم: - عقيدة السلف وأصحاب الحديث، لأبي عثمان الصابوني الشافعي. - اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي الشافعي. - مقدمة الرسالة لابن أبي زيد القيرواني المالكي. - لمعة الاعتقاد لابن قدامة المقدسي الحنبلي. - شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي. وغيرها مما لا يمكن حصره، وستجد فيها شفاء الصدور، وبرد اليقين إن شاء الله.

عقيدة الدروز

عقيدة الدروز المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 5/1/1425هـ السؤال سؤالي عن الدروز، مَنْ هم؟ وما هي عقيدتهم؟ وهل يجوز استخدامهم وكفالتهم؟ حيث إنني أمتلك شركة للمواد الغذائية والحلويات، وقد قال لي أحد الإخوة بأن هناك فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأنه لا يجوز استخدامهم هم والنصيرية. أفيدونا مأجورين أثابكم الله، وغفر لكم. الجواب الحمد لله، الدروز طائفة من الباطنية، والباطنية طوائف يقوم اعتقادها على أن نصوص القرآن والسنة وكذلك شرائع الإسلام لها معان باطنة خلاف ما يعرفه المسلمون، وهذه المعاني افتراء محض ليس لها شبهة من لغة، ولا عقل، وطوائف الباطنية ملاحدة كفار، قال العلماء: إنهم أكفر من اليهود والنصارى، ولكنهم يظهرون الإسلام، ويخفون عقائدهم؛ فهم كفار منافقون، ومذهب الدروز يقوم على تأليه الحكم العبيدي أحد ملوك الدولة الفاطمية الرافضية، التي قال فيها بعض العلماء: (إنهم يظهرون الرفض ويبطنون الكفر المحض) ، ومؤسس هذا المذهب هو رجل يقال له: أبو علي حمزة الزوزني، وهو الذي دعى إلى تأليه الحاكم العبيدي، والدروز نسبة إلى أحد رجال هذه الطائفة، ويعرف بدرزي وينسبون إليه، هذا مجمل التعريف بهم.

وأما استخدامهم فلا يجوز لأنهم أعداء للمسلمين فلا يؤمنون، ثم إنه لا يليق بالمسلم أن يستخدم من هذه حقيقة أمره؛ لأنه بذلك غاش لنفسه ظالم لمن يوليه عليهم، أن يولي هذا الدرزي وفي توليتهم واستخدامهم مفاسد من نشر مذهبهم ومن إعانتهم بما يأخذونه من المال، وأما ما ذكره السائل من قول شيخ الإسلام ابن تيمية فإذا كان قد قاله فهو إمام قدوة وهو خبير بالقوم، فالواجب الحذر من تمكين هؤلاء المفسدين الكفار المنافقين، مكن الله المسلمين من رقابهم واجتثاث شجرتهم، إنه -تعالى- على كل شيء قدير. والله أعلم.

القول بـ: (الحلول)

القول بـ: (الحلول) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 7/11/1424هـ السؤال كيف نرد على من يقول إن الله -عز وجل قد تجسد في بعض مخلوقاته كالمسيح -عليه السلام- أو في الشجرة حينما كلم موسى -عليه السلام-؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، إن من أسماء الله -تعالى-: العلي العظيم، فهو العظيم الذي لا أعظم منه، وهو العلي بكل معاني العلو، فهو العلي على جميع خلقه، وذلك يقتضي أن يكون بائناً من خلقه، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، فإن ذلك ينافي علوه وعظمته، وما ذكرته من التجسد في المسيح هو قول لبعض النصارى، ويعبرون عن ذلك بأنه حل اللاهوت في الناسوت، يعني: حل الإله في الإنسان، ويشبه النصارى في ذلك من يقول من الرافضة بحلول الإله في علي -رضي الله عنه- والأئمة من بعده، ومن يقول من الصوفية: إنه -تعالى- يحل في الصور الجميلة. وهذا كله من نوع الحلول الخاص، ولا أعلم أحداً قال إن الله -عز وجل- حل في الشجرة التي كلم منها موسى -عليه السلام- وإنما قالت الجهمية: إن الله خلق كلاماً في الشجرة، وهو الذي سمعه موسى -عليه السلام-، وقالت الجهمية: إنه حال في كل مكان، تعالى الله عن قولهم جميعاً علواً كبيرا، فإنه -تعالى- أعظم وأكبر من أن يحيط به شيء من مخلوقاته، فإنه وسع كرسيه السماوات والأرض، وهو الذي استوى على عرشه العظيم كيف شاء. ومن له العلو المطلق كيف تحويه مخلوقاته فضلاً على أن يحويه بعض مخلوقاته، وهو العلي الكبير، وهو العلي العظيم -سبحانه وتعالى- عما يقول الظالمون والجاهلون علواً كبيراً. والله أعلم.

أهل القبلة

أهل القبلة المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 8/2/1425هـ السؤال من هم أهل القبلة؟ وما هي حقوقهم علينا؟ وهل الشيعة الاثنا عشرية منهم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: قال - صلى الله عليه وسلم-: "من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم، الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته" رواه البخاري (391) من حديث أنس - رضي الله عنه - وفي لفظ: "فهو المسلم له ما لنا وعليه ما علينا" صححه الألباني على شرحه للطحاوية. وفي هذا النص النبوي الشريف جواب واضح يحدد أهل القبلة وأن المراد بهم من يدعون الإسلام ويستقبلون الكعبة، قال العلماء وإن كانوا من أهل الأهواء، أو من أهل المعاصي ما لم يكذب بشيء مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم- وفي قوله - صلى الله عليه وسلم-: "له مالنا وعليه ما علينا" بيان لحقوقه التي له، وللحقوق التي عليه بأوجز عبارة وأبلغها، الحقوق التي للمسلم على المسلم معروفة؛ فقد بينت من خلال أحاديث أخرى ليس هذا موضع بسطها. أما الشيعة الاثنا عشرية فهم من أهل القبلة وإن كانوا من أهل الأهواء، وعندهم من المخالفات الخطيرة ما هو معلوم لمن اطلع على حالهم، ولكن الأصل أنهم من أهل القبلة، وليس في ذلك تزكية لما هم عليه من البدع والضلالات، وليس الانتساب إلى أهل القبلة في حد ذاته مدحاً ما لم يحقق المنتسب شروط ذلك ولكنه يحكم له بالظاهر، والله يتولى السرائر. والله أعلم.

علي -رضي الله عنه- وكتاب الجفر

علي -رضي الله عنه- وكتاب الجفر المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 25/10/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد: هل يوجد كتاب لسيدنا علي بن أبي طالب اسمه الجفر، لأن بعض الكتاب يلقون الضوء عليه بحجة أن فيه فتنًا عن آخر الزمان. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فهذا من افتراءات الرافضة على آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، حيث زعموا أن عند آل البيت الجفر والجامعة وغيرها. فمن ذلك ما رواه الكليني- وهو عند الرافضة بمنزلة البخاري عند أهل السنة- في كتابه الكافي (1/239) - الذي هو بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة- عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله- يعني جعفر الصادق رحمه الله- فسأله عما يقول الشيعة إن رسول الله علَّم عليًّا عليه السلام بابًا يفتح له من ألف باب فقال: يا أبا محمد، علم رسول الله صلى الله عليه وسلم- عليًّا ألف باب يفتح من كل باب ألف باب.. إلى أن قال: وإن عندنا الجفر، وما يدريهم ما الجفر؟ قال: قلت: وما الجفر؟ قال: وعاء من أدم فيه علم النبيين والوحيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل ... إلخ كلامه. وليس هو كتابًا مقروءًا يمكن الرجوع إليه والاطلاع عليه.

وقد أكذبهم علي، رضي الله تعالى عنه، حينما سئل: هل خصَّكم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم- بشيء؟ فقال: مَا خَصَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ يَعُمَّ بِهِ النَّاسَ كَافَّةً، إِلَّا مَا كَانَ فِي قِرَابِ سَيْفِي هَذَا. قَالَ: فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً مَكْتُوبٌ فِيهَا: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَرَقَ مَنَارَ الْأَرْضِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا". أخرجه أحمد في المسند (959) ، ومسلم (1978) . والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ما معنى قولهم: فلان بعثي ... أو اشتراكي

ما معنى قولهم: فلان بعثيٌ ... أو اشتراكي المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 17/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: ماذا تعني المصطلحات التالية: (1) البعثي؟ (2) الاشتراكي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا الكريم وعلى آله وصحبه، أما بعد: البعثي هو من ينتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي. وحزب البعث حزب قومي علماني، أسسه (ميشيل عفلق) سنة 1947 مع صلاح البيطار وجلال السيد وزكي الأرسوزي. وهذا الحزب يدعو إلى انقلاب شامل في المفاهيم والقيم العربية، وتحويلها نحو التوجه الاشتراكي، والشعار الذي يرفعه البعثيون (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) ، ويرفعون أهدافاً عامة تتمثل في (الوحدة العربية، الحرية والاشتراكية) . ويعتمد البعث على الفكر العلماني، وذلك بتنحية الإسلام جانباً في شؤون الحياة، وعلى الفكر القومي العربي، ولذلك يعد من هذه الناحية عنصرياً مضاداً لأممية الإسلام وعالميته، ويستلهم البعثيون تصوراتهم السياسية والاقتصادية من الفكر الاشتراكي، ولذلك يوصف البعثي (بالاشتراكي) ، كما يوصف بذلك كل شخص يعتقد الاشتراكية، وهي تعني تسيير الدولة والمجتمع في خط الاشتراكية التي تنبع من فكرة فلسفية، تقول: بأن الدولة هي الغاية القصوى من المجتمع، ولذلك يجب أن تشرف إشرافاً مطلقاً على جميع شؤون حياة الأفراد، بل تحل محل الفرد في توجيه نشأة المجتمع، كما أن الاشتراكية من وجهة النظر الاقتصادية تقتضي إشراك جميع فئات المجتمع في وسائل الإنتاج المحلي، والقضاء على الملكية الفردية، أو التخفيف منها، وتأميم الخدمات العامة والمؤسسات الاقتصادية والمالية.

والاشتراكية في الجملة مذهب سياسي واقتصادي يعارض الرأسمالية، وكلا المذهبين ينتميان إلى الشجرة المادية، ويخدم الإنسان في جوانب على حساب جوانب أخرى، وكلاهما يزيح الدين جانبا، ويعتبر الإنسان سيد ذاته، ورهين حياته الدنيوية.

كثرة الأشاعرة هل تدل على أنهم على الحق؟

كثرة الأشاعرة هل تدل على أنهم على الحق؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 13/09/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم المشايخ الأفاضل: نعلم كلنا أن من رحمة الله عز وجل بأمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم- أنه لم يقبض النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد ترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، وتكفل رب العزة بحفظ هذا الدين إلى أن يشاء الله، فإذا تأملنا هذا الكلام ورجعنا إلى التاريخ الإسلامي، نجد أن السواد الأعظم من أهل الإسلام على البينة في أي عصر يعيشه الإسلام منذ الخلافة الراشدة، ومرورًا بكل الدول الإسلامية، وحتى يومنا هذا، هذا التفكير على الرغم من عقلانيته ومنطقيته إلا أنه غير مريح، لأننا إن طبقناه على أنفسنا وعقيدتنا فسنجد أن مذهب الأشاعرة هو الذي ساد في أهل السنة طوال هذه السنين، ولم يعرف في عامة أهل السنة شيوع ما نقول عنه إنه اعتقاد السلف، فإن كان ما نراه هو اعتقاد الصحابة، رضي الله عنهم، والسلف، فلِمَ لَم يظهره الله عز وجل، وأظهر غيره عليه؟ الجواب الحمد لله، وبعد:

لقد بعث الله نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وقد تحقق هذا كما وعد- سبحانه وتعالى- فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله ليلاً ونهارًا سرًّا وجهرًا بقوله وفعله حتى دخل الناس في دين الله أفواجًا، فما مات- صلى الله عليه وسلم- حتى أكمل الله له ولأمته دينهم، وأتم عليهم نعمته، كما جاء في الآية الكريمة التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو واقف بعرفة، وقد ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، يعني: أنه- صلى الله عليه وسلم- قد بين هذا الدين أكمل بيان، فبلغ رسالات ربه كما أمره الله بقوله: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) [المائدة:67] . وأمر صحابته، رضي الله عنهم، أن يبلغوا فقال في خطبته في حجة الوداع: "لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغَائِبَ". وقال: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً". فقام أصحابه، رضوان الله عليهم، بالبلاغ والدعوة، والجهاد أسوة بنبيهم صلى الله عليه وسلم، وانتشر الإسلام بالمعمورة شرقًا وغربًا.

وقد أخبر- صلى الله عليه وسلم- أنه يطرأ على هذه الأمة افتراق واختلاف، وبين أن الفرقة الناجية هم من كانوا على مثل ما كان عليه- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، رضي الله عنهم، كما أخبر- صلى الله عليه وسلم- أن الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، وقد وقع الأمر كما أخبر- عليه الصلاة والسلام- وبدأ الافتراق في الأمة منذ أن ظهرت الخوارج والرافضة، والمرجئة والقدرية، ثم تفرعت الفرق، وتعددت، وظهرت بدعة التعطيل التي يعرف أهلها بمؤسسها الجهم بن صفوان، وهم الجهمية، وتفرع عن بدعة التعطيل، فرق شتى اضطربت مذاهبهم في صفات الله، وفي كلامه، وفي القدر، فغلبت على الأمة هذه المذاهب، ولكن الله قد ضمن حفظ كتابه ودينه، فلم يزل في هذه الأمة من يقيم لها أمر دينها بالبيان، كما جاء في الحديث المشهور: "يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ مِن كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْه انْتِحالَ المُبْطِلِينَ وتَأْوِيلَ الجَاهِلِينَ وتَحْرِيفَ الغَالِينَ". وفي الحديث الآخر: "إنَّ اللهَ يَبْعَثُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائةِ سَنَةٍ مَن يُجَدِّدُ لهذه الأُمَّةِ أَمْرَ دِينِهَا". ومع هذا الافتراق، وهذا الاختلاف لابد من رد ما اختلف فيه الناس إلى كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، واعتبار ذلك بما كان عليه الصحابة، رضي الله عنهم، وإنهم كانوا على الهدى المستقيم، وقد وعد الله بالرضا والجنة السابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، كما قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ

الْعَظِيمُ) [التوبة:100] . والحق إنما يعرف بدلالة كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام- لا يعرف الحق بالكثرة، فإن الله تعالى أبطل ذلك، حيث بين أن الكثرة لا يعوَّل عليها، كما قال تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف:21] . وقال تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) [يوسف:38] . وقال تعالى: (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ) [الأنعام:116] . والسنة ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودلت عليها نصوص الكتاب والسنة، والأشاعرة فرقة من الفرق الإسلامية، وهم وإن كانوا ينتسبون إلى السنة، فليس مذهبهم موافقًا لما كان عليه الصحابة، رضي الله عنهم، وما دل عليه القرآن والحديث، فمذهب الأشاعرة يتضمن أمورًا مخالفة كنفي كثير من الصفات حيث لا يثبتون إلا سبعًا من الصفات، ويقولون: إن الإيمان هو مجرد التصديق. ويخرجون الأعمال عن مسمى الإيمان، وهذا مذهب المرجئة، ومن أصول مذهبهم نفي تأثير الأسباب في مسبباتها، ومن ذلك نفي تأثير قدرة العبد في أفعاله، ومن ذلك قولهم بأن كلام الله معنى نفسي لا يسمع من الله؛ لأنه ليس بحرف، ولا صوت، وأن هذا القرآن عبارة عن كلام الله ليس هو كلام الله حقيقة؛ فموسى لم يسمع كلام الله من الله، بل إن الذي سمعه كلامٌ خلقه الله في الشجرة وهو عبارة عن المعنى النفسي، وهذا من أعظم التنقص لله، حيث يتضمن هذا القول تشبيه الله بالأخرس، ولا يزكي هذه الأقوال إن قال بها بعض الأكابر والفضلاء من أهل العلم فإنهم غير معصومين، وما قالوه من هذه الأقوال المخالفة لمذهب السلف الصالح هو مما يعد من أخطائهم التي لا يتابعون عليها، وهم في ذلك مجتهدون ومأجورون، والواجب على المسلم أن يحكِّم كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وألا يتعصب لإمام، أو مذهب، فكلٌّ يؤخذ من قوله ويرد، إلا الرسول صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.

السلف والتصوف

السلف والتصوف المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 16/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شيوخنا الأفاضل، عند مناقشة المتصوفة في أمور العقيدة السلفية يأتون بشبهة كون هذه العقيدة مفتراة على السلف، ولم يكن الأئمة الأربعة يقولون بذلك، ويدَّعون أنه لا يوجد أثر صحيح السند إلى الأئمة الأربعة يقول بما نقول من أن دعاء الأولياء والصالحين والتوسل بهم شرك بالله، بل على العكس فإن الأئمة الأربعة امتدحوا التصوف وحثوا الناس عليه. أنا بدوري أحاول أن أقوم بتحقيق بسيط في هذا الموضوع، هل لكم أن تساعدوني بعلمكم المبارك بالتوضيح والرد على هذه الشبهة، وما صحة القولين التاليين: (1) ما صحة هذا القول المنسوب إلى الإمام مالك رحمه الله ورضي عنه: قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: "من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بينهما فقد تحقق". (2) ما صحة نسبة هذين البيتين إلى الإمام الشافعي رضي الله عنه: فقيهاً وصوفياً فكن ليس واحداً *** فإني وحق الله إياك أنصح فذلك قاسٍ لم يذق قلبه تقى *** وهذا جهول كيف ذو الجهل يصلح أعتذر عن الإطالة لأهمية السؤال، وأرجو من فضيلتك التكرم بتفصيل الإجابة ما أمكن. وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الجواب عن سؤالك - أخي يزيد - يطول جداً، لكن سأذكر لك بعض النقاط التي تعينك في فهم الجواب: (1) من المهم جداً قبل البحث مع هؤلاء في مسألة التصوف، ودعاء الأولياء والصالحين والتوسل إليهم أن تنتبه إلى أمرين:

الأول: أن تذكِّر هؤلاء بحقيقة دعوة الرسل كلهم، من نوح إلى محمد - عليه صلوات الله وسلامه - وهي الدعوة إلى توحيده سبحانه وإفراده بالعبادة، ولا يشرك في عبادته أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، لأن جميع أنواع العبادة من الدعاء والنذر والذبح ونحوها لا يجوز صرفها إلا لله؛ لأن العبادة حق محض لله تعالى: كما قال سبحانه: "وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ" [يّس:61] ، وقال سبحانه: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات:56] . فمن دعا إلى هذا الطريق، وحذَّر من ضده فقد سلك سبيل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، ومن خالفه بأن أمر الناس أن يتعلقوا بغير الله - مهما كان - في جلب النفع أو دفع الضر الذي لا يقدر عليه إلا الله - فقد شابه المشركين، وانحرف عن طريق المرسلين، الذين كانوا يدعون أنهم ما يعبدون أصنامهم إلا لتقربهم إلى الله زلفى! وأن أولئك المشركين لم يكن ينفعهم إيمانهم بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت؛ لأنهم أشركوا به في توحيد الألوهية. الأمر الثاني: دعوى هؤلاء أن الأئمة الأربعة كانوا يحثون على التصوف، وامتدحوه، فإننا نسأل هذا المدعي: ماذا تعني بالتصوف الذي حث عليه هؤلاء الأئمة؟ إن كان المراد به الحث على العبادة والزهد في الدنيا، وحمل النفس على مكارم الأخلاق، مع الحرص على اقتفاء السنة في ذلك من غير غلو ولا شطط، ولا إتيان بطرق من التزهد والتعبد لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا صحابته الكرام - رضي الله عنهم -فهذا حق، وإن كنا لا نسلم بالتسمية (التصوف) ؛ لأنها تسمية حادثة بعد القرون المفضلة.

وإن كان مرادكم بالتصوف الذي حثَّ عليه هؤلاء الأئمة هو التوسل بالصالحين، ودعاؤهم فهذا من أعظم الكذب والافتراء عليهم، وكيف يستجيز عاقل قرأ سيرهم أن ينسب ذلك لهم، وإليك بعضاً مما نقل بعض هؤلاء الأئمة أنفسهم في هذا المقام الخطير، ومن لم أجد نقلاً عنه، نقلت عن بعض أتباعه الذين قرروا ما قاله أئمتهم رحمهم الله جميعاً. أما فيما يتصل بمذهب الإمام أبي حنيفة – رضي الله عنه -، فيقول العلامة محمد بن سلطان المعصومي – رضي الله عنه – وهو من علماء الحنفية – في كتابه (حكم الله الواحد الصمد في حكم الطالب من الميت المدد، ص: (315) ضمن مجموعة رسائل، بعد أن ذكر ما يقع فيه بعض الجهال من الاستغاثة بالأولياء والصالحين: (يا أيها المسلم العاقل الصحيح الإسلام، تدبر وتفكر، هل ثبت أن أحداً من الصحابة – رضي الله عنهم – نادى النبي – صلى الله عليه وسلم – في حياته أو بعد مماته من بعيد واستغاث به؟ ولم يثبت عن أحد منهم أنه فعل مثل ذلك! بل قد ورد المنع من ذلك، كما سأذكره – إن شاء الله تعالى – إلى أن قال: وها أنا أذكر من نصوص المذهب الحنفي – من الكتب المعتبرة والفتاوى المشهورة – ففي شرح القدوري: "إن من يدعو غائباً أو ميتاً عند غير القبور، وقال يا سيدي فلان ادع الله تعالى في حاجتي فلانة زاعماً أنه يعلم الغيب، ويسمع كلامه في كل زمان ومكان، ويشفع له في كل حين وأوان، فهذا شرك صريح، فإن علم الغيب من الصفات المختصة بالله تعالى، وكذا إن قال عند قبر نبي أو صالح: يا سيدي فلان اشف مرضي، واكشف عني كربتي، وغير ذلك، فهو شرك جلي، إذ نداء غير الله طالباً بذلك دفع شر أو جلب نفع فيما لا يقدر عليه الغير دعاء، والدعاء عبادة، وعبادة غير الله شرك) ... (ثم نقل المعصومي عدة نقولات عن أئمة الحنفية مما يدل على هذا المعنى) .

وأما الإمام مالك، فقد نقل عنه كلمات في هذا الموضع تؤكد ما ذكرنا، ومن ذلك قوله: "أكره تجصيص القبور، والبناء عليها، وهذه الحجارة التي يبنى عليها" كما في المدونة (1/189) والكراهة في كلام الإمام مالك هنا كراهة تحريم كما بين ذلك أصحابه، العالمون بكلامه. وقال رضي الله عنه: (لا أرى أن يقف عند قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – يدعو، ولكن يسلم ويمضي) كما في صيانة الإنسان (ص: 264) . وقال القرطبي المالكي في تفسيره (10/380) : "وقال علماؤنا (يعني المالكية) : "ويحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد) انتهى. والمعنى – كما بينه القرطبي نفسه في نفس الموضع السابق – لأجل ألا يؤدي ذلك إلى عبادة من فيها، كما كان السبب في عبادة الأصنام، فحذَّر النبي – صلى الله عليه وسلم – من مثل ذلك، وسدَّ الذرائع المؤدية إليه. وأما الإمام الشافعي – رضي الله عنه – فقد نقل عنه نحو ما نقل عن الإمام مالك – رضي الله عنه -، وأما أتباعه فكلامهم في التحذير من الشرك، وبيان وسائله كثير جداً، فمن ذلك قول النووي – رحمه الله -: (ويكره تجصيص القبر والبناء والكتابة عليه، ولو بنى مقبرة مسبلة هدمت" كما في السراج الوهاج (1/114) .

وقال في شرحه لصحيح مسلم 5/13 – 14: (قال العلماء إنما نهى النبي – صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ مقابر من الأمم الخالية – لما احتاج الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حيث كثر المسلمون، وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه – ومنها حجرة عائشة – رضي الله عنها – مدفن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصاحبيه أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما بنوا على القبر حيطاناً مرتفعة مستديرة حوله؛ لئلا يظهر في المسجد فيصلي إليه العوام، ويؤدي إلى المحذور، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين، وحرفوهما حتى التقيا، حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر) . وأما الحنابلة، فكلامهم في هذا الموضع أشهر من أن يذكر لكثرته، ومن ذلك: قول الحجاوي في كتابه "الإقناع" 6/186: (من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم كفر إجماعاً؛ لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام) انتهى. فأنت ترى – يا محب إجماع الأئمة الأربعة وأتباعهم على نبذ مثل هذه الأمور والتبرؤ منها فكيف يدعي هذا – هداه الله – أن الأئمة مدحوا التوسل والتعلق بالأولياء والصالحين؟! "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"؟! ينظر لمزيد من الأمثلة والنقول كتاب: أربع رسائل للدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس بعنوان بيان التبرك ووسائله عند الأئمة الأربعة. ومما يمكن أن يجاب به هؤلاء المدعين لما ذكرت، أن يقال: إن مصطلح التصوف لم يكن مشهورا في القرن الأول، وإنما بدأ ظهوره في القرن الثاني ثم اشتهر في القرن الثالث – كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (11/6-7) وقد قرر هذه القضية أيضاً قبله العلامة ابن الجوزي في كتابه "تلبيس إبليس" (ص:199) وما بعدها.

وأنت تعلم بارك الله فيك، أن الأئمة الثلاثة: "أبا حنيفة ت:150هـ، مالكاً ت:179هـ والشافعي ت:204هـ) ماتوا في القرن الثاني – إلا الشافعي ففي أول الثالث، وهذا يعني أنهم ما أدركوا من شهرته شيئاً. وأما الإمام أحمد (ت:241هـ) فقد أدرك بعض أعلام المتصوفة، والذين كانوا في أكثر أحوالهم على السنة، ولكن صدر من بعضهم بعض الهنات والمخالفات التي كان سببها البعد عن مجالس العلم، وكان الأئمة ينكرون عليهم ما خالفوا فيه السنة، ويثنون على ما وافقوا فيه السنة من أمور الزهد والتعبد، فقد أنكر الأئمة – أحمد وغيره – ما وقع فيه بعض هؤلاء من ترك الزواج، والخروج في البراري، وتحريمهم تناول الطيبات على أنفسهم، إلى غير ذلك من ألوان الزهد المخالف للسنة. ولم يكن الأئمة – أحمد وغيره – ينكرون هذا اعتباطاً، أو لمجرد رأي محض، بل لأن النبي – صلى الله عليه وسلم أنكر هذه الطرق من التعبد والتزهد، وذلك في القصة المشهورة التي أخرجها البخاري ومسلم، حينما جاء ثلاثة نفر، فسألوا عن عبادة النبي – صلى الله عليه وسلم – فكأنهم تقالوها، فقال أحدهم: أما أنا فلا آكل اللحم وقال الآخر، أما أنا فلا أنام الليل، وقال الثالث أما أنا فلا أتزوج النساء، فنهرهم النبي – صلى الله عليه وسلم – وزجرهم وقال لهم: " أما أنا فأنام, وأقوم، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". واعلم أن هذه المخالفات لم تقف عند هذا الحد، بل تطور الحال بهؤلاء المتصوفة إلى أحوال شنيعة من دعاء غير الله تعالى، وادعاء علم الغيب، والقدرة على التصرف في الكون ... الخ، ويمكنك أن تراجع في الحديث عن نشأة وتطور الصوفية: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة 1/253 – 278، ففيها حقائق وتوثيق لنشأة وتطور هذه الفرقة المنحرفة عن جادة السنة. أما البيتان اللذان سألت عنهما فلم أجدهما بعد بحث طويل، وكذا الكلمة المنسوبة للإمام مالك.

وهنا يحسن أن لا تكون - أخي الكريم - في موقف المدافع عن أمثال هؤلاء، بل بإمكانك أن تكون في موقف المهاجم - إن صح التعبير - فلا يصح أن تسلم بكل ما يقال، بل من حقك أن تسأل الذي يدعي نسبة ذلك إلى الأئمة - من حقك - أن تسأل عن مصدره فيما نقل؟ من هو الناقل وفي أي كتاب؟ وما صحة سند ذلك النقل؟ خاصة إذا كان ذلك يخالف المشهور والمعروف من سيرتهم وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نبذة عن المذاهب النصرانية

نبذة عن المذاهب النصرانية المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 5/8/1424هـ السؤال أرجو توضيح المذاهب المسيحية (الكاثوليك - البروتستانت - الارثوذوكس - الأقباط) من أين أتوا؟ وما معنى كل كلمة؟. الجواب الاسم الشرعي للمنتسبين إلى المسيح عليه السلام "النصارى"، وديانتهم "النصرانية" وليست المسيحية، هكذا سماهم الله في كتابه في عدة مواضع، وسماهم نبيه - صلى الله عليه وسلم - فعلى أهل الإسلام أن يلتزموا بالأسماء الشرعية، وعدم العدول إلى تسميات محدثة. - الكاثوليك: هم أتباع الكنيسة الكاثوليكية الغربية التي مقرها الفاتيكان في روما، وهي أكبر الكنائس النصرانية، وأكثرها أتباعاً، يتجاوز عددهم تسعمائة مليون نسمة، يتربع على سدتها "البابا" أسقف روما، وتعني اسم كاثوليك جامعة. - الأرثذوكس: اسم يطلق على النصارى الشرقيين الذين انشقوا على الكنيسة الكاثوليكية الرومانية عام 1054م، وكونوا كنيسة مستقلة في القسطنطينية عرفت باسم الكنيسة اليونانية، الأرثذوكسية. وتعني كلمة "أرثذوكس" استقامة، وقد تبادلت الكنيستان قرارات الحجب والحرمان والتجريم عبر القرون، مصداقاً لقول الله تعالى: "وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" [المائدة: من الآية14] . الأقباط: أكبر طائفة نصرانية في العالم العربي، يتواجدون في مصر والسودان والحبشة، ويتبعون كنيسة الإسكندرية التي انفصلت عن سائر الكنائس النصرانية منذ وقت مبكر، إثر مجمع خلقيونية سنة 451م بسبب الخلاف حول طبيعة المسيح. وتعني كلمة "قبط" النسبة إلى أمة من الأمم التي تقطن أرض مصر.

البروتستانت: اسم يطلق على مجموعة الكنائس الغربية المنشقة عن الكنيسة الكاثوليكية نتيجة لحركة الإصلاح التي تزعمها "لوثر" وكالفن، وانتقدت سلطات البابا المطلقة، وأنكرت عصمته، وقصرت الوحي في الكتاب المقدس عندهم، وينتشر أتباعها في شمال أوروبا، الدول الإسكندنافية وهولندا، وامتدت إلى أمريكا، ودول أخرى في العالم. ومعنى كلمة "بروتستانت" أي المحتجون".

هل كان أبو حنيفة مرجئا؟

هل كان أبو حنيفة مرجئاً؟ المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 2/2/1425هـ السؤال هل أبو حنيفة كان مرجئاً كما قال البخاري في التاريخ الكبير؟. الجواب نعم، أبو حنيفة - رحمه الله - كان مرجئاً، وهو من مرجئة الفقهاء، وهذه زلة عالم لا تنقص من قدره، ولا تجوز متابعته في الإرجاء؛ لأنه خالف السلف في ذلك، ووافقهم في المنهج، وبقية الأصول الأخرى. والله أعلم.

معنى الإرجاء

معنى الإرجاء المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 13/7/1424هـ السؤال ما هو الإرجاء؟ الجواب الإرجاء بدعة ابتدعت بعد انقراض الصحابة -رضي الله عنهم-، وهو ما عند الجهمية، إذا أقر الإنسان بأن الله وحده وهو الخالق، وأن ما أتى به رسوله -عليه الصلاة والسلام- حق من عند الله، فهذا هو الإيمان عندهم، وإن فعل ما فعل فهو ذنب ووزر، وليس بكفر، فلو كفر كفراً عملياً أو اعتقادياً فليس بكافر. والله أعلم.

زيارة الطلبة المسلمين للكنائس

زيارة الطلبة المسلمين للكنائس المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 10/11/1423هـ السؤال هل يجوز لمدرسة إسلامية أخذ طلابها إلى كنيسة بحجة اطلاعهم على أديان الآخرين علماً أن أكبرهم لا يتجاوز إحدى عشرة سنة، الرجاء سرعة الرد للأهمية. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا بأس بدخول الكنائس بل والصلاة فيها إذا لم يكن فيها صور ولا تماثيل، وقد ثبت عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم -أنهم دخلوها وصلوا فيها. أما إذا كان فيها صورٌ أو تماثيل فلا تُشرع الصلاة فيها، كما يُكره دخولها حينئذ لما أخرجه البخاري عن عمر (تعليقاً وصله عبد الزراق من طريق أسلم مولى عمر) ، قال: إنّا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها، يعني التماثيل. وكذلك كره دخولها الإمام مالك رحمه الله. ويظهر لي ـ والله أعلم ـ أن المفاسد من دخول أطفال المسلمين للكنائس تغلب على المصالح المرجوة، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والكنائس لا تخلو ـ غالباً ـ من تمثال رجل مصلوب يزعمونه عيسى عليه الصلاة والسلام، ويعلقون فيها صورة امرأة يزعمونها مريم العذراء. عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة. والطفل حين يرى هذه الصور والتماثيل فإنه يُخشى عليه أن يتعلق بها قلبه، وتشوش عليه معتقده، فلا يُذكر له عيسى عليه السلام إلا ويتجسد له شخصه الطاهر الكريم في تمثال ذلك الرجل المصلوب، ولا تُذكر له مريم إلا ويتجسد له شخصها في تلك الصورة الملفّقة المكذوبة. والطفل ضعيفٌ سريع التأثر قريب الاستجابة، فقد يتشرّب مثل هذه المعتقدات الباطلة، أو على أقل تقدير تشكِّكه في معتقدات دينه ومسلماته. فدرءاً لهذه المفاسد المحذورة أرى أنه لا ينبغي لكم أن تأخذوا بأطفال المدرسة في زيارة إلى الكنسية.

والتعريف بدين النصارى يمكن أن يتحقق بغير زيارة كنائسهم. وبين أيديكم من الوسائل في ذلك ما يغنيكم عن هذه الطريقة التي لا تخلو من المفاسد. أما دخولها يوم عيدهم فلا يجوز؛ لما روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم.

إقتناء كتب التوراة والإنجيل

إقتناء كتب التوراة والإنجيل المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 13/10/1424هـ السؤال هل يجوز الاحتفاظ بكتب دينية (مثل الإنجيل وكتب الهندوس) إلى جانب القرآن الكريم داخل خزانة الكتب الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا يجوز اقتناء كتب الأديان المنسوخة والمحرفة والوضعية، ولا الاحتفاظ بها ولا مطالعتها فضلاً عن تقديسها واحترامها وجعلها بمنزلة القرآن الكريم، وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا رأى في يد عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- ورقات من التوراة، نهره -عليه الصلاة والسلام- وغضب وقال:"أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! ألم آتكم بها بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك؟! والذي نفسي بيده لو أن موسى بن عمران حي لما وسعه إلا اتباعي" أحمد (15156) وهو ضعيف أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-. ثم إن هذه الكتب ليست هي كلام الله تعالى، وما في أيدي النصارى من أناجيل ليس فيها ما يدعون أنه المنزل على عيسى عليه السلام، وليس فيها إنجيل عيسى وإنما هي منسوبة لمؤلفيها وجامعيها مما علموه من سيرة المسيح عليه السلام، ولذلك تنسب لمؤلفيها فيقال: إنجيل لوقا ومرقس ويوحنا وبرنابا ... وهكذا. أما كتب الهندوس فمن باب أولى في المنع، ويستثنى من ذلك المنع طلاب العلم الذين يقتنونها ويقرؤون ما فيها للرد على المؤمنين بها وبيان ما فيها من تحريف وباطل، فمن هذا الوجه يجوز اقتناؤها لمن امتلأ قلبه بالإيمان وأمن التأثر بشبهات أصحابها، ولكن من غير تقديس ولا تعظيم، والله أعلم، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مذهب الباطنية

مذهب الباطنية المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 1/8/1424هـ السؤال ما هي الباطنية؟ وهل هي أكثر من فرقة؟ أم هي فرقه واحدة؟ وهل من الممكن إذا فعل شخص ما فعلاً معيناً يكون باطنياً أم لا؟. الجواب الباطنية مذهب إلحادي هدَّام، يتكون من مجموعة من العقائد الباطلة والضلالات الموروثة عن المجوسية، واليهودية، والفلسفات اليونانية وغيرها، ويزعمون أن لكل ظاهر باطن بما في ذلك أصول الدين وأركانه، ومصطلحات الشرع والدين عندهم أصول غير ما قيده الإسلام، وينتحلون التشيع لآل البيت، ويرون الشريعة والدين شكليات، وأن تفسيراتهم الباطنية هي الحقيقة وهي كفريات وإلحاد وبغي وفساد، فهم مثلاً يصرفون الصفات والخصائص الإلهية لأئمتهم، ويفسرون أركان الدين بسادتهم وشيوخهم وينكرون صفات الله ويفسرون النبوة بتفسيرات فلسفية ضالة، وكذا بقية أصول الدين وأحكامه، وسائر أصولهم كفرية إلحادية معطلة، وهم فرق كثيرة.

نظرة الصوفية إلى الجهاد

نظرة الصوفية إلى الجهاد المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 16/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو من العلماء الأفاضل أن يخبروني بالتفصيل عن (موقف الصوفية من الجهاد الإسلامي المتعارف عليه عند أهل السنة والجماعة) ، مع تزويدي ببعض المراجع حتى يتسنى لي التوسع بها. وجزاكم الله خير اً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الصوفية منذ نهاية القرن الثالث فما بعد قد تطورت في بدعها وخرافاتها، وأصبحت مرتعاً لكل مبطل ومنحرف، وأصبحت طرقها مشاعة بين جميع أهل الأهواء والبدع، فدخل فيها الزنادقة والخرافيون، وأهل الشطحات، والكلمات المريبة، وعمت فيها القبورية الضالة، وقد وقف أكثر الصوفية من فريضة الجهاد العظيمة موقف المعطل لها قولاً وعملاً، ودعا أكثرهم إلى صرف الناس عنها، حتى أن منهم من فسر قوله تعالى: "اصبروا وصابروا ورابطوا" [آل عمران: 20] فقال: لم يكن في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- غزو يربط فيه الخيل، ولكنه انتظار الصلاة بعد الصلاة، فالرباط لجهاد النفس، والمقيم في الرباط مجاهد لنفسه!!، انظر هذا في عوارف المعارف وهو مطبوع على من هامش الإحياء، وكثيراً ما يرد على ألسنتهم وفي كتبهم، (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) ، قال الإمام ابن تيمية وأما الحديث الذي يرويه بعضهم - وذكره - فلا أصل له ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم- وأفعاله.

ولهذا فإن من شأن الصوفية عبر التاريخ - في الأغلب الأعم- التثبيط عن الجهاد بحجة محاربة النفس وهواها والوقوف عند ذلك، ولم نجد لهم عبر التاريخ اهتماماً بالوقوف في وجه العدو، وعندما كان الأفرنج يغيرون على المنصورة في مصر سنة: (647هـ) تنادى الصوفية ليقرؤوا الرسالة القشيرية، ويتجادلوا في كرامات الأولياء!!. وتاريخ الصوفية معروف بالقعود والانعزال في الزوايا والتكايا، ومشهور بالتثبيط عن جهاد الأعداء، ولهذا نجد حتى في عصرنا هذا بأن الأعداء يأنسون إليهم، ويرتاحون منهم لعلمهم بأنه لا هم لهذه الطرق بإحياء فريضة الجهاد التي تعد من أعظم الفرائض وهي ذروة سنام الإسلام، ووالله ما تركت الأمة الجهاد في سبيل الله إلا ذلت وهانت على الأعداء، وهزمت وأصبحت في خور وضعف وذلة ومهانة، ولقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "إذا تبايعتم بالعينة وتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم." أبو داود (3462) ، وأحمد (4987) ، وصححه الألباني. والمقصود أن فريضة الجهاد عند الصوفية أتى عليها ما أتى على غيرها من الفرائض التي وقف منها أهل الأهواء ومنهم الصوفية مواقف منحرفة عن المنهج الصحيح فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل، نسأل الله أن يصلح حال المسلمين وأن يرزقنا البصيرة في الدين، ويمنحنا الإخلاص لرب العالمين، وأوجه أخي السائل - حفظه الله- ومن يطلع على جوابي هذا إلى كتب الشيخين ابن تيمية في المجلد (11) من مجموع الفتاوى، ابن القيم - رحمه الله- في كتابه مدارج السالكين ففيه ردود على الصوفية، وإلى كتاب التصوف بين الحق والخلق محمد فهد شقفة، وكتاب هذه هي الصوفية، عبد الرحمن الوكيل، وكتاب أبو حامد الغزالي، والتصوف للمؤلف عبد الرحمن دمشقية ص393، فما بعدها هذا الكتاب مهم جداً وفيه نقد لمسالك الصوفية والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ما المراد بالتوحيد الأشعري؟

ما المراد بالتوحيد الأشعري؟ المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 19/12/1424هـ السؤال ما المقصود بالتوحيد الأشعري؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه، وبعد: فإن الإسلام يقوم على عقيدة التوحيد النقية الصافية التي تتضمنها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والتوحيد: هو اعتقاد أن الله -تعالى- واحد في ربوبيته، فلا ربَّ سواه، وواحد في ألوهيته، فلا يستحق العبادة سواه، وواحد في أسمائه وصفاته، متفرِّد بصفات الكمال التي لا تنبغي إلا له، فلا شبيه له ولا نظير، وليس هناك توحيد أشعري وتوحيد غير أشعري، ولكن بعض الكاتبين يقصدون الموازنة بين تعريف التوحيد ومعناه عند علماء السلف المتقدمين - رحمهم الله تعالى- وبين تعريفه عند علماء الأشاعرة المتأخرين المنسوبين إلى الإمام أبي الحسن الأشعري- رحمهم الله جمعياً- وهم قصروا تعريف علم التوحيد على البحث في وجود الله -تعالى- وما يجب أن يثبت له من الصفات، وما يجوز أن يوصف به، وما يجب أن ينفى عنه، وعن الرسل، وما يتعلق بذلك، ولم يركزوا على النص على توحيد الألوهية، فكان ذلك قصوراً في التعريف، وسبباً للخلاف في بعض المسائل. والله -تعالى- أعلم.

الاستدلال بحديث"لا تجتمع أمتي على ضلالة" على صحة عقيدة الأشاعرة

الاستدلال بحديث"لا تجتمع أمتي على ضلالة" على صحة عقيدة الأشاعرة المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 21/10/1424هـ السؤال قال صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة". بين زمن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وزمن الإمام محمد بن عبد الوهاب أكثر من خمسمائة سنة، اجتمع فيها المسلمون على الاعتقاد الذي لخصه الإمامان الجليلان أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي. فهل هذا يعتبر دليلاًًًً على صحة معتقد الأشاعرة والماتريدية وبطلان معتقد السلف؟. الجواب أولاً: لا يصح القول بأن المسلمين اجتمعوا على الاعتقاد الذي لخصه الإمامان أبو الحسن الأشعري، وأبو منصور الماتريدي، بل بقي أهل السنة والجماعة، (أهل الحديث) على ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وما عليه الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعون إلى يومنا، وإلى قيام الساعة. وثانياً: أبو الحسن الأشعري، والماتريدي لا يتفقان على العقيدة، فعقيدة الأشعري استقرت على ما كان عليه السلف الصالح في الجملة إلا في مسائل قليلة. أما الماتريدي فإنه نهج نهج أهل الكلام في تقرير العقيدة، في الصفات بخاصة، بالقواعد الكلامية والفلسفية كما في كتابه التوحيد. وثالثاً: وعليه فإن مذهب السلف هو الحق وإن خالفه الأكثرون في بعض الأزمان وبعض الأمكنة، ومذهب الأشاعرة المتكلمين والماتريدية يخالف مذهب السلف، وهو مذهب محدث بعد القرون الفاضلة، وهم أي الأشاعرة والماتريدية يوافقون السلف في بعض الأمور في الجملة، كما أنهم أصناف منهم من يدين بمنهج السلف، ومنهم من يدين بمناهج أهل الكلام وهم الأكثر.

هل هؤلاء من أهل القبلة؟

هل هؤلاء من أهل القبلة؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 26/10/1425هـ السؤال من أهل القبلة؟ وهل الأصناف التالية منهم: 1- غلاة الشيعة. 2- عامتهم. 3- الأشاعرة. 4- العلوية؟ الجواب الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد. عن أنس، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ". أخرجه البخاري (391) - أو كما قال صلى الله عليه وسلم- فأهل القبلة كل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأقرَّ بشرائع الإسلام الظاهرة، واستقبل القبلة، كما جاء في الحديث، وعلى هذا فيدخل المنافقون في أهل القبلة ظاهرًا؛ لأنهم يظهرون الإسلام. وغلاة الرافضة هم في الحقيقة كفار أكفرُ من اليهود والنصارى، لكنهم يستترون بكفرهم فهم منافقون، فيدخلون في أهل القبلة باعتبار ما يظهرونه من الإقرار بالشهادتين وسائر شرائع الإسلام، ومن أظهر منهم مذهبه كتأليه علي، رضي الله عنه، أو أحدٍ من أولاده، أو الحاكم العبيدي- كان مرتدًّا خارجًا من ملة الإسلام، وخارجًا من دائرة أهل القبلة. والعلويون يراد بهم في هذا العصر النصيرية وهم من غلاة الشيعة، واندراجهم في أهل القبلة باعتبار ما يدعونه من الإسلام كما تقدم، ومن أظهر منهم ما يبطنه من الكفر فهو كافر ظاهرًا وباطنًا يجرى عليه حكم المرتدين عن الإسلام.

وأما الأشاعرة فلا يقارنون بالغلاة من الرافضة، فهم من الفرق الإسلامية، وهم ينتسبون إلى السنة، ولا شك أنهم أقرب إلى السنة من المعتزلة؛ باعتبار ما وافقوا فيه أهل السنة واتبعوهم فيه، وإن كانوا في باب الصفات أقرب إلى المعتزلة؛ لأنهم ينفون أكثر الصفات، وفي باب الإيمان من المرجئة؛ لأن الإيمان عندهم هو التصديق، وكذلك هم في باب القدر من الجبرية، وإن كانوا لا يطلقون لفظ الجبر، لكن مذهبهم في أفعال العباد يؤول إلى مذهب الجبرية؛ لأنه على قولهم لا أثر في قدرة العبد ومشيئته في أفعاله، وهم متفاوتون ومتفاضلون، وفيهم العلماء المجتهدون، وفيهم المتعصبون كغيرهم من الطوائف، والحاصل أنه لا نسبة لهم إلى غلاة الرافضة، كما أنهم ليسوا من أهل السنة المحضة، والله يغفر للمجتهدين في طلب الحق خطأهم، كما جاء في الدعاء الذي علمه الله لعباده: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) [البقرة:286] . قال الله: (قَدْ فَعَلْتُ) . أخرجه مسلم (126) . والله أعلم.

هل الشيعة الجعفرية مسلمون

هل الشيعة الجعفرية مسلمون المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 5/12/1424هـ السؤال أنا من الشيعة الجعفرية، وأريد أن أعرف رأيكم بنا. هل تعتبروننا مسلمين؟ نحن نحترم أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما- ونرى لهما فضلهما، لكننا نرى أن علياً - رضي الله عنه- أحق بالخلافة منهما، أنا لا أظن السوء بأي من الصحابة - رضي الله عنهم- وأنا لا أعبد علياً- رضي الله عنه-، وأرى أن كل من السنة والشيعة يصلون على محمد -صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته. وأنا وأنتم نؤمن بالمهدي ومجيئه مع المسيح -عليه السلام-، والمهدي من سلالة النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذا هو السبب أن 12 من سلالة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يرتكبون إثماً. أرجو التوضيح. الجواب من يحترم أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما- ويرى فضلهما من المسلمين فهو على أصل الإسلام، وتفضيل علي - رضي الله عنه- على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما- وتقديمه عليهما بدعة غير مخرجة من الإسلام، لكن الشيعة الجعفرية تقوم أصولها على سب أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما- واعتقاد ردتهما وغيرهما من الصحابة - رضي الله عنهم- سوى بضعة رجال، ومجيء المهدي ونزول عيسى -عليه السلام-، ولكن الإيمان بالمهدي يقوم لدى الجعفرية على عقائد وتصورات خرافية أخرى تختلف جذرياً عما جاءت به الأخبار الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، ولا يصح اعتقاد أن (12) من سلالة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يرتكبون إثماً، فإن ذلك لا أصل له في الدين.

الإسلام والفرق الإسلامية

الإسلام والفرق الإسلامية المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 24/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر سماحتكم على الإجابة على سؤالي، ولكن أحببت أن أتأكد من اعتقادي، وأسأل سماحتكم: هل هناك فرق بين كتاب الله وسنة نبي الله- صلى الله عليه وسلم؟ كما أريد أن أعرف عن إسلام الشيعة من هو ربهم؟ وما هو كتابهم؟ وأريد فهم المشكلة للخلافات الطائفية بين المسلمين، هل من المشايخ والفتاوى التي يفتونها بدافع حب النفس أم المشكلة بأن كل طائفة من المسلمين تعتقد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال كما تريد هي؟ وأخيراً أسأل: لماذا كبار المسلمين ومن جميع الملل الإسلامية يلتقون على كتاب الله وسنة نبي الله التي هي نفسها كتاب الله، وكل سنة تكون غير نفس كتاب الله تكون زيادة؟ وعند ذلك يعرف من هو أقرب إلى الله من المسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يا أخي، أخبرتك في الجواب السابق المشكلة ليست في الإسلام وليست في النصوص، القضية لا بد أن تدرك أن الحق دائماً له أعداء، وأن كيد الشيطان باق ومستمر، وأن الفرق التي شذِّت عن منهج القرآن من الشيعة ومن غيرهم قد أتوا من قبل أهوائهم ومن قبل أئمتهم ورؤسائهم، ولعلك تعرف أن أقواماً عدة ذكرهم الله في القرآن تعللوا بتركهم الحق؛ بسبب أنهم وجدوا آباءهم على أمة وقالوا: "بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا" [لقمان: 21] ،وقالوا أيضاً: "وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا" [الأحزاب: 67] ، وكل من أعرض عن الهدى فقد اتبع الهوى، وعليك أخي أن تتعلم وتتفهم منهج القرآن والسنة بتدبر نصوصها ومعرفة أحكامها لتؤسس عندك حصانة عقدية إيمانية، ثم تنطلق بعد ذلك إلى معرفة جذور تلك الفرق وأسباب انحرافها.

أما عن قضية جلوس أهل العلم مع أهل الفرق فقد تم على مر التاريخ وعقدت المناظرات واللقاءات، وهدى الله منهم بذلك خلقاً كثيراً، وبقي آخرون على إصرارهم وعنادهم، ولله في ذلك حكم بالغة وعبر باقية، فلا يؤدي بك ذلك إلى الشك أو الإحباط؛ لأن الله -تعالى- الذي خلق الخلق كلهم أخبر أن هناك من يضل ويشقى بسبب الإعراض عن الحق، قال -تعالى-: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى" [طه: 124] ، وقال -تعالى-: "ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً" [المائدة: 41] ، وقال: "ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم" [محمد: 28] ، وأمرنا ودعانا إلى دعوتهم ونصحهم وإقامة الحجة عليهم بلا حزن ولا ضيق مما يمكرون، كما قال -تعالى- لنبيه - صلى الله عليه وسلم-: "ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون" [النحل: 127] ، وقال: "لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين" [الشعراء:3] ، وقال: "فلا تذهب نفسك عليهم حسرات" [فاطر: 8] ،وقال: "وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد" [آل عمران: 20] وقال: "إنما أنت منذرٌ ولكل قوم هاد" [الرعد: 7] . وفق الله الجميع للزوم الصراط المستقيم، وجنبنا طريق المغضوب عليهم والضالين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

تعظيم الشيعة للحسين رضي الله عنه

تعظيم الشيعة للحسين رضي الله عنه المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 9/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هو السر في تعظيم الشيعة للإمام الحسين -رضي الله عنه- دون غيره وإقامة الحداد والعزاء في ذكرى مقتله. وما موقف علماء المسلمين المتقدمين والمتأخرين من يزيد. والسلام. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وأزواجه وذريته ومن تبعهم بإحسان أما بعد: فإن الشيعة يعظمون الحسين رضي الله عنه؛ لأنه من الأئمة الإثنى عشر الذين يعظمونهم، بتعظيم زائد على القدر المشروع فهم يعتقدون في الأئمة: العصمة، والعلم اللدني، وخوارق العادات وغير ذلك، ولكنَّ ميزته التي ثبتت بالنصوص الشرعية هي الصحبة، وكونه من أهل البيت، وهذه الأمور يشترك معه فيها غيره؛ فلا توجب مزية تفرده بتعظيم زائد على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته الآخرين، ولكنَّ الحسين رضي الله عنه قتل مظلوماً كما هو معلوم، وكان مقتله من المصائب العظيمة التي أحدثت ردة فعل قوية عند كثير ممن عاصرها وصار الناس فيها طرفين ووسط. أحد الطرفين يقول: إنه قتل بحق؛ لأنه أراد أن يشق عصا المسلمين، ويفرق كلمتهم، وهؤلاء ناصبوه العداء. والطرف الآخر: قالوا بل كان هو الإمام الذي تجب طاعته، والذي لا ينفذ أمر من أمور الإيمان إلا به، إلى غير ذلك مما هو في أكثره ردَّة فعل على من ناصبه العداء، واستباح دمه.

وأصبحوا يروون آثاراً في ذلك تهيج على الحزن عليه مثل أن السماء أمطرت في يوم مقتله دماً، وأن السماء ظهرت فيها حمرة شديدة ولم تظهر قبل ذلك، وأنه ما رفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط، وما ينقلون من الأذى الذي أصاب أهل بيته وغير ذلك، وصار الشيطان بسبب قتل الحسين يحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء، من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاء المراثي وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنهم. وبدعة أخرى يفرح أهلها بيوم المقتل وهم من المتعصبين بالباطل على الحسين رضي الله عنه، وهم في هذا العصر قليل أو لا يوجدون. وأهل الحق يرون أن الحسين قتل مظلوماً شهيداً، ولم يكن متولياً لأمر الأمة، ولم يكن في وقت مقتله خارجاً على جماعة المسلمين بل إنه طلب أن يذهب إلى ابن عمه يزيد، أو يتركوه يذهب إلى الثغور، أو يرجع إلى بلده، ولكنهم رفضوا ذلك وطلبوا منه أن يستأسر لهم، وهذا لم يكن واجباً عليه. وهذه المصيبة لا تجيز لنا أن نفعل غير المشروع من الاسترجاع ونحوه. ينظر: مقال (لماذا لا نتخذ مقتل الحسين مأتماً) . فلما تقدم من كونه من الأئمة الاثني عشر، وما حدث من مقتله ظلماً وعدواناً، وكون الشيعة خذلوه في محنته تلك، ولما رووه من المبالغات جاء هذا الغلو الزائد فيه عندهم والله أعلم. وأمايزيد فقد افترق فيه الناس إلى ثلاث فرق: طرفان ووسط. أحد الطرفين قالوا: إنه كان كافراً منافقاً، وأنه سعى في قتل سبط رسول الله تشفياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقاماً منه وأخذا بثأر جده عتبة، وأخي جده شيبة، وخاله الوليد بن عتبة، وغيرهم ممن قتلهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب وغيره يوم بدر وغيرها; وقالوا: تلك أحقاد بدرية، وآثار جاهلية.

والطرف الثاني: يظنون أنه كان رجلاً صالحاً وإماماً عدلاً وأنه كان من الصحابة الذين ولدوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحمله على يديه وبرك عليه وربما فضله بعضهم على أبي بكر وعمر. والقول الثالث الوسط أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين، له حسنات وسيئات، ولم يولد إلا في خلافة عثمان، ولم يكن كافراً; ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين، وفعل ما فعل بأهل الحرة، ولم يكن صاحباً ولا من أولياء الله الصالحين، وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة. ثم افترقوا ثلاث فرق: فرقة لعنته؛ لما صدر عنه من الذنوب الكبار التي تبيح لعنته، ومن هؤلاء أبو الفرج بن الجوزي والكيا الهراسي وغيرهما. وفرقة أحبته، ولهم مأخذان: أحدهما: أنه مسلم ولي أمر الأمة على عهد الصحابة رضي الله عنهم وتابعه بقاياهم وكانت فيه خصال محمودة وكان متأولا فيما ينكر عليه. والمأخذ الثاني: أنه قد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له" وأول جيش غزاها كان أميره يزيد، ومن هؤلاء الغزالي والدستي، وغيرهما. وفرقة لا تسبه ولا تحبه، وهذا هو الذي عليه عامة أهل السنة وأئمة الأمة. قال صالح بن أحمد: قلت لأبي إن قوما يقولون إنهم يحبون يزيد فقال: يا بني وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقلت: يا أبت فلماذا لا تلعنه؟ فقال: يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحداً. وقال مهنا: سألت أحمد عن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فقال: هو الذي فعل بالمدينة ما فعل، قلت: وما فعل؟ قال: قتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل، قلت: وما فعل؟ قال: نهبها، قلت: فيذكر عنه الحديث؟ قال: لا يذكر عنه حديث، وهكذا ذكر القاضي أبو يعلى وغيره. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذا أعدل الأقوال فيه وفي أمثاله وأحسنها) .

أما ترك سبه ولعنته فبناء على أنه لم يثبت فسقه الذي يقتضي لعنه أو بناء على أن الفاسق المعين لا يلعن بخصوصه إما تحريماً وإما تنزيهاً، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه في قصة حمار الذي تكرر منه شرب الخمر وجلده لما لعنه بعض الصحابة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله"، وقال: "لعن المؤمن كقتله" متفق عليه. وأما ترك محبته فلأن المحبة الخاصة إنما تكون للنبيين والصديقين والشهداء والصالحين ; وليس واحدا منهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب"، ومن آمن بالله واليوم الآخرلا يختار أن يكون مع يزيد ولا مع أمثاله من الملوك ; الذين ليسوا بعادلين. وهذان القولان يسوغ فيهما الاجتهاد كما يقول ابن تيمية; فإن اللعنة لمن يعمل المعاصي مما يسوغ فيها الاجتهاد، وكذلك محبة من يعمل حسنات وسيئات، بل لا يتنافى عندنا أن يجتمع في الرجل الحمد والذم والثواب والعقاب; كذلك لا يتنافى أن يصلى عليه ويدعى له وأن يلعن ويشتم أيضا باعتبار وجهين. ينظر: تفصيل القول في يزيد في الفتاوى (4/481 وما بعدها) . والله تعالى أعلم.

لماذا يمجدون الحسين دون الحسن رضي الله عنهما؟

لماذا يمجدون الحسين دون الحسن رضي الله عنهما؟ المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 29/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: لماذا الشيعة تمجيدهم وتعظيمهم للحسين بن علي -رضي الله عنهما- وليس للحسن بن علي -رضي الله عنهما- علماً أن الحسن -رضي الله عنه- هو الابن الأكبر للخليفة علي -رضي الله عنه-. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وأزواجه وذريته ومن تبعهم بإحسان أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الشيعة يعظمون جميع آل البيت: علي -رضي الله عنه- وابنيه الحسن والحسين- رضي الله عنهما- وغيرهما، ولكنَّ الحسين -رضي الله عنه- قتل مظلوماً كما هو معلوم، وكان مقتله من المصائب العظيمة التي أحدثت ردة فعل قوية عند كثير ممن عاصرها، وصار الناس فيها طرفين ووسط. أحد الطرفين يقول: إنه قتل بحق؛ لأنه أراد أن يشق عصا المسلمين، ويفرق كلمتهم، وهؤلاء ناصبوه العداء.

والطرف الآخر: قالوا: بل كان هو الإمام الذي تجب طاعته، والذي لا ينفذ أمر من أمور الإيمان إلا به، إلى غير ذلك مما هو في أكثره ردَّة فعل على من ناصبه العداء، واستباح دمه، وغالوا بسبب ذلك في الحسين - رضي الله عنه- أكثر من غيره، وإن كان من منهجهم الغلو في جميع آل البيت، وأصبحوا يروون آثاراً في مقتله لتهييج الناس على الحزن عليه، مثل أن السماء أمطرت في يوم مقتله دماً، وأن السماء ظهرت فيها حمرة شديدة ولم تظهر قبل ذلك، وأنه ما رفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط، وما ينقلون من الأذى الذي أصاب أهل بيته وغير ذلك، وصار الشيطان بسبب قتل الحسين - رضي الله عنه- يحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء، من اللطم، والصراخ، والبكاء، والعطش، وإنشاء المراثي، وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنهم. وبدعة أخرى يفرح أهلها بيوم المقتل وهم من المتعصبين بالباطل على الحسين رضي الله عنه، وهم في هذا العصر قليل أو لا يوجدون. وأهل الحق يرون أن الحسين -رضي الله عنه- قتل مظلوماً شهيداً، ولم يكن متولياً لأمر الأمة، ولم يكن في وقت مقتله خارجاً على جماعة المسلمين، بل إنه طلب أن يذهب إلى ابن عمه يزيد، أو يتركوه يذهب إلى الثغور، أو يرجع إلى بلده، ولكنهم رفضوا ذلك، وطلبوا منه أن يستأسر لهم، وهذا لم يكن واجباً عليه. وهذه المصيبة لا تجيز لنا أن نفعل غير المشروع من الاسترجاع ونحوه، فلما تقدم كان غلوهم في الحسين - رضي الله عنه- زائداً على غيره. والله -تعالى- أعلم.

أدلة عقيدة أهل السنة

أدلة عقيدة أهل السنة المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 25/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة وبركاته. ما الدليل على أن عقيدة أهل السنة والجماعة هي العقيدة الصحيحة؟ لم لا يكون الشيعة عقيدتهم صحيحة أو الصوفية أو غيرهم؟ فهم أيضاً مستوثقون من عقيدتهم مثلنا ولهم أدلتهم، فمثلاً نحن نؤمن بهذه الأحاديث؛ لأن البخاري صححها لنا، وهكذا فهم أيضا لهم كتب للسنة الصحيحة، فلم لا تقول إنهم على حق ونحن لا؟ أعذروني على هذا السؤال العجيب، ولكن حقيقة أريد أن أعرف، وأريد الرد علمياً؛ حتى أرد على من يخطر في قلوبهم هذه الهواجس. وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هناك مقاييس شرعية وعقلية وعلمية يتعرف بها العقلاء على الحق والباطل والخطأ والصواب إذا تم تحكيمها بتجرد وموضوعية، وإذا حكَّمنا هذه المقاييس ميزنا بين الحق والباطل، ومن على الحق والسنة أهل السنة أم غيرهم؟ ومنها: (1) النظر في دليل كل فريق من القرآن والسنة، ومصادره التي يستمد منها. (2) النظر من طريقة استدلال كل فريق، ومدى مطابقتها للأصول الشرعية والعلمية. (3) التحقق من إسناد كل فريق في تلقيه للدين ومدى صحة هذا الإسناد علمياً. (4) التأكد من مدى مطابقة كل فريق في منهجه لمنهاج النبوة الذي كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه - رضي الله عنهم- والقرون الفاضلة.

(5) تحكيم قواعد الشرع المتفق عليها والقطعية بموجب الوحي المعصوم مثل "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وهو حديث متواتر، ومثل: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" الحديث صحيح رواه الترمذي (2676) ، وأبو داود (4607) ، وابن ماجة (42) عن العرباض بن سارية-رضي الله عنه-. (6) النظر في مدى مصداقية كل فريق في دعواه أنه يستمد من القرآن والسنة، فالشيعة مثلاً يتلقون أكثر دينهم عما ينسبون لأئمة آل البيت ويزعمون لهم العصمة، وهذا باطل وبأسانيد لا تصح بالمقاييس العلمية المعتبرة عند أهل الاختصاص. والله الموفق.

قول أبي حنيفة في الإيمان

قول أبي حنيفة في الإيمان المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 29/1/1425هـ السؤال هل صحيح أن الإمام أبي حنيفة قال بأن الإيمان ثابت وأنه ليس من الأفعال؟ كثير من الناس يتهمون هذا الإمام العظيم بأنه ليس من أهل السنة والجماعة، خاصة من مدعي السلفية، وكثير من الجهلة الذين يستندون على ذلك في تأييد دعواهم الباطلة، كما أنني قرأت أن بعض السلف الصالح تكلموا فيه بتوبيخ مثل الإمام البخاري وعبد الله بن المبارك، واتهموه بالإرجاء، فكيف يتم توضيح ذلك ونحن نعلم حقيقة أن الإيمان يزيد وينقص، ومتضمن للأفعال، وهذا شيء أجمعت الأمة كلها عليه، فكيف يخالفها مثل هذا الإمام الكبير؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم اختلف الناس فيما يقع عليه اسم الإيمان اختلافاً كثيراً، فذهب الأئمة: مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهويه، وسائر أهل الحديث، وأهل المدينة، وأهل الظاهر وبعض المتكلمين: إلى أنه قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح، وذهب كثير من الحنفية إلى أنه إقرار باللسان وتصديق بالجنان، وبعضهم يقول: إن الإقرار باللسان ركن زائد ليس بأصلي كما هو مذهب الماتريدي ويروى عن أبي حنيفة -رحمه الله-، واختلفوا في الإقرار باللسان هل هو ركن في الإيمان أم شرط له في حق إجراء الأحكام، وذهب الكرامية إلى أن الإيمان إقرار باللسان فقط، وذهب الجهم وبعض القدرية إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب.

فحاصل الكلام أن الإيمان: إما أن يكون ما يقوم بالقلب واللسان وسائر الجوارح وهذا ما ذهب إليه جمهور السلف من الأئمة الثلاثة وغيرهم، أو بالقلب واللسان دون الجوارح كما ذكر عن أبي حنيفة وأصحابه أو باللسان وحده كما عند الكرامية، أو بالقلب وحده وهو إما المعرفة كما قال الجهم أو التصديق كما قال الماتريدي، وقول الجهم والكرامية ظاهر الفساد. والاختلاف بين أبي حنيفة والأئمة الباقين من أهل السنة صوري؛ فإن كون أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب أو جزء من الإيمان مع الاتفاق على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان، بل هو في مشيئة الله، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه نزاع لفظي لا يترتب عليه فساد اعتقاد، والقائلون بتكفير تارك الصلاة ضموا إلى هذا الأصل أدلة أخرى، وإلا فقد نفى النبي - صلى الله عليه وسلم- الإيمان عن الزاني، والسارق، وشارب الخمر، والمنتهب فيما رواه البخاري (2475) ومسلم (57) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولم يوجب ذلك زوال اسم الإيمان عنهم بالكلية اتفاقاً. وأبو حنيفة - رحمه الله - من أهل السنة والجماعة أحد الأئمة الأربعة الفضلاء - رحمهم الله جمعياً- لا يجوز النيل منه ولا من غيره من الأئمة ولا انتقاصهم مع أنهم لم يدّعوا العصمة ولا يجوز ادّعاؤها لأحد منهم، والإمام البخاري وابن المبارك أجَلُّ من أن ينتقصا أبا حنيفة أو يوبخاه. رحم الله الجميع، وعفا الله عنا وعنهم، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

طائفة الزيدية

طائفة الزيدية المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 3/2/1425هـ السؤال سمعت عن الطائفة الزيدية بأنهم أقرب طوائف الشيعة إلى أهل السنة، وسمعت أنهم يؤمنون بالأئمة، ولكن لا يؤمنون بقدرتهم على المعجزات ويعتقدون عدم كمالهم؛ فهل يعني هذا أن أهل السنة يؤمنون بالأئمة؟ وقد سمعت أيضاً أنهم لا يقبلون عمل الصوفية وهذا أمر حسن؛ فهل تقولون إنهم طائفة جيدة من الشيعة؟ أرجو تقديم بعض الإيضاحات عن هذه الطائفة. وجزاكم الله خيراً. الجواب نعم الزيدية المعتدلة هي أقرب طوائف الشيعة الكبرى إلى السنة إن صح التعبير، وهم يعظمون أئمة الشيعة، وقد يغلون فيهم، لكن دون غلو الرافضة، فهم لا يقولون بعصمتهم المطلقة. وأهل السنة يرعون حق أئمة آل البيت ويجلونهم من غير إفراط ولا تفريط لأن سائر أئمة آل البيت على السنة وهم بريئون من مذاهب الغلاة فيهم، فأهل السنة أولى بهم، وهم أولى بأهل السنة. والزيدية قد يكون فيهم من لا يقبل التصوف، لكن المشهور إلى الآن أن التصوف موجود فيهم، لا سيما القبورية، وبدع الأقوال والأفعال والمعتقدات، ونسأل الله أن يهدينا وإياهم سواء السبيل.

ما هو اللاهوت؟

ما هو اللاهوت؟ المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 3/2/1425هـ السؤال ما هو اللاهوت؟ لقد سمعت أن بعض المسيحيين يدرسون اللاهوت فما هو؟ وهل هو يدرس فقط من قبل المسيحيين أم لليهود دراسة له أيضا؟ ولكم جزيل الشكر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: يقصد باللاهوت: علم العقائد النصرانية، اشتقاقاً من كلمة (إله) ، كما يقولون الناسوت، اشتقاقاً من كلمة (الناس) ، ويتضمن اللاهوت النصراني تقرير عقيدة التثليث، والحلول، والتجسد، والابنية - دعوى بنوة المسيح لله- وعقيدة الصلب والنداء ... إلخ. واللاهوت النصراني مستمد من الكتاب المقدس عندهم (العهد القديم، والعهد الجديد) ، وتعاليم الكنيسة، والمقررات والمجامع الكنسية. أما اليهود فإنهم لا يعترفون بطبيعة الحال باللاهوت النصراني، ويرونه كفراً وزيفاً، "وقالت اليهود ليست النصارى على شيء" [البقرة:113] ، لكن لهم عقائدهم الخاصة، وكلا الفريقين كافر بالله العظيم، مكذب نبيه محمد خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم-.

أصول مذهب البهرة

أصول مذهب البهرة المجيب د. حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 29/3/1425هـ السؤال من هم البهرة؟ وما هي أصول مذهبهم، مع العلم بأنهم أتوا إلى الإمارات منذ فترة وبشكل ملفت للنظر، حيث إنهم يرفعون صورة رجل يدعى البرهاني على محلاتهم وتجاراتهم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: تعني كلمة البُهرة باللغة الفجراتية: التاجر، وقد اشتهر هؤلاء بهذا الاسم نسبة إلى أعمال التجارة التي يتعاطاها أفراد هذه الطائفة، وهي سمة عامة لهم حتى في هذا العصر، ولذلك كانت التجارة بين اليمن والهند هي البريد الذي نشر الدعوة الإسماعيلية بالهند، ولا سيما في ولاية جواجرات جنوبي بمباي، ويعتبر البُهرة أحفاد للإسماعيلية المستعلية أو الطيبية الذين هاجروا إلى الهند من مصر واليمن، وبشكل خاص بعد زوال مملكة الفاطميين، ولذلك لا تختلف أصول مذهبهم كثيراً عن مذهب الباطنية الإسماعيلية، فهم يؤولون أركان الإسلام كالصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام، وينكرون شرائع الإسلام الظاهرة، ويستبيحون المحرمات، قال الغزالي: المنقول عنهم الإباحة مطلقاً، ورفع الحجاب، واستباحة المحظورات واستحلالها، وإنكار الشرائع، إلا أنهم بأجمعهم ينكرون ذلك إذا نُسب إليهم. أما صورة الرجل الذي يُدعى (البرهاني) فهو الدكتور/ محمد برهان الدين رئيس الطائفة في العالم حالياً، وأظن أنهم رفعوها هذه الأيام احتفاء بزيارته للطائفة في الإمارات، والتي تمت في عاشوراء، وهو من أكبر أثرياء العالم، إذ يملك عشرات المصانع والفنادق، وله ممثلين، ونواب في غالب الدول الإسلامية. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل يخرجه مطلق الابتداع من أهل السنة؟

هل يخرجه مطلق الابتداع من أهل السنة؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 09/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخنا الحبيب: أرجو منكم أن توضحوا لنا بتفصيل الأصول التي إن لم تتحقق في الفرد خرج عن وصف أهل السنة والجماعة، فقد حصل لدي لبس عند النقاش مع أحد الإخوة حول هذا المفهوم، فكان رأيه أن المسلم إما أهل سنة أو كافر، وهذا بالنسبة للمعين، ولذلك فعنده المبتدع في مسمى الإيمان مثلاً يسمى عنده أهل سنة، ولكن ذو (خروج أو إرجاء) وهكذا، وإذا كان متعمدًا في بدعته فحكمه حسب نوع البدعة، فالمؤوِّل والصوفي المشرك والخارجي المعين كافر؛ لأنه علم النصوص وحرفها عن معناها، وكنت أحسب أن المسلم المعين قد يكون مبتدعًا ضالاًّ، ولكنه مسلم حتى وإن كان ينتصر لنفسه، فأرجو منكم توضيح هذه المسألة، وهل الثلاث والسبعون فرقة التي أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم- عنها أنها في النار أفرادها كافرون؟ أي أن المسلم إما أهل سنة أو كافر. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فنسأل المولى عز وجل أن يرزقنا حبه، وحب من يحبه، وحب كل عمل يقربنا إلى حبه، وأن يجعلنا من المتحابين فيه، وأن يحشرنا في زمرتهم إنه جواد كريم. أما عن الأصول التي متى تحققت في المسلم عد من أهل السنة والجماعة فهي التي جمعها مَن أُوتي جوامعَ الكَلِمِ- صلى الله عليه وسلم- في قوله: "مَن كان عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ وأَصْحَابِي". لما سئل صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية. أخرجه الطبراني في الأوسط (7840) .

أما حكم المبتدع عند أهل السنة فحكمه حكم مرتكب الكبيرة باعتبارين: باعتبار البدعة نفسها، فهناك بدعة مكفرة، كما أن هناك كبائر مكفرة مثل الشرك بالله، فهذه مكفرة مخرجة من الملة من حيث العموم لا من حيث الأعيان، فالمعين يشترط فيه، إضافةً إلى ارتكابها – أي المكفرة- انتفاء الموانع من حكم التكفير، فإن انتفت حكم عليه بالكفر، أما الاعتبار الثاني فهو باعتبار المبتدع نفسه، وهذه فيها تفصيل: 1- فإذا كانت البدعة مكفرة، فعرف أنها مكفرة والتزمها، وقامت الحجة عليه، وكشف له عن الشبهات الداعية إلى ارتكابها، ثم أصر على ذلك فهو كافر بهذه البدعة المكفرة. 2- إن كانت البدعة مفسقة، كسائر البدع، كبدعة الإرجاء، أو الخروج، أو نحوها فمرتكبها حكمه حكم مرتكب الكبيرة، فاسق ببدعته، ولكنه من أهل القبلة ولا يخرج من الإسلام حتى وإن أصر عليها؛ لأنه لا يصر عليها عادة، إلا بسبب تأول عنده وعدم قناعة بحجة الخصم. نعم، مثل هذا لا يعد من أهل السنة فيما خالف فيه أهل السنة، فإذا كانت بدعته في الإيمان، مثلاً، فإنه لا يعد من أهل السنة في هذه المسألة، ولكنه يعد من أهل السنة فيما وافق فيه أهل السنة، ولكنه لا يخرج عن دائرة الإسلام، فهو من أهل القبلة، ويسمى بالفاسق المِلِّي أو المبتدع المِلِّي، يعني من أهل الملة التي هي الإسلام، وهذا في أفراد البدع. أما البدع ذات الأصول والقواعد، وهي بدع الفرق كالمعتزلة والأشاعرة والخوارج والمرجئة ونحوهم، فهذه من التزم أصولهم وقواعدهم ومنهجهم في الاعتقاد فهو منهم، فمن التزم الأصول الخمسة عند المعتزلة، مثلاً، فهو معتزلي، ومن التزم القول بالقانون الكلي عند الأشاعرة، وإثبات الصفات السبع فقط والقول بالكلام النفسي، وبكتب الأشعري فهو من الأشاعرة، وهكذا.

لكن من وافقهم في جزئية من الجزئيات كتأويل صفة، مثلاً، من الصفات بنحو تأويل الأشاعرة فلا يحكم عليه بأنه أشعري، ولكن يحكم عليه بأنه وافق الأشاعرة في هذه المسألة، وهذا حكم سائر كبار العلماء الذين وافقوا الأشاعرة في التأويل، ولكنهم خالفوهم في سائر أصولهم كالحافظ النووي وابن حجر ونحوهما، فهم من أهل السنة والجماعة، ولكنهم وافقوا الأشاعرة فيما خالفوا فيه أهل السنة، وعلى مثل ذلك فقِسْ، ومثال ذلك الشافعي، مثلاً، إذا وافق الأحناف في بعض الفروع هل يعد حنفيًّا، أو يعد شافعيًّا وافق الأحناف في بعض المسائل؟ لا شك أن الثاني هو الصحيح. أما إذا كان الشخص قد قال ببدعة فلما تبين له خطؤها، وأقيمت عليه الحجة رجع عنها، فإنها لا تضره، وحكمه حكم التائب من المعصية، ولا تخرجه من عموم أهل السنة والجماعة. أما عن الفرق التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث الافتراق فهي من فرق أهل القبلة – أهل الملة- الذين لا يخرجون من الإسلام، ولكنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة، وهم سائر الفرق التي لم تخرجهم بدعهم من دائرة الإسلام، ولذلك لم يعد العلماء غلاة الفرق الخارجة عن الإسلام من هذه الفرق، كالباطنية وغلاة الجهمية، والدروز والنصيرية، وهكذا. أما الوعيد المذكور في الحديث: "كُلُّها في النَّارِ إلَّا واحِدَةً". فلا يلزم منه الخلود في النار، ولكنها متوعدة بالنار كوعيد سائر مرتكبي الكبائر كالزاني والسارق، ولكنهم بإجماع أهل السنة لا يلزمهم من ذلك الخلود في النار، وما كنت تحسبه، أيها الأخ السائل، فهو الصحيح، فقد يكون الإنسان مبتدعًا ضالاًّ ولكنه مسلم حتى وإن انتصر لنفسه؛ لأن من عقيدة أهل السنة أنه قد يجتمع في الشخص كفر وإيمان، وفسق وإيمان، ونفاق وإيمان، وبدعة وإيمان.

أما أفراد الفرق الثلاث والسبعين فكما قلنا عمومهم ليسوا بكافرين، فما بالك بأفرادهم؟! وهناك من أهل السنة من قد وافق المبتدعة في بعض أفراد البدع، فإذا أصر الشخص على بدعته بعد بيانها له تعصبًا واتباعًا للهوى فهو مبتدع آثم في هذه الجزئية، وإن كان متجردًا وهذا ما أداه إليه اجتهاده ولم يقتنع بكلام الآخرين -كما أسلفنا- فهو مجتهد مخطئ، ولا يتابع على خطئه، ولكنه قد يكون معذورًا عند الله تعالى- ويجازيه على أجر اجتهاده. والله تعالى أعلم.

الظرف الزماني والمكاني الذي احتضن تحريف الإنجيل

الظرف الزماني والمكاني الذي احتضن تحريف الإنجيل المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 08/10/1425هـ السؤال أستاذي العزيز، سلمك الله: بعد التحية، أشكركم كثيرًا لإجابتكم على السؤال الذي طالما تساءل عنه إخواننا، وهو: في أي بلد وعصر تم تحريف الإنجيل؟ ومن حرَّفه؟ لكن لي بعض الملحوظات التي أود أن تتقبلها مني بسعة صدر من عالم جليل لشخص قليل المعرفة مثلي، لا يريد المجادلة والسفسطة، بل كل ما يريده هو تكشُّف الحقيقة التي نتمنى أن ينعم بها علينا جميعًا، بل وعلى العالم كله، لذا أرجو منك أن تتقبل كلماتي، وإن سمح وقتك أن ترد لي كاتبًا رأيك فأستنير بقولك من ظلمة جهلي، وأكون شاكرًا لك جدًّا: 1- لماذا تفهم الرسول بولس بغير ما هو عليه وتتهمه؟! هكذا قلتم في إجابتكم: وأبيحت الخمر ولحم الخنزير والربا، مع أنها محرمة في التوراة. فكان هذا من أوائل التحريفات التي حصلت في الديانة النصرانية بمكر من بولس على أن مسألة الخمر هذه محسومة منذ بداية المسيحية بل وحتى بولس نفسه حرمها في مواضع كثير منها: (ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح) (افسس 5: 18) . وانظر أيضًا (تيموثاوس الأولى 3) و (تيطس 1: 7) و (بطرس الأولى 4: 3) . 2- ومسألة الربا فكما قلت إنها محرمة في التوراة، وبذلك تكون محرمة في المسيحية التي وضعتها في كتاب صلواتها التي تصلى بها كل يوم: فضته لا يعطيها بالربا ولا يأخذ الرشوة على البريء، الذي يصنع هذا لا يتزعزع إلى الدهر (مزمور 15: 5) ،كتاب الصلوات (الأجبية) ، صلاة باكر، التي تصلى في بداية كل يوم لتذكر الناس كيف يعاملون الآخرين.

3- أما لحم الخنزير فليس لبولس يد فيه، بل هو مسموح به حتى من قبل بولس بكثير ومذكور فى سفر أعمال الرسل (أعمال 10) ، والذي شهد بذلك هو بطرس الرسول وهو يهودي وليست له علاقة بالفلسفة بل وحدثت بينه وبين بولس مواقف كثيرة. 4- قلتم في إجابتكم أيضًا: ثم إن بولس عاد بصحبة برنابا إلى أنطاكية مرة أخرى، وبعد صحبة غير قصيرة انفصلا وحدث بينهما منازعة شديدة، لأن بولس أعلن نسخ أحكام التوراة وقوله (بأنها كانت لعنة تخلصنا منها إلى الأبد) ، وادعاؤه أن (المسيح جاء ليبدل عهدًا قديمًا بعهد جديد) . بينما لم يكن هذا الخلاف على أي شيء يخص الديانة قط، بل كان الخلاف على اصطحاب مرقس الرسول معهم فى رحلتهم، فأشار برنابا أن يأخذا معهما أيضًا يوحنا الذي يدعى مرقس. وأما بولس فكان يستحسن أن الذي فارقهما من بمفيلية ولم يذهب معهما للعمل لا يأخذانه معهما. فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر، وبرنابا أخذ مرقس وسافر في البحر إلى قبرس. وأما بولس فاختار سيلا وخرج مستودعًا من الإخوة إلى نعمة الله (أعمال 15: 37 - 39) . ولم يذكر سبب غير ذلك، فلا أعلم من قال لكم عن السبب الذي قلتموه من أنه قال إن الناموس كان لعنة تخلصنا منها إلى الأبد؟ بل لقد نادى بولس نفسه بعدم بطلان الناموس حتى بعد مجيء المسيح (أفنبطل الناموس بالإيمان؟ حاشا، بل نثبت الناموس) (رو 3: 31) . ونادى بأن تعدى الناموس إهانة لله (رو 2: 23) . أما موضوع إبدال العهد القديم بالجديد فليس هو كما تفهمون، كما أن كلمة العهد الجديد ليست مستحدثة من عند بولس، بل هى من فم السيد المسيح نفسه. انظر الأناجيل (متى 26: 28) و (مرقص 14: 24) و (لوقا 1: 72) و (لوقا 22: 20) . وأخيرًا: أريد أن أعرض لكم حقيقة معلوماتى الضئيلة: 1- أين النسخ الأصلية من الإنجيل الأصلى الذى تم تحريفه؟

2- هل يعقل أن تفقد كل نسخ الإنجيل الذى كتب منذ 2000 عام فقط، بينما عندنا نسخ كثير لكتابات منذ أكثر من 3000 سنة قبل الميلاد (أي 5000 عام قبل الآن) ؟! 3- هل تم تحريف التوراة أيضًا؟ ومن حرَّفها: اليهود أم النصارى؟ 4- كيف تم جمع كل أسفار الكتاب المقدس من كل العالم وتحريفها؟ 5- كيف سكت التاريخ عن هذا التحريف فلم يتحدث عنه أى من المؤرخين؟ وهل يمكن أن يتفق الجميع على هذا رغم أنهم جماعات شديدة الاختلاف الذي يصل إلى العداوة؟ فلا يذكر المؤرخون اليهود تحريف المسيحيين للإنجيل ولا المؤرخون المسيحيون يذكرون تحريف اليهود للتوراة ولا حتى المؤرخون المسلمون يذكرون مكان وزمان تحريف الكتاب المقدس ولا هوية محرفيه؟! 6- ما موقفكم من الآثار والمخطوطات المكتشفة لأسفار الكتاب المقدس والمحفوظة في المتاحف البريطاني والفرنسي والمصري أيضًا؟ 7- متى تم تحريف الكتاب المقدس؟ 8- هل اتفق كل المسيحيين على تحريف الكتاب؟ وأين النسخ التي كانت عندهم؟ 9- كيف شهد القرآن بسلامة الكتاب المقدس من التحريف في (البقرة:41) (البقرة:91) (آل عمران:3) (النساء:47) (المائدة:46) (المائدة:48) (فاطر:31) (الأحقاف:30) (الصف:6) ؟ وأسئلة أخرى كثيرة تدور في رأسي ولكن بلا إجابة. إذ كنت لا أريد الإطالة، فلم أكتب أيضًا عن قولكم بعدم صلب المسيح، وأيضًا الفلسفات التي تقولون إن بولس قد أخذ عنها أفكاره- وإن كان عندي إجابات لها، ولكن أرجئها لكتابة أخرى إليكم إن شاء الله. والسلام ختام. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي: أشكرك على حسن خلقك وجميل أسلوبك، وإذا كان البحث عن الحق غاية كل منا فإنني أقول لك:

ما كتبته في سؤالك من كون اليهود لا يذكرون تحريف المسيحيين للإنجيل؛ فأنت تعرف أن اليهود لا يعترفون بالمسيح عليه السلام، ولا يسلِّمون له بنبوة أو رسالة كما يعتقد المسلمون، ولا يعترفون له بنبوة أو ألوهية كما تعتقدون، فكيف يتناولون الإنجيل بالبحث وأصله كاذب عندهم وهو ابن غير شرعي بالنص الوارد في العهد الجديد؛ (لسنا أولاد زنا) . وأما النصارى فهم مختلفون في العهد القديم، من حيث عدد أسفاره، والخلاف بين الكاثوليك والأرثوذكس واضح في هذا، بل في الطبعات المنشورة؛ فضلاً عن النقد الموجه إلى العهد القديم، كما كتب في ذلك شارل جينييبرت في كتابه: (المسيحية نشأتها وتطورها) . وما كتبه سبينوزا في كتابه: (رسالة في اللاهوت) . وما كتبه دوان في كتابه: (خرافات الإنجيل) . وما كتبه عوض سمعان في كتابه: (الكتاب المقدس في الميزان) . وما كتبه الطاهر التنين في كتابه: (العقائد الوثنية في الديانة النصرانية) . وأما ما ذكرتموه تحت رقم (6) - ولا أدري أين الأرقام السابقة- عن الآثار والمخطوطات فإنها متأخرة في الزمن عن موسى وعيسى عليهما السلام، والعبرة بكتابة النص بين يدي النبي أو الرسول لا بعده بعشرات السنين، كما في الإنجيل، أو مئات السنين، كما في العهد القديم، كما أن الكتابة عمل فردي لا جهد لجنة علمية متخصصة بلغة العصر ولذلك تعدد المكتوب بتعدد الكاتبين واختلف المحتوى باختلاف حالهم.

وأما رقم (7) : متى تم تحريف الكتاب المقدس؟ فالإجابة عنه بمتى تم كتابة الكتاب المقدس؟ وعلى يد من، وفي أي زمن، وما لغته الأولى، ومن ترجمه ومتى ترجم، وأين النسخة الأصلية؟ وهل النص الموحى به واحد أم متعدد؟ وأين النصوص من عند الله؟ التوراة السامرية أم التوراة البابلية؟ وإذا كان الإنجيل واحدًا فأي الأربعة من عند الله، وما سبب اختيار هذه الأربعة من مائة إنجيل في مطلع القرن الرابع الميلادي؟ هل رسائل الرسل جزء من الوحي؟ وما دليل ذلك؟ وهل نزل بها روح القدس أم أنها ثقافة دينية فلسفية؟ ومن الذي أوحى إليهم بها؛ أهو الله أم المسيح أم هما معًا؟ وإذا كانت الإجابة في الرسائل على الأسئلة وحيًا؛ فهل السؤال نفسه كان وحيًا؟ وما الدليل؟ ماذا تقول عن إنجيل الصبوة، وماذا عن الكتب التي ورد اسمها في العهد القديم ولم يرد لها أثر في الكتاب المقدس؟ كلها أسئلة تنشد الإجابة، وبخاصة ما يتعلق باللغة الأولى لكل سفر والترجمة والمترجم وزمن الترجمة وأين الأصول وكيفية المطابقة الآن ... إلخ. وأما ما ورد في القرآن فلا يتأتى تعميمه على جملة الكتاب المقدس بل هو خاص ببعض المواطن التي هي بقية من حق كتوحيد الله ونبوة موسى وعيسى والوصايا العشر وبعض القيم الخلقية وبعض الحدود المقدرة ونزول توراة على موسى وإنجيل على عيسى فيهما هدى ونور، ووصف القرآن بأنه مصدق لما بين يديه في الآيات التي ذكرتها فيه دلالة عملية على تأكيد البشارات التي صرحت بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام، في العهد القديم والجديد؛ مِن بعثِ نبي من بني إخوتهم، والحديث عن البارقليط والمعزّى وروح القدس في العهد الجديد، فجاء النبي بهذا الكتاب مصدقًا لما ورد عند اليهود والنصارى من بشارات وردت تدل على نبوة محمد وصفات وسمات أمته. والله يهديني وإياك إلى الحق، ولك مني كل تحية، وفي انتظار ردكم الجميل.

ألحقت بناتها بمدرسة راهبات

ألحقت بناتها بمدرسة راهبات المجيب يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 02/10/1425هـ السؤال لقد استخرت الله قبل أن أسجل بناتي في مدرسة راهبات، حيث إن تدريسهم قوي، ويدرسون اللغة الفرنسية، حيث لا تُدرِّسها المدارس الأخرى، علمًا أنني درست بنفس المدرسة، وأنا ملتزمة دينيًّا، وهم يأخذون نفس منهج التربية الإسلامية الذي وضعته وزارة التربية، والبنات سعيدات ومجتهدات فيها, المفاجأة أن الآنسة في درس الدين نعتتهم بالتبشيريين والكفار، وأني أخطأت باختياري ولا يستخير المرء على باطل؟ أنا أرى البنات في المدارس الإسلامية لا يختلفن عن خريجات الراهبات، بل نحن مجموعة خريجات من نفس المدرسة، متحجبات وملتزمات بدروس الدين أكثر، ومن تخرجت من المدرسة الإسلامية ما زالت سافرة وتلبس على الموضة, معنى ذلك: العبرة بالبيت. أليس كذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا؛ حيث البنات ما زلن صغارًا (8سنوات و5 سنوات) . وشكرًا. الجواب الأخت السائلة: زادك الله حرصًا على تعلُّمك دينك، وبعد: حسب ما فهمت من كلمة (منهج التربية الإسلامية الذي وضعته وزارة التربية) ، وكذلك مقارنة المدارس الإسلامية بمدرسة الراهبات، أن هذه الأخيرة توجد في دولة إسلامية.

وعليه، فاعلمي أيتها الأخت- أن هذه المدارس أقيمت في أرض الإسلام بقصد تنصير أولاد المسلمين أو على الأقل إبعادهم عن دين الإسلام، فمدارس الرهبان أو الراهبات ليست إلا مأوى للتنصير، وقد تتساءلين بقولك: ما أهداف التنصير؟ إن للمنصرين أهدافًا متعددة أعلاها هو إدخال المسلمين والمسلمات في دينهم، وأدناها إضفاء صورة من التقدير والاحترام على الرهبان والراهبات والقساوسة، والإعجاب بطقوسهم الكنسية ومناسباتهم الدينية، وكذلك نزع فتيلة كراهية الكفر والإلحاد من قلوب الفتيان والفتيات والرجال والنساء، وعدم التمييز بين العقيدة الصحيحة وما يضادُّها، وعدم التفريق بين الولاء لله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، أو على الأقل ترسيخ فكرة وحدة الأديان. وإني أسألك أيتها الأخت الكريمة: إن سُئلت المعلمة الراهبة عن عيسى عليه السلام؛ هل هو رسول الله كما هي عقيدة المسلمين أم ابن الله كما يزعم النصارى، فكيف ستجيب؟ وإن سُئلت عن عقيدة النصارى المحرفة مثل التعميد والصلب والفداء والعشاء الرباني وغيرها، هل ستجيب بعقيدة المسلمين أم بناء على عقيدة النصارى؟ أترك لك الجواب منذ سنوات كنت أدرس الدين في مدرسة من مدارس المراكز الإسلامية في أوربا، وخلال درس التربية الإسلامية كم كانت دهشتي لما سألت التلاميذ بقولي: من ربكم؟ فأجابني طفل عربي بأنه عيسى عليه السلام. لما أخبرت أمه بجواب ابنها صدمت صدمة شديدة، وبعد النحيب أخبرتني أنها تخرج طول اليوم للعمل وتترك ابنها مع خادمة إيطالية كاثوليكية، رغم أن واجبها كان فقط تنظيف البيت، ولكنها لم تملك إلا أن تغرس معتقدها المنحرف في قلب هذا الطفل البريء، فإذا كان هذا شأن خادمة، فكيف الأمر إذا كانت المعلمة راهبة، لها منهجها ومخططاتها وأهدافها؟!

إن نشاط التنصير يأخذ عدة صور؛ ظاهرها الرحمة وباطنها شر كبير، مثل التمريض والتطبيب، أو التعليم، ولكن الهدف الرئيسي هو إبعاد المسلمين عن الإسلام، وللعلم فقد عقد المبشرون في العالم الإسلامي مؤتمرًا في مدينة القدس عام 1924م تحت إشراف مجلس التبشير العالمي، وقد خرج هذا المؤتمر بنتائج أهمها: أولاً: التنبيه إلى خطأ أسلوب التبشير الذي يبدأ بنقد الإسلام وإظهار ضعفه أكثر مما يكشف عن قوة المسيحية، ولكن يجب العكس، البدء بالحديث عن المسيحية وأهميتها. ثانيًا: أن التبشير يكون أكثر حسمًا بين الأطفال، خاصةً في مراحل التعليم الأولى؛ لأن تعليم الإسلام يتم في مراحل مبكرة للأطفال؛ ولذا يجب التركيز على التعليم؛ وكما قيل في المثل: إذا ظهر السبب بطل العجب. وختامًا: ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ؛ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدانِهِ، أو يُنَصِّرَانِهِ، أو يُمَجِّسانِهِ". حديث متفق عليه: عند البخاري (1358) ومسلم (2658) ، من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه. فالله تعالى قد خلق الأولاد على فطرة الإسلام، والذي يملك زمام التربية هو الكفيل بتوجيه هذه الفطرة إما إلى الخير وإما إلى الشر، ومادام أن بناتك يدرسن في مدرسة الراهبات طول اليوم ولسنوات عديدة، فإني لا أشك أن هذه المدرسة ستترك آثارها السلبية على البنات. فعليك أيتها الأخت أن تخرجي بناتك من هذه المدرسة وتلحقيهن بمدرسة إسلامية متميزة حتى يتفوقن في التعلم، وكذلك يتفوقن في عقيدتهن ودينهن، وأما سلوك خريجات المدارس الإسلامية فليس بحجة، وإنما الحجة في شرع الله.

أما إذا كانت المدرسة في دولة أوربية فالأمر أشد وأخطر؛ لأن مدارس الراهبات في البلاد الإسلامية تستعمل التقية والمراوغة والمخادعة وتدس السم في العسل، أما في أوربا فإن لهن الحرية الكاملة في التدريس والتعليم والتربية والتوجيه، بل قد حكمت كثير من المحاكم الأوربية بنزع السلطة الأبوية عن أولادٍ مسلمين، وسُلَّموا لأسر أوربية تعمل في حقل التبشير، فانسلخ هؤلاء الأولاد مع الزمن عن الإسلام وابتعدوا عن المسلمين. والله أعلم.

إيمان أهل الكتاب باليوم الآخر

إيمان أهل الكتاب باليوم الآخر المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 23/2/1425هـ السؤال نحن المسلمين نؤمن باليوم الآخر، فهل اليهود والنصارى يؤمنون باليوم الآخر كما نؤمن به؟ وهل ذكره موجود بكتبهم أم لا؟ أم هل كان مذكوراً فعلا في كتبهم قبل أن يقوموا بتحريفها، وأما الآن فلا؟ وهل اليهود والنصارى على اختلافهم، وقصدي هنا أن مثلا النصارى يوجد منهم (كاثوليك وبروتستانت وأورثوذكس) ، فهل إحدى هذه الطوائف مثلا تؤمن باليوم الآخر أما الباقي لا؟ والسلام عليكم ورحمته وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن عقيدة جميع الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى إلى خلقه واحدة وإن اختلفت شرائعهم، وقد ذكر القرآن جل عقائدهم، قال تعالى: "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا" [النساء: 163] ، والآيات في ذلك كثيرة جدا. ومن العقائد التي كان على بني إسرائيل أن يتبعوها إيمانهم بالبعث متبعين في ذلك سنة إبراهيم عليه السلام، وتكررت عقيدة التوحيد والإيمان باليوم الآخر عندهم وهي منسوبة إلى غير إبراهيم من أنبياء بني إسرائيل والصالحين منهم. أما في كتب اليهود المحرفة فإن عقيدة البعث والآخرة والحساب قليلة الذكر فيهم، إذ قلما يشيرون إلى حياة أخرى بعد الموت، ولم يرد في ديانتهم شيء عن الخلود، وأن الثواب والعقاب يتم في الحياة الدنيا. وإن كانت بعض فرقهم تعتقد في البعث كالفريسيين والكتبة، إلا أن ذلك غير مدون في كتبهم المقدسة عندهم.

أما النصارى فهم أخف من اليهود في هذا الجانب إذ لم تنكر كتبهم عقيدة البعث في أصله وإن حرفته في مفهومه وجردته من أثره في اتباعه، وهو المعروف في فرقهم القديمة مثل الملكانية والنسطورية واليعقوبية. وكذلك عند الفرق الرئيسة في الوقت الحاضر، وإن ذكر عن بعض الفرق مثل (شهود يهوه) أنهم بالغوا في إنكار البعث، إلا أن فرقهم الكبرى مثل البروتستانت والكاثوليك والأرثوذكس لم ينكروا أصل البعث وإن اختلفوا مثلا في الذي يلزم العبد حتى ينجو في الآخرة، فالبروتستانت يكفي عندهم الإيمان للخلاص يوم القيامة، فلا يشترط العمل بخلاف الكاثوليك والأرثوذكس وهكذا ... والله أعلم.

لماذا التسمية بأهل السنة والجماعة؟!

لماذا التسمية بأهل السنة والجماعة؟! المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 28/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: لماذا نقول أهل السنة والجماعة، ولا نقول أهل القرآن والسنة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لفظ أهل السنة والجماعة مصطلح يطلق على كل من استنَّ بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولزم ما كان عليه هو وأصحابه - رضي الله عنهم-، وهم الذين قال فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم، ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله" أخرجه مسلم (1920) من حديث ثوبان -رضي الله عنه- انظر ما رواه الترمذي (2641) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، وقال عنهم صلى الله عليه وسلم: "هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي"، ومنهجهم هو الكتاب والسنة، يثبتون ويأتمرون ويعملون بالقرآن (الكتاب) والسنة، وما أجمع عليه سلف الأمة من الصحابة -رضي الله عنهم- ومن بعدهم، ومصطلح أهل السنة والجماعة في مقابل أهل الكلام، وأهل البدعة والفرقة؛ لأن البدعة مقرونة بالفرقة، كما أن السنة مقرونة بالجماعة، فيقال: أهل السنة والجماعة، وهم من قال بالكتاب والسنة والإجماع، كما يقال أهل البدعة والفرقة، وهم المفارقون للكتاب والسنة والإجماع. فأهل القرآن والسنة هم أهل السنة والجماعة، ولا مشاحة في الاصطلاح. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

المذهب الأباضي

المذهب الأباضي المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 09/07/1425هـ السؤال هل المذهب الإباضي مقارب لمنهج أهل السنة والجماعة؟ أم هو كالمذهب الرافضي؟ وهل يجوز للمرأة من أهل السنة والجماعة أن تتزوج رجلاً من المذهب الإباضي؟ هذا سؤالي. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الإباضية فرقة من فرق الخوارج تنسب إلى عبد الله بن إباض الذي عاش إلى أيام عبد الملك بن مروان، وهم أكثر فرق الخوارج اعتدالاً، ولذلك كانت جهودهم علمية أكثر من كونها قتالية، مع العلم أن الإباضية المتأخرين ينكرون صلتهم بالخوارج، ولعل أبرز ما يميز المذهب الإباضي أنهم قسموا الكفر إلى كفر شركٍ وكفر نعمةٍ، وهم مع أهل السنة في حكم كفر الشرك، أما كفر النعمة المشتمل عندهم على صغائر الذنوب وكبائرها، فحكم فاعله إذا مات ولم يتب فهو كافر كفر نعمة لا كفر شرك، غير أنهم يقولون إنه خالد مخلد في النار، فهم بهذا يتصلون في النهاية مع الخوارج في حكم فاعل الكبيرة, ولا شك أن الحق في هذه المسألة مع أهل السنة في قولهم في فاعل الكبيرة أنه مؤمن، ولكنه تحت مشيئة الله؛ إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له.

وأما الخروج على الأئمة فالإباضية أقل حدة من الخوارج في هذه المسألة، وقد قال الإباضية بخلق القرآن، ولهم ميل إلى تأويل صفات الله، أما وجه التقارب بينهم وبين أهل السنة والجماعة فلا شك أنهم أقرب إلى أهل السنة من الرافضة، حيث يعتمدون في أصول التلقي على القرآن والسنة والرأي والإجماع، وتأثروا ببعض المذاهب الفقهية السنية، وهم أيضًا لا يطعنون في إمامة أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، على خلاف الروافض، أما المذهب الرافضي فيختلف اختلافًا كليًّا عن المذهب الإباضي، وخصوصًا في مصادر تلقي الدين من حيث اعتماده على مرويات آل البيت من أمثال محمد الباقر وجعفر الصادق، ولهم رؤية في تفسير القرآن تخالف ما عليه جماعة المسلمين من أهل القبلة، ولا يقر الرافضة بشرعية خلافة أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، زيادة على تكفيرهم لكثير من الصحابة، رضي الله عنهم، وعلى هذا فالمذهب الإباضي أقرب إلى مذهب أهل السنة من المذهب الرافضي، وإن كان لا يخلو من البدع كما سبق. أما السؤال عن حكم زواج المرأة من أهل السنة بإباضي؟ فهذا مبني عند أهل العلم على اعتبار الكفاءة في النكاح، وأعظمها الكفاءة في الدين، وعلى هذا لا ينبغي لرجل أن يصاهر إلا أهل طاعة الله، وقد جاء في السنن: "لا تُصَاحِبْ إلَّا مُؤمِنًا، ولا يَأكُلْ طَعَامَكَ إلَّا تَقِيٌّ". أخرجه أبو داود (4832) والترمذي (2395) ، "الرَّجلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أحَدُكُم مَن يُخَالِلُ". أخرجه أبو داود (4833) والترمذي (2378) ، وقد قال الإمام أحمد في رواية أبي بكر: لا يزوج ابنته من حَرورِيٍّ - أي خارجي - قد مَرَق من الدين، ولا من قدَري - أي يقول بالقدَر - فإن كان يدعو فلا بأس، ولا تُزوَّجُ امرأةٌ عدلٌ بفاسق كشارب خمر، فإنه ليس بكفء. والله أعلم.

الوهابية وتكفير الصوفية

الوهابية وتكفير الصوفية المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 29/09/1426هـ السؤال لماذا يكفر الوهابيةُ الصوفيةَ؟ نرجو الإجابة بصراحة عن هذا السؤال. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأهل السنة لا يكفرون إلا من كفره الله ورسوله، كالمشركين واليهود والنصارى ونحوهم، ويعتقدون أن الأصل في المسلم الستر والسلامة، فإن بدر من أحد مقالة كفر أو فعل كفر فإن أهل السنة لا يحكمون بكفره إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع، بأن يكون عالماً غير جاهل، ذاكراً غير ناسٍ، مختاراً غير مكره. والصوفية لفظ واسع يطلق على درجات من الناس: فمن اعتقد بعقيدة وحدة الوجود، وأنه لا فرق بين الخالق والمخلوق، أو قال بحلول الله في بعض مخلوقاته، فهذا لا شك في كفره بإجماع علماء المسلمين من مختلف المذاهب قديماً وحديثاً. ومن دعا غير الله، واستغاث به وطلب منه المدد، فيما لا يقدر عليه إلا الله -كمن يدعو أصحاب القبور أو الأولياء الغائبين- فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج عن الإسلام بإجماع علماء المسلمين من مختلف المذاهب قديماً وحديثاً. أما من كان ينتسب إلى طريقة من الطرق الصوفية، ولا يقع منه مكفر، فإن أهل السنة لا يكفرونه، ويعتقدون أنه من جملة المسلمين، وكذلك لو تلبس ببدعة من البدع العملية التي لا تخرج عن الملة، كالذكر الجماعي على صوت واحد، أو إحداث بعض الأذكار التي لم ترد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه عند أهل السنة مسلم مبتدع، يسألون الله له العافية ولزوم السنة، والتعبد لله بما شرع على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- وفقك الله.

التهجم على العقيدة الدرزية

التهجم على العقيدة الدرزية المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 25/10/1425هـ السؤال لماذا تتهجم الأمة الإسلامية على الدين الدرزي بهدف التحقير والتكفير؟ هل هو كي تحاسبوهم على اختيار هذا الدين بدل أن يحاسبهم الله؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: موقف المسلمين من الدروز: لو انتسب قوم للدروز ثم عملوا ما يخالف هذا الدين ويشوه حقيقته عند الآخرين ماذا سيكون موقف الدروز؟؟ هل سيرضون بذلك؟؟ وهل سيسكتون على هذا التصرف؟؟ الجواب: لا بالطبع. بل سوف يوضحون الحقيقة وينفون انتساب هؤلاء للدروز، ويتحدثون عن مخالفتهم للدين الدرزي وكذبهم في ادعائهم الدرزية كدين. وهذا بالضبط ما فعله المسلمون، لأن الدروز ينتسبون للإسلام، واعتنقوا عقائد مناقضة له، وتعبدوا عبادات مختلفة عما شرعه الله ورسوله في القرآن الكريم والسنة المطهرة، فكان لابد أن يوضح المسلمون حقيقة الدروز وأنه لا يصح انتسابهم للإسلام. وليست المسألة سبًّا أو شتمًا أو رغبة في محاسبة الدروز، بل إيضاح للحقيقة وتبيان لها، وكشف للخطأ الذي وقع فيه الدروز.

ولابد للشخص الذي ينتسب لدين الإسلام أن يصحح انتسابه لهذا الدين، وذلك بالسير على منهج نبي الإسلام عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، كما أوصى بذلك في قوله: "إنَّه مَن يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُم بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين المَهْدِيِّينَ مِن بَعْدِي". أخرجه أبو داود (4607) والترمذي (2676) وابن ماجة (44) . وقال: "إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً". قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي". أخرجه الترمذي (2641) . فالمسلم الحق من يتبع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وينظر إلى كل اعتقاد وعبادة بحسب هذه السنة؛ فإن كانت مشروعة عملها، وإن لم تكن مشروعة تركها، وإن لم يعرف ذلك فيسأل علماء السنة، ففي العالم الإسلامي كثير من العلماء الذين يمكن معرفة حقيقة دين الإسلام منهم، وجهات فتوى ودعوة يمكن الإفادة منها. والله أعلم.

هل هذا من عقيدة الشيعة؟!

هل هذا من عقيدة الشيعة؟! المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 21/04/1425هـ السؤال رأيت في أحد مواقع الشيعة حديثا عن معتقداتهم، وفيه -والعياذ بالله- نسبة الخطأ لله -عز وجل- (أصول الكافي صفحة 328 يعقوب كلاني المجلد الأول) ، ثم يقولون: نحن لا نعبد ربا يحكم المفسدين من أمثال يزيد ومعاوية وعثمان (كشف الأستار 107 الخميني) ، وأيضا يقولون: إن لدى الأئمة جميع علم الملائكة والرسل والأنبياء (الكافي للكلاني صفحة 255) . أرجو أن تخبروني: هل وصلت معتقدات الشيعة إلى هذا الحد؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المنقول عن الشيعة في كتب الأخبار لديهم يدل على تناقض كبير في المعتقدات والفتاوى؛ فتجد القول بكمال القرآن مع القول بنقصه وتحريفه، وبناء على ذلك نجد اختلافا بيناً في اعتقاد هذه الأقوال، والشيعة الاثني عشرية ينقسمون في زمننا هذا إلى قسمين من حيث الجملة: القسم الأول: الإخباريون وهم الآخذون بالنصوص المنقولة في كتبهم، وفي هؤلاء تتبدى التناقضات والخرافات والمعتقدات الأشد فسادا. القسم الثاني: الأصوليون وهم الذين ينظرون في نصوصهم المنقولة نظراً أصولياً، ويحاولون الحكم عليها عقلياً، وهم في الجملة أخف من القسم الأول، ومن هذا القسم خرج من خرج على المذهب الشيعي وبين زيف المعتقدات وكشف تناقضها مثل البرقعي وموسى الموسوي وأحمد الكاتب والكسروي وغيرهم. وبناء على ما سبق فلا نستطيع القول بأن كل الشيعة يؤمنون بهذه الأقوال ويعتقدون صحتها ويلتزمون بها؛ لأننا نجد منهم من ينكرها ومن يتبرأ منها، وعلى كل حال فهي أقوال شنيعة ومعتقدات ضالة مخالفة للإسلام، وتبقى منسوبة للشيعة الاثني عشرية ما لم يظهروا البراءة منها. نسأل الله للجميع الهداية.

معنى الوصية بآل البيت

معنى الوصية بآل البيت المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 18/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. لي صديق من الشيعة أحاوره عن الإسلام الحق. وقد وجه لي سؤالين عجزت أن أجيب عنهما: الأول: ورد في صحيح مسلم والترمذي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبة الوداع: تركت فيكم كتاب الله وأهل بيتي، لكن في صحيح البخاري قال: كتاب الله وسنتي، فكيف يكون مثل هذه الاختلاف في الوصية؟ وما مقصود النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: تركت فيكم أهل بيتي؟ الثاني: المعروف أن الله -سبحانه وتعالى- يجازي العباد بعد إتمام أعمالهم الصالحة وانقضاء أعمارهم، مع أنه يعلم ما سيفعل كل عبد، فلماذا بشر الصحابة العشرة بالجنة في حياتهم قبل أن يكملوا أعمالهم الصالحة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ليس ثمة اختلاف في الوصية، فالوارد في صحيح مسلم (2408) : "أنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغّب فيه، ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي -قالها ثلاثاً-". وسمّيا (ثقلين) لعظمهما وكبير شأنهما، ففي حديث الوصية بآل البيت من محبتهم واحترامهم وإكرامهم وحرمة الصدقة عليهم ودخولهم في الصلاة والسلام عليهم، وأما الوارد من قوله -صلى عليه وسلم-:"كتاب الله وسنتي" رواه الحاكم في المستدرك (319) وغيره، فهذا حث على الالتزام بهما والأخذ بهما، وتقديمهما على ما سواهما، كما قال -تعالى-: "يا أيها الذي آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم" [النساء: 59] ، وقال:"من يطع الرسول فقد أطاع الله" [النساء: 80] ، وقال:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما" [النساء: 65] . وأما بشراه بالجنة لهؤلاء النفر الأعلام من صحابته -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم، فمزيد تخصيص وتكريم وبشرى، وعلو درجة ومنزلة، وتلك رحمة الله يختص بها من يشاء من عباده، لا راد لفضله ولا معقب لحكمه. والله أعلم.

السلف والتفويض

السلف والتفويض المجيب د. سعود بن عبد العزيز العريفي رئيس قسم العقيدة، جامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 17/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. شيخي الفاضل: كنت أقرأ في كتاب مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني، وهو كتاب لا يخفى مكانته وفضله على أحد من طلاب العلم والمشتغلين بالعلم، ولكني وجدته، رحمه الله، شن حملة على مذهب السلف الصحيح، المتمثل في إثبات الصفات على حقيقيتها، وتفويض الكيف، بينما الشيخ يقرر أن من يقول بهذا هو متمسح بالسلف، وإنما مذهب السلف الصحيح، هو تفويض الكيف والمعنى مع صرف ظاهر النص عن مراده، وهذا عكس ما علمناه جميعًا من أن تفويض السلف تفويض كيفية وليس تفويض معنى، وقد رد على عدد من شبهات، في زعمه، من يقول بهذا القول، وهذا الكلام مبسوط في الجزء الثاني من الكتاب تحت عنوان (متشابه الصفات) بعد أن عنون عنوانًا جانبيًّا آخر بعنوان (إرشاد وتحذير) . أرجو منكم بالرد على تلك الشبهات التي أثارها. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أن يقدح المؤلف- عفا الله عنه- في مذهب السلف في الصفات الإلهية ويعيب منهجهم في فهم نصوصها، ويعتبره ارتكاسًا في التشبيه، فذلك غير مستغرب في ضوء منهجه الكلامي القائم على تقديم قواطعه العقلية المزعومة؛ كدليل الجواهر والأعراض، ونحوه، على الوحي المبين، وجعلها حكمًا عليه، أما أن يزعم أن إثبات حقائق الصفات واعتقاد ظاهر نصوصها خلاف ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعين وأتباعهم من أئمة المسلمين كالأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة الحديث والفقه والتفسير والزهد، فهذا دونه خرط القتاد؛ فالخلاف حول آيات الصفات قديم بين السلف والخلف منذ أن أظهر الجعد بن درهم بدعة نفي الصفات، وتلقفها عنه الجهم بن صفوان، ثم تقسمتها الطوائف بعدهما، وقتلا جراءها أوائل المائة الثانية، وصار السلف ينعتون أتباعهما بالجهمية، ولهم في الرد عليهم والتحذير من بدعتهم مصنفات، كالرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد، وخلق أفعال العباد للإمام البخاري صاحب الصحيح، والاختلاف في اللفظ، والرد على الجهمية والمشبهة للإمام ابن قتيبة، والرد على الجهمية للإمام عثمان بن سعيد الدارمي، وغيرها كثير..

قال الإمام الترمذي صاحب السنن بعد روايته حديث: "إِنَّ اللهَ يَقبَلُ الصَّدَقَةَ وَيَأْخُذُها بِيَمِينِه"- الترمذي (662) - وتصحيحه له: (وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى، كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد تثبت الروايات في هذا، ويؤمن بها ولا يُتوهم، ولا يقال: كيف) . هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك، أنهم قالوا في هذه الأحاديث: (أمروها بلا كيف) . وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا: (هذا تشبيه) . وقد ذكر الله عز وجل، في غير موضع من كتابه اليد، والسمع، والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات، ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: (إن الله لم يخلق آدم بيده) . وقالوا: (إن معنى اليد هاهنا القوة) . وقال إسحاق بن إبراهيم: (إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد، أو مثل يد، أو سمع كسمع، أو مثل سمع. فإذا قال: سمع كسمع، أو مثل سمع. فهذا التشبيه، وأما إذا قال، كما قال الله تعالى: يد، وسمع، وبصر. ولا يقول: كيف. ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع. فهذا لا يكون تشبيهًا، وهو كما قال الله تعالى، في كتابه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى: 11] السنن (3/50، 51) . ونقل الإمام البخاري في (خلق أفعال العباد) عن يزيد بن هارون قوله: من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي، ونقل أيضًا قول الفضيل بن عياض: (إذا قال لك جهمي: أنا كافر برب يزول عن مكانه. فقل: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء) .

ونقل أيضًا قول سليمان التيمي: (لو سئلت: أين الله؟ لقلتُ: في السماء، فإن قال: فأين كان عرشه قبل السماء؟ لقلت: على الماء، فإن قال: فأين كان عرشه قبل الماء؟ لقلتُ لا أعلم) . قال الإمام البخاري: (وذلك لقوله تعالى: (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ) . يعني إلا بما بين) . والنقول في هذا كثيرة لا يتسع لها المقام، فليرجع إليها في مظانها، فمن نازع بعد ذلك في أن مذهب السلف إثبات معاني نصوص الصفات مع تفويض الكيفيات فلقصور بحثه واطلاعه. وكان الأجدر بالمؤلف إن أراد الإرشاد والتحذير على وجهه في هذا المبحث أن يحذر من أصحاب المذاهب الباطنية من الغلاة الذين وقعوا في التمثيل الصريح والشرك الأكبر، كأصحاب الوحدة ونحوهم من عباد القبور. أما الشبهات المقصودة بالسؤال فجوابها ما يلي على وجه الإيجاز: أولًا: نازع في أن سلب الصفات الوجودية لله تعالى، يلحقه بالمعدومات من عدة وجوه لا طائل تحتها:

أولها: أن هذا قياس للغائب على الشاهد، وقياس الغائب على الشاهد فاسد ... إلخ.. مضمون كلامه أن القوانين العقلية التي جعلها الله تعالى، في فطرة الإنسان يميزها بين الواجب والممكن والمستحيل محصورة في الشاهد، أي ما هو في متناول حواس الإنسان، وهو ما عبر عنه بالمادي في قوله: (وكيف يقاس المجرد عن المادة بما هو مادي) . وهذا ليس بصحيح؛ فإن الفاسد من قياس الغائب على الشاهد إنما هو فيما يختص به بعض الموجودات من الأحكام العقلية، أما الأحكام المطلقة كاستحالة جمع النقيضين ورفعهما، واستحالة الدور القبلي ونحوها، فلا يخرج عنها شاهد ولا غائب، ولهذا احتاج أن يقرر هنا أن قولهم إن الله تعالى، لا داخل العالم ولا خارجه من باب تقابل العدم، والملكة الذي يجوز رفع طرفيه عما ليس من شأنه الاتصاف بأحدهما، كالعلم والجهل بالنسبة للحجر، وليس من باب تقابل السلب والإيجاب الذي هو تقابل النقيضين كالوجود والعدم، ولو كان قياس الغائب على الشاهد فاسدًا مطلقًا ما احتاج إلى هذا التقرير، والعجب منه كيف يثرب على السلف وأتباعهم ما يقع فيه، فها هو ذا يقول: (ونظير ذلك أن الإنسان لابد أن يكون له أحد الوصفين، فإما جاهل وإما عالم، أما الحجر فلا يتصف بواحد منهما البتة، فلا يقال إنه جاهل ولا إنه عالم، بل العلم والجهل مرتفعان عنه، بل هما ممتنعان عليه لا محالة؛ لأن طبيعته تأبى قابليته لكليهما، وهكذا تنتفي المتقابلات كلها بانتفاء قابلية المحل لها، أيًّا كانت هذه المتقابلات، وأيًّا كان هذا المحل الذي ليس قابلًا لها) إلخ ... فانظر كيف استعمل ما قضى بفساده أولًا، فقال: (ونظير ذلك) . والتناظر هو القياس، فكأنه يقول: كما جاز سلب العلم والجهل عن الحجر لامتناع قبوله أحدهما، يجوز سلب العلو والسفل عن الله تعالى، لامتناع قبوله أحدهما! أوليس هذا قياسًا للغائب على الشاهد؟

ثم انظر بعد ذلك أيهما أكمل: من وجب سلب المتقابلين عنه، أم من سلب أحدهما مع جواز اتصافه به، وخذ الجواب بالمقارنة بين الأعمى والحجر، ثم تأمل أيهما جعله نظيرًا لمن هو عنده لا أعلى ولا أسفل، ولا داخل العالم ولا خارجه. وقديمًا قال محمود بن سبكتكين لمن يدّعي مثل ذلك في الخالق: (ميز لنا بين هذا الرب الذي تثبته وبين المعدوم!) . أما قوله: وكيف يقاس المجرد عن المادة بما هو مادي؟ فيقال له: ما مرادك بالمادة والمادي هنا؟ فإن أردت ما كان قائمًا بنفسه، متصفًا بصفات ثبوتية، ذا وجود حقيقي متعين خارج الذهن، فإنا لا نسلم بتجريد الله تعالى، من ذلك، فإن ذلك لا يتجرد منه إلا العدم المحض، ومن تصور إلهه كذلك لم يثبت وجوده إلا في الأذهان. أما إن أردت بالمادة والمادي ما يماثل أجسام المخلوقات وصفاتهم التي يلازمها الافتقار والفناء، فهذه غير لازمة لمن أثبت ما أثبته الله لنفسه من الصفات الوجودية على وجه الكمال والتنزيه عن مماثلة خلقه، فلا وجه لجعلك مثبتًا للعلو عقلًا بهذا الدليل قائسًا للخالق على المخلوق. ثانيها: قال: (نقول لهؤلاء: أين كان الله قبل أن يخلق العرش والفرش، والسماء والأرض، وقبل أن يخلق الزمان والمكان، وقبل أن تكون الجهات الست؟) .

الجواب: تقدم جواب سليمان التيمي، رحمه الله، وهو مضمون ما رواه ابن ماجه (182) والترمذي (3109) وحسنه، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ؟ قَالَ: "كَانَ فِي عَمَاءٍ، مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَخَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ". قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: الْعَمَاءُ: أَيْ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ.

وأما قوله: قبل أن يخلق الزمان والمكان والجهات. فلابد من بيان المراد بهذه الألفاظ؛ فإن الألفاظ التي لا تتضمن نقصًا ولم يرد استعمالها شرعًا في حق الله تعالى نفيًا ولا إثباتًا يجب التوقف فيها والاستفصال، فقد يراد بها معنى لا يجوز نفيه عن الله تعالى، وقد يراد بها معنى لا يجوز إثباته لله تعالى، فيكون في إجمال نفيها أو إثباتها إثبات للباطل أو نفي للحق، وذلك قول على الله بلا علم، فالزمان مثلًا إن أريد به الليل والنهار والأيام والليالي، فهذه مخلوقة، وإن أريد به نسبة الحوادث والمتحركات بعضها إلى بعض، فهذه متعلقة بقِدم أفعال الله تعالى، والله تعالى، لم يزل فعالًا لما يريد، لم يكن الفعل ممتنعًا عليه ثم صار ممكنًا له، بل هو قادر عليه أزلًا وأبدًا، فتدخل النسبة الزمانية الذهنية التي هي القبل والبعد في الأزلية بهذا الاعتبار، ولا يقال إنها بذلك تكون مشاركة لله تعالى، في الأزلية والأولية، فهي نسبة ذهنية لا وجود لها في الخارج، فضلًا عن مشاركتها للخالق في القدم، ويقال هذا أيضًا في نوع مفعولات الله تعالى، لم يزل سبحانه قادرًا عليها، لم يكن خلقها ممتنعًا عليه ثم صار ممكنًا له، لكنه يخلق ويفني، ويحيي ويميت؛ (يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ) [آل عمران: 47] . و: (يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) [الحج: 14] لم يزل كذلك، ولهذا مدح نفسه سبحانه بقوله: (فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) [البروج: 16] . (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ) [الحجر: 86] .

أما المكان فإن أريد به ما أحاط الجسم من سطوح الأجسام المحيطة به، فتكون ظرفًا له، ويكون مظروفًا فيها، فمثل هذا المعنى لا يجوز إثباته لله تعالى، سبحانه وتعالى أن يحيط به شيء، أما إن أريد به ما يشغله الجسم من الحيز الذي هو فراغ محض لا وجود له أصلًا إلا في الذهن، فهذا لا يقال إنه أعظم من المخلوق الذي شغله؛ إذ هو أمر وهمي لا وجود له في الخارج، فضلًا عن كون الجسم مفتقرًا إليه، واعتبر ذلك بالفراغ المحيط بسطح العالم الخارجي الذي هو نهاية المخلوقات، لو قيل إنه مكان للعالم، يفتقر إليه العالم، للزم من ذلك التسلسل الممتنع إلى ما لا نهاية؛ حيث كل مكان وجودي سيفتقر إلى مكان آخر من حوله، فإذا علمت امتناع ذلك في حق العالم، وأنه بشغله حيزًا وهميًّا لا يكون مفتقرًا إليه، مع كونه مخلوقًا، فالله سبحانه وتعالى، أولى وأحرى أن نثبت له وجودًا حقيقيًّا خارج الذهن يشار إليه وينظر إليه، ويخاطب، ويسمع دون أن يلزم من ذلك إثبات مكان يحيط به أو يفتقر هو إليه، فالمكان إذًا من الألفاظ المجملة التي يجب التفصيل في المراد بها عند استعمالها في حق الله تعالى، نفيًا أو إثباتًا، وبهذا يتبين القول في الحيز والجهة. ثالثها: شغب بقوله تعالى: (وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ) [الأنعام: 3] . وأنه يلزم من يأخذ بالظواهر إثبات أنه في الأرض. والجواب من وجهين: الأول: أن الجار والمجرور في قوله: (وَفِي الأَرْضِ) .متعلق بما بعده، أي: يعلم سركم وجهركم في السماوات والأرض.

الثاني: أن المعنى: وهو المعبود في السماوات وفي الأرض، ويكون ما بعده حالًا؛ إذ لفظ الجلالة (الله) معناه المعبود، فهو مأخوذ من الإله، سهلت همزته، ثم أدغمت اللام في اللام ثم فخمت، فلا يلزم مثبتي العلو للعلي القهار ما ينافي علوه من الآية، ولله الحمد، والواجب الجمع بين الأدلة لا ضرب بعضها ببعض، ثم ها هم أولاء القائلون بأن الله تعالى، في كل مكان، فأين إنكاره عليهم؟ أم اتسع صدره لهم وضاق عن قول السلف إنه في السماء؟! رابعها: شغب بقوله تعالى: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح: 10] . بالإفراد، وقوله: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) [ص: 75] . بالتثنية، وقوله: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) [الذاريات: 47] . بالجمع- بأنه يلزم من يثبتون الظواهر الاضطراب بين إثبات يد واحدة، واثنتين، وأكثر! والجواب أن هذا ليس بلازم؛ فإن الآيات التي فيها الإفراد ليس فيها أنه ليس له إلا يد واحدة، ولم يتنبه المعترض إلى أن الأسلوب العربي جرى على المناسبة بين المضاف والمضاف إليه، فيضاف الجمع إلى الجمع، نحو: (عَمِلَتْ أَيْدِينَا) [يس: 71] . والمفرد وما في حكمه إلى المفرد، نحو: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) ، (يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) ، (يَدُ اللَّهِ) . ثم إن السنة، التي ليست مصدرًا لتلقي العقائد عن المعترض، صرحت بأن "كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينُ". أخرجه مسلم (1827) . أي لا يتوهم تفاضلهما كما في المخلوقين. وبقى أن ننبه إلى أن قوله تعالى: (بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) . ليست من آيات الصفات على الصحيح؛ إذ الأيدي فيها بمعنى القوة، ومنه: (فَأَيَّدْنَا) . و: (وَأَيَّدَهُمْ) . خامسها: شغب حول حديث النزول- وهو متواتر: انظر صحيح البخاري (1145) ومسلم (758) - باختلاف المشارق والمغارب، وأنه يلزم خلو العرش منه؛ لدوام ثلث الليل الآخر على أهل الأرض.

والجواب أن هذا إنما أشكل عليه وعلى أسلافه؛ لأنهم لم يفهموا من نصوص الصفات إلا ما يعقلونه من صفات المخلوقين ولوازمها، ففروا من التشبيه إلى التعطيل، ولو أثبتوا نزولًا واستواء لا تدرك كيفيتهما لم يلزمهم ما يلزم نزول المخلوقين مما يناقض الكمال، والمعاني التي تضاف إلى الخالق تارة وإلى المخلوق تارة يلزمها لوازم عند إضافتها إلى الخالق لا تناسب المخلوق، ولوازم عند إضافتها إلى المخلوق لا تليق بالخالق، كما يلزمها لوازم لذاتها عند قطعها عن الإضافة لا تفهم إلا بها، فلا تُنفى عن الخالق ولا عن المخلوق، كلزوم القرب من النزول، وقس على ذلك بقية الصفات. وليعتبر المتعاظم قبول حديث النزول بقوله صلى الله عليه وسلم: "يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي ... " الحديث. أخرجه مسلم (395) . فهل يرد هذا الحديث بأنه يلزم منه أن يكون الرب تعالى، مشغولًا بقول هذا للمصلين دائمًا، حيث لا تخلو منهم ساعة، فسبحان من لا يشغله شأن عن شأن. بل ليعتبر في هذا بأن المسلم يصلي لربه في أوقات محدودة لا تُقبل صلاته قبلها، أو بعدها إلا بعذر شرعي، مع كون هذه الأوقات، موافقة لغيره ممن يقيم ببلاد أخرى تختلف مشارقها ومغاربها، فما حال من يقول لا أؤمن بخصوصية الثلث الأخير من الليل بنزول الرب ودنوه إلا كحال من يقول: لا عبرة بانتظار أوقات الصلاة والإفطار والإمساك للصائم، وتحري ليلة القدر، ونحو ذلك من أوقات الدعاء الفاضلة؛ لكون البلاد لا تخلو من هذه الأوقات.

سادسها: نقل قول أبي حامد الغزالي: إن كان نزوله من السماء الدنيا- كذا ولعلها: إلى- ليسمعنا نداءه، فما أسمعنا نداءه فأي فائدة في نزوله؟ ولقد كان يمكنه أن ينادينا كذلك وهو على العرش أو على السماء العليا، فلابد أن يكون ظاهر النزول غير مراد، وأن المراد به شيء آخر غير ظاهره، وهل هذا إلا مثل من يريد، وهو بالمشرق، إسماع شخص في المغرب، فتقدم إلى المغرب بخطوات معدودة، وأخذ يناديه وهو يعلم أنه لا يسمع نداءه، فيكون نقله الأقدام عملًا باطلًا، وسعيه نحو المغرب عبثًا صرفًا لا فائدة فيه، وكيف يستقر مثل هذا في قلب عاقل؟) ا. هـ. ومع هذا النقل وقفات: (1) سمى الغزالي حجة الإسلام وإنما الحجة في الدليل الصحيح نقليًّا وعقليًّا، والرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال. (2) مسألة النداء الإلهي زائدة على النزول، لا تلازم بينهما، فقد ينادي دون أن ينزل، وقد ينزل دون أن ينادي، وقد ينزل وينادي، بل قد يُسمع دون أن ينادي، وينادي دون أن يُسمع، كما في القيامة إذا أفنى الخلائق، فيقول: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) . فلا يجيب أحد، وقد يُسمع أحدًا دون أحد، وقد ينادي بصوت يسمعه من قرُب كما يسمعه من بعُد، وقد يبلغ نداءه مباشرة أو بواسطة ملائكته ورسله، والشأن في ذلك كله أنه يفعل ما يشاء؛ (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) [الأنبياء: 23] . وهو في كل ذلك ليس كما نعقله من نزول خلقه وندائهم، لكن القوم كما سبق يشبهون أولًا ثم يفرون إلى التعطيل، كما قال هنا: وهل هذا إلا مثل من يريد وهو بالمشرق ... إلخ. فتوهم لوازم قرب المخلوق من المخلوق وعلاقتها بسماع ندائه لازمة لما يقابل ذلك في الخالق، وقد سبق التنبيه على خطئهم في هذا. (3) قوله: وقد كان يمكنه أن ينادينا كذلك وهو على العرش أو على السماء العليا. فنقول: أقرّ أولاً أنه على العرش أو على السماء ثم أبطل ذلك.

ثم نقول: لو طردنا هذا الأسلوب في التقدم بين يدي الله تعالى، والجرأة عليه لقلنا: أي فائدة في كلامه أصلًا وهو قادر على إفهامنا بلا كلام؟ والقوم من أهل الكشف والإلهام، وما الفائدة من خلق السماوات والأرض في ستة أيام وهو إذا أراد شيئًا قال له: كن. فيكون، بل لم خلق الخلق أصلًا وهو غني عنهم، وهلا أسعدهم جميعًا بهداية التوفيق إذ أوجدهم؟ ولم أشقاهم بالابتلاء وكرمُه واسع لمعافاتهم؟ ولم؟ ولم؟ إلخ الأسئلة المعروفة عن الزنادقة المعترضين على مشيئة الله وحكمته. (4) قوله: فيكون نقله الأقدام عملًا باطلًا. غير مسلم له، بل في ذلك من التعبير عن الشوق إلى الحبيب وتداني القلوب ما يفوق الوصف، ويفوت من قسَّت قلوبَهم المناهجُ الفلسفية، ولازم قوله بطلان: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) [طه: 84] . و: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) [العلق: 19] . و: (أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) [الواقعة: 11] . ونحوها مما فيه حركة المتقرب الحسية بما يناسب قربه المعنوي، ولا عجب، فالمتقرب إليه عندهم (لا داخل العالم ولا خارجه) ، فأهل الملأ الأعلى منه بمنزلة من في أسفل سافلين. ثانيًا: نقل عن حاشية العقائد العضدية قول محمد عبده: فإن قلت: إن كلام الله وكلام النبي صلى الله عليه وسلم، مؤلف من الألفاظ العربية، ومدلولاتها معلومة لدى أهل اللغة فيجب الأخذ بمدلول اللفظ كائنًا ما كان. قلت: حينئذ لا يكون ناجيًا إلا طائفة المجسمة الظاهريون القائلون بوجوب الأخذ بجميع النصوص وترك طريق الاستدلال رأسًا، مع أنه لا يخفى ما في آراء هذه الطائفة من الضلال والإضلال، مع سلوكهم طريقًا ليس يفيد اليقين بوجه.. إلخ.

الجواب: هذه إقرار منه للسلف الذين نبزهم بالمجسمة بأن مذهبهم مطابق لمدلولات القرآن والسنة، لكن كلامه يتضمن اتهامًا خطيرًا لكلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، يتبين إذا نظمنا من كلامه هذا القياس الاقتراني من الشكل الأول على الطريقة المنطقية التي عاب السلف بأنهم ليسوا من أهلها كما يلي: أخْذُ مدلولات الكتاب والسنة مذهبُ السلف، مذهب السلف فيه ضلال وإضلال، ولا يفيد اليقين أخذ مدلولات الكتاب والسنة فيه ... وما اعتبرناه هنا لازمًا لكلامه قد صرح به بعض أسلافه، فقد قال الصاوي من قبل: (الأخذ بظواهر الكتاب والسنة أصل من أصول الكفر) ا. هـ. عياذًا بالله. والقصد أن الوحي المبين إذا لم يبن عن الحق في أعظم الأمور، وهي العقيدة في الله وما يجوز وما يجب وما يستحيل في حقه، فأي هداية نزل بها؟ بل إذا كان ظاهره الضلال والإضلال فقد كان عدم نزوله أسلم للناس في عقائدهم. ثم نقل قوله عن صفة العلو لله تعالى: وليت شعري إذا لم تعلو مرتبة الربوبية فماذا تريد منه؟ وهل بقي بعد ذلك شيء غير العلو الحسي؛ فإن نفي التحيز عن العلو الحسي غير معقول، ولا معنى للاستلزام إلا هذا، أما هم فينفون اللوازم، ولا أدري كيف ننفي اللوازم مع فرضها لوازم؟ هذا خلف.

والجواب: السلف إذ يثبتون علو الذات اللازم منه المباينة والانفصال بين الخالق والمخلوق، فإنهم لا ينكرون علو القدر ولا علو القهر، بل أنواع العلو متلازمة عندهم، وهو لا يملك دليلًا على نفي علو الذات سوى استلزامه التحيز، وقد أسلفنا أن مذهب السلف التوقف في مثل هذه الألفاظ حتى يتبين المراد بها، فإن كان موافقًا لصريح الوحي التزموا المعنى الحق دون اللفظ المجمل، فقوله هنا: كيف ننفي اللوازم مع فرضها لوازم؟ إنما يتوجه لو كان السلف ينكرون التحيز رأسًا، أما وقد بان لك عدم امتناعهم من التزام المعنى الحق، وهو قيام الرب بذاته واتصافه بصفات الكمال الوجودية وعدم مخالطته لخلقه، فقوله: (هذا خلف) . لا يلزمهم، وقد تقدم التفريق بين لوازم صفات الخالق ولوازم صفات المخلوق بما ينحل معه الإشكال الذي لم يتمكنوا من الانفكاك منه في تمييز معاني صفات الخالق من معاني صفات المخلوق. ثم نقل قوله: ولكن القوم ليسوا أهل منطق. فنقول: نعم، ولكنهم أهل سنة وأثر، وعقل صريح، وفطرة سليمة، ولو كان في المنطق الذي يباهى به غنية لانتفع به واضعه، ولشفاه من وثنيته، ولما اختلف الفلاسفة والمتكلمون أشد الاختلافز ثم نقل قوله: وقد كفر العراقي وغيره مثبت الجهة لله تعالىز فنقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم، لجارية معاوية السلمي: "أَيْنَ اللهُ؟ ". قالتْ: في السماء. فقال: "أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". رواه مسلم في صحيحه (537) . وحكى أهل العلم تكفير أئمة السلف لمنكري علو الله تعالى، كما هو مثبت في كتب عقائد السلف، فليطلب العاقل لنفسه النجاة.

هذا ما اتسع الوقت له من مناقشة تلك الشبهات، أما باقيها مما تلقفه عن ابن اللبان وغيره من الخليقة، فأحيل السائل في مناقشتها تفصيلًا على كتب أهل العلم كالتدمرية والحموية، وشرح الأصفهانية، ودرء التعارض، وغيرها لشيخ الإسلام ابن تيمية، والصواعق المرسلة ومختصره لابن القيم، وللدكتور خالد السبت، وفّّقَهُ اللهُ، دراسة قيمة حول كتاب الزرقاني تناول فيها المآخذ العقدية عليه. فالحمد لله.

أسباب نشوء الفرق المنحرفة

أسباب نشوء الفرق المنحرفة المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 03/07/1425هـ السؤال كيف خرجت الفرق الضالة عن الطريق الصحيح؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: أسباب انحراف الفرق الضالة الخارجة عن طريق السنة كثيرة؛ منها: (1) أن الله - عز وجل- قدر ابتلاء العباد بالشر والخير؛ كما قال تعالى: "ونبلوكم بالشر والخير فتنة" [الأنبياء: 35] . (2) أن ذلك من سنن الله في عباده؛ "ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك" [هود: 118-119] . (3) اتباع الأهواء والظنون والشيطان. (4) العصبيات والفتن. (5) دعاة الضلالة والتشبه بالكافرين، والإعجاب بمناهجهم ومخالطتهم. (6) التقليد الأعمى، وقولهم: "بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا" [البقرة: 170] . (7) التلقي عن الديانات الضالة والفرق المنحرفة، والأمم الهالكة؛ كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع.." رواه البخاري (3456) ، ومسلم (2669) . (8) عدم التفقه في الدين (الجهل) ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" رواه البخاري (71) ، ومسلم (1037) . (9) كثرة الجدال والمراء في الدين والخصومات. (10) القول على الله وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم- بغير علم. (11) عدم تلقي العلم عن أهل العلم الراسخين أهل السنة والاستقامة. (12) الخلل في مصادر التلقي، ومنه تلقي الدين عن غير الكتاب والسنة، وأخذ الدين بالآراء والأهواء والأذواق، والحكايات والأحلام، والتخرصات، ونحو ذلك. (13) ادعاء عصمة الرجال سوى الرسول - صلى الله عليه وسلم-. (14) تلقي الأفكار والنظريات في الدين عن الكفار، وأصحاب الأفكار المنحرفة.

(15) الإعراض عن الدين، أو الغلو والتشدد فيه. (16) الكذب على الرسول - صلى الله عليه وسلم-، ونحو ذلك مما جاء به الشرع، وشهد به الواقع والتاريخ.

النصيرية

النصيرية المجيب د. حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 27/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما هي طرق الشيعة الاثني عشرية والنصيرية والإسماعيلية في الذبح؟ وهل تباح ذبائحهم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تنسب طائفة النصيرية إلى: (محمد بن نصير البصري) من موالي بني نمير، وهو فارسي الأصل من خوزستان، وتعتبره هذه الفرقة، - التي ظهرت في القرن الثالث الهجري- إحدى الفرق الباطنية التي ترى أن فرائض الإسلام لها ظاهر وباطن يخالف ذلك الظاهر، ويفضّل النصيريون تسميتهم بـ (العلويين) نسبة إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- وهو مسمّى أطلقه عليهم المستعمر الفرنسي إبّان احتلال سوريا سنة 1920م تمويهاً على المسلمين في حقيقة هذه الطائفة التي حكم عليها علماء الإسلام بعد ظهورها بالكفر، والحكم على هذه الطائفة بالإسلام أو الكفر يقوم على أصلين اثنين: الأول: معرفة معتقدات هذه الطائفة ومقالاتها من خلال تراثها الفكري. الثاني: عرض هذه المعتقدات على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- إذ هما الحكم الفصل لكل مسلم ومسلمة في كل كبيرة وصغيرة، "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".

أما الأول: فمع أن النصيريين يعدّون ديانتهم ومذهبهم سراً من الأسرار العميقة كما ورد في كتابهم: (الهفت الشريف) : (يا مفضل: لقد أعطيت فضلاً كثيراً، وتعلمت علماً باطناً فعليك بكتمان سر الله ولا تطلع عليه إلا ولياً مخلصاً) ، وقصة سليمان الأذني وهو من أبناء مشايخ النصيريين لما ألَّف كتابه "الباكورة السليمانية"، وكشف فيه الكثير من أسرار العقائد النصيرية فأحرقوه حياً، وقصته مشهورة، أقول ومع ذلك الحرص تسربت بعض العقائد النصيرية إلى الضوء، فاطلع عليها الدارسون والباحثون وقالوا كلمتهم في الطائفة ومعتقداتها.. فمن معتقدات النصيرية (الحلول والاتحاد) ، فيرون أن الألوهية حلت في علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-! بل الإله في المذهب النصيري حل في البشرية منذ بدء الخليقة، ففي كتاب: (تعاليم الديانة النصرانية) ، وهو مخطوط في المكتبة الأهلية بباريس تحت رقم (6182) جاء فيه أن هناك سبعة أدوار للظهورات الإلهية اتخذت في كل دور وظهور رسولاً ناطقاً، فالظهور الأول كان في (شيث) وكان (آدم) هو الرسول الناطق، ثم انتقلت الألوهية إلى (سام) ، والنبوة إلى (نوح) وبعدها انتقلت إلى (إسماعيل) ، والنبوة إلى (إبراهيم) ، ثم انتقلت الألوهية إلى (هارون) والنبوة إلى (موسى) ، ثم انتقلت الألوهية إلى (شمعون الصفا) المعروف عند النصارى بـ (بطرس) ، والنبوة إلى (عيسى) ، وظهرت للمرة الأخيرة في (علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-) والنبوة في (محمد - صلى الله عليه وسلم-) ، وقد ذكر هذه العقيدة الإسماعيلي مصطفى غالب في مقدمته لكتاب (الهفت) للجعفي. وبناءً على ذلك يكون علي إلهًا في الباطن وإماماً في الظاهر، وهذا ما ورد في كتاب (المجموع) صراحة السورة (8-9-10) ، (يا علي بن أبي طالب أنت إلهنا باطناً وإماماً ظاهراً) ، و (أشهد بأن الصورة المرئية التي ظهرت في البشرية هي الغاية الكلية، وهي الظاهرة بالنورانية، وليس إله سواها، وهي علي بن أبي طالب) .

ومن معتقدات النصيرية القول بالتناسخ كما في كتابهم (الهفت ص21-22 وص 121 وص 146 وص 162 وص 190) ، وبناء على قراءة هذه النصوص من كتابهم الشهير أو كتاب (الباكورة السليمانية) لسليمان أفندي الأذني الذي كان من شيوخهم ثم تنصر، أقول بناء على ذلك يظهر أن القول بالتناسخ من الدعائم الرئيسية والأركان الهامة في المذهب النصيري، وهو عندهم بديل البعث والقيامة والحساب والجزاء، والثواب والعقاب ليس في الجنة أو النار في الآخرة، وإنما هو في هذه الدنيا حسب التراكيب والتقمصات الناسوتية والمسخوية التي تصيب الروح. وإذا تجاوزنا العقائد إلى العبادات، فالعبادات عندهم لها معنى آخر غير المعنى الظاهر الذي أراده الله –تعالى- منها: جاء في كتابهم (الهفت ص 64) : (قلت: يا مولاي: أما كان أهله من أهل الصلاة؟ قال: ويحك أتدري ما معنى قوله تعالى: "وكان يأمر أهله بالصلاة؟ " قلت: يعني أهله المؤمنين من شيعته الذين يخفون إيمانهم وهي الدرجة العالية والمعرفة، والإقرار والتوحيد، وأنه العلي الأعلى ... أي الإمام علي، فأما معنى قوله تعالى: "وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة": فالصلاة أمير المؤمنين، والزكاة معرفته، أما إقامة الصلاة: فهي معرفتنا وإقامتنا..) ا. هـ.

هذه بعض معتقدات النصيرية ومقالاتهم، وعندما نعرضها على الوحيين الشريفين، كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- نجدها تخالف ما جاء في الوحيين جملة وتفصيلاً يعرف ذلك من له إلمام بشريعة الإسلام؛ ولذا كفّر علماء الملة هذه الطائفة لكفرها بالله، وإشراكها بعبوديته وإبطالها لشريعته، واستحلالها لما حرمه الله تحريماً جلياً واضحاً، وتأويلها لأركان الإسلام العظام!. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هؤلاء القوم الموصوفون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم- أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والإفرنج وغيرهم، فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت، وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله، ولا بكتابه، ولا بأمر ولا نهي، ولا ثواب، ولا عقاب، ولا جنة ولا نار، ولا بأحد من المرسلين قبل محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا بملة من الملل السابقة، بل يأخذون كلام الله ورسوله المعروف عند علماء المسلمين يتأولونه بينهم على أمور يقرونها بينهم ويدعون بأنها علم الباطنية ... إلخ..) رحمه الله في الفتاوى [ (35/149) ] . وممن حكم بكفرهم ابن القيم في (إغاثة اللهفان، 2/247-249) ، وابن حزم في (المحلى، 13/139) ، والديلمي في (بيان مذهب الباطنية وبطلانه، ص71) ، والغزالي في كتابه (فضائح الباطنية، ص37) . وإني لأنصح الأخ السائل بالاطلاع على الكتب التي تكلمت عن هذه الطائفة بالتفصيل مثل كتاب (الإسماعيلية) لإحسان إلهي ظهير، و (أصول الإسماعيلية) للدكتور سليمان السلومي، و (طائفة النصيرية) للدكتور سليمان الحلبي وغيرهم. والله أعلم وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يجادله بأقوال معزوة إلى عيسى -عليه السلام-

يجادله بأقوال معزوة إلى عيسى -عليه السلام- المجيب عبد العزيز بن عبد الله الراجحي عضوهيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 14/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. صديق لي نصراني، يجادلني كثيرًا بقول لعيسى عليه السلام، في الإنجيل: (أنا نور وأنا الحقيقة ومن يتبعني يدخل الجنة) . هل هذا القول من عيسى عليه السلام، فيه ادعاء غير مباشر للألوهية؟ وكيف نرد على هذا القول؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. على صديقك النصراني أن يثبت أن هذا قول عيسى فهذا قول محرف؛ ولا يمكن لعيسى عليه السلام، أن يقول: (أنا نور) . فعيسى عليه السلام، مخلوق، خلقه الله بكلمة كُن، فليس نورًا، وإنما هو مخلوق من لحم ودم، فمن أين لك بأن هذا قول عيسى عليه السلام، والإنجيل الموجود محرف، فلا يمكن أن يقول عيسى عليه السلام،: (أنا نور) . فهو بشر كسائر البشر، والبشر ليسوا نورًا، فالله خلق آدم من تراب، وخلق حواء من آدم، وخلق عيسى بكلمة كن، وخلق سائر الناس من ماء الرجل وماء المرأة، وليس هناك أحد نورًا، ومن قال إنه نور أو إنه جزء من الله، فهذا كفر وردة عن الإسلام، فالنصارى يدّعون أن عيسى ابن الله، أو أنه جزء من الله، أو أنه نور، وهذا كفر وردة، كما أن بعض الناس يدعون أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم نور، وهذا باطل، فهو صلى الله عليه وسلم مخلوق من أبويه، وعيسى عليه السلام، لا يقول الكفر، ولما قال الله له: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ. . .) [المائدة: من الآية116] . والله أعلم.

منهج التعامل عند أهل السنة

منهج التعامل عند أهل السنة المجيب د. محمد بن علي السماحي أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة القاهرة العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 13/02/1426هـ السؤال ما هو الضابط لطعن أهل السنة الذي به يلحق الرجل بالبدعة، لأنني أسمع أن من طعن في فلان فاتهمه على الإسلام، وقولهم علامة المبتدعة الطعن في أهل السنة كما هي مقولات السلف، لأنني أرى خطأ من البعض فينزلها على الدعاة، وعليه عندي هذه الأسئلة؛ ما هو ضابط هذا الطعن؟ وهل ينزل على من طعن في أهل السنة جميعهم أم في أحاد أهل السنة؟ وهل ينظر لموجبات الطعن أنني أرى بعض من أهل السنة يطعن في بعض كما هو مشهور، ورأيت بعض الشباب ينزل هذه المقالات السلفية على المخالف لشيخه أو طائفته. وعليه أريد تفصيلاً لهذا حتى يستنير الشباب. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: بداية فتعريف العلماء لمصطلح (أهل السنة) هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة إلى قيام الساعة وهم سلف الأمة الذين استقاموا على الاتباع وجانبوا الابتداع في كل مكان وزمان، وظهر مصطلح (أهل السنة) في القرن الثاني لما كثرت الأهواء والفرق، فتميزوا عن غيرهم بهذه التسمية" أ. هـ. وسأحيلك ـ أخي عبد الرحمن ـ على رسالة الشيخ سفر الحوالي لأهل اليمن، وهي بعنوان (منهج التعامل عند أهل السنة) ؛ ففيها فوائد عديدة، كما أنها تحدد أصول أهل السنة وقواعدهم في التعامل مع إخوانهم من أهل القبلة وهي:

1- إن سبيل السنة والاتباع؛ كما هو أهدى السبل وأقومها هو كذلك أوسعها وأرحمها، وقد وسع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومسلمي الأعراب، وبين هاتين المرتبتين من مقامات الإيمان مالا يعلمه إلا الله (كما بيَّن تعالى في سورة التوبة) وأهل هذا السبيل السالكون له داخلون دخولاً أولياً في الأمة المصطفاة: "ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ " [فاطر:32] ... إلخ. فلا يشقى ظالمهم بالسير مع سابقهم وإن تأخر، بل يحمل بعضهم بعضاً، ويجبر بعضهم كسر بعض، وكلهم صائرون إلى حسن العاقبة؛ منهم من يدخل من أبواب الجنة الثمانية، ومنهم من يلازم باباً واحداً، ومنهم بين ذلك. ومنهم من يدخلها بالقيام مقام الأنبياء، ومنهم من يدخلها بتهليلة في ساعة صفاء، أو دمعة في جوف الليل، أو درهم وضعه في يد مسكين، أو غصن من الشوك أزاحه عن طريق المسلمين. 2- وهم متنوعون في مواهبهم ومقاماتهم، متحدون في منهجهم وغاياتهم: منهم المجاهد، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والمفسر والمحدث واللغوي والشاعر، ومنهم العامة المطيعون لله ورسوله ولو لم يحملوا من العلم شيئاً. فكل من لم يُفسد عليه أهل البدع فطرته فهو منهم على فطرة السنة، كالمولود على فطرة الإسلام الذي لم يهوده أبواه ولم ينصراه أو يمجساه.

وأهل السنة والاتباع يؤدون حقوق الأمة كما أمر بها الشرع، فإن الشرع في مقام المعاملة مع الله وأداء حقه علق دخول الجنة والفوز باسم (الإيمان) كما في آيٍ كثيرة جداً من كتاب الله، ولكنه في مقام التعامل مع الناس علق حقوق صيانة الدم والمال والعرض باسم (الإسلام) ، فقال: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" أخرجه مسلم (2564) وقال: "حق المسلم على المسلم خمس" أخرجه البخاري (1240) ، ومسلم (2162) ، وقال: "المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده" أخرجه البخاري (10) ، ومسلم (42) ، فمن ثبت له اسم الإسلام ثبتت له هذه الحقوق، ولا تسقط إلا بيقين ولمصلحة الدين، بل إن الله تعالى سمى الطائفتين المتقاتلتين مؤمنين تنبيهاً لثبوت حقهما على سائر المسلمين، فقال تعالى: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ" [الحجرات:10] . 3- وهم لا يهدرون الأحكام الثابتة والأصول الكلية لأجل الأحكام العارضة والوقائع العينية؛ فمن الأصول الكلية الثابتة بصريح الآيات والأحاديث الصحيحة: (وجوب اجتماع كلمة المسلمين) ومن الأحكام العارضة: (هجر المبتدع أو الفاسق) فما لم تكن المصلحة في ذلك راجحة فلا يصار إليه، وهو مما تتغير فيه الأحوال ويقبل تعدد الاجتهاد. 4- ومن صلَّى صلاتهم، واستقبل قبلتهم، وأكل ذبيحتهم فهو منهم؛ له ما لهم، وعليه ما عليهم، وحسابه على الله وسريرته إليه، لا تنقيب عن القلوب، ولا شق عن السرائر، ولا إساءة ظن، ولا غلّ على سابق بالإيمان، ولا تفريق للمسلمين بالألقاب والأسماء وإن كانت أشرف الأسماء، مثل (المهاجرين والأنصار) ؛ لأنها إنما تقال على سبيل الثناء والتأليف أو التمييز والتعريف، فما أغنى عن المعتزلة تسميتهم أنفسهم بـ (أهل التوحيد والعدل) ولا أغنى عن الصوفية دعواهم أنهم (أهل الولاية والقرب) وقبلهم قالت اليهود والنصارى: "نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ" [المائدة:18] .

5- وهم يعدون امتحان الناس بالولاء والبراء لطائفة أو معين من المحدثات التي زجر عنها السلف؛ فإن الموالاة والمعاداة تكون على الحقائق لا على الدعاوى والأسماء، وفي جماعتهم الصغرى قدوة لجماعتهم الكبرى؛ فكما أن الواجب هو أن يصلوا كما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، وأن يكون إمامهم من أهل الاتباع؛ دون أن يمنعوا دخول أهل النفاق والمعاصي إلى المسجد وصلاتهم بصلاة أهل السنة، فكذلك يجب أن يكون اجتماعهم العام على السنة بمفهومها الواسع والعميق، ولا يمنع ذلك أن ينضم إليهم في نصرة الإسلام ومعاداة أعدائه من هو متلبس ببدعة أو مقيم على معصية، لكنهم يجتهدون في دعوة هؤلاء إلى الاستقامة مثلما يُعلّم الإمام جماعة المسجد كيف يؤدون الصلاة صحيحة، وهذا خير من أن يستقل أهل المعصية بمسجد وإمام، ويكون بين المسجدين عداوة وخصام. 6- وهم أقوياء في الحق من غير غلو، ورحماء بالخلق من غير عسف ولا جور، يأمرون بالمعروف بمعروف، وينهون عن المنكر بلا منكر.

7- وهم يوفون الكيل والميزان بالقسط ولا يبخسون الناس أشياءهم، ويزنون الأمور بالعدل والحكمة، ويرتكبون أخف الضررين، ويجتنبون أكبر المفسدتين، ويصبرون على أهون الشرين، ويسلكون أقرب الطريقين، ويختارون أيسر الأمرين، يأوي إلى عدلهم المظلوم من كل أمة وطائفة، ويثق في علمهم طالب الحق من كل ملة ونحلة، فالعدل عندهم قيمة مطلقة؛ فإن الله تعالى جعله واجباً على كل أحد لكل أحد في كل حال؛ فهو قيمة مطلقة لا يحدها اختلاف الدين فضلاً عما هو أدنى من ذلك، قال تعالى: "وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا" [المائدة:2] ، ومن لم يميز بين وجوب معاداة الكافرين والظالمين ووجوب العدل معهم، ويقيم الواجبين معاً فليس من أهل الفقه في الدين والاتباع لسيد المرسلين الذي أوحى إليه ربه أن يقول: "وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ" [الشورى:15] . 8- ومن حكمتهم في الدعوة: أن يظهروا محاسن الأئمة المتبوعين من أئمة العلم أو السلوك أو الدعوة، ويبينوا أن ما أوتوه من تعظيم وثناء إنما هو بسبب ما لديهم من اتباع للحق وجهاد من أجله، وأن ما نالهم من توفيق في دعوتهم فهو بسبب ما اتبعوا من السنة، ويجعلوا ذلك وسيلة لدعوة أتباعهم والمنتسبين إليهم إلى السنة والاتباع، ونبذ التعصب للمتبوعين، والعمل لنصرة الدين كما نصر أولئك الأئمة، وبذلك يجمعون بين العدل مع المتبوعين والدعوة الحكيمة للتابعين، كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كلامه عن الأئمة الأربعة وغيرهم كالأشعري، وعدي بن مسافر. 9- هم أكثر الناس ازدراءً للنفس في ذات الله، وأبعدهم عن ادعاء الكمال، لا يزكون أنفسهم بالشعارات وبالألقاب، ولا يستغنون عن الاتباع بالانتساب، بل يعلمون أن ليس بأمانيهم ولا أماني أهل الكتاب.

وهم في جهادهم، ودعوتهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتغليظهم على أهل البدع وسائر أمورهم يتقدمون ويتأخرون بمقتضى الدليل الشرعي، والمصلحة الدينية، ودافع النصح لله ولرسوله وللمؤمنين، وليس بدافع الانتقام أو التشفي أو التشهير، يعاقبون أحب صديق لهم، ويعفون عن أعدى عدو لهم إذا اقتضى أمر الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم- ومصلحة الإسلام ذلك. وهم يفرحون بتوبة التائب، ويقبلون عذر المعتذر، ويدعون بالهداية للعاصي؛ لأنه لا حظ لأنفسهم في شيء من ذلك، بل إنما يريدون وجه الله، ويحرصون على هداية خلق الله، ولا يحبون أن يعثروا على بدعة أو معصية ممن يخالفهم؛ لأن من فرح بذلك فقد أحب أن يُعصى الله، ومن أحب أن يُعصى الله فليس من الله في شيء. ويسترون عيوب المسلمين، ولا يتتبعون عوراتهم، ولا يذكرون أخطاء أهل العلم إلا لبيان الحق، وعلى سبيل الترجيح لا التجريح، ويلتمسون لهم العذر ما أمكن. وقد كان بعض السلف يوصون الوعاظ والخطباء ألا يُفصِّلوا ذنوب المسلمين ويشهروا عيوبهم على المنابر؛ حتى لا يشمت بهم أهل الكتاب والمشركون. ويدخل في ذلك التشهير بالجماعات الإسلامية في أوساط أهل الإلحاد والبدع. وكثير من الناس يحصرون (السني) في المتمحض للسنة؛ الذي لم يقع منه خطأ ولا تأويل ولا جهل، ويقابلهم آخرون يظنون أن (المبتدع) هو من اجتمعت فيه أصول البدع، أو انتسب إلى ما اجتمعت فيه أصول البدع، أو انتسب إلى ما أجمعت الأمة على أنها من فرق الضلال. والحق أن البدع كسائر الذنوب: منها الكبير والصغير، والصريح والمشتبه، والعصمة من التلبس بها نادرة أو قليلة. والمخالفة بالتأويل والخطأ والجهل سمة أكثر الخلق، ويجتمع في الواحد المعيَّن والطائفة الحرص الشديد على السنة مع الوقوع الصريح في البدعة، كما يتفق للكثير من أهل البدع إصابة السنة في بعض الأحوال والمقامات؛ وإنما العبرة بالأصول والمنهج في الجملة والعموم، والموفق من وفقه الله.

وعلى كل أحد اتهام نفسه، والتفتيش عن عيوبه، وتجديد إيمانه، وعلى الكافة التناصح في غير جفاء، وقبول الحق من أي مصدر جاء. 10- وهم لا يمنعهم طلب الكمال عن الحكمة في التعامل مع واقع الحال، فيدعون إلى الحق كاملاً غير منقوص، وإلى الاتباع المطلق للرسول صلى الله عليه وسلم، ويقبلون من الناس التدرج في الأخذ بذلك والتفاوت فيه، وسيرته صلى الله عليه وسلم، هي منهاجهم وقدوتهم في هذا وغيره. 11- ومن ضاق علمه وقصر نظره عن الجمع بين التمسك بأصول السنة وبين التعامل الشرعي مع الأمة ولا سيما المخالفون منها؛ فقد قصَّر في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء بسنته، كمن يظن أن المخالفين تسقط كل حقوقهم الشرعية، أو أن العدل معهم ضعف وتهاون، أو أن نصرة الدين لا تكون إلا من أهل الطاعة الثابتة والاتباع الكامل. فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وبأقوام لا خلاق لهم، ولا سيما في حال المعارك؛ قتالية كانت أو عقدية أو سياسية. ولهذا كان من أصول السنة: (الجهاد مع كل بر وفاجر) وهذا الجهاد يشمل الجهاد الميداني، والجهاد السياسي، والجهاد العلمي والدعوي؛ ما دام المقصود منه النكاية في عدو الدين المستبين الذي لو تسلط لكان ضرره أعظم من تسلُّط من تَنْقُصه شروط العدالة والاستقامة.

وقد جاهد كثير من علماء السلف مع جيوش الحجاج بن يوسف وكلهم لا يشك في طغيانه وظلمه، كما فرح أهل السنة بما فعل بعض الخلفاء والولاة بالمبتدعة، وإن كانوا في أنفسهم ليسوا على السنة المحضة؛ مثل المتوكل، وخالد بن عبد الله القسري؛ فالعبرة في هذا كله بنصرة الدين وإقامة الشريعة، وأخيرا ـ أخي السائل ـ فإن العلم والعدل هما ضابط الحكم على الناس ـ كما قرره العلماء ـ، وإن اعتمادهما ـ أي شَرطي العلم والعدل في الكلام على الناس عمومًا، وفي الحكم على أقوال المخالفين وأعمالهم خصوصًا.. لا يعني المداهنة مع المبتدعة، ولا الدفاع عن باطلهم، ولا تذويب العقيدة أو إضعاف جانبها أمام الضلالة، أو التقصير نحو إظهارها أو إعلائها على غيرها من الأقوال والآراء المخالفة، لكنه المنهج الحق الذي شرعه الله لأنبيائه وعباده، وارتضاه لهم في كتبه، واتبعه رسوله صلى الله عليه وسلم، وسار عليه سلف الأمة وعلماؤها.. يقول عنه شيخ الإسلام ابن تيمية بعد تقريره: (ولما كان أَتْبَاعُ الأنبياء هم أهل العلم والعدل، كان كلام أهل الإسلام والسنة، مع الكفار وأهل البدع، بالعلم والعدل لا بالظن وما تهوى الأنفس) ، وفي النهاية أسوق هذا المثل: خرج رجل أعجمي مسلم لا يحسن اللغة العربية جيدًا لقضاء بعض حوائجه، وفي الطريق استرعى انتباهه رجلين عربيين مسلمين كانا يتحادثان، ثم اشتد نقاشهما واحتد إلى درجة السباب والشتائم والبذاءة، فرجع الرجل الأعجمي المسلم إلى أهله وعلى وجهه علامات الضيق والاستغراب فسأله أولاده ماذا جرى فأجابهم بالقصة ثم علق قائلاً: ما كنت أظن أن اللغة العربية التي نزل بها القرآن العزيز يمكن أن تستخدم في العراك والسباب.

عقيدة الشوكاني وآخرين

عقيدة الشوكاني وآخرين المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 08/11/1425هـ السؤال ما عقيدة هؤلاء العلماء: أبو قتيبة الدينوري، الشوكاني، الخلال، اللالكائي، الأمير الصنعاني؟ وما أفضل كتب الفقه وأيسرها؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب هؤلاء العلماء الذين ذكرت هم من أهل السنة والجماعة، ومن المعدودين في أتباع السلف- رحمهم الله تعالى جميعًا- ولهم جميعًا كتب تشهد بذلك، فجزاهم الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء، إلا أن هناك بعض المآخذ أخذت على العالمين الجليلين الشوكاني والصنعاني- رحمهما الله تعالى. أما الشوكاني فقد وقع في كتابه (فتح القدير) ، بعض التأويلات في أبواب الصفات، نبَّه عليها د. محمد الخميّس في كتابه (التنبيهات السنية على الهفوات العقدية في بعض الكتب العلمية- الفصل الثاني) ، فراجعه.

وأما العلامة الصنعاني- رحمه الله- فإنه تبنّى بعض المسائل التي لا يوافَق عليها- وهي نادرة- بينّها وجلاّها- بعدل وإنصاف- د. عبد الرزاق البدر في مقدمة تحقيقه لكتاب الصنعاني (الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف) ، فيمكنك أن تراجعه، وينبغي أن تعلم أخي السائل أن وجود بعض الأخطاء العلمية في كلام أحد من أهل العلم المعروفين بنصرة الدليل، واتباع منهج السلف- رحمهم الله- لا يجوز أن يكون سببًا في الطعن عليه أو النيل منه، بل الواجب أن يبين الخطأ، وتحفظ له سابقته ومكانته في العلم، والدعاء له جزاء ما قدم ونفع، مع الاعتذار لهم ما أمكن، وذلك بدراسة الوضع الاجتماعي والسياسي، والبيئة العلمية التي نشأ فيها العالم، وغير ذلك من المؤثرات التي تلقي بظلالها على الشخص مهما كان علمه، وقل أن ينفك عنها بشر، فإن ذلك معين على فتح أبواب من العذر لذلك العالم- الذي أخطأ- لم تكن لتقال لولا دراسة تلك الأسباب التي أشرت إليها. وأما أفضل الكتب في الفقه وأيسرها، فالواقع أن اختيار كتاب معين في أي فن من الفنون، سالم من الملاحظات لا يكاد يوجد، خاصة إذا كانت حالة السائل غير معلومة للمسؤول؛ لأن الكتاب الذي يصلح للمبتدئ غير الكتاب الذي ينصح به المتوسط، والمتقدم في الطلب، لذا أحيل السائل على أقرب شيخ أو طالب علم يعرفه، ويعرف إمكانيته؛ حتى يرشده إلى الكتاب الذي يناسب حاله. والله أعلم.

نشأة الشيعة

نشأة الشيعة المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 05/05/1426هـ السؤال السلام عليكم كيف بدأت طائفة الشيعة، وكيف أصبحت صلاتهم تختلف عن صلاتنا؟ وكيف بدأت هذه الفجوة، وكيف تبلورت كفرقة مستقلة؟ الجواب بدأت الشيعة في الظهور في عهد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عندما خرج عليه فرقة الخوارج التي كانت تكفره - رضي الله عنه - وحاشاه-، وكان بعضهم يفضله على عثمان على خلاف أكثرية الصحابة، وقد تظاهر شخص يهودي بالإسلام اسمه: "عبد الله بن سبأ" وأخذ يتظاهر بنصرة علي -رضي الله عنه- ويزعم أنه وصي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقصده إفساد الدين. ومن ذلك التاريخ والتآمر لم يتوقف، ودسوا أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزعم أن علياً -رضي الله عنه- هو وصي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن الصحابة منعوه الوصية، وتعلَّق بهذه الدعوى قوم من الفرس، واستمر الكيد، والسذج من المسلمين يصدقون، إلى أن جاءت الدولة الصفوية في إيران والعراق، فأجبرت الناس على التشيع، وكثرت الأحاديث المكذوبة، واغتر بها من كان في قلبه كره للصحابة الذين أزالوا دولة الفرس والروم، وحرصوا على أن يخالفوا المسلمين في كل شيء، ومن ذلك الصلاة.

دخول الكنائس

دخول الكنائس المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 22/09/1426هـ السؤال هل يجوز دخول المسلم معابد النصارى واليهود من كنائس وغيرها؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالصحيح من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- جواز دخول معابد النصارى واليهود والصلاة فيها، وفي مذهب أحمد عدة روايات، فقد جاء في الإنصاف للمرداوي -رحمه الله- ما نصه: "وله دخول بيعة وكنيسة والصلاة فيهما من غير كراهة على الصحيح من المذهب، وعنه تكره مع صور، وظاهر كلام جماعة ويحرم دخولها معها". انتهى. وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية -رحمه الله- (22/162) أنه سئل عن الصلاة في البيع والكنائس مع وجود الصور، فأجاب -رحمه الله- بقوله: "وأما الصلاة فيها، ففيها ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره: المنع مطلقاً، وهو قول مالك، والإذن مطلقاً، وهو قول بعض أصحاب أحمد، والثالث، وهو الصحيح المأثور عن عمر بن الخطاب وغيره، وهو منصوص عن أحمد وغيره، أنه إن كان فيها صور لم يصل فيها؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ... وكذا قال عمر: "إنا كنا لا ندخل كنائسهم والصور فيها" انتهى. قلت: ومما يدل على جواز الدخول لتلك المعابد دون الصلاة فيها إذا كان فيها صور ما جاء في الصحيحين أن أم حبيبة ذكرت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور ... الحديث [صحيح البخاري (427) ، وصحيح مسلم (528) ] . ووجه الدلالة أن أم حبيبة دخلت الكنيسة ولم ينكر عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- فدل ذلك على جواز ذلك، والله أعلم.

الفرقة الكلابية

الفرقة الكُلاَّبية المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 02/11/1426هـ السؤال أريد أن توضّحوا لي معتقدات ابن كُلاَّب. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن عبد الله بن سعيد بن كُلاّب من أشهر من اشتغل بعلم الكلام في البصرة في زمانه، وله مناظرات مع المعتزلة في أيام المأمون مشهورة، بين فيها بطلان مذهبهم كما ذكر ذلك ابن النديم في "الفهرست" وغيره، مع أن ابن كُلاّب كتب بعضاً من المؤلفات في العقائد، إلا أن هذه الكتب لا زالت في عداد المفقودات، ويمكن أخذ آرائه ومعتقداته مما كتبه كُتَّاب المقالات والمهتمين بهذا الشأن. أما في مسائل الأسماء والصفات فمجمل قوله هو: إثباتها، وخصوصاً الصفات الخبرية منها كاليد والعين والوجه وغيرها، وأما الصفات الفعلية كالنزول والمجيء وغيرها مما يتعلق بمشيئة الله وإرادته فقد نفاها ابن كُلاّب بناء على نفي حلول الحوادث، وهو أن من قامت به الحوادث لا يخو منها، ومن قامت به الحوادث فهو حادث بناء على أن الصفات الفعلية حوادث، وقد التزم ابن كُلاّب في هذه الأصل شبهة حلول الحوادث التي قال بها المعتزلة، مع أنه ممن قام في وجه المعتزلة إبطالاً ورداً. وقول ابن كُلاّب في الأسماء والصفات فيه قصور عن الحق، وهو خلاف ما يعتقده السلف من إثبات الأسماء والصفات كلها، سواء منها الخبرية أو الفعلية كما جاء به الكتاب والسنة من غير تمثيل ولا تعطيل ولا تحريف ولا تكييف إثباتاً يليق بجلال الله وعظمته. أما ما يعتقده ابن كُلاّب في القرآن الكريم فهو مبني على قوله في الصفات الفعلية، حيث إن الكلام صفة فعل وهو ينفيها عن الله، ولذلك قال بأزلية الكلام، وأنه معنى

قائم بالله كالعلم والقدرة، وأنه ليس بحرف ولا صوت ولا ينقسم ولا يتجزأ ولا يتبعّض، وأنه معنى واحد، وأن القرآن الذي يتلى هو حكاية عن كلام الله، مع التزام ابن كُلاّب بقوله بأن القرآن غير مخلوق. وهذا القول من ابن كُلاّب مخالف لقول السلف من أن القرآن كلام الله تكلم به حقيقة بصوت وحرف مسموع وهو غير مخلوق. أما في موضوع رؤية الله تبارك وتعالى؛ فقد أثبتها ابن كُلاّب كما أثبتها أهل السنة، وأما في موضوع القضاء والقدر فهو في الجملة يقول فيه بقول أهل السنة، وهو إثبات القدر من الله تعالى. وقد كان لطريقة ابن كُلاّب في الاعتقاد أثر بارز في المدرسة الأشعرية التي جاءت بعده، وخصوصاً في نفيه لصفات الأفعال بناء على قوله بحلول الحوادث. هذا مجمل وأهم ما يُذكر في معتقد ابن كُلاّب. والله أعلم.

ما هي الليبرالية؟

ما هي الليبرالية؟ المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة التاريخ 19/04/1427هـ السؤال ما هي الليبرالية، وهل هي كفر؟! ولكم جزيل الشكر. الجواب اتجاهات الليبرالية عديدة ومتنوعة، تجتمع تحت عنوان (التحرر من الضوابط والمعايير عموما، والدينية على وجه الخصوص) . 1. أنواع الليبرالية: 1.1 فكري, 1.1.1 قناعات فكرية بالمناهج والمذاهب التغريبية وبالمسالك العملية مثل: * البنيوية. * التمركز حول الأنثى. * الحداثة. * العلمانية (وهي أعم وأشمل وتشكل المعتقدالأصولي لليبرالية) * العصرانية. 2 عضوي. انتماء إلى حركة معينة أو إلى مذهب له أعضاء أو إلى دولة غربية سراً أو علانية. * حركة مثل: * الماسونية. * حركة الاستنارة. * الفرنكفونية. * الأندية المشبوهة (روتاري--ليونز--) * مذهب مثل: * الماركسية. * الوجودية. * دولة والارتباط بها يكون: * سراً مثل: * المخابرات. * قد يظهر الارتباط بواجهة تعاون ثقافي مع السفارات أو البعثات. * علناً مثل الشخصيات التي تعلن عن ذلك مثل: * علي آل حمد. * شاكر النابلسي. * مأمون فندي. * عبد الرحمن الراشد. * أحمد الربعي. 3 سلوكي. 1.3.1 وفق القناعات الفكرية. 1.3.2 وفق الإنتماء العضوي. 1.3.3 تقليد ومحاكاة. 2. مجالات الليبرالية. 2.1 الفكر. 2.1.1 منظومة من الأفكار أو المناهج أو المذاهب تشكل قناعات فعلية توجه أصحابها وتسيطر على نظراتهم ومعاييرهم. 2.2 المشاعر. 2.2.1 مجموعة من المقاصد والمشاعر والولاءات والعداءات, تظهر من خلال الميول والحب والرغبة والاعتزاز والانتماء. 2.3 الأعمال والممارسات. 2.3.1 مسيرة مسلكية علمية يسير صاحبها وفق القناعات الفكرية والميولات القلبية أو بسبب التقليد والمحاكاة. المعالم الرئيسية لما يريد أصحاب الليبرالية تثبيته: 1. الغرب مصدر وأصل.

1.1 تسويق المبادئ والأفكار الغربية. 1.2 تحسين كل ما يأتي من عنده. 1.3 الدفاع عن مواقفه في القضايا المختلفة-تبرير المنطلقات والمقاصد. 1.4 تشجيع الدول والأفراد للحاق بالغرب. 1.5 الحضارة الغربية الليبرالية سائرة نحو تعميم نفسها على مختلف مناطق العالم. 2. المجتمع. 2.1 بث المذاهب الفكرية. 2.2 لا يوجد شيء اسمه غزو فكري. 2.3 كسر جوزة المسكوت عنه وتحليل مابداخلها. 3. السياسة. 3.1 المصلحة هي الأساس-البراجماتية-. 3.2 الدولة المدنية هي البعيدة عن أي تأثير ديني. 3.3 عدم الحرج من الاستعانة بالقوى الخارجية لدحر الدكتاتورية العاتية واستئصال جرثومة الاستبداد وتطبيق الديموقراطية الغربية، في ظل عجز النخب الداخلية والأحزاب الهشة..وهذه ليست سوابق تاريخية، فقد استعانت أوروبا بأمريكا لدحر النازية والفاشية.. وقامت أمريكا بتحرير أوروبا كما قامت بتحرير الكويت والعراق. 3.4 لا حرج في أن يأتي الإصلاح من الخارج..سواء أتى على ظهر جمل عربي أو على دبابة بريطانية أو بارجة أمريكية أوغواصة فرنسية. 3.5 لا حل للصراع العربي مع الآخرين في فلسطين وغيرها إلا بالحوار والمفاوضات والحل السلمي. 3.6 الإيمان بالتطبيع السياسي والثقافي مع الأعداء. 3.7 الاعتراف بالواقعية السياسية مثل: 3.7.1 اتفاقية كامب ديفيد 1979. 3.7.2 اتفاقية أوسلو1992. 3.7.3 اتفاقية وادي عربة 1994. 3.7.4 يجب أن تصبح اتفاقات شعبية. 4. الدين. 4.1 التدين تحجر وقسوة وظلام وتكفير. 4.2 الدين علاقة بين الفرد وربه لا غير. 5. المرأة. 5.1 مساواة المرأة مع الرجل مساواة تامة في الحقوق والواجبات والإرث والشهادة وتبني مجلة الأحوال الشخصية التونسية 1957 وهي نموذج أمثل لتحرير المرأة كتاب الليبراليون الجدد، النابلسي-ص25. 6. مفاهيم. 6.1 حتمية الليبرالية والديموقراطية لأنها حركة تاريخية شاملة جارفة كاسحة.

6.2 الليبرالية الجديدة مع: القيم الإنسانية الكونية ومع التعددية الفكرية والعقائدية، ومع حرية الضمير، ومع التفاعل الحضاري والإنساني. 6.3 مبادئ الليبرالية الجديدة: حرية الفكر المطلقة-حرية التدين المطلقة-التعددية السياسية-المطالبة بإصلاح الدين-فصل الدين عن الدولة-إخضاع المقدس والتراث للنقد العلمي- تطبيق الاستحقاقات الديموقراطية. 6.4 من مطالب الليبراليين الجدد: 6.4.1 المطالبة بإصلاح التعليم العربي الظلامي (الديني) . 6.4.2 إخضاع المقدسات والقيم الأخلاقية والتشريعات للنقد العلمي باستخدام الجينالوجيا القائمة على (من؟ ولماذا؟) . 6.4.3 يجب عدم الاستعانة مطلقاً بالمواقف الدينية التي جاءت في الكتاب المقدس (القرآن) تجاه الآخرين قبل 15 قرناً. 6.4.4 الأحكام الشرعية وضعت لزمانها ومكانها، وليست عابرة للتاريخ. 6.5 تبني الحداثة الغربية تبنياً كاملاً، باعتبارها تقود للحرية. 6.6 الوقوف إلى جانب العولمة وتأييدها باعتبارها أحد الطرق الموصلة إلى الحداثة الاقتصادية والسياسية والثقافية. 7. المرجعية. 7.1 تقديس العقل والتشكيك في الغيب. 7.2 تثبيت فكرة المرجعية الإنسانية ومركزية العقل الإنساني. 7.3 تثبيت أن الطبيعة كل مادي ثابت له غرض وهدف وهي مستودع القوانين المعرفية والأخلاقية والجمالية ومنها يستمد الإنسان معياريته. 7.4:نظرية المعرفة تقوم على العقل والحس فقط. 7.5 الإله: معزول وبعيد (مقدس بشكل إقصائي) , وسواء أكان موجوداً أو غير موجود فهذا أمر هامشي لا علاقة له بمناشط الإنسان العملية والاجتماعية. المعالم الرئيسية لما يريد أصحاب الليبرالية نفيه وإزالته: 1. فيما يتعلق بالغرب. 1.1- عدم الالتفات لعيوب الغرب وممارساته الاستبدادية الظالمة. 2. المجتمع. 2.1 جحد الدور الحضاري للأمة. 2.2 الاستخفاف باللغة العربية. 3. السياسة. 3.1 محاربة الحكم الإسلامي باسم محاربة الإسلام السياسي. 4. الدين.

4.1 إسقاط التاريخ الإسلامي وتشويهه. 4.2 تدنيس المقدسات. 4.3 الإعراض والتشكيك في كون الوحي مصدراً للمعرفة. 4.4 الزعم أن علماء الإسلام والوعاظ كما يسمونهم منغلقون عن العلم الحديث. 4.5 التيار الإسلامي ومشجعوه تيار غوغائي ديماغوجي. 4.6 التيار الإسلامي ضد القيم الإنسانية وضد التعددية الفكرية والعقائدية وضد حرية الضمير وضد التفاعل الحضاري والإنساني. 4.7 التعليم الديني ظلامي. 4.8 الأحكام الشرعية محصورة بزمانها. 4.9 الفكر الديني الذي جاء به علماء الدين وفقهاؤه ورجاله هو حجر عثرة. 4.10 أعداء العقل ابن تيمية والسيوطي وابن القيم. 4.11 استبدلوا العلوم المعاصرة بالطب النبوي، حتى أصبح النبي أحذق من أبي الطب أبو قراط. 5. المرأة. 5.1 الاعتداء على حصانة المرأة باسم الحرية والتحرر. 6. مفاهيم. 6.1 محاربة نظرية المؤامرة. 6.2 لا يمكن إنتاج الحاضر بتاريخ الماضي. 6.3 الاتجاه للماضي للاستعانة به لبناء الحاضر هو أسوأ الخيارات. 6.4 على العرب التخلي عن المثل الأعلى الموهوم. 6.5 تحرير النفس العربية من ماضيها ومن حكم الأسلاف الذين مازالوا يحكموننا من قبورهم. 7. المرجعية لا وجود لعلم مطلق.. ولا مرجعية للمقدس إلا ما يتوافق مع العقل. هذه جملة من المفاهيم والمعتقدات الليبرالية والمتفحص لها يجد أنها لا تخالف الإسلام فقط بل تقف ضده بشراسة وتعتبره وأهله والداعين إليه والمدافعين عنه عناصر ظلم وظلام وتخلف ورجعية، وتصور هذا كاف في معرفة حكم الليبرالية، ألم يستحق أبليس وصف الكفر ونار الخلد برده على الله أمرا واحدا فكيف بمن يرد جملة ضخمة من أحكام الدين بل من نصوص القرآن العظيم؟

التكفير والعذر بالجهل

تكفير المعين المستهزئ بالدين المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/التكفير والعذر بالجهل التاريخ 26/5/1424هـ السؤال من المعلوم أن الاستهزاء بالدين أحد نواقض الإسلام، وكفر مخرج من الملة، ولكن هل يقال بأن هذا المستهزئ -بعد إقامة الحجة عليه وإصراره على ذلك- كافر؟ أي هل يكفر بعينه؟ أفيدونا مأجورين. الجواب الحمد لله، من استهزأ بشيء مما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من القرآن ومن السنة الصحيحة أو شرائع الإسلام، كالصلاة والصيام والحج فإنه يكفر بذلك بعينه، ومثل هذا لا يجهل تحريمه وقبحه من كان عائشاً بين المسلمين، فإن الله تعالى قال في المنافقين الذين سخروا من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- فأنزل الله فيهم:"قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ*لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم" [التوبة: 65-66] ، فحكم عليهم سبحانه وتعالى بالكفر بأعيانهم، فمن استهزأ بالله أو بالرسول -صلى الله عليه وسلم- أو بالقرآن أو بشرائع الإسلام عالماً عامداً مختاراً فإنه كافر بعينه، فنقول هو كافر، يعني أنه يصير مرتداً عن الإسلام، تجب استتابته، فإن تاب وإلا قتل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"من بدل دينه فاقتلوه" رواه البخاري (3017) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- نعوذ بالله من زيغ القلوب، والله أعلم.

حكم من يقع في الشركيات عن جهل

حكم من يقع في الشركيات عن جهل المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/التكفير والعذر بالجهل التاريخ 30/3/1425هـ السؤال ما هو موقف الإسلام ممن يمارسون أعمال شركية كبرى بسبب الجهل؟ هل يخرجون بذلك من ملة الإسلام؟ أرجو تقديم جواب مفصل بأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة - رضي الله عنهم- والعلماء. الجواب الحمد لله رب العالمين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن توحيد الله تعالى هو مفتاح دعوة الرسل جميعا- على نبينا وعليهم الصلاة والسلام- ولذلك يجب الاهتمام بالتوحيد والحذر من الوقوع في أي لون من ألوان الشرك أو الكفر، كما يجب على المسلم أن يتثبت ولا يسارع إلى الحكم على مؤمن بالكفر أو الشرك إلا بعد تحقق شروط التكفير وانتفاء الموانع التي قد تمنع الحكم على معين بالكفر، إذ قد يقوم الكفر بشخص ولا نحكم عليه بذلك، فنقول: هذا القول أو هذا العمل كفر أو شرك، ولكن الحكم على القائل أو الفاعل بالكفر لا يكون إلا إذا توفرت شروطه - كما تقدم -. والذي يمارس أعمالاً شركية كبرى بسبب الجهل؛ لأنه يعيش في بلاد غير المسلمين أو في بلاد يغلب عليها الجهل بالدين ولا يوجد فيها من يعلم الناس أمور دينهم ويقيم عليهم الحجة، ولم يبلغه ما يدل على كون هذه الأعمال شركاً؛ فإنه يكون في هذه الحال معذورًا، لقوله تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" [الإسراء:15] .

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن رجلا لم يعمل خيرا قط قال لأهله: إذا مات أن يحرّقوه ثم يذروا نصفه في البر ونصفه في البحر. فوالله لئن قدر الله عليه ليعذِّبنَّه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين. فلما مات أمر الله البرَّ فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لمَ فعلتَ هذا؟ قال: من خشيتك يا ربِّ وأنت أعلم فغفر له" رواه البخاري (7506) ومسلم (2756) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. فهذا كان جاهلا، كما أن بعض المسائل قد تكون مسائل دقيقة خفية، فلهذا ينبغي عدم الإسراع في التكفير والحكم على الشخص بالشرك إلا بعد إقامة الحجة والبيان؛ فإن أصرَّ بعد ذلك وعاند فهو مشرك مرتد إن كانت الأعمال من الكفر الأكبر أو الشرك الأكبر المخرج من الملة. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.

الكفر الظاهر والخفي

الكفر الظاهر والخفي المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/التكفير والعذر بالجهل التاريخ 03/07/1425هـ السؤال هل يحكم بالكفر على من لم نتمكن من إقامة الحجة عليه؛ لمنعته أو لبعده، وهل نحكم عليه بالنار. الجواب الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

لا شك أن الإسلام في هذه الأزمنة قد انتشر وظهر، وأمكن كل إنسان عاقل أن يبحث ويعرف ما يجب عليه، حتى يعلم الإسلام الصحيح والكفر الصريح، ولكن الكثير من أهل الكفر والبدع قد اقتصروا على أديانهم، وأقنعهم أكابرهم بصحة ما هم عليه، فأضلوهم عن سواء السبيل، وأوقعوهم في الكفر الصريح، وظنوا أنهم على حق وصواب، حيث اتبعوا رؤساءهم، وهم الذين يقولون: "ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا" [الأحزاب:67] وقال تعالى: "يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين" [سبأ: 31] ، وفي يوم القيامة يتحمل الرؤساء مثل آثام الأتباع، لقوله تعالى: " وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم" [العنكبوت: 13] ، وقال تعالى: "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم" [النحل: 25] ، ومن وقع في الكفر الظاهر كالشرك والتكذيب بالرسل والتكذيب بالبعث فإنه يعتبر كافراً لأنه أعرض عن القرآن والسنة وصد عن سبيل الله، وأطاع رؤساءه وأكابر قومه، فالحجة قائمة عليه، والحكم أنه يرفع اسم الإسلام عنه، وأمره إلى الله، فلا يدعى له ولا يستغفر له، ويكون في يوم القيامة مع رؤسائه، ويتبرأ كل منهم من الآخر، كما قال تعالى: "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب" [البقرة: 166] ، ومع ذلك يحرص أهل السنة على إقامة الحجة على الأتباع والمتبوعين، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها، ومن لم تبلغه الحجة ولم يتمكن من معرفة الحق والدين، فحكمه حكم أهل الفترات، الذين يختبرون في الآخرة، والله أعلم بما كانوا عاملين.

المسائل التي يعذر فيها بالجهل؟

المسائل التي يُعذر فيها بالجهل؟ المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/التكفير والعذر بالجهل التاريخ 11/05/1427هـ السؤال هل يعذر الإنسان بجهله أو لا؟ وهل يعذر في ما علم من الدين بالضرورة؟ وما حدود الضرورة التي يجب على الإنسان أن يعرفها من الدين؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالعذر بالجهل مسألة من المسائل التي خاض فيها كثير من الناس ما بين غال وجاف، فهناك من يجعل الجهل عذراً بإطلاق، وهناك من يمنعه بإطلاق، والحق وسط بينهما، وفي هذه الكلمات سنبين -إن شاء الله- تبسيطاً لهذه المسألة، فأقول وبالله التوفيق: المقصود بالجهل: خلو النفس من العلم، أو عدم العلم بما من شأنه العلم به، والجهل ابتداء أمر أصلي ينبغي رفعه -حسب الاستطاعة- قال تعالى: "وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا" [النحل:78] ، وروى مسلم (1579) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هل علمت أن الله قد حرمها؟ ". قال: "لا". ففي هذا الحديث دليل على أن الإثم مرفوع عمن لم يعلم، قال تعالى: "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا" [الإسراء:15] . ومن أمكنه التعلم ولم يتعلم أثم. والقاعدة الشرعية دلت على: أن كل جهل يمكن المكلف دفعه، لا يكون حجة للجاهل، فإن الله تعالى بعث رسله صلوات الله وسلامه عليهم إلى خلقه برسالاته وأوجب عليهم كافة أن يعلموها، ثم يعملوا بها، فالعلم والعمل واجبان، ولا خلاف في أن المرء لو أسلم ولم يعلم شرائع الإسلام فاعتقد أن ليس على الإنسان صلاة، أو أن الخمر حلال، وهو لم يبلغه حكم الله، لم يكن كافراً بلا خلاف يعتد به، حتى إذا قامت عليه الحجة فتمادى حينئذ فهو بإجماع الأمة كافر.

قال ابن تيمية –رحمه الله-: "من الناس من يكون جاهلاً ببعض هذه الأحكام جهلاً يعذر به، فلا يحكم بكفر أحد حتى تقوم عليه الحجة من جهة إبلاغ الرسالة، كما قال تعالى: "لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ" [النساء:165] . ولهذا لو أسلم رجل ولم يعلم أن الصلاة واجبة عليه، أولم يعلم أن الخمر حرام، لم يكفر بعدم اعتقاد إيجاب هذا، وتحريم هذا، بل ولم يعاقب حتى تبلغه الحجة النبوية". ويقول -رحمه الله- في مقام آخر: "إن تكفير المعين وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها، وإلا فليس كل من جهل شيئاً من الدين يكفر". ولعل من أظهر الأدلة في اعتبار الجهل عذراً ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال رجل لم يعمل خيراً قط لأهله -وفي رواية: أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه- إذا مات فحرقوه، ثم اذروا نصفه في البر ونصفه في البحر، فو الله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، فلما مات فعلوا ما أمرهم، فأمر الله البحر فجمع ما فيه، وأمر البر فجمع ما فيه، ثم قال له: لم فعلت هذا؟ قال من خشيتك يا رب وأنت أعلم فغفر له" صحيح البخاري (7506) ، وصحيح مسلم (2756) . قال ابن تيمية -رضي الله عنه- تعليقاً على هذا الحديث: "فإن هذا الرجل جهل قدرة الله على إعادته، ورجا أن لا يعيده بجهل ما أخبر به من الإعادة، ومع هذا لما كان مؤمناً بالله وأمره ونهيه، ووعده ووعيده، خائفاً من عذابه، وكان جهله بذلك جهلاً لم تقم عليه الحجة التي توجب كفر مثله، غفر الله له".

ومما تجدر الإشارة إليه أننا الآن في زمان قد تهيأت فيه الأسباب لتبليغ ونشر دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في البلدان عن طريق الوسائل المختلفة التي جعلت سائر أقطار العالم كالبلد الواحد، إلا أن العذر بالجهل لا يزال ظاهراً في عصرنا، حيث قلَّ أهل العلم العاملون، وكثر الأدعياء الذين يزينون الكفر والباطل للعامة ويلبسون عليهم، وقد أشار ابن تيمية -رضي الله عنه- إلى أهل زمانه وما كان عليه الكثير من الوقوع في أنواع الكفر، ومع ذلك عذرهم بهذا الجهل قائلاً: "وهؤلاء الأجناس وإن كانوا قد كثروا في هذا الزمان فلقلة دعاة العلم والإيمان، وفتور الرسالة في أكثر البلدان، وأكثر هؤلاء ليس عندهم من آثار الرسالة وميراث النبوة ما يعرفون به الهدى، وكثير منهم لم يبلغهم ذلك، وفي أوقات الفترات، وأمكنة الفترات يثاب الرجل على ما معه من الإيمان القليل، ويغفر الله فيه لمن لم يقم الحجة عليه ما لا يغفر به لمن قامت الحجة عليه، كما في الحديث المعروف: "يأتي على الناس زمان لا يعرفون فيه صلاة، ولا صياماً، ولا حجاً، ولا عمرة، إلا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، ويقولون: أدركنا آباءنا وهم يقولون: لا إله إلا الله. فقيل لحذيفة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله؟ فقال: تنجيهم من النار". أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه، وصححه الألباني في الصحيحة برقم (78) . وعندما نقرر أن للعذر بالجهل اعتباراً في مسألة التكفير، فلا يعني أن الجهل عذر مقبول لكل من ادعاه؛ لذا يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: "إن من العلم ما لا يسع بالغاً غير مغلوب على عقله جهله، مثل الصلوات الخمس، وأن لله على الناس صوم شهر رمضان، وحج البيت إذا استطاعوا، وزكاة في أموالهم، وأنه حرَّم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر، وما كان في معناه".

ومن المهم أن يعلم أن العذر بالجهل تكتنفه وتتعلق به أمور منها: نوعية المسألة المجهولة، كأن تكون من المسائل الخفية، وكذلك حال الجاهل كحديث عهد بإسلام، أو الناشئ في البادية، ومن حيث حال البيئة، ففرق بين وجود مظنة العلم وعدمه. أما أصول الدين التي أوضحها الله في كتابه، فإن حجة الله هي القرآن، فمن بلغه فقد بلغته الحجة". وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة: "يختلف الحكم على الإنسان بأنه يعذر بالجهل في المسائل الدينية أو لا يعذر باختلاف البلاغ وعدمه وباختلاف المسألة نفسها وضوحاً وخفاءً، وتفاوت مدارك الناس قوة وضعفاً، ومن عاش في بلاد يسمع فيها الدعوة إلى الإسلام وغيره، ثم لا يؤمن ولا يطلب الحق من أهله فهو في حكم من بلغته الدعوة الإسلامية وأصرَّ على الكفر، أما من عاش في بلاد غير إسلامية ولم يسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن القرآن الكريم والإسلام فهذا على تقدير وجوده حكمه حكم أهل الفترة يجب على علماء المسلمين أن يبلغوه شريعة الإسلام أصولاً وفروعاً إقامة للحجة وإعذارا إليه، ويوم القيامة يعامل معاملة من لم يكلف في الدنيا لجنونه أو بَلَهه أو صغره وعدم تكليفه، وأما ما يخفى من أحكام الشريعة من جهة الدلالة، أو لتقابل الأدلة وتجاذبها فلا يقال لمن خالف فيه آمن وكفر، ولكن يقال: أصاب وأخطأ". وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل التكفير واجب؟!

هل التكفير واجب؟! المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/التكفير والعذر بالجهل التاريخ 04/03/1427هـ السؤال هل يجب على كل مسلم أن يكفِّر من يستحق الكفر؟ وهل لابد من إطلاق لفظ الكفر على الكافر، أم نكتفي بالقول: لا نعلم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالحكم بالتكفير من الأحكام الشرعية، وله حدود وضوابط وشروط وموانع، ونفي التكفير مطلقا لا يستقيم في عقل ولا نقل؛ فلا دين بلا حدود، بل حتى الدساتير الوضعية لها حدود وضوابط، فالحكم بالخيانة العظمى في الدول وما يترتب على ذلك من قتل أو سجن هو نوع من التكفير. وأما إطلاق وصف الكفر على المسلمين فهو نوع من العدوان والظلم، أما من توفرت فيه شروط الكفر وانتفت موانعه، وكان هناك مصلحة شرعية في إطلاق وصف الكفر عليه فيجوز. أما الملل الكافرة -كاليهود والنصارى والوثنيين- فلا بد من اعتقاد كفرهم من غير شك في ذلك، ولا تردد فيه؛ لأن الله قد فصل في الأمر وحكم بأنه لا يرضى سوى الإسلام دينا، وأن من اعتقد غير عقيدة الإسلام فهو ضال كافر، ولا يصح أن نقول عن الكافر الصريح الكفر: (لا نعلم حاله) كما ورد في السؤال، ولكن مع ذلك لا يلزم أن يخاطبوا بلفظ الكفر، ولا يجب أن يوصفوا بوصفه إذا لم يكن هناك داع شرعي أو مصلحي لذلك، ولذلك خاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- ملك الروم بقوله: "من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم". صحيح البخاري (4553) ، وصحيح مسلم (1773) ، ولم يقل له إلى الكافر ملك الروم.

شبهة في التكفير!

شبهة في التكفير! المجيب د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/التكفير والعذر بالجهل التاريخ 01/06/1427هـ السؤال لدي صديق عليه علامات الصلاح، ونحسبه ونحن على خير، ولكن لديه شبهة في مسائل التكفير. وهي أنه كل من عمل من أعمال الكفر، ولو كان جاهلا بذلك، نحكم عليه بالكفر قياسًا على أن كل من سرق، يقال له: إنه سارق. وكل من زنى، يقال له: إنه زانٍ. دون أن يلتفت إلى اعتقاده، أو إلى قلبه، هل هو جاهل بالحكم أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالتكفير من الكفر؛ الذي هو ضد الإيمان، وهو حكم شرعي، يراد به: بيان حالة الخروج من ملة الإسلام. وكونه حكما شرعيا: فإنه لا يثبت على مسلم إلا بدليل يقيني، ولا ينتفي عن كافر إلا بدليل يقيني. فالمسلمون لا يثبت في حق أحدهم وصف الكفر إلا بدليل يقيني، هو ما أخبر عنه الشارع أنه كفر، في خبر ثابت، من القرآن أو السنة الصحيحة، قطعي الدلالة. لا يحصل بغير الثابت، ولا بظني الدلالة. والكافرون لا ينتفي عن أحدهم وصف الكفر إلا بدليل يقيني، هو: نطقه بالشهادتين. كفر الفعل، وكفر الفاعل. وفي أية عملية ثلاث مراتب، هي: 1- صورة الفعل نفسه، مجردة ذهنية. 2- إيقاع الفعل بواسطة فاعل. 3- الفاعل الموقع للفعل. ففي الأولين: يلحق الوصف بالفعل بمجردهما؛ أي بصورة الفعل، وبإيقاعه. أما في الثالث: فلا يلحق الوصف بالفاعل إلا بشرط، هو: إقامة الحجة. مثال على ذلك: أخذ المال من حرز لأحد الناس يسمى: سرقة. وفي هذه العملية المراتب نفسها: صورة الفعل نفسه، في حال الافتراض الذهني. وهذه تسمى: سرقة. إيقاع الفعل نفسه، إذا قام بها أحد الناس. وهذا أيضا يسمى: سرقة.

الفاعل الموقع للسرقة، فأما هذا فلا يوصف بالسارق إلا بالشرط؛ فإنه يحتمل أنه لا يدري بأنه سارق، كأن يأخذ المال يظنه ماله. ويحتمل أنه أكره على السرقة بقتل، أو اضطر لجوع. ومثال آخر: الزنا. فالإيلاج في فرج محرم هو: الزنا. وفيه المراتب الماضية: صورة الفعل نفسه، في حال الافتراض والتصور الذهني. وهذه تسمى: زنا. إيقاع الفعل نفسه، إذا تحقق عينا، حينما يقوم به أحد الناس. ويسمى كذلك: زنا. الفاعل الموقع للزنا، فلا يوصف بالزاني إلا بالشرط؛ فيحتمل أنه أولج في فرج يظنه حلالا له، لظلام أو نوم ونحوه. ويحتمل أنه أكره على فعله. كذلك السياف الذي يقطع الرقاب بالسيف. فالقتل هو: إزهاق الروح. وهذا قد فعل الإزهاق. فصورة الفعل نفسه في الذهن، هي: قتل. وإيقاع الفعل يسمى: قتلا. لكنه ليس بقاتل قطعا. والدليل على عدم ثبوت الوصف في حق الفاعل إلا بالشرط: أن هؤلاء المعذورين لا يؤاخذون، ويسقط عنهم الحد، ولو كان الوصف لازما لكل فاعل، ثابتا عليهم في كل حال: لوجب الحد عليهم. ولا يقال هنا: نثبت الوصف في حق الفاعل، دون الحكم. فهذا كلام لا معنى له، إلا الإصرار على تجريم الفاعل، ولو بالاسم والصفة، دون مراعاة عذره، وهو ينافي رحمة الشريعة، وأن الأصل فيها عدم المؤاخذة إلا بعد التقدم بالإعذار، قال تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" [الإسراء:15] . وبالنظر إلى ما سبق: فإن الكفر من الأحكام التي تأخذ التفصيل الآنف، فمثلا: الحكم بغير ما أنزل الله. فترك الحكم بما أنزل الله تعالى كليا، والحكم بما وضعه القانونيون: كفر. ثبت بذلك النص القطعي، في قوله تعالى: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة:44] . وفي هذا الفعل المراتب الآنفة: صورة الفعل نفسه: الحكم بغير ما أنزل الله تعالى. في حال الافتراض الذهني، وتسمى: كفرا. إيقاع الفعل نفسه، بقيام أحد الناس بالحكم بغير ما أنزل مطلقا، ويسمى: كفرا.

الفاعل للفعل، وهو الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى، فلا يسمى كافرا، إلا بالشرط. فإطلاق الوصف بالكفر على العمل، لا يشترط فيه سوى الإتيان به فحسب، أما إطلاقه على الفاعل له، فيشترط فيه – زيادة على مجرد الإتيان – قصده، وخلوه من الأعذار، وهو لا يعرف إلا بقيام الحجة؛ وذلك بثبوت الشروط (=العقل، والبلوغ، والعلم، والعمد..) ، وانتفاء الموانع (=الجهل، الجنون، النسيان، التأول، الإكراه..) . والتعليل: أنه ليس كل من فعل الكفر فقد أراده وأحبه. بل قد يفعله مكرها، أو جاهلا، أو متأولا. وهذه أعذار واردة في كل فاعل للكفر، يستوي فيها الحاكم والمحكوم، فتجب مراعاتها، منعا للظلم، ومؤاخذة الناس بما لا يعتقدونه، ولا يقصدونه. ولو كان كل فاعل للكفر كافرا، من غير شرط: لكفر عمار بن ياسر رضي الله عنه؛ إذ قال كلمة الكفر مكرها!!. ولكفر الذي قال في حال فرحه، إذ وجد ناقته: (اللهم أنت عبدي، وأنا ربك) (1) . سبق لسان منه. لكن الدليل أفاد أنهما لم يكفرا، بقوله صلى الله عليه وسلم لعمار: "إن عادوا فعد" (2) ، وقوله عن الآخر: "أخطأ من شدة الفرح". وسوق القصة مساق المدح. فثبت بذلك التفريق بين الفعل والفاعل. مهمة عسيرة. ومع كل ذلك: فإثبات الكفر على الواقع في عمل كفر، ليس من السهولة بمكان، فإنه يحتاج إلى خطوات لازمة، واجبة: أولاً: إثبات أن هذا العمل كفر، بنص ثابت، دلالته على المطلوب قطعية. وهذا لا يمكن إلا بملك أدوات الفتوى: من علم بالكتاب والسنة، وأقوال أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، وقدرة على الاجتهاد. فهي مهمة العالم إذن. ثانيا: إثبات وقوع المعين في هذا العمل الكفري، يقينا لا ظنا وخرصا. وهذا يحتاج فيه إلى خبر متواتر، أو كلام مسطر في كتاب له، أو فعل اشتهر فصار معلوما للجميع، كتعطيل الشريعة والحكم بالقانون الوضعي، ونحو هذا.

ثالثا: إقامة الحجة على المعين؛ للتأكد من خلوه من الأعذار، التي تدرأ عنه الكفر، ولتنزيل هذا الحكم عليه. وهذه أخطر الخطوات، وأكثرها حساسية ومسؤولية. وهي مهمة لا تتحقق، ولا تتيسر -في العادة، وفي الأعم الأغلب– ولا تكون مفيدة نافعة للناس وللدين، إلا باجتماع العلماء والحكام واتفاق أمرهم: فالحاكم من جهة الأمر؛ فيأمر بإحضار المتهم بالعملية الكفرية، لسؤاله واستنطاقه. والعالم من جهة الفتوى وإقامة الحجة؛ فيقوم بالمساءلة والاستنطاق، وإقامة الحجة. رابعا: إذا قامت الحجة على المعين، وقع عليه الكفر، فيستتاب، فإن تاب وإلا طبقت عليه أحكام الردة. فلو فرضنا أن إثبات الأمرين الأولين في المتناول، فإنه ليس كذلك في إقامة الحجة، وإثبات الكفر على معين. فإثبات الشروط، وانتفاء الموانع (= إقامة الحجة) أمر شاق وعسير، فإنه يحتاج إلى فحص كل شرط لمعرفة ثبوته، وكل مانع لمعرفة انتفائه، وقد لا يتيسر ذلك في كل حال. وما زال كثير من العلماء يتورعون عن تكفير الأعيان، وإنما يكتفون بالحكم على القول دون القائل، نظرا منهم إلى عدم علمهم بقيام الحجة على القائل، أو عدم تمكنهم من ذلك. والمتأمل في النصوص، يجد الفرض الذي على عامة المؤمنين، فيما بينهم من الرقابة على أمور الدين، هو: إقامة الحجة من جهة البلاغ، كما قال تعالى: "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين" [فصلت:33] . ببيان حقيقة الكفر، وأنواعه، وحكمه، ومتى يقع المسلم في الكفر؟. لا من جهة المساءلة، والمحاسبة، والمحاكمة، والمعاقبة. فهذا فرض على الحاكم؛ لأنه مأمور بصون الشريعة، وبإقامة الحدود. فإذا لم يقم به فهو المسؤول عنه، فالإمام راع، وهو مسؤول عن رعيته، كما في الحديث [صحيح البخاري (893) ، وصحيح مسلم (1829) ] لا يسأل أحد غيره عن تفريطه.

فالحرص على ما أوجبه أو استحبه على عموم المؤمنين، وليس فيه محذور ولا خطر؛ أعني البلاغ والدعوة والإصلاح، أولى من البحث فيما لم يوجبه عليهم، بل أوجبه على بعضهم، وهو مزلة قدم، والمسلم في سلامة منه؛ أعني تكفير الأعيان.

___ (1) روى مسلم (2747) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أشد فرحا بتوبة عبده، حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك، إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي، وأنا ربك. أخطأ من شدة الفرح". وأخرجه البخاري (6309) مختصرا. (2) رواه ابن جرير (2) ، في تفسير قوله تعالى: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم.."، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر، فعذبوه، حتى باراهم في بعض ما أرادوا، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كيف تجد قلبك؟ ". قال: مطمئنا بالإيمان. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عادوا فعد". تفسير ابن جرير (14/374-375) . وانظر الكلام على إسناده في الحاشية (1) (ص375) من المصدر نفسه، ومما نقل فيه أن الحافظ ابن حجر قال في الفتح: "مرسل، رجاله ثقات". وقد تكلم عليه كذلك أكرم ضياء العمري في السيرة النبوية الصحيحة (1/156) ، حاشية (6) .

المناهي اللفظية

عبارة "الله يخونك إذا خنتني" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/المناهي اللفظية التاريخ 11/3/1424هـ السؤال ما حكم قول:"الله يخونك إذا خنتني" وذلك إذا كان بين الشخصين اتفاق على شيء، وأطلق هذه الكلمة على سبيل التخويف من الخيانة؟ الجواب الحمد لله، هذا القول قبيح، فإنه يتضمن نسبة الخيانة إلى الله، وهو من عبارات الجهال الذين يشتقون من كل فعل ينكرونه على بعض الناس، يشتقون منه فعلاً يضيفونه إلى الله في دعائهم عليه، كما يقولون: أتلفه الله كما أتلف كذا، وأهانه الله كما أهانني، وقد يقول بعضهم: الله يعتدي عليك كما اعتديت عليَّ، ومن هذا قوله: الله يخونك كما خنتني، أو يقولون كلمة عامة: الله يخون من خان، فالحاصل أن إضافة الخيانة إلى الله حرام، فإن الخيانة قبيحة، والله سبحانه وتعالى منزه عن كل قبيح، منزه عن العيوب والنقائص في ذاته وصفاته وأفعاله، والله أعلم.

القول: بغدر الزمن

القول: بغدر الزمن المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/المناهي اللفظية التاريخ 7/7/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي هو: هل يجوز أن يقال: إن الزمن غدار؟ وما الدليل على ذلك؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فالذي يظهر لي -والله تعالى أعلم- ما يلي: هذا القول من القائل يحتمل أمرين: الأمر الأول: السبّ للدهر وهو الزمان وذمّه وهذا ظاهر النص؛ لأن الغدر صفة ذم وسبّ، وإذا كان هذا مراد القائل فهذا لا يجوز؛ لورود النص الصحيح الصريح بالنهي عن سب الدهر، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله -تعالى-:"يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار" رواه البخاري (4826) ، وفي رواية زيادة "بيدي الأمر" وفي مسلم (2246) : "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر" وذلك لما في سب الدهر من مفاسد، ومنها: 1. أنه سبّ من ليس أهلاً للسب، فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله -تعالى- منقاد لأمره متذلل لتسخيره، فسابّه أولى بالذم والسب منه. 2. أن سبه متضمن للشرك وذلك إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع وأنه مع ذلك ظالم له قد غدر بمن لا يستحق الغدر. 3. أن السب إنما يقع على من فعل هذه الأفعال، فسبهم للدهر هو في حقيقته سب لله -تعالى-؛ لأن الله هو الذي يقلب الليل والنهار ويدبر الأمر فيهما، فالساب دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما: إما مسبة الله أو الشرك به -تعالى- فإن اعتقد أن الدهر فاعل فهو مشرك، وإن اعتقد أن الفاعل هو الله فهو سابّ لله -تعالى-. 4. أن السب فيه اعتراض على قدر الله الكوني؛ لأنه لا يكون إلا ما يريده -تعالى-.

الأمر الثاني: ألا يريد السب والذم، وإنما يريد وصف الواقع، فإذا كان هذا هو المراد فذكر وصف الزمان بحقيقته جائز، كأن يقال: هذا يوم حار وهذه أيام نحسات ويوم عصيب ونحوها، لكن الغدر ليس من أوصاف الزمان وهذا كذب لا يجوز، وما يقع في الدهر من أمور فإنما هي بتقدير الله -تعالى- وخلقه وإيجاده، وأما الزمن فليس له خلق ولا إيجاد ولا فعل، وإنما هو محل لهذه المقادير، وعليه فهذا التعبير لا يجوز على الحالتين.

عبارة (الزمن غدار)

عبارة (الزمن غدّار) المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/المناهي اللفظية التاريخ 04/05/1425هـ السؤال ما حكم الشرع في مقولة (الزمن غدّار؟) . الجواب جاءت النصوص بالنهي عن سب الدهر، وما يشبه ذلك من شتم للزمان ووصفه بالأوصاف السيئة، والقول بأن الزمن غدار من هذا الباب المنهي عنه، وهو قول خاطئ شرعاً، ومن ناحية النظر غير صحيح؛ ذلك لأن الزمن ليس له إرادة ولا مشيئة، ولا يصح أن تنسب إليه الأوصاف الاختيارية كالغدر والخيانة ونحو ذلك؛ لأن الزمان والعصر مجرد ظرف للعمل وهو مخلوق مدبر بأمر الله ومسير بحكمة الله وموجه بقدر الله فلا يصح نسبة الغدر إليه؛ لأن ذلك يتضمن سب المدبر الخالق المالك المتصرف في الزمان والمكان سبحانه وتعالى-.

عبارة "رب ما عبدتك خوفا من نارك.."!

عبارة "رب ما عبدتك خوفاً من نارك.."! المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/المناهي اللفظية التاريخ 30/05/1427هـ السؤال ما رأي الشرع في القول التالي: (ربي ما عبدتك خوفا من نارك، ولا طمعا في جنتك، ولكني رأيتك أهلا للعبادة فعبدتك) . من الناحية العقدية، وما توجيهه في اللغة، بحيث لا يتعارض مع العقيدة، إن كان هناك تعارض. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالله عز وجل امتدح الذين يدعونه (رغباً ورهباً) والذين (يرجون رحمته ويخافون عذابه) . والعبادة لله تكون بأركانٍ ثلاثة: أولها: محبة الله وتعظيمه. والثاني: خوف الله وخشيته. والثالث: رجاء الله والرغبة إليه. ولا داعي لتوجيه هذا الكلام وتسويغه فهو من شطحات الصوفية وبدعهم وليس وحيًا منزلاً.

الإيمان بالرسل

تنزيه القرآن لمريم وابنها دون الناس المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 26/8/1424هـ السؤال نصراني يسألني هذا السؤال: لماذا ينص القرآن على أن المسيح وأمه مريم كانا منزهين من الخطايا، بينما جميع الأنبياء الآخرين بمن فيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - ارتكبوا الخطايا؟ هل يجعل هذا المسيح أعلى من كونه نبياً، بما أن كتابكم ينص على كونه وأمه المنزهين الوحيدين في الناس أجمعين الجواب وعليكم السلام، نصَّ القرآن على طهر مريم والمسيح، كما نصَّ على طهر غيرهما من الرسل عليهم السلام، وليس الأمر قاصراً عليهما، وورد في السنة سلامتهما من وخز الشيطان عقب الولادة استجابة لدعاء أم مريم "وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" [آل عمران: 36] وانظر ما رواه البخاري (3431) ، ومسلم (2366) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وسبب التركيز على طهر مريم أنها اتهمت في شرفها ورميت بالزنا من قبل اليهود، وأنكر قومها عليها أن تأتيهم بمولود مع أنها لم تتزوج. كما صرَّح القرآن بنطق عيسى عليه السلام ببراءة أمه في المهد، وببراءته مما نسب إليه، حيث كان اليهود يعيرونه قائلين: لسنا أولاد زنا، وهو ما أشار إليه القرآن "وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً" [النساء: 156] . ولم يرد نص في العهد الجديد يصرح بنطق عيسى في المهد بعبوديته أو براءة أمه، وإنما ورد أمر ليوسف النجار خطيب مريم بأن لا يشهرها حين وجدها حبلى، وأما براءة عيسى فلأنه ظُلِم من اليهود ومن أتباعه، فأتباعه نسبوا إليه شرب الخمر في العشاء الأخير، وادعوا تسلط الشيطان عليه في التجربة ورفضه القضاء والقدر حين علم بالصلب، فضلاً عن لعنه الحجر والشجر في بعض الأحيان.

ومع هذا فالقرآن قطع ببشرية مريم وابنها، وذكر الدليل العملي على ذلك، قال تعالى: "مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ ... الآية" [المائدة: 75] . والسؤال الآن أيهما أولى بالاتباع القرآن أو الإنجيل؟! وأيهما أعلى شأن وقدر مريم وابنها، القرآن أم الإنجيل؟! وأيهما نزَّه عيسى عما نسب إليه وهو منه براء؟! الأمر يتطلب تفكيراً عقلياً لا إرثاً دينياً. والله أعلم.

وفاة المسيح أم قتله وصلبه؟

وفاة المسيح أم قتله وصلبه؟ المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 23/4/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ كنت في حوار مع أحد النصارى حول حال السيد المسيح - عليه السلام- في الإسلام ونجاته من الصلب، وحاول هذا النصراني أن يثبت لي صلب المسيح من عدة آيات تخبر بوفاة المسيح، وأن المسلمين يتغاضون عن هذه الآيات ويفسرونها بالنوم، في حين يتمسكون بآية يتيمة يبدو من ظاهرها نجاة المسيح -عليه السلام- من الصلب، ويقصد بذلك قوله تعالى: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" ويفسرها تفسيراً شاذاً، كما حاول إيهامي أن علماء المسلمين اختلفوا في نجاة المسيح من الصلب، فمنهم من قال بوفاته على الصليب كما أقرت الآيات القرآنية في قوله تعالى: "إني متوفيك ورافعك إلي" وقوله على لسان المسيح: "فلما توفيتني" ومنهم من قال بنجاته تمسكاً بتلك الآية الوحيدة، فما صحة ذلك؟ فرغبت من فضيلتكم مساعدتي في الرد عليه، وهل صحيح أن الآية القرآنية التي تقول:"وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" هي الآية الوحيدة لدينا في الإسلام التي تنفي صلب المسيح؟ وهل وردت أحاديث تتكلم عن نجاة المسيح من الصلب حتى أقطع عليه الشك باليقين بموقف الإسلام من نجاة سيدنا المسيح -عليه السلام-؟ الجواب عليك السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي السائل: ما كان لنا أن ندع حكماً حاسماً ورد في القرآن أو نتشكك فيه لقول كافر نصراني -حفظك الله من الشك-، إن القرآن نفى أمرين عن عيسى – عليه السلام- (القتل، والصلب) ، كما نفى عنه البنوة لله أو الألوهية، وذكر القرآن أمراً يعرفه النصارى أكثر مما يعرفه المسلمون؛ وذلك في قوله "ولكن شبه لهم" [النساء: 157] ، فالأناجيل وهي تتناول قصة صلب المسيح صرحت بأن الشرطة كانوا يجهلون عيسى ولا يعرفونه ودفعوا رشوة قدرها ثلاثين من الفضة ليهوذا الأسخر يوطي ليدلهم على مكان عيسى وجعلوا علامة بينهم وبينه، من يقبله فهو المسيح، وأخذهم يهوذا إلى مكان فيه جمع من الناس، وطرق عليهم الباب فخرج أحدهم وقال: من تطلبون قالوا: يسوع الناصري فقال: أنا يسوع الناصري فقبله يهوذا وأخذه الشرطة ولم يعترض، وقادوه إلى الحاكم وطلبوا صلبه وعلق على الصليب، وهنا نقول: ما المانع أن يكون يهوذا أراد فداء المسيح فأخذهم إلى غير المكان الذي هو فيه، ما المانع أن يكون أحد التلاميذ أو محبي المسيح أراد أن يفدي المسيح بنفسه، حين سئل المأخوذ أنت المسيح قال للسائل أنت تقول ولم يقل نعم (متى 26/64، 65) ، حين سأله الوالي المقبوض عليه أنت ملك اليهود فقال له أنت تقول (متى 27/11) ، ما المانع أن يكون الله قد خلق إنساناً على شبه المسيح ليفديه به وألقى النوم على عيسى "ومتوفيك" [آل عمران: 55] ورفعه إليه حتى لا يغلب مكر اليهود إرادة الله، وقد صدر عام 1967م وثيقة من الفاتيكان تبرئ اليهود من دم المسيح، فكيف تصدر إلا إذا توفرت قناعة بعدم صلب المسيح لأن النصوص تصرح بقولهم "أصلب دمه علينا وعلى أولادنا) متى (27/26) ، فالنصوص غير قطعية الدلالة على صلب المسيح، والعقل ينفي صلب المسيح للآتي:

إذا كان المسيح هو الله أو ابن لله أو ثالث ثلاثة -كما يعتقد النصارى- فكيف يصلب في كل الأحوال، ومن كان الممسك للسماوات والأرض حين كان الله معلقاً على الصليب، ومن تولى أمر الرزق والخلق والإحياء والإماتة؟ إن قالوا إن الصلب وقع على الناسوت دون اللاهوت فما صلب الله ولا ابن الله وإنما صلب إنسان عادي، وإن قالوا إن الصلب وقع على اللاهوت والناسوت فكلامهم باطل؛ لأن من صفات الإله أنه الحي، كما في العهد القديم، وأي عاقل يقبل أن يصلب الله ابنه كما يعتقد النصارى، بسبب ذنب عبده، وهل يجوز شرعاً وعقلاً أن يؤخذ البريء (عيسى) ، بذنب المذنب (آدم) ، وأيهما أقرب إلى العقل توبة آدم وبراءة عيسى من الصلب أو العكس؟ ودعوى خلاص البشرية من الخطيئة الخفية غير مسلمة، ومن عجز عن خلاص نفسه كيف يخلص غيره، إن المسيح -كما يزعمون- أخذ وحمل صليبه وشق ثيابه وبصق في وجهه وضرب على رأسه واستهزئ به وتم تحديه، وكان يستغيث: إيلى إيلى لما شبقتني؟ أي إلهي إلهي لما أسلمتني، فهل يستطيع هذا خلاص غيره، وهل يموت الإله؟ أما قرأوا في العهد القديم ملعون من علق على الصليب؟ أخي الكريم إن السنة لم تتناول موضوع الصلب صراحة؛ لأن القرآن قد حسم الأمر فلا مجال بعد ذلك لكلام والنص واضح ودلالته صريحة، ويفهم من نصوص عودة المسيح في السنة أن المسيح حي وسيظل حتى ينزل فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، ثم يموت بعد اكتمال أجله. انظر ما رواه البخاري (2476) ، ومسلم (155) ، من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه-.

ولا خلاف بين سائر علماء المسلمين في عدم صلب المسيح، فكيف يختلفون في نجاته إذا كان المسيح لم يصلب أصلاً، وأما الآية الأولى "إني متوفيك" فمعناها مستوفيك أجلك بعد نزولك إلى الأرض مرة ثانية، أو ملق عليك النوم ورافعك، ويعبر عن النوم بالوفاة كثيراً في القرآن، ويكون المعنى إني ملق عليك النوم حتى لا تشعر بألم عند الرفع حياً إلى حيث يشاء الله، والسنة في قصة المعراج ذكرت أنه في السماء. وأما الآية الثانية "فلما توفيتني" [المائدة: 117] فلا تعني الصلب بل القبض والأخذ والرفع، ولم يقل عيسى - عليه السلام- فلما صلبتني أو أسلمتني أو صلبني اليهود، والتأكيد على الوفاة ينفي الصلب، أولى بالنصارى أن لا يتمسكوا بالصلب والفدا؛ لأن فيه إهانة للمسيح تتجاوز الحد بحسب النصوص، حيث الضرب والشتم والتحدي والسخرية والتعليق بين اللصوص على الصليب وتمزيق الثياب وطلب الماء وسقياه الخل، وفرار تلاميذه منه، ونكران بطرس علمه به، وتقديم يهوذا الحواري ربه ليصلب، إلخ.. ومع ذلك يزعمون أنه الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة، إن الذي أعلى قدر المسيح ونزهه هو القرآن، وللمزيد اقرأ ما يلي: بين الإسلام والمسيحية - للخزرجي تحقيق أ. د: محمد شامة. الأجوبة الفاخرة للقرافي تحقيق أ. د: بكر زكي عوض تخجيل من صرف الإنجيل المسعودي تحقيق أ. د: بكر زكي عوض. الإنجيل والصليب عبد الواحد داود تحقيق أ. د: بكر زكي عوض الإعلام بما في دين النصارى القرطبي تحقيق د: أحمد حجازي السقا تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب: عبد الله الترجمان. والسلام ختام.

هل تنتهي رسالة الرسل بموتهم؟

هل تنتهي رسالة الرسل بموتهم؟ المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 1/9/1424هـ السؤال الأنبياء والرسالات السابقة غير رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - هل تنتهي بوفاة الرسول أو النبي؟ أم أنه يجب على من سمع بها بعد وفاة رسولها الإيمان بها قبل مجيء النبي الآخر؟ وهل هؤلاء من يطلق عليهم أهل الفترة؟. الجواب رسالة الرسول - أيّ رسول- لا تنتهي بموته، بل تبقى من خلال ما ورَّثه من كتاب وعلم وعلماء وتشريع ودعاة مصلحين، إلى أن تنسخ رسالته برسالة أخرى من الله - تعالى-. فقد تبقى رسالة الرسول بعد موته ولا تنسخها رسالة من بعده، وأحياناً كرسالة موسى المتمثلة بالتوراة فإن عيسى عمل بها وبما أنزل إليه في الإنجيل، وكذا سائر أنبياء بني إسرائيل. عدا رسالة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنها باقية شاملة إلى نهاية الدنيا، وكل من ادَّعى النبوة بعده فهو كاذب.

الشك في نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-

الشك في نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 24/5/1423 السؤال ينتابني شك في أصل من أصول العقيدة، وهو: شهادة النبوة للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وهي ناتجة من التمادي مع الوسوسة، ومناظرة بعض النصارى أحياناً، فأطلب منك أن تذكروا لي الأدلة القطعية لنبوته حتى أرد الشيطان مخزياً -إن شاء الله-، وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان من يحاورك من أهل الكتاب من النصارى فيسهل إثبات النبوة لديه؛ لأنه يعترف بظاهرة النبوة وهو يؤمن بوجود الأنبياء -عليهم السلام- كنوح وإبراهيم ولوط وموسى، وتسأله: كيف ثبت نبوة هؤلاء الأنبياء هو جوابنا عن ثبوت نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-. ودلائل النبوة متنوعة والحديث فيها يطول، وعليك بكتب العقيدة، ومن الكتب المعاصرة (الرسل والرسالات) للدكتور الأشقر. وعلى كل حال، فمن دلائل النبوة: 1- البشارات. 2- المعجزات. 3-السلوك النوعي. 4- السلوك الشخصي. وقد ظهرت على يد نبينا -عليه الصلاة والسلام- معجزات كثيرة اهتمت بها بعض الكتب كـ (دلائل النبوة) للبيهقي، ومن ذلك انشقاق القمر، نبع الماء من أصابعه، تكليم الجمادات، كتسبيح الحصى، وحنين الجذع، تكثير الطعام القليل حتى يكفي الفئام من الناس. وأعظم معجزة القرآن الكريم، ومظاهر إعجازه متنوعة، ومن ذلك الإخبار عن الأمور المستقبلية ووقوعها كما أخبر القرآن، ومن ذلك أيضاً الإعجاز العلمي، وهناك هيئات علمية متخصصة في تجلية هذا الجانب. ثم النظر في حال النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعوته، وكونه أمياً لا يقرأ ولا يكتب، كيف نصره الله وأعزه وأعلى دينه؛ ليظهره على الدين كله على ضعف الإمكانيات المادية، وتآمر الأعداء، ومع ذلك فأهل الإسلام في ازدياد وفي قوة.

علم الرسل للغيب

علم الرسل للغيب المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 1/6/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله. كنت في زيارة لإحدى المدن في المملكة المتحدة، وبالتحديد (بيرمينقهام) ، وقد لا يخفى عليكم كثرة الجماعات، وخلال الجلسة حدث نقاش بين الإخوة منهم من يتكلم باسم الصوفية والآخر باسم السلفية، فأتى دوري بالحديث فبينت للإخوة ما أعلمه وانتهى الحديث عن علم الغيب، وعن دعاء الأموات. فلدي سؤالان: 1- هل يعلم الرسول علم الغيب؟ مثلاً ما فعلت وأفعل وما سيحدث لي. 2- هل يجوز سؤال دعاء الرسول لي مثلاً كقول: "ياحبيب الله ساعدني بمساعدة الله"؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الجواب1: الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم الغيب، ولذلك حينما سأله الكفار عن الساعة أنزل الله عليه قوله:"قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" [الأعراف:188] أي لا أملك أن أجلب لنفسي خيراً ولا أدفع عنها شراً، ولو كنت أعلم متى يكون لي النصر في الحرب لقاتلت فلا أغلب، وقيل: لو كنت أعلم متى أموت لاستكثرت من العمل الصالح، ولو كنت أعلم الغيب أيضاً لحذرت من أن يمسني السوء. الجواب2:

أما سؤالك دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم-لك، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قد توفاه الله إليه، فتوجه إلى من عنده سؤلك يجب دعوتك، فاسأل الله -تعالى- بلا واسطة بينك وبينه، كما أمرك في قوله -تعالى-:"وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" [غافر:60] ولذلك لم يصح عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهم وقفوا على قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألونه النصر على الأعداء أو تفريج الكربات رغم ما مر بهم من محن عظيمة، بل ورد النهي والوعيد الشديد من الله على دعاء الأموات نبياً أو غيره، قال -تعالى-:"وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ*إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ" [فاطر:13-14] وقوله:" وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ" [الأحقاف:6] ، ولذلك حين أجدبت السماء في زمن عمر خرج يستسقي بالناس وأمر العباس أن يستسقي؛ لأنه حيّ حاضر يدعو ربه، فلو جاز أن يُستسقى بأحد بعد وفاته لاستسقى عمر بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكذا السابقون الأولون، وعلى ذلك فمن تعدى المشروع إلى ما لا يشرع ضل وأضل.

هل التطور سبب تعدد الأنبياء وختمهم؟

هل التطور سبب تعدد الأنبياء وختمهم؟ المجيب د. علي بن بخيت الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 28/10/1424هـ السؤال يقال إن من أسباب تعدد الأنبياء تطور الفكر البشري، واختلاف البيئة، ولكن لم يبعث نبي بعد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، فهل هذا يعني أن العقل البشري قد بلغ حده من التطور؟ الجواب إن هذه المسألة تعد من فضول المسائل التي لا يتعلق بها كبير شأن، ولكن ما ذكر من كلام قد يقوله بعض الناس في تلمس الحكم من وراء مسألة تعدد الأنبياء، ولا شك أن الله -عز وجل- قد أرسل الرسل وبعث الأنبياء المخلق كلما دعت الحاجة إليهم، وختمهم بمحمد -صلى الله عليه وسلم-. ولا أعلم نقلاً صحيحاً صريحاً في أن تطور الفكر والعقل البشري يعد من أسباب تعدد الأنبياء، ولكن قد يستأنس في مثل هذا المقام بالحديث الصحيح الذي رواه الشيخان البخاري (3535) ومسلم (2286) وغيرهما عن أبي هريرة وجابر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال:"مثلي في النبيين كمثل رجل بنى داراً، فأحسنها وأكملها وأجملها، وترك فيها موضع لبنة لم يضعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه، ويقولون: لو تم موضع هذه اللبنة! فأنا من النبيين موضع تلك اللبنة".

هل أرسل رسول من البادية؟

هل أرسل رسول من البادية؟ المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 28/5/1424هـ السؤال كيف نوفق بين قوله تعالى عن يعقوب -عليه السلام- وبنيه:"وجاء بكم من البدو" وبين قوله تعالى عن الرسل -عليهم السلام-:"إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى" فالآية الأولى تثبت أن بعض الأنبياء من البدو؟ الجواب جواب العلماء على هاتين الآيتين بقولين: القول الأول: أن قوله -تعالى-:"وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى" [يوسف: 109] على حقيقته، وأن الله حصر الرسالة في أهل المدن والحاضرة، دون أهل البادية والأعراب، وهذا ظاهر النص ولا ينتقل إلى غيره إلا بدليل. وعلى هذا القول تحتمل هذه الآية أوجهاً تجمع معها الآية الأخرى محل السؤال، ومن هذه الأوجه: الأول: أن يعقوب - عليه السلام- من الحضر ثم انتقل بعد ذلك إلى البادية وتحول إليها، ولم يكن قبل من أهلها، ويدل على ذلك حال والده إبراهيم -عليهما السلام-، وسكناه الشام، ويبدو أنه أصابهم فقر وجدب أو ضائقة ما فخرجوا من حاضرتهم، فقد قالوا:"يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر ... "الآية [يوسف: 88] . الثاني: أن البدو الذي جاءوا منه مستند للحضر فهو في حكمه. الثالث: أن المراد بالبدو نزول موضع اسمه بدا، وهو المذكور في قول جميل أو كثير: وأنت الذي حببت شغباً إلى بدا **** إلي وأوطاني بلاد سواهما حللت بهذا مرة ثم مرة **** بهذا فطاب الواديان كلاهما وروي هذا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- ولا يخفى بُعد القول، كما نبه عليه الألوسي والشنقيطي. انظر: (دفع إيهام الاضطراب للشنقيطي في سورة يوسف) . الرابع: أن ذلك البدو لم يكن في أهل عمود، بل هو مستقر في منازل وربوع. الخامس: أنه بدو بالنسبة لحاضرة مصر، كما القرية أحياناً للمدينة الكبيرة تبدو ليست بحاضرة. انظر: (المحرر الوجيز) لابن عطية.

القول الثاني: وذهب إليه ابن عاشور في (التحرير والتنوير) : أن الآية لا تدل على الحصر، واستدل بالآية المسؤول عنها، ومثل بيعقوب - عليه السلام- وأنه من أهل البدو. والقول الأول باحتمالاته: هو الراجح بأوجهه المحتملة وهو الذي عليه عامة المفسرين. وتدل عليه النصوص الشرعية في ذم الأعراب، والتشبه بطبائعهم، ويؤيد ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء يسمونها العتمة لإعتام الإبل" رواه ابن حبان في صحيحه (1541) وأبو نعيم في المستخرج (1429) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ولم يستحب الخروج في البادية والاستقرار مع الماشية والبحث عن الكلأ إلا عند الفتن، كما فعل أصحاب الكهف، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن" رواه البخاري (3300) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- والله أعلم.

ما الدليل على أن النبي تلقى القرآن من الوحي؟

ما الدليل على أن النبي تلقى القرآن من الوحي؟ المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 17/8/1424هـ السؤال دخلت على أحد المواقع التي تهاجم الإسلام، يقول أحد رجال الدين المسيحي إن القرآن الكريم هو فعلاً من عند الله، إلا أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- لم يتلقه عن طريق الوحي، وإنما حصل على محتواه من ورقة بن نوفل، الذي كان محمد يذهب إليه ويتعلم منه ما جاء في الإنجيل والتوراة، ثم في مرحلة ما صاغ هذه المعلومات فيما أطلق عليه القرآن، وزاد فيه ما يبين أنه نبي، كيف نرد على هذا الكلام؟ وما هي الأدلة العقلية على أن محمداً عليه الصلاة والسلام قد تلقى القرآن الكريم عن طريق وحي إلهي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن للسؤال جانبين: الأول: الشبهة التي يرددونها قديماً وحديثاً، ونجيب عليها بما يتسع له المقام من ثلاثة وجوه: الأول: يقال لهم لقد خالف القرآن الكريم التوراة والإنجيل في أعظم وأخطر قضية وهي الوحدانية لله تعالى، فالقرآن يؤكد على وحدانية الله وكماله وتفرده بالعظمة والخلق والجلال والجمال. بينما نصوص التوراة والإنجيل تؤكد على الثالوث: الأب والابن وروح القدس، وتنسب إلى الله النقائص، تعالى الله عن قولهم علواً كبير. الثاني: في جانب التشريع نجد أن الإنجيل يحرم الزواج بالمطلقة، ويعتبره زناً، فقد جاء فيه (من تزوج مطلقة فقد زنا) ، أما القرآن فإنه يعتبر ذلك مكرمة للمرأة، ويراه أمراً حسناً، وقد تزوج النبي - صلى الله عليه بزينب - رضي الله عنها - بعد أن طلقها زيد بن حارثة - رضي الله عنه -.

الثالث: أنك إذا قارنت بين أسلوب القرآن وبلاغته وفصاحته، وبين نصوص العهدين وجدت الفرق العظيم، فنصوص العهدين تغلب عليها الركاكة في الأسلوب، وأما القرآن فقد أعيا أساطين البلاغة إلى اليوم أن يأتوا ولو بسورة أو بآية مثله، فكيف يقال إنه قد صيغ من كتب أولئك الذين لا يستطيعون الإتيان بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً. أما الجانب الثاني من السؤال فيقال بإجمال: إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - لم يقرأ ولم يكتب، ومع ذلك فقد جاءت في القرآن أخبار علمية لم يعرفها العالم إلا في منتصف القرن العشرين، فمن الذي علم محمداً - صلى الله عليه وسلم - هذه الحقائق العظيمة؟! إنه الله الذي يعلم ما كان وما سيكون. ومن جهة أخرى فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمور ستقع، وبالفعل وقعت كما أخبر بها، كما أخبر بفتح القسطنطينية، وغير ذلك مما وقع كما أخبر. ثم إن هرقل ملك الروم شهد شهادة عقلية بقوله لما أخبره أبو سفيان بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكذب، قال: وما كان ليدع الكذب على الناس ثم يكذب على الله. وأحيل السائل على كتابات الدكتور زغلول النجار حفظه الله، وكتابات الشيخ عبد المجيد الزنداني، لتوضح له هذه الجوانب، كما أحيله على كتاب (دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة) للدكتور الطبيب موريس بوكاي الفرنسي، حيث خرج بشهادة مفادها أن التوراة والإنجيل تتصادم مع النظريات العلمية الحديثة، أما القرآن فإنه يتفق معها، وهذا دليل على أنه من عند الله، وتلك الكتب المحرفة من البشر، والله أعلم.

عصمة الرسول - صلى الله عليه وسلم -

عصمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 3/4/1424هـ السؤال فيما يتعلق بعصمة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، هل هو معصوم من الخطأ؟ أو معنى العصمة هنا أن الله عصمه من الناس -صلى الله عليه وسلم-، وإذا كان معصوماً من الخطأ صلوات ربي وسلامه عليه، فما هو التفسير الصحيح لحادثة الأعمى التي نزل فيها قول الله -تعالى- "عبس وتولى" وجزاكم الله خير ونفع بكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فإنَّ القول بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يقع منه خطأ، مخالف لظاهر القرآن؛ لأن الله سبحانه ـ الذي أرسله بالحق، وهو أعلم به ـ قد عاتبه في غير ما آية، ولا يكون العتاب إلا بسبب وقوع خطأ منه -صلى الله عليه وسلم- وقد يستعظم بعض الناس القول بهذا، زاعمًا أن ذلك ينقص من قدر النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس الأمر كذلك؛ فحق الله أعظم، والإيمان بكلامه الذي نقله الرسول -صلى الله عليه وسلم- أولى من هذا الزعم، ولو كان في هذه العتابات الإلهية له ما ينقص من قدره لما ذكرها الله –سبحانه- في حقِّ خليله محمد -صلى الله عليه وسلم- والمسلم مطالب بالأخذ بظاهر القرآن، ومن تأول مثل هذه العتابات الإلهية فإنه سيقع في التحريف والتكذيب بخبر الله –سبحانه- وقد ذكرت في كتابي "تفسير جزء عمَّ" تعليقًا على قوله –تعالى-:"وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ" [الشرح: 2 ـ 3] ما يتعلق بأمر العصمة، وهذا نصُّه: "قال: مجاهد من طريق ابن أبي نجيح: "ذنبك"، قال قتادة من طريق سعيد ومعمر: (كانت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له) ، وكذا قال ابن زيد. وهذه مسألة تتعلق بالعصمة، وللناس فيها كلام كثير، وأغلب الكلام فيها عقلي لا يعتمد على النصوص، وهذا النص صريح في وقوع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في شيء من الذنوب التي قد غفرها الله له، ولكن لم يبيِّن الله نوع هذه الذنوب، ولذا فلا تتعدى ما أجمله الله في هذه النصِّ، وقُلْ به تسلمْ. ولا تفترض مصطلحاً للعصمة من عقلك تحمل عليه أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فتدخل بذلك في التأويلات السمجة التي لا دليل عليها من الكتاب ولا السنة؛ كما وقع من بعضهم في تأويل قوله –تعالى-: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر [الفتح: 2] ، قال: ما تقدم: ذنب أبيك آدم، وما تأخر: من ذنوب أمتك، وانظر الشبه بين هذا القول وبين قول

النصارى في الخطيئة، فالله يقول: "ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك"، وهذا يقول هو ذنب غيره! والله المستعان". واعلم أنَّ في الرسول جانبان: جانب بشري، وجانب نبوي، أمّا الجانب البشري فهو فيه كالبشر: يحب ويكره، ويرضى ويغضب، ويأكل ويشرب، ويقوم وينام … إلخ، مع ما ميَّزه الله به في هذا الجانب في بعض الأشياء؛ كسلامة الصدر، والقوة في النكاح، وعدم نوم القلب، وغيرها من الخصوصات التي تتعلق بالجانب البشري. ومن هذا الجانب قد يقع من النبي – صلى الله عليه وسلم - بعض الأخطاء التي يعاتبه الله عليها، ولك أن تنظر في جملة المعاتبات الإلهية للنبي – صلى الله عليه وسلم -؛ كعتابه بشأن أسرى بدر، وعتابه بشأن زواجه من زينب – رضي الله عنها -، وعتابه في عبد الله بن أم مكتوم – رضي الله عنه -، وغيرها، وقد نصَّ الله على هذا الجانب في الرسل جميعهم صلوات الله وسلامه عليهم، ومن الآيات في ذلك: "قل سبحان ربي هل كنت إلاَّ بشراً رسولاً " [الإسراء: 93] ، ومن الأحاديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضي له على نحو ما أسمع، من حق له أخيه شيئاً، فلا يأخذ، فإنما أقطع له من النار" (رواه البخاري (6967) ، ومسلم (1713) من حديث أم سلمة –رضي الله عنها-. وتكمن العصمة في هذا الجانب في أنَّ الله يُنبِّه نبيه – صلى الله عليه وسلم - على ما وقع منه من خطأ، وهذا ما لا يتأتَّى لأحد من البشر غيره، فتأمله فإنه من جوانب العصمة المُغفلة. وأما الجانب النبوي، وهو جانب التبليغ، فإنه لم يرد البتة أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم - خالف فيه أمر الله؛ كأن يقول الله له: قل لعبادي يفعلوا كذا فلا يقول لهم، أو يقول لهم خلاف هذا الأمر، وهذا لو وقع فإنه مخالف للنبوة، ولذا لما سُحِرَ النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يُؤثِّر هذا السِّحْرُ في الجانب النبوي، بل أثَّر

في الجانب البشري انظر ما رواه البخاري (3268) ، ومسلم (2189) من حديث عائشة - رضي الله عنها-، ومن ثَمَّ فجانب التبليغ في النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم، ويدل على هذا الجانب قوله تعالى: "وما ينطق عن الهوى، إن هو إلاَّ وحي يوحى" [النجم: 3-4] الله أعلم.

دلالة القرآن على عودة عيسى عليه السلام

دلالة القرآن على عودة عيسى عليه السلام المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 9/5/1424هـ السؤال هل تدل الآيات 33من سورة مريم، و46 من آل عمران، و110 من المائدة على بشارات عودة المسيح -عليه السلام- باعتبار أنه لم يبلغ الكهولة في حياته الأولى، وأنه ليس في كلام الكهل العادي ثمة معجزة، وكما كان السلام في يوم مولده معجزة، وكان في وفاته بعد نجاته من القتل معجزة، فلا بد أن يكون بعثه معجزة دنيوية. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالآية الثالثة والثلاثون من سورة مريم تقول: "وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً" [مريم:33] ، والبعث المراد هنا هو البعث ليوم القيامة، وليس مشيرًا إلى نزول عيسى -عليه السلام- لأمور، منها: الأول: أن نزوله لا يسمى بعثًا. الثاني: أن المعنى الغالب للبعث في القرآن إنما هو البعث ليوم القيامة. الثالث: أنه قد وقع الخلاف بين العلماء في كونه رُفِعَ حيًّا أو ميتًا، فمن قال: إنه رُفِع حيًّا، فإنه لا يتناسب مع معنى البعث، كما هو ظاهر. أما الآيتين الأخريين، وهي قوله تعالى: "وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ" [آل عمران:46] . وقوله تعالى: "إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ُتكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ

وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ َهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ ُبِينٌ" [المائدة:110] فقد ورد فيهما النص على كلامه الناس في مرحلة الكهولة، والكهل في لغة العرب هو من كان بين الثلاثين والأربعين، وخصَّه بعضهم بابن الثالثة والثلاثين، وذكر الأزهري شاهداً على إطلاقه على من فوق الأربعين، لكن الأشهر الأول، قال الطبري وأما قوله: "كهلاً": محنكًا فوق الغُلُومة ودون الشيخوخة (جامع البيان 3: 271) . ومن ثَمَّ، فإن الله أخبر في الآيتين أن عيسى -عليه السلام- يكلم الناس في المهد وفي هذا معجزة ظاهرة، ويكلمهم حال كهولته، وذلك بعد نبوته وإرساله إلى بني إسرائيل، حصل بهذا أن عيسى -عليه السلام- قد حصل منه التكليم في المهد ببراءة أمه، والتكليم حال الكهولة بالنبوة قبل رفعه إلى السماء، وعلى هذا جمهور تفسير السلف، كما ذكره الطبري وغيره عنهم في تفسير كلامه في مرحلة الكهولة. هذا وقد نصَّ بعض المفسرين على أن هذا التكليم يكون بعد نزوله؛ وهذا صحيح باعتبار كونه رُفِعَ كهلاً، وأنه ينْزل وهو في سنِّ الكهولة. وهذا القول ـ وهو أن يكون مكلمًا للناس بعد نزوله ـ هو من لوازم القول الأول؛ لأنه رُفِع في حال كهولته، وبعد تبليغهم الرسالة في هذه الحال، فإذا نزل فإنه ينزل على ما كان رُفِعَ عليه، والله أعلم. من ثَمَّ فإن هذا المعنى ـ وهو الإشارة إلى نُزوله ـ حصل باعتبارين:

الأول: نصُّ بعض المتقدمين على أنه يكلمهم إذا قتل الدجال وهو يومئذ كهل، قاله ابن زيد من مفسري أتباع التابعين، ونصَّ على كونه من آيات عيسى العلامة اللغوي ثعلب، فقد نقل عنه الأزهري قوله: ذكر الله -جلَّ وعزَّ - لعيسى آيتين، إحداهما: تكليمه الناس في المهد فهذه معجزة. والأخرى: نزوله إلى الأرض عند اقتراب الساعة كهلاً ابن ثلاثين سنة يكلم أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فهذه الآية الثانية. تهذيب اللغة (6: 18) . الثاني: أنه يلزم من رفعه أن يكون نزوله على حاله التي رُفع عليها، وهي مرحلة الكهولة، فيكون نزوله متمِّمًا لكلامه الناسَ في الكهولة، وعلى هذا تكون إشارة إلى نزوله إلى الأرض، وإتمامه بقية حياته فيها، والله أعلم. وقد يرد السؤال عن سبب الإشارة إلى تكليمه في الكهولة مع أنه يقع من كل الناس. فالجواب: أولاً: أن آية سورة آل عمران نزلت بشأن نصارى نجران، وفي ذكر تكليمه للناس في الكهولة أنه بشر يمرُّ بأطوار البشر، وليس كما يزعمه النصارى من كونه ولد الله، تعالى الله عن ذلك، أو كونه هو الإله، كما زعمته طائفة منهم أيضًا. وهذا المعنى أشار إليه محمد بن جعفر بن الزبير، ونصَّ عليه الطبري. (تفسير الطبري 3: 272) . وأما آية المائدة ففيها الإشارة إلى تأييد روح القدس له في حال تكلمه في المهد وفي الكهولة، وكأن فيها إشارة إلى أنه مؤيد بالروح القدس في كل أحواله، والله أعلم. وهذا يعني اختلاف الاعتبارين بسبب النظر إلى السياق فيهما. والله الموفق.

حكم دراسة مادة تطعن في الأنبياء

حكم دراسة مادة تطعن في الأنبياء المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 18/12/1424هـ السؤال رجل يدرس مادة غربية ضمن دراسته الجامعية، وتحتوي هذه المادة على قصص وقصائد تطعن في كثير من الأنبياء -عليهم السلام-، وتقول: إن النبي محمداً -صلى الله عليه وسلم- في النار والعياذ بالله. هل يجوز متابعة هذه الدراسة أم لا؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإنه قبل الحديث عن جواز متابعة الدراسة فإنه يجب إنكار هذا المنكر بالوسائل المتاحة لكل من علم به أو قدر على إنكاره، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم (49) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. والسائل لم يخبرنا عن اسم الجامعة أو البلد الذي يدرس فيه هذه المادة، وليس هناك منكر أعظم من الطعن في رسل الله -صلوات الله وسلامه عليهم- بل يجب استعمال الوسائل النافعة لتغييره، ومنها مخاطبة المسؤولين بالجامعة، أو بوزارات التربية والتعليم العالي، أو المراكز الإسلامية، أو الغيورين في السفارات الإسلامية، بل وحتى اللجوء إلى القضاء ووسائل الإعلام بعد استشارة أهل الخبرة.

أما دراسة تلك المادة فإذا كانت مادة إجبارية ولا بد منها فإنه لا يجوز السكوت على المنكرات التي تتضمنها، وقد قال سبحانه وتعالى: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً" [النساء:140] ، وقال تعالى-: "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" [الأنعام:68] ، فلا يسع دراسة هذه المادة والجلوس لها إلا ببيان ما فيها من الباطل للأستاذ والطلبة. نسأل الله -تعالى- للسائل التوفيق، وأن يعينه على الصلاح والإصلاح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فترة حمل وولادة عيسى - عليه السلام-

فترة حمل وولادة عيسى - عليه السلام- المجيب د. عبد العزيز بن علي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 1/1/1425هـ السؤال ما هي فترة الحمل والولادة لسيدنا عيسى بن مريم - عليه السلام-؟. الجواب الحمد لله، هذه المسألة لم ينص على تحديدها القرآن ولا السنة، ويروى فيها عن السلف أقوال مضطربة، لا يصح القطع بواحد منها، فمنهم من قال: كانت مدة حملها ساعة، ومنهم من قال: تسعة أشهر كسائر النساء، وهو مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما- وقيل: ستة أشهر، وقيل: سبعة أشهر، وقيل: غير ذلك. فإن كان ثمة ترجيح فهو للقول الأول، لأن الله قال في خلقه: "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون" [آل عمران: 59]] ، ففيه دليل محتمل على أن خلقه كان معجلاً، ويلي هذا القول، القول الثاني: والقائل به يقول: لو كانت مدة حمله مخالفة لعادات النساء لناسب ذكر ذلك ضمن هذه القصة الغريبة، ومع ذلك فليست هذه المسألة مما تحرك الهمم لاستقصاء الأقوال فيها والبحث عن الحق فيها ... فمهما كان فيها من العجب من قدرة الخالق - عز وجل-، فقد ذكر ما هو أعجب منها وأكبر، وهو خلق عيسى - عليه السلام- من غير أب، فإن هذا يطوي جميع ما هو دونه في أدراجه، وممن ذكر الخلاف وشيئاً مما ذكرته الألوسي في تفسيره روح المعاني (16/79-80) . والله أعلم.

ارتكب الأنبياء عليهم السلام الصغائر

ارتكب الأنبياء عليهم السلام الصغائر المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 08/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. أحتار عندما أسمع عن أخطاء الأنبياء الصغيرة مثل الكذبات الثلاثة المنسوبة إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، سورة عبس المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والقتل الخطأ من موسى عليه السلام، وغيرها. فهل ارتكبت الأنبياء الصغائر؟ مع التكرم بتقديم أمثلة. الجواب بسم الله، وصلى الله على رسوله ومصطفاه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. انعقد الإجماع على عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام- من الكبائر ومما يصغِّر أقدارهم ويُوجب التعيير والازدراء من خوارم المروءات، ولكن نص القرآن على أن الأنبياء يقع منهم الذنب والخطيئة من الهفوات الصغيرة التي تقع منهم خطأً أو عن نسيان، أو غفلة، أو جهل، أو نحوه مما تقتضيه بشريتهم، ولم يذكر القرآن شيئًا من ذلك عن نبي إلا مقرونًا بذكر توبته منه، فهم معصومون من الإقرار على الذنب، بل يبادرون فور حدوث العوارض من جهل أو نسيان أو نحوه، إلى التوبة ويقبل الله منهم التوبة، وهذا لتتم منهم العبودية لله، فالتوبة عبادة وهي من أحب العبادات إلى الله، ولا تكون إلا من ذنب، ولذلك قال بعض السلف: لو لم تكن التوبة أحب الأعمال إليه لما ابتلى بالذنب أحب الخلق إليه. ومن الأمثلة على ما وقع من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام- ما ورد في قوله سبحانه: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) [طه:122،121] . وهو أكله من الشجرة، وفي قول نوح عليه السلام: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ

تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ) [هود:47] . وهو شفاعته في ابنه. وورد نحوه عن داود وسليمان، وقال سبحانه لمحمد صلى الله عليه وسلم: (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) [الفتح:2] . أمَّا ما ذكرت من كذبات إبراهيم فلم تكن خطايا بل معاريض، والمعاريض مشروعة، وقتل موسى كان عن خطإٍ لا عن عمد. والله أعلم.

حقيقة رفع عيسى -عليه السلام- إلى السماء

حقيقة رفع عيسى -عليه السلام- إلى السماء المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 06/05/1426هـ السؤال بعض الأشخاص يروجون بأن المسيح -عليه السلام- مات ميتة طبيعية، ولم يرتفع إلى السماء ودفن في الأرض، وبعد البحث الموسع خلصتُ إلى مسألتين أحتاج مساعدتكم فيهما: 1- كلمة: "رفعه" مذكورة (29) مرة في القرآن، لكنها حين استخدمت في الكلام عن عيسى -عليه السلام- أضيف إليها كلمة (إلى) (سورة النساء: الآية 158) وبهذا الاستخدام إشارة من القرآن إلى الصعود إلى السماء. 2-كلمة "توفاه" أيضا مستخدمة في القرآن (29) مرة، ولكن المشكلة التي أواجهها أنه في الآية (55) من سورة آل عمران، وفي كل موضع في القرآن هذه الكلمة قد تعني "نوم" أو "يؤدي إلى الموت" في حال استخدامها في سياق الكلام عن عيسى عليه السلام. ومن واقع فهمي فقد يكون الذي حصل أن الله بطريقة ما ذهب بعيسى -عليه السلام- إلى نوع من النوم (الآية 60: سورة النساء) . أرجو تفسير الكلمتين فيما يتعلق بصعود عيسى -عليه السلام- حيًّا إلى السماء من الناحية اللغوية. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: معنى: "التوفي" التوفي في لغة العرب معناه الاستيفاء، كاستيفاء المدة من الشهور والأيام في الدنيا، ويطلق التوفي على القبض أيضاً، كما يقال: توفيت المال واستوفيته، إذا قبضته وأخذته كاملاً، وكلاهما متقاربان. والتوفي لا يعني الموت إلا بقرينة، فقد يطلق على الموت، وقد يطلق على غيره، والذي يحدد ذلك قرينة السياق. ويطلق التوفي في لغة العرب على ثلاثة معانٍ: الأول: يطلق التوفي على النوم: ومنه قوله تعالى:" الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى" [الزمر: 42] .

والتوفي هنا قبض الأرواح عن التصرف في حال النوم، واستيفاء العقل والتمييز إلى وقت اليقظة، والذي ينام كأنه استوفى حركاته من اليقظة. الثاني: يطلق التوفي على الموت، وذلك وقت انقضاء الأجل، وفيه استيفاء للروح دون البدن، فيستوفي الله الروح كما في قوله تعالى: " حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون " [الأنعام: 61] . أما البدن فليس فيه هنا استيفاء ولا قبض، بل يبقى في الأرض ويوارى في التراب. الثالث: يطلق التوفي على توفي الروح والبدن جميعاً، أي قبضهما واستيفاؤهما جميعاً، وهذا الذي حصل للمسيح عليه السلام، وبذلك خرج عن حال أهل الأرض الذين يحتاجون إلى الأكل والشرب واللباس والنوم وغيرها، فحاله -عليه السلام- ليست كحال أهل الأرض في ذلك. وعلى هذا فمعنى التوفي في قوله تعالى: " وإذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ... " [آل عمران: 55] . أي قابضك ورافعك في الدنيا من غير موت، وهذا التوفي يحتمل معنيين، وكلاهما صحيح: الأول: أي رافعك إلي وافياً لم ينالوا منك شيئاً، كما يقال: توفيت من كذا وكذا واستوفيته: إذا أخذته تاماً. الثاني: إني متسلّمك، كما يقال: توفيت منه كذا: أي تسلمته وقبضته.

والله لم يذكر في القرآن عن المسيح أنه مات ولا قتل، ولو أراد الله الموت لقال: (وما قتلوه وما صلبوه بل مات) ، ولكن هذا لم يحصل، ولو أراد الله في معنى الوفاة المذكورة في القرآن الموت؛ لكان المسيح -عليه السلام- في ذلك كسائر المؤمنين والناس جميعاً في قبض أرواحهم والعروج بها إلى السماء، ولو فارقت روح المسيح بدنه لكان بدنه في الأرض كبدن سائر الأنبياء، ولذلك قال الله تعالى: " بل رفعه الله إليه ... "؛ ليبين أن الرفع للروح والبدن، ويشهد لذلك الحديث الصحيح كما عند الإمام مسلم وغيره في نزول المسيح -عليه السلام- في آخر الزمان بروحه وبدنه، وهذه الأحاديث كثيرة مشهورة ومتواترة ومعروفة في كتب السنة والحديث، ويشهد لذلك قوله تعالى: " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً.." [النساء: 159] أي موته في آخر الزمان بعد نزوله عليه السلام، ولذلك قال: " ليؤمنن به " وهذا فعل مُقسم عليه، ولا يكون إلا في المستقبل، وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، كما عند البخاري (3448) ، ومسلم (155) : " والله لينزلن فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ... " وهذا دلالة على المستقبل بدلالة القسم. وخلاصة الكلام هنا أن لفظ التوفي في اللغة العربية لا يدل بنفسه على توفي الروح دون البدن، ولا توفيهما جميعاً، ولا توفي النوم إلا بقرينة منفصلة ككثير من الألفاظ العربية. معنى:" الرفع " الرفع في لغة العرب ضد الوضع، وقد يستخدم في الأعيان (أي الأجسام) ، وقد يستخدم في المعاني. والرفع في الأجسام حقيقة في الحركة والانتقال إلى جهة العلو، كما يقال: ارتفع الطائر، أو ارتفع موج البحر. فارتفاع الشيء ارتفاعاً بنفسه أي علا، وهكذا.

وأما الرفع في المعاني فهو محمول على ما يقتضيه المقام، فمثلاً: قوله عليه الصلاة والسلام: " رفع القلم عن ثلاثة الصغير حتى يكبر و ... " أخرجه أبو داود (4398) ، والنسائي (3432) . معناه عدم التكليف الشرعي، ويقال: ارتفع الرجل بحسبه ونسبه أي شرُف وصار شريفاً. وأما معنى الرفع في قوله تعالى في سورة النساء عن المسيح عليه السلام: " بل رفعه الله إليه "، فيدل على أن الرفع هنا بمعنى العلو الحسّي أي الارتفاع؛ لأن معنى الرفع في الأجسام حقيقة في الحركة والانتقال إلى أعلى، وهذا ما حصل للمسيح عليه السلام. ومما يدل أيضاً أن الرفع كان حقيقة في أمر المسيح قرينة " إليه " في السياق، أي الرفع كان لمكان عالٍ؛ لأن الله أضاف جهة الرفع إليه، والله -جل وعلا- في جهة العلو كما تدل عليه النصوص والعقل والفطرة. وخلاصة الكلام هنا أن الرفع الوارد في الآية رفع حقيقي إلى أعلى بالبدن والروح، لأن الرفع في اللغة حقيقة في الأعيان (أي الأجسام) ، وليس مجازاً، والمسيح كان كذلك، إضافة إلى أن جهة الرفع أضيفت لله -تعالى- وهو في جهة العلو، فيكون الرفع هنا: أي الانتقال إلى أعلى.

يحب ابنه أكثر من النبي - صلى الله عليه وسلم-

يحب ابنه أكثر من النبي - صلى الله عليه وسلم- المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 18/7/1424هـ السؤال كنت في حديث مع أحد الزملاء، وتطرقنا إلى محبة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فذكر أنه يحب ابنه أكثر من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأنكرت عليه ذلك، وذكرت له أنه من تمام الإيمان تقديم محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فرد قائلاً: إنه لا يستطيع التغلب على عواطفه، مع أنه حاول ذلك وقد عقد لساني لذلك، أرجو منكم الرد عليه مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول وبالله التوفيق: اعلم بارك الله فيك أن محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليست من نوع الحب العاطفي المجرد، بل هي أمر وثيق الصلة بالإيمان وصحته؛ ولهذا بوب البخاري - رحمه الله - لذلك في صحيحه بقوله: (باب حب الرسول من الإيمان) ، ثم أورد حديث رقم (14) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده"، وحديث أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" رواه البخاري (15) ، ومسلم (44) .

ونقل ابن حجر – رحمه الله – في شرحه في الفتح (1/58) من كلام القاضي عياض أن ذلك شرط في صحة الإيمان، قال ابن حجر (ومن علامة الحب المذكور أن يعرض على المرء أن لو خير بين فقد غرض من أغراضه، أو فقد رؤية النبي – صلى الله عليه وسلم -، (أن لو كانت ممكنة، فإن كان فقدها - أن لو كانت ممكنة - أشد عليه من فقد شيء من أغراضه فقد اتصف بالأحبية) المذكورة، ومن لا فلا، وليس ذلك محصوراً في الوجود والفقد، بل يأتي مثله في نصرة سنته والذب عن شريعته وقمع مخالفيها، ويدخل فيه باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي هذا الحديث إيماء إلى فضيلة التفكر، فإن الأحبية المذكورة تعرف به؛ وذلك أن محبوب الإنسان إما نفسه وإما غيره، أما نفسه فهو أن يريد بقاءها سالمة من الآفات، هذا هو حقيقة المطلوب، وأما غيرها فإذا حقق الأمر فيه فإنما هو بسبب تحصيل نفع ما على وجوهه المختلفة حالاً ومآلاً، فإذا تأمل النفع الحاصل له من جهة الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذي أخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان إما بالمباشرة وإما بالسبب علم سبب بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السرمدي، وعلم أن نفعه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات، فاستحق لذلك أن يكون حظه من محبته أوفر من غيره؛ لأن النفع الذي يثير المحبة حاصل منه أكثر من غيره، لكن الناس يتفاوتون في ذلك بحسب استحضار ذلك والغفلة عنه، ولا شك أن حظ الصحابة – رضي الله عنهم – من هذا المعنى أتم؛ لأن هذا ثمرة المعرفة وهم بها أعلم، والله الموفق، وقال القرطبي: كل من آمن بالنبي – صلى الله عليه وسلم – إيماناً صحيحاً لا يخلو من وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة، غير أنهم متفاوتون فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى، ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى كمن كان مستغرقاً في الشهوات، محجوباً في الغفلات في أكثر الأوقات، لكن الكثير منهم إذا ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – اشتاق إلى رؤيته بحيث يؤثرها

على أهله وولده وماله ووالده، ويبذل نفسه في الأمور الخطيرة، ويجد مخبر ذلك من نفسه وجداناً لا تردد فيه" أ. هـ فليتأمل اللبيب قدر ذلك ومنزلته في نفسه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ملة إبراهيم عليه السلام

ملة إبراهيم عليه السلام المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 15/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو عن ملة إبراهيم أتمنى أن أرى إجابة مفصلة عن هذا الموضوع، وما هي أركانه، وهل هي خاصة لليهود والنصارى أم للعرب؟ ومن هم ذرية إبراهيم -عليه السلام- في الوقت الحالي؟ وهل يكفي اعتناقها عن الإسلام وأركانه؟ ومن هم بنو إسرائيل وما هو التفضيل الذي فضلهم الله به عن العالمين؟ حيث إني بحثت عن معنى هذه الآية في بعض التفاسير فلم أجدها موجودة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ملة إبراهيم هي الحنفية، - أي التوحيد الخالص- كما قال –تعالى-: "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً" [النساء: 125] ، وقال سبحانه واصفاً حاله: "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين" [النحل: 120] ، وأمر نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - وأمته باتباع هذه الملة ولزومها، فقال: "قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً" [آل عمران: 95] ، وقال: "ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً" [النحل: 23] ، فملة إبراهيم -عليه السلام- هي الإسلام: "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين" [البقرة: 131] ، فالإسلام ملته، والمسلمون أتباعه، قال –تعالى-: "ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا" [الحج: 78] ، وذم الله من حاد عن ملة إبراهيم، ورغب عنها، فقال: "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه" [البقرة: 130] ، وكان ممن رغب عن ملته اليهود، والنصارى، قال ابن جرير رحمه الله: (عنى الله بذلك اليهود والنصارى لاختيارهم ما اختاروا من اليهودية والنصرانية على الإسلام؛ لأن ملة إبراهيم هي الحنيفية المسلمة ... ثم ساق بسنده عن قتادة: رغب عن ملته اليهود والنصارى واتخذوا اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله، وتركوا ملة إبراهيم، يعني الإسلام حنيفاً، كذلك بعث الله نبيه محمداً – صلى الله عليه وسلم- بملة إبراهيم) جامع البيان (1/558) .

فاليهود حرفوا التوراة، واستعاضوا عنها بتعاليم الحاخامات وتلمودهم واستطالوا على الله ورسله، والنصارى اتبعوا بولس وهجروا دين المسيح عيسى ابن مريم – عليه السلام- وقالوا بالحلول والتجسد والإبنية والتثليث، فأين هذا من ملة إبراهيم – عليه السلام-، لما كان الأمر كذلك برأ الله نبيه وخليله إبراهيم من اليهودية والنصرانية، فقال: "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً" [آل عمران: 67] ، وأنكر الله –تعالى- على اليهود والنصارى انتحالهم إبراهيم والأنبياء من ذريته، فقال: "أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله" [البقرة: 14] . إذا تقرر هذا تبين أن ملة إبراهيم ليست إرثاً تاريخياً يستحق بالنسب بل هي دين واتباع: "قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً" [الأنعام: 161] ، فمعتنق التوحيد الخالص على ملة إبراهيم ولو كان من العجم، والراغب عن التوحيد الواقع في الشرك والتثليث ليس على ملة إبراهيم ولو كان من ذرية إسماعيل أو إسحاق عليهما السلام من العرب أو اليهود. واليهود يزعمون أنهم ينالون شرف الإبراهيمية لمجرد النسب التاريخي، وأن الله أعطاهم عهداً مطلقاً واختارهم، بصرف النظر عن التزامهم بملة إبراهيم، وهذا من كذبهم وإفكهم، فقد قال الله لإبراهيم لما جعله للناس إماماً، وسأله قائلاً: "ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين" [البقرة: 124] .

وأما التفضيل الذي أثبته الله لبني إسرائيل في مواضع من القرآن فهو تفضيل لهم على أهل زمانهم، حيث جعل الله فيهم الكتاب والحكم والنبوة، لكنهم لم يرعوا هذه النعمة ولم يشكروها، فسلبهم الله إياها، وجعلهم أرذل الأمم، حيث قال -تعالى-: "وإذا تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب" [الأعراف: 167] ، وأحل عليهم غضبه ولعنته، فقال تعالى: "ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة" [آل عمران: 112] ، وادخر الله هذا الفضل والخير لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- التي أحيا الله بها ملة إبراهيم، فقال تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس" [آل عمران: 110] ، فلا يقبل الله ديناً سوى الإسلام: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران: 85] وقال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم (153) . والله أعلم.

هل نسبة بعض القبور إلى الأنبياء صحيحة؟

هل نسبة بعض القبور إلى الأنبياء صحيحة؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 5/12/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: أحسن الله إليك، ما مدى صحة نسبة بعض القبور إلى الأنبياء غير نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - مثل قبر إبراهيم وسليمان في فلسطين، وأيوب وعمران في عمان. وهل يجوز زيارتها للسلام؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالذي اتفق عليه العلماء وأجمعت عليه الأمة ونقل إلينا بالتواتر هو قبر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وما سواه من قبور تنسب إلى الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، فجلها لا يثبت بطريق يوثق به، وإنما وقع النزاع في قبر الخليل -عليه السلام-، والذي عليه الأكثر أن القبر المعروف اليوم في فلسطين هو قبر إبراهيم -عليه السلام-. أما زيارة قبورهم -عليهم السلام- للسلام عليهم، فما علم أنه قبر نبي فلا إشكال في جواز زيارته، فإذا كانت زيارة قبور عموم المؤمنين مستحبة، فزيارة قبور الأنبياء والصالحين من باب أولى، وليجتنب المؤمن الأفعال المحظورة هناك، ذلك أن زيارة قبور الأنبياء وسائر المؤمنين على وجهين: زيارة شرعية، وزيارة بدعية. فالزيارة الشرعية يقصد بها السلام عليهم، والدعاء لهم، والاتعاظ والاعتبار والتفكر في حال من مضى، وأين صاروا اليوم، وتذكر يوم الدين، فهذه جائزة، بل مستحبة، وقد ندبنا إلى هذا. والزيارة البدعية: أن يزورها كزيارة المشركين وأهل البدع لدعاء الموتى وطلب الحاجات منهم أو لاعتقاده أن الدعاء عند قبر أحدهم أفضل من الدعاء في المساجد والبيوت، فهذا من الممنوع الذي لا يجوز فعله، ومن كان هذا قصده من الزيارة فلا شك أن فعله محرم. هذا في حق من لم ينشئ سفراً لذلك.

أما إنشاء سفر لأجل ذلك فالأمة مجمعة على جواز شد الرحل واستحبابه لأحد المساجد الثلاثة التي جاء بها النص، وهي: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، أما غير هذه من قبر وأثر نبي ومسجد وغير ذلك فليس بواجب ولا مستحب، وإنما وقع الخلاف بين المتأخرين في جواز شد الرحل لزيارة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، أما غيره فلا شك في منعه. والله أعلم.

(هل لكل نبي دعوة لأمته يوم القيامة؟)

(هل لكل نبي دعوة لأمته يوم القيامة؟) المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 30/3/1425هـ السؤال قرأت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- له دعوة جعلها لأمته في يوم القيامة، فهل لكل نبي دعوة لأمته؟ فإن كان الجواب بنعم، فهل هي معروفه دعواتهم؟ وهل صحيح أن كل الأنبياء دعوا على أممهم إلا نبينا صلى الله عليه وسلم. وجزاكم الله خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد أخرج البخاري (6304) ومسلم (198) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة". وعند مسلم (199) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا". وللحديث طرق كثيرة وفي بعضها زيادات عما هو مذكور هنا. وظاهر الحديث أن الله جعل لكل نبي دعوة تستجاب في حق أمته أو نفسه، فنالها كل منهم في الدنيا, فمنهم من دعا على قومه، كقول نوح عليه السلام: "لا تذر على الأرض" [نوح:26] ، ومنهم من دعا لنفسه، كقول زكريا عليه السلام: "فهب لي من لدنك وليا يرثني" [مريم:5 -6] ، وقول سليمان عليه السلام: "وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي" [ص:35] ، ودعوات الأنبياء مذكورة في القرآن، ولا يقطع بأن جميع الأنبياء دعوا على أقوامهم بالهلاك، إذ لم يرد في ذلك نص يعول عليه، وإن ذكر بعض الشراح ذلك، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم على أحياء من العرب، ودعا على أناس بأعيانهم، حتى قال له ربه سبحانه: "ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم" [آل عمران:128] .

والحديث فيه بيان فضل نبينا صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء حيث آثر أمته على نفسه وأهل بيته بدعوته المجابة, ولم يجعلها أيضا دعاء عليهم بالهلاك كما وقع لغيره ممن تقدم. قال ابن الجوزي: هذا من حسن تصرفه صلى الله عليه وسلم لأنه جعل الدعوة فيما ينبغي, ومن كثرة كرمه لأنه آثر أمته على نفسه, ومن صحة نظره لأنه جعلها للمذنبين من أمته لكونهم أحوج إليها من الطائعين. وقال النووي: فيه كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم واعتنائه بالنظر في مصالحهم, فجعل دعوته في أهم أوقات حاجتهم.

ما المراد بخاتم الأنبياء؟

ما المراد بخاتم الأنبياء؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 17/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. تدعي الطائفة الأحمدية أن خاتم الأنبياء لا تعني أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- هو آخر الأنبياء. فما صحة هذا القول، وما صحة ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- "قولوا إنه خاتم الأنبياء ولا تقولوا لا نبي بعده" (تكملة مجموع البحر صفحة 88) ، وقال الإمام السيوطي: إن المغيرة قال بذلك (الدر المنثور) . الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد: هذه الطائفة زائغة عن الحق، ضالة عن الصراط المستقيم، مكذبة للقرآن والسنة، وقد تواترت الأدلة من الكتاب والسنة أنه لا نبي بعد نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال الله -سبحانه وتعالى-:"وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً" [الأحزاب: من الآية40] ، ومعنى خاتم النبيين: أي الذي ختمت به النبوة فطبع عليها، فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة. ودلت السنة المتواترة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه خاتم الأنبياء والمرسلين ومن ذلك: - ما جاء في الصحيحين البخاري (3535) ، ومسلم (2286) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجلٍ بنى بيتاً، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ".

- وفي الصحيحين البخاري (4896) ، ومسلم (2354) من حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب"، والعاقب الذي ليس بعده نبي. - عن ثوبان – رضي الله عنه-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " وإنه سيكون من أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، ولا نبي بعدي" رواه أبو داود (4252) ، وغيره. - وفي صحيح مسلم (523) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " فضلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون ".

قال الحافظ ابن كثير: " وقد أخبر الله -تبارك وتعالى- في كتابه، ورسوله في سنته المتواترة عنه أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل، ولو تخرق وشعبذ وأتى بأنواع السحر والطلاسم.." قال القاضي عياض: " نكفر من ادعى نبوة أحدٍ مع نبينا -صلى الله عليه وسلم-.. أو من ادعى النبوة لنفسه، أو جوز اكتسابها والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها كالفلاسفة وغلاة المتصوفة، وكذلك من ادعى منهم أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة، فهؤلاء كلهم كفار مكذبون للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه أخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه خاتم النبيين لا نبي بعده، وأخبر -صلى الله عليه وسلم- عن الله –تعالى- أنه خاتم النبيين ... " الشفاء (2 / 1070) وأما ما جاء عن عائشة والمغيرة -رضي الله عنهما- فقد أخرجهما ابن أبي شيبة في مصنفه (9 / 109 – 110) قال: من كره أن يقول: لا نبي بعد النبي –صلى الله عليه وسلم- حدثنا حسين بن محمد قال: حدثنا جرير بن حازم عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: قولوا خاتم النبيين، ولا تقولوا: لا نبي بعده. حدثنا أبو أسامة عن مجالد قال أخبرنا عامر قال: قال: رجل عند المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه-: صلى الله على محمد خاتم الأنبياء لا نبي بعده، قال المغيرة – رضي الله عنه-: حسبك إذا قلت خاتم الأنبياء فإنا كنا نحدث أن عيسى – عليه السلام- خارج فإن هو خرج فقد كان قبله وبعده. ومراد عائشة والمغيرة -رضي الله عنهما- واضح وهو الإشارة إلى نزول عيسى -عليه السلام- في آخر الزمان.... وقد دل على هذا قوله تعالى: "وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً" [النساء: 159] ، ودل أيضاً على نزول عيسى -عليه السلام- في آخر الزمان الأحاديث المتواترة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال ابن قتيبة: " وأما قول عائشة -رضي الله عنها-: قولوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خاتم الأنبياء، ولا تقولوا لا نبي بعده، فإنها تذهب إلى نزول عيسى -عليه السلام- وليس هذا من قولها ناقضاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا نبي بعدي" لأنه أراد لا نبي بعدي ينسخ ما جئت به كما كانت الأنبياء - عليهم السلام- تبعث بالنسخ، وأرادت هي لا تقولوا إن المسيح لا ينزل بعده " وهذا على تقدير صحة ما جاء عن عائشة والمغيرة -رضي الله عنهما-، فأثر عائشة - رضي الله عنها- منقطع، وفي أثر المغيرة - رضي الله عنه- مجالد بن سعيد وهو ضعيف. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الطعن في أمية محمد صلى الله عليه وسلم

الطعن في أمية محمد صلى الله عليه وسلم المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 18/1/1425هـ السؤال كيف أرد على شخص كافر يقول لي أن ما روي أن محمد- صلى الله عليه وسلم- لم يعرف القراءة والكتابة، وأنه لقي جبريل -عليه السلام- هو باطل؟. الجواب إن التشكيك في وقائع التاريخ الماضية منهج مرفوض، ولا يؤثر تشكيك المشككين في ثبوت الأحداث ووقوعها. ووقائع التاريخ منها ما يثبت بالتواتر المعنوي وهو يفيد العلم كعلمنا بالأنبياء السابقين وعلمنا بوجود فلاسفة كأرسطو وعلمنا بكرم حاتم الطائي، وشجاعة علي -رضي الله عنه- وفقه الشافعي-رحمه الله-. وعليه فالعلم بوجود النبي - صلى الله عليه وسلم-، وأنه كان لا يقرأ ولا يكتب علم ضروري، ثبت بالتواتر وبنصوص الوحي. وثبوت نبوته وأنه نبي قد أيدته المعجزات ومنها القرآن العظيم والبشارات التي صاحبت أحواله مما أظهر الإسلام على الدين كله، ومنها أحداث وقعت في زمنه كانشقاق القمر، ونبع الماء من أصبعه، وقد ألف أهل العلم كتباً في دلائل النبوة فلتراجع ... وعليه فهذا الشخص تبين له الأخبار، وأنه منها المتواتر ومنها الآحاد والمتواتر يفيد العلم القطعي كعلمنا بالبلاد النائية والأخبار الماضية ... هذا ما اتفق عليه العقلاء من جميع الملل. وأما نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم- واتصال جبريل-عليه السلام- به فهي ظاهرة معروفة عند الأمم السابقين من اليهود والنصارى، فهم لا ينكرون هذه الظاهرة؛ لأنها وقعت للأنبياء الذين يؤمنون بهم. وعليه فنقول لهم كيف تثبت نبوة الأنبياء السابقين دون محمد - صلى الله عليه وسلم-؟ فبالطريق الذي عرفتم نبوة الأنبياء السابقين تعرفون نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم-. والله أعلم.

عصمة الأنبياء من الذنوب

عصمة الأنبياء من الذنوب المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 24/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد سألني شابٌ نصرانيٌ أمريكي (يسأل من أجل المعرفة لا من أجل التحدي) ، يقول: كيف تقولون إن الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، معصومون من الخطأ والذنوب، والقرآن يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم، في سورة محمد الآية 19: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) . وكان النبي صلى الله عليه وسلم- يستغفر الله من الذنوب؟ ثم كيف تقولون إنه معصوم من الخطأ ثم تقولون في الحديث: قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فما هذه الذنوب التي غفرها الله له، والتي تقدمت؟ (زاد على ذلك أن سأل أيضًا عن قول إبراهيم عليه السلام في سورة (الشعراء: 82) : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) . فما خطيئة إبراهيم عليه السلام؟ أليس معصومًا من الخطأ؟ وسأل أيضًا عن قتل موسى عليه السلام- للمصري، والآية 16 من سورة القصص: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) . الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الذنب هو المعصية، ويشمل الكبائر- كالربا، والزنا- والصغائر- كالغضب غير الشديد، والضيق، والحزن، ونحو ذلك- والأنبياء، عليهم السلام، كلهم معصومون من الكبائر، ومن كل ما يخل بتبليغ الدين، لكنهم قد يقعون فيما دون ذلك من السهو والنسيان؛ (إلا أن الله يسددهم بما هو من الدِّين) ، وكذلك الصغائر قد تكون منهم لبشريتهم وما لا يتنافى مع تبليغ الرسالة، والله يسددهم في ذلك؛ كما قال تعالى: (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) [التوبة:43] . و: (لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ) [التحريم:1] . و: (عَبَسَ وَتَوَلَّى) [عبس:1] . ومثلها. والله أعلم. والأنبياء، عليهم الصلاة والسلام- لشدة عبادتهم وتعظيمهم لله تعالى- يعدون الوقوع في الصغائر، والسهو والنسيان والغفلة من التقصير، ويخافون أن يكون خطيئة، فيستغفرون الله منها، كما أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام- لقوة معرفتهم بالله وحقوقه ونعمه- يرون أن كل أعمالهم الصالحة لا تكافئ نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، فتفزع نفوسهم للشعور بالتقصير ويهرعون إلى الاستغفار، وهكذا يجب أن يكون عباد الله الصالحون. نسأل الله أن يجعلنا منهم، آمين. والله أعلم.

المقصود بالحكمة في قوله "وآتاه الله الملك والحكمة"

المقصود بالحكمة في قوله "وآتاه الله الملك والحكمة" المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 19/08/1425هـ السؤال ما الحكمة من ذكر إيتاء الحكمة لداود بعد ذكر قتله لجالوت في سورة البقرة آية: (251؟) . الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الحكمة هي النبوة على القول الراجح، وقد أعطى الله داود الحكمة والملك بعد قتله لجالوت: "وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء" [البقرة: من الآية251] ، والنبوة اصطفاء من الله لمن يشاء من عباده، وقد كان داود فتى صغيراً في بني إسرائيل لا شأن له، وقيل: إنه كان راعي غنم، فلعل من الحكم أن الله أراد أن يبين لبني إسرائيل أن الأمور تجري بحكمة الله لا على ظواهر الأشياء، فلم تمنح لا لطالوت ولا لجالوت، وإنما لهذا الراعي، وكما قال تعالى عن المشركين: "وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم" [الزخرف: 31] . والله أعلم.

ختم النبوة بمحمد ونزول عيسى عليهما الصلاة السلام

ختم النبوة بمحمد ونزول عيسى عليهما الصلاة السلام المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالرسل التاريخ 25/12/1425هـ السؤال أحد المنكرين لرجوع عيسى (عليه السلام) في آخر الزمان أرسل إليّ رسالة طويلة فيها شبهات تقلقني ولا أستطيع الرد عليها. أرجو من فضيلتكم أن تجيبوا عن هذه الشبهات. ومنها: نقطع بأن ليس هناك أنبياء آخرون يأتون بعد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ولكن من الخطأ تحديد الأمر بأنبياء جدد. والبعض يحاولون التوفيق بين النزول الثاني للمسيح عليه السلام (ترجمة حرفية) وإيماننا بختم النبوة حيث يزعمون أن عيسى (عليه السلام) كان نبيًّا قديمًا وليس بنبي جديد، وفي إضافة لتوثيق ذلك يجادلون بأنه حيث إن عيسى عليه السلام سيتبع شرع محمد (صلى الله عليه وسلم) فلن يكون نبيًّا حقيقة في ذلك الحين. ومعنى ذلك أن عودة عيسى عليه السلام لن تمثل تهديدًا لختم النبوة، وليس في عقيدتنا مبدأ نزع النبوة عن نبي، ولا شك أن القاديانيون خرجوا من ملة الإسلام بالردة بسبب ما عندهم من وجهات نظر مشابهة عن ختم النبوة، بحيث يزعمون أنه قد يكون هناك أنبياء على نفس شريعة محمد (صلى الله عليه وسلم) ، ولكن ليس هناك أساس لتحديد ختم النبوة بظهور أنبياء جدد أو لأنبياء من نوع معين. فإن ختم النبوة تشمل جميع الأنبياء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد.. من القواعد المقررة أن نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثبتت كما ثبتت نبوة غيره من الأنبياء السابقين ممن يؤمن بهم النصارى كموسى عليه السلام وسائر أنبياء بني إسرائيل؛ وإذا ثبتت نبوة نبي وأنه مرسل من عند الله وجب الإيمان به وأن كل ما يقوله حق يجب تصديقه.

ومما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أنه خاتم الأنبياء لا نبي بعده، كما قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) [الأحزب: 40] . وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ". أخرجه مسلم (523) . وقال أيضًا في الصحيح: "أَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ". أخرجه البخاري (3535) ومسلم (2286) . ومن عقائد الإسلام أيضًا التي يجب تصديق محمد صلى الله عليه وسلم فيها- لأنه فرع عن نبوته- ما جاء في سورة الزخرف حكاية عن المسيح: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ) [الزخرف:61] . أي علامة على قربها. وفسرها الرسول صلى الله عليه وسلم بنزول المسيح عليه السلام في آخر الزمان- انظر صحيح ابن حبان (6817) ومستدرك الحاكم 2/278. أما عن شريعة المسيح بعد النزول فسيحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، كما ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند الإمام البخاري (2222) والإمام مسلم (155) : "وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ..". وفي الحديث الآخر: "كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّكُمْ مِنْكُمْ". أخرجه مسلم (155) . أي: فأمكم بكتاب ربكم وسنة نبيكم. كما فسرها الصحابة.

بل إن الذي يؤم الناس في الصلاة في ذلك الوقت ليس المسيح عليه السلام بل رجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما أخبرت بذلك الأحاديث الصحيحة: انظر صحيح البخاري (3449) ومسلم (155) . وليس ذلك الرجل أفضل من المسيح عليه السلام، بل دلالة على أن المسيح بعد نزوله تابع لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم وحاكم بها. ومع ذلك فهو نبي ويدعى في ذلك الوقت بنبي الله، وليس في ذلك إشكال، والنصارى يؤمنون بنظير ذلك، فقد جاء في الكتاب المقدس من العهد القديم منه: اجتماع أكثر من نبي في وقت واحد ومكان واحد ويعملون بشريعة واحدة، وليس في ذلك ما يطعن في نبوة واحد منهم، وهذا له أمثلة كثيرة أشهر من أن تذكر، وهذا يؤمن به اليهود والنصارى، كما هو موجود عندهم. وأما مسألة القاديانية فالأمر فيها يختلف من عدة أوجه: 1- أن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم أخبر بنزول المسيح عليه السلام محكِّمًا لشريعته، ولم يخبر بغيره كالميرزا أحمد غلام القادياني. 2- يعتقد القاديانيون بأن النبوة لم تختم، بل هي مستمرة، وأن الله يرسل الرسل تباعًا حسب الحاجة، حتى بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الميرزا أحمد غلام القادياني أفضل الأنبياء. 3- أن القاديانية أتوا بمعتقدات بعيدة جدًّا عن الإسلام، فمع أنهم ألغوا فكرة ختم النبوة إلا أنهم قالوا بنزول كتاب آخر غير القرآن على نبيهم الميرزا أحمد غلام القادياني، واسمه الكتاب المبين، وهو المعتمد لا القرآن، ويعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل وشريعة مستقلة، وكل مسلم عندهم كافر حتى يدخل في القاديانية، إلى غير ذلك من المعتقدات، سواء في الله سبحانه وتعالى أو في التشريعات التي تخالف الإسلام. وعلى هذا فخروج القاديانيبة عن الإسلام لأنهم ليسوا على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وأول شيء خالفوا فيه أصل الشريعة هو نفيهم لختم النبوة. والله أعلم.

الإيمان بالكتب

مس كتب التوراة والإنجيل المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالكتب التاريخ 10/7/1424هـ السؤال قرأت في كتب الفقه القديمة المختلفة القول بحرمة مس كتب التوراة والإنجيل، وبعضهم قيَّد الحرمة بما لم يبدل، فهل هذا الكلام دقيق حاليا؟ حيث ثبت تحريف هذه الكتب، وبالتالي يجوز مسها للمحدث حدثا أصغر وحدثا أكبر؟ الجواب لا أعرف أنه يحرم مسُّها على المحدث حدثاً أصغر أو أكبر، لأنها كلها مبدلة ومحرَّفة، وقد تلاعب اليهود بالتوراة، وتلاعب النصارى بالإنجيل.

قصة قتل عمر للمنافق

قصة قتل عمر للمنافق المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالكتب التاريخ 08/05/1425هـ السؤال ما حكم القول: بأن القرآن ليس معجزاً؟ وأن العلم أثبت عدم صحة القرآن الكريم، وأن معجزته الوحيدة هي بقاؤه من غير تغيير!! علماً بأن قائلها مسلم، كما أنه قال التالي: "نتذكر قصّة "مشهورة مرة" لـ عُمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، عن ذاك الذي سألَ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - ثمّ أبا بكر - رضي الله عنه - عن حُكمٍ مُعين، ولم يكتف بهذا، بل ذهبَ لسؤالِ عُمر - رضي الله عنه - أيضا، فأجهز عليهِ حينَ عَلم بأنه لم يرض حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم! رسولُ اللهِ - عليه الصلاة والسلام - هوَ، وطاعتهُ واجبٌة علينا، لكن تصرف عُمر "الفردي" دونَ الرجوعِ إلى صاحبِ الشأن، ألم يكن قمّة الديكتاتورية "أو الاعتداء كما تسميهِ"؟ فما حكم هذا القول؟ أفيدوني مأجورين جزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأما ما حكاه السائل الكريم من قول ذلك المتكلم في وصف القرآن الكريم فهو قول خطير، ومنكر عظيم، يجب قبل الحكم عليه أن يوقف على نص كلامه حتى يتثبت منه، ويفهم مراده من قوله: (ليس القرآن معجزاً، وإن العلم أثبت عدم صحة القرآن الكريم) لأن هذا كلام لا يكاد يصدر عمن ينتسب إلى الإسلام، فأرى أن يرسل السائل نص كلامه قبل أن يحكم على قوله.

وأما الحادثة التي نسبها إلى عمر – رضي الله عنه - فقد أوردها بعض المفسرين في بيان سبب قوله تعالى: "ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ... " إلى قوله: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ... " [النساء:60] ، فقد أخرج الثعلبي والواحدي والبغوي أنها نزلت في رجل من المنافقين نازع رجلاً من اليهود, فقال اليهودي: بيني وبينك أبو القاسم , وقال المنافق: بيني وبينك الكاهن. وقيل: قال المنافق: بيني وبينك كعب بن الأشرف, يفر اليهودي ممن يقبل الرشوة، ويريد المنافق من يقبلها. ويروى أن اليهودي قال له: بيني وبينك أبو القاسم. وقال المنافق: بيني وبينك الكاهن, حتى ترافعا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - فحكم لليهودي على المنافق, فقال المنافق: لا أرضى, بيني وبينك أبو بكر; فأتيا أبا بكر فحكم أبو بكر لليهودي. فقال المنافق: لا أرضى, بيني وبينك عمر. فأتيا عمر فأخبره اليهودي بما جرى; فقال: مهلاً حتى أدخل بيتي في حاجة , فدخل فأخرج سيفه ثم خرج, فقتل المنافق ; فشكا أهله ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال عمر: يا رسول الله ; إنه رد حكمك. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنت الفاروق) وهذا الخبر لم يصح سنده؛ لأنه من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس – رضي الله عنهما -، وطريق الكلبي عن ابن عباس – رضي الله عنهما - من أوهى الطرق وأضعفها، فالخبر لم يصح أصلاً، ثم لو صح هذا الخبر عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -، لكنا جزمنا بصواب فعله – رضي الله عنه -؛ وذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قد أقره على ذلك ولم ينكره، بل سماه الفاروق، وما كان له عليه الصلاة والسلام أن يقره على فعله لو لم يكن صواباً، والمعلوم من سنته وهديه – عليه الصلاة السلام - أنه كان لا يقر أحداً على منكر مهما كانت منزلته ومحبته له، فهذا أسامة بن زيد – رضي الله عنها - مع محبة النبي – صلى الله عليه وسلم - له لما قتل رجلاً من بعد أن

نطق بالشهادة، أنكر – صلى الله عليه وسلم - فعله ذلك غاية الإنكار، ففي الصحيحين البخاري (4269) ومسلم (96) وغيرهما أن أسامة بن زيد – رضي الله عنهما - قال: "بعثنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - إلى الحرقة من جهينة قال فصبحنا القوم فهزمناهم قال ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم قال فلما غشيناه قال لا إله إلا الله قال فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته قال فلما قدمنا بلغ ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم - قال فقال لي يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قال قلت يا رسول الله إنما كان متعوذا قال أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قال فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم"، وكانت شبهة أسامة – رضي الله عنه - قوية حيث قال إنما قالها مخافة القتل، ومع هذا فقد أنكر عليه النبي – صلى الله عليه وسلم - إنكاراً شديداً، حتى قال أسامة من شدة ما يجد ـ مع ما له من سابقة عظيمة في الإسلام ـ ولله لقد تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.

وبعد: فهذه المقالات وأمثالها المتضمنة الطعن في سلف هذه الأمة وخير القرون لا سيما صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما تصدر عن مرضى القلوب ممن لا يعرف لصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدرهم ولا ينزلهم - رضي الله عنهم - منزلتهم، وهم الذين رضي الله عنهم وأثنى عليهم بقرآن يتلى، يقول تعالى ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة)) [الفتح:18] ، ويقول تعالى: ((محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود)) [الفتح:29] ، وفي الحديث الصحيح عند البخاري (3673) ومسلم (2540) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) ، فرضي الله عنهم وأجزل ثوابهم جزاء نصرهم لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وتبليغ هذا الدين غضاً طرياً كما أنزل، وأسأل الله بمنه وكرمه أن يحشرنا في زمرتهم وتحت لواءهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

القتال بين موسى ومحمد عليهما السلام

القتال بين موسى ومحمد عليهما السلام المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالكتب التاريخ 25/10/1425هـ السؤال يدعي المسلمون أن موسى عليه السلام مسلم ونبي، لكن إحدى الوصايا العشر تنص على عدم القتال، لكن نبي الإسلام أُوحى إليه أن يقاتل في سبيل الله، فهل غير الله (سبحانه) رأيه. أم أن أحد النبيَّين ليس نبيًّا بحق؟ الجواب الحمد لله، وبعد: فإن الإيمان بجميع الرسل والأنبياء عليهم السلام ركن من أركان العقيدة لا يتم الإيمان إلا به، فالمسلم يؤمن بجميع الرسل دون تفريق بينهم في الإيمان، وموسى- على نبينا وعليه أفضل السلام- رسول من أولي العزم من الرسل بعثه الله تعالى بدعوة التوحيد والإسلام، ولكن القوم غيّروا وبدّلوا في كتابهم. وليس هذا ادعاء يدعيه المسلمون. وقد بعث الله محمدًا عليه السلام بدعوة عامة خاتمة ناسخة لما سبقها، فلا يقبل الله تعالى من الناس دينًا غيره.

وأما الوصايا العشر التي جاء ذكرها في سِفْر الخروج من التوراة التي بأيدي القوم فيما يسمى بالعهد القديم، فقد جاءت بصيغتين، إحداهما تتصل بالعقيدة والأخرى أكثر اتصالاً بالتشريع، وليس فيهما نص أو إشارة إلى عدم القتال. بل إننا نجد في سفر التثنية من العهد القديم (التوراة) وفي غيره أحكامًا كثيرة شديدة تتعلق بالحرب والقتال وما يترتب على ذلك من آثار في الأموال والأشخاص كالغنائم والأسرى والاسترقاق.. إلخ، وهذا واضح عندهم في نصوص كثيرة. كما أن قصة موسى عليه السلام في القرآن الكريم جاء فيها ما يدل على ذلك. ولهذا لا يصح القول بأن الوصايا العشر تدل على عدم القتال، على خلاف في أمر آخر وهو: هل القتال كان مفروضًا على القوم استقلالاً أم تبعًا لفرضيته على النبي. ومن ثَمَّ لا يقال: إن الله تعالى غيّر رأيه. فهذا مما لا يوصف الله تعالى به ولا يقال في حقّه سبحانه. ولو اختلفت شريعة نبي عن آخر في التشريع، فإن ذلك نسخ لبعض الأحكام، ولكل نبي شريعة تخصه، وقد تختلف عن الشرائع الأخرى لحكمة أرادها الله تعالى- كما هو معروف- وبعد هذا يظهر ما في الفقرة الأخيرة في السؤال من خطأ أو تجاوز في التعبير، فلا يقال: إن أحد النبيين ليس نبيًّا. لأنك تقول إنه أحد النبيين، وهذا اعتراف بنبوته بحق. والله أعلم.

الإيمان باليوم الآخر

هل ترى المرأة ربها في الجنة؟ المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 13/7/1422 السؤال لقد قرأت في كتب العقائد أن المرأة لاترى الرب يوم القيامة، أو على أقل تقدير فالمسألة خلافية، وأنا خائفة من هذا الأمر، فما ذنبي أن خلقني ربي امرأة ثم يحرمني لذة النظر إليه، وهالني الأمر عندما أخبرني أحدهم بقوله: إنك امرأة، ولايجوز أن ينظر إليك الرب، ومن ذلك الحين وأنا في قلق، وبدأت ألعن الساعة التي كنت فيها امرأة رجاء أخرجوني من حيرتي؟ الجواب أحاديث الرؤية تشمل المؤمنين جميعاً من الرجال والنساء، فالوعد الكريم برؤية وجه الله -تعالى- الكريم يعمّ أهل الإيمان ذكوراً وإناثاً، فليست الأنوثة مانعاً من تحقيق هذا النعيم، كما أن الذكورة ليست شرطاً في ذلك. فعلى الأخت السائلة أن تبادر إلى أسباب هذا الوعد الكريم من الإيمان والعمل الصالح، كما أن عليها أن تحذر من التسخّط على قدر الله، واختياره الذي لايكون إلا لحكمة بالغة، قال عز وجل: ((ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب ما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً)) ، فإن الخير فيما اختاره الله تعالى. كما أن عليها أن تتجنب سبّ الأيام ولعنها؛ لأن لعن الأيام والسبّ محرم لقوله -صلى الله عليه وسلم- يقول الله تعالى: " يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلّب الليل والنهار " أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (2246) .

هل ينادى الناس يوم القيامة بأسماء أمهاتهم؟

هل ينادى الناس يوم القيامة بأسماء أمهاتهم؟ المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 22/7/1422 السؤال هل قول من يقول أن الناس يوم القيامة ينادون بأسماء أمهاتهم قول صحيح؟ الجواب أخرج أبو داود بسنده عن أبي الدرداء -رضي الله عنه - قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم)) . ففي هذا الحديث ردٌّ على من قال إن الناس يوم القيامة إنما يدعون بأمهاتهم لا آبائهم. وقد ترجم البخاري في صحيحه لذلك فقال (باب يدعى الناس بآبائهم) وذكر فيه حديث ابن عمر -رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ((الغادر يرفع له لواء يوم القيامة؟ يقال له: هذه غدرة فلان بن فلان)) . ونذكّر السائل وجميع إخواننا بالاستعداد ليوم الميعاد، والاشتغال بما ينفع من العلم النافع والعمل الصالح وبالله التوفيق.

يا بني أوقف هذه التساؤلات

يا بني أوقف هذه التساؤلات المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 01/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم.. ما الحكمة من اختيار الله النار للعذاب مع تعدد طرقه؟ فقد تكون الكهرباء أقوى في العذاب من النار ـ على سبيل المثال فقط لا غير ـ؟ ودمتم سالمين. الجواب أيها الابن الكريم أولاً: سؤالك هذا وأنت في السابعة عشر من عمرك وهي سن نشاط ذهني ترد إلى الذهن فيها هذه التساؤلات وأكثر منها، ولذا فإني أنصحك بعدم الاستمرار مع هذه التساؤلات فإن تقدمك في السن ونضجك التعليمي والعملي في المستقبل سيكشف لك أن كثيراً من هذه التساؤلات غير واردة، وليست في محلها الصحيح، وستجد أن ذهنك يعرض عنها ويتجه إلى غيرها مما هو أجدى، وكثيراً ما يعيش الشباب في مثل سنك حمى هذه التساؤلات وإذا تقدمت السن واتسعت المدارك وأخذت الحقائق حجمها الحقيقي هدأت هذه التساؤلات وخف هذا التوتر في الذهن، وانشغل الذهن والفكر بما هو أجدى وأنفع وأخذت هذه التساؤلات حجمها الحقيقي. ثانياً: إن التمادي مع هذه التساؤلات وتطلُّب الجواب ينقلك في الغالب إلى أسئلة أخرى فربما تقع في ورطات فكرية لا تستطيع الانفكاك منها. والسبب في ذلك اقتحام العقل ما ليس من مجاله، ونزوله إلى غير ميدانه، فإن الله - جل وعلا- رزقنا العقول لنحاكم بها أنفسنا ونعرف بها طريق هدايتها، لا لنحاكم بها حكمة الله وقدره وشرعه، وهناك فرق كبير ينبغي ألاّ يغيب عنك وهو التفريق بين مالا يفهمه العقل وبين ما يرده العقل؛ أمّا مالا يفهمه العقل فكثير، وسببه قصور العقل عن إدراكه، وأمّا ما يرفضه العقل ويرده فليس في كل ما أخبر الله به أو شرعه ما يمكن أن يكون مخالفاً للعقل ومصادماً له.

ثالثاً: نقع في خطأ كبير عندما ننقل قوانين الأرض الفيزيائية والطبيعية إلى عالم البرزخ أو إلى ملكوت السماوات، أو إلى غيب الآخرة. يا بني إن هذه الأرض التي تراها على امتدادها وانفساحها وسعتها ما هي إلا هباءة تسبح في ملكوت واسع، أو كما يقول بعض علماء الفلك: "الأرض بالنسبة للكون نقطة على كلمة في مجلد في مكتبة". فكيف تريد أن تنقل قوانينها الفيزيائية والطبيعية وتعممها في الكون كله وتنقلها إلى آفاق السماوات وغيب الآخرة. يا بني إن المركبة الفضائية الصغيرة إذا خرجت من الأرض نظرت إليها عن بعد فإذا هي كالبرتقالة، وانفكت عن أول قوانين الأرض التي كانت تأسرها وهي الجاذبية، فكيف تنقل قوانين الأرض إلى ملكوت الله الفسيح، أو إلى غيب الآخرة المحجوب عنّا. رابعاً: إنك تساءلت عن عذاب النار، ولماذا يكون بالنار ولا يكون بغيره من أنواع العذاب؟ والذي ينبغي علينا أن يكون تساؤلنا الحقيقي عندما نذكر النار هو: ما الذي يكون سبباً في اتقاء عذابها والفوز بالنجاة منها "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز" [آل عمران:185] . لا أن يكون تساؤلنا في اقتراح أنواع من العذاب فيها، ولذلك أُمرنا بالاستعاذة من عذاب النار في كل صلاة، نقول: اللهم إننا نعوذ بك من عذاب النار ومن عذاب القبر، وحكى الله عن عباده الصالحين دعاءهم "ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما" [الفرقان:65] . إن الذي ينبغي أن نتساءل عنه كيف نتقي عذاب النار، وليس الانشغال بالتساؤل عن أنواع عذاب النار وكيفيتها وما هو الأشد منها عافانا الله وإياك وأعاذنا من النار.

خامسا: أما إذا عدنا إلى سؤالك فعليك أن تعلم أن أنواع العذاب والنعيم التي في الآخرة لا تماثل مسمياتهما في الدنيا، ولذلك روى الطبري في تفسيره (490) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ليس في الدنيا مما في الآخرة إلاّ الأسماء، أي: أن حقائقها لا تتماثل وإنما يوجد تقارب في المعنى يوضح الحقيقة ولا يعني التطابق والتماثل، ولذلك أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن البون الشاسع بين نار الدنيا ونار الآخرة فقال:"ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم" قيل: يا رسول الله إن كانت لكافية؟ قال: "فضلت عليهن بتسعة وستين جزءاً كلها مثل حرها" رواه البخاري (3265) ومسلم (2843) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قالوا: يا رسول الله، وإن كانت لكافية.) فليس بين نار الآخرة ونار الدنيا تماثل حتى نقيس عليه باقي صنوف عذاب الدنيا. سادساً: عندما ذكر الله ـ عز وجل ـ من عذاب جهنم عذاب النار كان هذا في وحي يخاطب جميع أجيال البشرية وفي بقاع الدنيا كلها والبشر كلهم على تعاقب الأعصار وتفرق الديار يدركون ما في النار من إحراق وعقوبة فما ظنك لو ذكر أموراً لا تدرك إلاّ في زمن دون زمن، أو في بلد دون بلد من نحو ما أشرت إليه ـ كالصعق الكهربائي ونحوه ـ فهل سيكون هذا في كتاب يخاطب البشرية في الدهور كلها، إن هذه الأمور التي تذكرها الآن غير مدركة في بلاد كثيرة، وغير مدركة في أعصار كثيرة، فكان من إعجاز هذا الكتاب العظيم ذكره الحقيقة التي يشترك فيها البشر والتي لا يضرها تعاقب الأجيال، ولا تفرق الأماكن.

سابعاّ: من أين أتيت بأن الكهرباء أقوى في العذاب من النار، يا بني إن في الدنيا من عذاب النار ما لا يمكن تصوره، عذاباً بعضه أشد من بعض، ففي الدنيا التي نارها جزء من تسعة وستين جزءاً من نار جهنم مصاهر الحديد ومصاهر الصخور التي تصل درجة حرارتها إلى آلاف الدرجات المئوية فإذا كانت نار الدنيا فيها هذا القدر الشديد من الحرارة فما بالك بنار الآخرة، علماً بأن نار الآخرة ليس عذابها فقط في حرارتها ولكن في بقاء المعذبين في هذه الحرارة المحرقة بحيث يتعذبون بسعير جهنم من غير أن ينتج عن هذا السعير هلاك لهم، كما قال الله ـ عز وجل ـ: "لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها" [فاطر:36] . فنار الدنيا مهما كانت شدة العذاب فيها فإنه ينتهي سريعاً إلى الهلاك، أما نار جهنم -نسأل الله أن يجيرنا منها- فهي على هذه الدرجة من الحرارة ومع ذلك فإن حالهم كما أخبر الله: "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب" [النساء:56] ، وقال تعالى: "وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ" [فاطر:37] وهذه كيفية من العذاب غاية في الشدة والهول نسأل الله العافية.

ثامناً: إن الذي خلق الخلق هو أعلم به، " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك:14] فهو -جل وعز- أعلم بخلقه وأعلم بأنواع نعيم المطيعين وأنواع عذاب المجرمين وهذا الرب الذي خلق وعلم ما خلق أخبر أن عذاب النار هو أشد العذاب فكل ما يرد في ذهنك من صور العذاب فما في النار أشد منه كما قال الله ـ عز وجل ـ:"أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " [غافر:46] فقوله: "أشد العذاب" يدل على أنه لا يوجد عذاب أشد من هذا العذاب الذي يصلاه آل فرعون في النار، وكل ما يخطر على بالك من أنواع العذاب فهو دونه في الشدة لأن الذي أخبر بذلك هو الذي خلق الخلق وهو أعلم بهم "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك:14] . تاسعا: إن ما في النار من العذاب ليس مقصوراً على التهاب حرارة النار، ففي النار من أنواع العذاب شكول أخرى فيها الزمهرير وفيها الزقوم وفيها السلاسل والأغلال ومقامع من حديد، وماء كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم فحرارة النار هي نوع من عذابها، وفيها من أنواع العذاب أشياء أخرى نسأل الله أن يجيرنا منها. أيها الابن الكريم وبعد هذا كله فإني أنصح نفسي وإياك بأن يكون في قلوبنا توقير للرب الذي نعبده وتعظيم للكتاب الذي أنزله، وذلك بأن نتوجه إلى المعنى الذي سيقت من أجله الأخبار فنملأ به قلوبنا، فأخبار النار إنما سيقت لتحذيرنا وتخويفنا منها وإنذارنا من الوقوع فيها، وحملنا على تجنب المعاصي والآثام والالتزام بطاعة الله ومرضاته التي هي طريق إلى جنته. فهذا الشيء الذي ينبغي أن يكون عامراً في قلوبنا وهذا الشيء الذي ينبغي أن تتحرك فيه قوانا العقلية والفكرية لا أن ننقل عقولنا إلى التفكير فيما هو وراء ذلك مما يقصر العقل عن إدراكه ويفوت الثمرة العظمى الحقيقية التي جاءت الأخبار وتنزلت الآيات من أجلها نسأل الله أن يأخذ بنواصينا إلى الحق وأن يهدينا سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

زوج المرأة في الآخرة

زوج المرأة في الآخرة المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 24/11/1423هـ السؤال الزوجة الصالحة التي تتزوج من بعد وفاة زوجها الأول وهما متحابان في عشرتهما، وكذلك الزوج الثاني على أحسن حال، السؤال، تكون من نصيب مَنْ في الجنة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب سئل فضيلته: إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فمع من تكون منهما؟ ولماذا ذكر الله الزوجات للرجال ولم يذكر الأزواج للنساء؟ فأجاب بقوله: إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فإنها تخير بينهما يوم القيامة في الجنة، وإذا لم تتزوج في الدنيا فإن الله - تعالى - يزوجها ما تقر به عينها في الجنة، فالنعيم في الجنة ليس مقصوراً على الذكور، وإنما هو للذكور والإناث ومن جملة النعيم الزواج. وقول السائل "إن الله - تعالى - ذكر الحور العين وهن زوجات ولم يذكر للنساء أزواجاً". فنقول: إنما ذكر الزوجات للأزواج؛ لأن الزوج هو الطالب، وهو الراغب في المرأة، فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء، ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج بل لهن أزواج من بني آدم. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيح/ محمد بن عثيمين - رحمه الله -، ج2، ص:53] .

رؤية أمهات المؤمنين في الجنة

رؤية أمهات المؤمنين في الجنة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 21/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بارك الله فيكم كم أتمنى أن أجد إجابة لديكم على هذا السؤال. هل بالإمكان أن يرى المسلم إحدى المسلمات في الجنة اللاتي كن أجنبيات عنه ولا يحللن له؟ هل يجوز أن يراهن في الجنة ويقابلهن؟ كأن يتمنى مسلم أن يقابل أمهات المؤمنين، خاصة وأن القلوب قد طهرت بدخول دار الطيبين، فقد دار حوار هادئ بين أناس ولم يخرجوا بنتيجة واضحة تفصل المسألة، فنأمل منكم إجابة شافية ولو بعد حين، بارك الله فيكم ونفع بعلمكم. الجواب إن أمور الغيب لا سبيل إلى معرفتها إلا بالخبر عن المعصوم، لأن أمور الغيب لا تدرك بالعقول والتفكير، فأمور الجنة من الغيب المستور، والواجب الوقوف عند ما جاءت به النصوص من الكتاب والسنة، فيجب الإيمان بالجنة وما أخبر الله به من أصناف النعيم فيها، مع العلم بأن حقائقها لا يعلمها إلا الله، ولم يأت في النصوص أن الرجل يلقى نساء الآخرة.

فلم يرد نفي ولا إثبات للرؤية المسؤول عنها، وليس لنا أن نقول: إن الإنسان يمكن أن يرى أمهات المؤمنين أو نقول لا يمكن، بل يجب أن نمسك عن التفكير في هذا والخوض فيه، فإنه من الفضول وليس مما يشرع الدعاء به، ولا مما يشرع تمنيه، لكن الذي دل عليه القرآن أن المؤمنين يلتقون ويجلسون على السرر متقابلين، كما قال تعالى: "ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين" [الواقعة:12-16] ، وفي الآية الأخرى: "ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين" [الحجر:47] ، فلا ينبغي الخوض في أمور الغيب بلا علم، بل إذا طرح مثل هذا السؤال فينبغي أن يجيب الإنسان بقوله: الله أعلم، ويوجه السائل إلى عدم الخوض في ذلك لأنه لا فائدة فيه، "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً" [الإسراء:36] وقالت الملائكة: "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" [البقرة:32] . نسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم وأن يجعلنا جميعاً من أهل جنات النعيم وصلى الله وسلم بارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.

المذهب الحق في رؤية الله تعالى

المذهب الحق في رؤية الله تعالى المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 14/10/1422 السؤال كيف الرد على من قال أن المقصود بقوله - تعالى -: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " أي منتظرة بدليل قوله - تعالى- في حكاية عن بلقيس " فناظرة بمَ يرجع المرسلون " والله يحفظكم. الجواب هذا جهل بلغة العرب وبالأدلة الشرعية، فإن النظر إذا عُدَّيَ بإلى كما في هذه الآية، فإنه يعني - عند العرب - النظر- بالعين الباصرة، وكل من عنده أدنى معرفة بالعربية يدرك الفرق بين قول القائل: (نظرت إلى الرجل) ، وقوله: (سأنظر بم يرجع الرجل) فالعبارة الأولى تفهم النظر إليه بالعين المبصرة، والعبارة الثانية تفهم الانتظار والترقب. والأدلة الشرعية الأخرى تفسر الآية كذلك مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: " إنكم سترون ربكم عياناً " والحديث في الصحيحين (البخاري "7435" ومسلم "633" وغيرهما، وقد تواترت الأحاديث في إثبات الرؤية، وأجمع على ذلك سلف الأمة وأهل السنة قديماً وحديثاً، وفسر النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله - تعالى- " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" [يونس 26] بأن الزيادة والمزيد هي النظر إلى الرب - تبارك وتعالى - انظر صحيح مسلم (181) . والمسلم الذي لا يطمع في هذا النعيم (وهو النظر لوجه الله الكريم) محروم، نعوذ بالله من الحرمان، ونسأله - تعالى - أن ينعم علينا في الفردوس الأعلى، وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم. آمين.

مم خلقت الحور العين؟

مم خلقت الحور العين؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 28/11/1422 السؤال مم خلقت الحور العين؟ الجواب 01مثل هذا إنما يؤخذ من المبلَّغ عن الله شرعه، إذ لا مجال للرأي فيه، ولا أعلم شيئاً ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيان حقيقة خلقهن. غير أن الله - تعالى - ذكر أنه ابتدأ خلقهن وأنشأهن لأهل الجنة، يقول - تعالى -: " إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكاراً عرباً أتراباً لأصحاب اليمين [الواقعة: 35-36-37-38] " لكن قد ورد في الكتاب والسنة بعض صفات خَلْقِهِن وخُلُِقِهن، أسوق لك طرفاً منها: أ. في جمالهن وحسن خلقهن جاء في القرآن الكريم تشبيههن باللؤلؤ المكنون في البياض والصفاء، قال - تعالى -: " وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون " [الواقعة: 22-23] ، وقال - تعالى: " كأنهن الياقوت والمرجان " [الرحمن: 58] . ب. وفي حيائهن وعفتهن قال - تعالى -: " فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان " [الرحمن:56] ، وقال -تعالى-: " حور مقصورات في الخيام " [الرحمن: 72] قال ابن عباس - رضي الله عنه -: قاصرات الطرف على أزواجهن لا يرين غيرهم، والله ما هن متبرجات ولا متطلعات. ج. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الشيخان (البخاري 3254، ومسلم 2834) وغيرهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وذكر ما أعد الله للمؤمن في الجنة، فقال: " لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين يرى مُخ ساقهن من وراء العظم واللحم " قال ابن حجر - رحمه الله - في الفتح " والمراد وصفها بالصفاء البالغ وأن ما في داخل العظم لا يستتر بالعظم واللحم والجلد" أهـ. د. وفي وضاءتها وطيب رائحتها صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري (2796) وغيره من حديث أنس بن مالك قال: " ... ولو أن امرأة من

أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحاً ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها" والنصيف الخمار الذي تجعله المرأة على رأسها. فهذا بعض وصف الحور في الجنة أسأل الله - تعالى - أن يجعلنا جميعاً من أهلها، والله أعلم.

هل يرى الرجال النساء في الجنة؟

هل يرى الرجال النساء في الجنة؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 11/12/1422 السؤال هل يجوز أن أدعو أن يجمعني الله مع امرأة ليست من محارمي في الجنة؟ وهل يرى الرجل المرأة الأجنبية في الجنة؟ وهل يرى الرجل المرأة من محارمه كأخته مثلاً في الجنة؟ مع الدليل، وجزاكم الله خيراً. الجواب - وصل سؤالك عن أحوال الناس في الجنة، وهل يرى الرجال النساء في الجنة، وهل يجمعك الله مع امرأة ليست من محارمك؟ وعلينا -وفقك الله- أن نعلم أن في الجنة غاية النعيم ومنتهاه، وقد بين الله - عز وجل- أن لأهل الجنة فيها ما يشتهون، فكل نعيم يشتهيه أهل الجنة ينالونه، ولن يوجد أحد في الجنة يتمنى شيئاً ولا يناله. ولكن عليك أن تعلم أن هذه الرغبات التفصيلية لا يلزم أن تكون حاضرة في الجنة، ولا أن ما تشتهيه في الدنيا ستشتهيه في الجنة، فشهوات الطفل غير شهوات الشاب، غير شهوات الرجل، وهذا كله في الدنيا، فكيف بشهوات أهل الدنيا وأهل الآخرة؟ 2- عندما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الناس يبعثون يوم القيامة حفاة عراة قالت عائشة -رضي الله عنها-:" يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: يا عائشة الأمر أشد من أن يهمهم ذاك " رواه البخاري (6527) ومسلم (2859) . وهذا يبين لك أن شأن الآخرة غير شأن الدنيا، وأن الأمر أعظم من ترد فيه هذه الخواطر. 3- كونك تتمنى هذه المرأة في الدنيا لا يعني أن هذه الأمنية ستبعث معك يوم القيامة. 4- هناك أناس عندهم نوع انحراف في الشهوات كمن يتشهى المردان والمحارم، وربما تساءلوا هل هذه الشهوات في الجنة؟ ونحن نعلم أن أهل الجنة سيكونون بهيئات سوية وفطر سوية لا تشتهي هذه الأمور المنحرفة.

5- ثم بعد ذلك أليس الأجدى لنا أن نتشاغل بأسباب دخول الجنة وسلوك الطريق الموصل إليها؟ فإذا أكرمنا الله بها فإن وراء ذلك النعيم كله، ولن تحرم في الجنة من شيء تشتهيه، ولكن الشأن في سلوك طريق أهلها، والبعد عما يبعد عنها. 6- سمع سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- ابنه يدعو وهو يقول: "اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها، ونحواً من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها فقال: لقد سألت خيراً كثيراً، وتعوذت بالله من شر كثير، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء"وقرأ هذه الآية "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين" [الأعراف:55] وإن بحسبك أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة، وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار، وما قرب إليها من قول أو عمل" رواه أبو داود (1480) وأحمد (1483-1584) وإسناده حسن. وورد نحوه عن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه- أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال: أي بني سل الله الجنة وتعوذ به من النار فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطَّّهُور والدعاء" رواه أبو داود (96) وأحمد (16795-16801) وإسناده صحيح. وكما أن هذا أدب في الدعاء، فهو أيضاً أدب في العلم، فعلينا التشاغل بما يعيننا بدءاً وهو العمل الصالح، والاستغناء بما أخبر الله به من نعيم يشوق إلى الجنة ويبعث على العمل، وترك التكلف بالسؤال عما كفينا، فلو كان هذا مما يحتاجه الناس لبينه الله لهم كما بين غيره من أحوال أهل الجنة.

أما رؤية الرجل أخته في الجنة فقد ذكر الله حال أهل الجنة فقال -تعالى-:" فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون.." [الصافات:50-57] فأخبر سبحانه أن أهل الجنة يقبل بعضهم على بعض يتحدثون، ويسأل بعضهم بعضاً عن أحوالٍ كانت لهم في الدنيا، وهذا يدل على أن المعارف والأقارب يلتقون في الجنة، ويتحادثون ويتذكرون أحوالهم في دنياهم. وقد ذكر الإمام ابن القيم في الباب التاسع والخمسين في كتاب (حادي الأرواح) فصلاً طويلاً في تزاور أهل الجنة، أورد فيه أحاديث كثيرة لا تخلوا أسانيدها من ضعف ودلالة الآية ظاهرة -بحمد الله-. أسأل الله أن يجعلنا وإياك من أهل كرامته، ويسلك بنا سبيل أوليائه، وأهل طاعته، وأن يجعل منقلبنا إليه في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، والسلام عليك.

هل الأطفال طيور في الجنة؟

هل الأطفال طيور في الجنة؟ المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 16/1/1423 السؤال سمعت أن هناك حديثاً يقول: بأن الطفل إذا مات دون السنتين، أو دون سن البلوغ يكون في الجنة طيراً، فهل هذا صحيح؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد: أجمع أهل السنة والجماعة من علماء هذه الأمة أن أطفال المسلمين الذين ماتوا قبل البلوغ أنهم جميعهم في الجنة، هذا ما لا خلاف فيه، وقد دل على ذلك صراحة أحاديث صحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، منها: حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أطفال المسلمين أنه قال عنهم: " صغارهم دعاميص الجنة" يتلقى أحدهم أبه، أو قال: أبويه فيأخذ بثوبه، كما آخذ أنا بِصَنِفَةِ ثوبك هذا، فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة " أخرجه مسلم في صحيحه (رقم 2635) ، والدعموص: دُويبة لا تُفارق الماء، والمقصود أن أطفال المسلمين في الجنة لا يُفارقونها، والصَّنِفَة: طرف الثوب، وفي حديث قُرة بن إياس - رضي لله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأحد الصحابة لما توفي ابنه: " أما يسرك أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته عنده يسعى يفتح لك؟! " فقال رجل: أله خاصة أو لكُلَّنا؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: " بل لكلكم " أخرجه النسائي في (المجتبى رقم 2088،1870) ، وابن حبان في صحيحه (رقم 2947) ، والحاكم وصححه (1/384) ، فدل هذان الحديثان وغيرهما أن أطفال المسلمين في الجنة، ولذلك أجمع علماء الأمة على ذلك.

أما أنهم يكونون من طيور الجنة، فلم أجده إلا في حديث عائشة - رضي الله عنها- فقد أخرج الإمام مسلم (رقم 2662) من طريق طلحة بن يحيى، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: "دعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنازة صبي من الأنصار. فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه. قال: "أو غير ذلك يا عائشة؟ إن الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم" وأخرج هذا الوجه الإمام أحمد (6/41، 208) وأبو داود (رقم 4680) ، والنسائي في المجتبى (رقم 1947) ، وابن ماجة (رقم 82) ، وابن حبان في صحيحه (رقم 6173) . وقد حكم الإمام أحمد بتفرُّد طلحة بن يحيى بهذا الحديث، حيث قال في العلل (138) "طلحة بن يحيى أحب إلي من بُريد بن أبي بردة، بُريد يروي أحاديث مناكير، وطلحة حدَّث بحديث عصفور من عصافير الجنة" (قال عبد الله بن أحمد) حدثني أبي قال: حدثنا ابن فضيل عن العلاء أو حبيب بن أبي عَمر، قال أبي: وما أراه سمعه إلا من طلحة يعني ابن فضيل". ولذلك أورد العقيلي هذا الحديث في الضعفاء في ترجمة طلحة بن يحيى، ثم قال (2/615 - 616) : " آخر الحديث فيه رواية من حديث الناس بأسانيد جياد، وأوله لا يُحفَظ إلا من هذا الوجه". وتعقَّب ابن عبد البر هذا الحديث في التمهيد (6/350 - 351) بقوله: "وهذا الحديث ساقط ضعيف مردود بما ذكرنا من الآثار والإجماع، وطلحة بن يحيى ضعيف لا يحتج به، وهذا الحديث مما انفرد به، فلا يُعَرّج عليه"، وقال في موطن آخر من التمهيد (18/90) : "حديث ضعيف، انفرد به طلحة بن يحيى، فأنكروه عليه، وضعَّفوه من أجله".

وقد صَرَّح الإمام أحمد بتضعيف هذا الحديث، كما في كتاب الجامع للخلاَّل، كتاب أهل الملل (1/67 - 68 رقم 16) وعنه ابن قدامة في منتخب علل الخلاَّل (53، رقم 10) ، وابن قيم الجوزية في أحكام أهل الذمة (2/612 - 613) فقد روى الخلاَّل عن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني، أن الإمام أحمد ذكر له حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا في أطفال المسلمين، فقال: "هذا حديث ضعيف، وذكر فيه رجلاً ضعَّفه، هو طلحة. وسمعته يقول غير مرة وأحدٌ يشك أنهم في الجنة؟! ثم أملى علينا الأحاديث فيه وسمعته يقول هو يرجى لأبويه، كيف يُشَكُّ فيه؟!! " وعلى هذا: فتضعيف الحديث قائم على أن طلحة بن يحيى تفرَّد بالحديث، وأن مثله - في ضبطه وإتقانه - لا يحتمل التفرُّد بمثل ما تفرَّد به، ومن رجع إلى ترجمة طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبد الله التيمي سيترجح لديه أنه خفيف الضبط، فانظر تهذيب التهذيب (5/27 - 28) ومثله ما أقل ما يقبل منه التفرُّد خاصة إذا تفرَّد بأصل، وبالأخص إذا كان ما تفرَّد به يخالف النصوص الثابتة والثابت من الدين، بل لقد أطلق ابن عبد البر القول في مفاريد طلحة بن يحيى، ونقل الإجماع على ذلك، عندما قال في التمهيد (12/79) : "ما انفرد به ليس بحجة عند جميعهم لضعفه". لكن يعارض ذلك كله أن طلحة بن يحيى متابع (في الظاهر) متابعتين: الأولى: ما أخرجه مسلم (2662) من طريق العلاء بن المسيب، عن فضيل بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: توفَّى صبي، فقلت طوبى له، عصفور من - عصافير الجنة -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار، فخلق لهذه أهلاً ولهذه أهلاً". وأخرجه ابن حبان في صحيحه (138) ، والطبراني في الأوسط (4512) ، وقال عقبة: "لم يرو هذا الحديث عن الفضيل بن عمرو إلا العلاء بن المسيب" وهذه المتابعة ظاهرها الصحة، وقد قدمها الإمام مسلم في صحيحه على رواية طلحة بن يحيى.

وللعلماء والباحثين تجاهها ثلاثة مواقف: الأول: قبولها وتصحيحها، باعتبارها متابعة لحديث طلحة بن يحيى. وهذا هو ظاهر موقف ابن حبان (بلا خلاف أعلمه) ، وهو ظاهر موقف مسلم (على خلافٍ يأتي ذكره) . الثاني: تصحيحها وتقديمها على رواية طلحة بن يحيى، وهو ما فسر به أبو معاذ طارق بن عوض الله (محقق منتخب علل الخلال) تصرُّف مسلم، من تقديمه لرواية العلاء بن المسيب على رواية طلحة بن يحيى، مبتنياً حسب نظره الفرق في المعنى بين الروايتين، وأن رواية العلاء بن المسيب ليس فيها استدراك من النبي - صلى الله عليه وسلم - على عائشة، أي: ليس فيها ما قد يتمسك به من أن أولاد المسلمين متوقف فيهم، أو أن دخولهم النار محتمل. وعليه فليس في رواية العلاء بن المسيب النكارة التي في رواية طلحة بن يحيى. الثالث: توهيم العلاء بن المسيب في ذكره لهذه المتابعة، اعتماداً على انفراده بها، كما نصَّ الطبراني عليه (أي على انفراده) ولعل هذا هو موقف الإمام أحمد، الذي سبق وأن ذكرنا كلامه في (العلل) ، وأنه ذكر رواية محمد بن فضيل بن غزوان عن العلاء (وهو ابن المسيب) أو عن حبيب بن أبي عمرة (وهو ممن روى عن عائشة بنت طلحة) ، ورأى أن هذا الحديث مرجعه إلى حديث طلحة بن يحيى.

ولعل هذا هو موقف ابن عبد البر أيضاً، فإنه مع جزمه بتفرُّد طلحة بن يحيى، ومع حكمه القاطع بضعف الحديث وردَّه في موطنين من (التمهيد) - كما سبق - إلا أنه عاد ليقول التمهيد (18/106) ، في سياق ذكره لِحُجَج من تَوقَفَ في أطفال المسلمين: "وزعم قوم أن طلحة بن يحيى انفرد بهذا الحديث، وليس كما زعموا، وقد رواه فضيل بن عمرو ... " ثم أورده، والذي يدل على عدم اعتداده بهذه المتابعة تضعيفه الصريح وحكمه الواضح على رواية طلحة بن يحيى - كما سبق -، مع ترجيحه الأخير في هذه المسألة أيضاً (كما تراه في التمهيد) ويشهد لذلك قوله في الاستذكار (8/393 رقم 12066) : "وهو حديث رواه طلحة بن يحيى وفضيل بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة عن عائشة، وليس ممن يعتمد عليه عند بعض أهل الحديث" ويشهد لذلك أيضاً ما نقله ابن قيم الجوزية عن ابن عبد البر في أحكام أهل الذمة (2/612) ، حيث قال: "أما حديث عائشة - رضي الله عنها -، وإن كان مسلم رواه في صحيحه، فقد ضعَّفه الإمام أحمد وغيره، وذكر ابن عبد البر علته، بأن طلحة بن يحيى انفرد به عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، وطلحة ضعيف، وقد قيل إن فضيل بن عمرو رواه عن عائشة بنت طلحة، كما رواه طلحة بن يحيى سواء هذا كلامه". والمتابعة الثانية: ما أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (رقم 1679) ، عن قيس بن الربيع، عن يحيى بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة - رضي الله عنها - وقد تعقب هذا الإسناد محقق مسند الطيالسي، د. محمد التركي قائلاً: "في إسناد المصنف قيس بن الربيع، وهو ضعيف ويحيى بن إسحاق: لم أعرفه، وقد يكون مقلوباً من إسحاق بن يحيى بن طلحة". قلت: بل أحسبه مقلوباً عن طلحة بن يحيى!!.

وخلاصة القول: أن الحديث مختلف فيه هذا الاختلاف الطويل، وثمرة الخلاف في قريبة! فمن صحَّح الحديث وجهه بما لا يخالف الصحيح الثابت في أولاد المسلمين، ومن قبل إحدى روايتيه قبلها؛ لأنها لا تخالف الصحيح الثابت فيهم أيضاً، ومن ردَّ الحديث وماله من متابعة ردِّه لمخالفته الظاهرة للصحيح الثابت كذلك، مع ما لاح له من علة صناعية فيه. والذي يترجح عندي إعلال الحديث. أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد. والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

عرض أعمال الأحياء على الأموات

عرض أعمال الأحياء على الأموات المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 4/2/1423 السؤال حول مسألة عرض أعمال الأحياء على الأموات، وما هو الصحيح في ذلك مع الإحالة على المراجع قدر الاستطاعة. -حول مسألة تزاور الأموات فيما بينهم وما الصحيح في ذلك؟ مع الإحالة على المراجع قدر الاستطاعة. الجواب

الحمد لله، الأموات في عالم البرزخ وهو ما بين الدنيا والآخرة من الموت إلى البعث، فلهم في هذه الدار أحوال وهم على منازلهم ومراتبهم من الخير والشر، قد دلت النصوص من الكتاب والسنة على جملة ذلك، فدلت على أن الأموات إما في نعيم وإما في عذاب، وهذا مما يجب الإيمان به، وهو من الإيمان بالغيب الذي أثنى الله به على المتقين، والعباد في هذه الدنيا لا يعلمون من أحوال أهل القبور شيئاً إلا النادر مما قد يكشف لبعض الناس، كما جاء في أخبار وروايات كثيرة منها الصحيح وغير الصحيح، وكذلك الأموات الأصل أنهم لا يعلمون من أحوال أهل الدنيا شيئاً؛ لأنهم غائبون عنها، فلا يجوز أن نثبت اطلاعهم على شيء من أحوال أهل الدنيا إلا بدليل، وقد جاءت آثار وروايات تدل على أن بعض الأموات يشعر بأحوال أهله، وما يكون منهم، ولا أعلم شيئاً عن صحّة هذه الآثار، وقد أوردها العلامة ابن القيم في كتباه المعروف كتاب (الروح) ، ومن أصح ما ورد مما يتعلق بهذا المعنى، حديث: "إن الميت ليعذّب ببكاء أهله عليه" رواه البخاري (1286) ومسلم (928) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، وكذلك ثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- تعرض عليه صلاة أمته وسلامهم عليه -صلى الله عليه وسلم-، انظر ما رواه أبو داود (1047-1531) والنسائي (1374) وابن ماجة (1636) من حديث أوس بن أوس -رضي الله عنه-، وأما مسألة تزاور الأموات فهو من جنس ما قبله، تذكر فيه آثار، وقد أورده ابن القيم في نفس الكتاب، ولا أذكر شيئاً مما يعول عليه لإثبات هذه الحال، ولكن نعلم أن أرواح المؤمنين مع بعضها في الجملة، وكذلك أرواح الكافرين، والله أعلم بالغيب، ومما يتعلق بمسألة عرض أعمال الأحياء على الأموات أو شعورهم بشيء عنها مسألة سماع الموتى، وقد دلّ القرآن على أن الأموات لا يسمعون، كما قال -سبحانه وتعالى-: "إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين" [النمل:80] ، وقال -سبحانه وتعالى-:

"وما أنت بمسمع من في القبور" [فاطر:22] ، لكن ورد أن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم، انظر ما رواه البخاري (1338) ومسلم (2870) من حديث أنس -رضي الله عنه-، وما صحّ من الأحاديث في زيارة القبور والسلام على أهلها يأخذ منه بعض أهل العلم أنهم يسمعون كلام المسلِّم عليهم بدليل التوجّه إليهم بالخطاب، وأضف على ذلك ما روي من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من رجل يمرُّ على قبر أخ له كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه فيرد عليه السلام"، أو كما جاء في الحديث، انظر العلل المتناهية (1523) ومعجم الشيوخ (333) وهذه الأحاديث لا يصح الاستدلال بها على أن الأموات يسمعون كل ما يقال عند قبورهم فضلاً عمّا بعد عنهم، فيجب الاقتصار على ما ورد به الدليل، فنقول: الأصل أن الأموات لا يسمعون شيئاً من أقوال الأحياء إلاّ ما دلّ عليه الدليل، ولا يسمعون من يناديهم ليخبرهم بشيء من الأمور، فضلاً أن يسمعوا من يناديهم يستغيث بهم، ويطلب منهم الشفاعة عند الله، ولو كان ذلك قريباً من قبورهم، فضلاً عمّا يكون بعيداً عنهم، ومع إثبات ما ورد من السماع فإننا لا نثبته إلا على الإطلاق، لا نشهد لمعين بأنه يسمع سلام المُسلِّم عليه أو يسمع مشي المشيِّعين له عند الانصراف عنه، لكن نثبت ذلك على وجه الإجمال والإطلاق، وقوفاً على حدّ ما يقتضيه الدليل، والدليل جاء مطلقاً ليس فيه تعيين لمن يحصل له ذلك، وإنما جاء مطلقاً عاماً، فيجب الوقوف مع دلالته دون زيادة، وبهذا يعلم أن ما يفعله القبوريون عند قبور من يعظمونه من دعائهم والاستغاثة بهم أو دعاء الله عند قبورهم أن ذلك دائر بين البدعة والشرك، فيجب الوقوف عند حدود الله في زيارة القبور وغيرها، فإن زيارة القبور إنما شرعت إحساناً للموتى بالدعاء لهم، وانتفاعاً للحيّ بتذكر الآخرة، نسأل الله البصيرة في الدين والفرقان المبين.

تغليب الثواب الدنيوي على الأخروي

تغليب الثواب الدنيوي على الأخروي المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 6/8/1423هـ السؤال إذا غلب الشخص رجاء ثواب الدنيا من الله على رجاء ثواب الآخرة، وذلك في عبادة كالصلاة، فهل يصير فيها خلل؟ الجواب الصلاة رأس العبادات الشرعية ولا تصح إلا بنية، وهي داخلة في قوله - صلى الله عليه وسلم - "إنما الأعمال بالنيات" البخاري (1) ، ومسلم (1907) .

وفعل الصلاة تنفيذاً لأمر الله تعالى بها في مثل قوله تعالى: "وأقيموا الصلاة" [البقرة: 43] ، والمسلم يبتغي بها وجه الله والدار الآخرة، وأداؤها شكراً لله على ما أنعم به من الهداية والصحة والعافية وغير ذلك، كما في قوله تعالى: "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ" الآية، [الحج:41] . وهي سبب لصد ودفع المعاصي في الحياة الدنيا، كما في قوله سبحانه: "إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ" الآية، [العنكبوت:45] وهي وسيلة لتكفير السيئات ودخول الجنات، كما في قوله - تعالى -: "لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ" الآية، [المائدة: 12] وهي علامة الإيمان في الدنيا، كما في قوله تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [التوبة:71] ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان" الترمذي (3093) ، وابن ماجة (802) ، وأحمد (11651) .

والصلاة يستعان بها في أمور الدنيا كما في قوله سبحانه: "وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ" [البقرة:45] ، بل إنها سبيل للخلاص من المهالك، وعدم التعرض للإساءة ونحوها، قال تعالى: "فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ" الآية، [التوبة:5] "فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ" الآية، [التوبة:11] ، وهي سبب للحفظ في الدنيا، فمن حفظها وحافظ عليها حفظته ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع من أموره الدنيوية والأخروية مما يقربه إلى الله ويبعده عن النار، لكن الخلاصة أن رجاء ثواب الدنيا لا يغلب على رجاء ثواب الآخرة في الصلاة، ومن رجا ثواب الآخرة وأدى الصلاة لذلك جاءه ثواب الدنيا بإذن الله، وسهل الله له أمور الدنيا الموصلة إلى رضوان الله، فيكون قد حصل على الأمرين إذا هو أبعد وأعظم في الهدف، فإنه يحصل له وهو في طريقه إلى الهدف الأسمى هدفه الأدنى، ومن العيب والنقص طلب الأدنى على حساب الأسمى، أو أن يبتغي المرء بعبادة كالصلاة الوصول إلى أهداف الدنيا ومقاصدها وشهواتها وملذاتها، ثم يتقاعس ويضعف بعد وصوله إلى ذلك في تحقيق أمر الله بذل وخضوع وإنابة ومحبة وإخلاص، ورجاء فيما عند الله وثوابه وخوفاً من مقته وعقابه، فإن ذلك يحدث خللاً في عبادته وصلاته، فيكون كما قيل في البيت الشعري: صلى المصلي لأمر كان يقصده *** فلما انقضى الأمر ما صلى ولا صاما والعياذ بالله من ذلك - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

نار جهنم هل تفنى؟

نار جهنم هل تفنى؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 17/10/1423هـ السؤال ما حكم من قال: إن النار تفنى؟ وأول نعيم الجنة بأنه من قبيل المجاز والاستعارة؟ وزعم أن الكفار يخرجون من النار؟ الجواب

قامت الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة على أن النار لا تفنى، وعلى تخليد الكافرين في النار، وأنهم لا يخرجون منها، قال الله تعالى: "ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ" [الجاثية:35] ، وقال: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً" [النساء:56] ، وقال: "وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً" [الإسراء:97 - 98] ، وقال: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" [التغابن:10] ، وقال: "إِلا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً" [الجن:23] ، وقال: "إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ * وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ" [الزخرف:74-78] ، وقال: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ

أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ" [البقرة:165] ، إلى أن قال: "كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ" [البقرة:167] ، وقال: "إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ * لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ" [الأعراف:40-41] ، وقال: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ" [فاطر:36- 37] ، وقال: "إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لِلطَّاغِينَ مَآباً" [النبأ:21-22] ، إلى أن قال: "فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً" [النبأ:30] ، إلى غير ذلك من الآيات التي يدل كل منها على تخليد الكفار في النار وعدم خروجهم منها وعدم فنائها، فإذا اجتمعت كانت دلالتها على ذلك أقوى وأبعد عن التأويل.

أما الجنة فدار الجزاء يوم القيامة لمن آمن وعمل الصالحات، فيها من النعيم ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يتمتع بها من دخلها متاعاً حقيقياً حسياً وروحياً ويحيون فيها حياة أبدية فلا فناء ولا خروج منها ولا انقطاع لنعيمها ولا نغص ولا كدر بالنصوص القطعية وإجماع أهل العلم والإيمان، قال الله تعالى: "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ" [الرعد:35] ، وقال تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ" [الحجر:45-48] ، وقال تعال: "هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ* إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ" [صّ:49-54] ، وقال تعالى: "الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ

تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ" [الزخرف:67-73] ، وقال تعالى: "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ" [هود:108] ، يعني الاستثناء: المدة التي شاء الله ألا تكونوا في الجنة قبل دخولها ولذا ختم الآية بقوله: "عطاءً غير مجذوذٍ" تأكيداً لدوام نعيمها يتمتع به من فاز بدخولها، ونظيره الاستثناء في سورة الدخان قال تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [الدخان:51-57] ، فاستثنى موتة سابقة من موت منفي مستقبل لإفادة تأبيد الحياة وتأكيد دوامها، أو المراد بالاستثناء بيان عموم مشيئة الله ونفوذها في كل شيء فدخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار وخلود كل من الفريقين فيما دخل فيه من نعيم أو عذاب إنما كان بمشيئة الله واختياره وفضله وعدله لا واجباً عليه عقلاً ولا يحصل كرهاً عنه ولا قهراً له تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

وثبت في السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ينادي منادٍ: يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً" رواه مسلم، وثبت أيضاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح.." إلى أن قال: "فيؤمر به فيذبح ثم يقال: يا أهل الجنة، خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت ... " إلخ، رواه مسلم في صحيحه، وأكد سبحانه خلود الجنة والنار وأبديتهما، وخلود المؤمنين في الجنة والكافرين في النار في آيات كثيرة من القرآن، وفصلت السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفصيلاً لا يدع مجالاً للشك في حقيقته ولا لتأويل النصوص الصريحة، فمن شك فيه أو تأوله فقد اتبع هواه وحرف الكلم عن مواضعه وكان من الكافرين. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/486-491) ] .

رؤية الأخ لأخيه في الجنة

رؤية الأخ لأخيه في الجنة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 17/05/1425هـ السؤال هل يرى الأخ أخاه في الجنة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:

أخبر الله في كتابه أن أهل الجنة يتحدثون فيما بينهم، ويسأل بعضهم بعضاً عن أحوال كانت في الدنيا فقال تعالى: "فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ {50} قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ {51} يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ {52} أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ {53} قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ {54} فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ {55} قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ {56} وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ {57} (الصافات-57) قال ابن كثير: (يخبر الله عن أهل الجنة أنه أقبل بعضهم على بعض يتساءلون، أي عن أحوالهم وكيف كانوا في الدنيا، وماذا كانوا يعانون فيها، وذلك من حديثهم على شرابهم، واجتماعهم في تنادمهم ومعاشرتهم في مجالسهم وهم جلوس على السرر، والخدم بين أيديهم يسعون ويجيئون بكل خير عظيم من مآكل ومشارب وملابس وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) (تفسير ابن كثير 6/12) وقال سبحانه وتعالى: "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ" (الطور:21) ، فذكر الله في هذه الآية أنه يمن على الذرية المؤمنة بأن يجمعهم في الجنة، وذلك برفع منزلة الأبناء التي قصرت إلى منزلة الآباء، وهذا تفضل منه وتكرم. قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ"، قال: (هم ذرية المؤمن يموتون على الإيمان، فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم ألحقوا بآبائهم، ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوها شيئاً) (ينظر: تفسير ابن كثير /433) ، وأخرج أبو نعيم عن حميد بن

هلال قال: (بلغنا أن أهل الجنة يزور الأعلى الأسفل.....) ، وقد ورد في تزاور أهل الجنة أحاديث ضعيفة، ذكرها أبو نعيم في كتاب " صفة الجنة " (ص:258 - 260) ، والحافظ ابن القيم في كتابه " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " (ص: 332 - 336) هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ...

من هم أصحاب اليمين؟

من هم أصحاب اليمين؟ المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 12/11/1424هـ السؤال من هم أصحاب اليمين؟ ولم جعلهم الله من المقربين؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: لقد ذكر الله انقسام الناس إلى ثلاثة أصناف يوم القيامة، صنفان في الجنة وهم أصحاب اليمين والمقربون، وصنف في النار، وهم أصحاب الشمال، قال -تعالى-: "وكنتم أزواجاً ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون" [الواقعة:7-11] . وسمي أصحاب اليمين بذلك: قيل: لأنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم. وقيل: لأنهم يذهب بهم ذات اليمين إلى الجنة. وقيل: لأنهم عن يمين آدم، كما رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم- ليلة الإسراء. وقيل: لأنهم ميامين، أي: مباركون على أنفسهم أطاعوا الله فدخلوا الجنة، ولا مانع من حمله على كل ما سبق. وهم غير السابقين المقربين، فهؤلاء أعظم درجة، وأصحاب اليمين لهم أجر عظيم، وهم يلون السابقين في الدرجة.

جنة آدم وجنة الخلد

جنة آدم وجنة الخلد المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 18/12/1424هـ السؤال قرأت في كتاب لابن القيم عن الجنة، وذكر أقوالاً كثيرة حول خلاف أن جنة آدم -عليه السلام-، وجنة الخلد فما هو القول الراجح؟. الجواب الحمد لله، يجب الإيمان بأن الله أسكن آدم وزوجه الجنة، وأن هذه الجنة لا يظمأ صاحبها، ولا يضحى، ولا يجوع، ولا يعرى، كمال قال -سبحانه وتعالى-: "فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى" [طه:117-119] ، وقال -تعالى-: "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ" [البقرة:35] ، ففي هذه الجنة عيش رغد هنيء، ولكن في هذه الجنة شجرة نهى الله آدم وزوجه عن قربانها: " وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ"، وليس في هذه الآيات نص صريح بأن هذه الجنة هي جنة الخلد التي أعدها الله للمتقين، وليس فيها أنها غيرها، ولأجل ذلك اختلف الناس في هذه الجنةُ، ولكلٍّ من الفريقين حجج تؤيد ما ذهب إليه، وقد استوفاها العلامة ابن القيم في كتابه حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، وضمن ذلك جملة أبواب من ذلك الكتاب، وكذلك ذكر القولين وحجج الفريقين في كتاب مفتاح دار السعادة، وقد رجح - رحمه الله- في بعض كلامه أن المراد بها جنة الخلد كما قال في ميميته المعروفة: فحي على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيم ألم تر أننا سبي العدو فهل تر *** نعود إلى أوطاننا ونسلم كما يستشهد في البيتين المعروفين وهما:

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى*** فما الحب إلا للحبيب الأول وكم منزل في الأرض يألفه الفتى *** وحنينه أبداً لأول منزل والراجح عندي - والله أعلم- هو التوقف في ذلك، وعدم الجزم بأحد الرأيين لما ذكرت من أنه ليس في النصوص ما يوجب الجزم بأحدهما. والله أعلم.

هل للمسلم أن يسأل عن مكان النار؟

هل للمسلم أن يسأل عن مكان النار؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 15/8/1424هـ السؤال هل لنا أن نسأل أين النار؟ وهل ورد نص صريح أن النار موجودة في الأسفل وليس في السماء؟ أم هي أيضاً في السماء؟. الجواب ذُكِر أن بعض المشركين أو المجوس لما قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران:133] ، قالوا: فأين النار؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله، أين الليل إذا جاء النهار؟! " رواه أحمد في مسنده (15655) وغيره، فأثبت أيضاً أن الأفلاك واسعة، فالنار حيث وضعها الله - تعالى - وحيث جعلها، جاء في تفسير قوله تعالى: "ثم رددناه أسفل سافلين" [التين: 5] أنها النار، وأنها أسفل سافلين، وجاء في تفسير قوله تعالى: "كلا إن كتاب الفجار لفي سجين" [المطففين: 7] ، أن سجين تحت الأرض السابعة، وأنها اسم من أسماء النار، أو محبس النار، والله أعلم حيث يجعلها، ولا نشك أن النار والجنة موجودتان الآن.

القنطرة بين الجنة والنار!

القنطرة بين الجنة والنار! المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 17/2/1425هـ السؤال ما هي القنطرة؟ وهل جميع الخلائق سيعرضون أو يمرون بها؟ وإذا كان لديك مخطط ببيان ما ستكون عليه مراحل يوم القيامة. الجواب الحمد لله، ففي البخاري (6535) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبُوا ونُقّوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا" وهذه القنطرة من أمور الغيب كالصراط والميزان، وأهل السنة والجماعة يؤمنون بهذا كله، فيؤمنون بكل ما أخبر الله به في كتابه، أو صح عن رسوله - صلى الله عليه وسلم-، والقاعدة أن أمور الغيب يؤمن بها ولا يطلب العلم بكيفيتها، فلا نعلم كيفية الصراط وحقيقته على ما هو عليه، ولا نعلم كذلك كيفية هذه القنطرة، وبهذا يعلم أن السؤال عن مخطط لمراحل يوم القيامة سؤال غير لائق، فعلى المسلم أن يؤمن بهذه المغيبات تصديقاً لله ورسوله، ولا يطلب كيفيتها، فحقائق الآخرة لا يعلمها إلا الله، وسيدرك الناس من ذلك ما شاء الله لهم يوم القيامة إذا باشروا هذه الأحوال وعاينوا ما كان غيباً، والإيمان الذي مدح الله أهله هو الإيمان بالغيب، أما الأمور المعاينة كالشمس والقمر والأرض والجبال فليس مما يمدح الإيمان بوجوده، ولهذا قال سبحانه وتعالى: "..هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون" [البقرة:2-4] . والله أعلم.

القول بفناء الجنة

القول بفناء الجنة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 13/08/1425هـ السؤال يقول الحق تعالى: "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ والأرض إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ" [هود:108] ، أرجو الجواب على سؤالي ربط الله -سبحانه وتعالى- الخلود بدوام السماوات والأرض، ثم ربط هذا الدوام بمشيئته بذكر كلمة "إلا مَا شَاءَ رَبُّكَ"، فهل هناك احتمال بالخروج من الجنة طبقًا للاستثناء؟ شكرًا لكم. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

لقد أخبر - سبحانه وتعالى- أنه أعد الجنة التي عرضها السماوات والأرض للمتقين، وأعد النار التي وقودها الناس والحجارة للكافرين، فأخبر في آيات كثيرة بخلود أهل الجنة فيها أبداً، وأنهم لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى التي كانت قبل دخولهم الجنة، وأنهم منها لا يخرجون، وأما قوله تعالى: "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ" [هود:108] ، فقوله تعالى: "ما دامت السماوات والأرض"، قيل: إن هذا تعبير عن الدوام الذي لا انقطاع له، وقوله تعالى: "إلا ما شاء ربك"، أظهر ما قيل في هذا الاستثناء أن المراد به بيان أن خلود أهل الجنة فيها هو بمشيئته - سبحانه وتعالى- فبقاؤهم بإبقاء الله، وأكد دوام نعيم الجنة بقوله: "عطاء غير مجذوذ"، كما قال في الآية الأخرى: "إن هذا لرزقنا ما له من نفاذ"، وقال تعالى: "أكلها دائم وظلها"، وأما القول بفناء الجنة هو قول (جهم بن صفوان) إمام المعطلة ومن تبعه، فالقول بفناء الجنة جحد لما هو معلوم من دين الإسلام بالضرورة فهو كفر، وكذلك النار، أخبر -سبحانه وتعالى- عن خلود أهلها فيها، وأنهم لا يقضى عليهم فيموتوا، وما هم بخارجين من النار، وأنهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها، وأما قوله سبحانه وتعالى: "فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد"، وهو كذلك يدل على خلود أهل النار فيها ما دامت السماوات والأرض، وقد تقدم معنا ذلك فيما جاء في شأن السعداء، وأما قوله تعالى: "إلا ما شاء ربك" فالقول فيه كالقول في آية الذين سعدوا، فمعناه أن خلود أهل النار فيها، وبقاءهم هو بمشيئته سبحانه وتعالى، وقد ذهب جمهور أهل السنة إلى أن النار لا تفنى، وأن أهلها مخلدون فيها للآيات التي سبقت الإشارة إليها،

وكما سبق الجواب عن قوله: "إلا ما شاء ربك"، وقد قيل إن بعض أهل السنة قال: إن النار تفنى بعد أحقاب من الزمان، ومن الشبه في هذا قوله تعالى: "لابثين فيها أحقاباً"، وقوله تعالى: "إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد"، فلم يعقب قوله تعالى: "إلا ما شاء ربك" بمثل ما عقب به ما ورد في شأن السعداء، وهو قوله: "عطاء غير مجذوذ" والله أعلم أراد وهو فعال لما يريد، ونعوذ بالله من حال أهل الشقاء، ونقول كما قال عباد الرحمن: "رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً* إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً" [الفرقان:66] ، ونقول: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" [البقرة: من الآية201] . والله أعلم.

علاقة المحسن بالمسيئين من أقاربه يوم القيامة

علاقة المحسن بالمسيئين من أقاربه يوم القيامة المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 15/9/1424هـ السؤال لو أن شخصاً عمل عملاً أوجب دخوله الجنة، ولكن هناك شخصاً قريباً له (أخوه أو أبوه) دخل النار والعياذ بالله، فهل دخول قريبه إلى النار من المنغصات له الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: ما ذكرت من المنغصات لا يلحق بأهل الجنة لأنها نعيم وسرور وحبور، أخبر الله عن أهلها أنه: "لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ" [الحجر:48] ، وأكد هذا المعنى بقوله في آية أخرى "الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ" [فاطر:35] ، وورد في صحيح مسلم / كتاب الجنة / باب صفة الجنة وأهلها/ حديث (2837) (ج4/ 2182) عن أبي سعيد وأبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ينادي منادٍ إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتو أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً" فذلك قوله عز وجل: "وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [الأعراف: من الآية43] . ودخول قريبه في النار هو من عدل الله في حكمه وجزائه، وهو إن كان من الموحدين فإنه لا يخلد فيها، بل يعذب فيها ما شاء الله ثم يخرجه الله منها، ومن أسباب خروجه منها شفاعة الشافعين له عند الله أن يخرجه من النار، وهذا معلوم من مذهب أهل السنة والجماعة في أحكام الشفاعة، نسأل الله أن يجعلنا من أهل دار كرامته، وأن يعاملنا بفضله ومنَّه وكرمه وتجاوزه عنا، إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل تتزوج غير زوجها في الجنة

هل تتزوج غير زوجها في الجنة المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 7/1/1424هـ السؤال أنا متزوجة وكنت أحب شخصاً قبل الزواج وتعاهدنا ألا نغضب الله ونعبده ونطيعه، وأن نكون لبعضنا البعض في الآخرة، والآن نحن لا علاقة لنا ببعض، فأريد أن أعرف أنه سيكون من نصيبي في الجنة إذا دخلنا نحن الاثنان الجنة، أم أنني سأكون من نصيب زوجي؟ أرجو الإفادة لأنني أحبه جداً، ولا أريد أن أغضب الله ولا زوجي مني. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم، وبعد: أختي في الله؛ أمور الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا وأمورها، يقول ابن عباس -رضي الله عنهما- فيما صح عنه:"ليس في الآخرة مما في الدنيا إلا الأسماء"، وعلى هذا فتكيفات الإنسان ومراداته في الدنيا ليست بالضرورة كائنة في الآخرة، ويكفي أن الله نفى عن أهل الجنة أن يمسهم فيها نصب أو لغوب، أو هم أو حزن أو غل، فحياة الآخرة حياة أخرى نؤمن بها ولا نحيط بكيفياتها وتفاصيلها إلا بقدر ما جاءت به النصوص ودلت عليه، وبخصوص قضيتك؛ فالمشهور عند أهل العلم أن المرأة المسلمة لزوجها المسلم إذا دخلا جميعاً الجنة، فلهم زوجات من أهل الدنيا ولهم كذلك مما ينشئه الله تعالى في الجنة، والمعول -أختي- على الاستعداد والعمل لتلك الدار، التي أخبر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أن من دخلها:"ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت" مسلم (2836) .

هل المعاصي توجب الخلود في النار

هل المعاصي توجب الخلود في النار المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 13/3/1425هـ السؤال المسلم الذي يعمل الحسنات ويرتكب الذنوب فهل يخلد في النار أم أنه يعاقب على ما ارتكبه من ذنوب ومن ثم يدخل الجنة بسبب أعماله الأخرى؟ فهناك قول إن الفرد إما أن يخلد في النار أو يدخل الجنة ولا يوجد حل ثالث، نرجو الإفادة ولكم شكرنا. الجواب

الحمد لله، من مات مؤمناً بالله ورسوله عليه السلام موحداً لله لا يشرك به شيئاً، فإنه لابد من دخوله الجنة، فإن كانت له ذنوب مات وهو مصر عليها فإنه تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه؛ كما يشاء سبحانه وتعالى، ثم يخرجه من النار ويدخله الجنة؛ كما قال تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء:48] ، فمن مات على الشرك فهو الذي لابد له من دخول النار مخلداً فيها، وأما ما دون الشرك فمن مات عليه ولم يتب فترجى له المغفرة وإن عذب فإنه لا يخلد في النار كما تواترت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه شيء من الإيمان مثقال حبة من خردل من إيمان أو مثقال شعيرة كما هي ألفاظ للأحاديث الواردة في هذا المعنى انظر مثلاً ما رواه البخاري (44) ومسلم (193) من حديث أنس - رضي الله عنه -، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة أن أهل الكبائر لا يخلدون في النار إذا ماتوا وهم موحدون، وأما القول بأن من دخل النار لا يخرج منها وأن الناس فريقان إما من أهل النار خالداً مخلداً فيها، وإما من أهل الجنة فهذا القول هو قول المبتدعة من الخوارج والمعتزلة الذين يقولون: إن أهل الكبائر مستوجبون لدخول النار على وجه الخلود فيها، فخالفوا المذهب الحق من وجهين قطعهم بدخول كل أهل الكبار في النار، ثم قولهم بتخليدهم في النار، وعلى هذا فالناس ثلاثة أقسام: منهم من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، ومنهم من يدخل النار ولا يخرج منها وهم الكفار ومنهم من يدخل النار، فيمكث فيها ما شاء الله ثم يخرج منها ويدخله الله الجنة، وهذا الصنف تتفاوت مدة مكثهم في النار فمنهم من تطول مدة مكثهم ومنهم من تقصر والله - تعالى - أحكم الحاكمين، فجزاء الله - سبحانه وتعالى - لعباده دائر بين الفضل والعدل كما قيل: إن عذبوا فبعدله أو نعموا *** فبفضله وهو الكريم الواسع سبحانه وتعالى، والله أعلم.

رؤية النساء لله في الجنة

رؤية النساء لله في الجنة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 15/2/1425هـ السؤال جاءت الأحاديث التي تثبت رؤية الله -عز وجل- وفيها أنهم بعد أن يروا الله سبحانه يرجعون إلى أزواجهم، هل هذا يعني أن النساء لا يرون الله -عز وجل-؟. الجواب

الحمد لله، لقد دلَّ القرآن والسنة المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- كما أجمع أهل السنة والجماعة على أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة في عرصات القيامة، يعني: في مواقف القيامة، ويرونه بعد دخول الجنة كما يشاء - سبحانه وتعالى-، وهم في هذه الرؤية على مراتب؛ فبعضهم أعظم حظًّا في هذه الرؤية من بعض، وذلك لاختلاف منازلهم ودرجاتهم عند الله، ورؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة هي رؤية حقيقية عيانية، يرونه سبحانه وتعالى بأبصارهم كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته" رواه البخاري (7436) ، ومسلم (633) واللفظ له من حديث جرير - رضي الله عنه -، فشبه الرؤية بالرؤية، ولم يشبه المرئي بالمرئي، ووعد المؤمنين بهذه الرؤية التي هي أعلى مطالب المؤمنين وأعلى نعيمهم في الجنة، والوعد بذلك عام لكل المحسنين من الرجال والنساء، كما قال تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" [يونس:26] وجاء تفسير الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله الكريم، وقال تعالى: "وأزلفت الجنة للمتقين" [ق:31] إلى قوله: "لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد" [ق:35] ، وفسر المزيد بما فسرت به الزيادة في الآية المتقدمة، ووصف المتقين في القرآن وفي السنة يعم الرجال والنساء، وكذلك الموصول في مثل: "والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون" [البقرة:82] ، وهكذا قوله سبحانه: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" [يونس:26] ، هو عام للرجال والنساء، ولكن الله أعلم كيف تكون رؤية المؤمنات لله - تعالى -، ولا يمتنع أن يكون للرجال مزية في رؤيته - سبحانه - لأن الرجال يمتازون في الدنيا على النساء بأعمال عظيمة كصلاة الجماعة والجمعة والجهاد، فلا بد أن يكون لذلك أثره في جزاء الآخرة، وقد ذكر شيخ الإسلام هذه المسألة (أي: مسألة رؤية النساء لله - تعالى - في الجنة) ، وذكر أن فيها اختلافاً، وذكر الأدلة ورجح

القول بأنهن يرين الله؛ لأن ذلك هو ظاهر النصوص فهي عامة في المتقين والمحسنين والمؤمنين، فلا موجب لتخصيصها بغير دليل، ومن أراد المزيد من بحث هذه المسألة فليرجع إلى كلام الشيخ - رحمه الله- في المجلد السادس من مجموع الفتاوى. والله أعلم.

متعة المؤمنات في الجنة

متعة المؤمنات في الجنة المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 16/2/1425هـ السؤال ما هو نصيب المرأة المؤمنة في الجنة؟! هذا ما لم أر أو أقرأ أو أسمع عنه جواباً شافياً، أذكر أني سألت ذات السؤال لمعلم الدين وأنا في المرحلة الثانوية فلم يزد عن نظرة شرانية وعدوانية! ألححت عليه فقال: تتزوج المرأة في الجنة من زوجها في الدنيا! سكت على مضض ولم أقتنع بإجابته لسببين: أولاً: لم يؤصل قوله بدليل من الكتاب أو من السنّة. ثانياً: الاحتمال هذا غير مقبول فما نعلمه أن الرجل سيكون له حور عين ولم يرد فيما أعلم ذكر زوجته في الدنيا من بينهن. وهل في الجنة حور عين من الرجال للمؤمنات؟! طبعاً لم يرد في الكتاب أو السنة ما يشير لهذا الشيء فهل هو غير موجود قطعاً؟! وإذا كانت المؤمنة ستتزوج من زوجها في الدنيا فما هو مصير من توفت دون أن تتمكن من الزواج؟! لا يستقيم معي هذا أيضاً، بقي احتمال وهو أن الحور العين في الجنة هنّ المؤمنات ولكن هذا يتعارض تماماً مع ظاهر نصوص الكتاب والسنة والتي تفيد بأن حور العين لسن المؤمنات في الدنيا بل هن خلق آخر.. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأود في البدء أن أعلمك يا أخي أنني لن أصادر سؤالك أو أعرض عن الإجابة عليه كما توهمت أن أستاذك الذي سألته قد فعل، غير أني لا أخفي تعجبي من فرط همك بمعرفة الجواب، والوقوف على حقيقة هذا الأمر الأخروي، وهنا لا بد من أقرر أمرين:

أولهما: أن تعلم - وفقك الله- أن الأمور الغيبية ليس لنا علم إلا بما أطلعنا الله عليه منها، والله قد أخبر عن ذلك بقوله: "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً" [الجن:26-28] ، وامتدح الله المتقين لإيمانهم بالغيب فقال: "الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" [البقرة:1-3] .

ثانيهما: أن تعلم - أيضاً- أن الجنة دار نعيم وسرور وحبور، ليس فيها هم ولا غم ولا حزن، ولا ما يكدر صفو العيش، لا يمس أهلها نصب ولا لغوب، "وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ" [الزخرف: من الآية71] ، وجاء في الحديث: "إن أدنى مقعد أحدكم في الجنة أن يقول له: تمنّ، فيتمنى ويتمنى، فيقول له: هل تمنيت؟ فيقول: نعم، فيقول له: فإن لك ما تمنيت ومثله معه" رواه مسلم في صحيحه (1/167) ، وبهذا يعلم أن النساء من أهل الجنة لا يتألمن ولا يؤذين ولا يكدر صفو عيشهن مكدر، وأما ما سألت عنه فسأنقل لك فيه نص جواب للشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله- وقد سئل عما ذكر من أن للرجال الحور العين، فما للنساء؟ فأجاب بقوله: يقول الله - تبارك وتعالى - في نعيم أهل الجنة: "وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ" [فصلت:31-32] ، ويقول تعالى: "وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [الزخرف: من الآية71] ، ومن المعلوم أن الزواج من أبلغ ما تشتهيه النفوس فهو حاصل في الجنة لأهل الجنة ذكوراً كانوا أم إناثاً، فالمرأة يزوجها الله تبارك وتعالى في الجنة بزوجها الذي كان زوجاً لها في الدنيا كما قال تبارك وتعالى: "رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [غافر:8] .

وسئل أيضاً عن المرأة التي لها زوجان في الدنيا فمع من تكون منهما؟ ولماذا ذكر الله الزوجات للرجال ولم يذكر الأزواج للنساء؟ فأجاب بقوله: إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فإنها تخير بينهما يوم القيامة في الجنة، وإذا لم تتزوج في الدنيا؛ فإن الله -تعالى- يزوجها ما تقر به عينها في الجنة، فالنعيم في الجنة ليس مقصوراً على الذكور، وإنما هو للذكور والإناث، ومن جملة النعيم الزواج. وقول السائل: إن الله -تعالى- ذكر الحور العين وهن زوجات ولم يذكر للنساء أزواجاً فنقول: إنما ذكر الزوجات للأزواج؛ لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة، فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء، ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج؛ بل لهن أزواج من بني آدم، انظر المجموع الثمين ج (1/149-150) . والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل المسلمون هم الذين يعبرون الصراط وحدهم؟

هل المسلمون هم الذين يعبرون الصراط وحدهم؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 30/3/1425هـ السؤال هل الصراط يعبره المسلمون فقط؟ وهل تحتها جهنم أو نار خاصة بالمذنبين؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فالراجح من قولي العلماء - والله تعالى أعلم- أن الصراط لا يعبره إلا المسلمون مؤمنوهم وعصاتهم؛ وذلك لأن الورود على النار ورودان، ورود الموحدين، وورود الكفار، أما ورود الكفار فهو الدخول فيها مباشرة من غير مرور بالصراط، نسأل الله العافية، كما قال تعالى في شأن فرعون: "يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود" [هود:98] . أما الورود الأول: وهو ورود المسلمين فهو المرور على الجسر بين ظهراني جهنم وهو المراد بقوله تعالى: "وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا" [مريم:71-72] . والأصل في ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه- كما في صحيح مسلم (183) أن ناساً في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قالوا: يا رسول الله: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ وساق الحديث إلى قوله: "ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة، ويقولون- أي الأنبياء والرسل-: اللهم سلم سلم"، قيل يا رسول الله: وما الجسر؟ قال: "دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك" إلى أن قال: "فيمر المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم ... " نسأل الله العافية.

قال الحافظ ابن رجب في كتابه: (التخويف من النار ص232) : (واعلم أن الناس منقسمون إلى مؤمن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً، ومشرك يعبد مع الله غيره فأما المشركون فإنهم لا يمرون على الصراط، وإنما يقعون في النار قبل وضع الصراط"، وبذلك قال ابن الوزير اليماني في العواصم والقواصم (9/303) ، وابن عثيمين في شرح لمعة الاعتقاد (ص150) . رحمة الله على الجميع. والله تعالى أعلم.

محاسبة الجن في الآخرة

محاسبة الجن في الآخرة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 14/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نعلم -والعلم لله وحده-, أن الجن تماماً كالإنس هم أصناف، منهم المسلمون والكافرون وهناك الجن النصراني واليهودي وغيره. سؤالي هو: هل الجن يحاسبون في الآخرة كالإنس، أي بميزان الحسنات والسيئات؟ وهل جزاء المسلمين منهم الجنة والحور كالإنس؟ جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: الحمد لله، قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات:56] وقال تعالى: "وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين" [الأحقاف: 29] إلى قوله تعالى: " يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ... " [الأحقاف: 31] ، وقال تعالى: " ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" [السجدة: 13] ، وقال تعالى: "يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين" [الأنعام: 130] ، وقال سبحانه في سورة الجن: "وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأمّا القاسطون فكانوا لجهنم حطباً" [الجن: 13-14] ، وقد خاطب الله سبحانه في سورة الرحمن الجن والإنس في قوله تعالى: "فبأي آلاء ربكما تكذبان" [الرحمن: 13] واحدا وثلاثين مرّة، وقد تضمنت السورة الوعد والوعيد، وهذا كله يدل على أن الجن مكلفون بعبادة الله والإيمان برسله، وأنهم محاسبون يوم القيامة ومجزيون على أعمالهم ثواباً وعقاباً.

ومعلوم أن الجن ليسوا كالإنس في خلقتهم، فلا نقول إنهم كالإنس من كل وجه، والأحكام الدينية والجزائية تتعلق بهم على ما يناسب حالهم وخلقتهم، ونحن لا نعلم كيفياتهم؛ لأنهم من عالم الغيب، وإن ظهروا لنا أحياناً بصور مختلفة فإننا لا نراهم على خلقتهم، كما قال سبحانه وتعالى عن إبليس وذريته وهم الجن: "إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم" [الأعراف: 27] . وقد اتفق العلماء على أن الجن يحاسبون وكفارهم وعصاتهم معذبون بالنار، كما قال تعالى: "ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" [السجدة: 13] ، فهم يدخلون النار كالإنس، واختلف العلماء في دخولهم الجنة، فمنهم من يقول: إن المطيع ثوابه النجاة من النار. وقال كثير من العلماء إنهم يدخلون الجنة ويثابون على إيمانهم وطاعتهم وهذا هو الصواب، ولا نعلم كيفية تنعمهم بالجنة؛ لأنهم كما تقدم يختلفون عن الإنس في خلقتهم، ومما يدل على ذلك -أي على دخولهم الجنة- قوله تعالى: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" [الرحمن: 46] إلى آخر السورة. ولا يمتنع أن يكون لهم نساء في الجنة تناسبهم، ولكن نمسك عن إثبات ذلك ونفيه لعدم ما ينص على ذلك بإثبات أو نفي، فلا نتجاوز ما بين الله لنا في كتابه، وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- والله أعلم.

الرسوم التوضيحية للأمور الغيبية

الرسوم التوضيحية للأمور الغيبية المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 04/05/1425هـ السؤال ينتشر في بعض المنتديات استخدام الأسهم والرسوم التوضيحية لما يتعلق بالحياة بعد الموت، وتتمثل في القبر، ثم النفخ في الصور، ثم البعث ثم الشفاعة إلى الجنة أو النار، فهل هذا الرسم التوضيحي الذي يشمل توضيح المراحل التي يمر بها الإنسان المؤمن والكافر من القبر إلى الجنة أو النار جائزة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فاستخدام الوسائل المعينة والمقربة للأمور الغيبية والمعنوية في صورة محسوسة، كاستخدامات الخطوط والأسهم جائز، وهذا من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في استخدام الوسائل التعليمية - كما في لغة العصر- لتوضيح وتقريب بعض المسائل المعنوية أو الغيبية للأذهان، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومنها حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال: كنا جلوساً عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقرأ: "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله" [الأنعام: 153] ، فخط خطاً فقال: هذا الصراط، ثم خط حوله خطوطاً فقال: وهذه السبل، فما منها سبيل إلا وعليه شيطان يدعو إليه.."الحديث رواه ابن ماجة (11) ، وأحمد (4131) ، وهناك أمثلة أخرى كثيرة. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

بم تحصل مجاورة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؟!

بم تحصل مجاورة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؟! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 20/3/1425هـ السؤال ماذا يفعل المرء ليكون جاراً للنبي -صلى الله عليه وسلم -في الجنة؟ أي في جنة الفردوس؟ البعض يقول بإعالة يتيم والبعض بفعل الصالحات. أرجو إعطائي الجواب الشافي. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد:

حب الله ورسوله يحصل به القرب من النبي -صلى الله عليه وسلم- والكون معه في الجنة، ففي الصحيحين (البخاري ح (3688) ، ومسلم ح (2639)) من حديث أنس -رضي الله عنه- قَالَ بَيْنَمَا أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَارِجَيْنِ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَقِينَا رَجُلًا عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ " قَال: َ فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَا صَدَقَة، ٍ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ: " فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ "، فَقُلْنَا: وَنَحْنُ كَذَلِكَ قَالَ: "نَعَمْ"، قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشد من قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ"، وعلامة صدق المحبة للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-اتباعه وطاعته، ولهذا رتب على اتباعه وطاعته مرافقته في الجنة، قال الله -عز وجل-: " وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً" [النساء:69] قال ابن كثير: " أي من عمل بما أمره الله به ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وترك ما نهاه الله عنه ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإن الله عز وجل يسكنه دار كرامته، ويجعله مرافقاً للأنبياء ثم لمن بعدهم في الرتبة، وهم الصديقون ثم الشهداء ثم عموم المؤمنين، وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم. "تفسير ابن كثير (2/333) .

وقال القرطبي في قوله -تعالى-: " أي هم معهم في دار واحدة ونعيم واحد يستمتعون برؤيتهم والحضور معهم........ " تفسير القرطبي (5/ 272) فمن صدق في محبته واتباعه وطاعته للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فيرجى أن يكون معه في الجنة، وقد ذكرت بعض الأعمال على وجه الخصوص أن من عمل بها فإنه يحصل له مرافقة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-والقرب منه في الجنة، فعلى المسلم أن يحرص على الأخذ بها ومن ذلك: 1- كفالة اليتيم: ففي صحيح البخاري ح (6005) من حديث سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ - رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ: " أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا " وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى قال ابن بطال: "حقٌ على كل مسلم يسمع هذا الحديث أن يرغب في العمل به؛ ليكون في الجنة رفيقاً للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولجماعة النبيين والمرسلين، ولا منزلة عند الله في الآخرة أفضل من مرافقة الأنبياء " شرح صحيح البخاري لابن بطال (9/217) . 2- كثرة السجود: ففي صحيح مسلم (489) من حديث رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: "سَلْ" فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ: "أَوْ غَيْرَ ذَلِك"َ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ قَالَ: " فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ " 3- عول البنات والقيام عليهن: ففي صحيح مسلم (2631) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:" مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ " وَضَمَّ أَصَابِعَهُ

4- حسن الخلق: ففي جامع الترمذي (1941) من حديث جَابِرٍ - رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ: " إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُون"َ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُون؛ َ قَال: َ "الْمُتَكَبِّرُونَ"، ولا يمنع أن تتعدد الخصال التي يتحقق بها القرب من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-في الجنة كما أن هناك أعمالاً عديدة يحصل بها دخول الجنة وأعمالاً عديدة يحصل بها تكفير الذنوب، وهذا من سعة فضل الله ورحمته بعباده، فالمؤمن الذي حقق الإيمان وأدى الواجبات، واجتنب الكبائر، وعمل بما تيسر له من هذه الأعمال يرجى له أن يكون مرافقاً للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-في الجنة. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل أهل الجنة على صورة يوسف عليه السلام

هل أهل الجنة على صورة يوسف عليه السلام المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 3/6/1425هـ السؤال هل صحيح أن في الجنة يدخل المسلمون على هيئة يوسف- عليه السلام-؟ وإذا كان كذلك فكيف أكون نفس الشخص؟ وهل صحيح أن في القيامة أحاسب؟ وفي الجنة أحاسب بنفسي، ولكن ليست بنفس الروح التي عشت بها في الدنيا؟ أم أن هذا الكلام من أقوال الصوفية؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ورد في حديث -فيه ضعف- أن أهل الجنة يكونون في حسن يوسف- عليه السلام-، وإذا صحَّ ذلك فإنه ليس هناك ما يمنع أن يكون أهل الجنة على أحسن صورة، فإن الله -تعالى- قادر على ذلك، وخصائص الإنسان في الدنيا لا يلزم أن تكون كما هي في الآخرة من كل وجه، فإن الدنيا دار امتحان، والآخرة دار جزاء، فلكل دار حالها، ويهيأ الإنسان للحال التي يستحقها من عذاب أو نعيم خالص، والله أعلم. أما الروح فأمرها غيب كما قال تعالى: "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" [الإسراء: 85] ، ودين المسلم لا يتوقف على معرفة هذه الأمور والحمد لله.

في أي دركات النار يكون عصاة الموحدين؟

في أي دركات النار يكون عصاة الموحدين؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 13/3/1425هـ السؤال سمعت أن هناك سبع طبقات في النار ستة منها لغير المسلمين، والطبقة العليا منها للمسلمين. وبعد أن يعذب المسلمون في النار يذهبون إلى الجنة بينما يبقى غير المسلمين في الطبقات الستة في النار إلى الأبد، ما مدى صحة ما ذكرت؟ وقد قرأت حديثاً أن والد علي بن أبي طالب سيدخل الجنة بعد أن يلاقي أقل العذاب في النار لأنه مات على غير الإسلام. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فبخصوص السؤال عن طبقات النار، فقد قال الله -تعالى-:"إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار" [النساء:145] فالنار دركات أي طبقات ومنازل، وإنما قيل "دركات" ولم يقل "درجات" لاستعمال العرب لكل ما تسافل "درك" ولما تعالى "درج" فيقال للجنة درجات، وللنار -أعاذنا الله منها- دركات، والمنافقون في الدرك الأسفل منها لغلظ كفرهم وكثرة غوائلهم وتمكنهم من أذى المؤمنين. وذهب بعض أهل العلم إلى أن أعلى دركات النار مختصة بالعصاة من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- وهي التي تخلو من أهلها فتصفق الرياح أبوابها، والله أعلم بصحة ذلك إلا أن من المقطوع به أنه لا يبقى أحد من أهل التوحيد فيها وإنما يخرجون إما بالشفاعة أو برحمة أرحم الراحمين ولا يبقى فيها خالداً مخلداً إلا الكفار. أما الموحدون فيخرجون من النار ثم يلقون في نهر الحياة من الجنة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل كما ثبت بذلك الخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ويعرفون في الجنة بالجهنميين انظر ما رواه البخاري (806) ومسلم (182) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

أما السؤال عن والد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وهم عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه سيدخل الجنة بعد أن يلاقي أقل العذاب في النار لأنه مات على غير الإسلام، فالصحيح الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخفف عنه العذاب في النار لكنه لا يخرج منها فضلاً أن يدخل الجنة، لأن من المقطوع به أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وأنه لا يخرج أحد من الكفار من النار فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال كما في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- الذي في البخاري (3885) ومسلم (210) عن عمه أبي طالب "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يغلي منها دماغه" وهذا أخف عذاب في النار نعوذ بالله منها. وهذا التخفيف ليس بسبب قرابته من النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنها لم تنفع قرابة عمه؟؟ الذي جعل الله مسبته والدعاء عليه قرآناً يتلى إلى يوم القيامة "تبت يدا أبي لهب وتب" [المسد:1] ، وإنما لنصرته النبي -صلى الله عليه وسلم- والدفاع عنه وعن المسلمين أيام استضاعفهم في مكة، وإلا فإن أبا طالب قد مات على الكفر، والكافر مخلد في النار نعوذ بالله من حال أهل النار.

رأي ابن تيمية في قدم العالم وفناء النار

رأي ابن تيمية في قدم العالم وفناء النار المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 04/11/1426هـ السؤال عندنا أناس يسيؤون الكلام عن شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأنه يقول بقدم العالم وفناء النار، فنريد منكم رأي شيخ الإسلام في هاتين المسألتين، وكيف نرد على هؤلاء؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالشغب على الأئمة والعلماء قديم جداً، وخاصة الأئمة الذين نصروا مذهب السلف، كابن تيمية -رحمه الله- وهاتان المسألتان من أشهر المسائل التي شنع عليه بسببها من قبل المتكلمين وعامة الأشاعرة والصوفية، وبيان الرد على هذه الدعوى يطول، ولكن أقول باختصار: إن مذهب السلف -رحمهم الله- هو ما عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، وهو قوي بأدلته وحججه، وما الأئمة والعلماء إلا أدلاء عليه موضحين له داعين إليه، ومهما تعرضوا له من أذى أو فتن أو حصل منهم اجتهاد أخطأوا فيه فلا ينبغي أن يكون ذلك سبباً في ضعف الانتماء للحق أو التخاذل عنه، فالرجال يعرفون ويوزنون بالحق لا العكس، وهذه قاعدة في بيان معرفة الحق والفرق بينه وبين التعصب للرجال، بل هي ميزة لمذهب السلف، وهي عدم تقديس الأشخاص لذواتهم وجعل محك الاتباع والأخذ هو ما يصدر عنهم دون تمحيص ومعرفة للدليل، وإنما أهل البدع هم الذين تدور مذاهبهم على الرجال وفيهم، وعليهم يكون معاقد الاتباع والقبول والرد والولاء والبراء.

ثانياً: بالنسبة لما نسب لشيخ الإسلام -رحمه الله- من كونه يقول بقدم العالم، فالقائلون لذلك إما كاذبون مفترون كبعض خصومه وأعدائه، وإما مخطئون متوهمون حملوا كلامه على غير مراده الصحيح، الذي إذا رُد مشتبهه إلى محكمه تبين وضوح منهج شيخ الإسلام -رحمه الله- وهذه المسألة من المسائل الكبيرة، وفيها مباحث جدلية طويلة ليس هذا الجواب مقام إيرادها والمقصود باختصار. أن الذي كان يقوله -رحمه الله- هو مقتضى الأدلة من أن الله تعالى يفعل ما يشاء أزلاً وأبداً، وأن عموم مشيئته سبحانه وتعالى، وكونه فعالاً لما يريد، وكونه متصفاً بصفات الكمال الثابتة له، اللائقة بكماله سبحانه وتعالى، وبالتالي إمكان جواز -وليس وجوب- وجود حوادث ومخلوقات قديمة أزلية، وإلا فأي معنى لكونه خالقاً قادراً متى شاء وكيف شاء، ثم نعطل الصفة عن الفعل، والذين نفوا ذلك هم نفاة الصفات الفعلية الاختيارية من المعتزلة والأشاعرة، ومع ذلك فهم متناقضون، حيث يمنعون إمكانية وجود حوادث لا أول لها في طرف الماضي، ويجيزون إمكانها في المستقبل، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يرد عليهم في أكثر من موضع بأنه لا فرق بينهما، ثم هو يؤكد -رحمه الله- أن هذا القول لا يعني ولا يستلزم بوجه من الوجوه القول بقدم العالم وأزليته، بل هو يفرق في عامة كتبه بين قضيتين رئيسيتين في الموضوع، هما النوع والآحاد، ويرى أهمية التفريق بين دوام النوع وحدوث الأفراد والأعيان، وأن التفريق بينهما هو الذي نطق به الكتاب والسنة والآثار، وأن الرب -تعالى- أوجد كل حادث بعد أن لم يكن موجداً له، وأن كل ما سواه فهو حادث بعد أن لم يكن حادثاً، وذكر -رحمه الله- أن أهل الحديث ومن وافقهم لا يجعلون النوع حادثاً بل قديماً، ويفرقون بين حدوث النوع وحدوث الفرد من أفراده، كما يفرق جمهور العقلاء بين دوام النوع ودوام الواحد من أعيانه، فإن نعيم الجنة يدوم نوعه ولا يدوم كل واحد من الأعيان الفانية فيه.

والقول بقدم النوع لا ينفيه شرع ولا عقل، بل هو من لوازم كماله كما قاله سبحانه: "أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون" [النحل:17] . والخلق لا يزالون معه وليس في كونهم لا يزالون معه في المستقبل ما ينافي كماله، والعقل يفرق بين كون الفاعل يفعل شيئاً بعد شيء دائماً، وبين آحاد الفعل والكلام. وكون الفاعل لم يزل يفعل فعلاً بعد فعل فهذا من كمال الفاعل. وأختم ذلك بهذه الكلمة لشيخ الإسلام، حيث يقول: "كل ما سوى الرب حادث كائن بعد أن لم يكن، وهو سبحانه المختص بالقدم والأزلية، فليس في مفعولاته قديم وإن كان هو لم يزل فاعلاً، وليس معه شيء قديم بقدمه، بل ليس في المفعولات قديم البتة، بل لا قديم إلا هو سبحانه، وهو وحده الخالق لكل ما سواه، وكل ما سواه مخلوق، كما قال سبحانه: "الله خالق كل شيء" [الزمر:62] ، انظر درء تعارض العقل والنقل (8/272) ، وبهذا يتبين أن شيخ الإسلام يقرر حدوث العالم. وأن قدم النوع لا يستلزم قدم العالم ما دام الفعل مسبوقاً بفاعله كما عليه السلف والأئمة، ولمزيد من ذلك راجع كتاب الصفدية (1/65، 130و2/49، 140) ، ودرء التعارض (1/123-125، 2/148،206) . (3/51-52-4/160) (8/289) ، ومجموع الفتاوى (18/227) وما بعدها، ومنهاج السنة (1/160، 208) (2/138) ، وانظر دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ص (286) . ثالثاً: فيما يتعلق بمسألة فناء النار فهي أيضاً من المسائل التي شنّع فيها على شيخ الإسلام، واتهم أنه كان يقول بقول الجهمية في فناء النار، حيث له مقالات تفهم أنه يميل إلى هذا القول، ولهذا انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: الذين يقطعون بأنه يقول بفناء النار، وهذا قول عامة مناوئيه، وبعض من يوافقه في الاعتقاد.

القسم الثاني: الذين ينفون عنه هذا القول مطلقاً، وأنه يرى خلودها كالجنة اعتماداً على أن هذا القول هو قول السلف وهو يقول به في عامة كتبه، بل هو من أكبر شراح عقيدة السلف، وهؤلاء اعتمدوا على نصوصه الصريحة في عامة كتبه التي تثبت أبدية النار. القسم الثالث: القائلون بأن ابن تيمية يميل إلى القول بفناء النار لكنه لا يصرح بذلك، حيث وقفوا على بعض أقوال له تشعر بأنه يرتضي هذا القول، وهذه الأقوال جميعها مفهومة من كلام الشيخ في كتاب له بعنوان "الرد على من قال بفناء الجنة والنار". والتحقيق -إن شاء الله- أن شيخ الإسلام يقول بقول جمهور السلف والأئمة من أبدية النار وعدم فنائها، وهذا هو الذي صرح به في عامة كتبه، بل ونقل اتفاق السلف على ذلك كما في المجموع (18/307) ، وبيان تلبيس الجهمية (1/581) ، وفي منهاج السنة (1/146) ، ونقل كلام الأشعري في المقالات من اتفاق أهل الإسلام جميعاً على أن الجنة والنار لا يزالان، وذكره مقراً له ومؤيداً. انظر درء التعارض (2/357) ، وفي مواضع كثيرة من الفتاوى يحكي هذا القول وينصره (2/428) ، (16/197) .

ثم إن النصوص التي يستدل بها القائلون بأنه يقول بفناء النار هي من كتاب واحد، وهو (الرد على من قال بفناء الجنة والنار) ، وهو ليس من الكتب المشهورة لشيخ الإسلام والمحققون من أهل العلم لهم عليه ملاحظات علمية ومنهجية ليس هذا موضع ذكرها، وابن القيم -رحمه الله- قد نقل أغلب ما في هذا الكتاب في كتابه (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) ولم يصرح بأن ذلك هو رأي شيخ الإسلام، ولو كان قولاً له لصرح به، ثم إن الكتاب ظاهر من عبارته أنه قائم على حكاية قول القائلين بفناء النار على هيئة مناظرة وحوار، فذكر أدلة الفريقين، وحين ذكر أدلة القائلين بفناء النار عرضها عرضاً يوحي بأنه منهم، لكنها قوة عرض ليس إلا، بدليل أن ابن القيم الذي نقل عامة هذا الكتاب حين ذكر أدلة الفريقين ومناقشة الأدلة صرح بأنه يحكي هذا القول: فقال: "قال أصحاب الفناء....."، وحين انتهى من ذكر مناقشاتهم قال: "فهذا نهاية إقدام الفريقين في هذه المسألة" حادي الأرواح (ص 255، 283) ، ثم على التسليم بأن كتاب ابن تيمية فيه تأييد ونصرة للقول بفناء النار، فالذي يترجح أن هذا الكتاب ليس من آخر ما كتب ابن تيمية، فإن الكتب المتأخرة مثل (درء التعارض) الذي ألفه في السنوات من عام (713-717) هـ ومنهاج السنة الذي كان تأليفه عام (710) هـ تقريباً، وكذا كتاب بيان تلبيس الجهمية ألفه في مصر من عام (705-712) ، وهذه الكتب قد صرح فيها شيخ الإسلام بأبدية النار، وصرح فيها برأيه بوضوح تام، والكتاب السابق يغلب على الظن أنه قد تم تأليفه في مرحلة مبكرة من عمره، وقد أشار الشيخ الألباني -رحمه الله- إلى شيء من ذلك في مقدمة كتاب رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار (ص 25) .

وعلى كل حال فأقواله -رحمه الله- المصرحة بأبدية النار بيّنة وصريحة، ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أن المجمل مما في نصوص الكتاب والسنة يرد إلى المحكم، ولا يتعلق بالمتشابة والمجمل ويترك المحكم والمبين إلا أهل الأهواء، وكذلك مقولات أئمة العلم والدين ينبغي أن يحمل المجمل والمشتبه على المبيّن والمحكم، وأن تحمل أقوالهم على أحسن المحامل وأسلم المقاصد. وأنبه في نهاية الجواب إلى أهمية معرفة أن القول بفناء النار لا يسلم بأنه كفر، كما يزعمه كثير من خصوم شيخ الإسلام الذين يكفرونه بذلك، بل هذه المسألة فيها اشتباه وآثار متعددة اشتبهت على كثير من العلماء ومنهم باحثون معاصرون، وقالوا بفناء النار، واستندوا إلى الآثار المروية في ذلك عن بعض الصحابة والتابعين التي يفهم منها القول بفناء النار، فاجتهدوا في هذه المسألة، وإن كانوا مخطئين لكنهم لا يكفرون بذلك. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

صفة الحور العين من القرآن والسنة

صفة الحور العين من القرآن والسنة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 17/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. أرجو ذكر أوصاف الحور العين، كما وردت في القرآن والسنة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الآيات والأحاديث في وصف الحور العين كثيرة يطول المقام باستقصائها، ولكن أذكر جملة مما ورد في وصفهن في الكتاب والسنة، حسب ما طلب السائل، وفقنا الله وإياه. قال الله جلَّ ثناؤه: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ* فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) [الرحمن: 56- 58] . وقال تعالى: (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ* فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ* فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) [الرحمن: 70- 74] . وقال تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ* كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) [الواقعة: 22، 23] . وقال في الآية الأخرى: (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ) [الصافات: 49] . وقال تعالى: (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا* عُرُبًا أَتْرَابًا) [الواقعة: 35-37] . وقال تعالى: (وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ) [ص: 52] . وقال تعالى: (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ) [البقرة: 25] . وقال تعالى: (وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) [الطور: 20] . وقال تعالى: (وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا) [النبأ: 33] . والحور: جمع حَوْرَاء، وهي المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين.

والعِين: جمع عَيْنَاء، وهي العظيمة العين من النساء، التي جمعت أعينهن صفات الحسن والملاحة، ومن محاسن المرأة اتساع عينها في طول. قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ: والمعنى قصرن طرفهن على أزواجهن، فلا يطمحن إلى غيرهم. وقيل: قصرن طرف أزواجهن عليهن، فلا يدعهم حسنهن وجمالهن أن ينظروا إلى غيرهن. لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ: أي لم يمسَّهن. كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ: أي شبههن في صفاء اللون وبياضه بالياقوت والمرجان. فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا* عُرُبًا أَتْرَابًا: عربًا: جمع عَرُوب، وهن المتحببات إلى أزواجهن. قال ابن الأعرابي: العروب من النساء: المطيعة لزوجها المتحببة إليه. أَتْرَاب: جمع تِرْب، وهو لِدَةُ الإنسان، والمعنى أي مستويات على سن واحد وميلاد واحد، ليس فيهن عجائز قد فات حسنهن، ولا ولائد لا يطقن الوطء. مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ: المقصورات المحبوسات، وفيه معنى آخر، وهو أن يكون المراد أنهن محبوسات على أزواجهن لا يُردن غيرهم. إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء: أي أنشأناهن بعد الكبر والعجز والضعف في الدنيا فصرن في الجنة شبابًا أبكارًا، يعني نساء أهل الدنيا. أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ: أي مطهرات من الحيض والغائط والبول والقذر والأذى وغير ذلك، بخلاف نساء أهل الدنيا. كَوَاعِب: جمع كاعب، وهي: الناهد، والمراد أن ثديهن نواهد كالرمان ليست متدلية إلى أسفل، ويسمين نواهد وكواعب.

وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ، أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ- يَعْنِي سَوْطَهُ- خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا". أخرجه البخاري (2796) . والنصيف: هو الخمار. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَا يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمْ الْأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنْ الْحُسْنِ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا". أخرجه البخاري (3245) ومسلم (2834) .

وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُرَى بَيَاضُ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً حَتَّى يُرَى مُخُّهَا، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) . فَأَمَّا الْيَاقُوتُ فَإِنَّهُ حَجَرٌ لَوْ أَدْخَلْتَ فِيهِ سِلْكًا ثُمَّ اسْتَصْفَيْتَهُ لَأُرِيتَهُ مِنْ وَرَائِهِ". أخرجه الترمذي (2523) . وعن عَلِيٍّ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَمُجْتَمَعًا لِلْحُورِ الْعِينِ يُرَفِّعْنَ بِأَصْوَاتٍ لَمْ يَسْمَعْ الْخَلَائِقُ مِثْلَهَا". قَالَ: "يَقُلْنَ: نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَبِيدُ، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْؤُسُ، وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ، فَلَا نَسْخَطُ، طُوبَى لِمَنْ كَانَ لَنَا وَكُنَّا لَهُ ". أخرجه أحمد (1343) والترمذي (2564) ، وقال: حَدِيثٌ غَرِيبٌ. نسأل الله تعالى الفردوس الأعلى من الجنة، ونعوذ به من النار، إنه سميع مجيب. هذا، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

شهادة الجوارح يوم القيامة

شهادة الجوارح يوم القيامة المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان باليوم الآخر التاريخ 19/09/1425هـ السؤال كما نعلم فإن أعضاءنا سوف تتكلم وتشهد على أعمالنا، وهناك حديث عن أول ثلاثة نفر يدخلون النار.. عالم، ومنفق ومجاهد، فكيف يتمكن هؤلاء الثلاثة من الكذب وأعضاؤهم تشهد عليهم؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: هؤلاء الثلاثة الوارد ذكرهم في الحديث الصحيح، إنما يكذبون في أول الأمر قبل أن تُستشهد عليهم أعضاؤهم؛ لأن الشاهد لا يتكلم قبل المشهود عليه؛ خصوصًا وأن هذه الأعمال التي عملوها ظاهرها أنها لوجه الله تعالى ولكن باطنها أنها لمراءاة الناس وطلب مدحهم، ولا يطلع على الباطن إلا الله.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (وقوله تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يس: 65] . هذا حال الكفار والمنافقين يوم القيامة حين ينكرون ما اجترحوه في الدنيا ويحلفون ما فعلوه، فيختم الله على أفواههم، ويستنطق جوارحهم بما عملت.. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَحِكَ، فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟ ". قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنْ الظُّلْمِ؟ ". قَالَ: "يَقُولُ: بَلَى". قَالَ: "فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي". قَالَ: "فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا". قَالَ: "فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي". قَالَ: "فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ". قَالَ: "ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ". قَالَ: "فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ". أخرجه مسلم (2969) . وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- في حديث القيامة الطويل؛ قال فيه: " ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرُسُلِكَ وَصَلَّيْتُ وَصُمْتُ وَتَصَدَّقْتُ. وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ، فَيَقُولُ: هَاهُنَا إِذًا". قَالَ: "ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ. وَيَتَفَكَّرُ فِي نَفْسِهِ: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ؟ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ وَلَحْمِهِ وَعِظَامِهِ: انْطِقِي. فَتَنْطِقُ

فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ، وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ، وَذَلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ". أخرجه مسلم (2968) . والله أعلم. وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الولاء والبراء

أثر فقد الولاء والبراء في التوحيد المجيب د. محمد بن سعيد القحطاني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 5/5/1422 السؤال هل يعد الولاء والبراء من ركائز التوحيد بمعنى، هل فقد الولاء والبراء من الشخص يعد ثلماً في التوحيد أم في كماله؟ وجزاكم الله عن أمة محمد خيراً الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد: إن الولاء والبراء من أبرز عقائد وسمات الدين الإسلامي، بل لا يوجد مسألة عقدية وضحها القرآن الكريم بعد التوحيد ونقيضه وهو الشرك كما وضّح مسألة الولاء والبراء. فهو دين الأنبياء والمرسلين، به انقسمت الخليقة إلى أبرار وفجار، ومؤمنين وكفار، والولاء والبراء منه ما ينقض الإسلام بالكلية ومنه ما يدخل في الكبائر، فمن والى الكفار وأحب نصرتهم على الإسلام وأحب الكفر وظهوره فهو كافر كفراً ينقل عن الملة، ومن صور الموالاة ما هو دون ذلك، ويُعد من كبائر الذنوب، وإن لم يكن كفراً ناقلاً عن الملة، وهناك تفصيل دقيق لهذه المسائل مبسوط في كتابي "الولاء والبراء في الإسلام" فليراجعه السائل - إن شاء - والله ولي التوفيق.

معاملة الزميل الكافر

معاملة الزميل الكافر المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 3/8/1422 السؤال أخ مصري مسلم، كان له زميل دراسة نصراني من المرحلة الابتدائية إلى الجامعة، وكان على صلة طيبة به، وبعد أن منّ الله على هذا الأخ بالتوجه الطيب للدين، قام بهجر ذلك النصراني وقطعه، بل وأساء له في المعاملة بحجة الحديث الذي معناه (فاضطروهم إلى أضيق السبل) ولكن هذا النصراني لا زال يعامل هذا المسلم بالجميل، فبماذا تنصحون الأخ؟ الجواب المنهي عنه في علاقة المسلم بالكافر إنما هو الموالاة من دون المؤمنين. أما الإحسان إلى غير المحاربين منهم ومعاملتهم بالعدل، وإنصافهم، وأداء حقوقهم فليس بمنهي عنه، بل هو داخل في عموم أمر المسلمين بهذه الخصال، وقد يكون الكافر قريباً، فيثبت له حق القرابة، وقد يكون جاراً فيثبت له حق الجوار، وكل ذلك في حدود الشرع، والدليل على ما تقدم قوله -تبارك وتعالى- في سورة الممتحنة: ((لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)) وبناء على هذا فإن الأخ ينصح بأن يعامل صديقه النصراني بالجميل ويكافئه بالمعروف، ويحسن إليه لعل الله أن يهديه ويشرح صدره للإسلام، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة، حيث عاد يهودياً في مرض موته ودعاه للإسلام، فكتب الله له الفوز بقبوله دعوة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وبالله التوفيق.

حكم التجنس بالجنسية الأوربية للمسلم

حكم التجنّس بالجنسية الأوربية للمسلم المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 6/5/1422 السؤال ما حكم التجنّس بالجنسية الأوربية للمسلم الذي يأتي للبلاد الأوروبية فارّاً بدينه من الظلم الذي وقع عليه في بلده الأصلي، وفقد فيه هويته، وفقد أمل الرجوع إلى وطنه، وجزاكم الله خيراً. الجواب ج: للجواب على هذا السؤال يلزم بيان أمرين: الأول: كون الإقامة في بلد الكفار جائزة. الثاني: قيام الحاجة إلى أخذ الجنسية. تفصيل الأمر الأول: الإقامة في بلاد الكفار لا تجوز إلا بالشروط الآتية: 1- وجود الحاجة الشرعية المقتضية للإقامة في بلادهم ولا يمكن سدّها في بلاد المسلمين، مثل التجارة، والدعوة، أو التمثيل الرسمي لبلد مسلم، أو طلب علم غير متوفر مثله في بلد مسلم من حيث الوجود، أو الجودة والإتقان، أوالخوف على النفس من القتل أو السجن أو التعذيب، وليس مجرد الإيذاء والمضايقة، أو الخوف على الأهل والولد من ذلك، أو الخوف على المال. 2- أن تكون الإقامة مؤقتة، لا مؤبّدة، بل ولا يجوز له أن يعقد النية على التأبيد، وإنما يعقدها على التأقيت؛ لأن التأبيد يعني كونها هجرة من دار الإسلام إلى دار الكفر، وهذا مناقضة صريحة لحكم الشرع في إيجاب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام. ويحصل التأقيت بأن ينوي أنه متى زالت الحاجة إلى الإقامة في بلد الكفار قطع الإقامة وانتقل. 3- أن يكون بلد الكفار الذي يريد الإقامة فيه دار عهد، لا دار حرب، وإلا لم يجز الإقامة فيه. ويكون دار حرب إذا كان أهله يحاربون المسلمين. 4- توفر الحرية الدينية في بلد الكفار، والتي يستطيع المسلم بسببها إقامة شعائر دينه الظاهرة. 5- تمكنه من تعلم شرائع الإسلام في ذلك البلد. فإن عسر عليه لم تجز له الإقامة فيه لاقتضائها الإعراض عن تعلم دين الله.

6- أن يغلب ظنه بقدرته على المحافظة على دينه، ودين أهله وولده. وإلا لم يجز له؛ لأن حفظ الدين أولى من حفظ النفس والمال والأهل. فمن توفرت فيه هذه الشروط -وما أعسر توفرها- جاز له أن يقيم في بلاد الكفار، وإلا حرم عليه؛ للنصوص الصريحة الواضحة التي تحرم الإقامة فيها، وتوجب الهجرة منها، وهي معلومة، وللخطورة العظيمة الغالبة على الدين والخلق، والتي لا ينكرها إلا مكابر. ثانياً: تحقق الحاجة الشرعية لأخذ الجنسية، وهي أن تتوقف المصالح التي من أجلها أقام المسلم في دار الكفار على استخراج الجنسية، وإلا لم يجز له، لما في استخراجها من تولى الكفار ظاهراً، وما يلزم بسببها من النطق ظاهراً بما لا يجوز اعتقاده ولا التزامه، كالرضا بالكفر أو بالقانون، ولأن استخراجها ذريعة إلى تأبيد الإقامة في بلاد الكفار وهو أمر غير جائز - كما سبق - فمتى تحقق هذان الأمران فإني أرجو أن يغفر الله للمسلم المقيم في بلاد الكفار ما أقدم عليه من هذا الخطر العظيم، وذلك لأنه إما مضطر للإقامة والضرورة تتيح المحظورة، وإما للمصلحة الراجحة على المفسدة، والله أعلم.

العمل لدى الحكومة الكافرة

العمل لدى الحكومة الكافرة المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/العمل والعمال التاريخ 22/7/1422 السؤال ما حكم العمل لدى الحكومات الكافرة؟ الجواب العمل لدى الحكومة الكافرة - إن لم يكن عملاً بالقانون - جائزٌ مالم يكن فيه إساءة للمسلمين، أو إعانة على ظلم مسلم أو كافر؛ لأنه عمل لأجل المال لا لأجل خدمتهم. وأما إن كان عملاً بالقانون؛ فما كان فيه متعلقاً بالمصالح المرسلة - وهي التي لم يذكرها شرعنا بمدح ولا ذم - كالمتعلق بتخطيط المدن، وأنظمتها المادية من دوائر مرورية ونحوها فالعمل فيه جائز؛ لأنه لا يتعلق بشرع، ما لم يترتب عليه ظلم لأحد فإنه حينئذ محرم، ومثل ذلك في الجواز، العمل فيما يقدر المسلم من خلاله التخفيف على المسلمين وإعطائهم بعض حقوقهم التي لا يأخذونها لولا وجوده على هذا العمل، ومثل ذلك أيضاً العمل فيما يجد فيه مساغاً لإعمال شريعة الإسلام، كما لو كان في هيئة المحلَّفين، التي تقضي بتجريم المتهم أو ببراءته، ولك أن تقيس على ذلك مجالات العمل الأخرى، والله الهادي إلى سواء السبيل.

تقسيم موالاة الكافر ومظاهرته

تقسيم موالاة الكافر ومظاهرته المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 23/4/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما رأيكم في هذا التقسيم لموالاة الكفار ومظاهرتهم؟ (1) مظاهرتهم وموالاتهم في الظاهر مع حبهم ومودتهم في الباطن، وهو النوع المخرج من الملة المكفر. (2) مظاهرتهم في الظاهر لمصلحة الشخص وخوفه على نفسه، أو ملكه وسلطته، وهذا النوع كبيرة من كبائر الذنوب ليس مخرجاً من الملة. (3) موالاتهم ومظاهرتهم لمصلحة المسلمين، ودرء الشر والفتنة عنهم وهذا النوع جائز، والدليل على هذه التقسيمات حديث الصحابي الجليل حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه-. أفيدونا نفع الله بكم وجعلكم مصابيح هدى. الجواب هذا التقسيم جيد، ويتوافق مع النصوص والقواعد الشرعية، وعليه عمل جمهور علماء السلف في تنزيل الأحكام على الأشخاص والأصناف في الجملة، والله أعلم.

موالاة الكفار وتوليهم

موالاة الكفار وتوليهم المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 4/6/1424هـ السؤال ما الفرق بين موالاة الكفار وتوليهم؟ وما حكم كل منهما بالتفصيل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، لقد نهى الله عباده المؤمنين عن اتخاذ الكفار أولياء في آيات عدة كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً" [النساء:144] ، وقال: "لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً" الآية

[آل عمران: 28] ، وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51] ، فاتخاذهم أولياء هو اعتبارهم أصدقاء وأحباباً وأنصاراً، وذلك يظهر بالحفاوة بهم وإكرامهم وتعظيمهم، ومما يوضح ذلك قوله -سبحانه وتعالى-: "لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" الآية [المجادلة: 22] وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ" الآية [الممتحنة: 1] فدلت الآيتان على أن اتخاذهم أولياء يتضمن مودتهم، وجاء ذكر التولي في آية واحدة وهي قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" الآية [المائدة: 51] ، والذي يظهر أن توليهم هو معنى اتخاذهم أولياء، وفسر "التولي" في قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" بنصرتهم على المسلمين، ولهذا كانت مظاهرة الكفار ومعاونتهم ضد المسلمين من أنواع الردة، لأن ذلك يتضمن مقاومة الإسلام، والرغبة في اضمحلاله، وذل أهله، وأما الموالاة فلم يأت لفظها في القرآن فيما أذكر، والذي يظهر أن الموالاة والتولي معناهما واحد أو متقارب، ولكن من العلماء من فرق بينهما فخصَّ الموالاة بتقديم الخدمات للكفار حفاوة بهم وإكراماً والتولي بنصرتهم على المسلمين، وأن الموالاة كبيرة، والتولي ردة كما تقدم، فالواجب على المسلمين أن يبغضوا الكافرين وأن يعادوهم في الله، وأن يجاهدوهم بالله ولإعلاء كلمة الله، وهذا لا يمنع من معاملتهم في أمور الحياة كالتجارة، ولا يوجب الغدر بما أعطوا من عهد، بل

يجب الوفاء بعهدهم كما قال تعالى: "إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" [التوبة:4] فبغض الكفار والبراءة منهم هي من أصول الدين، وهي مقتضى الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، ولكن ذلك لا يوجب ولا يبيح الخيانة أو الظلم، فالظلم حرام، ونقض العهد حرام، " ... تلك حدود الله فلا تقربوها ... " [البقرة: 187] نسأل الله أن ينصر دينه ويعز المؤمنين ويذل الكافرين، والله أعلم.

المشاركة في أعياد النصارى

المشاركة في أعياد النصارى المجيب العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 8/10/1422 السؤال دخل بيني وبين إخواني المسلمين مناقشة دين الإسلام، وهي أن بعض المسلمين في غانا يعظمون عطلات اليهود والنصارى ويتركون عطلاتهم حتى كانوا إذا جاء وقت العيد لليهود والنصارى يعطلون المدارس الإسلامية بمناسبة عيدهم وإن جاء عيد المسلمين لا يعطلون المدارس الإسلامية ويقولون أن تتبعوا عطلات اليهود والنصارى سوف يدخلون دين الإسلام، يا شيخنا العزيز عليك أن تفهم لنا أفعلتهم هل هي صحيحة في الدين أم لا. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ... وبعد: الجواب: أولاً: السنة إظهار الشعائر الدينية الإسلامية بين المسلمين، وترك إظهارها مخالف لهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد ثبت عنه أنه قال: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ " الحديث. ثانياً: لا يجوز للمسلم أن يشارك الكفار في أعيادهم، ويظهر الفرح والسرور بهذه المناسبة، ويعطل الأعمال سواء كانت دينية أو دنيوية؛ لأن هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة، ومن التعاون معهم على الباطل، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" من تشبه بقوم فهو منهم " والله سبحانه وتعالى يقول: " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ". وننصحك بالرجوع إلى كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم) لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فإنه مفيد جداً في هذا الباب. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المجلد الثاني [ص: 72]

موافقة الكفار في أعيادهم

موافقة الكفار في أعيادهم المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 17/11/1425هـ السؤال ما الأدلة على تحريم المشاركة في أعياد الميلاد ورأس السنة، ونحوها من المناسبات وما وجه دلالتها؟ الجواب من أوسع من تكلم في هذه المسألة وبسطها شيخ الإسلام (ابن تيمية) في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) ، وقد حشد لذلك الأدلة العامة والخاصة، وجمع النصوص من الكتاب والسنة وأقوال السلف وإجماع الأمة، والأدلة من الاعتبار والنظر مما لا يحيط به إلا من آتاه الله بسطة في العلم والفقه، ودقة النظر، وحسن الاستدلال، وهو ما جمعه شيخ الإسلام - رحمه الله -. وأصل كلامه مبسوط واسع مفصل، فاختصرته في هذه الصفحات اختصاراً مع المحافظة على عبارته -ما أمكن- وهي صفحات تغري بالرجوع إلى أصلها ولا تغني عنه، يتضح من خلالها حكم هذه المسألة مزيلة كل لبس، كاشفة كل التباس. قال رحمه الله: موافقة الكفار في أعيادهم لا تجوز من طريقين: الدليل العام، والأدلة الخاصة: أما الدليل العام: أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا، ولا عادة سلفنا، فيكون فيه مفسدة موافقتهم، وفي تركه مصلحة مخالفتهم، لما في مخالفتهم من المصلحة لنا، لقوله - صلى الله عليه وسلم - (من تشبه بقوم فهو منهم) فإن موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقا، وكذلك قوله (خالفوا المشركين) ، وأعيادهم من جنس أعمالهم التي هي دينهم أو شعار دينهم، الباطل. وأما الأدلة الخاصة في نفس أعياد الكفار، فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار دالة على تحريم موافقة الكفار في أعيادهم.

أما الكتاب فقوله – تعالى -: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) قال محمد بن سيرين (لا يشهدون الزور) هو الشعانين – وهو من أعياد النصارى - وعن الربيع بن أنس قال: هو أعياد المشركين، وجاء عن غيرهم من السلف نحو ذلك. وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها، الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع، فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل، الذي هو عمل الزور لا مجرد شهوده. وأما السنة: الحديث الأول عن أنس بن مالك - رضي الله عنه – قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – (إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر) فوجه الدلالة أن اليومين الجاهليين لم يقرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين، والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه، إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه. الحديث الثاني: ما رواه أبو داود عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم –فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد "، قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم، قالوا: لا، قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم " (وبوانه اسم مكان قريب ينبع شمال مكة) . وهذا يدل على أن الذبح بمكان عيدهم ومحل أوثانهم معصية لله، وإذا كان الذبح بمكان عيدهم منهيا عنه فكيف الموافقة في نفس العيد بفعل بعض الأعمال التي تعمل بسبب عيدهم؟

وهذا نهي شديد عن أن يفعل شيء من أعياد الجاهلية - على أي وجه كان - وأعياد الكفار من الكتابيين والأميين في دين الإسلام من جنس واحد. وإذا كان الشارع قد حسم مادة أعياد أهل الأوثان؛ خشية أن يتدنس المسلم بشيء من أمر الكفار الذين قد أيس الشيطان أن يقيم أمرهم في جزيرة العرب، فالخشية من تدنسه بأوصاف الكتابيين الباقين أشد، والنهي عنه أوكد، كيف وقد تقدم الخبر الصادق بسلوك طائفة من هذه الأمة سبيلهم؟ الدليل الثالث من السنة: أن هذا الحديث وغيره قد دل على أنه كان للناس في الجاهلية أعياد يجتمعون فيها، ومعلوم أنه لما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محا الله ذلك، فلم يبق شيء من هذه الأعياد، ومعلوم أنه لولا نهيه ومنعه لما ترك الناس تلك الأعياد؛ لأن المقتضى لها قائم من جهة الطبيعة التي تحب ما يصنع في الأعياد، خصوصاً أعياد الباطل من اللعب واللذات، ومن جهة العادة التي ألفت ما يعود من العيد، فإن العادة طبيعة ثانية وإذا كان المقتضى قائماً قوياً فلولا المانع القوي لما درست تلك الأعياد، وهذا يوجب العلم اليقيني بأن إمام المتقين - صلى الله عليه وسلم - كان يمنع أمته منعاً قوياً عن أعياد الكفار، ويسعى في دروسها وطمسها بكل سبيل، بل قد بالغ - صلى الله عليه وسلم -في أمر أمته بمخالفة أهل الكتاب في كثير من المباحات وصفات الطاعات؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى موافقتهم في غير ذلك من أمورهم؛ ولتكون المخالفة في ذلك حاجزاً ومانعاً من سائر أمورهم؛ فإنه كلما كثرت المخالفة بينك وبين أهل الجحيم كان أبعد لك عن أعمال أهل الجحيم، فليس بعد حرصه على أمته ونصحه لهم - بأبي هو وأمي - غاية وكل ذلك من فضل الله عليه وعلى الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون.

والوجه الرابع من السنة: ما خرجاه في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها – قالت: دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث، قالت وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك يوم عيد - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – (يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا) وهذا الحديث بدل على المنع من وجوه: أحدها قوله (إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا) فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم، كما أنه - سبحانه - لما قال:" ولكل وجهة هو موليها " وقال:" لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم، فإذا كان لليهود عيد وللنصارى عيد كانوا مختصين به فلا نشركهم فيه، كما لا نشركهم في قبلتهم وشرعتهم. الوجه الثاني: قوله:" وهذا عيدنا " فإنه يقتضي حصر عيدنا في هذا فليس لنا عيد سواه. الوجه الثالث: أنه رخص في لعب الجواري بالدف وتغنيهن؛ معللاً بأن لكل قوم عيداً وأن هذا عيدنا، وذلك يقتضي أن الرخصة معللة بكونه عيد المسلمين، وأنها لا تتعدى إلى أعياد الكفار؛ ولأنه لا يرخص في اللعب في أعياد الكفار كما يرخص فيه في أعياد المسلمين، إذ لو كان ما يفعل في عيدنا من ذلك اللعب يسوغ مثله في أعياد الكفار أيضاً، لما (قال فإن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا) ، وهذا فيه دلالة على النهي عن التشبه بهم في اللعب ونحوه.

الدليل الرابع من السنة: أن أرض العرب ما زال فيها يهود ونصارى حتى أجلاهم عمر - رضي الله عنه - في خلافته، وكان في اليمن يهود كثير والنصارى بنجران وغيرها، والفرس بالبحرين، ومن المعلوم أن هؤلاء كانت لهم أعياد يتخذونها، ومن المعلوم أيضا أن المقتضي لما يفعل في العيد من الأكل والشرب واللباس والزينة واللعب والراحة ونحو ذلك قائم في النفوس كلها - إذا لم يوجد مانع - خصوصا نفوس الصبيان والنساء وأكثر الفارغين من الناس، ثم من كان له خبرة بالسير علم يقينا أن المسلمين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كانوا يشركونهم في شيء من أمرهم، ولا يغيرون لهم عادة في أعياد الكافرين، بل ذلك اليوم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسائر المسلمين يوم من الأيام لا يختصونه بشيء أصلا، فلولا أن المسلمين كان من دينهم الذي تلقوه عن نبيهم المنع من ذلك والكف عنه، لوجد من بعضهم فعل بعض ذلك. الدليل الخامس من السنة: ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غداً والنصارى بعد غد " متفق عليه. وقد سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمعة عيداً في غير موضع، ونهى عن إفراده بالصوم؛ لما فيه من معنى العيد، وفي هذا الحديث ذكر أن الجمعة لنا، كما أن السبت لليهود والأحد للنصارى، فإذا نحن شاركناهم في عيدهم يوم السبت، أو عيد يوم الأحد خالفنا هذا الحديث، وإذا كان هذا في العيد الأسبوعي فكذلك في العيد الحولي، إذ لا فرق بل إذا كان هذا في عيد يعرف بالحساب العربي فكيف بأعياد الكافرين العجمية؟ التي لا تعرف إلا بالحساب الرومي القبطي أو الفارسي أو العبري ونحو ذلك. وأما الدليل من الإجماع والآثار فمن وجوه.

أحدها: ما قدمت التنبيه عليه من أن اليهود والنصارى والمجوس ما زالوا في أمصار المسلمين ثم لم يكن على عهد السلف من المسلمين من يشركهم في شيء من أعيادهم، فلولا قيام المانع في نفوس الأمة كراهة ونهياً من ذلك وإلا لوقع ذلك كثيراً؛ فعلم وجود المانع، والمانع هنا هو الدين، فعلم أن دين الإسلام هو المانع. الموقف الثاني: أنه في شروط عمر - رضي الله عنه - التي اتفق عليها الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم، أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام، وسموا الشعانين والباعوث – وهي من أعياد النصارى -، فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها، فكيف يسوغ للمسلمين فعلها؟ أو ليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها مظهرا لها؟ وعلى التقديرين فالمسلم ممنوع من المعصية ومن شعائر المعصية ولو لم يكن في فعل المسلم لها من الشر إلا تجرئة الكافر على إظهارها؛ لقوة قلبه بالمسلم، فكيف بالمسلم إذا فعلها؟ فكيف وفيها من الشر ما سنبنيه على بعضه؟ - إن شاء الله تعالى -. الموقف الثالث: قال عمر – رضي الله عنه -:" لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم " وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال:" من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت - وهو كذلك - حشر معهم يوم القيامة ".

وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه– " اجتنبوا أعداء الله في عيدهم " فهذا عمر - رضي الله عنه -نهى عن لسانهم وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم، فكيف بفعل بعض أفعالهم أو بفعل ما هو من مقتضيات دينهم؟ أليست موافقتهم في العمل أعظم من الموافقة في اللغة؟ أو ليس بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم؟ وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم، فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد تعرض لعقوبة ذلك، ثم قوله: (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم) أليس نهيا عن لقائهم والاجتماع بهم فيه؟ فكيف بمن عمل عيدهم؟ وأما عبد الله بن عمرو فصرح أنه من بنى ببلادهم وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم؟ وهذا يقتضي أنه جعله كافراً بمشاركتهم في مجموع هذه الأمور أو جعل ذلك من الكبائر الموجبة للنار. وأما الاعتبار في مسألة العيد فمن وجوه: أحدها: أن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله – سبحانه -:" لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " وقال:" لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه " كالقبلة والصلاة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه، وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية، وإلى هذا الاختصاص أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله (إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا) .

الوجه الثاني من الاعتبار: أن ما يفعلونه في أعيادهم معصية لله؛ لأنه إما محدث مبتدع وإما منسوخ، وأما ما يتبع ذلك من التوسع في العادات من الطعام واللباس واللعب والراحة، فهو تابع لذلك العيد الديني، كما أن ذلك تابع له في دين الإسلام، فموافقة هؤلاء المغضوب عليهم والضالين في ذلك من أقبح المنكرات. الوجه الثالث من الاعتبار: أنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير، ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عوام الناس وتناسوا أصله، حتى يصير عادة للناس بل عيدا حتى يضاهى بعيد الله، بل قد يزيد عليه حتى يكاد أن يفضي إلى موت الإسلام وحياة الكفر، كما قد سوله الشيطان لكثير ممن يدعي الإسلام فيما يفعلونه في آخر صوم النصارى من الهدايا والأفراح والنفقات وكسوة الأولاد وغير ذلك مما يصير به مثل عيد المسلمين، بل البلاد المصاقبة للنصارى التي قل علم أهلها وإيمانهم قد صار ذلك أغلب عندهم وأبهى في نفوسهم من عيد الله ورسوله الوجه الرابع من الاعتبار: أن الأعياد والمواسم في الجملة لها منفعة عظيمة في دين الخلق ودنياهم، كانتفاعهم بالصلاة والزكاة والصيام والحج ولهذا جاءت بها كل شريعة كما قال – تعالى -:" لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه " وقال:" ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " ثم إن الله شرع على لسان خاتم النبيين من الأعمال ما فيه صلاح الخلق على أتم الوجوه، وهو الكمال المذكور في قوله - تعالى- اليوم أكملت لكم دينكم.

ولا يخفى ما جعل الله في القلوب من التشوق إلى العيد والسرور به والاهتمام بأمره إنفاقا واجتماعا وراحة ولذة وسرورا، وكل ذلك يوجب تعظيمه لتعلق الأغراض به، فلهذا جاءت الشريعة في العيد بإعلان ذكر الله فيه، حتى جعل فيه من التكبير في صلاته وخطبته وغير ذلك مما ليس في سائر الصلوات، فأقامت فيه - من تعظيم الله وتنزيل الرحمة خصوصا - العيد الأكبر ما فيه صلاح الخلق كما دل على ذلك قوله –تعالى-: "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم" فصار ما وسع على النفوس فيه من العادات الطبيعية عونا على انتفاعها بما خص به من العبادات الشرعية فإذا أعطيت النفوس في غير ذلك اليوم حظها أو بعض الذي يكون في عيد الله فترت عن الرغبة في عيد الله وزال ما كان له عندها من المحبة والتعظيم، فنقص بسبب ذلك تأثير العمل الصالح فيه، فخسرت خسرانا مبينا. الوجه الخامس من الاعتبار: أن مما يفعلونه في عيدهم منه ما هو كفر ومنه ما هو حرام ومنه ما هو مباح لو تجرد عن مفسدة المشابهة، ثم التمييز بين هذا وهذا يظهر غالبا وقد يخفى على كثير من العامة، فالمشابهة فيما لم يظهر تحريمه للعالم يوقع العامي في أن يشابههم فيما هو حرام، وهذا هو الواقع فجنس الموافقة تلبس على العامة دينهم حتى لا يميزوا بين المعروف والمنكر. الوجه السادس من الاعتبار: أن الله –تعالى- جبل بني آدم بل سائر المخلوقات على التفاعل بين الشيئين المتشابهين، وكلما كانت المشابهة أكثر كان التفاعل في الأخلاق والصفات أتم حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميز أحدهما عن الآخر، إلا بالعين فقط.

فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي، وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفرا من غيرهم، كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيمانا من غيرهم ممن جرد الإسلام. والمشاركة في الهدي الظاهر توجب أيضا مناسبة وائتلافا وإن بعد المكان والزمان فهذا أيضا أمر محسوس، فمشابهتهم في أعيادهم ولو بالقليل هو سبب لنوع ما من اكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة، وما كان مظنة لفساد خفي غير منضبط علق الحكم به ودار التحريم عليه، فنقول مشابهتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في عين الأخلاق والأفعال المذمومة، بل في نفس الاعتقادات وتأثير ذلك لا يظهر ولا ينضبط ونفس الفساد الحاصل من المشابهة قد لا يظهر ولا ينضبط، وقد يتعسر أو يتعذر زواله بعد حصوله لو تفطن له، وكل ما كان سببا إلى مثل هذا الفساد فإن الشارع يحرمه كما دلت عليه الأصول المقررة. الوجه السابع من الاعتبار: أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة؛ فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإن إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، قال الله –تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ". مواضيع ذات صلة: (مشاركات في عيد الميلاد)

(قبول هدايا النصارى في أعيادهم) (هدايا الشركات بمناسبة رأس السنة) (الاحتفال والتهنئة في أعياد الميلاد) (عيد الكريسماس)

محبة الكفار

محبة الكفار المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 18/4/1423 السؤال لقد قرأت في موقعكم كما قرأنا لغيركم أن محبة الكفار أو غير المسلمين تدخل في باب المودة للكفار والتي حذر منها الله -تعالى- ووصف فاعلها بالكفر وأنه منهم ولا فرق بينه وبين الكفار، ولكننا نعلم أن الله إذا أراد شيئاً حقق أسبابه، وإذا لم يرد شيئاً منع أسبابه. بمعنى أنه لا يمكن أن يمنع الله -تعالى- العمل والاسترزاق ثم يحرم السرقة؛ لأنه وبهذا الحالة لا يمكن للإنسان أن يعيش وهو ممنوع من الاسترزاق، أو كالذي رمي به في الماء وقالوا له إياك إياكَ أن تبتل، وكذلك الحال في موضوع الموالاة، فلا أدري كيف نفسر نصوص الموالاة بأنها تعني: المحبة للكفار ثم نقول: إن الله -تعالى- حلل البر إليهم والسؤال عن حالهم والتعامل وتبادل الهدايا معهم ومعاودة مرضاهم، وبعد ذلك نقول: إنه يحرم محبتهم، فإن مثل الأعمال السابقة من التهادي والتعامل معهم وزيارتهم توجب محبتهم، ونحن نعلم أن المحبة شعور غير إرادي ولا يتحكم فيه الإنسان، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول:"تهادوا تحابوا"، فكيف نقول إن الله حلل الأولى وحرم علينا الثانية؟ مع أنها نتيجة طبيعية للأولى، ثم ماذا يفعل شخص تزوج من نصرانية والله -تعالى- وصف الزواج بأنه مودة ورحمة؟ فلا أدري كيف يستقيم هذا مع القول بأن محبة الكفار محرمة، وأنا هنا أتكلم عن الكفار المسالمين وليس عن غيرهم، ألا يدعونا هذا لإعادة التفكر في النصوص الشرعية والتي لا يمكن أن تكون تأمر بشيء وتحرم تبعاته؛ لأنها وبهذه الطريقة تكون شريعة قاصرة, وهذا محال في شريعة الله، وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:

فإن من المقطوع به أن لـ (لا إله إلا الله) شروطاً لا تنفع صاحبها إلا بتحقيقها، ومن أهم شروط (لا إله إلا الله) شرط المحبة لهذه الكلمة ولمدلولها ولمن حققها، ومن لوازم هذه المحبة بغض من خالفها وبغض كل من لم يحققها كائناً من كان. وهذه المسألة محسومة في كتاب الله –تعالى-، قال –عز وجل-:"لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ... " [المجادلة:22] . وقال –تعالى-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51] . وقال –تعالى-:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ... " [النساء:144] . وقال –عز وجل-:"لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ" [آل عمران:28] . وقد نهى الله –تعالى- عن ذلك نهياً صريحاً لا يقبل التأويل فقال –عز وجل-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ... " [الممتحنة:1] .

وهذه المحبة من أجلّ أعمال القلوب التي لا يتحقق إيمان العبد وتوحيده إلا بتحقيقها وإخلاصها والبراءة ممن خالفها، قال –تعالى-:"قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ... " [الممتحنة:4] . بل قد تبرأ إبراهيم الخليل –عليه السلام- الذي لنا فيه أسوة حسنة من أقرب الناس إليه وهو أبوه لما لم يحقق لا إله إلا الله، قال –تعالى-:"وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ" [التوبة:114] . إذاً فلا يمكن أن يجتمع في قلب عبد مسلم محبة الله –تعالى- ورسوله –عليه الصلاة والسلام- والمؤمنين مع محبة كافر محاد لله –تعالى- مكذب برسوله –صلى الله عليه وسلم- مهما كانت قرابته ومهما كانت علاقته بالمسلمين؛ لأنه لا يتصور تحقيق محبة الله وامتلاء القلب بتعظيم الله وإجلاله مع محبة من يزعم أن لله ولداً أو أن الله ثالث ثلاثة، كما لا يتصور تحقيق محبة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والشهادة الحقة له بالرسالة مع محبة من يكذب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ويطعن في رسالته، وهذه من المسلمات العقدية التي لا مجال فيها للخلاف.

أما معاملة الكفار وما يتعلق بها من الأعمال الظاهرة فهذه قد فصلها القرآن الكريم وبينها لنا أكمل بيان لا مجال فيه للاختلاف، فقال –تعالى-:"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" [الممتحنة:8-9] . فأباح الله –تعالى- التعامل مع الطائفة الأولى بالبر والقسط وهو العدل، ومن ذلك الإحسان إليهم بالهدية ونحوها، ورحمتهم مما هم فيه من الكفر ومحاولة استمالة قلوبهم لإخراجهم مما هم فيه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان. كما حرم –تعالى- تولي الطائفة الثانية وجعل ذلك من الظلم "ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون" [الممتحنة:9] وفي الآية الأخرى "ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" [المائدة:51] . وحدد التعامل معهم بحسب حال المسلمين قوة وضعفاً، إما بـ"واهجرهم هجراً جميلاً" [المزمل:10] و"ودع أذاهم" [الأحزاب:48] ، وإما "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ... " [البقرة:190] أو بـ" وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة" [التوبة:36] وقوله:"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" [الأنفال:39] وقوله:"قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ" [التوبة:29] .

وعلى ضوء هذه القواعد الأساسية والنصوص المحكمة تفهم وتفسر النصوص الأخر؛ لأن من علامة الراسخين في العلم رد المتشابه إلى المحكم والإيمان بهما جميعاً؛ لأنها كلها من عند الله، وما كان من عند الله فهو الحق، وليس في الحق اختلاف أو تعارض أو تناقض، وإن بدر أحياناً فهو بسبب نظر الناظر، وليس في كتاب الله –تعالى- ولا في كلام رسول الله –صلى الله عليه وسلم- اختلاف أو تناقض. وعليه فما ذكره الأخ السائل من أن البر والإحسان والمعاملة الحسنة توجب محبة الكفار ... فهذا ليس على إطلاقه، نعم هو من مقتضيات محبة إيمانهم ودخولهم في دين الله الحق، وهذا مطلب شرعي، وليس موجباً لمحبة أشخاصهم وذواتهم فضلاً عما هم عليه من الكفر والضلال. وكذلك حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-:"وتهادوا تحابوا" مالك (1731) فيفهم على ضوء ما تقدم، وإن كان ظاهره الخطاب للمؤمنين، ونحوه "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم" مسلم (54) وهذا أيضاً خاص بالمؤمنين. وكذلك ما أشار إليه الأخ السائل من المودة والرحمة بين الزوجين، وقد تكون الزوجة كتابية، فهذا يفهم أيضاً على ضوء ما تقدم، علماً بأن الأصل في التزاوج مع اختلاف الدين هو المنع قال –تعالى-:"ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ......ولا تُنْكِحُوا المشركين حتى يؤمنوا ... " [البقرة:221] وقوله –تعالى-:"لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن" [الممتحنة:10] و" ... لا تمسكوا بعصم الكوافر" إلا أن الشارع قد استثنى من هذا العموم جواز نكاح المسلم للكتابية المحصنة في قوله –تعالى-:"الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ... " [المائدة:5] .

ولعل من الحكم البالغة في ذلك -والله تعالى أعلم- أن المرأة بطبيعتها تغلب عليها العاطفة فإذا غمرها الزوج المسلم ببره وإحسانه ورحمته لها فحري بها أن ينقذها الله -تعالى- على يديه بسبب هذه العاطفة الجياشة وبسبب هذا التعامل الحسن إلى الدخول في دين الله الحق، بخلاف الكتابي فلا يجوز له أن ينكح المسلمة؛ لقوة تأثير الرجل وغلبته على المرأة، فقد يخرجها من دينها الحق. وبهذه المناسبة نذكر قصة ذلك النصراني الذي ناظر أحد المسلمين وادعى تعصب المسلمين بإباحتهم للمسلم أن ينكح النصرانية دون النصراني، فلا يجوز له أن ينكح المسلمة، فأجابه المسلم بقوله: لا تعصب في ذلك، فالمسلم جاز له أن ينكح النصرانية؛ لأنه يؤمن بنبيها الذي تؤمن به، ولا يجوز للنصراني أن ينكح المسلمة؛ لأنه لا يؤمن بنبيها الذي تؤمن به". وعلى كل فلا يجوز معارضة النصوص المحكمة القطعية السابقة بمثل فهمنا لبعض النصوص المجملة التي ليست نصاً في المسألة، والمنهج الحق هو رد هذه النصوص إلى تلك المحكمات وفهمها على ضوئها. وفق الله الجميع للفقه في دينه والعمل بسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الفرق بين التولي والموالاة

الفرق بين التولي والموالاة المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 22/12/1422 السؤال ما الفرق بين ما يطلق عليه الموالاة والتولي في الولاء والبراء، حيث إنني قرأت لمن يفرق بينهما، ولكني لم أجد من كلامه فرقاً؟ الجواب فرّق بعض العلماء بين التولي والموالاة، فجعلوا التولي - وهو مظاهرة الكفار على المسلمين- أخص من عموم الموالاة، مع أن جمهور المفسرين يفسرون التولي بالموالاة، ومن ثم فإن كانت موالاة الكفار شُعباً متعددة، فكذا التولي يكون على مراتب، والمقصود أن مظاهرة الكفار ونصرتهم ضد المسلمين ردة وخروج عن الملة، سواء سُمي ذلك تولياً أم موالاة؛ لقوله - تعالى -: " ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" [المائدة:51] ، والله أعلم.

البقاء بين ظهراني الكفار

البقاء بين ظهراني الكفار المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 15/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن جماعة من الإخوة كتب الله - عز وجل - لنا أن نتغرب عن أوطاننا الإسلامية لنعيش في ديار الكفر. وقد اختلفت أسباب مجيئ كل واحد منا, فمنا المضطر ومنا غير ذلك. فهل تجوز لنا الإقامة والبقاء في هذه الديار بحجة حرية التدين وإقامة الشعائر والدعوة إلى الله؟ -مع العلم أن غالبية الإخوة لا هم لهم إلا الدنيا -، عكس ما يقابل ذلك في أوطاننا من قهر واستبداد وتضييق على الدعوة وكلمة الحق. وكثرة الفساد والفجور وضيق المعيشة (السكن ومصادر تحصيل الرزق) ؟؟ وهل إظهار الشعائر في ديار الكفر معناه إظهار العداوة والبغضاء لهم؟ كما جاء في القرآن: "قد بدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا ... " أم أن له معنى آخر؟؟

البعض من الإخوة هنا يعتمدون في مصدر رزقهم على منحة حكومية (الضمان الاجتماعي) مصدرها الضرائب المختلفة، على جميع الأنشطة الاقتصادية الحلال منها والحرام، هذه المنحة تقدم للعاطلين عن العمل حتى يجدوا مصدر رزق. فهل يجوز لمن يتقاضاها أن يشتغل في الخفاء دون أن يصرح للسلطات للحفاظ عليها ويكتب مع الإمضاء في وثيقة طلب المنحة أنه لا عمل له ولا دخل مادي وهذا يتكرر كل مرة يطلبها؟؟ أو أن يصرح بدخل غير صحيح للحصول على جزء منها؟؟ أو أن يصرح ويملأ وثائق بذلك مع وجود شاهدين يشهدان أنه وزوجته يعيشان منفصلين عن بعضهما (ليس بمعنى الطلاق) من أجل حصول الزوجة والأولاد على المنحة لأنهم يفقدونها في حال حصوله على عمل وهو يعيلهم؟؟ ما حكم الاشتغال كسائق لسيارة الأجرة (التاكسي) ونقل الناس من مكان لآخر ولو كان محرما (مخمرة, لهو, قمار ... ) وركوب النساء معه دون محرم....أفتونا مأجورين بشيء من التوسعة وبارك الله فيكم وسدد خطاكم. الجواب

من ضيق عليه في معيشته أو دينه في بلده ولم يجد بلدة من بلاد المسلمين تأويه فرحل إلى بلاد الكفار فأقام بها طلباً للعيش والأمان فلا شيء عليه إن شاء الله في إقامته بين ظهراني الكفار، ما دام يقيم شعائر دينه، نتيجة حرية التدين في تلك البلاد، إن كان يستطيع فيها أن يظهر شعائر دينه الاعتقادية والتعبدية – دون منع أو اضطهاد - وشعائر الدين هي: أركان الإسلام وأركان الإيمان، وإظهار المسلم لشعائره التعبدية والعقدية في بلاد الكفار هو إظهار للعداوة والبغضاء والكفر بهم وبما يعبدون من دونه كما في قوله – تعالى -: "قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ" الآية، [الممتحنة:4] وهؤلاء الصنف من الكفار هم الذين أعلنوا الحرب على المؤمنين دون غيرهم من المعاهدين المسالمين الذين أباح الله للمؤمنين أن يبروا بهم ويعدلوا فيهم"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8] وعداوة المسلم للكافر وبغضه لا تستلزم ظلمه، ولا إنكار المنكر الذي هو عليه باليد أو القوة، لأن ذلك ليس إليه، وقد تترتب عليه، مفسدة عظمى. وما تصرفه الدولة (الكافرة) منحة للعاطلين عن العمل حتى يجدوا مصدر رزق يدر عليهم ما يسد حاجتهم أخذه حلال للآخذ، ولو كان غالب مصدره الحرام، وقبول المسلم منحة وهدية الكافر جائزة إذا كانت غير مشروطة بحرام.

ولا يجوز لمن يتقاضى هذه المنحة أن يخفي على الدولة ما وجده من عمل - إذا كان هذا العمل يدر عليه ما يكفيه، أما إذا كان هذا العمل لا يدر عليه ما يكفيه فلا بأس عليه حينئذ ولا يجوز له أن يدلي بمعلومات ناقصة أو مغلوطة أو وثائق مكذوبة، أنه وزوجته يعيشان منفصلين من أجل حصول الزوجة والأولاد على هذه المنحة، لأن هذا من الحيل المحرمة والكذب الحرام، فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار، كما جاء في الحديث الصحيح أما اشتغال المسلم في ديار الغرب كسائق سيارة أجرة ينقل الناس من مكان لآخر، وقد تكون هذه الأمكنة محرمة يزاول فيها الحرام، فلا ينبغي للمسلم الاشتغال بهذه المهنة إذا كان له مندوحة عنها، وإن كان مضطرا ًلذلك فلا بأس عليه - إن شاء الله - بشرط أن ينكر ذلك بقلبه على الأقل. أما ركوب النساء مع السائق دون محرم داخل البلد أو خارجه فحرام إذا كانت بمفردها مع السائق الأجنبي أما إذا كانت النساء اثنتان فأكثر فجائز لعدم تحقق الخلوة كما في الحديث المتفق عليه "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" البخاري (5233) ومسلم (1341) وفي الحديث الآخر "لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما" أحمد (114) والترمذي (2165) والنسائي في الكبرى (9175) . وفقنا الله وإياكم للخير آمين.

وضع الأزهار على القبور

وضع الأزهار على القبور المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 27/4/1423 السؤال ما حكم وضع الأزهار في أماكن مخصصة لذكرى يوم قتل هتلر اليهود، وذلك من طرف جمعية إسلامية؟ مع علمهم بالأحداث في فلسطين. وشكراً. الجواب لا يجوز للمسلم أن يضع أزهاراً على قبر كافر ولا مسلم، ووضعها على قبر كافر أشد حرمة فإن تعظيم الكافر حياً أو ميتاً لا يجوز.

الاستشهاد بنصوص التوراة

الاستشهاد بنصوص التوراة المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 27/05/1426هـ السؤال ألقيت درساً عن الإعجاز العلمي في الإسلام، وذكرت قصة أمريكي، وفي ثنايا القصة يوجد مقطع من التوراة فقرأته، فقيل لي: لا يجوز قراءة شيء من التوراة، فما الحكم؟ جزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم قراءة شيء من كتب أهل الكتاب على نوعين: أحدهما: أن يقع ذلك بنية إقامة الحجة عليهم، بما تضمنته كتبهم من حق ثابت، أو حكم غير منسوخ، فهذا جائز، بل ربما تأكد فعله. قال تعالى: " قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين" [آل عمران: 93] . وقد سلك هذا المسلك كثير من علماء المسلمين المتقدمين والمتأخرين، في مقام المناظرة، وإلزام الخصم بالحجة، على قاعدة: من فمك أُدينك. الثاني: أن يقع ذلك على سبيل الاحتفاء بها، والإعجاب، فهذا لا يحل، لما روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، أن عمر بن الخطاب، -رضي الله عنه- أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي -صلى الله عليه وسلم- فغضب، فقال: " أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟! والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتُكذِّبوا به، أو بباطل فتُصدِّقوا به، والذي نفسي بيده، لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني" رواه أحمد (15156) ، وابن أبي عاصم في السنة (50) ، وحسَّنه الألباني. والله تعالى أعلم.

أخوة الروافض

أخوَّة الروافض المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 1/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يكثر في البال توك في غرف المناظرات المشهورة نداء ومخاطبة الروافض بـ يا أخي فما حكم ذلك بالتفصيل؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخوة قسمان: (1) أخوة دينية وهي تعم كل من كان مسلماً حتى ولو كان مبتدعاً ما لم تكن بدعته مكفرة. والكفر نوعان: أ-كفر أصلي أي أن صاحبه اختار الكفر عمداً وعن إرادة. ب-كفر تأويل أي أن الشخص قال أو عمل أو اعتقد أمراً مكفِّراً عن تأويل. الثاني يتسامح فيه ما لا يتسامح في الآخر. (2) أخوة نسبية حتى ولو كان الأخ في النسب كافراً، وإطلاق الأخ على من يعتقد كفره من باب النسب بحكم الأخوة البشرية ليس فيه بأس على سبيل تأنيس المدعو، قال -تعالى-: "وإلى عاد أخاهم هوداً" [الأعراف: 65] وقال -تعالى-: "وإلى ثمود أخاهم صالحاً" [الأعراف: 73] . فأطلق الأخوة الإنسانية مع انقطاع الأخوة الدينية، والله أعلم.

هل أضع شجرة الكريسمس في بيتي؟

هل أضع شجرة الكريسمس في بيتي؟ المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 2/2/1425هـ السؤال هل يجوز أن أضع في بيتي شجرة الكريسماس، وأنا مسلمة؟ علماً أنني أضعها لابني وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نشكر السائلة الكريمة حرصها على أمور دينها، ولا يخفى عليها أن شجرة الكريسماس هي أحد شعارات أعياد النصارى، والتي هي رمز لاحتفالاتهم بأكبر أعيادهم الدينية، والتي لا يجوز مشاركتهم فيها باتفاق المسلمين، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم" أبو داود (4031) ، وأحمد (5093) وقال الألباني عنه حسن صحيح، ولا يخفى على السائلة أن الواجب على المسلم الدعوة إلى دينه، وإظهار شعائره فضلاً عن التأثر بأعياد النصارى والمشركين، التي هي جزء من أديانهم، والتي هي من أخص أمورهم، والتي تنبع عن عقيدة مخالفة للتوحيد، وفي ديننا من العبادات والأعياد الكفاية والكمال، وقد قال - سبحانه وتعالى-: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" [المائدة:3] . وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

المشاركة في أعياد الكفار

المشاركة في أعياد الكفار المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 16/6/1425هـ السؤال أنا مسلم أعيش في دولة غربية، وزوجتي أسلمت قبل سنتين، ولديها ثلاثة أولاد غير مسلمين من زوجها الأول، والأولاد يعيشون معنا خمسة أيام في الأسبوع، ثم خمسة أيام في أسبوع آخر عند أبيهم، يوم عيد الميلاد دار بيني وبين زوجتي نقاشاً حاداً؛ لأنها أرادت قضاء هذا اليوم مع أولادها؛ بحجة أنهم غير مسلمين، ولهم الحق في الاحتفال بهذا العيد، وتبادلت معهم الهدايا، وهي تقول إنه ليس يوماً دينياً، وإنما هو يوم عائلي فقط، والذي أعرفه أنه يحرم على المسلم مشاركة غير المسلمين في أعيادهم، لكنها لا تريد أن تحزن أطفالها. فما حكم ذلك؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

فإن الأعياد في الإسلام عبادة، وليس في الإسلام عيد إلا عيد الجمعة، وعيد الفطر، وعيد الأضحى؛ فعن أنس – رضي الله عنه- قال: (قدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم- المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله – عز وجل- قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر") رواه أحمد (3/103) ، وأبو داود (1134) ، والنسائي (1555) ، قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى-: (هذا إسناد على شرط مسلم) ا. هـ، اقتضاء الصراط المستقيم (1/433) ، والاحتفال بعيد الميلاد فيه تشبه بأهل الكتاب، وقد نهينا عن التشبه بهم، قال عليه الصلاة والسلام: "لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى" رواه أحمد (1/261) ، وابن حبان (5473) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، وعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أحمد (5114) ، وأبو داود (4031) قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى-: (هذا إسناد جيد) ا. هـ، الاقتضاء (1/240) ، وقال -رحمه الله-: (وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم؛ كما في قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ") [المائدة: من الآية51] ا. هـ، وقد أجمع الصحابة –رضي الله عنهم- على تحريم التشبه بالكفار في أعيادهم، انظر: الاقتضاء (1/454) ، وأحكام أهل الذمة (2/722) ، قال ابن القيم – رحمه الله تعالى-: (وأما التهنئة بشعائر الكفار المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، مثل أن يقول: عيد مبارك عليك، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، وهو لا يدري قُبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه) ا. هـ، أحكام أهل

الذمة (1/441-442) ، والذي يظهر أن زوجتك حديثة عهد بإسلام، وتعيش كذلك في بلاد غير إسلامية، لذا الواجب عليك نصحها وإرشادها بالتي هي أحسن من غير عنف ولا نقاش حاد، وإفهامها بخطورة ما فعلته من خلال الأدلة السابقة، وألا تكون النصيحة فقط عند قرب العيد، بل تكون قبل ذلك بمدة طويلة؛ بحيث تكون أقرب إلى الاستماع وقبول ما تذكره لها. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الإقامة في بلد الكفار

الإقامة في بلد الكفار المجيب خالد بن عبد الله البشر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 29/08/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ سلمه الله: أود من فضيلتكم الإجابة عن السؤال التالي: عرض علي العمل وفتح مكتب لإعانة المسلمين؛ للهجرة إلى دولة غربية، والقضية تشمل التالي: أولاً: منهم المضطر وغير المضطر للهجرة. ثانياً: المتدين دينياً، وغير المتدين. ثالثاً: ومنهم من يريد مخرجاً لنفسه وأولاده من المعاناة، وليس قصده الهجرة بحد ذاتها والحصول على أوراق تسهل عليه المعيشة. رابعًا: هل ينطبق عليهم حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - "أنا بريء ممن أقام بين ظهراني الكفار؟ ". الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

الهجرة في الإسلام: هي الانتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام. وكل دار يحكمها الكفار، وتجري فيها أحكام الكفر فهي دار كفر. ودار الإسلام: هي كل بلاد يحكمها المسلمون، وتجري فيها أحكام الإسلام. ومن الخطأ أن يُسمى الانتقال من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر هجرة؛ لأن الانتقال إلى بلاد الكفر معصية وكبيرة من كبائر الذنوب وصاحبها متوعد من الله. قال تعالى: " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا، إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " [سورة النساء 97-98] .وتبرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن يقيم بين الكفار كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود (2645) ، والترمذي (1604) وغيرهما بإسناد حسن، قال عليه الصلاة والسلام: " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ".وقال عليه الصلاة والسلام: " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله ". أخرجه أبو داود (2787) من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه-. وقال عليه الصلاة والسلام: " لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا ". أخرجه الحاكم في المستدرك (2627) من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال الذهبي: صحيح على شرط البخاري.

والهجرة من بلاد الكفر باقية إلى قيام الساعة وواجبة على كل مسلم في بلاد الكفر، وطاعة وقربة إلى الله -عز وجل- ويثاب فاعلها. قال عليه الصلاة والسلام: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها " أخرجه أبو داود (2479) من حديث معاوية -رضي الله عنه-. وقال عليه الصلاة والسلام: "لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يُقاتل". أخرجه أحمد (1674) من حديث عبد الله بن السعدي -رضي الله عنه- بإسناد حسن. فالأصل أن الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام واجبة على كل مسلم ومسلمة، ويستثنى من هذا المستضعفون الذين لا يستطيعون أن يهاجروا من بلاد الكفر، ولا يجدون السبيل إلى ذلك، كذلك لا يجوز السفر إلى بلاد الكفر إلا لحاجة لا تُقضى في بلاد الإسلام؛ كالعلاج والتجارة وطلب العلم والدعوة إلى الله، ونحوها من الحاجات التي لا يمكن تحصيلها في بلاد الإسلام، ويكون السفر قدر الحاجة، فإذا انتهت حاجته رجع إلى بلاد الإسلام. كما لا يجوز إعانة أحد من المسلمين في الذهاب إلى بلاد الكفر واستيطانها من غير حاجة كما سبق بيانه. والإسلام يُحرّم السفر إلى بلاد الكفر واستيطانها؛ لما يترتب عليه من عواقب وخيمة، ونتائج خطيرة على دين المسلم وعلى أخلاقه، وعلى أهله وذريته الذين ينشؤن في بلاد الكفر، كما أن اتساع بلاد الإسلام فيه غنية لمن أراد من المسلمين الانتقال من بلاده الإسلامية، ولا يستطيع البقاء في بلاده، وعلى من اضطر إلى الانتقال عن بلاده البحث عن بلاد إسلامية أخرى، تتيسر فيها أسباب معيشته، ويأمن فيها على دينه، وأن يحتسب الأجر من الله في ذلك، ومن ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه. ونسأل الله أن يمنَّ علينا وعليكم بنعمه وفضله، وأن يغنينا وإياكم بحلاله عن حرامه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن تبعهم بإحسان.

قول المسلم للكافر "أنا أحترم دينك"!

قول المسلم للكافر "أنا أحترم دينك"! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 10/04/1427هـ السؤال هل يجوز القول لغير المسلم: "أنا أحترم دينكم، أو أنا أحترم الأديان" للمقاصد التالية: لقصد التقرب إليه دنيوياً، أو لقصد دعوته للإسلام كبداية حوار، أو لدرء فساد منه وشر متوقع. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد شرع الله البراءة من الأديان غير دينه "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ، وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" [الكافرون:1-6] . وجعل إبراهيم عليه السلام أسوة حسنة للمسلمين في البراءة من الشرك وأهله، ونهى عن مداهنة المشركين "وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ" [القلم:9] . ونهى عن الركون إليهم، ولو شيئاً قليلاً "وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا" [الإسراء:74-75] . فلا احترام للأديان الوثنية ولا للباطلة ولا ما كان أصلها دين سماوي صحيح لكنه حُرِّف وبُدِّل فيه، ولا يجوز بحالٍ أن يقوم في قلب المسلم احترامٌ لدين غير دين الله، فإذا كان ذلك كذلك فلا يجوز للمسلم الكذب وادعاء احترام دينٍ غير دين الله وليس ثمة ما يلزم معه قول هذا الكلام ولا تقتضيه مصلحة شرعية بحال. فلا يجوز قوله على أي حال علماً بأن الحال الأول وهي "قصد التقرب إليه دنيوياً" أشد الأحوال حرمة. والله أعلم.

بيع بطاقات التهنئة بعيد الكريسماس

بيع بطاقات التهنئة بعيد الكريسماس المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 22/11/1425هـ السؤال رجل يملك محلات سوبر ماركت كافر؛ فهل يجوز له أن يبيع على الكفار بطاقات عيد الكريسماس؟ المسلم صاحب هذا (السوبر ماركت) , فهل هو مأثوم؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: لا يجوز للمسلم بيع بطاقات التهنئة بأعياد الكفار ومناسباتهم الدينية، سواء بيعت لمسلم أو لغير مسلم؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [النساء:2] . ولما في ذلك من موافقتهم في أعيادهم وتأييدهم عليها مع ما فيها من الشركيات والبدع والإثم. والله أعلم.

شعارات الأندية الرياضية التي فيها صلبان

شعارات الأندية الرياضية التي فيها صلبان المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 07/06/1426هـ السؤال تصفحت بعض المنتديات الرياضية، وحصل تساؤل من بعض الأعضاء عن شعار لأحد النوادي عليه صورة صليب، فهل يجوز وضع شعار ذلك النادي الذي يحتوي شعاره على صورة صليب؟. الجواب نقول وبالله التوفيق: من المعروف أن الصليب معظَّم عند النصارى في كنائسهم وفي بيوتهم، ويعلقونه على صدورهم، فهو شعارهم، فلا يجوز لمسلم أن يجعل له شعاراً فيه صليب؛ لأنه تشبه بالنصارى، ونحن مأمورون بمخالفتهم، ولا يخفى أنه من أعظم أنواع التشبه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أحمد (5114) ، وأبو داود (4031) . ويدل على وجوب تغيير ونقض وطمس الصليب ما جاء في صحيح البخاري (5952) ، من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه. ولا يلزم قصد عبادته أو تعظيمه، بل مجرد جعله شعاراً هو تعظيم له، كما أنه تشبه بهم في أخص خصائص دينهم، وهو محرم في أقل أحواله، واقتداء الظاهر يقود إلى اقتداء الباطن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، أما عبادته وقصد تعظيمه فهذا كفر أكبر. والله أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل في هذا تشبه بالكفار؟

هل في هذا تشبه بالكفار؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 26/07/1426هـ السؤال في حفلة تخرج لطالبات الثانوية العامة، تم وضع زي موحد للتخرج عبارة عن عباءة طويلة توضع على الكتف، لونها أسود مزينه بأقمشة ملونه وبعض الورود، فهل في ذلك تشبه بالكفار؟ علماً بأن زيهم يكون عبارة عن عباءة سوداء قصيرة إلى الركبة واسعة الأكمام مع قبعة سوداء (طربوش) وقطعة قماش بلون معين على الكتف. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: التشبه بالكفار المنهي عنه شرعاً في اللباس هو أن تكون هيئة اللبس أو شكله خاصاً بهم لا يشاركهم غيرهم فيه. وما دام لباس التخرج عند الكفار هو عباءة قصيرة سوداء تصل الركبة، وأكمامها واسعة مع قبعة سوداء على الرأس، فلباس التخرج عند المسلمات المسؤول عنه يختلف عن هذه الصفة، فهي طويلة وأكمامها ضيقة ومزينة بأقمشة ملونة وبعض الورود، فالصفة في اللبس مختلفة عن لبس الكفار في مثل هذه الاحتفالات، فلا أرى أن هذا الفعل من التشبه المنهي عنه. والله أعلم.

رعاية المعوقين من الكفار

رعاية المعوقين من الكفار المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 02/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز لنا تشغيل بيت لرعاية المعوقين من غير المسلمين؟ علماً أن برنامج تشغيل هذا البيت يقتضي الذهاب بهؤلاء المعوقين لزيارة الكنيسة، والاحتفال بأعياد الميلاد الفردية، وعيد ميلاد المسيح -عليه السلام- وما شابه ذلك، وبعض الناس يعترض على التبرع لهذا البيت؛ لأن المالك يدفع أجوراً للموظفين الذين يقومون على هذا البرنامج. هل يكون الدخل الناتج عن تشغيل هذا البيت حلالاً؟ أرجو بيان الأدلة من الكتاب والسنة؛ حتى يكون حجة لنا. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فهذا العمل لا يجوز: 1- لأنه يشتمل على إعانة هؤلاء المعاقين على حضور الطقوس الشركية، والمناسبات البدعية، وقد قال تعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . 2-والله -تعالى- نهى المؤمنين عن حضور مجالس الكفار التي يظهرون فيها شركياتهم، فكيف إذا كان المسلم يقوم بعمل يعينهم فيه على ذلك، قال تعالى: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأُ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم" [النساء: 140] . 3- ولأن هذا يعد نوعاً من موالاة الكفار، وقد قال تعالى: "ومن يتولهم منكم فإنه منهم" [المائدة: 52] ، وكون المسلم لا يباشر العمل بنفسه، وإنما يدفع أجور الموظفين الذين يقومون بذلك لا يعفيه ذلك من الإثم؛ لأنه قد أعان بماله الذي يدفعه للموظفين على هذه الأعمال، والدخل الذي يأتيه من هذا العمل محرم. والله أعلم.

التشبه بالكفار

التشبه بالكفار المجيب د. نذير بن محمد أوهاب باحث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 20/05/1426هـ السؤال أود أن تشرحوا لي النهي عن التشبه بغير المسلمين، وكيفية تطبيق ذلك، في حين أن هناك قاعدة في أصول الفقه تقول: إن الإسلام لا يعارض تقاليد قوم ما دامت هذه التقاليد لا تخالف مبادئ الإسلام؟ بارك الله فيكم. الجواب النهي عن التشبه بالكفار قاعدة شرعية بلا خلاف، أما مقولة: (إن الإسلام لا يعارض تقاليد قوم ما دامت لا تخالف مبادئ الإسلام) فهذه ليست قاعدة أصولية، بل إباحة شرعية، وهي حكم، والفرق بيّن. والتشبه بالكفار له صورتان: الأولى، ولها حالتان: الأولى: يحكم فيها بكفر المتشبه وردته، ويعاقبه ولي الأمر عليه، وذلك إذا كان التشبه ميلاً للكفر (والمراد الميل القلبي) ، كالتشبه بهم في أعيادهم، وتعظيم أيامهم كتعظيمهم لها، قال تعالى: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير" [البقرة: 120] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم عند أحمد (5114) ، وأبي داود (4031) : "من تشبه بقوم فهو منهم"، وأورد ابن القيم في (أحكام أهل الذمة) أنه قد رُوي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: "من مرّ ببلاد الأعاجم، فصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة"، ولا شك أن الأعياد من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر كما قال شيخ الإسلام. الحالة الثانية: لا يصل فيها المتشبه حالة الكفر، بل ينزل إلى درجة المحرم حتى يأثم على فعله، ومثاله الهدية للنصارى في أعيادهم، لأن فيه إقراراً على معتقدهم، وتشجيعاً لهم على ذلك. الصورة الثانية: ولها حالتان كذلك:

الأولى: التشبه المباح، كالتشبه بهم في اللباس ما دام هذا الأخير ليس شعاراً لهم، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- معلَّقاً على حديث أنس -رضي الله عنه- أنه رأى قوماً عليهم الطيالسة، فقال: "كأنهم يهود خيبر": وإنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة، فصار داخلاً في عموم المباح [فتح الباري (10/275) ] . الحالة الثانية: استحباب التشبه بهم، ووجوب ذلك في بعض هديهم، ومثاله التشبه بهم في هديهم الظاهر من أجل دعوتهم إلى الإسلام، أو دفع ضرر عن المسلم، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: " لو أن المسلم بدار الحرب، أو دار كفر غير حرب، لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر، لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر. إذا كان في ذلك مصلحة دينية، من دعوتهم إلى الدين.. أو دفع ضرر على المسلمين، ونحو ذلك من المقاصد الحسنة". ولا شك أن مشابهتهم في جلدهم على العلم والتعلم، وإتقانهم لصناعتهم، وخدمتهم لأوطانهم، هو من أولويات ما يجب على المسلم التشبه بهم فيه. والله أعلم وصلى الله على سيدنا وآله وصحبه وسلم.

صداقة الكافر

صداقة الكافر المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 10/03/1427هـ السؤال أنا طالب في إحدى الجامعات في فرنسا، وأبذل قصارى جهدي في سبيل الاستقامة في الدين، إلاّ أنّ علاقاتي تكثر مع الفرنسيّين من مسيحيّين وكفّار؛ حتّى إنّ صديقي الذي أقضي معه معظم وقتي في الجامعة كافر، وهو يعرف أنّني أعمل جاهدًا مع بعض الإخوة لإحياء مسجد عندنا هنا بدروس في اللّغة العربيّة وتلاوة القرآن والمحاضرات، ومع ذلك لم يعب ديني ولا تصرّفاتي. وبالمقابل سمعت حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "لا تصاحب إلاّ مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلاّ تقيّ". فأرجو أن تشرحوا لي هذا الحديث، وأن تبيّنوا لنا كيفيّة التعامل مع غير المسلمين، ثم ما واجبنا تجاه الإسلام، وما الذي يسعنا في ذلك مع نقصنا في العلم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمخالطة المسلم لغير المسلم مخالطة كثيرة -كما هو حال السائل مع صديقه فيما فهمت- لا تنبغي فيما يظهر، لأنه ربما أدخل الكافر الضرر في دين المسلم بسبب المخالطة، وإنما تجوز المخالطة بقدر الحاجة إلى دعوته وهدايته، وقد يندب إلى ذلك بحسب المصلحة المتوقعة، وعلى هذا يحمل قول رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-: "لا تصاحب إلاّ مؤمنا ولا يأكل طعامك إلاّ تقيّ". ولذا قال أهل العلم: إنما حذر من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطته ومؤاكلته؛ لأن المطاعم توقع الألفة والمودة في القلوب. والحديث أخرجه أحمد (10909) ، وأبو داود (4832) ، والترمذي (2395) ، والدارمي (1968) ، وابن حبان (554) ، والحاكم (4/128) ، وسكت عنه أبو داود والمنذري، وقال المناوي: أسانيده صحيحة.

وعلى هذا فإن مخالطة المسلمين للكفار ومعاملتهم فيما تدعو إليه الحاجة الحياتية أو الدعوية أمر لا بأس به، بل قد يكون مندوباً إليه كما سبق، والواجب على المسلمين أن يظهروا لغير المسلمين المعاملة الطيبة والخلق الحسن الذي حثَّ عليه ديننا الحنيف، يقول المولى سبحانه: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" [الممتحنة:8] ، فأخلاق الإسلام ينبغي أن تظهر على أهله، وإذا علم الناس حقيقة الإسلام وصدق أهله فلن يترددوا في اعتناقه والدخول فيه، وبهذا تكون الدعوة العملية لهذا الدين العظيم. والله الموفق.

البدع

ما الفرق بين الاتِّباع والابتداع؟ المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/ضابط البدع والتحذير منها التاريخ 7/9/1422 السؤال ما هو الاتّباع وما الآيات والأحاديث الواردة فيه والكتب التي تكلمت عنه، وهل هو مخالف للابتداع، وأين أجد هذا الموضوع على الإنترنت؟ الجواب الاتباع: هو اتّباع النبي - صلى الله عليه وسلم - أي التمسك بالقرآن والسنة، والابتداع: هو إحداث أمر لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لا يدل على جوازه دليل ويقصد صاحبه به التقرب إلى الله - عز وجل -. أو كما قال الشاطبي - رحمه الله: " البدعة: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية) (الاعتصام) ، والآيات كثيرة منها قوله - تعالى - " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " [الأحزاب: 21] ، وكذلك الأحاديث ومنها: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " رواه أبو داود (4607) وابن ماجة (42) ومن أهم الكتب: (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) للالكائي الجزء الأول، والشريعة للآجري الجزء الأول، والإبانة لابن بطة، والحجة للمقدسي وغيرها.

البدعة

البدعة المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/ضابط البدع والتحذير منها التاريخ 6/4/1423 السؤال بسم الله الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. السؤال 1: أريد تعريف البدعة؟ وبارك الله فيكم وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب تعريف البدعة: هي: كل ما يتعبد به المسلم لله من اعتقاد أو عمل وهو غير مشروع. وقد تعددت ألفاظ أهل العلم في تعريف البدعة مع اتحاد المعنى أو تقاربه، ومن أجمع تعاريفها قول الإمام الشاطبي: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله -تعالى-. وأوجز منه تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية للبدعة بقوله: البدعة هي الدين الذي لم يأمر الله به ولا رسوله، فمن دان ديناً لم يأمر الله به ورسوله فهو مبتدع. وقد ذم الله -عز وجل- في كتابه الابتداع في الدين وسماه تشريعاً لم يأذن به الله فقال -سبحانه-:"أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [الشورى:21] . وقد أوضحت السنة النبوية خطر الابتداع في الدين بوصفه شر الأمور، وأنه يعني الضلال والهلاك، يقول النبي -في الحديث الذي رواه مسلم (867) وغيره عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته...." الحديث وفيه يقول: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة". رواه مسلم (867) ومعناه عند البخاري (7277) من حديث ابن مسعود.

وقال -صلى الله عليه وسلم-:"فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة". رواه أحمد (17144) واللفظ له، وابن ماجة (42) والترمذي (2676) .

حقيقة البدعة وضوابطها

حقيقة البدعة وضوابطها المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/ضابط البدع والتحذير منها التاريخ 11/2/1423 السؤال ما معنى الحديث: "كل بدعة ضلالة" بعض الناس يهاجمون كل جديد ويحرمونه استناداً بهذا الحديث على سبيل المثال: عيد الأم. الجواب الحديث الذي أشار إليه السائل حديث صحيح رواه مسلم (867) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه "فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" وروى الترمذي (2676) وأبو داود (4607) واللفظ له وغيرهما من حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفيه: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"، والبدعة في اللغة، هي: الأمر المخترع على غير أصل سابق ولا مثال يحتذى، أما في اصطلاح علماء الشريعة، فإن من أجمع ما عرفت به البدعة أنها: عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة يقصد بها التعبد لله -تعالى-. ومن خلال التعريف يظهر أنه لابد من تحقق أمرين في القول أو الفعل حتى يوصف بأنه بدعة، الأول: أن يكون طريقه في الدين، الثاني: أن يكون أمراً محدثاً لم يكن له أصل في الشريعة، وعلى هذا فإن ما أحدثه الناس من عادات وأمور جديدة تتعلق بمعاشهم وأمور دنياهم وحياتهم لا يدخل في مفهوم البدعة المذموم صاحبها.

أما المثال الذي ذكره السائل، فإن النهي عنه من جهتين، الأولى: أنه أمر مبتدع لم يكن من أصل هذه الشريعة، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي أخرجه أبو داود (1134) والنسائي (1556) وأحمد (12006) واللفظ له بسند صحيح عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، فقال: "إن الله -تبارك وتعالى- قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الفطر ويوم النحر" فدل الحديث على إبطال ما عدا عيد الفطر وعيد النحر. الثاني: أن هذا العيد ونحوه مما أخذ عن النصارى ونحوهم، وقد أمرنا الله بمخالفة طريقتهم، ونهانا نبيه -صلى الله عليه وسلم- عن التشبه بهم، وفي ديننا ما يغنينا عن التشبه بهم، فإن نصوص الكتاب والسنة قد تكاثرت آمرة ببر الوالدين والإحسان إليهما، وجعل حقهما قرين حق الله -تعالى-، وبالله التوفيق.

المداومة على سجود الشكر

المداومة على سجود الشكر المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/ضابط البدع والتحذير منها التاريخ 9/7/1424هـ السؤال ما حكم من يسجد سجود الشكر بشكل دائم في اليوم خمس مرات أو أكثر أحياناً بتجدد النعم وأحياناً بتذكر نعم موجودة؟ أو يسجد لمجرد السجود أو التعود أو ما شابهه، فهل ذلك وسوسة؟ أم بدعة؟ أم جائز؟ أو يؤجر عليه؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب هذا خلاف السنة، ولو كان خيراً لنقل عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته - رضي الله عنهم -، وإلا فإن نعم الله كثيرة، لا تحصى ولو أراد العبد شكرها لظل ساجداً بقية عمره، والذي أنصح به هذا الأخ أن ينتهي عن هذا؛ حتى لا يؤول به الأمر إلى الوسواس ثم الابتداع.

متى يكون الرجل مبتدعا؟

متى يكون الرجل مبتدعاً؟ المجيب د. عبد العزيز بن عمر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/ضابط البدع والتحذير منها التاريخ 14/10/1424هـ السؤال متى يكون الرجل مبتدعاً؟ وهل من يقرر أن الأشاعرة والماتريدية من الفرق الناجية مبتدعا أم لا؟ وبخاصة أن هناك من سبقه لذلك، أمثال ابن مفلح والسفاريني صاحب لوامع الأنوار، وكذلك ابن بدران رحمهم الله؟ الجواب لا يكون الرجل مبتدعاً إلا إذا علم سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتعمد مخالفتها لأي مبرر كان، أما من خالف السنة النبوية دون علمه فلا يكون مبتدعاً، إذ قد يكون عاصياً وقد يكون مأجوراً أجراً واحداً، وإطلاق البدعة على المخالف ليس بالأمر السهل، وأهل السنة والجماعة يفرقون بين القول وقائله، فناقل الكفر ليس بكافر، أما من قال بأن الأشاعرة والماتريدية من الفرق الناجية فقوله يحتاج إلى تفصيل، فقد تكون هذه الفرق من فرق أهل السنة والجماعة إذا قيست بغيرها من الفرق الضالة كالجهمية والرافضة ونحوها، والفرقة الناجية هي التي تكون على ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-، لكن هذا لا يعني أنهم ليسوا من أهل القبلة.

هل رفع الأيدي في القنوت بدعة؟

هل رفع الأيدي في القنوت بدعة؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/ضابط البدع والتحذير منها التاريخ 12/11/1424هـ السؤال كما نعلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر: أن ديننا مكتمل، ومن يضف فيه شيئاً بعد ذلك فهو بدعة ويجب تركه، وقد علمت أن عمر -رضي الله عنه- رفع يديه في القنوت، وبالنظر إلى ضعف الحديث النبوي في هذا الباب يظهر لنا أن رفع اليدين في القنوت بدعة. أرجو توضيح المسألة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: ما نقلته عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ليس بحديث، وإنما هو معنى الحديث الصحيح: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أخرجه البخاري (2550) ، ومسلم (1718) عن عائشة -رضي الله عنها-، وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة في سورة المائدة: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ... " [المائدة:3] ، وأما بالنسبة لرفع اليدين في دعاء القنوت، فقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- رفع يديه في دعاء قنوت النوازل، كما في مسند أحمد (3/137) ، ومعجم الطبراني الصغير (رقم 536) ، عن أنس - رضي الله عنه- في حديث القراء، وفيه: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في صلاة الغداة يعني: الفجر رفع يديه، فدعا عليهم ... " وسنده صحيح، كما قاله الألباني في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم- ص (178) في الهامش رقم (7) ، وغيره، وبهذا اتضح أن فعل عمر - رضي الله عنه- وافق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-. وعلى فرض أن الصحابي -رضي الله عنه- فعل شيئاً من العبادات لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فهل يعد فعله حجة، أم لا؟ خلاف بين العلماء؛ فقيل: إن فعل الصحابي -رضي الله عنه- مذهب له، وقيل: إن فعله إذا خرج مخرج القربة فإنه يقتضي المشروعية، والأول هو قول الجمهور، والأرجح من حيث النظر. والله تعالى أعلم.

متى تحرم مجالسة المبتدعة

متى تحرم مجالسة المبتدعة المجيب د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/ضابط البدع والتحذير منها التاريخ 19/08/1425هـ السؤال ما ضابط المجالسة للمبتدعة التي يكون بها الشخص منهم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، وبعد: فالمبتدع هو من تبنى منهجًا بدعيًا، وليس من وقع في البدعة فحسب، إذ الواقع في البدعة قد يكون متأولاً، أو مخطئًا، أو ذاهلا، أو مكرها.. إلى غيرهًا من الأعذار، وقد عذر الشارع من وقع في الخطأ مجتهدًا. فالمتبني منهجًا بدعيًا، هو الذي يصح إطلاق وصف الابتداع عليه، لإصراره، ولأنه يؤسس طريقة مخالفة للهدي النبوي، يبني عليها مخالفات لا تحصى، كمن تبنى المنهج العقلي، وقدمه على النص الشرعي، ومن تبنى المنهج الذوقي والكشفي، وقدمه على النص الشرعي، وكذا من تبنى منهج رد السنة جملة. إذا علم هذا: فلا بد من التفريق بين قوم وقعوا في أمور مبتدعة، وبين آخرين أصحاب منهج بدعي، فليست مجالسة هؤلاء كهؤلاء. وبعد هذا التعريف يقال في ضابط المجالسة ما يلي: المجالسة إما أن تكون لقوم فيهم بدعة، وليسوا مبتدعة، أو قوم مبتدعة، أصحاب منهج بدعي. وفي كلا الحالتين: إما أن تكون المجالسة حال تلبسهم بالبدعة، أو بدون تلبس.. فهذه أربع أحوال: -الحالة الأولى: مجالسة قوم فيهم بدعة، حال تلبس بالبدعة: وهذا لا يجوز إلا بشرط: أن يكون منكرًا عليهم، أو داعيًا، وناصحًا لهم، ومعلمًا.. فإن كان مكرهًا، أو مضطرًا، يخشى من مفسدة أكبر حال امتناعه من الجلوس، كما إذا كانوا من أهله، يخشى تقطع الصلات، ويأمل أن يكون في جلوسه خيرًا، ولو لاحقًا، في دعوتهم وإصلاحهم، فلا بأس إن كان الجلوس بهذه النية. -الحالة الثانية: مجالسة أولئك، حال خلوهم من البدعة، فلا بأس من ذلك، ويكون بنية دعوتهم، وإصلاحهم.

-الحالة الثالثة: مجالسة أصحاب منهج بدعي، حال تلبسهم: وهذا لا يجوز إلا بالشرط السابق، وللإكراه والاضطرار حكمه الخاص، كما تقدم، مع ملاحظة: أن دعوتهم، وإصلاحهم هو مهمة العالم، ومن عنده حظ من الفقه والدراية، ومن ليس عنده شيء من هذا، فيخاف عليه. -الحالة الرابعة: مجالسة هؤلاء حال خلوهم من البدعة: فلا بأس من ذلك، ويكون بنية دعوتهم، وإصلاحهم، وهذا لأهل العلم والدعوة، أما العامي فيحذر، فإن المتبني منهجًا بدعيًا، هو في حال استعداد للدعوة. إذن المجالسة المحرمة هي: التي يكون فيها الرضا بالمنكر، أو السكوت مع القدرة على الإنكار، أو المفارقة. أما المجالسة مع قصد الدعوة، والإصلاح، فهذا خير وبر، وكذا من أكره، أو ترجحت عنده المصلحة الشرعية. هذا وليعلم أن الإعراض وهجر المبتدعة كليًا، إنما يكون في زمن هيمنة سلطان الشريعة والسنة، لأنه حينئذ يفيد في زجره، أما في زمن الضعف، فلا يفيد.

هل يدل هذا على مشروعية الابتداع؟

هل يدل هذا على مشروعية الابتداع؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/ضابط البدع والتحذير منها التاريخ 07/06/1426هـ السؤال يحتجّ البعض على جواز إحداث أمور مثل المولد بما يلي: 1. موقع مقام إبراهيم -عليه السلام- من الكعبة. فقد روى البيهقي عن عائشة -رضي الله عنها- بسند قوي أن المقام كان متصلاً بالبيت على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى عهد أبي بكر، ثمّ أبعده عمر من البيت. وذكر ابن حجر في فتح الباري أن الصحابة لم يخالفوا عمر -رضي الله عنه- في ذلك. 2. إحداث عثمان -رضي الله عنه- الأذان الثاني للجمعة. 3. إحداث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- صيغة للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- كما رواه سعيد بن منصور وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار والطبراني وغيرهم. 4. إضافة ابن مسعود -رضي الله عنه- كلمات للتشهّد. فإنه زاد: "السلام علينا من ربنا." بعد قوله: "ورحمة الله وبركاته". رواه الطبراني في المعجم الكبير، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواته ثقات. 5. إضافة عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- البسملة لبداية التشهّد، وإضافته للتلبية: "لبيك وسعديك والخير بيديك ... " كما رواه البخاري ومسلم. فما الفرق بين هذه الأمور والمولد؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم

أولاً: جميع ما ذكر في السؤال هو عن الصحابة -رضي الله عنهم- وقد قال فيهم إمامهم -صلى الله عليه وسلم-: "أصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون". رواه مسلم (2531) . فهم أمنة للأمة على دينها، لا يحدثون فيها ما ليس من دينها، ولا يظهر ويشيع في الأمة إحداث في الدين مع وجود واحد منهم فيها، قال: " فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" فيقع بعدهم ما وعدت به الأمة من الافتراق عن الدين والإحداث فيه، ولذا أمكن للاحتفال بمولده - صلى الله عليه وسلم- أن يظهر في الأمة لخلوها من الصحابة عند ظهوره. ثانياً: لا يكون من الصحابة - رضي الله عنهم- إلا ما تبلغوه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمعوه منه، أو رأوه فعله، أو فعلوه بين يديه وأقرهم عليه، أو أذن لهم فيه أو في جنسه إذناً مطلقاً أو مقيداً، وما كان مرجعه إلى مثل هذا فهو من الدين ومن سنة سيد المرسلين وما الصحابة إلا ناقلون مبلغون. وأما ما ثبت أنه اجتهاد صحابي وثبتت فيه مخالفة لرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فالعمل بالرواية لا باجتهاد الصحابي وعمله لنفسه؛ لا يكون اجتهاده وعمله لنفسه والحال هذه سنة نبوية ولا شرعة ماضية، فلا يكون حجة، ولا يُقبل من أحد الاحتجاج به. والاحتفال بالمولد لم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم- لا قولاً ولا فعلاً ولا إقراراً ولا أصل له في الشرع، وليس هو من جنس شيء من العبادات والقربات الشرعية، ولم يقع حتى باجتهاد أحد من الصحابة ولا عمله لنفسه، فلا هو سنة نبوية ولا شرعية ماضية ولا عهد للأمة به، حتى أحدثه الفاطميون العبيديون مضاهاة للنصارى في احتفالهم بمولد عيسى -عليه السلام- والعبيديون أصحاب شنائع كفرية لم يعرف عنهم إلا ما يُخرج من الملة أو ما يكون فجوراً فيها، وقد استنوا في بدعتهم هذه بالنصارى الكافرين الضالين.

ثالثاً: ما سنه الخلفاء الأربعة -رضي الله عنهم- ووافقهم عليه الصحابة فهو سنة نبوية وشرعية ماضية، ليس هو بدعة ولا إحداثاً في الدين ما ليس منه، بل هو من الدين والشرعة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ" ولم يروا المولد عن واحد منهم ولا سنه أحدهم. رابعاً: ما ذكر في السؤال عن عمر وعثمان - رضي الله عنهما- استدعته الحاجة الشرعية وألجات إليه الضرورة، ولا حاجة للاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا ضرورة تلجأ إليه، ليس فيه إلا منازعة الله في حقه ألا يعبد إلا بما شرع، وليس فيه إلا مقارفة الشهوات واتباع الشبهات. خامساً: ما ذكر في السؤال عن علي -رضي الله عنه- في صيغة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- كالتلبية هو من جنس الأذكار الشرعية التي وسّع الشارع فيها، فأرشد إلى صيغة هي الأولى أذن بما يكون من جنسها، ففي الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال الله: " يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما". وترك لهم اختيار الصيغة حتى سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فأرشدهم إلى ما هو أولى، وشرع في التلبية الإهلال بالتوحيد مخالفة لأهل الجاهلية، والاحتفال بالمولد ليس في الشرع جنسه فضلاً عن أن يكون فيه التوسيع. سادساً: يأخذ ما روي عن ابن مسعود وابن عمر -رضي الله عنهم- في التشهد حكم الرفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يأخذ الاحتفال بالمولد حكم الرفع. أخيراً: من احتاج إلى السؤال عن الفرق بين ما تظهر مشروعيته وما تظهر بدعيته، فحاجته الأصلية أن يتفقه في أصول الدين وقواعده. وفقنا الله لما يرضيه وجنبنا مخازيه.

هل أعمل مرشدا سياحيا للآثار الإسلامية

هل أعمل مرشداً سياحياً للآثار الإسلامية المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 1/6/1422 السؤال هل يجوز لي أن أعمل في شركة سياحيّة مُرشداً سياحياً لطلاب المدارس، وبعض المسلمين الزائرين لبعض المناطق الأثريّة الإسلاميّة، مثل: (مقبرة البقيع _ جبل أحد _ جبل النور والغار الموجود فيه _ مدائن ثمود (المسمّاة بمدائن صالح) _ حصن كعب بن الأشرف اليهودي) ؟ الجواب العمل في الإرشاد السياحي يختلف حكمه باختلاف حال السائحين، والأماكن التي يزورونها، فلكلّ حال ملابساتها المؤثرة في الحكم. ولذا نقصر الجواب على ما ورد في سؤال السائل. * أولاً: مقبرة البقيع في المدينة النبويّة وغيرها من المقابر، يُسنّ زيارتها بدون شدّ الرحال إليها من أجل تذكر الموت وأخذ العظة والعبرة والدعاء لأهلها، لا من أجل النزهة والسياحة، علماً بأن زيارة القبور جائزة للرجال فقط. * ثانياً: مدائن ثمود الواقعة في شمال المملكة العربية السعودية ديار قوم ظالمين معذّبين، أهلكهم الله عن آخرهم. وصحّ عنه -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيحين من حديث ابن عمر واللفظ لمسلم قوله: ((لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذراً أن يصيبكم مثل ما أصابهم)) . وبناء عليه لا يجوز اتخاذ ديار ثمود معلماً سياحياً يزار للنزهة والتسلية. وإنما الواجب التزام ما جاء به النص، وأخذ العبرة والعظة مما حلّ بهم؛ بسبب كفرهم وطغيانهم وتمرّدهم. كما أنها ليست آثاراً إسلاميةً، أي: لم تكن لقوم مؤمنين.

* ثالثاً: قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ما نصّه: ((وأما صعود الجبل الذي بعرفة، ويُسمى جبل الرحمة، فليس سنّة، وكذلك القبة التي فوقه التي يقال لها (قبة آدم) لا يُستحب دخولها، ولا الصلاة فيها. والطواف بها من الكبائر، وكذلك المساجد التي عند الجمرات لا يُستحب دخول شيء منها، ولا الصلاة فيها)) (الفتاوى:26/133) . وقال في (ص: 144) من نفس المجلّد: ((أما زيارة المساجد التي بُنيت بمكة غير المسجد الحرام كالمسجد الذي تحت الصفا، وما في سفح أبي قبيس، ونحو ذلك من المساجد التي بُنيت على آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، كمسجد المولد وغيره، فليس قصد شيء من ذلك من السنة، ولا استحبه أحد من الأئمة، وإنما المشروع إتيان المسجد الحرام خاصة، والمشاعر عرفة، ومزدلفة، ومنى، والصفا، والمروة. وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر: عرفة، ومزدلفة، ومنى مثل: جبل حراء، والجبل الذي عند منى، يُقال: إنه كان فيه قبة الفداء، ونحو ذلك، فإنه ليس من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيارة شيء من ذلك بل هو بدعة)) . *رابعاً: أنصح السائل بمطالعة ردّ سماحة الشيخ العلامة ابن باز -رحمه الله على كلٍ من: مصطفى أمين، وصالح محمد جمال، والمنشورين تباعاً في (المجلد الأول ص: 391) من فتاوى سماحته (طبعة الإفتاء الثانية) . والله أعلم.

عيد الأم

عيد الأم المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 29/1/1425هـ السؤال هل يجوز إهداء الأم في ما يسمى بعيد الأم؟ مع العلم بعدم اعترافي به كعيد؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام - على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم وبعد.. من المعلوم أن الأعياد من شعائر الأديان، ومرتبطة بها ارتباطاً واضحاً، لهذا حدد الشرع المطهر لهذه الأمة الحنيفية عيدين، هما: الفطر والأضحى، وقد أبدلنا الله بهما عن سائر أعياد الجاهلية، كما أخبر بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم- فيما رواه النسائي (1556) ، وأبو داود (1134) من حديث أنس -رضي الله عنه-، وعيد الأم هو من الأعياد الجاهلية الحديثة التي لا يجوز بحال أن يشارك فيه المسلمون، أو يحتفلوا بها، أو يقدموا فيها الهدايا أو الأطعمة، أو غيرها، وعلى هذا فلا يجوز تقديم الهدايا للأم بهذه المناسبة، بل الأم في الإسلام حقها متأكد على الدوام من البر والصلة، لكن لو وقع ذلك اتفاقاً وجهلاً بالزمن من غير قصد فلا حرج إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عيد النيروز

عيد النيروز المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 11/3/1424هـ السؤال أريد نبذة مختصرة عن عيد نيروز الشيعة؟. الجواب عيد النيروز الذي يهتم به الشيعة ويحتفلون به هو عيد جاهلي فارسي، ومعنى النيروز: الجديد، وفي اللغة السريانية: العيد، والنيروز أول السنة الفارسية، ويوافق الرابع عشر من آذار، وذكر المؤرخون أن أول من أحدثه: جمشيد من ملوك الفرس، وهو ستة أيام، وكانوا في عهد الأكاسرة يقضون حاجات الناس في الأيام الخمسة الأولى، وأما اليوم السادس فيجعلونه لأنفسهم وخواصهم ومجالس أنسهم ويسمونه النيروز الكبير، وهو أعظم أعيادهم. وقد دعا إلى هذا العيد ونشره في بعض بلاد المسلمين العبيديون المسمون بالفاطميين، وقيل: قبل ذلك في السنة الثانية للهجرة، ولهذا جاء التحذير منه على لسان بعض الصحابة -رضي الله عنهم-، مثل ما جاء عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال:"مَنْ بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم" أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/234) عنه موقوفاً بسند صحيح، ويحتفل أيضاً بهذا العيد طوائف من الفرق الضالة؛ كالبهائية الذين يجعلونه آخر صيامهم؛ الذي مدته تسعة عشر يوماً. والله أعلم.

عيد الميلاد وذكرى الميلاد

عيد الميلاد وذكرى الميلاد المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 16/3/1424هـ السؤال أختكم في الله تجد بعض الالتباس لدى أعضاء أحد المنتديات في أنهم يجدون أن عيد الميلاد يختلف عن ذكرى الميلاد، بالرغم من أننا نرى أن ذلك هو فقط عملية تحريف في الاسم والحكم واحد، كقول بعضهم إن هنالك فرقاً عظيماً بين ما يسمى بـ (عيد الميلاد) وبين (ذكرى الميلاد) ، فأعياد الميلاد لا يشك أحد بحرمتها، أما (ذكرى الميلاد) فهي فرصة عظيمة لكي يتفكر الشخص، ويتدبر ما مضى من عمره ويعيد ترتيب حساباته وتصحيح مساره، انتهى كلامهم - ولا نجد في ذلك مبرراً- لأن محاسبة النفس ملازمة للإنسان، ولا ترتبط بذكرى ميلاده، لذا نود الإيضاح منكم، والرد على مثل هؤلاء فأفيدونا في ذلك أثابكم المولى وأحسن إليكم. الجواب الحمد لله، - والصلاة والسلام - على رسول الله وبعد.. فإن ما أطلق عليه في السؤال (ذكرى الميلاد) إن كان القصد منه تكرار عمل ما كل سنة في اليوم الموافق لميلاد الشخص فهو التزام أمر لم يرد به الشرع، حتى وإن كان المقصود التذكر والعظة، والعلة فيه هو الالتزام بيوم تكرر سنوياً كما تتكرر الأعياد، ولم يكن سلف الأمة مع عظيم محاسبتهم لأنفسهم وحرصهم على تهذيبها لم يكونوا يلتزمون هذا الفعل، وإنما المشروع هو المحاسبة والعظة على الدوام، أو كلما غفل العبد، وإلا وقع المرء في الإحداث المنهي عنه في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم-"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) من حديث عائشة - رضي الله عنها-، وعلى المسلم أن يكون متبعاً لا مبتدعاً، وأن تكون محاسبته لنفسه لا تتقيد بزمن معين، أو تلتزم بيوم محدد، ولا أن تكون على هيئة محدثة كمسمى (ذكرى الميلاد) ، ونحو ذلك، والله أعلم.

زيارة الأهرامات

زيارة الأهرامات المجيب د. علي بن بخيت الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 25/9/1422 السؤال ما حكم زيارة الأهرامات في مصر، والقبور في الداخل؟ الجواب حكم زيارة قبور المشركين والكافرين جائزة في الجملة لتذكر الموت، لكن لا يدعو لهم ولا يستغفر لهم؛ لعدم جواز ذلك، ففي (صحيح مسلم 976) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي "، وفيه أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زار قبر أمه فبكى، وأبكى من حوله فقال: " استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت "، والقول بالجواز نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مواضع عديدة من مجموع الفتاوى (1/1666) (27/377,165) وغيرها. وأما الزيارة التي يقصد بها الدعاء للميت فتلك لا تشرع إلا في حق المؤمنين، وأما زيارة الأهرامات فالأصل فيها الإباحة، لكن قد تكره إذا وجد هناك -كما هو الغالب- اختلاط بين الرجال والنساء اللواتي كثير منهن أشبه بالعاريات، وأيضاً إذا خشي من هذه الزيارة تعضيد النعرة الفرعونية الجاهلية، وتكثير سواد الداعين إليها. والله أعلم.

قراءة آيات عند أول الحصاد

قراءة آيات عند أول الحصاد المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 13/9/1424هـ السؤال عندنا عادة في عائلتنا وفي بلدنا أيضاً بحيث عندما نُدخِل أول الفاكهة (في بداية موسمها) في بيتنا تتلو أمي بعض الآيات ويسمى ذلك (ختام) ، ويفعل ذلك عند جلب بعض أنواع الطعام الأخرى. فما الحكم الشرعي في ذلك؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: لم يرد في الشرع دعاء مخصوص يقال عند إدخال الفاكهة إلى البيت في أول الموسم أو غيره، وإنما الوارد ذكر الله تعالى عند أول الأكل وعند الانتهاء منه، ولكن لو قال المرء عند رؤية فاكهة الموسم، أو دخل مزرعته ورأى فيها من خير الله فقال: مثلا ما شاء الله، أو تبارك الله. لما كان عليه في ذلك حرج، كما قال الرجل الصالح لصاحبه في سورة الكهف: "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله" [الكهف: 39] ، ولكن أن يجعل المرء ورداً مخصوصاً ودعاء معينا فهذا ما لا أصل له، والله أعلم.

الاحتفال بالمولد النبوي

الاحتفال بالمولد النبوي المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 10/3/1424هـ السؤال هل يحل للمسلمين أن يحتفلوا في المسجد ليتذكروا السيرة النبوية الشريفة في ليلة 12 ربيع الأول بمناسبة المولد النبوي الشريف؟ الجواب

لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا غيره؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم من الصحابة -رضوان الله على الجميع-، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة، وأكمل حباً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومتابعة لشرعه ممن بعدهم، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) من حديث عائشة -رضي الله عنها- أي: مردود عليه، وقال في حديث آخر:" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" رواه أبو داود (4607) والترمذي (2676) وابن ماجة (42) من حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-. ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع، والعمل بها، وقد قال -سبحانه وتعالى- في كتابه المبين:" وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" [الحشر:7] . وقال - عز وجل-:" فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ". [النور:63] . وقال -سبحانه-:"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآْخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" [الأحزاب:21] . وقال -تعالى-:"وَالسَّابِقُونَ الأْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" [التوبة:100] . وقال -تعالى-:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ

عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً" [المائدة:3] . والآيات في هذا المعنى كثيرة. وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه أن الله –سبحانه- لم يكمل الدين لهذه الأمة، وأن الرسول –عليه الصلاة والسلام- لم يبلِّغ للأمة أن تعمل به، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به، زاعمين أن ذلك مما يقربهم إلى الله، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم، واعتراض على الله –سبحانه- وعلى رسوله –صلى الله عليه وسلم-، والله –سبحانه- قد أكمل لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة. والرسول –صلى الله عليه وسلم- قد بلّغ البلاغ المبين، ولم يترك طريقاً يوصل إلى الجنة، ويباعد عن النار إلا بينه للأمة، كما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم" رواه مسلم في صحيحه (1844) . ومعلوم أن نبينا –صلى الله عليه وسلم- هو أفضل الأنبياء وخاتمهم، وأكملهم بلاغاً ونصحاً، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبينه الرسول –صلى الله عليه وسلم- للأمة، أو فعله في حياته، أو فعله أصحابه –رضي الله عنهم-، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شيء، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول –صلى الله عليه وسلم- منها أمته، كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين. وقد جاء في معناهما أحاديث أخر، مثل قوله –صلى الله عليه وسلم- في خطبة الجمعة:" أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" رواه الإمام مسلم في صحيحه (867) من حديث جابر –رضي الله عنه-.

والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها، عملاً بالأدلة المذكورة وغيرها، وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات، كالغلو في رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وكاختلاط النساء بالرجال، واستعمال آلات الملاهي، وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر، وظنوا أنها من البدع الحسنة، والقاعدة الشرعية: رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد –صلى الله عليه وسلم-، كما قال الله –عز وجل-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء:59] . وقال –تعالى-:"وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ" [الشورى:10] . وقد رددنا هذه المسألة وهي: الاحتفال بالموالد إلى كتاب الله –سبحانه-، فوجدناه يأمرنا باتباع الرسول –صلى الله عليه وسلم- فيما جاء به، ويحذرنا عما نهى عنه، ويخبرنا بأن الله –سبحانه- قد أكمل لهذه الأمة دينها، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول –صلى الله عليه وسلم- فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا، وأمرنا باتباع الرسول فيه، وقد رددنا ذلك –أيضاً- إلى سنة الرسول –صلى الله عليه وسلم-فلم نجد فيها أنه فعله، ولا أمر به، ولا فعله أصحابه –رضي الله عنهم- فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين، بل هو من البدع المحدثة، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم، وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق، وإنصاف في طلبه أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام، بل هو من البدع المحدثات، التي أمر الله –سبحانه- ورسوله –صلى الله عليه وسلم- بتركها والحذر منها، ولا ينبغي للعاقل أن

يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية، كما قال –تعالى- عن اليهود والنصارى:"وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" [البقرة:111] . وقال –تعالى-:"وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ" [الأنعام:116] . ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد –مع كونها بدعة- لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى، كاختلاط النساء بالرجال، واستعمال الأغاني والمعازف، وشرب المسكرات والمخدرات، وغير ذلك من الشرور، وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك، وهو الشرك الأكبر، وذلك بالغلو في رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أو غيره من الأولياء، ودعائه والاستغاثة به، وطلبه المدد، واعتقاد أنه يعلم الغيب، ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس، حين احتفالهم بمولد النبي –صلى الله عليه وسلم- وغيره ممن يسمونهم بالأولياء، وقد صح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" رواه النسائي (3057) وابن ماجة (3029) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما-، وقال –عليه الصلاة والسلام-:" لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله" رواه البخاري في صحيحه (3445) ، من حديث عمر –رضي الله عنه-. ومن العجائب والغرائب أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد في حضور هذه الاحتفالات المبتدعة، ويدافع عنها، ويتخلف عما أوجب الله عليه من حضور الجمع والجماعات، ولا يرفع بذلك رأساً، ولا يرى أنه أتى منكراً عظيماً، ولا شك أن ذلك من ضعف الإيمان وقلة البصيرة، وكثرة ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي، نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين. ومن ذلك: أن

بعضهم يظن أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يحضر المولد، ولهذا يقومون له محيين ومرحبين، وهذا من أعظم الباطل، وأقبح الجهل، فإن الرسول –صلى الله عليه وسلم- لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة، ولا يتصل بأحد من الناس، ولا يحضر اجتماعهم، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله –تعالى-:"ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ*ثم إنكم يوم القيامة تبعثون" [المؤمنون:15-16] . وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-:" أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع، وأول مُشَفَّعٍ" رواه مسلم (2278) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام، فهذه الآية الكريمة، والحديث الشريف، وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث، كلها تدل على أن النبي –صلى الله عليه وسلم- وغيره من الأموات، إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين ليس فيه نزاع بينهم، فينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور، والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله به من سلطان، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به.

أما الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهي من أفضل القربات، ومن الأعمال الصالحات، كما قال الله -تعالى-:"إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [الأحزاب:56] . وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" فإنه من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً"، رواه مسلم (384) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- وهي مشروعة في جميع الأوقات، ومتأكدة في آخر كل صلاة، بل واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير من كل صلاة، وسنة مؤكدة في مواضع كثيرة: منها ما بعد الأذان، وعند ذكره -عليه الصلاة والسلام-، وفي يوم الجمعة وليلتها، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة. والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يمن على الجميع بلزوم السنة، والحذر من البدعة، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (1/178-182) ] .

خصوصية رجب

خصوصية رجب المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 06/7/1426هـ السؤال هل صحيح أن شهر رجب يفرد بعبادة معينة أو بخصوصية؟ أرجو إفادتنا؛ حيث إن هذا الأمر مُلتبسٌ علينا، وهل يُفردُ أيضاً بزيارة المسجد النبوي فيه؟ الجواب شهر رجب كغيره من الشهور، لا يخصص بعبادة دون غيره من الشهور؛ لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تخصيصه لا بصلاة ولا صيام ولا بعمرة ولا بذبيحة ولا غير ذلك، وإنما كانت هذه الأمور تفعل في الجاهليَّة فأبطلها الإسلام؛ فشهر رجب كغيره من الشهور، لم يثبت فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تخصيصه بشيء من العبادات؛ فمن أحدث فيه عبادة من العبادات وخصه بها؛ فإنه يكون مبتدعاً؛ لأنه أحدث في الدين ما ليس منه، والعبادات توقيفية؛ لا يقدم على شيء منها؛ إلا إذا كان له دليل من الكتاب والسنة، ولم يرد في شهر رجب بخصوصيته دليل يُعتمد عليه، وكل ما ورد فيه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل كان الصحابة - رضوان الله عليهم - ينهون عن ذلك ويُحذَّرون من صيام شيء من رجب خاصة. أما الإنسان الذي له صلاة مستمر عليها، وله صيام مستمر عليه؛ فهذا لا مانع من استمراره في رجب كغيره، ويدخل تبعاً. [المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان الجزء الأول 222 - 223]

ذبح الذبيحة لطرد الجن من البيت

ذبح الذبيحة لطرد الجن من البيت المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 30/1/1423 السؤال هل يجوز لمن بنى بيتاً جديداً أن يذبح خروفاً ويدعو أصدقاءه على الوليمة، وعلى نيته أن يتخلص بها من الجن بالمنزل؟ الجواب لا يجوز هذا العمل مطلقاً، بل إن كان قصد بالذبح الجن أي ذبحها لهم فهذا من الشرك الأكبر؛ لأن الذبح عبادة لا يتقرب بها إلا إلى الله -سبحانه وتعالى- وإن كان ذبحها لله بنية التخلص من الجن فهذا من البدع التي لا يجوز فعلها.

حديث النهي عن الصيام بعد انتصاف شعبان

حديث النهي عن الصيام بعد انتصاف شعبان المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 13/8/1423هـ السؤال هل ورد ما يدل على النهي عن صيام نصف شهر شعبان الأخير؟ أرجو بيان ذلك أثابكم الله. الجواب النهي عن صيام يوم النصف من شعبان وما بعده ورد في حديث مشهور عند العلماء، ونظراً لكثرة الكلام فيه، ولاختلاف المحدثين فيه ما بين مصحح ومضعف، فيفصل الكلام منه قليلاً بما يناسب المقام. وقبل تفصيل الكلام، أذكر خلاصة القول في هذا الحديث، ثم أتبعه بالتفصيل: (1) أن هذا الحديث مداره على العلاء بن عبد الرحمن، وهو صدوق ربما وهم، وقد تفرد بهذا الحديث عن أبيه. (2) أن العلماء اختلفوا في صحة هذا الحديث وضعفه، فالذين صححوه أخذوا بظاهر السند، والذين ضعفوه أعملوا أموراً أخرى غير ظاهر السند، تتعلق بالمتن؛ حيث رأوا أنه معارض لأحاديث قولية وفعليه أصح منه وأثبت - كما سيأتي تفصيله -. (3) أن اختلاف العلماء في صحته وضعفه، انبنى عليه اختلافهم في حكم صيام ما بعد النصف من شعبان، هل هو حرام أو مكروه أو مباح؟ كما ستأتي الإشارة إليه. أما تفصيل الكلام عليه فهو كما يلي: الحديث رواه أبو داود في (2/751) ، باب في كراهية ذلك (أي وصل شعبان برمضان) ح (2337) من طريق عبد العزيز بن محمد - وهو الدراوردي - قال: ((قدم عباد بن كثير المدينة، فمال إلى مجلس العلاء، فأخذ بيده فأقامه، ثم قال: اللهم إن هذا يحدث عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" إذا انتصف شعبان فلا تصوموا " فقال العلاء: اللهم إن أبي حدثني عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك)) .

والحديث مداره على العلاء بن عبد الرحمن، مختلف فيه، وبالنظر في كلام الأئمة فيه نجد أن عبارة الحافظ ابن حجر فيه قد لخصت هذه الأقوال، وهي قوله: " صدوق ربما وهم "، (التقريب 5247) . وأما أبوه فثقة كما قال الذهبي، وابن حجر: " ثقة "، كما في (الكاشف 1/649) ، و (التقريب 4046) ، وتنظر بعض أقوال الأئمة فيه في (تهذيب الكمال) للمزّي (18/18) . تخريجه: أخرجه الترمذي (3/115) ، باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان ح (738) ، وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/172) ، باب صيام شعبان ح (2911) ، وابن ماجة (1/528) باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم ح (1650) ، وعبد الرزاق (4/161) ح (7325) ، وابن أبي شيبة (2/285) ح (9026) ، وأحمد (2/442) ، وأبو عوانة (98) ، وابن حبان (8/356) ح (3589) ، وفي (8/358) ح (3591) ، والبيهقي (4/209) ، من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن به بنحوه. وأخرجه الطبراني في (الأوسط 2/312) ح (1957) من طريق عبيد الله بن عبد الله المنكدري، قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده [عبيد الله بن عبد الله بن المنكدر بن محمد بن المنكدر] عن عبد الرحمن بن يعقوب به بنحوه. وأخرجه ابن عدي في (الكامل 1/224) من طريق إبراهيم بن أبي يحيى، عن محمد بن المنكدر، والعلاء بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن يعقوب به بنحوه. الحكم عليه: إسناد أبي داود رجاله ثقات سوى الدراوردي والعلاء بن عبد الرحمن، أما الدراوردي فلا يضره – هنا – ما عنده من الأوهام؛ لأنه توبع من أئمة. وقد اختلفت أنظار الأئمة في الحكم على هذا الحديث، فمنهم من صححه، ومنهم من ضعفه واستنكره، فأما من صححه فمنهم: الترمذي حيث قال (3/115) :" حسن صحيح، لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ "، والطحاوي في (شرح المعاني 2/83) ، وأبو عوانة حيث أخرجه في مستخرجه على صحيح مسلم، وابن حبان (8/358) ، وابن عبد البر في (الاستذكار 10/238) ، وابن حزم (7/25) ، وغيرهم.

لكن قال الحافظ ابن رجب – في (اللطائف 260) – عقب حكاية التصحيح عن هؤلاء الأئمة: " وتكلم فيه من هو أكبر من هؤلاء وأعلم، وقالوا: هو حديث منكر، منهم عبد الرحمن بن مهدي، والإمام أحمد، وأبو زرعة، والأثرم، وقال الإمام أحمد: لم يرو العلاء أنكر منه، ورده بحديث " لا تقدموا رمضان بصوم يوم ... " ا. هـ. وقد نقل أبو داود عقب إخراجه الحديث عن ابن مهدي أنه كان لا يحدث بهذا الحديث، وهذا ظاهر في إنكاره إذ لم يحدث به الإمام أحمد. وأما إنكار أبي زرعة، فقد نقله البرذعي في سؤالاته (2/388) ، ونقل أبو عوانة في (مستخرجه98) أن عفان بن مسلم كان يستنكره أيضاً. ونقل أبو عوانة أيضاً – وذكره الحافظ ابن حجر في (الفتح 4/153) – أن ابن معين قال عنه: منكر، وإنكار أحمد للحديث نقله عنه المروذي في سؤالاته (117 رقم 273) ، وقال النسائي عقب إخراج الحديث في (الكبرى: 2/172) : (لا نعلم أحداً روى هذا الحديث غير العلاء بن عبد الرحمن " ا. هـ. وقال الخليلي في (الإرشاد: 1/218) عن العلاء: "مديني، مختلف فيه؛ لأنه يتفرد بأحاديث لا يتابع عليها – ثم ذكر حديث الباب، ثم قال: - وقد أخرج مسلم في الصحيح المشاهير من حديثه دون هذا والشواذ " ا. هـ، وأشار البيهقي (4/209) إلى ضعفه. وما ذكره الخليلي، فيه إشارة واضحة، أن مسلماً أعرض عن حديثه لما فيه من النكارة، مع أنه أخرج من هذه السلسلة: العلاء عن أبيه كثيراً، وقد أشار إلى هذا السخاوي، كما في (الأجوبة المرضية 1/37) . وما ذكره بعض الأئمة من تفرد العلاء به، لا يعكر عليه ما رواه الطبراني – كما سبق تخريجه- من طريق محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن يعقوب؛ لأن هذه الطريق معلولة بثلاثة أمور:

الأول: أن فيها المنكدر بن محمد المنكدر، وقال عنه أبو حاتم: " كان رجلاً صالحاً لا يفهم الحديث، وكان كثير الخطأ، ولم يكن بالحافظ لحديث أبيه "، وقال عنه أبو زرعة: " ليس بقوي "، وقال ابن معين: "ليس بشيء" وقد وثقه أحمد في رواية أبي طالب " نقل ذلك كله ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 8/406) . الثاني: أن الطبراني قال عقب إخراج الحديث:" لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا ابنه المنكدر، تفرد به ابنه عبد الله " ا. هـ، فهو مع ضعفه تفرد أيضاً. الثالث: قال ابن عدي في (الكامل 6/455) عن هذه السلسلة (عبيد الله بن عبد الله المنكدري قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده) . "وهذه نسخة حدثناه ابن قديد، عن عبيد الله بن عبد الله بن المنكدر بن محمد، عن أبيه عن جده، عن الصحابة وعن غيرهم، وعامتها غير محفوظة ". ا. هـ. وأما الطريق التي أخرجها ابن عدي من طريق إبراهيم بن أبي يحيى، فلا أثر لها؛ لأن إبراهيم هذا متروك الحديث، كما في الميزان 1/57، والتقريب (93) ، والله أعلم. وبعد: فإن اختلاف أهل العلم بالحديث في الحكم على هذا الحديث انسحب على المسألة فقهياً، فقد اختلف العلماء في حكم الصوم بعد منتصف شعبان.

فمن صح عنده هذا الحديث حكم بكراهة صوم السادس عشر من شعبان وما بعده، وبعضهم صرّح بالتحريم كابن حزم في (المحلى 7/25) إلا أنه خص النهي بصيام اليوم السادس عشر فقط – ومن ضعّف هذا الحديث لم يقل بالكراهة كما هو قول جمهور العلماء، محتجين بحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه ". أخرجه البخاري (2/34) باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين ح (1914) ، ومسلم (2/762) ح (1082) – واللفظ له -، وأبو داود (2/750) ، باب فيمن يصل شعبان برمضان ح (2335) ، والترمذي (3/69) ، باب ما جاء " لا تقدموا الشهر بصوم" ح (685) ، والنسائي (4/149) ، باب التقدم قبل شهر رمضان ح (2172، 2173) ، وابن ماجة (1/528) ، باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم ح (1650) من طرق عن يحي بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة – رضي الله عنه -. وقد احتج بهذا الحديث الإمام أحمد على ضعف حديث النهي عن الصوم بعد النصف، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا "، والله أعلم. ويمكن أن يعلل الحديث أيضاً بحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان. أخرجه البخاري (2/50) ، باب صوم شعبان ح (1969) ، ومسلم (2/810) ح (1156) ، وأبو داود (2/813) باب كيف كان يصوم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ ح (2434) من طريق أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة -رضي الله عنها-. ومقتضى هذا – بلا شك - أنه كان يصوم شيئاً من الأيام بعد منتصفه. ومما ضعف به حديث العلاء أيضاً:

الأحاديث الدالة على جواز صوم يوم وإفطار يوم، بعضها في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -، وهي مشهورة كثيرة. وقد أجاب بعض المصححين لحديث العلاء بأن النهي محمول على من لم يبتدئ صيامه إلا بعد النصف، أما من كان يصوم قبل النصف واستمر فلا يشمله النهي، ومنهم من حمل النهي على من يضعفه الصوم عن القيام بحق رمضان. والظاهر - والله أعلم - هو رجحان قول الأئمة الذين حكموا عليه بالنكارة والضعف؛ لسببين: الأول: لكونهم أعلم ممن صحّحه. الثاني: لقوة الأدلة التي تخالفه، كحديث أبي هريرة، وعائشة، وعبد الله بن عمرو - رضي الله عنهم -، ومما يقوي هذا - أعني ضعفه - أن الإمام مسلماً - رحمه الله - كان يخرج من سلسلة العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة كثيراً، فما باله أعرض عن هذا الحديث؟! الأمر كما قال الخليلي - كما سبق نقل كلامه - إنما هو لشذوذ هذا الحديث. وبناء عليه يقال: إن الصيام بعد النصف من شعبان لا يحرم ولا يكره، إلا إذا بقي يومان أو يوم، وليس للإنسان عادة في الصيام، فإنه ينهى عن ذلك لدلالة حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والله -تعالى- أعلم. وللمزيد ينظر: (شرح معاني الآثار للطحاوي 2/82 - 87) ، و (تهذيب سنن أبي داود لابن القيم - مطبوع مع مختصر السنن للمنذري 3/223 -225) ، و (فتح الباري 4/153) شرح الحديث (1914) ، و (تحفة الأحوذي 3/296) .

الاحتفال بليلة النصف من شعبان

الاحتفال بليلة النصف من شعبان المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 13/8/1423هـ السؤال هل توجد عبادات أو أعمال خاصة بليلة النصف من شعبان؟ الجواب الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد نبي التوبة والرحمة.

أما بعد: فقد قال الله تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً"الآية، [المائدة: 3] ، وقال تعالى: "أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ" الآية، [الشورى: 21] ، وفي الصحيحين البخاري (2697) ، ومسلم (1718) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي صحيح مسلم (867) ، عن جابر رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقول في خطبة الجمعة: "أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم – وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل دلالة صريحة على أن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها نعمته، ولم يتوف نبيه عليه الصلاة والسلام إلا بعدما بلغ البلاغ المبيت وبين للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال، وأوضح – صلى الله عليه وسلم – أن كل ما يحدثه الناس بعده وينسبونه إلى دين الإسلام من أقوال أو أعمال فكله بدعة مردودة على من أحدثه، ولو حسن قصده، وقد عرف أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الأمر، وهكذا علماء الإسلام بعدهم، فأنكروا البدع وحذروا منها، كما ذكر ذلك كل من صنف في تعظيم السنة وإنكار البدعة، كابن وضاح والطرطوشي، وأبي شامة وغيرهم، ومن البدع التي أحدثها بعض الناس، بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة، لا يجوز الاعتماد عليها، أما ما ورد في فضل الصلاة فيها، فكله موضوع كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم، وسيأتي ذكر بعض كلامهم إن شاء الله، وورد فيها أيضاً آثار بعض السلف من أهل الشام وغيرهم، والذي أجمع عليه جمهور العلماء أن الاحتفال

بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع، وممن نبه على ذلك الحافظ ابن رجب، في كتابه "لطائف المعارف" وغيره، والأحاديث الضعيفة إنما يعمل بها في العبادات التي قد ثبت أصلها بأدلة صحيحة، أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان فليس له أصل صحيح حتى يستأنس له بالأحاديث الضعيفة. وقد ذكر هذه القاعدة الجليلة الإمام أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وأنا أنقل لك أيها القارئ ما قاله بعض أهل العلم في هذه المسألة، حتى تكون على بينة في ذلك وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الواجب رد ما تنازع فيه الناس من المسائل إلى كتاب الله وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فما حكما به أو أحدهما فهو الشرع الواجب الاتباع، وما خالفهما وجب إطراحه، وما لم يرد فيهما من العبادات فهو بدعة لا يجوز فعله، فضلاً عن الدعوة إليه وتحبيذه.

كما قال سبحانه في سورة النساء: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء:59] ، وقال تعال: "وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ" الآية، [الشورى:10] ، وقال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ" الآية، [آل عمران: 31] ، وقال عز وجل: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [النساء:65] ، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي نص في وجوب رد مسائل الخلاف إلى الكتاب والسنة ووجوب الرضى بحكمها، وأن ذلك هو مقتضى الإيمان، وخير للعباد في العاجل، والآجل، وأحسن تأويلا أي عاقبة، قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله – ففي كتابه "لطائف المعارف" في هذه المسألة بعد كلام سبق ما نصه: وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان، ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان، اختلف الناس في ذلك فمنهم من قبله منهم، ووافقهم على تعظيمها، منهم ظائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، منهم عطاء ابن أبي مليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم وقالوا ذلك كله بدعة، واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين:

أحدهما أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد، كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم، ويتبخرون ويتكحلون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهوية على ذلك، وقال في قيامها في المساجد جماعة ليس ذلك ببدعة، نقله حرب الكرماني في مسائله. والثاني: أنه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام، وفقيههم وعالمهم، وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى، إلى أن قال: ولا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان، ويتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان، من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد، فإنه في رواية لم يستحب قيامها جماعة، لأنه لم ينقل عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه – رضوان الله عليهم – واستحبها في رواية لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود لذلك، وهو من التابعين، فكذلك قيام ليلة النصف لم يثبت فيها شيء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا عن أصحابه – رضي الله عنهم – وثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام. انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله، وفيه التصريح منه بأنه لم يثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا عن أصحابه – رضي الله عنهم - شيء في ليلة النصف من شعبان، وأما ما اختاره الأوزاعي رحمه الله من استحباب قيامها للأفراد، واختيار الحافظ ابن رجب لهذا القول فهو غريب وضعيف، لأن كل شيء لم يثبت بالأدلة الشرعية كونه مشروعاً لم يجز للمسلم أن يحدثه في دين الله، سواء فعله مفرداً أو في جماعة، وسواء أسره أو أعلنه، لعموم قول النبي – صلى الله عليه وسلم –: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه مسلم (1718) وغيره من الأدلة الدالة على إنكار البدع والتحذير منها. وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله في كتابه "الحوادث والبدع" ما نصه:

(وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم، قال: ما أدركنا أحداً من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلا على ما سواها) وقيل لابن أبي مليكة: إن زياداً يقول إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر، فقال: (لو سمعته وبيدي عصا لضربته) وكان زياد قاصاً انتهى المقصود. وقال العلامة الشوكاني – رحمه الله – في "الفوائد المجموعة" ما نصه: حديث: "يا علي من صلى مائة ركعة ليلة النصف من شعبان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشر مرات إلا قضى الله له كل حاجة.. إلخ" ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (2/127) ، فهو موضوع، وفي ألفاظه المصرحة بما يناله فاعلها من الثواب ما لا يمتري إنسان له تمييز في وضعه، ورجاله مجهولون، وقد روي من طريق ثانية وثالثة كلها موضوعة ورواتها مجاهيل، وقال في المختصر: حديث صلاة نصف شعبان باطل، ولابن حبان من حديث علي: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها" رواه ابن ماجة (1388) والبيهقي في الشعب (3822) ، وهو ضعيف: وقال في اللاليء: مائة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشرة مرات مع طول فضله للديلمي وغيره فهو موضوع، وجمهور رواته في الطرق الثلاث مجاهيل ضعفاء، قال: واثنتا عشر ركعة بالإخلاص ثلاثين مرة فموضوع، وأربع عشرة ركعة موضوع أيضاً.

وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء كصاحب الإحياء وغيره، وكذا من المفسرين، وقد رويت صلاة في هذه الليلة؛ أعني ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة، كلها باطلة موضوعة، ولا ينافي هذا رواية الترمذي من حديث عائشة – رضي الله عنها – لذهابه – صلى الله عليه وسلم – إلى البقيع، ونزول الرب ليلة النصف إلى سماء الدنيا، وأنه يغفر لأكثر من عدة شعر غنم كلب " انظر الترمذي (739) وابن ماجة (1389) وأحمد (6/238) ، فإن الكلام إنما هو في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة، على أن حديث عائشة – رضي الله عنها – هذا فيه ضعف وانقطاع، كما أن حديث علي – رضي الله عنه - الذي تقدم ذكره في قيام ليلها لا ينافي كون هذه الصلاة موضوعة، على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه، انتهى المقصود.

وقال الحافظ العراقي: حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله – صلى الله عليه وسلم وكذب عليه وقال الإمام النووي في كتاب "المجموع" (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان ولا يغتر بذكرهما في كتاب (قوت القلوب) وإحياء علوم الدين، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتاب نفيسا في إبطالهما، فأحسن فيه وأجاد، وكلام أهل العلم في هذه المسألة كثير جداً، ولو ذهبنا ننقل كل ما اطلعنا عليه من كل في هذه المسألة، لطال بنا الكلام، ولعل فيما ذكرنا كفاية ومقنعاً لطالب الحق، ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام، بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة – رضي الله عنهم ويكفى طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله عز وجل: "اليوم أكملت لكم دينكم" [المائدة:3] .

وما جاء في معناها من الآيات، وقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (سبق تخريجه) ، وما جاء في معناه من الأحاديث، وفي صحيح مسلم (1144) عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال: رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يومها بالصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" فلو كان تخصيص شيء من الليالي بشيء من العبادة جائزاً لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها، لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس، بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلما حذر النبي – صلى الله عليه وسلم – من تخصيصها بقيام من بين الليالي، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى، لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة، إلا بدليل صحيح، يدل على التخصيص، ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان، يشرع قيامها والاجتهاد فيها، نبه النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك، وحث الأمة على قيامها، وفعل ذلك بنفسه، كما في الصحيحين البخاري (2009) ، ومسلم (759) عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنوبه" فلو كانت ليلة النصف من شعبان أو ليلة أول جمعة من رجب، أو ليلة الإسراء والمعراج، يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة لأرشد النبي - صلى الله عليه وسلم – الأمة إليه، أو فعله بنفسه، لو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة – رضي الله عنهم – إلى الأمة، ولم يكتموه عنها، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورضي الله عن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأرضاهم، وقد عرفت آنفاً من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء من فضل ليلة أول جمعة من

رجب، ولا في ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة بدعة منكرة، وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب التي يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادة كما لا يجوز الاحتفال بها للأدلة السابقة، هذا لو علمت، فكيف والصحيح من أقوال العلماء أنها لا تعرف، وقول من قال: إنها ليلة سبع وعشرين من رجب قول باطل لا أساس له في الأحاديث الصحيحة، ولقد أحسن من قال: وخير الأمور السالفات على الهدى *** وشر الأمور المحدثات البدائع والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للتمسك بالسنة والثبات عليها والحذر مما خالفها، إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة (1 /191) ] .

الاحتفال والتهنئة في أعياد الميلاد

الاحتفال والتهنئة في أعياد الميلاد المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 1/11/1424هـ السؤال ما حكم الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة؟ وما حكم التهنئة في ذلك؟ علماً بأن البعض يفعل ذلك، وجزاكم الله خيراً. الجواب سئلت اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن حكم مشاركة الكفار في أعيادهم وحكم تهنئتهم بها، ونذكر لك فيما يلي نص السؤالين والإجابة عنهما: سـ1/ هل يجوز للمسلم أن يشارك مع المسيحيين في أعيادهم المعروفة بـ (الكريسماس) الذي ينعقد آخر شهر ديسمبر أم لا؟ عندنا بعض الناس ينسبون لهم مناسبة بالعلم لكنهم يجلسون في مجالس المسيحيين في عيدهم ويقولون بجوازه، فهل قولهم هذا صحيح أم لا؟ وهل لهم دليل شرعي على جوازه أم لا؟

جـ1/ لا تجوز مشاركة النصارى في أعيادهم، ولو شاركهم فيها من ينتسب إلى العلم؛ لما في ذلك من تكثير عددهم، ولا تجوز للمسلم تهنئة النصارى بأعيادهم؛ لأن في ذلك تعاوناً على الإثم وقد نهينا عنه قال تعالى:"ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] كما أن فيه تودداً إليهم وطلباً لمحبتهم وإشعاراً بالرضى عنهم وعن شعائرهم وهذا لا يجوز، بل الواجب إظهار العداوة لهم وتبيين بغضهم؛ لأنهم يحادون الله جل وعلا ويشركون معه غيره ويجعلون له صاحبة وولداً، قال تعالى:"لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه" [المجادلة:22] ، وقال تعالى:"قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءوا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده" [الممتحنة:4] . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/435) ] .

الاحتفال بالموالد

الاحتفال بالموالد المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 24/10/1423هـ السؤال ما حكم الشرع في نظركم بالاحتفال بعيد الأم وأعياد الميلاد وهل هي بدعة حسنة أم بدعة سيئة؟ الجواب الاحتفال بالمولد سواء موالد الأنبياء أو موالد العلماء أو موالد الملوك والرؤساء كل هذا من البدع التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان وأعظم مولود هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت عنه ولا عن خلفائه الراشدين ولا عن صحابته ولا عن التابعين لهم ولا عن القرون المفضلة أنهم أقاموا احتفالاً بمناسبة مولده - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هذا من البدع المحدثة التي حدثت بعد القرون المفضلة على يد بعض الجهال، الذين قلدوا النصارى باحتفالهم بمولد المسيح عليه السلام، والنصارى قد ابتدعوا هذا المولد وغيره في دينهم، فالمسيح عليه السلام لم يشرع لهم الاحتفال بمولده وإنما هم ابتدعوه فقلدهم بعض المسلمين بعد مضي القرون المفضلة. فاحتفلوا بمولد محمد - صلى الله عليه وسلم - كما يحتفل النصارى بمولد المسيح، وكلا الفريقين مبتدع وضال في هذا؛ لأن الأنبياء لم يشرعوا لأممهم الاحتفال بموالدهم، وإنما شرعوا لهم الاقتداء بهم وطاعتهم واتباعهم فيما يشرع الله سبحانه وتعالى، هذا هو المشروع. أما هذه الاحتفالات بالموالد فهذه كلها من إضاعة الوقت، ومن إضاعة المال، ومن إحياء البدع، وصرف الناس عن السنن، والله المستعان. [المنتقى من فتاوى الفوزان (2/187 - 188) ] .

هدايا الشركات بمناسبة رأس السنة

هدايا الشركات بمناسبة رأس السنة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 2/11/1424هـ السؤال أسأل الله تعالى أن تكونوا وأهاليكم وجميع المسلمين بخير. السؤال هو أن هناك هدايا تعطى بمناسبة كفرية، وهي رأس السنة الميلادية، وأخرى بدعية وهي مناسبة الهجرة المباركة، وهذه الهدايا تختلف من شركة إلى أخرى: أ. فبعض الشركات ترسل مذكرات سنوية أو ساعات حائطية أو محافظ أو منتوجات أخرى إشهارية تحمل علامتها التجارية واسمها. ب. شركات أخرى ترسل هدايا عبارة عن: كؤوس كريستال أو مجموعة صحون أو إبريق شاي أو صينية أو بعض أواني تستعمل للتزيين في المنازل. ج. شركات أخرى ترسل الحلوى فقط. فما مدى صحة ذلك؟ بارك الله تعالى فيكم وجزاكم خيراً والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. الجواب إن كانت الهدية من شركة أجنبية (غير إسلامية) فلا بأس بقبولها، ولو بمناسبة رأس السنة الميلادية أو الهجرية، لأنه ليس بعد الكفر ذنب - أي أن مسؤوليها لا يطالبون بالفروع قبل الأصول -، وأيضاً ثبت في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم قبل هدية من (المقوقس) ملك مصر وهو نصراني، انظر ما رواه الحاكم في المستدرك (6901) ، والطبراني في الكبير (3497) والنبي - صلى الله عليه وسلم - أكل من شاة مسمومة لامرأة يهودية دعته إلى طعام فيما رواه البخاري (2617) ، ومسلم (2190) من حديث أنس - رضي الله عنه-. أما إن كانت الشركة المهدية (غير أجنبية) يقوم عليها مسلمون فلا يجوز قبول الهدية بهذه المناسبات غير المشروعة، بل المحرمة في الإسلام.

وقبول الهدية بمناسبة رأس السنة الميلادية فيه تأييد للمشركين أو تشبه بهم، وهذا حرام، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أحمد (5114) ، وأبو داود (4031) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - صححه ابن تيمية وقال دلائل الصحة عليه بادية. وإن كانت الهدية بمناسبة رأس السنة الهجرية فلا يجوز أيضاً، لأن في هذا تشبه بالنصارى وابتداع في الدين، وفي الحديث الصحيح "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أخرجه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) . ولعل الحكم في قبول الهدية من أهل الكتاب في أي زمان دون غيره لقصد تأليفهم ودعوة لدخولهم في الإسلام.

تخصيص ليلة النصف من شعبان بعبادة

تخصيص ليلة النصف من شعبان بعبادة المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 8/8/1426هـ السؤال ما حكم تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء من العبادات؟ وهل ورد بفضلها حديث صحيح؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين. أما بعد: فجواباً عن سؤالكم عن ليلة النصف من شعبان، وعن مدى صحة ما ورد في فضلها، أقول وبالله التوفيق: لقد رُويت أحاديث متعددة في فضيلة ليلة النصف من شعبان، وأحاديث في فضل تخصيصها بصلاة أو عبادة معينة. أما الثاني: (وهو ما ورد في تخصيصها بصلاة أو عبادة) فلم يصحّ فيها شيء، بل كلها أحاديث موضوعة وباطلة، وحَكَمَ ببطلانها جمعٌ من أهل العلم، منهم ابن الجوزي في كتابه الموضوعات (2/440 - 440-445 رقم 1010-1014) ، والبيهقي في الشعب (3841) ، وأبو الخطاب ابن دحية في أداء ما وجب (79-80) ، وابن قيم الجوزية في المنار المنيف (174-177) ، وأبو شامة الشافعي في الباعث على إنكار البدع والحوادث (124-137) ، والعراقي في تخريج إحياء علوم الدين (582) ، ونقل شيخُ الإسلام الاتفاق على بطلان الصلاة المسماة بالألفية كما في اقتضاء الصراط المستقيم (2/138) . وهذا أمرٌ لا يخفى على أحدٍ من أهل العلم: أن تخصيص ليلة النصف من شعبان بصلاة لم يرد فيه حديثٌ صحيح ولا حسنٌ ولا ضعيف خفيفُ الضعف، بل ما ورد فيه كله موضوع مكذوب على نبينا - صلى الله عليه وسلم-. أمّا ما ورد في فضلها مطلقاً، فقد ورد فيه أحاديث اختلف فيها أهلُ العلم قديماً وحديثاً، وجَمَع كثيرٌ من الحفاظ طُرُقها، وخصها بعضهم بالتصنيف كأبي عبد الله ابن الدُّبَيْثي (ت637هـ) .

فقد ورد فيها الحديث من حديث معاذ بن جبل، وعائشة، وأبي ثعلبة الخشني، وعثمان بن أبي العاص، وأبي موسى الأشعري، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وعبد الله بن عَمرو، وعوف بن مالك، وأُبيّ بن كعب، وأبيّ أمامة، وأبيّ بكر الصديق – رضي الله عنهم أجمعين -، ومراسيل لغيرهم. واستيعاب الكلام عن طرقها وعللها لا يُناسبُ هذا المقام، وتَرْكُ ذلك بالكلية لا يُوضَّح الحق ولا يُقربُ إلى الصواب، لذلك رأيت أن أكتفي بالكلام عن أشهر طرقها باختصار، ثم يُقاسُ عليها ما هو أشد ضعفاً منها. أولاً: حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه -، عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، قال: يطّلعُ اللهُ ليلة النصف من شعبان إلى خلقه، فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن". أخرجه ابن حبان في صحيحه (5665) ، وغيره فانظر تخريجه في حاشية تحقيقه، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة (1144) . لكن الحديث وقع فيه اضطراب كثير في إسناده، جعله من حديث أبي ثعلبة الخشني مَرّة (وانظر السلسة الصحيحة) ، ومن حديث أبي إدريس الخولاني مرسلاً، وعن كثير بن مُرّة مرسلاً، وعن مكحول مرسلاً. وكلها مرجعها إلى إسناد واحد اضطُرب فيه هذا الاضطراب. بيَّن ذلك ووضّحه غاية الوضوح الدارقطني في العلل (6/50-51 رقم 970) ، وقال أثناء ذلك عن روايتيه من حديث معاذ بن جبل: "وكلاهما غير محفوظ". وقال عن الحديث بعد إيراده لطرقه السابقة: "والحديث غير ثابت". وخصَّ الدارقطني في موطن آخر من علله (6/323-324 رقم 1169) حديث أبي ثعلبة بالذكر، ثم قال بعد عرْضِ طُرُقه: "والحديث مضطرب غير ثابت". بل لقد قال أبو حاتم الرازي - وحسبك به- عن حديث معاذ بن جبل: "هذا حديث منكر بهذا الإسناد " العلل لابن أبي حاتم (2012) . وبذلك ظهر أن حديث معاذ وأبي ثعلبة حديثان شديدا الضعف، لا ينفعان في باب الاعتبار، أي لا يرتقيان بالمتابعات والشواهد.

ثانياً: حديث عائشة – رضي الله عنها – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال لها حين افتقدته فوجدته في البقيع – في حديث -: "إن الله – عز وجل – ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شَعْرِ غنم كَلْب ". أخرجه الإمام أحمد (26018) ، والترمذي (739) ، وابن ماجة (1389) من طريق الحجاج بن أرطاة عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عائشة به ثم قال الترمذي عقبه: "حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج وسمعتُ محمداً (يعني: البخاري) يُضعّفُ هذا الحديث، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجاج لم يسمع من يحيى "فهو إسنادٌ ضعيفٌ، ويشير كلام البخاري إلى ضعف الحديث من جميع وجوهه؛ لأنه ضعّف الحديث لا الإسناد وحده. ولمّا عَرَضَ الدارقطني لعلل حديث عائشة هذا في العلل – المخطوط – (5/ق51/أ-ب) ، وبيّن الاضطراب فيه، وأنه رُوي من وجه آخر عن حجاج بن أرطاة عن كثير بن مُرّة الحضرمي مرسلاً، ثم قال: "وإسناد الحديث مضطرب غير ثابت". لذلك فقد صرح أبو عبد الله الحاكم النيسابوري بالصواب في هذا الحديث بقوله: "إنما المحفوظ هذا الحديث من حديث الحجاج بن أرطاة عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً" شعب الإيمان للبيهقي (3824، 3825، 3830، 3831) وللحديث عللٌ أخرى أبانها عَمرو عبد المنعم سليم في تحقيقه لكتاب ابن الدُّبَيْثي (54-66) . بل لقد أشار الدارقطني إلى أن مرجع حديث عائشة إلى حديث مكحول الشامي السابق ذكره في حديث معاذ، وهذا ما مال إليه البيهقي في الشعب (3/382،383 رقم 3383، 3835) ، وقد نقل ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/561 رقم 921) عن الدارقطني أنه قال: "وقد رُوي من حديث معاذ ومن حديث عائشة، وقيل إنه من قول مكحول، والحديث غير ثابت".

فعادت أحاديث معاذ وأبي ثعلبة وعائشة إلى أنها حديث واحد، مآله إلى أنه كلام لمكحول الشامي!!! .وبذلك تعرفُ الخطأ الجسيم لمن اعتبر هذه الروايات روايات متعددة يَتَقَّوى بها الحديث. ثالثاً: حديث عبد الله بن عمرو، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-قال: "يطّلع الله عز وجل إلى خَلْقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لعباده إلا لاثنين: مشاحنٍ وقاتل نفس" أخرجه الإمام أحمد (6642) ، قال: "حدثنا حسن: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا حُيَي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلِيّ، عن عبد الله بن عَمرو به. ذكر هذا الإسناد الألباني - رحمه الله - في السلسة الصحيحة (3/136) ، وقال: "هذا إسنادٌ لا بأس به في المتابعات والشواهد". ولعل هذا من الألباني - رحمه الله - لاعتماده على أن الحافظ ابن حجر قال عن حُيَيّ بن عبد الله: "صدوق.....". ومع أن حُييّ هذا ممن اختُلف فيه، كما تجده في التهذيب (3/72) ، فالأهم من ذلك أن أحاديث ابن لهيعة عنه بالإسناد المذكور آنفاً مناكير، كما بيّن ذلك ابنُ عدي في ترجمة حيي بن عبد الله في الكامل (2/450) ، حيث ذكر بضعة أحاديث لابن لهيعة عن حُيَيّ عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عَمرو، ثم قال: "وبهذا الإسناد حدثناه الحسن عن يحيى عن ابن لهيعة بضعة عشر حديثاً عامتها مناكير". وابن عدي يُعلّق نكارة هذه الأحاديث بابن لهيعة، لإحسانه الظن بحُيي بن عبد الله.

وقد ذكر الألباني لابن لهيعة متابعاً، هو رشدين بن سعد، فلو سلم الإسناد إليه، فهو ضعيف، ولا يحتمل ضَعْفُهُ مثل هذا الحديث؛ هذا إن لم تكن نكارةُ الحديث من قِبَلِ شيخهما حُيي بن عبد الله! ثم إن ابن لهيعة قد اضطرب في هذا الحديث، فمرةً يرويه كما سبق، ومَرّةً يرويه من حديث أبي موسى الأشعري (سنن ابن ماجة 1390، 1391) ومرّة يرويه عن عوف بن مالك (مسند البزار 7/186 رقم 2754) وقد ذكر الألباني - رحمه الله - اضطراب ابن لهيعة هذا، في السلسة الصحيحة (1563) والغريب أن حديث ابن لهيعة المشار إليه أخيراً مرويٌّ من طريق كثير بن مُرّة الحضرمي، وقد سبق بيانُ أنّ أحدَ طرق حديث مكحول ترجع إلى أنه من حديثه عن كثير بن مُرّة فهل نعود إلى أن حديث ابن لهيعة يعود إلى حديث مكحول أيضاً؟! (وانظر السلسلة الصحيحة 3/137-138) هذا مع ما في حديث أبي موسى وعوف بن مالك من العلل الأخرى الإسنادية سوى اضطرابه المشار إليه. وبهذا كله يتضح أنّ هذه الطرق شديدة الضعف غير صالحةٍ للتقوَّي. رابعاً: حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ينزل الله - عز وجل - ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لكل شيء إلا الإنسان في قلبه شحناء، أو مشرك بالله " أخرجه البزار (1/157-158، 206-207 رقم 80) وابن خزيمة في التوحيد (1/325-327 رقم 200) ، من طريق ضعّفها جمعٌ من أهل العلم، منهم البخاري، وأبو حاتم الرازي، والعقيلي، وابن عدي، والبزار، وغيرهم - انظر التاريخ الكبير للبخاري (5/424-425) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/306-307) والضعفاء للعقيلي (3/788-789) ، والكامل لابن عدي (5/309) .

ولا يظنّنّ أحدٌ أن ابن خزيمة قد صححه بإخراجه في (التوحيد) الذي اشترط فيه الصحة، فإن ابن خزيمة قد أشار إلى ضعفه بتعليقه الإسناد أوّلاً ثم بتأخير ذكر إسناده عقب إيراده للمتن، وهذا اصطلاحٌ له في كتابه الصحيح والتوحيد ذكره هو عن نفسه في التوحيد (2/637) ، ونص عليه الحافظ ابن حجر في مواضع من إتحاف المهرة (2/365 رقم 1905) ومن بين أحكام العلماء على هذا الإسناد حُكْمُ ابن عدي عليه بأنه منكر، والمنكر من أقسام الحديث الشديد الضعف الذي لا يصلح للتَّقوَّي. هذه أشهر أسانيد أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان الواردة في مشاهير كتب السنّة، ويبقى سواها أحاديث أخرى سبقت الإشارة إليها مقدمة هذا الجواب، وبالاطلاع عليها لم أجد فيها ما ينفع للتقوَّي فضْلاً عن أن يوجد إسناد مقبول أو خفيف الضعف، فهي بين إسناد منكر تفرد به ضعيف، وإسناد شديد الضعف فيه متهم، وحديث موضوع مختلق، لذلك فالراجح عندي أنه لم يصح في فضل ليلة النصف من شعبان حديث، ولم يُصب - عندي - من صحّحه بمجموع الطرق، فإن شرط التقوية ألا تكون الطرق أوهاماً أو مناكير أو بواطيل. أما أحكام العلماء على أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان، فقد سبق ذكر أحكامهم على أفرادِها؛ ولكن سأذكر هنا مَنْ قَوَّى الحديث ومن ضعّفه على وجه العموم. فممن قَوَّى الحديث: ابن حبان، والمنذري في الترغيب والترهيب، وللبيهقي كلامٌ ليس صريحاً في التصحيح، ذكره أبو شامة في الباعث (132) ، ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلامٌ يدل على تصحيح أو قبول ماورد في فضائلها، وذكر أنه نصُّ الإمام أحمد وأكثر الحنابلة (اقتضاء الصراط المستقيم 2/136-137، واختيارات البعلي 65) ولشيخ الإسلام كلامٌ آخر يدل على توقُّفه عن تصحيح حديثها (مجموع الفتاوى 3/388) . وصحح الحديث أخيراً: العلامة الألباني - رحمه الله - كما سبق.

أمّا الذين ضعفوا الحديث من جميع وجوهه، فسبق منهم الدارقطني والعقيلي في الضعفاء (ترجمة عبد الملك بن عبد الملك 3/789) ، وابن الجوزي كما في العلل المتناهية (915-924) ، وأبو الخطاب ابن دحية في أداء ما وجب (80) ، وأبو بكر ابن العربي في أحكام القرآن (4/1690) وأقره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (16/128) . بل قال أبو الخطاب ابن دحية: "قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث النصف من شعبان حديث يصح". الباعث لأبي شامة: (127) . وقال ابن رجب: "وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعدِّدة، وقد اختُلف فيها، فضعّفها الأكثرون، وصحّح ابن حبان بعضها". لطائف المعارف (261) . بل صحّ عن جمع من السلف إنكار فضلها. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (وهو من أتباع التابعين من أهل المدينة) : "لم أدرك أحداً من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان، ولم ندرك أحداً منهم يذكر حديث مكحول ولا يرى لها فضلاً على سواها من الليالي". أخرجه ابن وضاح بإسناد صحيح في ما جاء في البدع (119) . وقال ابن أبي مُليكة (وهو من جِلّة التابعين وفقهائهم بالمدينة) ، وقيل له: إن زياداً النميري يقول: إن ليلة النصف من شعبان أجْرُها كأجر ليلة القدر، فقال: لو سمعته يقول ذلك وفي يدي عصاً لضربته بها". أخرجه عبد الرزاق في المصنف (7928) ، وابن وضاح في ما جاء في البدع (120) بإسناد صحيح. ولما سئل عبد الله بن المبارك عن النزول الإلهي ليلة النصف من شعبان قال للسائل: "يا ضعيف! ليلة النصف؟! ينزل في كل ليلة". أخرجه أبو عثمان الصابوني في اعتقاد أهل السنة (92) .

وقال ابن رجب في لطائف المعارف (263) : "وليلةُ النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام، كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم يُعظّمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم يأخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قبله منهم ووافقهم على تعظيمها منهم طائفة من عُبّاد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مُليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كلّه بدعة". وأما قول ابن رجب من أن مرجع تعظيم هذه الليلة إلى الإسرائليات فقد وجدت ما يشهد له، من أن مكحولاً الشامي (وهو مرجع أكثر طرق الحديث كما سبق) قد رُوي هذا الحديث عنه في بعض الوجوه عن كعب الأحبار!! كما تراه في كتاب النزول للدارقطني (162-164، 168 رقم 88) ، وانظر لطائف المعارف أيضاً (264) . ومما نقله ابن رجب في لطائف المعارف (264) ويخالف ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو قول ابن رجب:" ولا يُعرف للإمام أحمد كلام في ليلة النصف من شعبان ". وأما تعظيم أهل الشام لهذه الليلة، فقد خالفهم في ذلك فقيه الشام الإمام الأوزاعي، فيما ذكره السبكي، ونقله عنه الزبيدي في تخريج إحياء علوم الدين (1/521) ، وفيما ذكره ابن رجب أيضاً في لطائف المعارف (263) . وأخيراً، فعلى فرَض صحة حديث فضل ليلة النصف من شعبان، فإن الذي أخبرنا بفضلها وهو النبي – صلى الله عليه وسلم -لم يخصها بعبادة معينة، فلو كان ذلك مشروعاً لكان هو - صلى الله عليه وسلم - أحرص على فعله وبيانه للناس، بل لو قيل: إن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد شرع ما يتقرب به تلك الليلة (على فرض الصحة) لكان هذا وجيهاً، وهو أن تنام تلك الليلة خالصاً قلبك من الشرك والشحناء على المسلمين!! .

وفي كتاب الورع للمَرُّوذي (545) : "قلت لأبي عبد الله [يعني الإمام أحمد بن حنبل] : إن رجلاً من أهل الخير قد تركتُ كلامه، لأنه قذف رجلاً بما ليس فيه، ولي قرابة يشربون المسكر ويسكرون؟ وكان هذا قبل ليلة النصف من شعبان. فقال: اذهب إلى ذلك الرجل حتى تكلمه، فتخوّف عليَّ من أمر قرابتي أن آثم، وإنما تركت كلامهم أني غضبت لنفسي، قال: اذهب كلَّم ذلك الرجل، ودع هؤلاء، ثم قال: أليس يسكرون؟ وكان الرجل قد ندم؟ ". وتنبه أن الإمام أحمد لم يكن هو الذي ذكر ليلة النصف من شعبان، ولا ذكر المروذي أنه ذكرها له أيضاً، وإنما هو خبر ذكره المروذي، ومراعاة ذلك (ولو لم يصح فيه شيء) مما لا يرى فيه بعض العلماء بأساً فهو عمل مشروع في كل ليلة، ولم يخصه المروذي بليلة النصف. أما ما يفعله كثير من الناس من الاجتماع ليلة النصف من شعبان على صلوات معيَّنة وعبادات خاصة في كل عام فهذا من البدع التي اتفق على إنكارها من عامة العلماء، وذكر ذلك جماعة من أهل العلم. فانظر الحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوشي (266-267) ، والباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة (142) ، واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (2/138، 256-257) ، ولطائف المعارف لابن رجب (263) ولم يخالف في تبديع هذا الفعل إلا قلة من أهل العلم، منهم من ذكرهم ابن رجب من أهل الشام، وإسحاق بن راهويه. أما الشافعي فاستحب إحياءَها، كما في الأم (1/231) ، لكن لم يذكر أن ذلك يكون بالاجتماع لها، ولم يذكر الشافعي دليل ذلك الاستحباب. وما دامت المسألة متنازعاً فيها فالمرجع فيها إلى الكتاب والسنة، كما قال الله –تعالى-: "فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا" [النساء: 59] .

وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ" أخرجه مسلم (1718) وليلة النصف من شعبان لم يثبت في فضلها حديث، وكل ما ورد في فضل تخصيصها بعبادة باطلٌ موضوعٌ، فليس في تعمُّد القيام فيها بعبادة ما، على وجه التعيين لها، وتخصيصها بتلك العبادة إلا ابتداعاً في الدين، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:" كل بدعة ضلالة " أخرجه مسلم (867) . فنسأل الله تعالى السلامة من كل بدعة، وأن يُنْعِشَ قلوب العباد بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -. والله أعلم. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

الاذكار الجماعية بعد الفريضة

الاذكار الجماعية بعد الفريضة المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 24/1/1425هـ السؤال هناك مجموعة من الناس يجتمعون بعد صلاة العشاء يوميًّا ويقرؤون أذكارًا يسمونها الصلوات، يصلون فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيغ مختلفة وكثيرة، كما يقرؤون شعراً يسمونه المنظومة يدعون فيها الله - تعالى- بالأسماء الحسنى كلها. السؤال: هل لما يفعلون من أصل في الكتاب والسنة، أم أن هذه الأشياء من البدع الضالة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الصلاة والسلام على محمد - صلى الله عليه وسلم - مشروعة كل حين خصوصاً عند ذكره أو سماع اسمه الشريف، وتتأكد هذه المشروعية ليلة الجمعة ويومها، وهذا من أسهل حقوق المصطفى - صلى الله عليه وسلم- على أمته، وأعظم منه وأوجب اتباع سنته، ولزوم هديه، كما قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" [آل عمران:31] ، وأما من أحدث في دينه ما ليس منه، فعمله مردود عليه، لا يزيده من الله إلا بعداً، قال صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" عند مسلم (1718) ، وهذا الاجتماع المذكور في السؤال، ليس عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هو حدث في الدين، فهو بدعة، من عدة وجوه: أولها: الاجتماع على هيئة مخصوصة من قبل عدة أشخاص بغرض الصلاة عليه، لم يكن من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه. الثاني: كونه في زمن مخصوص والصلاة عليه مشروعة مطلقاً.

الثالث: استعمال صيغ مخصوصة للصلاة والسلام عليه، لم ترد في السنة، والتزامها، فمن التزم ذكراً راتباً لم تثبت به السنة فقد وقع في البدعة، هذا إذا كانت ألفاظ هذا الذكر خالية من الغلو والمعاني الفاسدة، وإلا صار محرماً من الوجهين، وكذلك قراءة الأشعار المنظومة في أسماء الله الحسنى إذا اتخذها على سبيل التعبد واعتقاد فضل لهذه المنظومة فذلك من البدع، وإنما يكون دعاء الله بأسمائه الحسنى على وجهين: - دعاء عبادة: بأن يثني على ربه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، ويحمده عليها دون سؤال. - دعاء مسألة: بأن يسأل ربه حاجته بالاسم المناسب، فيقول: يا رحمن ارحمني يا رزاق ارزقني، ونحو ذلك.

- وقد عني السلف بإنكار البدع العملية، كما البدع الاعتقادية، منذ زمن الصحابة الكرام - رضي الله عنهم-؛ فقد روى الدارمي (204) بسنده أن أبا موسى الأشعري قال لعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما-: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً، ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مئة، فيكبرون مئة، فيقول: هللوا مئة، فيهللون مئة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مئة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك، وانتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم؟ ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نَعُدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامنٌ أن لا يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحَكُمْ يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملةٍ محمد، أو مفتتحو باب ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله، ما أدري، لعل أكثرهم منكم، ثم تولى عنهم، فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.

ذبح الثيران عند تأخر المطر

ذبح الثيران عند تأخر المطر المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 5/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: كان في الجاهلية عند آبائنا عادة وهي أنه إذا تأخر نزول المطر، وأصاب الناس شدة، لجأوا إلى ذبح ثور أو بقرة في مكان معين عندنا، ويقولون إنه ما إن ينتهوا من ذبحها حتى ينزل المطر، ويسمون ذلك العمل (نشرة) ، فصار الأمر اعتقاد عندهم حتى إن المطر إذا تأخر في هذه الأيام، قال الناس سنأخذ بقرة ونذبحها في ذلك المكان، مع العلم أن من يطالب بذلك الفعل هم من الشباب المتعلم، محتجين بأن النية سليمة وإنما الأعمال بالنيات، فضيلة الشيخ/ أرجو الإجابة على سؤالين هما: (1) ما حكم ذلك العلم إذا صاحبه اعتقاد في أن المطر لا ينزل إلا إذا ذبحت بقرة أو ثور في ذلك المكان. (2) يزعم من يقوم بهذا الفعل أن نيته سليمة وليس هناك اعتقاد، فما حكم ذلك الفعل إن كانت النية سليمة كما يزعم. أرجو التوضيح والتفصيل في هذه المسألة، وبيان السنة عند انحباس المطر، حتى نكون على بينة حين نبين للناس حقيقة ذلك الأمر، وجزاكم الله خيراً. الجواب هذا الفعل لم أطلع على أن الجاهلية الأولى كانت تفعله. وله احتمالات: إما أن يريد أهله أن يتقربوا إلى الله عز وجل بصدقة بين يدي الاستسقاء فهذا لا حرج فيه. وإما أن يعتقد خصوصية المكان أو الارتباط بين الذبح ونزول المطر فهذا بدعة. والسنة عند انحباس المطر: الخروج للاستسقاء بأداء ركعتين ثم خطبة واحدة بعدها، والله الموفق.

صيام يوم الميلاد

صيام يوم الميلاد المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 1/9/1424هـ السؤال بعض الناس يصومون كل سنة اليوم الذي يوافق يوم ميلادهم، ويقولون إن هذا سنة لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم يوم ميلاده الأسبوعي، علما أنهم يصومون اليوم الميلادي وليس الهجري، فهل ما يقولونه صحيح؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد أخرج مسلم (1162) في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن جملة من الأشياء ذكرها، ومنها عن صوم يوم الاثنين فقال: "ذلك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل علي فيه". ولم يرد في شيء من كتب السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد يوم الاثنين بالصوم أو حث عليه استقلالا، ولا استحب ذلك أحد ممن يعتد برأيه من علماء الأمة، وإنما الذي ورد هو صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرَّى صيام الاثنين والخميس، رواه أحمد (24508) ، والنسائي (2186) ، والترمذي (745) ، وابن ماجة (1739) ، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن أعمال العباد تعرض في هذين اليومين - أعني الاثنين والخميس - فأحب صلى الله عليه وسلم حين يعرض عمله أن يكون صائماً، فقد أخرج أحمد (8361) ، والترمذي (747) ، وابن ماجة (1740) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعرض أعمال العباد كل اثنين وخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم". وحتى لو سلمنا بأن سبب صيام يوم الاثنين هو كونه اليوم الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم لما كان في ذلك دليل على جواز صيام الإنسان اليوم الذي ولد هو فيه لأمرين:

أولهما: لأن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومكانته لا تخفى على أحد، فلو قيل بصيام ذلك اليوم لكان من باب صيام يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي كانت تصومه يهود شكرا لله أن نجى فيه موسى وقومه من فرعون وجنده. وثانيهما: أن العبادات أمرها توقيفي، فلا يجوز القياس فيها، بل يجب التوقُّف عند الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يزاد عليه. وعليه فلا أساس لما ذكر في السؤال، ولا أبالغ إذا قلت إني لم أقف على هذا القول حتى عند الفرق المنحرفة، فقد رأينا من استحب صيام يوم ميلاد شيخ طريقته أو يوم وفاته، أما صيام يوم ميلاد الشخص على غرار الاحتفال به على عادة غير المسلمين فهذا ما لم أقف عليه البتة. ثم إن المستدَل به وهو صيامه صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين يقتضي من هؤلاء المداومة على صيام اليوم الذي ولدوا فيه من كل أسبوع، وإلا خالفوا السنة التي زعموها. والله أعلم.

عادة مرتبطة بتقاليد شعبية في شعبان

عادة مرتبطة بتقاليد شعبية في شعبان المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 11/8/1424هـ السؤال مما جرت العادة به في بلدنا أن في ليلة النصف من شعبان يقوم الأطفال بالمرور على المنازل، حيث يتم توزيع الحلوى وغيرها عليهم. وهذه العادة مرتبطة بتقاليد شعبية قديمة فما حكمها؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أخي الكريم: اعلم وفقك الله أن ما ذكرته - مما يجري في ليلة النصف من شعبان من المرور على المنازل وتوزيع الحلوى - هو نوع من الاحتفال أو المشاركة في إحياء هذه الليلة، وموافقة لأهل البدع في إحياء شعائرهم المحدثة في الدين، والقول بأن هذه عادة مرتبطة بتقاليد شعبية قديمة وهم ظاهر، إذ حقيقة الأمر أن ذلك مرتبط ببدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان وإحيائها بنوع خاص من التعبد والصلاة، وهو أمر محدث استند محدثوه على أحاديث موضوعة نبه على وضعها عدد من العلماء. قال الشوكاني - رحمه الله - بعد أن ذكر حديث صلاة النصف من شعبان: "وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء كصاحب الإحياء وغيره، وكذا من المفسرين، وقد رويت صلاة هذه الليلة - أعني ليلة النصف من شعبان - على أنحاء مختلفة كلها باطلة وموضوعة". الفوائد المجموعة (ص: 51) .

وقال ابن القيم - رحمه الله -: (هذه الصلاة وضعت في الإسلام بعد الأربعمائة ونشأت من بيت المقدس فوضع لها عدة أحاديث) ، انظر المنار المنيف بتحقيق محمود استانبولي (ص:54) . وقال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - (والذي عليه جمهور العلماء أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة وبعضها موضوع، وممن نبّه على ذلك الحافظ ابن رجب في كتابه: لطائف المعارف وغيره، والأحاديث الضعيفة إنما يعمل بها في العبادات التي قد ثبت أصلها بأدلة صحيحة، أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان فليس له أصل صحيح حتى يستأنس له بالأحاديث الضعيفة) انظر: التحذير من البدع للشيخ ابن باز ص (11 - 12) . وعلى هذا فأوصيك يا أخي بعدم المشاركة في ذلك، وتنبيه الأطفال إلى خطورة الأمر؛ حتى لا تتأصل في نفوسهم تلك المخالفات، وفيما ثبتت مشروعيته من العبادات غنية عن الوقوع فيما اشتبه أمره أو كان من المحظورات، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

قراءة سور مخصوصة قبل صلاة الجمعة

قراءة سور مخصوصة قبل صلاة الجمعة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 28/10/1424هـ السؤال يقوم بعض المصلين - بمنطقتنا قبل ساعة من خطبة الإمام للجمعة - بقراءة سورة الكهف ثم الملك والإخلاص والمعوذتين، وفي الختام بدعاء جماعي. فهل هذا الأمر بدعة؟. نرجو التوضيح. الجواب هذا لا إشكال أنه بدعة، لأن هذه الأشياء لم ترد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ولم يفعلها، والأصل في العبادات أنها توقيفية.

عيد الكريسماس

عيد الكريسماس المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 1/11/1424هـ السؤال ما حكم تهنئة الكفار بعيد الكريسماس؟ وهل يجوز الاحتفال معهم بهذا العيد؟ الجواب سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن سؤال مشابه لسؤالك فإليك السؤال والجواب. عن حكم تهنئة الكفار بعيد الكريسماس؟ وكيف نرد عليهم إذا هنؤونا به؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذكر بغير قصد؟ وإنما فعله إما مجاملة أو حياءً أو إحراجاً أو غير ذلك من الأسباب؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم - رحمه الله - في كتابه "أحكام أهل الذمة"، حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالأتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه". انتهى كلامه - رحمه الله -.

وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضا به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنئ بها غيره، لأن الله تعالىلا يرضى بذلك، كما قال الله تعالى: "إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم" [الزمر: 7] وقال تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" [المائدة:3] . وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا. وإذا هنؤونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك، لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى، لأنها إما مبتدعة في دينهم، وإما مشروعة، لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً، صلى الله عليه وسلم، إلى جميع الخلق، وقال فيه: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85] . وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها. وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى، أو أطباق الطعام، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك، لقول النبي، صلى الله عليه وسلم،: "من تشبه بقوم فهو منهم". قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) : "مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء". انتهى كلامه - رحمه الله -. ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة، أو تودداً، أو حياءً أو لغير ذلك من الأسباب، لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم.

والله المسؤول أن يعز المسلمين بدينهم، ويرزقهم الثبات عليه، وينصرهم على أعدائهم، إنه قوي عزيز. مواضيع ذات صلة: (مشاركات في عيد الميلاد) (قبول هدايا النصارى في أعيادهم) (هدايا الشركات بمناسبة رأس السنة) (الاحتفال والتهنئة في أعياد الميلاد)

الاحتفال بيومين من يناير (الناير)

الاحتفال بيومين من يناير (الناير) المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 11/05/1425هـ السؤال في بلادي في كل يوم 10 أو 11 من شهر يناير نقوم بالاحتفال بشراء المأكولات وبعض الأطعمة من حبوب وفواكه خصيصاً لهذا اليوم، فبعض الناس يقول: إنها تقليد لسيدنا نوح عليه السلام. فما تفسيركم لهذا الاحتفال الذي يسمى عندنا بالناير؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الله - سبحانه وتعالى- شرع للمسلمين عيدين يجتمعون فيهما ويظهرون الفرح، هما عيد الفطر، وعيد الأضحى، ولما وجد النبي - صلى الله عليه وسلم- الأنصار يخصصون يومين يلعبون فيهما ويعتبرونهما عيداً قال: "إن الله أبدلكما بهما خيراً منهما: عيد الفطر وعيد الأضحى" سنن أبي داود (1134) ، والنسائي (3/179) من حديث أنس- رضي الله عنه- بسند صحيح. وكل اجتماع متكرر على وجه معتاد عيد، وتخصيص زمن معين واحتفال خاص جعل له عيداً، وكل عيد لم يشرعه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- فهو بدعة محدثة، قال عليه الصلاة والسلام: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس به فهو رد"رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، وإذا عرف ذلك فإن الاحتفال المذكور في السؤال بدعة محدثة لا تجوز إقامتها ولا حضورها أو المشاركة فيها. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

الاحتفال بعيد الحب

الاحتفال بعيد الحب المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 21/12/1424هـ السؤال سئل فضيلته: انتشر بين فتياننا وفتياتنا الاحتفال بما يسمى عيد الحب (يوم فالنتاين) وهو اسم قسيس يعظمه النصارى يحتفلون به كل عام في 14 فبراير، ويتبادلون فيه الهدايا والورود الحمراء، ويرتدون الملابس الحمراء، فما حكم الاحتفال به أو تبادل الهدايا في ذلك اليوم وإظهار ذلك العيد جزاكم الله خيرًا. الجواب فأجاب حفظه الله: أولاً: لا يجوز الاحتفال بمثل هذه الأعياد المبتدعة؛ لأنه بدعة محدثة لا أصل لها في الشرع فتدخل في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أخرجه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) أي مردود على من أحدثه. ثانياً: أن فيها مشابهة للكفار وتقليدًا لهم في تعظيم ما يعظمونه واحترام أعيادهم ومناسباتهم وتشبهًا بهم فيما هو من ديانتهم وفي الحديث: (من تشبه بقوم فهو منهم) أخرجه أحمد (5115) ، وأبو داود (4031) . ثالثاً: ما يترتب على ذلك من المفاسد والمحاذير كاللهو واللعب والغناء والزمر والأشر والبطر والسفور والتبرج واختلاط الرجال بالنساء أو بروز النساء أمام غير المحارم ونحو ذلك من المحرمات، أو ما هو وسيلة إلى الفواحش ومقدماتها، ولا يبرر ذلك ما يعلل به من التسلية والترفيه وما يزعمونه من التحفظ فإن ذلك غير صحيح، فعلى من نصح نفسه أن يبتعد عن الآثام ووسائلها. وعلى هذا لا يجوز بيع هذه الهدايا والورود إذا عرف أن المشتري يحتفل بتلك الأعياد أو يهديها أو يعظم بها تلك الأيام حتى لا يكون البائع مشاركًا لمن يعمل بهذه البدعة والله أعلم. مواضيع ذات صلة: (عيد الحب قصته، شعائره، حكمه) (فتوى الشيخ محمد العثيمين في عيد الحب)

هدايا يوم الميلاد

هدايا يوم الميلاد المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 26/04/1425هـ السؤال تلقيت هدية بمناسبة يوم ميلادي من فتاة من أقاربي، علماً أنه ليس بيني وبينها أية علاقة محرمة شرعاً، وهي عبارة عن عطور، فما حكم هذه الهدية أهي حرام أم حلال؟ أفيدوني أفادكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز تخصيص يوم بأعمال أو أحوال معينة، وذلك مثل يوم الميلاد الذي يسمى عند بعض الناس بعيد الميلاد، فلا عيد في الإسلام إلا عيد الفطر وعيد الأضحى، وقد جاء في السنن من حديث أنس -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة وجد أنهم يلعبون في يومين لهما، فقال: "قد أبدلكم الله بهما خيراً منها يوم الفطر ويوم الأضحى" رواه النسائي (1556) ، وأبو داود (1134) ، وكذلك لا يخصص يوم من أيام السنة عن باقي الأيام إلا ما جاء الشرع بتخصيصه، مثل يوم الجمعة، أما ما عدا ذلك من الأيام فهي أيام لا مزية ولا خصيصة ليوم على يوم آخر، وإن وقع بعض الأحداث لبعض الناس في يوم معين، إلا أنه لا يجوز تخصيص هذا اليوم، وبالنسبة للهدية فالأصل في الهدية أنها جائزة. والله أعلم.

فتوى الشيخ محمد العثيمين في عيد الحب

فتوى الشيخ محمد العثيمين في عيد الحب المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 24/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فقد انتشر في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحب - خاصة بين الطالبات - وهو عيد من أعياد النصارى، ويكون الزي كاملاً باللون الأحمر الملبس والحذاء ويتبادلن الزهور الحمراء.. نأمل من فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد، وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه: الأول: أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة. الثاني: أنه يدعو إلى العشق والغرام. الثالث: أنه يدعو إلي اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح رضي الله عنهم. فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك وعلى المسلم أن يكون عزيز بدينه ولا يكون إمَّعَةً يتبع كل ناعق. أسأل الله تعالى أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يتولانا بتوليه وتوفيقه. كتبه محمد الصالح العثيمين 5/11/1420هـ

التعلق بأستار الكعبة

التعلق بأستار الكعبة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 23/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: ما حكم التعلق بأستار الكعبة بقصد التذلل لله والدعاء، وليس بقصد التبرك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الواجب على المسلم أن يعبد ربه - تبارك وتعالى- على وفق سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد شرع صلى الله عليه وسلم تقبيل الحجر الأسود واستلامه، والإشارة إليه، واستلام الركن اليماني، ومما ورد كذلك الالتزام، ولم يرد التعلق بأستار الكعبة، وقد أنكر ابن عباس - رضي الله عنهما- على معاوية - رضي الله عنه- عند استلام الركنين الشاميين، فقال له: ما هذا يا معاوية؟ فقال معاوية-رضي الله عنه-: ليس في البيت شيء مهجور، فقال ابن عباس - رضي الله عنهما-: سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أحق أن تتبع، فقال معاوية - رضي الله عنه-: صدقت. والله أعلم.

الاحتفال بيوم المعلم

الاحتفال بيوم المعلم المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 29/2/1425هـ السؤال في هذه الأيام يوجد لدينا اليوم العالمي للمعلم فأرجو من سماحتكم إفتاءنا في حكمه والمشاركة فيه بأي حال من الأحوال؟ الجواب الحمد لله وبعد: فمن المعلوم المتقرر لدى عموم المسلمين أن الله -تعالى- قد أكمل لنا الدين وأتم لنا الشريعة وأقام معالم الملة. بحيث لم نعد بحاجة إلى إحداث أمور ومسالك لا أصل لها في دين الإسلام فكل بدعة ضلالة، ومن البيِّن الواضح أنَّ أعياد المسلمين ثلاثة لا رابع لها: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة، وما عداها من الأعياد فهي أعياد بدعية باطلة سواء أسماه الناس عيداً، أو يوماً، أو مناسبة، أو ذكرى، أو غيرها فالعبرة بالمقاصد والحقائق في المقام الأول، وبناءً عليه فاليوم العالمي للمعلم، واليوم العالمي للأم، واليوم العالمي للبريد وغيرها من الأعياد، والأيام العالمية، والعربية، والوطنية أعياد محدثة في دين الإسلام لا يجوز الاحتفال بها، أو المشاركة في إحيائها، بأي شكل من الأشكال، أو الترويج والدعاية لها عبر أي وسيلة من الوسائل والله أعلم.

اقتناء المجسمات لغرض فني

اقتناء المجسمات لغرض فني المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 28/07/1425هـ السؤال ما حكم من يقتني المجسمات كالحيوان وغيره بغرض فني بحت؟ ولماذا لم يقم الفاتحون بتحطيم الأصنام المجسدة مثل ما حصل مع الصحابي عمرو بن العاص-رضي الله عنه- في مصر زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- علماً بأنه أخبره عنها فلم يأمر بإزالتها. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: فإن المجسمات والتماثيل هذه محرمة شرعاً؛ والدليل على ذلك أمور: أولاً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث بمحق الأوثان. ثانياً: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- لما فتح مكة كسَّر الأوثان. ثالثاً: عموم أدلة طمس الصور، وفيه أحاديث كثيرة جداً، منها حديث أبي الهياج أن علياً - رضي الله تعالى عنه- قال: ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته" رواه مسلم (969) ، وقوله: "إلا طمستها" يشمل الصور على جميع أشكالها، وغير ذلك من الأدلة في تحريم الصور كثيرة جداً، وأول ما وقعت فتنة الشرك في العالم بسبب صور التماثيل، وأما قول السائل: لماذا بعض الصحابة - رضي الله عنهم- لم يحطم أو لم يكسِّر بعض الصور؟ فالجواب عن ذلك سهل بأن يقال: تركهم لهذا المنكر له عدة أجوبة:

الأول: أن المصلحة قد تكون في ذلك الزمن ألا يبادوا بالإنكار، وإنما ينتظروا إلى أن تتهيأ الفرصة التي لا تكون أو تنعدم فيها الفتنة، ولهذا النبي - عليه الصلاة والسلام- ترك تغيير الكعبة وقال لعائشة - رضي الله عنها-: "لولا حداثة قومك بالكفر لنقصت البيت، ثم لبنيته على أساس إبراهيم -عليه السلام- ... " الحديث رواه البخاري (1585) ، ومسلم (1333) ، واللفظ للبخاري، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ترك تغيير الكعبة خشية الفتنة. الثاني: أن فعل الصحابي- رضي الله عنه- لا يعارض المرفوع للنبي - صلى الله عليه وسلم-. الثالث: قد لا يكونوا اطلعوا عليها أو خفي عليهم أمرها. الرابع: قد تكون هناك مشقة في تغييرها وإزالتها لا يستطيعون معها القدرة على ذلك. والله أعلم.

زيارة الآثار المبنية على القبور!

زيارة الآثار المبنية على القبور! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة ببعض الأمكان والأزمنة التاريخ 29/09/1426هـ السؤال يوجد طراز معماري قديم في الهند اسمه "تاج محل"، وهو موقع بُني قبل مئات السنين، ويمثل تحفة معمارية فريدة، لكنه أقيم فوق قبر، فهل تجوز زيارة هذا الموقع؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فتجوز الزيارة لغير قصد التعبد وطلب الأجر والثواب، وإنما لغرض التسلية والسياحة وحب الاستطلاع على الفن المعماري؛ فقد أذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بزيارة ديار ثمود "مدائن صالح"، مع أنها موطن عذاب، بشرط أن يكون الزائر يقصد في زيارته العظة والاعتبار بعاقبة أولئك الكفار، ومن علامة ذلك في الزائر البكاء أو التباكي، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري (433) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم"، وهذا الحديث قاعدة في الزيارة والسياحة في المواقع الأثرية التي تمثل أو تحكي شيئاً عن الأمم الماضية. والله أعلم.

عيد الشكر

عيد الشكر المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 7/4/1422 السؤال عيد الشكر، هو من أيعاد الكفار المستحدثة، ولم أقف له على مرجع معتبر يبين علاقته بسقوط الدولة العثمانية، أو يناقشه بالتوضيح والبيان من حيث وقته والطقوس المصاحبة له. . وغير ذلك، فهل أفدتمونا أثابكم الله تعالى؟ الجواب جميع أعياد الكفار باطلة، وقد جاء النهي عن المشاركة فيها عموماً وقد وضح ذلك وفصله شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله تعالى) في كتابه [اقتضاء الصراط المستقيم] وأعياد الكفار كثيرة ومختلفة وليس على المسلم أن يبحث عنها، بل يكفيه أن يعرف أنها لا أصل لها في الشرع وليس للمسلمين عيد سنوي سوى عيدي الفطر الأضحى.

السجود من أجل الدعاء

السجود من أجل الدعاء المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 2/5/1422 السؤال هل يجوز السجود من أجل الدعاء فقط دون الصلاة، وذلك تحرياً لأوقات الإجابة مثل قبل دخول الإمام يوم الجمعة بقليل وآخر ساعة من يوم الجمعة، وبين الإقامة والصلاة..وغيرها من الأوقات الفاضلة. الجواب هذا من البدع؛ لأن السجود إما أن يكون سجود شكر أو سجود تلاوة أو سجوداً في الصلاة، أما السجود من أجل الدعاء فلم يأت في الشرع. والذي جاء في الحديث"أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء" فهذا لأنه عندما ذكر أفعال الصلاة وجاء للسجود قال: اكثروا فيه من الدعاء.

الصيام طوال أيام الحرب

الصيام طوال أيام الحرب المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 6/2/1424 السؤال هل يجوز نشر الاقتراح التالي بين الناس، إذا قامت الحرب نحث المسلمين بالالتزام بالصيام طوال أيام الحرب، وذلك تعبيرا عمليا على رفض الشعوب للحرب وللاستفادة من الصيام في الدعاء عند الإفطار على المعتدين الأمريكيين واليهود، وهل هذا الاقتراح يدخل في البدع؟ الجواب

الحمد لله، لقد جاءت شريعة الإسلام التي بعث الله بها محمداً - صلى الله عليه وسلم-بكل ما فيه الخير والسعادة لمن قبلها وتمسك بها، فقد دل كتاب الله وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام- على أنهم أصحاب السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، فشرع الله لعباده أنواع العبادات التي يتقربون بها إلى الله، ويستجلبون بها فضله سبحانه وتعالى، ومغفرته، ورحمته في الدنيا والآخرة، ويستجلبون بها النصر على الأعداء، وجماع ذلك تقوى الله في السر والعلانية، وهي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، والاستكثار من الأعمال الصالحة التي ندب الله إليها عباده في كتابه، وندب إليها رسوله - صلى الله عليه وسلم- في سنته، ومن أعظم الأسباب التي شرعها الله لجلب المنافع، ودفع المضار الدعاء، قال تعالى: "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" [الأعراف:55] ، وقال تعالى: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" [غافر: من الآية60] ، وأخبر عن رسله -عليهم السلام- بذلك، وأنهم - عليهم السلام- يدعون الله بكشف ضروراتهم ونصرهم على أعدائهم، وهكذا كان الرسول - عليه الصلاة والسلام- وأصحابه إذا اشتد بهم أمر لجأوا إلى الدعاء، لأن الأمر كله لله، والملك كله له، فبيده الملك، وبيده الخير، وهو على كل شيء قدير، فعلى المسلمين أن يقتدوا بنبيهم - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام -رضي الله عنهم-، ويهتدوا ويقتدوا بهدي الأنبياء، كما أمر الله بذلك نبيه -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ" [الأنعام: من الآية90] ، ولم يأت في كتاب الله ولا في سنة رسوله - عليه الصلاة والسلام- الأمر بوجوب أو استحباب الاتفاق على الصيام في أيام الشدائد، من أجل تحري الدعاء عند الإفطار، فالدعوة إلى ذلك دعوة إلى ما لم يشرعه الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم-، فهو بدعة، ولكن يغني عن ذلك حثَّ الناس على التوبة

إلى الله، والاستكثار من الأعمال الصالحة، والإحسان إلى الخلق، والإكثار من الدعاء، والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، الذي لا يكشف الضر غيره، كما قال تعالى: "أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ" [النمل:62] ، ومن الدعاء المشروع القنوت في النوازل، ولكن إذا كان يترتب على القنوت اختلافات وشقاق فيحسن تركه دفعاً للمفاسد الناشئة عن ذلك، وغاية الأمر أنه ترك لأمر جائز أو مستحب، ومن لم يتأتى أو لم يتيسر له القنوت فأوقات وأحوال الدعاء كثيرة ليست محصورة على هذا الوجه المعروف الذي هو الدعاء في صلاة الفجر، أو غيرها من الصلوات بعد الركوع، كما قنت الرسول - عليه الصلاة والسلام-، انظر: البخاري (804) ومسلم (675) ، فهذا نوع من أنواع الدعاء، فالله- سبحانه وتعالى- يسر لعباده طرق العبادة وطرق دعائه، فليدع المسلمون جميعاً رجالاً ونساءً برفع الشدة عن المسلمين، ونصرهم على أعداء الدين، وأن يرد كيد الكافرين والمنافقين، إنه تعالى على كل شيء قدير، "وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُون" [الأنفال:59] ، "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيرا" [فاطر:44] ، "ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ" [محمد:4] ، والله أعلم.

الصلاة النارية

الصلاة النارية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 12/2/1424هـ السؤال ما حكم الصلاة النارية المشهورة عند الصوفية؟ أريد تفصيلاً في المسألة بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، لا أعرف شيئاً عمّا يسمى بالصلاة النارية، ولكن الصوفية أهل بدع قولية وعملية، فالصلاة النارية لا ريب أنها بدعة، إذ ليس في شريعة الإسلام صلاة تُعرف بهذا الاسم، وكلما أحدث في الدين مما لم يأمر الله به ورسوله -عليه الصلاة والسلام- فهو بدعة مردودة على صاحبها كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) ، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" رواه مسلم (867) ، وإنما الصلوات المشروعة الصلوات الخمس التي فرضها الله على عباده في كل يوم وليلة، ثم ما شرع الله من نوافل الصلوات ومن الصلوات ذوات الأسباب كصلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف، فالواجب الحذر من البدع فإنها من شر الأعمال، ولهذا كان -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبته:"وأحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة" سبق تخريجه، فالبدع كلها ضلالة وليس شيء من البدع حسناً كما يظن بعض الناس، وفقنا الله وسائر المسلمين لاتباع هدي رسوله -صلى الله عليه وسلم- وجنبنا وإياكم محدثات الأمور، والله أعلم.

حكم التسبيح بالسبحة

حكم التسبيح بالسبحة المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 7/11/1422 السؤال ما حكم التسبيح بالسبحة في أي وقت؟ الجواب الحمد لله، أجاز بعض العلماء التسبيح بالسبحة، ومنعها آخرون فحكموا ببدعيتها، وما قد يؤول إليه إظهارها من رياء ونحوه، والأكمل أن يُتأسى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي كان يعقد التسبيح بيمينه، والله أعلم.

الدعاء الجماعي بعد الصلاة

الدعاء الجماعي بعد الصلاة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 13/3/1423 السؤال ما حكم الدعاء الجماعي بعد الصلاة؟ الجواب الدعاء الجماعي بعد الصلاة بدعة في دين الله؛ لأنه أمر لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يفعله الخلفاء الراشدون من بعده، وقد قال- صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". رواه الترمذي (2676) وأبو داود (4607) وابن ماجة (44) . وفي الحديث الصحيح: "من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد"، رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) وفي الحديث الآخر: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". مسلم (1718) ولا شك أن البدعة يعود أثرها على عقيدة المسلم بالقدح، فاحذر على دينك وسلامة عقيدتك.

الاغتسال بالماء والسدر

الاغتسال بالماء والسدر المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 15/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم الغسل بالماء والسدر لمدة سبعة أيام وإتباع الغسل في كل مرة بصدقة؟ الجواب الحمد لله، هذا بدعة، فالصدقة عبادة، وتوقيت العبادات هو من صفاتها التي يجب أن تتلقى من الكتاب والسنة، ولا أصل لهذا الترتيب، أما الاغتسال بالماء والسدر فهو علاج، فليرتبه الإنسان كيف شاء كل يوم، أو يوم بعد يوم أو في الصباح، أو في المساء كل هذا من الأمور العادية، فهناك فرق بين العادات والعبادات، فالعادات تختلف باختلاف أحوال الناس وتجاربهم، وأما العبادات فهي توقيفية، في أصلها وفي صفاتها، نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يوفقنا للاتباع ويجنبنا الابتداع، والله أعلم.

تخصيص صيام يوم وقيامه لنصرة فلسطين

تخصيص صيام يوم وقيامه لنصرة فلسطين المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 7/2/1423 السؤال هل يجوز إرسال تحديد يوم معين للصوم من أجل الفلسطينيين مثل هذه الرسالة: علينا صيام يوم الاثنين القادم من أجل نصرة فلسطين والمسلمين الموافق 27/01/1423هـ، ونصلي التهجد ليلة الأحد؛ لأن كل المسلمين اتفقوا على هذا. الجواب إنه من المتفق عليه بين عموم أهل السنة والجماعة أن الله -تعالى- قد أكمل للأمة دينها، وأتم عليها نعمته، ورضي لها الإسلام ديناً، فليس لأحد حق الزيادة أو الانتقاص من هذه الشريعة الوافية الكاملة. وقد حذّر -عليه السلام- من الإحداث في الدين أو الابتداع في العبادة مهما كانت الدوافع، وأياً كانت المقاصد، ففي الصحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها-: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) ، وفي الصحيح من حديث جابر -رضي الله عنه- كان يخطب -عليه السلام-،فيقول: "وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ... " الحديث رواه مسلم (867) . ولم يكن من هدي السلف الصالح تخصيص أيام معينة للصيام، أو ليال محددة للقيام عدا ما تعلّموه من نبيهم -عليه الصلاة والسلام-، وعدوه من سنة خير الأنام، ومن ذلك صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وفي ذلك أحاديث في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وعائشة وجماعة، وكذلك صيام يوم الاثنين والخميس، ويوم عرفة، والتاسع والعاشر من محرم، وغيرها مما دلت عليه السنة الصحيحة الصريحة. وأما قيام الليالي فأصله مسنون بل مستحب استحباباً شديداً، لكن لا يشرع تخصيص ليال معينة بالقيام إلا في حدود المنصوص عليه أو الوارد من سنته -صلى الله عليه وسلم- كقيام العشر الأواخر من رمضان تحرياً لليلة القدر على سبيل المثال.

وقد ثبت عنه –عليه الصلاة والسلام- النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام أو يومها بصيام، فقال: "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" أخرجه مسلم (1144) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-. ومن هنا يتبين أن أصل التطوع بالصيام والقيام مشروع، لكن التخصيص بأيام أو ليال معينة لا يجوز إلا في حدود المنصوص عليه والوارد شرعاً. وبناءً عليه فإن تخصيص يوم الاثنين الموافق السابع والعشرين من شهر الله المحرم بالصيام، وليلة الأحد بالقيام لنصرة فلسطين أمر محدث لا يجوز بالكيفية التي قصدت. وبهذه المناسبة فإنني أود التذكير بما يلي: أن النصرة الحقيقية لقضية المسلمين الشائكة مع اليهود أو مع غيرهم من أعداء الملة تتمثل في العودة الصادقة إلى الإسلام بكافة أصوله وجذوره، ونواحيه ومناحيه، والأخذ بأسباب النصر الواضحة البينة في كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، والبعد عن الاطروحات الفارغة، والشعارات الزائفة التي مجّتها الآذان وسئمتها النفوس. إنّ على الأمة أن تدرك أنه لا أمل في تحقيق أدنى نصر يذكر أو الظفر بأقل تقدم ذي بال بدون العودة الجادة إلى مكمن العزة، ومنبع السؤدد والمجد، أعني الإسلام العظيم بصورته الناصعة، وصفائه الباهر، الخالي من الدخيل والمحدث. لا بد من اليقين بأن ما أصاب الأمة من نكبات، وما ألّم بها من جراحات، وما حصل لها من تتابع المحن، وتراكم الفتن إنما هو بسبب تخليها عن دينها وعبثها بثوابتها، واستخفافها بأعز ما تملك وأثمن ما تحوز قال –جل ذكره-: "أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُصِيبةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِثْلَيْهَا قُلْتُم أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُم" [آل عمران:165] .

إن الأمة التي ما زالت تحتضن مئات الأندية الرياضية يفخر بالانتماء إليها مئات الألوف من الشباب والكهول وغيرهم تهدر طاقاتها، وتستنزف قدراتها على مدرجات الكرة، إن أمة كهذه لا تستحق النصر، وإن بينها وبينه مفاوز تنقطع لها أعناق الإبل، وتنقصم لها ظهورها! وإن أمة تنتشر فيها مواخير الخلاعة، ومسارح المجون، وشواطئ الفتنة والعري الفاضح لهي أمة صمّاء عمياء بكماء عن كل سبب يمكنها من الوقوف على قدميها لتواجه عدوها ولو بنظرات ساخطة وألسنة حداد، فضلاً عن مناجزة بسيف أو مطارحة بسنان! والأمة التي ما زالت تلهث وراء أحلام السلام، وسراب الوئام، وما فتئت تثق بعهود اليهود ومواثيق النصارى لهي أمة غارقة في سبات عميق، وغفلة تامة عن مراجعة تاريخها وتصفح فلسفة عداوتها مع خنازير اليهود وعلوج النصارى لتدرك كم هي كثيرة نقاط الخلاف بينهم، وكم هي مستحيلة عملية الالتقاء بهم في طريق وسط! لا بد أيها المسلمون أن نأخذ بذات الأسباب التي أخذ بها النبي –صلى الله عليه وسلم- في بدر، والخندق، وحنين، وأخذ بها خلفاؤه وأتباعه في القادسية، واليرموك، وعين جالوت، وحطين. لا بد من تحقيق العبودية الخالصة لله –تعالى-، الخالية من كل شائبة، المتجردة من كل هوى، المتبرئة من كل محدث، وإليها أشار الله –جل ذكره- بقوله: "وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لهم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِنْ بَعْد خَوفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنَي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً" الآية [النور:55] . وحين تتحقق تلك العبودية فوق أرض الواقع مشاهدة ملموسة فساعتها ما أقرب النصر، بل ربما جاز أن نحلف عليه ولا نستثني.

إن الطريق إلى القدس والجولان وغيرهما يبدأ من الصلوات الخمس في المساجد، وصيحات الله أكبر في ميادين الجهاد، ونبذ للأهواء المنحرفة، ودفن للآراء الشاذة، والتوجهات المشبوهة. الطريق إلى القدس بل إلى روما يبدأ من خلال التربية الجادة، والحضانة الفاعلة لبراعم الأمة، والتوعية الصحيحة المؤثرة لكافة الطبقات الاجتماعية بأحسن أسلوب وأخصر طريق وبذات الكيفية التي جربت بنجاح مع الرعيل الأول، ولله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم. والله المسؤول أن يلهمنا صوابنا، ويحقق آمالنا، ويكبت أعداءنا إنه سميع مجيب، وهو أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

العمرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

العمرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم. المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 1/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز أن أقوم بأداء العمرة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ الجواب لا يجوز لك ذلك؛ لأنه لم يرد في السنة، ولم يعمله الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين -، ولم يعمله أحد من السلف الصالح فيما أعلم، وينبغي أن نعلم أن كل عمرة أو عمل صالح يعمله مسلم فللنبي - صلى الله عليه وسلم - مثل أجره لأنه هو الذي دل أمته عليه فله - صلى الله عليه وسلم - مثل أجورهم في كل عمل صالح يعملونه. انظر: مسلم (1017) ، والنسائي (2554) ، وابن ماجة (203) والإمام أحمد (19156) .

وضع جدول للنوافل

وضع جدول للنوافل المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 2/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن ستة أصدقاء، نجتمع كل 15 يوماً في بيت أحدنا على برنامج يتضمن القرآن والأربعين النووية، ومنهاج المسلم، وموعظة صاحب البيت، ورجال حول الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ والافتتاح بالقرآن والختم بالدعاء، ومن بين برامجنا ورقة نملؤها كل شهر نسميها جدول التنافس، وتتضمن ورداً من القرآن، والصلوات الخمس في المسجد، والصيام وصلة الرحم، وعندما نواظب على ملئها تكون النتائج طيبة، وعند عدم ملئها تكون النتائج سلبية، من تفريط في تلاوة القرآن، فما حكم الشرع في هذا الجدول؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، الذي يظهر لي أن اتخاذ هذا الجدول والتنافس على فقراته بدعة، لأنه يتضمن التفاخر والإعجاب بالعمل، ويتضمن كذلك إظهار العمل الذي إخفاؤه أفضل؛ لأن إخفاء العمل من الصدقة وتلاوة القرآن أو الذكر أبعد عن الرياء، قال تعالى:"ادعوا ربكم تضرعاً وخفية" [الأعراف: 55] ، وقال:"ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفياً" [مريم: 2-3] ، وأحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله "رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" انظر: البخاري (660) ، ومسلم (1031) ، فالذي ينبغي التواصي بالتزود من نوافل الطاعات، والإكثار من ذلك، وكل يعمل ما تيسر له فيما بينه وبين ربه، وبهذا يحصل التعاون على البر والتقوى، وتحصل السلامة مما يفسد العمل، أو ينقص ثوابه، والله الموفق، والهادي إلى سبيل الرشاد، والله أعلم.

توحيد الصيام والدعاء للعراق

توحيد الصيام والدعاء للعراق المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 4/2/1424هـ السؤال تنتشر هذه الأيام رسائل على الجوال مفادها (سوف نخصص يوم الاثنين للصيام وتوحيد الدعاء عند الإفطار على أمريكا ونصرة العراق ... انشرها) ، فما حكم هذه الرسالة والعمل بها؟ الجواب إنه من المتفق عليه بين عموم أهل السنة والجماعة أن الله -تعالى- قد أكمل للأمة دينها، وأتم عليها نعمته، ورضي لها الإسلام ديناً، فليس لأحد حق الزيادة أو الانتقاص من هذه الشريعة الوافية الكاملة. وقد حذّر -عليه السلام- من الإحداث في الدين أو الابتداع في العبادة مهما كانت الدوافع، وأياً كانت المقاصد، ففي الصحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها-: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) ، وفي الصحيح من حديث جابر -رضي الله عنه- كان يخطب -عليه السلام-،فيقول: "وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ... " الحديث رواه مسلم (867) . ولم يكن من هدي السلف الصالح تخصيص أيام معينة للصيام، أو ليال محددة للقيام عدا ما تعلّموه من نبيهم -عليه الصلاة والسلام-، وعدوه من سنة خير الأنام، ومن ذلك صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وفي ذلك أحاديث في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وعائشة وجماعة، وكذلك صيام يوم الاثنين والخميس، ويوم عرفة، والتاسع والعاشر من محرم، وغيرها مما دلت عليه السنة الصحيحة الصريحة. وأما قيام الليالي فأصله مسنون بل مستحب استحباباً شديداً، لكن لا يشرع تخصيص ليال معينة بالقيام إلا في حدود المنصوص عليه أو الوارد من سنته -صلى الله عليه وسلم- كقيام العشر الأواخر من رمضان تحرياً لليلة القدر على سبيل المثال.

وقد ثبت عنه –عليه الصلاة والسلام- النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام أو يومها بصيام، فقال: "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" أخرجه مسلم (1144) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-. ومن هنا يتبين أن أصل التطوع بالصيام والقيام مشروع، لكن التخصيص بأيام أو ليال معينة لا يجوز إلا في حدود المنصوص عليه والوارد شرعاً. وبناءً عليه فإن تخصيص يوم بصيام وتوحيد الدعاء عند الإفطار على أمريكا ونصرة العراق أمر محدث لا يجوز بالكيفية التي قصدت. وبهذه المناسبة فإنني أود التذكير بما يلي: أن النصرة الحقيقية لقضية المسلمين الشائكة مع الأمريكان أو مع غيرهم من أعداء الملة تتمثل في العودة الصادقة إلى الإسلام بكافة أصوله وجذوره، ونواحيه ومناحيه، والأخذ بأسباب النصر الواضحة البينة في كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، والبعد عن الاطروحات الفارغة، والشعارات الزائفة التي مجّتها الآذان وسئمتها النفوس. إنّ على الأمة أن تدرك أنه لا أمل في تحقيق أدنى نصر يذكر أو الظفر بأقل تقدم ذي بال بدون العودة الجادة إلى مكمن العزة، ومنبع السؤدد والمجد، أعني الإسلام العظيم بصورته الناصعة، وصفائه الباهر، الخالي من الدخيل والمحدث. لا بد من اليقين بأن ما أصاب الأمة من نكبات، وما ألّم بها من جراحات، وما حصل لها من تتابع المحن، وتراكم الفتن إنما هو بسبب تخليها عن دينها وعبثها بثوابتها، واستخفافها بأعز ما تملك وأثمن ما تحوز قال –جل ذكره-: "أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُصِيبةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِثْلَيْهَا قُلْتُم أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُم" [آل عمران:165] .

إن الأمة التي ما زالت تحتضن مئات الأندية الرياضية يفخر بالانتماء إليها مئات الألوف من الشباب والكهول وغيرهم تهدر طاقاتها، وتستنزف قدراتها على مدرجات الكرة، إن أمة كهذه لا تستحق النصر، وإن بينها وبينه مفاوز تنقطع لها أعناق الإبل، وتنقصم لها ظهورها! وإن أمة تنتشر فيها مواخير الخلاعة، ومسارح المجون، وشواطئ الفتنة والعري الفاضح لهي أمة صمّاء عمياء بكماء عن كل سبب يمكنها من الوقوف على قدميها لتواجه عدوها ولو بنظرات ساخطة وألسنة حداد، فضلاً عن مناجزة بسيف أو مطارحة بسنان! والأمة التي ما زالت تلهث وراء أحلام السلام، وسراب الوئام، وما فتئت تثق بعهود اليهود ومواثيق النصارى لهي أمة غارقة في سبات عميق، وغفلة تامة عن مراجعة تاريخها وتصفح فلسفة عداوتها مع خنازير اليهود وعلوج النصارى لتدرك كم هي كثيرة نقاط الخلاف بينهم، وكم هي مستحيلة عملية الالتقاء بهم في طريق وسط! لا بد أيها المسلمون أن نأخذ بذات الأسباب التي أخذ بها النبي –صلى الله عليه وسلم- في بدر، والخندق، وحنين، وأخذ بها خلفاؤه وأتباعه في القادسية، واليرموك، وعين جالوت، وحطين. لا بد من تحقيق العبودية الخالصة لله –تعالى-، الخالية من كل شائبة، المتجردة من كل هوى، المتبرئة من كل محدث، وإليها أشار الله –جل ذكره- بقوله: "وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لهم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِنْ بَعْد خَوفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنَي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً" الآية [النور:55] . وحين تتحقق تلك العبودية فوق أرض الواقع مشاهدة ملموسة فساعتها ما أقرب النصر، بل ربما جاز أن نحلف عليه ولا نستثني.

إن صد العدوان الأمريكي واليهودي عن الأمة وسلوك الطريق إلى القدس والجولان وغيرهما يبدأ من الصلوات الخمس في المساجد، وصيحات الله أكبر في ميادين الجهاد، ونبذ للأهواء المنحرفة، ودفن للآراء الشاذة، والتوجهات المشبوهة. الطريق إلى القدس بل إلى روما يبدأ من خلال التربية الجادة، والحضانة الفاعلة لبراعم الأمة، والتوعية الصحيحة المؤثرة لكافة الطبقات الاجتماعية بأحسن أسلوب وأخصر طريق وبذات الكيفية التي جربت بنجاح مع الرعيل الأول، ولله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم. والله المسؤول أن يلهمنا صوابنا، ويحقق آمالنا، ويكبت أعداءنا إنه سميع مجيب، وهو أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

دقيقة الصمت

دقيقة الصمت المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 11/3/1424هـ السؤال ما حكم مشروعية دقيقة صمت؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فما يفعله بعض الناس من الوقوف صمتاً دقيقة، أو أكثر، حداداً على موت أحد عملٌٌٌُُُ لا يجوز؛ لأنه من شعائر الكفر، ما عرفناه إلا منهم، والتشبه بهم منكر عظيم، وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) ، من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما-، وفي الحديث الذي رواه البخاري (5892) ، ومسلم (259) ، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين" وفي لفظ "خالفوا اليهود"، عند أبي داود (652) من حديث شداد بن أوس - رضي الله عنه- وفي لفظٍ: "خالفوا المجوس"، عند مسلم (260) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- كما أن العقل يأبى مثل هذه الأعمال التي لا ينتفع منها الحي ولا الميت، ولا تدفع بلاء، ولا ترفع مصيبة، وليس فيها أي صورة من صور الوفاء للميت. الذي ينفع الميت هو الدعاء له والصلاة عليه، والصدقة عنه، وقضاء ديونه، بل ومنع كل مظهر من مظاهر النياحة عليه، والتي يظنها من يفعلها ضرباً من الوفاء، وصدق الحزن على فقد الميت. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يقيمون الليل جماعة كل ليلة سبت

يقيمون الليل جماعةً كل ليلة سبت المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 23/1/1425هـ السؤال يقوم مجموعة من الأفراد بصلاة ركعتين بعد عشاء يوم الجمعة من كل أسبوع، ويطلقون عليها صلاة القيام، وقد قمت بحضور هذه الصلاة معهم، فوجدتهم يقولون إنهم بهاتين الركعتين يذكِّرون أنفسهم والناس بقيام الليل، كما أنهم بعد الفراغ من الركعتين يكون هناك درس خفيف يكون بعده الانصراف، ولكن قيل لي من أحد أصدقائي -حيث وجدته يقاطعها-: إنها بدعة إضافية؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يصلي القيام بهذه الصورة أبداً. فهل هذه بدعة أم لا؟ هل أقاطعها، أم أحرص عليها؟ وماذا أقول لصديقي هذا لو لم تكن بدعة؟ وماذا أقول لهم لو كانت بدعة؟ . هذا وجزاكم الله خيراً. الجواب إن خير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم-، والعبادة لكي تكون صحيحة مقبولة لا بد أن تكون خالصة لوجه الله تعالى، وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وتخصيص ما بعد عشاء يوم الجمعة من كل أسبوع بركعتين تعبد لا دليل عليه، والقول بأن في ذلك تذكيراً للنفس وللناس بقيام الليل ليس بمبرر؛ فإن أحرص الخلق على الخلق صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل ذلك ولا صحابته - رضي الله عنهم-، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، ومعلوم أن العبادات توقيفية لا يتعبد المسلم عبادة يتقرب بها إلى الله إلا إذا كان عليها دليل، وقيام الليل قد بينه العلماء المستنيرون بنور النبوة المهتدون بهديها الواقفون عند حدودها، وبينوا صورها، وليس من بينها هذه الصورة المذكورة في السؤال، ولو كان كل من استحسن شيئاً فعله وتعبد به لكان الدين فوضى واجتهادات واستحسانات.

المسلم مأمور أن يعبد الله كما شرع الله فقط، وكما جاء في الحديث "وكل بدعة ضلالة" رواه مسلم (867) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ومن دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" رواه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وفق الله الجميع لاتباع السنة واجتناب البدعة. والله المستعان.

أذكار عبر الجوال

أذكار عبر الجوال المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 29/6/1424هـ السؤال ما حكم هذه الرسالة من الهاتف الجوال: " قل سبحان الله وبحمده 100 مرة، وابعثها لـ 10 غيرك هي أمانة في ذمتك ". الجواب الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، الذي يظهر لي أن مثل هذا لا ينبغي؛ لأن هذا عندي أن له شبهاً بمن جاء ذكرهم بالتعليق في عهد الصحابة، إذ كانوا يتحلقون، ويقول أحدهم: سبحوا مائة، هللوا مائة، كبروا مائة، فأنكر عليهم ابن مسعود - رضي الله عنه - وفرَّق جمعهم، وعدَّ ذلك بدعة منهم، لا موجب أن تقول: سبّح مائة، ولا أن تقول سبّح، إذا كان هناك رغبة في استغلال هذه الوسائل فيما يقرب إلى الله، فيمكن أن تتضمن الرسائل وصايا: يا أخي أوصيك بتقوى الله، يا أخي لا تغفل عن ذكر الله، ولا تقيد ذلك بقول، ولا بفعل، كما لا يليق أن تقول: قم يا أخي صِّل ركعتين، وقل للآخرين صلوا ركعتين، لا، قل: يا أخي اجتهد في أداء ما فرض الله عليك، وتزود من النوافل، وصايا تكون عامة، وأصل البدع قائمة على الاستحسان وما يساوي الاستحسان، وليس كل ما يستحسنه الإنسان بعقله يكون حسناً، وإن كان جنسه حسناً، وبعض الأمور إن لم تكن بدع كانت وسيلة إلى بدعة، أو مقربة إلى البدعة البينة، فالواجب الحذر، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.

ركعتي الشكر

ركعتي الشكر المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 26/5/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين. سؤالي: لي صديقة تخصص كل يوم صلاة ركعتين شكراً لله على نعمه عليها، وهي لا تخصص لها وقتاً معيناً، وإنما مرة تصليها بعد العشاء، ومرة بعد المغرب، أو قبل صلاة الفجر، وعند السجود تحمد وتشكر الله على نعمه عليها، وتسمي بعض النعم، كنعمة الإسلام، والمال، والجمال، والصحة، والبصر، والسمع، وهكذا، فهل هذا فعل حسن ومستحب؟.والسلام عليكم، وجزاكم الله عنا كل الجزاء. الجواب الذي يظهر أن تخصيص ركعتين للشكر لا أصل له، ولم ترد به السنة، والأصل في العبادات التوقيف، فهي تصلي هاتين الركعتين بنية التنفل المطلق لا بنية الشكر، لأن ذلك لم يرد، والذي ورد هو سجود الشكر، "كان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه أمر يَسُرُّه خر ساجداً شكراً لله تعالى على ذلك" رواه أبو داود (2774) ، وغيره من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه- أما هذا العمل فلم يرد من السنة ما يدل عليه.

إهداء الأعمال الصالحة للنبي - صلى الله عليه وسلم -

إهداء الأعمال الصالحة للنبي - صلى الله عليه وسلم - المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 19/6/1424هـ السؤال هل يجوز صيام يومي الاثنين والخميس وإهداء الثواب للرسول الكريم؛ وذلك من شدة حبي له -صلى الله عليه وسلم- أم لا؟ أفيدوني وجزاكم الله خيراً. الجواب حبك للرسول -صلى الله عليه وسلم- قربة إلى الله تعالى، وثوابه عظيم عند الله -عز وجل- وعلى المحب المتابعة للرسول -صلى الله عليه وسلم- فحبك لله تعالى وحبك لرسوله -صلى الله عليه وسلم- يحصل بمتابعته قال-جل وعلا-:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ... " [آل عمران: 31] ، والعبادات توقيفية، فلا يجوز أن نتقرب إلى الله تعالى إلا بما ثبت، ولم يثبت أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يهدون إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثواب شيء من أعمالهم الصالحة سوى الصلاة والسلام عليه -صلى الله عليه وسلم-، وذلك أنه ما من مسلم يعمل عملاً صالحاً إلا وللرسول -صلى الله عليه وسلم- مثل عمله ومثل ثوابه، لأنه -صلى الله عليه وسلم- هو الذي دلنا على كل خير ونهانا عن كل شر، فعليك -أخي- بحسن المتابعة، والإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واجتهد في حسن العمل، وليكن ثوابه لك، والله يثيب رسوله -صلى الله عليه وسلم- بمثل أي عمل يعمله مسلم من المسلمين ذكراً كان أو أنثى.

التعبد بتلاوة أسماء الرسول - صلى الله عليه وسلم -

التعبد بتلاوة أسماء الرسول - صلى الله عليه وسلم - المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 10/05/1425هـ السؤال ما رأيكم في فحوى هذه الرسالة: "قاسم، محمود، حامد، أحمد، محمد، رشيد، حاشر، نور، فاتح، عاقب، شفيع، داع، ناصر، بشير، منير، شافي، ماحي، مهدي، هادي، هاشمي، تهامي، أمي، نبي، رسول، رحيم، رؤوف، حريص عليكم، عزيز، نصير، مرتضى، مجتبى، طه، ولي، مزمل، ياسين، مصطفى، مطيع، مصدق، متين، مدثر، صاحب، يتيم، برهان، مقتصد، عالم، منصور، ناصر، طيب، عربي، مكين، قرشي، صادق، حجازي، كريم، حكيم، عالم، أمين، حافظ، فصيح، أول، ذاكر، قيم، بيان، مختار، حبيب، هاشمي، خليل، ديان، ناصر، منتحي، بر، شهيد، معراج، شفيع، مهدي، فصيح، غني، مطهر، حميد، كتوم، مشكور، رسول، متوسط، مذكر، ظهير، إمام، خطيب، عادل، جواد. لنقرأ هذا الدعاء ولنقل آمين من قلوبنا: يا الله أنا أحبك وأحتاج إليك، أرجو أن تكون في قلبي، أرسل هذه الرسالة إلى 17شخصاً غيرك وغيري، وستأتيك معجزة غداً ولا تتجاهلها يرحمك الله. الجواب

الحمد لله، هذه الرسالة صادرة إما من جاهل مُضَّلل، أو من قاصد للتضليل، فإن ما ذكر مما قيل إنها أسماء للرسول -عليه الصلاة والسلام- منها ما هو اسم له وعلم عليه مثل: محمد وهو أشهر أسمائه - صلى الله عليه وسلم-، ومن أسمائه التي ذكرت في القرآن مما جاء في الخبر عن عيسى عليه السلام، في قوله سبحانه وتعالى: "ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" [الصف: 6] ، ومنها أسماء الأشبه أنها صفات للرسول - صلى الله عليه وسلم- وليست أعلاماً عليه، مثل الرؤوف الرحيم، ومنها ما يظنه بعض الناس اسماً وليس اسماً كطه، ولم نتعبد بإحصائها واتخاذها ذكراً في الصباح وفي المساء، وما ذكر بعد هذه الأسماء في هذه الرسالة ليس من الدعاء المشروع الذي يفضل على غيره، وتخصيصه بفضل هو من الابتداع في الدين، والحاصل أن هذه الرسالة دعوة إلى بدعة فلا يجوز نشرها، ولكن معرفة الرسول - صلى الله عليه وسلم- ومعرفة صفاته الكريمة - صلى الله عليه وسلم- هي من العلم النافع، ومما ينبغي للمسلم أن يتلقاه من القرآن ومن سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم-، ولا يحتاج إلى جمع، ولا يشرع جمع أسمائه وصفاته ثم التعبد بتلاوتها، بل هذا لم يشرع في أسماء الله، إنما يشرع من الذكر والدعاء ما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، وما أثنى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- على أهله، فمن الذكر: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ومن الدعاء: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" [البقرة:201] ، ومن الذكر والدعاء ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- من الأذكار في الصباح والمساء وسائر الأحوال. والله أعلم.

قراءة آيات بعدد معين

قراءة آيات بعدد معين المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 9/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: قد طلب مني أحد الإخوة أن أسجل أشرطة بها آية الكرسي (70 مرة) ، والآية (29) من سورة الفتح 35 مرة ... إلخ، فما الحكم الشرعي في ذلك؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، آية الكرسي هي أفضل آية في كتاب الله، وتشرع قراءتها في أحوال وأوقات معينة، وأما تقييد قراءتها بهذا العدد فلا أصل له فلا يشرع في حال من الأحوال قراءتها سبعين مرة، فتخصيص هذا العدد بدعة، وكذا الآية الأخيرة من سورة الفتح ليس لقراءتها في وقت من الأوقات خصوصية، إنما تختص بالمعنى الذي اشتملت عليه، وكذا تحري في قراءتها هذا العدد بدعة، بل قراءتها مرة واحدة في وقت معين أو حالة معينة لا أصل له، وهكذا تخصيص السور المذكورة، ولا ندري ما مقصود من طلب تسجيل هذه الآيات والسور حتى يتحدد الحكم عليه، وعلى كل حال لا يجوز لمن طلب منه أن يسجل هذه الآيات وهذه السور على هذا الوجه أن يسجلها؛ لأن هذا من التعاون على نشر البدع في الدين، نسأل الله أن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا إنه تعالى على كل شيء قدير. والله أعلم.

تخصيص بعض الليالي ببعض الطاعات

تخصيص بعض الليالي ببعض الطاعات المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 8/11/1424هـ السؤال أنا من دولة سيرلانكا، هناك عادة تتبع في ليالي أيام الخميس ليلة الجمعة ما بين صلاتي المغرب والعشاء، حيث يقوم كثير من الناس بالصلاة وقراءة القرآن، ويجعلون ذلك حدثاً مهما ويواظبون عليه، والبعض يشعل عوداً من البخور لكي تعم رائحته في المكان أثناء تلاوة القرآن، وفي المساجد يحدث تجمُّع للناس بعد صلاة العشاء، ويلقي إمام المسجد خطبة عليهم، هل مثل هذا الفعل جائز أم هو بدعة الجواب بسم الله الرحمن الرحيم.

هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها العلماء، فبعضهم يرى أن الاجتماع للقراءة والذكر يراه بدعة، وبعضهم يراه أمراً مستحسناً، وكل يعتمد على بعض الأدلة، فهناك من يعتمد على قول ابن مسعود -رضي الله عنه-:"لقد أتيتم بدعة ظلماً، أو لقد فقتم أصحاب محمد علماً"، ومن يعتمد على ظاهر الحديث الصحيح الذي رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-:"وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده" رواه مسلم (2699) ، وهو بظاهره يدل على جواز الاجتماع للقراءة وللتذاكر، وجاء عن الأوزاعي أنه سُئل عن الدراسة بعد الصبح والاجتماع بعد الصبح، وقال: إن ذلك لا بأس به، وقال: أخبرني حسان بن عطية أن أول من أحدثها هشام بن إسماعيل المخزومي في خلافة عبد الملك بن مروان فأخذ الناس بذلك، فالمسألة فيها خلاف بين العلماء، فبعضهم أنكر ذلك على هشام كمالك رحمه الله تعالى، وبعضهم قال: إن ذلك لا بأس به، وقد ذكر حرب أنه رأى أهل دمشق وأهل حمص وأهل البصرة يجتمعون على القراءة بعد صلاة الصبح، ولكن أهل الشام يقرأون القرآن كلهم جملة من سورة واحدة بأصوات عالية، وأهل البصرة وأهل مكة يجتمعون ويقرأ أحدهم عشر آيات والناس ينصتون، ثم يقرأ آخر عشر آيات حتى ينفضوا، قال حرب: وكل ذلك حسن جميل، يراجع لذلك ابن رجب الحنبلي (جامع العلوم والحكم) ، إذاً المسألة فيها خلاف بين العلماء، وبالنسبة لقضية سيرلانكا أنا أميل إلى القول بأن هذا حسن، فقد زرت تلك البلاد ووجدت فيها عبدة أصنام فلا تتجاوز مكاناً إلا وفيه صنم منصوب ونصب منصوب يعمد الناس إليه، فأن يجتمع المسلمون في وقت من الأوقات ويتذاكرون ويقرأون كتاب الله أو ليذكروا الله سبحانه وتعالى بدون أن يكون هناك أمر محرم من اختلاط أو رقص وغيره سائر المفاسد فهذا حسن، وينبغي ألا يضيق عليهم.

شبهة في تشريع البدعة

شبهة في تشريع البدعة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 18/08/1425هـ السؤال بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: كثير من الناس ممن يبالغون في التعبد لله من خلال عبادات مخترعة يستندون إلى أدلة، منها قول ذلك الصحابي، رضي الله عنه، خلف النبي في الصلاة بعد الرفع من الركوع: ربنا ولك الحمد. فهو قد اخترع هذا الذكر من تلقاء نفسه. الثاني: بلال، رضي الله عنه- عندما كان يتوضأ يصلي ركعتين أيضًا من تلقاء نفسه، وغير هذه الأمثلة التي تقر مثل هذا الابتداع. أرجو ذكر رد علمي مقنع يقطع حججهم، وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فإنه لا يصح الاحتجاج بمثل هذه الأحاديث لتبرير الابتداع في الدين بما لم يأذن به الله تعالى؛ وذلك لما يلي:

أولاً: أنه باستقراء هذه الأحاديث وما جاء في معناها، نجد أن ما اشتملت عليه من عبادة قد وقع في دائرة المشروع، فمثلاً قول الصحابي، رضي الله عنه، عقب رفعه من الركوع: ( ... حمدًا كثيرًا طيبًا) . أخرجه البخاري (799) . هو في معنى الحمد المأثور في هذا المحل، ولذا قال الشوكاني– رحمه الله- في نيل الأوطار (2/371) تعليقًا على هذا الحديث: (استدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور) ا. هـ، وكذا ما التزمه بلال، رضي الله عنه- من صلاة ركعتين بعد كل وضوء. انظر صحيح البخاري (1149) وصحيح مسلم (2458) . فإنه جاء وفق المشروع، وهذا ما أشار إليه ابن التين فيما حكاه عنه الحافظ ابن حجر- رحمه الله- في الفتح (3/34) حيث قال تعليقًا على هذا الحديث: ( ... إنما اعتقد بلال، رضي الله عنه، ذلك؛ لأنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة أفضل الأعمال، وأن عمل السر أفضل من الجهر ... ) ا. هـ.

ثانيًا: أن ما وقع من تلك الأخبار كان في العهد النبوي وفي زمن التشريع، وما يمكن أن يقع من مخالفة شرعية، فإنه لا يقر عليها المخالف، ولهذا اعتبر أهل العلم هذه الأعمال التي أقرها النبي صلى الله عليه وسلم، كسنة الوضوء، وكصيغة التحميد، اعتبروها من السنن المرغَّب فيها؛ بدليل الإقرار- وهو أحد أدلة السنة-بل وبما رتبه النبي صلى الله عليه وسلم، على بعضها من ثواب، كما في حديث بلال، رضي الله عنه، وكما في قصة التحميد، وأنه صلى الله عليه وسلم قد رأى بضعا وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يرفعها، وهذا بخلاف ما يقع من اجتهاد في العبادة بعد عصر التشريع وبعد إكمال الدين؛ فإنه لا يمكن أن يكون عبادة إلا إذا كان وفق السنة، ويشهد لدليل الإقرار هذا حديث جابر، رضي الله عنه، الوارد في صحيح مسلم (1218) قال: (فَأَهَلَّ- يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم- بالتلبية: لبيك اللهم لبيك ... وأهلَّ الناس بهذا الذي يهلون به- يعني بقولهم: لبيك وسعديك ... فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليهم شيئًا منه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم- تلبيته ... ) ا. هـ، والشاهد هنا: أنهم زادوا على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقرهم على هذه الزيادة، وهذا ممكن في عصر التشريع، لا بعده، ومع هذا، فقد كره مالك والشافعي- في أحد قوليه- هذه الزيادة، وذهب الجمهور إلى الجواز، لهذا الحديث، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح (3/410) .

ثالثًا: أنه قد جاء في بعض هذه الأحاديث المشار إليها ما يدل على إنكار الصحابة، رضي الله عنهم، بعض أعمال القرب التي توحي أنها مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وأن فيها زيادة على ما جاء به الشارع، كما دل على ذلك حديث عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- بعث رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ "قل هو الله أحد"، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم- يعني: كالمنكرين لهذا الصنيع- فقال صلى الله عليه وسلم: "سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ ". وهذا التساؤل يحمل نوعًا من الاستنكار أيضًا - فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن عز وجل، فأنا أحب أن أقرأ بها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّهُ". انظر صحيح البخاري (7375) وصحيح مسلم (813) . وهنا أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الصحابي، رضي الله عنه، على هذا الفعل، فأصبح تكرار القراءة لهذا الغرض جائزًا أو مشروعًا عند بعض أهل العلم؛ لهذا الحديث. وبكل حال، فإنه لا ينبغي للعامة أن تستند إلى مثل هذه الأحاديث التي ربما أشكلت على بعض أهل العلم، فضلاً عن العامة، وتدع الأحاديث المحكمة التي دلت صراحة على تحريم البدعة، ومنها حديث عائشة، رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أحْدَث في أَمْرِنَا هذا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ". أخرجه البخاري (2697) ومسلم (1718) . وحديث: "كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ". أخرجه مسلم (867) . ونحوهما، فكيف يعدل عن الصريح والمحكم إلى المتشابه؟! والله تعالى أعلم.

البدعة الحسنة!!!

البدعة الحسنة!!! المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 24/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. بالنسبة لموضوع البدعة الحسنة وجوازها، ليس عندي ما أرد به على من يجيز البدعة الحسنة ويحتجون في ذلك برفع الأذان مرتين قبل صلاة الجمعة، فمن المعلوم أن أول من شرع ذلك عثمان رضي الله عنه، وكذلك الرد على من يقول بأن الصلاة التي نصليها الآن بدعة، ويدعون أن الصلاة التي نؤديها الآن تشبه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس على هيئتها الحالية. فالصلاة على هيئتها الحالية لم تظهر إلا في وقت الأئمة الأربعة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ليس في الدين بدعة حسنة؛ لأن لفظ البدعة يدل على إحداث شيء في الدين ليس منه، ولكن في الدين سنة حسنة- كما ورد في صحيح مسلم (1017) ، عن جرير بن عبد الله قال: ثم جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- عليهم الصوف، فرأى سوء حالهم قد أصابتهم حاجة، فحثَّ على الصدقة، فأبطؤوا عنه حتى رؤى ذلك في وجهه، قال: ثم إن رجلاً من الأنصار جاء بصرَّة من ورق، ثم جاء آخر، ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حسنةً فَعُمِل بها بعدَه كُتِب له مِثْلُ أَجْرِ مَن عَمِل بها، ولا يَنْقُصُ مِن أُجُورِهم شَيْءٌ، ومَن سَنّ في الإسلامِ سُنَّةً سَيِّئةً فعُمِل بها بعدَه كُتِب عَلَيه مِثْلُ وِزْرِ مَن عَمِل بها، ولا يَنْقُصُ مِن أَوْزارِهِم شَيْءٌ". وهذا يدل على أن من سن أو بدأ بفعل موافق للشرع فهو من السنة الحسنة، وليس هذا بدعة، والبدعة لا تكون حسنة؛ لأنها العمل المخالف للشرع، ولم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، أو من سار على سنته، كالاحتفال بالمولد، أو بليلة الإسراء والمعراج، وغير ذلك من البدع التي أحدثت. وأما الصلاة التي يصليها أهل الإسلام الذين يقتدون فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم، عملاً بقوله: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُموني أُصَلِّي". أخرجه البخاري (631) . فليست بدعة، ولكن أخذها الصحابة، رضي الله عنهم، مِن فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك مَن بعدهم أخذوها من الصحابة، رضي الله عنهم، والأئمة الأربعة أخذوها عن التابعين وغيرهم من أهل العلم والفضل. والله الهادي إلى سواء السبيل.

هل هذه الطريقة مشروعة في صلاة النوافل؟!

هل هذه الطريقة مشروعة في صلاة النوافل؟! المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 01/05/1427هـ السؤال أنا عند كل صلاة أصلي ركعتين رحمة لوالدتي وركعتين لله، وركعتين شكرا لله، وركعتين استغفار، وأيضاً عند كل صلاة فجر وعشاء ركعتين استخارة بنية توجيهي إلى الخير في اليوم والليلة؛ فهل يصح هذا، أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالصلاة المفروضة عمود الدين، وصلاة النافلة من أعظم العبادات، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" صحيح البخاري (631) وتعلم التابعون الصلاة من الصحابة، وتعلم مَنْ بَعْدَهُمْ من التابعي، ن وهكذا إلى اليوم، فلابد لك من أن تجلس مع عالم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فتتعلم منه متى كان يصلي، وكيف يصلي، فأنت في كل صلاة تصلي قبل الفجر بعد الأذان ركعتين سنة الفجر، ثم إذا صليت الفجر فلا صلاة حتى ترتفع الشمس قدر رمح، ثم لك أن تصلي، وأفضل الصلاة بعد طلوع الشمس صلاة الضحى ركعتين، أو أربعاً، ثم إذا كانت الشمس في وسط السماء فلا تصلِّ حتى تزول الشمس، ثم صل قبل الظهر بعد الأذان أربعاً ركعتين ركعتين، ثم إذا صليت الظهر فصل ركعتين بعدها، ثم إذا صليت العصر فلا تصلِّ حتى تغرب الشمس وتصلي المغرب، ثم تصلي ركعتين بعدها، وإذا صليت العشاء فصل ركعتين سنة العشاء، ثم صل الوتر ركعتين ثم ركعة، وإن أردت أن تزيد فزد، وهذه الصلوات والسنن لا تجعل منها لأمك ولا غيرها ولا الشكر ولا الاستغفار ولا الاستخارة، فإن صلواتك كلها فرائضها وسننها هي من شكر الله، وهي دعاء، واستغفار، وأما الاستخارة فهي صلاة عندما تريد فعل أمر مهم جدًّا أنت فيه محتار بين الفعل والترك، فأنت محتاج إلى تعلم الصلاة ممن هو طالب علم، عالم بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى تكون أفعالك، وصلاتك على الوجه الصحيح. والله الموفق.

قول (حرما) ، و (تقبل الله) بعد الصلوات

قول (حرماً) ، و (تقبّل الله) بعد الصلوات المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 7/7/1422 السؤال ما حكم قول الشخص لأخيه بعد الصلاة (حرماً) أو (تقبل الله) وأحياناً تقال قبل الصلاة مثل: (حرماً مقدماً) أو (تقبل الله مقدماً) والله يجزاكم كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومساك الله بالخيرات وأعطاك من العافية ألوفاً. أما كلمة (حرماً) التي تقال بعد الصلاة، فإنها منتشرة في بعض البلدان البعيدة كمصر، والمغرب، والشام، فأهل تلك البلاد في تشوّق وحنين إلى زيارة بلد الله الحرام، فإذا صلوا في مساجدهم أقبل بعضهم إلى بعض قائلاً: (حرماً) أي: أدعو الله أن تصلي مثل هذه الصلاة في الحرم. فيجيبه الآخر: (جمعاً) أي: وأنا أدعو الله لي ولك جميعاً. وأنت عليم بمشقة الوصول إلى الحرم بالنسبة لأهل تلك البلاد -خصوصاً في السابق- فكانت هذه الدعوة عندهم منبعثة من الشوق واللهفة لزيارة الحرم. وأما حكم قولها بعد الصلاة، فلا بأس به إذا كان على سبيل الاتفاق من غير أن يلازمه التزام ومواظبة، أو اعتقاد أن ذلك من السنن المرتبطة بأداء الصلاة. أما التزامها بعد الصلوات كما هو الحال في بعض البلدان الإسلامية، بحيث أن المصلين بمجرد السلام من الصلاة يصافح بعضهم بعضاً قائلين: (حرماً، جمعاً) ، فلا شك أن هذا الفعل على هذا النحو من البدع المحدثة، وانظر (معجم المناهي اللفظية) للشيخ بكر أبو زيد (229) . وينبغي لمن حصل معه ذلك أن ينبه صاحبه بالرفق واللين إلى الأذكار المشروعة بعد الصلوات، والتي أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إليها، وليس أفضل ولا أزكى من الأذكار النبوية التي دلّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم أمته لتقال أدبار الصلوات، ومنها:

قول (استغفر الله، أستغفر الله، استغفر الله) (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) (لاإله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) (لاحول ولا قوة إلا بالله) (لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن) (لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون) (اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ) (سبحان الله (33) والحمد لله (33) والله أكبر (33)) وفقك الله وسدّدك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طلب الدعاء عبر رسائل الجوال

طلب الدعاء عبر رسائل الجوال المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 5/2/1424هـ السؤال يقوم بعض الإخوة وخاصة عند النوازل -كما هو حادث الآن للعراق- بإرسال رسائل عن طريق الجوال يحث بعضهم البعض، الدعاء للمسلمين، ويحمله أمانة نشرها لغيره من إخوانه، ويكون أحيانا نص الرسالة كما يلي: (سنوحد الدعاء على أمريكا هذه الليلة في قيام الليل أرسلها لخمسة آخرين أمانة في عنقك) ، فهل من مخالفة شرعية في ذلك؟ أرجو الإفتاء عاجلا وجزاكم الله خيراً؛ لأن بعض الإخوة يقول إن هذا بدعة وشرك. الجواب أولاً: إرسال مثل هذا للتعاون والتذكير بالدعاء يظهر أنه لا بأس به؛ لأن هذا من التذكير بالدعاء لإخوانه المسلمين، وهو من باب نصرتهم. لكن المحذور في هذا أن بعض الناس يوقع الآخرين في حرج، بأن يقول أسألك بالله أن ترسلها، أو يقول: أمانة أن ترسلها وغير ذلك، فالأحسن إذا ذكّر إخوانه بعبادة أو بنحو ذلك، ألا يأتي بمثل هذه الألفاظ.

دعاء سورة "يس"

دعاء سورة "يس" المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 16/12/1423هـ السؤال كانت زميلة لي في العمل تقوم بأداء العمرة وأثناء الطواف تعرفت على سيدة تقوم بالخدمة في ركن حجر إسماعيل بجوار الكعبة تدعى الهاشمية فأعطت زميلتي دعاء مأثوراً يسمى دعاء سورة يس وقالت إنه مستجاب وأوصتها بأنها لا تعطيه لأي شخص. وتريد زميلتي أن تنفع به الناس ولكنها خائفة لأن السيدة الهاشمية قد أوصتها بعدم الإباحة به لأحد. وزميلتي حائرة ماذا تفعل؟ هل تنفع به الناس؟ أم تعمل بالوصية؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فما ذكرته السائلة من الدعاء المسمى دعاء سورة يس وأنه دعاء مستجاب هذا الدعاء لا نعلم له أصلاً، ومن العجب أن توصي هذه المرأة بأن لا يُعطى لأحد مع دعواها بأنه دعاء مستجاب، فأين النصح وسلامة القصد في هذا. والذي ننصح لك به هو عدم الدعاء بهذا الدعاء ولا أن تعطيه أحداً، وفيما ثبت وقام الدليل على مشروعيته من الأدعية والأذكار غُنية عن هذا، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هذه الرسالة كذب وضلال

هذه الرسالة كذب وضلال المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 25/10/1422 السؤال وصلتني اليوم هذه الرسالة فأفيدونا بشرعيتها - جزاكم الله خيراً-، باسمه - تعالى - قال - تعالى -:" بل الله فاعبد وكن من الشاكرين " [الزمر: 66] ، " فالذين ءامنوا به واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " [الأعراف: 157] ، " لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخر لا تبديل لكلمات الله ذلك الفوز العظيم " [يونس: 64] ، " يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء " [إبراهيم: 27] . تم إرسال هذه الآيات لتكون مجلبة الخير والفلاح، وقد تم توزيعها بدول العالم تسع مرات، وستجلب لك الخير والفلاح بعد (4) أيام بإذن من وصولها إليك، وليس الأمر بدعة وكذباً، أو اتخاذاً بالآيات الكريمة هراء، بل سترى ما يصلك خلال (4) أيام في البريد، فعليك أن ترسل هذه النسخة من الرسالة لمن هو بحاجة إلى الخير والفلاح، وإياك أن ترسل نقوداً، وإياك أن تحتفظ بهذه الرسالة، بل يجب أن تتخلص منها بعد (66) ساعة من قراءتك لها، سبق أن وصلت هذه الرسالة إلى أحد رجال الأعمال فوزعها فجاءت أخبار صفقة تجارية بسبعين دينار كويتي زيادة كما يتوقعه، ووصلت إلى أحد الأطباء فأهملها فلقي مصرعه بحادث سيارة أدت إلى تشويهه بالكامل أصبح جثة هامدة؛ لأنه كبّر على خالقه وأبى توزيع الرسالة، فوجئ أحد المقاولين عندما قرأ الرسالة، وقام بتوزيع مئة وخمسين ألف دينار بحريني؛ لأنه تمهل في توزيعها فتوفي ابنه الأكبر بحادث.

يرجى إرسال عدد (35) رسالة، فاستبشر بما يصلك في اليوم الرابع، وحيث إن هذه الرسالة مهمة الطواف حول العالم كله يجب توزيعها (35) نسخة مطابقة إلى أصدقائك ومعارفك وأقربائك، وبعد أيام ستفاجأ بالنتيجة الطيبة، والله الموفق. الجواب السؤال الذي فيه ثلاث آيات، ويزعم الذي كتبها أن من كتبها ووزعها فإنه يصل إليه خير، ومن لم يفعل فإنه يحصل له شر ... إلخ. أولاً: الآية الثانية المنقولة من سورة الأعراف " 157" قد أسقط منها كلمتين، وهما: " وعزروه ونصروه". فالآية الموزعة لفظها: " فالذين آمنوا به واتبعوا النور ... " والصحيح: " فالذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتبعوا ... " الآية [الأعراف: 157] . فكاتب الآية: إما أنه تعمد نشرها ناقصة؛ ليطعن في كتاب الله - عز وجل- قاصداً أنه غير محفوظ، ويأبي الله إلا أن يحفظ كتابه. وإما أنه جاهل. ثانياً: ما ورد في الرسالة من الحث على توزيعها، وما يحصل من الخير ... إلخ، فهذا كذب وافتراء، ولا علاقة لدين الله - عز وجل- بهذا الدجل، وينبغي للمسلم أن يكذب كل دعاية من هذا القبيل، ونتحدى كاتبها أن يفصح عن اسمه ويثبت دعواه، والله الحافظ والهادي إلى سواء السبيل. أ. هـ.

الأذكار عبر الجوال!

الأذكار عبر الجوال! المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 28/10/1422 السؤال ما حكم هذه الرسالة من الهاتف الجوال: " قل سبحان الله وبحمده 100 مرة، وابعثها لـ 10 غيرك هي أمانة في ذمتك ". الجواب الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، الذي يظهر لي أن مثل هذا لا ينبغي؛ لأن له شبهاً بمن جاء ذكرهم في عهد الصحابة إذ كانوا يتحلقون، ويقول أحدهم: سبحوا مائة، هللوا مائة، كبروا مائة، فأنكر عليهم ابن مسعود - رضي الله عنه - وفرق جمعهم، وعدَّ ذلك بدعة منهم، انظر ما رواه الدارمي (210) فلا موجب لأن تقول: سبّح مائة، وإذا كان هناك رغبة في استغلال هذه الوسائل فيما يقرب إلى الله، فيمكن أن تتضمن الرسائل وصايا مثل: يا أخي أوصيك بتقوى الله، يا أخي لا تغفل عن ذكر الله، ولا تقيد ذلك بقول، ولا بفعل، كما لا يليق أن تقول: قم يا أخي صلَّ ركعتين، وقل للآخرين صلوا ركعتين، ولكن تقول: يا أخي اجتهد في أداء ما فرض الله عليك، وتزود من النوافل، ونحو ذلك من الوصايا العامة، وأصل البدع قائمة على الاستحسان، وليس كل ما يستحسنه الإنسان بعقله يكون حسناً، وإن كان جنسه حسناً، وبعض الأمور إن لم تكن بدعاً كانت وسيلة إلى بدعة، أو مقربة إلى البدعة البينة، فالواجب الحذر، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.

تخصيص يوم للدعاء للمجاهدين

تخصيص يوم للدعاء للمجاهدين المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 17/05/1425هـ السؤال كلنا يعرف الأحداث التي وقعت على إخوان لنا في أرض الجهاد، وكما هو معلوم فإن الدعاء هو السلاح الحقيقي والذي يحتاجه المسلم ممن لا يستطيع الجهاد، فما حكم من خصص يوماً واحداً مثل يوم الاثنين (كما هو معروف بفضله) وخصصه للدعاء للإخوة المجاهدين؛ لأن الصائم يعف نفسه عن الزلل وغيره، ويخصص هذا اليوم بالدعاء؟ الجواب الدعاء للمسلمين عامة، ولمن نزل بهم بلاء خاصة مطلوب من كل مسلم أن يدعو لإخوانه وهو مأجور - إن شاء الله - على ذلك، ولكن تخصيص يوم بعينه خلاف السنة، والسنة أن يدعو كل يوم حتى يرتفع البلاء، ولا بأس بتخصيص إحدى الصلوات في اليوم لذلك، ومنها يوم الاثنين فإن موافقة السنة أدعى للقبول. نسأل الله - عز وجل - أن يرفع عن الأمة ما حل بها، وأن يرزقنا الفهم الصحيح لدينه إنه سميع مجيب.

العلماء الذين صنفوا البدع

العلماء الذين صنفوا البدع المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 22/4/1423 السؤال من العلماء الذين قرروا أن كل شيء كان سببه موجوداً في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يأت به النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو بدعة؟ وهل خالفهم أحد من السلف أو الخلف؟ أرجو التفصيل في المسألة مع الاعتناء -إن أمكن- بأسماء العلماء، حيث إني سأطرح موضوع البدعة في مسجدنا هنا في أمريكا، وأتوقع الكثير من الاعتراض من الحاضرين، حيث إنهم يعملون بعض البدع التي توارثوها، مثل: التجمع في المسجد، وقراءة كل شخص لجزء من القرآن عندما يكون هناك مريض، ويريدون بهذه القراءة طلب الشفاء له من الله، وعندما اعترض عليهم أحد الإخوة وجد هناك استهجاناً منهم، وبعد ذلك اليوم بعدة ليال مرض شخص آخر واجتمعوا مرة أخرى. عذراً شيخنا على الإطالة، ولكن أردت أن أحيطكم علماً بالتفاصيل لترى مدى صعوبة الوضع، فأرجو أن تولي اهتماماً للموضوع كما عهدنا فضيلتكم، ودمتم بألف عافية. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول، وبالله التوفيق: أولاً: تعريف البدعة هي: ما فعل أو ترك بقصد القربة إلى الله -تعالى- وليس له أصل في الدين. ثانياً: من الأصول المقررة عند أهل العلم أن الأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليل على الأمر، والأصل في العقود والمعاملات الصحة حتى يقوم دليل على البطلان والتحريم. انظر: (إعلام الموقعين) لابن القيم (1/344) ، و (فتاوى ابن تيمية 1/80-334) ، (22/510) ، و (اقتضاء الصراط المستقيم) لابن تيمية (2/579) .

ثالثاً: إن السنة كما أنها تكون بفعله -صلى الله عليه وسلم- وتقريره، فإنها تكون بسكوته كذلك، وهذا ما يسمى بالسنة التركية، وهي: أن يسكت الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الفعل غير الجبلي مع قيام المقتضي وعدم المانع، فسكوته -عليه الصلاة والسلام- هو المعتبر، وكذلك تركه للأمر بشرط ألا يكون الأمر المتروك أو المسكوت عنه جبلياً، فإن ترك الفعل الجبلي لا يعد سنة تركية، وبشرط أن يكون المقتضي للفعل موجوداً، والمانع مفقوداً، وهذا يتصور في كل أمر عبادي يراد به القربة لله -تعالى-، فإن تركه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يعمل به فإن ذلك دليل على أن تركه هو السنة وفعله هو البدعة؛ لأن المقتضي موجود في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو التقرب من الله، أو الاستشفاء بالقرآن على طريقة قراءة أجزاء من القرآن -كما جاء في السؤال-، والوقت في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت التشريع، والنبي -صلى الله عليه وسلم- معصوم من الكتمان، فتركه -صلى الله عليه وسلم- مع وجود كل هذه المقتضيات، وانتفاء الموانع دليل على أن المشروع هو الترك. وبناء على ما سبق يتضح أن ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- للفعل مع وجود الداعي إليه وانتفاء المانع منه يعد قسماً من أقسام السنة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- مشرع، ولا يجوز أن يترك ما شرعه الله؛ لأن ذلك يعد تقصيراً في البيان، وتأخيراً له عن وقت الحاجة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- معصوم من هذا، وعلى هذا فلا بد أن يكون لسكوت النبي -صلى الله عليه وسلم- دلالة ولتركه معنى، وهو أنه لا زيادة ولا نقصان على ما صدر منه، وأن السنة ترك ما تركه -عليه الصلاة والسلام-، ويشترط -أيضاً- لاعتبار الترك سنة مواظبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الترك.

انظر (الموافقات) للشاطبي (1/161) ، (4/58) ، و (إرشاد الفحول) للشوكاني (42) ، و (السنن والمبتدعات 15) ، و (الإبداع) لعلي محفوظ (34-51) ، و (الاعتصام) للشاطبي (1/360) ، (2/135) ، و (المستصفى) للغزالي (2/223) ، و (القواعد النورانية) لابن تيمية (102) . ولا أعلم لهذه القاعدة مخالفاً يعتد بقوله من أهل السنة، اللهم إلا في بعض تفصيلاتها. رابعاً: يشكر الأخ على غيرته على الدين وحرصه على سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وأوصيه مع ذلك بحسن الأدب مع المخالفين، وحسن التلطف معهم، والإنكار بلا غلظة، والتغيير بغير شدة، وإبداء النصح من غير جدال، والبعد عن أسباب التفرق ودواعي البغضاء، فإن العادات متأصلة، وعسير اقتلاعها إلا لمن وفق للمعالجة باللين والمحبة والتودد، ودلالة الناس على البديل الصالح النافع، وهي الرقية الشرعية، والدعاء للمريض، وبذل الأسباب الحسية، وغير ذلك من المشروع أو المباح.

ختم الدعاء بالفاتحة

ختم الدعاء بالفاتحة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 14/5/1423 السؤال رأيت في إحدى القنوات الفضائية شيخاً فاضلاً تكلم كلاماً جميلاً اقشعرت منه جلود السامعين، وذلك في محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكني رأيت في ختام محاضرته أن دعا إلى قراءة الفاتحة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة -رضوان الله عليهم-، فهل هذا جائز، أو ورد عن السلف رحمهم الله هذا؟ الجواب قراءة الفاتحة عند ختم الدعاء بدعة لا أصل لها من كتاب، ولا سنة، ولا من فعل الصحابة، ولا من تبعهم بإحسان، فلا يجوز تحري ذلك، فإن تخصيص الذكر أو القراءة في وقت، أو حال، أو مكان لا يجوز إلا بدليل، وقراءة الفاتحة أوجبها الله في الصلاة، وهي رقية يرقى بها المريض، وتلاوتها عبادة كسائر سور القرآن، بل إنها أفضل سور القرآن، ولا أذكر موضعاً يشرع فيه قراءة الفاتحة على وجه الخصوص إلا ما ذكر، ويكفي دلالة على عظم شأن الفاتحة أن الله افترض قراءتها في كل ركعة، فالمسلم يقرؤها سبع عشرة مرة في صلاة الفريضة، ويقرؤها في سائر النوافل في كل ركعة، إذ لا تصح صلاة لا فرض، ولا نفل إلا بقراءتها؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" البخاري (756) ومسلم (394) ، والله أعلم.

دعاء رد الضالة

دعاء رد الضالة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 25/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أستفتيكم في أمر دعاء الضالة الذي تعلمته من والدي وهو كالآتي: بسم الله وبالله ومن الله وعلى الله يا على العرش استوى يا خالق الطير في الهوى يا راد الفوت بعد الفوت يا محيي الأرض بعد الموت يا راد عيسى على أمه يا راد موسى على قومه اردد لي ضال فلان بن فلانة أسرع من البرق الخاطف والريح العاصف الأرض تقلعها والسماء تظلها، الأرض بها ترجف، والسماء بها تقذف، أين ما تكون يأتي بها الله إن الله على كل شيء قدير، العاجلة العاجلة الوحي الوحي الساعة الساعة وما أمر الساعة إلا كلمح البصر إن الله على كل شيء قدير. لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون. هذا هو نص الدعاء فما رأي فضيلتكم في هذا الدعاء هل هو من الرقى الحلال أم لا؟ وإذا كانت لا فما الضرر فيها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب

الحمد لله، هذا دعاء مبتدع وهو مشتمل على حق وباطل وعلى ما لا معنى له فلا يجوز الدعاء بهذه الصيغة لاشتماله على الباطل وعلى ما لا معنى له وما لا مناسبة له، فأما قوله: بسم الله وبالله ومن الله وعلى الله، فقوله: بسم الله وبالله ذكر معروف وظاهر المعنى، وأما قوله: ومن الله وعلى الله فهو حق إذا ذُكر متعلق الجار والمجرور من الله وعلى الله فالواجب أن يقول: أرجو من الله وأتوكل على الله، وأما بهذه الصيغة فلا يظهر له معنى، وقوله: يا على العرش استوى أيضاً تركيب غير مستقيم فكان الواجب أن يقول: يا من على العرش استوى، أما بهذه الصيغة فليس بصحيح فالله تعالى هو الذي على العرش استوى كما قال تعالى:"الرحمن على العرش استوى" [طه: 5] وقوله: يا خالق الطير في الهوى يا راد الفوت بعد الفوت يا محيي الأرض بعد الموت لا معنى لهذا التقييد خالق الطير في الهوى وفي الأرض وخالق كل شيء فلا معنى لتخصيص الطير، وراد الفوت بعد الفوت يغني عن ذلك يا من هو على كل شيء قدير ويا محيي الأرض بعد الموت وهذا حق هو الذي يحيي الأرض بعد موتها كما أخبر بذلك في كتابه، وقوله: راد عيسى على أمه وراد موسى على قومه، عيسى -عليه السلام- لم يغب عن أمه ولم يضع فهو كلام يدل على معنى لا أصل له فلو أنه قال: يا راد يوسف على والده يعقوب لكان لهذا أصل، وكذلك موسى -عليه السلام- لم يكن في غيبته عن قومه لميعاد ربه تائهاً ولا ضائعاً حتى يقال: وراد موسى على قومه فهذا يوهم أن موسى قد ضل عن قومه وهذا باطل، وقوله: اردد لي ضال فلان بن فلانة نسبة معين إلى أمه أيضاً خلاف المشروع، فالمشروع نسبة الناس إلى آبائهم، وقوله: أسرع من البرق ... إلخ، هذا تحكم في دعاء الله وتعدٍ في الدعاء، وما بعد ذلك من الكلمات ألفاظ مبتدعة تشتمل على تحكم وعدوان في الدعاء، وبهذا يُعلم أنه لا يجوز الدعاء بهذا الذي تعلمته من والدك، والله أعلم.

الدعاء (اللهم ارحمنا بأسرار الفاتحة)

الدعاء (اللهم ارحمنا بأسرار الفاتحة) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 25/12/1422 السؤال ما حكم صيغة هذا الدعاء: (اللهم بأسرار الفاتحة ارحمنا أو فرج عنا) ؟ الجواب الحمد لله، هذا الدعاء بدعة لا أصل له، وليس له نظير في الأدعية المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح، فالواجب التوسل بما جعله الله وسيلة من الأسماء والصفات كأن تقول: اللهم برحمتك أستجير، وبرحمتك أستغيث، وتقول: يا أرحم الراحمين ارحمنا، وتقول: اللهم فرّج عنا يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، قال الله - تعالى-:" ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" [الأعراف:180] فهذا الدعاء المسؤول عنه من الأدعية البدعية التي يخترعها بعض الناس ويعجبون بها، وهذا من تسويل الشيطان، فالخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع.

الدعاء الجماعي

الدعاء الجماعي المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 12/10/1423 السؤال ما حكم الدعاء الجماعي بعد الصلاة؟ الجواب هذا عمل بدعي لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا صحابته - رضوان الله عليهم - ولا التابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" البخاري (2697) ، ومسلم (1718) ، وقال أيضاً: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه مسلم في صحيحه (1718) عن عائشة -رضي الله عنها-، والواجب عليك بعد انتهاء الصلاة قراءة الأذكار المشروعة على انفراد، ومنها قول: أستغفر الله (ثلاثاً) مسلم (591) ، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام كما في مسلم (591) ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (ثلاث مرات) البخاري (6473) ومسلم (593) ، سبحان الله والحمد لله والله أكبر (ثلاثاً وثلاثين) البخاري (843) ومسلم (595) ، ثم بعدهما تقول: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مسلم (597) ، وقراءة آية الكرسي والمعوذات انظر الأحاديث الصحيحة للألباني (2/698) والأحاديث في الأوراد بعد الصلاة كثيرة.

دعاء العزاء في المسجد

دعاء العزاء في المسجد المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 10/10/1423هـ السؤال هل يجوز قراءة دعاء العزاء للميت في المسجد إذا كان المتوفى قد مات في بلد آخر ودفن به؟ علماً أن الدعوة لأخذ العزاء لأهل الميت فقط من عامة من يحضرون الصلاة في المسجد وقت قراءة الدعوة؟ الجواب الحمد لله، هذا السؤال مبني على عادة أو بدعة وهي ما سماه السائل دعاء العزاء، فليس للعزاء دعاء مخصوص، نعم يشرع الدعاء لكل من مات من المسلمين عند موته وبعد موته وفي الصلاة عليه، ويدعى للمصاب عند مقابلته تسلية وتصبيراً له على مصيبته، مثل أن يقال له: أحسن الله عزاءك، وجبر مصيبتك، ورحم ميتك، وما أشبه ذلك، وعلى هذا فلا يجوز قراءة هذا الدعاء المخصوص في المسجد ولا في أي مجتمع آخر؛ لأنه كما ذكرتُ لا أصل له، وسواء كان الميت حاضراً في البلد أو في بلد آخر فإنه يُصلى عليه في البلد التي مات فيها، وأما الصلاة عليه غائباً فهذا محل خلاف كبير بين أهل العلم، والذي عليه عمل المسلمين أنهم لا يصلون على كل ميت غائب، لكن باب الدعاء واسع، فيدعو المسلم لأخيه بظهر الغيب حياً وميتاً، فإذا علم بموته دعا له وترحم عليه بما يحسنه من الدعاء، مثل أن يقول: اللهم اغفر له وارحمه، اللهم أدخله الجنة وأعذه من عذاب في النار وعذاب في القبر، نحو ما ورد من الدعاء في صلاة الجنازة، والله أعلم.

الدعاء بجاه الله

الدعاء بجاه الله المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 3/3/1423 السؤال ما حكم دعاء الله بقولنا: "إلهي أنت جاهي"؟ الجواب هذا دعاء مبتدع لا يجوز فليس الله جاهاً لأحد، وجاه الإنسان هو ماله من المنزلة عند الله أو عند المخلوقين، وأما الله -جل وعلا- فليس جاهاً لأحد، وهذا الدعاء مبتدع إنما يصدر من جاهل لا يعرف دلالات الكلام. فالواجب تجنب مثل هذا، قل يا الله أنت إلهي وأنت ربي لا إله غيرك أنت الحي القيوم، يا ذا الجلال والإكرام قال -جل وعز-: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" [الأعراف:180] ، والله أعلم.

سؤال الله بجاهه الكريم

سؤال الله بجاهه الكريم المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 17/6/1423هـ السؤال ما حكم قول الرجل في الدعاء: (اللهم إني أسألك باسمك الأعظم وجاهك الكريم) ؟ الجواب أما السؤال باسم الله الأعظم هذا حق، لكن ينبغي أن يذكره إذا كان يعرف شيئاً مما ورد أنه اسم الله الأعظم، فيقول ويأتي به صريحاً، وقد قيل: إن اسم الله الأعظم الحي القيوم، فالحاصل أن التوسل إلى الله باسمه الحي القيوم، أو باسمه ذو الجلال والإكرام، أو بأنه الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، كل هذا من دعائه -سبحانه وتعالى- بأسمائه الحسنى، كما قال -تعالى-:"ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" [الأعراف:180] ، ودعاؤه بها ينبغي أن يكون هكذا: يا الله، يا رحمن، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام. وأما قول القائل: وبجاهك، فهذا دعاء لا أصل له، والله -تعالى- لا يقال له جاه؛ لأن هذا لم يرد، ومثل هذا اللفظ إنما يستعمل للاستشفاع بالله إلى أحد من خلقه وهو محرم، كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه" أبو داود (4726) ، كذلك لا يتوسل إلى الله بهذا، إذ لم يرد في شيء من النصوص لفظ الجاه مضافاً إلى الله، فهو سؤال بدعي يجب الاستغناء عنه بأسماء الله وصفاته، والله أعلم.

الذكر بـ:"الله.. الله"

الذكر بـ:"الله.. الله" المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 9/4/1424هـ السؤال هل يجوز الذكر بالاسم المفرد (الله، الله) ؟ أرجو الإجابة. الجواب ألفاظ الذكر ينبغي أن تكون مشروعة، ولا يجوز للمسلم أن يبتدع صورة للذكر لم يرد بها الشارع، ثم إن الذكر له معان يدل عليها، فمثلاً: لا إله إلا الله: إثبات الألوهية لله -عز وجل-. سبحان الله: تنزيه لله عز وجل عن النقائص. الله أكبر: تعظيم لله سبحانه. لكن الذكر بكلمة الله ما هو المعنى الذي يدل عليه، فهو اسم للخالق سبحانه، ما المعنى الذي يريد الذاكر أن يقرره؟ ولهذا فإنه لم يرد عن الأنبياء -عليهم السلام- ولا الصحابة -رضي الله عنهم- ولا علماء الأمة -رحمهم الله- أنهم ذكروا الله عز وجل بذلك، وإنما ابتدعها بعض المتصوفة، والله الموفق.

قراءة سورة الأنعام في الحرب

قراءة سورة الأنعام في الحرب المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 12/6/1424هـ السؤال انتشر الكلام عند بداية الحرب عن رؤيا تدعو إلى قراءة سورة الأنعام، وتوصي بذلك أهل الخليج، وانتشرت عبر رسائل الجوال، فما هو الحكم في مثل ذلك؟ الجواب الحمد لله، الدعوة إلى قراءة سورة الأنعام عندما بدأت الحرب في العراق زعمها البعض استدلالاً برؤيا قالوا إنها صالحة، وهذا الداعي مجهول، والرؤيا صاحبها مجهول، فقد يكون الداعي إلى ذلك كاذباً، وقد يكون مكذوباً عليه، فالرؤيا إن كانت صحيحة فليست رؤيا صالحة، بل هي من وحي الشيطان، فإن الرؤيا الصالحة لا تتضمن تشريعاً، فالدعوة إلى قراءة سورة الأنعام في وقت مخصوص وحال مخصوصة دعوة إلى بدعة لا أصل لها في شرع الله، فيجب على من قرأ سورة الأنعام استجابة لهذه الدعوة أن يستغفر الله ويتوب إليه، ومن دعا إليها يجب عليه أن يتوب ويستغفر الله، وإن كان هو المفتري لهذه الدعوة فإثمه أعظم، وعليه أن يتوب، ويعلم أنه إن أصر على ذلك فعليه مثل آثام من قلده، فيجب الاحتراس من هذه الدعوات الصادرة عن من لا يعرف بواسطة الهاتف الجوال، نسأل الله أن يعصمنا من أسباب الضلال، والله أعلم.

قراءة الفاتحة بعد الدعاء

قراءة الفاتحة بعد الدعاء المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 23/8/1424هـ السؤال هل ما نسمعه من قول بعض العامة من بعد الدعاء قولهم: الفاتحة. وهل وقراءتها جائز شرعاً؟ وهل هو من السنة؟. الجواب لا، هذا ليس من السنة، الإنسان بعد الدعاء يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان بعد الدعاء يقرأ الفاتحة، وإن كانت الفاتحة هي أعظم سورة، وهي السبع المثاني، لكن مواطنها محدودة ومعروفة، وليس ما ذكر في السؤال من مواطنها. وبالله التوفيق.

طريقة صوفية

طريقة صوفية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 5/11/1424هـ السؤال انتشرت في ماليزيا طريقة صوفية يعمل أهلها أعمالاً منها: قراءة الأذكار في أيام معدودة، وهم لا يشهدون الجمعة حين قراءة هذه الأذكار بحجة أنهم من المرضى، ويقصد بالمرض مرض القلوب كالرياء. فما حكم الدين في ذلك؟. الجواب

الحمد لله، إن ذكر الله من أجل العبادات، ومنه ما هو فرض ومنه ما هو مستحب، فيجب التقيد فيه بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- فمن ابتدع في دين الله ما ليس منه فعمله باطل مردود لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه عند البخاري (2697) ومسلم (1718) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، وفي رواية لمسلم (1718) : "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وإذا انضاف إلى ذلك ترك شيء مما أوجبه الله كالجمع والجماعات كان ذلك أقبح كهؤلاء الذين تذكر عنهم أنهم لا يشهدون صلاة الجمعة، فهؤلاء جمعوا بين ما ابتدعوه من الذكر وترك ما أوجب الله من شهود الجمع والجماعات، فالواجب الإنكار عليهم والتحذير من طريقتهم وعدم الاغترار بما يدعونه عذراً لهم في ترك الجمعة، وهو ما ابتدعوه من الذكر، وصلاة الجمعة فرض على الأعيان لا يجوز تركها لنافلة من النوافل، فالتخلف عنها بحجة الاشتغال بالذكر - ولو كان أصله مشروعاً - حرام، فكيف إذا كان ذكراً مبتدعاً، وما يفعله هؤلاء هو من تلبيس الشيطان عليهم، فقد زين لهم الباطل وهو ترك ما أوجبه الله وفعل ما حرمه الله، فهم من "الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً" [الكهف:104] ، ومن الذين "اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون" [الأعراف: من الآية 30] . نعوذ بالله من سبيل الغاوين والضالين، والله أعلم.

أذكار لرؤية الرسول

أذكار لرؤية الرسول المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 14/4/1424هـ السؤال لقد سمعت شريطاً لأحد المشايخ بحرمة قراءة أذكار وآيات بعدد معين أو بطريقة معينة، وأن هذا مجرد تعب، وكلام بدون فائدة، فأنا أحاول دائماً قراءة بعض الآيات والأذكار لرؤية الرسول عليه الصلاة والسلام، أرجوكم أفيدوني بما هو جائز وما هو غير جائز؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: وبعد:

فأقول وبالله التوفيق: لا شك أن الذكر من أمنع ما يتحصن به المسلم من عدوه المبين الشيطان الرجيم، فإن المسلم متعرض لوخس الشيطان ووساوسه، فإذا تحصن المسلم بالآيات القرآنية والأذكار الثابتة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كانت له حصناً حصيناً من عدوه المتربص له، لذا كان المسلم مأموراً أن يكون مشتغلاً بالذكر في جميع أحواله في ليله ونهاره ويقظته وعند نومه، وغير ذلك من أحواله، وقد جاء فضل الذكر والحض عليه في نصوص كثيرة، لأن العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله، فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقاً بالعبد ألا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى، وألا يزال لهجاً بذكره، فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، لأن الشيطان يرصده فإذا غفل وثب عليه وافترسه، وإذا ذكر الله تعالى انخنس عدو الله وتصاغر حتى يكون كالذباب، وقد جاء في فضل الذكر أنه من أوصاف عباد الله وأوليائه كقوله تعالى: "والذاكرين الله كثيراً والذاكرات" [الأحزاب: 35] وقوله: "واذكر ربك كثيراً وسبح بالعشي والإبكار" [آل عمران: 41] ، وفي صحيح مسلم (2676) ، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له: جُمْدَانُ فقال: "سيروا هذا جمدان سَبَقَ المفَرِّدون" قيل: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات". والأذكار على ثلاثة أقسام: القسم الأول: ذكر مطلق يقال في جميع الأحوال كقراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتكبير، وكل ذكر فيه تعظيم للرب -جل وعلا- والذي دل عليه قوله – صلى الله عليه وسلم –: "لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله" رواه الترمذي (3375) ، وابن ماجة (3793) ، من حديث عبد الله بن بسر –رضي الله عنه-.

والقسم الثاني: ذكر مقيد بأسبابه وأحواله، بمعنى أنه يقال عند سببه؛ كالأذكار التي تقال في الصلاة، وعند النوم والاستيقاظ، ودخول الخلاء والخروج منه، وعند الغضب، وركوب الدابة، وعند وقوع المصيبة، وتجدد النعمة، وعند الجماع، والسفر، وقدوم البلد، وغير ذلك مما هو مبسوط في كتب الأذكار.

والقسم الثالث: أذكار الصباح والمساء، وهذه الأذكار الازدياد منها خير، لكن يجب أن يكون على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - لفظاً وأداءً، فلا يؤتى بذكر لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يجعل لسبب لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كونه سبباً، ولا يؤدى بصفة جماعية كما تفعله المتصوفة، وقد ورد في أذكار الصباح والمساء تكرار المعوذتين ثلاثاً، وبسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاثاً، وأعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وأعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر، وأعوذ بكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وأعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، إلى غير ذلك من أذكار الصباح والمساء المدونة في الكتب الخاصة بها، السنة تكرارها ثلاثاً ثلاثاً، وأما تكرار ذكر من الأذكار من أجل أن يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فلا أعلم شيئاً صح فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرد عن أصحابه وزوجاته - رضي الله عنهم جميعاً -، والذين عز عليهم فراقه وكانوا في شوق شديد إلى رؤيته، وكل ذكر لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن متضمناً لتوحيد الرب وتعظيمه وتقديسه وتنزيهه فالاشتغال به عبث، وهو مردود على صاحبه، لما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، رواه مسلم (1718) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها- وإذا لم يكن الذكر على الصفة والهيئة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو بدعة، وكل بدعة ضلالة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

افتتاح المنتديات بالتهليل والتكبير

افتتاح المنتديات بالتهليل والتكبير المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 7/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أما بعد: نلاحظ في كثير من المنتديات مواضيع يبدأ العضو الأول بقول سبحان الله، والثاني: الله أكبر، وهكذا يستمرون في التسبيح والتهليل في كل مرة يتم الدخول إلى المنتدى. فما الحكم في ذلك بارك الله فيكم؟. الجواب الحمد لله. وعليكم السلام ورحمة والله وبركاته. وبعد: فالذي أراه أن هذا العمل من قبيل الذكر الجماعي البدعي، بل ربما كان من اتخاذ آيات الله هزواً. نسأل الله العافية. والله أعلم.

الذكر بـ (الله الله الله)

الذكر بـ (الله الله الله) المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 1/05/1425هـ السؤال هل يجوز ذكر الله باسم الذات فقط؟ مثل أن أقول: (الله، الله، الله ... ) . الجواب الحمد لله، وبعد: هذا العمل لا يجوز؛ لأنه لا معنى لذلك، وهو من أعمال الصوفية حين يختصرون الذكر بشكل مخل، والله -تعالى- إنما شرع دعاءه بأسمائه، حيث قال - سبحانه-: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها.." [الأعراف: 180] ، ومثل ذلك أن تُسبق بتعظيم وتنزيه، كأن تقول: (سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) ؛ لأن هذا الذكر له معنى، أما الاسم المجرد، فلا معنى لذكره. والله -تعالى- أعلم.

البدعة وحديث "من سن في الإسلام سنة حسنة"

البدعة وحديث "من سن في الإسلام سنة حسنة" المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 08/11/1425هـ السؤال السلام عليكم أنا أعرف أن الذكر الجماعي بدعة، لكن هناك من يحتج بحديث مسلم في الصدقة: "من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها بعده". وهناك من يقول إن هذا الحديث ورد حين امتنع الناس عن تقديم الصدقة فجاء صحابي وتصدق فشجع الآخرين على أن يحذوا حذوه، ومن ثم يقول هؤلاء الصوفيون إن الناس كانوا يتصدقون بالخفاء فجعلوها في العلن، ونفس الشيء ينطبق على إعلان الذكر للفائدة لكي يستفيد الناس كما استفادوا من جعل الصدقة في العلن. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الواجب على المسلم المحافظة على السنة، والبعد عن البدعة، والمراد من السنة الحسنة- والله أعلم- إحياء سنة حسنة قد أميتت، أو نسيت، أو ترك العمل بها، لا الإتيان بشيء جديد ليس له أصل في الشرع، بل هذا يعتبر من البدع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنا هذا مَا لَيْسَ مِنه فَهُو رَدٌّ". أخرجه البخاري (2697) ومسلم (1718) . وفي رواية: "مَن عَمِل عَمَلاً لَيْسَ عَلَيه أَمْرُنَا فَهُو رَدٌّ". أخرجها مسلم (1718) . والله أعلم.

هل مجالس الذكر من الذكر الجماعي

هل مجالس الذكر من الذكر الجماعي المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 02/07/1426هـ السؤال كثيراً ما يقال: إنه ليس هناك دليل على الذكر الجماعي بصوت واحد، فما الحكم إذا لم يكن بصوت واحد، بحيث تجتمع فئات مختلفة من الناس للذكر ما بين رجل يحمد وآخر يكبر وثالث يهلل، فيكون هناك اختلاف في أذكارهم، ويفعلون ذلك دون التشويش على بعضهم، ولا تشبه مجالسهم مجالس غيرهم من صوفية ومن شابههم. أي أن الذكر لا يكون بصورة جماعية بصوت واحد، لكنه مجلس مقصوده التجمع معاً لذكر الله بكلمات من صلب الشريعة وموافقة للسنة. ويقال إن الصحابة لم يفعلوا الذكر الجماعي، بينما ثبت من الحديث وجود مجالس الذكر، أفلا يكون هذا كافياً لإثبات المسألة، ويكون حديث معاوية -الذي رأى فيه الناس مجتمعين في مجالس الذكر مثالاً واضحاً على مشروعية مجالس الذكر الجماعي؟ أرشدوني مأجورين، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الاجتماع للقراءة والذكر مستحب، سواء في مسجد أو بيت أو مدرسة أو غيرها من المواضع إذا لم يقترن بذلك بدعة، مثل كونه بصوت واحد، أو يصاحب الذكر حركات مبتدعة كالتمايل والدوران ونحو ذلك، أو إفراده بزمان أو مكان معين، واتخاذ ذلك سنة راتبة، وقد وردت أحاديث تدل على فضل الاجتماع لقراءة القرآن وذكر الله، ومن ذلك ما يأتي: - حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ" أخرجه مسلم (2699)

- حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رضي الله عنه- أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: "مَا أَجْلَسَكُمْ؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا –قَالَ: "آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟ " قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ، قَال: َ "أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ" أخرجه مسلم (2701) .

- حديث أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ: مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالُوا: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. قَالَ: يَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونِي؟ قَالَ: يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا؟! قَالَ يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً، قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: مِنْ النَّارِ، قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا، قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً، قَالَ: فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمْ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ "

أخرجه البخاري (6408) ، ومسلم (2689) . قال شيخ الإسلام – رحمه الله -: " الاجتماع لذكر الله واستماع كتابه والدعاء عمل صالح وهو من أفضل القربات والعبادات في الأوقات.... لكن ينبغي أن يكون هذا أحيانا في بعض الأوقات والأمكنة فلا يجعل سنة راتبة يحافظ عليها " [ينظر: مجموع الفتاوى (22/520) ] . وقال الشاطبي: "وإذا اجتمع القوم على التذكر لنعم الله، أو التذاكر في العلم - إن كانوا علماء – أو كان فيهم عالم فجلس إليه متعلمون، أو اجتمعوا يذكر بعضهم بعضاً بالعمل بطاعة الله والبعد عن معصيته ... وما أشبه ذلك مما كان يعمل به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أصحابه، وعمل به الصحابة والتابعون، فهذه المجالس كلها مجالس ذكر، وهي التي جاء فيها من الأجر ما جاء " [ينظر: الاعتصام (1/341) ] . ويجوز الجهر ورفع الصوت بالذكر إذا لم يترتب عليه تشويش وأذى لمن حوله، ففي الحديث القدسي، يقول الله عز وجل: " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ...." الحديث أخرجه البخاري (7405) ، ومسلم (2675) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- السابق: "إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ ... " الحديث.

وورد رفع الصوت بالذكر عقب الصلوات المكتوبة، ففي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال إِنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ" أخرجه البخاري (84) ، ومسلم (583) ، هذا والله أعلم.

هل أجاز ابن تيمية الذكر الجماعي؟

هل أجاز ابن تيمية الذكر الجماعي؟ المجيب عبد الله بن علي الريمي ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/بدع الأذكار والأدعية التاريخ 25/07/1426هـ السؤال السلام عليكم. هل أجاز ابن تيمية الذكر الجماعي؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالواجب على الإنسان أن يسأل عن حكم الله في الأمر من أجل العمل به على بصيرة, ولا يكن همه معرفة كلام الرجال ليجد المخارج والذرائع لمخالفة السنة, ولا شك أن العلم يؤخذ من العلماء, وكلام العلماء ما هو إلا مبين لحكم الله، فإن أقام العالم دليلاً معتبراً على ما قال من حكم قُبِل قوله, وإلا ردَّ قوله كائناً من كان, مع الأخذ بالاعتبار أن العلماء يتفاضلون بقدر حظهم من الأخذ بالأدلة من الكتاب والسنة، ومن أعيان هؤلاء العلماء شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فالنفوس تطمئن وتسكن إلى أقواله؛ لما عرف به -رحمه الله- من الحرص الشديد على اتباع الدليل من كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وما منحه الله من سعة الاطلاع وحسن الفهم. ومن باب مدارسة العلم والانتفاع بأقوال الأئمة من العلماء يكون الجواب كالتالي: جاء في مختصر الفتاوى المصرية -للإمام أبي عبد الله البعلي -رحمه الله- المتوفى سنة (777هـ) (ص 92) - قول شيخ الإسلام ابن تيمية: "والاجتماع على القراءة والذكر والدعاء حسن, إذا لم يتخذ سنة راتبة ولا اقترن ببدعة" ا. هـ. فمن يعرف مسلك شيخ الإسلام في اتباع السنة يحمل هذا القول على أن المراد الاجتماع المشروع للقراءة والذكر والدعاء على الوجه المشروع, ويبين ذلك النص الكامل لكلامه رحمه الله كما ورد في [مجموع الفتاوى (22/ 520-521) ] ، والشاهد منه ما يلي:

قال رحمه الله: "الاجتماع لذكر الله واستماع كتابه والدعاء عمل صالح، وهو من أفضل القربات والعبادات في الأوقات، ... لكن ينبغي أن يكون هذا أحيانا في بعض الأوقات والأمكنة، فلا يجعل سنة راتبة يحافظ عليها إلا ما سنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المداومة عليه في الجماعات من الصلوات الخمس في الجماعات، ومن الجمعات والأعياد ونحو ذلك. وأما محافظة الإنسان على أورادٍ له من الصلاة أو القراءة أو الذكر أو الدعاء طرفي النهار وزلفًا من الليل وغير ذلك.... فهذا سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصالحين من عباد الله قديمًا وحديثًا، فما سنَّ عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات فعل كذلك، وما سنَّ المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عمل كذلك. " ا. هـ.

وتأمل قوله رحمه الله تعالى: "فما سنَّ عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات فعل كذلك، وما سنَّ المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عمل كذلك" فهو قاعدة في بابه، وقال رحمه الله تعالى: "لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان ولا يحيط به إنسان وما سواها من الأذكار قد يكون محرما وقد يكون مكروها وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس وهي جملة يطول تفصيلها. وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به؛ بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة، فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرما لم يجز الجزم بتحريمه؛ لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به. وهذا كما أن الإنسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت فهذا وأمثاله قريب. وأما اتخاذ ورد غير شرعي واستنان ذكر غير شرعي، فهذا مما ينهى عنه، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ونهاية المقاصد العلية ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد". ا. هـ. ومن أمثلة ما نهى عنه شيخ الإسلام -رحمه الله- من الذكر والقراءة المحدثة، قال رحمه الله: "لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو هو والمأمومون عقيب الصلوات الخمس كما يفعله بعض الناس عقيب الفجر والعصر؛ ولا نقل ذلك عن أحد، ولا استحب ذلك أحد من الأئمة" [مجموع الفتاوى (22/. 512) ] .

وقال رحمه الله: "ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وخلفاؤه يجهرون بعد الصلاة بقراءة آية الكرسي ولا غيرها من القرآن، فجهر الإمام والمأموم بذلك والمداومة عليها بدعة مكروهة بلا ريب" [مجموع الفتاوى (ص 508) ] . وقال رحمه الله:"فقراءة القرآن كل واحد على حدته أفضل من قراءته مجتمعين بصوت واحد، فإن هذه تسمى قراءة الإدارة، وقد كرهها طوائف من أهل العلم " [مجموع الفتاوى (30/ 50) ] وينظر كذلك (جزء 4، ص 428) . والمراد هنا للتعبد، وأما للتعليم فقد رخص فيه كثير من أهل العلم. مما تقدم يتضح منهج شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الذكر الجماعي، وأنه كما قرره بعبارته -رحمه الله- حيث قال: "فما سن عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات فعل كذلك، وما سنَّ المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عمل كذلك". فوائد: (1) عندما يرد لفظ الذكر الجماعي أو الاجتماع للذكر في كلام العلماء أو ما يدل على هذا المعنى في النصوص الشرعية فهو لا يعني الذكر بصوت واحد من تسبيح ونحوه بل المراد مطلق الاجتماع للذكر من مذاكرة علم أو استماع لقراءة أو نحوه, أما الذكر بصوت واحد فأمر زائد على مطلق الاجتماع.

(2) بما أن العبادات توقيفية بمعنى أن كل عبادة لم ترد في كتاب الله ولا سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهي مردودة على صاحبها كما قال صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" أخرجه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) . والإحداث قد يكون في توقيت العبادة أو مكانها أو حال صاحبها أو كيفيتها، فمن أضاف قيدًا لعبادة سواءً ادعى وجوب هذا القيد أو استحبابه أو حتى إباحته فيلزمه الدليل وإلا فقيده هذا بدعة, وبما أن الذكر عبادة فيلزم فيها الاتباع لما جاء في الكتاب والسنة وعدم إحداث كيفيات معينة للذكر لم ترد في الكتاب والسنة، كالذكر بصوت واحد أو بلحن خاص للمناسبات سواء كان فردياً أو جماعياً، كما قد يفعل من قبل بعض الناس في الحج والعمرة والعيدين. (3) كل ما ورد من النصوص مما يدل على مشروعية الذكر الجماعي ظاهره فضيلة الاجتماع لذكر الله, وهذا يتحقق بمذاكرة العلم والاستماع للقرآن، والتحدث بما منَّ الله على عباده من النعم الكثيرة ونحو ذلك، وليس فيها دلالة على مشروعية الذكر بصوت واحد. وأما ما ورد في بعض النصوص مما قد يفهم منه الذكر بصوت واحد خلف إمام أو نحوه، مثل ما جاء عن عمر -رضي الله عنه- من أنه كان يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيراً"، ونحوه عن ميمونة -رضي الله عنها- فالمعنى يسمعون تكبيره فيذكرهم التكبير فيكبرون كل بمفرده، وهذا معنى محتمل من ظاهر النص فيجب حمله عليه؛ لأن المتحقق عند العلماء عدم نقل هذه الكيفية (الذكر الجماعي بصوت واحد) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مطلقاً، فوجب علينا أن نحمل المتشابه على المحكم. بدلا من أن نبطل الشيء الثابت بشيء محتمل مظنون. (4) وفي الختام سؤال لنا جميعا , هل عملنا بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة الثابتة حتى نذهب فنتلمس الزيادة عليها؟! والله المستعان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

حكم التهنئة بشهر رمضان

حكم التهنئة بشهر رمضان المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 29/08/1425هـ السؤال ما حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك حيث سمعنا من ينكر ذلك، ويرى أنه من البدع؟ نرجو الإفادة مشكورين. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله ومصطفاه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذا بحث مختصر حول: حكم التهنئة بدخول شهر رمضان، حاولت أن أجمع فيه أطرافه، راجياً من الله تعالى التوفيق والسداد. وقبل البدء بذكر حكم المسألة لا بد من تأصيل موضوع التهنئة فيقال: التهاني ـ من حيث الأصل ـ من باب العادات، والتي الأصل فيها الإباحة، حتى يأتي دليل يخصها، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر. ويدل لذلك ـ ما سيأتي ـ من تهنئة بعض الصحابة بعضاً في الأعياد، وأنهم كانوا يعتادون هذا في مثل تلك المناسبات. يقول العلامة السعدي ـ رحمه الله ـ مبيناً هذا الأصل في جواب له عن حكم التهاني في المناسبات؟ ـ كما في "الفتاوى" في المجموعة الكاملة لمؤلفاته (348) ـ: " هذه المسائل وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع، وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع، أو تضمن مفسدة شرعية، وهذا الأصل الكبير قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره. فهذه الصور المسؤول عنها وما أشبهها من هذا القبيل، فإن الناس لم يقصدوا التعبد بها، وإنما هي عوائد وخطابات وجوابات جرت بينهم في مناسبات لا محذور فيها، بل فيها مصلحة دعاء المؤمنين بعضهم لبعض بدعاء مناسب، وتآلف القلوب كما هو مشاهد.

أما الإجابة في هذه الأمور لمن ابتدأ بشيء من ذلك، فالذي نرى أنه يجب عليه أن يجيبه بالجواب المناسب مثل الأجوبة بينهم، لأنها من العدل، ولأن ترك الإجابة يوغر الصدور ويشوش الخواطر. ثم اعلم أن هاهنا قاعدة حسنة، وهي: أن العادات والمباحات قد يقترن بها من المصالح والمنافع ما يلحقها بالأمور المحبوبة لله، بحسب ما ينتج عنها وما تثمره، كما أنه قد يقترن ببعض العادات من المفاسد والمضار ما يلحقها بالأمور الممنوعة، وأمثلة هذه القاعدة كثيرة جداً " اهـ كلامه. وقد طبق الشيخ ـ رحمه الله ـ هذا عملياً حينما أرسل تلميذه الشيخ عبد الله ابن عقيل خطاباً له في أوائل شهر رمضان من عام 1370هـ، وضمنه التهنئة بالشهر الكريم فرد الشيخ عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ بهذا الجواب في أول رده على رسالة تلميذه: "في أسر الساعات وصلني كتابك رقم 19/9 فتلوته مسروراً، بما فيه من التهنئة بهذا الشهر، نرجو الله أن يجعل لنا ولكم من خيره أوفر الحظ والنصيب، وأن يعيده عليكم أعواماً عديدة مصحوبة بكل خير من الله وصلاح " اهـ. كما في الأجوبة النافعة (ص:280) ، وفي صفحة (284) ضمن الشيخ رسالته المباركة في العشر الآواخر. وللشيخ ـ رحمه الله ـ كلام في منظومة القواعد ـ كما في المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي 1/143 ـ يقرر فيه هذا المعنى، وللمزيد ينظر (الموافقات) للشاطبي 2/212 ـ 246 ففيه بحوث موسعة حول العادات وحكمها في الشريعة. فإذا تقرر أن التهاني من باب العادات، فلا ينكر منها إلاّ ما أنكره الشرع، ولذا: مرّر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب، بل رغب في بعضها، وحرّم بعضها، كالسجود للتحية. وبعد هذه التوطئة يمكن أن يقال عن التهنئة بدخول الشهر الكريم: قد ورد في التهنئة بقدومه بعض الأحاديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أذكرها جملة منها، وهي أقوى ما وقفت عليه، وكلها لا تخلو من ضعف، وبعض أشد ضعفا من الآخر:

1- حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم ". أخرجه النسائي 4/129 ح (2106) ،وأحمد 2/230،385،425 من طرق عن أيوب، عن أبي قلابة ـ واسمه عبد الله بن زيد الجرمي ـ عن أبي هريرة – رضي الله عنه -. والحديث رجاله رجال الشيخين إلا أن رواية أبي قلابة عن أبي هريرة مرسلة، أي أن في الإسناد انقطاعاً ينظر: تحفة التحصيل لأبي زرعة العراقي (176) . والحديث أصله في الصحيحين ـ البخاري 2/30 ح (1899) ،ومسلم 2/758 ح (1079) ـ ولفظ البخاري: "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين " ولفظ مسلم: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ـ وفي لفظ (الرحمة) ـ وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين ". قال ابن رجب (رحمه الله) في "اللطائف" (279) : " وكان النبي ح يبشر أصحابه بقدوم رمضان،.... ثم ساق هذا الحديث، ثم قال: قال العلماء: هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضاً في شهر رمضان ". 2- حديث أنس – رضي الله عنه - قال: دخل رمضان، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم". أخرجه ابن ماجه ح (1644) من طريق محمد بن بلال، عن عمران القطان، عن قتادة، عن أنس – رضي الله عنه -. وهذا الإسناد ضعيف لوجهين: الوجه الأول: أن فيه محمد بن بلال البصري، التمار.

قال أبو داود: ما سمعت إلاَّ خيراً، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال العقيلي ـ في "الضعفاء "4 / 37 ترجمة (1584) ـ: " بصري يهم في حديثه كثيراً "،وقال ابن عدي ـ في "الكامل"6/134 ـ: "له غير ما ذكرت من الحديث، وهو يغرب عن عمران القطان، له عن غير عمران أحاديث غرائب، وليس حديثه بالكثير، وأرجو أنه لا بأس به ". وحديث الباب من روايته عن عمران، فلعله مما أغرب به على عمران. وقد لخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله في "التقريب" (5766) : "صدوق يغرب ". الوجه الثاني: أن في سنده عمران بن داوَر، أبو العوام القطان، كان يحيى القطان لا يحدث عنه، وقد ذكره يوماً فأحسن الثناء عليه ـ ولعل ثناء عليه كان بسبب صلاحه وديانته، جمعاً بين قوله وأقوال الأئمة الآتية ـ، لكن قال أحمد (أرجو أن يكون صالح الحديث) ،وقال مرةً (ليس بذاك) ،وضعفه ابن معين، وأبو داود، والنسائي، وقال الدارقطني: كثير الوهم والمخالفة، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. ينظر: "سؤالات الحاكم للدار قطني" (261 رقم 445) ،"تهذيب الكمال" 22 / 329،"الميزان " 3 / 236، "موسوعة أقوال الإمام أحمد في الرجال " 3 / 121. وقال الحافظ ابن حجر ملخصاً أقوال من سبق: "صدوق يهم، ورمي برأي الخوارج " كما في "التقريب": (5150) . وعمران هذا روى الحديث عن قتادة، ولم أقف له على متابع، فهذا مظنة الضعف والغرابة. وذكر الإمام البرديجي كلاماً قوياً يبين فيه حكم الأحاديث التي يتفرد فيها أمثال هؤلاء الرواة عن الأئمة الحفاظ، فيمكن أن ينظر: "شرح العلل " 2 / 654،697،لابن رجب، ونحوه عن الإمام مسلم في مقدمة صحيحه 1/7.

وقتادة بلا ريب من كبار الحفاظ في زمانه، روى عنه جمعٌ كبير من الأئمة، كما قال الذهبي في "السير" 5/270:"روى عنه أئمة الإسلام، أيوب السختياني وابن أبي عروبة، ومعمر بن راشد، والأوزاعي، ومسعر بن كدام، وعمرو بن الحارث المصري وشعبة،. . . . ." ثم ذكر جملة منهم فأين هؤلاء من هذا الحديث؟ 3- حديث سلمان – رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في آخر يومٍ من شعبان، فقال "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء ". قالوا ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم؟! فقال: "يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه غفر الله له وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأما اللتان لاغنى بكم عنها: فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار، ومن أشبع فيه صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة ". أخرجه في صحيحه 3/191ح (1887) ، وهو حديث لا يصح، فقد سئل أبو حاتم عنه –"العلل" لابنه 1/249 – فقال: "هذا حديث منكر"،وقال ابن خزيمة ـ في الموضع السابق ـ: "إن صح الخبر"، وقال ابن حجر في إتحاف المهرة 5/561: "ومداره على علي بن زيد، وهو ضعيف". وخلاصة تضعيف هؤلاء الأئمة لهذا الخبر تعود إلى أمرين:

ـ ضعف علي بن زيد. ـ ومع ضعفه فقد تفرد به، كما قال الحافظ ابن حجر. وبهاتين العلتين يتضح وجه استنكار أبي حاتم ـ رحمه الله ـ. وقد ذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها، وفيها أربع روايات عن الإمام أحمد (رحمه الله) ، ذكرها ابن مفلح (رحمه الله) في (الآداب الشرعية 3/219) وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه. وقال ابن قدامة في "المغني" 3/294: "قال الإمام أحمد (رحمه الله) قوله: ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد: تقبّل الله منا ومنك، وقال حرب: سئل أحمد عن قول الناس: تقبل الله منا ومنكم؟ قال: لا بأس، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة، قيل: وواثلة بن الأسقع؟، قال: نعم، قيل: فلا تكره أن يقال: (هذا يوم العيد) ؟، قال: لا....". فيقال: إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسمٌ من أعظم مواسم الطاعات، وتنزل الرحمات، ومضاعفة الحسنات، والتجارة مع الله.. من باب أولى، والله أعلم. ومما يُستدَل به على جواز ذلك أيضاً: قصة كعب بن مالك – رضي الله عنه - الثابتة في الصحيحين من البشارة له ولصاحبه بتوبة الله عليهما، وقيام طلحة (رضي الله تعالى عنه) إليه. قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ ضمن سياقه لفوائد تلك القصة في "زاد المعاد" 3/585: " وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية، والقيام إليه إذا أقبل، ومصافحته، فهذه سنة مستحبة، وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية، وأن الأَوْلى أن يقال: يهنك بما أعطاك الله، وما منّ الله به عليك، ونحو هذا الكلام، فإن فيه تولية النعمة ربّها، والدعاء لمن نالها بالتهني بها ".

ولا ريب أن بلوغ شهر رمضان وإدراكَه نعمةٌ دينية، فهي أولى وأحرى بأن يُهنّأ المسلم على بلوغها، كيف وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله عز وجل ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول؟، ونحن نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر. وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ: " ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة، أو يندفع من نقمة: بمشروعية سجود الشكر، والتعزية ـ كذا في الموسوعة الفقهية التي نقلت عنها ـ، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك ... ) نقلاً عن الموسوعة الفقهية الكويتية، 14/99ـ100، وينظر: وصول الأماني، للسيوطي وقد بحثت عن كلام الحافظ في مظنته ولم اهتد إليه، وينظر: وصول الأماني، 1/83 (ضمن الحاوي للفتاوى) . خلاصة المسألة: وبعد هذا العرض الموجز يظهر أن الأمر واسع في التهنئة بدخول الشهر، لا يُمنع منها، ولا ينكر على من تركها، والله أعلم. هذا، وقد سألت شيخنا الإمام عبد العزيز بن ابن باز ـ رحمه الله ـ عنها قال: "طيبة"،وكذلك سألت شيخنا العلامة (محمد بن صالح العثيمين) رحمه الله عن التهنئة بدخول شهر رمضان، فقال: (طيبة جدّاً) ، وذلك في يوم الأحد 8/9/1416هـ، حال بحثي في هذه المسألة.

وقد سئل العلامة محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ (صاحب الأضواء) عن الصفة الشرعية للتهنئة برمضان والمناسبات الأخرى كالعيدين؟ فأجاب رحمه الله بجواب مطول، خلاصته: أنه لا يعلم صفة معينة في هذا الشأن إلا ما ورد في العيدين ـ كما سبق نقله ـ وأن الإنسان إذا اقتصر على الوارد كان أفضل، لكن لو ابتدأه غيره فلا حرج أن يجيبه من باب رد التحية بخير منها، فلو اتصل الإنسان على أخيه، أو زاره وقال له: نسأل الله أن يجعل هذا الشهر عونا على طاعته، أو يعيننا وإياكم على صيامه وقيامه، فلا حرج إن شاء الله، لأن الدعاء كله خير وبركة، لكن لا يلتزم بذلك لفظاً مخصوصاً، ولا تهنئة مخصوصة. نقلاً من شريط: (آداب الاستئذان) . أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا البحث، وما كان فيه من صواب، فإن كان كذلك فمن الله وحده، وإن أخطأت فأنا أهلٌ لذلك، وأستغفر الله وأتوب إليه، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. كتب أصله في شهر شعبان عام 1417هـ، وأعيدت كتابته وصياغته بإضافات كثيرة في 27/8/1422هـ

الاشتراك في جمعيات المآتم

الاشتراك في جمعيات المآتم المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/مسائل متفرقة التاريخ 3/9/1424هـ السؤال ما حكم الاشتراك في جمعيات المآتم؟ وذلك بأن يتفق مجموعة من الناس تربطهم رابطة نسب على أن يدفعوا مبلغا من المال كل شهر، على أن تدفع قيمة من المبلغ متفق عليها لكل من حدث له حالة وفاة، مع العلم أن الجمعية تتكفل بمصاريف المأتم لمدة أربعة أيام متتالية. أرجو منكم الإجابة بالتفصيل مع الأدلة الشرعية. الجواب إنشاء جمعيات للمآتم أو الاشتراك بها حرام، لا يجوز، وبدعة محدثة في الدين، حيث لم تكن من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم- من قريب أو بعيد، فما يتعلق بالميت من الصلاة عليه وتكفينه ودفنه، وتعزية أقاربه، كل هذا من العبادات المحضة المبنية على التوقيف، ولا يجوز فيها الاجتهاد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" البخاري (2697) ، ومسلم (1718) ، والله تعالى يقول:"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر: 7] والسنة أن يعزى أهل الميت، وأن يصنع لهم طعام يأكلونه، لأنهم قد شغلوا بميتهم عن أنفسهم في مدة العزاء، والمعمول به في هذه العصور كما في السؤال خلاف السنة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- في معركة مؤته قال: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم" أحمد (1751) ، وأبو داود (3132) ، وابن ماجة (1610) ، والترمذي (998) ، وقال حسن صحيح وكذلك حسنه الألباني، ودفع النقود لأهل الميت لا يجوز، إلا إن كانوا فقراء، فتدفع إليهم لفقرهم، لا بسبب موت صاحبهم. وفقنا الله وإياك للقول النافع والعمل الصالح. آمين.

البدع أشد أم المعاصي؟

البدع أشد أم المعاصي؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/مسائل متفرقة التاريخ 13/3/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: هناك من يقول: إن اتباع الجماعات مثل الإخوان والتبليغ أشد من أهل الكبائر؛ لأن هؤلاء عندهم بدع، والبدعة أشد من الكبيرة، وعلى هذا فالشاب المهمل في أداء الصلاة مثلاً، والشارب للخمر، والمفرط في أداء بعض الواجبات، والذي لا يلتزم بالدين عموماً أو كما يقولون (عادياً) أفضل، وأهون من أولئك الواقعين في البدع، فهل هذا القول مبني على علم صحيح؟ أتمنى إجابة علمية تأصيلية مفصلة قدر الاستطاعة. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب

كل فرقة تحمل لواء بدعة من البدع في دين الله، أو منهجاً عقدياً منحرفاً عن جادة الصواب، فلاشك أن اتباع مثل هذه الفرقة أضر على الدين من فعل المعصية؛ وذلك لأن البدع تقدح في عقيدة المسلم، وتهوي بصاحبها في جهنم، روى في حديث معاوية - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة، وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء، كما يتجارى الكَلَب لصاحبه، فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله" رواه أبو داود (4597) وأحمد (16490) ، وأما المعاصي فإن كانت من صغائر الذنوب فكفارتها الاستغفار وفعل الطاعات، قال - تعالى-: "إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود:114] ، وإن كانت من كبائر الذنوب، فالتوبة تجبُّ ما قبلها، وفي الحديث: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" رواه ابن ماجة (4250) عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، ولذلك رُوي عن عبد الله بن مسعود وقيل: ابن عمر - رضي الله عنهم-: "لئن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً"، رواه عبد الرزاق في مصنفه (15929) وذلك لأن الحلف بالله كاذباً معصية ترتقي إلى درجة الكبائر، والحلف بغير الله شرك أصغر إذا لم يقصد المرء بحلفه بغير الله التعظيم، ومع ذلك فقد جعل ابن مسعود - رضي الله عنه- المعصية التي هي من كبائر الذنوب دون ما هو شرك أصغر، وهذا هو مصداق قول الحق - سبحانه-: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء:48] ولذلك روي عن بعض السلف قوله لابنه لما رآه يخرج من بيت مبتدع: والله لئن أراك تخرج من حانة خمار أحب إلي من أن أراك تخرج من بيت هذا المبتدع، ثم تأمل أخي المسلم أن العاصي بذنبه مآله التوبة والاستغفار، وما أكثر قوافل التائبين بينما مآل أهل البدع إفساد غيرهم وتدمير المجتمع بانحرافهم

عن جادة الحق، ونشر بدعهم وضلالاتهم، ولله در ابن عباس- رضي الله عنهما- حيث يقول: "ما أحدث في الأرض بدعة إلا رفعت محلها سنة".

إحداد الأقارب على ميتهم أربعين يوما

إحداد الأقارب على ميتهم أربعين يوماً المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/مسائل متفرقة التاريخ 7/10/1424هـ السؤال توفي أحد أقاربي، وبقي على حفل زفافي ما يقارب العشرين يوماً ... أواجه صعوبة في إقناع أقاربي بحضور زواجي، بحجة أن الأربعين يوماً لم تنته بعد! فما قصة هذه الأربعين وهل هي بدعة؟ وإذا أخَّرت حفل زفافي بعد الأربعين فهل عليَّ إثم؟ أرجو توجيهي لطريقة أنصح بها أقاربي. . . وجزيتم خيراً؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإنه لم يثبت لا في الكتاب ولا في السنة تحديد أيام معينة ينتظرها أهل الميت بعد موته حداداً عليه أو انتظاراً للتعزية، إلا ما ورد في شأن المرأة التي تحد على زوجها مدة عدتها، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً" البخاري (1280) ، ومسلم (1486) من حديث أم حبيبة - رضي الله عنها-. وأما الحامل فإذا انقضى حملها سقط وجوب الإحداد عليها. وأما من يحدد مدة بعد وفاة القريب مثل أربعين يوماً أو أكثر أو أقل فهذا من البدع التي لا أصل لها في الكتاب ولا في السنة، فعليك ببيان ذلك لأقربائك، ومن أصرَّ منهم فربما اعتقد أن ذلك من الدين فعليه بالدليل، لأن الدين لا يؤخذ من العادات والتقاليد، إنما يؤخذ من الأدلة الشرعية. وأما إذا أخَّرت زواجك من أجل أن يتمكَّن أقرباؤك من الحضور، وخشية من حصول بعض المفاسد كقطيعة الرحم ونحوها فلا إثم عليك - إن شاء الله - إذا كان هذا التأخير عن غير اعتقاد منك بالمدة المذكورة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

شرب غسيل ملابس الميت

شرب غسيل ملابس الميت المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/مسائل متفرقة التاريخ 19/11/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: سؤالي: توفي لي ابن في الجامعة الأسبوع الماضي وأشار عليَّ كثير من الناس بغسل ثوبه أو غترته أو طاقيته وشرب مائها حتى يذهب الحزن، وقد شككت في ذلك ولم أفعل خشية أن تقدح في عقيدتي واتكلت على الله إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، فهل مشورتهم صحيحة أم خاطئة لأنصح الناس؟ وفقكم الله وسدد خطاكم. الجواب الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وآله وصحبه. من ابتلي بمصيبة كفقد حبيب أو قريب أو مصيبة أخرى من مصائب الدنيا فالواجب عليه الصبر والاحتساب وذلك بكبح نفسه عن الجزع والتسخط، فليؤمن بالله وليرضى بحكمه سبحانه كما قال:"ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه" [التغابن: 11] قال بعض السلف: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. ومجرد الحزن أمر طبيعي لا إثم على الإنسان به، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-:"إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا" البخاري (1303) ومسلم (2315) ، وما يحصل للإنسان من حزن بسبب المصيبة هو مما يكفِّر الله به عنه، كما في الحديث الصحيح:"لا يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها عنه" البخاري (5641) ومسلم (2573) أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-، وقال -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر -رضي الله عنه-:"ألست تحزن ألست تنصب ألست تصيبك اللأواء فذلك مما تجزون به" أحمد (68) .

وما ذكرت من أن بعض الناس أشار عليك أن تغسل شيئاً من ملابس ابنك -جبر الله مصيبتك- وأن ذلك مما يذهب بالحزن أو يخففه فهذا لا أصل له في الشرع وهو عمل قبيح، لأن الثوب لا بد أن يشتمل على الوسخ، فشرب مثل هذا فيه قذارة وربما كان سبباً في حدوث مرض نفسي أو مرض عضوي، وقد أحسنت في رفضك للفكرة الخاطئة، وقد وفقك الله حيث توكلت على ربك ولم تستجب لهذه الخرافة، والله تعالى هو حسب من توكل عليه كما قال:"ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [الطلاق:3] ، فالمقصود أن الواجب على من تصيبه مصيبة أن يصبر ويسلم ويحتسب مصيبته ليظفر بأجر ذلك وحسن عاقبته، نسأل الله أن يعوضك عن ابنك خيراً، إنه تعالى على كل شيء قدير، والله أعلم.

ما هي البدعة الحسنة

ما هي البدعة الحسنة المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/مسائل متفرقة التاريخ 21/10/1423هـ السؤال من مِنْ العلماء قال بتحسين البدع؟ وهل الخلاف بين الشاطبي والعز بن عبد السلام في التقسيم لفظي؟ أرجو الإجابة بالتفصيل، لأنني طالب في كلية الشريعة. الجواب هذه المسألة ليست من مسائل الفتوى. وتحرير المسألة يحتاج إلى بحث، والنص قد ورد بذم البدع ولا يجوز أن يقيد النص إلا بنص أو إجماع. ولكن الخلاف حول المعنى المراد بالبدعة المذمومة. فقد يُتفق على جواز فعل ويُختلف في تسميته هل يسمى بدعة أم لا؟ وهذا الذي يسمى بالاختلاف اللفظي فيكون الفعل في صورته بدعة وفي حقيقته يستند إلى دليل إما خاص، وإما عام، وأما الفعل الذي لا يشهد له أصل عام ولا دليل خاص فهو بدعة مذمومة. وتحرير المسألة في كتب العلماء، ويراجع كتاب (حقيقة البدعة وأحكامها) للدكتور: سعيد بن ناصر الغامدي. والله الموفق.

حمل الشعلة النارية في الافتتاح الرياضي

حمل الشعلة النارية في الافتتاح الرياضي المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/مسائل متفرقة التاريخ 23/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم الجري مع حمل شعلة النار في حفلة الافتتاح الرياضية؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ينبغي أن يُسأل: هل لحملها معتقد معين أو أصل في ديانة من الديانات؛ أم هي عادة وعرف في مثل هذه الاحتفالات؟ فإن كانت الأولى فلا يجوز؛ لما ثبت من تحريم موافقة المشركين في خصائص عباداتهم, ومشابهتهم في شعائرهم الخاصة بهم، ومن ذلك النهي سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم- لمن نذر أن ينحر إبلاً ببوانة، فسأله هل فيها صنم من أصنام الجاهلية، أو عيد من أعيادهم، قالوا: لا، قال صلى الله عليه وسلم: "هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ "، قالوا: لا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم"رواه أبو داود (3313) ثابت بن الضحاك-رضي الله عنه-، وبسط ذلك في كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) لابن تيمية - رحمه الله-، وإن كانت الأخرى بأن كانت عادة وعرفاً جرت عليها المحافل الرياضية، ومنظماتها، فلا أرى بأساً في فعلها؛ لأنها ليست شعاراً خاصاً للكفار في شيء من عاداتهم ودياناتهم، وإنما هي شعار خاص لهذه المناسبات، فهي مقيدة بها مبتكرة لأجلها غير مقصود أن يكون خاصاً بأمة أو أهل ديانة ... إلخ، فهي إلى أعراف الأنظمة أقرب. والله الموفق.

تبليغ السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

تبليغ السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/مسائل متفرقة التاريخ 05/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ، بعض الإخوة يقولون لي عند سفري إلى المدينة بلغ السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأي فضيلتكم بهذا، وهل يجوز لي إبلاغ السلام؟ والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

إرسال السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، مع من يسافر إلى المدينة لا أصل له، فلم يكن من عادة السلف الصالح من الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعين وأهل العلم إرسال السلام، ولم ينقل عن أحد منهم شيء من ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يُبلَّغُ صلاة أمته وسلامها عليه، كما في الحديث الصحيح: "لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ". أخرجه أبو داود (2042) . وفي لفظ: "فإنَّ تَسْلِيمَكُمْ يَبْلُغُنِي أَيْنَمَا كُنْتُمْ". أخرجه أبو يعلى (469) . وعلى هذا فالتعبد بإرسال السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بدعة، بل ولا يشرع إرسال السلام إلى الميت، وإنما يسلم على الميت من يزوره، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، يزور أهل البقيع ويسلم عليهم ويدعو لهم، ويُعلِّمُ أصحابه، رضي الله عنهم، كيف يقولون إذا زاروا القبور، كقوله صلى الله عليه وسلم: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ". أخرجه مسلم (975) . وإنما يبلغ السلام من الغائب للحي. والمقصود أن الله يسَّر على هذه الأمة أن يصلوا ويسلموا على نبيهم صلى الله عليه وسلم، ويكثروا من ذلك في أي بقعة من الأرض، وقد ورد أن الله وكّل بقبره صلى الله عليه وسلم ملائكة يبلغونه من أمته صلاتهم وسلامهم عليه- انظر مسند البزار (1425، 1426) ، وصحيح الترغيب والترهيب (1664-1667) . صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.

مجالسة المبتدعة

مجالسة المبتدعة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/مسائل متفرقة التاريخ 10/08/1426هـ السؤال جاءت عن السلف آثار كثيرة في إلحاق المصاحب للمبتدع أو المجالس له بحكم المبتدع نفسه، فهل هذا الحكم على الحقيقة أم على سبيل التنفير والزجر من مجالسة المبتدعين، وما الفرق بين الأمرين؟ وهل هذه الآثار تحمل على كل مجالسة، أم ينظر في أسباب المجالسة عند الحكم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

قال الله تعالى: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم" [النساء: 140] ، ففي هذه الآية دلالة صريحة على أن من جلس في مجلس يكفر فيه بآيات الله ويُستهزأ بها فإنه مثل أولئك الكافرين المستهزئين، وهكذا يقال في مجالسة المبتدع في حال تكلمه ببدعته ودعوته إليها، فإن الذي يجلس معه وهو يتكلم بالباطل ويضلل الناس هو مثله؛ لأن قعوده معه -من غير نكير- يدل على رضاه عنه ورضاه بالباطل، فمن لم يستطع أن يمنع المنكر فعليه ألا يحضره، بل يقوم من المجلس الذي يُعصى الله فيه، أما إذا لم يتكلم المبطل بباطله من كفرٍ أو بدعةٍ أو معصية فالجلوس حينئذ يختلف حكمه باختلاف المقاصد والأسباب والآثار، فقد يكون مشروعاً كما إذا قصد التآلف والدعوة من غير أن يخشى الإنسان ضرراً يلحقه في دينه، وقد يكون مكروهاً، وقد يكون مباحاً إذا كان لحاجةٍ مباحة، وقد يكون الجلوس حراماً إذا ترتب على ذلك مفسدةٌ في الدين تلحق الشخص المجالس أو غيره ممن يقتدي به، وهجر العصاة والمبتدعة تارة يكون لاتقاء شرهم وتارة يكون للإنكار عليهم وزجرهم ليتوبوا، وما جاء عن السلف من التحذير عن مجالسة أهل البدع إنما ذلك لأجل ما يُخشى من شرهم لتأثيرهم على من يجالسهم، وأكثر الناس ليس عندهم من العلم وقوة الإيمان ما يكون واقياً لهم من شر المبتدعين ودعاة الضلال، وكما قيل الوقاية خير من العلاج، والله أعلم.

أخذ الحكم الشرعي من المنامات!؟

أخذ الحكم الشرعي من المنامات!؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/مسائل متفرقة التاريخ 17/07/1426هـ السؤال كثير من أهل البدع يحتجون على بدعتهم بأنهم رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام وأقرهم على ذلك، فما هي ضوابط رؤية النبي صلى الله عليه وسلم؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: من الأمور المتقررة لدى العلماء أن الأحكام والأوامر والنواهي لا تؤخذ عن طريق الرؤى والمنامات، وأن من رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في منامه يأمره بفعل أو ينهاه فعليه أن يعرض ذلك على شريعته فما وافقها فهو حق، وما خالفها فالخلل من الرائي، قال الإمام القرافي في الفروق: "إخباره صلى الله عليه وسلم في اليقظة مقدم على الخبر في النوم لتطرق الاحتمال للرائي بالغلط.... فلو قال له عن حلال: إنه حرام، أو عن حرام: إنه حلال، أو عن حكم من أحكام الشريعة، قدمنا ما ثبت في اليقظة على ما رأى في النوم" [ينظر: الفروق (4/245- 246) ] . وقال في الآداب الشرعية: "قال أبو زكريا النواوي: نُقل الاتفاق على أنه لا يُغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع… ولا يجوز إثبات حكم شرعي به...." [الآداب الشرعية (3/447) ] . وقال العلّامة المُعلِّمي - رحمه الله -: "اتفق أهل العلم على أنّ الرؤيا لا تصلح للحجة، وإنما هي تبشير وتنبيه، وتصلح للاستئناس بها إذا وافقت حُجّة شرعية صحيحة" [التنكيل (2/242) ] . وبهذا يتبين ضلال أهل البدع والصوفية الذين يزعمون أنهم رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه أمرهم ونهاهم بأمور تخالف الشريعة أو لم تثبت في الشريعة، لأن الرؤى لا يُعول عليها في إثبات الأحكام الشرعية.

وأما حديث: "من رآني في المنام". فقد أخرجه البخاري (110) ومسلم (2266) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي". وللعلماء في تفسير هذا الحديث أقوال أُجملها فيما يلي: 1- أن المراد بهذا الحديث أن من رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- في منامه على صورته المعروفة وأوصافه الجسمانية التي دلت عليها الأحاديث فكأنه رآه في اليقظة، وكان محمد بن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: صف لي الذي رأيته فان وصف له صفة لا يعرفها قال: لم تره" ذكره البخاري في الصحيح معلقاً وسنده صحيح. وأخرج الحاكم (8186) من طريق عاصم بن كليب: حدثني أبي، قال: قلت لابن عباس: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام، قال: صفه لي، قال: ذكرت الحسن بن علي فشبهته به. قال: قد رأيته. وسنده جيد. وقال القاضي عياض: "يحتمل أن يكون معنى الحديث: إذا رآه على الصفة التي كان عليها في حياته لا على صفة مضادة لحاله، فإن رؤي على غيرها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة، فإن من الرؤيا ما يخرج على وجهه، ومنها ما يحتاج إلى تأويل". 2- وذهب بعض العلماء إلى أن المراد بهذا الحديث أن كل من رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام فإنه يراه حقيقة، سواء كانت رؤيته على حقيقته المعروفة أو غيرها، قال القرطبي: "الصحيح في تأويل هذا الحديث أن مقصوده أن رؤيته في كل حالة ليست باطلة ولا أضغاثا بل هي حق في نفسها، ولو رؤي على غير صورته فتصور تلك الصورة ليس من الشيطان بل هو من قبل الله".

3- وذهب بعض العلماء إلى أن هذا الحديث خاص بأهل عصره صلى الله عليه وسلم ممن آمن به قبل أن يراه، قال المازري: " إن كان المحفوظ: " فسيراني في اليقظة " احتمل أن يكون أراد أهل عصره ممن يهاجر إليه، فإنه إذا رآه في المنام جعل ذلك علامة على أنه يراه بعد ذلك في اليقظة وأوحى الله بذلك إليه صلى الله عليه وسلم". 4- وذهب بعض العلماء إلى أن هذا الحديث خاص بالصحابة الذين رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وعرفوا صفته، فمن رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم في منامه بعد وفاته فإنه رآه حقاً؛ لأنهم رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وعرفوه، ويشعر بهذا قوله: "من رآني"، قال ابن جزي المالكي: "تنبيه: قال صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي"، وقال العلماء: لا تصح رؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم- قطعاً إلا لصحابي رآه حافظ صفته حتى يكون المثال الذي رآه في المنام مطابقاً لخلقته صلى الله عليه وسلم" [ينظر القوانين الفقهية لابن جزي (ص 379) ] . وقال الإمام القرافي: " قال العلماء: إنما تصح رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- لأحد رجلين أحدهما صحابي رآه فعلم صفته فانطبع في نفسه مثاله فإذا رآه جزم بأنه رأى مثاله المعصوم من الشيطان، فينتفي عنه اللبس والشك في رويته عليه السلام، وثانيهما رجل تكرر عليه سماع صفاته المنقولة في الكتاب حتى انطبعت في نفسه صفته عليه السلام، ومثاله المعصوم كما حصل ذلك لمن رآه فإذا رآه جزم برؤية مثاله عليه السلام كما يجزم به من رآه فينتفي عنه اللبس والشك في رؤيته عليه السلام، وأما غير هذين فلا يحصل له الجزم، بل يجوز أن يكون رآه عليه السلام بمثاله، ويحتمل أن يكون من تخييل الشيطان، ولا يفيد قول المرئي لمن يراه أنا رسول الله، ولا قول من يحضر معه هذا رسول الله؛ لأن الشيطان يكذب لنفسه ويكذب لغيره ... "، هذا والله أعلم.

إطلاق البدعة على المسائل الاجتهادية

إطلاق البدعة على المسائل الاجتهادية المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/مسائل متفرقة التاريخ 25/03/1427هـ السؤال هل كل ما قام على أصل ضعيف من العبادات يدخل في مفهوم البدعة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن كل عبادة استندت إلى أصل صحيح فإنها لا تكون بدعة من هذا الوجه. وكذلك كل عباده استندت إلى أصل باطل فهي بدعة. لكن الأصل الضعيف منه ما هو شديد الضعيف فيلحق بالأصل الباطل، ومنه ما يكون ضعفه مما ينجبر فهذا لا يجزم بإلحاقه بالأصل الباطل، ومنه ما يكون ضعفه محتملاً للانجبار ومورداً لاجتهادات العلماء. والمقصود أن الضعف درجات، ومن الأمثلة على ذلك الحديث الذي اختلف الأئمة في تضعيفه وتحسينه، وكذا القياس الذي يتفاوت العلماء في إعماله وإهماله. ومن ذلك أيضاً الاختلاف الحاصل في الاستدلال بالعمومات والمفاهيم والتأويلات، فإنها دلالات تحتمل القبول والرد في أغلب الأحيان. والقاعدة المحكمة في هذا الباب: أن الابتداع لا يدخل في الأمور الاجتهادية، فمتى صحَّ تصنيف الخلاف تحت باب الاجتهادات لم يجز إطلاق وصف البدعة على أحد القولين. ومن الأمثلة على ذلك الخلاف في وضع اليدين في الصلاة بعد الرفع من الركوع، والتسبيح بالمسبحة، ومسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء. فهذه المسائل لا يدخلها الابتداع من هذا الوجه، ولا يقال لمن أخذ بأحد القولين إنه مبتدع؛ نظراً لكونها من المسائل الاجتهادية. والله أعلم.

المعجزات والكرامات

رؤية المهدي المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/المعجزات والكرامات التاريخ 8/6/1424هـ السؤال إحدى الفتيات، وذكر اسمها في الجرائد، وقيل إنها قد رأت المهدي، فهل هذا من الممكن؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. وبعد: فهذه الفتاة التي زعمت الجرائد عنها أنها رأت المهدي، هل هذه الرؤية رؤية عين أو منامية؟ وهل تعرف المهدي حتى تحكم بأنه هذا الذي رأت؟!! وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الله تبارك وتعالى يبعث في آخر الزمان خليفة يكون حكماً عدلاً، يلي أمر هذه الأمة من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم- من سلالة فاطمة يوافق اسمه اسم الرسول - صلى الله عليه وسم- واسم أبيه اسم أبي النبي - صلى الله عليه وسلم- وقد وصفته الأحاديث بأنه أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً وظلماً. انظر مثلاً ما رواه الترمذي (2231-2232) ، وأبو داود (4282-4285) من حديث ابن مسعود وأبي سعيد الخدري -رضي الله عنهما- فليس كل من كان اسمه محمد بن عبد الله أجلى الجبهة، أقنى الأنف هو المهدي الموعود في الأحاديث. وليس الناس هم الذين يبعثونه، بل يبعثه الله، ولا يعرف متى حتى تكتمل فيه المواصفات ومنها ولايته واستخلافه على المسلمين، وملؤه الأرض عدلاً بعد استخلافه بعد أن ملئت جوراً، وظهوره يكون قرب نزول المسيح عيسى بن مريم - عليه السلام-.

فنصيحتي لإخواني المسلمين عدم الاشتغال بمثل هذه الأمور لأنها مضيعة للوقت، وإنما عليهم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- للذي يسأل عن الساعة؟ قال له - صلى الله عليه وسلم-: "وماذا أعددت لها؟ " رواه البخاري (3688) ، ومسلم (2639) من حديث أنس -رضي الله عنه- فيجب أن نشغل أنفسنا بالسؤال عما أعددنا للساعة، أما الكبرى أو الصغرى، وهي موت الإنسان ومغادرته هذه الحياة، وقد كثر أدعية المهدي من قديم الزمان، فيجب الحذر وعدم الاهتمام والانشغال بمثل هذه الإشاعات. والله أعلم.

سماع الرسول السلام عند قبره

سماع الرسول السلام عند قبره المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- العقائد والمذاهب الفكرية/المعجزات والكرامات التاريخ 15/8/1423هـ السؤال هل عندما أسلم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند قبره يرد السلام؟ أفيدونا - جزاكم الله خيراً -. الجواب ورد سؤال مشابه على اللجنة الدائمة فأجابت عنه فإليك السؤال والإجابة. السؤال: هل يسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - كل دعاء ونداء عند قبره الشريف أو صلوات خاصة حين يصلى عليه كما في الحديث "من صلى علي عند قبري سمعته" إلى آخر الحديث، أهذا الحديث صحيح؟ أو ضعيف؟ أو موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ الجواب: الأصل أن الأموات عموماً لا يسمعون نداء الأحياء من بني آدم ولا دعاءهم كما قال - تعالى -: "وما أنت بمسمع من في القبور" [فاطر:22] ولم يثبت في الكتاب ولا في السنة الصحيحة ما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع كل دعاء أو نداء من البشر حتى يكون ذلك خصوصية له، وإنما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه يبلغه صلاة وسلام من يصلي ويسلم عليه فقط سواء كان من يصلي عليه عند قبره أو بعيداً عنه، كلاهما سواء في ذلك؛ لما ثبت عن علي بن الحسين بن علي - رضي الله عنهم - "أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيدخل فيها فيدعو فنهاه، وقال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم" أبو داود (2042) ، وأحمد (8804) بدون ذكر قصة علي بن الحسين - رضي الله عنهم -.

أما حديث "من صلى عليّ عند قبري سمعته ومن صلى عليّ بعيداً بلغته" انظر الضعيفة (203) فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، وأما ما رواه أبو داود (2041) بإسناد حسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام" فليس بصريح أنه يسمع سلام المسلم، بل يحتمل أنه يرد عليه إذا بلغته الملائكة ذلك، ولو فرضنا سماعه سلام المسلم لم يلزم منه أن يلحق به غيره من الدعاء والنداء. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، المجلد الأول، ص: 314] .

كشف الحجاب ورؤية الجان

كشف الحجاب ورؤية الجان المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/المعجزات والكرامات التاريخ 22/6/1424هـ السؤال هل صحيح أنه يوجد من البشر أناس مكشوف عنهم الحجاب، وبذلك يستطيعون أن يروا الجان؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب قضية الكشف: أصلها مصطلح صوفي، والكشف كشفان: أحدهما: لأولياء الرحمن؛ وهو ما يجريه الله تعالى من الكرامات على يد ولي من أوليائه لمصلحة في الدين، أو حاجة في الدنيا. والثاني: لأولياء الشيطان؛ وهو ما يدعيه بعض أهل الشطح من الكشوفات والتجليات للحضرة الإلهية، وكذلك ما يدعيه السحرة والممخرقون من انكشاف الحجب، وزوال الأسباب. وعليه فالمسؤول عنه هو من النوع الثاني، لأن الجان لا يمكن رؤيتهم بالصورة التي خلقوا عليها في هذه الدنيا، أما حين يتشكلون ويتصورون بصور بعض المخلوقات والحيوانات والطيور كما ثبت ذلك في النصوص، فإنه والحالة هذه يراهم كل أحد، لكن الشأن في معرفة أنهم في نفس اللحظة قد تشكلوا بهذه الهيئات. والله أعلم.

إغاثة الأولياء بعد موتهم

إغاثة الأولياء بعد موتهم المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/المعجزات والكرامات التاريخ 2/3/1425هـ السؤال سمعنا أحد الدعاة يقول: إن الأولياء قادرون على إغاثة الناس بأرواحهم بعد موتهم؛ لأنه قد ثبتت لهم الكرامات، والكرامة شيء خارق للعادة، والله -عز وجل- قدير على أن يعطيهم هذه القدرة، فما رأيكم؟ أرجو التفصيل لأهمية الموضوع. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فإن النصوص الشرعية قد جاءت ببيان أن لله –تعالى- أولياء؛ كقوله – سبحانه وتعالى-: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون" [يونس:62-63] ، وغير ذلك من الآيات الكريمة، والولي هو من والى الله –تعالى- وتقرَّب إليه بمرضاته وبموافقته فيما يحب – سبحانه-، والمؤمنون المتقون الذين هم أولياء الله –تعالى- يجعل الله لهم مخرجاً مما ضاق على الناس ويرزقهم من حيث لا يحتسبون، فيدفع الله عنهم المضار، ويجلب لهم المنافع، ويعطيهم الله –تعالى- أشياء من الكرامات، وخوارق العادات، وهذه الكرامات للأولياء ثابتة بالكتاب والسنة، كما وقع لعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد -رضي الله عنهما- وكما وقع لغيرهما من الصحابة –رضي الله عنهم- والتابعين، وأعظم الكرامات: الاستقامة على طاعة الله –تعالى- والالتزام بكتابه وسنة نبيه –صلى الله عليه وسلم-، ولذلك قال بعضهم: (كن طالباً للاستقامة لا طالباً للكرامة، فإن نفسك متحركة في طلب الكرامة، وربك يطلب منك الاستقامة) ،وليس من شأن الولي أن يتحدث بالكرامة، ويباهي بها، فإن ذلك من حب الظهور والسمعة، مما يتنافى مع أصل التقوى والولاية، فإذا ثبت حصول الكرامة لشخص فعندئذ نصدق بها، ولذلك ينبغي التثبت والتيقن، فما كل ما يتحدث به الناس ويتناقلونه في هذا الباب يكون ثابتاً وصحيحاً، وما ينقل من الخوارق عن غير المؤمنين المتقين – مما يقع لبعض الناس من المسلمين وغير المسلمين- فهو قضاء حاجات استدراجاً لهم في الدنيا، وعقوبة لهم في الآخرة، ووقوعه ممكن في الدنيا، ولا يستطيع الأولياء بعد موتهم أن ينفعوا أنفسهم ولا غيرهم، كما لا يستطيعون أن يدفعوا ضراً عن أنفسهم، ولا عن غيرهم، والله –تعالى- هو النافع الضار، المتفرد بإجابة الدعاء عند الاضطرار، فمن زعم أن أحداً من الخلق بيده شيء من ذلك خارج السنن الكونية التي أجرى الله –تعالى- الكون عليها، فهو مخطئ، ولذلك فالذي يتخذ

كائناً ما من الكائنات ولياً ونصيراً وكاشفاً عنه السوء، كل ذلك بالمعاني الخارجة عن نطاق السنن الطبيعية التي أوجدها الله -تعالى-، يكون السبب لاعتقاده ذلك: ظنه أن لهذا الكائن نوعاً من أنواع السلطة والتدبير، والتصرف بنظام الكون، فيكون بذلك قد جعله إلهاً مع الله أو من دون الله، فينبغي الحذر من ذلك. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

من معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم-

مِنْ معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/المعجزات والكرامات التاريخ 15/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. كثير من النصارى لا يؤمنون بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه -كما يعتقدون- لم يأت بنبؤات كثيرة في الماضي. وأنا أعرف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء بنبؤات كثيرة. فأرجو منكم تزويدي بقائمة توضح هذه النبؤات، وذكر أكبر عدد ممكن منها، مع توضيح مصدرها بذكر الآيات والسور. وإذا كانت من الحديث فأرجو إيراد الصحيح منها، أو تحديد درجة صحة الحديث، وفيما إذا كان يمكنني الوثوق به تمامًا. أرجو الإحاطة؛ فأنا في وضع بالغ الخطورة على ديني، لذا فأنا بحاجة ماسة لمساعدة منكم بهذا الخصوص، تزيل الشكوك وتكون حجة لي في دعوة الغير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أجرى الله على يد رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- معجزات باهرات وآيات مبصرات، إذا نظر إليها مريد الحق دلته على صدق من جاء بها، وأنه مرسل من عند الله، لأن هذه الآيات لا يمكن أن تُجرى على يد كذَّاب، وهذه المعجزات كثيرة جداً، وأُلِّفَ فيها المؤلفات، وتناولها العلماء بالجمع والدراسة. فمن هذه المعجزات ما يلي: 1- القرآن: وهو أعظم هذه المعجزات، بل وأعظم معجزات الأنبياء على الإطلاق، وهو القرآن الكريم والكتاب المبين، وهو آية تخاطب النفوس والعقول، وهو باقٍ دائم إلى يوم الدين لا يطرأ عليه التبديل ولا التغيير، قال الله تعالى: " وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" [فصلت:41ـ42] وقد تحدَّى الله به فصحاء العرب، وقد كانت الفصاحة والبلاغة وجودة القول هي بضاعة العرب، ولكنهم مع ذلك لم يأتوا بمثله. 2 ـ الإسراء والمعراج:

ومن آياته أيضا إسراء النبي -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في فلسطين، قال الله تعالى: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع العليم " [الإسراء:1] . ومن المسجد الأقصى عرج به إلى السماء، وهناك رأى من آيات الله الكبرى. وقد استعظم الكفار من قريش دعوى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حادثة الإسراء، حيث كانت القوافل تمضي الأسابيع في الذهاب إلى فلسطين والعودة منها، فكيف يتسنى لرجل أن يمضي ويعود في ليلة؟! ولكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرهم عن صفات المسجد الأقصى لما سألوه عنه، فأجابهم مع أنهم يعرفون أنه لم يذهب إليه قبل ذلك وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد رأيتني في الحِجْرِ وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربة ما كربت مثله قط، قال: فرفعه الله لي أنظر إليه ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به". أخرجه مسلم (172) . 3 ـ انشقاق القمر: وهذه المعجزة أيضاً من أعظم المعجزات، وقد سأل أهل مكة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر، قال الله تعالى:"اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر" [القمر:1ـ2] . وينقل الإمام ابن كثير الإجماع على حدوث هذه الآية. وجاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن أهل مكة سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر مرتين. أخرجه البخاري (3637) ومسلم (2802) وفي بعض روايات الحديث عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال: بينما نحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنى إذا انفلق القمر فلقتين، فكانت فلقة وراء الجبل وفلقة دونه، فقال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اشهدوا" رواها مسلم (2800) .

وقد شاهد انشقاق القمر الناس في أنحاء الجزيرة العربية، وقد ظن الكفار من أهل مكة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سحرهم، وقالوا: اسألوا المسافرين فإن محمدًا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، وفي اليوم التالي سألوا من وفد إليهم ممن كان مسافراً خارج مكة فأخبروهم أنهم رأوا القمر انشق. 4ـ تكثير الطعام: وهذه المعجزة وقعت مراراً منه -صلى الله عليه وسلم-، فمن ذلك:

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمَصًا، يعني: جوعًا- شَدِيدًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمَصًا شَدِيدًا، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ، فَذَبَحْتُهَا وَطَحَنَتْ الشَّعِيرَ فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِمَنْ مَعَهُ، فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ، فَصَاحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا-أي طعامًا- فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ، فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ، فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا، فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلَا تُنْزِلُوهَا وَهُمْ أَلْفٌ-كان عددهم ألف رجل- فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا،

وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ". أخرجه البخاري (4102) ومسلم (2039) . وحوادث تكثير الطعام كثيرة جداً، لكن هذا مثال منها يغني عن البقية. 5 ـ نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم: وقد حصلت هذه المعجزة أكثر من مرة في ظروف مختلفة منها: فقد جاء عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالزوراء ـ مكان في المدينة ـ دعا بقدح فيه ماء، فوضع كفه فيه، فجعل ينبع من بين أصابعه، فتوضأ جميع أصحابه، قال قلت: كم كانوا يا أبا حمزة؟ قال: كانوا زهاء الثلاثمائة. أخرجه البخاري (3573) ومسلم (2279) . 6 ـ كف الأعداء عنه: وهذه المعجزة حصلت للنبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مرة، سواء في مكة أو في المدينة أو في خارجهما، فمن ذلك: عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي زعم ليطأ على رقبته، قال: فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيده، قال: فقيل له مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقًا من نار وهولاً وأجنحة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا". قال: فأنزل الله -عز وجل- لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه: "كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى. أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ـ يعني أبا جهل ـ ألم يعلم بأن الله يرى كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية كلا لا تطعه" أخرجه مسلم (2797) .

وأيضا في غزوة حنين كما رواه سلمة بن الأكوع –رضي الله عنه- قال: فلما غشوا-أي الكفار- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم فقال:"شاهت الوجوه" فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة، فولوا مدبرين، فهزمهم الله -عز وجل- وقسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غنائمهم بين المسلمين. أخرجه مسلم (1777) . ومنها أيضاً: كما جاء عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- قال: غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة قبل نجد، فأدركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وادٍ كثير العضاه، فنزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحت شجرة، فعلَّق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"إن رجلًا أتاني وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده، فقال لي: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله، قال: فشام السيف فها هو ذا جالس". ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري (2910) ومسلم (843) . وغيرها كثير. 7 ـ إبراء المرضى: وهذا أيضاً وقع للنبي -صلى الله عليه وسلم- مرات عدة منها: انكسرت رجل عبد الله بن عتيك –رضي الله عنه- فأتى للرسول -صلى الله عليه وسلم- فمسحها فعادت كأن لم يصبها أذى. صحيح البخاري (4039) . ومنها أيضاً أن علي بن أبي طالب اشتكى عينيه، فبصق الرسول -صلى الله عليه وسلم- في عينيه، فبرأ كأن لن يكن به وجع. صحيح البخاري (3009) ومسلم (2406) . وغيرها كثير. 8ـ إخباره بالأمور المغيبة:

وهذا أيضاً حصل أكثر من مرة، فعلى سبيل المثال: أخبر باستشهاد قادة المسلمين الثلاثة -رضي الله عنهم- في معركة مؤته، واستلام خالد بن الوليد -رضي الله عنه- الراية من بعدهم في نفس اليوم الذي وقع فيه الحدث. صحيح البخاري (3757) . وعندما توفي النجاشي ملك الحبشة أخبر بوفاته في نفس اليوم. صحيح مسلم (953) . ومنها أيضاً إخباره بأماكن مصرع صناديد قريش في معركة بدر، كما جاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"هذا مصرع فلان". قال: ويضع يده على الأرض ههنا وههنا، قال: فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخرجه مسلم (1779) . هذه بعض المعجزات مع بيان مصادرها الأصلية، وقد اعتمدت في مصادرها على صحيح البخاري ومسلم، الذين هما أصح الكتب بعد القرآن الكريم. وهذه المعجزات والدلائل اشتهرت عند من شاهدها، بل وتناقلها الناس وحضرها جمع كبير أكثر ممن حضر معجزات المسيح عليه السلام.

بين كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء

بين كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/المعجزات والكرامات التاريخ 12/3/1425هـ السؤال هناك قول نسمعه وهو ما صح أن يكون معجزة لنبي صح أن يكون كرامة لولي، من قائل هذا الكلام؟ وما معناه؟ وهل هذا يعني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد شق له القمر وعرج به إلى السماء، وأن الولي الصالح يمكن أن يكون له هذه الكرامة أيضاً؟. أفيدونا بارك الله بكم. الجواب الحمد لله، معجزات الأنبياء وهي الآيات والبينات والبراهين على صدقهم، وكرامات الأولياء كلها من خوارق العادات، وكل الخوارق يرجع إلى نوع القدرة والتأثير، أو العلم، أو الغنى. فالخوارق تتنوع بحسب هذه المعاني، فمعجزات الأنبياء منها ما يكون علمياً، ومنها ما يكون من قبيل القدرة، ومنها ما يكون من قبيل الغنى، وهكذا كرامات الأولياء. وقول القائل: (ما صح أن يكون معجزة لنبي صح أن يكون خارقاً لولي) ، معناه: أن ما كان معجزة للنبي إن حصل مثله للولي فهو كرامة، وليس المقصود أن كل معجزة من معجزات الأنبياء يكون مثلها للأولياء، لكن إن حصل للولي من الخوارق ما يشبه بعض معجزات النبي فهو في حقه كرامة، وما كان كرامة لولي فإنه معجزة للنبي الذي يتبعه هذا الولي؛ لأنه إنما حصل له هذا الخارق بسبب اتباعه، فتكون الكرامة حجة على صحة الدين الذي هو عليه، وبهذا يعلم أنه لا يلزم أن كل خارق حصل لنبي يكون مثله لأحد من الأولياء، فانشقاق القمر وعروج النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحصل لغيره ولن يحصل. وقد ذكر شيخ الإسلام بن تيمية أن خوارق الأنبياء لا يقدر على مثلها أحد من البشر، فلا بد أن تتميز خوارق الأنبياء على كرامات الأولياء.

وأما صاحب هذه المقولة فأنا لا أعرفه، ويمكن الرجوع لمعرفته إلى الكتب المعنية بالمعجزات والكرامات مثل كتاب النبوات لابن تيمية. والله أعلم.

علم الأبراج

علم الأبراج المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/المعجزات والكرامات التاريخ 27/2/1425هـ السؤال أريد أن أستفسر عمن يهتم بتاريخ ميلاد الآخرين، بحجة أنه بذلك يعرف بعضاً من جوانب شخصية الآخرين لانتمائهم للبرج الفلاني، كأن يقول: إن من كان من برج (الأسد) فهو يمتاز بشخصية قيادية!، ويقول: إن شخصية برج (الدلو) تتعلق بـ (الجوزاء) ، وتكون علاقتهم قوية، وغيرها من التحليلات. كيف يمكنني أن أرد على هؤلاء بالدليل من القرآن والسنة؟ أرجو مساعدتي لأن الظاهرة واسعة الانتشار، ويقول من يعتقد بهذا الشيء أنه لا يؤمن بالأبراج من ناحية الحظوظ والغيبيات! ولكن يؤمن بأنه كل من ينتمون لبرج معين يشتركون في صفاتهم الشخصية! وأمر آخر بدأ يتفشى بحجة أنها فراسة، سمعت عن امرأة أنها ما إن تنظر إلى صورة شخص حتى تعطى تفاصيل عن شخصيته على الرغم من أنها لا تعرفه، وأنها شاهدت صورة لعروسين في حفلة زفافهما فقالت عن شخصيتهما ومدى قوة علاقتهما ستكون وغيرها من الأمور التي جعلت إحدى قريبات الزوجين تقول بتعجب: لقد ذكرت تفاصيل وكأنها عاشت معهما ... ! أرجو إفادتنا ... هل هذه المرأة لديها فراسة كما شاع بين الناس ... أم هي دجالة؟ -جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: من الأمور المقررة في عقيدة الإسلام أن الخلق والإيجاد والتدبير، وعلم الغيب مما يختص به الرب -تعالى- لا يجوز منازعته في ذلك، ولا أن يضاف ذلك إلى شيء من الخلق وبالتالي فإن الأبراج والأنواء، وكذا الأعوام والأيام هي ذوات مخلوقة مربوبة، وهي ظروف وأزمنة وأفلاك خلقها الله -تعالى- وأوجدها لحكم عظيمة، ولم يجعل إليها شيئاً من التأثير على الخلق بذواتهم أو صفاتهم، ومن حكم خلق النجوم، وهي أكثر ما يتعلق بها هؤلاء وغيرهم:

1- أنها الزينة للسماء 2- رجوماً للشياطين 3- علامات للمسافرين؛ قال -تعالى-: "وعلامات وبالنجم هم يهتدون" [النحل:16] ، وقال -تعالى-: "ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين" [الملك:5] ، وكون الإنسان يولد في نجم معين أو برج معين، لا علاقة لشقاوته أو سعادته بها، وبالتالي فمن اعتقد أن هذه الأبراج تؤثر بذاتها على الناس فذلك نوع من الشرك الأكبر وهو شرك في الربوبية؛ لأنه أضاف الخلق والتأثير إليها. ومن لم يعتقد ذلك ولكنه يخبر عن أحوال الناس، وماذا سيحصل لهم بناء على أبراجهم فهذا من التكهن وادعاء علم الغيب، وعلم الغيب اختص به الرب -تعالى-؛ قال تعالى: "قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله" [النمل:65] ، وقال -صلى الله عليه وسلم -: "خمس لا يعلمهن إلا الله، وقرأ: "إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير" [لقمان:34] .. الحديث رواه البخاري (50) ومسلم (9) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. أما دعوى أن الذين يولدون في برج معين فيكون بينهم قاسم مشترك من الصفات، فهذا مع كونه جرأة على الغيب، وربطاً للصفات بالأبراج، فهو أيضاً يكذبه الواقع، حيث ترى أشخاصاً ولدوا في يوم واحد، بل؛ ونجدهم أحياناً توأمين، ويكون بينهم من الاختلاف في صفاتهم وأخلاقهم الشيء الكثير، وعلى كل حال فالواجب الإعراض عن هذا المسلك، وعدم تصديق أدعيائه أو الاستماع إليهم، أو قراءة ما ينشرون، فكثير منهم جعل ذلك باباً لأكل أموال الناس بالباطل، والضحك على البسطاء والسذج من الناس. أما فيما يتعلق بحال تلك المرأة فإن الفراسة حق، وتثبت في كثير من الأحوال لأهل الإيمان والصلاح، ولكن لم يجعلوها مهنة أو عادة يتعرضون بها للناس فيميزون صفاتهم، ويقارنون بين بعضهم البعض، ولا يبعد عمن يمتهن هذه المهنة الدجل والشعوذة. والله أعلم.

هل هذه كرامة أم خرافة؟!

هل هذه كرامة أم خرافة؟! المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/المعجزات والكرامات التاريخ 17/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ماذا تقولون في شخص غير ملتزم بدين الله، يؤخذ إلى أحد المشايخ فيضع الشيخ يده على رأس هذا الشخص فيصبح ملتزما بالدين! هل هذا ممكن على ضوء كرامات الأولياء؟ فتكون من كرامات الشيخ أن يهتدي الناس على يده؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: من حكمة الله -تعالى- أن يخرق العادة المطردة التي جرت عليها سنة الله الكونية في ارتباط الأسباب بمسبباتها، ونتاج الآثار عنها، وتخلفها عند انعدامها يكون ذلك لولي من أولياء الله الصالحين لمصلحة في الدين أو حاجة في الدنيا، ولا يصح ادعاؤها من أي أحد أو التطلع إليها، أو تطلبها بالمجاهدات والرياضات، وإجهاد النفس بما لم يشرعه الله لأجل الحصول على الكرامات، وإنما الكرامة هي محض منة الله -تعالى- يؤتيها من يشاء بمقتضى حكمته، وكل من كان تقياً فهو لله -تعالى- ولياً، والمدح والحمد معلق على وصف التقوى لا على حصول الكرامة، إذ ليس من شرط الإمامة في الدين، والصلاح في القلب أن يكون لصاحبها كرامات، ولا يلزم من وجود الخوارق قد تحقق صاحبها بالتقوى، إذ بعض هذه الخوارق قد تكون من أفعال السحرة والكهان، ولا يعرف الفرق بينهما إلا من أنار الله بصيرته بالعلم النافع والمعتقد الصحيح، وهذه الحالة الواردة في السؤال لها تعلق بالقلوب، إذ هداية القلوب بيد علام الغيوب، ولو كان ذلك ممكناً لبشر لحصل لخير الناس محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم- الذي كان حريصاً على هداية الخلق ودعوتهم، وحريصاً على دعوة عمه أبي طالب حتى بذل له كل ما استطاع لأجل أن يسلم، حتى أنزل الله عليه: "إنك لا تهدي من أحببت" [القصص:56] .

فهذه دعاوى لبعض شيوخ الطرق الصوفية يزعمون أن من يتذلل للشيخ، وينطرح أمامه، ويقبل تربته، وربما حلق شعر رأسه إعلاناً للتوبة، فذلك علامة على توبته واستقامته، والحقيقة أن هذه ليست استقامة، ولا التزاماً، وإنما ارتكاس في التبعية لهذه الطرق البدعية، وانخراط في منهجها، ومن ثم يسمونه التزاماً واستقامة. والمشايخ المستقيمون على السنة هم الذين يهدون الناس بالبيان، والدليل، وينيرون لهم الطريق بالكتاب والسنة. وفق الله الجميع للزوم السنة والدعوة إليها، والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.

اهتزاز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه

اهتزاز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية العقائد والمذاهب الفكرية/المعجزات والكرامات التاريخ 07/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. ثبت في الحديث أن عرش الرحمن اهتز لموت سعد بن عبادة، رضي الله عنه، ما حقيقة هذا؟ وما المقصود منه؟ لأن عرش الرحمن أعظم من أن يهتز لموت أحد، مع عظيم احترامنا للصحابي الجليل، وجزاكم الله خيرًا. الجواب بسم الله، وصلى الله على رسوله ومصطفاه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اهتزاز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ- لا ابن عبادة- رضي الله عنهما، حقٌّ ثابت، وقع على كيفية نجهلها تليق بعظمة العرش ولا تقتضي نقصًا ولا عيبًا، ويجب على المسلم الإيمان بذلك يقينًا؛ لأن إيمانه به هو مقتضى شهادة أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أخبرنا بلسانه عن ذلك، قاله لصحابته، رضي الله عنهم، وسمعوه منه يقينًا؛ إذ الأحاديث عنه بذلك متواترة، ومعلوم أن المتواتر أثبت أنواع الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم، ولو لم يقله صلى الله عليه وسلم لما علمناه ولما قلنا به، ولو كان غير ثابت عنه صلى الله عليه وسلم لرددناه على قائله ولم نقبله منه؛ لأن الإخبار عن المغيبات لا سبيل إليه إلا من قبله صلى الله عليه وسلم؛ (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ

أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ) [الجن:27،26] . فيجب التسليم لخبره صلى الله عليه وسلم بالتصديق واليقين من غير حرج من خبره، ولا ضيق صدر به، والتسليم له تسليمًا تامًّا، (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) [النساء:65] . والمقصود من اهتزاز العرش الاستبشار بقدومه، رضي الله عنه. انظر كتب المتواتر وأقربها (نظم المتناثر من الحديث المتواتر) للكتاني.

كرامة المشي على الماء

كرامة المشي على الماء المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/المعجزات والكرامات التاريخ 10/10/1425هـ السؤال أستاذنا الجليل: هل هناك في تاريخ الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعين والأمم السابقة من كانت له كرامة السير على الماء؟ وهل يمكن أن يتكرر مثل هؤلاء الصحابة، رضي الله عنهم، أو التابعين في أمة محمد، صلى الله عليه وسلم- مرة أخرى؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم

حصل المشي على الماء مع الصحابي الجليل العلاء بن الحضرمي، رضي الله عنه، في مسيره إلى أهل الردة ونشر الإسلام، فساروا على الماء وهم يتحدثون دون أن يفقدوا شيئًا، وكذلك مع العلاء، رضي الله عنه، أيضًا حينما كان في الصحراء ليلًا ونفرت إبلهم وخيولهم، وباتوا بشر ليلة، وفي الصباح وبعد الصلاة دعا العلاء، رضي الله عنه، ربه، فجاءت سحابة وأمطرت حولهم لا تتعداهم، فجاءت إليهم إبلهم وخيولهم، وحصل ذلك أيضًا مع الصحابي سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، حينما عبر نهر دجلة على الماء حتى أذهل الحامية الفارسية المرابطة على الضفة الأخرى، فصاحوا: (ديواني) - أي مجانين- كيف تعبرون وسوف تغرقون. ولكنهم وصلوا إلى الضفة الأخرى دون أن ينال أحدهم أذى، حتى أنهم فقدوا كوب ماء لأحدهم، فجاء المد وألقاه إليهم، فلم يفقدوا شيئًا، وكان سعد، رضي الله عنه، مستجاب الدعوة، حيث دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم- له بقوله في غزوة أُحد: "اللهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إذَا دَعَاكَ". أخرجه الترمذي (3751) . والخير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، إلى يوم الدين، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "خَيرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الذين يَلُونَهُم، ثم الذين يَلُونَهُمْ". أخرجه البخاري (2652) ومسلم (2533) . فما أرجح حصول ذلك الآن، فعصر الصحابة، رضي الله عنهم، له ميزته، ولهم فضلهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ". أخرجه البخاري (3673) ومسلم (2541) . إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن لبعض الصحابة، رضي الله عنهم، كرامات، وقد نشرت بحثًا في مجلة جامعة الملك عبد العزيز، الآداب والعلوم الإنسانية، م (1417- 1997) ، بعنوان: (بشارات النبي صلى الله عليه وسلم) . وأيضًا في مجلة جامعة أم القرى بعنوان: (دلائل نبوية إلى الأحداث المستقبلية) . سوف ينشر- إن شاء الله تعالى.

الفتن والملاحم

رفع القرآن في آخر الزمان المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 18/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. ما معنى رفع القرآن الذي ورد في إحدى فتاوى الموقع أنه من العلامات الكبرى للقيامة؟.وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: فإن معنى رفع القرآن الوارد في علامات الساعة أنه يرفع من الصدور والمصاحف، فلا يبقى في الصدور منه آية، ولا في المصاحف منه حرف، وهذا هو الذي عناه العلماء بقولهم: (منه بدأ وإليه يعود) ،وقد ورد من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها" أخرجه ابن ماجة في سننه/ كتاب الفتن، باب ذهاب القرآن والعلم برقم (4048) ، والحاكم في المستدرك (4/473) ، وصححه ووافقه الذهبي، وأورده ابن حجر في شرحه الفتح (13/16) ، وعزاه إلى ابن ماجة وقوى إسناده ثم قال: "وعند الطبراني عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- ولينزعن القرآن من بين أظهركم يسرى عليه ليلاً فيذهب من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شيء" قال ابن حجر وسنده صحيح لكنه موقوف. وانظر للمزيد مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (3/174، 3/198، 6/529) ، وانظر لوامع الأنوار البهية للسفاريني (2/131-132) . والله الموفق.

نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان

نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 19/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. نحن نؤمن أن عيسى -عليه الصلاة والسلام- سيكون من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما ينزل إلى الأرض، وسوف يتبع شريعة القرآن. هل هذا صحيح؟ أرجو تقديم بعض الأدلة من القرآن والسنة على كون عيسى- عليه السلام- من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وبعد:

فإن نبينا محمداً -صلى الله عليه وسلم- هو آخر الأنبياء والمرسلين لم يجعل الله –تعالى- بعده نبياً يقوم مقامه ويغني غناءه، وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم بأمور من الغيب كثيرة وقع منه أمور منها وبقيت أمور، ومما بقي أشراط الساعة الكبرى، والتي منها نزول عيسى -عليه السلام- الذي وقع بسبب رفعه إلى السماء وصلب شبيه له، فتنة عظيمة لبني إسرائيل ومن اتبع دين النصارى، حتى يومنا هذا، فاعتقدوا فيه العقائد الباطلة ونسبوه ابنا لله –تعالى- وعبدوا ما ظنوا أنه صلب عليه، وقد بين الله الحق في شأنه في آيات كثيرة منها ما جاء في سورة مريم ومنها ما جاء في سورة النساء "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً" [النساء:159] ، وجاءت أحاديث كثيرة في شأن نزوله في آخر الزمان بلغت حد التواتر، ومنها ما جاء في الصحيحين وغيرهما عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة – رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ" البخاري (2222) ، ومسلم (155) ، زاد عند مسلم: وفي رواية ابن عيينة: "إماماً مقسطاً، وحكماً عدلاً". وفي رواية يونس: "حكماً عادلاً". ولم يذكر "إماما مقسطاً". وفي حديث صالح: "حكماً مقسطاً" كما قال الليث، وفي حديثه من الزيادة: "وحتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها". صحيح البخاري (3448) . ثم يقول أبو هريرة- رضي اله عنه-: (اقرؤوا إن شئتم وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته) ، وعند أبي داود (4324) ، وابن ماجة (4078) ، وأحمد في مسنده (9270) واللفظ له من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ

أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلًا مَرْبُوعًا إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ وَتَقَعُ الْأَمَنَةُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الْأُسُودُ مَعَ الْإِبِلِ وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لَا تَضُرُّهُمْ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ"، وفي صحيح مسلم (1252) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا "، وفي صحيح مسلم أيضاً (2937) الحديث الطويل الذي فيه تفصيل لبعض أحوال ذلك الحدث الكبير عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: "ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ؟ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَقَالَ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ

دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِي كُنُوزَكِ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ

الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمْ اللَّهُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ فَيَغْسِلُ

الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنْ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنْ النَّاسِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ "، ومن النصوص الدالة على أنه يحكم بالإسلام ما جاء في أبي داود (4324) ، وأحمد (9270) ، وابن أبي شيبة (37526) بسند صحيح، عن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: " لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ يَعْنِي عِيسَى وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ "، والأحاديث الصحيحة في هذا كثيرة بلغت حد التواتر، وقد جمعها في كتاب نفيس العلامة محمد أنور شاه الكشميري، سماه التصريح بما تواتر في نزول المسيح، وقد اعتنى به وحققه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.

الرايات السود في أحاديث الفتن

الرايات السود في أحاديث الفتن المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 23/7/1423هـ السؤال ما تحقيق القول في مرويات الرايات السود الواردة في أحاديث الفتن المرفوعة والموقوفة؟ وكذا الأحاديث التي ورد فيها ذكر السفياني؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: إن أحاديث وروايات ظهور (الرايات السود) و (السفياني) من الأحاديث التي تعددت طرقها وألفاظها في كتب الملاحم وأشراط الساعة، حتى إن طرقها لتكاد تملأ مصنفاً كاملاً، وقد فرح بها فرق وطوائف، فزادوا فيها، وما زالوا!! ومن طالع تلك الأحاديث تذكر قول الإمام أحمد:"ثلاثة كتب ليس لها أصول: المغازي، والملاحم، والتفسير" (الجامع) للخطيب رقم (1536) ، وهو يعني بذلك: كثرة الكذب والروايات المردودة في هذه الأبواب الثلاثة، وقلة ما يصح فيها من الأحاديث. فحديث (الرايات السود) له طرق وألفاظ بالغة الكثرة، وقد امتلأ بها كتاب (الفتن) لنعيم بن حماد. لكني لم أجد فيها حديثاً صالحاً للاحتجاج، لا مرفوعاً، ولا موقوفاً على أحد الصحابة. وأقوى ما ورد فيها من المرفوع -وليس فيها قوي-، الأحاديث التالية: أولاً: حديث ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من خراسان فأتوها، فإن فيها خليفة الله المهدي"، وله ألفاظ أخرى مطولة. وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد (5/277) من طريق شريك بن عبد الله، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي قلابة، عن ثوبان به. وهذا إسناد منقطع، حيث إن أبا قلابة لم يسمع من ثوبان شيئاً، كما قال العجلي رقم (888) . وقد ذكره ابن الجوزي من هذا الوجه في (العلل المتناهية رقم 1445) ، وأعله بعلي بن زيد بن جدعان.

وأخرجه ابن ماجة رقم (4084) ، والبزار في مسنده (المخطوط –النسخة الكتانية- 223) ، من طرق صحيحة عن عبد الرزاق الصنعاني، عن الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، بنحوه مطولاً مرفوعاً. وقال البزار عقبه:"إسناده إسناد صحيح". وقال البيهقي عقبه في (الدلائل 6/515) :"تفرد به عبد الرزاق عن الثوري". قلت: إسناده أقل أحواله الحُسن في الظاهر، وحتى التفرد الذي ذكره البيهقي منتقض بما أخرجه الحاكم في (المستدرك 4/463-464) ، قال:"أخبرنا أبو عبد الله الصفار: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أورمة: حدثنا الحسين بن حفص: حدثنا سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان ... "، وقال الحاكم عقبه:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين". وقد نقل هذا الإسناد –كما ذكرته- الحافظ ابن حجر في (إتحاف المهرة 3/53 رقم 2513) ، مما يُبعد احتمال وقوع خطأ مطبعي فيه. وإسناد الحاكم رجاله ثقات، إلا محمد بن إبراهيم بن أورمة، فلم أجد له ذكراً، إلا في هذا الإسناد الذي صححه الحاكم. لكن للحديث وجه آخر أخرجه الحاكم (4/502) ، وعنه البيهقي في (الدلائل 6/516) ، من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان موقوفاً عليه غير مرفوع إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-. قلت: فمع هذا الاضطراب في إسناده، مع نكارة متنه، وعدم قيام إسناد من أسانيده، بتحمل هذا الحد من التفرد لا أستطيع أن أطمئن إلى قبول هذا الحديث، خاصة مع عبارات لبعض أئمة النقد، تدل على تضعيف الحديث من جميع وجوهه.

بل قد وقفت على إعلالٍ خاصّ واستنكار خاص لهذا الحديث على خالد الحذاء (مع ثقته) فقد جاء في العلل للإمام أحمد برواية ابنه عبد الله رقم (2443) : "حدثني أبي، قال: قيل لابن عُليّة في هذا الحديث: كان خالد يرويه، فلم يلتفت إليه، ضعف ابن عليّه أمره. يعني حديث خالد عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في الرايات" وانظر الضعفاء للعقيلي – ترجمة خالد بن مهران الحذاء – (2/351 رقم 403) والمنتخب من علل الخلال لابن قدامة (رقم 170) . ثانياً: حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً، حتى يأتي قوم من قبل المشرق، معهم رايات سود، فيسألون الخير، فلا يُعطونه، فيقاتلون فيُنصرون، فيُعطون ما سألوا، فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطاً، كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم، فليأتهم ولو حبواً على الثلج". أخرجه ابن ماجة (رقم 4082) ، والبزار في مسنده (رقم 1556-1557) ، والعقيلي في (الضعفاء) ترجمة يزيد بن أبي زياد (4/1494) ، وابن عدي، ترجمة يزيد بن أبي زياد (7/276) ، من طريق يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس النخعي، عن عبد الله بن مسعود به مرفوعاً. وقال عنه ابن كثير في (البداية والنهاية 9/278) :"إسناده حسن"، وحسنه الألباني أيضاً في (سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم 85) . قلت: وهو كما قالا عن إسناده، في الظاهر قابل للتحسين. لكن أول ما يلفت الانتباه إلى ما في هذا الإسناد من النكارة هو ما قاله البزار عقب الحديث، حيث قال:"وهذا الحديث رواه غير واحد عن يزيد بن أبي زياد، ولا نعلم روى يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود إلا هذا الحديث".

ومع هذا التفرد الذي صرح به ابن عدي أيضاً عقب الحديث، فإن المتفرد به –وهو يزيد بن أبي زياد- لئن رجحنا حسن حديثه، فإن مثله لا يحتمل التفرد بمثل هذا الإسناد والمتن. ولذلك ضعف هذا الحديث جماعة، وعدوه في مناكير يزيد بن أبي زياد. فقد قال وكيع بن الجراح –وذكر هذا الحديث-:"ليس بشيء". وقال الإمام أحمد:"ليس بشيء" أيضاً. وبلغ إنكار أبي أسامة حماد بن أسامة لهذا الحديث أن قال عن يزيد بن أبي زياد بخصوص روايته لهذا الحديث:"لو حلف عندي خمسين يميناً قسامة ما صدقته!! أهذا مذهب إبراهيم؟! أهذا مذهب علقمة؟! أهذا مذهب عبد الله؟! " (الضعفاء) للعقيلي (4/1493-1495) . ولما أنكر الإمام الذهبي هذا الحديث في (السير 6/131-132) ، قال بعد كلام أبي أسامة:"قلت: معذور والله أبو أسامة! وأنا قائل كذلك، فإن من قبله ومن بعده أئمة أثبات، فالآفة منه: عمداً، أو خطأ". لذلك فإن الراجح ضعف هذا الحديث بل إنه منكر. ومع هذه الأحكام من هؤلاء النقاد، لا يصح الاعتماد على المتابعة التي أوردها الدارقطني في (العلل) معلقة (5/185 رقم 808) ، وأنه قد رواه، عمارة بن القعقاع عن إبراهيم، موافقاً يزيد بن أبي زياد. وللحديث أوجه أخرى عن ابن مسعود –رضي الله عنه-، كلها ضعيفة، ومرجعها إلى حديث يزيد بن أبي زياد، كما يدل عليه كلام الدارقطني في العلل –الموطن السابق-. وانظر: الأحاديث الواردة في المهدي للدكتور: عبد العليم البستوي (قسم الصحيحة: 158-162، وقسم الضعيفة: 30-39) . ثالثاً: حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"تخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء، حتى تنصب بإيلياء" أخرجه الإمام أحمد (رقم 8775) والترمذي (رقم 2269) والطبراني في (الأوسط رقم 3560) ، والبيهقي في (الدلائل 6/516) ، كلهم من طريق رشدين بن سعد، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب، عن أبي هريرة به.

وأشار الترمذي إلى ضعفه بقوله عقبه:"غريب". وقال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا يونس، تفرد به رشدين". قلت: ورشدين بن سعد اختلف فيه بين الضعف والترك، وانفراده بهذا الحديث يقتضي نكارة حديثه. ولذلك تعقبه البيهقي بقوله:"ويروى قريب من هذا اللفظ عن كعب الأحبار، ولعله أشبه" ثم أسند رواية كعب الأحبار موقوفة عليه. وبهذا تبين أن أصل هذا الحديث من الإسرائيليات. وللحديث بعد ذلك روايات أشد ضعفاً من التي سبقت فإني اخترت أمثل الروايات، ليقاس عليها ما هو دونها. وبذلك يُعلم أنه لم يصح في الرايات السود حديث مرفوع، ولا حديث موقوف على الصحابة –رضي الله عنهم-. وأما أحاديث السفياني: فلم أجد فيه حديثاً ظاهر إسناده القبول، إلا حديثاً واحداً، أخرجه الحاكم في (المستدرك 4/520) من طريق الوليد بن مسلم الدمشقي، قال: حدثنا الأوزاعي، عن يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة –رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق، وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل حتى يبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جنداً من جنده، فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتى إذا صار ببيداء من الأرض، خُسف بهم، حتى لا ينجو منهم إلا المخبر عنهم". وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ولم يتعقبه الذهبي. ولكن تدليس الوليد بن مسلم تدليس التسوية، مع نكارة حديثه هذا الذي لم أجده إلا من طريقه، يجعلني أتوقف في حديثه، إذ لعله أسقط ضعيفاً بين الأوزاعي ويحيي بن أبي كثير، وهذا هو تدليس التسوية.

وهناك حديثان آخران فيهما ذكر السفياني، أخرجهما الحاكم وصححهما (4/468-469-501-502) ، لكن تعقبه الذهبي فيهما، فانظر: مختصر استدراك الذهبي لابن الملقن، مع حاشية تحقيقه (7/3325-3326 رقم 1109) (7/3387 رقم 1127) . هذه أقوى أحاديث السفياني، وأنت ترى أنه لم يصح منها شيء، والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

تكليم الرجل شراك نعاله

تكليم الرجل شراك نعاله المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 1/12/1422 السؤال ورد في أشراط الساعة يكلم الرجل شراك نعاله أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - ما هو المقصود بذلك؟ الجواب ورد حديث يرويه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس وحتى تُكَلَّم الرجلَ عَذَبَةُ سوطه وشراكُ نعله وتخبره فخذه بما أحدث أهله من بعده " رواه الترمذي (2181) . وقال: (حسن صحيح) وقال الشيخ الألباني: (سندٌ صحيح رجاله ثقات) والحديث يدل على أنه قبل قيام الساعة يحدث أمور خارقة للعادة وذلك من علامات قرب قيام الساعة، ومنها إحدى علامات الساعة الكبرى وهي: (خروج دابة تكلم الناس) نص عليها القرآن الكريم. وليس للعقل هنا مدخل، وإنما التسليم وعدم الخوض في كيفية ذلك، والله أعلم.

موقف المسلم من الفتن في هذا العصر

موقف المسلم من الفتن في هذا العصر المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 23/11/1422 السؤال ما موقف المسلم من الفتن في العصر الحاضر؟ الجواب الفتنة في العصر الحاضر لها وجهان: وجه ظاهر ووجه مخفي وتسمى فتنة؛ لأن الجوانب الخفية أكثر من الجوانب الظاهرة، ولهذا فإن المسلم يجب أن يتأنى في تقييم الأمور والحكم عليها حتى تكتمل الصورة، ومثال ذلك: المرض الذي يعرض للإنسان فإنه لا يوصف العلاج إلا بعد الكشف الدقيق، وتبين نوعية المرض، وأعراض الأمراض تتشابه، ولهذا نجد كثيراً ما يعطى المريض علاجاً ولا ينتفع به؛ لأن التشخيص كان خاطئاً إما لأن الطبيب استعجل في تحديد نوعية المرض، وإما لأنه خفي عليه بعض جوانبه، وإما لأن معلوماته الطبية غير كافية ... إلى غير ذلك من الأسباب. وهكذا الفتن تتشابه ويخفى كثير من حقائقها، ولهذا يجب التثبت والتبين قبل إطلاق الأحكام، ولا ينبغي للإنسان أن يصغي لكل من يتكلم في الفتن، فإن كثيراً منهم لا يدرك الحقيقة ولا يدرك الحكم الشرعي، وإنما يتحدث من خلال العاطفة أو الهوى، وغوغاء الناس يميلون إلى من يداعب عواطفهم، ويهيج مشاعرهم وهذا لضعف التربية الدينية، والتربية العقلية، ولهذا فإن المسلم ينبغي له في مثل هذه الظروف أن يكون له الموقف الآتي: 01 أن يرجع إلى أهل العلم الذين يتحلون بالعلم الشرعي والحكمة في معالجة الأمور والتثبت، قال - تعالى-: " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ... الآية " [النساء:83]

فالله - عز وجل - يوجه المؤمنين إلى أن يرجعوا في التحقق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى أهل العلم الذين لديهم خاصية الاستنباط أي: الذين يستشفون ما وراء الأمور ولا يقفون مع الظواهر التي قد تخفى وراءها الحقيقة. 02 أن لا يتحدث في الأمور قبل أن تتضح له الحقيقة ويعلم أن الكلام بدون إدراك للحقيقة مسؤولية أمام الله - عز وجل - ولا ينخدع بكثرة الخائضين، قال - تعالى-: " ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " [الإسراء:36] . فإن الإشاعات والأخبار الكاذبة تكثر في ظروف الفتن مما يجعل المسلم الذي يحرص على دينه يتوقف في قبول أو نقل كل ما يسمع. 03 الاشتغال بالعمل الصالح والدعوة، ففيهما ما يشغل عن أمر الكلام فيه والسكوت عنه، بل ربما يكون السكوت أرجح وأفضل. 04 اليقين بأن الله ناصر أولياءه ومنتقم من أعدائه، ولكن لله - عز وجل - سنن وحكم تخفى على كثير من الناس، وعندما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤذى ويفتن من كفار قريش، وهو على الحق وكفار قريش على الباطل، والبلاء قد ازداد، والنفس تترقب نزول العقاب قال - عز وجل-:" فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملي لهم إن كيدي متين " [القلم: 44-45] . أي: لا تشغل نفسك بهم دعهم لي فإن لي سنة أعاقب من خلالها المكذبين وهي الاستدراج، واشغل نفسك بما كلفت به من الدعوة. 05 الحذر من اتهام العلماء فإنهم حملة ديننا، والطعن فيهم طعن في الدين، ويستغل بعض السيئين بعض المواقف لينزع الثقة منهم، والعلماء قد تعتريهم صفات النقص البشري من جهة، وقد يدركون ما لا ندرك، وإن أخطؤوا مرة فقد أصابوا مرات. وأخيراً الدعاء والتضرع إلى الله - عز وجل - أن يرفع عن الأمة ما حل بها، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، والله المستعان وعليه التكلان.

صحة حديث المهدي

صحة حديث المهدي المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 18/12/1422 السؤال ما مدى صحة الحديث الذي يستشهد بوجوده في الدارقطني: عن محمد بن علي قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - " إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السموات والأرض، ينخسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس لنصف منه. وهل صحيح أن الأمر تحقق في رمضان 1984م، وما هو اعتقاد أهل السنة والجماعة فيما يخص المهدي ورفع عيسى - عليه السلام - أمات أم رفع، خصوصاً أن من يعتقد أنه توفي يستشهد بأن ذلك قول ابن مسعود - رضي الله عنه -، وشيخ الأزهر، ومحمد عبده، وابن حزم، وغيرهم؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: أقول، وبالله التوفيق: أولاً: الأثر المنسوب إلى أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (وهو الملقب بالباقر) باطل النسبة إليه؛ لأنه من رواية عَمرو بن شِمْر عن جابر بن يزيد الجُعفي، عن أبي جعفر الباقر، كما في سنن الدارقطني (2/65) ، وعمرو بن شِمْر رجل رافضي متروك الحديث مُتهم بالكذب كما تجده في ترجمته في (لسان الميزان) لابن حجر (4/366-367) ، وجابر بن يزيد الجعفي، قال عنه الحافظ: " ضعيف رافضي " (التقريب: رقم 878) ، وبذلك تبين أن هذا الأثر لا يصح عن محمد بن علي، بل هو شديد الضعف عنه، أضف إلى ذلك أنه غير منسوب في سنن الدارقطني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو منسوب إلى أبي جعفر الباقر نفسه من كلامه هو، لا من روايته فلو كان - افتراضاً - صحيح النسبة إلى أبي جعفر الباقر فإنه لا يكون حجة، ولا يلزم تصديق خبره، ولا يصح الجزم بصحته.

ثانياً: أما سؤاله عما لو أن القمر انخسف في أول ليلة من رمضان، وأن الشمس انكسفت للنصف منه عام 1984م (وهي الموافقة لسنة 1404هـ كما ينبغي علينا أن نؤرخ) ، فهذا لم يقع لا في هذا العام ولا في غيره من الأعوام؛ لأن الخسوف القمري لا يكون إلا في وقت الإبدار، وهو الليالي البيض من الشهر القمري، وهي: ليلة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، والكسوف الشمسي لا يكون إلا وقت الاستسرار وهو آخر الشهر القمري، وهما يوما 28/29 من الشهر، وعلى ذلك علم الفلك قديماً وحديثاً، وقد قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً في (مجموع الفتاوى 24/257) ، وما ذُكر من وُقُوع خلاف ذلك في حادثتي موت إبراهيم ابن نبينا – صلى الله عليه وسلم –، وموت الحسين بن علي – رضي الله عنهما – فمما لا يصح من جهة النقل ومن جهة مخالفته للسنن الكونية. ثالثاً: أما معتقد أهل السنة والجماعة في المهدي، فهو معتقد مبني على الأحاديث الثابتة في شأنه من النبي – صلى الله عليه وسلم – من كونه سيظهر عند امتلاء الأرض بالظلم رجل من ذرية الحسن أو الحسين ابني علي – رضي الله عنهم – (وهم عترة النبي – صلى الله عليه وسلم – وذريته) يوافق اسمه اسم النبي – صلى الله عليه وسلم- ومن صفته أنه أجْلى الجبهة (أي: أن شعر رأسه منحسر عن جبهته منكشفٌ عنها) أقنى الأنف (أي: في أنفه طول مع رقة أرنبته – وهي قمة الأنف – مع حدب وبروز في وسط الأنف) ،فيبايع بالخلافة ويحكم سبع سنين أو نحوها، فيكثر الخير والمال في زمنه، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ويخرج الدجال في زمنه، وينزل عيسى – عليه السلام – في فترة حكمه. هذا مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة في المهدي، من زمن الصحابة – رضي الله عنهم – والتابعين وأتباعهم إلى يوم الناس هذا، ولم يخالف أحد ممن يعتد بخلافه في أصل ظهور المهدي حتى لقد صنف العلماء في جمع أحاديثه مصنفات عديدة، ووصفوا أحاديث المهدي بالتواتر.

رابعاً: أما عيسى – عليه السلام – رسول الله وعبده، فإن الله – تعالى – قد قص علينا من شأنه أصدق القصص وأحسنها، فقال – تعالى -: " فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ربنا أمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليَّ ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إليَّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون " إلى آخر الآيات من سورة آل عمران [52 إلى 55 فما بعدها] ، وقال – تعالى- في عده لمخازي اليهود وافتراءاتهم على الله ورسله: " وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبَّه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شكٍ منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً " [سورة النساء: 157-159] فقد بين الله – عز وجل – في هذه الآيات أوضح البيان أن عيسى – عليه السلام – لم يُسلط عليه أعداؤه من اليهود وغيرهم بالقتل أو الصلب، بل نجاه الله منهم فلم يصلوا إليه، وإنما صلبوا شبيهاً له ظنوه أنه هو، وعندها كان عيسى – عليه السلام - قد طهره الله من ذلك كله ورفعه إليه، وهذا كله مما أجمع المسلمون عليه.

وإنما وقع الخلاف بينهم في تفسير قوله – تعالى-: " إني متوفيك " هل المقصود بالتوفي هنا الموت أم النوم كما قال – تعالى-: " الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها" [الزمر: 42] ، وكقوله – تعالى-: " وهو الذي يتوفاكم بالليل " [الأنعام:60] ، أم أن المقصود بالتوفي الاستيفاء بمعنى أن الله – عز وجل – رفعه وافياً تاماً من غير أن يُنال بشيءٍ من السوء المراد به، ومع كون القول الأول وهو تفسير وفاته بموته قولاً مرجوحاً، وأن القولين الآخرين أقوى منه وأرجح عند عامة المحققين من المفسرين وغيرهم، كابن جريرالطبري (جامع البيان: 6/458) ، والواحدي (الوجيز:1/213) ، وابن كثير (تفسير القرآن العظيم: 2/44) ، إلا أن تفسير الآية به لا يُناقض الإيمان بنزول عيسى – عليه السلام – آخر الزمان في زمن المهدي وقتاله وقتله الدجال، فالله على كل شيء قدير وما إحياؤه وإنزاله إلى الأرض بعد هذه الأزمنة البعيدة بأغرب ولا أعجب من إبقائه حياً إلى زمن نزوله!! فلا علاقة بين تفسير الآية بأي واحدٍ من الأقوال السابقة والإيمان بنزول عيسى – عليه السلام – في آخر الزمان، فقد دل على نزول عيسى – عليه السلام – ثلاث آيات في كتاب الله – تعالى – الأولى: قوله – تعالى- كما في الآيات السابقة: " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً" [النساء:159] ، ومعنى الآية: وما من أحد من أهل الكتاب – اليهود والنصارى – إلا سيؤمن قطعاً وجزماً بعيسى نبياً ورسولاً قبل موت عيسى – عليه السلام – ويوم القيامة يكون شاهداً عليهم أنه قد بَلَّغ الرسالة وأقر بالعبودية على نفسه.

والثانية: قوله - تعالى-: - بعد ذكره عيسى - عليه السلام -: " وإنه لعلم للساعة فلا تَمْتَرُنَّ بها واتبعونِ هذا صراط مستقيم " [الزخرف: 61] ، ومعنى الآية: إن عيسى - عليه السلام - شرطٌ وعلامة من علامات الساعة تُعْلم به، فسُمَّي الشرط علماً لحصول العلم به. والثالثة: قوله - تعالى- عن عيسى - عليه السلام -:" يُكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين " [آل عمران: 46] . فالله - سبحانه وتعالى - يُعدد خصائص هذا النبي الكريم ألا وهو عيسى - عليه السلام- فذكر من عجائبه كلامه في المهد، ولا شك أنه من الخوارق أن يتكلم الوليد الذي في المهد، ثم ذكر كلامه في سن الكهولة، وسن الكهولة هو: بداية سن ظهور الشيب وقيل هو: ما بعد ثلاث وثلاثين، والكلام في سن الكهولة، لا غرابة فيه ولا يختص ذلك بعيسى - عليه السلام- فدل هذا المساق أن كلامه في الكهولة المقصود في الآية هو عند نُزُوله - عليه السلام-،كما ذهب إلى ذلك بعض السلف وأهل اللغة (تفسير الطبري 6/420) ، و (تهذيب اللغة) للأزهري (6/18) ، (وزاد المسير) لابن الجوزي (1/390) ، وأحاديث نزول عيسى - عليه السلام - من أصح الأحاديث وأثبتها، منها: ما هو في صحيحي البخاري ومسلم اللذين تلقتهما الأمة بالقبول، وفي غيرهما من صحيح السنة ومشهورها حتى لقد أجمعت الأمة عليه، فلا خلاف في ذلك بين أهل السنة والجماعة بل بين عامة المسلمين. تنبيه: ذكر السائل أن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يرى أن عيسى - عليه السلام- قد مات قبل رفعه، والصواب: أن الذي فسر قوله - تعالى-: " إني متوفيك " بالموت هو ابن عباس - رضي الله عنهما -، أخرجه الطبري في تفسيره (رقم 7141) ،وابن حاتم (رقم 637) . وأسأل الله - تعالى - لي وللمسلمين علماً نافعاً وعملاً صالحاً متقبلاً، والله أعلم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

(اللحيدي) وادعاء المهدوية

(اللحيدي) وادعاء المهدوية المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 14/5/1424هـ السؤال ما قولكم في الذي يدعي المهدوية على صفحات الإنترنت، وأنه هو المهدي المنتظر؟ أدعواه صحيحة أم ماذا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. اسم المهدي المزعوم: اللحيدي. بارك الله فيكم. الجواب هذا شخص غالباً أنه كاذب، وهو يدعي رتبة لم يبلغها، فالمهدي هو المتعارف عليه في كتب أهل السنة، وهو رجل صالح يأتي في آخر الزمان، وهذا الرجل الصالح يكون إماماً للمسلمين عندما ينزل عيسى ابن مريم - عليه السلام -، وعيسى - عليه السلام - يصلي خلفه، فإذا كان هذا الرجل يدعي أنه مهدي بمعنى أنه عالم يهدي الناس إلى طريق الحق، وكانت الدلائل تدل على أنه عالم فعسى أن يكون مهدياً من المهديين، يعني من العلماء الهداة، إذا كان عالماً بالكتاب والسنة، بصيراً بهما متبعاً لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذه علامة هداية، أما إذا كان المراد بهذا هو ما ورد في كتب السنة من أخبار بعضها صحيح غير صريح، وبعضها صريح غير صحيح، وهي كلها تدل على ظهور رجل صالح في آخر هذه الأمة، وأن هذا الرجل الصالح يقوم بأعمال جليلة، منها أنه سيكون إماماً للمسلمين عند نزول عيسى -عليه السلام-، فهذه العلامات التي ذكرت لعلها لا تتوفر في هذا الشخص، وهناك علامات كثيرة يمكن أن تراجع في كتاب التذكرة للقرطبي وفي غيره من الكتب، مع أن أكثرها ليس صحيحاً كما قلت. فهذه الدعوى غالباً أنها من نوع الكذب والدجل، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

نزول عيسى بعد ظهور الدجال

نزول عيسى بعد ظهور الدجال المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 13/3/1424هـ السؤال سؤالي يتعلق بعلامات الساعة الكبرى، عند ظهور الأعور الدجال، وبعد أن تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً, لماذا ينزل الله -عز وجل- عيسى -عليه السلام- دون غيره من الرسل؟ أي أعني ما هي العلاقة التي بين عيسى -عليه السلام- والمسيح الدجال؟ الجواب خروج الدجال ثم نزول عيسى - عليه السلام- حكماً عدلاً من العلامات الكبرى الثابتة بالنص والإجماع، أما العلاقة بين عيسى والمسيح الدجال أو الأصح أن نقول: الحكمة في نزول عيسى - عليه السلام- دون غيره، فهذه المسألة تلمس لها العلماء عدداً من الحكم: (1) الرد على اليهود الذين زعموا أنهم قتلوه فينزل ويقتلهم ويقتل رئيسهم مسيح الضلالة، كما دل عليه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- في الصحيحين البخاري (2222) ، ومسلم (155) ، وحديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه- في صحيح مسلم (2937) ، ورجح الحافظ ابن حجر هذه الحكمة على غيرها. (2) ومنها أنه ينزل مكذباً للنصارى فيظهر زيفهم في ما ادعوه عليه، ويحاربهم ويكسر شعارهم الصليب، كما أخبر - صلى الله عليه وسلم- "ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير.." متفق عليه عند البخاري (3448) ، ومسلم (155) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، وعند الطبراني في الأوسط (1342) من طريق أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه- "فيكسر الصليب ويقتل الخنزير والقرد" قال الحافظ في الفتح (6/491) ، إسناده لا بأس به.

(3) أن خصوصيته بذلك لقربه من النبي - صلى الله عليه وسلم- زماناً وبشارة وتصديقاً، كما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم- "أنا أولى الناس بعيسى، الأنبياء أبناء عَلاَّتٍ، وليس بيني وبين عيسى نبي" أخرجه البخاري (3442) ومسلم (2365) ، واللفظ له من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. فرسول الله - صلى الله عليه وسلم- أخص الناس به وأقربهم إليه وقد بشر به ودعا إلى الإيمان به، قال -تعالى-: "وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ" [الصف: من الآية6] ، وقال - صلى الله عليه وسلم- " أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى"، أخرجه الحاكم في المستدرك (3619) ، واللفظ له، والإمام أحمد في مسنده (17150) عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه- وله شاهد عند أحمد في مسنده (22261) ،من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه- وجوّد سنده ابن كثير في التفسير. (4) أن نزوله - عليه السلام - من السماء لدنو أجله ليدفن في الأرض، إذ ليس لمخلوق من التراب أن يموت في غيره، ولهذا سيموت في الأرض ويصلي عليه المسلمون، كما في سنن أبي داود (4324) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- "ثم يتوفى فيصلِّي عليه المسلمون" وهو في صحيح الجامع (5/90) . (5) أنه هو الذي بشر بالنبي - صلى الله عليه وسلم-، فهو الذي يدعو إلى الإسلام دين محمد - صلى الله عليه وسلم- ويقضي على جميع الأديان، ويدل عليه أول الحديث السابق عند أبي داود (4324) : "فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام....." الحديث. وفق الله الجميع لرضاه.

مدة حصار العراق

مدة حصار العراق المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 9/8/1424هـ السؤال هناك بعض الكتب والمحاضرات الصوتية التي تشير إلى تحديد مدة حصار العراق، وقد سمعت هذا أيضاً في سلسلة علامات الساعة للدكتور طارق السويدان، وتشير في مجملها أن مدة الحصار تكون 10 إلى 18 عاماً، هل هذا وارد فعلاً في الأحاديث الصحيحة؟ وهل هناك ما يشير إلى كيفية نهاية هذا الحصار؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فإنه قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم" وقال جابر بن عبد الله - رضي الله عنه-: "يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذلك؟ قال: من قبل العجم، يمنعون ذاك، ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبي إليهم دينار ولا مدي، قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم ثم سكت هنيةً ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حَثْياً، لا يَعُدُّه عَداً"، أخرجهما مسلم في صحيحه (2896-2913) من حديث أبي هريرة وجابر -رضي الله عنهما- ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تحديد مدة ذلك شيء، وعلى الناس شدة التحري فيما ينسبونه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-؛ حيث إن نسبة شيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- دون تثبت إثم، فإذا كان المنسوب إليه - صلى الله عليه وسلم- كذباً كان ذلك من أكبر الكبائر التي توعد أصحابها بالنار، أعاذنا الله وإياكم من عذابه. والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

ما وقع من علامات الساعة

ما وقع من علامات الساعة المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 6/10/1424هـ السؤال إلى الشيخ د. علي بن حسن الألمعي (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد) ، لقد أجبت على سؤال: (ما هي علامات الساعة الصغرى) ؟ أرجو من فضيلتكم تحديد العلامات التي ظهرت، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن أشراط الساعة الصغرى كثيرة، وتزيد على الستين، وقد وقع منها الكثير، ولم يبق إلا القليل، وقد وقع على سبيل المثال منها ما يلي: (1) فتح بيت المقدس. (2) طاعون عمواس. (3) استفاضة المال. (4) ظهور الفتن من المشرق. ومقتل عثمان - رضي الله عنه - وموقعة الجمل وصفين، وظهور الخوارج، وموقعة الحرة، وفتنة القول بخلق القرآن. (5) ظهور مدعي النبوة. (6) انتشار الأمن (7) ظهور نار تخرج من أرض الحجاز (8) ضياع الأمانة. (9) انتشار الربا والزنا. (10) ولادة الأمة ربتها. (11) كثرة الزلازل. (12) انتفاخ الأهلة. (13) ظهور الكاسيات العاريات. (14) ارتفاع الأسافل. (15) فتح القسطنطينية الأول. (16) ظهور الفحش وقطيعة الرحم وسوء الجوار. (17) كثرة موت الفجأة. (18) صدق رؤيا المؤمن. (19) كثرة النساء وقلة الرجال. (20) التطاول في البنيان. (21) ظهور الشرك في هذه الأمة. (22) كثرة الكتابة وانتشارها. وغيرها من التي قد ظهرت، والله أعلم.

تنزيل الأحاديث على الوقائع والأشخاص

تنزيل الأحاديث على الوقائع والأشخاص المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 27/3/1424هـ السؤال جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين، فقد قرأت في صحيح مسلم بعض الأحاديث التي تتكلم عن واقعنا اليوم المرير المؤلم. ومن هذه الأحاديث حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم"، شهد على ذلك لحم أبي هريرة - رضي الله عنه - ودمه، وقد قرأت في شرح هذا الحديث أن بلاد العراق سوف تحتل وقد احتلت بالفعل، وقد أصابني الحزن الشديد والإحباط عند قراءتي لهذا الحديث، حيث استنتجت أن كلاً من مصر والشام سوف تحتل أيضاً، أرجو أن تفيدوني حول هذا الموضوع، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن هذا السؤال يحتاج منا إلى بيان ما يلي: أولاً: أن تنزيل أمثال هذه الأحاديث؛ وهي الأحاديث الواردة في الفتن وأشراط الساعة تنزيلها على حوادث بعينها أو أشخاص بأعيانهم فيه خطورة، حيث لا يمكن الجزم بذلك. ثانياً: أن الانشغال بهذا التنزيل لا حاجة إليه، ولا فائدة منه، بل ربما جر إلى التعجل في أمور قد كان للمسلم فيها أناة.

وقد تأملت أمثال هذه الأحاديث فلم أجد فيها طلب التحري والبحث عنها، بل الظاهر أنها إذا وقعت تبينت، وعرف حينها من كان على علم بما ورد فيها أن تلك هي التي حدث عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -، لقد ورد في الدجال أحاديث في التحذير منه، ولكن ليس فيها تحري خروجه، والاجتهاد في تنزيل صفاته على أحد بعينه، بل الظاهر أنه إذا خرج تبين للمؤمن أنه الدجال، حتى قد ثبت في أكثر من حديث أنه مكتوب بين عينية كافر، يقرؤها كل مؤمن حتى لو كان أمياً لا يعرف القراءة انظر مثلاً ما رواه البخاري (7131) ، ومسلم (2933) ، من حديث أنس - رضي الله عنه-، مع أن هذا التحذير إنما ورد في الدجال، ولم يرد في غيره مثله، فلا ينبغي الاشتغال بمثل هذا التنزيل، فلربما شغل عما هو أهم. ثالثاً: مما يبين خطأ التنزيل المشار إليه وخطورته أن السائلة حين نَّزلت حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي في مسلم (2896) على الواقع المعين وهو حالة العراق، واستنتجت شيئاً آخر هو احتلال الشام فأعقبها حزناً شديداً، ولم يكن بها حاجة إلى ذلك، إذ الجزم بهذا لا يستند إلى منهج صحيح دال عليه. رابعاً: أن تنزيل مثل هذه الأحاديث إن ادعى أحد تحققه في هذا الزمن فقد وجد في الأزمان المتقدمة ما يشبه ذلك، وربما وجد من الناس من ظن تحقيق الحديث فيها ثم تبين بعد خلاف ذلك. وربما أتى أيضاً في أزمان لاحقة ما يظن تحقق الحديث فيه إلى أن تحقق تماماً، وانظري في شرح الحديث، فقد قال النووي (مسلم بشرح النووي 18/20) : وهذا قد وجد في زماننا في العراق وهو الآن موجود (والنووي قد توفي عام 676هـ) وقال القنوجي (من علماء القرن الماضي) في السراج الوهاج (11/368) بعدما نقل كلام النووي: وقد وجد ذلك كله في هذا الزمان الحاضر في العراق والشام ومصر واستولى الروم - يعني النصارى- على أكثر البلاد. أ. هـ.

مثال ذلك ما سألت عنه الأخت، فالاحتلال للعراق والشام قد حدث في حملات الاستعمار الشاملة لكثير من بلاد الإسلام بعد سقوط الخلافة، كما أشار صديق حسن القنوجي آنفاً. ومن الأمثلة الخطيرة ما مرّ في التاريخ من دعاوي المهدي، والتي قد يكون المدعي فيها وقع في لبس حتى مع نفسه، ثم تبين بعد ذلك أنه ليس المهدي الوارد في الأحاديث، وهذا مما تتضح به خطورة تنزيل مثل هذه الأحاديث. خامساً: أن تفسير الحديث باحتلال العراق والشام قول من عدة أقوال في تفسير الحديث وشرحه، فقد ذكر من شرحه أن من معانيه أن يسلم من كان في العراق والشام من الكفار الذين كانوا يؤدون الجزية فتسقط عنهم الجزية، وقيل: إنه تقوى شوكتهم فيمنعون الجزية، ويمكن مراجعة شرح الحديث في المصادر السابقة، وقد أشرت في محاضرة ولعلها تنزل قريباً في الإنترنت بعنوان (الاعتماد على تواطئ الرؤى) إلى شيء من هذه المعاني والله أعلم.

إنكار خروج المهدي لضعف أحاديثه

إنكار خروج المهدي لضعف أحاديثه المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 16/7/1424هـ السؤال قرأت في كتاب محمد المقدم (المهدي وفقه أشرط الساعة) ، أن البعض قد أنكر المهدي؛ لكون أحاديثه أحاديث آحاد، ولكنه لم يذكر هذا البعض، وقد رجعت لكلام (رضا آل محمود، أحمد أمين، وجدي) ، ولم أعثر على هذه الشبهة لديهم، سؤالي من قال بهذه الشبهة؟ وأين ذكر ذلك؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: عن منكري أحاديث المهدي، فأقول (وبالله التوفيق) : إن منكري أحاديث المهدي طوائف مختلفة، وأسباب إنكارهم لها مختلفة، وهم مخطئون في ذلك ولا شك، ولا شك أن من فرق المسلمين من ادعوا عدم الاحتجاج بأخبار الآحاد مطلقاً، ومن هؤلاء المعتزلة قديماً، وبعض أدعياء العقلانية أو القرآنية حديثاً، وهؤلاء كلهم سيردون أحاديث المهدي لهذا البناء الفاسد الذي لديهم، على أن من العلماء مَنْ وصف أحاديث المهدي بالتواتر، لكن المهم أن أحاديث المهدي منها ما هو ثابت، واعتقاد ظهوره مما أجمع عليه عامة أهل السنة والجماعة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

علامات القيامة الكبرى

علامات القيامة الكبرى المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 17/8/1424هـ السؤال ما هي العلامات الكبرى ليوم القيامة؟ وهل المسيح الدجال موجود؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد ذكر السفاريني - رحمه الله - في كتابه (لوامع الأنوار البهية) أن أشراط الساعة الكبرى هي: 1. المهدي. 2. الدجال. 3. نزول عيسى - عليه السلام-. 4. خروج يأجوج ومأجوج. 5. هدم الكعبة. 6. الدخان. 7. رفع القرآن. 8. طلوع الشمس من مغربها. 9. خروج دابة الأرض. 10. خروج نار من قعر عدن أو غيره تسوق الناس إلى أرض المحشر. وأما السؤال عن الدجال فلم يظهر بعد، وقبله آيات لم تظهر، نسأل الله أن يعصمنا من فتنته، والله أعلم.

العلامات الصغرى للساعة

العلامات الصغرى للساعة المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 10/2/1424هـ السؤال ما هي علامات الساعة الصغرى؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ذكر العلماء (من خلال تتبعهم للنصوص الصحيحة الواردة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-) أن للساعة علامات صغرى كثيرة، وذكروا منها:

1- بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-. 2- موته -عليه الصلاة والسلام-. 3- فتح بيت المقدس. 4- طاعون عمواس. 5- استفاضة المال، والاستغناء عن الصدقة. 6- ظهور الفتن من المشرق، ومقتل عثمان -رضي الله عنه-، وموقعة الجمل، وموقعة صفين، وظهور الخوارج، وموقعة الحرة، وفتنة القول بخلق القرآن، واتباع سنن الأمم الماضية. 7- ظهور مدعي النبوة. 8- انتشار الأمن. 9- ظهور نار الحجاز. 10- قتال الترك. 11- قتال العجم. 12- ضياع الأمانة. 13- قبض العلم، وظهور الجهل. 14- كثرة الشرط وأعوان الظلمة. 15- انتشار الزنا. 16- انتشار الربا. 17- ظهور المعازف واستحلالها. 18- كثرة شرب الخمر واستحلالها. 19- زخرفة المساجد. 20- التطاول في البنيان. 21- ولادة الأمة لربتها. 22- كثرة القتل. 23- تقارب الزمان. 24- تقارب الأسواق. 25- ظهور الشرك في هذه الأمة. 26- ظهور الفحش، وقطيعة الرحم، وسوء الجوار. 27- كثرة الزلازل. 28- ظهور الخسف، والمسخ، والقذف. 29- ذهاب الصالحين. 30- كثرة موت الفجأة. 31- حسر الفرات عن جبل من ذهب. 32- كلام السباع، والجمادات. 33- ظهور الكاسيات العاريات. 34- فتح القسطنطينية. 35- عود أرض العرب مروجاً وأنهاراً 36- خروج القحطاني. 37- قتال اليهود. 38- كثرة الروم، وقتالهم للمسلمين. 39-كثرة الكتابة، وانتشارها. 40- صدق رؤيا المؤمن. 41- كثرة الكذب، وعدم التثبت في نقل الأخبار. 42- كثرة شهادة الزور. 43- كثرة النساء، وقلة الرجال. 44- استحلال البيت الحرام، وهدم الكعبة. 45- نفي المدينة لشرارها. 46- بعث الريح الطيبة لقبض أرواح المؤمنين. والله أعلم.

خسوف رمضان وظهور المهدي

خسوف رمضان وظهور المهدي المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 22/1/1425هـ السؤال قبل سنة من الآن قرأت أن من علامات ظهور المهدي عليه السلام (خسوف للقمر وكسوف للشمس في شهر رمضان المبارك) والآن الفلكيون يقولون: إن هذه الظاهرة ستحدث في شهر رمضان المقبل، فما رأيكم؟ هل هذا صحيح؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب ليس ذلك بصحيح، والخسوف والكسوف آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده، ولا يدل ذلك على أمور غيبية؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته" رواه البخاري (1044) ، ومسلم (901) عن عائشة -رضي الله عنها-، ولا يدل خسوفهما على أمور مستقبلة فإن الغيب لا يعلمه إلا الله.

هل ظهرت دلائل خروج المهدي؟!

هل ظهرت دلائل خروج المهدي؟! المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 21/04/1425هـ السؤال هل حقاً ولد المهدي المنتظر, وهل ظهرت الدلائل المؤشرة على خروجه؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المهدي الذي وردت الأحاديث الصحيحة في أخباره، وهو المهدي الذي يقاتل معه المسلمون الدجال، وينزل في عهده عيسى - عليه السلام- لا يعلم أحد عن ولادته ولا مكانه، بل إنه يظهر فجأة مع أحداث آخر الزمان، حيث جاء في السنة أنه (يصلحه الله في ليلة) ، وهو من آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- واسمه (محمد بن عبد الله) ، ولا يمكن لأحد أن يعلم أو يتكهن بوقت ولادته ولا مكانه، ولا ظهوره على جهة التحديد والتعيين، ومن ادعى شيئاً من ذلك فهو كاذب دجال، أما الدلائل على خروجه فهي دلائل وعلامات الساعة، وهي نوعان: الأول: الدلائل الصغرى، وقد حدث الكثير منها على مدار الزمان السابق منذ بعث النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا، ولا يزال منها ما لم يقع، والله أعلم. الثاني: الدلائل الكبرى ويتخللها خروج المهدي، ولم يقع منها شيء إلى الآن، ولا أحد يستطيع أن يحدد متى تقع ربما بعد عشرات السنين أو مئات السنين، أو ما يشاء الله سبحانه، فهو وحده الذي يعلم الغيب، وقد قال سبحانه عن الساعة: "لا يجليها لوقتها إلا هو" [الأعراف: 187] ، ثم قال: "لا تأتيكم إلا بغتة"، أما ما يشيعه بعض الناس من أن المهدي موجود ويعينون شخصه ومكانه ونحو ذلك، فهو قول على الله بغير علم، ورجم بالغيب وتخرصات ودجل يجب الحذر والتحذير منه. والله أعلم. للمزيد أنظر: الانتظار عقدة أم عقيدة [1/3] الانتظار عقدة أم عقيدة [2/3] الانتظار عقدة أم عقيدة [3/3]

نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان

نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 06/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم نرجو إفادتنا بالأحاديث الصحيحة والسنة النبوية المؤكدة التي تخص موضوع نزول المسيح في آخر الزمان سيدنا عيسى - عليه والسلام-؛ لأن كثيراً من الناس يعتقد بكذب هذا الموضوع. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: فإن الأحاديث الواردة في نزول المسيح - عليه السلام- كثيرة ومتواترة، ومنها ما رواه البخاري (3448) ومسلم (155) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده ليوشكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها" فتح الباري (6/490) ، وشرح النووي لصحيح مسلم (2/189) ، وفي الصحيحين البخاري (3449) ، ومسلم (155) قال صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم"، وقد وردت أحاديث كثيرة في السنن والمسانيد، وكلها تدل دلالة صريحة على ثبوت نزول عيسى ابن مريم - عليه السلام- في آخر الزمان، وقد جمعت الأحاديث في كتاب مستقل للشيخ محمد أنور شاه الكشميري المتوفى سنة: 1352هـ، وعنوانه كناية التصريح بما تواتر في نزول المسيح، وحققه شيخنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله-، فمن أراد الوقوف عليها كلها فلينظر الكتاب المذكور.

وقد بين العلماء - رحمهم الله- أن هذا من المعلوم من الدين بالضرورة حتى قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله-: (نزول عيسى - عليه السلام- في آخر الزمان مما لم يختلف فيه المسلمون؛ لورود الأخبار الصحاح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وهذا معلوم من الدين بالضرورة، لا يؤمن من أنكره) انظر تفسير الطبري (6/460) ، تخريج الشيخ أحمد شاكر، ومن قبل قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله-: (والإيمان أن المسيح الدجّال خارج مكتوب بين عينيه (كافر) ، والأحاديث التي جاءت فيه والإيمان بأن ذلك كائن، وأن عيسى - عليه السلام- ينزل فيقتله بباب لدّ) طبقات الحنابلة (241) للقاضي أبي يعلى. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

من هو ابن صياد؟

من هو ابن صياد؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 19/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. جاءت أحاديث في ذكر ابن صياد، أنه هو المسيح الدجال؟ ما صحة هذه القصص التي تروى عنه، مثل: كان عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- يقسم بالله أمام النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه هو المسيح، ولا ينكر عليه النبي، صلى الله عليه وسلم. وفي يوم رآه ابن عمر-رضي الله عنهما- وعينه مفقوعة، فقال له: متى حدث لك هذا؟ قال: لا أدري واستفز ابن عمر-رضي الله عنهما- فقام يضربه بعصاه، فوجده قد انتفخ وانتفخ حتى ملأ السكة التي يمشي فيها، فأخبر ابن عمر-رضي الله عنهما- أخته حفصة أم المؤمنين -رضي الله عنها- بذلك، فقالت: لماذا ضربته، ألا تعلم أن المسيح الدجال سيخرج من غضبة شديدة يغضبها؟. وفي ذات يوم وفي رحلة رجوعه من الحج من مكة إلى المدينة جلس يقول لأبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-: كيف تقولون أني المسيح الدجال وهو غير مسلم وأنا مسلم؟، وهو لا يدخل مكة ولا المدينة وأني قادم من مكة وإلى المدينة، وهو ليس له أولاد وأنا لدي أولاد؟ فقال أبو سعيد-رضي الله عنه-: صدقت. قال له: إني أعرف المسيح الدجال وأمه وأباه، وأين هو، فقال أبو سعيد-رضي الله عنه-: هل تقبل أن تكون أنت الدجال؟ قال: إن عرض علي لما رفضت! في آخر عمره فقد جميع أولاده بالكامل- في إحدى المعارك التي دارت بين المسلمين وفقد الصحابة-رضي الله عنهم- (ابن صياد) ولم يجدوا له أثرًا، ليس مع الأموات وليس مع الأسرى ولا الحياء. وجزيتم خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: ورد في ذكر ابن صياد أحاديث عديدة، منها الأحاديث التي استفسر عنها السائل - وفقه الله - وهذا تخريجها وبيانها:

1- أخرج البخاري (7355) من حديث مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ قُلْتُ تَحْلِفُ بِاللَّهِ قَال: َ إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2- وأخرج مسلم (2932) من طريق ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ نَافِعٌ يَقُول: ُ ابْنُ صَيَّادٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقِيتُهُ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ: هَلْ تَحَدَّثُونَ أَنَّهُ هُوَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: قُلْتُ كَذَبْتَنِي، وَاللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُكُمْ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَكُمْ مَالًا وَوَلَدًا فَكَذَلِكَ هُوَ زَعَمُوا الْيَوْمَ، قَالَ: فَتَحَدَّثْنَا ثُمَّ فَارَقْتُهُ، قَالَ: فَلَقِيتُهُ لَقْيَةً أُخْرَى وَقَدْ نَفَرَتْ، عَيْنُهُ، قَالَ: فَقُلْتُ مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَى؟ قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ قُلْتُ: لَا تَدْرِي وَهِيَ فِي رَأْسِكَ؟ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ خَلَقَهَا فِي عَصَاكَ هَذِهِ، قَالَ فَنَخَرَ كَأَشَدِّ نَخِيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ، قَالَ: فَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِي أَنِّي ضَرَبْتُهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعِيَ حَتَّى تَكَسَّرَتْ، وَأَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ مَا شَعَرْتُ، قَالَ: وَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَحَدَّثَهَا، فَقَالَتْ: مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ عَلَى النَّاسِ غَضَبٌ يَغْضَبُهُ.

وأخرجه عبد الرزاق (20832) عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: لقيت ابن صياد يوما ومعه رجل من اليهود فإذا عينه قد طفيت وكانت عينه خارجة مثل عين الجمل فلما رأيتها قلت: يا ابن صياد أنشدك الله متى طفيت عينك - أو نحو هذا – قال: لا أدري والرحمن، فقلت: كذبت لا تدري وهي في رأسك؟ قال: فمسحها، قال: فنخر ثلاثا فزعم اليهودي أني ضربت بيدي على صدره قال: ولا أعلمني فعلت ذلك أخس فلن تعدو قدرك قال أجل لعمري لا أعدو قدري قال: فذكرت ذلك لحفصة، فقالت: اجتنب هذا الرجل فإنا نتحدث أن الدجال يخرج عند غضبة يغضبها. وقد حسن إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (13/325) . 3- وأخرج مسلم (2927) من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ صَائِدٍ وَأَخَذَتْنِي مِنْهُ ذَمَامَةٌ: هَذَا عَذَرْتُ النَّاسَ مَا لِي وَلَكُمْ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، أَلَمْ يَقُلْ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ يَهُودِيٌّ وَقَدْ أَسْلَمْتُ، قَالَ: وَلَا يُولَدُ لَهُ، وَقَدْ وُلِدَ لِي، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْهِ مَكَّةَ، وَقَدْ حَجَجْتُ، قَالَ: فَمَا زَالَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَأْخُذَ فِيَّ قَوْلُهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ الْآنَ حَيْثُ هُوَ وَأَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، قَالَ: وَقِيلَ لَهُ: أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ ذَاكَ الرَّجُلُ، قَالَ: فَقَالَ لَوْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا كَرِهْتُ.

ومن طريق الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا أَوْ عُمَّارًا وَمَعَنَا ابْنُ صَائِدٍ، قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمَّا يُقَالُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَجَاءَ بِمَتَاعِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِي، فَقُلْتُ: إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ فَلَوْ وَضَعْتَهُ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَفَعَلَ، قَالَ: فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ فَقَالَ: اشْرَبْ أَبَا سَعِيدٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَاللَّبَنُ حَارٌّ مَا بِي إِلَّا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عَنْ يَدِهِ أَوْ قَالَ: آخُذَ عَنْ يَدِهِ، فَقَالَ: أَبَا سَعِيدٍ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلًا فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أَخْتَنِقَ مِمَّا يَقُولُ لِي النَّاسُ، يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَسْتَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هُوَ كَافِرٌ. وَأَنَا مُسْلِمٌ؟ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هُوَ عَقِيمٌ لَا يُولَدُ لَهُ. وَقَدْ تَرَكْتُ وَلَدِي بِالْمَدِينَةِ؟ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ. وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَأَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: حَتَّى كِدْتُ أَنْ أَعْذِرَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدَهُ

وَأَيْنَ هُوَ الْآنَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ. 4- وأخرج أبو داود (3771) عَنْ جَابِرٍ قَالَ: فَقَدْنَا ابْنَ صَيَّادٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ. وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (13/328) وابن صياد أمره مشكل وكان بعض الصحابة يظنه الدجال الأكبر، وهو دجال من الدجاجلة وليس بالدجال الأكبر، والله أعلم. وقد دل على هذا حديث فاطمة بنت قيس المتضمن لذكر خبر تميم الداري، وهو ما يعرف بحديث الجساسة أن ابن صياد ليس هو المسيخ الدجال، قال الحافظ ابن كثير: " ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعاً، لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية، فإنه فيصل في هذا المقام، والله أعلم". وقال أيضاً: " والأحاديث الواردة في ابن صياد كثيرة، وفي بعضها التوقف في أمره، هل هو الدجال أم لا؟ والله أعلم، ويحتمل أن يكون هذا قبل أن يُوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الدجال وتعيينه، وحديث تميم الداري فاصل في هذا المقام. وقال البيهقي: ليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي -صلى الله عليه وسلم- على حلف عمر، فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان متوقفاً في أمره، ثم جاءه الثبت من الله –تعالى- بأنه غيره على ما تقتضيه قصة تميم الداري، وبه تمسَّك من جزم بأن الدجال غير ابن صياد وطريقه أصح، وتكون الصفة التي في ابن صياد وافقت ما في الدجال.

وقال البيهقي أيضاً- بعد قصة الجساسة -: (فيه أن الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد وكان ابن صياد، أحد الدجالين الكذابين الذين أخبر صلى الله عليه وسلم بخروجهم وقد خرج أكثرهم، وكان الذين يجزمون بابن صياد هو الدجال لم يسمعوا بقصة تميم، وإلا فالجمع بينهما بعيد جداً، إذ كيف يلتئم أن يكون من كان في أثناء الحياة النبوية شبه المحتلم – يعني ابن صياد - ويجتمع به النبي -صلى الله عليه وسلم- ويسأله أن يكون في آخرها شيخاً كبيراً مسجوناً في جزيرة من جزائر البحر موثقاً بالحديد يستفهم عن خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- هل خرج أو لا؟ فالأولى أن يحمل على عدم الاطلاع، أما عمر فيحتمل أن يكون ذلك منه قبل أن يسمع قصة تميم، ثم لما سمعها لم يعد إلى الحلف المذكور، وأما جابر فشهد حلفه عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فاستصحب ما كان اطلع عليه من عمر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ... ) .

وحديث فاطمة بنت قيس في ذكر الدجال أخرجه مسلم (2942) من حديث فاطمة بنت قيس قالت: خَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ الْقَوْمِ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ: لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ فَلَعِبَ بِهِمْ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبْ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا وَيْلَكِ مَا أَنْتِ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قَالُوا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيُّهَا الْقَوْمُ انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ. قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى

عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ: قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنْ الْعَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَر، ِ فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا وَفَزِعْنَا مِنْهَا وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ؟ قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا هَلْ يُثْمِرُ، قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ؟ قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ، قَالُوا: هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ، قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ قَالَ أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ؟ قَالُوا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِر؟ ُ قَالَ: هَلْ فِي الْعَيْنِ مَاءٌ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا، قَالَ أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الْأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ؟ قَالَ: أَقَاتَلَهُ

الْعَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنْ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ، قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عَنْهَا وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي الْمِنْبَرِ هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ يَعْنِي الْمَدِينَةَ أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِك؟ َ فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ وَعَنْ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ قَالَتْ فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هذا والله أعلم. وينظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري (13/ 325 - 329) ، شرح النووي على صحيح مسلم (18/46- 48) ، البداية والنهاية لابن كثير (19/120 - 141) .

شبهات حول نزول المسيح آخر الزمان

شبهات حول نزول المسيح آخر الزمان المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/الفتن والملاحم التاريخ 14/11/1425هـ السؤال أحد المنكرين لرجوع عيسى (عليه السلام) في آخر الزمان أرسل إليّ رسالة طويلة فيها شبهات تقلقني ولا أستطيع الرد عليها. أرجو من فضيلتكم أن تجيبوا عن هذه الشبهات. ومنها: فهم المسلمون من كلمة رفع معناها الحرفي في الحديث بخصوص النزول الثاني المسيح (عليه السلام) وتشكيل معتقدات لا أساس لها عن هبوطه في دمشق وتجهيز الجيش لحرب الدجال و 70 ألفًا من القوات اليهودية وفرار هذه القوات من المسيح ثم تعقب المسيح للدجال وقتله له في معركة اللد. ثم ذبح كل يهودي على وجه الأرض (برغم "لا إكراه في الدين" وتحريم قتل المدنيين) فكيف ينسب المسلمون القتل العلني لرجل راشد صالح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد.. أما عن رفع المسيح عليه السلام ومن ثم نزوله في آخر الزمان فالأصل في ذلك ما جاء في ظاهر الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم- انظر صحيح البخاري (2222) ومسلم (155) - وتصديق ذلك فرع عن صدق المُخبِرِ به وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذي ثبتت نبوته بنفس الأدلة التي ثبتت بها نبوة الأنبياء قبله، كما قال تعالى: (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ) [الأحقاف: 9] . والمعتقدات وما يحصل يوم نزول المسيح مما يؤمن به المسلمون ليس أغرب مما يؤمن به النصارى في نهاية العالم مما هو مدون في سفر رؤيا يوحنا، بل غالب سفر رؤيا يوحنا في ذكر مثل هذه الحكايات، فإذا كان ذلك معقولًا؛ فما يعتقده المسلمون في أخبار المسيح بعد نزوله من باب أولى.

البعث وأحوال القبور

أرواح الأموات هل تؤذي الأحياء؟ المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/البعث وأحوال القبور التاريخ 24/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو منكم إفادتي بما ساد في بعض مجتمعاتنا الإسلامية في جنوب شرق آسيا من الاعتقاد بأن بعض أرواح الناس إذا خرجت من أبدانهم تتجول فيما بين السماء والأرض، تشوش على الأحياء حياتهم، وتكدر عليهم صفاء معيشتهم، هذا إذا كانت أرواحاً شريرة أو مما لا تقبلها السماء، فهل له مستند من النصوص الشرعية؟ أو من كلام بعض العلماء؟ أو من كلام أناس لا دين لهم؟ أخشى أن يكون مما توارثه جيل بعد جيل، فقد كان سكان هذه المناطق يعتنقون البوذية والهندوسية قبل وصول الإسلام إليهم، فلدى البوذية والهندوسية اعتقاد سائد بأن الأحياء إذا ماتوا تبحث أرواحهم في أجسام الأحياء أو الحيوانات أو الحشرات أو النباتات أو غير ذلك لتحل فيها كتكملة لدورة حياتها! وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: فقد أجبت أيها الأخ عن نفسك في آخر سؤالك، فإن هذا الاعتقاد هو كاعتقاد تناسخ الأرواح وهو معتقد لبعض الديانات والفرق الضالة كما في الهندوسية وغيرها، وليس له أي مستند شرعي إطلاقاً، بل هو مخالف لعقيدة أهل الإسلام في الموت والبعث والنشور والقبر وغيرها.

قال الله سبحانه:"ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون" [المؤمنون: 15-16] ، والأرواح إذا خرجت من الجسد بعد الموت لا تعلق لها بالأحياء ولا تؤثر عليهم، وإنما تنتقل إلى حياة البرزخ؛ وهي الحياة ما بين الموت إلى قيام الساعة وبعث الناس من قبورهم، وهذه الحياة البرزخية لا نعلم كيفيتها، وإنما جاءت النصوص بأن العبد يكون فيها إما في نعيم أو في عذاب - نعوذ بالله من ذلك- والأصل أن الروح لها تعلق في هذه الحال بالجسد ولكنه تعلق يختلف عن تعلقها قبل الموت كما أن تعلقها به أيضاً بعد قيام الساعة يختلف عنهما، وأما مستقر الأرواح؛ فكما أشرت قبل قليل إلى أن الأصل هو تعلقها بالجسد، ولكن قد تنتقل من أجل النعيم أو العذاب انتقالاً لا نعلم كيفيته، كما جاء في أرواح الشهداء مثلاً كما في صحيح مسلم (1887) عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-"أن أرواحهم في أجواف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل ... " الحديث. وغيرها كثير في هذا الشأن. وكما في تفسير قوله تعالى في آل فرعون:"النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" [غافر: 46] ، حيث فسرت بعذاب القبر على اختلاف في كيفيته، ومن العلماء من فسرها أن أرواحهم تنتقل فتعذب في جهنم ثم ترجع إلى قبورها. والحاصل من هذا أن الأرواح حتى لو فرض تنقلها أحياناً فإن أرواح المعذبين (أو ما سمي في السؤال الأرواح الشريرة) لا تكون مطلقة هكذا، وإنما هي في عذاب - نسأل الله السلامة والعافية- ثم هي لا يمكن أن تؤثر على الناس بتكدير أو تشويش، فهذا اعتقاد باطل وليس ببعيد أن يكون ناشئاً عن اعتقاد تناسخ الأرواح أو من بقايا هذه الخرافات، والله أعلم.

وأنصح السائل إن كان يرغب في التعرف على ما يتعلق بالروح، وما ورد من نصوص وأقوال للعلماء في ذلك أن يرجع إلى كتاب (الروح) لابن القيم فإنه كتاب جامع، وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح.

هل من سبيل لتخفيف العذاب عن الميت؟

هل من سبيل لتخفيف العذاب عن الميت؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/البعث وأحوال القبور التاريخ 10/1/1425هـ السؤال توجد قرية بها مقبرة قريبة من الأهالي، ويقول بعض الأهالي من الثقات إنه يسمع صوتاً ينبعث من أحد القبور. وسؤالنا الآن عن كيفية مساعدة هذا الميت، وهل توجد طريقة نعرف بها سبب ما يحدث له في قبره؟. الجواب ليس هناك أية طريقة يعرف بها ما يحدث للمقبور في قبره إلا عن طريق الوحي الإلهي لأحد أنبيائه ورسله، كما حصل للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الرجلين الذين أخبر عنهما أنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، فكان أحدهما لا يستنزه من البول، والثاني يمشي بالنميمة بين الناس. انظر: البخاري (216) ، ومسلم (292) . أو ما أوحي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في أصحاب القبور من اليهود الذين يعذبون في قبورهم. انظر: البخاري (1050) ، ومسلم (586) . كما أنه لا مجال لمساعدة المقبور في قبره إلا إذا كان مسلماً، فينفعه ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" مسلم (1631) . فلا مجال لنفع الميت المسلم إلا بالصدقة الجارية أو الدعاء له. كما أنه لا يلزم من هذا الصوت المسموع من المقبرة أو تلك الرؤيا أن المذكور يعذب في قبره، والرؤى لا يبنى عليها أحكام، وإنما هي مبشرات كما قال -صلى الله عليه وسلم-. أما شق الجريد الأخضر ووضعه على القبر كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فالصحيح أن هذا خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كما قرره المحققون من أهل العلم. والله أعلم.

إحياء بني إسرائيل بعد موتهم

إحياء بني إسرائيل بعد موتهم المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/البعث وأحوال القبور التاريخ 16/11/1425هـ السؤال ذكر الله سبحانه وتعالى، أنه كتب على الإنسان موتة واحدة فقط في الدنيا لا يذوقها إلا مرة واحدة، إذًا كيف نفسر قوله تعالى في قصة أصحاب موسى عندما أحياهم، حيث قال سبحانه: (ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون) . أي أنهم بعد هذا الإحياء ماتوا الموتة الثانية كسائر البشر؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فقد جرت سنته تعالى في خلقه أن يتوفاهم بعد أن أوجدهم في هذه الحياة ثم يعيدهم مرة أخرى للحساب والجزاء، يقول تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الروم:40] . هذه سنته تعالى في خلقه عمومًا، لكن لا يمتنع على الله تعالى، أن يعيد بعض خلقه مرة أخرى في هذه الدنيا بعد أن أماته، وقبل يوم الحساب، ذلك أنه تعالى هو الذي أوجده أول مرة، فإعادته أهون عليه، وله في ذلك الحكمة البالغة، وهذا كما أنه غير ممتنع عقلاً، فقد ثبت نصًّا، في صور منها: ما ذكره تعالى في خبر الذين خرجوا من ديارهم فرارًا من الموت فأماتهم الله ثم أحياهم، يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) [البقرة: 243] .

ومنها أيضًا ما ذكره تعالى من إماتة بعض بني إسرائيل ثم أحياهم يقول تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ* ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 55، 56] . ومنها كذلك خبر القتيل من بني إسرائيل الذي أحياه الله، يقول تعالى: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [البقرة: 73] . ومنها ما ذكره تعالى من خبر الرجل الذي مر على القرية الخاوية، يقول تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) [البقرة: 259] . فهذه الصور كلها تضمنت إحياء الموتى في هذه الدنيا، وأكثر من هذا أن الله تعالى جعل بعض آيات أنبيائه الدالة على صدق نبوتهم ورسالتهم، قدرتهم على إحياء الموتى بإذنه، كما هو معروف عن عيسى عليه السلام، يقول تعالى في شأنه عليه السلام: (وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ) [آل عمران: 49] .

وإذا تقرر هذا فالأصل أن الخلق عمومًا لا يموتون إلا موتة واحدة، كما يشير إليه قوله تعالى: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [الدخان: 56] . إلا ما ورد من تخصيص بعض البشر بأن الله تعالى يعيد خلقهم مرة أخرى في هذه الدنيا، ولعل من حكمة ذلك إقامة البرهان على قدرة الله تعالى على بعث خلقه ونشرهم للحساب والجزاء، وإلى هذا يشير قوله تعالى في خبر القتيل من بني إسرائيل: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [البقرة: 73] . أسأل الله تعالى أن يهدينا سبيل الرشاد. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

معاملة الزميل الكافر

معاملة الزميل الكافر المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/الولاء والبراء التاريخ 3/8/1422 السؤال أخ مصري مسلم، كان له زميل دراسة نصراني من المرحلة الابتدائية إلى الجامعة، وكان على صلة طيبة به، وبعد أن منّ الله على هذا الأخ بالتوجه الطيب للدين، قام بهجر ذلك النصراني وقطعه، بل وأساء له في المعاملة بحجة الحديث الذي معناه (فاضطروهم إلى أضيق السبل) ولكن هذا النصراني لا زال يعامل هذا المسلم بالجميل، فبماذا تنصحون الأخ؟ الجواب المنهي عنه في علاقة المسلم بالكافر إنما هو الموالاة من دون المؤمنين. أما الإحسان إلى غير المحاربين منهم ومعاملتهم بالعدل، وإنصافهم، وأداء حقوقهم فليس بمنهي عنه، بل هو داخل في عموم أمر المسلمين بهذه الخصال، وقد يكون الكافر قريباً، فيثبت له حق القرابة، وقد يكون جاراً فيثبت له حق الجوار، وكل ذلك في حدود الشرع، والدليل على ما تقدم قوله -تبارك وتعالى- في سورة الممتحنة: ((لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)) وبناء على هذا فإن الأخ ينصح بأن يعامل صديقه النصراني بالجميل ويكافئه بالمعروف، ويحسن إليه لعل الله أن يهديه ويشرح صدره للإسلام، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة، حيث عاد يهودياً في مرض موته ودعاه للإسلام، فكتب الله له الفوز بقبوله دعوة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وبالله التوفيق.

مسائل متفرقة

الحكم في العامي إذا تربّى على عقيدة فاسدة المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 3/8/1422 السؤال إننا نرى الكثير والكثير من أصحاب المذاهب الفاسدة والملل المنحرفة والطرق الخاطئة في أمور العبادة والتوسل والدعاء، فما ذنب هؤلاء الجهلة بالدين الصحيح، وهم منذ أن ولدوا تربوا على طرق آبائهم وعباداتهم إلى أن تغلغلت في نفوسهم وغرست في قلوبهم غرساً من التكرار من الصغر إلى درجة أنهم حين يرون طرق عبادتنا يعتقدون أننا ضالون، وهم مهتدون، وإن كانت الحجة تقام على المتعلم منهم، خصوصاًً في الدين، فكيف تقام وهو يقرأ كتب فرقته، ويحفظها، وطريقة تفكيره رسمت له رسماً من صغره، وتكوّنت طرق تفكيره بما يناسب معتقد أهله وذويه. الجواب العامي الذي تربى على عقيدة فاسدة ولم يجد من يصحح له عقيدته فلا مؤاخذة عليه، وإنما المؤاخذة على من أتاه الحق فردّه، أو كان عالماً يدرك خطأ المعتقد، ولكنه يتمسك بالباطل حفاظاً على مصلحة دنيوية، فهو يحمل وزره ووزر من ضلله. قال - تعالى -: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا "، وقال - صلى الله عليه وسلم - لهرقل:" فإن أعرضت فإن عليك إثم الأريسيّين " أي العوام من الزراع وغيرهم. أخرجه البخاري (7) .

عقيدة ابن حجر والنووي

عقيدة ابن حجر والنووي المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 5/7/1422 السؤال سمعت بعض طلاب العلم يصف ابن حجر والنووي بأنهما أشاعرة، ونحن نعلم أن لديهم تأويل في بعض الأسماء والصفات، لكن هل يستقيم بأن ينسبون إلى الأشاعرة على الإطلاق، أفيدونا أحسن الله إليكم؟ الجواب فإن الإمام النووي -رحمه الله- من الأئمة الكبار والعلماء الربانيين، وقد كتب الله لمؤلفاته القبول والانتشار، ولم يكن الإمام النووي -رحمه الله- أشعرياً محضاً، فإنه وإن وافق الأشاعرة في تأويل جملة من صفات الله -تعالى- أو تفويضها، إلا أن اشتغاله بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حفظه عن الوقوع في كثير من مزالق الأشاعرة. وكذا الحافظ ابن حجر، فإنه من الأئمة الأعلام، والجهابذة المحققين، وقد وافق الأشاعرة في تأويل صفات ٍ لله -تعالى- أو تفويضها، لكن نقد الأشاعرة في جملة من عقائدهم كمسألة الإيمان وأول واجب على المكلف. ونوصي السائل وسائر إخواننا بالاشتغال بما ينفع، والاهتمام بكتب هذين الإمامين لاسيما (رياض الصالحين) و (الأذكار) و (شرح صحيح مسلم للنووي) ، (وفتح الباري) لابن حجر، وأن لا يحكم على الأشخاص إلا بعلم وعدل، وبالله التوفيق.

كمال الإيمان الواجب

كمال الإيمان الواجب المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 13/7/1422 السؤال ما معنى (الإيمان الواجب الكمال والإيمان الواجب المستحب) ؟ الجواب معنى الإيمان الواجب الكمال ما يكون فعله من الواجبات الشرعية، أو مايكون تركه من المحرمات الشرعية، فأداء الأمانة واجب لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: " لا إيمان لمن لا أمانة له " أخرجه أحمد (12383) . والزنا وشرب الخمر من المحرمات الشرعية، فمن فعلها انتفى عنه كمال الإيمان الواجب؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولايشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " أخرجه البخاري (6772) ، ومسلم (57) . وأما الإيمان الواجب المستحب فلعل السائل يعني كمال الإيمان المستحب، فإن كان كذلك فهو ما يكون فعله من المستحبات، مثل: إماطة الأذى عن الطريق، فمن تركه فقد فاته كمال الإيمان المستحب، والله أعلم.

حكم التجنس بالجنسية الأوربية للمسلم

حكم التجنّس بالجنسية الأوربية للمسلم المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 6/5/1422 السؤال ما حكم التجنّس بالجنسية الأوربية للمسلم الذي يأتي للبلاد الأوروبية فارّاً بدينه من الظلم الذي وقع عليه في بلده الأصلي، وفقد فيه هويته، وفقد أمل الرجوع إلى وطنه، وجزاكم الله خيراً. الجواب ج: للجواب على هذا السؤال يلزم بيان أمرين: الأول: كون الإقامة في بلد الكفار جائزة. الثاني: قيام الحاجة إلى أخذ الجنسية. تفصيل الأمر الأول: الإقامة في بلاد الكفار لا تجوز إلا بالشروط الآتية: 1- وجود الحاجة الشرعية المقتضية للإقامة في بلادهم ولا يمكن سدّها في بلاد المسلمين، مثل التجارة، والدعوة، أو التمثيل الرسمي لبلد مسلم، أو طلب علم غير متوفر مثله في بلد مسلم من حيث الوجود، أو الجودة والإتقان، أوالخوف على النفس من القتل أو السجن أو التعذيب، وليس مجرد الإيذاء والمضايقة، أو الخوف على الأهل والولد من ذلك، أو الخوف على المال. 2- أن تكون الإقامة مؤقتة، لا مؤبّدة، بل ولا يجوز له أن يعقد النية على التأبيد، وإنما يعقدها على التأقيت؛ لأن التأبيد يعني كونها هجرة من دار الإسلام إلى دار الكفر، وهذا مناقضة صريحة لحكم الشرع في إيجاب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام. ويحصل التأقيت بأن ينوي أنه متى زالت الحاجة إلى الإقامة في بلد الكفار قطع الإقامة وانتقل. 3- أن يكون بلد الكفار الذي يريد الإقامة فيه دار عهد، لا دار حرب، وإلا لم يجز الإقامة فيه. ويكون دار حرب إذا كان أهله يحاربون المسلمين. 4- توفر الحرية الدينية في بلد الكفار، والتي يستطيع المسلم بسببها إقامة شعائر دينه الظاهرة. 5- تمكنه من تعلم شرائع الإسلام في ذلك البلد. فإن عسر عليه لم تجز له الإقامة فيه لاقتضائها الإعراض عن تعلم دين الله.

6- أن يغلب ظنه بقدرته على المحافظة على دينه، ودين أهله وولده. وإلا لم يجز له؛ لأن حفظ الدين أولى من حفظ النفس والمال والأهل. فمن توفرت فيه هذه الشروط -وما أعسر توفرها- جاز له أن يقيم في بلاد الكفار، وإلا حرم عليه؛ للنصوص الصريحة الواضحة التي تحرم الإقامة فيها، وتوجب الهجرة منها، وهي معلومة، وللخطورة العظيمة الغالبة على الدين والخلق، والتي لا ينكرها إلا مكابر. ثانياً: تحقق الحاجة الشرعية لأخذ الجنسية، وهي أن تتوقف المصالح التي من أجلها أقام المسلم في دار الكفار على استخراج الجنسية، وإلا لم يجز له، لما في استخراجها من تولى الكفار ظاهراً، وما يلزم بسببها من النطق ظاهراً بما لا يجوز اعتقاده ولا التزامه، كالرضا بالكفر أو بالقانون، ولأن استخراجها ذريعة إلى تأبيد الإقامة في بلاد الكفار وهو أمر غير جائز - كما سبق - فمتى تحقق هذان الأمران فإني أرجو أن يغفر الله للمسلم المقيم في بلاد الكفار ما أقدم عليه من هذا الخطر العظيم، وذلك لأنه إما مضطر للإقامة والضرورة تتيح المحظورة، وإما للمصلحة الراجحة على المفسدة، والله أعلم.

القول بقدم العالم

القول بقدم العالم المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 29/10/1425هـ السؤال ما حكم من يقول بأن الله يمكن أن يستوي على ظهر بعوضة، كما يقول الإمام ابن تيمية في صريح المنقول؟ وأين الدليل من الكتاب والسنة في ذلك؟ وما حكم القائل بقدم العالم؟ وهل يجوز قراءة هذا الكلام الخطير؟ وشكرًا. الجواب الحمد لله، وصلى الله وبارك على عبده ورسوله، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

فقد أخبر- سبحانه وتعالى- أنه استوى على العرش في سبعة مواضع من القرآن، فآمن بذلك أهل السنة، وأثبتوا الاستواء بمعناه، وقالوا: الاستواء معلوم- يعني: معلوم معناه في اللغة العربية؛ لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين- والكيف مجهول. فكيفية الاستواء على العرش هي مما استأثر الله بعلمه، كما يقولون إن استواء الله تعالى لا يماثل استواء المخلوق. وقالوا: إن استواءه فعل من أفعاله التي تكون بمشيئته سبحانه وتعالى، وهو فعَّال لما يريد، والذي قال إنه يمكن استواؤه على بعوضة، أو لو أخبرنا أنه استوى على بعوضة لسلمنا بذلك- هو عثمان بن سعيد الدارمي، لا ابن تيمية- رحمهما الله- وقال هذا مبالغةً في الرد على من أنكر استواء الله على عرشه، ولا أذكر نص عبارته، ولو لم يأت بهذا التعبير لكان أولى، فهو- سبحانه وتعالى- على كل شيء قدير، والظاهر أنه لم يقل إنه تعالى يمكن استواؤه على ظهر بعوضة، بل لعله قال: لو أخبرنا بذلك لآمنا به. فإنه- سبحانه وتعالى- أصدق الصادقين، ولا يلزم من هذا الافتراض أن يكون ممكنًا فضلاً عن أن يكون واقعًا، فإنه- تعالى- قد قال: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) [الأنبياء:22] . وأما القول بقدم العالم، أي: بقدم هذا العالم المشهود الذي منه السماوات، فقول باطل، فإن هذا العالم مخلوق في ستة أيام، كما أخبر الله، بل إن السماوات والأرض كان خلقها بعد تقدير مقادر الخلائق بخمسين ألف سنة، فهو محدث وليس بقديم، والقول بقدم هذا العالم الموجود هو قول ملاحدة الفلاسفة الذين يسمون الخالق سبحانه وتعالى- العلةَ الأولى، ومبدأَ الوجود، ويقولون إنه علة تامة للموجودات، والعلة التامة تستلزم معلولها، فهذا العالم قديم بقدم علته، ومعناه أن وجوده لم يُسبق بعدم، وكأن السائل يُعرض بالإمام ابن تيمية حيث يقول بقدم جنس العالم أو جنس المخلوقات، أو بتسلسل الحوادث، أو بدوام الحوادث بالأزل، وهذه عبارات مؤداها

واحد، ومعنى هذا: أن الله لم يزل يخلق ويفعل ما يشاء، فما من مخلوق إلا وقبله مخلوق إلى ما لا نهاية؛ لأن الله لم يزل موجودًا، ولم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعَّالاً لما يريد، فيقتضي ذلك أن المخلوقات لم تزل أو أقل ما يقال إنه يمكن ذلك، فإنه لا يلزم تسلسل الحوادث؛ لأنه لا يستلزم أن يكون شيء من الموجودات مشاركًا لله في قدمه؛ لأن كل مخلوق حادث بعد أن لم يكن، فهو مسبوق بعدم نفسه، والله تعالى- لم يسبق وجوده عدم، بل هو- سبحانه وتعالى- قديم أزلي، فلا بداية لوجوده، ولا نهاية، ومن أسمائه الأول والآخر، فهو الأول فليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والذين ينكرون على ابن تيمية هذا القول- وهو ليس قول ابن تيمية وحده، بل قول كل من يؤمن بأن الله لم يزل على كل شيء قديرًا، ولم يزل فعَّالاً لما يريد- فالذين ينكرون هذا القول لم يفهموا حقيقته، ولو فهموا حقيقته لما أنكروه، فالذين ينكرون تسلسل الحوادث في الماضي أو دوامها في الماضي، وأن ذلك ممتنع يلزمهم أن الله كان غير قادر، ثم صار قادرًا، وغير فاعل ثم صار فاعلاً، وهذا يقول به كثير ممن يقول بامتناع حوادث لا أول لها، ومن قال بامتناع دوام الحوادث في الماضي وقال مع ذلك بأن الله لم يزل قادرًا وفاعلاً كان متناقضًا ويلزمه الجمع بين النقيضين.

وبسبب اعتقاد أن دوام الحوادث في الماضي أو المستقبل ينافي أوليته- سبحانه- وآخريته، قيل بامتناع الحوادث في الماضي وفي المستقبل فنتج عن ذلك القول بفناء الجنة والنار، وهذا ما ذهب إليه جهم بن صفوان ومن تبعه، وهذا ضرب من الكفر بما أخبر الله به، ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء، كما في عبارة الإمام الطحاوي، أما ما سوى الله فكلٌّ مسبوق بعدم نفسه، ومن شاء - سبحانه وتعالى- بقاءه على الدوام، وأنه لا يفنى فهو باقٍ بإبقاء الله وبمشيئته- سبحانه وتعالى- فلا يكون شيء من المخلوقات مشابهًا لله في خصائصه؛ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى:11] .

الأصول الثلاثة وأدلتها

الأصول الثلاثة وأدلتها المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 20/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي الأصول الثلاثة وأدلتها؟ وهل الدعوة فرض عين أم هي فرض كفاية؟ الجواب

الحمد لله، الأصول الثلاثة، هذا عنوان لمؤلف للشيخ: محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-، وأراد بالأصول الثلاثة: معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة، ولا ريب أن هذه أصول عظيمة، عليها مدار المعرفة الشرعية، وهي معرفة العبد ربه، الذي أرسل الرسل وأنزل الكتب، وأرسل خاتم النبيين محمداً –صلى الله عليه وسلم-، أرسل الرسل بدين الإسلام، فإن دين الإسلام هو دين الرسل جميعاً، ولكن الشريعة التي جاء بها محمد –صلى الله عليه وسلم- هي أكمل الشرائع وأشملها وأيسرها، لأنه رسول الله إلى الناس جميعاً، وهذه الأصول الثلاثة هي التي يسأل عنها الإنسان في قبره، فيقال للميت إذا وضع في قبره: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فالمؤمن الموقن يقول: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد –صلى الله عليه وسلم-، وأما المنافق الشاك فإنه يتحير ويقول: هاه هاه، لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فالمؤمن يكون قبره عليه روضة من رياض الجنة، والكافر والمنافق يصير قبره حفرة من حفر النار، يعذب في قبره، وأما المؤمن فإنه ينعم في قبره، وبهذه المعرفة يعرف الإنسان الرسول محمد –صلى الله عليه وسلم-، والمُرْسِلُ الذي هو الله، والرسالة التي هي دين الإسلام الذي تضمن أحكامه وشرائعه وعقائده كتاب الله وسنة رسوله –عليه الصلاة والسلام-، وقد قال الشيخ: محمد بن عبد الوهاب في ذلك الكتاب: فإذا قيل لك ما الأصول الثلاثة التي يجب على العبد معرفتها؟ فقل: معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمد –صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: إذا قيل لك: من ربك، فقل: ربي الله، الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه، وهو معبودي، ليس لي معبود سواه، ثم بين المراد بالإسلام وأنه: الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله، ثم ذكر الأصل الثالث: وهو معرفة محمد –صلى الله عليه وسلم- وأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب،

والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم –عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام-، وأنه –صلى الله عليه وسلم- ولد بمكة، وأنه نزل عليه القرآن، وأول ما نزل عليه سورة اقرأ وسورة المدثر، ثم إنه هاجر –صلى الله عليه وسلم- بعدما أنذر وبلغ رسالة ربه بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم هاجر إلى المدينة فأظهر الله به دين الإسلام، تحقيقاً لقوله تعالى:"هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" [التوبة: 33] ، والملاحظ أن مثل هذه الآية تتضمن ذكر الأصول الثلاثة فقوله:"هو الذي أرسل" هذا هو ربنا -سبحانه وتعالى-، وقوله:"رسوله" هذا محمد –صلى الله عليه وسلم-، وقوله:"بالهدى ودين الحق" هذا هو دين الإسلام، فقد اشتملت هذه الآية على الأصول الثلاثة، وأمثالها كثير، وقد ذكر الشيخ أن دين الإسلام يشمل أركان الإسلام الخمسة وهي شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام، وأن الإيمان يشمل الأمور الستة وهي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، ويشمل كذلك الإحسان وهو: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وهذا التفصيل دل عليه حديث جبريل الذي رواه مسلم في صحيحه (8) عن عمر –رضي الله عنه- كما رواه البخاري (50) ، ومسلم (9) أيضاً من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، فمن عرف ربه بأسمائه وصفاته، وأنه الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه، وعرف محمداً –صلى الله عليه وسلم- وأنه رسول الله إلى الناس كافة، وعرف ما جاء به، وآمن بذلك كله، واستقام على طاعة الله ومات على ذلك كان من السعداء المفلحين، فنسأل الله - سبحانه وتعالى- أن يمن علينا بالعلم النافع والعمل الصالح والثبات على دينه إنه تعالى على كل شيء قدير.

وأما الدعوة إلى الله فالأصل أنها فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين، لكن فرض الكفاية قد يكون فرض عين إذا قام السبب الموجب للدعوة، ولم يكن هناك من يقوم بذلك الواجب، فإنه يصير على من قدر على الدعوة فرض عين بالنسبة إليه، فينبغي للمسلم أن يجتهد في الدعوة إلى الله بحسب حاله، وكلما سنحت له الفرصة يقوم بهذا العمل الصالح ليكون من أتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذين قال الله فيهم:"قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" [يوسف: 108] وكما قال -سبحانه-:"وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [فصلت: 33] ، والله أعلم.

رد شبهة التناسخ

رد شبهة التناسخ المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 10/2/1424هـ السؤال السلام عليكم. أنا شاب مسلم أقوم بالاشتراك في مجموعات بريدية -ضمن ياهو وإم إس إن - يشرف عليها غير المسلمين، بهدف الدعوة إلى الله، وإعطاء صورة حسنة عن الإسلام، ولله الحمد. في إحدى المجموعات، نجحت في أن أكون عضواً بارزاً ومحبوباً بعد مشاركة الأعضاء في حل مشكلاتهم، ومبادلتهم عبارات المجاملة والتودد -طبعاً ليس على حساب الدين- وحصلت على الثناء من المشرف على الموقع. في هذه المجموعة، أغلب الأعضاء يؤمنون أو يميلون إلى الإيمان بتناسخ الأرواح، وقد حاولت مناقشتهم في هذا الموضوع، لكن أحد الأعضاء ذكر أنه يوجد تجارب تنويم مغناطيسي، تجعل الإنسان يتذكر أموراً حدثت قبل مئات أو آلاف السنين، وهناك أشخاص يرون في منامهم أنهم كانوا يعيشون في أزمنة قديمة - كزمان الفراعنة مثلاً وقد ذكرت له أن الأحلام إما من الله أو من الشيطان، وأن هذا قد يكون من الشياطين، لكن لا يبدو أنه اقتنع بهذه الفكرة. فهل هناك تفسير علمي لمثل هذه التجارب؟ وما هو أفضل رد على هذا الشخص؟ جزاك الله خيراً، ونفع بك الإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: يُشكر لك العناية والاهتمام بأمر الدعوة إلى الله؛ مع ما يتعين عليك الأخذ به من البصيرة والفقه في الدين، والحذر من الوقوع في شرك المبطلين، وليكن نصب عينيك إنقاذهم من وحل الكفر بالله ما استطعت إلى ذلك سبيلاً قبل الدخول في تفاصيل الأمور التي يعتقدونها.

وأما عقيدة الإيمان بتناسخ الأرواح فهي عقيدة سائدة، لكنها باطلة، والقول بتحضير الأرواح عن طريق التنويم المغناطيسي قول لا سند له، وإنما هي دعاوى وأوهام خاض غمارها أناس فلما اهتدوا اكتشفوا عوارها، وبان لهم زيفها، وقد بين سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ذلك، وأشار إلى ما ذكره الدكتور محمد محمد حسين في كتابه (الروحية الحديثة حقيقتها وأهدافها) حيث كان ممن خُدع بهذه الشعوذة زمناً طويلاً، ثم هداه الله للحق، وانظر تفاصيل ذلك في الكتاب المشار إليه وفي مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز (3/309-316) ، وانظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة (2/1032) ، والله الموفق.

عقوبة المرتد ... وحرية المعتقد

عقوبة المرتد ... وحرية المعتقد المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 26/1/1424هـ السؤال كيف نرد على الشبهة القائلة بأن: "عقوبة المرتد في الإسلام تتنافى مع حرية العقيدة"؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أولاً: أنصح السائل الكريم أن يبتعد عن مجالسة أهل الزيغ والأهواء ممن يثيرون الشبهات في مجالسهم، ويُلبسون على الناس عقائدهم. كما أنصحه بعدم إضاعة وقته بقراءة كتب ذوي التوجهات الفكرية المشبوهة، والمذاهب المنحرفة الهدامة، سيما تلك المتدثرة بجلابيب ذات صبغة إسلامية في الظاهر فقط، وإفلاس حقيقي في الأصالة، والاتباع لما كان عليه سلف الأمة عقيدة ومنهجاً. ثانياً: ليعلم السائل أن أحكام الشريعة مفروضة من لدن حكيم عليم، وبلغها رسولنا الأمين -صلى الله عليه وسلم- للأمة كما أرادها الله تعالى. فليس في أحكام الله وشريعته تناقض أو تصادم قال الله تعالى:"ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً". ثالثاً: أن الأصل في المسلم الرضا بأحكام الله وشرائعه والتسليم بها، سواء عقل الحكمة أم لم يعقل، فهم المقصود أم لم يفهم، إذ العقل البشري قد يقصر عن إدراك بعض أسرار الشريعة وأحكامها، فلا يسعه إلا أن يقول كما قال أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-:"سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير". وأنا أضرب لك مثالاً: تُرى لم كانت ركعات الظهر والعصر والعشاء أربعا، ً بينما المغرب ثلاثاً والفجر اثنتين؟ ولم كانت الظهر والعصر سرية القراءة وكانت البواقي جهرية؟ الجواب: إنها إرادة الله وحكمته وكفى! رابعاً: بالنسبة لما أثرته من تساؤل حول عقوبة المرتد -وهي القتل- وأنها تتنافى مع حرية العقيدة؟ فالجواب من وجوه:

(1) أولاً: إن المرتد بعد أن أقر بالإسلام والتزم به وتسمى به، فقد رضي بكل ما تضّمنه الإسلام من أحكام ومنها حكم المرتد. (2) ثانياً: إن المرتد لا يقتل إلا بعد استتابته ثلاثاً- أي: ثلاثة أيام- مع خلاف في بعض المسائل كمن سب الله تعالى أو رسوله -عليه الصلاة والسلام-. فإصراره على الردة، والسيف مروض على رقبته، يدل على عدم استحقاقه البقاء، إذ لو بقي لكان عامل فتنة مهدم لضعيفي الإيمان من أبناء الأمة، بما قد يلقيه عليهم وبينهم من الشبه والأغلوطات، فقتل المرتد حماية لغيره من اقتفاء أثره والتشبه بمسكله. وتأمل كيف سمى الله تعالى قتل القاتل حياة حين قال:"ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون". (3) ثالثاً: لو تُرك المرتد بلا قتل؛ لاتخذ الناس دين الله هزواً ولعبا؛ ً فيسلم أحدهم اليوم ويكفر غداً ويسلم غداً ويكفر بعد غد بلا مبالاة، بدعوى حرية المعتقد، وفي ذلك مفاسد لا تخفى والله المستعان. وفقك الله وأعانك، والسلام عليكم.

الرسالات السماوية والهنود الحمر

الرسالات السماوية والهنود الحمر المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 23/5/1424هـ السؤال قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا". من المعروف أن قارة أمريكا يسكنها أناس يسمون (الهنود الحمر) ، وذلك قبل اكتشاف القارة بواسطة أحد المستكشفين الأوربيين في العصر الحديث، وأن الهنود الحمر سكنوا القارة وأقاموا بها حضارة تعود إلى آلاف السنين، السؤال: هل أولئك الناس كانوا يدينون بدين سماوي؟ أم أنهم عاشوا على وثنيه منذ أن وجدوا على تلك الأرض؟ وهذا مالا أعتقده. أرجو الإفادة والإيضاح. الجواب معرفة أديان الهنود الحمر وتغيرات أحوالهم في حقب التاريخ يحتاج إلى دراسة تاريخية استقصائية، والمعروف من تاريخهم القريب أنهم عباد أوثان، وفيهم من دخل في النصرانية أو في الإسلام في العهود القريبة. والمستقر في عقائد أهل الإسلام - بحسب نصوص القرآن والسنة- أن من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، ويعامل في الدنيا معاملة الكافر بحسب حاله. وفي كفار هذا الزمان من بلغه دين الإسلام، وفيهم من لم يبلغه، فمن بلغه دين الإسلام بلاغاً واضحاً غير مشوه، وعلم بنبي الإسلام محمد - صلى الله عليه وسلم- علماً غير مشوه فهذا نحكم بأنه من أهل النار في الآخرة، أما من لم يبلغه دين الإسلام فحكمه حكم أهل الفترة في الآخرة، وإطلاق وصف الكفر عليه في الدنيا لا يقتضي أنه من أهل النار في الآخرة، وعلى ذلك أدلة منها قوله تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" [الإسراء: 15] وقوله تعالى: "كلما أُلقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير"

[الملك: 8] وقوله تعالى: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم" [النساء: 115] ، وأهل الفترة ومن في حكمهم يختبرون في الآخرة، فمن أطاع الله واستجاب نجا ودخل الجنة، ومن أبى واستكبر أدخل النار، وقد صح في هذا المعنى أحاديث مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-، وهو من مقتضيات عدل الله تعالى، ومن لوازم الآيات المذكورة آنفاً، والله أعلم.

الدخول لمواقع اكترونية تسب الدين

الدخول لمواقع اكترونية تسب الدين المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 2/1/1424هـ السؤال ما حكم الاستماع للذين يسبون الدين ويسبون القرآن والرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضي الله عنهم- وذلك في الإنترنت؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز دخول أي موقع يسب فيه الدين أو يسخر به أو بالله عز وجل أو بنبيه -عليه الصلاة والسلام- أو بكتابه أو بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم- أو بعلماء الأمة إلا بشروط: (1) أن يكون عالماً. (2) أن يُمكن من الرد ويعطى الوقت الكافي. أما غير العلماء أو حين لا يُمكّن أحد من الرد من أهل العلم فقد قال تعالى:"وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذن مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً". فالجالس معهم يشاركهم في الإثم بل مثلهم ساب للدين، والله الهادي.

الفرق بين الدين والاعتقاد

الفرق بين الدين والاعتقاد المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 16/9/1424هـ السؤال ما هو الدين؟ وما هو الاعتقاد؟ هل هناك فرق بين الدين والاعتقاد؟ الجواب الحمد لله، وبعد: الدين: ما يدين به المرء ربه كما في حديث:"رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً" رواه مسلم (386) من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه. والإسلام: الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك، والإسلام إذا أطلق شمل أركان الإسلام وأركان الإيمان والإحسان، وهذا ما دل عليه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث جبريل -عليه السلام- لما سأل الصحابة -رضوان الله عليهم-:"أتدرون من هذا؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:"هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم" رواه البخاري (50) ، ومسلم (9) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فهذا هو الدين. أما الاعتقاد: فهو ما يعتقده العبد، فإن كان صحيحاً فهو عمل القلب وتصديقه وإخلاصه الموافق للكتاب والسنة الداعي إلى العمل بما ورد فيهما وهو من الإيمان، وإن كان فاسداً فالعمل معه باطل وليس من الإيمان، والله أعلم.

معنى العقيدة والدين

معنى العقيدة والدين المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 13/3/1424هـ السؤال ما هي العقيدة؟ وما هو الدين؟ هل هناك فرق بين العقيدة والدين؟ الجواب العقيدة هي ما يدين به العبد ربه، أو التصديق الجازم بأصول الاعتقاد أو أصول الإيمان الستة والعمل بمقتضاها. وعلى هذا فهي الدين الذي قال الله عنه:"إن الدين عند الله الإسلام" [آل عمران:19] ، والإسلام هو: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك وأهله. وهذه هي العقيدة أو الاعتقاد الصحيح، وهذا هو الدين الصحيح الذي ورد في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً" رواه مسلم (386) من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه-، فهما لفظان متقاربان في المعنى بعضهما يدل على الآخر أو يتضمنه.

الشكوك الإيمانية

الشكوك الإيمانية المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 4/12/1423هـ السؤال أنا شاب -والحمد لله- متدين وأؤدي كل العبادات المفروضة وأزيد عليها تطوعاً ابتغاء الأجر والثواب -والحمد لله- على ذلك كثيراً، واللهم لا منة ولا رياء. مشكلتي أنني تنتابني الشكوك الإيمانية بعض الأحيان مما يجعلني تضيق علي الدنيا ويضيق صدري -والحمد لله- أرجع إلى ربي داعياً ألا أكون من الضالين وأن أكون من المهتدين، ويطمئن قلبي بعد ذلك وأنسى هذه مدة من الزمن، ولكن الشيطان يعاودني فطلبي أولاً الحل في نظر الشرع لمشكلتي، ثانياً: وهذا طلب خاص من أصحاب هذا الموقع وكل من يقرأ سؤالي الدعاء والإلحاح في الدعاء بالثبات على الإيمان والإسلام. وجزاكم الله خيراً. الجواب أحمد الله إليك، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير، وبعد: يسر القلب أن الشيطان انكسرت حدّته وضعفت حيلته معك فاستنجد بالوساوس، وقد شكا مثلما شكوت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى من هو بالمؤمنين رحيم -صلوات الله وسلامه- عليه فأجابهم بقوله:" الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" أبو داود (5112) وأحمد (2097) وقد أرشدهم إلى أمور آمل أن تكون محل عناية لديك: (1) أن تقول آمنت بالله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- انظر: مسلم (134) (2) أن يستعيذ بالله من الشيطان انظر: البخاري (3276) ومسلم (134) . (3) أن يقرأ قل هو الله أحد أبو داود (4722) والنسائي في الكبرى (10422) . (4) أن ينتهي عن هذا التفكر - أي يترك التفكر في الله لكن في آلائه "نعمه" فإن كان مصدر هذه الوساوس قراءات في كتب معينة فليتركها، أو مجلات أو أشخاص فليتباعد عنهم، ويستغرق في هموم تنفعه في دينه ودنياه وقد صدرت لك مجموعة من النصوص في هذا الباب حفظك الله وحفظ بك:

(1) إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول: من خلقك؟ فيقول: الله؟ فيقول: فمن خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله ورسوله، فإن ذلك يذهب عنه. (2) إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله ورسوله. (3) تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله. (4) تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله. (5) قال الله -تعالى- في الحديث القدسي:"إن أمتك لا يزالون يقولون: ما كذا ما كذا؟ حتى يقولوا: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله -تعالى-؟ (6) لن يبرح الناس يتساءلون: هذا الله خالق كل شيءٍ، فمن خلق الله؟ (7) من وجد من هذا الوسواس، فليقل: آمنا بالله ورسوله؛ فإنَّ ذلك يذهب عنه. (8) لا يزال الناس يتساءلون، حتى يقال: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل: آمنت بالله ورسوله. (9) يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه، فليستعذ بالله، ولينته. (10) يوشك الناس يتساءلون، حتى يقول قائلهم: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ فإذا قالوا ذلك فقولوا:"الله أحد. الله الصمد لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد" ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً وليستعذ من الشيطان.

حقوق آل البيت

حقوق آل البيت المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 12/11/1422 السؤال لي صديق يقول إنه من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ودائماً أسمعه يردد: إن آل البيت لهم خمس بيت مال المسلمين، ويقول أيضاً: إنه توجد آيات وأحاديث تدل على ذلك، وعندما أردت أن أبحث في الموضوع وجدت قول الله - تعالى -: (واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى ... الآية) إذاً الخمس من المغنم في حالة الجهاد ليس لأهل البيت فقط، إنما لمن ورد في الآية أيضاً، وأيضاً ما أخذ بغير قتال كما في قول الله في الآيات عموماً، هل صحيح أن دخل بيت المال الآن لهم فيه الخمس؟ وإذا كان صحيحاً فهل من الواجب على كل من ينتسب إلى آل البيت أن يثبت لدولته نسبه؟ آمل التفصيل في هذه المسألة للأهمية. كما أن صديقي هذا دائماً يقول إذا اختلف مع أحد: يا شيخ أنت تصلي علينا في صلاتك يومياً، يقصد الصلاة الإبراهيمية، مع أنه ليس عليه علامات الصلاح، لكن يحب دائماً أن يثير موضوع أنه من آل البيت، وينبغي أن يعامل معاملة خاصة، آمل من فضيلتكم التفصيل في كل هذا، وإرشادنا إلى الكتب التي تتحدث عن هذا الأمر للاسترشاد. وجزاكم الله خيراً. الجواب آل البيت هم قرابة الرسول - صلى الله عليه وسلم -المؤمنون به، وإكرامهم واجب لحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أمته، وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التأكيد على هذا الحق في أدلة كثيرة منها: 1- الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم (2408) وغيره عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه- والمعروف بحديث غدير خمّ وقد جاء فيه قوله - عليه السلام-: " أذكركم الله في أهل بيتي" قالها - عليه السلام - ثلاثاً.

2- وكذلك الحديث الذي رواه الترمذي (3758) وأحمد (1772) وغيرهما عن العباس بن عبد المطلب – رضي الله عنه – عم النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما شكا له من تجهم بعض الناس لهم، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: " والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله " وفي بعض الروايات: "حتى يحبكم لله ولقرابتي" رواها الإمام أحمد (1777) والحاكم (7043) ، وقد حرم الله عليهم أخذ الصدقة تكريماً لهم، وعوضهم بأن جعل لهم خمس خمس المغنم، وخمس الفيء، ويدخل في الفيء عند كثير من العلماء المعادن الجامدة والسائلة التي توجد في باطن الأرض وتستخرج منها، وكذلك الكنز الذي يوجد من دفين الجاهلية. وقد ذكر العلماء في كتب الأحكام السلطانية أن من واجبات ولي أمر المسلمين عمل نقابة لبني هاشم تثبت أنسابهم حتى لا يدخل معهم غيرهم، ولا يضيع أحد منهم، ليتمكن بواسطة هذه النقابة من إيصال حقوقهم الشرعية لهم. وما ذكر صديقك من أنه يصلي عليهم كل مسلم في الصلاة الإبراهيمية في صلاته حق لا ريب فيه. ومع ذلك كله فإن هذا لا يعني إسقاط الواجبات أو بعضها عنهم أو التغاضي عن اقترافهم المآثم ومخالفتهم لشرع الله؛ لأنهم في هذا كغيرهم من الناس، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم -:" وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " رواه البخاري (3475) ومسلم (1688) وهم أحق الناس باتباع هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – والاستمساك به، وإنما المقصود إكرامهم والتلطف معهم، والتغاضي عما يمكن التغاضي عنه من هفواتهم على حد قوله - عليه السلام -: " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود " رواه أبو داود (4375) وأحمد (25474) .

وننبه هنا إلى فئتين خالفتا منهج الشرع في حقوق آل البيت، فئة ابتليت بكراهيتهم، وغمط حقوقهم وإيذائهم، ففرطوا فيما يجب لهم من المحبة المشروعة، وفئة بالغت وأفرطت في دعوى حبهم حتى خالفوا شرع الله، والحق بين الغالي والجافي، وقد ذُكرت حقوق آل البيت في كتب السنة في أبواب الفضائل، وألف فيها العلماء كتباً مفردة، ومن ذلك: 01 استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذوي الشرف للإمام شمس الدين السخاوي. 02ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى للطبري. 03 إحياء الميت بفضائل أهل البيت للإمام السيوطي. 04 فضائل آل البيت للمقريزي. 05 الذرية الطاهرة للدولابي. وغيرها كثير، وللإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله - كلام حسن جداً في هذا الباب في كتبهما. والحمد لله أولاً وآخراً.

حكم القسم على الله

حكم القسم على الله المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 16/11/1422 السؤال ما حكم القسم على الله؟ وهل يحق لأي مسلم أن يقسم على ربه أم لا؟ الجواب لا يجوز القسم على الله نحو: (أقسم عليك يا رب أن تفعل كذا) ، إذ لم يرد في القرآن والسنة ما يدل على ذلك، وإنما الذي ورد نصوص تدل على أن المسلم قد يقسم على شيء فيكرمه الله - عز وجل - بتحقيق ما أقسم عليه، مثال ذلك ما ورد في أنس بن النضر الذي أقسم ألا تكسر ثنيّة أخته الرُّبَيّع وكانَتْ قد كسرت ثَنيّةَ جاريةٍ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بالقصاص، ثم رضي القوم بالأرش - أي قيمة السن - فعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - من رضا القوم بالأرش وتحقق قسم أنس فقال -صلى الله عليه وسلم: " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " رواه البخاري (2703) . ووردت أحاديث أخرى تصف بعض الصالحين بأنه لو أقسم على الله لأبره فيفسر على نحو ما سبق. وأما حديث أنس في أخيه: " البراء بن مالك " الذي رواه الترمذي (3854) : " كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك " فهو حديث ضعيف فيه: " سيار بن حاتم العنزي " قال القواريري: " لم يكن له عقل " وقال العقيلي: " أحاديثه مناكير ضعيفة " والله أعلم.

هل ينال الجن عذاب القبر؟

هل ينال الجنَّ عذابُ القبر؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 26/11/1424هـ السؤال هل عذاب القبر يكون حتى على الجن؟ الجواب أنصح الأخ السائل بأن يسأل عما ينفعه ويترتب عليه عمل. أما مثل هذه المسائل فالعلم بها لا ينفع، والجهل بها لا يضر، وأخشى أن يكون السؤال عنها من التنطع، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "هلك المتنطعون"، قالها ثلاثاً رواه مسلم (2670) . ولما سئل علي -رضي الله تعالى عنه- عن السواد الذي في القمر قال للسائل: "ويلك، سل تفقهاً، ولا تسل تنطعاً"، ثم أجابه بأن ذاك محو الليل. والجن ما عرفنا حياتهم الدنيوية حتى نعرف حياتهم البرزخية، وهم مكلفون وعد الله الصالحين منهم بالجنات، وتوعد المخالفين بالعذاب الأليم، نسأل المولى -عز وجل- العفو والعافية، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

الفرق بين المسلم والمؤمن

الفرق بين المسلم والمؤمن المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 15/3/1423 السؤال من المؤمن ومن المسلم، وما الفرق بينهما؟ الجواب الإيمان قول وعمل، فيشمل قول القلب وهو التصديق، وعمل القلب وهي العبادات القلبية كالتوكل على الله، ومحبته، وخشيته، ورجائه، وقول اللسان وعمل الجوارح، والإسلام، هو: الاستسلام والخضوع لله -تعالى- وحده، ومقام الإيمان أعلى وأخص من مقام الإسلام، وذلك عند اقترانهما كما في آية: "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا" [الحجرات:14] فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً، وأما إذا افترقا فيكون الإيمان متضمناً للإسلام، كما أن الإسلام متضمن الإيمان، والله أعلم.

حكم الرق في الإسلام

حكم الرق في الإسلام المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 30/1/1423 السؤال كيف نرد على هذه الشبهة وهي العبيد وحكم بيعهم في الإسلام على من يدعي بذلك عدم المساواة في الإسلام؟ الجواب مسألة الرق والعبودية مما أثير فيه الجدل من قبل المرجفين على الإسلام، وخير وسيلة للدفاع الهجوم. 01 فينبغي أن يثار في وجوههم الاستعباد الجاني للشعب الأفريقي، وتحويلهم إلى جيش من العبيد في أمريكا، وأن من يفعل ذلك عليه أن يكفر عن خطيئته بدل أن يثير اللغط على الآخرين. 02 الإسلام لم يبتكر مسألة الرق، وإنما كانت أمراً قائماً في العالم فجاء الإسلام بتنظيمها، وذلك بحصر أسبابها بسبب واحد فقط وهو الأسر من الأعداء المحاربين، ووسع طرق التخلص منها، فرغب في إعتاق الرّقاب ابتداء، ً وجعل تحرير الرقاب كفارة ملزمة للقتل الخطأ، والجماع في نهار رمضان، والظهار، واختيارية لكفارة اليمين، فضيقت أحكام الشريعة مصدر الرق ووسعت مصارفه ووسائل التخلص منه. 03 حفظت أحكام الشريعة حقوق الرقيق التي كانت مهدرة قبل الإسلام، وأبقت لهم حق الأخوة والمواساة، فقال -صلى الله عليه وسلم-:" إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ".. الحديث رواه البخاري (30) ومسلم (1661) . 04 وإذا كان الموضوع يهمك أكثر فعليك مراجعة كتاب شبهات حول الإسلام للأستاذ محمد قطب (ص 37-63) فإنك واجد ثم ما يكفي -إن شاء الله-.

شبهة حول قتل المرتد

شبهة حول قتل المرتد المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 14/2/1423 السؤال زميل دراستي نصراني يسأل: لماذا يقتل من يرتد عن الإسلام؟ ويقول: أنا حر في تغيير ديني. الجواب ينبغي للمسلم ألاّ يشرّب قلبه الشبهات، بل يكون قوياً في الحق الذي يحمله، ولا يكن همه الدفاع والتبرير، فالنصارى يعتقدون جملة عقائد لا يتقبلها منطق ولا عقل فمناقشتهم فيها وبيانها أولى من ذلك. وعلى كلٍ فإن كل حكم شرعه الله فهو لحكمة عظيمة، فالله -تعالى- حكيم عليم، وقد يعرف الإنسان هذه الحِكم وقد لا يعرفها. والحقيقة أن حد الردة هو من تمام الحرية لمن تأمل في ذلك، فإن الإسلام لا يكره أحداً على الدخول فيه، بل ويفهم الناس بخطر الردة وعقوبتها، فلا يقدم أحد على اعتناق الإسلام إلا بعد تمام الاقتناع وتمام التروّي والتأني، فهو إرشاد له أن يفكر في الأمر تمام التفكير. وأما تشديد العقوبة فلعظم الجريمة حتى لا تكون الردة وسيلة لأعداء الإسلام أن يدخل منهم جماعة كثيرة في الدين ثم يرتدوا جملة واحدة ليوقعوا الشك في قلوب المؤمنين، كما قال -تعالى-: "وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون" [آل عمران:72] . وهذه العقوبة موجودة حتى عند النصارى، فقد كانت الكنيسة تطبقها وقت سيطرتها. وأخيراًَ هل يعقل أن يكون الدين الذي يعتقده الإنسان متنزهاً يدخله، فإذا لم يرق له تركه وبحث عن غيره؟ وهل يكون ديناً هكذا؟، وفق الله الجميع لهداه.

أهل الأهواء وأحكامهم

أهل الأهواء وأحكامهم المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 8/3/1423 السؤال من هم أهل الأهواء وما أحكامهم؟ الجواب أهل الأهواء مصطلح يطلق -غالباً- على كل من خالف السنة والجماعة في أصل أو أكثر من أصول الدين، من الفرق كالخوارج والشيعة والقدرية والمرجئة والمعتزلة والجهمية وأهل الكلام، والطرق الصوفية، أو الأفراد الذين يخرجون عن السنة والجماعة، فأهل الأهواء هم أهل الافتراق والبدع. ويدخل فيهم الأنداد والفرق الخارجة عن الملة الذين ينتسبون للإسلام، كالمنافقين والفلاسفة المنتسبين للإسلام، والباطنية والزنادقة ونحوهم. أما أحكامهم فهي تتفاوت بتفاوت بدعهم: فالباطنية وغلاة الشيعة أو الباطنية وغلاة الجهمية وغلاة القدرية والفلاسفة الخلّص كفار بعضهم مرتد وبعضهم كافر أصلي، يتجنبهم المسلم ويحذر من مناهجهم ويحذِّر منها. أما الفرق الإسلامية غير الغالية من الخوارج والقدرية والمرجئة والمعتزلة وأهل الكلام ونحوهم فهم من أهل الملة لكنهم فارقوا السنة والجماعة، فهم من أهل الوعيد حكمهم حكم أهل الكبائر من المسلمين. والمسلم عليه أن يتمسك بالسنة والجماعة ويلزم أهلها ويواليهم، وينقض البدع والأهواء ويتجنبها وينكر على أهلها ويناصحهم، ويسأل الله الثبات والعافية.

الشهادة على الكافر المعين بالنار

الشهادة على الكافر المعين بالنار المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 12/1/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: ما حكم الشهادة على الكافر بعينه أنه من أهل النار وهل هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة؟ ودمتم على طاعة الله. الجواب القاعدة أنه لا يشهد لمعين بأنه في الجنة أو في النار إلا من قام الدليل على حكمه في الآخرة وقد نص أهل العلم في كتب العقائد أنه لا يشهد لمعين من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا لمن شهد له الرسول - عليه الصلاة والسلام -، فمن قام الدليل على أنه في الجنة وجب الإيمان بأنه في الجنة، ومن قام الدليل على أنه بعينه في النار وجب الإيمان بأنه في النار، وإلاّ فالواجب إطلاق الحكم العام بأن المؤمنين في الجنة والكفار في النار، لأن الكافر المعين لا يدرى على ماذا يموت، أو لا يدرى ما مات عليه، فالله أعلم بأحوال عباده، وكذلك لا يعلم عن حاله بينه وبين ربه هل هو ممن يعذره الله أو لا يعذره، فلهذا أقول إن الواجب هو الجزم بالحكم العام بأن الكفار من اليهود والنصارى والمشركين وسائر أمم الكفر في النار، كما نطق بذلك القرآن: "الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ" [النحل:88] "لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [المجادلة:17] ، نعوذ بالله من الكفر بالله، ونسأله سبحانه وتعالى الثبات على الإسلام بمنه وكرمه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الأكل مع النصارى في أعيادهم

الأكل مع النصارى في أعيادهم المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 21/10/1423هـ السؤال ما حكم أكل الطعام الذي يعد من أجل عيد النصارى؟ وما حكم إجابة دعواتهم عند احتفالهم بمولد المسيح عليه السلام؟ الجواب لا يجوز الاحتفال بالأعياد المبتدعة، كعيد الميلاد للنصارى، وعيد النيروز والمهرجان، وكذا ما أحدثه المسلمون كالميلاد في ربيع الأول، وعيد الإسراء في رجب ونحو ذلك، ولا يجوز الأكل من ذلك الطعام الذي أعده النصارى أو المشركون في موسم أعيادهم، ولا تجوز إجابة دعوتهم عند الاحتفال بتلك الأعياد، ذلك لأن إجابتهم تشجيع لهم، وإقرار لهم على تلك البدع، ويكون هذا سبباً في انخداع الجهلة بذلك، واعتقادهم أنه لا بأس به، والله أعلم. [اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين (ص:27) ] .

حمل الجن للأمانة مع الإنس

حمل الجن للأمانة مع الإنس المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 26/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخنا الجليل ورد في القرآن، أن الإنسان هو الذي رضي بحمل الأمانة من دون المخلوقات، فلماذا ألزم الله بها الجن أيضا؟ أفتونا مأجورين. الجواب

قال الله تعالى في سورة الأحزاب: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً" [الأحزاب:72] فهذا تعظيم لشأن الأمانة التي ائتمن الله عليها المكلفين من الجن والأنس، والتي هي امتثال الأوامر واجتناب النواهي في السر والخفية، كحال العلانية، وأنه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة: كالسماوات والأرض والجبال عرض تخيير لا تحتيم، وقال لها: إنك إن قمت بها وأديتها على وجهها فلك الثواب وإن لم تؤديها وتقومي بها فعليك العقاب، فالمخلوقات خفن ألا يقمن بهذه الأمانة لا عصياناً لربها ولا زهداً في ثوابه، وعرضها الله على الإنسان على ذلك الشرط فقبلها وحملها مع ظلمه وجهله، فحمل هذا الحمل الثقيل جهلاً بعظم ما يترتب على ذلك، والله أعلم، فالناس منقسمون في هذا إلى ثلاثة أقسام: منافقون أظهروا أنهم قاموا بهذا ظاهراً لا باطناً، ومشركون تركوها ظاهراً وباطناً وهذا من أظلم الظلم وأجهل الجهل بحقيقة المصير وعظم الأمانة، ولذلك قال الله عنهم بعد هذه الآية "لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:73] فالتوبة والمغفرة للقسم الثالث وهم الذين قاموا بأوامر الله وانتهوا عن نواهيه، القائمون بالأمانة العالمون بعظم شأنها.

وإلزام الجن بالتكليف مع الإنس يتضح من قوله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات:56] ، ولأن الله سبحانه ميزهم عن بقية المخلوقات هم والإنسان بالإرادة والإدراك والقدرة على حمل التبعة وهي ميزة عظيمة يتميزون بها على كثير مما خلق الله، إذ إن الإنس والجن قادران على اختيار الطريق الموصل إلى عبادة الله ومرضاته فعندهما قدرة الاختيار التي وهبها الله تعالى لهما فيدخلان مع المخلوقات في تدبير الله وتسييره لها، ويتميزان بأن لهما إرادة واختياراً، والجن تبع للإنس في كونهم مأمورين بما يأتي به الأنبياء من الإنس، والله أعلم.

لماذا يتعذب الأطفال؟

لماذا يتعذب الأطفال؟ المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 25/12/1423 السؤال السلام عليكم. إنني إنسانة مؤمنة بالله وملتزمة بديني -إن شاء الله- والحمد لله، وأحاول أن أحافظ على إيماني ولا أسأل على كل سبب لكل الأمور، أنا أعلم وأؤمن بأن الله لا يظلم إنساناً أو حتى حيواناً أو جماداً، ولكن هناك أمر لا أستطيع أن أتماسك عن السؤال عنه وفي نفس الوقت أخاف من أن أذنب بسؤالي هذا بيني وبين نفسي، سؤالي هو: عندما أرى طفلاً يتعذب بسبب مرض أو ظلم ظالم أسأل في نفسي لم؟ وما هي الحكمة في هذا؟ هل أنا مذنبة؟ وماذا أفعل حتى لا أتساءل في هذا الأمر؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول وبالله التوفيق: أولاً: اعلمي أنه من المتقرر عند أهل الحق ألا يقال في صفات الله كيف ولا في أفعاله لِم فالله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. ثانياً: أن الله لا يظلم أحداً كائناً من كان والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. ثالثاً: أن الله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ولله حكمة في الخلق والتدبير والله لا يخلق شراً محضاً لا خير فيه بوجه من الوجوه بل كل ما يخلقه له فيه حكمة هو باعتبارها خير وإن كان فيه شر لبعض الناس فهذا شر جزئي إضافي أما الشر المطلق فالله تعالى منزه عنه. رابعاً: اعلمي أنه "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به سيئاته" أخرجه البخاري (5642) ومسلم (2573) وغيرهما فما يصيب هؤلاء وغيرهم من المؤمنين مكفر لذنوبهم ومدخر لهم أجره عند ربهم.

خامساً: اعلمي أن العبد قد يحسن منه إيقاع الألم بغيره ويُحمد على فعله كمن يسعى لأن تكون له ماشية فيربيها ويسمنها حتى إذا ازّينت في نظره أوقع الألم بها فذبحها أضحية أو إكراماً للضيف وعند ذلك يحسن منه هذا الفعل لمصلحة راجحة فما بالنا نستحسن ذلك من المخلوق ونعذره عند فعله ثم نتساءل لم يفعل ربنا كذا وكذا مع ماله في خلقه وتدبيره من الحكم. وختاماً أبعدي عن نفسك هذه الخواطر ودافعيها بالذكر والاستغفار، والله الموفق والهادي، وانظري للتوسع في هذا (مختصر الصواعق المرسلة 1/325) .

سكرات الموت

سكرات الموت المجيب د. حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 18/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخنا الجليل، تحدثت كثير من الكتب عن شدة سكرات الموت وفظاعة ألمها، ووجدت عامتها تورد شواهد لا تقوم بها الحجة، مثل منامات بعض الصالحين، لكني لم أجد دليلاً صحيحاً واحداً على هذا، بل وجدت في الحديث الصحيح أن العبد المؤمن إذا جاءه ملك الموت تسيل روحه كما تسيل القطرة من في السقاء، فما هو القول الفصل في ألم الموت؟ وهل من دليل على ذلك؟. الجواب أخرج البخاري في صحيحه (4449) في الرقاق أن عائشة رضي الله عنها- كانت تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم- كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول لا إله إلا الله إن للموت لسكرات ثم نصب يديه فجعل يقول: اللهم في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده، وعند الترمذي (978) وابن ماجة (1623) عن عائشة -رضي الله عنها- بسند حسنه الحافظ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يقول "اللهم أعني على سكرات الموت"، وعند الترمذي (978) من حديث عائشة السابق: "اللهم أعني على غمرات الموت أو سكرات الموت" وقد بوب الترمذي في هذا بقوله (ما جاء في التشديد عند الموت) لكن شدة الموت وآلامه لا تدل على نقص في المرتبة بل هي للمؤمن إما زيادة في حسناته وإما تكفير لسيئاته كما أشار إلى ذلك الحافظ في الفتح، والله أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد-.

ما الذي يفعله من أراد الدخول في الإسلام؟

ما الذي يفعله من أراد الدخول في الإسلام؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 26/8/1424هـ السؤال ما جعلني أكتب هو موقف حصل معنا، أتتنا سيدة تريد إعلان إسلامها، فعلمناها الشهادة ونطقتها، وعلمناها معناها، وأعطيناها فكرة عامة عن الإسلام، ما حدث هو حوار حول الذي ينطقها الشهادة، مع العلم أنه ليس لدينا إمام! وأن أحدهم يناقش الشخص ويسأله أسئلته, ثم هو بذلك يقرر إن كان جاهزاً للشهادة أم لا, لكني أرى أن الله وحده يطَّلع على القلوب ولا نحكم بذلك، علما أن السيدة قالت إنها لن تعود عن قرارها بالإسلام, وأنها مستعدة له، ولذلك جعلناها تنطق الشهادة، فالإنسان لا يضمن عمره. الخلاف الثاني هو أنها يجب أن تغتسل أولاً ثم تشهد, علما أننا كنا في المسجد، وسؤالي هو: هل ما فعلناه صحيح?وما رأيكم بموضوع الأسئلة هذه? وما هي الخطوات التي يجب اتخاذها في حال أظهرت سيدة رغبتها في الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فمن نطق (أو نطقت) بلفظ الشهادة عارفاً معناها وما تدل عليه فهو مسلم، ولا يحتاج إلى من يفيد بجاهزيته لذلك، ولا إلى طقوس أخرى. وأما الغسل فإنه مستحب لمن دخل في الإسلام، وليس شرطاً للدخول فيه، عن طارق بن أشيم - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله، ودمه، وحسابه على الله"، رواه مسلم (23) . وعليه فإن المرأة المذكورة في السؤال مسلمة يجب عليها ما يجب على المسلمات، ويحرم عليها ما يحرم على المسلمات، والله الموفق.

من مات قبل أن تبلغه الدعوة

من مات قبل أن تبلغه الدعوة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 30/4/1424هـ السؤال ما حكم من مات من النصارى على كفره وذلك لأحد سببين أولاً: لأنه لم يُدْعَ إلى الإسلام. ثانياً: أنه دعاه مسلم ضعيف بالدعوة، فلم يقتنع بالإسلام بسبب ضعف الداعي في دعوته. الجواب

الحمد لله، اليهود والنصارى وسائر الأمم من الوثنيين المشركين أو الدهريين كل أولئك كفار، وإن كان بعضهم أكفر من بعض، وكل من مات منهم على كفره فإنه في نار جهنم، كما قال -سبحانه وتعالى-: " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ" [محمد:34] ، وقال سبحانه وتعالى: "وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً" [النساء:18] ، ومن لم يدع منهم للإسلام أو لم يعرف الإسلام على وجهه فإن الله تعالى يحكم فيه يوم القيامة بحكمه العدل، وهو أعلم بأحوال عباده الظاهرة والباطنة، فمن لم تبلغه دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه من جنس أصحاب الفترة، وأهل الفترة ومن أشبههم كالمجانين فإنه قد جاءت أحاديث تدل على أنهم يمتحنون يوم القيامة بما يكشف حقائقهم، فيتبين المطيع منهم من العاصي، فيجزون بحسب ذلك، فالمقصود أن من مات من الكفار فهو في النار، لكننا لا نشهد على معين من الكفار أنه من أهل النار، لعدم علمنا بما ختم له به، وبحقيقة حاله، والله الذي يعلم حقائق العباد، وهو الذي يجزي عباده على الحسنات بفضله وعلى السيئات بعدله،: "مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ" [الأنعام:160] ، والله أعلم.

هل الإيمان في القلب دون الجوارح

هل الإيمان في القلب دون الجوارح المجيب د. أحمد بن عبد العزيز الحليبي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 27/3/1424هـ السؤال ما هو الرد على من قال إن الإيمان في القلب، وليس في إطالة اللحية وتقصير الثوب؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد. .

فإن نصوص القرآن والسنة دلت على أن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، قال –تعالى-: "إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون" [الحجرات: 15] ، وقال –تعالى-: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون. ." [المؤمنون 1-7] وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" رواه البخاري (9) ، ومسلم (35) ، واللفظ له من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه-، وقال -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم" رواه البخاري (87) . فإقرار اللسان بالشهادتين، وإيمان القلب الجازم، والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وغيرها من أعمال الجوارح هي من شعب الدين، فتسمية الإيمان عملاً، وإطلاق الإيمان على العمل متقرر عند السلف الصالح، لورود النصوص الدالة على ذلك، منها قوله –تعالى-: "وما كان الله ليضيع إيمانكم" [البقرة:143] ، وسئل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أفضل؟ فقال: "إيمان بالله ورسوله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور" رواه البخاري (26) ، ومسلم (83) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه-؛ لذا فإن العمل بأحكام الإسلام التي أمر الله بها ورسوله – عليه الصلاة والسلام - من الإيمان، ومن هذه الأحكام

إعفاء اللحية، فقد ورد في الحديث الأمر به، قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بإحفاء الشوارب، وإعفاء اللحية" رواه مسلم (259) ومنها تقصير الثوب دون الكعبين، لنهي الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن تجاوز الكعبين "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" رواه البخاري (5787) ، ولا بد من التنبه إلى خطورة هذا القول واعتقاده؛ لأنه مناقض لدلالة القرآن والسنة، وهو من عقائد المرجئة المبتدعة الذين خالفوا به معتقد أهل السنة والجماعة.

علامات حسن الخاتمة

علامات حسن الخاتمة المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 3/4/1424هـ السؤال ما هي علامات حسن الخاتمة؟ وهل الوفاة في أيام التشريق لها أي فضل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب من علامات حسن الخاتمة الاستقامة حال الحياة، وهذه أهمها وأوكدها؛ لأنها الأمر الذي جاء الشرع بالأمر به، قال -تعالى- عن إبراهيم -عليه السلام-: "يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [البقرة: من الآية132] ، أما العلامات عند الوفاة فهي مبشرات وليست قطعيات، ومنها: سهولة خروج الروح، وقد جاء الخبر بإثبات ذلك، كما حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - وفيه ذكر عن المؤمن حال النزع "كما تسيل القطرة من في السقاء" رواه بهذا اللفظ أحمد في مسنده (18534) وغيره وفيه رواية: "كما تُسَلُّ الشعرة من العجين" عند الطبراني في الأوسط (742) ، وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- ومن ذلك أيضا عرق الجبين، ودل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث بريدة - رضي الله عنه -: "المؤمن يموت بعرق الجبين" رواه الترمذي (982) ، والنسائي (1828) ، وابن ماجة (1452) وكذلك الموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة، انظر ما رواه الترمذي (1074) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما-، ومع ذلك لا يعني تفقدها وتطلبها وغيرها من العلامات في الأموات، وأنها إذا لم توجد فذلك يدل على عدم حسن الخاتمة، والوفاة على غير الإسلام مع كونه مستقيماً حال الحياة، فهذا ليس بلازم أبداً، وكذلك لا يعني وجودها القطع للمعين بالجنة، وإنما يرجى لصاحبها، كما يخاف على العاصي ولا يقطع له بالنار.

أما أيام التشريق فالوفاة فيها لا يعرف لها مزية أو فضل؛ إلا إن كان الإنسان فيها حاجاً ولم يزل محرماً ومات على ذلك، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً، انظر ما رواه البخاري (1265) ، ومسلم (1206) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-. ولكن ذلك لأجل الإحرام، وليس لذات الأيام. والله أعلم.

الانحناء في التدريب الرياضي

الانحناء في التدريب الرياضي المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 25/4/1424هـ السؤال أريد أن أقوم بفريضة الإعداد للجهاد في سبيل الله، وذلك بممارسة إحدى الرياضات الحربية، إلا أن هناك مسألة التحية (وهي بالانحناء أو طأطأة الرأس، سواء للمعلم أو للدخول في الإعداد، أو للخروج منه، أو عند مواجهة الخصم، أو عند الانتهاء من المواجهة) ، والتي يتخذها واضعو هذه الرياضات من الكفار، طقساً تعبدياً ويمارسها من تعلم هذه الرياضات من بني جلدتنا، على أنها حركات من بين الحركات الأخرى، أو على أنها شكل من أشكال الاحترام للمعلم وللقاعة الرياضية، وإذا ناقشتهم في المسألة وقلت لهم إنه لا داعي لهذه التحية في التدريبات على الأقل, لأنه لا يمكننا اجتياز الامتحانات بدونها للمرور للمرحلة الموالية من التدريب, قالوا نحن ليس في نيتنا ما تقول. ولا يمكننا العثور على نادٍ من الأندية يمارس من الرياضة ما لا يخالف الشرع، ويدع ما يخالفه. فهل مثل هذه الحركات مخالفة للشرع؟ وإذا كانت مخالفة للشرع فهل لنا رخصة في القيام بها، مع الأخذ بعين الاعتبار تعذر إيجاد من يعلمنا دون الوقوع في مثل هذه المسائل؟ وأرجو ذكر الأدلة وجزاكم لله عنا خير الجزاء. الجواب

الاستعداد للجهاد بكل وسيلة تعين عليه أمر مطلوب شرعاً، وهو داخل في قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ... " [الأنفال: 60] ولكن القاعدة الشرعية أن الوسيلة تتبع الغاية، فإذا كانت الغاية شريفة مشروعة فإن وسيلتها التي تؤدي إليها يجب أن تكون كذلك، ولا يتوسل لتحصيل الأمر المشروع بالوسيلة الممنوعة، والانحناء الذي ذكرته في هذه اللعبة لا يجوز، لكونه طقساً تعبدياً عند أهل هذه الرياضة، فهو بهذا أمر محرم لا يجوز ارتكابه، وليس داخلاً في حقيقة هذه الرياضة، وليست هناك ضرورة تلجئ إليه، علماً بأن إعداد المرء المسلم نفسه للجهاد يمكن أن يحصل بوسائل أخرى ليس فيها محذور شرعي، وليس محصوراً في هذه الرياضة المشتملة على المحرم. ولتعلم أن التعظيم والسجود كله لا يجوز إلا لله، ومن صرف شيئاً منه لغير الله فقد أشرك معه غيره، وفقنا الله وإياك لمرضاته.

الوقوف للسلام الملكي

الوقوف للسلام الملكي المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 21/11/1424هـ السؤال ما حكم الوقوف للسلام الملكي؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد فالوقوف عند سماع صوت ما يسمى (السلام الوطني أو الجمهوري أو الملكي) لا يجوز؛ لأن فيه تشبهاً بغير المسلمين الذين أحدثوا لكل بلدة شعاراً مسموعاً، وجعلوا علامة احترامه القيام له، والوقوف عند سماعه، كما أن الشرع منع من القيام على الرجل الجالس؛ في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من سرَّه أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار" أخرجه أبو داود (5229) والترمذي (5229) من حديث معاوية -رضي الله عنه-، وهذا في أن يقوموا له وهو قاعد، ونهى عن القيام عنده فقال:"لا تقوموا كما تقوم الأعاجم، يعظم بعضها بعضاً" رواه أبو داود (5230) وابن ماجة (3836) من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-، كما أن القيام عبادة تصرف لله -تعالى- تذللاً وتعبداً له، كما قال -تعالى-:"وقوموا لله قانتين" [البقرة:238] ، وفي القيام عند السلام الوطني منافاة لإخلاص التعظيم لله وحده. وقد أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء بتحريم ذلك أيضاً، وقررت أن فيه منافاة لكمال التوحيد الواجب، وأنه ذريعة إلى الشرك بفتواها رقم (2123) . والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

الوقوف للسلام الملكي

أما عن قتال المسلمين لليهود فما جاء به الحديث أنه: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ". أخرجه مسلم (2922) . وليس في الحديث إفناء اليهود من على وجه الأرض، والتقيد بظاهر الحديث أولى. أما عن القول في قول الله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) [البقرة: 256] . فهذا في وقت الدعوة، والنص الذي فيه قتال اليهود يبيّن أن القتل سيقع في معركة بين اليهود والمسلمين، كما يعتقد النصارى الإنجيليين بمعركة (هيرمجدون) في آخر الزمان، ووقت الإعذار انتهى ولم يبق لأحد عذر. أما كون القتل ينسب إلى رجل صالح كالمسيح فليس فيه إشكال لأن المسيح مأمور بذلك من عند الله، وهذا ليس بأقل مما ورد في الكتاب المقدس من نسبة القتل، بل الإسراف فيه، إلى رجل صالح أيضًا كيوشع وداود وغيرهم، فعلى سبيل المثال: في سفر التثنية (13: 20، 16) يقول الرب في وصاياه لليهود في محاصرة المدن: (وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك. هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدًّا التي ليست من مدن هؤلاء هنا. وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا فلا تستبق منها نسمة ما) . وكما يذكر سفر أشعيا (13: 15، 16) بقوله: (كل من وجد يطعن وكل من انحاش يسقط بالسيف. وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم) .

المناداة بـ (سيدي ومولاي)

المناداة بـ (سيدي ومولاي) المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 7/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أهل زوجتي يقولون عن أنفسهم إنهم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهم ينادون بعضهم دائمًا بـ: (سيدي ومولاي فلان) . تناقشت مع زوجتي وقلت لها: إن ذلك لا يجوز شرعًا، حتى وإن كانوا من آل البيت. وهي ترفض ذلك، هل يجوز شرعًا التنادي بهذه الألقاب؟ وهل من حقي الطلب من زوجتي ألا تستعمل هذه الألقاب، وما قول الشرع إن رفضت ذلك مع علمها أني أكره ذلك؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد اختلف أهل العلم في جواز إطلاق لفظ السيد على المخلوق، وذلك نظرًا لما جاء في الحديث أن وفدًا قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم, فقالوا: أنت سيدنا. فقال: "السَّيِّدُ اللهُ ... "الحديث. رواه البخاري في الأدب المفرد (211) وأبو داود (4806) والنسائي في الكبرى (10074) وغيرهم. كما جاء في تفسير اسم الله (الصمد) بأنه السيد الذي تصمد إليه الخلائق.. (راجع تفسير سورة الإخلاص) . وبالمقابل جاءت نصوص أخرى أطلق فيها لفظ سيد على بعض المخلوقين مثل: * قوله صلى الله عليه وسلم: "أنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يومَ القِيامَةِ". رواه مسلم (2278) وغيره. * وقوله صلى الله عليه وسلم: "قُومُوا إلَى سيِّدِكُمْ". رواه البخاري (3043) ومسلم (1768) . * وقوله صلى الله عليه وسلم, في الحسن: "إنَّ ابْنِي هَذا سَيِّدٌ..". رواه البخاري (2704) . * وقوله صلى الله عليه وسلم, في الحسين: "الحسَنُ والحُسَينُ سَيِّدا شَبابِ أهلِ الجنةِ". رواه الترمذي (3768) . * وقوله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة، رضي الله عنها: "أَلَا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُوني سيدةَ نساءِ المُؤمنين، أو سيدةَ نساءِ هذه الأُمَّةِ؟ ". رواه البخاري (6285) ومسلم (2450) .

* وقول عمر، رضي الله عنه: أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا. [يعني بلالاً] رواه البخاري (3754) . وعند التأمل في هذه النصوص يظهر – والله أعلم – أن السيادة على نوعين: النوع الأول: سيادة مطلقة، بمعنى الملك المطلق التام، والتدبير المطلق والتصرف المطلق، ونحو ذلك من المعاني التي لا تليق إلا بذي الجلال والإكرام، فهذه لا تكون إلا لله تعالى، فليس لأحد غير الله ملك مطلق، ولا تصرف مطلق، ولا نحو ذلك من المعاني. وعلى هذا تفهم النصوص التي جاء فيها أن (السيد الله) . النوع الثاني: سيادة مقيدة، بمعنى الشرف والطاعة والإمرة، ونحو ذلك من المعاني المقيدة بنسبة، أو إضافة إلى شيء معين، كالعلم والنسب والكرم والشجاعة، والرئاسة، فهذا النوع من السيادة محدود زمانًا ومكانًا، وعلى قوم دون قوم، وعلى نوع دون نوع. وعلى هذا تفهم النصوص الواردة بإطلاق لفظ سيد على بعض المخلوقين. وإذا تبين هذا فلا مانع من إطلاق هذا النوع من السيادة على من يستحقه من المخلوقين، بل ومخاطبته بذلك، وفق الشروط التالية: 1. أن تكون السيادة مقيّدة لا مطلقة. 2. أن يكون من تطلق عليه أهلاً للسيادة، بأن يصدق عليه معنى من معاني السيادة أو أكثر، مما يتعارف عليه الناس. 3. أن يكون من تطلق عليه صالحًا تقيًّا، فلا يصح إطلاقها على من ليس كذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ: سَيِّدُنَا". أخرجه أحمد (22939) وأبوداود (4977) والنسائي في الكبرى (10073) . ويلتحق بالمنافق الكافر؛ لأن السيادة فيها نوع رفعة لا يستحقها الكافر، لقوله تعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) ] النساء: من الآية141 [. ولحديث: "الإسلامُ يَعْلُو ولا يُعْلَى عَلَيْه". أخرجه الدارقطني 3/252 والبيهقي 6/205، وكذلك الفاسق المجاهر بمعاصيه، فلا يجوز تسويده، إذ ليس لفاسق رفعة على الصالحين.

وقد يستثنى من هذا حالة الإخبار، فيطلق على الكافر ونحوه لفظ سيد قومه، وسيد الشعب الفلاني، على سبيل الإخبار بأنه سيد لقومه فحسب، لا على سبيل الإكرام والإجلال. 4. أن يكون المقصود من إطلاق هذا اللقب التقدير والاحترام فحسب. 5. ألا يترتب على إطلاقه محذور شرعي، كإعجاب المخاطَب، وخنوع المخاطِب، لأنها حينئذٍ تكون وسيلة إلى أمر محرَّم شرعًا، وما أدى إلى الحرام فهو حرام. وقد تعارف الناس منذ زمنٍ على تلقيب أولاد فاطمة، رضي الله عنهم، بنت النبيّ صلى الله عليه وسلم – بالسادة، وهذا اللقب أخص من لقب الشريف، لأن الشريف يطلق من قديم على كل هاشمي، فيدخل فيه أولاد فاطمة وغيرهم من بني هاشم، رضي الله عنهم، بخلاف (السيد) فلا يطلق إلا على أولاد فاطمة، رضي الله عنها. وعليه فلا مانع من تلقيب من كان من ذرية فاطمة، رضي الله عنها- بلفظ (سيد) ، بشرط صحة نسبه إلى فاطمة، رضي الله عنها، بحيث لا يكون منتحلاً لهذا النسب الكريم، ولا دَعِيًّا..، إضافة إلى الشروط السابق ذكرها وهي: 1.أن تكون السيادة مقيّدة لا مطلقة، وتقييدها هنا بالنسب، أي أنه سيد في نسبه. 2.أن يكون أهلاً للسيادة، وأهليته هنا صحة نسبه إلى فاطمة، رضي الله عنها، فكيف إذا انضم إلى ذلك أنواع أخرى من السيادة؟! 3.وأن يكون صالحًا تقيًّا. 4. وأن يكون المقصود من إطلاقه عليه التقدير والاحترام لا غير. 5. وألا يترتب على ذلك محذور شرعي. وبعد هذا التقعيد نقول للأخ السائل – حفظه الله: ينبغي عليك، أخي الكريم: أن تتفاهم مع زوجتك في هذه المسألة - وغيرها - بالحسنى، حتى تصلا إلى حلٍّ مشترك يرضي الطرفين، ويحفظ الودَّ بينكما، مع مراعاة العرف الاجتماعي لديكم بما يحققُ المصلحة للجميع، وذلك وفق الشروط المذكورة في الجواب أعلاه.

وعلى الزوجة الفاضلة تَفَهُّمُ موقف زوجها، وطاعته بالمعروف، والنزول عند رغبته، إذا لم يمكن حسم الموضوع إلا بذلك؛ فإن لقب السيادة ليس من الأمور الواجب التقيد بها، كما أنه ليس من الألقاب المحرَّمة بإطلاق، بل هو من الأمور المباحة، حسب التفصيل السابق. فعلى الزوجين الكريمين التفاهم بالمعروف، بما يديم العشرة الحسنة بينهما، ولا يُخِلُّ بعلاقتهما بأقاربهما. والله أعلم وأحكم.

الفرق بين الإسلام والإيمان

الفرق بين الإسلام والإيمان المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 18/4/1424هـ السؤال ما هو الفرق بين الإسلام والإيمان؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عن تعريف الإسلام والفرق بينه وبين الإيمان؟ الجواب: فأجاب - رحمه الله - بقوله: الإسلام بالمعنى العام هو: "التعبد لله تعالى بما شرعه من العبادات التي جاء بها رسله- عليهم السلام، منذ أن أرسل الله الرسل - عليهم السلام - إلى أن تقوم الساعة، فيشمل ما جاء به نوح - عليه الصلاة والسلام - من الهدى والحق، وما جاء به موسى- عليه السلام -، وما جاء به عيسى - عليه السلام- ويشمل ما جاء به إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - إمام الحنفاء، كما ذكر الله - تبارك وتعالى - ذلك في آيات كثيرة تدل على أن الشرائع السابقة كلها إسلام لله - عز وجل-.

والإسلام بالمعنى الخاص بعد بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – يختص بما بعث به محمد – صلى الله عليه وسلم – لأن ما بعث به - صلى الله عليه وسلم – نسخ جميع الأديان السابقة فصار من اتبعه مسلماً، ومن خالفه ليس بمسلم؛ لأنه لم يستسلم لله بل استسلم لهواه، فاليهود مسلمون في زمن موسى – عليه الصلاة والسلام – والنصارى مسلمون في زمن عيسى -عليه الصلاة والسلام-، وأما حين بعث محمد – صلى الله عليه وسلم – فكفروا به؛ فليسوا بمسلمين، ولهذا لا يجوز لأحد أن يعتقد أن دين اليهود والنصارى الذين يدينون به اليوم دين صحيح مقبول عند الله مساو لدين الإسلام، بل من اعتقد ذلك فهو كافر خارج عن دين الإسلام؛ لأن الله – عز وجل – يقول: "إن الدين عند الله الإسلام" [آل عمران: 19] ويقول: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه" [آل عمران: 85] ، وهذا الإسلام الذي أشار الله إليه هو الإسلام الذي امتن الله به على محمد – صلى الله عليه وسلم – وأمته، قال الله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" [المائدة: 3] ، وهذا نص صريح في أن من سوى هذه الأمة بعد أن بعث محمد – صلى الله عليه وسلم – ليسوا على الإسلام، وعلى هذا فما يدينون الله به لا يقبل منهم ولا ينفعهم يوم القيامة، ولا يحل لنا أن نعتبره ديناً قائماً قويماً، ولهذا يخطئ خطأ كبيراً من يصف اليهود والنصارى بقوله إخوة لنا، أو أن أديانهم اليوم قائمة لما أسلفناه آنفاً.

وإذا قلنا إن الإسلام هو التعبد لله - سبحانه وتعالى - بما شرع شمل ذلك الاستسلام له ظاهراً وباطناً، فيشمل الدين كله عقيدة وعملاً وقولاً، أما إذا قرن الإسلام بالإيمان؛ فإن الإسلام يكون الأعمال الظاهرة: من نطق اللسان وعمل الجوارح، والإيمان الأعمال الباطنة: من العقيدة وأعمال القلوب، ويدل على هذا التفريق قوله تعالى: "قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ" [الحجرات: من الآية14] ، وقال تعالى في قصة لوط: "فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [الذاريات:35-36] ، فإنه فرق هنا بين المؤمنين والمسلمين لأن البيت الذي كان في القرية بيت إسلامي في ظاهره، إذ إنه يشمل امرأة لوط التي خانته بالكفر وهي كافرة، أما من أخرج منها ونجا فإنهم المؤمنون حقاً الذين دخل الإيمان في قلوبهم، ويدل لذلك - أي للفرق بين الإسلام والإيمان عند اجتماعهما - حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وفيه أن جبريل سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام والإيمان؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت" وقال في الإيمان: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره" رواه مسلم (8) . فالحاصل أن الإسلام عند الإطلاق يشمل الدين كله ويدخل فيه الإيمان، وأنه إذا قُرن مع الإيمان فُسِّر الإسلام بالأعمال الظاهرة من أقول اللسان وعمل الجوارح، وفُسِّر الإيمان بالأعمال الباطنة من اعتقادات القلوب وأعمالها. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين (1/47-49) ] .

ما يجب تعلمه من العقيدة

ما يجب تعلمه من العقيدة المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 27/07/1425هـ السؤال ما يجب تعلمه في العقيدة وكيف نفهمها؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد: فإنه يجب على كل مسلم أن يعتقد ما دل عليه حديث جبريل- عليه السلام- المشهور، حين سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وعلاماتها، وبين صلى الله عليه وسلم أنه أتاهم يعلمهم دينهم، فيما رواه مسلم (8) من حديث عمر -رضي الله عنه- ففي أمر الاعتقاد يجب: 1- الإيمان بالله وتوحيده بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات. 2- الإيمان بالملائكة الكرام، وما صح من صفاتهم وأعمالهم وأسمائهم. 3- الإيمان بكتب الله، وتصديق ما صح من أخبارها، والعمل بما لم ينسخ من أحكامها. 4- الإيمان برسل الله، وأن دينهم واحد، وهو الإسلام، وشرائعهم متنوعة منسوخة بالإسلام. 5- الإيمان باليوم الآخر، وفتنة القبر وعذابه أو نعيمه، والبعث، والحشر، والحساب، والجنة والنار. 6- الإيمان بالقدر، وعلم الله السابق لكل شيء، وكتابته، ومشيئته النافذة، وخلقه لكل شيء، وما يتصل بذلك، وما يلتحق به، ومعرفة ما ينافيه من الكفر والشرك والنفاق.

وأما كيفية فهم العقيدة، فكما فهمها السلف الصالح من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعون وتابعيهم من أهل القرون المفضلة، الذين اعتمدوا على ناطق الكتاب وصحيح السنة، ولم يسلكوا السبل المحدثة التي جاء بها المتكلمون والفلاسفة، وشوهوا بها جمال العقيدة، وكدروا صفوها، فعلى كل مؤمن أن يسعه ما وسع الرعيل الأول، وأن يقبل على كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم- فيستقي من نبعها الصافي، مستعيناً بمؤلفات السلف الصالح وتقريراتهم، ككتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ونحوه من كتب السلف في هذا المجال.

نسخ الإسلام للأديان السابقة

نسخ الإسلام للأديان السابقة المجيب أ. د. جعفر الشيخ إدريس رئيس الجامعة الإسلامية الأمريكية المفتوحة العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 19/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أدرس في فرنسا منذ سبع سنين، ولي مسؤول فرنسي منذ أن قدمت إلى فرنسا وهو يحمل لي معزة كبيرة، ويعتبرني كابنه نتناقش كثيراً عن الإسلام وعن المسيحية، بعد سنتين من النقاش يعترف أن الإسلام حق وأن القرآن حق، ولكنه يقول إن دينه أيضا صحيح، في يوم من الأيام طلب مني أن أوضح له الصلاة وصليت أمامه، والله يا شيخ إنه بكى وتعلم الصلاة بعدها وأتاني بعدها يقول أنا الآن أقوم بالصلاة وأشهد أن لا اله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ومستعد أصوم وأزكي وأحج، لكن ديني لم أتركه، وضحت له أن دينهم ضد توحيد الله، وبينت له في ترجمة القرآن بالفرنسي الآيات التي بينت بطلان دينهم، وجدت كتاب "أصول في الإيمان"للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - مترجم بالفرنسي وطلبت منه قراءته، وبعد أن قرأه رأيت فيه تغييراً، ويقول لي أنا الآن في حيرة كبيرة وهو لا يريد كتباً بالإنجليزية، ويريد أن يتعلم عن طريقي فقط أحس إنها مسؤولية كبيرة ملقاة على كتفي، أعينوني أعانكم الله، واسمحوا لي بطرح سؤاله التالي: لماذا الإسلام نسخ جميع الأديان السابقة؟ ما هو دليل موت مريم كباقي الناس؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبارك الله في جهودكم وضاعف أجركم.

الإسلام لم ينسخ الأديان السابقة بمعنى أنه أبطل كل ما فيها، بل إنه أقر كل ما فيها من أصول الإيمان والأخلاق وكثير من العبادات، لكنه نسخ بعض ما جاء فيها مما هو خاص بزمانها أو مكانها، لأن الإسلام بما أنه الدين العالمي الخاتم لا يرتبط بزمان ولا مكان. ثم إنه الدين الأكثر شمولا. وأنت تجد في كثير من آيات القرآن، مثل قوله تعالى: "وهو الحق مصدقا لما معهم" [البقرة: 91] وقوله: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم" [البقرة: 183] أما سؤالك عن موت مريم -رضي الله عنها- فإنه هو نفسه يتضمن الإجابة، لأنه إذا كان كل الناس يموتون، بل كل الرسل يموتون كما قال الله تعالى لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- "إنك ميت وإنهم ميتون" [الزمر: 30] ، بل إذا كان عيسى نفسه سيموت بعد مجيئه الثاني فلماذا لا تموت أمه؟ ألم يقل الله تعالى: "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" [الرحمن: 26-27] .

الاستثناء في أصل الإيمان

الاستثناء في أصل الإيمان المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 7/10/1424هـ السؤال نفع الله بكم وبعلمكم، هل يجوز الاستثناء في "أصل الإيمان"؟ أفتونا مأجورين بشيء من التفصيل بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، من منّ الله عليه بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره، فلا يجوز له أن يستثني على وجه الشك في إيمانه، وكيف يستثني وهو يعلم أنه مؤمن بالله ورسوله -عليه السلام-، ولكن إنما يشرع للإنسان أن يستثني على وجه الاحتراز من تزكية نفسه ووصفها بالإيمان المطلق، كأن يقول أنا مؤمن فاحترازاً من تزكية النفس، وادعاء الكمال شرع له أن يستثني فيقول أنا مؤمن إن شاء الله، فإذا قيل للإنسان: هل أنت مؤمن، فليقل: نعم، أنا أؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله - عليهم السلام-، وعلى هذا فيحرم الاستثناء على وجه الشك، ويجب أو يستحب احترازاً عن تزكية النفس؛ لأن الإنسان مهما كان قائماً بطاعة الله فلا يليق به دعوى الكمال، والمؤمنون الكمل أبعد ما يكونون عن الدعوى، بل يخافون على أنفسهم ويشعرون بالتقصير ويلزمون الاستغفار وذلك من كمال تحقيق الإيمان ومن كمال البصيرة، وكمال المعرفة بالله - سبحانه وتعالى -وبعظيم حقه على عباده، نسأل الله أن يمن على الجميع بالهداية والمغفرة فهو أهل التقوى وأهل المغفرة. والله أعلم.

شبه حول نزول الباري عز وجل

شبه حول نزول الباري عز وجل المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 22/4/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. إن مما يجب علينا نحن المسلمين الإيمان به هو الإيمان بما أخبر به الله -تبارك وتعالى- من صفاته وأسمائه، وكذلكم ما وصفه به رسوله الأمين محمد -صلى الله عليه وسلم- من غير تحريف أو تأويل أو تعطيل أو تكييف! وإن مما ورد في صفاته تعالى المجيء والنزول والضحك وغير ذلك، فيجب علينا الإقرار بها كما وصف بها -تبارك وتعالى- نفسه، وكما وصفه بها الرسول -عليه الصلاة والسلام- وإن مما يتفلسف به البعض لمّا سمع حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عن نزوله -تبارك وتعالى- بعد مضي ثلث الليل أنه قال: كيف يعقل ذلك في زماننا مع علم الجميع بأن الدول العالمية تختلف بينها الساعات والأوقات من ليل ونهار كما هو مشاهد! وكيف ينزل ربنا في السعودية مثلاً في ليلة والشمس قد أشرقت في اليابان، ثم بعد وقت سينزل في روما أو بولندا أو الولايات المتحدة الأميركية بعد مضي أثلاث الليل في كل من الدول التي يتعاقب فيها الليل وهكذا إلى أن تشرق الشمس على الجميع"؟ فكان الأولى أن يؤول نزول الباري بنزول رحمته أو أمره ". والسؤال: كيف الإجابة عن هذا السؤال المحيِّر؟ وما هو الفهم الصحيح لهذا الحديث وما يشبهه من صفات الله تعالى؟ والله يجزيكم عني خيراً. الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الجواب عن هذا السؤال: أن نقول كما قال ربنا -عز وجل-: "ليس كمثله شيء" [الشورى: 11] وقال: "ولم يكن له كفواً أحد" [الإخلاص: 4] ، وقال تعالى: "فلا تضربوا لله الأمثال" [النحل: 74] وغيرها من النصوص الدالة على نفي مماثلة الله لخلقه، والواجب على المؤمن التصديق والقبول بما أخبر الله به عن نفسه أو أخبر عنه نبيه - صلى الله عليه وسلم- وأنه حق على حقيقته، والحذر من أربعة أمور: الأول: التمثيل: بأن يعتقد مماثلاً لله تعالى في ذاته أو صفاته أو أفعاله. الثاني: التكييف: بأن يعمل ذهنه القاصر في تصور كيفية صفات الله، ومحاولة تعيينها وقد قال الإمام مالك - رحمه الله - لمن سأله عن كيفية الاستواء (الاستواء معلوم - أي معلوم المعنى في لغة العرب وهو العلو - والكيف مجهول - أي أن عقولنا لا يمكن أن تتعقل كيفية صفات الله، وإن كانت تتعقل معناها من حيث اللغة - والإيمان به واجب - لأن الله أخبر به ورسوله عليه السلام - والسؤال عنه بدعة - لأن الصحابة - رضي الله عنهم - لم يكونوا يسألون عن الكيفيات، وهذا السؤال الذي يلقيه بعض المتفلسفة - كما ذكر السائل - من هذا القبيل فنقول: "النزول معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) . الثالث: التعطيل: بأن ينفي دلالة النصوص، ولا يعتقد شيئاً، بل يقتصر على الإيمان بالألفاظ دون ما تضمنته من المعاني، كما يفعل أهل التجهيل الذين يسمون أنفسهم (أهل التفويض) . الرابع: التحريف: بأن يصرف النصوص عن معانيها المرادة لله تعالى، التي دلت عليها لغة القرآن إلى معان يقترحها هو، ويزعم أنها مرادة لله - عز وجل - دون دليل، كما جاء في السؤال من تحريف نزول الله تعالى إلى نزول أمره ورحمته، فهذا تحريف باطل من وجوه: أ- أنه قول على الله بغير علم، في مقام خطير، قال تعالى: "وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" [الأعراف: 33] .

ب- أنه تنقص لنبيه - صلى الله عليه وسلم - واتهام ضمني له بعدم البيان والتلبيس، على الأمة وقد كان يسعه أن يقول - وحاشاه - ينزل أمر ربنا. ونحو ذلك. ج- أن هذا التحريف يقتضي أن في الكلام حذفاً، والأصل عدم الحذف. د- أن نزول أمره أو رحمته -سبحانه- لا يختص بالثلث الأخير من الليل، بل هما ينزلان كل وقت. هـ- أنه أخبر أن منتهى هذا النزول السماء الدنيا، فأي فائدة من نزول الرحمة مثلاً إلى السماء الدنيا فقط. ودل الحديث أن الذي ينزل يقول: "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له" رواه البخاري (1145) ، ومسلم (758) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وهذا لا يكون إلا من الله -سبحانه-. فالفهم الصحيح لهذا الحديث ولغيره من الآيات والأحاديث الصحيحة المتعلقة بصفات الباري - عز وجل - الإيمان بها وقبولها وإجراؤها على ظاهرها اللائق بالله تعالى، المبني على لسان العرب، والحذر من ردها وتحريفها فراراً مما يسبق إلى ذهن بعض السامعين من لوثة التشبيه، بل نقول كما قال ربنا: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى: 11] فنثبت لله تعالى إثباتاً بلا تمثيل، وننزه الله تنزيهاً بلا تعطيل، والله أعلم.

"لماذا نعبد الله تعالى؟ "

"لماذا نعبد الله تعالى؟ " المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 13/2/1425هـ السؤال سألني شخص مسلم: لماذا نعبد الله؟ فأجبته لأنه هو المستحق للعبادة وما خلقنا إلا لعبادته, فلا معبود بحق إلا الله، فسألني وقال: أنا أقصد أنه لماذا نعبده, ما دمنا نعلم أننا لن نفيده؟ وكتب عنده من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار، بعد هذا السؤال تذكرت إجابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للصحابة - رضي الله عنهم- حينما سألوه نفس السؤال فقال: كل ميسر لما خلق له، أتمنى أن تتضمن الإجابة شرحاً لـ (كل ميسر لما خلق له) . وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، قول القائل لماذا نعبده؟ جوابه كما ذكرت بأنه سبحانه وتعالى هو المستحق للعبادة لأنه خالقنا ورازقنا، وهو ربنا ورب كل شيء، ولأنه خلقنا لعبادته وأمرنا بها، كما قال: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات:56] ، وقال تعالى: "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ... " [البقرة:21] ، ولم يخلقنا لعبادته ولم يأمرنا بعبادته لحاجة به إلى ذلك فإنه الغني عن خلقه، لكنه تعالى يحب من عباده أن يعبدوه وحده لا شريك له، وأن يطيعوه ويطيعوا رسله عليهم السلام، ولكن منفعة العبادة راجعة إلى العباد ومضرة تركها واقعة عليهم، فالعباد لا ينفعون الله ولا يضرونه بل هو النافع الضار، وفي الحديث القدسي: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضروني" مسلم (2577) وقد بين سبحانه وتعالى أنه لم يخلق الجن والإنس ليرزقوه أو يطعموه، أو يتقوى بهم من ضعف فقال سبحانه: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين" [الذاريات:56-58] .

أما قول القائل: لماذا أمرنا الله بعبادته؟ وقد علم من يدخل الجنة ومن يدخل النار فجوابه أيضاً كما ذكرت أن على العباد أن يعملوا ولا يتكلوا على القدر كما قال -صلى الله عليه وسلم- لمن قال له: إذا كان ما نعمله قد فرغ منه ومضى به القدر فلماذا العمل؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" انظر البخاري (4949) ، ومسلم (2647) وتفسير هذا أن من كان من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشقاوة، هكذا جاء في الحديث وجاء هذا المعنى في القرآن في قوله سبحانه: "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى" وهذا التيسير لعمل أهل السعادة، أو عمل أهل الشقاوة هو الهدى والإضلال المذكوران في مثل قوله تعالى: "يضل من يشاء ويهدي من يشاء" [النحل:93] فيهدي من يشاء بتوفيقه فضلاً منه، ويضل من يشاء بعدم التوفيق عدلاً منه، فهو تعالى يهدي من يشاء بفضله وحكمته ويضل من يشاء بعدله وحكمته، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. فالواجب على العباد أن يؤمنوا بشرع الله وقدره وأن يطيعوا أمره ونهيه، وأن يأخذوا بأسباب السعادة، وأن يحذروا من أسباب الشقوة وهذا ما فطر الله عليه العباد من الأخذ بالأسباب النافعة، وتجنب الأسباب الضارة، وإن كان ذلك كله مقدراً كما في طلب الرزق وطلب العلم، وطلب الأولاد، فلا يقول عاقل: إن كان الله قد قدر أن أكون عالماً، أو قدر أن يكون لي رزق، أو قدر أن يكون لي أولاد فسيحصل ذلك كله دون سعي ولا عمل، فهكذا سعادة الآخرة موقوفة على أسباب، وهي الإيمان والعمل الصالح، ولن تتحقق هذه السعادة إلا بأسبابها التي شرعها الله وقدرها سبحانه وتعالى، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. والله أعلم.

أرواح الحيوانات بعد الموت إلى أين؟

أرواح الحيوانات بعد الموت إلى أين؟ المجيب د. عبد العزيز بن عمر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 20/11/1424هـ السؤال ما مصير أرواح الحيوانات بعد موتها؟. الجواب أرواح الحيوانات في الآخرة مصيرها إلى التراب، كما أخبر الله تعالى بذلك كما في قوله عز وجل:"إنا أنذرناكم عذاباً قريباً يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً" [النبأ:40] ، وذلك حينما يعاين البهائم قد عادت إلى التراب بعد أن حكم الله بينها، ولم أجد كلاماً لأهل العلم في أرواح البهائم قبل يوم القيامة سوى ما في بعض التفاسير نحو تفسير البيضاوي، كما في قوله ( ... ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً في الدنيا فلم أخلق ولم أكلف، أو في هذا اليوم فلم أبعث، وقيل يحشر سائر الحيوانات للاقتصاص ثم ترد تراباً فيود الكافر حالها ... ) انظر تفسير البيضاوي (5/444) ، وما أخرجه السيوطي في الدر المنثور عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: "ثم إلى ربهم يحشرون" [الأنعام:38] قال: موت البهائم حشرها، وفي لفظ: قال يعني بالحشر الموت. وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "ما من دابة ولا طائر إلا ستحشر يوم القيامة، ثم يقتص لبعضها من بعض، حتى يقتص للجلحاء من ذات القرن، ثم يقال لها كوني تراباً، فعند ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت تراباً" النبأ. انظر: الدر المنثور (3/267) ، أما قبل يوم القيامة فلعلها في برزخ حتى يوم البعث، والله أعلم.

رؤيا الأموات المذكورة في كتاب الروح

رؤيا الأموات المذكورة في كتاب الروح المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 4/12/1424هـ السؤال نرجو منكم -يا شيخنا- أن تفيدونا برأيكم في كتاب الروح لابن القيم، خاصة فيما يتعلق برؤيا الأموات التي أوردها الشيخ الجليل، ففي قلبي منها شيء، خاصة ذكره لبعض المتصوفة مثل رابعة العدوية. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الرؤى والمنامات ما كان منها مندرج تحت أصل ثابت مثل مسألة عذاب القبر ونعيمه، وسؤال الملكين، ورد روح الميت إليه في وقت معين، وغيرها، فلا بأس بها للاستشهاد والاستئناس، لكنها لا تستقل بإثبات حكماً تأسيساً وابتداءً، وما كان منها في غير ذلك فلا عبرة بها، ولا يلتفت إليها، خاصة ما يستند إليه بعض المتصوفة من زعمهم رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أحد من الصحابة - رضي الله عنهم- أو الصالحين وادعائهم أنه ذكر حكماً أو دعاءً أو قبولاً لعمل معين مما ترده الأدلة الظاهرة، وأما الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له، ثم يفسرها عالم أو ناصح فهذه إحدى المبشرات كما صح الخبر بذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (6988) ، ومسلم (2263) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- على كل حال المسلم وطالب العلم يقرأ بروية وانتقاء وتدبر للدليل والمدلول، ويسأل أهل العلم حوله عما يجده ويشكل عليه. والله الموفق، والسلام عليكم.

هل اليقين يزيد وينقص

هل اليقين يزيد وينقص المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 21/10/1424هـ السؤال السلام عليكم. فهمت أن الإيمان يزيد وينقص؛ لأنه مشتمل على العمل، لكن هل اليقين أيضاً يزيد وينقص؟ كيف يمكن لشخص أن يؤمن بالله بدرجة أقل؟ فهو إما مؤمن به أو غير مؤمن، هل يمكن لشخص أن يؤمن بمقدار 99% أو 101%؟ أرى أنه ليس هناك حلول وسط في مسألة الإيمان إذا تعلق الأمر باليقين. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: اليقين درجات بعضها أعلى من بعض وهي متعلقة بالبصيرة التي هي رؤية القلب، فهناك علم اليقين: وهو المستفاد من التصديق للخبر الذي لا يتطرق إليه شك، إما لصدق المخبر أو لوجود قرائن كتواتر الخبر أو لجميع ذلك. الثاني: عين اليقين وهو المستفاد والمحصل عن طريق الرؤية مع الخبر. الثالث: حق اليقين وهو أعلاها ومستفاد من التصديق والرؤية والمباشرة ويمثل العلماء لذلك بمثال: لو أن أحداً أخبرك بنهر جار في مكان معين، فإن قامت قرائن على تصديقه فذلك العلم المستفاد، علم اليقين، فإذا ذهبت ورأيت النهر بعينك فذلك عين اليقين، فإن باشرته وخضت فيه فذلك حق اليقين، والواجب في الإيمان هو علم اليقين، وقد يزداد إيمان المسلم حتى كأنه يرى الله ويرى الجنة والنار كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث جبريل الصحيح: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" البخاري (50) ومسلم (8) ، والإحسان درجة كمال الإخلاص ودوام المراقبة، وإبراهيم عليه السلام خليل الرحمن وإمام الحنفاء طلب من ربه أن يوصله درجة عين اليقين وهي الرؤية، لا شكاً حاشاه عليه السلام- وإنما ليزداد إيمانه طمأنينة وكمالاً "قال رب أرني كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي" [البقرة: 260] والله أعلم.

الجمع بين حديث استغفار النبي لأمته، وإخباره بمنع بعضهم من ورود حوضه

الجمع بين حديث استغفار النبي لأمته، وإخباره بمنع بعضهم من ورود حوضه المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 26/10/1424هـ السؤال الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث فيما معناه أن أعمال أمة محمد صلى الله عليه وسلم تعرض عليه كل اثنين، فإن وجد خيراً حمد الله عليه، وإن وجد غير ذلك استغفر الله لأمته، أو كما قال صلى الله علية وسلم، والحديث الثاني قوله: صلى الله علية وسلم يوم القيامة يأتي أقوام من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فتبعدهم الملائكة، فيقول صلى الله عليه وسلم أمتي أمتي، فتقول الملائكة: لا تدري ما أحدثوا بعدك، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم سحقأً سحقاً: أولا ما صحة الحديثين وما نصهما؟ ثانياً: كيف يجمع بين الحديثين، إذ يستغفر الرسول صلى الله علية وسلم لأمته في الحديث الأول، ويمنعون عن الحوض يوم القيامة؟. الجواب

الحديث الأول حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- وفيه: " ... ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم" قال الهيثمي أخرجه البزار ورجاله رجال الصحيح، وجود إسناده الزرقاني وأخرجه الحارث ابن أبي أسامة في مسنده مرسلاً عن بكر بن عبد الله المزني - رضي الله عنه- ومن حديث أنس - رضي الله عنه-، وقال الحافظ العراقي إسناده ضعيف، انظر: السلسلة الضعيفة (2/404) ح (975) والحديث الثاني في قصة الحوض في القيامة، وهو في الصحيحين البخاري (6585) ومسلم (2295) وغيرهما عن جمع من الصحابة - رضي الله عنهم- منهم سهل بن سعد وأنس وابن مسعود وأبي هريرة وغيرهم - رضي الله عنهم-، ومن حيث الجمع بينهما فعند القائلين بضعف الحديث الأول فلا دلالة فيه ولا معارضة، وعلى القول بصحته فالجمع بينهما من وجوه: (1) أن الاستغفار عام لجميع أمته ولا يعارض ذلك أحوال أقوام بخصوصهم غيروا وبدلوا فيحمل الأول على العموم والثاني على الخصوص. (2) وقيل: إنها تعرض على النبي - صلى الله عليه وسلم- عرضاً مجملاً، أو أنها تعرض عليه دون تعيين عاملها وهذان الوجهان ذكرهما لأُبِّي في شرح مسلم. (3) وقيل: المطرودون عن الحوض نوعان: قوم ارتدوا عن الإسلام بالكلية من المنافقين فخرجوا عن أمة النبي - صلى الله عليه وسلم- (أمة الإجابة) ، فلا يشملهم الاستغفار أصلاً، والثاني: قوم من العصاة وأهل البدع والأهواء ولا يلزم من طردهم عن الحوض وبعدهم خلودهم في النار، بل يحرمون من الحوض والشرب منه كما يحرم شراب الخمر من خمر الجنة، وهؤلاء داخلون في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم- لكن لم تشملهم المغفرة، ولعل هذا الوجه في الجمع والوجه الأول أيضاً هما الأقرب في نظري. والعلم عند الله تعالى.

هل بين هذه المصطلحات فروق: العقيدة، الإيمان، التوحيد؟

هل بين هذه المصطلحات فروق: العقيدة، الإيمان، التوحيد؟ المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 04/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. ما هو التعريف العلمي لمصطلحات (العقيدة) ، (الإيمان) ، و (التوحيد) ، وهل هناك فرق بينها في الاستعمال؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فالعقيدة: في اللغة مأخوذة من العقد، وهو نقيض الحل، مما يدل على الشدَّة والوثوق، والعقد وصل الشيء بغيره، سواء كان وصلاً حسياً أم معنوياً، فمن الحسي عقد الحبل وشده، وعقد النظام (للقلادة ونحوها) ، ومن المعنوي عقد اليمين والعهد والنكاح ونحو ذلك ... والعقيدة في الاصطلاح (الذي يصدق على كل عقيدة صحيحة أم فاسدة) تطلق على الأمر الذي يعزم عليه الإنسان، ويجزم به (حقاً أو باطلاً) ويعقد عليه قلبه وضميره، بحيث يصير عنده حكماً لا يقبل الشك، فهي الإيمان الذي لا يحتمل النقيض، وهي بهذا المعنى مرادفة للإيمان. كما أن من معانيها في اللغة الجمع بين أطراف الشيء، فكأن المعتقد قد جمع أطراف قلبه وعقد ضميره على معتقده، فأحكم وثاقه بالبراهين والأدلة القاطعة لديه. والمقصود بها شرعاً (في دين الإسلام) عزم القلب وجمعه وتوثيقه وتوكيده على الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ويدخل فيها اعتقاد وجوب طاعة الله وحرمة معصيته، والإيمان بقطعيات الدين ... أما الإيمان: فهو في اللغة: التصديق الجازم المستلزم للإذعان والانقياد، وليس هو مجرد التصديق الخبري النظري المعرفي.

واصطلاحاً: يأتي بمعنى الاعتقاد القلبي، فهو مرادف لمعنى العقيدة من هذه الناحية، أي أنه يصدق على كل دين وعقيدة يؤمن بها بشر، فأتباع كل عقيدة ودين هم مؤمنون بتلك العقيدة وذلك الدين، بمعنى أنهم قد عقدوا قلوبهم وضمائرهم على التصديق الجازم بها. والإيمان الشرعي الذي أمر الله به عباده: يراد به الدين كله، أصوله وفروعه، إذ كلها شعب للإيمان، فكل طاعة شعبة منه، كما جاء في الحديث: "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة". صحيح البخاري (9) ، وصحيح مسلم (35) . وإذا اجتمع لفظ الإيمان ولفظ الإسلام في سياق واحد، كان معنى الإيمان اعتقاد القلب ومحبته وإخلاصه، وكل ما هو من عبادات القلب الباطنة، ومعنى الإسلام حينئذٍ الأمور الظاهرة. وإذا انفردا في اللفظ كان كل منهما شاملاً للدين كله باطنه وظاهره، أصوله وفروعه، وقد عبّر السلف -رحمهم الله- عن هذا المعنى الشمولي للإيمان بقولهم: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص) وأرادوا بالقول مجموع أمرين: 1) القول الظاهر وهو الشهادتان. 2) القول الباطن وهو الاعتقاد. وأرادوا بالعمل مجموع أمرين: 1- عمل الباطن، وقصدوا به انقياد القلب وإذعانه بتحقيق أعمال القلوب، كالنية والخوف والرجاء والمحبة ... ونحو ذلك. 2- عمل الظاهر، وأردوا به أعمال الجوارح التي تؤدى بواسطتها، كالصلاة والزكاة والحج والجهاد ... ونحو ذلك ودلائل هذا التفصيل مبثوثة في كتب العقيدة الموسعة. وهذا المعنى الشمولي للإيمان أوسع من مفهوم العقيدة؛ لأنه يشمل الأمور العلمية (النظرية) والأمور العملية. وأما التوحيد: فهو في اللغة: مأخوذ من وحَّد يوحِّد توحيداً، والواحد هو المنفرد بخصائصه عما سواه، يقال فلان واحد دهره، ووحيد زمانه؛ أي المنفرد فيه إما بعلم أو عقل أو شجاعة أو نحو ذلك. والمقصود به شرعاً: إفراد الله –تعالى- بما هو من خصائصه كالربوبية والألوهية والأسماء والصفات والأفعال.

والتوحيد بهذا المعنى جزء من مفهوم العقيدة والإيمان، إذ يتعلق بالإيمان بالله ووحدانيته، وليس كل عقيدة ولا كل إيمان يعد توحيداً، إذ هناك من العقائد التي يؤمن بها كثير من الناس ما يكون شركاً مخالفاً لتوحيد الله، فاعتقاد ألوهية غير الله، أو الإيمان بأن بعض المخلوقات يملك النفع والضر من دون الله , ونحو ذلك، فإن هذه الأمور وإن سميت عقائد إلا أنها عقائد باطلة مضادة للتوحيد. وتجتمع العقيدة والإيمان مع التوحيد فيما جاء به الأنبياء والمرسلون، فإنهم قد جاءوا بالتوحيد الخالص، وعقائدهم التي دعوا الناس إليها توحيدية، وإنما حصل الانحراف عن التوحيد في الأتباع من بعدهم. والعقيدة والإيمان، يشتملان على الإيمان بالملائكة والكتب والنبيين واليوم الآخر، فهما أوسع مفهوماً من التوحيد، كما أن الإيمان (بمعنى الدين كله) أوسع مفهوماً من العقيدة ومن التوحيد. وعلى كل حال فكثير من الفروق التي تذكر بين هذه المصطلحات اعتبارية.

موت الفجأة وسكرات الموت

موت الفجأة وسكرات الموت المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 16/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل الشدة في سكرات الموت، هي للكافر والعاصي، من المؤمنين فقط؟ وإن كان كذلك فكيف الجمع بين هذا ومن يأتيه الموت في حادث سيارة مثلاً من الكفرة أو فساق المؤمنين ومع ذلك لا يرى أثراً لما يعانيه من شدة السكرات بل تفيض روحه سريعاً. شكر الله لكم وبارك فيكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد.. الشدة وسكرات الموت ليست خاصة بالكفرة والفساق، ولا تدل على غضب الله تعالى أو رضاه على الميت، كما أن سل الروح من غير شدة ولا سكرات لا تدل على رضا الله تعالى أو غضبه، وما يلاقيه الإنسان من الشدة والسكرات، عند الموت فهي كالأمراض والمصائب، التي تصيب الإنسان في الحياة، فتصيب المسلم والكافر، قال تعالى: "فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كلا" [الفجر:16] أي: ليس الأمر كذلك، ولكن هذه الابتلاءات ومنها سكرات الموت وشدته قد يصاب بها المؤمن تكفيراً لذنوب اقترفها، فيجازى بها في آخر حياته حتى يلقى الله وليس عليه ذنب، وقد تكون لرفعة الدرجات والمنزلة عند الله تعالى؛ كابتلاءات الأنبياء، وقد عانى - صلى الله عليه وسلم- من سكرات الموت، وهو المعصوم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، فقال: "إن للموت لسكرات، اللهم أعني على سكرات الموت"، وهذا يدل على أنها ليست خاصة بالفسقة من المسلمين أو الكفرة.

وكذلك الحوادث المفاجئة في السيارات ونحوها، فهذه مثل ما ذكر أعلاه، وإن كانت الشدة والسكرات أفضل في حق المؤمن، وذلك لعدة أمور منها: (1) أن النبي - صلى الله عليه وسلم استعاذ من موت الفجاءة وقال:"إنها أخذة آسف" أو كما قال - صلى الله عليه وسلم-. (2) أن الله تعالى اختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم- الشدة والسكرات، والله تعالى لا يختار لنبيه إلا أفضل الأمور وأعلاها. (3) أن في الشدة والسكرات تكون الفرصة مهيأة للاستعداد للموت بالشهادة والتوبة والاستعداد لملاقاة الله تعالى، وهذه عادة لا تكون في موت الفجأة. (4) أن الإنسان يؤجر إذا كان مسلماً محتسباً على ما يلاقيه من الشدة في النزع والسكرات. نسأل الله المولى - عز وجل- أن يحيينا على الإسلام ويتوفانا عليه، وأن يجعل آخر قولنا في الدنيا شهادة إلا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين-.

التعبيد لغير الله في الأسماء

التعبيد لغير الله في الأسماء المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 25/4/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو منكم الإفادة حول هذا القول:"أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" فإن كان صحيحاً، هل يكون هذا دليلاً على جواز التسمية بمثل هذه الأسماء كـ (عبد النبي، وعبد الرسول) ؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذه الجملة "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" قالها النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين -كما ورد في (صحيح البخاري في كتاب المغازي برقم 4316) -. وقد انتسب -عليه الصلاة والسلام- إلى جده عبد المطلب دون أبيه؛ لشهرة عبد المطلب بين الناس بخلاف عبد الله (أبيه) فإنه مات شاباً، ولهذا كان كثير من العرب يدعونه ابن عبد المطلب، وأما التسمية بعبد النبي، وعبد الرسول فلا تجوز، كما لا يجوز التسمية بعبد المطلب فهو من أسماء الجاهلية، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال:"أنا ابن عبد المطلب" كان هذا من باب الإخبار عما مضى وليس إنشاء -كما ذكر العلماء-، وعلى هذا فإنه يحرم كل اسم معبَّد لغير الله -تعالى-، مثل: عبد الرسول، وعبد النبي، وعبد علي، وعبد الحسين، وعبد الأمير، وقد غير النبي -صلى الله عليه وسلم- كل اسم معبد لغير الله -تعالى-. والصواب والصحيح في عبد المطلب كذلك أنه لا يجوز، وليس في الحديث ما يدل على الجواز، وإنما هو اسم قد اشتهر بين الناس، وهو من أسماء الجاهلية، والله أعلم. *وللمزيد من الفائدة انظر (معجم المناهي اللفظية صـ380) . و (فتح الباري 8/31) .

هل أفعال البشر مخلوقة؟

هل أفعال البشر مخلوقة؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 8/11/1423هـ السؤال هل أفعال الناس مخلوقة؟ الجواب الحمد لله، نعم، أفعال الناس مخلوقة لله، فالله تعالى خالق كل شيء، فهو خالق السماوات والأرض وما فيهن وما بينهما، وهو خالق العباد وخالق قدرتهم وأحوالهم وأقوالهم وأفعالهم، فلا يخرج عن ملك الله وقدرته وخلقه شيء، وإنما الذي قال بأن أفعال العباد مخلوقة لهم وأنها لا تدخل في قدرة الله ولا في مشيئته هم المعتزلة، فنفوا تعلق مشيئة الله وقدرته بأفعال العباد، وهذا مذهب باطل مخالف لنصوص الكتاب والسنة وللفطر والعقول وهو يتضمن تعجيز الرب فلا يكون على كل شيء قدير، ولا هو خالق كل شيء تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً "فما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً" [فاطر:44] سبحانه وتعالى، ولكن يجب مع الإيمان بأن أفعال العباد مخلوقة لله إثبات مشيئة العبد وفاعلية العبد فالعبد له مشيئة واختيار وأفعاله هي أفعال حقيقية، فالعبد هو المصلي والصائم والقاعد والقائم والمؤمن والكافر، فقد ضل في أفعال العباد طائفتان، المعتزلة -كما تقدم- حيث أخرجوها عن ملك الله وقدرته ومشيئته، والجبرية الذين يقولون إن العبد لا مشيئة له ولا قدرة ولا فعل وأنه مجبور على أفعاله الاختيارية كحركة المرتعش وكالريشة في مهب الريح، والقولان باطلان والحق أن أفعال العباد أفعال لها حقيقة وأنها صادرة عن قدرتهم ومشيئتهم وأن الله سبحانه وتعالى خالقهم وخالق قدرتهم وخالق أفعالهم، والله أعلم.

إيقاد شعلة النار في المناسبات الرياضية

إيقاد شعلة النار في المناسبات الرياضية المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 26/5/1425هـ السؤال هل هناك من كان يحمل شعلة النار في تاريخ الإسلام؟ وهل يحرم على المسلم فعل ذلك في المناسبات الرياضية، وما هو الحكم الشرعي في عمل شعلة نار للمناسبات الرياضية مع الدليل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فحمل شعلة النار هو من شعار اليونان قديماً، وليس عملاً جاء به الإسلام حتى يكون هناك من يحمله، فالنار في الإسلام وسيلة للانتفاع بالضوء والدفء، وإنضاج الطعام، ونحو ذلك من المنافع دون أن تكون شعاراً لشيء محترم أو ينظر إليها على اعتبار قدسية خاصة، وفعلها في المناسبات الرياضية حرام؛ لأنه تشبه بالكفار في شيء هو من خصائصهم واعتقاداتهم، والمسلم مأمور بالترفع عن ذلك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم" سنن أبي داود (4031) مسند أحمد (2/50) ، بسند صحيح، وأصل إيقاد النار في الألعاب الأولمبية أنه كانت تكرم آلهة اليونان قديماً كل أربع سنوات. فأسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين إلى اجتناب كل ما فيه إضرار بأديانهم وعقائدهم، وأن يلهمنا رشدنا. وصلى الله وسلم على محمد وآله.

حكم من لم يبلغه الإسلام

حكم من لم يبلغه الإسلام المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 5/11/1424هـ السؤال سألني صديق لي سؤالاً حيرني كثيراً، وأرجو منكم بيان وجهة ديننا الحنيف فيه. السؤال هو: ما حكم الإسلام على ملايين الناس من الذين لا يعتنقون الإسلام ديناً لهم من الفقراء في الصين والهند والدول الأخرى؟ ولماذا كل الأنبياء المرسلين أو معظمهم نزلوا في الجزيرة العربية وما حولها؟ ولم نسمع عن نبي أو رسول في الهند أو الصين أو اليابان أو الكوريتين....الخ، علما أن معظم الناس غير المؤمنين بالله وبالإسلام موجودون بالبلدان التي لم يرسل لها رسول على الأقل في الثلاثة آلاف سنة الماضية. أرجو الإجابة على هذا السؤال؛ لأنني لا أعرف الجواب فعلاً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم أخبر الله -تعالى- في محكم كتابه أنه أقام الحجة الرسالية على جميع الأمم السالفة، فقال سبحانه: "وإن من أمة إلا خلا فيها نذير" [فاطر:24] ، وقال: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" [النحل:36] . وبين سبحانه أن الاحتجاج الوحيد الذي يسوغ للناس أن يحتجوا به على ربهم هو عدم إرسال الرسل، وأنه قطع حجتهم، فقال: "رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" [النساء:165] ، وقال:"أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير" [المائدة:19] وعلق سبحانه استحقاق العذاب ببلوغ الرسالة فقال: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" [الإسراء:15] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم (153) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فعلق الحكم عليه بالنار بالسماع به على وجه تقوم به الحجة. فيتبين من هذه النصوص وأمثالها ما يلي:

(1) أن أمم الأرض وشعوبها المختلفة قد نالت حظها من أنبياء الله، وعدم علمنا بهم لا يعني عدمهم، قال -تعالى- لنبيه: "ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك" [غافر:78] ، ولكن الشعوب المذكورة في السؤال طمس مشركوها نور التوحيد والنبوة وحرفوها. (2) أن كل شخص لا يدين بالإسلام فإننا نحكم عليه بالكفر، ونجري عليه أحكام الكفار في الدنيا، أما في الآخرة، فإنه إذا كان لم تبلغه الدعوة، أو بلغته على وجه مشوه، فأمره إلى الله -تعالى-، وأقرب الأقوال أنه يمتحن في الآخرة بما يتبين به حاله، والله أعلم بما هو عامل، ولا يظلم ربك أحداً. والله أعلم.

وتبلغ الوحشية مداها في قمع داود للموابيين في أرض بني عَمون بعد أن هدم المدينة فقد ذكر سفر أخبار الأيام الأول عن داود (20: 2، 3) : (وأخرج غنيمة المدينة وكانت كثيرة جدًّا. وأخرج الشعب الذين بها ونشرهم بمناشير ونَوارِج حديد وفؤوس، وهكذا صنع داود لكل مدن بني عمون ُثم رجع داود وكل الشعب إلى أورشليم) . فكيف ينسب النصارى في كتابهم المقدس هذه الأعمال الوحشية إلى رجال صالحين بل أنبياء مرسلين من عند الله!! وأيًّا كان ذلك ليس بأقل مما ورد في الكتاب المقدس من الدينونة على يد المسيح نفسه عندما يرجع في نهاية العالم ليدين الخلائق- على حسب معتقدات النصارى- فقد جاء في سفر متى (27: 16) : (فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله) . ويصف يوحنا كيفية هذه الدينونة وكيف يدين المسيح الخلائق، فقد جاء في سفر رؤيا يوحنا: (13: 20 ـ 15) : (ورأيت الأموات صغارًا وكبارًا أمام الله، وانفتحت أسفار، وانفتح سفر آخر وهو سفر الحياة، ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم. وسلم البحر الأموات الذين فيه، وسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما، ودينوا كل واحد بحسب أعماله. وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل من لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة طرح في بحيرة النار) . فإذا كان هذا عمل المسيح في نهاية الزمان وآخر العالم؛ فأيهما أحسن حالًا؛ مَن يجبر الناس على الدخول في دينه- على فرض القول بذلك- حتى يتمتعوا بالنعيم ويسلموا من العقاب، أو مَن لا يجبر أحدًا على الدخول في دينه لكنه يفاجئه يوم الدينونة بالعقاب والعذاب والشقاء الأبدي؟ والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله.

قص الشريط عند افتتاح المشاريع والاحتفالات

قص الشريط عند افتتاح المشاريع والاحتفالات المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 13/10/1424هـ السؤال ما حكم قص الشريط في محافل الافتتاح الجواب الذي يظهر لي جواز ذلك؛ لأن هذا ليس من الأمور الشرعية حتى نقول ببدعيته؛ لأن البدعة شيء مختلق في الدين تضاهى به الشريعة، وإنما هو من الأمور المبنية على التقاليد والمسالك الاجتماعية. فطالما أنها من الأمور الدنيوية، وفي نفس الأمر لا يترتب عليها أمور منكرة وأمور محرمة وإنما هي تقاليد وأعراف يراد منها نتائجها إما من حيث التشجيع، أو من حيث الحوافز لهذه المشاريع الاجتماعية أو الحضارية، وبناءً على هذا فلا يظهر لي مانع من ذلك ولو كانت مستوردة من الغرب، والذي ينبغي لنا أن نميز فيه هو ما يتعلق بما يستورد من الغرب إن كان مبنياً على رفعة شأن هؤلاء الذين تم استيراد هذه الأخلاق منهم، وأن ما يتخلقون به من عوائد وأعراف هو مصدر كمال لهم، ونقوم بتقليدهم على سبيل استحصال المصالح من وراء ذلك، وإنما على سبيل شعورنا بالنقص وشعورنا بكمالهم، وهذا لا شك أنه إسقاط لهويتنا وتنقص لمكانتنا، وبناء على هذا فنحن نقول: لا يجوز لنا ذلك، ويمكن أن ينطبق على هذا قوله - صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أبو داود (4031) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، أما ما يتعلق بأمور الدنيا وما فيه مصالح سواء أكانت هذه المصالح مصالح اقتصادية أو مصالح اجتماعية، أو مصالح إنسانية، وليست لدينا نصوص شرعية تعارضه فلا يظهر لي مانع من الأخذ بها، وإن كان أصل وجودها بدأ من غير المسلمين، فالمسلم دائماً ضالته الحكمة وضالته المصلحة، فمتى وجدت المصلحة فينبغي له أن يأخذها وأن يسعى في تحقيقها ما لم تكن فيها مخالفة لنصوص شرعية، أو لقواعد وأصول عامة تتعلق بأصل الشريعة الإسلامية. والله أعلم.

الموتى كثر فكيف يسألهم الملكان؟

الموتى كثرٌ فكيف يسألهم الملكان؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 21/08/1426هـ السؤال من المعلوم أن الملكين الموكلين بسؤال الميت في القبر عن ربه ودينه ونبيه هما منكر ونكير، فهل ورد شيء عن كيفية سؤالهما للأموات إذا دفن أكثر من شخص؟ خصوصاً أن الميت تعود له روحه بمجرد انصراف أهله عنه، ثم يسأل، كما ورد عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء للميت بالثبات لأنه يسأل؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الملائكة عالم من عوالم الغيب الذين أخبر الله عنهم في كتابه في آيات كثيرة، وأخبر عنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد دلت النصوص على أنهم أصناف، فمنهم الموكل بالوحي كجبريل -عليه السلام- ومنهم الموكل بالقطر كميكائيل، ومنهم الموكل بنفخ الصور وهو إسرافيل، ومنهم خزنة الجنة وخزنة النار، ومنهم الموكل بنفخ الروح في الجنين، ومنهم الموكل بقبض أرواح العالمين وهو ملك الموت وأعوانه، ومنهم الموكل بسؤال الميت في قبره. وأكثر الأحاديث فيها ذكر سؤال الميت في قبره عن ربه ونبيه ودينه، وأنه يأتيه ملكان يسألانه، وهذه هي فتنة القبر، فأما المؤمن فيقول: ربي الله ونبيي محمد وديني الإسلام، وأما المنافق فيقول: ها ها لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته. وقد جاء في سنن الترمذي (1071) تسمية الملكين بالمنكر والنكير.

وعالم الملائكة لا تحيط به عقول البشر، فالله تعالى أعطاهم من القدر مالا يخطر بالبال، فملك الموت الموكل بقبض الأرواح يتولى قبض كلِّ من حضر أجله مهما كانوا كثرة، وإن اتحد الزمان وتباعد المكان، وهذا فوق تصور عقول البشر، وفي بعض المخترعات الحديثة التي يمكن أن يتعامل معها ملايين الناس كالإنترنت ما يعطي شيئاً من التصور عن بعض أمور الغيب ويقربها للعقول، فهي آية من آيات الله، وهذه الغيوب التي أخبرت عنها النصوص فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال، وكما قلنا في ملك الموت وما أعطاه الله من القدرة على قبض أرواح الألوف أو مئات الألوف في لحظة واحدة، نقول مثله في الملكين الموكلين بسؤال الميت في قبره، والواجب على المسلم الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله والتسليم لذلك، وإن عجزت العقول عن تصوره، وفي مثل هذا تتجلى حقيقة الإيمان، فإن الإيمان هو الإيمان بالغيب، كما قال تعالى: "هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب" [البقرة: 3-2] . فلا يجوز معارضة النصوص بتصورات العقول القاصرة الناقصة، بل يجب أن تكون العقول تابعة منقادة لهدى الله الذي بعث به رسله، فبه العصمة من الضلال والشقاء، قال تعالى: "اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى" [طه: 123] . والله أعلم.

الحكم على الكافر المعين بأنه من أهل النار

الحكم على الكافر المعين بأنه من أهل النار المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 20/09/1426هـ السؤال ما حكم من حكم على كافر بعينه بعد موته أنه في النار؟ وهل يُنكَر عليه قوله؟ نأمل منكم الإجابة مع الدليل، وفقكم الله لما يحبه ويرضاه. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالحكم على الكافر الذي يموت على الكفر الخالص إن كان المقصود به أنه يدخل في جملة الكافرين دون الجزم على المعين فلا حرج. أما الجزم في مصير الكافر المعين باسمه فلا يجوز إلا ما ثبت في حقه النص الشرعي كفرعون وأبي لهب مثلاً، لا شكًّا في مصير الكافر الخالص، لكن لا أحد يجزم على أية حال مات في آخر لحظة، فإن ذلك لا يعلمه إلا علاَّم الغيوب. وقد يكون الكافر الذي يَحكُم عليه بعض الناس بأنه من أهل النار قد يكون من أهل الفترة الذين يمتحنون في الآخرة، علماً بأن الكافر الذي يحكم عليه شرعاً بالنار هو الكافر الخالص، الذي لا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله (غير المسلم) ، ولا يدخل في ذلك المسلم الذي يقع في الكفر الذي دون ما يوجب الردة، لأن أكثر المكفرات التي يقع فيها بعض المسلمين لا تخرجهم من الملة وأكثرها من الكبائر، ولا توجب الخلود في النار. والله أعلم.

الفرق بين الموت والقتل

الفرق بين الموت والقتل المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 5/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، ما الفرق بين الموت والقتل، هل يعني أن المقتول انتهى أجله الذي كتبه الله له، وما معنى الأجل والأجل المسمى عنده؟ الجواب الموت والقتل يلتقيان في أن كلاً منهما هو زوال للروح عن الجسد، لكن إذا نظر إلى فعل المتولي لذلك يقال: قتل، وإذا نظر إلى ذهاب الحياة يقال: موت، وكل قتل فهو موت، وليس كل موت قتل باعتبار فعل الإنسان. والمقتول لا شك أنه قد انتهى أجله الذي كتبه الله له، فالله تعالى قد كتب له أن يعيش إلى هذا الأجل، وأن تكون نهاية عمره بالقتل. وأما الأجل والأجل المسمى المذكور في قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ" [الأنعام:2] فقد اختلفت فيه عبارات المفسرين، وكثير منهم على أن المراد بالأجل هو مدة المقام في هذه الدنيا والذي ينتهي بالموت، وأما الأجل المسمى فالمراد به الآخرة، والله أعلم.

أثر التوحيد في وحدة المسلمين

أثر التوحيد في وحدة المسلمين المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 18/6/1424هـ السؤال ما هو دور التوحيد في اتحاد المسلمين؟ الجواب قال تعالى: "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ" [الأنبياء:92] . لما كان المعبود واحداً وهو الله سبحانه وتعالى، والعبادة واحدة، وهي ما شرعه الله على لسان كل رسول، وهي توحيد الله بالعبادة، ونفي ما سواه، كان لزاماً أن تتحد الأمة المؤمنة ولا تختلف. قال تعالى: "شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ" [الشورى:13] . فأمر الله بإقامة الدين، وهو توحيده بالعبادة، ونهى عن التفرق، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الأنبياء إخوة من علات، وأمهاتهم شتى، ودينهم واحد". متفق عليه البخاري (3443) ، ومسلم (2365) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. فإذا وقع تنازع واختلاف بين أفراد الأمة الواحدة، لزم الرد والرجوع إلى الأصل الثابت. قال تعالى: "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء: من الآية59] . فمن وحد الله بالعبادة، ووحد الرسول بالاتباع، كان عامل وحدة للأمة. ومن أخل بتوحيد الله فانحرفت نيته، أو أخل باتباع نبيه فأحدث في الدين ما ليس منه، كان عامل فرقة واختلاف، وبالله العصمة ومنه السداد.

الإيمان بعذاب القبر

الإيمان بعذاب القبر المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 19/12/1424هـ السؤال سمعت أن عذاب القبر لا يلزم الإيمان به، وذلك لأن الأحاديث الواردة فيه ليست متواترة، وليس فيه نص قرآني، ما مدى صحة ذلك؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الإنسان يمر في رحلته من يوم خروجه من بطن أمه إلى مستقره النهائي بثلاث مراحل: الحياة الدنيا، والحياة البرزخية، والحياة الآخرة. والحياة البرزخية هي التي تلحق الإنسان بعد وفاته إلى حين مبعثه ليوم الحساب، ولا إشكال في الحياة الأولى؛ لأنه لا ينكرها إلا معتوه، ولا في الحياة الآخرة، إذ لا ينكرها إلا جاحد بالله، وبقي الإيمان بالحياة البرزخية المتوسطة بين الحياتين، وأهل السنة قاطبة على أن حياة البرزخ ثابتة بنصوص الكتاب والسنة في الجملة، وإن لم يرد نص صريح في الكتاب بتسمية هذه الحياة وبيان عذابها ونعيمها، ولم ينكر عذاب القبر إلا الملاحدة، والزنادقة، والخوارج، وبعض المعتزلة، ومن تمذهب بمذهب الفلاسفة، وخالفهم جميع أهل السنة في ذلك، ذكر ذلك غير واحد من الأئمة منهم القرطبي وابن حجر رحمهم الله. ولم ينقل عن سلف الأمة التشكيك في عذاب القبر، بل المنقول عنهم الحث على الإعداد لتلك الحياة وكيف ينجو الإنسان في قبره من العذاب. وأكثر العلماء يستدلون بآية سورة غافر في عذاب آل فرعون، وهي قوله - تعالى -: "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" [غافر:46] على إثبات عذاب القبر. أما الأحاديث فهي كثيرة جداً تبلغ مبلغ التواتر المعنوي في إثبات الحياة البرزخية، وأن الإنسان إما منعم في قبره وإما معذب.

ولا يشترط يا أخي في إثبات مسائل الاعتقاد التواتر اللفظي لكل مسألة، فأحاديث الآحاد متى صحت وجب العمل بها والإيمان بمقتضاها، فكيف إذا وردت نصوص كثيرة صحيحة عن جمع من الصحابة -رضي الله عنهم- في قضايا مختلفة كلها تفيد بوقوع العذاب أو النعيم في القبر.

ما هي شعب الإيمان السبعون؟

ما هي شعب الإيمان السبعون؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 14/10/1424هـ السؤال الإيمان سبعون شعبة أولها الشهادة، وآخرها إبعاد الأذى عن الطريق، فما هي السبعون شعبة؟ وشكراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد: الحديث الوارد في السؤال أخرجه البخاري ح (9) بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَان"، ومسلم ح (35) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ"، وفي رواية:"الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ". معنى البضع: هو عدد مبهم مقيد بما بين الثلاث إلى التسع، وقيل: إلى عشرة. والشعبة: القطعة من الشيء، وتطلق على ما يتفرع من الشجرة من أغصان، والمراد بالشعبة في الحديث الخصلة، أي أن الإيمان ذو خصال معدودة، وهي متفاوتة في مراتبها، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضلها: التوحيد الذي هو أساس الإيمان، ولا يصح شيء من الشعب إلا بعد تحققه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. ولم يرد في الأحاديث حصر هذه الشعب، وقد اجتهد بعض العلماء في عدها، ولكن لا يجزم بأنها هي المقصودة على وجه التحديد في الحديث.

قال الحافظ ابن حجر - في الفتح (1 / 52) -: (وَلَمْ يَتَّفِق مَنْ عَدَّ الشُّعَب عَلَى نَمَط وَاحِد, وَأَقْرَبهَا إِلَى الصَّوَاب طَرِيقَة اِبْن حِبَّانَ, لَكِنْ لَمْ نَقِف عَلَى بَيَانهَا مِنْ كَلامه, وَقَدْ لَخَّصْت مِمَّا أَوْرَدُوهُ مَا أَذْكُرهُ, وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الشُّعَب تَتَفَرَّع عَنْ أَعْمَال الْقَلْب, وَأَعْمَال اللِّسَان, وَأَعْمَال الْبَدَن. فَأَعْمَال الْقَلْب فِيهِ الْمُعْتَقَدَات وَالنِّيَّات, وَتَشْتَمِل عَلَى أَرْبَع وَعِشْرِينَ خَصْلَة: الْإِيمَان بِاَللَّهِ, وَيَدْخُل فِيهِ الإِيمَان بِذَاتِهِ وَصِفَاته وَتَوْحِيده بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء، وَاعْتِقَاد حُدُوث مَا دُونه. وَالإِيمَان بِمَلائِكَتِهِ, وَكُتُبه, وَرُسُله, وَالْقَدَر خَيْره وَشَرّه. وَالإِيمَان بِالْيَوْمِ الآخِر, وَيَدْخُل فِيهِ الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر، وَالْبَعْث, وَالنُّشُور, وَالْحِسَاب, وَالْمِيزَان, وَالصِّرَاط, وَالْجَنَّة وَالنَّار. وَمَحَبَّة اللَّه. وَالْحُبّ وَالْبُغْض فِيهِ وَمَحَبَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَاعْتِقَاد تَعْظِيمه, وَيَدْخُل فِيهِ الصَّلاة عَلَيْهِ, وَاتِّبَاع سُنَّته. وَالإِخْلَاص, وَيَدْخُل فِيهِ تَرْك الرِّيَاء وَالنِّفَاق. وَالتَّوْبَة. وَالْخَوْف. وَالرَّجَاء. وَالشُّكْر. وَالْوَفَاء. وَالصَّبْر. وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالتَّوَكُّل. وَالرَّحْمَة. وَالتَّوَاضُع. وَيَدْخُل فِيهِ تَوْقِير الْكَبِير وَرَحْمَة الصَّغِير. وَتَرْك الْكِبْر وَالْعُجْب. وَتَرْك الْحَسَد. وَتَرْك الْحِقْد. وَتَرْك الْغَضَب. وَأَعْمَال اللِّسَان: وَتَشْتَمِل عَلَى سَبْع خِصَال: التَّلَفُّظ بِالتَّوْحِيدِ. وَتِلاوَة الْقُرْآن. وَتَعَلُّم الْعِلْم. وَتَعْلِيمه. وَالدُّعَاء. وَالذِّكْر, وَيَدْخُل فِيهِ الاسْتِغْفَار, وَاجْتِنَاب اللَّغْو.

وَأَعْمَال الْبَدَن: وَتَشْتَمِل عَلَى ثَمَان وَثَلاثِينَ خُصْلَة. مِنْهَا مَا يَخْتَصّ بِالأَعْيَانِ وَهِيَ خَمْس عَشْرَة خُصْلَة: التَّطْهِير حِسًّا وَحُكْمًا, وَيَدْخُل فِيهِ اِجْتِنَاب النَّجَاسَات. وَسَتْر الْعَوْرَة. وَالصَّلاة فَرْضًا وَنَفْلاً. وَالزَّكَاة كَذَلِكَ. وَفَكّ الرِّقَاب. وَالْجُود, وَيَدْخُل فِيهِ إِطْعَام الطَّعَام وَإِكْرَام الضَّيْف. وَالصِّيَام فَرْضًا وَنَفْلاً. وَالْحَجّ, وَالْعُمْرَة كَذَلِكَ، وَالطَّوَاف. وَالاعْتِكَاف. وَالْتِمَاس لَيْلَة الْقَدْر. وَالْفِرَار بِالدِّينِ , وَيَدْخُل فِيهِ الْهِجْرَة مِنْ دَار الشِّرْك. وَالْوَفَاء بِالنَّذْرِ, وَالتَّحَرِّي فِي الإِيمَان, وَأَدَاء الْكَفَّارَات. وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّق بِالاتِّبَاعِ: وَهِيَ سِتّ خِصَال: التَّعَفُّف بِالنِّكَاحِ, وَالْقِيَام بِحُقُوقِ الْعِيَال; وَبِرّ الْوَالِدَيْنِ, وَفِيهِ اِجْتِنَاب الْعُقُوق. وَتَرْبِيَة الأَوْلاد وَصِلَة الرَّحِم، وَطَاعَة السَّادَة أَوْ الرِّفْق بِالْعَبِيدِ.

وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّق بِالْعَامَّةِ: وَهِيَ سَبْع عَشْرَة خُصْلَة: الْقِيَام بِالإِمْرَةِ مَعَ الْعَدْل. وَمُتَابَعَة الْجَمَاعَة، وَطَاعَة أُولِي الأَمْر. وَالإِصْلَاح بَيْن النَّاس, وَيَدْخُل فِيهِ قِتَال الْخَوَارِج وَالْبُغَاة، وَالْمُعَاوَنَة عَلَى الْبِرّ, وَيَدْخُل فِيهِ الأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر وَإِقَامَة الْحُدُود. وَالْجِهَاد, وَمِنْهُ الْمُرَابَطَة. وَأَدَاء الأَمَانَة, وَمِنْهُ أَدَاء الْخُمُس. وَالْقَرْض مَعَ وَفَائِهِ. وَإِكْرَام الْجَار. وَحُسْن الْمُعَامَلَة, وَفِيهِ جَمْع الْمَال مِنْ حِلّه. وَإِنْفَاق الْمَال فِي حَقّه, وَمِنْهُ تَرْك التَّبْذِير وَالإِسْرَاف. وَرَدّ السَّلام. وَتَشْمِيت الْعَاطِس. وَكَفّ الأَذَى عَنْ النَّاس. وَاجْتِنَاب اللَّهْو وَإِمَاطَة الأَذَى عَنْ الطَّرِيق. فَهَذِهِ تِسْع وَسِتُّونَ خُصْلَة, وَيُمْكِن عَدّهَا تِسْعًا وَسَبْعِينَ خُصْلَة بِاعْتِبَارِ إِفْرَاد مَا ضُمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض مِمَّا ذُكِرَ. وَاَللَّه أَعْلَم. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل يدخل أبناء المسلمين الجنة، وأبناء الكفار النار؟

هل يدخل أبناء المسلمين الجنة، وأبناءُ الكفار النارَ؟ المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 25/1/1425هـ السؤال البعض يقول إنه لا عدل في أن يدخل الجنة ابن العائلة المسلمة لأنه تربى على ذلك، ولا يدخل الجنة ابن الأسرة غير المسلمة لأنه لم يتربَّ على ذلك. ما الرد؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً -. أما بعد: فإن هذا السؤال يحتمل أن يكون المقصود من قوله: "من أسرة مسلمة" الرجل البالغ ويحتمل أن يريد أن من مات قبل البلوغ وهو الطفل، وجوابنا بإذن الله يكون عن هذين الاحتمالين:

أما الأول: فإن الله - عز وجل - وعد (ووعده الحق) أن الجنة لا يدخلها إلا مؤمن فقال سبحانه: "وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجنة" [غافر: من الآية40] ، وقال سبحانه: "وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ" [النساء: من الآية124] ، وقال سبحانه: "وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا" [التوبة: من الآية72] ، فكل من آمن بالله وعمل صالحاً ومات على ذلك فهو من أهل الجنة، والآيات في ذلك كثيرة وحرم الله الجنة على من مات كافراً ومأواه النار وبئس المصير، كما قال نبي الله عيسى عليه السلام: " إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ" [المائدة: من الآية72] ، فهذه الآيات تدل على أن كل من آمن بالله وعمل صالحاً من أسرة كافرة أو مسلمة فإنه يدخل الجنة، ومن لم يعمل صالحاً ومن لم يؤمن؛ فإنه يدخل النار سواء كان من أسرة مسلمة أو كافرة.

وأما الثاني: فإن أراد بقوله ابن العائلة المسلمة: أي الطفل الذي لم يبلغ، فإن هذا لا يحكم عليه في الآخرة بجنة ولا بنار كما جاء في الحديث في مصير هؤلاء: "الله أعلم بما كانوا عاملين" البخاري (1383) ، ومسلم (2658) ، فإنه صلى الله عليه وسلم لما قال: "كل مولود يولد على الفطرة" البخاري (1359) سأله المسلمون فقالوا: يا رسول الله: أرأيت من يموت من أطفال المشركين؟ فقال - صلى الله عليه وسلم- "الله أعلم بما كانوا عاملين"، وهذا الحديث يدل على أن من بلغ منهم فهو مسلم أو كافر، ومن مات منهم فإنه يتوقف في الحكم عليهم، فمن علم الله منه أنه إذا بلغ أطاع أدخله الجنة، ومن علم منه أنه يعصي أدخله النار، والله سبحانه لا يجزيهم بمجرد علمه فيهم، بل يمتحنهم يوم القيامة كما يمتحن سائر من لم تبلغه الدعوة في الدنيا كأهل الفترة، ومن عاش في مكان ناء ولم يسمع برسول ولا كتاب ولا دين وكالمجنون، فمن أطاع منهم حينئذ دخل الجنة ومن عصى دخل النار. والله أعلم.

العاصي هل تقبض روحه ملائكة العذاب أم الرحمة؟

العاصي هل تقبض روحه ملائكة العذاب أم الرحمة؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 15/04/1426هـ السؤال ما حال المسلم المؤمن العاصي ساعة الوفاة؟ هل تقبض روحه ملائكة العذاب أم ملائكة الرحمة؟ خاصة إذا كان من الذين قدّر لهم بعض العذاب في القبر أو في الآخرة؟. الجواب ملائكة العذاب تقبض أرواح الكافرين الذين في علم الله وحكمه أنهم مخلدون في النار، وملائكة الرحمة إنما تقبض أرواح المؤمنين كاملي الإيمان، والعصاة منهم الذين قضى الله لهم بالجنة مباشرة أو بعد عذابهم في القبر أو في النار على قدر ذنوبهم، وكل الخلق أجمعين يفتنون ويعذبون في قبورهم على قدر ذنوبهم، كما في حديث عائشة في مسند أحمد (24283) "إن للقبر ضغطة ولو كان أحد ناجياً منها لنجا منها سعد بن معاذ". وسعد بن معاذ هو الذي اهتز عرش الرحمن لموته، والخلق كلهم يمرون على النار عند مرورهم على الصراط الممدود على متنها على قدر ذنوبهم، فالناس بين ناجٍ ومكردس، كما قال الله: "وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً" [مريم: 71] . والله أعلم.

هل قال ابن تيمية بفناء النار؟

هل قال ابن تيمية بفناء النار؟ المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 8/11/1424هـ السؤال هل قال شيخ الإسلام ابن تيمية بفناء النار؟ وهل أثبت الإمام الألباني أنه قاله وخطَّأه فيها؟ وإذا كان ابن تيمية قال بفناء النار، ففي أي كتبه أو فتاويه أجد ذلك؟ ولماذا كثر الترويج لهذه المقولة من الخصوم خاصة حسن السقاف وأتباعه من متعصبي الأشاعرة؟. جزاكم الله خيراً. الجواب القول بفناء النار عزي إلى بعض العلماء، كما ذكره عبد بن حميد في تفسيره، والرازي في تفسيره، ويظهر من كلام ابن تيمية وابن القيم وابن الوزير أنهم يميلون إليه ولم يصرحوا بترجيحه. ولو قال به ابن تيمية ورجحه ثم كان قولاً خاطئاً فليس في ذلك حرج فإن العالم ليس معصوماً، وما من عالم إلا له قول خالف فيه المذهب الراجح، ولا ينقص ذلك من قدره. فإن العالم إذا اعتقدنا أنه لا يخطئ فقد ساويناه بالنبي - صلى الله عليه وسلم-. والله أعلم.

حساب من لم يبلغه الإسلام

حساب من لم يبلغه الإسلام المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 23/3/1425هـ السؤال لدي سؤال قد يكون غريبا بعض الشيء ولكنه يراودني كثيرا ألا وهو: الإسلام هو دين رب العالمين، والرسول -صلى الله عليه وسلم- هو رسول للعالمين جميعا. فهل وصل الإسلام كاملا وصحيحا لكل أهل الأرض؟ فالكثير من الناس في العالم قد لا يصل إليهم الإسلام صحيحا، فهم لا يعرفونه أو يعرفونه مشوها بطريقة قد تنفرهم حتى من البحث والقراءة عنه، فضلا عن عدم الترجمة الأمينة للإسلام لكل اللغات فكيف يحاسبهم الله -سبحانه وتعالى- على أمر لم يعرفوا عنه؟ وأيضا هل يعرف أهل الكتاب أنهم على خطأ، وأن الإسلام هو دين الله؟ فأنا أجد الكثير منهم يعتقدون أنهم على صواب، ويقول البعض لي إن عليهم أن يبحثوا، وأتساءل هل إذا سمعت عن دين جديد يقول عنه شخص ما، هل ستذهب وتبحث عنه، أم لأنك تعتقد وتؤمن أنك على صواب فإنك لن تبحث في هذا الأمر فكذلك هم، فإنهم يعتقدون أنهم على صواب، فلماذا يبحثون؟ وأيضا، أيعتبر هذا الأمر ابتلاء من الله -سبحانه وتعالى- لأهل الكتاب قد عافى الله منه من يولد لأسرة مسلمة ويجد نفسه مسلما بلا عناء؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

يبدو أن السؤال يرجع إلى: هل الإسلام يصل إلى الناس كافة؟ والجواب: أن الإسلام لم يصل إلى الناس كافة، لكنه قد يصل إلى الناس كافة، لأنه جاء في الحديث: "لا تقوم الساعة حتى لا يبقى بيت شعر ولا مدر إلا ودخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل" رواه الإمام أحمد (16957) والبيهقي في السنن (9/181) والطبراني في الكبير (1280) . فالدين سيدخل، ووسائل الإعلام الآن وما يسمى بالعولمة الإعلامية وأن تكون الأرض كالقرية الواحدة كل هذا يمثل سبيلا إلى إدخال الإسلام إلى كل بيت، فيجب على المسلمين أن يبذلوا جهدا لإيصال الإسلام إلى الغير.

أما هل وقع ذلك فعلاً فقد لا يكون كذلك. والذين يعاقبون، ويستحقون النار هم من بلغهم هذا الدين ولم يؤمنوا به، يقول الله -سبحانه وتعالى-: "وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" [الأنعام:19] أي: لأنذر به من بلغه، حتى ولو لم يرني ولم يشافهني فيه، فمن بلغه القرآن فهو منذر به، إذاًً القرآن بين أيدينا فيجب أن نبلغه إلى الناس كافة، فإذا بلغ إليهم القرآن قامت عليهم الحجة، ومن لم يبلغ إليهم القرآن لا تقوم عليهم حجة ويصبح حالهم مشابها لحال أهل الفترة، وهم الذين سبقوا عهد الرسالة، والله -سبحانه وتعالى- يقول:"وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" [الإسراء:15] ويقول:"كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير" [الملك:8-9] فالله -سبحانه وتعالى- أرسل الرسل لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، والشخص الذي لم يَُبلَّغ فهذا لا تقوم عليه الحجة، إنما الحجة تكون قائمة وتامة وبالغة،"ولله الحجة البالغة" [الأنعام:149] إذا بلغت الرسالة ولم يؤمن بها، إما تعصباً أو إعراضاً عنها، أو بغضاً لها، أو كفرا بها وجحداً، كما قال -سبحانه وتعالى-:"وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا" [النمل:14] جحدوا بالآيات مع أن النفوس مستيقنة والبواطن ترى الحقيقة، بصائر لكنهم يعمون عنها أبصارهم، "يستغشون ثيابهم" [هود:5] لا يريدون أن يروا الحقيقة، وقد يكون كثير من الكفار الآن في هذا الوضع، قد يكون بعضهم قد استبصر، أي: ظهرت له الحقائق ولكنه ألف العادة ولمحبته الرئاسة ولبغض المسلمين يعلوه التعصب وتغشاه عماية الضلالة فيعرض عن التدبر في كتاب الله، فهذا الإعراض عن التدبر مع إمكانه والاعراض عن الرسالة مع القدرة على التعرف عليها صاحبه لا شك سيكون معاقباً "إن الدين عند الله الإسلام" [آل عمران:19] "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85] ، طبعاً التعبد في الدنيا

هو تعايش، ولا يكره أحد على دينه "لا إكراه في الدين" [البقرة:256] وهذا هو موقفنا وهو خطاب هنا ودعوة هناك ولكن ليس معنى ذلك أن يكون الحق متعدداً، وكل من يؤمن بشيء فالحق عنده واحد، فالحق هو هذا الدين الذي هو الدين الخاتم وهو الدين المهيمن على الديانات الأخرى هذا باختصار هو جواب هذا السؤال.

وسوسة عقدية

وسوسة عقدية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 09/05/1425هـ السؤال شاب ابتلي بوسواس في العقيدة، وتطور به الأمر إلى أنه أصبح يفكر في خلق هذا الكون، وشبهته أنه موقن بأن هذا الكون مخلوق، ولكن كيف يثبت أن الله قد خلقه؟ كيف يمكنني أن أرد عليه؟ وهل هناك أدلة حسية على ذلك؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

معلوم أن الإنسان مبتلى بعدو خفي هو الشيطان، وهو قرين للإنسان يلقي في قلبه الوساوس من شبهات تشوش إيمان المؤمن الضعيف، أو شهوات تعوق الإنسان عن أداء ما أوجب الله عليه، وتغريه بفعل ما حرم الله عليه. وأعظم وأخطر ما يوسوس به الشيطان ما يتعلق بخالق هذا الوجود، وقد شكى بعض الصحابة -رضي الله عنهم- ما يجده في نفسه من ذلك من هذه الهواجس والأفكار، وما يحصل له بسبب ذلك من الضيق من شدة كراهيته لذلك وخوفه من عواقبه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"أوجدت ذلك، الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة" وفي رواية "ذلك صريح الإيمان" رواه مسلم (132) يعني كراهية ذلك الوسواس وبغضه، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"يأتي أحدكم الشيطان فيقول من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق الله، فإذا وجد أحدكم ذلك فلينته وليستعذ بالله" وفي رواية: "فيقل: آمنت بالله ورسوله" رواه البخاري (3276) ، ومسلم (134) . وذلك بالإعراض عن هذه الأفكار السيئة، وبالاستعاذة بالله واللجأ إليه وبتذكر الإيمان، ومادمت ولله الحمد تؤمن بأن لهذا العالم خالق، وهذا هو مقتضى الفطرة، ولا بد أن يكون خالق هذا الوجود عليم حكيم قدير، وذلك أن هذا الوجود مشتمل على غاية الإحكام والانتظام، فإيجاده يدل على قدرة من أوجده، وما فيه من الإحكام يدل على كمال علمه، وما فيه من التنويع والتفصيل يدل على أنه صدر عن مشيئة وقدرة تامة، وأما ما أشكل عليك، وهو أن خالق هذا الوجود هو الله، فغاية ذلك أنك لم تهتد لاسمه بعقلك، فنقول إن الله فطر عباده على الإقرار بربوبية خالق هذا الخلق وإلاهيته كما ذكرت عن نفسك، وأما أن اسم خالق الوجود الله فذلك ما نطقت به الرسل والكتب المنزلة. وقد قامت البراهين على صدقهم فوجب الإيمان بما جاءوا به وما أخبروا به من أسماء الله وصفاته وسائر ما أخبروا به عمّا كان أو يكون من أمر هذا العالم، فنؤمن بأن لهذا العالم خالق عليم حكيم بموجب الفطرة والعقل

السليم، ونؤمن بأن اسم هذا الخالق: الله، وأن له أسماء حسنى كثيرة منها ما علمه لمن شاء من عباده، ومنها ما استأثر بعلمه -سبحانه وتعالى-، والله أعلم.

علم الكشف عن أسرار الناس

علم الكشف عن أسرار الناس المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 6/3/1425هـ السؤال هل هناك من وصل إلى سر الله بمعرفة أسرار الناس، أو الكشف عما بداخلهم ونواياهم من خلال (الخيرة المنامية - خيرة اليقظة - فتح الكتاب) ؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: اعلمي - وفقك الله وهداك - أن علم الغيب من الخصائص التي تفرد بها المولى - سبحانه- وكل من يدعي علم الغيب فهو كاذب دجَّال؛ قال -تعالى-: "قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله" [النمل:65] ، "عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحداً" [الجن:26] ، "عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم" [التغابن:18] ، "قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ... " [الأنعام:50] ، وما تخفيه ضمائر الناس وطوايا صدورهم، وقلوبهم غيب لا يعلمه إلا الله، وهو علم ذاتي لدني قد تفرد الله به، وليس علماً مكتسباً بالتعلم أو الدربة. وما يخبر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من علم الغيب؛ كأمارات الساعة والفتن، والملاحم المستقبلة إنما علمها - صلى الله عليه وسلم- من طريق الوحي، وما كان قادراً على أن يحيط بها علماً لولا إطلاعه سبحانه عليها، كما قال - سبحانه- "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك ... " الآية [الجن:26-27] .

وقد يتنبأ بعض الدجالين والمنجمين والمشعوذين ببعض الحوادث في المستقبل، أو يخبر بشيء من واقع الإنسان وهو لا يعرفه، ولم يتلق به، ولكن ليس هذا من كشف الغيب المحجوب؛ لأنه يتلقف ذلك من الشياطين التي تسترق السمع من كلام الملائكة، فتلقيه الشياطين في أذن الكاهن أو الدجال، وعند التأمل فليس ذلك من كشف الغيب الذي استأثر الله بعلمه؛ لأن هؤلاء الكهان إنما يكشفون بعض ما علمته الملائكة بتعليم الله لها، فيسترقون منها السمع، وهو عند التحقيق ليس من محض الغيب الذي استأثر الله بعلمه، فلا يعلمه أحد من الخلق، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل. والحاصل: أن علم الغيب علم رباني لدني، تفرد به الرب -سبحانه-، ولا سبيل إلى اكتسابه، أو الدربة على تحصيله، أو القدرة على كشف شيءٍ منه، وما يقال في هذا الباب فهو من التحريف والدجل الذي يصل بالإنسان إلى الكفر والزندقة. والله أعلم.

حقيقة الروح

حقيقة الروح المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 05/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال تعالى: "وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً"، سبحان الله، مع كل هذا التطور ولم نؤتي من العلم إلا قليلاً! فضيلة الشيخ: أريد شرحاً مفصلاً ودقيقاً عن خروج الروح، وهل هي في كل أعضاء الجسم، كما أريد أن أعرف خروج الروح بالنسبة للمؤمن والكافر، وعند السؤال، اللهم ثبتنا عند المسألة، ومروراً حتى ينفخ في الصور، كما أرجو ألا تدلني على كتاب أو جهة معينة؛ لأنه ليس لي متسع من الوقت لذلك. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم: أود ألا تعجب من دلالة هذه الآية الصريحة التي نص الله فيها على قلة علم السائلين عن الروح، حيث قال جل من قائل: "وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً" [الإسراء: 85] ، وما أشرت إليه في سؤالك من التطور الذي نعيشه فإن ذلك لا ينهض دليلاً على العلم بما استأثر الله بعلمه، وكم يخفى على الناس في مختلف العلوم والفنون مما لا يحصى عدّه. وقل لمن يدعي في العلم معرفةً*** عرفْتَ شيئاً وغابتْ عنك أشياء

وأما الروح فإنا نجيبك عنها بما وقفنا عليه مما ذكره أهل العلم في ذلك، ومما قالوه: إن حقيقة الروح مختلف فيها والذي يدل عليه الكتاب والسنة والإجماع والمعقول أنها جسم نوراني علوي حي متحرك يسري في الأعضاء سريان الماء في الورد والدهن في الزيتون، والنار في الفحم وأنها مخالفة في الماهية لهذا الجسم المحسوس، فما دامت أعضاء الإنسان صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقي ذلك الجسم سارياً في هذه الأعضاء، وإذا فسدت وخرجت عن قبولها فارقت البدن. وقد أخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- "أن الروح إذا قبض تبعه البصر"، رواه مسلم (920) وغيره من حديث أم سلمة – رضي الله عنها-، وفي هذا وصف للروح بالقبض، وأن البصر يراه، وفي حديث آخر: "أن روح المؤمن تسيل كما تسيل القطرة من فيّ "فم" السقاء، وأنها تصعد ويوجد منها كأطيب ريح، وورد أنها تتفرق في جسد العبد الكافر فينتزعها ملك الموت كما ينتزع السفّود من الصوف المبلول، وذلك كله في حديث البراء بن عازب–رضي الله عنه- الطويل وفيه وصف دقيق لحال خروج الروح من جسد المؤمن وجسد الكافر فتأمله في المسند للإمام أحمد (4/287-288) . واختلف في موت الأرواح وبقائها، فقيل إنها تموت لأنها نفس وكل نفس ذائقة الموت، وقيل لا تموت بل خلقت للبقاء، والصواب أن يقال: موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا الفراق فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تفنى بالكلية فهي لا تموت بهذا الاعتبار بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب، كما ذكروا أن للروح بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام: أحدها: تعلقها به في بطن الأم حياً. الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض. الثالث: تعلقها به في حال النوم. الرابع: تعلقها به في البرزخ. الخامس: تعلقها به يوم البعث وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن، لأن البدن لا يقبل بعده موتاً ولا نوماً ولا فساداً.

واعلم أن البحث في تفاصيل هذه الأمور التي ذكرتها في سؤالك إنما يناسبها الاطلاع والقراءة على أهل العلم، وفي الكتب التي عُنيت بذلك، ولا تتعلل، وقد شغفت بمعرفة الجواب بالانشغال وعدم اتساع الوقت، وانظر على سبيل الذكر لا الحصر، كتاب الروح لابن القيم، وكتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح له أيضاً، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي، وتفسير ابن كثير للآيات التي ورد فيها ذكر الروح. والله الموفق.

أين الله؟

أين الله؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 27/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أسأل سؤالاً، وأرجو التكرم والإجابة عليه بوضوح: هل الله يوجد في السماء؟ أنا أعرف أنه استوى على العرش، ولكن أين العرش؟ هل هو في السماء أي فوقنا؟ بمعنى أين يوجد السماء السابعة، هل هي فوق السماء الأولى التي فوقنا؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن عقيدة أهل السنة والجماعة، عقيدة أهل القرون المفضلة، سهلة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، لا لبس فيها ولا غموض ولا تعقيد، يفهمها العالم والعامي، والصغير والكبير، وإن جاء فيها ما تحار فيه العقول فهو غير محال في ذاته، وإنما مرجعه إلى قصور العقل البشري عن إدراك كنه الأشياء وكيفياتها، وإن كان يعقل معناها ويتصوره. والذي جاءت به النصوص الشرعية في الكتاب والسنة أن الله -تعالى- مستو على عرشه، وقد ورد ذكره في سبعة مواضع من القرآن الكريم، وورد في السنة أن عرشه سبحانه هو سقف الفردوس، وأن الفردوس هو أعلى الجنة. وحين سأل النبي صلى الله عليه وسلم الجارية: "أين الله، قالت في السماء، أقرها على ذلك وأمر بعتقها" رواه مسلم (537) من حديث معاوية السلمي - رضي الله عنه - وأنه -صلى الله عليه وسلم - قال في دعائه: "وأنت الظاهر فليس فوقك شيء"رواه مسلم (2713) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

فهذا ما يجب على المسلم اعتقاده. أما غير ذلك من التفاصيل التي لم يرد بها نص ولا تعبدنا الله -تعالى- بها فهي من الأمور التي يحرص المسلم على اجتنابها وعدم الخوض فيها، لأن العقل البشري غير مؤهلٍ لذلك، إذ كيف يعرف المرء حدود السموات، بداية السماء الدنيا ونهايتها، ثم بداية السماء الثانية ونهايتها، ثم الثالثة وهكذا ... فهذه من الأمور التي تشوش على الناس عقائدهم، فلا أجر في البحث فيها، ولا وزر على من جهلها. والله يعصمنا من الزلل ويلهمنا الصواب في القول والعمل.

هل الإيمان يزيد وينقص؟

هل الإيمان يزيد وينقص؟ المجيب د. عبد العزيز بن عمر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 10/1/1425هـ السؤال في جدال مع أحد المبتدعة ذكر شيئاً عن الإيمان، وأنه لا يزيد ولا ينقص، بل هو ثابت ولا يكون في الأفعال وهذا خطأ، وأعرف الحجج الداحضة لذلك، وقد بينت له بعض الأدلة لكنه لم يقتنع، أرجو المساعدة بتقديم بعض الأدلة من طرفكم. (1) عندما نذكر لهم الآية في القرآن عن طلب إبراهيم - عليه السلام- أن يزداد إيمانه إن الإيمان المذكور هو التصديق وليس التقوى، وهم يجادلون بأن كلمة إيمان في القرآن تشير إلى التقوى، وعندما نقول لهم ما ورد في الحديث عن أضعف الإيمان يقولون إن ذلك يعني التقوى؛ لأن "لا إله إلا الله" لا ترتفع وتنخفض، فإما أن تصدق بها أو لا. (2) هناك رأي غريب للإمام أبي حنيفة بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن الأفعال ليست جزءاً من الإيمان، وفي المذهب الحنفي يفصلون بين الإيمان والأفعال، ويحتجون بآيات مثل: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات" ويقولون إن ذلك يعتبر دليلاً وقولاً يعمل به بما أن الإمام أبا حنيفة قاله وأن أهل السنة والجماعة مختلفون في ذلك. (3) رأيت كلاماً للإمام ابن تيمية يشير فيه لكلام الشافعي أن الأمة اتفقت أن الإيمان شهادة وعمل ونية، (مجموع الفتاوى 7/309) ، فهل يكون للإمام أبي حنيفة رأي مخالف للإجماع؟. الجواب ج2- الإيمان: هو اعتقاد، وعمل، ونية يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهذا ما يقوله أهل السنة والجماعة، وهو القول الحق؛ لأن الأدلة من الشرع تعضده وتؤيده، ومن هذه الأدلة:

قوله –تعالى-: "هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم" [الفتح: 4] ، وقوله –تعالى-: "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون" [الأنفال: 2] ، وقوله –تعالى-: "ويزيد الله الذين اهتدوا هدى" [مريم: 76] ، وقوله –تعالى-: "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل" [آل عمران: 173] ، وقوله –تعالى-: "وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون" [التوبة: 124] . وفي الحديث قوله – صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، "والحياء شعبة من الإيمان" متفق عليه عند البخاري (9) ، ومسلم (35) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-،وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"أخرجه مسلم (49) من حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه-وقوله – صلى الله عليه وسلم-: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خُلُوقٌ، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" رواه مسلم (50) من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه-. وقال – صلى الله عليه وسلم-: "من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان" أخرجه الترمذي (2521) ، وأحمد في المسند (15190) من حديث معاذ الجهني –رضي الله عنه- وأبو داود (4681) من حديث أبي أمامة –رضي الله عنه-، وهو صحيح.

وكلام العلماء في زيادة الإيمان ونقصه كثير جداً، والواقع يشهد بذلك، فالواحد منا يعلم زيادة إيمانه ونقصانه من وقت لآخر، فمثلاً نجد إيماننا أكثر في أوقات مخصصة كشهر رمضان وأيام الحج ونحو ذلك، أو في أماكن مخصصة كالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة الأخرى مثل عرفات، ومزدلفة، ونحوها. أما الخلاف مع الإمام أبي حنيفة – رحمه الله تعالى- في الإيمان فهو اختلاف لفظي لا يترتب عليه فساد في الاعتقاد، فهو متفق مع بقية أهل السنة على وجوب العمل، وأن تارك العمل معاقب مؤاخذ، ومتفق معهم أيضاً على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان بل هو تحت مشيئة الله –تعالى- إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه، وأما أن كلمة التوحيد لا ترتفع ولا تنخفض وأنه يصدق بها العبد أو لا يصدق فهذا حق بالنظر إلى معناه من الناحية اللغوية، فإن الإيمان من الناحية اللغوية معناه التصديق، والتصديق لا يتبعض، ومما يدل عليه قوله –تعالى- حكاية عن إخوة يوسف -عليه السلام-: "وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين" [يوسف: 17] ، والتصديق بالقلب هو الواجب على العبد حقاً لله تعالى. وأما ما استدل به نفاة زيادة الإيمان ونقصانه بقوله تعالى: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات" [البقرة: 277] على التفريق بين الإيمان والعمل فليس سديداً، فالعمل أفرد هنا لأهميته نحو قوله تعالى: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين" [البقرة: 238] ، وقوله –تعالى-: "تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر" [القدر: 4] ، والصلاة الوسطى هي صلاة العصر أفردت لأهميتها لا لأنها غير الصلاة، والروح هو جبريل -عليه السلام-، وهو رئيس الملائكة -عليهم السلام-، وهذا مثل قوله –تعالى-: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات" [البقرة: 277] أفرد العمل لأهميته لا لمخالفته لمسمى الإيمان.

وأما قول شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - أن الأمة قد اتفقت على أن الإيمان شهادة وعمل ونية فهذا حق وصدق، والإمام أبو حنيفة - رحمه الله تعالى- لم يخالف الأمة؛ لأن خلافه كان صورياً فقط كما سبق بيانه، والله -تعالى- أعلم وأحكم.

تعليق المعصية بالمشيئة

تعليق المعصية بالمشيئة المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 1/2/1425هـ السؤال هل يجوز استخدام قول: "إن شاء الله" حين يقول قائل مثل: (سوف أترك ديني) ، أو: (سأسرق محلاً أو بنكاً غداً) ؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:

فالأصل في قول "إن شاء الله" أنها تعني تعليق أمر مستقبلي بمشيئة الله -تعالى- فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ولذلك ورد الأمر بتعليق الأمر المستقبلي بالمشيئة دون القطع بتحقيقه، قال الله -تعالى-: "وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ" [الكهف: 23-24] ، و (شَيْءٍ) نكرة في سياق النفي، فتعم كل شيء من خير أو شر، وقد تأتي " إن شاء الله" والمراد بها التحقيق دون شك كما في قوله -تعالى-: "لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين" [الفتح:27] ، وقد ورد التأكيد على تحقيق هذا الدخول بالمؤكدات المعروفة في "لتدخلن"، وكما في قوله - صلى الله عليه وسلم- في السلام على أهل القبور: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" رواه مسلم (249) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه، وقد يستعملها بعض الناس، ويعنون بها الترجي، ولعله يشهد لهذا الاستعمال قوله -صلى الله عليه وسلم- في زيارة المريض: "لا بأس عليك طهور إن شاء الله" رواه البخاري (3616) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، أما قول السائل (سوف أترك ديني) ، أو سأسرق، ونحوها، فلا يجوز الهمَّ بمثل هذه المنكرات ولا تعليقها بالمشيئة، سواء كانت بمعنى التعليق أو بمعنى الترجي، وهو أعظم، إلا إذا كان يعني أنه لا يمكن أن يُقدَّر عليَّ، أو يقع مني عمل سيئ كالسرقة، أو ترك الدين إلا بمشيئة الله، فهذا حق حتى في العمل الحسن، وإن كان لا ينبغي للإنسان استعمال مثل هذه العبارات وإن كان يريد المعنى الأخير، بل يسأل الله السلامة والحماية والثبات. وصل اللهم وسلِّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التخلص من أوراق بها اسم الجلالة

التخلص من أوراق بها اسم الجلالة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 23/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا وبعض الإخوة ندرس في إحدى الكليات الخاصة من خلال بعثة حكومية في دولة أجنبية، وتتكون لدينا بين فترة وأخرى مجموعة أوراق تحتوي على لفظ الجلالة، ونعلم أن أفضل وسيلة للتخلص من هذا الورق هو حرقها، ولكن المشكلة تكمن في أن الكلية تمنع بشدة أي عملية حرق صغيرة، فما بالك بالكبيرة! وتوفر لنا سلة خاصة للأوراق لإعادة تصنيعها، ولا تختلط بأي قاذورات، فهل يجوز أن نضع الأوراق المحترمة التي فيها لفظ الجلالة في هذه السلة بدل حرقها؟. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا لم يتيسر لك حرقها أو دفنها في مكان طاهر فلعل تمزيقها يكفي، بحيث لا يبقى فيها شيء من لفظ الجلالة يقرأ، ولا ينبغي أن ترمي هذه الأوراق -وفيها لفظ الجلالة يقرأ بوضوح - في الدعاء الذي ترمى فيه المخلفات؛ لأنها قد تؤخذ منه وتوضع فيما لا يليق بها. والله أعلم.

هل يصح هذا العبارة: (عرفنا ربنا بالعقل)

هل يصح هذا العبارة: (عرفنا ربنا بالعقل) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 18/08/1425هـ السؤال ما مدى جواز قول القائل: (عرفنا ربنا بالعقل) . تفصيلاً؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، وبعد: لقد فطر الله عباده على معرفته، فإن الإنسان بفطرته يعلم أن كل مخلوق لا بد له من خالق، وأن المُحدَث لا بد له من مُحدِث، وقد ذكر الله الأدلة الكونية من آيات السماوات والأرض على وجوده، وقدرته، وعلمه، وحكمته، ولهذا يذكر الله عباده بهذه الآيات، وينكر على المشركين إعراضهم عنها، قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) [يوسف:105] .

وهذه المعرفة الحاصلة بالآيات الكونية هي من معرفة العقل، فتحصل بالنظر والتفكُّر؛ ولهذا يقول تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) [الأعراف: من الآية185] . ويقول تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ) [الروم: من الآية8] . والآيات بهذا المعنى كثيرة، ومع ذلك فالمعرفة الحاصلة بالعقل هي معرفة إجمالية؛ إذ الإنسان لا يعرف ربه بأسمائه وصفاته، وأفعاله على وجه التفصيل، إلا بما جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، فالرسل– صلوات الله وسلامه عليهم- جاؤوا بتعريف العباد بربهم بأسمائه وصفاته وأفعاله، وبهذا يُعلم أن العقول عاجزة عن معرفة ما لله من الأسماء والصفات، وما يجب له، ويجوز عليه على وجه التفصيل، فطريق العلم بما لله من الأسماء والصفات تفصيلاً هو ما جاءت به الرسل، ومع ذلك فلا يحيط به العباد علمًا مهما بلغوا من معرفة، كما قال تعالى: (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا" [طه: 110] . وقال صلى الله عليه وسلم: "لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ" أخرجه مسلم (486) . وبهذا يتبين أن من طرق معرفة الله طريقين: العقل، والسمع، وهو النقل، وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة، وأن من أسمائه وصفاته ما يعرف بالعقل والسمع، ومنها ما لا يعرف إلا بالسمع. وبهذه المناسبة يحسن التنبيه إلى أنه يجب تحكيم السمع، وهو الوحي، وجعل العقل تابعًا مهتديًا بهدى الله، ومن الضلال المبين أن يعارض النقل بالعقل، كما صنع كثير من طوائف الضلال من الفلاسفة والمتكلمين.

ووفق الله أهل السنة والجماعة للاعتصام بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واقتفاء آثار السلف الصالح، فحكّموا كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ووضعوا الأمور في مواضعها، وعرفوا فضيلة العقل، فلم يعطلوا دلالته، ولم يقدموه على نصوص الكتاب والسنة، كما فعل الغالطون والمبطلون، فهدى الله أهل السنة صراطه المستقيم، فنسأل الله أن يسلك بنا سبيل المؤمنين، وأن يعصمنا من طريق المغضوب عليهم، والضالين. والله أعلم.

متى خلقت الجنة والنار؟

متى خلقت الجنة والنار؟ المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 23/10/1425هـ السؤال متى خلق الله النار والجنة؟ هل قبل خلق آدم أم بعده؟ وهل يوجد اختلاف بين العلماء؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الجنة والنار مخلوقتان قبل الخلق، وهما موجودتان الآن، ولم يزل على ذلك أهل السنة والعلم، وخالفت بعض الطوائف، فأنكرت ذلك، وقالت: بل ينشئهما الله يوم القيامة. لأنهم يظنون ظنًّا فاسدًا في الله تعالى، فقالوا: خلق الجنة قبل الجزاء عبث؛ لأنها تصير معطَّلة مددًا متطاولاً. وهذا ضلال، فردوا من النصوص ما خالف هذه المقولة الباطلة التي وضعوها للرب تعالى، وحرَّفوا النصوص عن مواضعها، وضلَّلوا وبدَّعوا من خالف شريعتهم، فمن نصوص الكتاب قوله تعالى، عن الجنة: (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران:133] . وقوله: (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) [الحديد:21] . وعن النار قال تعالى: (أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة:24] . وقال تعالى: (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلْطَّاغِينَ مَآبًا) [النبأ:21-22] . وقال تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى) [النجم:13-15] .

وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم- سدرة المنتهى، ورأى عندها جنة المأوى، كما في الصحيحين: البخاري (349) ومسلم (163) ، من حديث أنس، رضي الله عنه، في قصة الإسراء، في آخره: "ثم انطَلَق بي جبريلُ حتَّى أتَى سِدرةَ المنتَهَى، وغَشِيَها ألوانٌ لا أدْرِي ما هِيَ". قال: "ثم دخَلتُ الجنةَ، فإذا فيها حَبَايلُ اللؤلؤِ، وإذا تُرابُها المِسْكُ". وفي الصحيحين: البخاري (1379) ومسلم (2866) ، من حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إنَّ أحَدَكم إذا مات عُرِض عَلَيه مَقْعَدُه بالغَدَاةِ والعَشِيِّ ... ". والأحاديث في هذا كثيرة. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ما الحكمة من خلق الكون؟

ما الحكمة من خلق الكون؟ المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 28/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السؤال غريب نوعاً ما، ولكن لا حياء في الدين، ومن حبي لخالقي -سبحانه- تجرأت لكي يطمئن قلبي, السؤال: ما حاجة الله -سبحانه وتعالى- في أن يخلق الكون؟ ولماذا المسابقة التي نحن نعيشها وهو الله القادر على كل شيء، إنس وجن وعبادة، ثم حساب وثواب أو عقاب؟ ما حكمته سبحانه من هذا كله؟. وشكرًا لكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله يُولد الإنسان مفطورًا على جملة تساؤلات: من أنا؟ وكيف جئت؟ وإلى أين المصير؟ ولماذا أبدع الله كل هذا؟ , وتظل تلك التساؤلات تجول في النفس، إلاَّ أن يسترها الإلف وتطمسها التقاليد والعادات, أما السؤال: كيف؟ فالسبيل لمعرفة جوابه وبلوغ الاطمئنان هو التطلع والنظر بتجرد إلى المخلوقات, ذلك هو طريق العلم وبه يَسْلَم الإنسان من الأوهام والخرافات, وأما السؤال: لماذا؟ وكل ما يتعلق بالخالق فلا سبيل لمعرفة جوابه بيقين، سوى الوحي الصادق المؤيد بالبينة, أما الاجتهاد المجرد فلا يسلم من الزلل ولا يصلح كدليل, فقد أدى التسليم بالمعتقد بمجرد الادعاء إلى الخلط بين صفات الخالق والمخلوق، فشاعت في تاريخ البشرية المنحوتات، وعُبدت خلائق كالأبقار وأجرام السماوات، وجُعل الخالق بشراً يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق.

وعندما تعتمل إذن في نفسك التساؤلات فابتهج؛ لأنها علامة على أنك حي مطلبك الدليل لم يأسرك التقليد، فلم تنلك الضلالات التي أصابت الكثير من أدعياء الفطنة, وتحقيق الاطمئنان وراحة البال مضمون على ألا تغفل عن معالم الطريق واتباع قواعد السير منذ البَدء وعمادها التمييز بين صفات الخالق والمخلوق, أما الدليل العلمي القائم على التطلع إلى المخلوقات فهو ينصر القرآن، ويقدم البينة على أنه الوحي المحفوظ بلا اختلاف في المحتوى أو تحريف في المضمون أو التقيد بزمن أو بيئة المكلفين, ولا يوجد اليوم أي كتاب يُنسب للوحي يداني القرآن في سلامة المحتوى وأصالة المضمون وفطرية التشريع والتطابق التام مع مفاخر العلم, ذلك هو مرجعك الوثيق في كل أمر، ولك أن تدعه يجيبك عن كل ما يحيرك وأنت واثق مطمئن.

والتساؤل: لماذا خلق الله العالم والإنسان؟ , أو وفق تعبير القرآن: لماذا (خَلَق السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ) ؟ و (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ) ؟ , جوابه واحد، وهو كما يقول العلي القدير: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [هود 7 والملك 2] , فالعالم ليس إلا ساحة النظر والتأمل والاستدلال وتجليات القدرة الطليقة والمشيئة النافذة أمام ذوي الأبصار, وللسيد أن يتفضل ويبين لعبده قبل أن يسأل: كيف؟ , ولكن هل يملك العبد أن يراجع سيده الحر المشيئة ويسأل: لماذا؟؛ في الحقيقة لا يملك العبد سوى طاعة من يملك الأمر, فما بالك بمن يملك السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير! , يقول العلي القدير: (لاَ يُسْأَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [الأنبياء:23] , وفي بيان الوظيفة التي قامت من أجلها السماوات العامرة بالساجدين المستورين، والأرض الزاخرة بدعوة المرسلين يقول تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ. مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ) [الذاريات:56-57] , وبهذا يعفيك القرآن من التشاغل عن التوجه لمن خضع لمشيئته كل شيء، والمستحق وحده الحمد, يقول سبحانه: (ذَلِكُمُ اللهُ رَبّكُمْ لآ إِلََهَ إِلاّ هُوَ خَالِقُ كُلّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الأنعام 102] . والله تعالى أعلم.

درجات أهل الإيمان في الجنة

درجات أهل الإيمان في الجنة المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 9/3/1425هـ السؤال كما هو معلوم هناك تفاوت في الدرجات فيأتي في الدرجة الأولى الأنبياء ثم الصحابة ثم التابعون ثم تابعو التابعين، فأين تكون درجة أشخاص صالحين آخرين مثل عزير والخضر وأمهات المؤمنين؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: إعلم يا أخي أن الجنة درجات بعضها أعلى من بعض، وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - في كتابه حادي الأرواح باباً في درجات الجنة، وذكر في ذلك ما يناسب المقام من الآيات والأحاديث والآثار من ذلك ما ثبت في الصحيحين البخاري (3256) ، ومسلم (2830) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق، من المغرب أو المشرق لتفاضل ما بينهم"، قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: "بلى، والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين". وفي البخاري (2790) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة أراه فوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة".

وإذا كان الله قد امتن على الأنبياء والرسل بأعلى الدرجات فإنه قد بيّن أن غيرهم ممن أطاع الله ورسوله يكون في معيتهم حيث قال جل من قائل: "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا" [النساء: 69] . وهؤلاء الذين ذكرت في سؤالك من أمثال الخضر، وعزير ونساء النبي -صلى الله عليه وسلم- لا نشك في أن الله سينزلهم منازلهم التي يتسحقونها وهو بهم أعلم وأرحم أو يرفعهم فوقها تفضلاً منه وإحساناً. وإذا أردت المزيد في بيان صفة الجنة وأحوال أهلها فانظر كتاب (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) ؛ طريق الهجرتين وباب السعاديين، فإنه ذكر في آخره طبقات المكلفين في الآخرة وعدها ثماني عشرة حلقة وكلاهما لابن القيم -رحمه الله وفيهما ما يشفي ويكفي بإذن الله. والله الموفق.

هل الاستعانة بالمخلوق تقدح في الاستعانة بالله؟!

هل الاستعانة بالمخلوق تقدح في الاستعانة بالله؟! المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 02/03/1426هـ السؤال السلام عليم ورحمة الله. أنا مقيم في بلاد الغرب، ولي أخ يحبني كثيراً في الله وأنا كذلك, ولم أر منه إلا الحرص على تعلم وتطبيق دينه ونصحي في ديني، أخي هذا لا يتردد في بذل قصارى جهده كلما طلبت منه العون في أمور ديني ودنياي، ويقول لي بأن ذلك يدخل السرور على قلبه، بصراحة أنا أستثقل طلب العون من الناس، وذلك حتى لا أثقل عليهم، وأيضاً خوفاً من مخالفة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا استعنت فاستعن بالله". فسؤالي: هل يجوز أن أستعين بأخي على قضاء شؤوني؟ أم أن ذلك مخالف للحديث المذكور? وهل من الأفضل لي عدم طلب العون والتشدد على نفسي?. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

الاستعانة نوعان: نوع لا يقدر عليه إلا الله، ونوع يقدر عليه المخلوق، فما جاء في قوله تعالى: "إياك نعبد وإياك نستعين"، هذا عبادة خاصة بالله، وما يحصل للمخلوق من عون المخلوق له ليس هذا حاصلاً بحول المخلوق، وإنما هو من تسخير الله -تعالى- لك أن يقوم فلان بمساعدتك وإعانتك على ما تحب، وأحوال الناس في هذه الدنيا كلها مبنية على تبادل المنافع، فالإنسان إذا ذهب يشتري يحتاج إلى من يعينه على تحصيل البضاعة التي يريدها، والعامل الذي يحتاج إلى عمل يحتاج إلى من يساعده في إكمال عمله، وغير ذلك من الأمور، فكل شئون العباد فيما بينهم مبنية على تبادل المنافع ومعاونة بعضهم لبعض، لكن هذا إنما هو تسخير من الله -تعالى- حيث يقوم بعض الناس بمساعدة الآخرين مما ييسر الله -تعالى- للجميع تحقيق مرادهم وتحصيل منافعهم، وكون صديقك وزميلك يسر بأن يقدم لك خدمة، هذا أمر يشكر عليه، وأمر حسن، ولا يتنافى مع النهي عن الاستعانة بالمخلوق؛ لأن هذا العمل الذي يقوم به هذا الإنسان يقوم به مما يستطيع تحصيله ويقدر عليه، وليس من الأمور التي هي مما لا يقدر عليها إلا الله، وكونك تقبل هذا إنما يجب عليك أن تقبله على أنه من عون الله -تعالى- لك حيث سخر لك هذا الإنسان ليحقق لك بعض الخدمة وينفعك في بعض الأمور. والله ولي التوفيق.

تقسيم ابن تيمية للإيمان

تقسيم ابن تيمية للإيمان المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 14/04/1425هـ السؤال هل قسم شيخ الإسلام ابن تيمية الإيمان إلى ثلاثة أقسام؟ وما هي هذه الأقسام؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن المعروف في كتب العقيدة تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات ... ولم يعهد تقسيم الإيمان بهذه الكيفية. ولم ينقل تصنيف الإيمان إلى أقسام عن أحد من أهل السنة في حدود معرفتي واطلاعي. اللهم إلا أن يكون مراد السائل الاستفسار عن مسمى الإيمان فيكون الجواب نعم، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - وهو في ذلك تابع لمن سلفه من علماء الأمة - أن الإيمان: قول وعمل. وأن القول يدخل فيه قول اللسان والقلب، وقول اللسان هو النطق بالشهادتين، وقول القلب هو التصديق، وهو الاعتقاد الجازم بوجود الله، وما يلزم عن ذلك من التصديق بجميع ما أخبر الله به. وأن العمل يدخل فيه عمل القلب وهو النية والإخلاص، وعمل الجوارح، وهو الإتيان بما أمر الله به، والانتهاء عما نهى عنه، وللسلف عبارة مأثورة في ذلك، وهي أن الإيمان: تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، فيكون الجواب بهذا الاعتبار أن أقسام الإيمان ثلاثة، وهي: (1) تصديق القلب. (2) نطق اللسان. (3) عمل بالأركان. والعمل يكون بالقلب والجوارح الظاهرة. والله أعلم.

ترجمة ما فيه بعض المخالفات الشرعية

ترجمة ما فيه بعض المخالفات الشرعية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 05/08/1425هـ السؤال أقوم حالياً بترجمة كتاب فلسفي، وورد به بعض العبارات والأفكار المنافية للتوحيد والعقيدة, فهل يجوز ترجمة مثل هذا الكتاب؟ مع الأخذ في الاعتبار عدم قدرتي على التعليق على الكتاب، وبيان ما به من أخطاء؛ لعدم سماح الكاتب بذلك. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا بد من معرفة نسبة المنافاة للتوحيد والعقيدة فيما يراد ترجمته، فإن كان الكتاب مشتملاً على أفكار مخالفة للمعلوم من الدين بالضرورة، كوحدانيته - سبحانه- والإيمان بالرسل، والكتب المنزلة، والملائكة، والجنة والنار، ونحو ذلك من أركان الإسلام والإيمان، إذا كان الأمر كذلك فلا تجوز ترجمة هذا الكتاب أو نشره، أو الإعانة على ذلك بأي صورة كانت، وإن كانت أفكار الكتاب عامتها سليمة وقليل فيها المخالفة لبعض أمور الاعتقاد كتأويل بعض صفات الله، وكذلك هذه الكتب المراد ترجمتها مفيدة للأمة في دينها أو دنياها، جاز حينئذ ترجمتها ما دام النفع فيها أكبر من الضرر، كما يوجد في كتب بعض السلف كالحافظ ابن حجر، والسخاوي، والنووي، كتأويل بعض الصفات على مذهب الأشاعرة والعز بن عبد السلام، وابن الجوزي، والوفاء بن عقيل، وغيرهم، فإن كانت أخطاء صاحب الكتاب المراد ترجمته كأخطاء هؤلاء العلماء فلا أرى بترجمته بأساً، وإن كنت أنصح لك بعدم ترجمته؛ فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. والله أعلم.

مقولة: " بلغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكمال البشري"

مقولة: " بلغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكمال البشري" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 19/09/1425هـ السؤال ما الكمال البشري؟ وهل يصح أن يقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ الكمال البشري. بمعنى أنه كامل كمالاً بشريًّا أم لا؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب

الحمد لله، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56] . وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21] . فدلت الآيتان على أن الله خلق الجن والإنس لعبادته، وأن العبادة فرض على جميع الناس، ووصف أولياءه وأنبياءه وملائكته بالعبودية، فقال سبحانه للملائكة: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ) [الأنبياء:26] . وقال: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا) [الفرقان: من الآية63] . وقال سبحانه: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) [النمل: من الآية59] . ووصف محمدًا صلى الله عليه وسلم- بالعبودية في أعلى المقامات؛ في مقام النِّذارة والدعوة وفي الإسراء، وفي مقام التحدي بالقرآن، فقال سبحانه: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) [الجن:19] . وقال: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) [الإسراء: من الآية1] . وقال: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) [الفرقان:1] . وقال: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا) [البقرة: من الآية23] . وشرف الإنسان وكماله بحسب تحقيقه لمقام العبودية، وأكمل البشر عبودية هم الأنبياء والرسل، وأكملهم على الإطلاق محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان سيد ولد آدم، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم (2378) ، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يومَ القيامةِ، وأَوَّلُ مَن يَنْشَقُّ عنه القَبْرُ، وأولُ شَافعٍ وأولُ مُشَفَّعٍ". ومن كمال عبوديته كمال خلقه، وقد أقسم الله على

ذلك في قوله: (نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) [القلم:1] . إلى قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4] . ومما يظهر الله به كماله يوم القيامة أن يبعثه المقام المحمود الذي يحمده به الأولون والآخرون، كما قال تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) [الإسراء:79] . وذلك حين يتراد الأنبياء الشفاعة، ثم ينهض بها- صلى الله عليه وسلم- فيأتي ربه، قال: "فَإذا رأيتُ رَبِّي خَرَرْتُ له ساجدًا". ثُمَّ يقال له: "ارفَعْ رأسَكَ، وقُلْ تُسْمَعْ، وسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ". رواه البخاري (4476) ومسلم (193) ، من حديث أنس، رضي الله عنه. والله أعلم.

ادعاء خلق آدم من أب وأم

ادعاء خلق آدم من أب وأم المجيب د. عبد العظيم بن إبراهيم المطعني رئيس قسم التفسير والحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 29/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نأمل منكم التكرم بتوضيح الفتوى التي يتحدث بها الناس في هذه الأيام بشأن أن آدم عليه السلام ولد من أب وأم (فتوى الدكتور عبد الصبور شاهين إن صحت عن الدكتور) نأمل إفادتنا بكيفية الرد عليها بالدليل. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا الموضوع من الموضوعات الغيبية، التي حدثت في أزمنة سحيقة، وبعُد بيننا وبينها العهد، بل هو موضوع يقع الآن خارج ذاكرة الوعي التاريخي، وهو أشد الأمور الغيبية غموضًا، وكل حديث عنه يخوض فيه الباحثون، إنما هو رجم بالغيب، وطحن في الهواء، بل هو ضرب من الظنون أو الأوهام التي لا تغني من الحق شيئًا، ولا يبنى عليها عمل، وليست من المسؤول عنه يوم الحساب. والأمور الغيبية التي لا يكون للبحث فيها جدوى الآن، لانقطاع صلة الناس فيها، كثيرة، منها هذه القضية (قضية خلق آدم) ، ومنها البحث عن عمر الأرض، وعن اللغة "الأم" ما هي؟ وعن كيفية نشأة هذه اللغة، ثم البقعة التي هبط إليها آدم وحواء، وكيف تمت هجرات الناس منها إلى ربوع الأرض؟ ومنها التحديد الزماني لعهود الرسل والأنبياء، والفترات التي بين كل رسولين، وأصل اللغات السامية، أهي العربية أم العبرية؟ والموطن الأصلي للساميين، وكيف تمت الهجرات منه؟ إلخ.. إلخ. والبحث حول هذه الأمور لم ولن يؤدي فيها إلى طائل، والنماذج التي عرفها الناس منها، إنما هي ركام هائل من الفرضيات والأقوال المتضاربة.

وحيث إن موقف سلفنا الصالح من مثل هذه القضايا هو الموقف الأحكم والأسلم؛ إذ يدور مع ما ورد في محكم الكتاب العزيز، وما صح سنده ومتنه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن موقفهم يتلخص في أن هذه القضية أمر غيبي، يجب الإيمان بها كما وردت في كتاب الله، وما أشارت إليه أحاديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، والوقوف في الإيمان بها عند دلالات النصوص المقدسة دون تحريف، أو تأويل تأباه دلالات اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم، أو تأباه حقائق الإسلام الواضحة، وأن هذه القضية لا يحتاج المسلم في الإيمان بها جملة وتفصيلاً إلى مصادر أخرى غير المصادر الإسلامية المقدسة. وأنهم لا يقولون فيها غير ما قاله الله ورسوله، شأنهم فيها شأنهم في كل أمر غيبي لا يملك الحديث عنه إلا علاَّم الغيوب. ففي أوائل القرآن الكريم يأتي كلام الله تبارك وتعالى عن صفات المؤمنين التي لا يصح منهم إيمان بدونها وهي (.. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ..) [البقرة:3] . ويقول تعالى: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) [النمل:65] . ويقول تعالى: (مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا) [الكهف:51] .

وعقيدة الأمة أن الله عز وجل هو الذي سمى أبانا آدم بهذا الاسم لأنه أول مخلوق بشري على وجه الأرض، كتسميته لابن زكريا بيحيى (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا) [مريم:7] . وفي لسان العرب أن علة التسمية بآدم لأنه خلق من الأرض، يعني خلقه المباشر كان من الأرض (اللسان 1/46) . وأما عن قول الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ... ) [البقرة:30] . فإن الملائكة ـ كما قال علماء التفسير ـ قاست حال الإنسان على حال الجان؛ لأن الجان كانوا يعمرون الأرض قبل خلق آدم، فكانوا يسفكون الدماء ويفسدون في الأرض، والبشر مثلهم ذوو شهوات تحمل على الصراع والمنازعة، فوجه الشبه بين الجان والإنسان شديد القوة والوضوح، أما الملائكة فهم أشكال نورانية لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون، وقد جاء في القرآن أن الجان مخلوق قبل الإنسان، قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ) [الحجر 26-27] . فآدم ـ عليه السلام ـ هو "البشر" المخلوق من تراب، وليس من أب وأم، وهو "البشر" الذي سواه الله ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة أن تسجد له. وفي صحيح البخاري (6227) وصحيح مسلم (2841) ، مرفوعًا، عن أبي هريرة، رضي الله عنه: "خَلَقَ اللهُ عزَّ وجلَّ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ". أي هكذا كما هو وبدون سابقة من أصل أب أو أم.

أما القائلون بغير هذا فيزعمون أن آدم عليه السلام ليس هو أبا البشر، ولا أول مخلوق عاقل من غير الجن والملائكة، بل هو "أبو الإنسان"، وأن الله خلق قبله من جنسه خلائق كثيرين عاشوا قبل آدم "هذا" ملايين السنين، وكانوا في تلك الأزمان خاضعين للتصرف الإلهي من التسوية والتعديل والتهذيب، ثم انقرضوا جميعًا بعد أن اختار الله منهم آدم "هذا" من أب وأم "منهم"، كما اختار حواء زوجة آدم من "أب وأم" كذلك من آخر أجيال البشر الأولين الذين انقرضوا تمامًا ولم يصبح في الوجود منهم أحد، وأن آدم وحواء وحدهما هما اللذان بقيا ليكونا أبوين لنوع جديد من ذلك الجنس الذي انقرض، أي نوع من الإنسان المستمر توالده حتى الآن إلى قيام الساعة. وهم يضعون- حسب زعمهم ـ عدة فروق بين "البشر" وبين "الإنسان"، وهي: 1. أن البشر أقوام همجيون، لا سمع لهم ولا بصر لهم ولا عقل. 2. الإنسان هو النوع المنتخب المهذب الراقي، لهم سمع وإبصار وعقول. 3. البشر لم يرسل الله فيهم رسولا، ً ولم يكونوا من أهل التكليف الإلهي؛ فلا إيمان بالله ولا أوامر ولا نواهٍ. 4. البشر مخلوقون من تراب أو طين. 5. أما الإنسان فإنه هو المخلوق من ماء أو من علقة أو من نطفة. وهي شبهة مردودة، وحجة داحضة، القول بها يتشابه مع نظرية التطور لدى اليهودي الملحد دارون التي من عناصرها: 1- أن الإنسان ليس مخلوقًا لأول مرة وإنما متطور عن مخلوق آخر هو القرد.. الإنسان أصله قرد.. ويرده قوله تعالى: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) [ص:75] . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "النَّاسُ بَنُوآدَمَ, وآدَمُ مِنْ تُرَابٍ". أخرجه أبو داود (5116) والترمذي (3956) .

2- أن الأجناس البشرية متفاوتة في قدرها وذكائها وأهميتها، فاليهود أفضل من الآريين، والآريون أفضل من العرب، والعرب أفضل من الزنوج وهكذا.. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَد، َ وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى ". أخرجه أحمد (23489) . ورُوي عنه صلى الله عليه وسلم: "الناسُ سَوَاءٌ كَأَسْنَانِ المُشْطِ". أخرجه ابن عدي 3/248، والقضاعي في مسند الشهاب (195) . وانظر السلسلة الضعيفة (596) . 3- البقاء للأصلح، بمعنى وجوب قتل الضعفاء والمرضى وعدم مراعاة الأخلاق ولا أوامر الدين بالإحسان إليهم ونواهيه عن الإساءة إليهم، وقد تبلورت هذه النظرة غير الإنسانية بشكل لافت لدى الملحد الألماني "فريدريك نيتشه" الذي زعم أن إلهه نزل إلى الأرض ومات. أما من حيث اللغة فإن كلمات "البشر"، "الإنسان"، "الناس"، "الإنس" تطلق على بني آدم، وكل أهل العلم من اللغويين والفقهاء على ذلك لم يخالف منهم واحد سوى عبد الصبور شاهين صاحب كتاب "أبي آدم.. قصة الخليقة" الذي يقول إن البشر غير آدم الذي هو أبو الإنسان، ومن ثم فالإنسان- في زعمه ـ غير البشر؛ إلا أن العلماء ردوا حجته وفندوا زعمه بالأدلة الدامغة والحجج البالغة، ومنها قوله تعالى: (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ) [ص:71] . يعني (خلقت في الماضي) ، وسائر المفسرين ومقتضى لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم الذي منه هذه الآية على أن معناها: سوف أخلق في المستقبل. في إعلام الله تعالى ملائكته عليهم السلام بخلق آدم (الإنسان أبي الناس والبشر جميعًا) ، وأخيرًا فالله هو العليم بما خلق ومن خلق (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك:14] .

الفرق بين عذاب القبر وفتنة القبر

الفرق بين عذاب القبر وفتنة القبر المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 11/10/1425هـ السؤال من الثابت في عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بعذاب القبر، فما الفرق بين عذاب القبر وفتنة القبر كما جاء في الدعاء؟ وهل عذاب القبر للروح أم الجسد أم كلاهما؟ أرجو أن يعرض السؤال على متخصص في العقيدة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم المقصود بفتنة القبر: سؤال الملكين العبد في القبر عن ربه ودينه ونبيه. أما عذاب القبر: فهو المشاق التي تقع على العبد فيه، وهي نوعان: (1) مشاق العقوبات النازلة على العبد لمعاصيه. (2) مشاق هي من طبيعة القبر تنال كل أحد وليست عقوبة على ذنب كضغطة القبر. وعذاب القبر نوعان: (1) عذاب يقع على الروح مفردة. (2) عذاب يقع على الروح والجسد جميعًا، ولا يقع عذاب على الجسد مفردًا. وصلى الله وسلم على النبي محمد.

الاستغفار للكافر وتوبته.

الاستغفار للكافر وتوبته. المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 13/09/1425هـ السؤال (1) الآية 53 من سورة الزمر "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [الزمر:53] هل تعني المسلمين أم تشمل غيرهم؟. (2) هل يجوز الاستغفار لغير المسلم أثناء حياته؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

فهذه الآية من سورة الزمر رقم: (53) ، " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"، هذه عامة لجميع العصاة من المسلمين وغيرهم، كما صرح بذلك الحافظ ابن كثير في تفسيره (6/100) ، حيث قال: (هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة ... ) ا. هـ، وأما الاستغفار للكافر فلا يجوز أثناء حياته، ولا بعد مماته؛ كما تدل عليه الآية الكريمة في سورة التوبة: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم" [التوبة:113] مع قوله تعالى في سورة الممتحنة: "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ... " [الممتحنة: من الآية4] .. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (6/625) ، تعليقاً على هذه الآية: " أي: لكم في إبراهيم وقومه أسوة حسنة تتأسون بها إلا في استغفار إبراهيم لأبيه، فإنه إنما كان عن موعدة وعدها إياه ... "يعني فلا تتأسوا به في هذا القول، وعلى هذا، فيكتفي المسلم بالدعاء للكافر أن يهديه إلى الصراط المستقيم، وأن يوفقه للدخول في الإسلام، ونحو ذلك. والله -تعالى- أعلم.

الله غني عن عبادتنا.. فلماذا خلقنا؟

الله غني عن عبادتنا.. فلماذا خلقنا؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 21/06/1426هـ السؤال هنالك سؤال يلح علي خصوصاً عند قراءتي للآية: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وهو ما حاجة الله -سبحانه وتعالى- للعبادة؟ وإذا كانت الملائكة قد عبدت الله -عز وجل- قبل خلق البشر، فلماذا خلق البشر؟ (أجد نفسي أجيب عن هذا السؤال تحديداً بأن الملائكة قد جبلت على الطاعة فقط، بعكس الإنسان الذي إن شاء آمن وإن شاء كفر، ولكن هذه الإجابة أجدها تعيدني للسؤال الأول: "ما حاجته سبحانه من خلقه للمخلوقات لكي يعبدوه"؟ فهل هناك إجابة شافية لهذا السؤال؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب

الحمد لله، قد بيّن سبحانه وتعالى حكمته من خَلقِ السماوات والأرض، وخلقِ ما على الأرض وخَلقِ الموتِ والحياة، وهي الابتلاء للجن والإنس، كما قال سبحانه وتعالى: "وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً" [هود: 7] ، وقال تعالى: "إنا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً" [الكهف: 7] ، وقال تعالى: "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً" [الملك: 2] . فعُلم من هذه الآياتِ أن الله خلق ما خلق لابتلاء العباد ليتبين من يكونُ منهم أحسنَ عملاً، ويظهرُ ذلك في الواقع حقيقة موجودة، بل بيّن سبحانه في كتابه أن ما يجري في الوجود من النعم والمصائب لنفس الحكمة وهي الابتلاء الذي يُذكر أحياناً بلفظ الفتنة، قال الله تعالى: "ونبلوكم بالشر والخير فتنة" [الأنبياء: 35] ، وقال تعالى: "أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" [العنكبوت: 2] .فبهذا الابتلاءِ يتبينُ الصادقُ من الكاذبِ، والمؤمن من الكافر مما هو معلوم للرب قبل ظهوره في الواقع، وقد أخبر سبحانه وتعالى في موضع من القرآن أنه خلقَ الناسَ ليختلفوا ويكونُ منهم المؤمن والكافر، ويترتبُ على ذلك ما يترتبُ من ابتلاءِ الفريقين بعضهم ببعض، قال تعالى: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" [هود: 117، 118] ، وقال تعالى: "وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين" [الأنعام: 53] . وقال تعالى: "ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض" [محمد: 4] .

وبيّن سبحانه وتعالى أن من حكمته في القتال بين المؤمنين والكافرين ومداولة الأيامِ ما ذكره في قوله: "وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين" [آل عمران: 140- 141] . وأما قوله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56] فقد قيل: إن المعنى لآمرهم وأنهاهم فيعبدوني، وأمره ونهيه سبحانه وتعالى هو ما بعث به رسله، وفي هذا ابتلاء للعباد يكشف به حقائقهم حتى يميز الله الخبيث من الطيب، قال تعالى: "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء" [إبراهيم: 4] ، وقال تعالى: "وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم" [آل عمران: 179] . وقد ذكر سبحانه أن من حكمته من خلق السماوات والأرض أن يعلم العباد كمال علمه وقدرته قال تعالى: "الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما" [الطلاق: 12] ولم يكن خلقُ الله لآدم أو للجن والإنس لحاجةٍ به إليهم ولا لحاجةٍ إلى عبادتهم –كما توهم السائل- بل لا حاجةَ به إلى عبادة الملائكة ولا غيرهم؛ لأنه الغني بذاته عن كل ما سواه، لكنه تعالى يحب من عباده أن يعبدوه ويطيعوه، وعبادته هي محبته والذل له والافتقار إليه سبحانه، ونفع ذلك عائد إليهم.

كما جاء في الحديث القدسي: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخْيَط إذا أدخل البحر" رواه مسلم (2577) . وقول السائل: (إذا كانت الملائكة قد عبدتِ -اللهَ عز وجل- قبل خلق البشر، فلماذا خُلق البشر؟) جوابه في قوله تعالى: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفةً قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون" [البقرة: 30] ، فقوله تعالى: "إني أعلم ما لا تعلمون" يتضمن أن له حكمة في خلق آدم واستخلافه في الأرض، وإن كان يحصل من بعض ذريته ما يحصل من الإفساد وسفك الدماء، قال تعالى: "إني أعلم ما لا تعلمون" إلى قوله عن الملائكة: "قالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" [البقرة: 31-32] ففوضت الملائكة الأمر إلى علمه وحكمته "إنك أنت العليم الحكيم". فقد تبين مما تقدم أن قول السائل: "نحن المسلمين نعلم أن الإنسان خُلق لسبب واحد وهو عبادة الله وحده" ليس بصحيح؛ لأن الله بيّن أنه خلق الجن والإنس لعبادته، وليبتليهم بأنواع الابتلاء، وليعرفوه بأسمائه وصفاته كما تقدم ذكر ما يدل على ذلك كله، والله أعلم.

القول فيمن يعبد الله بالحب وحده

القول فيمن يعبد الله بالحب وحده المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 03/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: ما رأيكم في من يقول أنني لا أعبد الله خوفاً من ناره, أو أنال جنته, وإنما عبدت الله محبة في وجهه الكريم؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده لا شريك له، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: لا تكون عبادة لله إلا بخوف وطمع، قاله الله في كتابه حين أمر عابديه بهما في مواضع: "وادعوه خوفاً وطمعاً" [الأعراف:56] ، "واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة" [الأنعام:63] ، وامتدحهما في عابديه: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً" [السجدة:16] "إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً" [الأنبياء: 90] ، فلا تخلو عبادة الله من الرغب والرهب، ومن الخوف والطمع، والرغب لا يكون إلا في رضا الله وثوابه، والرهب لا يكون إلا من غضب الله وعقابه، ومن ادعى أنه لا يرغب في ثواب الله ولا يرهب عقابه لم تصدق منه دعوى عبوديته لله إلا أن يدعي أنه مستغن عن ثواب الله وآمن من عقابه، فتكون عبوديته تفضلاً منه على رب لا يملك أن يعاقبه ولا حاجة به لثوابه، فلا يكون هذا رباً ولا ذاك عابداً على الحقيقة، بل هما ندّان متساويان، وتفضّل أحدهما على الآخر بمحبته له، ومن ذا يكون مؤمناً ثم يقول ذلك؟!

وفي هذه الدعوى من الباطل أيضاً: الإعراض عن دعوة الله عباده إلى السعي إلى الجنة والاستخفاف بها، "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض" [آل عمران:133] ، "سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض" [الحديد:21] ، وفيها الإعراض عن دعوة الله عباده إلى اتقاء النار والاستخفاف بها: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً" [التحريم:6] ، "فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة" [البقرة:24] ، ومثل هذه الدعاوى شطحات تنفسخ عند وجود الحقائق، فإذا أشرف مدعي هذه الدعوى على النار علم كذب دعواه. نسأل الله السلامة من الضلال.

اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء عليهم السلام ليلة الإسراء

اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء عليهم السلام ليلة الإسراء المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 16/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الروح إما أن تكون في عذاب وإما أن تكون في نعيم، في القبر، فلا تذهب هنا أو هناك. فكيف اجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في السماوات في الإسراء والمعراج؟ هل خرجت أرواح الأنبياء لذلك الوقت فقط؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذا السؤال له صلة بمسألة تعلق الروح بالبدن، وقد ذكر ابن القيم، رحمه الله، أن للروح مع البدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام: أحدها: تعلقها بالبدن في بطن الأم جنينًا. الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض. الثالث: تعلقها به في حال النوم، فلها به تعلّق من وجه ومفارقة من وجه. الرابع: تعلقها به في البرزخ. الخامس: تعلقها به يوم بعث الأجساد، وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن. وموضوع سؤالك هو عن تعلقها بالبدن في البرزخ، فإنها وإن فارقت البدن وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقًا كليًّا لا يُبْقِي لها التفاتًا إليه.

وما سألت عنه من رؤيته صلى الله عليه وسلم، الأنبياء ليلة الإسراء والمعراج، قال عنه ابن القيم: (وأما إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، عن رؤيته الأنبياء ليلة أسري به فقد زعم بعض أهل الحديث أن الذي رآه أشباههم وأرواحهم. قال: فإنهم أحياء عند ربهم، وقد رأى إبراهيم مسندًا ظهره إلى البيت المعمور- أخرجه مسلم (162) - ورأى موسى قائمًا في قبره يصلي- أخرجه مسلم (2375) . ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا: هذه الرؤية إنما هي لأرواحهم دون أجسادهم، والأجساد في الأرض قطعًا، إنما تبعث يوم بعث الأجساد، ولم تبعث قبل ذلك إذ لو بعثت قبل ذلك لكانت قد انشقت عنها الأرض قبل يوم القيامة وكانت تذوق الموت عند نفخة الصور، وهذه موتة ثالثة. وهذا باطل قطعًا) . قال ابن القيم: (وقد علمنا عنه أنه رأى موسى قائمًا يصلي في قبره ليلة الإسراء، ورآه في السماء السادسة- أخرجه البخاري (3207) ومسلم (164) - أو السابعة، فالروح كانت هناك ولها اتصال بالبدن في القبر وإشراف عليه وتعلق به، يصلي في قبره ويرد سلام من سلّم عليه، وهي في الرفيق الأعلى، ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان، وليس نزول الروح وصعودها وقربها وبعدها من جنس ما للبدن، فإنها تصعد إلى ما فوق السماوات ثم تهبط إلى الأرض ما بين قبضها ووضع الميت في قبره، وهو زمن يسير لا يصعد البدن وينزل في مثله، وكذلك صعودها وعودها إلى البدن في النوم واليقظة) . وخلاصة القول أن التسليم بما ثبت من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، بما يكون من حال البرزخ وأحوال القيامة وسائر المغيبات واجب، والتعمق في البحث عن كيفيات ذلك من التكلف. وانظر بسط هذه المسألة في كتاب الروح لابن القيم، رحمه الله، ففيه ما يشفي ويكفي. والله الموفق.

هل كل ما في اللوح المحفوظ لا يتغير؟

هل كل ما في اللوح المحفوظ لا يتغيَّر؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 11/06/1426هـ السؤال أرجو منكم إفادتي بأصح قولي العلماء في مسألة (اللوح المحفوظ) فقد قيل: إن ما فيه من الأقدار ثابت لا يتغير، كما قيل: إنه يمكن أن يتغير؟ والكل مستدل بقوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) ؟ الجواب الحمد لله، اللوح المحفوظ هو أم الكتاب، وهو الكتاب المبين، وهو كتاب الأقدار، قال الله تعالى: "بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ" [البروج: 21-22] ، وقال تعالى: "إنا جعلناه قرآناً عربيًّا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب" [الزخرف: 3-4] ، وقال تعالى: "ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب" [الحج: 70] ، وقال تعالى: "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها" [الحديد: 22] . وروى مسلم في صحيحه (2653) عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء". وهذا الكتاب مطابق لعلم الله السابق، وعلمه بالأشياء مطابق لما هي عليه ومعلوماته لا تتغير عما علمه، وقد قرن سبحانه وتعالى بين علمه وكتابه في آيات من القرآن، قال تعالى: "وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب" [فاطر: 11] ، وقال تعالى: "ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب" [الحج: 70] .

وما في هذا الكتاب هو تقدير عام لكل ما هو كائن إلى يوم القيامة، وهناك تقديرات خاصة منها ما يختص بآدم وذريته كما جاء في حديث احتجاج آدم وموسى، حيث قال آدم: "أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء، وقربك نجياً، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاماً". صحيح البخاري (3409) ، وصحيح مسلم (2652) . ومنها ما يختص بكل فرد من بني آدم كالتقدير الذي يكون عند نفخ الروح في الجنين، وهذه التقديرات لا تتعارض مع التقدير العام، وأما قوله تعالى: "يمحو الله ما يشاء ويثبت" [الرعد: 39] ، فقد اختلف المفسُرون في متعلق المحو والإثبات، فقيل: المراد بذلك الشرائع ما يُحْكِِمُ الله منها وما ينسخ، وقيل المراد صحف الأعمال التي في أيدي الملائكة، وكل ما يكون من محو وإثبات في الشرائع أو صحف الملائكة قد سبق به علم الله وكتابه الأول. وعلى هذا فالصواب أن اللوح المحفوظ لا تغيير فيه، وما سبق في علمه وكتابه أنه كائن لا بد أن يكون كما علمه سبحانه وتعالى بالأسباب التي قدَّرها، فالقدر شامل للأسباب والمسببات، ويدخل في ذلك الكون كله، وما يجري فيه من صغير وكبير، بما في ذلك أفعال العباد طاعاتهم ومعاصيهم " الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً" [الطلاق: 12] . والله أعلم.

تعزية المسلم للكافر

تعزية المسلم للكافر المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 30/02/1426هـ السؤال ما حكم تعزية المسلم للكافر (بمناسبة وفاة بابا الفاتيكان) ؟ الجواب أصل التعزية هي التسلية للمصاب الذي نزلت به مصيبة من موت قريب ونحو ذلك- لغرض تخفيف ما ألم به أو نزل من مصيبة أو كارثة، وأكثر ما تجري التعزية عادة في الوفاة. ويجوز للمسلم أن يعزي الكافر -سواء كان كتابياً أو غيره- بموت قريب أو عزيز لديه. ويدعو لولي الميت أو صديقه بدوام الصحة والبقاء وكثرة الولد والمال. ولا يدعو له بالمغفرة والأجر وجبر المصيبة لأن هذا لا يكون إلا للمؤمن، ولو قال: (أعطاك الله على مصيبتك أفضل ما أعطى أحداً من أهل دينك) أو نحوه - لكان حسناً، وتعزية المسلم للكافر من حسن الخلق، وهي وسيلة من وسائل التآلف والدعوة إلى الإسلام، لا سيما في مثل هذا الظرف. أما إذا كانت تربط المسلم بالكافر رابطة قرابة -من نسب أو صهر أو زمالة عمل ونحوه- تعين العزاء حينئذ، وعزاء المسلم لأهل الكتاب من يهود ونصارى المجوس أولى من غيرهم. أما تعزية المسلم لأخيه المسلم عند موت قريبه الكافر فهي مشروعة ويدعو للحي بعظم الأجر وحسن العزاء وجبر المصيبة، ولا يدعو لميته الكافر بشيء من هذا، وإنما يدعو له بنحو ما سبق من دوام البقاء وكثرة المال والولد. قال الإمام مالك بن أنس في تعزية المسلم بأبيه الكافر - يقول: (بلغني مصابك بأبيك وألحقه الله بكبار أهل دينه وخيار ذوي حلته) ، وسئل ابن عبد الحكم كيف يعزى المسلم بأمه النصرانية؟ قال يقول: الحمد لله على ما قضى قد كنا نحب أن تموت على الإسلام حتى تسر بذلك.

أما تعزية المسلمين بعضهم لبعض بموت الكافر- إذا لم يكن الميت قريباً لمسلم فحرام لا تجوز بحال لقول الله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) والتعزية في هذا من الاستغفار المنهي عنه في الآية جزماً كالصلاة عليه في قوله تعالى: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) .والله أعلم.

إذا كان أحدنا لا يدخل الجنة بعمله؛ فلم العمل؟!

إذا كان أحدنا لا يدخل الجنة بعمله؛ فلِمَ العمل؟! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 20/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. من المعلوم أنه لا يدخل الجنة أحد بعمله، بل برحمة الله وفضله، ومعلوم أيضا أن الله -سبحانه- صرح بأن الجنة هي ثواب من يقوم بالعمل الصالح، وذكر طائفة من الأعمال التي سيكون أجرها دخول الجنة، وفي هذا السياق يوجد كثير من الأحاديث النبوية. فكيف نوفق بين هذين الوجهين؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأعمال سبب في دخول الجنة وليست ثمناً لها، ودخول الجنة فضل من الله ورحمة وليس عوضاً عن الأعمال وبدلا عنها، فلا ينال العبد الجنة بمجرد العمل، بل العمل سبب، والله يتفضل على من حصَّله بالجنة إن شاء، ولو حرمه منها لم يكن ظالماً له، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: " لَا يَدْخُلُ أَحَدُكُمْ الْجَنَّةَ بِعَمَلِه"ِ قَالُوا: وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّه؟ ِ قَالَ: "وَلا أَنَا إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضْلٍ" أخرجه أحمد (7479) واللفظ له، والبخاري (5673) ، ومسلم (2816) ، فالباء في قوله "بعمله" باء المقابلة والعوض، وقال الله: "ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون" [النحل:32] أي بسبب عملكم. والله أعلم.

المقصود بالحنيفية

المقصود بالحنيفية المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 09/03/1426هـ السؤال أرجو توضيح المقصود بالحنيفية، وهي دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، هناك كاتب يقول إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان حنيفاً قبل أن يصبح خاتم الأنبياء. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحنيفية هي ملة التوحيد التي بُعث بها الأنبياء جميعاً صلى الله عليهم وسلم، ومنهم محمد - صلى الله عليه وسلم-، فملته الحنيفية منذ ابتداء نبوته حتى موته صلى الله عليه وسلم، وهي هدية لأمته، قال له ربه: "قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين" [الأنعام:161] ، وقال له: "وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين" [يونس:105] ، وهو صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء من ابتداء بعثته، منذ نبئ صلى الله عليه وسلم كانت نبوته خاتمة النبوات. ولفظ (الحنيفية) في اللغة هو من الحنف وهو الميل، والحنيفية في الشرع هي الميل إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة غيره، ومعلوم أن من مال إلى شيء أعطى ظهره لغيره، لا يكون الميل إلا كذلك، فلا يكون مستقبلاً شيئاً غير ما مال إليه، وكل شيء غيره فوراء ظهره.

إذا علمت ذلك، فاعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قبل نبوته، وكان لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان كما قال الله: "وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان" [الشورى:52] كان صلى الله عليه وسلم يتحنف في غار حراء انظر صحيح مسلم (160) ، أي يميل إلى الانقطاع فيه بالتوجه إلى خالق السماوات والأرض، ويترك ما كان عليه قومه من التوجه إلى الأصنام والأشجار، وهذا منه تحنف فطري وسلوك شخصي سبق النبوة ثم نبئ صلى الله عليه وسلم، وكان في أهل الجاهلية من يفعل ذلك، وهو من بقايا ملة إبراهيم عليه السلام فيهم. وصلى الله وسلم على النبي.

تعريض أسماء الله للامتهان

تعريض أسماء الله للامتهان المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 16/07/1426هـ السؤال شاهدت في الفضائيات سيارة -ضمن سباق السيارات- وضع سائقها على غطاء المحرك علم -المملكة العربية السعودية- وعليه كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ، ومن جنس هذا التصرف الأعلام السعودية التي يحملها مشجعو كرة القدم، فهل مثل هذا العمل -بغض النظر عن نية صاحبه- يعتبر مباحاً، أم أن فيه نوعاً من الإهانة لهذه الكلمة العظيمة؟ أرجو الإفادة مشكورين. الجواب من المعلوم أن عَلَم المملكة العربية السعودية يحتوي على كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وهي تشتمل على لفظ الجلالة، وأسماء الله -تعالى- يجب توقيرها واحترامها، والبعد بها عن أماكن الامتهان، فإذا كان وضع العلم على السيارة سيعرض اسم الله تعالى للامتهان والابتذال، كالجلوس عليه أو وطئه، أو إصابته بما لا يليق، فالواجب البعد عن وضعه في هذا المكان توقيراً لأسماء الله تعالى، ويمكن الاستعاضة عن ذلك بوضع العلم دون كلمة التوحيد، والاكتفاء بأي شعار آخر يرمز للدولة.

رؤية الملائكة

رؤية الملائكة المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 28/10/1426هـ السؤال هل من الممكن للإنسان رؤية الملائكة، وهل من الممكن الاتصال بين الإنس والجن؟ وهل من الممكن رؤية أو مقابلة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والتحدث معه وأخذ التوجيهات منه حال اليقظة، وما حكم مَنْ يدعي هذه الأمور؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: فإن الملائكة الكرام عالم غيبي، خلقهم الله من نور، وحجبهم عن أعين خلقه، إلا من -شاء الله- كرؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- جبريل على صفته التي خلقه الله عليها. كما أن الملائكة الكرام قد تتشكل بأمر الله على هيئة بني آدم، كما وقع لمريم -رضي الله عنها- وكما أتوا لوطاً -عليه السلام- على هيئة شبان صباح الوجوه، وكما كان جبريل -عليه السلام- يأتي نبينا محمداً -صلى الله عليه وسلم- على صورة دحية الكلبي. لكن ليس لأحد أن يدعي أنه رأى الملائكة أو خاطبهم، كما يزعم بعض المهوسين، فإن ذلك من تلاعب الشياطين بهم. أما إمكانية الاتصال بين الإنس والجن؛ مسلمين أو كافرين، فالظاهر أنه ممكن من ناحية الوجود، لكن الغالب أنه يقع على وجه شركي، أو استمتاع محرم. وأما إمكانية رؤية أو مقابلة، أو التحدث مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحياة الدنيا بعد وفاته، يقظةً لا مناماً، فأمر مستحيل، ومن ادعى ذلك فهو كاذب، ومن ادعى أنه يأخذ منه التوجيهات مباشرةً فهو كافر زنديق، لأن دعواه تلك تتضمن إضافة شيء إلى دين الله، ليس منه، وقول على الله وعلى رسوله بمحض الكذب، واتهام للشريعة بالنقص وعدم الكمال، حتى أحوجه الأمر إلى أن يتلقى منه مباشرة، بزعمه الكاذب. والله أعلم.

هل يغتسل المرتد لدخوله الإسلام؟

هل يغتسل المرتد لدخوله الإسلام؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 08/07/1426هـ السؤال إذا ارتدّ شخص عن الإسلام هل يجب عليه أن يغتسل وينطق بالشهادة للدخول فيه مرة أخرى؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمرتد مثل الكافر الأصلي، وقد اختلف في وجوب الغسل على الكافر، فقال قوم: يجب عليه الغسل استدلالاً بأنه -صلى الله عليه وسلم- أمر قيس بن عاصم لما أسلم أن يغتسل بماء وسدر". أخرجه أبو داود (355) ، والترمذي (605) وغيرهما، وصححه النووي. وقال آخرون لا يجب؛ لأنه لو كان واجباً لاشتهر مع كثرة من يسلم، والقول الأول أحوط. وأما النطق بالشهادتين فلا بد أن يأتي بهما المرتد كالأصلي؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ... " الحديث. صحيح البخاري (25) ، وصحيح مسلم (22) . لكن قال العلماء في المرتد: إن ارتدَّ بجحود فرض أو استباحة محرم لم يصح إسلامه حتى يرجع عما اعتقده، ويعيد الشهادتين، وعلى هذا فلابد أن يزيل سبب الردة إن كان يتعلق بسبب من الأسباب التي تقتضي ردة صاحبها ويأتي بالشهادتين، وإن كان ارتدَّ ورجع عن الإسلام مطلقاً فدخوله فيه كدخول الكافر الأصلي يكون بالشهادتين والإقرار بالإسلام وأحكامه. انظر المهذب في فقه الشافعية (2/224) ، والروض المربع بحاشية ابن قاسم في فقه الحنابلة (7/410، 411) . والله تعالى أعلم.

الفرق بين "الملة" وبين "الدين"

الفرق بين "الملة" وبين "الدين" المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 23/08/1426هـ السؤال السلام عليكم. ما معنى كلمة "ملة"، وما الفرق بينها وبين كلمة "دين"؟. الجواب الحمد لله، وبعد: لفظ "الملة" و"الدين" لفظان متقاربان في المعنى، فيقال: هذا على ملة الإسلام، وعلى دين الإسلام، وقد وردت كلتا العبارتين في القرآن العظيم، كما في قوله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) [البقرة:120] ، وقوله تعالى: (ذلك دين القيمة) [البينة:5] ، وهذه ليست من قبيل المترادف اللغوي، بل لكل منها معنى يخصه مع وجود الاشتراك في المعنى العام، بحيث إذا وجد أحد اللفظين دل على الآخر، وإذا اجتمعا معاً في سياق واحد فإن الملة هي معظم الدين وجملة ما يجيء به الرسل، وأما الدين فمن دان يدين إذا ذل وخضع وأطاع، مأخوذ من الدينونة وهي الطاعة والاتباع التي هي العبادة على وجه الخصوص. والله أعلم.

لماذا يحتكر المسلمون الجنة؟!

لماذا يحتكر المسلمون الجنة؟! المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 06/03/1427هـ السؤال أنا طالب بإحدى الجامعات الغربية، وتقتضي دراستي الاختلاط والتعامل مع غير المسلمين، ومع مسلمين عاشوا مدة طويلة في الغرب، وهناك شبهات يطرحونها فلم أستطع الرد، وأكثر الشبهات جدلاً: لماذا الجنة للمسلمين وحدهم دون النصارى، ولماذا مصير النصراني -بعد وفاته- النار، فقد يكون لم يصل إليه الإسلام؟ كما أن في الإسلام إذا ترك الرجل دينه يدخل النار فكذلك في النصرانية، ويقولون: لماذا يدخل النار بينما هو رجل طيب يقدم المساعدة لأي كان؟ فإن قلنا لهم: مكتوب في كتبكم: إن هناك نبيًّا اسمه محمد: يقولون: ليس موجوداً. فيرون كل شخص طيب يدخل الجنة، ولا يشترط فيه أن يكون مسلمًا. أرجوكم ساعدوني في حل هذه المشكلة، خصوصاً وأن البعض قد انساق خلفهم! الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالديانات بشكل عام -سواء منها السماوي أو غير السماوي- تقوم على مبدأ الحقيقة الواحدة، بمعنى أن الدين الصحيح الموجب للنجاة هو دين واحد، والمتبع لما سواه متعرض للهلاك الأخروي والعذاب الأبدي، ولأجل ذلك كان تغيير الدين يعد جرماً لا مغفرة له، وربما يكون عقوبته القتل كما عند المجتمعات الشرقية. وعندما نأخذ الدين النصراني أنموذجًا فإن المتبع لغير الدين النصراني -حسب رأي معتنقيه- يعتبر غير ناجٍ النجاة الأخروية، بل العذاب السرمدي الأبدي ينتظره في الآخرة كما نطق بذلك الكتاب المقدس، وحكمه في الدنيا أنه غير مؤمن بالمسيح (أي كافر) ، وهذا لن يكون كمن آمن به بالمعتقد الذي تبنته النصرانية من معتقد التثليث والصلب وغيره، فمن آمن به فله النجاة (الجنة بلغة المسلمين) ، ومن لم يؤمن به فله الهلاك والعذاب الأبدي (النار بلغة المسلمين) .

وما يعتقده النصارى في يوم الدينونة صارخ بذلك، ومضمونه أن المسيح -على حد زعمهم- سينزل في آخر الزمان ليدين الخلائق، فمن آمن به فله الخلاص والنعيم الأبدي، ومن لم يؤمن به فله العذاب والشقاء الأبدي، وغالب أسفار الكتاب المقدس أشارت إلى هذا، فعلى سبيل المثال لا الحصر ما جاء في سفر يوحنا (3: 36) : "الذي يؤمن بالابن -أي المسيح- له حياة أبدية. والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة، بل يمكث عليه غضب الله". وفي إنجيل متى (12: 31،32) : "كل خطيئة وكفر يُغفر للناس، وأما الكفر بالروح القدس فلن يغفر لهم. ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له، وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في الدنيا ولا في الآخرة ". والنص المشهور الذي يحفظه كل المسيحيين ما جاء في إنجيل يوحنا (3: 16) : "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية". ومفهوم هذا أن الذي لا يؤمن به فسوف يهلك. ويوم الدينونة موجود بشكل أوسع في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، فقد جاء في سفر متى (27:16) : "فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله". ويصف يوحنا كيفية هذه الدينونة، وكيف يدين المسيح الخلائق، فقد جاء في سفر رؤيا يوحنا: (13:20-15) : "ورأيت الأموات صغاراً وكباراً أمام الله وانفتحت أسفار، وانفتح سفر آخر وهو سفر الحياة، ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم. وسلم البحر الأموات الذين فيه، وسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما، ودينوا كل واحد بحسب أعماله. وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل من لم يوجد مكتوباً في سفر الحياة طرح في بحيرة النار".

وعلى ما سبق ذكره فليس الإسلام غريباً من بين الديانات التي لا تلتزم بنجاة من لم يؤمن بها، بل الإسلام أفضل منها، بحيث إنه لا يقول بتعذيب من لم يصل إليه الإسلام، ولا من وصل إليه الإسلام مشوشاً، وهؤلاء وأمثالهم حكمهم إلى الله، وليس في الأديان مثل الإسلام في هذا التشريع المعتدل، وهذا خلاف ما يدعيه النصارى عن الإسلام. وأما كون حسن الأخلاق والمعاملة كافية في المعادلة بين المؤمن وغير المؤمن فهذا لا يقول به النصارى أنفسهم، فهل معنى ذلك أن المسلم إذا كان طيب الخلق وحسن المعاملة ويقدم المساعدة للآخرين هل يعني ذلك أنه ناج في الآخرة على المعتقد النصراني، أو هل يتساوى مع من يؤمن بالمسيح على معتقد النصارى!! هذا لا يقول به نصراني أبداً، ومن قال بخلاف ذلك فهو مغالطٌ نفسه، بل الكتاب المقدس ناطق بالتفريق، وأن الخلاص مشروط بالإيمان بالمسيح على معتقد النصارى من القول بالصلب والتثليث وغيرها من المعتقدات. وأما وجود اسم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في كتب النصارى فهذا لا يؤمن به النصارى، ولو آمنوا بذلك لانتهت المشكلة ولم يوجد إلا الإسلام، وهم ينكرون ذلك، وسواء أنكروه أو أثبتوه فنبوته -عليه الصلاة والسلام- ثابتة بنفس الأدلة التي أثبتوا بها ألوهية المسيح، فإذا طعنوا في تلك الأدلة فقد طعنوا في أدلة ألوهية المسيح؛ وتفصيل ذلك يحتاج ورقة أخرى.

وفي مثل هذه الحال التي ذكر السائل لا بد للسائل أن يتفقه في هذا الموضوع، وأن يقرأ الشبه التي تثار ضد الإسلام، وهذه الشبهات ليست جديدة، بل من يطالع الكتب التي كتبت في القرن الثاني الهجري يجدها نفس الشبهات التي تثار اليوم، وهذا يعنى أنه بإمكان الإنسان غير المتخصص في العلوم الشرعية أن يطلع على جملة كبيرة من الشبهات والأسئلة المحتملة التي يمكن أن تثار ضد دينه، وكون الإنسان غير متخصص في العلوم الشرعية أو الديانات على وجه الخصوص لا يعفيه من تعلم العلم الذي به يحفظ دينه، والاطلاع على مثل ذلك ليس من الصعوبة بمكان. ونقطة مهمة تقال في هذه المناسبة: إنه على الإنسان أن يحرص على الدعوة في هذه الأوساط بالذي يستطيعه، ومن خلال التجربة فإن أكثر ما يؤثر في مثل هذه المجتمعات حسن الخلق وطيب المعشر كما كان هديه -عليه الصلاة والسلام- حتى مع الذين خالفوا دينه ونصبوا له العداء، وفي هذه الحالة أفضل ما يقوم به الإنسان إبراز محاسن الإسلام، وتصحيح ما يلصق به من تهم، والبعد عن النقاشات التي تدخل في جوهر العقيدة إلا في حالات ضيقة، فبحث مثل هذه المواضيع مما يزيد في النفرة والتعصب، ويبعد عن روح العقل. والله أعلم.

خطورة لعبة اليوغي

خطورة لعبة اليوغي المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 15/05/1427هـ السؤال أنا معلمة في إحدى المدارس، ومشرفة على المصلى، وتنشيط الحلقات الدينية، ولقد طلب مني من قِبَل مكتب التوجيه والإشراف بالمنطقة بتعميم وارد لجميع المدارس ولمشرفات مواد الدين بالتحديد، أن أفعل وأنبه طالباتي عن خطورة لعبة اليوغي (اليوقي) ، كما يطلقون عليها بالعامية، وأنا لا أعرف ماهية هذه اللعبة وخباياها وخطورتها، كما تم تنبيهنا من قبل مكتب التوجيه بضرورة النصح؛ لخطورة محتواها التنصيري ولقد بحثت في الإنترنت وقرأت العجب العجاب، فهناك من يستخدم مصطلحات الإنقاذ والسحر والإنقاذ من القبور بهذه اللعبة، فأرجو مساعدتي بهذا الموضوع أو بمعلومات قد تفيدني، علماً أني -يا أستاذي الكريم- أرى تهافت الطالبات بشكل لا معقول على هذه اللعبة، فما أن تسنح لهم الفرصة لدقائق حتى يجتمعن ويلعبن بهذا الورق، ولم أجد من أستعين به وأثق بمشورته بعد الله غيركم وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فما دام أنه صدر تعميم بتنبيه الطالبات على خطورة هذه اللعبة، ومنعها؛ لما فيها من أضرار عقدية، فيجب الامتثال لهذا التعميم، وجزاهم الله خيراً على غيرتهم وحرصهم على سلامة عقيدة أبنائنا وبناتنا. وهم لم يحذروا من خطورتها إلا بناء على علم ومعرفة بذلك. ثم إن هذه اللعبة شبيهة إلى حد ما بلعبة مسلسل (بيكيمون) ، الذي صدرت فتاوى العلماء بتحريمها.

وهذه اللعبة جزء من الغزو الفكري، الذي يروجه أعداء الإسلام، بصرف المسلمين عن دينهم، وخلخلة عقيدتهم، خاصة وأنها معروضة في مسلسل (يوغى بوه) المعروض على قناة (M.B.C) . وهي ضرب من جنون (الانيمي) الياباني المعروف عن حبه للأساطير والخرافات. وهي كما ذكرتِ تستخدم مصطلحات الإنقاذ، والسحر، والإنقاذ من القبور، باستخدام واستدعاء الوحوش المدمجة ببطاقة سحر. والفائز الأول هو الذي يمتلك بطاقات الإله الفرعوني. وعلى كل، فلا يجوز اللعب بهذه اللعبة، ويجب التحذير منها وبيان خطورتها العقدية، ومن له سلطة فعلية بمنعها في المدارس والأسر وغير ذلك. حمى الله المسلمين من كل سوء ومكروه، ورد كيد أعدائهم في صدورهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الديانات الإبراهيمية

الديانات الإبراهيمية المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 21/10/1426هـ السؤال بعض الناس يطلق تسمية "الديانات الإبراهيمية" على النصرانية واليهودية والإسلام، فماذا ترون في جواز هذه التسمية؟ نحن نقرأ في القرآن الكريم: "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانيا ًولكن كان حنيفاً مسلماً"، وقوله تعالى: "إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا" أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فمصطلح (الإبراهيمية) مصطلح أطلقه لأول مرة المفكر الفرنسي، (روجيه جارودي) حين دعا في جمادى الآخرة من عام (1407هـ) ، (فبراير 1987م) ، إلى ما أسماه: (الملتقى الإبراهيمي) ، وقال: (لقد عرفت الإيمان الإبراهيمي عن طريق (كيركجارد) ، فيلسوف دنمركي، واليوم أقوم بهذه المبادرة بالاشتراك مع أصدقائي اليهود والكاثوليك والبروتستانت، فإنني أتابع المسير بقصد تجميع الإيمان الإبراهيمي) . وأفصح عدد من المتحدثين في الملتقى -وعلى رأسهم جارودي- عن الهدف المبيت، وهو القضاء على الخصوصية المميزة لكل دين، والوصول إلى صيغة مشتركة بين الديانات تحت مسمى (الإبراهيمية) ، والسعي إلى تحقيق الوحدة بين الديانات بكل ما تحمله من تنوع وتضاد.

ولا يستريب مسلم أن هذه الدعوة كفرية، أرادت أن تتدرع باسم خليل الرحمن إبراهيم، عليه السلام، الذي برأه الله من أن يكون يهودياً أو نصرانياً، تماماً كما برأه من أن يكون من المشركين، واستهجن انتحال أهل الكتاب لإبراهيم، وادعاء كل طائفة أنه منهم، مع سبقه لهم، فقال: (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده، أفلا تعقلون ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين" [آل عمران: 65-67] . وتأسيساً على ما تقدم، فإنه لا يحل إطلاق هذه التسمية المحدثة، وتسليكها بين المسلمين لما في ذلك من الإحداث، والتلبيس، والاستجابة لاستزلال الزنادقة والملحدين من دعاة وحدة الأديان. وبالله التوفيق.

هل ما فعله الخضر إلهام؟!

هل ما فعله الخضر إلهام؟! المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 20/03/1427هـ السؤال ما حكم من استدل على قصة الخضر في قتل الغلام بأن هذا من الإلهام، ويجوز أن يكون في أي عصر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقصة الخضر مع موسى -عليه السلام- جاءت في القرآن، وجاءت أيضاً مفصلة أكثر في السنة، كما عند البخاري ومسلم وغيرهما، وسبب لقاء موسى بالخضر -كما جاء في الصحيحين- أن موسى -عليه السلام- قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم. قال: فعتب الله عليه؛ إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه أن عبدا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك، فسأل موسى ربه: كيف له به، فدله عليه. وفي الحديث أيضاً أن الخضر قال لموسى لما التقيا: "إنك على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، وأنا على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه". أي كل منهما عنده من العلم ما ليس عند الآخر وكله من علم الله، وقال الخضر في نفس الحديث لما وقع عصفور على حرف السفينة ونقر في البحر، قال: "ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر" صحيح البخاري (3401) ، وصحيح مسلم (2380) . وفي تفسير قصة الخضر -كما جاءت مفصلة في الصحيحين- أن الخضر كان على علم علمه الله إياه، كما قال تعالى: "فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً" [الكهف:65] وهذا العلم لا يعلمه موسى، ولذلك أنكر على الخضر في كثير من الأعمال التي عملها، ولذلك قال الخضر لموسى: "وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا" [الكهف:68] .

فما فعله الخضر -سواء من قتل الغلام أو غيره مما ذكر في القصة- كان من العلم الذي علمه الله إياه، ولم يكن تصرفاً مجرداً، وقتل الخضر للغلام إنما كان بأمر الله، وهو قتله دفاعاً لصولته على أبويه في الدين، كما قال تعالى في نفس السياق: "فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً " [الكهف:80] والصبي لو صال على مسلم في بدنه أو ماله ولم يندفع عن المسلم إلا بالقتل جاز قتله، بل الصبي إذا قاتل المسلمين قُتِل، ولكن من أين يُعلم أن هذا الصبي سيصول على أبويه يفتنهما في دينهما؟ فهذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وهو العلم الذي علمه الله للخضر، ولذلك قال ابن عباس –رضي الله عنهما- لنجدة الخارجي لما استفتاه في قتل الغلمان قال: "إن علمت منهم ما علم الخضر من ذلك الغلام فاقتلهم وإلا فلا". أما موضوع الإلهام فالإلهام كلمة فضفاضة يدخل فيها كثير من المعاني الصحيحة والفاسدة، مع العلم أن الإلهام قد يكون في الخير وقد يكون في الشر أيضاً، كما في قوله تعالى: "فألهمها فجورها وتقواها" [الشمس:8] . والإلهام على فرض حصوله فهو يقع بغير حجة ولا استدلال ولا نظر وهو ليس بحجة إطلاقاً، كما يدعيه بعض المتصوفة، وليس لهذا الادعاء أي أساس لا من عقل ولا من نقل، بل هو ادعاء يناقضه الدليل العقلي والنقلي، وعلى هذا لا يمكن أن يدعي أي إنسان -بعد انقطاع الوحي- أن أعماله تقع من باب الإلهام، فقد تكون من حديث النفس أو قد تكون من شهوة النفس أيضاً، وقد تكون وساوس شيطانية، فالإلهام ليس مصدراً لتقييم صواب العمل من خطئه، فالاتصال بين الله والبشر انقطع بموت النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس لأحد أن يدعي أي نوع من الاتصال سواء سُمي وحياً أو إلقاء في الروع أو إلهاماً أو كشف الحجاب أو غيرها من الأسماء التي تزعم اختصاص بعض النفوس بشيء من العلم اللدني دون بقية الناس.

والاستدلال بقتل الغلام في قصة الخضر على أن هذا من الإلهام، وأنه يجوز أن يكون في كل عصر قول بعيد عن الصواب لما تقرر. والله أعلم.

الاحتجاج بالعهد المكي لتسويف بعض التكاليف!

الاحتجاج بالعهد المكي لتسويف بعض التكاليف! المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 22/04/1427هـ السؤال كيف السبيل إلى معرفة الله عز وجل؟ لأنني سمعت أنه على المسلم أن يعرف الله أولاً، ثم ينتقل بعد ذلك إلى تطبيق شرع الله، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يهتم في العهد المكي بتعليم الصحابة الصيام والعبادات! ولكنه كان يركز على معرفة الله، فكيف نربي أنفسنا كما ربى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحابة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: ثبت في الصحيحن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تُنْتَجُ البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ ". ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: (فطرة الله التي فطر الناس عليها) صحيح البخاري (1358) ، وصحيح مسلم (2658) . وهذه الفطرة هي الإسلام، وهذا الحديث صريح في أن كل مولود يولد مسلماً، فإذا كان أبواه غير مسلمين، فإن أطاعهما فيما يدعوانه إليه من يهودية، أو نصرانية، أو مجوسية، خرج عن الفطرة إلى ما يدعوانه إليه ويربيانه عليه، وإن هداه الله إلى الإسلام فهو مسلم، باقٍ على الفطرة التي فطره الله عليها. إذا عرفت هذا فاعلم أن الإنسان يولد مسلماً، ثم إذا وصل إلى السن التي يكون فيها مخاطباً شرعاً فإن أسلم بلسانه وقلبه وجوارحه، -لله تعالى- فهو مسلم، وإن اختار غير ذلك فهو على ما اختار.

لكن لا بدّ أن يُعلم أن الفطرة لا تكفي وحدها لهداية الناس، فالشريعة مكملة للفطرة، ومفصلة للأحكام التي لا تستقل الفطرة بإثباتها، فمثل الفطرة مع الشريعة، كمثل العين مع النور، فإن العين إذا غاب النور عنها لم تبصر شيئاً، وكذلك الفطرة إذا غابت عنها الشريعة المنزلة! قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فالفطرة مُكَمَّلَةٌ بالشريعة المنزلة، فإن الفطرة تعلم الأمر مجملاً، والشريعة تفصله وتبينه، وتشهد بما لا تستقل الفطرة به) . [مجموع الفتاوى (4/45) ] . انتهى ويقول أيضاً: (فإن الله فطر عباده على الحق، والرسل بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها، لا بتحويل الفطرة وتغييرها) . [مجموع الفتاوى (5/260) ] . ووجود الله تعالى ثابت ومستقر بدلالة الكتاب، والسنة، والإجماع، ودلالة العقل، والفطرة، والحس. فإذا تقرر لك هذا جلياً، أَنتقِلُ إلى الجانب الآخر من السؤال، فأقول: اعلم -رعاك الله- أنه ليس هناك مرحلة معرفة دون عمل، ثم مرحلة عمل، فمن معرفة الله وقدره حق قدره أن تعبده، وأن تجتهد لما خُلقت له "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات: 56] . أما القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يهتم بالعبادة في أول الإسلام، فهذا غير صحيح، فشريعة الله عز وجل كانت تتنزل شيئا فشيئا، ففرضت الصلاة، ثم الصيام، والزكاة، والحج، والحدود. قال تعالى: "وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً" [الإسراء: 106] ، حتى اكتملت الشريعة، فأنزل الله عز وجل: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً" [المائدة:3] . فالشريعة كملت، والمسلم مأمور بها كلها بعد ذلك.

أوضح لك أكثر، فأقول: اعلم -أرشدك الله لطاعته– أن الرسول صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة، وكما هو معلوم لم يفرض صيام رمضان في مكة، وإنما فرض بعد الهجرة. فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة بعد الهجرة إذا أتاه أحد وأسلم. هل يقول له: لا تصم رمضان ثلاث عشرة سنة ثم بعد ذلك صم؟!. لا شك أنه لا يقول له ذلك، وإنما يأمره بشرائع الإسلام كلها، ومنها الصيام. وقل مثل هذا الكلام في بقية شعائر الدين. فالله عز وجل أنزل القرآن في ثلاث وعشرين سنة، يأمر بأوامر، وينهى عن نواهي، ويشرع، وينسخ، ويفعل الله ما يشاء، حتى إذ اكتملت الرسالة قال: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً". فلا يأتينّ قائل ويقول في مكة: لم يشرع صيام رمضان، ولا حرم الخمر، ولا شرع الحج والزكاة، إلى آخر ذلك ... ويهدم بذلك الإسلام. فأحكام الفترة المكية التي نسخها الله بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، لا يجوز للمسلم أن يعمل بها؛ لأنها بعد نسخها لم تعد أحكاماً شرعية، فمن عمل بها وترك العمل بما نسخها كان فيه شبه بمن عمل بدين منسوخ، وأعرض عن دين الإسلام الذي نسخ ما سواه من الأديان، كما أن هذا يفتح الباب لترك كل الأحكام التي شرعت في المرحلة المدنية، ولا شك أن ذلك هدم للإسلام وتغيير لأحكامه، فليحذر المسلم من هذا. وفي قول السائل –وفقه الله– كيف يمكن أن يربي الواحد منا نفسه على العبادات؟ فأختصر الكلام حول هذه القضية فأقول إن للمسلم أعداء يمنعونه من الطاعات، وهم: أولاً: نفسه التي بين جنبيه، قال تعالى: "إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ" [يوسف:53] .

والسلاح في دفع هذا العدو، هو: جهاده وكبح جماحه، قال الله تعالى: "وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى" [النازعات:40-41] . وقال الله تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" [العنكبوت:69] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله". رواه أحمد (22840) ، وغيره. ثانياً: الجهل، وأخطره الجهل بالله تعالى، وعظيم رحمته، وشدة عذابه ونقمته، والجهل بحقيقة الدنيا، وأنها دار زيف وزوال، والآخرة وأنها دار نعيم مقيم، أو عذاب أليم، والسلاح الذي يدفع به هذا العدو، هو: العلم. ثالثاً: الشيطان، قال الله تعالى: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ" [فاطر:6] . والسلاح الذي يدفع به هذا العدو، هو: الذكر، والاعتصام بحبل الله تعالى، والاستعاذة به من كيد الشيطان، وقد بين الله لنا ضعف كيد الشيطان، فقال الله تعالى: "إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً" [النساء:76] . رابعاً: الدنيا، وعلاجها: الزهد فيها، والإقبال على الآخرة. خامساً: رفقة السوء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل". رواه أحمد (7685) وأبو داود (4833) وغيرهما. وأختم فأقول –رعاك الله– ملاك الأمر؛ في مجاهدة النفس على طاعة الله، وتذكر دائماً وأبداً ما أعده الله لأوليائه المؤمنين في دار كرامته، كذلك تذكر ما أعده الله للعصاة في دار الهوان والخزي والندامة –وقانا الله عذاب جهنم-. ولا بدّ للسالك في هذا الدين أن يتحلى بالجدية في التمسك بهذا الدين، قال تعالى: "يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً" [مريم:12] .

وقال تعالى: "وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ" [الأعراف:145] . روى مسلم (145) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا فطوبى للغرباء". وهذه بشارة من النبي صلى الله عليه وسلم للغرباء في وقت الغربة، فإنهم يشبهون في تمسكهم بالإسلام السابقين من الصحابة، الذين ثبتوا على الدين في غربته الأولى. ولقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصفات هؤلاء الغرباء فقال: "بدأ الإسلام غريبًا، ثم يعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء". قيل: يا رسول الله! ومن الغرباء؟ قال: "الذين يصلحون إذا فسد الناس". رواه أحمد (6094) وصححه الألباني. نسأل الله أن يجعلنا هداةً متقين، صالحين مصلحين. والله أعلم.

عبارة: أنا مؤمن إن شاء الله!

عبارة: أنا مؤمن إن شاء الله! المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 06/03/1427هـ السؤال هل يجوز قول: أنا مؤمن إن شاء الله؟ وهل هذا التعليق بالمشيئة جائز؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه المسألة متفرعة عن القول بزيادة الإيمان ونقصانه، ومذهب أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. أما مسألة الاستثناء في الإيمان، وهي أن يقول الشخص: (أنا مؤمن إن شاء الله) ، فالناس في حكم المسألة على ثلاثة أقوال: منهم من يوجب هذا الاستثناء. ومنهم من يمنع الاستثناء ويحرمه. ومنهم من يجيزه باعتبار ويمنعه باعتبار، وهذا أصح الأقوال. أما من أوجبوا الاستثناء فيحتجون بأن الإيمان هو ما مات الإنسان عليه، والإنسان لا يدري بالخاتمة فوجب عليه أن يستثني. ويحتجون أيضاً بأن الإيمان المطلق يتضمن فعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه، فقول الإنسان: (أنا مؤمن) فيه تزكية لنفسه بأنه مؤمن كامل الإيمان، ولا ينبغي أن يزكي الإنسان نفسه. ويحتجون أيضاً بأنه يجوز الاستثناء فيما لا شك فيه، كقوله تعالى: "لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ" [الفتح:27] ، وقوله صلى الله عليه وسلم لأهل المقابر: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون". صحيح مسلم (249) . وأما من يحرمه فهم الذين لا يرون زيادة الإيمان ولا نقصانه ويرونه شيئاً واحداً. فيقول: أنا أعلم أني مؤمن كما أعلم أني حي متكلم، فمن استثنى في إيمانه فهو شاك، وسُمّي الذين يستثنون في إيمانهم شُكَّاك. والمذهب الصحيح من يجوز الاستثناء باعتبار ويمنعه باعتبار؛ فهو أسعد الدليل. فإن أراد المستثني الشك في أصل الإيمان فهذا لا يجوز ويحرم استثناؤه.

ومن أراد أنه مؤمن بمعنى كامل الإيمان، كالذين وصفهم الله تعالى بقوله: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَ‍قًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" [الأنفال:2-4] . فالاستثناء حينئذ واجب، ولذلك من استثنى تعليقاً للأمر بمشيئة الله لا شكًّا فهذا جائز. ويجوز إذا كان الاستثناء من باب التحقيق لا التعليق، كما في قوله تعالى: "لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ" [الفتح:27] . وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون". والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

هل في البيتين محذور؟!

هل في البيتين محذور؟! المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 15/05/1427هـ السؤال هل هذا القول صحيح؟ وهل فيه محاذير عقدية؟ مع العلم أن هذين البيتين من متن زيد بن رسلان. فاقطع يقيناً بالفؤاد واجزم*** بحدث العالم بعد العدم أحدثه لا لاحتياجه الإله *** ولو أراد تركه لما ابتداه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا ألاحظ في هذين البيتين محذوراً، ومضمونهما أن هذا العالم حادث ليس بقديم، وهذا حق خلافاً للفلاسفة، القائلين بقدم العالم، وقد أخبر سبحانه وتعالى عن خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "كتب الله مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة" أخرجه مسلم (2653) ، وعند الترمذي (2156) ، بلفظ: "قدر الله ... ". فيجب الإيمان بأن هذا العالم مخلوق بعد عدم، والله تعالى خالقه بقدرته ومشيئته، وما خلقه عبثًا؛ قال تعالى: "وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" [الدخان: 38-39] . وقول الناظم: "أحدثه لا لاحتياجه الإله". معناه أن الله ما أحدث هذا العالم لحاجة به إليه، وهذا حق؛ لأنه تعالى هو الغني عن كل ما سواه، كما قال تعالى في شأن الجن والإنس: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ" [الذريات:56-58] . ومصلحة العبادة راجعة إلى العابدين من الجن والإنس، وهو تعالى لا تنفعه طاعة المطيعين، ولا تضره معصية العاصين.

وقوله: "ولو أراد تركه لما ابتداه". معناه أن الله لو شاء ألا يخلق هذا العالم لما خلقه، ولكن حكمته اقتضت خلق هذا الوجود، وهو الحكيم العليم الفعال لما يريد. والله أعلم.

اعتقاد بعض الصوفية بحياة الرسول!

اعتقاد بعض الصوفية بحياة الرسول! المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 24/04/1427هـ السؤال هل الرسول -صلى الله علية وسلم- حي يرزق يقوم واقفا، ويصلي الصلوات الخمس كل يوم، كما يدعي الصوفية! أرجو الإجابة لأن الخلاف طال لعدم وجود الجواب الشافي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالرسول صلى الله عليه وسلم مات حقيقة، ودفن في مكان موته، ولا شك في ذلك، وأدلة ذلك من الحس، والمشاهدة، والعقل، والنص عديدة، منها: أن الصحابة صلوا عليه، ودفنوه، وشاهدوا ذلك عيانا، ولم يقل أحد منهم أنه في قبره يقوم يصلي ويحضر ويمد يده ويكلم الناس، وفي القرآن العظيم قوله تعالى: "إنك ميت وإنهم ميتون" [الزمر:30] . وقوله سبحانه: "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم" [آل عمران:114] . وهي الآية التي استشهد بها الصديق رضي الله عنه أمام الصحابة، فسكت عمر الذي كان يظن وفاة الرسول مجرد غشية أصابته، قال: فما إن سمعت الآية من أبي بكر حتى سُقِطَ في يدي وعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات. صحيح البخاري (3670) .

أما أقوال الصوفية في هذا الباب، وفي جملة من القضايا المتعلقة بالقبور فهي أقوال منافية للحق والصواب، والعقل والنقل، ومدعاة لسخرية الأمم بنا وسبب في ضعف الإيمان؛ ذلك أنهم يستخدمون هذه الطرائق لتعليق الناس بالقبور وأصحابها، بدلا من تعليقهم بالله تعالى، وقد يأتون على أقوالهم هذه ببعض النصوص المجملة، مثل النصوص الدالة على حياة خاصة لأهل البرزخ، ونصوص كونه عليه السلام يرد السلام على من سلم عليه من قريب أو بعيد، ويخلطون في هذه المسألة بين قانون الغيب، وقانون الشهادة ويجعلونهما سواء، وهذا خطأ كبير، وفساد في التصور، يصلون من خلال مسالكه إلى دعاء النبي والولي، والطواف بالقبور، والسجود لها، والاستغاثة بالمقبورين، والتوسل الشركي بهم، مما هو مخالف لعقائد الإيمان المحكمة، وقواعد الملة الثابتة. وخلاصة القول أن وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من الأمور الثابتة بالنص والعقل والحس والإجماع، وهو عليه الصلاة والسلام لا يملك لنفسه، ولا لغيره ضرا ولا نفعا، كما قال الله تعالى: "قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون" [الأعراف:188] . وفي سورة الجن: "قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا" [الجن:21] . هذا هو الدين المحكم القويم، والصراط المستقيم، الذي سار عليه الصحابة، والتابعون، وأتباعهم إلى يومنا هذا، نسأل الله لجميع المسلمين سلامة التوحيد، وصحة الاعتقاد.

ـــــ أصول الفقه ـــــ

أصول الفقه

الأحكام وأدلتها

هل ما تأنف منه النفس حرام؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 5/7/1422 السؤال أعلم أن هناك أفعالاً تأنف منها النفس، ويرفضها الذوق، وتأباها التقاليد. فهل يكون هذا مسوغاً لتحريمه؟ المثال التطبيقي لذلك في هذا السؤال: ماحكم الأكل أو الشرب في الحمام أثناء قضاء الحاجة؟ الجواب اعلمْ وفقك الله لطاعته أن دائرة المباح الواسعة لايخرج منها شيء إلا بدليل واضح يرفع حكم البراءة الأصلية، وليس الذوق والمزاج النفسي مما تثبت به أحكام شرعية يترتب عليها الحرمة والتأثيم، قال العلامة الشوكاني في (السيل الجرار 68/1) تعليقاً على قول صاحب كتاب (الأزهار) بكراهة النظر إلى الأذى الخارج أثناء قضاء الحاجة والبصق قال -رحمه الله-:" وأما كراهة نظر الأذى وبصقه فهذا من أعجب ما يسمعه السامع من تساهل أهل الفروع في إثبات الأحكام الشرعية فيما لادليل عليه، فإن كان سبب ذكر ذلك هنا لكون النفس تستكرهه وتنفر عنه فليس موضوع الكتاب المكروهات النفسية، بل المكروهات الشرعية، ومثل ذلك الحكم بكراهة الأكل والشرب " إ. هـ وأنت عليم أن مسألة الذوق تختلف من زمان إلى زمان، ومن بلد إلى بلد، بل ومن شخص إلى شخص؛ فهي وصف غير منضبط. والله أعلم.

العبادات.. وظني الثبوت

العبادات.. وظني الثبوت المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 20/3/1424هـ السؤال سؤالي هو أننا تعبدنا بغلبة الظن (ظني الثبوت) ، والله تبارك وتعالى يقول:"وإن الظن لا يغني من الحق شيئا"، كيف التوفيق بينهما؟ وجزاكم الله كل الخير. الجواب ورد في القرآن الكريم عدد من الآيات التي تحذر من الظن وتنهى عن اتباعه، ومن ذلك قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم" [الحجرات: 12] وقوله: "وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً " [النجم: 28] . كما ورد في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- عددٌ من الأحاديث التي تدل على نفس ما دل عليه الكتاب، ومن ذلك: ما ثبت في الصحيحين البخاري (5144) ، ومسلم (1413) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ". والمقصود بالظن المنهي عنه في هذه النصوص: الظن المذموم الذي لا أساس له من الصحة، ولا مستند له إلا التوهمات والخيالات التي لا تستند إلى شيءٍ من العلم والمعرفة، ويؤيد هذا الأمر الرجوع إلى أسباب نزول تلك الآيات الناهية عن اتباع الظن، وكذلك معرفة أسباب ورود الأحاديث التي تحذر من الظن واتباعه، أما الظن الذي يعمل به العلماء، ويذكرون أننا متعبدون باتباعه فهو الظن الغالب المستند إلى ما يقويه ويقدمه على غيره، وليس مجرد الظن، ويوضح هذا الأمر أن الظن قسمان، ذكرهما القرطبي في كتابه (الجامع لأحكام القرآن) عند تفسيره لقوله -تعالى-:"يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم" [الحجرات: 12] حيث قال: "للظن حالتان: حالة تعرف وتَقوَى بوجه من وجوه الدلالة فيجوز الحكم بها، وأكثر أحكام الشريعة مبنية على غلبة الظن؛ كالقياس وخبر الواحد وغير ذلك من قيم المتلفات وأروش الجنايات، والحالة الثانية: أن يقع في النفس شيءٌ من غير دلالة فلا يكون ذلك أولى من ضده، فهذا هو الشك، ولا يجوز الحكم به، وهو المنهي عن اتباعه " ا. هـ (16/217) ومن خلال ما سبق يتبين أن الظن منه ما هو مقبول ومنه ما هو مردود، فإن كان ظناً غالباً عليه دلالة تقويه وتعضده فهو المحمود، وهو الذي تُعبدنا بالعمل به، وإن كان ظناً مجرداً ليس له ما يسنده فهو الظن المذموم الذي نهينا عن اتباعه، وقد بين العلماء أن العمل بالظن الغالب من رحمة الله بعباده؛ لأن العلم القطعي في كل الأحكام من الأمور المتعذرة، فلو طُلب منا العلم القطعي في كل الأمور لأصابنا من الحرج والمشقة والضيق ما لا يخفى على أحد، ولتعطلت كثير من الوقائع عن الأحكام؛ لتعذر العلم القطعي فيها، وهذا لا تقره الشريعة، التي جاءت بياناً شافياً لكل ما يحتاج إليه الناس، ومما يدل على أن الظن الغالب بمنزلة العلم أن الله -سبحانه وتعالى- أطلق لفظ العلم وأراد به الظن الغالب، ومن ذلك قوله -تعالى-: "فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار" [الممتحنة: 10] أي: إذا غلب على ظنكم أنهن مؤمنات؛ لأن الإيمان الحقيقي لا يعلمه إلا الله. والله أعلم، -وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه-.

التذرع بالخلافات الفقهية

التذرع بالخلافات الفقهية المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 6/8/1423هـ السؤال لدينا شخص كلما نصحناه في عمل معين، كتخفيف اللحية أو إطالة الثوب أو استماع الأغاني أو غيرها، قال المسألة خلافية، فكيف الرد عليه؟ وبما تنصحونه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فأنصحكم أنتم أولاً بالصبر في دعوته، وعدم اليأس من استجابته، والدعاء له بالهداية وقبول الحق؛ وذلك أن الذين لا يريدون الحق يتمسكون بالرخص، ويميلون إلى الترخص دائماً، وإلى الأقوال المخالفة للحق. وثانياً: يذكر بالنصوص الصريحة الواضحة في هذه المسائل ويبين له أن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو المتبع والملزم للجميع، وليس قول فلان أو علان، ولا يحق لأحد كائناً من كان أن يعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ويطلب منه - أيضاً -الدليل إذا قال في المسألة قولاً مخالفاً، فيقال له ما دليلك على هذا؟ والخلاصة أن هوى النفس يعمي ويصم، وأن عليكم أن تذكروه دائماً وتخوفوه بالله جل وعلا، وتبينوا له خطر المعصية، وتنصحونه بأن يتقي الله، ويأخذ بالحق، ويجاهد نفسه على قبوله والعمل به، حتى يكون من المتقين. والله أعلم.

المقصود باقتضاء النهي للتحريم

المقصود باقتضاء النهي للتحريم المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 13/5/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ.. أود أن أطرح عليكم هذا السؤال ونرجو منكم المساعدة، وهو: ما المقصود بالنهي يقتضي التحريم ما لم تصرفه قرينة؟ وشكراً. الجواب قول العلماء: النهي يقتضي التحريم ما لم تصرفه قرينة، قاعدة مهمة من قواعد أصول الفقه، وهي معتبرة عند جمهور أهل العلم. قال ابن النجار الفتوحي في الكوكب المنير (3/83) (فإن تجردت صيغة النهي عن القرائن فهي للتحريم عند الأئمة الأربعة وغيرهم) . والمقصود بهذه القاعدة أن النصوص الشرعية من القرآن الكريم أو السنة النبوية إذا وردت فيها أدلة تنهى عن أي أمرٍ فإنه يحرم على الإنسان الإقدام عليه؛ لأن النهي يقتضي التحريم، والمحرّم لا يجوز للإنسان الإقدام عليه. هذا هو الحكم العام، وذلك عند تجرد النهي عن القرائن التي قد تصرفه من التحريم إلى غيره. ومن الأمثلة التي ورد فيها النهي وكان مقتضياً للتحريم - لعدم وجود قرائن تصرفه عن التحريم - قوله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم" [النساء: 29] ، وقوله: "لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [النساء: 29] ، وقوله: "ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاَ" [الحجرات: 12] ، وقوله عليه -الصلاة والسلام-: "لا تأكلوا بالشمال" رواه مسلم (2019) من حديث جابر -رضي الله عنه- وقوله: "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة " متفق عليه عند البخاري (5633) ومسلم (2067) من حديث حذيفة -رضي الله عنه-متفق عليه، وغير ذلك من النصوص التي ورد النهي فيها وكان مقتضياً للتحريم؛ لعدم وجود ما يصرفه عن التحريم. ومن الأمثلة التي لم يقتضِ النهي فيها التحريم - لوجود قرائن تصرفه عنه -قوله- صلى الله عليه وسلم-: "لا يشربن أحدٌ منكم قائماً " رواه مسلم (2026) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال أهل العلم: إن النهي في هذا الحديث محمول على الكراهة، فيكره للإنسان أن يشرب قائماً، وقالوا: إن الذي صرف التحريم هنا إلى الكراهة ما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال:"سقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من زمزم فشرب وهو قائم" متفق عليه عند البخاري (1637) ومسلم (2027) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- بهذا يتبين أن نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الشرب قائماً محمولٌ على الكراهة، وفعله دالٌ على جواز الشرب قائماً. ومما ينبغي التنبيه عليه أن النهي وإن كان يقتضي التحريم عند عدم القرينة، والكراهة عند وجودها، إلا أنه قد يأتي وتُراد به معان أخرى غير التحريم والكراهة، ومن ذلك: (1) الأدب في قوله تعالى:"ولا تنسوا الفضل بينكم" [البقرة: 237] . (2) التحقير لشأن المنهي عنه، ومن ذلك قوله تعالى: "لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به" [الحجر: 88] . (3) الدعاء ومنه قوله تعالى:" لا تؤاخذنا إن نسينا " [البقرة: 286] وقوله:" ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا" [البقرة: 286] . (4) اليأس ومن ذلك قوله تعالى: "لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم" [التوبة: 66] . (5) بيان العاقبة ومنه قوله تعالى:"ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون" [إبراهيم: 42] . ونحو ذلك. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

من هو المكلف شرعا؟

من هو المكلف شرعاً؟ المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 12/04/1425هـ السؤال من هو المكلف؟ وهل صحيح أن نقول إن المكلف هو كل من يميز بين الحق والباطل؟ أو الحرام من الحلال؟ والله من وراء القصد. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد تحدث العلماء عن التكليف وما يتعلق به في كتب أصول الفقه، في مباحث الحكم الشرعي، حيث قسم العلماء الحكم الشرعي إلى قسمين: تكليفي، ووضعي، والذي يهمنا من هذين القسمين هو الحكم التكليفي، ومن جملة المسائل التي تناولها العلماء في الحكم التكليفي: مسألة من المكلف؟ ومتى يكون الإنسان مكلفاً؟ وما هي الشروط اللازم توفرها في الإنسان ليكون مكلفاً؟ ونحو ذلك، مما يقدم تصوراً واضحاً لحقيقة الشخص المكلف، والذي يتلخص من كلامهم أن المكلف: البالغ العاقل المختار الذي يفهم الخطاب ولذلك فقد ذكر العلماء الشروط التي إذا توفرت في الإنسان أصبح مكلفاً، وإذا فقدت كلها أو بعضها لم يثبت التكليف، وفيما يأتي أذكر هذه الشروط مع توضيح بسيط لكل شرط: الشرط الأول: أن يكون بالغاً، والبلوغ هو: انتهاء حد الصغر، ويتحقق البلوغ بإحدى الأمارات التالية: بالنسبة للذكور: (1) بلوغ خمس عشرة سنة. (2) الاحتلام وهو: إنزال المني دفقاً بلذة. (3) إنبات شعر خشن في القبل. أما بالنسبة للإناث: فإن بلوغهن يتحقق بأحد الأمور الثلاث السابقة، وبأمرين آخرين وهما: الحيض والحمل، ولأجل هذا الشرط فإن الصبي غير مكلف، لفقده شرط البلوغ، ولضعفه عن احتمال الأوامر والنواهي قال الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاثة: ... وعن الصبي حتى يكبر" وفي رواية: "حتى يحتلم" وفي رواية: "حتى يبلغ"، رواه أحمد (24172) ، وأبو داود (4398) والنسائي (3432) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ورواه الترمذي (1423) وابن ماجة (2042) من حديث علي - رضي الله عنه -، وقال السيوطي: حديث صحيح. الشرط الثاني: أن يكون عاقلاً والعقل هو: آلة التمييز والإدراك، وهو الذي ميّز الله به بين الإنسان والحيوان، وهو الذي يميز الإنسان به بين النافع والضار، ويقول العلماء العقل مناط التكليف، ولذلك فإن فاقد العقل كالمجنون والمعتوه، ونحوهما غير مكلفين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتقدم: "وعن المجنون حتى يعقل". الشرط الثالث: أن يكون فاهماً للخطاب والفهم هو مقدرة الذهن على تصور ومعرفة ما يطلب منه فعلاً أو تركاً، لأن المطلوب من المكلف بأحكام الشرع، إما الإقدام على الفعل أو الإحجام عنه، وإذا كان الإنسان لم يتصور، ولم يعرف ما طلب منه فكيف يمتثل ما أمر به، ولذلك فإن الغافل والساهي والنائم ليسوا بمكلفين؛ لأنهم لا يفهمون ما يخاطبون به، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتقدم: "وعن النائم حتى يستيقظ". والخلاصة: أن الشخص المكلف هو الشخص الذي وصل إلى الحد الذي ينتقل فيه عن مرحلة الصبا والطفولة، وتوفر فيه العقل الذي يميز بين النافع والضار، والحق والباطل، وكان مقتدراً على إدراك وتصور ما يطلب منه، ومما ينبغي أن أشير إليه أن هناك مسائل كثيرة متعلقة بهذه الشروط وقع فيها خلاف بين أهل العلم، كمسألة تكليف الصبي المميز، وتكليف المكره، والسكران، والمخطئ، والمغمى عليه ... إلخ، والكلام عن هذه المسائل مسطور في كتب أهل العلم، فمن أراده فعليه بكتب أصول الفقه، فقد أشبعت هذه المسائل وما يتعلق بها، بالبحث والدارسة. والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الفرق بين المطلق والعام

الفرق بين المطلق والعام المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 14/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد بحثاً وافياً للتفريق بين المطلق والعام مدعماً بالأمثلة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: العام والمطلق مصطلحان من المصطلحات الأصولية، وقد تكلم عنهما الأصوليون في مباحث دلالات الألفاظ، حيث يخصصون لكل مصطلح منهما مبحثاً خاصاً، ويتناولون فيه هذا المصطلح من جميع الجوانب التي يحتاج إليها، ومع ذلك فإن هذين المصطلحين بينهما قدر من التشابه، مما يجعل أحدهما قد يلتبس بالآخر في نظر بعض الناس، ولأجل ذلك فإني سأعرف هذين المصطلحين قبل أن أتكلم عن الفرق بينهما، فأقول: عرف الأصوليون العام بتعريفات كثيرة، ومن أجودها أنه: اللفظ الدال على جميع أجزاء ماهية مدلوله. مثل: قوله تعالى:"إن الإنسان لفي خسر" [العصر: 2] فالإنسان لفظ عام دال على جميع ما يصدق عليه أنه إنسان، فكل إنسان في خسر إلا من آمن وعمل صالحاً، وقوله تعالى:"كل نفس ذائقة الموت" [الأنبياء: 35] فيعم كل نفس، ولذلك فإنه لا توجد نفس لا تذوق الموت، ونحو ذلك، أما المطلق فقد عرفه الأصوليون بتعريفات كثيرة، ومن أجودها أنه: اللفظ الدال على الماهية المجردة عن وصف زائد، مثل قوله تعالى:"فتحرير رقبة" [النساء: 92] ، فالرقبة هنا مطلقة من حيث الإسلام والكفر، والطول والقصر، والسواد والبياض، والذكر والأنثى، وكذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الترمذي (1101) ، وأبو داود (2085) ، وابن ماجة (1881) وغيرهم:"لا نكاح إلا بولي" فالولي في هذا الحديث مطلق من حيث إنه لم يشترط فيه أي شرط، ونحو ذلك. أما الفرق بين هذين المصطلحين: فقد جرت عادة العلماء حينما يتعرضون لبيان الفرق بين المصطلحات أنهم يفرقون بينهما من جهتين: الأولى: من حيث حقيقة كل منهما. والثانية: من حيث الأحكام المتعلقة بكل منهما. وعلى هذا نسير في بيان الفرق بين هذين المصطلحين. أولاً: من حيث الحقيقة، فالعام: اللفظ الدال على جميع أجزاء ماهية مدلوله. والمطلق: اللفظ الدال على الماهية المجردة عن وصف زائد، وقد سبق ضرب الأمثلة على هذين التعريفين. أما الفرق بينهما من حيث الحكم فالمطلق إذا ورد في التركيب لا يلزم منه أن يتناول جميع الأفراد التي تصلح للدخول تحته، بل يكفي للخروج من العهدة أقل ما يطلق عليه الاسم، فمثلاً قوله تعالى:"فتحرير رقبة" [النساء: 92] لا يلزم المكلف تحرير كل الرقاب -ولو كان من قبيل العام للزمه تحرير كل الرقاب-، وإنما يكفيه للخروج من العهدة تحرير رقبة واحدة، أما العام فإنه يتناول جميع الأفراد الصالحة للدخول تحته، ولا يخرج المكلف من العهدة إلا بفعل الجميع، فمثلاً قوله تعالى:"فسجد الملائكة كلهم أجمعون" [الحجر: 30] دلت هذه الآية على العموم فكل الملائكة يدخلون في هذا العموم، ولم يخرج أحد منهم، ولو كان من قبيل المطلق لكفى واحد للخروج من العهدة. وهذا الفرق يذكره بعض العلماء بعبارة أخرى، كما نقله الأنصاري في تهذيب الفروق المطبوع مع الفروق للقرافي (1/172) حيث يقول:" وعين ما فرّق به الأصوليون بين العام والمطلق: أن عموم العام شمولي؛ لأنه يشمل جميع الأفراد الداخلة تحته بخلاف عموم المطلق نحو رجل وأسد فإنه بدلي، لأنه لا يشمل جميع الأفراد الداخلة تحته وإنما يكفي واحد منها، فليس ما صدق المطلق والعام واحداً، بل ما صدق المطلق ألفاظ عمومها بدلي، وما صدق العام ألفاظ عمومها شمولي. ومن أراد الاستزادة من كلام أهل العلم في هذه المسألة فعليه بالكتب التالية: (1) شرح مختصر الروضة للطوفي (2/448) . (2) كشف الأسرار للبخاري (2/24-25) . (3) شرح الكوكب المنير لابن النجار (3/101) . (4) الفروق للقرافي (1/95-96) . والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الجلوس بين الظل والشمس

الجلوس بين الظل والشمس المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 28/2/1424هـ السؤال هل نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (أن يجلس أحدنا بين (الظل والشمس؟) وما درجة الكراهة؟ هل هي تحريمية، أم ماذا؟ الجواب أولاً: فيما يتعلق بتخريج الحديث: هذا الحديث رواه أحمد (24/147) (15421) من حديث رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- وله شاهد عند أحمد (14/531) (8976) وأبي داود (4821) - وفيه انقطاع - من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ "إذا كان أحدكم في الشمس، فقلص عنه الظل وصار بعضه في الشمس وبعضه في الظل فليقم" وشاهد من حديث بريدة -رضي الله عنه- عند ابن ماجة (3722) ، وفيه ضعف يسير. والحديث صححه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه- كما في مسائل المروزي عنهما (223) ، وقال: المنذري عن حديث الرجل عند الإمام أحمد: إسناده جيد في الترغيب والترهيب. ثانياً: وهل النهي للتحريم أم للكراهية؟ الظاهر أنه للتحريم لثلاثة أمور: الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نسب هذا المجلس للشيطان، وقد قال ربنا تبارك وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر ... ِ" [النور: من الآية21] . الثاني: أن هذا يضر بالجسم، خصوصاً إذا اعتاده، قال ابن القيم - رحمه الله- في "زاد المعاد" (4/242) والنوم في الشمس يثير الداء الدفين، ونوم الإنسان بعضه في الشمس وبعضه في الظل رديء". وقال المناوي - رحمه الله- في "فيض القدير" (6/351) : (لأن الإنسان إذا قصد ذلك المقعد فسد مزاجه؛ لاختلاف حال البدن من المؤثرين المتضادين) . الثالث: أنه مناف للعدل الذي قامت عليه السماوات والأرض، فإما أن يكون جميع البدن في الشمس أو في الظل، وهذا من كمال هذه الشريعة، حيث راعت هذه الأمور الدقيقة، والله أعلم.

التفريق بين مسائل العقيدة والفقه

التفريق بين مسائل العقيدة والفقه المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 19/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم شيوخنا وأساتذتنا الأفاضل: -حفظهم الله ونفعنا بعلمهم-. هل هناك قاعدة أصولية أو شرعية نحكم من خلالها على مسألة شرعية بأنها عقدية أو فقهية؟ وإن كان هناك قاعدة فهل علماء أهل السنة متفقون جميعهم عليها؟ أسأل هذا السؤال لأن الصوفية يدعون أن قضية التوسل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالصالحين هي قضية فقهية وليست من باب العقيدة. وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإني لا أذكر أن العلماء وضعوا قاعدة فقهية أو أصولية تفرق بين مسائل العقيدة وبين مسائل الفقه، ولكن الذي يظهر من كلام أهل العلم وصنيعهم في مؤلفاتهم: أن المسائل العقدية هي المسائل التي تتعلق بأركان الإيمان: كالمسائل المتعلقة بالإيمان بالله، وأسمائه، وصفاته، وما يجب أن يصرف إليه وحده دون سواه، والمسائل المتعلقة بالإيمان باليوم الآخر، والملائكة، والكتب المنزلة من عند الله، والرسل والأنبياء، والقدر، وما إلى هذه المسائل مما هو مدون في كتب العقيدة. أما المسائل الفقهية فهي المسائل المتعلقة بأفعال العباد، من صلاة، وصيام، وحج، وزكاة، وجهاد، ونكاح، ونحو ذلك مما هو مبحوث عند الفقهاء في كتبهم، وبهذا يتبين أن مسألة التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم- أو بغيره من الصالحين من مسائل العقيدة؛ لتعلق مسألة التوسل - عموماً - بالإيمان بالله وأسمائه وصفاته، ولذلك فإن الأصل في التوسل أن يكون بالله، أو باسم من أسمائه، أو بصفة من صفاته. ومما يدل على أن مسألة التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم- أو بغيره من الصالحين من مسائل العقيدة، أن العلماء يتكلمون عن التوسل وأحكامه في مؤلفاتهم في العقيدة، حيث يخصونه بباب يبحثون فيه أحكامه وما يجوز منه، وما لا يجوز، وما إلى ذلك، ولا تجد للتوسل ذكراً في كتب الفقه، ولو كان من مسائل الفقه لتعرض له الفقهاء بالبحث كما تعرضوا لغيره من موضوعات الفقه المتعددة، ولو فرضنا أن هذه المسألة من المسائل الفقهية، فإن ذلك لا يؤثر في حكمها؛ لأن الواجب على المسلم أن يكون متبعاً لأدلة الكتاب والسنة، ممتثلاً لأحكامهما واقفاً عند حدودهما، وقد دلّت الأدلة الشرعية على عدم جواز التوسل بذوات الأنبياء وغيرهم من الصالحين، ولذلك يجب على المسلم الالتزام بما دلت عليه تلك الأدلة، بغض النظر عن كون المسألة عقدية أو فقهية. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

البلوغ والتكاليف الشرعية

البلوغ والتكاليف الشرعية المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 30/1/1425هـ السؤال لا شك أن من المقرر شرعًا وعقلاً أنه لا تكليف إلا بعد البلوغ، ومن ميز من الغلمان فإنه يحط عنه التكليف تخفيفًا، كما قرر ذلك أهل الأصول، إلا أنه أشكلت علي قصة حصلت في عهد الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في قصة الغلام اليهودي الذي يحتضر، وعنده النبي-صلى الله عليه وسلم- فدعاه إلى الإسلام فنظر الغلام إلى وجه أبيه، فقال أبوه أطع أبا القاسم فاستجاب فأسلم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه بي من النار". ووجه الإشكال - مشايخنا الكرام: كيف يكون هذا الغلام قد أنقذه الله بنبيه من النار مع أنه غلام، والتكليف عنه مرفوع؟ والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فمن المقرر عند أهل الأصول أن البلوغ شرط من شروط التكليف، والبلوغ هو: انتهاء حد الصغر، ويتحقق البلوغ بإحدى علامات ثلاث عند الذكور، وهي: بلوغ خمس عشرة سنة، أو الاحتلام، أو إنبات شعر خشن في القبل. أما بالنسبة للإناث، فإن بلوغهن يتحقق بأحد الأمور الثلاثة السابقة، وبأمرين آخرين، وهما: الحيض، والحمل. ولأجل هذا الشرط فإن الصبي غير مكلف؛ لفقده شرط البلوغ، ولضعفه عن احتمال الأوامر والنواهي، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاثة: …وعن الصبي "حتى يكبر" وفي رواية "حتى يحتلم"، وفي رواية "حتى يبلغ" رواه أحمد (943) وأبو داود (4402) والترمذي (1423) من حديث علي - رضي الله عنه -، وقال السيوطي: حديث صحيح. والأحاديث الصحيحة توافق هذا الأمر ولا تخالفه، ومن ذلك حديث اليهودي - محل السؤال والاستشكال - ونصه كما رواه البخاري (1356) وغيره عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فمرض، فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: "أسلم" فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم- فأسلم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه من النار". فهذا الحديث لا يدل على أن غير البالغ مكلف بالأحكام الشرعية حتى يكون هذا الحديث مشكلاً، ويحكم بتعارضه مع حديث رفع القلم المذكور قريباً، وعلى فرض أن هذا الحديث مشكل؛ فإن العلماء قد تكلموا عنه وبينوا المخرج من هذا الإشكال، ومن ذلك: (1) أن الصبي إذا كان يعقل ويفهم فهماً مستقيماً فإنه يكون مكلفاً، قال ابن حجر وفي قوله "أنقذه من النار" دلالة على أنه صح إسلامه، وعلى أن الصبي إذا عقل الكفر ومات عليه أنه يعذب (فتح الباري 3/284) . وهذا التوجيه موافق لمن قال: إن الصبي المميز يكون مكلفاً ولو لم يبلغ؛ لأنه يفهم الخطاب ويرد الجواب، وهذا القول هو أحد الأقوال في مسألة تكليف الصبي المميز، وهي من المسائل الخلافية المشهورة في الأصول. (2) أن أولاد المشركين يتبعون آباءهم في الآخرة فيكونون من أهل النار، وبناءً على هذا القول فإن هذا الغلام لو لم يسلم لكان من أهل النار، لا لأنه مكلف؛ بل لأنه يهودي تبعاً لأبيه اليهودي، ومن مات وهو يهودي بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو من أهل النار، ومسألة مصير أولاد المشركين من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم على أقوال عديدة ذكرها ابن حجر في فتح الباري (3/314-316) . (3) أن الغلام المذكور في الحديث قد بلغ فيكون مكلفاً؛ لأنه ليس في الحديث ما يدل على عدم بلوغه، قال شيخنا عبد العزيز بن باز تعقيباً على ما ذهب إليه ابن حجر في توجيه حديث الغلام المذكور قريباً ما نصه: في هذه الفائدة نظر؛ لأنه ليس في الحديث المذكور دلالة صريحة على أن الغلام المذكور لم يبلغ، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "رفع القلم عن ثلاثة… وذكر منهم: الصغير حتى يبلغ" (سبق تخريجه) والله أعلم. وهذا التوجيه للحديث هو الأقرب لموافقته الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على أن الصغير الذي لم يبلغ غير مكلف، وليس في حديث الغلام ما يخالف ذلك؛ لأن لفظ الغلام ليس محصوراً في الدلالة على الصغير الذي لم يبلغ، بل له معانٍ متعددة، ومنها: الخادم، فإن الغلام يطلق على الخادم، والغلام المذكور في الحديث كان يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في رواية البخاري المتقدمة، وكما في رواية أحمد (12381) لهذا الحديث، ومحل الشاهد منها قوله: "كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم-، يضع له وضوءه، ويناوله نعليه"، وبناءً على هذا يكون معنى الغلام في الحديث: الخادم وبهذا يزول الإشكال، والحمد لله رب العالمين. والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

العبادات الواجبة والمسنونة

العبادات الواجبة والمسنونة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 5/11/1424هـ السؤال هنا في الغرب نرى البعض يمارسون أنواعاً من العبادات من صيام وصلاة وفقاً لما هو مذكور في الشرع، مثل صوم يوم عاشوراء، وهناك بعض الناس يمارسون أنواعاً من العبادات مشكوك في صحتها، نرجو التكرم بتوضيح جميع العبادات المسنونة من صيام أو صلاة بخلاف المفروضة علينا. وجزاكم الله خيراً. الجواب أولاً: ننصح السائل بأن يقرأ في كتب العبادات وفي كتب الفقه وفي كتب الحديث؛ ففيها بيان أنواع العبادات كالمستحبات من صيام أو صلاة أو زكاة أو غيرها من سائر أنواع القربات، وأنصح السائل أن يقرأ كتاب بلوغ المرام وأحد شروحه، أو كتاباً في الفقه في أقسام العبادات ليتبين هذه الأمور، ولعلي أذكر شيئاً منها على سبيل الإجمال: فمن العبادات المستحبة -والتي ليست واجبة- صلاة الوتر وهو قيام الليل، فيصلي الإنسان ما شاء ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر ويختم ذلك بركعة، يصلي ركعتين ركعتين ويختم ذلك بركعة هذا يسمى صلاة الليل ويسمى الوتر إذا ختمها بركعة، أيضاً من الصلوات المستحبة الرواتب، وهي ركعتان قبل الفجر وأربع قبل الظهر وركعتان بعد الظهر وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء، ومن الصلوات المستحبة سنة الضحى، وأقلها ركعتان وأكثرها ثمان، وقيل: لا حد لأكثرها، ووقتها ما بعد ارتفاع الشمس مقدار مترين، أي: بعد طلوعها بحوالي ربع ساعة أو ثلث ساعة إلى ما قبل الزوال بحوالي عشر دقائق، كل هذا الوقت يصلح أن تصلى فيه سنة الضحى، وهناك نوافل مطلقة يؤديها الإنسان في أي وقت شاء إلا أوقات النهي، والأوقات التي ينهى فيها عن الصلاة هي الأوقات ما بعد صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار مترين، وما بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وحين يقوم قائم الظهيرة وهو وقت الزوال، فهذه الأوقات التي لا يصلى فيها، وهناك صلوات أخرى منها صلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف والخسوف وصلاة الاستخارة إذا همّ إنسان بعمل فإنه يصلي ركعتين من غير الفريضة ثم بعدها يدعو بالدعاء الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنه قوله:"اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر -ويسميه- شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني، واصرفني عنه، ثم اقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به". فإن انشرحت نفسه إليه يعمل به، هذه هي جملة العبادات المستحبة، بالإضافة إلى ما يشرع في رمضان من صلاة التراويح وتعقد لها الجماعة بعد صلاة العشاء وهي ركعتان ركعتان، أما الصيام فإن الإنسان يشرع له صيام تسعة الأيام من ذي الحجة وأفضلها يوم عرفة، ويشرع للإنسان صيام يوم عاشوراء وهو العاشر من محرم مع يوم قبله أو يوم بعده، أو كليهما، ويشرع للإنسان صيام ثلاثة أيام من كل شهر في أي وقت شاء وأفضلهما أن تكون أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، ويشرع للإنسان صيام يومي الاثنين والخميس، وأفضل الصيام هو صيام يوم وفطر يوم وهو صيام داود عليه السلام، وكذلك يشرع للإنسان صيام ستة أيام من شوال بعد إكمال الإنسان لرمضان، وإذا كان أفطر شيئاً منه يكون قد قضى ما أفطر من رمضان فيصوم ستة أيام من شوال هذه هي الأيام المستحب صيامها، ونسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

الحر والعبد أمام الأحكام الشرعية

الحر والعبد أمام الأحكام الشرعية المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 24/06/1425هـ السؤال لماذا فرَّق الإسلام بين الأحكام الفقهية المتعلِّقة بكل من الحر والعبد؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: نفهم أن الأحكام الفقهية بين الحر والعبد كثير منها لم يفرق فيها الإسلام، وإنما فرق بعض الفقهاء - رحمهم الله-، فمثلاً: في باب العبادات الأصل تساوي الأرقاء والأحرار في العبادات البدنية المحضة، ولا يفرق بينهما إلا بدليل، وما يتعلق بالعبادات المالية يفرق بينهما؛ لأن الحر يملك، والرقيق لا يملك، فالرقيق إنما هو مال فلا تجب عليه الزكاة، ولا يجب عليه الحج ... إلى آخر، الأمور التي تتعلق بالمال، كما أن المعاملات الأصل فيها الصحة من الأحرار والأرقاء جميعاً؛ لأن الرقيق مكلف بالغ عاقل يصح تصرفه، لكن لا بد من إذن السيد لأن العبد لا يملك- كما تقدم- فلا فرق بينهم، وكذلك في الأنكحة فالأصل تساوي الأرقاء والأمراء فيما يتعلق بالنكاح والطلاق على الصحيح، وفي تعدد الزوجات وفي القسم، وفي الإيلاء والخلع والظهار ... إلخ، هذا هو الصواب أنه لا يفرق، فنقول: المتأمل في الأدلة الشرعية يجد التساوي إلا فيما يتعلق بالمال فقط؛ لأنه لا يملك كما تقدم، وأيضاً بالنسبة للحدود والقصاص فإذا قُتل الرقيق فإنه يقتل قاتله كما يقتل قاتل الحر، وإذا قُذف يجلد قاذفه، وإذا زنى فهو الذي ورد فيه أنه على النصف من الحر، وكما ذكر الأصل في ذلك التساوي، وهذا ما ذهب إليه ابن حزم - رحمه الله- كثيراً، ويؤيده ما في المغني، ثم هو اختيار بعض المالكية-رحمهم الله - كما في كتبهم. والله أعلم.

التكاليف..والتخلف العقلي

التكاليف..والتخلف العقلي المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام التكليفية التاريخ 24/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ما هي التسهيلات والإعفاءات التي تمنح للمتخلف عقلياً في الإسلام؟ قرأت مقالاً أن من يفقد عقله في رمضان فليس عليه إعادة صوم الأيام التي أفطرها، وأريد أن أعرف باقي التساهلات والإعفاءات التي تمنح لي في هذه الحالة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فكل الواجبات التعبدية لا يطالب بها من يفقد عقله، فالمتخلف عقلياً والمجنون لا يكلف في الإسلام بشيء من العبادات، وهذا التخفيف سببه عدم تمكنه من أداء العبادة؛ لأن معنى العبادة التوجه إلى الله والخضوع له، وهذا غير ممكن ممن فقد عقله، فلا تجب عليه الصلاة ولا الصيام، ولا الحج. أما الواجبات المتعلِّقة بأمواله فإنها لا تسقط عنه، فلو كان له مال وهو فاقد لعقله فإنه يؤخذ منه الزكاة ونفقة أولاده، أو زوجته، إن كان له زوجة أو أولاد، وكذلك لو اعتدى على أحد أو أتلف شيئاً فإنه لا يعاقب، لكن يكلف بإصلاح ما أتلف، والتعويض من ماله. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

الحد الشرعي والحكم القبلي

الحد الشرعي والحكم القبلي المجيب سلمان بن عبد الله المهيني القاضي بوزارة العدل أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام الوضعية التاريخ 28/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: هل يجوز استبدال حد شرعي مثل القذف أو الزنا أو السرقة بحكم قبلي يرضى به الشخص المتضرر صاحب الحق؟ كذبح أربع ذبائح ودفع مبلغ من المال استرضاء للمتضرر بنية الإصلاح. الجواب الحمد لله وحده، أما بعد: فإن الحدود الشرعية الواجبة حقاً لله جل وعلا كالزنا والسرقة لا يجوز إسقاطها بعوض من المال إذا ثبتت وقد حذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من التهاون بحدود الله وأخبر أن التهاون بشيء منها صفة من صفات الكفار، وأخبر أنه لو سرقت فاطمة ابنته لقطع يدها انظر: البخاري (2648) ومسلم (1688) ، وأما ما يفعله بعض الجهال من ذلك فينبغي نصحهم وتحذيرهم، وأما ما كان حقاً للآدميين كالقصاص قوداً فلا بأس بالتنازل عنه في مقابل عوض مالي ولو بأكثر من الدية، والله أعلم.

معنى عدم قبول صلاة شارب الخمر

معنى عدم قبول صلاة شارب الخمر المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/الأحكام الوضعية التاريخ 13/7/1425هـ السؤال ما حكم شرب الخمر؟ وهل من شربها لا تقبل له صلاة أربعين يوماً؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فشرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب، وشارب الخمر ملعون على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ومن شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوماً، كما في الحديث الذي أخرجه أحمد (4898) والنسائي (5664) وغيرهما بسند حسن: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب الله عليه.. الحديث". وليس معنى عدم قبول صلاته أنها لا تنفعه إذا صلاها وهو لم يتب من شرب الخمر، وإنما "معناه: أنه لا يؤجر عليها إذا صلاها، وإن كانت صحيحة في نفسها، قال النووي: معناه: لا ثواب له فيها، وإن كانت مُجزئة في سقوط الفرض عنه" ا. هـ. كما أن العقوبة بعدم قبولها منه أربعين ليلة مشروطة بألاّ يتوب أثناء الأربعين، فإن تاب أثناءها فإنه يرتفع عنه هذا الوعيد، وتقبل صلاته كما تقبل صلاة من لم يشرب الخمر، لأن التوبة تجب ما قبلها، وهو المظنون بالشارع الحكيم، فإنه ودود رحيم، يتشوف إلى توبة العباد، ويغريهم بها بمحو السيئات وتبديلها حسنات، ولا شك أن عدم قبول صلاة شارب الخمر أربعين ليلة حتى وإن تاب أثناء الأربعين مُبَطِّئ ومثبط له عن التوبة، وهذا مناف لمقصود الشرع، إذ ما فائدة التوبة إذا كانت صلاته لن تقبل منه أربعين ليلة سواء تاب أم لم يتب. والمقصود أن وجوب الصلاة لا يسقط عن شارب الخمر، وإذا صلاها فصلاته صحيحة تجرئه في سقوط الفرض عنه، فلا يعاقب على تركها، لكنه لا يثاب عليها أربعين ليلة حتى يتوب من شرب الخمر، فإن تاب أثناء الأربعين رفعت عنه عقوبة حرمانه من ثواب الصلاة، وصار كمن لم يشربها وصلاته صحيحة ومثاب عليها. والله أعلم، وصلى الله على بنينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المجاز في القرآن

المجاز في القرآن المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 24/7/1422 السؤال ما حكم تأول المجاز عند تفسير القرآن فنقول مثلا عند تفسير قوله تعالى: ((إن الأبرار لفي نعيم)) إن استعمال النعيم في الآية مجاز؛ لأن النعيم لايحلَّ فيه الإنسان لأنه معنى من المعاني، وإنما أطلق فيه الحال وأريد المحل، وهل يعتبر المجاز في القرآن من باب القول على الله بغير علم؟ الجواب مسألة تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز من المسائل التي نقل الخلاف فيها قديماً، وجماهير أهل العلم من المفسرين، والأصوليين، وأهل اللغة على إثباته، ولايفرقون بين مورده في اللغة، ومورده في القرآن الكريم، وفيهم أئمة لهم قدم صدق في تقرير عقيدة السلف والذود عنها. والذين ذهبوا إلى نفي المجاز -خصوصاً من أهل السنة- حملهم على ذلك مارأوه من تسلط المبتدعة بدعوى المجاز على نصوص الوحيين، فعطلوها عن دلالاتها في مسائل الغيبيات، وصفات الخالق -عز وجل- خصوصاً. وفي الحق، فإن القول بالمجاز لاخطر وراءه، ذلك أن الأصل في الكلام أن يحمل على حقيقته إلا بقرينة بإجماع أهل العلم، ولا قرينة تصحّح قول المعطل، وإنما أُتوا من توهّم كيفيات معينة لتلك النصوص، ثم سلّطوا التأويل عليها لدفع توهمهم الفاسد. على أن تلك الأخبار المتعلقة بالله -تعالى- لاتقبل دعوى المجاز من جهة اللغة وتراكيب الكلم، وهذا مبسوط تقريره في كلام أهل السنة -والحمد لله-. والمقصود أنه لاضير من القول بالمجاز، ولايعدّ من القول على الله بغير علم، إذ القرآن الكريم نزل بلغة العرب، فجرى على طرائقهم في التعبير، وأساليبهم في تركيب الكلم، وإنما يكون قولاً على الله بغير علم إذا تعلق بأمور غيبية لاتدرك، ولم تشاهد تُعطل عن ظواهرها، ويُلحد فيها. بقي أن يقال: إن الأسلوب المجازي ضرورة لبقاء أي لغة وحياتها، إذ الألفاظ وإن كثرت فهي محدودة لا تستوعب كل ما يطرأ من المعاني في حياة الناس، ومن تأمل هذا الأمر زال عنه ـ بإذن الله ـ كل تردد في هذه المسألة، والله ولي التوفيق.

يقين الحل لا يزول بشك الحرمه

يقين الحل لا يزول بشك الحرمه المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 22/7/1422 السؤال لديَّ أحد الزملاء في العمل اشتركت أنا وهو في شراء أرض على أننا بعد فترة سنبيعها ونقسم الربح بيننا بالتساوي، وبالفعل اشترينا أرض، ولكن اكتشفت أن المبلغ الذي معه نتيجة لشراء سيارة من أحد البنوك ولا أدري هل ماله حرام أم حلال؟ وما مصير تجارتي معه؟ وكذلك سلفته مبلغ من المال - إذا سددني من المال الذي حصل عليه من البنك - فهل فيه شيء؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الأصل أن مال الإنسان إذا اشترك مع غيره ولم يتقن حرمه ذلك المال بعينه والغالب عليه الحلال لكثرته أو قله الربا المحرم، فالأصل في ذلك أن ماله يجوز كما ذكر ذلك أبو العباس ابن تيميه ونسبه إلى جماهير أهل العلم. ثم إن شراء سيارة من البنك ثم يبيعها نقداً فالأصل فيها الجواز إذا توفرت فيها الشروط بحيث يملكها البنك ثم يبيعها إلى العميل.

إنكار أدلة القياس في التحريم

إنكار أدلة القياس في التحريم المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 15/8/1424هـ السؤال ما حكم من ينكر أدلة القياس في التحريم؟ أحد الإخوة يقول إنه لا يستدل بالقياس فيما يحرمه الإسلام، فما حكم من ينكر أدلة القياس في التحريم؟ وماذا يترتب على ذلك؟ بارك الله فيكم. الجواب قسَّم جمهور العلماء الأدلة التي يستدل بها على الأحكام - إيجاباً وندباً وتحريماً وكراهةً وجوازاً - إلى قسمين: (1) أدلة متفق على الاحتجاج بها، وبناء الأحكام عليها، وهي: الكتاب والسنة، والإجماع، والقياس. (2) أدلة مختلف في الاحتجاج بها، وبناء الأحكام عليها، وهي كثيرة، ومنها: الاستصحاب والاستحسان، والمصلحة المرسلة، وسد الذرائع، وقول الصحابي وشرع من قبلنا، وغير ذلك. هذا التقسيم الذي سار عليه جمهور العلماء، حيث عدوا القياس من الأدلة المتفق على الاستدلال بها على الأحكام الشرعية، ويستوي في ذلك الاستدلال بها في إباحة الأحكام، أو وجوبها، أو تحريمها؛ لأن الإباحة والوجوب والتحريم كلها أحكام شرعية، فتكون طرق إثباتها واحدة، ومن خلال ما سبق يتضح أن القياس دليل شرعي معتبر، وقد ورد في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- العملُ به، انظر ما رواه أحمد (2438) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وأصله في البخاري (2135) ، ومسلم (1525) كما أن سيرة الصحابة - رضوان الله عليهم - ومن بعدهم شاهدةٌ على اعتباره والعمل به، ومن تأمل كتب العلماء الذين تحدثوا عن الأحكام يتضح له أنهم اعتمدوا على القياس في إثبات الأحكام الشرعية في مواطن لا يمكن عدها ولا حصرها. ولهذا فإنه لا يجوز لأحد أن ينكر العمل بهذا الدليل؛ لأنه حينئذٍ يكون مخالفاً لما استقر عليه الأمر عند العلماء من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عصرنا الحاضر، ثم إن العمل بالقياس ليس عملاً بالرأي المجرد، وإنما هو توسيع لما دلت عليه النصوص الشرعية. ولكن يجب التنبيه إلى أمر مهم، وهو: أن العمل بالقياس ليس على إطلاقه، بل له شروط ذكرها أهل العلم، لا بد من توفرها، فإن توفرت صح العمل به، وإن لم تتوفر كلها أو بعضها لم يجز العمل به، وهذه الشروط مذكورة في كتب أهل العلم، خصوصاً ما ذكروه في كتب أصول الفقه. ثم إن الأخ الذي ذكرت أنه لا يستدل بالقياس في التحريم، هل يستدل به في الإيجاب أو الجواز، أو لا، فإن كان يستدل به في الإيجاب والجواز، فما الفرق بين التحريم وبينهما؛ لأن كلاً منها أحكام شرعية، والقول في واحد منها كالقول في الآخر، وإن كان لا يستدل بالقياس مطلقاً فقد ورد في الجواب ما تناقشه به. والله أعلم، -وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.

النسخ في القرآن الكريم

النسخ في القرآن الكريم المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 7/9/1422 السؤال أرجو التكرم بالإجابة بالتفصيل عن موضوع الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم؛ لأنه يوجد من يدعي أنه لا نسخ في القرآن، وأن من يقول ذلك يعد كافراً، مع العلم أن هذا الأمر مذكور في الصحيحين، فضلاً عن كتاب الله العزيز وفي أكثر من موضع، ولكنه الجدل الذي لا دليل معه. الجواب أجيب عن السؤال بخمس نقاط على الإيجاز والاختصار، فأقول: الأولى: المعنى اللغوي للنسخ: النسخ في اللغة مصدر للفعل الثلاثي نسخ ينسخ نسخاً، ويطلق في اللغة على معانٍ أربع، هي: (1) الإزالة تقول: نسخت الشمس الظل إذا أزالته، ومنه قوله - تعالى -:".. فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ". [الحج: 52] . (2) التبديل والتغيير كقولك: نسخت الريح آثار الديار أي: بدلتها وغيرت هيئتها، ومنه قوله - تعالى -: " وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر " [النحل:101] . (3) التحويل كالمناسخات في المواريث، وهو: أن يموت الميت، ثم يموت وارثه قبل أن تقسم تركة الميت الأول، وهكذا. (4) بمعنى: النقل من موضع إلى آخر، تقول: نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه إلى موضع آخر من كتاب ونحوه حاكياً للفظه، ومنه قوله - تعالى -:" إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ". [الجاثية: 29] . الثانية: أجمعت الأمة من السلف والخلف على جواز النسخ ووقوعه في القرآن الكريم بدليل قوله - تعالى -:" ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير " [البقرة: 106] ، وقوله:" يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " [الرعد: 39] ، وقوله: " وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعقلون " [النحل: 101] . فهذه الآيات نصت على أن الله إذا أراد نسخ حكم أو تأجيله أتى بحكم مثله أو أفضل منه؛ لأن علمه محيط بكل شيء في هذا الكون، ومسطور عنده في اللوح المحفوظ، ويمحو الله منه ما يشاء ويثبت ما يشاء ممّا فيه مصلحتهم، وهو العليم في إبداله آية مكان أخرى، وحكماً مكان آخر، وبهذا يتبين أن كل المعاني اللغوية في النسخ متحققة في معناه الشرعي، على أن السلف من الصحابة والتابعين أكثر ما يطلقون لفظ النسخ في القرآن يريدون به التخصيص وهو غير ما يريده أو عرفه به علماء الأصول، حيث هو عندهم: (رفع الحكم السابق بحكم لاحق بدليل شرعي متراخياً عنه) ، فالمعنى عند السلف حين فسروا النسخ بالتخصيص أوسع من تعريف المتأخرين، وقد بالغ بعض المفسرين في تعيين المنسوخ من آيات القرآن حتى عدوا جميع آيات الجهاد في القرآن وقالوا: نسختها آية واحدة هي آية السيف " وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة " [التوبة: 36] ، وقالوا: إن هذه الآية نسخت ما يقرب من (500) آية من القرآن، وهذه المبالغة في هذا التوجه إنما هو مسايرة للمفهوم الأول للنسخ، المعروف عند السلف من الصحابة والتابعين كعبد الله بن عباس، وابن عمر، ومجاهد، والحسن البصري، ولو طبق على كل هذا العدد من الآيات التي يقال إنها منسوخة. - الاصطلاح الثاني - اصطلاح المتأخرين من علماء أصول التفسير والفقه لا نحصر هذا إلى عدد رؤوس الأصابع، فمثلاً الإمام محمد بن جرير الطبري شيخ المفسرين يرى أن آيات الجهاد والقتال ليس فيها ناسخ ومنسوخ، بل تحمل آيات القتال والغزو على حال ما إذا كانت الأمة المسلمة قوية، وتحمل آيات الصبر والموادعة والمهادنة على ما إذا كانت الأمة ضعيفة مغلوبة على أمرها، وهذا رأي راشد وسديد، وعليه لا تكون آية السيف ناسخة لذلك العدد الكبير من آيات القتال. وقد تتبع الحافظ بن جرير الطبري الآيات التي يمكن أن يقال إنها منسوخة فوجهها توجيهاً سديداً، وبقي عنده قرابة إحدى عشرة آية فقط هي منسوخة الحكم قطعاً لتغير الحكم اللاحق عن السابق بنص قطعي من القرآن الكريم، أو السنة الصحيحة، وهي معروفة عند أهل الاختصاص في علوم القرآن. وعلم الناسخ والمنسوخ من أهم علوم القرآن، روي عن علي بن أبي طالب أنه سمع واعظاً يعظ الناس، فقال له: أتعرف الناسخ من المنسوخ في القرآن؟ قال: لا، فقال له: لقد هلكت وأهلكت. الثالثة: قال بمنع وقوع النسخ في القرآن قديماً اليهود - عليهم لعائن الله - وتبعهم أبو مسلم الأصبهاني المعتزلي (ت 459هـ) ، وبعض الكتاب المعاصرين كعبد الكريم الخطيب، وعبد المتعال الجبري، ووجه منع وقوعه في القرآن الكريم عند اليهود أن القول بالنسخ يعني القول بالبداء، وهو: الظهور بعد الخفاء، أما من جاء بعدهم فوجه منعه عندهم لئلا يأتي أحد فيغير حكم الله، ثم يقول: إن هذا كان منسوخاً، ودليل هؤلاء وأولئك في المنع ظاهر قوله - تعالى - في وصف القرآن:" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " [فصلت: 42] ، والباطل ضد الحق. ولكن أولئك نسوا أن الله هو منزل القرآن وهو المتكفل بحفظه " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " [الحجر: 9] . كما نسوا أو تناسوا أن الحافظ لهذا الكتاب من أن يقع فيه باطل أو تحريف، هو الذي أوجد فيه الناسخ والمنسوخ لحكمة يعلمها- سبحانه -. واليهود قد تذرعوا ظاهراً لما منعوا وقوع النسخ في كلام الله - بالبداء، وهو: الظهور بعد الخفاء، وتبعهم الرافضة الغلاة، ويروون عن جعفر الصادق أنه قال:" البداء ديني ودين أبائي "، ومتى كان اليهود يقصدون التنزيه للباري - سبحانه -، وهم الذين وصفوه بأحط الصفات - تعالى - الله عن ذلك علواً كبيراً، وقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء، وقالوا: عزير ابن الله، وقالوا: الملائكة بنات الله.. إلخ. وإنما كان قصد اليهود في مقالتهم تلك لما منعوا وقوع النسخ في كلام الله كتمان الحق، وكراهية أهله، وبغضاً لمحمد - صلى الله عليه وسلم - الذي يعرفونه حق المعرفة " الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ... " [الأعراف:157] . أما إنكار أبي مسلم الأصبهاني المعتزلي (ومخالفته لجمهور المعتزلة أيضاً) ، وبعض الكتاب المعاصرين إنما كانت مخالفتهم لجهلهم باللغة العربية، وأقوال سلف الأمة، ومحبتهم للتجديد والمخالفة طلباً للشهرة واتباعاً لكل قول مطمور مهجور. الرابعة: سبق أن ذكرت بأن التخصيص (النسخ عند السلف) أعم من النسخ عند المتأخرين؛ لأن التخصيص قد يكون بالتقييد بعد الإطلاق، أو بالتفصيل بعد الإجمال، أو بالوصف، أو الاستثناء.. إلخ، وهذا معلوم في مظانِّه وعند أهله المتخصصين به. ويجب أن يعلم أن النسخ في القرآن لا يقع إلا في خطاب الأمر والنهي، ولا يقع في الأخبار، فلم يقع في قصص الماضين، ولا في أمور الاعتقاد؛ كالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ولا في أسماء الله وصفاته، كما لا يقع النسخ في الأمور الكونية كقوله:" الذي خلق سبع سموات طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت " [الملك: 3] . ونحو قوله:" وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون " [يس: 37] . الخامسة: بعض الآيات المنسوخة حكماً عند جمهور الأمة من السلف والخلف: 1) نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في المسجد الحرام. 2) عدة المرأة المتوفى عنها زوجها كانت عدتها من أول الأمر سنة كاملة، ثم نسخ ذلك فصارت أربعة أشهر وعشراً. 3) المصابرة في مقابلة العدو كان في أول الأمر يجب أن يثبت المسلم أمام عشرة من الكفار، ثم نسخ ذلك بأخف منه لما علم الله ضعف المسلمين، فلزم أن يثبت المسلم أمام اثنين من الكفار فقط. 4) كانت الخمر حلالاً في مثل آية البقرة، ثم نسخ ذلك بآية الخمر في سورة المائدة. 5) نسخ الصدقة عند إرادة مناجاة الرسول كما في سورة المجادلة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

الأخذ بالكتاب والسنة دون فهم السلف

الأخذ بالكتاب والسنة دون فهم السلف المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 29/10/1425هـ السؤال قال لي أحد الإخوة: إن علينا فقط الأخذ بالكتاب والسنة دون فهم الصحابة- رضي الله عنهم- والتابعين؛ فإن فهمهم ملزم لهم ومناسب لعصرهم، أما نحن فنأخذ القرآن والسنة بفهمنا وباعتبار واقعنا، مثلاً مرة قال إن هنالك حديثًا أذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم- لامرأة بأن تؤم أهل بيتها في الصلاة. فقلت له: ماذا قال العلماء في الحديث؟ فقال لي: إنني آخذ النص من القرآن والسنة ولا شأن لي بأقوال العلماء. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الواجب على جميع الناس اتباع الكتاب والسنة، والامتثال لأوامرهما، والاجتناب عن نواهيهما، والمسلم متعبد بما جاء فيهما، ولا يُقبل من أي أحدٍ قولٌ يخالف قول الله أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم- مهما بلغ هذا المخالف من العلم والدين؛ لأن الله عز وجل تعبدنا باتباع شرعه الوارد في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. هذا هو الحكم العام في تلقي نصوص الشريعة وأدلتها، إلا أنه يجب معرفة أن هذه الطريقة لا تتيسر لكل أحدٍ، وإنما هي طريقة أهل العلم الذين أحاطوا بالأدلة، وتمكنوا من العلوم الشرعية التي تمكنهم من استنباط الأحكام من الأدلة، كما هو مذكور في باب الاجتهاد من كتب أصول الفقه، فإذا كان الإنسان بهذه المنزلة فإن له أن يسلك هذه السبيل في العمل بالأدلة الشرعية. ومن المهم جدًّا لمن أراد النظر في الأدلة من الكتاب والسنة أن يكون مطلعًا على أقوال أهل العلم، لا ليقلدها ويتبعها، ولكن ليعرف آراء العلماء وينظر في أدلة كلٍّ منهم، وليكون مطلعًا على مواطن الخلاف؛ ليأخذ بما يوافق الدليل، ومواطن الإجماع؛ لئلا يخالفها. وثمة أمرٌ مهم، وهو: أن هناك أدلةً لا يجوز العمل بها؛ لأنها قد تكون منسوخة أو مؤوَّلة أو معارضة بما هو أقوى منها، والإنسان الذي لم يطلع على أقوال العلماء لا يدرك هذا الأمر، فقد يقع في الخطأ نتيجة تقصيره في الاطلاع على أقوال أهل العلم في المسألة، ونتيجةً لهذا فإنه قد يعمل بدليل منسوخ، أو يعمل بدليل ويترك ما هو أقوى منه. أما ما يتعلق بفهم الصحابة رضي الله عنهم، فإن المقرر عند العلماء قديمًا وحديثًا أن لأقوال الصحابة من المنزلة والفضل ما ليس لغيرهم من العلماء على مر العصور، وهذا الأمر هو الذي جعل كثيرًا من أهل العلم يعدون قول الصحابي من الأدلة التي يحتج بها على الأحكام؛ لأنهم عاصروا تنزل الوحي وشاهدوا الوقائع مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذا الباب ما ذكره الإمام الشاطبي حيث قرر أن الواجب على الناس عمومًا أن يفهموا نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة مثل ما فهمها الصحابة، رضي الله عنهم؛ لأنهم هم الذين خوطبوا بهذه الأدلة أولاً، فلابد أن نفهمها كما فهموها؛ لنعمل بها كما عملوا هم بها. وإذا نظرنا إلى واقع الصحابة، رضي الله عنهم، نجد أنه قد صدر منهم عدد كبير من الأقوال والأحكام والفتاوى والاجتهادات، والمسلم عمومًا مأمور باتباع الصحابة، رضي الله عنهم، إلا إن ذلك يختلف بحسب اختلاف الأحوال المصاحبة لتلك الأقوال، وقد فُصِّل القول في هذه المسألة في جواب آخر بعنوان: (التوفيق بين اجتهادات الصحابة) ، وخلاصته أن اتباع الصحابة، رضي الله عنهم، واجب فيما اتفقوا عليه قولاً أو سكوتًا، أما ما اختلفوا فيه فإنه لا يجب اتباع قول معين، وإنما الواجب علينا ألّا نخرج عن مجموع أقوالهم، ولذلك فإنه لا يجوز لنا إحداث قول لم يقل به أحد منهم. وهذا الكلام عام في كل ما نقل عن الصحابة، رضي الله عنهم، سواءٌ أكان قول الصحابي في مسألة معينة، أو في تفسيرٍ لآيةٍ، أو في شرحٍ لحديث، فأقوالهم متبعة في كل ذلك، ويجب علينا أن نفهم النصوص كما فهمها أولئك القوم المباركون علَّنا أن نلحق بهم، وهذا هو صنيع العلماء على مر العصور، حيث كانوا يستنيرون بأقوال الصحابة، رضي الله عنهم، واجتهاداتهم، ولا أدل على ذلك من نقلهم لأقوال الصحابة، رضي الله عنهم، وأفعالهم في كتب الآثار والسنن والمسانيد والتراجم، ومن ذلك ما يتعلق بفهم نصوص الكتاب والسنة، فقد حملت لنا كتب التفاسير والسنن والمصنفات والآثار عددًا كبيرًا من الأقوال الصادرة عن الصحابة، رضي الله عنهم- فيما يتعلق بتأويل النصوص من الكتاب والسنة وتفسيرها، بل إن كثيرًا من المفسرين اهتموا بأقوال الصحابة؛ حيث إنهم يفسرون القرآن بالقرآن وبالسنة وبأقوال الصحابة، رضي الله عنهم. والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سنة الخلفاء الراشدين

سنة الخلفاء الراشدين المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 16/11/1422 السؤال ما المقصود بالحديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " هل جميع ما يصدر من الخلفاء الراشدين سنة؟ أم هي مقتصرة على سنة الخلافة والحكم؟ وهل السنة أخذ فعل النبي أم فعل الخليفة بعد وفاة النبي - عليه أفضل الصلاة والسلام -؟ الجواب الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله الشرفا وعلى أصحابه الوفا، ومن لآثارهم اقتفى، أما بعد: فجواباً على سؤال السائل عن حديث: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " وعن المقصود بسنة الخلفاء وما إلى ذلك، أقول وبالله التوفيق: هذا جزء من حديث صحيح مشهور وهو من أصول الدين العظمى، وهو حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - الذي جاء فيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: " أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " رواه أبو داود (4607) والترمذي (2676) وابن ماجة (43) والدارمي (96) وأحمد (17142) واللفظ لأبي داود. والمقصود بالسنة في هذا الحديث: الطريقة المسلوكة، فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه - صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة، وفي الأمر بالتمسك بسنته - صلى الله عليه وسلم - وسنة الخلفاء الراشدين بعد أن أمر بطاعة ولاة الأمور إشارة إلى أنه لا طاعة لأولي الأمر إلا في طاعة الله، وفيه أيضاً دليل على أن سنة الخلفاء الراشدين متبعة كاتباع سنته - صلى الله عليه وسلم - بخلاف غيرهم من ولاة الأمور الذين إنما يطاعون في الطاعة. وعلى هذا فسنة الخلفاء الراشدين حجة يلزم اتباعها في حالات، منها: الأولى: مع موافقة النص من الكتاب والسنة. الثانية: مع إجماع أربعتهم - رضي الله عنهم - (وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، دون مخالف لهم من الصحابة) الثالثة: إذا اجتهد أحد الخلفاء في مسألة لا نص فيها ولا نعلم له مخالفاً من الصحابة. الرابعة: إذا اجتهد أحد الخلفاء في مسألة لا نص فيها، ولم يخالفه منهم أحد، بل خالفه غيره من الصحابة، فأكثر السلف على تقديم قول أحد الخلفاء على من سواه. وهذه المسألة مسألة كبرى من أصول السنة، وفيها كلام طويل لأهل العلم، والله أعلم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

صفة السلام على الجماعة

صفة السلام على الجماعة المجيب د. سعد بن عبد الله الحميد أستاذ الدراسات العليا بجامعة الملك سعود أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 20/7/1424هـ السؤال عندما يدخل أحدهم المجلس والناس جالسون، ويراهم كل أسبوع تقريباً، هل من السنة أن يسلِّم لفظاً وإشارة بدون مصافحة ويجلس حيث انتهى به المجلس (للحديث الوارد) ، أم يصافحهم فرداً فرداً ثم يجلس ويأخذ الفضل الوارد في الحديث "تحاتت ذنوبهما"؟ أرجو التفصيل؛ لأن عندي درساً عن السلام سوف ألقيه على بعض طلبة العلم، وما المراجع التي ترونها مناسبة للبحث في هذه المسألة تفصيلاً؟. الجواب هذه المسألة من المسائل التي طال الخلاف فيها بسب ورود بعض أحاديث النهي عن ذلك، وبعض الأحاديث التي يفهم منها الإباحة، ولم يخرّج صاحبا الصحيح شيئاً من أحاديث النهي، وبوّب البخاري في صحيحه (11/49) بقوله: "باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:" قوموا إلى سيدكم"، قال الحافظ ابن حجر:" هذه الترجمة معقودة لحكم قيام القاعد للداخل، ولم يجزم فيها بحكم؛ للاختلاف، بل اقتصر على لفظ الخبر كعادته" أ. هـ. وقد ورد في النهي حديث معاوية -رضي الله عنه-، يرويه عنه أبو مجلز حميد بن لاحق قال: خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر، فقام ابن عامر، وجلس ابن الزبير، فقال معاوية لابن عامر: اجلس فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار"، أخرجه أبو داود (5229) ، والترمذي (2755) ، وقال: "هذا حديث حسن"، وصححه الشيخ الألباني. وأخرج الترمذي (2754) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس - رضي الله عنه - قال: "لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك". قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه". كما ورد في الإباحة قوله -صلى الله عليه وسلم- للأنصار: "قوموا إلى سيدكم" يعني: سعد بن معاذ - رضي الله عنه -، أخرجه البخاري (3043) ، ومسلم (1768) . وفي حديث قصة توبة كعب بن مالك وصاحبيه -رضي الله عنهم-، وهي مخرجة في الصحيحين البخاري (4418) ، ومسلم (2769) ، وجاء في رواية مسلم لها قول كعب: "فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره". وهناك أحاديث أخرى استدل بها من يرى الجواز غير هذه تجدها في كتاب النووي (الترخيص في القيام) ، وفي (تفسير القرطبي 9/265، و19/256) ، و (تفسير ابن كثير 4/326) ، ومن أحسن ما يمكنك الرجوع إليه كلام الحافظ ابن حجر في (فتح الباري 11/49-54) ، فإنه أطال جداً في هذه المسألة، ونقل عن ابن رشد أن القيام يقع على أربعة أوجه: الأول: محظور، وهو أن يقع لمن يريد أن يقام له تكبُّراً وتعاظماً على القائمين عليه. الثاني: مكروه، وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر، ولما فيه من التشبه بالجبابرة. الثالث: جائز، وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك، ويؤمن معه التشبه بالجبابرة. الرابع: مندوب، وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحاً بقدومه ليسلِّم عليه، أو إلى من تجددت له نعمة فيهنِّئه بحصولها، أو مصيبة فيعزيه بسببها أ. هـ. ولعل من أقوى ما يستدل به مما يؤيد أحاديث النهي: ما أخرجه مسلم في صحيحه (413) من حديث جابر - رضي الله عنه - في قصة مرضه -صلى الله عليه وسلم-، وصلاته وهو قاعد، والصحابة -رضي الله عنهم- قيام، فلما سلّم قال: "إن كدتم آنفاً لتفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا". وهو أيضاً مما يؤيد قول من جعل القيام المحرّم ما أشبه قيام الأعاجم، والقيام للسلام على الداخل لا يشبه ذلك القيام. وبكل حال: فلعل من أحسن ما يخرج من الخلاف، ولا يوقع شيئاً في نفس الداخل: إلقاء السلام على الجالسين، والجلوس حيث انتهى به المجلس، أو في فرجة يجدها، دون القيام على مصافحة الحضور، مما يضطرهم للقيام له ولغيره، فيلحق من المشقة ما لا يخفى، وبالأخص إذا تقاربت مدة دخولهم، وإن جلسوا أو بعضهم ربما أوقع ذلك في النفوس شيئاً من الدغل، والله أعلم.

استخدام الواقي هل يدرأ حد الزنى

استخدام الواقي هل يدرأ حد الزنى المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 25/7/1423هـ السؤال هذا سؤال وسوس لي به أحدهم، وقد احترت فيه: ما هو ضابط الزنا الذي فيه الحد، هل هو الإيلاج أم اللمس، بمعنى هل إذا زنى أحدهم مستعملا عازلا طبيا يكون زناه غير موجب للحد؟ بما أن عضوه لم يلمس المرأة حقيقة، أم أنه يستوجب الحد بما أنه أدخل عضوه؟ هب أني أناقش فقيها أصوليا، كيف أقنعه بالجواب مدعوما بالدليل النقلي الصحيح؟ وقد عثرت على فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتاب " لقاءات الباب المفتوح " يسأل فيها عن وجوب الغسل لمن جامع بالعازل الطبي ولم ينزل، فأجاب " أن الأحوط أن يغتسل، وأن بعض العلماء قالوا إنه لا غسل عليه، لأن الختانين لم يلتقيا ". فلست أدري إن كان هذا يجيب عن هذا! الجواب الحمد لله وحده وبعد: فقد اتفق أهل العلم على أن الزنى يحصل بإيلاج الذكر في الفرج ولو لم يمس الذكر جدار الفرج، ولو كان هناك حائل بين الذكر والفرج، ما دام الحائل لا يمنع اللذة والإحساس. وهذا بحمد الله لا إشكال فيه ومما يمكن الاستدلال به حديث عائشة مرفوعاً (إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل) رواه أحمد (22046) والترمذي (108) وصححه الألباني (إرواء الغليل 1/121) ، فجعل مجرد مجاوزة الختان موجباً للغسل، وفي حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمن أقر بالزنا: "دخل ذلك منك في ذلك منها"؟ قال نعم، قال "كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر"؟ قال: نعم صحيح البخاري (6824) وله روايات فسؤاله عن ذلك دليل على اعتباره مناطاً لإقامة حد الزنا وذلك هو الإيلاج في الفرج. ثم بالنظر المجرد أن العازل المعروف لا يمنع لذة ولا إحساساً فلا فرق بينه وبين الاتصال بدونه، والشرع لا يفرق بين المتماثلات. أما الغسل فالخلاف في العازل الذي يمنع اللذة والإحساس بحرارة الفرج، فهذا عند جملة من أهل العلم لا يوجب الغسل، وهذا مراد الشيخ محمد - رحمه الله - بفتواه، وأما العازل المعروف فلا يمنع شيئاً من ذلك. وأنصح السائل أن لا يشرب قلبه شبهة، وأن يحرص على طلب العلم والتزود منه. وفقه الله وزاده من فضله.

مضاعفة الذنب في زمان أو مكان

مضاعفة الذنب في زمان أو مكان المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 9/1/1424هـ السؤال هل الذنب يتضاعف في مكان أو زمان معين؟ الجواب قال الله تعالى: "مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ" [الأنعام:160] ، وقال سبحانه وتعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا" [النساء: 40] ، فجزاء الله تعالى على الحسنات يقوم على الفضل، وجزاؤه على السيئات يقوم على العدل، فيجزئ على الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ويجزئ على السيئة سيئة مثلها أو يعفو، وبهذا يعلم أن الذنب لا يضاعف أبداً لا في زمان ولا في مكان، بمعنى أنه يجزى على السيئة سيئتين أو ثلاث أو أكثر، لكن السيئة في المكان الفاضل كالحرم، والزمان كرمضان والأشهر الحرم أعظم من السيئة في سائر الزمان أو سائر الأمكنة. وليست هذه مضاعفة للسيئات ولكن تغليظ وتعظيم لها، وكلما قويت الأسباب الموجبة لتغليظ التحريم كان التحريم أعظم كما أن الذنب من العارف بدين الله وبما حرم الله أعظم من الذنب الذي يقع من الجاهل. والله - تعالى أعلم-.

الفرق بين حجاب الحرة والأمة

الفرق بين حجاب الحرة والأمة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 01/07/1425هـ السؤال ما العلة في تخصيص الأمة بعدم ارتداء الحجاب؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالأصل أن الحجاب للحرائر، أما الإماء فالأصل أنه لا يجب عليها تغطية وجهها ولا رأسها، والحكمة في هذا التخفيف عن الإماء هو ـ والله أعلم ـ لأجل ابتذالهن بالبيع والشراء، واستخدامِهن في المهنة، وهي محتاجة في مثل هذا إلى أن تكشف عن وجهها ورأسها وكفيها. ولذا فرق بعض أهل العلم ـ كما في الإنصاف 1/450 ـ بين الأمة البَرْزَة (وهي التي تبرز كثيراً كالرجل، وبين الأمة الخَفْرَة (وهي التي لا تظهر غالباً، وإنما تكون في البيت) . ولذا فرَّق ابن القيم بين إماء الاستخدام والابتذال، وبين إماء التسري اللاتي جرت العادة بصونهن وحجبهن، فقال رحمه الله ـ إعلام الموقعين 2/46 ـ: "وأما تحريم النظر إلى العجوز الحرة الشوهاء القبيحة، وإباحته إلى الأمة البارعة الجمال فكذب على الشارع, فأين حرم الله هذا وأباح هذا؟ والله سبحانه إنما قال: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} لم يطلق الله ورسوله للأعين النظر إلى الإماء البارعات الجمال, وإذا خشي الفتنة بالنظر إلى الأمة حرم عليه بلا ريب, وإنما نشأت الشبهة أن الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههن عن الأجانب, وأما الإماء فلم يوجب عليهن ذلك, لكن هذا في إماء الاستخدام والابتذال , وأما إماء التسري اللاتي جرت العادة بصونهن وحجبهن. فأين أباح الله ورسوله لهن أن يكشفن وجوههن في الأسواق والطرقات ومجامع الناس وأذن للرجال في التمتع بالنظر إليهن؟ فهذا غلط محض على الشريعة " ا. هـ كلامه رحمه الله. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (مجموع الفتاوى 15/372) : "ثبت في الصحيح: {أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل بصفية قال أصحابه: إن أرخى عليها الحجاب فهي من أمهات المؤمنين، وإن لم يضرب عليها الحجاب فهي مما ملكت يمينه، فضرب عليها الحجاب} وإنما ضرب الحجاب على النساء لئلا ترى وجوههن وأيديهن. والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء، كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أن الحرة تحتجب والأمة تبرز، وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمة مختمرة ضربها، وقال: أتتشبهين بالحرائر أي لكاع. فيظهر من الأمة رأسها ويداها ووجهها". ثم قال رحمه الله: "وكذلك الأمة إذا كان يخاف بها الفتنة كان عليها أن ترخي من جلبابها وتحتجب، ووجب غض البصر عنها ومنها. وليس في الكتاب والسنة إباحة النظر إلى عامة الإماء ولا ترك احتجابهن وإبداء زينتهن، ولكن القرآن لم يأمرهن بما أمر الحرائر، والسنة فرقت بالفعل بينهن وبين الحرائر، ولم تفرق بينهن وبين الحرائر بلفظ عام، بل كانت عادة المؤمنين أن تحتجب منهم الحرائر دون الإماء، واستثنى القرآن من النساء الحرائر القواعد فلم يجعل عليهن احتجاباً، واستثنى بعض الرجال وهم غير أولي الإربة، فلم يمنع من إبداء الزينة الخفية لهم لعدم الشهوة في هؤلاء وهؤلاء، فأن يستثنى بعض الإماء أولى وأحرى، وهن من كانت الشهوة والفتنة حاصلة بترك احتجابها وإبداء زينتها. وكما أن المحارم أبناء أزواجهن ونحوه ممن فيه شهوة وشغف لم يجز إبداء الزينة الخفية له، فالخطاب خرج عاماً على العادة، فما خرج عن العادة خرج به عن نظائره، فإذا كان في ظهور الأمة والنظر إليها فتنةٌ وجب المنع من ذلك، كما لو كانت في غير ذلك. وهكذا الرجل مع الرجال والمرأة مع النساء: لو كان في المرأة فتنة للنساء وفي الرجل فتنة للرجال، لكان الأمر بالغض للناظر من بصره متوجهاً كما يتوجه إليه الأمر بحفظ فرجه. فالإماء والصبيان إذا كن حسانا تختشى الفتنة بالنظر إليهم كان حكمهم كذلك كما ذكر ذلك العلماء" انتهى كلامه رحمه الله. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التدرج في التقوى

التدرج في التقوى المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 9/1/1425هـ السؤال السلام عليكم. شيخي الفاضل: لقد قرأت مرة في كتاب الإسلام ما هو للأستاذ: مصطفى محمود، عن تدرج أحكام الشرع كما في حالة تحريم الخمر وكيف أنها بدأت بالنهي عنها، حين الصلاة ثم تحريمها، وتحدث عن التدرج في التقوى، وقال إنه نزل قوله: "فاتقوا الله ما استطعتم"، وبعدها نزلت "اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"، وبعدها سمعت من أحدهم في أحد المحاضرات وكان الموضوع عن التقوى أنه نزلت (اتقوا الله حق تقاته) هي الأولى، فكانت صعبة على المسلمين فخففها الله وقال: (اتقوا الله ما استطعتم) رأفة ورحمة من الله -عز وجل- فأي الرأيين أصح؟ وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقد أنزل الله سبحانه وتعالى قوله في سورة آل عمران: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" [آل عمران: 102] ، ومعنى: "حق تقاته" كما رواه الحاكم (3213) عن ابن مسعود -رضي الله عنه- "أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر" وقال ابن عباس - رضي الله عنه-: "ألا يعصى طرفة عين" ولأن هذا الأمر لا يطيقه البشر ولا يستطيعون إليه سبيلاً خفف الله عن المسلمين فأنزل قوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ، وبهذا يتبين أن الصحيح في نزول هاتين الآيتين: أن آية آل عمران: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" أنزلت قبل آية التغابن" فاتقوا الله ما استطتعم" وقد صرح بهذا الأمر أكثر المفسرين، ومما يدل على ذلك ما نقله القرطبي (الجامع لأحكام القرآن: 4/101-102) ، عن المفسرين أنهم قالوا: (إنه لما نزلت هذه الآية - يعنون آية آل عمران- قال الصحابة - رضي الله عنهم- يا رسول الله من يقوى على هذا؟ وشق عليهم، فأنزل الله عز وجل-: "فاتقوا الله ما استطعتم" وكذلك ما رواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنه قال: "لما نزلت يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم، فأنزل الله تخفيفاً على المسلمين: "فاتقوا الله ما استطعتم" اهـ، نقل هذا الأثر السيوطي في أسباب النزول (387) ، ولكن وقع خلاف بين المفسرين في أمر آخر، وهو: هل آية آل عمران منسوخة أو محكمة؟ حيث اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين هما: القول الأول: إنها منسوخة، ونقل المفسرون عن مقاتل أنه قال: ليس في آل عمران من المنسوخ شيء إلا هذه الآية. القول الثاني: إنها غير منسوخة، ويكون قوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" بياناً لآية آل عمران، والمعنى: فاتقوا الله حق تقاته ما استطعتم، قال القرطبي وهذا أصوب، لأن النسخ إنما يكون عند تعذر الجمع، والجمع ممكن فهو أولى، وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه قال: قوله "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" لم تنسخ، ولكن حق تقاته، أن يجاهد في سبيل الله حق جهاده، ولا تأخذكم في الله لومة لائم وتقوموا بالقسط، ولو على أنفسكم وأبنائكم. اهـ. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحكمة من قضاء الحائض الصيام دون الصلاة

الحكمة من قضاء الحائض الصيام دون الصلاة المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 28/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي: ما الحكمة من أن المرأة لا تقضي ما فاتها من الصلاة بعد الحيض والنفاس وتقضي ما فاتها من الصيام؟ أرجو التوضيح. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحكمة من ذلك واضحة، وهو رفع الحرج عن الأمة والتيسير عليهم، فرمضان لا يكون في السنة إلا مرة واحدة، وعدد أيام الحيض أو وقوع النفاس فيه قليل، فليس في القضاء مشقة، بخلاف الصلاة، فإن الحيض يتكرر في كل شهر وفي كل يوم خمس صلوات، فحصيلة الأسبوع الواحد فقط 35 صلاة، وفي قضائها حرج على المرأة، فلله الحمد أولاً وآخراً. والله أعلم.

العقل ونصوص الشريعة

العقل ونصوص الشريعة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 12/05/1425هـ السؤال ما رأيكم فيمن يستخدم العقل في التعامل مع النصوص المترتبة على أحكام شرعية، على اعتبار أنه ليس كل ما نُقل قد وصل صحيحاً، وعملاً بمبدأ أخذ المعقول من المنقول؟ فإذا افترضنا أن هذا الشخص هو من أهل الذكر والعلم، ولكنه حين يقدم اجتهاده على شكل فتوى فإنه يستخدم مفتاحين لفتح خزانة الفتاوى، الأول هو: النص الشرعي، والثاني هو: العقل البشري، ولا يعتقد بإمكان فتح الخزنة إلا بهذين المفتاحين معاً، فما رأيكم في ذلك؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الأدلة الشرعية لا تنافي ما تقتضيه العقول السليمة، وهذا الأمر مقطوع به، والأدلة عليه كثيرة، ومن أهمها: (1) أن الأدلة الشرعية لو جاءت على خلاف ما تقتضيه العقول لكان التكليف بمقتضاها تكليفاً بما لا يطاق، وذلك من جهة التكليف بتصديق ما لا يصدقه العقل ولا يتصوره، بل يتصور خلافه ويصدقه. (2) أن مناط التكليف هو العقل، ولذلك رفع التكليف عن فاقد العقل كالمجنون والمعتوه، ونحوهما، ولو جاءت الأدلة الشرعية على خلاف ما تقتضيه العقول لكان لزوم التكليف على العاقل أشد من لزومه على المجنون والمعتوه، لأنه لا عقل لهؤلاء يصدق أو لا يصدق، بخلاف العاقل الذي يأتيه ما لا يمكن تصديقه به. (3) أنه لو كان كذلك لكان الكفار أول من رد الشريعة به، لأنهم كانوا في غاية الحرص على رد ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم-، فلو كانت على خلاف ما تقتضيه العقول لقالوا: إن هذا لا يعقل، لكنهم لم يقولوا شيئاً من ذلك، فدل على موافقتها للمعقول. وإذا ثبت أن أدلة الشريعة وأحكامها جارية على ما يوافق العقول السليمة، فإنه لا يمكن ولا يتصور أن يقع تعارض أو تناقض بين النقل الصحيح والعقل الصريح، لما سبق ذكره من ملاءمة الشريعة للعقول السليمة، وإذا حصل عند الإنسان تعارض بينهما فإن هذا التعارض إنما هو في نظر الإنسان، وليس في نفس الأمر وحقيقته والمقدم هنا هو النقل، لأن النقل الصحيح لا يعتريه ما يعتري العقل من الأهواء والآفات والأمراض. ولأجل هذا فإن المرجع في استنباط الأحكام وتحرير الفتاوى والبحث في النواحي الشرعية هو النصوص الشرعية الصحيحة، سواء وافق ذلك عقولنا أم خالفها، لأننا في هذا المجال لا نبحث عن حكم عقولنا، وإنما نبحث عن حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، وطريق معرفة حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- هو الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة. ومما يؤيد هذا الأمر أن الأحكام الشرعية منها ما هو معقول المعنى وهو الكثير، ومنها ما ليس كذلك، بحيث لا يهتدي العقل إليها، بل يتلقاها المسلم بالقبول من غير أن يكون للعقل مدخل فيها، كأعداد الركعات في الصلوات، وأعداد الحصى في رمي الجمرات، والغسل من بول الجارية، والنضح من بول الغلام، ومسح أعلى الخف، وترك أسفله، وأشباه ذلك مما لا مجال للعقل فيه. ولو جعلنا العقل حاكماً في المسائل الشرعية لما قبلنا هذا النوع من الأحكام؛ لأن العقل لا يهتدي إليها، ولا يفهم مما سبق ذكره أن الإسلام لا يجعل للعقل اعتباراً واهتماما، بل اهتم الإسلام بالعقل وأمر بإعماله في فهم سنن الله في الكون، وفي التدبر في أحكامه وشرائعه وآياته، ولذلك فإن كثيراً من الآيات تختم بما يدل على الاهتمام بالعقل نحو قوله: "أفلا تعقلون" [البقرة: 44] و"أفلا تتفكرون" [الأنعام: 50] ، ونحو ذلك، إلا أن الإسلام جعل للعقل حدوداً لا يتعداها ولا يقصر عنها، وهذه الحدود موضحة في نصوص الكتاب والسنة، والمجال لا يتسع لذكرها. ومما تحسن الإشارة إليه أن أهل العلم بحثوا هذه المسألة وتكلموا عنها في كتبهم المختلفة، ومن أهم هذه المؤلفات وأحسنها: كتاب درء تعارض العقل مع النقل، لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- وهو كتاب نادر وفريد في بابه، ينصح بالاطلاع عليه لمن أراد الاستزادة حول موضوع موافقة المعقول للمنقول. والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الزندقة وتتبع الرخص

الزندقة وتتبع الرخص المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 9/3/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ.. أرجو أن توضح لنا المقصود بـ "من تتبع الرخص فقد تزندق"، حيث إنني اختلفت أنا وزملائي في الجمع والقصر في القرية التي نسكنها، وهي تبعد عن بلدتنا 160 كلم، فأخذت برأي الجمع وأنا في تلك القرية، فأجمع الصلوات؛ بل حتى إننا نصلي في البيت إذا كنا جماعة لأننا مسافرون، وهذا أخذاً برأي أحد المشايخ المعروفين عندنا، فقالوا أنت تتبع الرخص، فأرجو منكم إيضاح الحق في هذا؟ وفقكم الله. الجواب أما معنى قولهم: "من تتبع الرخص فقد تزندق"، أي أن من تتبع الأقوال الشاذة والآراء المطروحة من شذوذات بعض أهل العلم، التي لا يكاد يسلم منها أحد من أهل العلم، فإن هذه علامة نفاق (تزندق) ، لأنه حينئذ يكون ممن اتبع هواه، وليس غرضه اتباع الحق من الكتاب والسنة، واعلم يا محب أن كل من لم يتبع الدليل من الكتاب والسنة بعد تبينه له ووضوح الدلالة من النص؛ فهو متبع لهواه ولابد، يقول تعالى: "فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [القصص:50] ، أما فيما يخص مسألتك، فالذي فهمت من سؤالك أنك مقيم في القرية، وساكن فيها، واتخذت بيتاً أنت وزملاؤك يصلح لمثلكم، فعلى هذا فقد انقطع السفر في حقكم، ولا يجوز لك الترخص برخص السفر، وهذا هو قول أكثر أهل العلم - رحمهم الله-، وأنت في هذا كأهل القرية الأصليين، لأنك اتخذت سكناً وأثثته بما يناسب حالك، وهذا نوع إقامة بلا شك، ولا يوجد في الشرع إلا مسافر ومن في حكمه أو مقيم، وأنت من المقيمين، أما إن كنت قد ضربت في الأرض وسافرت بسيارتك، فأنت في مسيرك مسافر، تترخص برخص السفر كلها، والله أعلم.

التكني بأبي القاسم

التكني بأبي القاسم المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين - رحمه الله - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 2/1/1424هـ السؤال هل يجوز أن يُكنى المرء بـ (أبو القاسم) تيمناً وتأسياً واقتداءً بالحبيب -صلى الله عليه وسلم-؟ وما أفضل ما يكنى به المرء نفسه من الأسماء؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب كان النهي عن الكنية بـ (أبو القاسم) في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- على الراجح من أقوال أهل العلم -أما الآن فلا بأس بالإطلاق بكنية (أبو القاسم) ، والله أعلم. أما أفضل ما يُكنى المرء نفسه فهذا يحتاج إلى عدم التكرار في المجتمع الصغير بكنية واحدة. والكنية بـ (أبو عبد الله) أو (أبو عبد الرحمن) مناسبة إذا لم تسبق إليها في مجتمعك الصغير.

استخدام الميل الفضي

استخدام الميل الفضي المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 9/1/1424هـ السؤال هل يجوز استخدام ميل الكحل إذا كان مصنوعاً من فضة لأنه لا يصدأ ولا يؤثر سلباً على العين كما لو كان من معادن أخرى؟ الجواب ذهب عامة الفقهاء إلى تحريم اتخاذ آلة الاكتحال من الفضة أو الذهب، واستدلوا بحديث أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضي عنها:"الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" متفق عليه البخاري (5634) ، ومسلم (2065) ، ووجه الدلالة من الحديث: أن منفعة استعمال آلة الاكتحال عائدة إلى البدن، فأشبه الأكل والشرب لاستواء ذلك في الاستعمال، ثم إن كل ما كان خارجاً عن جسد المرأة فلا يباح اتخاذه من أحد النقدين (الذهب والفضة) ، وآلة الاكتحال خارجة عن الجسد.

الحكمة من تحريم الأغاني والموسيقى

الحكمة من تحريم الأغاني والموسيقى المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 23/9/1424هـ السؤال ما هي الحكمة من تحريم الأغاني أو الموسيقى؟ الجواب الأخت سمية السلام عليكم، وشكرا لمراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ثم اعلمي بارك الله فيك انه ليس بالضرورة العلم بحكمة ما يحرم علينا؛ لأن ذلك من باب الاختبار والامتحان، هل نلتزم بما نؤمر به وننهى عنه أم لا؟ وهل نسلم بما يحرم علينا ولو لم نعلم الحكمة أم لا؟ وتأملي معي قول الله عز وجل: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء: 65] لا حظي ويسلموا تسليما لا بد من التسليم الكامل لله ولرسوله في كل أمر أمرنا به، أو نهي نهينا عنه علمنا فيه الحكمة أو لم نعلم، وكذلك قوله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا" [الأحزاب:36ٍ] وتأملي قوله: "يكون لهم الخيرة من أمرهم" وقارنيه بما عليه كثير من الناس من التردد من قبول أمر الله وأمر رسوله؛ لأنهم لم يقتنعوا بالحكم وهنا تكمن الخطورة وأصبحنا نرى أناسا يقترحون على الدين أحكاما ويتساهلون بالتحليل والتحريم بما يوافق هواهم؛ لمجرد انهم لا يجدوا في ذلك الحكم حكمة أو غير مقتنعين بالحكمة التي يمكن أن تظهر منها؛ لذلك عجبت من قول عائشة بنت الصديق - رضي الله عنهما- كما في البخاري (321) ، ومسلم (335) لما سئلت ما بال المرأة إذا حاضت تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة؟ تأملي معي جوابها: أنها لم تقل الصلاة كثيرة ومتكررة في كل يوم فخفف عن الحائض ذلك واقتصر على قضاء الصيام؛ لأنه شهر واحد في السنة أنها لم تقل من ذلك شيئا لقد قالت: (كنا يصيبنا ذلك على عهد رسول الله فنؤمر بقضاء الصيام دون الصلاة) ما الحكمة إذاً أنه الأمر والامتثال له، هكذا يغلقون أبواب الشيطان على أنفسهم وأبواب التردد في العمل بالحكم بحجة عدم فهم الحكمة؛ لذلك ينبغي يا أختي أن نوطن أنفسنا على العمل بالأحكام الشرعية سواء أدركنا الحكمة أم لم ندرك وإذا كان هناك أمر ذكروه أهل العلم في الحكمة من الأمر أو النهي دون تكلف فهو نور على نور ومما يمكن ذكره هنا من حكمة تحريم الغناء ما يمكن أن يجلبه على النفس من التعلق بغير ذكر الله والصد عن القرآن، وتحديث النفس بما يغنى به من ذكر الحبيب والهيام به؛ ولذلك وجدنا اليوم أن الغناء أصبح حقيقة بريد الزنا بسببه تهيج النفوس للحرام وتبعث الشهوات بتلك الأصوات الداعية للخنا والبعد عن الله، وكم وجدنا من أناس يرددون الأغاني ويخشعون لها اعظم من تردادهم لذكر الله أو خشوعهم بسماع القرآن، بل وجدنا من يعرض عن سماع القرآن؛ لأنه لا يجد فيه لذة ولا متعة بخلاف حاله مع مزمار الشيطان والحال اليوم تشهد بضحايا الأغاني وظهور حكمة التحريم منه اعظم من الحديث حولها والله الموفق وهو الهادي لسواء السبيل والسلام عليكم.

الاشتغال بالإعجاز العلمي في النصوص الشرعية

الاشتغال بالإعجاز العلمي في النصوص الشرعية المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 17/1/1425هـ السؤال هل يوجد دليل على مشروعية الاشتغال بمسألة الإعجاز العلمي في القرآن أو السنة النبوية الصحيحة؟ وهل نجد مثالا في عهد (خير القرون) على ذلك؟ لأن الموضوع بين الذين يؤيدونه بشكل مطلق والذين ينفونه بشكل مطلق أيضا ضاع عليهم الاحتكام إلى الشرع كما أمر بذلك العزيز الحكيم. وجزاكم الله خيرا ً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لقد ادخر القرآن الكريم كثيراً من الآيات للأجيال في عبارات معلومة الألفاظ، لكن الكيفيات والحقائق لا تتجلى إلا حيناً بعد حين، يقول -تعالى-: "إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين" [ص:87 - 88] ، وقد فسر الطبري معنى الحين بقوله: (فلا قول فيه أصح من أن يطلق كما أطلقه الله من غير حصر ذلك على وقت دون وقت) انظر تفسير الطبري (23/21) ، فلكل نبأ في القرآن زمن يتحقق فيه، فإذا تجلى الحديث ماثلاً للعيان أشرقت المعاني وتطابقت دلالات الألفاظ والتراكيب مع الحقائق، وهكذا تتجدد معجزة القرآن على طول الزمان، يقول العلي القدير: "وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل لكل نبأٍ مستقر وسوف تعلمون" [الأنعام: 66-67] ، ونقل ابن كثير عن ابن عباس - رضي الله عنهما- تفسيره للمستقر بقوله: "لكل نبأ حقيقة أي لكل خبر وقوع ولو بعد حين"، وقد تردد هذا الوعد كثيراً في القرآن الكريم بأساليب متعددة كما في قوله -تعالى-: "ثم إن علينا بيانه" [القيامة: 19] ، وقوله: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" [فصلت: 53] وقوله: "وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها" [النمل: 93] ، قال ابن حجر: (ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقه للعادة في أسلوبه وفي بلاغته وإخباره بالمغيبات فلا يمر عصر من العصور إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه) فتح الباري (9/7) ، قال محمد رشيد رضا: (ومن دلائل إعجاز القرآن أنه يبين الحقائق التي لم يكن يعرفها أحد من المخاطبين بها في زمن تنزيله بعبارة لا يتحيرون في فهمها والاستفادة منها مجملة وإن كان فهم ما وراءها من التفصيل الذي يعلمه ولا يعلمونه يتوقف على ترقي البشر في العلوم والفنون الخاصة بذلك) ، وقال جوهري: (أما قولك كيف عميت هذه الحقائق على كثير من أسلافنا؟، فاعلم أن الله هو الذي قال: "سأريكم آياتي فلا تستعجلون" [الأنبياء: 37] ، وقال: "وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها" [النمل: 93] ، إن الله لا يخلق الأمور إلا في أوقاتها المناسبة وهذا الزمان هو أنسب الأزمنة، والمدار على الفهم، والفهم في كل زمان بحسبه، وهذا زمان انكشاف بعض الحقائق) تفسير الجواهر (8/30-10/65) ، وفي قوله -تعالى-: "سأريكم آياتي فلا تستعجلون" [الأنبياء: 37] ، قال ابن عاشور: (وعد بأنهم سيرون آيات الله في نصر الدين) وهي كما قال الرازي: (أدلة التوحيد وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم- ولذلك قال سبحانه: "فلا تستعجلون"، أي أنها ستأتي لا محالة في وقتها، واستعجال المنكرين يعني كما قال جوهري: (استبعاد ما جاء في هذه الآيات من الأمور العلمية التي أوضحها علماء العصر الحاضر، فهم يستبعدونها طبعاً لأنهم لا يعقلونها فقال الله تعالى لا تستبعدوا أيها الناس: "سأريكم آياتي فلا تستعجلون" [الأنبياء: 37] ، فإذا لم تفهمها أمم سابقة، سيعرفها من بعدهم، فقد ادخرنا هذه الأمور لأمم ستأتي؛ لتكون لهم آية علمية على صدقك فتكون الآيات دائماً متجددة، قال الرافعي: (والكلام في وجوه إعجاز القرآن واجب شرعاً وهو من فروض الكفاية، وقد تكلم فيه المفسرون والمتكلمون، فإن كان ذلك قد وفى حاجة تلك الأزمنة، فهو لا يفي بحاجة هذا الزمان إذ هي داعية إلى قول أجمع وبيان أوسع، وبرهان أنصع في أسلوب أجذب للقلب وأخلب للب، وأصغى للأسماع، وأدنى إلى الإقناع) (إعجاز القرآن ص20) .

تأويل حديث: (القاتل والمقتول في النار)

تأويل حديث: (القاتل والمقتول في النار) المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 27/04/1425هـ السؤال الجمع بين حديث: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" وبين الآية: "وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما.." وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد: الحديث المذكور في السؤال أخرجه البخاري ح (31) ، ومسلم ح (2888) ، من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، فقلت: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه، وليس هناك تعارض بين الآية وهي قوله - عز وجل-: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الحجرات:9] ، وبين الحديث؛ بل يؤخذ من الآية دلالة على أن ما يحصل بين المؤمنين من قتال: فإنه لا يخرجهم عن الإيمان، فقد سماهم الله مؤمنين مع الاقتتال، وقال بعد ذلك: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" [الحجرات:10] ، وأخرج البخاري ح (2704) من حديث الحسن عن أبي بكرة - رضي الله عنه- قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خطب يوماً ومعه على المنبر الحسن بن علي - رضي الله عنهما- فجعل ينظر إليه مرة وإلى الناس أخرى، ويقول: "إن ابني هذا سيد، ولعل الله تعالى أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"، فكان كما أخبر عليه الصلاة، والسلام أصلح الله به بين أهل الشام والعراق بعد الحروب التي وقعت بينهم، وعلى هذا فمرتكب الكبيرة من قتل - وهذا إذا كانت المقاتلة بغير تأويل سائغ- وزنى وشرب خمر هو تحت المشيئة، ولا يخرج عن الملة، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة، كما قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ" [النساء: من الآية48] ، وقد بوب البخاري في كتاب الإيمان بقوله: باب المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها إلا بالشرك، ثم بوب أيضاً بقوله: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا" [الحجرات: من الآية9] ، قال البخاري: فسماهم المؤمنين، وذكر حديث أبي بكرة: "إذا التقى المسلمان...." الحديث قال ابن بطال: (غرض البخاري الرد على من يكفر بالذنوب كالخوارج ويقول إن من مات على ذلك يخلد في النار، والآية ترد عليهم، لأن المراد بقوله: "ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء: 48] ، من مات على كل ذنب سوى الشرك) ، قال الحافظ ابن حجر: (واستدل المؤلف يعني البخاري أيضاً على أن المؤمن إذا ارتكب معصية لا يكفر بأن الله تعالى أبقى عليه اسم المؤمن فقال: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا" [الحجرات: 9] ، ثم قال: "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم" [الحجرات: 10] ، واستدل أيضاً بقوله - صلى الله عليه وسلم- "إذا التقى المسلمان بسيفيهما" (سبق تخريجه) فسماهما مسلمين مع التوعد بالنار) ، والمراد هنا إذا كانت المقاتلة بغير تأويل سائغ. والحاصل أن ما جاء في هذا الحديث من توعد الملتقيين بسيفيهما بالنار، هذا الوعيد تحت مشيئة الله - عز وجل- إن شاء عذبهما وإن شاء غفر لهما؛ لعموم قوله: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء: 48] . لكن لا يخلدان في النار، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة في حكم مرتكب الكبيرة إذا مات من غير توبة؛ لأن التوبة تجب ما قبلها هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل يقع التعارض بين نصوص الكتاب والسنة؟

هل يقع التعارض بين نصوص الكتاب والسنة؟ المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 7/10/1424هـ السؤال السلام عليكم. هل يمكن أن يعارض حديث صحيح القرآن الكريم؟ هل يمكن أن ينسخ حديث صحيح حكماً من أحكام القرآن، أو يضيف حكماً إضافياً لحكم ثابت بالقرآن؟ أرجو التوضيح بأمثلة على كل مسألة، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: أولاً: يقول الله سبحانه وتعالى:"ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً" [النساء: 82] ، وانطلاقاً من هذه الآية الكريمة ومثيلاتها فإن النصوص الشرعية-من الكتاب والسنة- يصدق بعضها بعضاً، ويؤكد بعضها ما يدل عليه البعض الآخر. ونتيجةً لهذا الترابط بين الأدلة الشرعية فإنه لا يمكن ولا يتصور أن يقع تعارض حقيقي بين دلالات النصوص الشرعية، بحيث يدل بعضها على حكم وبعضها الآخر على حكم مخالف للحكم الأول، بحيث لا يمكن الجمع بينهما. وقد يقول قائل: كيف يقرر هذا الأمر ونحن نجد كثيراً من الأدلة الشرعية حكم العلماء بوقوع التعارض بينها، ومصداقاً لذلك فإنهم وضعوا القواعد والضوابط التي يجب أن يراعيها الإنسان عندما يعرض له دليلان متعارضان كل منهما يدل على خلاف ما يدل عليه الآخر؟ وهذا يدل على وقوع التعارض بين الأدلة الشرعية. فيقال: إن التعارض بين الأدلة الشرعية ليس واقعاً في نفس الأمر وحقيقته؛ لأن الأدلة الشرعية منزَّهة عن الاضطراب والخلل؛ لأنها منزلة من أحكم الحاكمين الذي خلق فأحسن ما خلق وشرع فأحكم ما شرع، وإنما هو في نظر الإنسان فقط، نتيجةً لقصور فهمه، ويؤيد هذا أنه قد يتعارض عند إنسان أدلةٌ لا تتعارض عند غيره، مما يدل على أن هذا التعارض ليس في حقيقة الأمر. ومن خلال ما سبق يتبين أنه لا يمكن أن يتعارض دليلان صحيحان أبداً سواءٌ أكانا من الكتاب أو من السنة أو منهما، ولكن إذا عرض للإنسان دليلان يظهر أنهما متعارضان، فإن الواجب عليه أن يسلك طرق دفع التعارض ورفعه التي قررها أهل العلم، وهي: (1) الجمع بينهما، وهو أول الطرق وأولاها؛ لأن الجمع بين الدليلين فيه عمل بكلا الدليلين، وهو المتعين عند القدرة عليه، قال الخطيب البغدادي في كتاب الفقيه والمتفقه (المجلد الثاني 222-223) : (ما من نصين صحيحين متخالفين إلا ويمكن الجمع بينهما) . ويمكن التمثيل لهذا الطريق بالتعارض الذي يظهر بادئ الأمر بين قوله تعالى: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما" [المائدة: 38] . وقوله عليه الصلاة والسلام:"لا تقطع اليد إلا في ربع دينارٍ فما فوقه" أخرجه البخاري (6790) ، ومسلم (1684) من حديث عائشة -رضي الله عنها- ووجه التعارض هنا: أن الآية تفيد قطع يد كل سارق سواءٌ أسرق كثيراً من المال أو قليلاً، والحديث يفيد أن القطع لا يكون إلا لمن سرق ربع دينارٍ فصاعداً، ولكن هذا النوع من التعارض ليس حقيقياً، ولذلك فإنه يدفع بوجهٍ من وجوه الجمع، وهو حمل العام على الخاص، حيث نخصص عموم الآية بالحديث فنقطع يد كل من سرق ربع دينارٍ فصاعداً ولا نقطع يد من سرق أقل من ذلك، وفي هذا الجمع عمل بكلا الدليلين. فإن تعذر الجمع بين الدليلين المتعارضين بأي وجهٍ من وجوه الجمع انتقلنا إلى الطريق الثاني، وهو: (2) النسخ، فنحكم بأن أحد الدليلين المتعارضين ناسخٌ لحكم الدليل الآخر، فنعمل بالدليل الناسخ ونترك الدليل المنسوخ، ولكن هذا الطريق مشروط بمعرفة تاريخ كلٍ من النصين؛ لأن النسخ عبارة عن رفع حكم الدليل الأول بالدليل الثاني المتأخر عنه، وإذا جهلنا التاريخ لم نعرف المتقدم من المتأخر، فلا نستطيع معرفة الناسخ من المنسوخ. ويمكن التمثيل لهذا الطريق بقوله تعالى:"واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهم أربعةً منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً " فإن هذه الآية دالة على أن المرأة إذا اقترفت الفاحشة وثبتت عليها فإنها تمسك في البيوت حتى يتوفاها الموت أو يجعل الله لها سبيلاً، إلا أن هذه الآية منسوخة بقول النبي صلى الله عليه وسلم:" خذوا عني، خذوا عني، خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة أو الرجم ". (رواه مسلم، كتاب: الحدود، باب: حد الزنى، رقم الحديث: 4414) ، وكذلك آية الوصية للوالدين والأقربين، وهي قوله تعالى:" كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين" نُسخت بقوله صلى الله عليه وسلم:" إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" (رواه أبو داود، كتاب: الوصايا، باب: ما جاء في الوصية للوارث، رقم الحديث: (2870) ، والترمذي، كتاب: الوصايا، باب: ما جاء لا وصية لوارث، رقم الحديث: (2120) ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح) فإن تعذَّر معرفة الناسخ من المنسوخ من الدليلين المتعارضين فإنا ننتقل إلى الطريق الثالث، وهو: 3- الترجيح، فإذا تعارض عند الإنسان دليلان ولم يستطع الجمع بينهما، وتعذَّر عليه معرفة الناسخ من المنسوخ، فإن عليه حينئذٍ المصير إلى الترجيح بينهما، فينظر في الدليلين المتعارضين ويعمل بوجوه الترجيح التي ذكرها أهل العلم، فما ترجح منهما وجب أخذه والعمل به؛ لأن العمل بالراجح متعين، ومن نظر في أحوال الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين ومن بعدهم وجدهم متفقين على العمل بالراجح وترك المرجوح. فإن تعذر عليه معرفة الراجح من المرجوح، فإن العلماء قد اختلفوا فيما يجب عليه، والذي يظهر من أقوالهم أن الدليلين يتساقطان ويطلب الحكم من غيرهما. وهذا الكلام المذكور يسري في جميع الأدلة التي يظهر منها التعارض، سواءٌ أكان الدليلان المتعارضان من الكتاب أو من السنة أو أحدهما من الكتاب والآخر من السنة. ما سبق ذكره هو الواجب عندما يعرض للإنسان دليلان يظهر منهما التعارض، وقد ذكرت هذه الطرق على سبيل الإيجاز والاختصار، وإلا فلأهل العلم فيها كلام طويل لا يناسب المقام ذكره، ومن أراده فعليه بالرجوع إلى مباحث التعارض والترجيح المذكورة في كتب أهل العلم خصوصاً ما كتبوه في مؤلفاتهم في أصول الفقه. ثانياً: ذهب كثير من أهل العلم إلى جواز أن تكون السنة ناسخة للقرآن الكريم، سواء أكانت السنة متواترةً أو آحاداً، واستدلوا بأدلة عديدة، أهمها وأولاها: الوقوع، وهو أقوى أدلة الجواز عموماً. ومن أمثلة نسخ السنة المتواترة للقرآن الكريم ما تقدم ذكره، وهو نسخ عقوبة الزنا الواردة في القرآن الكريم بقوله عليه الصلاة والسلام:"خذوا عني ……وكذلك نسخ الوصية للوالدين والأقربين الواردة في القرآن الكريم بقوله عليه الصلاة والسلام:" لا وصية لوارث". ومن أمثلة نسخ السنة الآحادية للقرآن الكريم: قوله تعالى:" قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة" الآية، فإنها منسوخة بأن النبي عليه الصلاة والسلام:" نهى عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير " (رواه مسلم، كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، رقم الحديث: 4994) ، وهو خبر آحاد. ثالثاً: أما ما سألت عنه من جواز أن تضيف السنة حكما إضافيا لحكم ثابت بالقرآن؟ فهذه المسألة تكلم عنها أهل العلم في المباحث المتعلقة بالسنة وبحثوها تحت عنوان: استقلال السنة بالتشريع، أي: هل يجوز أن تثبت السنة أحكاماً غير ثابتة في القرآن؟ وهذه المسألة وقع فيها خلاف بين أهل العلم، حيث أجازه قوم ومنعه آخرون، والراجح - والله أعلم - هو الجواز، ويدل للجواز أدلة عديدة قوية، ومن أهمها: 1- عموم عصمة النبي صلى الله عليه وسلم عن الخطأ في التبليغ لكل ما جاء به عن الله تعالى، ومن ذلك ما روته السنة وسكت عنه الكتاب. 2- عموم آيات الكتاب الدالة على حجية السنة، فهي دالةٌ على حجيتها: سواءٌ أكانت مؤكدةً لما في الكتاب، أم مبينةً له، أم مستقلة. 3- الوقوع، فقد ثبتت أحكام كثيرة لم يكن لها ذكر في القرآن، وإنما كان مستندها السنة المستقلة عن القرآن، وأجمع المسلمون على مشروعيتها، ولو لم يكن هذا النوع من السنة محتجاً به لما ثبتت هذه الأحكام، ولما أجمع المسلمون عليها، ومن هذه الأحكام: أ - ميراث الجدة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس (رواه أبو داود، كتاب: الفرائض، باب: في الجدة، رقم الحديث:2894، والترمذي، كتاب: الفرائض، باب: ما جاء في ميراث الجدة، رقم الحديث: 2100، وقال ابن قدامة في المغني (9/54) :قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح) . ب - مشروعية الشفعة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم (متفق عليه، رواه البخاري، كتاب: الشفعة، باب: الشفعة فيما لم يقسم، رقم الحديث: (2257) ، ومسلم، كتاب: المساقاة والمزارعة، باب: الشفعة، رقم الحديث: (4128) . ج - تحريم الجمع بين المرأة وعمتها في النكاح، فقد ثبت نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه (متفق عليه، رواه البخاري، كتاب: النكاح، باب: لا تنكح المرأة على عمتها، رقم الحديث: (5110) ، ومسلم، كتاب: النكاح، باب: تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح، رقم الحديث: (3443) . د - تحريم لحوم الحمر الأهلية، فقد ثبت نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلها (متفق عليه، رواه البخاري، كتاب: الذبائح والصيد، باب: لحوم الحمر الإنسية، رقم الحديث: (5521) ، ومسلم، كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، رقم الحديث: (5009) . وغير ذلك من الأحكام التي ثبتت، وعمل بها المسلمون قديماً وحديثاً، وكان مستندهم في ذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يكون لها ذكر في القرآن الكريم. ومن أراد الاستزادة حول موضوع استقلال السنة بالتشريع فعليه بكتاب: حجية السنة، للدكتور عبد الغني عبد الخالق -رحمه الله- فقد جمع في كتابه هذا كلام أهل العلم في المسألة ووجهه بطريقة علمية متميزة. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

دلالة الاقتضاء والإيماء

دلالة الاقتضاء والإيماء المجيب عبد الله بن سعد الكليب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 9/2/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: يذكر الأصوليون ويقولون دلالة الاقتضاء ودلالة الإيماء ومفهوم المخالفة ومفهوم الموافقة، وغير ذلك من الدلالات، نريد القول الراجح في العمل بهذه الدلالات مع خلاصة مبسطة لكي يسهل علينا حفظها وفهمها مع ذكر أمثلة وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله. وبعد: فتنقسم دلالة اللفظ على الحكم عند الجمهور إلى قسمين هما: منطوق ومفهوم ولكل منهما أقسام: المنطوق وأقسامه: المنطوق هو: ما دل عليه اللفظ في محل النطق، وذلك كدلالة قوله: "لا يغتب بعضكم بعضا" [الحجرات:12] على النهي عن الغيبة وهو قسمان: صريح وغير صريح، والصريح هو: هو ما وضع اللفظ له فيدل عليه بالمطابقة أو التضمن، كالمثال السابق وكما في قوله تعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:275] ، فإنه يدل بمنطوقه الصريح على حل البيع وحرمة الربا. والمنطوق غير الصريح هو: ما لم يوضع اللفظ له، بل هو لازم لما وضع له، أي هو دلالة اللفظ على الحكم بطريق الالتزام لا بطريق المطابقة والتضمن وله أقسام: 1- دلالة اقتضاء وهي دلالة اللفظ على ما يكون مقصودا للمتكلم ويتوقف عليه صدق الكلام أو صحته عقلا أو شرعاً، ومثال الأول قوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" أخرجه ابن ماجة (2043) وصححه الألباني، فإن الخطأ والنسيان لم يرفعا بدليل وقوعهما من أمته إذن فلا بد من تقدير شيء حتى يكون الكلام صادقا وذلك بأن نقول رفع إثم الخطأ والنسيان أو نحو ذلك. ومثال الثاني: قوله تعالى: "واسأل القرية" [يوسف:82] فإن هذا الكلام لا بد فيه من تقدير لفظ لكي يصح عقلا وهو لفظ الأهل إذ القرية وهي الأبنية المجتمعة لا يصح سؤالها عقلاً. ومثال الثالث: قوله تعالى: "فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر" [البقرة:184] فتقدير الكلام فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر إذ إن المريض والمسافر إذا صاما فلا قضاء عليهما شرعاً. فاحتجنا إلى تقدير لفظ فأفطر. ودلالة الإيماء هي: دلالة اللفظ على لازم مقصود للمتكلم لا يتوقف عليه صدق الكلام أو صحته عقلاً أو شرعاً بسبب اقتران الحكم بوصف لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان اقترانه به غير مقبول ولا مستساغ فيفهم منه التعليل ويدل عليه وإن لم يصرح به، ومثاله: قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق" أخرجه الترمذي (1378) وأبو داود (3073) ، وأحمد (22272) ، ومالك (1456) وصححه الألباني فهنا اقترن تملك الأرض بوصف الإحياء فلو لم يكن وصف الإحياء علة في التملك لكان ذكر هذا الوصف لا معنى له، دلالة الإشارة هي: دلالة اللفظ على لازم غير مقصود للمتكلم، ومثاله قوله تعالى: "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" [الأحقاف:15] مع قوله تعالى: "وفصاله في عامين" [لقمان:14] فإنه يدل على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وهذه الدلالة ليست هي المقصود بالآيتين، وإنما المقصود في الآية الأولى هو بيان حق الوالدة وما تقاسيه من التعب في الحمل والرضاع، والمقصود في الآية الثانية بيان أكثر مدة الرضاع، ولكن هذه الدلالة لازم للمقصود من الآيتين. القسم الثاني: المفهوم وهو: ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق، وهو قسمان: مفهوم الموافقة، ومفهوم المخالفة. مفهوم الموافقة: هو دلالة اللفظ على ثبوت حكم المنطوق به للمسكوت عنه لاشتراكهما في معنى يدرك من اللفظ بمجرد معرفة اللغة دون الحاجة إلى بحث واجتهاد، ومثاله قوله تعالى: "فلا تقل لهما أف" [الإسراء23] فإنه يدل على تحريم الضرب - وهو المسكوت عنه - لاشتراك التأفف والضرب في معنى الإيذاء. ومفهوم المخالفة: هو دلالة اللفظ على ثبوت حكم للمسكوت عنه مخالف لما دل عليه المنطوق، ومثاله: قوله تعالى:" ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات" [النساء:25] ، فإنه يدل على تحريم الزواج بالإيماء عند استطاعة طول الحرة، وكقوله تعالى: "وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن" [الطلاق:6] ، فإنه يدل على عدم وجوب النفقة للمعتدة غير الحامل، وهذه الدلالات جميعها صحيحة ومعتبرة على تفاوت بينها في قوة الدلالة.

حدود الله في (الطلاق- والمعاملات- والعبادات)

حدود الله في (الطلاق- والمعاملات- والعبادات) المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 15/6/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد: أخي الكريم -أعزكم الله- ما هي حدود الله في (الطلاق - والمعاملات - والعبادات؟) وجزاكم الله عنا وعن الأمة الإسلامية خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فالجواب: أن هذا سؤال مهم جداً، ونافع ومفيد لطالب العلم، وجوابه يحتاج إلى بسط، فأقول مستعيناً بالله، مراعياً جانب الاختصار ما يلي: أولاً: العبادة ومفهومها: إن للعبادة مفهوماً عاماً، ومفهوماً خاصاً: أما العام فهو التذلل لله -تعالى- محبة وتعظيماً، بفعل أمره واجتناب نهيه على الوجه الشرعي. أما الخاص: ويتعلَّق بتفاصيلها فهو أن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، والأصل فيها المنع والحظر، فلا يجوز لأحد أن يتعبد لله -تعالى- إلا بما شرعه، أو شرعه لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله" [الشورى: 21] . فمن تعبد الله بشيء لم يشرعه الله، أو بشيء لم يكن عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع، سواء كان ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، أو فيما يتعلَّق بأحكامه وشرعه؛ قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور"رواه أبو داود (4607) ، والترمذي (2776) ، وابن ماجة (42) ، والعبادة مبنية على أمرين: الأول: الحب، فبه تطلب مرضاة المعبود، تحبه فتطلبه. الثاني: التعظيم، فبه يُهرب من معصية المعبود، تعظمه فتخافه. ولا تقبل العبادة إلا بشرطين: الأول: الإخلاص لله -تعالى- بأن يقصد المرء بعبادته التقرُّب إلى الله -تعالى- والوصول إلى دار كرامته. الثاني: موافقة الشريعة، فلا بد من المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم- بأن يعبد الله -تعالى- على وفق ما شرعه -صلى الله عليه وسلم- أو قلَّ. والأدلة على هذين الشرطين كثيرة منها: قوله -تعالى-: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا" [الكهف: 110] ، وقوله -تعالى-: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء" [البينة: 5] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) من حديث عائشة-رضي الله عنها-. ثانياً: الطلاق، وحكمه: الطلاق: هو حل قيد النكاح أو بعضه، فإن كان بائناً فهو حل لقيد النكاح كله، ولا يكون إلا بعد نكاح، والأصل فيه الكراهة؛ لقوله -تعالى-: "فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" [آل عمران: 226-227] ، فقوله: "سميع عليم" فيه شيء من التهديد، وهذا في الطلاق، أما في الفيء فقال: "فإن الله غفور رحيم"، فدل هذا على أن الطلاق غير محبوب إلى الله -عز وجل- وأن الأصل فيه الكراهة، وقال صلى الله عليه وسلم: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" رواه أبو داود (2178) ، وابن ماجة (2018) من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- لكن هذا الحديث ضعيف، وفي معناه نظر واضح - ولأن في الطلاق تشتيت للأسرة غالباً- ويباح الطلاق للحاجة، مثل ألا يستطيع الزوج الصبر على زوجته، ويستحب لضرر المرأة؛ لما في ذلك من الإحسان إليها لإزالة الضرر عنها، ويتأكد ذلك جداً في بعض الأحوال ويجب إذا آلى من زوجته بأن حلف ألَّا يجامعها أكثر من أربعة أشهر، فإذا تمت أربعة أشهر فإما أن يرجع ويكفر كفارة يمين، وإما أن يطلق وجوباً، وكذلك يجب أن يطلق إذا اختلت عفتها، ولم يستطع الإصلاح، وكذلك يجب أن يفارقها إذا كانت لا تصلي، وقد أصرَّت على ذلك، ويحرم أن يطلقها طلاقاً بدعياً، إما في الوقت كأن يطلقها في الحيض، أو في طهر جامعها فيه وهي ممن تحيض، ولم يتبين حملها، وإما في العدد بأن يطلق أكثر من واحدة. إذاً فالطلاق السني أن يطلقها طاهراً من غير جماع، أو قد تبين حملها طلقة واحدة. وهل يقع الطلاق البدعي أم لا؟ خلاف بين العلماء، وقاعدة شيخ الإسلام، وتلميذه ابن القيم وتبعهما العلامة الشيخ/ محمد بن عثيمين: أن الطلاق البدعي لا يقع؛ لأدلة كثيرة معلومة، وبالإمكان الرجوع إليها في (مجموع الفتاوى) (وزاد المعاد) ، و (إغاثة اللهفان) ، و (الإعلام) ، وفتاوى الشيخ محمد بن عثيمين وشرحه للزاد وللبلوغ. ويصح الطلاق ممن يعقل معناه من زوج مكلف، وصبي مميز. ثالثاً: المعاملات، والأصل فيها: الأصل في المعاملات الحل؛ لقوله -تعالى-: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة: 275] ، فكل مبايعة أو معاوضة فالأصل فيها الحل، وهكذا بقية العقود، وقال تعالى: "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً" [البقرة: 29] ، ولا يحرم منها إلا ما دل الدليل على تحريمه، ومدار ذلك على أمور ثلاثة: 1- الربا. 2- الغرر. 3- الظلم. فكل معاملة تضمنت ربا أو غرراً أو ظلماً، أو أدت إلى ذلك فهي محرمة، كما قرره شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، والشيخ العلامة محمد بن عثيمين - رحمة الله على الجميع-؛ لأن المعاملات مبناها على العدل والقسط. أما الربا ففروعه كثيرة، ومنها مسألة العينة: وهي بيع بيعتين في بيعة؛ بأن يبيع سلعة بثمن مؤجل، ثم يرجع فيشتريها ممن باعها عليه بثمن حالٍّ أقل. أما الغرر فكل بيع فيه ميسر وقمار ومخاطرة، ومن ذلك كل بيع مجهول. أما الظلم فهو أعم مما تقدم إذ يشملهما، فكل ما اشتمل على أحدهما من المعاملات دخله الظلم، كما أنه يشمل غير ذلك مما دخله الظلم الظاهر، كبعض المعاملات المعاصرة، ومنها على سبيل المثال: مسألة الإيجار المنتهي بالتمليك، ومنها اشتراط حلول الثمن المؤجل بتأخر سداد أحد الأقساط، كما يحصل في بيع التقسيط أحياناً، ووجه الظلم فيه أن التأجيل يكون له أثر معلوم في زيادة ثمن السلعة على ثمنها لو بيعت بثمن حال، أما قوله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمين على شروطهم ... " رواه الترمذي (1352) ، وابن ماجة (2353) من حديث عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه- فالمقصود بذلك الشروط الصحيحة التي لا تتضمن ربا، أو غرراً، أو ظلماً، وقد علل الشيخ العلامة محمد بن عثيمين تحريم هاتين المسألتين بذلك - يعني بالظلم-، وذلك حين سألته - رحمه الله-. المراجع: 1- مجموع فتاوى شيخ الإسلام. 2- القواعد النورانية لشيخ الإسلام. 3- نظرية العقد (العقود) لشيخ الإسلام. 4- زاد المعاد. 5- الإعلام. 6- إغاثة اللهفان (كلها لابن القيم) . 7- مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين. 8- شرحه للزاد والبلوغ المطبوع والمسجل بالأشرطة. 9- الفتاوى السعدية. 10- المختارات الجلية (كلاهما للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي) على الجميع - رحمة الله-. والله أعلم.

ما فائدة الإجماع مع ورود النص في المسألة؟!

ما فائدة الإجماع مع ورود النص في المسألة؟! المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 11/05/1426هـ السؤال أرجو التوضيح: أحيانا نجد إجماع أهل العلم على أمر ورد فيه نص، فما معنى الإجماع مع ورود النص من الشارع الحكيم؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الإجماع عند الأصوليين: هو اتقاق جميع مجتهدي أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته على حكم شرعي في واقعة، في عصر من العصور، وهو المصدر الثالث من مصادر الاستدلال، بعد الكتاب والسنة. ويحكى الإجماع، عادة في حالين: إحداهما: في الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، كفرضية الصلاة ونحوها، بغرض تأكيد الثبوت، وحصول الاستفاضة بالعلم بذلك. والثانية: في مسائل واقعة بعده -صلى الله عليه وسلم-، إذ إن اتفاق الصحابة في عهده لا يعد إجماعاً من حيث كونه دليلاً، لأن الدليل حصل بالسنة النبوية. وجميع مسائل الإجماع إما تستند إلى دليل، أو لا تخالف دليلاً. فلا يمكن أن تجمع الأمة على خلاف دليلٍ صحيح صريح غير منسوخ. وعليه فحكاية الإجماع على أمرٍ ورد فيه نص يفيد ما يلي: 1 - تكثير الأدلة على إثبات الحكم الشرعي. 2 - الاتفاق على تنزيل النص على واقعة معينة حدثت بعد عصر النبوة. 3 - إثبات فهم السلف للنص على نحو معين. 4 - منع حدوث خلاف لاحق. والله أعلم.

الفرق بين الحكمة والعلة

الفرق بين الحكمة والعلة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 01/11/1425هـ السؤال ما الفرق بين العلة والحكمة؟ أرجو ضرب أمثلة حتى يتضح الفرق، مثل العلة أو الحكمة من النوم على الشق الأيمن، وتحريم الخمر، والوضوء من أكل لحم الإبل. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: العلة والحكمة مصطلحان من المصطلحات الأصولية، وقد تكلم عنهما الأصوليون في مواضع مختلفة من كتبهم الأصولية، وأكثر ما يكون ذلك في مباحث القياس ومباحث المصلحة. وهذان المصطلحان بينهما قدرٌ من التشابه، مما يجعل أحدهما قد يلتبس بالآخر، والبحث في الفرق بين هذين المصطلحين من المسائل الشائكة التي اختلفت النقول فيها عن أهل العلم، ونحاول فيما يأتي أن نبين بعض الجوانب المتعلقة بكل منهما مما قد يساعد في إبراز الفرق بينهما، فأقول: اختلف أهل العلم في تعريف العلة على أقوال كثيرة، من أشهر هذه الأقوال: أن العلة: الوصف الظاهر المنضبط المعرِّف للحكم، فمثلًا: جعل الشارع قطع يد السارق حدًّا من الحدود الشرعية، وإذا بحثنا عن علة هذا الحكم نجد أنها: السرقة، والسرقة من الأوصاف الظاهرة التي لا تخفى على أحد، كما أنها منضبطة لا تختلف من شخص لآخر أو من مكان لآخر، وإذا تحققنا من وجود السرقة فإنها تعرّفنا على وجود الحكم الذي هو قطع اليد إذا تمت شروطه. أما الحكمة فهي: ما يترتب على مشروعية الحكم من جلب مصلحة أو دفع مفسدة، أوهي: المصلحة التي قصد الشارع من تشريع الحكم تحقيقها أو تكميلها, أو المفسدة التي قصد الشارع بتشريع الحكم دفعها أو تقليلها، وكما قلنا في قطع يد السارق: إن علته السرقة، فإن الحكمة من تشريع هذا الحد: حفظ أموال الناس وحمايتها وصيانتها. وبهذا يتبين أن حكمة الحكم: هي الباعث على تشريعه, والغاية المقصودة منه, أما علة الحكم فهي الأمر الظاهر المنضبط الذي بنى الشارع الحكم عليه، وربطه به وجودًا وعدمًا; لأن من شأن بنائه عليه وربطه به أن يحقق حكمة تشريع الحكم. ويترتب على هذا أن الحكمة مبنية على العلة، فإذا عرفنا العلة أمكننا معرفة الحكمة، أما إذا خفيت علينا العلة فإنه لا يمكننا التعرف على الحكمة، وهذا الأمر يجعلنا نتعرض لأقسام الأحكام الشرعية من حيث معرفة العلة، وهي قسمان: القسم الأول: أحكام معقولة المعنى، وهذه الأحكام يمكن معرفة عللها، مثل: تحريم الخمر، ومشروعية القصاص، وما إلى ذلك، وهذا القسم يمكن معرفة الحكمة من مشروعيته. القسم الثاني: أحكام غير معقولة المعنى، فلا يمكننا معرفة العلة فيه، وهذا لا يدل على أن هذه الأحكام ليس لها علل، بل لها علل لكن خفيت علينا، ويطلق العلماء على هذا النوع من الأحكام: الأحكام التعبدية، مثل عدد ركعات الصلاة، وتقبيل الحجر الأسود، ومسح أعلى الخف، ونحو ذلك، وفي هذا القسم لا يمكن معرفة الحكمة من مشروعيته؛ لعدم التعرف على العلة، لكن يجب الإيمان به، واعتقاد أنه لم يُشرع لنا إلا لحكمة خفيت علينا. ومما يحسن التنبيه إليه أن العلة نوعان: الأول: العلة بمعناها المتقدم، وهي التي يستخدمها أهل العلم في عملية القياس الشرعي المعروف. الثاني: العلة الغائية، وهي بمعنى الأهداف المرجوة من أي حكم من الأحكام، والعلة بهذا المعنى تكون مرادفةً للحكمة، فمثلًا: جاء الشرع بمشروعية قصر الصلاة في السفر، والعلة الاصطلاحية في هذا الحكم: السفر. والعلة الغائية التي بمعنى الحكمة: دفع المشقة والضيق عن الناس، وكذلك الإفطار في السفر، فإن علة هذا الحكم: السفر. والعلة الغائية التي بمعنى الحكمة: دفع المشقة والضيق عن الناس. أما تحريم الخمر، ومشروعية النوم على الشق الأيمن- انظر صحيح البخاري (247) ومسلم (2710) - والوضوء من لحم الإبل- انظر صحيح مسلم (360) - فهذه الأحكام، ولا شك، لها علل شرعية معتبرة، قد نعرفها وقد تخفى علينا، وقد اجتهد أهل العلم في بيان عللها وحِكمها، وفيما يأتي ذكرٌ لشيء من ذلك: - تحريم الخمر، العلة فيه: الإسكار، فمتى ما وجد الإسكار وجد التحريم، وهذا معنى قول العلماء: إن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا. أما حكمة تحريم الخمر فهي: المحافظة على عقول الناس والبعد بها عمّا يفسدها. - الوضوء من أكل لحوم الإبل، وهو من الأحكام التعبدية، ومع هذا فقد حاول بعض أهل العلم تعليل هذا الحكم، كابن القيم حيث بين أن لحوم الإبل لها تأثير على من يأكلها؛ لأن الإبل فيها الفخر والخيلاء، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم- أخرجه البخاري (3301) ومسلم (52) - ولأنه قد جاء أن على ظهر كل بعير شيطان- أخرجه أحمد (16039) - وما إلى ذلك، فهذا الذي ذكره ابن القيم هو بمثابة علة الأمر بالوضوء من أكل لحوم الإبل، والحكمة من ذلك البعد عن القسوة وبقاء المسلم على فطرته، فإن المسلم هيّن ليّن. - استحباب النوم على الشق الأيمن، فقد بين أهل العلم حكمة المشروعية من هذا الحكم، وبينوا أن النوم بهذه الكيفية مفيد من الناحية الصحية، ودعموا ما ذهبوا إليه بكلام علماء الطب، ومن أراد الاستزادة فيما يتعلق بالحكمة من مشروعية النوم على الشق الأيمن فعليه بالكتب المؤلفة في الطب النبوي، خصوصًا كتاب ابن القيم، رحمه الله. ومحاولة التعرف على علل الأحكام وحِِِِِِِكَمِها نوع من أنواع الاجتهاد المطلوب شرعًا، ولذلك اجتهد كثير من أهل العلم في استنباط علل الأحكام وحكمها، وهو أمر مطلوب له أثره البالغ في امتثال هذه الأحكام، كما أنه طريق من طرق معرفة مقاصد الشارع، ولاشك أن العلم بالمقاصد الشرعية من مهمات العلوم، ولأجل هذا عدّ بعض أهل العلم معرفة مقاصد الشريعة شرطًا من شروط الاجتهاد. هذا. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الفرق بين العاصي والفاسق والفاجر

الفرق بين العاصي والفاسق والفاجر المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 4/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. لقد سمعنا عن فتوى تحريم شرب الدخان، ففيه من يقول إنه معصية، أي أن شاربه عاص، وفيه من يقول إنه فسق، أي أن شاربه فاسق، وفيه من يقول إنه فجور، فما الفرق بين العاصي والفاسق والفاجر؟ جزاكم الله كل خير عن الإسلام. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المعصية والفسق والفجور كلمات مترادفة تؤدي غالباً إلى معنى واحد، والفروق بينها قليلة، فالمعصية أهم هذه المصطلحات، فهي تشمل الكبائر والصغائر، والفسق أخص من المعصية، وقد يفسَّر بها، فالفسق هو معصية الله وترك أمره، لكن غالباً يكون الفسق في فعل الكبائر وترك الواجبات، والفجور أخص منها فهو من قبائح الذنوب، وعظائم المعاصي، وهتك الحرمات. نعوذ من ذلك كله، والله أعلم.

أدلة مضاعفة دية الرجل لدية المرأة

أدلة مضاعفة دية الرجل لدية المرأة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 28/09/1425هـ السؤال سمعت في إحدى الندوات أن الأدلة التي بنى العلماء رأيهم عليها في جعل دية المرأة نصف دية الرجل غير ثابتة، فهل هذا صحيح؟ وما علة جعل دية المرأة نصف دية الرجل؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلم يثبت- فيما أعلم- دليل صحيح على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، ولكن ثبت هذا بدليل الإجماع، وهو من أقوى الأدلة، كما لا يخفى، حيث قال ابن عبد البر في الاستذكار (8/67) : (أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل) ا. هـ. وكذا حكى هذا الإجماع ابن المنذر في الإقناع (1/358) بلفظ: (لا أعلمهم يختلفون فيه) . وكذا حكاه الشوكاني في السيل الجرار (4/439) ، وغيرُهم، هذا بالنسبة للجناية عليها في النفس. أما فيما دون النفس من الجراح، فقد وقع خلاف بين أهل العلم على قولين: الأول: أن دية المرأة قيل مثل دية الرجل حتى تبلغ الثلث من ديتها، ثم تكون على النصف من ديته، وقد رجح هذا القول ابن القيم في إعلام الموقعين (3/419) . الثاني: أنها على النصف من ديته فيما قل عن الثلث وفيما زاد. وقد استدل أصحاب القول الأول بدليل ضعيف أخرجه النسائي في الكبرى (7008) وغيره: عن عمر بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَقْلُ المرأةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجلِ حتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا". ثم قال النسائي: (إسماعيل بن عياش ضعيف كثير الخطأ) ا. هـ وهو كما قال، والأقرب ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، وهو ما رجحه ابن المنذر في الإقناع (1/358) ، وغيره. هذا وقد ذكر العلامة ابن القيم في إعلام الموقعين (3/418) الحكمة في كون دية المرأة على النصف من دية الرجل، حيث قال: (وأما الدية فلما كانت المرأة أنقص من الرجل، والرجل أنفع منها، ويسد ما لا تسده المرأة من المناصب الدينية، والولايات، وحفظ الثغور، والجهاد، وعمارة الأرض، وعمل الصنائع التي لا تتم مصالح العالم إلا بها، والذب عن الدنيا والدين، لم تكن قيمتها مع ذلك متساوية، وهي الدية ... ) ا. هـ. والله أعلم.

عن حديث "لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة"

عن حديث "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة" المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 16/11/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ، ورد في الحديث أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة، أولًا: هل المقصود كل البيت أم الغرفة التي فيها الصورة؟ ثانيًا: إذا ألبس الطفل ملابس عليها صور، هل يعني ذلك عدم حفظ الملائكة لهذا الطفل؟ وهل يمنع ذلك القراءة على الطفل؟ وجزاكم الله خيرًا، ولا حرمكم الأجر. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم لفظ (البيت) يطلق على المسكن بما فيه من نواح، المنعزل بنواحيه عن غيره، ولا يعرف إطلاق البيت على ناحية فيه دون جميعه، وقد جزم عدد من أهل العلم كابن وضاح والخطابي وآخرين أن المراد بالملائكة في هذا الحديث ملائكة الرحمة والبركة دون الكاتبين والحافظين ونحوهم، فلا يمنع لبس الطفل أو غيره ملابس عليها صور محرمة حفظ الملائكة الموكلين بحفظه، والكاتبان يكتبان إثم لبس هذا على ولي الطفل وعلى المكلف، والأولى نزع لباس الطفل في الحال المذكورة؛ لأن فيه تعظيم شعائر الله بالبراءة من المحرم، وهو أدعى لحصول البركة والانتفاع بالقراءة، إن شاء الله، والقراءة في ذاتها صحيحة نافعة، وعلى المسلم تقوى الله بالاحتراز من حصول الإثم ونقص البركة بالامتناع عن اقتناء الصور وتعليقها. والله أعلم.

حجية القياس

حجية القياس المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 12/08/1425هـ السؤال هناك بعض طلبة العلم ينكرون القياس ويدعون اتباع السلف. هل أنكر السلف القياس؟ وما حكم منكري القياس؟ وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم"، وبعد: فإن القياس هو: مساواة فرع لأصل في علة حكمه، ويقسِّم أهل العلم القياس باعتبار قوته وضعفه إلى قسمين رئيسين، هما: القسم الأول: القياس الجلي، وهو ما قطع فيه بنفي الفارق المؤثِّر بين الأصل والفرع، أو كانت العلة فيه منصوصاً عليها، أو مجمعاً عليها، فهذا النوع لا يحتاج فيه إلى التعرض لبيان العلة الجامعة؛ لذلك سمي بالجلي، ومن أمثلته: (1) قياس إحراق مال اليتيم على أكله في التحريم بجامع الإتلاف فيهما، وهنا الأصل هو أكل مال اليتيم الذي جاء النص بتحريمه في قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً" [النساء:10] ، والفرع هو إحراقه، والعلة هي الإتلاف، والحكم هو التحريم، ولا فرق بين الأصل والفرع هنا فهما متساويان في الضرر بمال اليتيم. (2) قياس ضرب الوالدين على قول: "أُفٍّ" لهما، في التحريم، بجامع الإيذاء، ولا شك أن ضرر الوالدين بالضرب أشد من ضررهما بالكلام، فيكون أشد وأعظم في كونه محرماً. وهذا النوع من القياس ينبغي ألا يخالف فيه أهل العلم أحد من أهل العلم، وإن لم يسمه قياساً. القسم الثاني: القياس الخفي: وهو بخلاف ما سبق في القياس الجلي، ويمثلون له: بقياس القتل بالمثقل على القتل بالمحدد في وجوب القصاص بجامع كونه قتلاً عمداً عدواناً. وهذا النوع لا بد فيه من التعرض لبيان العلة، وبيان وجودها في الفرع. وهذا متفق على تسميته قياساً، وهو حجة في الأمور بالاتفاق فيما يلي: (1) الأمور الدنيوية: كقياس دواء على دواء وسعر بضاعة على سعر بضاعة أخرى، ونحوه. (2) القياس الصادر منه صلى الله عليه وسلم بالاتفاق؛ لأن مقدماته قطعية، لوجوب علم وقوعه. كما اتفق أهل السنة على عدم إجراء القياس في التوحيد والعقائد إن أدّى ذلك إلى تشبيه الخلاق بالمخلوق، وإنما يصح إذا استدل به على معرفة الصانع وتوحيده، ويستخدم في ذلك قياس الأولى؛ لئلا يدخل الخالق والمخلوق تحت قضية كلية تستوي أفرادها، ولئلا يتماثلان في شيء من الأشياء، فـ "لله المثل الأعلى"، و "ليس كمثله شيء". بل الواجب أن يعلم أن كل نقص ثبت للمخلوق فالخالق أولى بنفيه عنه، وكل كمال ثبت للمخلوق فالخالق أولى به. وقد وقع النزاع في إجراء القياس في الأحكام الشرعية: فذهب كافة الأئمة من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين، وجمهور الفقهاء، والمتكلمين إلى أن القياس الشرعي أصل من أصول الشرع، يستدل به على الأحكام التي لم يرد بها السمع، حتى قال الإمام أحمد: (لا يستغني أحد عن القياس) . وأنكره النظام المعتزلي، وتابعه قوم من المعتزلة كجعفر بن حرب، وجعفر بن مبشر، ومحمد بن عبد الله الإسكافي، وتابعهم من أهل السنة على نفيه في الأحكام داود الظاهري. ثم المنكرون اختلفوا في طريق نفيه، فمنهم من نفاه عقلاً، فقالوا: الخوض فيه قبيح لعينه، أو أن الأحكام الشرعية طريقها المصالح، ولا يعرف المصالح إلا صاحب الشرع، فلا يجوز إثباتها إلا من جهة التوقيف، إلى غير ذلك مما عللوا به رأيهم، ومنهم من قال: الشرع يمنع من إجراء القياس، وإن أجازه العقل، وهم فرقتان: (1) فرقة قالت: نصوص الكتاب والسنة قد وفت وأثبتت فلا حاجة إلى القياس، وهو رأي ابن حزم. (2) وفرقة قالت: بل حرم القول بالقياس. قال الدبوسي: (نفاة القياس أربعة: منهم من لا يرى دليل العقل حجة والقياس منه، ومنهم من لا يراه حجة إلا في موجبات العقول، والقياس ليس منها، ومنهم من لا يراه حجة لأحكام الشرع، ومنهم من لا يراه حجة فيها إلا عند الضرورة، ولا ضرورة، لأنا نحكم فيما لا نص فيه باستصحاب البراءة الأصلية) . والصحيح الاحتجاج به، وما وقع من خلاف فهو خلاف حادث بعد أن تقدم الإجماع بإثبات القياس من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين قولاً وعملاً. ولكن للعمل بالقياس ضوابط أسوقها لك مختصراً: - ألا يخالف نصاً أو قاعدة شرعية؛ إذ القياس عند عدم النص. - أن يصدر من عالم مؤهل قد استجمع شروط الاجتهاد. - أن يكون القياس في نفسه صحيحاً قد استجمع شروط الصحة التي يذكرها الأصوليون في بحثهم لهذا الدليل. فإذا خلا من هذه الضوابط فهو القياس الباطل الذي ذمه سلف الأمة. وأما حكم من أنكر القياس الصحيح، فقد قال فيه الغزالي: (ومن ذهب إلى رد القياس فهو مقطوع بخطئه من جهة النظر، محكوم بكونه مأثوماً) . وقال ابن المنير: (ذكر القاضي بكر بن العلاء من أصحابنا أن القاضي إسماعيل أمر بداود - منكر القياس- فصفع في مجلسه بالنعال، وحمله إلى الموفق بالبصرة؛ ليضرب عنقه؛ لأنه رأى أنه جحد أمراً ضرورياً من الشريعة في رعاية مصالح الخلق والجلاد في هؤلاء أنفع من الجدال) . والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

(المصلحة: ضوابطها وتطبيقاتها..)

(المصلحة: ضوابطها وتطبيقاتها..) المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 7/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. أحيطكم علماً بأني طالب في كلية القانون في إحدى الجامعات، وقد اخترت عنوان (نظرية المصلحة، ضوابطها وتطبيقاتها في الشريعة الإسلامية) كموضوع لبحث التخرج كجزء من متطلبات درجة البكالوريوس في القانون، لذا أرجو منكم أن تساعدوني بما يمكن من آراء ومقترحات ومصادر وإرشادات ضرورية، لإتمامه وإنجازه على الوجه المطلوب. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن موضوع المصلحة أو نظرية المصلحة من المواضيع الأصولية المهمة والشائكة في الوقت نفسه، والمصلحة في الحقيقة دليلٌ من الأدلة الشرعية المختلف في الاحتجاج بها بين أهل العلم، وغالباً ما يعبرون عنها بمصطلح (المصالح المرسلة) ، وسبب هذه التسمية أن المصلحة على ثلاثة أقسام: 1- مصالح اعتبرتها الشريعة، فهي معمول بها؛ لأن أدلة الشريعة اقتضت اعتبارها. 2- مصالح ألغتها الشريعة، فلا يجوز العمل بها؛ لأن أدلة الشريعة أبطلت العمل بها. 3- مصالح مرسلة لم يأتِ في الشريعة دليل خاص يقتضي اعتبارها أو إلغاءها، ولكن الغالب أنها توافق الأحكام العامة للشريعة، وهذا القسم هو الذي حصل فيه خلاف بين أهل العلم، وإذا أُطلقت المصلحة فالمراد بها هذا القسم. وإذا نظرنا في حقيقة اختلاف العلماء في الاستدلال بالمصالح المرسلة نجد أنه من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية والتطبيقية فالأمر مختلف؛ لأن أغلب أهل العلم يعتبرونها ويعملون بمقتضاها، وإن كانوا لا يصرحون بذلك. وعلى كلٍ فإن هذا الموضوع قد تكلم عنه عدد من العلماء قديماً وحديثاً، ومن أهم ما يثار في هذا الموضوع: ما قاله نجم الدين الطوفي في كتابه (شرح الأربعين) حينما شرح قوله عليه الصلاة والسلام: "لا ضرر ولا ضرار "، حيث تكلم عن المصلحة، وبين الحكم عندما تتعارض المصلحة مع النص الشرعي، وما الواجب فعله وقتئذ؟ وهذه النقطة من أهم النقاط التي يجب أن يتعرض لها من أراد الكلام عن المصلحة. أما بالنسبة للمراجع والمصادر التي تناولت هذا الموضوع، فإن جميع الكتب الأصولية القديم منها والجديد تتحدث عن موضوع المصلحة وما يتعلق بها، وذلك في باب الأدلة المختلف في الاحتجاج بها أو في مباحث التعليل في باب القياس، وهذه الكتب الأصولية تعد المرجع الرئيس في هذا الموضوع، أما المؤلفات المعاصرة التي تناولت المصلحة بالبحث والدراسة فهي كثيرة، ومن أهمها: 1- المصلحة في التشريع الإسلامي للدكتور/ مصطفى زيد، من منشورات: دار الفكر العربي. 2- المصلحة المرسلة، للشيخ/ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي، من منشورات: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. 3- نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي، للدكتور/ حسين حامد حسان، من منشورات: مكتبة المتنبي في القاهرة. 4- ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، تأليف: محمد سعيد رمضان البوطي، رسالة دكتوراه، وهي مطبوعة. إضافةً إلى عدد من المؤلفات الأصولية التي لها علاقة بموضوع المصلحة، مثل المؤلفات التي أُلفت في مسألة تعليل الأحكام، أو الكتب التي أُلفت في مقاصد الشريعة، ومن أهم هذه المؤلفات: 1- تعليل الأحكام، لمحمد مصطفى شلبي، من منشورات: دار النهضة العربية بلبنان. 2- رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، للدكتور/يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين، من منشورات: مكتبة الرشد بالرياض. 3- رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، للدكتور/صالح بن عبد الله بن حميد، من منشورات: دار الاستقامة. 4- مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة، للدكتور/محمد سعد اليوبي، من منشورات: دار الهجرة بالرياض. 5- المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، للدكتور/يوسف العالم، من منشورات: المعهد العالمي للفكر الإسلامي. ومن أراد الكتابة في هذا الموضوع فإن من الأحسن والأفضل أن يشبع المسائل الآتية بالبحث والدراسة والمعالجة: تحديد المصلحة المعتبرة التي تبنى عليها الأحكام، وضبطها بالضوابط الشرعية التي تسندها الأدلة الشرعية الصحيحة الصريحة؛ لأن الناس فيما يتعلق بالمصلحة على طرفي نقيض: فمنهم من يأخذ بكل ما يحقق مصالحه بغض النظر عن موافقتها للأدلة الشرعية أو مخالفتها لها، ومنهم من يمنع من الأخذ بأي مصلحة وإن كانت لا تخالف الأدلة الشرعية، ولا شك أن كلاً من الطرفين قد تطرف في هذه القضية، ولذلك فإنه لا بد من وضع ضوابط واضحة تحدد المصلحة المعتبرة التي تبنى الأحكام عليها والمصلحة الباطلة التي لا يجوز الاستناد إليها. الاستفادة من الفتاوى والأحكام والأقوال الصادرة عن عدد من الأئمة والعلماء المتقدمين لا سيما في المسائل التي ليس فيها نص خاص من الكتاب والسنة، حيث يلاحظ الباحث أن هؤلاء العلماء قد بنوا أحكامهم على عدة أصول، منها: المصلحة، وهذا أمر مشاهد وواقع، ومما لا شك فيه أن الباحث إذا استطاع أن يثبت أن العلماء كانوا يعملون بالمصلحة ويبنون عليها الأحكام، فإن ذلك له أثره البالغ في إظهار أهمية المصلحة ومشروعية العمل بها، كما أن هذا الأمر يساعد كثيراً في بيان ضوابط المصلحة ومجال العمل بها. دراسة عدد من الأمور النازلة، وبيان أثر الأخذ بالمصلحة المعتبرة بشروطها وضوابطها في تيسير الوصول إلى معرفة حكمها بأيسر الطرق وأسهل الأسباب، وإذا استطاع الباحث تحقيق هذا الأمر فإنه سيعطي هذا الموضوع أهمية بالغة؛ لأنه -والحالة هذه- ذريعة إلى الوصول إلى معرفة الحكم الشرعي. بيان العلاقة القائمة بين المصلحة المعتبرة ومقاصد الشريعة؛ لأن الشارع لم يكلف الناس عبثاً، وإنما أمرهم بما يحقق مصالحهم الدينية والدنيوية، وهذا الأمر يساعد كثيراً في ربط أحكام الشريعة بعضها ببعض. هذا ما تيسر الكلام عنه فيما يتعلق بموضوع المصلحة، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يكون النجاح حليفك في هذا البحث وسائر أمورك، كما أسأله أن يصلح الأمور في بلدكم وبلدنا الحبيب: العراق، وأن يخرج الغزاة المحتلين منه أذلةً صاغرين، وأن يعز الله أهل الحق ويظهرهم على عدوهم، آمين. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

النقاب..وكشف الوجه

النقاب..وكشف الوجه المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 14/08/1425هـ السؤال قرأت في الموقع أن النقاب واجب وأن وجه المرأة عورة، وليس هذا ما ذهب إليه جمهور العلماء على اختلاف المذاهب والعصور..حتى جمهور الصحابة-رضوان الله عليهم أجمعين- (الدر المنثور للسيوطي) - والغريب أن علماء المملكة الأجلاء- حفظهم الله- يجمعون على أن الوجه عورة، على الرغم من أن إمامهم الإمام مالك إمام أهل المدينة قد فصَّل أن الوجه والكفين ليسا بعورة، وكذا سار نهج الجمهور حتى عصرنا الحالي (راجع كتاب حجاب المرأة المسلمة للألباني) ، سؤالي هو: إذا كان الإجماع كشف الوجه والكفين, فلم تُحرِّمون ما أحلَّ الله لكم؟ وإذا عرفنا أن للنقاب أساسًا إسلاميًّا أيضًا, فينبغي هنا احترام رأي الجمهور أيضًا واختلاف العلماء الثقات أنفسهم في تلك المسألة..وشكرًا. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الواجب على المسلم اتباع ما دلت عليه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، بغض النظر عن أقوال الرجال؛ لأن الحق لا يُعرف بأقوال الرجال، وأقوال الرجال ليست دليلاً على الشرع، والله سبحانه وتعالى يقول: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) [النساء:59] . وعلى كلٍّ فإن مسألة تغطية وجه المرأة ويديها من المسائل التي كثُر فيها كلام أهل العلم، والذي يرجحه المحققون من أهل العلم هو وجوب تغطية المرأة لوجهها ويديها عند الأجانب، فلا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها ويديها عند غير محارمها، ولا يجوز لأي رجلٍ من غير محارمها أن ينظر إلى ذلك منها، وهذا القول هو الموافق لأدلة الكتاب والسنة، ولفهم خير هذه الأمة، وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم; وهذه الأدلة كثيرة جدًّا، أذكر بعضًا منها طلبًا للاختصار: الدليل الأول: قال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ) [النور: 31] . ووجه الشاهد من هذه الآية قوله: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) . والجيب هو فتحة الرأس، والخمار ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها، إما لأنه من لازم ذلك أو بالقياس، فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى؛ لأنه موضع الجمال والفتنة. الدليل الثاني: قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب: 59] . قال ابن عباس، رضي الله عنهما: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب. وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء: إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة. الدليل الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم- لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِن جِلْبَابِهَا". رواه البخاري (351) ومسلم (324) . فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة ألا تخرج المرأة إلا بجلباب، وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج، وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لابد من التستر. الدليل الرابع: عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: "يُرْخِينَ شِبْرًا". فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ. قَالَ: "فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَلَيْه". رواه الترمذي (1731) وصححه الألباني. ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة، وأنه أمرٌ معلوم عند نساء الصحابة، رضي الله عنهم، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب. فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم، وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه. الدليل الخامس: عَن عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم; مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ. رواه أبو داود (1833) . ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر الوجه؛ لأن المشروع في الإحرام كشفه، فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذٍ لوجب بقاؤه مكشوفًا حتى مع مرور الركبان. وبيان ذلك: أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم، والواجب لا يعارضه إلا ما هو واجب، فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عند الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام، وقد ثبت في الصحيح: أن المرأة المحرمة تُنهى عن النقاب والقفازين. صحيح البخاري (1838) . والأدلة الدالة على وجوب تغطية وجه المرأة كثيرةٌ جدًّا، وإنما ذكرت طرفًا منها؛ لأن المقام لا يتسع لذكرها جميعًا. وقد شمل سؤال الأخ وفقه الله أمورًا ينبغي التنبيه عليها، وهي: الأول: قال السائل: إن الإجماع منعقدٌ على جواز كشف وجه المرأة ويديها. أقول: هذا غير صحيح، وعلى السائل أن يتفضل مشكورًا بذكر من نقل هذا الإجماع من أهل العلم المعتبرين، وأين نقله، وما مستنده؟ وإذا كان الإجماع غير منعقد على جواز ذلك فماذا ينقم السائل على قومٍ اتبعوا ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعملوا بما جاء فيهما، كما سبق ذكره، ولا شك أننا متعبدون باتباع ما قاله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا ما قاله فلان وفلان. بل نستطيع أن نقول إن الإجماع منعقدٌ على وجوب ستر وجه المرأة ويديها عند خوف الفتنة، وذلك عند فساد الزمان، ورقة الديانة، والبعد عن الدين، كما هو حال غالب المسلمين اليوم، وهذا الإجماع هو الأقرب والأصلح لما عليه المسلمون اليوم، ثم إن من قال بجواز كشف الوجه واليدين من أهل العلم إنما قال بذلك بشرط الأمن من الفتنة وعدم تزين المرأة وتجملها، ومن المعلوم أن هذين الشرطين قلَّما يتحققان في هذا الزمن. الثاني: قال السائل: إن الإمام مالكًا يقول بجواز كشف الوجه واليدين. أقول له: أين قال الإمام مالك ذلك؟ ومن نقله عنه؟ بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية قد نقل عن الإمام مالك أنه يرى حرمة كشف وجه المرأة ويديها. وعلى فرض أن الإمام مالكًا قال بذلك فإننا لسنا متعبدين باتباع أقوال الإمام مالكٍ أو غيره من أئمة الإسلام، كيف وقد خالفت الأدلة الشرعية الصحيحة التي سبق ذكر طرفٍ منها، والإمام مالك وغيره من أئمة المسلمين كثيرًا ما يقولون: (إذا خالف قولي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم; فاضربوا بقولي عرض الحائط) . الثالث: قال السائل: إن جمهور أهل العلم على أن وجه المرأة ليس بعورةٍ ولا يجب ستره. أقول له: هذا غير صحيح، ومن تتبع أقوال أهل العلم يجد أن كثيرًا منهم على القول بوجوب ستر وجه المرأة وكفيها، حتى قال الإمام أحمد: إن ظفر المرأة عورة. وقال شيخ الإسلام: إن هذا قول الإمام مالك. وعلى هذا كان عمل المسلمين قديمًا، ويدل على ذلك النقول التالية: 1- قال أبو حامد الغزالي في الإحياء (6/159مع شرحه) : (لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن متنقبات) . 2- نقل ابن رسلان اتفاق المسلمين على منع النساء من أن يخرجن سافرات الوجوه (نيل الأوطار6/114) . 3- قال ابن حجر في الفتح (9/224) : (لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثًا أن يسترن وجوههن عن الأجانب) . وأنصح السائل بقراءة كتاب: حراسة الفضيلة، للشيخ الدكتور/ بكر بن عبد الله أبو زيد؛ فهو كتابٌ قيمٌ مفيدٌ في هذا الباب. هذا والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أصل العبادات والمعاملات

أصل العبادات والمعاملات المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 16/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم كثيرًا ما نناقش هنا في التحريم علته وسببه، أو الحكمة منه، وسؤالي يتقرر في تفاصيل متفرقة: ما الأصل في العبادات، وما الأصل في المعاملات، ما الأصل في اللباس، ما الأصل في المطعوم والمشروب، ما الأصل في الألعاب والترفيه؟ ثم إذا كان هناك تحريم، فهل على المسلم تطبيقه دون فهم ووعي لعلته، أم يجب عليه الفهم ثم التطبيق؟ وإن كان مطبقًا لأمر الله لا محالة، فهل من الأفضل له أن يعي ثم يطبق، أم يمتثل على غير فهم؟ ومن ذلك مثلًا علة تحريم أكل لحم الخنزير أو غيرها مما لم يرد فيه توجيه لتحريمه إلا النص المتبع. والله يرعاكم. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: دلَّت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة على الأصل المقدَّم في سائر الأمور، ومنها: العبادات، والمعاملات، واللِّباس، والأطعمة والمشروبات، والألعاب والترفيه، ومعرفة الأصل في هذه الأمور مهمٌّ جدًّا؛ لأن الإنسان إذا أشكل عليه حكم أمرٍ من الأمور فإنه يعمل بما هو الأصل فيها، فإن كان الأصل الإباحة أقدم عليه، وإن كان الأصل التحريم أحجم عنه. وأذكر الآن الأصل في الأمور التي سأل عنها السائل. الأصل في العبادات التوقيف، ومعنى التوقيف أننا لا نتعبَّد لله تعالى، بأي عبادةٍ إلا إذا دلَّ الدليل المعتبر على مشروعيتها، فإن لم يدلّ على مشروعيتها دليلٌ معتبر فإنها لا تكون مشروعةً، ولا يجوز أن نتعبدَّ لله بها، مثلًا: لا يُشرع للإنسان أن يتقرَّب إلى الله عز وجلَّ، بالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا الأمر عبادة، والأصل في العبادات التوقيف، ولم يأتِ في النصوص الشرعية ما يدل على مشروعية هذا الأمر، فلا يكون مشروعًا. والأصل في المعاملات واللِّباس والأطعمة والمشروبات والألعاب والترفيه الحلُّ والإباحة، فإذا جاء دليلٌ من الشارع يحرِّم شيئًا منها فإنه محرَّمٌ؛ لورود الدليل على تحريمه، وإن لم يأتِ دليلٌ من الشارع يدل على تحريم شيءٍ منها فإنه جائزٌ مباحٌ؛ لأن الأصل في هذه الأمور الجواز والإباحة، فمثلًا: يجوز للناس التعامل بكل المعاملات التي لم يحرِّمها الشارع، ويجوز لهم لبس جميع الملابس التي لم يحرِّمها الشارع، ويجوز لهم أكل وشرب كل ما لم يحرِّمه الشارع، وهكذا في الألعاب والترفيه. أما ما يتعلَّق بمعرفة العلة: فإذا جاء أمرٌ أو نهيٌ من الشارع فإن الواجب على المكلفين امتثال الأمر واجتناب النهي، ولا يتوقف ذلك على معرفة علة الأمر والنهي، ولا يُفهم من هذا الكلام أن الإنسان لا يُشرع له البحث عن علة الأحكام الشرعية، بل هو مطلوبٌ ومرغَّبٌ فيه شرعًا، لأن الإنسان إذا عرف علة الأمر أو النهي فإن هذا يكون دافعًا ومشجعًا على الامتثال، إضافةً إلى أن معرفة علة الأحكام الشرعية طريقٌ من طرق معرفة أحكام الحوادث والنوازل التي لم يُنصَّ على حكمها، وذلك عن طريق القياس، فإذا عرفنا علة تحريم أمرٍ ما، ثم وجدنا هذه العلة في أمرٍ آخر لم يُنصَّ على حكمه، فإنا نقيسه على ذلك الأمر المحرم، فيكون محرَّمًا؛ لاشتراكهما في علة التحريم. ونحن نقول إن الواجب على المسلم امتثال أوامر الشارع واجتناب نواهيه من غير أن يتوقف على معرفة العلة وفهمها؛ لأن كثيرًا من الأحكام لا يمكن معرفة العلة فيه، وهي الأحكام التعبدية، كما يسميها بعض أهل العلم، مثل: علة مسح أعلى الخفِّ وترك أسفله، وعلة الوضوء من المذي مع نجاسته والغسل من المني مع طهارته، وعلة نضح بول الصبي وغسل بول الجارية، والحكمة من تقبيل الحجر الأسود، ونحو ذلك. ولو كان الأمر متوقفًا على معرفة العلة وفهمها لما أمكن تطبيق هذه الأمور وامتثالها. وأختم الجواب بالإشارة إلى أن هناك كتبًا عديدة تناولت مسألة تعليل الأحكام الشرعية، وبيَّنت أهميتها وأثرها وما يتعلق بها، وهذه الكتب على صنفين: الصنف الأول: الكتب المؤلفة في أصول الفقه، حيث تكلم الأصوليون عن هذه المسألة في مباحث القياس، وذلك في باب العلة وما يُشترط لها. الثاني: الكتب المؤلفة في مقاصد الشريعة، حيث تكلم مؤلفو هذه الكتب عن مقاصد الشارع في كثيرٍ من الأحكام، وبينوا أن معرفة مقاصد الشريعة من أحكامها متوقفٌ على معرفة علل هذه الأحكام، فإن عُرفت عرف مقصد الشارع فيها، وإن جُهلت جُهل مقصد الشارع فيها. والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الأصل الشرعي لعقوبة السجن

الأصل الشرعي لعقوبة السجن المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 02/02/1426هـ السؤال لي سؤالان مرتبطان معاً: الأول: هل لعقوبة السجن أصل شرعي، وهل سبق تطبيقها في أيام الرسول-صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم؟. الثاني: قرر العلماء أن من حق السجين أن تزوره زوجته في فترات محددة، وان تهيئ لهما إدارة السجن ما يسمح لهما بممارسة الجماع، وأن هذا حق شرعي للزوج وللزوجة لا يجوز حرمان السجين منه ولو بالعقوبة؛ فهل هذا صحيح؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم عقوبة السجن لها أصل شرعي، فقد حبس النبي -صلى الله عليه وسلم- ثمامة بن أثال الحنفي-رضي الله عنه- في المسجد ثلاثة أيام، وربطه في سارية من سواري المسجد، كما في صحيح البخاري (462) ، وصحيح مسلم (1764) . كما اشترى عمر -رضي الله عنه- دار صفوان بن أمية في مكة واتخذها سجناً، انظر أخبار مكة للفاكهي (2076) ، وسنن البيهقي 6/34، وقد سجن أولاد علي -رضي الله عنهم- قاتل أبيهم عبد الرحمن بن ملجم حتى قتل، ومن حق السجين أن تزوره زوجته في السجن متى تيسر ذلك وكان المكان مناسباً، وهذا هو المعمول به في سجون المملكة العربية السعودية. والله أعلم.

الفرق بين قياس الشمول وقياس التمثيل

الفرق بين قياس الشمول وقياس التمثيل المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 06/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما الفرق بين قياس الشمول وقياس التمثيل، مع شرح كل نوع مع الأمثلة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد: فإن الأصوليين تكلموا عن القياس، وبينوا حقيقته، وذكروا له أنواعاً كثيرة، إلا أنهم لا يذكرون هذين النوعين غالباً، وإن أشاروا إليهما فإنما هي إشارة عابرةٌ من غير بيان لحقيقتهما، وعلى كلٍ فإنه يمكن أن يُقال في تعريفهما ما يأتي: قياس الشمول: إلحاق جزءٍ بقاعدةٍ كليةٍ، وهو القياس المنطقي المكوَّن من مقدمة صغرى ومقدمة كبرى ونتيجة، وقد عرَّفه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه القياس المؤلف من المقدمات اليقينية، وأشار -رحمه الله تعالى- إلى أن الأفراد في هذا النوع من القياس متساوية. (الفتاوى الكبرى: 1/129) . من أمثلة هذا النوع من القياس: حكم بيع الحمل في بطن أمه، حيث حكم أهل العلم بتحريم ذلك، مستدلين بعددٍ من الأدلة، منها قياس الشمول، وبيانه: أن بيع الحمل فيه غررٌ غير يسير، وكل بيع فيه غررٌ غير يسير باطل، فيكون بيع الحمل باطلاً، فالمقدمة الصغرى: (بيع الحمل فيه غررٌ غير يسير) ، والمقدمة الكبرى: (كل بيع فيه غررٌ غير يسيرٍ باطل) ، والنتيجة: (بيع الحمل باطل) . أما قياس التمثيل: فهو القياس الاصطلاحي المشهور، وقد اختلفت عبارات العلماء في تعريفه، ومن أحسن هذه التعريفات أنه: إلحاق فرعٍ بأصلٍ في حكم؛ لاشتراكهما في مناط ذلك الحكم. ومن أمثلة هذا النوع من القياس: حكم من أُحْصِرَ بمرض، هل يجوز له التَّحلل بذلك؟ أجمع العلماء على أن المحُرِمَ إذا حصره عدوٌ ومنعه من البيت الحرام أنه يجوز له التحلل بذلك؛ لقوله تعالى: "فإن أُحصرتم فما استيسر من الهدي" [البقرة:196] . لكن إذا أُحْصِرَ المُحْرِمُ بغير العدو كالمرض، فهل يجوز له التَّحلل بذلك، أو لا؟ محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من منع من التَّحلل بذلك، وألزمه بالتَّحلل بالطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ومنهم من قال بأن له أن يتحلل بذلك، واستدل بعددٍ من الأدلة. منها: قياس التمثيل، وبيانه: أن الإحصار بالمرض مثل الإحصار بالعدو، فيكون حكمهما واحداً. وهنا أُلحِقَ الفرع: (الإحصار بالمرض) بالأصل: (الإحصار بالعدو) في الحكم: (التَّحلل) ؛ لاشتراكهما في مناط الحكم: (المنع من وصول البيت الحرام) . ومن أراد الاستزادة حول هذا الموضوع فعليه بالرجوع إلى مباحث القياس في كتب أصول الفقه، أو كتب المنطق، أو كتب الجدل والمناظرة. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ثبوت الأحكام بفعل النبي صلى الله عليه وسلم

ثبوت الأحكام بفعل النبي صلى الله عليه وسلم المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 13/05/1426هـ السؤال ما هي السنة الفعلية، وما دورها في إثبات الأحكام الشرعية؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد: فإن السنة المأثورة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- تنقسم إلى ثلاثة أقسام من حيث طريقة بيانه -صلى الله عليه وسلم- للأحكام: القسم الأول: سنة قولية، وهي: ما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحكام بقوله، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات". صحيح البخاري (1) ، وصحيح مسلم (1907) ، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". صحيح البخاري (756) ، صحيح مسلم (394) . القسم الثاني: سنة فعلية، وهي: ما بينه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الأحكام بفعله، كبيانه -صلى الله عليه وسلم- أحكام الحج بفعله كما جاء في الحديث: "لتأخذوا مناسككم". صحيح مسلم (1297) . وبيانه لأحكام الصلاة بفعله كما جاء في الحديث: "صلوا كما رأيتموني أصلي". صحيح البخاري (631) . ومن هذا النوع ما كان يحكيه الصحابة رضي الله عنهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وغالباً ما يكون ذلك بلفظ: (كان رسول الله يفعل كذا) ، كقول عائشة -رضي الله عنها- عند البخاري (1170) : (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة, ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين) ، وقول ابن عمر -رضي الله عنهما- عند البخاري (928) ، ومسلم (861) : (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين، يقعد بينهما) . القسم الثالث: سنة تقريرية، وهي: ما بينه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الأحكام بسكوته وإقراره، كقول أنس -رضي الله عنه- عند مسلم (836) : (كنا نصلي على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ركعتين بعد غروب الشمس, قبل صلاة المغرب, فقيل له: أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاهما؟ قال: كان يرانا نصليهما, فلم يأمرنا, ولم ينهنا) . وهذه الأقسام الثلاثة كلها محتجٌ بها في إثبات الأحكام، لا فرق بينها في ذلك. وبهذا يتضح أن أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- طريق من الطرق الدالة على الأحكام الشرعية، إلا أنها تختلف في الدلالة على كون الفعل واجباً أو مندوباً حسب القرائن والأحوال، وقد بين الأصوليون هذا الأمر في مباحث السنة من كتبهم الأصولية، أو في ما أفردوه من مؤلفات في هذه المسألة بخصوصها، ككتاب: المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لأبي شامة. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد

المسكوت عنه في الشرع

المسكوت عنه في الشرع المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 10/06/1426هـ السؤال أود الحصول على تعريف الأصوليين لمصطلح (المسكوت عنه) . وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله التوفيق والسداد: المسكوت عنه عند الأصوليين: هو الأمر الذي سكت عنه الشارع فلم يبين حكمه، إلا أن علماء الأصول لا يرد عندهم ذكر المسكوت عنه في الغالب إلا عند تعريفهم لمفهوم الموافقة والمخالفة، فيقولون في تعريف مفهوم الموافقة: هو إثبات حكم المنطوق للمسكوت، مثل إثبات تحريم ضرب الوالدين المفهوم من تحريم التأفيف عليهم في قوله تعالى: "ولا تقل لهما أفٍّ" [الإسراء: 23] ، وكذا يقولون عند تعريف المفهوم المخالف: هو إثبات خلاف حكم المنطوق للمسكوت عنه، مثل: إثبات عدم وجوب الزكاة في الغنم المعلوفة، مخالفة لإثباتها في حق الغنم السائمة؛ استدلالاً بمفهوم قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- " في سائمة الغنم زكاة" أخرجه بلفظه ابن قانع في معجمه - كما في الإصابة (2/56) - وأخرج البخاري (1454) وغيره في حديث الصدقات: "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة ... ". هذا والله أعلم بالصواب.

متى يسوغ تأويل النص؟

متى يسوغ تأويل النص؟ المجيب محمد الحسن الدَّدَوْ الداعية الإسلامي المعروف أصول الفقه / الأحكام وأدلتها/أدلة الأحكام التاريخ 27/10/1426هـ السؤال هل هناك ضابط يوضّح لنا متى نؤول نصاً من نصوص القرآن والسنة على غير ظاهره، أو على أنه من المجاز؟ مثل حديث نزول المسيح -عليه السلام- فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، قال فيه الشيخ أبو الأعلى المودودي: "إن النزول على الحقيقة، ولكن قتل الخنزير وكسر الصليب يجب أن تُفهم كتعبيرات مجازية". الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالتأويل هو حمل الدليل المحتمل لمعنيين، أحدهما مرجوح على المعنى المرجوح. فإن كان لدليل يقتضيه، وصدر من مجتهد فهو سائغ. وإلا لم يكن سائغاً. فتأويل قتل الخنزير -بأن معناه تحريم الخنزير ومنع أكله وتربيته، مما يدل على أن عيسى -عليه السلام- سيأتي مجدِّداً لملة محمد -صلى الله عليه وسلم- لا لملته هو، وتأويله كسر الصليب بأن معناه إبطال دعوى الصلب؛ لأن كل الناس سيرون عيسى عياناً، فيعلمون أنه لم يصلب ولم يقتل- من التأويل السائغ، إلا أنه لا حاجة إليه. والله أعلم.

الاجتهاد والتقليد

الخروج عن المذاهب الأربعة المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 19/1/1424هـ السؤال ما حكم الخروج عن المذاهب الأربعة؟ وما هو قصد الإمام ابن رجب في رسالته في الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فقد أجاب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله على سؤال حول هذا، وأجاب كما ورد في مجموع فتاواه (3/2) "لا يجب تقليد أحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم مهما كان علمه؛ لأن الحق في اتباع الكتاب والسنة لا في تقليد أحد من الناس. فالذي يتمكن من الأخذ بالكتاب والسنة يتعين عليه ألا يقلد أحداً من الناس، ويأخذ عند الخلاف بما هو أقرب الأقوال لإصابة الحق، والذي لا يستطيع ذلك فالمشروع له أن يسأل أهل العلم، وفي موضع آخر يزيد الأمر وضوحاً، ويفرق بين من كان أهلاً للأخذ من الكتاب والسنة وتحقيق المسائل، واستنباطها من الأدلة وبين القاصر الذي ليس أهلاً لأن يجتهد فهذا عليه أن يسأل أهل الفقه، ويتفقه في الدين ويعمل بما يرشدونه إليه" (7/238) وللمزيد ينظر مجموع فتاوى ابن تيمية - رحمه الله - (20/208-210) ، أما قصد الإمام ابن رجب رحمه الله في رسالته التي أشار إليها السائل فلم أقف على الرسالة حتى أعرف مقصده والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الموقف من الأئمة المجتهدين

الموقف من الأئمة المجتهدين المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 20/1/1423 السؤال ماذا تقولون في بعض الأشخاص أو أهل العلم الذي يرمون الإمام أبا حنيفة باتهامات كاذبة وباطلة، متذرعين باختلاف الرأي في مسائل معينة؟ هناك الكثير من السلفيين وأهل الحديث يشنّعون عليه، فماذا ترون في مثل هذه الجماعات؟ الجواب نقول كما قال الله -عز وجل-: " ... ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم" [الحشر:10] . ونقول عن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- إنه إمام هدى، ومعلم خير، وفقيه من فقهاء الإسلام العظام، ومجتهد يبتغي إصابة الحق فيما يجتهد فيه، ونسأل الله له الرحمة، ونحبه ونعظم مذهبه وأتباعه من أهل العلم. ثم نعلم في الوقت ذاته أنه ليس بمعصوم، وأنه يجتهد فيصيب ويخطئ كما يجتهد غيره من الأئمة مالك والشافعي وأحمد، وكل يؤخذ من قوله ما وافق الدليل ويترك ما خالفه، فلا نتعصب لإمام دون غيره، ولا نقع في إمام عصبيةً لآخر، ولكن نرى أنهم كلهم اجتهدوا، ونحن مأمورون باتباع الحق سواء قال به أبو حنيفة أو الشافعي أو مالك أو أحمد -رحمهم الله ورضي عنهم-.

تقليد العامي لأحد الأئمة

تقليد العامي لأحد الأئمة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 7/2/1425هـ السؤال قبل أيام كنت أصلي جنب رجل مسلم، وكان يضع يده على بطنه، فقلت له: يا أخي من السنة أن تضع يدك على صدرك، فرد علي قائلاً: أنا حنفي، فسكت عنه. وسمعت بعد ذلك أن الرجل العامي يجوز له؛ بل يجب عليه أن يقلد إماماً ويتبعه في شيء. فهل هذا الكلام صحيح لكي أعتذر للرجل؟ جزاكم الله عني وعن الإسلام خير الجزاء. وبارك الله فيكم. والسلام. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: مسألة وضع اليدين في الصلاة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم - وهي من الأفعال التي تسن في الصلاة، ولم يقل أحدٌ من العلماء بوجوب شيءٍ في ذلك، فقال بعضهم بوضع اليدين على الصدر كما هو مذهب الشافعية ورواية عن أحمد، ومنهم من قال بوضعهما أسفل من السرة كما هو مذهب أبي حنيفة، ومنهم من قال بإرسالهما كما هو مذهب مالك، وذهب بعضهم إلى أن المصلي مخير بين الوضع والإرسال وهو رواية عن أحمد. والذي تدل عليه السنة وتشهد له الأحاديث والآثار هو: وضع اليدين على الصدر؛ لما روى أبو بكر بن خزيمة في صحيحه (479) بسنده عن وائل بن حجر-رضي الله عنه- أنه قال::"صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره". أما مسألة التزام عوام الناس بمذهب إمامٍ معين للعمل به وعدم الخروج عنه، فهي من المسائل التي طال فيها الكلام قديماً وحديثاً، والناس فيها طرفان ووسط؛ فمنهم من يلزم الناس باتباع مذهب إمام معين ولا يسوّغ الخروج عنه إلى مذهب غيره مهما كان السبب الداعي إلى ذلك، ومنهم من يحرّم هذا الأمر ويشنِّع على من يقول به، وهناك من توسط في الأمر فجعله جائزاً في حق من لم يستطع النظر في الأدلة من عامة الناس. وقيل هذا في حق عامة الناس لأنهم لا يستطيعون النظر والاجتهاد، ومن أجل ألاّ يختار أحدهم الأسهل والأهون من أقوال أهل العلم من المذاهب المختلفة. أما طلاب العلم والقادرون على النظر في الأدلة والاجتهاد في النوازل والحوادث ولو بالاجتهاد الجزئي - وهو القدرة على الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض - فإن الواجب عليهم النظر في الأدلة والعمل بما يوافقها وطرح ما يخالفها؛ لأن الواجب على جميع المكلفين معرفة الأحكام الشرعية بأدلتها، ولكن تُرك هذا الأمر في حق عامة الناس لعدم قدرتهم عليه؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:" لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة:286] . فيبقى الأمر على ما هو عليه فيمن عداهم من أهل العلم وطلابه، وبهذا يتضح أن الشخص العامي الذي لا يستطيع النظر في الأدلة يجوز له أن يقلّد أحد الأئمة المجتهدين المشهود لهم بالعلم والصلاح، ويتبعه في كل ما لم يعلم بطلانه. أما إذا علم بطلان قوله في أي مسألة من المسائل بأن تبين له فيها دليل يخالف قول إمامه؛ فإن الواجب عليه العمل بما دل عليه الدليل، ولا يجوز له حينئذٍ الاستمرار على ما ذهب إليه إمامه؛ لأن التقليد إنما جاز لهذا العامي لأنه جاهل بالدليل، أما إذا عرفه أو أُخبر به وجب عليه ترك التقليد والعمل بالدليل؛ لعدم الحاجة إلى التقليد. ومن أجل ما سبق ذكره فإنك تخبر صاحبك بما دلّ عليه الدليل الثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتبين له أن الواجب على المسلم اتباع النبي المصطفى - عليه الصلاة والسلام - في كل ما ثبت عنه، وأن الله لم يتعبد أحداً من الناس باتباع الأشخاص مهما بلغوا من العلم إلا إذا كان الإنسان جاهلاً لا يعلم من الأدلة ما يستطيع العمل به، وفي هذه المسألة اتضحت فيها سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجب على الجميع العمل بها. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

هل يجب التزام مذهب معين؟

هل يجب التزام مذهب معين؟ المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 11/11/1424هـ السؤال هل يجوز لي أن أكون شافعياً؟ ولكن متبعا للدليل، وما الحكم لو خالفتهم في مسألة فقهية مثلا ولو لم يظهر لي الدليل الصريح الصحيح فيها؟ مثلاً: مسألة وجوب الإتيان بالقنوت في صلاة الفجر، فهم يقولون من لم يأت بدعاء القنوت في الفجر يسجد سجود السهو، وغير ذلك. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد اختلف أهل العلم في حكم التزام مذهب معين من المذاهب المعتبرة على أقوال عديدة، والذي يرجحه المحققون منهم: جواز ذلك في حق العامي وغير العالم بأحكام الشريعة؛ لأن هؤلاء لا يستطيعون النظر والاجتهاد، ومن أجل ألاّ يختار أحدهم الأسهل والأهون من أقوال أهل العلم من المذاهب المختلفة. أما طلاب العلم والقادرون على النظر في الأدلة والاجتهاد في النوازل والحوادث ولو بالاجتهاد الجزئي - وهو القدرة على الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض - فإن الواجب عليهم النظر في الأدلة، والعمل بما يوافقها، وطرح ما يخالفها؛ لأن الواجب على جميع المكلفين معرفة الأحكام الشرعية بأدلتها، ولكن تُرك هذا الأمر في حق عامة الناس لعدم قدرتهم عليه؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة من الآية:286] ، فيبقى الأمر على ما هو عليه فيمن عداهم من أهل العلم وطلابه، وبهذا يتضح أن الشخص العامي الذي لا يستطيع النظر في الأدلة يجوز له أن يقلّد أحد الأئمة المجتهدين، المشهود لهم بالعلم والصلاح، ويتبعه في كل ما لم يعلم بطلانه، أما إذا علم بطلان قوله في أي مسألة من المسائل بأن تبين له فيها دليل يخالف قول إمامه فإن الواجب عليه العمل بما دل عليه الدليل، ولا يجوز له حينئذٍ الاستمرار على ما ذهب إليه إمامه؛ لأن التقليد إنما جاز لهذا العامي؛ لأنه جاهل بالدليل، أما إذا عرفه أو أٌخبر به وجب عليه ترك التقليد والعمل بالدليل؛ لعدم الحاجة إلى التقليد. وإذا ثبت أن العامي يُشرع له تقليد أحد الأئمة المعتبرين فإن مخالفته له حينئذٍ تكون على قسمين: الأول: أن يخالف العامي مذهب إمامه لظهور دليلٍ صحيح يدل على خلاف ما ذهب إليه إمامه، وهنا يجب على العامي العمل بما دل عليه الدليل وترك التقليد. الثاني: أن يخالف مذهب إمامه من غير ظهور دليل يدل على خلاف ما ذهب إليه إمامه، وهنا لا يجوز للعامي أن يخالف إمامه؛ لأنه لا يخالفه حينئذٍ على علم-كما في القسم الأول- وإنما على هوى، واتباع الهوى لا يجوز. أما مسألة القنوت في صلاة الفجر بصفة دائمة، فقد اختلف أهل العلم فيها، وذهب كثير من أهل العلم إلى عدم مشروعية ذلك، وهو الحق؛ لعدم الدليل على ذلك، وإنما دل الدليل على مشروعية القنوت في النوازل التي تنزل بالمسلمين؛ لما ثبت في صحيح مسلم (677) عن أنس -رضي الله عنه-: "أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قنت شهراً يدعو على أحياء من أحياء العرب، ثم تركه"، ولما رواه الترمذي (402) والنسائي (1080) وابن ماجه (1241) عن أبي مالك الأشجعي أنه قال لأبيه -رضي الله عنه-: إنك صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي - رضي الله عنهم- هاهنا بالكوفة نحواً من خمس سنين، أكانوا يقنتون؟ قال: أي بني مُحْدَثٌ، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. ومما يدل على أن القنوت في غير الوتر مختصٌ بالنوازل التي تنزل بالمسلمين ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: " إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -كان لا يقنت في صلاة الفجر إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم " انظر تهذيب الآثار (549) . ولكن الإنسان إذا صلى خلف إمام يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر بصفة دائمة، فإنه يتابعه في الصلاة والقنوت، ويؤمِّن على دعائه، وإن كان المصلي لا يرى مشروعية هذا الأمر؛ لأن مصلحة اجتماع الناس والتفاف بعضهم ببعض خير من التفرق من أجل أمرٍ مختلف فيه، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى قريبٍ من هذا المعنى، حيث قال:" ولهذا ينبغي للمأموم أن يتبع إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد، فإذا قنت قنت معه، وإن ترك القنوت لم يقنت، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما جُعل الإمام ليؤتم به" رواه البخاري (378) ومسلم (411) من حديث أنس -رضي الله عنه-، وقال: "لا تختلفوا على أئمتكم" انظر ما رواه البخاري (722) ومسلم (414) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وثبت عنه في الصحيح أنه قال: "يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم" رواه البخاري (694) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فإذا قنت لم يكن للمأموم أن يسابقه، فلابد من متابعته، ولهذا كان عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قد أنكر على عثمان -رضي الله عنه- التربيع بمنى، ثم إنه صلى خلفه أربعاً، فقيل له في ذلك، فقال: الخلاف شر " ا. هـ. ولذا فإن الواجب عليك إذا صليت خلف إمام يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر أن تتابعه في القنوت وتؤمن على دعائه، وإذا نسي القنوت وسجد للسهو فعليك متابعته في ذلك؛ لما سبق ذكره. أما إذا صليت وحدك فلا تقنت؛ لأن الأدلة الصحيحة التي سبق ذكرها تدل على عدم مشروعيته إلا في النوازل. والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تقليد العامي لأحد المذاهب

تقليد العامي لأحد المذاهب المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 6/11/1424هـ السؤال هل يجب على الشخص العامي تقليد مذهب معين من المذاهب الأربعة؟ أم يجوز له أن يأخذ حكماً من هذا وحكماً من ذاك؟ وأرجو أن تذكروا الأدلة أيضا ليطمئن قلبي. ولكم جزيل الشكر. الجواب العامي مذهبه مذهب من يفتيه، والواجب عليه أن يسأل من يثق في دينه وعلمه وأمانته ثم يعمل بفتواه، أما أن يتنقل بين الكتب وأهل العلم يأخذ من كل شيخ أو كتاب ما فيه رخصة له فهذا لا يجوز، ولذلك يقول الإمام أحمد: (من تتبع زلة كل عالم فهو رجل قد اجتمع فيه السوء كله) ، انتهى كلامه. ولأنه بذلك قد جمع زلات العلماء، وتتبع الرخص، وخرج بمنهج مستقل ملفق لم يقل به أحد من أهل العلم.

التقليد عند اختلاف العلماء

التقليد عند اختلاف العلماء المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 9/3/1425هـ السؤال نرجو أن تعرفوا لنا معنى العامي الذي يجوز له تقليد من يطمئن إلى علمه وتقواه، وما رأيكم فيمن يقول: إذا اختلف الشيخ الألباني مع الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله فإنني آخذ بفتوى ابن عثيمين حتى لو كان الدليل القوي مع الألباني، ولو اختلف ابن باز مع ابن عثيمين رحمهما الله فإنني آخذ بفتوى ابن باز؛ لأنه عندي أعلم حتى لو كان الدليل والحجة مع ابن عثيمين، وبشكل عام هل يجوز للشخص العادي غير المجتهد أن يرجح فتوى من عالم على فتوى من عالم آخر إذا كان يفهم استدلالات كليهما دون النظر إلى أيهما أتقى أو أعلم؟ أم أن ذلك واجب عليه؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: العامي هو الذي لم تتوفر فيه أهلية الاجتهاد، ويجب عليه أن يقلد لعموم قوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" [الأنبياء:7] ، وقد أجمع الصحابة- رضي الله عنهم- والتابعون على ذلك، فقد كانوا يفتون العوام الذين يسألونهم دون نكير على ذلك، وإذا كان هناك جماعة من المفتين والعلماء فالواجب على العامي استفتاء الأفضل في العلم والورع فإن استووا تخير بينهم، والعامي الذي لم يحصل شيئاً من العلوم التي يرتقي بها إلى مرتبة الاجتهاد الجزئي أو الكلي، ولم يفهم مقاصد الشرع العامة ولم يمارس الأدلة التفصيلية فهماً واستنباطاً واستدلالاً فهذا لا يجوز له أن يرجح فتوى على فتوى لأن ذلك منه تحكم بلا مستند صحيح. والله أعلم.

التقليد وبراءة الذمة

التقليد وبراءة الذمة المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 9/2/1425هـ السؤال هل إذا قلَّد العامي عالماً ما تبرأ ذمته بذلك؟ أم أنه لا بد له أن يقوم ببحث خاص؟ ثم إذا قلد عالما من علماء الضلا ل يكون آثما بذلك أم لا؟ ثم نود أن تبينوا لنا حكم التقليد بصفة عامة، وحكم التقليد في العقيدة بصفة خاصة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: مما لا شك فيه أن الله سبحانه فاوت بحكمته بين العباد، ولم يوجب على الجميع التوجيه إلى نشاط معين ليتحقق بذلك الاستخلاف في الأرض وعمارتها، وأحكام الشريعة منها ما يكون تعلمه واجباً عينياً على كل مسلم مكلف، وذلك في أمور العبادات، وما يتوقف عليه صحتها، وما يحتاج إليه في تعامله، وبقية أحكام الشريعة على سبيل فرض الكفاية، والعامي لا شك أنه لا يمكنه الاستنباط والاجتهاد ففرضه التقليد، ولكن يقلد من هو أتقى منه وأشد ورعاً وعلماً، ويمكنه أن يعرف ذلك بالتحري، كما أنه في أمور دنياه يتحرى، فأمور دينه يجب عليه فيها التحري أكثر، وفي هذا العصر اختلطت الأمور، وكثرت مصادر الفتوى، ولذلك لا بد من سلوك سبيل الاحتياط والبعد عن الشبهات، وإذا اختلفت الفتوى لديه وكان كل من المفتين على درجة واحدة أو متقاربة فإنه يأخذ بالأحوط، ولا بأس أن يطلب دليلاً أو مرجحاً يعتمده في العمل بأحد القولين، وأما إذا كان المستفتي من علماء الضلال كما قال السائل، فلا يجوز العمل بقوله ولا أخذ فتواه، ولو وافقت الدليل؛ لأن كونه من علماء البدعة أو الضلال موجب لرد قوله، وقد حذر علماء السلف من الأخذ عن علماء البدعة والضلال؛ لأن في الأخذ منهم إظهاراً لشأنهم، وإعلاماً بهم، وهذا مخالف لما دلت عليه النصوص. أما مسائل العقيدة فقد ذكر العلماء أنها مما لا يدخل في مجال التقليد، بل يجب فيها معرفة الحق بدليله، وهي ظاهرة، وما استقر عليه أهل السنة والجماعة مما يجب اعتقاده في الإلهيات أو النبوات أو السمعيات، وكله مدون بأسلوب واضح سهل، ولله الحمد، والسؤال المذكور يتطلب تفصيلاً أكثر ويمكن للسائل الرجوع إلى كلام لابن القيم في إعلام الموقعين. والله أعلم.

أسباب اتباع كل بلد لإمام معين

أسباب اتباع كل بلد لإمام معين المجيب عبد الله بن سعد الكليب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 21/2/1425هـ السؤال ما هو سبب أخذ بلد معين بمذهب معين؟ مثلا بلاد الشام تأخذ بمذهب الإمام الشافعي, السعودية تأخذ بمذهب الإمام أحمد. فهل هناك سبب معين لاختيار إمام معين؟ وهل هناك رؤية واضحة بأن إماماً معيناً يصلح في بلد معين أكثر من غيره, وجزاكم الله كل خير. الجواب بسم الله، والصلاة والسلام على رسوله وبعد: فلأخذ بلد ما مذهبا فقهيا معينا أسباب كثيرة، أهمها: تبني السلطة السياسية في القائمة البلد لذلك المذهب، فبلاد الشام ساد فيها مذهب الشافعي لتبني الدولة الأيوبية له، وبعدها دولة المماليك - وإن كان بدرجة أقل، وكذلك الأمر في المملكة العربية السعودية. ومن الأسباب نشاط أتباعه وكثرة الأوقاف المحبوسة عليهم، وتوليهم للمناصب الشرعية كالقضاء والحسبة والتدريس، وكل المذاهب الفقهية صالحة لجميع بلاد المسلمين، ولا يبعد أن يكون بعضها أنسب من بعض في بعض البلدان لظروفها السياسية أو الاجتماعية.

الحق واحد أم متعدد؟؟

الحق واحد أم متعدد؟؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 28/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الشيخ الفاضل: كثيرًا ما نسمع من بعض إخواننا هذه العبارة: (الحق واحد) . فهل هذه قاعدة من الفقه أو الحديث؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فلا شك أن الحق في المسائل الخلافية واحد، والحق لا يتعدد على الصحيح من قولي أهل العلم، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ". متفق عليه البخاري (7352) ومسلم (1716) ، ففي هذا الحديث قسَّم النبي صلى الله عليه وسلم- المجتهدين إلى مصيب ومخطئ، فالحكم في كل مسألة عند الله تعالى- واحد، يوفق إليه من شاء من عباده، ولذا كان الفقهاء يرد بعضهم على بعض، ويخطئ بعضهم بعضًا، قال ابن عبد البر: (والصواب مما اختلف فيه وتدافع: وجه واحد، ولو كان الصواب في وجهين متدافعين ما خطأ السلف بعضهم بعضًا في اجتهادهم وقضائهم وفتواهم، والنظر يأبى أن يكون الشيء وضده صوابًا كله) . جامع بيان العلم وفضله (2/88) . وإذا اختلف أهل العلم في مسألة من مسائل الدين فإن الواجب على من استطاع الاجتهاد وتمكن منه باجتماع آلاته عنده أن يجتهد في معرفة الصواب) ، فإن لم يكن من أهل الاجتهاد فإنه يتبع من يثق به أكثر ويعتقد أنه الأعلم، ولتكن حاله كحالة المريض الذي وصف له طبيبان علاجًا فإنه يستعمل وصفة الأكثر علمًا الذي يعتقد أنه أوثق وأتقن في فنه، فإن استويا لديه ولم يتمكن من ذلك فله أن يختار ما شاء من القولين. والله الموفق والهادي، لا إله إلا هو.

اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم واختلافهم

اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم واختلافهم المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 09/05/1425هـ السؤال كيف نوفِّق بين وجوب اتباع آراء السلف من الصحابة - رضي الله عنهم- واختلافهم في اجتهاداتهم في بعض الأحيان؛ وهل اختلف الصحابة - رضي الله عنهم- في تأويل النصوص من الكتاب والسنة؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن المقرر عند أهل العلم أن أفضل هذه الأمة -بعد النبي صلى الله عليه وسلم- هم صحابته رضي الله عنهم، كيف لا وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنه قد رضي عنهم وأرضاهم، وانطلاقاً من فضلهم وعدالتهم ومصاحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم فإن لأقوالهم من المنزلة والفضل ما ليس لغيرهم من العلماء على مر العصور، وهذا الأمر هو الذي جعل كثيراً من أهل العلم يعدون قول الصحابي من الأدلة التي يحتج بها على الأحكام؛ لأنهم عاصروا تنزل الوحي، وشاهدوا الوقائع مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذا الباب ما ذكره الإمام الشاطبي، حيث قرر أن الواجب على الناس عموماً أن يفهموا نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة مثل ما فهمها الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنهم هم الذين خوطبوا بهذه الأدلة أولاً، فلا بد أن نفهمها كما فهموها؛ لنعمل بها كما عملوا هم بها. وإذا نظرنا إلى واقع الصحابة -رضي الله عنهم- نجد أنه قد صدر منهم عدد كبير من الأقوال والأحكام والفتاوى والاجتهادات، والمسلم عموماً مأمور باتباع الصحابة رضي الله عنهم، إلا أن ذلك يختلف بحسب اختلاف الأحوال المصاحبة لتلك الأقوال، ويمكن تقسيم المسألة إلى الأقسام التالية: 1- إن كان الصحابة متفقين على حكم معين في مسألة من المسائل، فهذا يعد إجماعاً منهم، والواجب على كل من جاء بعدهم أن يصير إلى قولهم ولا يجوز له مخالفتهم؛ لأنهم مجمعون على هذا القول، ومن خالفهم والحالة هذه فإنه يكون متبعاً غيرَ سبيل المؤمنين، والله سبحانه وتعالى يقول:"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ". 2- إن صدر من أحد الصحابة قولٌ وانتشر بين الصحابة-رضي الله عنهم-، ولم يخطِّىء أحد من الصحابة-رضي الله عنهم- هذا القول، ولم يصدر من أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- إنكار على صاحب هذا القول، فإن الواجب علينا اتباع هذا القول؛ لأن القول المنتشر الذي لم يخالفه أحد يعد نوعاً من أنواع الإجماع، وهو الإجماع السكوتي، وأكثر أهل العلم على أن الإجماع السكوتي يجب اتباعه ولا تجوز مخالفته. 3- إن صدر قول من أحد الصحابة، ولم ينتشر هذا القول، ولم يُنقل إلينا أن غيره من الصحابة قد خالفه، وهذا القسم حصل فيه خلاف بين أهل العلم، والذي عليه كثيرٌ من أهل العلم أن قول الصحابي بهذه الحالة يجب اتباعه، وذكروا عدداً من الأدلة الدالة على وجوب الأخذ بقول الصحابي بهذه الحالة، والمقام لا يتسع لذكرها. 4- إن صدر من أحد الصحابة قول معين في أي مسألة من المسائل، وخالفه غيره من الصحابة، فإنه ليس قول بعضهم حجة على بعض، ولذلك فإنه لا حرج على من اتبع أيّاً من القولين. والخلاصة: أن اتباع الصحابة رضي الله عنهم واجب فيما اتفقوا عليه قولاً أو سكوتاً، أما ما اختلفوا فيه فإنه لا يجب اتباع قول معين منه، وإنما الواجب علينا ألاَّ نخرج عن مجموع أقوالهم، ولذلك فإنه لا يجوز لنا إحداث قول لم يقل به أحد منهم، مثلاً: إذا اختلف الصحابة رضي الله عنهم في مسألة من المسائل على قولين: الأول: الجواز، والثاني: الكراهة، فيجب علينا اتباعهم في أحد هذين القولين، ولا يجوز لنا أن نحدث قولاً جديداً لم يقل به أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- كأن نقول بالتحريم مثلاً؛ لأن اختلافهم على هذين القولين فقط هو بمثابة الإجماع منهم بعدم جواز قول ثالث. وهذا الكلام عام في كل ما نقل عن الصحابة رضي الله عنهم، ومن ذلك ما يتعَّلق بتأويل النصوص من الكتاب والسنة، فقد حملت لنا كتب التفاسير والسنن والمصنفات والآثار عدداً كبيراً من الأقوال الصادرة عن الصحابة -رضي الله عنهم- فيما يتعلق بتأويل النصوص من الكتاب والسنة وتفسيرها، بل إن كثيراً من كتب التفسير اهتمت بأقوال الصحابة رضي الله عنهم؛ حيث إنهم يفسرون القرآن بالقرآن، وبالسنة، وبأقوال الصحابة رضي الله عنهم. والأقوال المنقولة عن الصحابة رضي الله عنهم فيما يتعلق بتأويل النصوص منها ما هو متفق عليه بين الصحابة-رضي الله عنهم-، ومنها ما وقع فيه خلاف بينهم، وموقفنا من هذه الأقوال يكون على وفق التقسيم السابق ذكره. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاجتهاد في استنباط الأحكام من النصوص

الاجتهاد في استنباط الأحكام من النصوص المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 11/6/1425هـ السؤال هل الاجتهاد واستنباط الحكم من النصوص الشرعية أمر جائز؟ أم يجب عدم الخروج عن محتوى النص؟ وما الدليل الشرعي على ذلك؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الله -سبحانه وتعالى- تعبَّد الناس باتباع شرعه، وأمرهم بالتحاكم إليه في كل أمورهم، ولم يكلهم في ذلك إلى أهوائهم وشهواتهم، وإنما أنزل إليهم كتابه تبياناً لهم، وأمرهم بالرجوع إليه، وإلى ما أنزل على رسوله -صلى الله عليه وسلم-. إذا نظرنا في نصوص الكتاب والسنة من حيث دلالتها على الأحكام وجدناها قسمين: القسم الأول: نصوص خاصة دلت على أحكام خاصة، مثل آيات التوحيد وإثبات صفات الله -تعالى-، والأمر بفرائض الإسلام، ومقادير المواريث، والزكوات، وما إلى ذلك، وهذه النصوص دلت على أحكام واضحة جلية، ولذلك فإنها لا تحتاج إلى اجتهاد في إثباتها أو في أحكامها الأساسية، ولذلك تضافرت النقول عن أهل العلم في المنع من الاجتهاد في هذه المسائل، حتى جعلوا من ذلك قاعدةً معتبرةً، وهي قولهم: (لا مساغ للاجتهاد في مورد النص) . الثاني: نصوص عامة، هي عبارة عن كليات وعمومات، يدخل فيها ما لا حد له من المسائل والأحكام، وهذا القسم هو الغالب في النصوص الشرعية، وهذه النصوص تحتاج إلى أن يجتهد العالم في دلالتها، وأن يبذل وسعه في استنباط ما تدل عليه من أحكامٍ، والاجتهاد في هذه النصوص ليس أمراً جائزاً فحسب، بل هو مأمور به؛ لأنه هو طريق معرفة حكم الشريعة في أغلب المسائل، بل هو السر في بقاء هذه الشريعة المباركة واستمرارها، وصلاحها لكل زمان ومكان؛ لأن النصوص الشرعية محصورة ومتناهية، والحوادث غير متناهية، ولا طريق لمعرفة أحكام الحوادث إلا بالاجتهاد في عمومات الشريعة وكلياتها من أجل استنباط الأحكام منها، ويمكن التمثيل لهذا القسم بقوله -تعالى-:"ويحرم عليهم الخبائث"، فإن هذا النص لا يمكن الحكم بمجرده على تحريم شيءٍ معين إلا بعد الاجتهاد في إثبات كون هذا الشيء ضاراً، ومن ثم يمكن تطبيق هذا الدليل على ما لا يُحصر من المسائل والفروع، وكقوله -عليه الصلاة والسلام-:"لا ضرر ولا ضرار" فإنه يحتاج إلى اجتهاد في إثبات الضرر ووقوعه، وبالتالي نستطيع أن نطبقه على ما لا حد له من المسائل. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التمذهب واتباع الدليل

التمذهب واتباع الدليل المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الاجتهاد والتقليد التاريخ 23/06/1425هـ السؤال أنا رجل مسلم زائرٌ يوميٌّ لموقعكم "موقع الإسلام اليوم". فأشكر كل من يعمل في هذا الموقع الذي يطلع عليه الناس من نواحٍ شتى؛ ليجدوا الحل لمشكلاتهم، وأدعو الله أن يجزي كل من يعمل على هذا الموقع أحسن الجزاء. ففضيلة الشيخ عندي سؤال واحد. أتمنى منكم أن تردوا عليه في أقرب وقت. فيا فضيلة الشيخ العلماء وجمعياتهم كثيرة عندنا، ولكنهم مختلفون في آرائهم. فبعض العلماء يزعمون أن تقليد أحد المذاهب الأربعة واجب على كل مسلم، وكذلك لو رأى أحدٌ - إن كان عالماً أو عامياً - الأدلةَ القاطعةَ من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ضد مذهبه المُتَّبَعِ فلا يجوز له أيضا الفعل به؛ لأن أئمة المذهب رأوا من الأحاديث التي لم نرها في العصر الحالي، ولكن لما أمعنتُ نظري إلى موقعكم فقرأتُ فيه مرةً (إذا وَجد مُتَّبِعُ المذهب دليلاً قاطعاً من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ضد مذهبه فعليه أن يَعمل حسبَ حديثِ النبي -صلى الله عليه وسلم-) ، فمثلا أنا متبع المذهب الشافعي، ففي هذا المذهبِ القنوتُ في صلاة الفجر مِن أبعاضِ السنة للصلاةِ. فلذلك لو نَسي أحدٌ أن يَقنتَ في الصبح فعليه أن يسجد للسهو. ولكن إذا نظرنا إلى الأحاديث التي عندنا الآن لا نستطيع أن نرى فيها الأمرَ للقنوت مِن طرفِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من أصحابه الكرام- رضي الله عنهم-، فالقنوت أمر لم يَفعله صلى الله عليه وسلم، فتركُ القنوتِ أحسنُ على ما فهمتُ من موقعكم؛ لأنا لا نستطيع أن نَستدلّ بأي من الأحاديث للقنوت، ولكنَّ بعضَ العلماء يقولون: لا يجوز لشافعيٍّ أن يَترك القنوتَ، ويتبع حديثَ النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي ضد مذهبه؛ لأن الناس في العصر الحديث مُقلِّدون وليسوا بمجتهدين، فماذا يفعل المؤمنُ إذا رأى حديثاً ضد مذهبه؟ أعينوني بالإفتاءِ على هذه القضية في أقرب وقت. والله الموفق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الواجب على جميع المكلفين- في سائر الأزمان - اتباع الأدلة الشرعية من الكتاب، وما صحّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمصير إلى ما تدل عليه، وليس لقول أي أحدٍ من الناس -مهما كان علمه وقدره- وزن مع قول الله أو قول رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا وجدنا قولاً لأحد العلماء يعارض قول الله أو قول رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإننا نضرب به عرض الحائط، وهذا الأمر هو معنى ما ورد عن عدد من أئمة الإسلام التي تفيد طرح أقوالهم وفتاواهم إذا خالفت الأدلة الشرعية كالإمام مالك والشافعي وغيرهم. ولكن إذا لم يكن الإنسان من أهل النظر في الأدلة الشرعية، وتمييز الصحيح منها من الضعيف، وليس من أهل استنباط الأحكام من الأدلة، فإنه يجوز له أن يقلد أحد الأئمة المشهود لهم بالعلم والورع؛ لأن هؤلاء العامة لا يستطيعون النظر والاجتهاد، ومن أجل ألاّ يختار أحدهم الأسهل والأهون من أقوال أهل العلم من المذاهب المختلفة، ولذلك فإنه يُلزم باتباع مذهب من مذاهب أهل العلم المعتبرة. أما طلاب العلم والقادرون على النظر في الأدلة والاجتهاد في النوازل والحوادث فإن الواجب عليهم النظر في الأدلة والعمل بما يوافقها وطرح ما يخالفها؛ لأن الواجب على جميع المكلفين معرفة الأحكام الشرعية بأدلتها، ولكن تُرك هذا الأمر في حق عامة الناس لعدم قدرتهم عليه؛ لأن الله -سبحانه وتعالى -يقول:" لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] ، فيبقى الأمر على ما هو عليه فيمن عداهم من أهل العلم وطلابه. وبهذا يتضح أن الشخص العامي الذي لا يستطيع النظر في الأدلة يجوز له أن يقلّد أحد الأئمة المجتهدين المشهود لهم بالعلم والصلاح، ويتبعه في كل ما لم يعلم بطلانه، أما إذا علم بطلان قوله في أي مسألة من المسائل، بأن تبين له فيها دليل يخالف قول إمامه فإن الواجب عليه العمل بما دل عليه الدليل، ولا يجوز له حينئذٍ الاستمرار على ما ذهب إليه إمامه؛ لأن التقليد إنما جاز لهذا العامي؛ لأنه جاهل بالدليل، أما إذا عرفه أو أٌخبر به وجب عليه ترك التقليد والعمل بالدليل؛ لعدم الحاجة إلى التقليد. وهنا يجب التنبيه إلى أن العامي لا يسوغ له ترك مذهب إمامه في أي مسألة من المسائل، وإنما يتركه عندما يظهر له دليل صحيح صريح يخالف مذهب إمامه، ويتبعه فيما عدا ذلك. أما إذا لم يظهر له دليلٌ يدل على خلاف ما ذهب إليه إمامه، فإنه لا يجوز له أن يخالف إمامه؛ لأنه لا يخالفه حينئذٍ عن علم، وإنما مستنده في ذلك الهوى، واتباع الهوى لا يجوز. على أنه يجب علينا أن نحسن الظن بأئمة الإسلام وعلمائه عندما نجد لهم أقوالاً تخالف أدلة الكتاب والسنة، ونعتذر لهم بأن هذه الأدلة لم تبلغهم أو لم تصح عندهم؛ لأنهم لو بلغتهم هذه الأدلة وصحَّت عندهم فإنهم -ومن دون شك- سيصيرون إليها وسيقولون بمقتضاها. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التعارض والترجيح

التعارض بين النصوص الشرعية المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث أصول الفقه /التعارض والترجيح التاريخ 14/2/1424هـ السؤال أنا مسلم وأحب الإسلام حتى الموت، ولكني حينما أطلع على كثير من الأحاديث النبوية أرى بعضها يناقض بعضاً أحياناً ويناقض بعضها القرآن أحياناً أخرى، وحينما أنظر في تعليل ذلك من قبل العلماء السابقين أو الحاضرين لا أراني مقتنعاً، ولا أجد لها تفسيراً إلا قوله تعالى:"ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً" فهل نظريتي سليمة؟ الجواب الحمد لله، وبعد: مسألة التعارض، من المسائل الكبار، ولكن من أهم المهم أن تعلم ما يلي: (1) أن كثيراً مما يظن فيه التعارض هو في نظر الناظر، وراجع إلى نقص في الفهم. (2) أن كثيراً منه أيضاً يكون سببه أن أحد الدليلين المتعارضين صحيح والآخر ضعيف أو أحدهما صريح والآخر غير صريح، فالصحيح الصريح يندر أن يعارض مثله، ومع ذلك فإن وجد فيصار إلى الترجيح. (3) أن يكون أحد الدليلين عاماً والآخر خاصاً، فيبقى العام على عمومه ويخص منه ما ورد الدليل الخاص بتخصيصه ولا تعارض، ولذلك بسط في مصنفات مستقلة. وسؤالك جاء عاماً ولو ذكرت لنا مثالاً لأمكن تفصيل الجواب حوله، ولذا فنصيحتي لك التوجه إلى ما أجدى في العلم والعمل، والتزود من العلم النافع، والمشاركة في العمل الجاد وستصيب من ذلك خيراً كثيراً بإذن الله، بارك الله فيك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

احترنا بين أقوال العلماء!

احترنا بين أقوال العلماء! المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه /التعارض والترجيح التاريخ 16/2/1425هـ السؤال على أي أساس نقول هذا الرأي هو الأقوى أو الأصح؟ وهل يجوز اتباع رأي أحد المشايخ في يوم ورأي شيخ آخر في يوم آخر؟ بمعنى أن نصلي على المذهب الشافعي في يوم، وعلى المذهب الحنفي في يوم آخر. الجواب الأصل أن الإنسان متبع لما جاء في القرآن والسنة، ويدل لهذا أدلة كثيرة من ذلك: قول الله - عز وجل-: "ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين" [القصص:65] ، لا يقول: ماذا أجبتم فلاناً أو فلاناً من العلماء، وأيضاً قول الله - عز وجل-: "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله" [الشورى:21] ، وأيضاً من السنة حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" رواه الترمذي (2676) ، وأبو داود (4607) ، وابن ماجة (42) ، وأيضاً ما ثبت في صحيح مسلم (867) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يقول في خطبته: "أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم-" وحديث عائشة - رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) واللفظ له، وأيضاً قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله" رواه البخاري (7137) ، ومسلم (1835) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والنصوص في هذا كثيرة جداًّ، وإذا اختلف العلماء - رحمهم الله- على قولين فأكثر فإن الإنسان لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: أن يتبين له الحق من الكتاب والسنة، فهذا يجب عليه أن يتبعه؛ لما تقدم من الدليل. الأمر الثاني: ألا يتبين له كأن يكون عامياً، أو تتكافأ عنده الأدلة، ونحو ذلك، فهذا يأخذ بقول أوثق العالمين علماً وورعاً، فإن تساوى عنده العالمان في العلم والورع، قال بعض الأصوليين: بأنه يتخير من أقوالهما، وقال بعض الأصوليين بأنه يأخذ بالأشد. والله أعلم.

الجمع بين البراءة من النصارى والزواج بنسائهم

الجمع بين البراءة من النصارى والزواج بنسائهم المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /التعارض والترجيح التاريخ 11/4/1424هـ السؤال كيف علينا ألا نود النصارى وألا نسلم عليهم، ولا نتعامل معهم، وقد سمح الله تعالى للمسلمين بالزواج منهم؟ ما يعني حبهن وإنجاب الأطفال منهن وتركهن على دينهن إذا أبين أن يسلمن، وهن اللواتي يربين الأطفال، فكيف ذلك الفاصل الشعوري الذي يجب أن يكون بين الفئتين؟ ووصفهم بالكفار، مع العلم أنني أتكلم عن فئة النصارى التي لا تشرك بالله تعالى، والتي تؤمن بأنه واحد أحد، وأن عيسى -عليه السلام- رسول الله. الكثير من الفتاوى تنص على أن النصارى هم من أهل النار، لأنهم لم يؤمنوا بسيدنا محمد - عليه الصلاة والسلام- فكيف يكون للزوج حق القوامة، وتوجيه امرأته في أمور دينها ومعاشها، وأن يتزوج نصرانية بذات الوقت ويبقيها على دينها؟ الجواب أحل الله -تبارك وتعالى- للمسلمين الزواج بالكتابيات المحصنات، العفيفات، كما جاء في الآية الخامسة من سورة المائدة؛ فالكتابية العفيفة التي ليس لها صديق، وإنما كانت في مسلك رشيد بعيد عن الفواحش يحل الزواج بها وتتولى الإنجاب وتربية الأولاد. والنصارى واليهود المسالمون -إن وجدوا- لا ينهانا الله عن معاملتهم بالحسنى، وإكرامهم واحترامهم، كما قال تعالى: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8] ، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" [المائدة:8] ، وفئة النصارى وصفهم الله بالكفر في قوله: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المائدة:73] ، وقال تعالى: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" [المائدة: من الآية17] ، وقال تعالى: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" [التوبة:30] ، وإذاً فالمشهور عن النصارى اعتقادهم عقيدة التثليث، وليس فيهم من يؤمن بالله رباً، وأن عيسى عبد الله ورسوله، ولا أدري من أين جئت بمفهومك هذا؟!.

استبدال الكفارات بالأدعية

استبدال الكفارات بالأدعية المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي أصول الفقه /التعارض والترجيح التاريخ 7/6/1424هـ السؤال السلام عليكم، ورد في بعض الكفارات عتق رقبة فهل يجوز استبدالها بما ورد في الأحاديث الصحيحة أن قول دعاء معين لا أذكره بمثابة عتق رقبة من ولد إسماعيل وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان على المرء عتق رقبة وهو قادر على ذلك فلا يجزئ عنه الإتيان بالذكر الوارد، وإنما الذكر الوارد فضله عظيم، وينال به المرء ثواب العتق وفضله بخبر الصادق - صلى الله عليه وسلم - ولكنه لا يكفي عن إعتاق الرقبة الواجبة، وإليك أخي الحبيب الوارد في فضل الذكر وأنه ينال به فضل العتق، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه"، وقال: "ومن قال في يوم سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر "متفق عليه البخاري (6403-6405) ، ومسلم (2691) ، وعن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرار كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل" متفق عليه البخاري (6404) ، ومسلم (2693) ، ولا تخالف بين الحديثين لأن مقابل المئة عشر رقاب وكتابة مائة حسنة ومحو مئة سيئة وكانت حرزه من الشيطان يومه ذلك، وفي حديث أبي أيوب ثواب العشر مرات كمن أعتق أربعة أنفس ولم يذكر معها غيرها.

الجمع بين إيجاب حد الردة وآية "لا إكراه في الدين"

الجمع بين إيجاب حد الردة وآية "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه /التعارض والترجيح التاريخ 1/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. وفقاً لحديث متفق على صحته: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" وذكر منها المرتد"، ألا يكون ذلك مناقضاً لقوله تعالى: "لا إكراه في الدين"؟ أرجو بيان وجه التعارض. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيظهر من السؤال أن السائل على معرفة، ويحتاج إلى بيان وتوضيح في الإجابة؛ ولذا سأبسط الجواب وأوضحه له إن شاء الله؛ فأقول: ليس بين الآية والحديث تعارض - بحمد الله -؛فإن الحديث، وكذا الأحاديث الأخرى التي جاءت في قتل المرتد كحديث: "من بدَّل دينه فاقتلوه" رواه البخاري (3017) من حديث علي -رضي الله عنه- كلها في من كان مسلماً، وذاق حلاوة الإيمان، ثم ارتدَّ عنه- والعياذ بالله- إلى الكفر مختاراً له ومفضلاً له على الإيمان، وردته هنا وكفره تستلزم تنقصه لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- ولدينه القويم، فلذا استحق القتل عقوبة له؛ فإن فعله هذا جريمة لا يعدلها جريمة. وقد نقل الإجماع على وجوب قتله ابن قدامة في (المغني9 /16) . كما أن المفسدة التي تترتب على ردة المسلم عن دينه أعظم بكثير من مفسدة بقاء الكافر الأصلي على كفره. أما الآية وهي قوله تعالى: "لا إكراه في الدين" [البقرة:256] ، فهي في الكافر الأصلي الذي لم يدخل الإسلام أصلاً، وقد جاء في تفسير هذه الآية قولان للمفسرين: أحدهما: أنها منسوخة بآيات القتال، - فلا تكون معارضة للحديث - وعلى القول بنسخها فإنه يكره جميع الكفار على الإسلام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أكره العرب على دين الإسلام، ومن أبى منهم الدخول فيه أو بذل الجزية قاتله - وهذا هو الإكراه -، ومن أدلة هذا أيضاً: قول الله -تعالى-: "ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون" [الفتح: 16] ، وقوله تعالى: "يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم" [التوبة: 73] ، وقوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار" [التوبة: 123] . وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري (3010) عن أبي هريرة-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "عجب الله من قومٍ يدخلون الجنة في السلاسل". يعني الأسارى الذين يقدم بهم بلاد الإسلام في الوثاق والقيود ثم بعد ذلك يسلمون فيدخلون الجنة وهذا القول ذهب إليه بعض المفسرين. والقول الثاني: أنها محكمة غير منسوخة، وأنها نزلت في أهل الكتاب خاصة (اليهود والنصارى والمجوس، وهم من تؤخذ منهم الجزية) ، وأنهم لا يكرهون على الإسلام إذا بذلوا الجزية، وأما المشركون والكفار فلا يقبل منهم إلا الإسلام أو يقاتلون؛ لأنهم الذين نزل فيهم قوله تعالى: "يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين" [التوبة: 73] ، وهذا قول أكثر المفسرين منهم: سعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وقتادة والحسن والضحاك، وهو قول عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-، فقد روى زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر -رضي الله عنه- يقول لعجوز نصرانية: أسلمي أيتها العجوز تسلمي؛ إن الله بعث محمداً بالحق، قالت أنا عجوز كبيرة، والموت إلي قريب، فقال عمر-رضي الله عنه-: اللهم اشهد وتلا:" لا إكراه في الدين" [البقرة: 256] . وجاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما-: أن هذه الآية نزلت فيمن دخل اليهودية من أبناء الأنصار أنهم لا يكرهون على الإسلام. رواه أبو داود في سننه ح (2682) وهذا القول رجحه شيخ المفسرين ابن جرير الطبري. وقال ابن حزم الظاهري - رحمه الله -: (وأما قول الله -تعالى-: "لا إكراه في الدين" [البقرة: 256] ، فلم يختلف أحد من الأمة كلها في أن هذه الآية ليست على ظاهرها؛ لأن الأمة مجمعة على إكراه المرتد عن دينه - يعني بالرجوع إلى الإسلام - ... الخ) . وليس قول العلماء هنا بإكراه الكفار يشمل إكراه كل كافر على الدخول في الإسلام، بل المراد الكفار المحاربين الذين وقع بينهم وبين المسلمين قتال، أما من لم يقع بين المسلمين وبينهم قتال فلا يكرهون، وقد نص العلماء على الذمي والمعاهد والمستأمن - وهم كفار - أنهم لا يجوز إكراههم، قال ابن قدامة في (المغني 9 /30) : (الدليل على تحريم الإكراه قوله تعالى: "لا إكراه في الدين" [البقرة: 256] ، وأجمع أهل العلم على أن الذمي إذا أقام على ما عوهد عليه والمستأمن لا يجوز نقض عهده، ولا إكراهه على ما لم يلتزمه) . والله أعلم، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وينظر للزيادة في هذا المراجع التالية: 1- تفسير ابن جرير 3/ 14. 2- تفسير ابن كثير 1/ 311. 3- تفسير القرطبي 3/ 279. 4- المحلى لابن حزم 9/ 225.

كيف نجمع بين هذين النصين؟!

كيف نجمع بين هذين النصين؟! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه /التعارض والترجيح التاريخ 26/04/1425هـ السؤال كيف نجمع بين قوله -تعالى-:"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون.." الآية في سورة آل عمران. وحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-:"يأتي أقوام يوم القيامة بأعمال كالجبال يجعلها الله هباء منثورا"، فقال الصحابة - رضي الله عنهم- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلهم لنا يا رسول الله، فقال: "أما إنهم يصلون كما تصلون ويصومون كما تصومون ويقومون من الليل كما تقومون لكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها". الحديث ... نرجو الإيضاح. ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. دلت نصوص الكتاب والسنة على أن التوبة النصوح التي استكملت الشروط يحصل بها مغفرة الذنوب وتكفير السيئات ودخول الجنات، كما جاء في الآية التي ذكرها السائل، وهي قوله -تعالى-: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ" [آل عمران:135] ، وكما في قوله -تعالى-: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الفرقان:68-70] ، وكما في قوله -تعالى-: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [الزمر:53] ، وقد ورد في سبب نزول هاتين الآيتين ما أخرجه البخاري (3855) ، ومسلم (122) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أَنَّ قَوْمًا كَانُوا قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا وَانْتَهَكُوا، فَأَتَوْا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالُوا يَا مُحَمَّدُ إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَر"َ إِلَى: "فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ" قَالَ: يُبَدِّلُ اللَّهُ شِرْكَهُمْ إِيمَانًا وَزِنَاهُمْ إِحْصَانًا، وَنَزَلَتْ: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ" الْآيَةَ، وأما ما جاء في الحديث المذكور في السؤال فهو محمول - والله أعلم - على أن هؤلاء الذين انتهكوا محارم الله قد وافتهم المنية ولم يتوبوا من هذه الذنوب، أو لم يستوفوا شروط التوبة، وهي: الإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العود، والندم على مافات، وإذا كانت الحقوق للعباد لم يقوموا بأدائها، والخروج من المظالم، فبقيت السيئات والذنوب من غير توبة، فقدموا على ربهم وهم يحملونها على ظهورهم، فعند الموازنة تغلب سيئاتهم حسناتهم، كما جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم (2581) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟، قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ"، وكما أخرجه البخاري (6534) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ"، ويحتمل أن هؤلاء الذين جاء وصفهم في الحديث المذكور في السؤال فعلوا هذه المحرمات فعل المستحل لها الآمن من مكر الله وعقوبته، ويؤيد هذا أن معنى الانتهاك المبالغة في خرق محارم الله، والحديث المذكور من أفراد ابن ماجة (4235) أخرجه من حديث ثَوْبَانَ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: " لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ ثَوْبَانُ -رضي الله عنه-: "يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا"، وقال البوصيري: إسناده صحيح. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

أقل الجمع

أقل الجمع المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /التعارض والترجيح التاريخ 9/2/1425هـ السؤال ما أقل الجمع على القول الراجح مع ذكر مثال للتوضيح؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه المسألة مما وقع فيها الخلاف قديماً وحديثاً، بل إن بعض محققي أهل العلم كالقرافي، لا تزال المسألة عنده محل إشكال، وقال عن نفسه: إن له نحو من عشرين سنة يورده، ولم يتحصل عنده جواب. والراجح- والله أعلم - أننا ننظر في المراد بالجمع في قولنا: (أقل الجمع) هل المراد به الجمع لغة وهو ضم أمر إلى آخر، أو أن المراد به مدلوله، وهو كل ما يسمى جمعاً، فإن كان المراد الأول فأقل الجمع يصدق على اثنين لحصول الضم بالثاني. وإن كان المراد به مدلوله - وهو كل ما يسمى جمعاً- فإن صيغ الجموع على قسمين: جموع قلة، وجموع كثرة، والخلاف حينئذ في جموع القلة، إذ هو موضوع للعشرة فما دونها إلى الاثنين والثلاثة على الخلاف، أما جموع الكثرة فموضوعة لأحد عشر فما فوق بالاتفاق بين النحاة. والذي يبدو لي في أقل جموع القلة هو ثلاثة وهو رأي الأكثر، ويؤيده قول ابن عباس - رضي الله عنهما- لعثمان - رضي الله عنه- (ليس الإخوة أخوين بلغة قومك) . ثم إن الله قد أعطى الأم السدس في حالة وجود جمع من الإخوة فقال تعالى: "فإن كان له إخوة فلأمه السدس" [النساء:11] ، ومعلوم أن الأم تحجب بأخوين من الثلث إلى السدس، إلا أنه يستثنى من ذلك، أنه يعبر عن عضوين متصلين من جسدين بلفظ الجمع قصداً للتخفيف، كما قال الله: "فقد صغت قلوبكما" [التحريم:4] ، فإنه لو قال: "قلبكما" لثقل اجتماع ما يدل على التثنية فيما هو كالكلمة الواحدة مرتين، ومن فروع هذه المسألة وتصلح أن تكون مثالاً توضيحياً لها، لو أقر الإنسان على نفسه بدراهم، فهل يحمل على درهمين أو ثلاثة، ولو قال رجل: إن اشتريت سيارات فامرأتي طالق، فهل تطلق امرأته بشراء سيارتين أو ثلاثة؟. والله أعلم.

هل اختلاف الأمة رحمة؟

هل اختلاف الأمة رحمة؟ المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً أصول الفقه /التعارض والترجيح التاريخ 16/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كثر الحديث بين الخطباء والمحدثين بأن اختلاف الأمة رحمة، واختلاف العلماء والفقهاء رحمة لأمة محمد -عليه الصلاة والسلام-، والسؤال هو: كيف يستقيم ذلك إن كان الإسلام يدعو دائماً للوحدة ونبذ الاختلاف؟، كما أن الفطرة تبين لكل ذي لب بأن الاختلاف ليس دائماً ممدوحاً ومفيداً، فما الموقف الصحيح في هذه المسألة من حيث الشرع والدين والفتيا واتباع الحق؟ وفقنا الله وإياكم للطريق المستقيم، وجعلنا وإياكم من عباده الصالحين، والحمد لله رب العالمين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه المسألة مهمة، فإن مسألة اختلاف الأمة وكونه رحمة، قد وردت في حديث غير ثابت، رواه البيهقي بسند منقطع عن ابن عباس - رضي الله عنهما- بلفظ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به، لا عذر لأحدكم في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله، فسنة مني ماضية، فإن لم يكن سنة مني ماضية، فما قال أصحابي، إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فأيها أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة" وخرجه الألباني في الضعيفة (59) وقال: إنه موضوع. وكذلك أورد هذا الحديث ابن الحاجب بلفظ: "اختلاف أمتي رحمة"، وكذلك الملا علي القاري الذي قال: إن السيوطي قال: أخرجه نصر المقدسي في الحجة، والبيهقي في الرسالة بغير سند، ورواه القاضي حسين، وإمام الحرمين وغيرهم، ولعله خُرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا، ونقل السيوطي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول: "ما سرني أن أصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- لم يختلفوا؛ لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة"، وكذلك أخرج الخطيب أن هارون الرشيد قال لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله نكتب هذا الكتاب - يعني الموطأ-، ونحمل الناس عليه، ونفرقه في آفاق الإسلام لنحمل عليه الأمة، فقال يا أمير المؤمنين: إن اختلاف العلماء رحمة من الله -تعالى- على هذه الأمة، كل يتبع ما صح عنده، وكلهم على هدى، وكل يريد الله -تعالى-.فهذه الأقوال تدل على أن حديث: "اختلاف الأمة رحمة" ليس ثابتاً، ولكن مع ذلك هناك ما يدل على أن المسألة لها أصل، فكلام عمر بن عبد العزيز، وكلام مالك - رحمهما الله تعالى- يدل على أن المسألة لها أصل، ومعنى ذلك: أن الاختلاف الحميد الذي تكون له أسباب وجيهة من دلالات الألفاظ، ومن معقول النص، هي اختلافات حميدة وسائغة، ولهذا سماها ابن القيم - رحمه الله-: الخلاف السائغ بين أهل الحق، فهذا النوع من الاختلاف لا حرج فيه، ويجب على المسلم أن يوسع صدره لتلك الحكمة التي كتبها العالم يوصى بها ابنه: اعرف الخلاف يتسع صدرك، فإذا عرف اختلاف العلماء، وأسباب هذا الاختلاف لوجود دلالات الألفاظ المختلفة، ولوجود مسائل معقول النص، فالاختلاف في الاجتهاد -كما يقول ابن القيم - رحمه الله- إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع، وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل به مجتهداً ومقلداً، ويقول العز بن عبد السلام: من أتى شيئاً مختلفاً في تحريمه اعتقد تحليله، فلا ينكر عليه إلا أن يكون قول المحلل ضعيفاً جداً. إذاً الاختلاف بهذه المثابة يكون توسعة على الناس في الفروع، فمن عمل بشيء من أقوال العلماء في ذلك يكون إن شاء الله مصيباً، وحتى لو كان مخطئاً فإنه معفو عنه، ومن اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري (7352) ، ومسلم (1716) عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، فحينئذ لا ينكر هذا الاختلاف، وهذا هو الاختلاف الذي يمثل الرحمة؛ لأنه يمثل سعة واتساعاً لحل قضايا الأمة ومشاكلها، وكذلك يحمل الناس على التعايش مع بعضهم دون وجود ضغن وأحقاد لا مبرر لها. أما الاختلاف المنهي عنه، والذي يمثله قوله تعالى: "وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" [الأنفال: من الآية46] ، هذا الاختلاف الذي يؤدي إلى التباغض والتدابر، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: "لا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا تناجشوا، وكونوا عباد الله إخواناً" رواه البخاري (6066) ، ومسلم (2563) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، هذا الاختلاف الذي يؤدي إلى التباغض والتدابر هو الاختلاف الذي يمس العقائد الكبرى، وهو أمر يتجاوز -على حد التعبير المعاصر- الخطوط الحمراء، وبمعنى أنه يتجاوز الاختلاف المقبول إلى التناحر وإلى أن يضرب بعض الأمة بعضها، وألا تتحد سياساتها، وألا تواجه عدوها معاً، هذا الاختلاف مذموم. إذاً الاختلاف منه حميد، ويكون علامة صحية، هو اختلاف عرفت أسبابه وظهرت آثاره الطيبة على الأمة، وأحدث يسراً، وهناك اختلاف ظهرت آثاره السيئة على الأمة وهو الاختلاف المذموم، فعلى المجتهد العالم أن يعرف ذلك ببصيرته، وأن يكون بصيراً بأنواع الخلاف التي يتسامح بها، وخبيراً بأنواع الخلاف التي تؤدي إلى تدمير وحدة الأمة، وتؤدي إلى التباغض والتدابر الذي نهى الشرع عنه. أرجو أن يكون قد فهم ذلك السائل، والله - سبحانه وتعالى- أعلم.

هل هناك إجماع يعارض نصا؟

هل هناك إجماع يعارض نصاً؟ المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /التعارض والترجيح التاريخ 06/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: سؤالي هو: هل يعارض الإجماع حديثاً صحيحاً؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الإجماع إذا ثبت فإنه يترتب عليه أحكام، منها: أنه لا يقع على خلاف نص، ومن ادعى ذلك فلا يخلو الحال من أمرين: إما أن يكون الإجماع غير صحيح، وإما أن يكون النص منسوخاً، فبالإجماع الصحيح يعرف بطلان غيره من الأدلة؛ فمحال على الأمة أن تضيع دليلاً تحتاج إليه؛ إذ هي معصومة، لكن قد يجهل بعض الأمة بعض النصوص، ولا تجهله كل الأمة، والإجماع قول كل مجتهدي الأمة. يقول الإمام الشافعي: (لا نعلم رجلاً جمع السنن فلم يذهب منها عليه شيء، فإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن، وإذا فرق علم كل واحد منهم ذهب عليه الشيء منها، ثم ما كان ذهب عليه منها موجوداً عند غيره) . ويقول الخطيب البغدادي في كلامه على طرق معرفة الناسخ والمنسوخ: (وقد يعلم بالإجماع، وهو أن تجمع الأمة على خلاف ما ورد من الخبر؛ فيستدل بذلك على أنه منسوخ؛ لئلا تجتمع على الخطأ) . ويقول ابن القيم: (ومحال أن تجمع الأمة على خلاف نص له إلا أن يكون له نص آخر ينسخه) . والله أعلم.

الفتوى والإفتاء

الطعن في فتاوى كبار العلماء المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 14/2/1425هـ السؤال دار الحديث في إحدى المنتديات حول قيادة المرأة وعرضت فتوى الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين والشيخ ابن باز - رحمهما الله تعالى- رد عليها من يدعي العلم بلا علم، وقال العلماء يصيبون ويخطئون، وكم من فتوى اكتشفوا أنها خاطئة فيما بعد ثم استشهد لي بأن امرأة أتت إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وردت عليه في مسألة، فقال عمر - رضي الله عنه- أخطأ عمر وصدقت المرأة. سؤالي: هل هذه الرواية صحيحة؟ وهل نجعلها قاعدة في الدين نقيس عليها؟ وهل كل من هب ودب يأتي ويستشهد بهذه الرواية نتبعه في عدم الأخذ من العلماء؟ وهل رد فتوى العلماء بلا علم جائز؟ ألا يصح أن نقول على هؤلاء بأنهم خالفوا أمراً إلهياً وهو: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". ملحوظة أولية: للأسف اتصلت ببعض الدعاة ولم يتحمس للموضوع، وكان الأمر سهلاً وأنا أرى أن الأمر خطير جداً لأن الناس سيبدؤون في التشكيك بالعلماء فيصبح كل عالم فيه شبهة، وبالتالي سيكون علماؤهم ومشايخهم ومفتوهم هم الأسماء المستعارة في المنتديات التي خلفها ربما يكون يهودي أو نصراني أو منافق أو جاهل لا يعي ما يقول أو إمعة، لكن عندما نقارعهم بالحجة، ونبين لهم الحق بوضوح وجلاء، وبالأدلة الشرعية فإن ذلك بمشيئة الله سيكون سبباً في إنقاذ الكثير من أخواتك نساء المسلمين. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى أبو داود (2106) والترمذي (1114) والنسائي (3349) عن أبي العجفاء السلمي قال: خطبنا عمر - رضي الله عنه- يوماً فقال: "ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإن ذلك لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- امرأة من نسائه ولا أصدق امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية".

وقال القرطبي في تفسيره: وخطب عمر - رضي الله عنه- فقال:"ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقية، فقامت إليه امرأة فقالت: يا عمر: يعطينا الله وتحرمنا؟ أليس الله سبحانه وتعالى يقول: "وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً" [النساء:20] ، قال عمر - رضي الله عنه-: "أصابت امرأة وأخطأ عمر" وفي رواية فأطرق عمر - رضي الله عنه- ثم قال: "كل الناس أفقه منك يا عمر"، وفي أخرى: "امرأة أصابت ورجل أخطأ والله المستعان"،وروى الحافظ أبو يعلي هذا الأثر فقال: "حدثنا أبو خيثمة حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني محمد بن عبد الرحمن عن خالد بن سعيد عن الشعبي، عن مسروق قال: ركب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: "أيها الناس: ما إكثاركم في صداق النساء، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه - رضي الله عنهم- لا تعدو الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها، فلأعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم فما دون ذلك، قال: ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش، فقالت يا أمير المؤمنين: نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم؟ قال: نعم، فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ قال وأي ذلك؟ قالت أما سمعت الله يقول: "وآتيتم إحداهن قنطاراً" [النساء:20] ؟ فقال عمر - رضي الله عنه-: اللهم غفراً، كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر، فقال أيها الناس: إني كنت نهيتكم أن تزيدوا في صدقاتهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب".

قال أبو يعلي: وأظنه قال: "فمن طابت نفسه فليفعل"، إسناد جيد وقوي، ومن طرق هذا الأثر: قال ابن المنذر: حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن قيس بن ربيع عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: "لا تغالوا في مهور النساء، فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر، إن الله يقول: "وآتيتم إحداهن قنطاراً" فقال عمر: إن امرأة خاصمت عمر فخصمته". ومن طرقه كذلك وفيه انقطاع قال الزبير بن بكار: حدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جدي قال: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: "لا تزيدوا في مهور النساء، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال، فقالت امرأة من صفة النساء طويلة في أنفها فطس: ما ذاك لك، قال ولم؟ قالت: إن الله قال: (وآتيتم إحداهن قنطاراً) [النساء:20] ، فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ". من خلال هذا العرض السريع لمجريات هذه الواقعة كما وردت في الطرق المختلفة يتضح أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فعل الواجب في هذه المسألة، حيث رجع إلى الحق لما بُيِّن له، ولم يمتنع من ذلك لمنصبه ومكانه بين الصحابة - رضي الله عنهم- لأنه كان يبحث عن الحق، وهو هنا لم يرجع إلى مجرد قول المرأة، لأنه لا حجة في قولها ولا في قول غيرها من الناس، وإنما رجع إلى الآية التي ذكرتها المرأة.

ثانياً: الواجب على الإنسان عموماً أن يكون باحثاً عن الحق متلمساً له في كل أحواله، وإذا قال شيئاً أو حكم بشيء ثم تبين له أن الحق بخلافه فإن الواجب عليه الرجوع إلى الحق ولا غضاضة في ذلك، وهو خير من التمادي في الباطل، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في كتابه إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- "والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل"، وذلك بغض النظر عمّن أرشدك إليه سواء أكان امرأة أو رجلاً عالماً أو عامياً، صغيراً أو كبيراً، لأن الحكمة والحق ضالة المؤمن بغض النظر عن قائلها، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة -رضي الله عنه-: "صدقك وهو كذوب" يعني: إبليس لما ذكر لأبي هريرة - رضي الله عنه- فضل آية الكرسي، والحديث رواه البخاري (3275) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -. ثالثاً: هذه القصة الواردة عن عمر - رضي الله عنه- تعد قاعدة من قواعد الإفتاء والاجتهاد، والعلماء متفقون على مضمونها، ولم يقل أحد من أهل العلم بأن الإنسان يجوز له البقاء على قوله مع تبين خطئه ومجانبته للصواب، لكن العالم إذا اجتهد في أي مسألة من المسائل وتبين له الحق فيها وجب عليه العمل بما ظهر له من الحق وإفتاء من سأله عن حسب ما يراه حقاً في المسألة، ولا يرجع عما توصل إليه لقول أي إنسان كائناً من كان، ولكن إذا تبين له دليل يخالف ما توصل إليه سواء أذكره هو أم ذكره غيره به وجب عليه العمل بما يقتضيه هذا الدليل. رابعاً: ينقسم الناس بحسب علمهم بالأدلة الشرعية إلى قسمين: علماء، وعامة؛ فالعلماء: هم أهل النظر في الأدلة الشرعية واستنباط ما اشتملت عليه من الأحكام، وهم الذين يجوز لهم مناقشة بعضهم البعض فيما ذهب إليه كل منهم في المسائل المختلف فيها، ولا يلزم أحد بما ذهب إليه غيره من العلماء، بل الواجب على كل منهم العمل بما أداه إليه اجتهاده.

أما العامة: فالواجب عليهم سؤال العلماء فيما يعرض لهم من أمور دينهم امتثالاً لقوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" [النحل:43] ، وليس من شأن العامي رد فتاوى أهل العلم أو عدم الأخذ بها أو تخير ما شاء منها، لأنه إن فعل ذلك فإنه لا يفعله عن علم ومعرفة، وإنما منطلقه في ذلك الهوى والتشهي، كما أنه لا يجوز للعامي أن يترك الأخذ بفتاوى أهل العلم بحجة أنهم ربما يكونوا مخطئين، لأننا لو أجزنا له ذلك لبقي العامي بغير تكليف، لأن كثيراً من المسائل اجتهادية والعلماء مختلفون فيها واحتمال الخطأ قائم في حق كل فريق، وإنما الواجب على العامي أن يقلّد العلماء المشهود لهم بالعلم والتقوى، ولا يتجاوز أقوالهم إلا إذا تبين له خطؤها بدليل صحيح واضح، وإذا كان ليس من حق العامي رد كلام العلماء، فإن من حقه أن يسأل العالم عن دليل المسألة ومستندها الذي اعتمده العالم في فتواه، لأن العامي ليس متعبداً باتباع أشخاص العلماء، وإنما هو متعبد باتباع الأدلة التي يعرفها العلماء ويبينونها للعامة. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

متى استفتى؟

متى استفتى؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 7/4/1424هـ السؤال إذا عرض لي سؤال في الدين، فهل يجب عليّ الاستفتاء فوراً؟ الجواب الأصل والقاعدة في ذلك أن يسارع المرء في سؤال أهل العلم عن كل ما أشكل عليه من أمر دينه؛ لأن ذلك من حسن الصالحات التي أمر الله بالمبادرة إليها يقول - تعالى -:" وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض" [آل عمران:133] غير أنه يجب عليه أن يبادر على الفور في سؤال أهل العلم في صور منها: - إن أشكل عليه أمر في عبادة قد أداها، فهذا يلزمه أن يسأل على الفور؛ حتى يقيم نقص عبادته إن أمكن ذلك، أو يكفر إن صح التكفير أو يعبد إن لزم ذلك. - إن وجبت عليه عبادة على الفور وهو يجهل شيئاً مما لا تصح إلا به، فيجب عليه السؤال على الفور حتى تكون عبادته على بصيرة وعلم. - إن وقع منه أمر لا يدري هل يترتب عليه حكم شرعي أم لا؟ فيجب عليه السؤال على الفور حتى تبرأ ذمته، وهذه الصورة عامة لا تختص بالعبادات ونحوها. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أخذ الأجرة على الفتوى

أخذ الأجرة على الفتوى المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 24/10/1423هـ السؤال في مدينتي شيخ من أهل الصلاح والتقوى ومؤهله عالٍ في الشريعة - ضاق به الحال - فمال إلى طلب مقابل نقدي على الفتوى حين يستفتى- وهذا أمر مقزز جدا في بلادنا، وفي ظني أنه استند إلى أصل شرعي في هذا التصرف آمل أن تفيدونا بالجوانب الشرعية- لأخذ الأجرة على الفتوى. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد اختلف أهل العلم في أخذ المفتي الأجرة على فتياه من أعيان من يفتيهم إذا كان فقيراً وليس له كفاية ولا رزق من بيت المال. والجمهور على المنع، وهو اختيار العلامة ابن القيم رحمه الله وغيره. ولا شك أن هذا هو الأولى. وعلى كل فهذه المسألة من مسائل الخلاف فلعله اختار القول بالجواز. ويمكن للسائل أن يتفق مع أثرياء البلد وأعيانه على إعطاء هذا المفتي مبلغاً كل مدة نظير فتياه وتعليمه للناس، ففي ذلك سعي في حاجة أخ مسلم، وفيه كف له عن الأخذ من كل مستفت، وفق الله الجميع لهداه - وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمين.

جرأة غير المختصين على الفتوى

جرأة غير المختصين على الفتوى المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 16/3/1424هـ السؤال أريد إجابة وافية شافية رداً على من يقول إن الحديث عن الدين لا يحتاج إلى مختص؟ فيفتون ويجيبون ويقولون وجهات نظرهم كما يشاءون، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: من الأمور المسلمة عند أهل العلم: أن الكلام في الأحكام الشرعية وما يتعلق بها ليس متاحاً لكل أحد، كما أنه ليس مقصوراً على أناسٍ محددين معينين لا يشاركهم غيرهم، وإنما هناك حدٌ من العلم من حصّله جاز له أن يتكلم في أمور الدين في حدود ما يعلم، وحرُم عليه الكلام فيما يجهل من الأحكام. وذلك لأن الكلام في أمور الدين إنما هو إخبارٌ عن حكم الله، أو حكم رسوله -صلى الله عليه وسلم- في المسألة، وإذا كان الإنسان لا يحيط علماً بما ورد عن الله وعن -رسوله صلى الله عليه وسلم-، فإن إخباره عنهما لا يكون مطابقاً لما جاء عنهما، وإنما يكون من تلقاء نفسه، واعتماداً على عقله، وبذلك يجعل عقله حاكماً على الشرع، وهذا باطل، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوةٌ حسنة، حيث كان يجيب السائل إذا كان عنده علم بالمسألة، وإذا لم يكن عنده علم بها فإنه ينتظر الوحي، ولم يتكلم فيها إذ كان غير عالمٍ بحكمها. وكذلك الأمر بالنسبة للصحابة والتابعين -رضي الله عنهم أجمعين- حيث كانوا لا يتكلمون إلا فيما يعلمونه من أمور الشرع، وقد حفظت لنا سيرهم توقف كثير منهم وامتناعهم عن الكلام فيما جهلوا من الأحكام، ومما حُفِظَ عنهم في ذلك: قول أبي بكر -رضي الله عنه-: " أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا تكلمت في كتاب الله بغير علم" رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1561) وغيره، وقد سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله عن أربعين مسألة، فأجاب عن أربعٍ منها، وقال في ستٍ وثلاثين: لا أدري، ونحو ذلك من الأخبار التي يتبين فيها أن العلماء الربانيين والأئمة المجتهدين لم يكونوا يتكلمون في أمور الدين إلا في حدود ما علموه واطلعوا عليه. وإذا كان الأمر كذلك في حق العلماء والأئمة المجتهدين، فالواجب على غيرهم ممّن لم يطلب العلم ولم يكن من أهله الموصوفين به ألا يتكلم فيما يتعلق بالأحكام الشرعية؛ لأنه غير عالم بها، وغير العالم لا يجب عليه السكوت فحسب، بل يجب عليه مع السكوت أن يسأل العلماء؛ استجابةً لقوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" [النحل: 43] ، ويحرم عليه أن يتصدى ويتصدر في أمورٍ هو جاهلٌ بها؛ عملاً بقوله تعالى:"ولا تقف ما ليس لك به علم " [الإسراء: 36] . وهذا الأمر هو المتبع عند الناس في أمور دنياهم، فنجدهم لا يرضون بكلام الإنسان إلا فيما يعلم، فمثلاً: إذا أصاب أحدَهم مرضٌ فإنه لا يسأل إلا الطبيب، ولا يعتمد على كلام غيره من الناس، وإذا أراد أحدهم البناء فإنه لا يسأل إلا المهندسين الذين يمتهنون البناء والتصميم، وهكذا فكل إنسان يتكلم فيما يحيط بعلمه في أمور الدنيا، وإذا كان الأمر كذلك في أمور الدنيا فأمور الدين من باب أولى ألّا يتكلم فيها إلا أهل العلم وطلبته الذين أخذوا منه بحظٍ وافر. وقد يقول قائل: إن الإنسان وإن لم يكن من أهل العلم، إلا أنه قد يبحث عن أدلة المسألة المعينة، ثم يتكلم فيها بناءً على ما علمه من أدلتها، فيقال له: إن الأدلة الشرعية مترابطة، وبعضها مبنيٌ على بعض، ثم إن الدليل المعين يحتاج إلى عدة أمور من أجل أن يصح الاستدلال به، كأن يكون صحيحاً ثابتاً عن الله أو عن رسوله -صلى الله عليه وسلم-، غيرَ معارضٍ بغيره من الأدلة الأخرى، سالماً من النسخ والتأويل، ونحو ذلك مما لا يعرفه إلا أهل العلم الذين نهلوا منه، وهذه الأمور بلا شك لا تتوفر في عامة الناس. ونحن لا نقول هذا الكلام بناءً على أن الدين له رجالٌ محددون معينون لا يتكلم فيه غيرهم، كما هو الأمر في بعض الديانات الأخرى، ولكن نقول: إنه لا يتكلم في أمور الدين إلا العلماء الذين حازوا شروط العلم التي ذكرها أهل العلم، فكل من حصّلها جاز له الكلام في الأحكام الشرعية في حدود ما يعلم كما سبق ذكره. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الأجرة مقابل الفتوى

الأجرة مقابل الفتوى المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 17/5/1424هـ السؤال ظهر في إحدى الدول، ظاهرة جديدة خاصة بإفتاء الجمهور وهو هاتف الفتوى، ومعناه أن العالم يمكنه تلقي الفتاوى عن طريق الهاتف الخلوي أو العادي، لا أعلم بالضبط ويرد عليها مباشرة. وذلك مقابل مبلغ مالي للدقيقة الواحدة يدفعها السائل، أي أنها تضاف إلى فاتورته الشخصية، ما حكم هذا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد اختلف أهل العلم في أخذ المفتي أجرةً على فتواه من أعيان من يفتيهم، والجمهور أن ذلك ممنوع، ولا شك أن المنع هو الأولى، لكنها مسألة خلافية، فلعل من فعلها يرى الجواز فيها. لكن إذا لم يوجد من يتفرغ لإفتاء الناس احتساباً، ولم يعين ولي الأمر من يتولى ذلك برزق يعطيه له، وتفرغ مؤهل لإفتاء الناس بمقابل فإني أرجو أن هذا يسير، والله الموفق والهادي.

شروط المفتي

شروط المفتي المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 16/4/1424 السؤال ما هي الشروط العلمية التي حدد العلماء لطالب العلم أن يحوزها شرطا ليفتي الناس في أمور دينهم؟ وهل يجب أن يزكي العالم طالب العلم ويجيزه؟ وما هو الحال لمن تدرج في العلم عن طريق الكتب ولم يجلس في حلقات العلم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: أولاً: عرَّف أهل العلم الإفتاء بأنه: "الإخبار بحكم الله تعالى عن دليل شرعي". ولما كان الإفتاء بهذه المنزلة من الأهمية اشترط له العلماء شروطاً عديدة، لا بد من توفرها فيمن أراد التصدي لهذا المنصب الخطير. والشروط - باختصار- هي: (1) الإسلام. (2) البلوغ. (3) العقل. (4) العدالة. وهذه الأربعة شروط لقبول فتواه والعمل بها، وهي مجمعٌ على اشتراطها لذلك. قال ابن حمدان: " أما اشتراط إسلامه وتكليفه (أي أن يكون بالغاً عاقلاً) وعدالته فبالإجماع؛ لأنه يخبر عن الله تعالى بحكمه، فاعتبر إسلامه وتكليفه وعدالته؛ لتحصل الثقة بقوله ويُبنى عليه كالشهادة والرواية ". (صفة الفتوى والمفتي والمستفتي: 13) . (5) الاجتهاد. وقد ذكر العلماء للمجتهد عدة شروطٍ، منها ما هو محل وفاق، ومنها ما هو محل خلاف، وأهم هذه الشروط إجمالاً: (1) العلم بآيات الأحكام من القرآن الكريم. (2) العلم بأحاديث الأحكام من السنة الشريفة. (3) العلم باللغة العربية. (4) العلم بأصول الفقه. (5) العلم بمسائل الإجماع حتى لا يخالفها. وللعلماء كلام طويل حول تحقق هذه الشروط في المفتين قديماً وحديثاً، وهل هذه الشروط معتبرة في حق كل مفتٍ، أو أنها تشترط لما يُسمى بالمجتهد المطلق؟ وهذه المسألة من المسائل المشكلة التي كثر الكلام حولها. ولمن أراد الاطلاع على كلام أهل العلم فيها، فعليه بالكتب التي تناولت هذه المسألة وما يتعلق بها، ومن أهم هذه الكتب ما يأتي: (1) صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان. (2) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح. (3) كتاب الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي. (4) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم. إضافةً إلى ما كتبه العلماء في مؤلفاتهم في أصول الفقه، وذلك في كتاب الاجتهاد والتقليد، حيث يتطرقون لهذه المسألة بشيءٍ من التفصيل عندما يتكلمون عن شروط المجتهد، أو عندما يتكلمون عن مسألة تجزؤ الاجتهاد، ويعنون بهذه المسألة: هل من شرط الاجتهاد أن يكون الإنسان مجتهداً في جميع المسائل والأبواب، أو يجوز أن يكون مجتهداً في بعضها دون بعض؟. ثانياً: إن الإنسان الذي يفتي الناس فيما يسألون عنه من أحكام الشريعة ويبين لهم أمور دينهم يقوم بعمل مهم جداً، وهو من أهم الأعمال وأعظمها، ولما كان هذا العمل بهذه المنزلة، كان من الواجب معرفة هذا الشخص الذي يؤدي هذا العمل، ولا بد من اتصافه بالعلم والتقوى والورع ونحو ذلك من الصفات الحسنة، وهذا الأمر يُعرف من شهادة الناس له وثنائهم عليه، فالناس كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"أنتم شهداء الله في الأرض...." الحديث رواه البخاري (1367) ، ومسلم (949) من حديث أنس -رضي الله عنه-، ولا شك أن تزكية العلماء لطالب العلم وشهادتهم له باستحقاق منصب الفتوى دليلٌ أكيد على صلاحية هذا الإنسان للقيام بهذا العمل العظيم. ثالثاً: أما بالنسبة لمن تدرج في العلم عن طريق الكتب ولم يجلس في حلقات العلم، فإنه وإن أصاب علماً كثيراً بهذه الطريقة، إلا إنه قد يحصل له الخلل والخطأ من حيث لا يدري، فإنه قد يفهم الشيء على خلاف ما هو عليه، وقد تستغلق عليه بعض الأمور المشكلة فلا يجد من يفتحها عليه، وقد يتجه إلى كتب تضر أكثر مما تنفع، وغير ذلك من المحاذير التي تنتفي إذا أخذ العلم عن أهله. ولذلك فإن السلف الصالح ومن بعدهم لم يتلقوا العلم عن طريق الكتب فقط، وإنما أخذوا العلم عن أهله، حيث جلسوا عند العلماء وتتلمذوا على أيديهم، وهم في ذلك يقتدون بالصحابة - رضي الله عنهم -، إذ كانوا يلازمون النبي صلى الله عليه وسلم ويأخذون العلم عنه، وكذلك الأمر بالنسبة للتابعين، حيث لازموا الصحابة - رضي الله عنهم - حتى فقهوا في الدين، وبلغوا ذروة الكمال في العلوم الشرعية. وقد تكلم الشاطبي رحمه الله عن هذه المسألة، ثم قال بعد أن قرر هذا الأمر: " …وحسبك من صحة هذه القاعدة أنك لا تجد عالماً اشتهر في الناس الأخذ عنه إلا وله قدوة اشتهر في قرنه بمثل ذلك، وقلما وُجِدت فرقةٌ زائغة ولا أحدٌ مخالف للسنة إلا وهو مفارق لهذا الوصف. وبهذا الوجه وقع التشنيع على ابن حزم االظاهري، وأنه لم يلازم الأخذ عن الشيوخ ولا تأدب بآدابهم، وبضد ذلك كان العلماء الراسخون كالأئمة الأربعة وأشباههم " (الموافقات1/66-67) . ولا يُفهم من هذا الكلام أن طالب العلم لا يلتفت إلى الكتب ولا يطَّلع على ما فيها، كلا ليس هذا هو المقصود، ولكن المقصود أن الأصل أن طالب العلم يلازم العلماء ويأخذ عنهم، ومع هذا فإنه يطَّلع على الكتب التي كتبها أهل العلم ويقرأ ما فيها، وإذا أشكل عليه شيءٌ أو استغلق عليه فهمه سأل أهل العلم عنه، وبهذا يحصل له الأخذ عن العلماء المتقدمين والمعاصرين، فيأمن من الغلط والخطأ، وقد أشار الشاطبي إلى هذا المعنى، حيث قال: إن العلم لا بد أن يؤخذ من أهله، وهذا الأخذ له طريقان، هما: (1) المشافهة، وهي أنفع الطريقين وأسلمهما. (2) مطالعة كتب المصنفين ومدوني الدواوين، فإنه نافع في بابه بشرطين: أ - أن يحصل للمطَّلع من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب، ومعرفة اصطلاحات أهله، ما يمكنه من فهم ذلك العلم. ب - أن يتحرى كتب المتقدمين من أهل العلم المراد، فإنهم أفضل من غيرهم من المتأخرين. ثم أخذ في شرح هذه الأمور وبيان المراد منها. والمقام هنا لا يحتمل التفصيل، فمن أحب الاطلاع على كلامه في هذه المسألة فليرجع إلى كتاب الموافقات (1/67-68) . والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الأصوب في منهج الإفتاء

الأصوب في منهج الإفتاء المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 11/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا معلم تربية إسلامية في إحدى المدارس وأحمل شهادة بكالوريوس شريعة / الفقه وأصوله، وأتعرض لكثير من الأسئلة الفقهية فأجيب بما أعرف، ونحن نعلم بأن الفقهاء رحمهم الله قد اختلفوا في كثير من المسائل الفقهية وهذا من رحمة الله تعالى بالمسلمين، أرجو مساعدتكم في أن تعلموني طريق الصواب في عملية الإفتاء، هل أتبع مذهباً معيناً وأفتي به؟ أم أختار في كل مسألة المذهب الأسهل وأجيب به؟ ثم أرجو منكم أن تدلوني على أسماء أفضل الكتب في الفقه والعقيدة والتفسير، وجزاكم الله كل خير، وجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم يوم القيامة إنه سميع مجيب الدعوات. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإذا عُرِضَ على طالب العلم سؤالٌ عن حكم شرعي، فإن كان يعرف الجواب مسبقاً، فإنه يفتي السائل بما يدين لله بأنه هو الحق، والمعتمد في ذلك هو الأدلة الشرعية، فما وافق الأدلة الشرعية وجب الأخذ به بغض النظر عن موافقة الحكم لمذهب إمام معين؛ لأن الله تعبدنا باتباع الأدلة ولم يتعبدنا باتباع الأشخاص، وما خالف الأدلة الشرعية وجب طرحه؛ لأنه قول فاسد فلا اعتبار له البتة. أما إذا كان طالب العلم لا يعرف جواب المسألة، فإن عليه أن يبحث عنه فيما كتبه أهل العلم حول المسألة، وليس المراد من هذا البحث معرفة رأي مذهب معين أو إمام معين ليقلَّده ويفتي به، ولكن المراد معرفة كلام أهل العلم في المسألة والاطلاع على ما استدلوا به والنظر فيما يعرض لهذه الأدلة من مناقشات واعتراضات من أجل أن يأخذ الباحث الحكم الذي تعضده الأدلة السالمة من الاعتراضات. وينبغي على طالب العلم - مع ما تقدم- ألّا يغفل عن سؤال العلماء المشهود لهم بالعلم والصلاح عن حكم المسألة والاستنارة بما يقررونه، مع الحرص على معرفة الدليل الدال على الحكم، ومعرفة الدليل أمرٌ في غاية الأهمية؛ لأن الغرض من السؤال ليس معرفة الحكم فحسب، وإنما الاستفادة من طريقة أهل العلم في الحكم على المسائل والحوادث. وإذا لم يتبين لك الحق في المسألة أو تعارضت لديك الأدلة ولم تستطع الترجيح بينها، فعليك أن تعتذر عن الجواب؛ لأن الذي يجيب إنما هو العالم بالحكم، أما غير العالم ففرضه أن يقول لا أدري، وهي نصف العلم كما قيل، ولا عيب فيها، فقد قالها علماء الأمة وأئمتها من الصحابة ومن بعدهم، وهاهو الإمام مالك إمام دار الهجرة سئل عن أربعين مسألة، فأجاب في أربع منها، وقال في ستٍ وثلاثين: لا أدري. أما مسألة الالتزام بمذهب معين للعمل والإفتاء به، فهي مسألة طال فيها الكلام قديماً وحديثاً، والناس فيها طرفان ووسط، فمنهم من يلزم الناس باتباع مذهب إمام معين ولا يسوّغ الخروج عنه إلى مذهب غيره، ومنهم من يحرّم هذا الأمر ويشنِّع على من يقول به، وهناك من توسط في الأمر فجعله جائزاً في حق من لم يستطع النظر في الأدلة من عامة الناس، وقيل هذا في حق عامة الناس لأنهم لا يستطيعون النظر والاجتهاد ومن أجل ألاّ يختار أحدهم الأسهل والأهون من أقوال أهل العلم من المذاهب المختلفة، أما طلاب العلم والقادرون على النظر في الأدلة والاجتهاد في النوازل والحوادث ولو بالاجتهاد الجزئي فإن الواجب عليهم النظر في الأدلة وترجيح ما وافق الدليل؛ لأن الواجب على جميع المكلفين معرفة الأحكام الشرعية بأدلتها، ولكن تُرك هذا الأمر في حق عامة الناس لعدم قدرتهم عليه؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:" لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] ، فيبقى الأمر على ما هو عليه فيمن عداهم من أهل العلم وطلابه. أما ما ذكرته من الإفتاء بأسهل المذاهب في المسألة من أقوال أهل العلم، فإن هذا الأمر لا يستقيم إطلاقه على كل حال، بل عليك أن تجعل الحاكم في ذلك الأدلة الشرعية، فإن ألزمت الأدلة الشرعية بحكم معين في المسألة فعليك الإفتاء به سواءً أكان هو الأسهل أم الأصعب، أما إذا كان في الأمر سعةٌ فعليك الأخذ بالأسهل؛ اقتداءً بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإنه " ما خير بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه " (متفق عليه، رواه البخاري، كتاب: المناقب، باب: صفة النبي صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث:3560، ومسلم، كتاب: الفضائل، باب: مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام واختياره من المباح أسهله، رقم الحديث:6045) .أما أفضل الكتب في الفقه والعقيدة والتفسير، فكتب أهل العلم المشهود لهم بسعة العلم وصلاح المعتقد كلها فيها خير عظيم ونفع عميم، ولكن أشير إلى أهم هذه الكتب في الفنون التي سألت عنها: أولاً: العقيدة، وعليك الاهتمام بالكتب التي ألفها أصحاب المعتقد السليم الموافق لما جاء في الكتاب والسنة، ومن أهمها: (1) كتب شيخ الإسلام ابن تيمية (ت:728هـ) ، وتلميذه ابن القيم (751هـ) فهي من أنفع الكتب وأكثرها فائدة، وأبعدها عن البدع ومحدثات الأمور. (2) شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي. ثانياً: التفسير، وعليك بكتب التفسير بالمأثور، وهي التي تهتم بتفسير القرآن الكريم بالقرآن والسنة وأقوال الصحابة والتابعين، مع العناية بالكتب المهتمة باستنباط الأحكام المختلفة من نصوص القرآن الكريم، ومن أهمها: (1) الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (ت:671هـ) . (2) تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل ابن كثير (ت:774هـ) . (3) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، لمحمد الأمين الشنقيطي (ت:1392هـ) . ثالثاً: الفقه، وأحسن الكتب في هذا العلم ما كان صاحبه مبتعداً عن التعصب والتقليد، مهتماً بالدليل والتأصيل، ومن أهم هذه الكتب: (1) المغني، لموفق الدين ابن قدامة الحنبلي (ت:620هـ) . (2) المجموع شرح المهذب، لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (676هـ) ، والإمام النووي لم يكمل هذا الشرح، وإنما وصل إلى كتاب الربا من المتن، ثم أكمل الكتاب غيره. (3) الذخيرة، لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي (684هـ) .والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

بفتوى من نأخذ؟

بفتوى مَن نأخذ؟ المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 19/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. موضوع سؤالي هو: مسألة الأخذ بالفتوى عندما تختلف من عالم إلى عالم في نفس الإشكالية، وسؤالي تحديداً عن شراء المسكن بالفائدة البنكية؛ فقد وجدت عدة آراء في هذه المسألة بين من حرمها قطعاً، ومن أجازها للضرورة حتى داخل الدول الإسلامية، فهناك من العلماء من لهم وزنهم على الساحة العالمية، ويجيزون شراء البيت بالقروض البنكية بدعوى أن البيت من الضرورات التي تبيح المحظورات، وهناك من يرى من العلماء الكبار أيضا أن الضرورات لا حد لها وتقدر حسب الأشخاص، وبالتالي فإن فتح هذا الباب سيجعل من الاقتراض الربوي حالة شائعة وعامة، بالإضافة إلى أدلة أخرى تجعل هذا الفريق الثاني يحرم الاقتراض الربوي بشكل عام، أمام هذا الوضع أتساءل -جزاكم الله خيراً- عن حكم من أخذ بفتوى الفريق الأول من العلماء الذين يجيزون الاقتراض الربوي لشراء مسكن، وهو غير مقتنع برأيهم ولكنه يحملهم وزر فتواهم، فهل يعتبر آثما؟ أم لا؟. وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى تعبد الخلق باتباع شرعه وتطبيق أحكامه، ونصب على ذلك الأدلة البينة والبراهين الواضحة، وطلب من الناس النظر فيها واستنباط أحكامها وآدابها وأسرارها، ولما كان العامي من الناس لا يستطيع النظر في الأدلة واستخراج ما اشتملت عليه من أحكام وشرائع، فإن عليه أن يقلّد أحد الأئمة المجتهدين المشهود لهم بالعلم والصلاح، ويتبعه في كل ما لم يعلم بطلانه، أما إذا علم بطلان قوله في أي مسألة من المسائل بأن تبين له فيها دليل يخالف قول إمامه، فإن الواجب عليه العمل بما دل عليه الدليل، ولا يجوز له حينئذٍ الاستمرار على ما ذهب إليه إمامه؛ لأن التقليد إنما جاز لهذا العامي؛ لأنه جاهل بالدليل، أما إذا عرفه أو أٌخبر به وجب عليه ترك التقليد والعمل بالدليل، وإذا تعدد العلماء والمجتهدون فعلى العامي أن يقلد الأعلم والأفضل؛ لأن قول الأعلم والأفضل أرجح وأقرب إلى الصواب من قول غيره، ولا يجوز للعامي أن يختار من الأقوال أسهلها أو أحبها إلى نفسه، أو أقربها إلى تحقيق مآربه؛ لأن في ذلك تتبعاً للرخص، وهو يؤدي إلى الانحلال من التكليف، ولو فعل ذلك مع اقتناعه بعدم صحة القول الذي أخذ به فإنه مخطئ وآثم، وليس على من أفتى بهذا القول شيء؛ لأنه مجتهد، والمجتهد مأجور على كل حال، إلا إن كان الذي أفتى بهذا القول غير عالم، فإن أفتى وهو جاهل فهو آثم على كل حال ولا يجوز تقليده أبداً. أما مسألة شراء البيت بالفائدة الربوية، فهي من التعامل الصريح بالربا، وهذه المسألة ليست من المسائل التي يُضطر إليها الناس حتى يُقال بإباحتها، ومن قال بجواز التعامل بالربا في شراء البيوت نظراً لاضطرار الناس فقوله باطل وليس له مستند من الأدلة الشرعية، ولو أخذنا بهذا القول لأجزنا كثيراً من الأمور المحرمة؛ لأن كل إنسان يزعم أنه مضطر إلى ذلك الأمر المحرم. وإذا نظرنا إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم نرى شدته في التحذير من الربا والنهي عنه بكافة صوره وأشكاله، بل إنه ردّ كثيراً من المعاملات الربوية التي حصلت من بعض الناس في ذلك العصر مع جهلهم بتحريمها، ولم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم حاجة الناس في ذلك العصر سبباً لجواز التعامل بالربا، مع أن أكثر الناس في ذلك العصر كانوا من الفقراء، بل إن بعضهم أو كثيراً منهم لا يجد ما يسد رمقه من الجوع. ولذلك فإنه لا يجوز شراء البيوت ولا غيرها عن طريق البنوك الربوية، ومن فعل ذلك فقد اقترف كبيرة من كبائر الذنوب، وعرّض نفسه لغضب الله وسخطه، وأذكرك بأن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ملعونون كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، انظر مسلم (1597) ، وهل يرضى أحد من المسلمين أن تحل عليه لعنة الله؟. ثم إن الله سبحانه وتعالى لم يحرم علينا شيئاً إلا أباح لنا غيره مما يحقق المقصود نفسه، وإن كان الله حرم علينا الربا فقد أباح لنا كثيراً من المعاملات والعقود التي تساعد الإنسان على تحقيق ما يصبو إليه، ومن هذه المعاملات: البيع بالأجل وبيع التقسيط، والتورق، والاستصناع، والسلم، ونحو ذلك من المعاملات الجائزة التي يعتاض بها الإنسان عن المعاملات المحرمة، وختاماً أقول: من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

الموقف عند اختلاف الفتوى

الموقف عند اختلاف الفتوى المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 3/2/1425هـ السؤال ماذا نفعل تجاه مسألة اختلف العلماء فيها فبعضهم أحلها وبعضهم حرمها؟ علماً بأن جميعهم متساوون في العلم والتقوى (نحسبهم كذلك) فهل نتبع الرأي الذي حرمها؟ أم الذي حللها؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالواجب عند حصول الاختلاف الرد للكتاب والسنة كما قال تعالى: "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" [النساء: من الآية59] ، والرد إلى الله والرسول - صلى الله عليه وسلم- بالرجوع للكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة فهو الذي يجب اتباعه وموافقته، وإنما يعرف ذلك أهل العلم. وأما غير العالم فإنه يقلد من يفتيه، قال تعالى: "فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" [النحل: من الآية43] ، وإذا أفتاه لزم قوله إلا أن يعلم أنه غير صحيح، ومتى سأل أحداً من أهل العلم، فإنه لا يسأل غيره بل يكتفي بجوابه، لأنه فعل ما وجب عليه، فإذا اختلف مفتيان فإنه يتبع أعلمهما، ويعرف ذلك بخضوع أهل العلم لأعلمهما وتقديرهم إياه ومراجعتهم له، ثنائهم عليه، ونحو ذلك، مما يدل على مكانته وتقدمه، كما يفعل المريض عند اختلاف الأطباء فإنه يقلد أعلمهم بفنه ويعرف هذا بالطرق المذكورة. فإن لم يعلم ذلك ولم يعرف فهو مخير في تقليد من شاء منهم، لكن إن قلده في بعض فروع المسألة فلا بد أن يقلده في جميعها لئلا يفضي به ذلك إلى عمل ما لا يفتي به أحد، فيختار أحد العلماء ويسأله في هذه المسألة وما شابهها. والله أعلم.

هل في التيسير جناية على الشريعة؟!

هل في التيسير جناية على الشريعة؟! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 1/05/1425هـ السؤال أحس -يا فضيلة الشيخ- بأن هناك فهماً خاطئاً - مجرد إحساس وخواطر وليس جزماً - من بعض المشايخ، وطلبة العلم، والدعاة، لحقيقة يسر الدين وسماحته, وخطأً في فهم بعض القواعد والأصول -،أرى ميل بعضهم إلى أقوال مرجوحة، أو ضعيفة؛ بحجة التخفيف والتيسير, وأزعم بأن خوف بعضهم من اتهام الدين بالشدة - من المنافقين والعلمانيين - يحملهم على الميل إلى الأسهل، وإلى محاولة التقريب بين الدين وبين أقوال بعض أعدائه، كما نسمع عن الشيخ محمد عبده -رحمه الله- بأنه كان جسراً لدعاة تحرير المرأة من غير أن يشعر, وبعضهم يحمله ضعف الناس عن قبول الحق والعمل به إلى أيسر الأقوال، وأضعفها. إني أخشى - حقاً يا فضيلة الشيخ - أن يكونوا قد أخطأوا - وبحسن نية - في بعض فهمهم وآرائهم، هناك قاعدة مشهورة: (قاعدة سد الذرائع) ، وكما تشدد فيها قوم, أرى مؤخراً تساهلا بها والقول بأن (منع الناس سيؤدي إلى ارتكابهم المحظور فلنتساهل ولا نضيق على الناس!) إني أظن أنك تراني متشائماً، ولست كذلك، ولكن هذا ما يدور برأسي من خواطر أحببت سماع رأيكم فيها، والله يحفظكم ويوفقنا وإياكم لكل خير. الجواب لقد صدقت مع نفسك حين وصفت ما بدا لك بأنه خواطر -جمع خاطرة- دارت في ذهنك، إذ مادة (خطر) ، بجميع اشتقاقاتها، وتصريفها تدور على الوهم، والظن، والتردد، وعدم الجزم، وما دار في ذهنك عن بعض الدعاة، والصالحين في هذا العصر من كونهم إنما ركبوا موجة التسامح، والتيسير من أجل التقريب بين الدين، وبين أقوال أعدائه، ضرب من الوهم والتجني على معظم الدعاة والوسطية في أسلوب دعوتهم، وكأنك تميل إلى الشدة وتحبذ التعسير على الناس في الفتوى، وكيف يكون هذا والإسلام دين اليسر، والسماحة والرخصة، والإباحة؛ قال -تعالى-: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، وقال: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج: 78] ، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق" رواه أحمد (27318) من حديث أنس -رضي الله عنه-، ويقول: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن شق عليهم فاشقق عليه" رواه مسلم (1828) من حديث عائشة-رضي الله عنها-، ويقول أيضاً - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته" رواه أحمد (5832) من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما-، وقاعدة: (سد الذرائع) ، لا يعمل بها في كل حال، كما قرر العلماء كابن القيم الجوزية في كتابه: (أعلام الموقعين) حيث يقول: إن الذرائع كما يجب سدها حيناً يتعين فتحها، في أحيان أخرى، والفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان، والأحوال، والنيات، ويقول بعض العلماء: إن إعمال قاعدة (سد الذرائع) يتعين في جانب العقيدة دون سائر الأحكام الفرعية، وإفتاء العالم الناس بالرخصة والتيسير هو عين الصواب، وضد ذلك التشدد والتعسير في الدين، في الحديث قصة النفر الذين جاءوا إلى بيت النبوة يسألون عن عبادته - صلى الله عليه وسلم- فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقال أحدهم: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر: فأقوم الليل ولا أرقد، وقال الثالث: لا آكل اللحم، ولا أتزوج النساء، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم- مقالهم فجمع الناس، وخطبهم، فقال: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، أما إني والله لأتقاكم لله، وأعلمكم به، وإني أصلي، وأرقد، وأصوم، وأفطر، وآكل اللحم، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري (5063) ، ومسلم (1401) من حديث أنس -رضي الله عنه-، ثم إن الناس يتفاوتون في تدينهم، كما يتفاوتون في إيمانهم زيادة ونقصاً، وقوة وضعفاً، فالمفتي والعالم يعطي كلاً من هؤلاء ما يناسبهم، كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل مع صحابته -رضي الله عنهم-، حيث يعطي الإمارة البعض ويمنعها عن البعض الآخر، كما منعها أبا ذر الغفاري - رضي الله عنه-، فالفتاوى بالرخصة والتيسير هي الفقه الذي أمر الله به، قال سفيان الثوري: (العلم أن تسمع الرخصة من ثقة، أما التشديد فكل يحسنه) ، وبناء على ما سبق فإن الظن ببعض الدعاة والمصلحين اليوم بأنهم إنما ييسرون لقصد موافقة الأعداء من الظن السوء المنهي عنه، وأما رفع الدعوة والمناداة بفقه التيسير والتسامح وتجديد الخطاب الديني بما يناسب العصر، مع التمسك بالثوابت والمسلمات فهو عين الصواب الذي هو فقه الواقع الذي يدخل إلى القلوب بلا استئذان، كما يقول ابن قيم الجوزية - رحمه الله-: (بل هو اليسر والتوسط في كل الأمور بين إفراط المتحللين، وتفريط المتشددين) ، ومقولة: (هم رجال ونحن رجال) ، صحيحة إذا كان القائل لها معه دليل صحيح وفهم صريح، حيث الرجال يعرفون بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال، فكل يؤخذ منه ويرد غير النبي - صلى الله عليه وسلم - المعصوم فيما يبلغه عن ربه -صلوات الله وسلامه عليه- ولا يجوز في الدين تقليد الرجال ابتداءً إلا من لم يعرف أدلة أولئك الرجال. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، آمين.

إذا لم يجد المستفتي إلا مفتيا فاسقا!

إذا لم يجد المستفتي إلا مفتياً فاسقاً! المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 21/04/1425هـ السؤال ماذا يفعل العامي إذا لم يجد في البلد سوى مجتهد أو مفتٍ فاسقٍ؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" [البقرة: 32] ، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الكلام في المسألة مبني على اشتراط العدالة في المفتي، والعدالة كما يفسرها كثير من أهل العلم كأبي العباس بن سريج وغيره: (أن يكون حراً مسلماً بالغاً عاقلاً، غير مرتكب لكبيرة، ولا مصر على صغيرة، ولا يكون تاركاً للمروءة في غالب العادة) . وبعض العلماء يفرقون بين المجتهد والمفتي من ناحية اشتراط العدالة فيهما أولا، فلا يشترطونها في المجتهد، ويشترطونها في المفتي، وليس معنى ذلك أن المفتي لا يكون مجتهداً، بل هو مجتهد وعدل، أما المجتهد الفاسق فلا تتعدى فتياه إلى غيره؛ لأنه ليس بأمين على ما يقول، والفتوى أمانة، وحكى بعضهم الإجماع على ذلك، وفيه نظر. والذي أراه هنا الأخذ بقول ابن القيم - رحمه الله تعالى- في هذه المسألة ومراعاته للمصلحة، وأما فُتيا الفاسق فإن أفتى غيره لم تقبل فتواه، وليس للمستفتي أن يستفتيه، وله أن يعمل بفتوى نفسه، ولا يجب عليه أن يفتي غيره. ثم قال ابن القيم بجواز استفتاء الفاسق، لكنه استثنى المعلن فسقه، وعلق الحكم على قبول فتواه على اختلاف الأمكنة والأزمنة والقدرة والعجز؛ فقال رحمه الله كلاماً نفيساً أسوقه لك، يقول ابن القيم رحمه الله: (إلا أن يكون معلناً بفسقه، داعياً إلى بدعته، فحكم استفتائه حكم إمامته وشهادته، وهذا يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة والقدرة والعجز، فالواجب شيء، والواقع شيء، والفقيه من يطبق بين الواقع والواجب، وينفذ الواجب بحسب استطاعته، لا من يلقي العداوة بين الواجب والواقع، فلكل زمان حكم، والناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم، وإذا عم الفسوق وغلب على أهل الأرض فلو منعت إمامة الفساق وشهاداتهم وأحكامهم، وفتاويهم، وولاياتهم؛ لعطلت الأحكام، وفسد نظام الخلق، وبطلت أكثر الحقوق، ومع هذا فالواجب اعتبار الأصلح فالأصلح، وهذا عند القدرة والاختيار، وأما عند الضرورة والغلبة بالباطل فليس إلا الاصطبار والقيام بأضعف مراتب الإنكار) . والله أعلم.

درجات المفتين في الاجتهاد

درجات المفتين في الاجتهاد المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً أصول الفقه /الفتوى والإفتاء التاريخ 26/5/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: قرأت في كتب عديدة أن المجتهدين درجات، وعدّ النووي وابن حجر العسقلاني وغيرهم في أدنى درجات الاجتهاد. وهو الذي لا يجوز له أن يفتي إلا أن يجد لإمام مذهبه نصاً فيقيس عليه. فإذا كان هذا صحيحاً فكيف نعرف درجات المفتين اليوم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخ السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: هناك المجتهد العام، الذي يتمكن من الإفتاء في كل المسائل، أصولاً أو فروعاً، ويعرف الأدلة ووجه دلالتها، مثل الأئمة الأربعة، فإن الله فتح عليهم، وتمكنوا غالباً من معرفة النصوص وفهمها، فهؤلاء يفتون في كل مسألة بحسب ما فتح الله عليهم، ومع ذلك فإنهم قد يخطئون وتفوتهم بعض الأدلة، ولأجل ذلك ورد نهيهم عن تقليدهم لمن عرف الحق وعرف الأدلة، ولاشك أن النووي، وابن حجر العسقلاني، وابن تيمية، وابن عبد السلام، والسيوطي، وابن عبد الوهاب، ونحوهم، قد بلغوا رتبة يتمكنون فيها من الاجتهاد، ولكن يغلب على كثير منهم التقليد والتقيد بأحد المذاهب، ومنهم من يجتهد ويفتي ولو خالف مذهب إمامه، كابن تيمية -رحمه الله- فإنه كثيراً ما يخالف مذهب أحمد، ويخالف أيضاً علماء زمانه في مسائل اجتهد فيها بما يناسب الحال، ثم إن هناك في هذه الأزمنة علماء يتمكنون من بحث المسألة في جميع المذاهب، والمقارنة بين الأدلة؛ حتى يعرفوا الراجح ويعتمدوه، فمثل هؤلاء اجتهادهم نسبي، وليس في كل المسائل أصلية أو فرعية، فإذا بحث أحدهم مسألة في الصلاة أو في الزكاة أو في الحج، وأتى على جميع ما يتعلق بها، وفهمها فهماً كاملاً، فله أن يفتي فيها، ولو خالف مذهب إمامه، ولا يفعل ذلك في كل المسائل التي لم يتمكن من بحث مواضعها.

السياسة الشرعية

المشاركة في الانتخابات في الغرب المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 20/4/1423 السؤال نحن نعيش في بلاد الغرب، هل يجوز لنا أن نشترك في نظام الحكم الغربي الكافر، وننتخب على رئيس الجمهورية، أو على مجلس النواب؟ الجواب المسلمون الذين يعيشون في بلاد غير إسلامية يجوز لهم على الصحيح المشاركة في انتخاب رئيس للبلاد أو انتخاب أعضاء المجالس النيابية إذا كان ذلك سيحقق مصلحة للمسلمين أو يدفع عنهم مفسدة، ويحتج لذلك بقواعد الشريعة العامة التي جاءت بتحقيق المصالح ودرء المفاسد، واختيار أهون الشرين، وعلى المسلمين هناك أن يقوموا بتنظيم أنفسهم وتوحيد كلمتهم لكي يكون لهم تأثير واضح وحضور فاعل يؤخذ في الحسبان عند اتخاذ القرارات الهامة التي تخص المسلمين في تلك البلاد أو غيرها.

التأريخ بالهجرة والميلاد

التأريخ بالهجرة والميلاد المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 1/1/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. هناك بعض المنتديات تعمل بالتاريخ الميلادي، وأعلم أنه يجب عدم العمل به؛ لأنه من الولاء والبراء، وهذه المنتديات قادرة تماماً على تحويل التاريخ من الميلادي إلى الهجري، فهل العمل بالتاريخ الميلادي مع القدرة على تحويله إلى الهجري مباح؟ ويحتج البعض منهم أن الموقع يدخله أناس من جميع العالم، والتاريخ الميلادي تاريخ عالمي ويعرفه جميع العالم، وأن التاريخ الميلادي أفضل وأسهل، أما التاريخ الهجري فلا يعرفه إلا قليل من الناس، فما حكم هذا؟ وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: التاريخ الهجري هو تاريخ المسلمين، والشهور الهجرية هي المعتبرة عند الله -تعالى-:"إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم" [التوبة:36] ، وفيها تقام شعائر الحج والصيام وأعياد المسلمين، والعدول عنها إلى غيرها استبدال الذي أدنى بالذي هو خير. ولا مانع من استخدام التاريخ الميلادي إلى جانب التاريخ الهجري إذا تحققت مصلحة معتبرة. أما سوى ذلك فلا يسوغ بل هو تقليد للغرب، والواجب الاعتزاز بتاريخ الإسلام وشهوره. نسأل الله أن يلهمنا رشدنا وأن يعز دينه، ويعلي كلمته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

بين بيعتي العقبة والرضوان

بين بيعتي العقبة والرضوان المجيب د. حسن بن صالح الحميد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 26/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله لكم في جهدكم، وجعله في ميزان حسناتكم، ووفقكم الله للعمل على نصرة الإسلام والمسلمين. أريد أن أسأل فضيلتكم: ما الفرق بين بيعة العقبة الأولى والثانية وبيعة الرضوان؟ ولماذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمه العباس - رضي الله عنه- أن ينادي في غزوة حنين بـ (يا أصحاب بيعة العقبة) ؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: الفرق بين بيعة العقبة الأولى والثانية: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عرض الإسلام على بعض الحجاج القادمين من المدينة فأسلم منهم ستة رجال، فلما كان العام الذي يليه قدم هؤلاء إلى الحج مع قومهم، وكان قد أسلم معهم جماعة في المدينة، فالتقوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند العقبة وبايعوه ببيعة سميت بيعة النساء؛ لأنها نفس بيعة النساء التي أخذها النبي - صلى الله عليه وسلم- على النساء بعد الفتح من حيث النص. وهذا نص البيعة كما ذكرها عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - وكان ممن شهدها قال عبادة: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألاّ نشرك بالله شيئاً, ولا نسرق, ولا نزني, ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإن وفيتم فلكم الجنة, وإن غشيتم من ذلك شيئاً فأمركم إلى الله إن شاء عذب وان شاء غفر" انظر البخاري (18) ، ومسلم (1709) ، وأما تسميتها ببيعة العقبة فلأنها كانت عند العقبة بمنى وسميت بها, وكانت أول بيعة بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبين الأنصار ولهذا سميت الأولى. أما بيعة العقبة الثانية فقد كانت في العام الذي يليه، حيث قدم أهل المدينة إلى الحج وفيهم عدد كبير من المسلمين، فواعدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند العقبة ثاني أيام التشريق، وكانوا سبعين رجلاً، واختار منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اثني عشر نقيبا يمثلونهم، فبايعوه على حرب الأحمر والأسود، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وأثرة عليهم، وألا ينازعوا الأمر أهله، وأن يقولوا كلمة الحق أينما كانوا، وألا يخافوا في الله لومة لائم. هذه هي الفروق بين بيعة العقبة الأولى والثانية باختصار، ولمزيد من التوسع انظر كتاب البداية والنهاية لابن كثير ج3/ص147 وما بعدها أما بالنسبة لبيعة الرضوان ففي شهر ذي القعدة من السنة السادسة من الهجرة خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يريدون العمرة، فلما وصلوا إلى الحديبية في طريقهم إلى مكة، وكانوا محرمين ملبين بالعمرة، بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان - رضي الله عنه - سفيراً إلى قريش لبيان هدفه من المجيء، وأنه لا يريد قتالاً، وإنما جاء للعمرة، فاحتجزت قريشٌ عثمان، وأشيع بين الناس أنه قُتل، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أصحابه إلى البيعة، فقاموا إليه ملبين دعوته، ومبايعين له على الجهاد وعدم الفرار، وبايعته جماعة على الموت، وكان أول من بايعه أبو سنان الأسدي، وبايعه سلمة بن الأكوع على الموت ثلاث مرات، في أول الناس، ووسطهم، وآخرهم، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد نفسه، وقال: هذه عن عثمان، ولم يتخلف عن هذه البيعة إلا رجل من المنافقين، يقال له: جد بن قيس. وقد أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- هذه البيعة تحت شجرة بالحديبية، وقد أنزل فيها قوله تعالى: "لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة" [الفتح: 18] ،ومن ذلك سميت بيعة الرضوان، وفيه دلالة على صحة إيمان الذين بايعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- بيعة الرضوان بالحديبية، وصدق بصائرهم, وأنهم كانوا مؤمنين على الحقيقة أولياء لله ; إذ غير جائز أن يخبر الله برضاه عن قوم بأعيانهم، إلا وباطنهم كظاهرهم في صحة البصيرة، وصدق الإيمان, وقد أكد ذلك بقوله تعالى: "فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم" [الفتح: 18] , وهذا يدل على أن التوفيق يصحب صدق النية, أما بالنسبة لعددهم، فيروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنهم: "كانوا ألفين وخمسمائة", وعن جابر - رضي الله عنهما- أنهم: "ألف وخمسمائة". وتعتبر بيعة الرضوان فتحاً للمسلمين، ففي صحيح البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحاً، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية. وذلك لما ترتب عليها من مصالح وفوائد، فعندما علمت قريش بتلك البيعة، ومدى صلابة المسلمين، وقوتهم، وصبرهم، وثباتهم مع قائدهم صلى الله عليه وسلم، أرسلت إليهم للتفاوض معهم، وقبول الصلح. ومما يستفاد من هذه الحادثة قوة العلاقة بين القائد وأتباعه؛ حتى إنهم بايعوا على الموت، إضافة إلى سرعة إجابة طلب القائد وعدم التردد، وأن الصدق في الإيمان سبيل إلى تحصيل رضا الرحمن، وتأييده. أما يوم حنين فلم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمه أن ينادي يا أصحاب العقبة، وإنما أمره أن ينادي يا أصحاب السمرة - أي الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان وفي رواية يا أصحاب الحديبية, وناداهم بذلك لأنهم بايعوه فيها على الموت وعدم الفرار، ففيه حث لهم على الثبات والقتال حتى الموت. والله أعلم.

هل الربا أعظم من الزنى؟

هل الربا أعظم من الزنى؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 14/7/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الربا أشد عند الله -عز وجل- من ست وثلاثين زنية، وفي حديث آخر أشد من زنية واحدة، وفي القرآن الكريم أن من أكل الربا ومات دون توبة فهو من الخالدين في جهنم، السؤال: لماذا جعل الله -عز وجل- جريمة الربا أعظم من جريمة الزنا؟ وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: لم يرد في القرآن أن المرابي مخلد في النار، وإنما ورد أن المرابين "لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس" [البقرة:275] وأن الذين يأكلون الربا معلنون للحرب على الله ورسوله - عليه الصلاة والسلام -:"فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" [البقرة: 279] ، وفي الصحيحين البخاري (2766) ومسلم (89) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"اجتنبوا السبع الموبقات" وذكر منها "الربا" ولم يذكر الزنا، وروى أحمد (21957) والطبراني (11/94) : إلا أنه قال:"ثلاث وثلاثون" بدل "ست وثلاثون" - أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية"، قال الهيثمي: سنده صحيح (الزواجر عن اقتراف الكبائر، ص 379) . وأما وجه تغليظ العقوبة الأخروية على الربا أكثر من الزنا، فهو لحكمة يعلمها الله -تعالى-، وقد يكون ذلك لأن الشهوة في أصلها رغبة فطرية جبل عليها الإنسان، فإن وَضَعها في حلال أجر، وإن وضعها في حرام أثم، لكن أصل الشهوة أمر جبلي فطري، أما الربا فليس من الفطرة، بل هو مناف للفطرة؛ لأنه ظلم والإنسان مفطور على بغض الظلم، وهو استغلال للآخرين، والإنسان مفطور على حب مساعدة الآخرين وليس استغلالهم، فالربا مناقض للفطرة، ومناقض لسنن الكون والحياة، ومناقض لأسس العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض، فلا غرابة أن تكون عقوبته أعظم وأشد عند الله -تعالى- من الزنا، والله أعلم.

هل تقتضي الشورى المحاسبة؟

هل تقتضي الشورى المحاسبة؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 20/2/1425هـ السؤال هل يوجد في الشورى محاسبة الرئيس، أو أعضاء مجلس الشورى في حالة ما ارتكبوا خطأ ما؟ ومن يقوم بمحاسبة المذنب؟ بمعنى وجود مجلس للحكم والقضاء كهيئات منفصلة عن بعضها البعض في الحكم؟ هل يجوز لمجلس الشورى أن يقبل ببعض القوانين الوضعية، حتى لو كانت متشابهة مع القوانين الإسلامية؟. الجواب قبل الجواب، أحب أن أحدد بعض معاني الشورى في الإسلام باختصار غير مخل لأهمية الموضوع، فأقول: لقد عنى الإسلام بالشورى عناية عظيمة، دعوةً وتعليماً، وتطبيقاً، فسُميت واحدة من سور القرآن الكريم باسم (الشورى) ، وسواء كانت تسمية السور توقيفية أو اجتهاداً، تبقى تسمية هذه السورة دالة على أهمية الشورى بين المسلمين وسوطاً مسلطاً على الاستبداد بالرأي في كل مجال من مجالات الحياة، وقد ذُكِرت قضية الشورى في القرآن الكريم مجملة لمبدأين أساسيين الأول لفظ الشورى المرتبط بأصل وجود السلطة وشرعيتها، وتداولها، والثاني: لفظ "وشاورهم" المرتبطة بأداء السلطة وإدارتها وتسييرها جاء المبدأ الأول في سورة الشورى مخاطب به عامة المسلمين، قال -تعالى-: "والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون" [الشورى:38] .

وجاء المبدأ الثاني في سورة آل عمران: "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين" [آل عمران:159] ، ويلاحظ في آية الشورى حكمة التشريع في الربط بين الصلاة والنفقة، وبين الشورى، حيث جاءت الشورى بينها، وذلك أن أداء الصلاة استجابة لله- سبحانه- توجب اتحاد الأبدان والأفعال بين المصلين، فالشورى كذلك استجابة لله، توجب الاتحاد في الأقوال بين المسلمين وعبَّر عن الصلاة بالجملة الفعلية "وأقاموا الصلاة" الدالة على الحدوث والتجدد؛ لتكرارها في اليوم والليلة خمس مرات أو أكثر، وعبر عن الشورى بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت والدوام؛ نظراً لأن الشورى لا تدخل إلا في الأمور الاجتهادية، أما الأمور النصية القطعية فلا مجال للشورى فيها، وإذا كان إنفاق المال من الواجدين - الأغنياء- على المعدومين الفقراء أمراً مستحباً حيناً ومتعيناً حيناً آخر فإن الشورى بين المسلمين متعينة في كل الأحوال والأزمان، وتوسط الشورى بين الصلاة والنفقة ويشير إلى أن إقامة الصلاة، يستوجب من فاعلها المشاورة لغيره، وعدم الاستبداد بالرأي، كما أخبر الله - سبحانه وتعالى-عن الصلاة بقوله: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" [العنكبوت:45] ، وإذا كان لدى المسلم رأي يفيد به إخوانه أو يدفع عنهم به سوءً، يتعين عليه نشره واطلاعهم عليه، ومناقشتهم في مدى نتائجه وجدواه وهذا لا يفي عن النفقة المادية على حد قول الشاعر: لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليشهد النطق إن لم تسعد الحال

وإن النطق بالرأي السديد أعظم من بذل المال، حيث هو نفقة وصدقة جارية؛ استجابة لله، "وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خيرٍ يوف إليكم وأنتم لا تظلمون" [البقرة:272] ، ولفظ: أمر، في آية الشورى اسم جنس مثل كلمة شيء فهي عامة وإضافته إلى الضمير تفيد تأكيد العموم، ومعنى الآية على هذا أن جميع أمور المسلمين التشاور فيها مستقر عندهم، ولفظ (بينهم) صفة للشورى، والتشاور لا يكون عادة إلا بين طرفين فردين أو جماعتين، وفي إضافة الظرف إلى الضمير إشارة إلى أن الشورى سر بين المتشاورين لا يجوز إفشاؤها، أما آية آل عمران: "....وشاورهم في الأمر" فالأمر فيها للوجوب عند المالكية والحنفية، وللندب عند الشافعية والحنابلة، والجميع متفقون على أن الخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم- وليس من خصائصه، فإذا كان واجباً على الرسول - صلى الله عليه وسلم- مشاورة أصحابه - رضي الله عنهم- مع أنه ليس بحاجة لهم؛ لأنه يتلقى الوحي من السماء، فالمشاورة من غيره وعلى غيره أوجب؛ لحاجة الجميع إليها، وإذا كانت مندوبة في حق الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهي في حق غيره أشد ندباً، بل قد يرقى إلى الوجوب بأدلة أخرى؛ كقوله -تعالى-: "مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" [الحشر:7] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" رواه الترمذي (2676) وأبو داود (4607) ، وابن ماجة (42) من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - وعلى هذا فالشورى عند المسلمين قضية أساسية تتعلق في كل شأن من شؤون حياتهم، تبدأ من الأسرة في حق الطفل الرضيع إذا اختلف الأبوان في إرضاعه: "فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما"،ومروراً بمصالح المجتمع، وضروراته، وانتهاءً بالتشاور باختيار رئيس الدولة ودستور البلاد، فلقد شاور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أناساً في أمر عائلي: "قصة عائشة - رضي الله عنهما- في حادثة الإفك"،وشاور في أمر طائفي، يخص الأنصار- عندما شاورهم في التنازل عن نصف ثمرة تمر المدينة؛ ليدفع عنهم العدو فأبوا، فنزل على رأيهم، وشاور في أمور عامة للأمة في شأن السلم والحرب.

إن مبدأ الشورى راسخ ومتجذر في فطرة الإنسان منذ قرر الله خلق آدم أبي البشر- عليه السلام - وقد حكى الله لنا هذا التشاور مع ملائكته - سبحانه- في سورة البقرة: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ" [البقرة:30-33] ، فالله - سبحانه وتعالى- أعلم بخلقه، وهو غني عنهم، ولكنه عرض على الملائكة مراده في خلق آدم - عليه السلام- ليكون التشاور سنة في البشر، فالشورى مقارنة للإنسان في وجوده، ومقارنة الشيء بالشيء توجب الألفة بينهما، فالإنسان يألف الشورى، ويأنس بها بطبعه، ويحب من يوافقه على رأيه، ففرعون استشار قومه في شأن نبي الله موسى - عليه السلام- "قَالَ لِلْمَلأِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ" [الشعراء:34-37] ،واستشارت بلقيس ملكة سبأ قومها: "قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ" [النمل:32] ، وفي حياة الناس اليوم انشغلوا

أو شغلوا عن معرفة الشورى والعمل بها؛ حباً للاستبداد وكراهية سماع ما يخالف الهوى، وذلك من انحراف الطبائع وليس من أصل الفطرة، وإنما يهرع المستبد إلى الشورى عندما تضيق عليه الأمور، وقد طبقت الشورى في العهد الراشدي أحسن تطبيق، فكانت عاقبتها حميدة للأمة، فقد تشاور أبو بكر الصديق مع الصحابة -رضي الله عنهم- في قتال المرتدين، وفي بعث جيش أسامة - رضي الله عنه -وجاء بعده عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فجعل الأمر من بعده شورى بين ستة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رضي عنهم، وجعل خمسين من الأنصار - رضي الله عنهم- يراقبونه، وكان كثيراً ما يكتب لعماله يأمرهم بالتشاور مع الناس في أمورهم، وقضية الشورى في الإسلام تعم الرجال والنساء؛ لأن أوامر الشرع ونواهيه هي للجنسين جميعاً إلا ما نهى عنه الشارع في تخصيص أحدهما كاختلاف في الميراث والشهادة، والقوامة للرجل خاصة ونحوها، والشورى ليست من هذه المستثنيات فقد استشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زوجته زينب في شأن عائشة - رضي الله عنهما- في قصة الإفك، فأثنت عليها خيراً، انظر ما رواه مسلم (2770) من حديث عائشة - رضي الله عنها- واستشار زوجته أم سلمة -رضي الله عنها- في موقف الصحابة - رضي الله عنهم- من التحلل في صلح الحديبية، فقد جاء في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه - رضي الله عنهم- انحروا ثم احلقوا، وكانوا أحرموا بالعمرة، ولم يرضوا عن شروط الصلح مع قريش، فرد عليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم- أمره لهم ثلاثاً، فوالله ما قام منهم رجل، فلما لم يقم منهم أحد دخل على زوجته أم سلمة -رضي الله عنها- مغضباً، فسألته عن حاله، فذكر لها ما لقي من الناس، وعدم امتثالهم له، فقالت: يا نبي الله، أتحب أن يفعلوا ذلك؟ قال: نعم، فقالت: أخرج لا تكلم منهم أحداً بكلمة؛ حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك، فيحلقك فخرج فلم يكلم منهم أحداً حتى فعل ذلك،

فلما رأوا الصحابة - رضي الله عنهم- منه ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، يقول الراوي: حتى كاد أن يقتل بضعهم بعضاً بالموسى من الغضب انظر ما رواه البخاري (2734) من حديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -. وإذا كانت الحال في الشورى من الخطورة والأهمية، فإن محاسبة الرئيس وأعضاء مجلس الشورى سائغة شرعاً، حيث المحاسبة هي المساءلة لكل من قصر، أو ظُن تقصيره في عمله على وجه الاستطاعة أو الاستنكار. والمحاسبة من النصيحة التي هي الدين كله كما في الحديث: "الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة ... " رواه مسلم (55) من حديث تميم الداري - رضي الله عنه - كما هي داخلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كقوله - صلى الله عليه وسلم- "لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً، أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض، ... " الحديث رواه أبو داود (4336) ، والترمذي (3047) ، وابن ماجة (4006) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - وكل ما لحق بالعالم الإسلامي اليوم من تخلف إنما مرجعه إلى استبداد المستبد برأيه وإطراحه للشورى، وعدم النصيحة من الناس والإنكار عليه،.

ومن دقائق فوائد آية آل عمران أن الاستشارة ليست خاصة بالمؤمنين الملتزمين بل هي حتى للعصاة المذنبين، كما يدل عليه سياق الآية وسبب نزولها، وفي استشارة هؤلاء وغيرهم تطييب لنفوس الناس خاصة المذنبين والعصاة منهم، مما يدل على صفاء قلب ولي الأمر نحوهم، وفي استشارتهم استظهار لرأيهم عن سبب معصيتهم، ومخالفتهم له، وفي هذا تحذير للناس أن يقعوا فيما وقع فيه إخوانهم من قبل، وقد أطلق الله حكم الاستشارة في الآية ليعم التشاور كل مناحي الحياة في السلم والحرب، وقد بوب البخاري من صحيحه باباً قال فيه: "كانت الأئمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة؛ ليأخذوا بأسهلها" وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما- ذات يوم: "لو اجتمعتما في مشورةٍ ما خالفتكما" رواه أحمد (17533) وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ولم يجعل للشورى صفة أو قاعدة معينة لعلمه باختلاف السياسات وتجدد الأوضاع واختلاف الأحوال بعده، فما يصلح لعصر قد لا يصلح لغيره لا سيما مع توسع رقعة الإسلام واتصال الناس بعضهم ببعض كافرهم ومسلمهم حتى أصبح العالم وكأنه في قرية واحدة. إن محاسبة المقصر في عمله أو الرقابة عليه، لهي من صحيح الشورى على كل أفراد الشعب أو هيئاته، ومجالسه، وهي على العلماء، وأهل الرأي ألزم وأوجب؛ لحديث: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم (49) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - والإنكار بالقلب يعني البراءة من الموافقة الفكرية للمنكر ولو نظرياً اعتقاداً أو مجاملة.

وإذا كانت القوانين الوضعية موافقة للشرع فمجلس الشورى إذا عمل بها إنما يأخذها على أنها من الشرع إبتداءً، وأما إذا أخذها بغير هذا القصد فحرام لا يجوز، قال -تعالى-: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب:36] وقال -تعالى-: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء:65] . والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

ديار الكفر وديار الإسلام

ديار الكفر وديار الإسلام المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 16/12/1423هـ السؤال الإخوة الأحبة في الموقع؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فسؤالي عن تحديد ديار الكفر وديار الإسلام، وهل الديار التي غالبية شعبها مسلمون ولكن تحكمها الأنظمة الكافرة أو التي لا تطبق شرع الله وكانت سابقا من ديار المسلمين هل تعتبر بهذه الصفة ديار كفر أم ديار إسلام؟ وهل يجوز السفر إليها للسياحة مع تجنب الذهاب إلى مواطن المنكرات فيها؟ وهل تجب الهجرة منها لمن هو قادر على ذلك؟ والسلام عليكم أرجو الإجابة في أقرب وقت. الجواب بلاد الإسلام هي: البلاد التي يحكمها المسلمون وتجري فيها الأحكام الإسلامية ويكون النفوذ فيها للمسلمين ولو كان أغلب السكان كفاراً أو يهوداً أو نصارى أو وثنيين، وبلاد الكفر عكس هذا تماماً، وقد تكون دار الكفر للكفار الحربيين أو داراً للكفار المهادنين والمعاهدين ويكفر الحاكم إذا حكم بغير ما أنزل الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة زعماً منه بأن حكم غير الله أفضل من حكمه أو مساوياً له. أما إذا حكم بغير شرع الله وهو يعلم أن حكم الله هو الذي لا يصلح للبشر غيره ولكنه حكم بخلافه نتيجة شهوة مادية أو مجبراً من هو أقوى منه ويهدده إن حكم بشرع الله وهو ممن إذا قال فعل - فهذا الحاكم حينئذ لا يكفر كفراً ينقله من الملة ولكنه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب عليه المبادرة للتوبة منها عسى الله أن يتوب عليه. والهجرة الشرعية من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام لا تجب شرعاً إلا إذا عجز المرء عن إظهار شعائر دينه الاعتقادية والتعبدية وإظهار الدين ضد إخفائه فالمظهر لدينه هو الذي يتمكن من إعلانه ولا يضطهد من أجل ذلك. والعاجز عن إظهار ذلك هو العاجز شرعاً، وشعائر الاعتقاد والتعبد مجتمعة في أركان الإسلام والإيمان والإحسان أما الحسبة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليس وجوده أو عدمه شرطاً في الهجرة والإقامة اللهم إلاّ الإنكار بالقلب. وإذا نظرنا في واقع أكثر بلاد الكفر في الشرق والغرب وجدنا المسلم - في الغالب - يستطيع إظهار دينه ومعتقده وذلك لوجود الحرية الشخصية فيها، وإن حصل تقصير من المسلمين المقيمين بين الكفار فلكثرة الشر هناك ولضعف الإيمان عند بعض أولئك المسلمين لا غير، وقوة الإيمان أو ضعفه ليست شرطاً في الهجرة. أما البلاد التي كانت سابقاً من بلاد المسلمين كبلاد الأندلس - أسبانيا والبرتغال حالياً، فتعتبر الآن بلاد كفر. أما السفر لغرض السياحة إلى هذه البلاد وغيرها الأصل فيه أنه مباح إذا اجتنبت فيها المنكرات ودواعيها. وأنصح بعدم السفر للسياحة في بلاد الكفار خاصة بالأطفال والنساء لغير ضرورة. وفق الله الجميع إلى كل خير آمين.

فقه الواقع

فقه الواقع المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 20/3/1424هـ السؤال قرأت هذه الكلمة في الكثير من الكتب، ولا أعرف ماذا تعني بالتحديد، وهي (فقه الواقع) ، فهل هي محاولة للتجديد في الفكر الإسلامي أو الاتصال بالواقع؟ أم ماذا تعني؟ ومن هم أصحاب هذا الاتجاه؟. الجواب فقه الواقع: هذا المصطلح مكون من كلمتين: الأولى: فقه: والفقه معناه الفهم والإدراك والعلم، كما في قوله -تعالى-: "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ" [الإسراء:44] ، وقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في دعائه لابن عباس - رضي الله عنهما-:" اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل" رواه البخاري (143) ، ومسلم (2477) . الثانية: الواقع: وهي كلمة يحتاج بيان معناها إلى الإضافة، والمراد الأمر الواقع: أي الحادث والحاصل، والمعنى المقصود: ما يجدّ من أحداث ووقائع. والتركيب (فقه الواقع) معناه: فهم الأمور الحادثة والوقائع النازلة. ومن الناحية الاصطلاحية صار هذا التركيب له دلالة خاصة تجمع بين الفقه بمعناه العام وهو الفهم، ومعناه الخاص المتعلق بمعرفة الأحكام الشرعية من الأدلة النصية، وإذا أضيف إلى الواقع أصبح المراد:" فهم النوازل والمتغيرات الجديدة في الحياة والأفراد والمجتمعات وتصورها ومعرفة حكمها في الشريعة الإسلامية ". ويعتبر المصطلح مهماً لعدة أسباب: (1) أهمية اليقين بلزوم تحكيم الشريعة في سائر جوانب الحياة، وجميع نشاطات المسلمين. (2) التأكيد على صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان في سماحة ويسر. (3) تحقيق المعاصرة الإيجابية المرتبطة بالأصول والثوابت، والمستوعبة للمستجدات والنوازل. (4) التأكيد على مراعاة اختلاف الأحوال والظروف والأوصاف والأحكام.

وقد كثر استخدام هذا المصطلح وتجاذبته الآراء، وظهرت مدارس مختلفة في تصوره وتطبيقه، وعلى كلٍ فإننا إذا أردنا فهم المستجدات وفق تصور إسلامي ثم معرفة ميزانها وأحكامها في الشريعة، فإنه لا بد من توفر ثلاثة مداخل: المدخل الأول: المدخل الاعتقادي: لابد من الاعتقاد الجازم بأساسين مهمين هما: (أ) كمال الإسلام: قال -تعالى-: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" [المائدة: 3] . قال السعدي: (اليوم أكملت لكم دينكم" بتمام النصر، واكتمال الشرائع، الظاهرة والباطنة من الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية في أحكام الدين؛ أصوله وفروعه) . (تفسير السعدي2/242) . وقال سيد قطب: (فأعلن لهم إكمال العقيدة، وإكمال الشريعة معاً، فهذا هو الدين..، ولم يعد للمؤمن أن يتصور أن بهذا الدين - بمعناه هذا - نقصاً يستدعي الإكمال، ولا قصوراً يستدعي الإضافة، ولا محلية أو زمانية تستدعي التطوير أو التحوير،. وإلا فما هو بمؤمن، وما هو بمقر بصدق الله، وما هو بمرتضٍ ما ارتضاه الله للمؤمنين، إن شريعة ذلك الزمان الذي نزل فيه القرآن هي شريعة كل زمان، لأنها -بشهادة الله- شريعة الدين الذي جاء "للإنسان" في كل زمان وفي كل مكان، لا لجماعة من بني الإنسان، في جيل من الأجيال في مكان من الأمكنة، كما كانت تجيء الرسل والرسالات. الأحكام التفصيلية جاءت لتبقى كما هي، والمبادئ الكلية جاءت لتكون هي الإطار الذي تنمو في داخله الحياة البشرية إلى آخر الزمان، دون أن تخرج عليه، إلا أن تخرج من إطار الإيمان، والله الذي خلق الإنسان ويعلم من خلق، هو الذي رضي له هذا الدين، المحتوي على هذه الشريعة، فلا يقول: إن شريعة الأمس ليست شريعة اليوم، إلا رجل يزعم لنفسه أنه أعلم من الله بحاجات الإنسان وبأطوار الإنسان) . (في ظلال القرآن2/843) .

قال ابن القيم: (إن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أُدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله - صلى الله عليه وسلم - أتم دلالة وأصدقها) (إعلام الموقعين 3/3) . (ب) شمول الإسلام: قال -تعالى-: " ما فرطنا في الكتاب من شيء" [الأنعام: 38] . قال القرطبي: (أي ما تركنا شيئاً من أمر الدين إلا وقد دللنا عليه في القرآن، إما دلالة مبينة مشروحة، وإما مجملة يُتَلقى بيانها من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو من الإجماع أو من القياس الذي ثبت بنص الكتاب، قال -تعالى-:"ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء" وقال "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم" [النحل: 44] وقال: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر: 7] ، فأجمل في هذه الآية وآية النحل ما لم ينص عليه مما لم يذكره، فصدق خبر الله بأنه ما فرط في الكتاب من شيء إلا ذكره إما تفصيلاً وإما تأصيلاً) . (تفسير القرطبي 6/420) وقال السعدي: (وقوله -تعالى-: "ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء" [النحل 89] في أصول الدين وفروعه، وفي أحكام الدارين وكل ما يحتاج إليه العباد، فهو مبين فيه أتم تبيين، بألفاظ واضحة ومعان جلية) . (تفسير السعدي4/230) المدخل الثاني: المدخل الفقهي: (أ) أصول الفقه وقواعد الاستنباط:

إن كمال الإسلام وشموليته لجوانب الحياة المختلفة لا يعني أن أدلته من القرآن والسنة تتناول جميع التفاصيل وتستوعب كل الصور والأحوال، وهذا غير متصور، ولكن أصول الفقه علم كامل فيه أسس الاجتهاد وضوابط القياس؛ وهو معرفة أدلة الفقه إجمالاً، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد (التصورات الأولية للمبادئ الأصولية ص16) ، وفي أصول الفقه نقف مع الأدلة من حيث ثبوتها وحجيتها ودلالتها، وفيه الاستفادة من الأدلة بمعرفة طرق الاستنباط، وأحوال النصوص، وتعارض الأدلة، وأما حال المستفيد فالمراد به معرفة الاجتهاد وشروطه ونحو ذلك (التصورات الأولية للمبادئ الأصولية ص17-18) ، ومن فوائده (التمكن من معرفة الحكم الشرعي للحوادث والقضايا والأفعال التي تستجد بحسب الزمان والمكان (التصورات الأولية للمبادئ الأصولية ص20) . فما لم يرد نصاً من القرآن والسنة فقد يؤخذ الحكم قياساً على أحكام وردت فيها، وقد يكون في المسألة إجماع ونحو ذلك، بحيث لا تنزل نازلة ولا تكون حاجة إلا ويمكن من خلال الأدلة والأصول الوصول إلى حكمها. (ب) المقاصد الشرعية والقواعد الفقهية: إن الأحكام والتشريعات لها أهداف وغايات، والغايات الكبرى عامل مشترك لكثير من الأحكام، ومن ثم سميت بالمقاصد الشرعية، وهي: المعاني الغائية التي اتجهت إرادة الشارع إلى تحقيقها عن طريق أحكامه. (قواعد المقاصد ص47) ، وقال الشاطبي: (الأعمال الشرعية ليست مقصودة لأنفسها، وإنما قُصد بها أمور أخرى هي معانيها، وهي المصالح التي شرعت لأجلها) . (الموافقات 2/385) . كما أن الأحكام التفصيلية في دائرة معينة يمكن أن تندرج تحت قاعدة كلية تعبّر عن الأساس الذي تضمنه الحكم، ومن ثم سميت بالقواعد الفقهية، والقاعدة الفقهية هي قضية شرعية عملية كلية يُتعَرفُ منها على أحكام جزئياتها. (القواعد الفقهية ص53) .

ومن خلال فهم المقاصد ومعرفة القواعد مع ما سلف من العلم بأصول الاجتهاد والاستنباط، تتشكل الآلية العملية المستمرة القادرة على استيعاب المستجدات والتعامل معها وإعطائها الأحكام الشرعية المناسبة. المدخل الثالث: المدخل الواقعي: (أ) المعرفة العامة: إن واقعية الإسلام تقتضي من أتباعه عموما، ً وأهل العلم والاختصاص منهم خصوصاً أن يعيشوا عصرهم ويعرفوا واقعهم، وأن يحسنوا الانتفاع من الجديد المفيد، وأن يحسنوا الإقناع بترك المفسد الوليد، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:" الكلمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها "، رواه الترمذي (2687) ، وابن ماجة (2687) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال الألباني: إسناده ضعيف جداً وقد اتخذ - صلى الله عليه وسلم - الخاتم على الكتب والرسائل فيما رواه البخاري (65) ، ومسلم (2092) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه-، وخندق النبي - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه - رضي الله عنهم- من بعده في الجهاد والمعارك كالفرس انظر ما رواه البخاري (3797) ، ومسلم (1804) ، من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن ذكر ما لا يتعلق بالدين مثل الحساب والطب المحض التي يذكرون فيها ذلك انتفاع بآثار الكفار والمنافقين في أمور الدنيا فهذا جائز، فأخذ علم الطب من كتبهم مثلاً والاستدلال بالكافر على الطريق واستطبابه بل هذا أحسن لأن كتبهم لم يكتبوها لمعين من المسلمين حتى تدخل فيها الخيانة، وليس هناك حاجة إلى أحد منهم بالخيانة، بل هو مجرد انتفاع بآثارهم كالملابس والمساكن والمزارع والسلاح ونحو ذلك) (الفتاوى4/114-115) . قال الخطيب البغدادي: (إن الفقيه يحتاج أن يتعلق بطرف من معرفة كل شيء من أمور الدنيا والآخرة، وإلى معرفة الجد والهزل، والنفع والضر وأمور الناس الجارية بينهم والعادات المعروفة منهم) (الفقيه والمتفقه) .

واستناداً إلى ما مضى فإنه ينبغي لأهل العلم أن تكون معرفتهم الواقعية المعاصرة معرفة جيدة ومتواصلة، ليكونوا أقدر على تصور المسائل وأتقن للإجابة عليها. (ب) المعرفة الخاصة: إن هذا العصر عصر التخصص الدقيق الذي استقلت فيه العلوم بعضها عن بعض، وتفرع كل علم إلى أقسام أكثر تخصصاً، وما يزال العصر يفرز تخصصات جديدة تنتمي لأمهات العلوم، بل يحمل لنا علوماً جديدة مستقلة، ولما كان الحكم على الشيء فرع عن تصوره كان لابد عند التعرض لبيان حكم أو نظرة الإسلام اتجاه علم أو تخصص أو نظرية بعينها أن تتم المعرفة الخاصة بذلك. قال ابن القيم: (والواجب شيء والواقع شيء، والفقيه من يطبق بين الواقع والواجب) (إعلام الموقعين 4/220) . وبيَّن الجويني: (أن الناس يفزعون عند معرفة أحوال الناس وتقديم بعضهم على البعض إلى الاختصاصات ودقائق الزيادات في حسن الفضل وكمال الحال) (المعيار المعرب 6/351) . قال الدكتور فتحي الدريني: (إذا كان من المقرر بداهة أن طبيعة الاجتهاد: عقل متفهم ذو ملكة مقتدرة متخصصة، ونص تشريعي مقدس يتضمن حكماً ومعنى يستوجبه، أو مقصداً يستشرف إليه، وتطبيق على موضوع النص أو متعلق الحكم، ونتيجة متوخاة من هذا التطبيق: فإن كل أولئك يكون نظرياً ما لم تكن الواقعة أو الحالة المعروضة قد دُرست درساً وافياً، بتحليل لعناصرها، وظروفها وملابساتها، إذ التفهم للنص التشريعي يبقى في حيز النظر، ولا تتم سلامة تطبيقه إلا إذا كان ثمة تفهم واع للوقائع بمكوناتها وظروفها، وتبصّر بما عسى أن يسفر عنه التطبيق من نتائج، لأنها الثمرة العملية المتوخاة من الاجتهاد التشريعي كله) (مقدمة كتاب المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي ص5) .

إن توافر هذه المداخل يؤسس لمنهج سديد في معرفة نظرة الإسلام تجاه موضوع ما، فانطلاقاً من عقيدة راسخة بكمال الإسلام وشموله لجوانب الحياة كلها ينشأ يقين جازم واعتزاز شامخ بهذا الدين لا يكون معه تميع فكري ولا هزيمة نفسية، وينضم إلى ذلك علم أصيل بالأدلة والمقاصد الشرعية والقواعد الكلية يستخرج من كنوزها ما يبين الأصل الشرعي للمصالح، ويكشف المنحى الخفي للمفاسد، ويكمل ذلك معرفة واعية بالواقع، وتركيز خاص على موضع ومسألة البحث، فتتم بذلك نظرة شاملة متوازنة تجمع بين الأصالة الشرعية والاستجابة الواقعية. ولابد من التأكيد على أهمية الجمع بين فقه النصوص الشرعية وفقه الأحوال الواقعية حتى يمكن الإحسان والإتقان في تنزيل النصوص الشرعية على النوازل الواقعية، ومن المعلوم أن النصوص لا تتناول كل الصور والوقائع، ولكن مقاصدها وقواعدها وأصول الاستنباط منها تفي بالحاجات مهما كثرت والمستجدات مهما تنوعت. وفي القواعد والأصول من المرونة ما يحقق المقصد، والفتاوى تتغير بتغير أحوال الأشخاص والظروف والأعراف والعادات، والأصل في الأحكام الشرعية - غير أحكام العبادات - أنها مرتبطة بالحِكم والمقاصد والغايات، وقد جاء في النصوص ما يشير إلى ذلك، وأكتفي بمثال واحد يبين تغير الفتوى بمراعاة الواقع:

مخاطبة الناس على قدر عقولهم ومراعاة اختلاف أفهامهم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا عائشة لولا أن قومك حديث عهدهم - قال ابن الزبير: بكفر- لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين، باب يدخل الناس وباب يخرجون" أخرجه البخاري، في كتاب: العلم، باب: مَنْ ترك بعض الأخبار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه، رقم (126) ، ومسلم (1333) ، قال ابن حجر في الفتح (1/225) : (ويستفاد منه ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة، ومنه ترك إنكار المنكر خشية الوقوع في أنكر منه، وأنّ الإمام يسوس رعيته بما فيه إصلاحهم ولو كان مفضولاً ما لم يكن محرّماً) . وروى الإمام البخاري في صحيحه، في كتاب: العلم، باب مَنْ خصَّ بالعلم قوماً دون قوم كراهية ألاَّ يفهموا، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله؟. وروى مسلم عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" أخرجه مسلم في المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع (1/11) .قال ابن حجر: (ممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي في ظاهرها الخروج على السُّلطان، ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب. وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب والله أعلم) فتح الباري (1/225) . وهذه كلمات للشاطبي أضعها أمام عين كل داعية وأهتف بها في سمعه ليعلم أنه (ليس كل ما يعلم مما هو حق يطلب نشره إن كان من علم الشريعة ومما يفيد علما بالأحكام، بل ذلك ينقسم: فمنه ما هو مطلوب النشر، وهو غالب علم الشريعة، ومنه ما لا يطلب نشره بإطلاق، أولا يطلب نشره بالنسبة إلى حال أو وقت أو شخص) الموافقات (4/189) .وأزيد الأمر وضوحاً بذكر القاعدة الضابطة الرائعة التي ذكرها الشاطبي وأرشد إليها،

مخاطباً كل عالم وداعية حيث أوصاه أن يعرض مسألته على الشريعة فقال: (فإن صحت في ميزانها فانظر في مآلها بالنسبة إلى حال الزمن وأهله، فإن لم يؤد ذكرها إلى مفسدة، فاعرضها في ذهنك على العقول فإن قبلتها فلك أن تتكلم فيها إما على العموم إن كانت مما تتقبلها العقول على العموم، وإما على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم، وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغ فالسكوت عنها هو الجاري على المصلحة الشرعية والعقلية) الموافقات (4/191) . ومثل ذلك مراعاة تغير الأعراف والعوائد، وما سبق إنما هو مثال له نظائر كثيرة، ولا بد من التنبيه على ضرورة عدم التعرض للإفتاء، والحديث عن النوازل دون تأهل يجمع بين العلم بالشرع والمعرفة بالواقع، ومن هنا أحذر من تمييع الدين في أصوله وأحكامه - من قبل غير المؤهلين - بحجة المعاصرة ومعايشة الواقع، كما يقع ممن يلوون أعناق النصوص ويعتسفون في فهم دلالاتها لأجل موافقة نظرية حديثة، وهذا إيجاز من القول أرجو أن يكون كافياً وواضحاً، والحمد لله رب العالمين.

الوحدة الوطنية

الوحدة الوطنية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 4/8/1424هـ السؤال لدي إشكال وهو عن الوحدة الوطنية ماذا تعني؟ وعند أي حدّ تقف؟ وهل لرابطة الوطن اعتبار في الشرع؟ وهل ابن البلد أولى بالوظائف من الأجانب الموجودين في البلد نفسه؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا يصح أن تطلق على مفهوم (الوحدة الوطنية) حكماً عاماً مطلقاً لا يختلف باختلاف أحوالها ودلالاتها. وهذا الخطأ يقع فيه بعضنا في حكمه على بعض المصطلحات، فيطلق حكماً معيناً عاماً على مصطلحٍ ما مع أن مفهومه قد يختلف من شخص لآخر، وقد تختلف تطبيقاته من بلد لآخر. ومنها مصطلح (الوحدة الوطنية) ، فلم يكن مستغرباً أن تتباين مواقفُ الناس منها كما تباينت في أمثالها من الانتماءات والمصطلحات. فانتصر لها أقوامٌ وحمَلوا لواءها؛ ليجعلوا منها الرابطةَ الوحيدةَ التي يجب أن تنداحَ لها كلُّ الروابط الأخرى، وأن يُلتغى أمامها كلُّ انتماء، فلا رابطة تجمع الناس إلا رابطة الوطن. وكل ما وراءها فلا اعتبار له؛ لسبب واحد: هو أنه خارجٌ عن حدود الوطن، فالمواطن إنما هو ابن وطنه، ومنفعته يجب أن تكون مقصورة على وطنه، لا يعنيه شيءٌ وراءه. ونابذها قومٌ آخرون بالعداوة المطلقة، فعادَوها وعدُّوها طاغوتاً ووثناً يعبد من دون الله من غير تفصيل لاختلاف الأحوال. فهما موقفان يقعان من الخطأ موقعاً متقارباً، إذ لا فرقَ بين موقفٍ يُحِقُ الحقَ والباطلَ جميعاً، وآخرَ يُبطل الحقَ مع الباطل؟. والموقف الصحيح في كل مسألة يمتزج فيها المعروف والمنكر، ويجتمع فيها الحق والباطل: أن يُفصلَ الحقُ عن أعلاق الباطل حتى لا يلتبس به.

ومسألة الوطنية مزيجٌ وأخلاطٌ من هذا وذاك: مِن الموافِقاتِ للشريعة والمخالِفات لها، والموقف الصحيح مما هذا شأنه: هو أن تُسبر مقتضياتها ودلالاتها بمسبار الشرع واحدةً بعد أخرى، فلا يُحكم على الشيء كله بخطأ بعضه، وإنما يؤخذ مسألة مسألةً لا جملةً واحدةً، فالحقّ يُحَقّ، والباطل يُبطلُ. إنَّ الانتماء للوطن بمجرده لا محذور فيه، كما لا محذور في مجرد الانتساب للقبيلة، فقد كان صحابة رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ينتمون إلى قبائلهم ويُنسبون إلى أوطانهم، فهذا أوسيٌّ، وذاك خزرجي، وهذا أنصاري، وذاك مهاجري، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمعها منهم فلا ينكرها عليهم. فمجرد الانتماء للتعريف وإثبات النسب ونحو ذلك ليس فيه معرَّة ولا مضرة، حتى إذا جاوزتْ ذلك واستحالت عصبيةً ورابطةً يُنتصر لها دون عصبيّة الإسلام ورابطتِه، كبحها -صلى الله عليه وسلم- ونهاهم عنها، وقال: "ما بال دعوى الجاهلية؟ ... دعوها فإنها منتنة" رواه البخاري (4905) ومسلم (2584) من حديث جابر - رضي الله عنه -. فمن المرفوض قطعاً ما يدعو إليه غُلاة الوطنية من أن يكونَ عطاءُ المواطِن واهتمامه قاصراً على وطنه، وولاؤه محدوداً بحدوده، وأن يَجعل له من قضايا وطنه شُغلاً عن كل شغل، فلا يعنيه شيء خارج حدود بلده. لا بأس أن تكون اهتماماتُنا بقضايا وطنِنا أكثر، فالأقرب أولى من الأبعد، والأقربون أولى بالمعروف، ولكن لا يجوز أن تكون اهتماماتُنا محصورةً فيه فلا تُجاوِزُه قَيْد أُنمُلة. فأين هي إذاً وشيجةُ الدين، وأين هي حقوق المسلمين؟. إن بعض مقتضيات الوحدة الوطنية لهو مما يقصده الإسلام ويدعو إليه؛ كالمحافظة على أمن البلاد وأرواح الناس وأموالهم وأعراضهم، وحماية ثروات الوطن ومقدراته، وكالدعوة إلى المساواة والعدل، ومدافعة الظلم ومعاقبة الظَّلمَة، وهذا كله يدخل في باب التعاون على البر والتقوى.

أما حين تقتضي الوحدة الوطنية أن يحب المواطن أبناء وطنه كلهم على السواء بجامع الانتماء للوطن نفسه بلا اعتبار للدين فهذا لا يجوز؛ ففي هذه المحبة تمييع لعقيدة البراء، وتضيعٌ لعقيدة الولاء. إذ يقتضي ذلك أن يستوي في المحبة والولاء مسلمهم وكافرهم، بَرّهم وفاجرهم، وهذا ما لا تقرُّه الشريعة. إننا حين نحب أحداً من أبناء وطننا فإنما نحبه لأنه مسلم، لا لأنه مواطن. وحين نكره أحداً فلأنه كافرٌ، لا لأنه من وطنٍ آخر. ولكن محبتنا لأحدٍ ما لا تدفعنا إلى أن نسكت عن أخطائه أو نعينه على ظلمه. وكرهنا لأحدٍ بسبب كفره أو انتمائه لطائفة ضالّة ـ سواء كان من وطننا أو من غيره ـ لا يحملنا على أن نعتدي عليه، أو نبخسه حقه، أو نمتنع عن نصرته إذا ظُلِم. والوحدة الوطنية تفرض فيما تفرضه حمايةَ حقوق الأقليات والتعايش معهم، وهذا حقٌ سبق أن دعا إليه الإسلام قبل أن يعرف الناس مفهوم الوطنية والمواطنة، ولكن حمايته لحقوق الأقليات لم تكن تعني إقرارهم على السخرية بشعائر الإسلام، أو سب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو المجاهرة بما يمنع الإسلام أن يُجاهر به بين المسلمين. الوحدة الوطنية تصبح واجباً لا مناص منه حينما يتهدد البلاد خطر خارجي متمثل في تحالف صهيوني صليبي يريد أن يهيمن عليه ليسلب ثرواته وخيراته، وليجهز على ما تبقى فيه من قيم الإسلام وشعائره. وإنما كانت حمايته لحقوقهم تعني عصمة أنفسهم وأموالهم، وتحريم الاعتداء عليهم واضطهادهم وإيذائهم، وهو يمنحهم حق ممارسة شعائر دينهم في بيوتهم وأحيائهم بشرط ألا يؤذوا مشاعر المسلمين، أو ينالوا من الإسلام بسوء، فليس لأحد حقٌ أن يسخر بشعيرة من شعائر الإسلام، أو يسعى بنشر الكفر والبدع بين المسلمين.

لقد عاش أهل الذمة في بلاد المسلمين قروناً طويلةً يمارسون شعائر دينهم في بيوتهم وأحيائهم، فيشربون الخمر ويأكلون لحم الخنزير، ويفعلون غير ذلك مما يستحلونه في دينهم. ولكنهم ظلوا ممنوعين أن يجاهروا بذلك بين المسلمين، أو يدعو أحداً منهم إليه. إن الوحدة الوطنية لوطن من أوطان المسلمين لهو جزءٌ من وحدة الأمة، وما لا يدرك كله لا يترك جُلّه. فالسعي في وحدة الوطن على النحو الذي لا يقوِّض الولاء والبراء ولا يحجِّمه ليس سعياً في هدم وحدة الأمة ولا يناقضها أو يناهضها، بل هو سعيٌ في تحقيق جزءٍ من وحدة الأُمة، فهو مندوبٌ إليه من هذا الوجه. والرابطة بين أهله وأفراد شعبه لا شك أنها رابطة ممدوحة إذا كانت منضويةً تحت رابطة الدين، وكانت تعاوناً على البر والتقوى ونصرةً للحق وأهله ومناوأةً للباطل وأهله. والمقصود أن الوحدة الوطنية ليست باطلةً بإطلاق ولا حقاً بإطلاق، بل فيها الحق الملتبس بالباطل، وفيها المعروف المختلط بالمنكر. أما السؤال عن ابن البلد: هل هو أولى بالوظائف من الأجانب المنتمين إلى جنسيات أخرى؟ فلابد عند الجواب أن تؤخذ المسألة في ظل ملابساتها وظروفها الحالية، فإنه قد حُدّت الحدود السياسية بين الدول، وقننت القوانين في الإقامة والاستيطان، واستُحدِثت الجنسيات، وصارت هجرة الإنسان مقيدة بشروط وضوابط وأعراف. ومن الإشقاق أن نقول لشخص لا يجد عملاً في بلده الذي يفد إليه العمّال من البلاد الأخرى ـ أن يخرج من بلده هذا إلى بلد أخرى لعله أن يجد فيه عملاً.

ومن المحزن حقاً أن توجد البطالة في بلدٍ يعد من أغنى البلاد الإسلامية، وأسباب الظاهرة كثيرة، لا يعنينا أن نُفيض فيها ونسهب في عدِّها وإحصائها، ولكن يعنينا أن من جملة هذه الأسباب هو إغراق البلد بالعمالة الوافدة الرخيصة، والتي لا تمانع أن تعمل بأبخس الأثمان، ولو براتبٍ زهيد لا ينهض بأعباء الحياة وتكاليف المعيشة، لأن العامل إنما جاء ليجمع لا ليقيم، ولأنه يقيس راتبه (الزهيد) بقوته الشرائية في بلده الأصلي، لا بقوته الشرائية في البلد الذي يعمل فيه. ولا شك أن مساواة هذا العامل بابن البلد فيها مضارة به؛ لأن هذا الراتب الزهيد لا يفي بمتطلبات الحياة الضرورية والحاجية، فكيف سيحصل ابن البلد على عمل براتب يفي بمتطلبات الحياة الحاجية إذا كان التاجر يجد من يعمل لديه بأجرة أقل؟! إن فتح المجال للوافد للعمل ليكون مساوياً للمواطن في الاستباق للفرص الوظيفية المتاحة قد يبدو مساواةً عند أول وهلة، غير أنه في حقيقة الأمر منافسة غير متكافئة بين الطرفين، والمستبق الغالب فيها هو بلا شك الوافد؛ لأنه سيقبل بالأجر الأقل الذي لا يفي بالتكاليف المعيشية لابن البلد. إذاً المنافسة غير متكافئة الأطراف، والمتضرر منها بالتأكيد هو المواطن. ويمكن أن يستأنس لكون المواطن أحق بوظائف بلده من الوافد بحديث معاذٍ رضي الله عنه لما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فكان مما قال له: "فإن هم أجابوك لذلك ـ أي للصلاة ـ فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم" رواه البخاري (1395) ، ومسلم (19) فيمكن أن يُستفاد من هذا الحديث أن فقراء البلد هم أولى بزكوات أغنياء بلدهم من فقراء البلاد الأخرى.

قال ابن قدامة (المغني 2/283) : (روي عن عمر بن عبد العزيز أنه ردّ زكاة أتي بها من خراسان إلى الشام , إلى خراسان. وروي عن الحسن والنخعي أنهما كرها نقل الزكاة من بلد إلى بلد , إلا لذي قرابة. وكان أبو العالية يبعث بزكاته إلى المدينة. ولنا , قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ - رضي الله عنه -: "أخبرهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم , فترد في فقرائهم" (سبق تخريجه) . وهذا يختص بفقراء بلدهم. ولما بعث معاذ - رضي الله عنه - الصدقة من اليمن إلى عمر - رضي الله عنه - , أنكر عليه ذلك عمر- رضي الله عنه -, وقال: لم أبعثك جابياً , ولا آخذ جزية , ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فترد في فقرائهم. فقال معاذ - رضي الله عنه -: ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحداً يأخذه مني" رواه أبو عبيد في الأموال. وروي أيضا عن إبراهيم بن عطاء مولى عمران بن حصين - رضي الله عنه -, أن زياداً, أو بعض الأمراء , بعث عمران - رضي الله عنه - على الصدقة , فلما رجع قال: أين المال؟ قال: أللمال بعثتني؟ أخذناها من حيث كنا نأخذها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولأن المقصود إغناء الفقراء بها , فإذا أبحنا نقلها أفضى إلى بقاء فقراء ذلك البلد محتاجين) أهـ. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مشروعية البناء على قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -

مشروعية البناء على قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 28/6/1424هـ السؤال السلام عليكم. قرأت الفتوى حول وجود قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- داخل المسجد النبوي، ولكن التساؤل الذي يشغل ذهني دائماً -وسبق أن أرسلت رسالة بخصوصه- هل البناء الحالي على قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر مشروع، خاصة وأنه يحتوي على زخارف كثيرة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. إن كون البناء على قبر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- غير مشروع لا يجيز هدمه، لأن هذا الهدم سبيل إلى إعادة البناء، وهكذا دواليك، وسداً للذريعة يبقى ما كان على ما كان إلى أن يشاء الله ما يريد، مع أن هذا البناء فيه من الفوائد الشرعية ما هو معلوم عند المتأمل ولذلك نظير، فقد ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم للمصلحة التي برر -صلى الله عليه وآله وسلم- بها تركه على ما هو عليه، انظر ما رواه البخاري (1586) ، ومسلم (1333) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وهكذا كان المقام الإبراهيمي ملاصقاً بالكعبة وتركه الصحابة والخليفة الراشد على ما هو عليه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

فصل الدين عن السياسة

فصل الدين عن السياسة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 17/1/1425هـ السؤال هل فصل الدين عن السياسة كفر وردة، أم ماذا؟ الجواب فصل الدين عن السياسة حرام لا يجوز، بل هو كفر وردة عن الإسلام، إذا كان القائل بهذا القول أو العامل به عارفاً بالحكم معتقداً له، فالدين يشمل أمور الحياة كلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ونحوها، كما هو يشمل الأمور الاعتقادية والعبادية سواء بسواء، قال -تعالى-: "إن الدين عند الله الإسلام" [آل عمران: 19] ، وقال: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران: 85] ، فمن فصل الدين عن السياسة، أو الدين عن الدولة وهو يعرف ما يقول فقد كفر بالله العظيم؛ لأنه رافض، وراد لأمر الله وحكمه، ومن رد حكم الله فقد كفر؛ حيث نصب نفسه مشرعاً مع الله مستدركاً على دينه بزيادة أو نقص، والله يقول: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" [المائدة: 30] ، ومن يفصل الدين عن السياسة أو الدين عن الدولة، أو الدين عن الحياة فهو منتقص لله ودينه، وما ارتضاه الله للمسلمين من نعمة، ومن كان له مسكة من عقل كيف يقول بهذه المقولة - فصل الدين عن السياسة- وهو ينظر في القرآن الكريم، آيات الجهاد وأحكامه تكاد تزيد على آيات الصلاة والزكاة والصيام والحج، كما أن الآيات القرآنية فضلاً عن الأحاديث النبوية التي تعنى بالشؤون الاقتصادية كطرق كسب المال وحفظه، وإنفاقه، وسائر أحكامه من حل وحرمة كالنص على التحريم القاطع للربا، قال -تعالى-: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة: 275] ، وقوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [النساء: 29] ، والمسمى بالفائدة قد أردى الاقتصاد الرأسمالي العالمي اليوم في جميع أنحاء المعمورة فكيف يقال مع هذا أو ذاك إن الإسلام قاصر على علاقة الإنسان بربه من صلاة وصيام وصدقة، أو مما يعرف بالأحوال الشخصية فقط؟ إن الإيمان ببعض نصوص القرآن دون بعض كفر بالدين كله، "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله غافل عما تعملون" [البقرة: 85] . وفصل الدين عن السياسة أو الحياة هو ما يطلق عليه العلمانية، والعلمانية إذا ارتبطت بالدولة وتطبيقاتها قيل لها دولة علمانية، وإذا ارتبطت بالأفراد فهي فكرة علمانية وصاحبها علماني، وقولنا إن فصل الدين عن السياسة فكرة علمانية كفرية لا يعني هذا تكفير كل من يطلق عليه علماني، حاكماً كما أو محكوماً، ولا يجوز تكفير المسلم المعين حتى تقام الحجة عليه ثم يعذر لجهل كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري (3481) ، ومسلم (2756) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضره الموت، قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً، فلما مات فُعل به ذلك، فأمر الله الأرض، فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت، فإذا هو قائمٌ، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب خشيتك أو مخافتك يا رب، فغفر له"، ولحديث أبي واقد الليثي-رضي الله عنه-: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوم حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عليها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: "اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون" [الأعراف: 138] ، "إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم" رواه الترمذي (2180) ، وأحمد (21393) ،فذاك الرجل الذي قال تلك المقولة لبنيه: لئن قدر الله علي ... " وهؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم- بمقولتهم هذه: "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط" لم يكفروا وإن كانت مقولتهم كفراً؛ وذلك لأنهم يجهلون الحكم، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الاستقامة أثناء رده على الجهمية الحلولية الذين ينفون علو الله على خلقه: (..أنا لو وافقتكم كنت كافراً لأني أعلم أن قولكم كفر وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال) وأكثر المسلمين الذين يقولون بفصل الدين عن السياسة ناتج عن جهلهم، فلا يصح تكفير واحد منهم بعينه حتى يعلم بخطورة قوله أو فعله، فإن أصر بعد ذلك حكم بكفره وأقيم عليه حكم الردة عن الإسلام، أعاذنا الله منها. والله أعلم وصلى الله على محمد.

ما الفرق بين الحرة والأمة؟

ما الفرق بين الحرة والأمة؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 26/5/1425هـ السؤال ما هو الفرق بين الحرة والأمة؟ وهل يجوز شراء العبيد؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: الحرة تختلف عن الأمة اختلافاً كبيراً في أحكام كثيرة، فالأَمة هي المرأة الرقيقة، أي: المملوكة، والرق عرفه العلماء بأنه عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، ويدخل في هذا استرقاق الأسرى والسبي من الأعداء الكفار. أما ما جاء في الفقرة الثانية من السؤال وهو: هل يجوز شراء العبيد؟ فالجواب نعم يجوز متى ما وجدوا، والإسلام قد رغَّب وحثَّ على إعتاقهم بعد تملكهم، ولهذا كان أكابر الصحابة - رضي الله عنهم- وفضلائهم من أهل الجدة يشترون العبيد ويعتقونهم، كأبي بكر - رضي الله عنه-، وغيره، وعلى السائل إن أراد مزيداً من التفصيل عمّا ورد في سؤاله أن يرجع إلى كتب الحديث والفقه في أحكام العبيد والإماء، وأخص بالذكر الموسوعة الكويتية الفقهية جزء 23 عند كلمة (رق) من ص11 إلى ص92، أي: بما يزيد عن ثمانين صفحة. والله أعلم.

أحكام البيعة والخلافة

أحكام البيعة والخلافة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 23/12/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل أحكام البيعة والخلافة توقيفية أم اجتهادية؟ وإذا كانت اجتهادية فهل يصح تحديد فترة زمنية محددة للخليفة يتم بعدها إعادة تنصيب خليفة آخر؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الناظر في تاريخ الخلفاء الراشدين الأربعة وتوليهم للخلافة يتبين له أن بيعتهم تمت برأي واجتهاد من المسلمين وخاصة ذوي الاجتهاد والمكانة منهم، ولم يقل أحد من أهل العلم أن بيعتهم بالخلافة كانت بتوقيف من الشارع غير بيعة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فمختلف فيها فمن العلماء من ذكر أنها تمت بنص وإشارة من النبي - صلى الله عليه وسلم- كقوله: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" رواه البخاري (678) ، ومسلم (420) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-، وروجع أكثر من مرة ليصلي غيره فيقول: "يأبى الله ذلك والمسلمون" رواه أبو داود (4660) من حديث عبد الله بن زمعة -رضي الله عنه-وكقوله: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" رواه الترمذي (3662) ، وابن ماجة (97) من حديث حذيفة -رضي الله عنه- وذهب جمهور العلماء إلى أن بيعة أبي بكر - رضي الله عنه- خاصة تمت باختيار واجتهاد لا بنص جلي، أو خفي ويدل على ذلك خطبته - رضي الله عنه- يوم السقيفة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم- وقبل دفنه حيث قال: "نحن الأمراء (قريش) وأنتم الوزراء (الأنصار) وهم (قريش) أوسط العرب وأعربهم أحساباً فبايعوا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أو أبا عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه-، فقال عمر: بل نبايعك، فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس، انظر ما رواه البخاري (3668) من حديث عائشة -رضي الله عنها- ولو كانت خلافته بنص من الله أو رسوله - صلى الله عليه وسلم- لاستند إليه أولئك المبايعون، ولما احتاج أبو بكر إلى أن يقترح للخلافة عمر بن الخطاب وأبا عبيدة ابن الجراح كما يدل على أن بيعته ليست توقيفية خطبة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في آخر حياته: عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- أن عمر قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر - رضي الله عنه- وإن أترك فقد ترك من هو خير مني يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رواه البخاري (7218) ، ومسلم (1823) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، وإذا تبين لك هذا علمت أن بيعة الخلفاء الراشدين المهديين كانت اجتهادية باختيار المسلمين وليست بتوقيف من الشارع وما عداهم من الخلفاء فمن باب أولى بل تجاوز الأمر إلى أن صارت بيعة الخلفاء والسلاطين بعدهم بيعة جبرية مثَّل الرعية منها أهل الحل والعقد خوفاًَ من الفتنة وإراقة الدماء وانتهاك الأعراض، وتطبيقاً للقاعدة الشرعية ارتكاب أخف الضررين وتقديم أدنى المفسدتين دفعاً لأعلاهما، وليس في الشرع مدة زمنية محددة للخليفة يجدد له بعدها أو يبايع غيره، كما أنه لا يوجد في الشارع دليل يمنع تحديد مدة ولي الأمر، فهي من الأمور المباحة المسكوت عنها، وحقيقة البيعة للخليفة أو السلطان أنه ما دام مستقيماً على أمر الله يقيم الحق ويحكم بالعدل بين الرعية فذلك هو المطلوب، وفي العصور المتأخرة وبعد سقوط الخلافة لا يوجد خليفة يدخل تحت بيعته أو ولايته جميع المسلمين بل مملكة الإسلام أصبحت اليوم دويلات ممزقة على كل واحدة منها رئيس أو ملك، أو أمير، والله المستعان.

العفو الملكي

العفو الملكي المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 20/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم ما يسمى بـ (العفو الملكي أو الرئاسي) الذي يبطل حكم الشريعة والقانون بعد أن يصدر في حق الجاني؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فالأحكام الصادرة على الجناة على قسمين: حدود وتعزيرات. أما الحدود: وهي العقوبات التي نص الشارع عليها كحد السرقة، وشرب المسكر، والزنا؛ فهذه لا يجوز إبطالها، ولا إلغاؤها ما دام قد ثبت موجبها وحكم بها قاض شرعي، وتعطيلها تعطيل للشرع؛ قال تعالى: " ... فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق" [المائدة: 48] . وأما التعزيرات: فهي عقوبات غير مقدرة على كل معصية لم يقدر لها الشارع عقوبة، وهي كثيرة جداً وتقديرها عائد لاجتهاد الإمام أو القاضي نحو عقوبة المغتاب والنمام وعاصي ولي الأمر ومهرب المحظورات والساب لغيره والمختلي بامرأة لا تحل له. وهذه يخضع تحديد العقوبة فيها لاجتهاد القاضي ويسوغ لولي الأمر أن يصدر عفواً عنها إن رأى في ذلك مصلحة، وقد فعل بعض الصحابة - رضي الله عنهم- معاصي لم يعاقبهم عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لما كانت دون الحدود، كالذي لقي امرأة فأصاب منها كل شيء غير أنه لم يجامعها، وكفعل حاطب بن أبي بلتعه إذ كاتب قريشاً بغزو النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم انظر ما رواه البخاري (3007) ، ومسلم (2494) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. والله أعلم وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

مقولة: (لا تستوفى الحدود حتى تعطى الحقوق)

مقولة: (لا تستوفى الحدود حتى تعطى الحقوق) المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 2/2/1425هـ السؤال المكرم فضيلة الشيخ: ما رأيك بعبارة (لا تُستوفى الحدود حتى تُعطى الحقوق) ؟، ويحتج على ذلك إيقاف حد السرقة عام الرمادة، وهل من عدل الشريعة أن تقام الحدود ولم يُعط عمر -رضي الله عنه- الحقوق لأصحابها مع توفرها؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد: الإسلام دين شامل متكامل بعقائده وتشريعاته وأحكامه، ويجب على المسلمين الأخذ به، والتحاكم إليه، وعدم التفريق بين أحكامه بحيث يعمل ببعضٍ ويترك بعضًا، وقد ذم الله -عز وجل- هذا المسلك، كما قال -تعالى-:"أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ" [البقرة: من الآية85] ، والحدود جزء لا يتجزأ من تشريعات الإسلام، وقد شرعت لحكم ومقاصد عظيمة، حيث يتحقق بإقامتها المحافظة على الضروريات التي جاءت الشريعة بحفظها، وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل والعرض، والمال. والله -سبحانه وتعالى- شرع هذه الحدود، وأمر بالعدل وأداء الحقوق، ونهى عن الظلم، وأكل أموال الناس بالباطل، وهذه العبارة التي تقال: (لا تستوفى الحدود حتى تعطى الحقوق) يجاب عنها بأن الحدود لا تعطل بمثل هذه الدعوى، بل إذا حصل تقصير في استيفاء الحقوق، فتوجه الدعوة إلى أداء الحقوق، وإقامة العدل الذي أمر الله به، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ثم إن استيفاء الحقوق لا يفترض فيه المثالية، فإن المجتمعات لا تخلو من تقصير في أدائها، والغالب أن هذه العبارة تصدر من أناس مغرضين، يقصدون من ورائها إبطال الحدود وتعطيلها في المجتمعات الإسلامية، وكما قال -سبحانه وتعالى-: "وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً" [النساء: من الآية27] ، وما جاء عن عمر -رضي الله عنه- في عام الرمادة ليس من باب تعطيل حد السرقة، بل هو من باب درء الحدود بالشبهات؛ وهذه قاعدة في إقامة الحدود أنها تدفع بالشبهات، لأنه في عام الرمادة عمت المجاعة، وكثر المحاويج والمضطرون، فيصعب التمييز بين من يسرق من أجل الحاجة والضرورة، ومن يسرق وهو مستغن، ولهذا أسقط عمر - رضي الله عنه- القطع عن السارق في عام المجاعة، كما أخرج ذلك عبد الرزاق (18990) عن معمر عن يحيى بن أبي كثير قال: قال عمر -رضي الله عنهما-: "لا يقطع في عذق، ولا عام السنة"، والعذق هو: النخلة أو الغصن من النخل فيه ثمره، وعام السنة: المراد بالسنة: الجدب، والقحط، وانقطاع المطر، ويبس الأرض. قال السعدي: " سألت أحمد عن هذا الحديث فقال: العذق النخلة، وعام سنة: المجاعة، فقلت لأحمد: تقول به؟ فقال: إي لعمري، قلت: إن سرق في مجاعة لا تقطعه؟ فقال: لا، إذا حملته الحاجة على ذلك، والناس في مجاعة وشدة. قال ابن القيم: "ومقتضى قواعد الشرع إذا كانت السنة سنة مجاعة وشدة، غلب على الناس الحاجة والضرورة، فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسد به رمقه، ويجب على صاحب المال بذل ذلك له إما بالثمن أو مجاناً على الخلاف في ذلك، والصحيح وجوب بذله مجاناً؛ لوجوب المواساة، وإحياء النفوس مع القدرة على ذلك، والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج، وهذه شبهة قوية تدرأ القطع عن المحتاج". وجاء أيضاً عن عمر -رضي الله عنه- درء الحد عن غلمان حاطب بن أبي بلتعة لما علم أن سرقتهم كانت عن حاجة، وكذلك درء الحد عن الخادم الذي سرق من مال مخدومه. فعن ابن حاطب أن غلمة لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فأتى بهم عمر -رضي الله عنه- فأقروا، فأرسل إلى عبد الرحمن بن حاطب فجاء، فقال له: إن غلمان حاطب سرقوا ناقة رجل من مُزيَنة، وأقروا على أنفسهم، فقال عمر- رضي الله عنه-: يا كثير بن الصَّلت اذهب فاقطع أيديهم، فلما ولي بهم ردهم عمر -رضي الله عنه- ثم قال: أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم -حتى إن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه حل له- لقطعت أيديهم، وأيم الله إذ لم أفعل لأغرمنك غرامة تُوجعكَ، ثم قال: يا مزني بكم أريدت منك ناقتك؟ قال: بأربعمائة، قال عمر -رضي الله عنه-: اذهب فأعطه ثمانمائة. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (18799) ، وفي الموطأ (1321) عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى عمر - رضي الله عنه- بغلام له، فقال: اقطع يده، فإنه سرق مرآة لامرأتي، فقال عمر- رضي الله عنه-: "لا قطع عليه هو خادمكم أخذ متاعكم"، والحاصل أن الشبهة إذا وجدت فإنه يدرأ بها الحد. هذا والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.

إغلاق الأسواق عند الأذان

إغلاق الأسواق عند الأذان المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 1/05/1425هـ السؤال سؤالي: هل يلزم إغلاق المحلات التجارية (الأسواق) في الدولة الإسلامية بعد رفع الأذان؟ وما الدليل؟ وهل إغلاق الأسواق بعد الأذان له سابقة في الدولة الإسلامية في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- أو الصحابة - رضي الله عنهم- أو التابعيين؟. أفتونا مأجورين. الجواب يقول تعالى في محكم التنزيل: "إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" [الجمعة: 9] ، فهذا أمر عام لا يخص الجمعة بعينها؛ لأن القاعدة بين علماء الأصول أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقد صح في البخاري (644) ، ومسلم (651) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قول النبي - صلى الله عليه وسلم- في التشديد على من يسمع النداء ولا يجيب قال: "لقد هممت أن آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأُحَرِّقَ عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء"، ثم إن ترك صلاة الجماعة والعمل أثناء الصلاة منكر لا يجوز السكوت عليه، وقد لعن الله بني إسرائيل لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: "لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون" [المائدة: 78-79] . وروى أبو داود (4336) ، والترمذي (3047) ، وابن ماجة (4006) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- في موقف أهل الإسلام فيمن لا يستقيم على دينه، قال: "كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً"، ولم يكن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والتابعون لهم بإحسان يشتغلون في الأسواق، ويمكثون في محلاتهم والصلاة ينادى بها، بل كانوا يتبادرون إلى المساجد ويهرعون إليها من حين سماع النداء؛ لما يعلمون من عظم شأن الجماعة ووجوب المبادرة إلى إجابة المنادي إلى الصلاة، كيف لا وهذا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- يقول: "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها- أي عن الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق" رواه مسلم (654) ، وغيره.

مؤتمر حقوق الإنسان

مؤتمر حقوق الإنسان المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 18/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية والحق يقال نشكر لكم جهودكم الجبارة بهذا الموقع الفذ والمتنوع والمتجدد، الحافل بكل ما يواكب التطورات في الساحة والحكم الشرعي لكل منها، فكم حاجتنا اليوم لمعرفة الأحكام الشرعية فيما يدور حولنا من أحداث ومستجدات، ومن هذا المنطلق أحببت أن أجد جواباً عن موضوع حقوق الإنسان، حيث سيعقد في الرياض يومي 18و19 شعبان مؤتمر بعنوان (حقوق الإنسان في السلم والحرب) ، ولقد تم دعوة 150 شخصية عالمية مهتمة بهذا المجال أو قريبة التخصص منه، وتم توجيه آلاف الدعوات داخل المملكة لحضور هذا المؤتمر، وسؤالي هو: أولاً: ما حكم إقامة مثل هذا المؤتمر؟ وما حكم المشاركة فيه أو حضوره؟ ثانياً: هل في الشرع الحنيف ما يسمى حقوق إنسان؟ أي بمعنى هل حقوق المسلمين والكفرة واحدة؟ ثالثاً: إذا طلب مني المشاركة وأنا أعلم وجود الكثير من المنكرات كدعوة الكفار إلى هذا البلد للحضور، والاختلاط في مقر الحفل، وغير ذلك، هل يجوز لي المشاركة مع أني لا أستطيع تغيير أي من هذه المنكرات؟. رابعاً وأخيراً: أرجو سرعة الرد لأن المشاركة في هذا المؤتمر تحدد خلال الأسبوع القادم ويجب أن أعرف وغيري حكم المشاركة فيه وهل نوافق أم نعتذر؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أول من دعا إلى حقوق الإنسان تعاليم الإسلام فهي التي رعت حقوق الإنسان جد الرعاية حيث عامة نداءات القرآن متوجهة إليه بأصله الإنسان أو إلى بعض أفراده بوصفه مؤمناً أو كافراً، فمن الأول قوله تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ" [الحجر:26] ، وقوله: "وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ" [لقمان: من الآية14] ، وقوله: "وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى" [النجم:39] ، وقوله: "أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ" [القيامة:3] ،وقوله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً" [البقرة: من الآية168] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ" [النساء: من الآية170] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [البقرة:21] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" [الحجرات: من الآية13] ،وقوله تعالى: "وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" [البقرة:45] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" [المائدة: من الآية51] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة:90] ، وقال تعالى: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ" [فصلت:26] ، وقوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [التحريم:7] ، إلى غير ذلك من الآيات ولا تفاضل بين بني الإنسانية إلا بتقوى الله سبحانه، كما جاء في الحديث: " لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى" انظر مسند أحمد (23489) ، وفي حديث آخر "الناس بنو آدم، وآدم من تراب" أخرجه أحمد (8736) ، وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وحقوق الإنسان التي أمر الله برعايتها هي حقوق المسلم والكافر على السواء، وإقامة مؤتمر لعرض حقوق الإنسان في السلم والحرب وفي المملكة العربية السعودية أمر محمود يشكر الساعون بعقده والمشاركون فيه، ودعوة غير المسلمين للتحدث فيه بما لا يتعارض مع أحكام الإسلام لا شيء في ذلك، ولا يتوقع أن يشتمل على منكر ظاهر وإن وجد- وجب على القادر إنكاره بالأسلوب المناسب ومن دعي إلى المشاركة في هذا المؤتمر ونحوه تعين عليه ووجب عليه الامتثال. والله ولي التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.

هل يقام الحد على الحاكم

هل يقام الحدُّ على الحاكم المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 26/10/1424هـ السؤال قرأت كتابا في الفقه الحنفي اسمه "الهداية"، وفي صفحة 545 يذكر صاحب الكتاب العبارة التالية: "إذا وقع الملك أو الخليفة المسلم في الزنا أو جريمة أو ذنب يشبه ذلك فلن يكون حد عليه" فهل هناك فرق بين الحاكم والمحكوم في إيقاع العقوبة وفق الشريعة المطهرة؟ صديق لي يقول: إذا كان الحاكم هو من يقيم الحدود على الناس، فمن يقيم الحد عليه هو؟ فهو الوحيد الذي يقيم الحدود. فهل صحيح أن الحاكم لا يقام عليه حد الزنا كما ذكر الكتاب المبين أعلاه؟ إذا كان الجواب أن الحدود تقام على الحكام أرجو تقديم مثال واحد على ذلك من التاريخ الإسلامي. وما هي مصداقية الأحكام الواردة في هذه الكتب؟ هل تعتبر أحكاماً إسلامية؟ نرجو بيان قيمة هذه الأحكام. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالأصل في الحدود أن تقام على كل أحد شريفاً كان أو وضيعاً، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"وأيم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم لقطعت يدها" انظر: البخاري (3475) ومسلم (1688) ، وقد جاء في صحيح مسلم أن عثمان -رضي الله عنه- أمر بجلد الوليد لما ثبت لديه أنه شرب الخمر الحديث رقم (1707) ، وجاء في الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (6/482) ما نصه:"وكان الوليد شجاعاً شاعراً جواداً، قال معصب بن الزبيري: وكان من رجال قريش وسراتهم، وقصة صلاته بالناس الصبح أربعاً وهو سكران مشهورة مخرجة، وقصة عزله بعد أن ثبت عليه شرب الخمر مشهورة أيضاً مخرجة في الصحيحين، وعزله عثمان بعد جلده عن الكوفة. انتهى. هذا وما ذكره السائل عن بعض الحنفية من عدم إقامة الحد على الإمام الأعظم صحيح، فقد جاء في نصب الراية مع الهداية (3/524) ما نصه: (وكل شيء صنعه الإمام الذي ليس فوقه إمام فلا حد عليه إلا القصاص فإنه يؤخذ به وبالأموال؛ لأن الحدود حق لله تعالى وإقامتها إليه لا إلى غيره، ولا يمكنه أن يقيم على نفسه لأنه لا يفيد، بخلاف حقوق العباد لأنه يستوفيه ولي الحق، إما بتمكينه أو بالاستعانة بمنعة المسلمين، والقصاص والأموال منها، وأما حد القذف قالوا المغلب فيه حق الشرع، فحكمه حكم سائر الحدود التي هي حق لله تعالى) . انتهى وجاء في حاشية الروض المربع لابن قاسم (7/302) ما نصه: (وفي الدرر للحنفية أن الخليفة لا يُحد ولو لقذف، لأن الحد له وإقامته إليه دون غيره ولا يمكنه على نفسه، ويقتص منه ويؤخذ بالمال لأنهما من حقوق العباد) . انتهى. قلت وقصة الوليد لا تعارض ما تقدم من كلام الحنفية، لأن عدم إقامة الحد على الحاكم إنما تختص بالإمام الذي ليس فوقه إمام، ومعلوم أن الوليد أمير تحت ولاية عثمان رضي الله عنه، فالإمام الأعظم هو عثمان رضي الله عنه. هذا ولم أقف على قول لبقية فقهاء المذاهب الأخرى حول إقامة الحد على الحاكم أو عدم إقامته، وفي نظري أن ما ذكره الحنفية من التعليل لعدم إقامة الحد على الحاكم الأعلى وجيه له حقه من النظر، لكنني متوقف عن القول به أو بخلافه. أما القصاص والحقوق المالية فمحل اتفاق بين الأئمة على أن الإمام يؤخذ به ويقتص منه صاحب الحق، وقد أقاد النبي -صلى الله عليه وسلم- سواد بن غزية من نفسه حينما كان صلى الله عليه وسلم يقوم في غزوة بدر بتعديل الصفوف، وكان سواد متنصلاً من الصف فعدله الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال سواد: أوجعتني يا رسول الله فأقدني، فكشف صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال: استقد، فاعتنقه سواد وقبّل بطنه. رواه عبد الرزاق (18039) (9/467) بإسناد حسن لكنه مرسل. هذا وما ذكره السائل عن مصداقية الأحكام الواردة في هذه الكتب نقول: الكتاب المشار إليه من كتب الحنفية المعتبرة، وله قيمته العلمية بين العلماء، لكن هذا لا يعني الأخذ بكل ما جاء به أو بغيره من كتب علماء الإسلام، بل الجميع يعرض على الكتاب والسنة، فما وافقهما عمل به، وما خالف ذلك تُرك والتمس لصاحبه العذر، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

يعمل في الشرطة، فهل يستر على المذنب؟

يعمل في الشرطة، فهل يستر على المذنب؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 9/1/1425هـ السؤال أنا شاب أعمل في الدوريات الأمنية في القطاع العسكري، وكثيراً ما أواجه حالات شرب للمسكر، وحالات اختلاء محرم بين شاب وفتاة، هل من باب الستر ألا أسلمهم إلى الجهات المختصة، علماً بأنه قد يُفصل المقبوض عليه من عمله بسبب ذلك، وهل أكون متسبباً في قطع رزقه؟ وما هو ضابط الستر في ذلك؟ أفيدونا -جزاكم الله خيراً- الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام وعلى من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فلأهمية السؤال أفضل التفصيل في الجواب، فأقول -وبالله التوفيق-، ومنه أستمد العون والتسديد: ما دمت أيها السائل تعمل في الدوريات الأمنية فعملك يتطلب القبض على من ذكرت في سؤالك، وليس من باب الستر ألا تسلمهم إلى الجهات المختصة؛ لأن هذا عملك فأنت مسؤول أمن نائب عن السلطان فيما وكل إليك، فلا أرى لك الستر أو العفو عما ذكرت، ولو أن كل رجل أمن أو هيئة أمر بمعروف ونهي عن منكر ستر لاختل الأمن، هذا وليُعلم أن حدود الله -تبارك وتعالى- كالزنا، والشرب، والسرقة، وغيرها من حدود الله، إنما يجوز العفو فيها، والشفاعة قبل بلوغها السلطان، وأما بعد بلوغها له فلا يجوز؛ لما رواه أبو داود (4883) ، والنسائي (883) ، وغيرهم عن صفوان بن أمية - رضي الله عنه- قال: كنت نائماً في المسجد على خميصة لي، -وفي رواية: على ردائي-، فجاء رجل فسرقه، وفي رواية: اختلسه، فأمسكت به، فجئت به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تقطع يده، فقال صفوان -رضي الله عنه- لم أرد هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فهلا قبل أن تأتيني به" والحديث صحح إسناده الحاكم والذهبي، ووافقهما الألباني، انظر إرواء الغليل (ج7 ص247) . ولما روى مالك في الموطأ عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- لقى رجلاً قد أخذ سارقاً، وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان، فشفع له الزبير -رضي الله عنه- ليرسله، فقال: لا حتى أبلغ به السلطان، فقال الزبير -رضي الله عنه- إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع" انظر الموطأ بهامش المنتقى (ج7 ص163) ، ولما رواه أحمد (5362) ، وأبو داود (3597) ، وغيرهما عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً "من حالت وشفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره"، صححه الألباني في إرواء الغليل (ج7ص349) . أيضاً جاء في السؤال: ما هو ضابط الستر في ذلك؟ والجواب أن الستر جاءت أحاديث كثيرة في الترغيب فيه، منها ما رواه مسلم (2699) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة"، وعند أبي داود (4377) ، وأحمد (21383) أن رجلاً يقال له هزال جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخبره عن رجل رآه يزني، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا هزال: لو سترته بثوبك كان خيراً لك"، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على الترغيب في الستر، لكن يحمل الستر في هذه الأحاديث وغيرها على الحدود التي لم تبلغ السلطان أو نائبه، وأيضاً للشخص الذي لم يعرف بالفسادوالأذى، ولم يكن متلبساً بجريمته، أما من كان معروفاً بالفساد والأذى، أو كان متلبساً بجريمته، فهذا لا يُستر عليه مطلقاً. - والله أعلم- وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

المشاركة في الانتخابات

المشاركة في الانتخابات المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 05/04/1425هـ السؤال السلام عليكم. وبعد: انتشرت عندنا في بلاد الجزائر فتوى تحرم السياسة، وكل ما تعلق بها، ونحن على مقربة من موعد انتخاب رئيس الجمهورية، فوقع الكثير من الإخوة وخاصة الشباب في حرج، هل ننتخب أو لا ننتخب؟ نرجو الإجابة -بارك الله فيكم-. والسلام عليكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. السياسة من الدين، بل الدين كله سياسة، بل كلمة التوحيد: "لا إله إلا الله" كلها سياسة من اللام إلى الهاء، فهي تنفي جميع الطواغيت من الحجر، والشجر، والأوثان، والأفكار، والمذاهب، والأشخاص، من الزعماء، والكبراء....، ومن يعتقد فصل الدين عن السياسة، أو فصل الدين عن الحياة وهو يعلم لازم قوله - فهو كافر خارج عن ملة الإسلام- فكيف لا يكون في الدين سياسة، وأعظم آيات القرآن في الجهاد في سبيل الله، أليس الجهاد ذروة سنام الإسلام وهو صميم السياسة، والذين ينكرون الدخول في الانتخابات غلب عليهم الجهل بأحكام الإسلام عامة، وبأحكام الحسبة خاصة، حيث ظنوا أن الدخول في الانتخابات التي تؤدي إلى مجالس (برلمانات) تشريعية قد تبيح ما حرم الله، وتحرم ما أحل الله، ونحن نقول إن بعض هذه المجالس تفعل هذا، ولكن المسلم إذا دخل عضواً في هذا المجلس يجب عليه أن ينكر المنكر، ويأمر بالمعروف، وإن غلبت آراء أهل الباطل عند التصويت فواجب المسلم أن يتحفظ ويمتنع عن التصويت، حينئذ ولا شيء عليه - إن شاء الله- بل هو مثاب حيث أسمع أهل الباطل كلمة الحق، وإن لم يعملوا بها، فالله يقول لرسوله - صلى الله عليه وسلم-: "إن عليك إلا البلاغ" [الشورى: 48] "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" [القصص: 56] ، وإذا ترك أهل الحق والصلاح الدخول في هذه الانتخابات تفرد بها أهل الباطل والفساد، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغشى مجالس قريش ويتقصد أماكن تجمعاتهم مع ما هم عليه من شرك وكفر، وفساد، وضلال، كل ذلك من أجل أن يبلغهم كلمة الحق والخير، ولو اعتزل مع صحابته، وقام يصلي ويدعو ربه، رافعاً يديه بهداية قريش لما كان بلغ رسالة الله، وقد جاء في الحديث: "الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم" رواه الترمذي (2507) ، وابن ماجة (4032) ، وأحمد (5002) ، ودخول الانتخابات في هذا الظرف من أوجب الواجبات الشرعية لمحاربة الباطل، أو التقليل من شره على الأقل، فعليكم وفقكم الله بالدخول في هذه الانتخابات، حسبة لله ولتكثير سواد أهل الصلاح في هذه المجالس لإحقاق الحق وإبطال الباطل، حسب القدرة والاستطاعة؛ ليتحقق فيكم قول الله -تعالى-: "اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" [آل عمران: 102] ، وقوله -تعالى-: "تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" [آل عمران: 110] . وفقكم الله وأعانكم، وسدد خطاكم، آمين.

كيف نجعل الحكم إسلاميا في العراق

كيف نجعل الحكم إسلامياً في العراق المجيب أ. د. نعمان عبد الرزاق السامرائي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 7/6/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم شيخي الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو أن تجيبني على هذا السؤال، وجزاكم الله خيراً: أنا من أكراد العراق، وأعيش في الشمال، وأعتز بأني مسلم، وأريد للإسلام أن يكون الحاكم في العراق، وأن يكون الحكم في العراق إسلامياً، ونحن الآن -كما ترى- في موقف صعب جداً، وأنت تعرف ذلك، وضعنا متشابك جداً، لذا أرجو منك النصيحة، وأن تدلنا على أحسن طريقة لكي يعود لنا الحكم الإسلامي في العراق، وما هي نصائحكم لنا؟ أرجو أن تفيدونا. وجزاكم الله خيراً. الجواب أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. جواباً لسؤالكم حول الحكم بالعراق وواجب المسلم، معروف أن نسبة المسلمين في العراق اليوم تصل إلى 98% بحسب المولد، بينهم أقلية دون (10) بالمائة ترى أن مصلحة العراق في متابعة الغرب، وإن كان على حساب الإسلام وما أمر به، الإنسان في الغرب اعتمد العلمانية؛ لأن النصرانية ليس فيها تشريع، أما المسلم فمتى تخلى عن التشريع فهو إيمان ببعض الكتاب وكفر بأكثره، لذا لا يسعه رفض التشريع، فإن رفضه فقد سقط في الحكم بغير ما أنزل الله، وقد يخرج من دائرة الإسلام كلياً، فما واجب الفرد المسلم اليوم وغداً في العراق؟. هناك معركة حول دستور العراق الدائم، والذي ينبغي النص على إسلاميته، وعدم جواز أن يعارض ذلك أي تشريع، وهذه المعركة تستقطب الأكثرية المطلقة للعراقيين وهي المعركة رقم واحد. المعركة الثانية: معركة الانتخابات العامة، وهي معركة الأمانة، فالمسلم يحمل أمانة (الاختيار) ، فعليه ألا يمنح صوته الانتخابي إلا لمن يوالي الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، فإن لم يفعل فقد ضيع الأمانة، والمعركة الأولى والثانية ستكون سهلة، وإن لم تخلُ من صعوبة، وتتطلب مزيداً من الوعي والتصميم، والله غالب على أمره، وبحسب الفرد المسلم أن يشارك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والأمل كبير بالفوز في المعركتين حقاً بإذنه تعالى.

استخراج رخصة تجارية باسم الغير

استخراج رخصة تجارية باسم الغير المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 27/2/1425هـ السؤال ما حكم فتح محل واستخراج رخصة تجارية باسمي لشخص آخر؟ لأنه غير مسموح له أن يفتح باسمه محلاً تجارياً؟ على سبيل المثال يسمح عندنا بفتح محل تجاري للمواطن أما الوافد فإنه على أقسام أبناء دول الخليج نشاط واحد فقط، مثلا بيع الذهب ولا يستطيع أن يفتح نشاطاً آخر, أبناء الدول العربية والمسلمة والكافرة الأخرى يمكنهم فتح استثمار، ويدفعون ضرائب ومعاملة طويلة إلخ, فإذا ساعدت أحد إخواني المسلمين بفتح محل باسمي أكون آثماً لمخالفتي ولي الأمر أم ماذا؟ -جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: هذه الأنظمة التي يضعها ولاة الأمر والمسؤولون إنما قصدوا بها تنظيم أمور الناس، وترتيب معايشهم، وإذا كان هذا هو المقصد، وأن المصلحة مترتبة على ذلك، وأنها ليس فيها أمر بمنكر، فالواجب الطاعة؛ والله - عز وجل- يقول: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ... " الآية، [النساء:59] ، وليس المراد بقوله: "وأولي الأمر منكم" طاعتهم فيما يتعلق بأمور العبادات من الصلاة والزكاة، وإذا أمروا بالصلاة والزكاة، ونحو ذلك؛ لأن هذا داخل في طاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وحينئذ يكون قوله: "وأولي الأمر منكم" ليس له فائدة، ولا يترتب عليه فائدة. فظهر لهذا أن المراد طاعتهم فيما يتعلق بأمور الدنيا، التي يضعونها ويرتبونها لمصالح الناس، دون أن يترتب على ذلك عمل بمنكر وفي الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم-قال: "من يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني" رواه البخاري (2957) ومسلم (1835) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. وعلى هذا لا تجوز المخالفة. والله أعلم.

قتل البهيمة إذا وطئها بشر

قتل البهيمة إذا وطئها بشر المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 24/06/1425هـ السؤال بصراحة حاولت أن أسأل السؤال هذا ولكن والله استحيت، وأخيراً قلت لا حياء في الدين، سؤالي هو سمعت أحد الأشخاص يروي حكاية يقول كان هناك شاذ جنسياً يعمل الفاحشة مع قطيع من الغنم -ولا حول ولا قوة إلا بالله- نسأل الله السلامة وقبض على الشخص، وقرروا أن يستروا عليه، وأن يذهبوا إلى قطيع الغنم ويقتلونه جميعاً ويحرقونه بعد قتله، ما أدري ماذا يفعل بقطيع الغنم، هل صحيح يقتل ثم يحرق. الجواب أخي الفاضل: قد ورد حديث في قتل البهيمة الموطوءة وهو ما رواه أبو داود (4464) وغيره، "من أتى بهيمة فاقتلوه، واقتلوها معه". وروي عن علي -رضي الله عنه- أنه أوتي برجل أتى بهيمة فلم يحده، وأمر بالبهيمة فذبحت وأحرقت بالنار. وقد لا يثبت هذا عن علي -رضي الله عنه-. وأما الحديث فهو ضعيف، وكيف يحتج به وقد جاء ما يعارضه وهو أثر عن ابن عباس -رضي الله عنهما- "من أتى بهيمة فلا حد عليه"، أخرجه البيهقي (8/234) وغيره، وليس المقصود فلا إثم عليه، بل هو آثم، ولكن لا حدّ عليه هذا هو المراد. ثم إن الحديث يروى من طريق ابن عباس-رضي الله عنهما-، ومذهبه -رضي الله عنه- خلاف هذا، وقد ضعف الحديث أبو داود وتوقف أحمد في حكم من أتى بهيمة ولم يثبت هذا الحديث، كما أنكره الإمام مالك، وقال ابن حجر في التلخيص: في إسناده كلام، ثم على قول من يرى قتل البهيمة الموطوءة فإنها إن كانت للفاعل وأقر على نفسه أنه فعل بها فإنها تقتل وتذهب عليه هدراً، وإن كانت لغيره لم يجز قتلها لأجل إقراره على نفسه أنه فعل بها لأنها مال غيره، فلابد من وجود البيّنة أنه فعل بها ولا يكفي إقراره. ومذهب الجمهور أنها لا تقتل، وإذا ذكيت جاز أكلها من غير كراهة، وقيل في التعليل للأمر بقتلها لئلا يعيّر فاعلها لذكره برؤيتها، كلما رآها الناس تذكروا من فعل بها فيعيّرونه ويلمزونه، وربما يكون قد تاب وأناب.

التقية والعمل بها

التقية والعمل بها المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 17/1/1425هـ السؤال ما هي التقية؟ وكيف يتم العمل بها في جماعة السنة عند الاستعداد للحرب؟ هل هي جائزة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد: فهذا إيجاز من القول عن التقية والخدعة وما يتصل بهما في أعمال المسلم في الأحوال المختلفة: تعريف التقية: لغة: من اتقيت الشيء وتَقَيته وأتَّقيه تقىً وتَقِيّة وتقاء، حذرته. اصطلاحاً: عرفها ابن حجر بقوله: التقية: الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير (فتح الباري12/314) ، وقد ورد في معنى التقية آيات قرآنية وأحاديث نبوية فمن الآيات: قوله -تعالى-:"لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير" [آل عمران: 28] ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-:"إلا أن تتقوا منهم تقاة"، فالتقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله، فيتكلم به مخافة الناس، وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن ذلك لا يضره، إنما التقية باللسان". (تفسير ابن أبي حاتم ج2/ص629) . وقال ابن كثير:" أي إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته كما قال البخاري، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه - أنه قال:"إنا لنبشّ في وجوه أقوام، وقلوبنا تلعنهم" انظر ما رواه البخاري تعليقاً في كتاب: الأدب باب: المداراة مع الناس، وقال البخاري: قال الحسن: "التقية إلى يوم القيامة" انظر صحيح البخاري كتاب الإكراه. (ابن كثير 360-361) .

وقال النسفي في معنى الاستثناء:" إلا أن تخافوا من جهتهم أمراً يجب اتقاؤه، أي: إلا أن يكون للكافر عليك سلطان، فتخافه على نفسك، ومالك، وحينئذ يجوز لك إظهار الموالاة وإبطال العداوة ". (تفسير النسفي 153/1) . ومنها قوله -تعالى-: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم" [النحل: 106] .قال ابن جرير في سبب نزول هذه الآية:"أخذ المشركون عماراً فعذّبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا، فشكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال له كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئناً بالإيمان، قال - صلى الله عليه وسلم-:" فإن عادوا فعد ". (تفسير الطبري 181/8) . وقال ابن كثير: "ولهذا اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي؛ إبقاء لمهجته، ويجوز له أن يأبى". (ابن كثير 1078) .

وأما السنة: فقد روى البخاري في صحيحه (2510) ، ومسلم (1801) عن جابر- رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَه؟ ُ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ - رضي الله عنه- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَال: َ "نَعَمْ"، قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا، قَال: َ "قُلْ"، فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ - رضي الله عنه- فَقَال: َ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَة، ً وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ، قَالَ: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّه، ُ قَال: َ إِنَّا قَدْ اتَّبَعْنَاه، ُ فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْن، ِ- وحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، أَوْ فَقُلْتُ لَهُ فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، فَقَال: َ أُرَى فِيهِ وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْن-ِ فَقَالَ: نَعَمِ، ارْهَنُونِي قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ قَال: َ ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَب؟ ِ قَالَ: فَارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُم، ْ قَالُوا كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ فَيُقَال: ُ رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللَّأْمَة، َ قَالَ سُفْيَان: ُ يَعْنِي السِّلَاح، َ فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَه، ُ فَجَاءَهُ لَيْلًا، وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُه: ُ أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَال: َ إِنَّمَا هُوَ

مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ- وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَت: ْ أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ، قَال: َ وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ قِيلَ لِسُفْيَانَ سَمَّاهُمْ عَمْرٌو، قَالَ سَمَّى بَعْضَهُم؟ ْ قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْن، ِ وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْر، ٍ قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، فَقَالَ إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِهِ فَأَشَمُّهُ فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوه، ُ وَقَالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا، وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيب، ِ فَقَال: َ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا أَيْ أَطْيَبَ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو قَال: َ عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَب، ِ وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ، قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشُمَّ رَأْسَك؟ َ قَال: َ نَعَمْ، فَشَمَّهُ ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَه، ُ ثُمَّ قَال: َ أَتَأْذَنُ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ دُونَكُمْ فَقَتَلُوه، ُ ثُمَّ أَتَوْا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ". قال النووي: وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز خِدَاع الْكُفَّار فِي الْحَرْب , وَكَيْف أَمْكَنَ الْخِدَاع إِلَّا أَنْ يَكُون فِيهِ نَقْضُ عَهْد أَوْ أَمَان فَلَا يَحِلّ , وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيث جَوَاز الْكَذِب فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحَدهَا فِي الْحَرْب. (شرح النووي لصحيح مسلم 45/12) .

قال ابن حجر:. وَفِيهِ التَّحْرِيض عَلَى أَخْذ الْحَذَر فِي الْحَرْب , وَالنَّدْب إِلَى خِدَاع الْكُفَّار , وَأنَّ مَنْ لَمْ يَتَيَقَّظ لِذَلِكَ لَمْ يَأْمَن أَنْ يَنْعَكِس الْأَمْر عَلَيْهِ, قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: الْخِدَاع فِي الْحَرْب يَقَع بِالتَّعْرِيضِ وَبِالْكَمِينِ وَنَحْو ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيث الْإِشَارَة إِلَى اِسْتِعْمَال الرَّأْي فِي الْحَرْب، بَلْ الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ آكَد مِنْ الشَّجَاعَة , وَكَذَا وَقَعَ الِاقْتِصَار عَلَى مَا يُشِير إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيث, وَهُوَ كَقَوْلِهِ " الْحَجّ عَرَفَة " , قَالَ اِبْن الْمُنِير: مَعْنَى الْحَرْب خَدْعَة أَيْ الْحَرْب الْجَيِّدَة لِصَاحِبِهَا الْكَامِلَة فِي مَقْصُودهَا إِنَّمَا هِيَ الْمُخَادَعَة لَا الْمُوَاجَهَة , وَذَلِكَ لِخَطَرِ الْمُوَاجَهَة وَحُصُول الظَّفَر مَعَ الْمُخَادَعَة بِغَيْرِ خَطَر. (فتح الباري 158/6) . وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بترجمتين، فقال: باب: الكذب في الحرب، وباب: الفتك بأهل الحرب، ونقل ابن حجر عن ابن العربي أنه قال:" الْكَذِب فِي الْحَرْب مِنْ الْمُسْتَثْنَى الْجَائِز بِالنَّصّ؛ ِ رِفْقًا بِالْمُسْلِمِينَ لِحَاجَتِهِمْ" ثم قال ابن حجر:" وَيُقَوِّيه مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد (12001) وَابْن حِبَّانَ مِنْ حَدِيث أَنَس-رضي الله عنه- فِي قِصَّة الْحَجَّاج بْن عِلَاط الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم فِي اِسْتِئْذَانه النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُول عَنْهُ مَا شَاءَ لِمَصْلَحَتِهِ فِي اِسْتِخْلَاص مَاله مِنْ أَهْل مَكَّة، وَأَذِنَ لَهُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَإِخْبَاره لِأَهْلِ مَكَّة أَنَّ أَهْل خَيْبَر هَزَمُوا الْمُسْلِمِينَ وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَشْهُور فِيهِ". (فتح الباري 159/6) .

وأشار أهل العلم إلى أن الإجماع في مسألة الإكراه، قال ابن حجر:" قال ابن بطال تبعاً لابن المنذر: أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان ألا يحكم عليه بالكفر، ولا تبين منه زوجته". (فتح الباري 314/12) ومن مجموع ذلك يمكن القول بأن التقية عند أهل السنة هي إظهار المسلم لبعض الأقوال والفعال الموافقة لأهل الكفر أو الجارية على سبلهم إذا اضطر المسلم إلى ذلك؛ من أجل اجتناب شرهم، مع ثبات القلب على إنكار موافقتهم وبغضها والسعي لدفع الحاجة إليها. (انظر فقه الإيمان والعمل الصالح د. العمري 520) . ضوابط التقية عند أهل السنة والجماعة: الأول: ألا تكون التقية طريقاً للانفلات من ربقة التكاليف الشرعية، فلا يجوز الخروج عن حدود الشرع بحجة التقية. ثانياً: التقية رخصة لا يلجأ إليها إلا في حال الاضطرار، والأخذ بالعزيمة أفضل. قال ابن حجر: (قال ابن بطال: أجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجراً عند الله ممن اختار الرخصة، وأما غير الكفر فان أكره على أكل الخنزير وشرب الخمر مثلاً فالفعل أولى) (فتح الباري ج12/ص317) . ثالثاً: التقية لحال الضرورة تقدر بقدرها، فإذا اضطر المسلم إلى التقية وجب عليه أن يتقي الكفار بأدنى ما يمكن مما هو خروج عن حدود الشرع، وهذا لا يتعدى اللسان في كثير من الأحوال. رابعاً: وجوب السعي للخروج من حكم الاضطرار أو الإكراه الذي أباح للمسلم التقية. خامساً: التقية عند أهل السنة غالباً ما تكون مع الكفار وفي حال الإكراه والاضطرار. ومن الناحية العملية هناك عدة حالات تطبيقية في حياة المسلمين المعاصرة منها: أ- في حروب المواجهة العسكرية التقية بالكذب عند الحاجة جائز؛ لتحقيق مصلحة المسلمين ودفع الضرر والأذى عنهم دون أن يكون فيه غدر بنقض عهد أو أمان صريح، وهو من أعمال الحروب عامة.

ب- الأمة الإسلامية في حالة ضعف، ومن جهة أخرى هي في حالة مواجهة وحرب شعواء في المجالات العسكرية، فهناك حرب اقتصادية صناعية تحارب فيها الأمة؛ لئلا تمتلك ناصية العلم وأسرار التكنولوجيا، وتبقى عالة على أعدائها، وهناك حرب في مجال التعليم على المناهج؛ لمسخها وتفريغها من محتواها الذي يتضمن ثوابت الدين وهوية الأمة، وهكذا وكل ميدان من هذه الميادين يدخل فيه - بحسب تقدير الضرورة والحاجة - ضرب من التقية والخدعة، كأن يتم تحصيل أسرار العلوم والتكنولوجيا دون التصريح بهذا الهدف وبوسيلة لا تكشف التوجه بل بطرق وأساليب غير مباشرة وغير ظاهرة ونحو ذلك. ج- المسلمون المستضعفون المضطهدون في بلاد ودول تحاربهم وتمنعهم من إظهار دينهم وهويتهم والقيام بأداء فرائضهم وشعائرهم كما كانت حالة المسلمين في الاتحاد السوفيتي الشيوعي سابقاً، وكما هو حال بعض المسلمين في مناطق الهند وبورما وغيرها، فهؤلاء ينطبق عليهم وضع الاضطرار الذي يقدرون فيه حاجتهم إلى خفاء ما يضر إظهاره، وإظهار ما يدفع عنه الأذى ولو كان غير حقيقي. د- المسلمون في بلاد غير مسلمة وليسوا مضطهدين، ولكن القوانين المعمول بها في تلك البلاد تتعارض مع الأحكام الإسلامية؛ كمنع التعدد وكذلك ترتب الضرر على إظهار وإعلان بعض الأحكام الإسلامية لعدم فهم وتقبل المجتمعات لها، كما هو حال المسلمين في أوروبا ونحوها فإن لعلمائهم أن يجتهدوا في بعض ما فيه حاجة وضرورة لاتخاذ المناسب الذي يحقق المصالح ويدفع المفاسد، وإن كان عن طريق التورية والمعاريض وربما الكذب في حال الضرر الكبير والمفسدة العظيمة. فحال المسلم في ديار الإسلام ورفع رايته وتطبيق شريعته يختلف عن المسلم في بلاد ومجتمعات وتشريعات ليست إسلامية فالأول يظهر الإسلام وشرائعه وشعائره والاعتزاز به ما قد لا يتاح مثله للثاني.

قال ابن تيمية:" لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر؛ لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر، إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة". (اقتضاء الصراط المستقيم 176-177) . ولا بد من التنبيه على أهمية مراعاة الضوابط المذكورة سابقاً، ومن المهم أن يكون الحرص عظيماً على التدين والإخلاص لله والورع، ثم عدم التوسع في مثل هذه المسائل بما لا تقتضيه الضرورات والحاجات الحقيقية، مع أهمية الانتباه إلى أنه ليس لكل أحد تقدير تلك الضرورات والإفتاء فيها بما يناسبها من التصرفات، وخاصة في المسائل العامة التي تتعلق بجميع أحوال المسلمين والجاليات الإسلامية في غير ديار الإسلام بل مرد ذلك إلى أهل العلم منهم للبحث في تلك المسائل بالرجوع لنصوص الشرع وقواعد وأصول الفقه ومقاصد الشريعة حتى تنضبط الأمور ويظل ارتباط المسلمين قوياً بدينهم وكتابهم وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم-. والتقية مصطلح له دلالة خاصة عند الشيعة ورأيت من المناسب إيجاز القول في بيان ذلك: التقية عند الشيعة الإمامية. (ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/979-983) تعريفها: (هي كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضراراً في الدين أو الدنيا) .

واستدل الشيعة على التقية بالآيات التي استدل بها أهل السنة، ولكنهم توسعوا في استخدامها وخرجوا بها من حال الضرورة إلى حال الاختيار، فهي عندهم سلوك جماعي دائم وحالة مستمرة حتى يخرج القائم وهو محمد بن الحسن العسكري من سرداب سامراء. قال ابن بابويه من أئمتهم في كتابه الاعتقادات: (والتقية واجبة، لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله -تعالى- وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة) . (ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/983) . وتقية الشيعة مع المسلمين ولا سيما أهل السنة؛ لأنهم يرون أهل السنة أشد كفراً من اليهود والنصارى لأن منكر إمامة الاثني عشر أشد من منكر النبوة عندهم. ويرى الشيعة أن عصر القرون المفضلة عهد تقية. التقية عندهم ركن من أركان دينهم كالصلاة أو أعظم، حتى قال قائلهم (اعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلاة) وجعلوا التقية (تسعة أعشار الدين) (وأن من لا تقية له لا إيمان له) وهي عندهم مطلوبة حتى مع انتفاء ما يبررها، ففي كتبهم (عليكم بالتقية؛ فإنه ليس منا من لما يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمن جانبه؛ لتكون سجية مع من يحذره) . سبب غلو الشيعة في أمر التقية: 1- أن الشيعة تعد بيعة الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - باطلة وهم ومن بايعهم في عداد الكفار، وعليٌّ - رضي الله عنه - ممن بايعهم وصلى خلفهم وجاهد معهم وسار على نهجهم وهذا يبطل مذهب الشيعة من أساسه فخرجوا من هذا التناقض بالقول بالتقية. 2- تبرير التناقض في مرويات الأئمة الذين زعموا لهم العصمة، فقالوا بالتقية؛ لتبرير هذا التناقض.

3- تسهيل مهمة الكذابين على الأئمة ومحاولة التعتيم على حقيقة مذهب أهل البيت، بحيث يوهمون الأتباع أن ما ينقله واضعو مبدأ التقية عن الأئمة هو مذهبهم، وأما ما اشتهر عن الأئمة وذاع عنهم وفعلوه أمام المسلمين فلا يمثل مذهبهم، وإنما يفعلونه تقية، فيسهل على أولئك الكذابين رد أقوالهم والدس عليهم وتكذيب ما يروى عنهم من حق. وضع مبدأ التقية لعزل الشيعة عن المسلمين، يقول أحد أئمتهم: (ما سمعتَ مني يشبه قول الناس- يعني أهل السنة- فيه التقية، وما سمعت مني لايشبه قول الناس فلا تقية فيه) . وهذا مبدأ خطير، يؤدي بالشيعة إلى جعل مخالفة المسلمين هي القاعدة، وبالتالي يوافقون الكافرين ويخالفون المسلمين. فالتقية عند الشيعة الإمامية نفاق لا يمت إلى الإسلام بصلة، ويجب على المسلم أن يتجنبها، ويحذر من هؤلاء الشيعة، وألا يثق بما يقولونه؛ لأن الأصل عندهم هو التقية، وهم كالمنافقين الذين وصفهم الله بقوله: "يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم" [الفتح: 11] . (ينظر: د ناصر القفاري، أصول مذاهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 2/979-983) والله -تعالى- أعلم وأحكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اشتراط القرشية للإمامة العظمى

اشتراط القرشية للإمامة العظمى المجيب خالد بن عبد الله البشر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 16/6/1425هـ السؤال هل النسب القرشي أحد شروط الخلافة؟ وهل بدونها لا تصح الخلافة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد: اختلف النسّابون في المقصود بقريش، وأصح هذه الأقوال: قول الشافعي وابن حجر وابن القيم - رحمهم الله - أن قريشاً: هو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فالقرشي من كان من ولد النضر بن كنانة، والقرشية شرط من شروط انعقاد إمامة المسلمين عند أهل السنة والجماعة، وشذّت فِرق أمثال الخوارج والمعتزلة فلم يقولوا بهذا الشرط، قال القاضي عياض - رحمه الله- اشتراط كون الإمام قرشياً مذهب العلماء كافة، وقد عدوها في مسائل الإجماع، ولم ينقل عن أحد من السلف فيها خلاف، وكذلك من بعدهم في جميع الأمصار، ولا اعتداد بقول الخوارج ومن وافقهم من المعتزلة لما فيه من مخالفة المسلمين، وتظافرت نصوص السنة الصحيحة على اشتراط القرشية في إمام المسلمين، منها: ما رواه معاوية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن هذا الأمر - أي الخلافة - في قريش لا يعاديهم أحد إلاَّ كبّه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين" أخرجه البخاري (3500) ، وما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان" أخرجه البخاري (3501) ومسلم (1820) ، وما رواه أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " الأئمة من قريش، ولهم عليكم حق، ولكم مثل ذلك، فإذا استرحموا رحموا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا عاهدوا وفوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" رواه أحمد (12489) ، وقال الهيثمي في الزوائد (5/193) : ورجال أحمد رجال الصحيح، وقال أبوبكر -رضي الله عنه- في قصة سقيفة بني ساعدة: "وإن هذا الأمر - أي الخلافة - في قريش ما أطاعوا الله، واستقاموا على أمره "، والحكمة في اشتراط القرشية قيل: لأفضلية قريش حسباً ونسباً، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم، وقيل: لقوتهم وعصبيتهم بين قبائل العرب، وأن العرب تسمع لقريش وتطيع، وقيل غير هذا، والله أعلم بالحكمة. واشتراط النسب القرشي في إمام المسلمين هو شرط وجوب وابتداء عند اختيار إمام المسلمين من قبل أهل الحل والعقد بعد أن يستكمل سائر شروط الإمامة. وأما إذا كان الذي تولى الإمامة تولاها بطريق الغلبة والقهر، وخُشيت الفتنة بعزله إن عُزل؛ فلا يُشترط حينئذ شرط القرشية؛ لأن المقصد الأعظم للإمامة هو إقامة الدين وسياسة الدنيا به. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.

حكم الاستفتاء الشعبي

حكم الاستفتاء الشعبي المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 28/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود السؤال عن حكم عملية الاستفتاء الشعبي، والتي هي في الحقيقة طلب رأي الشعب في مسألة من المسائل كالاستفتاء على اختيار الحاكم، أو عزله، أو الاستفتاء على تعديل الدستور، أو الاستفتاء على أفضل أغنية، فما الحكم الشرعي في المشاركة في ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المراد بالاستفتاء طلب الرأي والمشورة في أمر يهم الجماعة والمجتمع، وسمي استفتاءً لشبهه بالفتوى بين السائل والمفتي، والاستفتاء في الأمور المباحة من أمر الدين والدنيا جائز شرعًا، والناس منذ القدم وإلى يومنا هذا يسأل بعضهم بعضًا، ويستفتي الجاهل العالم، ويسأل من يجهل الأمر من هو أعلم به منه، وما زال الناس على هذا دون نكير؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولا تحريم إلا بنص من الشارع، فإذا كان الاستفتاء على شيء محرم كالاستفتاء على إباحة الربا أو تحريمه، أو جواز الزنا والشذوذ الجنسي، أو منعه، أو تحليل الغناء أو تحريمه، ونحو ذلك، فهذا حرام لا يجوز، وهو تشريع بما لم يأذن به الله، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ... ) [الشورى:21] . وقال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50] . وإذا كان الاستفتاء على الدستور في جملته، وهو دستور وضعي لا يعتمد الشريعة في مواده وأحكامه، فيجوز الاستفتاء عليه؛ لأنه عمل بشري دنيوي، وإن كان يعتمد الشريعة في فصوله وأبوابه ومواده، فلا يجوز الاستفتاء عليه حينئذ؛ لأنه متضمن أحكامًا شرعية قطعية واجب العمل بها، ولا يجوز طرحها للاستفتاء، أما الاستفتاء لاختيار الحاكم أو بعض نوابه فيجوز ذلك؛ لأن الأمر يخص الناس، وعليهم التشاور، ومنه الاستفتاء باختيار الأفضل والأمثل، والدليل على هذا أن عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، لما توفي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بقي يشاور الناس ثلاثة أيام، وكان يشاور النساء العذارى في خدورهن، ثم أخبر أن الناس لا يعدلون بعثمان، رضي الله عنه. (منهاج السنة 6/350) ، وذكر ابن كثير في (البداية والنهاية) أن عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، كان بقي ثلاثة أيام يستشير الناس في عثمان وعلي، رضي الله عنهما، حتى خلص إلى النساء المخدّرات في حجالهن، وحتى سأل الولدان في المكاتب، وحتى سأل من يرد من الركبان والأعراب إلى المدينة (البداية 6/160) . وإذا جاز الاستفتاء (التشاور) على اختيار الحاكم جاز على عزله من باب أولى. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

إذا أقيم الحد على الزاني البكر ثم زنى

إذا أقيم الحد على الزاني البكر ثم زنى المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 9/6/1425هـ السؤال ما حكم الزاني الأعزب، إذا أقيم عليه الحد وزنى مرة أخرى؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: إذا زنى الأعزب بعد إقامة الحد عليه، وثبت زناه الثاني ثبوتاً شرعياً فإنه يقام عليه الحد مرة ثانية، فإن أقيم عليه الحد مرة ثانية بعد زناه الثاني فإنه يقام عليه الحد مرة ثالثة، فإن عاد بعد الثالثة، فعلى القاضي أن يحكم عليه بإقامة الحد، وله أن يزيد عليه عقوبة تعزيرية إضافية لكثرة سوابقه، وعدم ارتداعه عنها، وقد جاء في قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم: (53) في (ع/ع/ 1397هـ) ما نصه: (للقاضي أن يعزر من تكرر منه شرب الخمر ثلاثاً، وأقيم الحد عليه بعد كل مرة بما يراه من سجن وجلد، ونحوهما مع إقامة الحد الواجب) ا. هـ وإن كان نص القرار حول حد شرب الخمر إلا أنه ينسحب على حد الزنا. والله -تعالى- أعلم.

الإمارة في الأنشطة الدعوية

الإمارة في الأنشطة الدعوية المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 25/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو أن تفيدوني، نحن خمسه شباب في المسجد، مقيمون على الدعوة إلى دين الله، واقترح بعض الإخوة أن نكون متوحدين في المنهج الدعوي والنشاط الذي يخدم الدعوة، وقد اقترح أن يكون هناك منا أمير أي هو المسئول عن تنظيم تلك الأمور، وقد اختاروني، ولكن أنا في ريب من تلك الفكرة وهو أن أكون أنا الأمير أو المسئول على تنظيم الأمور، وأنا أريد أن تفيدوني في هذا الأمر، مع العلم أني أعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كنتم ثلاثة فأمِّروا أحدكم". ولكن أنا أريد النصيحة، هل هناك شيء اسمه إمارة؟ وما معناها؟ وإن كانت تصح فما الأمور التي تنصحوني بها أن أفعلها؟ وجزاكم الله خيرًا. وأرجو من الله أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والعمل. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحديث المشار إليه في السؤال حديث حسن أخرجه الإمام أحمد (6647) من حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، في أثناء حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ... وَلَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ يَكُونُونَ بِأَرْضِ فَلَاةٍ إِلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ....". وله شاهد من حديث أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ". أخرجه أبو داود (2608) . ومن حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن أبي داود (2609) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ". ومن حديث عمر بن الخطاب. رواه الحاكم (1/611) ، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وهذه الأحاديث تدل على أنه يسن للجماعة إذا كانوا في سفر، أو فلاة من الأرض أن يؤمروا أحدهم حتى تنتظم أمورهم وتستقيم أحوالهم وتجتمع كلمتهم، ولا يحصل بينهم خلاف وشقاق يؤدي إلى فساد أحوالهم وتفرقهم واختلافهم. يقول ابن تيمية: (فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر الاجتماعات أن يولي أحدهم، كان هذا تنبيهًا على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك....) الحسبة في الإسلام (ص: 12) . وقد استدل العلماء بهذا الحديث وغيره على وجوب تنصيب الأئمة والحكام والولاة ليقوموا برعاية مصالح الأمة وترتيب أمورها وشؤونها، والحاكم الشرعي له البيعة والطاعة بالمعروف، ويناط به النظر في قضايا الأمة وشؤونها، وإذا احتاج مجموعة من الناس إلى الترتيب فيما بينهم والتنسيق في أمور دعوية محدودة فلا بأس بذلك بما لا يخالف ما يوجد من ترتيب وتنظيم مشروع من قبل ولاة الأمر. فعلى هذا إذا أحب مجموعة الاجتماع والتناصح والتعاون فيما بينهم فهذا من الخير، ولا بأس أن يوجد من يكون مسئولًا عن هذا الاجتماع واللقاء لكن لا تضفى عليه صفات الأمير بحيث يبايع كما يبايع ولي الأمر، إنما يكون بمثابة الرئيس ونحوه. نسأل الله أن يجعلنا من أنصار دينه، ومن الدعاة إليه على بصيرة وعلم، ومن المتعاونين على البر والتقوى. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

مفهوم بيعة النساء

مفهوم بيعة النساء المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 22/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل من السائغ مقارنة بيعة النساء للرسول صلى الله عليه وسلم- بانتخابات النساء في وقتنا الحاضر؟ ولماذا؟ وهل بايعنه نساء الخلفاء الراشدين؟ ولماذا؟ وما مفهوم البيعة؟ وفقكم الله ورعاكم ونفع بعلمكم عموم المسلمين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. - تطلق البيعة في اللغة العربية على: المبايعة على الطاعة. وتطلق على: الصفقة من صفقات البيع , قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ) [الفتح: 10] . وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمجاشع حينما سأله: عَلَامَ تُبَايِعُنَا؟ قال: "عَلَى الإسلامِ والجهادِ". أخرجه مسلم (1863) . وهو عبارة عن المعاقدة والمعاهدة. - والبيعة اصطلاحًا, كما عرَّفها ابن خلدون في مقدمته: (العهد على الطاعة) . كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين, لا ينازعه في شيء من ذلك, ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره, وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيدًا للعهد, فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري, وصارت البيعة تقترن بالمصافحة بالأيدي. هذا مدلولها في اللغة ومعهود الشرع, وهو المراد في الحديث في بيعة النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة العقبة, وعند الشجرة, وحيثما ورد هذا اللفظ. ومنه: بيعة الخلفاء. - وقريب من هذا المعنى: (العهد) . وهو في اللغة: كل ما عوهد الله عليه, وكل ما بين العباد من المواثيق. والعهد: الموثق واليمين يحلف بها الرجل. تقول: علي عهد الله وميثاقه, وأخذت عليه عهد الله وميثاقه. فالبيعة نوع من العهود. أدلة مشروعية البيعة: - مبايعة المسلمين للرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما هي مبايعة لله تبارك وتعالى, وذلك كما في قوله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح: 10] . والمراد بالمبايعة في الآية بيعة الرضوان بالحديبية. وفي صحيح مسلم (1856) ، عن جابر، رضي الله عنه، قال: كنا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة, فبايعناه، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة. وقال: بايعناه على ألَّا نَفِرَّ, ولم نبايعه على الموت. وفي بيعة العقبة الأولى بايع المسلمون الرسول -صلى الله عليه وسلم-، على بيعة النساء قبل أن تفرض عليهم الحرب. انظر صحيح البخاري (18) وصحيح مسلم (1709) . - أما بيعة النساء فقد بينت في قول الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم) [الممتحنة: 12] . ولما فتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة جاءه نساء أهلها يبايعنه فأخذ عليهن: أن لا يشركن.. إلخ. ففي صحيح البخاري (4891) وصحيح مسلم (1866) ، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُمْتَحَنَّ بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ) إلى آخر الآية. قالت عائشة: فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة. كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أقررن بذلك من قولهن , قال لهن: "انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ". ولا والله، ما مسَّت يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَدَ امرأة قَطُّ, غير أنه بايعهن بالكلام. قالت عائشة، رضي الله عنها: والله ما أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على النساء قَطُّ إلا بما أمره الله عز وجل, وما مسَّت كفُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفَّ امرأة قط, وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: "قَدْ بَايَعْتُكُنَّ". كلامًا. (أي دون مصافحة) ، وقالت أم عطية، رضي الله عنها: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ جَمَعَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ فِي بَيْتٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ فَرَدَدْنَ السَّلَامَ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَيْكُنَّ. فَقُلْنَ: مَرْحَبًا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرَسُولِهِ. فَقَالَ: تُبَايِعْنَ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقْنَ وَلَا تَزْنِينَ وَلَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ وَلَا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ وَلَا تَعْصِينَ فِي مَعْرُوفٍ. فَقُلْنَ: نَعَمْ. فَمَدَّ عُمَرُ يَدَهُ مِنْ خَارِجِ الْبَابِ، وَمَدَدْنَ أَيْدِيَهُنَّ مِنْ دَاخِلٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ. أخرجه أحمد (27309) وأبو داود (1139) . فبيعة رجال المسلمين للرسول -صلى الله عليه وسلم-، كانت بالمصافحة مع الكلام. أما بيعة نسائهم له -صلى الله عليه وسلم- فكانت بالكلام من غير مصافحة. قال النووي في شرح مسلم: إن بيعة النساء بالكلام من غير أخذ كف, وبيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام. وحين تخوف عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الاختلاف بين المسلمين قال لأبي بكر، رضي الله عنه: ابْسُطْ يَدَكَ يا أبا بكر. فبسطها, فبايعه, ثم بايعه المهاجرون, ثم بايعه الأنصار" أ. هـ. ومن هذا نرى أن البيعة ليست مرادفة للانتخابات، فالمسلمون رجالاً ونساء لم ينتخبوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما آمنوا بنبوته ورسالته كما آمنوا بالله الذي أرسله، ثم أخذ عليهم العهد، فبايعوه على ذلك كما رأينا في النصوص السابقة. ولا أعلم أن النساء كنَّ يبايعن الخلفاء الراشدين بذلك المعنى، إذ لم يكن ذلك من شأنهن. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل يستفيد المجتمع من إقامة حد الزنى؟

هل يستفيد المجتمع من إقامة حد الزنى؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 8/3/1425هـ السؤال تنتابني الحيرة بسبب أنكم تحكمون بقتل من يغتصب امرأة، على أي أساس يكون ذلك من القرآن والسنة؟ وكيف يمكن أن يستفيد المجتمع من مثل هذا الحد؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب ما ذكره السائل من الحيرة إلى آخر كلامه، ليعلم السائل أن الزنا مع الرضا وعدم الاغتصاب، إذا كان بكراً أي لم يتزوج -فإنه يستحق جلد مائة ونفي سنة، وإذا كان ثيباً - أي قد تزوج- فإن عقوبته الرجم حتى الموت؛ لما رواه مسلم (1690) وغيره، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم"، أما إذا كان الزنا عن طريق الاغتصاب كما ورد في السؤال فإنه قد تقدم بالتفصيل بما يغني عن إعادته، هذا وإذا كان الثيب الزاني من غير اغتصاب يرجم حتى الموت كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ولم ينظر الشارع إلى ما ذكره السائل من قوله: كيف يمكن أن يستفيد المجتمع من مثل هذا الحد؟، نقول: إن الله حكيم في تشريعه، لا يُسأل عما يفعل. أما من كان زناه تحت الإكراه أو القتل فإنه أعظم جرماً، وفاعله يعتبر عضواً فاسداً في المجتمع يجب بتره، ويستفيد المجتمع بأن يرتدع كل من تسول له نفسه مثل هذا الفعل عن فعله قال تعالى: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [المائدة:33] .

دار الإسلام ودار الكفر

دار الإسلام ودار الكفر المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 15/3/1425هـ السؤال ما هو تعريف دار الإسلام ودار الكفر ودار الحرب؟ هل تنطبق هذه المصطلحات على عالم اليوم؟ إذا كان الجواب نعم أرجو بيان مواقع كل دار على أرض الواقع. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذه المسألة اختلف فيها العلماء، فبعضهم قسم الدور إلى دارين فقط إلى دار إسلام ودار حرب، وهم الأحناف، ومعنى هذه القسمة أن كل دار لا يحكمها الإسلام تعتبر دار حرب، ولكن أكثر العلماء من المذاهب الثلاثة قسموا الدور إلى ثلاثة، إلى دار إسلام ودار حرب، ودرا هدنة وموادعة، وصلح، فتسمى بكل هذا: دار هدنة، ودار موادعة، ودار صلح، فأكثر الدور الآن - أي ديار غير المسلمين- هي في الحقيقة من هذا النوع من دار الهدنة، بناء على الاتفاقيات الدولية التي انخرط فيها المسلمون مع غيرهم في ميثاق الأمم المتحدة فيمكن اعتبار هذه الدور في العالم الغربي والعالم الشرقي أنها من باب دار الهدنة ودار الموادعة، وبالتالي فيمكن أن تعتبر دار سلم، وليست دار إسلام، فدار الإسلام هي الدار التي يحكمها المسلمون، وبعض العلماء يقول التي تتسم بشرائع الإسلام، لكن بصفة عامة نقول إن الدار التي يكون أكثر سكانها مسلمين فهي إن شاء الله دار إسلام، أما الدار التي تحكمها قوانين غير إسلامية وسكانها ليسوا مسلمين، فهذه تعتبر في الوقت الحاضر - إلا ما شذ وندر - هي دار موادعة أو دار سلم، يطلق عليها دار سلم لوجود معاهدات دولية تمنع الاعتداء. طبعاً على أرض الواقع هناك شيء آخر، يعني طموحات أو ميولات عدوانية لدى بعض الدول، لكن مع هذه الميولات العدوانية هي لا تعلن أنها تحارب الإسلام، ومع وجود الميولات العدوانية عند بعض الدول بالنسبة لبعض المسلمين، أو بالنسبة لبعض البلاد الإسلامية تكون هذه الدول ذات الميول العدوانية بالنسبة لها تعتبر دار حرب، ولكن بصفة عامة نقول إن ميثاق الأمم المتحدة والتداخل العالمي الحالي جعل الدور كلها يمكن أن تعتبر دار سلم، إلا ما قل وندر، كدولة بني إسرائيل ونحو ذلك التي تعلن حرباً حقيقية على بعض المسلمين.

العمل في شركة سجائر

العمل في شركة سجائر المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 04/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل في شركة الشرقية سجائر، هل يعتبر دخلي الشهري محرماً؟ مع العلم أنه توظيف حكومي. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن الشارع إذا حرم شيئاً حرم الطرق الموصلة إليه، الله -تعالى- عندما حرم الزنى حرم التبرج، وأوجب على المرأة الحجاب، وأوجب غض البصر على كل من الرجل والمرأة، وعندما حرم الربا لعن آكله، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، والكاتب والشهود لم يشتركوا في أكل الربا وإنما صاروا وسائل معاونة وميسرة لترويجه وانتشاره بين الناس، ولما حرم الخمرة لعنها من عشرة أوجه عاصرها، ومعتصرها، وبائعها، وشاريها، والمشتراة له، وآكل ثمنها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وشاريها، فالذي يسكر هو واحد، وتسعة كلهم استحقوا اللعن؛ لأنهم صاروا وسائل مساعدة في ترويج هذا الخمر، وكذلك يقال في الدخان؛ لأن الدخان مادة ضارة، وسامة، تضر بالعبد وتضر بالمال، وتضر بالدين، وتضر بالبدن، فلا يجوز السعي لنشره بين الناس، وقد جاء قوله تعالى في هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-: "ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث" [الأعراف:157] ، والدخان أحد الخبائث؛ لما اشتمل عليه من أضرار كثيرة يعرفها من يتعاطى هذه المادة، ومن لا يتعاطاها، والكفار مع كفرهم لا يسمحون ببيعها إلا وقد كتب عليها أنها ضارة بالصحة، فنقول لهذا السائل: ابحث عن مجال للعمل غير هذه الشركة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. وبالله التوفيق.

إعطاء ولي الأمر عهد الأمان للكفار

إعطاء ولي الأمر عهد الأمان للكفار المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 07/08/1425هـ السؤال هل يجوز لولي الأمر إعطاء الكفار عهد الذمة، وأن يدخلوا تحت حماية المسلمين، مع أنهم قدِموا لبلادنا ونيتُهم قتلُ مسلمين آخرين؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل: أولاً: ينبغي أن نقرر من باب النصح للمسلمين أمورًا، منها أن الأمان والعهد يجوز للإمام - أي ولي أمر المسلمين- أن يعطيه لجميع الكفار أو بعضهم؛ لأن الإمام هو المسؤول عن النظر والمصلحة، وهو نائب عن الجميع في جلب المنافع ودفع المضار، وهذا ما لا خلاف فيه، يمكن أن يراجع في هذا كتاب المغني لابن قدامة، وتفسير القرطبي، وغيرهما، والإمام هنا هو ولي أمر المسلمين، ولا يشترط أن يكون قائمًا صائمًا؛ بل يكفي أن يكون حاكمًا ببيعة أو ولاية عهد أو تغلُّب، هذا هو مذهب أهل السنة، فمثل هذا الإمام يمكن أن يعطي أمانًا، ولا حد لهذا الأمان بوقت، بل يرجع إلى اجتهاده وما يرى أنه مصلحة، هذا هو الإيضاح الأول الذي أردنا أن نوضحه. الأمر الآخر هو: أن ولي أمر المسلمين عندما يعطي أمانًا فإنه ينبغي أن نحمله على أنه إنما أعطاه لمصلحة؛ لأن الناس محمولون على السلامة وعلى الأمانة، وليسوا محمولين على العدوان، فينبغي أن نظن بهم أنهم إنما فعلوا ذلك لمصلحة قد تخفى على الناس، قد لا تكون متاحة أو متضحة لكل الناس، فهي إما مصلحة تُجلب أو مفسدة تُدرأ، فلنحمل إذًا فِعْلَ ذلك على هذا. الأمر الثالث: إذا افترض أن ما ذكره السائل لم يقل: يقتلون. وإنما قال: ينوون قتل مسلمين آخرين. فهذا لا يجوز لولي الأمر، لكنه في نفس الوقت لا يبيح للسائل أن يخرج على ولي الأمر، ويعلنها حربًا على المسلمين وعلى غير المسلمين، ولهذا نتساءل: ما نتيجة الأمان؟ هو منع القتل والقتال، فنصيحتنا لهذا السائل أن يشتغل فيما يعنيه، في عبادة الله سبحانه وتعالى، والسعي في أمور دينه ودنياه، وألا يُدخل نفسه أو غيره بمسلسل أو في دوامة لا تجر إلا إلى خراب الدين والدنيا، وضياع الآخرة والدنيا، هذه نصيحتنا له، ونرجو أن تكون لوجه الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) . و"مَن رأَى مِنكم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ...." أخرجه مسلم (49) . ما معنى: لم يستطع؟ معناها: إذا كنت عندما تغير الأشياء بيدك تجر إلى ويلات فغيره بلسانك، وإذا كان - أيضًا- لسانك سيجر إلى فساد وإلى ضياع فعليك أن تغير بقلبك، بخاصة الأمور التي قد لا تطلع عليها، وأنت قلت: ينون قتل المسلمين، فمن خبَّرك بأنهم ينوون؟، فهذه أمور ننصح شبابنا، وننصح المسلمين جميعًا بأن يتريثوا فيها، وألا يركبوا رؤوسهم، وألا يظنوا فيها الظنون، وألا يُدخلوا أنفسهم في مسلسل العنف ودوامة الخراب الذي يخرب بيوت المسلمين، وقد لا يضر الكافرين كثيرًا؛ لأن المسلمين يقتل بعضهم بعضًا، ويقتلون المستأمنين الذين حرم الله قتلهم، وعصم الله دماءهم، وحرمها على المسلمين. هذه نصيحتنا. والله سبحانه وتعالى أعلم.

الخروج على ولاة الأمر

الخروج على ولاة الأمر المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 29/07/1425هـ السؤال الأخ الفاضل الشيخ الدكتور ناصر العقل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو الإجابة عن سؤالي هذا عاجلاً؛ لأني في حيرة من أمري، لقد خطب بنا أحد الخطباء خطبة الجمعة، وكانت عن الأحداث التي حدثت في بلادنا، وقد تناولها من زاوية جديدة، حيث ذكر الآيات والأحاديث التي تبين مصير من خرج على ولاة الأمر، وتعلمون قوة هذه الأحاديث وذكرها لموعود الله ورسوله صلى الله عليه وسلم- لمن خرج على إمامه، ثم قال: سأذكر لكم ثلاث قصص تبين لكم مصير من خرج على الإمام، وذكر قصة الحسين، رضي الله عنه، وقصة الحرة في المدينة وخروجهم على يزيد، وقصة ابن الزبير في مكة، وتعلمون يا فضيلة الشيخ أن هؤلاء من فضلاء الصحابة، رضي الله عنهم، ومن المبشرين بالجنة، ومن أهل بدر، فوقع عندي إشكال في الجمع بين هذه الأحاديث. وفقكم الله لبيان العلم لمن جهله، والسلام. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم، الذي عليه جمهور السلف ومنهم كثير من كبار الصحابة، رضي الله عنهم، ومنهم ابن عباس، رضي الله عنهما، أن الحسين بن علي، رضي الله عنهما، كان مخطئًا في اجتهاده في الخروج على ولاة الأمر في زمانه، وقد نصحه كثيرون بألا يفعل، وقد أدى خروجه إلى مأساة كانت عبرة ودرسًا للأمة إلى قيام الساعة، ونظرًا لأنه مجتهد ومتأول وغير متهم، وقد زكاه الله، وشهد له رسوله صلى الله عليه وسلم- بالجنة. انظر سنن الترمذي (3768) وسنن النسائي الكبرى (8169) . فإنا يجب أن نحفظ له حقه وقرابته، ونشهد له بما ثبت له، وإن أخطأ في اجتهاده، فلا معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، فالحق في هذه المسألة مع جمهور السلف لا معه، لأن عمله هذا مخالف لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من الأمر بالصبر على جور الولاة وظلمهم، وترك الخروج عليهم. انظر صحيح البخاري (7056) وصحيح مسلم (1709) . وكذلك الشباب الذين خرجوا على يزيد، وكان لهم ما كان في موقعة الحرة كانوا مخطئين ومخالفين لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان بعض كبار الصحابة، رضي الله عنهم، قد نهوهم عن الخروج، وحذروهم من عواقبه، فكانوا مخطئين في اجتهادهم، ولا يعني ذلك اتهام ذممهم، ولا ديانتهم، إنما الحكم على فعلهم الذي كانت عاقبته من أسوأ العواقب على الأمة عمومًا وعلى المدينة وأهلها خصوصًا، وهكذا تكون عاقبة كل من فرط بوصية الناصح الأمين صلى الله عليه وسلم- إلى قيام الساعة.

الأثر النفسي للعقوبات في الإسلام

الأثر النفسي للعقوبات في الإسلام المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 7/6/1425هـ السؤال ما هو الأثر النفسي للعقوبات وخاصة الحدود في الإسلام؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فالجواب: أن الحد عقوبة مقدرة شرعاً على معصية لتمنع من وقوع مثلها، وتكفر عن صاحبها، قال ابن القيم - رحمه الله-: (إن الله -تعالى- أوجب الحدود على مرتكبي الجرائم التي تتقاضاها الطباع، وليس عليها وازع طبيعي، والحدود عقوبات لأرباب الجرائم في الدنيا، كما جعلت عقوبتهم في الآخرة بالنار إذا لم يتوبوا ... فمن لقيه تائباً توبة نصوحاً لم يعذبه مما تاب منه، وهكذا في أحكام الدنيا إذا تاب توبة نصوحاً قبل رفعه إلى الإمام سقط عنه الحد في أصح قولي العلماء) ا. هـ، من إعلام الموقعين (3/187) ، وذكر أن في إقامتها رفع للعقاب الدنيوي قبل الأخروي، ورفع للمصائب القدرية الدنيوية، وأنها إذا عطلت استحالت إلى قدرية ربما تكون أشد من الشرعية، وتعم الخاصة والعامة، ا. هـ، من الجواب الكافي (ص205) ، وقال شيخ الإسلام - رحمه الله-: (العقوبات الشرعية كلها أدوية نافعة يصلح الله بها مرض القلوب، وهي من رحمة الله بعباده، ورأفته بهم) ا. هـ، من الفتاوى (15/290، 11/416، 28/329-330) . وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم - رحمه الله-: (فهي من أعظم مصالح العباد في المعاش والمعاد، بل لا تتم سياسة ملك من ملوك الأرض إلا بزواجر وعقوبات لأرباب الجرائم) ا. هـ، من حاشيته (7/300) ، إذاً ففي إقامة الحدود والعقوبات الشرعية ما يلي: 1- وقاية للمجتمع من العقاب القدري الدنيوي. 2- أمان وضمان للمجتمع وأفراده من التعدي على دمائهم أو أعراضهم أو أموالهم. 3- منع لانتشار الشر والفساد، وقمع أهل الشر والمفسدين. 4- زجر وردع عن الوقوع في المعاصي. 5- معالجة ودواء نافع، وليس لقصد التشفي والانتقام، أو العلو على الخلق. 6- تكفير وتطهير لصاحبها. ومع هذا كله فقد احتاط الشارع في إقامتها وثبوتها أشد الاحتياط، فلا تثبت إلا بتحقق شروط معتبرة، وانتفاء موانع - ذكرها العلماء في مصنفاتهم- والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

قتل النفس خشية الردة

قتل النفس خشية الردة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 29/06/1425هـ السؤال أصدر أحد العلماء فتوى خاصة بالمساجين في إحدى الدول العربية، بأنه يجوز لهم الانتحار بالسم أو غيره؛ خشية الفتنة بالردة عن دين الإسلام، وليس بسبب الألم الناتج عن التعذيب، بحجة أن الردة أشد سوءًا، ما رأيكم في هذه الفتوى؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: لا يجوز للمسلم أن يقتل نفسه لا بسم ولا بغيره، ولو خوفاً من الفتنة في الدين والردة عن الإسلام، وقد جعل الله له من هذا عوضاً ومخرجاً يدرأ عنه العذاب والحرج، وهو أن يجيبهم إلى سؤالهم من سب للدين أو سجود لغير الله وغير ذلك، بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، وقد جاءت الرخصة في ذلك صريحة في كتاب الله: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان.." [النحل: 106] ، وقد نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر - رضي الله عنهما- إذ أخذه المشركون فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا، فشكا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال له: "كيف تجد قلبك؟ فقال: مطمئناً بالإيمان، فقال: إن عادوا فعد" أخرجه البيهقي في الكبرى (8/209) . فخشية هذا - الذي أراد قتل نفسه- من أن يرتد عن الإسلام بسبب التعذيب هي خشية متوهمة لا وجود لها ما دام أن قلبه مطمئن بالإيمان، والهروب منه هروبٌ من شيء موهومٍ لا وجود له في الواقع. فإذا كان لا طاقة له باحتمال التعذيب فليجبهم إلى ما يريدون، حتى ولو بكلمة الكفر وسب الدين. أما قتل النفس خشية أن يقول كلمة بالإكراه فلا يجوز البتة؛ لأنه قد تقرر أن من تلفظ بالكفر مكرهاً بالتعذيب أو مهدداً به فإنه لا يكفر بمجرد ذلك ما دام أن قلبه مطمئن بالإيمان. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أصول التعامل مع الكفار

أصول التعامل مع الكفار المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 27/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي أصول التعامل مع غير المسلمين؟ وما هو فقه الجهاد؟ وأرجو توضيح مفهوم الجهاد. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فقد عني الإسلام بالعلاقات بين الناس وفصّل الحقوق والواجبات لكل صنف منهم حسب قربهم وبعدهم من الشخص سواء أكانوا مسلمين أو غيرهم. فشرع منهجاً وسطاً في التعامل مع غير المسلمين يقوم على العدل والتسامح، بعيداً عن الغلو والتفريط، لقد حرّم الله ظلم الكافر، وشدّد على ذلك، وأوجب العدل والإنصاف في التعامل معه، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" [المائدة: 8] . وعلى ذلك فلا يجوز الاعتداء عليه في نفسه، أو ماله، أو عرضه، بل يعيش آمناً، وعليه أن يلتزم بما اتفق المسلمون معه عليه ولا يخل بذلك. وقد ضرب رسولنا - صلى الله عليه وسلم- منهجاً رائعاً في التعامل مع غير المسلمين في المجتمع المدني ووجدوا من سماحة الإسلام ويسره ما لم يجدوه في دياناتهم. أما الجهاد فهو مشروع في كل زمان ومكان حسب قوة المسلمين وضعفهم وتسلّط أعدائهم عليهم، وهو على نوعين: جهاد الطلب، وجهاد الدفع. وجهاد الطلب في هذه الأوقات غير مستطاع لضعف المسلمين وقوة أعدائهم، فيبقى جهاد الدفع، فكل عدو يتسلّط على ديار المسلمين ينبغي على أهله أن يدافعوا عنه بقدر ما يستطيعون، فإن كان لهم دولة تنظم شؤونهم وترعى مصالحهم فيجب عليهم أن يتركوا الأمر لها ترتب مصالح البلاد والعباد حسب إمكاناتها، ولا ينبغي التفرق والخلاف؛ لأن ذلك يضعف شوكة البلاد ويسهِّل تسلط الأعداء عليها. وليعلم السائل أن هذه الأمور محكمة دقيقة لا يسوغ فيها اتباع الهوى أو بناء الأحكام على العواطف، فمثل هذه الأمور هي التي أوقعت كثيراً من البلاد الإسلامية في الحرج والخلاف والتناقض في التعامل مع الغير، فالزم غرز العلماء وأهل الرأي في بلدك واحذر من الاعتماد على عقلك أو عاطفتك أو الأخذ بفتوى غير المؤهلين علمياً، واعلم أن هذا الزمان زمن الفتن والسلامة لا يعدلها شيء. وفقك الله لخيري الدنيا والآخرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الانتخابات الرئاسية

الانتخابات الرئاسية المجيب د. رحيل غرايبة أستاذ الفقه والتشريع بجامعة الزرقاء بالأردن أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 10/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي يدور على مسألة جديدة وهي: الاستفتاء الشعبي كطريقة في اختيار الحاكم، فهل يكون الاستفتاء طريقة شرعية في اختيار الأمة حاكمها، أم أن هناك طرقًا معينة في اختيار الحاكم المسلم، وبالتالي لا يجوز مخالفتها؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أجمع علماء أهل السنة بجميع مذاهبهم، ومعهم الفرق الإسلامية الأخرى باستثناء (الشيعة الإمامية) ، أن طريقة إيجاد الإمام المسلم هي باختيار الأمة، وفي العصور الأولى كان يتم الاختيار عن طريق (أهل الحل والعقد) ، وتقوم الحجة ببيعتهم الخاصة التي يعقبها البيعة العامة من جميع الناس. ولذلك في العصر الحاضر تكون الطريقة الشرعية عبر الانتخابات العامة الصحيحة والنزيهة التي يقوم على إجرائها الأمناء الذين تختارهم الأمة وتثق بهم. والله أعلم.

اشتراك المرأة في النقابات

اشتراك المرأة في النقابات المجيب أ. د. صلاح بن محمود العادلي أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 25/02/1426هـ السؤال أنا خريجة جامعية، لنا نقابة، فهل يجوز الاشتراك في النقابة بدفع مبلغ سنوي للنقابة حتى أستفيد من خدماتها؟ مع العلم أنني لا أعمل. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فمرحبا بك ـ أختنا الفاضلة ـ ونشكرك على مرورك الكريم بموقع (الإسلام اليوم) ، سائلين الله تعالى لك النفع والخير، ثم إن سؤالك يشير إلى حرص على الخير، وخوف من الوقوع في المحظور وهذه هي سيما المؤمنين والمؤمنات، فزادك الله حباً له وخوفاً منه. أما إذا كان المتفق عليه حسب لائحة النقابة التي تنتسبين إليها أن تساوي بين مشتركيها في قبول (الرسوم) سواء منهم من يعمل في مجال تخرجه من كلية تتبعها تلك النقابة، أو لا يعمل، فلا حرج عليك ما دمتِ تؤدين حقوق النقابة المشروطة حسب اللائحة، ومن ثم فلا حرج عليك ـ أيضاً ـ فاستفيدي من خدماتها المقدمة لأعضائها المشتركين وأنت منهم. أما إذا اشترطت النقابة عمل المشترك في مجال تخرجه ممن تتبعه تلك النقابة حتى يستفيد من خدماتها الأعضاء العاملون فقط، ففي هذه الحال لا يستوي أمام هذا الشرط العضو العامل في مجال تخرجه مع من لا يعمل حتى ولو كان يسدد قيمة الاشتراك، حتى لا يقع في شبهة أكل أموال الناس بالباطل وهو ما نهى الله تعالى عنه إذ يقول تعالى:"ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [البقرة:188] . والله أعلم.

المشاركة في الانتخابات البلدية

المشاركة في الانتخابات البلدية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 03/11/1425هـ السؤال ما رأيكم بالمشاركة في الانتخابات البلدية حيث يرى البعض أنها وافد أجنبي ولذا لا تجوز المشاركة فيها؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فيرى بعض الناس أن الانتخابات وافد أجنبي ونظام غربي، أو أنها ستكون شكلية، مما قد يدفع هؤلاء وأولئك إلى عدم تشجيعها، فضلاً عن ممارستها أو الدخول فيها، ويبدو لي أن جميع أولئك مخطئون في ذلك، ووجه ذلك أن الانتخابات هي البوابة الرئيسية لمبدأ الشورى التي أمر الله بها بقوله:"وأمرهم شورى بينهم" والآية عامة للناس كلهم، الحاكم مع الشعب، وأفراد الشعب بعضهم مع بعض، والرئيس مع مرؤسية؛ بل المرأة مع زوجها (فإن أرادا فصالاً عن تراضٍ منهما وتشاور فلا جناح عليهما) فتأدية خدمات الناس ومصالحهم اليومية أخذاً وعطاءً دفعاً أو منعاً من أوجب الواجبات الشرعية، بل إن خدمة الحيوان وتسهيل طريقه والرأفة به مسؤولية جماعية وقربة إلى الله، قال عمر بن الخطاب (والله لو أن شاة عثرت في أرض العراق لرأيت الله مسائلني عنها يوم القيامة. لماذا لم تمهد لها الطريق يا عمر) فكيف بخدمات الناس ونظافة بيئتهم!؟ جاء في مسند الإمام أحمد عندما سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المعروف قال: "لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تعطي صلة الحبل ولو أن تعطي شسع النعل ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تنحي الشيء عن طريق الناس يؤذيهم ... " يا سبحان الله! هذا في الخدمات الفردية الاختيارية، فكيف بالخدمات العامة الواجبة شرعاً كتعبيد الطرق، وإنارتها وإيصال الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وهاتف، ووسائل نقل لفك الاختناق في المدن، وعمل حدائق ومنتزهات وميادين عامة ومراقبة الأسواق في المواد الاستهلاكية وإتلاف الفاسد منها. وهذه بعض من صلاحيات مجالس البلديات سواء باشرته البلدية بنفسها، أو اشتركت ونسقَّت مع الجهات الأخرى ذات العلاقة. وعامة أحكام الإسلام وواجباته يتدارسها الناس ويتشاورون فيها جماعة يؤدونها مجتمعين، ورأي الجماعة خير من رأي الفرد، والشاذ عند المحدثين ما خالف الجماعة، وإن كان ثقة في نفسه. ولئن كانت الانتخابات العامة تأخرت في بلادنا فإن البداءة بانتخابات مجالس البلديات هو عين الصواب؛ لأن التدرج هو سنة الحياة، ونستفيد من تجارب من سبقنا في هذا الميدان. وأعتقد أن هذه التجربة لها أثر إيجابي كبير في نفوس المواطنين عامة فضلاً عن الناخب والمرشح. وأهم ما ينبغي أن يتحلى به المرشح: (1) الإخلاص لله سبحانه؛ لأن الحب للغير عبادة، فكيف بمباشرتها "أحب لأخيك ما تحبه لنفسك". (2) حسن الخلق والتفاعل مع المشاريع والمناشط الحيوية التي تخدم الناس مباشرة. (3) من الولاء للوطن وخدمة المواطنين تقديم المصالح العامة على المصالح الشخصية، والانتماءات القبلية والمذهبية والمناطقية والعرقية. (4) لابد أن يتحلى العضو المنتخب عند النقاش بروح الفريق لا بروح الفردية والاستعلاء، وأتمنى لتفعيل هذه المجالس البلدية المنتخبة -لتعطي دليلاً ملموسًا لعموم الشعب -أن تبادر وتباشر أول أعمالها بإنشاء مجمع أو أكثر في كل مدينة ومحافظة؛ ليكون أشبه بالمركز والنادي الدائم لسكان الحي شيبا وشباباً، تمارس فيه جميع الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية والترفيهية، وينتخب أهل الحي من بينهم مجلسًا مصغرًا يقوم بإدارتهم، وتشارك الدولة في ميزانيته المالية للسنوات الثلاث الأولى على الأقل. إن مشاركة المواطنين -والشباب منهم خاصة- في دخول انتخابات المجالس البلدية سواء كان ناخبًا أو مرشحًا أراه أمراً متعينًا عليهم لإنجاح هذه التجربة في بلادنا، ولا يجوز أن يبقوا سلبيين مع هذه الانتخابات بعد أن تولتها الدولة ودعت إليها، وسيتبع انتخابات المجالس البلدية هذه انتخابات أخرى -بإذن الله- وأمرها موكول إلى مدى نجاح هذه التجربة أو فشلها، فيجب على كل مواطن أن يسرع إلى أخذ بطاقة (ناخب) وينظر في قوائم المرشحين، فليختر منها سبعة أسماء - إن كان في المدينة أو أربعة إن كان في محافظة من المحافظات- وليكن هؤلاء الذين يختارهم أكفأ الموجودين في القائمة وأصلحهم في نظره. إننا لمتفائلون بنجاح هذه التجربة، وما سيتبعها من انتخابات مقبلة لا تقل عنها أهمية. وإذا رأيت من الهلال نموه ***أيقنت أن سيصير بدرًا كاملاً والشكر لكل عامل في هذه الانتخابات كبيرًا كان أو صغيراً أو سعى لتشجيعها والعمل على إنجاحها. والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه.

تعذيب الأطفال

تعذيب الأطفال المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 14/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. نحن نشارك في برنامج إذاعي، ونرغب أن نتكلم في موضوع تعذيب الأطفال حيث يكثر حدوث ذلك في إحدى الدول الأوربية، ونريد أن نسألكم فيما إذا كان في الإسلام ما يحرم تعذيب الأطفال من جميع النواحي: مثل البدنية والجنسية والعاطفية ... نرجو مساندتنا بتوجيهات إلى روابط أو تحديد العناصر الرئيسية من الكتاب والسنة لكيفية بحث هذا الموضوع. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالإسلام دين رب العالمين، أنزله الله الذي خلق الإنسان، فهو أعلم بمصالحه، وهو دين كله رحمة، وكله عدل، وكله صلاح، وأي أمر خرج عن الرحمة والعدل والصلاح إلى ضدها فليس من الإسلام، وقد جاء الإسلام بجملة ترتيبات تتعلّق بالتعذيب، فحرّم كل أنواع التعذيب الموجه للأطفال، وأمر بالتوجيه بالأسلوب الحسن، كما قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: من الآية125] . وقالت عائشة، رضي الله عنها: (مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) . رواه مسلم (2228) . وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: (خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا) . متفق عليه: البخاري (6038) ومسلم (2309) . وكذلك جاء برعاية الطفل عاطفيًّا ونفسيًّا، ففي صحيح البخاري (2366) وصحيح مسلم (2030) عن سهل بن سعد، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: "أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟ ". فَقَالَ الْغُلَامُ: لَا وَاللَّهِ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ. وأما الاعتداء الجنسي فهو محرّم تحريمًا عظيمًا فلا تجوز ممارسة الجنس في الإسلام سواء بالاختيار أو الإكراه إلا مع الزوجة فقط، قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المؤمنون: 5- 7] . وكما تحرم الممارسة الجنسية تحرم كل وسائلها أو ما يرغب فيها ويدعو إليها، وأما الضرب لتأديب الصغار عند الخطأ فقد شرعه الإسلام عند عدم جدوى النصح والتوجيه المتكرر بعدة شروط: الأول: أن يكون بعد إكمال عشر سنوات، وأما من كان أصغر من عشر سنوات فإنه لا يضرب أبدًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ واضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٌ". أخرجه أبو داود (495) . الثاني: ألا يزيد الضرب عن عشر؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلْدَاتٍ إِلَّا في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللهِ". أخرجه البخاري (6848) . فيضربه ثلاث ضربات مثلًا. الثالث: ألا يؤدي الضرب إلى أي ضرر يتجاوز ألم الجِلدْ الخارجي، فلا يضرب ضربًا متكررًا لمكان واحد، ولا يكون قويًّا، ولا في وقت مرض المضروب، وألا يجرح الضرب. الرابع: ألا يضرب في الوجه والرأس، ولا في الأماكن التي يخشى منها الضرر كالفرج مثلًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الوَجْهَ". رواه أبو داود (4493) . وفي رواية: "إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ ". أخرجه مسلم (2612) . الخامس: ألا يقصد بالضرب الانتقام أو التشفي، بل يكون مراده إصلاح الخطأ والتأديب. هذه جملة مختصرة من عناصر هذا الموضوع. والله الموفق.

الفرق بين التورية والتقية

الفرق بين التورية والتقية المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 10/04/1426هـ السؤال ما الفرق بين التورية والتقية؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: المراد بالتقية أن المسلم إذا خشي على نفسه الهلاك أو الضرر فله أن يتقي الكفار والفسقة والظلمة بما يُظهر لهم من المداراة والمصانعة، ويكون باطنه ونيته على خلاف ذلك، ومثل ذلك إذا أكره على الكفر فيتلفظ بلسانه، وقلبه مطمئن بالإيمان، قال الله سبحانه وتعالى: "لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ" [آل عمران:28] ، قال ابن جرير: (إلا أن تتقوا منهم تقاة: إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل) . وروي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه قال: (إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ) أخرجه البخاري معلقا في كتاب الأدب باب المداراة مع الناس، ووصله هناد في الزهد (1250) وأبو نعيم 1/222 والبيهقي في الشعب (8103) . وقال الحسن: (التقية جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة) أخرجه ابن أبي شيبة (33042) ، [ينظر: تفسير ابن كثير (2/27) ] . وقال الله تبارك وتعالي: "مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ"، قال ابن كثير: (اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يوالي إبقاء لمهجته، ويجوز له أن يأبى كما فعل بلال) . [ينظر: تفسير ابن كثير (4/228) ] . وأما التورية فمعناها: أن يذكر لفظاً يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر فيوهم إرادة القريب وهو يريد البعيد، وقد جاء في الحديث: "لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا" أخرجه البخاري (2947) ، ومسلم (2769) من حديث كعب بن مالك. أي أوهم بغيرها، وقال إبراهيم عليه السلام: "يَا سَارَةُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي فَلَا تُكَذِّبِينِي" أخرجه البخاري (3358) ، ومسلم (2371) ، فإذا احتاج المسلم إلى التورية أو المعاريض ففيها مندوحة عن الكذب وعن التقية. والله أعلم.

التأمير في الجماعات الإسلامية

التأمير في الجماعات الإسلامية المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 14/01/1426هـ السؤال هناك مجموعات في هذه الأيام ويكون لكل مجموعة أمير وأسئلتي هي: 1.من يكون أميرا؟. 2.هل لأمير جماعة علاقة بحديث الأمراء؟ 3.كثير من الجماعات يستخدمون حديث الأمراء لتهديد متبعيهم بالعقاب في حال مخالفة أمير الجماعة. فأرجو توضيحاً عاماً منكم، من يجب أن نطيعه: هل نطيع - بعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - أمراء الجماعات أو إمام المسجد في البلدة؟ نرجو بيان الأمر بالتفصيل. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وبعد: لا يجوز للمسلمين أن يتفرقوا في دينهم شيعاً وأحزاباً ينال بعضهم من بعض، وينتقص بعضهم بعضاً، ويستعدي بعضهم أهل السياسات على بعض، ويفسق بعضهم بعضاً، بل يجتمع الجميع على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، وقد أمر الله بالاجتماع، وتوعد أهل التفرق في عدة نصوص من القرآن والسنة، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون"، إلى قوله سبحانه: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ... " الآيات [آل عمران:103-105] . وقال تعالى: "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبههم بما كانوا يفعلون من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون" [الأنعام:160،159] . وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" أخرجه البخاري (121) ، ومسلم (65) ، والآيات والأحاديث في ذم التفرق في الدين كثيرة. كما أن التعصب لغير الإسلام محرم؛ لتعصب لقوم أو فئة أو ناحية أو غير ذلك، وهو يورث العداوة والتحزب المذموم مهما كانت مبررات الفاعل، فبالإسلام يجمع الله شمل المسلمين، والنعرات الوطنية أو الحزبية معول هدم وتفريق لجماعة المسلمين، فلا يتعصب إلا للحق، فإن الحق أحق أن يتبع حيثما كان، ومع من كان، كل من اتبع الكتاب والسنة قولية أو عملية، وما أجمعت عليه الأمة ولم تستهوه الظنون الكاذبة، والأهواء المضلة، والتأويلات الباطلة التي تأباها اللغة العربية التي هي لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وبها نزل القرآن الكريم، أو تردها أصول الشريعة الإسلامية، كل من كان كذلك فهو من الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة. والواجب على المسلم أن يتبع ما جاء في القرآن والسنة قولاً وعملاً واعتقاداً، وأن يحب في الله ويبغض في الله، ويوالي في الله ويعادي في الله، وأن يحرص على أن يكون أقرب الناس إلى الحق بقدر استطاعته. الواجب عليك التزام الحق وما يشهد له الدليل دون التحيّز لجماعة بعينها، وأولى الجماعات بالتعاون معها من حافظ على العقيدة الصحيحة التي كان عليها أئمة السلف الصالح - رضوان الله عليهم- والالتزام بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، ونبذ البدع والخرافات، وليس الحل بتكوين جماعة أخرى تدعي أنها على الصواب، فإنه بذلك يحصل التفرق أكثر، وليس الحل بمعاداة الجماعات الأخرى غير جماعتك، وتفسيق الناس أو تبديعهم أو تكفيرهم بأخطائهم. وأقرب الجماعات الإسلامية إلى الحق أحرصها على تطبيق السنة في الأقوال والأفعال، وبالجملة فكل فرقة من هؤلاء فيها خطأ وصواب، فعليك بالتعاون معها فيما عندها من الصواب، واجتناب ما وقعت فيه من الخطأ، مع التناصح والتعاون على البر والتقوى. كل من هذه الجماعات تدخل في الفرقة الناجية إلا من أتى منهم بمكفر يخرج عن أصل الإيمان، لكن تتفاوت درجاتهم قوة وضعفاً بقدر إصابتهم للحق، وعملهم به، وخطئهم في فهم الأدلة والعمل بها، فأهداهم أسعدهم بالدليل فهماً وعملاً فاعرف وجهات نظرهم، وكن مع أتبعهم للحق، وألزمهم له، ولا تبخس الآخرين أخوتهم في الإسلام فترد عليهم ما أصابوا فيه من الحق، بل اتبع الحق حيثما كان ولو ظهر على لسان من يخالفك في بعض المسائل، فالحق رائد المؤمن وقوة الدليل من الكتاب والسنة هي الفيصل بين الحق والباطل. دعوة الناس إلى الاجتماع على الحق والتناصح والتعاون على البر والتقوى من أهم حل مشكلات التفرق بين المسلمين، وبيان أن تحقيق الوحدة الإسلامية يكون بما تحققت به في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- من العقيدة الصحيحة، والإيمان الصادق، والعمل بكتاب الله -تعالى- وبسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-، والدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه، وحب المسلم لإسلامه وإيمانه. نقرهم على ما وافق الكتاب والسنة، وننكر عليهم ما خالفوا فيه الكتاب والسنة، وندعوهم إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، محبة وتسديداً لا تعييراً ونيلاً، ولا يجوز تنصيب أحد يقوم مقام ولي أمر المسلمين، -الإمارة العامة-في تأمير أحد، وإنما ولي الأمر هو الذي يكلفه، فيختار صاحب التقوى والورع، والعبادة، ويوصيه بتقوى الله -عز وجل- فيما استرعاه فيه، فإن كان إمام المسجد عندكم هو المكلف بمتابعة أموركم فتجب طاعته في غير المعصية، وإن كان شخصاً آخر فكذلك كما ورد: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثاً وهم ذوو عدد، وقدم عليهم أحدثهم سناً لحفظه سورة البقرة، وقال له "اذهب، فأنت أميرهم" أخرجه الترمذي (2876) عن أبي هريرة - رضي الله عنه وصححه. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر؛ فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتَةٌ جاهلية" رواه البخاري (7054) ، ومسلم (1849) . وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه؛ فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية" رواه البخاري (7053) ، ومسلم (1849) . وعن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتله جاهلية" رواه مسلم (1850) . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: " من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني" رواه البخاري (7137) ، ومسلم (1835) . هذا وأسأل الله أن يجمع شمل المسلمين على الحق، وخاصة في هذه الظروف الحرجة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل يعد من خرج على الإمام من الخوارج؟

هل يعد من خرج على الإمام من الخوارج؟ المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /السياسة الشرعية التاريخ 24/06/1426هـ السؤال هل كل من يخرج على الإمام يعتبر من الخوارج، وينطبق عليه كل ما أعد الله للخوارج من العذاب الأليم والخزي في الدنيا والآخرة؛ حيث إنهم كلاب النار؛ وإن كان من أصحاب العقائد السليمة؟ أرجو التوضيح مع ذكر الأدلة في ذلك. وجزاكم الله خيرًا. والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. كلمة: (خوارج) لها معان متعددة، فبعض علماء السلف يعدون كل من فارق الجماعة وخرج عليها، أوخرج على السلطان: خوارج. وبعضهم يحصر (الخوارج) بالفرقة المعروفة، وكل من أخذ بمنهجها وأصولها الكبرى، وأهمها: 1- التكفير بالذنوب (مرتكب الكبيرة) . 2- استحلال الدماء. 3- الخروج على الإمام والجماعة بالسيف. 4- منع الشفاعة الثابتة بالنصوص. 5- القول بخلود أهل الكبائر في النار. 6- القدح في علي -رضي الله عنه- والحَكَمَيْنِ وغيرهم، رضي الله عنهم. فمن قال بهذه الأصول أو أكثرها فهو من فرقة الخوارج. ومن أطلق على كل من خرج على الجماعة والسلطان واستحل الدماء- بأنه من الخوارج فيستدل بمثل قوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: " مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ ". أخرجه مسلم (1848) . والله أعلم.

العادات والتقاليد

الأحكام القبلية العرفية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /العادات والتقاليد التاريخ 21/6/1424هـ السؤال يوجد في بلادنا حكم من الأحكام القبلية يسمونه الهجر، وهو عبارة عن رؤوس من الأغنام أو الأبقار، تقدم ترضية للطرف الذي اعتدي عليه، ثم له الخيار في ذبحها أو عدمه، ويحكم بذلك شيخ القبيلة أو رجل يفوضه الطرفان، فما الحكم فيه أثابكم الله وأجزل لكم المثوبة. الجواب الحمد لله، فقد أنزل الله كتابه على رسوله وأنزل عليه الحكمة ليحكم بين الناس بالقسط كما قال سبحانه وتعالى: "وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ" [المائدة: من الآية49] وقال: "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" [المائدة:50] ، ومن الأحكام الشرعية العقوبات على الذنوب وهي نوعان: عقوبات مقدرة وهي: الحدود، وعقوبات غير مقدرة وهي: التعزيرات، فيجب ألا يحكم في شيء من ذلك إلا من له نظر شرعي يبني أحكامه على نصوص الكتاب والسنة وقواعد الشريعة، وما ذكرته هو من الأحكام القبلية العرفية التي لم تبن على مذهب شرعي وإنما بنيت على العوائد، وهذه الأحكام العرفية لا يجوز الحكم بها ولا التحاكم إليها، ومن حصل منه خطأ على أخيه يوجب مآخذته فإنه يستبيحه، وإن خاصمه فيجب أن يخاصمه لدى من يحكم بينهما بالقسط والعدل، وإن تدخل أحد من الناس للإصلاح وطلب التسامح وتنازل المخطئ عليه فذلك خير لأن الله - تعالى - يقول: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" [الحجرات:10] فلا يجوز أن يكون الصلح بظلم أحد الطرفين بتحميله ما لا يجب عليه شرعاً، لكن من أراد أن يتحمل مالاً يتبرع به لإصلاح ذات البين فهذا مما يحمد عليه ويشكر عليه، كما يفعل بعض الأجواد يتبرع بمال من أجل الإصلاح بين أخوين متنازعين أو قبيلتين بينهما شقاق أو قتال كما قال - سبحانه وتعالى: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين" [الحجرات: 9] والحاصل أن ما ذكر من أن شيخ القبيلة يحكم على من أخطأ بأن يتبرع برؤوس من الأغنام أو البقر هو من الأحكام العرفية القبلية التي تدخل في حكم الطاغوت؛ لأنها لم تبن على نظر شرعي، وإنما بنيت على العادات والأعراف، فيجب الحذر من الاستسلام لهذه الأحكام، ومن ألزم بذلك أو طلب منه ذلك فعليه أن يرفض أو لا يستجيب لما طلب منه، ويطلب رفع القضية - إذا لزم الأمر - إلى جهة شرعية تحكم بالشريعة، والله أعلم.

القواعد الفقهية

الفرق بين القواعد الأصولية والفقهية المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /القواعد الفقهية التاريخ 1/2/1425هـ السؤال ما الفرق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية؟ فقد سمعنا أنها تتداخل. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن القواعد الفقهية والقواعد الأصولية بينهما قدر من التشابه، وهذا القدر من التشابه هو الذي جعل بعض الناس لا يستطيع أن يميز بينهما، ووجه التشابه بينهما: أن كلا منهما عبارة عن قواعد يندرج تحتها عدد من الفروع والجزئيات، إضافةً إلى أن كلا من القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية خادمة للفقه، سواءٌ كانت خادمةً للفقه مباشرة وهي القواعد الفقهية، أو موصلةً إلى معرفة الأحكام الفقهية بطريق استنباط الأحكام وهي القواعد الأصولية. أما الفرق بينهما؛ فقد نبه عدد من العلماء على الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية، ومن أبرز ما قيل في ذلك ما ذكره شهاب الدين القرافي -رحمه الله- (ت:684هـ) في مقدمة كتابه النافع: الفروق، حيث قال: " ... أما بعد، فإن الشريعة المحمدية زاد الله تعالى منارها شرفاً وعلوًّا، اشتملت على أصول وفروع، وأن أصولها قسمان: أحدهما: المسمى أصول الفقه، وهو في غالب أمره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية خاصة، وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح، ونحو الأمر للوجوب والنهي للتحريم، والصيغة الخاصة للعموم ونحو ذلك، وما خرج عن هذا النمط إلا كون القياس حجة وخبر الواحد وصفات المجتهدين. والقسم الثاني: قواعد كلية فقهية، جليلة، كثيرة العدد، عظيمة المدد، مشتملة على أسرار الشرع وحِكَمِهِ، لكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى، ولم يذكر منها شيء في أصول الفقه، وإن اتفقت الإشارة إليه هنالك على سبيل الإجمال فبقي تفصيله لم يتحصل ". (الفروق1/5-6) . وكذلك ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (ت:728هـ) ، حيث قرر أن القواعد الأصولية هي: الأدلة العامة، والقواعد الفقهية هي: الأحكام العامة. (مجموع الفتاوى29/167) . ومن خلال كلام هذين الإمامين وغيرهما يمكننا إيضاح الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية في النقاط الآتية: 1- أن القواعد الأصولية- في غالبها- ناشئة عن الألفاظ العربية وما يعرض لها من نسخ وترجيح وعموم وخصوص وأمر ونهي وما إلى ذلك، مثل: قاعدة: (الجمع أولى من النسخ) ، وقاعدة: (الأمر المطلق يقتضي الوجوب) . أما القواعد الفقهية فإنها تنشأ من الأدلة الشرعية أو من استقراء الأحكام، وذلك بتتبع الأحكام الواقعة على أفعال المكلفين في الفقه، وبذلك تجتمع الفروع مع أشباهها تحت قاعدة واحدة، مثل: قاعدة: (المشقة تجلب التيسير) ، وقاعدة: (التابع تابع) . 2- أن القواعد الأصولية سابقة للجزئيات والفروع الفقهية من حيث الوجود الذهني والواقعي؛ لأن المجتهد ينطلق في استنباطه للأحكام من تلك القواعد الأصولية، أما القواعد الفقهية فهي متأخرة عن الجزئيات والفروع الفقهية؛ لأنها في الغالب عبارة عن مجموعة من القواعد والضوابط التي تجمع الأحكام المتشابهة، وما كان كذلك فإنه يكون متأخراً من حيث الوجود الذهني عن الفروع الفقهية. 3- أن القواعد الأصولية لا يفهم منها أسرار الشرع وحِكَمِهِ؛ لأنها تركز على جانب الاستنباط، وتلاحظ جوانب التعارض والترجيح، وهذه القواعد وما شابهها لا يفهم منها شيء من أسرار الشرع ومقاصده، أما القواعد الفقهية، فإنه يفهم منها ذلك، كما نبه إلى ذلك شهاب الدين القرافي، فمثلاً قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" يفهم منها أن دفع الضرر ورفعه من مقاصد الشريعة، وهكذا. 4- أن القواعد الأصولية تتعلق بالأدلة، ولذلك فإن المجتهد والفقيه هما اللذان يستعملانها في عملية استنباط الأحكام الشرعية من أدلة الكتاب والسنة، أما القواعد الفقهية فإنها تتعلق بأفعال المكلفين، ولذلك فإن استعمالها ليس مقتصراً على الفقهاء والمجتهدين؛ بل يستعملها عموم الناس. 5- أن القواعد الأصولية تدل على الحكم بواسطة؛ فمثلاً: قاعدة (النهي يقتضي التحريم) لا تفيد تحريم الزنا بمفرده، بل لا بد من إضافتها إلى الدليل كقوله تعالى: "ولا تقربوا الزنا" [الإسراء:32] . أما القواعد الفقهية فإنها تدل على الحكم مباشرة، فمثلاً: (قاعدة اليقين لا يزول بالشك) تفيد طرح أي أمرٍ مشكوك فيه من غير إضافتها إلى أمر آخر. 6- أن القواعد الأصولية أكثر اطراداً وعموماً من القواعد الفقهية، حيث ترد على القواعد الفقهية كثير من الاستثناءات. أما القواعد الأصولية فاستثناءاتها قليلة لا تكاد تذكر. ومع هذه الفروق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية إلا أن هناك عدداً من القواعد تكون مشتركة بين الفقه وأصوله، حيث تصدق عليها صفات القواعد الأصولية وصفات القواعد الفقهية، ومن أمثلة هذا النوع من القواعد: قاعدة: (الأصل في الأشياء الإباحة) ، فهذه القاعدة لها تعلق بالفقه، ولها تعلق بأصوله، ولذلك فإن هذه القاعدة قاعدة أصولية فقهية. وقد يكون الاشتراك في بعض القواعد بين الفقه وأصوله نابع من اختلاف النظر إلى القاعدة؛ لأن القاعدة ينظر إليها من جهتين: الجهة الأولى: من حيث موضوعها، فإذا نظرنا إليها باعتبار أن موضوعها دليل شرعي كانت قاعدة أصولية. الجهة الثانية: من حيث تعلقها، فإذا نظرنا إليها باعتبار أنها تتعلق بفعل المكلف، كانت قاعدة فقهية. ويمكن تطبيق هذا الأمر على قاعدة: (سد الذرائع) ، فإذا نظرنا إلى موضوعها فإنها تكون قاعدة أصولية، ولذلك نقول: الدليل المثبت للحرام مثبت لتحريم ما أدى إليه. وإذا نظرنا إليها باعتبارها فعلاً لمكلف فإنها تكون قاعدة فقهية، ولذلك نقول: كل مباح أدى فعله إلى حرام فهو حرام. كما يمكن تطبيق هذا الأمر على قاعدة العرف، فإذا نظرنا إلى العرف باعتبار موضوعه وهو: الإجماع العملي أو المصلحة المرسلة، كانت قاعدة العرف قاعدة أصولية، وإذا نظرنا إليه باعتبار تعلقه بفعل المكلف، وهو: القول الذي غلب في معنى معين، أو الفعل الذي غلب الإتيان به لغرض معين، كانت قاعدة العرف قاعدة فقهية. ومما يدل على الاشتراك والتداخل بين القواعد الفقهية والأصولية: أن كثيراً من العلماء الذين ألفوا في القواعد الفقهية ذكروا في كتبهم عدداً من القواعد الأصولية، الأمر الذي يدل على وجود العلاقة القوية بينهما، ومن أشهر هذه الكتب ما يأتي: 1- الفروق، لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس القرافي (ت: 684هـ) 2- المجموع المذهب في قواعد المذهب، لأبي سعيد خليل بن كيكلدي العلائي (ت:761هـ) 3- الأشباه والنظائر، لتاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي (ت:771هـ) 4- القواعد، لأبي بكر محمد بن عبد المؤمن المعروف بتقي الدين الحصني (ت:829هـ) والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

مسائل متفرقة في أصول الفقه

معنى:"العصمة" لغة وفقهاً المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه التاريخ 2/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: ما معنى العصمة لغة وفقهاً؟ وما هي الشروط المطلوبة بالإنسان حتى يكون معصوما؟ ً وهل هناك أنواع من العصمة؟ الجواب العصمة في اللغة: المنع والحفظ. وفي الاصطلاح: هي الحفظ من الوقوع في المعصية. والعصمة: يراد بها أن الله - عز وجل- يعصم الإنسان من الوقوع في الخطأ. وأما الإنسان فلا يملك أن يعصم نفسه إلا بتوفيق الله، ولا يوجد إنسان بدون خطأ أي معصية، لكن درجات العصمة أعلاها للأنبياء ثم الأتقياء الذين يحافظون على فرائض الله - عز وجل-، ويتبعونها بالنوافل، وفي الحديث القدسي الذي يرويه النبي - صلى الله عليه وسلم- عن ربه: "ما تقرب عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به.." البخاري (6502) ، أي أن الله - عز وجل- يحفظه في سمعه، وبصره، وجميع جوارحه. وهذا تفسير لقول الله تعالى: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الذين آمنوا وكانوا يتقون" [يونس:62-63] ، والله أعلم.

اعتبار المصلحة المرسلة وإلغاؤها

اعتبار المصلحة المرسلة وإلغاؤها المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه التاريخ 04/05/1426هـ السؤال هل تلغى المصلحة المرسلة إذا استعملت، ثم تبين خلافها؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد: فإن المصالح المرسلة يرجع معناها إلى اعتبار المناسب، وهو لا يخلو من ثلاثة أقسام: القسم الأول: أن يشهد الشرع بقبوله، فلا إشكال في صحته، ولا خلاف في إعماله، وإلا كان مناقضة للشريعة، كشريعة القصاص، فإن المعنى المناسب فيه هو حفظ النفوس، وقد جاء النص الخاص باعتبار هذا المعنى، قال تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) . القسم الثاني: ما شهد الشرع برده، فلا سبيل إلى قبوله؛ إذ المناسبة لا تقتضي الحكم لنفسها، وإنما ذلك مذهب أهل التحسين العقلي، فإذا لم يشهد الشرع باعتبار ذلك المعنى المناسب بل رده كان مردوداً باتفاق المسلمين. ومثاله: ما حكى الغزالى عن بعض أكابر العلماء أنه دخل على بعض السلاطين، فسأله عن الوقاع في نهار رمضان، فقال: عليك صيام شهرين متتابعين، فلما خرج راجعه بعض الفقهاء، وقالوا له: القادر على إعتاق الرقبة كيف يعدل به إلى الصوم، والصوم وظيفة المعسرين، وهذا الملك يملك عبيداً غير محصورين، فقال لهم: لو قلت له عليك إعتاق رقبة لاستحقر ذلك، واعتق عبيداً مراراً فلا يزجره إعتاق الرقبة، ويزجره صوم شهرين متتابعين. فهذا المعنى مناسب؛ لأن الكفارة مقصود الشرع منها الزجر، والملك لا يزجره الإعتاق ويزجره الصيام. لكن هذا المعنى مصادم للنص الذي جاء بترتيب الكفارة، كما في حديث الأعرابي الذي واقع أهله في نهار رمضان، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - (اعتق رقبة ... ) ،فبدأ بها أولاً، وهذا الملك قادر على إعتاق الرقبة، والرقاب موجودة، فتلزمه. فهذا المعنى وإن قلنا إنه مناسب إلا أن مناسبته مدركة بالعقل البشري الذي لا يستقل بتحسين الفعل وتقبيحه، بل لا بد من ردِّ الأمور إلى بارئها، فما حسَّنه فهو الحسن، وإن قصرت العقول عن إدراك حسنه، وما قبَّحه فهو القبيح، وإن رأت بعض العقول تحسينه. ويدخل في المعنى المناسب الذي جاء الشرع برده: ما يظنه بعض الناس من مصالح في التعامل بالربا والفوائد البنكية تعود على المتعاملين بالنفع، فمثل هذه المصالح المظنونة مصادمة للأدلة التي تنهى عن التعامل بالربا. القسم الثالث: ما سكتت عنه الشواهد الخاصة، فلم تشهد باعتباره ولا بإلغائه، لكن يوجد لذلك المعنى جنس اعتبره الشارع في الجملة بغير دليل معين، وهذا هو الاستدلال المرسل المسمى بالمصالح المرسلة، ومن أمثلتها: جمع الصحابة القرآن؛ فإن الصحابة قد اتفقوا على جمع المصحف، وليس ثم نص على جمعه وكتبه أيضاً، بل قد قال بعضهم: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ فروي عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: أرسل إلي أبو بكر - رضي الله عنه - بعد مقتل أهل اليمامة، وإذا عنده عمر - رضي الله عنه - قال أبو بكر: إن عمر أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن يوم اليمامة، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن كلها؛ فيذهب قرآن كثير وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قال: فقلت له كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي - هو - والله - خير، فلم يزل عمر يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري له، ورأيت فيه الذي رأى عمر، قال زيد: فقال لي أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتتبع القرآن فاجمعه. قال زيد: فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي من ذلك، فقلت: كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم يزل يراجعنى في ذلك أبو بكر حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدورهما؛ فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والعسب واللخاف ومن صدور الرجال. فهذا عمل لم ينقل فيه خلاف عن أحد من الصحابة، ولم يرد نص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بما صنعوا من ذلك، ولكنهم رأوه مصلحة تناسب تصرفات الشرع قطعاً، فإن ذلك راجع إلى حفظ الشريعة، والأمر بحفظها معلوم، وإلى منع الذريعة للاختلاف في أصلها الذي هو القرآن، وقد علم النهي عن الاختلاف في ذلك بما لا مزيد عليه. وإذا استقام هذا الأصل؛ فاحمل عليه كتب العلم من السنن وغيرها إذا خيف عليها الاندراس زيادة على ما جاء في الأحاديث من الأمر بكتب العلم. وبعد هذا -يا أخي الفاضل- فإن ما يراه الإنسان مصلحة في أمر، ثم يتبين له المصلحة في غيره لا عبرة به، بل المعتبر ما يراه الشارع مصلحة وما لا يراه، والعقل البشري قد يدرك ذلك، وقد يخفى عليه، فاتهم عقلك تجتنب الزلل بإذن الله تعالى، والله أعلم.

التسمية بمسجد الرسول

التسمية بمسجد الرسول المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه التاريخ 24/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز تسمية مسجد جديد بـ (مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -) ؟ الجواب الحمد لله، لا يجوز أن يسمى مسجد في أي بقاع الأرض مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم، فمسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو مسجده الذي في المدينة، الذي خصه الله بفضيلة مضاعفة الصلاة فيه، وشرع السفر للصلاة فيه، فهو مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند المسلمين، فلا يجوز أن يشبه به غيره، كما لا يجوز أن يسمى المسجد الحرام إلا المسجد الحرام الذي في مكة. والله أعلم.

أصول المذاهب المشهورة

أصول المذاهب المشهورة المجيب أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه التاريخ 11/4/1424هـ السؤال سؤالي عن المذاهب، ما هي أصول المذاهب المشهورة؟ أعني السلفية والحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنبلية، والظاهرية، أرجو منكم إعطائي فكرة عنهم ولو كانت بسيطة، وعن أبرز علماء هذه المذاهب وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. أولاً: المذاهب الفقهية المشهورة: الحنفية والمالكية، والشافعية، والحنبلية، هذه المذاهب الأربعة انتشرت في بلاد المسلمين، فمذهب الحنفية؛ نسبة للإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت ت 150هـ، ومن أصحابه محمد بن الحسن وأبو يوسف، وأبرز علمائه الدبوسي السرخسي، والنسفي والكمال بن الهمام. ومذهب المالكية؛ نسبة للإمام مالك بن أنس المتوفى سنة 179هـ، ومن أصحابه عبد الرحمن بن القاسم وعبد الله بن وهب، وأبرز علمائه ابن عبد البر والباجي والقرطبي والمازري وابن العربي والقاضي عياض وابن رشد، ومذهب الشافعية نسبة للإمام محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 204هـ، ومن أصحابه إسماعيل بن يحي المزني، ويوسف بن يحي البويطي، وأبرز علمائه الشيرازي والجويني والغزالي والنووي والسبكي والبيهقي، والسيوطي. ومذهب الحنابلة؛ نسبة إلى الإمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة 240هـ ومن أصحابه ابنه عبد الله وصالح وأبو إسحاق الحربي، وأبو بكر الخلال، وأبرز علمائه الخرقي وأبو يعلي وابن قدامة وابن عبد الهادي والمرداوي. ومن الكتب النافعة، في معرفة تاريخ المذاهب الفقهية مقدمة تاريخ ابن خلدون، والفكر السامي للحجوي وهو عمدة المتأخرين في تاريخ التشريع. ثانياً: مذهب الظاهرية؛ نسبة إلى الأخذ بظاهر نصوص الكتاب والسنة، وصاحبه هو داود الظاهري المتوفى سنة 202هـ، وأبرز علمائه ابن حزم الأندلسي، وذكر ابن خلدون "أن المذهب الظاهري درس بدروس أئمته وإنكار الجمهور على منتحله، ولم يبق إلا في الكتب، وربما يعكف متكلفو انتحاله عليها لأخذ فقههم منها فلا يظفرون بطائل. ثالثاً: السلف (وليس السلفية) ، هم أصحاب الحديث والأثر وأهل السنة والجماعة، وهم ليسوا مذهباً؛ بل السلف طريقة ومنهج، فيمكن أن نقسم الناس كما ورد في الحديث إلى قسمين: (1) السلف وأتباعهم. (2) المخالفون لهم، وأعني بذلك حديث الفرقة الناجية: "وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة"، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي" رواه الترمذي (2641) ، وغيره من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما-، وهذه الفرقة (أعني السلف) أصلها هوالتمسك بالوحي وبما عليه الصحابة - رضي الله عنهم-، ونبذ جميع البدع الحادثة بعدهم، وأبرز علمائها الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعون وتابعوهم وأئمة الإسلام كأبي حنيفة ومالك، والشافعي، وأحمد، أما تسمية هذه الطريقة بالسلفية أو السلفيون فإنها اصطلاح متأخر، لم يعرف عند الأئمة المتقدمين؛ بل الاسم الشائع هو (السلف) أو (أهل الحديث) أو (أهل السنة والجماعة) ، ومن الكتب النافعة في بيان طريقة السلف الإبانة الكبرى والصغرى لابن بطة، وأصول اعتقاد أهل السنة للالكائي، وشرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي، وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، والله أعلم.

الفرق بين الأصولي والمحدث والفقيه

الفرق بين الأصولي والمحدث والفقيه المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصول الفقه /مسائل متفرقة في أصول الفقه التاريخ 16/4/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاكم الله خيراً على هذه الجهود المباركة إن شاء الله تعالى، سؤالي: ما هو الفرق بين الأصولي والمحدث والفقيه؟ وأيهم أعلم بدين الله؟ وبالتالي أحق بالفتوى، مع ذكر آراء كبار العلماء والكتب التي يمكنني العودة إليها للاطلاع أكثر، وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: أولاً: الفرق بين الأصولي والمحدث والفقيه كالتالي: أما الأصولي: فهو منسوب إلى علم أصول الفقه، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم، وعلم أصول الفقه يُراد به: مجموعة القواعد والبحوث التي يتوصل بها إلى استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، أو: القواعد التي يستعملها الفقيه في استنباط الأحكام من أدلتها. وأما الفقيه: فهو منسوب إلى علم الفقه، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم، وعلم الفقه يُراد به: مجموعة الأحكام الشرعية العملية المستفادة من أدلتها التفصيلية. وأما المحدث: فهو منسوب إلى علم الحديث، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم، وعلم الحديث يُراد به: معرفة أقوال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وأحواله من جهة السند والمتن، وما يعرض لكلٍ منهما، وكذلك ما يُلحق بذلك من الآثار الواردة عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-. ثانياً: لا يمكن أن نطلق القول بأن أحد هؤلاء أعلم بدين الله من غيره؛ فيكون أحق بالفتوى من غيره؛ لأن أحدهم قد يكون متقناً لفنّه جاهلاً بغيره من العلوم التي لا بد من توفرها فيمن يفتي الناس فيما يحتاجون إليه من أمور دينهم، وبالتالي فإنه قد يفتي بغير علمٍ؛ لأن علوم الشريعة مترابطة ويكمل بعضها بعضاً، ولا يمكن للإنسان أن يحيط بالشريعة إلا إذا كان مطلعاً على علومها المختلفة، وهذا الأمر لا يتحقق فيمن تخصص في علم واحد. ولأجل هذا الأمر ذكر أهل العلم عدداً من الشروط التي يجب توفرها فيمن يفتي الناس ويبين لهم أحكام دينهم، وهذه الشروط على وجه الاختصار: (1) الإسلام. (2) البلوغ. (3) العقل. (4) العدالة. وهذه الأربعة شروط لقبول فتواه والعمل بها، وهي مجمع على اشتراطها لذلك. (5) الاجتهاد. وقد ذكر العلماء للمجتهد عدة شروطٍ، منها ما هو محل وفاق، ومنها ما هو محل خلاف، وأهم هذه الشروط إجمالاً: (1) العلم بآيات الأحكام من القرآن الكريم. (2) العلم بأحاديث الأحكام من السنة الشريفة. (3) العلم باللغة العربية. (4) العلم بأصول الفقه. (5) العلم بمسائل الإجماع حتى لا يخالفها. ومن خلال هذه الشروط نلاحظ أن أهل العلم لم يجعلوا منصب الإفتاء مقتصراً على من أحاط بفنٍ من فنون الشريعة - كفن الأصول أو الحديث أو التفسير مثلاً -، وإنما اشترطوا في حق المفتي أن يكون عالماً بجميع العلوم التي لها أثر في معرفة أحكام الشريعة واستنباطها. ثالثاً: هذه المسألة تطرق إليها أهل العلم وتحدثوا عنها في مواقف عديدة، ونبهوا على خطر هذا المنصب، وحذروا من التصدر للفتيا لمن لم يكن أهلاً لها. ومن أراد الاطلاع على كلام أهل العلم في ذلك، فعليه بالكتب التي تناولت هذه المسألة وما يتعلق بها، ومن أهم هذه الكتب ما يأتي: (1) صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، لابن حمدان. (2) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح. (3) كتاب الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي. (4) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم. (5) كتب أصول الفقه، فهي تتطرق لهذه المسألة في كتاب الاجتهاد، وذلك فيما يتعلق بشروط المجتهد، ومن هذه الكتب: كتاب الواضح في أصول الفقه، لابن عقيل؛ حيث أشار إلى هذه المسألة عندما تكلم عن صفة المفتي، ونقل عن الإمام أحمد أنه يرى تقديم صاحب الحديث على صاحب الرأي في الفتيا (1/282) . والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ـــــ كتاب الطهارة ـــــ

كتاب الطهارة

الأحكام المتعلقة بالمياه

الوضوء بالماء المشمَّس المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الأحكام المتعلقة بالمياه التاريخ 04/05/1427هـ السؤال هل تجوز الطهارة بالماء المشمس؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، وبعد: فتجوز الطهارة بالماء المشمس (وهو المسخن بالشمس) بلا خلاف عند أهل العلم فيما أعلمه، ولكن ذكر بعضهم الكراهة فقط مع صحة الطهارة، ومستند الكراهة أمران: أحدهما: ما جاء في بعض الآثار من كراهته، ولكن لم يثبت في ذلك أثر صحيح البتة. والأمر الآخر: قال بعضهم: إنه يورث البرص، وهذه العلة يرجع فيها إلى الطب، فإن أثبت الطب ذلك، أو أن له أثراً على الجلد أو غيره، لتأثير أشعة الشمس -مثلاً- في الماء، فالقول بالكراهة قول قوي، بل قد يقال بالمنع إذا ترتب عليه ضرر، ولكن إذا لم يثبت من طريق الطب شيء من ذلك، فالطهارة به جائزة من غير كراهة، ولا أعلم -حتى هذه الساعة عن أهل الطب- إشكالاً فيه.

هل يجزئ الغسل عن الوضوء؟

هل يجزئ الغسل عن الوضوء؟ المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 24/7/1422 السؤال هل الغسل بعد المجهود أو العمل يجزئ عن الوضوء إذا أحضرت النية أم يجب عليّ إسباغ الوضوء؟ الجواب إذا نويت الوضوء، ورتبت بين أعضائه، وكملت غسل ما يغسل، ومنه المضمضة والاستنشاق، ومسح ما يمسح على الصفة الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث الوضوء، ومن أجمعها حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه دعا بوضوء، فتوضأ، فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين، لا يحدّث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه ". قال ابن شهاب: (وكان علماؤنا يقولون: هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة) . أخرجه البخاري (159) ومسلم (226) واللفظ له. إذا حصل ذلك فقد أجزأك وضوؤك، ولم يضرك كونه وقع أثناء غُسلك غير الواجب.

الوضوء

النوم الذي ينقض الوضوء المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 4/7/1422 السؤال : هل نوم (السِّنة) ينقض الوضوء؟ الجواب النائم إن كان مستغرقاً لا يدري ما حوله فإن وضوءه ينتقض. وأمّا إذا كان النوم خفيفاً، والمرء جالس غير متكئ، على أيّ نوع من أنواع الجلوس فلا ينقض الوضوء. لما ورد أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم (يعني من النعاس) ، ثم يصلون ولا يتوضؤون. أخرجه أبو داود (200) بسند صحيح.

إذا انتقض وضوء الإمام

إذا انتقض وضوء الإمام المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 15/5/1422 السؤال إذا انتقض وضوء الإمام ماذا يفعل؟ الجواب إذا بطلت طهارة الإمام في الصلاة بطلت صلاته؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) . وأما صلاة المأمومين فصحيحة؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) رواه البخاري. ولأن عمر -رضي الله عنه- لما طُعن استخلف عبد الرحمن بن عوف. والأفضل للإمام أن يستخلف كما فعل عمر، فإن لم يفعل استخلف المأموم، أو صلوا فرادى.

المضمضة والاستنشاق في الغسل

المضمضة والاستنشاق في الغسل المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 21/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم المضمضة والاستنشاق في الغسل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارة من الحدث الأكبر والحدث الأصغر، فإن غسل الوجه واجب في الطهارتين، وهما من الوجه، وهذا مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وبه قال جمع من العلماء- رحمهم الله- وروي عن الإمام أحمد أن الاستنشاق واجب دون المضمضة، وقيل: المضمضة والاستنشاق واجبان في الغسل دون الوضوء. وقيل: لا يجبان في الطهارتين، بل هما مسنونان. وهذا مذهب الإمامين مالك والشافعي- رحمها الله. والله أعلم.

الوضوء من لمس أعضاء الحيوانات

الوضوء من لمس أعضاء الحيوانات المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 20/3/1424هـ السؤال طبيب بيطري يتعامل مع الحيوانات (الكلاب، والقطط، والسباع) ، أحياناً يكشف على أعضائها التناسلية، فما الذي يلزمه فعله وقت الصلاة؟ هل يجب عليه الوضوء لكل صلاة، وإذا أدخل يده في فم الكلب وأصابه من لعابه هل يلزمه الغسل؟ أفتونا مأجورين بإذنه تعالى. الجواب لا يجب عليه الوضوء، لأنها ليست من البشر، والإجابة على الشق الثاني من السؤال: إذا أدخل يده في فم كلب، وأصابه من لعابه فعليه أن يغسل يديه غسلاً كاملاً سبعاً، ويستعمل التراب مع ذلك لإزالة آثار لعاب الكلب، ولا يجب عليه الغُسل.

وضوء المصاب بالشلل الرباعي

وضوء المصاب بالشلل الرباعي المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 2/1/1424هـ السؤال شخص مصاب بشلل رباعي لا يستطيع الحركة والحمد لله على كل حال، علماً بأنه لا يتحكم في البول والغائط، فكيف يتوضأ للصلاة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب حكم هذا الرجل حكم من به سلس بول، فالواجب عليه عند دخول الوقت أن يغسل فرجه وما لوثه من بدن وملابس ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يصلي ما شاء من فروض ونوافل فإذا دخل وقت الأخرى يفعل مثل فعله الأول، إلا إذا لم يخرج منه شيء فهو على طهارته الأولى.

لمس الفرج هل ينقض الوضوء؟

لمس الفرج هل ينقض الوضوء؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 5/11/1422 السؤال هل لمس الفرج أو الذكر يُنقِضُ الوضوء؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..وبعد: فالأقرب من قولي العلماء: أن لمس الفرج أو الذكر لا ينقض الوضوء لحديث طلق بن علي -رضي الله عنه-:" سأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيتوضأ أحدنا إذا مسّ ذكره، فقال -صلى الله عليه وسلم-: إنما هو بضعة منك ... " رواه الإمام أحمد (16286) واللفظ له وأبو داود (182) والترمذي (85) والنسائي (165) وابن ماجه (483) وغيرهم؛ ولوروده عن حذيفة وابن مسعود -رضي الله عنهما-. ولكن يستحب لمن مسّ ذكره أن يتوضأ، لحديث بسرة بنت صفوان -رضي الله عنها-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ " رواه أحمد (27295) واللفظ له وأبو داود (181) والترمذي (82) والنسائي (163) وابن ماجه (479) .

مس عورة الطفل هل ينقض الوضوء؟

مسّ عورة الطفل هل ينقض الوضوء؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 20/9/1422 السؤال هل مس عورة الطفل ينقض الوضوء؟ الجواب من العلماء من قال بأنه يجب الوضوء من مس عورته، ومنهم من قال: لا وضوء من ذلك. وقد قال به الزهري، والأوزاعي، وهو رواية عن أحمد. وقد روي أنه - صلى الله عليه وسلم- قَبَّلَ زُبَيْبَة الحسن، وفي رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - مس زبيبة الحسن ولم يتوضأ. ذكر ذلك ابن قدامة في المغني (1/180) وإنني أختار هذا القول أعني عدم نقض الوضوء من مس عورة الطفل.

هل الدم ينقض الوضوء؟

هل الدم ينقض الوضوء؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 11/7/1423هـ السؤال خروج الدم من جسم الإنسان بكثرة أو بقلة، هل ينقض الوضوء؟ أي: هل يعد من نواقض الوضوء؟ وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ الدم الخارج من الإنسان هل هو نجس؟ وهل هو ناقض للوضوء؟ جـ/ الدم الخارج من الإنسان إن كان من السبيلين القُبُل أو الدبر، فهو نجس وناقض للوضوء قل أم كثر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر النساء بغسل دم الحيض مطلقاً، انظر البخاري (228) ومسلم (291) وهذا دليل على نجاسته، وأنه لا يُعفى عن يسيره وهو كذلك، فهو نجس لا يُعفى عن يسيره وناقض للوضوء قليله وكثيره. وأما الدم الخارج من بقية البدن من الأنف أو من السن أو من جرح أو ما أشبه ذلك، فإنه لا ينقض الوضوء قل أو كثر، هذا هو القول الراجح أنه لا ينقض الوضوء شيء خارج من غير السبيلين من البدن، سواء من الأنف أو من السن أو من غيره، وسواء كان قليلاً أو كثيراً؛ لأنه لا دليل على انتقاض الوضوء به، والأصل بقاء الطهارة حتى يقوم دليل على انتقاضها، وأما نجاسته، فالمشهور عند أهل العلم أنه نجس وأنه يجب غسله إلا أنه يُعفى عن يسيره؛ لمشقة التحرز منه، والله أعلم. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- (11/200) ] .

هل مس النجاسة ينقض الوضوء؟

هل مس النجاسة ينقض الوضوء؟ المجيب د. عبد الله بن حمد السكاكر عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 24/6/1423 السؤال هل مس النجاسات كالمني من الإنسان، أو براز الحيوانات الطائفة كالقطط إذا سقط على سجادة المنزل وجفَّ وكان برجل المتوضئ بقايا ماء الوضوء فداس على النجاسة فهل ذلك يبطل الوضوء؟ أرجو إفادتنا بدليل إذا تكرمتم. الجواب أولاً: مني الإنسان طاهر وليس بنجس. ثانياً: مس النجاسة يوجب غسلها عند إرادة الصلاة ونحوها، ولكنه لا ينقض الوضوء؛ لأن الوضوء لا ينتقض إلا بدليل ولا دليل على أن لمس النجاسة ينقض الوضوء.

نقض الوضوء بأكل لحم الإبل؟

نقض الوضوء بأكل لحم الإبل؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 26/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فماذا يفعل الإنسان إذا تذكر أنه أكل لحم إبل بعد خروجه من الصلاة وخروجه أيضاً من المسجد؟ هل يعيد صلاته أم ماذا؟ الجواب الأحوط أن يعيد الصلاة، قال في (المغني) :"أكل لحم الإبل ينقض الوضوء على كل حال، وبهذا قال جابر بن سمرة، ومحمد بن إسحاق، وأبو خيثمة، ويحيى بن يحيى، وابن المنذر، وهو أحد قولي الشافعي". قال الخطابي:"ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث، والدليل ما روى البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لحوم الإبل، فقال:"توضؤوا منها"، وسئل عن لحوم الغنم، فقال:"لا تتوضأ منها" رواه أبو داود (184) ، وروى جابر بن سمرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله، أخرجه مسلم (360) .

كيفية المضمضة والاستنشاق في الوضوء

كيفية المضمضة والاستنشاق في الوضوء المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 17/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قرأت في أحد المواقع أنه في الوضوء يجب المضمضة والاستنشاق بثلاث غرف فقط وأنه لا يجوز الفصل بين المضمضة والاستنشاق، بناء على ذلك هل كان وضوئي صحيحاً أم لا؟ إن كان لا، فهل علي إعادة كل صلوات هذه السنين؟ أرجو توضيح صفة الوضوء بشكل مفصل مع التركيز على كيفية المضمضة والاستنشاق، وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب المضمضة والاستنشاق واجبان ضمن غسل الوجه، والواجب مرة مرة، والاثنتان أفضل منها، والثلاث أفضل من الاثنتين، ولك أن تتمضمض ثلاثاً، وتستنشق ثلاثاً بغرفة واحدة، ولك أن تتمضمض وتستنشق مرة مرة بغرفة واحدة، ولك أن تتمضمض بغرفة وتستنشق بغرفة وخلاصة ذلك: أن المجزئ أن تتمضمض وتستنشق مرة واحدة، والكامل ثلاثاً ثلاثاً، ولك أن تجمعها بغرفة واحدة، وبثلاث غرفات، أو ست غرفات.

زيادة ثلاث غسلات للوضوء

زيادة ثلاث غسلات للوضوء المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 23/11/1423هـ السؤال هل الزيادة على الثلاث مرات في الوضوء في حالة الشك، وليس على صفة مستمرة يبطل الوضوء؟ ومن ثم تكون الصلاة باطلة. الجواب الزيادة على الثلاث مرات في الوضوء إساءة ومجاوزة للحد المشروع، كما في حديث عمرو بن شعيب: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثاً.. الحديث، ثم قال: هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم". رواه أبو داود (135) والبيهقي (1/79) وغيرهما. لكن هذه الزيادة لا تبطل الوضوء ولا الصلاة، أما من شك هل غسل اثنتين أو ثلاثاً، فبنى على الأقل وزاد غسلة على أنها الثالثة فقد فعل المشروع في حقه وحصل السنة.

هل مس الزوجة ينقض وضوؤها؟

هل مس الزوجة ينقض وضوؤها؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 4/2/1423 السؤال هل ينتقض وضوء المرأة إذا مس زوجها فرجها بيده؟ الجواب لا تنتقض طهارة المرأة بمجرد مس زوجها لفرجها، وإنما الذي يتوضأ هو الزوج؛ لأنه الذي وقع منه المسّ، والحديث الذي جاء بالأمر بالوضوء من مس الفرج يتناول الشخص الذي وقع منه المسّ دون الممسوس، وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:" من مس ذكره فليتوضأ" رواه أبو داود (181) والترمذي (82) والنسائي (447) وابن ماجة (479) وأحمد في المسند (27293) وغيرهم، وصححه الترمذي وابن حبان، وفي لفظ "من مس فرجه فليتوضأ" وهذا الحكم يتناول فرج غيره أيضاً من باب أوْلى كما نبه عليه الفقهاء.

هل القبلة تنقض الوضوء

هل القبلة تنقض الوضوء المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 2/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إذا كنت متوضئة وقبلني زوجي هل يبطل وضوئي ووضوؤه؟ وجزاكم الله ألف خير. الجواب القبلة لا تنقض الوضوء إلا إذا وقع بسببها ما يبطل به الوضوء كالمذي مثلاً، فيستأنف طهارة جديدة لحديث عائشة - رضي الله عنها- "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قبّل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ"، انظر: الترمذي (86) ، وابن ماجة (502) وصححه الألباني، والله أعلم.

إفرازات المرأة، هل تنقض الوضوء؟

إفرازات المرأة، هل تنقض الوضوء؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 1/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إنني أضطرّ للوضوء عند كل صلاة؛ لنزول سائل أبيض، فهل هذا السائل ينقض وضوئي؟ أم هو أمر عادي وشائع بين النساء؟ وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: هذا السائل الأبيض إن كان يخرج من مخرج البول فهو سائل نجس؛ لأن له حكم البول، وعلى هذا فإنه ينقض الوضوء، ويوجب غسل ما تنجس به. وإن كان يخرج من المهبل - مخرج الولد- وهو الظاهر المعلوم من النساء - فهو سائل طاهر كالمني، على الراجح من قولي أهل العلم، وعلى هذا فإنه لا ينجس المحل ولا الثياب. وهل ينقض الوضوء؟ فيه خلاف بين أهل العلم، والذي اختاره الإمام ابن حزم، ورجَّحه سماحة الشيخ ابن عثيمين في آخر حياته - رحم الله الجميع -: أنه لاينقض الوضوء؛ وذلك لأن هذا الشيء مما تبتلى به النساء قديماً، ومع هذا لم يرد دليل من الشارع يدل على أنه من نواقض الوضوء. والله - تعالى - أعلم.

المجزئ في مسح الإذن في الوضوء

المجزئ في مسح الإذن في الوضوء المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 22/11/1424هـ السؤال ما حكم صلاة من مسح رأسه ثم مسح الأذنين مسحاً، ولم يدخل السبابة إلى داخل الأذن، وإنما اكتفى بمسحه مسحاً ظاهرياً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يجب مسح ظاهر الأذنين، وكذلك أيضاً يجب مسح الصماخين؛ لثبوت ذلك في سنة النبي - عليه الصلاة والسلام -، انظر: مثلاً ما رواه الترمذي (36) والنسائي (102) وابن ماجة (439) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، فمن توضأ ولم يمسح داخل صماخي أذنيه فإنه لم يصح وضوؤه. والأذنان ثبت مسحهما في السنة والقرآن، ففي القرآن يقول - عز وجل -: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ" [المائدة:6] ، والأذنان من الرأس، والسنة ثابتة في ذلك، والذين وصفوا وضوء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يقرب من اثنين وعشرين صحابياً - رضي الله عنهم - لم يذكر أحد منهم أنه أخل بمسح الأذنين.

الوضوء عند الشافعية

الوضوء عند الشافعية المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 5/5/1424هـ السؤال كيفية الوضوء حسب المذهب الشافعي؟ ملاحظة: مع تفسير مفصل لآراء الشافعية، والحنابلة، والمالكية، وغيرهم؟ الجواب ليت السائل الكريم استفسر عن صفة وضوء نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن هذا هو ما تعبدنا الله تعالى به، ولكن لعل السؤال جاء من باب التفقه والعلم بالشيء، والجواب عليه على النحو الآتي: لابد أولاً من تحرير محل النزاع، وذلك أن الفقهاء اتفقوا على أن فروض الوضوء أربعة، وهي - كما نص عليها القرآن الكريم -: (1) غسل الوجه مرة واحدة. (2) غسل اليدين إلى المرفقين مرة واحدة. (3) مسح الرأس مرة واحدة. (4) غسل الرجلين إلى الكعبين مرة واحدة. فهذه الفروض محل اتفاق بين المذاهب الأربعة، ثم اختلفوا فيما عدا ذلك: فذهب الحنفية: إلى عدم فرضية غير هذه الأربعة، وذهبوا إلى سنية بعض الأعمال، وهي: (1) النية (نية رفع الحدث، أو نية الطهارة) فهي عندهم سنة لا فرض. (2) المضمضة والاستنشاق، وتقديم المضمضة على الاستنشاق. (3) الترتيب بين أفعال الوضوء. (4) الموالاة بينها. (5) الاستيعاب في مسح الرأس؛ فعندهم أن الفرض هو مسح ربع الرأس وقيل في مذهبهم: إن الفرض مسح ما قدره ثلاثة أصابع ويكون الباقي سنة. (6) مسح الأذنين: انظر بدائع الصانع (1/3 - 23) . وذهب المالكية: إلى زيادة بعض الفروض، وهي: (1) النية. (2) الدلك، وذلك بإمرار اليد على أعضاء الوضوء بعد صب الماء. (3) الموالاة بين أفعال الوضوء. وعلى هذا، فتكون فروض الوضوء عندهم سبعة. وذهبوا إلى سنية بعض الأفعال، ومنها: (1) المضمضة والاستنشاق. (2) مسح الأذنين. (3) الترتيب بين أفعال الوضوء انظر شرح مختصر خليل للخرشي (1/120 - 135) . وذهب الشافعية: إلى زيادة بعض الفروض، وهي: (1) النية (2) الترتيب بين أفعال الوضوء.

وعلى هذا، ففروض الوضوء عندهم ستة، وذهبوا إلى سنية بعض الأفعال، ومنها: (1) المضمضة والاستنشاق. (2) الاستيعاب في مسح الرأس، فعندهم أن الفرض هو مسح ما يطلق عليه اسم المسح، ولو بعض شعره، ويكون الباقي سنة. (3) مسح الأذنين. (4) الموالاة بين أفعال الوضوء، انظر روضة الطالبين (1/47 - 64) . وذهب الحنابلة: إلى زيادة بعض الفروض، وهي: (1) النية (وهي عندهم شرط) . (2) المضمضة والاستنشاق (مع الوجه) . (3) الترتيب بين أفعال الوضوء. (4) الموالاة بينها. (5) مسح الأذنين (مع الرأس) . وعلى هذا ففروض الوضوء عندهم ستة واعتبروا النية شرطاً من شروط الطهارة، وهي كالفرض في وجوب الإتيان بها، واعتبروا مسح الأذنين من الرأس، فلم يزد بهما عدد الفروض، والمضمضة والاستنشاق عن غسل الوجه. انظر كشاف القناع (1/187 - 253) . وأصح هذه المذاهب، مذهب الحنابلة؛ حيث جاءت السنة الصحيحة بما يدل على اشتراط النية للوضوء، ووجوب المضمضة والاستنشاق عند غسل الوجه، ووجوب مسح الأذنين مع الرأس، ووجوب الترتيب، والموالاة بين أفعال الوضوء، كما دل على ذلك حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - (الثابت في الصحيحين) وحديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه - (الثابت في الصحيح أيضاً) وحديث عبد الله بن عمرو (الثابت في مسند أحمد وسنن أبي داود وابن ماجة والنسائي) وغيرها، والله تعالى أعلم.

مس عورة الصغير هل ينقض الوضوء

مس عورة الصغير هل ينقض الوضوء المجيب سليمان بن عبد الله الماجد القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 23/9/1424هـ السؤال هل ينقض مس ذكر وفرج الطفل الصغير وضوء أمه الجواب الحمد لله وحده أما بعد: فإن أصح قولي العلماء في مس فرج الكبير ذكراً أو أنثى أنه لا ينقض الوضوء؛ كما هو قول جمع من الصحابة كعلي وعمار وحذيفة وابن مسعود- رضي الله عنهم- وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد. وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث بسرة بنت صفوان - رضي الله عنها-: "من مس ذكره فليتوضأ" رواه الترمذي (82) ، والنسائي (163) ، وأبو داود (181) ، وابن ماجة (479) وهو حديث صحيح لكنه محمول على الاستحباب، والدليل على صرفه من الوجوب إلى الاستحباب هو قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث طلق بن علي- رضي الله عنه- الصحيح أيضاً أنه قال عن مس الذكر هل ينقض الوضوء فقال:"وهل هو إلا بضعة منك"رواه الترمذي (85) ، وأبو داود (182) ، والنسائي (165) ، وابن ماجة (483) والقاعدة الأصولية تقتضي أن يُصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب. فعليه ومن باب الأولى ألاّ ينتقض الوضوء بمس فرج الصغير. ولكن إن كان الصغير قد طعم، أو كان أنثى طعم أو لم يطعم فيجب أن تُغسل اليد من أثر نجاسته، حتى يزول العين والأثر. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

الاقتصار على صفة الوضوء في القرآن

الاقتصار على صفة الوضوء في القرآن المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 8/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يكفي الإنسان أن يتوضأ بالكيفية التي ذكرها القرآن فقط "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ... " الآية، دونما الرجوع للكيفية التفصيلية التي وردت في الأحاديث الشريفة؟ فهل يجزئ الإنسان الوضوء بهذه الصورة؟ وجزيتم خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: السنة تبين القرآن وتوضحه، وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع، وهي وحي من الله تعالى، كما قال الله - سبحانه وتعالى: "إن هو إلا وحيٌ يوحى" [النجم: 4] فإذا كان كذلك فلابد من العمل بما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد يحتاج إلى السنة في توضيح وتبيين ما أجمل في القرآن، وقد يكون هناك واجبات أو شرائط أو أركان في السنة لم ترد في القرآن، وإذا كان كذلك فإنه يجب على المؤمن أن يتوضأ بما دل القرآن أو السنة على وجوبه، فإذا نظرنا إلى ما ورد في القرآن تضمن غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق، ويدخلان في غسل الوجه، وكذلك غسل اليدين مع المرفقين، وكذلك أيضاً مسح الرأس وغسل الرجلين مع الكعبين وكذلك أيضاً فيه الترتيب، ولكن تبقى الموالاة قد دلت عليها السنة.

نواقض الوضوء

نواقض الوضوء المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 30/1/1424هـ السؤال سؤالي عن نواقض الوضوء كاملة دون استثناء، وجزاكم الله خيراً. الجواب سئل فضيلة الشيخ: محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال مرفوقاً بالإجابة: سـ/ ما نواقض الوضوء؟ جـ/ نواقض الوضوء مما حصل فيه خلاف بين أهل العلم، لكن نذكر ما يكون ناقضاً بمقتضى الدليل: الأول: الخارج من السبيلين، أي الخارج من القُبُل أو الدبر، فكل ما خرج من القبل أو الدبر فإنه ناقض للوضوء، سواء كان بولاً أم غائطاً، أم مذياً، أم منياً، أم ريحاً، فكل شيء يخرج من القبل أو الدبر فإنه ناقض للوضوء ولا تسأل عنه، لكن إذا كان منياً وخرج بشهوة، فمن المعلوم أنه يوجب الغسل، وإذا كان مذياً فإنه يوجب غسل الذكر والأنثيين مع الوضوء أيضاً. الثاني: النوم إذا كان كثيراً بحيث لا يشعر النائم لو أحدث، فأما إذا كان النوم يسيراً يشعر النائم بنفسه لو أحدث فإنه لا ينقض الوضوء، ولا فرق في ذلك أن يكون نائماً مضطجعاً أو قاعداً معتمداً أو قاعداً غير معتمد، فالمهم حالة حضور القلب، فإذا كان بحيث لو أحدث لأحس بنفسه فإن وضوءه لا ينتقض، وإن كان في حال لو أحدث لم يحس بنفسه، فإنه يجب عليه الوضوء، وذلك لأن النوم نفسه ليس بناقض وإنما هو مظنة الحدث، فإذا كان الحدث منتفياً لكون الإنسان يشعر به لو حصل منه، فإنه لا ينتقض الوضوء، والدليل على أن النوم نفسه ليس بناقض، أن يسيره لا ينقض الوضوء، ولو كان ناقضاً لنقض يسيره وكثيره كما ينقض البول يسيره وكثيره.

الثالث: أكل لحم الجزور، فإذا أكل الإنسان من لحم الجزور، الناقة أو الجمل، فإنه ينتقض وضوؤه سواء كان نيئاً أو مطبوخاً، لأنه ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث جابر بن سمرة، أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال:"إن شئت". فقال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال:"نعم" مسلم (360) ، فكونه -صلى الله عليه وسلم- يجعل الوضوء من لحم الغنم راجعاً إلى مشيئة الإنسان، دليل على أن الوضوء من لحم الإبل ليس براجع إلى مشيئة الإنسان، وأنه لا بد منه، وعلى هذا فيجب الوضوء من لحم الإبل إذا أكله الإنسان نيئاً أو مطبوخاً، ولا فرق بين اللحم الأحمر واللحم غير الأحمر، فينقض الوضوء أكل الكرش والأمعاء والكبد والقلب والشحم وغير ذلك، وجميع أجزاء البعير ناقض للوضوء، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يُفصل وهو يعلم أن الناس يأكلون من هذا ومن هذا، ولو كان الحكم يختلف لكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبينه للناس حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم، ثم إننا لا نعلم في الشريعة الإسلامية حيواناً يختلف حكمه بالنسبة لأجزائه، فالحيوان إما حلال أو حرام، وإما موجب للوضوء أو غير موجب، وأما أن يكون بعضه له حكم وبعضه له حكم فهذا لا يُعرف في الشريعة الإسلامية، وإن كان معروفاً في شريعة اليهود كما قال الله تعالى:"وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ" [الأنعام: 146] ، ولهذا أجمع العلماء على أن شحم الخنزير محرم، مع أن الله تعالى لم يذكر في القرآن إلا اللحم، فقال تعالى:"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به" [المائدة: 3] ولا أعلم خلافاً بين أهل العلم في أن شحم الخنزير محرم، وعلى هذا فنقول: اللحم المذكور في الحديث بالنسبة للإبل يدخل فيه الشحم والأمعاء والكرش وغيرها. [مجموع فتاوى ابن عثيمين -رحمه الله- (11/195-197) ] .

الوضوء بماء البحر

الوضوء بماء البحر المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 15/9/1423هـ السؤال هل يجوز الوضوء بماء البحر؟ الجواب يجوز الوضوء بماء البحر، وذلك لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين سأله رجل: إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"هو الطهور ماؤه الحل ميتته" رواه الترمذي (69) والحاكم (1/356) وغيرهما.

هل الزيت يحجز الماء عن البشرة؟

هل الزيت يحجز الماء عن البشرة؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 22/9/1423هـ السؤال هل وضع الزيت -مثل زيت الزيتون- على شعر الرأس يمنع وصول الماء عند الوضوء؟ الجواب لا يمنع، وإنما الذي يمنع هو الشيء الذي يجمد ويتراكم على البشرة.

المجزئ من مسح الشعر الطويل

المجزئ من مسح الشعر الطويل المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 27/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم مسح الرأس عند الوضوء إذا كان الشعر مجدلاً، أو مظفراً؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجب مسح جميع الرأس، ومنه الأذنان، في الوضوء، لأنه فرض من فروض الوضوء؛ لقوله - تعالى:" وامسحوا برؤوسكم " [المائدة:6] ؛ ولأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مسح برأسه في الوضوء، فأقبل بيديه وأدبر، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري (186) ، ومسلم (235) ، من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم- رضي الله عنه - في صفة الوضوء، وفي لفظ: بدأ بمقدَّم رأسه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه. أخرجه البخاري برقم (185) ، ومسلم برقم (235) ، وفي حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنه صلى الله عليه وسلم مسح برأسه، وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنية. أخرجه أبو داود (135) ، وقد صححه ابن خزيمة (174) ، والباء في هذه النصوص تفيد الاستيعاب، ومن قال إنها للتبعيض فقد أخطأ؛ لأن الباء في لغة العرب لاتأتي للتبعيض أبداً، هذا أولاً. ثأنياً: أنه لا يجب مسح ما استرسل من الرأس؛ لأن الرأس مأخوذ من الترأس وهو العلو، وما نزل عن حد الشعر، فليس بمترأسٍ، وعليه فما استرسل من الشعر سواء كان مضفراً أم لا يجب مسحه. ثالثاً: أنه لا يستحب أن يأخذ ماءً جديداً للأذنين ليمسحهما به، بعد مسحه للرأس، لعدم ثبوت ذلك عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولأن جميع من وصف وضوءه -صلى الله عليه وسلم - لم يذكروا أنه أخذ ماءً جديداً للأذنين، والله أعلم.

مسح القدمين في الوضوء

مسح القدمين في الوضوء المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 14/2/1425هـ السؤال بماذا نرد على من يقول بوجوب المسح فقط على الرأس والقدمين دون غسلهما عند الوضوء مستندين في ذلك على آية الوضوء التي تذكر المسح على الرجلين والرأس؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب مسح الرأس في الوضوء هو المشروع لقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" [المائدة:6] فجاء التصريح في الآية بوجوب مسح الرأس في الوضوء، ولم يذكر مع المغسولات كالوجه واليدين. وأما القدمان فعامة أهل السنة من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين ومن جاء بعدهم على وجوب غسلهما، ولا يجزئ مسحهما استدلالاً بالآية السابقة على القراءة المشهورة وهي قراءة نافع وابن عامر والكسائي ويعقوب وحفص بفتح اللام في قوله تعالى: "وأرجلَكم" فتكون معطوفة على الوجوه والأيدي في قوله تعالى: "فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ" [المائدة: من الآية6] وأدخل الممسوح - وهو الرأس- بين المغسولات لإرادة الترتيب، واستدلوا أيضاً بما جاء في السنة من أحاديث كثيرة فيها الأمر بغسل القدمين في الوضوء. وذهب الشيعة إلى القول بوجوب مسح القدمين في الوضوء دون غسلهما واحتجوا بالآية السابقة في قراءة من قرأ قوله تعالى: " ... وأرجلِكم" بكسر اللام وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة، فتكون عندهم معطوفة على مسح الرأس.

وهذا القول شاذ لا يعتد به، لمخالفته السنة وما عليه السلف، وقد أجاب الفقهاء عن قراءة الجر بأن ذلك محمول على مجاورة اللفظ لا على موافقة الحكم، كما قال الله تعالى: "عذاب يوم أليم" [هود:26] فالأليم صفة العذاب، ولكنه أخذ إعراب اليوم، للمجاورة، وهذا سائغ في لغة العرب كما في قولهم: (جحر ضب خرب) فالخرب نعت للجحر وأخذ إعراب الضب للمجاورة. أو أن تكون الآية على هذه القراءة محمولة على مسح القدمين إذا كان عليهما الخفان، فتكون دليلاً على مشروعية المسح على الخفين، وقد بينت السنة حكم غسل القدمين في الوضوء بياناً صريحاً، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغسل قدميه في الوضوء ويأمر به ولم يذكر عنه أنه مسح قط، وجاء في الصحيحين: البخاري (60) ومسلم (241) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال: تخلف عنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة - صلاة العصر- ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثاً"، وروى مسلم (243) عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "ارجع فأحسن وضوءك" فرجع ثم صلى، ولو كان يجوز الاكتفاء بمسح القدمين لما توعد على تركه.

أحاديث مسح الرأس

أحاديث مسح الرأس المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 19/1/1425هـ السؤال ما هي الأحاديث الصحيحة الواردة في كيفية مسح الرأس عند الوضوء؟ وما هي أقوال الأئمة الأربعة؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإنَّ أصح حديث وأوضحه في كيفية مسح الرأس عند الوضوء، هو حديث عبد الله بن زيد بن عاصم - رضي الله عنه- الوارد، في صفة الوضوء، وفيه: "ومسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم- برأسه، فأقبل بيديه وأدبر" وفي لفظ: "بدأ بمقدم رأسه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه" متفق عليهما كما في صحيح البخاري (185-186) ، وصحيح مسلم (235) . وأما أقوال الأئمة الأربعة في هذه المسألة، فهي على النحو الآتي: أولاً: أجمع العلماء على أن مسح الرأس في الجملة فرض من فرائض الوضوء، كما صرح به ابن قدامة في الشرح الكبير (1/344) . ثانياً: وأجمعوا أيضاً على أن من عمَّ رأسه بالمسح فقد أدى ما عليه، سواء بدأ بمقدم رأسه أو بوسطه، أو بمؤخره، كما صرح به ابن عبد البر في الاستذكار (1/130) . ثالثاً: وذهب جمهور العلماء إلى استحباب مسح الرأس على الصفة الواردة في حديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه-. رابعاً: ثم اختلف العلماء، هل يجب استيعاب الرأس بالمسح أم لا؟ على قولين: الأول: أنه يجب استيعاب الرأس بالمسح، وهو المشهور من مذهب المالكية، وهو المذهب عند الحنابلة، كما في الكافي لابن عبد البر (1/169) ، والشرح الكبير مع الإنصاف (1/348) . الثاني: أنه لا يجب استيعاب الرأس بالمسح، وقد اختلف أصحاب هذا المذهب إلى الأقوال الآتية: الأول: أن الواجب مسح مقدار الناصية، وهو الربع، وهذا هو مذهب الحنفية، ورواية عند الحنابلة - بدون تحديدها بالربع- كما في الهداية مع فتح القدير (1/15) ، والإنصاف (1/348) .

الثاني: أن الواجب مسح ما ينطلق عليه اسم المسح، لو بعض شعرة، أو قدره من البشرة يعني بشرة الرأس - وهذا هو المذهب عند الشافعية، كما في روضة الطالبين (1/53) . الثالث: أن الواجب مسح أكثر الرأس، وهذا القول رواية عن أحمد - رحمه الله- كما في الإنصاف (1/348) . الرابع: أن الواجب مسح ثلاث شعرات، وهو وجه شاذ عند الشافعية كما في روضة الطالبين (1/53) ، والله -تعالى- أعلم.

مسح الوجه في الوضوء

مسح الوجه في الوضوء المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 18/12/1424هـ السؤال ما حكم غسل الوجه في الوضوء، مع أن ذلك يؤدي إلى حدوث تقشبات وجفاف له؟ وهل هذا عذر يسمح لصاحبه المسح على الوجه؟ الجواب إذا كان الماء يضر بالوجه، أو يحدث له حساسية، أو يؤخر شفاءه، وقرر ذلك طبيب ثقة مسلم فإنه يجوز لك الاكتفاء بالمسح؛ لعموم أدلة رفع الحرج في الشريعة الإسلامية كقوله - تعالى -: " وما جعل عليكم في الدين من حرج " [الحج: 78] والله أعلم.

هل ينقض الوضوء لمس الطبيب للمرأة

هل ينقض الوضوء لمس الطبيب للمرأة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 11/1/1425هـ السؤال أنا طبيب أقوم بفحص المرضى إناثاً وذكورا، فهل يتوجب علي الوضوء بعد ملامسة كل امرأة لأداء الصلاة المفروضة في حال عدم وجود نواقض الوضوء المعروفة؟ أي هل ينتقض وضوئي بملامسة النساء؟ علماً أنني أقوم بفحص العديد من النساء يومياً. الجواب لمس المرأة بشهوة ينقض الوضوء سواء كان طبيباً أو غير طبيب، لكني أنصح السائل بأن لا يمس المرأة، وأن لا ينظر منها إلا ما تدعو إليه الحاجة، لتبيين العلة، ويكتفي به وينظر إليه من دون التلذذ، ولا يمس إلا ما يتطلب الأمر منه مسه، ولا يكون في هذا شيء من الشهوة، فإن وقع منه شيء من الشهوة فإنه ينقض الوضوء على قول كثير من أهل العلم. وأنصح الطبيب أن يكتفي بالكشف على الرجال وأن يكون للنساء طبيبة تعالجهن، ونحن في هذا الزمن قد توفر كثير من الأطباء والطبيبات، فكل يكتفي بعلاج نوعه، فالرجال يراجعون الأطباء، والنساء يراجعن الطبيبات. والله يتولى الصالحين.

هل يشرع الوضوء من كلام السوء؟

هل يُشرع الوضوء من كلام السوء؟ المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 8/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. أرجو إفادتي حسب المذهب الحنفي، إذا شتم شخص آخر أو تكلم عليه بسوء أو آذاه بعد الوضوء؛ هل ينتقض وضوؤه نتيجة لهذه الأقوال أو الأفعال السيئة؟ وما هي الأقوال التي تفسد الوضوء والتي لا تفسده؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. السب والشتم لا ينقض الوضوء في مذهب أكثر العلماء ومنهم الإمام أبو حنيفة، ولا يفسد شيء من الأقوال الوضوء إلا الردة عن الإسلام ـ عياذاً بالله ـ عند بعض العلماء كأحمد - رحمه الله - وأبو حنيفة لا يراها ناقضاً من نواقض الوضوء، وأما القهقهة داخل الصلاة ذات الركوع والسجود خلافاً للقهقهة في الصلاة على الميت؛ فإنها تبطل الوضوء عند الحنفية - رحمهم الله- والصحيح قول الجمهور أنها لا تبطله لضعف الحديث الوارد فيها.

حد غسل الوجه في الوضوء

حد غسل الوجه في الوضوء المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 23/7/1425هـ السؤال السلام عليكم. عند غسل الوجه في الوضوء هل يجب غسل المفصل الذي يربط بين الفك العلوي والسفلي، أم هو سنة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: غسل الوجه هو فرض من فروض الوضوء بالإجماع؛ لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ... " [المائدة: 6] ، وضابط الوجه هو: ما تحصل به المواجهة وهو من الأذن إلى الأذن عرضاً، ومن بداية الشعر إلى ما انحدر من اللحيين طولاً، ويدخل أيضاً في حد الوجه الفم والأنف، فيجب غسلهما، ويعبر الفقهاء عن ذلك بالمضمضة والاستنشاق، وقد دل على ذلك أن الله - عز وجل- أمر بغسل الوجه وأطلق؛ وفسر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بفعله وتعليمه، فمضمض واستنشق في كل مرة توضأ فيها، ولم ينقل عنه الإخلال بذلك مع اقتصاره على أقل ما يجزئ حينما توضأ مرة مرة، وكذلك لحديث لقيط بن صبرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا توضأت فمضمض" رواه أبو داود (144) وإسناده جيد؛ كما قال الحافظ ابن رجب، ولعل المقصود يحصل بذلك. والله أعلم.

لا يغسل رجليه في الوضوء لعلة، فهل يتيمم؟

لا يغسل رجليه في الوضوء لعلة، فهل يتيمم؟ المجيب عبد الله بن سعد الكليب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 14/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: هل يجوز لي أن أتوضأ وضوءًا كاملاً، ولكن بدون أن يصل الماء إلى القدمين؟ وذلك بسبب أنني أعاني من وجود الفطريات بين أصابعي، وقد نصحني الطبيب في السابق بعدم وصول الماء إلى القدمين. بارك الله فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله، والصلاة والسلام على رسوله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فيجوز لك أن تغسل جميع أعضاء الوضوء عدا الرجلين، ولكن يجب أن تتيمم لهما، وهذا على أصح قولي أهل العلم، لعموم قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ] التغابن: من الآية16 [. ولما أخرجه أبو داود (336) وغيره -بسند فيه ضعف- عن جابر، رضي الله عنه، قال: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً، وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ. فَاغْتَسَلَ، فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: "قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا! فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ " الحديث. فجمع بين التيمم والغسل، كما أن العجز عن بعض الشرط لا يسقط جميعه. والله أعلم.

تخليل اللحية في الوضوء

تخليل اللحية في الوضوء المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 08/07/1426هـ السؤال ما حكم تخليل اللحية؟ هل يجوز الاكتفاء بغسل ظاهرها؟ وهل يبطل الوضوء إن لم أخللها؟ وما هو حد التخليل؟ الجواب اللحية إما أن تكون خفيفة لا تستر البشرة، فهذه يجب غسلها وما تحتها؛ لأنه بظهوره يكون داخلاً في حكم الوجه، وإما أن تكون اللحية كثيفة وهي التي تستر ما تحتها من البشرة، فهذه يجب غسل ظاهرها وما استرسل منها؛ لأن اللحية وإن طالت تحصل بها المواجهة فهي داخلة في حد الوجه. والتخليل له صفتان، الأولى: أن يأخذ كفاً من ماء ويجعله تحتها حتى تتخلل به. الثانية: أن يأخذ كفا من الماء ويخللها بأصابعه كالمشط. وفي الجملة فإن التخليل سنة، فلا يبطل الوضوء بتركه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخلل لحيته في الوضوء. رواه الترمذي (31) والحاكم (542) وغيرهما، من حديث عثمان، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعله ولم يكن يواظب عليه، كما ذكر ذلك ابن القيم في زاد المعاد (1/197) ، وعليه فيجعله مرة ويتركه أخرى.

هل يجزئ المسح على الشعر المنمش في الوضوء؟

هل يجزئ المسح على الشعر المنمَّش في الوضوء؟ المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الوضوء التاريخ 10/06/1426هـ السؤال حصل بيننا خلاف في حكم وضع الميش، هل يمنع وصول الماء للشعر أم لا؟ فنرجو بيان الحكم الشرعي في ذلك، كما أرجو توضيح حدود زينة المرأة لزوجها؛ لأننا سمعنا أن المتزوجة يجوز لها أن تتنمص وتلبس الباروكة إذا كانت تعاني من مشكلات في الشعر، وجزاك الله خيراً. الجواب الأرجح هو جواز وضع الميش ما لم يكن فيه تشبه بالكافرات؛ لأن الأصل في زينة المرأة هو الحل والإباحة، ولا دليل على التحريم، قال تعالى: " قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" [الأعراف: 32] . أما القول بأنه يمنع وصول الماء، فالجواب عليه من وجهين: الأول: ثبت لدي -من خلال سؤال أهل الاختصاص- أنه لا يمنع وصول الماء، وأنه لا يختلف في هذا الأمر عن سائر أصباغ الشعر. الثاني: لو فرضنا جدلاً بأنه يمنع وصول الماء إلى الشعر، فإن شعر الرأس يجوز المسح فيه على العمامة والخمار، وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لبَّد شعره بالعسل وهو محرم، فدل مجموع ذلك على أن الأمر فيه سعة -ولله الحمد-. أما تزين المرأة لزوجها فضابطه الابتعاد عما حرَّم الله، كالنمص والوشم وتفليج الأسنان والتشبه بالكفار ووصل الشعر بالباروكة أو غيرها. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الغسل

هل يجزئ الغسل عن الوضوء؟ المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 24/7/1422 السؤال هل الغسل بعد المجهود أو العمل يجزئ عن الوضوء إذا أحضرت النية أم يجب عليّ إسباغ الوضوء؟ الجواب إذا نويت الوضوء، ورتبت بين أعضائه، وكملت غسل ما يغسل، ومنه المضمضة والاستنشاق، ومسح ما يمسح على الصفة الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث الوضوء، ومن أجمعها حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه دعا بوضوء، فتوضأ، فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين، لا يحدّث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه ". قال ابن شهاب: (وكان علماؤنا يقولون: هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة) . أخرجه البخاري (159) ومسلم (226) واللفظ له. إذا حصل ذلك فقد أجزأك وضوؤك، ولم يضرك كونه وقع أثناء غُسلك غير الواجب.

كيفية الغسل من الحيض

كيفية الغسل من الحيض المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 24/7/1422 السؤال ما كيفية الغسل والتطهر من الحيض؟ وما الدعاء، أو ماذا يجب على أن أفعل أو أقول؟ الجواب ليس عليها شيء واجب من الدعاء، وإنما تسمي عند البدء إذا كانت في مكان طاهر، وإذا كانت في دورة المياه التي فيها قضاء الحاجة، فإنها تقدم رجلها اليسرى عند الدخول وتسمي، ثم تغتسل الاغتسال الكامل؛ فتبدأ بغسل أثر النجاسة من فرجها وما حوله، ثم تتوضأ وضوءها للصلاة، ثم تفيض الماء على رأسها حتى تروي بشرتها بالماء وتنقض شعرها، ثم تفيض الماء على سائر جسدها ثلاث مرات، فهذا هو الغسل الكامل. فقد أخرج مسلم في صحيحه (332) عن عائشة أن أسماء سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن غسل المحيض فقال: ((تأخذ إحداكنّ ماءها وسدرتها فتطهّر، وتحسن الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصبّ عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسّكة فتطهّر بها)) فقالت أسماء: وكيف تطهّر بها؟ فقال: ((سبحان الله! تطهّرين بها)) فقالت عائشة (كأنها تخفي ذلك) تتبّعين أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة فقال: ((تأخذ ماءً فتطهّر فتحسن الطهور، أو تبلغ الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء)) فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار! لم يكن يمنعهنّ الحياء أن يتفقهن في الدين. هذا هو الغسل الكامل، أما الغسل المجزئ فهو غسل البدن كاملاً بالماء مرة واحدة. والله أعلم.

الخارج أثناء المداعبة الزوجية

الخارج أثناء المداعبة الزوجية المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 13/7/1422 السؤال يخرج مني أثناء مداعبة زوجتي قبل الجماع سائل لزج، ماحكم هذا الماء؟ هل يوجب الغسل؟ وإذا قبلت زوجتي بشهوة، وأنزلت فهل أغتسل؟ الجواب السائل الذي يخرج عند ثوران الشهوة إن كان رقيقاً يسيل من غير دفق كهيئة اللعاب، فهذا هو المذي، ولا يوجب غسلاً، وإنما يغسل الرجل ما أصابه منه، ويغسل ذكره وخصيتيه بالماء، ويتوضأ وضوءه للصلاة؛ لحديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: كنت رجلاً مذّاءً وكنت أستحيي أن أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله فقال: ((يغسل ذكره، ويتوضأ)) أخرجه البخاري (269) ومسلم (303) . وعند أحمد (1009) وأبي داود (208) ((ليغسل ذكره وأنثييه)) وأُعلّت هذه الرواية بالإرسال، لكن رواها أبو عوانة بإسناد قال الحافظ: لا مطعن فيه. أماّ ما يخرج غليظاً دفقاً بلذة يعقبه فتور، فهو المني، وخروجه يوجب الاغتسال سواءً كان خروجه بجماع، أو مباشرة، أو احتلام، أو نحو ذلك، إذا خرج على هذه الصفة، والله أعلم.

خروج المني أثناء قضاء الحاجة

خروج المني أثناء قضاء الحاجة المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 22/7/1422 السؤال احيانا عند القيام بقضاء الحاجة يخرج من الذكر سائل منوي أعزكم الله فهل يجب الاغتسال منه؟ الجواب مثل هذا لا يوجب غسلا وإنما يوجبه ما خرج دفقا بلذة اللهم إلا أن يكون هذا الشخص نائما فيجب عليه الاغتسال إذا رأى المني في ثيابه ولو لم يذكر احتلاما.

معنى الاحتلام

معنى الاحتلام المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 15/12/1422 السؤال ما معنى الاحتلام؟ وكيف يكون؟ الجواب الاحتلام أن يرى الرجل في حال نومه كأنه يجامع امرأة ما، فإذا أنزل المني في هذه الحال فيجب عليه الاغتسال، وإذا لم ينزل فلا اغتسال عليه لقوله - صلى الله عليه وسلم-: " إنما الماء من الماء " رواه مسلم (343) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه-.

انتقال المني يوجب الغسل ولو لم يخرج

انتقال المني يوجب الغسل ولو لم يخرج المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 10/9/1424هـ السؤال الذي أعرفه أن نزول المني دفقاً وبشهوة موجب للغسل، وبحكم تخصصي في جراحة المسالك تتردد علي أسئلة بخصوص ممارسة العادة السرية، وهي في حالة ممارستها والإحساس بانتقال المني والعمل على عدم خروجه سواءً بالقبض على القضيب، أو عمل أي حركه تعيق خروجه مع قضاء الشهوة، فهل هي موجبة للغسل؟ الجواب نقول: إذا انتقل المني من محله بحيث أحس بالنشوة التي يعقبها الفتور فقد وجب الغسل ولو لم يخرج المني، فإذا أمنى الإنسان أو حصل منه إنزال فإن هذا موجب للغسل، وأنصح هذا الطبيب بأن ينصح المرتادين إليه على عدم ممارستها، ويحث على البديل الشرعي وهو الزواج، قال -تعالى-: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"، والذي يستعمل العادة السرية ابتغى وراء ذلك وأراد قضاء شهوته في غير محل قضاء الشهوة، نسأل الله الهداية والتوفيق.

تركت الاغتسال من الجنابة جهلا

تركت الاغتسال من الجنابة جهلاً المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 25/2/1423 السؤال أسأل عن امرأة كانت تصلي وعليها الجنابة دون أن تغتسل جهلاً منها بالحكم، وذلك أكثر من 3سنوات. الجواب إذا كان الواقع -كما ذكرت السائلة- فإنه لا يجب عليها قضاء الصلوات خلال الثلاث سنوات التي تصلي فيها بدون غسل الجنابة؛ لأنه يشترط للتكليف العلم، ولذلك لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- المستحاضة التي تركت الصلاة جهلاً أن تعيد تلك الصلاة؛ لأنها كانت تعتقد عدم وجوب الصلاة عليها، انظر ما رواه البخاري (327) ومسلم (334) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وكذلك لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمر وعماراًً -رضي الله عنهما- أن يعيد واحد منهما الصلاة لما أجنبا ولا ماء معهما، فلم يصل عمر -رضي الله عنه- وصلى عمار -رضي الله عنه- بالتمرغ. انظر ما رواه البخاري (338) ومسلم (368) من حديث عبد الرحمن بن أبزى. لكن على هذه المرأة أن تتقي الله وتطلب العلم الواجب عليها، حتى تؤدي فرائض الإسلام على علم ونور، والله أعلم.

الفرق بين غسل الجنابة والنظافة

الفرق بين غسل الجنابة والنظافة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 27/6/1424هـ السؤال هل هناك فرق بين الغسل للجنابة والغسل للنظافة في إجزائهما عن الوضوء من عدمه؟ وهل يشترط في الغسل للنظافة الوضوء؟ مع الأخذ في الاعتبار النية. وجزاكم الله خيراً. الجواب الغسل للجنابة رفع حدث وهو الحدث الأكبر، والوضوء -أيضاً- رفع للحدث الأصغر، وأما الغسل للنظافة فهذا ليس رفعاً للحدث، فحينئذ فلو أن إنساناً اغتسل غسلاً غير واجب ليس غسل جنابة وإنما غسل نظافة أو غسل جمعة ونوى به رفع الحدث الأصغر من الوضوء، فإنه لا يجزئه لأن الغسل ليس فيه رفع حدث فالله تعالى يقول:"وإن كنتم جنباً فاطهروا ... "، ويدخل الوضوء مع غسل الجنابة في رفع الحدث فيدخل الحدث الأصغر ضمن الحدث الأكبر في إزالة ورفع ما تستباح به الصلاة، وأما إذا كان الغسل للنظافة فإنه حينئذ ليس فيه رفع حدث فلا يجزئ عن الوضوء، وإنما لا بد أن يتوضأ وضوء بفروضه وترتيب أعضائه، والله أعلم.

كيفية الغسل من الجنابة

كيفية الغسل من الجنابة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 13/3/1424هـ السؤال ما كيفية الغسل من الجنابة؟ الجواب سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والإجابة: سـ/ امرأة تسأل عن كيفية الغسل من الحيض ومن الجنابة بواسطة وسائل الغسل الحديثة، كالدش والصنبور وغيرها. جـ/ المرأة تستنجي من حيضها ونفاسها، ويستنجي الرجل الجنب والمرأة الجنب، ويغسل كل منهما ما حول الفرج من آثار الدم أو غيره، ثم يتوضأ كل منهما وضوءه للصلاة: الحائض، والنفساء، والجنب، يتوضأ وضوء الصلاة، ثم بعد ذلك يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات، ثم على بدنه على الشق الأيمن، ثم الأيسر، ثم يكمل الغسل، هذه هي السنة، وهذا هو الأفضل. وإن صب الماء على بدنه مرة واحدة كفى، وأجزأ ذلك في الغسل من الجنابة والحيض والنفاس. ويستحب للمرأة في غسل الحيض والنفاس أن تغتسل بماء وسدر، هذا هو الأفضل. أما الجنب فلا يحتاج للسدر، والماء يكفي، سواء كان اغتساله من الصنبور أو من الدش، أو بالغرف من الحوض، أو من إناء، أو غير ذلك، كله جائز والحمد لله. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (11/186) ] .

نزع العدسات عند الاغتسال

نزع العدسات عند الاغتسال المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 14/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجب علي نزع العدسات اللاصقة من العين عند الاغتسال من الجنابة أو الحيض؟ الجواب لا يجب على المرأة إذا كانت تلبس العدسات أن تنزعها عند الاغتسال من الجنابة أو الحيض، لأن غسل داخل العينين غير واجب، الواجب هو غسل العينين فقط.

لعن الملائكة للجنب

لعن الملائكة للجنب المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 24/2/1424هـ السؤال سمعت أن المرأة أو الرجل إذا كان عليهما جنابة فخرجا من المنزل للضرورة أو غيرها قبل أن يغتسلا تلعنهما الملائكة حتى يرجعا إلى المنزل ما مدى صحة ذلك؟ الجواب أنا لم أسمع ما قلت، فيجوز للرجل - والحمد لله - وكذلك للمرأة أن يخرجا من منزلهما للضرورة أو لغير ضرورة قبل الاغتسال. روى البخاري (283) ، ومسلم (371) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أنه لقيه النبي - صلى الله عليه وسلم- في طريق من طرق المدينة وهو جنب، فانسل فذهب فاغتسل، فتفقده النبي - صلى الله عليه وسلم- فلما جاءه قال: "أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: يا رسول الله لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سبحان الله إن المؤمن لا ينجس".

هل الوطء في الدبر يوجب الغسل

هل الوطء في الدبر يوجب الغسل المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 23/12/1423هـ السؤال إذا جامع الزوج زوجته وأدخل حشفة ذكره في دبرها بقصد أو بغير قصد فماذا يجب عليه؟ وما هي الأشياء الموجبة للغسل؟ وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. الجواب إذا أدخل المكلف الحشفة في فرج أصلي وجب عليه الغسل سواء كان الفرج قبلاً أو دبراً وسواء حصل الإنزال أو لم يحصل وعلى هذا يجب الغسل على من أدخل حشفة ذكره في دبر امرأته سواء كان بقصد أو بغير قصد إلا أنه يأثم إذا كان عن قصد ويتوب إلى الله عز وجل لأنه موضع محرم لا يجوز للزوج الاستمتاع به. وموجبات الغسل: (1) إنزال المني دفقاً بلذة سواء كانت في اليقظة أو في النوم. (2) الإيلاج في الفرج سواء حصل إنزال أو لم يحصل، وسواء كان الحشفة أو أكثر من ذلك. (3) انقطاع دم الحيض أو النفاس موجب للغسل أيضاً، والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.

تأخير الصلاة للجنب

تأخير الصلاة للجنب المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 12/11/1423هـ السؤال أنا أعمل من الساعة 11 مساء إلى 7 صباحاً ويحصل لي أن أنام ولكن عندما أستيقظ من النوم أجد أني احتلمت ولكن لا أستطيع أن أصلي الفجر لأني على جنابة ولا أقدر أن أخرج من العمل لأني وحدي في الموقع وأضطر أن أؤخر صلاة الفجر حتى أخرج من بعد الساعة 7 صباحاً لكي أصل إلى البيت وأغتسل ثم أصلي هل عملي فيه شيء؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد، فأقول وبالله التوفيق والسداد: أخي السائل لا بد وأن تبذل كل وسعك في أن تجد مكاناً تغتسل فيه إذ الموقع الذي أنت فيه لا بد وأن يكون فيه حمام فابذل وسعك لأن تغتسل فيه وإذا تعذر عليك ذلك فالحكم أنك تتيمم بقصد الطهارة من الجنابة وتصلي صلاة الصبح في وقتها وإذا رجعت إلى بيتك تغتسل من الجنابة وتصلي بقية الصلوات الخمس وغيرها من النوافل وغيرها. هذا والله أعلم بالصواب.

الجماع حيث لا يمكن الغسل

الجماع حيث لا يمكن الغسل المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 12/10/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: السؤال: ما حكم من جامع زوجته في رحلة بدوية في يوم بارد ولم يغتسل مع وجود الماء خوفاً من ضرر البرد بل اكتفى بالتيمم مع علمه مسبقاً بعدم وجود مكان آمن للاغتسال فهل فعله هذا صحيح؟ وهل كان الأجدر به عدم الجماع لعلمه بعدم وجود مكان آمن من البرد للاغتسال؟ وهل كان يجب عليه الاغتسال مع وجود إمكانية لتسخين الماء، لكن تسخين الماء لا يمنع إمكانية حصول الضرر؟ أثابكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن دين الإسلام يسر، ومن يسره وترخيصه أن أباح لمن خشي على نفسه الهلاك باستعمال الماء أن يتيمم صعيداً طيباً و"ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج" [المائدة: 6] ، سواء في ذلك الوضوء والغسل لا فرق. ولكن إذا كان يستطيع أن يسخن الماء بلا مشقة شديدة ولا كلفة باهظة، فيجب عليه ذلك، ولا يجوز له التيمم، والبرد اليسير المحتمل لا بد منه، ولا تكاد تنفك عنه الحياة بحال في الشتاء، فمثل هذا البرد اليسير المحتمل لا يبيح التيمم. أما قولك: إنه لا يجد مكاناً يأمن فيه من البرد عند الاغتسال ففيه نظر ظاهر، إذ لو كان الأمر كذلك، فكيف تأتّى له مكان آمن من البرد جامع فيه زوجته!!. وأما سؤالك عن حكم الجماع لمن يعلم أنه لا يستطيع الاغتسال بسبب البرد الشديد ولا يجد ما يسخن به الماء، فالأظهر في ذلك الجواز؛ لأن جماعه ذلك من أحل الحلال، وإنما لا تستباح الرخص بالمعاصي على قول من قال بذلك. وهذا قد استباح رخصة الله التيمم بأمر مشروع، بل عسى أن يكون له أجر على إتيان شهوته لما فيه من إعفاف نفسه وأهله، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"وفي بضع أحدكم صدقة" مسلم (1006) .

هل يجب علي الغسل؟

هل يجب عليَّ الغُسل؟ المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 01/04/1427هـ السؤال أنا فتاة كنت أمارس العادة السرية، وتاب الله علي -ولله الحمد- مشكلتي هي أنني أصبحت سريعة الاستثارة ولأتفه سبب، لكن دون أن ينزل مني شيء، فلا أدري هل كوني لا ينزل مني شيء معناه أن وضوئي لا ينتقض الوضوء، مع العلم أنني أحتلم أحياناً دون أن ينزل مني شيء، ولكني أعلم أنني احتلمت فأغتسل، فربما تكون طبيعة جسمي هكذا لا يفرز بسرعة. لذا فإني لا أدري ما الحكم هل ينتقض وضوئي، وتبطل صلاتي دون نزول شيء، أم لا؟ مع العلم أن ذلك يتكرر معي كثيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد سررت بتوبتك وأسأل الله تعالى أن تكون مقبولة عنده، أما ما ذكرت من سرعة الاستثارة فليس -غالباً- واقعاً حقيقياً، وإنما تسلط على ذهنك وبدنك الشعور الغريب المذكور، وغاية ما تحتاجين إليه أن تصرفي ذهنك عن الخيال الذي يثيرك، كما أن عليك المحافظة على الاستعاذة المستمرة، وشغل عقلك، وبدنك في أمور أخرى من الأعمال الدعوية المناسبة لك، وأعمال المنزل، والقراءة في المجلات النافعة والهادفة. ولا حاجة إلى الاغتسال والوضوء ما دمت لم تخرج منك إفرازات عند الاستثارة، فالوضوء لا ينتقض إلا بخروج المذي، والغُسل لا يجب بعد الاحتلام إلا برؤية المني، كما في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- لما سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: "نعم إذا رأت الماء". صحيح البخاري (282) ، وصحيح مسلم (313) . وعدم شعورك بخروج شيء عند الاستثارة دليل على أنها أمر نفسي أكثر من كونه جسديا، وعلاجه الإعراض كما ذكرت، وفقك الله وأعانك.

تعليم الاغتسال

تعليم الاغتسال المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 07/08/1426هـ السؤال قرأت حديثاً عن أبي بكر بن حفص، قال: سمعت أبا سلمة يقول: دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة -رضي الله عنها- فسألها أخوها عن غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعت بإناء نحوا من صاع، فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب. أرجو من فضيلتكم تخريج الحديث وشرحه، وتوضيح هل كان الاغتسال في نفس الغرفة؟ وهل كانت أم المؤمنين -رضي الله عنها- بملابسها عند الاغتسال؟ فقد وقع في نفسي شيء عند قراءتي لهذا الحديث، فلجأت إليكم -بعد الله- لإيضاح اللبس في نفسي، ولكم مني جزيل الشكر والتقدير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أخي الكريم: هذا الأثر متفق على صحته؛ فقد أخرجه البخاري في صحيحه (248) ، ومسلم (320) ولكي تفهم هذا الأثر لا بد أن تقف على النقاط التالية: (1) إن هدف عائشة -رضي الله عنها- من هذا التصرف هو حسم الجدل في الكمية التي يمكن الاغتسال بها، فكأن هذا الجيل الصاعد من أبناء الصحابة كانوا يستبعدون جداً أن يغتسل الشخص بحوالي صاع فقط من الماء، وأنا أعتقد أنك الآن لن تصدق إذا قلت لك: إن الشخص يمكنه أن يغتسل بليترين ونصف من الماء. وهو أمر أرادت أمنا عائشة -رضي الله عنها- أن تبين أنه ممكن بأسلوب أقرب ما يكون إلى التحدي؛ فكأنها تقول: هاتوا صاعاً من الماء، وسترون أنه يكفي للاغتسال. ولهذا تجد أن البخاري جاء بهذا الأثر تحت عنوان: "باب الغسل بالصاع ونحوه". (2) إن الأثر صريح في كونها جعلت بينها وبينهما حجاباً؛ ففي لفظ البخاري: "وبيننا وبينها حجاب" وفي لفظ مسلم: "وبيننا وبينها ستر".

ولا غرابة في اغتسالها في الغرفة نفسها، فالمعروف أنهم كانوا في ذلك الوقت يغتسلون داخل البيوت، ويتخذون لذلك آلة تسمى (المخضب) تكون من النحاس غالباً، يجلس الشخص فيها يرخي ستارة من حوله ويغتسل. وفي هذه الحالة لا حرج من وجود غيره معه في نفس الغرفة، ويشهد لهذا ما في الحديث المشهور من دخول أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنها- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يغتسل وفاطمة بنته -رضي الله عنها- تستره بثوب صحيح البخاري (280) ، صحيح مسلم (336) . (3) لقد أرادت عائشة -رضي الله عنها- أن تعلم هذين الولدين الاغتسال خطوة خطوة بشكل أقرب ما يكون إلى المشاهدة، وإن كانا لا يريانها لأنها -طبعاً- بينها وبينهما حجاب (ستارة) ، وقد ورد في بعض روايات هذه القصة التي لا تخلو من ضعف أنها كانت تختبرهما بعد كل خطوة بأن تسألهما عن الخطوة الموالية وتصحح معلوماتهما. وتعتبر هذه الطريقة رائدة في إيصال المعلومات إلى الأولاد كما أنها سهلة التطبيق الآن؛ فبالإمكان أن أستدعي أحد الأولاد، وأجعله يقف خلف الباب وأسأله عند كل خطوة ما هي الخطوة التي عليَّ أن أقوم بها الآن؛ فأضمن بذلك سلامة فهمه وتصوره للعملية ومقدرته على التطبيق. (4) لقد جاء التصريح في هذا الأثر أن أحد صاحبي هذه القصة أخو عائشة -رضي الله عنها- من الرضاعة، وقد ورد في بعض الروايات أنه من بني أبي القعيس، وهم محارم لها من الرضاعة كما هو مشهور. صحيح البخاري (4518) . وأما الثاني وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- فإن عائشة -رضي الله عنها- خالته من الرضاعة؛ أرضعته أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق. [انظر: التمهيد لابن عبد البر 7/61، وسير أعلام النبلاء 4/288] وقد يكون في وقت هذه القصة صغيراً دون البلوغ؛ لأنه ولد سنة بضع وعشرين للهجرة، ولأن أمه من الرضاعة -أم كلثوم- لم تولد إلا بعد وفاة والدها -رضي الله عنه وأرضاه- كما هو مشهور. وبعد.. فأرجو أن تكون هذه الإيضاحات مزيلة لما يقع في النفس، موضحة لما حدث من لبس. والله سبحانه وتعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وزوجاته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

التيمم

التيمم من أجل البرد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/التيمم التاريخ 8/12/1422 السؤال ما الحكم إذا كان الرجل عليه جنابة ولم يستطع الغسل لأن الجو بارد، وهو سريع الإصابة بالبرد ولا بد من خروجه من المنزل في هذا الجو؟ هل يؤخر الصلاة إلى الظهر؟ أم يتوضأ ويصلي؟ أم يتيمم؟ الجواب ما دام الرجل في المنزل، وليس مسافراً في البريَّة، فيجب عليه أن يغتسل، ويتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع الضرر وذلك بتسخين الماء مثلاً، وإذا كان في البريّة ولا يتمكن من تسخين الماء، ويخشى من فوات الوقت، ويتوقع الضرر لأنه شبه محقق فيتيمم ويصلي، وإذا تمكن من الاغتسال فيبادر، أما أن يؤخر الصلاة إلى الظهر فلا يجوز ذلك بحال من الأحوال، ما دام العقل موجوداً. وقد احتلم عمرو بن العاص - رضي الله عنه - وهو قائد سرية للجهاد في سبيل الله، وكان قد أصابه جرح، فخشي إن اغتسل تضرر، فتيمم - رضي الله عنه - وصلى بأصحابه صلاة الفجر بالتيمم، فعلم بذلك أصحابه فأخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب، فقال: يا رسول ذكرت قول الله - جل وعلا-:" ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً " فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقل شيئاً. انظر ما رواه أبو داود (334) وأحمد (17812) . أي أنه - عليه الصلاة والسلام- أقره بهذا الفعل، وأما من كان في البيت فلا يجوز له أن يؤخر الصلاة، ولا يجوز له أن يتيمم وهو في البيت وبإمكانه تسخين الماء وتدفئة جسمه بالملابس الواقية والله الموفق.

أحكام التيمم

أحكام التيمم المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الطهارة/التيمم التاريخ 24/2/1424هـ السؤال السلام عليكم. أرجو منكم إفادتي عن معنى التيمم، سننه وفرائضه ومبطلاته ومعناه في اللغة وفي الشرع وشروطه وأسبابه، ولكم مني وافر الاحترام، وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: التيمم لغة: القصد. وشرعاً: قصد الصعيد الطيب لمسح الوجه والكفين بنية رفع الحدث، أو استباحة الصلاة.. فأما أسبابه أو الأعذار المبيحة له، فهي اثنان: الأول: عدم وجود الماء الكافي للوضوء أو للغسل. والثاني: عدم القدرة على استعمال الماء مع وجوده، إما لمرض أو برودة ماء يخشى باستعماله حدوث مرض أو تأخر شفاء ... ، ونحو ذلك. وأما شروطه فله شرطان خاصان به، وهما: أولاً: طلب الماء حتى يغلب على ظنه عدم وجوده، وثانياً: أن يكون التيمم بصعيد طاهر. وله شروط أخرى مشتركة بينه وبين الوضوء، وهي: أولاً: الإسلام. وثانياً: العقل. وثالثاً: التمييز. ورابعاً: انقطاع موجب (يعني: توقف خروج الناقض للطهارة) . وخامساً: الفراغ من استنجاء أو استجمار واجب. وسادساً: النية على خلاف بين أهل العلم هل هي شرط، أو فرض؟) . وأما فرائضه، فهي أربعة، اثنان متفق عليهما، وهما: مسح الوجه، ومسح الكفين بالصعيد. واثنان مختلف فيهما: وهما الترتيب والموالاة. وأما سننه: فهي التسمية في أوله كالوضوء والترتيب والموالاة -على الخلاف المشار إليه فيهما-.

وأما مبطلاته أو نواقضه فله ناقضان خاصان به، وهما: أولاً: العثور على الماء الكافي للطهارة. ثانياً: القدرة على الطهارة بالماء بعد زوال العجز أو المشقة في استعماله. فإن تحقق أحد الناقضين قبل الشروع في الصلاة بطل التيمم، وإن تحقق بعد خروج الوقت لم يبطل، وذلك بالإجماع في المسألتين، كما حكاه ابن المنذر في كتابه (الإجماع 34) وإن تحقق أحدهما في أثناء الصلاة، أو بعد الفراغ منها قبل خروج الوقت فعلى الخلاف فيهما. وللتيمم نواقض أخرى مشتركة وهي كل ما ينقض الوضوء أو الغسل، ومنه الخارج من أحد السبيلين، وزوال العقل، والنوم المستغرق. هذا ما ظهر بعد الاستقراء، علماً بأن فقهاء المذاهب يختلفون في تكييف بعض ما ذكر -أعلاه- من حيث هو سبب أو شرط أو فرض أو سنة؟ والله تعالى أعلم.

التيمم مع قلة الماء

التيمم مع قلة الماء المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية كتاب الطهارة/التيمم التاريخ 08/03/1426هـ السؤال نعاني من انقطاع المياه في المنطقة التي أسكن بها، وأحيانا لا يوجد ما يكفي إلا للاستعمال العادي من شرب وأكل، ولا يكفي للاغتسال معها، فهل هذا من مبيحات التيمم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: فإن الله قد شرع التيمم رحمة بعباده برفع للمشقة عنهم، قال تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم" الآية ... [الحج: 78] ، وقد جاء شرع التيمم مقيداً بأحوال: أولها: عدم وجود الماء، وهذا صريح الآية الكريمة: "فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيبا" [المائدة:6] ، ثانياً: خوف الضرر باستعمال الماء لمرض ونحوه؛ لحديث: "لا ضرر ولا ضرار". أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) . ثالثاً: كون الماء قليلاً لا يكفي إلا للحاجات أو الضروريات كالأكل والشرب، ونحو لك؛ لأن بقاء النفس المسلمة من أعظم مقاصد الشارع الحكيم. ففي هذه الحالات الثلاث يجوز العدول إلى التيمم، سواء كان ذلك في الطهارة الصغرى (الوضوء) ، أو في الطهارة الكبرى (الغسل من الجنابة) . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.

تيمم المرأة خشية التكشف عند الأجانب

تيمم المرأة خشية التكشف عند الأجانب المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة كتاب الطهارة/التيمم التاريخ 20/10/1426هـ السؤال في بعض الأحيان نكون في أماكن عامة مكتظة بالناس، حيث يصعب على المرأة أن تتخذ مكانا خالياً، وتكشف عن ذراعيها ورأسها لتتوضأ حين تدركها الصلاة, فهل يجوز لها أن تتيمم؟ أم أن هناك طريقة شرعية يمكن لها أن تتوضأ بها دون الكشف عن عورتها؟ وهل يجوز المسح على الخمار؟ وهل يجوز للمرأة أن تصلي أمام رجال أجانب؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمرأة كلها عورة، لا يجوز لها أن تكشف شيئا من عورتها أمام الرجال الأجانب، وإذا اضطرت المرأة إلى الخروج من بيتها فينبغي أن تحتاط بالوضوء، وإن احتاجت إلى الوضوء في الأماكن العامة، ولم يتيسر مكان خاص فعليها أن تستتر بساتر، ولو بامرأة أخرى، أو بأحد محارمها، ونحو ذلك، ولا يجوز لها أن تتيمم وهي تجد الماء وتقدر عليه، ويجوز للمرأة أن تمسح على خمارها إذا احتاجت إلى ذلك قياساً على العمامة، والأولى أن تمسح على بعض الشعر، وتكمل على الخمار، كما أن من الأولى أن تكون قد لبسته على طهارة. والله أعلم.

المسح على الخفين والجبيرة

هل ينتقض الوضوء بخلع الجوارب؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة التاريخ 18/10/1422 السؤال إذا توضأ الإنسان ومسح على الخفين وأثناء مدة المسح خلع خفيه قبل صلاة العصر مثلاً فهل يصلي وتصح صلاته أم أن وضوءه ينتقض بخلع الخفين؟ الجواب القول الراجح من أقوال أهل العلم الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم أن الوضوء لا ينتقض بخلع الخف، فإذا خلع خفه وهو على طهارة وقد مسحه فإن وضوءه لا ينتقض وذلك لأن الرجل إذا مسح على الخف فقد تمت طهارته بمقتضى الدليل الشرعي، فإذا خلعه فإن هذه الطهارة الثابتة بمقتضى الدليل الشرعي لا يمكن نقضها إلا بدليل شرعي، ولا دليل على أن خلع الممسوح من الخفاف أو الجوارب ينقض الوضوء، وعلى هذا فيكون وضوءه باقياً ولكن لو أعاد الخف بعد ذلك وأراد أن يمسح عليه في المستقبل فلا، على ما أعلمه من كلام أهل العلم. [مجموع فتاوى ورسائل الشيخ / محمد بن صالح العثيمين، المجلد الحادي عشر، ص 179]

أحكام المسح على الجوارب

أحكام المسح على الجوارب المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة التاريخ 14/10/1422 السؤال ما هي الشروط الثابتة الصحيحة للمسح على الخفين أو الجوربين (الشراب) مع الأدلة على ذلك؟ ومتى تبتدئ مدة المسح، وهل ينتقض الوضوء بانتهاء مدة المسح؟ الجواب يشترط للمسح على الخفين أربعة شروط: الشرط الأول: أن يكون لابساً لهما على طهارة ودليل ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للمغيرة بن شعبة: " دعهما فإنني أدخلتهما طاهرتين ". الشرط الثاني: أن يكون الخفان أو الجوارب طاهرة فإن كانت نجسة فإنه لا يجوز المسح عليها، ودليل ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان فخلعهما في أثناء صلاته وأخبر أن جبريل أخبره بأن فيهما أذىً أو قذراً، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة فيما فيه نجاسة ولأن النجس إذا مسح عليه بالماء تلوث الماسح بالنجاسة فلا يصح أن يكون مطهراً. والشرط الثالث: أن يكون مسحهما في الحدث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل ودليل ذلك حديث صفوان بن عسَّال - رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم، فيشترط أن يكون المسح في الحدث الأصغر ولا يجوز المسح في الحدث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه. الشرط الرابع: أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعاً وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لحديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، يعني في المسح على الخفين - أخرجه مسلم.

وهذه المدة تبتدئ من أول مرة مسح بعد الحدث وتنتهي بأربع وعشرين ساعة بالنسبة للمقيم واثنتين وسبعين ساعة بالنسبة للمسافر، فإذا قدَّرنا أن شخصاً تطهر لصلاة الفجر يوم الثلاثاء وبقي على طهارته حتى صلى العشاء من ليلة الأربعاء ونام ثم قام لصلاة الفجر يوم الأربعاء ومسح في الساعة الخامسة بالتوقيت الزوالي فإن ابتداء المدة يكون من الساعة الخامسة من صباح يوم الأربعاء إلى الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس، فلو قدّر أنه مسح يوم الخميس قبل تمام الساعة الخامسة فإن له أن يصلي الفجر، أي فجر يوم الخميس بهذا المسح ويصلي ما شاء أيضاً ما دام على طهارته لأن الوضوء لا ينتقض إذا تمت المدة على القول الراجح من أقوال أهل العلم وذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يوقت الطهارة وإنما وقت المسح فإذا تمت المدة فلا مسح ولكنه إذا كان على طهارة فطهارته باقية لأن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يرتفع إلا بدليل شرعي ولا دليل على انتقاض الوضوء بتمام مدة المسح ولأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يتبين زواله فهذه الشروط التي تشترط للمسح على الخفين وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم وفي بعضها نظر. [مجموع فتاوى ورسائل الشيخ / محمد بن صالح العثيمين، المجلد الحادي عشر ص 159]

صفة المسح على الجوارب

صفة المسح على الجوارب المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة التاريخ 29/10/1425هـ السؤال السؤال: ما كيفية المسح على الخفين؟ وهل يجوز المسح عليهما مع بعض في نفس الوقت، أم اليمنى ثم اليسرى؟ وجزاكم الله ألف خير. الجواب أجاب الشيخ / محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عن سؤال مشابه لسؤالك، نسوق لك السؤال وجوابه: السؤال ما كيفية المسح على الخفين؟ فأجاب بقوله: كيفية المسح أن يمر يده من أطراف أصابع الرجل إلى ساقه فقط، يعني أن الذي يُمسح هو أعلى الخف، فيمّر يده من عند أصابع الرجل إلى الساق فقط، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً، يعني اليد اليمنى تمسح الرجل اليمنى، واليد اليسرى تمسح الرجل اليسرى في نفس اللحظة، كما تُمسح الأذنان؛ لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -: " فمسح عليهما" رواه البخاري (206) ، ومسلم (274) ولم يقل بدأ باليمنى، بل قال:" مسح عليهما " فظاهر السنة هو هذا. نعم لو فرض أن إحدى يديه لا يعمل بها فيبدأ باليمنى قبل اليسرى، وكثير من الناس يمسح بكلتا يديه على اليمنى وكلتا يديه على اليسرى، وهذا لا أصل له فيما أعلم، وإنما العلماء يقولون: يمسح باليد اليمنى على اليمنى، واليد اليسرى على اليسرى، وعلى أي صفة مسح أعلى الخف فإنه يجزئ، لكن كلامنا هذا في الأفضل. المرجع: [مجموع فتاوى ورسائل الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين (177:11) ] . السؤال: رأينا أشخاصاً يمسحون من أسفل وأعلى فما حكم مسح هؤلاء وما حكم صلاتهم؟ الجواب:

صلاتهم صحيحة ووضوءهم صحيح لكن يُنبهون على أن المسح من الأسفل ليس من السنة، ففي السنن من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- يمسح ظاهر خفيه، وهذا يدل على أن المشروع مسح الأعلى فقط. [مجموع فتاوى ورسائل الشيخ / محمد بن صالح العثيمين، المجلد الحادي عشر، ص 177]

شروط المسح على الخفين

شروط المسح على الخفين المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة التاريخ 19/11/1422 السؤال كثير من العلماء يفتون بجواز المسح على الجوربين، وسؤالي هو: ما هي صحة ما اشترطه العلماء من أنهما يجب أن يكونا منعَّلين أو مجلدين، وهل يشترط إمكان تتابع المشي فيهما وما معنى ذلك؟ فهل جواربنا في هذا الزمان لا يمكن المشي فيها؛ لأنها سوف تتلف إذا سرت بها في الطريق ونحوه، أم أنها يمكن المشي فيها لأننا نمشي فيها في البيت والمسجد ونحو ذلك؟ فما هي صحة هذه الشروط - خاصة تتابع المشي فيها - (الرجاء ذكر الدليل والضوابط ما أمكن) - وهل تتوافر هذه الشروط في جواربنا أم لا؟! وهل يجب أن يكونا ثخينين وما هو حد الثخانة؟ وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الجواب سئل الشيخ / محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عن سؤالين عن المسح على الجوارب وشروطه، نذكر لك فيما يلي نصهما مع الإجابة عنهما: أولاً: سئل: عما اشترطه بعض العلماء من كون الجورب والخف ساترين لمحل الفرض.

فأجاب بقوله: هذا الشرط ليس بصحيح؛ لأنه لا دليل عليه، فإن اسم الخف أو الجورب ما دام باقياً فإنه يجوز المسح عليه، لأن السنة جاءت بالمسح على الخف على وجه مطلق، وما أطلقه الشارع فإنه ليس لأحد أن يقيَّده إلا إذا كان لديه نص من الشارع أو إجماع أو قياس صحيح، وبناءً على ذلك فإنه يجوز المسح على الخف المخرق، ويجوز المسح على الخف الخفيف، لأن كثيراً من الصحابة كانوا فقراء، وغالب الفقراء لا تخلو خفافهم من خروق، فإذا كان هذا غالباً أو كثيراً في قوم في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم ينبه عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - دلَّ ذلك على أنه ليس بشرط، ولأنه ليس المقصود من الخف ستر البشرة، وإنما المقصود من الخف أن يكون مدفئاً للرجل، ونافعاً لها، وإنما أجيز المسح على الخف، لأن نزعه يشق، وهذا لا فرق فيه بين الجورب الخفيف والجورب الثقيل، ولا بين الجورب المخرق والجورب السليم، والمهم أنه ما دام اسم الخف باقياً، فإن المسح عليه جائز لما سبق من الدليل. ثانياً: سئل الشيخ - حفظه الله تعالى - عما ذهب إليه بعض العلماء من جواز المسح على كل ما لبس على الرجل.

فأجاب بقوله: هذا القول الذي أشار إليه السائل، وهو جواز المسح على كل ما لبس على الرجل هو القول الصحيح، وذلك أن النصوص الواردة في المسح على الخفين كانت مطلقة غير مقيَّدة بشروط، وما ورد عن الشارع مطلقاً فإنه لا يجوز إلحاق شروط به، لأن إلحاق الشروط به تضييق لما وسعه الله - عز وجل - ورسوله، والأصل بقاء المطلق على إطلاقه، والعام على عمومه، حتى يرد دليل على التقييد أو التخصيص، وقد حكى بعض أصحاب الشافعي عن عمر وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - جواز المسح على الجورب الرقيق، وهذا يعضد القول بجواز المسح على الجوارب الخفيفة الرقيقة وعلى الجوارب المخرَّقة، وكذلك على القول الراجح المسح على اللفافة، بل أن جواز المسح على اللفافة أولى لمشقة حَلِّها ولفِّها، وهذا هو الذي يتمشى مع قوله - عز وجل - حين ذكر آية الطهارة في الوضوء والغسل والتيمم، قال: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) [المائدة: 6] . مجموع فتاوى ورسائل الشيخ /محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - المجلد 11 ص (165) .

المسح على الجورب الخفيف

المسح على الجورب الخفيف المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة التاريخ 8/12/1422 السؤال هل يجوز المسح على الجوارب الخاصة بالنساء والتي تصف البشرة؟ الجواب السؤال: وسُئل فضيلة الشيخ / عن حكم المسح على الجورب المخرق والخفيف. الجواب: القول الراجح أنه يجوز المسح على الجورب المخرق والجورب الخفيف الذي تُرى من ورائه البشرة؛ لأنه ليس المقصود من جواز المسح على الجورب ونحوه أن يكون ساتراً؛ فإن الرَّجل ليست عورة يجب سترها، وإنما المقصود الرخصة على المُكَّلف والتسهيل عليه، بحيث لا نُلزمه بخلع هذا الجورب أو الخف عند الوضوء, بل نقول: يكفيك أن تمسح عليه، هذه هي العلة التي من أجلها شُرع المسح على الخفين، وهذه العلة - كما ترى - يستوي فيها الخف أو الجورب المخرق والسليم والخفيف والثقيل. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/ محمد بن عثيمين - رحمه الله -، ج 11ص (167) ]

خلع أحد الخفين بعد المسح

خلع أحد الخفين بعد المسح المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الطهارة/المسح على الخفين والجبيرة التاريخ 17/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يبطل المسح على الخفين بعد خلع أحدهما للحاجة أو التبرد ونحوه؟ الجواب إذا خلع الخف أو الجورب بعد أن مسح عليه فلا تبطل طهارته على القول الصحيح، لكن يبطل مسحه دون طهارته، فإذا أرجعها مرة أخرى وانتقض وضوؤه، فلا بد أن يخلع الخف ويغسل رجليه، والمهم أن نعلم أنه لا بد أن يلبس الخف على طهارة غسل فيها الرجل على ما علمنا من كلام أهل العلم، ولأن هذا الرجل لما مسح على الخف تمت طهارته بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا ينتقض إلا بدليل شرعي، وعلى هذا فلا ينتقض وضؤوه إذا خلع خفيه بل يبقى على طهارته إلى وجود ناقض من نواقض الوضوء المعروفة، ولكن لو أعاد الخف بعد ذلك وأراد أن يمسح عليه في المستقبل فلا، على ما أعلمه من كلام أهل العلم. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (11/179) ] .

إزالة النجاسة

هل الدم نجس؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 13/7/1422 السؤال ما القول الراجح في حكم الدم، هل هو طاهر أم نجس؟ الجواب فأجاب -رحمه الله - بقوله: هذه المسألة فيها تفصيل: أولاً: الدم الخارج من حيوان نجس، نجس قليله وكثيره، ومثاله: الدم الخارج من الخنزير أو الكلب، فهذا نجس قليله وكثيره بدون تفصيل، سواء خرج منه حياً أم ميتاً. ثانياً: الدم الخارج من حيوان طاهر في الحياة، نجس بعد الموت فهذا إذا كان في حال الحياة فهو نجس، لكن يعفى عن يسيره. مثال ذلك: الغنم والإبل فهي طاهرة في الحياة، نجسة بعد الموت، والدليل على نجاستها بعد الموت، قوله تعالى: " قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً على طعام يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس ". ثالثاً: الدم الخارج من حيوان طاهر في الحياة وبعد الموت، وهذا طاهر، إلا أنه يستثنى منه عند عامة العلماء دم الآدمي، فإن دم الآدمي دم خارج من طاهر في الحياة وبعد الموت، ومع ذلك فإنه عند جمهور العلماء نجس، لكنه يعفى عن يسيره. رابعاً: الدم الخارج من السبيلين: القبل أو الدبر، فهذا نجس ولا يعفى عن يسيره؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سألته النساء عن دم الحيض يصيب الثوب أمر بغسله بدون تفصيل. وليعلم أن الدم الخارج من الإنسان من غير السبيلين لا ينقض الوضوء، لا قليله ولا كثيره كدم الرعاف، ودم الجرح، بل نقول: كلّ خارج من غير السبيلين من بدن الإنسان، فإنه لا ينقض الوضوء، مثل: الدم، وماء الجروح، وغيرها. (فتاوى ابن عثيمين 11/198) .

فضلات الحشرات.. هل هي نجسة؟

فضلات الحشرات.. هل هي نجسة؟ المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 28/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فكم يسعدني أن أتواصل معكم عبر بابكم هذا، والذي أستفيد منه دائماً، ويقدم لي كل جديد، ويفتح أمامي آفاقا، واسعةً من العلم، جزاكم الله عنا كل خير. سؤالي هو عن بعض المخلفات التي يكون لها أثر من بعض الحشرات، كالناموس مثلاً، فأنا أجد دائماً فوق الأسطح والزجاج نقطاً لونها كالتراب تكون مرشوشة عليها، وهي من الناموس، وأحياناً اكتشفنا أنه يوجد فأر من مخلفاته التي كانت موجودة على الأرض والسجاد، فكيف لي إزالتها والتأكد من نظافة المكان؟ وكيف لي غسله؟ وهل تعتبر تلك المخلفات نجسة وعلي غسلها بالماء وتطهيرها؟ وإلا، فما حكمها؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: أحمد الله لك الذي وفقك إلى الحرص على تعلم أمور دينك، وأسأله -سبحانه- أن يوفقك إلى الحرص على ما ينفعك في دينك ودنياك. ثانياً: الأمور الواردة في السؤال لا تعد من النجاسات؛ وذلك لأنها من الأمور التي يشق التحرز منها، فعند أصحاب السنن عن أبي قتادة - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الهرة: "إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم" رواه الترمذي (92) والنسائي (68) وأبو داود (75) ، وابن ماجدة (367) . وكذلك كل ما يشق التحرز عنه من فضلات الحيوانات مأكولة اللحم، والحيوانات التي يباح للإنسان اقتناؤها (يستثنى من ذلك الكلب عند جواز اقتنائه) ، وما شابه ذلك من الحشرات والقوارض (كالفئران) التي توجد في البيوت، كل هذه الأمور لا تعد نجسة، وأما استقذار هذه الأمور والقيام بتنظيفها فهذا راجع إليك، وبالطريقة التي يراها الشخص مناسبة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تطهر من به سلس بول

تطهر من به سلس بول المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 8/11/1424هـ السؤال أنا مصاب بضعف وارتخاء في عضلات المثانة، وإذا تبولت -أكرمكم الله- تظهر قطرات بعد البول، ولا يطهر الذكر إلا بعد (15) دقيقة تقريباً فأنا أضع حائلاً بينه وبين ملابسي، وإذا انقطعت القطرات أتوضأ وأصلي، ولكن في كثير من المرات أصحو وأنا محتقن وإقامة الصلاة قريبة جداً فماذا أفعل؟ هل أصلي مع الجماعة وأنا محتقن من البول؟ أو أتبول وأنتظر حتى يطهر الذكر وأصلي في البيت وتضيع علي الجماعة؟ مع العلم أني -والحمد لله- حريص جداً على صلاة الجماعة، أفتوني مأجورين، وماذا أفعل في الصلوات التي صليتها وأنا محتقن؟ الجواب إذا كان بإمكانك أيها الأخ التطهر من البول قبل خروج الوقت فإنه يجب عليك ذلك، وعليك بالمبادرة إلى الطهارة حتى تتمكن من إدراك الجماعة، وذلك بعد انقطاع أثر البول عنك تماماً، فإن لم تتمكن من إدراك الجماعة لهذا العذر فلا حرج عليك -إن شاء الله-.

تطهير الفراش من آثار الوقاع

تطهير الفراش من آثار الوقاع المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 30/1/1424هـ السؤال بعد أن أجامع زوجتي قد يصيب الفراش بعض الإفرازات سواء مني أو من زوجتي، فهل تركها حتى تجف يزيل نجاستها؟ أم يجب إزالتها بالماء حتى يصير الفراش طاهراً؟ الجواب هذه الإفرازات إن كانت منياً فهي طاهرة سواء كانت منك أو من زوجتك، وإن كانت مذياً أو غيره وليست منياً فهي نجسة ولا يطهر الفراش بجفافها، ولا يلزم تطهير الفراش منها؛ لأن الفراش معرض دائماً لها ولأمثالها، وليس محلاً للصلاة عليه.

نجاسة لعاب الكلب

نجاسة لعاب الكلب المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 21/2/1424هـ السؤال سؤالي عن لعاب الكلب في حالة إصابة ثوبي شيء منه هل تصح الصلاة به؟ وإن كان ذلك هل يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب كما هو الحكم في الإناء أم يغسل بالماء بشكل عادي؟ وهل إذا لامس لعاب الكلب يدي يجب أن أتوضأ إذا أردت الصلاة أم لا؟ أفيدونا مأجورين. الجواب فأولاً: أنصح أخي السائل بعدم اقتناء الكلاب إلا لمسوغ شرعي؛ لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية، أو صيد أو زرع، انتقص من أجره كل يوم قيراط" أخرجه مسلم (1574) وغيره، والحديث مخرج نحوه في البخاري (2322) ، والقيراط كما ثبت في الحديث أصغره مثل جبل أحد، قال الإمام النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم (3/186) :"وقد اتفق أصحابنا وغيرهم على أنه يحرم اقتناء الكلب لغير حاجة مثل أن يقتني كلباً إعجاباً بصورته، أو للمفاخرة به، فهذا حرام بلا خلاف، وأما الحاجة التي يجوز الاقتناء لها فقد ورد هذا الحديث بالترخيص لأحد ثلاثة أشياء، وهي: الزرع والماشية والصيد" أ. هـ. وأما بالنسبة للعاب الكلب إذا أصاب ثوباً أو عضواً من أعضاء البدن، فإنه ينجسه، وعلى هذا فيجب غسله -الثوب أو البدن- سبع مرات أولاهن بالتراب، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم في ولوغ الكلب في الإناء، وعليه فيمر التراب مع الماء في الغسلة الأولى على المحل المتنجس ثم يكمل الغسلات الباقية، قال النووي في شرح صحيح مسلم (3/186) :"ولو ولغ -أي الكلب- في ماء قليل أو طعام، فأصاب ذلك الماء أو الطعام ثوباً أو بدناً آخر وجب غسله سبعاً إحداهن بالتراب"أ. هـ.

والراجح من قولي أهل العلم أن غير التراب كالصابون ونحوه لا يقوم مقام التراب، وذلك للنص عليه في أحاديث الولوغ، وأيضاً لأنه ثبت في الطب الحديث أن النجاسة الناتجة عن ولوغ الكلب لا يزيلها غير التراب، والله تعالى أعلم.

هل هذه المحاليل الطبية نجسة؟

هل هذه المحاليل الطبية نجسة؟ المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 29/3/1423 السؤال أنا طبيب في قسم جراحة المسالك البولية، وطبيعة عملنا يتطلب عمل مناظير للمثانة باستخدام حقن سائل يتم من خلاله رؤية المثانة، مع العلم أننا نستخدم ما يعادل ثلاث لترات من هذا المحلول في الساعة، والمعلوم طبياً أن كمية البول التي تفرزها الكليتان في الساعة حوالي ستين مليمترا، وسؤالي: أنه يصيب ثيابنا وحتى ملابسنا الداخلية الكثير من هذا المحلول بعد اختلاطه بالبول، فهل يجب تغيير هذه الملابس قبل أداء الفريضة أم أنه إذا بلغ الماء القلتين لم يحمل الخبث؟ الجواب الراجح في هذه المسألة أن السوائل والمحاليل حكمها حكم الماء في التنجس وعدمه، والراجح أن النجاسة لا تؤثر في الماء إلا إذا ظهر أثرها في لونه، أو طعمه، أو ريحه قَلَّ هذا الماء أو كثر، وإلى هذا القول أشار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال في (الفتاوى 21/508) :" ومن تدبر الأصول المنصوصة المجمع عليها، والمعاني الشرعية المعتبرة في الأحكام الشرعية تبين له أن هذا هو أصوب الأقوال، فإن نجاسة الماء أو المائعات بدون التغير بعيد عن ظواهر النصوص والأقيسة" وبناء على ما سبق فإن هذا المحلول الذي يختلط بالبول ينظر فيه فإن كان متغيراً بالبول في لونه، أو طعمه، أو رائحته فهو نجس وإلا فليس بنجس، وإن أمكن التنزه عنه فهو أولى، والله أعلم.

سلس المذي

سلس المذي المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 16/7/1423هـ السؤال فضيلة الشيخ: أفيدكم أنني شاب أبلغ من العمر 26 عاماً، تزوجت منذ أربعة أشهر أعاني من مشكلة كانت عندي قبل الزواج واستمرت بعده، وهي: خروج المذي مني بكثرة وهذا يزعجني ويجعلني أجلس في الحمام مدة تزيد عن نصف ساعة، وأحياناً أعيد الوضوء أكثر من مرة، ومرات أضطر لإعادة الصلاة ظناً مني بأنه قد خرج مني المذي، فما حكم عملي هذا؟ علماً أنني أغسل ذكري بالماء فإذا مسسته وجدت فيه لزوجة، فهل يكفي غسل الذكر أم يجب التأكد من عدم وجود اللزوجة؟ الجواب أنت رجل مذّاء، والمعنى كثير المذي، فلا حاجة لك في أن تجلس في الحمام هذا الوقت، بل حكمك حكم من به سلس بول، وإن كان المذي لا ينقطع دائماً، فإذا دخل وقت الصلاة فاغسل ذكرك وما لوثه ثم توضأ للصلاة وصل من النوافل ما شئت إلى خروج الوقت، وقد روى البخاري (269) واللفظ له، ومسلم (303) من حديث علي أنه كان رجلاً مذّاء، قال: فأمرت رجلاً أن يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته فسأله، فقال: توضأ واغسل ذكرك"، وإن كان المذي ينقطع في وقت دون وقت فتحرّ الوقت الذي ينقطع فيه ثم اغسل فرجك وتوضأ للصلاة، والذي أخشى أن الذي بك وسواس لا سلس فإن كان ذلك فلا تلتفت إليه، وفي الجملة عليك بالحذر من كل مثير للشهوة كالتفكير، ومقدمات الجماع وغيرها مع زوجتك في أوقات الصلوات.

النجس الخارج من غير السبيلين

النجس الخارج من غير السبيلين المجيب عبد الله بن عبد الوهاب بن سردار خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 29/8/1424هـ السؤال بالنسبة إلى نواقض الوضوء: 1- الخارج من السبيلين. 2- والخارج الفاحش النجس من الجسد. ما معنى الخارج الفاحش النجس من الجسم؟. الجواب ينتقض الوضوء بخروج أي شيء من السبيلين (القبل والدبر) ، سواء أكان هذا الخارج بولاً أم غائطاً أم دماً أو كان غير ذلك. وقد يخرج شيء من جسم الإنسان من غير السبيلين، كخروج الدم من الأنف أو الفم أو الجرح، وكخروج الريق والنخامة والعرق والقيح، (فهذا هو الخارج من الجسم من غير السبيلين) . وهذا الخارج من جسم الإنسان قد يكون طاهراً مثل العرق واللعاب والمخاط، وقد يكون نجساً مثل الدم (فهذا هو الخارج النجس من الجسم) . وهذا الخارج النجس (الدم) مثلاً قد يكون قليلاً وقد يكون كثيراً، والكثير يسمى فاحشاً. إذن معنى العبارة (كُلَّ ما خرج من جسم الإنسان من غير السبيلين وكان هذا الخارج نجساً (مثل الدم) وكان فاحشاً أي: كثيراً. الحكم: الخارج النجس الكثير من جسم الإنسان من غير السبيلين ينقض الوضوء عند بعض أهل العلم -رحمهم الله جميعاً_. لكن يرى آخرون من أهل العلم -رحمهم الله- أنه لا ينقض الوضوء، وهذا هو الأقرب إلى الصواب، والله أعلم.

كيف يتطهر من لا يتحكم في الخارج منه؟

كيف يتطهر من لا يتحكم في الخارج منه؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 15/11/1424هـ السؤال أجريت لي عملية جراحية في منطقة الدبر، ومن حينها أصبحت ألاحظ عدم تمكني الكامل في التحكم في البراز، بل إنني ألاحظ أحياناً بعض البراز في الملابس الداخلية بعد الصلاة، فما الحكم في تلك الصلوات وما العمل في المستقبل؟ الجواب ما دمت لا تستطيع التحكم في ذلك فلا بأس عليك، وإنما عليك أن تستنجي بغسل مكان الخارج وتزيل أثر النجاسة، وتتخذ شيئاً يمنع انتشار النجاسة الخارجة من الدبر، وتتوضأ بعد دخول وقت تلك الصلاة، وتنوي بوضوئك استباحة الصلاة، وتصلي بهذا الوضوء الفرض والنوافل ما دمت في الوقت، فإذا خرج وقت هذه الصلاة فعليك أن تتوضأ لوقت الصلاة الثانية.

متى يغسل بول المولود؟

متى يُغسل بول المولود؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 27/12/1422 السؤال إلى أي مدة زمنية يعتبر بول المولود الذكر غير مستوجب الغسل من أجل الطهارة منه؟ الجواب هذا ليس فيه تحديد للمدَّة الزمنية، وإنما هو بأكله الطعام من عدمه، إذا كان غذاؤه اللبن فقط فإن بوله يرش رشاً ويكفي، وأمَّا إذا كان يأكل الطعام ويشرب اللبن فإن بوله يغسل كبول غيره، فلا يتقيد بزمن، وإنما هو بأكله الطعام، متى ما أكل الطعام مع اللبن يغسل. لِما أخرجه البخاري (223) مسلم في صحيحه (287) عن أمِّ قيس بنت محصن -رضي الله عنها- أنها أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بابن لها لم يأكل الطعام، فوضعته في حجره، فبال، قال: فلم يزد على أن نضح بالماء.

حكم الإفرازات المهبلية

حكم الإفرازات المهبلية المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 16/1/1423 السؤال أنا امرأة حامل، وأعاني من مشكلة كثرة الإفرازات المهبلية، وكلما أردت الصلاة أشعر بخروج شيء - أحياناً يكون إحساسي خاطئاً - فهل يجب علي إعادة الصلاة؟ أحياناً أكون قد انتهيت وبعدها أجد شيئاً في الملابس، فهل تعد نجاسة أم لا؟ وهل يمكن الاكتفاء بمسحها بالماء من الملابس أم تغييرها، وخاصة إن كنت خارج المنزل؟ -مثلاً- في رمضان صليت التراويح في المسجد، وعندما عدت للبيت وجدت الإفرازات في ملابسي، فهل كان علي إعادة الصلاة؟ لشكي قمت بإعادة العشاء فقط، وهل يجب الوضوء لكل صلاة أم يمكن الجمع بوضوء واحد لصلاتين، وخاصة إن كنت خارج المنزل؟ الجواب الرطوبة التي تخرج من فرج المرأة (الإفرازات المهبلية) محل خلاف بين الفقهاء، والأقرب للصواب - إن شاء الله - أنها طاهرة بنفسها وغير ناقضة للوضوء، وعلى هذا تزول جميع الإشكالات التي في السؤال.

يخرج منه قطرات من البول بعد استنجائه

يخرج منه قطرات من البول بعد استنجائه المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 19/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كنت قد أرسلت إليكم سؤالاً بخصوص أني أشعر بوجود بعض قطرات البول بعد التبول، وقد تفضلتم وأرسلتم لي الجواب بعنوان (سلس البول) ، فجزاكم الله خيراً. ولكنى لا أعتقد أني أعاني من سلس البول، فالذي يحدث أني أجد قطرات بول تخرج من الذكر وتخرج بصعوبة، وتظل مدة طويلة، وأظل أضغط على عنق الذكر حتى تخرج، والمشكلة هي طول المدة، مما يجعلني أعاني كثيراً، وخصوصا عندما أكون خارج المنزل وأتخلف عن صلاة الجماعة، ولا أشعر بالاطمئنان في الصلاة مما أصابني بالوساوس. دلوني على الحل الأمثل لتلك المشكلة؛ حتى أصلي وأنا مطمئن. وجزاكم الله كل خير. الجواب

إذا كانت تخرج من الإنسان قطرات بعد تبوله فإن عليه أن يجتهد في قضاء حاجته قبل دخول الوقت، ويضع حائلاً على مخرج البول؛ كمنديل ونحوه، بحيث يكون عنده من الوقت ما يكفي، ويكون هذا الخارج في هذا الحائل، فإذا جاء وقت الصلاة يكون قد انقطع هذا الخارج فيستنجي ويتوضأ ويصلي صلاة معتادة، وأما ما ذكره من أنه يكثر من الضغط على الذكر ونحوه فإن هذا من الناحية الطبية ليس سليماً، لأنه يسبب التهابات، ويسبب خلطاً في مجاري الخارج من الذكر، ويسبب له أمراضاً. وليس هذا هو العلاج الشرعي له، وإنما العلاج أن يحاول - كما قلنا في أول الكلام - أن يقضي حاجته في وقت مبكر، أو يضع حائلاً على مخرج البول، وما يخرج منه أثناء هذه المدة يكون في هذا الحائل، وعليه ألا يشتغل في الوساوس، لأن كثرة التركيز على هذا الأمر يسبب للإنسان شيئاً من الوساوس، وقد ذكر في سؤاله أنه يعاني شيئاً من ذلك، حتى إن الجماعة تفوته، وفي أثناء الصلاة لا يطمئن، وعليه أن يعرض نفسه على طبيب المسالك لعله يجد له دواء، والله أعلم.

تنجس بصاق اللاعن

تنجس بصاق اللاعن المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 20/6/1424هـ السؤال امرأة بصق عليها ابن ابنها الصغير وكان عمره ست سنوات، فخلعت ملابسها عندما أرادت الصلاة لأنها تعتبرها نجسة؛ لأن الطفل كان يلعن ويشتم، وهي تقول إنهم يذكرون أن الذي يشتم ويلعن ينجس فمه أربعين يوماً، فإذا تنجس فمه فبصاقه نجس، فما حكم فعلها؟ وهل ما ذكرته من تنجس فم من يلعن له أصل أم أنه غير صحيح؟ الجواب ما فعلته السائلة من خلع الثياب بسبب بصاق الطفل عليها مخالف للشرع، لأن بصاقه طاهر، وخلع الملابس لا يكون إلا من النجاسة، وما ذكرته في سؤالها من أن فمه يتنجس لكونه يسب ويلعن لا أصل له في الشرع، فالأعيان لا تتنجس إلا بملاقاة النجاسة، وليس السب واللعن بنجس، والله أعلم.

علم بنجاسة ثوبه أثناء الصلاة

علم بنجاسة ثوبه أثناء الصلاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 12/1/1425هـ السؤال عندما كنت أصلي صلاة العصر تذكرت أني توضأت وغسلت ذكري ولم أغسل المذي الذي في ثوبي, ما حكم صلاتي؟ وهل هي صحيحة أم لا؟ وماذا يجب علي إن لم تكن صحيحة؟ وشكراً لكم. الجواب إن كنت تذكرت وأنت تصلي فيجب عليك أن تتخلص من النجاسة بخلع ما هي فيه مع الاستمرار في صلاتك، فإن لم تستطع فتنصرف من صلاتك وتتخلص من النجاسة وتبدأ صلاتك من أولها، وإن كنت لم تتذكر النجاسة إلا بعدما أكملت الصلاة فصلاتك صحيحة، والحمد لله.

إفرازات المرأة أثناء المداعبة

إفرازات المرأة أثناء المداعبة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 29/8/1424هـ السؤال هل السائل الذي يخرج مني أثناء مداعبة زوجي لي نجس؟ وهل يوجب الغسل (وهو سائل مائي اللون لزج قليلاً) ؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: هذا السائل الذي يخرج عند المداعبة هو المذي، وهو سائل نجس، ولكنه لا يوجب الغسل، بل يوجب غسل الفرج ثم الوضوء، كما يدل عليه حديث علي -رضي الله عنه-، فإنه قال:"كنت رجلاً مذاءً، فكنت أستحي أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال:"يغسل ذكره ويتوضأ" أخرجه البخاري (132) ، ومسلم (303) ، واللفظ له، وفي لفظ آخر لمسلم:"توضأ وانضح فرجك"، وأما المني الذي يوجب الغسل، فإنه يخرج عند الجماع أو الاحتلام أو الاستمناء، وهو ماء رقيق أصفر، كما جاء ذلك في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه (311) عن أنس -رضي الله عنه-:"أن أم سلمة حدثت أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل" فقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: واستحييت من ذلك، قالت: وهل يكون هذا؟ فقال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-:"نعم، فمن أين يكون الشبه! إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه" والله تعالى أعلم.

إفرازات المرأة المهبلية

إفرازات المرأة المهبلية المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 12/2/1424هـ السؤال أنا امرأة متزوجة وحامل في الشهر السادس وأعاني من كثرة السوائل التي تخرج من الفرج، والمشكلة هي أنني أعاني منها عندما أصلي فقد أشعر بها في أثناء الصلاة فأقطعها وأعيد الصلاة مرة أخرى وهكذا ثانية وثالثة حتى أتأكد من عدم نزولها مما يشق عليَّ من كثرة الإعادة، وأحياناً أشعر بها أثناء الوضوء فأعيد الوضوء وأحياناً لا أشعر بها نهائياً، ولكن عندما أذهب إلى الحمام بعد الصلاة مباشرة أجدها، فهل تعد ناقضة للوضوء أم لا؟ وهل يجب عليَّ إعادة الصلوات التي أجد بعدها هذه السوائل؟ أفيدوني، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: هذه السوائل المشار إليها تخرج من المهبل مخرج الولد وهي طاهرة لا توجب غسل المحل ولا الثياب، ولا تنقض الوضوء أيضاً؛ لأنه لم يرد في نصوص الشارع -فيما أعلم- ما يدل على نجاسة هذا الخارج، أو على أنه ناقض، لا سيما وأن هذا الأمر مما يبتلى به عامة النساء -سواء في عصرنا هذا أو في عصر النبوة- فلو كان نجساً أو ناقضاً لبينه الشارع، وأيضاً فإن هذا الخارج ليس من فضلات الطعام والشراب -كالبول- وإنما إفراز طبيعي يخرج من الرحم، ولذا فإنه يكثر مع الحمل ولا سيما في الشهور الأخيرة منه، وهذا ما أفتى به سماحة الشيخ: محمد بن عثيمين في آخر حياته وقبله الإمام ابن حزم، والله تعالى أعلم.

وجود بول دائما في الملابس

وجود بول دائماً في الملابس المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 24/2/1424هـ السؤال أجد في ملابسي الداخلية أربع أو خمس نقاط من البول على الدوام، فأغسلها تارة وأنساها أخرى، هل يعتبر هذا من سلس البول؟ ماذا يجب علي فعله؟ هل أغسله دائماً أم أتركه؟ أم ماذا أفعل؟ ما حكم صلاتي السابقة فيه؟ الجواب أخشى أن الذي بك وسواس فإن كان كذلك وجب عليك أن تغسل ذكرك بعد البول ثم تتوضأ وضوءك للصلاة، وينبغي أن ترش شيئاً من الماء على سراويلك؛ حتى لا يداخلك الشك كما ثبت ذلك في السنة، فإن تيقنت أنه بول وليس بك وسواس فالواجب عليك عند دخول الوقت أن تغسل فرجك وما لوثه من بدن وملابس ثم تتوضأ وضوءك للصلاة، ثم تصلي ما شئت من فروض ونوافل، فإذا دخل وقت الأخرى تفعل مثل فعلك الأول إلا إذا لم يخرج منك شيء فأنت على طهارتك الأولى، وأما صلاتك في ثوب فيه نقاط بول وتركتها نسياناً أو جهلاً فصلاتك صحيحة والحالة هذه لعموم قوله تعالى:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" [البقرة: 286] .

تطهير بول الطفل

تطهير بول الطفل المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 24/5/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. يوجد سجادة صلاة بالمنزل، قد يصيبها نجاسة بول طفل، هل يلزم غسلها للصلاة عليها؟ أم يمكن وضعها في الشمس والهواء فتصبح جافة؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هناك مسألتان: المسألة الأولى: بول الطفل نجس؛ وذلك لعموم الأحاديث الواردة في نجاسة بول الآدمي، وهذه الأحاديث تعم بول الصغير والكبير. المسألة الثانية: أن الشرع ورد بالتخفيف في غسل نجاسة بول الطفل الذي لم يأكل الطعام، فيكفي فيه النضح، أي: مجرد إمرار الماء على الجزء الذي أصابه البول من غير حاجة إلى عصر، هذا إذا كان الطفل في السؤال لم يأكل الطعام بعد، أما إذا كان يأكل الطعام، أي: ينظر للطعام بشهوة ورغبة، فيجب أن يغسل مثل ما يغسل سائر بول الآدمي، لا بد من غمر المكان بالماء، ويحتاج إلى عصر. والنجاسة تزول بغير الماء، وهذا هو الراجح من أقوال العلم، فأي شيء زالت به النجاسة فإنها تزول؛ فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا انتفت النجاسة انتفى الحكم بالقول بأنها نجسة، وبناء على ذلك فالنجاسة تزال بغير الماء كالريح، والشمس، وغير ذلك. والله أعلم.

تطهير دم الحيض بالريق

تطهير دم الحيض بالريق المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 22/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. الشيعة يقولون: إنه ورد في صحيح البخاري المجلد الأول الكتاب السادس رقم: (312) عن عائشة- رضي الله عنها- لم يكن لإحدانا أكثر من ثوب واحد، وكان الحيض يأتينا ونحن نرتديه، وعندما يجف الدم من الحيض على الثوب كنا نمسح الدم بريقنا ونحته بأظفارنا. فهل هذا صحيح؟ إذن لماذا قال الشيخ سلمان باستخدام الماء؟ أرى هذا البيان غريباً؛ لأنني لم أسمع أن الريق يطهّر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فلقد ثبت في صحيح البخاري (312) عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: "ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من دم قالت بريقها، فقصعته بظفرها، أي: فركته به"، وقولها - رضي الله عنها-: "قالت بريقها" أي: بلَّته به، وهذا الحديث الصحيح حجة لمن قال إنه يجوز تطهير النجاسة بكل مائع طاهر- ومنه الريق- كما أشار إليه الحافظ بن حجر في الفتح (1/331) ، وهذا هو مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف - رحمهما الله- كما في الهداية مع فتح القدير (1/169-170) ، وهو رواية عن أحمد - رحمه الله- كما في الإنصاف (2/298) ، ورجَّحه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (21/475) ، حيث قال: (فالراجح في هذه المسألة: أن النجاسة متى زالت بأي وجه كان، زال حكمها، فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها) ا. هـ. هذا هو الراجح في هذه المسألة، ومن قال بقول الجمهور، وهو أن النجاسة لا تزول بغير الماء، فالأمر واسع بحمد الله. والله -تعالى- أعلم.

ما حكم هذه الرطوبة؟

ما حكم هذه الرطوبة؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 18/03/1426هـ السؤال حضرة الشيوخ الأكارم: السلام عليكم ورحمة الله. أنا فتاة في العشرين من عمري، أقع في حالة معينة من الإثارة الجنسية، فيخرج من جسمي سائل لا يخرج إلا في حالين: إما عند قيامي بمثل هذا الأمر، وإما عند تفكيري أفكاراً جنسية، فهل خروج مثل هذا السائل يوجب الغسل، أي هل أكون جنباً حين يخرج؟ وهل هو نجس؟. أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فالذي يظهر أن هذا السائل الذي يخرج منك هو المذي، وهو الذي يخرج غالباً عند استدعاء الشهوة، أو عند مقدمات الإثارة الجنسية، وهو سائل مائي اللون، وهو بخلاف المني الذي يخرج من المرأة عند الاحتلام أو الجماع، فإنه ماء رقيق أصفر، كما جاء ذلك في حديث أنس عند مسلم (311) حين قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأم سلمة: " ... إن ماء الرجل - يعني: المني- غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه". والمذي - أيتها الأخت الكريمة- سائل نجس، يجب غسل الملابس منه، وهو يوجب غسل الفرج والوضوء، كما دل على ذلك حديث علي -رضي الله عنه- عند مسلم (303) ، وفيه أن المقداد بن الأسود -رضي الله عنه- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عمَّا يوجبه خروج المذي، فقال عليه الصلاة والسلام: "توضأ وانضح فرجك". وعليه فمن خرج منه هذا السائل فإنه لا يكون جنباً، وإنما يكون محدثاً حدثاً أصغر، كما دل عليه هذا الحديث.

بقي أن أقول أختي الكريمة: إنه يجب عليك أن تشغلي نفسك بالخير -أو على الأقل بالمباح- عن كل ما يثير الشهوة أو يؤججها، فالنفس - كما قيل- إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر، وكلما كثر وقت الفراغ، كلما كثر عليك ورود الأفكار الحالمة والتخيلات الجنسية المثيرة، وحينئذ تتحرك عندك الشهوة، وتهيج الغريزة، وتقعين في المحظور باللجوء إلى ما يخففها من الوسائل المحرمة، والتي هي في الحقيقة تثير الشهوة وتهيجها. وأوصيك - أختي الكريمة- بمصاحبة النساء الصالحات اللاتي يذكرنك بالله - عز وجل- وبالدار الآخرة، واللاتي ممن تطابق أفعالهن أقوالهن، وسرائرهن علانيتهن، واحرصي - أيضاً- على الزواج المبكر متى ما تقدم لك زوج صالح في مظهره ومخبره، في دينه وخلقه؛ حتى يكون عوناً لك على ما يرضي الله -تعالى-، وحتى تشعري بطعم السعادة على حقيقتها. والله -تعالى- أسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى.

التنجس بملاقاة النجاسة

التنجس بملاقاة النجاسة المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 02/08/1426هـ السؤال هل يتنجَّس الشخص عندما يجلس أو ينام أو يمشي على مكان قد أصابته نجاسة، خصوصاً إذا كان جسم هذا الشخص مبلولاً أو ملابسه مبلولة؟ وإذا حضر عندي ضيف وجلس على الكنب، أو مشى على السجادة التي بال عليها الطفل -سابقاً- فهل يجب علي أن أخبره أن لا يجلس في ذلك المكان حتى لا يتنجَّس؟ وهل أكون آثمة لو لم أخبره؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أولاً: الأصل في الأشياء الطهارة ما لم تثبت نجاستها. ثانياً: النجاسة اليابسة لا تنتقل إلى ثياب من لاقاها، أما إذا كانت رطبة فإن رؤي أثر الرطوبة في ثياب من جلس عليها فهي نجسة وإلا فلا. فإن شك الإنسان في انتقالها إليه فالأصل هو الطهارة، وهو أصل متيقن لا ينتقل عنه إلا بيقين أو غلبة ظن، ولعل من أقوى ما يدفع الوسواس حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة -وهي بئر يلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب؟ - فقال النبي صلى الله عليه وسلم-: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء" أخرجه أبو داود (66) ، والترمذي (66) ، والنسائي (326) . وصححه الإمام أحمد ويحيى بن معين وابن حزم وابن تيمية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

نجاسة المذي

نجاسة المذي المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم كتاب الطهارة/إزالة النجاسة التاريخ 01/11/1426هـ السؤال إذا وصل المذي الملابس وجفَّ فيها، هل يجوز الصلاة بتلك الملابس؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نجاسة المذي نجاسة مخففة، فيكفي فيه نضح الثوب، أي مكاثرته بالماء، فإن صلى بثوب فيه نجاسة ناسياً فلا شيء عليه. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيفية الغسل من الحيض

كيفية الغسل من الحيض المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الغسل التاريخ 24/7/1422 السؤال ما كيفية الغسل والتطهر من الحيض؟ وما الدعاء، أو ماذا يجب على أن أفعل أو أقول؟ الجواب ليس عليها شيء واجب من الدعاء، وإنما تسمي عند البدء إذا كانت في مكان طاهر، وإذا كانت في دورة المياه التي فيها قضاء الحاجة، فإنها تقدم رجلها اليسرى عند الدخول وتسمي، ثم تغتسل الاغتسال الكامل؛ فتبدأ بغسل أثر النجاسة من فرجها وما حوله، ثم تتوضأ وضوءها للصلاة، ثم تفيض الماء على رأسها حتى تروي بشرتها بالماء وتنقض شعرها، ثم تفيض الماء على سائر جسدها ثلاث مرات، فهذا هو الغسل الكامل. فقد أخرج مسلم في صحيحه (332) عن عائشة أن أسماء سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن غسل المحيض فقال: ((تأخذ إحداكنّ ماءها وسدرتها فتطهّر، وتحسن الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصبّ عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسّكة فتطهّر بها)) فقالت أسماء: وكيف تطهّر بها؟ فقال: ((سبحان الله! تطهّرين بها)) فقالت عائشة (كأنها تخفي ذلك) تتبّعين أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة فقال: ((تأخذ ماءً فتطهّر فتحسن الطهور، أو تبلغ الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء)) فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار! لم يكن يمنعهنّ الحياء أن يتفقهن في الدين. هذا هو الغسل الكامل، أما الغسل المجزئ فهو غسل البدن كاملاً بالماء مرة واحدة. والله أعلم.

الحيض والاستحاضة والنفاس

الولادة القيصرية هل لها نفاس المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 27/6/1422 السؤال سمعت بأن المرأة التي تلد بالقيصرية ليس لها نفاس على الرغم من نزول الدم بنفس صفة التي تلد ولادة طبيعية، فهل هذا صحيح؟ الجواب هذا ليس بصحيح لأن النفاس هو الدم الخارج من المرأة مع الولادة، أو بعدها، أو قبلها بيسير. أما إذا استخرج الجنين بأي طريقة ولم يحصل مع المرأة دم فلا نفاس عليها.

متى تبدأ أحكام النفاس؟

متى تبدأ أحكام النفاس؟ المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 9/4/1422 السؤال قريبة لي كانت حاملاً وفي عصر يوم 29 من رمضان نزل معها دم خفيف جداً وفي ليلة 30 بدأت علامات الولادة كألم الظهر ونحوه ثم في صبيحة يوم 30 خرج منها ماء الولادة، ثم ولدت ليلة العيد ... علماً أنها صلت يوم 29 كاملاً أما يوم 30 فصلت الفجر فقط.. وقد صامت اليومين معاً.. ما حكم صلاة هذين اليومين من حيث الوجوب والأجزاء والقضاء؟ الجواب المدار في ذلك على وجود الطلق، فمتى بدأ الطلق أخذت حكم النفساء، وعلى هذا فإن كان هذا الدم الخفيف غير مقرون بطلق وانقطع بعد ذلك فصيامها صحيح في اليوم التاسع والعشرين وكذلك صلاتها؛ وإن كان مقترناً بآلام الولادة فصومها غير صحيح، وأما اليوم الثلاثين فعليها قضاؤه لأنه مقرون بالطلق وهو بداية النفاس.

رأت الحيض بعد قضاء العمرة

رأت الحيض بعد قضاء العمرة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 27/11/1424هـ السؤال سؤالي عن عمرة أتيت بها منذ سنة، وفعلت جميع متطلباتها، ولكن بعد عودتي إلى السكن وجدت دم الدورة، علماً بأنني كنت متأكدة بأنني طاهرة عندما بدأت العمرة، ولست متأكدة متى نزلت الدورة؟ هل هي خلال عمرتي أو بعد الانتهاء من المناسك أفتونا مأجورين. جزاكم الله خيراً. الجواب ما دمت متأكدة بأنك بدأت الطواف طاهرة فلا تلتفتي إلى الشك، ويجوز أن ما رأيت حصل بعد الطواف، واعلمي أن السعي لا يشترط له طهارة، فلو طافت المرأة طاهرة ثم جاءها الحيض قبل السعي فإنها تسعى، ولا شيء عليها، فعمرتك صحيحة -إن شاء الله-.

إعادة المرأة للصيام دون الصلاة

إعادة المرأة للصيام دون الصلاة المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 25/10/1425هـ السؤال لماذا المرأة تعيد صيامها ولا تعيد صلاتها؟ علمًا أن الصلاة عمود الدين. ما أصل كلمة (آمين) في الصلاة؟ وما معناها؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: 1-فإن المرأة إذا حاضت ثم طهرت لزمها قضاء الصوم ولا يلزمها قضاء الصلاة، والأصل أن على المسلم التسليم والإيمان بحكم الله وحكمته، ويكفيه ذلك كما قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب: من الآية36] . ولما سئلت عائشة، رضي الله عنها: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ كان جوابها: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ. أخرجه مسلم (335) . لكن قد يكون من الحكمة في ذلك أن في قضاء الصلاة مشقة على المرأة، وقد تطول أيام الحيض عند بعض النساء، وكذلك أيام النفاس، ودين الإسلام ولله الحمد جاء برفع الحرج، وأما الصيام فليس في قضائه مشقة كقضاء الصلاة. والله تعالى أعلم وأحكم.

2- وأما كلمة (آمين) فهي كلمة تقال في إثر الدعاء، قال الفارس: (هي جملة مركبة من فعل واسم، معناها: اللهم استجب لي. قال: ودليل ذلك أن موسى عليه السلام- لما دعا على فرعون وأتباعه فقال: (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ) [يونس: 88] . قال هارون عليه السلام: آمين. فطبّق الجملة بالجملة) ا. هـ. وتلاحظ أيها الأخ أن بداية الآية: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً ... ) . وختمت بقوله تعالى: (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) . مع أن الدعاء من موسى لكن أمَّن هارون- عليهما السلام- على دعائه. والله تعالى أعلم.

نزول دم بسبب اللولب

نزول دم بسبب اللولب المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 11/3/1424هـ السؤال استعمل أحد وسائل تنظيم النسل وهي (اللولب) ، ويستمر الحيض عندي سبعة أيام، وبعد الطهر يستمر نزول الدم خمسة أيام بكميات بسيطة جداً؛ فما حكم الصلاة والجماع في هذه الفترة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان هذا اللولب معروفاً بأنه يحدث الحيض فيطيل مدته، فتعتبر تلك الأيام الزائدة حيضاً تترك لها المرأة الصلاة والصيام، ولا يحل فيها الوطء، وإن كان ما ينزل بعد الطهر، وبعد انقطاع الحيض من أثر اللولب فقط، فلا يعتبر حيضاً وتجب فيه الصلاة، ويجوز فيه الوطء.

الدم بعد تركيب اللولب

الدم بعد تركيب اللولب المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 8/11/1423هـ السؤال ما حكم الدم الذي ينزل على النساء بعد تركيب اللولب وهل يأخذ حكم دم الحيض أو النفاس. الجواب هذا الدم لا يأخذ حكم الحيض والنفاس، لأن الدماء التي تعرض للمرأة كثيرة، فلا تترك الصلاة ولا الصيام إلا لدم الحيض والنفاس الصريحين، أما إذا شكت في هذا فالأصل وجوب الصلاة ووجوب الصيام لا تتركها إلا لدم حيض أو نفاس.

الدم بعد انقطاع الدورة

الدم بعد انقطاع الدورة المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 11/9/1423هـ السؤال امرأة تأتيها الدورة الشهرية وتستمر حتى اليوم السابع، حيث ينقطع دم الحيض فتغتسل وتتطهر، وفي إحدى المرات انقطع عنها دم الحيض واغتسلت وجامعها زوجها في الليلة الثامنة واغتسلت من الجماع، وفي الصباح وجدت أنه خرج منها دم بكمية قليلة جداً. السؤال: هل هذا الدم دم حيض؟ وهل يأثم زوجها على جماعه لها؟ وهل عليهما كفارة؟ الجواب نزول الدم بعد الاغتسال لا يخلو إما أن يكون صفرة أوكدرة كأن يكون دماً بُنياً فهذا لا اعتبار به؛ لما ثبت عن أم عطية -رضي الله عنها- أنها قالت:"كنا لا نعد الصُفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً" رواه البخاري (326) ، فمثل هذا الدم لا يمنع الصلاة والصوم وسائر العبادات، كما لا يمنع الزوج من الجماع بسببه، وحكمه حكم البول يجب به الوضوء وإزالة ما أصاب من البدن والثوب، وأما إن كان دماً صريحاً فإنه يعد من الحيض وعلى المرأة أن تعيد الغسل بعد انقطاعه. والذي يظهر لي في الصورة المسؤول عنها أنها أقرب إلى الأول لا سيما إن كانت بعد الطهر، وللطهر علامة بارزة تعرفها النساء تُسمى القصة البيضاء، وهي سائل أبيض يدفعه الرحم في آخر العادة، ويوجد عند أكثر النساء وقد لا يوجد عند بعضهن. ولا إثم -إن شاء الله تعالى- عليها ولا على زوجها في الجماع الذي حصل على كل حال، فإنه إن كان الخارج كدرة أو صفرة فليس بحيض، وعليه فالجماع ليس في المحيض، وإن كان دماً فهما لم يقصدا ذلك؛ لأنها تعرف عادتها وقد انتهت بحسب معرفتها، ولا كفارة كذلك عليهما، والله -تعالى- أعلم.

عرق الحائض

عرق الحائض المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 19/5/1423 السؤال هل الملابس التي يصيبها العرق الخارج من الإنسان وقت الحيض أو الجنابة تعد نجسة ولا تصح الصلاة بها؟ الجواب بل هي طاهرة وتصح الصلاة فيها ما لم يصبها دم الحيض، أو نجاسة أخرى، فإن أصابتها نجاسة تُغسل ويُصلى بها.

حكم قراءة القرآن للحائض

حكم قراءة القرآن للحائض المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 7/11/1422 السؤال إن دورتي الشهرية تبدأ عادة بمخاط بنَّي اللون، ثم بعد يومين أرى الدم الأحمر، فما حكم هذين اليومين من صلاة وصيام؟ هل أصوم وأصلي وأقرأ القرآن؟ أم تعد من أيام الدورة؟ أفيدوني أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وبعد: فإن ما ترينه من مخاط بني اللون بداية دورتك الشهرية تتبع عادتك، فهو حيض لا تصومي ولا تصلي فيه؛ لأنها من أيام الدورة الشهرية، أما قراءة القرآن فمحل خلاف بين أهل العلم في جوازها للحائض، والراجح عندي جوازها - عند الحاجة - إذا كانت من غير مس للمصحف، أي من الحفظ أو تمس المصحف من وراء حائل، والله أعلم.

استخدام الحبوب التي تمنع الدورة الشهرية

استخدام الحبوب التي تمنع الدورة الشهرية المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 13/9/1424هـ السؤال السؤال: زوجتي تريد الحج ويصادف ذلك وقت الدورة الشهرية، فهل يجوز لها استخدام الحبوب التي تمنع الدورة لتحج؟ علماً أنها لم تستطع الحج في العام الماضي بسبب الدورة، وبارك الله فيكم. الجواب نعم يجوز لها استخدام الحبوب التي تمنع الدورة إذا لم يكن عليها ضرر صحي في ذلك. مع العلم أن الدورة لا تمنع من الحج، فالحائض تؤدي المناسك كلها غير ألا تطوف بالبيت حتى تطهر. والله أعلم.

استمرار دم النفاس بعد الأربعين

استمرار دم النفاس بعد الأربعين المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 1/12/1422 السؤال أنا متزوجة، وأنجبت طفلاً، وأتممت أربعين يوماً، وهي مدة النفاس، لكن بعد تمامي للأربعين يوم لم تظهر عندي علامة الطهارة، حيث يخرج مني مادة دم داكن، ثم بعد ذلك مادة صفراء. أرجو التوضيح لمعرفة الطهارة الصحيحة بالنسبة للنفساء، حيث إني الآن لا أصلي، وزوجي لا يباشرني؟ الجواب هذا الدم الذي بعد الأربعين لا يخلو من ثلاث حالات: الحالة الأولى: أن يكون الدم الذي جاء بعد الأربعين في وقت عادتها (الحيض) فحينئذٍ تجلس له فلا تصلي ولا تصوم؛ لأنه دم حيض. الحالة الثانية: ألا يكون في وقت عادتها، والدم على وتيرة واحدة أي: لم يتغير بل هو على طبيعته ورائحته التي كان عليها في الأربعين، فهذا دم نفاس على الصحيح. الحالة الثالثة: ألا يكون الدم الذي بعد الأربعين في وقت عادتها، ولم يكن على طبيعته قبل أن تتم الأربعين، فهذا دم فساد، أي: استحاضة ونزيف وليس بدم نفاس، فتغتسل وتصوم وتصلي، ولزوجها أن يباشرها، عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت:" كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدة أربعين يوماً "رواه أحمد (26561) وأبو داود (312) والترمذي (139) والحاكم (640-141) ، وصححه، ووافقه الذهبي، وقال النووي: "حديث حسن"، وقال الخطابي:" أثنى البخاري على هذا الحديث"، لكن اشترط بعض العلماء تغير الدم -كما سبق-، وحملوا الحديث على أن الأربعين هي الغالب من أحوال النساء، وعليه فيكون الأمر بالتفصيل السابق، والله - تعالى - أعلم.

أسقطت قبل تخلق الجنين فهل تعد نفساء؟

أسقطت قبل تخلق الجنين فهل تعد نفساء؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 22/12/1422 السؤال بعد حمل زوجتي بتسعة أسابيع مات الجنين في بطنها، وعملت لها عملية تنظيف لإزالة الجنين وآثار الحمل. فهل تعتبر نفساء في هذه الحالة؟ وهل النفاس مربوط بكمية الدم قليلة كانت أو كثيرة؟ وكم عليها أن تنتظر لتصلي؟ وهل هناك أحكام متعلقة بهذا السقط؟ علماً بأن المستشفى لم يسلمونا هذا السقط. الجواب لا تعتبر زوجتك نفساء، والدم دم فساد، تتوضأ وتتحفظ وتصلي وتصوم إن شاءت. والسقط في هذه الحال ليس له حكم الأموات لأنه لم تنفخ فيه الروح، ولا تثبت أحكام النفاس بكثرة الدم وقلته ولكن بكون الإسقاط وقع بعدما تبين فيه خلق إنسان، فلو وضعت سقطاً صغيراً لم يتبين فيه خلق إنسان فليس دمها دم نفاس، بل هو نزيف يكون حكمها فيه حكم المستحاضة، وأقل مدة يتبين فيها خلق إنسان ثمانون يوماً من ابتداء الحمل، وغالبها تسعون يوماً والله أعلم.

دم الإجهاض

دم الإجهاض المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 23/11/1423هـ السؤال امرأة أجهضت في الشهر الثاني، هل يعتبر الدم النازل عليها بسبب الإجهاض دم نفاس أم دم استحاضة؟ وماذا يترتب في الحالتين؟ أرجو التفصيل في المسألة وشكراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أن المرأة المسقطة لا تخلو من حالتين: الحالة الأولى: إذا أسقطت ما تبين فيه خلق إنسان ولو خفياً فإن الدم النازل يعتبر دم نفاس يترتب عليه ترك الصلاة والصيام، بل لا يصح منها ذلك، وتقضي الصيام إذا طهرت. الحالة الثانية: إذا أسقطت ما لم يتبين فيه خلق إنسان فالدم الذي يصاحبه لا يعتبر دم نفاس، بل هو دم عارض سببه الإسقاط لا يترتب عليه ترك الصلاة والصيام، بل على المسقطة أن تستثفر أي تتحفظ وتتوضأ وتصلي وتصوم كالطاهرات تماماً. هذا وما ذكرته السائلة من أن الإسقاط كان في الشهر الثاني يدل على أن الجنين لم يتبين فيه خلق إنسان، لا سيما إن كان في أوائل الشهر الثاني، فتكون من الحالة الثانية والتي تقدمت آنفاً والله أعلم.

الدم الخارج بعد عملية التنظيف

الدم الخارج بعد عملية التنظيف المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 18/2/1423 السؤال زوجتي لديها مرض يدعى (الحمل العنقودي) وهو مرض ناتج عن تكون أكياس في الرحم ينتج عنها نفس أعراض الحمل الحقيقي، ويحتاج لعملية تنظيف، وسؤالي هو: هل الدم الذي يخرج بعد عملية التنظيف يعد دم نفاس مانع من الصلاة؟ الجواب الدم الذي يخرج من المرأة بعد عملية التنظيف ليس له حكم النفاس، وهو نجس، فلا تترك له المرأة الصلاة، وإنما يجب عليها قبل الصلاة وبعد دخول الوقت غسل أثر النجاسة، واتخاذ ما يمنع نزول الدم، وتصلي ولو خرج منها دم.

الكدرة والصفرة قبل الطهر وبعده

الكدرة والصفرة قبل الطهر وبعده المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 19/7/1424هـ السؤال فتاة كانت دورتها الشهرية ستة أيام منذ بلوغها، وبعد عدة سنوات كانت تستمر الكدرة طويلاً وزادت عن عشرة أيام، وكانت تغتسل عند رؤية القصة البيضاء، وأحياناً كان يتبعها بيوم دم أو كدرة, لكنها لم تكن ترى القصة البيضاء دائماً، فكانت تظل ستة أيام ثم تغتسل وتصلي حتى لو لم تر القصة البيضاء، وذلك مع استمرار الكدرة والدم إلى ما بعد ذلك، فما الحكم؟ الجواب الكدرة والصفرة المتصلة بدم الحيض تعد حيضاً، أما بعد الطهر فلا تعد حيضاً؛ لقوله أم عطية الأنصارية -رضي الله عنها-: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً" رواه البخاري (326) وأبو داود (307) . ولا يجوز للمرأة أن تترك الصلاة لأي دم تراه، وإنما تترك الصلاة لدم الحيض أو النفاس فقط، وما عداه من الدماء فتتخذ وقاية تمنع نزول الدم وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي الفرض والنفل ولو نزل منها دم أثناء الصلاة.

متى يعتبر دم الإسقاط نفاسا

متى يعتبر دم الإسقاط نفاساً المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 26/2/1424هـ السؤال هل على المرأة التي تسقط حملها في الشهر الثالث صلاة أم تعتبر في حكم النفساء؟ وإن كان عليها صلاة كيف تقضي من لم تصل باعتبار أنها نفساء؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إن سقط منها ما تبين فيه خلق إنسان فلها حكم النفاس، وإن كان دماً فقط أو لم يتبين فيه خلق إنسان فليس لها حكم النفاس، بل يجب أن تصلي وتتخذ وقاية تمنع نزول الدم وتصلي، وإذا شق عليها صلاة كل فريضة في وقتها فلها أن تجمع المغرب والعشاء في وقت أحدهما، وتجمع الظهر والعصر في وقت أحدهما، والغالب أنه إذا سقط بعد ثمانين يوماً يكون قد تبين فيه خلق إنسان.

اضطراب الدورة لحبوب الحمل

اضطراب الدورة لحبوب الحمل المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 16/8/1424هـ السؤال امرأة تستخدم حبوباً لتنظيم الحمل، فكان أن اضطربت بها الدورة، فأصبحت تأتيها في الشهر أكثر من مرة، وخلال أوقات متعددة، مما يضيع عليها عدداً من الصلوات، فكيف تصنع؟ أفتونا مأجورين. الجواب ما تيقنت أنه حيض ما لم يتجاوز أكثر الحيض وهو خمسة عشرة يوماً فهو حيض، وما لم تتيقنه أنه حيض فلا تجلسه، لأن الأصل وجوب الصلاة عليها ما لم تتيقن ما يسقطها، والذي هو الحيض أو النفاس، وعليها أن تعلم أنه تنتاب المرأة دماء كثيرة، ولا تسقط الصلاة عنها إلا لدم الحيض ودم النفاس فقط. والله أعلم.

دم الإسقاط حيض أم استحاضة؟

دم الإسقاط حيض أم استحاضة؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 4/6/1424هـ السؤال ما حكم من وضعت جنينها في الشهر الثاني؟ هل تصلي أم تأخذ حكم النفساء؟ علما أن الدم مازال يخرج بين الحين والآخر، وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يثبت للجنين الأحكام المتعلقة بالنفساء إلا إذا تبين فيه خلق إنسان، فإذا وضعت المرأة ما تبين فيه خلق إنسان فإنها تأخذ أحكام النفساء، والمقصود بتبين خلق الإنسان تبين اليد، أو الرجل، أو الوجه، أو ما أشبه ذلك، فإذا لم يتبين فيه خلق الإنسان فإنها لا تأخذ أحكام النفساء، ويكون الدم الخارج منها هو دم حيض إذا كان على صفة دم الحيض.

الدم الذي يسبق نزول الدورة

الدم الذي يسبق نزول الدورة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 5/8/1424هـ السؤال زوجتي تسأل عن حكم اليومين الأولين من موعد الدورة الشهرية لها، والتي لا يظهر فيها الدم على هيئة نقط، بل لا يظهر أثر إلا إذا مسحت الفرج، هل هذين اليومين من الدورة أم لا؟ وإذا لم يكونا من أيام الدورة فما حكم الصلوات التي تركتها في هذين اليومين؟. الجواب أما بالنسبة للدورة إذا نزلت على المرأة، فلا يشترط أن يكون الدم السائل كثيراً، بل يثبت لها حكم الحائض من لحظة نزول هذا الدم، وإن كان يسيراً جداً، وإن كان على شكل نقط، فما دام الدم قد نزل منها فإنها تأخذ حكم الحائض.

صامت وهي حائض ظانة أنها قد طهرت

صامت وهي حائض ظانّة أنها قد طهرت المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 9/8/1424هـ السؤال اكتشفت بعد زيارتي لطبيبة ثقة ومؤمنة وملتزمة أنني كنت أغتسل قبل الانتهاء من حيضتي أي بعد خمسة أيام فقط، علماً بأن حيضتي ثمانية أيام كما وضحت لي الطبيبة، فماذا أفعل في صيام أشهر رمضان السابقة؟ بما أني كنت أغتسل ولا تزال الحيضة قائمة؟ أفيدوني بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، وبعد: عليك أن تسألي عالماً عن ذلك بعد الاستشارة الطبية السابقة، فقد تعتبر الطبيبة شيئاً من الدماء من الحيض وهو ليس كذلك شرعاً، وإن كان الغالب أن قول الطبيبة يكون معتبراً في مثل ذلك، وأنت لم تذكري صفات الدم الزائد حتى أبين لك هل هو حيض أو لا. ثم إذا ثبت أنك كنت تغتسلين قبل انتهاء الدورة الشهرية، فإن كان ذلك بجهل منك وعدم علم بالحكم الشرعي، ولم تسمعي مطلقاً عن هذا الحكم الشرعي فالذي يظهر لي عدم وجوب قضاء شيء من الصيام السابق لكونك معذورة بالجهل، ولذلك لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المستحاضة التي تركت الصلاة جهلاً بالإعادة فيما رواه البخاري (327) من حديث عائشة - رضي الله عنها- ولا أمر عدي بن حاتم - رضي الله عنه - أن يعيد صيامه، لما وضع عقالاً أبيض وأسود كان ينظر فيهما ويأكل ما لم يستبينا، وقد كان مخطئاً في ذلك، لأن المقصود بالخيط الأبيض والأسود سواد الليل وبياض النهار، فهو كان يأكل بعد طلوع الفجر جهلاً، ومع ذلك لم يأمره - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة فيما رواه البخاري (1916) ، ومسلم (1090) فلهذه النصوص وغيرها أرى أنه لا يجب عليك الإعادة لجهلك، والله أعلم.

النزيف بعد الدورة

النزيف بعد الدورة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 2/8/1424هـ السؤال نزيف جاء بعد الدورة بأسبوعين فقط، واستمر خمسة أشهر ما بين شديد ووسط وبسيط، وقد يتوقف ساعات أو يوماً ثم يعود، مع العلم أن الدورة عندي تتأخر ثلاثة أشهر أو أقل أو أكثر، ولم أترك الصلاة من بداية النزيف؛ لأنه جاء بعد الدورة بأسبوعين، فهل فعلي هذا صحيح؟ وما حكم الجماع؟ وإذا كان لا يجوز فهل يجوز في أثناء توقف النزيف ليوم أو ساعات؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب فعلك هذا صحيح، فلا تتركي الصلاة إلا لدم الحيض الصريح ودم النفاس، وما عداهما فيجب على المرأة أن تصلي، ولا ينبغي وطء المستحاضة إلا عند الضرورة، أما في حالة توقف النزيف فيجوز الجماع وإن كان الزمن يسيراً، والله أعلم.

من مسائل الحيض

من مسائل الحيض المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 22/5/1424هـ السؤال زوجتي تختل لديها الدورة الشهرية، فتكون فترة الحيض من خمسة أيام إلى ثمانية أيام، ويكون في اليوم الأخير حمرة بعض الشيء، وأحياناً صفرة. فالسؤال هو: (1) متى يكون وقت انقطاع الحيض؟ وهل المدة التي ذكرتها طبيعية؟ (2) وإذا انقطع الحيض عنها قرب صلاة المغرب، هل عليها أن تصلي العصر أولاً؟ (3) وإذا كان الدم دم استحاضة، فهل عليها أداء الفرائض أم تركها الجواب 01 دورة المرأة هي التي تعتادها في العادة، ويتكرر معها، ودم الدورة معروف له صفات تعرفها النساء من حيث اللون، ومن حيث الرائحة، ومن حيث الثخونة، هذا من ناحية، والناحية الثانية: إنه إذا تكرر عليها هذا الدم ثمانية أيام ثلاث مرات، فإن هذا يعتبر دورتها، ولو أنه نقص في بعض الأحيان عن هذا، فإذا رأت فيه النقاء التام يعد طهراً إذا كانت مثلاً عادتها ثمانية أيام، وبعض الأيام صارت خمسة، فإذا أنها رأت في اليوم الخامس نقاء تاماً ليس فيه كدرة ولا صفرة، فإنه يعد طهراً، أما إذا كان الدم معها ما بين الخامس إلى الثامن فيه كدرة أو حمرة أو صفرة، فإنه يعد من الحيض. 02 إذا انقطعت عنها الدورة قبل غروب الشمس، فإنها تصلي الظهر والعصر، تصلي العصر وما يجمع إليها وهي الظهر، وإذا جاءتها الدورة قبل طلوع الفجر، فإن عليها أن تصلي المغرب والعشاء، أي: العشاء، وما يجمع إليها وهي المغرب. 03 إذا كان حقيقة الأمر أنه دم استحاضة، فهذه ليس لها أن تنقطع عن الصلاة، ولا عن الصيام؛ لأن دم الاستحاضة دم فساد وليس دم عادة، فحينئذٍ يكون عليها بعد دخول الوقت أن تستنجي وتتوضأ وتتحفظ، وتصلي ما شاءت من فرائض ونوافل إلى أن يأتي وقت الفريضة الثانية، ثم بعد ذلك تتوضأ مثلما عملت في الأولى.

زيادة أيام الدورة الشهرية على المعتاد

زيادة أيام الدورة الشهرية على المعتاد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 18/8/1424هـ السؤال تستمر فترة الدورة الشهرية معي إلى عشرة أيام في بعض الأوقات، وسمعت أنه يتوجَّب علي الصلاة في حين مرور عشرة أيام ولم تنته الدورة، فهل هذا صحيح؟. الجواب أقل مدة الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، فإذا استمر مدة عشرة أيام أو أكثر ما لم يتجاوز أكثر الحيض على وتيرة واحدة، وشكل واحد فهو حيض تجلسيها ولا شيء عليك، وأما إذا اختلف فانظري إن رأيت صفرة أو كدرة بعد طهر فتعتبر هذه طهارة وعليك الصلاة فيها، وإن زادت أيام الحيض من شهر إلى شهر، واستمرت هذه الزيادة مثلاً فعليك أن تجلسيها ولا تصلي، وإذا شككت في الأمر فالأصل وجوب الصلاة، فلا تسقط عنك إلا بيقين الحيض والنفاس.

نزيف أم نفاس؟

نزيف أم نفاس؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 24/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. امرأة تسأل وتقول قبل ما يقارب 20 سنة كان لدي طفلان وكنت أخاف من الحمل وقد مارست بعض المحاولات لكي يسقط الحمل إذا كان هناك حمل، كأن أترك أبنائي يقفزون على بطني وكان ذلك في شهر رمضان، ولا أتذكر بالضبط بل أعتقد أنه قد نزل علي بعض الدم ولا أعلم مقدار الأيام فهل هي الدورة؟ مع أنها تخالفها في الأيام والكم، وأنا عندما أُرضِع لا تأتيني الدورة فما الحكم هل أقضي أم ماذا أفعل؟ مع أنني لا أتذكر بالضبط ولجهلنا في ذلك الوقت لم نعر الأمر اهتماماً أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فالجواب أنه ما دام الحمل مشكوكاً فيه ثم إنه على فرض وجوده فهو بلا شك في مراحله الأولى فلا يكون الدم النازل عليه دم نفاس إلا بوضع أو بإسقاط ما فيه خلق إنسان ولم يكن كذلك، ثم أيضاً هذا الدم ليس دم حيض؛ لأنك ذكرت أنه يخالف دم العادة في الأيام والكمية، فاتضح أن الغالب على هذا الدم أنه دم صفرة أو كدرة وهو زمن الطهارة طهر، فإذا كنت في الأعوام الماضية لما أصابك هذا الدم قد صمت فأرى أن صومك إن شاء الله صحيح ولا قضاء عليك وعليك طرد الشك عنك، والله أعلم.

نزول الدم من المرأة بسبب الفحص

نزول الدم من المرأة بسبب الفحص المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 11/7/1424هـ السؤال أنا أخضع لعلاج بالإبر في العضل لعملية تنشيط المبايض، والآن أنا في شهر رمضان وأخضع بعد كل خمس إبر إلى فحص داخلي، ولقد نزل الدم أثناء الفحص هل هذا يفطر أم لا؟. الجواب الدماء التي تعرض للمرأة كثيرة، ولا يفسد صيامها إلا دم الحيض الصريح ودم النفاس فقط.

الحيض بعد الخمسين

الحيض بعد الخمسين المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 19/11/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..فضيلة الشيخ أريد إفتاءنا في قضية المرأة التي بعد سن الخمسين ويأتيها دم فهي في إشكال من أمرها..هل يعتبر دم حيض أم دم استحاضة؟.. ونريد التفصيل شاكرين، حيث أن كثيرا من نسائنا يتركن الصوم والصلاة إذا جاءتهم هذه الدورة ... فبعضهن تغيب عنها 3شهور أو أكثر أو أقل وإن قلت إنها ليست بحيض قالت إن صغيرات السن تتلخبط عندهن الدورة فهذه في حكمها، وأحيانا يصل عمر المرأة إلى 56 أو أكثر وتقول إنه منتظم معها هذا الدم مع العلم أننا قرأنا فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله يقول إن الدم بعد سن الخمسين يعتبر استحاضة ولا تترك المرأة الصلاة ولا الصوم من أجله ولم يذكر ما إذا كان منتظما أو غير منتظم أو تغير لونه أو لم يتغير..أفيدونا جزاكم الله خيرا لأن ذلك يترتب عليه ترك الصوم والصلاة وذلك أمر خطير.. الجواب الصحيح من أقوال أهل العلم رحمهم الله أنه لا تحديد لآخر سن تحيض فيه المرأة لا بالخمسين ولا بغيرها إنما الضابط أن المرأة متى رأت الدم المعروف عند النساء أنه حيض بأوصافه المعروفة فهو حيض ولو كان ذلك بعد سن الخمسين لعدم وجود دليل شرعي على التحديد والله تعالى يقول:" ويسألونك عن المحيض قل هو أذى" [البقرة:222] ، فإذا وجد هذا الأذى - دم الحيض- فله حكم الحيض، والله أعلم.

مصابة بنزيف فهل تصلي؟

مصابة بنزيف فهل تصلي؟ المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 29/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا على تقدير الأطباء حامل، ولكن لم يتبين شيء في الأشعة غير كيس حمل فقط، ليس بداخله أي شيء مع وجود نزيف مستمر يومياً، سؤالي: هل تصح الصلاة خلال مدة النزيف المذكورة؟ هل يجوز لي أن أجهض الحمل؟ مع العلم أني ربما أتضرر نظراً لولادتيَّ السابقتين للولدين القيصريتين، وأخاف على نفسي من هذا الحمل، وهل صحيح أنه يجوز إجهاض الحمل الذي ليس فيه روح قبل أربعين يوما؟.وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. كيف يكون تقدير الأطباء أن الموجود غير الذي يظهر في الأشعة؛ لأن الطبيب يبني على تحاليل مخبرية وأشعة، وعلى كل، فالمرجع في تقدير الموجود، واعتباره حملاً من عدمه هو قول ثقات الطبيبات المبني على التشخيص، فإن اعتبرنه حملاً فإن الدم الموجود لا يعتبر حيضاً ولا يأخذ حكم الحيض، بل هو دم فساد تصلي معه المرأة بعد أن تغسل الدم، وتمنع وصوله بوسائل معروفة، وحكمها حكم المستحاضة من حيث جواز الجمع إن شق عليها الأمر، وأما إذا لم يعتبر حملاً فحينئذ يجب أن يعرض على لجنة حتى تقرر إزالة الكيس؛ لأنه يكون سبباً فيما يحصل، وأما الدم فإن كان ثم تمييز بأن كان بعضه يخالف الآخر فتعتبر ما حمل صفات دم الحيض حيضاً، وما لم يكن كذلك دم فساد لا يمنع الصلاة، وإن لم يكن تمييز فتعود إلى عادتها السابقة، فتجلس أيام عادتها ثم تعتبر ما زاد استحاضة. وأما الجزء الثاني من السؤال: فإن كان الخوف مبنياً على دوافع طبية معتبرة يقررها ثقات الأطباء، وتتوفر ضوابط الضرورة أو الحاجة فيمكن إجهاض ما لم يمر عليه مائة وعشرون يوماً، وليس مجرد الوهم الحاصل من المرأة، أو الرغبة الشخصية مسوغاً لذلك.

وأما الجزء الثالث: فما ذكرته السائلة هو قول الجماعة من العلماء، ومنهم الحنابلة والحنفية، والشافعية في المشهور من المذاهب، لكنه قول مبني على ما هو معروف في زمنهم من أن التخلق لا يتم إلا بعد مرور تسعين يوماً، وقد أثبت الطب والكشوفات، وتصوير الأجنة، وهو الموافق لما في بعض الأحاديث من أن التخلق الدقيق يتم قبل ذلك في الأربعين، وعليه فيكون الأصل هو تحريم التعرض له إلا لضرورة. والله أعلم.

الكدرة قبل الطهر

الكدرة قبل الطهر المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 19/10/1425هـ السؤال أنا فتاة عادتي الشهرية تكون في الغالب 12-15 يوماً، وأحياناً إذا انقطع نزول الدم يأتي بعده كدرة أو صفرة، ولكن في بعض الأحيان تأتي كدرة مع بياض في اليوم الثاني عشر، ولست أدري هل أتطهر، أم أنتظر حتى اليوم الخامس عشر؟. ولكم مني جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الكدرة والصفرة المتصلة بالدم الصريح تابعة للحيض، كما بين ذلك العلماء، ولذا لا تغتسلي إلا إذا انقطعت تماماً، ورأيت بعدها سائلاً أبيض، وهو القصة البيضاء، ماء أبيض يدفعه الرحم دلالة على نقائه من دم الحيض، ثم إن عادت الكدرة والصفرة فلا تعتبر شيئاً، لقول أم عطية - رضي الله عنها-: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً"، وقالت عائشة - رضي الله عنها- لبعض النساء لما أرسلن لها بالدرجة - أي القطنة- فيها شيء من الصفرة: "لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء". وقد يكون طهر بعض النساء جفاف تام لا يخالطه أي أثر من صفرة أو كدرة، فهو طهرها إن كان في زمنها المعتاد. أما إن انقطع الدم ورأيت الطهر المذكور، ثم عادت الكدرة على الوجه الذي ذكرتِ فاغتسلي وصلِّي، فالعبرة برؤية الطهر الصحيح؛ لأن من أنواع الكدرة -كما ذكر العلماء- (ماء مشوب بحمرة) ، ولذا يعتبر السائل الذي مع الحمرة طهراً. بارك الله فيك.

اضطربت دورتها بعد تركيب اللولب

اضطربت دورتها بعد تركيب اللولب المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 29/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا متزوجة وقد ركَّبت لولب، وثاني يوم من تركيبه نزل علي دم استمر أسبوعًا، ثم اختفى لمدة أسبوع، ثم عاد، لكن قليل جدًّا، وظل لمدة أيام، ثم اختفى لمدة شهر ونصف، ثم عاد الدم مرة أخرى منذ حوالي عشرين يومًا، ولم ينقطع حتى الآن، فهل هذا الدم دم دورة أم ماذا؟ علمًا بأني قبل تركيب اللولب لم تنزل الدورة منذ الولادة إلا بعد اللولب، فهل اللولب غير مناسب لي؟ علمًا بأن الدكتورة قالت لي بعد الكشف علي بالسونار بأن اللولب مناسب لي. وهل أستطيع أن أصلي وهذا الدم موجود؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما دام أن حيضك غير منتظم ولم ينضبط لك فإنك تعودين إلى التمييز، بمعنى أنك تنظرين إلى الدم الخارج منك، فما وجدتيه بلون الحيض أو رائحته المعتادة فهو حيض تتركين الصلاة والصيام عند مجيئه، وإذا ذهب عنه هذا الوصف فتعتبرينه دم فساد، فتصلين بعد أن تتطهري وتصومين ولا يؤثر في الصوم ولا الصلاة؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش، رضي الله عنها: "إذَا كانَ دَمُ الحَيْضِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَن الصَّلَاةِ". رواه أبو داود (304) والنسائي (362) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/194) . أما مناسبة هذا اللولب وعدم مناسبته، أو إزالته أو عدمها فيستشار في هذا الطبيبة أو الطبيب المختص والمباشر لهذا الموضوع. والله أعلم.

تعاني من اضطراب الدورة

تعاني من اضطراب الدورة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 18/10/1425هـ السؤال أعاني من عدم انتظام الدورة الشهرية، وفي الحقيقة لم أسع في طلب العلاج؛ نظرًا لظروفي المادية، ولأن الكشف الطبي محرج بالنسبة لفتاه لم تتزوج، سؤالي هو: هل أنا مذنبة في تركي للصلاة لفترات طويلة؟ حيث إن أيام الدورة بدأت تزيد علي، وآخر دورة كانت شهرًا كاملاً. فما حكم تركي للصلاة لمدة تزيد على 15 يومًا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا يجوز لكِ ترك الصلاة إلا فيما تيقنتِ أنه حيض، واعلمي أن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يومًا، ولكِ عرض نفسكِ على طبيبة مسلمة، فإن لم تجدي فعلى طبيبة كافرة، وإن ميزتِ دم الحيض عن غيره فاعملي بتمييزك، واعلمي أن دم الحيض، كما قال العلماء: أسود ثخين منتن، وغيره أحمر رقيق. والله أعلم.

علامة بداية النفاس

علامة بداية النفاس المجيب أ. د. صالح بن غانم السدلان أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 15/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. متى تسقط الصلاة عن المرأة النفساء، فعندما كنت في المستشفى للولادة قمت بصلاة الفجر والظهر، وبعد ذلك قامت الطبيبة بتفجير ماء الجنين، وشعرت بألم حاد، فلم أستطع صلاة العصر ولا المغرب ولا العشاء، مع العلم أنني وضعت الجنين في الساعة 11 ليلاً. فهل علي قضاء تلك الصلوات؟ لأني كنت في وضع لا أستطيع معه الحركة، ولا النهوض من السرير. فما الحكم؟ جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما دام أنك دخلت في الكُرب وما يسمونه بالمياه، فإن النفاس قد بدأ، وليس عليك صلاة، والصلاة ساقطة عنك. أما الآلام التي تسبق هذا الشيء ويسمونها بالكرب، والكرب عبارة عن ألم، ثم يخرج دفعة من المياه التي في الرحم استعداداً لخروج الجنين، فهذا يعتبر من النفاس، أما ما قبلها من الآلام والدماء وغير ذلك، فلا تعد نفاساً؛ لأن النفاس لم يبدأ بعد.

الكدرة وقت الحيض

الكدرة وقت الحيض المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 18/02/1426هـ السؤال امرأة تستخدم اللولب لمنع الحمل، ويأتيها كدرة بدون دم في وقت الدورة، وتستمر أربعة أيام، وهي ليست مستمرة، بل متقطعة وقليلة جدا، فهل تجب عليها الصلاة والصيام، أم أن هذا أمر لا يعتد به؟ احترت في أمري، أرجو مساعدتي، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما ينزل من الكدرة أو الصفرة وقت الدورة المعتادة، فهو ملحق بالحيض فتترك المرأة لأجله الصلاة والصوم، وتقضي الصوم دون الصلاة، وما تراه في غير وقت عادتها لا تعتبره شيئاً، بل تصوم وتُصلي، ومما يدل على أن الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض، ما رواه البخاري معلقًا في كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره، ووصله مالك في الموطأ (130) : عن عائشة -رضي الله عنها- أن النساء كن يبعثن لها بالدِّرَجة فيها الكرسف، فيه الصفرة من دم الحيض، فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصَّة البيضاء. وصححه النووي في المجموع (2/416) . ففي هذا الأثر اعتبرت عائشة - رضي الله عنها- الصفرة في زمن العادة حيضاً. والله أعلم.

هل هذه استحاضة؟

هل هذه استحاضة؟ المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 06/02/1426هـ السؤال أعاني من اضطراب في الدورة الشهرية، وتستمر لمدة تزيد عن 20 يوماً في الشهر، وذلك بسبب وجود أكياس بالمبيض، فهل أستمر في أداء الصلاة رغم نزول الدم باستمرار؟ علمًا بأنني أتناول العلاج منذ شهرين. بارك الله فيكم أفيدوني. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده، وبعد: الأخت السائلة الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: الحالة التي تعانين منها تسمى الاستحاضة، وهي تختلف عن الحيض، لذا ينبغي التفريق بينهما، وللتفريق بين الحيض والاستحاضة يجب معرفة مدة الحيض، فإذا كنت تميزين صفة الدم، فإن كان أسود ثخيناً، فهو حيض، وإن كان أحمر أو أصفر، فهو استحاضة، فإذا عرفت هذه الصفات فاعملي بها، فهذا مذهب الجمهور (الشافعية والحنابلة والمالكية) ، أما إذا كنت غير مميزة لصفة الدم فترجعين إلى (العادة) التي كانت عندك قبل إصابتك بهذا المرض - شفاك الله- فإذا كانت العادة مثلاً عندك ستة أيام فتكون الستة حيض والبقية استحاضة، يبدأ اعتبار المدة بنفس التاريخ الذي كانت تأتيك فيه العادة، كأن يكون أول يوم في الشهر. أما إذا كنت غير مميزة لصفة الدم وغير ذاكرة لعادتك فينبغي أن تبيني ما تذكريه عنها من مدة أو ابتداء أو انتهاء. أما أحكام الاستحاضة فهي: 1- الاستحاضة حدث، فلا يمنع شيئاً مما يمنعه الحيض من صلاة وصوم، ولو نفلاً، فيجوز للمستحاضة الصلاة والصوم وقراءة القرآن، ودخول المسجد والاعتكاف.

2- طهارة المستحاضة: يجب المستحاضة الاغتسال بعد انتهاء مدة الحيض، وبعد ذلك عليها أن تتوضأ لوقت كل صلاة، بعد أن تغسل فرجها وتحشوه بالقطن وتعصبه، وتصلي، وحتى لو خرج الدم بعد ذلك فإن صلاتها صحيحة؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت أبي حبيش - رضي الله عنها- حين استحيضت: "اجتنبي الصلاة أيام محيضك، ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة، ثم صلي وإن قطر الدم على الحصير" أخرجه أحمد (25681) ، وابن ماجه (624) . هذا والله أعلم بالصواب.

مدة النفاس المعتبرة

مدة النفاس المعتبرة المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 11/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. ولدت زوجتي قبل شهر، وتوفي الولد، ثم التزقت مشيمة زوجتي في رحمها ولم يستطع الأطباء فصلهما، وبسبب ذلك قد يطول النزف لمدة حول 6 أشهر، فمتى يعتبر النفاس منتهيًا؟ سمعت أن الفقهاء يقولون بأنه يمتد من 40 - 60 يومًا، أرجو بيان الحكم في هذا، وكيف نميز إذا اختلط النزف بالحيض؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن النفاس له مدة معلومة، فبعض العلماء قال: حده أربعون يومًا، وما زاد فهو استحاضة يأخذ أحكام الاستحاضة بأن تتوضأ المرأة لكل صلاة وتصلي وتصوم. ولعل هذا القول أقرب إلى الصواب، فأما تمييز دم النفاس والحيض من دم النزيف فيكون باللون والرائحة والغلظ، فدم الحيض أسود غليظ منتن، ودم النزيف كسائر الدماء المعتادة، ويمكن الاستعانة في ذلك بالكشف الطبي. والله تعالى أعلم.

حبوب منع الحمل واضطراب الدورة

حبوب منع الحمل واضطراب الدورة المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 22/03/1426هـ السؤال منذ ثلاثة أسابيع بدأت تناول (حبات مانعة للحمل) جديدة، وعادة لا تأتي دورتي الشهرية إلا بعد تناول هذه الحبات لمدة 21 يوماً، وتتوقف لمدة يومين أو ثلاثة أيام، لكن الذي حصل هو أن دورتي جاءت بعد 15 يوماً فقط من بدء تناول الحبات، يعني قبل أسبوع من إكمال تناول الحبات وموعدها المعتاد، حينئذ اعتبرت هذا سيلان الدم كحيض عادي، وتوقفت عن أداء الصلاة منذ 10 أيام، ولن يأتي حيضي الصحيح (إن صحت التسمية) إلا في نهاية هذا الأسبوع، من فضلكم أفتوني؛ لأنني قلقة عندما أفكِّر أنه قد أتوقف عن الصلاة لمدة 15 يوماً. الجواب أختي السائلة - وفقها الله-: من خلال سؤال الطبيبات المختصات بمشاكل النساء وحبوب منع الحمل، فإن ما ينزل بعد فترة يسيرة من تناولها -كأسبوع أو أقل- لا يعتبر حيضاً، بل هو دم فاسد، وما ينزل بعد ما يقارب عشرين يوماً فأكثر يكون حيضاً، وما يتردد بين المدتين يُعمل فيه بالتمييز، فتميزين هل هو دم حيض أو استحاضة؟ فإن كان أسود نتن الرائحة، غليظاً، فهو حيض، وإن كان لونه يميل إلى الحمرة، ورقيقاً ولا رائحة له، فهو دم استحاضة (دم فاسد) تصلين وتصومين، ومن خلال كلامك كأن صفات الحيض لم تأت إلا مع نهاية الأسبوع، فعليه: تتركين الصلاة وجوباً في هذه الأيام، أما الأيام الماضية فتقضين صلواتها بعد الطهر، وأنت معذورة - إن شاء الله-؛ لاجتهادك، وعليك العمل بالتمييز بين الصفات في مثل هذا الحال. وفقك الله وأعانك.

اضطراب الدورة

اضطراب الدورة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/الحيض والاستحاضة والنفاس التاريخ 26/07/1426هـ السؤال كنت أستخدم حبوب منع الحمل، وبعد تركها لم تنتظم مدة الدورة كالسابق، فبعد الطهر في اليوم نفسه يظهر دم ثم ينقطع لمدة أسبوعين، ثم تظهر نقط حمراء، ثم تظهر في الأيام التالية نقط بلون بني، مع العلم أن الدورة مع الحبوب كانت تستمر لمدة 7 أيام. أفيدوني جزاكم الله خيرًا، هل أصلي أو لا؟ وهل يأتيني زوجي أو لا؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل وجوب الصلاة على المرأة، فلا تتركها إلا لدم الحيض ودم النفاس فقط، والمعول في ذلك على حديث أم عطية رضي الله عنها: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً". رواه البخاري (326) ، وأبو داود (307) . فدل بمنطوقه أن الصفرة والكدرة بعد الطهر تعتبر طهراً، وأن الصفرة والكدرة قبل الطهر يعني في زمن الحيض تعتبر حيضاً ودم الحيض تعرفه النساء أسود ثخين منتن، وسائر الدماء تختلف عنه؛ لأنه يكون أحمر رقيقاً ليس ذا رائحة.

مسائل متفرقة

شرط الطهارة في السعي المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 15/5/1422 السؤال حججت هذا العام مع زوجتي والحمد لله. وفي أثناء السعي وفي الشوط السادس شعرت زوجتي بخروج قليل من البول أثناء السعي، وقلت: إن السعي لا يحتاج إلى وضوء، فتابعنا السعي حتى النهاية. هل هذا العمل صحيح؟ وإن كان غير صحيح فماذا علينا؟ الجواب نعم، سعيها صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين- قال لعائشة لما حاضت: ((افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)) . فدلّ على أن للحائض السعي حال الحيض، مع ما هي عليه من التباس بالحدثين، وبالنجاسة في البدن والثوب، والله تعالى أعلم.

الصغار ومس المصحف

الصغار ومس المصحف المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 29/4/1422 السؤال سائل يسأل عن حكم مس المصحف للصبيان الصغار بقصد التعليم والتحفيظ؟ الجواب المسألة فيها خلاف في مس المصحف، والصحيح أنه لا يجوز مسه إلا من طاهر لحديث أبي عمر بن حزم وفيه (ولا يمس المصحف إلى طاهر) قال ابن عبد البر شهرة هذا الحديث تغني عن سنده. أما الصبيان إذا كان لقصد التعلم ينبغي أن يدربوا على احترام المصحف والظاهر أنه لا بأس إذا كان للضرورة.

هل يوجب هذا الدم ترك الصلاة؟

هل يوجب هذا الدم ترك الصلاة؟ المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 30/05/1427هـ السؤال لقد أجريت لي عملية جراحية داخل الرحم قبل شهرين تقريباً وقد حدث لي نزيف على أثر العملية لمدة خمسة أيام، ولم أصلِّ في هذه الفترة. هل يجب أن أقضي الصلاة في هذه الفترة؟ وما هي الكيفية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أسأل الله أن يعافيكم وكل مسلم، أما عن جواب سؤالك: فإن كان هذا النزيف ليس دم حيض ولا نفاس، وإنما هو من جراء العملية ـ وهذا هو الظاهر من السؤال ـ فإنه يجب عليك الصلاة في هذه الفترة، ويجب عليك الوضوء لكل صلاة مع التحفظ من الدم؛ لأن خروج الدم من السبيل ناقض للوضوء، وعلى ذلك يجب عليك قضاء جميع الصلوات التي تركتها في تلك الفترة فوراً حسب استطاعتك، فإن استطعت أن تسرديها جمعياً فافعلي. وأما فإن كان الدم دم حيض أو دم نفاس بحيث تكون العملية لإخراج جنين تبين فيه خلق إنسان فإنه لا يجب عليك قضاء تلك الصلوات.

قراءة القرآن من غير وضوء

قراءة القرآن من غير وضوء المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 21/10/1422 السؤال ما حكم من قرأ القرآن وهو ليس على وضوء؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فقراءة القرآن عن ظهر قلب (يعني من الحفظ) جائزة لمن عليه حدث أصغر، أما إن كانت من المصحف فتجوز من وراء حائل أي يضع دون المصحف حائلاً، لحديث: " لا يمس المصحف إلا طاهر " أخرجه الدارقطني في السنن (1/121) ، والبيهقي في السنن الكبرى (1/88) ، والطبراني في الكبير (13217) أما إن كان الحدث حدثًا أكبر أي: جنابة فإنه لا تجوز قراءة القرآن ولو عن ظهر قلب ولا مس المصحف -والله أعلم-.

لا ترى أثرا بعد الاحتلام

لا ترى أثراً بعد الاحتلام المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 29/10/1422 السؤال بعد الاحتلام أستيقظ ولا أرى أي أثر للسائل مباشرة بعد الاستيقاظ، فالذي يحصل أنه لا يظهر أي أثر لذلك إلا إفرازات مهبلية طبيعية، لكن بعد التبوُّل يظهر السائل اللزج، هل يجب علي الغسل؟. الجواب المحتلم إذا استيقظ وقد رأى في حلمه ما يوجب إنزال المني، ثم لم ير شيئاً من المني على آثار ملابسه فالغسل غير واجب عليه، لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يرى أنه قد احتلم ولا يجد بللاً، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا غسل عليه، فقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: والنساء يا رسول الله؟ فقال: النساء شقائق الرجال" رواه أبو داود (236) ، والترمذي (883) .وكذلك جاء في الصحيحين البخاري (830) ، ومسلم (383) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "نعم إذا رأت الماء" فعلق النبي -صلى الله عليه وسلم- وجوب الاغتسال برؤية الماء، ومفهوم الحديث أن المرأة إذا لم تر الماء فلا غسل عليها، وبناء على ذلك إذا رأت ما يوجب إنزال المني في الحلم، ثم لم تر آثار المني على الثياب فلا غسل عليها. وإذا خرج المني فيما بعد أثناء البول فهذا الخروج لا يترتب عليه حكم، ويكون كسائر النجاسات؛ لأن المني الذي يوجب الغسل هو الذي يخرج دفقاً بلذة لما جاء في السنن: "إذا فضخت" ومعنى الفضخ هو خروجه بغلبة، ولا يكون كذلك إلا إذا كان بشهوة.

الاغتسال بالشامبوهات

الاغتسال بالشامبوهات المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 12/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز استعمال الشامبوهات لغسل الشعر والبدن؟ علماً أن هذه الشامبوهات تحتوي على نسبة من الكحول في تركيبتها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الكحول مادة مسكرة أو مخدرة، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن نجاسة الخمر نجاسة حسية، ويلحق الكحول بها في ذلك، واستدلوا بقوله -تعالى-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة:90] وقالوا: الرجس هو النجس. وذهب بعض أهل العلم إلى أن طهارة الخمر طهارة حسية -والكحول مثلها في ذلك -مع بقاء نجاستها المعنوية؛ لأن الرجس المقصود في الآية السابقة: هو الرجس العملي المقتضي للتحريم، وليس الرجس العيني الذاتي المقتضي للنجاسة. وقالوا: من المعلوم أن الميسر والأنصاب والأزلام الواردة في الآية ليست نجسة نجاسة حسية، فإذا كانت نجاستها معنوية وليست حسية فالخمر كذلك؛ لأنه من عمل الشيطان، وقد قرن بهذه الثلاثة، ولأن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يوجد الدليل على النجاسة، ولادليل هنا، وكذلك قالوا بأنه لما نزل تحريم الخمر أراقها المسلمون في الأسواق، ولو كانت نجسة ما جازت إراقتها في الأسواق؛ لأن تلويث الأسواق بالنجاسات محرم لا يجوز، وهذا القول هو الأرجح -إن شاء الله-. وعلى هذا فالكحول ليست نجسة العين، وإن كانت خبيثة من الناحية المعنوية، بمعنى أنها لو وجدت على ثوب الإنسان أو بدنه فلا يجب عليه التنزه عنها كما يتنزه عن المواد النجسة، وبالتالي فما اشتمل على الكحول كالشامبو والعطورات فلا بأس باستعماله، والله أعلم.

الجنب إذا تيمم ثم وجد الماء

الجنب إذا تيمم ثم وجد الماء المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 6/10/1424هـ السؤال شخص أصابته جنابة في برية فتيمم لصلاة الفجر، ثم لما جاء وقت صلاة الظهر وجد الماء، ولم ينقض تيممه بحدث أكبر، فهل عليه أن يغتسل أو يتوضأ؟. الجواب بل يجب عليه أن يغتسل، سواء انتقض وضوؤه السابق أو لم ينتقض، لأنه وجد الماء لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير" رواه الترمذي (124) ، وقال: حديث حسن صحيح، وكذا رواه أبو داود (332) ، والنسائي (322) ، وأحمد (21304) ، واللفظ للترمذي، ولحديث المزادتين انظر ما رواه البخاري (344) ، ومسلم (682) عن عمران بن حصين - رضي الله عنه-.

قراءة الجنب ورده اليومي

قراءة الجنب ورده اليومي المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 18/12/1422 السؤال هل يجوز قراءة ورد النوم إذا كان الإنسان جنباً؟ وهل يمكن أن يقرأ الورد أول ما يستلقي للنوم قبل جماع زوجته؟ الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الأفضل للإنسان أن يقرأ الورد وهو على طهارة، ويجوز قراءة الورد وذكر الله ولو كان على غير طهارة إلا أنه إذا كان عليه جنابة لا يجوز أن يقرأ شيئاً من القرآن، فإذا كان في الورد آيات لا يجوز أن يقرأها ويقرأ الورد حين يستلقي في فراشه ولو كان على غير طهارة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

نجاسة شعر الكلب

نجاسة شعر الكلب المجيب سلمان بن عبد الله المهيني القاضي بوزارة العدل كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 3/8/1423هـ السؤال قريباً من الحي الذي نسكن فيه ثلاثة كلاب غير مؤذية، ونريد أن نقوم بإطعامها من حين لآخر، فهل مس الكلب ينجس الثوب أو البدن؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن مس الكلب ووقوع يد لامسه عليه لا يؤدي إلى النجاسة، حيث إن الصحيح من كلام أهل العلم أن شعر الكلب طاهر، ولم يأت دليل على أنه نجس، كما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رخص في اقتناء الكلب للصيد والحرث والماشية، ولم يأمر أصحابه -رضي الله عنهم - أن يغسلوا أيديهم منه، أما ماولغ فيه الكلب من الأواني فيجب غسله سبع مرات وتعفيره الثامنة بالتراب كما ورد ذلك في السنة انظر: مسلم (280) ، والله أعلم.

خروج بقايا الجماع من المرأة

خروج بقايا الجماع من المرأة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 23/11/1423هـ السؤال ما هو حكم المني الخارج من فرج المرأة؟ بعد الجماع وبعد الاغتسال من الجنابة بساعات (هل ينقض الوضوء) ؟ الجواب نعم ينقض الوضوء فقط ولا يوجب الغسل مرة أخرى.

غازات البطن المستمرة

غازات البطن المستمرة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 1/3/1423 السؤال أعاني من الغازات في بطني وتؤذيني في صلاتي، حيث إنني أعيد الوضوء عشر مرات، مع العلم أنني أخذت دواءً ولم ينفع، ماذا أفعل فقد تعبت نفسيتي وبدأت الوساوس في صلاتي؟ الجواب إذا كانت هذه الغازات تسبب لكِ خروج الريح كثيراً بدون تحكم فيها، فلها حكم سلس البول، والمصاب بهذا يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وينوي بوضوئه هذا استباحة الصلاة، ويصلي بهذا الوضوء الفرض والنوافل، ولو خرج منه ريح في هذه الأثناء، فإذا انتهى الوقت توضأ لدخول وقت الصلاة الأخرى، وإذا توضأ لصلاة الضحى مثلاً، فلا يكفيه ذلك لصلاة الظهر إلا إن كان لم يخرج منه شيء ولم ينتقض وضوؤه.

السواك في الأماكن العامة

السواك في الأماكن العامة المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 16/3/1424هـ السؤال هل استخدام السواك في الأماكن العامة يخالف الآداب؟ حيث إن بعض الناس يتقزز من رؤية من يستاك، ويقول إن السواك يجب ألا يكون أمام الناس، كيف نرد على مثل هذا؟ وما الصواب الذي يجب على المسلم فعله في هذه القضية؟ الجواب السواك مشروع للمسلم في كل وقت وأي مكان، ولا بأس من فعله أمام الناس، وقد ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في نصوص كثيرة منها: حديث أبي موسى - رضي الله عنه- قال: "أقبلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يستاك، فكلاهما سأل فقال: يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس قال: قلت: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل، فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت، فقال:"لن" أو "لا نستعمل على عملنا مَنْ أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس إلى اليمن" ثم اتَّبَعَه معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، فلما قدم عليه ألقى له وسادة، قال: انزل، وإذا رجل عنده موثقٌُ، قال ما هذا؟ قال: كان يهودياً فأسلم ثم تهوَّدَ، قال اجلس، قال: لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرات، فأمر به فقتل، ثم تذاكرا قيام الليل، فقال أحدهما: أما أنا فأقوم، وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي" أخرجه البخاري (6923) .

وعن أبي موسى عبد الله بن قيس - رضي الله عنه- قال: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم- فوجدته يستن بسواك بيده يقول: "أع أع"، والسواك في فيه كأنه يتهوع" أخرجه البخاري (244) ، ومسلم (254) ، فالأصل جواز استعمال السواك أمام الناس إلا إذا كان في استعماله إزعاج معنوي لهم، فاستعماله أمامهم يكون مقبولاً في كثير من الأحوال، وقد لا يكون كذلك في أحوال أخرى، كما في الحلق العلمية أو الاجتماعات الرسمية، ونحو ذلك، فيحسن حينئذ مراعاة مشاعرهم، وعدم استعماله أمامهم، وبالله التوفيق.

فقد الماء والتراب فهل تسقط عنه الطهارة؟

فقد الماء والتراب فهل تسقط عنه الطهارة؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 24/09/1425هـ السؤال في بعض الأحيان تنقطع علينا المياه على ظهر السفينة فلا يكون هنالك ماء ولا نستطيع أن نسحب من ماء البحر لعطل جهاز السحب- مثلاً- فما الوضع في هذه الحالة؟ حيث لا يوجد ماء للوضوء ولا تراب للتيمم، مع العلم أن النزول إلى الماء صعب جدًّا فلا يستطيع أحد النزول، إما لارتفاع السفينة وإما لخطورة ذلك؟ الجواب إذا كان الإنسان في مكان لا يوجد فيه ماء ولا تراب ولا أي شيء من أجزاء الأرض كالرمل والحصى فإنه تسقط عنه الطهارة لعدم مقدرته على ما يتطهر به، ويصلي حسب حاله، لكن يجب قبل ذلك أن يبذل ما في وسعه للحصول على الماء أو التراب، وأنصحكم بهذه المناسبة أن تأخذوا معكم شيئًا من التراب حتى تتطهروا به عند العجز عن الماء. والله أعلم.

غسل الكعبة

غسل الكعبة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 18/07/1426هـ السؤال هل هناك أصل أو دليل لغسل الكعبة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: أمر الله -تبارك وتعالى- بتطهير البيت، ويدخل في تطهير البيت أن يطهر من الأوثان والرجس والرفث وقول الزور والأذى والأوساخ، بحيث يكون البيت طيباً نظيفاً طاهراً، قال سبحانه وتعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [البقرة: 125] ، وقال عز وجل: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أن لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [الحج: 26] . وورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح أخرج الأصنام من الكعبة المشرفة وطهرها من آثار المشركين وأرجاسهم وغسل الكعبة، فأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (36919) ، والفاكهي في أخبار مكة (5/221) من طريق عبيد الله بن موسى: حدثنا موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلالاً فرقي على ظهر الكعبة فأذن بالصلاة، وقام المسلمون فتجرروا في الأزر وأخذوا الدلاء وارتجزوا على زمزم فغسلوا الكعبة ظهرها وباطنها فلم يدعوا أثرا من آثار المشركين إلا محوه وغسلوه. وجعل الفاسي هذا الحديث أصلاً في غسل الكعبة وتطهيرها في الجملة [شفاء الغرام (1/212) ] .

وأخرج الطيالسي في مسنده (623) قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن مهران: قال حدثني عمير مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الكعبة ورأى صوراً قال: فدعا بدلو من ماء، فأتيته به فجعل يمحوها ويقول: "قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون". وأخرج الأزرقي (1/257) بسنده عن عائشة -رضي الله عنها-، أنها قالت: طيبوا البيت فإن ذلك من تطهيره. وعن هشام بن عروة أن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- كان يجمر الكعبة كل يوم برطل من مجمر، ويجمر الكعبة كل يوم جمعة برطلين من مجمر. وعلى هذا فتعاهد البيت بالغسل والتطهير والتطييب أمر مشروع، ولا يتحدد بزمن معين، والله أعلم.

علة النهي عن غمس اليد في الإناء بعد الاستيقاظ

علة النهي عن غمس اليد في الإناء بعد الاستيقاظ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 24/08/1426هـ السؤال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً". فهل هذا النهي للتنجيس أم للاستقذار؟ بمعنى إذا استيقظ أحد كان بجانبك، وأراد مصافحتك فهل يده طاهرة أم نجسة؟ بارك الله فيكم، ونفعنا بعلمكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا موضع خلاف بين أهل العلم -رحمهم الله- في علة النهي عن غمس القائم من نوم الليل ليده حتى يغسلها ثلاثاً، فذهب الإمام أحمد -رحمه الله- إلى أن الأمر تعبدي، أي أن علته ليست معقولة المعنى، وقال الشافعي -رحمه الله- إن العلة هي ما يخشى من تنجس اليد؛ لأنهم في الحجاز يستعملون الاستجمار وبلادهم حارة، فقد يعرق الإنسان، وأثناء النوم قد تمس يده شيئاً من الأذى، والرأي الثالث ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أن العلة هي ما يخشى من ملابسة الشيطان ليد النائم، واستدل على هذا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات؛ فإن الشيطان يبيت على خياشيمه". أخرجه البخاري (2295) ومسلم (238) ، وهذا القول هو الصواب، وعلى هذا فلا تكون العلة هي النجاسة، ومن ثم فلا بأس أن تصافح إنساناً استيقظ من نومه.

هل ملامسة الكلب تنجس؟

هل ملامسة الكلب تنجِّس؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 12/11/1424هـ السؤال نظراً لأننا نعيش في الغرب، وتنتشر تربية الكلاب - أعزكم الله-، وتنتشر أيضا في وسائل المواصلات العامة، فالرجاء إفادتنا عن الحكم الفقهي لهذا الحيوان، هل كله نجس؟ وهل لمس الكلب للثوب يوجب إعادة الوضوء، أم غسل الثوب بالكامل؟ الجواب بالنسبة للكلب فهو حيوان نجس، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم، وقد اختلفوا، هل النجاسة شاملة لجميع الكلب؟ أم أنها خاصة لأشياء منه؟ والراجح من أقوال أهل العلم أن النجاسة تتعلق بريق الكلب، بما يشربه هذا الكلب، وكذلك عذرته وبوله، وبالنسبة للجلد فلا يعد نجساً، فلو حصل لامس الثوب جلد الكلب، فإنه لا يؤمر بغسله سبع مرات، أما لو خرج شيءٌ من ريق الكلب على الثوب، أو بال على الثوب، فالواجب أن يغسل سبع مرات، ويعفر الثامنة بالتراب.

أصاب السجاد لعاب الكلاب ولا يعرف مكانه تحديدا

أصاب السجاد لعاب الكلاب ولا يعرف مكانه تحديدًا المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 18/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: نحن نعمل في قطاع متعلق بأحد كبار المسؤولين، وقبل قدومه تأتي فرقة من الحرس وتفتش المكان مستعينة بعدد من الكلاب، وهي تمر جثمًا على سجاد، وقد يقع على الفرش أو الأثاث من لعاب هذه الكلاب، وأحيانًا نضطر للعمل على هذه الفرش أو الأثاث لإصلاح خلل ما، أو تركيب شيء ما، بعد ذهاب هذه الكلاب مباشرة أو ربما في اليوم التالي أو بعد ذلك، حسب ظروف واحتياج العمل.. والسؤال جزاكم الله كل خير: ماذا يجب علينا وخاصة أنه تمر علينا عدة صلوات أحيانًا ونحن في العمل؟ وإذا لم نعمل في اليوم الذي تأتي فيه الكلاب فلا شك أننا سنعمل في الأيام القادمة، وبالتالي نجهل المكان الذي أصابه لعاب الكلاب. وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فهناك قاعدة فقهية مسلَّمة وهي: إذا شك الإنسان في طهارة شيء ونجاسته بنى على اليقين، فإذا كان يعلم يقينًا أن ثوبه طاهر ثم طرأ شك هل أصابه نجاسة بنى على اليقين وهو الطهارة، واطَّرح الشك ولم يبال به، وإن كان يتيقن نجاسة الثوب مثلاً وشك هل غسله وطهَّره فإنه يرجع إلى اليقين وهو النجاسة هنا ويعتبر الثوب نجسًا، ولا يلتفت إلى الشك الطارئ، وهكذا في الطهارة من الحدث إذا علم يقينًا أنه على وضوء ثم شك هل أحدث ونقض وضوءه أو لا بنى على اليقين وهو الطهارة، وإذا كان يعلم نفسه محدثًا ثم شك هل توضأ فيبني على يقينه وهو أنه على حدث، وبناءً على ذلك فيظهر من سؤال السائل أن هؤلاء الإخوة يعلمون يقينًا أن أبدانهم وثيابهم طاهرة ثم بورود هذه الكلاب يحصل لديهم شك، هل أصاب اللعاب شيئًا من الفرش ثم هل أصاب شيئًا من ثيابهم أو لا؟ فيعودون حينئذ إلى الأصل المتيقن وهو أن ثيابهم طاهرة ولا يلتفتون إلى الشك، هذا من وجه، ووجه آخر يزيدهم اطمئنانًا، وهو أنهم أحيانًا لا يعلمون ولا يلابسون هذه الفرش إلا بعد مدة، بحيث يكون اللعاب الذي أصابها إن كان قد جفّ ويبس، والنجاسة اليابسة إذا أصابت ثوبًا أو بدنًا يابسًا مثلها فإنها لا تنجسه. والله تعالى أعلم.

هل لفرشاة الأسنان فضيلة السواك؟!

هل لفرشاة الأسنان فضيلة السواك؟! المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 18/05/1427هـ السؤال هل الأجر سواء إذا استخدمنا فرشاة ومعجون أسنان أو مسواكاً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه. السواك يقصد به ما ينظف الأسنان، بأي عود أو ما يقوم مقامه، مما يتم به التنظيف، ولا يختص ذلك بعود بعينه، سواء من الأراك أو غيره، ولكن نبه العلماء إلى أن العود المستاك به ينبغي ألا يتفتت، أو يكون خشناً يجرح اللثة، أو يورث رائحة غير مقبولة. وعلى هذا، ففرشاة الأسنان إذا احتسب المسلم اتباع السنة بتنظيف أسنانه بها، فهي داخلة -إن شاء الله- فيما ورد في السواك من فضائل، وهي كثيرة؛ كما في الحديث: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" أخرجه أحمد (62) والنسائي (5) وابن ماجة (289) . ولكن إنما يميل كثير من المسلمين إلى السواك الذي هو عود الأراك -وهو أفضل ما يستاك به من الأعواد- لكونه سهل الحمل، ويمكن تطبيق السنة به في مواضع قد لا يمكن فيها استعمال الفرشاة، وذلك عند الصلاة مثلاً، حيث قال عليه الصلاة والسلام: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" متفق عليه من حديث أبي هريرة. البخاري (887) ومسلم (252) . وكذلك في مواضع أخرى، كحال الوضوء في غير المنزل، والذي هو من المواضع المستحبة، وكذلك عند القيام من النوم، حين لا تتيسر فرشاة الأسنان، وغير ذلك. والحاصل أن الفرشاة تحقق المقصود من السواك، ولكن بصورة جزئية ما دامت غير ممكنة الاستعمال في كل وقت. والله أعلم.

هل يجزئ الغسل عن الوضوء

هل يجزئ الغسل عن الوضوء المجيب سالم بن ناصر الراكان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 11/10/1425هـ السؤال السلام عليكم هل هناك حديث صحيح يؤيد جوابكم أن الغسل يغني عن الوضوء حتى إن لم نقم بالوضوء؟ فالمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا الوضوء قبل أن نغتسل من الجنابة أو الحيض. فكيف يكون الغسل مغنيًا عن الوضوء؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: إجزاء الغسل عن الوضوء هو قول أكثر أهل العلم، مستدلين على ذلك بما يلي: 1- قوله تعالى: (وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء: من الآية43] . ظاهره الاكتفاء بالغسل وحده من غير اشتراط وضوء ولا غيره. 2- ما رواه البيهقي 1/177 عن جابر، رضي الله عنه، أن أناسًا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم- فسألوه عن غسل الجنابة وقالوا: إنا بأرض باردةٍ. فقال: "إنَّما يَكفي أحدَكم أنْ يَحْفِنَ على رأسِهِ ثلاثَ حَفناتٍ". وفي لفظ قال: "أمَّا أنا فأُفرِغُ على رأسي ثلاثًا". أخرجه البخاري (254) مسلم (327) . وظاهرهما الاجتزاء بذلك دون الوضوء. 3- ومن المعقول أن الغسل والوضوء عبادتان من جنس واحد فدخلت الصغرى في الكبرى. ولكن يشترط لذلك أمران: وهما النية، والمضمضة والاستنشاق، علمًا بأن السنة في الغسل أن يبدأ فيه بالوضوء. والله أعلم.

ـــــ كتاب الصلاة ـــــ

كتاب الصلاة

حكم الصلاة وحكم تركها

لا يصلي، فهل أحج عنه؟ المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 9/4/1422 السؤال أنا مقيم بالمملكة وزوجتي لها أب بلغ من العمر ثمانين عاماً، وهو لا يصلي، وقد نصحته وزوجتي كثيراً فلم يستجب، ووالد زوجتي الآن مريض ولا يستطيع الحركة، فهل يجوز أن تحج زوجتي عنه هذا العام علماً بأنه مازال لا يصلي وأصبح غير قادر على الحركة؟ الجواب إذا كان والد الزوجة تاركاً للصلاة جحداً لوجوبها فهذا كافر بإجماع أهل العلم. ومثله ما لو تركها تهاوناً وكسلاً في قول المحققين من أهل العلم، وما دام الحال كما ذكرت من إصرار على عدم الصلاة، فلا يجوز للزوجة أن تحج عنه. إلا أن عليها وعليك مناصحته وبيان قدر الصلاة وحكم تاركها، وأخذه بالرفق واللين، لعله أن يتوب ويؤديها، وحينها ومع عجزه عليه أن ينيب من يحج عنه.

صلاة شارب الخمر

صلاة شارب الخمر المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة التاريخ 24/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أثابكم الله وأعانكم على الخير، سؤالي يا شيخنا الفاضل عن الرجل إذا سافر وقد شرب الخمر وجاءت الصلاة فهل يصلي؟ ونحن نعلم أنه لا تصح الصلاة لمن شرب الخمر! لكن القصد أنه إن عمل المحرم وفاتته الصلاة بسببه فهل هو مثل من ترك الصلاة إثماً؟ وإذا أعادها إذا رجع بلا مبادرة بسبب التقصير أو النسيان أو غيره وتكرر منه ذلك فما حكمه وجزاكم الله عنا وعن الإسلام كل خير. الجواب وعليكم والسلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فعليك أخي أن تؤكد على هذا الشارب للخمر ترك شربها، والتوبة إلى الله من هذه الكبيرة، أما صلاة شارب الخمر فهي على حالين: الحالة الأولى: أن تذهب بعقله حتى لا يعلم ما يقول، فهذا لا تصح منه الصلاة حتى يصحو ويرجع إليه عقله. الحالة الثانية: أن يشرب الخمر؛ لكن لا تذهب بعقله، بحيث يعلم ما يقول، ولا يسكر، فهنا صلاته صحيحة، ولكن لابد قبل أن يصلي أن يغسل فمه ويديه من النجاسة، لأن الخمر نجس عند جماهير أهل العلم. لكن لابد أن يعلم أن هناك فرقاً بين صحة الصلاة في الدنيا وقبولها عند الله في الآخرة. فشارب الخمر صلاته صحيحة في الدنيا، لكنها غير مقبولة عند الله حتى يتوب، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوماً فإن تاب، تاب الله عليه فإن عاد فشربها لم تقبل له صلاة أربعين يوماً فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد فشربها كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال قيل: وما طينة الخبال؟ قال عصارة أهل النار أو عرق أهل النار" مسلم (2002) . والله سبحانه وتعالى أعلم.

حج وهو مضيع للصلاة

حج وهو مضيع للصلاة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة التاريخ 05/04/1425هـ السؤال رجل كان تاركاً للصلاة بالكلية، ولا يصوم من رمضان إلا قليلاً، ثم أراد الحج مع أمه ليكون محرماً لها ويؤدي فريضته، فقبيل الحج بدأ يصلي، ولكنه عند طواف الإفاضة نوى قطع حجته بسبب الزحام، ولكنه أكمل الطواف والسعي وباقي مناسك الحج مع أمه لكيلا تعلم بحاله، وبعد عودته إلى المخيم في اليوم الحادي عشر رجع إلى ترك الصلاة، ولا يدري بالكلية أو بعض الصلوات، وشك هل كان طاهراً في طواف الوداع أم لا؟ وشك كذلك في الجمرات، هل رماها كلها أم لا؟ علماً أنه لما عاد إلى بلده داوم على الصلاة مدة قصيرة، ثم عاد كما كان، وقبل سنتين منّ الله عليه بالتوبة، وقد حفظ تسعة أجزاء من القرآن، ولا يزال مستمراً في حفظه، وفي حضور الدروس العلمية. -ما حكم حجه؟ الجواب

من ترك الصلاة بالكلية يستتاب، فإن تاب ورجع إلى الصلاة وإلا قتل بإجماع أهل العلم من السلف والخلف بلا منازع، ولكن اختلفوا هل يقتل كفراً أي لردته، أو يقتل حداً؟ ذهب الإمامان مالك، وأبو حنيفة، والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه أنه يقتل مرتداً فلا يرث ولا يورث، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين استناداً إلى نصوص كثيرة منها قوله –تعالى-: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة:217] ، وقوله –تعالى-: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" [الماعون:5] ، فإذا كان هذا العذاب الشديد قد توعد الله به من انشغل عن الصلاة فلم يصلها إلا بعد خروج وقتها، فعذاب من تركها بالكلية أشد وأعظم، وبمثل قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "إن بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه مسلم (82) من حديث جابر – رضي الله عنه -، وذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد في الرواية الأخرى، والصحيحة عنه إلى أن من ترك الصلاة تهاوناً أو كسلاً يقتل حداً لا كفراً، ومعنى ذلك: أنه مسلم له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، واستدلوا لهذا القول بأدلة أيضاً من القرآن والسنة، كقوله –تعالى-: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء:48] ، فهذا نص على أن كل الذنوب ومنها ترك الصلاة يغفره الله إذا شاء ما عدا الشرك، فإن من مات عليه لا يغفر الله له فهو خالد مخلد في النار، وبمثل قوله –تعالى- حكاية عن قول الحواريين: "إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين" [المائدة:112] ، وجه الاستدلال: أن الشك في قدرة الله كفر بدليل قوله: "اتقوا الله إن كنتم مؤمنين"، ومع هذا لم يكفر الحواريون بقولهم هذا، واستدلوا من السنة بحديث رواه البخاري (7506) ومسلم (2756) من

حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – وفيه: قصة الرجل الذي أوصى بنيه إذا مات أن يحرقوه ويذروه ويرموا رماده في البحر، وقال: "والله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من خلقه فبعثه الله، وقال له: ما الذي حملك على ذلك، قال: مخافتك يا رب قال الله: أدخلوا عبدي الجنة"، ووجه الاستدلال: أن الرجل شك في قدرة الله، والشك في ذلك كفر بلا نزاع بين أهل العلم قاطبة، وهو أعظم من ترك الصلاة ومع هذا غفر الله، وأيضاً لم ينقل في التاريخ الإسلامي كله إلى يومنا هذا أن أحداً قتل مرتداً لتركه الصلاة علاوة على ما يترتب على هذا القول –مع كثر من يترك الصلاة- طلاق زوجته، وأن أولاده أولاد غير شرعيين ... إلخ. والذي يظهر لي -والله أعلم- القول بعدم تكفير تارك الصلاة كسلاً أو تهاوناً، مع وجوب قتله حداً إن لم يتب ويقيم الصلاة. وبعد تحرير هذه المسألة ينبني عليها القول في حكم الردة في إبطال الأعمال، مثل رجل حج حجة الإسلام ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام، فهل حجته الأولى قبل ردته تكفيه أو يلزمه أن يحج من جديد؟ اختلف العلماء فيه على قولين: الأول: أن الردة تبطل الأعمال التي قبلها، واستدلوا بقوله: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فقد حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة:217] ، فعلق بطلان العمل على مجرد الردة، وبقوله –تعالى-: "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن في الآخرة من الخاسرين" [الزمر:65] ، إذا كان في خطاب الرسول –صلى الله عليه وسلم- وحاشاه عن ذلك بأبي هو وأمي، فما بالك بمن دونه، وعلى هذا القول يلزم السائل أن يحج مرة أخرى عن حجته الأولى؛ لأنها بطلت بالردة وهي تركه للصلاة بالكلية.

والقول الثاني في المسألة: أن الردة لا تبطل العمل السابق لها ولا يلزم إعادته أخذاً من القيد في توبة "فيمت وهو كافر" فقيد بطلان العمل بالموت على الكفر لا غير، واستدلوا من السنة بحديث حكم بن حزام - رضي الله عنه -: أنه قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت أشياء كنت أتحنث (أتعبد) بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة وصلة رحم، فهل فيها من أجرٍ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أسلمت على ما أسلفت من خير" رواه البخاري (1436) ، ومسلم (123) . فالأعمال الحسنة التي عملت في الجاهلية تكتب لأصحابها بعد إسلامهم كما في الحديث الآخر: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا"رواه البخاري (4689) ومسلم (2378) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وعلى هذا القول لا يلزم السائل أن يعيد حجه مرة أخرى، بل تكفيه حجته الأولى، والذي يظهر لي -والله أعلم- رجحان هذا القول؛ لقوة أدلته، ولأن عدم الإلزام بإعادة الأعمال هو المتفق مع أدلة يسر الشريعة وسماحتها "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر". وخلاصة الجواب: أن حج السائل صحيح، ولا يؤثر عليه تردده في قطعه نتيجة الزحام ولا شكه في الطهارة في طواف الوداع أو عدد رميه الجمار.

ترك أداء الصلاة أسبوعا

ترك أداء الصلاة أسبوعاً المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة التاريخ 22/4/1424هـ السؤال شاب سافر إلى الخارج مع مجموعة من الشباب لمدة أسبوع، وللأسف خلال تلك الفترة لم يكن مؤدياً للصلاة، بسبب اللهو والعبث، وعدم الاكتراث، وبعد رجوعه أصبح يحافظ على الصلاة، فهل له قضاء ما فاته أم ماذا يفعل؟ جزاكم الله خيراً. الجواب نرى أن عليه أن يكثر من النوافل والطاعات، والعبادات والتطوعات، ولعل ذلك يكفيه، وذلك لأن الراجح أن من تعمد ترك الصلاة بدون عذر فإنه لا يقضيها، ولكن من توبته أن يكثر من نوافل العبادات من الصلوات؛ كأن يتقدم إلى المسجد ويصلي قبل الظهر، وبعدها وقبل العصر، وقبل المغرب وبعدها، وقبل العشاء وبعدها، ويصلي في الليل ما تيسر، ويصلي في الضحى ليكون ذلك مكفراً لما فعل.

ينام عن صلاة الظهر والعصر

ينام عن صلاة الظهر والعصر المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة التاريخ 20/12/1424هـ السؤال أنا موظف في شركة، أعمل كمهندس لأنظمة الاتصالات فيها، ويغلب على عملي الدوام الليلي، وذلك حسب الوقت الذي تحدده لنا الشركة، أخرج من بيتي الساعة العاشرة ليلاً، وأرجع له ما يقارب الساعة العاشرة صباحاً، إنني لن أستطيع أن أستمر من غير نوم حتى صلاة الظهر، وفي نفس الوقت لن أستطيع الاستيقاظ لصلاة الظهر إذا نمت، بل وحتى العصر وخصوصاً أنني لم أنم طوال الليل، وأيضاً عملي قد يتطلب مني أحياناً السفر لمدة خمس أو ست ساعات لأداء عمل في مكان خارج المدن. السؤال هو: هل يجوز لي أن أصلي ما فاتني من الصلوات حينما أستيقظ؟ علماً أنه يوجد من يوقظني لكنني لا أستطيع أن أكمل أكثر من أربع ساعات من غير نوم، وخصوصاً إذا كان هذا العمل الليلي بشكل يومي. وجزاكم الله خيراً. الجواب أولاً يجب عليك أن تؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها جماعة في المسجد. وما ذكر في السؤال ليس عذراً في ترك الصلاة حتى يخرج وقتها، والواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن لا يجعل برنامجه الوظيفي أو التجاري معارضاً لقيامه بعمود الإسلام وهو الصلاة، قال الله تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً " [النساء:103] ، وإذا فاتت الصلاة بعذر وجب قضاؤها فوراً من حين تذكرها، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول: "وأقم الصلاة لذكرى" [طه:14] أخرجه البخاري (597) ومسلم (684) واللفظ لمسلم. وبالله التوفيق.

الدعاء بعدم الإنجاب

الدعاء بعدم الإنجاب المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة التاريخ 25/12/1423هـ السؤال رجل لا يصلي ولكنه يعمل الخير ويتمناه لنفسه ويتمنى من ربه الهداية بالإلحاح يقول: دعوت رب العالمين بأن يحرمني من الإنجاب وذلك لعدة أسباب مثل (ظلم هؤلاء الأبناء وعدم استطاعة تربيتهم تربية صالحة؛ لأني لست أهلاً لذلك، والسبب الآخر الخوف من النسل والأمراض المنتشرة في هذا الزمان كالعيوب الخلقية والاجتماعية كالجمال والشكل، مع العلم بأن هذا الرجل من بيت لا يشتهر بالجمال بعكس بيوت أقاربه الذين يشتهرون بالجمال الفائق وهم من المقدرين للجمال) السؤال: هل دعوته على نفسه تحتمل الإجابة من رب العالمين؟ مع العلم بأنه بعد زواجه بسنتين لم يرزق بالحمل، وأجرى تحاليل وأثبتت بأن معه ضعفاً شديداً ويحتاج إلى علاج تقوية للحيوانات المنوية، والعلاج يحتاج إلى وقت طويل من الزمن. الجواب الحمد لله وبعد، هذا الرجل الذي لا يصلي لا ينفعه ما يعمله من الخير ما لم يبادر إلى التوبة، ويعجل إلى أداء الصلاة مع الندم الشديد لما حصل منه من تفريط، وتارك الصلاة كافر على الصحيح من قولي أهل العلم في هذه المسألة؛ لقوله -عليه السلام-:" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه أبو داود وغيره من حديث بريدة - رضي الله عنه - وعند مسلم من حديث جابر " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة" فاحرص -هداك الله - على الصلاة فإنها عمود الإسلام وقرة عيون الموحدين، ولا حظ في الإسلام لمن تركها. ولا يكفي - وفقك الله لكل خير - أن تتمنى الهداية دون أن تبذل وسعك لنيلها، فالدين ليس بالأماني، قال الله -تعالى-:"لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ" الآية، [النساء:123] .

وقال الشاعر: ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبسِ وأما دعاؤك على نفسك بعدم الإنجاب للأسباب المذكورة فهذا سوء ظن بالله -تعالى-، وضعف في التوكل، عليك بصدق التوبة من ذلك وسؤال الرب -تعالى- العفو والمغفرة، ولعل ما أصابك عقوبة من الله فاحرص على تجنب أسباب غضبه وفتح صفحة جديدة تملؤها بكل خير.

ترك الصلاة مدة طويلة فماذا عليه؟

ترك الصلاة مدة طويلة فماذا عليه؟ المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/حكم تارك الصلاة التاريخ 04/04/1427هـ السؤال اسمحوا لي أن أعرض عليكم مشكلة عندي: الحاصل أنّني منذ برهة من الزمن تركت الصلاة وكان ذلك على أثر لطمة تلقّتها عيني. وحيث إنني لم أعد أستطيع السجود تركت الصلاة بالكلّيّة، ثمّ بعد ذلك استأنفتها، إلاّ أنّني الآن لا أجد تلك الحرارة الإيمانيّة التي كنت أعيشها من قبل، وهذا يثبّط عزمي. فهل أنا المسؤول عن هذه الحالة أم أنّ الذي سبق أن ضربني في عيني هو المسؤول؟ ثمّ إنّي ساكنت امرأة علي غير عقد شرعيّ. وهذه المرأة أسلمت في أثناء ذلك فعلّمتها الدين شيئا فشيئا. الآن أودّ أن أستأنف صلاتي وأعلّم "زوجتي" إيّاها إلّم أكن أنا أصلّي. فهل بهذا يكون الحال أحسن أم أنه يزداد سوءا؟ طبعا أودّ أن أتزوّج في أقرب وقت ممكن. وبالمناسبة فإنّ أبوي صديقتي ليسا بمسلمين، فهل يلزم أن يكون أبوها وليًّا في عقد زواجنا أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فحالة ضعف الإيمان وعدم الشعور بحلاوته هي نتيجة متوقعة لما وقع منك من ترك للصلاة إذ إن ترك الصلاة من الذنوب العظيمة. والذنوب لها آثار وتبعات وخيمة؛ قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ" [الشورى:30] فمن صلى وسجد فله الجنة ومن ترك الصلاة أو السجود فله النار ففي صحيح مسلم (81) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار".

والحمد لله الذي ردك إليه فأديت الصلاة، والواجب عليك الآن الصدق في هذه التوبة بعدم العودة لما بدر منك من ترك الصلاة. والندم على ذلك والعزم على عدم العودة لهذا الذنب، مع الإكثار من النوافل والأذكار والاستغفار، وبإذن الله ستعود لك لذة الطاعة وحلاوة الإيمان، وما عليك إلا الصبر فهذا آدم حاله بعد التوبة من المعصية أحسن من حاله قبلها قال تعالى: "وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى" [طه:121-122] . ولا دخل للذي ضربك على عينك في هذا؛ لأنه لا يجوز لك أن تترك الصلاة ولو لم تستطع السجود بل تصلي على حسب حالك، ولو إيماء للسجود، قال تعالى: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" [التغابن:16] وقال صلى الله عليه وسلم: "وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم" أخرجه البخاري (7288) ومسلم (1337) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.

وأما ما ذكرت في الشق الثاني من السؤال فالواجب عليك هو أن لا تختلط بهذه المرأة ولا تساكنها وأنت بعد لم تعقد عليها عقد النكاح إذ إن الخلوة بالمرأة الأجنبية -فضلاً عن مسها أو تقبيلها أو الزنا - من المحرمات المعلومة وهي الوسيلة الواضحة للوقوع في الزنا والفواحش وهي من خطوات الشيطان التي يغري بها حتى يقع الإنسان في الفاحشة العظيمة قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُم مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [النور:21] . وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان" أخرجه أحمد (3/446) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما وأخرجه الترمذي (2165) وصححه من حديث عمر -رضي الله عنه-. وكون المرأة أسلمت بعد معرفتك بها وقد علّمتها الدين شيئا فشيئا، فهذا من فضل الله عليها أن هداها للإسلام، وإذا أردت الزواج بها فلك ذلك ولابد لصحة النكاح معها من ولي لها وهو أبوها إذا كان مسلماً وإن لم يكن مسلماً كما ذكرت فأحد عصبتها من المسلمين بدءًا بجدها ثم إخوتها الأشقاء أو لأب ثم أعمامها وأبناء عمها هذا إن كان أحد منهم مسلماً وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي" أخرجه أحمد (18878،18697) ، وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجة (1881) وابن حبان (1243) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- وقد صححه غير واحد من أهل العلم وأخذ به جمهور العلماء.

فإن لم يوجد لها ولي ممن ذكر أو وجدوا وهم على الكفر فوليها من له نوع سلطان لديكم كمدير المركز الإسلامي وإمام الجامع ومسؤول السفارة ونحوهم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، بارك الله فيك وأتم عليك نعمته وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.

أداء الصلاة تحت تأثير المخدر

أداء الصلاة تحت تأثير المخدر المجيب د. عبد العزيز بن محمد الداود عضو الإفتاء كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه التاريخ 22/8/1422 السؤال أدت امرأة صلاة الفجر وهي لا زالت تحت تأثير المخدر بعد إجراء العملية، فكانت تغفو أثناء الصلاة ثم تفيق، فما حكم صلاتها والحال هذه؟ الجواب صلاتك والحال هذه لا تصح، وعليك قضاؤها، لأن من شروط صحة الصلاة سلامة العقل.

صلاة الصبي بين العادة والتكليف

صلاة الصبي بين العادة والتكليف المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/ حكم الصلاة وحكم تاركها/صلاة الصبي والمجنون والمغمى عليه التاريخ 4/2/1423 السؤال هل الصلاة في المسجد واجبة على الولد الذي بلغ العاشرة من عمره حتى ولو لم يبلغ بعد؟ أرجو التفصيل في الإجابة مع ذكر بعض أقوال العلماء في ذلك. هل يأثم والد هذا الطفل إذا لم يحضره معه إلى المسجد، حيث يعتذر كثير من الآباء بالمدرسة أو البرد أو غير ذلك من الأعذار؟ وما الفرق بين سن البلوغ وسن التكليف؟ الجواب قال العلماء: إن صلاة الجماعة واجبة على الرجال، وخرج بذلك النساء وكذلك الصبيان غير البالغين فلا تجب عليهم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاثة -وذكر منهم- الصبي حتى يشب"، رواه أبو داود (4401) والترمذي (1423) وابن ماجة (2042) ، وفي بعض الروايات: "حتى يحتلم". لكن يشرع أمر الصبي بالصلاة إذا أتم سبع سنين ليعتادها، وضربه عليها لعشر؛ لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين" رواه أحمد (6756) وأبو داود (495) والحاكم (734) . فعلى الوالد أمر ولده المميز بالصلاة والطهارة، واصطحابه معه إلى المسجد للصلاة جماعة والصبر على ذلك، وهذا من تمام الرعاية والقيام بالمسؤولية التي حملها، قال -تعالى-: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها" [طه:132] . وسن البلوغ هو سن التكليف، فإذا بلغ الإنسان وهو عاقل فإن التكاليف الشرعية تجري عليه.

الأذان والإقامة

استخدام التسجيل في الأذان؟ المجيب خليل بن سليمان المديفر الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 10/8/1422 السؤال هل يجوز استخدام التسجيل في الأذان، وذلك بوضع مكبر الصوت عند الراديو الذي يذيع الأذان مسجلاً؟ هل هذا يكفي عن الأذان في المسجد أم لا؟ أفتونا بارك الله فيكم. الجواب لا يجوز؛ لأن الأذان عبادة، والعبادة لابد أن تصدر من صاحب عبادة، فالأذان تعبّد فلابد أن يصدر عن مؤذن، وليس مجرد إعلان بالناقوس كما عند اليهود، فألفاظ الأذان لابد أن تصدر عن شخص تصح منه العبادة.

مشروعية الأذان الأول يوم الجمعة

مشروعية الأذان الأول يوم الجمعة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 14/6/1424هـ السؤال الأذان الأول في صلاة الجمعة الذي استقر في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، بعض المساجد لا تؤديه رجوعاً إلى الأصل الذي كان في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والخليفتين من بعده أبي بكر، وعمر، وشطر من خلافة عثمان -رضي الله عنهم-، ويقولون إن العلة التي من أجلها أذن على الزوراء لم تعد موجودة، وهي إعلام الناس بقرب دخول وقت الجمعة، فوسائل الإعلام أصبحت منتشرة في الإذاعات ومكبرات الصوت، وأن الحكم يدور مع العلة وجوداً أو عدماً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالأظهر بقاء مشروعية الأذان الأول للجمعة، وأنه سنة ينبغي المداومة عليها؛ وذلك لأن العمل بهذه السنة ثابت من عصر الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه- وإلى عصرنا الحاضر، الذي توفرت فيه وسائل الإعلام بكل أنواعها، ومع هذا فلا زال العمل جار بهذه السنة الراشدة، كما في الحرم المكي، والمدني، والمسجد الأقصى، وسائر جوامع المسلمين إلا من شذَّ، وقد صرح باستمرار العمل بهذه السنة الإمام الزهري فيما نقله عن السائب بن يزيد أنه قال: (إن الآذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما-، فلما كان في خلافة عثمان - رضي الله عنه- وكثروا، أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، يعني الأول، فأذن به على الزوراء، فثبت الأمر على ذلك) ، أخرجه البخاري في صحيحه (1/310) . فهذه السنة ثابتة بأمرين:

الأول: بأمر عثمان -رضي الله عنه-، وهو خليفة راشد، أمرنا باتباع سنته بمقتضى الحديث الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"، الحديث. رواه الترمذي (2676) ، وأبو داود (4607) ، وابن ماجة (42) عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه-. الثاني: جريان العمل بهذه السنة في الصدر الأول وحتى عصرنا الحاضر، وهو كالإجماع السكوتي على القول بأنه حجة، وأيضاً فإن العلة من هذا الأمر لا زالت موجودة، فإن الناس يتنبهون للاستعداد لهذه الصلاة بهذا الأذان الأول، وأما وسائل الإعلام فإنها لا تفي بالحاجة لأمور منها: أولاً: أنها تنقل في بعض البلاد الأذان الثاني مع خطبة الجمعة، دون الأذان الأول، فلا يتحقق المقصود. الثاني: وفي بلاد أخرى كالمملكة العربية السعودية، ينقل الأذان الأول للحرم المكي والمدني دون غيرهما، مع قرب الأذان الأول للثاني بما لا يحقق الحاجة المعتبرة، وهذا أيضاً لا يفي بحاجة المدن الأخرى البعيدة عن الحرمين، لأجل فارق التوقيت. الثالث: أن وسائل الإعلام لا تتوفر لكل أحد، وهذا بخلاف الأذان فإنه يسمعه كل من قرب، وهو من تجب عليه صلاة الجمعة. ولذا فإنه يبقي الأذان الأول للجمعة مسنوناً، كما يسن الأذان الأول للفجر، من أجل تنبيه القائم وإيقاظ النائم، والله تعالى أعلم.

الأذان بجهاز التسجيل

الأذان بجهاز التسجيل المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 8/6/1423هـ السؤال نحن نعمل بدائرة حكومية عبارة عن ثلاثة مبان مستقلة عن بعضها، والمبنى عبارة عن عدة أدوار لا يوجد بها مسجد، إنما مصليات في كل مبنى ويبث إلى جميع مكاتبها المتفرقة جهاز إعلان جماعي، ويسمع الأذان من خلاله بواسطة جهاز تسجيل. هل استخدام هذه الطريقة جائز؟ وإلا ما الأفضل وجزاكم الله خيراً. الجواب الأذان إنما شرع للإعلام بدخول الوقت، والسنة فيه أن يكون حياً مباشراً لا تسجيلاً، والمشروع أن يقوم أحد منكم بمهمة الأذان، فأطول الناس أعناقاً يوم القيامة المؤذنون، كما رواه مسلم (387) من حديث معاوية.

التغني في الأذان

التغني في الأذان المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 8/5/1423 السؤال ما هو التغني في الأذان؟ وما حكمه؟ والسلام عليكم. الجواب التغني بالشيء هو: تحسين الصوت به بحيث، يخرج الحروف من مخارجها مع تحسين الصوت بها، وذلك لأن حكم حسن الصوت بالشيء أشد وقعاً في النفس وأدعى للاستجابة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- حين أخبره عبد الله بن زيد بما رآه في منامه من صيغة الأذان قال:"ألقه على بلال فإنه أندى صوتاً منك" ورواية ابن ماجة:" ... رواه ابن ماجة (706) وغيره من حديث عبد الله بن زيد، لكن ينبغي التنبيه ألا يخرج المؤذن بالأذان إلى التطريب به وزيادة المدود فيه حتى يخرجه عن صيغته وإلا لم يكن أذاناً ويُؤزر فيه فلا يُؤجر.

أجر من يردد وراء المؤذن

أجر من يردد وراء المؤذن المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 22/12/1422 السؤال هل من يردد وراء المؤذن له نفس ثوابه، الذي هو ثواب كل من يصلي في المسجد؟ الجواب هذه المسألة ورد فيها حديث يبين أنه يستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول، قال -عليه الصلاة والسلام-: " إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمداً رسول الله، قال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله قال: لا إله إلا الله، من قلبه دخل الجنة " رواه مسلم (385) عن عمر -رضي الله عنه- أي: من تابع المؤذن في أقواله في الأذان دخل الجنة، هذا هو ثواب من يتابع المؤذن، وليس كما ذكر السائل في سؤاله.

صفات المؤذن

صفات المؤذن المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 25/12/1422 السؤال ما الصفات التي ينبغي أن تتوافر في المؤذن؟ الجواب المؤذن يرفع الأذان، ويعلي كلمة التوحيد، وينادي للصلاة التي هي ركن من أركان الإسلام، وهذا يحتم عليه شروطاً ذكرها العلماء، وهي: أن يكون مسلماً مؤتمناً على الوقت والأذان؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:" ... والمؤذن مؤتمن ... " رواه الترمذي (207) وأبو داود (517) وأحمد (7169) ، وأن يكون عالماً بالمواقيت، ويكفي من ذلك معرفة الساعة، وأوقات دخول الصلاة، عالماً بألفاظ الأذان المشروعة، قادراً على أدائها، قادراً على رفع الأذان، ولا يشترط علو الصوت حال وجود مكبر الصوت، ويستحب أن يكون حسن الصوت، كما يستحب أن يكون قادراً على القراءة حال غياب الإمام، وألا يأخذ أجراً مقابل الأذان؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " ... واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً " رواه أبو داود (531) والترمذي (209) والنسائي (673) وابن ماجه (714) وأحمد (16270) واللفظ لأبي داود، وقد اشترط بعض العلماء ذلك استناداً إلى الحديث الشريف، والمتفق عليه أن يكون مبتغياً بذلك وجه الله، أما إذا أخذ نظير تفرغه فقد أجازه أكثر المتأخرين، وليبشر المؤذنون فهم أطول الناس أعناقاً يوم القيامة كما ثبت في صحيح مسلم (387) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت في البخاري (609) أنه لا يسمع المؤذن إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، وثبت في السنن (النسائي (645) وأبو داود (515) وابن ماجه (724)) وصححه الألباني أن المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس.

حكم الإقامة للمنفرد

حكم الإقامة للمنفرد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 11/8/1424هـ السؤال هل الجهر بالإقامة في الصلوات المفروضة للمنفرد واجبة أم مستحبة؟ أي إذا صليت العشاء في البيت لوحدي هل يجب علي الجهر بالإقامة؟ الجواب الإقامة للمنفرد سنة وليست واجبة، وسواء جهر بها أو أسر.

الأذان الأول يوم الجمعة

الأذان الأول يوم الجمعة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 7/7/1423هـ السؤال ما حكم الأذان الأول يوم الجمعة؟ نرجو التوضيح؛ لأن هناك من قال بأنه بدعة وقد صدقه أهل قرية فتركوا الأذان الأول يوم الجمعة. الجواب سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/لاحظتُ في بلدكم المملكة العربية السعودية أنه يوجد أذانان للجمعة وهذا غير صحيح، إذ إنه كان إذا صعد الإمام المنبر أُذن بين يديه أذان واحد وجميع كتب السنة تؤيد ذلك. جـ/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالأمر كما قال السائل كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذان واحد مع الإقامة، كان إذا دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- للخطبة والصلاة أذن المؤذن ثم خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- الخطبتين ثم يُقام للصلاة. هذا هو الأمر المعلوم والذي جاءت به السنة كما قال السائل وهو أمر معروف عند أهل العلم والإيمان، ثم إن الناس كثروا في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- في المدينة فرأى أن يُزاد الأذان الثالث انظر: البخاري (912) ، ويقال له: الأذان الأول لأجل تنبيه الناس على أن اليوم يوم جمعة حتى يستعدوا ويبادروا إلى الصلاة قبل الأذان المعتاد المعروف بعد الزوال، وتابعه بهذا الصحابة الموجودون في عهده، وكان في عهده علي -رضي الله عنه- وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهم- وغيرهم من أعيان الصحابة وكبارهم، وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان تبعاً لما فعله الخليفة الراشد -رضي الله عنه- وتابعه عليه الخليفة الراشد الرابع علي -رضي الله عنه- وهكذا بقية الصحابة.

فالمقصود أن هذا حدث في خلافة عثمان وبعده واستمر عليه غالب المسلمين في الأمصار والأعصار إلى يومنا هذا، وذلك أخذاً بهذه السنة التي فعلها عثمان -رضي الله عنه- لاجتهادٍ وقع له ونصيحة للمسلمين ولا حرج في ذلك؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ" الترمذي (2676) ، وأبو داود (4607) ، وابن ماجة (42) ، وأحمد (17142) ، وهو من الخلفاء الراشدين -رضي الله عنه- والمصلحة ظاهرة في ذلك فلذلك أخذ بها أهل السنة والجماعة ولم يروا بهذا بأساً لكونه من سنة الخلفاء الراشدين عثمان وعلي ومن حضر من الصحابة ذلك الوقت -رضي الله عنهم جميعاً-. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (12/347-349) ] .

الإقامة: صفتها وحكمها

الإقامة: صفتها وحكمها المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 21/3/1425هـ السؤال هل الإقامة واجبة في الصلاة؟ وهل تقطع الصلاة إذا ذكر المصلي أنه لم يقم؟ وهل تجوز الإقامة بصيغة الأذان؟ مع الدليل. الجواب الأذان والإقامة فرضا كفاية، إذا قام به جماعة في بلد سقط الإثم عن الباقين، لحديث: "إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم" رواه البخاري (628) ومسلم (674) عن مالك بن الحويرث - رضي الله عنه -، وأما في حق غيرهم فسنة، وعلى ذلك إذا ذكرها المصلي فإنه لا يقطع صلاته؛ لأن الفرض لا يقطع للنافلة، أما الإقامة بصيغة الأذان فلا بأس بها، لحديث أبي محذورة - رضي الله عنه -: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة ... الحديث رواه أحمد (26708) وأبو داود (502) والترمذي (192) والنسائي (630) وابن ماجة (709) وأصله في مسلم (379) .

الخروج من المسجد بعد الأذان

الخروج من المسجد بعد الأذان المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 21/1/1424هـ السؤال سؤال عن أثر أبي هريرة - رضي الله عنه - عندما رأى من خرج من المسجد بعد الصلاة، "فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم"، فهل يعذر من خرج من المسجد ليصلي في مسجد آخر، فإني رأيت من يخرج زاعما ذلك، وجزاكم الله خيراً. الجواب أبو هريرة - رضي الله عنه - قاله لمن خرج من المسجد بعد الأذان وقبل الصلاة، ولا يتناول هذا من خرج لعذر كمن كان إماماً في مسجد آخر، أو ليصلي في المسجد الآخر، أو ليتوضأ، أو لعذر، أو علم أن خروجه لا يؤثر على إمام المسجد أو من فيه، علماً بأن السؤال قال: عندما رأى من خرج من المسجد بعد الصلاة، وليس هذا هو، وإنما من خرج من المسجد بعد الأذان وقبل الصلاة، والله أعلم.

إجابة الصلاة خير من النوم

إجابة الصلاة خير من النوم المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 25/12/1423هـ السؤال بحكم كثرة المساجد بجوار المنزل فإنني أجد صعوبة في الترديد مع أحدها عند الأذان، ماذا أفعل؟ وهل الترديد يجزي إذا كان من التلفاز؟ ماذا نقول عند قول الإمام الصلاة خير من النوم؟ الجواب إذا كثرت المساجد فلا بأس أن تردد مع أقربها إليك، وأما الترديد مع جهاز الراديو أو التلفاز فلا بأس إذا كان حياً على الهواء ولم يكن تسجيلاً. والمشروع في قول المؤذن (الصلاة خير من النوم) ترديد ما قاله المؤذن؛ لعموم حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-:"إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" متفق عليه البخاري (611) مسلم (383) .

أمر الإمام بتسوية الصفوف وإغلاق الجوالات

أمر الإمام بتسوية الصفوف وإغلاق الجوالات المجيب د. سليمان بن صالح الغيث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 28/4/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: رعاكم الله: هل في قول الإمام بعد أمره بتسوية الصفوف والاعتدال: أقفلوا الأجهزة - يعني أجهزة الجوالات- بأس مع كونه يكرر ذلك؟. الجواب ليس في قول الإمام ما ذكر بعد أمره بتسوية الصفوف والاعتدال بأس، إذ لا يخفى ما في ذلك من المصلحة الظاهرة لصلاة المصلين معه، ومعلوم الأثر الذي يحدث في صلاة المصلين بذلك المسجد في حالة تم اتصال على أحد الجوالات غير المغلقة، أو الموضوعة على نظام غير صامت من الإزعاج، والإخلال بخشوع الصلاة وسكينتها، بل إن البعض - هدانا الله وإياهم- ربما جعل نغمة الجوال على نغمات موسيقية وهي محرمة خارج المسجد، فكيف بالمسجد، بل وأثناء أداء الصلاة، فأهيب بجميع المسلمين الانتباه لهذا، والتناصح فيما بينهم على إزالة ذلك، أما ما ذكر في السؤال من كون الإمام يكرر ذلك فالجواب أن له أن يكرر حسب تكرر ذلك الأمر في جماعة مسجد، فإذا انقطع هذا الأمر وأصبح جميع جماعة ذلك المسجد وهم محصورون ملتزمون بإغلاق جوالاتهم قبيل دخول المسجد أو وضعه على الصامت، فأنا واثق بأن الإمام من نفسه لن يحتاج إلى إيراد مثل هذه العبارة، وهذا ما نؤمله في أن يرتقي الوعي لدى جميع المصلين فيحرصوا على صلاتهم. مما يخل بها، كما أنصح بوضع لافتات عند باب المسجد تنبه على إغلاق الجوال عند دخول المسجد.

الأذان الموحد

الأذان الموحد المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 25/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شيخنا الفاضل: نحن في مسجدنا عندنا الأذان على السنة النبوية، فلا نقبل بالأذان الموحَّد، والحمد لله، وهذا حالنا منذ زمن طويل، إلا أن هناك فئة من الناس تعترض على هيئة الأذان (لا تقبل بأذان المؤذن المسؤول في المسجد) ، وتطالب باستخدام الأذان الموحد الذي هو عن طريق الراديو، فما رأي فضيلتكم؟ هل نوافق على طلبهم باستخدام الأذان الموحَّد؟ أم نبقى كما نحن عليه اقتداء بأهل السنة النبوية والسلف الصالح؟ وهل يدخل حكم الأذان الموحَّد في فقه الواقع؟ أو ما يسمونه بعموم البلوى؟. الجواب عليكم أن تتبعوا السنة، فالأذان هو على كل أهل مسجد، وليس أبداً أن تستمع إلى الراديو فهذا لا أصل له، فعليكم أن تتبعوا السنة وتلزموها وتؤذنوا لأنفسكم فهو سنة عليكم أنتم، ولا تقبل النيابة في هذا. والأذان الموحَّد لا يدخل في شيء، ولا حاجة تدعو إليه، فالأصل أن كل مسجد يرفع الأذان اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا أمر لا يختلف فيه، ولم يقل بغيره أحد من أهل العلم.

الوقت المشروع بين الأذان والإقامة

الوقت المشروع بين الأذان والإقامة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 22/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل هناك مدة محددة للوقت بين الأذان والإقامة؟ لأن إمامنا يطيل وألاحظ تأفف الكثير من المصلين من ذلك. والسلام عليكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإنه لا يوجد في أدلة الشريعة - حسب علمي- ما يدل على تحديد مقدار وقت الانتظار بين الآذان والإقامة بحيث لا يجوز القصور عنه أو الزيادة عليه، وإنما يستحب أن تكون الإقامة بعد الأذان بوقت يكفي لاستعداد الناس للصلاة، وذلك لأن الأذان إنما هو إعلام بدخول الوقت، ولا يتحقق المقصود من الأذان، إلا بانتظار وقت يكفي لاستعداد وحضور من أعلموا بدخول الوقت، وإذا نظرنا في سنة خير الخلق عليه الصلاة والسلام نجد أن الأمر فيه سعة من حيث وقت الانتظار بين الأذان والإقامة، والأمر الذي استمر عليه النبي عليه الصلاة والسلام هو الانتظار القليل بين الأذان والإقامة، كما جاء في حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- الذي رواه أحمد (21285) ، والترمذي (195) ، وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: "اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته"،

ويتضح من سنة النبي عليه الصلاة والسلام أن المقصود من الانتظار هو تمكين المسلمين من ترك أعمالهم وقضاء حوائجهم، ومن ثم حضورهم إلى المسجد، ولذلك فإن المندوب تأخير الصلاة قليلاً عند تأخر المصلين في الحضور إلى المسجد، وتقديمها عند حضورهم إلى المسجد، ويدل على هذا ما رواه البخاري (565) من حديث الحسن بن علي - رضي الله عنهما- أنه سأل جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "....والعشاء: إذا كثر الناس عجَّل، وإذا قلوا أخّر"، ونظراً لكثرة المساجد اليوم، وعدم اختصاصها بمن هو ساكن حولها، فإن الأفضل أن يجعل بين الأذان والإقامة وقتاً محدداً يكون معروفاً عند الناس- كما هو معمول به في بلادنا اليوم- بحيث يلتزم به الأئمة والمأمومون، ومع هذا التحديد لا يحصل الخلاف. ومما تحسن الإشارة إليه أنه ينبغي مراعاة حال الناس عند كل صلاة، فصلاة الفجر يكون الانتظار فيها أطول من غيره، ليتمكن الناس من الاستيقاظ من النوم والاستعداد للصلاة، وهكذا كل صلاة بحسب ما يناسب حال المسلمين فيها، كما ينبغي مراعاة أماكن وجود المساجد، فالمساجد الموجودة في الأسواق أو القريبة منها يكون الانتظار فيهاً قليلاً، لئلا يتضرر أصحاب الأسواق بطول الانتظار، وهذا بخلاف المساجد الموجودة في الأحياء السكنية فلا ضرر عليهم من الانتظار المتعارف عليه. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أذان الجنب

أذان الجنب المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 21/2/1424هـ السؤال أنا مؤذن مسجد وأحيانا أنام على جنابة فأقوم من النوم وقد بقي على الآذان دقيقة أو دقيقتان فهل يجوز لي أن أؤذن وأنا على جنابة.... أفتوني مأجورين الجواب عليك المبادرة بالأذان عند أول الوقت لإعلام الناس ليحضروا إلى المسجد، ولو أذنت وأنت على جنابة أو غير متوضئ فلا بأس، ثم بعد الأذان تذهب وتغتسل ولا شيء عليك - إن شاء الله - والأذان يصح من الجنب ومن المحدث حدثاً أصغر والحمد لله.

"من أذن فهو يقيم"

"من أذن فهو يقيم" المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 7/1/1424هـ السؤال هل هناك حديث يدل على أن من أذن فهو يقيم؟ وما رأيكم في أيهما أولى في المسجد أن يقيم الذي أذن للصلاة أو المؤذن الرسمي للمسجد إذا حضر؟ نفع الله بكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فهذا الحديث "من أذن فهو يقيم" روي من طريقين، كلاهما ضعيف، الأول: ما أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (12/435) من طريق سعيد بن راشد السماك عن عطاء عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:" ... إنما يقيم من أذن" وسنده ضعيف؛ لأنه من طريق سعيد بن راشد، وهو ضعيف، كما قاله الهيثمي في مجمع الزوائد (2/3) وغيره. الطريق الثاني: ما أخرجه أحمد في مسنده (4/169) وأبو داود في سننه (514) والترمذي في سننه (199) وابن ماجة في سننه (717) كلهم من طريق عبد الرحمن بن زياد أنعم الأفريقي عن زياد بن نعيم عن زياد بن الحارث الصدائي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:" ... ومن أذن فهو يقيم" وسنده ضعيف؛ لأنه من طريق عبد الرحمن الإفريقي وهو ضعيف كما في التقريب صـ (400) رقم (3862) ولذا قال أبو عيسى الترمذي في سننه (199) :"وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الأفريقي، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره" ثم قال الترمذي:"والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو يقيم"أ. هـ. وقد حكى الحازمي في كتابه (الاعتبار) ، كما نقله عنه صاحب تحفة الأحوذي (1/509) اتفاق أهل العلم على جواز أن يؤذن الرجل ويقيم غيره، وأن الخلاف إنما هو في الأولوية.

وعلى هذا فالذي يترجح -والله أعلم- أن الأولى بالإقامة هو من أذن، وهذا ما عليه العمل وهو قول الأكثر، كما قاله الترمذي -آنفاً- وهذا فيما إذا كان المؤذن متطوعاً، لا سيما إذا كانت إقامة الغير سبباً في ضغينة أو إثارة فرقة. أما إذا كان المؤذن راتباً (رسمياً) فهو الأولى بها، لأنه وُضع من قبل الإمام للتأذين والإقامة، فإذا فات أحدهما بقي حقه في الآخر، والله تعالى هو الموفق والهادي.

الأذان والإقامة للنساء

الأذان والإقامة للنساء المجيب أحمد بن محمد الرزين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 18/1/1425هـ السؤال وجدت فتوى لابن باز -رحمه الله- في كتاب (تحفة الإخوان) في عدم وجوب الأذان والإقامة للنساء بعكس ما وجدته في (تمام المنة في التعليق على فقه السنة) للشيخ الألباني -رحمه الله- حيث أورد أدلة توجب على المرأة ذلك وهي أدلة صحيحة على حسب رأي أهل الحديث. فما التوفيق بين فتوى ابن باز والألباني -رحمهما الله- وأيهما على حق؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فأشكر للسائلة ثقتها بهذا الموقع المبارك، وأحب أن تكون الإجابة على ما ذكر من إشكال فيما يلي: أولاً: أما وجوب الأذان والإقامة على النساء فلا أعلم خلافاً أنهما غير واجبين، وإنما الخلاف في الجواز والاستحباب، والخطب في ذلك يسير بحمد الله. ثانياً: أنه ليس ينكر الخلاف فيما لم يسبقه إجماع، وشأن المسلم اتباع ما اقتضاه الدليل بغض النظر عن القائل، وينبغي أن يعلم أن رد القول لا يعني القدح في القائل، فرحم الله الشيخين وجزاهما عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. ثالثاً: وأشير أيضاً إلى أن واقع الأمر ليس كما ذكر في السؤال إذ ما أورده الشيخ الألباني -رحمه الله- في المسألة، على فرض صحة الاحتجاج به رواية ودراية غاية ما يدل عليه الجواز لا الوجوب. رابعاً: ما ذكر من أدلة على فرض صحتها في المسألة لا تعدوا أن تكون قول صحابي أو فعله، وفي الاحتجاج بذلك خلاف مشهور، والجمهور على عدم اعتباره حجة، بل إن أقوال الصحابة-رضي الله عنهم- إذا تعارضت- كما هو واقع المسألة- فلا حجة فيها إجماعاً.

خامساً: الذي أراه بناء على ما سبق هو ما رآه سماحة شيخنا ابن باز من كونهما- أي الأذان والإقامة- لا يشرعان للنساء، إذ لم يرد في ذلك سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأصل في العبادات التوقيف، وأيضاً فإن الأصل أن الأذان والإقامة إنما شرعا من أجل مصلحة الصلاة جماعة، والجماعة لا تجب إلا على الرجال.

هل للفجر أذان واحد أم اثنان؟

هل للفجر أذان واحد أم اثنان؟ المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 7/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم. كلفني أحد الأصدقاء بأن أسألكم عن أذان الفجر، هل للفجر أذان واحد أم اثنان؟ وما حكم من يؤذن أذانًا واحدًا، إن ثبت أن الصحيح أن للفجر أذانين؟..وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب: أنه ليس لصلاة الفجر إلا أذان واحد على الصحيح، هذا أولاً. ثانيًا: أنه يشترط أن يكون هذا الأذان بعد طلوع الفجر، فإن أذن قبله فلا يصح على الصحيح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ". أخرجه البخاري (628) ومسلم (674) . فإن قيل: ما المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذَا أَذَّنْتَ الأَوَّلَ مِنَ الصُّبْحِ فَقُلْ: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ"؟ أخرجه أحمد (15376) وأبو داود (500) والنسائي (647) ، فالجواب: أن المراد به الأذان الذي ذكرناه، الذي يكون بعد طلوع الفجر؛ لأن الإقامة أذان ثانٍ؛ لكونها إعلامًا أيضًا كالأذان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ". أخرجه البخاري (624) ومسلم (838) . أي الأذان والإقامة، وفي صحيح البخاري (913) : زاد عثمان الأذان الثالث في صلاة الجمعة. يعني بالإضافة إلى الأذان السابق والإقامة، فسميت أذانًا، وهذا ثالثًا.

فإن قيل: الأذان الذي يكون في آخر الليل، أليس هو الأذان الأول للفجر بدليل حديث ابن عمر قال: إنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ". أخرجه البخاري (1919) ومسلم (1092) ، فالجواب: أن أذان بلال إنما هو ليوقظ النائم ويرجع القائم، كما جاء ذلك في رواية الجماعة: "لِيَرْجِعَ قائِمَكُمْ ويُوقِظَ نائِمَكُمْ". أخرجه البخاري (7247) ومسلم (1093) . إذًا فليس أذانًا لصلاة الفجر، وهذا رابعًا. فإن قيل: أليس المراد بقول: "الصلاةُ خيرٌ من النومِ". صلاة التهجد؟ لأنه لا مفاضلة بين صلاة الفريضة والنوم، وعليه، فلا تقال في الأذان الذي بعد طلوع الفجر، وإنما تقال في الأذان الذي يكون آخر الليل قبل طلوع الفجر. فالجواب: أن الخيرية قد قيلت في أوجب الواجبات وفي بعض الواجبات، كما في قوله تعالى: (} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ) ] الصف: 10-11 [. وقوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ) . وعليه فقول: "الصلاةُ خيرٌ من النومِ". سنة في أذان الفجر الذي يكون بعد طلوع الفجر، ولو قيلت في الأذان الذي يكون آخر الليل لقلنا: إن هذا غير مشروع. وهذا خامسًا. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

الترنم والتطويل في الأذان

الترنم والتطويل في الأذان المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 4/6/1425هـ السؤال ما حكم ترنيم وتطويل الصوت في الأذان؟ الذي نعرفه أنه يستحب أن يكون صوت المؤذن عالياً وجميلاً، لكن أحد الإخوة ذكر واقعة حصلت مع ابن عمر - رضي الله عنهما- حين قال له أحد المؤذنين "إني أحبك في الله" فرد عليه ابن عمر- رضي الله عنهما-: "إني أكرهك في الله". فسأله المؤذن عن سبب ذلك فأجابه ابن عمر - رضي الله عنه- أن السبب أن الرجل كان يغالي في أذانه ويأخذ الأجرة عليه، فهل يكره الترنم والتطويل في الأذان كما نسمع من الحرم المكي وغيره من المساجد؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإنه لا ريب أنه يستحب للمؤذن أن يرفع صوته بالأذان لا سيما عند عدم وجود مكبِّر للصوت، وأن يهتم بتحسين صوته بالآذان وتجميله؛ للحديث الوارد في سنن أبي داود (499) ، وابن ماجة (706) عن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: " ... فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به؛ فإنه أندى صوتاً منك ... "، وفي رواية الترمذي (185) : فإنه أندى وأمدّ صوتاً منك، ثم قال الترمذي (1/359) : حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه- حديث حسن صحيح ا. هـ.

وحكى عنه الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/198) ، أنه قال: "لا نعرف لعبد الله بن زيد شيئاً يصح إلا حديث الأذان، ثم قال الحافظ: وكذا قال البخاري، ا. هـ، وقد فسر الحافظ ابن حجر في الفتح (2/87) ، هذا الحديث، فإنه أندى صوتاً منك، فقال: أي: أقعد في المد، والإطالة، والإسماع؛ ليعم الصوت، ويطول أمد التأذين، فيكثر الجمع، ويفوت على الشيطان مقصوده من إلهاء الآدمي عن إقامة الصلاة في الجماعة، ا. هـ، وقال الشوكاني في النَّيْل (2/20) ، أي: أحسن صوتاً منك، ا. هـ، وقد ذكر هذين القولين الإمام ابن الأثير في النهاية (5/36) ، فقال: أي: أرفع وأعلى، وقيل: أحسن وأعذب، وقيل: أبعد ... ا. هـ. فأما زيادة التلحين والتطريب فقد كرهها بعض أهل العلم، بل ذهب بعضهم إلى التحريم إذا أدى التلحين والترنم إلى تغيير مقتضيات الحروف، بحيث يتغير المعنى، كمدِّ همزة (أكبر) بحيث تصير استفهاماً، أو مدِّ باء (أكبر) بحيث يصير جمع (كبر) وهو طبل له وجه واحد، وهكذا ... وإلى هذا ذهب العز بن عبد السلام، كما حكى عنه الهيثمي في المنهج القويم (1/154) ، واستدلوا بمجموعة من أدلة الآثار والمعنى، ومنها الأثر الذي ورد عن الضحاك بن قيس، وعن ابن عمر – رضي الله عنهما- كما أشار إليه السائل وقد وردا بإسنادين ضعيفين: فالأول أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (1853) ، عن معمر عن قتادة عن الضحاك ابن قيس: أن رجلاً قال: إني لأحبك في الله، قال له: ولكني أبغضك في الله، قال: لم؟ قال: إنك تبغي في آذانك، وتأخذ الأجر على كتاب الله" وسنده ضعيف؛ لأنه من طريق قتادة، وهو مدلس، ولم يصرح بالتحديث فيكون منقطعاً، وأيضاً فإنه لم يدرك الضحاك إلا وعمره ثلاث سنين أو أربع، حيث إن قتادة ولد سنة (61هـ) ، وتوفي الضحاك بن قيس سنة: (65) ، وهذا شاهد آخر على الانقطاع. وأما الطريق الثاني: فأخرجه أيضاً عبد الرزاق في مصنفه (1/481) ، وابن عدي في الكامل

(7/192) ، كلاهما من طريق يحيى البكاء أنه قال: "رأيت ابن عمر - رضي الله عنهما- يسعى بين الصفا والمروة، ومعه ناس، فجاءه رجل طويل اللحية، فقال: يا أبا عبد الرحمن: إني لأحبك في الله، فقال ابن عمر -رضي الله عنهما- لكني أبغضك في الله، فكأن أصحاب ابن عمر - رضي الله عنهما- لاموه وكلموه، فقال: إنه يبغي في أذانه، ويأخذ عنه أجراً"، ثم قال ابن عدي: "ويحيى البكاء هذا، ليس بذاك المعروف، وليس له كثير رواية" ا. هـ، وقال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (7645) ، ضعيف ا. هـ. ومع هذا، فإنه لا ينبغي للمؤذن أن يبالغ في التلحين والتمطيط والمدّ، بحيث يمل السامع من متابعة الأذان، وربما خرج به عن معناه إلى معنى آخر، فوقع في المحظور. وقد أخرج البخاري معلقاً بصيغة الجزم في كتاب: الأذان، باب: رفع الصوت بالنداء عن عمر بن عبد العزيز أنه قال لمؤذنه: أذن أذانا سمحاً وإلا فاعتزلنا. قال ابن حجر في الفتح (2/116) : (والظاهر أنه خاف عليه من التطريب الخروج عن الخشوع، لا أنه نهاه عن رفع الصوت) ، والله -تعالى- أعلم.

رفع السبابة عند تشهد المؤذن في الأذان

رفع السبابة عند تشهد المؤذن في الأذان المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 27/05/1426هـ السؤال هل يجوز رفع إصبع السبابة من اليد اليمنى عندما نسمع المؤذن يقول: "أشهد أن لا إله إلا الله؟ "، أم أن ذلك بدعة؟، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: لا أعلم دليلاً يدل على مشروعية رفع السبابة عند سماع المؤذن يقول: "أشهد أن لا إله إلا الله "، والذي ورد هو رفع السبابة في التشهد، ففي حديث ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا قَعَدَ فِي التَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى، عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَعَقَدَ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ. أخرجه مسلم (580) ، هذا والله أعلم.

هل إجابة الدعاء بعد الأذان خاصة بمن في المسجد؟!

هل إجابة الدعاء بعد الأذان خاصة بمن في المسجد؟! المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 02/11/1426هـ السؤال قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة". هل هذا لمن يكون في المسجد خاصة، أم لمن يسمع الأذان؟ وكذلك حديث: "بين كل أذانين صلاة". وقال في الثالثة: "لمن شاء" فهل يكون أيضاً خاصاً بمن في المسجد، وخاصة نحن نساء، فهل يكون لنا من ذلك الفضل؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن حديث: "لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة" قد أخرجه أحمد (12221) ، وأبو داود (521) ، والترمذي (212) ، وغيرهم، وفي إسناده مقال، ولكن له أكثر من طريق، وقد صححه بعض الأئمة كابن خزيمة (425) ، ومنهم من يذكره موقوفاً، وله غير هذا اللفظ. وأما الحديث الثاني فهو متفق عليه [صحيح البخاري (1624) وصحيح مسلم (838) ] . وبالنسبة لما ذكر في السؤال فالأصل في هذا العموم لمن في المسجد وغيره، وللرجل والمرأة، فيسن لها أن تصلي ركعتين بين كل أذان وإقامة، كما يسن لها جميع السنن الواردة عند الأذان، ومنها الدعاء بعده، وهو واقع فيما بين الأذان والإقامة، والله أعلم.

آداب الأذان والإقامة

آداب الأذان والإقامة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 06/08/1426هـ السؤال أرجو أن تخبروني بالتفصيل عن كيفية رفع الأذان، وإقامة الصلاة، والحركات التي ينبغي عملها في الأذان والإقامة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الأذان: هو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، والإقامة: هي الإعلام بالقيام للصلاة بذكر مخصوص، ويشرعان للصلوات الخمس دون غيرها للرجال دون النساء، وهما من فروض الكفايات إذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين، لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، ويشترط لصحتهما: الإسلام والعقل والذكورية، وأن يكون الأذان في وقت الصلاة، ولا يصح قبل دخول وقتها، غير الأذان الأول للفجر والجمعة، فيجوز قبل الوقت، وأن تكون الإقامة عند إرادة القيام للصلاة، وأن يكون كل من الأذان والإقامة مرتباً متوالياً، كما وردت بذلك السنة، وينبغي أن يكون المؤذن صيتاً أميناً عالماً بالأوقات. ويستحب في المؤذن ما يأتي: - أن يكون بالغاً عاقلاً، ويصح أذان الصبي المميز. - أن يكون متطهراً من الحدث الأصغر والأكبر. - أن يؤذن قائماً مستقبلاً القبلة. - أن يجعل أصبعيه في أذنيه، وأن يدير وجهه عن يمينه إذا قال: "حي على الصلاة"، وعن يساره إذا قال: "حي على الفلاح". - أن يترسل في الأذان، أي يتمهل، ويحدر الإقامة، أي يسرع فيها. - أن يرفع صوته بالنداء، وإن كان منفرداً في صحراء. وللأذان كيفيات وردت في السنة، منها:

- أولاً: تربيع التكبير الأول، وتثنية باقي جمل الأذان بلا ترجيع ما عدا كلمة التوحيد، فيكون عدد كلماته خمس عشرة كلمة، لحديث عبد الله بن زيد –رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى، قَال: َ فَقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ، أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ، أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ. أخرجه أحمد (15880) ، وأبو داود (431) والترمذي (174) ، وقال: حسن صحيح. - ثانياً: تربيع التكبير، وترجيع كل من الشهادتين، بمعنى أن يقول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، يخفض بهما صوته، ثم يعيدهما مع الصوت؛ لحديث أبي محذورة –رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّمَهُ الأذان تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً أخرجه الترمذي (177) ، وقال: حديث حسن صحيح.

هذا ويشرع للمؤذن التثويب، وهو أن يقول في أذان الصبح –بعد الحيعلتين-: "الصلاة خير من النوم"، قال أبو محذورة –رضي الله عنه- يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الأذَانِ، فعلمه، وقال: "فَإِنْ كَانَ صَلاةُ الصُّبْحِ قُلْتَ: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ" أخرجه أبو داود (422) . والإقامة ورد لها كيفيات منها: - أولاً: أن تكون الإقامة إحدى عشرة كلمة، وذلك بتثنية التكبير الأول والأخير، و"قد قامت الصلاة" وإفراد سائر كلماتها، لحديث عبد الله بن زيد –رضي الله عنه- المتقدم: "وَتَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصلاة: َ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، وهذه إقامة بلال –رضي الله عنه- لحديث أنس – رضي الله عنه -: "أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة" أخرجه البخاري (603) ، ومسلم (378) .

- ثانياً: تربيع التكبير مع تثنية جميع كلماتها، ما عدا الكلمة الأخيرة، لحديث أبي مَحْذُورَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّمَهُ الأذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالإقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً.... وَالإِقَامَةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إلا اللَّهُ". والكيفية الأولى للأذان والإقامة هي التي كان بلال -رضي الله عنه- ينادي بها بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- حضراً وسفراً حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم، والكيفية الثانية للأذان والإقامة هي ما يعرف بأذان وإقامة أبي محذورة -رضي الله عنه- حيث علَّمه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد استحب الإمام أحمد -رحمه الله- وغيره الأخذ بأذان بلال -رضي الله عنه- وإقامته، وتجويز أذان وإقامة أبي محذورة -رضي الله عنه- إذا عمل بهذا في مكان وهذا في مكان، والله أعلم.

حكم الأذان والإقامة

حكم الأذان والإقامة المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/الأذان والإقامة التاريخ 24/03/1427هـ السؤال ما هي مكانة الإقامة في الصلاة، وما الحكمة منها؟ وهل إذا تركتها متعمداً أكون آثما؟ وأيهما أولى الأذان أو الإقامة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالأذان والإقامة من فروض الكفاية في حق الرجال، وليست كذلك في حق النساء، فالأذان إعلام بدخول وقت الصلاة، ويكون بصوت مرتفع، وعلى مكان عالٍ من المسجد إلا إذا وجد مكبر الصوت. والإقامة إيذان بإقامة الصلاة وكل من الأذان والإقامة يُشعر بعظمة الله -تبارك وتعالى- وأنه أكبر من كل كبير، وأنه المستحق لهذه العبادة، وفي النطق بالشهادتين مع التكرار دعوة لترسيخ العبادة في النفوس واستقرارها في القلوب، و (حيَّ على الصلاة) و (حيَّ على الفلاح) كذلك دعوة إلى أداء هذه الشعيرة التي هي أعظم ركن في الإسلام بعد الشهادتين، و (حيَّ على الفلاح) دعوة أيضاً لما يحقق الفوز والظفر، والحصول على المطلوب من خيري الدنيا والآخرة. وفي ختام الأذان والإقامة تكرار التكبير وكلمة التوحيد؛ حتى يشعر الإنسان بضرورة الصدق في الإيمان والإخلاص في العمل، والتوجه إلى الله بالعقل والقلب للتأمل والتفكر والتدبر لما يقرأ في الصلاة من القرآن، كما في هذا دعوة للمصلي أن يفرغ قلبه وجميع مشاعره للتوجه إلى الله -تبارك وتعالى- والإعراض عن كل ما سواه، فيؤدي المسلم صلاته بخشوع وخضوع وحضور قلب، وتفكر وتدبر وتصور لعظمة الله تبارك وتعالى. وأداء الصلاة على هذه الكيفية وبهذه المعاني يجعلها صلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. وإذا تعمد المسلمون ترك الأذان أو الإقامة أثموا؛ لأنهما من فروض الكفاية. والله أعلم.

أحكام المساجد

الصلاة في مسجد بني بمالٍ حرام المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/أحكام المساجد التاريخ 03/05/1427هـ السؤال هل تجوز الصلاة في مسجد بني بمال المخدرات؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم تجوز الصلاة؛ لأن المراد بعمارة المساجد في مثل قوله تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" [التوبة:18] . المراد بالعمارة العمارة الحقيقية بالصلاة والذكر والدعاء ولهذا ذكرت البيوت في قوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" [النور:36-38] . أما البناء الحسي المادي إذا كان المال فيه حراماً فلا أجر لصاحبه، لما جاء في الحديث: "أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" صحيح مسلم (1015) . فيؤجر المستفيد دون الدافع في هذا، وقد عاب الله على المشركين عمارتهم للمسجد الحرام، وأمر المؤمنين أن يصلوا فيه فقال: "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [التوبة:19] . وفق الله الجميع إلى كل خير.

تحويل الكنيسة إلى مسجد!

تحويل الكنيسة إلى مسجد! المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/أحكام المساجد التاريخ 23/05/1427هـ السؤال هل يجوز تحويل الكنيسة أو البيعة إلى مسجد؟ وإذا كان الجواب بنعم؛ فكيف نجيب عن قوله تعالى: "لا تقم فيه أبدا"؟ الجواب قوله تعالى: "لا تقم فيه أبداً" [التوبة:108] نزلت في مسجد بناه المنافقون بقصد المضارّة، وصرف الناس عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء، وليكون موئلاً للكائدين والمحاربين لله ورسوله، مع أنه في الظاهر كان مسجداً وليس كنيسة ولا بيعة. أما الكنيسة والبيعة إذا تعطلت من أهلها، وكانت تحت ولاية المسلمين، أو أذن أهلها بملك المسلمين لها، فيجوز تحويلها إلى مسجد خالص، وتطهيرها من كل مظاهر الشرك وشعارات الكفر. علماً بأن المسألة خلافية لكن هذا هو الراجح. والله أعلم.

شروط الصلاة

صلاة الأخرس المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/العقل والبلوغ التاريخ 08/04/1427هـ السؤال ما حكم صلاة الأخرس؟ وهل هو مكلف؟ الجواب الصلاة واجبة في حق كل مسلم مكلف بالغ عاقل، ولا تسقط عنه إلا لعذر من الأعذار الشرعية التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل" رواه أبو داود (4403) ، فإذا كان الأخرس مسلماً بالغاً عاقلاً سليماً من هذه الأعذار وجبت في حقه الصلاة لقوله تعالى: "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا" [النساء:103] ، ويصلي حسب استطاعته لقوله تعالى: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" [البقرة:286] ، وقوله تعالى: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" التغابن:16] . وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

صلاة المرأة في ثوب واحد

صلاة المرأة في ثوب واحد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/ستر العورة التاريخ 27/3/1423 السؤال هل يجوز للمرأة الصلاة بثوب واحد فقط من غير أي شيء داخلي، (الثوب الواحد أي: شرشف الصلاة) ؟ الجواب يجوز للمرأة أن تصلي في ثوب واحد إذا كان ساتراً لجميع بدنها في الصلاة ما عدا الوجه إذا لم يكن عندها رجال أجانب، وذلك أن المرأة المسلمة كلها عورة في الصلاة إلا الوجه إذا لم يكن عندها رجال أجانب، فإن كان عندها رجال أجانب وجب عليها أن تستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه. فإذا كان هذا الثوب الواحد يستر جميع البدن ولا يخشى منه الانكشاف فالصلاة فيه صحيحة والحمد لله، وإذا كان يخشى منه الانكشاف فلا يجوز لما يترتب عليه من خشية انكشاف العورة.

الصلاة في الثوب الشفاف

الصلاة في الثوب الشفَّاف المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/ستر العورة التاريخ 17/7/1424هـ السؤال ما حكم الصلاة في الثوب الشفَّاف، وعلى الإنسان سروال قصير، ويبدو من وراء الثوب شيء من الفخذ؟ أفتونا مأجورين. الجواب من شروط الصلاة ستر العورة، وضابط ستر العورة أن تسترها بشيء لا يصف لون البشرة من سواد أو بياض، فإذا كان الثوب لا يستر لون البشرة فقد انتقض شرط من شروط الصلاة، فلا تصح هذه الصلاة.

صلاة المرأة بالبنطلون

صلاة المرأة بالبنطلون المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/ستر العورة التاريخ 28/2/1425هـ السؤال أنا طالبة في الجامعة ولا أرتدي الجلباب، وأرتدي ما يستر شعري والبنطلون، وللعلم أنه ليس بضيق، (والبلوزة) من الصوف الثقيل وليست ضيقة، ومقدار طولها إلى الركبتين، المهم هو أني أود أن أصلي الظهر والعصر في المصلى الموجود في الجامعة، ما الحكم في صلاتي أمام ربي بهذا اللباس؟. ولله الحمد في الأولى والآخرة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إن من شروط صحة الصلاة ستر العورة، بحيث أن المرأة تستر جميع بدنها بملابس واسعة وسميكة ليست شفافة ولا ضيقة، وتكون ساترة لجميع البدن ما عدا الوجه إذا لم تكن في حضرة رجال أجانب، فإذا صلت بأي لباس ساتر لا يرى شيء من عورتها، ولا يكون ضيقاً، ولا يكون شفافاً، فصلاتها إن شاء الله صحيحة. وبالله التوفيق.

الصلاة في البنطلون

الصلاة في البنطلون المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/ستر العورة التاريخ 16/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل الصلاة في -البنطلون- والشراب جائزة للمرأة أم لا؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الصلاة في -البنطلون- صحيحة إذا لم يكن عند المرأة رجال أجانب. وكلما كان اللباس ساتراً ولا يبين تقاطيع جسم المرأة فهو أفضل، علماً أن -البنطلون- لا يستر جميع جسم المرأة، بل يظهر شيئاً من محاسنها، وقد يحسن القبيح ولا يستر جميع الجسم؛ لأن كل المرأة الحرة عورة في الصلاة، إلا الوجه إذا لم يكن عندها رجال أجانب، فإذا كان عندها رجال أجانب وجب عليها أن تستر الوجه وجميع البدن، والصلاة هي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، والواجب على المسلم والمسلمة الاعتناء بها والمحافظة عليها، وعلى ما يلزم لها من طهارة وستر وطمأنينة وخشوع وإقبال على الله -تعالى-، وشراب اليدين وشراب الرجلين من تمام الستر المأمور به شرعاً.

تغطية المرأة لقدميها في الصلاة

تغطية المرأة لقدميها في الصلاة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/ستر العورة التاريخ 13/05/1426هـ السؤال السلام عليكم. هل يجب على المرأة تغطية قدميها في الصلاة؟ وما هو الدليل على ذلك؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم يجب على المرأة أن تغطي قدميها في الصلاة، والدليل ما روته أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قلت يا رسول الله: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نعم، إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها" رواه أبو داود (640) ، وقال: وقفه جماعة على أم سلمة - رضي الله عنها-، وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، فقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: (فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبراً"، فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن، قال: "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه" رواه الترمذي (1731) وقال: حديث حسن صحيح. والله أعلم.

وقت صلاة المغرب والفجر

وقت صلاة المغرب والفجر المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 23/11/1422 السؤال متى يبدأ وقت صلاة المغرب ومتى ينتهي، ومتى يبدأ وقت صلاة الفجر ومتى ينتهي؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب يبدأ وقت صلاة المغرب بغروب قرص الشمس، وينتهي بمغيب الشفق الأحمر، وهو الحُمْرة التي تكون جهة المغرب، ووقت صلاة الفجر يبدأ من طلوع الفجر الثاني (وهو البياض الممتد في الأفق جهة المشرق) ، وينتهي بطلوع الشمس، وأنصح السائل أن يقرأ فيما كتبه أهل العلم في هذا الموضوع، وأن يكوّن عنده ثقافة كافية في أوقات الصلوات كلها.

وقت الفجر

وقت الفجر المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 25/12/1424هـ السؤال قامت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف لبلدنا بنشر وتوزيع مرجع سنوي خاص بأوقات الصلاة، وعند النظر في وقت صلاة الصبح نجد أنفسنا إذا صلينا في الوقت الذي حُدِّد ضمن المرجع، فإننا نصلي بليل لم يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، كما بينه ربنا - سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم، وكما ذكره صاحب الفتح أنه آخر ظلمة الليل وأول النهار وبينهما حمرة. إذاً سماحة الشيخ، هل نصلي مع الإمام نافلة ولا ننصرف عند إقامة الصلاة، حتى لا تقع فتنة، ثم نصلي في بيوتنا الفريضة بعد الانصراف، أم نصلي وراء الإمام الفريضة، ويتحمل هو وزر ذلك؟، أفيدونا فإنا في حيرة من أمرنا، وقد كثر الجدال والنزاع حول ذلك. الجواب اعلم أيها السائل الكريم أن قوله -تعالى-:"حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" [البقرة:187] لم ترد في شأن الصلاة، وإنما فيمن يتناول سحوره، وشكَّ في طلوع الفجر. وأما صلاة الفجر فإن السنة أن تفعل بغلس، فقد روى البخاري (578) ، ومسلم (645) عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحدٌ من الغلس، أي: ما يعرفن هن نساء أم رجال. وعن أبي برزة الأسلمي: -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه، ويقرأ فيهما ما بين الستين إلى المائة، أي: من الآيات ... الحديث رواه البخاري (541) ، ومسلم (647) ، وهذا يعني أنه كان يقرأ ما يقرب من نصف الجزء، وذلك يقتضي أن صلاته- صلى الله عليه وسلم- تكون في أكثر من نصف ساعة.

فإذا صلى الصبح بغلس، وقام في صلاته بهذا الجزء من الوقت الذي لا يمكن الإنسان من رؤية الشخص أهو رجل أو امرأة، وإنما يستطيع معرفة من كان جليسه أو قريباً منه. فلا يستعجل هذا السائل بالحكم على أن أهل بلده يصلون قبل الوقت، سيما إذا كانوا يصلون بغلس، وقد يكون الشك ناشئاً عن خطأ في فهم قوله -سبحانه وتعالى-:"حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" [البقرة: 187] . وحسن الظن بالمسؤولين في مراعاة الأوقات هو المطلوب. نسأله -سبحانه وتعالى- التوفيق والسداد.

تأخير الصلاة إلى آخر وقتها

تأخير الصلاة إلى آخر وقتها المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 4/1/1423 السؤال نسأل نحن القائمين على المسجد في مدينة براتيسلافا بسلوفاكيا، هل يجوز من باب التيسير أن نؤخر صلاة الظهر إلى قبل أذان العصر بـ خمس وثلاثين دقيقة مثلاً، وكذلك المغرب إلى قبل أذان العشاء؟ وذلك ليتمكن أكبر عدد من المصلين من أداء الفريضتين في جماعة، وخاصة أن هذا هو المسجد الوحيد في المدينة، ومعظم المصلين تبعد أماكن سكنهم أو عملهم عن المسجد. وإذا حضروا إلى صلاة فرض ما صعب عليهم الانتظار للفريضة التي تليها أو الانصراف والحضور مرة ثانية. في أشهر الصيف يتأخر موعد أذان العشاء إلى ما بعد الحادية عشرة، وفي هذا الوقت تتوقف معظم وسائل المواصلات ويصعب على المصلين العودة إلى ديارهم، وبعضهم لا يستطيع السهر لهذا الوقت بسبب ارتباطه بموعد العمل المبكر، وكذلك الاستيقاظ لصلاة الفجر قبل موعد الشروق الذي يصل إلى 4:30 في أشهر الصيف، فهل يجوز أن نجمع جمع تقديم العشاء مع المغرب الذي يصل موعد أذانه إلى ما بعد التاسعة مساءً في تلك الأشهر؟ ملحوظة: ليس للمسجد إمام راتب. الجواب الأفضل في الصلوات هو أداؤها في أول الوقت، ويستثنى من ذلك: صلاة الظهر عند شدة الحر، فإن الأفضل هو الإبراد بها، وصلاة العشاء فإنه يستحب تأخيرها إذا لم يكن هناك مشقة. هذا هو الأفضل، لكن يجوز أداء الصلاة في أول الوقت أو في آخره أو فيما بينهما، مع مراعاة أحوال جماعة المسجد واتفاقهم على الوقت الذي تقام فيه الصلاة من غير مشقة أو فرقة. فيجوز لكم أن تؤخروا صلاة الظهر إلى آخر وقتها وقبل دخول وقت العصر، وتؤخروا المغرب إلى آخر وقتها قبل غياب الشفق الأحمر.

أما تقديمكم صلاة العشاء وجمعها مع المغرب في الصيف فإنه لا يجوز؛ لأن صلاة العشاء لم يدخل وقتها بعد، والصلاة قبل دخول الوقت باطلة إلا من عذر شرعي كالسفر أو المرض أو المطر، قال -تعالى-: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء:103] وما ذكر لا يعد عذراً شرعياً يسوّغ تقديم صلاة العشاء عن وقتها المحدد شرعاً. مع ملاحظة أن من كان بيته بعيداً عن المسجد حيث لا يسمع النداء للصلاة فإنه لا يجب عليه الحضور إلى المسجد.

صلى قبل الأذان فهل تجزئه؟

صلى قبل الأذان فهل تجزئه؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 28/4/1424هـ السؤال فضيلة المفتي: أقمت إحدى الصلوات المكتوبة قبل الأذان بخمس دقائق ظناً مني بدخول وقت الصلاة، وبعد الانتهاء من الصلاة أذن الأذان ولم أعد الصلاة، فهل تكتب الصلاة أم علي قضاؤها؟ علماً بأنها كانت صلاة جماعة. الجواب إذا كان هذا المؤذن يؤذن بدخول الوقت فإن صلاتكم غير صحيحة، لأن من شروط الصلاة دخول الوقت، فلا تصح الصلاة إلا بوقتها، فعليكم أن تعيدوا هذه الصلاة. وأما إذا كان المؤذن قد تأخر في الأذان والوقت قد دخل قبل ذلك فصلاتكم صحيحة، لأن العبرة ليست بالأذان، وإنما الأذان هو الإعلام بدخول الوقت، فلو أنه حصل تقصير من المؤذن فتأخر في الأذان، فصلوا هم قبل الأذان فصلاتهم صحيحة ما دام أنهم صلوا بعد دخول الوقت.

هل القول بتأخير الأذان مذهب صحيح؟

هل القول بتأخير الأذان مذهب صحيح؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 21/11/1425هـ السؤال عندنا في الهند نؤخر أذان الفجر حتى آخر الوقت، أظنه مذهب أبو حنيفة، فنأكل حتى نسمع الأذان، ولكن الأذان متأخر ويكون قد دخل الوقت، يعني الأذان متأخر عن دخول الوقت تقريباً بنصف ساعة، بينما أهل الحديث وهم قليل يؤذنون في أول الوقت. هل القول بتأخير الأذان مذهب صحيح؟ وللعلم أننا في السعودية نطبق ما نفعله في الهند وهو تأخير السحور حتى الإقامة تقريباً هنا. الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

فقد أجمع أهل العلم بأن وقت صلاة الفجر يدخل بطلوع الفجر الثاني، ويسمى الفجر الصادق؛ لأنه بيَّن وجه الصبح ووضَّحه، وعلامته بياض ينتشر في الأفق عرضاً، وقد حكى هذا الإجماع ابن قدامة في المغني (9/22) ، وغيرُه. وبناء عليه، فإنه لا يشرع تأخير الأذان للفجر؛ لأن الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت، فيستحب المبادرة به، ولذا كان مؤذن النبي -صلى الله عليه وسلم- يبادر بالأذان للفجر فور دخول الوقت، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري (617، 1919) ومسلم (1092) ، عن ابن عمر وعائشة - رضي الله عنهم- قالا: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكثوم"، وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت) ، وكما يدل هذا الحديث على أن الأذان يكون بعد طلوع الفجر أو الصبح، فإنه يدل أيضاً على أن الصائم يجب عليه أن ينتهي عن الأكل والشرب بعد الأذان بدخول الوقت، وهو نص صريح في هذا، وعلى هذا عامة أهل العلم، وحكي إجماعاً، وحكى ابن قدامة في المغني (4/425) قولاً شاذاً في المسألة، وهو أن الفجر الذي يوجب الإمساك هو الذي يملأ البيوت والطرق، ثم حكى عن ابن عبد البر - رحمه الله- أنه علَّق على حديث ابن أم مكتوم- رضي الله عنه- بقوله: (فيه دليل على أن الخيط الأبيض هو الصباح، وأن السحور لا يكون إلا قبل الفجر، وهذا إجماع لم يخالف فيه إلا الأعمش وحده، فشذ ولم يعرِّج أحدٌ على قوله، والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، هذا قول جماعة علماء المسلمين) ا. هـ. وعلى هذا، فإن الصائم إذا لم يمسك عن الطعام والشراب إلا بعد طلوع الفجر بنصف ساعة أو أقل أو أكثر، فإن صيامه باطل ولو أخرَّ الأذان. وما أشار إليه السائل من مذهب أبي حنيفة، فهو في تأخير صلاة الفجر إلى الإسفار، لا في تأخير السحور إلى ذلك الوقت. والله -تعالى- أعلم.

هل صلاة الفجر قبل وقتها في المسجد الحرام

هل صلاة الفجر قبل وقتها في المسجد الحرام المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 20/10/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أرجو منكم التفضل علي ببيان الوجه الشرعي في هذه المسألة، فقد نشر أحد الناس رسالة أسماها (تنبيه الأنام ببطلان صلاة الفجر في المسجد الحرام) ، فقد زعم هذا الشخص أن صلاة الفجر في الحرم المكي الشريف باطلة؛ لأنهم يصلون الصلاة قبل دخول وقتها، فما رأيكم في هذا الأمر؟ وما هو قولكم لمثل هذا الشخص وغيره في التشكيك في التقويم الحالي؟.وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، لا شك أن هذا القول قول باطل، وعار عما يسنده من الصحة، وقد وكل أمر تحديد مواقيت الصلاة إلى لجنة ذات اختصاص في علم الشرع وفي علم الفلك، وقد حرصت وتحرص هذه اللجنة على العناية بذلك، والأخذ بالدقة في تحديد المواقيت، والحمد لله هذه اللجنة قامت بواجبها، وهي مسؤولة عن ذلك، وهذا القول من قبيل الغلو في الدين، ورسولنا - صلى الله عليه وسلم- قال: "إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" رواه النسائي (3057) ، وابن ماجة (3029) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، ومن باب الوسواس، ومن باب التنطع، والرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "هلك المتنطعون" رواه مسلم (2670) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-. فينبغي لنا ألا نلتفت إلى مثل هذه الآراء المبنية على التخرصات والبعد عن الحقائق، وعدم الثقة في جهات لها اختصاص متعين ومتميز فيما يتعلق بالعلم الشرعي، والعلم الفلكي، وعلينا أن ننبذ مثل هذا القول وألا نلتفت إليه، وهذا تشكيك في غير محله، وليس لديهم على ذلك برهان، وتقويم أم القرى مبني على تحديد دقيق فيما يتعلق بالمشاهدة، وفيما يتعلق بالحساب الفلكي الذي هو الآن محل اعتبار ومحل عناية وضبط فيما يتعلق في هذا الموضوع. والله أعلم.

أيهما أقدم الدرس أم الصلاة

أيهما أقدِّم الدرس أم الصلاة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 07/05/1426هـ السؤال هنا في الجزء الشمالي من الأرض تقترب أوقات الصلاة فيما بينها في فصل الشتاء. على سبيل المثال يكون الظهر الساعة 5ر12، والعصر الساعة 50ر13، والمغرب 22ر16. ومع استمرار الفصل يتعين علي القيام بجميع الصلوات باستثناء صلاة العشاء وأنا في المدرسة، وهذا يسبِّب لي مشكلة لعدم وجود فراغ كل ساعة بين الدروس، حيث أعيش في بلد غير مسلم. فعلى سبيل المثال صلاة الظهر الساعة 15ر12 والدرس يبدأ الساعة.. 12. يمكنني أن أصلي الظهر في وقته، لكنني سأتأخر 15 دقيقة عن الدرس، وهذا في النهاية سيسبب لي مشاكل. وإذا أخَّرت صلاة الظهر حتى نهاية الدرس سأخرج قبل 5 دقائق من صلاة العصر. وفي الشهر القادم لن أتمكن من فعل ذلك؛ لأن الظهر سيحل بعد أن يبدأ الدرس، ويحل العصر بعد نهاية الدرس. ماذا أفعل؟ هل يجوز أن أجمع بين الصلاتين؟ وهل يجوز أن أصلي الظهر قبل وقتها بخمس دقائق؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا يجوز تقديم الصلاة على وقتها مطلقاً، لا بعذر ولا بغير عذر، اللهم إلا إذا كانت الصلاة يصح أن تُجمع مع ما قبلها؛ كالعصر تجمع جمع تقديم مع صلاة الظهر، وهذا لا يجوز إلا للمعذور العذر الشرعي، وكذا العشاء تجمع جمع تقديم مع المغرب، وهذا لا يجوز إلا للمعذور عذراً شرعياً. هذا بالنسبة للتقديم، أما التأخير؛ ففيه تفصيل:

إذا كانت الصلاة مما لا تجمع مع ما بعدها، وهي: الفجر والعصر والعشاء، فإنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها مطلقاً، ما دام معه عقله، (بخلاف النائم والمغمى عليه) ، فلا يجوز للمريض ولا للمسافر ولا للمشغول بعملٍ ما -سواء كان عملاً أمنياً أو طبياً- أن يؤخر هذه الصلوات الثلاث عن وقتها (الفجر والعصر والعشاء) ، بل يصليها على حسب حاله، قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب. والحارس إذا خشي خروج وقت الصلاة ومنع من أدائها على هيئتها الكاملة وجب عليه أن يصليها حسب استطاعته ولو بالإيماء، وذلك مراعاة لحرمة الوقت. ولذلك شرع الله صلاة الخوف على هيئتها المعروفة التي فيها إخلال ببعض شروطها وأركانها الواجبة، ولم يرخص أن يصليها المسلمون بعد زوال الخوف ليقيموها على هيئتها التامة. ومن كان مسافراً في طائرة أو قطار، ثم حضر وقت صلاة الفجر أو العصر أو العشاء، وخشي أن يخرج وقتها لو أخر أداءها إلى وقت الوصول، فإنه يجب عليه أن يصليها في وقتها حسب استطاعته، في كرسيه، ويؤمئ للركوع والسجود، ويسقط عنه شرط استقبال القبلة، بل يصلي حيثما توجّهتْ راحلته (طائرة كانت أو قطاراً) . وهذا بخلاف صلاة الظهر والمغرب؛ لأنه يرخص للمسافر أن يؤخرهما فيجمعها مع ما بعدهما، فيصلي الظهر مع العصر جمع تأخير، وكذا المغرب مع العشاء. وما أكثر الذين يخطئون في هذه المسألة، فيظنون أن تعذّر أداء الصلاة على هيئتها الشرعية التامة يبيح لهم تأخيرها عن وقتها، وإنما أُتوا من جهلهم بكون الوقت آكد فرائض الصلاة، كما قرَّر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية. فمن مراعاة الشرع لفريضة الوقت أسقط عن المصلي وجوب تحصيل الشروط الأخرى للصلاة (كستر العورة وإزالة النجاسة) إذا كان لا يحصلها إلا بعد خروج الوقت. قال ابن تيمية: "ومن ظن أن الصلاة بعد خروج الوقت بالماء خير من الصلاة في الوقت بالتيمم فهو ضال جاهل" اهـ. (مجموع الفتاوى 22/35) .

وقال: "وأما تأخير الصلاة ـ يعني الصلاة التي لا تجمع مع ما بعدها، وهي الظهر والمغرب ـ لغير الجهاد، كصناعة أو زراعة أو صيد أو عمل من الأعمال ونحو ذلك فلا يجوزه أحد من العلماء , بل قد قال تعالى: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" [الماعون: 4-5] قال طائفة من السلف هم الذين يؤخرونها عن وقتها". (مجموع الفتاوى 22/28-29) ثم قال: "فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابة ولا حدث ولا نجاسة ولا غير ذلك, بل يصلي في الوقت بحسب حاله, فإن كان محدثاً وقد عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله تيمم وصلى. وكذلك الجنب يتيمم ويصلي إذا عدم الماء، أو خاف الضرر باستعماله لمرض أو لبرد. وكذلك العريان يصلي في الوقت عرياناً, ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت في ثيابه. وكذلك إذا كان عليه نجاسة لا يقدر أن يزيلها فيصلي في الوقت بحسب حاله. وهكذا المريض يصلي على حسب حاله في الوقت, كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمران بن حصين – رضي الله عنه-:"صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب" فالمريض -باتفاق العلماء- يصلي في الوقت قاعداً أو على جنب, إذا كان القيام يزيد في مرضه, ولا يصلي بعد خروج الوقت قائماً. وهذا كله لأن فعل الصلاة في وقتها فرض, والوقت أوكد فرائض الصلاة, كما أن صيام شهر رمضان واجب في وقته , ليس لأحد أن يؤخره عن وقته" أهـ. وأما ما سألت عنه، فاعلم أنه يجب عليك أن تتقي الله ما استطعت، فيجب عليك أن تؤدي صلاة الظهر في وقتها، ولا تؤخرها عنه إذا كنت تستطيع أن تستأذن من الأستاذ وتخرج من قاعة الدراسة لتؤديها في أي مكان، فإن الله قد جعل الأرض كلها لأمة محمد –صلى الله عليه وسلم- مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصلها حيثما أدركته، باستثناء المواطن التي نهى الشرع عن الصلاة فيها.

وكونك تلاقي بعض الحرج من أستاذك بسبب تكرار خروجك كل يوم لأداء الصلاة، فهذا لا يسوغ أن يكون عذراً في تأخيرها عن وقتها، وينبغي أن تشرح له ظروف خروجك عسى أن يعذرك. فإن لم تستطع فلك أن تجمع بين الظهر والعصر جمعاً صورياً، بمعنى أن تؤخر الظهر إلى آخر وقتها، ثم بعدها ببضع دقائق تصلي العصر في أول وقتها؛ لأنه لا يوجد وقت فاصل بين آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، بل متى ما خرج وقت الظهر فقد دخل وقت العصر مباشرةً. فإن تعذر هذا أيضاً، ولم تستطع تغيير وقت المحاضرة، وترتب على تكرار خروجك من القاعة كل يوم لأداء صلاة الظهر رسوبٌ في المادة أو حرمان منها، واعتذرت للأستاذ فلم يعذرك، فلك في هذه الحال أن تجمع الظهر مع العصر جمع تأخير، وعسى أن تكون معذوراً في هذا، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اختلاف التقاويم في تحديد مواقيت الصلاة؟

اختلاف التقاويم في تحديد مواقيت الصلاة؟ المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 29/10/1424هـ السؤال فأنا أقيم في مدينة سويسرية بالقرب من الحدود الفرنسية، وهناك لجنة فرنسية قامت بإعداد مواقيت الصلاة الخاصة بالمدن الفرنسية، بالإضافة إلى المدينة التي أقيم فيها، وكنا سألنا عمن قام بإعداد هذا التقويم، فقال لنا الثقات: إن من أعده هم أناس متخصصون في هذا العلم، بالإضافة إلى العلم الشرعي، إلا أن ما أعدوه يختلف كثيرا عما هو موجود في المساجد في سويسرا خصوصا في صلاة الفجر، كما أنه يختلف أيضا عما هو منشور في صفحات الإنترنت، وأقصد التقويم المعد لكل دول العالم، فبأي التقويمات آخذ؟ وأيهما أتبع؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أولا: لا شك أنه يجب على الإنسان أن يحتاط لدينه، وأن يحتاط لوقت صلاته؛ لأن من شروط الصلاة دخول الوقت، وحينما يكون لدينا مثل هذا سواء أكان ذلك في سويسرا، أو في فرنسا، أو في ألمانيا، أوفي إنجلترا، أو في أي بلد من البلدان التي هي الغالب عليها الكفر، فإذا كان فيها وجود نشاط من إخواننا المسلمين ومن جمعيات ذات اختصاص ومحل اعتبار وتقدير واحترام فيجب إيثار ما يقوم به هؤلاء الإخوة على ما وضع أخيراً، وهو محل شك في مخالفته بما عليه غالب الإخوان في هذه البلدان هذا جانب، الجانب الآخر إذا كان السائل يرى أو يثق في هذه البيانات أو هذه المواقيت، ولكنه يجد أنها مخالفة لما عليه التوقيتات الأكثر شيوعاً وانتشاراً فليعرضها على العلماء المعتبرين في بلاده، ولعلهم يدلونه على الصحيح منها.

كيف كان الناس يعرفون منتصف الليل؟

كيف كان الناس يعرفون منتصف الليل؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 21/11/1424هـ السؤال من المعروف أن أوقات الصلوات تعرف من خلال حركة الشمس، وكما هو معروف بأن للعشاء وقتاً اختيارياً وضرورياً، فالاختياري يبدأ من غياب الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، والضروري من منتصف الليل إلى طلوع الفجر على الرأي الذي يرى ذلك. والسؤال هو: كيف كان يُعّرفُ منتصف الليل؟ لمعرفة انتهاء الوقت الاختياري ودخول وقت الضرورة لصلاة العشاء؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: ففي الزمن الماضي كان يعرف منتصف الليل ببعض القرائن أو الأدلة الكونية، والتي تدل على انتصاف الليل دلالة ظنية، فيبنى على هذا الظن الغالب بأن الليل قد انتصف، والأحكام في شريعتنا الإسلامية مبنية على اليقين، وعلى غلبة الظن، وهذا من التيسير على المكلفين، ولذا كان تحديد نصف الليل في ذلك الزمن مبنياً على التقدير والظن، والذي ربما زاد فيه التقدير عن نصف الليل قليلاً أو زاد منه قليلاً؛ لرفع الحرج عن ذلك، كما أشارت إليه الآيات الكريمات في سورة المزمل "قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقصه منه قليلاً أو زد عليه ... " قال البغوي في تفسير هذه الآيات كما في معالم التنزيل (8/249) ما نصه:" ... وكان النبي -صلى الله عليه وسلم-وأصحابه يقومون على هذه المقادير، وكان الرجل لا يدري متى ثلث الليل، ومتى نصف الليل، ومتى الثلثان، فكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة ألا يحفظ القدر الواجب، واشتد ذلك عليهم حتى انتفخت أقدامهم، فرحمهم الله - تعالى - وخفف عنهم ... " أ. هـ. وفي آخر السورة قال - تعالى -:" ... والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم" قال البغوي تعليقاً على هذه الآية (8/257) : (لن تطيقوا معرفة ذلك..) أ. هـ حكى هذا عن الحسن البصري وعن مقاتل -رحمهما الله تعالى-.

ومن تلك الأدلة الكونية الدالة على انتصاف الليل مغيب الشفق الأبيض، كما نقل ذلك ابن الجوزي في زاد المسير (9/65) عن ابن قتيبة حيث قال: (فأما الشفق، فقال ابن قتيبة: هما شفقان: الأحمر والأبيض؛ فالأحمر من لدن غروب الشمس إلى وقت صلاة العشاء ثم يغيب، ويبقى الشفق الأبيض إلى نصف الليل ... ) أ. هـ، وغالباً ما يستدل الأولون بمغيب نجم أو بظهوره على الأوقات الليلية، ومن ذلك الاستدلال على الأوقات بمنازل القمر في بعض الليالي، كما يشير إلى ذلك حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال:"أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة صلاة العشاء الآخرة، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصليها لسقوط القمر لثالثة" أخرجه أبو داود (419) والترمذي (165) وسنده صحيح كما قاله ابن الملقن في تحفة المحتاج (1/252-253) ، والله - تعالى - أعلم.

تأخير المرأة للصلاة

تأخير المرأة للصلاة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 15/6/1425هـ السؤال أنا امرأة، وبالتالي لا تجب علي صلاة الجماعة، وعلى ذلك لا يجب علي المبادرة للصلاة - كما أفهم- فور الأذان، بمعنى: أنا أسأل عن أوقات الصلاة، هل يجوز لي تأخير الصلاة إلى قبيل انتهاء الوقت بقليل، أم هو للضرورة فقط؟ وما هي أوقات الصلاة التي يجوز لي تأخير الصلاة فيها، فنحن مثلاً لا نعرف في هذا العصر متى يصير (ظل الشيء مثله) ، وما إلى ذلك، فكيف نعرفها بالساعات؟ هل مثلا لو لم أصل العصر إلا الساعة اثنين يعتبر تأخيراً، أم هو مما يدخل في وقت الصلاة المشروع؟ آمل إعطاءنا تحديداً عصرياً بالساعات التي توافق طريقة الحساب قديماً بالظل لمعرفة الوقت -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: الصلوات تنقسم إلى قسمين من ناحية الوقت: صلاة ليس لها إلا وقت واحد، وهذا الوقت هو وقت جواز، من أوله إلى آخره، يجوز أن تُؤدى الصلاة في أي جزء منه دون كراهة لذلك، وهذا مثل صلاة المغرب، وصلاة الظهر، وصلاة الفجر.

القسم الثاني: صلاة لها وقتان، وقت جواز ووقت ضرورة، مثل: صلاة العصر، وصلاة العشاء، ولا يجوز أن تأخر إلى وقت الضرورة، إلا لضرورة تدعو إلى ذلك، ووقت الجواز بالنسبة لصلاة العصر إلى اصفرار الشمس، ووقت الجواز بالنسبة لصلاة العشاء إلى منتصف الليل، ووقت الجواز يجوز أن تصلي المرأة في أي وقت منه، إلا أن الأفضل هو المبادرة إلى فعل الصلاة في أول وقتها؛ لأنه جاء في الصحيحين البخاري (7534) ، ومسلم (85) من حديث عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أفضل؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: "الصلاة لوقتها"، وفي رواية لابن خزيمة في صحيحه (327) : "الصلاة في أول وقتها"، وفي سنن أبي داود (426) ، والترمذي (170) عن أم فروة-رضي الله عنها- قالت: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة في أول وقتها"،وكان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- المبادرة إلى فعل الصلاة في أول وقتها. وبالنسبة للعلامات التي حددها الشارع لدخول أوقات الصلوات هي علامات معروفة كصلاة المغرب العلامة هي غروب الشمس، وصلاة العشاء هو مغيب الشفق الأحمر، وهذه العلامات صارت الآن مجهولة عند كثير من الناس، وحل محلها التقاويم، وصار الناس الآن يعتمدون على التقاويم. فصلاة الفجر الآن من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، ولا يجوز تأخير الصلاة إلى أن يخرج وقتها. والله أعلم.

الأوقات التي تحرم فيها الصلاة

الأوقات التي تحرم فيها الصلاة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 15/04/1426هـ السؤال ما الأوقات التي تحرم فيها الصلاة؟ وإذا نام شخص عن صلاة الفجر وانتبه في وقت طلوع الشمس، هل يؤدي الصلاة بمجرد أن يصحو من النوم؟ أم ينتظر حتى تكون الشمس في وضع معين؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأوقات التي تحرم فيها الصلاة هي على النحو التالي: الوقت الأول: بعد الفراغ من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس. الوقت الثاني: من طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح. الوقت الثالث: قبل زوال الشمس، أي قبل الأذان لصلاة الظهر بوقت قصير جدًّا. الوقت الرابع: بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس. الوقت الخامس: إذا شرعت الشمس في الغروب حتى تغرب. وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة، منها ما في الصحيحين، من حديث أبي هريرة وأبي سعيد -رضي الله عنهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاةِ بعدَ العصرِ حتى تغرُبَ الشَّمسُ، وعن الصلاةِ بعدَ الفجرِ حتى تطلُعَ الشَّمسُ. صحيح البخاري (584، 586) وصحيح مسلم (825 , 827) . وفي صحيح مسلم (831) عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قال: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ.

فقد دلت هذه الأحاديث على الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها، وهذا هو الأصل، لكن ورد مستثنيات لهذا الأصل، ومنها الفريضة، فإذا نام عنها العبد أو نسيها، ثم استيقظ أو تذكر وجب عليه أن يصليها على الفور، وإن كان الوقت وقتَ نهي؛ لما جاء في صحيح البخاري (597) ، وصحيح مسلم (684) ، عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ".

وقت دخول صلاة الفجر

وقت دخول صلاة الفجر المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 21/04/1425هـ السؤال أرجو توضيح توقيت الفجر الصحيح. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد حكى ابن قدامة في المغني (2/29) إجماع أهل العلم بأن وقت الفجر يدخل بطلوع الفجر الثاني، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الفجر الصادق؛ لأنه صدقك عن الصبح، وبيَّنه لك، هذا بالنسبة لوقت الدخول. وأما بالنسبة لوقت الخروج، فيخرج وقت صلاة الفجر (الصبح) بطلوع الشمس، والدليل على هذين الوقتين، حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " ... ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس" رواه مسلم في صحيحه (173) ، وفي صحيحي البخاري (579) ومسلم (608) ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ... " الحديث، وفي صحيح مسلم (614) عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه-، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "أنه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يردَّ عليه شيئاً، يعني: ليحصل له البيان بالفعل، وأمر بلالاً، فأقام الفجر حين انشق - يعني طلع- الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضاً، ثم أخر الفجر من الغد، حتى انصرف منها، والقائل يقول: طلعت الشمس أو كادت ... فدعا السائل، فقال: الوقت فيما بين هذين"، وفي الحديث بطوله بيان لبقية الأوقات، هذا هو وقت صلاة الفجر ابتداءً وانتهاءً.

أما وقت الأفضلية، فيسن أن تُصلى الفجر بغَلَس، يعني: في أول وقتها، قبل زوال الظُلْمة، ويدل لهذا حديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: "كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي –صلى الله عليه وسلم- صلاة الفجر، متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس" متفق عليه في صحيحي البخاري (578) ، ومسلم (645) ، وهذا القول -وهو استحباب المبادرة بصلاة الفجر في أول الوقت- هو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، كما حكاه عنهم في المغني (2/44) ، ثم قال: (ابن عبد البر: صح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وعن أبي بكر وعمر وعثمان – رضي الله عنهم- أنهم كانوا يغلِّسون، ومحالٌ أن يتركوا الأفضل، ويأتوا الدون؛ وهم النهاية في إتيان الفضائل) ا. هـ. وذهب أبو حنيفة إلى أن الإسفار بها أفضل، مستدلاً بحديث رافع بن خديج – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "أصبحوا بالصبح؛ فإنه أعظم لأجوركم"، وفي لفظ: "فإنه أعظم للأجر" أخرجه أحمد (4/140) ، وأبو داود (424) ، وابن ماجة (672) ، والترمذي (154) ، لكن بلفظ: (أسفروا بالفجر) ، وهو حديث صحيح، كما صرح به ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (2512) ، وابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (22/97) ، ثم أجاب عنه بجوابين: أحدهما: أنه أراد الإسفار، بالخروج منها، أي: أطيلوا القراءة حتى تخرجوا منها مسفرين. والوجه الثاني: أنه أراد أن يتبين الفجر ويظهر، فلا يصلي مع غلبة الظن؛ فإن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بعد التبين إلا يوم مزدلفة، فإنه قدمها- ذلك اليوم على عادته-، ويدل على الجواب الأول الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية: حديث أبي برزة الأسلمي –رضي الله عنه-قال: (وكان رسول الله –صلى لله عليه وسلم- ينفتل من صلاة الغداة، يعني: الفجر حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ بالستين إلى المائة) أخرجه البخاري (547) ، ومسلم (647) .

وبهذا يتضح رجحان قول الجمهور، وهو استحباب المبادرة بصلاة الفجر في أول وقتها. والله تعالى أعلم.

لا يستطيع الاغتسال فهل يؤخر الصلاة عن وقتها؟

لا يستطيع الاغتسال فهل يؤخر الصلاة عن وقتها؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 11/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. في بعض ليالي الشتاء عندما أستيقظ لصلاة الفجر أجد نفسي قد احتلمت في أثناء نومي، فأؤخر صلاة الفجر حتى تطلع الشمس؛ لأني أخاف من أن أصاب بنزلة برد، فأنا سريع المرض خصوصًا في فصل الشتاء. فهل هذا جائز، وماذا علي أن أفعل؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز لك ذلك، ولا يحل للمسلم تأخير الصلاة عن وقتها، ووقت صلاة الفجر يبدأ بطلوع الفجر وينتهي بطلوع الشمس، والله جل وعلا، يقول: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) [النساء:103] . أي: مفروضًا في الأوقات، وإنما عليك أن تسخن الماء وتغتسل وتصلي في الوقت، فإن كنت في البرية وليس لديك ما تسخن به الماء فتيمم إذا خفت على نفسك وصلّ الصلاة لوقتها، فإذا أمكنك الاغتسال فاغتسل بعد هذا إذا طلعت الشمس وتحسّن الجو، وأما داخل البلد فلا يسوغ لك التساهل في هذا، وعليك الاهتمام بصلاتك؛ فهي عمود الإسلام، وأهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة، وإذا أردت أن تعرف قدرك عند الله فانظر إلى قدر الصلاة عندك، فإن كانت في المكانة اللائقة بها فاعرف بأن لك عند الله قدرًا، وإن كنت لا تهتم بصلاتك فاعرف أنه لا قدر لك عند الله حينئذ, وعليك المبادرة بالتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله جل وعلا، والمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها. والله أعلم.

آخر وقت صلاة الظهر

آخر وقت صلاة الظهر المجيب عبد الله بن علي الريمي ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 16/04/1426هـ السؤال بعض الناس يحتارون في وقت انتهاء صلاة الظهر، أو يجهلون ذلك، وذلك بسبب وجود توقيتين لصلاة العصر، الأول حسب توقيت الجمهور، والثاني حسب توقيت الأحناف. هناك من يرى أنه على التوقيت الحنفي وقت صلاة الظهر يستمر حتى وقت صلاة العصر، فيصلون الظهر حتى ذلك الوقت، وإن كان وقت صلاة العصر على توقيت الجمهور قد بدأ. أرجو توضيح آخر وقت لصلاة الظهر حسب توقيت كل من مذهب الجمهور ومذهب الحنفية لأول صلاة العصر. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين, أما بعد فقبل الجواب هناك تنبيهان مهمان: التنبيه الأول: الواجب على جميع الخلق اتباع ما جاء في كتاب الله، وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا يقدموا بين يدي الله ورسوله قول قائل مهما كانت منزلته قال تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" [الحشر: 7] ، وقال سبحانه: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [النور: 63] ، وقال سبحانه: "َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا" [النساء: 59] ، وقال تعالى: "َمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ " [الشورى: 10] ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن -النبي صلى الله عليه وسلم- قال: " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله" صحيح البخاري (7137) ، وصحيح مسلم (1835) .

وفي صحيح البخاري (7280) عنه رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى". قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" وهؤلاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خير هذه الأمة بعد نبيها إذا بلغهم شيء عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عملوا به وتركوا قول غيره كائنا من كان، فقد بلغ علياً -رضي الله عنه- أن عثمان -رضي الله عنه- ينهى عن متعة الحج، أهلَّ علي -رضي الله عنه- بالحج والعمرة جميعا، وقال: ما كنت لأدع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لقول أحد. أخرجه البخاري (1563) ، ومسلم (1223) . ولما احتج بعض الناس على ابن عباس -رضي الله عنهما- في متعة الحج، بقول أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- في تعيين إفراد الحج، قال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء!! أقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقولون: قال أبو بكر وعمر فإذا كان من خالف السنة لقول أبي بكر وعمر تخشى عليه العقوبة فكيف بحال من خالفهما لقول من دونهما، أو لمجرد رأيه واجتهاده!. ولما نازع بعض الناس عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فقال: إن عمر يقول كذا وكذا؟ قال له عبد الله: هل نحن مأمورون باتباع عمر أو باتباع السنة؟ وعلى هذا سار من بعدهم من سلف هذه الأمة، إذا بلغهم الدليل عملوا به وتركوا ما سواه. فقد أخرج البيهقي في المدخل (234) عن عامر بن يساف قال: سمعت الأوزاعي -رحمه الله- يقول: إذا بلغك عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فإياك يا عامر أن تقول بغيره، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مبلغاً عن الله تعالى. وهكذا جميع الأئمة من الفقهاء يوصون جميع أتباعهم باتباع ما دل عليه الكتاب والسنة: قال مالك رحمه الله: (ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر) ، وأشار إلى قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

وقال أبو حنيفة رحمه الله: (إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين) . وقال الشافعي رحمه الله (متى رويت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثاً صحيحاً فلم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب) ، وقال أيضا رحمه الله: (إذا قلت قولاً وجاء الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخلافه، فاضربوا بقولي الحائط) وقال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- لبعض أصحابه: (لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي، وخذ من حيث أخذنا) ، وقال أيضا رحمه الله: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذهبون إلى رأي سفيان، والله –سبحانه- يقول: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"، ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام، أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك) . فمن أحب هؤلاء الأئمة فليعمل بهذه الوصية العظيمة. التنبيه الثاني: إن اتباع الدليل والعمل به لا يقتضي عدم الاستفادة من فهم العلماء لما تدل عليه النصوص، فإن الأدلة من الكتاب والسنة تستلزم فهماً لألفاظها، وتوفيقاً بين مدلولاتها، واختياراً لمناسبات القول بها، وزعم التفرد من الشخص الواحد بالفهم، واستنباط الأحكام من الدليل بغير اعتبار لما قاله العلماء في المسألة يفضي إلى الأقوال الشاذة المخالفة للصواب. قال ابن جرير الطبري -رحمه الله تعالى-: "لا تقل بقول ليس لك فيه إمام"، ومثله نقل عن الإمام أحمد -رحمه الله-،

فالواجب على طالب العلم أن يتخير من أقوال العلماء القول المعتمد على الدليل الصحيح المعتمد على الفهم السليم، المبني على قواعد الاستنباط التي عمل بها علماء سلف هذه الأمة ,فإن عجز طالب العلم عن العمل بهذا كفاه أن يستفتي من وثق بعدالته وعلمه، وعرف عمله بالمنهج الصحيح الذي عليه العلماء من اتباع الدليل والعمل به، أمَّا جواب السائل: عن قول الجمهور والحنفية عن آخر وقت الظهر، وأول وقت العصر فكما يلي: في المسألة قولان: القول الأول: أن آخر وقت الظهر إذا صار طول ظل الشيء كمثله (كأن تنصب عصا في الشمس، فإن تساوى ظل العصا مع طولها فهذا آخر وقت الظهر، وهذا قول المالكية والشافعية والحنابلة، وهو قول عند الحنفية قال به الأئمة محمد بن الحسن وأبو يوسف , وزفر, والطحاوي, ونقل الحصكفي عن غرر الأذكار: هو المأخوذ به, وفي البرهان هو الأظهر لبيان جبريل (يعني حديث جابر أن جبريل -عليه السلام- صلى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الوقت) ، أخرجه أحمد (3081) ، وأبو داود (393) ، والترمذي (149) ، وفي الفيض: وعليه عمل الناس اليوم وبه يفتى. أهـ. انظر رد المحتار على الدر المختار (240/1) وكذلك انظر زبدة الأحكام (ص 59) . القول الثاني: أن آخر وقت الظهر إذا صار طول ظل الشيء مثليه (الضعف) ، وهو المروي عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى - هو المذهب عند الحنفية. انظر المرجع السابق. أما أول وقت صلاة العصر فهو إذا خرج وقت صلاة الظهر على القولين السابقين، وذلك عند الجميع. تنبيه: بما أن الشمس متحركة في الدنيا باستمرار فإن لحظة تساوي الشيء مع ظله لا تزيد عن جزء من الثانية، فعليه بمجرد خروج وقت الظهر يدخل وقت العصر، وهذا ما يدل عليه حديث عبد الله بن عمرو، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر " صحيح مسلم (612) .

فقوله ما لم يحضر العصر يدل على أنه بخروج وقت الظهر يدخل وقت العصر مباشرة. وقول الجمهور هو القول الصحيح الذي دلت عليه الأدلة الصحيحة، وهو قول عدد من أئمة الحنفية كما تقدم بيانه ,ومن الأدلة الصحيحة الواضحة على مواقيت الصلاة حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفّر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس". فيجب على الجميع العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد. الخلاصة: 1- يجب اتباع الدليل من الكتاب والسنة، وترك قول من خالف ذلك مهما كانت منزلته. 2- يجب الاستفادة من كلام العلماء الثقات في فهم الأدلة من الكتاب والسنة، وعدم التفرد في استنباط الأحكام من الأدلة. 3- يجب على طالب العلم أن يختار من كلام العلماء القول المعتمد على الدليل الصحيح والفهم السليم المبني على قواعد الاستنباط التي عمل بها علماء سلف هذه الأمة. 4- من عجز عن الاختيار من أقوال العلماء وجب عليه اتباع قول من يثق بعدالته وعلمه واتباعه للدليل على المنهج الصحيح، وهذا يعرف بالشهرة والاستفاضة. 5-للعلماء قولان في آخر وقت الظهر: القول الأول: آخر وقت الظهر إذا تساوى ظل الشيء مع طوله بعد فيء الزوال، وهذا قول المالكية والشافعية والحنابلة , وهو قول محمد بن الحسن، وأبي يوسف، وزفر، والطحاوي وغيرهم من الحنفية. القول الثاني: آخر وقت الظهر إذا صار ظل الشيء ضعف طوله بعد فيء الزوال, وهو قول أبي حنيفة -رحمه الله- وهو المذهب عند الحنفية. أما أول وقت صلاة العصر فهو إذا خرج وقت صلاة الظهر على القولين السابقين، وذلك عند الجميع.

تنبيه: بما أن الشمس متحركة في الدنيا باستمرار فإن لحظة تساوي الشيء مع ظله لا تزيد عن جزء من الثانية، فعليه بمجرد خروج وقت الظهر يدخل وقت العصر. والصحيح من القولين هو قول الجمهور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر".

يمنعوننا من الصلاة في وقتها

يمنعوننا من الصلاة في وقتها المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/المواقيت التاريخ 27/06/1426هـ السؤال السلام عليكم في بلدي من الصعب جداً أداء الصلاة في وقتها، لأن الحكومة لا تسمح بذلك. فما الذي ينبغي فعله؟ الجواب أداء الصلاة في وقتها شرط لصحتها، لقوله تعالى" إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" [النساء: 103] . وفي حديث جبريل لما صلى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في اليومين قال: "الوقت ما بين هذين الوقتين" أخرجه أحمد (11249) ، وأخرج مسلم (614) نحوه. فيجب على المسلم أداء الصلاة في وقتها، وعليه أن يتقي الله ويسلك كل ما يستطيعه في سبيل ذلك، فإن تعذر عليه ذلك أو لحقه ضرر فإنه يؤخر صلاة الظهر إلى آخر وقتها، فيصليها ثم يصلي العصر في أول وقتها، وهذا لا يحتاج منه إلى وقت كثير، وعلى المسلم أن ينافح عن تعاليم دينه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لا سيما في بلدكم -أخي السائل- الذي يكثر فيه المسلمون، ولهم حقوقهم التي كفلها دستور البلد.

الانحراف عن القبلة

الانحراف عن القبلة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/استقبال القبلة التاريخ 22/6/1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما ضوابط الانحراف اليسير عن اتجاه القبلة الذي لا يبطل الصلاة؟ وما الجهات التي ينبغي التوجه إليها في الصلاة؟ وما معنى الحديث:"ما بين المشرق والمغرب قبلة"؟ وهل معنى ذلك أنه إذا كانت قبلتي في اتجاه المشرق مثلاً فهل يمكن أن أتجه في صلاتي إلى الجنوب الشرقي أم إلى الشمال الشرقي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب قبلة من في الحرم عين الكعبة، وقبلة من في خارجه جهتها، والواجب على المسلم تحري القبلة حين يريد الصلاة، وأما ضوابط الانحراف اليسير الذي لا يبطل القبلة فهو ألا يخرج بانحرافه إلى جهة أخرى غير جهة القبلة، أما معنى حديث:"ما بين المشرق والمغرب قبلة" الترمذي (342) وابن ماجة (1011) مالك (1/189) فهذا لمن هم في شمال مكة أو جنوبها، فإن جهة القبلة لأهل المدينة الجنوب وعليه فتصح قبلتهم ما داموا متوجهين إلى الجنوب ولا يضر في ذلك الانحراف اليسير الذي لا يخرج عن جهة القبلة. أما قولك: وهل معنى ذلك أنه إذا كانت قبلتي في اتجاه المشرق فهل يمكن أن أتجه في صلاتي إلى الجنوب الشرقي أم إلى الشمال الشرقي؟ فالجواب: أني قدمت في الجواب أن الواجب على المسلم تحري القبلة حين إرادة الصلاة، ولكن لو اجتهد المسلم في تحري القبلة وكانت قبلته في اتجاه المشرق ثم بعد انتهاء الصلاة عرف أنه صلى منحرفاً عن القبلة باتجاه الشرق الجنوبي أو باتجاه الشرق الشمالي فإن صلاته صحيحة ما دام لم ينحرف عن جهة القبلة إلى جهة أخرى كجهة الشمال أو الجنوب مثلاً.

الصلاة إلى غير القبلة جهلا

الصلاة إلى غير القبلة جهلاً المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/استقبال القبلة التاريخ 1/11/1423هـ السؤال أتت لزيارتي والدتي ولم تكن تعرف القبلة وكانت تصلي ما يقرب من 90 درجة عن القبلة الصحيحة، وعندما عرفنا ذلك قمنا بإرشادها للقبلة الصحيحة، ما حكم صلواتها السابقة؟ وهل عليها الإعادة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: الواجب على المسلم إن نزل مكاناً أن يسأل أهل ذلك المكان عن القبلة قبل أن يشرع في الصلاة؛ لأن قبلة الحضر والبنيان لا يصح فيها الاجتهاد لأنها معروفة لدى الناس المقيمين في ذلك المكان، لذا يلزم إعادة الصلوات التي صلتها إلى غير جهة القبلة وينبغي أن تؤديها بالترتيب إلى أن تكمل جميع الصلوات التي صليتها إلى غير القبلة، والله أعلم بالصواب.

لماذا يتوجه المسلمون إلى الكعبة في صلاتهم؟

لماذا يتوجه المسلمون إلى الكعبة في صلاتهم؟ المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/استقبال القبلة التاريخ 5/1/1425هـ السؤال شيخنا الفاضل: حين أرى المسلمين يتوجهون في صلاتهم إلى الكعبة وحين أراهم يسجدون أمامها بإتجاهها - طبعاً - يخطر ببالي كأنهم يعبدون الكعبة أو الحجر الأسود ولو بصورة غير مباشرة، فما تقولون الجواب البداية في تحديد مفهوم العبادة؛ لأن العبادة تشتمل على معنى الخضوع والذل والانقياد والطاعة، فالعبد عندما يكون عابداً لشيء ما، ينبغي أن يخضع ويذل له، ويقف بين يديه ضعيفاً ذليلاً، لا يملك من أمره شيئاً، ثم يكون بعد ذلك طائعاً لهذا المعبود منقاداً له، فأمره مستجاب ونهيه كذلك، بمعنى أنه يفعل ما يأمره به، ويترك ما ينهاه عنه. من خلال هذا المفهوم الموجز للعبادة نستطيع بسهولة أن ندرك أن المسلمين لا يعبدون الكعبة ولا الحجر الأسود، فهم لا يخضعون لها ولا يذلون، وإنما يقدرون ويحترمون، وهم لا يتلقون شيئاً من الأوامر أو النواهي من الكعبة والحجر الأسود؛ لأنهما لا يضران ولا ينفعان، ولا يصدر عنهما شيء يمكن أن يكون فيه توجيه أو إرشاد، ولذلك فالمسلمون لا يعبدون الحجر الأسود ولا الكعبة، بل إن اعتقادهم يدل على مخالفة ذلك ومناقضته وقد ورد في الحديث الصحيح: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يطوف بالبيت ويقبل الحجر الأسود ويخاطبه قائلاً: "إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلك ما قبلتك أبداً" البخاري (1097) ومسلم (1270) وهذا في حقيقته تفسير لذلك الفعل، فالتقبيل والتبجيل والتقدير لهذا الحجر إنما هو لتحقيق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، والاعتقاد الجازم أنه (أي الحجر) لا يضر ولا ينفع، وأنه ليس له أدنى صورة ولا شبه ولا شيء من التعلق بالعبادة بحال من الأحوال.

وثمة أمر آخر وهو أن الإنسان بطبيعته وفطرته يحتاج إلى تمثيل المعاني في صور محسوسة، فعلى سبيل المثال عندما يحب المرء إنسانا فتلك مشاعر قلبية وحقائق معنوية، غالباً ما يسعى المرء بفطرته إلى التعبير عنها في صور مادية ليست مغرقة في المادية، لكنها تشير إلى الرمزية الدالة على هذه المعاني، فقد يكتب له رسالة يذكر له فيها بعض مشاعره، أو ينظم له قصيدة يثني عليه فيها، أو يهديه هدية ذات مغزى؛ قد لا تكون ثمينة في قيمتها لكنها جليلة في معناها ودلالتها. وهكذا حال طبيعة الإنسان أن يجسد سائر المعاني والمشاعر في صورة حسية، والله -جل وعلا- عالم بالإنسان، ألم يقل: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك:14] ، وقد جعل تعظيم العبد لله -عز وجل- وإعلانه لخضوعه له واستكانته لأمره؛ جعله -سبحانه وتعالى- في صورة محسوسة؛ لكي تكون دلالتها الرمزية تحقق معنى العبودية، وتشبع العاطفة والميل الإنساني إلى التعبير عن هذه المعاني في صور حسية، ومن عظمة ذلك ومزيته أن الله -عز وجل- جعله؛ وجعل هذه الرمزية في كمال لا يمكن أن يكون إلا في التشريع الرباني. الكعبة والبيت الحرام وغيرها إنما هي معان وصور حسية رمزية لحقائق معنوية، فالعبادة والخضوع لله وتعظيم القلب لله، فالقلب ممتلئ بالخوف من الله والتوكل عليه وحسن الظن به والثقة به والإنابة إليه، ولكن ذلك يترجم في ذكر يذكر به الله، أو تلاوة تتلى لله، أو صورة يكون فيها ركوع وسجود لله، وجعلت الكعبة في العبادة -وبالذات في الصلاة- مركزا للتعظيم والتوقير والإجلال لا لذاتها وإنما لعبادة الله، وجعلت واحدة في مكان واحد؛ لتعطي أيضاً مع معنى التعبد معنى الدلالة على منهج الوحدانية لله -عز وجل-.

فلذلك وباختصار شديد ليست العبادة للكعبة، ولا للحجر الأسود، وإنما لله -عز وجل-، فكل الخضوع والذل وكل الاستجابة والطاعة لله سبحانه وتعالى، ومن رحمته وحكمته أن جعل بعض معاني هذه العبودية تتجلى في صور حسية، ليتوافق ذلك مع طبيعة وفطرة الإنسان في تعبيره، وتعلقه بالمعاني والأحاسيس والمشاعر كما ذكرنا في مثال الحب، ... والله أعلم.

قبلة الأنبياء

قبلة الأنبياء المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/استقبال القبلة التاريخ 14/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. يقال إن الكعبة هي القبلة الحق، أرجو توضيح سبب عدم صلاة الأنبياء مثل عيسى ويعقوب وسليمان -عليهم السلام- تجاه القبلة (حسب علمي) ، وكيف يمكن أن يكون الأنبياء وأناس آخرون صلوا تجاه القبلة قبل أن تبنى بواسطة نبي الله إبراهيم-عليه الصلاة والسلام-؟ وهل كان لهم قبلة أخرى مختلفة؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. كانت القبلة قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى بيت المقدس، وكذلك بعد بعثته حتى نزل الأمر بالتحول إلى الكعبة - المسجد الحرام- في قوله -سبجانه-: "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره" [البقرة:144] ، وكانت الكعبة قبل تحول القبلة إليها مطافاً يحج إليها الناس، ولا أعلم قبلة غيرهما، فمن تبع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- ومحمد - صلى الله عليه وسلم-، في الصلاة إلى بيت المقدس فهو مؤمن مسلم، مستسلم لأمر الله عابد لله، عامل بأمره، أما بعد تحول القبلة فلا بد من الصلاة إلى المسجد الحرام، حتى يكون مؤمناً مسلماً مستسلماً لأمر ربه، عاملاً به؛ لأن الإسلام في ذلك ناسخ لما قبله والله الموفق.

صلى إلى غير القبلة جهلا فهل يعيد؟

صلى إلى غير القبلة جهلاً فهل يعيد؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/استقبال القبلة التاريخ 20/12/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم صليت صلاة العشاء في مكان وصلت إليه في المساء، ولكن بعد الانتهاء من أداء الصلاة جاء رجل وأبلغني بأن اتجاه القبلة بالاتجاه المعاكس تمامًا، فهل أعيد صلاتي؟ أم أكتفي بها؟ أرجو إجابتي جزاكم الله خير الجزاء. وصلى الله على محمد. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كان هذا المكان في البرية وقد اتقيت الله ما استطعت بأن اجتهدت وصليت، فصلاتك صحيحة، وليس عليك إعادة؛ لقول الله جل وعلا: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] . وإن كان هناك من تسأله عن القبلة ولم تسأل وصليت لغير القبلة تظنها القبلة فصلاتك غير صحيحة؛ لأنك قصرت ولم تسأل، فعليك إعادة هذه الصلاة. والله أعلم.

قلب نية الصلاة من نفل معين إلى مطلق

قلب نية الصلاة من نفل معين إلى مطلق المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/النية التاريخ 19/8/1424هـ السؤال هل يجوز نقل النية من معين إلى مطلق، كالفجر لسنة مطلقة؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: إنه لا يخلو إما أن يكون المعين فرضاً، أو نفلاً: فإن كان فرضاً، فإنه يجوز أن يقلب نيته من فرض إلى نفل إذا كان ثمة مسوغ شرعي؛ كما إذا شرع في صلاة فريضة منفرداً، فحضرت جماعة، فحول صلاته نفلاً، ليصلي فرضه في جماعة، فهذا جائز، بل استحبه بعض أهل العلم، وهذا كله مقيد بما إذا بقي للفريضة وقت يتسع أداؤها فيه قبل خروجه. فأما إذا لم يكن في قلب النية غرض مقصود، فإنه يكره حينئذ، بل ذهب بعض أهل العلم إلى التحريم استدلالاً بالآية الكريمة: "ولا تبطلوا أعمالكم" [محمد: 33] وهذا الاستدلال محل نظر. وأما إن كان المعين نفلاً كراتبة ظهر مثلاً - فإنه يجوز قلب النية إلى نفل مطلق؛ لأنه إذا زالت نية التعيين في النفل المعين، فإنه تبقى نية النفل، فتصح الصلاة لذلك لصحة النية، والله أعلم.

الصلاة بثياب عليها صور

الصلاة بثياب عليها صور المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 13/1/1423 السؤال هل تجوز الصلاة بثياب عليها صورة؟ مثل صورة عصفور، وإن غطيت بلباس الصلاة نفسه، أي أن الصورة لا تظهر في حال الصلاة. الجواب لا تجوز الصلاة بثياب عليها صورة ذات روح كالعصفور والغزال والآدمي وغير ذلك من ذوات الأرواح، أما ما ليس فيه روح كالشجر والأواني وكل ما لا روح فيه فلا بأس به إلا إن أشغل المصلي فيكون مكروهاً أيضاً. وإذا غطى الصورة بلباس الصلاة نفسه فيكون مكروهاً. ولو أنه صلى بثوب فيه صورة ذات روح كالعصفور فإن الصلاة صحيحة، إلا أنه فعل محرماً، فيكون آثماً مع صحة الصلاة، والله أعلم.

أدخن الحشيش فهل تنفعني الصلاة

أدخن الحشيش فهل تنفعني الصلاة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 17/12/1424هـ السؤال شيخي الفاضل: مشكلتي يا شيخي أني مدمن على المخدرات (الحشيش) ، علماً أني أقيم الصلاة، أريد أن أستشير فضيلتكم: هل يجوز لي أن أدخن الحشيش وأصلي، وذلك بعد الفراغ من صلاة العشاء؟.شكراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن الصلاة هي آكد فروض الإسلام بعد الشهادتين، ولا تسقط بحال، إلا على فاقد العقل من البالغين، وإذا كان الشيطان قد ظفر منك إدمانك على الحشيش فلا يظفرن منك بالأخرى التي هي أعظم وأخطر: من ترك الصلاة أو التكاسل عنها أو تأخيرها عن وقتها. صل الصلاة لوقتها، ولا تقربها وأنت سكران، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ" [النساء: من الآية43] . إن إدمانك على المخدرات لا يعفيك من واجب التوبة منها، ولو بالتدرج، فالعزيمة الصادقة والهمة العالية لا يقف دونها إلا أمر الله إذا جاء وقدرُ الله إذا نفذ، ولو كان الإقلاع من عادة التدخين أو شرب الخمر أو الحشيش أمراً مستحيلاً لكان الله قد كلَّفنا ما لا يطاق وأمرنا بما لا يستطاع، لو كان ذلك مستحيلاً لما أمر الله به، ولكنه قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" [المائدة:90-91] .

إن مقولة: (لا أستطيع فكاكاً من التدخين أو شرب الخمر أو تعاطي المخدرات) دعوى كاذبة زائفة إنما يقولها ويصدقها الضعاف الكسالى. فاتق الله، وعد إلى رشدك، واعزم على الإقلاع من هذا الذنب العظيم، ولو بالتدرج شيئاً فشيئاً، واستعن بالله ثم بمشورة المختصين والأطباء، وكما يستطيع الناس بإذن الله أن يستشفوا ويشفوا من أمراض جسدية، فإنك مستطيع إن شاء الله أن تقلع من هذا الإدمان لو أخذت بالأسباب.

تأخير الصلاة بسبب مشقة الاغتسال!

تأخير الصلاة بسبب مشقة الاغتسال! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 06/09/1426هـ السؤال في شهر رمضان الماضي، تأخرت أنا وزوجي عن الاغتسال من الجنابة، حتى دخل وقت الظهر؛ وذلك لعدة أسباب، منها أننا نقيم في بلد شديد البرودة، ولم تكن لدينا وسيلة لتدفئة الماء البارد، ولكن كان بإمكاننا الاغتسال في بيت والد زوجي، ولكننا تأخرنا عن الذهاب إلى هناك، إلى أن دخل علينا وقت الظهر، ثم بعد ذلك اغتسلنا، سؤالي هو: هل صيامنا مقبول، أم غير مقبول في ذلك اليوم؟ وإذا كان غير مقبول فهل علينا كفارة، وما هي؟ أفيدوني وفقك الله جل وعلا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فصيامكما صحيح -إن شاء الله-، فليس من شروط صحة الصيام الطهارة من الجنابة ولا من الحدث الأصغر، لكن أراكما وقعتما في كبيرة لم تشعرا بها، وهي تأخير صلاة الفجر عن وقتها عمداً؛ لأن الجماع وقع منكما قبل دخول وقت الفجر، ثم دخل عليكما وأنتما على جنابة، فكان الواجب عليكما الاغتسال حتى تؤديا الصلاة في وقتها، فإذا لم تستطيعا الاغتسال؛ لشدة البرد وعدم وجود ما تسخنان به الماء، فالواجب حينئذ التيمم، ثم أداء صلاة الفجر في وقتها، ولا يكلِّف الله نفساً إلى وسعها، وعدم الطهارة ليست عذراً في تأخير الصلاة عن وقتها مطلقاً، والواجب أداء الصلاة في وقتها ولو من غير تطهر بالماء، فما أوجب الله التيمم عند فقد الماء إلا مراعاة لوقت الصلاة. والله أعلم.

الصلاة في مكان فيه صلبان

الصلاة في مكان فيه صلبان المجيب عبد الله بن علي الريمي ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 19/05/1426هـ السؤال نحن طلبة مسلمون في إحدى الجامعات الغربية، خصَّصت لنا الجامعة حجرة صغيرة دائمة خاصة بالصلاة، لأن تلك الحجرة لا تسع كل الطلبة المسلمين عند أداء صلاة الجمعة، فإننا نقوم بحجز إحدى الصالات بالجامعة لأداء صلاة الجمعة فيها، هذه الصالة التي نحجزها في الأصل مخصصة لأي برامج دينية داخل الجامعة لمختلف الديانات، كما يوجد بها صور وصليب. وفي سائر الأيام تستخدم كمكان للأكل. سؤالي: هل تجوز صلاة الجمعة في مثل تلك الصالات؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، أما بعد: فإن الأصل صحة الصلاة في كل مكان حتى يرد دليل يمنع من الصلاة في ذلك المكان، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا "متفق عليه, قال ابن المنذر -رحمه الله- في (الأوسط ج2/ص194) : " الصلاة في الكنائس جائزة لدخولها في جملة قوله: " جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، ويكره الدخول لموضع فيه صور من الكنائس وغيرها، وممن رخَّص في الصلاة في البِيَع ابن عباس وأبو موسى والحسن والشعبي وعمر بن عبد العزيز والنخعي، ورخَّص الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز أن يصلى في كنائس اليهود والنصارى. أ. هـ. والكنائس لا تخلو عادة من الصلبان، وجاء في مجموع الفتاوى (ج22/ص162) هل الصلاة فى البِيَع والكنائس جائزة مع وجود الصور أم لا؟ وهل يقال: إنها بيوت الله أم لا؟ فأجاب: ليست بيوت الله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة الكفار.

وأما الصلاة فيها ففيها ثلاثة أقوال للعلماء: في مذهب أحمد وغيره المنع مطلقًا، وهو قول مالك، والإذن مطلقًا وهو قول بعض أصحاب أحمد، والثالث - وهو الصحيح المأثور عن عمر بن الخطاب وغيره، وهو منصوص عن أحمد وغيره- أنه إن كان فيها صور لم يُصلِّ فيها؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة؛ ولأن النبي لم يدخل الكعبة حتى محى ما فيها من الصور، وكذلك قال عمر - رضي الله عنه- إنا كنا لا ندخل كنائسهم والصور فيها. أ. هـ. وهذا في حال السعة والاختيار, أما عند الحاجة فقد قال الإمام البخاري رحمه الله: باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به الله (يعني قصد بصلاته وجه الله) . وذكر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- احتمال أن الإمام البخاري مراده التفرقة بين من قدر على إزالة ما بينه وبين القبلة من هذه الأمور، وبين من لا يقدر، فلا يكره في حق العاجز عن الإزالة. وقال الإمام البخاري رحمه الله: باب الصلاة في البيعة , (وهي معبد النصارى) . وذكر فيها أثر ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يكره أن يصلي في الكنيسة إذا كان فيها تماثيل، فإن كان فيها تماثيل خرج فصلى في المطر. وذكر ابن حجر -رحمه الله- أن الكراهية إنما هي حال الاختيار. إليك فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (رقم 1874) نص السؤال: قد خصص لنا إحدى صالات التوزيع في المبنى الذي نعمل فيه، نصلي فيها جماعة وقت وجودنا بالعمل، ومنذ مدة وضع في الجدار الأمامي اتجاه القبلة عدد من الصور الكبيرة، وتحرجنا كثيرًا من وجود هذه الصور أمامنا في الصلاة، فما رأيكم في نصب الصور في المكان المخصص لصلاة المسلمين منذ زمن، وهل نستمر في الصلاة مع وجودها؟. نص الفتوى: الحمد لله:

الصلاة صحيحة، ولا حرج عليهم -إن شاء الله- في ذلك إذا كانوا مضطرين للصلاة في المكان المذكور لعدم وجود مسجد قريب منهم، ولكن يجب عليهم أن يبذلوا وسعهم مع المسؤولين لإزالة الصور من هذا المكان، أو إعطائهم مكانا آخر ليس فيه صور؛ لأن الصلاة في المكان الذي فيه الصورة أمام المصلين فيه تشبه بعباد الأصنام، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة دالة على النهي عن التشبه بأعداء الله، والأمر بمخالفتهم، مع العلم بأن تعليق الصور ذوات الأرواح في الجدران أمر لا يجوز، بل هو من أسباب الغلو والشرك، ولا سيما إذا كانت من صور المعظمين. ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. عضو: عبد الله بن قعود عضو: عبد الله بن غديان نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز. تنبيه مهم: جاء في الفتاوى (ج27/ص14) : وأما زيارة معابد الكفار وكنائس النصارى فمنهي عنها، فمن زار مكانا من هذه الأمكنة معتقدًا أن زيارته مستحبة، والعبادة فيه أفضل من العبادة فى بيته فهو ضال خارج عن شريعة الإسلام، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وأما إذا دخلها الإنسان لحاجة وعرضت له الصلاة فيها فللعلماء فيها ثلاثة أقوال (كما تقدم) . الخلاصة: 1-إن كان يصعب عليكم الصلاة في غير هذه الصالة من المراكز الإسلامية أو غيرها، أو كان في صلاتكم في هذه الصالة تكثير لجمع المصلي، ن أو تشجيع لمن قد يتكاسل عن الصلاة ,فصلاتكم فيها صحيحة، ولا حرج عليكم. فقد جاءت الشريعة برفع الحرج. 2-عليكم أن تجتهدوا في الحصول على مصلى خالٍ من المحظورات داخل الجامعة أو خارجها، وتسعوا لنيل حقوقكم الشخصية في هذا البلد. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تغطية الرأس في الصلاة

تغطية الرأس في الصلاة المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 26/06/1426هـ السؤال هل يجب على الرجل أن يغطي الرأس بطاقية ونحوها عندما يصلي؟ أرجو توضيح الجواب بدليل من الكتاب والسنة. الجواب تغطية الرأس أثناء الصلاة ليست واجبة؛ إذ لم يرد ما يوجبها، وقد ثبت في الحديث -من عدة طرق- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء" صحيح مسلم (516) . ولو كانت تغطية الرأس على الرجال واجبة لأمر بها. كما ثبت في الحديث أيضاً عن عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنهما- ربيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي في ثوب واحد مشتملاً به، في بيت أم سلمة، واضعاً طرفيه على عاتقيه" صحيح مسلم (517) . فاجتمع من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره ما يدل على عدم وجوب تغطية الرجل لرأسه في الصلاة. لكن هذا لا ينفي فضل تغطية الرأس في الصلاة، خاصة في الجماعة، وبالأخص بالنسبة للإمام.

تأخير صلاة الظهر

تأخير صلاة الظهر المجيب إبراهيم بن مهنا المهنا مدير قسم التوعية الإسلامية بجهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني بجدة كتاب الصلاة/ شروط الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 01/07/1426هـ السؤال ورد حديث في صحيح البخاري عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَال: َ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ"، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ" ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: "أَبْرِدْ" حَتَّى سَاوَى الظِّلُّ التُّلُولَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ". وفي فتوى للشيخ ابن باز -رحمه الله- ذكر أن وقت العصر يبدأ عندما يصبح ظل كل شيء مثله". ألا يكون هناك تعارض بين الفتوى والحديث، فالحديث يذكر أن يكون ظل التلول مثلها ثم ينادى لأذان الظهر؟ أرجو بيان الجواب الصحيح في هذه المسألة. الجواب لا تعارض بين الفتوى والحديث لأن فتوى الشيخ -رحمه الله - تذكر بداية وقت العصر، أما حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- فالظاهر أنه أخر وقت الظهر إلى أن قرب من وقت العصر؛ لأنه أراد أن يجمع بينهما، ويشهد لذلك أنه كان على سفر كما جاء في أول الحديث، فيكون بذلك جمعًا بين الحديث والفتوى، أو أن المساواة المذكورة تحتمل أن الظل ظهر بجانب التل فساواه في الظهور لا بالمقدار، وهذا كله ما بينه ابن حجر في فتح الباري، حيث قال -رحمه الله تعالى -: (وأما ما وقع عِند المصنف في الأذان عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة بلفظ " حتى ساوى الظل التلول " فظاهره يقتضي أنه أخرها إلى أن صار ظل كل شيءٍ مثله , ويحتمل أن يراد بهذه المساواة ظهور الظل بجنب التل بعد أن لم يكن ظاهرا، فساواه في الظهور لا في المقدار , أو يقال: قد كان ذلك في السفر فلعله أخر الظهر حتى يجمعها مع العصر) .

الصلاة في مسجد بني بمال حرام

الصلاة في مسجد بني بمالٍ حرام المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/أحكام المساجد التاريخ 03/05/1427هـ السؤال هل تجوز الصلاة في مسجد بني بمال المخدرات؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم تجوز الصلاة؛ لأن المراد بعمارة المساجد في مثل قوله تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" [التوبة:18] . المراد بالعمارة العمارة الحقيقية بالصلاة والذكر والدعاء ولهذا ذكرت البيوت في قوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" [النور:36-38] . أما البناء الحسي المادي إذا كان المال فيه حراماً فلا أجر لصاحبه، لما جاء في الحديث: "أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" صحيح مسلم (1015) . فيؤجر المستفيد دون الدافع في هذا، وقد عاب الله على المشركين عمارتهم للمسجد الحرام، وأمر المؤمنين أن يصلوا فيه فقال: "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [التوبة:19] . وفق الله الجميع إلى كل خير.

تحويل الكنيسة إلى مسجد!

تحويل الكنيسة إلى مسجد! المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/أحكام المساجد التاريخ 23/05/1427هـ السؤال هل يجوز تحويل الكنيسة أو البيعة إلى مسجد؟ وإذا كان الجواب بنعم؛ فكيف نجيب عن قوله تعالى: "لا تقم فيه أبدا"؟ الجواب قوله تعالى: "لا تقم فيه أبداً" [التوبة:108] نزلت في مسجد بناه المنافقون بقصد المضارّة، وصرف الناس عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء، وليكون موئلاً للكائدين والمحاربين لله ورسوله، مع أنه في الظاهر كان مسجداً وليس كنيسة ولا بيعة. أما الكنيسة والبيعة إذا تعطلت من أهلها، وكانت تحت ولاية المسلمين، أو أذن أهلها بملك المسلمين لها، فيجوز تحويلها إلى مسجد خالص، وتطهيرها من كل مظاهر الشرك وشعارات الكفر. علماً بأن المسألة خلافية لكن هذا هو الراجح. والله أعلم.

أركان الصلاة وواجباتها

تذكَّرَ فوات ركن من صلاة فريضة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/أركان الصلاة وواجباتها التاريخ 25/8/1424هـ السؤال إذا فاتني ركن في صلاة الظهر، ثم في وقت العشاء تذكرت أنني قد نسيت ركناً فهل علي إعادة صلاة الظهر والعصر والمغرب؟ مراعاة للترتيب في الصلاة، ثم كيف يكون علي قضاء الصلاة الفائتة في سن الصغر؟. الجواب إن كان الركن الفائت هو تكبيرة الإحرام فإن الصلاة لم تنعقد أصلاً، ويجب إعادتها كاملةً على كل حال، وإن كان التشهد الأخير أو التسليم أتى به المصلي إن تذكره بعد الصلاة مباشرةً، وإن كان الركن الفائت غير ما سبق فإنه لا يخلو من الأحوال الآتية: (1) أن يتذكر المصلي هذا الركن الفائت وهو ما زال في مكان ذلك الركن، كأن ينسى المصلي قراءة الفاتحة في صلاة الظهر من الركعة الأولى قبل أن يركع، فهنا يجب عليه الإتيان بهذا الركن، فيقرأ الفاتحة ثم يكمل صلاته ولا شيء عليه. (2) أن يتذكر المصلي الركن الفائت بعد أن انتقل إلى ركعةٍ أخرى، فهنا تكون الركعة التي نسي فيها الركن ملغاة، وتقوم الركعة التي بعدها مكانها، فمثلاً: من نسي قراءة الفاتحة في الركعة الثانية من صلاة الظهر، ولم يتذكر إلا بعد أن شرع في الركعة الثالثة، فهنا تكون الركعة الثانية ملغاة، وتقوم الثالثة مكان الثانية ثم يكمل الصلاة. (3) أن يتذكر المصلي الركن الفائت بعد الصلاة مباشرة وقبل أن ينتقض وضوؤه، وهنا يجب عليه الإتيان بركعة كاملة عوضاً عن الركعة التي فاته ركن من أركانها. (4) أن يتذكر المصلي الركن الفائت بعد الصلاة بوقت طويل -كما في السؤال -أو بعد

أن انتقض وضوؤه، وهنا يجب عليه إعادة الصلاة كاملة؛ لطول الفصل بين الصلاة والركعة التي نسي ركناً من أركانها، والصلاة لا بد أن تكون متصلةً حقيقةً أو حكماً، وهنا لم تتصل لا حقيقةً ولا حكماً، فوجب عليه أن يعيدها كاملةً؛ لتكون متصلةً، ولا يلزم إعادة الصلوات التي تلي الظهر، وإنما يلزم إعادة الظهر فقط. أما ما يتعلق بقضاء الصلوات الفائتة في سن الصغر، فإن كان ذلك قبل البلوغ فلا يلزم قضاؤها، وإن كان بعد البلوغ وكان الإنسان لا يصلي أبداً ثم تاب فإنه لا يلزمه شيء كذلك؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، وإن كان الفائت بعض الصلوات فإن الإنسان يجتهد في معرفتها، ثم يقوم بقضائها مرتبةً حسب الاستطاعة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نسي كلمة من الفاتحة في الصلاة

نسي كلمة من الفاتحة في الصلاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/أركان الصلاة وواجباتها التاريخ 7/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد معرفة الحكم فيما إذا شك الإنسان في أثناء قراءته للفاتحة أو أي سورة أخرى في أثناء الصلاة أنه نسي كلمة هل عليه أن يسجد سجود السهو؟ وبالمثل إذا شك في عدد المرات التي قال فيها سبحان ربي الأعلى هل عليه سجود السهو؟ الجواب أما الفاتحة فقراءتها ركن من أركان الصلاة، فإذا شك الإمام أو المنفرد بقراءة الفاتحة أو جزء منها فيجب أن يقرأها، فإن كان شكه في قراءة الركعة الأولى، والحال أنه في الركعة الثانية سقطت الركعة الأولى التي شك فيها وقامت الركعة التي تليها مقامها وسجد للسهو، وإن كان الشك في غير الفاتحة فليس عليه شيء ولا يسجد للسهو، وإن كان الشك من المأموم فلا شيء عليه، والإمام يتحمل ذلك عنه.

ترك الأركان في الركعة الفائتة

ترك الأركان في الركعة الفائتة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/أركان الصلاة وواجباتها التاريخ 07/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. رجل أدرك الإمام بعد رفعه من الركوع للركعة الأولى، فمعلوم أنه يلزمه الإتيان بركعة بعد تسليم الإمام، لكن سؤالي ما حكم تعمد ترك أقوال أو أفعال ما بعد رفع الإمام من الركوع للركعة الأولى، إلى أن يقوم للركعة الثانية على المأموم الذي فاته ركوع الركعة الأولى؟ بمعنى آخر ما حكم أقوال وأفعال من أدرك الإمام بعد رفعه من الركوع حتى الركعة التي تليها على المأموم، فيما لو ترك شيئًا منها عمدًا أو سهواً؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا دخل المأموم مع الإمام وجبت عليه واجبات الصلاة وأركانها، فما يكون بعد الركوع واجب، فإنه واجب سواء أدرك الركوع مع الإمام، أو لم يدرك الركوع معه، وما يتعلق بالواجبات من التسميع والتحميد، وكذلك الأركان من الرفع والطمأنينة، ... إلخ، نقول بأن هذا كله واجب عليه أن يأتي به، وإن لم يكن قد أدرك الركوع؛ لأنه قد دخل مع الإمام في الصلاة، فوجبت عليه واجباتها، فلو ترك شيئاً منها عمداً يكون حكمه حكم من ترك واجباً وركناً متعمداً فتبطل صلاته. والله أعلم.

هل الجهر بالتأمين واجب؟!

هل الجهر بالتأمين واجب؟! المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 08/05/1427هـ السؤال أنا على المذهب الحنفي فأقول: آمين. بعد قراءة الفاتحة بصوت منخفض، بعض الأخوة يقولون: إن عليَّ أن أقولها بصوت مرتفع، وأن ذلك كان حكم أبي حنيفة. فما هو الصواب في هذه المسألة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والآه وبعد: فإن الجهر بالتأمين بعد الفاتحة من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء-رحمهم الله تعالى- قديماً وحديثاً؛ ولذا ينبغي أن لا يثرَّب على المخالف فيها، وإن كان قول القائلين بسنية الجهر أحظ بالدليل من القول الآخر؛ قال ابن رجب -رحمه الله تعالى- (واختلفوا في الجهر بها على ثلاثة أقوال: أحدها: يجهر بها الإمام ومن خلفه، وهو قول عطاء، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وابن أبي شيبة، وعامة أهل الحديث. واستدل بعضهم بقوله: "إذا أمن الإمام فأمنوا". فدل على سماعهم لتأمينه، وروي عن عطاء، قال: أدركت مائتين من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- إذا قال الإمام: "وَلا الضَّالِّينَ" سمعت لهم ضجة بـ"آمين" خرجه حرب. والثاني: يخفيها الإمام ومن خلفه، وهو قول الحسن، والنخعي، والثوري، ومالك، وأبي حنيفة وأصحابه. اهـ فتح الباري (5/259) .

وقال الألباني -وهو من أئمة أهل الحديث رحمه الله تعالى- في كتابه "تمام المنة" (1/178) : ثم خرجت أثر ابن الزبير المذكور- (قلت: يعني ما روي عن عطاء -رحمه الله تعالى- أنه قال: (أمّن ابن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد للجة) - وبينت صحته عنه تحت الحديث (952) في (الضعيفة) ، وأتبعته بأثر آخر صحيح أيضا عن أبي هريرة أنه كان يجهر بـ"آمين" وراء الإمام ويمد بها صوته، فملت ثمة إلى اتباعهما في ذلك, ثم رأيت الإمام أحمد قال به فيما رواه ابنه عبد الله عنه في مسائله اهـ وفق الله الجميع للصواب. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

صفة الصلاة

اللحن في قراءة الفاتحة! المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود التاريخ 14/05/1427هـ السؤال بعض أئمة المساجد عند قراءة الفاتحة يقرؤون الآية: (اهدنا الصراط المستقيم) بفتح حرف الصاد في كلمة الصراط وليس بكسره، فهل هذا صحيح؟ الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فالصحيح في قراءة لفظ: "الصراط"؛ أن يقرأ بكسر الصاد، وأما فتحها على ما ذكر السائل، فهو لحن في القراءة، وخطأ فيها، إلا أنه لحن لا يحيل المعنى، أي لا يغيره، ولا يؤثر عليه، فلا تبطل الصلاة به، لكن من تعمده فهو آثم، كما نص على ذلك الفقهاء، كالنووي في المجموع. وعلى المصلي أن يجتهد في إقامة قراءته، ولا سيما الفاتحة فهي ركن الصلاة، ولا تصح إلا بها، ويتأكد الأمر في حق من يؤم الناس ويتقدمهم للصلاة، فإن صلاتهم بصلاته، ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسلم (673) وغيره من حيث أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- أنه قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ... " الحديث، فيجب أن يكون المتقدم للإمامة بالناس مقيماً للقراءة. هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

حكم رفع اليدين في تكبيرة الإحرام

حكم رفع اليدين في تكبيرة الإحرام المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التكبير والاستفتاح التاريخ 9/9/1422 السؤال هل يجب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام؟ وإذا نسيها هل عليه شيء؟ الجواب لا يجب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام، وإنما يستحب، وإذا نسيت الرفع فليس عليك شيء - والحمد لله -.

تكبيرة الانتقال متى تكون؟

تكبيرة الانتقال متى تكون؟ المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التكبير والاستفتاح التاريخ 19/10/1425هـ السؤال صليت مع إمام لا يكبر تكبيرة الانتقال حتى يتم ساجدًا، ثم إذا سجد كبَّر لسجوده، فقلت له: إن هذا الفعل خطأ، فهل هذا صحيح؟ وهل أعيد صلاتي؟ الجواب لا شك أن هذا العمل مخالف لظاهر السنة؛ لأن هذه التكبيرات تعرف عند أهل العلم بتكبيرات الانتقال، ومعنى ذلك أنها انتقال من حال القيام إلى حال السجود، وكونه لا يكبر إلا إذا سجد فهذاخلاف السنة، كما في حديث أبي هريرة وابن عمر، رضي الله عنهما، وهما في البخاري (735-795) ومسلم (390 -392) . وأما صلاتك فهي صحيحة، ولا أرى عليك الإعادة.

نسي الجهر بتكبيرة الإحرام وهو إمام!

نسي الجهر بتكبيرة الإحرام وهو إمام! المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التكبير والاستفتاح التاريخ 29/11/1424هـ السؤال ما العمل إذا نسي الإمام الجهر بتكبيرة الإحرام؟ هل يجب عليه إعادتها جهرا أم لا؟ علماً أن الصفوف الخلفية لم يعلموا بتكبيره وكذلك كثير من الصفوف المتقدمة. وبارك الله فيكم. الجواب يستحب للإمام أن يجهر بالتكبير بحيث يسمع المأمومين؛ فإنهم لا يجوز لهم التكبير إلا بعد تكبيره، فإن لم يمكنه إسماعهم جهر بعض المأمومين؛ ليسمعهم أو ليسمع من لا يسمع الإمام؛ لما روى جابر - رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر -رضي الله عنه- خلفه فإذا كبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كبر أبو بكر - رضي الله عنه- ليسمعنا" مسلم (413) ، وإذا فات عليه وكبَّر سراً فيحسن أن يجهر بشيء من القراءة؛ ليشعرهم أنه دخل في الصلاة فيكبروا معه أو يكِّبر من خلفه من المأمومين ليسمع من لم يسمع.

رفع اليدين عند التكبير للسجود

رفع اليدين عند التكبير للسجود المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التكبير والاستفتاح التاريخ 05/11/1426هـ السؤال لماذا لا نرفع أيدينا أثناء السجود، مع أن ذلك ثابت في أحاديث صحيحة؟ منها حديث عن النضر بن كثير أنه صلى بجانب عبد الله بن طاوس في مسجد الخيف، فكان إذا رفع من السجدة الأولى رفع يديه تلقاء وجهه، قال النضر: فأنكرت أنا ذلك، وقيل له: تصنع شيئا لم نر أحدا يصنعه؟! فقال عبد الله بن طاوس: رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه. وقال عبد الله بن عباس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه. وقال أيوب: رأيت نافعاً وطاووساً يرفعان أيديهما بين السجدتين. وروى يزيد بن هارون عن الأشعث أن الحسن وابن سيرين كانا يرفعان أيديهما بين السجدتين. وروى ابن علية أنه رأى أيوب يرفع يديه بين السجدتين. الجواب الحمد لله على إفضاله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، أما بعد: فأقول وبالله التوفيق: حديث النضر بن كثير السعدي ليس صحيحاً، تفرّد به النضر بن كثير، وفيه ضعف. ولذلك استنكر حديثه هذا جماعةٌ من أهل العلم، كالبخاري (التاريخ الكبير (8/91) ، والضعفاء الصغير له، رقم (374) ، والتاريخ الأوسط، رقم (1244) . والعقيلي في الضعفاء (4/292) ، وابن حبان في المجروحين (3/49) . وابن عدي في الكامل (7/27) . وأما حكم الرفع في هذا الموطن، فقد ذهب إليه بعض أهل العلم، وهو قول في مذهب الإمام أحمد والشافعي ومالك. ولا بأس إذا فعل ذلك قليلاً، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه حذو منكبيه، إذا افتتح الصلاة، وإذا كبّر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ... وكان لا يفعل ذلك في السجود [حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود] . أخرجه البخاري (735، 736، 738، 739) ومسلم (390) . والله أعلم. والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

هل البسملة آية من الفاتحة

هل البسملة آية من الفاتحة المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 10/8/1422 السؤال هل البسملة آية من آيات سورة الفاتحة، وهل تجب قراءتها في كل ركعة من الصلاة؟ الجواب ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية هذه المسألة في الفتاوى (22/276 - 279، 406 - 408) . وخلاصة ما ذكره - رحمه الله - أن العلماء اختلفوا في ذلك على أقوال: الأول: أنها ليست آية من القرآن إلا في سورة النمل، وأن ذكرها في أول السور على سبيل التبرك. الثاني: قال طائفة منهم الشافعي: إنها آية من كل سورة، ولهم على ذلك أدلة منها أن الصحابة لم يكتبوها في المصحف مع تجريدهم للمصحف عما ليس من القرآن إلا وهي من السورة. الثالث: قال أكثر فقهاء الحديث كأحمد ومحققي أصحاب أبي حنيفة: إنها من القرآن للعلم بأنهم لم يكتبوا فيه ما ليس بقرآن، لكن لا يقتضي ذلك أنها من السورة، فقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" نزلت عليّ آنفاً سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر ... ". وثبت في الصحيح أن أول ما جاء الملك بالوحي قال:" اقرأ باسم ربك الذي خلق ... الآيات " فهذا أول ما نزل، ولم ينزل قبل ذلك بسم الله الرحمن الرحيم، وثبت في السنن أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:" سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك "وهي ثلاثون آية بدون البسملة. فمجموع هذه الأدلة يدل لهذا القول وهو أن البسملة آية في أول كل سورة وليست من السورة، وهو أوسط الأقوال وأعدلها. وأما تلاوتها في الصلاة فإن طائفة لا تقرأها سراً ولا جهراً كمالك والأوزاعي، وطائفة تقرأها جهراً كأصحاب ابن جريج والشافعي، والطائفة الثالثة المتوسطة: جماهير فقهاء الحديث يقرؤونها سراً.

ولكن ينبغي مراعاة تأليف القلوب بفعل الأمر الذي لا تنكره قلوب الناس ولا تنفر منه؛ لأن مصلحة تأليف القلوب في الدين أعظم من مصلحة فعل بعض المستحبات. انتهى ملخصاً، وارجع إلى كلامه في موضعه فإنك واجد ثمة مزيد فائدة.

قراءة الضاد ظاء في الفاتحة

قراءة الضاد ظاءً في الفاتحة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 29/03/1426هـ السؤال شيخنا الجليل: أرجو أن توضح لنا هل أن نطق الضاد (ض) ظاء (ظ) في الآية الأخيرة من الفاتحة لجهلي باللغة أو غيره مبطل للصلاة؟ وهل تجوز صلاة من يفرِّق بين نطق الحرفين وراء من لا يعلم ذلك، أو وراء من لا يريد أن يتعلم أو يقر بجهله؟. شكراً وثبّت الله أجركم. الجواب العلماء - رحمهم الله- عفوا عن ذلك ما دام أن الإنسان لا يفرق بين مخرج الحرفين لتقارب مخرجهما، لكن إذا كان الإنسان إماماً فالأحسن له أن يتعلَّم، فإذا كان الإنسان يجهل فإن هذا معفو عنه، وخصوصاً فيما يتعلّق بعامة الناس، وعلى هذا إذا صلى إنسان يعرف مخرج الحرفين ويفرق بينهما، خلف إمام لا يعرف ذلك فإن هذا جائز ولا بأس به؛ فالعلماء - رحمهم الله - سهلوا إذا كان الإنسان يجهل التفريق بين مخارج الحروف وصححوا صلاته.

قراءة المفصل في الصلاة

قراءة المفصل في الصلاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 1/6/1424هـ السؤال سؤالي هو: ما المقصود بقراءة سور المفصل أثناء الصلاة؟ ومتى تكون؟ وجزاكم الله خيراً، وبارك في علمكم. الجواب المفصل هو الحزب الأخير من القرآن، وأول المفصل سورة ق، وآخره سورة الناس، وقد روى أبو داود (1393) ، وابن ماجة (1345) عن أوس بن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في وفد ثقيف ... قال أوسٌ -رضي الله عنه- سألت أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورضي عنهم كيف يحزبون القرآن؟ يعني: كانوا يجزئون القرآن على أيام الأسبوع، بحيث يقرأ المصلي في كل ليلة حزباً، فقال الصحابة - رضي الله عنهم-: "ثلاثٌ، وخمسٌ، وسبعٌ، وتسعٌ، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده، قوله: (ثلاث) ، يعني ثلاث السور من أول القرآن: البقرة، وآل عمران، والنساء، هذا حزب، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة حزب، والحزب الثالث يبدأ بسورة يونس وهكذا.

التنكيس بين السور في الصلاة

التنكيس بين السور في الصلاة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 14/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي: أميت في جماعة صلاة مغرب وقرأت بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة الهمزة، وفي الركعة الثانية التكاثر، فبعد الصلاة قام أحد الأشخاص وأنكر فعلي هذا بصوت فيه استفزاز وتشويش في المسجد، ويعرف عنه عدم العلم، والذي أعرفه أن هذا ليس منكراً أو مخالفاً ولا يبطل الصلاة، أرجو إفتائي مأجورين فتوى شافية كافية، حتى أعرضها على المصلين الذين أصبح لديهم شك في قول المنكر. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد.. فالأفضل أن يقرأ الإمام وغيره (القرآن على ترتيب المصحف) ، لأنه الغالب من هديه - صلى الله عليه وسلم- فقد كان يقرأ في صلاة الجمعة مثلاً - الأعلى في الأولى- والغاشية في الثانية، وقرأ فيها أيضاً الجمعة في الأولى، والمنافقون في الثانية، وقد كان يقرأ في راتبة الفجر "قولوا آمنا بالله ... " في الأولى، وهي من البقرة. وقل يا أهل (الكتاب) في الثانية وهي من آل عمران، وقد كان يقرأ في صلاة الفجر في الأولى السجدة، وفي الثانية الإنسان، وهكذا هذا هو الأفضل بحيث يراعي ترتيب السور. ولو خالف الإمام هذا الترتيب فقرأ مثلاً في الأولى آيات من آل عمران وفي الثانية آيات من البقرة، أو قرأ في الأولى مثلاً: الهمزة، وفي الثانية التكاثر فإنه لا حرج في ذلك، وقد صرح بجوازه جماعة من أهل العلم، ومنهم الإمام النووي في التبيان في آداب حملة القرآن ص99، واستدل على ذلك ببعض الآثار الواردة عن السلف والدالة على جواز مخالفة الترتيب، وأيضا لعدم الدليل من الشارع على المنع، فيبقى على أصل الجواز.

وبناء عليه فمخالفة الترتيب لا تبطل الصلاة، ولا يسوغ الإنكار بهذه الصورة غير اللائقة، لا سيما في المسجد الذي بُني لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن، لا للتشفي كما هو ظاهر من حال المنكر ونحو ذلك، وأنبه إلى أن النصيحة ينبغي أن تكون بأدب وتلطف وبانفراد لا سيما في أمرٍ يتعلق بمندوب لا بواجب، والله تعالى أعلم.

الخطأ في التلاوة هل يبطل الصلاة

الخطأ في التلاوة هل يبطل الصلاة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 13/7/1424هـ السؤال أحياناً وأنا أصلي اتوقَّف في قراءة القرآن عند بعض الكلمات لا أدري كيف أقرؤها هل بالضم أم بالفتح، فهل أتوقَّف أم أقرؤها كما أعتقد؟ وهل تبطل صلاة المرء إذا أخطأ في قراءة كلمة من القرآن أو نسي حرفاً أو حركةً؟ وإذا كان علي أن أتوقف عند النسيان هل أتوقف وأنا في نصف الآية والمعنى لم يكتمل. شكراً لكم وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد.. بالنسبة للقراءة في الصلاة، فإنك إذا نسيت كلمة من آية، أو حرفاًً، أو أشكل عليك حركة، هل هي فتحة أو ضمة، مثلاً فإنه حينئذ يلزمك التوقُّف عن القراءة ولو كنت في نصف الآية، وتجاوز ما أخطأت فيه أو نسيته إلى ما تحفظه. وإذا وقع خطأ في القراءة فإنه لا يبطل الصلاة مطلقاًُ إذا كان في غير الفاتحة، وإن كان الخطأ في قراءة الفاتحة، فإنه يبطل الصلاة إذا كان لحناً جلياً يعني إذا كان الخطأ يغير المعنى، ولا يبطلها إذا لم يكن جلياً، ومثال اللحن الجلي: كسر الكاف في قوله تعالى "إياك" [الفاتحة:5] ومثال الخفي، الذي لا يغير المعنى، فتح الباء في قوله تعالى: "رب العالمين" [الفاتحة: 2] ، والله أعلم.

الخطأ في القراءة أثناء الصلاة

الخطأ في القراءة أثناء الصلاة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 26/11/1423هـ السؤال كنت أصلي صلاة الظهر، وبعد أن قرأت سورة الفاتحة قرأت آيات من سورة الأنعام، وبعد أن رفعت من الركوع أدركت أنني أخطأت في آية فهل أعيد الصلاة؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن الخطأ في قراءة آية أو آيات بعد سورة الفاتحة -كما في ظنك هنا في قراءة آية من سورة الأنعام- لا يُبطل الصلاة، وذلك لأن القراءة بعد سورة الفاتحة لا تجب أصلاً، بل هي سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيجوز للمصلي تركها وإن كان خلاف السنة، ولذا فوقوع الخطأ فيها لا يضر بالصلاة، والله -تعالى- أعلم.

قراءة المأموم الفاتحة

قراءة المأموم الفاتحة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 15/9/1424هـ السؤال بعض الأئمة يفتون في الصلاة أي صلاة الجماعة في الظهر والعصر ويقولون: إن المأموم لا يقرأ بسورة الفاتحة، وفي المذاهب الأربعة يوجد خلاف، فهل يوجد نص لقراءة الفاتحة؟ الجواب في قراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الفريضة، ثلاثة أقوال للعلماء- رحمهم الله تعالى -: منهم من قال: تجب القراءة على المأموم، أي: يجب عليه أن يقرأ الفاتحة، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية؛ لما ورد في صحيح مسلم (395) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن، فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج، غير تمام " قال: فقلت: يا أبا هريرة إني أكون أحياناً وراء الإمام، قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها يا فارسي في نفسك (الخطاب لأبي السائب، لأنه يخاطب أبا هريرة - رضي الله عنه -) فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله - عز وجل - قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: اقرؤوا، يقول العبد: الحمد لله رب العالمين، يقول الله - عز وجل-: حمدني عبدي، يقول: الرحمن الرحيم، يقول الله- عز وجل - أثنى عليّ عبدي، يقول العبد: مالك يوم الدين، يقول الله - عز وجل - مجَّدني عبدي، يقول العبد: إياك نعبد وإياك نستعين، يقول الله: هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، يقول العبد: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، يقول الله: فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل. القول الثاني: أن الإمام يتحمَّل قراءة الفاتحة عن المأموم ما دام خلف الإمام، سواء كانت الصلاة سريّة أو جهرية.

القول الثالث: التفصيل والتفريق بين الجهرية والسريّة، قالوا: إذا كان المأموم يسمع قراءة الإمام، ويؤمن عليها فالإمام يتحمل عنه قراءة الفاتحة، وإذا كان المأموم لا يسمع قراءة الإمام ولا يؤمن عليها لكون الصلاة سرية فعليه أن يقرأ. إذاً فالأقوال ثلاثة: وجوب القراءة، سرية كانت الصلاة أو جهرية، عدم الوجوب سرية كانت أو جهرية؛ لأن الإمام يتحملها، التفصيل بين السرية والجهرية، فتجب القراءة على المأموم في السرية ولا تجب في الجهرية.

جهر المنفرد في الصلاة الجهرية

جهر المنفرد في الصلاة الجهرية المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 4/7/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في الصلاة الجهرية (المغرب والعشاء) إذا كنت أصليها لوحدي، هل أصلي الركعتين الأوليين جهراً أم سراً؟ والله ولي التوفيق. الجواب إذا جهرت بالقراءة في الركعتين الأوليين من صلاة المغرب والعشاء فحسن، والجهر ليس بواجب، والصلاة صحيحة مع الإسرار.

حكم القراءة من المصحف في صلاة الفريضة

حكم القراءة من المصحف في صلاة الفريضة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 5/1/1425هـ السؤال ما حكم قراءة سورة طويلة، مثل: السجدة في صلاة الفجر من المصحف وليس غيباً، علماً أنني لا أحفظها غيباً، وأود أن أطيل في الصلاة؟ الجواب الأولى للإنسان أن يقرأ من حفظه، وأن يجتهد في حفظ القرآن؛ لأجل أن يقرأ قراءة طويلة، ولو أنه اجتهد في حفظ القرآن، وسخَّر جزءاً من وقته ولو كان يسيراً في كل يوم لوجد أنه بعد مدة حفظ شيئاً كثيراً، ولو أنه كان يحفظ في اليوم سطرين أو ثلاثة فسيجدها بعد سنة كثيرة هذا من ناحية، أما من ناحية قراءتها من المصحف في صلاة الفريضة - كالفجر - فهو جائز في الجملة، وإن كان بعض أهل العلم كرهه خوفاً من العبث الكثير، وخوفاً من الاشتغال بالنظر عن التدبر والتأمل، ولكن الذي عليه الكثير من أهل العلم أنه لا بأس به وجائز - إن شاء الله -.

قراءة المأموم للفاتحة في الجهرية

قراءة المأموم للفاتحة في الجهرية المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 6/10/1424هـ السؤال سمعت من أحد الإخوة أن قراءة سورة الفاتحة في الصلاة واجبة على الفرد، وبالنسبة للجماعة فهي واجبة على الإمام، حيث إذا انتهى الإمام من قراءتها يقرأها المأموم، وما إن يشرع الإمام بقراءة ما تيسر من القرآن يجب أن يسكت المأموم، ولو لم ينته من قراءة الفاتحة فماصحة ذلك؟. الجواب إن قراءة سورة الفاتحة واجبة على المنفرد في صلاته، وهذا رأي الجمهور من العلماء. أما بالنسبة لصلاة الجماعة فإن قراءة سورة الفاتحة واجبة على الإمام والمأموم في الصلاة التي قراءتها سرية. إنما الخلاف في الصلاة التي قراءتها جهرية، فهي واجبة في حق الإمام، أما المأموم ففي قراءته للفاتحة أقوال متعددة هي: أولاً: ذهب الحنيفة إلى القول بعدم القراءة للمأموم إذ إن قراءة الإمام له قراءة. ثانياً: ذهب الشافعية إلى القول بالقراءة للمأموم مع جهر الإمام بالقراءة. ثالثاً: قال فريق من العلماء ومنهم الحنابلة: يستحب سكوت الإمام بعد قراءة الفاتحة سكوتاً بقدر قراءة المأموم للفاتحة، وقال بعضهم: يستحب للمأموم القراءة في سكتات الإمام، والله أعلم.

السنة فيما يقرأ الإمام في الصلاة الجهرية

السنة فيما يقرأ الإمام في الصلاة الجهرية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 9/1/1423 السؤال يصلي بنا إمام معين في جميع صلواتنا الجهرية، وله مدة يقرأ القرآن بترتيب، أي يبدأ الصلاة التالية من حيث انتهى في السابقة، وحين سئل عن ذلك قال إنه يحب أن يسمع المصلين القرآن كاملاً، كما أنها طريقة جيدة له في مراجعة القرآن. فهل ذلك العمل صحيح؟ أم أنه خاطئ؟ وما الدليل على هذا أو ذاك؟ وهذا يقودنا لسؤال آخر: هل يصح العمل إن كان في ظاهره الصلاح ولكنه لم يرد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وإن صح ذلك فما شروط القيام به؟ الجواب السنَّةُ أن يقرأ الإمام بما كان يقرأ به - صلى الله عليه وسلم- في صلاته، وقد حفظت لنا كتبُ السنن والآثار تفاصيل ذلك، فليُرجع إليها، وخير الهدي هديه - صلى الله عليه وسلم -، والإمام كما هو قدوة للناس في الائتمام به، فهو قدوة لهم في صلاته وما يأتي فيها وما يذر، والسنة إن لم يحيها الدعاة - ومنهم الأئمة- فما أحراها أن تضيع وتُنسى؛ لأن الناس يتأسون بهم ويصدرون عنهم.

على أنه ينبغي أن يفهم أن المسألة لا تعدو أن تكون سُنة، من أخذ بها فبها ونعمت وذلك أفضل، ومن لم يأخذ بها فلا إثم عليه، فضلاً أن يوصم ببدعة، والأمر في هذا واسع- وإن كان خلاف الأولى- فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أذن في ذلك إذناً مطلقاً، كما في حديث المسيء صلاته " ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن" رواه البخاري (757) ومسلم (397) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ويدل لذلك أيضاً مطلق قوله - تعالى -:" فاقرؤوا ما تيسر منه" [المزمل:20] . وعلى هذا فعمل الإمام ليس ببدعة؛ لأن له أصلاً في الشرع (كما تقدم) ، ولأنه - أيضاً- لم يأخذ بطريقة ختم القرآن في الفريضة لأنها أفضل، بل لأجل أن يراجع حفظه. وأرى أن تقترحوا عليه - إن كان ولا بد فاعلاً- أن يراوح بين الأمرين، فيقرأ في بعض أيام الأسبوع بما كان -صلى الله عليه وسلم- يقرأ به، وفي بعضها الآخر يأخذ بطريقته، ولعل في هذا ما يحقق رغبته، والله أعلم.

الجهر بالتأمين!

الجهر بالتأمين! المجيب د. توفيق بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بتبوك كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 28/05/1427هـ السؤال أنا على المذهب الحنفي، فأقول: "آمين" بعد قراءة الفاتحة بصوت منخفض. وبعض الإخوة يقولون: إن عليّ أن أقولها بصوت مرتفع، وأن ذلك كان حكم أبي حنيفة. فما هو الصواب في هذه المسألة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فاختلف أهل العلم في مسألة الجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية، بعد أنه اتفقوا انه لا يجهر بها في الصلاة السرية؛ فقال الكوفيون وبعض المدنيين لا يجهر بها. وقال الشافعي، وأصحابه، وأبو ثور، وأحمد، وأهل الحديث: يجهر بها. وكان أحمد بن حنبل يغلظ على من كره الجهر بها. وذكر قول ابن جريج: قال لي عطاء: كنت أسمع الأئمة يقولون: "آمين". ومن خلفهم: "آمين". حتى إن للمسجد للجة. سنن البيهقي (2/59) . وهذه المسألة تعتبر من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، ولا ينكر فيها على من عمل بأحد القولين، ولا يشدد عليه فيها؛ لأن كلا الأمرين قد وردت فيه آثار. والله تعالى أعلم.

القراءة في الفريضة من ورقة

القراءة في الفريضة من ورقة المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 28/6/1424هـ السؤال لدي سؤال يا فضيلة الشيخ: بجانبنا مسجد وإمامه طالب، وعندما تأتي الاختبارات لا يجد من يوكل إليه أمر الإمامة إلا أنا، حيث يظهر عليّ الالتزام، وأجيد قراءة القرآن، إلا أني لا أحفظ منه إلا قليلاً، وإذا حفظت ثم قمت إماماً فإنني من شدة ارتباكي أخطئ كثيراً، ولا يوجد في المسجد بديل أفضل، لأنه مسجد بجانب السوق، وأغلب المصلين من العمال، فهل يجوز أن أقرأ القرآن من ورقة صغيرة نظراً لا غيباً؟ وما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً. الجواب ننصحك بأن تراجع السور التي تحفظها، ولو من السور الوسطى، فتقرأ في الفجر من جزء تبارك وتحرص على حفظه، وفي العشاء من جزء عم، وفي المغرب قصار السور من سورة الضحى وما بعدها، أما قراءة المصحف أو في ورقة، فإنها تشغل المصلي وتشغل نظره ويده، فاحرص ما دام أنك تجيد قراءة القرآن أن تحفظ سوراً ثلاثاً أو أربعاً من جزء تبارك مع جزء عم، ويغنيك ذلك - إن شاء الله - حيث إنك مستعار ولست رسمياً.

المستحب قراءته في صلاة المغرب

المستحب قراءته في صلاة المغرب المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 2/1/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم سؤالي هو: أود معرفة سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في القراءة في صلاة المغرب أهو التقصير أم التطويل؟ المعلوم أنه قرأ هذا وهذا، ولكن ما هو الذي كان يداوم عليه النبي -صلى الله علية وسلم- مع الأدلة؟. وجزاكم الله خير الجزاء يا شيخ. الجواب الذي كان يداوم عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة المغرب هو عدم الإطالة، والذي كان يداوم عليه هو القراءة من قصار السور، لأنه جاء في سنن النسائي (982) ، عن سليمان بن يسار قال: "كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقرأ في المغرب بقصار المفصل، ثم يقول إذا فرغ: إني لأشبهكم صلاة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-"، وهذا هو الدائم من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- وقد ورد أيضاً أنه كان يقرأ أحياناً بسور طوال، فقد جاء في صحيح البخاري (764) من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم-: "قرأ في المغرب بالأعراف"، لكن هذا لم يقع إلا مرة واحدة، وكذلك جاء في الصحيحين البخاري (763) ومسلم (462) من حديث أم الفضل - رضي الله عنها- أنها سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بـ "والمرسلات عرفا"، وكذلك جاء في الصحيحين البخاري (4023) ومسلم (463) من حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في المغرب: بـ "الطور" لكن هذا الأمر يحمل على أنه كان قليلاً من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- والكثير أنه كان يقرأ من قصار المفصل.

لا يحفظ من القرآن إلا القليل، ويرغب إطالة الصلاة!

لا يحفظ من القرآن إلا القليل، ويرغب إطالة الصلاة! المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 5/10/1424هـ السؤال كيف تكون قراءة القرآن في صلاة التطوع؟ أنا لا أحفظ الكثير من السور، فهل يجوز أن أخلط بين الآيات مثل أن أقرأ العشر آيات الأولى من سورة البقرة، ثم آية الكرسي في نفس الركعة من صلاة التهجد، أو أقرأ من سورة الفجر وحتى سورة الناس، باستثناء سورة العلق، التي لا أحفظها وذلك في نفس الركعة. وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا كنت لا تحفظ إلا القليل من كتاب الله تعالى، فإنه يشرع لك أن تقرأ من المصحف، كما فعل ذكوان مولى عائشة -رضي الله عنها- حيث كان يصلي بها في رمضان من المصحف. ذكره البخاري (كتاب الأذان/ باب إمامة العبد والمولى) تعليقاً بصيغة الجزم، وأما القراءة من سورة الفجر وحتى سورة الناس باستثناء سورة العلق، فهذا أمر جائز لا حرج فيه، وأما قفز بعض الآيات في السورة الواحدة كما ذكرت في سورة البقرة، فهو فعل لا ينبغي تأدباً مع كلام الله، وإن كان جائزاً في الأصل، والله تعالى أعلم.

أجهزة الصدى في الصلاة

أجهزة الصدى في الصلاة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 1/05/1425هـ السؤال ما حكم استخدام الصدى أثناء الصلاة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، وبعد: فإن الشارع الحكيم قد ندب إلى تحسين الصوت بالقراءة، ومن ذلك قول نبينا - صلى الله عليه وسلم-: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت، يتغنى بالقرآن، يجهر به" أخرجه مسلم في صحيحه (1/545، رقم 792) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- والأحاديث في هذا كثيرة. ولذا فإن جهاز الصدى (تردد الصوت) ، إذا ضبط على وضع يحسِّن الصوت بدون تردد زائد يؤثر في الفهم أو يشوش على السامع، فإنه لا بأس به، ويمكن أن يستدل لهذا بحديث الترجيع الوارد في صحيح البخاري (4/1830، رقم 4555) ، عن معاوية بن قرة عن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه- قال: "قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة سورة الفتح، فرجع فيها، قال معاوية - يعني: ابن قرة- لو شئت أن أحكي لكم قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم- لفعلت" قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/92) : الترجيع: هو تقارب ضروب الحركات في القراءة، وأصله الترديد، وترجيع الصوت ترديد في الحلق، وقد فسره بقوله: أاأ بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة، ثم همزة أخرى، ثم قالوا: يحتمل أمرين: أحدهما: أن ذلك حدث من هز الناقة، والآخر: أنه أشبع المد في موضعه، والذي يظهر أن في الترجيع قدراً زائداً على الترتيل.." اهـ.

فهذا الحديث المشار إليه وما قاله الحافظ ابن حجر يمكن أن يستأنس به في هذا الباب، وقد علق أبوبكر بن العربي على حديث عبد الله بن مغفل بقوله في أحكام القرآن (4/4) : واستحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالألحان والترجيع، وكرهه مالك، وهو جائز لقول أبي موسى -رضي الله عنه- للنبي عليه الصلاة والسلام" لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيراً" رواه البيهقي في السنن الكبرى (4371) ، وأصله في الصحيحين البخاري (5048) ، ومسلم (793) يريد: لجعلته لك أنواعاً حساناً وهو التلحين.. وقد سمعت تاج القراء ابن لفته بجامع عمرو يقرأ "ومن الليل فتهجد به نافلة لك" [الإسراء: 79] ، فكأني ما سمعت الآية قط، وسمعت ابن الرفاء وكان من القراء العظام يقرأ، وأنا حاضر بالقرافة (كهيعص) فكأني ما سمعتها قط.. والقلوب تخشع بالصوت الحسن كما تخضع للوجه الحسن، وما تتأثر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر، وأقرب إلى لين القلوب، وذهاب القسوة منها ... " اهـ. أما إن كان جهاز الصدى على وضع زائد في التردد بحيث ربما يشوش على المصلي، ويفوت عليه الخشوع، وربما ظن السامع زيادة بعض الحروف في الكلمة الواحدة، فهو حينئذ مناقض لمقصود الشارع من تحسين الصوت، فأقل أحواله الكراهة، بل ذهب بعض المعاصرين إلى تحريم استعماله حينئذ، ومنهم الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى والرسائل له (15/160) ، وهو قول قوي. والله تعالى أعلم.

الجهر بالبسملة واختلاف القراءات

الجهر بالبسملة واختلاف القراءات المجيب د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري المشرف العام على شبكة التفسير والدراسات القرآنية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 29/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم ظهر عندنا رأي في الآونة الأخيرة، يقول: إن قراءة البسلمة مرتبطة بالقراءة التي يقرأ بها الشخص، فإن كان يقرأ بحفص وجب عليه اتباع القراءة، فهل يمكن ذلك لي؟ علما أنه يؤكد على الفصل بين الفقهاء وأهل القراءات في هذا الأمر خاصة، فهل يجوز ذلك؟ وهل خفي هذا الأمر على الفقهاء القدماء؟ أفيدونا أثابكم الله. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم ما دمت تعرف الخلاف في قراءة البسملة، فأقول إن مسألة قراءة البسملة في الفاتحة في الصلاة من المسائل الاجتهادية التي يسوغ الخلاف فيها ولله الحمد، وليست مسألة قطعية كما ظنه بعض المتفقهة. والخلاف فيها من عهد الصحابة -رضي الله عنهم- ومنهم الفقهاء والقراء- رضي الله عنهم-. والفقهاء المتأخرون كالأئمة الأربعة تبع للصحابة-رضي الله عنهم- في ذلك. والذين يقولون بوجوب قراءة البسملة لديهم دليل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والذين يذهبون إلى عدم الوجوب لديهم دليل من فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-. ولذلك رجَّح بعض العلماء أن الأفضل هو الجهر بالبسملة أحياناً لكي يعلم أن الأمر فيه سعة، وأن ذلك لا شيء فيه. والرأي الذي يذهب إلى وجوب اتباع القارئ الذي تقرأ له كحفص أو شعبة أو غيرهما صحيح حال القراءة، فلا يجوز لك أن تقرأ بحرف لم يقرأ به القارئ الذي تقرأ له، فمثلاً لا يجوز لك أن تقرأ بقراءة حفص:"ملك يوم الدين"؛ لأن هذه ليست روايته. ولكن أمر البسملة يختلف هنا في الفاتحة، لسبق الخلاف كما ذكرت لك. ولا يجوز الخلط بين القراءات إلا على وجه التعليم، وأما في القراءة عامة، أو عند عامة الناس فلا يجوز؛ لئلا يشوش ذلك على الناس.

قراءة المأموم للفاتحة في الصلاة الجهرية

قراءة المأموم للفاتحة في الصلاة الجهرية المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 16/10/1424هـ السؤال في صلاة الجماعة الجهرية يعطى الإمام فرصة بعد قراءة الفاتحة لكي يقرأها المأمومون، والبعض الآخر يقرأ الصورة فوراً، مما لا يسمح للمأموم بقراءتها، لذلك أقرؤها معه بقلبي، فما حكم ذلك؟ وما نصيحتكم؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب بعض الفقهاء - رحمهم الله- لا يستحسن من الإمام أن يعطي المأموم فرصة لقراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية، وبعضهم يستحسن ذلك، فالأولون قالوا: لم يرد في الصلاة سكوت، وإنما هو الذكر، أو القراءة أو الاستماع للقراءة، وعلى هذا فلا حرج على الإمام إن ترك فرصة أو لم يترك فرصة، ويستحب للمأموم أن يحرص على قراءة الفاتحة خلف الإمام ما أمكنه ذلك، لأن العلماء - رحمهم الله- قالوا في قراءة الفاتحة للمأموم خلف الإمام ثلاثة أقوال: بعضهم رأى أنها واجبة، وبعضهم رأى أنها ليست بواجبة على المأموم، وبعضهم فصَّل فقال: إن كانت الصلاة جهرية كالمغرب والعشاء والفجر فلا يقرأ المأموم بل يستمع، ويكفيه لأنه يؤمن على قراءة الإمام، وإن كانت الصلاة سرية كصلاة الظهر والعصر، فيقرأ المأموم لأنه لا يسمع قراءة الإمام.

لماذا يجهر بالتأمين ولا يجهر بالبسملة في الفاتحة؟!

لماذا يُجهر بالتأمين ولا يجهر بالبسملة في الفاتحة؟! المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 25/04/1425هـ السؤال لماذا لا ننطق"بسم الله الرحمن الرحيم" في سورة الفاتحة في الصلاة، وهي آية رقم (1) في القرآن، وننطق آمين وهي غير موجودة في الفاتحة؟. الجواب

بالنسبة لـ "بسم الله الرحمن الرحيم" لا ينطق بها جهراً، وإنما ينطق بها سراً، و"بسم الله الرحمن الرحيم" هي آية من القرآن وليست آية من كل سورة باستثناء سورة النمل: "إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم" [النمل:30] ، فالإجماع منعقد على أن البسملة بعض آية من سورة النمل، أما ما عدا سورة النمل فهي آية للفصل بين السور، وليست آية من كل سورة لما رواه الخمسة الترمذي (2891) ، والنسائي في الكبرى (11612) ، وأبو داود (1400) ، وابن ماجة (3786) ، وأحمد (7975) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- "سورة من القرآن ثلاثون آية تشهد لصاحبها حتى يغفر له، تبارك الذي بيده الملك"، وعدد آيات الملك ثلاثون آية بدون البسملة، وكذلك ما جاء في صحيح مسلم (395) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال الله عز وجل: حمدني عبدي....إلى آخر الحديث"، ولو كانت البسملة من الفاتحة لذكرت، وكذلك جاء في صحيح مسلم (400) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنزلت علي آنفاً سورة فقرأ: إنا أعطيناك الكوثر" ولم يذكر البسملة، فالراجح من أقوال أهل العلم أن البسملة ليست آية من كل سورة، وإنما هي آية للفصل بين السور يبدأ بها قبل قراءة هذه السورة، وعلى هذا؛ فالبسملة يؤتى بها عند بداية قراءة الفاتحة؛ لأنه يؤتى بها عند بداية كل سورة، وكذلك في الصلاة قبل الفاتحة يأتي بالاستعاذة لعموم قوله تعالى: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" [النحل:98] ، يعني: إذا أردت قراءة القرآن.

وبالنسبة لـ (آمين) ، لأن النصوص وردت بها، فقد جاء في الصحيحين البخاري (780) ، ومسلم (410) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أمَّن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" ومعنى آمين أي استجب، وهي طابع الدعاء، فكان من المناسب بعد أن سأل المؤمن ربه الهداية للصراط المستقيم أن يؤمن على ذلك، وكذلك وردت من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ففي سنن أبي داود (932) من حديث وائل بن حجر - رضي الله عنه-قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من قراءة الفاتحة قال: آمين، وفيه أي أبي داود (937) أيضاً أن بلالاً - رضي الله عنه- قال للنبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا تفتني بآمين" فقد تواردت عليها السنة القولية والفعلية.

القراءة خلف الإمام

القراءة خلف الإمام المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 05/04/1425هـ السؤال ما صحة حديث "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة"؟ نرجو إلقاء الضوء على طرق الحديث وكلام أهل العلم عليه بالتفصيل. وجزاكم الله خيراً. الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وبعد: هذا الحديث أخرجه أحمد (14684) قال: حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا حسن بن صالح، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم - وهذا إسناد منقطع. حسن بن صالح لم يسمعه من أبي الزبير بينهما جابر بن يزيد الجعفي، وهو ضعيف. وأخرجه ابن ماجة (850) ، والدارقطني (1/331) ، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (344، 395) ، وابن عدي (2/542) من طرق عن الحسن بن صالح، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. قال ابن عدي: وهذا معروف بجابر الجعفي عن أبي الزبير يرويه عنه الحسن بن صالح...." وأخرجه مالك (1/84) ومن طريقه البيهقي (2/160) عن وهب بن كيسان، عن جابر - رضي الله عنه - موقوفاً. قال البيهقي: هذا هو الصحيح عن جابر - رضي الله عنه - من قوله غير مرفوع.... وقد يشبه أن يكون مذهب جابر في ذلك ترك القراءة خلف الإمام فيما يجهر فيه بالقراءة دون ما لا يجهر فيه" وأخرجه أبو حنيفة في مسنده (ص: 307) ، ومن طريقه محمد بن الحسن في موطئه (ص: 117) ، والطحاوي (1 / 217) ، والدارقطني (1 / 331، 324) ، والبيهقي في السنن (2 / 159) ، وفي القراءة خلف الإمام (334، 335) عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن جابر - رضي الله عنه -. قال البيهقي: هكذا رواه جماعة عن أبي حنيفة موصولاً، ورواه عبد الله بن المبارك مرسلاً دون ذكر جابر - رضي الله عنه - وهو المحفوظ " قال الدارقطني في حديث عبد الله بن شداد عن جابر- رضي الله عنه -: " وروي هذا الحديث سفيان الثوري وشعبة وإسرائيل وأبو خالد الدالاني وأبو الأحوص وسفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد وغيرهم عن موسى ابن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد مرسلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الصواب". وورد الحديث عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -

أوردها البيهقي في كتابه القراءة خلف الأمام (ص: 147) ، وأعلها كلها، وأعلها أيضاً الحافظ في التلخيص (1/232) قال الحافظ: " حديث " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة " مشهور من حديث جابر - رضي الله عنه -، وله طرق عن جماعة من الصحابة- رضي الله عنهم-، وكلها معلولة " ويتلخص مما تقدم أن الحديث لا يصح مرفوعاً والله أعلم. ينظر: العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (1 / 430 - 431) ، تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق (2/845 - 849) ، إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإمام لـ / اللكنوي (ص: 199 - 207) هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

تعمد الجهر في صلاة الظهر

تعمُّد الجهر في صلاة الظهر المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 29/03/1426هـ السؤال هل تجوز صلاة من صلى صلاة الظهر جهراً؟ مع علمه بذلك، ومعه آخرون قد أخبرهم -وهو الإمام- أنه سوف يصلي بهم (جهراً) !. الجواب نعم، تصح صلاته؛ لأن الجهر في الصلاة الجهرية - كالمغرب، والعشاء، والفجر-، والإسرار في الصلاة السرية - كالظهر والعصر- سنةٌ، فإن أسرّ في الجهرية، أو جهر في السرية صحت صلاته.

قراءة الترجمة في الصلاة

قراءة الترجمة في الصلاة المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /القراءة في الصلاة التاريخ 6/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. شخص مسلم غير عربي يرغب أن يؤدي صلاة التهجد، وهو يقرأ من المصحف، وفي نفس الوقت يقرأ ترجمة معنى الآية حتى يتم فهم المعنى، هل هذا الفعل جائز؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الصلاة عبادة توقيفية لها أفعالها وأقوالها الموقوفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، وعلى هذا لا يزيد، أما كونه يقرأ ترجمة معاني الآيات فهذا لا يجوز، بل عليه أن يقتصر على قراءة الآيات والأذكار الواردة في الصلاة فقط، ويقرأ ترجمة معاني الآيات بين الصلوات، أو يقرؤها قبل الصلاة أو نحو ذلك.

ضم الكعبين عند السجود

ضم الكعبين عند السجود المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود التاريخ 26/03/1427هـ السؤال سمعتُ أنّ من السنة للمصلي أن يضم كعبيه إلى بعضهما عند الركوع وعند الهبوط إلى السجود، وسمعتُ أن هذا موقف ابن عابدين في حاشيته. فهل هذا من السنة؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة السلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن ابن عابدين قد أشار إلى ما ذكره السائل في حاشيته (1/493-497) . ولم أقف على دليل بخصوص ضم الكعبين أو تفريجهما عند الركوع والهبوط للسجود، لكن جاء الدليل بالضم في السجود، وفي نظري أنه ينسحب على الركوع والهبوط للسجود، فقد روى ابن خزيمة في صحيحه (654) ، والحاكم في مستدركه (864) ، والبيهقي في سننه (2/116) ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "فقدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان معي على فراشي، فوجدته ساجداً راصاً عقبيه مستقبلاً بأطراف أصابعه القبلة" قال محمد الأعظمي محقق صحيح ابن خزيمة: (إسناده صحيح) . وإلى استحباب ذلك ذهب الحنابلة في قول لهم، وأشار إليه الحنفية كما تقدم مستدلين بالحديث المتقدم، بينما ذهب الشافعية والحنابلة في قول آخر إلى أنه لا يستحب ذلك، بل يستحب أن يجافي بين قدميه في السجود، مستدلين بما رواه البيهقي وأبو داود عن أبي حميد في وصف صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وإذا سجد فرج بين فخذيه" قالوا والتفريج بين الفخذين يستدعي التفريج بين القدمين، ونوقش بعدم التسليم، إذ يمكن للمصلي أن يفرج بين فخذيه، وأن يضم قدميه، ولا مشقة في ذلك. هذا وأرى أن الأمر في هذا أوسع، فله أن يضم كعبيه وله أن يفرج بينهما، إذ قد يكون هذا من باب التنوع المشروع، كما في دعاء الاستفتاح وغيره. والله أعلم.

رفع اليدين عند الرفع من السجود

رفع اليدين عند الرفع من السجود المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود التاريخ 16/04/1427هـ السؤال روى الإمام النسائي عن مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في صلاته، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، حتى يحاذي بهما فروع أذنيه. وزاد في رواية: وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك. الحديث صححه النووي في آثار السنة، وفيه رفع اليدين حتى في السجود، وهناك حديث آخر عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه كان يرفع يديه بين السجدتين، وقد صححه الإمام النووي أيضا. وأعرف أن هناك أحاديث أخرى تثبت عدم رفع اليدين عند السجود. ولكن من المعلوم حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يرفع يديه في الصلاة إلا في تكبيرة الإحرام، لكن العلماء قالوا بسنية الرفع عند الركوع والرفع من الركوع في كل صلاة، بحجة أن المثبت مقدم على المنفي. وعلى هذا الأساس فلماذا لا نقول بسنية رفع أيدينا عند السجود والرفع منه في كل صلاة على أساس أن المثبت في الحديث الصحيح يقدم على المنفي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في أربعة مواطن: إذا كبر للإحرام، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا قام من التشهد الأول.

ففي الصحيحين [البخاري (738) ومسلم (390) ] من حديث ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَعَلَ مِثْلَهُ، وَقَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ. وفي صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (739) أنه كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِن الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فهذه المواطن الأربعة ثبت فيها رفع اليدين في الصلاة، وقوله في حديث ابن عمر –رضي الله عنهما-: "وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ". يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه إذا خر للسجود، ولا حين الرفع من السجود، ولا بين السجدتين. ويؤخذ مما تقدم أنه لا ترفع الأيدي في الصلاة في غير هذه المواطن الأربعة، ولم يُخرج في الصحيحين حديث يدل على رفع الأيدي في السجود، ولا في الرفع منه، وهذا قول جمهور العلماء، وقد نص عليه الشافعي وأحمد، وسئل أحمد: أليس يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله؟ فقال: هذه الأحاديث أقوى وأكثر. [ينظر: فتح الباري لابن رجب (4/323) ] .

وذهب بعض العلماء إلى استحباب رفع اليدين إذا قام من السجود، واستدلوا ببعض الأحاديث والآثار الواردة في ذلك، قال الحافظ ابن حجر: "وأصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود ما رواه النسائي من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث، أنه رأى النبي –صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه في صلاته إذا ركع، وإذا رفع رأسه من ركوعه، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من سجوده حتى يحاذي بهما فروع أذنيه ... وفي الباب عن جماعة من الصحابة لا يخلو شيء منها عن مقال. [فتح الباري (2/223) ] . ويحتمل أن ما جاء في بعض الروايات من رفع اليدين في كل خفض ورفع المراد به التكبير واشتبه على الراوي، قال الحافظ ابن القيم –رحمه الله-: "ثم كان – صلى الله عليه وسلم– يكبر ويخر ساجداً، ولا يرفع يديه، وقد روي عنه أنه كان يرفعهما أيضاً، وصححه بعض الحفاظ كأبي محمد بن حزم –رحمه الله– وهو وهم، فلا يصح ذلك عنه البتة، والذي غره أن الراوي غلط من قوله: "كان يُكبر في خفض ورفع" إلى قوله: "كان يرفع يديه عند كل خفض ورفع" [زاد المعاد (1/222) ] .

ومال بعض العلماء إلى حمل ما ورد من رفع اليدين عند السجود والرفع منه على غير الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم، بمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم ربما فعله في بعض الأحيان، لكن الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم في الصلاة أنه لا يرفع في غير المواطن الأربعة المتقدمة، قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "على تقدير أن يكون ذكر الرفع محفوظا، ولم يكن قد اشتبه بذكر التكبير بالرفع -بأن مالك بن الحويرث ووائل بن حجر لم يكونا من أهل المدينة وإنما كانا قد قدما إليها مرة أو مرتين، فلعلهما رأيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذَلِكَ مرة، وقد عارض ذَلِكَ نفيُ ابن عمر، مع شدة ملازمته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وشدة حرصه على حفظ أفعاله واقتدائه به فيها، فهذا يدل على أن أكثر أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ترك الرفع فيما عدا المواضع الثلاثة والقيام من الركعتين، وقد روي في الرفع عند السجود وغيره أحاديثُ معلولة.... "ثم ذكر هذه الأحاديث وبين عللها [فتح الباري لابن رجب (4/326) ] . وسبق أن أجبت عن سؤال مشابه لما ذكره السائل حول مذاهب العلماء في رفع اليدين في الصلاة. (مواطن رفع اليدين في الصلاة)

توجيه الساجد أصابع قدميه إلى القبلة

توجيه الساجد أصابع قدميه إلى القبلة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود التاريخ 23/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: هل يشترط في الصلاة من ناحية وضع أصابع القدم في وضع السجود أن تكون في اتجاه القبلة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم هل هناك نص من السنة للنبي -صلى الله عليه وسلم-؟ وشكراً. الجواب السجود يكون على سبعة أعظم، هي: القدمان، والركبتان، واليدان، والجبهة مع الأنف، فلابد أن تكون هذه الأعضاء السبعة على الأرض أثناء السجود، ولو رفع منها واحداً لم يصح سجوده، أما كون الأصابع في اتجاه القبلة فهذا سنة في حال الجلوس عندما ينصب رجله اليمنى في التشهد الأول، حيث يفترش اليسرى وينصب اليمنى ويكون اتجاه الأصابع إلى القبلة فهو سنة في هذه الحال، وبعض أهل العلم، يرى أنه أيضاً في السجود كذلك، وعلى كل فهو ليس بشرط، والله أعلم.

حكم رفع أحد الأعضاء السبعة في السجود

حكم رفع أحد الأعضاء السبعة في السجود المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود التاريخ 5/1/1425هـ السؤال كنت في صلاة مع جماعة، وأثناء السجود دق جرس الجوال فرفعت يدي من الأرض وأغلقت الجهاز، هل يؤثر ذلك على صلاتي حيث إني رفعت يدي وقت السجود؟ الجواب رفع أحد أعضاء السجود أثناء السجود لا يبطل السجود في أقرب قولي الفقهاء، وإن كان ينبغي ويتأكد على المصلي ألا يرفع عضواً من أعضاء السجود أثناء السجود احتياطاً وخروجاً من الخلاف، والله أعلم.

السجود على حائل

السجود على حائل المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود التاريخ 7/11/1424هـ السؤال هل صحيح أن المرأة عندما تصلي في المسجد لا يجوز لها أن تضع جزءاً من خمارها على الأرض لتسجد عليه حتى لا يلمس الوجه الأرض خوفاً من انتقال العدوى وما شابه ذلك؟. الجواب يجوز لها أن تضع شيئاًً تسجد عليه كطرف الخمار أو الثوب وغيرهما، ولعل الأولى لها والأفضل أن تباشر بوجهها ما تسجد عليه وتتوكل على الله؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا عدوى ولا طيرة" رواه البخاري (5753) ومسلم (2225) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.

مذهب الإمام مالك في رفع اليدين عند الرفع من الركوع

مذهب الإمام مالك في رفع اليدين عند الرفع من الركوع المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود التاريخ 24/08/1426هـ السؤال ذكر الشيخ الألباني في كتابه "صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رفع اليدين متواتر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في رفع اليدين بعد القيام من الركوع، وهو مذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وأغلب علماء الحديث والفقه، وكان الإمام مالك يفعل ذلك حتى توفي، كما نقل ذلك ابن عساكر. ولكن حسب علمي فإن كتاب المدونة هو كتاب فقه على مذهب الإمام مالك، وفيه ذكر ابن القاسم أن رأي الإمام في رفع اليدين كان عملاً ضعيفاً. رأي مالك التصحيحي يأتي مباشرة من أشهر تابعيه. لكن الشيخ الألباني استند على كلام ابن عساكر، وهذا يعني تدوينه بعد 300 سنة من وفاة الإمام مالك، الذي توفي عام 179 هجري تقريباً، بينما الإمام ابن عساكر ولد عام 499 هجري، فهل يكون نقل ابن عساكر هو الصحيح، أو نقل ابن القاسم تلميذ الإمام مالك؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأنصح السائل بتوخي الدقة عند نسبة قول ما إلى قائله، ثم أجيب عما ذكره من وجهين: الأول: أن ما حكاه المحدث الألباني -رحمه الله- عن الأئمة الثلاثة وغيرهم، وهو القول باستحباب رفع اليدين عند الاعتدال من الركوع، وليس بعد القيام من الركوع كما ذكره السائل.

الثاني: أن ما حكاه الألباني عن الإمام مالك -رحمهما الله- هو إحدى الروايتين عنه، وقد حكاها عنه (كما في التمهيد 9/213) ابن وهب، والوليد بن مسلم، وسعيد بن أبي مريم، وأشهب، وأبو مصعب، وأنه كان يرفع يديه على حديث ابن عمر -رضي الله عنه- إلى أن مات، هذا ما حكاه عنهم الإمام ابن عبد البر -رحمه الله- ثم قال: "وبهذا قال الأوزاعي، وسفيان بن عيينة، والشافعي، وجماعة أهل الحديث، وهو قول أحمد بن حنبل، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وابن المبارك، وأبي جعفر محمد بن جرير الطبري" أ. هـ. وعنه رواية ثانية، رواها ابن القاسم (كما في المدونة 1/68) وتعلق بها أكثر المالكية، كما قاله ابن عبد البر في التمهيد (9/212) وهي: "أنه لا يستحب رفع اليدين إلا في تكبيرة الإحرام". ولا ريب أن أسعد الروايتين بالدليل هي الرواية الأولى التي نقلها عنه عامة أصحابه، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع. متفق عليه [البخاري (735) ومسلم (390) ] . والله تعالى أعلم.

اللحن في قراءة الفاتحة!

اللحن في قراءة الفاتحة! المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الركوع والسجود التاريخ 14/05/1427هـ السؤال بعض أئمة المساجد عند قراءة الفاتحة يقرؤون الآية: (اهدنا الصراط المستقيم) بفتح حرف الصاد في كلمة الصراط وليس بكسره، فهل هذا صحيح؟ الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فالصحيح في قراءة لفظ: "الصراط"؛ أن يقرأ بكسر الصاد، وأما فتحها على ما ذكر السائل، فهو لحن في القراءة، وخطأ فيها، إلا أنه لحن لا يحيل المعنى، أي لا يغيره، ولا يؤثر عليه، فلا تبطل الصلاة به، لكن من تعمده فهو آثم، كما نص على ذلك الفقهاء، كالنووي في المجموع. وعلى المصلي أن يجتهد في إقامة قراءته، ولا سيما الفاتحة فهي ركن الصلاة، ولا تصح إلا بها، ويتأكد الأمر في حق من يؤم الناس ويتقدمهم للصلاة، فإن صلاتهم بصلاته، ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسلم (673) وغيره من حيث أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- أنه قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ... " الحديث، فيجب أن يكون المتقدم للإمامة بالناس مقيماً للقراءة. هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل السنة أن يباعد المصلي بين قدميه أم يقارب بينهما

هل السنة أن يباعد المصلي بين قدميه أم يقارب بينهما المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /الطمأنينة التاريخ 25/04/1425هـ السؤال ما هو الوقوف الذي يعبر عن الخشوع والاحترام؟ هل يستطيع المصلي أن يقف أمام أمير أو مسئول مباعداَ بين قدميه؟ أليس الله سبحانه أحق بالاحترام والإجلال بأن نحسن الوقوف بين يديه بخشوع وإجلال بأن تقارب بين الأقدام وتضع يدك موضع إذلال واحترام وتنظر لموضع سجودك؟ أيضاً كيف تسد الفراغات في الصلاة والأرجل متباعدة، هناك طريق للشيطان. الجواب لا أدري في سؤالك أنت تسأل أم تجيب؟ وعلى كل حال فالمؤمن يقف في صلاته وقفته المعتادة من غير مباعدة بين رجليه ولا ملاصقة بينهما، فلم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم- هذا ولا ذاك، فدل على أن المشروع هو الوقوف المعتاد. ثم إن المباعدة بين الأقدام يلزم منها اتساع الفرج بين المصلين، وفي الجملة فإن المشروع في حق الجماعة التراص في الصف كما صح من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-: "تراصوا ولا تدعوا فرجات للشيطان" رواه أبو داود (666) ، والنسائي (814) وغيرهما، واللفظ لأبي داود، والحديث صححه الألباني وغيره. وليس المراد بالتراص التزاحم، ولكن أن لا يكون هناك فرجات للشيطان حتى لا يشوش على المصلين وكان عليه الصلاة والسلام يسوي الصفوف بيده يمسح المناكب والصدور من طرف الصف إلى طرفه كما روى ذلك ابن مسعود - رضي الله عنه- في صحيح مسلم (436) . والتراص في الصف هو من كمال الصلاة، وأما تسوية الصف بحيث لا يتقدم أحد على أحد؛ فهذا واجب توعد الشارع على مخالفته. والمعتبر في التسوية المحاذاة بالمناكب في أعلى البدن والأكعب في أسفل البدن، فإن تقدم أحد على أحد حصل الوعيد المذكور في حديث النعمان بن بشير- رضي الله عنهما-: "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" رواه الشيخان البخاري (717) ،ومسلم (436) ، والله أعلم.

أحوال وضع اليدين في الصلاة

أحوال وضع اليدين في الصلاة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة التاريخ 8/12/1422 السؤال ما صور وضعية اليدين في الصلاة أم لها مكان معين وهو الصدر؟ الجواب الإنسان الذي يصلي ليديه أحوال، في حال القيام - سواء قبل الركوع أو بعد الركوع- يضع يمينه على شماله على صدره، وإذا كان راكعاً فإنه يضع يديه على ركبتيه، وإذا كان ساجداً فإنه يضع يديه على الأرض حذو منكبيه، وإذا كان جالساً فإنه يقبض خنصره وبنصر اليد اليمنى ويحلق بالإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة من اليمنى، ويفرش يده اليسرى على فخذه الأيسر، ويضع يده اليمنى على فخذه الأيمن بالصورة التي بيناها، هذه أحوال اليدين في الصلاة.

جلسة الاستراحة

جلسة الاستراحة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة التاريخ 11/6/1425هـ السؤال ما حكم جلسة الاستراحة؟ الجواب الأحاديث التي جاءت في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يذكر فيها جلسة الاستراحة، انظر مثلاً: مسلم (392) ، وقد جاءت أحاديث صحيحة تبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلس جلسة الاستراحة، انظر: البخاري (677) ، وكان هذا في آخر الأمر، وجمع العلماء -رحمهم الله- بين هذه الأحاديث بأن جلسة الاستراحة سنة لمن احتاج إليها بنحو كبر، أو مرض، أو طول قيام، ولا تسن للإنسان الذي لا يحتاجها في الصلاة المعتادة، وعلى هذا فالإنسان الذي يشق عليه القيام من الجلوس إلى الاعتدال قائماً باتصال يسن في حقه أن يجلس جلسة الاستراحة، وكذلك الإنسان الذي يعاني من آلام في قدميه، أو في قيامه في صلاة الليل وهو يطيل القيام، فإنه بعد أن ينهض من السجود يجلس جلسة الاستراحة ثم يقوم، هذا ما يظهر لي في هذه المسألة، والله أعلم.

السدل في الصلاة

السدل في الصلاة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة التاريخ 18/9/1423هـ السؤال هل أسدل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة؟ الجواب السنة للمصلي عند وقوفه أن يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، حيث صّح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، وأمّا السدل فمكروه، وقد ورد في (سنن الترمذي) (378) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -نهى عن السدل في الصلاة، وعللّ بعض العلماء النهي بأن السدل من فعل اليهود في عباداتهم، وقد ذكر ابن عبد البر - رحمه الله - أن الآثار لم تختلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في وضع اليمنى على اليسرى، قال: ولا أعلم عن أحد من الصحابة - رضوان الله عليهم - في ذلك خلافاً إلاّ شيء رُوي عن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى، وقد رُوي عنه خلافه، وعلى وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر، قلت: وأمّا السدل فهو رواية عن مالك في كتاب المدونة، والذي روي عنه في (الموطأ) نقل الآثار الثابتة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة. (الموطأ الحديثان (384،385) .

السدل في الصلاة عند المالكية

السدل في الصلاة عند المالكية المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة التاريخ 6/3/1425هـ السؤال ما هو الدليل عند المالكية بالسدل عوضاً عن القبض في الصلاة من السنة الشريفة التي تؤكد الفعل؟ مع التفضل بذكر الأحاديث الشريفة التي تؤكد ذلك. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالجواب: أن الإمام مالك - رحمه الله- أكثر الروايات عنه بالقبض، فقد جاء في المنتقى شرح موطأ مالك للباجى (ج 1/281) ، وقد اختلف الرواة عن مالك في وضع اليمنى على اليسرى، فروى أشهب عن مالك أنه قال: لا بأس بذلك في النافلة والفريضة، وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك أنه استحسنه وروى العراقيون عن أصحابنا عن مالك في ذلك روايتين إحداهما الاستحسان، والثانية المنع، وروى ابن القاسم عن مالك لا بأس بذلك، وكرهه في الفريضة.

أما السؤال عن دليل من يرى السدل فقد جاء في فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد بن عبد البر (4/564) ، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه- قال: من أخلاق النبيين وضع اليمنى على الشمال في الصلاة) أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 342) ، قال أبو عمر: لم تختلف الآثار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب، ولا أعلم عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم- في ذلك خلافاً إلا شيء روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى، وقد روى عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه، وذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وضع اليمين على الشمال من السنة"، وعلى هذا جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر) انتهى، وقال ابن هبيرة في الإفصاح (1/124) ، (وأجمعوا على أنه يسن وضع اليمين على الشمال في الصلاة، إلا في إحدى الروايتين عن مالك فإنه قال: (لا يسن بل هو مباح، والأخرى عنه هو مسنون كمذهب الجماعة) ، انتهى، هذا ومما تقدم يتبين أن القول الراجح بل الصحيح هو سنية وضع اليمين على الشمال في الصلاة، ودليله حديث وائل بن حجر -رضي الله عنه-، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبض بيمينه على شماله، روه أبو داود (723) والنسائي (887) وغيرهما، وصححه الألباني في صفة الصلاة (ص88) . والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.

وضع اليد على الصدر بعد الرفع من الركوع

وضع اليد على الصدر بعد الرفع من الركوع المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /وضع اليدين في الصلاة وجلسة الاستراحة التاريخ 24/10/1425هـ السؤال ما آراء أئمة الإسلام الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل) بخصوص وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع؟ أريد آراء هؤلاء الأئمة بالتحديد. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: 1- مذهب الإمام أبي حنيفة: المنصوص عند الحنفية أن مذهبهم هو إرسال اليدين. قال في الفتاوى الهندية: ويرسل اتفاقًا في قومة الركوع؛ إذ الذكر سنة الانتقال لا القومة. (1/73) . 2- مذهب الإمام مالك: المذهب عند المالكية، كما رواه ابن القاسم عن مالك قال: وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، قال: لا أعرف ذلك في الفريضة. وكان يكرهه، ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه. المدونة (1/169-170) . وقال ابن رشد: وأما استحباباتها- يعني الصلاة- فثمان عشرة ……ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، وقد كرهه مالك في المدونة، ومعنى كراهيته أن يُعدَّ من واجبات الصلاة. المقدمات الممهدات (1/164) . 3- مذهب الإمام الشافعي: المذهب عند الشافعية إرسال اليدين. قال ابن حجر الهيثمي: إن المعتمد أنه يرسلهما ولا يجعلهما تحت صدره. وقال: وظاهر كلامهم هنا بل صريحه أنه لا يجعلهما تحت صدره. الفتاوى الفقهية الكبرى (1/150) . وما سبق ذكره عن المالكية والشافعية عام، فيشمل جميع أحوال القيام في الصلاة، سواءٌ كان القيام قبل الركوع أم بعده.

4- مذهب الإمام أحمد: أن المصلي مخير بين وضع يمينه على شماله أو إرسالهما إلى أسفل؛ لأنه لم يرد في السنة ما هو صريح في هذا. قال المرداوي: قال أحمد: إذا رفع رأسه من الركوع إن شاء أرسل يديه وإن شاء وضع يمينه على شماله. الإنصاف (2/64) . وقال ابن مفلح: المنصوص عن أحمد: إن شاء أرسلهما، وإن شاء وضع يمينه على شماله. المبدع (1/451) . وبعد ذكر مذاهب الأئمة الأربعة- رحمهم الله- في هذه المسألة حسب ما صرحوا به، أو ذكره أصحابهم، أحب أن أذكر الخلاف في المسألة بصورة مختصرة، فأقول: اختلف أهل العلم- رحمهم الله- في حكم قبض اليدين أو إرسالهما في الصلاة بعد الركوع؛ فمنهم من رأى أن السنة وضع اليد اليمنى على اليسرى في القيام بعد الركوع؛ لعموم حديث سهل بن سعد الساعدي، رضي الله عنه، أنه قال: كانَ النَّاسُ يُؤمَرون أن يضَعَ الرجلُ اليدَ اليمنى على ذراعِه اليسرى في الصلاةِ. رواه البخاري (740) . وقالوا: إن عموم قوله: في الصلاة. يشمل القيام قبل الركوع وبعد الركوع، ولذلك فإن هذا الأمر يشرع في القيام بعد الركوع كما يشرع قبله؛ لأن كلاًّ منهما قيام في الصلاة، فيضع المصلي يده اليمنى على اليسرى في القيام قبل الركوع وبعده. وقالوا: إن اليدين في الصلاة حال الركوع تكونان على الركبتين، وفي حال السجود تكونان على الأرض، وفي حال الجلوس تكونان على الفخذين، وفي حال القيام تكونان على الصّدر، وهذا موضعهما في القيام قبل الركوع أو بعده. ومن أهل العلم من رأى عدم مشروعية وضع اليمنى على اليسرى بعد القيام من الركوع، واحتجوا بعدم ورود نص خاص في هذا الموضع، وأن عموم القيام لا يشمله؛ لأنه اعتدال وليس بقيام، وعليه فإن المصلي يرسل يديه. وقال بعضهم: إن المصلي مخير بين الأمرين، إن شاء قبض يديه، وإن شاء أرسلهما؛ لعدم ورود دليل خاص في المسألة، كما هو مذهب الإمام أحمد- رحمه الله. والقول الأول هو الرّاجح؛ لقوة أدلته. وعلى كلٍّ فإنّ

الصلاة تصح بقبض اليدين وبإرسالهما، وبكلٍّ قال طائفةٌ من أهل العلم ممن يُقتدى بهم. ولا ينبغي أن يفضي الخلاف في هذه المسألة إلى التنازع والاختلاف والافتراق؛ لأن هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم قديمًا وحديثًا، ومن المقرر عند أهل العلم أن المسائل التي يسوغ فيها الخلاف لا ينكر فيها أحدٌ على أحد؛ لأن كلاًّ من الفرقين المختلفين قد تمسك بأدلة معتبرة. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الكلام بعد التسليمة الأولى

الكلام بعد التسليمة الأولى المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام التاريخ 30/10/1422 السؤال ما حكم الكلام بعد التسليمة الأولى في صلاة الفرض، أو في صلاة النافلة علماً بأنه كان ناسياً؟ الجواب إذا سلم المصلي التسليمة الأولى صحّت صلاته، وقد نقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على صحة من اقتصر على واحدة.

صفة رفع الإصبع في التشهد

صفة رفع الإصبع في التشهد المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام التاريخ 27/12/1422 السؤال ما صفة رفع الإصبع في التشهد مع ذكر الدليل؟ الجواب صفة وضع اليد في التشهد أن يقبض الخنصر وهو الإصبع الأصغر، والبنصر وهو الذي يليه، ويحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة، والدليل حديث وائل بن حُجْر -رضي الله عنه- فقد ذكر فيه هذه الصفة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انظر مارواه مسلم (401) والنسائي (1263-1264) وأبو داود (726-957) ، والله أعلم.

صيغ الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد

صيغ الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام التاريخ 23/1/1423 السؤال ورد في التشهد الأول كلام لبعض العلماء اختلاف في عبارة (السلام عليك أيها النبي) حيث قيل إن ذلك كان في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- أما بعد موته فنقول السلام على النبي، فأيهما أصح؟ الجواب لا شك أن ألفاظ التشهد توقيفيّة، ليست اجتهادية. هذا هو الصحيح. كما ثبت من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- في صحيح البخاري رقم (6265) ، وصحيح مسلم (1/32 رقم 402) ، ومن حديث ابن العباس -رضي الله عنهما- (في صحيح مسلم رقم 403) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم التشهّد كما يعلمهم السورة من القرآن. ولذلك كان يقول الأسود بن يزيد وهو من جلّة التابعين من أصحاب ابن مسعود -رضي الله عنه-: (كان عبد الله (يعني ابن مسعود) يعلمنا التشهد في الصلاة، فيأخذ علينا الألف والواو) . أخرجه البزار في مسنده رقم (1629) ، بإسناد صحيح. ومع ذلك فقد ثبتت صيغ متعددة للتشهد في الصلاة، وهي صيغ مع اختلافها إلا أنها متقاربة المقاطع والألفاظ. أشهرها ما رواه ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-، وما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وتوجيه هذا الاختلاف أن يقال: إنها جميعاً مما علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه، أو سمعهم يدعون به أو عرضوه عليه فأقرهم عليه، وأنه لا يصح التشهد بغير هذه الألفاظ التي علّمها أو أقرّها -صلى الله عليه وسلم-.

بعد هذا نقول: إنه قد صح عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهّد، كفّي بين كفّيه، كما يعلمني السورة من القرآن، قال: (التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) . وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام على النبي. أخرجه الإمام أحمد -واللفظ له- رقم: (3935) ، والبخاري رقم: (6265) ، ومسلم -مختصراً- (1/302 رقم 402) ، وغيرهم. وظاهر هذا اللفظ أن الصحابة كانوا يذكرون التشهد في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- بلفظ: (السلام عليك أيها النبي) ، على هيئة الخطاب. وأنهم بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- تركوا ذلك إلى أسلوب الغيبة: (السلام على النبي) ولا يمكن أن يكون هذا التفريق منهم إلا بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم به، خاصة من مثل ابن مسعود -رضي الله عنه- في علمه، وفي تشدده في أمر التشهد (كما سبق عنه) . قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/366) : (قال السبكي في شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية عند أبي عوانة وحده: إن صح هذا عن الصحابة دل على أن الخطاب في السلام بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- غير واجب، فيقال: السلام على النبي قلت: قد صح بلا ريب، وقد وجدت له متابعاً قوياً، قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني عطاء: أن الصحابة كانوا يقولون والنبي -صلى الله عليه وسلم- حيّ: السلام عليك أيها النبي، فلما مات قالوا: السلام على النبي. وهذا إسناد صحيح) . فظاهر هذين الخبرين أن ترك أسلوب الخطاب بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي كان عليه عمل الصحابة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولولا ما يأتي مما يدل على استمرار بعضهم على أسلوب الخطاب، بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- لكان هذا إجماعاً أو كالإجماع على ترك أسلوب الخطاب.

لكن ما ثبت (من وجوه) من تعليم بعض الصحابة التشهّد بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأسلوب الخطاب، يدل على مشروعية ذلك وصحته، وعلى عدم وقوع الإجماع على تركه، وأجلّ ما ثبت من ذلك: ما أخرجه الإمام مالك في الموطأ رقم: (240) من طريق عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه سمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو على المنبر، يعلّم الناس التشهد، ويقول: قولوا: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات والصلوات لله. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وبناء على ذلك: فإن كلا اللفظين صحيح مشروع بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويبقى أن أسلوب الغيبة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- أولى أن يعلّمه الناس في التشهد، لقوة دليله، ولكونه مما تفهمه عقول العامة، ولا يوهم الجهال مشروعية دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة مع غربة التوحيد وأهله في كثير من أقطار الأرض، والله أعلم.

أصل التشهد

أصل التشهد المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام التاريخ 9/10/1424هـ السؤال التحيات هو لقاء بين الله - عز وجل - وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حادثة الإسراء والمعراج، عندما دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "التحيات لله والصلوات والطيبات رد الله - عز وجل - السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وكان يحضر المشهد الملائكة وقالوا اشهدوا أن لا إله إلا الله. فهل هذه المعلومة صحيحة؟. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد:

هذه المعلومة لا أصل لها - فيما أعلم - ثم كيف ينسب إلى الله عز وجل أنه قال: السلام علينا..... الخ والله هو السلام وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة - رضي الله عنهم - أن يقولوا: السلام على الله؛ كما في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه قال: كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام على الله، السلام على فلان. فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - ذات يوم -: " إن الله هو السلام. فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قالها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم يتخير من المسألة ما شاء " وفي رواية: قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن. وذكر مثله. أخرجه البخاري (831) ، ومسلم (402) واللفظ لمسلم. وجاء في حديث أنس - رضي الله عنه -، قال: قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يقرئ خديجة السلام، يعني فأخبرها. فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته. أخرجه النسائي في الكبرى (8358) .قال العلماء: في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل " وعليه السلام " كما وقع لبعض الصحابة - رضي الله عنهم حيث كانوا يقولون في التشهد " السلام على الله " فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفت خديجة رضي الله عنها لصحة فهمها أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين؛ لأن السلام اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه سلم من جميع العيوب والنقائص لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله. فهذه الألفاظ المذكورة في السؤال هي التي علَّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقولوها إذا جلسوا للتشهد ... ومعنى

التحيات: جمع تحية أي أنواع التعظيم لله سبحانه....والصلوات: أي جميع الصلوات من الفرائض والنوافل وسائر العبادات لله سبحانه. والطيبات: أي الطيبات من الكلمات والأفعال والصفات لله وحده فهو طيب لا يقبل إلا طيباً، قال تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ... " [فاطر:10] .

متى ترفع السبابة في التشهد؟

متى ترفع السبابة في التشهد؟ المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام التاريخ 29/3/1425هـ السؤال السلام عليكم أنا مقتنع أن أقوى الأقوال أن نرفع الأصبع في التشهد بدون تحريكه. وسؤالي هو متى نبدأ برفع الأصبع؟ هل نرفعه منذ بداية التشهد أم عندما نقول أشهد أن لا إله إلا الله؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فأقول وبالله التوفيق: الذي يظهر من النصوص أن المصلّي إذا جلس للتشهد فإنه من حين بدايته به يبدأ أيضاً بالإشارة بأصبعه دون تحريك، أي أنه يشير بالسبابة إلى القبلة، من حين قوله: "التحيات لله"، ويبقى مشيراً بها إلى أن تنتهي جلسة تشهده بالقيام إذا كان التشهد الأول، أو بالتسليم إذا كان التشهد الأخير. وإن رفع أصبعه عند شهادة: "أن لا إله إلا الله" فهو قول وجيه؛ لأنه أولى مواطن الإشارة، حيث إن الإشارة بالأصبع يقصد بها التوحيد والإخلاص، كما جاء ذلك عن غير واحد من السلف، كما في مصنف ابن أبي شيبة (2/484-486) ، والسنن الكبرى للبيهقي (2/130-133) ، وتخصيص شهادة أن لا إله إلا الله بالإشارة أو التحريك بالرفع هو مذهب الشافعي، كما في المجموع للنووي (2/454-455) ، ورواية عن أحمد، كما في الإنصاف (3/535) ، وقريب منه مذهب الحنفية، حيث ذكروا أنه يرفع السبابة عند النفي ويضعها عند الإثبات، كما في حاشية ابن عابدين (1/509) . ولو فعل هذا مرة - أعني الإشارة دون تحريك- وهذا مرة (أعني الإشارة مع رفع الأصبع عند شهادة أن لا إله إلا الله) لكان هذا أحوط في إصابة السنة. والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

هل تصح هذه الصيغة للتشهد في الصلاة؟

هل تصح هذه الصيغة للتشهد في الصلاة؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /التشهد والسلام التاريخ 25/05/1426هـ السؤال ما حكم من يقول في التشهد: اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وآل سيدنا محمد، هل صحيح أن هذا يبطل الصلاة؟. الجواب قول الإنسان في التشهد: (صلِّ على سيدنا) ....إلخ، هذا خلاف السنة، والواجب على المسلم التقيد بالألفاظ النبوية في الأذكار خاصة. وكون النبي - صلى الله عليه وسلم - سيدنا، لا شك فيه، بل هو سيد ولد آدم - صلى الله عليه وسلم -، ولكن لسنا أعلم من النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي علّمهم التشهد، كما كان يعلمهم السورة من القرآن، فكيف نستدرك نحن على اللفظ النبوي؟! فإن قلت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله تواضعاً، فلماذا لم يفعله أصحابه - رضي الله عنهم - الذين ما اكتحلت أعينهم بخير ولا أشرف ولا أعلم سيادة منه؟! ولماذا لم يفعله التابعون؟ وأحيلك على مليء، وهو الشيخ الألباني -رحمه الله- في كتابه القيم (صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -) فقد أطال البحث في هذه المسألة، ونقل نقولاً نفيسة فيه: ص (172-175) . أما كونه يبطل الصلاة، فلا، والله أعلم.

ما يقطع الصلاة

ما يقطع الصلاة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /سترة المصلي وحكم المرور بين يديه التاريخ 25/3/1424هـ السؤال السلام عليكم. ما هي الأمور الشرعية التي توجب قطع الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: صح من حديث أبي ذر - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا قام أحدكم يصلي، فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود" أخرجه مسلم (510) ، ومن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "يقطع الصلاة المرأة، والحمار، والكلب." أخرجه مسلم (511) ، إذا مرت بين الإنسان وسترته، أو بين يديه إذا لم يكن له سترة فهذه الأشياء هي التي تقطع الصلاة، أما إذا مرت من وراء سترة، أو مرت من وراء محل السجود فهذه لا تقطع الصلاة.

المرور من وراء يدي المصلي

المرور من وراء يدي المصلي المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /سترة المصلي وحكم المرور بين يديه التاريخ 12/04/1425هـ السؤال ما هي المسافة التي يمكن فيها المرور بين يدي المصلي؟ أم أنه لا يجوز المرور مطلقاً؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: هذا لا يخلو من حالتين: الحالة الأولى: أن يكون المصلي قد اتخذ سترة فلا يجوز المرور بين المصلي وبين سترته وإنما يمر من وراء السترة. الحالة الثانية: ألا يتخذ سترة فإنه يمر من وراء محل السجود، وقد قدره بعض العلماء بثلاثة أذرع من قدم المصلي.

الفروق بين الرجل والمرأة في الصلاة!

الفروق بين الرجل والمرأة في الصلاة! المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 12/04/1427هـ السؤال هل صحيح أن هناك طريقة معينة للإناث دون الرجال في الصلاة؟ مثال ذلك الوقوف أثناء القراءة برجلين متقاربين للنساء والرجال مفتوحتين كثيرًا، وضع اليدين على الصدر للبنات، للرجال وضع اليدين أثناء قراءة الفاتحة على الخصر، وهكذا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا من حبك لمعرفة أحكام الدين كثر الله من أمثالك، ووفقك للثبات، نعم هناك فوارق، وكل ما هناك من فوارق فإنما هي للستر الذي تؤمر به المرأة، فالرجل يباعد مرفقيه عن جنبيه، ويرفع بطنه عن فخذيه في الركوع والسجود، أما المرأة فتلصق ذراعيها ببطنها، وفخذيها ببطنها، والرجل يجهر في موضع الجهر؛ في الصبح، والمغرب، والعشاء، والمرأة إن كان هناك رجال أجانب لا ترفع صوتها، وإذا أخطأ الإمام في الصلاة فالرجل يسبح، والمرأة تضرب يدًا على يد، وعورة الرجل ما بين سرته وركبته، والمرأة لا تكشف إلا وجهها ويديها في الصلاة -إن لم يكن هناك أجانب-، وما عدا ذلك فهما سواء. والله أعلم.

رد المصلي للسلام

رد المصلي للسلام المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 13/7/1424هـ السؤال هل يرد المصلي السلام، سواءً في الفرض أو النفل؟ وكيف؟. الجواب المصلي مشغول بصلاته ومطلوب منه الخشوع فيها، لقوله تعالى: "وقوموا لله قانتين" [البقرة: 238] فهو ممنوع من الكلام مع الناس، لكن إذا سلَّم عليه أحد فإنه يرد عليه بالإشارة لا بالنطق، كأن يشير بيده بدون تلفظ، والله أعلم.

قطع الصلاة لعدم الخشوع

قطع الصلاة لعدم الخشوع المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 28/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أعلم أن قطع الصلاة لا يجوز؛ وخاصة صلاة الفريضة؛ إلا في حالات الضرورة القصوى، لكن إذا شعر المصلي أنه لم يخشع في صلاته ولم يع ما يقول في معظمها، فما حكم قطع الصلاة في هذه الحالة وإعادتها؟ أحياناً أقوم بقطع صلاتي وإعادتها لعلمي أنه ليس للمصلي شيء من صلاته إلا ما وعى منها، وأن بعض الصلوات ترفع إلى الله ثم تلف في خرقة وترد إليه؛ لعدم قبولها (هذا حسب ما قرأت وسمعت) ، سأكون شاكرة لكم إذا أجبتم على السؤال في أسرع وقت، جزاكم الله خيراً ووفقكم لما يحبه ويرضاه، وجميع المسلمين. الجواب الحكم أن هذا لا يجوز لك، وهو عمل محرم، لأن الله تعالى يقول: "ولا تبطلوا أعمالكم" [محمد: 33] ، والإنسان إذا شرع في فريضة فليس له قطعها إلا لسبب شرعي، وما ذكرته هذه الأخت من وجود الوساوس وشرود الذهن ونحو ذلك، فهذا لا يؤثر على صحة الصلاة، لكنه ينقص من أجرها، وما ذكرته أن الصلاة من الإنسان الغافل تلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها، ثم تقول له ضيعك الله كما ضيعتني صحيح، وعلى الإنسان أن يدفع هذه الغفلة بالاشتغال بما يقوله في صلاته ويستحضر عظمة ربه جل وعلا، ويدفع عنه وساوس الشيطان وصوارفه، وهو في كل انتقال يقول: الله أكبر، أي أكبر من كل مشاغل الدنيا، وكل ما يعرف، ولكن ليس له أن يقطع الصلاة ثم يبدأ ثانية، فإن هذا عمل لا يجوز، لأنه إبطال للعمل، وإذا كان الإنسان يدافع الشيطان في صلاته فهو على أجر وعلى خير إن شاء الله.

شرود الذهن عند قراءة القرآن

شرود الذهن عند قراءة القرآن المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 24/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب أبلغ من العمر تسعة وعشرين عاماً ولم يسبق لي الزواج، عندما أقرأ القرآن الكريم، أقرأ ولكن بدون وعي ولا تمعن، أقرأ وأنا سارح الفكر، ماذا علي أن أفعل؟ ويحصل معي هذا في الصلاة أيضاً ماذا علي فعله مأجورين؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وطاب يومك بكل خير ... اعلم -حفظك الله - أنك مأجور بقراءتك القرآن على كل حال، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنَّ لقارئ القرآن بكل حرف حسنة كما رواه الترمذي (2910) . بيد أنَّ الأجر سيكون مضاعفاً لو جاهدت نفسك في الجمع بين التلاوة والتدبر والعمل بما تقرأ، ومما يعينك على ذلك ما يلي: (1) التفكر بعظمة الخالق جلّ جلاله، وأنَّ ما تقرؤه هو كلامه سبحانه الذي تكلم به حقيقة، فهو أجلّ الكلام وأبلغ الكلام، وأحكم الكلام، وأعذب الكلام. (2) يجدر بك أن تستعين ببعض كتب التفسير الميسرة لتقرب إليك معاني الكتاب العزيز، وتوضح لك ما عسر عليك فهمه، إذ إنَّ إدراك المعاني والمقاصد القرآنية خير وسيلة لتدبر القرآن، والاستمتاع بقراءته، والوقوف على درره وكنوزه. ومن خير التفاسير التي تناسبك، أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري، أو مختصر تفسير ابن كثير لمحمد بن نسيب الرفاعي. (3) من المفضل جداً أن تنضم إلى إحدى حلق تعليم القرآن وتحفيظه، فهناك ستعيش - إن شاء الله جواً قرآنياً مفعماً ومليئاً بالروحانيات، والذي سيكون له أكبر الأثر على طراوة قلبك ولينه ومن ثم استعداده للفهم والاستيعاب والخشوع. (4) احرص على التخلص من مشاغلك قبل الشروع بالقراءة، فلا أحبذ لك القراءة وأنت بحضرة طعام مثلاً أو حال غلبة النعاس.

(5) من الخير لك أن تقرأ في سير بعض السلف وتطالع بعضاً من أخبارهم مع كتاب الله، وحرصهم على تدبره، وسكب العبرات لدى مطالعته. (6) يحسن بك أن تنتقي أوقاتاً مناسبة للقراءة بعيداً عن إزعاج الآخرين، خاصة بالليل أو عقب صلاة الفجر والعصر، فالقرآن بدأ نزوله بليل قال -تعالى-:"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ"الآية، [الدخان:3] (7) اقرأ بصوت مرتفع شيئاً ما، وحاول ترتيله وتحسين تلاوته فلجمال الصوت وعذوبة القراءة أثر عجيب في تفاعل القارئ ونشاطه. (8) استمع لتلاوة القراء المجودين، واجعل أشرطة التسجيل دوماً برفقتك ... في السيارة ... المنزل ... والمكتب. (9) احرص على المبادرة إلى التوبة من جميع الذنوب لتنتفع بالقراءة وسائر الأعمال الصالحة، ذلك أنَّ المصرين على ذنوبهم محجوبون عن نيل بركة القرآن. وختاماً لا تنس فضل الزواج وأثره في استقرارك النفسي والعاطفي، وكونه أحد الأسباب الرئيسة للعفة والاستقامة والثبات وفقك الله وحفظك أينما كنت.

الصلاة بالنعال

الصلاة بالنعال المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 18/12/1422 السؤال من المعلوم أن الأصل عدم خلع النعلين في الصلاة، ولكن سؤالي هو: هل تجوز الصلاة بهما على الرغم من كونهما قاسيتين بحيث لا يمكن ثني أصابع القدمين عند السجود (أي ملامسة بطون الأصابع للأرض) أم يجب خلعهما لكون الأحذية في وقتنا تختلف عنها في القديم؟ الجواب من المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بمخالفة اليهود، وأَذِنَ في الصلاة بالنعال في قوله: " خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم" رواه أبو داود (652) من حديث أوس - رضي الله عنه- والإذن بالشيء إذن بلوازمه وتوابعه التي لا بد منها، وعلى هذا فلا يلزم المصلي أن يلامس الأرض بأصابعه، بل يكفي وضع أطراف النعلين على الأرض مع ثني الأصابع جهة القبلة ما أمكن (أي أن النعلين تقومان مقام القدمين في جميع هيئات الصلاة) - والله - تعالى - أعلم.

كيف أخشع في الصلاة؟

كيف أخشع في الصلاة؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 25/1/1423 السؤال كيف أخشع في الصلاة؟ وما هي أركان الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً على الإجابة. الجواب الحمد لله، وبعد: الأخ الكريم: نشكر لك اهتمامك بفريضة الصلاة وحرصك على الخشوع فيها، - فو الله - لو خشع المسلمون في صلاتهم لتغيرت أحوالهم، وطابت أيامهم، وهابهم عدوهم، ولقلت المنكرات في بلادهم، وغادرت الفحشاء ديارهم ... قال الله - تعالى -: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"، وقال: " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" [المؤمنون:1-2] ، والفلاح المذكور في الآية فلاح شامل في كل منحى، وكل شأن ومضمار. اعلم أخي الكريم أن مما يعين على الخشوع ما يلي: (1) إسباغ الوضوء، فقد أوصى به النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه وكل من سأله عن الصلاة وما يتعلق بها، فقد أوصى به المسيء صلاته كما في حديث أبي هريرة المتفق عليه (البخاري (6251) ، ومسلم (397)) ، وكما أوصى به لقيط بن صبرة - رضي الله عنه - كما رواه عنه أهل السنة (أبو داود (142) ، والترمذي (788) ، والنسائي (87) ، وابن ماجة (407)) بسند صحيح. (2) تفريغ القلب من الشواغل الدنيوية والحاجات البدنية، فإن كان بحضرة طعام يشتهيه تناول منه ما يكفيه، وإن كان بحاجة إلى الخلاء بدأ به، وفي هذا أحاديث معلومة في الصحاح وغيرها، كحديث ابن عمر (البخاري (673) ، ومسلم (559)) ، وعائشة (مسلم 560) ، وأنس (البخاري (672) ، ومسلم (557)) - رضي الله عنهم - تؤكد ما نقول. (3) استحضار هيبة الموقف بين يدي الله - تعالى -، وتذكر اطلاعه -سبحانه - علينا ومراقبته لنا، وأنه من غير اللائق التشاغل عن الصلاة وإقبال الرب علينا بتوافه الأمور وكثرة الشرود.

(4) القراءة في كتب السيرة عن أخبار السلف وقصصهم مع الصلاة وطلبهم الخشوع بأي ثمن. (5) اليقين التام بأنه ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها وتدبر، فلا يحرم نفسه أجوراً كالجبال تتحقق في خمس دقائق أو أقل لو تخلص من البيع والشراء، والمجيء والذهاب بعد إحرامه بالتكبير. وأما ما سألت عنه بخصوص أركان الصلاة، فهي كما يلي: 1. القيام مع القدرة. 2. تكبيرة الإحرام. 3. قراءة الفاتحة. 4. الركوع. 5. الاعتدال من الركوع. 6. السجود على الأعضاء السبعة. 7. الاعتدال منه. 8. الجلوس بين السجدتين. 9. الطمأنينة في جميع الأركان. 10. التشهد الأخير. 11. الجلوس له. 12. الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير. 13. الترتيب بين أركان الصلاة. 14. التسليم. وفق الله الجميع، لما يحب ويرضى، والسلام.

تغيير المكان لأداء النافلة

تغيير المكان لأداء النافلة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 6/2/1425هـ السؤال هل هناك دليل وارد على تغيير المكان لأداء السنة الراتبة بعد الصلاة؟. الجواب نعم، في صلاة الجمعة ورد ذلك صريحاً؛ ففي صحيح مسلم (883) من حديث معاوية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى لله عليه وسلم- قال: "إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج"، وكما يقول شيخ الإسلام - رحمه الله- من وصل النافلة بصلاة الجمعة، فهذا ركوب لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم-. فالسنة أن يغير المكان بعد الفراغ لصلاة الجمعة. أما في صلاة النافلة فقد جاءت أحاديث بسنية تغيير المكان، لكنها ضعيفة، وقد أورد البخاري حديثاً معلقاً في صحيحه،: ولا يثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقد أنكر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- على من وصل الراتبة بالفريضة، وقال له: "اجلس؛ فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلواتهم فصلٌ، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم- بصره فقال: "أصاب الله بك يا ابن الخطاب" والحديث رواه أبو داود في كتاب: الصلاة برقم (1007) إلا أنه قد جاء في مصنف ابن أبي شيبة (6027) عن علي -رضي الله عنه- بسند حسن أنه قال: "من السنة أن يفصل الرجل بين الراتبة والفريضة"، أو كما جاء عنه. والله أعلم.

ختم القرآن في الفروض الجهرية

ختم القرآن في الفروض الجهرية المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 14/05/1426هـ السؤال أنا إمام مسجد، وأتبع ختمة كاملة في الصلوات الجهرية، وأختم كل أربعة أشهر، وعند الختم أقنت بدعاء الختم دون إطالة، ويكون ذلك في صلاة الفجر، فما حكم عملي هذا؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: أولاً: ما يتعلَّق بقراءة القران كاملاً في الصلوات الجهرية من حيث الجواز يظهر أنه جائز ولا بأس به، لكن لا يداوم عليه الإمام؛ لأنه إذا داوم عليه فإنه سيترك السنن الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل قراءة سورة (ألم السجدة) ، و (هل أتى على الإنسان) فجر يوم الجمعة، أو القراءة بالطور والواقعة ونحوها من السور مما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومثل قراءة المرسلات في المغرب، والطور والأعراف في صلاة المغرب، ومثل القراءة بأواسط المفصل في صلاة العشاء والعصر، وكذلك أيضاً القراءة في الظهر أحيانا بأواسط المفصل، وأحياناً بطواله، فأنا أنصح الأخ السائل أن يداوم على سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويختم القرآن بحيث يقرأ في بعض الأحيان من أول القرآن -إن كانت لديه قدرة- ويقطع ويعاود إلى سنن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم بعد ذلك يعاود مرة أخرى للمواصلة من حيث توقَّف، حتى يختم.

وأما بالنسبة لما يتعلَّق بدعاء الختم، وكونه يكون في صلاة الفجر إلى آخره، فنقول: هذا أمر محدَث ليس عليه هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا هدي الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- وفي حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". صحيح البخاري (2697) ، وصحيح مسلم (1718) . وفي رواية عند مسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وكذلك القنوت في صلاة الفجر إنما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوازل فقط، وأما القنوت لدعاء ختم القرآن إلى آخره فهذا لم يرد عنه عليه الصلاة والسلام.

لبس الرجل للعباءة أثناء الصلاة

لبس الرجل للعباءة أثناء الصلاة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 4/8/1424هـ السؤال هل يجوز في الصلاة للرجل أن يلبس عباءة دون أن يدخل يديه بها، مغطياً بذلك جسمه كله؟. الجواب لا بد إذا سجد أن يسجد على الأرض، فلابد أن تخرج يداه لأجل أن تصل إلى الأرض ويسجد؛ لأن الإنسان مطالب بالسجود على سبعة أعظم: القدمين والركبتين واليدين والجبهة مع الأنف، فإذا كان لا يستطيع أن يضع يديه على الأرض، فقد يكون فاته جزء من أعضاء سجوده، أما إذا كان يضعها ويلف بها جسمه وعند السجود يضع يديه على الأرض فلا بأس بهذا.

مواطن رفع اليدين في الصلاة

مواطن رفع اليدين في الصلاة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 07/06/1426هـ السؤال رواية الطحاوي وابن أبي شيبة، عن الأسود أنه قال: رأيت عمر بن الخطاب يرفع يديه في التكبيرة الأولى ثم لا يعود إلى ذلك. هل هذا الحديث صحيح؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فالأثر المشار إليه في السؤال أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2454) ، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن حسن بن عياش، عن عبد الملك بن أبجر، عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: صليت مع عمر، فلم يرفع يديه في شيء من صلاته إلا حين افتتح الصلاة. قال عبد الملك ورأيت الشعبي وإبراهيم وأبا إسحاق لا يرفعون أيديهم إلا حين يفتتحون الصلاة. وهذا الأثر إسناده صحيح، وهو يدل على أن عمر -رضي الله عنه- كان لا يرفع يديه إلا عند تكبيرة الإحرام، ولكن دلت أحاديث أخرى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وآثار عن الصحابة على مشروعية رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، ومن ذلك حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ. أخرجه البخاري (735) ومسلم (390) .

فالحديث يدل على مشروعية رفع اليدين في حال افتتاح الصلاة، وإذا كبَّر للركوع وعند الرفع من الركوع، فهذه ثلاثة مواطن، وهناك موطن رابع وهو الرفع إذا قام من الركعتين بعد التشهد، ففي صحيح البخاري (739) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَال: َ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ. فهذه المواطن الأربعة ثبت فيها رفع اليدين في الصلاة، وأما ما عداها فلم يثبت فيها رفع اليدين، ولحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- شواهد كثيرة ذكر البخاري في جزء رفع اليدين أنه رواه سبعة عشر رجلاً من الصحابة، وذكر الحافظ العراقي أنه تتبع من رواه فبلغوا خمسين رجلاً. ورفع اليدين في هذه المواطن من الأمور المستحبة المندوب إليها، وليست من الأمور الواجبة، قال الإمام النووي: "أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، واختلفوا فيما سواها، فقال الشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة -رضي الله عنهم- فمن بعدهم: يستحب رفعهما أيضا عند الركوع وعند الرفع منه، وهو رواية عن مالك، وللشافعي قول أنه يستحب رفعهما في موضع آخر رابع، وهو إذا قام من التشهد الأول وهذا القول هو الصواب، فقد صحَّ فيه حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يفعله رواه البخاري، وصحَّ أيضاً من حديث أبي حميد الساعدي، رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة. وقال أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة: لا يستحب في غير تكبيرة الإحرام، وهو أشهر الروايات عن مالك وأجمعوا على أنه لا يجب شيء من الرفع ... " شرح النووي على مسلم (4/95) .

ومن الآثار الواردة عن الصحابة - رضي الله عنهم - الدالة على مشروعية رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2430) بإسناد صحيح عن عطاء بن أبي رباح قال: رأيت أبا سعيد وابن عمر وابن عباس وابن الزبير -رضي الله عنهم- يرفعون أيديهم عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع، وعند الرفع منه. وأخرج عبد الرزاق (2525) بإسناد صحيح عن الحسن بن موسى، قال: سمعت طاووساً وهو يسأل عن رفع اليدين في الصلاة، فقال: رأيت عبد الله وعبد الله وعبد الله، يرفعون أيديهم في الصلاة، لعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير. والله أعلم.

حركة الأصبع في التشهد

حركة الأصبع في التشهد المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 27/2/1425هـ السؤال هناك آراء مختلفة بخصوص رفع الإصبع للتشهد أثناء قراءة التحيات، كيف ومتى يكون الرفع ومتى ينزل الإصبع؟ هل يجب أن نضع أيدينا مبسوطة أو كيف يكون وضعها بعد رفع الإصبع؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقبل أن أجيب عن هذه المسألة ينبغي أن نعرف أمرين مهمين: أحدهما: أن هذه المسألة من مسائل الفروع التي لا يجوز أبداً أن تكون سبباً للخلاف بين المصلين. الثاني: أن رفع الأصبع في الصلاة سنة من سنن الصلاة الفعلية فمن فعلها حسب ما ورد كان له أجر ومن تركها فلا حرج عليه. وقد تضمن السؤال عن ثلاثة أشياء: الأول: كيف نرفع الأصبع في التشهد؟ والثاني: متى نرفعها؟ والثالث: كيف يكون وضع اليد؟ والجواب: أما عن كيفية وضع اليد فقد اتفق الفقهاء على وضع اليد اليمنى على الفخذ اليمنى ووضع اليد اليسرى على الفخذ اليسرى، وبعض الفقهاء يقول يجعل أطراف أصابع يديه اليمنى واليسرى على ركبتيه، وعلى كل هذا دلت الأحاديث الصحيحة. أما عن كيفية رفع الأصبع فقد جاء في ذلك عدة أحاديث؛ ولأجل ذلك اختلف الفقهاء في الصفة المستحبة منها: فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المصلي يقبض أصابعه كلها ما عدا السبابة فيشير بها. واستدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثة وخمسين، وأشار بالسبابة" رواه مسلم (580) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وفي رواية أخرى لمسلم (580) : "وقبض أصابعه كلها، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام ".

ومعنى قوله في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-: "وعقد ثلاثة وخمسين" يقبض أصبعه الخنصر والبنصر ويضع إبهامه على أصبعه الوسطى فتكون كالحلقة وهذا ما دل عليه حديث وائل بن حجر قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبض اثنين من أصابعه وحلق حلقة وأشار بالسبابة يدعو بها" رواه أبو داود (957) والنسائي (889) وابن ماجه (867) وأحمد (18397) وكذا حديث عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد في الصلاة وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بأصبعه السبابة ووضع إبهامه على أصبعه الوسطى" رواه مسلم (579) . وإذا وضع المصلي أصبعه الإبهام على أصبعه الوسطى فإنها تكون كالحلقة وذهب الحنفية إلى أن المصلي يبسط أصابعه كلها على فخذه ولا يرفع منها شيئاً إلا السبابة. واستدلوا بحديث عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - المتقدم وفيه: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد في الصلاة وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ... " الحديث. ولعل الصواب هو جواز العمل بكلا الصفتين الواردتين وهما: 1- قبض الأصابع كلها ويشير بأصبعه السبابة. 2- بسط الأصابع كلها ويشير السبابة. أما متى يرفع المصلي أصبعه فقد اختلف الفقهاء في ذلك أيضاً: فذهب الحنفية إلى أن المصلي لا يرفع السبابة إلا عند قول (لا إله إلا الله) . وقال الشافعية: يرفع أصبعه عند قول: (إلا الله) . وذهب المالكية والمتأخرين من الحنفية إلى أن المصلي يشير بأصبعه السبابة في كل التشهد. وقال الحنابلة: يشير بأصبعه السبابة عند ذكر لفظ الجلالة (الله) .

ولعل الصواب في هذا قول المالكية وهو أن المصلي يشير بأصبعه السبابة في كل التشهد وذلك لما دل عليه أحاديث ابن عمر وابن الزبير ووائل بن حجر - رضي الله عنهم- المتقدم ذكرها من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يشير بأصبعه السبابة إذا قعد في التشهد. والله أعلم، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاعتماد على الأرض عند النهوض في الصلاة

الاعتماد على الأرض عند النهوض في الصلاة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صفة الصلاة /مسائل متفرقة التاريخ 02/05/1425هـ السؤال السلام عليكم. ذكر صاحب المغني (2/214) ما نصه: "ليس من السنة للذي يريد أن ينهض للركعة التالية في الصلاة أن يستند على الأرض، إلا إذا كان عاجزاً عن النهوض مباشرة بسبب كبر السن"، هل تصح مثل هذه الرواية؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: اختلف أهل العلم فيما إذا أراد المصلي القيام من الركعة الأولى إلى الركعة الثانية ونحوها، هل يستند على الأرض بيديه أو لا يفعل ذلك بل يرفع يديه قبل ركبتيه؟ اختلفوا في ذلك على قولين، هما: القول الأول: إن المشروع في حق المصلي أن يعتمد بيديه على الأرض، وهو قول مالك والشافعي، وقد استدل أصحاب هذا القول بحديث مالك بن الحويرث-رضي الله عنه- في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومحل الشاهد منه قوله:"وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام لما رفع رأسه من السجدة الثانية استوى قاعداً، ثم اعتمد على الأرض" رواها النسائي (1153) ؛ ولأن ذلك أعون للمصلي. القول الثاني: إن المشروع في حق المصلي ألاّ يعتمد على الأرض بيديه، بل يرفع يديه قبل ركبتيه، وهو قول الحنابلة، وقد استدل أصحاب هذا القول بعدد من الأدلة، منها: (1) حديث وائل بن حجر-رضي الله عنه-، ومحل الشاهد منه"رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه" رواه النسائي (1089) والترمذي (268) ، وفي لفظ آخر للحديث:"وإذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه"عند أبي داود في سننه (838) .

(2) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة " رواه أبو داود (992) . (3) قال علي -رضي الله عنه-:"إن من السنة في الصلاة المكتوبة، إذا نهض الرجل في الركعتين الأوليين، ألا يعتمد بيديه على الأرض، إلا أن يكون شيخاً كبيراً لا يستطيع " رواه ابن أبي شيبة في المصنف (3998) ، وهذا القول هو الراجح؛ لموافقته للأحاديث المروية عن النبي -صلى الله عليه وسلم -. أما ما خالفها كحديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- الذي استدل به أصحاب القول الأول فهو محمول على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما فعله من أجل الحاجة إليه؛ لكبره وضعفه، والبحث هنا ليس في الوجوب أو عدمه، وإنما هو في الأفضل والأحسن، ولذلك فإن من اعتمد على يديه أو رفعهما قبل ركبتيه فلا حرج عليه. والله الموفق، -وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين-.

سنن الصلاة

الصلاة في النعال.. ومقتضى الأمر المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/سنن الصلاة التاريخ 3/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنه صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال: لم خلعتم؟ قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا, قال: فإن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثاً, فإذا أتى أحدكم المسجد فليقلب نعليه، فإن رأى خبثاً فليمسحه في الأرض ثم ليصل فيهما". وفي سنن أبي داود عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم, ولا خفافهم". مما سبق يتضح أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أمرنا بمخالفتهم في خلعهم الخفاف والنعال عند الصلاة، وقد زعموا أنهم يأتمون بموسى -عليه السلام- حيث قيل له وقت المناجاة "فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى" [طه:12] ، فنهينا عن التشبه بهم، وأمرنا أن نصلي في خفافنا ونعالنا، وإن كان بهما أذى مسحناهما بالأرض، لما روى أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا وطئ أحدكم الأذى بنعليه فإن التراب لهما طهور" وفي لفظ قال:"إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب". الأسئلة:

(1) نعلم أن الأفعال في اللغة ثلاثة منها الأمر، ونعلم أن فعل الأمر من الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعني الوجوب، وهذا ما ورد في الأحاديث الخاصة بإطلاق اللحية، حيث أمرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإطلاقها، ولفعل الأمر الذي في الحديث أصبح إطلاقها واجباً، فهل فعل الأمر الذي في الحديث والذي يأمرنا بمخالفة اليهود والصلاة في النعال والخفاف معناه الوجوب؟ وإذا كان كذلك فهل نأثم لعدم اتباع الأمر؟ وإذا لم يكن هناك ذنب فهل بالقياس لا يكون هناك ذنب لمن لا يطلق اللحية؟ مع العلم أن الأمر موجود في كلا الحديثين. (2) هل يفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عكس ما يأمرنا به حسب الحاجة أو حسب الظرف؟ حيث إنه -صلى الله عليه وسلم- صلى بالنعال كما ورد في السنن لأبي داود وابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي حافياً ومنتعلاً، وأيضا في سنن أبي داود والنسائي عن عبد الله بن السائب قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي يوم الفتح ووضع نعليه عن يساره. فهل قياساً على ذلك يمكن لنا نحن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أن نتبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أي فعل أمرنا به حسب المتاح؟ أم أن فعل الأمر أساساً ليس قرينة كافية لحالة الوجوب، حيث إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنفسه لم يفعل ما أمرنا به؟ أفيدوني أفادكم الله، وجزاكم الله خيراً. الجواب تحدث العلماء عن الأمر ومسائله المختلفة، ومن ذلك الصيغ التي تدل على الأمر، حيث ذكروا عدداً من الصيغ التي يفهم منها الأمر، وقسموها إلى صيغٍ صريحة، وصيغ غير صريحة، فالصريحة: (1) فعل الأمر (افعل) ، كقوله تعالى:" فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ... " الآية [الحج:78] . (2) الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر (ليفعل) ، كقوله تعالى:"فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ... " الآية [النساء: 74] .

(3) المصدر النائب عن فعله، كقوله تعالى:"فضرب الرقاب ... "الآية [محمد: 4] . 4) اسم فعل الأمر، كقوله تعالى:" عليكم أنفسكم ... "الآية [المائدة: 105] . أما الصيغ غير الصريحة فهي كثيرة، ومنها: (1) ورود الأمر بصيغة الخبر، كقوله تعالى:" كتب عليكم الصيام ... "الآية [البقرة:183] . (2) ما جاء مدحه أو مدح فاعله، كقوله تعالى:" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ... "الآية [العكنبوت: 45] . وغير ذلك. وعموماً كل صيغة فهم منها الأمر فهي دالة عليه، سواءٌ أكانت من الصيغ السابقة، أم من غيرها، ولكن إذا أتى أي أمر في القرآن الكريم أو في سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهل يحمل على الوجوب، أو لا؟ هذه المسألة يعبر عنها العلماء بقولهم: مقتضى الأمر، والراجح من كلام أهل العلم في ذلك أن مقتضى الأمر المطلق هو الوجوب، فإذا أتى أمر في كتاب الله أو في سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- فإنا نحمله على الوجوب، ويلزمنا امتثاله. هذا هو الحكم العام في مقتضى الأمر، ولكن قد تأتي قرائن أو أدلة تصرف الأمر عن مقتضاه الأصلي، فحينئذٍ لا نحمله على الوجوب، وإنما نحمله على ما تقتضيه تلك القرينة أو على ما يدل عليه ذلك الدليل. ومن الأمثلة التي أفاد الأمر فيها الوجوب لعدم وجود قرائن تصرفه عنه: النصوص الآمرة بالصلاة والزكاة والحج وصوم رمضان وحج البيت ونحو ذلك، فكل هذه الأوامر تحمل على مقتضاها الأصلي وهو الوجوب؛ لعدم وجود ما يصرفها عنه. ومن الأمثلة التي لم يفد الأمر فيها الوجوب؛ لوجود قرائن أو أدلة تصرفه عن مقتضاه الأصلي:

قوله تعالى:"وأشهدوا إذا تبايعتم"، قال العلماء: إن الإشهاد على البيع غير واجب، بل هو مندوب إليه، حيث حملوا الأمر في الآية على الاستحباب، والذي صرف الأمر هنا عن الوجوب هو: أنه ثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- باع واشترى ولم يُشهد على ذلك، وكذلك فإن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يتبايعون ولم يكن يأمرهم بالإشهاد على ذلك، ونحو ذلك. أما ما يتعلق بحكم ترك اللحية، فقد ورد فيه عدد من الأحاديث التي أمر فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتركها وتوفيرها وإعفائها، ولم يوجد أدلة أخرى أو قرائن تصرف هذا الأمر عن الوجوب، ولذلك فإنه يجب إعفاء اللحية وتوفيرها؛ امتثالاً لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-. أما مسألة الصلاة في النعال، فقد كان من سنته -عليه الصلاة والسلام- الصلاة فيها، وقد سُئل أنس -رضي الله عنه-:"أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه، فقال: نعم" متفق عليه. وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالصلاة في النعال في عدد من الأحاديث، ومنها: (1) عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا جاء أحدكم المسجد، فلينظر: فإن رأى في نعليه أذىً أو قذراً فليمسحه، وليصل فيهما" رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة. (2) عن شداد بن أوس -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم" رواه أبو داود. وحمل العلماء هذه الأوامر على الاستحباب، ولم يحملوها على الوجوب، والذي صرف

الأمر في هذه الأحاديث عن الوجوب إلى الاستحباب أنه قد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بغير نعال، كما ثبت أنه خير الناس في ذلك، ويدل لهذا ما رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى:" أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى في نعليه، فصلى الناس في نعالهم، فخلع، فخلعوا، فلما صلى قال:" من شاء أن يصلي في نعليه فليصل، ومن شاء أن يخلع فليخلع". قال الشوكاني بعد أن ذكر عدداً من الأحاديث المتعلقة بالصلاة في النعال: ويجمع بين أحاديث الباب بجعل الأحاديث التي خيّر فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناسَ صارفةً للأحاديث التي أمر فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة في النعال. وبهذا يتضح أن الصلاة في النعال سنة من السنن، فعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في وقت وتركها في وقت آخر، ولهذا فإنه يسن للمسلم أن يفعل هذه السنة إذا تيسر الأمر، كما لو كان في مسجد غير مفروش، أو كان في الصحراء، أما إذا كان في المساجد المفروشة فالأفضل ترك الصلاة في النعال؛ حفاظاً على نظافة المسجد، إلا إذا كان الإنسان متأكداً من نظافة نعليه تماماً. أما قولك: إنه ليس كل ما أمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- يمكن العمل به إذا كان لا يتوافق مع مقتضيات العصر، فهذا غير صحيح إطلاقاً؛ لأن الأساس في تطبيق الأحكام هو الأدلة والنصوص الشرعية، ومقتضيات العصر يؤخذ بها في نطاق ما تدل عليه النصوص الشرعية، أما إذا عارضت النصوص فلا يلتفت إليها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الافتراش في الصلاة

الافتراش في الصلاة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/سنن الصلاة التاريخ 12/1/1424هـ السؤال الافتراش في الصلاة بعد التشهد الأخير هل هو خاص بالصلاة الرباعية فقط أم جميع الصلوات؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أولاً لا بد من بيان معنى الافتراش حتى لا يحصل خلط في فهم الجواب فأقول: الافتراش كما عرفه ابن قدامة في المغني (2/205) هو: أن يثني رجله اليسرى فيبسطها ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى ويخرجها من تحته ويجعل بطون أصابعه -يعني: اليمنى- على الأرض معتمداً عليها؛ لتكون أطراف أصابعها إلى القبلة. وهذا الافتراش قد اختلف في محله أهل العلم، والراجح -والله أعلم- أنه يسن في التشهد الأول من الصلاة الثلاثية والرباعية، وكذا في تشهد الصلاة الثنائية، كما يدل لذلك حديث أبي حميد -رضي الله عنه- الوارد في صحيح البخاري برقم (828) حيث قال -واصفاً صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-:"فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته". وأما التورك -وهو الذي يظهر من مراد السائل- فإنه يكون في التشهد الأخير من الصلاة الثلاثية والرباعية كما يشير إليه الحديث السابق وأحاديث أخرى ليس هذا موضع بسطها، والمراد بالتورك كما فسره البهوتي في (الروض المربع مع الحاشية 2/81-82) بما نصه:"يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى، ويخرجهما عن يمينه، ويجعل أليتيه على الأرض" أ. هـ. والله تعالى أعلم.

مكروهات الصلاة

كف الثوب في الصلاة المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الصلاة/مكروهات الصلاة التاريخ 15/6/1423هـ السؤال من الشباب من يكف سرواله عند الصلاة حتى يكون فوق الكعبين، مع العلم أن الرسول نهى عن كف الثوب عند الصلاة، فما حكم هذا الفعل؟ وهل تقبل صلاة المسبل سرواله؟ الجواب لا شك أن الإسبال منهي عنه مطلقاً سواءً كان في الصلاة أو في غيرها، وسواءً كان للإزار، أو القميص، أو السراويل، وقد ورد الوعيد الشديد في الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على الإسبال، انظر: مسلم (106) أما الكف الذي ذكره السائل فهو مكروه عند أهل العلم كراهة تنزيه ولا علاقة له بصحة الصلاة وعدم صحتها، فالصلاة صحيحة إذا توافرت أركانها، وشروطها، وواجباتها، والذي يظهر أن الكف المذكور يريد به الفاعل كون السروال فوق الكعب لتصح الصلاة وليس لهذا أصل، فالإسبال معصية ليس لها علاقة بالصلاة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الاستسقاء في بلاد الكفر

الاستسقاء في بلاد الكفر المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/مكروهات الصلاة التاريخ 8/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ ... أصاب البلاد هذه السنة جدب وجفاف وقد أعلنت الحكومة حالة الجفاف هذا العام. فضيلة الشيخ ما حكم صلاة الاستسقاء في بلاد الكفر؟؟ لا سيما وأن أحد المساجد لبى دعوة الحكومة في طلب الاستسقاء الجماعي مع أصحاب الديانات الأخرى كالنصرانية والبوذية واليهودية وغيرها، مما أدى إلى حدوث نزاع بين المسلمين حول حل ذلك من عدمه. فما حكم الاستسقاء في بلاد الكفر؟ وإن كان الجواب بالجواز فما حكم المشاركة مع أصحاب الديانات الأخرى في تأدية هذه الشعيرة؟ آمل الإجابة بسرعة ليفض النزاع. شكر الله سعيكم. الجواب

صلاة الاستسقاء سنة ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أجدبت الأرض وحل الجفاف وقلت المياه أو تأخر المطر عن وقت نزوله، والسنة أن تصلى جماعة وإن قل العدد واحد يخطب واثنان يستمعان، وأجاز الإمام مالك بن أنس وأحمد بن حنبل أن يخرج أهل الذمة مع المسلمين في الاستسقاء ليؤمنوا على الدعاء ولا يجوز منعهم إذا طلبوا الخروج مع المسلمين (لأنهم يطلبون كما يقول بن قدامة في المغنى - أرزاقهم من ربهم سبحانه ولا يبعد أن يجيبهم الله لأن الله ضمن أرزاقهم كما ضمن أرزاق المؤمنين) قال تعالى: "وفي السماء رزقكم وما توعدون" [الذاريات:22] وقال "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين" [هود:6] وأجاز الإمام أبو حنيفة والشافعي أن يخرج أهل الذمة مع المسلمين في صلاة الاستسقاء على أن يكون هؤلاء في مكان وأولئك في مكان فلا يجتمع المسلمون والكفار في مصلى واحد. هذا كله إذا كان للمسلين دولة تحكمهم بالإسلام وأهل الذمة من الرعية، أما إذا كان المسلمون أقلية تحكمهم دولة كافرة ودعت هذه الحكومة المسلمين أن يصلوا صلاة الاستسقاء فتجوز طاعتها في ذلك لأنها أمرت بمعروف في الشرع وكل من أمرنا بمعروف أو دعانا إليه وجبت طاعته مسلماً كان أو كافر، قال تعالى: "ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة من الحياة الدنيا" [النساء:94] وفي الحديث الصحيح "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" البخاري (2955) ، ومسلم (1839) وهو عام في كل أنواع الطاعات والمعاصي ولكل بشر لأنهم مخلوقون لله وحده فتجب طاعتهم لأمره إذا أمروا به.

والكفار من أهل الكتاب أو غيرهم يدعون ربهم بل يخلصون له الدعاء عند الشدائد ويجيبهم الله سبحانه كما قال تعالى عن المشركين: "فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون" [العنكبوت:65] ويقول سبحانه عن نفسه "أمن يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء " [النمل:62] فالاضطرار وحصول السوء من الأمراض والأسقام والمجاعات والجفاف ليس خاصاً بالكفار وحدهم ولا بالمسلمين دون غيرهم فالكل يطلب كشف الشدائد ورفع الأضرار في حين الرخاء أو الشدة والمسلمون هم الذين يوحدون الله في الدعاء في الرخاء والشدة معاً. وبعد هذا كله فيجوز لكم أن تصلوا صلاة الاستسقاء ولو أن الداعي لكم حكومة كافرة أو يشارككم أهل الديانات الأخرى، والله أعلم.

الإشارة في الصلاة لتسوية الصف

الإشارة في الصلاة لتسوية الصف المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/مكروهات الصلاة التاريخ 20/11/1424هـ السؤال هل يجوز تحريك شيء، أو الإشارة لمن يقف قربي في أثناء الصلاة الجماعية لكي يستوي في الصف؟ أرجو بيان ذلك مع الدليل عليه؟. الجواب الأصل في الحركات في الصلاة إذا كانت قليلة - يسيرة - أنها مكروهة لغير حاجة، فإن كان هناك حاجة زالت الكراهة، لأنه جاء في سنن أبي داود (943) من حديث أنس - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-" كان يشير في الصلاة". وكذلك جاء في سنن أبي داود (922) والترمذي (601) والنسائي (1206) من حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي فجئت فاستفتحت الباب فمشى ففتح لي"، وفيه أن الباب كان في القبلة، فإذا كانت الحركة في الصلاة لغير حاجة فهي مكروهة، لما فيها من الإخلال بالخشوع في الصلاة، فإذا كان ثمَّة حاجة زالت هذه الكراهة وعلى هذا دلت الأحاديث.

هل تسقط صلاة الجماعة بأكل الثوم؟

هل تسقط صلاة الجماعة بأكل الثوم؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/مكروهات الصلاة التاريخ 28/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: بعض الإخوة نقول لهم: لماذا لا تحضرون صلاة الجماعة؟ فيقولون: إنهم أكلوا ثوماً أو بصلاً، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين فلا يقربن مصلانا"، ويبدو أن هؤلاء الإخوة يحبون الثوم والبصل كثيراً، مما يؤدي إلى تغيبهم الكثير عن صلاة الجماعة، فهل هذا التصرف شرعي؟ وهل (لا) هنا للنهي، أم أن هذا التركيب يُقصَد به شيء آخر، كقوله عليه الصلاة والسلام: "من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا"، وهل حجتهم مقبولة؟ مع وجود ما يذهب رائحة الثوم أو البصل. وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن أكل الثوم والبصل والكراث وجميع ما فيه رائحة من البقول والخضروات جائز لا حرج فيه، وقد جاءت النصوص في منع من أكل الثوم والبصل والكراث من غشيان مساجد المسلمين؛ لما في ذلك من إيذاء للملائكة والمصلين، منها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في غزوة خيبر: "من أكل من هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يقربن مسجدنا" رواه البخاري (853) ، ومسلم (561) ، ومن حديث أنس -رضي الله عنه-: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا أو لا يصلِّينّ معنا" رواه البخاري (856) ، ومسلم (562) ، ومن حديث جابر -رضي الله عنه-:"من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا - أو قال: فليعتزل مسجدنا - وليقعد في بيته" رواه البخاري (855) ، ومسلم (564) .

فهذه الأحاديث -وما شابهها- فيها النهي لمن أكل شيئاً من ذلك أن يقرب مساجد المسلمين، إن أكل منها ما يورث رائحة، فإن أكل شيئاً يسيراً لا يؤثر في رائحة الفم فلا يمنع من حضور جماعة المسلمين. وأكل الثوم أو البصل عذر يبيح لصاحبه ترك الصلاة جماعة في المسجد، مثله مثل حضور الطعام عند إقامة الصلاة، ولكن لا يجوز اتخاذ ذلك ذريعة للتخلف عن الجماعة، فمن فعل ذلك تحايلاً أثم، وعلى المسلم أن يتحرى الأوقات التي يأكل فيها الثوم والبصل؛ حتى لا يتعارض ذلك مع وقت ذهابه للمسجد، أو يستعمل المواد المزيلة لرائحة الثوم، كالغسل بمعجون الأسنان. والله أعلم.

صلاة من يدافع الريح في بطنه!

صلاة مَنْ يدافع الريح في بطنه! المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/مكروهات الصلاة التاريخ 08/04/1427هـ السؤال هل يمكن لي أن أصلي إذا حصرت الغازات في بطني؟ لأني أتوضأ صباحا وأخرج إلى الجامعة، والوضوء في الجامعة صعب قليلاً. الجواب الحمد لله رب العالمين اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: فلا تصل إلا في حالة الاطمئنان والسكون ما أمكن، وحاول أيها المصلي أن تنجز أو تصرف كل ما يشغلك من الصوارف والملاهي كجوع وعطش وخوف تمكن إزالته كخوف على طفل أو مال ترعاه، فإذا أنهيت هذه الشواغل وأبعدت هذه الصوارف فأقبل على الصلاة، فإن القلب إذا توجه إلى الله في هذه الحالة يكون فيه الخشوع وتدبر القراءة والذكر. وهذا الخلوص وتجمع القلب في التوجه له أهم ما يكون في الصلاة التي من شأنها أنها تكفر الذنوب التي بينها وبين الصلاة التي سبقتها، وتفتح لها أبواب الله سبحانه من الرحمة والفضل. وحبس الريح في البطن ومدافعة البول والغائط من الشواغل التي تصرف القلب عن الخشوع وتدبر القرآن، فإذا زاحمك ما ينقض الوضوء كهذه التي سألت عنها أو غيرها فلا تنازع نفسك بإمساكها، فإن ذلك يضر بصحتك كما يضر بصلاتك التي هي مفتاح الرحمة ومفتاح الفضل، وتذكر ما في ضمن هذين (الرحمة والفضل) من تفاصيل الخير والبركة يجعلك لا تبالي بأي صعوبة في تحقيق هذه الصلاة ذات الرحمة والفضل.

مبطلات الصلاة

إذا انتقض وضوء الإمام المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 15/5/1422 السؤال إذا انتقض وضوء الإمام ماذا يفعل؟ الجواب إذا بطلت طهارة الإمام في الصلاة بطلت صلاته؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) . وأما صلاة المأمومين فصحيحة؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) رواه البخاري. ولأن عمر -رضي الله عنه- لما طُعن استخلف عبد الرحمن بن عوف. والأفضل للإمام أن يستخلف كما فعل عمر، فإن لم يفعل استخلف المأموم، أو صلوا فرادى.

انتقاض طهارة الإمام في الصلاة

انتقاض طهارة الإمام في الصلاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 19/11/1424هـ السؤال إذا أحدث إمام فيما يلي من الحالات فماذا عليه في كل حالة؟ (1) إذا أحدث بعد شروعه في الصلاة، مثلاً في الركعة الثانية؟ (2) إذا تذكَّر أنه محدث في الركعة الثانية مثلاً؟ (3) إذا تذكَّر أنه محدث بعد الفراغ من الصلاة، وتوجهه للمأمومين ماذا عليه؟ وماذا عليهم؟ الجواب إذا أحدث بعد شروعه في الصلاة مثلاً في الركعة الثانية يخرج ويستأنف المأمومون صلاتهم، وإذا تذكَّر أنه محدث في الركعة الثانية مثلاً يخرج ويستأنف المأمومون صلاتهم كذلك. وإذا تذكَّر أنه محدث بعد الفراغ من الصلاة وتوجهِه للمأمومين، فعليه أن يتوضأ ويستأنف الصلاة وحده، وأما المأمومون فصلاتهم صحيحة.

إنتقاض طهارة الإمام

إنتقاض طهارة الإمام المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 18/12/1423هـ السؤال أنا شاب حافظ لكتاب الله وأتقدم للإمامة بالناس في بعض الأحيان، وقد حصل لي في مرة من المرات أن تقدمت بمجموعة من الناس وفجأة أحسست بخروج بسيط للمذي، ففكرت في قطع الصلاة لكني تذكرت أن الذين خلفي قد لا يفهموا التصرف في هذه الحالة حيث إن معظمهم من العوام والغير متعلمين، وكان أن أكملت الصلاة، ويعلم الله أني كلما تذكرت ذلك اليوم أصابني الخوف من الله على فعلي هذا، فماذا يجب علي في هذه الحالة؟ وهل صلاتهم صحيحة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، أما صلاة المأمومين فالراجح ومذهب جمهور أهل العلم خلافاً للحنابلة على أن صلاتهم صحيحة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطؤوا فلكم وعليهم" البخاري (694) ولقول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كما رواه البيهقي بسند لا بأس به، أنه قال:"الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين" والإمام يتحمل أخطاءه، وأما المأمومون فإن صلاتهم صحيحة وقد روى ابن المنذر في الأوسط وعبد الرزاق أن عمر -رضي الله عنه- صلى بالناس يوماً في السفر حتى إذا بلغ الجرف -وهو موقع خارج المدينة- أحس بللاً في ملابسه فنظر فإذا هي أثر مني -هذا ساعة الفجر- فاغتسل وأعاد الصلاة ولم يأمر من خلفه بأن يعيدوا" وهذا هو الراجح، والله أعلم.

أما الإمام فإنه إذا أحس بخروج شيء فإن الإحساس لا بد أن يتقين منه ولا يجوز للإنسان أن يخرج من الصلاة إلا مع العلم اليقيني أو الذي يغلب على الظن الأكيد، فإذا أحس بذلك الخروج أو إذا خرج فإنه يخرج ويجب عليه أن يقطع صلاته، وأما المأمومون فهم بالخيار، إما أن يقدموا إماماً يؤمهم وهذا أقرب كما تقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- في المرض الذي مات فيه بعد أبي بكر، وهذا يدل على تغيير الإمام إلى إمام آخر، وإن شاءوا أن يصلي كل إنسان على حده فهم بالخيار، وإن كان الحنابلة يقوون القول الثاني والراجح هو جواز الأمرين، ولو تقدم إمام منهم لم يكن بعيداً، لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما تقدم في مرضه الذي مات فيه، هذا هو الراجح، وقد ذكر الحنفية أن الإنسان إذا صلى متعمداً على غير طهارة أنه يكفر، وإن كان هذا الكلام ليس بجيد، لكن يدل على أن هذه كبيرة من كبائر الذنوب وأن الإنسان يحرم عليه أن يفعل هذا، وأما الإنسان لأجل جهله وعدم علمه فنسأل الله أن يغفر له زلله وخطأه، ويسارع في التوبة والاستغفار ولا حرج عليه في ذلك إن شاء الله للجهل وعدم العلم، والله أعلم.

مرور المرأة أمام المصلي

مرور المرأة أمام المصلي المجيب د. محمد بن سليمان الفوزان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 2/11/1422 السؤال هل مرور المرأة أمام المصلين يبطل صلاتهم؟ وهل وجود السترة تمنع البطلان وما قدر ارتفاعها؟ الجواب مرور المرأة أمام المأمومين لا تبطل صلاتهم؛ لأن الإمام سترة لمن خلفه وأما مرورها ما بين الإمام أو المنفرد وسترته فإن فيه خلافاً والجمهور على أنها لا تبطل ووجود الساتر يمنع بطلان الصلاة ويكفي في ذلك العود ونحوه، مما يكون ارتفاعه بمقدار ثلثي ذراع، وعند بعضهم يكفي في ذلك وضع الخط. والله أعلم.

صلى وعليه جنابة

صلى وعليه جنابة المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 28/2/1424هـ السؤال كيف أعمل إذا كنت أصلي صلوات وأنا جنب؟ ولا أدري ما الحكم في ذلك؟ ولا أستطيع أن أحصر هذه الصلوات، فماذا علي أن أعمل؟ علماً بأني كنت جاهلاً للحكم، وهذا الأمر مر عليه سنوات وأثابكم الله. الجواب إذا كنت تصلي الصلوات وأنت على جنابة جهلاً لعدم علمك بوجوب الغسل فعليك أن تتوب من ترك طلب العلم الواجب، وهو تعلم ما لابد منه للقيام بالعبادات الواجبة. ولا يجب عليك قضاء الصلوات السابقة؛ لأن الأحكام الشريعة لا تلزم إلا بعد العلم.

الصلاة خلف الجنب

الصلاة خلف الجنب المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 20/6/1424هـ السؤال أعرف أن هناك إماماً يؤم الناس في المسجد وهو على جنابة، فيا شيخ هل الصلاة من ورائه جائزة، وما حكم من صلى وراءه؟ هل صلاته جائزة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا صلى الإمام وهو محدث فصلاته باطلة بالإجماع، وأما بالنسبة لصلاة المأمومين فنقول بأن صلاة المأمومين صحيحة؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم" رواه البخاري (694) وعمر وعثمان - رضي الله عنهما - كل منهما صلى بالناس وهو جنب فأعاد ولم يأمر الناس بالإعادة، إلا المأموم الذي علم حدثه فإنه لا يجوز له أن يأتم به، ولو ائتم به وهو يعلم حدثه ويعلم الحكم أنه لا يجوز أن يأتم به فصلاته باطلة.

صلى وهو جنب ناسيا، فهل يعيدها؟

صلى وهو جنب ناسياً، فهل يعيدها؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 2/8/1424هـ السؤال ما حكم من صلى صلاتين المغرب والعشاء وهو جنب، ولم يكن يعلم وقت أداء الصلاة أنه كذلك؟ هل يعيد الصلاة؟ أم أنها صحيحة وذلك لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما نزل عليه جبريل وهو يصلي، وأخبره بأن في قدمه نجاسة فما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن أزالها وقام بإكمال صلاته دون إعادتها؟ وإن وجبت إعادة الصلاة، فما هو المستفاد من فعل النبي - عليه الصلاة والسلام -؟ الجواب من صلى جنباً جاهلاً أو ناسياً حدثه فصلاته باطلة، وعليه الاغتسال وإعادة الصلاة، بخلاف من صلى وعليه نجاسة جاهلاً بها فصلاته صحيحة، والفرق بينهما أن الأول من باب فعل المأمور، والمأمورات يجب الإتيان بها قدر المستطاع، والسهو عنها لا يخرج به المسلمون من العهدة، كما لو سهى عن صلاة مفروضة فإنه يسقط عنه الإثم ولا تسقط عنه الفريضة، فلذلك لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لُمعَةٌ قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد الوضوء والصلاة" رواه أبو داود (175) ، وحديث أنس - رضي الله عنه -: "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك" رواه البخاري (597) ، ومسلم (684) ، وأما الثاني وهو إزالة النجاسة فهو من باب التروك التي يطلب من المرء أن يتخلى عنها، فإن فعلها ناسياً أو جاهلاً فليس عليه شيء لقوله تعالى: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" [البقرة:286] ، وحيث رفع الله المؤاخذة عنه لم يبق شيء يطالب به وللحديث الذي استدل به، السائل أيضاً.

المبطل من الحركات في الصلاة

المبطل من الحركات في الصلاة المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 24/04/1426هـ السؤال السلام عليكم سمعت أن الذي يتحرك في الصلاة ثلاث حركات اختيارية لا يجوز له أن يتحرك حركة رابعة، وإلا بطلت صلاته، وعليه الإعادة. وقرأت في الحديث الصحيح: أن من يتثاءب في الصلاة؛ عليه أن يغطي فمه بيده. فماذا يفعل من يصلي وتحرك ثلاث حركات ثم تثاءب، هل يتحرك حركة رابعة ليغطي فمه بيده؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالحركة الكثيرة المتوالية تبطل الصلاة في أصح قولي العلماء، أما الحركة غير المتوالية فلا تبطل الصلاة، لكنها علامة على عدم الخشوع والطمأنينة في الصلاة، وقد روي عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه" أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول -كما في فيض القدير (5/319) ، وتحديد العدد بثلاث لا دليل عليه. وإذا تثاءبت في الصلاة فضع يدك على فمك، واكظم ما استطعت، ولا تجعل للشيطان حظاً منك، واعلم أن التعوذ من الشيطان بعد التثاؤب غير مشروع، فالرسول-صلى الله عليه وسلم-لم يأمر بذلك، ولو كان خيراً لدلّنا عليه، وهو الذي أمر بوضع اليد على الفم. انظر سنن الترمذي (2746) ، وابن ماجه (968) ، وأخبر أن التثاؤب من الشيطان. انظر صحيح البخاري (3289) ، ومسلم (2994) ، لكن لم يأمر بالتعوذ منه في هذه الحالة، والخير كل الخير في اتباع هدية-صلى الله عليه وسلم- وفقنا الله لسلوك هدي خاتم النبين وقدوة الخلق أجمعين، وصلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

الصلاة خلف من يلحن في القراءة

الصلاة خلف من يلحن في القراءة المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 11/10/1426هـ السؤال هل الصلاة خلف إمام يلحن في قراءته تبطل صلاة المأموم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالواجب ألا يُعين في إمامة المساجد إلا من يُحسن القراءة من غير لحن، فإن كان الإمام يلحن في القرآن، وكان لحنه لا يحيل المعنى فلا حرج في الصلاة خلفه، وأما إن كان يلحن لحناً يحيل المعنى فإنه يجب تنبيهه والفتح عليه، فإن أعاد القراءة مستقيمة -فالحمد لله- وإلا لم تجز الصلاة خلفه، ووجب على الجهة المسئولة عزله. واللحن المحيل للمعنى مثل أن يقرأ: "أنعمت عليهم" بكسر التاء أو ضمها. ولا يجوز للمصلين التساهل بالصلاة خلف من لا يحسن القراءة؛ لكونه يلحن لحناً يحيل المعنى، بل المتعين في حقهم تقديم من يحسن القراءة من غير لحن مطلقاً، لا سيما مع كثرة المعتنين بكتاب الله تعالى قراءة وحفظاً في هذا الزمان. والله أعلم.

دليل منع الضحك في الصلاة

دليل منع الضحك في الصلاة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 18/06/1425هـ السؤال ما هو الدليل على منع الضحك بصوت مرتفع في الصلاة؟ وهل التبسم يبطلها؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالمصلي ممنوع من الكلام أثناء الصلاة، وهذا الأمر قد أجمع عليه أهل العلم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث معاوية بن الحكم السلمي-رضي الله عنه- الذي أخرجه الإمام مسلم (537) : "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن"، فالأقوال التي تقال في الصلاة حصرها النبي - صلى الله عليه وسلم- في التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن، فلا يجوز أن تتكلم في الصلاة بما هو من كلام الناس، وإذا ضحك المصلي في الصلاة بطلت صلاته؛ لأن هذا ينافي الخشوع، والحال التي ينبغي أن يكون عليها المصلي، بل قد يكون فيه شيء من الاستهزاء بهذه العبادة التي هو فيها، وبناء على ما تقدم فلا يجوز للمصلي أن يضحك في الصلاة، فإذا ضحك في الصلاة بطلت صلاته. أما التبسم فلا يأخذ هذا الحكم؛ لأنه ليس بضحك. والله أعلم.

صلى بالناس ناسيا أنه جنب

صلى بالناس ناسياً أنه جُنُب المجيب سليمان بن صالح الراشد مدير أعمال لجنة الشؤون الإسلامية بالشورى كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 12/10/1426هـ السؤال ما حكم من صلى وهو جُنُب، علماً أنه صلى يوماً إماماً؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيجب على من صلى وهو جنب أن يعيد الصلاة التي صلاها على هذه الحال، أما من صلى خلفه فليس عليه شيء. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سجود السهو

سجد الإمام للسهو بعد السلام فما يصنع المسبوق؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/سجود السهو التاريخ 10/8/1422 السؤال رجل مسبوق بالصلاة، وصار على الإمام سجود سهو بعد السلام، فماذا يصنع هذا المسبوق إذا سلم الإمام سلامه الأول قبل السجود؟ هل يسلم معه متابعة للإمام ويسجد معه للسهو؟ وإذا سلم سلامه الثاني بعد سجود السهو قام وأتى بما فاته من الصلاة، أم أنه لا يسلم معه وينفصل عن إمامة من حين سلامه الأول، وهل السلام الأول هو الذي تنقضي به الصلاة، أم السلام الثاني؟ الجواب على هذا المصلي إذا سلم الإمام السلام الأول، وكان يظن أن الإمام سيسجد للسهو فله أن ينتظر ولا يسلم، فإذا سجد الإمام سجد معه، وإن كان بعد ما سلم الإمام التسليم الأول قام، ثم رأى أن الإمام يريد السجود عن السهو فلا يرجع للسجود مع الإمام، وإنما يكمل صلاته، فإذا انتهى من صلاته سجد هو للسهو الذي فات عليه، لكون الإمام جعله بعد السلام، ولا يسوغ له أن يسلم مع الإمام لأجل أن يسجد معه السجود الثاني؛ لأن السلام انصراف من الصلاة، وهو لم يتمّ صلاته بعد.

إذا نسي الإمام التشهد الأول في الصلاة؟

إذا نسي الإمام التشهد الأول في الصلاة؟ المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/سجود السهو التاريخ 29/4/1422 السؤال صليت العشاء إماماً فلم اجلس للتشهد الأول ولم ينبهني أحد من المأمومين وبعد خروجي من المسجد غلب على ظني أنني تركت التشهد الأول، ثم سمعت اثنان يتكلمان يقولان: إن الإمام لم يجلس للتشهد الأول. بعدها أيقنت أنني لم اجلس للتشهد. فما حكم ذلك لي وللمأمومين؟ الجواب من ترك التشهد الأول في الصلاة سهواً وجب عليه أن يسجد للسهو سجدتين قبل السلام، فإن لم يسجد للسهو نسياناً أو جهلاً بالحكم ثم ذكر ذلك أو عَلِمَهُ بعد السلام من الصلاة سجد سجدتين إن كان قريباً، وإلا أعاد الصلاة، هذا أظهر الأقوال في المسألة، لأن التشهد الأول واجب في أظهر قولي العلماء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نسي التشهد الأول فسجد للسهو قبل السلام، وهذا مُخرَّج في الصحيحين من حديث عبد الله بن بحينة، ولولا أنه واجب ما جبره بالسجود، فدل ذلك على أن السجود بدل من التشهد، والبدل له حكم المبدل منه, فلا بد من الإتيان به. وأما من صلى معك فلا تُكَلَّف إخبارهم بهذا الحكم، بل الواجب على كل واحدٍ منهم أن يسأل عن أمور دينه، وفقك الله.

صلى الظهر ركعتين سهوا

صلى الظهر ركعتين سهواً المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/سجود السهو التاريخ 1/11/1423هـ السؤال لو أن شخصاً صلى صلاة الظهر ثم سلم بعد التشهد سهواً في الركعة الثانية، فما هو الحكم في هذه الحالة؟ الجواب عليه أن يقوم ويكمل صلاته ثم يسجد للسهو، والأفضل في مثل هذه الحال أن يكون سجوده للسهو بعد السلام، فإن سجد قبل السلام صح.

مواضع سجود السهو

مواضع سجود السهو المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصلاة/سجود السهو التاريخ 3/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. متى يشرع سجود السهو؟ الجواب سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ ما أسباب سجود السهو؟ جـ/ سجود السهو في الصلاة أسبابه في الجملة ثلاثة: (1) الزيادة. (2) والنقص. (3) والشك. فالزيادة: مثل أن يزيد الإنسان ركوعاً، أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً. والنقص: مثل أن ينقص الإنسان ركناً، أو ينقص واجباً من واجبات الصلاة. والشك: أن يتردد، كم صلى ثلاثاً، أم أربعاً مثلاً. أما الزيادة فإن الإنسان إذا زاد الصلاة ركوعاً أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً متعمداً بطلت صلاته؛ لأنه إذا زاد فقد أتى بالصلاة على غير الوجه الذي أمره به الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" مسلم (1718) . أما إذا زاد ذلك ناسياً فإن صلاته لا تبطل، ولكنه يسجد للسهو بعد السلام، ودليل ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حين سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- من الركعتين في إحدى صلاتي العشي، إما الظهر وإما العصر فلما ذكّروه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بما بقي من صلاته، ثم سلم ثم سجد سجدتين بعدما سلم، انظر البخاري (482) ، ومسلم (573) وحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم الظهر خمساً فلما انصرف قيل له: أزيد في الصلاة؟ قال:"وما ذاك؟ " قالوا: صليت خمساً، فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين البخاري (404) ، ومسلم (572) . أما النقص: فإن نقص الإنسان ركناً من أركان الصلاة فلا يخلو:

إما أن يذكره قبل أن يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، فحينئذ يلزمه أن يرجع فيأتي بالركن وبما بعده. وإما ألا يذكره إلا حين يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، وحينئذ تكون الركعة الثانية بدلاً عن التي ترك ركناً منها فيأتي بدلها بركعة، وفي هاتين الحالتين يسجد بعد السلام، مثال ذلك: رجل قام حين سجد السجدة الأولى من الركعة الأولى ولم يجلس ولم يسجد السجدة الثانية، ولما شرع في القراءة ذكر أنه لم يسجد ولم يجلس بين السجدتين، فحينئذ يرجع ويجلس بين السجدتين، ثم يسجد، ثم يقوم فيأتي بما بقي من صلاته، ويسجد السهو بعد السلام. ومثال لمن لم يذكره إلا بعد وصوله إلى محله من الركعة الثانية: أنه قام من السجدة الأولى في الركعة الأولى ولم يسجد السجدة الثانية ولم يجلس بين السجدتين، ولكنه لم يذكر إلا حين جلس بين السجدتين في الركعة الثانية، ففي هذه الحالة تكون الركعة الثانية هي الركعة الأولى، ويزيد ركعة في صلاته، ويسلم ثم يسجد للسهو. أما نقص الواجب: فإذا نقص واجباً وانتقل من موضعه إلى الموضع الذي يليه مثل: أن ينسى قول:"سبحان ربي الأعلى" ولم يذكر إلا بعد أن رفع من السجود، فهذا قد ترك واجباً من واجبات الصلاة سهواً فيمضي في صلاته، ويسجد للسهو قبل السلام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ترك التشهد الأول مضى في صلاته ولم يرجع وسجد للسهو قبل السلام انظر البخاري (1224) ، ومسلم (570) . أما الشك فإن الشك وهو: التردد بين الزيادة والنقص، مثل: أن يتردد هل صلى ثلاثاً أو أربعاً فلا يخلو من حالين: إما أن يترجح عنده أحد الطرفين الزيادة أو النقص، فيبني على ما ترجح عنده ويتم عليه ويسجد للسهو بعد السلام، وإما ألا يترجح عنده أحد الأمرين فيبني على اليقين وهو الأقل ويتم عليه، ويسجد للسهو قبل السلام مثال ذلك: رجل يصلي الظهر ثم شك هل هو في الركعة الثالثة أو الرابعة، وترجح عنده أنها الثالثة فيأتي بركعة، ثم يسلم، ثم يسجد للسهو.

ومثال ما استوى فيه الأمران: رجل يصلي الظهر فشك هل هذه الركعة الثالثة، أو الرابعة، ولم يترجح عنده أنها الثالثة، أو الرابعة فيبني على اليقين وهو الأقل، ويجعلها الثالثة ثم يأتي بركعة ويسجد للسهو قبل أن يسلم. وبهذا تبين أن سجود السهو يكون قبل السلام فيما إذا ترك واجباً من الواجبات، أو إذا شك في عدد الركعات ولم يترجح عنده أحد الطرفين. وأنه يكون بعد السلام فيما إذا زاد في صلاته، أو شك وترجح عنده أحد الطرفين. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- الجزء (14/14-17) ] .

نسيان سنة في الصلاة

نسيان سنة في الصلاة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/سجود السهو التاريخ 27/6/1424هـ السؤال ما حكم نسيان أي سنة في الصلاة؟ وهل القراءة في الصلاة الجهرية وراء الإمام ضرورية؟ وما حكم مسك الريح قبل وبعد وأثناء الصلاة؟ والسلام عليكم. الجواب سنن الصلاة لا تبطل الصلاة بتركها سهواً أو عمداً، ولكن إذا ترك مسنوناً من مسنونات الصلاة نسياناً، وكان من عزمه أن يأتي به سن له السجود؛ لأنه قول مشروع فيجبره بسجود السهو، أما لو ترك السنة عمداً فلا يشرع له السجود لعدم وجود السبب وهو السهو.

من أحكام سجود السهو

من أحكام سجود السهو المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/سجود السهو التاريخ 06/11/1425هـ السؤال ما طريقة الأحناف في سجود السهو؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الواجب على من يسأل عن أحكام دينه أن يسأل عنها وفق ما جاء في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم; فإذا تبين له الحكم مما جاء في الأدلة الشرعية فعليه الأخذ به والعمل بمقتضاه، ولا يحسن بالمسلم أن يسأل عن حكم الشيء على مذهب فلانٍ أو فلانٍ؛ لأن أهل العلم جميعًا إنما يعملون بالكتاب والسنة وينطلقون منهما. وعلى كلٍّ فإن لسجود السهو أحكامًا جاءت في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم; وبيَّنها أهل العلم، وأهمها: أولًا: أسباب سجود السهو ثلاثة، هي: الزيادة في الصلاة سهوًا، كزيادة ركعة أو سجدة، والنقص منها سهوًا، كنقص ركعة أو سجدة، والشك فيها، فإذا حصل سببٌ من هذه الأسباب شُرِعَ للمصلي أن يسجد سجدتين للسهو. ثانيًا: يجوز سجود السهو قبل السلام وبعده؛ لورود الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم; بذلك، والأمر فيه واسع، لكن قال بعض أهل العلم: إن الأفضل أن يكون السجود قبل السلام، إلا في موضعين، هما: الموضع الأول: إذا سلم قبل تمام الصلاة، كأن يسلم بعد الركعة الثانية من صلاة الظهر سهوًا، فإنه يكمل صلاته، ثم يسلم، ثم يسجد بعد السلام؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم; حينما سلم من الركعة الثانية في صلاة الظهر أو العصر، ثم أكمل صلاته، ثم سلم، ثم سجد سجدتين للسهو. متفق عليه: البخاري (714) ومسلم (573) .

الموضع الثاني: إذا شك في صلاته فلم يدرِ كم صلى ثلاثًا أم أربعًا في الرباعية، أو اثنتين أم ثلاثًا في المغرب، أو واحدةً أو اثنتين في الفجر، فإذا شك في ذلك وغلب على ظنه أحد الأمرين فإنه يعمل به، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين للسهو؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ". رواه البخاري (401) . ثالثًا: إذا كان الإنسان في صلاة جماعةٍ فإن الإمام يتحمَّل عن المأموين سهوهم، فإذا سجد الإمام للسهو سجد المأمومون معه، وإن لم يسجد لم يسجدوا ولو حصل من أحدهم سهو؛ لأن الإمام يتحمل هذا الأمر عن المأمومين، لكن لو كان المصلي مسبوقًا وحصل منه السهو مع إمامه أو فيما انفرد به بعد سلام إمامه فإنه يسجد للسهو؛ لأنه حينئذٍ بمثابة المنفرد. رابعًا: الدعاء في سجود السهو كالدعاء في سجود الصلاة. ما سبق ذكره هو أهم أحكام سجود السهو، ومن أراد الاستزادة من ذلك فعليه بكتب أحاديث الأحكام أو كتب الفقه، وذلك في باب سجود السهو من كتاب الصلاة. والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

متابعة الإمام إذا قام للخامسة

متابعة الإمام إذا قام للخامسة المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة كتاب الصلاة/سجود السهو التاريخ 13/04/1426هـ السؤال صلينا العشاء جماعة، فقام الإمام إلى الخامسة سهواً، ونبهناه إلا أنه أصر على القيام، فتابعناه في صلاته حتى أنهى الركعة الخامسة، وسجد للسهو، وسلم وسلمنا معه، فهل الصلاة صحيحة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز لكم متابعة الإمام إذا قام إلى خامسة في رباعية، أو إلى رابعة في صلاة المغرب، أو إلى ثالثة في صلاة الفجر، وإذا فعلتم ذلك متعمدين عالمين بهذا الحكم فصلاتكم غير صحيحة، أما إن كنتم جاهلين أو غير متأكدين فصلاتكم صحيحة بلا إشكال؛ لأن القاعدة: أن من فعل محظوراً في عبادة جاهلاً أو مكرهاً أو ناسياً فعبادته صحيحة ولا إثم عليه، ولا كفارة؛ للأدلة المعلومة في عدم مؤاخذة الجاهل والناسي والمكره. والله أعلم.

الذكر بعد الصلاة

رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة المجيب محمد بن عبد العزيز العامر القاضي بمحكمة جدة كتاب الصلاة/الذكر بعد الصلاة التاريخ 7/4/1422 السؤال السؤال: ما حكم رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة؟ الجواب جاء في الصحيح عن ابن عباس (رضي الله عنهما) ما يدل على أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من الصلاة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم كانوا يعرفون انقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، لكن ذهب الجمهور إلى أن هذا الفعل منسوخ ولم يتبين لنا ناسخ صريح لذلك، ولذا فالذي نراه أن الجهر بالذكر بعد الصلاة مشروع لصحة الدليل عليه والله أعلم.

رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة

رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم كتاب الصلاة/الذكر بعد الصلاة التاريخ 2/5/1422 السؤال ما حكم رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة؟ الجواب رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة لا أصل له، ولم ينقل عن أحد من الصحابة وإنما المشروع بعد الفريضة الذكر من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وإذا رأيت من يفعل ذلك فعليك بمناصحته بلطف ورفق فإن الرفق ما كان في شئ إلا زانه.

الدعاء عقب الصلوات المفروضة

الدعاء عقب الصلوات المفروضة المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/الذكر بعد الصلاة التاريخ 27/5/1424هـ السؤال نذهب لزيارة بعض الأصدقاء وعندما يأتي وقت الصلاة كصلاة المغرب مثلاً نصلي جماعة (في البيت) ,لبعد المساجد (في غير الجمعة) والحمد لله, وعندما تنتهي الصلاة يسلم الإمام على الرجال، ويقول لهم تقبل الله منكم، ويقولون له مثل ذلك, ثم يبدأ بالدعاء ويختم قائلاً إلى روح والدينا وأرواح أموات المسلمين جميعاً، وإلى روح نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- الفاتحة، ويبدأ الجميع بقراءة الفاتحة في سره. هل يجوز ذلك أم هو حرام؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء. الجواب الحمد لله، وبعد: السؤال فيه عدة جزئيات، أهمها حكم الصلاة التي تقام جماعة في البيوت، وهذه لا حرج فيها، وهي جائزة إن شاء الله تعالى، خاصة في حق من يعيشون في بلاد لا يدين أهلها بالإسلام، والمساجد فيها قليلة، وإن كان الأفضل في حق الرجال أن يحرصوا على أدائها في المساجد، لما في ذلك من الفوائد العظيمة التي تتحقق من التقاء المسلمين مع بعضهم البعض. وأما الشق الثاني: وهو ما يقوم به المصلون بعد فراغهم من صلاتهم، فهذا قد ورد فيه من الأحاديث ما بين فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الصلاة، فكل ما نقل من الأوراد والهيئات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مشروع فعله وقوله، والمسلم محكوم في باب العبادات بضابطين اثنين هما: الإخلاص والمتابعة، أي إخلاص العمل لله تعالى، وإيقاع العمل وفق ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -. فإذا اختل الشرط الأول كان العمل غير مقبول، وإذا اختل الشرط الثاني كان أمراً محدثاً في الدين، وهو مردود على صاحبه. ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن صحابته من بعده أنهم كانوا يخصون أدبار الصلوات بالأذكار والأدعية الجماعية، والخير كل الخير في اتباعهم، والله أعلم.

استقبال الإمام القبلة بعد السلام

استقبال الإمام القبلة بعد السلام المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الصلاة/الذكر بعد الصلاة التاريخ 5/5/1424هـ السؤال لدينا إمام غير راتب في المسجد من الإخوة العرب، بعد أن ينتهي من الصلاة يستدير جهة المأمومين يسبح ويهلل، ثم بعد حوالي أربع دقائق يستدير مرة أخرى جهة القبلة ـ وهو لا يزال في المحراب ـ ليدعو بصوت غير مسموع وبدون رفع يديه ـ وهو مداوم على هذا التصرف ـ هل تصرفه له أثر في السنة الشريفة. أم أنه نوع من البدعة، وجزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد ورد عن أبي أمامة - رضي الله عنه- قال: قيل" يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أي الدعاء أسمع قال: "جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات" رواه الترمذي (3499) وغيره، كما ورد فعل ذلك عن الصحابة - رضي الله عنهم -. وما يفعله هذا الإمام غير الراتب لا يدخل تحت البدعة حتى ولو داوم عليه، لأن هذا ما وردت به السنة. لكن متى كان هذا الفاعل رجلاً مرموقاً بين الناس وهو محل للاقتداء، وكان يفعل ذلك أمام الناس وبحضرتهم وعلى صورة مستمرة خشي أن يظن بعض الجهال والعوام أن ذلك من الأمور الواجبة بعد الصلاة وأنه لا يسع المصلي تركه. فمن هذه الجهة وسداً لذريعة الاعتقاد الخاطئ ودرءاً للبس يحسن لهذا الفاعل أن يترك الدعاء أحياناً، وهذا من باب الفقه في الدين، والاحتياط في بيان هذه الشريعة. ولهذا الباب أعني سد الذرائع أصل في فعل السلف، فقد كان بعض الصحابة - رضي الله عنهم - يترك الأضحية مع قدرته عليها خشية أن يظن الناس أنها واجبة. أما الدعاء جماعة؛ بحيث إن الإمام يدعو ويؤمن المأمومون على دعائه، يداومون على ذلك، فهذا الفعل بدعة قطعاً.

والدليل على بدعيته أن ذلك لم ينقل فعله عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه - رضي الله عنهم -، وكذا لم ينقل فعله عن الصحابة - رضي الله عنهم. اللهم إلا إن فعل ذلك على سبيل التعليم أو لعارض، لكن دون مداومة، مع أمن ذريعة أن يعتقد بعض الناس مشروعيته أو سنته بعد كل صلاة، والحاصل: أن الدعاء مشروع بل مسنون في أدبار الصلوات المكتوبات، وهو من مواطن إجابة الدعاء، لكن هل يدعو قبل التسليم من الصلاة أو بعد الانصراف من الصلاة فقد اختلف أهل العلم في معنى (دبر الصلاة) هل هو آخر الصلاة قبل التسليم منها، أو هو بعد الانصراف من الصلاة؛ لأن دبر الشيء يحتمل في اللغة كلا المعنيين، والأمر في هذا واسع، لكن من أراد أن يدعو بعد الانصراف من الصلاة كان الأولى في حقه أن يؤخر دعاءه حتى يفرغ من الإتيان بالأذكار التي تقال بعد الصلاة، والله الموفق.

صلاة الجماعة

التحول من إمام إلى آخر المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/صلاة المسبوق التاريخ 13/7/1425هـ السؤال هل يجوز تغيير النية داخل الصلاة؟ بمعنى أن رجلاً اتخذ إماماً وكان هذا الإمام مسبوقاً في الصلاة، فلم يستجب هذا الإمام للمأموم، فقام المأموم بتغيير هذا الإمام بمسبوق آخر. أفيدونا. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بالنسبة للمسبوق إذا أتى للمسجد ينتظر حتى يجد بعض المسبوقين من أمثاله ممن يريدون قضاء هذه الصلاة فيصلي معهم، ولم يرد أن الشخص يدخل مع شخص مسبوق قد أدرك جزءاً من الصلاة فيتخذه إماماً له، ولذا فالأولى له الانتظار حتى يدخل بعض الناس من أمثاله فيصلي معهم جماعة، ولا يفعل هذا الفعل، وهو تنبيه بعض المسبوقين حتى يكون إماماً له، وبالنسبة للمسبوق لو أراد أن يحول النية من نية الانفراد إلى نية الإمامة فهذا جائز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- في ليلة من الليالي كان يصلي وحده، ثم أتى بعد ذلك ابن عباس - رضي الله عنهما- وصلى معه فأتم النبي - صلى الله عليه وسلم- به الصلاة، والحديث مخرج في الصحيحين. البخاري (883) ، ومسلم (763) .

الصلاة خلف من لا يحسن القراءة

الصلاة خلف من لا يحسن القراءة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 15/5/1422 السؤال ما حكم من صلّى خلف إمامٍ لا يُحسن قراءة الفاتحة، بمعنى أنه يرفع المنصوب، وينصب المرفوع، أي لا يُحسن المعاملة في علامات البناء والإعراب، ولقد سمعت أنّ الإمام إذا أخطأ في هذه، فإن صلاة المأموم غير صحيحة، والله أعلم. ومع الأسف نجد من يتولى الإمامة من هذه الشريحة الجاهلة. الجواب إذا لَحَن الإمام في الفاتحة لحناً يحيل المعنى، فلا تصح صلاته، ولا من خلفه. وإذا كان لحنه لا يحيل المعنى فالصلاة صحيحة - إن شاء الله -. ومثال اللحن الذي يحيل المعنى، رفع التاء من قوله تعالى: ((صراط الذين أنعمت عليهم)) . واللحن الذي لا يحيل المعنى، رفع الباء من قوله تعالى: ((الحمد لله رب العالمين)) . والله أعلم.

إذا انتقض وضوء الإمام

إذا انتقض وضوء الإمام المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/مبطلات الصلاة التاريخ 15/5/1422 السؤال إذا انتقض وضوء الإمام ماذا يفعل؟ الجواب إذا بطلت طهارة الإمام في الصلاة بطلت صلاته؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) . وأما صلاة المأمومين فصحيحة؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) رواه البخاري. ولأن عمر -رضي الله عنه- لما طُعن استخلف عبد الرحمن بن عوف. والأفضل للإمام أن يستخلف كما فعل عمر، فإن لم يفعل استخلف المأموم، أو صلوا فرادى.

متابعة الإمام بسماعه أم برؤيته؟

متابعة الإمام بسماعه أم برؤيته؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 22/7/1422 السؤال هل متابعة المأموم لإمامه يكون على التكبير، أم على فعل الإمام؟ الجواب الذي يظهر أنّ في المسألة تفصيلاًَ يقتضيه حال المأموم ومكانه من الإمام. 1- فإن كان المأموم بمكان يرى فيه الإمام، فمتابعته له تكون بعد تحقُّق الأمرين جميعاً: التكبير والفعل؛ لأن بعض الأئمة يشرع في الانتقال إلى الركن ثم يكبِّر، وبعضهم يقدِّم التكبير ثم يشرع في الانتقال. وقد أخرج البخاري عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده، لم يحْنِ أحدٌ ِمنَّا ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجداًَ، ثم نقع سجوداً بعده. وفي سنن أبي داود: عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنما جُعل الإمام ليؤتمّ به، فإذا كبّر فكبّروا، ولا تكبّروا حتى يكبّر وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع)) . 2- وإن كان المأموم بعيداً عن الإمام بحيث لا يراه، فهذا لا تكون متابعته له إلا على تكبيرهِ؛ لاستحالة متابعته على الفعل، وما شرع للإمام رفع الصوت بالتكبير إلا لتحقيق الائتمام به.

هل يجوز للمقعد أن يؤم المصلين؟!

هل يجوز للمقعد أن يؤم المصلين؟! المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 22/2/1425هـ السؤال أنا معاق لا أقدر على القيام، هل تجوز لي إمامة المصلين؟ وكيف تصلي زوجتي معي جالسة أم قائمة؟ ولكم الشكر. الجواب إذا كنت لا تقدر على القيام فلا تجوز لك إمامة القادرين على القيام لا في المسجد ولا مع زوجتك، قال في المغني: (ولا يؤم القاعد من يقدر على القيام إلا بشرطين: أحدهما: أن يكون إمام الحي نص عليه أحمد. الثاني: أن يكون مرضه يرجى زواله؛ لأن إمامة من لا يرجى زوال علته يفضي إلى ترك القيام على الدوام) .

الصلاة خلف الأشعري

الصلاة خلف الأشعري المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 4/12/1424هـ السؤال يا شيخنا الفاضل: هل يجوز لي الصلاة خلف شيخ يصرح بعقيدته الأشعرية، ويجيز التوسل بالرسول -عليه الصلاة والسلام- ويستدل بحديث الأعمى، وأيضا يقول: كيف تجعلون الحياة سبباً في إجابة الدعاء؟ .أفيدونا -جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: فأقول ومن الله أستمد العون والتوفيق:

حديث توسل الأعمى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- واسشفاعه به أن يرد الله -تعالى- بصره رواه الترمذي (3578) ، وابن ماجة (1385) وغيرهما عن عثمان بن حنيف - رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-،ومن الناس من يقول: إن هذا يقتضي جواز التوسل به - صلى الله عليه وسلم- حياً وميتاً، ويحتج به من يتوسل بذاته بعد موته وفي مغيبه، وهذا الحديث في صحته نظر، وقد بين بعض المحققين من أهل العلم أنه على تقدير صحته فليس فيه دليل على التوسل بذات النبي - صلى الله عليه وسلم- بل فيه التوسل بدعائه - صلى الله عليه وسلم- ربه أن يرد إلى هذا الأعمى بصره، والمسألة كما ترى خلافية، والراجح فيها عدم جواز التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم-، وأما الشيخ الذي ذكرته في سؤالك فأرى لك أن تناقشه مناقشة علمية هادئة مبناها على المناصحة وتحري إصابة الحق في هذه المسألة أو غيرها من المسائل إن كانت لديك القدرة على ذلك، وأما الصلاة خلفه فقد ذكر العلماء أنه ليس من شرط الإئتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه، ولا أن يمتحنه فيقول: ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف مستور الحال، ولو صلى مبتدع يدعو إلى بدعته، أو فاسق ظاهر الفسق وهو الإمام الراتب الذي لا يمكنه الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة والعيدين والإمام في صلاة الحج بعرفة ونحو ذلك، فإن المأموم يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف. ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع عند أكثر العلماء، والصحيح أنه يصليها، ولا يعيدها، فإن الصحابة - رضي الله عنهم- كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون، كما كان عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- يصلي خلف الحجاج بن يوسف، وكذلك أنس - رضي الله عنه-، وكان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

وفي الصحيح أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه- لما حصِر صلى بالناس شخص فسأل سائل عثمان- رضي الله عنه-: "إنك إمام عامة، وهذا الذي يصلي بالناس إمام فتنة، فقال: يا ابن أخي، إن الصلاة من أحسن ما يفعل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم، وإذا أسأؤوا فاجتب إساءتهم"خرجه البخاري في صحيحه بشرحه الفتح كتاب الأذان/ باب إمامة المفتون والمبتدع حديث رقم (695- ج-2/188) . والفاسق والمبتدع صلاته في نفسها صحيحه، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته، لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب. ومن ذلك أن من أظهر بدعة وفجوراً لا يرتب إماماً للمسلمين فإنه يستحق التعزير حتى يتوب فإن أمكن هجره حتى يتوب كان حسناً، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أثر ذلك في إنكار المنكر حتى يتوب، أو يعزل، أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان في ذلك مصلحة شرعية، ولم تفت المأموم جمعة ولا جماعة. وأما إذا أدى ذلك إلى أن تفوته الجمعة، فهنا لا يترك الصلاة خلفه إلا مبتدع مخالف للصحابة - رضي الله عنهم-، وكذلك إذا كان الإمام قد رتبه ولاة الأمور ليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية فهنا لا تترك الصلاة خلفه، بل الصلاة خلفه أفضل، فإذا أمكن الإنسان ألا يقدم مظهراً للمنكر في الإمامة وجب عليه ذلك، لكن إذا ولاه غيره ولم يمكنه صرفه عن الإمامة أو كان لا يتمكن من صرفه عن الإمامة إلا أعظم ضرراً أعظم من ضرر ما أظهر من المنكر فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بحصول أعظمهما، فإن الشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان فتفويت الجمع والجماعات أعظم فساداً من الاقتداء فيهما بالإمام الفاجر، لا سيما إذا كان التخلف عنها لا يدفع فجورا، ً فيبقى تعطيل المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة.

وأما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البر فهذا أولى من فعلها خلف الفاجر، فتأمل هذا -يا أخي- وتدبره؛ فإن الحاجة ماسة إلى فهمه، وانظر بسط القول في هذا في شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (2/529-534) ، وانظر في التوسل مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (3/286-287) ، ومنهاج السنة النبوية (1/66) ، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية فتاوى العقيدة المجلد (1/349-354) . والله الموفق، وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الائتمام بمن لم ينو الإمامة

الائتمام بمن لم ينو الإمامة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 3/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل من الممكن أن أصلي خلف زوجي بعد أن بدأ الصلاة بدون أن يكون عنده علم بأني سأصلي خلفه، يعني: ليس عنده نية الجماعة؟ الجواب نعم لكِ ذلك، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام يصلي ثم قام ابن عباس -رضي الله عنهما- فوقف عن يسار النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده فأداره عن يمينه، وصلى ابن عباس مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلك أن تصلي مع زوجك، وإن لم يكن نوى الإمامة.

إمامة المرأة للنساء

إمامة المرأة للنساء المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 3/11/1423هـ السؤال جعل البعض من العلماء الذكورة شرطاً للإمامة، ومنعوا بذلك إمامة المرأة للنساء مع أن السيدة عائشة قد أمت النساء كما ورد في بعض الكتب، فما رأيكم وما هو الأرجح والأفضل في هذا الخصوص وما شروطه؟ الجواب الحمد لله وبعد فإن إمامة المرأة للنساء في الصلاة الفريضة أو النافلة مشروعة على الصحيح من أقوال أهل العلم ولا كراهة فيها، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة لما ثبت في سنن أبي داود (591) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها، ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها -، كما أشير في السؤال - أنها أمت نساءً في الفريضة أخرجه البيهقي (3/131) وغيره وصحح إسناده النووي، وجاء ذلك أيضاً عن أم سلمة وغيرها، نفس المرجع. فإذا تيسر للنساء أن يصلين جماعة كالتراويح فهذا حسن بشرط أن يقتصر الأمر على النساء فلا يطلع عليهم من الرجال الأجانب أحد أو يسمع صوتهن، وتكون من تؤمهن وسطهن لما جاء عن عائشة - رضي الله عنها، والله أعلم.

متابعة إمام يترك بعض السنن

متابعة إمام يترك بعض السنن المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 24/8/1423هـ السؤال هل تجب متابعة الإمام إذا لم يقبض ولم يجلس جلسة الاستراحة؟ الجواب هذه المسألة محل تفصيل، ويتضح هذا ببيان المراد بمتابعة المأموم للإمام، فأقول: المراد بالمتابعة: ألا يسبق المأموم الإمام بفعل من أفعال الصلاة الظاهرة -كما صرح به الإمام النووي في شرح صحيح مسلم-، وألا يتخلف عنه بفعل من الأفعال، سواء في تكبيرة الإحرام، أو في تكبيرات الانتقال، أو في القيام، أو في الركوع، أو في السجود، أو في التسليم من الصلاة. وعلى هذا، فالواجب متابعة الإمام في ذلك الفعل -بحيث يقوم إذا قام، ويسجد إذا سجد، و ... ويؤدي ذلك في زمنه-، بحيث يقوم بالفعل عقب فعل الإمام بلا تأخر. وأما هيئة الفعل أو صفته، كالقبض أو السدل حال القيام، والتورك أو الافتراش حال الجلوس، ونحو ذلك من الهيئات، فلا تجب فيها متابعة الإمام، وإنما يفعل المصلي ما يسن له في ذلك الحال، ويدل على ما تقدم حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الثابت في الصحيحين البخاري (722) واللفظ له، ومسلم (414) عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون" وعلى هذا فلا تشرع متابعة الإمام في ترك القبض، بل المشروع قبض اليد اليمنى على اليسرى ووضعهما على الصدر، كما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في حديث وائل بن حجر -رضي الله عنه- الذي رواه ابن خزيمة في صحيحه (1/242 -243) . هذا بالنسبة لمسألة القبض المذكورة في الشطر الأول من السؤال.

وأما بالنسبة لجلسة الاستراحة، فعلى القول بأنها سنة مطلقاً -للمحتاج وغيره- فإن المشروع متابعة الإمام؛ لأن المتابعة واجبة والجلسة سنة، فتقدم المتابعة لهذا السبب، كما أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (مجموع الفتاوى 22/451-452) . بل إن الواجب قد يترك لأجل متابعة الإمام، كما إذا سها الإمام فقام ولم يجلس للتشهد الأول فإن المأموم يلزمه متابعة الإمام ولو ترك الواجب، بل وقد يترك المأموم الركن من أجل متابعة الإمام كما يدل لذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين" والحديث في الصحيحين، سبق تخريجه. وقد يقال إن هذه الجلسة يسيرة لا يحصل بها تخلف عن الإمام، والجواب: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" ... وإذا ركعوا فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا ... " سبق تخريجه فأتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب دون مهلة، وهذا يدل على أن المشروع في حق المأموم ألا يتأخر عن الإمام ولو يسيراً، وهذا هو حقيقة الائتمام، كما قرر ذلك فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- في (الشرح الممتع 3/192-193) ، والله -تعالى- أعلم.

صلاة المرأة مع زوجها

صلاة المرأة مع زوجها المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 28/10/1422 السؤال كيف يصلي الرجل بزوجته؟ الجواب إذا صلى الإنسان بامرأة، يعني: الإمام رجل والمأموم امرأة، وهما اثنان فإن المرأة تكون خلف الرجل لا تكون على يمينه، وإنما تكون وراءه، وهم بهذا يعدون جماعة. والله أعلم.

مدخن وأصلي بزملائي، فما الحكم؟

مدخن وأصلي بزملائي، فما الحكم؟ المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 18/10/1422 السؤال أنا في عملي أقوم بإمامة زملائي في الصلاة، الحمد لله أنا أحفظ سوراً من القرآن وليس عليّ ملحوظات إلا أنني أدخن وثوبي طويل، فهل يجوز أن أصبح إماماً لهم؟ ولا يوجد أحد من الزملاء المصلين معي أحفظ مني وأحرص على وقت الصلاة، فأنا أذهب إلى المصلى مبكراً وزملائي في معظم الأحيان يتأخرون. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أخي السائل، أنت مأجور - إن شاء الله- على صلاتك بزملائك في العمل لما ذكرت من حالك أنك أكثرهم حفظاً للقرآن؛ لأن الأحق بإمامة القوم أقرؤهم لكتاب الله - سبحانه وتعالى -. وأما ما ذكرته من التدخين وإطالة الثوب فلا شك أنك مرتكب معصية في هذه الأمور، فيجب عليك البعد عنها والتوبة إلى الله - سبحانه وتعالى - منها، فالدخان من الخبائث التي حرمها الله - سبحانه وتعالى - على عباده، كما أن إطالة الثوب من الذنوب العظيمة التي جاء فيها التهديد والوعيد، كما في صحيح مسلم (106) عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئاً إلاّ منَّة، والمنفِّق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل إزاره " والله أعلم.

صلاة العشاء خلف من يصلي المغرب

صلاة العشاء خلف من يصلي المغرب المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 23/10/1422 السؤال توقفت لأداء صلاة المغرب في إحدى المحطات وأنا مسافر بين القصيم والرياض وعند الانتهاء من صلاة المغرب قمت أنا ومجموعة معي والتحقنا بجماعة أخرى ظنا منا أنهم يصلون العشاء جمع تقديم ولكن تبين لنا بعد التشهد الأول أنهم يصلون المغرب حيث أن الإمام قام للركعة الثالثة فوجدت الناس على ثلاث حالات: فمنهم من سلم وانصرف، ومنهم من قام مع الإمام ثم جاء بركعة رابعة ثم سلم، ومنهم من جلس ينتظر الإمام في التشهد الأول حتى أتم الإمام الركعة الثالثة ثم سلم معه. السؤال: أي الحالات الثلاث هي التي وافقت السنة؟ الجواب الحمد لله: ما ذكره السائل هي مسألة: إمامة من يصلي فرضاً بمن يصلي فرضاً غيره وهي من المسائل الخلافية عند الفقهاء: فالجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة يرون عدم صحة إئتمام من يصلي فرضاً خلف من يصلي فرضاً آخر، لاختلاف النية بينهما. ويرى الشافعية، وشيخ الإسلام، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين -رحمهم الله-: صحة تلك الصلاة: لعموم الأدلة، وبناء على أنه لا يضر اختلاف نية الإمام عن نية المأموم إذ لا دليل عليه من الشرع. وعلى هذا: فإنكم صليتم العشاء خلف من يصلي المغرب وقلنا بصحة هذه الصلاة فماذا تفعلون؟ أقرب الأجوبة عندي أنكم تتمون صلاة العشاء بركعة رابعة، ولو حصل العكس وصليتم المغرب خلف من يصلي العشاء أربعاً فإنه لا بد لكم من التوقف عند الركعة الثالثة في التشهد وانتظار الإمام حتى يأتي بالرابعة ثم يسلم ثم تسلمون بعده ليقع سلامكم (الذي هو ركن في الصلاة) بعد سلام الإمام فتحصل لكم المتابعة المطلوبة شرعاً، والله تعالى أعلم.

ينظر كتاب: مجموع فتاوى الشيخ / عبد العزيز بن باز (1/481) والشرح الممتع للشيخ / محمد بن عثيمين (4/364) .

أصلي بالأطفال فهل أجهر بالقراءة؟

أصلي بالأطفال فهل أجهر بالقراءة؟ المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 20/9/1422 السؤال إذا صليت بأطفال لم يبلغوا الحلم صلاة جهرية فهل أقرأ جهراً أم لا؟ علماً أن الأطفال تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات إلى سبع، وجزاكم الله خيراً. الجواب المشروع لك الجهر بالقراءة؛ لأنه سنة في حق الإمام، ومثله المنفرد، وإن كان في الأطفال من أتم السابعة فأنتم جماعة؛ لأن أقل الجماعة اثنان. وبالله التوفيق.

ضحك الإمام في خطبة الجمعة

ضحك الإمام في خطبة الجمعة المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 10/6/1423هـ السؤال ما حكم ضحك الإمام أثناء خطبة الجمعة؟ وما الحكم إذا أضحك الحضور؟ وهل هذا يبطل جمعتهم؟ وهل هناك خلاف في المذاهب الأربعة في حكم ذلك؟ حيث إن هذا يحدث في مسجدنا أثناء خطبة الجمعة، وبما أن المصلين من مختلف الجنسيات والمذاهب لم أستطع أن أنكر ذلك؛ لعدم معرفتي إذا كان هناك خلاف أم لا في هذه المسألة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: إذا ضحك الإمام مرة دون قهقهة أو رفع صوت لمناسبة، كما فعل علي -عليه السلام- حين ركب دابته ودعا بالدعاء المعروف حين اعتلاء الدابة، وقال: إنه -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك انظر: الترمذي (3446) وأبو داود (2602) ، فلا شيء فيه -إن شاء الله تعالى-، وأما لغير ذلك فلا ينبغي ولا يجوز، وإذا كان الإمام يفعل ذلك دائماً فهذا ينصح؛ لأن خطبة الجمعة تذكير ووعظ وتعليم وإرشاد، وفعل الضحك ينافي ذلك، فإن استمر فليبحث عن مسجد آخر. وأما إن كان يضحك ويُضحك الناس معه، كأن يأتي في خطبته من الكلام ما يثير الضحك، فهذا لا يصلى خلفه -إن وجدت جماعة أخرى-، فإن هذا لم يعرف رسالة الخطبة ولا جلال هذا المقام، فهذا ينصح ويبين له المقصود من الخطبة، فإن استقام وإلا يصلى خلفه اضطراراً، سيما في تلك الديار التي يتعذر فيها وجود الجمعة، وأما صلاته فصحيحة، والله أعلم.

إمامة الفاسق

إمامة الفاسق المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 5/5/1423 السؤال أنا طالب في أمريكا وأذهب إلى المسجد باستمرار, ولكن إمام ذلك المسجد -وهو الوحيد في المدينة- عليه الكثير من الملاحظات كالكذب وهو أيضاً يسب الشيخ الألباني، وقد قالوا له ما رأيك في الألباني؟ فقال: أعوذ بالله. وقد سب أيضاً بعض العلماء المعاصرين في خطب الجمعة. وإن قراءته للقرآن فيها الكثير من الأخطاء. وهو أيضاً ليس حافظاً للقرآن وإنما بعض السور القصيرة التي دائماً يرددها ولا يبذل قليل الجهد ليحفظ غيرها. فهل لي أن أصلي في بيتي؟ الجواب لا يجوز تولية الفاسق إمامة الصلاة، فإن أمّ الناس صحت الصلاة خلفه على القول الراجح، وإن كان الأولى والأفضل والأحوط هو الصلاة خلف الإمام العدل إذا تيسر ذلك. وأما خطأ الإمام في القراءة فإن كان لا يُغير المعنى فلا حرج في الصلاة خلفه، وإن كان يُغير المعنى فلا يصلى خلفه ولا يجوز له أن يتقدم للصلاة بالناس لا سيما اللحن في الفاتحة؛ لأن قراءتها ركن في الصلاة. ولا يشترط في الإمام أن يكون حافظاً للقرآن كاملاً، لكن عليه الاجتهاد في حفظ وتجويد ما تيسر من القرآن الكريم أو حفظه كله. وليس للأخ السائل أن يصلي في بيته؛ لأن صلاة الجماعة واجبة على من يسمع النداء من الرجال إلا من كان له عذر من مرض أو خوف. وينبغي على المأمومين مناصحة الإمام فيما يرونه من معاصٍ، مع الاجتهاد والتحري في تولية الإمامة لأهل العلم المعروفين بالعدالة والاستقامة؛ فإن الإمامة في الصلاة أمانة عظيمة وهي من الإمامة في الدين، وبالله التوفيق.

دخول ثالث: يتقدم الإمام أم يتأخر المأموم؟!

دخول ثالث: يتقدم الإمام أم يتأخر المأموم؟! المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 19/5/1425هـ السؤال عندما أصلي مع الإمام ويأتي شخص ثالث، فهل السنة أن أتأخر عن الإمام أو أن يتقدم الإمام؟ وما رأيكم؟ أنا أسمع الآذان، ولكني أصلي جماعة مع إخوتي في البيت؛ لأن المسجد بعيد، مسافة 350م، فهل علي إثم؟ وماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب كلاهما جائز حسب الأسهل والأرفق، إن تأخر المأموم وصففت معه فحسن، وإن تقدم الإمام خطوات فلا بأس. ثم إن مسافة 350م قريبة جداً، وتعدون من جيران المسجد فلا يجوز أن تتركوا الجماعة وتصلوا في البيت.

إمامة المفضول

إمامة المفضول المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 23/5/1424هـ السؤال نحاول إقامة مركز إسلامي في مدينة صغيرة في أمريكا، ويوجد عندنا مسلمون من مناطق شتى، وأحياناً يقوم شخص لا يتقن العربية تماماً بإمامة المصلين، ولا تخرج حروف القرآن من فمه بصورة صحيحة، ولا يتَّبع قواعد التجويد، ومن بيننا من لا يتقن قواعد التجويد، لكنهم يخجلون من التقدم للإمامة، فهل يجوز أن يؤم شخص الصلاة، بينما من المصلين من هو أقدر منه على قراءة القرآن؟ وهل يكون الشخص الآخر مخطئاً لعدم تقدمه للإمامة؟. الجواب إذا كان اللحن في الفاتحة فينظر فإن أدغم فيها ما لم يدغم بأن قال: الحمد للرب العالمين، أو أبدل حرفاً بحرف، فقال: الحمد لله لب العالمين، باللام، أو لحن بالفاتحة لحناً يحيل المعنى بأن قال" إياكِ، بكسر الكاف فإمامته لا تصح إلا بمثله، وإن كان لحنه في الفاتحة لا يحيل المعنى بأن فتح كلمة نستعين مثلاً، فهذا تصح إمامته مع الكراهة، وإن كان لحنه في غير الفاتحة فهذا تصح إمامته مع الكراهة، وعلى هذا فيتعين على من يحسن الفاتحة أن يؤم الناس إذا كانت إمامة الإمام لا تصح كما تقدم، فإن كانت إمامة الإمام تصح مع الكراهة فقد خالف هؤلاء الجماعة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال:"يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" رواه مسلم (673) من حديث أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- وأخشى أن يدخلوا تحت قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إذا أم الرجل القوم وفيهم من هو خير منه لم يزالوا في سفال" ذكره الإمام أحمد في الرسالة السنية ضمن مجموعة الحديث النجدية (457) انظر المغنى لابن قدامة (3/16) ، وموسوعة الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة (1237) .

الأولى بالإمامة

الأولى بالإمامة المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 1/11/1424هـ السؤال أريد أن أعرف شروط الإمامة في الصلاة، بمعنى من الأولى بأن يكون الإمام عند الاختلاف بين المصلين؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الأولى بالإمامة الأجود قراءة لكتاب الله تعالى، وهو الذي يجيد قراءة القرآن: بأن يعرف مخارج الحروف، ولا يلحن فيها، ويطبق قواعد القراءة من غير تكلف ولا تنطع، ويكون مع ذلك يعرف فقه صلاته وما يلزم فيها؛ كشروطها وأركانها وواجباتها ومبطلاتها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" مسلم (673) . وما ورد بمعناه من الأحاديث الصحيحة، مما يدل على أنه يقدم في الإمامة الأجود قراءة للقرآن الكريم، الذي يعلم فقه الصلاة؛ لأن الأقرأ في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون أفقه. فإذا استووا في القراءة، فيقدم الأفقه (أي: الأكثر فقهاً) ؛ لجمعه بين ميزتين: القراءة والفقه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - "فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنة" مسلم (673) ، أي: أفقههم في دين الله، ولأن احتياج المصلي إلى الفقه أكثر من احتياجه إلى القراءة؛ لأن ما يجب في الصلاة من القراءة محصور، وما يقع فيها من الحوادث غير محصور. فإذا استووا في الفقه والقراءة؛ قدم الأقدم هجرة، والهجرة: الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام. فإذا استووا في القراءة والفقه والهجرة قدم الأكبر سناً، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وليؤمكم أكبركم"، متفق عليه البخاري (628) ومسلم (674) ؛ لأن كبر السن في الإسلام فضيلة، ولأنه أقرب إلى الخشوع وإجابة الدعاء.

والدليل على هذا الترتيب الحديث الذي رواه مسلم عن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سنَّا" (سبق تخريجه) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفضيلة بالعلم بالكتاب والسنة، فإن استووا في العلم، قدم بالسبق إلى العمل الصالح، وقدم السابق باختياره إلى العمل الصالح (وهو المهاجر) على من سبق بخلق الله وهو كبر السن) انتهى. هناك اعتبارات يقدم أصحابها في الإمامة على من حضر، ولو كان أفضل منه، وهي: أولاً: إمام المسجد الراتب، إذا كان أهلاً للإمامة لم يجز أن يتقدم عليه غيره، ولو كان أفضل منه، إلا بإذنه. ثانياً: صاحب البيت، إذا كان يصلح للإمامة لم يجز أن يتقدم عليه أحد في الإمامة، إلا بإذنه. ثالثاً: السلطان، وهو: الإمام الأعظم أو نائبه، فلا يتقدم عليه أحد في الإمامة، إلا بإذنه، إذا كان يصلح للإمامة. والدليل على تقديم أصحاب هذه الاعتبارات على غيرهم: ما رواه أبو داود (582) من قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه ... إلا بإذنه"، وفي صحيح مسلم (673) : "لا يؤمن الرجل الرجل في أهله ولا في سلطانه ... إلا بإذنه". وسلطانه: محل ولايته أو ما يملكه. قال الخطابي: (معناه: أن صاحب المنزل أولى بالإمامة في بيته إذا كان من القراءة أو العلم بمحل يمكنه أن يقيم الصلاة) ، وإذا كان إمام المسجد قد ولاه السلطان أو نائبه أو اتفق على تقديمه أهل المسجد، فهو أحق؛ لأنها ولاية خاصة، ولأن التقدم عليه يسيء الظن به، وينفر عنه.

الصلاة خلف الرافضي

الصلاة خلف الرافضي المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 18/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا الآن في الخارج للدراسة ويوجد معنا بعض الرافضة فما حكم الصلاة خلفهم، لا سيما أن كل واحد يصلي لوحده خلال ساعات العمل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: الصلاة خلف الرافضة الاثني عشرية الذين يلتزمون في مذهبهم أصولاً كفرية كسب جميع الصحابة -رضي الله عنهم- أو تكفيرهم أو اعتقادهم تحريف القرآن أو نقصه فهؤلاء لا تصح الصلاة خلفهم بحال، ولا مصافتهم مأمومين إذا عرف هذا عنهم، سواء صرحوا به أو عرف عنهم الانتساب لأصول تلك الفرقة، ولم يثبت عنهم رجوعهم إلى السنة، وهذا عليه عامة السلف وأئمة السنة، يقول الإمام سفيان بن عيينة -رحمه الله-: (لا تصلوا خلف الرافضي ولا خلف الجهمي ولا خلف القدري..) ، وسئل الإمام أحمد -رحمه الله- عن الذي يشتم معاوية -رضي الله عنه-: أيصلى خلفه؟ قال: (لا يصلى خلفه ولا كرامة) . وقال البخاري -رحمه الله-: (ما أبالي أصليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى) ، ومثله عن الشافعي -رحمه الله تعالى- وغيرهم من الأئمة قديماً وحديثاً. والذي أراه لك بذل النصيحة لهم ودعوتهم ومحاولة التأثير عليهم، وذلك ممكن كما هو مجرب لكثرة الجهل فيهم والتقليد المجرد عن الدليل. فاستعن بالله واعتصم به وحده، وكن مؤثراً لا متأثراً، فإن ضعفت أو عجزت فالسلامة لا يعدلها شيء، والله الموفق.

إمام يسمع الأغاني ويأتي بعض الكبائر

إمام يسمع الأغاني ويأتي بعض الكبائر المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 3/8/1424هـ السؤال أنا أعمل في كلية الشرطة، ونصلي وراء إمام يسمع الأغاني وعنده بعض الكبائر، وأنا خائف إذا اشتكيته أن يفصلوني من العمل لمحبة الضباط له فماذا أفعل؟. الجواب أما بالنسبة للصلاة خلفه فهي جائزة، والصلاة صحيحة، لأن الذي عليه أهل السنة والجماعة جواز الصلاة خلف كل بر وفاجر، ما دام أنه لم يقع في مكفر من المكفرات، ولكن مع هذا حاول مرة بعد أخرى مناصحة هذا الإمام، والمسؤولين كذلك، بالأسلوب المناسب، ولا تمل، لعل الله تعالى أن يجعل هدايته على يديك، وإن كان بالقرب منكم إمام آخر أحسن حالاً منه فصل معه إن أمكن، نسأل الله تعالى أن يهدي المسلمين، والله تعالى أعلم.

إمامة المسافر للمقيم والعكس

إمامة المسافر للمقيم والعكس المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 12/8/1424هـ السؤال ما حكم إمامة المسافر للمقيم والعكس؟ الجواب الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يضر اختلاف نية الإمام عن نية المأموم، واختلاف نية المأموم عن نية الإمام، فيجوز أن يصلي المأموم خلف الإمام مع اختلاف النية، فيصلي المأموم نفلاً خلف من يصلي فرضاً، والعكس، وكذلك المسافر خلف المقيم، والعكس، لأنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع صلى بالناس وخلفه مقيمون، وكذلك معاذ بن جبل - رضي الله عنه - كان يصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - الفريضة، فيرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فتكون له نافلة ولقومه فريضة، فالراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يضر اختلاف النيات بين الإمام والمأموم.

لا أستيقظ لصلاة الفجر

لا أستيقظ لصلاة الفجر المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 11/4/1424هـ السؤال أنا إمام مسجد، أنام عن صلاة الفجر ولا أصليها في الشهر إلا مرة أو مرتين في وقتها، أما في باقي الأيام فأصليها متى ما استيقظت من نومي الساعة التاسعة صباحاً، وأحياناً لا أستيقظ إلا بعد الظهر، فأشعر بالذنب الشديد وأتوب إلى الله، ولكني أعود لفعلي ذلك، ماذا أفعل؟ هل أستمر في إمامتي للمسلمين وأنا على ذلك، أم أترك إمامة المسجد، وأجتهد في الرجوع إلى الله والتوبة النصوح؟ أفيدونا أثابكم الله. الجواب

أولاً: يجب على السائل وغيره أن يعلم أن صلاة الفجر شأنها عظيم، وأن من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي، كما روى مسلم (657) من حديث جندب بن عبد الله - رضي الله عنه-، وأن التهاون في التخلف عن صلاة الفجر مع الجماعة من صفات المنافقين، فهي أثقل الصلاة على المنافقين، والصلاة عموماً يجب أن تؤدى في أوقاتها، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها، لقوله تعالى: "إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً" [النساء: من الآية103] ، فلا يجوز للإنسان أن يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، وإنما الواجب عليه أن يتعبد لله على ما شرع الله، وأهم العبادات هي أداء الصلوات، وما ذكر أنه يصليها متى استيقظ في التاسعة أو بعد الظهر؛ فهذا إهمال عظيم، وتهاون كبير بالركن الثاني من أركان الإسلام، ويخشى على هذا من العقاب؛ لأن ذنبه كبير، ووزره عظيم، وأما ما ذكره السائل من أنه هو الإمام للمسجد، فلا يحق له أن يتقدم ويصلي بالناس وهذه حاله، لأن حال مثل هذا الإنسان أقلها الفسق، والإمام يجب أن يكون عدلاً، ولا يصلح أن يكون فاسقاً، وعليه أن يرجع إلى الله ويتوب إليه، ويجتهد في إصلاح نفسه لأنه لا يدري متى يفاجئه الأجل وهو على هذه الحال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - هم بتحريق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة، وترك ذلك الشيء لما فيها من النساء والذرية، كما رواه البخاري (2420) ، ومسلم (651) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. وروى مسلم (653) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى دعاه، فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: "فأجب"وفي رواية: "لا أجد لك رخصة" عند أبي داود (552) ، وابن ماجة (792) ، فعلى هذا الإنسان أن يتقي الله

ويستحيي من الله، والله - جل وعلا - يمهل ولا يهمل، وإذا أخذ الظالم أخذه أخذ عزير مقتدر، ولا شك أن إهماله للصلاة بهذه الصورة من الظلم العظيم، فنسأل الله - جل وعلا - له الصلاح والهداية والإعانة، وصلى الله على نبينا وآله وصحبه وسلم.

الصلاة خلف المبتدع

الصلاة خلف المبتدع المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 5/1/1424هـ السؤال رجل مسلم مستحل ببدعةٍ عقدية غير مكفرة، هل تجوز إمامته في الصلاة أم تكره أم فيها قولان؟ الجواب الحمد لله، ينبغي للمسلم أن يختار الإمام الذي يصلي خلفه، فلا يصلي خلف مبتدع وهو يقدر على أن يصلي خلف الإمام العدل، أما إذا لم يقدر على أن يصلي في جماعة إلا مع ذلك المبتدع لكونه في بلد ليس فيها إلا مثل هذا المبتدع، أو فيها بعض أهل السنة، ولكنه لا يستطيع الوصول إليهم فلا يدع الجمعة ولا الجماعة لكون الإمام فاسقاً أو مبتدعاً ما دام أنه مسلم؛ فإن حضور الجمعة والجماعات مصلحتها أعظم من مصلحة ترك الصلاة خلف مثل هؤلاء، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يصلون خلف الأمراء الظلمة كما صلى ابن عمر -رضي الله عنهما- خلف الحجاج، وما زال أهل العلم يصلون خلف الأئمة، فلا يعطلون شعائر الإسلام بفجور الإمام أو بدعته.

الائتمام بمن لا يميز بين الزاي والذال ...

الائتمام بمن لا يميز بين الزاي والذال ... المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 22/08/1425هـ السؤال هل تجوز الصلاة خلف إمام غير مجود، ولا يميز في النطق بين الزاي والذال، وبين الغين والقاف، والسين والثاء، وله خطاء في التشكيل. الجواب إذا كان الإمام يلحن (يخطئ) في الفاتحة لحنًا يحيل المعنى فلا يصلى خلفه، ويجب تنبيهه والفتح عليه، فإن استقامت قراءته فالحمد لله، وإلا لم تجز الصلاة خلفه. أما إذا كان اللحن لا يحيل المعنى لم يقدح في الصلاة خلفه ووجب مع ذلك تعلمه وتعليمه. وبهذا أفتى سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-.

الصلاة خلف المبتدعة

الصلاة خلف المبتدعة المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 12/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. علماء الديوبندية في مدينتنا يجيزون التوسيط في الدعاء. بمثل التوسط بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم (أو أي رجل صالح متوفى) لكي يدعو الله لهم. وكذلك يجيزون الدعاء عند قبور الصالحين، وللعلم فإن هذه الطائفة تتولى أمور كل المساجد في منطقتنا، ومساجد السلفية ومن لا يتوسلون بعيدة جدا عنا ولا يمكنني الذهاب إليها دائما. فهل يجوز الصلاة خلف من هم على هذه العقيدة؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: الأصل في مذهب السلف رحمهم الله الحرص على الصلاة خلف الإمام المتبع للسنة، وكراهة الصلاة خلف المبتدع مع إمكان الصلاة خلف الإمام المتبع للسنة، وقد بوب البخاري في صحيحة في كتاب الأذان باباً قال فيه: (باب إمامة المفتون والمبتدع. وقال الحسن: صل وعليه بدعته) ، وأورد حديثاً عن عبيد الله بن عدي بن خيار أنه دخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو محصور فقال: إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى، ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم. صحيح البخاري (695) . وكان الإمام أحمد يقول: إن كان لا علم لديه فأرجو ألا يكون به بأس.

وهذا لا يعني أن يتحقق المأموم من عقيدة إمامه وأن يمتحنه بمعتقده، بل يصلي خلف مستور الحال وهذا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة المسلمين، كما ذكره الإمام ابن تيمية رحمه الله، وأما ما ورد عن أهل السنة من عدم الصلاة خلف المبتدع فإنما هو محمول على الزجر من بدعته وقد فسر ذلك ابن تيمية فقال: (والتحقيق أن الصلاة خلفهم ـ أي المبتدعة ـ لا ينهى عنها لبطلان صلاتهم في نفسها، لكن لأنهم إذا أظهروا المنكر استحقوا أن يهجروا وأن لا يقدموا في الصلاة على المسلمين، ومن هذا الباب ترك عيادتهم وتشييع جنائزهم، كل هذا من بابا الهجر المشروع في إنكار المنكر للنهي عنه. وإذا عرف أن هذا من باب العقوبات الشرعية علم أنه يختلف باختلاف الأحوال من قلة البدعة وكثرتها وظهور السنة وخفائها، وأن المشروع قد يكون هو التأليف تارة والهجران تارة) ، وعلى هذا فالمسلمون في بلاد الغرب من أحوج الناس إلى التأليف وجمع الكلمة وتوحد الجهود في هذا العصر الذي يُنظر فيه إلى المسلمين نظرة شك وارتياب، والصلاة والحالة هذه كما ذكر السائل من أكثر ما يوحد المسلمين ويؤلف بينهم ومن أحسن ما يفعل الناس وعلى هذا تجوز الصلاة خلف من ذكرهم السائل والله أعلم.

كيف يؤم الرجل زوجته؟

كيف يؤم الرجل زوجته؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 11/7/1424هـ السؤال كيف يصلي الرجل بزوجته؟ الجواب إذا صلى الإنسان بامرأة، يعني: إمام رجل ومأموم امرأة، وهما اثنان فإن المرأة تكون خلف الرجل لا تكون على يمينه، وإنما تكون وراءه، وهم بهذا يعدون جماعة. والله أعلم.

إمام للخطبة وإمام للصلاة

إمام للخطبة وإمام للصلاة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 23/06/1425هـ السؤال إخواني المفتون: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أما بعد. فإني أصلي الجمعة في أحد مساجد العاصمة عمان في الأردن، وقد وجدت أن خطيب الجمعة بعد أن ينتهي من خطبته ينزل ويدعو أحد الحاضرين للإمامة بدلاً عنه، مع أنه بصحة ممتازة ويعرف قراءة القرآن، أي لا حرج عليه من أداء الصلاة إماماً، فهل يجوز له أن يدع غيره يصلي إماماً كونه هو الخطيب؟ والمشكلة أيضاً أن من يدعوه للإمامة هو صوفي مبتدع. أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب السنة فيمن تولى الخطبة أن يتولى الصلاة، فإن صلى بالناس الجمعة غير الخطيب فلا بأس، لكنه خلاف الأولى إلا أن يكون لعذر.

الصلاة خلف الأئمة الموالين للأنظمة الكافرة

الصلاة خلف الأئمة الموالين للأنظمة الكافرة المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 27/10/1424هـ السؤال هل يدخل في حكم الموالاة الأئمة التابعون للأنظمة الكافرة؟ وهل تجوز الصلاة وراءهم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أولاً: الحكم على الأنظمة بالكفر مطلقاً فيه مجازفة وتسرع، فلا يحكم بالكفر على قول، أو فعل أو نظام إلا العلماء الراسخون بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع. ثانياً: إذا تبين للعلماء أن نظاماً كفر بالبينات، فلا يعني ذلك جواز تكفير الأشخاص بأعيانهم من الحكام وأتباعهم إلا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع من قبل العلماء الراسخين، فليس كل من حكم بغير ما أنزل الله يكفَّر، وإن كان الحكم كفراً. ثالثاً: إن حكم العلماء على حاكم أو شخص بالكفر، فلا يعني ذلك تكفير من يعمل في ولاياته من وزراء وموظفين وجنود ونحوهم. ففي عهود السلف الصالح ابتليت الأمة بحكام الباطنية وهم من أكفر الخلق بإجماع العلماء، ومع ذلك لم يكفر السلف من كانوا تحت ولاياتهم ما لم يكونوا على مذهبهم. وعليه فإن أئمة المساجد ومن يؤمون المصلين من المسلمين يُصلى خلفهم، ولا يجوز ترك الصلاة خلف أي مسلم إلا إذا ارتكب هو بنفسه ما يفسد صلاته "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الإسراء:15] .

الأولى بالإمامة

الأولى بالإمامة المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 07/08/1425هـ السؤال من أولى بالإمامة: الذي يحفظ أكثر من القرآن لكنه يخطئ في الأحكام؟ أم الذي يقرأ أفضل ولا يخطئ في أحكام التجويد وصوته أفضل؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: الأولى بالإمامة الأقرأ العالم بفقه الصلاة، وعند جمهور العلماء الأقرأ الأحسن في القراءة، وعند بعض العلماء أن الأقرأ هو الأكثر حفظاً للقرآن، والذي يخطئ في الأحكام إذا كانت هذه الأحكام تخل بمعاني القرآن فلا شك أن القارئ الجيد -ولو كان أقل حفظاً- أولى منه، أما إذا كانت هذه الأحكام تعود لحسن الصوت فيكون الأكثر حفظاً للقرآن أولى، إلا إذا تميز عليه الأقرأ بالعلم بفقه الصلاة فهو أولى منه. والله أعلم.

إمامنا يلحن في القراءة!

إمامنا يلحن في القراءة! المجيب أ. د. عبد الحي الفرماوي أستاذ التفسير والحديث بكلية أصول الدين - جامعة الأزهر كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 05/10/1425هـ السؤال نحن جماعة، قمنا ببناء مسجد والدعوة فيه إلى الله على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى فهم السلف الصالح، رضوان الله عليهم أجمعين، ثم قامت الأوقاف بضم المسجد إليها وعينت إمامًا لا يحسن قراءة القرآن، وأحيانًا يقع في اللحن الواضح الجلي، فقام بعض الإخوة بإقامة جماعة ثانية بعد صلاة الإمام مباشرة بحجة أن إمامته غصب، وأنه أمَّ قومًا وهم له كارهون، وأنه لا يحسن القراءة، وأن من خلفه أفضل منه قراءة، فهل هذا العمل يجوز؟ وهل يجوز لي أن أصلي معهم وأترك الجماعة الأولى؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

هذه مسألة تتطلب فطنة وحكمة، وفنًّا في التعامل مع الوضع الجديد الطارئ على مسجدكم؛ كأن تقوم أنت وإخوانك بحسن معاملة (الإمام الجديد) ، وعدم التكبر عليه، وعدم إظهار أخطائه في التلاوة أمام الناس، بل مناصحته بالمعروف، وإسداء الخير إليه وإكرامه، مع التعاون معه في إنشاء حلقة لتعليم تجويد وأحكام تلاوة القرآن الكريم لتصحيح التلاوة، أما عن حكم الصلاة خلفه فقد سئل الإمام ابن تيمية- رحمه الله- عن رجلٍ إمامِ بلدٍ وليس هو من أهل العدالة، وفي البلد رجل آخر يكره الصلاة خلفه، فهل تصح صلاته خلفه أم لا؟ وإذا لم يصل خلفه، وترك الصلاة مع الجماعة، هل يأثم بذلك؟ والذي يكره الصلاة خلفه، يعتقد أنه لا يصحح الفاتحة، وفي البلد من هو أصح منه، وأفقه؟ فأجاب- رحمه الله: الحمد لله، أما كونه لا يصحح الفاتحة، فهذا بعيد جدًّا، فإن عامة الخلق من العامة والخاصة يقرؤون الفاتحة قراءة تجزئ بها الصلاة، فإن اللحن الخفي، واللحن الذي لا يحيل المعنى لا يبطل الصلاة، وفي الفاتحة قراءات كثيرة قد قرئ بها. فلو قرأ (عليهِمْ) : (عليهُمُ) . أو قرأ: (الصراط) ، و (السراط) ، أو قرأ: (ربُّ العالمين) أو (ربَّ العالمين) أو قرأ بالكسر، ونحو ذلك، لكانت قراءات قد قرئ بها، وتصح الصلاة خلف من قرأ بها، ولو قرأ: (ربَ العالمين) بالفتح، فذلك لا يبطل الصلاة، وإن كان إمامًا راتبًا، وفي البلد من هو أقرأ منه، صلى خلفه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرجلَ في سُلْطانِهِ ". أخرجه مسلم (673) . وإن كان متظاهرًا بالفسق، وليس هناك من يقيم الجماعة غيره صلى خلفه- أيضًا- ولم يترك الجماعة، وإن تركها فهو مخالف للكتاب والسنة، ولما كان عليه السلف. والله أعلم.

حكم إمامة المرأة للرجال

حكم إمامة المرأة للرجال المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 07/02/1426هـ السؤال وردتنا عدة استفتاءات تتسائل عن حكم إمامة المرأة للرجال في صلاة الجمعة وسائر الفروض وبإحالة السؤال إلى أحد المفتين أجاب بالإجابة التالية: الجواب ذهب عامة أهل العلم إلى عدم جواز إمامة المرأة بالرجال، ولم يخالف في هذا إلا المزني وأبو ثور والطبري، فأجازها في التراويح بخاصة إذا لم يحضر من يحفظ القرآن، وجواز إمامتها في التراويح رواية عن الإمام أحمد إذا كانت عجوزاً قارئة وكان الرجال أميين ذوي رحم لها. قال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار 1/577: "ولا يصح اقتداء رجل بامرأة، أي في الصلاة". وقال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته المشهورة (المطبوع مع شرحه الفواكه الدواني) 1/205: "ولا تؤم المرأة في فريضة ولا نافلة لا رجالا ولا نساء". وقال المواق المالكي في التاج والإكليل 2/412: "قال المازري: لا تصح إمامة المرأة عندنا وليعد صلاته من صلى وراءها وإن خرج الوقت". وقال الشافعي في الأم 1/191: "وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة ; لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن أولياء، ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبدا".

قال النووي الشافعي في المجموع 4/151: "اتفق أصحابنا على أنه لا تجوز صلاة رجل بالغ ولا صبي خلف امرأة، وسواء في منع إمامة المرأة للرجال صلاة الفرض والتراويح , وسائر النوافل , هذا مذهبنا , ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف- رحمهم الله- وحكاه البيهقي عن الفقهاء السبعة فقهاء المدينة التابعين, وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وسفيان وأحمد وداود وقال أبو ثور والمزني وابن جرير: تصح صلاة الرجال وراءها , حكاه عنهم القاضي أبو الطيب والعبدري". وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف2/263: "ولا تصح إمامة المرأة للرجل هذا المذهب مطلقا, وعنه تصح في التراويح ولا يجوز في غير التراويح، فعلى هذه الرواية, قيل: يصح إن كانت قارئة وهم أميون , وقيل: إن كانت أقرأ من الرجال , وقيل: إن كانت أقرأ وذا رحم, وقيل: إن كانت ذا رحم أو عجوز. واختار القاضي يصح إن كانت عجوزا ". وقال ابن حزم في المحلى 2/167: "ولا يجوز أن تؤم المرأة الرجل ولا الرجال, وهذا ما لا خلاف فيه , وأيضا فإن النص قد جاء بأن المرأة تقطع صلاة الرجل إذا فاتت أمامه، مع حكمه عليه السلام بأن تكون وراء الرجل في الصلاة ولا بد, وأن الإمام يقف أمام المأمومين ولا بد". ولم ينقل عن أحد من أهل العلم جواز إمامتها في صلاة الجمعة حتى الذين جوّزوا إمامتها في الفرائض الخمس. وحجة من جوّز إمامتها في الفريضة - غير الجمعة- حديث أم ورقة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها. رواه أبو داود (592) . وأجيب عن هذا الدليل بجوابين: الأول: ضعف الحديث، فقد قال عنه الباجي في المنتقى شرح الموطأ: "هذا الحديث مما لا ينبغي أن يعول عليه". وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 2/56: "في إسناده عبد الرحمن بن خلاد، وفيه جهالة".

الثاني: أن المقصود بأهل دارها النساء منهم دون الرجال، قال ابن قدامة في المغني 2/16: "وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم (نساء) أهل دارها , كذلك رواه الدارقطني. وهذه زيادة يجب قبولها , ولو لم يذكر ذلك لتعين حمل الخبر عليه ; لأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض , بدليل أنه جعل لها مؤذنا , والأذان إنما يشرع في الفرائض، ولو قدر ثبوت ذلك لأم ورقة , لكان خاصا بها , بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء أذان ولا إقامة , فتختص بالإمامة لاختصاصها بالأذان والإقامة". والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

إمامة من يلحن في القراءة

إمامة من يلحن في القراءة المجيب أحمد بن محمد الرزين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 09/04/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: يصلي بنا المؤذن إذا غاب الإمام، ولديه أخطاء لا تحصى في التجويد، ويصلي خلفه من هو أفضل منه في القراءة، وحينما حدثت الإمام قال لي: من صحت صلاته بنفسه صحت صلاته بغيره، وتعذّر بأن الذين هم أفضل من المؤذن غير موجودين دائماً، هذا صحيح، ولكن عندما يكونون موجودين فالأفضل أن يصلوا هم، أليس كذلك؟ وجزى الله خيراً كل من سعى في الإجابة على هذا الطلب. الجواب الحمد لله وحده وبعد، إذا كان الإشكال في صلاة المؤذن أنه لا يحسن التجويد، ولكنه لا يَلْحَن في القراءة لحناً يغير المعنى فصلاته صحيحة، وإمامته جائزة. وأما إذا كان اللحن يغير المعنى فصلاته صحيحة لنفسه فقط، ولا تجوز إمامته، والمراد بالَّلحْن: الخطأ في القراءة، أو في إعراب الكلمة، كأن يقول: صراط الذين انعمتُ (بالضم) ، والصحيح أنعمتَ، بفتح التاء. وأما إذا كان الإشكال في الإمام فتبلغ عنه الجهة المختصة. والله أعلم.

هل تصح الصلاة خلف هذا الإمام؟

هل تصح الصلاة خلف هذا الإمام؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 01/06/1427هـ السؤال يوجد مسجد مشكوك في مصدر المال الذي بني منه، وأيضا إمام المسجد يصلي على أموات قطعوا الصلاة وبعضهم من أتباع الشاذلية، ولهذا أصبحت أنا وأصدقائي نجتمع في بيت أحدنا، ونصلي الفروض وصلاة الجمعة جماعة فيه، وقطعنا الذهاب إلى هذا المسجد. فهل يجوز لنا الصلاة في هذا المسجد وخلف هذا الإمام؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن شعائر الإسلام صلاة الجمعة والجماعات وصلاة العيد. فيجب على المسلم أن يحافظ على هذه الشرائع العظيمة التي هي من أعظم شرائع الإسلام ومعالمه. ومن مذهب أهل السنة والجماعة إقامة الجمع والأعياد مع الأئمة، وإن كانوا فجاراً أو مبتدعين ما لم يعلم كفرهم، وإذا تيسرت إقامتها مع الأئمة الأبرار العدول، فذلك خير وأفضل. أما تعطيلها بسبب فسوق الإمام، فهو خلاف منهج أهل السنة والجماعة. وأنت لم تذكر عن حال الإمام شيئاً، وإنما أشكل عليك أنه يصلي على أموات معروفين بترك الصلاة، أو من أهل البدع أصحاب الطرق الصوفية وهذا لا يمنع من الصلاة خلفه. فلعله يجهل حال أولئك الأموات، أو لا يمكنه ترك الصلاة عليهم. وعلى هذا فلا يجوز لكم أن تعطلوا صلاة الجمعة أو الجماعة من أجل ما ذكرتم. ومن علم حال الميت، وأنه ممن لا تجوز الصلاة عليه، فليترك ذلك بنفسه. فصلاتكم الجمعة والجماعة في بيت أحدكم خطأ، والجمعة لا تقام في البيوت. وكذلك الشك في المال الذي بني به المسجد لا يمنع من الصلاة فيه. وأنتم مأجورون -إن شاء الله- على حسن نيتكم، وقد أحسنتم وأصبتم بالسؤال عن تصرفكم هذا نسأل الله أن يثبتنا وإياكم، وأن يمن على الجميع بمعرفة الحق واتباعه. إنه تعالى سميع الدعاء. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل ندخل مع الإمام أم ننتظر لإقامة جماعة أخرى

هل ندخل مع الإمام أم ننتظر لإقامة جماعة أخرى المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/أحكام الإمامة والائتمام التاريخ 23/04/1427هـ السؤال دخلت المسجد أنا وشخصان، والإمام في التشهد الأخير، فجلست مع الإمام، وبعد أن سلم أكملت صلاتي، أما الشخصان اللذان دخلا معي المسجد، فلم يدخلا في الصلاة مع الإمام، وإنما وقفا حتى انتهى الإمام من الصلاة، ثم صليا جماعة! أريد أن أعرف أي الطريقتين هي الصحيحة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمشروع لمن دخل والإمام في الصلاة أن يدخل معه على أي حال وجده، ولو كان في التشهد الأخير، لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" متفق عليه، البخاري (2636) ، ومسلم (602) . لكن المسبوق لا يدرك فضل الجماعة، إلا بإدراك ركعة فأكثر، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" أخرجه البخاري (580) ، ومسلم (607) ، إلا أن من حبسه عذر شرعي من مرض أو غيره عن صلاة الجماعة فأجره كامل؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً" أخرجه البخاري (2996) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بسبب العذر: "إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم". قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: "وهم بالمدينة، حبسهم العذر". وفي لفظ "إلا شركوكم في الأجر" متفق عليه، البخاري (4423) ، ومسلم (1911) . ولو صلى من دخلوا المسجد والإمام في التشهد الأخير وحدهم بعد تسليم الإمام فلا حرج عليهم، وبالله التوفيق.

صلاة الرجل والمرأة جماعة

صلاة الرجل والمرأة جماعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 6/5/1422 السؤال ما الحكم في صلاة الرجل والمرأة جماعة؟ الجواب الجواب: يجب على الرجل أن يصلى مع الجماعة في المسجد، ولا يجوز له التخلف عن صلاة الجماعة. وإن تخلف لعذر، أو فاتته الجماعة فواتاً مع الحرص، فيحسن أن يصلى بأهله، ليدرك فضيلة الجماعة. وإذا صلى الرجل بزوجته، أو بامرأة من محارمه فتكون خلفه والله اعلم.

صلاة الرجل مع أهله جماعة

صلاة الرجل مع أهله جماعة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 2/7/1424هـ السؤال هل يجوز أن أصلي بزوجتي صلاة فرض؟ وإذا كان هل يكتب لي أجر الجماعة؟. الجواب يجوز للإنسان أن يصلي صلاة الفرض بأهله، والنبي - عليه الصلاة والسلام- صلى ومعه أنس واليتيم والعجوز من خلفهم، وصلى بابن عباس، وأيضاً بابن مسعود، وصلى بجابر، لكنه لا ينال أجر الجماعة، لأن أجر الجماعة مقيد بإمامة الإمام الراتب في المسجد، إذا كان حوله مساجد لكن ينال أجر الاجتماع، والجماعة واجبة عليه، ولا يكتفي بأن يصلي في بيته، لكن إذا كان في مكان ليس حوله جماعة وليس حوله مساجد، أو أن المساجد بعيدة عنه ويلحقه مشقة في الذهاب إليها فهذا يكتب له أجر الجماعة إن شاء الله، والله أعلم.

المسجد قريب ... ويصلون في المدرسة!

المسجد قريب ... ويصلون في المدرسة! المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 27/11/1424هـ السؤال ما حكم الصلاة في المدرسة؟ لاسيما وأن المسجد قريب ومجاور، والخروج له يسبب إرباكاً للمدرسة، وهل يجوز للمدرس أن يخرج للصلاة فيه ويترك طلابه بحجة القرب أو سماع النداء؟ الجواب ما دام في المدرسة مصلى معد للصلاة وفتح بوابة المدرسة سيؤدي إلى إرباك المدرسة وهروب بعض الطلاب، وتأخر بعضهم في المسجد بحجة الذكر أو غيره، كما أن ما في المدرسة من المدرسين والطلبة يعتبرون جماعة كبيرة وقد يؤدي دخولهم المسجد إلى انتظارهم خارج المسجد لامتلائه وعلى ذلك فالصلاة في المدرسة جائزة في هذه الحالة.

الانفصال عن الإمام

الانفصال عن الإمام المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 16/12/1423هـ السؤال فضيلة الشيخ حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: صليت مأموماً في جماعة غير الجماعة الأولى، وكان الإمام سريعاً وبعد ركعة صليناها معه ولم نستطع متابعته قمت وتنحيت أنا ومن كان يصلي معي فصليت بهم إماماً وأكملنا ما بقي من صلاتنا، فهل صلاتنا صحيحة أنا ومن معي، أم ماذا نفعل؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب صلاتكم صحيحة - إن شاء الله - ما دام انفصالكم عنه لهذا السبب الذي ذكرته.

إمامة المتنفل بالمفترض

إمامة المتنفل بالمفترض المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 4/11/1424هـ السؤال صليت صلاة الظهر في المسجد، وبعد ذلك ذهبت إلى مقر العمل فوجدت بعض الزملاء فأرادوا أن أصلي بهم فرض الظهر، فهل يجوز لي أن أصلي بهم لتكون لي نافلة أربع ركعات؟ الجواب يجوز لك هذا الفعل على الصحيح من قولي العلماء في صحة إمامة المتنفل بالمفترض، ويدل لذلك دلالة صريحة حديث معاذ -رضي الله عنه- في الصحيحين البخاري (700) ومسلم (465) ، فإنه كان يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة العشاء، ثم يذهب ويصلي تلك الصلاة بقومه، وفي بعض ألفاظ الحديث: "هي له تطوّع"، والله أعلم.

أقيمت صلاة المغرب ولم يصل العصر

أقيمتْ صلاة المغرب ولم يصلِّ العصر المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 29/8/1424هـ السؤال رجل فاتته صلاة العصر، فجاء إلى المسجد فوجد صلاة المغرب قد أقيمت فماذا يفعل؟. الجواب يشرع له أن يدخل مع الجماعة في صلاة المغرب، وينوي هو صلاة العصر الفائتة ويتابع الإمام، فإذا سلَّم الإمام فإنه يقوم ويأتي بالركعة الرابعة، ولا يضره اختلاف نيته عن نية الإمام على القول الراجح، ثم يصلي المغرب منفرداً أو في جماعة إذا تيسَّر له ذلك؛ لوجوب الترتيب بين الصلوات. والله أعلم.

متابعة الإمام في قنوت الفجر

متابعة الإمام في قنوت الفجر المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 20/2/1425هـ السؤال إمام مسجدنا شافعي المذهب فهو يقنت في صلاة الصبح، فما حكم القنوت في صلاة الصبح؟ وماذا أفعل؟ هل أقنت أم ألتزم الصمت حتى يركع؟ وبارك الله فيكم. الجواب القنوت في صلاة الصبح محل اجتهاد بين أهل العلم المجتهدين فمنهم من رآه مشروعاً مطلقاً ولهم أدلة قوية يمكن مراجعتها في كتب الشافعية، ومنهم من رأى أنه إنما يشرع في حالات خاصة وهي النوازل الحادثة بالمسلمين ولهم أدلة قوية ظاهرة. ولكن الذي أنصحك به هو متابعة إمامك والتأمين على دعائه وعدم مخالفته؛ لأن لفعله دليلاً من النقل وسابقاً من الأئمة، والموافقة في مثل ذلك متعينة، وليس للمأموم مخالفة الإمام فيما هو مسرح للاجتهاد والنظر، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الإمام:" وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون" رواه مسلم (411 - 417) من حديث أنس وأبي هريرة - رضي الله عنهما - فإذا كان ركن من أركان الصلاة وهو القيام يترك لتحقيق متابعة الإمام فيكف بما هو مثل سؤالك هذا وفقك الله وبارك فيك.

إطفاء مصابيح المسجد أثناء الصلاة

إطفاء مصابيح المسجد أثناء الصلاة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 17/9/1424هـ السؤال بالأمس ومع بداية صلاة القيام (التهجد) في مسجد الحي طلب بعض المصلين من الإمام إطفاء أنوار المسجد؛ لأنه أدعى للخشوع؛ بينما طلب البعض إبقاءها مفتوحة؛ لأن إغلاقها فيه مظنة لبعض الطرق الصوفية؛ ولأن الناس اعتادوا على أن تكون الأنوار مفتوحة، ولأن الأمر ليس فيه أصل للإباحة أو الكراهة. نرجو من فضيلتكم التعليق خروجاً من الفتنة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فأرى -خروجاً عن الفتنة- أن يُترك الحال على الأصل، وهو أن تكون المصابيح مضاءة، ولكن لو اتفقت رغبة جماعة المسجد كلهم على إطفائها فالأمر واسع ولا بأس بذلك إذا لم تترتب عليه مفسدة أو مضرة ببعض المصلين. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مرض إمامهم فصلوا في بيوتهم

مرض إمامهم فصلوا في بيوتهم المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 7/6/1424هـ السؤال لدينا مسجد في الحارة، وكان هناك إمام فمرض هذا الإمام، فصار أصحاب هذا الحي لا يصلون في هذا المسجد، ويصلون في بيوتهم، وأعلم أن بعضهم يؤخر الصلاة حتى يذهب وقتها من غير عذر شرعي، فأريد فتوى تبين أن من يصلي في بيته من غير عذر أن صلاته لا تقبل، وأن عليه إثم، وأن من أخر الصلاة متعمداً بغير عذر فإنه منافق ويمكن أن يدخل في الكفر، فأريد أن أعلق هذه الفتوى في المسجد وجزاكم الله خيراً؟ الجواب

الشرع من رب الخلق لا من الخلق، وهو أعلم بما يصلحهم، وإذا قضى الله ورسوله - عليه السلام - أمراً فما كان لأحد أن يبتغي غير ما قضى به الله ورسوله - عليه السلام - فقولك: أريد فتوى تصف من فعل كذا بالكفر، ومن فعل كذا بالنفاق، هذا قول لا يجوز "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً" [النساء: 82] وعلى هذا نقول لك إن صلاة الجماعة ليست مربوطة بشخص معين حتى تتعطل بمرض الإمام أو سفره، والواجب عليكم إقامة الجماعة وليؤمكم أقرؤكم لكتاب الله، وأما الصلاة في البيت مع وجود المسجد وإقامة الجماعة فلا تجوز والحالة هذه، والمصلي في بيته آثم بفعله وعاص لله، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطبٍ فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤمَّ الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرِّق عليهم بيوتهم ... " الحديث رواه الشيخان البخاري (644) ومسلم (651) ، وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر" رواه أبو داود وابن ماجة وغيرهم، بل إن صلاة الجماعة تجب حتى في حال السفر والحرب، قال تعالى: "وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً" [النساء:102] ، وأما من أخر الصلاة حتى خرج وقتها فهذا مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، فتجب عليه المبادرة بالتوبة والاستغفار، واحترام أوقات الفرائض وإلا كان على خطر من دينه.

موافقة الإمام في الصلاة

موافقة الإمام في الصلاة المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 15/8/1424هـ السؤال أرى بعض الإخوان في المسجد يدخلون في الركوع والسجود مع الأمام وأحيانا قبله، بمعنى عندما يترك الإمام يديه من على صدره دخولاً في الركوع تجد بعض الإخوان يتركون يديهم قبل أن يكبر الإمام للدخول في الركوع ... وبما أن مسجدنا في مكان العمل صغير فقد رأيت - ووالله ليس تسلُّطاً على عباد الله أو مراقبتهم - ولكن رأيت بعضهم يقوم من السجود على صوت حركة ثوب الإمام (وحصل لي هذا عندما تأخرت مرة عن الصلاة، فعندما أتيت كان المصلون في وضع السجود، وكان هناك أحد الإخوان خلف الأمام مباشرة، فبمجرد أن تحرك الإمام وقبل أن يكبر.. رأيت الأخ الذي خلفه رفع معه) أتمنى منكم مأجورين الرد؛ حتى أستطيع أن أعلِّق هذا الكلام في المسجد حتى يتنبه له الإخوان.. ولكم جزيل الشكر. الجواب ثبت في صحيح البخاري (689) ومسلم (411) من حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جعُل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ... "؛ ولهذا قال العلماء: المشروع للمأموم متابعة الإمام، فيكون ركوعه بعد ركوع الإمام، وهكذا في باقي أحوال الصلاة ولا يوافقه، فإن الموافقة (المقارنة) للإمام مكروهة. أما مسابقة الإمام فحرام للنهي عنها، كما ثبت في صحيح مسلم (426) من حديث أنس - رضي الله عنه - مرفوعاً: "أيها الناس إنى إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ... " وأخرج البخاري (991) ومسلم (427) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: "أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار". وعلى كل من رأى أحداً يسابق الإمام أو يوافقه أن ينبهه، وكذلك على أئمة المساجد التنبيه إلى الخطأ في ذلك، وأن السنة هي متابعة الإمام؛ قياماً بواجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالله التوفيق.

ائتم بشخص ثم انفصل عنه لسرعته

ائتم بشخص ثم انفصل عنه لسرعته المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 21/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيراً على ما تبذلونه من جهد، سؤالي هو: سألني أحد الزملاء عما يلي، يقول: دخلت المسجد في صلاة العصر ووجدت أن جماعة المسجد قد أتموا الصلاة، ووجدت شخصا منفرداً يصلي فدخلت معه، ولكنه كان سريعاً جداً ولم أستطع أن أركع معه، لأنه ركع ورفع وسجد وأنا واقف لم أستطع اللحاق به، فأبدلت نيتي وصليت منفرداً، فهل صلاتي صحيحة، وربما أن ذلك الشخص لا يعلم جواز ذلك، أما لجهل أو لغيره..وجزاكم الله خيراً. الجواب أحسنت فعلاً حين نويت الانفراد، لأن من لا يطئمن في ركوعه وسجوده لا تصح صلاته في نفسه فضلاً عن إمامته؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة المسيء صلاته، حيث أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة ثلاثاً رواه البخاري (757) ، ومسلم (397) ، وغيرهما.

صلاة الجماعة في غير المسجد

صلاة الجماعة في غير المسجد المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 05/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. السؤال: إذا كان هناك مجموعة أكثر من اثنين، والمسجد بعيد عنهم، وحانت الصلاة، فهل يجوز لهم أن يصلوا فرادى؟ أم يجب عليهم أن يصلوا جماعة؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: صلاة الجماعة واجبة على الرجال الأصحاء، على الصحيح من أقوال أهل العلم، والأدلة على ذلك كثيرة، ومنها: (1) قوله تعالى: "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك" [النساء:102] ، ووجه الاستدلال بالآية: أن الله سبحانه وتعالى أمرهم بالصلاة في الجماعة، ثم أعاد هذا الأمرسبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله: "ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك"وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، ولو كانت الجماعة سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف. (2) قوله تعالى: "واركعوا مع الراكعين" [البقرة:43] قال الكاساني: أمر الله -سبحانه وتعالى - بالركوع مع الراكعين، وذلك يكون في حال المشاركة في الركوع، فكان أمراً بإقامة الصلاة بالجماعة، ومطلق الأمر لوجوب العمل (بدائع الصنائع1/155) .

(3) وفي الصحيحين - البخاري (7224) ، ومسلم (651) - عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقا سمينا أو مِرْمَاتَين حسنتين لشهد العشاء ".

قال ابن المنذر -رحمه الله -: (وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة؛ إذ غير جائز أن يحرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تخلف عن ندب وعما ليس بفرض) (الأوسط 4/134) . وإذا ثبت وجوب صلاة الجماعة، وأنها واجبة على الأعيان، فالواجب فعلها في المسجد إذا كان الإنسان يسمع النداء إلا من كان معذوراً بمرض أو خوف؛ لما ثبت في حديث ابن أم مكتوم - رضي الله عنه- وهو رجل أعمى- أنه قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: "فأجب" أخرجه مسلم في صحيحه (635) ، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " أخرجه ابن ماجة (793) ، والدارقطني في سننه (1350) ، والحاكم في المستدرك (855) بإسناد صحيح، قيل لابن عباس - رضي الله عنهما- ما هو العذر؟ قال: "خوف أو مرض". والمقصود بسماع النداء: سماعه بالصوت المعتاد بدون مكبرٍ عند هدوء الأصوات وعدم وجود ما يمنع السمع، مع مراعاة أن المؤذنين في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم - كانوا يؤذنون على مكان مرتفع، كسطح المسجد ونحوه، وكانت أبنية المنازل قابلة لنفاذ الصوت وانتشاره، مما يمكن وصول صوت المؤذن إلى مسافة ليست بالقصيرة. وإذا كان الإنسان لا يسمع النداء لبعد بيته عن المسجد، فإنه يجوز له أن يصلي في بيته، فإن كان واحداً صلى بمفرده، وإن كان مع غيره - كحال السائل - فالواجب عليهم أن يصلوا جماعة؛ لما سبق ذكره من الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة في المسجد، ولكن لما كانوا بعيدين عن المسجد أبيح لهم ترك الصلاة في المسجد؛ لأنهم معذورون في ذلك، ولكنهم غير معذورين في ترك الجماعة فيبقى وجوبها عليهم. وإذا أقيمت الصلاة فإن من كان

حاضراً معهم ولم يصل بعد فإنه يصلي معهم؛ طلباً لأجر الجماعة، فإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين أو بخمسٍ وعشرين درجة. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم.

أتابع الإمام أم أكمل التشهد؟

أتابع الإمام أم أكمل التشهد؟ المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 26/05/1426هـ السؤال إذا قام الإمام إلى الركعة الثالثة، ولم أفرغ من التشهد بعدُ فهل أقوم معه؟ أم أظل جالساً حتى انتهي من التشهد، ثم أقوم للثالثة? الجواب يجب عليك ألّا تتأخر في قولك للتشهد، فإذا فعلت ذلك، وقام الإمام إلى الركعة الثالثة، فأكمل التشهد بسرعة، ثم الحق به، هذا أولاً. ثانياً: إذا كان الإمام يسرع سرعة مخلَّة، ولا يمكن متابعته إلا بترك بعض الواجبات أو الأركان فلا تدخل معه، وصلِّ مع إمام غيره، لكن ناصحه قبل أن تفعل ذلك، والله أعلم.

صلاة المرأة الجمعة في الحرم

صلاة المرأة الجمعة في الحرم المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 15/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن نعلم أن صلاة الجمعة لا تجب على النساء ولكن في الحرم المكي نرى النساء يصلين الجمعة وعند خروجهن من المسجد ترى الزحام الشديد مع الرجال في هذه الصلاة فهل عليها إثم إن لم تصل الجمعة في الحرم وهي تسكن بالقرب من الحرم وتصلي جميع الفروض فيه. الجواب صلاة المرأة في بيتها أفضل لها من صلاتها في المسجد سواء كان المسجد الحرام أو غيره وسواء كانت في صلاة يوم الجمعة أو في غيرها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وببيوتهن خير لهن" البخاري (900) ، ومسلم (442) من غير زيادة "وبيوتهن خير لهن" وهي مخرجة في غيرهما.

هل صلاة المرأة في الجماعة تفضل على صلاتها منفردة؟

هل صلاة المرأة في الجماعة تفضل على صلاتها منفردة؟ المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 5/11/1424هـ السؤال هل تفضل صلاة المرأة في جماعة من النساء في بيتها عن صلاة كل واحدة منهن منفردة -كما عند الرجال- بسبع وعشرين درجة؟ وإذا كانت أفضل، فما الأفضل للمرأة الصلاة جماعة في المسجد أم جماعة في المنزل؟ نرجو التكرم في توضيح الأفضلية وجزاكم الله خيراً. الجواب الظاهر والله أعلم أن مسألة صلاة الجماعة وأفضليتها إنما هي في حق الرجال دون النساء؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"تفضل صلاة الرجل جماعة على صلاة أحدكم وحده بسبع وعشرين درجة" فقال الرجل ولم يقل المرأة، رواه البخاري (477) ومسلم (649) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. ومن القياس أن الأصل للمرأة صلاتها منفردة، وهل يجوز أن تصلي جماعة مع النساء اختلف العلماء، وإن كان الصواب جواز ذلك، كما روي عن أم سلمة وعائشة -رضي الله عنهما-. انظر البيهقي (3/131) . أما أيهما أفضل للمرأة: الصلاة جماعة في المسجد أم في المنزل؟ هذه مسألة خلافية والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن" البخاري (900) ومسلم (442) غير لفظ:"وبيوتهن خير لهن" وهي مخرجة في غيرهما. وقد روى أبو داود (570) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لامرأة:"صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها خير من صلاتها في بيتها"، فهذا يدل على أنه كلما كانت المرأة أبعد عن الرجال وألصق ببيتها وأخلى بربها فإن ذلك أعظم قربة وأولى.

التأمين عند قراءة الفاتحة في جماعة لا يؤمنون

التأمين عند قراءة الفاتحة في جماعة لا يؤمنون المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 9/10/1424هـ السؤال أشكر الإخوة القائمين على الموقع، وأشد من أزرهم إلى مزيد من التقدُّم والنجاح في العمل الإعلامي الإسلامي. (1) أصلي في مساجد أغلب أهلها من المذهب الحنفي، وهم لا يؤمِّنون بعد قراءة سورة الفاتحة، فهل لي إلا أن أؤمن أو أؤمن لوحدي، وقد يكون هناك نوعاً من النشاز، حيث إنني الوحيد الذي أؤمِّن في المسجد. (2) في نفس موضوع الصلاة حيث إن المساجد التي أصلي فيها يقومون بعد انتهاء الصلاة برفع أيديهم بالدعاء، فهل أشارك معهم في الدعاء أم لا، وقد يترتب على عدم مشاركتي معهم كثير من الاستفسارات والأسئلة عن عدم مشاركتي لهم بالدعاء، وأنا لا أتقن اللغة المحلية، فماذا عساني أن أفعل؟ أفتونا مأجورين بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين. الجواب

(1) السنة في الصلاة بعد الفراغ من قراءة الفاتحة أن يؤمِّن الإمام والمأموم؛ لما جاء في الصحيحين البخاري (780) ، ومسلم (410) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه"، وثبت في سنن أبي داود (932) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من قراءة الفاتحة قال: آمين، ورفع بها صوته، ولذا فالمستحب هو التأمين في حق الإمام والمأموم، وهذا الأمر ليس على سبيل الوجوب وإنما هو على سبيل الاستحباب، والأمر المستحب يجوز أن يترك لمصلحة راجحة كتأليف قلوب الناس، بل قد يكون هذا الأمر أفضل، فإذا كان يترتب على رفع الصوت بالتأمين تنفير قلوب هؤلاء الناس فالأفضل هو عدم التأمين، وهذه قاعدة في جميع المستحبات يستحب أن يترك هذا الأمر المشروع إذا كان في تركه مصلحة راجحة، كتأليف قلوب الناس، وعلى هذا يؤمن فيما بينه وبين نفسه. (2) رفع اليدين بالدعاء بعد الانتهاء من الصلاة وأن يشترك الإمام والمأموم في الدعاء هذه من جملة البدع الحادثة التي لم ترد لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصحابة ولا عن السلف الصالح، وبناء على ذلك فلا يجوز للشخص أن يفعل ذلك بعد الفراغ من الصلاة، وإيراد بعض الأسئلة عليه فيه مصلحة حتى تعرف السنة وما يجوز أن يطبق جميع الناس، ويبين على الأمر المبتدع، فعدم مشاركة هذا الشخص لهم في هذا العمل المبتدع فيه مصلحة من جهتين: الجهة الأولى مصلحة له، والجهة الثانية مصلحة لعموم الناس؛ لأن هذا سيكون مدعاة لتساؤل هؤلاء الناس عن السبب الحامل له على عدم مشاركته لهم في هذا الأمر، وحينئذ يبين لهم الحق والسنة في ذلك.

هل فضيلة صلاة الجماعة تشمل النساء

هل فضيلة صلاة الجماعة تشمل النساء المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 18/5/1425هـ السؤال ورد في الحديث قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى لله أربعين يوماً في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتبت له برآتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق"، هذا بالنسبة للرجل وصلاته في المسجد، ولكن ماذا عن المرأة؟ كيف بإمكانها تحقيق ذلك؟ جزاكم الله خيراً. الجواب هذا للرجال؛ لأنهم المأمورون بالجماعة، وأما النساء فلهن مجالات واسعة لتحصيل الأجر، ومنها ما تشارك فيه الرجل، وهو كثير، ومنها ما تختص به كقوله - صلى الله عليه وسلم-:"أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة"، رواه الترمذي (1161) وقال: حديث حسن، وما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك: هذا الجهاد كتبه الله على الرجال فإن يصبروا أُجروا، وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعتراف بحقه يعدل ذلك، وقليل منكن من يفعله" رواه البزار - كما في مجمع الزائد (4/305) هكذا مختصراً، والطبراني (10702) في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، وعلى الجميع أن يتنافسوا في طاعة الله - جل وعلا- فيما يستوي فيه الرجال والنساء، وفيما يختص به الرجال أو يختص به النساء.

زاد الإمام خامسة، فهل نتابعه؟

زاد الإمام خامسة، فهل نتابعه؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 30/1/1425هـ السؤال السلام عليكم. صلينا العصر خلف الإمام، ولكنه في الركعة الرابعة قام وصلى ركعة خامسة، فقام أحد المصلين بتنبيهه للأمر، ولكنه واصل، وأثناء ذلك قام بعض المصلين مع الإمام، والبعض الآخر جلس ولم يقم، فقال أحد المصلين: اتبعوا الإمام، فقام البعض، وبقى البعض جالساً، ثم أتى الإمام بسجدة سهو قبل التسليم ثم سلم معه المصلون الذين لم يقوموا، مع العلم بأن بعض المصلين سلموا قبل الإمام، والبعض خرج من الصلاة، وعندما انتهت الصلاة سئل الإمام: لماذا أتيت بركعة خامسة؟ قال لهم: بأني نسيت قراءة الفاتحة في الركعة الثانية، وهنا قال البعض بأن الصلاة صحيحة للذين لم يقوموا مع الإمام، وباطلة للذين قاموا معه، وعندما سئل الذي قال اتبعوا الإمام: لماذا قلت ذلك؟ رد عليهم: بأنه يجب متابعة الإمام في جميع الحالات، من تكبيرة الإحرام، وحتى السلام، وذلك بناءً على الحديث الشريف الذي يأمر بذلك، الرجاء الرد سريعاً على رسالتنا هذه؛ وذلك لأهمية الأمر، ولاختلاف وجهات الرأي فيه. والسلام عليكم، وجزاكم الله كل خير. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فإن صلاة الذين لم يتبعوا الإمام وجلسوا وانتظروه صحيحة، وكذلك من سلم وفارقه؛ لأنه في هذه الحالة يعتقد أن صلاة إمامه باطلة، وأما من تبعه، فإن كان ساهياً، أو جاهلاً بالحكم فهو معذور بذلك، وصلاته أيضاً صحيحة، وأما إذا كان عالماً بأنه قام إلى خامسة، وأن ذلك يبطل الصلاة فصلاته باطلة، وأما الإمام ففعله سليم؛ لأنه أخل بقراءة الفاتحة، وعلى ذلك فإن الإمام إذا قام إلى خامسة مثلاً، فإنه لا يجوز للمأموم متابعته بل يجلس ويسلم، إلا إذا كان يخشى أن إمامه قام إلى الزائدة؛ لأنه أخلّ بركن كقراءة الفاتحة مثلاً في إحدى الركعات، فإنه يجلس وينتظر ولا يسلم؛ حتى يسلم إمامه، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم-: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" رواه البخاري (378) ، ومسلم (411) من حديث أنس - رضي الله عنه-، فإنه مقيَّد بما إذا كانت صلاته على وفق المشروع، أما إذا زاد خامسة في رباعية أو ثالثة في الفجر، ونحو ذلك، فلا يجوز متابعته؛ لأن ذلك خلاف المشروع. وبالله التوفيق.

تذكر أنه غير متوضئ وهو إمام

تذكَّر أنه غير متوضئ وهو إمام المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 21/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. صليت بمجموعة من الشباب, وفي أثناء الركعة الثالثة تذكرت أني لم أتوضأ, خجلت من قطع الصلاة، وأيضًا انتابتني وساوس، هل لم أتوضأ فعلاً أم أني توضأت؟ أكملت الصلاة وتفرق الجماعة، وبعد دقائق أعدت الصلاة منفردًا بعد ما توضأت، فما أدري ما الحكم في ذلك، وما الواجب عليَّ فعله؟ وأطلب منكم أن تدعو لي بأن يغفر الله لي زلتي. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه المسألة تحتاج تفصيلاً، وبيانها: 1- كان يجب عليك أن تستخلف منهم واحدًا للإمامة وتخرج للوضوء. 2- إن كنت شاكًّا في الطهارة وجب عليك الرجوع إلى اليقين، فإن كنت متيقنًا قبل الصلاة أنك على طهارة وشككت في الحدث فالطهارة صحيحة؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، أما إذا كنت متيقنًا أنك على غير طهارة قبل الصلاة فصلاتك لا تصح؛ لأن الحدث متيقن والطهارة مشكوك فيها. 3- إذا كان الحدث متيقن والطهارة مشكوك فيها فصلاتك باطلة، وصلاة المأمومين صحيحة إذا لم يعلموا بذلك. والله الموفق.

إمامنا يطيل الصلاة

إمامنا يطيل الصلاة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 14/08/1425هـ السؤال إمامنا يطيل الصلاة، وحينما طالبناه بالتخفيف احتج بأن الأصل الإطالة، مما أدى بالبعض ترك الصلاة في مسجدنا. أفيدونا قبل حدوث الفتنة إن لم تكن قد حدثت بالفعل. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فلا أستطيع الحكم على هذا الإمام بأنه يطيل الصلاة حتى أعلم قدر قراءته، وقد يكون تطويله قريبًا من التخفيف المأمور به، وتقدير الناس في أمر الإطالة يتفاوت، والحجة في ذلك هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وهديه، والرد إليه عند النزاع في هذا، وقد صح عنه: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّف؛ ْ فَإِنَّ فِي النَّاسِ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ". أخرجه البخاري (703) ومسلم (467) ، وليس من التخفيف المشروع نقر الصلاة وعدم الطمأنينة في أركانها، فهذا إخلال وليس بتخفيف، وإنما التخفيف ألا يطيل على المأمومين إطالة تشق عليهم، وقد كان معاذ، رضي الله عنه، يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- العشاء، ثم يرجع إلى قومه بأقصى المدينة فيصلي بهم العشاء، فكان يطيل الصلاة، وكانوا أصحاب زرع ونواضح، يسقون بها الزرع والنخل، فشكوا أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ! ". وأمره أن يقرأ بـ "سبح اسم ربك الأعلى"، "والشمس وضحاها"، وما قاربها من السور. انظر صحيح البخاري (705) وصحيح مسلم (465) . وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بقصار المفصل، وفي العشاء بأوسطها، وفي الفجر بطوال المفصل. أخرجه أحمد (7991) والنسائي (982) . وربما قرأ في المغرب أحيانًا بالطور- أخرجه البخاري (765) ومسلم (463) - والمرسلات. أخرجه البخاري (763) ومسلم (462) . والمقصود أن الإنسان إذا صلى لنفسه فله أن يطيل ما شاء، وإذا صلى بالناس فليخفف؛ حتى لا يرهق الضعيف، ولا يعطل الناس عن حوائجهم فيفتنهم، والأولى به أن يحمله حب السنة أن يعين الناس على أداء الصلاة جماعةً، وأن يحببها إليهم بالتخفيف الذي لا يكون معه إخلال. والله أعلم.

التأخر عن متابعة الإمام لإتمام الفاتحة

التأخر عن متابعة الإمام لإتمام الفاتحة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 18/08/1425هـ السؤال في صلاة الجماعة يركع الإمام قبل أن أتم قراءة الفاتحة في الركعة الثالثة أو الرابعة، وربما رفع من الركوع وأنا لم أُنْهِ بعدُ قراءتي؛ وذلك لصعوبة التنفس، فهل تعتبر صلاتي صحيحة إذا تأخرت كثيرًا عن متابعة الإمام؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يجب على المأموم متابعة الإمام، ولا يجوز التخلف عنه، فإذا ركع الإمام فاركع معه، وإن لم تكمل قراءة الفاتحة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما جُعِل الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ". الحديث… أخرجه البخاري (378) ومسلم (411) . والله أعلم.

صلاة العشاء خلف من يصلي التراويح

صلاة العشاء خلف من يصلي التراويح المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 30/06/1425هـ السؤال إذا دخل مسبوق إلى المسجد، ولم يصل العشاء، وأدرك الإمام يصلي التراويح هل يصلي مع الإمام، ويتم الركعتين أم يصلي فرداً؟. الجواب إذا دخل المسبوق إلى المسجد ولم يصلَّ العشاء، وأدرك الإمام يصلي التراويح، فله أن يصلَّي مع الإمام بنيَّة أداء الفريضة، فإذا سلم الإمام، فليقم وليكمل صلاته أربع ركعات، على أحد قولي العلماء بصحة صلاة المفترض خلف المتنفل، كما كان معاذ بن جبل - رضي الله عنه - يفعل، حيث كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الفريضة ثم يذهب إلى قومه فيصلّي بهم تلك الصلاة (صلاة العشاء) فهي له نافلة ولهم فريضة. انظر ما رواه البخاري (700) ، ومسلم (465) من حديث جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-.

لا يسمع النداء فهل تجب عليه الجماعة

لا يسمع النداء فهل تجب عليه الجماعة المجيب عبد الله بن علي الريمي ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 24/04/1426هـ السؤال السلام عليكم شخص يحتاج ركوب القطار لمدة 25 دقيقة للوصول إلى أقرب مسجد، فهل يجب عليه الذهاب للجمعة، والصلوات المفروضة الأخرى؟ وهل يجب على الرجل الذهاب إلى المسجد للصلاة، إذا كان يسكن قرب المسجد لكن لا يُسْمَعُ الأذانُ؟ الجواب الحمد لله رب العالمين أما بعد: أما الرجل الذي يبعد مسافة 25 دقيقة بالقطار عن أقرب مسجد فلا يجب عليه حضور الصلوات الخمس المفروضة في هذا المسجد، ولكن عليه الحرص على أداء الصلاة في جماعة مع غيره من المسلمين في منطقته إن وجد، كجيرانه أو أهله ولو مع شخص واحد إن كان ذلك متيسراً، وإلا صلى منفرداً، ولا إثم عليه. أما صلاة الجمعة فعليه بذل الجهد والحرص أن يحضرها مع المسلمين، وقد توفرت المواصلات المريحة في هذا الزمن، ولربما أن الإنسان يذهب لحضور مناسبات دنيوية رياضية أو اقتصادية أو ترفيهية من منطقة إلى أخرى، تستغرق منه أكثر من 25دقيقة، فعند القدرة والأمن وعدم المشقة غير المعتادة، فينبغي عليه أن يحضر صلاة الجمعة مع المسلمين؛ لما فيها من الخير الكثير. أما الرجل الذي لا يسمع الأذان هل يجب عليه الذهاب للصلاة: فإن كان عدم سماعه للأذان هو البعد عن المسجد، فالعلماء يقولون: إنه لا يجب عليه حضور الجماعة في المسجد، ولكن عليه أن يحرص على أداء الصلاة جماعة ولو مع بعض أهله، هذا وليعلم أن مشي الإنسان من بيته إلى المسجد أو ركوبه إليه فيه أجر عظيم، فكل خطوة يخطوها إلى المسجد تكتب له بها حسنة، وتكفر عنه بها سيئة، ويرفعه الله بها درجة ذاهباً وراجعاً، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم. انظر صحيح البخاري (477) ، ومسلم (649) و (665) ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

صلاة المصاب بالجذام في المسجد

صلاة المصاب بالجذام في المسجد المجيب د. عبد العظيم بن إبراهيم المطعني رئيس قسم التفسير والحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/مسائل متفرقة التاريخ 26/10/1426هـ السؤال رجل مصاب بمرض الجذام -أعاذنا الله وإياكم منه- وهذا الرجل يحرص على أداء الصلاة في الجماعة، ويصافح الناس بعد الصلاة بشكل متكرر، والمصلون يستحون من صده وعتابه. أرشدونا ماذا نفعل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فنسأل الله -تعالى- شفاء عاجلاً غير آجل لهذا الرجل المجذوم، ولنا ولكم المعافاة من جهد البلاء وعضال الداء. ثم كون هذا الرجل بما فيه من مرض حريص على الصلاة في جماعة المسجد دليل خير، وربما كانت مصافحته لأهل المسجد تعطيه دافعاً نفسياً على أنه إنسان طبيعي كغيره ممن عافاهم الله، لكن ليس كل الناس يستريح لذلك، فحرصاً على ألا يصدمه أحد بكلمة حادة أو مثل ذلك، فعلى إمام المسجد أن يبين للناس -في حضور هذا الرجل- أنه ليس من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- مصافحة المصلين دبر الصلوات، وأظنه مدخل مقبول لامتناع الرجل عن مصافحة الناس بعد الصلاة. وهناك أحاديث وردت في موضوع "الجذام" هي كالتالي: 1- صحيح البخاري، معلقا، في كتاب الطب، باب الجذام، من طريق سعيد بن ميناء، قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صَفَر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد". 2- صحيح مسلم (2231) ، عن عمرو بن الشَّريد عن أبيه، قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم: " إنا قد بايعناك فارجع". والحديث عند النسائي أيضًا (4182) .

3- سنن أبي داود (3925) من طريق محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة، وقال: "كل ثقة بالله وتوكلا عليه ". والحديث عند الترمذي كذلك (1817) ، وابن ماجة (3542) . فذهب جماعة من العلماء إلى أن أحاديث الفرار من المجذوم منسوخة بأحاديث نفي العدوى، والذي عليه أكثر أهل العلم أنه لا نسخ، وأن الواجب إما الجمع أو الترجيح، وبكل أخذ طائفة من العلماء، والذي يترجح لي أن الجمع ممكن وهو بأحد وجهين: الأول: أن يقال: إن المراد بنفي العدوى نفي الاعتقاد الجاهلي من أن المرض يعدي وينتقل بنفسه من غير إرادة الله تعالى وتقديره, أما أمره بالفرار من المجذوم ونحوه فهو بيان منه صلى الله عليه وسلم أن العدوى من أسباب انتقال الأمراض, ففي أمره بالفرار إثبات للأسباب، وفي نفيه للعدوى أنها لا تستقل بالتأثير. الثاني: أن يقال: إن نفيه للعدوى نفي لها بالكلية وإنها غير مؤثرة، إذ كثيراً ما يخالط المريض ولا يصاب المخالط بشيء، وأما أمره بالفرار من المجذوم فهو لئلا يقع المخالط في ذلك المرض تقديراً من الله تعالى، فيظن عدم مطابقة خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- للواقع في نفيه للعدوى، فيفضي به ذلك إلى إثبات ما نفاه الله ورسوله. وعلى كل حال فالواجب على المؤمن أن يعتقد أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- حق لا تعارض في شيء منه إذا ثبت عنه، وما كان من تعارض قد يظنه الناظر في قوله صلى الله عليه وسلم فإنما هو في الفهم والذهن، والأحاديث وحي كما قال تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إن هوَ إلا وَحيٌ يوحَىَ" [النجم: 3-4] . ذكرت لك ما ذكرت زيادة في الفائدة، وأرجو أن تعود إلى ما قلناه في أول الفتوى، والله أعلم.

صلاة أهل الأعذار

أداء الصلاة تحت تأثير المخدر المجيب د. عبد العزيز بن محمد الداود عضو الإفتاء كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه التاريخ 22/8/1422 السؤال أدت امرأة صلاة الفجر وهي لا زالت تحت تأثير المخدر بعد إجراء العملية، فكانت تغفو أثناء الصلاة ثم تفيق، فما حكم صلاتها والحال هذه؟ الجواب صلاتك والحال هذه لا تصح، وعليك قضاؤها، لأن من شروط صحة الصلاة سلامة العقل.

صفة صلاة المريض

صفة صلاة المريض المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه التاريخ 20/11/1424هـ السؤال أخ لكم أجرى عملية في ركبته بمنطقة تبعد عن بلده سبعمئة كم، هل له أن يجمع الصلاة ويقصر وهو على سرير المستشفى؟ علماً أنه يشق عليه الوضوء والسجود، حيث يصلي واقفاً، وإذا أراد السجود جلس وانحنى بقدر ما يستطيع، هل يجزئه ذلك؟ وهل له أن يصلي في بيته مع أنه يسمع النداء، حيث يتعبه المشي والركوب؟. الجواب الأخ السائل اجتمع في حقه رخصتان: رخصة السفر، ورخصة المرض، فيجوز له قصر الصلاة الرباعية ما دام مسافراً، بل ذلك هو المشروع في حقه، ويجوز له الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء في وقت أحدهما إذا احتاج إلى ذلك لعذر السفر أو المرض، وإن كان الأولى عدم الجمع، لكن إن كان يلحقه بترك الجمع مشقة فله الجمع، ففي صحيح مسلم (705) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهم-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر"، وفي رواية: "من غير خوف ولا سفر". قال أهل العلم: (ولا عذر بعد ذلك إلا المرض) ، ولأن حاجة المريض آكد من حاجة الممطور. وكما يجوز للمريض الجمع إذا احتاج إليه، فكذلك يجوز له ترك القيام أو الانحناء في الركوع والسجود إن عجز عنه، فيصلي على حسب حاله، والقادر على القيام دون السجود -كما في السؤال- يجلس ويحني ظهره ورقبته ويقترب من الأرض ما أمكنه قال الله -تعالى-: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16] . أما عن ترك الجماعة لأجل المرض، فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما مرض تخلف عن المسجد، وقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس"، متفق عليه البخاري (664) ومسلم (418) . فمن كان مريضاً أو يخاف من زيادة المرض، أو تأخر الشفاء فهو معذور في ترك الجماعة: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة:286] ، والله أعلم.

المرض المعدي هل يسقط صلاة الجماعة؟

المرض المعدي هل يسقط صلاة الجماعة؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه التاريخ 2/1/1423 السؤال رجل مصاب بمرض معدي (مثل العنقز أو الحصبة) هل تجب عليه الصلاة في المسجد مع الجماعة؟ الجواب من الأعذار المسقطة للجماعة والجمعة هي المرض إذا كان هذا المرض يتأخر برؤه أو كان يزداد، ومن ذلك أيضاً إذا كان من المعدي الذي يتعدى ضرره إلى الآخرين، فهذا الإنسان معذور بهذا العذر فلا تجب عليه صلاة الجماعة باعتبار المرض وباعتبار العدوى، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى من أكل ثوماً أو بصلاً أن يأتي للمسجد؛ لئلا يؤذي الناس برائحته انظر مارواه البخاري (855) ومسلم0564) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، وهذا -فيما يظهر- أشد ضرراً ممن يأكل شيئاً له رائحة كريهة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الصلاة على الكرسي لمن عجز عن القيام

الصلاة على الكرسي لمن عجز عن القيام المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه التاريخ 24/1/1424هـ السؤال رجل لا يستطيع أن يسجد، هل يجوزله أن يصلي على الكرسي- لا على الأرض- فينحني على الكرسي للركوع والسجود؟ أم لا بد له من الانحناء على الأرض؟ أم كيف يصلي الصلاة الصحيحة؟ أفيدونا أفادكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب من استطاع القيام والركوع وجب عليه فعلهما فيصلي قائما، ً ثم يركع من قيام، ثم يجلس على كرسيه للسجود، حيث لم يستطع السجود فيومئ به حيث عجز عن السجود، لحديث عمران -رضي الله عنه- حين سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صلاته من بواسير به فقال:"صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعدا، ً فإن لم تستطع فعلى جنب" رواه البخاري (1117) وغيره.

تصلي النوافل جالسة

تصلي النوافل جالسة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه التاريخ 14/5/1424هـ السؤال أعاني من خشونة في الركبتين، وأتعب من الوقوف، والحمد لله أصلي الصلوات المفروضة قائمة، أما النوافل، والشفع، والوتر كثيراً ما أصليها جالسة، أفيدونى أثابكم الله، هل لابد من صلاتهما قائمة؟. الجواب الحكم بالنسبة للقيام في الصلاة يختلف من حيث كون الصلاة فريضةً أو نافلةً، أما صلاة الفريضة فإن القيام (الوقوف) ركن من أركانها، لا تصح الصلاة إلا به، وذلك عند القدرة عليه؛ لقوله عليه -الصلاة والسلام- لعمران بن الحصين -رضي الله عنه-: "صلّ قائماً " رواه البخاري (1117) ولذلك فإن القادر على القيام إذا صلى جالساً في الفريضة فصلاته غير صحيحة. ولكن عند العجز عن القيام فإن الإنسان يجوز له أن يصلي قاعداً؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعمران بن الحصين -رضي الله عنه- في الحديث السابق: "فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب"رواه البخاري (1117) ، ولأنه غير قادر على القيام، والله -سبحانه وتعالى- يقول: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] وقال ابن قدامه: " أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالساً "، وثبت عن أنس -رضي الله عنه- أنه قال: "سقط رسول الله -صلى الله عليه وسلم -عن فرسَ فخدش أو فجُحش شقه الأيمن، فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى قاعداً، فصلينا قعوداً متفق عليه عند البخاري (1114) ومسلم (411) . أما في صلاة النافلة والتطوع فإن القيام ليس بركن، وإنما الأفضل أن يصلي الإنسان قائماً، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من صلى قائماً فهو أفضل"

رواه البخاري (1116) من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه-. وإن صلى جالساً فلا شيء عليه، وقد ثبت في صحيح مسلم (732) عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: " إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يمت حتى كان كثيرٌ من صلاته وهو جالس"، وقال ابن قدامه:" لا نعلم خلافاً في إباحة التطوع جالساً". والإنسان إذا صلى التطوع جالساً وهو عاجزٌ عن القيام فإن أجره تام؛ لأنه معذور في ترك القيام، أما إذا ترك القيام وهو قادر عليه فإن أجره يكون على النصف من أجر القائم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم" رواه البخاري (1116) ، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة" رواه مسلم (735) من حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-. ومما سبق يتبين أنه يجوز لكِ أن تصلي الشفع والوتر وغيرهما من النوافل قاعدةً، والله أعلم -وصلى الله وسلم- على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

صلاة مريض الروماتيزم

صلاة مريض الروماتيزم المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه التاريخ 14/4/1424هـ السؤال ما حكم الصلاة على الكرسي للذين يعانون من مرض الروماتيزم؟ وما هي الصفة الأفضل لهم؟ بحيث إنهم لا يقصرون في أركانها. الجواب من قدر على فعل ركن من أركان الصلاة من قيام أو ركوع أو سجود وغيرها وجب عليه الإتيان به، فلا تتم صلاته إلا به، ويقابل ذلك من عجز عن ركن انتقل إلى بدله، فمن عجز عن الصلاة قائماً صلى قاعداً، وإن لم يستطع فعلى جنبه، ومن استطاع الركوع لزمه فعله، فإن لم يستطع أومأ إيماء، وهكذا لعموم قوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ، وحديث عمران: "صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" رواه البخاري (1117) وأصحاب السنن، ومن قدر على أداء بعض الأركان دون بعض لزمه أن يأتي بما قدر عليه وانتقل إلى بدل ما لا يقدر على أدائه، والله أعلم.

كيف يجلس من يصلي قاعدا؟

كيف يجلس من يصلي قاعداً؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المريض ومن في حكمه التاريخ 24/06/1425هـ السؤال أرى كثيراً من الحوامل يصلين جالسات لكن بأوضاع مختلفة، هل هناك طريقة محددة للصلاة والحامل جالسة؟ وما هو الدليل على جوابكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. الواجب على المسلم والمسلمة أن يصليا الفرض في حالة قيام، ولا تصح صلاتهما في حال الجلوس مع القدرة على القيام، أمّا النفل فللمرء أن يصلي جالساً، وإن كان قادراً على القيام، وأجره على النصف من صلاة القائم إذا كان قادراً على القيام ولم يقم، ثم إذا لم يستطع القيام فيصلي متربعاً إن قدر، وإلا على أي صفة قدر عليها لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً ... " رواه البخاري (1117) ويقول جلَّ وعلا في كتابه العزيز "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ويقول جل وعلا: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] . والله أعلم.

حكم الترخص برخص السفر إذا وصل المسافر إلى بلده

حكم الترخص برخص السفر إذا وصل المسافر إلى بلده المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 10/8/1422 السؤال إنني أسافر أحياناً وبرجوعي من السفر وقرب وصولي إلى البيت تكون قد وجبت صلاة الظهر، وأنا أكون متعباً أحياناً أو غير متعب. هل يحق لي أن أصلي الظهر مع العصر قصراً وجمعاً ثم أنام أم لا، وإذا صادفت أحياناً أكون قد جمعت بين صلاتين ثم وصلت البيت قبل وجوب الصلاة الثانية فما حكم ذلك؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز الترخص برخص السفر - من جمع أو قصر - بعد وصول المسافر إلى بلده سواء كان متعباً أو لا. أما إذا جمع وقصر وهو مسافر ثم وصل قبل دخول وقت الصلاة الثانية فلا حرج عليه وبرئت ذمته من الصلوات التي أداها فلا يعيدها والله أعلم.

الجمع والقصر في الصلاة للمسافر؟

الجمع والقصر في الصلاة للمسافر؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 29/4/1422 السؤال هل يمكنني أن أصلي صلاة الجمع والقصر إحدى الصلاتين مع الإمام والأخرى منفرداً، مثلاً أن أصلي صلاة المغرب مع الإمام في المسجد ثم أتبعها بركعتين بنية صلاة العشاء وذلك في السفر؟ الجواب الحمد لله رب العالمين: نعم يمكنك أن تجمع بين الصلاتين، وتصلي الأولى مع الإمام المقيم جماعة ثم تصلي الثانية ركعتين بحكم أنك مسافر ليسوغ لك الجمع والقصر، ولكن إذا تهيأ لك أن تصلّي الأخرى مع جماعة أخرى من رفقتك أو غيرهم فذلك أفضل، كما روى أبو داوود والنسائي عن أبي كعب - رضى الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى) . وإذا كنتم في السفر جماعة فإنها تجب عليكم الصلاة جماعة والأذان لها لقوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث وأصحابه - رضي الله عنهم - (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) . والأدلة على وجوب صلاة الجماعة وفضلها من الكتاب والسنة كثيرة معلومة، فالواجب على المسلم العناية بها والمحافظة عليها سفراً وحضراً طاعة لله واحتساباً لثوابه. والله الموفق،.

اقتداء المسافر بالمقيم

اقتداء المسافر بالمقيم المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 29/4/1422 السؤال ما حكم اقتداء المسافر بالمقيم في الصلاة؟ الجواب اختلف الفقهاء في اتمام المسافر بمقيم، هل يلزم المسافر الاتمام، أو لا، على أقوال، أوجزها في أربعة، وهي كالتالي: القول الأول: أنه يجب على المسافر أن يتم إذا صلى خلف مقيم، سواء أدرك جميع الصلاة أو بعضها وهذا القول لجمهور العلماء من الأئمة الأربعة، وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وجماعة من التابعين وبه قال الثوري والأوزاعي وأبو ثور، وغيرهم، بل حكى الشافعي في الأم إجماع العلماء على ذلك. واستدلوا على ذلك: 1- عموم قوله صلى الله عليه وسلم (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه) متفق عليه. قالوا ومفارقة إمامه اختلاف عليه، فلم يجز مع إمكان متابعته. 2-ما أخرجه مسلم والنسائي والطيالسي وأحمد وابن خزيمة من طرق عن قتادة عن موسى بن سلمة قال قلت لابن عباس: كيف أصلي بمكة إذا لم أصلي في جماعة؟ قال ركعتين، سنة أبي القاسم. قالوا: فمفهومه أنه إذا صلى مع جماعة يتمون فيتم مثلهم، والسنة تتصرف إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم. 3-ولأن هذا فعل من تقدم من الصحابة ابن عباس وكذا ابن مسعود كما في مصنف ابن أبى شيبة وكذا ابن عمر كما في الموطأ عن نافع أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته. قالوا هذا فعل أو فتوى من سمينا من الصحابة ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفاً، فكان كالإجماع. 4-ولأن هذه الصلاة مردودة من أربع إلى ركعتين فلا يصليها خلف من يصلي الأربع كالجمعة. القول الثاني: قال طاووس والشعبي وتميم بن جذلم في المسافر يدرك من صلاة المقيم ركعتين تجزيان

القول الثالث: وقال إسحاق له أن يقصر مطلقاً لأنها صلاة يجوز فعلها ركعتين فلم تزد بالإتمام. القول الرابع: وقال ابن حزم: يجب على المسافر أن يقصر ولوائتم بمقيم -،ونقله عن عبد الرحمن بن تميم بن حذلم عن أبيه. واستدل على ذلك: 1-بأن واجب المسافر ركعتان في كل حال منفردا أوإماماً أو مأموما كما جاء في النصوص. 2-ولأن المقيم خلف المسافر يتم، ولا ينتقل إلى حكم إمامه في التقصير، فكذلك المسافر خلف المقيم يقصر، ولا ينتقل إلى حكم إمامه في الاتهام وكل أحد يصلي لنفسه، وإمامة كل واحد منهما للأخر جائزة، ولافرق. وقال: فالواجب على المسافر جملة القصر والمقيم جملة يتم ولا يراعي أحد منهما إماماً. والذي يظهر ترجيح القول الأول قول الجمهور والأئمة الأربعة، لأنه قول ثلاثة من الصحابة ابن عباس وابن مسعود ولا مخالف لهم من الصحابة وقد ذهب بعض الفقها والأصوليون إلى أن قول أو فعل الصحابي في مسألة لا نص صريح فيها أنه حجة، وقد رجحه ابن القيم ونسبه إلى جمهور الأئمة ومال إليه ابن تيمية في الفتاوى. وأما قول ابن عباس (تلك سنة أبى القاسم) فليست صريحة في الرفع، وفي مثل هذه الصيغة اختلاف بين العلماء، ولو كانت مثل هذه الصيغة تفيد الرفع فما يمنع الصحابة من رفع الحديث إلى النبي ـصلى الله غليه وسلم ـ مباشرة فهو أقوى في الاستدلال، فلعل مرادهم الاستنباط من عموم النصوص أو مرادهم أن هذا هو الذي عليه العمل، أو غير ذلك من الاحتمالات. وعلى كل حال فقوله ((تلك سنة آبي القاسم ـصلى الله عليه وسلم)) تضفي على القول الأول قوة، وتقدمه على غيره من الأقوال. وفي القول الثاني وجاهة ـوان كان دون سابقه ـ لعدم صورة المخالفة في إقتداء المسافر بالمقيم.

واضعفها الرابع قول إبن حزم في إيجاب القصر ـ وقياسه مع منعه القياس ذلك على إتمام المقيم خلف المسافر ولاينظر إلى حال إمامه - وفي مخالفته لأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم ما يدل على بعده - وقد تعقبه الشيخ الألباني (رحمه الله) بما يغني عن التفصيل في تعقبه - والله أعلم. وبناء على ما تقدم فلا ينوي المسافر- على رأي الجمهور - الانفصال عن الإمام المقيم إذا صلى ركعتين. وأما على رأي إسحاق فله ذلك - وأبن حزم يوجب أن ينوي الانفصال. والله أعلم

صلاة المسافر العشاء مع من يصلي المغرب

صلاة المسافر العشاء مع من يصلي المغرب المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 7/4/1422 السؤال إذا كنت مسافراً وقد صليت المغرب فكيف أصلي العشاء مع جماعة يصلون المغرب، هل أسلم بعد الركعة الثانية قبل الإمام، أم أنتظر الإمام حتى يجلس للتشهد الأخير وأسلم معه؟ الجواب إذا صلى المسافر رباعيةي خلف من يصلي ثلاثية فهو بالخيار إن شاء قصر وصلى ركعتين فإن شاء سلم بعد الركعتين، لأن انفراده لعذر تمام صلاته، وإن شاء انتظر الإمام فسلم معه. وإن شاء أتم الصلاة فيأتي بركعة بعد سلام إمامه، وهذا أحوط، وبالله التوفيق.

هل تجب عليهم الجمعة؟

هل تجب عليهم الجمعة؟ المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 6/4/1422 السؤال يوجد لدينا في منطقة الربع الخالي مركز حدود قريب من منطقة أعمال أرامكو في الشيبة، وهم يؤدون الصلاة جماعة وعددهم يزيد عن خمسين رجلاً ولكنهم لا يصلون الجمعة بحجة أنهم غير مستقرين، علماً أنهم يقيمون في المركز لمدة تزيد عن ثلاثة شهور حتى يتمكنوا من التغيير بمجموعة أخرى. علماً أنه يذهب من الخمسين عشرة عملهم في الحراسة والباقي يذهب إلى صلاة الجمعة في سكن أرامكو الذي يبعد عنهم 40 كيلو متراً. هل يجوز لهم إقامة الجمعة في هذا المركز؟ الجواب الجمعة غير واجبة عليهم، لأنهم في حكم المسافرين حيث أن هذا المكان ليس موطناً لهم، والجمعة لا تجب على المسافر؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل الجمعة في سفر من أسفاره، فإن فعلوا وصلوا الجمعة في مكانهم فلا بأس، ولا يشترط أن يبلغ العدد أربعين على القول الراجح والله أعلم.

تخلف المسافر عن صلاة الجماعة

تخلف المسافر عن صلاة الجماعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 23/12/1424هـ السؤال رجل سافر وعند مروره بإحدى المدن مكث فيها يوماً أو يومين. فهل يأثم هذا الرجل بترك صلاة الجماعة مدة بقائه في المدينة والصلاة في شقته جمعاً وقصراً بحجة السفر؟ الرجاء بيان أقوال العلماء بالتفصيل أو إحالتي لمصادر هذه الأقوال. الجواب لا يجوز للمسلم أن يتخلف عن صلاة الجماعة؛ لما يترتب على ذلك من تعريض المسلم نفسه للعقوبة الشديدة، فقد همَّ - صلى الله عليه وسلم - بتحريق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة بالنار، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيُحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذّن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ فأحرق عليهم بيوتهم" متفق عليه عند البخاري (644) ، ومسلم (651) واللفظ للبخاري، وقد قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: " من سره أن يلقى الله - تعالى - غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " رواه مسلم (654) .

وقد استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ أعمى في أن يصلي في بيته، حيث أتى هذا الأعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخَّص له فيصلي في بيته، فرخَّص له، فلما ولى دعاه، فقال له: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: " فأجب " رواه مسلم (653) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وعن عبد الله بن أمَّ مكتوم المؤذن - رضي الله عنه - أنه قال: " يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل تسمع حيّ على الصلاة حيَّ على الفلاح" قال: نعم، قال: "فحيَّ هلا" ولم يرخص له رواه النسائي (851) ، وأبو داود (552) ، وابن ماجة (552) بإسناد حسن، ومعنى حيّّ هلا: تعال، فهذه الأحاديث تحذر المسلم من أن يتخلف عن صلاة الجماعة، وما دام أنه مقيم في المدينة أو في غيرها فلا يسوغ له أن يتخلف ولو أنه في حكم المسافر، والله أعلم.

جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة

جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 24/9/1422 السؤال سافرت إلى سوريا يوم الأربعاء إلى الجمعة، في يوم الجمعة صليت الجمعة ركعتين في البيت، وجمعت معها العصر ركعتين، هل فعلي هذا صحيح؟ وإذا كان خطأ، فما الواجب عليّ؟ الجواب صلاتك وجمعك صحيح ما دمت نويت قصر صلاة الظهر، وجمعت معها صلاة العصر، إلا أن صلاتك في المسجد أفضل لك، فإذا صليت مع الإمام الجمعة فلا تجمع معها العصر.

قصر الصلاة لسائقي الحافلات

قصر الصلاة لسائقي الحافلات المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 23/10/1424هـ السؤال إذا كان شخص يعمل سائق باص من بلد إلى بلد دون انقطاع، فهل عليه القصر طول العام؟ علماً أن المسافة التي يقطعها مسافة مسافر، وهو يوم عند أولاده ويوم خارج المدينة. الجواب المشروع للمسافر قصر الصلوات الرباعية في حال السفر، أما إذا رجع إلى محل إقامته فتنقطع أحكام السفر، ويجب عليه إتمام الصلاة، وبناء على ذلك فإنه يشرع للسائل القصر إذا سافر خارج مدينته، ويتم في وقت إقامته عند أولاده.

جمع الصلاة والتيمم في النزهة البرية

جمع الصلاة والتيمم في النزهة البرية المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 12/11/1424هـ السؤال نحن شباب إذا خرجنا في نزهة إلى البر يكون هناك نزاع حول قصر الصلاة وجمعها، وحول الوضوء أم التيمم؟ علماً أن المسافة تزيد على مائة كيلو، ونكون في أيام برد ويمكن الحصول على الماء لكن بغير سهولة، والأرضية ليست ترابية بل رملية، السؤال: ما العمل في مثل هذه الأوضاع؟ الجواب مسافة المائة كيلو مسافة قصر يجوز فيها الأخذ برخص السفر، كقصر الصلاة والفطر في رمضان (والجمع بين الصلاتين لمن جدّ به السير) . وأما التيمم فشرط جوازه عدم الماء، أو عدم القدرة على استعماله، ويجوز التيمم بالرمل على الصحيح؛ لعموم قوله -تعالى-:"فتيمموا صعيداً طيباً" [النساء:43] ، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه -رضي الله عنهم- يحملون معهم التراب مع مرورهم بمناطق رملية.

قصر الصلاة لسائقي الحافلات

قصر الصلاة لسائقي الحافلات المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 23/10/1424هـ السؤال إذا كان شخص يعمل سائق باص من بلد إلى بلد دون انقطاع، فهل عليه القصر طول العام؟ علماً أن المسافة التي يقطعها مسافة مسافر، وهو يوم عند أولاده ويوم خارج المدينة. الجواب المشروع للمسافر قصر الصلوات الرباعية في حال السفر، أما إذا رجع إلى محل إقامته فتنقطع أحكام السفر، ويجب عليه إتمام الصلاة، وبناء على ذلك فإنه يشرع للسائل القصر إذا سافر خارج مدينته، ويتم في وقت إقامته عند أولاده.

صلاة المسافر قبل دخول الوقت

صلاة المسافر قبل دخول الوقت المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 14/9/1424هـ السؤال صليت الظهر في المسجد في مدينة الرياض، وفي الثانية ظهراً خرجت للمطار، ووقت صعود الطائرة الساعة الثالثة إلا ربعاً، والإقلاع قبل أذان العصر والوصول بعد ساعة ونصف أو أكثر، فهل يجوز لي أن أصلي العصر قصراً قبل صعود الطائرة؟ علماً أن وقت العصر لم يدخل، وهل هذا من باب الجمع؟ الجواب ليس لك أن تصلي العصر قبل دخول وقتها، على الحال التي وصفت؛ لأن تقديم الصلاة قبل وقتها لا يجوز، إلا في الجمع، ومنه جمع التقديم، ويشترط له كون الصلاة مما تجمع إلى ما قبلها، وكون الجمع متصلاً في وقت واحد، لا يحصل الفصل فيه بين أداء الصلاتين مدة تطول -عرفاًَ-، وصلاتك العصر الساعة الثانية ظهراً بعد أن صليت الظهر قريباً من الساعة الثانية عشرة والنصف لا يتحقق فيه معنى الجمع، لا عرفاً؛ لطول الفصل بينهما، ولا شرعاًُ؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان جمعه متوالياً، بلا فصل طويل، ولم ينقل عنه -فيما أعلم- الجمع على نحو ما يسأل عنه السائل، والجمع رخصة، والرخصة لا يتجاوز بها الوارد عنه -صلى الله عليه وسلم-. وعلى هذا فتلزمك صلاة العصر، بعد دخول وقتها، فإن خشيت خروجه قبل مغادرتك الطائرة إلى بلد سفرك لزمتك الصلاة فيها، على حسب القدرة والإمكان، ويسقط عنك من الشروط والأركان والواجبات ما لا تتمكن من الإتيان به في الطائرة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعمران بن حصين -رضي الله عنه-: "صل قائماً؛ فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" البخاري (1117) . ومراعاة أداء الصلاة في وقتها أهم من مراعاة غيره من الشروط والأركان والواجبات، باتفاق أهل العلم. وحينئذ فالسنة لك أن تقصر الصلاة التي فيها قصر؛ لأنك مسافر، والقصر صلاة المسافر.

وإن لم تخش خروج الوقت فعليك أن تؤخر الصلاة إلى حين وصولك مطار البلد الذي أنت مسافر إليه؛ لتؤدي الصلاة بكمالها وخشوعها وطمأنينتها. ولك أن تقصر إن كان البلد غير بلدك، أو كنت لا تنوي البقاء فيه مدة تعتبر فيها -عرفاً مقيماً-.

هل يجب علي قصر الصلاة؟

هل يجب عليّ قصر الصلاة؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 29/12/1422 السؤال أعمل في شركة نفط في الصحراء، وبمعدل أسبوعين في العمل وأسبوعين عطلة، وأذهب عن طريق الطائرة، وتبعد المنطقة التي أعمل بها عن محل إقامتي حوالي (550) كيلو متراً وأغلب عملي في مكتب، والمنطقة التي أعمل بها توجد بها كافة سبل الراحة من مسجد ومسكن ومأكل ونقل، ونادراً أخرج إلى خارج المكتب وذلك لزيارة آبار النفط، بعض الآبار تبعد (150) كيلو متراً عن مقر المكتب والسكن، وبعضها لا يتعدى الكيلو متر الواحد، ما رأي فضيلتكم في وجوب القصر من عدمه، وهل يؤاخذ الله في من لم يقصر وهو في حال الرخصة؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فالجواب أن القول الراجح أن القصر في السفر سنة وليس بواجب، وبناء عليه فلو أتممت الصلاة في السفر لصحت لكنه خلاف السنة ولا إثم عليك - إن شاء الله - هذا وما ذكرت من وجود مسجد في المنطقة التي تسافر إليها وتعمل فيها والتي هي ليست محل إقامتك نقول لك: الواجب أن تصلي في المسجد جماعة لأن الجماعة واجبة حضراً وسفراً، وإذا صليت مع الإمام المقيم فإنه يجب عليك إتمام الصلاة مع إمامك؛ لأن هذا هو السنة وإذا صليت وحدك فالسنة لك قصر الصلاة بدون جمع، والله أعلم.

القصر بين الموطن ومكان الوظيفة

القصر بين الموطن ومكان الوظيفة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 11/4/1424هـ السؤال أنا موظف في مدينة تبعد عن سكني الأصلي حوالي 200 كم، ولا أذهب إلى مدينتي إلا يوم الأربعاء ثم أعود يوم الجمعة، فهل يجوز لي قصر الصلاة الرباعية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: من حال السائل يظهر أنه مسافر، وإذا كان كذلك فإنه يجوز له أن يقصر الرباعية، لكن إذا كان المسافر داخل البلد فالأصل أنه يصلي الجماعة مع الناس؛ لحديث ابن عباس وأبي موسى - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر"، رواه بن ماجة (793) ، وابن حبان في صحيحه (2064) ، والحاكم في المستدرك (928) ، وغيرهم من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-وقال علي - رضي الله عنه -: "لا صلاة لجار مسجد إلا في المسجد"، رواه البيهقي في السنن الكبرى (3/57) وغيره ولم يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ترك الجماعة لا في الحضر ولا في السفر، لكن لو فاتتك الصلاة فلك أن تصلي هذه الرباعية التي فاتتك ركعتين، وإذا كنت داخل البلد فإنه يجب عليك أن تصلي مع الناس، وإذا صليت مع الناس فإنك إذا ائتممت بمقيم فإنه يلزمك أن تتم صلاتك؛ تصلي أربعاً إذا أدركت من الصلاة ركعة تامة.

موافقة الجمعة ليوم من أيام الحج

موافقة الجمعة ليوم من أيام الحج المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 27/07/1425هـ السؤال في مناسك الحج، هل على الحجاج صلاة الجمعة في منى يوم التروية، إذا كان يوم الثامن من ذي الحجة يوم الجمعة؟ - وجزاكم الله خيراً-. الجواب المسافر لا تجب عليه صلاة الجمعة، وإذا كان في الحج فلا تجب عليه صلاة الجمعة؛ لأنه ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وافق يوم الجمعة في يوم عرفة، ولم يصلِّ الجمعة في ذلك اليوم، وإنما صلاها ظهراً؛ بدليل أنه جمع العصر مع الظهر، وكذلك قدّم الصلاة على الخطبة، فهذا دليل على أن الحاج لا يصلي صلاة الجمعة إذا وافقت الجمعة يوماً من أيام الحج. والله أعلم.

نوى الإقامة أسبوعين، فهل يقصر؟

نوى الإقامة أسبوعين، فهل يقصر؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 13/7/1425هـ السؤال سافرت إلى دولة شرقية هذا الصيف، وأقمت بها أسبوعين، وخلال مدة إقامتي كنت أجمع وأقصر الصلاة، علماً بأني سافرت خلال الأسبوعين إلى أكثر من منطقة، وعند عودتي إلى بلدي شككت في الأمر، فسألت أحد الإخوة فأمرني بإعادة الصلاة. سؤالي: هل فعلي هذا جائز؟ وهل أعيد الصلاة مع مشقة ذلك؟ علماً أنه يصعب صلاة كل فرض في وقته؛ لعدم توفر المكان المناسب. الجواب الحمد لله، وبعد: الإنسان إذا كان يريد أن يبقى في مكان أكثر من أربعة أيام؛ بمعنى أنه يبقى في بلد معين -كمدينة أو قرية- مدة تزيد عن الأربعة أيام فإن حكمه حكم المقيم، لا يترخص بشيء من رخص السفر لا القصر ولا الجمع ولا المسح أكثر من يوم وليلة، وأما إذا كان يتنقل يوم في البلد الفلاني ويوم آخر ينتقل إلى القرية الفلانية، وبعد ثلاثة أيام ينتقل إلى مكان ثالث، ولو كان اسم الدولة واحد لكنه يتنقل في قراها فإن هذا يعتبر مسافراً، وله الترخص برخص السفر كلها، فيقال لهذا السائل إن كنت قررت الإقامة في مدينة واحدة أكثر من أربعة أيام فإنك قد أخطأت، وعليك أن تعيد الصلوات، وأما إذا كنت لا تدري متى ترتحل من هذه البلدة إلى البلدة الثانية أو من هذه القرية إلى القرية الثانية لا تدري هل تجلس فيها يوماً أو أسبوعاً، وجلست فيها مدة طويلة حتى لو كانت أشهراً وأنت في كل يوم لا تدري هل تبقى أو تغادر فهذا حكمه حكم المسافر، وله القصر والجمع والفطر في رمضان، والمسح ثلاثة أيام. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رخص السفر في النزهة

رخص السفر في النزهة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 30/6/1424هـ السؤال شباب ذهبوا للنزهة في البر بمسافة تقدر بأكثر من 70كيلو متر، ونيتهم الجلوس والنوم لأكثر من يوم، ما حكم جمعهم وقصرهم للصلاة؟ وهل يجوز التيمم عند صلاة الفجر لشدة برودة الجو والماء في البر؟ الجواب لكم الجمع والقصر كما هو اختيار شيخ الإسلام أحمد بن تيمية -رحمه الله-. أما بالنسبة للتيمم فلا بأس به لشدة البرد إذا كان فيه مشقة شديدة، وكذلك إذا كان الإنسان يخشى أن يتضرر فله أن يتيمم أيضاً، أما إن كانت المشقة محتملة، فإنه لا يجوز له أن يتيمم بل عليه أن يتوضأ.

تحديد مدة السفر

تحديد مدة السفر المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 3/2/1424هـ السؤال سمعت فتوى عن تحديد مدة السفر للمسافر بأقل من أربعة أيام؛ للعمل بأحكام المسافر، ولكن أريد معرفة ما هو المستند لتحديد المدة بأربعة أيام؟ أرجو التوضيح، وفقكم الله لكل خير. الجواب هذه الفتوى التي سمعتها هي مذهب الجمهور من المالكية، والشافعية والحنابلة في رواية عن الإمام أحمد، ولهذا القول أدلة، منها: حديث العلاء بن الحضرمي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً" متفق عليه البخاري (3933) ، ومسلم (1352) ، ووجه الدلالة منه: أنه رخص للمهاجر أن يقيم في مكة ثلاثة أيام -دون زيادة- لأن هذه المدة لا تخرجه عن حكم المسافر. ومما استدلوا به: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم مكة للحج في اليوم الرابع من ذي الحجة- كما ثبت ذلك في صحيح البخاري من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- (صحيح البخاري مع الفتح 3/422) - ثم خرج منها إلى منى في ضحى اليوم الثامن من ذي الحجة، كما يشير إليه الحديث الوارد في صحيح البخاري مع الفتح (3/507) عن أنس -رضي الله عنه- قالوا: فمجموع إقامته أقل من أربعة أيام، وكان عازماً على إقامتها، وقد كان يقصر الصلاة في هذه المدة، فلا يشرع القصر في أكثر منها إبقاء على الأصل وهو الإتمام، والله تعالى أعلم.

القصر عند الاقتراب من البلد

القصر عند الاقتراب من البلد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 26/6/1424هـ السؤال كنت مسافراً مع بعض الإخوة، وعند رجوعنا إلى البلد دخل وقت الصلاة، فهل يجوز لنا القصر؟ ملاحظة: المسافة بين البيت ومكان الصلاة في حدود 20 كيلو. الجواب إن كنتم دخلتم البلد فلا يجوز لكم القصر، وإن كنتم لا تزالون في البر ولم تدخلوا البلد فيجوز لكم القصر، ولو قربتم من البلد ما دمتم لم تدخلوها.

الترخص في السفر المحرم

الترخص في السفر المحرم المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 10/9/1424هـ السؤال حارت بي الكلمات ولا أقول إلا: جزاكم الله الجنة، ومن الجنة فردوسها. سؤالي: هل يجوز في السفر الحرام الجمع والقصر؟ أرجو إجابتي وإرجاعي لمرجع معين الجواب الحمد لله وحده. وبعد: هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم: فذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن سفر المعصية لا يجوز فيه الترخص بالجمع والقصر، وذهب أبو حنيفة - رحمه الله- إلى جواز الترخص في سفر المعصية بالجمع والقصر وغير ذلك، وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (24/108-109) وصححه، وهو الراجح دليلاً؛ لأن الشارع الحكيم شرع الترخص في جنس السفر، ولم يخص سفراً دون سفر، كما في قوله تعالى: "فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر" [البقرة: 184] ، ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه خص سفراً دون سفر مع علمه - صلى الله عليه وسلم- بأن السفر يكون حراماً وحلالاً، ولو بين ذلك لنقلته الأمة، وحيث لم ينقل ما يخالف ذلك، فإن الرخصة تكون مشروعة في كل ما يسمى سفراً. والله تعالى أعلم.

الجمع والقصر للمقيم في بلد بقصد العلاج

الجمع والقصر للمقيم في بلد بقصد العلاج المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 5/8/1424هـ السؤال (1) نحن مجموعة من المسلمين في جمهورية التشيك أتينا للعلاج، أرجو منك إعطاءنا فتوى في حكم الجمع والقصر في الصلاة، وأيضاً في حكم صلاة الجمعة وشروطها، وهل تجوز لنا إقامتها؟ (2) يوجد شخص مريض فهل يجوز له الصلاة بوضوء واحد؟ مثل أن يتوضأ لصلاة الصبح والأوقات التالية يقوم بالتيمم؛ لأنه لا يتمكن من الوضوء أو لا يتذكر هل هو على وضوء أو لا؛ لأن عنده نسيان فهل يكفيه التيمم؟ أم لابد له من الوضوء؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم (1) إذا كنتم مقيمين في جمهورية التشيك للعلاج فلكم أحكام المسافرين حتى لو طالت إقامتكم للعلاج، وعليه فإن المشروع في حقكم قصر الصلاة، وأما الجمع فإنه أيضاً جائز لكم، لكن ينبغي ألا تجمعوا إلا لحاجة. وأما صلاة الجمعة فإنها لا تشرع للمسافر؛ لأن المشروع له أن يصلي يوم الجمعة ظهراً ولو صلاها جمعة وجبت عليه الإعادة، إلا أن يكون في المدينة مسلمون مستوطنون يقيمون صلاة الجمعة، فهنا يلزمه أن يصلي معهم الجمعة. (2) المريض الذي يشق عليه الصلاة خمس مرات فإنه يجوز له أن يجمع بين العصر والظهر ثم بجمع بين المغرب والعشاء. وأما التيمم فإنه لا يجوز إلا لمن لا يجد الماء أو يجده لكنه يتضرر باستعماله.

جمع العصر مع الظهر ثم أدرك العصر في بلده

جمع العصر مع الظهر ثم أدرك العصر في بلده المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 13/11/1424هـ السؤال صليت الظهر والعصر جمعاً وقصراً، وذلك بسبب سفري، ولما عدت إلى محل إقامتي أدركت وقت العصر، فهل صلاة العصر التي صليتها في السفر تسقط الفرض؟ أم يجب أن أعيد الصلاة؛ لأني أدركت وقتها في مكان الإقامة؟ أفيدوننا ... جزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا صلى المسافر الصلاة قبل دخول البلد ولو بمسافة قريبة فإن صلاته مجزئة، وعلى هذا لو جمع الظهر والعصر ثم دخل البلد قبل أن يدخل وقت العصر فصلاته مجزئة؛ لأنه مخاطب بصلاة العصر في حال سفره فأداها، والقاعدة أن ما ترتب على المأذون غير مضمون.

قصر المسافر الصلاة عند أهله

قصر المسافر الصلاة عند أهله المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 23/2/1425هـ السؤال إذا سافر الرجل مسافة 100 كم من المدينة (أ) إلى المدينة (ب) وله بيت في كل من المدينتين وقد نوى أن يقيم في المدينة (ب) أقل من أربعة أيام فهل تسقط عنه صلاة الجمعة ويقصر الصلاة ويجمعها وهو في المدينة (ب) ؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الذي يظهر من أقوال أهل العلم أن من كانت هذه حالته فإنه يتم، بحيث تنقطع عنه أحكام السفر بمجرد وصوله إلى البلد الآخر الذي له فيه بيت، إلا أن يكون مجرد مار به: بأن سلم على أهله ومضى أو استراح عندهم فترة قصيرة كما يستريح المسافر أثناء طريقه، وهذا قول الحنابلة، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما قال ابن قدامة رحمه الله: (وإن مر في طريقه على بلد فيه أهل أو مال، قال أحمد في موضع يتم، وقال في موضع يتم إلا أن يكون مارا وهذا قول ابن عباس -رضي الله عنهما- وقال الزهري إذا مر بمزرعة له أتم) . ثم استدل على ذلك بالآتي: 1) ما ورد عن عثمان رضي الله عنه أنه صلى بمنى أربع ركعات فأنكر الناس عليه، فقال يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم " رواه الإمام أحمد في المسند (445) . 2) قول ابن عباس رضي الله عنهما:" إذا قدمت على أهل لك أو مال فصل صلاة المقيم" أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/155) وعبد الرزاق في مصنفه (2/524) وابن ابي شيبة في مصنفه (2/211) . 3) ولأنه مقيم ببلد فيه أهله فأشبه البلد الذي سافر منه. والله أعلم.

(صلاها في جمع تقديم ثم أدركه وقتها عند الوصول)

(صلاها في جمع تقديم ثم أدركه وقتها عند الوصول) المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 11/6/1425هـ السؤال عند السفر بالطائرة إلى أمريكا كيف تكون أوقات الصلاة، حيث إننا نصلي في أوروبا الظهر والعصر جمع تقديم، وعند السفر بالطائرة نصل أمريكا ويكون الوقت ما زال وقت صلاة الظهر، فهل نصلي مرة ثانية صلاة الظهر والعصر؟ وفي العودة من أمريكا نصلي المغرب والعشاء جمع تقديم قبل الركوب في الطائرة، وعند السفر عند الساعة الثانية صباحًا يظهر الفجر فكيف نصلي؟ وكذلك لا يسمح لنا بالصلاة واقفين في الطائرة لدواعٍ أمنية، فهل يصح صلاة الفرض في الكرسي في الطائرة؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

فإن المسافر إذا أدى فرضه، ثم سافر بالطائرة فأدرك هذا الفرض في البلد الذي سافر إليه، فإنه لا يجب عليه أن يعيد صلاة ذلك الفرض، بل ولا يشرع له أن يعيده، إلا إذا صلاه بنية النافلة، وذلك لأنه قد أدى ما عليه على الصفة المشروعة، فسقط عنه الواجب، وبرئت ذمته، ولهذا كان من القواعد الشرعية أن (من فعل العبادة كما أمر فلا إعادة عليه) ، وهذه القاعدة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (21/633) فقال: "فإن الصواب ما عليه جمهور المسلمين: أن من فعل العبادة كما أمر، بحسب وسعه، فلا إعادة عليه، كما قال تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم"، ولم يعرف قط أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر العبد أن يصلي الصلاة مرتين، لكن يأمر بالإعادة من لم يفعل ما أمر به. ولهذا لم يأمر عمر وعماراً بإعادة الصلاة لما كانا جنبين، فعمر لم يصل، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة؛ ظناً أن التراب يصل إلى حيث يصل الماء، وكذلك الذين أكلوا من الصحابة حتى تبين لهم الحبال السود من البيض لم يأمرهم بالإعادة، وكذلك الذين صلوا إلى غير الكعبة قبل أن يبلغهم الخبر الناسخ لم يأمرهم بالإعادة، وكان بعضهم بالحبشة، وبعضهم بمكة، وبعضهم بغيرها، بل بعض من كان بالمدينة صلوا بعض الصلاة إلى الكعبة، وبعضها إلى الصخرة ولم يأمرهم بالإعادة، ونظائرها متعددة"أ. هـ. أما قول السائل: وعند السفر الساعة الثانية صباحاً يظهر الفجر، فهنا بطلوع الفجر -في اليوم التالي- دخل وقت الفجر، فتجب الصلاة حينئذ، ولو كان ذلك في الساعة الثانية، لأن هذه العبادات مرتبطة بأسبابها، فمتى تحقق السبب -وهو هنا طلوع الفجر- وجبت العبادة.

أما بالنسبة للقيام في الصلاة فهو ركن من أركانها مع القدرة عليه، فإذا لم يسمح للراكب بالصلاة واقفاً، فله أن يصلي جالساً إذا كان لا يصل إلى البلد القادم عليه إلا بعد خروج وقت الصلاة، سواء كان وقت هذه الصلاة أو ما يجمع إليها، فمثلاً لو كان وقت المغرب يخرج وهو في الطائرة، ولكنه يقدم في وقت العشاء، فإنه لا يجوز له أن يصلي المغرب جالساً في الطائرة، مع علمه بوصوله إلى ذلك البلد في وقت العشاء، وعليه فيؤخر المغرب ويصليها مع العشاء وهكذا، والله -تعالى- أعلم.

هل يقصر المسافر إذا صلى خلف مقيم؟

هل يقصر المسافر إذا صلى خلف مقيم؟ المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 20/06/1426هـ السؤال إذا صلى المسافر خلف إمام مقيم، وقد فاته ركعتان من الظهر أو العصر، فهل يتم الصلاة أم يقصرها؟. الجواب إذا دخل المسافر في الصلاة مؤتماً بمقيم، فلا يخلو حاله من أحد احتمالين:- أ- أن يدرك ركعة أو أكثر فيجب عليه الإتمام تبعاً للإمام؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه" أخرجه البخاري (722) ، ومسلم (414) . ب- إذا لم يدرك ركعة فإنه يبقى على سنته التي هي القصر على الصحيح؛ لأنه لم تنسحب عليه المأمومية، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة". أخرجه البخاري (580) ، ومسلم (607) .

الصلاة في الطائرة

الصلاة في الطائرة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الصلاة في الطائرة وغيرها التاريخ 9/7/1423هـ السؤال أنوي السفر بالطائرة -إن شاء الله-، وسوف تدركني صلاة الفجر وأنا في الجو، فهل أصلي صلاة الفجر في الطائرة؟ وكيف؟ الجواب نعم تصلي في الطائرة، إن استطعت قائماً وإلا جالساً على الكرسي، وإن استطعت الركوع والسجود وإلا تومئ إيماءً، ولا يجوز لك تأخير الصلاة إلى نزول الطائرة إذا كانت الشمس تطلع قبل نزولها، أما إذا كانت تنزل الطائرة قبل طلوع الشمس فالوقت حينئذٍ باقٍ ولا حرج عليك.

تأخير الصلاة لراكب الطائرة

تأخير الصلاة لراكب الطائرة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الصلاة في الطائرة وغيرها التاريخ 30/4/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: أسافر أحياناً بالطائرة فيدخل وقت الصلاة بعد إقلاعها، ولا أجد مكاناً مناسباً في الطائرة أستطيع أن أصلي فيه الصلاة على هيئة الشرعية الواجبة من القيام والركوع والسجود، وأنا أعلم أن الطائرة لن تهبط إلا بعد خروج وقت الصلاة، فهل يجب علي أن أصلي الصلاة في وقتها في الطائرة ولو جالساً، أم يجوز لي أن أؤخرها حتى أنزل في المطار فأؤديها على صفتها الكاملة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن أداء الصلاة في وقتها هو آكد فرائض الصلاة، فلا يجوز لأحد أن يؤخر الصلاة عن وقتها لتحصيل شرط آخر من شروطها، فلا يجوز تأخيرها لجنابة، ولا لحدث، ولا لنجاسة ثوب، ولا لعدم القدرة على أدائها قياماً. وعلى هذا فيجب على من أدركته الصلاة وهو في الطائرة وخشي أن يخرج وقتها لو أخرها حتى تهبط ـ عليه أن يصليها في وقتها على حسب استطاعته (فاتقوا الله ما استطعتم) ، فيصليها قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً حيثما توجهت به الطائرة، ولا يجوز له أن يؤخرها عن وقتها لأجل أنه لا يستطيع أن يؤديها على صفتها الكاملة. ويستثنى من ذلك صلاة الظهر والمغرب؛ لأنه يرخص للمسافر أن يؤخرهما فيجمعها مع ما بعدهما، فيصلي الظهر مع العصر جمع تأخير، وكذا المغرب مع العشاء. كثير من الناس يخطئون في هذه المسألة، فيظنون أن تعذّر أداء الصلاة على هيئتها الكاملة الواجبة يبيح لهم تأخيرها إلى حين الاستطاعة ولو بعد خروج الوقت، وإنما أُتوا من جهلهم بكون الوقت آكد من فرائض الصلاة، كما قرَّر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.

فمن شدّة مراعاة الشرع لفريضة الوقت أسقط عن المصلي تحصيل شروط الصلاة الأخرى (كستر العورة وإزالة النجاسة) إذا كان لا يحصلها إلا بعد خروج الوقت. قال ابن تيمية (مجموع الفتاوى 22/35) : "ومن ظن أن الصلاة بعد خروج الوقت بالماء خير من الصلاة في الوقت بالتيمم فهو ضال جاهل" أهـ. وقال (مجموع الفتاوى 22/28-29) : "وأما تأخير الصلاة لغير الجهاد كصناعة أو زراعة أو صيد أو عمل من الأعمال ونحو ذلك فلا يجوِّزه أحد من العلماء , بل قد قال تعالى: "فويل للمصلين" "الذين هم عن صلاتهم ساهون" قال طائفة من السلف هم الذين يؤخرونها عن وقتها". ثم قال: "فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابة ولا حدث ولا نجاسة ولا غير ذلك, بل يصلي في الوقت بحسب حاله, فإن كان محدثا وقد عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله تيمم وصلى. وكذلك الجنب يتيمم ويصلي إذا عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله لمرض أو لبرد. وكذلك العريان يصلي في الوقت عريانا, ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت في ثيابه. وكذلك إذا كان عليه نجاسة لا يقدر أن يزيلها فيصلي في الوقت بحسب حاله. وهكذا المريض يصلي على حسب حاله في الوقت, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: "صل قائما , فإن لم تستطع فقاعدا , فإن لم تستطع فعلى جنب" فالمريض -باتفاق العلماء- يصلي في الوقت قاعدا أو على جنب, إذا كان القيام يزيد في مرضه, ولا يصلي بعد خروج الوقت قائما. وهذا كله لأن أداء الصلاة في وقتها فرض, والوقت أوكد فرائض الصلاة, كما أن صيام شهر رمضان واجب في وقته , ليس لأحد أن يؤخره عن وقته" أهـ والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الصلاة في القطار

الصلاة في القطار المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الصلاة في الطائرة وغيرها التاريخ 10/11/1423هـ السؤال يدخل علي وقت الصلاة وأنا في (الترام) وهو وسيلة مواصلات مثل القطار في أوروبا وليس هناك مساجد قريبة حيث لا يوجد إلا مسجد واحد في منطقة بعيدة وخشية مني أن يخرج الوقت فأني اصلي جالسا على المقعد و (الترام) يتحرك يمينا وشمالا في غير اتجاه القبلة. فهل صلاتي صحيحة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد: فتجوز صلاة الفريضة للراكب في القطار أو الطائرة أو السفينة أو غيرها من المركوبات، إذا أمكن المصلي أن يأتي بجميع أركان الصلاة وواجباتها وشروطها، فإن لم يتمكن من الإتيان بفرائض الصلاة فإنه لا يصلي حتى ينزل إلا إذا خشي خروج الوقت، فإنه يصلي حسب حاله، قال بعض أهل العلم: إلا إذا كانت الصلاة تجمع إلى ما بعدها فإنه يؤخر الصلاة إلى وقت الأخرى. وعلى هذا فإنه يجب على مصلي المكتوبة راكباً لعذر ما يقدر عليه من الشروط والأركان والواجبات وما لا يقدر عليه لا يكلف به، ومن ذلك استقبال القبلة والقيام فإنها واجبة مع القدرة، وتسقط عند العجز وعدم القدرة لقوله سبحانه "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] ولقوله جل وعلا "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] . والذي أنصح به الأخ السائل: أن يحاول أن يكون وقت ركوب الحافلة في غير وقت الصلاة ما أمكن بحيث يصلي قبل الركوب أو يتمكن من الصلاة بعد النزول فإن لم يمكن ذلك فهو معذور. والله أعلم.

كيف أصلي في الطائرة؟

كيف أصلي في الطائرة؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الصلاة في الطائرة وغيرها التاريخ 04/04/1425هـ السؤال الذي يسافر من بلده إلى بلد آخر، ولا يعرف أوقات الصلاة وهو في الطائرة، هل يصلي حسب البلد التي غادر منها؟ أو التي سيذهب إليها؟ أم يصلي حسب الشمس؟ وهل يجوز أن أصلي في مقعدي وأنا لا أستطيع تحديد اتجاه القبلة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: عن السؤال الأول أن المصلي في الطائرة يصلي إذا دخل وقت الصلاة بصرف النظر عن وقت البلد التي سافر منها أو إليها، فمثلاً إذا غربت الشمس عليه وهو في الطائرة فقد دخل وقت المغرب وهكذا. أما السؤال الثاني: فجوابه أنه إن كان هناك مُصَلّى في الطائرة، فيصلي فيه، وإن لم يكن فيها مصلى فيصلي في مقعده إلى اتجاه مكة المكرمة، إن كان يعرف ذلك، وإلا فيسأل عن اتجاهها، هذا ويعرف ذلك من اتجاه البلد المسافر إليها، والله أعلم.

تقديم صلاة العصر مع الظهر للضرورة من دون عذر

تقديم صلاة العصر مع الظهر للضرورة من دون عذر المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 10/8/1422 السؤال ما حكم تقديم صلاة العصر مع الظهر في الحضر لعذر يخشى معه خروج وقت العصر أما عن العذر فهو اختبار دراسي أسبوعي يستغرق أربع ساعات لا يسمح خلاله بمغادرة قاعة الامتحان؟ الجواب صلاة العصر كغيرها تجب في وقتها الذي أبانه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمرو من مصير ظل كل شيء مثله إلى قرب غروب الشمس - الاصفرار - فإذا ترتب على أدائك الامتحان تأخير صلاة العصر عن أول الوقت فلا حرج عليك فلك أن تصليها في وسط الوقت أو آخره أما إذا خشيت غروب الشمس وتركك الامتحان فيه مضرة عليك أو يفوت عليه مصلحة في دينك أو دنياك فلا حرج من جمع العصر مع الظهر في وقت الأول فإن الجمع إنما شرع للحاجة. زادك الله رعاية لحدوده، وعملاً بحقوقه.

الجمع والقصر في الصلاة للمسافر؟

الجمع والقصر في الصلاة للمسافر؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /صلاة المسافر التاريخ 29/4/1422 السؤال هل يمكنني أن أصلي صلاة الجمع والقصر إحدى الصلاتين مع الإمام والأخرى منفرداً، مثلاً أن أصلي صلاة المغرب مع الإمام في المسجد ثم أتبعها بركعتين بنية صلاة العشاء وذلك في السفر؟ الجواب الحمد لله رب العالمين: نعم يمكنك أن تجمع بين الصلاتين، وتصلي الأولى مع الإمام المقيم جماعة ثم تصلي الثانية ركعتين بحكم أنك مسافر ليسوغ لك الجمع والقصر، ولكن إذا تهيأ لك أن تصلّي الأخرى مع جماعة أخرى من رفقتك أو غيرهم فذلك أفضل، كما روى أبو داوود والنسائي عن أبي كعب - رضى الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى) . وإذا كنتم في السفر جماعة فإنها تجب عليكم الصلاة جماعة والأذان لها لقوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث وأصحابه - رضي الله عنهم - (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) . والأدلة على وجوب صلاة الجماعة وفضلها من الكتاب والسنة كثيرة معلومة، فالواجب على المسلم العناية بها والمحافظة عليها سفراً وحضراً طاعة لله واحتساباً لثوابه. والله الموفق،.

هل تشترط النية للجمع؟

هل تشترط النية للجمع؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 06/04/1426هـ السؤال هل تجب النية لجمع صلاتين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالراجح من قولي أهل العلم أن النية لا تجب للجمع بين الصلاتين، وأنه إذا صلى جمعاً ولم ينو الجمع، فإن صلاته صحيحة، وهذا هو قول جمهور أهل العلم، وممن رجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية، [في مجموع الفتاوى (24/16) ] ، والله تعالى أعلم.

متى يكون الجمع والقصر؟

متى يكون الجمع والقصر؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 14/11/1422 السؤال كيف تكون صلاة الجمع والقصر؟ الجواب صلاة القصر إذا سافرت مسافة قصر ولم تنو الإقامة في مكان ما أكثر من أربعة أيام فتقصر الرباعية إلى ركعتين، والجمع يحسن ألا تجمع إلا إذا جد بك السير إذا كنت سائراً، أما إذا كنت نازلاً في سفرك في مكان ما فيمر عليك وقت الظهر والعصر معاً وأنت نازل فالأحسن أن تصلي الظهر في وقتها قصراً، والعصر في وقتها قصراً ركعتين، واعلم أنه لا تلازم بين الجمع والقصر، وقد يسوغ الجمع ولا يسوغ القصر كالمريض في بلده، فيسوغ له أن يجمع ولا يقصر، وقد يسوغ القصر ولا ينبغي الجمع، كالنازل في مكان ما في سفره وسيمر عليه الوقتان وهو نازل، الظهر والعصر مثلاً أو المغرب والعشاء فالأولى له أن يصلي المغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، ويصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، فلا تلازم بين الجمع والقصر، أحياناً له أن يجمع ولا يقصر، وأحياناً له أن يقصر ولا يجمع، وأحياناً يجوز له الجمع والقصر معاً إذا كان مسافراً وهو سائر في طريقه فيجمع ويقصر.

الجمع بين الصلاتين في المدرسة

الجمع بين الصلاتين في المدرسة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 27/1/1423 السؤال نحن طلاب ندرس في بريطانيا من الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة الخامسة مساءً يتخلل هذه المدة صلاة الظهر وصلاة العصر، ولكن ليس لدينا سوى ساعة واحدة (من الواحدة إلى الثانية) مما يجعلنا نصلي الظهر والعصر جمعاً، خاصة بعض الأوقات التي يكون الوقت فيها قصيراً جداً بين الظهر والعصر والمغرب، فما رأي أهل العلم في ذلك؟ الجواب يجب على المسلم أن يصلي كل فريضة من الصلوات الخمس في وقتها الذي شرعه الله، قال -تعالى-: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا"، (النساء 103) . والنبي -صلى الله عليه وسلم- وقّت الصلوات، وجعل لكل صلاة وقتاً محدداً، فتقديم الصلاة عن وقتها أو تأخيرها عنه بغير عذر شرعي لا يجوز. ولما صلى جبريل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في أول الوقت ثم في آخر الوقت، قال:" يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين". (سنن أبي داود ج1صـ107) ، الترمذي (1/278) ، بسند صحيح. ولذا فإنه يجب عليكم أداء كل صلاة في وقتها إلا إذا كنتم ممن يشملكم رخص السفر، فإذا قصرتم الصلاة جاز لكم الجمع. ولكم أن تؤخروا صلاة الظهر إلى آخر وقتها، وتقدموا العصر في أول وقتها، ولعل ذلك يتسنى لكم بالتنسيق مع القائمين على الدراسة، ويكون هذا الوقت الذي يشمل آخر الظهر وأول العصر هو وقت راحتكم. يسر الله لكم أموركم، وحفظ عليكم دينكم، وزادكم حرصاً وتوفيقاً.

الجمع في البرد والضباب

الجمع في البرد والضباب المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 2/1/1424هـ السؤال نحن في منطقتنا في الجنوب وخاصة هذه الأيام أيام الشتاء يكون البرد قارساً مع وجود الضباب الذي يؤدي إلى عدم الرؤية إلا قليلاً والخروج إلى المسجد للصلاة فيه شئ من العناء ولذلك يعمد بعض الناس في المساجد إلى صلاة المغرب والعشاء في وقت صلاة المغرب لأجل الأجواء الباردة التي نعاني منها في فصل الشتاء علماً أنه لا يوجد مطر وإنما هو البرد والضباب الكثيف فنريد منكم الفتيا في ذلك وجزاكم الله خيراً. الجواب شدة البرد بدون ريح ولا مطر لا يجوز معها الجمع لأن البرد يمكن أن يتقى بكثرة الملابس الواقية، ثم قد يكون طيلة أيام الشتاء أي أنه معتاد لكن إذا كان الضباب يأتي أحياناً بشكل غير معتاد بحيث يكون الخروج مع وجوده قد يؤدي إلى خطورة بسبب عدم الرؤية لا سيما في السيارات فهنا يجوز الجمع لوجود المشقة الظاهرة أما إذا كان الضباب لا يسبب إلا البرد فقط فهذا لا يجوز معه الجمع كما سبق. والله أعلم.

جمع الصلاة بسبب الحنا

جمع الصلاة بسبب الحنا المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 16/1/1425هـ السؤال هل يجوز للمرأة إذا وضعت الحناء على يديها ورجليها أن تجمع الصلاة حتى تصبغ الحناء ولا يضيع تعبها سدى؟ أفيدونا مأجورين. الجواب لا يجوز للمرأة المسلمة أن تجمع الصلاة من أجل وضع الحنا، وإنما تضع الحنا في الأوقات التي بين الصلاتين، ولها أن تختار الأوقات الواسعة، مثل ما بعد صلاة العشاء وصلاة الفجر، وما بعد صلاة الفجر وصلاة الظهر.

الجمع في الحضر

الجمع في الحضر المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 22/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أريد من فضيلتكم أن تزودوني بالأوقات التي يصح فيها الجمع بين الصلوات - سواء أكانت الظهر والعصر أم المغرب والعشاء - في حالة المطر الشديد أو الخفيف أو البرد أو الخوف، مع العلم أننا مقيمون في البلد، مع التوضيح عن رواية ابن عباس -رضي الله عنهما- هل هي ضعيفة أم صحيحة؟ وإن وجد أكثر من رواية فما هي الرواية التي نأخذ بها؟ مع العلم أن هذا الموضوع أصبح عند بعض الناس مثار جدل، وما هو إجماع العلماء على هذا الموضوع؟ الجواب يجوز الجمع بين الوقتين في أول الوقت وفي آخره، كما يجوز في وسط الوقتين، ولذا فقد يقع الجمع في آخر وقت الأولى ... ، هذا جائز لأن الأصل في هذه المسألة أن الوقت عند الحاجة مشترك، والتقديم والتأخير والتوسط بحسب الحاجة والمصلحة، أما أسباب جواز الجمع فقد ذكر أهل العلم لجواز الجمع عدداً من الأسباب؛ منها: السفر والمطر والمرض والخوف وغيرها، ويدل لذلك أحاديث كثيرة؛ منها: ما ذكره السائل من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وهو ثابت في صحيح مسلم (705) "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوفٍ ولا سفرٍ" وفي رواية: "في غير خوف ولا مطر" عند مسلم (705) وقد حمله جماعة على جواز الجمع للمرض والمشقة في الحضر دون السفر.

الجمع من غير سفر ولا مطر

الجمع من غير سفر ولا مطر المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 21/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: سمعت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- جمع الصلاة بلا سفر، ولا مرض، ولا مطر، فهل هذا القول صحيح؟ وإن كان صحيحاً: فهل يجوز لنا أن نجمع الصلاة إذا كان سيصعب علينا أداء الصلاة الأخرى، في وقتها، مثلاً لظروف العمل، أو الدراسة؟. الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.. فالجواب أن الحديث الذي ذكره السائل، حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه (705) وقدا أجاب عنه العلماء بعدة أجوبة، أرجحها في نظري: أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- إنما فعل ذلك للحاجة وابن عباس - رضي الله عنهما- فعل ذلك ولم يكن في سفر، ولا في مطر، وهو راوي الحديث المذكور عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فاستدل بما رواه على فعله، لكن ابن عباس - رضي الله عنهما- جمع لأنه كان في أمر مهم من أمور المسلمين، يخطبهم فيما يحتاجون إلى معرفته، ورأى أنه إن قطعه ونزل، فاتت مصلحته، فكان ذلك عنده من الحاجات التي يجوز الجمع فيها، وبناءً على هذا فيجوز الجمع، إذا كان في تركه حرج، فقد رفعه الله تعالى عن هذه الأمة، كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أما ما ذكره السائل، في سؤاله بقوله: فهل يجوز لنا الجمع لظروف العمل والدراسة؟ فنقول لا يجوز ذلك، لأن وقت العمل مستمر وكذا الدراسة، والجمع والحالة هذه مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم- فقد تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- المحافظة على أوقات الصلاة، والرسول - صلى الله عليه وسلم- إنما جمع كما في الحديث السابق للحاجة، ولم يستمر على ذلك وليست الدراسة أو العمل من الحاجة، بل كل منهما مستمر، لكن لو أن الإنسان في بعض الأحيان كان متعباً جداً وكان في ترك الجمع حرج، فإنه يجوز له ذلك، لكن بشرط، أن لا يكون بصفة مستمرة أو عادة يستمر عليها، والله أعلم.

الجمع بين الصلوات اعتذارا بالنوم

الجمع بين الصلوات اعتذاراً بالنوم المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 9/7/1424هـ السؤال مَنْ يجمع بين أكثر من صلاتين في اليوم لأنه نائم، هل يجوز له ذلك أم لا؟ لأننا دائماً نسمع (رفعت الأقلام عن النائم) . الجواب لا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها، بل يجب عليه أن يحافظ عليها، وإذا غلبه النوم نادراً ولم يكن هناك تفريط منه فالواجب عليه بعد الاستيقاظ مباشرة أن يأتي بالصلاة التي فاتت عليه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك"، ويحرم على المسلم أن يتعمَّد النوم قرب وقت الصلاة ليفوِّت الصلاة عن وقتها؛ لأن الله - جلَّ وعلا - يقول: "إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً" [النساء: من الآية103] ، ولا يجوز للمسلم إذا فاتته صلاة أن يؤخرها إلى مقابل وقتها من اليوم الثاني، لأن هذا يفعله بعض الناس جهلاً، وإنما عليه المبادرة بأدائها متى ما استيقظ أو ذكر.

صلاها بجمع تقديم ثم وصل قبل دخول وقتها

صلاّها بجمع تقديم ثم وصل قبل دخول وقتها المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 01/05/1426هـ السؤال قدمت من المدينة متجهاً نحو جدة، وقد أدركتني صلاة الظهر قبل مدينة جدة بخمسين كيلو تقريباً، فصليت الظهر والعصر جمعاً وقصراً، مع علمي أني سأدرك العصر في جدة بلد إقامتي، وفعلاً وصلت جدة قبل صلاة العصر بنحو ساعتين، ولتعبي من السفر نمت عند وصولي، ولم أستيقظ إلا قبيل المغرب، هل صلاة العصر التي صليتها مع الظهر مجزئة؟ أم يلزمني إعادة الصلاة؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب صلاتك مجزئة؛ لأنك أديتها في وقت يجوز لك الجمع، حيث كنت فيه مسافراً، والإنسان المسافر يجوز له الجمع، فإذا كنت قد جمعت الظهر والعصر في وقت الظهر جمع تقديم، ووصلت إلى بلدك قبل دخول وقت العصر فإن صلاتك الأولى صحيحة، ولا يلزمك إعادتها، لكن الأولى والأفضل لمثل هذه الحال، -وخاصة أن بعض الناس عادته يومياً مثل هذه الحالة- ألا يفوِّت الإنسان على نفسه صلاة العصر في المساجد مع الجماعة لفضيلتها وعظيم أجرها، والله يتولى الصالحين.

جمع مشتركتي الوقت

جمع مشتركتي الوقت المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 16/8/1424هـ السؤال روى ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤدي كل صلاة في وقتها إلا في مزدلفة وعرفة، فقد روى النسائي في المجلد الثاني (ص:44) في السنن وقال إن رجاله رجال الصحيح، الحديث عن جمع الصلوات، فهل يعني هذا عند نهاية وقت المغرب وبداية وقت العشاء، فيكون الجمع عندما تكون أوقات الصلاة مقتربة من بعضها؟ الجواب هذا الحديث المشار إليه في السؤال، قد أخرجه النسائي في سننه برقم (3010) ، والكبرى برقم (3991) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصلاة لوقتها، إلا بجمع - يعني بمزدلفة - وعرفات) . وهذا الحديث قد أخرجه النسائي بلفظ آخر، كما في سننه الصغرى برقم (608) والكبرى برقم (1591) ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: (ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين صلاتين إلا بجمع، وصلى الصبح يؤمئذ قبل وقتها) وهذا اللفظ هو الأقرب لما في صحيح البخاري (1598) وصحيح مسلم (رقم 1289) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه قال (ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة إلا لميقاتها، إلا صلاتين: المغرب والعشاء بجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها) .

وقد احتج بالروايات المتقدمة الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وأبو حنيفة، وصاحباه، فقالوا: لا يجوز الجمع إلا في عرفة ومزدلفة، وحملوا الروايات الأخرى الدالة على مشروعية الجمع على الجمع الصوري الذي أشار إليه السائل، وهو تأخير الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، وتقديم الصلاة الأخرى إلى أول وقتها، وهذا القول ضعيف من جهة الدليل؛ وذلك لورود النصوص الثابتة، والصريحة، والدالة على مشروعية الجمع في السفر الجمع الحقيقي لا الصوري - وذلك بأداء إحدى الصلاتين في وقت الأخرى، ومن تلك النصوص: 1. ما رواه أنس - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل، صلى الظهر ثم ركب) متفق عليه (صحيح البخاري رقم 112، وصحيح مسلم رقم 704) . 2. ما رواه البخاري في صحيحه (1091) من طريق سالم، ومسلم في صحيحه (703) من طريق نافع، أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان إذا جدَّ به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق، ويقول: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء) . هذه بعض الأحاديث الصحيحة الدالة بوضوح على مشروعية الجمع، وأما حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - فقد أجاب عنه جمهور أهل العلم بعدة أجوبة، منها: أن ابن مسعود - رضي الله عنه - قد حدث بما رأى وحفظ، ومن حفظ - كأنس وابن عمر - رضي الله عنهما - حجة على من لم يحفظ، والله أعلم.

الجمع بين الصلاتين لظروف العمل

الجمع بين الصلاتين لظروف العمل المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 24/04/1425هـ السؤال أنا أعمل في شركة كمبيوتر في فلسطين لدى شركة إسرائيلية، والحمد لله أنا مواظب على الصلاة, ولكن دائماً أبحث عن مكان لأصلي فيه، أحياناً لا يتسنى لي ذلك؛ لصعوبة الأمر، ومن حيث العمل، فهنالك صعوبة هي إيجاد عمل آخر؛ لكوننا عرب في هذه الدولة، ومن المعروف أن اليوم من يقيم شعائر الله في الأرض فهو إرهابي، فهل يجوز لي الجمع والقصر في الصلاة؟ علماً أن مكان عملي يبعد حوالي 40 كلم. والسلام عليكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قبل أن أجيب عن سؤال الجمع والقصر بين الصلاتين انبهك الى أن العمل في دولة إسرائيل لا يجوز؛ لأنها دولة حربية محتلَّة، وعملك فيها لا يخلو من الإعانة على الإثم والعدوان، فاتق الله، واعمل عملاً ينفع إخوانك المسلمين في بلادهم، ولا تكن عوناً للكافر المحتل على إخوانك المستضعفين.

وأما الصلاة فلا يُشترط لها مكانٌ مخصوص، بحيث لا تصح في غيره، بل أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الأرض جعلت له مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصلها حيث أدركته"انظر ما رواه البخاري (335) ، ومسلم (521) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، ولا يجوز تأخيرها عن وقتها مطلقاً، إلا إذا كانت تجمع مع ما بعدها، كالظهر تجمع مع العصر جمع تأخير، والمغرب تجمع مع العشاء جمع تأخير، ولكن هذه الرخصة لا تجوز إلا عند الحاجة، وكونك لا تجد مكاناً مناسباً للصلاة ليس بعذر يبيح جمع الصلاة؛ لأن الشرع قد رخّص لك أن تصلي حيثما أدركتك الصلاة، والأصل أن الأرض كلها طاهرة، ولا يحكم على شيء منها بنجاسة إلا ما علمت نجاسته يقيناً؛ كالحمام ونحوه، وما عدا ذلك فيجوز الصلاة فيه، ولو بلا سجاد، وأما المسافة التي ذكرتها فليست مسافة قصر، ولا تعد مسافراً حتى يباح لك القصر والجمع. بارك الله فيك، وأعانك على إطابة مطعمك، وصلى الله على نبينا محمد.

الجمع بين الصلاتين للفشل الكلوي

الجمع بين الصلاتين للفشل الكلوي المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 28/09/1426هـ السؤال أنا مصاب بفشل كلوي، والغسيل الكلوي يدوم أربع ساعات، فهل يجوز لي أن أجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء لانشغالي بالغسيل؟ وهل يجوز لي أن أقصر الصلاة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلك في هذه الحالة الجمع تقديماً أو تأخيراً حسب دخولك للغسيل؛ فإن كان دخولك بعد دخول وقت صلاة الظهر فاجمع تقديماً بلا قصر إذا كنت في بلدك، وإذا كنت مسافراً فلك الجمع والقصر، وإذا كان دخولك قبل دخول وقت صلاة الظهر فأخر الظهر واجمعها مع العصر، ولا يجوز تأخيرهما إلى ما بعد الغروب، والله أعلم.

نية الجمع بين الصلاتين

نية الجمع بين الصلاتين المجيب أحمد بن حسن المعلم رئيس مجلس علماء أهل السنة بحضرموت كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 05/11/1426هـ السؤال هل يجب على الإمام أن ينوي الجمع في الصلاة لعذر بعد الانتهاء من الصلاة الأولى؟ وهل يجب أن يخبر المأمومين بنية الجمع قبل الصلاة، أم نية الإمام تكفي؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الجمع بين الصلاتين عمل تجب له النية عند جميع العلماء، ولكن العلماء اختلفوا في وقتها، فمن العلماء من شرط أن تكون عند الدخول في الصلاة الأولى، ومنهم من اشترط أن يكون أثناء الصلاة الأولى قبل التحلل منها، ومنهم من لم يشترط ذلك، بل لو أتم الصلاة الأولى ثم نوى الجمع جاز ذلك، وهذا القول قواه الإمام النووي في "شرح المهذب". قال الشيخ إبراهيم البجيري: (وهناك قول آخر بأنها تكفي بعد التحلل من الأولى وقبل التحرم بالثانية، وقواه في شرح المهذب وفيه فسحة) وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وأما هل يجب على الإمام أن يخبر المأمومين بنية الجمع؟ فنعم, فلا بد من إخبارهم بذلك، لكن لا يضر لو لم يخبرهم إلا بعد التحلل من الأولى، والله تعالى أعلم.

جمع العشاءين في البلاد الاسكندنافية

جمع العشاءين في البلاد الاسكندنافية المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 02/08/1426هـ السؤال لدينا مشكلة نعاني منها في البلاد الاسكندنافية في فصل الصيف، وهي وقت صلاة العشاء، حيث إننا في البلاد الاسكندنافية عندنا مواقيت للصلوات تم تحديدها مسبقاً للمسلمين، تشير إلى أوقات الصلوات، لكن في الصيف يتأخر وقت العشاء في هذه المواقيت، وهذا يسِّبب مشكلة كبيرة، فمثلاً: صلاة المغرب: (21:50) وصلاة العشاء (1:00) صباحاً، وكل مسجد يطبق ذلك على طريقته! في بعض المساجد يقومون بجمع المغرب مع العشاء. وفي البعض الآخر يصلون العشاء، بعد المغرب بساعة ونصف، وبعضهم ينتظرون هذا التوقيت (يعني 1:00) صباحاً، فهل من بيان حول ما هو أحسن؟ بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فنحن نعرف أن مسألة الشفق في شمال أوروبا مشكلة؛ لأن الشفق في بعض الأحيان لا يغيب، والأمر في هذا واسع -إن شاء الله-، وتتلخص سعته في بعض النقاط، منها: (1) للمسلمين هناك أن يصلوا العشاء مع المغرب. (2) كما لهم أن يدعوا فرصة بين المغرب وبين الفجر ليصلوا فيها العشاء، وهذا أولى.

(3) وإذا كانت المشقة قائمة فإنه يجوز لهم الجمع؛ لأن الجمع للحاضر أجازه جمع من العلماء، فأجازه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- للمرضع إذا كان يشق عليها أن تصلي كل صلاة بمفردها، وأجازه جماعة من العلماء مثل ابن سيرين، وهو أحد قولي أشهب، وهو كذلك قول ابن حبيب من المالكية، كل هؤلاء أجازوا الجمع من غير عذر، وكذلك يقول العلامة ابن عرفة من علماء المذهب المالكي في القرن الثامن، يقول: كان بعض أشياخنا يجمع إذا أراد أن يدخل الحمام، والأصل في ذلك الحديث الصحيح الذي في صحيح مسلم (705) وغيره وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غير خوف ولا سفر، وفي لفظ: في غير خوف ولا مطر، وقد قيل لابن عباس لم فعل ذلك؟ فقال: كي لا يحرج أمته. فهذا أصل في جواز الجمع، فالمهم أن لا يكون الجمع عادة، أما إذا جمع الناس لمثل هذه المشقات والضرورات، خاصة أولئك الذين لهم أعمال في الصباح، فهذا إن شاء الله جائز ولا شيء فيه على من فعله، لكن بشرط أن لا يكون عادة، بمعنى أنه من وقت لآخر يصلون هذه الصلوات في أوقاتها. والله أعلم.

يجمع لأجل الدراسة

يجمع لأجل الدراسة المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 24/03/1427هـ السؤال أحاول أن أحافظ على صلاتي لكني لم أستطع, فأنسى الصلاة في أغلب الأوقات, لكن الأمر ليس بيدي, فهل إن قضيتها واستغفرت ربي يكفي؟ وفي مدرستي يستمر دوامي إلى ما بعد صلاة العصر، فأعلم أن صلاة الظهر سوف تفوتني, لكني حين أرجع إلى منزلي أجمع الظهر مع العصر بدل قضائه، فهل ما أفعله صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ومن والآه، وبعد: فقبل الإجابة عن السؤال أود أن أذكر بأن الصلاة ركن من أركان الإسلام، وشعيرة من شعائره العظام، ولعظيم منزلتها لم تفرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في الأرض كسائر العبادات، بل عرج به إلى السماء السابعة، وهناك فرضت عليه، ولها من الآثار العظيمة على المسلم في الدنيا والآخرة ما لا يتسع المجال لذكره. فعن عبادة -رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "خمس صلوات افترضهن الله على عباده من أحسن وضوءهن وصلاتهن لوقتهن فأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له عند الله عهد أن يغفر له -وفي رواية: أن يدخله الجنة- ومن لم يفعل فليس له عند الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه" أخرجه أحمد (21635) ، (21646) وغيره، وهو صحيح. وإذا ما تذكر المسلم ذلك حمله -بإذن الله تعالى- على الاهتمام بها، والمحافظة عليها في أوقاتها، واستجماع شروطها وأركانها وواجباتها وسننها. وفي ما يتعلق بسؤال الأخت: هل يكفيها قضاء الصلاة التي نسيتها مع الاستغفار؟ فالجواب: نعم يكفي ذلك؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها". وفي رواية: "لا كفارة لها إلا ذلك" صحيح البخاري (597) ، وصحيح مسلم (684) .

أما سؤالها عن حكم تأخير صلاة الظهر بسبب الانشغال في المدرسة، ومن ثم جمعها مع العصر. فالجواب: إنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها بأي حال من الأحوال، ومن فعل ذلك فقد ارتكب إثماً عظيماً، إلا لمن نوى جمع الظهر مع العصر أو المغرب مع العشاء في حال يجوز فيها الجمع، وليس من الأحوال التي يجوز فيها الجمع الانشغال في المدرسة إذ يمكنها أداء الصلاة داخل المدرسة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجلٍ من أمتي أدركته الصلاة فليصل" رواه البخاري (335) ، ومسلم (521) . لكن ينبغي أن تتفطن هذه الأخت وغيرها إلى أن وقت صلاة الظهر طويل، إذ يمتد من زوال الشمس إلى دخول وقت العصر، ولها أن تؤخر الصلاة إلى آخر الوقت ما لم يدخل وقت العصر، ولا حرج في ذلك، غير أن أول الوقت هو الأفضل. وفق الله الجميع للصواب. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

الجمع بين الصلاتين بسبب الدراسة

الجمع بين الصلاتين بسبب الدراسة المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /الجمع بين الصلاتين التاريخ 16/05/1427هـ السؤال هل يجوز لي جمع الصلاة (الظهر والعصر-المغرب والعشاء) ؟ خاصة أني في بعض الأحيان أكون خارج المنزل، ولا يتوفر مكان أصلي فيه، أو أكون في محاضرة، مع العلم أني أدرس في الغرب. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه، وبعد: فلا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، إلا لمن نوى جمع الظهر مع العصر، أو المغرب مع العشاء، في حال يجوز فيها الجمع؛ قال تعالى: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" [الماعون:4-5] قالت طائفة من السلف: هم الذين يؤخرونها عن وقتها. بل يتعين عليه أن يؤديها في وقتها، بحسب حاله، وفي حدود استطاعته؛ فإن كان محدثا وقد عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله تيمم وصلى، وكذلك العريان يصلي في الوقت عريانا، ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت في ثيابه، وكذلك إذا كان عليه نجاسة لا يقدر أن يزيلها فيصلي في الوقت، بحسب حاله، وهكذا المريض يصلي على حسب حاله في الوقت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين-رضي الله تعالى عنه-: "صل قائما، فان لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب" أخرجه البخاري (1117) ، وغيره. وكل هذا مما اتفق عليه العلماء؛ لأن الوقت أوكد فرائض الصلاة.

غير أن شريعتنا السمحة التي جاءت برفع الحرج، قد ورد فيها ما يسوّغ الجمع عند الحاجة في الحضر ومن غير مطر أو سفر، ما لم يتخذ ذلك عادة؛ فقد أخرج مسلم (705) ، وغيره عن عبد الله بن شقيق-رحمه الله تعالى- قال: "خطبنا ابن عباس-رضي الله تعالى عنهما - يوماً بعد العصر، حتى غربت الشمس وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة. قال: فجاءه رجل من بني تميم، لا يفتر ولا ينثني: الصلاة الصلاة. فقال ابن عباس: أتعلمني بالسنة لا أم لك؟! ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء، فأتيت أبا هريرة فسألته، فصدق مقالته. وعند مسلم أيضا (705) من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته. وانظر صحيح البخاري (562،543) . قال النووي-رحمه الله تعالى-: (وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: أراد ألا يحرج أمته، فلم يعلله بمرض ولا غيره والله أعلم) ، شرح النووي على مسلم (ج 3- ص 1) .

بسبب البرد أصلي في السيارة

بسبب البرد أصلي في السيارة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة التاريخ 21/5/1424هـ السؤال هل يجوز أداء صلاة الفريضة جالساً في السيارة لظروف الثلوج والبرد، ولعدم وجود مكان مناسب للصلاة؟ علماً أن وقت الصلاة متقارب جداً عندنا في فصل الشتاء، بحيث إذا لم أصل في السيارة صلاة الظهر والعصر بحكم عملي كسائق سيارة أجرة يدخل علي وقت صلاة المغرب، رغم أنني أجمع بعض الأحيان بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم أو جمع تأخير إذا وجدت مكاناً مناسباً، أما صلاة الصبح فبعض الأحيان أصليها داخل السيارة جالساً قبل أن تطلع الشمس، أجيبوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلقد أعجبني منك أخي المغترب حرصك هذا على أداء الصلاة في وقتها والتحرج من تأخيرها عنه، ثم استفتاؤك عما يشكل عليك من أمور دينك، فثبتنا الله وإياك على طاعته وأعاننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته. اعلم -أخي- أن الأصل هو وجوب أداء الصلاة على هيئتها التي أمر الشرع بها في وقتها الواجب، وليس للصلاة مكان مخصوص لا تصح في غيره، بل جعلت الأرض لنا مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان" كما ثبت من حديث جابر عند البخاري (335) ومسلم (521) ، اللهم إلا ما نُهي أن يُصلى فيه كالمقبرة والحمام، وكل مكان نجس أو فيه تماثيل.

فإذا أدركتك الصلاة فعليك الاجتهاد في البحث عن مكان مناسب دافئ لتصلي فيه، فإن لم تجد إلا مكاناً تُعرض نفسك فيه للبرد الشديد، فصل في سيارتك جالساً، ولكن عليك أن تُيمِّم سيارتك جهة القبلة، ولا يجوز لك أن تؤخر الصلاة عن وقتها لأجل أن تصليها على الصفة الواجبة كما يفعل بعض الجهال، فإن مراعاة وقت الصلاة أولى من كل شرط آخر، ولذا شرع التيمم لعادم الماء، وإن كان متيقناً وجوده بعد خروج الوقت، وشرعت صلاة الخوف عند لقاء العدو على صفة خاصة مراعاة لشرط الوقت. وكذا من لا يجد إلا ثوباً نجساً يجب عليه أن يصلي فيه إذا خشي خروج الوقت، حتى ولو تيقن أنه سيجد غيره بعد خروج الوقت. وأما الصلاة التي تُجمع مع غيرها، كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، فيُشرع لكم عند شدة البرد ونزول الثلوج أن تجمعوا بينها جمع تقديم أو تأخير؛ تحصيلاً لفضيلة الجماعة، ولهذا شاهد من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (543) ومسلم (705) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رائحتي كريهة فهل أترك الجماعة؟

رائحتي كريهة فهل أترك الجماعة؟ المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة التاريخ 22/3/1423 السؤال أنا شاب لدي مرض مزمن في جيوبي الأنفية والحنجرة، وهذا المرض يبعث رائحة كريهة من الفم أو الأنف عند الزفير، أقوم حالياً بمعالجة هذا المرض، ولكن يحتاج العلاج إلى مدة طويلة قد تستمر إلى عدة شهور، مشكلتي تكمن أن المصلين يتضايقون من رائحتي بشكل كبير، وهذا يسبب الآتي: -أمضي معظم صلاتي في التفكير في هذه المشكلة، وأحاول جاهداً عدم مضايقة المصلين بكتم نفسي تارة أو التلثم تارة أخرى، وهذا يفقدني الخشوع في الصلاة. -لا أفتح فمي عند القراءة، ويتم ذلك سراً بدون فتح الشفتين. سؤالي هو: هل أقوم بالصلاة مفرداً وأترك الجماعة؟ وهل في تركي الجماعة في هذه الحالة يفقدني أجرها، وهل قراءتي بعدم فتح الشفتين صحيحه؟ ما الحل؟ الجواب 1-عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا"، وزاد في رواية: "وليقعد في بيته" (متفق عليه) البخاري (855) ومسلم (564) . 2-عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا، ولا يؤذينا بريح الثوم" أخرجه مسلم (563) . أخي السائل إن علة النهي عن قربان المساجد هي الرائحة الكريهة التي تؤذي المسلمين، ولما كانت حالتك شبيهة بما جاء في الحديث فيلزم من هذا عدم حضورك إلى المسجد دفعاً للأذى عن المصلين، لذا قال بعض العلماء يلحق بالثوم من به بخر في فيه، أو به جرح له رائحة، وقد استدل العلماء بالحديث على عدم وجوب الجماعة، إذ قال ابن دقيق العيد -رضي الله عنه-: "ومن لوازمه ترك صلاة الجماعة في أكلها، أي: الثوم، ويقاس عليه كل ما له رائحة كريهة تؤذي الآخرين.

أخي السائل: يلزمك العلاج السريع والجدي لهذه الحالة التي أصبت فيها للتخلص من هذه الرائحة، وعند الشفاء منها يجب عليك حضور صلاة الجماعة، أما صلاتك في حالة المرض فتكون مفرداً، وأسأل الله -عز وجل- أن يثيبك على نيتك وعلى حرصك على صلاة الجماعة، أما قراءة القرآن في الصلاة من غير تحريك الشفتين فلا تكون قراءة صحيحة مجزئة، هذا وأسأل الله -تعالى- لك الشفاء، وأن يذهب عنك هذا البأس والأذى، وألاّ يحرمك أجره وثوابه، والله أعلم بالصواب.

هل يسوغ لنا الجمع؟

هل يسوغ لنا الجمع؟ المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة التاريخ 20/03/1427هـ السؤال أنا طالب في إحدى دول الغرب، وأحيانا نذهب للنزهة في مدينة تبعد 15 كيلو عن مدينتنا، وتدركنا الصلاة ونحن هناك، وقد انقسم الزملاء فريقين, فريق رأى جمع الصلوات، وفريق صلى في وقتها، لكن صلى جالسًا على الكرسي، وكلاهما حجته عدم وجود مكان آمن، وعدم وجود مسجد. فما هي الطريقة الصحيحة للصلاة في هذا الوضع؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الصلاة شأنها عظيم، فقد ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم وعظّم شأنها، وأمر بالمحافظة عليها وأدائها في الجماعة، فقال الله تعالى: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" [البقرة:238] ، وقال تعالى: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" [البقرة:43] ، لذلك يجب عليكم أداؤها في وقتها الذي شرع لها، وأنتم على حالتكم التي ذكرتها تجب في حقكم الصلاة، إما في مسجد قريب منكم، أو في المكان الذي تجلسون فيه، إما على الأرض أو على الفرش التي تجلسون عليها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أتى الصلاة فلم يجد ما يصلي عليه وجد الأرض مسجدا وطهورا" أخرجه البيهقي (1/212) ، وبعضه في الصحيحين.

ومن جمع الصلاة بدون الأعذار التي تبيح القصر والجمع فعليه الإعادة، ومن صلى جالساً وهو قادر على القيام فصلاته غير صحيحة؛ حيث إن القيام ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا به، فعليكم إعادة هذه الصلوات التي صليتموها، وأوصيكم بالحرص على أداء الصلاة في وقتها، والحرص على تعلم أمور دينكم حتى تقوموا بعبادة الله على بصيرة وعلم، وفقكم الله للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مدة السفر المعتبرة شرعا

مدة السفر المعتبرة شرعاً المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة التاريخ 12/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود أن أسأل فضيلتكم في قضية، وهي: أنني من سكان مدينة جدة، ولكني أدرس بالخارج، فهل أعتبر مسافراً في البلد التي أدرس فيها بحيث يجوز لي أن أجمع الصلاة؟ مع العلم أني أمكث في هذا البلد أغلب أيام العام، ولا أزور مدينة جدة إلا لعدة أسابيع لا تتعدى الشهر، وما مدة صحة استدلال بعضهم بأن أحد الصحابة -رضوان الله عليهم- كان يجمع طوال فترة مكوثه بعيداً عن أهله؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز لك الجمع ولا القصر ما دمت مقيماً للدراسة، فإذا عزمت على الإقامة في البلد أكثر من أربعة أيام فلا تجمع ولا تقصر، وإن كانت إقامتك أربعة أيام فأقل أو أنك لا تدري كم تقيم وفي كل يوم تقول غداً نسافر -إن شاء الله- ثم لا تسافر فلك القصر حينئذ، والأولى ألا تجمع إلا إذا جد بك السير، أما إذا كنت نازلاً في المكان خلال الوقتين كأن تكون نازلاً في الفندق، أو الاستراحة، أو في بيت ما لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحج في أيام منى يقصر ولا يجمع -عليه الصلاة والسلام- لأنه نازل.

القصر لطالبي اللجوء

القصر لطالبي اللجوء المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة التاريخ 3/9/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ نحن مجموعة شباب نعيش في ملجأ اختلفنا في أداء الصلاة هل نصليها قصراً أم نتمها رباعية؟ مع العلم أن كل من في هذا الملجأ ينتظر الرد على طلبه للإقامة في هذا البلد، والانتظار يطول من بضعة أشهر إلى أكثر من سنة، أفتونا مأجورين. الجواب بسم الله والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فمثل هؤلاء الذين لا يدرون متى يخرجون أو أنهم يقيمون إقامة طويلة أو يستوطنون أمرهم متردد، هؤلاء لهم القصر، ويدل لهذا أن ابن عمر - رضي الله عنهما - صلى في أذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، وكذلك ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - سئل: إنا نطيل المقام، فهل نقصر؟ فقال: نعم، ولو وقفت عشر سنوات، وكذلك ورد عن عبد الرحمن بن سمرة وأنس وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.

الصلاة وسلس الريح

الصلاة وسلس الريح المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة التاريخ 17/2/1424هـ السؤال السلام عليك ورحمة الله وبركاته. السؤال: أعاني من كثرة خروج الريح أثناء الوضوء وأثناء الصلاة مما يجعلني أعيد الوضوء أكثر من مرة، ما حكم مدافعة خروج الريح أثناء الصلاة؟ وهل يبطلها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كانت هذه المعاناة معك باستمرار فلا بأس عليك، وإنما يجب عليك الوضوء بعد دخول الوقت وتنوي بوضوئك هذا استباحة الصلاة، ثم تصلي بهذا الوضوء الفرض والنوافل، وتمس المصحف، وتطوف بالبيت إذا كنت في مكة، ولو خرج منك ريح فإذا خرج الوقت الذي توضأت له فتتوضأ للوقت الجديد ويسمى من هذه صفته من حدثه دائم، وتصح الصلاة مع مدافعة الريح.

المدة التي يجوز فيها القصر والجمع

المدة التي يجوز فيها القصر والجمع المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة التاريخ 28/10/1424هـ السؤال ما هي المدة المسموح بها للقصر والجمع بالنسبة للمسافر؟ الجواب جمهور أهل العلم على أن للمسافر القصر والجمع إذا نوى الإقامة أربعة أيام فأقل، فإن كان قد عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام يجب عليه الإتمام وأداء كل صلاة في وقتها. أما المسافر الذي لم يجمع النية على الإقامة بل ينتظر انتهاء حاجة له لا يدري متى تنتهي فإن له الترخّص برخص السفر، والله أعلم.

الجمع والقصر أثناء التدريب

الجمع والقصر أثناء التدريب المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة التاريخ 27/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو الإجابة بالتفصيل عن هذه الأسئلة: لدينا تدريبات عسكرية خارج المدينة بحوالي50 كم، تبدأ الساعة السابعة، وتنتهي الساعة الثانية والنصف، وأحياناً الثالثة والنصف، وسؤالي هو: هل يجوز جمع وقصر الصلاة؟ أثناء التدريبات تأتي عواصف رملية شديدة تحجب الرؤيا، فهل يجوز قصر الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. مسافة خمسين كيلو متراً لا تعتبر سفراً يتيح قصر الصلاة وجمعها عند كثير من العلماء، والأولى ألا يجمع ولا يقصر إلا فيما لا يشك فيه؛ لأهمية الصلاة ووجوب أدائها؛ كما أمر الله - تبارك وتعالى-، ثم إن كثيراً من التدريبات العسكرية وغيرها تكون خارج المدن وقريبة منها، ولا ينبغي للمرء أن يتعلل بكونها خارج المدينة بأن يقصر أو يتلمس التخفيف مع الإخلال بما أوجبه الله؛ بل عليه أن يهتم بصلاته التي هي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين. والله أعلم.

قضاء الصلاة للمغمى عليه

قضاء الصلاة للمغمى عليه المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة التاريخ 16/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: سؤالي لفضيلتكم هو أني حصل لي حادث، وكان ذلك في شهر رمضان الماضي وأدخلت على إثره العناية المركزة، وكنت وقتها فاقداً للوعي، واستمر فقدان الوعي يومان تقريباً، ويومان بعدها كان الوعي يأتي ويذهب، ولم أستطع الصلاة؛ بسبب فقدان الوعي، وبسبب وجود أنبوب في مخرج البول. سؤالي: هل أقضي جميع الصلوات أم لا؟ وكيف يكون قضاؤها؟. أثابكم الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: إذا كانت مدة الإغماء قليلة -مثل ثلاثة أيام أو أقل- فعلى المسلم قضاء صلوات هذه الأيام؛ لأنها مدة قليلة، شبهها بعض أهل العلم بالنوم، ولأن هذا قد روي عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- أما إذا زادت المدة عن ذلك، فإن المغمى عليه في هذه الحالة يشبه حال المجنون الذي رفع عنه القلم، وممن ذهب إلى وجوب القضاء سماحة شيخنا ابن باز -رحمه الله- ولا شك أن هذا القول هو الأحوط، أما كيفية القضاء فإنه يصلي صلوات كل يوم مرتبة، يبدأ بالفجر وينتهي بالعشاء، ويصلي حسب استطاعته، ولا مشقة على نفسه. والله أعلم.

يمنعوننا من الصلاة فهل تسقط عنا؟!

يمنعوننا من الصلاة فهل تسقط عنّا؟! المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً كتاب الصلاة/ صلاة أهل الأعذار /مسائل متفرقة التاريخ 01/04/1427هـ السؤال في ظل الظروف الراهنة في بلدنا التي تحكمها الأغلبية العَلمانية الموالين للنهج الفكري الغربي نعيش حالة من الغربة حتى لا نستطيع إجابة المؤذن للصلاة. فهل نحن آثمون؟ ولو صلينا الجمعة لكان عقابنا السجن أو ما شابهه! ما الحل في هذه الظروف؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه مصيبة كبرى، أن يوجد في بلد إسلامي من يمنع المسلمين من أداء صلاتهم في المساجد، وأنصح الأخ وغيره من المسلمين المقيمين في هذه البلدة أن يفاوضوا هؤلاء الحكام ليقنعوهم بضرورة السماح للناس بصلاة الجماعة، إذ إن الغرب نفسه يدعو إلى حرية التدين وحرية التفكير، فلا يجوز بحال من الأحوال أن يبقى المسلم في هذا الوضع، إذا لم يستطع إقناعهم بالوسائل السلمية فليحاول أن ينتقل إلى مكان آخر تقام فيه صلاة الجماعه، ذلك هو الواجب عليه، وإذا لم يستطع الانتقال، ولا التفاهم مع هؤلاء بالوسائل السلمية فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وليصل في بيته (بعد دخول الوقت، وليجعل له جماعة من أهل بيته أو زواره) ، وكذلك يصلي الجمعة أربعا في بيته وذلك مقدار وسعه وطاقته، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". أخرجه البخاري (7288) ، ومسلم (1337) .

صلاة الجمعة

صلاة الجمعة في المصليات الصغيرة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 8/8/1422 السؤال يوجد عندنا أماكن صغيرة للصلاة تسمى المصليات، وهي منتشرة في بلدنا، ولكن هل تجوز فيها صلاة الجمعة إذا كان يوجد مسجد جامع قريب من المنطقة؟ وإذا لم يوجد مسجد قريب، فما حكم صلاة الجمعة فيها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب من أعظم مقاصد صلاة الجمعة اجتماع المسلمين فيها، ولهذا لا يجوز تعددها في البلد الواحد إلاّ إذا كانت هناك حاجة؛ كازدحام المسجد، وعدم كفايته للمصلين، أو تباعد المنازل كثيراً مما يرتب المشقة على المصلين ونحو ذلك، فإنه يجوز حينئذٍ تعدد الجمع بقدر الحاجة، وإذا وجدت الحاجة، فإنه لا يشترط لأداء الجمعة مكان مخصوص فتصلى في المساجد الكبيرة، والمصليات وغيرها من الأماكن الطاهرة المباحة، لقوله - عليه السلام -: ".. جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " رواه البخاري (335) ، ومسلم (521) .

أفضلية ميامن الصفوف

أفضلية ميامن الصفوف المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 8/8 1422 السؤال هل ورد حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين فضل يمين الصف في الصلاة عن يساره؟ الجواب خرج الإمام مسلم (رقم 709) ؛ وأبو داوود (رقم 615) ، والنسائي (رقم 822) ، وابن ماجة (رقم 1006) ، وابن خزيمة في صحيحه (رقم 1563 - 1565) ، من حديث البراء بن عازب، قال: "كُنّا إذا صًلّينا خلفَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحببنا أن نكون عن يمينه، يُقبل علينا بوجهه ". وقد بّوب عليه ابن خزيمة بقوله: "استحباب قيام المأموم في ميمنة الصفّ" وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف (1/341) من طريق ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عَمرو، قال: "خير المسجد المقام، ثم ميامن المسجد". وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة (رقم 1027) ، من هذا الوجه، بلفظ " خير المسجد خلف المقام، وعن يمين الإمام". وإسناده صحيح، إذا كان عطاء بن أبي رباح سمع من عبد الله بن عَمرو، وظاهر تصحيح ابن خزيمة وابن حبّان والحاكم لعطاء عن عبد الله بن عَمرو أنه قد سمع منه. وهذان الحديثان وإن كان ظاهرهما الوقف، لكنهما مثالان صحيحان للموقوف الذي له حكم الرفع: أمّا الأول: لأنه فعلٌ بمحضر النبي صلى الله عليه وسلم وأقرّهم عليه. وأمّا الثاني: فلأنه فضيلةٌ لا تُقال بالاجتهاد، ولا يظهر أنها من الإسرائيليّات. لذلك فهما كافيان لبيان فضيلة ميامن الصفوف على مياسرها. وهناك حديث آخر لكنه ضعيف، وهو حديث عائشة مرفوعاً: "إن الله وملائكته يُصَلون على الذين يُصَلّون على ميامن الصفوف". أنظره في تمام المنّة للألباني (288) والله أعلم.

الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة

الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة المجيب د. عبد العزيز بن محمد الحميدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 10/8/1422 السؤال ما حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والتعوذ وقول لا حول ولا قوة إلا بالله في الخطبة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد. الصلاة على رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام أمرها عظيم وفضلها كبير، وهي من فضائل الأعمال المقربة إلى الله تعالى. وتكون واجبة في بعض الحالات ومستحبة في حالات أخرى. أما حالات وجوبها. 1. ففي نهاية كل صلاة في التشهد الأخير يجب الصلاة والسلام على رسول الله بالصيغة الإبراهيمية التي علمها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ثم بعد ذلك يدعو المصلي بما شاء. 2. عند ذكر اسمه عليه الصلاة والسلام فإذا ذكر وجب على المستمعين الصلاة والسلام عليه، لما دل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -:"رغم أنف امرئ ذكرت عنده ثم لم يصلّ عليّ ". ولقوله - صلى الله عليه وسلم -:" البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصلّ عليّ ". 3. وكذلك في خطبة الجمعة والعيدين على الصحيح من أقوال العلماء وأنها ركن في الخطبة، أما الاستحباب ففي كل وقت، ويتأكد ذلك يوم الجمعة وليلة الجمعة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن من خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا فيه من الصلاة عليّ فإن من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً " ومن أراد المزيد في الموضوع فعليه بكتاب " جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام " للإمام ابن قيّم الجوزية - رحمه الله - أما التعوذ وقول لا حول ولا قوة إلا بالله فلا أعلم أنه واجب في الخطبة، ولكن التعوذ يكون عند الغضب وعند تلاوة القرآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة فينبغي قولها دائماً، وخصوصاً عند قول المؤذن حي على الصلاة وحي على الفلاح. والله أعلم.

الصلاة أثناء خطبة الجمعة

الصلاة أثناء خطبة الجمعة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 15/5/1422 السؤال من صلى يوم الجمعة ركعتين ثم دخل الإمام. هل يقطعها؟ أم لا؟ الجواب يظهر لي والله أعلم: أنك إذا صليت ركعة بسجدتيها أتممت صلاتك خفيفة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) متفق عليه. أما إذا شرع الخطيب في الخطبة قبل إتمام ركعة بسجدتيها فإنك تقطع صلاتك؛ لوجوب استماع الخطبة.

رفع اليدين للتأمين في الخطبة

رفع اليدين للتأمين في الخطبة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 29/4/1422 السؤال حكم رفع اليدين في التأمين على دعاء الإمام في خطبة الجمعة، أي رفع اليدين للمأموم بالتأمين لأنَّ المشاهد أنَّ كثيراً من الأخوة المصلِّين حينما يدعو خطيب الجمعة في آخر الخطبة لا يرفعون أيديهم، فهل في هذا نصٌّ بارك الله فيكم؟ الجواب رفع اليدين عند الدعاءِ من أسباب الإجابة، ولكنَّه يُشرع مطلقاً ومقيَّداً، فُيشرع مطلقاً في الدعاء المطلق، ويُشرع مقيَّداً في ما ورد له دليل من أنواع الدعاء المقيَّد، ومعنى ذلك أنَّه لا يُشرع رفع اليدين في كل دعاءٍ مقيَّد كالدعاءِ في آخر الصَّلاة قبل السَّلام أو بعد السَّلام، إذ لم يرد في السنَّة ما يدلُّ على ذلك، وإنَّما يُشرع رفع اليدين فيما دلَّت السنَّة على مشروعيِّة ذلك فيه كالدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والثانية، وعلى الصفا والمروة وفي الاستسقاء وغير ذلك ممادلَّت السنَّة على رفع اليدين فيه، وعلى هذا فلا يُشرع للمأمومين أن يرفعوا أيديهم عند دعاء الخطيب على المنبر يوم الجمعة. وقد أخرج مسلم رحمه الله عن عمارة بن رؤيبة أنَّه رأى بشر بن مروان رافعاً يديه على المنبر فقال: قبَّح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ ما يزيد على أن يقول بيده هكذا: وأشار بأصبعه المسبِّحة. قال النووي: فيه أنَّ السنَّة ألا يرفع اليد في الخطبة. والله أعلم

تقديم صلاة الجمعة جائز إذا دعت الحاجة

تقديم صلاة الجمعة جائز إذا دعت الحاجة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 29/4/1422 السؤال مشكلتنا في صلاة الجمعة, تزداد الساعة الصيفية هنا في أوروبا ويقع لنا إشكال في صلاة الجمعة , تصبح الخطبة مع الساعة الواحدة والنصف , وهذا وقت الدخول إلى العمل , وأصدقك القول أن جميع الأخوة رواد المسجد من العمال وتأخرهم عن مواعيد الدخول إلى الشغل دائماً يشكل لنا مشاكل مع أرباب العمل إن لله وإن إليه راجعون. وقد أراد الأخوة تقديم صلاة الجمعة عن موعدها بساعة إسنادا إلى بعض الفتاوى من أهل العلم وهذا سبب لنا أخذ ورد ومشاكل بين مسجدين كل أصبح يبدع الأخر فالرجاء منك شيخنا الفاضل أن تفتينا في هذه الحادثة التي قد تعصف أن تكون سببا في فتنة لا قدر الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... وبعد:

روى أبو هريرة رضي الله عنة أن النبي صلى الله علية وسلم قال:" من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنه , ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر". رواه البخاري ومسلم، فدل الحديث دخول الإمام بعد الخامسة، وهذا قبل الزوال إذ الزوال لا يكون إلا بعد تمام السادسة إذ اليوم ثنتا عشر ساعة كما في الحديث وإلى ما دل عليه الحديث ذهب إلية جمع من أهل العلم كالخرقي من أصحاب الإمام أحمد فذهب جواز فعل الجمعة قبل الزوال في الساعة السادسة، ويؤيد هذا القول جميع الأدلة التي استدل بها من جوز فعل الجمعة بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، إذ ماثبت من أدلتهم لا يدل صراحة ما ذهبوا إليه، وإنما يدل على جواز فعل الجمعة قبل الزوال بزمن يسير، وعلى هذا يجوز للأخوة المقيمين في مدينة " فاريزي " قرب سويسرا تقديم صلاة الجمعة قبل الزوال بساعة، لما سلف، ولما في ذلك من رفع الحرج عنهم، وقد قال سبحانه:" فأتقوى الله ما استطعتم ". ولما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ". وبالله التوفيق.

هل تجب عليهم الجمعة؟

هل تجب عليهم الجمعة؟ المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 6/4/1422 السؤال يوجد لدينا في منطقة الربع الخالي مركز حدود قريب من منطقة أعمال أرامكو في الشيبة، وهم يؤدون الصلاة جماعة وعددهم يزيد عن خمسين رجلاً ولكنهم لا يصلون الجمعة بحجة أنهم غير مستقرين، علماً أنهم يقيمون في المركز لمدة تزيد عن ثلاثة شهور حتى يتمكنوا من التغيير بمجموعة أخرى. علماً أنه يذهب من الخمسين عشرة عملهم في الحراسة والباقي يذهب إلى صلاة الجمعة في سكن أرامكو الذي يبعد عنهم 40 كيلو متراً. هل يجوز لهم إقامة الجمعة في هذا المركز؟ الجواب الجمعة غير واجبة عليهم، لأنهم في حكم المسافرين حيث أن هذا المكان ليس موطناً لهم، والجمعة لا تجب على المسافر؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل الجمعة في سفر من أسفاره، فإن فعلوا وصلوا الجمعة في مكانهم فلا بأس، ولا يشترط أن يبلغ العدد أربعين على القول الراجح والله أعلم.

أحكام الجمعة للمرأة

أحكام الجمعة للمرأة المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 28/4/1424هـ السؤال سؤالي يتعلق بأحكام الجمعة بالنسبة للمرأة، هل كلام النساء أثناء خطبة الجمعة يبطل صلاتهن؟ سألتني إحدى الأخوات أن أسألك هذا السؤال، لأنها مدرسة في إحدى المدارس الإسلامية في كندا، وتقوم بالإشراف على طالبات المرحلة الابتدائية، وتضطر في بعض الأحيان أن تشير لبعض الطالبات بالسكوت, أو أن تكلمهن للضرورة، ولقد تحرجت هذه الأخت وتخشى ألا تقبل صلاتها، وتسأل أيضاً للنساء اللاتي عندهن أطفال ويذهبهن إلي صلاة الجمعة. وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا حضرت المرأة الجمعة، فحكمها كحكم الرجل، لا يجوز لها أن تتكلم أثناء الخطبة؛ لما في الصحيحين البخاري (934) ، ومسلم (851) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت"، وغيره من الأحاديث، أما قوله - صلى الله عليه وسلم- عمن يتكلم في الخطبة: "ومن تكلم فلا جمعة له" رواه أبوداود (1051) ، وأحمد (719) من حديث علي - رضي الله عنه- بإسنادٍ ضعيف، وإن صح فإنه يدل على تحريم الكلام كما سبق، لكن لا يدل على بطلان الصلاة، فإن أهل العلم أجمعوا أنها تجزئه، لكن يحرم فضل الجماعة، أو لا يكون له أجر من أنصت.

ترك الجمعة لأن الإمام مطعون في عقيدته

ترك الجمعة لأن الإمام مطعون في عقيدته المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 12/8/1424هـ السؤال هل يجوز ترك صلاة الجمعة بحجة عدم وجود إمام يتحاشى نواقض الإسلام العشرة وصلاتها في البيت؟ وما الأفضل في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد. قال - صلى الله عليه وسلم-: لخالد بن الوليد -رضي الله عنه- لما استأذنه في قتل الذي أنكر القسمة وقال: كم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال - صلى الله عليه وسلم-:"إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ... " الحديث رواه البخاري (4351) ، ومسلم (1064) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه-، فكل من لم يعلم حاله ولم يظهر منه ما يمنع الائتمام به فصلاة المأموم صحيحة؛ لأن ظاهر المسلمين الإسلام والسلامة. وأما هذا القول وهو الحكم بعدم وجود إمام لم ينتقض إيمانه، فهذا قول مبتدع، فإن الأصل في المسلمين الاستقامة والإيمان، ويكفي في كون الرجل مسلماً مجرد الإقرار الظاهر، فإنه بهذا الإقرار يصلى خلفه ويجرى عليه أحكام الإسلام من المناكحة والوراثة والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "فإذا قالوها- أي قالوا: لا إله إلا الله -عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها" رواه البخاري (25) ، ومسلم (22) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما-.

فكيف يجوز أن يأتي هؤلاء يقولون: هؤلاء ما حققوا معنى لا إله إلا الله مع أنه لم يظهر منهم ما يخالف مقتضاها، والمرء إن لم يعصمه الله سبحانه، وإلا فإن مسالك الشياطين في الإضلال تفتح له، والشيطان له كيد وغواية، فيأتي إلى الشخص من حيث الباب الذي يهواه ويشغله، فإن كان من أصحاب العبادة والاحتياط والتنزه جاء بمثل هذه الطامات ليحرمه صلاة الجمعة، أو يحرمه من مشاركة المسلمين في أول صيامهم أو أول عيدهم أو موقفهم بعرفات. وعلى كل فإن هذا القول مخالف لما في الكتاب والسنة، ومخالف لجماعة المسلمين، نسأل الله سبحانه أن يبصرنا بالحق، ويرزقنا اتباعه، ويعرفنا الباطل ويرزقنا اجتنابه، فإنه سبحانه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع. - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم-.

سقوط الجمعة لعدم الإمام العام

سقوط الجمعة لعدم الإمام العام المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 12/6/1424هـ السؤال ذهبت فئة من شباب الهجرة والتكفير، إلى قولهم: إن صلاة الجمعة تسقط في هذا العصر؛ لأنه ليس هناك إمام لإقامة الجمعة أخذاً بقول أبي حنيفة، ما الحكم في مثل هؤلاء الشباب؟ الجواب إقامة صلاة الجمعة والجماعة ليس من شرطها إمام عام، وإنما يكفي فيها أن توجد جماعة وإمام للصلاة، ولا يوجد دليل شرعي يشترط وجود إمام عام، ولهذا فإن المسلمين في جميع البلاد الإسلامية التي توجد فيها أقليات مسلمة لا زالوا يقيمون الجمعة والجماعة، مع أن كثيراً منهم أحناف؛ كالهند والصين والجمهوريات الإسلامية، والأحناف اشترطوا لوجوبها وجود السلطان، أما صحتها فليس من شرطها الإمام، بل جميع المذاهب تقول بصحتها حتى الأحناف، وما يزعمه هؤلاء الشباب يخالف مقاصد الإسلام من الحرص على إظهار الشعائر الإسلامية وتقوية روابط المجتمع، من خلال الاجتماع والجماعة، ولا ينبغي الإصغاء إلى مثل هذه الأقوال المرجوحة، والتي لها ظروفها التي قيلت فيها. والله أعلم.

تعدد مساجد الجمعة في القرية

تعدد مساجد الجمعة في القرية المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 7/2/1424هـ السؤال نحن نعيش في قرية في الريف ولا نصلي الجمعة في مسجد القرية، حيث إننا نصليها في مسجد صغير، والسبب هو أننا نبعد عن مسجد القرية مسافة نصف ساعة سيراً على الأقدام، فهل تصح صلاة الجمعة في هذا المسجد الصغير؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، اللهم صلّ على عبدك ونبيك محمد وعلى آله ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا المسجد إن كان يسع جماعة، تصح معهم الجمعة، أو من بين الجماعة من لا يستطيع الوصول إلى مسجد القرية لضعف أو عجز أو غيره من الأعذار فإنه تصح صلاتهم في هذا المسجد الصغير، وأما إن كان العدد قليلاً، وفيهم نشاط على المشي فإن هذه المسافة ليست عذراً في إقامة جمعة ثانية، فلابد من السعي إذن إلى مسجد القرية والله أعلم.

كيف يصلي من فاتته صلاة الجمعة؟

كيف يصلي من فاتته صلاة الجمعة؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 28/10/1422 السؤال هل يجوز أن نصلي ركعتين إذ لم ندرك صلاة الجمعة؟ الجواب سئل الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - عن سؤال مشابه لسؤالك، نذكر لك فيما يلي نصَّ السؤال والإجابة: السؤال: إذا لم أصل الجمعة مع الجماعة في المسجد هل أصليها في البيت ركعتين بنية الجمعة أم أصلي أربع ركعات بنية الظهر؟ الجواب: من لم يحضر صلاة الجماعة مع المسلمين لعذر شرعي من مرض أو غيره أو لأسباب أخرى صلى ظهراً، وهكذا المرأة تصلي ظهراً، وهكذا المسافر وسكان البادية يصلون ظهراً كما دلت على ذلك السنة وهو قول عامة أهل العلم ولا عبرة بمن شذ عنهم، وهكذا من تركها عمداً يتوب إلى الله - سبحانه - ويصليها ظهراً. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، الجزء 12 ص 332] .

التخلف عن خطبة الجمعة عمدا

التخلف عن خطبة الجمعة عمداً المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 26/7/1424هـ السؤال هناك عادة منتشرة عند المسلمين وهي ترك الخطبتين والجلوس في ساحة المسجد، وعدم القيام إلا لصلاة الركعتين فقط، ما حكم الإسلام في هذا؟. الجواب فقد أمر الله تعالى المسلمين بالسعي والمبادرة إلى المسجد وحرَّم البيع بعد النداء الثاني، فقال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [الجمعة:9] ثم قال:"وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" [الجمعة:11] . والنداء الثاني: يكون بعد دخول الخطيب وجلوسه على المنبر. وتحريم البيع والأمر بالمبادرة إلى الصلاة والاهتمام بما يجب لها كل ذلك من حرص الشارع الحكيم على سماع المكلف الخطبة، فلا يجوز التأخر عن الذهاب بعد سماع النداء الذي يسبق الخطبة للآية الكريمة. فإذا كان المسلم في ساحة المسجد المتصلة به يتحدث مع غيره ولا ينصت مع سماع الخطيب، فقد حضر الجمعة، وليس له أجر الجمعة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" ... ومن مس الحصى فقد لغا" رواه مسلم (857) وأحمد (9484) وغيرهما، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وقال:"إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت" متفق عليه عند البخاري (934) ومسلم (851) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، كل ذلك حرصاً على سماع الذكر. ومعنى:"ومن لغا فلا جمعة له" أي: لا جمعة كاملة له مع إجزاء فرض الوقت عنه.

بل إن المصلي -حاضر الخطبة- لا يشرع له تشميت العاطس ولا رد السلام؛ لأنه كلام، والكلام منهي عنه وقت كلام الخطيب، واستثني من الكلام كلام الخطيب مع المستمع أو كلام المستمع للخطيب خاصة؛ لما ورد في كلامه -صلى الله عليه وسلم- مع سليك الغطفاني لما جلس ولم يصل تحية المسجد كما جاء في البخاري (930) ، ومسلم (875) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، وكلام الأعرابي مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- يطلب الدعاء إلى الله لما تأخر المطر كما في البخاري (933) ، ومسلم (897) من حديث أنس - رضي الله عنه -. ويأثم بعدم إنصاته لمخالفته أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإنصات والسكوت وقت الخطبة، وصلاته صحيحة مجزئة عن الجمعة. بل قد رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- في التبكير إلى الصلاة والدنو من الإمام وحسن الإنصات وعدم الانشغال، وعلَّق على ذلك الأجر العظيم فقال -صلى الله عليه وسلم-:"من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام" وفي لفظ:"من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا" رواهما مسلم (857) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. أما إذا كان لم يصل إلى المسجد، ولا زال في الطريق، فلا يجب الإنصات حتى يحضر المسجد.

هل الاستيطان شرط لصلاة الجمعة؟

هل الاستيطان شرط لصلاة الجمعة؟ المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 25/12/1424هـ السؤال السؤال: هل الاستيطان شرط لصلاة الجمعة أم لا؟ أرجو توضيح المسألة بالأدلة؛ لأنها تشكل علينا في المخيمات الإسلامية البعيدة عن البلد ولا تصل إلى مسافة القصر هل نصلي جمعة أم ظهراً؟ مع أن العدد كبير، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الاستيطان شرط لوجوب صلاة الجمعة عند جمهور العلماء، بدليل أن البدو الذين كانوا حول المدينة لم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بإقامة الجمعة، ولو صلى أناس غير مستوطنين الجمعة ففي صحة جمعتهم خلاف بين العلماء، لذا فالأحوط لهم عدم إقامة صلاة الجمعة، وإنما حكمهم حسب الأحوال الآتية: إذا كانوا متصلين ببلد تقام فيه الجمعة، أو سمعوا النداء لها، لزمهم الذهاب لأداء صلاة الجمعة. إذا كانوا بعيدين عن البلد ولا يسمعون النداء والمسافة دون القصر صلوا ظهراً أربعاً. وإذا كانت المسافة مسافة قصر، صلوا الظهر ركعتين. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

هل تجوز خطبة الجمعة بغير اللغة العربية؟

هل تجوز خطبة الجمعة بغير اللغة العربية؟ المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 10/9/1422 السؤال هل تجوز خطبة الجمعة بغير اللغة العربية سواء الاكتفاء بالإنجليزية أو خلطها بالعربية، علماً أنني رافض لمزاولة الخطابة بهذه الصفة خشية أن يكون ذلك خلاف الصحيح.. وقد اقترحت على الإخوة هنا أن أخطبهم بالعربية ثم نترجم بعد الصلاة، وبعضهم يخطب بالعربية ويترجم أثناء الاستراحة بين الخطبتين؟ فما جواز ذلك من عدمه. الجواب اللغة العربية هي لغة القرآن، ولغة أهل الجنة، وحسبك بها شرفاً أنها لغة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والمقصود من الخطبة تذكير المصلين ووعظهم، فإن كانوا جميعاً أو أكثرهم عرباً فإنها تكون بالعربية، وإذا كان أكثرهم من غير العرب، فإن الخطبة تكون باللغة التي يفهمها الحاضرون، مع الحرص على أن يكون الحمد لله والشهادتان باللغة العربية مع قراءة ما تيسر من القرآن، ولو آية، وفي هذا حثٌ للمسلمين من غير العرب على تعلم العربية، وفيه إظهار لشرفها وقدرها بينهم، وعندما يخطب الإمام بالعربية ويوجد بعض المصلين من غير العرب فلا بأس من ترجمة الخطبة لهم بغير العربية، ويختار ما هو الأنسب والأوفق في وقت الترجمة، أثناء الخطبة بحيث يتكلم الخطيب قليلاً ثم يترجم هو أو يترجم غيره كلامه، ثم يخطب قليلاً وهكذا، أو بين الخطبتين أو بعد نهاية الخطبة وقبل الصلاة.

طلب التبرعات أثناء الخطبة

طلب التبرعات أثناء الخطبة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 16/1/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: جرت العادة عندنا بالمسجد أنه إذا كان يوم الجمعة، وكان الإمام يخطب قام مسؤولو المسجد بإمرار صندوق خاص بالتبرعات، بحيث يناوله كل مصل لمن هو بجانبه وهكذا، ويكون هذا غالباً أثناء خطبة الإمام، فهل يكون مثل هذا الفعل داخلاً في معنى اللغو المنهي عنه حال خطبة الإمام؟ وكيف يصنع المصلي إذا وصله الصندوق في مثل ذلك الوقت إذا كان قولكم بالمنع؟ وفقكم الله، وسدد على الخير خطاكم. الجواب هذا الفعل لا يجوز؛ لأن فيه اشغالاً للحاضرين عن سماع وتدبر الخطبة، وذلك أن الإنصات واجب على الجميع، فالواجب منع مثل ذلك، ولا يكفي امتناع بعض المصلين دون بعض.

العدد لإقامة الجمعة

العدد لإقامة الجمعة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 17/5/1423 السؤال جواز إقامة صلاة الجمعة بأقل من أربعين شخص في القرية، وعلى أي مذهب، وإذا تعذر وجود الأربعين، هل نترك الصلاة أم نقيمها بالعدد الموجود؟ المذهب الشافعي، وجزاكم الله خيراً. الجواب سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ ما هو أقل عدد في شرط إقامة صلاة الجمعة وإقامة الخطبة؟ جـ/ في هذه المسألة خلاف كثير بين أهل العلم، وأصح ما قيل في ذلك: ثلاثة الإمام واثنان معه، فإذا وجد في قرية ثلاثة رجال فأكثر مكلفون أحرار مستوطنون أقاموا الجمعة ولم يصلوا ظهراً؛ لأن الأدلة الدالة على شرعية صلاة الجمعة وفرضيتها تعمهم. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (166) ] .

قراءة القرآن أثناء الخطبة إذا كانت بغير العربية

قراءة القرآن أثناء الخطبة إذا كانت بغير العربية المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 6/12/1422 السؤال نحن نقيم في بلد غير عربي، ونصلي الجمعة في أحد المصليات، ولكن الخطبة بلغة أعجمية ولا نفهم منها شيئاً، فهل يجوز أن نقرأ القرآن في بعض الغرف المحيطة بالمصلى حتى يحين موعد الإقامة؟ وهل يحق لنا التأخر عن دخول المصلى؛ لقضاء بعض المصالح حتى يقترب موعد الإقامة؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أنه ينبغي لكم التقدم لصلاة الجمعة، والجلوس مع المصلين؛ ليحصل لكم ثواب التبكير إليها، وما دمتم لا تفهمون الخطبة، لكونها بغير العربية فلا مانع من قراءتكم للقرآن بصوت منخفض؛ لئلا تشغلوا من بجانبكم ممن يسمع الخطبة، والله أعلم.

التأخر في حضور الجمعة حتى شروع الخطيب في الخطبة

التأخر في حضور الجمعة حتى شروع الخطيب في الخطبة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 4/11/1424هـ السؤال هل حضور خطبة الجمعة منذ بدايتها يعد واجباً لتمام صلاة الجمعة، أم حضور جزء من الخطبة يكفي لتمام صلاة الجمعة؟ وما حكم الشرع فمن حضر لصلاة الجمعة بعد شروع الخطيب في خطبة الجمعة، سواء خلال الخطبة الأولى أو الثانية بدون عذر شرعي؟ الجواب يستحب للمسلم أن يبادر إلى صلاة الجمعة، فقد جاء في الحديث الصحيح: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" أخرجه البخاري (881) ، ومسلم (850) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والمستحب للمسلم أن يبادر إلى صلاة الجمعة، وإذا لم يأتِ إلا في أثناء الخطبة أو في آخرها، أو لم يحضر إلا بعد إقامة الصلاة، أو بعد فوات ركعة من الجمعة، فجمعته صحيحة، ومن أدرك مع الإمام ركعة فقد أدرك الجمعة.

ترك الجمعة من أجل الدراسة

ترك الجمعة من أجل الدراسة المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 26/8/1424هـ السؤال أنا طبيب مبتعث للتخصص الدقيق في طب الأطفال في كندا، ويكون هناك تعارض لدي في يوم الجمعة بين وقت صلاة الجمعة ومحاضرة علمية تلقى في نفس مجال تخصصي، بحيث يفوت علي الكثير من الفائدة في غيابي عن هذه المحاضرات، وهذا التعارض يكون في فصل الشتاء فقط، وفي عدة أسابيع منه، حيث إن هذه المحاضرات ليست أسبوعية، وقد حاولت كثيراً مع مدير البرنامج تغيير موعد المحاضرات ولكن دون فائدة، فهل يجوز لي حضور هذه المحاضرات وعدم حضور صلاة الجمعة؟ الجواب إن صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم حر مقيم، ويجب أداؤها جماعة. قال الله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" [الجمعة:9] . وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض". رواه أبو داود (1067) . وقد أجمعت الأمة على وجوبها. فأداء الجمعة مقدَّم على سواها من أمور الدنيا، وطلب العلم من ذلك، خاصة إذا ما اجتهد الطالب في سبل تعويض ما فاته، عن طريق تسجيل المحاضرات (صوتياً أو كتابة) أو تغيير موعد المحاضرات بالانضمام إلى مجموعة أخرى لا يتعارض وقتها مع وقت صلاة الجمعة إن أمكن ذلك. ولذلك فأحث السائل على عدم التهاون في دينه لحساب دنياه، فالفرائض مقدَّمة على ما سواها من أمور الدنيا من غير الضرورات، والله أعلم.

صلاة الجمعة في البرية

صلاة الجمعة في البرية المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 24/5/1423 السؤال خرجنا مجوعة من الشباب إلى البر يوم الجمعة، وهذا المكان يبعد عن البلد ستين كم، فاجتهد واحد منا فقام بنا خطيباً وصلى بنا الجمعة، فهل اجتهاده صحيح؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا تصح الجمعة منهم في مثل هذه الحال، وعليهم أن يعيدوها ظهراً؛ لأن المسافة إن كانت مسافة قصر على ما يراه بعض أهل العلم فهم مسافرون ولا جمعة للمسافرين وحدهم. وإن كانت أقل من مسافة قصر فلا تنعقد في مكان بعيد عن البنيان.

إقامة الجمعة في المصليات

إقامة الجمعة في المصليات المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 26/10/1424هـ السؤال أنا طالب علم متخرج من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، دعاني بعض الإخوة لإلقاء خطبة الجمعة في مصلى مخصص لهم في إحدى الشركات، علماً أن الدخول لهذه الشركة محظور أمام الناس لأسباب أمنية، والمسجد يبعد نحو من 10-15 دقيقة مشياً، ولست متأكداً إذا كانت الشركة تمنع موظفيها من الذهاب إلى المسجد أم لا. عدد المصلين يتراوح، بين 10 في الصيف إلى 35 في الشتاء، وحتى لو رفضت إلقاء خطبة الجمعة عندهم فهم سيستمرون في صلاة الجمعة في هذا المصلى. الجواب الأصل إذا كان هناك مسجد للجمعة أن يذهبوا إليه، وألا يصلوا في هذا المكان إذا كان مسجد الجمعة على مقربة منهم على رمية حجر، فلا يجوز لهم أن يصلوا إلا إذا كانت هناك ظروف كالظروف التي أشار إليها السائل، وهي أن تكون الشركة تعتمد نظاماً خاصاً تمنع هؤلاء العمال من الذهاب إلى المسجد، فإذا كان هناك منع أو حظر فيمكن أن يصلوا في مكانهم هذا، ونعتمد بعض الأقوال كقول الأحناف بجواز الجمعة في مسجدين أو ثلاثة، أما إذا لم يكن هناك حظر فلا أرى ذلك، أرى أن يذهبوا إلى المسجد الجامع، وأن يصلوا فيه الجمعة، وهذا مذهب جمهور العلماء رحمهم الله، تعدد الجماعات لغير ضيق مسجد ولغير بعد أمر غير مشروع.

صلاة الجمعة قبل الزوال

صلاة الجمعة قبل الزوال المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 1/11/1424هـ السؤال أرجو منكم توضيح حكم صلاة الجمعة قبل الزوال، وذلك من أجل عدم توفر الوقت عند الزوال لظروف العمل، وبارك الله فيكم. الجواب وقت صلاة الجمعة يبدأ من زوال الشمس، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي، وهو القول الراجح؛ لحديث أنس -رضي الله عنه-:"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس" رواه البخاري (904) ، وحديث سلمة بن الأكوع قال:" كنا نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس" رواه مسلم (860) ، وعليه فلا يجوز أداؤها قبل الزوال.

الطواف بالكعبة أثناء خطبة الجمعة

الطواف بالكعبة أثناء خطبة الجمعة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 22/11/1424هـ السؤال هل يجوز للإنسان أن يطوف حول الكعبة والإمام يخطب في صلاة الجمعة؟. الجواب الواجب على المسلم إذا صعد الإمام المنبر أن يستمع إلى ما يقوله الخطيب، وأن يكف عن الحركة، ولو كانت هذه الحركة عبادة؛ كقراءة قرآن، والصلاة والطواف، لعموم حديث علي -رضي الله عنه-:"ومن قال صه، فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له" رواه أبو داود (1051) وأحمد (719) واللفظ له، ما لم تكن الحركة تحية في المسجد للداخل للمسجد والإمام يخطب، كما دلت على ذلك الأخبار.

إقامة صلاة الجمعة في غيرالمسجد وبأقل من أربعين رجلا

إقامة صلاة الجمعة في غيرالمسجد وبأقل من أربعين رجلاً المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 16/9/1424هـ السؤال نحن مجموعة من الموظفين والطلبة السعوديين، نعمل في أمريكا، وفى يوم الجمعة لا يستطيع الطلبة الصلاة في المسجد، لبعد المسافة، فهي تستغرق ساعة بالسيارة، فلا يستطيعون الذهاب لصلاة الجمعة لارتباطهم بالدراسة، حيث لا يسمح لهم بترك المدرسة إلا لمدة محدودة، ولا يسمح لهم بالذهاب إلى المسجد، سؤالي فضيلة الشيخ: هل نستطيع أن نقيم صلاة الجمعة في إحدى الغرف بالعمل؟ (نستخدم الغرفة لصلاة الظهر أيام الأسبوع) ، حتى لو لم نكن إلا خمسة أشخاص، وهل شرط الجمعة اكتمال أربعين رجلاً؟ أم لا؟ أفتونا مأجورين. الجواب

ما سعى عبد في خير إلا وسهل الله له طريقه، ويسر سبيله ولو بعد حين، وما ذكرتم يمكن التغلب عليه بالعمل الدؤوب والشفاعة الحسنة، وكثرة الإلحاح لتفرغ المدرسة وقتاً تتمكنون فيه من صلاة الجمعة مع إخوانكم المسلمين مقابل ساعة دراسية تضاف إلى جدولكم في وقت آخر، وأما بشأن موضوعكم فلا أدري هل هذا البعد الذي ذكرت بالسيارة، هل لأن الجامعة في بلد آخر غير البلد الذي أنتم فيه؟ أم أن المسجد بعيد من الموقع الذي أنتم فيه في داخل البلد؟ فإن كان المسجد أو أنتم خارج البلد فلا تلزمكم الجمعة، إذا كان بينكم وبين الموقع أكثر من ثلاثة أميال، وعليكم إقامتها جماعة، وإن كان المسجد في داخل البلدة التي أنتم فيها فتلزمكم إقامتها مع جماعة المسلمين ولو كان بينكم وبين المسجد أكثر من ثلاثة أميال، وحيث إنكم في بلد غير مسلم فلا أرى مانعاً من إقامة الجمعة في مقركم الذي أنتم فيه، وأما العدد فيكفي فيه ثلاثة؛ خطيب ومستمعان؛ لعموم حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه-: "ما من ثلاثة في قرية لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان"، رواه أحمد (21710) ، والنسائي (847) ، وأبو داود (547) من حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه-، وبالله التوفيق.

الخطبة بالعامية

الخطبة بالعامية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 28/2/1424هـ السؤال ما الحكم إذا خطب الخطيب باللهجة العامية؟ الجواب إذا كان المصلون أو أغلبهم لا يفهمون العربية الفصحى أو يخفى عليهم كثير من معاني ألفاظها ودلالاتها، وكان وعظهم بالعامية أقوى تأثيراً فيهم وأبلغ، فلا بأس أن يخطب الخطيب فيهم باللهجة العامية الدارجة؛ لأن المقصود هو بالوعظ والتذكير، فإذا حصل المقصود بالعامية جازت الخطبة. ولأنه إذا جاز للخطيب أن يخطب بغير العربية فيمن لا يفهمونها، كانت الخطبة بالعامية التي هي أقرب للعربية أولى بالجواز. على أن الأولى للخطباء ألا يتوسعوا في ذلك فيأخذوا بالأسهل ويتركوا الأجزل والأبلغ فإن الأصل أن يخطب الخطيب باللغة العربية، فلا ينبغي أن يتركها إلى العامية إلا إذا رأى أن أكثر المصلين لا يفهمونها ولا ينتفعون بخطابها كما هو الشأن في كثير من القرى والبادية. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

افتتاح الخطبة بالبسملة

افتتاح الخطبة بالبسملة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 25/8/1424هـ السؤال هل يجوز استفتاح الخطبة بالبسملة؟ أي (قبل أن يقول إن الحمد لله، يقول بسم الله الرحمن الرحيم) ، وجزاكم الله خيراً. الجواب لم يرد ذلك، والأفضل الاقتصار على ما ورد، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبدأ الخطبة: بالحمد لله.

ترك الجمعة خوفا من السارس

ترك الجمعة خوفاً من السارس المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 5/4/1424هـ السؤال نحن طلبة ندرس بالصين بمدينة بكين، ونظراً لوجود مرض السارس فقد قامت الحكومة الصينية بغلق المساجد، وذلك لمنع التجمعات، وعدم الإصابة بالعدوى، فهل يجوز ترك صلاة الجمعة لهذا العذر، مع العلم أن هناك مساجد في بعض سفارات الدول الإسلامية تقام فيها صلاة الجمعة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فمن خشي انتقال عدوى المرض المذكور إليه بحضوره للجمعة أو الجماعة، أو كان الاحتمال حاصلاً لمن حضر إليها؛ فإنه معذور بتركه الصلاة مع الجماعة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا" متفق عليه عند البخاري (5452) ، ومسلم (564) من حديث جابر - رضي الله عنه-، ومعلوم أن المرض المعدي أشد إضراراً من رائحة الثوم والبصل. ولذا ذكر الفقهاء من أسباب سقوط وجوب الجمعة والجماعة، من خاف ضرراً يلحق بدنه أو يصيبه. وعلى كل، فإن خشية انتقال المرض عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة، ولو كانت الصلاة تقام فعلاً جماعة في بعض الأماكن، والله أعلم.

وقت الانتشار المأمور به بعد صلاة الجمعة

وقت الانتشار المأمور به بعد صلاة الجمعة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 21/9/1424هـ السؤال قال تعالى في محكم تنزيله - نسأل الله أن يجعله حجة لنا ولا يجعله حجة علينا -، في سورة الجمعة: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ"، هل يكون الانتشار بعد تسليمة الإمام مباشرة، أم بعد أدائي للباقيات الصالحات؟ أرجو الشرح والتوضيح. وجزاكم الله خيراً. الجواب أولاً: الآية التي قبلها: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [الجمعة:9] ، ذكرها الله تعالى ليبين فيها أنه إذا دخل وقت صلاة الجمعة، ونودي لها فإن البيع يحرم، وأي عقد من عقود البيع بعد دخول وقت الصلاة ممن تجب عليه صلاة الجمعة يعتبر عقداً باطلاً، ثم ذكر الله - جل وعلا - أن من كان عنده شغل وحاجة للبيع فإنه بعد الصلاة يعود ويبيع ويشتري، وليس الأمر في الانتشار في الأرض بعد الصلاة واجباً، وإنما هو لمن كان له شغل وله حاجة، فإنه بعد الأذان يتوقف ويأتي يصلي، فإذا انتهى من الصلاة يعود إلى عمله وبيعه وشرائه، وأما من لا بيع له ولا شراء أو أراد أن يبقى في المسجد وينتظر ونحو ذلك فلا شيء عليه. وقوله: هل هو بعد سلام الإمام مباشرة، أو بعد أداء الباقيات الصالحات؟ الإنسان يسن له بعد صلاة الجمعة أن يصلي السنة بعدها وهي ركعتان أو أربع، أو ست، فإذا أداها الإنسان فهذا من زيادة الخير، وإذا كان حريصاً على دنياه وأسرع بعد سلام الإمام فلا يلحقه إثم، لكن تفوته الفضيلة ونسأل الله - جل وعلا - أن يشغلنا بطاعة ربنا.

محاورة المأموم للإمام أثناء الخطبة

محاورة المأموم للإمام أثناء الخطبة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 3/8/1424هـ السؤال هل يجوز لمستمع خطبة الجمعة أن يتكلم مع الإمام في موضوع الخطبة، كأن يراجعه في مسألة أو ليصحح له آية؟. الجواب حديث المستمع للخطبة مع الخطيب وارد إذا دعت له الحاجة، كما في حديث أنس - رضي الله عنه - قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب يوم الجمعة إذ قام رجلٌ فقال: يا رسول الله هلك الكُرَاع، وهلك الشاء، فادع الله أن يسقينا فمد يديه ودعا رواه البخاري (932) ، ومسلم (897) ، ومثل ذلك إذا أخطأ الخطيب في قراءة آية، أو كان ثمَّة أمر يستدعي تكليم الخطيب ساعة قيامه على المنبر، غير أن هذا لا يتخذ عادة ويفتح الباب، بحيث تكون الخطبة محادثة لا خطبة.

خطبة الجمعة بغير العربية

خطبة الجمعة بغير العربية المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 19/6/1424هـ السؤال الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفي وبعد: السلام عليكم ورحمة الله، نحن بفرنسا أغلبية المصلين - خاصة الشباب منهم - لا يفهمون العربية، فهل يجوز للإمام أن يشرح بعض عناصر خطبة الجمعة باللغة الفرنسية؟ ويترجم بعض الأفكار لتعميم الفائدة. وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا بأس إذا كان الحاضرون لا يفهمون العربية أن تؤدى خطبة الجمعة بلغتهم، ويدل لهذا قول الله - عز وجل - "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ" [إبراهيم: من الآية4] ، ولا تحصل الفائدة إلا بهذا.

تأخير الجمعة للمصاب بالسلس

تأخير الجمعة للمصاب بالسلس المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 18/8/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أريد أن أسأل فضيلتكم عن حكم التأخر في الذهاب إلى صلاة الجمعة حتى انتظار الأذان ثم الوضوء بعده لمن كان يعاني سلس البول, مما يؤدي إلى عدم استماع الخطبة كاملة وإنما القليل منها، فهل يجوز الوضوء قبل الأذان ثم الذهاب للمسجد، وأنتم تعلمون أحكام الوضوء لمن يعاني من السلس؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بالنسبة للمصاب بسلس البول يتطهر بعد دخول الوقت ثم لا يضره ما خرج منه بعد حصول هذه الطهارة، فهو لا يبكر لا لصلاة الجمعة ولا لغيرها من الصلوات، إذا كان مصاباً بهذا الداء، وعليه أن يتعاطى الأسباب المشروعة لعلاج هذا الداء، لأنه ما من داء إلا أنزل الله - عز وجل - له شفاء، فعلى هذا هو على نيته، جاء في الحديث: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج عامداً إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا كتب الله - عز وجل - له مثل أجر من صلاها وحضرها "ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً" رواه النسائي (855) ، وأبو داود (564) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فعلى هذا يكون معذوراً في هذا التأخر.

يتأخر في إتيان الجمعة لألم في ظهره

يتأخر في إتيان الجمعة لألم في ظهره المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 16/9/1424هـ السؤال شخص يتأخر عن صلاة الجمعة؛ لأن ظهره يؤلمه من كثرة الجلوس هل في هذا مخالفه؟ الجواب إذا كان لا يستطيع لمرضه فهو معذور، وإن كان قادراً ولكنه يتأخر في الحضور بحيث لا يحضر إلا عند الخطبة أو عند الصلاة فإنه ينبغي أن يحرص على التبكير، وعلى المسلم أن يتقي الله ما استطاع، وعليه أن يعلم أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا يتخلف عن صلاة الجمعة، ولا يبادر في الحضور مبكراً ويشق على نفسه، وإذا أتى متأخراً وهو محب للتقدم وحريص عليه، ولكن تأخر في المجيء من أجل مرضه، فالله - جل وعلا - يكتب له أجر المتقدمين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً". أخرجه البخاري (2996) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-.

إعادة الإمام صلاة الجمعة للنساء!

إعادة الإمام صلاة الجمعة للنساء! المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 1/9/1424هـ السؤال خطب بنا الإمام ثم صلى، وبعد انتهاء الصلاة أتى لعلمي أن النساء لم يتمكن من سماع الخطبة والصلاة؛ وذلك لوجود خلل في سماعات المسجد ... عُرِض على النساء أن يصلين الجمعة ظهراً، لكن النساء ألحَّن على الخطيب أن ينزل لهن ويلقي الخطبة ويصلي بهن لأنهن يردن جمعة.. وتم لهن ما أردن.. ما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالواجب على أولئك النسوة أن يقضين تلك الصلاة ظهراً، يعني: أربع ركعات - وأما صلاتهن (ثانياً) مع الخطيب فإنها تقع نافلة. ولا تصح جمعة، لوجوه، منها: 1. أن الجمعة لا يشرع ولا يصح إعادتها في المسجد الواحد، لعدم الدليل على مشروعية ذلك، وأمور العبادات مبنية على الحظر، فلا تشرع عبادة إلا بدليل، بل النص الشرعي قد دل على أن المأموم إذا لم يدرك ركعة مع الإمام فإنه تفوته الصلاة، كما في سنن النسائي (1/274) بسند ضعيف عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: "من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فقد تمت صلاته" وهو في الصحيحين، صحيح البخاري برقم (555) ، وصحيح مسلم برقم (607) ، بلفظ: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) ، وقد علق الترمذي في سننه (2/402) على هذا الحديث، فقال: (والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، قالوا: من أدرك ركعة من الجمعة صلى إليها أخرى، ومن أدركهم جلوساً صلى أربعاً ... ) أ. هـ. هذا فيمن أدرك أقل من ركعة، فكيف بمن لم يدرك الصلاة مع الإمام ولو لعذر؟

بل قد كره كثير من أهل العلم ومنهم الحسن البصري وأبو قلابة ومالك وأبو حنيفة كما قاله ابن قدامة في المغنى (2/98) كرهوا قضاء الصلاة جماعة ظهراً في المسجد الذي فاتتهم فيه الجمعة، قالوا: لأن زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخل من معذورين، ومع ذلك لم ينقل أن أحداً صلاها جماعة في المسجد بعد فوات الجمعة. 2. ومن الوجوه الدالة على عدم وقوع تلك الصلاة جمعة للنساء أن الصلاة التي أعيدت مع ذلك الخطيب لم تنعقد بالعدد المعتبر من الرجال ممن تنعقد بهم الجمعة، والنساء لوحدهن لا تنعقد بهن الجمعة، على خلاف بين الفقهاء في العدد المعتبر حضوره من الرجال، هل تنعقد الجمعة باثنين من الرجال - دون الإمام - أو ثلاثة، أم لا تنعقد إلا بأربعين ... وهؤلاء النسوة كما هو ظاهر من السؤال قد انفردن بالصلاة مع الإمام، وهذا لا يصح بل هن قد ائتممن بمتنفل؛ لأنه قد أدَّى فرضه أولاً، ولذا تجب المبادرة بقضاء تلك الصلاة ظهراً، والله تعالى أعلم.

لماذا لا يبكر الإمام إلى الجمعة اسوة بالمأمومين؟

لماذا لا يبكر الإمام إلى الجمعة اسوةً بالمأمومين؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 25/8/1424هـ السؤال لي سؤال يندرج تحته سؤالان: (1) كثيراً ما أرى في يوم الجمعة أن الإمام لا يأتي إلا في وقت الخطبة ولا يبكر للصلاة، فهل هذا الفعل صحيح أم لا؟ وما هو الصحيح؟ (2) هل السنة حال الخطبة أن يكون المستمع متجهاً للقبلة أم يكون متجهاً للإمام؟ الجواب سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - عن حكم حضور الخطيب مبكراً للمسجد وجلوسه فيه إلى وقت الخطبة؟ فأجاب فضيلته بقوله: أما الإمام فالمشروع في حقه إذا دخل أن يسلم أول ما يدخل على من حول الباب، ثم يصعد المنبر ويتوجه إلى الناس ويسلم عليهم عامة، ثم يجلس إلى فراغ الأذان، ثم يقوم فيخطب الخطبة الأولى، ثم يجلس، ثم يخطب الخطبة الثانية، ثم ينزل فيصلي بالناس، هذا هو المشروع للإمام في يوم الجمعة، ولا ينبغي للإمام أن يتقدم إلى المسجد قبل حلول وقت الخطبة والصلاة، كما يفعله بعض الناس المحبين للخير الذين يرغبون في السبق إلى الطاعات، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يفعل هذا، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يتقدم إلى المسجد في يوم الجمعة ينتظر الخطبة والصلاة، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -. فالذي ينبغي للإنسان أن يكون متحرياً لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه خير الهدي. وسئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: عن حكم الالتفات بالرأس للنظر إلى الخطيب في الجمعة؟

فأجاب فضيلته بقوله: الالتفات بالرأس لا بأس به، يعني أن ينظر الإنسان إلى الخطيب حال الخطبة هذا لا بأس به، بل هذا طيب، لأنه يشد انتباه الإنسان أكثر، وقد روي عن الصحابة - رضي الله عنهم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم، كان إذا خطب استقبلوه بوجوههم. انظر ما رواه ابن ماجة (1136) من حديث ثابت الأنصاري -رضي الله عنه-.

إصلاح مكبر الصوت أثناء الخطبة

إصلاح مكبر الصوت أثناء الخطبة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 6/7/1424هـ السؤال احيانا يتعطّل مكبر الصوت أثناء الخطبة فاضطر لإصلاحه، فهل ذلك من نواقض الجمعة، أعني الحركة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب ما دام العمل لمصلحة إيصال صوت الخطيب للمستمعين فلا بأس ولا يؤثر، كما لو سبَّح بسهو الإمام، أو وصل الصف أثناء الصلاة.

التحلق قبل صلاة الجمعة

التحلق قبل صلاة الجمعة المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 17/07/1426هـ السؤال ما حكم الدرس قبل صلاة الجمعة أي التحلق؟ وما حكم قول بعض الأئمة: إني مضطر لفعل ذلك مخافة من الإقالة وتعويضه بإمام مبتدع؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ورد النهي عن التحلق يوم الجمعة في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه ضالة، وأن ينشد فيه شعرٌ، ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة. رواه أبو داود (1079) والترمذي (322) وحسنه، والنسائي (714) . وقد ذكر العلماء أن علة النهي في الحديث هي الانشغال بالكلام عن الصلاة وذكر الله تعالى، وكذلك التضييق على المصلين في المسجد، لأن الأصل أن يجلس الناس صفوفا متراصة ينتظرون خروج الإمام، فإذا تحلقوا خالفوا ذلك، قاله الخطابي في المعالم، وابن العربي في العارضة وغيرهم. وأكثر أهل العلم على كراهة ذلك ولم يصلوا به إلى درجة التحريم، خاصة وأن المنهيات المذكورة مع التحلق كلها مما وقع الخلاف في جوازها، كنشدان الضالة في المسجد وإنشاد الشعر فيه وكذلك البيع والشراء. ولكن إذا دعت الحاجة إلى مثل هذه الدروس، وظهرت مصلحة من ذلك وتحققت الفائدة من ورائها فلا حرج -إن شاء الله- من إقامتها مع تنبيه الناس إلى أن ذلك لا صلة له بالجمعة؛ حتى لا يعتقدوا أنها من سنن يوم الجمعة أو مستحباتها، ولا بأس أن يفعل الإنسان ذلك مرة ويتركه أخرى؛ حتى لا يلتبس الأمر على الناس.

صلاة المرأة الجمعة في غير الحرم

صلاة المرأة الجمعة في غير الحرم المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 5/6/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل تصلي المرأة صلاة الجمعة مع الرجال في غير الحرم؟ لرؤيتي قدوم النساء إلى مسجد الجمعة في إحدى الدول لمفردهن لحضور الصلاة. وجزاكم الله خيراً. الجواب نعم، لكن لا تختلط بالرجال، فتكون صفوف الرجال أولاً، ثم صفوف النساء؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" مسلم (440) ، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن" البخاري (900) ومسلم (442) بدون "وبيوتهن ... "، لكنها عند أبي داود (567) ،

ما تدرك به الجمعة

ما تدرك به الجمعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 28/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متى تدرك صلاة الجمعة؟ الجواب تدرك صلاة الجمعة بإدراك ركعة، فمن فاتته الخطبة فأدرك ركعة من الجمعة أتمها جمعة، أما إذا لم يدرك الركعة كاملة بل جاء بعد رفع الإمام رأسه من الركوع في الركعة الثانية فإن عليه أن يصليها ظهراً أربع ركعات.

إقامة الجمعة في مسجد آخر من غير حاجة

إقامة الجمعة في مسجد آخر من غير حاجة المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 27/08/1426هـ السؤال عندنا ثلاثة مساجد في القرية، بين كل مسجد وآخر أقل من نصف كيلو متر، وتقام الجمعة في مسجد واحد، ولكن ظهر شخص أقام الجمعة في أحد المسجدين الآخرين بحجة الأجر لصاحب المسجد الذي بناه، لكونه أخاً له، مع أن عدد المصلين لا يتجاوز الخمسين في القرية كلها ويكفيهم المسجد الأول. السؤال: هل تجوز إقامة جمعة في المسجد المذكور، مع العلم أن بيت الشخص المذكور بجانب المسجد القديم الذي تقام فيه الجمعة من قبل، ولكنه يذهب للمسجد الثاني الذي هو أبعد عن بيته، فهل يجوز له ذلك العمل؟ وبماذا تنصحونه؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد: حول إقامة الجمعة في مسجد آخر في القرية مع أن المسجد الأول كاف: يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (12/351) : اعلم -وفقك الله- أن الذي عليه جمهور أهل العلم تحريم تعدد الجمعة في قرية واحدة إلا من حاجة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يقيم في مدينته مدة حياته سوى جمعة واحدة، وهكذا في عهد خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم أجمعين- وهكذا في سائر الأمصار الإسلامية في صدر الإسلام؛ وما ذاك إلا أن الجماعة مرغب فيها من جهة الشرع المطهر، لما في اجتماع المسلمين في مكان واحد حال إقامة الجمعة والعيد من التعاون على البر والتقوى وإقامة شعائر الإسلام، ولما في ذلك أيضاً من الائتلاف بينهم والمودة والتعارف والتفقه في الإسلام، وتأسي بعضهم ببعض في فعل الخير، ولما في ذلك أيضاً من زيادة الفضل والأجر بكثرة الجماعة وإغاظة أعداء الإسلام من المنافقين وغيرهم باتحاد الكلمة وعدم الفرقة.

وقد وردت النصوص الكثيرة في الكتاب والسنة في الحث على الاجتماع والائتلاف والتحذير من الفرقة والاختلاف، فمن ذلك قول الله عز وجل: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" [آل عمران: 103] ، وقوله تعالى: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات" [ال عمران: 105] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويسخط لكم ثلاثاً؛ يرضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم". ومما تقدم يتضح لكم أن الواجب هو اجتماع أهل المدينة أو القرية على جمعة واحدة، كما يجتمعون في صلاة عيد واحدة حيث أمكن ذلك دون مشقة؛ للأدلة المتقدمة والأسباب السالفة والمصلحة الكبرى في الاجتماع. وأما إن دعت الحاجة الشديدة إلى إقامة جمعتين أو أكثر في البلد أو الحارة الكبيرة فلا بأس بذلك في أصح قولي العلماء..أ. هـ. وما دام الأمر على نحو ما ذكر في السؤال من تقارب القرية، وأن المسجد الأول كافٍ دون وجود مشقة على المصلين فلا تجوز إقامة جمعة ثانية في القرية، وعلى الشخص الآخر الذي أقام جمعة ثانية أن يعود مع إخوانه ويقيم الجمعة معهم، ولا يُعد حرصه على وصول الأجر لأخيه مسوغاً لإقامة جمعة ثانية؛ لأن مصلحة اجتماع المسلمين أعظم من مصلحة وصول الثواب إلى أخيه، ويمكنه أن يوصل إلى أخيه ما شاء من أعمال البر المشروعة كالدعاء له والصدقة عنه، دون الحاجة إلى تفريق المسلمين وحرمانهم من المنافع العظيمة المتقدمة الحاصلة بالاجتماع للصلاة، أسأل الله -تعالى- أن يرزق عباده الفقه في الدين، وأن يجمع كلمتهم على الحق والهدى إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

هل عليهم جمعة؟

هل عليهم جمعة؟ المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 30/1/1425هـ السؤال نحن أقل من 12 رجلاً، نعيش في الصحراء عند حقل بترول، وليس منا من يسكن في المنطقة، هل علينا جمعة؟. الجواب الحمد لله: إذا كنتم بجوار قرية تسمعون نداء الجمعة الذي يؤذن به في تلك القرية في الأحوال العادية، فإن الجمعة تلزمكم؛ لعموم قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ... " الآية، [الجمعة:9] . وأما إذا لم تكونوا بجوار قرية يؤذن فيها للجمعة، فلا يخلو حالكم من أمرين: الأمر الأول: أن تكونوا مستوطنين في هذا المكان لا ترحلون عنه صيفاً ولا شتاءً، ففي هذه الحال يلزمكم صلاة الجمعة؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الجمعة على المستوطنين، ومنها: ما رواه مسلم (865) عن أبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهم- أنهما سمعا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول على أعواد منبره: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين"، ولا عبرة بمادة البناء الذي تعيشون فيه، سواء أكانت خياماً أو غيرها، وإنما العبرة بالاستيطان.

الأمر الثاني: أن تكونوا غير مستوطنين في هذا المكان فلا جمعة عليكم؛ لأن الأعراب الذين كانوا حول المدينة لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمرهم بالجمعة، ولو أمرهم لنقل ذلك إلينا، وكذلك المسافر لا جمعة عليه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يصلي الجمعة في أسفاره، وقد صادف يوم عرفة في حجة الوداع يوم الجمعة ومع ذلك صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ظهراً، انظر ما رواه البخاري (4606) ، ومسلم (3017 - 1218) من حديث عمر وجابر - رضي الله عنهما - وإنما تلزم المسافر والأعرابي المتنقل الجمعة بغيره، أي إذا أقيمت الجمعة في بلد وسمع النداء فإنه يلزمه إجابة النداء. وأما لو كان بعضكم مستوطناً ثلاثة فأكثر أصالة، فإنها تلزم البقية تبعاً لهم. وأما العدد الذي تلزم به الجمعة فهو ثلاثة رجال فأكثر إذا كانوا مستوطنين، وأما باقي الأعداد التي ذكرها جمع من العلماء في تحديد عدد الذين تلزمهم الجمعة فلم يقم عليها دليل صريح صحيح، وإذا كانت الجمعة تلزمكم ولم يكن أحد منكم يستطيع إعداد خطبة فهناك خطب مجموعة في كتب، وهناك أيضاً بعض المواقع الموثوقة مخصصة للخطب يمكنكم الرجوع إليها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

هل يترك صلاة الجمعة لأجل الامتحان

هل يترك صلاة الجمعة لأجل الامتحان المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 16/1/1425هـ السؤال أنا شاب محافظ على الصلاة، ومع أن دراستي في الغرب فيها نوع من المشقة بسبب أن يوم الجمعة يعتبر يوماً عادياً عندهم وليس فيه عطلة للذهاب إلى صلاة الجمعة، لكنني طوال فترة دراستي كنت أجد طريقة للمحافظة على صلاة الجمعة وتأجيل الدراسة. وأواجه مشكلة كبرى الآن حيث في الشهر القادم لدينا اختبار نهائي، وهو اختبار مصيري يحدد مستقبل الدارس، وسوف يكون في وقت صلاة الجمعة، فماذا أفعل؟ هل يجوز لي الذهاب للاختبار وترك صلاة الجمعة في هذه الحالة الهامة؟ وبخلاف ذلك سأفقد كل ما اجتهدت له طوال سنوات الدراسة الطويلة لا محالة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

ما ذكره السائل الدارس في بلاد الغرب من أن اختباره النهائي تقرر أن يكون في وقت صلاة الجمعة، وأنه إن ذهب لصلاة الجمعة فاته الاختبار، وضاع عليه كل مجهوده طوال سنوات الدراسة، فهل يعذر في ترك صلاة الجمعة مع الجماعة؟ والجواب أن الفقهاء -رحمهم الله- ذكروا الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة، ومن ذلك ما جاء في كشاف القناع ج1 (ص495) ، وما بعدها ما نصه: (ويعذر بترك الجمعة والجماعة خائف من ضياع ماله ... أو خائف تلفه كخبز في تنور وطبيخ على نار ونحوه ... ، أو خائف من ضرر في ماله، أو معيشة يحتاجها) ، إلى أن قال: (أو خاف فوات رفقة مسافرة سفراً مباحاً منشئاً للسفر أو مستديماً له؛ لأن عليه في ذلك ضرراً.." إلخ، قلت وبناءً على ما تقدم فإني أرى والعلم عند الله -تعالى- أن ما ذكره السائل يبيح له ترك الجمعة مع الجماعة ويصليها ظهراً، إذ ليس ما ذكره السائل بأقل شأناً من خوف الخبَّاز على خبزه في التنور، أو الطبيخ على النار، أو خوف فوات الرفقة لمن أراد سفراً والتي جعلها الفقهاء أعذاراً مبيحة لترك الجمعة والجماعة، هذا هو رأيي في هذه المسألة. والله أعلم.

ترك الجمعة لأجل الصلاة

ترك الجمعة لأجل الصلاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 23/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. سؤالي يتمثل في صلاة الجمعة، نحن مجموعه من الشباب نعيش في إحدى الدول الأوربية، وكما تعلمون أن هنا العطلة الأسبوعية يوم السبت والأحد، فهل يعتبر العمل عذراً شرعياً للتخلف عن صلاة الجمعة؟ أي لنصليها ظهراً فما هو الحل؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: العمل لا يعتبر عذراً للتخلف عن صلاة الجمعة، والواجب على المسلم إظهار شعائر دينه، وإذا لم يستطع إظهار شعائر دينه فلا يجوز له الإقامة في البلد، وأما العذر بعدم وجود المسجد الذي يجمع فيه فوارد، فإن وجد وأمكن الوصول إليه وجب حضور الجمعة. والله أعلم.

هل يذهب ثواب الجمعة بدخول الإمام؟!

هل يذهب ثواب الجمعة بدخول الإمام؟! المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 17/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. بعض الناس يقولون: إن أجر وثواب الجمعة يفوت القادم بعد صعود الإمام. إذا كان ذلك صحيحاً، فهل يكون كمن تخلَّف عن الجمعة، وبالتالي لا داعي للذهاب إلى الصلاة بعد صعود الإمام؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: أخي السائل بارك الله فيك: أحب -قبل الإجابة على سؤالك- أن أبين لك، ولكل من قرأ هذه الإجابة أهمية هذه الشعيرة الإسلامية العظيمة، وذلك من خلال النصوص الآتية: أولاً: النصوص الدالة على وجوب هذه الشعيرة: 1) قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون" [الجمعة: 9] . 2) عن أبي هريرة وابن عمر -رضي الله عنهم- أنهما سمعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على أعواد منبره: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين" أخرجه مسلم (865) ، باب التغليظ في ترك الجمعة. 3) عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم" أخرجه مسلم (652) ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل الجماعة. 4) عن طارق بن شهاب مرفوعاً: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أوامرأة، أو صبي أو مريض" رواه أبو داود (1067) ، وصححه الألباني في الإرواء (3/54) المكتب الإسلامي.

5) عن أبي الجعد الضمري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه" أخرجه النسائي (1369) ، وأبو داود (1052) باب التشديد في ترك الجمعة، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود. ثانياً: النصوص المرغبة لصلاة الجمعة والتبكير إليها: 1) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغى" أخرجه مسلم (758) . 2) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر، ومثل المهجر [والمهجر: أي المبكر إلى الجمعة] كمثل الذي يهدي البدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة" أخرجه البخاري (929) ، ومسلم (850) . 3) عن أوس بن أوس -رضي الله عنه- سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر وابتكر ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" أخرجه أحمد (16173) ، وأبو داود (345) ، والنسائي (1087) ، والترمذي (496) ، وحسنه، وصححه الشيخ مشهور حسن سلمان، انظر القول المبين في أخطاء المصلين، وانظر لتخريجه في تحقيق الروض المربع (ج3/400) دار الوطن. 4) عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر، ثم أدهن أو مس من طيب، ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له، ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" أخرجه البخاري (910) باب الدهن للجمعة. ونعود للإجابة عن سؤالك:

في الواقع أني لم أقف على دليل يدل على أن أجر وثواب الجمعة يفوت القادم بعد صعود الإمام، ولم أقف أيضاً على من نص بذلك من أهل العلم المعتبرين، ولعلهم فهموا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي أوردناه في النصوص المرغبة لصلاة الجمعة والتبكير إليها، والذي فيه أن الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، ألا ثواب للداخل بعد دخول الإمام مطلقاً، وفي هذا نظر؛ لأنه لا يلزم من فوات هذا الثواب عليه فوات ثواب صلاة الجمعة والاستماع لخطبتها مطلقاً، بدليل أن من يدخل للمسجد والإمام يخطب تصح صلاته جمعة، وسقط عنه الوجوب، ولا يطالب بأن يصليها ظهراً، لما أخرجه البخاري (1166) ومسلم (875) أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين". ووجه الإشهاد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر فقط بأن يصلي ركعتين، ولم يقل إن صلاته باطلة، وعليه أن يصليها ظهراً، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. بل إن صلاة الجمعة تدرك بإدراك ركعة واحدة منها، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: "من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة" أخرجه البخاري (607) ومسلم (580) . فالخلاصة -أخي السائل- أن من دخل والإمام يخطب أو الإمام يصلي الجمعة ولو لم يدرك من الصلاة إلا ركعة أو أقل ليس كمن تخلف عن هذه الشعيرة مطلقاً، فهذا الأخير آثم، أما الأول فلا إثم عليه، وإن كان ثوابه ناقصاً. والله تعالى أعلم.

خطيبان لصلاة الجمعة

خطيبان لصلاة الجمعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 22/07/1426هـ السؤال هل يجوز لخطيب الجمعة أن يتنازل عن الخطبة الثانية لغير سبب، سوى أن يكون الخطيب الثاني أحفظ للقرآن، وليصلي الخطيب الثاني بالناس؟. الجواب الأولى أن يتولَّى الخطبتين واحد، فإن تولى الخطبة الأولى واحد، وتولى الخطبة الثانية آخر غيره فيجوز ذلك، فقد جوَّز هذا بعض العلماء -رحمهم الله- وقالوا بأنهما بمثابة الأذان والإقامة، وكذلك الأولى أن يتولَّى الصلاة من يتولَّى الخطبتين، فإن تولَّى الصلاة غير من تولَّى الخطبتين فالصلاة صحيحة -إن شاء الله-.

مبالغة المأمومين في الجهر بالصلاة على النبي في خطبة الجمعة

مبالغة المأمومين في الجهر بالصلاة على النبي في خطبة الجمعة المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 19/10/1426هـ السؤال عندنا شيخ خطيب عندما يخطب للجمعة، ويذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- يقوم بعض الأشخاص بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بصوت مرتفع أي مسموع، فيقول: (صلِّ على النبي بقلبك، ولا ترفع صوتك؛ لأن أجر جمعتك سيذهب) ، وفي بعض المرات عنَّف شخصاً؛ لأنه صلى على النبي عدة مرات، وبعد صلاة الجمعة تم التحدث مع الشيخ بأن أسلوبه كان عنيفاً مع الشخص, فقال: هل حدث مثل هذا في عهد الصحابة؟! وحتى في آخر الخطبة عندما يقول الدعاء، يقول: لا ترفع يديك، وقل آمين بقلبك ولا ترفع صوتك. أفيدونا بالدليل الواضح جزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. وبعد: فيشرع لمستمع الخطبة أن يؤمِّن على دعاء الخطيب بلا رفع صوت، ومن ذلك: الصلاة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، أما المبالغة برفع الصوت بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند قراءة الخطيب: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) ، أو رفع الصوت في أثناء الخطبة باسم الله -تعالى- أو نحو ذلك من الذكْر فأمر غير مشروع ولا أصل له، بل هو مخالف لمقصود الشرع من وجوه: الوجه الأول: أن في ذلك رفعاً للصوت بالدعاء، وهذا خلاف المشروع، قال الله تعالى: "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين" [الأعراف:55] ، قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-: (الاعتداء في الدعاء على وجوه منها: الجهر الكثير والصياح) . وقال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: (قال ابن جريج: يكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء، ويؤمر بالتضرع والاستكانة) .

وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنه معكم سميع قريب" أخرجه البخاري (2992) ، ومسلم (2704) . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: (قال الطبري: فيه كراهية رفع الصوت بالدعاء والذكر، وبه قال عامة السلف من الصحابة والتابعين) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ورفع الصوت قدام الخطيب مكروه أو محرم اتفاقا، ولا يرفع المؤذن ولا غيره صوته بصلاة ولا غيرها) . ويلحظ أن هذا الذي نبه عليه الشيخ لا يزال معمولا به في بعض البلدان، من رفع الصوت بالصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو بالذكر حال الخطبة أو بين الخطبتين. وقال ابن مفلح -رحمه الله-: "يكره رفع الصوت بالدعاء مطلقا، قال المروزي: سمعت أبا عبد الله يقول: ينبغي أن يسرَّ دعاءه؛ لقوله تعالى: "وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً" [الإسراء:110] قال: هذا الدعاء. الوجه الثاني: أن في ذلك رفعاً للصوت في المسجد، وحق المساجد أن تحترم، ولذلك قال الإمام مالك - رحمه الله - بكراهة رفع الصوت في المسجد مطلقاً. الوجه الثالث: أن في ذلك تشويشاً على المستمعين إلى الخطبة, والمشروع هو الإنصات لمن يستمع لخطبتي الجمعة.

الوجه الرابع: أن هذا أمر محدث لا أصل له، فيدخل في حد البدعة التي هي: كل أمر محدث في الدين، فلم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه -رضي الله عنهم-من بعده، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإحداث في الدين، فقال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". متفق عليه، صحيح البخاري (2697) ، وصحيح مسلم (1718) . وقال: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة" رواه أبو داود (4607) ، والترمذي (2676) ، وابن ماجه (42) وغيرهم. وأما ما ذكره السائل من التعنيف الحاصل من الخطيب على فاعل ذلك: فأرجو من الخطيب مراعاة حال الناس وخصوصا في بلاد الغربة من الجهل والبعد عن مصادر العلم، فتكون دعوته بالحسنى واللين، قال الله تعالى: (ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) [النحل:125] ، وقال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيِّئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم وما يلقاها إلاّ الذين صبروا وما يلقاها إلاّ ذو حظ عظيم) [فصلت: 34-35] ، وقال تعالى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إنّ الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً) [الإسراء:53] . وأما رفع اليدين في الخطبة والتأمين على دعاء الخطيب: فالمشروع التأمين على دعاء الخطيب، لكن لا يكون بصوت جماعي وصوت مرتفع، وإنما بشكل منفرد، وبصوت منخفض، لأن التأمين جهراً ينافي كمال الاستماع إلى الخطبة.

وأما رفع اليدين عند الدعاء في الخطبة فإنما يشرع في دعاء الاستسقاء فقط، فقد روى البخاري من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- في قصة الأعرابي الذي طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب يوم الجمعة أن يستسقي، قال: «فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون» . وقد ترجم عليه البخاري: باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء، انظر صحيح البخاري (1029) ، وصحيح مسلم (897) ، وفتح الباري (2/516-517) . فإذا دعا الإمام بالاستسقاء أي قال: "اللهم اسقنا، اللهم أغثنا"، فهنا ترفع الأيدي يرفعها الخطيب والمستمعون، وفي غير ذلك لا ترفع الأيدي لا للإمام ولا للمأمومين، ولهذا جاء في صحيح مسلم (874) عن عمارة بن رؤيبة -رضي الله عنه- أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه، فقال: «قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه السبابة» .

عملي يحول بيني وبين صلاة الجمعة

عملي يحول بيني وبين صلاة الجمعة المجيب مصطفى محمد الأزهري داعية وباحث إسلامي بوزارة الأوقاف المصرية كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 23/08/1426هـ السؤال أنا مسلم مقيم في بلاد الغرب، والمسلمون هناك أقلية، ومن الصعب الحصول على عمل، وقد قضيتُ أربع سنوات بدون عمل، وقد بذلتُ جهدي للحصول على أي عمل؛ لكي لا أبقى مشرداً، والآن حصلتُ على عمل، والمشكلة فيه عدم تمكني من أداء صلاة الجمعة فأصليها ظهراً، فهل أستمر في هذا العمل أم لا؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: فصلاة الجمعة مفروضة بالكتاب والسنة والإجماع، ولا تسقط إلا عن أربعة ذكروا في حديث رواه أبو داود (1067) : "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض". وكذلك المسافر ما دام مسافراً، ولا يجوز ترك صلاة الجمعة للعمل، إلا إذا كان يترتب على ترك العمل مفسدة كبيرة، مثل أعمال الأمن وحراسة الحدود ومثل ذلك؛ وتجب عليهم صلاة الظهر جماعة إن قدروا على ذلك، أو فرادى إن تعذر عليهم، وإلا ففي التهاون في الجمعة خطر شديد على قلب المسلم ودينه؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لينتهين أقوام عن ودعهم - أي تركهم - الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين" رواه مسلم (865) ، فهي الفريضة التي نادى الله تعالى المؤمنين بها بقوله: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون" [الجمعة:9] . وعموماً أنت أدرى بحالك وأعلم بطاقتك، فحاول أن تدرك الجمعة في وقتها ما استطعت، فهي زادك في مواطن الفتنة، قال تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16] .

وإن استطعت أن تبحث عن عمل يمكنك من أداء صلاة الجمعة فخير لدينك وصلاح لدنياك، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب". وكن على يقين من قوله الله تعالى: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" [هود:6] ؛ فإن حاولت وتعذر عليك الأمر فحاول -كما ذكرنا- أن تصلي الظهر جماعة، "ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم".. والله يعينك على طاعته ورضاه.

مقاطعة الخطيب إذا أخطأ

مقاطعة الخطيب إذا أخطأ المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 22/04/1427هـ السؤال السلام عليكم، سؤالي: هل تجوز مقاطعة خطيب الجمعة إذا أخطأ؟ إذ من الملاحظ أن بعض الخطباء يغفل عن معلومة، أو فتوى، أو حتى أمر بسيط في موضوع خطبته فيكون ذلك مثار جدلٍ وخلافٍ بين المصلين، لاختلاف التأويلات، أفيدونا عن ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: تجوز مخاطبة خطيب الجمعة للمصلحة العامة، حيث ورد أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائماً، وقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا. فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه ثم قال: "اللهم أغثنا؛ اللهم أغثنا، اللهم أغثنا". قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سَلْع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم وأمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس ستا" رواه البخاري (1014) ، ومسلم (897) . ثانياً: تجوز مخاطبة الخطيب لإصلاح أمر معين كالميكرفون، أو تنبيهه إلى عبث الأطفال ليسكتهم، وروي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه كان يخطب ذات مرة، وتكلم في صداق المرأة، فأراد تحديده، فقامت امرأة، وقالت: يعطينا الله وتمنعنا يا عمر، تقصد قول الله تعالى: "وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا" [النساء:20] .

ولا يجوز ذلك من جاهل حتى لا يحصل التشويش على الخطيب والمصلين، والأولى لمن أراد إيضاح خطأ سمعه من الخطيب، أن ينتظر بعد انتهاء الخطبة والصلاة، ثم يجلس مع الخطيب ويناقشه فيما سمعه، فإن كان الخطأ صحيحاً أوضح الخطيب ذلك في الجمعة التي بعدها، وإن كان الخطأ من المستمع، تم تدارك ذلك، ولم يحصل تشويش أو تلبيس على المصلين، والقاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) . وفقنا الله وإياك للعلم النافع، والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

صلاة العيدين

صلاة العيد للمتخلفين عنها المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 2/12/1423هـ السؤال إذا تأخر جماعة عن صلاة العيد فكيف يؤدون الصلاة جماعة أم فرادى؟ وما الحكم لمن أمَّ الجماعة المتخلفة وصلى بهم ركعتي العيد أثناء الخطبة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل كما يلي: إذا تأخر جماعة أو فرد عن صلاة العيد وجاءوا والإمام يخطب فإنهم يستمعون إلى الخطبة ولا يشتغلون بغير ذلك. ثم مسألة قضاء صلاة العيد فيها خلاف بين أهل العلم وأقرب الأقوال أنها لا تقضى؛ أي لا يسن قضاء صلاة العيد لمن فاتته لأنها صلاة شرعت على صورة وصفة معينة على وجه الاجتماع ولأنه لم ينقل أنها قضيت في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-. ثم على فرض أنها تقضى فإن الصلاة فقط هي التي تقضى دون الخطبة سواء كان القضاء فرادى أو جماعة، والله أعلم.

حكم صلاة العيد

حكم صلاة العيد المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 01/10/1425هـ السؤال هل يجوز للمسلم أن يتخلف عن صلاة العيد بدون عذر، وهل يجوز منع المرأة من أدائها مع الناس؟ الجواب صلاة العيد فرض كفاية عند كثير من أهل العلم، ويجوز التخلف من بعض الأفراد عنها، لكن حضوره لها ومشاركته لإخوانه المسلمين سنة مؤكدة لا ينبغي تركها إلا لعذر شرعي، وذهب بعض أهل العلم إلى أن صلاة العيد فرض عين كصلاة الجمعة، فلا يجوز لأي مكلف من الرجال الأحرار المستوطنين أن يتخلف عنها، وهذا القول أظهر في الأدلة وأقرب إلى الصواب، ويسن للنساء حضورها مع العناية بالحجاب والتستر وعدم التطيب؛ لما ثبت في الصحيحين عن أم عطية - رضي الله عنها - أنها قالت: " أمرنا أن نُخرج في العيدين العواتق والحيَّض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين وتعتزل الحيَّض المصلى ". وفي بعض ألفاظه: فقالت إحداهن: يا رسول الله لا تجد إحدانا جلباباً تخرج فيه، فقال صلى الله عليه وسلم: " لتلبسها أختها من جلبابها ". ولا شك أن هذا يدل على تأكيد خروج النساء لصلاة العيدين ليشهدن الخير ودعوة المسلمين. (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله-) .

حكم تحية المسجد قبل صلاة العيد

حكم تحية المسجد قبل صلاة العيد المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 27/9/1423هـ السؤال ما حكم أداء تحية المسجد عند الحضور لأداء صلاة العيد؟ الجواب صلاة العيدين إذا صُليت في المسجد، فإن المشروع لمن أتى إليها إن يصلي تحية المسجد ولو في وقت النهي؛ لكونها من ذوات الأسباب؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:" إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين". أما إذا صليت في المصلى المُعد لصلاة العيدين فإن المشروع عدم الصلاة قبل صلاة العيد؛ لأنه ليس له حكم المساجد من كل الوجوه؛ ولأنه لا سُنة لصلاة العيد قبلها ولا بعدها. وفق الله الجميع لما فيه رضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله-)

التهنئة بالعيد

التهنئة بالعيد المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 01/10/1425هـ السؤال يقول الناس في تهنئة بعضهم بعضاً يوم العيد: تقبل الله منا ومنكم الأعمال الصالحة. أليس من الأفضل أن يدعو الإنسان بتقبل جميع الأعمال، وهل هناك دعاء مشروع في مثل هذه المناسبة؟ الجواب لا حرج أن يقول المسلم لأخيه في يوم العيد أو غيره تقبل الله منا ومنك أعمالنا الصالحة، ولا أعلم في هذا شيئاً منصوصاً، وإنما يدعو المؤمن لأخيه بالدعوات الطيبة لأدلة كثيرة وردت في ذلك. والله الموفق. (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله-)

التكبير الجماعي قبل صلاة العيد

التكبير الجماعي قبل صلاة العيد المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 27/9/1423هـ السؤال كيف نؤدي التكبير يوم العيد؛ حيث نلاحظ أنه يؤدى بطريقة جماعية وسمعنا من ينكر ذلك. الجواب الأصل في التكبير في ليلة العيد، وقبل صلاة العيد في الفطر من رمضان، وفي عشر ذي الحجة، وأيام التشريق أنه مشروع في هذه الأوقات العظيمة وفيه فضل كثير؛ لقوله تعالى في التكبير في عيد الفطر: " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " وقوله تعالى في عشر ذي الحجة وأيام التشريق:" ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " الآية، وقوله عز وجل: " واذكروا الله في أيام معدودات " الآية. ومن جملة الذكر المشروع في هذه الأيام المعلومات والمعدودات التكبير المطلق والمقيد، كما دلت على ذلك السنة المطهرة وعمل السلف، وصفة التكبير المشروع: أن كل مسلم يكبر لنفسه منفرداً ويرفع صوته به حتى يسمعه الناس فيقتدوا به ويذكرهم به. أما التكبير الجماعي المبتدع فهو أن يرفع جماعة - اثنان فأكثر - الصوت بالتكبير جميعاً يبدؤونه جميعاً ويُنْهونه جميعاً بصوت واحد وبصفة خاصة. وهذا العمل لا أصل له ولا دليل عليه، فهو بدعة في صفة التكبير ما أنزل الله بها من سلطان، فمن أنكر التكبير بهذه الصفة فهو محق؛ وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " أي مردود غير مشروع، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ".

والتكبير الجماعي محدث فهو بدعة، وعمل الناس إذا خالف الشرع المطهر وجب منعه وإنكاره؛ لأن العبادات توقيفية لا يشرع فيها إلا ما دل عليه الكتاب والسنة، أما أقوال الناس وآراؤهم فلا حجة فيها إذا خالفت الأدلة الشرعية، وهكذا المصالح المرسلة لا تثبت بها العبادات، وإنما تثبت العبادة بنص من الكتاب أو السنة أو إجماع قطعي. والمشروع أن يكبر المسلم على الصفة المشروعة الثابتة بالأدلة الشرعية وهي التكبير فرادى. وقد أنكر التكبير الجماعي ومنع منه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية - رحمه الله - وأصدر في ذلك فتوى، وصدر مني في منعه أكثر من فتوى، وصدر في منعه - أيضاً - فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

وألّف فضيلة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري - رحمه الله - رسالة قيمة في إنكاره والمنع منه، وهي مطبوعة ومتداولة وفيها من الأدلة على منع التكبير الجماعي ما يكفي ويشفي - والحمد لله - وأما الإحتجاج بفعل عمر - رضي الله عنه - والناس في مِنَى بحيث كان يكبر في قبته فيكبر الناس بتكبيره حتى ترتج منى بالتكبير فلا حجة فيه؛ لأن عمله - رضي الله عنه - وعمل الناس في منى ليس من التكبير الجماعي، وإنما هو من التكبير المشروع؛ لأنه - رضي الله عنه - يرفع صوته بالتكبير عملاً بالسنة وتذكيراً للناس بها فيكبرون، كلٌ يكبر على حاله، وليس في ذلك اتفاق بنيهم وبين عمر -رضي الله عنه - على أن يرفعوا التكبير بصوت واحد من أوله إلى آخره كما يفعل أصحاب التكبير الجماعي الآن، وهكذا جميع ما يروى عن السلف الصالح - رحمهم الله - في التكبير كله على الطريقة الشرعية، ومن زعم خلاف ذلك فعليه الدليل، وهكذا النداء لصلاة العيد، أو التراويح، أو القيام، أو الوتر كله بدعة لا أصل له، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي صلاة العيد بغير أذان ولا إقامةُ، ولم يقل أحد من أهل العلم فيما نعلم أن هناك نداء بألفاظ أخرى، وعلى من زعم ذلك إقامةُ الدليل، والأصل عدمه، فلا يجوز أن يُشرَّع أحد عبادة قولية أو فعلية إلا بدليل من الكتاب العزيز أو السنة الصحيحة أو إجماع أهل العلم - كما تقدم- لعموم الأدلة الشرعية الناهية عن البدع والمحذرة منها، ومنها قول الله سبحانه: " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " ومنها الحديثان السابقان في أول هذه الكلمة، ومنها قول النبي -صلى الله عليه وسلم -:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الجمعة: " أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " خرجه مسلم في صحيحه، والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة. والله المسؤول أن يوفقنا وسائر إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا جميعاً من دعاة الهدى وأنصار الحق، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من كل ما يخالف شرعه إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله-)

النداء لصلاة العيد

النداء لصلاة العيد المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 29/9/1422 السؤال ما هو الرأي في استعمال الميكرفون قبل صلاة عيد الفطر وعيد الأضحى لدعوة المسلمين إلى الحضور، وإفهامهم أنها صلاة واجبة؟ الجواب من هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا ينادى لصلاة عيد الفطر ولا لصلاة عيد الأضحى قبلها، من أجل أن يحضروا إلى المصلى ولا من أجل إفهامهم حكم الصلاة، ولا ينبغي فعل ذلك لا بالميكرفون ولا بغيره؛ لأن وقتهما معلوم - والحمد لله-، وقد قال الله - تعالى-: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر " وينبغي لأولي الأمر من الحكام والعلماء أن يبينوا للمسلمين حكم هذه الصلاة قبل يوم العيد، وأن يبينوا لهم كيفيتها وما ينبغي لهم فيها، فيما قبلها وما بعدها؛ حتى يتأهبوا للحضور إلى المصلى في وقتها، ويؤدوها على وجهها الشرعي. (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)

التكبيرات في صلاة العيد

التكبيرات في صلاة العيد المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 29/9/1423هـ السؤال لماذا يسن لنا اثنتا عشرة تكبيرة في صلاة العيدين قبل قراءة الفاتحة، وما فائدة ذلك، وما معناه دون الصلوات الخمس المفروضة؟ الجواب الأصل في العبادات التوقيف، وأن نتعبد بما أمرنا به الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، سواء عرفنا الحكمة في ذلك أم لا؟ وخاصة كيفيات الصلاة والصوم والحج، فليس للعقل فيها مجال، ومن ذلك ما شرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا من التكبير ست تكبيرات أو سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام وقبل قراءة الفاتحة في الركعة الأولى من صلاة العيدين، وخمس تكبيرات قبل قراءة الفاتحة في الركعة الثانية من صلاة العيدين دون الصلوات المفروضة. فعلينا أن نؤمن بتشريع الله - تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ونستسلم له، ونسمع ونطيع؛ لأن الأصل في ذلك التعبد لا التعليل، وليس للعبد أن يدخل فيما هو من شؤون الله واختصاصه من العبادات وأنواعها، وكيفياتها، ولا أن يسأل: لِمَ شرع الله كذا وترك كذا؟ وما فائدة هذا الذي شرعه؟ بل عليه أن يعرف ما شرع الله ورسوله ويعمل به، فإن ظهرت له الحكمة فالحمد لله، وإلا استسلم لحكم الله وأطاع وأيقن أنه لم يشرع إلا لحكمة ومصلحة للعباد، لأنه - سبحانه - حكيم عليم في أقواله وأفعاله، وشرعه وقدره، قال - تعالى-: " إن ربك حكيم عليم " ومما يدل على ما ذكرنا: قوله - سبحانه -: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " الآية، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: " صلوا كما رأيتموني أصلي " رواه البخاري في صحيحه، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: " خذوا عني مناسككم ". (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)

ما يقال بين التكبيرات في صلاة العيد

ما يقال بين التكبيرات في صلاة العيد المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 29/9/1423هـ السؤال ماذا يجب على المأموم والإمام أن يقرأ ما بين السبع التكبيرات، من الركعة الأولى في صلاة العيدين، وكذلك في الخمس تكبيرات من الركعة الثانية، هل يقول ما بين التكبيرات أثناء سكتات الإمام: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أم ماذا، أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً. الجواب يشرع في صلاة العيدين أن يكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات الأولى يفتتح بها الصلاة، ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ويشرع له أن يحمد الله ويسبحه ويكبره ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بين كل تكبيرتين. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الجزء الثامن ص 301]

شعائر العيد

شعائر العيد المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 01/10/1425هـ السؤال ما الأعمال التي يراعي المسلم أداءها في يوم العيد؟ الجواب الحمد لله على توفيقه وإنعامه، وصلواته وسلامه وبركاته على نبيه محمد وآله وأصحابه، ثم هذه طائفة من شعائر يوم العيد وسننه وآدابه، مذكورة على وجه الاختصار. 1.التكبير في العيد: والأصل في ذلك قوله - عز وجل -: " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " ويكبِّر المسلمون ربهم في هذا العيد تعظيماً وشكراً لله الذي هداهم للدين، وبلّغهم هذا الشهر، وأكمل لهم العدة، ووفقهم لأداء ما كتب عليهم من صوم، ويبدأ من غروب الشمس من يوم الثلاثين من رمضان أو رؤية هلال شوال، قال ابن عباس: "حقّ على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم"، ويكبر المسلمون ليلة العيد، وإذا غدوا إلى المصلى كبروا، وإذا جلسوا كبروا إلى أن يخرج الإمام، فمنذ ثبوت العيد وإلى خروج الإمام لصلاة العيد ووقت الناس معمور بالتكبير؛ تعظيماً لله وشكراً. وينبّه - هنا - إلى أن أداء التكبير يكون من كلٍّ على حسب حاله، فيذكر الله - عز وجل - من غير التزام بأحدٍ يكبّر معه، وأما التكبير الجماعي فمُحْدَث، ولم يكن من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا من هدي الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وصفة التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، أو نحو ذلك. 2.الأكل يوم الفطر قبل الخروج إلى الصلاة:

لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يغدو قبل الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن أفراداً، ويأكلهن وِتْراً، قال أنس: "ما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أقل من ذلك أو أكثر وتراً". وفي الأكل قبل الخروج إظهار لشعار هذا اليوم وهو الفطر، ومبادرة إلى امتثال أمر الله -تعالى - بوجوب الفطر في هذا اليوم عقب وجوب الصوم في شهر رمضان، ومن لم يحصل له الفطر على تمرات أفطر ولو على الماء ليحصل له شبه من الاتباع. 3.التجمل للعيدين: وذلك بلبس الثياب الجميلة الحسنة التي تدل على الحفاوة بهذا العيد والفرح به، والدليل على ذلك حديث عبد الله بن عمر، قال: " أخذ عمر جبة من استبرق تباع في السوق، فأتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ابتعْ هذه تجملْ بها للعيد وللوفود"، وبوّب عليه الإمام البخاري بقوله: باب في العيدين والتجمل فيه، وذلك مأخوذ من تقريره - صلى الله عليه وسلم - لمقولة عمر هذه، وأن عمر - رضي الله عنه - كان يعلم من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك في العيدين، وقد صح عن ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين. 4.الذهاب لصلاة العيد: وصلاة العيد من أعظم شعائره، قال - صلى الله عليه وسلم -: " إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي " قال العلماء: وهو دال على أنه لا ينبغي الاشتغال في يوم العيد بغير التأهب للصلاة والخروج إليها، ومن لازِمِهِ ألا يُفْعلَ قبلها شيء غيرهاَ، فاقتضى ذلك التبكير إليها، وأن الصلاة في ذلك اليوم هي الأمر المهم، وما سواها من أعمال البرِّ فبطريق التبع، فيذهب إلى صلاة العيد مبكراً ويشتغل بالتكبير في ذهابه وحال انتظاره الصلاة، وإذا ذهب من طريق رجع من طريق آخر، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق. 5.حكم صلاة العيد:

تتابع فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره بشهود صلاة العيد وأمر بذلك من ليس من شأنه الخروج، كالعواتق، وذوات الخدور (وهن الفتيات في أول سن بلوغهن) وكذلك الحيَّض ولَسْن من أهل الصلاة، وكل ذلك لعظم شأن هذه الصلاة، وقد اختلف العلماء في حكمها، فذهب بعضهم إلى أنها: سنة مؤكدة، وبعضهم إلى أنها: فرض كفاية، وذهب فريق من أهل العلم إلى أنها: واجبة على الأعيان كالجمعة، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة - رحمه الله- واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ: "وهذا القول أظهر في الأدلة وأقرب إلى الصواب ". 6.شهود النساء والصبيان صلاة العيد: قالت أم عطية - رضي الله عنها - أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج في الفطر والأضحى، العواتق، والحيّض، وذوات الخدور، وأما الحيّض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، ولما قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: " إحدانا ليس لها جلباب؟ قال: لِتُلبْسِْها أختها من جلبابها"؛ وكل ذلك لتأكيد شهود النساء هذا المجْمَع العظيم حتى من لم يكن منهنَّ من أهل الصلاة. وكذا يخرج الصبيان مع أهلهم قال ابن عباس - رضي الله عنهما - خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فطر أو أضحى فصلى ثم خطب، وبوّب عليه البخاري فقال "باب خروج الصبيان إلى المصلّى ". وفي حشد المسلمين رجالاً ونساء وصبياناً في مصليات العيد تعظيم لهذه الشعيرة، وإظهار لهذه المناسبة، واحتفال شرعي عظيم بهذااليوم المبارك. 7.تحية المسجد في مصلى العيد: إذا أقيمت صلاة العيد في المصلى، أي في الصحراء خارج البلد فإنه لا يصلى قبلها، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج يوم الفطر فصلّى ركعتين لم يصلِّ قبلها ولا بعدها، قال ابن العربي: التنفُّل في المصلى لو فُعِل لنُقِل، ومن اقتدى فقد اهتدى.

أما إذا أقيمت صلاة العيد في المساجد فإن تحية المسجد تصلى - حينئذٍ - ولو كان وقتَ نهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، فيصلي من حضر قبل جلوسه ركعتي تحية المسجد. 8.صفة صلاة العيد: تقام صلاة العيد بدون أذان ولا إقامة ولا نداء لها، وهي ركعتان، يكبر في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمساً، وهذه التكبيرات الزوائد سنة، وليست بواجب، وإن زاد في بعضها أو نقص صح ذلك؛ لاختلاف المروي في ذلك عن الصحابة فدل على أن الأمر في ذلك واسع. ويرفع يديه مع كل تكبيرة؛ لورود هذا عن الصحابة - رضي الله عنهم - ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه. يقرأ في الأولى بـ (سبح) ، وفي الثانية بـ (الغاشية) ؛ لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه مسلم (878) ، وثبت عنه أنه كان يقرأ في الأولى بـ (ق) ، وفي الثانية بـ (اقتربت الساعة وانشق القمر) أخرجه مسلم (891) ، ووقتها كصلاة الضحى، وصلاة الضحى تكون من ارتفاع الشمس قَيْد رمح، أي بعد طلوع الشمس بنحو ربع ساعة تقريباً. والسنة التبكير بها في أول النهار لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي "، ولحديث عبد لله بن بسر -رضي الله عنه- حينما أنكر إبطاء الإمام وقال: إن كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم- قد فرغنا ساعتنا هذه، وذلك وقت ابتداء صلاة الضحى. 9.إظهار الفرح والسرور واللهو المباح: ودليله حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: " دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي جاريتان تغنيان بدفين بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، وجاء أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دعهما يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا".

قال الحافظ في (الفتح) : "وفيه مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم به بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة، وأن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين".ا. هـ. وفي يوم العيد لعب الحبشة بالحراب والدرق بالمسجد، ورقصوا بها، قالت عائشة: - رضى الله عنها - " سمعت لغطاً وصوت صبيان، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإذا حبشة تزفن، أي: ترقص والصبيان حولها فقال: يا عائشة تعالي فانظري، قالت: فأقامني وراءه، خدي على خده وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة". 10.التهنئة بالعيد: ومن الحفاوة بالعيد تبادل التهنئة به، فإنه يشرع تهنئة المسلم بالنعمة الحادثة والعيد كذلك، وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك، والأمر في عبارات التهنئة واسع، فلو قال: عيد مبارك، أو تقبل الله طاعتكم وصيامكم، ونحو ذلك فكلها حسنة. فبارك الله لكم عيدكم يا أهل الإسلام، وأتمّه على المسلمين بالقبول والمغفرة والرضوان، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه.

عدد التكبيرات في صلاة العيد

عدد التكبيرات في صلاة العيد المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 5/8/1424هـ السؤال نحن هنا في مدينة تامبا في ولاية فلوريدا الأمريكية. نصلي صلاة العيد في المساجد والمصليات، وسوف نصلي صلاة عيد الأضحى -إن شاء الله- في مصلى كبير في مجموعة واحدة. المشكلة هنا أن إمام الصلاة صلى العيد مرتين قبل ذلك، يقوم بعمل أربع تكبيرات في الركعة الأولى بعد الفاتحة ثم ثلاث تكبيرات بعد الفاتحة في الركعة الثانية. وعندما سألناه مستنكرين عن دليله في تلك التكبيرات وعددها وتوقيتها أجاب بأنها وردت في سنن أبي داود، وعند سؤال أحد الدعاة السلفيين قال إن الحديث غير صحيح. وعند مواجهته بذلك قال بأنه جرت على ذلك العادة في باكستان، وهذا هو المرجع. المشكلة أنه بإصراره هذا يبعد المسلمين، وقد يذهبون إلى مصلى بعيد لمدة ساعة لأنهم لم يسمعوا أبداً بهذه التكبيرات الغريبة. والسؤال هنا هل هناك دليل صحيح معتبر على ثبوت عدد التكبيرات ومحلها قبل الفاتحة أو بعدها؟ وهل هناك من أقوال الصحابة أو التابعين أو أئمة المذاهب من أفتى بغير ذلك، نرجو التوضيح بالتفصيل؟ ثم ما هو موقفنا هل نصلي وراءه ونستغفر لمخالفتنا للهدي النبوي أم أن التكبيرات سنة، ولا شيء علينا، علماً بأن الإمام ممن يستجيب للحق بالأدلة؟ الجواب الحمد لله وبعد: فإنني أشكر الأخ السائل كثيراً على سؤاله الذي ينم على حرص كبير على جمع الكلمة والتألم من كل ما يؤثر على وحدة المسلمين، خاصة في تلك البلاد الكافرة التي يرقب أهلها تصرفات المسلمين بعين النقد.

ونظراً لرغبة أخي السائل بالتفصيل فإني ألبي رغبته لعلمي بأهمية الحال، راجياً من الله - تعالى - التوفيق والصواب فأقول: أما الصفة التي يفعلها الأخ إمام المسجد - حسب ما ذكرت - لم أجد لها أصلاً في السنة ولا في كلام الفقهاء، والظاهر أنه فهم الحديث الوارد في ذلك خطأ - كما سيتبين بعد قليل - والظاهر لي أيضاً أن الأخ الذي يصلي هذه الصلاة ممن يتمذهب بمذهب أبي حنيفة - رحمه الله - كما يبدو من إحالته إلى فعل أهل بلده في باكستان، وذلك لأن أتباع أبي حنيفة - رحمه الله - يذكرون في كتبهم صفة لصلاة العيد فيها قرب من هذه الصفة التي يفعلها أخونا المصلي، إلا أني لم أجد في كتبهم التي تيسر لي الوقوف عليها ما يشير إلى هذه الصفة التي يفعلها هذا الأخ. وإليك - أخي الكريم - صفة صلاة العيد منقولة من بعض كتبهم الكبار التي عليها المعول عند أتباع مذهب أبي حنيفة - رحمهم الله - حتى تتبين صفة صلاة العيد عندهم وسبب أخذهم بها وعذرهم في ذلك، ثم أعقب ذلك بكلام يوضح حال الحديث الذي استدلوا به، وذلك على النحو التالي: أولاً: قال صاحب كتاب " العناية شرح الهداية" 2/75 (ويصلي الإمام بالناس ركعتين يكبر في الأولى للافتتاح وثلاثاً بعدها، ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويكبر تكبيرة يركع بها ثم يبتدئ في الركعة الثانية بالقراءة ثم يكبر ثلاثاً بعدها، ويكبر رابعة يركع بها، وهذا قول ابن مسعود وهو قولنا ".

قال السرخسي في المبسوط 2/39 وما بعدها معللاً أخذه بمذهب ابن مسعود: " وإنما أخذنا بقول ابن مسعود - رضي الله عنه - لأن ذلك شيء اتفقت عليه جماعة من الصحابة منهم: أبو مسعود البدري وأبو موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان - رضي الله عنهم- فإن الوليد بن عقبة أتاهم فقال: هذا العيد فكيف تأمرونني أن أفعل فقالوا لابن مسعود علمه فعلمه بهذه الصفة ووافقوه على ذلك وفي الحديث:" أن النبي كبر في صلاة العيد أربعاً ثم قال: أربع كأربع الجنائز فلا يشتبه عليكم وأشار بأصابعه وحبس إبهامه " ففيه قول وعمل وإشارة واستدلال وتأكيد " أهـ. وينظر بدائع الصنائع 1/277 للكاساني، وفتح القدير 2/75 لابن الهمام ورد المحتار على الدر المختار 2/172 ونصب الراية في تخريج أحاديث الهداية 2/214-216 للزيلعي. وهذا القول الذي ذهب إليه أبو حنيفة - رحمه الله - مروي عن بعض السلف كابن مسعود - وعنه أخذت هذه الصفة كما ذكر السرخسي - وأبي موسى وحذيفة والحسن البصري وابن سيرين والثوري، كما ذكره ابن قدامة في " المغني " 3/270 [ط. دار هجر] وابن عبد البر في " الاستذكار" 7/52. وأثر ابن مسعود الذي استدلوا به واعتمدوا عليه أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه" 3/293رقم (5687.5686.5685) وابن أبي شيبة 2/494رقم (5698.5697.5696) وغيرهم من طرق عن الأسود بن يزيد، أن ابن مسعود كان يكبر في العيدين تسعاً تسعاً، أربعاً قبل القراءة، ثم كبر فركع وفي الثانية يقرأ فإذا فرغ كبر أربعاً، ثم ركع، وهذا لفظ الأثر رقم (5686) عند عبد الرزاق. قال الحافظ ابن عبد البر في " الاستذكار " 7/52: " ومذهب الكوفيين ثابت عن ابن مسعود أهـ. إذا علم هذا فعلى الأخ الكريم (إمام المسجد) أن يلتزم بصفة التكبير الثابتة عن ابن مسعود أو غيره من الصحابة - رضي الله عنهم - ولا يجوز أن يأتي بصفة ليس عليها دليل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أثر عن صحابي فينبه الأخ برفق إلى ذلك.

ثانياً: الحديث الذي ذكره أخونا الإمام رواه أبو داود 1/682 ح (1153) والإمام أحمد 33/509 ح (19734) [طبعة مؤسسة الرسالة الجديدة] من طريق عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال: أخبرني أبو عائشة (جليس لأبي هريرة) أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: كان يكبر أربعاً تكبيره على الجنائز فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم، فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم، وقال أبو عائشة: وأنا حاضر سعيد بن العاص. وهذا حديث فيه عدة علل: الأولى: أن في سنده عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان فيه كلام كثير للأئمة وخلاصة حاله كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب " (3820) " صدوق يخطئ " ويضاف هنا أن الإمام محمد بن صالح البغدادي قال عنه: " أنكروا عليه أحاديث، يرويها عن أبيه، عن مكحول مسندة " كما في تهذيب الكمال 17/16 والمعنى: أن الأئمة أنكروا عليه رفع أحاديث إلى النبي- صلى الله عليه وسلم، والصواب فيها الوقف. وأنت ترى أن هذا الحديث من روايته عن أبيه عن مكحول، ولهذا روي هذا الحديث موقوفاً - كما ستأتي الإشارة إليه - ولهذا قال الإمام البيهقي - رحمه الله - في السنن الكبرى 3/290: " قد خولف راوي هذا الحديث في موضعين: أحدهما: في رفعه والآخر: في جواب أبي موسى، والمشهور في هذه القصة أنهم أسندوا أمرهم إلى ابن مسعود فأفتاه ابن مسعود بذلك ولم يسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي " ثم ذكر البيهقي ما يوضح كلامه. الثانية: أن في سنده أيضاً: أبو عائشة (جليس أبي هريرة) وهو مجهول لا تعرف حاله، قاله ابن حزم، وابن القطان، والذهبي، كما في بيان الوهم 5/44 والميزان 4/543.

الثالثة: أنه اختلف فيه على مكحول، فمرة يقول: أخبرني أبو عائشة ومرة يقول: عن رسول حذيفة وأبي موسى، ومرة قال: حدثني مَنْ أرسله سعيد بن العاص، كما بين ذلك الإمام الطحاوي في كتابه: شرح مشكل الآثار 4/346-349، وفي الحديث اختلاف كبير أكثر من هذا، أكتفي منه بما ذكر للإشارة إلى ضعف الحديث المرفوع، وأن المحفوظ فيه من قول ابن مسعود كما قال البيهقي. وقد قال الإمام أحمد - رحمه الله - كلمة عامة في أحاديث التكبير في صلاة العيد: " ليس يروى في التكبير في العيدين حديث صحيح مرفوع " كما في " العلل المتناهية" لا بن الجوزي 1/471 و " التلخيص الحبير" لابن حجر 2/85. وقال أبو عمر ابن عبد البر في " التمهيد " 16/39:" وأما الصحابة - رضي الله عنهم - فإنهم اختلفوا في التكبير في العيدين اختلافاً كبيراً، وكذلك اختلاف التابعين في ذلك " أهـ. وقد نص غير واحد - كابن قدامة في المغني 3/271 - أن الإمام أحمد يذهب في تكبيرات العيد إلى ما نقل عن بعض الصحابة مما صح عنده، كأثر أي هريرة الذي أخرجه الإمام مالك في " الموطأ" [التمهيد 16/37] عن نافع قال: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة"، وقد اختار هذه الصفة أيضاً مالك والشافعي وإليه ذهب ابن عبد البر - رحمهم الله جميعاً -.وقد ذكر البيهقي 3/291 في " السنن الكبرى " أن عمل المسلمين على هذه الصفة - ومراده بلا ريب - أكثرهم. وخلاصة القول - أيها الأخ الكريم: " أن حديث ابن مسعود لا يثبت مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هو موقوف عليه - وأن التكبيرات في صلاة العيد روي فيها عدة صفات عن الصحابة - رضي الله عنهم -.

ثالثاً: إذا تقرر هذا - أيها المحب - وعلمت أن مستند هؤلاء القوم في هذه الصفة فعل أحد علماء الصحابة وفقهائهم الكبار - وهو ابن مسعود - رضي الله عنه - وتبعه على ذلك بعض السلف - رحمهم الله تعالى - وأنعم بهم من قدوة، وعلمت أن التكبيرات قد اختلف فيها السلف كثيراً، فلا يسوغ حينئذٍ أن نجعل من هذه المسألة مسألة نساوم عليها في الاجتماع والتفرق، ونترك الصلاة معه، والأمر لا يعدو أن يكون سنة، والاختلاف فيها سائغ بل يسعنا ما وسع السلف - رضي الله عنهم - وكون الشخص يرى أن وصفه من الصفات أرجح وأقرب إلى الصواب، فله ذلك ولا حرج عليه ما دام ذلك مبنياً على الأدلة والآثار، إلا أن هذا لا يعني أن تكون هذه المسألة سبباً في النزاع والشقاق، ولله در الحافظ أبي عمر ابن عبد البر في " الاستذكار" 7/54 حيث يقول- بعد أن ساق عدة صفات لتكبيرات العيد منقولة عن الصحابة - رضي الله عنهم -.

" والذي أقول في هذا الباب أنه كالاختلاف في الأذان، وأنه كله مباح لا حرج في شيء منه وكلَّ - أي كل واحد من هؤلاء الصحابة - أخذه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أخذوا الوضوء واحدة واثنتين وثلاثاً والقراءات في الصلوات وعدد ركعات قيام الليل، الاختلاف عنه في ذلك اختلاف إباحة وتوسعة" أهـ. كلامه - رحمه الله- وهو في غاية النفاسة. والمسلم اللبيب يدرك أن اجتماع الصف، ووحدة كلمة المسلمين من المقاصد العظيمة، والواجبات الكبيرة في الشرع، يقول - سبحانه وتعالى -:" شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، كبر على المشركين ما تدعوهم إليه.. الآية. وليس من الحكمة ولا من الشرع في شيء أن يقدم المسنون على الواجب، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كما في " مجموع الفتاوى " 22/407 " لما تكلَّم عن مسألة الجهر بالبسملة في الصلاة: " ويستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحبات؛ لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا، كما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - تغيير بناء البيت لما في إبقائه من تأليف القلوب، وكما أنكر ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متماً وقال: الخلاف شر " أهـ، وقال في موضع آخر 22/437: " ويسوغ أيضاً أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب واجتماع الكلمة؛ خوفاً من التنفير عما يصلح ... " ثم ذكر المثالين السابقين في هدم الكعبة، وقصة ابن مسعود. فأوصي الإخوة جميعاً أن يتعاهدوا هذا الأصل، وأن يسدوا باب التفرق، وأن لا يدعوا فرصة للفرقة التي قد تقع أسبابها أحياناً من بعض الغيورين، والمعظمين للسنة، بحجة الاتباع مع أن الحرص على جمع الكلمة، ودفع أسباب الخلاف - ما أمكن ذلك - من أعظم آثار الاتباع، بل هذا من أصول الدين ومخالفة دين المشركين، وأوصي أحبتي الكرام بوصية الله - تعالى - حيث يقول: "

واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ". كما أوصي إخواني أن تكون صدورهم متسعة لما اتسعت له صدور الأئمة من قبل في المسائل التي جرى فيها الخلاف، ولا شك عند الجميع أن الأئمة من سلف هذه الأمة أعلم منا بالسنة، وأكثر تعظيماً لها، وأشد رغبة في اتباعها. كما أهيب بضرورة الرجوع إلى أهل العلم إذ أشكل عليكم شيء خاصة وأنكم في بلاد يرصد فيها الكفار كل ما يصدر عنكم، وما أعظم حماس لم يضبط بزمام العلم الشرعي!! وقد أحسنتم كل الإحسان إذ عرضتم هذه الحال لمعرفة ما ينبغي حيال مثل هذه الأمور التي قد يتهاون البعض بها، مع أن آثارها قد تكون وخيمة. أسأل الله - تعالى - أن يكون هذا الجواب صواباً، وأن يحقق الغرض منه، وأن يجمع كلمة المسلمين جميعاً في كل مكان على الحق، وأن يرزقنا الفقه في دينه والبصيرة فيه، أقول ما قلت إن صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمني، وأستغفر الله وأتوب إليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

إذا صادف يوم العيد جمعة

إذا صادف يوم العيد جمعة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 29/09/1424هـ السؤال هل يشترط لصلاة العيد عددٌ معين كصلاة الجمعة -مثلا-، وما الحكم لو صادف العيد يوم الجمعة؟ بالنسبة لصلاة الجمعة فقد سمعت أن صلاة الجمعة لا تجب على المؤموين بعكس الإمام، فكيف تجب على الإمام لوحده؟ وكيف يقيمها بمفرده؟ الجواب صلاة العيد وصلاة الجمعة من الشعائر العظيمة للمسلمين، وكلتاهما واجبة الجمعة فرض عين، والعيد فرض كفاية عند الأكثر، وفرض عين عند بعضهم، واختلف العلماء في العدد المشترط لهما، وأصح الأقوال أن أقل عدد تقام به الجمعة والعيد ثلاثة فأكثر، أما اشتراط الأربعين فليس له دليل صحيح يعتمد عليه. ومن شرطهما الاستيطان، أما أهل البادية والمسافرون فليس عليهم جمعة ولا صلاة عيد، ولهذا لما حج الرسول -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع صادف الجمعة يوم عرفة ولم يصلِ جمعة ولم يصلِ عيد يوم النحر؛ فدل ذلك على أن المسافرين ليس عليهم عيد ولا جمعة، وهكذا سكان البادية، وإذا وافق العيد يوم الجمعة جاز لمن حضر العيد أن يصلي جمعة وأن يصلي ظهراً؛ لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في هذا، فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه رخص في الجمعة لمن حضر العيد وقال:" اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شهد العيد فلا جمعة عليه". ولكن لا يدع صلاة الظهر، والأفضل أن يصلي مع الناس جمعة، فإن لم يصلِ الجمعة صلى ظهراً. أما الإمام فيصلِ لمن حضر الجمعة إذا كانوا ثلاثةً فأكثر منهم الإمام، فإن لمن يحضر معه إلا واحد صليا ظهراً. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء الثالث عشر ص (12) ]

قضاء الفائت في صلاة العيد

قضاء الفائت في صلاة العيد المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 22/11/1424هـ السؤال ذهبت لصلاة العيد متأخراً والإمام في الجلوس للتشهد، فهل أقضي ما فاتني؟ وإن قضيت فهل أكبِّر سبعاً ثم خمساً أم ماذا؟ الجواب إذا أدرك الإنسان التشهد في صلاة العيد فإنه يقضيها على صفتها، أي يكبر في الأولى ست زوائد وفي الثانية خمس زوائد.

خروج المرأة لصلاة العيد

خروج المرأة لصلاة العيد المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 25/9/1423هـ السؤال هل يجوز للمرأة الخروج لصلاة عيد الفطر؟ الجواب نعم، يشرع الخروج للعيدين ويتأكد للنساء، ففي الصحيحين عن أم عطية - رضي الله عنها - قالت: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها، حتى نخرج الحيض فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته. وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج الأبكار والعواتق وذات الخدور والحيض في العيدين، فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قالت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال "لتلبسها أختها من جلبابها". لكن تتجنب الطيب والزينة الفاتنة، وتخرج تفلة بعيدة عن الاختلاط بالرجال. [فتاوى الصيام (948) ] .

صلاة العيد في البيت

صلاة العيد في البيت المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 6/9/1424هـ السؤال هل يجوز صلاة العيد في البيت؟ وما حكم ذلك؟ الجواب لا تصلى صلاة العيد في البيت؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بإخراج النساء والعواتق وربات الخدور لصلاة العيد، انظر: البخاري (324) ، ومسلم (890) ، ولم يقل وبيوتهن خير لهن كما قال بالنسبة للصلوات الخمس فإنه صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن" أحمد (5468) ، وأبو داود (567) ، فصلاة المرأة في بيتها وهو خير لها من صلاتها في المسجد إلا العيد فلا تصلي في بيتها بل تخرج إلى المصلى إذا كانت تستطيع أو لا تصلي علماً أن صلاة العيد فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين.

صيغ التكبير في العيد

صيغ التكبير في العيد المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 27/12/1425هـ السؤال هناك صيغ متعددة لتكبيرات العيد المقيدة، أرجو توضيحا، وأيهما أصحها؟ وهل صحيح أن ابن عباس-رضي الله عنهما- كان يكبِّر في السوق والناس تكبِّر على تكبيره؟ وجزاكم الله خيراً. وهل هناك مراجع يمكن الرجوع إليها في هذا الشأن؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ذكر الشاشي في حلية العلماء اختلاف الفقهاء، فقال: ج: 2 (ص: 263) ، (والسنة عند الشافعية أن يكبِّر ثلاثاً نسقاً) ، وقال مالك: (إن شاء كبَّر ثلاثاً، وإن شاء كبَّر مرتين) ، وقال أبو حنيفة وأحمد: (يكبِّر مرتين) ، وفي المهذب للشيرازي الشافعي (ج: 1ص: 121) : (التكبير سنة في العيدين؛ لما روى نافع عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج في العيدين مع الفضل بن العباس، وعبد الله بن العباس وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، وأسامة بن زيد، وزيد بن حارثة، وأيمن بن أم أيمن - رضي الله عنهم- رافعاً صوته بالتهليل والتكبير، فيأخذ طريق الحدادين حتى يأتي المصلى) ا. هـ، وقال ابن تيمية في فتاواه ج: 24ص: 220: (أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة - رضي الله عنهم- والأئمة: أن يكبِّر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة، ويشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة.

وصفة التكبير: المنقول عند أكثر الصحابة - رضي الله عنهم- قد روي مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد، وإن قال: الله أكبر ثلاثاً جاز، ومن الفقهاء من يكبِّر ثلاثاً فقط، ومنهم من يكبِّر ثلاثاً ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) ا. هـ. قلت: وإن زاد بعد الثلاث: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، والله أكبر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال ذلك على الصفا) ا. هـ انظر المهذب (1/121) . وفي سنن البيهقي الكبرى (3/312) أن عمر وابنه - رضي الله عنهما- كانا يكبران في السوق، وليس ابن عباس - رضي الله عنهما-، وعن عمر - رضي الله عنه- أنه كان يكبِّر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبِّرون، فيسمعه أهل السوق فيكبِّرون حتى ترتج منى تكبيرا واحداً، ويذكر عن ابن عمر - رضي الله عنهما- أنه كان يكبِّر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً. ا. هـ. والحمد لله رب العالمين، والله أعلم.

القول: بأن خطبة العيد واحدة

القول: بأنّ خطبة العيد واحدة المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 1/9/1424هـ السؤال هل قال أحد من العلماء المتقدمين: إن خطبة العيد واحدة. مع ذكر المرجع؟ الجواب لا أعلم أحداً قال بذلك من الأئمة، بل الذي رأيته هو إطباق أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم على أنها كخطبتي الجمعة من جهة العدد، وبينهما فروق تطلب في مظانها، ويمكنك أن تراجع (المغني 3/276) .

التكبير قبل العيد

التكبير قبل العيد المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة العيدين التاريخ 02/05/1425هـ السؤال أحد الإخوة يقول: إن صيغة التكبير قبل العيد هي الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، (ثلاث مرات) ثم الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، وأن أي شيء بعد ذلك ليس من السنة. هل قوله صحيح؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أما السؤال عن صيغة التكبير: فالأمر في صيغتها واسع، لا كما حجّر الأخ المذكور ـ هداه الله ـ فلو قال الصيغة المذكورة في السؤال، أو الله أكبر ـ مرتين ـ ثم الله أكبر ـ مرتين ـ ولله الحمد فهذا صحيح؛ فإن كلا الصيغتين رويتا عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال ابن حجر: في فتح الباري (2/462) : (وأما صيغة التكبير، فأصح ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان -رضي الله عنه- قال: "كبروا الله: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً) ، ونقل عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، أخرجه جعفر الفريابي في كتاب "العيدين" من طريق يزيد بن أبي زياد عنهم، وهو قول الشافعي، وزاد: ولله الحمد، وقيل: يكبر ثلاثاً، ويزيد لا إله إلا الله وحده لا شريك له الخ، وقيل: يكبر ثنتين بعدهما: لا إله الا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، جاء ذلك عن عمر رضي الله عنه، وعن ابن مسعود رضي الله عنه نحوه، وبه قال أحمد وإسحاق، أما إنكاره وحجره التكبير بصيغة واحدة، فغير صحيح لما تقدم؛ ولأن هذه الصيغ لم يثبت فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما العمدة فيها على ما ورد من آثار عن الصحابة -رضي الله عنهم-، ومن ادعى أن في ذلك شيئاً ثابتاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعليه الدليل، نعم قد ورد في هذا الباب شيء مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكنه ضعيف لا يثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- ولو رجع صاحبك إلى المصنف لابن أبي شيبة (1/488-490) ،وسنن البيهقي (3/315 -316) لرأى عظيم السعة في هذا الباب، وأن ما ورد عن السلف في هذا الباب واسع جداً، والله -تعالى- أعلم.

صلاة الكسوف

كيفية قضاء صلاة الكسوف المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/صلاة الكسوف التاريخ 23/04/1427هـ السؤال لما كسفت الشمس لحقت الإمام بعد الركوع الثالث من الصلاة وأكملت الركعة الثانية كصفة صلاة الفريضة، جهلاً مني بصفة صلاة الكسوف ولم أعلم صفتها إلا بعد انتهائي من الصلاة، أفتوني مشكورين؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمما هو معلوم أهمية صلاة الكسوف وأنهما (الكسوف للشمس، والخسوف للقمر) من الآيات التي يخوف الله بها عباده، وأنه يشرع للإنسان إذا حصل كسوف أن يبادر إلى الصلاة مع الجماعة، وإذا لم يتيسر له ذلك يصليها منفرداً، والنبي صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس خرج يجر رداءه مسرعاً، وأمر مناديه أن ينادي بـ (الصلاة جامعة) وصلى بالناس ركعتين، كل ركعة فيها ركوعان، وسجدتان. صحيح البخاري (1040) وصحيح مسلم (911) . والركوع الأول في الركعة الأولى، والركوع الأول في الركعة الثانية، هو الركن وأما الركوع الثاني في الركعة الأولى والركوع الثاني في الركعة الثانية الذي هو الرابع فهما من سنن الصلاة. وعلى هذا فهذا السائل يبدو أنه فاته الركوع الأول في الركعتين، وهو حينئذ أدرك الركوع الرابع والذي هو الركوع الثاني في الركعة الثانية وهو سنة، وتعتبر الصلاة قد فاتته كمن أدرك الإمام في صلاة الفريضة مثلاً بعد رفع الإمام من الركوع في آخر ركعة، وحينئذ فكونه أتى بركعة واحدة بعد سلام الإمام لا يعني أنه أتى بصلاة الكسوف، وإنما تحسب له سنة، وإذا أداها وقد فات وقتها فإنها لا تقضى، ولكن كان الواجب عليه في مثل هذه الحالة بعد سلام الإمام أن يأتي بركعتين. هذا إذا كان لا يريد أن يعيد هيئة الصلاة كما هي، وإلا كان الأولى له أن يأتي بعد سلام الإمام بركعتين كل ركعة فيها ركوعان، يعني أربع ركوعات، وأربع سجدات، هذا هو العمل السليم في قضاء هذه الصلاة، وبالله التوفيق.

صلاة التطوع

يصلي خمس ركعات بين التراويح والقيام المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 23/11/1425هـ السؤال إمام مسجدنا يصلي في العشر الأواخر من رمضان ركعتين في التراويح وثلاث في صلاة القيام؛ استناداً لحديث عائشة -رضي الله عنها-. ما رأيكم في هذا العمل؟. الجواب الحمد لله. حديث عائشة - رضي الله عنها- تقول فيه ما جاء في صحيح البخاري (1147) ، ومسلم (738) : "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً، فقالت عائشة - رضي الله عنها-: (فقلت: يا رسول الله: أتنام قبل أن توتر؟) ، فقال: "يا عائشة: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي"، هذا هو حديث عائشة - رضي الله عنها- كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يصلي ثماني ركعات بتؤده، وخشوع، وقد أمره الله -تعالى- أن يقوم نصف الليل، فهو يقومه بثماني ركعات، حتى تورمت قدماه، فإذا كان الإمام يصلي ركعتين يطيل فيهما القراءة والركوع والسجود، كما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم-، فهذا شيء طيب، والتراويح قيام ليل فليس فيها شيء محدّد، فما عمله الإنسان فهو فيه مأجور، وكلما كان العمل أكثر، كان أكثر أجراً، والناس الآن يصلون ثماني ركعات بساعة أو نصف ساعة، هم مأجورون قدر الساعة أو قدر نصف الساعة، لكن ليست هذه صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما الثلاث التي كان يصليها النبي -صلى الله عليه وسلم- فهي بعد الثمان. والله أعلم.

قيام ليلة في جماعة مرة واحدة

قيام ليلةٍ في جماعة مرةً واحدة المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 19/10/1424هـ السؤال عملت دعوة لقيام ليل جماعي، ليلة واحدة فقط لا غيرها، وهي ليلة إجازة مناسبة، فأخبرني أحد الإخوة أن هذا يعتبر تخصيصا فيدخل في دائرة البدعة، فرددت عليه أن هذا لا يعتبر تخصيصا لأنني لم أقم بعمله في ليلة معينة أسبوعيا، بل هي مرة واحدة فقط، قد تحدث مرة في كل أسبوع، أو مرة كل شهر، من غير تحديد يوم من أيام الأسبوع بذاته، فهل كلامي صحيح؟ الجواب الحمد لله، وبعد.. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه البخاري (2697) ومسلم (1718) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها- وفي رواية لمسلم:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وإذا نظرنا إلى صلاة النافلة جماعة كقيام الليل فإن ذلك في غير رمضان لم يكن معتاداً من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا من الصحابة - رضي الله عنهم- ولكن فعله أحياناً كما لو صلى رفقة سفر جماعة ليلةً من الليالي أو صلى الرجل مع زوجته أحياناً ونحو ذلك فهذا لا بأس به، وله أصل في صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل، ثم جاء ابن عباس - رضي الله عنهما - فصلى معه، متفق عليه البخاري (183) ومسلم (763) ، وكما في مسلم (3014) في قصة جابر وجبار - رضي الله عنهما- حيث صليا مع النبي - صلى الله عليه وسلم- والظاهر أن صلاته كانت نافلة، وأما تخصيص يوم أو ليلة لهذا العمل سواء كان محدداً أو كان ليلة في كل أسبوع من غير تحديد، أوكل شهر، فهذا فيما يظهر لي قد يدخل في الابتداع، ولا سيما باقترانه بدعوة الآخرين إلى البيت مثلاً لصلاة جماعية.

أحكام صلاة الليل

أحكام صلاة الليل المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 17/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: هناك يا فضيلة الشيخ أسئلة كثيرة تتعلق بالفقه الإسلامي لم أجد إلى الآن لها جواباً شافياً، فبالرغم من اطلاعي على بعض كتب الفقه، وحضور بعض الدروس والدورات العلمية إلا أنني ما زلت أشكو من قصور فهمي تجاهها، وحيرتي حولها. وهذه المسائل -يا شيخنا- كثيرة، لكن أذكر منها في هذا السؤال شيئاًَ واحداً، ثم إذا يسر الله أتبعه بغيره، وسؤالي أو إشكالي هو: حول صلاة الليل أو الوتر أو التهجد أو التراويح أيضاً، فوالله يا شيخ إلى الآن لا أعرف كيف أفرق بين هذه الصلوات، وهل هي عبادة واحدة تحت مسميات مختلفة؟ أم أنها عبادات مستقلة؟ فأنا عندما أريد أن أوتر في كل ليلة، أسأل نفسي هل صلاتي هذه هي التي عناها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله:"صلاة الليل مثنى مثنى"؟ أم أنها هي الصلاة التي وصفتها عائشة -رضي الله عنها- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقولها:"ماكان يزيد رسول الله على 11 ركعة ... "؟ وهل التراويح هي نفسها الوتر؟ وهل التهجد هو الوتر أيضاً؟ وأين موقع الوتر في هاتين الصلاتين كيفية وزمنا؟ وهل صلاة التراويح لها وقت ابتداء وانتهاء؟ أم أنها بمجرد دخول الليل؟ ثم إنني -يا شيخ- أعلم أن الوتر قد يكون بركعة واحدة، فهل في هذا دليل ثابت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ أفتوني في أمري مأجورين، وجزاكم الله خيراً. الجواب

كل ما ذكرت داخل في جنس صلاة الليل، لكن بعض الفقهاء يفرق بين التهجد والتراويح وإحياء الليل، فيقول التهجد هو صلاة الليل بعد النوم في أي ليلة، والتراويح هي صلاة الليل في رمضان خاصة، وأما إحياء الليل فهو القيام فيه بالصلاة وغيرها من الذكر وقراءة القرآن، أما صلاة الوتر فهي صلاة تختم بها صلاة الليل، وقد قيل إنها جزء من صلاة الليل أو التهجد، وقيل بل الوتر غير التهجد، والظاهر أن الوتر صلاة مستقلة، لذلك يذكر الفقهاء سنية كونه في آخر النوافل التي تصلى بالليل لحديث:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" البخاري (998) ، ومسلم (751) ، وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات، ويجوز الإيتار بركعة واحدة، لحديث:"صلاة الليل مثنى مثنى فإن خفتم الصبح فأوتروا بواحدة" البخاري (472) ، ومسلم (749) ، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم.

ختم القرآن في رمضان

ختم القرآن في رمضان المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 2/9/1422هـ السؤال هل يمكن أن يستفاد من مدارسة جبرائيل -عليه السلام- للنبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان أفضلية ختم القرآن؟ الجواب نعم يستفاد منها المدارسة، وأنه يستحب للمؤمن أن يدارس القرآن من يفيده وينفعه؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- دارس جبرائيل للاستفادة؛ لأن جبرائيل هو الذي يأتي من عند الله -جل وعلا- وهو السفير بين الله والرسل، فجبرائيل لا بد أن يفيد النبي -صلى الله عليه وسلم- أشياء من جهة الله -عز وجل-، من جهة إقامة حروف القرآن، ومن جهة معانيه التي أرادها الله، فإذا دارس الإنسان من يعينه على فهم القرآن، ومن يعينه على إقامة ألفاظه، فهذا مطلوب كما دارس النبي -صلى الله عليه وسلم- جبرائيل، وليس المقصود أن جبرائيل أفضل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولكن جبرائيل هو الرسول الذي أتى من عند الله فيبلغ الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما أمره الله به من جهة القرآن، ومن جهة ألفاظه، ومن جهة معانيه، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يستفيد من جبرائيل من هذه الحيثية، لا أن جبرائيل أفضل منه -عليه الصلاة والسلام-، بل هو أفضل البشر وأفضل من الملائكة -عليه الصلاة والسلام-، لكن المدارسة فيها خير كثير للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللأمة؛ لأنها مدارسة لما يأتي به من عند الله، وليستفيد مما يأتي به من عند الله -عز وجل-. وفيه فائدة أخرى، وهي: أن المدارسة في الليل أفضل من النهار؛ لأن هذه المدارسة كانت في الليل، ومعلوم أن الليل أقرب إلى اجتماع القلب وحضوره والاستفادة أكثر من المدارسة نهاراً.

وفيه أيضاً من الفوائد: شرعية المدارسة، وأنها عمل صالح حتى ولو في غير رمضان؛ لأن فيه فائدة لكل منهما، ولو كانوا أكثر من اثنين فلا بأس أن يستفيد كل منهم من أخيه، ويشجعه على القراءة، وينشطه فقد يكون لا ينشط إذا جلس وحده، لكن إذا كان معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له وأنشط له، مع عظم الفائدة فيما يحصل بينهم من المذاكرة والمطالعة فيما قد يشكل عليهم، كل ذلك فيه خير كثير. ويمكن أن يفهم من ذلك أن قراءة القرآن كاملة من الإمام على الجماعة في رمضان نوع من هذه المدارسة؛ لأن في هذا إفادة لهم عن جميع القرآن، ولهذا كان الإمام أحمد -رحمه الله -يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن، وهذا من جنس عمل السلف في محبة سماع القرآن كله، ولكن ليس هذا موجباً لأن يعجل ولا يتأنى في قراءته، ولا يتحرى الخشوع والطمأنينة، بل تحري هذه الأمور أولى من مراعاة الختمة. مجموع فتاوى الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-، الجزء الخامس عشر، ص (324) فتوى رقم (114) .

صفة صلاة الليل

صفة صلاة الليل المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 15/3/1423 السؤال ما صفة صلاة الليل على وجه الإجمال؟ وما أقلها؟ وهل الصلاة بثلاث ركعات بتسليمتين مجزئة لمن يصليها؟ ومتى يبدأ الثلث الأخير من الليل ومتى ينتهي؟ (أتمنى معرفة توقيته بالساعة في المنطقة الوسطى) . وجزاكم الله خيراً. الجواب صلاة الليل هي ما يصلى ما بين العشاء والفجر، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:" صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة" البخاري (472) ومسلم (749) أي أن الإنسان يصلي ما تيسَّر له ركعتين ركعتين يعني يصلي ركعتين ثم يسلِّم ثم يقوم ويصلي ركعتين ويسلِّم وهكذا. إن شاء أن يطيل القراءة ويقلِّل الركعات، وإن شاء أن يقصّر القراءة ويكثر من الركعات فهذا راجع إليه حسب نشاطه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان يزيد على إحدى عشرة ركعة، ولكنه -أحياناً- يقرأ في الركعة الواحدة بالبقرة وآل عمران والنساء. فالإنسان إذا انتهى أو أوشك على الانتهاء يختمها بركعة واحدة توتر له ما صلى في ليلته. وصلاة الليل أقلها ركعة واحدة، ولو أن إنساناً أوتر بركعة واحدة فإن هذا صحيح، وقد روي عن عدد من الصحابة منهم: أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-، وعائشة -رضي الله عنها- وغيرهم. وإن أوتر بثلاث ركعات بتسليمتين فإن هذا هو أدنى الكمال، والأفضل للإنسان أن يزيد عن ذلك بحيث يصلي إحدى عشرة ركعة، أو تسعاً، أو سبعاً، أو خمساً بحسب نشاطه وقدرته.

أمَّا سؤاله عن الثلث الأخير من الليل متى يبدأ ومتى ينتهي فإن هذا يختلف من وقت لآخر، فليل الصيف غير ليل الشتاء، وأنت تقسم ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر إلى ثلاثة أقسام، والثلث الأخير منها في ليلتك التي تريد أن تصلي فيها تعرف قدره هل هو ثلاث ساعات أو ثلاث ساعات ونصف أو أربع ساعات؟ بحسب اختلاف طول الليل وقصره.

هل التفكر من قيام الليل؟

هل التفكر من قيام الليل؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 12/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي حقيقة قيام الليل؟ وهل صحيح القول بأن المسلم مادام مستيقظا ولو على فراشه فهو في قيام إذا كان يتفكر في مخلوقات الله؟ الجواب حقيقة قيام الليل أن تقوم لله مؤدياً لصلاة الليل؛ وهي إحدى عشرة ركعة أو ما تستطيع منها. أما التفكر في مخلوقات الله، والتسبيح، أو قراءة القرآن فلا شك أنه عبادة يؤجر عليها المسلم، لكنها لا تسمى قياماً، ولذلك يقول الله تعالى في صفات المؤمنين: "كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون" [الذاريات: 17-18] ولو كان الاستغفار قياماً لم يخصه بالذكر، وقال أيضاً: "والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً" [الفرقان: 64] ، وقال أيضاً: "أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ... " [الزمر: 9] ، والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه.

وقت قيام الليل

وقت قيام الليل المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 24/10/1423هـ السؤال في أي وقت يفضل قيام الليل؟ وكيف لي أن أقسمه باعتبار أن أذان العشاء في حوالي الساعة 7:13 وأذان الفجر حوالي الساعة 4:30 تقريباً؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب نقسم الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر على ثلاثة والقسم الأخير من هذا هو ثلث الليل الآخر، لأنه يختلف من وقت إلى وقت، وإنما هو من قسمة مجموع الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر على ثلاثة، والثلث الأخير هو ثلث الليل الآخر.

آخر وقت قيام الليل

آخر وقت قيام الليل المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 7/9/1424هـ السؤال قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء، سؤالي: متى ينتهي؟ لأني أصحو فجأة على الأذان، فهل لي أن أوتر بركعة؟ أي أن صلاة الليل تنتهي عند الإقامة لصلاة الفجر. جزاكم الله كل خير أرجو الإجابة الوافية الشافية. الجواب نقول: ينتهي بطلوع الفجر، فإذا طلع الفجر؛ يعني دخل وقت صلاة الفجر بحيث إن المؤذن يؤذن، فإنه ينتهي وقت صلاة الليل، وحينئذ يقضيها الإنسان بعد طلوع الشمس وارتفاعها، أي عند انتهاء وقت النهي، يقضيها ضحى، ويصليها شفعاً لا وتراً، إذا كان عادته أن يصلي في الليل ثلاثاً فليصلها في الضحى أربعاً، وإذا كان عادته أن يصليها في الليل إحدى عشرة ركعة، فليصلها في الضحى اثنتي عشرة ركعة.

عدد ركعات التهجد

عدد ركعات التهجد المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 12/8/1424هـ السؤال نحن مجموعة من الشباب تابعين لحلقة تحفيظ القرآن الكريم، نصلي صلاة التراويح مع الإمام ثمان ركعات، ثم نؤخر الوتر إلى الثلث الأخير من الليل، حيث نقوم بصلاة التهجد ثمان ركعات، وفي بعض الأحيان نزيد في الركعات من باب الاستزادة من الطاعات في هذا الشهر الفضيل، مع اعتقادنا أن السنة هي صلاة ثمان ركعات فهل علينا من حرج شرعي في فعلنا؟ أفتونا مأجورين. الجواب الأولى أن تقوموا مع الإمام الذي صليتم معه في أول الليل حتى ينصرف؛ ليكتب لكم قيام ليلة، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة" أحمد (21419) ، الترمذي (806) ، النسائي (1364) ، أبو داود (1375) ، ابن ماجة (1327) ، وإذا انصرفتم قبل الشفع والوتر لم يحصل لكم هذا الفضل العظيم. وإذا أردتم القيام للصلاة في آخر الليل فلا إشكال في ذلك، ولكن من دون وتر؛ لأنكم أوترتم مع الإمام في أول الليل، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا وتران في ليلة" صحيح الجامع للألباني (7567) ، وإذا أردتم أن يكون وتركم في آخر الليل؛ لأنه أرجى للإجابة، فصلوا الوتر مع الإمام في أول الليل ثم إذا سلم اشفعوا الوتر فأتوا بركعة؛ لئلا يجتمع وتران في ليلة، أما مسألة عدد الركعات فالسنة الاقتصار على إحدى عشرة ركعة لمن أطال القيام، والركوع والسجود، أما من لم يطل ذلك فلا حرج في زيادة الركعات ما شاء، والأمر في ذلك واسع والحمد لله، والله أعلم.

أتهجد في بيتي أم في المسجد

أتهجد في بيتي أم في المسجد المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 1/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أيهما أفضل للشخص في صلاة التهجد الصلاة في المسجد أم في منزله؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالأفضل أن تصليها مع المسلمين في المسجد لأمرين: أولاً: إحياءً لسنة التراويح. ثانياً: تحصيلاً لفضيلة الجماعة، ولأن من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. ولكن إن كان الإمام يُسرع في صلاته بحيث لا يتأتى للمأموم الخشوع والطمأنينة، فلْيُصليها مع إمام آخر، فإن لم يجد صلاها في بيته. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قيام الإمام للثالثة في التراويح سهوا

قيام الإمام للثالثة في التراويح سهواً المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 1/9/1424هـ السؤال في صلاة القيام في شهر رمضان الكريم سها الإمام وقام إلى الركعة الثالثة مع تذكير من خلفه له. ولكنه سلم ثم قام وصلى ركعة واحدة فقط وسجد سجدتي السهو. ثم حدث في مسجد آخر نفس المشكلة ولكن الإمام في هذه الحالة لم يذكره أحد فقام وصلى ركعتين ثم سجد سجدتي السهو ما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كبر الإمام ناوياً الصلاة ركعتين للتراويح مثلاً فإنه إذا زاد ركعة ثالثة ناسياً عليه أن يرجع إلى التشهد إذا تذكر أثناء الثالثة أنه زادها وإن لم يتذكر حتى جلس فإنه يتشهد ويسجد للسهو بعد السلام باعتبار أنه زاد ركعة هذا هو الصحيح ويدل على صحته عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" أخرجه البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث عمر - رضي الله عنه -.

قراءة الإخلاص بين ركعات التراويح

قراءة الإخلاص بين ركعات التراويح المجيب محمد بن سعود الخميس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 6/11/1424هـ السؤال ما حكم قراءة سورة الإخلاص عقب كل ركعتين من صلاة التراويح؟. الجواب هذا العمل لا أصل له، بل هو من البدع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعله، ولم يأمر به أصحابه - رضي الله عنهم-، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. والله أعلم.

الخشوع في قيام الليل

الخشوع في قيام الليل المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 29/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يشترط في قيام الليل، أو هل من علامة قبوله أن يخشع الإنسان ويتفكر لدرجة البكاء؟ لأنني أحياناً كثيرة لا تدمع عيني. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يشترط في قيام الليل ما ذكرت، وليس علامة على القبول من عدمه، وإنما على المصلي مطلقاً -فرضاً أو نفلاً في الليل أو النهار- أن يخشع ويتدبر ما يقرأ، ويتفكر في الآيات، ويحضر قلبه ما استطاع؛ فذلك من تمام الصلاة. والله أعلم.

تغيير عدد ركعات التراويح

تغيير عدد ركعات التراويح المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 10/09/1425هـ السؤال الحمد لله. ما قول أهل العلم الأجلاء في وجود مساجد في أرضنا كانت تصلي التراويح عشرين ركعة، وتم تعيين أئمة جدد فأصروا على الصلاة ثماني ركعات فقط، بينما المصلين يطالبون ببقاء العشرين مما أدى إلى اختلاف. فما الحكم الشرعي؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما ينبغي لهم أن يختلفوا في هذا، فالأمر فيه سعة، ولله الحمد، فإن صلوا عشرين ركعة وأوتروا بثلاث فحسن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدَكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدةً تُوتِرُ لَه مَا قَدْ صَلَّى". متفق عليه: البخاري (991) ومسلم (749) . ولأن عمر، رضي الله عنه، والصحابة، رضي الله عنهم، صلوها بعض الأحيان عشرين ركعة سوى الوتر، وهم أعلم الناس بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن اقتصروا على ثماني ركعات وأوتروا بثلاث وحسنوهن وطولوهن ليكون المجموع إحدى عشرة ركعة، فقد قالت عائشة، رضي الله عنها: (مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا) . فَقَالَتْ عَائِشَةُ: (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟) . فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي". متفق عليه: البخاري (1147) ومسلم (738) .

هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل

هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/قيام الليل والتراويح التاريخ 16/09/1426هـ السؤال أرجو منكم أن تذكروا لي هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل بشيء من الإسهاب. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فكان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- إطالة الصلاة بالليل، وتطويل القراءة، وكان يداوم على قيام الليل في رمضان وغيره، وقد جاء في أحاديث كثيرة وصف صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل، منها ما يأتي: عن أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي رَمَضَانَ؟، قَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا.... أخرجه البخاري (1147) ، ومسلم (738) . وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَن تَطَوُّعِهِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْن. أخرجه مسلم (730) .

وعنها -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا، فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ. أخرجه البخاري (1119) ، ومسلم (731) . وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ "، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ "، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ: " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى "، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. أخرجه مسلم (772) . وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَطَالَ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ، قَالَ: قِيلَ وَمَا هَمَمْتَ بِهِ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ أخرجه مسلم (773) .

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ -رضي الله عنها- فَبَقَيْتُ كَيْفَ يُصَلِّي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَقَامَ فَبَالَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ، ثُمَّ نَامَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الْقِرْبَةِ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ صَبَّ فِي الْجَفْنَةِ أَوْ الْقَصْعَةِ فَأَكَبَّهُ بِيَدِهِ عَلَيْهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا حَسَنًا بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَجِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَتَكَامَلَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكُنَّا نَعْرِفُهُ إِذَا نَامَ بِنَفْخِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى، فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ -أَوْ فِي سُجُودِهِ-: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا، أَوْ قَالَ: وَاجْعَلْنِي نُورًا". أخرجه البخاري (117) ، ومسلم (763) . وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا تَهَجَّدَ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ وَبِكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. أخرجه البخاري (7442) ، ومسلم (769) .

وعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". أخرجه مسلم (486) . وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: "وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْك". وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي"، وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ"، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ"، ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ" أخرجه مسلم (771) .

هذه بعض الأحاديث التي وصفت قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل، وما كان يقوله في ركوعه وسجوده، وقد صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان وصلى بصلاته أناسٌ من أصحابه، ثم ترك الصلاة بهم خشية أن تفرض عليهم، فعن أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنْ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَقَالَ" "إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ". ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنْ الشَّهْرِ وَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ، وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الْفَلَاحَ قُلْتُ لَهُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ. أخرجه الترمذي (806) ، وقال: حديث حسن صحيح. وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: "قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ". وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ". أخرجه البخاري (1129) ، ومسلم (761) . هذا، والله أعلم.

صلاة الوتر بعد طلوع الشمس

صلاة الوتر بعد طلوع الشمس المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 29/4/1422 السؤال سائل يسأل عن صلاة الوتر بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح في وقت صلاة الضحى؟ الجواب لا يصليها ركعة أو ثلاث وتراً، بل ركعتين أو أربع مثنى مثنى. والله أعلم

تخصيص أهل السنة في العراق بالدعاء

تخصيص أهل السنة في العراق بالدعاء المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 1/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يدعو بعض أئمة المساجد بقولهم اللهم احفظ إخواننا المسلمين من أهل السنة في العراق، ويعترض البعض بقوله لا داعي للتحديد فالخطب أجل وأعظم، والدعاء ينبغي أن يكون عاماً بلا تحديد، أرجو بيان الأولى والأفضل في الدعاء لهم، وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يستريب مسلم، بل كل منصف أن الحرب القائمة في العراق اليوم حرب ظالمة بكل الأعراف والمقاييس الشرعية والشعبية والدولية التي تحتكم لها دول العالم اليوم، إذ هي -كما لا يخفى على السائل- حرب تجاوزت كل القوانين والأنظمة التي وضعتها الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا. والذي يهمنا نحن وجهة النظر الشرعية التي تنطلق من نصوص الكتاب والسنة، والتي تحرم الظلم بجميع صوره وألوانه. ويكفي الظلم مقتاً وقبحاً أن الرب عز وجل حرمه على نفسه قليله وكثيره، كما في الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه (2577) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-:"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا". ولما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذاً إلى اليمن - كما في الصحيحين البخاري (1458) ومسلم (19) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال له:"وإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم"، وذلك خشية أن يحمله العزم على تنفيذ الوصية النبوية على مثل هذا الفعل، الذي أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أنه ظلم.

ولما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة -من العدو- مقتولة في بعض المغازي -كما في صحيح ابن حبان (4791) - قال:"ما كانت هذه لتقاتل"، فإذا كانت هذه ينهى عن قتلها وهي من العدو الكافر؛ لكونها ليست من أهل القتال، فما ظنك بمن كانت حاله كحال إخواننا في العراق ممن يشملهم اسم الإسلام؟! وفي صحيح ابن حبان (4373) من حديث عبد الرحمن بن عوف أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"شهدت مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب أن لي حمر النعم وإني أنكثه"، وهو حلف تعاقدوا على ألا يعين ظالم مظلوماً بمكة، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في شرح البخاري (4/553) ح (2292) أنه وقع في بعض طرقه المرسلة:"ولو دعيت به اليوم لأجبت". فأنت ترى أن هذا كله يؤكد عظم منزلة المظلوم في الجاهلية، فضلاً عن الإسلام الذي حرم ظلم البهائم، بل هذا محرم في شرع من قبلنا -ولو كانت على الحيوانات- ففي الصحيحين البخاري (2365) ومسلم (2242) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض". وأنت ترى -يا محب- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر من أسباب دخولها النار إلا هذا السبب، وهو ظلمها لتلك الهرة، فما ظنك بمن يطال ظلمه وعدوانه وبغيه بغير حق بني آدم الذين كرم الله حقهم، فضلاً عن المسلمين الذين ابتلوا بنظام بعثي ظالم، وعدو باغٍ غاشم؟!. إذا تقرر هذا، فإني لا أرى أن يخصص أهل السنة بالذات بالدعاء، بل يدعى لعموم المسلمين فلهم علينا حق النصرة -مهما حصل منهم من تقصير أو بعد عن السنة- فإنهم ما داموا مسلمين فعقد النصرة بيننا وبينهم باقٍ، ولئن عجزنا عن نصرتهم بأنفسنا، أو بأموالنا فهل نبخل عليهم بدعائنا؟!.

القنوت في الفجر

القنوت في الفجر المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 15/6/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ.. نحن في مسجد إمامه زيدي، ويقنت في صلاة الفجر كل يوم بآيات من القرآن، فهل يشرع التأمين لأنه دعاء؟ أم لا يؤمن؟ وهل ترفع الأيدي أم لا؟ وعندهم القنوت من غير القرآن مبطل للصلاة فلا يقنت في النوازل، فهل إذا أتينا جماعة ثانية نقنت؟ أم أن القنوت خاص بالجماعة الأولى؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب اختلف أهل العلم في حكم القنوت في صلاة الفجر بصفةٍ دائمة، وذهب كثير من أهل العلم إلى عدم مشروعية ذلك، وهو الحق؛ لعدم الدليل على ذلك، وإنما دل الدليل على مشروعية القنوت في النوازل التي تنزل بالمسلمين؛ لما ثبت في صحيح مسلم (677) من حديث أنس -رضي الله عنه-:"أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قنت شهراً يدعو على أحياء من أحياء من العرب ثم تركه " وهو عند البخاري (4089) دون قوله: "ثم تركه". ولما رواه الترمذي (402) وابن ماجة (1241) عن أبي مالك الأشجعي أنه قال لأبيه: "إنك قد صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي هاهنا بالكوفة نحواً من خمس سنين، أكانوا يقنتون؟ قال: أي بني محدث"، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. ومما يدل على أن القنوت في غير الوتر مختصٌ بالنوازل التي تنزل بالمسلمين ما رواه سعيد بن منصور كما في المغني (2/586) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -كان لا يقنت في صلاة الفجر إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم". وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (619-620) من حديث أبي هريرة وأنس -رضي الله عنهما-، ولم يذكر فيه "صلاة الفجر".

ولكن الإنسان إذا صلى خلف إمام يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر بصفة دائمة، فإنه يتابعه في الصلاة والقنوت، ويؤمِّن على دعائه، وإن كان المصلي لا يرى مشروعية هذا الأمر؛ لأن مصلحة اجتماع الناس والتفاف بعضهم ببعض خير من التفرق من أجل أمرٍ مختلف فيه، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى قريبٍ من هذا المعنى، حيث قال: (ولهذا ينبغي للمأموم أن يتبع إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد، فإذا قنت قنت معه، وإن ترك القنوت لم يقنت، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم - قال:"إنما جُعل الإمام ليؤتم به" رواه البخاري (378) ، ومسلم (411) من حديث أنس – رضي الله عنه -، وقال: " لا تختلفوا على أئمتكم" انظر ما رواه البخاري (722) ، ومسلم (414) من حديث أنس – رضي الله عنه -، وثبت عنه في الصحيح أنه قال:" يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم " رواه البخاري (694) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - …فإذا قنت لم يكن للمأموم أن يسابقه، فلا بد من متابعته، ولهذا كان عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - قد أنكر على عثمان –رضي الله عنه- التربيع بمنى، ثم إنه صلى خلفه أربعاً، فقيل له في ذلك، فقال: الخلاف شر. وكذلك أنس بن مالك – رضي الله عنه- لما سأله رجل عن وقت الرمي، فأخبره، ثم قال: افعل كما يفعل إمامك، والله أعلم) ا. هـ ولهذا فإن المشروع في حقكم متابعة الإمام في القنوت، وفي التأمين، ورفع الأيدي أثناء الدعاء. هذا الأمر فيما إذا صليتم مع هذا الإمام الذي يقنت في الفجر بصفةٍ دائمةٍ، أما إذا صليتم لوحدكم فلا تقنتوا؛ لأنكم ترون عدم مشروعية هذا القنوت، إلا إذا نزلت بالمسلمين نازلة فيكون القنوت حينئذٍ مشروعاً كما سبق بيانه.

أما قولك: إنهم لا يقنتون إلا من القرآن، فهذا لا أساس له؛ لأن العلماء الذين يرون مشروعية القنوت في صلاة الفجر بصفة دائمة لم يقيدوا الدعاء فيه بالقرآن، والثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه دعا بغير القرآن، وكذلك ما ثبت عن أصحابه من بعده، وإنما المشروع الدعاء بما يحقق المقصود، سواءٌ أكان من القرآن أم من السنة، ثم إن الخلاف بين العلماء لم يكن في الدعاء من القرآن أو من غيره، وإنما كان الخلاف بينهم في مشروعية القنوت في الفجر بصفة دائمة. أما كون القنوت مختصاً بالجماعة الأولى أو الثانية، فإن العلماء مختلفون في مسألة لها تعلق بما سألت عنه، وهي: مسألة: من يقنت في النوازل؟ فمنهم من قال الإمام (الحاكم) ، ومنهم من قال: أو نائبه، ومنهم من قال: بإذن الإمام، ومنهم من قال: إمام كل جماعة، وغير ذلك، فإذا أجزنا لإمام كل جماعة أن يقنت فلا فرق بين الجماعة الأولى والثانية. والله أعلم، -وصلى الله -على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

إذن ولي الأمر بقنوت النوازل

إذن ولي الأمر بقنوت النوازل المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 28/2/1424 السؤال ونحن نرى ما يجري في العراق الآن من مآسي فهل يشرع لنا القنوت؟ وهل يشترط الإذن من ولي الأمر بدعاء القنوت؟ وهل هناك ضابط للدعاء في قنوت النوازل؟ الجواب نقتطف لك جزءاً من بحث للشيخ: د. سعود بن عبد الله الفنيسان جواباً على سؤالك: الدعاء مخ العبادة وهو أقوى سلاح يوجهه المسلم إلى العدو مباشرة دون خسائر مادية أو بشرية، وأفضل ما يكون في صلب الصلاة وما شرع القنوت في النوازل إلا من أجل الدعاء حيث العباد يناجون ربهم، فالقنوت جزء من الصلاة كتلاوة القرآن والتسبيح في الركوع والسجود فلا فرق بين هذا وذاك فكلا الحالين سنة ثابتة واجبة الاتباع فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يمنع الناس من الصلاة جماعة يناجون فيها ربهم عندما تنزل بهم نازلة أو تحل قريباً من دارهم، كما لا يجوز لأحد أن يزيد أو ينقص في أركان وواجبات الصلاة قال تعالى:"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، وقال:"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" فلا يجوز أن يمنع المظلوم أن يدعو على ظالمه؛ لحديث:"اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب"، كما لا يجوز لأحد أن يمنع المسلم أن يدعو لإخوانه المسلمين المستضعفين والمضطهدين في كل مكان من الأرض لما جاء في الحديث "إذا دعا المسلم لأخيه لظهر الغيب قال الملك ولك مثل ذلك". هل القنوت في النوازل من المصالح المرسلة؟ المصلحة المرسلة قاعدة من قواعد الأصول التبعية في الشرعية تأتي بعد الأصول الأربعة (الكتاب والسنة والإجماع والقياس) .

ومعنى كونها تبعية، أي: أنها ليست أصلاً بنفسها بل تابعة لأحد هذه الأصول الأربعة، ومعنى كونها مرسلة أي مطلقة خالية من الدليل الخاص على موضع النزاع أو البحث إذ لو كان عليه دليل لألحق بالكتاب إن كان الدليل آية أو بالسنة إن كان الدليل حديثاً أو أثراً، والقنوت في النازلة -محل النزاع- ورد فيه دليل خاص بعينه، كالحديثين المشار إليهما أعلاه، فلا يدخل حينئذ قنوت النازلة تحت المصلحة المرسلة بحال، ومثال المصلحة المرسلة التي يجوز للحاكم التدخل فيها بالأمر أو المنع: كصيد الطيور وبيع السلاح في زمن معين لا على الإطلاق لأن صيد الطيور وبيع السلاح هو في الأصل مباح بأدلة الإباحة الشرعية العامة وهذه الإباحة غير محددة بزمن أو حال أو هيئة فمتى رأى ولي الأمر في المنع أو الجواز مصلحة راجحة للأمة جاز له الأمر أو المنع من ذلك ووجب على الناس الالتزام والاتباع. وتحديد النازلة ليس موكولاً لأحد بعينه ولا أعلم أحداً من العلماء خصصها بولي الأمر حيث النازلة كارثة وضرر عام يلحق بالأمة يحسه الناس كلهم ولا تختلف على وقوعه أو وصفه أنظار الناس ولو كان موكولاً لولي الأمر أو آحاد الناس لارتبط بهؤلاء تشريع الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها وهذا معلوم بطلانه لكل ذي عينين.

ويجب أن يعلم أنه ليس من السنة في دعاء القنوت أن يخرج عن سبب النازلة فيدعى على عموم الكفار بالموت والهلاك، والنازلة التي نزلت بالمسلمين هي الظلم والاعتداء عليهم بتدمير بلادهم وأخذ أموالهم وانتهاك حرماتهم، فالعلة في الدعاء على الكفار في النوازل هي تجدد الاعتداء والظلم على المسلمين، أما تكذيب الكفار لما جاء به الأنبياء وعداوتهم للمسلمين فهي ملازمة للكفر دوماً وأبداً، منذ كفر إبليس بربه وأهبطه من السماء إلى الأرض إلى قيام الساعة فوصف اليهود والنصارى بالكفر وصف كاشف لا ينتج الحكم وهو الدعاء عليهم بالهلاك، أما الظلم والاعتداء فهو الوصف المؤسس المنتج للحكم المذكور (القنوت) ، وسنة الله أن الكفار أكثر عدداً من المسلمين قال تعالى:"وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين"، وحديث:"يا آدم أخرج بعث النار فيخرج من كل مئة تسعة وتسعون"، وما ورد من آثار في الدعاء على الكفار من أهل الكتاب فيراد بهم المحاربون منهم للمسلمين، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إذا أبطأ عليه خبر جيوش المسلمين قنت فكان مما قاله ذات مرة:"اللهم ألعن كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك ويقاتلون أوليائك" فوصفهم بالكفر والتكذيب ليس جديداً وكونهم يقاتلون أولياء الله في عهده -رضي الله عنه- هي العلة المسببة للدعاء عليهم باللعنة والهلاك، ومن لم يقاتلنا لا ندعو عليه بل ندعو له بالهداية وهذا معنى قول الله "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8] ، فإن القرآن يفسر بعضه بعضاً، ومعنى ذلك أن من سالمنا سالمناه، ومن اعتدى علينا قاتلناه، أما منع ولي الأمر الناس من القنوت أصلاً فلا يجوز له ولا تلزم طاعته فيه، لأن القنوت في النازلة سنة نبوية ثابتة بدليلها الخاص وهي عبادة محضة فلا تدخل تحت نظر ولي الأمر، فهي كتحية المسجد تتعين إذا حصل موجبها وهو الدخول، وسيأتي لهذا مزيد بيان قريباً.

حكم صلاة الوتر

حكم صلاة الوتر المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 20/12/1422 السؤال إذا تركت الوتر هل آثم؟ الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الوتر سنة مؤكدة عند جماهير أهل العلم، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم- يدعه حضراً ولا سفراً، وروي عن الإمام أحمد أنه قال: من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الوتر، والقول الأول أرجح أنه سنة مؤكدة ينبغي للمسلم أن يحافظ عليه، ومن ترك الوتر أحياناً فقد فوّت على نفسه هذا الثواب ولا يأثم بذلك، ومن تركه دائماً فإنه يخشى عليه أن تشمله مقولة الإمام أحمد أنه رجل سوء، والله أعلم.

القنوت في صلاة الجمعة

القنوت في صلاة الجمعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 13/3/1423 السؤال ما حكم دعاء القنوت في صلاة الجمعة؟ الجواب إذا دعت الحاجة فالجمعة كغيرها من الصلوات يجوز فيها القنوت.

تكرير الفاتحة في الوتر

تكرير الفاتحة في الوتر المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 9/7/1423هـ السؤال إذا كرر الإمام قراءة سورة الفاتحة في صلاة الوتر في التراويح نسياناً، فهل تصح صلاته؟ وهل هناك فرق إذا كان متعمداً؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: إذا كرر الإمام قراءة سورة الفاتحة في صلاة الوتر - أو في غيرها- نسياناً فصلاته صحيحة، وكذا الحكم إذا كررها متعمداً، هذا بالنسبة للإجزاء، أو الحكم الوضعي للمسألة، وأما الحكم التكليفي، فالتكرار نسياناً لا حرج فيه؛ للآية الكريمة:"ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" فقال الله -تعالى-:"قد فعلت" كما ثبت في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه (126) . وإن كان عمداً، ففيه تفصيل: فإن كان على سبيل التعبد بالتكرار، فأخشى أن يكون قد أتى محرماً؛ لأنه حينئذ يكون بدعة -إضافية- حيث لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فعل ذلك، والأصل في العبادات الحظر، كما قرر ذلك أهل العلم في باب القواعد الفقهية.

ولهذه العلة -وهي عدم النقل- قال بعض الفقهاء:"ويكره تكرار الفاتحة" وإن كان لا على سبيل التعبد، ولكن لفوات وصف مستحب فالظاهر جواز ذلك، مثل: أن يكررها لتوهم خلل في المرة الأولى، كما صرح بذلك الشيخ عبد الرحمن بن قاسم -رحمه الله- في (حاشية الروض المربع 2/101) أو أن يكررها؛ لأنه نسي فقرأها سراً في حال يشرع فيها الجهر، كما يقع لبعض الأئمة -أحياناً- فلا بأس أن يعيدها من الأول استدراكاً لما فات من مشروعية الجهر، وكذلك الحكم لو قرأها في غير استحضار وأراد أن يكررها ليحضر قلبه في القراءة التالية، فإن هذا تكرار لشيء مقصود شرعاً وهو حضور القلب، لكن إن خشي أن ينفتح عليه باب الوسواس فلا يكرر لئلا يقع في المكروه، ويشدد فيشدد الله عليه، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-:"هلك المتنطعون" أخرجه مسلم في صحيحه (2670) ، وأحيل السائل الكريم على كلام نحو هذا لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- في (الشرح الممتع 3/331-332) ، والله -تعالى- أعلم.

القنوت في النوازل

القنوت في النوازل المجيب د. علي بن بخيت الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 17/1/1424هـ السؤال هل يجوز الدعاء في القنوت على مطلق النصارى أم نحدد النصارى الظالمين، أو المحاربين، أو الحاقدين، أو غير ذلك؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين، وبعد: يجوز الدعاء على مطلق النصارى؛ لقوله -تعالى-:"لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ... ". قال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) بعد هذه الآية (6/187) :"فيه مسألة واحدة: وهي جواز لعن الكافرين ... ". وقد جاء في الكتاب العزيز: لعن الكافرين والمشركين والدعاء عليهم ... والذي يستحب هو الدعاء على الكافرين المعتدين والظالمين والمحاربين في القنوت عند النوازل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (مجموع الفتاوى 8/335) :"والدعاء على جنس الظالمين الكفار مشروع مأمور به، وشرع القنوت والدعاء للمؤمنين، والدعاء على الكافرين". وقال في موضع آخر (21/154) :"وأما الدعاء على أهل الكتاب ... فهذا منقول عن عمر بن الخطاب أنه كان يدعو به في المكتوبة، وهو موافق لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... ". وقال في موضع آخر (22/271) :"وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة، وإذا سمى من يدعو لهم من المؤمنين، ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين كان ذلك حسناً". وقال في موضع آخر (22/373) :"وكذلك المأثور عن الصحابة مثل: عمر، وعلي، وغيرهما -رضي الله عنهم- هو: القنوت العارض قنوت النوازل، ودعاء عمر فيه، وهو قوله:"اللهم عذب كفرة أهل الكتاب ... إلخ، يقتضي أنه دعا به عند قتاله للنصارى".

وكل هذه النصوص التي أوردناها تبين أن المستحب هو الدعاء على النصارى المحاربين والظالمين والحاقدين الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر، ويعتدون على المؤمنين في أعراضهم وأموالهم ودمائهم وحرماتهم، أو يناصرون غيرهم من الكافرين في ظلم المؤمنين والاعتداء عليهم. وأما النصارى الذين لم يظلموا المسلمين أو يحاربوهم أو يناصروا عليهم عدوهم إذا ترك المسلم الدعاء عليهم كان ذلك حسناً، خصوصاً إذا كان ذلك في مقام الدعوة تأليفاً لقلوبهم، وطمعاً في إسلامهم، وعلى هذا يحمل الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه (رقم 2599، كتاب: البر والصلة) عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين طلب منه الدعاء على المشركين:"إني لم أبعث لعاناً ولكني بعثت رحمة". وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين.

متى ينتهي القنوت؟

متى ينتهي القنوت؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 8/6/1424هـ السؤال أنا إمام مسجد، وأقنت في الصلاة، وبعض الجماعة يقولون إن الحرب انتهت ولا داعي للقنوت الآن، وإلى متى يستمر الدعاء بالقنوت في الصلوات لإخواننا المسلمين في العراق وفي فلسطين؟ خاصة وأنه تم الانتهاء من الحرب والقصف، ولم يعد الحال بإخواننا في العراق كما كان، فهل نستمر في القنوت بالجماعة؟ ومتى نتوقف؟. الجواب الحمد لله وبعد: لا صحة لمزاعم انتهاء الحرب، فالعدو جاثم على صدور المسلمين، والمحنة قائمة، ومقامعة الغزاة ومجاهدتهم أمر واقع، وإن تجاهلتها وسائل الإعلام الموجهة. فعليك بالقنوت حتى ترتفع النازلة، وتنجلي الغمة بإذن الله تعالى.

الاستمرار في قنوت النازلة

الاستمرار في قنوت النازلة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 16/3/1424هـ السؤال هل لقنوت النوازل زمن معين ينتهي بانتهائه؟ أم أنه يستمر إلى أن تزول النازلة، وسؤال يتعلق بما نعيشه الآن في العراق هل نستمر في القنوت أم لا؟ والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب

القنوت في النوازل سنة ثابتة، وليس لها زمن معين تنتهي عنده غير ارتفاع النازلة نفسها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أبي داود (1443) عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - قال: "قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- شهراً متتابعاً في الظهر والعصر، والمغرب، والعشاء، وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سليم على رِعْلٍ وذكوان وعُصَّية ويؤمِّن من خلفه"، ووصف قنوته - صلى الله عليه وسلم - بشهر متتابعة أيامه وفي كل الصلوات الجهرية والسرية - يدل على استمرارية القنوت، وكون القنوت الوارد في السنة لمدة شهر لا يعني الاقتصار على الشهر فقط، بل إنه بعد مضي هذا ارتفعت النازلة فأسلمت هذه الأحياء من العرب (رعل، وذكوان، وعصية) فانتهي الغرض من القنوت عليهم، ولو لم يسلموا في هذا الوقت لاستمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في القنوت (أما القنوت للنازلة التي حلت بالعراق فينبغي الاستمرار في القنوت وعدم قطعه، لأن النازلة التي من أجلها شرع القنوت -نصرة لإخواننا العراقيين- لا تزال باقية ما بقي الأمريكان وحلفاؤهم يعيثون فيها الفساد، وينشرون الكفر والفواحش، بل لو قيل إن مشروعية القنوت لم تبدأ إلاّ الآن لكان لذلك وجهاً؛ لأن احتلال الكافر واستعماره لبلاد المسلمين أعظم نازلة تلحق بهم، وإذا ضم إلى ذلك ما تخطط له أمريكا وما تنوي فعله في البلاد المجاورة للعراق مما صرحت به ونشر في وسائل الإعلام - لتعين استمرار القنوت وعدم التوقف عنه، فالواجب أن يستمر المسلمون في القنوت حتى يكشف ما بهم، وترفع عنهم هذه النازلة، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف "صلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم" رواه البخاري (1041) ، ومسلم (911) ، من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه-. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

رفع اليدين في القنوت

رفع اليدين في القنوت المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 17/7/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: الإمام في صلاة الفجر يدَّعي جواز رفع اليدين، فما صحة ذلك؟ وشكراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم يجوز رفع اليدين، وأصل القنوت في صلاة الفجر - كما ذهب إليه الإمام الشافعي والإمام مالك - رحمهما الله - الصواب عدمه، وكما قال: أبو حنيفة وأحمد - رحمهما الله -، الصواب أنه لا يقنت إلا في النوازل، لكن الإمام مالك والإمام الشافعي يريان القنوت مطلقاً في صلاة الفجر، لحديث أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" رواه الدارقطني في سننه (2/39) ، والبيهقي في السنن الكبرى (2/201) ، وقد أجاب عنه ابن القيم: بأن المراد بالقنوت هنا طول القراءة، ولكن لو أن الإمام قنت فإنك تتابعه، كما سئل الإمام أحمد - رحمه الله - أنه إذا قنت في الفجر هل يتابع؟ فأجاب الإمام أحمد بالمتابعة.

دعاء ختم القرآن في الصلاة

دعاء ختم القرآن في الصلاة المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 29/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ الكريم: ما حكم دعاء الإمام في صلاة التراويح لختم القرآن، أو للوتر، بعد قراءة سورة الناس مباشرةً، وقبل الركوع؟ وهل ورد ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما الدليل؟ وما التفصيل في ذلك - إذا لم يكن وارداً عنه صلى الله عليه وسلم - في الصلاة في الحرمين الشريفين، خلف الإمام الذي يدعو في الصلاة بعيد قراءة سورة الناس في ختم القرآن أو سورة الإخلاص في دعاء الوتر، وقبل الركوع؟! ..ونرجو من سماحتكم الإفصاح في الإيضاح....حفظ الله، للإسلام والمسلمين، علمكم ونفع به. الجواب دعاء الختم في الصلاة لم يصح فيه حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما الدعاء في الوتر من رمضان فقد أجازه بعض العلماء وكرهه آخرون. واختلف في مكان الدعاء، فمنهم من رآه قبل الركوع ومنهم من جعله بعده، ومنهم من جعله في النصف الأخير من رمضان، ومنهم من جعله طوال العام، والأمر فيه سعة ما دام أن ذلك ورد عن السلف، ولا ينبغي أن يجعل قضية ينتج عنها اختلاف وبغي وعدوان، فمن شارك في الدعاء فلا حرج ومن لم يشارك فلا حرج، ولكل سلف من علماء الأمة والله الموفق.

متابعة من يصلي الوتر كصلاة المغرب

متابعة من يصلي الوتر كصلاة المغرب المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 25/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن مسلمون والحمد لله نقطن اسكوتلاندا، ونصلي هذه الأيام المباركة صلاة التراويح خلف الإمام في المسجد الكبير، وكما لا يخفاكم فإن معظم المسلمين هنا من باكستان أو الهند ومنهم إمام المسجد وهم أحناف المذهب وقد كنا نصلي خلفه بلا ريبة عشرون ركعة ثم يوتر بثلاث ركعات يجلس فيهن للتشهد بعد ركعتين، أي يجعلها كصلاة المغرب حتى قال قائل قبل أيام: إن هذه مخالفة شرعية حيث نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التشبه بصلاة المغرب وأصبح يخرج قبل الوتر ليوتر وحده في البيت، أو ليعود ليلاً لصلاة التهجد، وقد أخبرته بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، ولكن للأسف لم نتفق. والله الموفق. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالأولى أن يتابع مع الإمام حتى ينصرف من وتره، ولو صلى الوتر كهيئة المغرب، وذلك لثلاثة أمور: أولاً: مراعاة للاجتماع وعدم الاختلاف، فإن الخلاف شر. ثانياً: أن الحديث الوارد في النهي عن ذلك يحتمل التضعيف، وهذا يفيد بأن المسألة محل اجتهاد ونظر، فلا ينبغي التثريب فيه على المخالف، ولا الخروج عن الجماعة والشذوذ عنهم بمثل هذا العذر. ثالثاً: إدراكاً لفضيلة قيام ليلة تامة بالصلاة مع الإمام حتى ينصرف، ومن انصرف قبل الوتر لا يشمله هذا الحديث بلا شك.

الصلاة خلف من لا يجهر بالوتر

الصلاة خلف من لا يجهر بالوتر المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 20/3/1424هـ السؤال سؤالي: ما هو حكم الصلاة خلف إمام لا يجهر بالدعاء في صلاة الوتر؛ بل يكون الدعاء سراً بين قراءة سورة (الكافرون) وركعة الوتر؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. الجواب: أن ما فعله إمامكم من عدم الجهر بالدعاء خلاف الأولى، بل خلاف المشروع، فالمشروع أن يجهر بالدعاء ويؤمن من خلفه على دعائه أما إذا دعا سراً فكيف يفعل المأمومون؟ هل يدعو كل واحد لنفسه أم يسكت؟ المهم أن تبينوا له أن فعله خلاف المشروع، والصلاة صحيحة ولو لم يجهر بالدعاء لأن الجهر سنة، لكن ما فعله خلاف الأولى، والله أعلم.

الدعاء بعد الصلاة

الدعاء بعد الصلاة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 27/04/1426هـ السؤال السلام عليكم وحمة الله وبركاته. إمام مسجد يتعرض للأذى (إن ترك الدعاء بعد الصلاة والقنوت في صلاة الفجر على الدوام) من المجتمع بالسب، ومن الجهات المختصة بالمساجد للمساءلة، وهو في حيرة من أمره بعد أن علم أن الدعاء بعد الصلاة بدعة، فإن ترك الإمامة تقدم لها من ليس أهلاً لها، فبماذا تنصحونه مأجورين؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الدعاء بعد الصلاة جماعة بدعة، حيث لم يرد عن رسول الله، ولا أحد من صحابة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أخرجه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) . وملازمة القنوت في صلاة الفجر لا ينبغي، وإنما يقنت حينا ويترك أحياناً، وهذا قول بعض الفقهاء. وكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقنت في صلاة الفجر وسائر الأوقات شهراً يدعو على أقوام بأعيانهم، ثم ترك. انظر صحيح البخاري (4090) ، ومسلم (677) . والأولى لك عدم المداومة على القنوت، ولو تركته بالكلية جاز لك. وأما ما تعيش فيه من المضايقات بين أفراد المجتمع والجهات المختصة بالمساجد، فأمر يخصك، وأنت الذي تقدر الحال. أما كونك إذا تركت الإمامة سيأتيها من ليس لها أهل، فلا يجوز لك حينئذ تركها؛ لأنك معين على الباطل. وفقنا الله وإياك إلى كل خير. واحذروا من الفرقة فهي أحد مداخل الشيطان لإضعاف العبادة وخلخلة بناء المجتمع. وفقكم الله لهداه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

حكم دعاء القنوت ورفع اليدين فيه

حكم دعاء القنوت ورفع اليدين فيه المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 11/11/1424هـ السؤال هل يلزم قراءة دعاء القنوت؟ هل نكبر قبل القنوت؟ هل يجب رفع اليدين في دعاء القنوت؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. وبعد: فاعلم أنه إذا قيل لك: لم يرد في دليل من قرآن، أو سنة، أو فعل صحابي فهذا دليل، وإذا قيل لك: هذا أمر لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مع وجود المقتضى وعدم المانع فهذا دليل، إذا علمت ذلك، فالسؤال الأول: هل يلزم قراءة دعاء القنوت؟ الجواب: لا يلزم؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر به، فلا يوجد منه -صلى الله عليه وسلم- أمر بذلك وثبت من فعله - صلى الله عليه وسلم- فعل القنوت تارة وتركه كثيراً. السؤال الثاني: لا تكبير قبل القنوت، فإنه لم يفعله - صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة -رضي الله عنهم- بعده، ومن فعله من الفقهاء لأنه يرى أن القنوت، قبل الركوع والانتقال من القراءة إلى القنوت انتقال من حال إلى حال كالانتقال من الركوع إلى الاعتدال، ومن الاعتدال إلى السجود وفي كل من هذه الانتقالات تكبير، فاستحسنوا أن يكون قبل القنوت تكبير، وهؤلاء لم يفعلوا الأصح في موضع القنوت، فإنه يكون بعد الركوع ويجوز بعد الركوع ويجوز قبل الركوع، وليس لهم دليل إلا القياس والاستحسان، ولم يفعله - صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة - رضي الله عنهم- السؤال الثالث: لا يجب رفع اليدين في حق الإمام، ولو فعله فهو سنة، لفعله - صلى الله عليه وسلم-، وهل يسن رفعها في حق المأموم؛ لأنه مؤمِّن، والمؤمن كالداعي أو لا يسن في حق المأموم لأنه تابع. والله أعلم.

الوتر بعد التراويح

الوتر بعد التراويح المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 19/5/1425هـ السؤال أرجو الإجابة عن هذا السؤال حتى لا تحدث فتنة بين الإخوة هنا: السؤال عن طريقة صلاة الوتر بعد التراويح، معظم الناس من البلاد العربية يصلونه ركعتين ثم ركعة واحدة وفي الركعة الثالثة بعد قراءة السورة يكبرون ويقرأ الإمام القنوت بصوت مرتفع والمصلين يأمنون. وبعد القنوت يركعون. أما طريقة الأحناف فإنهم يصلون الثلاث ركعات معاً، وفي الركعة الثالثة قبل الركوع يكبر الإمام وكل شخص يقرأ القنوت في سره ثم يكبر الإمام ويركع وهكذا. وكل فئة تدعي أن الفئة الأخرى مخطئة والبعض يقول بصواب كلا الفئتين. والمشكلة كذلك أنه لدينا جماعة واحدة بعد التراويح لصلاة الوتر فمن نتبع من الأئمة؟ أرجو توضيح المسألة بالأدلة وبإسهاب لمنع حدوث فتنة بين الإخوة. جزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى الوتر على وجوهٍ متعددة، وقد صلَّى ركعة واحدة، وثلاث ركعات، وخمس ركعات، وسبع ركعات، وتسع ركعات، وقد صلَّى الثلاث على صفتين: إما أن يسردها سرداً بتشهد واحد، أو أنه يسلِّم من ركعتين، ثم يصلي واحدة ويسلِّم منها، ولم يكن يصليها كالمغرب - بتشهدين وسلام- بل قد نهى عن ذلك، فقال: "لا توتروا بثلاث تشبهوا المغرب" رواه الحاكم (1 / 304) والبيهقي في السنن الكبرى (3 /31) وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 301) : إسناده على شرط الشيخين) .

والأمر في عدد ركعات الوتر واسع، فمن صلى ركعة أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع ركعات فصلاته صحيحة وقد وافق السنة، وقد روى أبو داود (1422) ، والنسائي (1710) من حديث أبي أيوب الأنصاري-رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:" الوتر حق على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل"، ولا إنكار في مثل هذه المسألة؛ لأن الأمر فيها واسع ولم يحدد بعدد معين. أما دعاء القنوت فهو مسنون في الوتر في سائر السنة، ويكون بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، وهو: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت" رواه أبو داود (1425) ، والنسائي (1745) والترمذي (464) وقال: هذا حديث حسن. ولا بأس أن يزيد عليه من الدعاء المشروع والطيّب من خيري الدنيا والآخرة، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.

والقنوت جائز بعد الركوع (ومعناه: أن المصلي إذا انتهى من قراءة السورة يكبر راكعاً، ثم إذا قام شرع في دعاء القنوت، ثم يسجد بعد ذلك) ، وقبل الركوع (ومعناه: أن المصلي إذا فرغ من قراءة السورة يبدأ بدعاء القنوت مباشرة من دون تكبير، ثم يكبر بعد ذلك ويركع ويكمل بقية صلاته) ، أما بعد الركوع فلما روى مسلم (675-677) من حديث أبي هريرة وأنس –رضي الله عنهما- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع، وأما قبل الركوع فلما روى النسائي (1699) ، وابن ماجة (1182) ، وغيرهما من حديث أُبي بن كعب-رضي الله عنه- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع، والقنوت بعد الركوع أفضل؛ لأن الأحاديث الواردة في القنوت بعد الركوع أصح، ولأن عمل النبي صلى الله عليه وسلم عليه أكثر، وكذلك كان الخلفاء الراشدون من بعده. ويشرع رفع الأيدي في دعاء القنوت؛ لأن ذلك وارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قنوته في الفرائض عند النوازل، وكذلك صح عن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- رفع اليدين في قنوت الوتر، وهو أحد الخلفاء الراشدين الذين أُمرنا باتباعهم-رضي الله عنهم-. ومما سبق يتبين أن الأمر فيما يتعلق بالوتر وعدد ركعاته وموضع الدعاء فيه واسع، وليس للإنسان أن ينكر على غيره في ذلك؛ لأن الوتر له صفات متعددة ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن عمل بأيٍ منها فقد اقتدى بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.

وكذلك الأمر في مسألة الجهر بالقنوت أو الإسرار به، حيث اختلف أهل العلم هل المشروع في دعاء القنوت الجهر أو الإسرار؟ فالمختار عند الحنفية، والمالكية أن الإسرار في القنوت هو المشروع؛ لأنه دعاء، والمسنون في الدعاء الإخفاء؛ لقوله تعالى: "ادعو ربكم تضرعاً وخفية" [الأنعام: 63] ، والشافعية والحنابلة يرون أن الجهر في القنوت هو المشروع؛ لفعله عليه الصلاة والسلام. ومن فعل أياً من الصفتين فقد أصاب السنة، قال ابن قيم الجوزية-رحمه الله-: والإنصاف الذي يرتضيه العالم المنصف أنه صلى الله عليه وسلم جهر وأسرَّ، وقنت وترك. وعموماً فإن الواجب على المسلم الحرص على جمع الكلمة ووحدة الصف وعدم الاختلاف، ولا سيما إذا كان الأمر فيه سعة كما في مسألة القنوت، ولذلك فإن الإنسان إذا صلى مع إمام أو مع جماعة فإن الواجب عليه أن يتابعهم وألّا يخالفهم، وإن كانوا يصلون على صفةٍ يرى أن خلافها أفضل، وذلك من أجل جمع الكلمة ووحدة الصف، فمثلاً: إذا كان المصلي يرى أن القنوت بعد الركوع أفضل وصلى مع إمام يقنت قبل الركوع فإن الواجب عليه متابعة الإمام، وهكذا في مسألة عدد الركعات، والجهر بالقنوت أو الإسرار به وما إلى ذلك من المسائل التي ليس فيها تحديد معين كما سبق بيانه. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى أله وصحبه أجمعين.

هل لركعتي المغرب البعدية مزية فضل؟

هل لركعتي المغرب البعدية مزية فضل؟ المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الوتر والقنوت التاريخ 16/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هناك صلاة بركعتين بعد صلاة المغرب تعادل قيام الليل، ما السور التي تقرأ فيها؟ أنا أقرأ بسورة الفلق والناس، هل هذا صحيح؟ ولكم الشكر سلفًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن صلاة ركعتين بعد صلاة المغرب من السنن الرواتب التي جاءت السنة بالحث عليها، كما روي من حديث عائشة، رضي الله عنها، مرفوعًا: " مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ؛ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ". أخرجه الترمذي (414) وابن ماجه (1140) والنسائي (1794) . وعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ؛ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ". أخرجه الترمذي (415) والنسائي (1803) وأصله في صحيح مسلم (728)

أما كون الركعتين بعد المغرب تعدلان قيام الليل فليس في السنة الصحيحة ما يدل على ذلك، ويسن أن يُقرأ في الركعتين بعد المغرب بسورة (قل يا أيها الكافرون) وفي الركعة الثانية: (قل هو الله أحد) . لحديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، أنه قال: مَا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ بِـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) . أخرجه الترمذي (431) وابن ماجة (1166) . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

صلاة النافلة

صلاة النافلة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 3/8/1422 السؤال أنا إنسان محافظ على الصلاة (الفرائض) لكني أقصر كثيراً في أداء النوافل، بل بصدق لا أصليها، والسبب عدم علمي بكيفية صلاتها مثل السنن الرواتب، كم عددها؟ وما هي أوقاتها؟ والشفع والوتر كم عددها؟ ومتى يكون وقت صلاتها؟ وأرجو أن تفتيني في ذلك حسب ما قام النبي -صلى الله عليه وسلم- وأرجو عدم التأخر في الإجابة. الجواب سؤالك دليل على رغبتك في الخير زادك الله من توفيقه. السنن الرواتب لها فضل عظيم ينبغي للمسلم أن يحرص على اكتسابه؛ لأنها سبب لتكميل النقص الحاصل في صلاة الفريضة يوم أن يحاسب العبد على صلاته يوم القيامة، كما ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن كان أتمّها كتبت له تامة، وإن لم يكن أتمّها قال الله عزّ وجلّ: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوّع فتكملون به فريضته، ثم الزكاة كذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حساب ذلك)) أخرجه الإمام أحمد (16949) . ولأنها مع غيرها من النوافل سبب يجلب محبة الله كما جاء في الحديث القدسي فيما يرويه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربه أنه قال " ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ... " الحديث أخرجه البخاري (6502) .

وقد وردت أحاديث كثيرة في بيان أعداد صلوات النافلة المرتبة، وهي التي شرعت في ديننا قبل الصلوات المفروضة أو بعدها، وآكد ما في هذه الأعداد أنها عشر ركعات كما ثبت في الحديث الصحيح المتفق عليه عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: "حفظت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدهما وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح " البخاري (937) ومسلم (729) . وكونها في البيت أفضل إلا إذا خشي التهاون فيها وتركها فإنه يصليها في المسجد. ومن السنن الراتبة التي ينبغي الحرص عليها الوتر بعد صلاة العشاء لحث النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها بقوله وفعله، وأقلها ثلاث ركعات يصلي ركعتين ويسلم منهما ثم يصلي الثالثة ويتشهد ويسلم، ويسن القنوت فيها بعد الرفع من الركوع في الثالثة، والقنوت هنا الدعاء، ولكنه ليس بواجب وإن زاد في وتره عن ثلاث فهو أفضل وأرجى عند الله، لكن يصلي ركعتين ركعتين ويختم بركعة، والوتر والركعتان قبل الفجر أكثر النوافل تأكداً لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما تركهما في حضر ولا سفر.

تأخير سنة العشاء لمنتصف الليل

تأخير سنة العشاء لمنتصف الليل المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 10/8/1422 السؤال هل يجوز لي أن أؤخر سنة العشاء إلى بعد منتصف الليل علماً بأني أصلي الفرض في مقر عملي ثم قبيل صلى الفجر بساعة أو ساعتين اصلي سنة العشاء ثم أختم بالوتر؟ الجواب الأكمل في حقك أن تصليها قبل نصف الليل فإن هذا هو وقت العشاء المختار الذي جاء تحديده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان ما بعد منتصف الليل إلى قبيل طلوع الفجر وقتاً تصح فيه صلاة العشاء لمن احتاج لذلك.

صلاة النافلة في السيارة للمقيم

صلاة النافلة في السيارة للمقيم المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 18/9/1422 السؤال أنا إمام، ومنزلي بعيد عن المسجد، وأحياناً أتأخر عن صلاة سنّة الفجر، فهل يجوز أن أصليها في السيارة أثناء الطريق؟ فقد سمعت أن بعض أهل العلم أجاز ذلك. الجواب هذا الأخ إمام مسجد، ويفترض أن يكون طالب علم، وأن يراجع المسائل الفقهية؛ لأن من يصلون معه سيسألونه عن الأحكام وأمور العبادات، فلا بد أن يعدّ نفسه ويراجع الأحكام والمسائل الفقهية. وليعلم أن الصلاة على الراحلة إنما هي للمسافر، فله أن يصلي النافلة على راحلته، وليست للمقيم. وهذا السائل مقيم في بلده، وأنصحه أن يستيقظ مبكراً، وأن يصلي السنّة في بيته قبل التوجه للمسجد، وعادة أن الجماعة ينتظرون إمامهم. وأما صلاته في السيارة فليس له ذلك، بل هو للمسافر.

النافلة قبل صلاة الجمعة وبعدها

النافلة قبل صلاة الجمعة وبعدها المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 8/4/1423 السؤال من المعلوم لدي أنه ليس للجمعة سنة قبلية، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بالصلاة بعدها أربع ركعات فقط، فكيف تتحقق نوافل الظهر وهي ست ركعات؟ أو بمعنى آخر كيف آتي باثنتي عشرة ركعة يوم الجمعة؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب أصوب الأقوال في سنة الجمعة الراتبة أنها أربع ركعات بعدها إن صلاها في المسجد، وإن صلاها في بيته فركعتان، ولا راتبة قبلها، وإنما يتنفل بما شاء: ركعتان، أو أربع، أو ست، ويقرأ القرآن، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويدعو لعله يوافق ساعة الإجابة ومن كان حريصاً على الطاعة فلن يقل مجموع ما يتنفل به عن ثنتي عشرة ركعة يوم الجمعة، والله -تعالى- أعلم.

سنة الفجر

سنة الفجر المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 10/5/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما سنن سنة الفجر؟ وهل يسن تخفيفها؟ وما هي السور التي يسن القراءة فيها؟ الجواب سنة الفجر تصلى خفيفة؛ لقول عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كان يخففها حتى أقول هل قرأ بأم القرآن؟ انظر: البخاري (1165) ومسلم (724) . والسنة أن تقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بـ"قل يا أيها الكافرون"، و"قل هو الله أحد" في الثانية، انظر: مسلم (726) أو بالآية من سورة البقرة "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم ... " إلى قوله:"ونحن له مسلمون" في الأولى، وفي الركعة الثانية "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ... " إلى قوله:"ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأن مسلمون" انظر: مسلم (727) .

صلاة ثنتي عشرة ركعة في اليوم

صلاة ثنتي عشرة ركعة في اليوم المجيب بكر بخاري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 10/10/1423هـ السؤال يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من صلى لله اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتاً في الجنة"، هل كل يوم لمفرده أم أن الفضل لمن حافظ عليها طيلة حياته؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا الحديث روي بعدة ألفاظ منها ما أخرجه مسلم في صحيحه (728) في كتاب صلاة المسافرين وقصرها من طريق النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة، أو إلا بُني له بيت في الجنة". قالت أم حبيبة:" فما برحت أصليهن بعد" وقال عمرو:" ما برحت أصليهن بعد" وقال النعمان مثل ذلك. وبيان هذه الركعات جاء عند الترمذي (414) كما في الرواية المذكورة في السؤال، ولفظ مسلم -رحمه الله- صريح في أن المقصود المواظبة عليها، والروايات يفسر بعضها بعضاً، والله -تعالى- أعلم.

عدد التسليم في السنة القبلية للظهر

عدد التسليم في السنة القبلية للظهر المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 20/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل الركعات الأربع السنة قبل صلاة الظهر تصلى أربع ركعات في تسليمة واحدة أم في تسليمتين؟ أفيدونا مأجورين. الجواب الأفضل أن تصليها بتسليمتين، وإن صليتها بتسليمة واحدة صحَّ.

ترك النوافل من غير عذر فهل يقضيها؟

ترك النوافل من غير عذر فهل يقضيها؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 29/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إذا فرط الشخص في النوافل بدون عذر ثم ندم هل يقضيها؟ مثلا فرط في صلاة الليل بدون عذر وندم هل يقضيها في الضحى؟ إذا كان الجواب بأنه لابد لجواز قضاء النوافل من وجود العذر، هل إذا ضبط الشخص المنبه قبل آذان الفجر بوقت معين ليقوم ويصلي، واستيقظ ولكنه غلب عليه النوم فعجز أن يقوم يعتبر عذراً له؟ الجواب بالنسبة للنوافل يعني الرواتب إذا فاته شيء منها فإن له القضاء، وكذلك الوتر، لأنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فاتته راتبة الفجر قضاها؛ كما في صحيح مسلم (680) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وكذلك جاء في سنن الترمذي (423) وابن ماجة (1155) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس"، وكذلك جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى راتبة الظهر بعد العصر؛ كما في الصحيحين البخاري (1233) ، ومسلم (834) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - وكذلك جاء عند أبي داود (1431) ، والترمذي (465) ، وابن ماجة (1188) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -: "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره"، فالرواتب وكذلك الوتر إذا فاته شيء منه سنَّ له القضاء، وبالنسبة للوتر إذا قضي في النهار فإنه يقضى شفعاً لا وتراً، فإذا كان يصلي من الليل سبع ركعات فإنه يقضيها في النهار ثمان ركعات، وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى الوتر من النهار وصلاه ثنتي عشرة ركعة كما في مسلم (746) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.

ركعتا الوضوء

ركعتا الوضوء المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 18/7/1424هـ السؤال في السابق كنت أصلي سنة الوضوء وهي ركعتان بعد الوضوء كما تعلمون، وإذا حضرت الصلاة وأنا لم أصلها صليتها بعد الصلاة أو بعد سنتها مثل صلاة المغرب والعشاء، فأخبرني بعضهم إن هذا لا يجوز؛ لأن ركعتي الوضوء تُصلى عندما الوضوء لغير الصلاة أو قبلها. فأي الفعلين هو الصحيح؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بالنسبة لركعتي الوضوء فهما صلاة من ذوات الأسباب تفعل عند وجود السبب وهو الوضوء، فإذا وجد السبب شرع له أن يصلي ركعتين، وإذا مضى وقت فإنها تسقط لأن ذوات الأسباب كتحية المسجد وغيرها تفوت بفوات الوقت إذا مضى وقت طويل، وبالنسبة لها فهي تشرع عند كل وضوء سواء توضأ لفريضة أو لغيرها.

الزيادة في ركعات الوتر سهوا

الزيادة في ركعات الوتر سهواً المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 25/1/1425هـ السؤال أصلي الوتر بنية ركعة واحدة وأنسى وأقوم للركعة الثانية ثم أغير نيتي وأجعلها ثلاث ركعات وأكمل الوتر على ثلاثة، هل يصح هذا العمل، أم هل عليّ أن أسجد للسهو؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: من صلى الوتر بنية ركعة واحدة ثم نسي فقام للركعة الثانية، فلما تذكر بعد قيامه أنه قد زاد في الصلاة ما لم يكن في نيته، فلأهل العلم في تغيير نيته هنا قولان: لأول: أنه إذا أراد أن يُغير نيته بأن يُصلي الوتر ثلاثاً فعليه أن يجلس أولاً، ويعتبر ما أتى به حال نسيانه لاغياً؛ لأنها زيادة لم ينوها، ثم يقوم بأداء الركعتين بعد النية الجديدة، ثم إذا أتم ركعاته الثلاث سجد للسهو. الثاني: أنه إذا غير نيته بعد قيامه ساهياً فإنه يتم صلاته ولا شيء عليه. والقول الأول أكثر تمشياً مع ما يقرره الفقهاء من أحكام النية، والله أعلم بالصواب. والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين.

السنن الرواتب

السنن الرواتب المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 8/6/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما عدد ركعات السنة قبل وبعد كل صلاة، وهل يختلف من مذهب لآخر، مثلاً الحنبلي والشافعي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رغَّب في أداء السنن الرواتب في أكثر من حديث، ورتب على أدائها الأجر العظيم، واختلف أهل العلم في عدد هذه السنن الرواتب بناءً على اختلاف بعض الروايات الواردة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-. فمن أهل العلم من قال بأن السنن الرواتب عشر ركعات، كما هو مذهب الشافعية والحنابلة، أخذاً بحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر , وركعتين بعد الظهر , وركعتين بعد المغرب , وركعتين بعد العشاء , وركعتين قبل الفجر، رواه الترمذي (433) ، وأصله في البخاري (937) ، ومسلم (729) ، وحديث عبد الله بن شقيق قال: (سألت عائشة-رضي الله عنها- عن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: كان يصلي قبل الظهر ركعتين, وبعدها ركعتين, وبعد المغرب ثنتين, وبعد العشاء ركعتين , وقبل الفجر ثنتين. رواه الترمذي (436) وصححه.

ومن أهل العلم من قال بأن السنن الرواتب ثنتا عشرة ركعة، كما هو مذهب الحنفية، أخذاً بحديث أم حبيبة بنت أبي سفيان- رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة، إلا بنى الله له بيتاً في الجنة" رواه مسلم (728) ، ورواه الترمذي (415) وغيره بزيادة: "أربعا قبل الظهر, وركعتين بعدها, وركعتين بعد المغرب, وركعتين بعد العشاء, وركعتين قبل صلاة الفجر"، وحديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة, أربع ركعات قبل الظهر, وركعتين بعدها, وركعتين بعد المغرب, وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر" رواه الترمذي (414) ، والنسائي (1794) ، وابن ماجة (1140) .وبناءً على هذه الأحاديث فإن الإنسان إذا صلى عشر ركعات أو ثنتي عشرة ركعة في كل يوم فقد أحسن وأصاب السنة، ولذلك فإنه يشرع للإنسان أن يصلي قبل الفجر ركعتين، وقبل الظهر ركعتين أو أربع ركعات-يسلم من كل ركعتين- وبعد الظهر ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين. هذا ما يتعلق بالسنن الرواتب، أما التطوع المطلق فبابه واسع، ولا يحدد بعدد معين، بل للإنسان أن يصلي ما شاء من عدد ويسلم من كل ركعتين، في أي وقت شاء، ما لم يكن وقت نهي، فلا يجوز أداء النفل المطلق فيه. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

السنن الرواتب ليوم الجمعة

السنن الرواتب ليوم الجمعة المجيب د. بندر بن نافع العبدلي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/السنن والرواتب التاريخ 17/11/1425هـ السؤال كم عدد السنن المؤكدة التي نصليها يوم الجمعة؟ فمن المعلوم أن الحديث ينص على 12 ركعة، فكيف يكون ذلك يوم الجمعة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

صلاة الجمعة ليس لها راتبة قبلها، لكن لها راتبة بعدها، وهي أربع ركعات؛ لما ثبت في صحيح مسلم (881) عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا صَلَّى أحدُكم الجُمُعةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا". وفي الصحيحين عن ابن عمر، رضي الله عنهما: كَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ. البخاري (937) ومسلم (882) . وقد جمع بعض أهل العلم بين الحديثين بأنه إن صلى في المسجد صلى أربعًا، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله. وقال آخرون: بل يصلي ست ركعات، جمعًا بين الحديثين، وهو رواية عن الإمام أحمد، وذهب إليه بعض السلف كسفيان الثوري وعطاء ومجاهد، وقال آخرون: بل يصلي بعد الجمعة أربع ركعات مطلقًا، سواء صلى في المسجد أو في البيت؛ لأن هذا صريح القول من النبي صلى الله عليه وسلم، وصلاته ركعتين من فعله، وفعله لا يعارض قوله؛ لأنه يخرَّج على عدة احتمالات، وعندي أن هذا القول أصح، أن راتبة الجمعة البعدية أربع ركعات مطلقًا؛ فإذا صلى الإنسان الجمعة فإنه يصلي بعدها أربع ركعات سفرًا أو حضرًا، وسواء صلاها في المسجد أو في البيت، وحينئذ فيكون يوم الجمعة مستثنى من عموم حديث: "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ". أخرجه مسلم (728) . والله أعلم.

الصلاة أثناء خطبة الجمعة

الصلاة أثناء خطبة الجمعة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 15/5/1422 السؤال من صلى يوم الجمعة ركعتين ثم دخل الإمام. هل يقطعها؟ أم لا؟ الجواب يظهر لي والله أعلم: أنك إذا صليت ركعة بسجدتيها أتممت صلاتك خفيفة؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) متفق عليه. أما إذا شرع الخطيب في الخطبة قبل إتمام ركعة بسجدتيها فإنك تقطع صلاتك؛ لوجوب استماع الخطبة.

الضابط في تحية المسجد

الضابط في تحيّة المسجد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/تحية المسجد التاريخ 15/5/1422 السؤال ما الضابط في تحية المسجد؟ مثلاً إذا خرجت من المسجد بنية العودة كالوضوء أو أخذ شيءٍ من السيارة ثم رجعت إلى المسجد هل أصلي تحية المسجد أو لا؟ وهل إذا خرجت بنية ألا أرجع، ثم رجعت بعد وقت قصير لحاجة، إما درس أو محاضرة، هل أصلي أو لا؟ الجواب الأولى أن المسلم كلما دخل المسجد صلي تحية المسجد ركعتين؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) . وقد قال بعض العلماء -رحمهم الله -: إن من يكثر التردد إلى المسجد لا يلزمه أن يصلي التحية؛ لكثرة تردده. ولا شك أن المواظبة عليها أفضل؛ للحديث السابق ذكره.

تحية المسجد أم متابعة المؤذن يوم الجمعة

تحية المسجد أم متابعة المؤذن يوم الجمعة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/تحية المسجد التاريخ 3/3/1423 السؤال إذا دخلت المسجد لصلاة الجمعة والمؤذن يؤذن، هل أصلي تحية المسجد؟ أم أردد وراء المؤذن؟ أم أجلس حتى ينتهي المؤذن ثم أصلي؟ الجواب نقول لا، إذا دخلت والمؤذن يؤذن فإنك إذا كان هذا هو الأذان الثاني الذي تعقبه الخطبة فإنك حينئذ تصلي تحية المسجد، لأن متابعة المؤذن سنة والإنصات لخطبة الجمعة واجب، وكونك تفوت على نفسك سنة أولى من أن تفوت عليها واجباً، وأما الجلوس فلا يحق لك أن تجلس حتى تصلي ركعتين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى رجلاً دخل المسجد والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، ثم جلس ذلك الرجل فسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- أصليت؟ قال: لا، قال:" قم فصلّ الركعتين"، رواه البخاري (930) ومسلم (875) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: دخلت المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس بين ظهراني الناس، قال: فجلست، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟ " قال فقلت: يا رسول الله رأيتك جالساً والناس جلوس قال:" فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين" رواه البخاري (444) ومسلم (714) .

صلاة الأوابين

صلاة الأوابين المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة الضحى التاريخ 27/6/1422 السؤال سمعت في حديث تلفزيوني عن صلاة الأوابين أنها ست ركعات بعد صلاة المغرب. فما هي صلاة الأوابين؟ وهل ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعله لها، وكيفيتها؟ الجواب ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)) أخرجه مسلم (748) . وهذا الحديث يستدل به أهل العلم على استحباب صلاة الضحى في آخر وقتها حين ترمض الفصال، أي: حين يظهر أثر حرارة الشمس على الأرض، مما يجعل الفصال، وهي أولاد الإبل والبقر تتأذى من حرارة الرمضاء، فهو كناية عن تأخير صلاة الضحى إلى ذلك الوقت. ووقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى أن يقوم قائم الظهيرة، وتتوسط الشمس في كبد السماء قبل الزوال، ولكن المستحب تأخيرها عن أول الضحى، إذن المراد بصلاة الأوابين، هي: صلاة الضحى في ذلك الوقت، وأقلها ركعتان ومن زاد فهو خير.

صلاة الإشراق

صلاة الإشراق المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة الضحى التاريخ 5/7/1422 السؤال هل هناك صلاة تسمى بصلاة الإشراق؟ وإذا كانت موجودة، فما الفرق بينها وبين صلاة الضحى؟ الجواب لايعرف في الشرع صلاة مستقلة تسمى صلاة الإشراق، وإنما ورد تسمية صلاة الضحى بصلاة الإشراق فيما أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير 24/406 رقم الحديث 986) ، عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (كنت أمر بهذه الآية فما أدري ماهي، قوله: ((إنا سخرنا الجبال معه يسبّحن بالعشي والإشراق)) ، حتى حدّثتني أم هاني بنت أبي طالب، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها فدعا بوضوء في جفنة، كأني أنظر إلى أثر العجين فيها، فتوضأ -صلى الله عليه وسلم-، ثم صلى الضحى، ثم قال: ((يا أم هاني، هذه صلاة الإشراق)) . قال في (مجمع الزوائد 2/241) : وفيه حجّاج بن نصير، ضعّفه ابن المديني وجماعة. والصحيح أن ذلك -أي تسمية الضحى بالإشراق- محفوظ من قول ابن عباس -رضي الله عنه-، فقد أخرج ابن جرير في تفسيره (جامع البيان 12/137) عند تفسير قوله تعالى: ((يسبحن بالعشي والإشراق)) ، والحاكم في (المستدرك 4/59) ، عن عبد الله بن الحارث، أن ابن عباس كان لايصلي الضحى حتى أدخلناه على أم هاني، فقلت لها: أخبريه بما أخبرتني به، فقالت: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتي فصلّى ثمان ركعات، وذلك من الضحى، قيامهن وركوعهن وسجودهن وجلوسهن سواء، قريب بعضهن من بعض، فخرج ابن عباس، وهو يقول: لقد قرأت ما بين اللوحين، فما عرفت صلاة الضحى إلا الساعة (يسبحن بالعشي والإشراق) ، ثم قال ابن عباس -رضي الله عنه-: (هذه صلاة الإشراق) . قال ابن حجر في كتابه (الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف، والمطبوع بذيل الكشاف 4/75: (هذا موقوف، وهو أصح) . فالحاصل أن صلاة الإشراق هي الضحى، والله أعلم.

وقت صلاة الضحى

وقت صلاة الضحى المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة الضحى التاريخ 25/12/1422 السؤال ما أفضل وقت لصلاة الضحى؟ ومتى تكون صلاة الأوابين؟ أرجو توضيح ذلك بالمدة قبل أذان الظهر. الجواب أفضل وقت هو وقت اشتداد حرارة الشمس قبل أن تقف الشمس في وسط السماء، لقوله - صلى الله عليه وسلم -:" صلاة الأوابين حين ترمض الفصال " رواه مسلم في صحيحه (848) ، علماً أن وقت صلاة الضحى يبتدئ من بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح، أي بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريباً، إلى أن تقف الشمس في وسط السماء، فإذا وقفت الشمس قبيل الزوال فهذا وقت نهي، فإذا زالت الشمس دخل وقت صلاة الظهر.

صلاة الضحى جماعة

صلاة الضحى جماعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة الضحى التاريخ 19/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ حفظكم الله ورعاكم سؤالي هو: ما حكم صلاة الإشراق أو الضحى جماعة؟ جزاكم الله خيرا. الجواب لا بأس بهذا إذا لم يتخذ عادة باستمرار، فمن النوافل ما تشرع له الجماعة كالاستسقاء والكسوف والعيدين، ومنها ما لا تشرع له الجماعة كالرواتب وصلاة الضحى، وإذا صليت جماعة صحت ما لم يستمر عليها، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى النفل جماعة في بيت من دعاه للصلاة في بيته نفلاً انظر: البخاري (380) ، ومسلم (658) .

ما يقرأ في صلاة الضحى؟

ما يقرأ في صلاة الضحى؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة الضحى التاريخ 18/02/1426هـ السؤال ما السور المسنون قراءتها في صلاة الضحى؟ وما فضائل هذه الصلاة؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: صلاة الضحى وردت فيها أحاديث تبين عظيم الأجر، وكبير الثواب المترتب عليها، ومن ذلك حديث زيد بن أرقم، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال عنها: "صَلَاةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمضُ الفِصَالُ". أخرجه مسلم (748) . وجاء أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله. أخرجه مسلم (719) . وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم، بعض أصحابه كأبي هريرة وأبي الدرداء وأبي ذر -رضي الله عنهم-، بركعتي الضحى. صحيح البخاري (1178) ، وصحيح مسلم (721، 722) ، وسنن النسائي (2404) . ولا أعلم أنه قد وردت سور معينة تقرأ في صلاة الضحى، فعلى هذا لا تخصص بسور معينة، وإنما يقرأ المصلي ما تيسر له.

صلاة الاستخارة بعد صلاة الفجر

صلاة الاستخارة بعد صلاة الفجر المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الاستخارة التاريخ 7/7/1422 السؤال ما حكم أداء صلاة الاستخارة بعد صلاة الفجر مباشرة؟ وهل هناك وقت مفضل لأدائها؟ وهل نصلي الاستخارة ثم ننام، كما هو شائع، أم لا؟ الجواب إذا كان هناك حاجة ملحة وعاجلة فلا حرج في أدائها بعد صلاة الفجر؛ لأنها تكون من الصلوات ذات الأسباب. وإن لم يكن هناك حاجة ملحة فإنها تؤخر إلى ما بعد طلوع الشمس، وأما النوم بعد صلاة الاستخارة فلا أصل له، ولا دليل عليه.

صلاة الاستخارة

صلاة الاستخارة المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الاستخارة التاريخ 27/6/1424هـ السؤال كيف تتم صلاة الاستخارة، وفي أي وقت يفضل أن أصلي فيه هذه الصلاة، وبعد أي ركعة أقوم بالدعاء، وهل يجوز أن أدعو، أو أستخير بأمرين أو ثلاثة في تينك الركعتين نفسهما، أم لكل أمر صلاته ودعاؤه؟. الجواب صلاة الاستخارة متى تيسرت، إلا أنها تكون ركعتين من غير الفريضة، وتكون في وقت ليس بوقت نهي، فإذا أراد الإنسان أن يستخير في أمر إما بيع أو شراء أو زواج أو طلاق، أو نحو ذلك من الأمور المستقبلة فيصلي ركعتين، وبعدما يسلم من الركعتين يرفع يديه ويدعو، ويجوز أن يستخير في موضع واحد لأمرين أو لثلاثة، ولا يلزم أن يصلي لكل أمر صلاة ويدعو لها دعاء، وإذا لم ينشرح صدره لشيء فإن له أن يصلي ركعتين أخريين، أو يعيد صلاة الاستخارة مرة أخرى، ولو ثلاث مرات أو أربع؛ حتى يرى ما ينشرح له صدره.

الاشتراط في الاستخارة

الاشتراط في الاستخارة المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الاستخارة التاريخ 19/1/1424هـ السؤال السؤال عن صلاة الاستخارة: هل تصح الاستخارة على تعليق شرط، مثلاً هل يجوز أن تقول إنني سأفعل كذا وتنتظر حصول أمر ما، فإذا حصل الأمر تفعل ما عزمت عليه، أي أنك تنتظر ردة فعل شخص أو حدوث شيء حتى تنفذ هذا الشيء، لا أعرف كيف أشرح، لكن أن تتوكل على الله في معرفة الخير لك، لكن تعلق ذلك بحدوث شيء كان تستخير على أمر ثم تقول إذا حدث كذا فمعناه أن الله يسر لي الأمر. الجواب تعليق فعل الشيء أو عدمه على حدوث شيء آخر أو عدمه بعد الاستخارة ليس بصحيح ولا أصل له، بل السنة تدل على أن الإنسان يقدم على العمل بعد الاستخارة لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الاستخارة: "إذا هم أحدكم بالأمر" رواه البخاري (1162) ، وهذا مبني على أمر يخطئ فيه كثير من الناس وهو أنه يظن أن الاستخارة تكون حال التردد في الإقدام أو عدمه، والصواب أن الاستخارة لا تكون حال التردد بل على الإنسان أن يتأمل في حاله ويستشير من يثق بعلمه ودينه وحكمته ثم بعد هذا يجزم ويعزم على أحد الأمرين الذين يتردد فيهما ثم يستخير ويمضي فيما اختاره وستكون فيه الخيرة إن شاء الله إذا صدق مع الله.

متى تشرع الاستخارة؟

متى تشرع الاستخارة؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/الاستخارة التاريخ 1/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: شيخي الفاضل: أود أن أسألك عن الاستخارة: هل في كل الأشياء في الحياة، مثلا أعمل استخارة لأجل أن أذهب للحج هذا العام؟ أو مثلاً واحدة مسافرة لأختها المريضة في دولة أخرى، هل تصلي وتدعو دعاء الاستخارة؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام وحرمة الله وبركاته. نعم، كل أمر يهم الإنسان ينبغي أن يصلي ركعتين من غير الفريضة، وبعد السلام يدعو بالدعاء الوارد في الاستخارة: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه- خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري- أو قال: في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به" صحيح البخاري (1162) . والإنسان يعمل ما ينشرح صدره إليه فإن صرف عن ذلك، فإنه يكون في حال رضا؛ لأنه دعا الله -تعالى- وطلب أن يختار له الخير سواء كان سفراً، أو كان زيارة لمريض، أو زواجاً أو حجاً، أو عمرة، أو شراء شيء، أو نحو ذلك. والله ولي التوفيق.

صلاة الاستغفار

صلاة الاستغفار المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/صلاة التسابيح والحاجة التاريخ 30/3/1424هـ السؤال سؤالي يتعلق "بصلاة الاستغفار":فقد تحدث الكثير من العلماء جزاهم الله خيراً عن أن هذه الصلاة بدعة ولا أصل لها! وأن ما ورد من الأحاديث فيها هي أحاديثٌ ضعيفة! ولكن من خلال تصفحي لـ "صحيح سنن ابن ماجة" للعلامة الشيخ / محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- أورد في الباب 190 "باب ما جاء في صلاة الاستغفار" حديثين أحدهما لأبي رافع والآخر لابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكلا الحديثين يخبر عن هذه الصلاة وصفتها والترغيب فيها، ثم أورد الألباني أن كلا الحديثين "صحيح"! فأردت الاستفسار منكم عن كيفية توافق هذا الكلام وحكم هذه الصلاة في الدين؟! وإذا كانت "بدعة" فكيف يتم التوفيق بين بدعيتها وصحة حديثي سنن ابن ماجة -رحمه الله-؟! ولكم جزيل الشكر على ما تقدمون للدين من جهد وبذل. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الحديثان اللذان أشار إليهما السائل يتعلقان بصلاة التسبيح، وقد بوب ابن ماجة لهذين الحديثين بقوله:"باب ما جاء في صلاة التسبيح"، ولم أطلع على أحدٍ من أهل العلم أطلق عليها صلاة الاستغفار، كما ذكر السائل. وعلى كل حال، فإن صلاة التسبيح قد وردت في عدد من الأحاديث، ومنها ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للعباس -رضي الله عنه-: يا عباس يا عمّاه ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل لك عشر خصال، إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته عشر خصالٍ، أن تصلي أربع ركعاتٍ، تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعةٍ قلتَ وأنت قائم: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقول وأنت راكع عشراً، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً فتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تُفعل في أربع ركعاتٍ، إن استطعت أن تصلِّيها في كل يومٍ مرةً فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرةً، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرةً، فإن لم تفعل ففي عمرك مرةً " رواه ابن ماجة بهذا اللفظ (كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة التسبيح، رقم الحديث:1387) ، وأبو داود (كتاب: الصلاة، باب: صلاة التسبيح، رقم الحديث: 1297) ، وروى الترمذي نحو هذا الحديث من رواية أبي رافع (كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة التسبيح، رقم الحديث: 482) ، وابن ماجة (كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة التسبيح، رقم الحديث:1386) . وقال أبو عيسى الترمذي: روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة التسبيح غير حديث. قال: "ولا يصح منه كبير شيء". أما حكم هذه الصلاة، فقد اختلف فيه

أهل العلم، فمنهم من قال بمشروعيتها، وأنه يستحب للإنسان القيام بأدائها طلباً لثوابها الوارد في حديث ابن عباس وأبي رافع ونحوهما، ومنهم من قال: بعدم مشروعيتها، وأنه لا يجوز فعلها. والسبب في اختلافهم في حكمها: الاختلاف في صحة الأحاديث الواردة في فضلها، فمن رأى أن هذه الأحاديث صحيحة أو حسنة، احتج بها وقال بمشروعية هذه الصلاة، ومن رأى أن هذه الأحاديث ضعيفة أو شاذة، لم يحتج بها وقال بعدم مشروعية هذه الصلاة. ومن خلال هذا الكلام يتبين أنه لا إشكال في المسألة؛ لأن من صحح أحاديثها قال بمشروعيتها، ومن لم يصححها قال بعدم مشروعيتها. وفيما يأتي أذكر عدداً من النقول عن أهل العلم فيما يتعلق بحكم هذه الصلاة: (1) قال ابن عابدين: قوله: (وأربع صلاة التسبيح) يفعلها في كل وقت لا كراهة فيه، أو في كل يوم أو ليلة مرة، وإلا ففي كل أسبوع أو جمعة أو شهر أو العمر، وحديثها حسن لكثرة طرقه) حاشية ابن عابدين (2/27) . (2) وذكر الخطاب أن صلاة التسبيح من النوافل أو الفضائل، وكلاهما مستحب الفعل عند المالكية. مواهب الجليل (1/381) . (3) وقال النووي: "قال القاضي حسين وصاحبا التهذيب والتتمة ……: يستحب صلاة التسبيح للحديث الوارد فيها، وفي هذا الاستحباب نظر؛ لأن حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروف، فينبغي ألا يفعل بغير حديث، وليس حديثها بثابت، وقد قال العقيلي: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت، وكذا ذكر أبو بكر بن العربي وآخرون، أنه ليس فيه حديث صحيح ولا حسن والله أعلم" المجموع شرح المهذب (3/547-548) .

(4) وقال ابن قدامة: (فأما صلاة التسبيح، فإن أحمد قال: ما يعجبني، قيل له: لم؟ قال: ليس فيها شيء يصح، ونفض يده كالمنكر) المغني (1/437-438) . ولكن الذي ينبغي أن يقال في هذه المسألة: إنه لا إنكار على من فعلها؛ لأنها من المسائل المختلف فيها، ومن فعلها فقد تمسك بأحاديث مرويةٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى صحتها أو يقلد من يرى صحتها. ثم إن بعض أهل العلم يحتج بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، ولذلك قال ابن قدامة: "وإن فعلها إنسان فلا بأس؛ فإن النوافل والفضائل لا يشترط صحة الحديث فيها". والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سجود التلاوة

سجود التلاوة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/سجود التلاوة وسجود الشكر التاريخ 3/5/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فهل يوجد بديل عن سجدة التلاوة؟ لقد سمعت من بعض الناس أنه يقول بعد التلاوة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فهل هذا صحيح أم خطأ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب سجود التلاوة سنة مؤكدة، وليس بواجب سواء كان المرء في الصلاة أو خارجها فإن سجد فحسن وإن لم يسجد فلا باس عليه، ولا أعرف أن له بديلاً، وإنما يقول فيه ما يقول في سجود الصلاة، فيقول: سبحان ربي الأعلى مرة أو أكثر، ثم إن دعا بشيء مما ورد فحسن. ومما ورد في ذلك ما أخرجه أبو داود (1414) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في سجود القرآن بالليل يقول في السجدة مراراً سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته".

السجود عند قراءة آية سجدة

السجود عند قراءة آية سجدة المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/سجود التلاوة وسجود الشكر التاريخ 12/10/1423هـ السؤال ما الواجب القيام به عند قراءة الآية الأخيرة من سورة الأعراف؟ وهل لا بد من الطهارة؟ وكيف الحال بمن كانت ليست على طهارة وهي تقرأ هذه الآية؟ الجواب الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله، وبعد: قراءة آية السجدة من سورة الأعراف أو غيرها يستحب للقارئة أن تسجد عندها سجود التلاوة، والصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يشترط لهذه السجدة طهارة وهو ما نصره ابن تيمية -رحمه الله- (الفتاوى الكبرى 23/165) وما بعدها.

جمع الراتبة والوتر في سلام واحد

جمع الراتبة والوتر في سلام واحد المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/مسائل متفرقة التاريخ 30/3/1424هـ السؤال ما حكم جعل السنة الراتبة والوتر بسلام واحد؟ الجواب السنة الراتبة لا يجوز للإنسان أن يشركها مع الوتر؛ بل إنها سنة مستقلة -صلاة مستقلة-، والوتر صلاة مستقلة، فلا يجعل الراتبة مع الوتر؛ بل يصلي الراتبة مستقلة ثم يسلم، ثم يصلي الوتر مستقلاً، ثم يسلم.

الانتقال من النافلة إلى المكتوبة

الانتقال من النافلة إلى المكتوبة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/مسائل متفرقة التاريخ 15/8/1423هـ السؤال "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"، لو أني أصلي نافلة وأقيمت الصلاة، فهل أخرج من النافلة بدون تكميلها؟ وهل أسلم أم لا؟ وشكراً. الجواب إذا أدركت من صلاة النافلة ركعة فالأفضل لك إتمام النافلة خفيفة ثم اللحاق بإمام الراتبة، وإن لم تدرك من النافلة ركعة، وإنما كبرت للإحرام ثم أقيمت الصلاة فلتخرج من الصلاة بنية قطعها؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" رواه مسلم (710) وغيره. وأما السلام فإنما يشرع للخروج من الصلاة بعد الإتيان بكامل فروضها وواجباتها، فلا تكفي فيه نية انتهائها، فإن نوى الخروج قبل ذلك أجزأته نية القطع والشروع فيما نوى.

هل ورد في صلاة النافلة في البيت هذا الفضل؟

هل ورد في صلاة النافلة في البيت هذا الفضل؟ المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/مسائل متفرقة التاريخ 12/01/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم بعد التحية. هل صحيح أن صلاة النافلة في البيت أفضل منها في المسجد بـ 70 مرة، وما الدليل على ذلك؟. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله. جاء في صحيح البخاري (432) ، وصحيح مسلم (777) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا"، وفي صحيح مسلم (778) أيضاً: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيباً من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً". فالنبي -صلى الله عليه وسلم- جعل من صلاة الإنسان في بيته خيراً، وهو غير محدد بـ 70ولا أكثر، والخير كل الخير في اتباعه صلى الله عليه وسلم، والسبب في أن يصلي الإنسان في بيته دون المسجد، هو أن تعمر البيوت بالصلاة فيها، ويتعلم الأولاد والأهل الصلاة من والدهم، ويتذكرون الصلاة إذا غفلوا عنها، ولا تفوتهم. والله أعلم.

إذا تطوع بصلاة المغرب فهل يصليها ثلاثا؟!

إذا تطوَّع بصلاة المغرب فهل يصليها ثلاثاً؟! المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/مسائل متفرقة التاريخ 10/10/1426هـ السؤال صليت المغرب في الطريق ثم أدركتها عندما وصلت لمقصدي، فصليت معهم المغرب على أنها نافلة، ولم أدرك إلا ركعة واحدة، فقمت وأكملت ركعتين، فهل عملي هذا صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا العمل صحيح ولا بأس به، فإذا جئت والناس يصلون المغرب وقد صليت فصل معهم وتكون لك نافلة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي ذر -رضي الله عنه- الذي أخرجه مسلم (648) : "إذا أقيمت وأنت في المسجد فصل". وأيضاً حديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما انتهى من الصلاة وجد رجلين لم يصليا فدعاهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ ". فقالا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة". أخرجه الترمذي (219) ، والنسائي (858) . وكونك صليت ركعتين فهذا جائز ولا بأس به، ولو أن الإنسان صلى مع الإمام ثلاث ركعات فأيضاً هذا جائز ولا بأس به؛ لأنه صلى صلاة وأوتر تبعاً للإمام؛ والقاعدة في ذلك أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً.

الخطبة قبل صلاة العيد

الخطبة قبل صلاة العيد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/ صلاة التطوع/مسائل متفرقة التاريخ 29/10/1425هـ السؤال علماء الحنفية يجعلون الخطبة قبل صلاة العيد، هل فعلهم صحيح؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: السنة أن تكون الخطبة بعد صلاة العيد، وإن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. متفق عليه: البخاري (963) ومسلم (888) . وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما- مثله. رواه البخاري (962) ومسلم (884) . قال في المغني: (إن خطبة العيدين بعد الصلاة لا نعلم فيه خلافًا بين المسلمين إلا عن بني أمية) . وروى طارق بن شهاب قال: قدَّم مروان الخطبة قبل الصلاة، فقام رجل فقال: خالفت السنة، كانت الخطبة بعد الصلاة. فقال مروان: تُرك ذاك يا أبا فلان. فقام أبو سعيد فقال: أما هذا المتكلم فقد قضى ما عليه. وساق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن رأَى مِنكم مُنْكَرًا فَلْيُنْكِرْ بِيَدِهِ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُنكرْهُ بِلِسَانِهِ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُنْكِرْهُ بِقَلْبِهِ، وذلك أَضْعَفُ الإِيمانِ". رواه أبو داود الطيالسي (2196) عن شعبة عن قيس عن طارق، ورواه مسلم في صحيحه (49) ، ولفظه: "فَلْيُغَيِّرْهُ". وعلى هذا فمن خطب قبل الصلاة كمن لم يخطب؛ لأن الخطبة وقعت في غير محلها، علمًا أن الخطبة في صلاة العيدين سنة لا يجب حضورها ولا استماعها. والله أعلم.

كتاب الجنائز

الصلاة على صاحب الكبيرة! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ كتاب الجنائز/حكم صلاة الجنازة وصفتها التاريخ 22/05/1427هـ السؤال هل من السنة عدم الصلاة على المتوفى إذا كان امرأة لا ترتدى الحجاب وتترك الصلاة أحياناً؟ الجواب الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالأصل أن من مات مسلماً موحداً، فغسله، وتكفينه، فالصلاة عليه، ودفنه، فرض كفاية على المسلمين، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، حتى ولو كان مدمن خمرٍ، أو عاقاً لوالديه، أو امرأة متبرجة، أو حتى زانية، أو قاتلَ نفسٍ معصومة. لكن على ولي الأمر وإمام المسلمين الأكبر ومحل القدوة فيهم ألا يصلي على من وقع في شيء من الموبقات من أبناء المسلمين، ولم يتب منها ردعاً لغيره وزجراً، كما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة على المدين الذي لم يترك لدَيْنه وفاء وقال: "صلوا على صاحبكم". صحيح البخاري (2291) ، وصحيح مسلم (1619) . لكن يصلي عليه غيره. والله أعلم.

هل تشرع التعزية للنساء؟

هل تشرع التعزية للنساء؟ المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/ كتاب الجنائز/التعزية التاريخ 23/05/1427هـ السؤال سمعت أنه لا عزاء على النساء، وكثير من معارفنا من النساء لا يأتين للعزاء، حتى ولو كان الميت من أقرب الأقارب لهن.. فأرجو بيان الدليل -إن وجد-، وإن كان هذا القول غير صحيح فأرجو تزويدي بالأدلة الشرعية كي أبين الحق لمن يقول بالقول المتقدم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعزاء المسلم للمسلم مشروع سواء أكان المعزي رجلاً أم امرأة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عزّى آل جعفر، وذهب إلى آل أبي سلمة، وعزى الرجل الذي كان له ابن يحبه حباً، عظيماً فتوفي فحزن عليه حزناً عظيماً، وغيرها من الأحاديث والآثار التي تدل على مشروعية التعزية في الجملة. انظر سنن أحمد (1659) ، وصحيح البخاري (1284) ، وصحيح مسلم (920) ، وسنن النسائي (2088) . وإنما الخلاف في حكم الاجتماع من أجل العزاء، فهل يجوز أن يجتمع المعزون عند أهل الميت، سواء أكان المعزون رجالاً أم نساء؟ بعض أهل العلم منع من الاجتماع عند أهل الميت وعده من النياحة، وقال بكراهة الجلوس للعزاء الشافعية، وعدوه من البدع، والحنابلة في المشهور عنهم، واستدلوا بأثر جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة. رواه أحمد (6905) ، وابن ماجه (1612) . والأثر صححه النووي والشوكاني والألباني رحمهم الله. وبعض أهل العلم من الحنفية (وإن كان بعضهم يقول: إن الجلوس للرجال لا النساء) والمالكية، ورواية عن الإمام أحمد رخصوا في ذلك. واستدل القائلون بالجواز بما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه قتل زيد بن حارثة، وجعفر، وابن رواحة، جلس يعرف فيه الحزن ... صحيح البخاري (1299) ، صحيح مسلم (935) .

واستدلوا أيضاً بما في الصحيحين عن عائشة أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النساء، ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها، أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت، ثم صنع ثريد، فصبت التلبينة عليها، ثم قالت: كلن منها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "التلبينة مجمة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن" صحيح البخاري (5417) ، وصحيح مسلم (2216) . ففي حديث عائشة أن النساء كن يجتمعن عند أهل الميت. وقالوا أيضاً: التعزية مستحبة، والجلوس وسيلة للتعزية، والوسائل لها أحكام المقاصد؛ لأنه يصعب -خاصة في المدن- أن يعزي الشخص أهل الميت إذا لم يجلسوا في مكان معروف. وأما أثر جرير بن عبد الله الذي استدل به من منع من الجلوس فقد ضعفه الإمام أحمد، وذكر أنه لا يرى لهذا الحديث أصلاً- كما في سؤالات أبي داود. وعلى فرض صحته فالممنوع هو الاجتماع مع صناعة الطعام لما فيه من التباهي وغيره من المحاذير، أما إن كانوا يجتمعون ويصنع الطعام غيرهم فليس فيه محظور. وحتى على القول بالجواز، لا يجوز أن يصاحب ذلك بعض الأمور المحدثة، كالاجتماع لقراءة القرآن، أو تحديد هيئة أو أوقات معينة لقراءة القرآن، أو إسراف في المآدب، كما لا يجوز أن يصاحب ذلك نياحة، أوشق للجيوب، أولطم للخدود، أو سخط واعتراض على القدر، بل المطلوب من المعزين الدعاء للميت، ومواساة أهل الميت وتسليتهم لا تهييجهم. كما أن المشروع صناعة الطعام لأهل الميت؛ لأن عندهم ما يشغلهم لا أن يصنعوا هم الطعام للناس ويجمعونهم لذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم. أخرجه أبو داود (3132) ، والترمذي (998) ، وابن ماجه (1610) . وعلى ذلك فالمسألة اجتهادية خلافية -وإن كان الأقوى الجواز- ولا إنكار في مسائل الاجتهاد. والله أعلم وصلى وسلم على نبينا محمد.

مسائل متفرقة

رفع الصوت بقراءة القرآن المجيب محمد بن عبد العزيز العامر القاضي بمحكمة جدة القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 7/4/1422 السؤال ما حكم رفع الصوت بقراءة القرآن؟ الجواب إن كان الإنسان خالياً فلا بأس (إن شاء الله تعالى) ، وإن كان هذا في المسجد، والناس يصلون فلا ينبغي مثل هذا لما فيه من التشويش على غيره، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه أحمد وأبو داوود من حديث أبي سعيد الخدري، قال: "اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له، فكشف الستر، وقال: ألا كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة". وروى مالك في الموطأ عن البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس، وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: "إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن".

الكلام في الصلاة سهوا

الكلام في الصلاة سهواً المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 29/10/1424هـ السؤال تكلمت أثناء الصلاة عندما أخطأت في آية وكنت الإمام، ولم أشعر إلا وأنا أقول (أنا آسف) ناسياً أنني في صلاة، وأكملت صلاتي بعد ذلك والإخوة في المسجد، لكن أحدهم قال إن الصلاة باطلة لك، صحيحة للمأمومين، فذهبت إلى مكتبتي وقرأت في كتاب المحلى لابن حزم أن الكلام سهوا في الصلاة لا يبطلها، أفيدوني لأبين الحكم الصحيح، وجزاكم الله خيراً. الجواب من تكلَّم ناسياً في الصلاة، أو جاهلاً، أو مكرهاً، فإنه لا شيء عليه، وصلاته صحيحة، ويدل لهذا حديث معاوية بن الحكم -رضي الله عنه- في صحيح مسلم (537) : لما تكلَّم في الصلاة لم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم- بإعادة الصلاة، وإنما قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" والله أعلم.

مزاح المصلي للطفل

مزاح المصلي للطفل المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 25/7/1424هـ السؤال لدي طفلة تبلغ من العمر 4 أعوام، وطفل يبلغ عامين، في بعض الأحيان وأنا أصلي في البيت، يلعبون بجواري، وأحياناً يحاولون أن يجلسوا على ظهري في وضع السجود، أو على رجلي في وضع التشهد، أو أن أحملهم وأداعبهم أثناء الصلاة، وقد يتعرض أحدهم إلى خطر (مكان الكهرباء مثلا) وأنا أصلي، فهل مداعبة الأطفال أو كف الأذى عنهم، أو الإشارة لهم بشيء أثناء الصلاة حرام؟ مع العلم أنني بالطبع أفقد التركيز والخشوع في صلاتي، وإنني أؤديها كمجرد فرض دون خشوع في معظم الأحيان، حتى ولو أن الأطفال ليسوا معي، فإني أجاهد نفسي لكي أتمعن في صلاتي، ولكن في أغلب الأحيان يغلب علي السهو، فهل تقبل صلاتي على هذا النحو؟ مع العلم أنني لا أترك فرضاً، وأصلي بعض النوافل؟ وشكرا. ً الجواب

إذا كان هذا الأمر من دون اختيار لك، وخشيت عليهم لو تركتيهم أن يزيد تشويشهم عليك في الصلاة فلا بأس، أما إذا كان يمكن دفعهم ومنعهم فإن هذا المتعين، والنبي – صلى الله عليه وسلم- حمل أمامة بنت بنته خوفاً عليها من أن يصدر منها تشويش يؤذي النبي – صلى الله عليه وسلم- ويؤذي جميع المصلين، انظر ما رواه البخاري (516) ، ومسلم (543) ، حديث أبي قتادة – رضي الله عنه - وليس هذا دليلاً على أن الإنسان إذا دخل في الصلاة يبدأ اللعب مع أطفاله، قد جاء في سؤالك أنك تداعبين أطفالك أثناء الصلاة، ومن أركان الصلاة الطمأنينة والمداعبة عبث، والعبث يبطل الصلاة، فيجب عليك وعلى غيرك أن تتقوا الله وتؤدوا الصلاة تامة بأركانها وشروطها، وواجباتها، وأن يبعد الإنسان عنه ما يشغله عن الخشوع، لأن الخشوع هو لب الصلاة، والله – تعالى- يقول: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" [المؤمنون:1-2] ، ويقول – جل وعلا-: "ألم يأن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق" [الحديد:16] ، فيجب على الإنسان أن يزيل عنه المشاغل الحسية والمعنوية، ولهذا نهى النبي – صلى الله عليه وسلم- الإنسان إذا كان بحضرة طعام أو يدافع الأخبثين أن يصلي، وأمره أن يتخلص من هذه قبل الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان"رواه مسلم (560) من حديث – عائشة – رضي الله عنها -، وهذه الأخت السائلة تقول: إنها تداعب الأطفال في أثناء الصلاة، فمداعبتهم هذا عبث وتعمد، وكثرة العبث تبطل الصلاة، فعلى هذه السائلة وغيرها أن ينتبهوا لهذه المسألة، وقالت: إنها تفقد بالطبع التركيز والخشوع في صلاتها التي تؤديها، كمجرد فرض، دون خشوع في معظم الأحيان، هذا دليل على أنها جعلت الصلاة مجرد حركات لا روح فيها، وهذا تلاعب وإهمال وعدم مبالاة في حق الصلاة، وقالت أيضاً: حتى لو أن الأطفال ليسوا معي فإني أجاهد نفسي لكي أتمعن في صلاتي، ولكن

في أغلب الأحيان يغلب علي السهو فهل تقبل الصلاة على هذا النحو؟.

فنقول: كما نبهنا في البداية عليها أن تجتهد في إصلاح نفسها، والصلاة فيها شغل في ذاتها، فليس فيها فراغ، ليس فيها أوقات يكون الإنسان فيها معذوراً أن يعمل ما شاء، فإن الإنسان من حين أن يكبَّر تكبيرة الإحرام فإنه مشتغل بأذكار وأعمال حتى ينتهي من صلاته بالسلام، والنبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن في الصلاة لشغلاً" رواه البخاري (1216) ، ومسلم (538) من حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- يعني: أن الصلاة جوهرها كله مشغل للإنسان، فهي تشتمل على تكبير وتلاوة، وركوع ودعاء، واستغفار، وغير ذلك، فليس فيه مجال للإنسان أن يفسح لنفسه أن يذهب يميناً وشمالاً ويسرح في أفكاره وغيرها، وإنما عليه أن يتأمل ما يقرأ، ويتأمل حال ركوعه وحال سجوده، وما يقول فيهما، وحال قراءته وفي تشهده، كل ذلك يكون مشتملاً لما يتلو، وهذا الشغل مدعاة أن ينصرف عن الخواطر التي تخطر له وتؤذيه في الصلاة، والنبي – صلى الله عليه وسلم- أخبر: "أن الرجل لينصرف، أي من الصلاة – وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها" رواه أبو داود (796) من حديث عمار بن ياسر – رضي الله عنهما -، ويكتب لك من صلاتك بقدر ما فيها من الخشوع، ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت، وإن أجزأت عن الفريضة، لكن من حيث ترتب الثواب عليها لا يحصل الإنسان إلا قدر الوقت الذي كان فيها خاشعاً، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا تجزئ صلاةٌ لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود" رواه الترمذي (265) والنسائي (1027) ، وأبو داود (855) وابن ماجة (870) ، من حديث أبي مسعود البدري – رضي الله عنه – وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "من صلى الصلاة لوقتها، وأسبغ لها وضوءها، وأتم لها قيامها وخشوعها وركوعها وسجودها خرجت وهي بيضاء مسفرةٌ، تقول: حفظك الله كما حفظتني، ومن صلى الصلاة لغير وقتها فلم يسبغ لها وضوءها، ولم يتم لها خشوعها ولا ركوعها ولا

سجودها خرجت وهي سوداء مظلمةٌ تقول: ضيعك الله كما ضيعتني حتى إذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق، ثم ضُرِب بها وجهه" رواه الطبراني في الأوسط (3095) من حديث أنس - رضي الله عنه -، فعلى الإنسان أن ينتبه للصلاة، لأنها الركن الثاني من أركان الإسلام، ولا يستخف بها كما جاء في سؤال السائلة، ونسأل الله الهداية للجميع.

مضاعفة الصلوات في المسجد الحرام

مضاعفة الصلوات في المسجد الحرام المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 4/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ورد في الحديث أن الصلاة في المسجد الحرام تعدل مئة ألف صلاة فيما سواه، فكنت أغتنم كل زيارة للمسجد الحرام فأكثر فيه من النوافل، وقد أخبرني أحدهم مؤخراً أن الحديث يتكلم عن الصلوات المكتوبات دون النوافل، فهل هذا صحيح؟ الجواب الوارد في الحديث مضاعفة الصلاة في المسجد الحرام، والمراد بها مكة كلها -إن شاء الله-، ولم يخصص الفريضة دون النافلة، والصلاة في سائر مكة مضاعفة -إن شاء الله-، كما قرر ذلك كثير من العلماء سواء كان الصلاة في المسجد الحرام نفسه الذي حول الكعبة أو بعيداً عنه في حدود الحرم إلا أن صلاة الفريضة في المسجد الحرام نفسه أفضل من غيره لوجود مزايا لا تحصل بغيره.

قطع صلاة الفرض

قطع صلاة الفرض المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 4/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو الإجابة على: (1) هل يجوز قطع صلاة الفرض؟ ومتى لا يجوز ومتى يجوز؟ (2) وهل يجوز الانحراف في الصلاة إن علمنا شبه يقين أن القبلة في اتجاه معين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب قطع صلاة الفريضة وإبطالها لا يجوز إلا للضرورة أو يأتي بما هو الأفضل مثل صلاة الجماعة. وإذا علم الإنسان وهو في الصلاة أن القبلة في اتجاه معين فإنه يتجه إليه وجوباً.

متى أقضي الصلاة الفائتة؟

متى أقضي الصلاة الفائتة؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 16/10/1422 السؤال السؤال: هل يصح لي عندما يفوتني فرض أن أصليه في وقت نفس الفرض في اليوم التالي؟ أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله ألف خير. الجواب لا يصح هذا، بل يجب عليك المبادرة بالقضاء؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" من نام عن صلاة، أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلاَّ ذلك" وتلى قوله تعالى:" وأقم الصلاة لذكري" [طه:14] والحديث رواه البخاري (597) ومسلم (684) والله أعلم.

حسر الرأس في الصلاة

حسر الرأس في الصلاة المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 19/9/1422 السؤال هل تصح صلاتي إذا لم ألبس كوفية، أو شماغاً، أو عمامة، أو شيئاً من هذا القبيل؟ وما دليل ذلك من السنة إذا كان لا بد من وضعها؟ الجواب تصح صلاة الرجل وهو حاسر الرأس إماماً كان أو منفرداً؛ لأنه لم يثبت الأمر بتغطية الرأس بعمامة أو غيرها في الصلاة. وستر الرأس بلباس البلد المعتاد أفضل؛ فإنه من أخذ الزينة المأمور بها في الصلاة في قوله - تعالى - "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" [الأعراف:31] .، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يلبس العمامة انظر مارواه مسلم (1359) ، والله أعلم.

المسح على الجورب الفوقاني

المسح على الجورب الفوقاني المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 01/11/1425هـ السؤال ما حكم من لبس جوربين ومسح على الأعلى، هل يجوز له خلعه والصلاة بالذي يلي الجسم، وماذا لو مسح على الأسفل ولبس فوقه آخر؟ نريد التفصيل. الجواب فإن الإنسان إذا لبس جوربين ومسح على الأعلى منهما ثم خلعه بعد أن مسح عليه بعض الوقت فإنه على الراجح باق على طهارته تجوز له الصلاة، ولا ينتقض الوضوء حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء المعروفة، وعليه فلا تبطل الطهارة بمجرد خلع الجورب أو الخف إذا كان الإنسان طاهرًا وقت خلعه له. وإذا لبس الإنسان خفًّا على خف بعد أن مسح على الخف الأسفل فإنه يجوز له- على الراجح أيضًا- المسح على الأعلى إذا كان ملبوسًا على طهارة، ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "دَعْهُمَا فَإِني أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ". متفق عليه: صحيح البخاري (206) وصحيح مسلم (274) ، من حديث المغيرة بن شعبة، رضي الله عنه، وهذا يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين؛ لكن ينبغي أن يعلم أن المدة تحتسب من حين المسح على الأول لا من حين المسح على الثاني. والله اعلم.

السجود خارج الصلاة

السجود خارج الصلاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 14/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، علمنا من الحديث الشريف استحباب الدعاء عند السجود، فهل يجوز أن ندعو ونحن سجود خارج الصلاة؟ وهل يعتبر هذا من البدع؟. الجواب لا يشرع السجود خارج الصلاة إلا فيما ورد، كسجود التلاوة وسجود الشكر.

هل أقطع صلاتي إذا نادتني أمي؟

هل أقطع صلاتي إذا نادتني أمي؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 6/12/1422 السؤال ما حكم قطع الصلاة إذا سمع المرء أمه تناديه؟ وهل هناك اختلاف في الحكم بين الصلاة النافلة والفرض؟ الجواب الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله، فالجواب على هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل إليك بيانه: أولاً: إن كانت الصلاة فريضة، فلا يخلو نداء الأم عن حالتين: أولاهما: أن يكون نداؤها ضرورياً لا يمكن تأجيله كإنقاذها من حريق، أو غرق، أو عدو، أو سبع، فهنا لا بأس أن يفعل ما في وسعه لإنقاذها، ثم يعود إلى صلاته، قال أحمد: "إذ رأى صبيين يتخوف أن يلقي أحدهما صاحبه في البئر، فإنه يذهب إليهما فيخلصهما ويعود إلى صلاته" (انظر: الشرح الكبير 3/614، طبعة التركي والحلو) ، وقال صاحب الشرح:" فإن خاف على نفسه من الحريق ونحوه في الصلاة ففر منه بنى على صلاته وأتمها صلاة خائف". (انظر: الشرح الكبير 3/615) .

ثانيهما: أن يكون نداؤها غير ضروري يمكن تأجيله، فهنا يلزم إتمام الصلاة ويحرم قطعها أو كثرة العمل في أثنائها كثرة فاحشة، سيما لغير حاجة؛ لأن الصلاة حق لله – عز وجل -، وحقه مقدم على حق الوالدين لما في البخاري (7534) ومسلم (85) من حديث ابن مسعود – رضي الله عنهما- "سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، فما تركت أن أستزيده إلا إرعاءً عليه"، وهذا لفظ مسلم، وقد ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم- فتح الباب لعائشة – رضي الله عنها – وهو يصلي انظر ما رواه الترمذي (601) وأبو داود (922) والنسائي (1206) ، وفي البخاري (516) ومسلم (543) من حديث أبي قتادة – رضي الله عنه – كان – عليه السلام- يؤم الناس وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود حملها. ولا يشرع في جميع الأحوال الكلام في الصلاة؛ لأنه يبطلها إذا كان من غير جنسها، ومن جهة ثانية فلو أمكنه تخفيف الصلاة من غير إخلال بأركانها وواجباتها ليتسنى له إجابة أمه فحسن، إذ قد صحَّ عنه -عليه الصلاة والسلام- قوله:" إني لأقوم إلى الصلاة، وأنا أريد أن أطَوِّلَ فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه ". رواه البخاري (707) من حديث أبي قتادة –رضي الله عنه-.

ثانياً: إن كانت الصلاة نافلة، وغلب على ظنه أن أمه ستعذره إذا علمت أنه في صلاة، وليس في إجابتها دفع ضرورة قائمة فالأولى إتمام الصلاة خفيفة، فالمبادرة إلى إجابة النداء مع الاعتذار بلباقة وأدب، وإنما قلت: يتم الصلاة خفيفة ولا يقطعها فراراً من مغبة مخالفة قوله -تعالى-: " ولا تبطلوا أعمالكم " [محمد:33] ، فقد منع بعض أهل العلم قطع النافلة إذا أقيمت الفريضة للآية المذكورة، وأما إذا غلب على ظنه أن أمه لن تعذره إن تأخر عن إجابتها فلا بأس أن يقطع صلاته؛ لأن حق الأم مقدم على نوافل العبادات وطاعتها في المعروف حتم لازم، والله أعلم.

تأخير الصلاة لإكمال الدرس

تأخير الصلاة لإكمال الدرس المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 6/12/1424هـ السؤال مجموعة في حلقة دراسية أو دورة في أي علم كان، ما حكم تأخيرهم الصلاة ليصلوا معاً بعد انتهاء الدرس، وهل يختلف الحكم إن كان المسجد مجاوراً أو لا؟ علماً أنهم لا يؤخرونها عن وقتها، ولكن حرصاً على الوقت واجتماع المجموعة وعدم تفرقهم. الجواب فيه تفصيل: فإن كان بالقرب منهم مسجد يسمعون منه النداء فيجب عليهم قطع الدروس مهما كانت، والتوجه إلى المسجد وأداء الصلاة جماعة، والدروس يجب أن تكون عوناً على ذكر الله وعلى الصلاة لا ذريعة لترك الواجبات. وإن كانوا في مكان بعيد عن المساجد فلا حرج عليهم -إن شاء الله- في تأخير الصلاة إلى انتهاء الدرس، ويصلون جماعة قبل خروج وقت الصلاة، والمبادرة أولى، وبالله التوفيق.

بناء المنبر والمحراب

بناء المنبر والمحراب المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 23/2/1423 السؤال ما حكم بناء المنابر والمحاريب في غير مساجد الجمع؟ الجواب المشروع في الخطبة أن تكون على المنبر؛ لفعله -عليه الصلاة والسلام-، ولأنه أبلغ في الإعلام والوعظ، وقد ذكر الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: أن اتخاذ المنبر سنة مجمع عليها (ج6ص152) . أما بناء المحاريب، فإليك نص فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم (5614) : س: المحراب في المسجد، هل كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ج: لم يزل المسلمون يعملون المحاريب في المساجد في القرون المفضلة وما بعدها؛ لما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين، ومن ذلك بيان القبلة وإيضاح أن المكان مسجد، وبالله التوفيق.

ظهور أفعى أمام المصلي

ظهور أفعى أمام المصلي المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 23/11/1423هـ السؤال أريد أن أعرف ما الحكم الشرعي إذا كان المسلم يصلي وأثناء صلاته ظهرت أمامه أفعى فماذا يتوجب عليه فعله؟ هل يقتلها ويكمل صلاته أم يرفع صوته حتى يسمعه غيره ويتولى قتلها أم يتركها وشأنها؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل الأسودين في الصلاة العقرب والحية" رواه الخمسة النسائي (3/10) وأبو داود (921) وابن ماجة (1245) وصححه الترمذي (390) ورواه ابن حبان (2351) والحاكم (1/256) وصححه. فهذا الحديث يدل على أنه يشرع للإنسان قتل الحية أو العقرب وما في معناهما من الحيوانات المؤذية في صلاته، وقد حكى بعض أهل العلم الإجماع على أنه لا يكره للمصلي ذلك وأنه يتم صلاته. قال بعضهم:"ولو كثر الفعل لأن الحال حال ضرورة"، والله تعالى أعلم.

أثر بقاء الشعر على صحة الصلاة

أثر بقاء الشعر على صحة الصلاة المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 28/2/1424هـ السؤال هل تجوز الصلاة والصيام إذا لم يزل شعر الجسم أكثر من أربعين يوماً؟ الجواب الصلاة هيئة متكاملة ذات أركان وواجبات وشروط؛ فإذا اكتملت هذه الأركان وتلك الشروط والواجبات فهي صلاة شرعية صحيحة؛ وليس إزالة الشعر من أركانها ولا شروطها ولا واجباتها، وإنما ذلك من الفطرة والنظافة، فلا علاقة له بصحة الصلاة وعدم صحتها، والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.

لماذا الظهر أربع والجمعة ركعتان

لماذا الظهر أربع والجمعة ركعتان المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 5/11/1422هـ السؤال لماذا لا نصلي صلاة الظهر يوم الجمعة ونصلي بدلاً منها ركعتين في المسجد فقط؟ ما الدليل النقلي من القرآن والسنة على تأكيد ذلك؟ وهل كان ذلك موجوداً أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وبعد: أخي السائل: العبادات في الإسلام توقيفية -أي مأخوذة من القرآن والسنة- والأصل في الاتباع لا الابتداع، وهي لا تخضع للاجتهاد أو الرؤية الشخصية، قال تعالى:"وما آتاكم الرسول فخذوه ومن نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر:7] وفي الحديث:"صلوا كما رأيتموني أصلي" البخاري (631) . ومن خصوصيات الإسلام دون غيره من الأديان أن الصلوات بأسمائها وكيفيتها ومواقيتها وردت نظرياً وعملياً عن الرسول -عليه السلام-، وأما صلاة الجمعة ركعتين دون أربع فقد ثبتت بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة" [الجمعة:9] تسمية لصلاة الجمعة باسم يومها، وحرم الإسلام البيع والشراء ليساعد على الاجتماع لها، "فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" [الجمعة: 9] ومن لازمها أداء الخطبة من قيام "وتركوك قائماً" [الجمعة: 11] ، وفي السنة كثير من الأحاديث التي نصت على وجوبها وآدابها وشروط صحتها وآداب الحضور والاستماع بما لا يتسع المجال لذكره، وقد أجمع العلماء على وجوبها على كل مسلم بالغ عاقل ذكر حر مقيم قادر على الأداء (غير مريض) . وقد أداها الرسول بعد الهجرة بخطبتين بعدهما ركعتان وظل على أدائها حتى لاقى ربه، فوجب الاتباع وترك الابتداع.

إعتادت النوم عن صلاة العشاء، فهل تقضيها؟

إعتادت النوم عن صلاة العشاء، فهل تقضيها؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 23/8/1424هـ السؤال كنت في بعض الأحيان أؤخر صلاة العشاء ثم أنام عنها، ولكني لم أكن أقصد أن لا أصليها، وبقيت على ذلك لمدة من الزمن، ولكن الآن إيماني قد قوي وأنا نادمة على ذلك كثيراً، فهل أقضي؟. الجواب الصحيح أنها لا يلزمها، وإنما عليها أن تكثر من النوافل، ولكن إذا كانت صلوات معدودة (صلاة العشاء) ، فاستيقظت فإنها تقضيها ولو في الضحى، "من نسي صلاةً أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" رواه البخاري (597) ، ومسلم (684) ، واللفظ له من حديث أنس -رضي الله عنه- أما إذا كثرت هذه الصلوات فلعلها أن تسقط، وتكثر من النوافل.

الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر!

الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر! المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 16/2/1425هـ السؤال هل تعد بدعةً أقامة صلاة الظهر مع الجمعة؟ وهل يمكن اعتبارها كما يذكر البعض أنها مسألة اجتهادية؟ أرجو منكم توضيح ذلك. أيدكم الله. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى شرع لعباده الشرائع فأحكم ما شرع، وبين لهم الدين وأتمه وأكمله، ولم يجعله محتاجاً إلى من يزيد فيه شيئاً لم يشرعه الله أو رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ومما شرعه الله لعباده وأوجبه عليهم: صلاة الجمعة، وهي من آكد الصلوات وأهمها، فمن أداها أجزأته وكفته عن صلاة الظهر، والصحيح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجمعة صلاة مستقلة عن صلاة الظهر وليست بدلاً عنها، وعلى كلا القولين لا يشرع ولا يجوز الجمع بينهما؛ لأنه لم يأت دليل يدل على صحة ومشروعية الجمع بينهما، وإذا كان الجمع بينهما غير جائز؛ فإنه يجب الإنكار على من يفعل هذا الأمر بالحكمة وبالتي هي أحسن حتى ينتهي عن هذا الأمر المنكر؛ لأنه من الابتداع في الدين، والابتداع في الدين اتهام له بالنقص والخلل، كما أنه من باب الإحداث في شرع الله بما لم يأذن به، وقد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه عند البخاري (2697) ومسلم (1718) من حديث عائشة - رضي الله عنها-.

ومما سبق يتبين أن الجمع بين صلاتي الجمعة والظهر من البدع والمحدثات، وهو فعل لم يكن عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه - رضي الله عنهم-، والواجب الإنكار على من فعله، كما أن هذه المسألة ليست من المسائل الاجتهادية؛ لأن المسألة إنما تكون من المسائل الاجتهادية إذا كانت الأدلة فيها متكافئة أو متعارضة وكل فريق من المتخالفين يستدل بطرف منها، وليس الأمر كذلك في هذه المسألة؛ لعدم وجود ما يدل على مشروعية هذا الفعل ولو كان دليلاً ضعيفاً. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

اجتماع العيد والجمعة

اجتماع العيد والجمعة المجيب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 27/9/1423هـ السؤال تنازع رجلان في العيد إذا وافق الجمعة، فقال أحدهما: يجب أن يصلى العيد، ولا تصلى الجمعة؛ وقال الآخر بل تصلى، فما الصواب في ذلك؟ الجواب الحمد لله، إذا اجتمعت الجمعة والعيد في يوم واحد فللعلماء في ذلك ثلاثة أقول: أحدها: أنه تجب الجمعة على من شهد العيد، كما تجب سائر الجمع للعمومات الدالة على وجوب الجمعة، وهو قول الإمام مالك وغيره. والثاني: تسقط عن أهل البر، مثل أهل العوالي والشواذ؛ لأن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أرخص لهم في ترك الجمعة لما صلى بهم العيد، وهو قول الشافعي. والقول الثالث: وهو الصحيح أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة، لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد، وهذا هو المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه: كعمر، وعثمان، وابن مسعود، وابن عباس، وابن الزبير وغيرهم - رضي الله عنهم -. ولا يعرف عن الصحابة في ذلك خلاف. وأصحاب القولين المتقدمين لم يبلغهم ما في ذلك من السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -لما اجتمع في يومه عيدان فصلى العيد ثم رخص في الجمعة، وفي لفظ أنه قال: "أيها الناس! إنكم قد أصبتم خيراً، فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد، فإنا مجمعون"، وهذا الحديث روي في السنن من وجهين: أنه صلى العيد ثم خير الناس في شهود الجمعة: وفي السنن حديث ثالث في ذلك أن ابن الزبير - رضي الله عنهما - كان على عهده عيدان فجمعهما أول النهار ثم لم يصل إلا العصر وذكر أن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - فعل ذلك، وذكر ذلك لابن عباس - رضي الله عنهما - فقال: قد أصاب السنة.

وأيضاً فإنه إذا شهد العيد حصل مقصود الاجتماع، ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة، فتكون الظهر في وقتها، والعيد يحصل مقصود الجمعة، وفي إيجابها على الناس تضييق عليهم، وتكدير لمقصود عيدهم، وما سن لهم من السرور فيه، والانبساط. فإذا حبسوا عن ذلك عاد العيد على مقصوده بالإبطال، ولأن يوم الجمعة عيد، ويوم الفطر والنحر عيد، ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد إدخال إحداهما في الأخرى، كما يدخل الوضوء في الغسل، وأحد الغسلين في الآخر، والله أعلم. [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (24/210-213) ] بتصرف.

الالتفات إلى المسبوقين بعد الصلاة!

الالتفات إلى المسبوقين بعد الصلاة! المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 13/2/1425هـ السؤال أريد فتوى في ظاهرة انتشرت في المساجد، ألا وهي: ظاهرة الالتفات بعد قضاء الصلاة حتى أن بعض المصلين -هداهم الله- إذا رأيته بعد الصلاة كأنه مسؤول عن المصلين يلتفت يميناً وشمالاً وهكذا، يعدهم عدا، فما تعليق فضيلتكم على هذه الظاهرة؟ حفظكم الله ورعاكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالمشروع للمصلي إذا فرغ من صلاته أن يشتغل بذكر الله تعالى الوارد في السنة، كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: "ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بالتكبير"، أخرجه مسلم في صحيحه رقم: (583) ، ومن آداب الذكر حينئذ ألا يكثر من الالتفات؛ ليكون أخشع لقلبه؛ ولئلا يشغل غيره بكثرة الالتفات. ومع هذا فالالتفات بعد الصلاة جائز كما لا يخفى، ولذا لا ينبغي التعنيف على من فعل ذلك؛ لأنه ربما التفت أحدهم ليتأكد من شهود ابنه أو أخيه للجماعة في المسجد، ومع هذا الاحتمال أو غيره، فإنه ينبغي أن نحسن الظن بإخواننا، وأن نشتغل بعيوب أنفسنا. والله المستعان.

التطوع في مكان الفريضة

التطوع في مكان الفريضة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 04/08/1425هـ السؤال عند أداء السنة الراتبة بعد الفريضة ألاحظ أن بعض المصلين يغير مكانه الذي صلى فيه الفريضة ليصلي السنة الراتبة، فلماذا؟ وما هو الحكم؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

جاء في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَتَطَوَّعُ الإِمَامُ في مَكَانِهِ". ذكره البخاري معلقًا قبل رقم (850) ، وفي إسناده ضعف، وقد أخرجه أبو داود (1006) وابن ماجه (1427) بلفظ: "أَيَعْجِزُ أحدُكم إذا صلَّى أنْ يتقدَّمَ أو يتأَخَّرَ أو عَن يمينِه أو عن شِمالِهِ؟ ". وأخرج أبو داود (616) وابن ماجه (1428) عن المغيرة بن شعبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُصلِّي الإِمَامُ في مَقَامِهِ الذي صلَّى فيه المَكْتُوبَةَ حتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ". كما جاء النهي صريًحا في ذلك، في صلاة الجمعة، ففي صحيح مسلم (883) ، من حديث معاوية، رضي الله عنه، أنه قال للسائب بن أخت نمر: إذا صلَّيتَ الجُمُعةَ فلا، حتى تَكَلَّمَ أوْ تَخْرُجَ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرنا بذلك؛ ألَّا نُوصِلَ حتى نتكلَّمَ أوْ نَخْرُجَ. والعلة في ذلك حتى لا يلحق بالفرض ما ليس منه، وقيل بالنسبة للنافلة من أجل تكثير شهود البقاع له يوم القيامة، لأنه جاء في سنن الترمذي (2429) ، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) [الزلزلة:4] . قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟ ". قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا؛ أَنْ تَقُولَ: عَمِلَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا". قَالَ: "فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا". والله أعلم.

علامة السجود في الجبهة

علامة السجود في الجبهة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 03/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي عن علامة السجود التي تظهر على الجبهة. سمعت أن الإمام مالكاً كان يضع شيئاً ليِّناً على الأرض ليسجد فوقه؛ حتى لا يحدث له علامة على جبهته من السجود، فيرونه الناس عابداً تقياً، فإذا كان هذا الفعل صحيحاً، أيكون بدعة في الدين؟ أنا أكره أن يكون لي مثل هذه العلامة؛ بسبب ما يعلق به الناس علي، مثل قولهم "ما شاء الله رجل تقي ... الخ". فهل يجوز لي السجود بلطف؛ حتى لا تتكون مثل هذه العلامة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الفاضل: وجود هذه العلامة لا تدل - بالضرورة - على التقوى، ولا على كثرة العبادة، وعدمها لا يدل على قلة العبادة أو ضعف التقوى، ولا ينبغي للمرء أن يتكلف إظهار هذه الآثار، فالتطلع لها والتسبب بأسبابها المُظهرة لها ذريعة إلى الرياء والسمعة. وإخفاء العمل، والعبادة وآثارها أولى وأعظم أجراً؛ لكن مع ذلك لا يجوز أن نرمي من تظهر فيه هذه الآثار بتهمة المراءاة والسمعة، والتظاهر بآثار العبادة طلباً لمديح الناس، فكما يجب على المرء أن يتقي الرياء فعليه أيضاً أن يمسك لسانه عن الاستطالة في أعراض المسلمين، واتهامهم بما ليس فيهم. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الصلاة في بيت به صور

الصلاة في بيت به صور المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصلاة/مسائل متفرقة التاريخ 16/05/1427هـ السؤال هل تصح الصلاة في بيت فيه صور ودمى؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، وبعد: فالصور والدمى لا يجوز وضعها في البيت، ولا سيما تعليقها، إلا أن تكون الصورة مهانة، لما ثبت في الصحيحين البخاري (3322) ومسلم (2106) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة"، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى ستراً على بابه فيه صورة هتكه (أي شقه) بعنف وغضب، انظر: البخاري (5954) ومسلم (2106) . فينبغي في الأصل إخراج الصور، إلا ما دعت إليه الضرورة، فإن احتجت إلى الصلاة في المكان الذي فيه الصور، فعليك أن تجتنب استقبالها، وعلى كل الأحوال فالصلاة -إن شاء الله- صحيحة.

ـــــ كتاب الزكاة ـــــ

كتاب الزكاة

شروط وجوب الزكاة

زكاة مال الأطفال المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الزكاة/ شروط وجوب الزكاة/شروط الوجوب التاريخ 4/12/1422 السؤال لأطفالي حسابات مصرفية أكبرهم عمره تسع سنوات، هل يتم استخراج زكاة المال من حساباتهم إذا حال عليها الحول؟ وهل يتم استخرج زكاة على الذهب الخاص ببناتي الصغار؟ الجواب إذا بلغت هذه الأموال النصاب، وحال عليها الحول فتجب فيها الزكاة ولو كانت لأطفال لم يبلغوا بعد؛ لأن الزكاة لا يشترط فيها التكليف إذ هي حق للفقراء. وكذلك تجب الزكاة في الذهب الخاص بالبنات الصغار، والله أعلم.

مصلحة الزكاة والدخل جهة شرعية

مصلحة الزكاة والدخل جهة شرعية المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الزكاة/ شروط وجوب الزكاة/شروط الوجوب التاريخ 10/7/1424هـ السؤال مصلحة الزكاة والدخل تأخذ مني زكاة سنوية على محلي، مع العلم بأن الإيراد الشهري الذي أستلمه من المحل أنفقه ولا يبقى شيء منه، أرجو المساعدة. الجواب من شروط وجوب الزكاة على المالك للمال أن تمضي سنة هجرية كاملة على المال بعد ملكيته، واكتمال بقية الشروط فيه، أما المال الذي يحصل عليه الشخص ثم يستخدمه مباشرة، فلا يجب عليه فيه الزكاة، وكذا المال الذي يستخدمه قبل اكتمال الحول عليه هذا الحكم إذا كان الذي يقوم بإخراجه هو المالك، أما إذا كان الذي يقوم بتحصيله جهة أخرى، وهذا هو الأصل لقوله تعالى: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" [التوبة:103] وهي مصلحة الزكاة والدخل في المملكة العربية السعودية، فإن الأموال الظاهرة وهي الأنعام والزروع والثمار - من السهل معرفتها وتقديرها، أما الأموال الباطنة - وهي النقود وبعض عروض التجارة من الأموال التي يمكن إخفاؤها - فإنه من الصعب الاعتماد على قول التاجر في هذا الزمن الذي كثير فيه ادعاء قلة المال ومحاولة التهرب من دفع الزكاة أو التقليل من مبلغها، ونظراً لذلك فإن مصلحة الزكاة والدخل تقوم بتقدير البضاعة الموجودة عند التاجر بواسطة بعض المختصين في المصلحة وأخذ الزكاة على هذا التقدير. وعلى ذلك فإن على الأخ السائل أن يقوم ببيان هذا الأمر للمختصين في التقدير، وأن القيمة المقدرة للبضاعة أكثر من حجم التجارة التي يملكها، والله أعلم.

زكاة الدين والبضائع التي لم تسدد قيمتها

زكاة الدين والبضائع التي لم تسدد قيمتها المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/ شروط وجوب الزكاة/زكاة من له أو عليه دين عند غيره التاريخ 13/8/1423هـ السؤال لدي مؤسسة تجارية للبيع بالجملة، وقد تم على تأسيسها عام كامل، وبحوزتي في مستودع المؤسسة بضاعة تقدر قيمتها بمليون ريال تقريباً، ولكن بعض هذه البضائع لم تسدد قيمتها، مما جعل المؤسسة مدينة بمبلغ (300) ألف ريال تقريباً، كما أن المؤسسة دائنة لبعض عملائها بمبلغ (380) ألف ريال، هي قيمة بضائع لم تسدد قيمتها. السؤال: هل أزكي عن قيمة جميع ما بمستودعي من البضائع أم أخصم منها ما لم تسدد قيمته؟ علماً أن البضائع حالياً في مستودعي وتحت تصرفي. وهل أزكي عن المبالغ التي لدى الناس؟ علماً أنها قيمة بضائع هي في حوزتهم وتحت تصرفهم حالياً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أنك تخصم من قيمة البضائع التي لديك ما عليك من قيمتها، والذي لم يُسدد بعد، وتزكي الباقي فقط، أما المبالغ التي لك عند الناس فما كان منها عند مليء يدفع عند الطلب فهذا تزكيه مع مالك الذي بين يديك؛ لأنه بمنزلة ما بين يديك. أما ما كان على معسر (غير مليء) أو على مماطل وإن كان غنياً فهذا لا تزكيه في الحال، بل تزكيه إذا قبضته لسنة واحدة فقط على القول الراجح من أقوال العلماء، والله أعلم.

له ديون مقسطة فكيف يزكيها؟

له ديون مقسطة فكيف يزكيها؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/ شروط وجوب الزكاة/زكاة من له أو عليه دين عند غيره التاريخ 05/11/1426هـ السؤال شخص كان مساهماً في شركة، والآن قام بسحب اشتراكه، وبعد التصفية بلغ رصيده حوالي 40ألف دينار، ولكن لن يأخذ هذه الأموال دفعة واحدة، بل سيأخذها كل شهر 100دينار فقط، وذلك لظروف الشركة، فكيف سيخرج زكاة الأربعين ألف دينار؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا تجب الزكاة إلا فيما قبض إذا حال عليه الحول، وعلى هذا فإذا قبض مائة دينار يزكيها إذا حال عليها الحول، وهكذا في المائة الأخرى. وإن شاء جعل له شهراً من السنة كشهر رمضان مثلاً، يخرج فيه زكاة كل ما اجتمع لديه، ولو لم يحل عليه الحول ما دام يبلغ نصاباً، (وهو قيمة خمسةٍ وثمانين جراماً من الذهب) ، فيكون قد أخرج الزكاة الواجبة وما زاد يكون نافلة له. وبعض العلماء -كالحنفية- يجعلون المال المستفاد تابعاً للنصاب المملوك قبله بأي سبيل كانت الاستفادة، مثلاً لو كان عند الإنسان عشرة آلاف في محرم، ثم في رجب استفاد خمسين ألفاً إرثاً أو مكافأة، فإنه يخرج زكاة الستين ألفاً في محرم. والجمهور يقولون إن كان المال المستفاد نابعاً من النصاب المملوك كان تابعاً له في الحول، مثل ربح التجارة ونتاج الماشية. وإن كان بسبب مستقل عنه فله حول خاص. وهذا هو الأرجح. والله تعالى أعلم.

أصناف الزكاة الثمانية

صرف الزكاة على مدارس تحفيظ القرآن الخيرية المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 29/4/1422 السؤال هناك دار نسائية خيرية لتحفيظ القرآن الكريم ستقام قريباً بإذن الله تعالى، وهذه الدار كغيرها من المشاريع الخيرية تحتاج إلى نفقات كثيرة، كتأمين رواتب للمعلمات، وأثاث مكتبي، وحافلات لنقل المعلمات والطالبات. . إلخ، فهل يجوز يا فضيلة الشيخ أن يصرف على هذه الدار من الزكاة؟ الجواب لا يجوز الصرف لها من الزكاة إلا رواتب المعلمات الفقيرات إذا كان أزواجهن لا ينفقون عليهن، وليس لهن أولياء من ذوي اليسار يقدرون على الإنفاق عليهن، فتُصرف لهن الرواتب لحاجة كل منهن إلى النفقة الضرورية، فأما الأثاث المكتبي والحافلات فيلتمس لها من غير الزكاة كالتبرعات وغلال الأوقاف والصدقات العامة، والله أعلم.

دفع الزكاة لمعلم القرآن

دفع الزكاة لمعلم القرآن المجيب.......... كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 22/7/1422 السؤال هل يجوز صرف رواتب المعلمين بجمعيات تحفيظ القرآن الكريم الزكاة إذا كانوا فقراء مقابل عملهم في الجمعية؟ الجواب لا يجوز الصرف من الزكاة في النفقة على المدارس الإسلامية إلا إذا كانت تدفع للفقراء من المدرسين والطلاب من أجل فقرهم. أنظر فتاوى اللجنة الدائمة 10ص 14

صرف الزكاة للمراكز الإسلامية

صرف الزكاة للمراكز الإسلامية المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 23/12/1424هـ السؤال أنا طالب أعيش في بلد غربي وخلال شهر رمضان قام المركز الإسلامي في المدينة بحملة تبرعات لمواجهة مصاريف المسجد والمدرسة الإسلامية وفي خلال حملة التبرعات أشار المسؤولين على هذه الحملة أن بعض العلماء أفتوا بجواز أن تصرف زكاة أموالك على المسجد والمدرسة الإسلامية وبناء على ذلك تعهدت للمسؤولين بدفع مبلغ معين جزء منه زكاة والجزء المتبقي صدقة، فهل يصح أن أصرف زكاة مالي على المسجد والمدرسة الإسلامية، وفي حالة أن وجدت مسلمين في حاجة ماسة للزكاة فهل يجوز أن أصرف زكاتي والصدقة التي تعهدت بها للمسجد لهؤلاء المسلمين. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: صرف الزكاة على المسجد والمدرسة الإسلامية كما تذكر هي محل اختلاف بين الفقهاء ويرجع الخلاف في ذلك إلى الخلاف في تحديد مفهوم " سبيل الله " الوارد في قول الله -تعالى-: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" [التوبة: 60] هل يقتصر على المجاهدين الغزاة في سبيل الله أو هو عام يدخل فيه كل أوجه البر والخير، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى الأول وهو اقتصار دفع الزكاة على الجهاد في سبيل الله لدلالة الحصر في الآية.

وذهب بعض المحققين من أهل العلم إلى جواز دفع الزكاة في طرق الخير والمرافق العامة من بناء المساجد وصيانتها وبناء المدارس وما إلى ذلك ورأوا أنها تدخل في عموم قوله - تعالى -: " وفي سبيل الله " وهو ما انتهى إليه مجمع الفقه الإسلامي" التابع لرابطة العالم الإسلامي بالأكثرية واختيار الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - وعلى أية حال فإذا كنت اتبعت في التزامك بصرف الزكاة على المسجد والمدرسة فتوى من يوثق به من أهل العلم من أمثال من ذكرنا فإن ذلك يبرئ ذمتك - إن شاء الله تعالى - ويكون دفعك لها على هذا النحو واقعاً موقعاً صحيحاً وأما الصدقة التي التزمت بها فالأوْلى أن تدفعها حتى تفي بوعدك، وإذا وجدت مسلمين في حاجة ماسة فيمكنك حينئذٍ أن تتصدق عليهم بصدقة أخرى أو تتسبب لهم بمن يعطيهم من ماله سواء كانت زكاة أو صدقة.

هل للمدين حق في الزكاة؟

هل للمدين حق في الزكاة؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 4/8/1424هـ السؤال أنا موظفة وأعيش مع أخت لي غير موظفة لوحدنا، راتبي لا يكفي سوى أجرة المنزل، ويبقى القليل، مما اضطرني إلى الدين، تراكمت عليَّ الديون التي لا أستطيع سدادها، فهل يجوز لي طلب مال من أحد المحسنين لسداد ديوني؟. الجواب إذا كنت غير قادرة على سداد الدين فلك حق في الزكاة، فأنت من الغارمين الذين سماهم الله -جل وعلا- في أهل الصدقات في قوله -تعالى-:"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل". والغارمون نوعان: غارم لإصلاح ذات البين، وغارم استدان لنفسه في شيء مباح أو محرم وتاب منه مع الفقر.

صرف الزكاة للمساجد والمدارس الإسلامية

صرف الزكاة للمساجد والمدارس الإسلامية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 2/1/1423 السؤال أنا طالب أعيش في إحدى الولايات الأمريكية، وخلال شهر رمضان قام المركز الإسلامي في المدينة بحملة تبرعات؛ لمواجهة مصاريف المسجد والمدرسة الإسلامية، وخلال حملة التبرعات أشار المسؤولون على هذه الحملة أن بعض العلماء أفتوا بجواز أن تصرف زكاة أموالك على المسجد والمدرسة الإسلامية، وبناءً على ذلك تعهدت للمسؤولين بدفع مبلغ معين، جزء منه زكاة والجزء المتبقي صدقة، فهل يصح أن أصرف زكاة مالي على المسجد والمدرسة الإسلامية؟ وإذا وجدت مسلمين في حاجة ماسة للزكاة، فهل يجوز أن أصرف زكاتي والصدقة التي تعهدت بها للمسجد لهؤلاء المسلمين؟ الجواب نعم يجوز تصرُّفك في صرف زكاة مالك على المسجد والمدرسة الإسلامية، وقد أفتى به بعض العلماء في هذا العصر كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وشيخه محمد ابن إبراهيم آل الشيخ - عليهما رحمة الله -،والشيخ يوسف القرضاوي وغيرهم كثير، بجواز صرف الزكاة في عموم مجالات الدعوة إلى الله، في إنشاء المراكز، وطبع الكتب وتعليم الناس العقيدة والأحكام، مفسرين معنى " وفي سبيل الله " من مصارف الزكاة الثمانية، خلافاً لجمهور أهل العلم الذين يفسرون (في سبيل الله) بالجهاد فقط، والحقيقة أن الجهاد في سبيل الله أعم من أن يكون بالقتال في المعركة بالسيف أو ما يقوم مقامه، بل الجهاد بالكلمة المكتوبة، أو المسموعة، أو بالمال هو كالجهاد بالسنان؛ لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عند أحمد (12246) وأبي داود (2504) " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " وإذا جازت الزكاة فالصدقة من باب أولى جوازها.

من هو المسكين؟

من هو المسكين؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 26/8/1424هـ السؤال من هم المساكين؟ وهل الذي يملك سفينة يطلق عليه مسكين، كما في قوله -تعالى- في سوره الكهف: "أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ". الجواب المساكين جمع مسكين، والمسكين اختلف العلماء في تعريفه على أقوال، ومن أشهرها أنه الذي يملك قوت يومه ولكن لا يكفيه، وذكر بعضهم أن المسكين والفقير بمعنى واحد، وهذا له حظ من النظر لو ورد لفظ المسكين في سياق ما منفرداً عن الفقير، أما لو اجتمع لفظ المسكين والفقير فلا بد من التفريق بينهما في المعنى، كما في قوله -تعالى-: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها" [التوبة: 60] فبناءً عليه يكون الفقير أكثر حاجةً من المسكين، وحدّه بعضهم بأنه الذي لا يجد قوت يومه. وهذه تعريفات تقريبية مبنية على غالب الحال، وإلا فإن المسكين والفقير قد تمر بهما أوقات وأيام يجدون حاجة يومهم، بل حاجة أيام عدة. بقي أن نعرف أن نبينا -عليه السلام- ذكر ملامح مهمة في تحديد المسكين وتعريفه، فقد أخرج الشيخان البخاري (1479) ، ومسلم (1039) ، وغيرهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس، فترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان". قالوا: فما المسكين يا رسول الله؟ قال: "الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئاً".

وأما قول السائل: هل الذي يملك سفينة يطلق عليه مسكين؟ فنعم، وآية سورة الكهف دليل واضح لما ذكرت، فقد يملك المسكين سفينة، أو سيارة، أو منزلاً ولا يخرجه ذلك عن نطاق المسكنة، إذ المدار في هذه المسألة على الحاجة والعوز، فمتى قصرت مكتسباته ومداخيله المادية عن حاجته الضرورية فهو مسكين، والله أعلم.

إعطاء الفقير من الزكاة للحج

إعطاء الفقير من الزكاة للحج المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 24/8/1424هـ السؤال هل يجوز أن يعطى الفقير من بيت مال الزكاة لأداء فريضة الحج؟. الجواب فريضة الحج لا تجب على الفقير إذا كان لا يجد ما يحج به وحينئذ فحجه غير واجب، والزكاة إنما تعطى للمستحقين لها، فإذا أعطي الفقير مالاً لفقره فإن الفقير يتصرف فيه بما يشاء وإن أراد أن يحج به وحج فحجه صحيح، لكن لا يجب أن يعطى لأجل أن يؤدي الفريضة؛ لأن الفريضة ليست واجبة عليه ما دام أنه فقير، أما لو أعطي مالاً بسبب فقره فأنفقه بالحج فلا شيء عليه.

دفع الزكاة لمراكز تأهيل العاطلين

دفع الزكاة لمراكز تأهيل العاطلين المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 16/7/1424هـ السؤال كثر في هذا الوقت العاطلون عن العمل، والبطالة قد تكون سبباً للفساد، بسبب وجود الفراغ الكبير لدى الشاب والشابة، فما حكم دفع الزكاة لمن يقوم بتدريب العاطلين عن العمل؛ لكي يتهيأ الشاب للخوض في المجال العملي التطبيقي الذي يحتاجه المجتمع، بدلاً عن الأمور النظرية التي درسها من قبل؟ وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع، علماً أن هذه المسألة تمس حاجة الشباب خاصة. الجواب حدَّد الله مصارف الزكاة في ثمانية أصناف وليس منها ما ذكرت، ويمكن حل ما ذكرت بقيام التعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص وأهل التبرع، وهذا نوع من التكافل الاجتماعي الذي يؤيده الشرع ويحث عليه.

الزكاة للفقير الذي يملك كتبا كثيرة

الزكاة للفقير الذي يملك كتباً كثيرة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 25/7/1424هـ السؤال هل يعطى من يملك كتباً كثيرة تبلغ في مجموعها نصاب الزكاة بل وتزيد إذا كان فقيراً؟ وهل يفرق في الحكم بين من كان محتاجاً لهذه الكتب للقراءة والتدريس كطالب العلم، وبين من لا يحتاج إليها كالعامي وكبير السن مثلاً؟. الجواب إذا كان فقيراً فيعطى من الزكاة، وإن كان عنده كتب كثيرة ما دامت لم تكن للتجارة.

إعطاء الزكاة للسائق والخادمة

إعطاء الزكاة للسائق والخادمة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 23/12/1423هـ السؤال هل يجوز لي أن أعطي زكاة مالي للخادمة والسائق الذين في منزلي لحاجتهما؟ وهل يجوز أن أبقي جزءاً من زكاة مالي إلى العيد لكي أعطي بعض أطفال العائلة الفقراء لإدخال الفرح في نفوسهم في يوم العيد؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فيجوز لك أن تعطي زكاة مالك للخادمة والسائق بشرط أن يكونا مسلمين يصليان الصلوات الخمس وأن يكونا من أهل الزكاة الذين حصرها الله فيهم، بأن يكونا فقيرين أو مسكينين أو غارمين لا يستطيعان وفاء دينهما. أما تأخير الزكاة فلا يجوز، بل يجب أداؤها على الفور، أما تأخيرها أياماً يسيرة لأجل ما ذكرته من قصد جميل فأرجو ألا بأس به، لكن الأحوط أن تخرجها وتميزها من مالك، وتحفظها عندك لتكون أمانة عندك حتى يوم العيد، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

نفقات القائمين على الصدقات

نفقات القائمين على الصدقات المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 4/7/1423هـ السؤال العاملون في مجال الجمعيات الخيرية والمؤسسات يقومون بجهود جبارة في جمع الصدقات والزكوات ويسافرون المسافات بين البلدان كما لا يخفى على فضيلتكم، وما يحتاجه العمل من نفقات إعلامية لتسويق هذه المشاريع الخيرية، وقد قمنا بتأسيس جمعية خيرية، ولكنا نريد فتوى أهل العلم فيما يحل أخذه من هذه الصدقات لتسويق هذه المشاريع وغيرها من الصرفيات المعروفة لديكم، واقترح بعض أعضاء الهيئة الإدارية للجمعية نسبة (12%) من الدخل، ومنها الصدقات والزكوات لتسيير المصروفات الإدارية. وسؤالنا: هل يجوز هذا؟ وهل هذه النسبة معقولة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب حدد الله مصارف الزكاة في كتابه الكريم بقوله: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [التوبة:60] ، فقد رتب الله أهل الزكاة حسب أحوالهم المالية وقدرتهم على التكسب، فبدأ بـ (الفقراء) وهم المعوزون الذين كسر فقار ظهورهم الفقر والحاجة، وختم بـ (ابن السبيل) وهو المسافر البعيد عن وطنه - الذي فيه ماله وأهله ومعارفه - وقد انقطعت به الأسباب، ثم الأصناف الأربعة الأولى صُدّرت بحرف (اللام) المفيد للتمليك أي: أنهم يملكون ما يعطونه من الزكاة ولو زاد عن حاجتهم لا يردون الزائد، بخلاف الأربعة الآخرين فإنهم يردون ما زاد عن حاجتهم مما أعطوا وهذا سر التعبير بحرف (الفاء) المفيدة للظرفية في هؤلاء.

فإن الأصناف الأربعة الأولى حاجتهم إلى المال أشد من غيرهم، وصفة الغنى - لو وجد - فهي طارئة عليهم فإن اغتنوا يوماً أو يومين افتقروا شهرين أو سنتين عكس الأربعة الآخرين فإن الغالب على حالهم - هو الغنى والقدرة على التكسب، فهم إن افتقروا يوماً أو يومين اغتنوا شهراً أو شهرين - (وفي الدية عند القتل) فهي تدفعها عصبة القاتل عنه أحياناً، والمفتقر بسبب (غرمه) وإصلاحه بماله بين الناس الغالب أنه لا يقدم على هذا إلا وهو مليء أو قادر، أما (في سبيل) وهو جهاد الكافر بالسيف ونحوه، والمرابطة في الثغور أو الحج الفريضة كما فسر به جمهور أهل العلم، ولكن الراجح تعميم (في سبيل) فيشمل الدعوة إلى الله بنشر العقيدة، وتعاليم الإسلام بكل الوسائل الممكنة بإنشاء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن وكفالة الأيتام والأرامل والضعفاء، وإنشاء المراكز والمساجد والهيئات والمجامع والمؤسسات الخيرية والدعوية، كل ذلك يدخل في مفهوم (في سبيل الله) وقد فسره بهذا بعض الصحابة والتابعين والفقهاء وهو الصواب - إن شاء الله -، وأما (ابن السبيل) فالأصل فيه الغنى، ولكن لانقطاع الطريق وعدم وجود المؤونة التي توصله إلى بلده وأهله أعطي من الزكاة لهذا الغرض الطارئ فقط.

وإذا تبين معنى الآية نقول لكم: إن عملكم الخيري بإنشاء هذه الجمعية وقيامكم بتسويق العمل الدعوي ونشره فإن أخذ المصاريف السفرية والإدارية الضرورية التي يتطلبها نشر العمل الخيري جائز شرعاً، وهو داخل في صنفين من مصارف الزكاة هما (العاملون عليها) و (في سبيل الله) وينبغي أن يقتصر عند الأخذ من موارد الزكاة على الحد الأدنى للمصاريف السفرية والإدارية، ولو أخذتم هذه المصاريف من صدقة التطوع لكان أولى وأحوط، أما تحديد النسبة التي تؤخذ من موارد الجمعية لغرض التسويق والمصاريف الإدارية فأهل الدار أعرف بها من غيرهم (والحكم على الشيء فرع عن تصوره) وتصوركم لها أكثر من سواكم، ونؤكد مرة أخرى: عليكم بالاقتصاد في المصاريف السفرية والإدارية والاقتصار على الضروري منها فقط، وفقكم الله وأعانكم وأجزل لنا ولكم المثوبة.

صرف الزكاة للعيادات الطبية الخيرية

صرف الزكاة للعيادات الطبية الخيرية المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 19/11/1423هـ السؤال هل يجوز صرف الزكاة أو جزء منها على شراء أدوية طبية وأجهزة ومعدات طبية، ومصاريف مقر العيادات الخيرية مثل: الإيجار وغيره، وذلك لصرفها على الفقراء والأيتام والمساكين والأرامل بواسطة عيادات طبية خيرية تقوم بالكشف وصرف العلاج المجاني للمرضى والفقراء؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله التوفيق والسداد: قال الله تعالى:"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" [التوبة: 60] . وجه الاستدلال من الآية بقوله تعالى:"وفي سبيل الله"، في سبيل الله يمكن أن يدخل فيه أمور كثيرة من أعمال البر والإحسان ومنها العناية بالمستشفيات والعيادات الطبية المجانية لذا أقول وبالله التوفيق يجوز أن تصرف بعض أموال الزكاة على العيادات الطبية الخيرية المجانية وعلى شراء الأدوية وتوزيعها مجاناً على المرضى من الفقراء والمساكين والمحتاجين لأن هذه الأمور مما يدخل في معنى في سبيل الله بالمعنى العام الشامل لهذا اللفظ، وهذا ما قال به فريق من العلماء ممن يعتد برأيهم، والله أعلم بالصواب.

هل تصرف الزكاة في حفر الآبار في مناطق الجفاف؟

هل تصرف الزكاة في حفر الآبار في مناطق الجفاف؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 23/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. هل حفر الآبار في مناطق الجفاف من مصارف الزكاة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب بين الله تعالى مصارف الزكاة في قوله: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [التوبة:60] . واختلف الفقهاء في سهم " في سبيل الله"، هل يقتصر على الغزاة والمجاهدين أو يعم كل وجوه البر والإحسان من بناء المساجد والمستشفيات والمدارس وطباعة الكتب النافعة وما إلى ذلك، فذهب جمهور الفقهاء إلى قصر هذا السهم على الغزاة في سيبل الله، وذهب بعض العلماء إلى جعل هذا السهم عاماً في كل وجوه البر، لأن سبيل الله أعم من أن يقصر على القتال وحده، وقد اختار هذا الرأي عدد من علماء العصر المحققين ومنهم سماحة الشيح عبد العزيز بن باز رحمه الله، وبناء على هذا الرأي فيكون حفر الآبار في مناطق الجفاف الذي سأل عنه السائل من مصارف الزكاة.

هل أستحق الزكاة

هل أستحق الزكاة المجيب عبد الله بن علي الريمي ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 20/10/1426هـ السؤال أنا إنسان أعمل براتب ضئيل، وأمتلك منزلاً صغيراً، فهل يجوز دفع الزكاة لي؟ علماً أن دافع الزكاة هي أختي. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الله قد فرض الزكاة لثمانية أصناف، منهم الفقراء والمساكين, وهذا حكم معلق بوصف، فكل من اتصف به دخل فيه، فكل من لا يستطيع توفير أساسيات المعيشة من مسكن ومطعم وملبس وعلاج مرض وكتب علم ونحوها -مما يضيق عيش المرء بدونه لنفسه ومن يعول- يكون مستحقاً للزكاة، فإن كان راتبك لا يكفي لذلك فيجوز لك أن تأخذ الزكاة من أختك؛ لأن نفقتك غير واجبة عليها، وليحذر الإنسان من أخذ ما لا يستحق من هذه الأموال؛ فإنها وبال عليه في الدنيا والآخرة, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

جمع الزكاة لسداد دين الميت

جمع الزكاة لسداد دين الميت المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 6/2/1425هـ السؤال توفي والدنا منذ خمس سنوات، وترك لنا محلاً تجارياً وبعض العقار، وبيتاً نسكنه، بِيْعَت جميع الأراضي لتسديد الدين، والآن مضى على وفاة والدي خمس سنوات ولم يسدد من الدين إلا الربع، مع العلم أننا مقتصدون بنسبة (80%) عما كنا عليه قبل وفاة والدي، هذا بالإضافة إلى أني استدنت أنا أيضاً مبلغاً وقدره: (250,000) ؛ وذلك للزواج وشراء سيارة، وبدأت مشروعاً بعد زواجي وأنا طالب في الجامعة؛ حتى أوفر مصاريف لي ولزوجتي، وللأسف لم أوفق في المشروع، وخسرت فيه، مع العلم أني أعمل خارج مؤسستنا حالياً؛ لتخفيف المصاريف. س1: هل يجوز أن يسدد باقي دين والدي من الزكاة؟ وهل يجوز أن نطلبها من الناس؟ ٍ2: هل يجوز سداد ديني من الصدقة أو الزكاة؟ والدتي طريحة الفراش منذ ثلاثة أشهر أو أكثر وأحد أهم الأسباب التفكير في الدين) . أفتونا، وجزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالأصل أن دين الميت لا يقضى من الزكاة، بل يقضى من تركة الميت على القول الراجح، وهو قول الجمهور؛ لأن الزكاة تمليك، والميت لا يملك؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قُدِّم إليه ميت ليصلي عليه قال: "هل عليه دين؟ " فإن قيل نعم، تأخر، ولم يصل عليه، وإلا صلى عليه انظر ما رواه البخاري (2291) من حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -. ولما فتح الله عليه، وكثر المال كان - صلى الله عليه وسلم- يقضي ديون الموتى من بيت المال، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "أنا أولى الناس بالمؤمنين في كتاب الله - عز وجل- فأيكم ما ترك ديناً أو ضيعةً فادعوني، فأنا وليه" رواه البخاري (2398) ومسلم (1619) واللفظ له من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

وعلى هذا، فإن وفت فالحمد لله، وإلا ذهب الدين على صاحبه، وليس له مطالبة الورثة بسداد الدين؛ لأن الدين إنما كان على مورثهم، وأما هم فلم تُشغل ذممهم بشيء من الدين، ما لم يبق من تركته شيء، فإنه يجب عليهم أن يؤدوه إلى الدائن؛ لأن حقه قد تعلق به. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء، فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته" رواه البخاري (2297) وغيره، واللفظ له، ووجه الاستدلال أنه - صلى الله عليه وسلم- جعل ما يتركه الميت من الأموال لورثته "ومن ترك مالاً فلورثته"، ولم يجعل وفاء ما وجب عليه من دين لا وفاء له لم يجعله على ورثته" فمن مات وعليه دين، ولم يترك وفاءً فعلينا قضاؤه". ويظهر من سؤالك أن الدين أكثر من التركة، ولذا يجب عليكم أن تبيعوا كل التركة لسداد الدين؛ لأنها قد تعلق بها حق الدائن، فهو أحق الناس بها، وأولى بها منكم، إلا إذا رضي أن تبقى لكم ويستوفي هو حقه من ريعها. فإن فضل من الدين شيءٌ عجزت عن وفائه التركة، فليس عليكم أن تؤدوه من أموالكم؛ لأن الدين - كما قلت سابقاً- متعلق بذمة ميتكم فقط، ولا يلحق ذممكم منها شيء البتة، بل يُؤدى ما بقي من الدين من صدقات بيت مال المسلمين؛ لدلالة الحديث السابق. أما إذا رغبتم أن تستبقوا بعض ما تركه لكم ميتكم من مؤسسة لقطع غيار السيارات وفيلا تسكنونها، أو غيرها من مال التركة، فإنه يجب عليكم أن تؤدوا مثل ثمنها- كما هو تقديره في السوق- للدائن؛ لأن الدائن أحق بها منكم. وليس عليكم أن تشقوا على أنفسكم، فتتكلفوا سداد الدين من خالص أموالكم التي هي من غير التركة؛ إذ ليس له الحق أن يطالبكم بشيء هو أصلاً ليس متعلقاً بذمتكم.

وما غرمتموه (بالاستدانة) زائداً عن مقدرا ما استبقيتموه من التركة من أجل قضاء دين ميتكم فإنه يُبيح لكم أن تأخذوا من الزكاة قدر ما يقضي ديونكم، لأنكم غارمون، ولكن بشرط أن تكونوا عاجزين عن سدادها. أما إذا كنتم قد قضيتم بعض دين ميتكم من بعض أموالكم من غير أن يضطركم إلى الاستدانة، فلا يحق لكم أن تستوفوها من الزكاة وأما ما تسأل عنه من سداد دينك من الزكاة ففيه تفصيل: إن كان راتبك يفي بحاجاتك وحاجات عيالك، وسداد ما وجب عليك سداده في السنة، فلا يجوز لك أخذ الزكاة. أما إذا كان راتبك لا يفي بحاجاتك وحاجات عيالك وسداد ما وجب عليك سداده في العام، فأنت من أهل الزكاة، فخذها ولا حرج؛ حتى تقضي دينك. فرج الله همكم، ونفس كربكم، وقضى دينكم والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

دفع الزكاة لآل البيت

دفع الزكاة لآل البيت المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 08/05/1425هـ السؤال هل يجوز صرف زكاة مالي للفقراء من أعمامي وأخوالي؟ مع العلم أننا جميعاً ننتسب لآل البيت؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب لا يجوز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس" أخرجه مسلم (1072) من حديث عبد المطلب بن ربيعة-رضي الله عنه-، فلا يحل لك أن تدفع زكاة مالك لأخوالك، أو أعمامك، وهم من آل البيت، وإنما تدفعها للفقراء من غيرهم. وبالله التوفيق.

دفع الزكاة ليتيم في حجره

دفع الزكاة ليتيم في حجره المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 1/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. شيخي الفاضل: أرجو إفادتي بالآتي: أكفل طفلاً يتيماً في بيتي، فهل يجوز صرف زكاة مالي عليه أم لا؟ -ولكم جزيل الشكر-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان ممن لا تجب عليك نفقتهم فيحل لك دفع زكاتك له، لحاجته إليها نفقة عليه، لا لادخارها، وأما من تجب نفقته عليك حال فقره، سواء كان من ذريتك من ولدك أو ولد بنيك، أو ولد بناتك، أو من ترثه من أقاربك، فلا يحل لك أن تدفع زكاتك إليه.

صرف الزكاة للانتخابات العراقية

صرف الزكاة للانتخابات العراقية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 10/09/1426هـ السؤال إن أهل السنة في العراق يمرون بظروف سيئة للغاية، جراء تسلط الكفرة وأعوانهم الموالين لهم والمستقوين بهم، وبعد مشاورات بين المطلعين على أوضاع العراق الحالية، والذين يعايشونها ويلامسون ما يجري في هذا البلد المسلم، توصل أهل السنة إلى أنه يجب المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وذلك من باب تخفيف الشر عن أهل السنة. والسؤال هو: هل يجوز استخدام أموال الزكاة لدعم مرشحي أهل السنة في الانتخابات؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: (وفي سبيل الله) هو المصرف السابع من مصارف الزكاة الثمانية في آية [التوبة:60] "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم". وقد اختلف العلماء قديماً وحديثاً في معنى (سبيل الله) في الآية على قولين: القول الأول: وهو مذهب جمهور الفقهاء ممن لا يحصون في الماضي والحاضر، يخصونه بالجهاد بمعناه الخاص، وهو غزو الكفار، وما يحتاج إليه الغزاة من سلاح وعتاد ونفقة، ويلحق به بعضهم الحج، فتنفق فيه الزكاة كالغزو.

القول الثاني: تعميم معنى (سبيل الله) ، فيشمل كل وجوه البر والخير، وقال بهذا القول من الصحابة أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- ومن التابعين الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وقال به الكاساني من الحنفية، وابن عبد الحكم، وابن جزي من المالكية، والقفال، والرازي من الشافعية، ومن الفقهاء المعاصرين الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ويوسف القرضاوي، وعبد الكريم زيدان، وأبو بكر الجزائري، وبحث هذا الموضوع في المجمع العلمي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي في الدورة (الثامنة) المنعقدة في جمادى الأولى عام (1405هـ) برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- وأجاز بالأكثرية (جواز صرف الزكاة للدعوة إلى الله، وما يعين عليها ويدخل في أعمالها) . والذي يظهر رجحان القول الثاني؛ لعموم لفظ (سبيل الله) في نصوص الكتاب والسنة، كقوله تعالى: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم". [البقرة:261] ، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "جاهدوا المشركين بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم" أخرجه أبو داود (2504) والنسائي (3096) . فالجهاد أعم من القتال بالأنفس. ثم إن الإنفاق من الزكاة على الدعوة إلى الله أولى من الإنفاق على من يريد الحج؛ لأن من لم يجد الزاد والراحلة للحج غير مستطيع له، فلا يجب عليه، ثم إن نفع الحج قاصر على صاحبه فقط، ونفع الدعوة متعدٍ إلى الغير، وعام للمسلمين. ومن أراد التوسع في أدلة القولين فليراجع كتابنا (مصرف "في سبيل الله" بين الخصوص والعموم) .

وبناءً على هذا فإني أرى جواز دفع الزكاة لإخواننا أهل السنة في العراق للمشاركة في الانتخابات البرلمانية ودعم المرشحين منهم؛ وذلك إذا كان في دخولهم الانتخابات مصلحة راجحة، وتقليل للشر، ودفع ومدافعة لمخالفيهم من الكفار وحلفائهم الذين يسوقون لمشروع المحتل. وإنني لأهيب بإخواني المسلمين المبادرة إلى ذلك؛ نصرة للحق ومنعاً للباطل وأداءً للواجب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وصحابته أجمعين.

صرف رواتب الموظفين في الجمعيات الخيرية من الزكاة

صرف رواتب الموظفين في الجمعيات الخيرية من الزكاة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة كتاب الزكاة/أصناف الزكاة الثمانية التاريخ 12/08/1425هـ السؤال س1 هل يجوز للقائمين على إدارة الجمعيات الخيرية صرف رواتب الموظفين من أموال الصدقات أو الزكاة؟ س2 وهل يجوز صرف مكافأة مالية من أموال الصدقات أو الزكاة لأعضاء مجلس الإدارة، نظير تفرغهم لإدارة الجمعية؟ س3 هل يجوز تأثيث وترميم بناء الجمعية من أموال الصدقات، علماً أن المتبرعين لم ينووا أنها للترميم، بل وضعها بالصندوق المخصص للتبرعات؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: 1- فلا مانع من صرف رواتب الموظفين بالجمعيات الخيرية من أموال الصدقات التي يتبرع بها لهم، متى كان الموظفون يقومون بعمل لا بد منه، وكانت رواتبهم بمقدار أجرة المثل. 2- وأما صرف مكافأة من أموال الصدقات لأعضاء مجلس الإدارة، فمع أن الأصل أن من احتاجت الجمعيات لعمله ولم يتبرع به فلها أن تعطيه مقابل عمله ما دامت محتاجة لذلك، لكني لا أرى إعطاء مجلس الإدارة شيئاً؛ لأنهم هم الذين يقدرون مدى الحاجة للعمل، ولا يسوغ للإنسان أن يقدر لصالحه لوجود التهمة في حقه، كما أن التبرعات إنما يدفعها المحسنون ثقة بهذا المجلس فأخذه شيئاً لنفسه ينافي مقتضى هذه الثقة التي يفهم منها المتبرعون احتساب مجلس الإدارة في عملهم. 3- تأثيث مباني الجمعيات الخيرية وترميمها من أموال الصدقات لا مانع منه إذا كانت الحاجة قائمة لذلك، سواء تبرع بها المحسن للترميم، أو تبرع بها تبرعاً عاماً، أما لو تبرع لجهة معينة فلا يسوغ صرف المبلغ لغيرها.

وقاعدة الجمعيات الخيرية وأشباهها من المؤسسات أنها وكيلة عن المتبرعين تضع أموالهم في مصارفها إذا شرطوها، وإذا لم يشرطوا مصرفاً معيناً فإنها كناظر الوقف والوصي وولي اليتيم، ونحوهم، يتصرفون بمقتضى المصلحة، فلا يدفعون مبلغاً إلا لداع أو لحاجة، وإلا صرفت في مصارفها المعلومة. وجميع ما سبق في الصدقات، أما الزكاة فلا يجوز صرفها في أي واحد من الأمور الثلاثة المذكورة في السؤال؛ لأن الله -تعالى- حدّد مصارفها، وليس ما ذُكِر منها. والله الموفق.

الأموال الزكوية

زكاة قيمة الذهب المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية كتاب الزكاة/ الأموال الزكوية/زكاة النقدين التاريخ 26/11/1423هـ السؤال عندنا في مصر ارتفع سعر الذهب بصورة عالية وقام بعض الناس ببيع الذهب الذي عندهم للاستفادة من السعر المرتفع فهل يجب في حقهم الزكاة بعد أن تحولت نيتهم من الزينة للكنز؟ الجواب إذا تغيرت النية بالنسبة للذهب المعد للاستعمال فتجب فيه الزكاة، فمن حين تغيرت النية يبدأ الحول، فإذا تم الحول وهو على هذه النية تخرج عنه الزكاة.

زكاة ذهب الحلي

زكاة ذهب الحلي المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/ الأموال الزكوية/زكاة النقدين التاريخ 22/11/1424هـ السؤال أمتلك ذهباً اشتريته للزينة عندما كنت عزباء، وعندما تزوجت اشترى لي زوجي ذهباً أيضا كمهر، فهل تترتب الزكاة على الذهب الذي اشتريته وأنا عزباء؟ وكذلك عن الذهب الذي اشتراه لي زوجي؟ وهل يجوز أن أدفع الزكاة المترتبة على الذهب لزوجي لكونه عليه دين لا يستطيع سداده؟ علماً أنني أعمل ولدي راتب أعطيه لزوجي كل شهر. فهل يمكن أن أعتبر هذا الراتب زكاة عن الذهب وما زاد صدقة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أن الزكاة تجب في حلي المرأة المعد للزينة أو الاستعمال في الراجح من قولي العلماء، فتجب الزكاة على كل الحلي الذي عندك إذا بلغ نصاباً سواء ما كان قبل زواجك أو بعده، وذلك في المستقبل، أما ما مضى من السنين فلعل الله يعفو ويسامح، لا سيما مع قول بعض أهل العلم بعدم وجوب الزكاة، ثم إنك لم تخرجي زكاته لعدم علمك بوجوبها في الحلي المستعمل.

أما ما ذكرتيه في سؤالك بقولك: وهل يجوز أن أدفع الزكاة المترتبة على الذهب لزوجي لكونه عليه دين لا يستطيع سداده، فالجواب أن من العلماء من لا يجيز دفع الزكاة للزوج، ومنهم من يجيز ذلك وهو الراجح في نظري، والذي أختاره لقصة زينب امرأة ابن مسعود -رضي الله عنهما- فقد كانت - رضي الله عنها- تنفق على زوجها وأيتاماً في حجرها، فقالت لعبد الله - رضي الله عنه- سل رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أيجزئ عني أن أنفق عليك وعلى أيتام في حجري من الصدقة؟ فقال: سلي أنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... الحديث، وفيه أن بلالاً سأل لها الرسول - صلى الله عليه وسلم- فقال - صلى الله عليه وسلم-: "نعم ولها أجران أجر القرابة وأجر الصدقة" رواه البخاري (1466) ومسلم (1000) ، هذا وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بهذه الترجمة (باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجرة) ، قال ابن حجر في فتح الباري ص (329ج3) ، ما نصه واستدل بهذا الحديث على جواز دفع المرأة زكاتها إلى زوجها وهو قول الشافعي والثوري وصاحبي أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وعن أحمد. انتهى محل الغرض منه. هذا وبناء على ما تقدم فالراجح جواز دفع الزكاة للزوج المحتاج. والله أعلم.

زكاة الحلي

زكاة الحلي المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/ الأموال الزكوية/زكاة النقدين التاريخ 11/7/1424هـ السؤال وجبت زكاة الذهب على زوجتي في شهر أغسطس الماضي ولم تؤدها بسبب أنني أدرس في الخارج حالياً، والذهب لم تلبسه منذ شهر يناير الماضي لوجوده في بلدنا الأصلي، فأرجو منكم إخباري عن كيفية دفع الزكاة، وما الذي ترتب عن هذا التأخير، وهل هي من تدفع الزكاة من المبلغ الشهري الذي أعطيه إياها أو مني؟ علماً أنها غير موظفة وليس لها دخل سوى المبلغ الشهري الذي أعطيه إياها، أرجو سرعة الرد مع جزيل الشكر. الجواب اختلف أهل العلم في حكم الزكاة على الحلي، والذي عليه أكثر أهل العلم عدم وجوب الزكاة فيه، فعليه ليس على زوجتك زكاة، لكن لو أردتم الأخذ بالأحوط وهو القول الثاني، فإنها تخرج ربع عشر هذا الذهب، ولها أن تخرج هذا المقدار مما معها من نقود، فإذا ملكتها ذلك المبلغ، كان لها أن تدفع منه الزكاة.

زكاة الذهب

زكاة الذهب المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/ الأموال الزكوية/زكاة النقدين التاريخ 24/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: أخبرتنا الوالدة بأن لديها ذهبًا منذ حوالي 13 سنة، وهي تحتفظ به لعلها تحتاج إليه فتبيعه، وهذه هي نيتها، وقد قالت لنا إنها لم تكن تدري بأنه تجب فيه الزكاة، وعندما حملناه للصائغ أخبرنا بأنه ينقسم قسمين: أحدهما من عيار 18 والآخر من عيار 22، وعندما سألناه: هل يستطيع أن يخبرنا عن أسعار الذهب طوال الـ 13 السنة الماضية، قال: إن هذا صعب جدًّا, ولكنه أخبرنا بأن سعره منذ 13 عامًا كان تقريبًا 30 دينارًا للجرام، والآن انخفض سعره إلى 18 دينارًا للجرام الواحد, حيث إننا كنا نعاني من التضخم في الأسعار. فنرجو أن تخبرونا كيف نخرج زكاة هذا الذهب، حيث إننا لن نستطيع معرفة قيمة الذهب في الماضي عندما كان يحول عليه الحول كل مرة, ومن أي عيار نخرج الزكاة من عيار 18 أم من عيار 22؟ جزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الذهب المملوك لوالدتكم إن كانت اقتنته ابتداء للاستعمال وفي نيتها بيعه عند الحاجة إليه فلا زكاة فيه عند أكثر أهل العلم، وهو الصحيح من قولي العلماء، فإن رغبت هي في زكاته احتياطًا فليس عليها زكاته عن السنوات الماضية بل تزكيه ابتداء من هذه السنة. وتقويمه يكون بسؤال الباعة عن قيراط الذهب الخالص في السوق يوم الزكاة، وتقوِّم به المرأة حليها، ولا تنظر إلى ما فيه من أحجار كريمة وجودة صناعة أو عيار أو غيره، لأنه- والحال ما ذكر- ليس من عروض التجارة.

زكاة الحلي

زكاة الحلي المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/ الأموال الزكوية/زكاة النقدين التاريخ 22/11/1425هـ السؤال هل يجب إخراج الزكاة عن الذهب الذي تلبسه المرأة؟ وما هو النصاب لهذا الذهب؟ إن كان عندي 15 تولاً من الذهب فهل يجب عليّ أن أخرج الزكاة عن 15 تولاً كلها؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، وبعد. أن الزكاة تجب في حلي المرأة على القول الراجح إذا بلغ نصابًا وهو خمسة وثمانون 85 غرامًا من الذهب أو مائتا 200 درهم من الفضة. هذا وإذا كانت 15 تولاً تعدل من النصاب المذكور آنفًا فتجب فيها الزكاة في العشر.

هل في نتاج المزرعة زكاة؟!

هل في نتاج المزرعة زكاة؟! المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/ الأموال الزكوية/زكاة العقار والمقتنيات التاريخ 24/05/1427هـ السؤال رجل أشترى أرضاً للزراعة، ونيته أن يستفيد من إنتاجها من الخضراوات والفواكه والحبوب وغير ذلك، دون قصد التجارة بما تنتج هذه الأرض، فهل تجب عليه زكاة في أصل العقار؟ وهل عليه زكاة على الخارج من الأرض؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأما أصل العقار فلا نجب فيه زكاة، ما دام ليس للتجارة، وأما الخارج من الأرض فإذا كان زرعاً -حبوباً- أو ثماراً وبلغت النصاب وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، أي ما يعادل 300صاع، أي:900كيلو، فتجب فيه الزكاة؛ وهي: العشر إن كانت الأرض تسقى بغير مؤنة ولا كلفة، أما إن كان السقي بكلفة ومؤنة -ومواطير وأدوات كهربائية، فيجب نصف العشر. أما الخضراوات فليس في أعيانها زكاة، إنما الزكاة فيما يكال ويدخر. والله أعلم.

هل في الأثاث زكاة؟

هل في الأثاث زكاة؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله اللهيبي رئيس محكمة التمييز سابقا كتاب الزكاة/ الأموال الزكوية/زكاة العقار والمقتنيات التاريخ 08/05/1427هـ السؤال لدي منزل منذ عشر سنين، قيمته الآن ثلاثمائة ألف ريال، وعليَّ ديون بمائة ألف ريال، وليس لدي شيء من المال نقداً فهل عليَّ بيع المنزل لدفع الزكاة عن السنوات الماضية؟ وهل على أثاث المنزل والأجهزة الكهربائية زكاة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كان هذا المنزل مُعَدًّا للتأجير والاستغلال، فإنه لا زكاة في قيمته، وإنما الزكاة تجب في أجرته إذا حال عليها الحول، فإن تصرف صاحب المنزل في الأجرة قبل تمام الحول فلا زكاة فيها، وإذا كان معدًّا للتأجير إلا أنه لم يؤجر فإنه لا زكاة فيه. أما إذا كان هذا المنزل معدًّا للتجارة والتكسب، وصاحبه ينتظر في بيعه ارتفاع سعره، فإن الزكاة تجب في قيمته منذ أن نواه صاحبه للتجارة، فيقوّم كل سنة بالقيمة التي يمكن أن يباع بها، وتختلف هذه القيمة -في الغالب- من سنة إلى سنة، إما بالزيادة أو النقصان. وعليه فإذا كان هذا المنزل معدًّا للتجارة، فإن الزكاة تجب في قيمته منذ أن نواه صاحبه للتجارة، أما الأثاث المستعمل لأغراض المنزل والأجهزة الكهربائية فيه فلا زكاة فيها، لكن إذا كانت معدة للبيع والشراء والمتاجرة فيها، فإنها تقوّم قيمتها كل سنة وتؤدى منها الزكاة -كما تقدم -والله أعلم- وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أحكام إخراج الزكاة

تعجيل الزكاة قبل وقتها المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 6/5/1422 السؤال لديَّ أموال تحين زكاتها في ربيع الثاني، وقد زكيتها فهل لي أن اجعل زكاتها في شهر ذي الحجة من هذه السنة نفسها، بأن أقدم زكاتها للعام القادم، وتصير زكاة أموالي في شهر ذي الحجة من كل عام؛ لأنه شهر فضيل؟ الجواب الجواب: الصواب مذهب جماهير أهل العلم في أنه لا بأس في تقديم الزكاة عن وقتها، وأصحّ شيء في الباب حديث أبي هريرة كما في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها) أي الزكاة. قال أهل العلم في قول النبي في هذا: إن النبي تحمّل عن العباس زكاة عامه، والعام القادم. وهذا على مذهب الشافعية الحنابلة وقول عند المالكية.

صرف الزكاة في إقامة الدورات العلمية؟

صرف الزكاة في إقامة الدورات العلمية؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 29/4/1422 السؤال نحن لجنة دعوية من مهامها إرسال الدُعاة وطلبة العلم إلى جهات مختلفة في أوروبا لإقامة دورات شرعية والقيام بجولات دعوية، وحيث أن عملاً كهذا يحتاج إلى ميزانية تُصرف في شراء التذاكر وأجرة الإقامة والإعاشة والتنقل وشراء الجوائز التشجيعية للطلاب وغيرها، وحيث يصعب أحياناً جمع تلك الميزانية من أموال الصدقة. آمل من فضيلتكم بيان حكم أخذ أموال الزكاة في دعم مناشط هذه اللجنة الدعوية؟ الجواب هذه الأعمال الدعوية تعتبر في سبيل الله؛ فإنها وسيلة إلى نشر الإسلام وتمكينه في النفوس وتعليم العلم الصحيح الذي تصح به العبادات وفيها دعوة لغير المسلمين حتى يعتنقوا الإسلام بواسطة هؤلاء الدعاة الذين يقيمون تلك الدورات الشرعية والجولات الدعوية ويهدي الله بدعوتهم الخلق الكثير، فكل ذلك داخل في سبيل الله؛ فإن المجاهدين يبدؤون قبل القتال بدعوة الكفار إلى الإسلام ويرغبونهم فيه وقد يبذلون لهم شيئاً من الزكاة كَسَهْمِ المؤلفة قلوبهم ونحو ذلك، فلكم صرف الزكاة في شراء التذاكر وأجرة الإقامة والإعاشة والجوائز ونحو ذلك، وتدخل في سبيل الله أو سهم العاملين عليها أو في سهم المؤلفة قلوبهم، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى. والله أعلم.

بناء السكن الخيري من الزكاة

بناء السكن الخيري من الزكاة المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 29/4/1422 السؤال لديَّ زكاة مال، فهل يجوز لي صرفها لمؤسسة خيرية لبناء مبنى سكني لطلبة العلم الشرعي في معهدها؟ الجواب مصارف الزكاة في الأصناف التي ذُكرت في القرآن وهم الفقراء الذين لا دخل لهم، أو دخلهم لا يكفيهم نصف الشهر، والمساكين الذين يكفيهم دخلهم أكثر من نصف الشهر، والعاملون عليها الذين يجبونها ويفرقونها إذا لم يكن لهم رواتب من الدولة، والمؤلفة قلوبهم ممن يُرجى إسلامه أو كف شره أو قوة إيمانه أو إسلام نظيره، والمُكاتبون أي المماليك الذين يشترون أنفسهم، والغارمون الذين تحملوا دينَّا لا يقدرون على سداده، والمُجاهدون الذين ليس لهم رواتب، وابن السبيل المنقطع الذي لا يقدر أن يصل إلى بلده، ولا شك أن طلبة العلم إذا كانوا فقراء أو مساكين حل لهم الأخذ من الزكاة بالنفقة عليهم ولأجرة السكن وأجرة التنقل وقيمة الكتب التي يُحتاج إليها، فإذا كانت تلك المؤسسة الخيرية تُنفق على الفُقراء واليتامي والغارمين جاز أن يُدفع لها ما تتقوى به على كفالة اليتامى والإنفاق على الأرامل والضعفاء والعجزة ونحوهم رجاء أن يكون عندهم ما يُسبب استمرارهم في تلك المشاريع الخيرية، وقد يكون مبنى السكن لطلبة العلم المتغربين من جملة الأعمال الخيرية التي يعود نفعها لهؤلاء الفقراء المُتفرغين لطلب العلم، فيجوز بناؤه من الزكاة إذا لم يوجد مصارف غير الزكاة. والله أعلم.

إقامة المشاريع التجارية بأموال الزكاة

إقامة المشاريع التجارية بأموال الزكاة المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 29/4/1422 السؤال يعتمد العمل الإغاثي بنسبة كبيرة على الأعمال التجارية، ولا تخلو الهيئات والمؤسسات التنصيرية من ممارسة أنشطة تجارية تدعم أنشطتها التنصيرية، فهل يجوز للمؤسسة إقامة مشاريع تجارية من أموال الزكوات والصدقات لضمان الإنفاق على مشاريعها الخيرية المختلفة؟ الجواب امانع من إقامة مشاريع تجارية من أموال الصدقات ليكون لها غلة وأرباحاً تُصرف في المشاريع الخيرية، فإن لم يوجد لتلك المشاريع إلا الزكاة فإنه يجوز صرفها من الزكاة أو تمويل تلك المشاريع من الزكاة الزائدة عن قدر الحاجة مع الحرص على رد ما اقترض من بند الزكاة قبل تمام الحول حتى يُصرف لمستحقيه.

تقسيط الزكاة على المستحق

تقسيط الزكاة على المستحق المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 14/2/1424هـ السؤال يوجد عندي أخ مستحق للزكاة وأرسل له مخصصاً شهرياً، هل يجوز لي أن أرسل له من زكاتي التي أخرجها في رمضان؟ وهذا يعني أن أحتفظ بمبلغ الزكاة عندي وأرسل له المخصص شهرياً، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: إذا كان أخوك ليس له أب ولا ابن بمعنى أنك ترثه لو مات، فتجب عليك نفقته ما دام فقيراً وأنت غني مقتدر؛ لقوله تعالى:"وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده" [البقرة: 233] ، ثم قال:"وعلى الوارث مثل ذلك" [البقرة: 233] ،وعلى هذا فلا يجزئك أن تعطيه من زكاتك. أما إذا كان له ابن أو أب حي فنفقته لا تجب عليك؛ لأنك لا ترثه لو مات، لأن أباه وولده يحجبانك عن إرثه، وعلى هذا يصح لك أن تعطيه من زكاتك، بل هي صدقة وبر وصلة. ويجوز لك بعد إخراجها وتمييزها عن مالك أن تبقيها عندك وتقسطها لأخيك أقساطاً شهرية إذا كنت تخشى أن ينفقها في غير منفعته، ولكن بشرط ألا تنميها لمصلحتك ولا تستثمرها لنفسك، وإنما تكون عندك كأمانة لأخيك وتصبح وكيلاً له عليها، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

استثمرت مالي فهل أستمر في الزكاة؟

استثمرت مالي فهل أستمر في الزكاة؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 2/1/1425هـ السؤال كان عندي مبلغ وقدره أربعمائة ألف ريال، وكنت أزكيه، ثم أدخلته في عملية استثمارية (مساهمة عقارية) قبل ثلاثة أشهر، هل أستمر في الزكاة على رأس المال؟ أم أتوقف حتى انتهاء العملية الاستثمارية، ومن ثم أواصل الزكاة؟ الجواب ينبغي لك ما دام أنك وضعتها في عملية استثمارية، والمقصود منها تحصيل الكسب، وتنمية التجارة، وتحصيل ما ينتج عنها أن تستمر في إخراج الزكاة، ولا تتوقف عن إخراجها، فإذا حال عليها الحول تجب زكاتها؛ لأن هذا من جنس عروض التجارة.

تأخير الزكاة إلى رمضان

تأخير الزكاة إلى رمضان المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 12/09/1425هـ السؤال إذا كان الإنسان لديه ذهب ولا يتجر به، وقد أخذ بالقول الذي يقول بعدم الوجوب في الزكاة في الذهب والفضة، ثم إنه مؤخراً حاد عن ذلك، وأراد أن يزكي خروجاً من الخلاف، فهل يزكي على ما مضى من السنوات؟ ثم هل يجوز له أن يؤخر الزكاة عن وقتها إلى شهر رمضان؟ الجواب إذا كان الذهب والفضة حلياً مستعملاً فهناك من العلماء من قال بعدم وجوب الزكاة فيه، ومن كان متبعاً لهم في ذلك ثم تغير اجتهاده فإنه لا يزكي عمّا مضى، ولكن يزكَّي السنة الحاضرة فقط، ولا يجوز له تأخير الزكاة عن وقتها إلا لعذر؛ كأن يكون ماله غير حاضر، أو يؤخر لفقير نصيبه من زكاته، وعليه أن يحتاط لنفسه فيسجل هذا خوفاً من النسيان، أو مباغتة الأجل فتبقى الزكاة في ذمته.

أثر النية في زكاة العقار

أثر النية في زكاة العقار المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 8/1/1425هـ السؤال حصلت على قطعة أرض منحة، ولم أقرر ما أفعل بها، وبعد سنتين قررت بيعها، فعرضتها للبيع لمدة أربعة أشهر ثم بعتها، هل عليها زكاة؟ الجواب الأراضي التي يحصل عليها الإنسان عن طريق المنح، ولم يقرر هل يبيعها أو يبنيها سكناً ليس عليها زكاة، فإذا قرر بيعها وعرضها أصبحت عروض تجارة من حين عرضها، فإذا حال عليه الحول أخرج زكاتها، وإن باعها قبل الحول وبقي المبلغ عنده حتى حال الحول أخرج منه الزكاة، وكذا إذا بقي منه شيء قدر نصاب، وإن تصرف في المبلغ قبل أن يحول الحول فلا زكاة فيها، وبعض أهل العلم يرى أنه إذا باعها يزكيها عن سنة، ولو لم يمض على عرضها للبيع سنة، والله أعلم.

إخراج زكاة النقد بعملة أخرى

إخراج زكاة النقد بعملة أخرى المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 10/7/1424هـ السؤال عندي مبلغ 1000 دولار في البنك وقد حال عليها الحول فأردت إخراج الزكاة بالجنيه المصري، لكن يوجد حالياً سعران للصرف (رسمي وغير رسمي) ، فهل هناك حرج في إخراج ما يقابل الدولار بأحد السعرين. الجواب الأصل أن تخرج الزكاة بنفس العملة وهو الدولار، ويجوز أن تخرجها بما يعادله من عملة أخرى كالجنيه ونحوه، وإذا كان له سعران في صرفه فتقومه بالأحظ والأنفع للفقراء ومصارف الزكاة، والله أعلم.

ليس عنده نقود يزكي بها

ليس عنده نقود يزكي بها المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 16/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي هو أني لدي محل تجاري وعلي ديون ولا أستطيع دفع الزكاة. فماذا أفعل؟ أفيدونا أفادكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فعليك أن تخرج الزكاة ولو أن تستدين لإخراجها، وأما وجود الديون عليك فالصواب من كلام أهل العلم أنه لا أثر لذلك في منع الزكاة، بل تزكي ما عندك ولا تسقط ما عليك من الديون من مجموع ما عندك، فإذا كان محلك التجاري يساوي مائة ألف ريال وعليك ديون تساوي خمسين ألف ريال فيجب عليك زكاة مائة ألف ريال ولا تلتفت للخمسين ألف التي عليك، ومن أهل العلم يقول إذا لم يوجد عند من وجبت عليه الزكاة سيولة نقدية، فله أن يخرج من عروض التجارة، وهذا قول له حظ من النظر لاسيما إذا كان ذلك أصلح للفقير.

زكاة العقار والثمار

زكاة العقار والثمار المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 9/3/1424هـ السؤال السلام عليكم. ورثت عقارات من أبي -رحمه الله- منذ بضع سنين، وهي مؤجرة، أريد طريقة سهلة استخدمها؛ لكي أخرج الزكاة؟ علماً أني لم أخرج الزكاة منذ أكثر من ثلاث سنوات وحتى هذا الوقت، ولا أعرف كم كان لدي من مال في ذلك الوقت، وهل علي شيء في ذلك؟ ولدي مزرعة نخيل نبيع ثمارها كل سنة وهو في نخله، هل الزكاة تجب عليّ أم على الذي اشتراه؟ وإذا كانت تجب عليّ هل أخرجها مالاً أم أخرجها تمراً؟ الجواب العقارات المؤجرة ليس في عينها زكاة، وإنما في الأجرة إذا حال عليها الحول وكانت نصاباً فزكاتها ربع العشر، وأما إذا استلمتها وأنفقتها فلا زكاة فيها واجبة، وإنما فيها صدقة التطوع الذي تجود به نفسك. وزكاة ثمرة النخيل عليك وهي نصف العشر إن كانت تسقى بمؤونة، والعشر إن كانت تسقى دون مؤونة، وإخراج الزكاة من عين الثمرة، فإن بعتها جميعاً ولم تستبق منها شيئاً، فإن شئت فاشتر مقدار الزكاة من السوق، أو ادفعها من القيمة التي بعت بها، وحاسب نفسك أخي في ذلك محاسبة الشريك الشحيح براءة لذمتك؛ لأن الزكاة إذا خالطت مالاً ولم تخرج منه أفسدته؛ لأنها حق الفقراء.

نصاب الذهب في الزكاة

نصاب الذهب في الزكاة المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 06/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. كيف جاء الحكم بنصاب الزكاة أنه 85 غرام من قيمة الذهب؟ فهناك حديث عن وعيد النبي -صلى الله عليه وسلم- لامرأة ترتدي سوارين إن لم تكن تؤدي زكاتهما. فهل كان ذلك بسبب أن السوارين يساويان فوق 85 غرام؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. جاء في سنن البيهقي الكبرى 4 /137، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "هاتوا إلى ربع العشور: من كل أربعين درهماً درهمٌ، وليس عليك شيء حتى يكون لك مائتا درهم، فإذا كانت لك مائتا درهم، وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كانت لك، وحال عليها الحول؛ ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك) . فقد حدّد النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديثه هذا نصاب الذهب بعشرين مثقالاً. والمثقال ووزنه 20/4% أربع غرامات وعشرون بالمائة من الغرام تقريباً، فإذا ضربنا 20 في 20/4=84 غراماً، فحتى يزيلوا الشك قالوا: 85 غراماً. وتسأل عن حديث وعيد النبي -صلى الله عليه وسلم- لامرأة ترتدي سوارين من ذهب، فهل كان ذلك بسبب أن السوارين فوق 85 غراماً، هذا الحديث روي في سنن أبي داود (1563) ، والنسائي (2479) ، وسنن البيهقي الكبرى 4/140، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: "أتعطين زكاة هذا؟ " قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ " قال: فخطفتهما فألقتهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-، وقالت: هما لله -عز وجل-، ولرسوله) ا. هـ. قال العلماء: كانت هاتان المسكتان أكثر من الحلي المعتاد، أو أنه كان في أول الإسلام، ولم ينظر الفقهاء إلى الوزن، هل كان 85 غراماً أو أكثر. والله أعلم.

تعجيل الزكاة

تعجيل الزكاة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 24/2/1425هـ السؤال هل يجوز أن أدفع الزكاة مقدماً عن أربع سنوات أو أكثر، لشخص فقير لبناء منزل؟ على أن أقوم بحساب الزكاة سنوياً، فإن كان ما دفعته أقل أخرجت الفرق، وإن كان أكثر فلا بأس فهي زيادة في الخير إن شاء الله. أفتوني مأجورين إن شاء الله. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: ما يتعلق بتعجيل الزكاة فقد أجازها بعض العلماء لسنتين، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد - رحمه الله- ودليل ذلك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تعجل من العباس - رضي الله عنه- صدقة عامين، انظر جامع الترمذي (678) ، والدارقطني (2/124) ، وانظر الفتح (3/333-334) ، وأيضاً يدل له ما في الصحيحين البخاري (1468) ، ومسلم (983) أنه لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- عمر - رضي الله عنه- على صدقة فقيل: منع العباس، وخالد، وابن جميل، - رضي الله عنهم- فقال - عليه الصلاة والسلام-: "أما العباس فهي عليه صدقة ومثلها معها" وأما الأمر الآخر وهو دفعها لهذا الفقير الذي يعمر منزلاً، فنقول: لا بأس أن تدفع لمن يعمر منزلاً يليق بحاله بشرط أن تكون في سداد الغرامات التي لحقته، فإذا لحقته ديون وغرامات بسبب أجرة البنائين، أو بسبب شراء مواد، ونحو ذلك، فإنها تُسدَّد من هذه الزكاة. والله أعلم.

كيف تزكي ما أودعه أبوها باسمها؟

كيف تزكي ما أودعه أبوها باسمها؟ المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 3/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. نحن منذ صغرنا قسّم أبي علينا -أنا وإخوتي - أمواله، ووضعها في بنك بأسمائنا، ولكن هذه الأموال منها ما وضعه أبي من كسبه، ومنها ما هو فوائد من البنك، وعند زواجي أخذت جزءاً منها لجهازي، وما تبقَّى من الأموال يتعدى نصاب الزكاة، وأنا زوجة، ولا أعمل وليس لي دخل خاص، وهذه الأموال يرفض أبي أن أسحب منها لشراء شيء لنفسي، أو تسديد ديون زوجي، حتى تكون لي مثل الميراث بعد وفاة والدي، حتى دفتر هذه الأموال مع أبي، ولا أستطيع التصرف فيها بغير إذنه، وإن حاولت سحب هذه الأموال من دون علمه سيغضب عليَّ. السؤال: 1- من الذي يجب عليه إخراج الزكاة عن هذه الأموال؟ هل هو أبي؟ أم هي واجبة علي ما دامت الأموال باسمي؟ 2- ما مقدار الزكاة الواجبة؟ إذا سحبت من هذه الأموال كل سنة الزكاة على المجموع الكلي ستنقص كثيراً؛ لأن فوائد البنك قليلة لا تكفي، وسمعت فتوى تقول: بأنه يجوز إخراج الزكاة على الفوائد فقط، وليس على كل المال وكأنها عروض تجارة. فماذا أفعل؟ 3-هل الأموال التي سحبتها لجهازي حلال أم حرام؟ علماً بأن نيتي كانت أنني سحبت لجهازي من الجزء الحلال؟ 4- بعد وفاة أبي - فرضاً - وعند انتقال المال إلي، ماذا عليَّ أن أفعل؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: إن كان أبوك قد قصد بهذه القسمة توزيع المال عليكم بعد موته فهذا العمل وصية، والوصية للوارث لا تجوز؛ لما جاء في الحديث: "لا وصية لوارث" رواه الترمذي (2120) وأبو داود (3565) وابن ماجة (2398) عن أبي أمامة الباعلي - رضي الله عنه-، ولأن الله تعالى قد قسم المال بين الورثة، فلا حاجة لأن يقسمه الميت.

ثانياً: إن كان قصد بهذه القسمة حفظ المال لحاجات أولاده أثناء حياته فهذا لا بأس به، فله أن يملِّك أولاده، وله أن يرجع فيما أعطاهم، لكن يجب عليه العدل بين الأولاد. ثالثاً: تجب الزكاة على المالك الحقيقي، وهو الأب في الحالة الأولى، والولد في الحالة الثانية. رابعاً: لا يجوز للمسلم أن يضع أمواله في بنك ربوي، سواء أخذ الفوائد أو لم يأخذها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه رواه مسلم (1598) من حديث جابر - رضي الله عنه -، والفوائد القليلة والكثيرة سواء في الحكم كلها ربا محرم، والربا أكبر الكبائر. خامساً: أما مقدار الزكاة الواجبة فهي ربع العشر 2.5%، أو يقسم المال على أربعين، فما نتج فهو القدر الواجب من الزكاة. والله أعلم.

هل يعد من الزكاة التنازل عن أجرة خدمة الفقير؟

هل يعد من الزكاة التنازل عن أجرة خدمة الفقير؟ المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 21/3/1425هـ السؤال أنا طبيب، يأتيني الغني والفقير، والكبير والصغير، فهل يمكنني أن أعتبر التنازل عن أجر الكشف الطبي للفقير من مستحقات الزكاة المتوجبة؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. من المعلوم عند أهل العلم أن الزكاة تسليم من المزكي، واستلام من المستحق، وعلى هذا لا يكون التنازل عن الكشف عن المريض محسوباً من الزكاة؛ لأن أهل العلم نصوا على أنه لو كان للمزكي دين على الفقير فأراد التنازل عنه مقابل الزكاة لم يكن له ذلك، وما ذكر السائل نظير هذه المسألة. والله الموفق.

زكاة الجمعية التعاونية

زكاة الجمعية التعاونية المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 23/7/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: نحن ستة أشخاص كوَّنَّا جمعية للأمور الطارئة (مثل حادث أو مرض أو سلف) ، وذلك بدفع مبلغ وقدره عشرة دنانير من كل فرد شهريًّا، الآن أصبح المبلغ3000 دينار ولم يستخدم إلا ثلاث مرات بمبالغ بسيطة منذ عامين، فهل على المبلغ زكاة؟ وكيف تحسب؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ليس على هذا المبلغ زكاة؛ لأن المال المشترك ليس فيه زكاة إلا إذا كان من بهيمة الأنعام بشروط خاصة، أو كان شركة ويعلم كل شريكٍ قدر ماله، أما في هذه الحال فنصيب كل شريك مجهول، ثم أيضًا جمع هذا المال من باب الصدقة والتعاون على البر والتقوى، فلا زكاة فيه فيما يظهر لي. والله أعلم.

ساعدت أخي فهل أحتسبها الآن من الزكاة؟

ساعدت أخي فهل أحتسبها الآن من الزكاة؟ المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 30/06/1425هـ السؤال قمت بسداد بعض الديون التي كانت على أخي، ولكن لا أتذكر نيتي وقتها، هل هي من الزكاة أم مجرد مساعدة؟ فهل أعتبر تلك المبالغ من الزكاة، أم يجب تجديد النية، أم يجب إخراج الزكاة من جديد؟ وهل يجب إخبار من يأخذ الزكاة بأن ذلك زكاة مال، أم يكفي دفعها إليه دون إخباره؟. الجواب الزكاة عبادة لا بد لها من نية، والمال الذي أخرجته لم تنو به الزكاة، فيُعدُّ صدقة من الصدقات، وعليك أن تزكي مالك بنية مصاحبة للإخراج، وعليك أن تخبر من تعطيه المال بأنه زكاة إذا لم تكن متأكداً من استحقاقه لها، فقد تظن أنه أهل للزكاة وهو ليس كذلك، فيخبرك بأن الزكاة لا تحل له، أما إذا علمت حاله فلا حاجة لإخباره. وبالله التوفيق.

هل على ثمن الأرض زكاة؟

هل على ثمن الأرض زكاة؟ المجيب د. زيد بن سعد الغنام عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 17/02/1426هـ السؤال لدينا أرض كانت مؤجرة للدولة لمدة خمس عشرة سنة، وأثناء هذه السنوات جاءت عروض للبيع، ولكن الورثة ليسوا متفقين، فمنهم من يرى البيع ومنهم من يرى التخطيط، ومنهم من يرى البقاء مؤجرة للدولة، ولم يكن هناك عرض جدي للبيع للأسباب السابقة، ثم يسر الله بيعها أخيراً. فهل على مبلغ البيع زكاة، بحيث إنه تتحقق فيه شروط الزكاة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ليس عليكم زكاة على هذه الأرض؛ لأنكم لم تعزموا الأمر في عرضها للبيع، ولذا فلا تعد من عروض التجارة، ثم إنكم شركاء، والزكاة لا تجب على الشركاء إلا إذا بلغ نصيب كل واحد منهم نصاباً. والله أعلم.

هل يحتسب ما أنفقه على أخيه من الزكاة؟

هل يحتسب ما أنفقه على أخيه من الزكاة؟ المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 18/01/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم لي أخ غير شقيق وهو يتيم، وقد تكفلت بتعليمه في مدارس أهلية بمبلغ عشرة آلاف ريال سنوياً، فهل أعتبر المال الذي أنفقته على أخي من الزكاة؟ أفيدوني أفادكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد: فإن القاعدة في ذلك: أن كل قريب تجب نفقته على المزكي فإنه لا يجوز أن يدفع إليه من الزكاة ما يكون سببًا لرفع النفقة عنه. وتفصيل ذلك: أن القريب إما ألا تجب نفقته عليك، أو تجب: فإن لم تجب نفقته عليك فإنه يجوز دفع الزكاة إليه إذا كان من أهل الزكاة، مثاله: الأخ إذا كان له أبناء، فإنه والحالة هذه لا يجب على أخيه نفقته؛ نظرًا لعدم التوارث لوجود الأبناء، وهم يحجبون الأخ من الميراث. أما إن وجبت نفقة القريب عليك فإنه لا يجوز أن يدفع إليه من الزكاة ما يكون سببًا لرفع النفقة عنه. ويفهم من ذلك: أن القريب الذي تجب نفقته قد لا يحتاج إلى الزكاة في النفقة لكن عليه دين فيجوز قضاء دينه من الزكاة ما دام هذا الدين الذي وجب عليه ليس سببه التقصير في النفقة. مثال ذلك: رجل حصل لابنه حادث وألزم بغرامة السيارة التي أصابها، وليس عنده مال، فيجوز للأب أن يدفع الغرم الذي على الابن من زكاته- أي من زكاة الأب- لأن هذا الغرم ليس سببه النفقة، بل إنما وجب لأمر لا يتعلق بالإنفاق.

ثم هناك أمر آخر، ألا وهو أن الواجب عليك هو دفع الزكاة، أما التصرف في المال الذي سوف تدفعه للفقير ونحوه من أهل الزكاة فلا يصح، ولا تبرأ ذمتك من الزكاة بهذا الفعل، ويستثنى من ذلك: أن يكون الفقير ونحوه من أهل الزكاة لا يحسنون التصرف في المال، أو أنهم ليسوا من أهل الولاية عليه، ففي هذه الحالة لا بأس بدفع مال الزكاة لوليهم، أو من يقوم على شؤونهم، فإنه أدرى بمصالحهم، فإن لم يوجد فلا بأس بقيامك أنت ـ إن كنت من أهل الخبرة، أو من تنيبه ـ بالتصرف في المال الذي سوف تدفعه لهم فيما تراهم محتاجين إليه من شراء طعام وكسوة، وسكن، وعلاج، وتعليم ونحوه. والذي يظهر من سؤالك -يا أخي- هو أن اليتيم الذي هو أخوك غير الشقيق أنت وليه، وليس له وارث غيرك وإخوتك إن وجدوا، وبناءً عليه: فالذي أراه أن دفع الزكاة لتعليمه لا يصح؛ إذ تعليمه داخل في النفقة عليه، وأنت تجب عليك نفقته، وبالتالي فإنه لا يجوز أن يدفع إليه من الزكاة ما يكون سببًا لرفع النفقة عنه. والله أعلم.

هل في هذا المال زكاة؟

هل في هذا المال زكاة؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/أحكام إخراج الزكاة التاريخ 3/11/1425هـ السؤال هل يجب على أمي أن تؤدي زكاة المال الذي تدخره لزواج أختي ولأداء فريضة الحج عن أبي؟ وقد أدت أمي فريضة الحج لنفسها. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد. أنه إذا حال الحول على هذا المال وجبت الزكاة عليها (أي على المرأة المذكورة) إن كان المال لا يزال عندها وباسمها، أما إن ملَّكته لغيرها فتجب الزكاة على ذلك الغير إذا مضى عليه سنة. والله أعلم.

الزكاة على الأقربين

دفع الزكاة للزوج المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء كتاب الزكاة/الزكاة على الأقربين التاريخ 13/7/1422 السؤال هل يجوز دفع الزكاة للمقربين جداً؟ مثلاً أن تدفع الزوجة الزكاة للزوج -وهو مستحق للزكاة-، أو دفع الأخ الزكاة لأخيه -وهو مستحق للزكاة- وجزاكم الله خيراً. الجواب لا بأس أن تدفع الزوجة لزوجها زكاة مالها إذا كان محتاجاً؛ لقصة زينب الثقفية فقد أذن لها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تدفع زكاتها لزوجها عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وقال لها: ((زوجك وولدك أحقّ من تصدّقت به عليهم)) أخرجه البخاري (1462) . ويجوز أن يدفعها الأخ لأخيه.

زكاة الراتب الشهري المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين كتاب الزكاة/زكاة الرواتب التاريخ 11/09/1425هـ السؤال توظفت مع بداية هذه السنة (1/1/1422) وبدأت أقتص من راتبي شهرياً وأضعه في خزنتي وأتمنى أن أزكي في شهر رمضان وأعود نفسي في كل سنة أني أزكي مالي في هذا الشهر. السؤال: هل إذا جاء شهر ذي الحجة (عندها تكون أموالي التي استلمتها في شهر محرم لبثت في الخزنة سنة كاملة) أزكي من جديد، وإلا تكفيني زكاة كل أموالي في رمضان كل سنة أرجو إجابتي لأني ملخبط في موضوع الزكاة وأتمنى أن أعرف المفتي مع بالغ التقدير والاحترام لكل المسلمين. الجواب للمسلم في طريقة إخراج زكاته مسلكان: الأول: أن يجعل حولا لكل مال يبلغ النصاب عنده ويزكيه عند تمام الحول وهذا قد يشق على من تأتيه أموال في كل شهر كمن يدخر من راتبه. المسلك الثاني: أن يجعل له شهراً في السنة يزكي فيه جميع ماله منه ما مضى عليه الحول، ومنه مالم يمض عليه حول وهذا أسهل وأيسر للموظف الذي يدخر من راتبه. والسائل هنا حين اقتطع من راتب شهر محرم هل هذا المال بلغ النصاب أم لا؟ فمتى بلغ النصاب بدأ الحول، وإذا أراد أن يجعل زكاته في رمضان فعليه في أول رمضان يمر عليه وعنده نصاب الزكاة، أن يخرج الزكاة ولو لم يكمل حولا ثم يصبح رمضان في كل سنة تمام حول الزكاة له.

زكاة الراتب المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/زكاة الرواتب التاريخ 6/10/1424هـ السؤال سؤالي عن زكاة المال، حيث إني اعتدت على إخراجها في أحد الأيام الأخيرة من رمضان، وكان مجموع المال الذي أملكه في رمضان الماضي ألفي ريال (2000) ريال، ثم في شهر ذي القعدة الماضي توظَّفت وصرت أحصل على راتب شهري، وعندما أتى موعد دفع زكاة المال لهذه السنة في رمضان احترت هل أزكي على جميع أموالي التي عندي وأكثرها من الراتب الذي أستلمه، أم أزكي عن المبلغ (2000) ريال الذي كان عندي في السنة الماضية، وهل في الدين الذي لي عند الناس زكاة، وهل تأخيري عن دفع الزكاة لمدة أسبوعين فيه إثم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فالجواب أنك تزكي الألفين التي عندك سابقاً، أما الراتب فتعمل له جدولاً لكل شهر، فإذا مرَّ عليه - أي الراتب- سنة وأنت لم تصرفه في نفقاتك فإنك تزكيه، ومثال ذلك: راتب شهر ذي القعدة مثلاً من عام 1422هـ لا تزكيه إلا في ذي القعدة عام 1423هـ إن لم تصرفه وهكذا بقية الشهور، وإن شق عليك ذلك وأردت في وقت زكاتك أن تزكي كل ما لديك من رواتب وغيرها كان حسناً وفيه زيادة فضل؛ لأنك ستزكي رواتب لم تمضِ عليها سنة، وهو أسهل من جعل جدول لكل راتب. هذا والدين الذي لك عند الناس إن كان على مليء يدفع عند الطلب فهذا تزكيه مع مالك، أما إذا كان على معسر أو مماطل فهذا إذا قبضته تزكيه لسنة واحدة فقط على القول الراجح ولو مضى عليه عدة سنين.

أما من ناحية تأخير الزكاة لأسبوعين فإن كان لمصلحة ظاهرة كانتظار من يستحقها أو من هو أحق وأولى بها فلا بأس، حتى ولو أخرها لثلاثة أشهر. أما من غير حاجة أو مصلحة فلا يجوز، لكن تأخيرها لأسبوعين أو نحوها في نظري أنه لا يضر إن شاء الله - تعالى-، والله أعلم.

زكاة بدل التعيين المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/زكاة الرواتب التاريخ 1/1/1425هـ السؤال بدأت وزارة التربية والتعليم هذه الأيام بصرف بدل التعيين لمنسوبيها الذين لم يستلموه منذ عام 1406هـ إلى هذا الوقت، وهو راتب مستحق للموظف، والمفترض أن يستلمه في أول تعيينه، ولكنه لم يصرف إلا في هذه الفترة، والسؤال: هل تجب الزكاة في هذا الراتب؟ وهل يأخذ حكم الدين على مليء مماطل، فيزكى لسنة واحدة؟ أرجو الإجابة على سؤالي هذا؛ لأنه يخص أكثر من 150000 معلم في المملكة. والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده. وبعد: فأقول وبالله -تعالى- التوفيق والسداد: من المعروف شرعاً أن الزكاة تجب في المال الذي يحول عليه الحول بعد تحقق النصاب الشرعي الذي تجب فيه الزكاة، فهذا الراتب بعد استلامه إذا حال عليه الحول عندك تجب فيه الزكاة إن كان النصاب متحققاً فيه، كما أنه لا يأخذ حكم الدين؛ لأن هذا الراتب منحة من ولي الأمر، فله أن يعطيه وله أن يمنعه. هذا والله أعلم بالصواب.

الزكاة على الابن الغارم

الزكاة على الابن الغارم المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق كتاب الزكاة/الزكاة على الأقربين التاريخ 16/3/1424هـ السؤال أنا رجل موظف وعندي تسعة أبناء وبنات، أكبرهم شاب عمره ستة وعشرون عاماً ونصف، لم يكمل دراسته الجامعية لظروف صحية نفسية، غير متزوج ويعيش مع باقي الأسرة، يعمل موظفاً بسيطاً براتب لا يكفي مصاريفه الشخصية الكثيرة، تورط مع أحد البنوك الربوية بقرضين ربويين يثقلان كاهله، سؤالي شيخي هو: هل يجوز أن أسدد عنه أحد القرضين أو كليهما وأحتسب ذلك من زكاة مالي؟ وهل يجوز أن أقدم دفع جزء من الزكاة قبل موعدها السنوي بأربعة أشهر؟ وهل أنا مكلف شرعاً بالإنفاق عليه وسداد ديونه في هذه السن؟ أرجو إفادتي بالحكم الشرعي في هذه المسألة وجزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: جواب السؤال الأول: يجب على الوالد أن ينفق على ابنه إذا كان غير قادر على الاكتساب، لصغر سن أو مرض، أو غير ذلك من الأسباب، وذلك بأن يؤمن له الحاجات الأساسية من مطعم، ومشرب، وملبس، وكذا لو كان الابن قادراً على الاكتساب إلا أن كسبه لا يغطي حاجاته الأساسية، أما ما يفضل عن الحاجات الأساسية فلا يجب عليك أن تؤمنها له. قال ابن قدامة: "ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط: أحدها أن يكونوا فقراء لا مال لهم، ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يكفيهم فلا نفقة لهم. الثاني أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم فاضلاً عن نفقة نفسه إما من ماله أو من كسبه. الثالث: أن يكون المنفق وارثاً لقول الله -تعالى-: "وعلى الوارث مثل ذلك" [البقرة: 223] ، وقال أيضاً: والواجب في نفقة القريب قدر الكفاية من الخبز، والأدم، والكسوة بقدر العادة؛ لأنها وجبت للحاجة، فتقدر بما تندفع به الحاجة المغني (24/419-420)

السؤال الثاني: هل يجب عليك أن تسدد ديونه؟ أرى أن في المسألة تفصيلاً، إذ لا يخلو دينه إما أن يكون بسبب تفريطك في النفقة عليه النفقة الواجبة حتى اضطر إلى الدين، فهنا يجب عليك أن تسدد دينه؛ لأن دينه هذا كان بسبب تفريطك فأنت المتسبب فيه، وأما إن كنت تنفق عليه النفقة الواجبة، أو كانت النفقة غير واجبة عليك أصلاً لاختلال أحد الشروط التي ذكرها ابن قدامة أعلاه، وحصل عليه دين لإسرافه وتبذيره على نفسه، أو دخل تجارة فخسر أو التزم بالتزامات لم يف بها أو أتلف مالاً، أو غير ذلك من الأسباب التي تلحق عليه الدين فهنا لا يجب عليك أن تسدد دينه، ولو أدى به الأمر إلى دخوله السجن. وأما ما يخص السؤال الثالث، فالجواب عليه نقول: لا يخلو دينه إما أن يجب عليك أن تسدده بناءً على ما أشرنا إليه في السؤال الثاني، وإما أن لا يجب عليك، فإن كان يجب عليك فلا يجوز لك أن توفي دينه من زكاتك؛ لأنك تحمي مالك الخاص من الزكاة والتي لها مصارفها الخاصة. فإن لم يجب عليك سداد دينه، بناء على ما قررناه في جواب السؤال الثاني، فيجوز لك أن تسدد دينه من زكاتك لأن المحذور هنا انتفى. قال ابن تيمية "والأظهر جواز دفع الزكاة إلى الوالدين إن كانوا غارمين أو مكاتبين، وقال أيضاً وكذلك إن كان على الولد دين ولا وفاء له جاز له أن يأخذ من زكاة أبيه" مجموع الفتاوى (25- 90، 92) . وقال النووي: "قال أصحابنا ويجوز أن يدفع إلى ولده ووالده من سهم العاملين، والمكاتبين والغارمين والغزاة إن كانوا بهذه الصفة" المجموع (6/229) .

لكن ينبغي أن يلاحظ أمر مهم ذكرته في سؤالك وهو أن دين ابنك كان بقروض ربوية فالأظهر لدي أن لا تدفع لابنك من الزكاة إلا مقابل رأس مال القرض، أما الزيادة فلا تدفعها من الزكاة لأنها محرمة ولا يجوز دفع الزكاة في أمر محرم، فلو كان ابنك قد اقترض عشرة آلاف على أن يسددها أحد عشر ألفاً فأعطه من الزكاة ما يغطي العشرة فقط لا الأحد عشر ألف كاملة. السؤال الرابع: هل يجوز تقديم الزكاة؟ الصحيح من قولي أهل العلم أنه يجوز تقديم الزكاة عن الحول إذا كمل النصاب خصوصاً إذا وجدت مصلحة، قال ابن قدامة: متى وجد سبب وجوب الزكاة وهو النصاب الكامل جاز تقديم الزكاة، وبهذا قال الحسن، وسعيد بن جبير، والزهري، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي الشرح الكبير (ج7، ص179) .

زكاة المرأة على أولادها الفقراء

زكاة المرأة على أولادها الفقراء المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الزكاة/الزكاة على الأقربين التاريخ 1/11/1424هـ السؤال أنا سيدة مطلقة، ولي ولدان لا ينفق عليهما والدهما إطلاقا، أحيانا يزعم أنه غير قادر، وأحيانا أخرى أنه لا يريد الإنفاق عليهما إلا عن طريق اللجوء إلى المحاكم، أما أنا فميسورة الحال، أعمل في إحدى الشركات الاستثمارية براتب يقدر بحوالي ألف وخمسمائة جنية، ولي أملاك أخرى تدر علي عائداً شهريا حوالي ألف جنيه، ولي سيارة خاصة -والحمد لله-، ولكنها بالتقسيط، وباقي علي من قيمة القرض حوالي عشرين ألف جنيه، كما أن لي رصيداً في البنك يقدر بحوالي ثلاثة آلاف دولار, أخرج عن هذا المبلغ زكاة مال في كل عام، وأنا أقوم بالإنفاق على ولدي على أحسن ما يكون من مأكل وملبس وتعليم بمدارس لغات، والسؤال هو: هل يعتبر أولادي فقراء؟ حيث إن والدهم لا يقوم بالإنفاق عليهم إطلاقا، سواء كان سبب ذلك عدم مقدرته المالية، وأعتقد أنه معسر، أو سبب عدم إنفاقه هو العناد فقط، حيث يرى أنني ميسورة، وأن إنفاق زكاة مالي على أولادي جائز بحكم أنهم فقراء، وأن الإنفاق عليهم ليس واجبا علي إطلاقا، فمثلا لو أني أخرج كل عام مبلغ خمسمائة جنيه فيمكنني أن أقتطع منه ما يلزم لشراء الحاجات الضرورية فقط لأولادي؛ مثل مصروفات المدارس الحكومية، وأعني أنه لا يحق لي اقتطاع مصروفات مدارس لغات من الزكاة، حيث تعد هذه رفاهية غير واجبة للفقراء، وهكذا في الملبس والمأكل أي أعني من أن يكون من أوسط ما تأكلون وما تشربون. ملحوظة: أنا لا أتهرب من دفع زكاة مالي، حيث إنني أقوم بإخراجها سنويا وأتصدق بالكثير أيضا، لكن أنا فقط أسأل هل أولادي أولى الفقراء بزكاة مالي. جزاكم الله خيراً. الجواب الولد لا تدفع له الزكاة الواجبة، بل يجب الإنفاق على الأولاد من مال الأب إن كان يستطيع ذلك، وإلا فيجب على الأم ذلك، ولا يصح دفع الزكاة لهم عندئذ؛ لأن ذلك سبيل لإسقاط النفقة الواجبة، والله أعلم.

دفع الزكاة للإخوة والأخوات

دفع الزكاة للإخوة والأخوات المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/الزكاة على الأقربين التاريخ 13/7/1424هـ السؤال أنا أدخر مال زوجي، وقد وجبت عليه الزكاة، فهل يجوز أن أدفعها لأمي وأخواتي الفقيرات ولأخي الفقير المتزوج، مع أني أعلم أنه سينفق جزءاً منها على أمي؟ وجزاكم الله عني كل خير، وبارك الله فيكم. الجواب إذا كان المال هو مالك فلا يجوز لك أن تدفعي زكاته لأمك مطلقاً، ولا لأخيك، ولا أخواتك الفقراء إذا كنت ترثينهم، أمّا إذا كنت لا ترثين أخاك ولا أخواتك، لوجود الوالد، أو لوجود أولاد لهم ذكور فلا بأس أن تدفعي لهم الزكاة حتى لو أنفقوها على الوالدة إذا لم يكن هذا مقصوداً أصلاً. أما إذا كان المال هو مال زوجك فله أن يدفع زكاته أو شيئاً منها لوالدتك وأخيك وأخواتك.

دفع الزكاة إلى الإخوة والأخوات

دفع الزكاة إلى الإخوة والأخوات المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/الزكاة على الأقربين التاريخ 21/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 1. هل يجوز أن أدفع زكاة أموالي إلى أخي القاصر وأختي؟ وهما يسكنان مع والدتي في منزلي (مع العلم أن والدنا متوفى) . 2. هل يجوز دفع الزكاة إلى زوجة أبي وإخواني وأخواتي غير الأشقاء؟ وجزاكم الله خيرا. الجواب لا يصح أن تدفع زكاتك لأبيك، ولا لأمك، ولا لأولادك كباراً كانوا أو صغاراً، ذكوراً كانوا أو إناثاً، ولا لأحد ممن ترثه فمثلاً أخوك وأختك الشقيقان لا تدفع لهما زكاتك ما دمت وارثاً لهما، لأنك ذكرت أن الوالد متوفى وأنهما صغار فلا يوجد من يحجبك من الميراث، وأما إخوتك من الأب فتدفع لهم زكاتك، لأن بعضهم يحجبك من ميراث البعض الآخر، وكذا زوجة أبيك المتوفى تدفع لها زكاتك، أما إذا كان الوالد حياً فلا يجوز لأن نفقتها على أبيك وأبوك إذا قصرت به النفقة عليه وعلى من يعول فيجب عليك أن تكمل نفقته من حر مالك لا من زكاتك.

دفع الزكاة للأخت

دفع الزكاة للأخت المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/الزكاة على الأقربين التاريخ 14/6/1424هـ السؤال هل تصح الزكاة على الأخت إذا كانت فعلاً محتاجة؟ وهل يصح أن يدفع لها كل ما أستخرجه للزكاة؟ حيث إنها محتاجة فعلاً لكل المال، مع العلم بأنه ليس لديهم شقة، وتعيش مع أهل زوجها، وتنشأ مشاكل دائمة بسبب هذا الوضع، وهذا المال يساعدها في تأسيس الشقة. وشكراً، وجزاكم الله خيراً. الجواب نقول: إذا كانت أخته، ليست تحت ولايته ولا ينفق عليها، وإنما ينفق عليها زوجها، أو أولادها ونحو ذلك، وهي فقيرة، بمعنى: أنه ليس عندها قدر كفايتها، فإن دفع الزكاة إليها أفضل من دفعها لغيرها؛ لأنها صدقة وصلة، فيحصل الإنسان بدفع الزكاة إليها أجر صلة القرابة -صلة الرحم-، ويحصل فضيلة إخراج الزكاة. والذي لا يصح دفع الزكاة إليهم هم الأصول والفروع، كالأب والأم، والجد والجدة، والأبناء والبنات، وأولادهم، أما الإخوة والأخوات، فيجوز دفع الزكاة إليهم إذا كانوا مستحقين، ولم يكونوا تحت ولاية الإنسان وإنفاقه.

هل يدفع زكاته لأخيه؟

هل يدفع زكاته لأخيه؟ المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/الزكاة على الأقربين التاريخ 07/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي أخ أصغر لا يحسن التصرف بالمال، وقد أصر على فتح محل تجاري، ثم خسر فيه، رغم نصائحنا له، وهو الآن مدين بمبلغ من المال، وقد كان الوالد- رحمه الله- ملتزمًا بسداد هذا الدين، ولكن وافته المنية قبل ثلاثة أيام. السؤال: هل يجوز دفع زكاة مالي إلى أخي المذكور لسداد جزء من دينه؟ أم أنه يسدد دينه من نصيبه في الميراث والذي سيحتاجه لاحقًا من أجل زواجه؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته: إذا كان أخوك لا يستطيع سداد دينه من أمواله الخاصة بعد زواجه، فإنه يجوز لك أن تعطيه من زكاتك؛ لأنه يشرع دفع الزكاة للأقارب ما لم يكن في ذلك تحايل لإسقاط نفقة واجبة، وفي مثل حالتك ليس في دفع الزكاة لأخيك تحايل على إسقاط نفقة واجبة، لأنه حتى لو وجب عليك نفقة أخيك فإنه لا يجب عليك سداد الدين عنه، وعلى ذلك يجوز دفع الزكاة له. والله أعلم. وصلى وسلم على نبينا محمد.

هل يعطي زكاته لإخوته؟

هل يعطي زكاته لإخوته؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/الزكاة على الأقربين التاريخ 14/04/1426هـ السؤال لدي سؤال عن إعطاء الزكاة، حيث إني أسكن مع أهلي (غير متزوج) ، والدهم متوفى وقد ترك لهم خيرًا (هم إخوتي من جهة الأم) ، فهل يجوز لي إعطاؤهم الزكاة؟ وإذا كان يجوز، فهل أعطيهم نقدًا، أم أشتري لهم مستلزمات (مواد غذائية) ؟ وهل لي أن آكل منها؟ (ملابس، تسديد فواتير ... إلخ) حيث إن صرفي عليهم من الراتب يعادل صرفي على نفسي أو أكثر من ذلك. أرجو النصح والتوضيح. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فيجوز إعطاء الزكاة للإخوة من الأم إذا كانوا مستحقين لها، وعليك أن تدفع لهم الزكاة نقودًا لا مستلزمات، كما لا يجوز لك أن تأخذ من زكاتك التي أعطيتهم شيئًا، لا تسديد فواتير ولا غير ذلك. والله أعلم.

إعطاء الأخ من الزكاة

إعطاء الأخ من الزكاة المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/الزكاة على الأقربين التاريخ 26/12/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله. توفي والدي، وأخي يدرس الطب في الخارج ولم يجد له معيلًا إلا أمي التي تعمل براتب 800 ريال، فهل يجوز لنا نحن وأخواتي وأمي أن نعطيه من زكاة أموالنا، وما حكم الصدقة عليه منا دون علمه؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن دفع الصدقات عمومًا للقرابات إن كانوا من أهلها أولى وأفضل من دفعها إلى غيرهم، والزكاة داخلة في عموم الصدقات، ودفعها للقريب من أعمام وأخوال وإخوان وأخوات وكل ذي قرابة لا تجب عليك نفقته يجمع لك بين أجرين: أجر الصلة وأجر الصدقة، كما جاء في حديث سلمان بن عامر، رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَالصَّدَقَةُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ". أخرجه أحمد (16226) والترمذي (658) وابن ماجه (1844) والنسائي (2582) وسنده صحيح. وهذا مشروط بألَّا يؤدي دفعها إليهم إلى إسقاط حق واجب وهو النفقة، فإن كان ذلك يؤدي إلى إسقاط النفقة فلا يجوز دفعها إليهم، بل ينفق عليهم، فإن كانت نفقته عليهم لا تخرجهم من أهل الزكاة جاز أن يدفع لهم من زكاته أيضًا. نعم، ويجوز دفع الصدقة إليه دون علمه، إن كان يتحرج من أخذ الصدقة، وهو في حاجة إليها. والله تعالى أعلم.

زكاة الرواتب

زكاة الراتب الشهري المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين كتاب الزكاة/زكاة الرواتب التاريخ 11/09/1425هـ السؤال توظفت مع بداية هذه السنة (1/1/1422) وبدأت أقتص من راتبي شهرياً وأضعه في خزنتي وأتمنى أن أزكي في شهر رمضان وأعود نفسي في كل سنة أني أزكي مالي في هذا الشهر. السؤال: هل إذا جاء شهر ذي الحجة (عندها تكون أموالي التي استلمتها في شهر محرم لبثت في الخزنة سنة كاملة) أزكي من جديد، وإلا تكفيني زكاة كل أموالي في رمضان كل سنة أرجو إجابتي لأني ملخبط في موضوع الزكاة وأتمنى أن أعرف المفتي مع بالغ التقدير والاحترام لكل المسلمين. الجواب للمسلم في طريقة إخراج زكاته مسلكان: الأول: أن يجعل حولا لكل مال يبلغ النصاب عنده ويزكيه عند تمام الحول وهذا قد يشق على من تأتيه أموال في كل شهر كمن يدخر من راتبه. المسلك الثاني: أن يجعل له شهراً في السنة يزكي فيه جميع ماله منه ما مضى عليه الحول، ومنه مالم يمض عليه حول وهذا أسهل وأيسر للموظف الذي يدخر من راتبه. والسائل هنا حين اقتطع من راتب شهر محرم هل هذا المال بلغ النصاب أم لا؟ فمتى بلغ النصاب بدأ الحول، وإذا أراد أن يجعل زكاته في رمضان فعليه في أول رمضان يمر عليه وعنده نصاب الزكاة، أن يخرج الزكاة ولو لم يكمل حولا ثم يصبح رمضان في كل سنة تمام حول الزكاة له.

زكاة الراتب

زكاة الراتب المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/زكاة الرواتب التاريخ 6/10/1424هـ السؤال سؤالي عن زكاة المال، حيث إني اعتدت على إخراجها في أحد الأيام الأخيرة من رمضان، وكان مجموع المال الذي أملكه في رمضان الماضي ألفي ريال (2000) ريال، ثم في شهر ذي القعدة الماضي توظَّفت وصرت أحصل على راتب شهري، وعندما أتى موعد دفع زكاة المال لهذه السنة في رمضان احترت هل أزكي على جميع أموالي التي عندي وأكثرها من الراتب الذي أستلمه، أم أزكي عن المبلغ (2000) ريال الذي كان عندي في السنة الماضية، وهل في الدين الذي لي عند الناس زكاة، وهل تأخيري عن دفع الزكاة لمدة أسبوعين فيه إثم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فالجواب أنك تزكي الألفين التي عندك سابقاً، أما الراتب فتعمل له جدولاً لكل شهر، فإذا مرَّ عليه - أي الراتب- سنة وأنت لم تصرفه في نفقاتك فإنك تزكيه، ومثال ذلك: راتب شهر ذي القعدة مثلاً من عام 1422هـ لا تزكيه إلا في ذي القعدة عام 1423هـ إن لم تصرفه وهكذا بقية الشهور، وإن شق عليك ذلك وأردت في وقت زكاتك أن تزكي كل ما لديك من رواتب وغيرها كان حسناً وفيه زيادة فضل؛ لأنك ستزكي رواتب لم تمضِ عليها سنة، وهو أسهل من جعل جدول لكل راتب. هذا والدين الذي لك عند الناس إن كان على مليء يدفع عند الطلب فهذا تزكيه مع مالك، أما إذا كان على معسر أو مماطل فهذا إذا قبضته تزكيه لسنة واحدة فقط على القول الراجح ولو مضى عليه عدة سنين. أما من ناحية تأخير الزكاة لأسبوعين فإن كان لمصلحة ظاهرة كانتظار من يستحقها أو من هو أحق وأولى بها فلا بأس، حتى ولو أخرها لثلاثة أشهر. أما من غير حاجة أو مصلحة فلا يجوز، لكن تأخيرها لأسبوعين أو نحوها في نظري أنه لا يضر إن شاء الله - تعالى-، والله أعلم.

زكاة بدل التعيين

زكاة بدل التعيين المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/زكاة الرواتب التاريخ 1/1/1425هـ السؤال بدأت وزارة التربية والتعليم هذه الأيام بصرف بدل التعيين لمنسوبيها الذين لم يستلموه منذ عام 1406هـ إلى هذا الوقت، وهو راتب مستحق للموظف، والمفترض أن يستلمه في أول تعيينه، ولكنه لم يصرف إلا في هذه الفترة، والسؤال: هل تجب الزكاة في هذا الراتب؟ وهل يأخذ حكم الدين على مليء مماطل، فيزكى لسنة واحدة؟ أرجو الإجابة على سؤالي هذا؛ لأنه يخص أكثر من 150000 معلم في المملكة. والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده. وبعد: فأقول وبالله -تعالى- التوفيق والسداد: من المعروف شرعاً أن الزكاة تجب في المال الذي يحول عليه الحول بعد تحقق النصاب الشرعي الذي تجب فيه الزكاة، فهذا الراتب بعد استلامه إذا حال عليه الحول عندك تجب فيه الزكاة إن كان النصاب متحققاً فيه، كما أنه لا يأخذ حكم الدين؛ لأن هذا الراتب منحة من ولي الأمر، فله أن يعطيه وله أن يمنعه. هذا والله أعلم بالصواب.

زكاة الأوقاف والحسابات الخيرية

زكاة المال المودع في البنك الإسلامي المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية كتاب الزكاة/زكاة الأوقاف والحسابات الخيرية التاريخ 18/12/1424هـ السؤال أودع شخص المال في بنك إسلامي، وربح هذا المال هو جزء أو كل مصدر الدخل الذي يعيش منه هذا الشخص، فما مقدار الزكاة؟ هل على أصل المال أم على الربح؟ علماً بأن هناك فتوى تقول: إن الزكاة تكون 10% على الربح في هذه الحالة، وأنا أميل لها من حيث العقل والمنطق؛ لأن إخراج المال على الأصل سوف يكون أكثر من الربح، والإسلام لم يشرع شيئاً يترتب عليه خسارة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الزكاة تكون على رأس المال والربح إذا حال الحول على رأس المال، وقد بلغ نصاباً، ولا يشترط في الربح أن يحول عليه الحول؛ لأن حوله حول أصله، ومقدار الزكاة يكون بنسبة:2.5%، والزكاة لا يترتب عليها نقصان وخسارة على المال، بل هي تبارك المال وتزكي صاحبه، ويمكن للإنسان إذا أراد أن يتفادى نقصان المال أن يستثمره ويتجر فيه مع إخراج زكاته، فإذا فعل المسلم ذلك فهو خليق بأن يبارك الله تعالى في ماله وتجارته ويرزقه من حيث لا يحتسب.

زكاة صندوق العائلة

زكاة صندوق العائلة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/زكاة الأوقاف والحسابات الخيرية التاريخ 23/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تم إنشاء صندوق للعائلة لغرض صلة الرحم بين الأسرة وعقد الاجتماعات واجتماعات الأعياد، ويتم التمويل المالي لهذا الصندوق من قبل الأعضاء، ويتم صرف المبالغ لعمل الاجتماعات الأسرية وغيرها، فهل تجب الزكاة لهذا المال إذا حال عليه الحول؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كانت هذه المبالغ لا تعود إلى أصحابها، وإنما تصرف في النوائب والقرب وصلة الرحم فليس فيها زكاة؛ لأنها ليست ملكاً لأحد.

زكاة الأموال المدخرة للحاجة

لم تزكِّ لسنوات طويلة المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم كتاب الزكاة/زكاة الأموال المدخرة للحاجة التاريخ 17/05/1427هـ السؤال امرأة جمعت مالاً خلال 24 سنة ولم تزكِّ عنه شيئاً، وذلك بسبب ما يلي: 1- إنها تجمع المال الذي تستطيع توفيره في أي يوم (لا يوجد مبلغ ثابت) . 2- إنها لا تعلم كم جمعت كل سنة. 3- إنها جاهلة بحكم الزكاة. المبلغ الذي جمعته (32000) ، فما الواجب عليها؟ وكم مبلغ الزكاة الواجب إخراجه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الزكاة ركن من أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة، وهي حق الله تعالى على عباده لإخراجها للفقراء، وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها لا تنقص المال لقوله: "ما نقصت صدقة من مال" رواه مسلم (2588) . وأنها طهارة وبركة ونماء. وحيث إنها حريصة على أداء زكاة مالها فنقول -وبالله التوفيق: عليها أن تحسب متوسط أقل ما مر عليه الحول خلال السنوات الماضية، (مثلاً في إحدى السنوات متوسط أقل ما مر عليه الحول هو: 2000) . وأيضاً تحسب متوسط أكثر ما مرّ عليه الحول خلال السنوات الماضية، (مثلاً: في إحدى السنوات متوسط أكثر ما مرَّ عليه الحول هو:22000) ، ثم تقوم بجمع المبلغين (2000+22000) وتقسمها على اثنين (24000 على 2) = 12000. ثم تزكي الناتج عن السنوات الماضية، عن كل ألف (25) ، فتخرج عن (12000) : (300) ، ثم تضرب هذا المبلغ في (24) سنة يساوي (7200) ، فتخرج هذا المبلغ (7200) زكاة عن مالها. وهذا الذي قلته مثال لها حتى تستطيع إخراج مالها، فربما يكون المبلغ أقل مما ذكر، فعليها أن تتذكر ذلك بقدر استطاعتها، ثم تخرج الزكاة عن السنوات الماضية. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله على نبينا محمد.

صدقة التطوع

التصرف في تبرعات المسجد المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/صدقة التطوع التاريخ 29/4/1422 السؤال أنا إمام لأحد المساجد، وأجمع أسبوعياً ريال من الجماعة، وذلك لصرف هذا المبلغ على حاجيات المسجد الثقافية وللصيانة، فهل يحق لي أن أصرفه في جوائز مسابقات المسجد، لكون الجماعة كلهم تقريباً يشاركون في الدفع؟ وفقنا الله وإياكم لكل ما يحبه الله ويرضاه الجواب هذا راجع إلى ما يفهمه جماعة المسجد من قولكم " حاجيات المسجد الثقافية "، فإن كانوا يعلمون أن الجوائز للمسابقات الثقافية داخلة فيه فلا حرج إن شاء الله وإن كانوا يفهمون خلاف ذلك فلا بد من إخبارهم به، وفقكم الله.

الصدقة عن الحي دون علمه

الصدقة عن الحي دون علمه المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الزكاة/صدقة التطوع التاريخ 14/9/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: شخص يتصدق من ماله في كل شهر، ويسأل الله أن تكون هذه الصدقة في ثواب شخص آخر على قيد الحياة دون علمه، علماً أن هذا الشخص (المتصدِّق) ليس من أهل الصلاح، فهل يثاب الشخص الآخر على هذه الصدقة؟ أفيدونا جزاكم الله خيراًً. الجواب الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، إهداء القربات للأحياء أو الأموات يصل أجرها للمُهدَى إليه إن شاء الله تعالى، ويدل لهذا حديث عائشة - رضي الله عنها- أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- إن أمي افتلتت نفسها، واراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "نعم تصدق عنها" البخاري (1388) ، ومسلم (1004) ، والأحاديث في هذا كثيرة جداً، فيصل ثواب القربة للمهدَى إليه إن شاء الله، لكن هذا من قبيل المباح، والسنة أن يدعو له، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة وذكر منها: أو ولد صالح يدعو له" مسلم (1631) ، ولم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم- يعمل له أو يتصدق عنه أو يصوم أو يصلي، فالخلاصة أن إهداء القربة يصل أجرها إن شاء الله، لكنه من قبيل المباح، والسنة والمشروع هو الدعاء.

صرف الصدقة لغير ما خصصت له

صرف الصدقة لغير ما خصصت له المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/صدقة التطوع التاريخ 18/9/1422 السؤال زوجي أعطاني مبلغاً من المال لكي أتبرع لأفغانستان، فأخذت جزءاً من المبلغ دون علمه لأتصدق على أخته المحتاجة، أفيدوني، هل يجوز ذلك، أم عليَّ إثم؟ الجواب لا يجوز لك أن تصرفي هذا المال لغير ما خصصه زوجك؛ لأنه خصص جهة الصرف، وإنما يجوز ذلك إذا لم يخصص جهة الصرف، وجعلها لك.

موقف المسلم من المتسولين

موقف المسلم من المتسولين المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/صدقة التطوع التاريخ 11/09/1425هـ السؤال نرى في هذه الأيام كثرة المتسولين وخاصة في المساجد بعد انقضاء الصلاة مباشرة، حيث يقوم كل منهم شاكياً ومذكراً بأن للفقراء حقاً في أموال الموسرين، وقد يقف في نفس الوقت أكثر من شخص كل يعرض مصيبته وأوراقه المغلفة بالبلاستيك، ولقد احتار المسلمون في قضية: هل يعطون هؤلاء المتسولين الذين يغلب عليهم الكذب والتمثيل، وبالتالي المساعدة في انتشار هذه الظاهرة، أم عدم إعطائهم أي شيء وقد يحرم المحتاج الحقيقي من جراء هذا؟ علماً بأنه يصعب التفريق بينهم. الجواب

يحرم على المسلم أن يسأل إلا في حال من ثلاث حالات، وهي المذكورة في حديث قبيصة -رضي الله عنه - فقد ورد في صحيح مسلم (1044) ، وسنن أبي داود (1640) ، والنسائي (2579) عن أبي بشر قبيصة بن مخارق -رضي الله عنه- قال: تحملت حمالة، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسأله فيها، فقال:" أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها"، ثم قال:" يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمَّل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة، اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال سداداً من عيش، فما سواهنَّ من المسألة يا قبيصة سحتٌ يأكلها صاحبها سحتاً"، هذا بالنسبة للرجل السائل، أما بالنسبة للمسؤول فيحسن منه أن يعطي إذا لم يعلم عن كذب السائل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه رجلان جلدان قويان، وهو يقسم الصدقة يريدان منها، قال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" إن شئتما أعطيتكما، ولا حظّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب". رواه أبو داود (1633) والنسائي (2598) . فرق بين السائل والمسؤول، فالسائل يحرم عليه أن يسأل إلا من حاجة كما تقدم، والمسؤول يحسن به إذا لم يعلم كذب السائل أن يعطيه ويذمَّمه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للرجلين) إن شئتما أعطيتكما) .

الصدقة على الفساق وتاركي الصلاة

الصدقة على الفسَّاق وتاركي الصلاة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/صدقة التطوع التاريخ 19/6/1424هـ السؤال هل تجوز الصدقة على المسلم الفاسق، أو على من لا يصلي؟ وهل تجوز على غير المسلم؟ الجواب من مصارف الزكاة الثمانية المؤلفة قلوبهم، إذ يعطون من الزكاة، وهم غير المسلمين من السادات المطاعين في عشائرهم ممن يرجى إسلامهم أو كف شرهم، أو يرجى بإعطائهم قوة إيمانهم، وعليه فإذا كان الكافر ممن تشمله إحدى هذه الصفات جاز إعطاؤه من الزكاة، أما صدقة التطوع فلا شك أن المسلم أولى بها من الكافر، لكن إن كان المتصدق يرجو بها تأليف قلب الكافر وإسلامه، وهذا له قرائن توجب لنا رجاء إسلامه، وذلك بميله للمسلمين، أو طلبه لكتبهم، فإنه يعطى - والحالة هذه - من الصدقة، لعموم حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-:"فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم" رواه البخاري (3009) ، ومسلم (2406) وإن لم يرجَ إسلامه بأن لم تظهر عليه علامات ذلك فلا خير لك في إعطائه مالاًَ يستعين به على ما عنده من الباطل. وأما الفاسق ففسقه لا يخرجه من الدين، فهو مسلم، وتجري عليه أحكام المسلمين، فإن كان محتاجاً أعطي من الزكاة، وإلا فلا، اللهم إلا أن يعلم المتصدق أنه يستعين بهذه الصدقة على المعصية، ولا ينفقها على أسرته، أو أن الصدقة تزيد في عتوه وفجوره، فلا يعطى والحالة هذه، أما غير المصلي فهذا كافر في أصح قولي العلماء، تجري عليه أحكام الكفار كما تقدم.

أيهما أفضل الصدقة أم القرض؟

أيهما أفضل الصدقة أم القرض؟ المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الزكاة/صدقة التطوع التاريخ 28/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. السؤال هو: ما الفرق بين الصدقة والدين (السلف) من حيث الأجر؟ وما هي المنحة وما أجرها؟ بارك الله فيكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: الصدقة تبرع محض يقصد به ثواب الله -عز وجل- بالقصد الأول، ولا يراد منه عوض دنيوي أصلاً، فيخرج المتصدق من ماله ويقصد ما عند الله، وأما القرض فهو دفع مال لمن ينتفع، ويرد بدله وقد رجح ابن القيم -رحمه الله- أنه من باب الإرفاق والتبرع لا من باب المعاوضات، وفيه ثواب، لكنه لا يصل إلى ثواب الصدقة؛ لأن العوض وهو بدل القرض مقصود، ومما ثبت في فضله ما أخرجه ابن ماجة بسند صححه الألباني (ما من مسلم يقرض قرضاً مرتين إلا كان تصدقه مرة) ، وهذا الحديث يدل على فضل القرض، ويدل من وجه آخر على أن الصدقة أفضل منه. وأما المنحة أو ما ورد في الحديث (المنيحة) فهي شبيهة بالقرض، وذلك أن المانح يدفع بهيمة الأنعام من ماعز أو ضأن أو بقر ينتفع الممنوح بما يستخلف منها ثم يعيدها إليه بعينها إن أمكن، لكنها في الفضل أعلى؛ لأنها تكون فيما يتلف عينه لكنه يستخلف، هذه هي الفروق بين هذه الأمور الثلاثة، وكلها على الراجح من عقود التبرعات. والله أعلم.

صدقته عن نفسه وزوجته

صدقته عن نفسه وزوجته المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الزكاة/صدقة التطوع التاريخ 05/05/1426هـ السؤال السلام عليكم. إذا تصدقت بنية أن تكون الصدقة عني وعن زوجتي، هل يكون أجرها لنا جميعاً، أم لي وحدي؟ أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كانت هذه الصدقة تبرعاً، ويراد بها التقرب إلى الله - عز وجل- والتطوع له، فإن هذا الثواب يكون لك، ويكون لزوجتك إذا شركتها في الثواب، والنبي - عليه الصلاة والسلام- ضحَّى، فقال: "باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد"، كما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- في صحيح مسلم (1967) . والقسم الثاني: أن تكون هذه الصدقة فرضاً، كزكاة، ونحو ذلك، أو تكون كنذر، أو غير ذلك من الفروض والواجبات، فإنها لا تجزئ إلا عنك، أو عن زوجتك، فلا تجزئ الزكاة عن كليكما، بحيث تخرج كذا من المال زكاة عن مالك وعن مال زوجتك، إلا إذا كان هذا المال يوفي زكاتك وزكاة زوجتك، أما إذا كانت زكاة مالك مائة، وزكاة مال زوجتك مائة، وأخرجت مائة واحدة عن ماليكما جميعاً، فنقول: هذا لا يجوز. والله أعلم.

مسائل متفرقة

زكاة الودائع الاستثمارية المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 5/7/1422 السؤال لدي ودائع استثمارية طويلة الأجل في بنك إسلامي، ومن المعلوم أن البنك الإسلامي يقوم بالاستثمار طويل الأجل باستخدام الودائع طويلة الأجل، وهو في ذلك ينوب عن المودع في الاستثمار. فهل تعتبر قيمة الودائع وعاء للزكاة أم تحتسب الزكاة على أرباحها فقط؟ الجواب ، فهي أموال مضاربة أو مشاركة هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن زكاة هذه الأموال متوقفة على الشكل اتسمية السائل لهذه الأموال التي قدمها للبنك الإسلامي لكي يستثمرها بالودائع غير دقيقة لموجودة فيه حالياً؛ فإن كانت في شكل عمارات لتأجيرها فالزكاة في إيجاراتها وليس في أصولها. وإن كانت كذلك في طائرات أو بواخر لتأجيرها فكذلك الزكاة في إيجاراتها وليس في هذه الأصول. وإن كانت في عروض تجارة كبترول ومواد أولية وبضائع ونحو ذلك فالزكاة في قيمة هذه الأشياء وهكذا. ولاينظر السائل إلى مقدار المبلغ المالي المعطى للبنك؛ لأن قيمة هذه البضائع قد تتغير عنه زيادة أو نقصاً. فالخلاصة أن العبرة بالوعاء متوقف على الشكل الذي تحولت إليه هذه النقود، وبناءً على ذلك تتم الزكاة ويستفهم من البنك الإسلامي في شكلها. وبعض البنوك الإسلامية تقوم بدفع الزكاة عن هذه الأموال بالاتفاق مع أصحاب هذه الأموال، وربما يكون منصوصاً عليه في أحد بنود الاتفاق والشخص لم ينتبه لذلك. فينبغي التأكد من هذا الأمر والتفاهم مع البنك الإسلامي حوله.

زكاة التبرعات الخاصة بالمسجد

زكاة التبرعات الخاصة بالمسجد المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 9/3/1424هـ السؤال لنا بخزينة المسجد مبلغ من المال تجاوز النصاب ودار عليه الحول, هل نخرج منه الزكاة؟ علما أن هذا المبلغ من صدقات المصلين وتبرعاتهم من أجل خدمات المسجد كأجرة الإمام والقيم ومواد الصيانة.. إلخ؟ أفتونا جزاكم الله خيرا. والسلام عليكم. الجواب هذا المال كله للمسجد، وكله لله، وفي سبيل الله، وليس عليه زكاة.

هل يغني دفع الضرائب عن الزكاة

هل يغني دفع الضرائب عن الزكاة المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 16/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل طبيباً في استراليا، وفي نهاية العام المالي الشهر السابع، أدفع الضرائب، فهل عليَّ دفع الزكاة؟ علماً أن المال الذي جمعته أريد به شراء بيت لأسرتي؛ للتخلص من دفع الإيجار، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله يا أخي - وفقك الله - الضرائب ليست زكاة، ولا تقوم مقام الزكاة، وهي تخالف الزكاة من وجوه، حيث إن الزكاة فريضة، والضرائب - في أرقى أحوالها - مكروهة. (1) والزكاة تصرف في مصارف معينة مشروعة، والضرائب تصرف للأنظمة الكافرة. (2) الزكاة لها نصاب معين، ومقدار معين يخالف ما عليه الضرائب، وعليه: فإنه لا يعفيك من الزكاة دفعك للضرائب. ولا يعفيك من الزكاة جمعك المال لشراء بيت تسكنه، أو نحو ذلك فالزكاة واجبة عليك رغم هذا كله، متى ما توافرت فيك شروطها وهي: أ. بلوغ النصاب. ب. مرور الحول.

زكاة التركة المجهولة

زكاة التركة المجهولة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 19/2/1424هـ السؤال لقد توفي أبي وعنده مبلغ من المال في أحد البنوك، ولم يتم توزيع المبلغ حتى الآن، ولا أعرف حصتي من هذا المبلغ وقد مر الآن ثلاث سنوات والمبلغ مجمد ولم يتم توزيعه لعدة أسباب. فهل يجوز أن أستخرج زكاة؟ وكيف؟ وكم مقدارها؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أنه إذا كان تأخير استلام المبلغ المذكور في أحد البنوك ليس لسبب راجع إليك وإنما لسبب أو أسباب راجعة إلى غيرك فأرى عدم وجوب الزكاة عليك الآن؛ لعدم معرفتك بمقدار حصتك، ولأنك لو أردت القبض ما تمكنت منه بل الذي أراه أنك إذا قبضته تزكيه لسنة واحدة إبراء للذمة. هذا ومقدار الزكاة في النقدين هي ربع العشر (2،5%) ، والله أعلم.

زكاة الأثاث والأجهزة

زكاة الأثاث والأجهزة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 30/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي مركز مكالمات هاتفية، ومكتب عقارات، وكلاهما يعملان بشكل جيد والحمد لله، سؤالي هو هل على الأثاث والأجهزة والسنترال التي تشغلهما زكاة؟ وما هي الطريقة الصحيحة لتزكيتهما؟ الجواب ليس عليك في الأثاث ولا الأجهزة ولا السنترال التي تشغلها زكاة واجبة، وصدقة التطوع مستحبة عن كل شيء وفي كل وقت، وما نقص مال من صدقة بل تزده، وإنما الزكاة الواجبة في الأموال الزكوية، وهي: النقود، وعروض التجارة، والسائمة من بهيمة الأنعام، كلما حال عليها الحول، وفي الناتج من الأرض من الحبوب والثمار إذا كان نصاباً.

زكاة الدين

زكاة الدين المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 12/09/1425هـ السؤال أخذ مني أبي مبلغاً مالياً على أساس أنه دين يرده لي، هل أزكي عليه؟ أريد تفصيلاً في هذه المسألة. الجواب إن كان المال الذي أخذه منك والدك ديناً -كما قلت- فلا يخلو الحال من أحد أمرين: إما أن يكون والدك موسراً باذلاً للمال الذي أعطيته إياه متى ما طلبته دفعه إليك، فإذا كان الأمر كذلك فإنك تزكي الدين مع مالك كل سنة؛ لأنه في حكم المقبوض. أما إن كان والدك معسراً فلا تجب عليك الزكاة حتى تقبض الدين، فإذا قبضته تزكيه لسنة واحدة على الراجح من أقوال أهل العلم، والله أعلم.

التعريف الشرعي للصدقة

التعريف الشرعي للصدقة المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 8/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هو التعريف الشرعي للصدقة؟ وهل كل ما يدفعه الإنسان للآخرين تنطبق عليه أحكام الصدقة؟ حيث إنه في مدينتنا من يرسل لنا بعض التمور في شهر رمضان فهل تعتبر هذه التمور من الصدقة التي لا تحل إلا للأصناف التي ذكرها القرآن؟ كذلك فإن بعض الناس يمتنع عن الأخذ منها بحجة أنها من أوساخ الناس؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وبعد: الصدقة هي: ما تعطى على وجه التقرب إلى الله تعالى، فيخرج بذلك الهدية ونحوها مما يعطى على وجه التوادد والمحبة فلا تدخل في مسمى الصدقة المختصة ببعض الأحكام في الشرع، ولذا كان عليه الصلاة والسلام يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة كما في الصحيحين، ومن هنا يمكن التفريق بين العطايا التي تضمنها السؤال، فليس كل ما يدفعه الإنسان للآخرين تجرى عليه أحكام الصدقة، بل منه ما يدخل في أحكام الهدية ومنه ما يدخل في أحكام الصدقة بحسب قصد باذلها وهذا يظهر من قرائن الحال. ثم إن الصدقة منها ما هو من قبيل الزكاة الواجبة، ومنها ما هو من قبيل صدقة التطوع.

فأما الزكاة الواجبة فلا تجوز إلا للأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [التوبة:60] ، وإذا علم الشخص أنه ليس واحداً منهم فلا يحل له أخذ الزكاة، وأما صدقة التطوع فالأمر فيها أيسر وإن كان الأولى بالمسلم أن يتورع عنها قدر استطاعته، ويشتد المنع بحسب استغناء المسلم عنها، والتعبير عن الزكاة بأنها أوساخ الناس تعبير صحيح ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم (1072) من حديث المطلب بن ربيعة في قصة سؤاله من الزكاة فقال عليه الصلاة والسلام إنها لا تحل لآل محمد إنما هي أوساخ الناس. وهل يدخل فيها صدقة التطوع؟ يحتمل ذلك لأن العبد إنما يبذلها تطهيراً لنفسه فهي في حقه طهرة وتكفير سيئات ورفع درجات وفي حق الآخذ نوع من الوسخ يستغني عنه ما استطاع. بقي تنزيل ما تقدم على ما ذكر في السؤال كالتمور فيقال: إن كانت من قبيل الصدقة وهي مما يجمع من الناس أو ترسل المؤسسات الخيرية التي تجمع الصدقات من الناس ونحو ذلك مما يغلب على الظن أنه كذلك، والتورع عنه أفضل وتركه أولى، وإيثار المحتاج به أعظم في الأجر، فإن كان الشخص محتاجاً إليه فلا بأس بأكله إن شاء الله. وأما لو فرض أن تلك التمور مثلاً من الدولة أو من يمثلها فهذه لا تعد صدقة وإنما عطية من بيت المال فالأمر فيها أيسر بكثير من السابق فقد تلحق بجنس الهدية والهبات والله تعالى أعلم.

زكاة القرض

زكاة القرض المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 7/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كان لي مبلغ من المال منذ سبع سنين وقد بلغ النصاب، أقرضته لأحد أقربائي لمساعدته في بناء منزل له، وكان لم يبلغ عليه الحول عند إقراضي إياه، ولم أزك قط هذا المال، أخبرني بعض الإخوة أنه تجب الزكاة فيه ما دام الشخص المقترض ثقة، ويمكنه تحضير المبلغ المقرض خلال سنة من مطالبتي إياه بسداده، وأنا إلى الآن لم أطالبه به لعلمي أني سأضيق عليه إن فعلت الآن، كما أني -والحمد لله- لا أحتاج إليه حالياً: 1) هل تجب في هذا المال المقرض الزكاة. 2) إذا كانت تجب فيه، هل تدفع دفعة واحدة -خصوصاً أنه مر على القرض سبع سنين- أم يمكن تقسيطها إلى عدة شهور؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أولاً: نشكر الأخت على اهتمامها بأمر دينها واهتمامها بمساعدة أقاربها والإحسان إليهم لأن القرض الحسن مرتين كالصدقة مرة، وهو من القربات ومن المعاونة التي يواسي الإنسان بها أخاه المؤمن. وأما ما ذكرت من السؤال عن الزكاة، فإن الزكاة إذا كان المال ديناً عند الآخرين، فإن الإنسان إذا قبضه يزكيه عن السنوات التي مضت كلها إن كان المقترض أو المدين ملياً غير مماطل، وإن كان الذي عليه الدين معسراً أو كان مماطلاً، فإن الإنسان إذا استلم الدين الذي له فإنه يزكيه عن السنة التي مضت.

هل تحسب الضرائب من الزكاة

هل تحسب الضرائب من الزكاة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 12/09/1425هـ السؤال هل نقود الضرائب تعتبر من نقود الزكاة؟ الجواب الضرائب إن كانت محرمة، وهو الغالب في الدول اليوم، فالنقود المحصلة منها ليست كنقود الزكاة، فهذه حلال وتلك حرام، وإن كانت الضريبة وضعت للمصلحة العامة، ولا تخالف نصاًُ شرعياً من كتاب أوسنة، فهي حلال، بناء على القاعدة الشرعية المعروفة (الأصل في الأشياء الإباحة وفي العقود الحل ما لم يرد دليل يمنع) ، وبعض الناس ممن يجهلون مقاصد الشريعة يسمون الزكاة ضريبة، وهذا غير صحيح، وإنما هو تسمية للشيء بغير اسمه لقصد التضليل والتعمية على الناشئة من المسلمين، والضريبة تخالف الزكاة من وجوه عديدة منها: - الضريبة حكم بشري والزكاة حكم إلهي. - والضريبة في أصلها مبنية على القهر والقصر، بخلاف الزكاة يدفعها المسلم برضا واختيار. - والضريبة في القوانين الوضعية تصاعدية، أما في الزكاة فنسبية ثابتة ففي النقدين مثلاً 2.5% مهما بلغ المال أو ربحه. - والزكاة تنمي المال ولا تنقصه، بخلاف الضريبة، إلى غير ذلك الفروق. وعلى هذا إذا كانت نقود الضرائب حلالاً فهي كنقود الزكاة. وإن لم تكن كذلك فلا. والله أعلم.

زكاة الكتب المحلاة بالذهب

زكاة الكتب المحلاة بالذهب المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 26/8/1424هـ السؤال هل تجب الزكاة في الكتب المحلاة بالذهب والفضة، وكذا المموهة بهما إذا تجمَّع منها ما يبلغ النصاب؟. الجواب لا أثر لهذه التحلية في الزكاة إلا إذا كانت هذه الكتب معدَّة للبيع، وهذه التحلية تزيد في قيمتها، فالزكاة تكون على قيمتها؛ لأنها معدّة للتجارة لا لأنها محلاة.

أعطاه قرضا بنية الزكاة!

أعطاه قرضاً بنية الزكاة! المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 23/8/1424هـ السؤال طلب صديق لي مبلغاً من المال مني كمساعدة، فأعطيته إياه بنية الزكاة دون أن أخبره بهذه النية (بقي على ظنه أن الأمر مساعدة فقط) ، فهل يحتسب ذلك من الزكاة فعلاً، أم أنه ينبغي أن أطلعه على نيتي؟. الجواب إذا كنت تعلم أنه من أهل الزكاة لفقره ويأخذ الزكاة فلا بأس ألا تعلمه، وإن كنت لا تعلم أنه من أهل الزكاة فيجب أن تعلمه خشية ألا يكون من أهل الزكاة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - للذين سألاه من الصدقة: "إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب".

التحايل للفرار من الزكاة

التحايل للفرار من الزكاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 15/7/1425هـ السؤال رجل إذا قربت مدة حلول الزكاة على ماله يشتري به شيئاً؛ لكي لا يزكي هذا المال، فما حكم فعله؟ وهل تجب عليه الزكاة؟. الجواب لا يجوز للمسلم التحايل للفرار من الزكاة، والزكاة تنمي المال وتزكيه، وتحفظه من الآفات، وهي سبب بركة وطهر للمال، والله - جل وعلا- يقول: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" [التوبة: 103] ، ويقول - صلى الله عليه وسلم-: "ما نقصت صدقة من مال" رواه مسلم (2588) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-، وإذا اشترى المرء بها شيئاً للربح والتجارة وجبت فيه الزكاة، وحوله حول أصله، فلا ينقطع الحول بهذا.

زكاة الدين

زكاة الدين المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 7/10/1424هـ السؤال أقرضت شخصاً مبلغاً من المال قبل عدة سنوات، وأنا واثق من سداده، فهل علي أن أزكي عن ذلك المبلغ كل سنة، وما هو أقل النصاب في النقود (بالريال) الجواب إن كان هذا المقترض متى ما طلبت المال أعطاك إياه وجب عليك أن تزكيه في كل سنة، وهذا حكمه حكم الدين على مليء، وإن كان المقترض لا يعطيك المبلغ متى ما طلبته لإعساره أو مماطلته أو نحو ذلك فهذا حكمه حكم الدين على غير مليء فلا يجب عليك أن تزكيه في كل سنة، وإنما إذا قبضته فزكه لسنة واحدة، وقال بعض العلماء - رحمهم الله- إذا قبضته فاستقبل به حولاً جديداً.

زكاة تعذر إيصالها لمستحقيها

زكاة تعذر إيصالها لمستحقيها المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 25/12/1423هـ السؤال السلام عليكم. هناك شخص تلقى أموالاً بقصد ونية إيصالها إلى المسلمين المنكوبين في بلاد الله المغتصبة ومنذ سنة لم يتمكن من ذلك مع العلم أنها أموال زكاة، كيف له أن يتصرف فيها؟ مع العلم أن الاتصال بالجهات المعنية بالإغاثة شبه مستحيلة، أفيدونا أفادكم الله. الجواب عليك أن تحاول إيصالها إليهم، فإن لم تستطع فاصرفها لمن هو مثلهم، أو لأي صنف من أهل الزكاة الذين سمَّى الله تعالى في كتابه العزيز في قوله تعالى:"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل" [التوبة: 60] ، علماً بأن الذي يعطي العاملين والمؤلفة قلوبهم هو الإمام فقط.

دفع الزكاة مع اختلاف القيمة

دفع الزكاة مع اختلاف القيمة المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 12/3/1425هـ السؤال اشتريت نقوداً عراقية بقيمة 600 دينار كويتي، ولم تكن عندي نية أن أرسلهم إلى العراق كزكاة مال، والآن أريد أن أرسلهم كزكاة، مع العلم أن الصرف الآن قد نزل سعرهم عن 600 دينار، فهل يجوز أن أخرجهم زكاة، وأحسبهم على أنهم 600 دينار؟ أرجو إفادتي، -وجزاكم الله خيراً-. الجواب أولاً: طالما أنه اشترى عملة عراقية بعملة كويتية فإذا كان مشتراه مبني على التقابض في مجلس الشراء، بحيث إنه قبض الدنانير العراقية، وأقبض من باعه الدنانير العراقية ثمنها، أو عوضها بالدنانير الكويتية، نقول: هذا إجراء صحيح طالما أنه اشتمل على التقابض في مجلس العقد، ولم يكن هناك أي جزء من العوضين مؤجل سداده، وبناء على هذا فهذه المعاملة لا شيء فيها، وكونه يحتفظ بالدنانير العراقية حتى يرتفع سعرها نقول: لا بأس بذلك، وإذا كان يريد أن يزكي بهذه الدنانير العراقية؛ ليرسلها إلى من يظن أنه محتاج إليها، ومن أهل الزكاة فلا بأس بذلك على أن يعرف مقدارها بالدنانير الكويتية حتى يكون عارفاً ما أخرجه من الزكاة والعبرة بالقيمة وقت إخراج الزكاة. والله أعلم.

دفع الزكاة لمن ظنه أهلا لها فبان خلافه

دفع الزكاة لمن ظنه أهلاً لها فبان خلافه المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 09/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أخرجت الزكاة في العام الماضي، وقد وزعتها على بعض مستحقي الزكاة، كما هو مذكور في كتاب الله، ومن ضمنها عابر السبيل الذي انقطع عن المال، وإن كان في سعة في بلده، وبعد عدة أشهر اكتشفت أن ذلك الرجل لم يكن إلا نصَّاباً لا يستحق الزكاة. فهل أخرج المبلغ الذي دفعته له في المرة الأولى وأزكي به؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تجزئك - إن شاء الله- لأن التمييز بين المستحق وغير المستحق لِغِنَاهُ يَعْسُرُ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الرجلين الجَلْدَيْنِ وقال: "إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا مِنْهَا، وَلا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ" أخرجه الإمام أحمد (17972) ، وأبو داود (1633) ، والنسائي (2597) ، والدارقطني 2/119 - رحمهم الله. وقال للرجل الذي سأله الصدقة: "إنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ" رواه أبو داود (1630) في كتاب الزكاة. ولو اعتبر حقيقة الغنى لما اكتفى صلى الله عليه وسلم بقولهم. والله أعلم.

والدهم لم يزك فهل يخرجون الزكاة من تركته؟

والدهم لم يزكِ فهل يخرجون الزكاة من تركته؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 23/10/1425هـ السؤال رجل مات ولم يدفع زكاة مدة 8 سنوات، وكان رافضًا لذلك، هل يجب على أولاده دفع زكاة عنه من تركته؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم يجب على أولاده دفع الزكاة من تركته؛ على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ لأن هذا دين لله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقْضُوا اللهَ، فاللهُ أَحَقُّ بالوَفَاءِ". أخرجه البخاري (1852) . وقال عليه الصلاة والسلام: "دَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أنْ يُقْضَى". أخرجه البخاري (1953) ومسلم (1148) . والله أعلم.

عليه زكاة سنوات كثيرة فهل تسقط بالتوبة

عليه زكاة سنوات كثيرة فهل تسقط بالتوبة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 14/09/1426هـ السؤال لم أخرج زكاة، منذ فترة طويلة، ولقد رجعت إلى رشدي وأريد أن أسدد ما علي، فكيف السبيل إلى احتساب ما مضى؟ جزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالزكاة هي الركن الثالث من أركان الدين الإسلامي، وعدم أدائها فسوق، والتارك لها مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب التي توجب له نار جهنم، فصاحب الكنز الذي لا يؤدي زكاته يحمى عليه في نار جهنم، وتجعل له صفائح يكوى بها جنباه وجبينه، وصاحب الإبل يبطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت تستن عليه، كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولها، وهكذا صاحب الغنم، ولا يزالون كذلك في هذا العذاب حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، كما جاء معنى ذلك في صحيح مسلم (987) مطولاً، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-وحيث كتب الله لك التوبة من هذا الذنب فبادر بإخراج ما عليك من زكاة عن السنوات الماضية، وما لم تعلمه لزمك الاجتهاد فيه والتحري والتقدير وإخراج ما وصل إليه اجتهادك والله تعالى أعلم.

استثمار أموال الزكاة قبل صرفها لمستحقيها!

استثمار أموال الزكاة قبل صرفها لمستحقيها! المجيب د. سعد بن تركي الخثلان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الزكاة/مسائل متفرقة التاريخ 12/10/1426هـ السؤال هناك مؤسسة خيرية تستقبل أموال الزكاة لصرفها لمستحقيها، فهل يجوز لها استثمار أموال الزكاة قبل صرفها لمستحقيها طمعاً في نفعهم بذلك الاستثمار؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيجب صرف الزكاة في مصارفها الشرعية التي ذكرها الله -تعالى- في قوله: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" [التوبة:60] . وهذا الحكم- وهو وجوب صرف الزكاة- على الفور، فلا يجوز تأخيره، ومعلوم أن استثمار أموال الزكاة يؤدي إلى تأخير صرف الزكاة. ثم إن من أبرز أصناف الزكاة: الفقراء والمساكين والغارمين، ومن حكمة مشروعية الزكاة سد حوائجهم، واستثمارها قد يفوِّت هذه المصلحة، أو يؤخرها كثيراً عليهم. ولهذا نقول: لا يجوز استثمار أموال الزكاة، بل يجب صرفها فوراً للمستحقين". والله أعلم.

ـــــ كتاب الصيام ـــــ

كتاب الصيام

حكمه وحكمته

نصيحة بمناسبة شهر رمضان المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/حكمه وحكمته التاريخ 02/09/1425هـ السؤال ما هي الكلمة التي توجهونها للأمة الإسلامية بمناسبة شهر رمضان؟ الجواب بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعده: فإني أنصح إخواني المسلمين في كل مكان، بمناسبة دخول شهر رمضان المبارك بتقوى الله عز وجل، والمسابقة إلى كل خير، والتواصي بالحق والصبر عليه، والتعاون على البر والتقوى، والحذر من كل ما حرم الله من سائر المعاصي في كل مكان وزمان ولا سيما في هذا الشهر الكريم، لأنه شهر عظيم، تضاعف فيه الأعمال الصالحات، وتغفر فيه الخطايا لمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين". وقوله - صلى الله عليه وسلم - " الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم". وقوله - صلى الله عليه وسلم -: كل عمل ابن آدم له؛ الحسنة بعشرة أمثالها إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك". وكان - صلى الله عليه وسلم - يبشر أصحابه، بدخول رمضان يقول لهم: "أتاكم شهر رمضان، شهر بركة، ينزل الله فيه الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، ويباهي الله بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله". وقال عليه الصلاة والسلام: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". والأحاديث في فضل شهر رمضان والترغيب في مضاعفة العمل فيه كثيرة.

فأوصي إخواني المسلمين: بالاستقامة في أيامه ولياليه، والمنافسة في جميع أعمال الخير، ومن ذلك الإكثار من قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل، والإكثار من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، وسؤال الله الجنة والتعوذ به من النار وسائر الدعوات الطيبة. كما أوصي إخواني أيضاً: بالإكثار من الصدقة ومواساة الفقراء والمساكين، والعناية بإخراج الزكاة وصرفها في مستحقيها، مع العناية بالدعوة إلى الله سبحانه وتعليم الجاهل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن، مع الحذر من جميع السيئات ولزوم التوبة والاستقامة على الحق، عملاً بقوله سبحانه: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" الآية [النور: 31] . وقوله عز وجل: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأحقاف:13-14] . وفق الله الجميع لما يرضيه، وأعاذ الجميع من مضلات الفتن ونزغات الشيطان، إنه جواد كريم. [مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى (3/147-148) ] .

معنى الصيام

معنى الصيام المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصيام/حكمه وحكمته التاريخ 13/8/1423هـ السؤال سئل فضيلة الشيخ/ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين حفظه الله. ما معنى الصيام لغة وشرعاً؟ الجواب فأجاب: الصيام لغة: مجرد الإمساك. فكل إمساك تسميه العرب صوما حتى الإمساك عن الكلام يسمى صوماً. قال تعالى: "فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً" الآية [مريم: 26] . والإمساك عن الحركة يسمى صياماً كما في قول الشاعر: خَيْلٌ صِيام وخيل غير صائمة *** تحت العجاج وأخرى تَعلُك اللُّجُما وشرعاً: الإمساك بنية عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس. ويعرفه بعضهم بأنه: إمساك مخصوص في وقت مخصوص من شخص مخصوص عن أشياء مخصوصة. [فتاوى رمضان (1/27 -28) ] .

شبهة ضعف الإنتاج الاقتصادي في رمضان

شبهة ضعف الإنتاج الاقتصادي في رمضان المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء كتاب الصيام/حكمه وحكمته التاريخ 02/09/1425هـ السؤال ينظر بعض الناس إلى أن الصوم في رمضان يُضعف حركة الإنتاج الاقتصادي، كيف تجيب على هذه الشبهة؟ وما هي وجهة نظرك في هذه المسألة؟ الجواب أخي الصائم..

لعلك تشاركني العجب من قوم جعلوا صيامهم حجة لهم وعذرا عن تقصيرهم في أداء واجباتهم على الوجه الحسن، فعللوا تأخرهم في قدومهم إلى وظائفهم بأنهم كانوا نائمين، ونوم الصائم عبادة!! ، وعللوا تراخيهم عن إتقان أعمالهم بأنهم مرهقون بسبب الجوع أو العطش، وللصائم الحق في أن يخفف عنه من جهد العمل ومشقته، وعللوا خروجهم المبكر قبل أن يستوفي وقت العمل حقه، بأنهم محتاجون لقضاء بعض اللوازم للإفطار!! وعللوا تذمرهم من المراجعين، وسلاطة ألسنتهم على الناس بأنهم - أستغفر الله - صائمون!! فيا ليت شعري كيف يفسر هؤلاء أثر الصيام على أنفسهم، وكيف يفصلونه على قدود مشتهياتهم؟! رمضان شهر العمل والبذل والعطاء، لا شهر الكسل والخور والضعف، شهر وقعت فيه أكبر الانتصارات في الإسلام في القديم والحديث، فلم يكن عائقا عن أداء مهمة، ولا داعيا للتقاعس عن إتقان عمل؛ "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" أخرجه أبو يعلى (4386) من حديث عائشة - رضي الله عنها. وانظر السلسلة الصحيحة (1113) . حديث جليل لا يختلف مراده بتغير الأزمان، وقاعدة عظيمة لا تختل بظرف طارئ، كيف والصوم عبادة تؤدى لله، هدفها الأول تربية التقوى في النفس المؤمنة، يقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" [البقرة:183] . والتقوى وازع إيماني عميق الجذور، إذا تغلغل في النفس كان حاجزا مانعا لها عن كل ما يسخط الله، ودافعا قويا لها إلى كل ما يحب الله، والإتقان مما يحب الله، وهو من صفات الكمال التي اتصف بها عز وجل، قال تعالى: (صنع الله الذي أتقن كل شئ) [النمل:88] . فأول ثمرة متوخاة من تقوى الله تعالى في العمل، مراقبته - عز وجل - في كل الساعات التي تمضيها ـ أخي الموظف الصائم ـ وأنت تمارس عملك، بأن تكون في مرضاة الله، وألا تضيع منها دقيقة واحدة في غير ما يخص وظيفتك، وأن تنشط لمهامك بوعي تام، وأن

تكون في موقعك ينبوع أخلاق؛ ونهر عطاء؛ تتدفق بكل خير على مراجعيك دون تذمر منهم أو مشقة عليهم، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به" أخرجه مسلم (1828) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. وصح عنه; قوله: "وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" أخرجه البخاري (1894) ، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. تخيل معي لو أن كل صائم منا حمل هذه الراية البيضاء، إذن لبكى الشيطان بكاء مرا!! لأننا أفشلنا أكبر مؤامرة خطط لها من أجل إفساد عبادتنا، وذات بيننا. فما رأيك ـ أخي الصائم ـ أن تحمل الراية معي لنكون في كوكبة الصابرين، ونواجه كل مُتَحَدٍّ لمشاعرنا، أو مستفزٍّ لأعصابنا بهذا الهتاف الإيماني: ((إني امرؤ صائم)) بل فلنحاول أن نناصح زملاءنا في العمل، ونذكرهم إذا رأينا منهم بعض ظواهر هذه الممارسات الخاطئة.. فلعلنا نفوز باستجابة ... ودعوة … ومثوبة.

ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال

إثبات دخول رمضان المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال التاريخ 27/8/1423هـ السؤال ما هي الطريقة الشرعية التي يثبت بها دخول الشهر؟ وهل يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية في ثبوت الشهر وخروجه؟ وهل يجوز للمسلم أن يستعمل ما يسمى (بالدربيل) في رؤية الهلال؟ الجواب الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يتراءى الناس الهلال، وينبغي أن يكون ذلك ممن يوثق به في دينه وفي قوة نظره، فإذا رأوه وجب العمل بمقتضى هذه الرؤية صوماً إن كان الهلال هلال رمضان وإفطاراً إن كان الهلال هلال شوال، ولا يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية إذا لم تكن رؤية، فإن كانت هناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها معتبرة، لعموم قوله النبي - صلى الله عليه وسلم - (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) رواه البخاري (1900) ، ومسلم (1080) . أما الحساب: فإنه لا يجوز العمل به ولا الاعتماد عليه. وأما استعمال ما يسمى (بالدربيل) ، وهو المنظار المقرب في رؤية الهلال فلا بأس به، ولكن ليس بواجب؛ لأن الظاهر من السنة أن الاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها، ولكن لو استعمل فرأى الشهر من يوثق به فإنه يعمل بهذه الرؤية، وقد كان الناس قديماً يستعملون ذلك، حيث كانوا يصعدون على (المنائر) في ليلة الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذا المنظار، على كل حال: متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤية لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا". [الفتاوى لابن عثيمين - كتاب الدعوة (1/150-151) ] .

صحة حديث " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته "

صحة حديث " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 4/9/1422 السؤال ما صحة حديث: " صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته"؟ الجواب هذا اللفظ هو جزء من حديث روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - وحديث بعضهم في الصحيحين، ولذا فسأقتصر على ذكر اثنين منهم، وهما: أبو هريرة، وابن عمر -رضي الله عنهما -. فأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: فأخرجه (البخاري 2/32) ح (1909) ، و (مسلم 2/762) ح (1081) وأما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - فأخرجه (البخاري 2/30) ح (1900) ، و (مسلم 2/759) ح (1080) .

صيام من يطول نهارهم أو يقصر جدا

صيام من يطول نهارهم أو يقصر جداً المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال التاريخ 24/8/1423هـ السؤال كيف يصنع من يطول نهارهم إلى إحدى وعشرين ساعة؟ هل يقدرون قدراً للصيام؟ وماذا يصنع من يكون نهارهم قصيراً جداً؟ وكذلك من يستمر عندهم النهار ستة أشهر والليل ستة أشهر؟ الجواب من عندهم ليل ونهار في ظرف أربع وعشرين ساعة فإنهم يصومون نهاره سواء كان قصيراً أو طويلاً ويكفيهم ذلك والحمد لله ولو كان النهار قصيراً. أما من طال عندهم النهار أو الليل أكثر من ذلك كستة أشهر؛ فإنهم يقدرون للصيام وللصلاة قدرهما، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، بذلك في يوم الدجال الذي كسنة، وهكذا يومه الذي كشهر أو كأسبوع، يقدر للصلاة قدرها في ذلك، انظر مسلم (2937) . وقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة في هذه المسألة وأصدر القرار رقم 61 وتاريخ 12/4/1398هـ ونصه ما يلي: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد: فقد عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة الثانية عشرة المنعقدة بالرياض في الأيام الأولى من شهر ربيع الآخر عام 1398هـ كتاب معالي الأمين العام لرابطة العالمي الإسلامي بمكة المكرمة رقم 555 وتاريخ 16/1/1398هـ المتضمن ما جاء في خطاب رئيس رابطة الجمعيات الإسلامية في مدينة (مالو) بالسويد الذي يفيد فيه بأن الدول الاسكندنافية يطول فيها النهار في الصيف ويقصر في الشتاء نظراً لوضعها الجغرافي، كما أن المناطق الشمالية منها لا تغيب عنها الشمس إطلاقاً في الصيف، وعكسه في الشتاء، ويسأل المسلمون فيها عن كيفية الإفطار والإمساك في رمضان، وكذلك كيفية ضبط أوقات الصلوات في هذه البلدان، ويرجو معاليه إصدار فتوى في ذلك ليزودهم بها ا. هـ.

وعرض على المجلس أيضاً ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ونقول أخرى عن الفقهاء في الموضوع، وبعد الاطلاع والدراسة والمناقشة قرر المجلس ما يلي: أولاً: من كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس - إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف، ويقصر في الشتاء - وجب عليه أن يصلي الصلوات في أوقاتها المعروفة شرعاً. لعموم قوله تعالى: "أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً" [الإسراء:78] ، وقوله تعالى: "إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً" [النساء:103] . ولما ثبت عن بريدة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة، فقال له: "صل معنا هذين" يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها ثم قال: "أين السائل عن وقت الصلاة؟ " فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: "وقت صلاتكم بين ما رأيتم" رواه مسلم (613) .

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس، فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان" أخرجه مسلم في صحيحه (612) . إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس قولاً وفعلاً، ولم تفرق بين طول النهار وقصره وطول الليل وقصره ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان. فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم عن الليل، وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط وإن كان قصيراً فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد. وقد قال الله تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ" الآية [البقرة: 187] . ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله أو علم بالأمارات أو التجربة أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى إهلاكه أو مرضه مرضاً شديداً، أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه أفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء. قال تعال: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" الآية [البقرة: 185] .

وقال الله تعالى: "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا" [البقرة: 286] . وقال: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" الآيه، [الحج: 78] . ثانياً: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً، ولا تطلع فيها الشمس شتاء أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً، وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدروا لها أوقاتها، ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض. لما ثبت في حديث الإسراء والمعراج من أن الله تعالى فرض على هذه الأمة خمسين صلاة كل يوم وليلة فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل ربه التخفيف حتى قال: "يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة ... " إلى آخره، انظر مسلم (162) . ولما ثبت من حديث طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - قال: "جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "خمس صلوات في اليوم والليلة"، فقال: هل علي غيرهن؟ قال: "لا، إلا أن تطوع ... " الحديث البخاري (46) ، ومسلم (11) . ولما ثبت من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "نهينا أن نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك قال: صدق" إلى أن قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا قال: "صدق"، قال: فبالذي أرسلك. آلله أمرك بهذا قال: "نعم ... " الحديث مسلم (12) .

وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدث أصحابه عن المسيح الدجال، فقالوا: ما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوما: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم"، فقيل: يا رسول الله! اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا، اقدروا له قدره"، مسلم (2937) . فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم، فيجب على المسلمين في البلاد المسؤول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم يتمايز فيها الليل من النهار وتعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة. وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم ويحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب البلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار، ويكون مجموعهما أربعاً وعشرين ساعة لما تقدم في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المسيح الدجال وإرشاده أصحابه فيه عن كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه، إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة. والله ولي التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. "هيئة كبار العلماء" [تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام لسماحة الشيخ ابن باز (164 - 169) ] .

رمضان واختلاف المطالع

رمضان واختلاف المطالع المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً كتاب الصيام/ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال التاريخ 1/9/1424هـ السؤال تواجهنا مشكلة كل عام، وهي بخصوص رؤية هلال رمضان، فبعض الإخوة يصومون مع بلاد الحرمين؛ لعدم الثقة في اللجنة هنا، لأنهم من جماعة التبليغ، وهم هنود من بلد فيجي {figi} وهى تقع فوق نيوزلندة على خط الاستواء، فإننا لا نراهم يتحرون الرؤية، ولكن نراهم ينتظرون مكالمة تأتيهم من بلدهم تخبرهم بأن يصوموا أو لا، وهنا الشباب افترق، فمنهم من يصوم معهم، ومنهم من يصوم مع السعودية، ودائما يكونون هنا متأخرين، فأفيدونا جزاكم الله كل خير، وبماذا تنصحوننا؟ علماً أني في نيوزلندة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: مسألة الهلال مسألة اختلف العلماء فيها بين قائل أن رؤية الهلال إذا ثبتت في بلد من البلاد تعم جميع الأقطار، وهذا ما ذهب إليه بعض المالكية حيث يقول خليل: وعم إن نقل بهما عنهما " أي: عم جميع الأقطار إذا نقل بعدلين عن عدلين، فإذا رؤي وثبت الهلال في مكان ما فإن هذه الرؤية تعم.

القول الثاني: هو أن الأقطار المتنائية لا يثبت الهلال في بعضها برؤية البعض الآخر، وهذا ما ذهب إليه كثير من العلماء أيضاً، وهو مبني على حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو في مسلم (1087) - وبوب عليه النووي: باب بيان أن لكل بلدٍ رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلدٍ يثبت حكمه لما بعد عنهم - بإسناده عن كريب، أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية - رضي الله عنه - بالشام، قالت: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهلَّ عليَّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية -رضي الله عنه-، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين، أو نراه، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية -رضي الله عنه- وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وحينئذٍ لا يعمل بالرؤية البعيدة، وبخاصة إذا كان البلدان لا يشتركان في ليل واحد، بحيث أنه ينقضي الليل في أحدهما قبل وصوله إلى المكان الآخر، ففي المسألة خلاف بين العلماء، وحتى في المجامع الفقهية، حيث قرر المجمع الفقهي بأن الاعتبار بالرؤية، وأنه يستأنس فقط بالحساب الفلكي الذي يعتمد على سير القمر وعلاقة القمر بالأرض وبالشمس. القول الثاني: يقول إن الحساب قطعي وأنه يعتمد عليه، فهو يثبت الحساب على هذا الهلال، وهذا ما ذهب إليه المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء.

فالمسألة واسعة إن شاء الله، فيمكنهم أن يصوموا إذا شاؤوا مع السعودية أو مع أي بلد آخر إذا ثبتت الرؤية فيه ثبوتاً شرعياً، كما يمكنهم أن يتحروا الهلال في بلدتهم أو في مكان قريب من بلدهم، حيث قلنا إن تنائي الأقطار يمنع من اعتبار الرؤية في مكان آخر، مع الاستعانة بالفلك وبالمراصد أيضاً، ففي هذا الزمان تطور هذا العلم تطوراً كبيراً، بحيث كما يقول البعض: إن الإبرة إذا أرسلت في الجو يمكن الاهتداء إليها، فكيف بالقمر الذي يكون قد ولد أو خرج من الاقتران، وخرج من شعاع الشمس، أي: بعد ساعتين أو ثلاث ساعات من خروجه من شعاع الشمس فإنه يرى، إذا كان خرج منه في وقت يمكن أن يرى في ذلك المكان. إذاً فالمسألة واسعة، نرجو من المسلمين ألا يختلفوا، فمن منهم قلد من يقول: إن تنائي الأقطار مانع من الاتباع فإنه قد قلد قولاً قوياً، ومن قلد كذلك القول الذي يقول بأن رؤية أي بلد تنسحب على البلد الآخر فهو قول أيضاً جيد، ومن استأنس وبحث عن الحساب الفلكي ليثبت به أو ليؤكد به رؤيته فهذا أيضاً دليل جديد قد يساعد كثيراً على الترجيح. إلا أنه إذا رئي الهلال قطعاً وقال الحساب الفلكي إنه لا يرى فحينئذ لا نعتمد على الحساب الفلكي، خلافاً للمجلس الأوربي الذي قال بالاعتماد على الفلك حينئذ، إذا رأته مستفيضة أي جماعة كبيرة فإننا نقدم الرؤية على الحساب الفلكي. هذا باختصار ما نراه في هذه المسألة، ونوصي بعدم الافتراق وعدم الاختلاف، وأن يتباحثوا فيما بينهم، ويتفقوا على إحدى الطرق التي ذكرناها، فكلها منصوصة في كتب أهل العلم.

بداية صوم رمضان في باكستان

بداية صوم رمضان في باكستان المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة كتاب الصيام/ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال التاريخ 1/9/1424هـ السؤال نحن طلبة ندرس في باكستان، وقد حيرنا العلماء وطلبة العلم في جواز الصيام مع باكستان في رمضان، وأنه يجب أن نصوم مع السعودية؛ لأن الباكستانيين يرون الهلال ثاني يوم، ويكون واضحاً للجميع، غير أن نصف الشارع الباكستاني لا يصوم، نرجو منكم التوجيه. وشكراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فإذا كان المعتبر في باكستان في دخول شهر رمضان هو رؤية الهلال البصرية، فمن كان مقيماً فيها فإنه يصوم معهم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس"، أخرجه الترمذي (802) من حديث عائشة - رضي الله عنها -بسند صحيح. فإن كان الصيام في باكستان معتبراً بالحساب الفلكي دون رؤية الهلال فإن من كان مقيماً فيها يصوم حسب رؤية أقرب بلد يعتبر الرؤية لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" متفق عليه البخاري (1909) ، ومسلم (1081) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. وبهذا أفتت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية واستدلت بما رواه مسلم في صحيحه (1087) ، عن كريب أنه قدم الشام واستهل عليه رمضان ليلة الجمعة ثم قدم المدينة آخر الشهر، قال فسألني ابن عباس - رضي الله عنهما- متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيته ليلة الجمعة، ورآه الناس وصاموا، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية - رضي الله عنه- وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

اختلاف المطالع

اختلاف المطالع المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة كتاب الصيام/ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال التاريخ 22/6/1424هـ السؤال السلام عليكم. السؤال عن اختلاف المطالع في شهر ذي الحجة هل يجوز بمعنى أن يكون اليوم عيد في معظم الدول وفي دول أخرى يكون عندهم صوم يوم عرفة كما حدث في باكستان وموريتانيا، وهل يوم عرفة لا يرتبط بالمكان أي وقوف الحجيج في صعيد عرفات، وهل يحصل للمسلم في مثل هذه البلاد أجر صوم يوم عرفة؟ وإن كان يوافق العيد في السعودية أفتونا أثابكم الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد.. فإذا كان المسلم في بلد يعمل الرؤية الشرعية، ويعتمدها طريقاً لإثبات التاريخ فإن المسلم فيه يعمل بمقتضى ما أثبته المختصون عنده، ويصوم عرفة يوم التاسع، ولو كان يوافق في مكة اليوم الثامن أو العاشر، أما في المناسك فإنه يعمل بالرؤية حسب ثبوتها في مكة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون"،رواه الترمذي (697) ، وأبو داود (2324) وابن ماجة (1660) ، ومثله عن عائشة - رضي الله عنها- عند الترمذي (802) ، وصححه الألباني في السلسلة برقم (224) ، والله الموفق والهادي.

هل نتبع مكة في رؤية الهلال؟

هل نتبع مكة في رؤية الهلال؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصيام/ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال التاريخ 29/08/1425هـ السؤال نحن نعيش في هونج كونج، ويومنا يبدأ قبل خمس ساعات من مكة، نحن نرى القمر هنا ثم نعمد إلى الصوم، أو نعلن العيد، وغالباً نتأخر يوماً عن مكة، هل نتبع مكة في إعلان الصيام والعيد؟ أو نتطلع لرؤية الهلال إذا تبعنا مكة سنؤدي العيد والتراويح قبلها بخمس ساعات سيكون من الصعب أداء صلاة التراويح عند إعلان الرؤية في مكة (إعلان الرؤية في مكة في الثامنة مساء، وفي هونج كونج الواحدة صباحاً) ، أرجو التوجيه، ماذا نفعل؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

فهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، كما لا يخفى، والأرجح من الأقوال: أن لكل بلد رؤيته، لا سيما مع اختلاف المطالع كما هي الحال في اختلاف المطالع بين الصين وبين المملكة العربية السعودية؛ يدل لهذا الحديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- في صحيح مسلم (1087) ، عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثت إلى معاوية- رضي الله عنهما- بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل على رمضان، وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا، وصام معاوية - رضي الله عنه- فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: "لا، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-"، قال النووي في شرح صحيح مسلم (7/197) : "....إنما لم يعمل ابن عباس -رضي الله عنهما- بخبر كريب ... لأن الرؤية لم يثبت حكمها في حق البعيد" ا. هـ. وعلى كل حال، فالمهم ألا يكون هذا الأمر سبباً في الفرقة والشقاق، كما هي الحال في واقع بعض الجاليات المسلمة في بلاد الكفر، وللأسف، بل الواجب أن يتفق عوام المسلمين هناك مع علمائهم، وإذا كان المسلمون في الصين سيتبعون ما تكون عليه الرؤية في مكة، بناء على توجيه أهل العلم منهم، فإنهم متى ما أعلنوا أن رمضان قد ثبت بتلك الرؤية فإنه يشرع لهم صلاة التراويح، ولو في وقت متأخر من الليل؛ لأن صلاة القيام لا ينتهي وقتها إلا بطلوع الفجر، ولو صلاها كلٌّ في بيته تلك الليلة فالأمر واسع بحمد الله، والله -تعالى- أعلم-.

الاعتماد على توقيت قرنتش في ولادة الهلال

الاعتماد على توقيت قرنتش في ولادة الهلال المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال التاريخ 30/06/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم الهيئة الموكل إليها تحديد الشهور في دولتنا هي هيئة علمية فلكية، وليست شرعية، والمهندسون العاملون بها يعتبرون بداية الشهر الهجري في اليوم الذي يثبت قبل فجره ولادة الهلال فلكياً، ولو كانت الولادة تمت بعد غروب شمس اليوم السابق، أي أنه يستحيل رؤيته، فرغم أن هلال شهر شوال يولد يوم الاثنين الموافق 24/11/2003م الساعة الثانية صباحاً أعتبر هذا اليوم أول أيام شهر شوال؛ لأنه ولد الهلال قبل طلوع فجره، فهل هذا معتبر شرعاً؟. الجواب

الذي يقول بمثل هذا القول، ويحتج بالفلك هو في الواقع يعتمد على توقيت (جرنتش) الذي يعتبر مجموعة من الفلكيين غير المسلمين، وبعض المسلمين كذلك يعتبرون هذا الاعتبار بأن الولادة إذا كانت قبل الثانية عشرة مساء فالليلة واليوم التالي لها يعتبر أول الشهر، وإذا كانت ولادة الهلال بعد الثانية عشرة مساء بتوقيت (جرنتش) بأن كان في الساعة الواحدة أو الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة صباحاً فهم يعتبرون أن هذه الليلة، واليوم التالي لها هو آخر الشهر، والذي جرت عليه المملكة السعودية، وهو أمر يتفق مع المقتضى الشرعي هو أن الولادة إذا كانت قبل غروب الشمس، وجاء من يشهد برؤية الهلال اعتبرت الليلة أو الشهر، واليوم التالي لها هو كذلك، أول الشهر، وأما إذا كانت ولادة الهلال بعد غروب الشمس بأن كانت الساعة السابعة، أو الثامنة، أو التاسعة، ونحو ذلك أي بعد غروب الشمس، فهذه الليلة تعتبر آخر أيام الشهر، ولا اعتبار لتوقيت (جرنتش) ، سواء أكانت الولادة قبل الثانية عشرة بتوقيت (جرنتش) أو بعد الثانية عشرة بتوقيت (جرنتش) ، وإنما المعتبر في ذلك هو غروب الشمس قبل ولادة الهلال، أو بعد ولادة الهلال، فإن غربت الشمس قبل ولادة الهلال صارت الليلة آخر ليلة من أيام الشهر، وإن غربت الشمس، وقد كان الهلال مولوداً، -أي: غربت الشمس بعد ولادة الهلال- بمعنى أن الشمس تغرب الساعة السادسة - مثلاً- وقد ولد الهلال في الساعة الرابعة، أو الثالثة، أو دون ذلك فتعتبر الليلة هي أول الشهر، واليوم التالي هو أول أيام الشهر. والله أعلم.

الاستشعار عن بعد وظهور الهلال

الاستشعار عن بعد وظهور الهلال المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال التاريخ 15/2/1425هـ السؤال هل الاستشعار عن بعد في معرفة ظهور الهلال بمعنى مولد الهلال معتبر في بداية الشهر القمري أم لا؟ أم لا بد من الرؤية البصرية للهلال في اعتباره بداية الشهر؟ مع ذكر الأدلة على ذلك. ملاحظة: بعد معرفة مولد الهلال بالتحديد كم يلزم من الوقت لظهوره حقيقة؟ وهل من الفقهاء من اعتبر بداية الشهر بالاستشعار عن بعد؟ الجواب

الجواب عن هذا السؤال هو أنه فيما يتعلق بالجانب الشرعي، وبإثبات دخول شهر رمضان أو خروجه فيجب أن نعمل بالحساب الفلكي فيما يتعلق بالنفي، فإذا قيل بأن ولادة الهلال ولادة فلكية تكون بعد غروب الشمس، يعني تغرب الشمس، ولما يولد الهلال بعد، يعني: حيث ولد الساعة التاسعة أو العاشرة أو الثامنة أو نحو ذلك، وجاء من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس مباشرة، فهذا يجب أن تُرد هذه الرؤية مهما كانت، فهي شهادة غير صحيحة، إما أن يكون صاحبها واهماً ومغتراً بكوكب، أو نحو ذلك، أو أن يكون كاذباً، فلا شك أن الشهادة معروف بأن من شروطها أن تنفك عما يكذبها حسًّا أو عقلاً، وهذه الشهادة لم تنفك عما يكذبها بل الهلال لم يولد؛ فكيف يرى قبل ولادته؟ هذا فيما يتعلق بالنفي؛ أما فيما يتعلق بالإثبات فإذا كان الهلال مولوداً قبل غروب الشمس، ومع ذلك لم يأتِ من يشهد بالرؤية فنقول يجب أن يكون إثبات الرؤية عن طريق الشهادة بها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" رواه البخاري (1909) ، ومسلم (1081) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فإذا كان الهلال مولوداً قبل غروب الشمس، ومع ذلك لم يره راءٍ، فلا عبرة بكونه مولوداً ولم يره أحد؛ لأننا متعبدون بإثبات الهلال إثباتاً شرعيًّا صحيحًا نافياً لما يكون سبباً من أسباب رده؛ متعبدون بإثبات الهلال بالرؤية لا بالحساب الفلكي.

وبناءً على هذا فينبغي أن يكون هذا محل اعتبار، أما من يقول بأن الرؤية وإن كان الهلال مولوداً فينبغي أن تكون ممكنة الرؤية فنقول هذا شرط غير صحيح، والذين يقولون بشرط إمكان الرؤية هم مختلفون في متى تمكن الرؤية، هل تمكن أن تكون على زاوية محددة على درجة محدودة؟ هم مختلفون في تقدير الزاوية البُعدية، وفي تقدير الدرجة نفسها، فبعضهم يقول: سبع درجات، وبعضهم يقول: خمس درجات، وبعضهم يقول: أربع درجات، فهذا فيه خلاف، وبناء على هذا فيجب علينا ألا يكون للقول بإمكان الرؤية اعتبار، فالله - سبحانه وتعالى- على كل شيء قدير، وعنده من القدرة - سبحانه وتعالى- ما يجعل لبعض عباده من قوة الإبصار ما يبصرون القمر وهو يساير الشمس، سواء كان خلفها أو أمامها، أو عن يمينها، أو عن يسارها، فهناك مجموعة من الناس منَّ الله - سبحانه وتعالى- عليهم بقوة الإبصار، ولا يتأثرون بأشعة الشمس، يعني على أساس أن أشعة الشمس تمنع الرؤية، فهذا في الواقع غير معتبر، - والله أعلم-. ولعل السائل يتحدث عن الاستشعار يريد به إمكان الرؤية وعدم إمكانها، فنحن نفرق بين إمكان الرؤية وبين ولادة الهلال، أما الولادة فهي معتبرة في حال النفي، ولا يجوز أن تثبت رؤية، والحال أن الهلال لم يولد، وقد غربت الشمس قبل ولادته، فهذا لا يجوز أن نثبت رؤية تأتي بهذا الشيء، أما إذا كانت الولادة موجودة قبل غروب الشمس، ولكن هناك من يقول باستحالة الرؤية، فنقول كلمة (استحالة) هذه غير صحيحة؛ بل من رأى الهلال وهو مولود فرؤيته معتبرة، فيجب إجراء ما يتعلق بهذه الرؤية والأخذ بها.

هل يعتمد في رؤية الهلال على الحساب؟

هل يعتمد في رؤية الهلال على الحساب؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ثبوت شهر رمضان ورؤية الهلال التاريخ 20/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كما تعرفون، إن بلدنا تعتمد على الفلكيين دون الرؤية في تعيين الأشهر القمرية, وفي رمضان الماضي انفردت بلدنا مع طائفة من العراقيين بالفطر، الكثير من الناس صاموا يوم العيد بحجة أن الرؤية لا تثبت إلا بالعين, وأن شرقنا وغربنا من دول العالم الإسلامي صائمون, وأن الهلال قد ولد على ما قال الفلكيون في الظهيرة, ولا يمكن رؤيته عند غروب يوم الشك, فهل عملهم هذا مشروع؟ أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الصواب أنه لا عبرة بالحساب الفلكي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا". وَعَقَدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ. أخرجه البخاري (1913) ومسلم (1080) . وقال سبحانه وتعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة:185] . وقال عليه الصلاة والسلام: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لرؤيتِهِ، فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ". أخرجه البخاري (1900) ومسلم (1080) . وفي لفظ: "فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ". أخرجه البخاري (1909) . والأحاديث في هذا كثيرة، فالصحيح أن الشهر يدخل بأحد أمرين: الأمر الأول: رؤية هلاله. الأمر الثاني: إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا إذا لم يُر الهلال. ومثله- أيضًا- شهر شوال يثبت بواحد من أمرين: رؤية هلاله ممن تعتبر رؤيته، والثاني: إكمال عدة رمضان ثلاثين يومًا. وأما بالنسبة لوضعكم، وأن بلدكم يتابعون الحساب فيظهر لي أنك تصوم وتفطر مع الناس، فإذا كان الناس يصومون ويفطرون بالحساب الفلكي فإنك تتابعهم؛ لحديث أبي هريرة، رضي الله عنه: "الصَّوْمُ يومَ تَصومُونَ، والفِطرُ يومَ تُفْطِرُونَ". أخرجه الترمذي (697) وأبو داود (2324) وابن ماجه (1660) . والله أعلم.

شروط الصيام

على من يجب الصيام؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/شروط الصيام التاريخ 1/9/1423هـ السؤال على من يجب صيام رمضان؟ الجواب الصيام يجب أداءً على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم خال من الموانع. فهذه ستة أوصاف: مسلم. بالغ. عاقل. قادر. مقيم. خالٍ من الموانع. فأما الكافر: فلا يجب عليه الصوم ولا غيره من العبادات. ومعنى قولنا: "لا يجب عليه الصوم" أنه لا يلزم به حال كفره، ولا يلزمه قضاؤه بعد إسلامه، لأن الكافر لا تقبل منه العبادة حال كفره، لقوله تعالى: "وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ" الآية، [التوبة:54] . ولا يلزمه قضاء العبادة إذا أسلم لقوله تعالى: "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ" الآية [الأنفال: 38] . لكنه يعاقب على ما تركه من واجبات، حال كفره؛ لقوله تعالى عن أصحاب اليمين وهم يتساءلون عن المجرمين: " مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ*حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ" [المدثر:42-47] . فذكرهم: ترك الصلاة وإطعام المسكين من أسباب دخولهم النار؛ يدل على أن لذلك تأثيراً في دخولهم النار. بل إن الكافر يعاقب على كل ما يتمتع به من نعم الله من طعام وشراب ولباس لقول الله تعالى: " لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" [المائدة:93] .

فنفي الجناح عن المؤمنين فيما طعموا يدل على ثبوت الجناح على غير المؤمنين فيما طعموا. ولقوله تعالى: "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ" الآية [الأعراف: 32] . فقوله: " لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ" يدل على أن الحكم في غير المؤمنين يختلف عن الحكم في المؤمنين. ولكن إذا أسلم الكافر في أثناء رمضان، لم يلزمه قضاء ما سبق إسلامه، فإذا أسلم في ليلة الخامس عشر مثلاً، فالأيام الأربعة عشر لا يلزمه قضاؤها. وإذا أسلم في أثناء اليوم لزمه الإمساك دون القضاء، فإذا أسلم عند زوال الشمس مثلاً، قلنا له: أمسك بقية يومك ولا يلزمك القضاء؛ فنأمره بالإمساك؛ لأنه صار من أهل الوجوب ولا نأمره بالقضاء؛ لأنه قام بما وجب عليه وهو الإمساك من حين أسلم، ومن قام بما يجب عليه لم يكلف بإعادة العبادة مرة ثانية. أما العقل: وهو الوصف الثاني للوجوب: فالعقل هو ما يحصل به الميزة: أي التمييز بين الأشياء، فإذا لم يكن الإنسان عاقلاً فإنه لا صوم عليه كما أنه لا يجب عليه شيء من العبادة سوى الزكاة. ومن هذا النوع - أي: ممن ليس له عقل - أن يبلغ الإنسان سناً يسقط معه التمييز، وهو ما يعرف عند العامة بالهذرات، فلا يلزم المهذري صوم، ولا يلزم عنه إطعام؛ لأنه ليس من أهل الوجوب. أما الوصف الثالث: فهو البلوغ. ويحصل البلوغ بواحد من أمور ثلاثة: 1. إما بأن يتم الإنسان خمس عشرة سنة. 2. أو أن تنبت العانة، وهي الشعر الخشن الذي يكون عند القبل. 3. أو ينزل المني بلذة سواء كان ذلك باحتلام أو بيقظة. 4. وتزيد المرأة أمراً رابعاً هو: الحيض، فإذا حاضت المرأة بلغت. وعلى هذا: فمن تم له خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى، فقد بلغ.

ومن نبتت عانته ولو قبل خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى، فقد بلغ. ومن أنزل منيًّا بلذة من ذكر أو أنثى ولو قبل خمس عشرة سنة، فقد بلغ. ومن حاضت ولو قبل خمس عشرة سنة، فقد بلغت. وربما تحيض المرأة وهي بنت عشر سنين. وهنا يجب التنبه لهذه المسألة التي يغفل عنها كثير من الناس، فإن بعض النساء تحيض مبكرة ولا تدري أنه يلزمها الصوم وغيره من العبادات التي يتوقف وجوبها على البلوغ؛ لأن كثيراً من الناس يظن أن البلوغ عند تمام خمس عشرة سنة! وهذا ظن لا أصل له! فإذا لم يكن الإنسان بالغاً، فإن الصوم لا يجب عليه، ولكن ذكر أهل العلم أن الولي مأمور بأن يأمر موليه الصغير من ذكر أو أنثى بالصوم ليعتاده حتى يتمرن عليه ويسهل عليه إذا بلغ، وهذا ما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه، فإنهم كانوا يصومون أولادهم الصغار حتى إن الواحد منهم ليبكي فيعطى لعبة من العهن يتلهى بها حتى تغرب الشمس. وأما الوصف الرابع: فهو أن يكون الإنسان قادراً على الصوم. أي يستطيع أن يصوم بلا مشقة، فإن كان غير قادر فلا صوم عليه. ولكن غير القادر ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: أن يكون عجزه عن الصوم مستمراً دائماً كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، فهذا يطعم عن كل يوم مسكيناً، فإذا كان الشهر ثلاثين يوما أطعم ثلاثين مسكيناً، وإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً أطعم تسعة وعشرين مسكيناً، وللإطعام كيفيتان: الكيفية الأولى: أن يخرج حبًّا من أرز أو بر، وقدره ربع صاع بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم - أي خمس صاع بالصاع المعروف هنا ويساوي كيلوين وأربعين جراماً بالبر الجيد الرزين، يعني أنك إذا وزنت من البر الرزين الدجن ما يبلغ كيلوين وأربعين جراماً فإن هذا صاع بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم -، والصاع بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة أمداد، فيكفي لأربعة مساكين.

ويحسن في هذه الحال: أن تجعل معه إذا دفعته إلى الفقير أن تجعل معه شيئاً يؤدمه من لحم أو غيره حسب ما تقتضيه الحال والعرف. وأما الوجه الثاني من الإطعام: فأن يصنع طعاماً يكفي لثلاثين فقيراً أو تسعة وعشرين فقيراً حسب الشهر ويدعوهم إليه كما ذكر ذلك عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - حين كبر، ولا يجوز أن يطعم شخصاً واحداً مقدار ما يكفي الثلاثين أو التسعة والعشرين؛ لأنه لابد أن يكون عن كل يوم مسكين. أما القسم الثاني من العجز عن الصوم: فهو العجز الذي يرجى زواله وهو العجز الطارئ، كمرض حدث للإنسان أثناء الصوم، وكان يشق عليه أن يصوم، فنقول له: أفطر واقض يوماً مكانه؛ لقول الله تعالى: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" الآية [البقرة: من 184] . أما الوصف الخامس: فهو أن يكون مقيماً، وضده مسافر. المسافر: وهو الذي فارق وطنه لا يلزمه الصوم لقوله تعالى: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ". ولكن الأفضل أن يصوم إلا أن يشق عليه فالأفضل الفطر؛ لقول أبي الدرداء رضي الله عنه: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم شديد الحر وما فينا صائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن رواحة. أما إذا شق عليه الصوم؛ فإنه يفطر ولابد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شكي إليه أن الناس قد شق عليهم الصيام فأفطر، ثم قيل له: إن بعض الناس قد صام فقال: "أولئك العصاة، أولئك العصاة". أما الوصف السادس: فهو أن يكون خالياً من الموانع. أي: من موانع الوجوب، وهذا يختص بالمرأة، فيشترط في وجوب الصوم عليها أداءً ألاّ تكون حائضاً ولا نفساء.

فإن كانت حائضاً أو نفساء: لم يلزمها الصوم، وإنما تقضي بدل الأيام التي أفطرت؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - مقراً ذلك: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"، فإذا حاضت المرأة فلا صوم عليها وتقضي في أيام أخر. وهنا مسألتان ينبغي التفطن لهما: المسألة الأولى: أن بعض النساء تطهر في آخر الليل، وتعلم أنها طهرت ولكنها لا تصوم ذلك اليوم ظناً منها أنها إذا لم تغتسل لم يصح صومها وليس الأمر كذلك، بل صومها يصح وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر. وأما المسألة الثانية: فهي أن بعض النساء تكون صائمة فإذا غربت الشمس وأفطرت جاءها الحيض قبل أن تصلي المغرب، فبعض النساء تقول: إنه إذا أتاها الحيض بعد الفطر وقبل صلاة المغرب فإن صومها ذلك النهار يفسد وكذلك بعض النساء يبالغ أيضاً ويقول: إذا جاءها قبل صلاة العشاء فإن صومها ذلك اليوم يفسد وكل هذا ليس بصحيح. فالمرأة إذا غربت الشمس، وهي لم تر الحيض خارجاً فصومها صحيح حتى لو خرج بعد غروب الشمس بلحظة واحدة فصومها صحيح. وهذه ستة أوصاف إذا اجتمعت في الإنسان وجب عليه صوم رمضان أداء ولا يحل له أن يفطر، فإن تخلف واحد منها فعلى ما تقدم. [فقه العبادات لابن عثيمين. ص:173- 178] .

صحة حديث تبييت النية للصيام

صحة حديث تبييت النية للصيام المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/شروط الصيام التاريخ 24/9/1422هـ السؤال ماصحة حديث " من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له " الجواب حديث من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له. أخرجه أبو داود وغيره ـ كما سيأتي ـ فقال في 2/823،باب النية في الصيام ح (2454) : حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني ابن لهيعة، ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن حفصة زوج النبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له". تخريجه: *أخرجه ابن خزيمة 3/212 ح (1933) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ويونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن عبد الله بن وهب به بنحوه. *وأخرجه أحمد 6/287 عن حسن بن موسى الأشيب، والطحاوي في " شرح المعاني " 2/54، والطبراني في " الكبير "23/206ح (367) من طريق عبد الله بن يوسف، كلاهما (حسن، وعبد الله) عن ابن لهيعة به بنحوه، إلاّ أن حسن بن موسى لم يذكر ابن عمر.

*وأخرجه الترمذي 3/108، باب ما جاء " لا صيام لمن يعزم من الليل " ح (730) من طريق سعيد بن أبي مريم، والنسائي 4/196، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة (2339) ، والدارمي 1/431 ح (1650) من طريق سعيد بن شرحبيل، والنسائي ح (2332) من طريق شعيب بن الليث بن سعد، كلاهما (سعيد، وشعيب) عن الليث سعد، والنسائي ح (2333) من طريق أشهب، وابن حبان في " المجروحين " 2/46، والدارقطني 2/135 ح (2193) ، والبيهقي 4/203 من طريق عبد الله بن عباد المصري، عن المفضل بن فضالة، أربعتهم (ابن أبي مريم، والليث، وأشهب، والمفضل) عن يحيى بن أيوب به بنحوه إلاّ أن سعيد بن شرحبيل أسقط ابن شهاب في حديثه، وقال المفضل في حديثه: عن يحيى بن أيوب، عن يحي بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة، وفي رواية أشهب قال: عن يحيى وآخر. *وأخرجه ابن أبي شيبة 2/292 ح (9111) ـ ومن طريقه ابن ماجه 1/542 باب ما جاء في فرض الصوم من الليل والخيار في الصوم ح (1700) ـ عن خالد بن مخلد القطواني، عن إسحاق بن حازم، عن عبد الله بن أبي بكر به بنحوه، إلاّ أنه لم يذكر الزهري في حديثه. *وأخرجه مالك في " الموطأ " 1/288 ح (5) ، ومن طريقه النسائي 4/197 ح (2341) .

والنسائي 4/197 ح (2337، 2338) من طريق ابن المبارك، وعبد الرزاق 4/275 ح (7786) ـومن طريقه البخاري في " التاريخ الأوسط" 2/252. كلاهما (ابن المبارك، وعبد الرزاق) عن معمر، والنسائي 4/197 ح (2334) من طريق ابن جريج، والنسائي 4/197 ح (2335) من طريق عبيد الله بن عمر، والنسائي 4/197 ح (2338) من طريق ابن المبارك، عن ابن عيينة، والبخاري في " الأوسط " 2/253 من طريق عبد الرحمن بن إسحاق المدني، وعقيل سبعتهم (مالك، وابن جريج، وعبد الله، ومعمر، وابن عيينة، وعبد الرحمن، وعقيل) عن الزهري به بنحوه إلاّ أنهم جميعاً - سوى ابن جريج - جعلوه موقوفاً على حفصة، ولم يذكر معمر - فيما رواه عنه عبد الرزاق - ابن عمر في حديثه، وقال أي معمر ـ فيما رواه عنه ابن المبارك - وابن عيينة: عن ابن شهاب، عن حمزة بن عبد الله ابن عمر، عن أبيه عن حفصة قولها، وزاد عقيل: وابن عمر، وجعله مالك: عن الزهري عن حفصة وعائشة قولهما. *وأخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " 2/55 من طريق صالح بن أبي الأخضر، والبخاري - معلقاً - في " التاريخ الأوسط " 2/253 عن عبد الرحمن بن نمر، كلاهما (صالح، وابن نمر) عن سالم، عن أبيه موقوفاً عليه. *ورواه مالك في " الموطأ " 1/288 ح (5) ، ومن طريقه النسائي 4/198 ح (2343) ، والنسائي 4/192 ح (2342) من طريق المعتمر بن سليمان، وعبد الرزاق 4/275 ح (7787) ، كلاهما (المعتمر، وعبد الرزاق) عن عبيد الله بن عمر، وعبد الرزاق ح (7787) عن ابن جريج، والطحاوي في " شرح المعاني " 2/55 من طريق موسى بن عقبة، أربعتهم (مالك، وعبيد الله، وابن جريج، وموسى) عن نافع، عن ابن عمر قوله، إلاّ أن ابن جريج وعبيد الله بن عمر - فيما رواه عنه عبد الرزاق - جعلاه عن حفصة موقوفاً عليها. الحكم عليه:

إسناد أبي داود متصل ورجاله ثقات، سوى يحيى بن أيوب، فإنه صدوق، وابن لهيعة وهو مضعّف. وقد تبين من التخريج السابق أنه وقع اختلاف على عبد الله بن أبي بكر بن حزم في إسقاط ذكر الزهري من الإسناد، والصواب مع من أثبته، لأن اللذين أسقطاه هما: إسحاق بن حازم، ويحيى بن أيوب - فيما رواه سعيد بن شرحبيل، عن الليث بن سعد عنه - وكلاهما صدوق، وقد خولفا: فأما إسحاق بن حازم فخلاصة حاله ما ذكره ابن حجر في التقريب (100) : " صدوق تكلم فيه للقدر " وقد خالف من هو أوثق منه، وأما سعيد بن شرحبيل فهو " صدوق " أيضاً، كما في التقريب (237) ، وقد خالفه شعيب بن الليث، وابن وهب في روايتهما عن الليث، وهما أوثق منه، ولعلّ هذا الاضطراب من قبل يحيى بن أيوب نفسه، فقد سبق كلام الأئمة في حفظه، حتى قال فيه الإمام أحمد: سيئ الحفظ. فالمحفوظ إذن في حديث عبد الله بن أبي بكر، هو ذكر الزهري بينه وبين سالم، فيبقى الاختلاف في رفع الحديث ووقفه. وقد ظهر من التخريج السابق أن عبد الله بن أبي بكر، ومن تابعه عن الزهري - وهو ابن جريج - قد خولفا في رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حيث رواه الأكثرون من أصحاب الزهري موقوفاً على حفصة، وبعضهم يجعله موقوفاً على ابن عمر، وبعضهم يجمع بينهما، وهذا بيان رواياتهم ـ ملخصاً ـ: 1 - الزهري عن سالم عن ابن عمر عن حفصة موقوفاً عليها: وقد روى هذا الوجه عنه مالك، وعبيد الله، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني، وعقيل، ويونس، ومعمر - فيما رواه عنه عبد الرزاق -، إلاّ أنه - أي معمر - لم يذكر (ابن عمر) في حديثه، وزاد عقيل: وابن عمر مع حفصة، وجعله مالك: عن الزهري، عن حفصة، وعائشة قولهما. 2 - الزهري عن سالم عن ابن عمر قوله: وقد رواه عنه صالح بن أبي الأخضر، وعبد الرحمن بن نمر، ويونس، وعقيل الأيليان.

وقد تابع سالماً - فيما رواه الجماعة بجعله موقوفاً على ابن عمر أو حفصة - راويان آخران وهما: 1 - نافع، وقد رواه عن ابن عمر موقوفاً عليه - فيما رواه عنه مالك وموسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر - فيما رواه عنه المعتمر بن سليمان -، ورواه نافع، عن ابن عمر، عن حفصة موقوفاً عليها ـ فيما رواه عنه ابن جريج وعبيد الله بن عمر ـ فيما رواه عنه عبد الرزاق ـ. 2 - حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن حفصة موقوفاً عليها: وقد رواه عنه سفيان بن عيينة، ومعمر - فيما رواه عنه ابن المبارك - عن الزهري عنه -. ولأجل تتابع هؤلاء الحفاظ من أصحاب الزهري على رواية هذا الوجه، فقد نصّ جماعة من الأئمة على ترجيح الوجه الموقوف ومنهم: 1 - الإمام أحمد: حيث قال: " ماله عندي ذلك الإسناد، إلا أنه عن ابن عمر وحفصة إسنادان جيدان " اهـ. نقله عنه الميموني، كما في شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية 1/183، وابن عبد الهادي في التنقيح 2/282. 2 - البخاري: حيث قال في " التاريخ الأوسط " 2/253: "غير المرفوع أصح " اهـ. ونقل الترمذي عنه في " العلل الكبير " (118) ح (202) أنه خطأه - أي مرفوعاً - ثم قال: "وهو حديث فيه اضطراب، والصحيح عن ابن عمر موقوف، ويحيى بن أيوب صدوق " اهـ. 3 - أبو حاتم الرازي: فقد نقل عنه ابنه في " العلل " 1/225 قوله: " وقد روي عن الزهري عن حمزة عن ابن عمر عن حفصة قولها، وهذا عندي أشبه " اهـ. 4 - النسائي: ففي " التحفة " للمزي 11/286 أنه قال: " الصواب عندنا موقوف، ولم يصح رفعه - والله أعلم - لأن يحيى بن أيوب ليس بالقوي، وحديث ابن جريج، عن الزهري غير محفوظ " اهـ. 5 - الترمذي 3/108: " حديث حفصة [غريب] لا نعرفه مرفوعاً إلاّ من هذا الوجه، وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله، وهو أصح، وهكذا أيضاً روي عن الزهري مرفوعاً، ولا نعلم أحداً رفعه إلاّ يحيى بن أيوب … " اهـ.

6 - الطحاوي في شرح المعاني 2/55. 7 - الدارقطني كما في " العلل " [5/ق 166] حيث قال: " رفعه غير ثابت " اهـ. 8 - ابن عبد البر، كما نقله عنه العنيني في " عمدة القاري " 10/305. 9 - ابن التركماني، كما في " الجوهر النقي " 4/202. 10 - المزي كما في التحفة 11/285. 11 - ابن القيم، كما يظهر من كلامه في تهذيب السنن 3/331. 12 - ابن عبد الهادي في " التنقيح " 2/280. 13 - ابن كثير في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب ص (306) ح (247) . وقد خالف هؤلاء الأئمة آخرون فصححوه مرفوعاً ومنهم: 1 - ابن خزيمة، - كما تقدم -. 2/3 - نقل الحافظ ابن حجر في الفتح 4/169 ح (1924) أن ابن حبان والحاكم صححاه، ولم أجدهما في المطبوع من صحيحهما. 4 - البيهقي 4/202 حيث قال: " وهذا حديث قد اختلف على الزهري في إسناده، وفي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن أبي بكر أقام أسناده ورفعه، وهو من الثقات الأثبات " اهـ. ثم ساق طريق ابن جريج التي تابع فيها ابن أبي بكر على الرفع - وهذا - فيما يظهر ميل منه إلى ترجيح المرفوع. 5 - الخطّابي، كما في " المعالم " 3/332. 6 - ابن حزم في المحلى 6/161. 7 - النووي في " المجموع " 6/289. فهذا ما يتعلق بالاختلاف في رفعه ووقفه، على أن في الحديث اختلافاً أوسع من هذا لكن ما ذكرته هو غالب الخلاف فيه، وما لم اذكره فهو عائد إليه، والله أعلم. وأما ما يتعلق بالاختلاف في إسناده على الزهري: فقد رواه الإمام مالك، عن الزهري، عن عائشة وحفصة قولهما - فلم يذكر سالماً - وما رواه عن نافع، عن ابن عمر قوله، وتابعه عليه عبيد الله بن عمر ـ كما تقدم ـ فهذان الوجهان كلاهما محفوظ عن الإمام مالك، إلاّ أن رواية الزهري، عن عائشة وحفصة منقطعة، لأنه لم يدركهما رضي الله عنهما، ولذا قال النسائي - كما في التحفة 11/285 ـ: " أرسله مالك بن أنس ".

وأما الطريق التي رواها عبد الله بن عباد المصري عن الفضل بن فضالة، عن يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً " من لم يبيت … " فلا تصلح شاهداً للوجه المرفوع، لأن هذا الإسناد مقلوب - كما قال ابن حبان - والصواب فيه: عن يحيى بن أيوب، عن عبد الله بن أبي بكر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن حفصة، وآفة هذا الإسناد، هو عبد الله بن عباد المصري، قال عنه ابن حبان في " المجروحين " 2/46:"شيخ يقلب الأخبار، روى عن المفضل بن فضالة …ثم ساق الحديث السابق- ثم قال: روى عنه روح بن الفرج، أبو الزنباع نسخة موضوعة ".اهـ. وحديث عائشة هذا من رواية روح عنه، وهو على ضعفه، فقد تفرد به كما قال الدارقطني. وقد جاء حديث آخر من حديث ميمونة بنت سعد مرفوعاً بنحو حديث الباب أخرجه الدارقطني 2/136 ح (2197) لكنه من رواية الواقدي، وهو متروك، ينظر نصب الراية 4/435. والخلاصة مما تقدم ما يلي: 1 - أن الصواب عن عبد الله بن أبي بكر، هو إثبات الزهري بينه وبين سالم. 2 - أن الحديث اختلف في رفعه ووقفه على الزهري، وأن الراجح وقفه، لأن المتقنين لحديث الزهري والعارفين به، رووه موقوفاً، وهم أيضاً أكثر من الذين رفعوه، وأن حذاق الأئمة - كما قال ابن عبد الهادي في التنقيح 2/280 - من المتقدمين على ترجيح الموقوف، إما على ابن عمر، أو على حفصة رضي الله عنهم، وسند الموقوف صحيح. 3 - أن ما روي مرفوعاً في هذا الباب، عن عائشة أو ميمونة بنت سعد، فإنه لا يصح، والله أعلم.

صيام الصبي

صيام الصبي المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/شروط الصيام التاريخ 10/9/1425هـ السؤال هل يؤمر الصبي الذي لم يبلغ الخامسة عشر بالصيام كما في الصلاة؟ الجواب نعم يُؤْمر الصِّبيان الذين لم يَبْلُغوا بالصيام إذا أطاقوه كما كان الصَّحابة - رضي الله عنهم - يفعلون ذلك بصبيانهم. وقد نصَّ أهل العلم على أن الولي يَأمُر من له ولاية عليه من الصغار بالصوم من أجل أن يتمرنوا عليه ويألفوه وتنطبع أُصول الإسلام في نُفُوسهم حتى تكون كالغريزة لهم. ولكن إذا كان يشق عليهم أو يضرهم فإنهم لا يلزمون بذلك، وإنني أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض الآباء أو الأمهات وهي منع صبيانهم من الصيام، على خلاف ما كان الصَّحابة - رضي الله عنهم - يفعلون، يدَّعُون أنهم يمنعون هؤلاء الصِّبيان رحمة بهم وإشفاقاً عليهم، والحقيقة أن رحمة الصِّبيان أمرهم بشرائع الإسلام وتعويدهم عليها وتأليفهم لها. فإن هذا بلا شك من حسن التربية وتمام الرعاية. وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "إنَّ الرَّجُل رَاع فِي أَهْل بَيْتِه وَمَسْئُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ" البخاري (893) ، ومسلم (1829) ، والذي ينبغي على أولياء الأمور بالنسبة لمن ولاهم الله عليه من الأهل والصغار أن يتقوا الله تعالى فيهم وأن يأمروهم بما أمروا أن يأمروهم به من شرائع الإسلام. [الفتاوى لابن عثيمين - كتاب الدعوة (1/145 -146) ] .

ترك السحور مع بدء الأذان

ترك السحور مع بدء الأذان المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/شروط الصيام التاريخ 8/9/1423هـ السؤال هل يجب علينا الكف عن السحور عند بدء أذان الفجر، أم يجوز لنا الأكل والشرب حتى ينتهي المؤذن؟ الجواب إذا كان المؤذن معروفاً بأنه لا ينادي إلا على الصبح فإنه يجب الكف عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من حين يؤذن. أما إذا كان الأذان بالظن والتحري حسب التقاويم فإنه لا حرج في الشرب أو الأكل وقت الأذان، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". قال الراوي في آخر هذا الحديث: "وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت" متفق على صحته. والأحوط للمؤمن والمؤمنة الحرص على إنهاء السحور قبل الفجر عملاً بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" وقوله - صلى الله عليه وسلم - "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". أما إذا علم أن المؤذن ينادي بليل لتنبيه الناس على قرب الفجر، كفعل بلال فإنه لا حرج في الأكل والشرب حتى ينادي المؤذنون الذين يؤذنون على الصبح عملاً بالحديث المذكور. [تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام، لسماحة الشيخ ابن باز ص: (170) ]

نية الصيام

نية الصيام المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/شروط الصيام التاريخ 4/9/1423هـ السؤال هل نية الصيام كافية عن نية صوم كل يوم على حدة؟ الجواب من المعلوم أن كل شخص يقوم في آخر الليل ويتسحر، فإنه قد أراد الصوم ولا شك في هذا، لأن كل عاقل يفعل الشيء باختياره لا يمكن أن يفعله إلا بإرادة. والإرادة هي النية، فالإنسان لا يأكل في آخر الليل إلا من أجل الصوم، ولو كان مراده مجرد الأكل لم يكن من عادته أن يأكل في هذا الوقت. فهذه هي النية ولكن يحتاج إلى مثل هذا السؤال فيما لو قدر أن شخصاً نام قبل غروب الشمس في رمضان وبقي نائماً لم يوقظه أحد حتى طلع الفجر من اليوم التالي فإنه لم ينو من الليل لصوم اليوم التالي فهل نقول إن صومه اليوم التالي صوم صحيح بناء على النية السابقة؟ أو نقول: إن صومه غير صحيح لأنه لم ينوه من ليلته؟ نقول: إن صومه صحيح لأن القول الراجح أن نية صيام رمضان في أوله كافية؛ فلا يحتاج إلى تجديد النية لكل يوم؛ اللهم إلا أن يوجد سبب يبيح الفطر فيفطر في أثناء الشهر فحينئذ لابد من نية جديدة لاستئناف الصوم. [الفتاوى لابن عثيمين، كتاب الدعوة (1/144-145) ] .

تبييت النية في الصيام

تبييت النية في الصيام المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/شروط الصيام التاريخ 02/09/1425هـ السؤال لم أجزم بتبييت النية من الليل. فقلت في نفسي إن شاء الله سأصوم غير جازم، وأخبرت بأنه لا بد من تبييت النية الجازمة للفريضة، فهل يصح لي في هذه الحالة الصوم وجزاكم الله خيراً. الجواب صيام الواجب لا بد فيه من تبييت النية من الليل، بمعنى أن الإنسان يصوم ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس كاملاً بنية ويكون قد نوى أن يصوم هذا اليوم جميعه من طلوع فجره إلى غروب شمسه، وأما صيام النفل فإن الإنسان إذا لم يتعاط شيئاً من المفطرات بعد طلوع الفجر، ونوى الصيام بعد ذلك صح منه وأجزأه.

هل نيتها للصوم منسحبة على كل الأيام؟

هل نيتها للصوم منسحبة على كل الأيام؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/شروط الصيام التاريخ 18/10/1426هـ السؤال امرأة تصوم القضاء في شوال، ونوت ألا تقطع صيامها حتى تقضي ما عليها، وكانت في كل ليلة إذا تسحَّرت تنوي أنه لصيام يوم غد، وإذا نسيت أن تنوي بالعَشاء (السحور) تنوي قبل نومها في نفسها، لكنها في يوم تناولت وجبة العشاء ولم تنو نسياناً منها، ولم تنو قبل نومها، فهل نيتها التي نوتها من قبل صالحة، وهي أن تكمل القضاء ولا تقطعه. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالعلماء - رحمهم الله- ذكروا أنه يجب تعيين النية من الليل لصوم رمضان أو قضائه، أو نذر، أو كفارة، فمن لم يُبيِّت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له. والمرأة السائلة ذكرت أنها نوت ألا تقطع صيام قضائها حتى تنهيه، وأنها إذا أكلت العشاء تنوي أنه لصيام غد، لكنها في يوم أكلت ولم تنو شيئاً. فنقول: الذي يظهر لي - والله أعلم- صحة صومها قضاءً؛ لأن عشاءها -والذي سمته سحوراً- إنما هو عشاء من يريد الصوم، بل قد سمته سحوراً، والسحور إنما هو لمن يريد الصيام، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: (هو حين يتعشى، يتعشى عشاء من يريد الصوم، ولهذا يُفرق بين عشاء ليلة العيد، وعشاء ليالي رمضان، وهذا معنى قولهم: ويكفي في النية الأكل والشرب بنية الصوم. انتهى كلامه رحمه الله. والله أعلم.

حكم تبييت النية في صيام الست من شوال

حكم تبييت النية في صيام الست من شوال المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/شروط الصيام التاريخ 11/10/1426هـ السؤال لم أنو الصيام في الليل في أحد أيام الست من شوال، وإنما نويت في النهار، فهل يصح ذلك؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فهذه المسألة موضع خلاف بين أهل العلم، فبعضهم قال: لا يجب تبييت النية لصوم النفل، سواء كان مطلقاً أو مقيداً؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل عليّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، فقال: "هل عندكم شيء؟ " فقلنا: لا. قال: "فإني إذن صائم". ثم أتانا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله، أهدي لنا حيس، فقال: "أرنيه فقد أصبحت صائماً". فأكل. أخرجه مسلم (1154) . فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإني إذن صائم" يُفهم منه أنه لم يبيِّت النية للصوم من الليل. وذهب بعض أهل العلم -كالشيخ ابن عثيمين رحمه الله- إلى أنه لا بد من تبييت النية من الليل في الصيام المعين، كالست من شوال، ويوم عرفة، ويوم العاشر من شهر الله المحرم، وغير ذلك من الصيام المعين؛ لأنه إذا صام من نصف النهار لا يصدق عليه أنه صام اليوم كله، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- رتَّب الأجرَ على صيام الأيام الستة كلها. وأيضاً لما ذكره جمع من العلماء بأن الأجر إنما يكون من حين النية، وحينئذ إذا كانت بداية الصوم ليست من أول اليوم -يعني من طلوع الفجر- فسيكون أجره ناقصاً، فلا ينال الأجر المرتب على صيام هذه الستة. وعلى هذا إذا بدأ الصائم صومه من النهار فلا يصح صيامه على أنه نفل معين، وإنما يكون نفلاً مطلقاً، يعني له أجر صيام النفل المطلق، وهذا الذي يظهر لي، والله تعالى أعلم.

صيام أهل الأعذار

عليها قضاء أيام من رمضان ولا تعلم عددها المجيب د. سعد بن تركي الخثلان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر التاريخ 10/8/1422 السؤال أفطرت في رمضان أياماً لا أعلم عددها بالضبط ربما 4 أو 5 أو 6، وذلك حينما كنت في أول سني البلوغ ظناً مني أن الحائض عدتها يجب أن تكون سبعة أيام كاملة، أي أنني كنت آكل وأشرب وأنا قد طهرت من الدورة حتى أكمل عدة سبعة الأيام. سؤالي هو أنني لم أقضها ولا أعلم عددها فكيف أتصرف؟ الجواب المكلّف إذا أفطر أياماً من رمضان بعد سن التكليف فإن الواجب عليه قضاؤها ولو بعد مضي مدة طويلة، والأخت السائلة تذكر أنها أفطرت أياماً من رمضان بعد سن البلوغ ولم تقضها حتى الآن فنقول: الواجب عليك المبادرة إلى قضائها في أسرع وقت، وأما عددها فتبني على اليقين تحقيقاً لبراءة الذمة، فإذا اكنت تشكين هل هي أربعة أيام أو خمسة أو ستة فاجعليها ستة، وأما الإطعام فلا يجب عليك إطعام لكونك جاهلة بالحكم.

المرأة إذا أجهضت في الشهر الثاني؟

المرأة إذا أجهضت في الشهر الثاني؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ صيام أهل الأعذار/صوم الحائض والنفساء والجنب التاريخ 28/10/1422 السؤال امرأة حامل في الشهر الثاني، أجهضت وأجري لها عملية تنظيف، هل تصوم وتصلي؟ وإذا كان الجواب بـ (لا) فمتى تصلي؟ الجواب ما دام الإجهاض في الشهر الثاني، فليس لهذه المرأة أحكام النفاس، بل تجب عليها الصلاة والصيام، والدم نجاسة فتغسل أثره وتتوضأ وتصلي، وإذا شقَّ عليها صلاة كل فريضة في وقتها فلها أن تجمع الظهر والعصر في وقت أحدهما، وأن تجمع المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وإذا شقَّ عليها الصيام بوجود النزيف فلها أن تفطر لمرضها وتقضي، وإذا صامت فصيامها صحيح؛ لأن هذا الدم لا يمنع الصيام.

مريض لا يستطيع الصيام

مريض لا يستطيع الصيام المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ صيام أهل الأعذار/صوم الكبير والمريض التاريخ 10/9/1425هـ السؤال لي أخ وجب عليه الصيام، وهو في سن الثالثة عشرة تقريباً، وهو يعاني من مرض نقص في نسبة الأملاح، ويجب عليه أخذ دواء مدى حياته، وهو تقريباً يأخذه كل ست ساعات وإلا يعاني من نقص، وربما يدخل المستشفى إذا لم يأخذه، ولا أدري مدى تحمله حقيقة، ولكن الظاهر وبعض الأطباء يقولون: إنه لا يستطيع، وهو لم يصم رمضان، فلا أدري ماذا عليه أن يفعل؟ وهل كل رمضان لا يصومه على مدى الحياة؟ وهل يأثم؟. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فكما هو معلوم أن البلوغ يحصل بالنسبة للذكر بأحد ثلاثة أمور: بلوغ خمس عشرة سنة، أو الاحتلام، أو ظهور الشعر الخشن حول القبل، فأيَّ من هذه الثلاثة سبق فالحكم له. هذا وقد ذكرت أن أخاك وجب عليه، وهو في سن الثالثة عشرة لعله بلغ بالاحتلام، أو بظهور الشعر الخشن حول القبل، على كل ما دام وجب عليه الصيام وهو مريض، وقد قرر الأطباء أنه لا يستطيع الصوم، وأنه بحاجة إلى استعمال الدواء في كل ست ساعات، فهذا له حكم المريض الذي لا يستطيع الصوم فلا يجب عليه الصوم، بل يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، ويستمر على هذا مادام على تلك الحالة ولا إثم عليه؛ لأنه معذور لمرضه الذي لا يستطيع الصوم معه، ومتى ما شافاه الله وزال عنه المرض فإنه يعود إلى الصوم في مستقبل حياته، وما مضى لا شيء عليه فيه إلا الإطعام -كما تقدم-، والله أعلم.

مريض بالسكر، كيف يصوم؟

مريض بالسكر، كيف يصوم؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصيام/ صيام أهل الأعذار/صوم الكبير والمريض التاريخ 02/09/1425هـ السؤال أنا مريض بمرض السكر، وأتناول إبر الأنسولين، ومستوى السكر لدي ما بين (250) إلى (400) أحياناً، وأيضاً مريض بالكلى وضغط الدم - شفانا الله وإياكم - هل أًصوم رمضان أم أفطر؟ وما هي الكفارة؟ الجواب إذا كنت لا تستطيع الصيام، وقرر الأطباء أن الصيام يضرك، وأن المرض لا يرجى برؤه فعليك الإطعام عن كل يوم مسكيناً من البر أو التمر أو الأرز، نصف صاع لكل يوم للمساكين جميعاً أو مفرقة. (اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين فتوى (217) ص (158)) .

لا يستطيع الصوم ولا الإطعام فما الحكم

لا يستطيع الصوم ولا الإطعام فما الحكم المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ صيام أهل الأعذار/صوم الكبير والمريض التاريخ 9/9/1424هـ السؤال لدينا رجل كبير في السن أسلم - ولله الحمد- لكن لبعض الأمراض التي يعاني منها لم يستطع الصيام في رمضان، وهو فقير جداً، وأحياناً يبحث في محلات القمامة عن ثياب يلبسها، أو أشياء يستخدمها، وقد وزع راتبه التقاعدي في عدة أشياء فمعاشه يذهب لأقساط شقته، وللوازم منزله، ولا يبقى منه شيء ليدفع الكفارة، ونحن نقوم بالصدقة عليه كثيراً، فهل يلزمه شيء؟. الجواب هذا الرجل الذي أسلم على كبر سنه، وقلة ذات يده جدير بالإحسان إليه، والرعاية التي تسدُّ حاجاته، وتحفظ كرامته عن التبذل بالبحث عن حوائجه في المزابل والقمامات كما ورد في السؤال، بل ينبغي لمن عرف حاله من المسلمين أن يغنوه عن ذلك، وما دام أنه لا يستطيع الصوم لكبر سنه ومرضه، فإنه لا يلزمه إلا الإطعام، فإن حصل له من صدقات المسلمين ما يستطيع أن يطعم منه فعليه ذلك، وإن لم يحصل له إلا ما يكفيه بخاصة نفسه، فلا شيء عليه لقوله - تعالى-: " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها " [البقرة: 286] ، وقوله - تعالى -: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ، وقوله - تعالى-: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة: 185] ، نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على دينه.

إجراء عملية جراحية في رمضان، يمكن إرجاؤها

إجراء عملية جراحية في رمضان، يمكن إرجاؤها المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصيام/ صيام أهل الأعذار/صوم الكبير والمريض التاريخ 24/8/1424هـ السؤال أنا بحاجة لإجراء عملية جراحية ضرورية وغير مستعجلة جداً، ولكن بسبب طبيعة عملي أفضل أن أجريها في رمضان، فهل لي ذلك؟ علماً أنها توجب علي الإفطار في مدة العلاج بعد العملية خلال الشهر، أفيدوني جزاكم الله عنا خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم يجوز لك أن تجري هذه العملية في رمضان ما دامت ضرورية لك في هذا الشهر أو غيره ما دام التبكير بإجرائها في صالح عملك، وعليك قضاء ما أفطرته من رمضان، ولا عليك إثم - إن شاء الله -، وإن استطعت تأجيل العملية إلى ما بعد رمضان حتى تسلم من القضاء لهذه الأيام التي أفطرتها لا سيما وأنك ستفطر شهر رمضان كله فهو أحسن.

دفع المريض فدية لصيامه

دفع المريض فدية لصيامه المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/ صيام أهل الأعذار/صوم الكبير والمريض التاريخ 18/9/1423هـ السؤال مريض بالسكر وبمرض في المعدة وبمرض نفسي أيضاً - شفاه الله - ولم يستطع الصيام، ولكنه يدفع نقوداً كفارة عنه؛ فهل يكفي هذا؟ أم علي شيء آخر؟ الجواب تذكر أيها السائل أنك مصاب بالأمراض التي لا تستطيع معها الصيام، وأنك تدفع كفارة من النقود. نقول: شفاك الله مما أصابك وأعانك على أداء ما افترض الله عليها، أما إفطارك من أجل المرض؛ فهذا شيء صحيح لا حرج فيه؛ لأن الله سبحانه وتعالى رخص للمريض أن يفطر إذا كان الصيام يشق عليه أو يضاعف المرض، وأمره أن يقضي الأيام التي أفطرها في فترة أخرى "فعدة من أيام أخر" [البقرة:184] . هذا إذا كان المرض يرجى زواله، أو خفته في بعض الأحيان؛ بحيث يستطيع أن يقضي في فترة أخرى. أما إذا كان المرض مستمراً ومزمناً لا يرجى برؤه؛ فإنه يتعين عليه الإطعام لقوله تعالى: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" [البقرة: 184] . ومنهم المريض الذي مرضه مزمن. والإطعام لا يكون بالنقود كما ذكرت، وإنما يكون الإطعام بدفع الطعام الذي هو قوت البلد؛ بأن تدفع عن كل يوم نصف الصاع من قوت البلد المعتاد. ونصف الصاع يبلغ الكيلو والنصف تقريباً. فعليك أن تدفع طعاماً من قوت البلد بهذا المقدار الذي ذكرنا عن كل يوم، ولا تدفع النقود؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" [البقرة: 184] ؛ نص على الطعام. [المنتقى من فتاوى الشيخ صالح بن فوزان (3/140) ] .

عليها قضاء أيام من رمضان وتخشى على جنينها

عليها قضاء أيام من رمضان وتخشى على جنينها المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر التاريخ 10/8/1422 السؤال عليَّ قضاء أيام من رمضان الماضي، وأخرته. وأنا الآن حامل في الشهر التاسع، وقد قضيت بعض هذه الأيام أثناء الحمل فأحسست بمشقة وخفت على الجنين، وأخشى أن يدخل رمضان القادم قبل أن أتمكن من القضاء. فهل يكفيني الإطعام عن الأيام المتبقية؟ أفيدوني وفقكم الله تعالى. الجواب عليك صيام الأيام المتبقية ولو بعد رمضان ولا حرج عليك "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" ومثلك مثل المريض الذي يفطر فإنه يقضي متى ما استطاع، ولا يجزئك الإطعام عن الأيام التي لم تقضيها إلاّ إذا عجزت عن الصوم بالكليّة.

صحة حديث " ليس من البر الصيام في السفر"

صحة حديث " ليس من البر الصيام في السفر" المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ صيام أهل الأعذار/صوم المسافر التاريخ 05/09/1425هـ السؤال ما صحة حديث: " ليس من البر الصيام في السفر"؟ الجواب حديث " ليس من البر الصيام في السفر" رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عدة من الصحابة- رضي الله عنهم-،وسأكتفي هنا ببعض ما ثبت من ذلك، ومنه حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في سفر فرأى زحاما، ورجلاً قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال: " ليس من البر الصيام في السفر ". أخرجه (البخاري 2/44) ، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لمن ظلل عليه واشتد الحر: " ليس من البر ... " (1946) ، و (مسلم 2/786) ح (1115) ، و (أبوداود 2/766) ، باب اختيار الفطر (2407) ، و (النسائي 4/177) ح (2262) ، وفي (الكبرى 2/100) ح (2570) ، و (أحمد 3/299، 317، 319، 399) ، و (الدارمي 1/434) ح (1661) من طرق جابر -رضي الله عنه-.

أفطرنا ثم أقلعت الطائرة فرأينا الشمس

أفطرنا ثم أقلعت الطائرة فرأينا الشمس المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 3/9/1424هـ السؤال في شهر رمضان يكون إقلاع بعض الرحلات وقت أذان المغرب فنفطر ونحن على الأرض، وبعد الإقلاع والارتفاع عن مستوى الأرض نشاهد قرص الشمس ظاهراً، فهل نمسك أم نكمل إفطارنا؟ الجواب أكمل إفطارك، ولاتمسك؛ لأنك أفطرت بمقتضى الدليل الشرعي؛ لقوله -تعالى-:" ثم أتموا الصيام إلى الليل " [البقرة:187] ، وقوله- صلى الله عليه وسلم-:"إذا أقبل الليل من هاهنا، وأشار إلى المشرق وأدبر النهار من هاهنا، وأشار إلى المغرب وغربت الشمس فقد أفطر الصائم". مجموع فتاوى ورسائل الشيخ/محمد بن عثيمين-رحمه الله- فتوى رقم (1174) .

الصوم أو الفطر للمسافر

الصوم أو الفطر للمسافر المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصيام/ صيام أهل الأعذار/صوم المسافر التاريخ 17/09/1425هـ السؤال إذا سافر المسلم فما الأفضل له في سفره: الفطر أم الصيام؟ الجواب المسألة فيها ثلاثة أقوال: القول الأول: وهو ما يميل إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن الفطر في كل حال أفضل لكل مسافر. وعلته: أن الصوم قد أبطله بعض العلماء، فذكر عن بعض الظاهرية أنهم يلزمون المسافر إذا صام في سفره أن يقضي أيام سفره؛ لأن الله يقول: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" [البقرة:184] فكل من كان مسافراً يصوم عدة أيام سفره سواء أفطر أم لم يفطر. ورد الجمهور على هذا الاستدلال وقالوا: إن الآية فيها تقدير، وتقديرها: "من كان على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر" وأما إذا كان على سفر وصام فلا يلزمه عدة، فكأن شيخ الإسلام يقول: الصوم في السفر فيه خلاف فهناك من يبطله، فاختار أن الفطر أفضل خروجاً من الخلاف؛ لأنه ليس هناك خلاف أن الفطر جائز وأما الصوم ففيه خلاف. قال: فلأجل الخروج من الخلاف فأنا أختار أن الفطر أفضل، سواء وجدت مشقة أم لم توجد، ولكن شيخ الإسلام يقيسه على زمانه؛ فزمانه يناسبه الفطر في كل حال لغلبة المشقة. القول الثاني: أن الصوم أفضل بكل حال ولو مع المشقة والفطر جائز، واستدل أصحاب هذا القول بحديث جابر - رضي الله عنه - قال: كنا في سفر وفي حر شديد حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن رواحة - رضي الله عنه -. وقالوا: إن اختيار النبي - صلى الله عليه وسلم - للصوم في هذا الحر الشديد يدل على أنه أفضل حتى ولو مع المشقة، ولكن نحمل الحديث إما: أ. على أنه خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

ب. على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وثق من نفسه بالصبر ولهذا لم يصوموا كلهم. القول الثالث: وهو أرجحها - إن شاء الله - أن الصوم مع عدم المشقة أفضل والفطر مع المشقة أفضل. والدليل عليه: أنه - صلى الله عليه وسلم - لما خرج إلى مكة في حجة الوداع صام هو وصحابته في رمضان حتى بلغوا عسفان أي صاموا نحو ثمانية أيام، فلما بلغوا ذلك قيل للرسول - صلى الله عليه وسلم - إن الناس قد شق عليهم الصيام، فعند ذلك أفطر، وفي رواية أنه قال للذين لم يفطروا: "إنكم قد قربتم من عدوكم والفطر أقوى لكم" وبلغه أن أناساً قد شق عليهم الصيام ولم يفطروا فقال: "أولئك العصاة" فإن هذا دليل على أن الصوم مع عدم المشقة أفضل ومع المشقة، فالفطر أفضل مع أن الكل جائز، كما ثبت في حديث أنس - رضي الله عنه - وغيره قال: كنا نسافر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فمنا الصائم ومنا المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. [فتاوى الصيام لابن جبرين ص: (78-79) ] .

الفطر في السفر

الفطر في السفر المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ صيام أهل الأعذار/صوم المسافر التاريخ 21/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال هو عن الفطر في السفر، متى يكون الفطر وكيف تكون النية، معظم المشايخ إن لم يكن كلهم يجمعون على أن الصوم بنية الإفطار فاسد، أي أن أصوم بنية أن أفطر إذا تعبت لو كنت مريضاً، فمتى إذا تكون النية ومتى يكون الإفطار في السفر إذا علمت أني مسافر الساعة 10 غداً، وقد يعرض عارض يؤخر السفر فلا أسافر؟ فما العمل؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. خلاصة الجواب عما سألت عنه- بعد الإعراض عن تفاصيل لا يناسب طرقها هنا-: 1- لا بد في صوم الفرض من عقد النية من الليل- أي قبل طلوع الفجر-؛ لحديث حفصة - رضي الله عنهم- في السنن: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" أخرجه أبو داود (2454) ، والترمذي (730) ، وهذا الحديث وإن كان الراجح وقفه، إلا أن العمل عليه عند جماهير أهل العلم. 2- إذا تقرر ذلك، فلا يجوز أن يترك المقيم- الذي يجب الصوم عليه- عقد النية حتى ولو كان عازماً على السفر لسببين: السبب الأول: أن العبرة في جواز الفطر للمسافر هو تلبس الإنسان بوصف السفر- أي حتى يفارق عامر بلده، ولا تكفي نيته، والمقيم لا يسمى مسافراً بمجرد النية. السبب الثاني: أن الإنسان - كما ذكرت في سؤالك- قد يعرض له موانع من السفر، فبأي حجة يستبيح الفطر، وهو من أهل الصوم؟!. 3- يجوز لمن عقد العزم على السفر أن يقول: إن سافرت أفطرت، ولا يؤثر هذا على صحة صيامه فيما لو نقض نيته، وعدل عن السفر؛ لأن التردد هنا لا يعود إلى النية في أصلها بل إلى حال المكلف، أي: أنه علَّق الأمر على وجود سبب يبيح له الفطر. والله أعلم.

مستحبات الصيام

الفطر أم متابعة المؤذن؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/مستحبات الصيام التاريخ 11/9/1423هـ السؤال هل هناك دعاء مأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند وقت الإفطار وما هو وقته؟ وهل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره؟ الجواب نقول إن وقت الإفطار موطن إجابة للدعاء لأنه في آخر العبادة ولأن الإنسان أشد ما يكون غالباً من ضعف النفس عند إفطاره. وكلما كان الإنسان أضعف نفساً وأرق قلباً كان أقرب إلى الإنابة والإخبات إلى الله عز وجل. والدعاء المأثور: "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت". ومنه أيضاً قول النبي عليه الصلاة والسلام: "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله". وهذان الحديثان، وإن كان فيهما ضعف لكن بعض أهل العلم حسنهما. وعلى كل حال: فإذا دعوت بذلك، أو بغيره عند الإفطار فإنه موطن إجابة، وأما إجابة المؤذن وأنت تفطر فنعم مشروعة؛ لأن قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول" يشمل كل حال من الأحوال إلا ما دل الدليل على استثنائه، والذي دل على استثنائه إذا كان يصلي وسمع المؤذن؛ لأن في الصلاة شغلا، كما جاء به الحديث. على أن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله عليه - يقول: إن الإنسان يجيب المؤذن ولو كان في الصلاة لعموم الحديث، ولأن إجابة المؤذن ذكر مشروع ولو أن الإنسان عطس وهو يصلي يقول: الحمد لله، ولو بشر بولد أو بنجاح ولد وهو يصلي يقول: الحمد لله، نعم يقول الحمد لله ولا بأس، وإذا أصابك نزغ من الشيطان وفتح عليك باب الوساوس فتستعيذ بالله منه وأنت تصلي. لذا نأخذ من هذا قاعدة: وهو أن كل ذكر وجد سببه في الصلاة فإنه يقال؛ لأن هذه الحوادث يمكن أن نأخذ منها عند التتبع قاعدة.

لكن مسألة إجابة المؤذن - وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول بها - أنا في نفسي منها شيء، لماذا؟ لأن إجابة المؤذن طويلة توجب انشغال الإنسان في صلاته انشغالاً كثيراً والصلاة لها ذكر خاص لا ينبغي الشغل عنه. فنقول: إذا كنت تفطر وسمعت الأذان تجيب المؤذن. بل قد نقول: إنه يتأكد عليك أكثر لأنك تتمتع الآن بنعمة الله وجزاء هذه النعمة الشكر ومن الشكر إجابة المؤذن فتجيب المؤذن ولو كنت تأكل ولا حرج عليك في هذا. وإذا فرغت من إجابة المؤذن فصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقل: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته. [فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (1/531 - 532) ] .

تقديم الأذان في رمضان

تقديم الأذان في رمضان المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/مستحبات الصيام التاريخ 8/9/1423هـ السؤال ما حكم الذين يتقدمون في الأذان في رمضان؟ الجواب الذين يتقدَّمون في الأذان في أيام الصوم يتسرعون في أذان الفجر ويزعمون أنهم يحتاطون بذلك للصيام وهم في ذلك مخطئون لسببين: السبب الأول: أن الاحتياط في العبادة هو لزوم ما جاء به الشرع، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر" وما قال حتى يقرب طلوع الفجر، إذاً فالاحتياط للمؤذنين: أن لا يؤذنوا حتى يطلع الفجر. السبب الثاني: قد أخطأ هؤلاء المؤذنون الذين يؤذنون للفجر قبل طلوع الفجر، وزعموا أنهم يحتاطون لأمر احتياطهم فيه غير صحيح، لكنهم يفرطون في أمر يجب عليهم الاحتياط له وهو صلاة الفجر، فإنهم إذا أذنوا قبل طلوع الفجر صلى الناس وخصوصاً الذين لا يصلون في المساجد من نساء أو معذورين عن الجماعة صلاة الفجر، وحينئذ يكون أداؤهم لصلاة الفجر قبل وقتها. وهذا خطأ عظيم!! لهذا أوجه النصيحة لإخواني المؤذنين أن لا يؤذنوا إلا إذا تبين الصبح وظهر لهم، فإذا ظهر لهم سواء شاهدوا بأعينهم أو علموه بالحساب الدقيق فإنهم يؤذنون، وينبغي للمرء أن يكون مستعداً للإمساك قبل الفجر خلاف ما يفعله بعض الناس إذا قرب الفجر جداً قدم سحوره زاعماً أن هذا هو أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بتأخير السحور، ولكن ليس بصحيح فإن تأخير السحور إنما ينبغي إلى وقت يتمكن الإنسان فيه من التسحر قبل طلوع الفجر، والله أعلم. [فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (1/529 - 530) ] .

هل السحور واجب؟

هل السحور واجب؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصيام/مستحبات الصيام التاريخ 03/09/1425هـ السؤال هل السحور واجب؟ وما المراد بالبركة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: فإن في السحور بركة"؟ الجواب السحور هو الأكلة قبيل الإمساك وهو مستحب، يقول عليه الصلاة والسلام: "تسحروا فإن في السحور بركة" البخاري (1923) ، ومسلم (1095) . والأمر في قوله: "تسحروا" للإرشاد، ولأجل ذلك علله بالبركة التي هي كثرة الخير. وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - ترك السحور لما كان يواصل، فدل على أنه ليس بفرض، ومن الأحاديث الدالة على استحباب السحور: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه - رضوان الله عليهم - أن يتسحروا ولو بتمرة أو بمذقة لبن حتى يتم الامتثال. ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" مسلم (1096) . والمراد بالبركة التي في الحديث أن الذي يتسحر يبارك له في عمله فيوفق لأن يعمل أعمالاً صالحة في ذلك اليوم، بحيث إن الصيام لا يثقله عن أداء الصلوات، ولا يثقله عن الأذكار وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بخلاف ما إذا ترك السحور فإن الصيام يثقله عن الأعمال الصالحة لقلة الأكل، ولكونه ما عهد الأكل إلا في أول الليل. [فتاوى الصيام، لابن جبرين ص: (16 -17) ] .

تعجيل الفطر في رمضان

تعجيل الفطر في رمضان المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مستحبات الصيام التاريخ 03/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. إخوة الإيمان: وبعد: أريد أن أسأل في ما يخص تعجيل الإفطار في رمضان الكريم، وقد وردت أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيرة في هذا الباب، ومن جراء هذا السؤال قد وقع عندنا خلاف كبير في هذه المسألة منهم من ذهب إلى أنه بعد غياب قرص الشمس يباشر الإفطار مستنداً إلى حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا رأيتم قرص الشمس غرب فقد أفطر الصائم، والجمع الكبير من المسلمين العلماء والمتعلمون ذهب إلى حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- وهو ذهاب النهار وإتيان الليل وغياب قرص الشمس، أفيدونا وفصلوا لنا في هذه المسألة رحمكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

السنة للصائم أن يعجل الفطر إذا تحقق من غروب الشمس، ففي الصحيحين [البخاري ح (1954) ، ومسلم ح (1100) ] من حديث عمر -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ". وفي الصحيحين [البخاري ح (1955) ومسلم ح (1101) ] من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَمَّا غَرَبَتْ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ يَا فُلَانُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوْ أَمْسَيْتَ قَالَ انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَلَوْ أَمْسَيْتَ قَال: َ" انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ فَشَرِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ.، وفي هذين الحديثين دليل على استحباب تعجيل الفطر، وأنه لا يجب إمساك جزء من الليل مطلقاً بل متى تحقق غروب الشمس حل الفطر، وقد ترجم عليهما البخاري بقوله: باب متى يحل فطر الصائم، وأفطر أبو سعيد الخدري حين غاب قرص الشمس " قال الحافظ ابن حجر: غرض هذه الترجمة الإشارة إلى أنه هل يجب إمساك جزء من الليل لتحقق مضي النهار أم لا وظاهر صنيعه يقتضي ترجيح الثاني لذكره أثر أبي سعيد في الترجمة، لكن محله إذا تحقق غروب الشمس" [فتح الباري (4/196) ] .

مفسدات الصيام

استعمال قطرة الأنف أثناء الصوم المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/قطرة الأنف والأذن والعين التاريخ 01/09/1426هـ السؤال أنا مصابة بحساسية الجيوب الأنفية، ولا أستطيع أن أتنفس إلا باستخدام قطرة أنف، فهل هذه القطرة تفطر الصائم؟ مع أنني أحس بطعم خفيف عند استخدامها. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي الكريمة: (1) لقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعليم الوضوء: "وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً" [صحيح ابن خزيمة ح:150] ويؤخذ من هذا الحديث أمران: أ- أن القطرة الخفيفة التي لا تصل إلى الحلق لا تبطل الصوم؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم ينه الصائم عن الاستنشاق مطلقاً، وإنما أمره بعدم المبالغة فيه. ب- أن القطرات الكثيرة التي تصل إلى الحلق تفسد الصوم؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- نهى الصائم عن المبالغة في الاستنشاق، والمبالغة من شأنها أن توصل الماء إلى الحلق. ويتبع ذلك الابتلاع فساد الصوم. (2) لا عبرة بالإحساس بالطعم؛ لأن حاسة الذوق على اللسان، ولهذا ينص العلماء على أن تعمد ذوق الطعام -من غير ابتلاع لجزء منه- مكروه، وليس مبطلاً للصوم. (3) على الأخت السائلة أن تبتعد عن الأمور التي تثير عندها الحساسية أثناء الصوم، وأن تغلب جانب الوقاية ما استطاعت، فإذا كان لابد من استخدام العلاج فلتتحفظ منه قدر الإمكان. تقبل الله مني ومنك الصيام والقيام وأعاننا على جميع الطاعات.

حقن الأنسولين للصائم

حقن الأنسولين للصائم المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/الحقن والإبر المغذية وإبر العلاج والحبوب التاريخ 29/8/1424هـ السؤال أنا مريض بالسكري، وأضطر لحقن نفسي بالأنسولين مرتين في اليوم. ولهذا فأنا لا أصوم وأخرج الفدية نقداً بقيمة المبلغ الذي أفطر به. هل يجوز إعطاء الفدية بهذه الطريقة أي نقداً، خصوصاً وأني أفطر في المطعم ولست متزوجاً، وهل يمكن توزيع هذه الفدية على ثلاثة مساكين أو أكثر؛ لأني لا أجد من هو محتاج للفطور؟ الجواب إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم تسليماً. وبعد: فالصحيح إن شاء الله تعالى أن المحتاج إلى أخذ حقنة الأنسولين أن صومه صحيح وليس عليه قضاء ويتم صومه؛ لأن هذا ليس بأكل ولا شرب، وليس بداخل إلى الجوف من المنفذ المعتاد. وهو قياس يطابق اختيار ابن تيمية رحمه الله في أن مداواة الجائفة وكذلك الحقنة لا يكونان سبباً للفطر، والله أعلم.

هل يفسد الصيام إدخال المنظار في المعدة؟

هل يفسد الصيام إدخال المنظار في المعدة؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/الحقن والإبر المغذية وإبر العلاج والحبوب التاريخ 06/09/1425هـ السؤال السؤال: سؤالي - أثابكم الله- هو: الوالدة - أطال الله في عمرها - عملت فحصا يسمى المنظار، وقد تم إدخاله من الفم إلى المعدة، وقبل أن يعملوا لها هذا الفحص وضعوا لها مخدَّرًا موضعيًا (بخاخ في بداية الحلق) وكإجراء تحرزي وضعوا المغذَّي من دون تدفقه داخل الجسم، (أي مقفَّل) فما حكم صيامها؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، وبعد. فالجواب أن إدخال المنظار إلى المعدة - فقط - للكشف لا يضر الصيام، فالصيام صحيح وأيضاً البخاخ في الحلق لا يضر، فهو مثل البخاخ الذي يستعمله المصاب بالربو، فلا يضر الصيام؛ لأن إدخال المنظار وكذا البخاخ بالحلق ليس بأكل أو شرب ولا بمعناهما، فالصيام معهما صحيح، والله أعلم.

هل تقضي ذلك اليوم؟

هل تقضي ذلك اليوم؟ المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/الحقن والإبر المغذية وإبر العلاج والحبوب التاريخ 04/01/1426هـ السؤال أنا أستخدم حبوب منع الحمل، وعندما بدأ رمضان قمت بشبك الحبوب أي استخدمت شريط حبوب ثان لكي لا تأتيني الدورة في رمضان ولكي أصوم مع الناس وأقرأ القرآن، وأكثر من الصلاة، وكذلك صلاة التراويح، وغيره من التزود بالطاعات التي تمنعني الدورة من أدائها، وفي أحد الأيام وأنا صائمة قمت وتوضأت لصلاة العصر وصليت، وبقيت على وضوئي وصليت به المغرب، وبعد المغرب بحوالي نصف ساعة ذهبت للحمام ووجدت الدورة قد أتتني ولم أحس بأعراضها، مثل المغص، سؤالي أثابكم الله، هل أقضي ذلك اليوم أم لا؟ مع العلم أنه لا يوجد لدي ظن يغلب على الآخر، أي هل أتت بعد المغرب أم قبله، وإذا قضيت ذلك اليوم من باب الاحتياط هل علي شيء؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: لا يشرع لك أخذ الحبوب لقطع الدورة في رمضان، فإنك معذورة وقت نزول الدم عذراً شرعياً، ويكتب لك - إن شاء الله - أجر ما كنت تفعلينه عند عدم وجود الدم، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب الله -تعالى- له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً" صحيح الجامع (1/200) . ثانياً: لا يلزمك قضاء ذلك اليوم الذي ورد في السؤال؛ لعدم اليقين في حصول الدم فيه، بل الأمر مجرد شك، والشك لا اعتبار به هنا؛ لأنه في مقابل الأصل، والأصل صحة صوم ذلك اليوم الذي صمتيه. والله أعلم.

هل للصائم وضع أدوية في فمه للعلاج

هل للصائم وضع أدوية في فمه للعلاج المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/الحقن والإبر المغذية وإبر العلاج والحبوب التاريخ 05/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. ما الحكم في وضع أدوية داخل الفم لمعالجة الجروح في اللسان أو الجهة الداخلية من الشفة أثناء الصيام؟ مع الأخذ بكافة الاحتياطات والحذر من عدم وصول هذا الدواء إلى داخل الحلق. لكن يصل تأثير هذا الدواء إلى المعدة. هل ذلك يفسد الصيام؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وضع العلاج في فم الصائم لا يعد من المفطرات، وهذا بشرط أن يتحاشى وصول شيء من هذا الدواء إلى المعدة، والأولى له هو تأخير هذا الأمر إلى ما بعد الإفطار؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث لقيط بن صبرة قال: " وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا " أخرجه الخمسة: أحمد (16383) ، وأبو داود (142) ، والترمذي (788) ، وابن ماجه (407) ، والنسائي (87) بإسناد صحيح. فلولا أن المبالغة تؤثر في الصوم لما نهى عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولأن هذا قد يكون ذريعة إلى وصول شيء من هذا الدواء إلى جوف الصائم، لذا فالأولى له هو تأخير هذا الأمر إلى ما بعد الإفطار أما إن وصل شيء من هذا الدواء إلى المعدة فقد أفطر بذلك. والله أعلم.

مريض بالفشل الكلوي، كيف يصوم؟

مريض بالفشل الكُلوي، كيف يصوم؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/بخاخ الربو وغسيل الكلى التاريخ 13/9/1422 السؤال أنا مريضة بفشل كلوي، ويستلزم مرضي هذا تناول علاج في أوقات مختلفة، ولا سيما بعد إجرائي لعملية زرع كلى، حيث نصحني الأطباء بالمداومة على العلاج وإلا تعرضت للخطر، وحيث إنني - والحمد لله- مسلمة، وأريد أن أصوم شهر رمضان، ولكن مرضي يمنعني لظروف تناول الدواء في الصباح والظهر والليل، وكل اثنتي عشرة ساعة. لذا أرجو إفتائي في هذا الأمر، وما هي كفارة صيامي الواجب عليَّ أداؤها حال عدم تمكني من الصوم؟ الجواب فحيث إن الأطباء مسلمون مختصون، وقد اتفقوا على تقرير واحد، وأن الصوم يضر بالعملية، وأن الفطر واجب حفاظاً على الصحة، فلا مانع من الإفطار ثم القضاء عند القدرة، فإن قرروا أن الصوم لا يناسب أبداً ودائماً، فلا بد من الكفارة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم. (اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين فتوى رقم (213) ص (155)) .

ابتلاع النخامة للصائم

ابتلاع النخامة للصائم المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/دخول شيء إلى الحلق التاريخ 17/8/1423هـ السؤال ما حكم ابتلاع النخامة؟ ومتى يفطر الصائم إذا ابتلعها؟ الجواب يحرم على الصائم بلغ النخامة، وذلك لاستقذارها، والنخامة تارة تنزل من الرأس إلى الحلق، وتارة تخرج من الصدر. وفي كلتا الحالتين: فإنه يحرم على الصائم ابتلاعها. فإن أخرجها من صدره مثلاً ثم وصلت إلى فمه ثم أعادها، ففي هذه الحالة تكون مفطرة؛ لأنه قد ابتلع شيئاً له جرم مع التمكن من إلقائها، ومع كراهة ابتلاعها حتى لغير الصائم فهي مستقذرة طبعاً. أما إن نزلت إلى حلقه وابتلعها مع ريقه فلا يفطر بها، مع تحريم ابتلاعها في الصيام. [فتاوى الصيام لابن جبرين، ص: 87] .

هل يكره السواك في نهار رمضان؟

هل يكره السواك في نهار رمضان؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/استعمال السواك ومعجون الأسنان التاريخ 02/09/1425هـ السؤال ما حكم السواك في نهار رمضان؟ وما معنى حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما معناه: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك". فهل معنى هذا أن الصائم يكره عليه السواك في نهار رمضان؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: معنى الحديث أن رائحة الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وهذا الطيب يشمل الدنيا والآخرة، وذلك أنه ناشئ عن طاعة الله -سبحانه- ورائحة الفم تصدر من المعدة لخلوها من الطعام، فالسواك لا يؤثر في تلك الرائحة ولا يزيلها، وقد جاء في مدح السواك أنه مطهرة للفم ومرضاة للرب، فهو مرضاة للرب في كل وقت، وفي الصحيح قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" أخرجه البخاري (887) ، ومسلم (252) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وهو عام في كل الشهور فيشمل رمضان وغيره، وأما حديث" إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي" أي بعد الزوال فهو حديث ضعيف انظر السلسلة الضعيفة (401) .

صحة حديث استياك النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم.

صحة حديث استياك النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صائم. المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 6/9/1422 السؤال ما صحة حديث: " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك مالا أحصي وهو صائم " الجواب هذا الحديث رواه أبو داود - وغيره كما سيأتي، فقال في (2/768) باب السواك للصائم ح (2364) : حدثنا محمد بن الصبّاح، حدثنا شريك /ح/، وحدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال:" رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يستاك وهو صائم"، زاد مسدد: "ما لا أعد ولا أحصي". تخريجه: أخرجه (الترمذي 3/104) باب ما جاء في السواك للصائم ح (725) ، و (أحمد 3/248، 445،446) ، و (ابن أبي شيبة 2/295) ح (9148) و (الحميدي 1/77) ح (141) (ابن خزيمة 3/) 248 ح (2007) ، و (البخاري (تعليقاً) 2/39) ، باب سواك الرطب واليابس للصائم، عن عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - بصيغة التمريض. الحكم عليه: إسناد الحديث ضعيف من أجل عاصم -كما سبق بيان حاله - ولذا قال أبو جعفر العقيلي في (الضعفاء 3/334) - عقب إخراجه الحديث من طريق الثوري عن عاصم: " ولا يروى بغير هذا الإسناد، إلا بإسناد لين " ا. هـ. وقال الدارقطني عقب إخراجه الحديث (2/162) ح (2344) "عاصم بن عبيد الله غيره أثبت منه " ا. هـ وقال - كما في (إتحاف المهرة لابن حجر 6/393) "عاصم ليس بقوي " ا. هـ وقد سقط هذا الكلام من المطبوع.

وقال (البيهقي 4/272) لما أخرجه من طريق عاصم: " عاصم ليس بالقوي "، وفي موضع آخر قال عن عاصم 2/12: " ضعيف "، وقال في 10/24: " روايات عاصم فيها ضعيف ". وأشار ابن عبد البر إلى تضعيفه بقوله في (الاستذكار 10/254) : " وقد روي عنه.. " ا. هـ. وقال المنذري في (اختصار سنن أبي داود 3/241) – عقب حكاية تحسين الترمذي – " وفي إسناده عاصم بن عبيد الله، وقد تكلم فيه غير واحد ". وقال ابن حجر في (التغليق 3/159) : وأما إمام أهل الصنعة محمد بن إسماعيل فعلق حديثه بصيغة التمريض للين فيه " ا. هـ ومع ذلك فقد حسن إسناده الحافظ في (التلخيص 1/62) . وأما ابن خزيمة فقد قال عقب إخراجه له: " وأنا برئ من عهدة عاصم.. – ثم قال -:" كنت لا أخرج حديث عاصم بن عبيد الله في هذا الكتاب، ثم نظرت فإذا شعبة والثوري قد رويا عنه ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، وهما إماما أهل زمانهما قد رويا عن الثوري عنه، وقد روى عنه مالك خبراً في غير الموطأ "ا. هـ. وبما سبق يعلم أن في تحسين الترمذي وابن حجر في (التلخيص 1/62) له نظر، والله أعلم ولم أقف على ما يشهد لما دل عليه حديث الباب من كثرة السواك للصائم إلا أنه جاء حديث عن عائشة مرفوعاً: " من خير خصال الصائم السواك " وهو حديث ضعيف؛ لأنه من رواية مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة – رضي الله عنها – ومجالد ليس بالقوي، وفي روايته عن الشعبي – خاصة – ضعف – كما نص عليه الإمام أحمد – رحمه الله – فينظر جملة كبيرة من أقوال الأئمة فيه في ترجمته عند العقيلي في (الضعفاء 4/233) ولذا قال ابن حجر في (التلخيص) عن هذا الحديث (1/68) : " ضعيف " ولا تخلو أحاديث الباب – التي وقفت عليها – من ضعف وبعضها شديد الضعف.

وبعد: فإن ضعف الأحاديث الواردة في الباب، لا يعني عدم مشروعية السواك للصائم، بل المشروعية ثابتة بالأحاديث العامة التي تدل على مشروعية السواك في كل وقت كحديث:" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " أخرجه البخاري ح (887) ومسلم ح (252) . وقد حكى ابن القيم – رحمه الله – استحباب السواك في كل وقت عن أكثر العلماء، كما في (تهذيب السنن 3/241) . ولعل من المناسب هنا أن أشير إلى أشهر حديثين تمسك بهما – فيما أعلم – من كره السواك بعد الزوال: الحديث الأول: حديث علي وخباب – رضي الله عنهما – الذي أخرجه (البزار 6/82-83) ح (2138،2137) والطبراني في (الكبير 4/78) ح (3696) ، والدارقطني في (السنن 2/204) والبيهقي في (الكبرى 4/274) من طريق كيسان أبي عمر القصار، عن يزيد بن بلال، عن علي – رضي الله عنه -، وثنا كيسان عن عمرو بن عبد الرحمن، عن خباب – رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: " إذا صمتم فاستكاوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي؛ فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كان نوراً بين عينيه يوم القيامة ". هذا لفظ الطبراني، وقال بعده: " لم يرفعه علي " أي: أنه موقوف على علي – رضي الله عنه – من قوله، وهذا الحديث مداره – كما ترى – على كيسان أبي عمر القصار، وقد ضعفه أحمد وابن معين والساجي وقال الدارقطني: "ليس بالقوي"، كما في (تهذيب التهذيب 8/396) .وقال الدارقطني – عقب إخراجه الحديث في سننه -: "كيسان أبو عمر ليس بالقوي ومن بينه وبين علي غير معروف "، ووافقه على ذلك الذهبي في تهذيبه للسنن الكبرى للبيهقي 4/1650 ح (7203) ، وضعفه ابن حجر في (التلخيص 1/62) . الحديث الثاني:

حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه (الدارقطني 2/203) ، و (البيهقي 4/274) من طريق عمرو بن قيس، عن عطاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "لك السواك إلى العصر، فإذا صليت العصر فألقه، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك "، وفي إسناده عمرو بن قيس، قال عنه ابن حبان في (المجروحين 2/85) يروي عن عطاء، وكان فيه دعابة، ويقلب الأسانيد ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات "، ولذا قال الذهبي في تعليقه على سنن (البيهقي 4/1650-1651) ح (7204) : " عمرو واهٍ "

بلع الصائم ريقه عند التسوك

بلع الصائم ريقه عند التسوك المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/استعمال السواك ومعجون الأسنان التاريخ 8/9/1424هـ السؤال هل بلع ريق الصائم الذي به آثار السواك مبطل للصيام؟. الجواب إذا كان السواك له طعم بأن يكون السواك جديداً، فكونه يبلع ريقه، وفيه طعم السواك هذا بلع لشيء من السواك، وعلى هذا فإنه يفطَّر، أما إذا كان السواك لا طعم له، وليس فيه مادة تتعدى فإن استعمال السواك سنة للصائم في كل وقت، ولكن إذا كان هناك شيء يتحلل من السواك ويبتلعه الإنسان فإنه يفطَّره، ولا يجوز له أن يبتلعه، بل يجب عليه أن يلفظه ويتخلص منه.

استعمال الصائم لمعطر الفم

استعمال الصائم لمعطر الفم المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/استعمال السواك ومعجون الأسنان التاريخ 15/9/1424هـ السؤال يوجد في الصيدليات معطر خاص بالفم، وهو عبارة عن بخاخ، فهل يجوز استعماله خلال نهار رمضان لإزالة الرائحة من الفم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يكفي عن استعمال البخاخ للفم في حالة الصيام استعمال السواك الذي حث عليه - صلى الله عليه وسلم-، وإذا استعمل البخاخ ولم يصل شيء إلى حلقه فلا بأس به، مع أن رائحة فم الصائم الناتجة عن الصيام ينبغي ألا تكره؛ لأنها أثر طاعة ومحبوبة لله عز وجل، وفي الحديث: "خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" أخرجه البخاري (7492) ، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

استعمال المسواك بنكهات مختلفة

استعمال المسواك بنكهات مختلفة المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/استعمال السواك ومعجون الأسنان التاريخ 6/3/1424هـ السؤال ما حكم استعمال المسواك بنكهات مختلفة كالليمون وغيره في نهار رمضان؟ الجواب لا يجوز استعمال المسواك بنكهات الليمون؛ لأنها مطعمة به، فإذا بلعه الصائم أفطر؛ لأن الليمون ونحوه من الخضروات مفطر إذا وجد الصائم طعمه في حلقه.

كفارة الجماع في نهار رمضان

كفارة الجماع في نهار رمضان المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/الجماع ومقدماته التاريخ 23/9/1422 السؤال قبل عشرين سنة تقريباً جامعني زوجي في رمضان بعد صلاة الفجر، وكنت صغيرة في السن لا أحسن أن أقول: (لا) في وجهه، وربما أن أكون ضعيفة الإيمان آنذاك، والآن وقد بدأت الإحساس بالذنب فقد سألت زوجي عما فعله لتكفير ذلك، فقال لي: إنه أعطى إحدى الجمعيات الخيرية مبلغ كفارة إطعام ستين مسكيناً، وعندما سألته أن الكفارة بالتتالي هي: عتق رقبة، أو صيام شهريين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً ردَّ بقوله: إنه لا يقدر على الأولى لاستحالتها حالياً، ولا الثانية لظروف عمله، وصعوبة التكفير بالصيام لوجود الآخرين في فطر، ولأن الأعمال في غير رمضان لا تقلص ساعات دوامها لذا ومع التوبة النصوح - إن شاء الله - اكتفى بالخيار الثالث أملاً أن يتقبل الله منا جميعاً. والسؤال هو مع قدرتي على الصيام - إن شاء الله - هل إذا مرضت، أو أتتني العادة الشهرية أواصل لإكمال ما تبقى من صيامي، وإذا تعبت من الصيام هل لي التصدق على ستين مسكيناً والتكفير عن هذا الذنب؟ الجواب ليس لك العدول عن الصيام إلى الإطعام إلا في حال عدم الاستطاعة. ومجرد التعب من الصيام ليس بمبرر للانتقال إلى الإطعام. ولك أن تصومي الشهرين في وقت الشتاء حيث برودة الطقس، وقصر النهار. هذا وإذا سافرت، أو مرضت، أو أتتك العادة الشهرية، أو النفاس فتفطري في كل ذلك، تم تكملي صيامك إذ هذا عذر شرعي لا يقطع التتابع، هذا إذا كنت مطاوعة لزوجك في الجماع وعالمة بتحريمه، أما إذا كنت مكرهة، أو جاهلة بالتحريم فلا شيء عليك عند كثير من أهل العلم.

أما بالنسبة لزوجك فعليه الصيام أيضاً ما دام لا يجد رقبة، ولا يجوز له العدول إلى الإطعام إلا عند عدم استطاعة الصوم، هذا وظروف عمله، وصعوبة الصيام ليسا بمبررين للعدول إلى الصيام، وله أن يصوم في وقت الشتاء كما تقدم تفصيله. والله أعلم.

جامع زوجته في صبيحة من رمضان

جامع زوجته في صبيحة من رمضان المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/الجماع ومقدماته التاريخ 1/9/1424هـ السؤال سؤالي عن رجل جامع زوجته في صبيحة يوم من رمضان، بعد أذان الفجر بعد خصام بينهما دام أسبوعين أو أكثر, وعلمهما أن الإمساك قد وجب, وكان برضى الطرفين ورغبتهما. الجواب الجماع بعد طلوع الفجر لمن يجب عليه الصيام في نهار رمضان محرم، وعليهما التوبة وقضاء ذلك اليوم، وعلى كل واحد منهما الكفارة؛ وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، وعلى المسلم أن يحذر طاعة الشيطان وتلاعبه بالعبد، فهذا الشيطان اللعين حرمهما من بعض في أوقات تحل للمرء زوجته، وأوجد النزاع بينهما لأجل أن يصطلحا على فعل محرم؛ وهو الجماع في نهار رمضان بعد فترة التقاطع الطويلة.

باشر فأنزل في نهار رمضان

باشر فأنزل في نهار رمضان المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/الجماع ومقدماته التاريخ 29/8/1424هـ السؤال أنا موظف منذ سبع سنوات، وتزوجت منذ ستة شهور تقريباً، وزوجتي تقيم مع أهلي في منطقة تبعد تقريباً خمسمئة كلم، ولا أستطيع الذهاب إلا يومي الخميس والجمعة؛ لأنه ليست لدي إجازة، ولا أستطيع أن أفتح بيتاً، حيث إن ظروفي وظروف أهلي المادية لا تسمح بذلك، فقمت في رمضان وزرت أهلي، وفي نهار رمضان نمت مع زوجتي حيث إن الشيطان حرَّك غريزتي وغريزتها، ولمس فرجي فرجها ونزل مني المني حيث إنني لم أفطر، فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: في المسألة تفصيل: أولاً: بالنسبة لزوجتك: فإن كنت قد باشرتها من غير أن يلتقي الختانان وتتغيَّبَ الحشفة حتى أنزلتْ هي، فليس عليها سوى القضاء، وينبغي لها الإكثار من الندم والاستغفار والتنفُّل بصالح الأعمال، عسى الله أن يمحو حوبتها ويقبل توبتها. وإن كنتَ قد باشرتها من دون إيلاج فلم تُنزِل هي فليس عليها قضاء، وصومها صحيح، اللهم إلا إذا أفطرتْ في ذلك اليوم بأكل أو شرب، أو قطعت نية صومها لظنها فساد صومها، فعليها حينئذ القضاء. وإن كنتَ قد جامعتها بحيث التقى الختانان وتغيَّبت الحشفة، فعليها ـ إن كانت مختارة غير مُكرَهةٍ ـ القضاءُ مع عتق رقبة، فإنْ لم تجد فعليها صيامُ شهرين متتابعين، ولا يقطع التتابع إن تخللها حيضٌ أو نفاس، فهذا أمر قد كتبه الله عليها ولا اختيار لها فيه. ثانياً: بالنسبة لك:

فسواء باشرتَ أو جامعتَ فليس عليك شيءٌ سوى قضاء ذلك اليوم، وليس عليك كفارة الجماع مطلقاً؛ لأنك في حكم المسافر ـ كما يظهر من إفادتك ـ، وللمسافر أن يفطر بما يشاء، إن شاء بالأكل أو الشرب، وإن شاء بالجماع (بشرط أن تكون زوجتُه ممن يجوز لها الفطر في نهار رمضان وليست بحائض) ، ولا يشترط أن يتقدم جماعَه أكلٌ أو شربٌ. لكن عليك التوبة والاستغفار والإكثار من النوافل؛ لأنك باشرت زوجتك في زمن لا يحل لها الفطر فيه، فتسبَّبتَ في إفساد صومها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستمناء في نهار رمضان

الاستمناء في نهار رمضان المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/الجماع ومقدماته التاريخ 28/9/1423هـ السؤال أنا شاب مَنَّ الله علي بالتوبة إن شاء الله، حيث كنت في سن المراهقة لا أستطيع مسك نفسي عن العادة السرية في بعض أيام رمضان. ماذا أفعل وهل أقضي هذه الأيام مع أنني لا أعلم عددها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب هذا العمل الذي قمت به مخالف للشرع بل هو محرم باتفاق أهل العلم؛ لأن الله - عز وجل - حصر قضاء الشهوة في الزوجة والمملوكة، وذكر أن من طلب قضاء الوطر في غير هذين فقد بغى وطغى، وبما أن الله قد منَّ عليك بالتوبة فأسأل الله لي ولك الثبات حتى الممات. أما الأيام من رمضان التي عملت فيها العادة السرية فهذا يحتاج إلى تفصيل، وهو أن يقال إذا كنت مصلياً في ذلك الوقت فعليك أن تجتهد في معرفة قدر الأيام وتقضيها ولا كفارة عليك، إلا أن تكون قد أخرت القضاء إلى رمضان القادم والذي بعده وهكذا الذي مضى مع القدرة على ذلك، فتطعم عن كل يوم مسكيناً بعدد الأيام لكل مسكين نصف صاع، أما إذا لم تكن مصلياً حال استعمالك العادة السرية فلا قضاء عليك؛ لأن تارك الصلاة كافر عند كثير من أهل العلم. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

سافر بزوجته في نهار رمضان لأجل أن يأتيها

سافر بزوجته في نهار رمضان لأجل أن يأتيها المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/الجماع ومقدماته التاريخ 2/8/1424هـ السؤال رجل كان يجامع زوجته في نهار رمضان، ولكن بعد أن يشرب قليلاً من الماء، مع العلم أنهما سافرا لمكان يبعد عن بيتهم أو سكنهم مسافة 90 كيلو فماذا عليهما؟ سبب هذا العمل هو قوة الشهوة والخوف من الحرام، مع العلم أن هذا العمل كان في أول شهر لهما بعد عقد القران. الجواب أولاً: أنصح أي شاب وشابة ألا يكون دخول الإنسان بزوجته قبيل دخول شهر رمضان، وإنما يؤخره إلى شوال لئلا يحصل منهما مثل ما حصل لهذا السائل. ثانياً: الواجب على الإنسان إذا كان يعرف من نفسه الشهوة، ألا يبيت مع زوجته وقت الصيام، وإنما يجعل له فراشاً ولها فراشاً، دفعاً لهذه المغريات. ثالثا: هذا الإنسان إذا كان فطره حصل وقت السفر الشرعي كما ذكر مما يبيح الفطر في حدود تسعين كيلو متر أو قريباً منها فإن هذا الفطر صحيح ولا يترتب عليه ضرر؛ لأن الإنسان المسافر يجوز له أن يفطر فإذا أنه أفطر بأكل أو شرب أو جماع فلا إثم عليه ولا وزر، ويقضي هذا اليوم.

وبعض أهل العلم قالوا: إن الإنسان إذا سافر لأجل أن يفطر فإن سفره هذا يعتبر سفر معصية ومحرم، بخلاف الإنسان الذي سافر ثم أفطر، وسفره كان لغرض من الأغراض المشروعة ويحل له حينئذ الفطر، أما الإنسان الذي سافر لأجل أن يفطر فإن سفره هذا يعتبر مقصوداً به قصداً أولياً أن يحصل له انتهاك حرمة الشهر، فمنع من هذا كثير من أهل العلم، وعلى كل فالذي يجب على الإنسان أن يتقي الله تعالى، وأن يحتاط لمثل هذه الأمور ولا يعرض نفسه للوقوع فيما حرم الله، فإن الوطء في نهار رمضان، من غير عذر شرعي يبيح له الفطر كالسفر والمرض - يعتبر من الكبائر العظام، ويترتب عليه أنه يلزمه قضاء هذا اليوم، ويلزمه الكفارة وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، ونسأل الله - جل وعلا - للجميع الهداية والتوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فعلت العادة السرية وأنا صائم

فعلت العادة السرية وأنا صائم المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي الآداب والسلوك والتربية/هموم الشباب التاريخ 17/09/1425هـ السؤال فعلت العادة السرية في نهار رمضان ناسياً أني صائم. فلما انتهيت تذكّرت أني صائم، فماذا عليّ؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: يحرم على المسلم استعمال العادة السرية في رمضان وفي غيره؛ لقوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون". والذي يعمل العادة السرية ابتغى وراء ذلك فهو عادٍ، وإذا فعلها المرء في أي وقت فإن عليه التوبة، وذلك بالإقلاع والندم على ما فرط منه، والعزم على أن لا يعود. والله تعالى يتوب على من تاب. وإذا كان فعله هذا في نهار رمضان وهو صائم فعليه مع التوبة قضاء ذلك اليوم، ولا يلزمه سوى ذلك، فلا يلزمه كفارة لهذا الفعل؛ لأن الكفارة تلزم بالجماع الذي يحصل به إيلاج.

الأفضل تقديم السحور على الاغتسال للجنابة

الأفضل تقديم السحور على الاغتسال للجنابة المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/أمور أخر التاريخ 03/09/1425هـ السؤال إذا قرب الفجر في رمضان وعلي غسل جنابة ولا يكفي الوقت للغسل وأكلة السحور فهل أقدم الاغتسال ويفوتني السحور أم أقدم السحور ولا أغتسل إلا بعد الفجر؟ الجواب الأفضل أن يقدم السحور لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تسحروا فإن في السحور بركة" البخاري (1923) ، ومسلم (1095) ، ويؤخر الاغتسال؛ لأن وقته واسع فإذا طلع الفجر وهو لم يغتسل اغتسل وصلى ولم يضر ذلك بصومه. فقد ثبت عن عائشة وأم سلمة - رضي الله تعالى عنهما -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم" رواه البخاري (1925) ومسلم (1109) . [فتاوى الصيام لابن جبرين (ص:68) ] .

كفارة من زنت في نهار رمضان

كفارة من زنت في نهار رمضان المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/أمور أخر التاريخ 18/10/1422 السؤال ما كفارة من زنت في نهار رمضان؟ الجواب الحمد لله وبعد، ينبغي لمن تعاطى الزنا - والعياذ بالله - في رمضان أو غيره أن يستتر بستر الله عليه وألاّ يفشي سره لأحد مع الاجتهاد الحثيث التام في التوبة والاستغفار وأن يكثر من الانطراح بين يدي الله - تعالى - طالباً العفو والصفح الجميل كما يُشرع ويتأكد -في حقه خاصة- الإكثار من العمل الصالح ونوافل العبادات قال الله - تعالى-: " إن الحسنات يذهبن السيئات " [هود 114] وثبت عنه - عليه الصلاة السلام- أنه قال: " ... وأتبع السيئة الحسنة تمحها ... " رواه أحمد (21354) والترمذي (1987) والدارمي (2833) . ولا ريب أن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب بل من أكبر الكبائر كما ثبت في الصحيح من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال رجل: يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: أن تدعو لله نداً وهو خلقك، قال: ثم أيّ، قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قال: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك - الحديث وهذا لفظ مسلم (86) ، وفي الصحيحين (البخاري 6810، ومسلم 57) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال عليه الصلاة السلام: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن.. " الحديث. ولذا افترض الله الحد الشرعي المغلظ على من وقع في الزنا وهو محصن ألا وهو الرجم بالحجارة حتى الموت وفرض الجلد مئة جلدة وتغريب عام على من تعاطى الزنا وهو بكر من الذكور والإناث على خلاف في هذه المسألة ليس هذا مكان بحثه. والحاصل أن من ابتلي بهذا الفعل الشنيع سيما في الزمن الشريف كرمضان ونحوه فعليه أن يجتهد بالتوبة النصوح وشروطها خمسة: 01الإخلاص

02 أن تكون في زمن الإمهال أي قبل الغرغرة وهي وصول الروح إلى الحلقوم وهذا في حق آحاد الناس أما عمومهم فله وقت آخر وهو طلوع الشمس من مغربها كما هي دلالة القرآن وسُنة نبينا محمد -عليه السلام -. 03 الإقلاع عن الذنب إقلاعاً تاماً. 04 الندم على ما حصل منه من التفريط والاجتراء على حدود الله. 05 العزم الأكيد الصادق بعدم العودة إلى الذنب ثانية. والله نسأل أن يحفظنا والمسلمين كافة من مجاوزة حدوده أو تعاطي أسباب غضبه إنه جواد كريم. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

صحة حديث نهي النبي الصائم عن الاكتحال

صحة حديث نهي النبي الصائم عن الاكتحال المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/أمور أخر التاريخ 26/9/1422هـ السؤال ما صحة حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال: " ليتقه الصائم "؟ الجواب الأحاديث الواردة في الأمر أو النهي عن الكحل في الصوم: ورد في هذا الباب عدة أحاديث منها ما رواه أبو داود ـ وغيره كما سأذكر ـ في 2/775 باب في الكحل عن النوم للصائم ح (2377) فقال: حدثنا النفيلي، حدثنا علي بن ثابت، حدثني عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال: " ليتقه الصائم ". قال أبو داود: قال لي يحيى بن معين: هو حديث منكر، يعني حديث الكحل. تخريجه: *أخرجه أحمد 3/499 عن علي بن ثابت به بلفظ " أمر بالإثمد المروّح عند النوم " وجعله من مسند هوذة. *وأخرجه أحمد 3/476 عن أبي أحمد الزبيري (محمد بن عبد الله بن الزبير) ، والدارمي 1/441 (1684) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " 7/398، والبيهقي 4/262 من طريق أحمد بن يوسف، ثلاثتهم (الدارمي، والبخاري، وأحمد بن يوسف) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، كلاهما (أبو أحمد الزبيري، وأبو نعيم) عن عبد الرحمن بن النعمان، عن أبيه عن جده ولفظ الزبيري " اكتحلوا بالإثمد الروّح، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر " ولفظ أبي نعيم نحوه إلا أن فيه قصة معبد في مسح النبي - صلى الله عليه وسلم-رأسه. وفيه ـ أي حديث أبي نعيم ـ أن عبد الرحمن بن النعمان قال: حدثني أبي، عن جدي: فهذا صريح في أن الحديث من مسند معبد لا من مسند هوذة، والله أعلم. الحكم عليه:

في سند أبي داود عبد الرحمن بن النعمان متكلم فيه، وأبوه النعمان مجهول، وقد حكى أبو داود عن ابن معين أنه منكر، وكذا أنكره الإمام أحمد كما في مسائل أبي داود (298) . وقال الترمذي 3/105 في "الجامع": "ولا يصح النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء"، وقال ابن القيم عن هذا الحديث " زاد المعاد " 2/63: " ولا يصح "،وكان قال قبل ذلك 2/60: " ولا يصح عنه في الكحل شيء "،وقال ابن حجر ـ عن حديث الباب ـ في تعجيل المنفعة 2/333: " وهو حديث منكر ". وفي الباب عن أنس، وعائشة، وأبي رافع وغيرهم، ونظراً لحكم هؤلاء الحفاظ على جميع أحاديث الباب بالنكارة، فلا حاجة للإطالة في سردها، وقد بحثت هذا الأحاديث الثلاثة، فوجدت كلام الأئمة متفقاً مع حالها، إذ هي من قبيل الضعاف والمناكير. بقي أن يقال: إن الاكتحال باقٍ على الأصل، وهو إباحته للصائم، لعدم الدليل المانع منه، كما قال ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ في تبويبه لحديث أبي رافع المشار إليه آنفاً، حيث قال: :"باب الرخصة في اكتحال الصائم إن صحّ الخبر، وإن لم يصح الخبر من جهة النقل، فالقرآن دال على إباحته، وهو قول الله عز وجل {فالآن باشروهن} الآية، دال على إباحة الكحل للصائم. اهـ، والله أعلم.

أحمر الشفاه هل يفسد الصيام؟

أحمر الشفاه هل يفسد الصيام؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/أمور أخر التاريخ 14/9/1422 السؤال هل أحمر الشفاه يبطل الصوم؟ الجواب إذا كان على الشفة الخارجية، ولا يدخل الفم، ولا يصل الحلق منه شيء فلا بأس به.

الإفطار قبل الأذان وبعد الغروب

الإفطار قبل الأذان وبعد الغروب المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/أمور أخر التاريخ 06/09/1425هـ السؤال بعض الإخوة يفطرون في رمضان بعد غياب قرص الشمس وذهاب ضوئها عن الجبال العالية، فهل هذا جائز؟ مع العلم أن أذان المغرب يتأخر أكثر من عشر دقائق عن هذا الوقت الذي يفطرون فيه، وحجتهم أن من السنة الإسراع بالإفطار، وأن المؤذنين لا يراعون مغيب الشمس، إنما يؤذنون حسب التوقيت الفلكي المكتوب في المفكرات. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: إذا كان إفطارهم بعد غياب الشمس فصيامهم صحيح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلِ مِنْ هاَهُنَا، وأَدْبَرَ النَّهَارُ مِن هاَهُنَا، وغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ" متفق عليه، انظر صحيح البخاري (1954) ، وصحيح مسلم (1100) . ولا يحسن الخلاف في مثل هذا، وإنما الأحسن التأكد من غروب الشمس، ويكون الفطر في العموم لا لبعض الناس دون بعض، فالخلاف شر، والاتفاق على الحق رحمة وسعادة. والله أعلم.

الاستمناء في نهار رمضان

الاستمناء في نهار رمضان المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/أمور أخر التاريخ 05/09/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. في رمضان الماضي ورمضان الذي قبله كنت أعمل العادة السرية في نهار رمضان فما الحكم؟ علماً أنني لا أذكر كم يوم عملت فيه العادة السرية ولكن تقريباً في كلا الرمضانيين عملتها 13 مرة، وكيف طريقة القضاء إن كان هناك قضاء؟ وأيضاً في رمضان هذا عملتها في نهار رمضان ثلاث مرات، فما الحكم؟ علماً أنني لا أعرف الحكم، ولكن لم أسأل، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فمن مفسدات الصيام تعمّد الإنزال بالاستمناء أو بغيره، فمن تعمّد ذلك عالماً بحرمته فهو آثم، وفسد صومه لذلك اليوم. وعليه أن يتوب إلى الله، وقضاء ما أفسد صيامه من أيام رمضان. وإذا كنت شاكاً في عدد الأيام التي أفسدت صيامها فعليك الأخذ بالأحوط سلامة لدينك وإبراءً لذمتك، فإذا كنت مثلا تشك هل هي ستة عشر يوماً أو عشرون، فصم عشرين احتياطاً. أما إذا غلب على ظنك عدد معين فاقض ما غلب على ظنك. وليس عليك كفارة الجماع في نهار رمضان؛ إذ ما عملته ليس في حكم الجماع. وليس عليك كفارة في تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان الذي يليه على الراجح من أقوال أهل العلم. اسأل الله برحمته ومغفرته أن يحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك وأن يكرِّه إليك الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلك من الراشدين. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تحمل أوزانا ثقيلة لإنزال الدورة

تحمل أوزاناً ثقيلة لإنزال الدورة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/أمور أخر التاريخ 22/9/1424هـ السؤال السلام عليكم. أختي تبعث إليكم وتقول: إنها في الثامنة عشرة من عمرها كانت في رمضان تتعمد أن تحمل أوزاناً ثقيلة لإنزال الدورة الشهرية، وبالفعل تنزل، وهي تسأل هل هي تعمدت في أن تفطر؟ وما هي الكفارة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إذا كانت هذه المرأة تحمل هذه الأشياء لكي ينزل عليها دم الدورة وتفطر فإنها آثمة، ولا يجوز لها ذلك لما فيه من التحيل على إبطال العبادة، وعليها أن تتوب إلى الله - عز وجل- وأن تقضي هذا اليوم.

استخدام الصائم للاصق النيكوتين

استخدام الصائم للاصق النيكوتين المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد كتاب الصيام/ مفسدات الصيام/أمور أخر التاريخ 21/11/1425هـ السؤال أسأل عن مانع التدخين، وهو عبارة عن لاصق يحتوي على كمية قليلة من النيكوتين تدخل إلى الجسم عبر مسام الجلد لتساعده على ترك التدخين، وهي على مراحل، تقل نسبة النيكوتين في كل مرحلة تدريجيًّا حتى يقلع المدخن عن التدخين نهائيًّا، السؤال: هل استخدام الصائم لهذا اللاصق يعد مفطرًا؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه المادة المسماة بالنيكوتين ليست قائمة مقام الطعام أو الشراب، ولم تؤخذ عن طريق ينفذ إلى الجوف بشكل مباشر، فلا يظهر لي أنها مفطِّرة. والله أعلم.

أحكام القضاء والكفارة

عليها صوم نذر، فهل تصوم وهي حامل؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/هل يلزم التتابع في القضاء؟ التاريخ 5/7/1422 السؤال زوجتي نذرت أن تصوم شهراً كاملاً إذا تحقق أمر ما، ولما تحقق صامت أسبوعاً، ولكني منعتها من الصيام؛ لأنها حامل، فماذا يجب عليها؟ الجواب أولاً: ينظر إن كانت نذرت شهراً وأطلقت، أي: لم تنوِ التتابع، فيجزؤها أن تصوم ثلاثين يوماً ولو متفرقة، وإن كانت نوت صوم شهر متتابعاً فلا بد أن تستأنف من جديد، وتصوم شهر كاملاً متتابعاً، وهي مخيّرة بين أن تصوم ثلاثين يوماً متتابعة، وبين أن تصوم بحسب الهلال، ولا يجزؤها أن تصوم شهر رمضان عن نذرها، والله أعلم.

فطر يوم العيد، وأيام التشريق هل يقطع تتابع صوم الكفارة

فطر يوم العيد، وأيام التشريق هل يقطع تتابع صوم الكفارة المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/هل يلزم التتابع في القضاء؟ التاريخ 9/12/1422 السؤال إذا كان علي كفارة صيام شهرين متتابعين عن الفطر بالجماع في نهار رمضان فهل يجب علي الفطر يوم العيد وأيام التشريق? أم أنه يجب صومها حتى لا ينقطع التتابع؟ الجواب ن كان عليه صيام شهرين متتابعين فإنه لا يجوز له أن يصوم الأيام المحرم صومها كيومي العيدين، وإذا كان هذا كذلك فإن توقفه عن الصيام هو بأمر الله عز وجل. ومثل أيام العيد في تحريم صومها أيام التشريق، فإنه لم يرخّص في صيامها إلا لمن لم يجد الهدي كما في البخاري عن ابن عمر، وعائشة موقوفاً عليهما. وعليه فيواصل صيامه بعد أيام التشريق مباشرة، ويتمّ ما بقي عليه ولا ينقطع بذلك تتابع الأيام والله أعلم.

عليها قضاء أيام من رمضان وتخشى على جنينها

عليها قضاء أيام من رمضان وتخشى على جنينها المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر التاريخ 10/8/1422 السؤال عليَّ قضاء أيام من رمضان الماضي، وأخرته. وأنا الآن حامل في الشهر التاسع، وقد قضيت بعض هذه الأيام أثناء الحمل فأحسست بمشقة وخفت على الجنين، وأخشى أن يدخل رمضان القادم قبل أن أتمكن من القضاء. فهل يكفيني الإطعام عن الأيام المتبقية؟ أفيدوني وفقكم الله تعالى. الجواب عليك صيام الأيام المتبقية ولو بعد رمضان ولا حرج عليك "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" ومثلك مثل المريض الذي يفطر فإنه يقضي متى ما استطاع، ولا يجزئك الإطعام عن الأيام التي لم تقضيها إلاّ إذا عجزت عن الصوم بالكليّة.

عليها قضاء أيام من رمضان ولا تعلم عددها

عليها قضاء أيام من رمضان ولا تعلم عددها المجيب د. سعد بن تركي الخثلان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر التاريخ 10/8/1422 السؤال أفطرت في رمضان أياماً لا أعلم عددها بالضبط ربما 4 أو 5 أو 6، وذلك حينما كنت في أول سني البلوغ ظناً مني أن الحائض عدتها يجب أن تكون سبعة أيام كاملة، أي أنني كنت آكل وأشرب وأنا قد طهرت من الدورة حتى أكمل عدة سبعة الأيام. سؤالي هو أنني لم أقضها ولا أعلم عددها فكيف أتصرف؟ الجواب المكلّف إذا أفطر أياماً من رمضان بعد سن التكليف فإن الواجب عليه قضاؤها ولو بعد مضي مدة طويلة، والأخت السائلة تذكر أنها أفطرت أياماً من رمضان بعد سن البلوغ ولم تقضها حتى الآن فنقول: الواجب عليك المبادرة إلى قضائها في أسرع وقت، وأما عددها فتبني على اليقين تحقيقاً لبراءة الذمة، فإذا اكنت تشكين هل هي أربعة أيام أو خمسة أو ستة فاجعليها ستة، وأما الإطعام فلا يجب عليك إطعام لكونك جاهلة بالحكم.

تأخير قضاء رمضان

تأخير قضاء رمضان المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر التاريخ 3/9/1424هـ السؤال زوجتي أتتها العادة الشهرية في شهر رمضان المبارك من العام الماضي، فأفطرت مدة 5 أيام من الشهر، وبعدها حملت ولم تتمكن من القضاء خشية أن يؤثر صومها على الجنين، وقبل ما يقارب الشهر ونصف وضعت المولود والحمد لله، وبعد انقضاء فترة النفاس لم يتبق إلا أيام معدودات قبل رمضان، والخشية أن لا تستطيع قضاءها، وذلك خوفا من أن يؤثر الصيام على الرضاعة، ونظراً لاقتراب الشهر المبارك أفيدونا ما العمل أثابكم الله؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الواجب عليها القضاء قبل رمضان القادم، فإن جاء رمضان وهي لم تقض فتصوم رمضان الحاضر وبعده - إن شاء الله - تبادر بالقضاء بنية القضاء للأيام السابقة، وإذا كان التأخير لعذر كما ذكرت فليس عليها سوى القضاء، وإذا كان التأخير تساهلاً حتى جاء رمضان الثاني فعليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، فإذا كانت الأيام خمسة أيام فتطعم خمسة مساكين مع القضاء، لكل مسكين كيلو ونصف من قوت البلد.

تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني

تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر التاريخ 28/9/1422 السؤال أفطرت زوجتي ستة أيام من رمضان، وقد أزف رمضان الآن على الدخول وهي حامل الآن، ولا تستطيع صوم ما فات، ما هو الحل؟ الجواب لا حرج عليها، ويكون قضاؤها بعد رمضان - إن شاء الله -، وإن كان التأخير بعذر فليس عليها إلا القضاء، وإن كان تأخيرها إلى ما بعد رمضان تكاسلاً وبلا عذر، فعليها مع القضاء كفارة إطعام مسكين عن كل يوم.

تأخرت في قضاء رمضان

تأخرت في قضاء رمضان المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر التاريخ 20/9/1422 السؤال امرأة عليها قضاء أيام من رمضان، وأتى رمضان الثاني ولم تقض، فماذا تفعل؟ الجواب تقضي بعد رمضان الآخر، وإن كان التأخير بعذر كالمرض، أو الحمل، أو غيرها من الأعذار فلا شيء عليها إلا القضاء، وإن كان التأخير لغير عذر، فعليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، وقدره: كيلو ونصف من قوت البلد لكل مسكين.

أفطر في رمضان بغير عذر

أفطر في رمضان بغير عذر المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر التاريخ 18/09/1425هـ السؤال في شهر رمضان المبارك في العام قبل الماضي، أي: قبل سنتين أفطرت في بعض الأيام لعذر غير شرعي، والآن قد مضى حوالي سنتين، ولا أدري كم عدد الأيام التي أفطرتها على وجه التحديد؛ لكي أقضيها، وماذا يجب علي في القضاء؟ وإذا كان يجب علي إطعام مسكين، فما هو الطعام المعتبر في الكفارة؟ وما مقداره؟ الجواب يحرم على المسلم أن يفطر من رمضان ولو يوماً واحداً دون عذر شرعي، وعليه المبادرة بالتوبة، ويرى بعض العلماء أن من أفطر دون عذر لا يصح منه القضاء، ويرى بعضهم أن عليه القضاء وإطعام مسكيناً عن كل يوم أخَّر قضاءه لأكثر من سنة دون عذر، فعليك المبادرة بالتوبة إلى الله -جل وعلا-، وقضاء تلك الأيام. وإذا كنت لا تدري كم عددها فعليك بالاحتياط حتى تعلم أنك قضيت الواجب عليك أو أكثر، وعليك إطعام مسكين عن كل يوم أُخّر قضاؤه لأكثر من سنة دون عذر، وإطعام المسكين نصف الصاع، أي: كيلو ونصف من قوت البلد من الأرز أو التمر أو البر، أو غيرها عن كل يوم.

تأخير قضاء رمضان

تأخير قضاء رمضان المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر التاريخ 7/9/1424هـ السؤال زوجتي عليها صيام أربعة أيام من رمضان السابق لم تقضها، هل عند قضائها يتوجب عليها إطعام ستين مسكيناً عن كل يوم أم لا؟ جزاكم الله خيراً. الجواب إذا كانت هذه الأيام في رمضان القريب الذي لم يمر عليه حول، فليس عليها إلا القضاء فقط، وإذا كانت هذه الأيام من رمضان الذي مضى عليها أكثر من حول، كأن تكون من رمضان عام 1421 أو ما قبله، وتأخر القضاء لعذر كمرض، أو حمل، أو رضاع، فكذلك ليس عليها إلا القضاء فقط، أما إذا كانت هذه الأيام من رمضان عام 1421 أو ما قبله، وكان تأخير القضاء بدون عذر، فعليها القضاء وإطعام مسكين واحد فقط عن كل يوم، وقدر الإطعام نصف صاع، أي: كيلو ونصف عن كل يوم أُخِّر قضاؤه لأكثر من سنة، فإذا كانت أربعة أيام فعليها إطعام أربعة مساكين، أي: ستة كيلوات من قوت البلد.

كيف أقضي الدين والصوم؟

كيف أقضي الدين والصوم؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/صوم التطوع لمن عليه قضاء التاريخ 20/7/1424هـ السؤال سؤالي يتلخص في الآتي: مند حوالي ست سنوات وأنا أعاني من مرض مزمن لم يفهم الأطباء مسبباته، ولا علاج له. لم أصُم منذ ذلك الوقت؛ لأن الأطباء أمروني بذلك، وسؤالي هو: كيف أقضي الدين الذي على كاهلي، وربما لن أستطيع أن أصوم مرة أخرى؟. الجواب الإنسان إذا كان مريضاً ولا يستطيع قضاء هذا الصوم، ومرضه مستمر مزمن -كما جاء في السؤال- فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً، فشهر رمضان إذا كان ثلاثين يوماً يطعم (45) كيلو من طعام البلد الذي يعيش فيه، إذا كان طعامهم قمحاً يخرج قمحاً، وإذا كان طعامهم أرزاً يخرج أرزاً، المهم أن ينفق عن كل يوم طعام مسكين، سواء أخرجها دفعة واحدة وأعطاها أسرة أو أسراً، أو كل يوم في يومه، فالأمر فيه سعة ولا شيء عليه -إن شاء الله-.

تطوع من عليه القضاء

تطوع من عليه القضاء المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/صوم التطوع لمن عليه قضاء التاريخ 18/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز صيام التطوع وعلي شيء من القضاء أم لا؟ لأني لم أجزم بتبييت النية من الليل. فقلت في نفسي إن شاء الله سأصوم غير جازم ما بيني وبينه، وأخبرت بأنه لا بد من تبييت النية الجازمة لقضاء الفريضة، فهل يصح لي في هذه الحالة أن أجعلها تطوعاً وذلك لرغبتي الحالية بالصيام وعدم تفويته بما أني لم أجزم بتبييت النية للقضاء. وجزاكم الله خيراً. الجواب صيام الواجب لا بد فيه من تبييت النية من الليل، بمعنى أن الإنسان يصوم ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس كاملاً بنية ويكون قد نوى أن يصوم هذا اليوم جميعه من طلوع فجره إلى غروب شمسه، وأما صيام النفل فإن الإنسان إذا لم يتعاط شيئاً من المفطرات بعد طلوع الفجر، ونوى الصيام بعد ذلك صح منه وأجزأه. وأما هل يجوز أن يتطوع الإنسان وعليه شيء من الفريضة فنقول نعم يجوز، فالإنسان إذا أراد أن يصوم مثلاً يومي الإثنين والخميس، أو أيام البيض وعليه صيام نذر أو كفارة أو قضاء من رمضان فإن صيامه للنوافل قبل ذلك صحيح، ولكن الأولى للإنسان ألا يقدم صيام النفل على الفرض، فالواجب المتعين على الإنسان أن يبدأ بما يجب عليه لتبرأ ذمته من الواجب ويخرج من العهدة، ثم بعد ذلك يتنفل بما شاء، وأما صيام الست من شوال فإن الإنسان لا يحصل فضيلتها إلا إذا أتم صيام رمضان فإذا كان الإنسان عليه قضاء شيء فلا يتنفل بصيام ست من شوال، وإنما يقضي رمضان أولاً ثم يتنفل لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" رواه مسلم

(1164) من حديث أبي أيوب الأنصاري إن كان الذي يريد أن يصوم الست من شوال وعليه قضاء من رمضان فلا يصدق عليه أنه صام رمضان وبالله التوفيق، والله أعلم.

مات وعليه صوم

مات وعليه صوم المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من مات وعليه صوم التاريخ 24/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: رجل كان مريضاً لفترة طويلة وكان يقدر على الصوم ولكن في آخر سنتين من عمره اشتد عليه مرضه فلم يصم شهر رمضان في هاتين السنتين من عمره وأبنائه موجودون فذكرهم في آخر سنة من عمره أنه لم يصم ثم مات فما حكمه؟ وهل عليه شيء؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: لا يخلو مرض هذا الرجل من أمرين: الأول: أن يكون مرضاً لا يرجى برؤه فهذا يجب على ورثته أن يطعموا من تركته إن خلف تركة مسكيناً عن كل يوم ترك صيامه، أو يصوموا عنه وهذا مستحب أي الصيام عنه. الثاني: أن يكون مرضاً يرجى برؤه فإن لم يقدر على القضاء لاستمرار مرضه حتى مات فلا شيء عليه لقوله تعالى: "فعدة من أيام أخرى" [البقرة:185] . وهذا لم يقدر على عدة من أيام أخر. وإن قدر ولم يقض فيستحب لأوليائه أن يصوموا عنه. وبالله التوفيق.

أدلة وصول ثواب الصيام للميت

أدلة وصول ثواب الصيام للميت المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/من مات وعليه صوم التاريخ 19/8/1424هـ السؤال ما هو دليل وصول الصيام للميت؟ الجواب إذا كان عليه صيام، فإن دليله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليه" رواه البخاري (1952) ، ومسلم (1147) من حديث عائشة - رضي الله عنها- وهذا عام في صيام الفرض وفي صيام النذر، وكذلك جاء في قصة المرأة التي ركبت البحر وقالت: إن نجاني الله من هذا البحر فلله علي أن أصوم شهراً فسألت بنتها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن تصوم عنها، وشبه ذلك بالدين، " لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ " قالت: نعم، قال: "فدين الله أحق أن يقضى" انظر ما رواه أبو داود (3310) ، وغيره من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وأما بقية التطوعات فإنها تلحق بذلك إذا نوى أن أجر هذا الصيام لميته، أو كما لو نوى أن أجر هذه الحجة أو العمرة لميته يصله ذلك.

أفطر متعمدا فما الحكم

أفطر متعمداً فما الحكم المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/متى تجب الكفارة في الصوم؟ التاريخ 1/9/1424هـ السؤال رجل عندما كان في الخدمة العسكرية أفطر عمداً أياماً من شهر رمضان بسبب نظام الثكنة الصارم وقلة الطعام في وجبة الفطور في أغلب الأحيان، فهل تجب عليه الكفارة؟ أم ليس عليه إلا القضاء؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان قد أفطر بالأكل والشرب ونحو ذلك، فإنما يجب عليه الكفارة إذا كان قد جاء رمضان الآخر وهو لم يصم، ويطعم عن كل يوم مسكين كما أفتى بذلك ابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهم، ويصوم الأيام التي تركها، فنقول: إنه يجب عليه أن يصوم كل الأيام التي تركها، وإن كان قد جاءه رمضان الثاني وهو لم يصمها، فإنه يجب عليه مع الصيام أن يطعم عن كل يوم مسكيناً وهذا في حق ما لو أفطر في كل شيء ما عدا الجماع، أما لو أفطر بالجماع فإنه تجب عليه الكفارة المغلظة، وهي كفارة الظهار مع قضاء الصيام والتوبة، والله أعلم.

كفارة من لا يعرف عدد الأيام التي أفطرها

كفارة من لا يعرف عدد الأيام التي أفطرها المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 02/09/1425هـ السؤال خلال دراستي في أمريكا أفطرت أياما كثيرة في رمضان، لا أستطيع أن أحصيها، عملت ذلك عالماً لا جاهلاً، ولقد تبت إلى الله وأنا نادم أشد الندم، وأدعو الله أن يغفر لي، سؤالي: ما هي كفارتي؟ علما أنني لا أعرف عدد الأيام التي أفطرتها، جزاكم الله خيراً. الجواب اختلف العلماء فيمن يفطر متعمداً هل يشرع له القضاء أو لا يشرع؟ والأقرب أنه لا يشرع له القضاء؛ لا تخفيفاً عليه، بل لأنه لا يقبل منه لعظم ذنبه، فلا يجب عليك القضاء لما فاتك من الأيام، لكن عليك بكثرة الأعمال الصالحة. كما أبشرك أن الله يقبل التوبة الصادقة من عبده، فعليك بصدق التوبة والإقلاع عن الذنب ومداومة الطاعة، وفقك الله.

صلاة الجمعة للمرأة

صلاة الجمعة للمرأة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 3/1/1425هـ السؤال هل تلزم المرأة بأداء صلاة الجمعة في المسجد؟ وما حكم أداء صلاة التراويح في رمضان؟ وهل تؤدي صلاة الجمعة بعد صلاة الظهر؟ في حالة رفض الولي لخروج المرأة إلى المسجد، أفمن الممكن تأديتها أو تأدية التراويح في المنزل؟ جماعة أم فرادى. الجواب صلاة الجمعة واجبة على الرجال الأحرار المقيمين في البلد، وأما النساء فإن بيوتهن خير لهن، والمرأة تصلي في منزلها ظهراً، وليست مطالبة بصلاة الجمعة، لكنها لو حضرت الجمعة وصلت مع الناس أجزأتها وصحت منها، ولا تصلي ظهراً، وأما صلاة التراويح فإنها سنة في رمضان بعد صلاة العشاء بين العشاء والفجر، وإذا أدتها المرأة في بيتها فهو أفضل لها، وإن كانت ترى كسلاً، ولا تنشط عليها إلا إذا ذهبت للمسجد فلها أن تذهب للمسجد وتصلي مع الرجال، ولكن الأفضل لها أن تصليها في بيتها، سواء صلتها منفردة أو مع جمع النساء في منزلها، والله أعلم.

قطع التتابع في صيام الكفارة

قطع التتابع في صيام الكفارة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 15/11/1422 السؤال رجل عليه كفارة قتل الخطأ، وهي صيام شهرين متتابعين؛ لعدم القدرة على عتق الرقبة، والسؤال هو: إذا صادف التتابع يوم عيد الأضحى وأيام التشريق فماذا يعمل الرجل؟ أيفطر يوم العيد ويتابع صومه، أم يفطر يوم العيد وأيام التشريق؟. وما هي الحالات التي يجوز له فيها ترك التتابع دون الإخلال بكفارته؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان على المسلم كفارة عن قتل الخطأ فعليه الكفارة على الترتيب أولاً: عتق رقبة، فإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، ولا يؤثر على التتابع إفطاره يوم عيد الفطر أو عيد الأضحى؛ لأن الفطر فيهما واجب، فلو ابتدأ الكفارة من شعبان ثم دخل رمضان يصوم رمضان ولا يؤثر على تتابع الكفارة، ويفطر يوم العيد ولا يؤثر على تتابع الكفارة، ثم يكمل صيام ستين يوماً (شهرين) ، وكذا إذا بدأ بالصيام قبل دخول شهر ذي الحجة فإن عليه أن يفطر يوم عيد الأضحى؛ لأن فطره واجب ويحرم صيامه، وأما أيام التشريق فقال بعض العلماء: إذا أفطرها انقطع التتابع؛ لأنه لا يجب فطرها كيوم النحر، وبعض العلماء قال: يفطرها؛ لأنه يكره صيامها، ولعل الأولى أن يصومها لئلا ينقطع عليه التتابع؛ لأنه يصح صيامها عن من لم يجد هدياً، يصوم الثلاثة الأيام في الحج التي هي يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر؛ لأنه رخص له في ذلك إذا لم يجد هدياً. فالأولى أن يصوم أيام التشريق، وكذلك بالنسبة للمرأة لا يقطع التتابع إذا أفطرت لحيض أو أفطرت لنفاس، وكذا الرجل والمرأة لا يقطع التتابع إذا أفطر من أجل مرض يبيح له الفطر أو أفطر من أجل سفر يبيح له الفطر في رمضان، وكل ما أباح له الفطر في رمضان له أن يفطره في صيام الكفارة، ولا يقطع عليه التتابع.

قضاء الصوم عن الميت

قضاء الصوم عن الميت المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 8/9/1424هـ السؤال لقد توفي والدي - رحمه الله - بعد مرض لازمه طوال شهر رمضان فحال بينه وبين الصيام، فكيف لأولاده القضاء عنه مع العلم أنهم ستة، خمسة أبناء وبنت وزوجته؟ أي إن كان القضاء بالصوم فكيف تقسَّم الأيام بينهم؟ وهل يصح أن يصوموها في أيام متزامنة، وإن لزمهم إطعامٌ فكيف يكون، وهل نطعم بما ترك من مال فيكون أفضل له؟. الجواب إذا كان هذا المرض مما يرجى زواله وبرؤه لكن قدَّر الله أن يستمر به المرض حتى مات فهذا لا شيء عليه مطلقاً؛ لأن الواجب عليه القضاء ومات قبل أن يدركه، أما إذا كان المرض مما لا يرجى زواله فالواجب إخراج عن كل يوم نحو كيلو ونصف من الرز أو التمر أو أي طعام مما جرت العادة بأكله عندكم، ويكون الإطعام من مال الميت. رحم الله أموات المسلمين أجمعين.

الكفارة بالإطعام مع استطاعة الصيام

الكفارة بالإطعام مع استطاعة الصيام المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 11/9/1425هـ السؤال رجل وقع على زوجته في نهار رمضان، ويريد أن يطعم ستين مسكيناً مع أنه يستطيع الصيام، وهل على زوجته كفارة مثله، مع أنها أطاعته في هذه المخالفة؟. الجواب أولاً ينبغي للإنسان أن يتقي الله - تعالى - في صيامه، وأن يعلم أن صيام رمضان ركن من أركان الإسلام، وأن الواجب عليه أن يبتعد عما ينقضه من المفطرات، فإذا كان وقع على زوجته في نهار رمضان فإن الواجب عليه هو عتق رقبة، وإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإذا أطعم وهو يستطيع الصيام فإن إطعامه لا يعتد به ولا يعتبر، وكأنه لم يطعم وهو أدرى بنفسه، وزوجته إذا كانت مطاوعة له غير مكرهة فإنه يلزمها أيضاً الكفارة مثله، وعليها عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً.

عليها قضاء أيام لا تعلم عددها

عليها قضاء أيام لا تعلم عددها المجيب د. سعد بن تركي الخثلان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 18/09/1425هـ السؤال أفطرت في رمضان أياماً لا أعلم عددها بالضبط ربما 4 أو 5 أو 6، وذلك حينما كنت في أول سني البلوغ ظناً مني أن الحائض عدتها يجب أن تكون سبعة أيام كاملة، أي أنني كنت آكل وأشرب وأنا قد طهرت من الدورة حتى أكمل عدة سبعة الأيام. سؤالي هو أنني لم أقضها ولا أعلم عددها فكيف أتصرف؟ الجواب المكلّف إذا أفطر أياماً من رمضان بعد سن التكليف فإن الواجب عليه قضاؤها ولو بعد مضي مدة طويلة، والأخت السائلة تذكر أنها أفطرت أياماً من رمضان بعد سن البلوغ ولم تقضها حتى الآن فنقول: الواجب عليك المبادرة إلى قضائها في أسرع وقت، وأما عددها فتبني على اليقين تحقيقاً لبراءة الذمة، فإذا كنت تشكين هل هي أربعة أيام أو خمسة أو ستة فاجعليها ستة، وأما الإطعام فلا يجب عليك إطعام لكونك جاهلة بالحكم.

قطع صيام القضاء

قطع صيام القضاء المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 11/2/1423 السؤال أفطرت يوماً كنت نويته لقضاء يوم من أيام رمضان بغير عذر قهري، فما الحكم؟ وإذا طلب مني زوجي الإفطار بغير رغبة مني في يوم لقضاء رمضان، فما الحكم أيضاً؟ الجواب لا يجوز قطع الصيام الواجب لقضاء رمضان أو غيره بدون عذر. وعلى هذا فمن شرع في صيام واجب (قضاءً أو أداءً) فإنه يجب عليه إتمامه، ولا يجوز له قطعه، فإن قطعه أثم، ووجب عليه إعادته في يوم آخر. وإن كان قد أكرهه على قطعه شخص آخر فالإثم على المكره، والقضاء على المفطر. أما صيام التطوع فإنه يجوز قطعه، ولو أصبح صائماً، علماً أنه لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعاً وزوجها حاضر إلا بإذنه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه" متفق عليه عند البخاري (5195) ومسلم (1026) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

التوبة من الفطر في رمضان

التوبة من الفطر في رمضان المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 20/8/1423هـ السؤال أنا شاب مَنَّ الله علي بالهداية؛ ولله الحمد والمنة، وقبل الالتزام كنت لا أصوم في رمضان إلا بعض الأيام، غفلة وتهاوناً وعصياناً، فهل أقضي وقد مر علي وأنا في الالتزام سنتان؟ الجواب قد أسعدني كثيراً أن مَنّ الله -تعالى- عليك بالهداية والالتزام، وإني لأشاركك من أعماق قلبي شعورك بالرضا والطمأنينة يوم اكتشفت الطريق الصحيح إلى سعادة الدنيا ونعيم الآخرة، فأبشر -رعاك الله- بانشراح الصدر، وبهجة القلب، وعزة النفس في كنف الله ورعايته. ثم اعلم -حفظك الله- أن ما سألت عنه يحتاج إلى شيء من التفصيل، فإن كنت قد تركت مع الصوم الصلاة -لا سمح الله- فلا داعي لقضاء الصوم؛ لأن ترك الصلاة بالكلية ردة عن الإسلام نفسه، لا ينفع معه صوم، ولا زكاة، ولا حج. وإن كنت فاعلاً للصلاة مؤدياً لها في أوقاتها بانتظام فتركت شيئاً من الصيام، فعليك بالتوبة النصوح، والإكثار من الحسنات ونوافل العبادات مع قضاء عدد الأيام التي أفطرتها، فإن لم تعلم عددها فاجتهد في تقديرها وزد عليها احتياطاً، ثم اعلم -أعانك الله- أنه لا يشترط قضاؤها متتابعة، بل حسب الوسع والطاقة، ولو في أوقات العطل وأيام البرد مع الحذر -حماك الله- من التسويف وكثرة التأجيل. قال ابن قدامة في (المغني 4/366) : "لا يختلف القضاء بالعذر وعدمه" ا. هـ. هذا والله المسؤول أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يجعل لنا من أمرنا رشداً، ونستودعك الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم.

لم تقض أيام حيضتها منذ البلوغ

لم تقض أيام حيضتها منذ البلوغ المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 4/3/1424هـ السؤال أريد أن أعرف ما الحكم الشرعي في حالتي، حيث إنني ومنذ بلوغي لم أقم بقضاء الأيام التي أفطرت فيها أثناء فترة الحيض، وقد بلغ مجمل عدد تلك الأيام حوالي 86 يوماً فهل يجوز لي أن أتصدق على الفقراء، أم يتوجب علي قضاؤها؟. الجواب قضاء الأيام التي أفطرت فيها المرأة بسبب الحيض أمر معلوم شرعاً مشهور بين المسلمين لا يعذر الإنسان بتركه، فعليك التوبة من تركها وقضاء هذه الأيام حسب الاستطاعة، تقضي شيئاً فشيئاً إلى أن تنتهي كلها. والله أعلم.

لم تقض ما أفطرت أيام حيضتها

لم تقض ما أفطرت أيام حيضتها المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 24/2/1424هـ السؤال أمي كانت تفطر في رمضان وقت دورتها منذ حوالي أربعين سنة، ولم تكن تقضي هذه الأيام لجهلها ولعدم علمها بالوجوب واستمر الحال قرابة ثمانية رمضانات، ثم علمت بالوجوب منذ حوالي ثلاثين سنة، ولكنها لم تقض الأيام السابقة، مع العلم أنها تصوم أيام الاثنين والخميس منذ حوالي أربع سنوات طوال العام، وعمرها الآن ستون سنة، فماذا يجب عليها؟ وإن كان هناك إطعام فكيف يوزع؟ وهل يعطى لأهل البيت الواحد دفعة واحدة؟ أفتونا مأجورين. الجواب الذي يظهر أن عليها قضاء تلك الأيام؛ لأن هذا الأمر مشهور ومعروف بين المسلمين -أي وجوب القضاء على التي تفطر بسبب العادة الشهرية- وقد تساهلت جداً في عدم السؤال عن مثل هذا، ثم إنها لما علمت بالوجوب لم تقض أيضاً وهذا مما يدل على تساهلها. فإن كانت لا تستطيع الصيام الآن لكبرها وعجزها عن الصوم، فعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً نصف كيلو وعشر غرامات من طعام البلد كالأرز ونحوه، والله أعلم.

هل يقضي عن أمه صيام رمضان؟

هل يقضي عن أمه صيام رمضان؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 23/9/1424هـ السؤال شيخي الفاضل.. أمي عليها دين صيام ثمانية أشهر من رمضان، أعاقها المرض المتزامن مع مجيء كل رمضان، والسؤال: ما العمل؟ هل أقضيه عنها؟ أذهبوا حيرتي جزاكم الله خيراً. الجواب إذا كانت تستطيع القضاء ولو لم يكن بالتتابع فعليها القضاء، وإذا أيست من القدرة على القضاء فعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً، لكل مسكين كيلو ونصف من قوت البلد. والله أعلم.

الفدية بدل الصيام

الفدية بدل الصيام المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 7/5/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: علي صيام شهرين بسبب الحمل والرضاعة، وقدرتي الجسدية لا تعينني على ذلك، حيث إني مصابة بمرض في القلب، فهل أستطيع أن أخرج الفدية بدلا من الصيام؟ وهل يجوز أن أنفق هذه الفدية في إطعام أسرتي؟ حيث إني لست مكلفة بالإنفاق عليهم، أم أنه يجب أن أنفقها على المساكين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان تأخير هذا الصيام عن شهري رمضان بسبب الحمل والرضاعة والوضع فعليك القضاء ولو بغير انتظام، فلا يلزم التتابع، ولا يجوز لك إخراج الفدية، إلا إذا أيست من القدرة على القضاء بقية حياتك بسبب المرض، وذلك بتقرير طبيبين مسلمين ثقتين وحينئذ عليك الكفارة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم، وقدره كيلو ونصف من قوت البلد، والمسكين هو من تجوز له الزكاة من غير والديك وأولادك ومن ترثينه من الأقارب.

كفارة تسعة رمضانات

كفارة تسعة رمضانات المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/مسائل متفرقة التاريخ 6/3/1424هـ السؤال لقد كنت في رمضان في السنوات الماضية من العمر 14 سنة إلى 22 سنة لا أصوم الشهر كله أطلب من فضيلتكم إيجاد حل ولا أستطيع إطعام ستين مسكيناً في اليوم الواحد هل بإمكاني أن أدخر المال عن كل يوم وأعطيه مثلاً لديار الرحمة أو لمسكين واحد عن كل يوم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أهنئك على رغبتك في التوبة إلى الله من هذا الذنب العظيم، وأوصيك بالإكثار من الاستغفار وصيام ما تيسر من النوافل - إذا انتهيت من القضاء-. ثانياً: الذي عليه الأئمة الأربعة في مثل حالك، أنك تقضي عن كل الأيام التي أفطرتها وتطعم عن كل يوم مسكيناً، ولا يلزمك التتابع في قضائها، فمتى ما استطعت الصيام فصم حتى تنتهي الأيام التي أفطرتها وبالنسبة للإطعام يمكنك فيه أن تجمع كل عشرة جميعاً أو كل عشرين، أو كل خمسة حسب استطاعتك، وأنت مخير بين أن تعطي كل واحد منهم نصف صاع من الأرز كيلو ونصف تقريباً، وإن وضعت معه شيئاً من الإدام -إن كنت تقدر- فهو حسن، هذه طريقة. وهناك طريقة أخرى وهي أن تصنع طعاماً في بيتك أو تذهب إلى أحد المطاعم فتدعو إليه عشرة فقراء أو عشرين أو حسب استطاعتك إلى أن تنتهي الأيام التي أفطرتها، وهكذا كلما أطعمت المساكين سقط عنك من حساب الأيام، أسأل الله تعالى أن يتوب علينا، وأن يتقبل منا صالح العمل.

صيام التطوع

هل نصوم يوم السبت؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 29/4/1422 السؤال أرجو إفادتنا عن حكم صيام يوم السبت حيث حصل خلاف بين مجموعة من طلبة العلم حول صيامه نفلاً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فقد فرض الله على الأمة المحمدية صيام شهر رمضان، ورغّبهم فيه، وحثهم عليه، ووعدهم بالأجر الجزيل على صيامه، وقد تكلم كثير من أهل العلم عن فوائد الصيام، ومزاياه، كابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد، وغيره. وحتى تبقى الأمة مرتبطة بهذه الفوائد التي تحصل لها من جرّاء الصيام؛ ورد الحث على صيام الأيامٍ أُخر في مناسبات متفاوته من العام، لا على سبيل الفرض، ولكن على سبيل الاستحباب والسُّنيَّة؛ كصيام ستة من شوال، ويوم عرفة، وشهر محرم، والتاسع والعاشر منه على وجه الخصوص، وصيام أكثر شعبان، وثلاثة أيام من كل شهر، والأولى أن تكون أيام البيض، وصوم الإثنين والخميس، وصوم يوم وإفطار يوم، وصوم باقي عشر ذي الحجة - عدا يوم العيد - لدخولها في عموم العمل الصالح. ولا شك أنه سيدخل في هذه الأيام التي تُصام: يوم السبت؛ لموافقته أحياناً. وقد ورد حديث عبد الله بن بسر السُّلمي، عن أخته الصَّمَّاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عِنَبَةٍ، أو عود شجرة، فليمضغه) أخرجه أصحاب السنن. وقد اختلف أهل العلم في صحته، وأكثر الأئمة العارفين بعلل الأحاديث أعلّوه بالاضطراب، والشذوذ، ومن صححه أو حسَّنه منهم حمله على كراهية تخصيصه بالصوم؛ لأنه يوم تُعظمه اليهود، وأما إن وافق صياماً كان يصومه الشخص ويعتاده، فالكراهة مرتفعة عنه عندهم.

ولم أجد أحداً من أهل العلم نهى عن صومه إذا وافق عادة الشخص، سوى الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - فإنه حرّم صومه في النفل سواء كان في ست من شوال أو وافق عرفة، أو التاسع والعاشر من محرم، أو صوم يوم وإفطار يوم، أو غير ذلك، وهذا شيء لم يُسبق إليه فيما علمت، وقد أطال أهل العلم في الكلام عن الحديث من حيث صحته من عدمها، ومن حيث دلالته، وقد جمعتها في بحث مفرد، من أراد الاستزادة فليطالعه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قضاء يوم عاشوراء

قضاء يوم عاشوراء المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 7/1/1424هـ السؤال من أتى عليها عاشوراء وهي حائض هل تقضي صيامه؟ وهل من قاعدة لما يقضي من النوافل؟ وما لا يقضي؟ جزاك الله خيراً. الجواب النوافل نوعان: نوع له سبب، ونوع لا سبب له. فالذي له سبب يفوت بفوات السبب ولا يُقضي، مثال ذلك: تحية المسجد، لو جاء الرجل وجلس ثم طال جلوسه ثم أراد أني يأتي بتحية المسجد، لم تكن تحية للمسجد، لأنها صلاة ذات سبب، مربوطة بسبب، فإذا فات فاتت المشروعية، ومثل ذلك فيما يظهر يوم عرفة ويوم عاشوراء، فإذا أخر الإنسان صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء بلا عذر فلا شك أنه لا يقضي ولا ينتفع به لو قضاه، أي لا ينتفع به على أنه يوم عرفة ويوم عاشوراء. وأما إذا مر على الإنسان وهو معذور كالمرأة الحائض والنفساء أو المريض، فالظاهر أيضاً أنه لا يقضي، لأن هذا خص بيوم معين يفوت حكمه بفوات هذا اليوم. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله (20/43) ]

حكم استمتاع الزوج بزوجته أثناء صيام التطوع

حكم استمتاع الزوج بزوجته أثناء صيام التطوع المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 1/11/1424هـ السؤال ما حكم استمتاع الزوج، بزوجته وهو صائم، وذلك في غير القبل؟ الجواب الاستمتاع بالزوجة بما دون الجماع في القبل فيه تفصيل، فيكون جائزاً إن كان يأمن على نفسه أن يفسد صومه بالجماع، ويحرم إذا غلب على ظنه أنه سينزل، سواء كان الإنزال بأن يجامع أو من المباشرة فقط، وهذا التفصيل يصدق على الصوم الواجب. أما التطوع فلا يحرم عليه ولو غلب على ظنه أنه سينزل؛ لأنه يجوز للإنسان أن يقطع صوم التطوع ولو بدون سبب.

إفراد الجمعة بالصيام

إفراد الجمعة بالصيام المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 27/12/1425هـ السؤال هل أستطيع أن أصوم الجمعة على انفراد باعتبارها يومًا من صوم ستة أيام من شوال؟ الجواب قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ". متفق عليه: صحيح البخاري (1985) وصحيح مسلم (1144) . وهذا نهي صريح عن صيام يوم الجمعة، ولم يُخَصّ منه إلا صورتان: الأولى: إذا صام قبله أو بعده. الثانية: إذا وافق يوم الجمعة صومًا معتادًا، كما في حديث مسلم (1144) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ". والذي يظهر بناء على ذلك أنه لا يجوز إفراد الجمعة بصيام ولو كان من أيام الست من شوال؛ لعدم اندراجه تحت الصورتين السابقتين.

حكم صيام الست في غير شوال

حكم صيام الست في غير شوال المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 29/1/1425هـ السؤال هل صحيح أنه يجوز صيام الست في غير شوال؛ لوجود رواية تقول: " من صام رمضان وأتبعه بست " من دون تحديد شوال؟ الجواب لا يجوز أن يصوم الإنسان الست من شوال في غير شهر شوال؛ لأن الحديث جاء بتخصيص هذه الأيام الستة في شهر شوال فقط، كما في الحديث الذي عند مسلم (1164) وغيره من حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال"، وأما ما جاء في بعض الروايات " وستة أيام بعده" انظر ما رواه ابن ماجة (1715) والدارمي (1755) ، وأحمد (21906) من حديث ثوبان بن بجدد - رضي الله عنه - فهي محمولة على أنها من شوال؛ لورود تخصيصها في الروايات الأخرى، وبهذا يحصل الجمع بين الروايات، والله أعلم.

شهر شوال كله محل لصيام الست

شهر شوال كله محل لصيام الست المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 02/10/1425هـ السؤال هل يجوز للإنسان أن يختار صيام ستة أيام في شهر شوال، أم أن صيام هذه الأيام لها وقت معلوم؟ وهل إذا صامها تكون فرضاً عليه؟ الجواب ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر " خرجه الإمام مسلم في الصحيح، وهذه الأيام ليست معينة من الشهر بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإذا شاء صامها في أوله، أو في أثنائه، أو في آخره، وإن شاء فرقها، وإن شاء تابعها، فالأمر واسع بحمد الله، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل؛ لأن ذلك من باب المسارعة إلى الخير، ولا تكون بذلك فرضاً عليه، بل يجوز له تركها في أي سنة، لكن الاستمرار على صومها هو الأفضل والأكمل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل " والله الموفق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز - رحمه الله- الجزء 15 ص 390]

لا يشترط التتابع في صيام ست شوال

لا يشترط التتابع في صيام ست شوال المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 02/10/1425هـ السؤال هل يلزم في صيام الست من شوال أن تكون متتابعة أم لا بأس من صيامها متفرقة خلال الشهر؟ الجواب صيام ست من شوال سنة ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويجوز صيامها متتابعة ومتفرقة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أطلق صيامها ولم يذكر تتابعاً ولا تفريقاً، حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: " من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر " أخرجه الإمام مسلم في صحيحه. وبالله التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجزء 15 ص 391]

المشروع تقديم القضاء على صوم الست

المشروع تقديم القضاء على صوم الست المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 3/10/1422 السؤال هل يجوز صيام ستة من شوال قبل صيام ما علينا من قضاء رمضان؟ الجواب قد اختلف العلماء في ذلك، والصواب أن المشروع تقديم القضاء على صوم الست وغيرها من صيام النفل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من صام رمضان ثم أتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر " خرجه مسلم في صحيحه. ومن قدم الست على القضاء لم يتبعها رمضان، وإنما أتبعها بعض رمضان؛ ولأن القضاء فرض، وصيام الست تطوع، والفرض أولى بالاهتمام والعناية. وبالله التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز - رحمه الله- الجزء 15 ص 392]

حكم صيام شهرين متتابعين تطوعا

حكم صيام شهرين متتابعين تطوعاً المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 27/9/1422 السؤال هل يجوز الصوم كل يوم بدون انقطاع لمدة شهرين أو أكثر - مثلاً -تطوعاً لله - سبحانه وتعالى -، وبدون أي سبب ككفارة - مثلاً-، وبارك الله فيكم على مجهوداتكم. الجواب لا شك أن الصوم عبادة من أفضل العبادات، وقد كان لرسولنا - صلى الله عليه وسلم - حظ وافر من هذه العبادة، إلا أنه - بأبي هو وأمي - لم يصم شهراً كاملاً قط غير رمضان، كما قالت عائشة - رضي الله عنها -: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان "، أخرجه البخاري (2/50) ح (1969) ، ومسلم (2/810) ح (1156) . وروى مسلم في صحيحه (1/513 - 514) ح (746) عن عائشة - رضي الله عنها - أيضاً أنها قالت - في ضمن بيان هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في عدة أمور -:" ولا أعلم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ القرآن كله في ليلة، ولا صلى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهراً كاملاً غير رمضان ". ولا يخفى أن صيام شهرين متتابعين، لم يرد في الشرع إلا مورد الكفارة المغلظة في قتل النفس خطأ، أو في كفارة الظهار، أو في كفارة الجماع في نهار رمضان. وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، والاقتصار على ما ورد هو الخير والبركة، من صيام ثلاثة أيام من كل شهر (ومنها: الأيام البيض) ، أو الاثنين والخميس، أو ست من شوال، وإن نشط وقوي فصيام يوم وإفطار يوم.

وعليه فلا يشرع للمسلم أن يواصل صيام شهرين متتابعين أو أكثر، ما لم يكن هناك سبب شرعي، ولأنه إذا واصل أكثر من ذلك فيخشى أن يتصل به الأمر إلى صيام الدهر، وهو منهي عنه كما في الصحيحين (البخاري " 1975 " ومسلم " 1159") من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - والله أعلم.

صيام العشر من ذي الحجة

صيام العشر من ذي الحجة المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 28/11/1425هـ السؤال هل ثبت في الحث على صيام أيام العشر من ذي الحجة شيء مخصوص؟ ثم إن لم يثبت منها شيء فهل يعني هذا عدم مشروعية صيامها؟ الجواب جاء في فضل العمل في أيام العشر - دون تحديد نوعه، لا صيام ولا غيره - الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري 1/306، باب فضل العمل في أيام التشريق ح (969) ، واللفظ له، وأبو داود 2/815، باب في صوم العشر ح (2438) ،والترمذي 3/130، باب ما جاء في العمل في أيام العشر ح (757) ، وابن ماجه 1/550، باب في صيام العشر ح (1727) من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه. قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد إلاَّ رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء ". وأما النص على الصيام، فجاء فيه حديث عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر والخميس " أخرجه أبو داود وغيره كما سيأتي مفصلاً وهو حديث ضعيف. وعن أبي هريرة:" ما من أيامٍ أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كلِّ يوم منها بصيام سنة. وقيام كلِّ ليلة منها بقيام ليلة القدر "أخرجه الترمذي وغيره وهو حديث ضعيف أيضاً. وهناك أحاديث أخر وكلها ضعيفة أو موضوعة، كما أشار إلى ذلك ابن رجب في "اللطائف" بقوله - بعد أن ذكر حديث الباب، وأحاديث أخر -: "وفي المضاعفة أحاديث مرفوعة، لكنها موضوعة، فلذلك أعرضنا عنها وعما أشبهها من الموضوعات في فضائل العشر، وهي كثيرة ... وقد روي في خصوص صيام أيامه، وقيام لياليه، وكثرة الذكر فيه، ما لا يحسن ذكره لعدم صحته" اهـ، والله أعلم.

وبعد: فإن ضعف هذه الأحاديث الواردة بخصوص الحث على صيام أيام العشر، لا يلغي مشروعية صيامها؛ لأنها بلا شك من جملة العمل الصالح الذي ذكره النبي – صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس الذي أخرجه البخاري وغيره ـ كما سبق آنفاً ـ. فإن قيل: ما لجواب عن قول عائشة رضي الله عنها ـ الذي سبق قريباً ـ: "ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - صائماً العشر قط " أفلا يدل ذلك على استثناء الصيام؟ فالجواب من ثلاثة أوجه: الأول: أن النبي – صلى الله عليه وسلم - ربما ترك العمل خشية أن يفرض على أمته ـ كما في الصحيحين من حديث عائشة ـ أو لعلة أخرى قد لا تظهر لنا، كتركه قيام الليل، وكتركه هدم الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأمثلة ذلك كثيرة. ومن جملة هذه الموانع، أن تركه – صلى الله عليه وسلم - لصيام العشر قد يكون لأن الصيام فيه نوع كلفة، ولديه – صلى الله عليه وسلم - من المهام العظيمة المتعدي نفعها للأمة من تبليغ الرسالة، والجهاد في سبيله، واستقبال الوفود، وإرسال الرسل، وكتابة الكتب، وغيرها من الأعمال الجسام، فلو صام كل هذه الأيام لربما حصل فيها نوع مشقة، بل ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو أنه لما سأل عن صيام يوم وإفطار يوم قال" وددت أني طوقت ذلك".

الثاني: أن العمل يكفي لثبوت مشروعيته أي نص ثابت، ولا يلزم منه أن يعمله هو – صلى الله عليه وسلم - فهاهم الناس يصومون ستاً من شوال اعتماداً على حديث أبي أيوب المشهور، وغيره من الأحاديث، مع أنه ـ حسب علمي ـ لم يثبت حديث واحد يدل على أنه – صلى الله عليه وسلم - يصومه، فهل يمكن لأحد أن يقول لا يشرع صوم الست لأنه – صلى الله عليه وسلم - لم يثبت عنه صومها؟! لا أعلم أحداً يقول بهذا بناء على هذا المأخذ الأصولي، وأما خلاف الإمام مالك ـ رحمه الله ـ فلم يكن يرى مشروعية صيامها، ليس بناء على هذا المأخذ، وإنما لأسباب أخرى معلومة عند أهل العلم، وليس هذا المقام مناسبا لذكرها. وقل مثل هذا في سنن كثيرة العمدة فيها على عموميات قولية، لم يثبت عنه – صلى الله عليه وسلم -فعلها بنفسه، كصيام يوم وإفطار يوم، وصيام يوم عرفة ـ الذي هو أحد أيام العشر ـ وغيرها من الأعمال الصالحة.

الثالث: وهو مبني على ما سبق، أن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة، بل هو العمل الوحيد الذي اختص الله تعالى بجزائه ـ فرضاً ونفلاً ـ وورد في فضل نوافله أحاديث كثيرة يمكن لمن أراد الوقوف على بعضها، أن يطالع رياض الصالحين للنووي، أو جامع الأصول لابن الأثير، وغيرها من الكتب. وقد راجعت كثيراً من كتب الفقهاء، وإذا هم يذكرون من جملة ما يستحب صيامه صيام أيام العشر ـ أي سوى العيد كما هو معلوم ـ ولم أر أحداً ذكر أن صيامها لا يشرع أو يكره، بل إن ابن حزم – رحمه الله – على ظاهريته قد قال باستحباب صيام أيام العشر. والذي دعاني للإطالة في هذا المقام ـ مع ظهوره ووضوحه ـ هو أنني وقفت على كلام لبعض إخواني من طلبة العلم، ذكر فيه أن من جملة أخطاء الناس في العشر صيام هذه الأيام!! حتى أحدث كلامه هذا بلبلة عند بعض العامة الذين بلغهم هذا الكلام، ولا أعلم أحداً قال بهذا من أهل العلم في القرون الغابرة ـ حسب ما وقفت عليه ـ، ولا أدري ما الذي أخرج الصيام من جملة العمل الصالح؟ .وبما تقدم تفصيله يمكن الجواب عما استشكله ذلك الأخ وغيره، والله تعالى أعلم. أما الأحاديث الخاصة، فسأذكر حالها بشيء من الإجمال ـ والتفصيل لا تحتمله هذه الفتوى ـ فللتفصيل موضع آخر، وذلك كما يلي: أولاً: قال أبو داود 2/815 باب في صوم العشر ح (2437) : حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن الحرّ بن الصيّاح، عن هنيدة بن خالد، عن امرأته، عن بعض أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم - قالت: " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر والخميس ".

تخريجه:*أخرجه النسائي 4/205 باب صوم النبي – صلى الله عليه وسلم - ح (2372) ،وفي باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح (2417، 2418) ،وأحمد 5/271،6/288،423 من طرق عن أبي عوانة به بنحوه، إلاّ أن في ألفاظهم: " أول اثنين وخميسين "، وهذا هو الموافق لقولها: " ثلاثة أيام "، وأما رواية أبي داود فقد سبق الإشارة إلى أنها في بعض روايات السنن: " والخميس والخميس " بالتكرار.*وأخرجه النسائي 4/220،باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح (2416) ،وأحمد 6/287، وابن حبان 14 / 332 ح (6422) من طريق أبي إسحاق الأشجعي، عن عمرو بن قيس الملائي، والنسائي في " الكبرى " 2/135، باب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ح (2723) من طريق زهير بن معاوية أبي خثيمة، والنسائي في " الكبرى " 2/135، باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح (2722) ، من طريق شريك، ثلاثتهم (عمرو، وزهير، وشريك) عن الحر بن الصياح، عن هنيدة، عن حفصة، إلاّ أن لفظ عمرو هو: " أربع لم يكن يدعهن النبي – صلى الله عليه وسلم -: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة "، ولفظ زهير: " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، أول اثنين من الشهر، ثم الخميس، ثم الخميس الذي يليه "، ورواه شريك فجعله من مسند ابن عمر بلفظ حديث زهير. *وأخرجه أبو داود 2/822، باب من قال الاثنين والخميس ح (2452) عن زهير بن حرب، والنسائي 4/221، باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح (2419) عن إبراهيم الجوهري، وأحمد 6/289، 310، ثلاثتهم (زهير، والجوهري، وأحمد) عن محمد بن فضيل، والطبراني في " الكبير " 23/216، 420، من طريق عبد الرحيم بن سليمان، كلاهما (ابن فضيل، وعبد الرحيم) عن الحسن بن عبيد الله، عن هنيدة، عن ـ أمه – لم يقل عن امرأته – عن أم سلمة فذكر نحوه، إلاّ أنه ليس في حديث الحسن بن عبيد الله ذكر

لصيام تسع ذي الحجة، وصيام يوم عاشوراء، بل اقتصر على الأمر بصيام ثلاثة أيام من كل شهر قال زهير في حديثه: " أولها الاثنين والخميس "، ولفظ الجوهري: " أول خميس، والاثنين والاثنين " بالتكرار، ولفظ أحمد: " أولها الاثنين والجمعة والخميس ". الحكم عليه: إسناد أبي داود رجاله ثقات، إلاّ أنه وقع في إسناده ومتنه اختلاف على هنيدة، الذي مدار الحديث عليه، ووقع فيه تفرد أبي إسحاق الأشجعي، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحر، عن هنيدة، عن حفصة، ومثل هذا بعيد أن يصحح حديثه إذا انفرد، فكيف وقد وقع فيه هذه الااختلاف في إسناده ومتنه؟. ومما يضعف به حديث الباب إضافة إلى ما سبق، أن ما تضمنه من الإخبار عن صيام النبي – صلى الله عليه وسلم - لتسع ذي الحجة، مخالف لما ثبت في صحيح مسلم 2/833 ح (1176) ، وأبي دواد 2/816، باب في فطر العشر ح (2439) ، والترمذي 3/129، باب ما جاء في صيام العشر ح (756) ، ولفظ مسلم عن عائشة رضي الله عنها: " ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - صائماً العشر قط "، ولفظ مسلم الآخر: " أن النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يصم العشر ". ويضاف إلى ذلك أيضاً: السماع، فليس في شيء منه التصريح بالتحديث سوى رواية أمه عن أم سلمة رضي الله عنها، والله أعلم.

ثانياً: قال الترمذي 3/131 باب ما جاء في العمل في أيام العشر ح (758) :حدثنا أبو بكر بن نافع البصري، حدثنا مسعود بن واصل، عن نهاس بن قهْم، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة:" ما من أيامٍ أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كلِّ يوم منها بصيام سنة. وقيام كلِّ ليلة منها بقيام ليلة القدر ".قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من حديث مسعود بن واصل، عن النهاس، قال: وسألت محمداً عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا، وقال: قد روي عن قتادة، عن سعيد بن المسيَّب عن النبي– صلى الله عليه وسلم - مرسلاً شيءً من هذا، وقد تكلم يحيى بن سيعد في نهاس بن قهم من قبل حفظه. تخريجه:*أخرجه ابن ماجه 1/551، باب صيام العشر ح (1728) ،والخطيب في "تاريخ بغداد" 11/208 من طريق محمد بن مخلد العطار، كلاهما (ابن ماجه، والعطار) عن عمر بن شبة، عن مسعود بن واصل به بنحوه.*وأخرجه الترمذي في العلل الكبير ص (120) ح (206) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة، وعلقه الدارقطني في "العلل" 9/200 عن الأعمش عن أبي صالح، كلاهما (أبو سلمة، وأبو صالح) عن أبي هريرة بنحوه، ولفظ أبي سلمة:"ما من أيام أحب إلى الله العمل فيهن من عشر ذي الحجة: التحميد، والتكبير، والتسبيح والتهليل". الحكم عليه: إسناد الترمذي فيه مسعود، والنهاس، وكلاهما ضعيف، وقد قال الإمام الدارقطني في "العلل" 9/199: "وهو حديث تفرد به مسعود بن واصل، عن النهاس بن قهم، عن قتادة، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة ".

ومع هذا التفرد في وصله، فإن بعض الأئمة صوَّبوا كونه عن قتادة، عن سعيد بن المسيب مرسلاً كما أشار إلى ذلك البخاري – فيما نقله عنه الترمذي عقب إخراجه للحديث – وقال الدارقطني في "العلل" 9/200: " وهذا الحديث، إنما روي عن قتادة عن سعيد بن المسيب مرسلاً".وهذا المرسل الذي صوَّبه الأئمة من رواية قتادة، عن سعيد بن المسيب، سلسلة جعلها الحافظ ابن رجب – كما في شرح العلل 2/845 – من الأسانيد التي لا يثبت منها شيء، أو لا يثبت منها إلاَّ شيء يسير، مع أنه قد روي بها أكثر من ذلك، ونقل عن البرديجي قوله – عن هذه السلسة –: "هذه الأحاديث كلها معلولة، وليس عند شعبة منها شيء، وعند سعيد بن أبي عروبة منها حديث، وعند هشام منها آخر، وفيهما نظر" اهـ. وقد بين الإمام أحمد سبب ضعفها أيضاً – فيما نقله عنه أبو داود في مسائله (304) – بقوله: "أحاديث قتادة عن سعيد بن المسيب ما أدري كيف هي؟ قد أدخل بينه وبين سعيد نحواً من عشر رجالْ لا يعرفون".وأما الطريق التي رواها أبو صالح، فقد صوَّب الدارقطني – في العلل 9/200 – إرسالها. وأما رواية الحديث من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة، فقد سأل الترمذي الإمامين البخاري، وأبا عبد الرحمن الدارمي عنه، فلم يعرفاه من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وقال الدارقطني في "العلل" 9/200:" تفرد به أحمد بن محمد بن نيزك – وهو شيخ الترمذي في هذا الحديث – عن الأسود بن عامر، عن صالح بن عمر، عن محمد بن عمر، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رفعه ". وكلام الدارقطني في "العلل" كله يدور على أن الحديث لا يصح مرفوعاً من حديث أبي هريرة، بل هو مرسل، وعلى إرساله من رواية قتادة عن ابن المسيب، وهي سلسلة مطروحة. وقد ضعف الحديث جماعة من أهل العلم، ومنهم: 1- الحافظ ابن رجب، في "لطائف المعارف" ص (459) ، وفي "فتح الباري" 9/16،17.

2- الحافظ ابن حجر، في "الفتح" 2/534 ح (969) .والله أعلم وصلى الله وسلم على نبيا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

صيام يوم عاشوراء

صيام يوم عاشوراء المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 10/1/1425هـ السؤال أسأل عن حكم صيام عاشوراء، وصفة صومه، وهل يوجّه الناس إلى تحرِّي هلال شهر المحرم؟ الجواب صيام يوم عاشوراء سنة يستحب صيامه؛ صامه النبي -صلى الله عليه وسلم- وصامه الصحابة، وصامه موسى قبل ذلك شكراً لله -عز وجل-؛ ولأنه يوم نجَّى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فصامه موسى وبنو إسرائيل شكراً لله -عز وجل-، ثم صامه النبي -صلى الله عليه وسلم- شكراً لله -عز وجل- وتأسياً بنبي الله موسى، وكان أهل الجاهلية يصومونه أيضاً، وأكَّده النبي -صلى الله عليه وسلم-على الأمة، فلما فرض الله رمضان قال:" من شاء صامه ومن شاء تركه" رواه البخاري ومسلم واللفظ له. وأخبر -عليه الصلاة والسلام- أن صيامه يكفِّر اللهُ به السنةَ التي قبله. والأفضل أن يصام قبله يوم أو بعده يوم خلافاً لليهود؛ لما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-:" صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" رواه أحمد، وفي لفظ:" صوموا يوماً قبله ويوماً بعده" فإذا صام يوماً قبله أو بعده يوماً، أو صام اليوم الذي قبله واليوم الذي بعده، أي صام ثلاثة أيام فكله طيب، وفيه مخالفة لأعداء الله اليهود. أما تحري ليلة عاشوراء فهذا أمر ليس باللازم؛ لأنه نافلة ليس بالفريضة. فلا يلزم الدعوة إلى تحري الهلال؛ لأن المؤمن لو أخطأه فصام بعده يوماً وقبله يوماً لا يضره ذلك، وهو على أجر عظيم. ولهذا لا يجب الاعتناء بدخول الشهر من أجل ذلك؛ لأنه نافلة فقط. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء الخامس عشر ص (401) ]

صيام يوم السبت

صيام يوم السبت المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 2/3/1424هـ السؤال السلام عليكم، وبعد: في كل عام تثار عندنا قضية صيام يوم السبت أجائز هو أم مكروه أم لا يجوز؟ فهذا للشيخ ناصر وهذا للشيخ ابن باز وهذا للشيخ ابن تيمية -رحمهم الله جميعاً- وجزاهم الله عنا خير الجزاء. والسلام عليكم. الجواب يرى بعض الفقهاء كراهة صوم يوم السبت وحده، ما لم يوافق عادة أو يصم عن قضاء أو نذر ونحوه، ودليل ذلك ما ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" رواه أحمد (17686) ، والترمذي (744) وغيرهما. ويرى آخرون ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا يكره صوم يوم السبت منفرداً؛ لأنه قد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يصوم يوم السبت ويوم الأحد، ويقول:"إنهما يوما عيد للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم" رواه النسائي في الكبرى (2788) ، وصححه ابن خزيمة (2167) ، وحملوا حديث النهي على الاضطراب والشذوذ أو أنه منسوخ ولعل هذا القول أصح، والمسألة بعد من مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الخلاف، ولا يلزم أن يتفق الفقهاء فيها على حكم واحد، وبناء على هذا فلا ينبغي أن تكون هذه المسألة قضية تشغل فيها الأوقات وينشغل الناس بها عن الواجبات.

صوم يوم السبت تطوعا

صوم يوم السبت تطوعاً المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 7/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: كما تعلمون - حفظكم الله - وافق هذا العام يوم التاسع من محرم 1415هـ يوم السبت، وكان يوم العاشر يوم الأحد حسب تقويم أم القرى، وعملاً بالحديث: "لئن عشت إلى قابل لأصومنَّ التاسع والعاشر" الحديث أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -، صمت يومي السبت والأحد. ولكن أحد الإخوة اعترض على صيام يوم السبت، وقال: إن صيامه تطوعاً منهي عنه؛ لما ورد في الحديث وذكر معناه ولم يذكر نصه. ولرغبتي في استجلاء الموضوع، وعملاً بقوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" أرجو من سماحتكم إيضاح هذا الإشكال مع ذكر الحديث ومدى صحته، وما نصيحتكم حول هذا الموضوع؟ والله يحفظكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: الحديث المذكور معروف وموجود في بلوغ المرام في كتاب الصيام، وهو حديث ضعيف شاذ ومخالف للأحاديث الصحيحة، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" ومعلوم أن اليوم الذي بعده هو يوم السبت، والحديث المذكور في الصحيحين. وكان - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم السبت ويوم الأحد ويقول: "إنهما يوما عيد للمشركين فأحب أن أخالفهم". والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على جواز صوم يوم السبت تطوعاً. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ابن باز - رحمه الله تعالى - (15/412-413) ] .

استئذان المرأة زوجها في صيام التطوع

استئذان المرأة زوجها في صيام التطوع المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 7/10/1423هـ السؤال هل يلزم المرأة أن تأخذ إذناً من زوجها أثناء صيام التطوع وما حكم هذا الصيام؟ الجواب نعم. لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعاً وزوجها شاهد إلا بإذنه لأن له عليها حق العشرة والاستمتاع فإذا صامت فإنها تمنعه من حقوقه، فلا يجوز لها ذلك ولا يصح صومها تنفلاً إلا بإذنه. [المنتقى من فتوى الفوزان (4/73-74) ] .

الأيام المنهي عن الصيام فيها

الأيام المنهي عن الصيام فيها المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 5/10/1423هـ السؤال ما هي الأيام التي يكره الصيام فيها؟ الجواب الأيام التي ينهى عن الصيام فيها يوم الجمعة، حيث لا يجوز أن يصوم يوم الجمعة مفرداً يتطوع بذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك. وهكذا لا يفرد يوم السبت تطوعاً، لكن إذا صام الجمعة ومعها السبت أو معها الخميس فلا بأس، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكذلك ينهى عن صوم يوم عيد الفطر وذلك محرم. وكذلك يوم عيد النحر وأيام التشريق كلها لا تصام؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، إلا أن أيام التشريق قد جاء ما يدل على جواز صومها عن هدي التمتع والقران خاصة لمن لم يستطع الهدي؛ لما ثبت في البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - وابن عمر - رضي الله عنهما - قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي"، أما كونها تصام تطوعاً أو لأسباب أخرى فلا يجوز كيوم العيد؛ وهكذا يوم الثلاثين من شعبان إذا لم تثبت رؤية الهلال، فإنه يوم شك لا يجوز صومه في أصح قولي العلماء سواء كان صحواً أو غيماً؛ للأحاديث الصحيحة الدالة على النهي عن ذلك، والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ابن باز - رحمه الله تعالى - (15/407 - 408) ] .

إفراد يوم الجمعة بالصيام

إفراد يوم الجمعة بالصيام المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 5/10/1423هـ السؤال هل يجوز صيام يوم الجمعة منفرداً قضاء؟ الجواب صيام يوم الجمعة منفرداً نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان صومه لخصوصيته؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - دخل على امرأة من نسائه فوجدها صائمة يوم الجمعة؛ فقال: "أكنت صمت أمس؟ " قالت: لا، فقال: "أتريدين أن تصومي غداً؟ " قالت: لا، قال: "فأفطري"، وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده". لكن إذا صادف يوم الجمعة يوم عرفة فصامه المسلم وحده فلا بأس بذلك؛ لأن هذا الرجل صامه لأنه يوم عرفة لا لأنه يوم الجمعة، وكذلك لو كان عليه قضاء من رمضان ولا يتسنى له فراغ إلا يوم الجمعة فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ وذلك لأنه يوم فراغه، وكذلك لو صادف يوم الجمعة يوم عاشوراء فصامه فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ لأنه صامه لأنه يوم عاشوراء لا لأنه يوم الجمعة، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام"، فنص على التخصيص، أي على أن يفعل الإنسان ذلك لخصوص يوم الجمعة أو ليلتها. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ابن باز رحمه الله تعالى (15/414-415) ] .

الصيام بنية التطوع والقضاء

الصيام بنية التطوع والقضاء المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 5/10/1423هـ السؤال هل يجوز صيام التطوع بنيتين: نية قضاء ونية سنة؟ وما حكم الصوم بالنسبة للمسافر والمريض؟ إذا كانا قادرين على الصيام فهل يقبل منهما أم لا؟ الجواب لا يجوز صيام التطوع بنيتين، نية القضاء ونية السنة، والأفضل للمسافر سفر قصر أن يفطر، ولكنه لو صام أجزأه، والأفضل لمن يشق عليه الصوم مشقة فادحة لمرضه أن يفطر، وإن علم أو غلب على ظنه أنه يصيبه ضرر أو هلاك بصومه وجب عليه الفطر؛ دفعاً للحرج والضرر، وعلى كل من المسافر والمريض قضاء صيام ما أفطره من أيام رمضان في أيام أخر، ولكنه لو صام مع الحرج أجزأه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/383) ] .

حكم موالاة صيام الست

حكم موالاة صيام الست المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 01/10/1425هـ السؤال هل صيام الأيام الستة يلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة أو يجوز بعد العيد بعدة أيام؟ على أن تصام متتالية في شهر شوال؟ الجواب لا يلزمه أن يصومها بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما يتيسر له، والأمر في ذلك واسع، وليست فريضة بل هي سنة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/391) ] .

إفراد يوم الجمعة بالصيام

إفراد يوم الجمعة بالصيام المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 17/9/1424هـ السؤال أريد أن أصوم يوم الجمعة بمفرده عن يوم من أيام الست من شوال، هل هذا داخل في النهي؟ أفيدونا مأجورين. الجواب لا بأس بإفراد يوم الجمعة بصيام عن قضاء فريضة أو نذر أو صيام ست من شوال، لحديث جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" رواه مسلم (1144) وغيره.

قضاء صوم النافلة

قضاء صوم النافلة المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 7/10/1423هـ السؤال أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وفي أحد الأشهر أصابني مرض فلم أصمها، فهل علي قضاء أو كفارة؟ الجواب صوم النافلة لا يقضى ولو ترك اختياراً، إلا أن الأولى بالمسلم المداومة على ما كان يعمله من عمل صالح؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أحب الأعمال إلى الله ماداوم عليه صاحبه وإن قل" فلا قضاء عليك في ذلك، ولا كفارة، علماً أن ما تركه الإنسان من عمل صالح كان يعمله لمرض أو عجز أو سفر ونحو ذلك يكتب له أجره؛ لحديث: "إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً" رواه البخاري في صحيحه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/402-403) ] .

أفضل الأيام للتطوع بالصيام

أفضل الأيام للتطوع بالصيام المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 7/10/1423هـ السؤال ما خير الأيام لصيام التطوع وأفضل الشهور لإخراج الزكاة؟ الجواب أفضل الأيام لصيام التطوع: الإثنين والخميس، وأيام البيض، وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، وعشر ذي الحجة، وخاصة يوم عرفة، والعاشر من شهر محرم، مع صيام يوم قبله أو يوم بعده، وستة أيام من شوال. أما الزكاة فتخرج بعد تمام الحول إذا بلغ المال نصاباً في أي شهر. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/385) ] .

حكم صيام الست من شوال

حكم صيام الست من شوال المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 03/10/1425هـ السؤال هل هناك أفضلية لصيام ست من شوال؟ وهل تصام متفرقة أم متوالية؟ الجواب نعم، هناك أفضلية لصيام ستة أيام من شهر شوال، كما جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر" رواه مسلم في كتاب الصيام بشرح النووي (8/56) ، يعني: صيام سنة كاملة. وينبغي أن يتنبه الإنسان إلى أن هذه الفضيلة لا تتحقق إلا إذا انتهى رمضان كله، ولهذا إذا كان على الإنسان قضاء من رمضان صامه أولاً ثم صام ستاً من شوال، وإن صام الأيام الستة من شوال ولم يقض ما عليه من رمضان فلا يحصل هذا الثواب سواء قلنا بصحة صوم التطوع قبل القضاء أم لم نقل، وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من صام رمضان ثم أتبعه ... " والذي عليه قضاء من رمضان يقال صام بعض رمضان ولا يقال صام رمضان، ويجوز أن تكون متفرقة أو متتابعة، لكن التتابع أفضل؛ لما فيه من المبادرة إلى الخير وعدم الوقوع في التسويف الذي قد يؤدي إلى عدم الصيام. [فتاوى ابن عثيمين -رحمه الله- كتاب الدعوة (1/52-53) ] .

استئناف المتطوع للصوم بعد الظهر

استئناف المتطوع للصوم بعد الظهر المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 19/5/1424هـ السؤال إنه في يوم الإثنين استيقظت عند صلاة الظهر، فهل يجوز أن أكمل اليوم وأصوم؟ مع العلم أنني لم تكن عندي نية الصيام في هذا اليوم، وشكراً. الجواب إذا كان الصوم نفلاً يجوز له أن ينويه من النهار، لما روى مسلم (1154) من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال: "هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، قال: "فإني إذن صائم"، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإني إذن صائم" تعليل لهذا الحكم بعدم وجود شيء في البيت، وهذا الحديث مطلق لم يقيد بما قبل الزوال أو بعد الزوال، فيجوز أن ينوي صيام هذا اليوم قبل الزوال وكذلك بعد الزوال، إلا أن الأجر يحسب له من حين النية، فليس من نوى قبل الزوال كمن نوى بعد الزوال، وكذلك جاءت الآثار الكثيرة عن الصحابة - رضي الله عنهم - مثل ما جاء عن أبي الدرداء وعن أبي طلحة وعن أنس وعن حذيفة وعن ابن مسعود أنهم صاموا بنية من النهار، -رضي الله عنهم- أجمعين.

توجيهات تتعلق بشهر شعبان

توجيهات تتعلق بشهر شعبان المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 04/08/1425هـ السؤال ما حكم الصيام في شهر شعبان، وهل ليوم النصف منه وليلته مزية خاصة، وما حكم ما يقوم به بعض الناس من توزيع للأطعمة والهدايا في المنتصف منه؟. الجواب اخترنا لك أخي الكريم إجابة شاملة لسؤالك بإذن الله لفضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - فإليك ما قاله الشيخ - رحمه الله - في هذا الموضوع: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين المعتدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً. أما بعد: فهذه كلمات يسيرة في أمور تتعلق بشهر شعبان. الأمر الأول: في فضل صيامه. ففي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان» البخاري (1969) ، ومسلم (1156) . وفي البخاري (1970) في رواية: «كان يصوم شعبان كله» . وفي مسلم في رواية: «كان يصوم شعبان إلا قليلاً» . وروى الإمام أحمد (21753) ، والنسائي (2357) من حديث أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: «لم يكن (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) يصوم من الشهر ما يصوم من شعبان» ، فقال له: لم أرك تصوم من الشهر ما تصوم من شعبان قال: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين عز وجل فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» قال في الفروع (ص 120 ج 3 ط آل ثاني) : والإسناد جيد. الأمر الثاني: في صيام يوم النصف منه.

فقد ذكر ابن رجب - رحمه الله تعالى - في كتاب اللطائف (ص 341 ط دار إحياء الكتب العربية) أن في سنن ابن ماجة (1388) بإسناد ضعيف عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا حتى يطلع الفجر» . قلت: وهذا الحديث حكم عليه صاحب المنار بالوضع، حيث قال (ص 226 في المجلد الخامس من مجموع فتاويه) : والصواب أنه موضوع، فإن في إسناده أبا بكر بن عبد الله بن محمد، المعروف بابن أبي سبرة، قال فيه الإمام أحمد ويحيى بن معين: إنه كان يضع الحديث. وبناء على ذلك فإن صيام يوم النصف من شعبان بخصوصه ليس بسنة، لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بأخبار دائرة بين الضعف والوضع باتفاق علماء الحديث، اللهم إلا أن يكون ضعفها مما ينجبر بكثرة الطرق والشواهد، حتى يرتقي الخبر بها إلى درجة الحسن لغيره، فيعمل به إن لم يكن متنه منكراً أو شاذًّا. وإذا لم يكن صومه سنة كان بدعة، لأن الصوم عبادة فإذا لم تثبت مشروعيته كان بدعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» أخرجه مسلم (867) من حديث جابر – رضي الله عنه -. الأمر الثالث: في فضل ليلة النصف منه. وقد وردت فيه أخبار قال عنها ابن رجب في اللطائف بعد ذكر حديث علي السابق: إنه قد اختلف فيها، فضعفها الأكثرون، وصحح ابن حبان بعضها وخرجها في صحيحه. ومن أمثلتها حديث عائشة - رضي الله عنها - وفيه: "أن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب". خرجه الإمام أحمد (26018) والترمذي (739) وابن ماجة (1389) ، وذكر الترمذي أن البخاري ضعَّفه، ثم ذكر ابن رجب أحاديث بهذا المعنى وقال: وفي الباب أحاديث أخر فيها ضعف. اهـ

وذكر الشوكاني أن في حديث عائشة المذكور ضعفاً وانقطاعاً. وذكر الشيخ عبد العزيز بن باز ـ حفظه الله تعالى ـ أنه ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، وقد حاول بعض المتأخرين أن يصححها لكثرة طرقها ولم يحصل على طائل، فإن الأحاديث الضعيفة إذا قدر أن ينجبر بعضها ببعض فإن أعلى مراتبها أن تصل إلى درجة الحسن لغيره، ولا يمكن أن تصل إلى درجة الصحيح كما هو معلوم من قواعد مصطلح الحديث. الأمر الرابع: في قيام ليلة النصف من شعبان، وله ثلاث مراتب: المرتبة الأولى: أن يصلى فيها ما يصليه في غيرها، مثل أن يكون له عادة في قيام الليل فيفعل في ليلة النصف ما يفعله في غيرها من غير أن يخصها بزيادة، معتقداً أن لذلك مزية فيها على غيرها، فهذا أمر لا بأس به، لأنه لم يحدث في دين الله ما ليس منه. المرتبة الثانية: أن يصلى في هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان دون غيرها من الليالي، فهذا بدعة، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر به، ولا فعله هو ولا أصحابه. وأما حديث علي ـ رضي الله عنه ـ الذي رواه ابن ماجة: «إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها» . فقد سبق عن ابن رجب أنه ضعَّفه، وأن محمد رشيد رضا قال: إنه موضوع، ومثل هذا لا يجوز إثبات حكم شرعي به، وما رخص فيه بعض أهل العلم من العمل بالخبر الضعيف في الفضائل، فإنه مشروط بشروط لا تتحقق في هذه المسألة، فإن من شروطه أن لا يكون الضعف شديداً، وهذا الخبر ضعفه شديد، فإن فيه من كان يضع الحديث، كما نقلناه عن محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى.

الشرط الثاني: أن يكون وارداً فيما ثبت أصله، وذلك أنه إذا ثبت أصله ووردت فيه أحاديث ضعفها غير شديد كان في ذلك تنشيط للنفس على العمل به، رجاء للثواب المذكور دون القطع به، وهو إن ثبت كان كسباً للعامل، وإن لم يثبت لم يكن قد ضره بشيء لثبوت أصل طلب الفعل. ومن المعلوم أن الأمر بالصلاة ليلة النصف من شعبان لا يتحقق فيه هذا الشرط، إذ ليس لها أصل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره ابن رجب وغيره. قال ابن رجب في اللطائف (ص 541) : فكذلك قيام ليلة النصف من شعبان لم يثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه شيء. وقال الشيخ محمد رشيد رضا (ص 857 في المجلد الخامس) : إن الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في سنته عملاً خاصًّا بهذه الليلة اهـ. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز: ما ورد في فضل الصلاة في تلك الليله فكله موضوع. اهـ وغاية ما جاء في هذه الصلاة ما فعله بعض التابعين، كما قال ابن رجب في اللطائف (ص 441) : وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنهم بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك: فمنهم من قبله ووافقهم على تعظيمها، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، وقالوا: ذلك كله بدعة. اهـ

ولا ريب أن ما ذهب إليه علماء الحجاز هو الحق الذي لا ريب فيه، وذلك لأن الله تعالى يقول: "?لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ?لإسْلاَمَ دِيناً" [المائدة:3] ولو كانت الصلاة في تلك الليلة من دين الله تعالى لبيَّنها الله تعالى في كتابه، أو بيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله أو فعله، فلما لم يكن ذلك علم أنها ليست من دين الله، وما لم يكن منه فهو بدعة، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل بدعة ضلالة» . المرتبة الثالثة: أن يصلى في تلك الليلة صلوات ذات عدد معلوم، يكرر كل عام، فهذه المرتبة أشد ابتداعاً من المرتبة الثانية وأبعد عن السنة. والأحاديث الواردة فيها أحاديث موضوعة، قال الشوكاني في الفوائد المجموعة (ص 15 ط ورثة الشيخ نصيف) : وقد رويت صلاة هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة وموضوعة. الأمر الخامس: أنه اشتهر عند كثير من الناس أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام. وهذا باطل، فإن الليلة التي يقدر فيها ما يكون في العام هي ليلة القدر، كما قال الله تعالى: "حم? * وَ?لْكِتَـ?بِ ?لْمُبِينِ * إِنَّآ أَنزَلْنَـ?هُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـ?رَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ ?لسَّمِيعُ ?لْعَلِيمُ" [الدخان –6] وهذه الليلة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر، كما قال تعالى: "إِنَّا أَنزَلْنَـ?هُ فِى لَيْلَةِ ?لْقَدْرِ" وهي في رمضان، لأن الله تعالى أنزل القرآن فيه، قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ ?لَّذِى? أُنزِلَ فِيهِ ?لْقُرْآنُ" [البقرة:185] فمن زعم أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام، فقد خالف ما دل عليه القرآن في هذه الا?يات.

الأمر السادس: أن بعض الناس يصنعون أطعمة في يوم النصف يوزعونها على الفقراء ويسمونها عشيات الوالدين. وهذا أيضاً لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون تخصيص هذا اليوم به من البدع التي حذَّر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيها: «كل بدعة ضلالة» . وليعلم أن من ابتدع في دين الله ما ليس منه فإنه يقع في عدة محاذير منها: المحذور الأول: أن فعله يتضمن تكذيب ما دل عليه قول الله عز وجل: "?لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " [المائدة:3] ، لأن هذا الذي أحدثه واعتقده ديناً لم يكن من الدين حين نزول الا?ية، فيكون الدين لم يكمل على مقتضى بدعته. المحذور الثاني: أن ابتداعه يتضمن التقدم بين يدي الله ورسوله، حيث أدخل في دين الله تعالى ما ليس منه. والله سبحانه قد شرع الشرائع وحدّ الحدود وحذَّر من تعديها، ولا ريب أن من أحدث في الشريعة ما ليس منها فقد تقدم بين يدي الله ورسوله، وتعدى حدود الله، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون. المحذور الثالث: أن ابتداعه يستلزم جعل نفسه شريكاً مع الله تعالى في الحكم بين عباده، كما قال الله تعالى: "أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ?لدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ?للَّهُ" [الشورى:21] . المحذور الرابع: أن ابتداعه يستلزم واحداً من أمرين، وهما: إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جاهلاً بكون هذا العمل من الدين، وإما أن يكون عالماً بذلك ولكن كتمه، وكلاهما قدح في النبي صلى الله عليه وسلم، أما الأول فقد رماه بالجهل بأحكام الشريعة، وأما الثاني فقد رماه بكتمان ما يعلمه من دين الله تعالى. المحذور الخامس: أن ابتداعه يؤدي إلى تطاول الناس على شريعة الله تعالى، وإدخالهم فيها ما ليس منها، في العقيدة والقول والعمل، وهذا من أعظم العدوان الذي نهى الله عنه.

المحذور السادس: أن ابتداعه يؤدي إلى تفريق الأمة وتشتيتها واتخاذ كل واحد أو طائفة منهجاً يسلكه ويتهم غيره بالقصور، أو التقصير، فتقع الأمة فيما نهى الله عنه بقوله: "وَلاَ تَكُونُواْ كَ?لَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَ?خْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ?لْبَيِّنَـ?تُ وَأُوْلَـ?ئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [آل عمران:105] ، وفيما حذر منه بقوله: "إِنَّ ?لَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ?للَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ" [الأنعام: 159] . المحذور السابع: أن ابتداعه يؤدي إلى انشغاله ببدعته عما هو مشروع، فإنه ما ابتدع قوم بدعة إلا هدموا من الشرع ما يقابلها. وإن فيما جاء في كتاب الله تعالى، أو صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم من الشريعة لكفاية لمن هداه الله تعالى إليه واستغنى به عن غيره، قال الله تعالى: "يَ?أَيُّهَا ?لنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مَّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِى ?لصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ ?للَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ". وقال الله تعالى: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ?تَّبَعَ هُدَاي فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى? " [طه:123] . أسأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا المسلمين صراطه المستقيم، وأن يتولانا في الدنيا والا?خرة إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين.

صيام يوم السبت إذا وافق يوم عرفة

صيام يوم السبت إذا وافق يوم عرفة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 5/12/1424هـ السؤال كثر السؤال حول موضوع صيام يوم عرفة وقد وافق يوم السبت هذا العام، ويستشكل بعضهم أنه ورد في صيام يوم السبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم". أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خيراً. الجواب سئل فضيلة الشيخ/ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - عن هذا الحديث فإليك نص الجواب: الحديث المذكور معروف وموجود في بلوغ المرام في كتاب الصيام، وهو حديث ضعيف شاذ ومخالف للأحاديث الصحيحة، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" ومعلوم أن اليوم الذي بعده هو يوم السبت، والحديث المذكور في الصحيحين. انظر صحيح البخاري (1985) , وصحيح مسلم (1144) . وكان - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم السبت ويوم الأحد ويقول: "إنهما يوما عيد للمشركين فأحب أن أخالفهم". انظر مسند أحمد (26750) , وصحيح ابن حبان (3616) . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على جواز صوم يوم السبت تطوعاً. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ابن باز - رحمه الله تعالى - (15/412-413) ] .

صيام الأيام البيض

صيام الأيام البيض المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 22/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل صح حديث في فضل صيام البيض، أم أن ما صح هو صيام ثلاثة أيام من كل شهر بدون تحديد؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لاريب أن الأصح هو ما ورد في صيام ثلاثة أيام من كل شهر من غير تحديد- كما ثبت ذلك في صحيح مسلم (1160) من حديث عائشة، رضي الله عنها. ومع هذا فإن صيام الأيام البيض الأحاديث فيها جيدة، وأقواها حديث جرير عند النسائي (2420) ، ويقوي هذه الأحاديث ما عضدها من آثار صحاحٍ عن الصحابة، رضي الله عنهم، وعلى رأسهم الفاروق عمر، رضي الله عنه، فقد روى الحارث بن أبي أسامة في مسنده (340- بغية) بسند صحيح أن عمر، رضي الله عنه، كان يصوم الأيام البيض، ومثل هذا لا يفعله عمر، رضي الله عنه، إلا عن توقيف، والله أعلم. وإذا ضممنا إلى ذلك- على سبيل الاستئناس- ما أثبته الطب من أن الدم في الليالي القمرية يحصل له شيء من الحركة الزائدة، فإنه قد ثبت أن الصوم يضيق مجاري الدم، فبهذا تلتقي الجهتان: الطبية مع الشرعية. وهذا- كما قلت- يُذكر على سبيل الاستئناس، وإلا فالشرع لا يثبت بمثل هذه الآراء المجردة. وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ما لا يجوز صومه من الأيام

ما لا يجوز صومه من الأيام المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/صيام التطوع التاريخ 18/10/1426هـ السؤال ماهي الأيام التي لا يجوز صومها؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فجميع أيام السَنة محل لصيام النافلة إلا الأيام التالية: 1- يومي العيد، وهذا بالإجماع؛ لحديث عمر -رضي الله عنه- وغيره. صحيح البخاري (1864، 1990) ، وصحيح مسلم (1137، 1138) . 2- أيام التشريق، وهي اليوم (11، 12، 13) من شهر ذي الحجة، وهو قول جماهير العلماء - وهو الراجح-؛ لحديث ابن عمر وعائشة - رضي الله عنهم- صحيح البخاري (1998) . ويستثنى من ذلك من لم يجد الهدي من الحجاج، فيجوز أن يصومها. 3- تخصيص يوم الجمعة بالصيام، على القول الراجح؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في صحيح مسلم (1144) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم". 4- يوم الشك من شعبان، الذي يسبق رمضان؛ لحديث عمار في السنن، سنن أبي داود (2334) ، وجامع الترمذي (686) ، وسنن النسائي (2189) ، وسنن ابن ماجه (1645) . ويلحق به تقدم رمضان بيوم أو يومين بقصد الاحتياط، فإن وافق صياماً يصومه الشخص فلا بأس. وأما بقية الأيام فيجوز صومها، ومنها اليوم الثاني من شوال.

مسائل متفرقة

كان يفطر في بعض أيام رمضان، فما يجب عليه؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 18/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: أنا الآن رجل تائب، وبما أننا في هذه الأيام المباركة وأردت أن أسأل سؤالاً أخذ حيرة شديدة في نفسي؛ ألا وهو: كنت في الأيام الخوالي من بداية فترة البلوغ لا أصوم بعض أيام رمضان والعياذ بالله، ولا أدري كم يوماً أفطرت، طبعاً كنت أفطر بدون أي عذر، وأعرف حكمه في الإسلام، ولكن ما سبيل النجاة جزاكم الله خيراً؟ وماذا علي أن أفعل وأنا الآن رجل تائب إلى الله سبحانه وتعالى؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي وفَّقك للتوبة ونسأل الله لنا ولك الثبات. إذا كنت تفطر متعمداً من غير عذر فهذا محل خلاف بين أهل العلم، فقيل إن من أفطر متعمداً بدون عذر فعليه التوبة فقط دون القضاء، لأن عمله من الكبائر فالقضاء لا يكون مقبولاً منه، فعليه كما سبق التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة. وقال بعض العلماء بل عليه القضاء مع التوبة لعموم الأدلة على وجوب القضاء. وإذا أردت أن تحتاط وتصوم القضاء ولا تدري كم يوماً أفطرت، فإنك تجتهد وتتحرى في عدد تلك الأيام ثم تصوم عدد الأيام التي ترجح عندك ترك صومها، ولا شيء عليك بعد ذلك، والله أعلم.

إفطار المسافر إذا قدم صائما

إفطار المسافر إذا قدم صائماً المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 21/10/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، وبعد: سؤالي هو: شخص كان مسافرا لمدة ثلاثة أيام وأثناء عودته (أثناء الطريق تناول السحور قبل ما يقارب 400 كيلو من مدينته التي يقيم فيها) وكان ينوي الصيام في اليوم التالي، ولكنه تأخر في الطريق ولم يصل إلى منزله إلا قرابة الساعة التاسعة صباحا وكان الطريق متعبا له جدا ومرهقاً حيث لم ينم وعند وصوله إلى بيته استقبلته زوجته وبعد الحديث والاطمئنان على الأولاد قام بجماع المرأة بحجة أنه مفطر لأنه كان مسافراً وأكمل ذلك اليوم بعد الجماع. افيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم تسليماً، أما بعد: فإن من كان به عذر يبيح له الفطر في رمضان كمسافر أو مريض ثم زال العذر أثناء النهار، كأن يصح المريض ويقدم المسافر ففيهما لأهل العلم قولان: فالشافعي ومالك يقولان: لا يلزمه الإمساك. وقالت الحنفية ورواية عند الحنابلة: يلزمه الإمساك.

فإن كان أحد الزوجين من أحد هؤلاء والآخر لا عذر له ثم حصل جماع فلكل واحد حكم نفسه، فإن قلنا يلزمه الإمساك، فعليه وعلى الزوجة الكفارة صيام شهرين أو إطعام ستين مسكيناً، وإن كان أحدهما من أحد هؤلاء والآخر لا عذر له فلكل واحد حكم نفسه والسائل لا يدخل في هذا الحكم، فإنه لم يكن مفطراً ثم زال عذره بل أصبح صائماً ووصل مقر إقامته وهو صائم فلا يجوز له الفطر، وإن شعر بتعب فإن الذي يبيح له الفطر هو الخوف من المرض أو زيادته، وأما مجامعته لزوجه في رمضان فتجب فيها الكفارة: صيام شهرين أو إطعام ستين مسكيناً. وقد أخطأ في إفساد صيام زوجه فيتوب إلى الله ويستغفر الله، وعليها الكفارة لأنها مطاوعة له -ولو كان مكرهاً لها- كانت كفارتها عليه، والله أعلم.

صحة حديث " أفطر عندكم الصائمون ... "

صحة حديث " أفطر عندكم الصائمون ... " المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 25/9/1422 السؤال نرجو منكم بيان درجة حديث:" أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة " الجواب أحاديث الدعاء لمن أفطر عنده: ورد في ذلك عدة أحاديث منها: ما رواه أبو داود 4/189 في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده ح (3854) : حدثنا مخلد بن خالد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبز وزيت، فأكل، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلّت عليكم الملائكة ". تخريجه: *أخرجه أحمد 3/138، والطبراني في " الدعاء " 2/1332 ح (924) عن إسحاق الدبري، والبيهقي في " الآداب " (110) ح (329) من طريق أحمد بن منصور، ثلاثتهم (أحمد، والدبري، وابن منصور) عن عبد الرزاق [وهو في المصنف 4/311ح (7907) ] به بنحوه ولفظ عبد الرزاق في المصنف: " وتنزلت عليكم الملائكة " بدلاً من " وصلت عليكم الملائكة " إلاّ أن أحمد قال في روايته: عن أنس أو غيره بالشك، وفي أول حديثه قصة عيادة النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة، وقال في حديثه: [فجاء سعد بزبيب] .

*وأخرجه الترمذي 5/55 في الاستئذان، باب ما جاء في التسليم على الصبيان ح (2696) ، والنسائي في الكبرى 5/92 في المناقب، باب أبناء الأنصار رضي الله عنهم ح (8349) عن قتيبة بن سعيد، والبزار - كشف - 2/420 ح (2007) ، والبيهقي في " الكبرى " 7/287 من طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، كلاهما (قتيبة، وابن أبي الشوارب) عن جعفر بن سليمان الضبعي، عن ثابت به لكن لم يذكر قتيبة في حديثه سوى قصة سلام النبي صلى الله عليه وسلم على أبناء الأنصار، وفي حديث ابن أبي الشوارب قصة في أوله، وكلاهما رواه عن جعفر، عن ثابت، عن أنس بدون شك. *وأخرجه النسائي في الكبرى (عمل اليوم والليلة) 6/81-82 باب ما يقول إذا أفطر عند أهل بيت ح (10128 - 10130) من طريق معاذ بن هشام، وخالد ابن الحارث، وعبد الله بن المبارك، وأحمد 3/102، والدارمي 1/451 ح (1721) عن يزيد بن هارون، وأحمد في 3/118 عن وكيع، وإسحاق الأزرق، والبيهقي في " الكبرى " 4/240 من طريق مسلم بن إبراهيم، سبعتهم (معاذ، وخالد، وابن المبارك، ويزيد، ووكيع، وإسحاق، ومسلم) عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، والطبراني في " الدعاء "2/1233 ح (925) من طريق إبراهيم بن المستمر، عن شعيب بن بيان، عن عمران بن القطان، عن قتادة، كلاهما (يحيى، وقتادة) عن أنس بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر عند قوم قال: " أفطر … " فذكره، إلاّ أن ابن المبارك لم يذكر في حديثه قوله: " وصلت عليكم الملائكة "،وهي في حديث يزيد، ومسلم، ووكيع، والأزرق، ومعاذ بن هشام: (وتنزلت عليكم الملائكة) . الحكم عليه:

إسناد أبي داود متصل ورجاله ثقات، لكن هذا الحديث من رواية معمر عن ثابت وهي منتقدة عند الأئمة، فقد قال علي بن المديني: وفي أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة، وذكر - أي ابن المديني - أنها تشبه أحاديث أبان بن أبي عياش، وقال يحيى بن معين: حديث معمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام، وقال العقيلي: أنكرهم رواية عن ثابت: معمر، كما في شرح العلل 2/691،وينظر 2/804. وقد توبع معمر من قبل جعفر بن سليمان الضبعي، وهو صدوق زاهد، لكنه يتشيع، كما في التقريب (140) ، إلاّ أن في روايته عن ثابت أيضاً كلام، فقد قال ابن المديني: أكثر عن ثابت، وكتب مراسيل، وفيها أحاديث مناكير، عن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الأزدي: كان فيه تحامل على بعض السلف، وكان لا يكذب في الحديث ويؤخذ عنه الزهد والرقائق، وأما الحديث فعامة حديثه عن ثابت وغيره فيها نظر، ومنكر "اهـ، من تهذيب التهذيب 2/86-87. وقد صحح النووي هذا الحديث - بإسناد أبي داود - في " الأذكار "، لكن تعقبه الحافظ ابن حجر - كما في الفتوحات الربانية 4/343 - حيث قال: " وفي وصف الشيخ هذا الإسناد بالصحة نظر؛ لأن معمراً وإن احتج به الشيخان فروايته عن ثابت بخصوصه مقدوح فيها - ثم ذكر كلام بعض الأئمة في رواية معمر عن ثابت، ثم قال ـ: وفي هذا السند مع ذلك علة أخرى، وهي التردد بين أنس وغيره عند الإمام أحمد، لاحتمال أن يكون ذلك الغير غير صحابي … ولو وصف الشيخ المتن بالصحة لكان أولى، لأن له طرقاً يقوي بعضها بعضاً " اهـ. وما ذكره الحافظ من الاحتمال، زال برواية الذين جزموا ممن تابعوا الإمام أحمد عن عبد الرزاق، وبرواية جعفر الضبعي أيضاً، فقد جزم فيها بأنه أنس، والله أعلم.

أما طريق يحيى بن أبي كثير: فهي منقطعة، فإن يحيى لم يسمع هذا الحديث من أنس كما نصّ عليه أبو زرعة الرازي، كما في المراسيل لابن أبي حاتم (243) ،وقال:" إن المرفوع في طريق يحيى هذا وهم، والصواب المرسل " اهـ. وقال النسائي - في سننه الكبرى 6/82 -: " يحيى بن أبي كثير لم يسمعه من أنس " اهـ.، وكذا البيهقي في الكبرى 4/240، قال بنحو مما قاله النسائي، وزاد:" وإنما سمعه عن رجلٍ من أهل البصرة، يقال له: عمرو بن زنيب، ويقال: ابن زبيب عن أنس " اهـ. وعمرو هذا له ترجمة في التاريخ الكبير 6/332، والجرح والتعديل 6/233،وذكره ابن حبان في " الثقات " 5/174، وذكره ابن حجر في " التعجيل " 2/63،وهو إلى المجاهيل أقرب، ولذلك لما أورد الهيثمي حديثاً من طريقه في " المجمع " 5/225 قال " فيه عمرو بن زنيب، لم أعرفه " اهـ. وأما طريق قتادة: فقد رواها عنه عمران القطان، وهو صدوق يهم، كما في التقريب (429) ،وعن عمران: شعيب بن بيان، قال الجوزجاني: له مناكير، وقال العقيلي: يحدث عن الثقات بالمناكير، وكان يغلب على حديثه الوهم - كما في تهذيب التهذيب 4/317 -، وعن شعيب: إبراهيم بن المستمر، قال عنه النسائي مرة: صدوق، وقال مرةً: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات " وقال:"ربما أغرب " كما في تهذيب التهذيب 1/148 -. وبهذا يتبين أن هذه المتابعة لا تفيد شيئاً، لما يلي: 1 - تسلسل الإسناد بمن وصفوا بالإغراب والخطأ. 2 - تفرد عمران القطان - حسب البحث - إذ لم أقف على متابع له عن قتادة، وهذا التفرد يدل على نكارة الإسناد. 3 - عنعنة قتادة، ولم أقف على طريق صرّح فيه بالسماع. والمقصود أن حديث أنس، طرقه كلها فيها ضعف، وبعضها شديد الضعف. وفي الباب عن جماعة من الصحابة، ومنهم:

1 - عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر عند قوم قال: " أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وتنزلت عليكم الملائكة ". أخرجه الطبراني في " الدعاء " 2/1233 ح (926) ، وفي إسناده الوليد بن مسلم، وهو وإن كان ثقة، إلاّ أنه يدلِّس كثيراً تدليس التسوية، وتدليس الشيوخ، وفيه أيضاً: سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، وهو " صدوق يخطئ " وهذا الذي وصفه به الحافظ في التقريب (253) ، هو خلاصة ما قاله الأئمة فيه، كما في ترجمته في تهذيب التهذيب 4/187. 2 - عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: أخرجه ابن ماجه 1/556 باب في ثواب من فطر صائماً ح (1747) ،وابن حبان 12/107 ح (5296) من طريق مصعب بن ثابت، عن عبد الله بن الزبير صلى الله عليه وسلم قال: " أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سعد بن معاذ فقال: "أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار، وصلَّت عليكم الملائكة". والحديث مداره على مصعب بن ثابت، وهو ضعيف، وبه ضعَّفه البوصيري في "المصباح" 1/309، وفي الحديث علة أخرى، وهي الانقطاع بين مصعب وجدِّه عبد الله، فقد ذكر المزي في ترجمته 28/19 أن روايته عن جده مرسلة، ووافقه على ذلك أبو زرعة العراقي في كتابه "تحفة التحصيل" (305) ،ومع ذلك فقد صححه ابن حبان، فلعله صححه لشواهده الكثيرة التي تقدم ذكر بعضها، والله أعلم.

صحة حديث "من أفطر يوما من رمضان ... "

صحة حديث "من أفطر يوماً من رمضان ... " المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 27/9/1422 السؤال ما صحة حديث: "من أفطر يوماً من رمضان لم يجزه صيام الدهر، وإن صامه "؟ الجواب هذا حديث رواه أبو داود ـ وغيره كما سأبين ـ في 2/788، باب التغليظ فيمن أفطر عمداً، ح (2396، 2397) حدثنا سلميان بن حرب، قال: حدثنا شعبة / ح / وحدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عمارة بن عمير، عن ابن مطوس، عن أبيه ـ قال ابن كثير: عن أبي المطوس عن أبيه ـ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من أفطر يوماً من رمضان في غير رخصة رخصها الله له، لم يقض عنه صيام الدهر "حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني حبيب، عن عمارة، عن ابن المطوس، قال: فلقيت ابن المطوّس، فحدثني، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل حديث ابن كثير وسليمان. قال أبو داود: واختلف على سفيان وشعبة عنهما: ابن المطوّس، وأبو المطوّس. تخريجه:

*أخرجه النسائي في: الكبرى " 2/245 ح (3282) وأحمد 2/380، وابن خزيمة 3/238 ح (1987) من طريق محمد بن جعفر المعروف بغندر، وأبو داود الطيالسي في مسنده ص (331) ـ ومن طريقه: النسائي في " الكبرى " 2/245 ح (3283) ، وابن خزيمة 3/238 ح (1988) ـ، والنسائي في " الكبرى " 2/245 ح (3282) من طريق ابن علية، وأحمد 2/386،وفي 2/458 عن بهز بن أسد، على أنه قرنه في الموضع الثاني بغندر، والدارمي 1/436ح (1667) عن أبي الوليد الطيالسي (هشام بن عبد الملك) ، وابن خزيمة 2/238 ح (1987) من طريق خالد بن الحارث، وابن أبي عدي، والطحاوي في " شرح المشكل " 4/179 من طريق سعيد بن عامر، ثمانيتهم (غندر، وأبو داود، وابن علية، وبهز، وأبو الوليد، وخالد، وابن أبي عدي، وسعيد بن عامر) عن شعبة به بنحوه، إلاّ أن بعضهم قال: عن ابن المطوس، وبعضهم قال: عن أبي المطوس، وفي حديث أبي داود الطيالسي قال حبيب: وقد رأيت أبا المطوس، وفي حديث سعيد بن عامر، لم يذكر عمارة بن عمير بين حبيب وأبي المطوس. *وأخرجه الترمذي 3/101، باب ما جاء في الإفطار عمداً ح (723) ، والنسائي في " الكبرى " 2/245 ح (3279) ، كلاهما عن محمد بن بشار (بندار) ، وأحمد 2/470 ـ ومن طريقه أبو داود 2/788 ح (2397) ـ كلاهما (بندار، وأحمد) عن ابن مهدي، ويحيى القطان، إلا أن أبا داود لم يخرج حديث ابن مهدي.

والنسائي في " الكبرى " 2/244، ح (3278) ، وأحمد 2/470، من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، والنسائي 2/245 ح (3280) من طريق عبد الرزاق [وهوفي مصنفه 4/198 ح (7474) ] ،وأبي داود الطيالسي، وابن أبي شيبة 2/348 ح (9783) ـ وعنه ابن ماجه 1/535، باب ماجاء في كفارة من أفطر يوماً من رمضان ح (1672) ـ، وابن ماجه 1/535 ح (1672) عن علي بن محمد، وأحمد 2/442، ثلاثتهم (ابن أبي شيبة، وعلي، وأحمد) عن وكيع، وأحمد 2/470 عن يزيد بن هارون، والدارمي 1/435 ح (1666) عن محمد بن يوسف الفريابي، ثمانيتهم (ابن مهدي، والقطان، ابو نعيم، وعبد الرزاق، والطيالسي، ووكيع، ويزيد، والفريابي) عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت به بنحوه، إلاّ أن وكيعاً، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، وأبا داود الطيالسي، وابن مهدي، والقطان - فيما رواه عنهما بندار - كلهم لم يذكروا عمارة بن عمير بين حبيب، وأبي المطوس، وبعضهم قال: أبو المطوّس، وبعضهم قال: ابن المطوّس. *وعلقه البخاري 2/40 باب إذا جامع في رمضان، وقال: ويُذكر عن أبي هريرة رفعه…فذكر نحوه. *وأخرجه النسائي في " الكبرى، 2/246 ح (3284) عن هلال بن العلاء، عن أبيه، عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن علي ابن الحسين، عن أبي هريرة: أن رجلاً أفطر في شهر رمضان، فأتى أبا هريرة فقال: لا يقبل منه صوم سنة. *وأخرجه النسائي في " الكبرى " 2/246 () ح (3285) من طريق شريك عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة موقوفاً بلفظ:" من أفطر يوما من رمضان لم يقضه يوم من أيام الدنيا ". الحكم عليه:

إسناد أبي داود رجاله ثقات، سوى ابن المطوّس، أو أبو المطوس: هو يزيد، وقيل عبد الله بن المطوس وثقه ابن معين، وقال أحمد: لا أعرفه، ولا أعرف حديثه عن غيره، وقال البخاري: لا أعرف له غير حديث الصيام، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا؟ ،وقال ابن حبان: يروي عن أبيه مالا يتابع عليه، لا يجوز الاحتجاج بأفراده، علق ابن حجر - معلقاً على كلام ابن حبان -:"وإذا لم يكن له إلاّ هذا الحديث فلا معنى لهذا الكلام ". قال الذهبي: "وثق"،وفي "الميزان": "لا يعرف لا هو ولا أبوه"،وقال ابن حجر: "لين لحديث ". ينظر: الميزان 4/574، الكاشف 1/461، تهذيب التهذيب 12/214، التقريب / 674. وأما أبوه فمجهول، ينظر: الميزان 4/574، التقريب / 535. وقد ضعّف حديث الباب جماعة ومنهم: 1 - ابن خزيمة في " صحيحه "، حيث قال: " إن صح الخبر، فإني لا أعرف ابن المطوّس ولا أباه "، وبه يتبين أن نسبة ابن خزيمة إلى تصحيح هذا الخبر فيه نظر، كما فعل العيني في " العمدة " 11/23. 2 - البيهقي، حيث قال في "المعرفة" 6/268:"ولم يثبت في الكفارة بالفطر بغير الجماع حديث"اهـ. 3 - ابن عبد البر في " التمهيد " 7/173، حيث قال: " وهو حديث ضعيف لا يحتج به " اهـ. وقد أعل الخبر بعدة علل غير ما تقدم، وهي كما يلي: 1 - الشك في سماع المطوّس من أبي هريرة، كما قاله البخاري، وقد نقلت كلامه قريباً. 2 - التفرد بالحديث من أبي المطوس، كما ذكر ذلك كلٌ من الإمام أحمد - فيما نقله العيني في " العمدة " 11/23 -،وكذلك أعله بالتفرد الإمام البخاري - فيما نقله أبو عيسى الترمذي في " العلل الكبير "ص (116) ح (199) - وكذلك أعله بالتفرد أبو علي الطوسي، نقله عنه العيني أيضاً، وكذلك أعله الذهبي بالتفرد كما في (الميزان 4/574)

3 - الانقطاع بين حبيب وأبي المطوس، وأنه رآه فقط ولم يسمعه، كما ذكر الإمام شعبة - فيما نقله الدارقطني في العلل 8/267 ـ. وأجيب عن هذه العلة بأن حبيباً صرّح بالتحديث عند الإمام أحمد في المسند 2/470. 4 - الاختلاف الكثير في إسناده، كما أعله بذلك جماعة ومنهم: أ-الإمام أحمد كما يفهم من رواية مهنا الذي سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث؟ فذكر الاختلاف في سنده، ثم قال: لا أعرف المطوس …، كما في " العمدة " للعيني 11/23. ب- ابن حجر في " الفتح " 4/191 ح (1935) .وأجيب أن الاختلاف قد وقع في إسناده إلاّ أن الأوجه ليست متكافئة فقد رجح الإمام أبو حاتم الرازي - كما في العلل لابنه 1/245 - طريق الثوري عن حبيب، وكذا الدارقطني في " العلل " 8/269، حيث قال: " وأضبطهم للإسناد يحيى القطان ومن تابعه عن الثوري " اهـ. إلاّ أنه ومع ذلك، فكون الإسناد متحد المخرج، على جهالة في راوايه، ويقع فيه هذاالاضطراب، فإن هذا مما يزيد القدح في الخبر، والله أعلم. 5-أنه روي موقوفاً على أبي هريرة رضي الله عنه، كما تقدم في التخريج. وأجيب بأن هذه العلة غير قادحة لأن الوجه الموقوف - الذي سبق تخريجه عن النسائي - لا يثبت، وبيان ذلك كما يلي: أما الوجه الذي رواه النسائي عن هلال بن العلاء، عن أبيه، عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن حبيب، عن علي بن الحسين، عن أي هريرة، فقد أعله أبو حاتم الرازي - كما في العلل لابنه 1/254 - بقوله: " إنما هو حبيب، عن عمارة بن عمير، عن أبي المطوس، عن أبي هريرة عن النبي-صلى الله عليه وسلم-… فذكره ". وكلامه رحمه الله فيه إعلال لهذا الوجه من وجهين: الأول: تدليس حبيب. الثاني: أن المحفوظ عن حبيب إنما هو رواية الجماعة ـ يعني حديث سفيان، وشعبة ـ. ويمكن أن يعلّ هذا الوجه أيضاً بعلة ثالثة وهي:

أن فيه العلاء بن هلال، قال عنه أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث، عنده عن يزيد بن زريع أحاديث موضوعة. وقال النسائي: هلال بن العلاء بن هلال، روى عن أبيه غير حديث منكر، فلا أدري منه أتى، أو من أبيه كما في تهذيب الكمال 22/545، وعليه فلعل الخطأ في هذا الإسناد من العلاء، والله أعلم. أما الوجه الثاني، وهو الذي رواه شريك، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، ففيه تفرد شريك ومن بعده - حسب ما وقفت عليه - ومع ذلك، فهو أقوى إسناداً من الإسناد المرفوع. وكلمة البيهقي المتقدمة وهي أنه لا يثبت في الكفارة بالفطر غير الجماع حديث، تدل على أنه لا حاجة لجمع الشواهد المرفوعة، وقد ذكر جملة منها، العيني في " عمدة القاري " 11/23، وقد تكلم عليها، وكلها من رواية المجاهيل والمتروكين والضعفاء.

صحة حديث " إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده ... "

صحة حديث " إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده ... " المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 28/9/1422 السؤال ما صحة حديث " إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه "؟ الجواب رواه أبو داود ـ وغيره كما سيأتي ـ في 2/761، باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده ح (2350) فقال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا حماد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - 61556; قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- 61541;: "إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه ". تخريجه: *أخرجه الدارقطني 2/128 ح (2162) من طريق أبي داود. *وأخرجه الحاكم 1/426 من طريق الحسن بن سفيان، عن عبد الأعلى بن حماد به بلفظه. *وأخرجه أحمد 2/510،وفي 4/423، والحاكم 1/203،205 من طرق عن حماد بن سلمة به بلفظه. *وأخرجه أحمد 2/510، وابن جرير 2/175 عن أحمد بن إسحاق الأهوازي، والبيهقي 4/218 من طريق أحمد بن عبيد الله النرسي، ومحمد بن أحمد الرياحي، (أحمد، والأهوازي، والنرسي، والرياحي) عن روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظه، لكن زاد أحمد، والأهوازي، والرياحي في حديثهم: " وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر ". *وعلقه ابن حزم في المحلى 6/233 عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن أبي رافع أو غيره، عن أبي هريرة موقوفاً بلفظ:" أنه سمع النداء، والإناء على يده، فقال: أحرزتها ورب الكعبة ". *وأخرجه أحمد 2/423 عن غسان بن الربيع البصري، عن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد، عن الحسن مرسلاً بلفظه. الحكم عليه: إسناد أبي داود متصل ورجاله ثقات، سوى محمد بن عمرو، فإنه صدوق له أوهام.

وحديث الباب صححه الحاكم، وجوّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة 1/52. وقال أبو حاتم الرازي - كما في العلل لابنه 1/123-124، 256-257 عن طريق حماد عن محمد بن عمرو: " ليس بصحيح "، ولم يبين أبو حاتم سبب ذلك، وهناك أسباب يمكن أن يعزى إليها عدم تصحيحه للحديث وهي: 1 - تفرد حماد عن محمد بن عمرو بن علقمة بالحديث. 2 - رواية الحديث عن حماد على أوجه مختلفة وهي أربعة - كما تقدم في التخريج. 3 - خطأ حماد في الإسناد الآخر، وهو روايته عن عمار بن أبي عمار، قال أبو حاتم: " أما حديث عمار فعن أبي هريرة موقوف، وعمار ثقة " اهـ. فهذه إشارة من أبي حاتم إلى وهم حماد في رفعه - والله أعلم - ويؤيد هذا أن حماداً قد اختلف عليه - كما تقدم - فكأنه لم يضبط هذا الحديث. وأما قول شعبة: كان حماد يفيدني عن عمار بن أبي عمار، وقول ابن المديني: هو أعلم الناس بثابت، وعمار بن أبي عمار - كما في السير 7/445،446 - فلا ينافى ما ذهب إليه أبو حاتم من تعليل الوجه المرفوع، إذ يحمل ثناء شعبة وابن المديني عليه على العموم ، وكلام أبي حاتم مستثنى من هذا العموم ليتم الجمع بين أقوال الأئمة ما دام ذلك ممكناً. هذا، وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة ومنهم: 1 - جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أخرجه أحمد 3/348 من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير قال: سألت جابراً عن الرجل يريد الصيام، والإناء على يده ليشرب منه، فيسمع النداء؟ قال جابر: كنا نتحدث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ليشرب ". وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن الهيعة، وقد تقدم الكلام عليه مراراً، ولم أقف على من تابعه. 2 - بلال بن رباح رضي الله عنه: أخرجه أحمد 6/12 وغيره من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن معقل المزني،

وفي 6/13 من طريق شداد مولى عياض بن عامر، كلاهما (عبد الله، وشداد) عن بلال ـ رضي الله عنه - " أنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤذنه بالصلاة، فوجده يتسحر في مسجد بيته " هذا لفظ حديث شداد. وإسنادا الإمام أحمد فيهما ضعف، أما الطريق الأول، ففيه عنعنة أبي إسحاق وهو مدلس ، ولم أقف له على طريق صرّح بالسماع، وأيضاً فلم أقف على ما يبين إداراك عبد الله بن معقل لبلال. وأما الطريق الثاني فهو منقطع، لأن شداداً لم يدرك بلالاً، كما قال أبو داود وغيره ،وهو أيضاً لا يعرف، كما نقله ابن حجر عن الذهبي في تهذيب التهذيب 4/291. ولذا قال الحافظ في التقريب /264: " مقبول، يرسل ". وقصة بلال هذه جاءت من مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حيث قال: كان علقمة بن علاثة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " رويداً يا بلال، يتسحر علقمة، وهو يتسحر برأس ". أخرجه الطيالسي ص (258) ،والطبراني في " الكبير " كما في المجمع 3/153- وفي سنده قيس بن الربيع، قال عنه الحافظ في التقريب (457) :"صدوق تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به ". 3 - أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أخرجه البزار 1/467 ح (983) كشف - من طريق مطيع بن راشد، عن توبة العنبري أنه سمع أنس به مالك يقول، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " انظر مَنْ في المسجد فادعه، فدخلت ـ يعني المسجد - فإذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فدعوتهما، فأتيته بشيء فوضعته بين يديه، فأكل وأكلوا، ثم خرجوا، فصلّى بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الغداة ".

قال البزار: " لا نعلم أسند توبة عن أنس إلاّ هذا وحديثاً آخر، ولا رواهما عنه إلاّ مطيع " اهـ. ومطيع بن راشد لا يعرف، كما قال الذهبي في الميزان 4/130، وفي التقريب (535) " مقبول "، وهو على ضعفه تفرد به عن توبة العنبري. 4 - أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه: أخرجه ابن جرير 2/175 من طريق الحسين بن واقد، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال: أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر، قال: أشربها يا رسول الله؟ قال: نعم، فشربها ". وفي إسناده الحسين بن واقد، وقد ترجمته في الحديث الأول، وأن الإمام أحمد قد استنكر بعض حديثه، وهو ممن يدلس كما وصفه بذلك الدارقطني والخليلي، وقد عنعن في هذا الإسناد. وأبو غالب صاحب أبي أمامة، ضعّفه ابن سعد، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حبان، ووثقه الدارقطني، وقال ابن معين: صالح الحديث كما في تهذيب الكمال 34/170،وقد لخص ابن حجر هذه الأقوال بقوله في التقريب (664) : " صدوق يخطيء ". وفي الباب آثار عن جماعة من الصحابة، ذكر جملة منها ابن أبي شيببة في المصنف 2/276 - 278،وابن حزم في المحلى: 6/232 - 233،وابن حجر في فتح الباري 4/161 ح (1917) ، 4/162 ح (1918) ، والله أعلم.

صحة حديث " نعم سحور المؤمن التمر"

صحة حديث " نعم سحور المؤمن التمر" المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 17/9/1422 السؤال ما صحة حديث: " نعم سحور المؤمن التمر"؟ الجواب حديث " نعم سحور المؤمن التمر" أخرجه أبو داود ـ كما سيأتي ـ في (2/758) ،باب من سمى السحور الغداء، ح (2345) : من طريق محمد بن موسى، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " نعم سحور المؤمن التمر ". ومدار الحديث على محمد بن موسى الفطري، وثّقه أحمد بن صالح المصري، والترمذي، وذكره ابن حبان في (الثقات) ، وقال البخاري: "لا بأس به مقارب الحديث"، وقال أبو حاتم: "صدوق صالح الحديث، كان يتشيع"، وقال الطحاوي: محمود في روايته، وقد لخص الحافظ هذه الأقوال بقوله " صدوق، رمي بالتشيع ". ينظر: (علل الترمذي الكبير 32) ح (17) ، (تهذيب الكمال 26/523) ، (تهذيب التهذيب 9/413) ، (التقريب / 509) . تخريجه: *أخرجه (ابن حبان 8/253) ح (3475) ،و (البيهقي 4/236) من طرق عن محمد بن موسى به بلفظه. الحكم عليه: سنده حسن -إن شاء الله-،لما في محمد بن موسى الفطري، والحديث صححه ابن حبان. والله أعلم. وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم-، ومنها: 1 - جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ: أخرجه (البزار 1/465) ح (978) - كشف -، وابن عدي في (الكامل 3/229) ، وأبو نعيم في (الحلية 3/350) ، من طريق زمعة بن صالح، عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعاً بنحوه. وقال البزار: "لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد"، وقال أبو نعيم: "غريب من حديث عمرو، تفرد به عنه زمعة".اهـ. وزمعة بن صالح هذا: " ضعيف، وحديثه عند مسلم مقرون " كما في (التقريب 217) . 2 - عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ حفنة من تمر، فقال: " نعم سحورٌ للمسلم ".

أخرجه الطبراني في (الكبير 17/282) ح (778) وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف بسبب سوء حفظه. 3 - السائب بن يزيد -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " نعم السحور التمر "، وقال: "يرحم الله المتسحرين ". أخرجه (الطبراني 7/159) ح (6689) ، وقال الهيثمي في (المجمع 3/151) : " وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وهو ضعيف". اهـ. وفيه خالد بن يزيد العمري، كذبه ابن معين، وأبو حاتم، كما في (الجرح والتعديل 3/360) ، وعليه فلا يصلح هذا شاهداً لحديث الباب. والله أعلم.

صحة حديث من فطر صائما كان له مثل أجره

صحة حديث من فطّر صائماً كان له مثل أجره المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 12/9/1422 السؤال ما صحة حديث:" من فطر صائماً كان له مثل أجره". الجواب هذا الحديث خرّجه الإمام أبو عيسى الترمذي وغيره ـ كما سيأتي ـ فقال في كتاب الصوم (3/171) باب ما جاء في فضل من فطَّر صائماً ح (807) : حدثنا هناد، حدثنا عبد الرحيم، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " من فطَّر صائماً، كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً ". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. عطاء بن أبي رباح "ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال"، (التقريب391) . تخريجه: *أخرجه النسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح (3331) ،و (ابن ماجة 1/555) باب في ثواب من فطر صائماً ح (1746) ،وفي (2/922) باب من جهز غازياً ح (2759) ، و (أحمد 4/114،116) ،وفي (5/152) ،و (الدارمي 1/432) ح (1654) ، و (ابن خزيمة 3/277) ح (2064) ،و (ابن حبان 8/216) ح (3429) ،من طرق عبد الملك بن أبي سليمان به بنحوه، وفي حديث بعضهم زيادة في آخره، وهي: " ومن جهز غازياً فله مثل أجره من غير ... " واقتصر بعضهم على قوله: " ومن جهز غازياً" ... الحديث. *وأخرجه (الترمذي 4/145) باب ما جاء في فضل من جهز غازياً ح (1629) ،والنسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح (3330) ، و (ابن ماجة 1/555) باب في ثواب من فطر صائماً ح (1746) ،و (ابن خزيمة 3/277) ح (2064) ، من طرق عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، و (ابن ماجة 1/555) ح (1746) ، من طريق حجاج بن أرطاة،

والطبراني في (الكبير 5/257) ح (5275) من طريق سعيد بن حفص النفيلي عن معقل ابن عبيد الله، ثلاثتهم (ابن أبي ليلى، وحجاج، ومعقل) عن عطاء بن أبي رباح به بنحوه إلاَّ أن بعضهم اقتصر على فضل التجهيز، وفي حديث معقل زاد مع عطاء، عكرمة وهو ابن خالد المخزومي. الحكم عليه: إسناد الترمذي رجاله ثقات، وقد صححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، إلا أن في الإسناد انقطاعاً، فإن عطاءً لم يسمع من زيد بن خالد كما نصَّ عليه ابن المديني في (العلل) له (66/ رقم 88) ،ولعلَّ هذا هو السبب في عدم إخراج الشيخين لحديث " من جهز غازياً " من طريق عطاء ابن أبي رباح، مع إخراجهما له من حديث زيد، لكن من غير طريق عطاء. وأما الطريق التي فيها قرن عكرمة بن خالد المخزومي مع عطاء، فإنها من رواية سعيد بن حفص النفيلي، وهو صدوق تغير في آخر عمره، كما في (التقريب 234) ، ولم أقف على من تابعه ولا من تابع شيخه على هذا، وأيضاً هو منقطع بين عكرمة بن خالد وزيد بن خالد، فلم يصرح بالتحديث، ولم يذكر زيد بن خالد الجهني في شيوخ عكرمة، ولم يذكر عكرمة في تلاميذ زيد بن خالد كما في (تهذيب الكمال 10/64، 20/249) . وعليه فلا يحكم لهذا السند بالاتصال والصحة، لعدم ثبوت السماع بين التلميذ وشيخه. والله أعلم. هذا وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، ومنهم: 1- سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" من فطر صائماً في رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ". أخرجه (ابن خزيمة 3/191، 192) ح (1887) ، والطبراني في (الكبير 6/261) ح (6161) ، واللفظ له، وابن حبان في (المجروحين 1/247) من طرق عن علي بن زيد بن جدعان، عن ابن المسيب، عن سلمان -رضي الله عنه- به، ولفظ ابن خزيمة:" من فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء ... "، وهو عند ابن خزيمة مطول.

وقد سئل أبو حاتم عنه - (العلل) لابنه (1/249) - فقال: "هذا حديث منكر"،وقال ابن خزيمة: "إن صح الخبر"، وقال ابن حجر في (إتحاف المهرة 5/561) : "ومداره على علي بن زيد، وهو ضعيف". وخلاصة تضعيف هؤلاء الأئمة لهذا الخبر تعود إلى أمرين: تفرد علي بن زيد به، ومع تفرده فهو ضعيف، كما قال الحافظ ابن حجر. 2- حديث عائشة -رضي الله عنهما- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من فطر صائماً كان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجره شيء ". أخرجه الطبراني في (الأوسط 8/255) ح (8438) من طريق الحكم بن عبد الله الأيلي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة به. وفيه الحكم الأيلي، قال عنه أحمد: أحاديثه كلها موضوعة، وكذَّبه أبو حاتم والجوزجاني، نقل ذلك كله الذهبي في (الميزان 1/572) . وقد روي موقوفاً عليها عند النسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح (3332) من طريق عطاء عنها بلفظ: "من فطر صائماً كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً ". لكن قال الإمام أحمد - فيما رواه الأثرم -: "ورواية عطاء عن عائشة لا يحتج بها إلاَّ أن يقول: سمعت" وهنا لم يصرح بما يفيد السماع، وعليه ففي الإسناد علَّة، وهي: احتمال تدليس عطاء، والله أعلم. 3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره، ومن فطر صائماً فله مثل أجره، ومن دلَّ على خير كان له مثل أجر فاعله ". أخرجه الطبراني في (الأوسط 6/127) ح (5818) من طريق علي بن بهرام، عن عبد الملك بن أبي كريمة، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلاَّ عبد الملك بن أبي كريمة، تفرد به علي بهرام".

وفيه عنعنة ابن جريج فإنه كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين - كما ذكر ذلك الدارقطني، كما في (تهذيب التهذيب 6/355) -، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في (التعريف) في المرتبة الثالثة (141) . وفي الإسناد: علي بن يزيد بن بهرام، لم أظفر له بترجمة، وقد قال الهيثمي في (المجمع 3/282) : "فيه علي بن يزيد بن بهرام، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات". 4- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" من فطر صائماً فله مثل أجره ". أخرجه الطبراني في (الكبير 11/187) ح (11449) من طريق الحسن بن رشيد عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس به. وفي إسناده الحسن بن رشيد، قال الذهبي في (الميزان 1/490) : "فيه لين"، وقال أبو حاتم: "مجهول"، وبه ضعفه الهيثمي في (المجمع 3/157) . وفي الباب آثار عن بعض الصحابة، منها: عن أبي هريرة -رضي الله عنه-:"من فطَّر صائماً، أطعمه وسقاه، كان له مثل أجره". أخرجه (عبد الرزاق 4/311) ح (7906) قال:" أخبرنا ابن جريج عن صالح مولى التوأمة قال: سمعت أبا هريرة فذكره". وفي الإسناد عنعنة ابن جريج، وقد سبق الكلام فيها قبل قليل. وقد روى عبد الرزاق نحواً من هذا (4/311) ح (7908) عن أبي هريرة - وفيه قصة - لكنه من رواية عمر بن راشد اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، وقد قال الإمامان أحمد، والبخاري: إن أحاديثه عن يحيى منكرة مضطربة، كما في (تهذيب الكمال 21/340) . وبعد: فهذا ما وقفت عليه من أحاديث وآثار في معنى أو لفظ حديث الباب، وكلها لا تخلو من مقال، وبعضها شديد الضعف، وأحسنها حديث الباب، على ضعفٍ فيه، والله أعلم. ومع هذا يقال:

إن هذا الحديث ـ وإن كان سنده منقطعاً ـ فضعفه ليس بالشديد، وكذا كثير من الأدلة التي سبق ذكرها، وأدلة الشريعة الأخرى تدل على صحة معناه، ففي صحيح الإمام (مسلم 3/1506) ح (1892) من طريق أبي عمرو الشيباني، عن أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من دل على خير فله مثل أجر فاعله ". ولا ريب أن تفطير الصائمين من خصال الخير، لما يترتب عليه من المصالح العظيمة، وعلى رأسها: زيادة التآلف بين المسلمين مع تباعد أقطارهم، وتنائي ديارهم، وهذا لعمر الله من مقاصد الشريعة العظيمة، والله -تعالى- أعلم.

صحة حديث تعجيل الفطر

صحة حديث تعجيل الفطر المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 13/9/1422 السؤال ما صحة حديث:" لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر"، وما الأحاديث الأخرى التي جاء فيها الحث على تعجيل الفطر؟ الجواب حديث: "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر ". هذا الحديث بهذا اللفظ متفق على صحته، فقد أخرجه (البخاري 2/47) ،باب تعجيل الإفطار ح (1957) ،و (مسلم 2/771) ح (1098) ،و (الترمذي 3/82) ،باب ماجاء في تعجيل الإفطارح (699) ، و (ابن ماجة 1/541) ، باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح (1697) ،من طريق أبي حازم، عن سهل بن سعد -رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ". وقد جاء الحث على تعجيل الفطر في أحاديث أخرى، منها: 1- عائشة -رضي الله عنها-: فعن مالك بن عامر أبي عطية قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين: رجلان من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار، ويؤخر الصلاة، قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قال لنا: عبد الله (يعني ابن مسعود) ،قالت: كذلك كان يصنع رسول-صلى الله عليه وسلم-.زاد أبو كريب: والآخر أبو موسى. أخرجه (مسلم 2/771) ح (1099) واللفظ له، و (أبو داود 2/763) ، باب ما يستحب من تعجيل الفطر ح (2354) ، و (الترمذي 2/83) ، باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح (702) ،و (النسائي 4/143، 144) ح (2158ـ2159 ـ2160ـ2161) باب ذكر الاختلاف على سليمان بن مهران في حديث عائشة. 2- أبو هريرة -رضي الله عنه-: فعن قرة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " قال الله -عز وجل-: أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطراً ".

أخرجه (الترمذي 3/83) باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح (700) ، و (أحمد 2/237،329) ، و (ابن خزيمة 3/276) ح (2062) ، و (ابن حبان 8/276) من طرق عن قرة بن عبد الرحمن به. والحديث مداره على قرة بن عبد الرحمن: ابن حيويل، ـ على وزن جبريل ـ. كان الأوزاعي يقول: ما أحد أعلم بالزهري من قرة بن عبد الرحمن بن حيويل، لكن تعقب ابن حبان كلمة الأوزاعي، فقال في (الثقات) : " وكيف يكون قرة بن عبد الرحمن أعلم الناس بالزهري وكل شيء روى عنه، لا يكون ستين حديثاً، بل أتقن الناس في الزهري مالك ومعمر ... الخ " اهـ. وثقه يعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في الثقات، وصرح بتوثيقه في صحيحه. قال ابن معين، وأحمد ـ في رواية ـ: ضعيف الحديث، وقال أحمد ـ في رواية ـ: منكر الحديث جداً، وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير، وقال أبو حاتم والنسائي: ليس بقوي، وقال أبو داود: في حديثه نكارة، وقال العجلي: يكتب حديثه، وقال ابن عدي: لم أر له حديثاً منكراً جداً، وأرجو أنه لا بأس به، وقال الدارقطني: ليس بقوي في الحديث. وقد لخص حاله الحافظ بقوله: " صدوق له مناكير "،ولعله دون ذلك. والله أعلم. ينظر: (مسائل ابن هانئ) للإمام أحمد (2/190) ، (صحيح ابن حبان 8/276) ، (ثقات ابن حبان 7/343) ، سنن (الدارقطني 1/181) ، (تهذيب التهذيب 8/323) ، (التقريب/455) . وإسناد هذا الحديث ضعيف لعلتين: 1- أن قرة بن عبد الرحمن إلى الضعف أقرب، كما هو قول أكابر الحفاظ. 2- تفرد قرة بهذا الحديث عن الزهري، إذْ لم أقف - بعد البحث - على متابعٍ له، وهذا النوع من التفرد بهذه الصورة، هو الذي عناه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (1/7) ، وسماه منكراً، وقال عن مثل هذا: "فغير جائزٍ قبول حديث هذا الضرب من الناس" اهـ. ولأجل هذا فقد أشار الترمذي إلى ضعفه بقوله: "هذا حديث حسن غريب"، بينما صححه ابن خزيمة، وابن حبان، وتصحيحهما لهذا الخبر مع ما تقدم من العلل، فيه نظر، والله أعلم.

صحة حديث من صام رمضان

صحة حديث من صام رمضان المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 16/9/1422 السؤال زيادة (وماتأخر) في حديث:" من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه " هل هذه الزيادة ثابتة؟ الجواب " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " أخرجه (البخاري 2/31) ح (1901) ،و (مسلم 1/523) ح (760) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ". ولكن روى النسائي في (الكبرى 2/88) ح (2512) وغيره زيادة: "وما تأخر "، فهل هي ثابتة أم لا؟ . والجواب ـ على وجه الإجمال ـ: أن هذه اللفظة شاذة، غير محفوظة، فإن الحديث رواه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- اثنان من أصحابه: 1- أبو سلمة بن عبد الرحمن، وقد رواه عن أبي سلمة جماعة، وهم: يحيى بن أبي كثير، ومحمد ابن عمرو، والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وكلهم ـ سوى الزهري ـ لم يذكر في حديثهم هذه اللفظة. أما الزهري، فقد رواه عنه أكثر أصحابه الكبار: مالك، ومعمر، ويونس، وغيرهم، فلم يذكروا هذه اللفظة، ورواه عنه ابن عيينة، واختلف عليه في إثباتها وعدمه، فأكثر أصحابه لم يذكروها عنه، وعلى رأسهم الحميدي، والشافعي، وابن راهويه، وعمرو بن علي الفلاس، وغيرهم، بينما ذكرها قتيبة ابن سعيد، وأربعة آخرون من أصحابه. 2- الأعرج: وعنه أبو الزناد، ولم يذكرها أيضاً.

وبهذا يتبين أن ذكر هذه اللفظة وهم من بعض الرواة، وأن الراجح عدم ذكرها، ولهذا أعرض الشيخان ـ البخاري ومسلم ـ عنها، ولم يخرجاها في صحيحيهما مع أهميتها، وكون بعض رواتها من الحفاظ، إلا أنهما أعرضا عنها لما سبق، وهو أن أكثر رواة الحديث ـ وفيهم أئمة كبار ـ لم يذكروها، والله أعلم، ويمكن أن ينظر كلام الحافظ ابن حجر عليها في (الخصال المكفرة 56-63) مع تعليق المحقق.

أفطرنا ثم أقلعت الطائرة فرأينا الشمس

أفطرنا ثم أقلعت الطائرة فرأينا الشمس المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 3/9/1424هـ السؤال في شهر رمضان يكون إقلاع بعض الرحلات وقت أذان المغرب فنفطر ونحن على الأرض، وبعد الإقلاع والارتفاع عن مستوى الأرض نشاهد قرص الشمس ظاهراً، فهل نمسك أم نكمل إفطارنا؟ الجواب أكمل إفطارك، ولاتمسك؛ لأنك أفطرت بمقتضى الدليل الشرعي؛ لقوله -تعالى-:" ثم أتموا الصيام إلى الليل " [البقرة:187] ، وقوله- صلى الله عليه وسلم-:"إذا أقبل الليل من هاهنا، وأشار إلى المشرق وأدبر النهار من هاهنا، وأشار إلى المغرب وغربت الشمس فقد أفطر الصائم". مجموع فتاوى ورسائل الشيخ/محمد بن عثيمين-رحمه الله- فتوى رقم (1174) .

صحة حديث "أفطر الحاجم والمحجوم "

صحة حديث "أفطر الحاجم والمحجوم " المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 7/9/1422 السؤال نرجو بيان درجة حديث: " أفطر الحاجم والمحجوم " الجواب هذا الحديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- من طرق كثيرة، لكن أصح ما ورد فيها بنص جمع من الأئمة حديثان، وهما: الحديث الأول: حديث ثوبان - رضي الله عنه - وقد أخرجه أبو داود: وغيره من الأئمة كما سيأتي: قال أبو داود: 2/770 باب في الصائم يحتجم ح (2367) حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن هشام /ح/ حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا حسن بن موسى، حدثنا شيبان جميعاً، عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، يعني الرحبي، عن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أفطر الحاجم والمحجوم ". قال شيبان: أخبرني أبو قلابة، أن أبا أسماء الرحبي حدثه أن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقبل أن أذكر تخريجه والكلام عليه مفصلاً، أذكر خلاصة ما ظهر لي في هذا البحث وهي كما يلي: 01 أن الحديث روي عن ثوبان من أربعة طرق، وأن هذه الطرق أكثرها معل، وأقواها الطريق التي رواها مسدد، عن يحيى القطان، عن هشام الدستوائي، عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان - رضي الله عنه _ 02 أن أكثر أئمة الحديث كأحمد والبخاري والدارمي وغيرهم على تصحيح الحديث وخالف في ذلك إمامان، وهما: يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي، ولعل سبب إعلالهما له هو ما وقع فيه من اضطراب سيأتي الجواب عنه -إن شاء الله-.

03 أن تصحيح الحديث لا يكفي في الحكم به وحده على مسألة الحجامة للصائم، لأن؛ في المسألة أحاديث كثيرة تدل على أن هذا الحديث منسوخ وبإمكان القارئ الفاضل أن يراجع مظان هذه المسألة من كتب الشروح، والفقه مع الإشارة إلى أن مذهب جماهير أهل العلم على عدم الفطر بالحجامة. تخريج الحديث: الحديث في مسند أحمد 5/283 وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/217) ، باب ذكر الاختلاف على أبي قلابة ح (3137) وأحمد (5/282) وفي (5/277) و (الدارمي 1/440) ح (1682) والحاكم (1/427) من طرق عن هشام الدستوائي به بنحوه إلا أن في حديث أصحاب هشام جميعاً - سوى ابن علية- قصة في أوله.

وأخرجه (ابن ماجه 1/537) باب ما جاء في الحجامة للصائم ح (1680) و (عبد الرزاق 4/209) ح (7522) و (أحمد 5/280) و (ابن خزيمة 3/226) ح (1962) وا (بن حبان 8/301) ح (3532) و (الحاكم 1/427) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به بنحوه وفي حديث بعضهم قصة. وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/217) ح (3139) من طريق عاصم بن هلال، وفي ح (3140،3141) من طريق عباد بن منصور. وفي ح (3142) من طريق جرير بن حازم. وفي ح (3143) من طريق حماد بن زيد، وفي ح (3144) من طريق ابن عيينة وعبد الرزاق 4/209 ح (7519) عن معمر، ستتهم (عاصم، وعباد، وجرير، وحماد، وابن عيينه، ومعمر) عن أيوب، عن أبي قلابة به بنحوه إلا أن عباد بن منصور اضطرب فجعله مرة كحديث الباب، ومرة جعله عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد، وفي حديث جرير: عن أبي قلابة عن شداد وثوبان، لم يذكر أبا أسماء، وقال جرير: عرضت على أيوب كتاباً لأبي قلابة، فإذا فيه: عن شداد وثوبان هذا الحديث، قال: عرضته عليه فعرفه، وفي حديث حماد وابن عيننه: عن أبي قلابة عن شداد فحسب، ليس فيه أبو أسماء ولا ثوبان، وفي حديث معمر: عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء عن شداد وفي حديث عاصم: عن أبي قلابة عن أبي أسماء، عن شداد وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/216) باب من الشيخ؟ ح (3136) من طريق راشد بن داود، و (أحمد 5/282) ومن طريقه (أبو داود 2/772) ح (2370) و (النسائي 2/216)

ح (3135،3134) من طريق عن ابن جريج. و (أبو داود 2/273) ح (2371) و (النسائي 2/216) ح (3135) من طرق العلاء بن الحارث و (النسائي 2/217) ح (3137) من طريق سعيد بن عبد العزيز ثلاثتهم (ابن جريج، والعلاء، وسعيد) عن مكحول. كلاهما (راشد، ومكحول) عن أبي أسماء الرحبي به بنحوه، وفي حديث ابن جريج، وسعيد بن عبد العزيز عن شيخ من الحي، وقد سماه العلاء بن الحارث في حديثه وأنه مكحول , وأخرجه (النسائي 2/221) ح (3157) من طريق همام بن يحيى وفي 2/222 ح (3158) وأحمد 5/282، من طريق ابن أبي عروبة و (أحمد 5/286) من طريق شعبة، ثلاثتهم (همام، وابن أبي عروبة، وشعبة) عن قتادة، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم و (النسائي في 2/222) ، باب الاختلاف على خالد الحذاء ح (3159) ، والطبراني في " الكبير " 2/91 ح (1406) من طريق بكير بن أبي السميط، عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة، والنسائي في 2/222 ح (3160) و (ابن خزيمة 3/236) ح (1984) ، والطبراني في (الأوسط 57/153) ح (4720) من طريق الليث، عن قتادةن عن الحسن. ثلاثتهم (ابن غنم، ومعدان، والحسن) عن ثوبان به بنحوه، إلا أن هماماً لم يذكر عبد الرحمن بن غنم، بل جعله عن شهر عن ثوبان. دراسته والحكم عليه: إسناد أبي داود صحيح، وما يخشى من إرسال أبي قلابة زال بتصريحه بالسماع كما نقل ذلك أبو داود عن شيبان عن أبي قلابة نفسه، وأما ما وقع في حديث ابن جريج وسعيد بن عبد العزيز من قولهما: عن شيخ من الحي، فقد صرّح العلاء بن الحارث في روايته عن مكحول بأنه أبو أسماء الرحبي، وقد نص على اسمه أيضاً أبو حاتم - كما في (العلل) لابنه 1/238 ولذلك جعل المزي في (التحفة 2/143) حديث ثوبان هذا فيما رواه عنه أبو أسماء حيث أحال عليه عند قوله: "حديث شيخ من الحي". وقد تبين من التخريج السابق أن الحديث رواه عن ثوبان أربعة:

01 أبو أسماء الرحبي، وعنه ثلاثة: مكحول، وراشد بن داود، وأبو قلابة، وقد اختلف على أبي قلابة: أ. فرواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء عن ثوبان ب. ورواه أيوب، عن قلابة، واختلف عليه: - فرواه عباد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان. - ورواه عباد نفسه، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن شداد، عن أوس. -ورواه جرير بن حازم، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن شداد وثوبان، مرسلاً، فلم يذكر أبو قلابة أحداً بينه وبين ثوبان ولا شداد. -ورواه حماد بن زيد، وابن عيينة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن شداد فأرسلاه عن أبي قلابة. -ورواه معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء، عن شداد -ورواه عاصم بن هلال، عن أبي أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن شداد.

أما رواية عباد بن منصور، فقد قال عنها النسائي (2/217) : " عباد بن منصور جمع بين الحديثين، فقال: عن أبي أسماء، عن ثوبان، عن أبي الأشعث عن شداد: " ثم قال عقب ذلك (2/218) : " وعباد بن منصور ليس بحجة في الحديث، وقيل إن ريحان بن سعيد - الراوي عنه - ليس بقديم السماع منه ". وقول النسائي هنا: (ليس بحجة) مفسرٌ بقوله في (الضعفاء) ص (214) رقم (414) : " ضعيف، وكان أيضاً قد تغير " ا. هـ. أما رواية معمر، فهي من روايته عن البصريين، وهي متكلم فيها عند الأئمة - كما في ترجمته من (تهذيب الكمال 28/303) . وأما رواية جرير، فجرير وإن كان ثقة، إلا أن الإمام أحمد قال - كما في شرح علل الترمذي 2/699 - " يروي عن أيوب عجائب " ا. هـ، ومع ذلك فقد خولف من قبل حماد بن زيد، وسفيان، وحماد خاصة ـ من أثبت الناس في أيوب، كما نص على ذلك جمع من الأئمة - كما في شرح العلل 2/699- ولذلك أشار النسائي إلى ترجيح رواية حماد بن زيد على غيره بقوله - في (السنن الكبرى 2/218) : " تابعه حماد بن زيد على إرساله عن شداد وهو أعلم الناس بأيوب"ا. هـ وأما رواية عاصم، فعاصم قال عنه أبو زرعه - كما في أسئلة البرذعي له (2/536) -: " حدث عن أيوب بأحاديث مناكير" ا. هـ فلعل هذا منها، والله أعلم. وهناك اختلاف أوسع من هذا على أيوب، سيأتي ذكره في حديث شداد التالي - إن شاء الله تعالى - فتبين إذاً أن الراجح عن أيوب، هو ما رواه حماد بن زيد، وابن زيد، وابن عيينه، وتابعهما جرير بن حازم على بعض ذلك، عن أيوب عن أبي قلابة عن أيوب، فرجع حديث أيوب إلى حديث شداد، وسيأتي الكلام على حديث شداد في الحديث التالي - إن شاء الله تعالى -. أما بقية الراوة عن ثوبان فهم ثلاثة، وهم: 01 معدان بن أبي طلحة: وقد رواه عنه سالم بن أبي الجعد، وعن سالم، بكير بن أبي السميط. 02 الحسن البصري: وقد رواه عنه قتادة، وعن قتادة، الليث بن سعد

وقد سئل أبو حاتم الرازي - كما في (العلل) لابنه (1/226) عن طريق الليث فقال:" هذا خطأ، رواه قتادة، عن الحسن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو مرسل ورواه أشعب بن عبد الملك عن الحسن، عن أسامة بن زيد " ا. هـ. وقال النسائي عن هذين الطريقين: " ما علمت أحداً تابع الليث، ولا بكير بن أبي السميط على روايتهما، والله أعلم " ا. هـ وقال ابن خزيمة: " الحسن لم يسمع من ثوبان " ا. هـ وقال الطبراني في (الأوسط) : " لم يرو هذا الحديث عن قتادة عن الحسن عن ثوبان إلا الليث بن سعد " ا. هـ. 03 عبد الرحمن بن غنم: قد رواه عنه شهر بن حوشب وعن شهر، قتادة واختلف عليه: أ. فرواه ابن أبي عروبة، وشعبة، عن قتادة، عن شهر، عن عبد الرحمن بن غنم، عن ثوبان. ب. ورواه همام بن يحيى، عن قتادة، عن شهر، عن ثوبان، ليس فيه ذكر عبد الرحمن بن غنم. وقد قال أبو حاتم - كما في (العلل) لابنه (1/226) - " وأما حديث ثوبان، فإن سعيد بن أبي عروبة يرويه عن قتادة، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن ثوبان عن النبي- صلى الله عليه وسلم - ورواه بكير بن أبي السميط، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه يزيد بن هارون، عن أيوب أبي العلاء، عن قتادة، عن شهر بن حوشب عن بلال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه قتادة عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " ا. هـ. وكلام الإمام أبي حاتم، يشير إلى أن في الحديث اضطراباً، وأن قتادة اختلف عليه في ذلك كثيراً، ويمكن أن يقال: إن هذا الاضطراب الذي وقع في الطرق إلى شهر، إنما هي من شهر نفسه، لأنه متكلم في حفظه وضبطه، كما في ترجمته من (تهذيب الكمال 12/587) . والله أعلم.

وبناء على ما تقدم من نقد الطرق إلى ثوبان فإنها كلها معلولة سوى الطريق الأولى التي أخرجها أبو داود. وقد صحح حديث الباب جمع من الأئمة، منهم: 01 ابن المديني، كما نقله عنه الترمذي في (العلل الكبير) ص (123) 02 أحمد: ففي مسائل أبي داود ص (311) قال أحمد: " كل شيء يروى عن ثوبان فهو صحيح، يعني حديث مكحول هذا " ا. هـ. وفي مسائل ابنه عبد الله (2/626) قال: شيبان جمع الحديثين جميعاً، يعني: حديث ثوبان، وحديث شداد بن أوس " ا. هـ وقد نص أحمد على الحديثين - أي ثوبان وشداد - كما في (طبقات الحنابلة 1/206) وفي مسائل (ابن هانئ 1/131) نص على أن أقوى حديث عنده هو حديث ثوبان. ونقل ابن حجر في (الفتح 4/209) عن عثمان الدرامي أنه قال: " صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم، من طريق ثوبان، وشداد، قال: وسمعت أحمد يذكر ذلك، ولما قيل لأحمد: إن يحيى بن معين قال: ليس فيه شيء يثبت، قال: هذه مجازفة " انتهى بتصرف " 03 عثمان الدرامي، وقد تقدم آنفاً. 04 البخاري: نقله الترمذي في (العلل الكبير) ص (122) ،فأورد الترمذي عليه ما فيه من الاضطراب؟ فقال: كلاهما عندي صحيح؛ لأن يحيى بن أبي كثير، روى عن أبي قلابة عن أبي أسماء، عن ثوبان، وعن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس، روى الحديثين جميعاً ا. هـ. قال ابن حجر معلقاً على ذلك في (الفتح 4/209) يعني فانتفى الاضطراب، وتعين الجمع بذلك " ا. هـ. 05 (ابن خزيمة 3/226) . 06 (ابن حبان 8/301) . 07 (الحاكم 1/427) . 08 ابن حزم في (المحلى 6/203) . 09 النووي في (المجموع 6/349-350) . 010 شيخ الإسلام بن تيمية في (مجموع الفتاوى 25/255) . 011ابن القيم: كما يدل عليه كلامه في (تهذيب السنن 3/243) وما بعدها وغيرهم من أهل العلم - رحمهم الله جميعاً -

وكلام الإمام أبي حاتم الرازي في (العلل) لابنه (1/249) ،يدل على أن الحديث عنده غلط، حيث قال - لما سئل عن حديث رافع بن خديج " أفطر الحاجم والمحجوم " الذي روى من طريق معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع - قال رحمه الله: " إنما يروي هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء عن ثوبان، واغتر أحمد بن حنبل بأن قال: الحديثان عنده، وإنما يروى بذلك الإسناد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن كسب الحجام ومهر البغي، وهذا الحديث في يفطر الحاجم والمحجوم عندي باطل " ا. هـ. ومراد أبي حاتم - رحمه الله - أن الراجح في حديث رافع هو قوله -صلى الله عليه وسلم - "كسب الحجام خبيث " الذي أخرجه مسلم وغيره أنه " أفطر الحاجم والمحجوم ". وأما رد أبي حاتم لهذا الحديث كله - كما يفهم من كلامه - فلعل سبب رده هو أنه يرى أن الحديث مضطرب الإسناد، إلا أن أبا حاتم خولف من بعض الأئمة الذي نصّ بعضهم على أن الحديث عن ثوبان وشداد - محفوظ لا اضطراب فيه كما تقدم آنفاً-. والله أعلم. الحديث الثاني: حديث شداد بن أوس: والبحث فيه كالبحث في سابقه من حيث كثرة الاختلاف فيه، وطول الكلام عليه، ولذا سأكتفي عن إيراده بحديث ثوبان - رضي الله عنه - وما حصل فيه من تفصيل، إلا أنه يحسن هنا أن أجيب على إيراد قد يورده بعض الفضلاء، ألا وهو: ألا يحتمل أن حديث ثوبان، وشداد كلاهما مضطرب؛ لأن مدار الحديثين على رجل واحد، وهو أبو قلابة؟

والجواب: أنه تقدم من كلام الإمام أحمد، والبخاري - في حديث ثوبان السابق - ما يبين أن كلا الحديثين محفوظ، وقد تبعهما على هذا الجواب؛ (ابن حبان 8/303) ، و (الحاكم 1/427) ،وابن حجر في (الفتح 4/209) ، بل يقال: إن جميع الأئمة الذين ثبت عنهم تصحيح الحديثين يقولون بذلك، إذ لو ثبت الاضطراب في الحديث عند أحدهم، لم يقل بتصحيح الحديثين. هذا وقد صحح حديث شداد هذا جمع من الأئمة، ومنهم من تقدم ذكرهم في حديث ثوبان وهم: ابن المديني، وأحمد، وعثمان الدارمي، والبخاري، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم، ويضاف إليهم هنا: الإمام إسحاق بن راهوية، كما نقله الحاكم (1/428) ، حيث قال: " هذا إسناد صحيح، تقوم به الحجة، وهذا الحديث قد صح بأسانيد، وبه نقول ا. هـ، وكذا صححه أبو جعفر العقيلي في (الضعفاء 4/456) والله تعالى أعلم. بقي أن يقال: إن تصحيح الحديث، لا يكفي في الحكم به وحده على مسألة الحجامة للصائم؛ لأن في المسألة أحاديث كثيرة جعلت أهل العلم يختلفون في حكم الفطر بالحجامة؟ فمنهم من يرى أن هذا الحديث منسوخ، وأن الحجامة لا تفطر كما هو مذهب جماهير أهل العلم، ومنهم من أخذ بحديث الباب فقال: إن الحجامة تفطر، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، ونصره من فقهاء الحديث ابن خزيمة، وابن المنذر، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه - رحم الله الجميع -. وفي المسألة تفاصيل عند بعضهم من حيث تعليق الحكم بتأثير الحجامة على إضعاف الصائم وعدمه، وبإمكان القارئ الفاضل أن يراجع مظان هذه المسألة من كتب الشروح، والفقه، ومنها: (المغني لابن قدامه 4/350) ، (البحر الرائق 2/294) ، و (شرح الزرقاني على مختصر خليل 1/92) ، و (فتح الباري 4/205) عند شرح الباب رقم (32) من كتاب الصيام، وهو: باب الحجامة والقئ للصائم. والله أعلم.

صحة حديث دعوة الصائم عند فطره

صحة حديث دعوة الصائم عند فطره المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 9/9/1422 السؤال ما صحة حديث: ((ثلاثة لا تردّ دعوتهم ... )) وذكر منهم: ((والصائم حتى يفطر)) ؟ الجواب حديث: " ثلاثة لا ترد دعوتهم ... ": هذا الحديث رواه الإمام (الترمذي 4/580) كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في صفة الجنة ونعيمها ح (2526) فقال: حدثنا أبو كريب، حدثنا محمد بن فضيل، عن حمزة الزيات، عن زياد الطائي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قلنا يا رسول الله، مالنا إذا كنا عندك رقت قلوبنا، وزهدنا في الدنيا، وكُنَّا من أهل الآخرة، فإذا خرجنا من عندك فآنسنا أهالينا، وشممنا أولادنا أنكرنا أنفسنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم تكونون إذا خرجتم من عندي كنتم على حالكم ذلك، لزارتكم الملائكة في بيوتكم، ولو لم تذنبوا لجاء الله بخلقٍ جديد كي يذنبوا فيغفر لهم "، قال: قلت يا رسول الله ممّ خُلِق الخلق؟ قال: "من الماء "، قلنا: الجنة ما بناؤها؟ قال: " لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ومِلاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران، من دخلها ينعم ولا ييأس، ويُخلَّد ولا يموت، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم"،ثم قال:" ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب -عز وجل-: وعزتي لأنصرنَّكِ ولو بعد حين ". قال أبو عيسى: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل، وقد روي هذا الحديث بإسنادٍ آخر عن أبي مُدلَّة، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبل أن ذكر الكلام عليه مفصلاً، أذكر خلاصة الحكم، فأقول: 1- الحديث مداره ـ على الراجح ـ على أبي مدلة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

2- إن أبا مدلة في عداد المجاهيل، ولم يتابعه أحد فيما وقفت عليه. 3- أنه قد ورد معنى هذا الحديث عن أنس -رضي الله عنه- وفيه ضعف ـ كما سأبينه ـ. 4- أن الأحاديث الواردة في إجابة دعوة المسافر ـ وإن كانت ضعيفة ـ إلا أن ذلك لا يعني ترك الصائم للدعاء، فإن الدعاء مشروع في كل وقت، بل دعاء الإنسان عند تلبسه بالعبادة أرجى في الإجابة، والله أعلم. تخريجه: *أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (380) ح (1075) عن حمزة الزيات، عن سعد الطائي، عن رجلٍ، عن أبي هريرة به بنحوه، فسمَّى شيخ حمزة: سعداً.

*وأخرجه (الترمذي 5/539) في الدعوات، باب في العفو والعافية ح (3598) من طريق عبد الله بن نمير، و (ابن ماجة 1/557) باب الصائم لا ترد دعوته ح (1752) ، و (أحمد 2/443،477) من طريق وكيع، و (الدارمي في 2/789) ح (2717) عن أبي عاصم النبيل، ثلاثتهم (ابن نمير، ووكيع، وأبو عاصم) عن سعدان بن بشر، والطيالسي ص (337) ، وأحمد 2/304 عن أبي كامل، وأبي النضر، وأحمد 2/305 عن حسن بن موسى، والطبراني في "الدعاء" (3/1414) ح (315) من طريق أحمد بن يونس، و (ابن حبان 8/214) ح (3428) ، وفي 16/396 ح (7387) من طريق فرح - بالحاء المهملة - ابن رواحة، ستتهم (الطيالسي، وأبو كامل، وأبو النضر، وحسن، وأحمد بن يونس، وفرح) عن زهير بن معاوية، و (ابن خزيمة 3/199) ح (1901) من طريق محمد بن عبد الرحمن المحاربي، عن عمرو بن قيس الملائي، ثلاثتهم (سعدان، وزهير، وعمرو) عن أبي مجاهد سعد بن عبيد الطائي، عن أبي مدلّة، عن أبي هريرة به بنحوه، إلاَّ أن وكيعاً، والطيالسي، وعمرو بن قيس اقتصر حديثهما على قوله: (ثلاثة لا ترد دعوتهم ... الخ) ، وفي الموضع الثاني - عند (أحمد 2/477) - قال وكيع في حديثه: (الصائم لا ترد دعوته) فحسب، وفي الموضع الأول عند أحمد عن وكيع (1/443) اقتصر حديثه على قوله: (الإمام العادل لا ترد دعوته) فحسب، ولفظ حديث فرح في الموضع الأول نحو حديث الطيالسي وعمرو الملائي، واقتصر حديث أبي عاصم على صفة بناء الجنة. *وأخرجه (البزار 4/38) ح (3139) - كشف - من طريق إبراهيم بن خيثم بن عراك بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة بنحوه، إلاَّ أنه قال: "والمسافر حتى يرجع" بدلاً من "الإمام العادل". الحكم عليه: وقد تبين من التخريج أن الحديث رواه عن أبي هريرة اثنان، وهما: زياد (أو سعد) الطائي - كما سيأتي تحريره - وأبو مدلة، ولكن عند التأمل والنظر يتبين أنهما واحد، وبيان ذلك أن يقال:

إن محمد بن فضيل، رواه عن حمزة الزيات، عن زياد الطائي، عن أبي هريرة، وخالفه ابن المبارك، فرواه عن حمزة عن سعد الطائي - الذي هو أبو مجاهد - حدثه، عن رجل، عن أبي هريرة فذكره بنحوه، ورواية ابن المبارك أرجح من وجهين: الأول: أن ابن المبارك ثقة ثبت فقيه عالم - كما في التقريب (320) ، وابن فضيل ليس في منزلته، على أن في روايته مخالفةً أخرى ـ كما سيأتي ـ. الثاني: أن الرواة الآخرين عن أبي مجاهد رووه كذلك عنه عن أبي مدلة، فعاد حديث حمزة إلى رواية الجماعة. وثمة مخالفة أخرى من ابن فضيل لابن المبارك في إسناده، وهو أن ابن فضيل قد أسقط الواسطة بين أبي هريرة وزياد الطائي، بينما رواه ابن المبارك بذكر الواسطة. وقد سئل الدارقطني ـ كما في (العلل 11/235) ـ عن هذا الحديث فقال - بعد إشارته إلى الرواة عن أبي مجاهد الذين سبق ذكرهم -: "ورواه حمزة الزيات، عن سعد الطائي أبي مجاهد، وقال: عن رجل، عن أبي هريرة، وأحسبه لم يحفظ كنيته، فقال: عن رجل، وأراد أبا مدلَّة، والله أعلم، والحديث محفوظ" اهـ. فالإمام الدارقطني، لم يشر إلى مخالفة ابن فضيل في إسناده، فكأنه لم يلتفت إليها، وإنما أشار إلى رواية ابن المبارك فحسب، وإلى هذا أشار الترمذي بقوله عن الطريق التي رواها ابن فضيل:" هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل، وقد روي هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي مدلَّة، عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. فكأنه يقول - رحمه الله -: إن هذا هو المحفوظ في حديث أبي مدلة عن أبي هريرة، وأن تسمية زياد وهْم، وبهذا يمكن أن تفسر كلمة الدارقطني بقوله: "والحديث محفوظ" أي من حديث أبي مدلة عن أبي هريرة، والله أعلم. وإذا تبين أن مدار الحديث على أبي مجاهد، عن أبي مدلة، عن أبي هريرة، فقد حسنه الترمذي ح (3598) ،وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وحسنه ابن حجر - كما في "الفتوحات الربانية" لابن علان (4/338) -.

وابن خزيمة - رحمه الله - قد صحح الحديث من طريق محمد بن عبد الرحمن المحاربي عن عمرو بن قيس الملائي، عن أبي مجاهد به، وقد قال الدارقطني - كما في (أطراف الغرائب 5/297) -:" تفرد به المحاربي محمد بن عبد الرحمن، عن عمرو بن قيسٍ بطوله، وروي عن قُرَّان بن تمام، عن عمر بعضه" اهـ. وأبو مدلَّة - الذي مدار الحديث عليه - قال عنه ابن المديني - كما في (تهذيب التهذيب 12/204) -: " أبو مدلة مولى عائشة لا يعرف اسمه، مجهول، لم يرو عنه غير أبي مجاهد" اهـ. وفي التقريب (671) : مقبول، ومثل هذا لا يحسن حديثه، خاصةً وأنه لم يتابع - فيما وقفت عليه - والله أعلم. وفيما يتعلق بالطريق التي أخرجها البزار، فهي لا تصلح، لأن في إسنادها إبراهيم بن خيثم، قال عنه النسائي: "متروك" كما في "الميزان" 1/30. وهذا الحديث قد اشتمل على عدة فقرات، إلاَّ أنني لم أجد ما يشهد له بهذا السياق، وأما المعنى الذي لأجله ذكر الحديث ههنا هذا الحديث وهو قوله: "ثلاث دعوات ... ومنها: والصائم حتى يفطر" فقد وقفت على حديث أخرجه (البيهقي 3/345) ، والضياء في (المختارة 6/74) ح (2057) من طريق إبراهيم بن بكر المروزي، عن عبد الله بن بكر السهمي، عن حميد الطويل، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر ".

وفي إسناده إبراهيم بن بكر، لم أظفر له -بعد البحث - بترجمة، مع أنه في طبقة الإمام أحمد بن حنبل؛ لأن عبد الله بن بكر السهمي في طبقة شيوخ أحمد، فقد توفي سنة 208هـ، كما في التقريب (293) ، ومثل هذا لو كان مشهوراً، أو له عناية بالحديث لترجمه الأئمة أو بعضهم، ولكن لم أجد شيئاً من هذا، إلاَّ أن ابن الجوزي قال - كما نقله عنه الذهبي في "الميزان" 1/24 -:"وإبراهيم بن بكر ستة، لا نعلم فيهم ضعفاً سوى هذا " يعني الشيباني الأعور، قال الذهبي معلقاً:" قلت: ولو سماهم لأفادنا، فما ذكر ابن أبي حاتم منهم أحداً " اهـ، فكلمة الذهبي فيها ردٌ لكلمة ابن الجوزي؛ لأنهم لو كانوا معروفين بحمل العلم لترجمهم الأئمة. وفي الإسناد أيضاً عنعنة حميد، وهو كثير التدليس حتى قيل إن معظم ما يرويه عن أنس، رواه بواسطة ثابت وقتادة - كما في تعريف أهل التقديس (133،134) - ولم أقف على غير هذا الحديث.

أحاديث الذكر عند الإفطار

أحاديث الذّكْر عند الإفطار المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 10/9/1422 السؤال ما صحة الأحاديث الواردة في الأذكار المستحبة عند الفطر؟ الجواب وقفت على جملة من الأحاديث ورد فيها أذكار خاصة تقال عند الفطر، وهي كما يلي: 1- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- الذي أخرجه (ابن ماجة 1/557) ، باب في الصائم لا ترد دعوته ح (1753) من طريق إسحاق بن عبيد الله المدني، قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد ". قال ابن أبي مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر: (اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي) . والحديث مداره على إسحاق بن عبيد الله المدني: هو إسحاق بن عبد الله بن أبي مليكة التيمي. هذا هو الأرجح في ترجمة هذا الراوي، وهذا هو الذي اختاره الأئمة البخاري، وأبوحاتم، وأبو زرعة، وابن أبي حاتم، والمزي، والذهبي، بينما ذهب ابن عساكر، وتبعه مغلطاي، وابن حجر إلى أن الراوي هنا هو: إسحاق بن عبيد الله بن أبي المهاجر. وعلى كل حال فكلا الرجلين في عداد المجاهيل، وقد قال الذهبي عن إسحاق بن عبيد الله المدني: "مقبول"، وقال ابن حجر: "مجهول الحال". ينظر: (التاريخ الكبير 1/398) ، (الجرح والتعديل 2/228) ، (تهذيب الكمال 2/456) (الكاشف 1/237) ، تهذيب التهذيب 1/220، التقريب /102. تخريجه: * أخرجه الحاكم 1/422، والبيهقي في " فضائل الأوقات " (300) ح (142) من طريق إسحاق به بنحوه. * وأخرجه أبوداود الطيالسي، عن أبي محمد المليكي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده بلفظ:" للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة، فكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده، ودعا". الحكم عليه:

إسناد ابن ماجه متصل، ورجاله ثقات، سوى إسحاق بن عبيد الله، فإنه مجهول الحال، ولذا فإن قول البوصيري في "المصباح" 1/310، وفي "إتحاف الخيرة" 3/443: "إسناده صحيح" فيه نظر، والسبب في تصحيحه للإسناد هو أنه ظن أن إسحاق بن عبيد الله بن الحارث الذي وثقه أبو زرعة، وقال النسائي فيه: لابأس به، كما نقل هو ذلك في كلامه، وليس الأمر كذلك، بل الراوي هو إسحاق بن عبيد الله بن أبي مليكة كما تقدم بيان ذلك. وأما الطريق التي رواها أبوداود الطيالسي فهي عن أبي محمد المليكي، ولم أظفر لهذا الرجل بترجمة ـ بعد البحث ـ فلا يحكم لهذه المتابعة بشيء حتى يعرف حاله، وعليه فهو طريق ضعيف، لاسيما وقد تفرد به عن عمرو بن شعيب مع كثرة أصحابه، إذْ لم أقف ـ بعد البحث ـ على متابعٍ له. وقد ضعَّف حديث الباب جماعة من أهل العلم، ومنهم: المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/89، وأشار ابن القيم إلى ضعفه بقوله في "الزاد" 2/52: "ويُذكر عنه ... " ثم ذكره، فصدّره بصيغة التمريض، وقد حسن الحديث الحافظ ابن حجر ـ كما في الفتوحات الربانية" لابن علان 4/342. 2- حديث ابن عمر -رضي الله عنه-: أخرجه أبو داود 2/765 باب القول عند الإفطار ح (2357) من طريق مروان ـ يعني ابن سالم المقفع ـ قال: رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع مازاد على الكف، وقال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-; إذا أفطر قال: " ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله ". والحديث مداره على مروان بن سالم المفقّع: بفاء ثم قاف ثقيلة، كذا ضبطه ابن حجر في التقريب عند ذكر اسمه، وفي تهذيب التهذيب، وفي الألقاب من التقريب بـ (المقفع) قاف ثم فاء. وفي النزهة ضبطه بـ (المقنع) قاف ثم نون، وهو كذلك في المستدرك للحاكم.

والذي في سنن أبي داود، والسنن الكبرى للنسائي، وسنن الدارقطني، وسنن البيهقي، وتحفة الإشراف، وتهذيب الكمال، ورد بقاف ثم فاء. والله أعلم. ذكره ابن حبان في الثقات، ولذا قال الذهبي: " وثق "، والحافظ ابن حجر " مقبول ". ينظر: السنن الكبرى للنسائي 2/255، 6/82،سنن الدارقطني 2/146،مستدرك الحاكم 1/422، سنن البيهقي 4/239، تهذيب الكمال 27/390، تحفة الأشراف 6/46، الكاشف 2/253، التقريب/526،725، نزهة الألباب 2/191،92. تخريجه: *أخرجه النسائي في " الكبرى " 2/255 باب ما يقول إذا أفطر ح (3329) ، وفي 6/82 كتاب عمل اليوم والليلة، باب ما يقول إذا أفطر ح (10131) ، والدارقطني 2/146 ح (2256) ، والحاكم 1/422،والبيهقي 4/239 من طرق عن علي بن الحسن بن شقيق به بنحوه. وإسناده ضعيف من أجل مروان المقفع، فإنه في عداد المجاهيل، وقد قال الدارقطني عقب إخراج الحديث: " تفرد به الحسين بن واقد، وإسناده حسن " اهـ، وصححه الحاكم. ونقل المزي في تهذيب الكمال 27/391 عن ابن منده أنه قال: "هذا حديث غريب، لم نكتبه إلا من حديث الحسين بن واقد ". وقد تقدم في ترجمة الحسين أن له أوهاماً في حديثه، فلعل هذا منها، ويؤيد هذا كلام الإمامين الدارقطني، وابن منده اللذين نصّا على تفرد الحسين به. والله أعلم. ولم أقف - بعد البحث - على شواهد لحديث الباب المرفوع الذي فيه الدعاء عند الإفطار، إلاّ أن البيهقي في شعب الإيمان 3/407 روى من طريق عبد العزيز بن أبي روّاد، عن نافع قال ابن عمر: كان يقال إن لكل مؤمن دعوة مستجابة عند إفطاره إما أن يعجل له في دنياه أو يدخر له في آخرته، قال: فكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول عند إفطاره: يا واسع المغفرة اغفر لي.

وفي إسناده محمد بن يزيد بن خنيس - الراوي عن ابن أبي رواد - قال عنه أبو حاتم الرازي لما سئل: كان شيخاً صالحاً، كتبنا عنه بمكة، وكان ممتنعاً من التحديث، أدخلنا عليه ابنه، قال ابن أبي حاتم، فقيل لأبي فما قولك فيه؟ قال: ثقة ـ كما في الجرح 8/127 - وقال ابن حبان: كان من خير الناس، ربما أخطأ، يجب أن يعتبر بحديثه، إذا بيّن السماع في خبره - كما في (تهذيب الكمال 27/17) وهو هنا لم يبين السماع بل قال: قال عبد العزيز بن أبي روّاد. وقال الذهبي: "هو وسط" كما في (الميزان 4/68) . وفي الإسناد أيضاً ابن أبي روّاد، وهو صدوق عابد ربما وهم ـ كما في التقريب (357) ، وهو مع هذا تفرّد به عن نافع، إذْ لم أقف على من تابعه، وقد تكلم فيه بعض النقاد بخصوص روايته عن نافع، فقال ابن حبان في (المجروحين 2/136) : " وكان ممن غلب عليه التقشف حتى كان لا يدري ما يحدث به، فروى عن نافع أشياء، لا يشكّ مَن الحديثُ صناعته إذا سمعها، أنها موضوعة، كان يحدث بها توهماً لا تعمداً.. "، ثم ذكر ابن حبان بعد ذلك أنه روى نسخة موضوعة لا يحل ذكرها إلاّ على سبيل الاعتبار. 3 - عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال: بسم الله، اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت ". أخرجه الطبراني في (الأوسط 7/347) ح (7549) ، وفي (الصغير 2/51) من طريق داود بن الزبرقان، عن شعبة، عن ثابت، عن أنس فذكره. وفي الإسناد علتان وهما: الأولى: داود بن الزبرقان، وهو متروك الحديث، كما في التقريب (198) . الثانية: أنه على ضعفه الشديد، تفرد به عن شعبة، كما قاله الطبراني في الموضعين السابقين، ولذلك قال ابن حجر في (التلخيص 2/202) : " بسند ضعيف " اهـ، وهو دون ذلك بكثير، والله أعلم.

4 - عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال:" لك صمت وعلى رزقك أفطرت، فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ". أخرجه الطبراني في (الكبير 12/146) ح (12720) ،و (الدارقطني 2/147) ح (2257) من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس. وعبد الملك هذا قال عنه ابن معين والأزدي: كذاب، وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث، وقال ابن حبان: يضع الحديث، كما في (الميزان 2/666) . وفي الباب أيضاً آثار عن بعض السلف في الدعاء عند الصوم ومنها: أثر الربيع بن خثيم، وهو ثقة عابد مخضرم ـ كما في التقريب (206) ـ فقد كان يقول: " الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت ". أخرجه ابن فضيل في كتاب "الدعاء" (238) رقم (67) ، وعنه ابن أبي شيبة (2/344) ح (9744) عن حصين بن عبد الرحمن السلمي قال: كان الربيع بن خثيم يقول: فذكره. والله أعلم. وبعد: فإن هذه الأحاديث ـ كما يلاحظ القارئ الفاضل ـ منها ما ضعفه يسير، بل حسّنه بعض أهل العلم، ومنها ما هو دون ذلك، ومجموعها مع اختلاف مخارجها، يدل -بلا ريب- مع دلالة القرآن كما سيأتي على مشروعية الدعاء في هذه المواطن الشريفة. والدعاء -كما هو معلوم- مشروع في كل وقت، فكيف بالأزمنة والأمكنة الفاضلة؟ هي بلا شك أولى وأحرى؛ لكونها مظنة الإجابة. ولله درّ الحافظ ابن كثير -رحمه الله- حين قال عند تفسير قوله -تعالى-: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " [البقرة: 186]ـ (1/208) : " وفي ذكره -تعالى- هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر، كما رواه الإمام أبو داود الطيالسي في مسنده ... " ثم ذكر جملة من الأحاديث السابقة.

صحة حديث باب الريان

صحة حديث باب الريان المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 11/9/1422 السؤال ما صحة حديث:" إن في الجنة باباً يقال له الريان لا يدخله إلا الصائمون"؟ الجواب حديث: "إن في الجنة باباً يقال له الريان لا يدخله إلا الصائمون ". هذا الحديث أخرجه الشيخان ـ (البخاري 2/29) ح (1896) ،و (مسلم 2/808) ح (1152) ـ من طريق أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه-،عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد".

حكم التهنئة بشهر رمضان

حكم التهنئة بشهر رمضان المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 29/08/1425هـ السؤال ما حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك حيث سمعنا من ينكر ذلك، ويرى أنه من البدع؟ نرجو الإفادة مشكورين. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله ومصطفاه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذا بحث مختصر حول: حكم التهنئة بدخول شهر رمضان، حاولت أن أجمع فيه أطرافه، راجياً من الله تعالى التوفيق والسداد. وقبل البدء بذكر حكم المسألة لا بد من تأصيل موضوع التهنئة فيقال: التهاني ـ من حيث الأصل ـ من باب العادات، والتي الأصل فيها الإباحة، حتى يأتي دليل يخصها، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر. ويدل لذلك ـ ما سيأتي ـ من تهنئة بعض الصحابة بعضاً في الأعياد، وأنهم كانوا يعتادون هذا في مثل تلك المناسبات. يقول العلامة السعدي ـ رحمه الله ـ مبيناً هذا الأصل في جواب له عن حكم التهاني في المناسبات؟ ـ كما في "الفتاوى" في المجموعة الكاملة لمؤلفاته (348) ـ: " هذه المسائل وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع، وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع، أو تضمن مفسدة شرعية، وهذا الأصل الكبير قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره. فهذه الصور المسؤول عنها وما أشبهها من هذا القبيل، فإن الناس لم يقصدوا التعبد بها، وإنما هي عوائد وخطابات وجوابات جرت بينهم في مناسبات لا محذور فيها، بل فيها مصلحة دعاء المؤمنين بعضهم لبعض بدعاء مناسب، وتآلف القلوب كما هو مشاهد.

أما الإجابة في هذه الأمور لمن ابتدأ بشيء من ذلك، فالذي نرى أنه يجب عليه أن يجيبه بالجواب المناسب مثل الأجوبة بينهم، لأنها من العدل، ولأن ترك الإجابة يوغر الصدور ويشوش الخواطر. ثم اعلم أن هاهنا قاعدة حسنة، وهي: أن العادات والمباحات قد يقترن بها من المصالح والمنافع ما يلحقها بالأمور المحبوبة لله، بحسب ما ينتج عنها وما تثمره، كما أنه قد يقترن ببعض العادات من المفاسد والمضار ما يلحقها بالأمور الممنوعة، وأمثلة هذه القاعدة كثيرة جداً " اهـ كلامه. وقد طبق الشيخ ـ رحمه الله ـ هذا عملياً حينما أرسل تلميذه الشيخ عبد الله ابن عقيل خطاباً له في أوائل شهر رمضان من عام 1370هـ، وضمنه التهنئة بالشهر الكريم فرد الشيخ عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ بهذا الجواب في أول رده على رسالة تلميذه: "في أسر الساعات وصلني كتابك رقم 19/9 فتلوته مسروراً، بما فيه من التهنئة بهذا الشهر، نرجو الله أن يجعل لنا ولكم من خيره أوفر الحظ والنصيب، وأن يعيده عليكم أعواماً عديدة مصحوبة بكل خير من الله وصلاح " اهـ. كما في الأجوبة النافعة (ص:280) ، وفي صفحة (284) ضمن الشيخ رسالته المباركة في العشر الآواخر. وللشيخ ـ رحمه الله ـ كلام في منظومة القواعد ـ كما في المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي 1/143 ـ يقرر فيه هذا المعنى، وللمزيد ينظر (الموافقات) للشاطبي 2/212 ـ 246 ففيه بحوث موسعة حول العادات وحكمها في الشريعة. فإذا تقرر أن التهاني من باب العادات، فلا ينكر منها إلاّ ما أنكره الشرع، ولذا: مرّر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب، بل رغب في بعضها، وحرّم بعضها، كالسجود للتحية. وبعد هذه التوطئة يمكن أن يقال عن التهنئة بدخول الشهر الكريم: قد ورد في التهنئة بقدومه بعض الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أذكرها جملة منها، وهي أقوى ما وقفت عليه، وكلها لا تخلو من ضعف، وبعض أشد ضعفا من الآخر:

1- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم ". أخرجه النسائي 4/129 ح (2106) ،وأحمد 2/230،385،425 من طرق عن أيوب، عن أبي قلابة ـ واسمه عبد الله بن زيد الجرمي ـ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. والحديث رجاله رجال الشيخين إلا أن رواية أبي قلابة عن أبي هريرة مرسلة، أي أن في الإسناد انقطاعاً ينظر: تحفة التحصيل لأبي زرعة العراقي (176) . والحديث أصله في الصحيحين ـ البخاري 2/30 ح (1899) ،ومسلم 2/758 ح (1079) ـ ولفظ البخاري: "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين " ولفظ مسلم: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ـ وفي لفظ (الرحمة) ـ وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين ". قال ابن رجب (رحمه الله) في "اللطائف" (279) : " وكان النبي ح يبشر أصحابه بقدوم رمضان،.... ثم ساق هذا الحديث، ثم قال: قال العلماء: هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضاً في شهر رمضان ". 2- حديث أنس - رضي الله عنه - قال: دخل رمضان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم". أخرجه ابن ماجه ح (1644) من طريق محمد بن بلال، عن عمران القطان، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه -. وهذا الإسناد ضعيف لوجهين: الوجه الأول: أن فيه محمد بن بلال البصري، التمار.

قال أبو داود: ما سمعت إلاَّ خيراً، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال العقيلي ـ في "الضعفاء "4 / 37 ترجمة (1584) ـ: " بصري يهم في حديثه كثيراً "،وقال ابن عدي ـ في "الكامل"6/134 ـ: "له غير ما ذكرت من الحديث، وهو يغرب عن عمران القطان، له عن غير عمران أحاديث غرائب، وليس حديثه بالكثير، وأرجو أنه لا بأس به ". وحديث الباب من روايته عن عمران، فلعله مما أغرب به على عمران. وقد لخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله في "التقريب" (5766) : "صدوق يغرب ". الوجه الثاني: أن في سنده عمران بن داوَر، أبو العوام القطان، كان يحيى القطان لا يحدث عنه، وقد ذكره يوماً فأحسن الثناء عليه ـ ولعل ثناء عليه كان بسبب صلاحه وديانته، جمعاً بين قوله وأقوال الأئمة الآتية ـ، لكن قال أحمد (أرجو أن يكون صالح الحديث) ،وقال مرةً (ليس بذاك) ،وضعفه ابن معين، وأبو داود، والنسائي، وقال الدارقطني: كثير الوهم والمخالفة، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. ينظر: "سؤالات الحاكم للدار قطني" (261 رقم 445) ،"تهذيب الكمال" 22 / 329،"الميزان " 3 / 236، "موسوعة أقوال الإمام أحمد في الرجال " 3 / 121. وقال الحافظ ابن حجر ملخصاً أقوال من سبق: "صدوق يهم، ورمي برأي الخوارج " كما في "التقريب": (5150) . وعمران هذا روى الحديث عن قتادة، ولم أقف له على متابع، فهذا مظنة الضعف والغرابة. وذكر الإمام البرديجي كلاماً قوياً يبين فيه حكم الأحاديث التي يتفرد فيها أمثال هؤلاء الرواة عن الأئمة الحفاظ، فيمكن أن ينظر: "شرح العلل " 2 / 654،697،لابن رجب، ونحوه عن الإمام مسلم في مقدمة صحيحه 1/7.

وقتادة بلا ريب من كبار الحفاظ في زمانه، روى عنه جمعٌ كبير من الأئمة، كما قال الذهبي في "السير" 5/270:"روى عنه أئمة الإسلام، أيوب السختياني وابن أبي عروبة، ومعمر بن راشد، والأوزاعي، ومسعر بن كدام، وعمرو بن الحارث المصري وشعبة،. . . . ." ثم ذكر جملة منهم فأين هؤلاء من هذا الحديث؟ 3- حديث سلمان - رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في آخر يومٍ من شعبان، فقال "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء ". قالوا ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم؟! فقال: "يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه غفر الله له وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأما اللتان لاغنى بكم عنها: فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار، ومن أشبع فيه صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة ". أخرجه في صحيحه 3/191ح (1887) ، وهو حديث لا يصح، فقد سئل أبو حاتم عنه -"العلل" لابنه 1/249 - فقال: "هذا حديث منكر"،وقال ابن خزيمة ـ في الموضع السابق ـ: "إن صح الخبر"، وقال ابن حجر في إتحاف المهرة 5/561: "ومداره على علي بن زيد، وهو ضعيف". وخلاصة تضعيف هؤلاء الأئمة لهذا الخبر تعود إلى أمرين:

ـ ضعف علي بن زيد. ـ ومع ضعفه فقد تفرد به، كما قال الحافظ ابن حجر. وبهاتين العلتين يتضح وجه استنكار أبي حاتم ـ رحمه الله ـ. وقد ذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها، وفيها أربع روايات عن الإمام أحمد (رحمه الله) ، ذكرها ابن مفلح (رحمه الله) في (الآداب الشرعية 3/219) وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه. وقال ابن قدامة في "المغني" 3/294: "قال الإمام أحمد (رحمه الله) قوله: ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد: تقبّل الله منا ومنك، وقال حرب: سئل أحمد عن قول الناس: تقبل الله منا ومنكم؟ قال: لا بأس، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة، قيل: وواثلة بن الأسقع؟، قال: نعم، قيل: فلا تكره أن يقال: (هذا يوم العيد) ؟، قال: لا....". فيقال: إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسمٌ من أعظم مواسم الطاعات، وتنزل الرحمات، ومضاعفة الحسنات، والتجارة مع الله.. من باب أولى، والله أعلم. ومما يُستدَل به على جواز ذلك أيضاً: قصة كعب بن مالك - رضي الله عنه - الثابتة في الصحيحين من البشارة له ولصاحبه بتوبة الله عليهما، وقيام طلحة (رضي الله تعالى عنه) إليه. قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ ضمن سياقه لفوائد تلك القصة في "زاد المعاد" 3/585: " وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية، والقيام إليه إذا أقبل، ومصافحته، فهذه سنة مستحبة، وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية، وأن الأَوْلى أن يقال: يهنك بما أعطاك الله، وما منّ الله به عليك، ونحو هذا الكلام، فإن فيه تولية النعمة ربّها، والدعاء لمن نالها بالتهني بها ".

ولا ريب أن بلوغ شهر رمضان وإدراكَه نعمةٌ دينية، فهي أولى وأحرى بأن يُهنّأ المسلم على بلوغها، كيف وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله عز وجل ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول؟، ونحن نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر. وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ: " ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة، أو يندفع من نقمة: بمشروعية سجود الشكر، والتعزية ـ كذا في الموسوعة الفقهية التي نقلت عنها ـ، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك ... ) نقلاً عن الموسوعة الفقهية الكويتية، 14/99ـ100، وينظر: وصول الأماني، للسيوطي وقد بحثت عن كلام الحافظ في مظنته ولم اهتد إليه، وينظر: وصول الأماني، 1/83 (ضمن الحاوي للفتاوى) . خلاصة المسألة: وبعد هذا العرض الموجز يظهر أن الأمر واسع في التهنئة بدخول الشهر، لا يُمنع منها، ولا ينكر على من تركها، والله أعلم. هذا، وقد سألت شيخنا الإمام عبد العزيز بن ابن باز ـ رحمه الله ـ عنها قال: "طيبة"،وكذلك سألت شيخنا العلامة (محمد بن صالح العثيمين) رحمه الله عن التهنئة بدخول شهر رمضان، فقال: (طيبة جدّاً) ، وذلك في يوم الأحد 8/9/1416هـ، حال بحثي في هذه المسألة.

وقد سئل العلامة محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ (صاحب الأضواء) عن الصفة الشرعية للتهنئة برمضان والمناسبات الأخرى كالعيدين؟ فأجاب رحمه الله بجواب مطول، خلاصته: أنه لا يعلم صفة معينة في هذا الشأن إلا ما ورد في العيدين ـ كما سبق نقله ـ وأن الإنسان إذا اقتصر على الوارد كان أفضل، لكن لو ابتدأه غيره فلا حرج أن يجيبه من باب رد التحية بخير منها، فلو اتصل الإنسان على أخيه، أو زاره وقال له: نسأل الله أن يجعل هذا الشهر عونا على طاعته، أو يعيننا وإياكم على صيامه وقيامه، فلا حرج إن شاء الله، لأن الدعاء كله خير وبركة، لكن لا يلتزم بذلك لفظاً مخصوصاً، ولا تهنئة مخصوصة. نقلاً من شريط: (آداب الاستئذان) . أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا البحث، وما كان فيه من صواب، فإن كان كذلك فمن الله وحده، وإن أخطأت فأنا أهلٌ لذلك، وأستغفر الله وأتوب إليه، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. كتب أصله في شهر شعبان عام 1417هـ، وأعيدت كتابته وصياغته بإضافات كثيرة في 27/8/1422هـ

دعاء دخول شهر رمضان

دعاء دخول شهر رمضان المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 29/08/1425هـ السؤال هل هناك أدعية مخصصة عند دخول شهر رمضان المبارك من السنة؟ وماذا يجب على المسلم أن يدعو به في تلك الليلة أفيدوني -بارك الله فيكم-؟ الجواب لا أعلم دعاءً خاصاً يقال عند دخول شهر رمضان، وإنما هو الدعاء العام عن سائر الشهور، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى الهلال في رمضان وفي غيره يقول:" اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام هلال خير ورشد ربي وربك الله " وفي بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول:" الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام ربي وربك الله " هذا الدعاء الوارد عند رؤية الهلال لرمضان ولغيره، أما أن يختص رمضان بأدعية تقال عند دخوله فلا أعلم شيئاً في ذلك، لكن لو دعا المسلم بأن يعينه الله على صوم الشهر وأن يتقبله منه فلا حرج في ذلك، لكن لا يتعين دعاء مخصص. المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ/صالح الفوزان، الجزء الرابع ص (92) فتوى رقم (91) .

صحة حديث (صوموا تصحوا)

صحة حديث (صوموا تصِحُّوا) المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 2/9/1422 السؤال نرجوا بيان صحة حديث: صوموا تصِحُّوا: الجواب هذا الحديث روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - منهم: 01 أبو هريرة - رضي الله عنه -: أخرج حديثه العقيلي في " الضعفاء " 2/92 في ترجمة زهير بن محمد التميمي، والطبراني في " الأوسط " 8/213 ح (8312) من طريق زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: " اغزوا تغنموا، وصوموا تصحوا، وسافروا تستغنوا ". قال العقيلي عقب إخراجه: " لا يتابع عليه إلا من وجه فيه لين ". وقال الطبراني: " لم يروِ هذا الحديث عن سهيل بهذا اللفظ إلا زهير " وضعفه العراقي في " تخريج الإحياء" 3/115 02 علي - رضي الله عنه - أخرجه ابن عدي في " الكامل " 2/357 من طريق حسين بن عبد الله بن ضميرة بن أبي ضميرة، عن أبيه عن جده، عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " صوموا تصحوا " وإسناده تالف؛ لأن حسيناً هذا متروك الحديث كما قاله أحمد والنسائي وغيرهما، وقال عنه البخاري: منكر الحديث، كما ذكر ذلك ابن عدي عنهم. 03 عن ابن عباس - رضي الله عنه -: أخرجه ابن عدي في " الكامل " 7/57 من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " سافروا تصحوا، وصوموا تصحوا، واغزوا تغنموا ". وإسناده ضعيف جداً، إن لم يكن موضوعاً؛ لأن نهشل بن سعيد قال عنه ابن راهويه: كان كذاباً، وقال النسائي: متروك الحديث. وخلاصة القول:

أن الحديث روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، ولا يصح منها عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - شيء، ولا يعني ذلك بطلان معناه؛ لأن الأطباء يتحدثون كثيراً عن فوائد الصيام الصحية، وهو أمر مشاهد ومعروف، بل هو - أي الصيام - من الأساليب التي يستخدمها بعض الأطباء لعلاج بعض الأعراض، ولكن هنا ينبغي التنبُّه لأمرين: الأول: أن المحدثين يهتمون ببيان صحة الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهل هو ثابت عنه من ذلك الطريق أم لا؟ وقد يكون معناه صحيحاً، أو صح موقوفاً عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - إلا أن صحة المعنى أو ثبوته عن الصحابي شيء، وصحة نسبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - شيء آخر. الثاني: أن بعض الناس حينما يتحدث عن فوائد بعض العبادات الصحية أو الطبية، يوغل في ذلك ويبالغ مبالغة غير محمودة، حتى إنه ليخيل لبعض المستمعين أن تلك العبادة إنما شرعت لهذه الفوائد الطبية أو تلك، وهذا خطأ! لأن الغاية العظمى من مشروعية العبادات هي تعبيد الناس لرب العالمين - جل جلاله - وحصول التذلل له -سبحانه- وزيادة الإيمان بالإقبال عليه - تبارك وتعالى -، وحصول التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي شرع وبين لأمته هذه العبادات العظيمة.. نعم، في العبادات فوائد صحية وبدنية، لكنها تبع، وليست أصلاً، فينبغي أن تعطى حجمها اللائق بها، والله أعلم.

إفطار الصائم بالنية!

إفطار الصائم بالنية! المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 13/9/1424هـ السؤال كنا في مجلس علم (دورة أسبوعية لحفظ القرآن الكريم وفي أحد أيام العشر من ذي الحجة) ، وكان أغلب الحاضرات صائمات، وكذا ملقية الدرس، وقد كانت تشرح جزئية معينة، فأذن المؤذن لصلاة المغرب.. فقالت: (إذا ممكن يا أخوات أفطروا بالنية، واعتبروا الأذان بعد ربع ساعة، وركِّزوا معي الآن) ، وحينما مرّرنا شيئاً من التميرات بيننا تضايقت كثيراً، وقالت بأن هذا يتنافى مع آداب مجلس العلم، ولم تنهِ الدرس إلا بعد ربع ساعة تقريباً من الأذان، وحينما ناقشتها في ذلك قالت: إنه دفع لأعلى المفسدتين (وهي ضياع التركيز على هذه المعلومة) بأدناهما وهي تأخير الإفطار، فأحببت التأكد من ذلك، وما أصل الإفطار بالنية؟ وهل له مستند شرعي؟ علماً أن الدرس من بعد صلاة العصر وحتى صلاة العشاء. الجواب كان الأولى -فيما أرى- المبادرة إلى الإفطار؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" البخاري (8957) ، ومسلم (8098) متفق عليه، ولأن المبادرة إلى الفطر تفوت بخلاف الدرس فإنه يمكن استدراكه فيما بعد، والإفطار بالنية إنما يكون عند عدم وجود الطعام، أما مع وجود أكل أو شرب فإن الإفطار بالنية لا أصل له وليس بمشروع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- "كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن رطبات فتمرات، فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء" الترمذي (696) ، وأبو داود (2356) ، وغيرهما، وقال الألباني حسن صحيح، كما قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-. وعلى كل حال مثل هذه الأمور ينبغي استعمال الرفق فيها، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: " ما كان الرفق في شيء إلا زانه " مسلم (2594) .

الصيام وضرورة استعمال الدواء

الصيام وضرورة استعمال الدواء المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 26/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي مريض بمرض شبيه بالقولون، يسمى (كرون) . وهو عبارة عن التهاب في المعدة وفقد الكثير من وزنه، ما يقارب 20 كيلو أو أكثر وهو الآن مجبر على أخذ الدواء في وقته. وعندما يقلل من نسبة الأدوية تسوء حالته كثيراً وهو يبلغ الآن 16 سنة، فماذا يفعل في رمضان هل يطعم عن كل يوم ويقضي بعد ذلك علماً بأن المرض قد يطول، أفيدونا رحمكم الله. الجواب إذا قرر طبيبان مسلمان أن أخاك يجب أن يأخذ الدواء في مواعيده وأن صيامه يضره فلا بأس بفطره، ثم يقضي ما أفطره من أيام إن كان هناك أمل في شفائه، وإن لم يكن ثم أمل في الشفاء بل هو مرض مزمن أي دائم فإن عليه الإطعام عن كل يوم يفطره لقوله تعالى: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" [البقرة: 184] .

الاختلاف بين وقت الإمساك ووقت الأذان

الاختلاف بين وقت الإمساك ووقت الأذان المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 6/9/1424هـ السؤال أعيش الآن في دولة مسيحية وعند قدوم شهر رمضان يقوم دار الإفتاء بتوزيع أوراق تعلمنا بمواقيت الأذان والإقامة بالإضافة إلى أوقات الإمساك، فهل هذا يعني أن يمتنع الإنسان عن تناول أي شيء ابتداء من وقت الإمساك؟ هذا في شهر رمضان، وإذا أردت الصوم في أيام أخرى فمتى يجب علي الامتناع عن الأكل والشرب؟ وشكراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن وقت الإمساك سواء في صيام الفرض أو النافلة هو نفسه وقت طلوع الفجر الذي هو أول وقت صلاة الفجر. فإذا كان المؤذن يؤذن حين طلوع الفجر ولا يتأخر إلى الإسفار، فحينئذ لا يجب عليك الإمساك إلا عند الأذان. وما يوجد في بعض التقاويم من جعل وقت للإمساك يسبق وقت أذان الفجر بعشر دقائق أو نحوها فهو عملٌ لا أصل له في الشرع، وهو من التكلف والتنطع، وقد قال الله في كتابه آمراً رسوله -صلى الله عليه وسلم-:"قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين" [ص: 86] ، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"هلك المتنطعون" مسلم (2670) . فالحاصل أنه لا يجب عليك الإمساك إلا عند دخول وقت صلاة الفجر. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قضاء الصوم عن الوالد المتوفى

قضاء الصوم عن الوالد المتوفى المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 29/8/1424هـ السؤال توفي أبي في العشر الأواخر من رمضان تقريباً منذ ست سنين -رحمه الله- وعليه عشرة أيام تقريباً، سؤالي: هل أصوم عنه؟ وإذا كان الجواب: نعم، هل يكون الصيام لي براً أم ماذا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان قد فطر هذه الأيام لمرض، واستمر معه المرض حتى توفاه الله فلا قضاء، ولا إطعام لأنه لم يتمكن من القضاء، فأما إن شفي بعد فطره وأمكنه القضاء ولم يقض ثم مات فيصوم عنه وليه، أو يطعم عنه عن كل يوم مسكيناً.

فتح المطاعم في نهار رمضان

فتح المطاعم في نهار رمضان المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 18/09/1425هـ السؤال الإخوة الأعزاء حفظكم الله وسدد خطاكم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجزاكم الله خيراً على ما تقومون به من خدمة جليلة للإسلام والمسلمين. لدي استفسار أرجو أن تتفضلوا بالإجابة عنه ولكم جزيل الشكر، سؤالي كالتالي: أنا مسؤول في جمعية إسلامية بفرنسا، والجمعية تملك مطعماً للوجبات السريعة؛ فهل يجوز لنا فتح المطعم وتقديم الوجبات للزبائن خلال شهر رمضان نهاراً؟ علماً أن عامة الزبائن في نهار رمضان من غير المسلمين، وربما بعض أبناء الجالية الإسلامية غير الملتزمين. ونشير إلى أن القوانين تمنع التفرقة بين الزبائن؛ مثلاً: لا نستطيع تقديم الوجبات لغير المسلمين، والامتناع عن تقديمها لبعض من يتقدم من أبناء المسلمين وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

نعم، يجوز لكم أن تبيعوا هذه الوجبات في نهار رمضان للكفار؛ لأنهم غير مأمورين بالصيام ابتداءً، ولا يصح منهم حال كفرهم، ولا مؤاخذين بتركه في الدنيا، ولكن لا يجوز أن يباع لهم ما هو محرم في ذاته كلحم الخنزير أو الخمر، وأما المنتسبون للإسلام فإن كان النظام ـ كما تذكر ـ يمنع التفرقة بين الزبائن، وغلب على ظنكم أنهم سيشكونكم إلى النظام إن امتنعتم عن بيعهم فأرى أن ذمتكم تبرأ بنصحكم لهم وإنكاركم عليهم الفطر في نهار رمضان، فإن استجابوا فالحمد لله، وإن لم يستجيبوا فعليهم إثمهم. والغالب الذي يشهد له الواقع أنه لا يتجاسر على الفطر في نهار رمضان من المنتسبين للإسلام إلا من هو على ترك الصلاة ـ التي تركها بالكلية كفر ـ أشد تجاسراً حتى لا يكاد يركع لله ركعةً سوى الجمع والأعياد، بل الغالب على هؤلاء أنهم أشد تعظيماً للصيام منهم للصلاة، ولذا نجدهم يحرصون على الصلاة في رمضان لأجل أنهم صائمون، فالأظهر أن هؤلاء الذين تتحرجون من البيع لهم من أبناء الجالية المسلمة، أنهم لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، فهم محتاجون إلى الدعوة إلى الإسلام قبل كل شيء، هذا التفصيل فيما إذا كانت الوجبات التي تبيعونها قد جرت عادة الناس أنها تؤكل في حينها ولا تحتمل التأخير، أما إذا كانت هذه الوجبات والأطعمة مما يستطاب أكله ولو بعد مدة، فهذه يجوز بيعها في نهار رمضان للمسلمين كذلك، ولا يدخل في باب الإعانة على الإثم؛ لأنه لا يُقطع بأن مشتريها يأكلها في الحال، وقد جرت عادة المسلمين قديماً وحديثاً على بيعها في نهار رمضان من غير نكير. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

متى يجب الصيام على الفتاة؟

متى يجب الصيام على الفتاة؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 10/9/1425هـ السؤال متى يجب الصيام على الفتاة؟ الجواب يجب الصيام على الفتاة متى بلغت سن التكليف، ويحصل البلوغ بتمام خمس عشرة سنة، أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، أو بإنزال المني المعروف، أو بالحيض، أو بالحمل، فمتى حصل بعض هذه الأشياء لزمها الصيام ولو كانت بنت عشر سنين فإن الكثير من الإناث قد تحيض في العاشرة أو الحادية عشرة من عمرها؛ فيتساهل أهلها ويظنونها صغيرة فلا يلزمونها بالصيام، وهذا خطأ فإن الفتاة إذا حاضت فقد بلغت مبلغ النساء وجرى عليها قلم التكليف، والله أعلم. [فتاوى الصيام لابن جبرين ص: (33-34) ] .

الفطر قبل أذان المغرب

الفطر قبل أذان المغرب المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 23/9/1424هـ السؤال لي أصدقاء يقومون بالإفطار قبل أذان المغرب بما يعادل عشر دقائق عذراً منهم؛ لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما معناه إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا أفطر الصائم، وهل أذان المغرب أذان بوقت الإفطار أم لا؟ وماذا تنصحونهم مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا كان المؤذنون يؤخرون الأذان بعد غروب الشمس بمقدار هذا الوقت (عشر دقائق) ، فصيام هؤلاء صحيح؛ لأن العبرة بغروب الشمس، وليس بأذان المؤذن. وينبغي تعزير المؤذنين الذين يتعمّدون تأخير الأذان بعد غروب الشمس بمثل هذا الوقت، ولو بقصد الاحتياط؛ إذ عملهم هذا من التورع البارد المذموم الذي لا ينبغي بحال، وهو ابتداع في الدين، فإن اتخاذهم هذا العمل عادة - من تعمّد تأخير الأذان عن غروب الشمس بعشر دقائق أو نحوها- يُلبس على الناس دينهم، فيعتقد العوام أن غروب الشمس بمجرده لا يبيح الفطر، وهذا مخالف لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" أخرجه البخاري (1954) ، ومسلم (1100) من حديث عمر - رضي الله عنه -. وعلى هذا فإن العبرة بالتحقق من غروب الشمس، وأما الأذان فإنما هو علامة على ذلك، فلو أخطأ المؤذن فأذن قبل الغروب لم يجز للصائم الفطر، ولو تأخّر بعد غروب الشمس لم يلزم الصائم الإمساك إلى أن يسمع الأذان، بل له الفطر بمجرد تيقنه من غروب الشمس. أما إذا كان المؤذنون لا يؤذنون إلا عند غروب الشمس ولا يؤخرونه، فلا شك أن أصحابك قد أفطروا في نهار رمضان، وذلك بتقديمهم الإفطار قبل غروبها بعشر دقائق. فعليهم التوبة إلى الله من هذا الصنيع، وقضاء ما أفطروه من تلك الأيام. فإن كانوا لا يعلمون عدد ما أفطروه من الأيام، فعليهم أن يتحروا عددها بالاجتهاد والتقدير، وعسى الله أن يتوب عليهم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف تكون مراجعة المطلقة

كيف تكون مراجعة المطلقة المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 09/08/1425هـ السؤال شيخي الفاضل: لدي أكثر من سؤال: السؤال الأول هو أنني عندما كنت صغيرة أفطرت يوماً في رمضان لشدة الحر، ولم أخبر أحداً بذلك، والسؤال الثاني هو أنني تزوجت برجل متزوج، ونظراً لرفض زوجته وجودي في حياته طلقني مرتين، وكان ذلك الطلاق في المحكمة، وكان بعد أسبوع من كل طلقة يعيدني إليه، ولقد سألت أكثر من شيخ ومفت في بلدي، لمعرفة شرعية تلك العلاقة التي بيننا، فإذا بي أفاجأ بعدم الشرعية، وأن ما كان بيننا هو زنا؛ وذلك نظراً لأن العودة لم تكن معلنة، ولا يوجد شهود حتى لا تعلم زوجته الأولى، الآن أنا قطعت كل علاقة مباشرة به، وفي هذه الأثناء تقدم خاطب على أساس أنني مطلقة، فما هو الحكم في ذلك؟ وأرجو أن يكون الرد واضحاً ومستوفياً؛ وذلك نظراً لخطورة الأمر، وهناك شيء آخر هو زوجة زوجي الأولى لديها وثيقة موقعة من اثنين من الشهود، وبها اعترف من زوجي أنه طلقني أمامهما، إلا أنه ينكر ذلك، ويقول إن ذلك حدث فقط تجنبًا للمشاكل، فهل تحتسب تلك طلقة ثالثة، وبذلك أكون قد حرمت على زوجي؟ أفيدوني أثابكم الله عني كل خير. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: الجواب عن السؤال الأول: إذا كنت صغيرة لم تبلغي عندما أفطرت فلا بأس عليك، أما إن كنت بالغة فقد ارتكبت إثماً عظيماً يجب عليك التوبة منه، كما يجب عليك قضاء هذا اليوم؛ لأنك لما ابتدأت صيامه أصبح كالمنذور عليك، أما حديثك من أفطر متعمداً في نهار رمضان لم يقبل منه صيام الدهر كله، فهذا حديث ضعيف لا يصح، هذا أولاً.

ثانياً: أن من ترك صيام يوم من أوله ولم يعزم من الليل على صومه، فإن هذا لا يقبل منه قضاء هذا اليوم؛ لأن القاعدة من ترك عبادة متعمداً حتى خرج وقتها ثم قضاها فإنها لا تقبل منه، كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد بن عثيمين - يرحمهما الله-. أما الجواب عن السؤال الثاني: فلا بد من بيان ما يلي: أولاً: أنه لا يشترط للعودة والرجعة بعد الطلاق أن يشهد شاهدان على ذلك، وهو مذهب الجمهور، وهو القول الصحيح، كما أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي ولا صداق، ولا رضا المرأة، ولا علمها بالإجماع؛ لأن الرجعية في حكم الزوجة إلا في القسم للمبيت، ومسائل معدودة ذكرها الفقهاء في غير موضعها، وهذا ثانياً. وبناءً عليه فإن كان زوجك قد أرجعك وأعادك بدون إشهاد أو إعلان فلا يؤثر ذلك على صحة الرجعة، وصحة النكاح، فإن قيل: قوله تعالى: "وأشهدوا ذوي عدلٍ منكم" [الطلاق: من الآية2] ، ألا يدل على اشتراط الإشهاد على الرجعة؟ فالجواب: لا: لا يدل على ذلك؛ لأن المقصود بذلك الإثبات والتوثيق، وحفظ حق الزوج، كما في البيع، فقد ورد الأمر بالإشهاد في القرآن، ومع ذلك فقد ثبت أن الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يشهد على عقد البيع، وعلى كل حال فالإشهاد على عقد البيع والرجعة من السنة بالإجماع، لكن ليس بشرط فيهما. وهذا ثالثاً. رابعاً: إن كان زوجك طلقك الطلقة الثالثة - والحال كما ذكر قريباً- واعترف بذلك فهذه تعتبر طلقة ثالثة ما لم يوجد مانع؛ لأنه يشترط أن يطلقك وأنت طاهرة من غير جماع، أو حاملاً قد تبين حملك، أما إن طلقك وأنت حائض أو في طهر جامعك فيه فلا يقع الطلاق، كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- إلا إذا حكم به حاكم - أي القاضي-؛ لأن حكم القاضي ملزم ويرفع الخلاف في المسألة.

خامساً: أنه بالنسبة للورقة التي كُتبت على زوجك فإن كان ينكر الطلاق، وأنه لم يحصل، أو أنه أراد الطلاق السابق وصدقتيه على ذلك فلا يعتبر طلاقاً جديداً، هذا إذا لم يصل الأمر إلى القاضي؛ لأنه قد يعتمد على ظاهر ما في هذه الورقة. سادساً: أن من شروط صحة النكاح أن يشهد على عقد النكاح شاهدان، كما هو مذهب الجمهور، وذهب بعض العلماء إلى عدم اشتراط ذلك؛ لكون الحديث ضعيفاً، وذهب بعض العلماء إلى أنه يشترط إما الإشهاد وإما الإعلان، وأنه إذا وجد الإعلان كفى عن الشهادة، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو القول الصحيح. وبناءً عليه إن كان زوجك عندما تزوجك في أول الأمر لم يشهد، أو لم يعلن النكاح فزواجكما غير صحيح، وما ترتب عليه من طلاق ونحوه يعتبر لاغياً؛ إذ لا زواج بينكما، وتعتبرين أجنبية منه لا تحلين له ولا لغيره، إلا بعقد جديد مستوفٍ للشروط، لكن إن أردت الزواج من غيره فعليك العدة، وهي حيضة واحدة؛ لأن النكاح غير صحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- وعليك أن تراجعي المحكمة فيما يتعلق بالعقد الذي بينكما، هذا إذا لم يشهد على عقد النكاح. وهذا سابعاً. ثامنًا: أن عدة الطلاق في النكاح الصحيح ثلاث حيض، أو بوضع الحمل إن كنت حاملاً، فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة، أو وضعت الحمل تكون العدة قد انتهت، ولا يمكن لزوجك أن يراجعك إلا بعقد جديد ومهر جديد، أما إذا لم تنته العدة فللزوج أن يراجع زوجته بقوله: راجعتك أو نحوه، أو يجامعها بنية الرجعة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أحكام الاعتكاف والعشر الأواخر

هل ليلة القدر واحدة فقط؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الصيام/أحكام الاعتكاف والعشر الأواخر التاريخ 10/05/1425هـ السؤال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن ليلة القدر: "التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"، ونظراً لاختلاف التقويم بين البلاد الإسلامية، فتختلف الليالي الوتر من بلد إلى آخر، فمثلاً هذا العام يوجد اختلاف بين مصر والسعودية في بداية الشهر، فتكون الليالي الوتر بمصر ليست وتراً في السعودية، فكيف يكون ذلك؟ وهل ليلة القدر هي واحدة فقط؟ -وجزاكم الله خير الجزاء-، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم. الجواب

الذي يظهر لي أنها لا تتكرر، وإنما هي ليلة واحدة في السنة، والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "التمسوها في العشر الأواخر في الوتر" رواه البخاري (2016) ، ومسلم (1167) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، فكل العشر محل لأن تقع فيها ليلة القدر من وتر وغيره، وهو لما قال: "في الوتر"، لم يلغ الالتماس في غير الوتر، كما أنه قال: "التمسوها ليلة سبع وعشرين" انظر ما رواه مسلم (762) من حديث أُبي بن كعب-رضي الله عنه- أو: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر" رواه البخاري (2015) ، ومسلم (1165) من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما-"، وقال: "التمسوها في سبع يمضين، أو سبع يبقين" انظر ما رواه البخاري (2021) ، وهذا اللفظ عند أحمد (2539) ، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهذا يختلف من الشهر كونه تسع وعشرين أو ثلاثين، وعلى هذا فهي ليلة واحدة، فإذا كانت - مثلا- ليلة السبع وعشرين في السعودية فهي ليلة ثمان وعشرين في مصر، أو إذا كانت ليلة سبع وعشرين في مصر فهي ليلة ست وعشرين في السعودية بالنسبة لرمضان هذه السنة، والإنسان مطلوب منه أن يجتهد في العشر كلها، وهي ليلة خفية لم يعلم ما هي بالتحديد، ولهذا كان - عليه الصلاة والسلام- يعتكف في العشر الأواخر؛ طلباً لثوابها وإدراكها، وهو على حال يكون فيها أحسن ما يكون من التقرب إلى الله - تعالى- وحسن المناجاة له. والله ولي التوفيق.

المعتكف واستخدام الهاتف

المعتكف واستخدام الهاتف المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/أحكام الاعتكاف والعشر الأواخر التاريخ 19/9/1422هـ السؤال هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف لقضاء حوائج المسلمين؟ الجواب نعم يجوز للمعتكف أن يتصل بالهاتف لقضاء بعض حوائج المسلمين إذا كان الهاتف في المسجد الذي هو معتكف فيه؛ لأنه لم يخرج من المسجد، أما إذا كان خارج المسجد فلا يخرج لذلك، وقضاء حوائج المسلمين إذا كان هذا الرجل معنياً بها لا يعتكف؛ لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف لأن نفعها متعدٍّ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجباته. (كتاب الدعوة، الجزء الثالث، ص 61)

ليلة القدر

ليلة القدر المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الصيام/أحكام الاعتكاف والعشر الأواخر التاريخ 26/09/1425هـ السؤال اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر، فهل لهذا التحديد أصل وهل عليه دليل؟. الجواب نعم، لهذا التحديد أصل وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة للقدر كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أُبيّ بن كعب - رضي الله عنه - ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً: أن ليلة القدر في العشر الأواخر، ولا سيما في السبع الأواخر منها، فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة السادس والعشرين، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين ولذلك ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلها وأجرها، فقد قال الله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين". وقال - عز وجل-:"إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر". (كتاب الدعوة، الجزء الخامس، ص 204) .

الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الصيام/أحكام الاعتكاف والعشر الأواخر التاريخ 20/9/1422 السؤال ما صحة الحديث: " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة " وإن صح الحديث هل يعني فعلاً لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة؟ الجواب يصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة إلا أنه يشترط في المسجد الذي يعتكف فيه إقامة صلاة الجماعة فيه، فإن كانت لا تقام فيه صلاة الجماعة لم يصح الاعتكاف فيه إلا إذا نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة فإنه يلزمه الاعتكاف بها وفاء لنذره. مجموع فتاوى الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-،الجزء الخامس عشر، ص (444) .

عمل المسلم في ليلة القدر

عمل المسلم في ليلة القدر المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الصيام/أحكام الاعتكاف والعشر الأواخر التاريخ 23/09/1425هـ السؤال كيف يكون إحياء ليلة القدر؟ أبالصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد؟ الجواب أولاً: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر من رمضان مالا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء، فروى البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-:"كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر"، ولأحمد ومسلم:"كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها". ثانياً: حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام. ثالثاً: من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- عائشة -رضي الله عنها-، فروى الترمذي وصححه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:"قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ " قال:"قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني". رابعاً: أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها والليلة السابعة والعشرون هي أحرى الليالي بليلة القدر؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما ذكرنا.

خامساً: وأما البدع فغير جائزة لا في رمضان ولا في غيره، فقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصلاً، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/412-413) ] .

تأمير شخص على مجموعة في الاعتكاف

تأمير شخص على مجموعة في الاعتكاف المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/أحكام الاعتكاف والعشر الأواخر التاريخ 4/8/1424هـ السؤال ما حكم الشرع في أن يؤمَّر شخص على مجموعة من الشباب في الاعتكاف؟ بحيث يقوم بتنظيم وقتهم في قراءة القرآن وبعض الدروس العلمية المفيدة. وهل ذلك مخالف لقصد الشارع من الاعتكاف؛ وهو الخلوة لذكر الله - عز وجل - والتعبُّد له - سبحانه وتعالى -.أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: الذي جاء في السنة التأمير في السفر فقط دون الاجتماعات الأخرى انظر ما رواه أبو داود (2608) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، ولذلك لا يشرع فيما يظهر لي أن يؤمَّر شخص على المجموعة المعتكفة، لكن لا مانع من جعل واحد منهم منظماً للمجموعة؛ حيث يقوم بترتيب الأوقات الخاصة بالأكل أو النوم أو الاستفادة العامة ونحو ذلك، من غير أن يكون أميراً تلزم طاعته في هذا الاجتماع، والله أعلم.

الاعتكاف يوما أو يومين

الاعتكاف يوماً أو يومين المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الصيام/أحكام الاعتكاف والعشر الأواخر التاريخ 23/9/1424هـ السؤال نظراً لظروف عملي فإني لا أستطيع الاعتكاف طيلة العشر الأواخر، فهل يجوز لي أن أعتكف يوماً أو يومين؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم لا بأس أن يعتكف الإنسان يوماً أو يومين، فأقل الاعتكاف يوم أو ليلة؛ كما ورد أن عمر - رضي الله عنه - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أوف بنذرك"، فأقل الاعتكاف يوم أو ليلة، هذا ما ورد في الشرع، لكن السنة يعتكف العشر كاملة.

ـــــ كتاب الحج والعمرة ـــــ

كتاب الحج والعمرة

الإنابة في الحج والعمرة

ما زاد على نفقات الحج عن الغير المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 25/6/1424هـ السؤال سأقوم بالحج -إن شاء الله- عن شخص متوفى، وستقوم زوجة المتوفى بدفع مبلغ لي لمصروفات الحج، في حالة تبقى شيء من هذا المبلغ هل يجوز لي الانتفاع به أم يتم إرجاعه لزوجة المتوفى؟ نأمل الإفادة وجزاكم الله خيراً. الجواب عليك أن تعمل حسب اتفاقك مع المرأة، فإن كانت أعطتك المبلغ على أن تنفق منه وتعيد الباقي وجب عليك إعادته، وإن كانت أعطتك المبلغ على أن تنفق منه لحجك وتنتفع بما بقي فلك ذلك.

الحج عن الميت من ماله

الحج عن الميت من ماله المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 12/11/1423هـ السؤال رجل مات ولم يقض فريضة الحج، وأوصى أن يحج عنه من ماله ويسأل عن صحة الحجة، وهل حج الغير مثل حجه لنفسه؟ الجواب إذا مات المسلم ولم يقض فريضة الحج وهو مستكمل لشروط وجوب الحج وجب أن يحج عنه من ماله الذي خلفه سواء أوصى بذلك أم لم يوص، وإذا حج عنه غيره ممن يصح منه الحج وكان قد أدى فريضة الحج عن نفسه صح حجه عنه وأجزأ في سقوط الفرض عنه، وأما تقويم حج المرء عن غيره هل هو كحجه عن نفسه أو أقل فضلاً أو أكثر؟ فذلك راجع إلى الله سبحانه، ولا شك أن الواجب عليه المبادرة بالحج إذا استطاع قبل أن يموت، للأدلة الشرعية الدالة على ذلك، ويخشى عليه من إثم التأخير. وبالله التوفيق، - وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم-. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/100) ]

الاستئذان في الحج عن الغير

الاستئذان في الحج عن الغير المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 17/05/1425هـ السؤال أنوي الحج للمرة الثانية، ولي عم على قيد الحياة وغير قادر مادياً وجسدياً، هل يجوز لي أن أنوي عنه؟ وإذا جاز لي ذلك هل يجب علي أن أستأذنه؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب جاء في حديث ابن عباس في المرأة التي سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أباها شيخ كبير أدركته فريضة الله في الحج، وهو لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفتحج عنه؟ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" حجي عنه" انظر: البخاري (1513) ، ومسلم (1334) فلا بأس أن يحج هذا الرجل عن عمه؛ لما تقدم من الحديث الآنف الذكر، وأما بالنسبة للاستئذان فلا بأس أن يستأذنه بعد أن يرجع من الحج، فإذا استأذنه فأجازه فإنه يقع فرض الحج، وإن استأذنه قبل أن يذهب إلى الحج فهذا هو الأحسن والأولى.

الحج عن العاجز

الحج عن العاجز المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 5/11/1423هـ السؤال عند رجل والدته وهي طاعنة في السن، ولم تؤد فريضة الحج لعدم استطاعتها ركوب السيارة، ولو كان واحد كيلو، فهل يلزم ابنها الحج عنها؛ لأنه مستعد بذلك إذا كان ذلك يجوز؟ الجواب إذا كان الواقع كما ذكر من أن الأم لم تحج الفريضة وأنها عاجزة عن السفر لأداء الحج بنفسها، وجب على ولدها أن يحج عنها إذا استطاع ذلك، وكان قد حج عن نفسه؛ لما ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: "نعم"، وذلك في حجة الوداع، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: قالت: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير، عليه فريضة الله في الحج، وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال - صلى الله عليه وسلم - "فحجي عنه". وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/84 - 85) ] .

الحج عن الميت

الحج عن الميت المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 5/11/1423هـ السؤال رجل عمره 25 عاماً، توفي ولم يحج، فهل يجوز أن نحج عنه، وهل تكفي حجة بدون عمرة مع أن له مالاً؟ الجواب من وجب عليه الحج ومات قبل أدائه أخرج عنه من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر، ويجوز أن يحج عنه بدون إخراج من ماله إذا وجد من يتطوع بذلك، أما الحج فمعروف أنه أحد أركان الإسلام، ولا يسقط بموت من وجب عليه، وقد روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: "نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ أقضوا الله، فالله أحق بالوفاء"، وسألته - صلى الله عليه وسلم امرأة من خثعم قائلة: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: "حجي عن أبيك"، أما العمرة فلما روى الخمسة عن أبي رزين العقيلي، أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، فقال: "حج عن أبيك واعتمر". وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد آله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/87 - 88) ] .

الحج والعمرة عن الغير

الحج والعمرة عن الغير المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 13/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لم يسبق لي الذهاب لأداء كل من العمرة أو الحج، وأود -بإذن الله- أداء فريضة الحج، وأريد أن أؤدي العمرة لي وعمرة لكل من أمي وجدتي وجدي (المتوفين) - هل يكون الحج هنا حج تمتع أم قران؟ الرجاء الإفادة مع الشرح. الجواب لا بد أن يؤدي المسلم فريضة الحج والعمرة عن نفسه أولاً قبل أن يتطوع بها عن غيره؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي لبى عن شبرمة:"حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" رواه أبو داود (1811) وابن ماجة (2903) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-. وفي حال الأخت السائلة يجب أن تحج وتعتمر عن نفسها أولاً، وسواء حجت قارنة أم متمتعة فأي ذلك كافٍ؛ لأن كلاً من النسكين مشتمل على الحج والعمرة، لكن إن حجت متمتعة فهو أفضل؛ لما ورد فيه من النص، ولأن أعمال العمرة مستقلة عن الحج، فإذا فرغت من نُسكها فحينئذ لها أن تعتمر عمّن أرادت، وأما بيان صفة الحج تمتعاً وبيان صفته قراناً فيطول وصفه، ويمكنها أن تراجع الكتب المؤلفة الواضحة في ذلك، مثل: كتاب (التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة) للشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله-، فإن لم يتيسر لها ذلك فيمكنها إعادة السؤال ويأتيها الجواب مبسوطاً -إن شاء الله تعالى-.

الحج عن الوالدين جميعا حجة واحدة

الحج عن الوالدين جميعاً حجة واحدة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 22/11/1422 السؤال والدتي ووالدي كبيران في السن وأرغب أن أحج عنهما جميعاً في حجة واحدة فهل يجوز لي ذلك وهل هناك فرق بين الحج عن الميت والحي؟ أرشدوني رحمكم الله. الجواب إذا كان والداك لا يستطيعان الحج والعمرة لكبر سنهما فإنه يُشرع لك أن تحج عن كل واحد على حدة وأن تعتمر عنه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله بعض الناس عن مثل هذا، حيث قال السائل: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه وأعتمر؟ فقال له -صلى الله عليه وسلم-:" حج عن أبيك واعتمر". وسألته امرأة من خثعم فقالت: يا رسول إن أبي شيخ كبير لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ فقال:" حجي عن أبيك" متفق على صحته. وليس لك أن تحج عنهما في حجة واحدة، ولا أن تعتمر عنهما عمرة واحدة؛ لأن الحج لا يكون إلاَّ عن واحد وهكذا العمرة. ولا شك أن الحج عنهما، والعمرة عنهما من أعظم برهما، وفقك الله وكل مسلم لما فيه رضاه إنه سميع قريب. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (419) ]

الحج عن المريض بدون علمه

الحج عن المريض بدون علمه المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 24/10/1425هـ السؤال أنوي الحج- إن شاء الله- هذا العام عن والد زوجتي، وهو مريض قعيد الفراش من سنوات طويلة، ويعاني من بتر كامل في الساقين وأصابع اليدين، مع العلم أنه موسر، وأوصى بمبلغ كبير للحج عنه في حال وفاته، فهل يجوز لي الحج عنه من مالي الخاص؟ وهل لي أجر، مع العلم أنني قد حججت عن نفسي من قبل؟ الجواب بالنسبة للحج عن الحيّ لابد أن يكون هذا بعلمه وإذنه، فإذا كان أذن لك بالحج عنه، فإنك تحج عنه وحجك صحيح؛ لأن الحي لا بد من نيته للعبادة، وكونك تحجُّ عنه دون علمه لا يعتدُّ بهذا، وأما كونه أوصى أن يحج عنه، فهذا ما دام على قيد الحياة التفاهم معه سهل وميسور، وخاصة مع سهولة الاتصال في هذا الزمن، فإذا أذن لك أن تحج عنه فحج عنه، وحجك صحيح- إن شاء الله.

حج المرأة عن الرجل والعكس

حج المرأة عن الرجل والعكس المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 24/11/1422 السؤال هل يجوز أن تحج المرأة عن الرجل، وهل هناك فرق بين أن يكون الحج تطوعاً أو واجباً؟ الجواب يجوز حج المرأة عن الرجل إذا كان المحجوج عنه ميتاً، أو عاجزاً عن الحج، لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه. سواء كان الحج فرضاً أو نفلاً؛ لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أن رجلاً قال له: يا رسول الله، إن أبي لا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه وأعتمر؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" حج عن أبيك واعتمر"، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن أبي لا يستطيع الحج أفأحج عنه؟ فقال لها -صلى الله عليه وسلم-:" حجي عن أبيك"، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. ولم يفصل النبي -صلى الله عليه وسلم- بين حج الفرض أو النفل؛ فدل ذلك على جواز النيابة فيهما من الرجل والمرأة بالشرط المذكور، وهو كون المحجوج عنه ميتاً أو عاجزاً لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه. والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (421) ]

يحج عن والدته قبل أن يحج عن نفسه

يحج عن والدته قبل أن يحج عن نفسه المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 26/12/1425هـ السؤال والدتي، رحمها الله، توفيت وهي لم تحج، لكنني وعدتها في أيامها الأخيرة بأنني سوف أحج عنها، والآن أنا لم أحج فرضي، أي لم أحج حتى الآن، وأنوي إن شاء الله أن أوكل شخصًا للحج عن والدتي من مالي، فهل يجوز أن أوكل شخصًا آخر للحج عن والدتي لأنني لم أقضِ فرضي؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب أولاً: ابدأ بنفسك، ثم بعد ذلك بوالدتك، فهذا المال إذا كنت تستطيع أن تحج به وليس هناك عائق يعوقك فاصرف هذا المال لحجتك وحج عن نفسك، فإذا أبرأت ذمتك فحج عن والدتك، أما إذا كان الإنسان لا يقدر على الذهاب إلى مكة لأمر يعوقه وعنده مال فلا بأس أن يدفع هذا المال لمن يحج عن والدته بشرط أن يكون قادرًا على تحصيل المال إذا أراد الحج، فإذا كان يطمع أن يحصل المال من راتب أو من تجارة أو من غلة مزرعة وهو الآن لا يقدر فلا بأس أن يدفع هذا المال لمن يحج عن والدته، ويدل لذلك ما رواه ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم، أن أمها ماتت ولم تحج أفأحج عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا ... " الحديث. أخرجه البخاري (1852) . كذلك أيضًا حديث الخثعمية أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: "نَعَمْ". أخرجه البخاري (1854) ومسلم (1334) .

العمرة عن المنتحرة

العمرة عن المنتحرة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 6/6/1424هـ السؤال هل يجوز عمل عمرة لمن انتحرت؟ الجواب المنتحرة عاصية بفعلها، ومرتكبة لكبيرة من كبائر الذنوب؛ لحديث ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل نفسه بشيء عذبه الله به في نار جهنم" رواه البخاري (1363) ومسلم (110) من حديث ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه-. بيد أن معصيتها لا تخرجها من الدين، فهي مسلمة ما أقامت فرائض الدين، وعليه فيجوز لك أن تعتمر عنها، لعموم حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال:"من شبرمة؟ " قال: أخ لي أو قريب لي. قال:"حججت عن نفسك؟ " قال: لا، قال:"حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" رواه أبو داود (1811) وابن ماجة (2903) .

العمرة عمن مات على التصوف

العمرة عمن مات على التصوف المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 28/4/1424هـ السؤال جدي لوالدي مات وهو منتسب لطريقة صوفية منتشرة في بلادنا جهلاً، وكان من أتباعها، وقد قمت بأداء العمرة عنه، ونستغفر الله له، ما حكم ما نقوم به حياله؟. الجواب أصحاب الطرق الصوفية على ما فيهم من بدع ومنكرات إلا أن الأصل فيهم أنهم مسلمون، وعليه فما قمت به من أداء العمرة والاستغفار لجدك لوالدك هو عمل جائز لا بأس به ولك أجر البر به، لكن الأفضل أن تعتني بالدعاء والاستغفار له، أما الأعمال الصالحة فتجعلها لنفسك، وذلك تمشياً مع ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم (1631) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- فالمشروع للمسلم أن يدعو لوالديه.

هل يرمي عن والدته وهو غير حاج

هل يرمي عن والدته وهو غير حاج المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 27/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. مقيم في المملكة، وسوف أرافق والدتي في حجها هذا العام، ولكني لا أنوي الحج، فهل يجوز لها أن توكلني في رمي الجمرات خاصة يوم الثاني عشر؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجب أن يكون المتوكل عن غيره في رمي الجمرات متصفًّا بالحج، أي: حاجًّا، أما من سيرافق أمه ولكنه لن يحج، وإنما هو مرافق لها فقط، نقول: هذا حرمان، فيا أخي- جزاك الله خيرًا- ما دمت ستمشي مع حجاج بيت الله الحرام فيما يتعلق بالوقوف بعرفة، وفيما يتعلق بالمبيت في مزدلفة، وفيما يتعلق بالطواف والسعي، وفيما يتعلق بسائر أحكام الحج، ومناسكه، فيجب على أخينا ألا يحرم نفسه من هذا الخير، وإن كان قد حجَّ سابقًا فهو الآن ماش مع إخوانه، فينبغي أن يكون في مشيه مع إخوانه الحجاج متصفًا بما يتصفون به من النسك. وخلاصة القول عن سؤاله نقول: لا يجوز لك أن تتوكل عن أمك، والحال أنك غير متصف بنسك الحج.

هل أعتمر عن شخص قادر

هل أعتمر عن شخص قادر المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 28/5/1424هـ السؤال هل يصح أن أعتمر بالإنابة عن شخص يستطيع لكنه منشغل بأمور الدنيا الجواب أولاً: أود أن أنبه السائل وغيره، أن العمرة أو الحج أو غيرها من أنواع العبادة، هي قربى يتقرب بها إلى الله - تعالى -، فينبغي للإنسان أن يحرص على أدائها، ولا يتهاون في أداء العبادات التي تنفعه في دينه ودنياه، وتكون سبباً في الفوز بالآخرة، لا ينشغل عنها بأمور الدنيا، فأمر الدنيا محدود مهما طال بالإنسان العمر، فإن أنفاسه معدودة، وأيامه محدودة، وعليه ألاّ يكون همه الدنيا، وينشغل بها عمّا ما هو حياة باقية، ونعيم دائم، أو شقاء وتعاسة وعذاب دائم. أما بالنسبة لأن يؤدي الإنسان العمرة أو الحج عن غيره فإن هذا جائز، بشروط؛ أن يكون الشخص عاجزاً عن القيام بهذه العبادة بنفسه، وتكون هذه العبادة التي سيقوم بها النائب، حج الفريضة أو عمرة الفريضة، أما إذا كان الإنسان قد سبق أن أدى الفريضة بنفسه، وأراد أن ينيب غيره لأداء حج أو عمرة تطوع فإن بعض أهل العلم أجازوا ذلك، وعلى كلٍ أنصح السائل وغيره، أن يقول لهذا الإنسان المنشغل بالدنيا: ينشغل بأمر الآخرة، وكون الإنسان يترك شيئاً من أمر الدنيا لأجل الانشغال بأمر الآخرة، هذا هو المكسب والمغنم، وأسأل الله - تعالى - التوفيق للجميع.

أجرة النيابة في الحج

أجرة النيابة في الحج المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة كتاب الحج والعمرة/الإنابة في الحج والعمرة التاريخ 09/02/1425هـ السؤال النفقة التي يأخذها النائب، هل تسمى رزقاً، فتدخل فيما يذكره الحنابلة وغيرهم من جواز أخذ الرزق على الحج، وإذا كان بينهما فرق، فما هو؟، وما دليل أهل العلم على جواز أخذ الرزق على الحج من كتاب أو سنة؟ وآمل أن يكون الجواب فيه إحالة على المرجع جزء وصفحة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أن ما يأخذه النائب في الحج لا يسمى رزقاً، وإنما هو أجرة يحج بها، وينفق بها على نفسه، هذا أولاً. ثانياً: أن الرزق: هو ما يدفع من بيت المال لمن عمل في مصالح المسلمين، وليس عوضاً، أو أجرة. ثالثاً: أن كل من عمل عملاً متعدياًّ يتعلق بمصالح المسلمين، فله حق في بيت المال، ومن ذلك ما يأخذه القضاة والأئمة، والمؤذنون، والدعاة، والمدرسون في بلادنا الآن. رابعاً: أن مذهب الحنابلة - رحمهم الله - عدم جواز أخذ الأجرة على النيابة في الحج، والأذان، والإقامة، والإمامة، وتعليم القرآن ونحوه، وفي مذهبهم قول بجواز ذلك للحاجة، اختاره شيخ الإسلام وغيره. خامساً: أن القول بعدم جواز الحج عن الغير بأجرة سوف يسد باب النيابة؛ لأن عمل الناس الآن على القول بالجواز، ولا يسعهم إلا ذلك. سادساً: أن المستحب أن يأخذ الحاج عن غيره ليحج، لا أن يحج ليأخذ، فإن من حج ليأخذوا حرم الأجر في الآخرة. سابعاً: أنه يشترط لصحة ذلك وجوازه أن يريد بذلك نفع الغير الذي استأجره، لا أن يريد بهذه القربة التعبد لله -تعالى-.

ثامناً: أنه لا يجوز لأحد إذا كان قادراً أن يوكّل من يحج عنه، لا فرضاً، ولا نفلاً، لأن السنة إنما جاءت بالحج عمن مات قبل أداء الفريضة، أو من كان عاجزاً عنها عجزاً لا يرجى زواله، ثم قاس كثير من الفقهاء على ذلك العاجز عن أداء النفل، بينما ذهب أهل التحقيق إلى أن إلحاق النفل بالفرض في ذلك لا يصح؛ لأن الفريضة لازمة لا بد منها، بخلاف النفل، والأصل في العبادات منع التوكيل فيها؛ لأن ذلك يفوت مقصودها، وهو التذلل لله -تعالى- والتعبد له، وعليه فإنهم قالوا: يقتصر على ما ورد - والله أعلم-. المراجع: 1- الشرح الكبير، والإنصاف (4/378-386) ، طبعة هجر. 2- مجموع فتاوى شيخ الإسلام (30/192-193-202-207) . 3- الكشاف ومتنه (4/1829-1830) طبعة الباز. 4- الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام (ص222-223) ، طبعة دار العاصمة. 5- شرح الزاد للعلامة الشيخ محمد بن عثيمين، والمسجل عن طريق الأشرطة (باب الوكالة وباب الإجارة) . وصلى الله على نبينا محمد.

المواقيت

تجاوز الميقات المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 5/7/1422 السؤال أنا من أهل المدينة، وقد ذهبت إلى جدة للسياحة عدة أيام، وقد عقدت العزم أن أنوي العمرة من جدة. فما حكم تجاوزي الميقات؟ الجواب إن كنت عقدت العزم على أداء العمرة حينما وصلت إلى جدة فلا شئ عليك. وإن كنت نويت العمرة وأنت في المدينة، وتجاوزت الميقات من غير إحرام، ثم أحرمت من جدة؛ فأكثر أهل العلم على أن عليك ذبح في مكة، ويوزع على فقرائها. وعلى المسلم أن يؤدي نسكه على أتم الوجوه وأكملها.

أحرمت بالحج من مكة

أحرمت بالحج من مكة المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 7/4/1422 السؤال شخص من سكان جدة أراد الحج مفرداً، ذهب إلى مكة، ومن هناك لبس الإحرام، ونوى الحج ثم أتم النسك، هل عمله هذا صحيح؟ أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خيراً. الجواب طالما أنه من أهل جده فميقاته من جدة، وإذا أراد النسك وهو من أهل جدة، فيجب أن يحرم من بيته، فإذا أحرم من دون ذلك فهو كمن أحرم من دون الميقات وعليه دم.

عدم لبس المخيط إلا بعد الميقات

عدم لبس المخيط إلا بعد الميقات المجيب د. عبد الله بن حمد السكاكر عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 28/12/1423 السؤال أريد الحج وكما هو معروف أنه لا يسمح بالحج إلا بالتصريح, ولا يعطى من أراد الحج إلا عن طريق حملة، ولا يوجد لدي من المال ما أحج به مع حملة ويمكنني أن أحج مع بعض أصحابي بربع المبلغ الذي تطلبه الحملة, فهل يجوز لي الذهاب للحج؟ وإذا منعت من الدخول أن ألبس المخيط من أجل تجاوز نقطة التفتيش, ومن ثم أتحمل فدية المحظور, وهل يجوز لي الاشتراط ثم أحل عند الإحصار؟ وإذا تجاوزت التفتيش, أحرمت بنية جديدة. أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/د0 عبد الله السكاكر (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام فرع القصيم) الجواب: إذا لم تكن حججت الفريضة فيجوز لك أن تحج مع أصحابك وتحرم من الميقات ولو لم تلبس ثياب الإحرام فإذا جاوزت المركز لبست ثياب الإحرام وعليك عن لبس المخيط كفارة أذى صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من الرز ونحوه أو ذبح شاة.

تعدي الميقات والرجوع إلى غيره

تعدِّي الميقات والرجوع إلى غيره المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 4/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم من تعدى الميقات ثم لما وصل مكة رجع إلى ميقات غير الذي مر عليه؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الواجب على من أراد الحج والعمرة الإحرام من الميقات الذي يمر به، فإن تجاوزه إلى مكة من غير إحرام ثم رجع إلى الميقات غير الذي مر به فأرجو ألا بأس بذلك؛ لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-:"هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ... " رواه البخاري (1524) ، ومسلم (1181) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.

جدة بدلا عن يلملم

جدة بدلاً عن يلملم المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 17/11/1423هـ السؤال هل تكون جدة ميقاتاً مكانياً بدلاً من يلملم مع أن بعض العلماء يجوزه؟ الجواب الأصل في تحديد المواقيت ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة. وروي عن عائشة - رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل العراق ذات عرق، رواه أبو داود والنسائي، وقد سكت عنه أبو داود والمنذري، وقال ابن حجر في التلخيص: هو من رواية القاسم عنها، تفرد به المعافي بن عمران عن أفلح عنه، والمعافي ثقة. انتهى.

فهذه المواقيت لأهلها ولمن مر عليها من غير أهلها ممن يريد الحج والعمرة، ومن كان دون هذه المواقيت فإنه يحرم من حيث أنشأ، حتى أهل مكة يهلون من مكة، لكن من أراد العمرة وهو داخل الحرم فإنه يخرج إلى الحل ويحرم منه بالعمرة، كما وقع ذلك من عائشة - رضي الله عنها -، بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه أمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم لتأتي بعمرة، وذلك بعد الحج في حجة الوداع، ومن هذه المواقيت التي تقدمت يلملم، فمن مر عليه من أهله أو من غير أهله وهو يريد حجاً أو عمرة فإنه يحرم منه، ويجب أن يحرم من كان في الجو إذا حاذى الميقات، كما يجب على من كان في البحر أن يحرم من مكان محاذ لميقاته، أما جدة فهي ميقات لأهل جدة وللمقيم بها إذا أراد حجاً أو عمرة، وأما جعل جدة ميقاتاً بدلاً من يلملم فلا أصل له، فمن مر على يلملم وترك الإحرام منه وأحرم من جدة وجب عليه دم، كمن جاوز سائر المواقيت وهو يريد حجاً أو عمرة، لأن ميقاته يلملم، ولأن المسافة بين مكة إلى يلملم أبعد من المسافة التي بين جدة ومكة. وبالله التوفيق - وصلى الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/125-127) ]

الإحرام من جدة

الإحرام من جدة المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 8/11/1423هـ السؤال إذا صار فيه موظف مسافر من تبوك إلى مكة المكرمة لعمل رسمي وحكم عليه العمل أن يدخل مكة بدون أن يحرم، ورجع إلى جدة لفترة قصيرة وأحرم من جدة ورجع إلى مكة لأداء العمرة فما رأي فضيلتكم في ذلك؟ هل تكتب له عمرة أم لا؟ الجواب من مر على أي واحد من المواقيت التي ثبتت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو حاذاه جواً أو براً أو بحراً وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه الإحرام، وإذا كان لا يريد حجاً ولا عمرة فلا يجب عليه أن يحرم، وإذا كان لا يريد حجاً ولا عمرة فلا يجب عليه أن يحرم، وإذا جاوزها بدون إرادة حج أو عمرة، ثم أنشأ الحج أو العمرة من مكة أو جدة فإنه يحرم بالحج من حيث أنشأ من مكة أو جدة - مثلاً - أما العمرة فإن أنشأها خارج الحرم أحرم من حيث أنشأ، وإن أنشأها من داخل الحرم فعليه أن يخرج إلى أدنى الحل ويحرم منه للعمرة. هذا هو الأصل في هذا الباب، وهذا الشخص المسئول عنه إذا كان أنشأ العمرة من جدة وهو لم يردها عند مروره الميقات فعمرته صحيحة ولا شيء عليه.

والأصل في هذا حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال: وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك أهل مكة يهلون منها" متفق عليه، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحصب فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: "اخرج بأختك من الحرم فتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت، فإني أنتظر كما هاهنا" قالت: فخرجنا فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله وهو في منزله في جوف الليل فقال: "هل فرغت؟ " قلت نعم، فأذن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة) متفق عليه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/122 - 123) ] .

من أين أحرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم؟

من أين أحرم رسول الله- صلى الله عليه وسلم؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 17/11/1423هـ السؤال هل الرسول - صلى الله عليه وسلم- أحرم واغتسل من المدينة المنورة؟ الجواب أحرم النبي - صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة، أي: أهل بالنسك ولبى به منها لا من المدينة، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم- وقت المواقيت المكانية لنسك الحج والعمرة، فجعل ذا الحليفة ميقاتاً لأهل المدينة، وما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر بشيئ ويخالفه، وقد ثبت عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: (وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة) رواه البخاري ومسلم، وثبت عن سالم بن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم- أنه سمع أبه يقول: (ما أهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد، يعني: مسجد ذي الحليفة) رواه البخاري ومسلم، واغتسل بذي الحليفة أيضاً، لما روي عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم- تجرد لإهلاله واغتسل، رواه الترمذي وحسنه. وبالله التوفيق - وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/124-125) ] .

حكم من نسي وتجاوز الميقات

حكم من نسي وتجاوز الميقات المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 1/12/1422 السؤال من نسي الميقات هل يلزمه الرجوع أم لا؟ وهل عليه شيء؟ الجواب يرجع ويحرم من الميقات إذا لم يكن قد أحرم بعد، أما إذا كان قد أحرم بعد الميقات فعليه دم ولا يرجع. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز الجزء السابع عشر ص (40) ]

ميقات أهل مكة إذا أتوها مسافرين

ميقات أهل مكة إذا أتوها مسافرين المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 15/11/1424هـ السؤال أنا من أهل مكة، وسأسافر قبل الحج بعدة أيام، ثم أعود إلى مكة للحج، فهل يجوز لي الإحرام من بيتي أم يلزمني الإحرام من الميقات؟. الجواب إن دخلت مكة وتريد حجاً أو عمرة فيلزمك الإحرام من الميقات ولا تتجاوزه إلا محرماً، أما إن كنت تريد أهلك وتجلس عندهم، فإذا جاء الحج تحرم من حيث أنت؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول عن المواقيت:" هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة" البخاري (1529) ومسلم (1181) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.

حكم من جاوز الميقات دون إحرام

حكم من جاوز الميقات دون إحرام المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 26/11/1422 السؤال ما حكم من جاوز الميقات دون أن يحرم سواء كان لحج أو عمرة أو لغرض آخر؟ الجواب من جاوز الميقات لحج أو عمرة ولم يحرم وجب عليه الرجوع والإحرام بالحج والعمرة من الميقات؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بذلك قال -عليه الصلاة والسلام-:" يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن ويهل أهل اليمن من يلملم" هكذا جاء في الحديث الصحيح، وقال ابن عباس:" وقَّت النبي لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة" فإذا كان قصده الحج أو العمرة فإنه يلزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه فإن كان من طريق المدينة أحرم من ذي الحليفة وإن كان من طريق الشام أو مصر أو المغرب أحرم من الجحفة من رابغ الآن وإن كان من طريق اليمن أحرم من يلملم وإن كان من طريق نجد أو الطائف أحرم من وادي قرن ويسمى قرن المنازل، ويسمى السيل الآن، ويسميه بعض الناس وادي محرم فيحرم من ذلك بحجة أو عمرة أو بهما جميعاً، والأفضل إذا كان في أشهر الحج أن يحرم بالعمرة فيطوف لها ويسعى ويقصر ويحل ثم يحرم بالحج في وقته، وإن كان مر على الميقات في غير أشهر الحج مثل رمضان أو شعبان أحرم بالعمرة فقط، هذا هو المشروع، أما إن كان قدم لغرض آخر لم يرد حجاً ولا عمرة إنما جاء لمكة للبيع أو الشراء أو لزيارة بعض أقاربه وأصدقائه أو لغرض آخر ولم يرد حجاً ولا عمرة فهذا ليس عليه إحرام على الصحيح وله أن يدخل بدون إحرام، هذا هو الراجح من قولي العلماء والأفضل أنه يحرم بالعمرة ليغتنم الفرصة. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز الجزء السابع عشر ص (8) ]

هبطت الطائرة ولم يحرم فماذا عليه؟

هبطت الطائرة ولم يحرم فماذا عليه؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 30/11/1425هـ السؤال ما حكم من نوى بالحج قادماً من أحد البلدان وهبطت الطائرة في مطار جدة ولم يحرم فأحرم من جدة فماذا عليه؟ الجواب إذا هبطت الطائرة في جدة وهو من أهل الشام أو مصر فإنه يحرم من رابغ يذهب إلى رابغ في السيارة أو غيرها ويحرم من رابغ ولا يحرم من جدة، وهكذا لو كان جاء من نجد ولم يحرم حتى نزل إلى جدة فإنه يذهب إلى السيل وهو وادي قرن فيحرم منه، فإذا أحرم من جدة ولم يذهب فعليه دم شاة واحدة تجزئ في الأضحية يذبحها في مكة للفقراء أو سبع بدنة أو سبع بقرة كما تقدم جبراً لحجته أو عمرته. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز الجزء السابع عشر ص (43) ]

إحرام الطيار من جدة

إحرام الطيار من جدة المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 28/7/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. شيخنا، أنا أعمل ربانا للطائرة، وأحيانا نذهب إلى جدة ونبقى فيها يومين أو ثلاثة، ثم بعدها نأخذ الطائرة لنرجع بالركاب إلى بلدهم، وفي إطار عملنا لا يمكننا أن نحرم من الميقات، ونحن نسوق الطائرة، ومن أجل اغتنام مدة مكوثنا في جدة للقيام بعمرة، نحرم من جدة ونعتمر، فهل عمرتنا صحيحة؟ وهل علينا دم؟ وهل علينا أن نذهب إلى الميقات للإحرام؟ علما بأنه شئ صعب بالنسبة لنا. عاجل جدا جدا، جزاكم الله خيرا، وجعلكم في الفردوس الأعلى مع أنبيائه عليهم الصلاة والسلام. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين وقت المواقيت قال: فَهُنَّ لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة" البخاري (1526) واللفظ له، ومسلم (1181) فكل من أراد الحج أو العمرة ومرّ بالميقات فيلزمه أن يحرم، وإذا كانت المشقة عليك في التجرد من المخيط، فيمكن أن تستبدل الإحرام قبل وصول الميقات بزمن كافٍ أو في البلد الذي تسافر منه، ثم تحرم بكلمة، وهي قولك عند الميقات: (لبيك عمرة) مع نية الدخول في نسك العمرة، والتلبية بالإحرام بها. وأما إن كانت المشقة في قيادة الطائرة بلباس الإحرام فإذا نزلت جدة فترجع إلى الميقات وتحرم منه، وإن لم تفعل فعليك دم؛ شاة تذبح وتوزع على فقراء الحرم، ولا تأكل منها، وهذا كله إذا كنت جازماً بنية العمرة حال مرورك بالميقات، فإن كنت غير ناوٍ، ثم أنشأت النية في جدة، أو متردد وجزمت بها في جدة، فإنك حينئذ تحرم منها، ولا شيء عليك. والله تعالى أعلم.

خصائص الأشهر الحرم

خصائص الأشهر الحرم المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 16/7/1423هـ السؤال كلنا يعرف الأشهر الحرم وأنها أربعة، لكن قليل منا من يعرف أحكامها وما الواجب على المسلم فيها، وما معنى "فلا تظلموا فيهن أنفسكم"، وهل أحكامها مقتصرة على الجهاد؟ أم هناك أمور أخرى يجب مراعاتها؟ أرجو التوضيح خاصة مع إهمال هذا الموضوع من قبل المحاضرين والخطباء. الجواب الأشهر الحرم كما ذكر السائل أربعة: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب، وأما أحكامها فألخصها في الآتي: -أنها أشهر حرم، ويشمل هذا أمرين:1- تحريم القتال فيهن، قال -تعالى-: "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير" [البقرة:217] ، ولكن ذهب جماهير أهل العلم إلى نسخ هذا الحكم وجواز القتال، ولهم في ذلك أدلة لا تسلم من مقال، وذهب بعض أهل العلم ومنهم عطاء -رحمه الله- إلى أن الآية محكمة، وأن تحريم القتال باقِ غير منسوخ، لكن سبق القول أن العمل على خلافه. 2-تحريم الظلم فيهن، وإليه يشير قوله -تعالى-: "فلا تظلموا فيهن أنفسكم" [التوبة: 36] على أن أهل العلم اختلفوا في عود الضمير في قوله: "فيهن" فقال بعضهم: الضمير يعود على خصوص الأربعة الحرم، وقال بعضهم: إنه عائد على كل الأشهر، وإنما نص الله -تعالى- على الأربعة لزيادة شرفها وفضلها، وبكل حال فالآية دالة على تحريم الظلم في الأشهر الحرم. -اشتمال هذه الأشهر على فضائل وعبادات ليست في غيرها، وهي مشهورة ولذا سأكتفي بالتذكير بها: *الحج، فأفعال الحج كلها تقع في ذي الحجة. *كما يشتمل ذو الحجة على الليالي العشر التي أقسم الله بها، وتسمى عشر ذي الحجة. *يوم عرفة وهو أفضل أيام العشر، ويشرع لغير الحاج صيامه. *كما تشتمل هذه العشر على عيد الأضحى، ويشرع فيه الأضحية.

*يشرع صيام شهر الله المحرم، فقد أخرج مسلم (1163) وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم"، ويتأكد صيام يوم العاشر مع يوم قبله أو بعده كما ثبت في الصحاح البخاري (2004) ، ومسلم (1130) والسنن الترمذي (754) ، والنسائي (2370) ، وأبو داود (2446) وابن ماجة (1737) من حديث ابن عباس وغيره، وبالله التوفيق.

إحرام أهل السودان من جدة

إحرام أهل السودان من جدة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 17/1/1425هـ السؤال نود من سماحتكم التفضل بتوضيح الإحرام للحج أو العمرة الحالة الأولى: يعتقد الكثير من أهل السودان خاصة مدينة بورتسودان التي تقع على الضفة المقابلة لمدينة جدة من البحر الأحمر بأن الإحرام بالنسبة للعمرة أو الحج يكون من مدينة جدة بعد الوصول، فيلبسوا إحرامهم وينووا العمرة أو الحج من داخل مدينة جدة. الحالة الثانية: يعتقد الكثير ممَّن أتى للحج أو العمرة بأنه يستطيع بعد المكوث في مدينة جدة ثلاثة أيام، أن يصبح من المقيمين بمدينة جدة فيستطيع أن يحرم منها للحج أو العمرة دون التقيد بميقات بلده. الحالة الثالثة: يأتي البعض إلى جدة بنية الزيارة وبعد وصوله والمكوث عدداً من الأيام أراد الحج أو العمرة فيحرم منها مباشرة دون الذهاب للميقات. آمل من سماحتكم الإجابة على الحالات الثلاثة السابقة بالنسبة لمدينة بورتسودان وبقية مدن جمهورية السودان. جزاكم الله خيراً. الجواب بالنسبة للحالة الأولى: فإن جدة ليست ميقاتاً في قول جماهير أهل العلم، والميقات بالنسبة لمن أتى من جهة الشام ومن جهة العراق، إما أن يكون يلملم أو ذو الحليفة، ذو الحليفة بالنسبة لمن أتى من جهة المدينة، والميقات الآخر الجحفة، بالنسبة لمن أتى من طريق الشام أو غيرها أو من أتى في طريق لا يمر على ميقات فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إليه كما فعل عمر - رضي الله عنه- عندما أتاه أهل العراق فقالوا: إن قرن جور عن طريقنا - أي: مائلة عن طريقنا - فقال لهم عمر - رضي الله عنه-: انظروا حذوها من طريقكم، فبالنسبة لجدة ليست ميقاتاً، وفي هذه الحالة إذا سلك طريقاً لا يوجد عليه ميقات فإنه يحرم إذا حذى أقرب المواقيت إليه ولا ينتظر حتى يصل إلى جدة.

وبالنسبة للحالة الثانية: فهذا فعل خطأ، فبالنسبة للشخص يكون من أهل هذه البلدة إذا كان مقيماً بها قبل قدومه للعمرة أو الحج، فالعبرة بالإقامة أن يكون مقيماً بها قبل الإتيان بهذا النسك، أما إذا أتى وأقام بها أياماً لغرض الإتيان بالحج أو العمرة فلا يعد من أهلها، وبالنسبة لمن أتى من بلاده فلا يعد من أهل مكة، ولا يعد أيضاً من أهل جدة فيلزمه الإحرام، إذا مر على ميقات، أما إذا لم يمر بميقات فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت. وبالنسبة للحالة الثالثة: إذا أتى بنية الزيارة أي من نوى العمرة أو الحج فلا يجوز له أن يتجاوز الميقات إلا بإحرام، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة" رواه البخاري (1524) ، ومسلم (1181) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- وقد دل هذا الحديث على أنه لا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أن يتجاوز الميقات إلا بإحرام، أما إذا أتى لغير إرادة الحج والعمرة، وإنما أتى لتجارة أو لزيارة قريب أو لغير ذلك من الأغراض فلا يجب عليه أن يحرم من الميقات ثم إذا بدت له العمرة بعد ذلك فإنه يحرم من المكان الذي هو فيه ولا يلزمه الخروج إلى الميقات.

إحرام أهل بورتسودان من جدة

إحرام أهل بورتسودان من جدة المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 14/3/1425هـ السؤال نود من سماحتكم التفضل بتوضيح الإحرام للحج أو العمرة: الحالة الأولى: يعتقد الكثير الكثير من أهل السودان خاصة مدينة بورتسودان التي تقع على الضفة المقابلة لمدينة جدة من البحر الأحمر بأن الإحرام بالنسبة للعمرة أو الحج يكون من مدينة جدة بعد الوصول، فيلبسون إحرامهم وينوون العمرة أو الحج من داخل مدينة جدة. الحالة الثانية: يعتقد الكثير ممن أتى للحج أو العمرة بأنه يستطيع المكوث في مدينة جدة ثلاثة أيام، ومن ثَم يصبح من المقيمين بمدينة جدة، فيستطيع أن يحرم منها للحج أو العمرة دون التقيد بميقات بلده. الحالة الثالثة: يأتي البعض إلى جدة بنية الزيارة، وبعد وصوله لها والمكوث فيها عدداً من الأيام إذا أراد الحج أو العمرة فإنه يحرم منها مباشرة دون الذهاب للميقات. آمل من سماحتكم الإجابة على الحالات الثلاث السابقة بالنسبة لمدينة بورتسودان وبقية مدن جمهورية السودان. الجواب

أخي: بارك الله فيك، لقد حدد الرسول - صلى الله عليه وسلم- المواقيت التي لا يجوز تجاوزها إلا بإحرام ممن يريد حجاً أو عمرة، ومنها: رابغ لأهل المغرب، فإذا مرّ المسلم بميقات أو حاذاه، وهو يريد الحج أو العمرة لا يجوز له تجاوزها إلا بإحرام، سواء كان عن طريق الجو أو البحر، أو البر، وعلى المسلم سؤال أهل الطائرة أو الباخرة عن المرور بالميقات والاحتياط لدينه، أما إذا لم يمر بميقات حتى وصل إلى جدة فإنه يحرم منها، ولا يجوز لمن يريد الحج أو العمرة أن يمكث في جدة ثلاثة أيام أو أكثر ثم يحرم منها، لأنه تجاوز ميقاته دون إحرام، أما إذا أتى من السودان للزيارة في جدة، ثم بعد ذلك أراد أن يعتمر أو يحج من جدة جاز له الإحرام من جدة، لأنه تجاوز الميقات لا يريد حجاً ولا عمرة، ولكنه يريد زيارة قريبه أو يريد عملاً ونحوهما. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

اختلفوا في ميقات إحرامهم

اختلفوا في ميقات إحرامهم المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 05/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: نحن مجموعة اتفقنا على السفر في الإجازة الصيفية، انطلقنا من مدينة بريدة إلى المدينة، وجلسنا فيها يومًا واحدًا فقط، ثم انطلقنا بعدها إلى ينبع وجلسنا ثلاثة أيام، وبعدها أردنا الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، فاختلفنا في مكان الميقات الذي نحرم منه، بعضنا قال: نحرم من ميقات أهل ينبع. وبعضنا قال: نرجع إلى المدينة المنورة ونحرم من ميقاتها. وبعضنا قال: نحرم من ميقات أهل نجد السيل الكبير. فانقسمنا ثلاث مجموعات، وكلٌّ أحرم من ميقات، مع العلم أننا عندما خرجنا من بريدة كان هدفنا السياحة وزيارة هذه المدن ومكة لأداء العمرة. ما القول الصحيح في مكان الإحرام؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن كنتم حين مررتم بميقات ذي الحليفة قد نويتم العمرة فلا يحل لكم مجاوزة الميقات إلا بإحرام، ويكون حينئذ هو ميقاتكم، وإن كنتم إنما نويتم العمرة في ينبع أو كنتم مترددين ثم عزمتم على العمرة بعد مروركم بذي الحليفة فإنكم تحرمون من الميقات الذي مررتم به بعد عزمكم؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم- بعد أن وقت المواقيت: "هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِن غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّن أراد الحجَّ والعُمْرَةَ". أخرجه البخاري (1526) ومسلم (1181) . فمن مرّ بميقات هو أول ميقات مرَّ به، وهو مريد للنسك فهو ميقاته، فإن تجاوزه من غير إحرام فعليه أن يرجع إليه، وإن تفارط الأمر فعليه دم. والله تعالى أعلم.

تجاوز الميقات

تجاوز الميقات المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/المواقيت التاريخ 5/7/1422 السؤال أنا من أهل المدينة، وقد ذهبت إلى جدة للسياحة عدة أيام، وقد عقدت العزم أن أنوي العمرة من جدة. فما حكم تجاوزي الميقات؟ الجواب إن كنت عقدت العزم على أداء العمرة حينما وصلت إلى جدة فلا شئ عليك. وإن كنت نويت العمرة وأنت في المدينة، وتجاوزت الميقات من غير إحرام، ثم أحرمت من جدة؛ فأكثر أهل العلم على أن عليك ذبح في مكة، ويوزع على فقرائها. وعلى المسلم أن يؤدي نسكه على أتم الوجوه وأكملها.

الإحرام: صفته وأحكامه

استخدام المحرم للكمامات المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/الإحرام: صفته وأحكامه التاريخ 4/12/1423هـ السؤال هل تعتبر الكمامات التي يستعملها الطبيب في عمله ويضعها على فمه وأنفه في حكم تغطية الوجه للمحرم أفيدونا جزاكم الله خيراً؟ الجواب نعم، لا ينبغي ولا يجوز هذا؛ لأنه غطى حوالي نصف الوجه والرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تخمروا رأسه ولا وجهه" يعني للمحرم الذي وقصته راحلته. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى (17/117) ]

تجاوز الميقات من غير إحرام

تجاوز الميقات من غير إحرام المجيب د. عبد الله بن حمد السكاكر عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/الإحرام: صفته وأحكامه التاريخ 4/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد كنت في الرياض ونويت أن أعتمر، فانطلقت من مطار الرياض إلى جدة، ولكني نسيت ملابس الإحرام في الشنطة ولم أستطع أن ألبسها، وعندما حاذينا الميقات نويت العمرة، ونزلت إلى مطار جدة وأحرمت من هناك وأديت العمرة، فما الحكم؟ وما الذي يجب علي؟ الجواب لقد ارتكب هذا السائل محظوراً من محظورات الإحرام وعليه فدية أذى وهي: إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من البر أو الرز أو ذبح شاة في الحرم تفرق على مساكينه، أو صيام ثلاثة أيام، وأنت مخير بينها، والله أعلم.

إحرام أهل جدة من مكة للحج

إحرام أهل جدة من مكة للحج المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الحج والعمرة/الإحرام: صفته وأحكامه التاريخ 28/11/1425هـ السؤال نويت الحج متمتعاً وأكملت العمرة وتحللت، والآن أريد أن أذهب إلى مكة وأحرم من هناك يوم التروية، بمعنى سأذهب من جدة إلى مكة بدون إحرام لكوني متمتعاً. هل يجوز أن أهل بالحج من مكة باعتباري متمتعاً؟ حيث تحللت هناك تحلل الإحرام الأول (العمرة) . الجواب إذا كنت متمتعاً بالعمرة إلى الحج، وقد أهللت بالعمرة من الميقات وتحللت منها ثم ذهبت لجدة لحاجة ثم عدت من جدة لتحرم من مكة فلا بأس عليك قياساً على الرعاة، وأما إذا كنت من سكان جدة وأهللت بالعمرة وعدت إليها وأردت الإهلال بالحج فيجب عليك أن تهل به من جدة، ولا تخرج من جدة بدون إحرام.

الإحرام من جدة لغير أهلها

الإحرام من جدة لغير أهلها المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الحج والعمرة/الإحرام: صفته وأحكامه التاريخ 2/12/1423هـ السؤال شخصان قادمان للعمرة: أحدهما من مصر والآخر من أبوظبي ولم يحرما إلا من جدة فهل عمرتهما صحيحة؟ الجواب هذا الذي حصل من هذين السائلين يحصل من كثير من الناس، يأتون من بلادهم بنية العمرة على الطائرة، ولكنهم لا يحرمون إلا من جدة، وهذا لا يجوز، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- حين وقّت المواقيت قال: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) ، ولما شكا أهل العراق إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شكوا إليه أن قرن المنازل جور عن طريقهم، قال رضي الله عنه: (انظروا إلى حذوها من طريقكم) وهذا يدل على أن الإنسان إذا كان في الطائرة وجب عليه أن يحرم إذا حاذى الميقات، ولا يجوز له أن يؤخر الإحرام حتى ينزل إلى جدة، فإن فعل ولم يحرم حتى نزل في جدة فإننا نأمره أن يرجع إلى الميقات الذي مرّ به فيحرم منه، فإذا كان مرّ من عند طريق المدينة قلنا له: يجب أن ترجع إلى ذي الحليفة - أبيار علي - وتحرم منها، وإذا كان جاء عن طريق المغرب أو مصر قلنا له: يجب عليك أن ترجع إلى الجُحفة التي هي رابغ الآن وتحرم منها، وإذا كان جاء من أبو ظبي فالظاهر أنه يمر من قرن المنازل، فإذا كان يمر من قرن المنازل قلنا: يجب أن تذهب إلى قرن المنازل فتحرم منه. فإذا قال السائل: أنا لا أستطيع أن أرجع إلى هذه المواقيت، قلنا له: إذن أحرم من جدة، وعليك عند جمهور أهل العلم فدية تذبحها في مكة، وتوزعها على الفقراء.

بعد هذا فنقول لهذين الرجلين اللذين أحرما من جدة: إن العمرة صحيحة، ولكن على كل واحد منكما أن يذبح فدية ويوزعها على الفقراء في مكة. فإن قالا: ليس معنا نقود، نقول لهما: استغفرا الله وتوبا إليه، وليس عليكما شيء سوى ذلك. [كتاب الدعوة لفضيلة الشيخ ابن العثيمين رحمه الله تعالى (3/75- 76) ]

ذهبت إلى عملي في جدة فمن أين أحرم؟

ذهبت إلى عملي في جدة فمن أين أحرم؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الحج والعمرة/الإحرام: صفته وأحكامه التاريخ 16/10/1422 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، فضيلة الشيخ -حفظه الله-، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: السؤال: سؤال يتكرر دائماً وهو: أن بعض الناس قد يذهب إلى جدة لغرض معين، وهو ذاهب لغرض ينوي أنه متى انتهى من عمله أدّى العمرة، مثال ذلك: شخص دعي من مقر عمله في الرياض إلى اجتماع لإدارة الشركة في جدة في رمضان، فأعدّ نفسه للسفر لهذا الاجتماع، ونوى أنه متى انتهى من الاجتماع أحرم من جدة وذهب إلى مكة للعمرة، فهل تصرفه هذا صحيح؟ وهل يلزمه الإحرام من الميقات، وهو آتٍ في الأصل للعمل وليس للعمرة؟ أرجو الإجابة بأسرع وقت ممكن، وإرسالها على البريد الإلكتروني، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب إذا كانت نية العمرة موجودة من حين سافر إلى مهمته تلك، فلا بد أن يحرم من ميقات بلده كما هو واضح من سؤالك. وله في ذلك أحوال هو بالخيار بينها: 1- أن يحرم من الميقات، ويذهب بإحرامه إلى عمله، وينهيه، ثم يذهب إلى مكة لأداء العمرة. 2- يذهب إلى مكة، وينهي عمرته، ثم يعود إلى جدة لإنهاء عمله. 3- يذهب إلى جدة من غير إحرام، فإذا أنهى عمله خرج إلى الميقات، فأحرم من هناك وأدى عمرته، وبكل حال فلا يحرم من جدة لأنها ليست ميقاته. أما إذا ذهب ولم ينوِ العمرة، ولكن بعد انتهاء عمله رغب في العمرة، فإنه يحرم من مكانه هذا ولو كان من جدة، أو ما دونها، والله أعلم.

إحرام المرأة

إحرام المرأة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/الإحرام: صفته وأحكامه التاريخ 22/8/1423هـ السؤال كيف تحرم المرأة من الميقات بقصد العمرة؟ وهل يلزمها لباس جديد عند الإحرام؟ الجواب اعلم أن الإحرام بالعمرة أو الحج يتحقق بمجرد نية الدخول في النسك، فمتى ما نوت المرأة الدخول في نسك العمرة فقد أحرمت. ولا يشترط أن تكون طاهرة، بل يصح إحرام الحائض والنفساء، ولكنهما لا تطوفان بالبيت حتى تطهرا. وإذا أحرمت فلا يجوز لها أن تنتقب، ولا أن تلبس القفازين، ولكن يجب عليها أن تسدل جلبابها على وجهها بحضرة الأجانب؛ لقول عائشة -رضي الله عنها-:"كان الركبان يمرون بنا، ونحن مُحرِمات مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه". أخرجه أحمد (23501) ، وأبو داود (1833) . وأما الثياب، فليس لإحرام المرأة ثياب مخصوصة لا في لونها ولا في هيئتها، بل تلبس ما تشاء من الثياب الساترة التي لا تكون زينة في نفسها، ولا يشترط أن تكون جديدة. ويستحب لها أن تغتسل -إن تيسَّر- قبل إحرامها ولو كانت حائضا أو نفساء؛ فإنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر أسماء بنت عميس -وهي نفساء- أن تغتسل عند الإحرام. أخرجه مسلم (1209) ، وأمر عائشة أن تغتسل لإهلال الحج وهي حائض. متفق عليه البخاري (294) ، مسلم (1211) . كما يستحب لها تقليم الأظفار وإزالة شعر الإبط والعانة.

ويستحب لها كذلك أن تتطيب إذا كانت بحيث لا يجد الرجال الأجانب منها رائحة الطيب، كما لو كانت برفقة محارمها أو مع النساء،؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها -، قالت:"كنا نخرج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة فنضمد جباهنا بالسُك -نوع من الطيب- المطيب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا ينهانا". أخرجه أحمد (6/79) ، وأبو داود (1830) . وإسناده حسن. أما إذا خشيت أن يشم الرجال الأجانب منها رائحة الطيب، كما لو سافرت للعمرة بالطائرة فلا ينبغي لها أن تتطيب؛ لأنها بحضرة من تخشى عليهم الفتنة، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عدم لبس الإحرام من الميقات

عدم لبس الإحرام من الميقات المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الحج والعمرة/الإحرام: صفته وأحكامه التاريخ 16/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سافرنا من الرياض بالطائرة لأداء العمرة وعند وصولنا للميقات لم نلبس الإحرام ولكن نزلنا في المطار وبتنا ليلة في جدة ثم لبسنا الإحرام في مدينة جدة وذهبنا لأداء العمرة، فهل هذا العمل يستوجب الكفارة؟ وما هي الكفارة؟ الجواب عليهم إذا كانوا أحرموا من جدة وقد مروا على الميقات فإنه يلزمهم دم لتركهم الإحرام من الميقات فالدم هو شاة، أو سُبع بقرة، أو سُبع بعير يذبح في الحرم ويوزع على فقراء الحرم ولا يأكلوا منه شيئاً.

الإحرام لمن له أهل دون المواقيت

الإحرام لمن له أهل دون المواقيت المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الحج والعمرة/الإحرام: صفته وأحكامه التاريخ 26/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مقيم بجدة منذ أكثر من 15 عاماً مع أسرتي، وبسبب ظروف الدراسة للأولاد في السنوات الأخيرة كانت زوجتي تتردد في الإقامة بين مصر وجدة كل عام، وستصل من مصر إلى جدة في شهر ذي القعدة، وتنوي الحج هذا العام. السؤال: هل يجب عليها الإحرام للحج قبل أن تصل جدة؟ أم يجوز أن تحرم من منزلنا في جدة؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد:

فإنه لا ريب أن الأصل وجوب الإحرام من الميقات لمن مرَّ عليه أو حاذاه، وهو قاصد الحرم يريد الحج أو العمرة، ولكن إذا كان المار بأحد المواقيت من سكان ما دون المواقيت (كجدة مثلاً) ، أو كان له محل إقامة ثانٍ فيها، كالقادم من جهة عمل أو دراسة إلى مقر إقامة أبٍ أو زوجٍ، - كما في السؤال- فإنه إذا كان قادماً في أشهر الحج، وله نية حجٍ هذا العام، فإنه لا يلزمه الإحرام من الميقات المار به، بل يجوز له تأخير الإحرام حتى يأتي موعد الحج، فيحرم من مقر أهله الواقع فيما دون المواقيت؛ وذلك لأنه محسوب من أهلها، وبهذا أفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - كما في مجموع الفتاوى والرسائل له (17/54) ، حيث سأله طالب يدرس في المنطقة الشرقية، وله أهل في جدة، ويريد الحج فهل يحرم من قرن المنازل؟ أو من سكنه في جدة مع أهله؟ فأجابه الشيخ: "أنت مخيَّر ما دمت من سكان جدة -دون الميقات- وإذا أحرمت من قرن المنازل فهو أفضل وأولى؛ لكونك وافداً، وأخذت بالأكمل والأحوط، ولو أنك قصدت أهلك، ثم أحرمت منهم، فلا بأس"، وهذه الفتوى تتفق مع مقصد شرعي هام، وهو التيسير على الأمة بما يتماشى مع أدلة الشرع، إذ لو قيل بوجوب الإحرام من الميقات، أو بوجوب الرجوع إليه عند إرادة الدخول في نسك الحج- لمن له محل إقامة في الحرم أو دون المواقيت - لأدى ذلك إلى وقوع المشقة عليه، إما ببقائه محرماً حتى يفرغ من الحج، أو بإلزامه التحلل بعمرة، أو بالرجوع إلى الميقات للإحرام منه عند أوان الحج، ولا يصح أن يزجَّ المكلف في مشقة وحرج نفتهما النصوص الشرعية القطعية من الكتاب والسنة عن هذه الشريعة السمحة الخالدة، لا سيما وأن هذا القادم إلى بيت أهله أو زوجه، ربما عدل عن نية الحج هذا العام، وربما تكرر خروجه باختياره إلى خارج المواقيت، فكان القول بلزوم الإحرام عليه عند قدومه إجحافاً به، وهو يفضي إلى القول بأنه يلزم المقيم في الحرم، ومن كان منزله دون

المواقيت، فإذا خرج إلى الميقات ثم عاد إلى منزله، وهو ناوٍ للإحرام، فإنه يلزمه الخروج إلى الميقات، وهذا لا قائل به، كما قاله ابن قدامة في المغني (3/116) ، وهو لا ينسجم أيضاً مع ظاهر النص النبوي "ومن كان دون ذلك فمن أهله، حتى أهل مكة يهلون منها"، وهو في الصحيحين من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- هذا بالنسبة لمن كان له محل إقامة دون المواقيت. فأما من لم يكن له محل إقامة كالقادم من أجل العمل، أو الزيارة، فإنه إذا قدم في أشهر الحج، وهو ناوٍ الحج هذا العام، فظاهر النص أنه يلزمه الإحرام من الميقات، وعلى هذا فإنه إما أن يحرم بالحج ويبقى على إحرامه- وهذا أمر شاق، ويعرضه للوقوع في محظورات الإحرام، لا سيما إذا قدم قبل موسم الحج بمدة طويلة- وإما أن يحرم بعمرة ثم يتحلل منها، وإما أن يتجاوز الميقات دون إحرام ثم يرجع إليه إذا أراد الدخول في النسك فيحرم منه، والقاعدة في مثل هذا هو أنه كل من أنشأ سفراً إلى مكان دون المواقيت، أو إلى مكة، وكان القصد من إنشاء السفر هو إرادة الحج أو العمرة، فيلزمه أن يحرم من المواقيت، أما لو كان الحج أو العمرة تبعاً مع غيره فلا يلزمه في الأظهر. والله -تعالى- أعلم.

أحرموا قبل الميقات ولم يعلموا بتجاوزه

أحرموا قبل الميقات ولم يعلموا بتجاوزه المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/الإحرام: صفته وأحكامه التاريخ 26/12/1425هـ السؤال كنا في الطائرة ننتظر إعلان محاذاة الميقات وطال انتظارنا، وبعدها أعلن قائد الطائرة أننا وصلنا جدة، علماً أنه في بداية الرحلة أعلن أنه سيحاذي الميقات بعد 50 دقيقة، مع العلم أننا كنا محرمين من الرياض. فما الحكم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لبس الإحرام لا يعني الإحرام والدخول في النسك، فإن كنتم قد نويتم الإحرام أول الأمر فلا شيء عليكم ولا يلزمكم أن تجددوا الإحرام مرة أخرى عند محاذاة الميقات، أما إذا كنتم لم تنووا الإحرام عند لبسه وأخرتم النية إلى محاذاة الميقات ثم لم تنووا إلا في جدة فعليكم دم لمجاوزتكم الميقات بدون إحرام، ولو لم يعلن لكم قائد الطائرة، ذلك لأنه كان من الواجب عليكم السؤال حينما مضت خمسون دقيقة ولم تسمعوا إعلاناً بمحاذاة الميقات. والله أعلم.

محظورات الإحرام والفدية

متى تحل المرأة لزوجها الحاج المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 4/12/1423هـ السؤال إذا طاف الحاج طواف الإفاضة فهل يحل له النساء مدة أيام التشريق؟ الجواب إذا طاف الحاج طواف الإفاضة لا يحل له إتيان النساء إلا إذا كان قد استوفى الأمور الأخرى، كرمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وعند ذلك يباح له النساء وإلا فلا. الطواف وحده لا يكفي، ولابد من رمي الجمرة يوم العيد، ولابد من حلق أو تقصير، ولابد من الطواف والسعي إن كان عليه سعي، وبهذا يحل له مباشرة النساء أما بدون ذلك فلا، لكن إذا فعل اثنين من ثلاثة بأن رمى وحلق أو قصر فإنه يباح له اللبس والطيب ونحو ذلك ما عدا النساء، وهكذا لو رمى وطاف أو طاف وحلق، فإنه يحل له الطيب واللباس المخيط، ومثله الصيد وقص الظفر وما أشبه ذلك، لكن لا يحل له جماع النساء إلا باجتماع الثلاثة: أن يرمي جمرة العقبة، ويحلق أو يقصر، ويطوف طواف الإفاضة ويسعى إن كان عليه سعي كالمتمتع، وبعد هذا تحل له النساء. والله أعلم. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (17/357-358) ]

إذا واقع المحرم زوجته

إذا واقع المحرم زوجته المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 4/12/1423هـ السؤال ماذا يجب على الرجل إذا واقع زوجته وهو محرم؟ الجواب إذا واقع الرجل زوجته وهو محرم فإما أن يكون محرماً بعمرة، أو محرماً بحج، فإن كان محرماً بعمرة فإن عليه، إما شاة يذبحها ويتصدق بها على الفقراء، وإما أن يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وإما أن يصوم ثلاثة أيام، هو في ذلك على التخيير. لكن إن كان مواقعته لامرأته قبل تمام سعي العمرة فإن عمرته تفسد، ويجب عليه قضاؤها؛ لأنها أصبحت فاسدة. أما إذا كان الوطء في الحج فإنه يجب عليه بدنة يذبحها ويتصدق بها للفقراء إذا كان قبل التحلل الأول، ويفسد نسكه أيضاً فيلزمه قضاؤه، مثل لو جامع زوجته في ليلة مزدلفة فإنه يكون قد جامعها قبل التحلل الأول، وحينئذ يفسد حجه ويلزمه الاستمرار فيه حتى يكمله ويلزمه أن يقضيه من العام القادم، ويلزمه ذبح بدنة يذبحها ويوزعها على أهل الحرم. أما إذا كان مواقعته لزوجته في الحج بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني مثل أن يجامعها بعد أن رمى جمرة العقبة يوم العيد وبعد أن حلق أو قصر فإنه لا يفسدحجه، ولكن الفقهاء رحمهم الله ذكروا أنه يفسد إحرامه أي ما بقي منه، فليزمه أن يخرج إلى الحل فيحرم ثم يطوف طواف الإفاضة وهو محرم ويسعى سعي الحج. وفي هذه الحال لاتلزمه بدنة، إنما يجب عليه شاة أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع؛ لأن فقهاءنا رحمهم الله يقولون: كل ما أوجب شاة من مباشرة أو وطء فإن حكمه كفدية الأداء، أي أنه يخير الجاني فيه بين أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يذبح شاة يوزعها على الفقراء.

ثم إن كلامنا هذا فيما يجب على الفاعل، وليس معنى هذا أن الأمر سهل وهين بمعنى أنه إن شاء فعل هذا الشيء وقام بالتكفير والقضاء وإن شاء لم يفعله، بل الأمر صعب ومحرم، بل هو من الأمور الكبيرة العظيمة؛ حيث يتجرأ على ما حرم الله عليه، فإن الله يقول: "فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" [البقرة:197] . وفي هذه المناسبة أريد أن ننبه على مسألة يظن بعض الناس أن الإنسان فيها مخير، وهي ترك الواجب والفدية؛ يظن بعض الناس أن العلماء لما قالوا: في ترك الواجب دم، أن الإنسان مخير بين أن يفعل هذا الواجب أو أن يذبح هذا الدم ويوزعه على الفقراء، مثال ذلك؛ يقول بعض الناس: إذا كان يوم العيد سوف أطوف وأسعى وأسافر إلى بلدي ويبقى عليّ المبيت في منى ورمي الجمرات وهما واجب من واجبات الحج. فأنا أفدي عن كل واحد منهما بذبح شاة يظن أن الإنسان مخير بين فعل واجب وبين ما يجب فيه من الفدية. والأمر ليس كذلك، ولكن إذا وقع وصدر من الإنسان ترك واجب فحينئذ تكون الفدية مكفرة له مع التوبة والاستغفار. [كتاب الدعوة لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى (3/72-74) ]

لبس الشراب للحاجة في الحج

لبس الشراب للحاجة في الحج المجيب د. عبد الله بن حمد السكاكر عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 17/05/1425هـ السؤال ما حكم لبس الشراب (الجورب) للحاجة أيام الحج؟ الجواب لبس شراب الرجلين أو اليدين بالنسبة للرجل محظور من محظورات الإحرام، فإن احتاج إليه المحرم لحاجة ملحة فعله وعليه الفدية صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من البر أو الأرز أو ذبح شاة. أما المرأة فيجوز لها لبس الشراب، ولا يجوز لها لبس القفازين.

هل يجب أن تكشف المرأة وجهها إذا أحرمت؟

هل يجب أن تكشف المرأة وجهها إذا أحرمت؟ المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 6/11/1424هـ السؤال هل يجب على المرأة كشف وجهها في الحج وهي محرمة؟ وما حكم كشف الوجه للمرأة في الحج؟ وما هي كيفيته؟ بعض العلماء أفتى بكشفه، ولكن قال: يجب أن يغطى عند حضور الرجال، فكيف والحرم كله زحام ورجال مع نساء؟ وهل يكون على المرأة شيء إذا سترت وجهها طوال الحج؟. الجواب المرأة المحرمة تُمنع من شيئين كما أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - " لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين" أخرجه البخاري (1838) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- والنقاب: شيء يُخاط على قدر الوجه وتلبسه المرأة، ويكون ملاصقاً للوجه ومثله البرقع، فهذا لا يجوز للمرأة لبسه وهي محرمة، وكذلك القفازان، وهي التي تفصّل على قدر الأيدي وتلبسها المرأة، فالمرأة في الحج يجب عليها أن تترك هذين، وألا تلبس البرقع والنقاب والقفازين، فالمرأة تكشف وجهها إذا كانت بحضرة النساء أو جالسة وحدها، أو عند محارمها، أما عند ملاقاة الرجال الأجانب فإنها تُسدل خمارها من فوق رأسها على وجهها، وهذا ليس ممنوعاً، وليس على المرأة شيء إذا أسدلت هذا الخمار على وجهها طوال مدة الحج، ولكن الممنوع هو النقاب والبرقع واللثام والقفازان. والله أعلم.

اعتمرا ولم يتذكرا التقصير إلا بعد شهرين

اعتمرا ولم يتذكرا التقصير إلا بعد شهرين المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 20/5/1423 السؤال أخذت أنا وزوجتي عمرة واتفقنا على التقصير إذا وصلنا السيارة، ولم نتذكر بعدها إلا بعد مضي شهرين منها، وقال لنا بعض الإخوة: ما دام الأمر نسياناً فلا شيء عليكما والحمد لله، وجهونا وفقكم الله. الجواب إن كان حصل منكما جماع قبل التقصير فعلى كل واحد منكما هدي جبران يذبح في مكة لفقراء الحرم، وإن لم يحصل شيء من هذا فلا بأس بتأخير التقصير، وإن عجزتما أو أحدكما عن الهدي فيكفي عن كل واحد منكم صيام عشرة أيام.

استعمال العطر بعد الإحرام

استعمال العطر بعد الإحرام المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 14/11/1422 السؤال كنت مسافراً لأداء العمرة في شهر رمضان المبارك، وعندما كنت في طريقي إلى جدة -حيث كنت مسافراً بالطائرة-، قال لي زميلي في الطائرة: إنه يجوز أن ننوي قبل وصول الميقات ولا داعي أن ننتظر إعلام كابتن الطائرة بقربنا من الميقات، وفعلاً هذا ما حدث، وبعد ذلك قدمت وجبة العشاء لنا، وبعد أن انتهيت من دون ما أشعر تناولت المنديل المعطَّر الذي عادة ما يرافق وجبات الأكل، وفتحته وقرَّبته من أنفي ومسحت به شفايفي، وبسرعة تذكرت أني نويت الإحرام، فهل علي شيء؟ مع العلم أني نويت الإحرام عند اقترابنا من الميقات مرة ثانية؛ لأنه لم يكن قلبي مطمئن لرأي زميلي ففضَّلت إعادته مرة أخرى. أفيدوني أفادكم الله. الجواب إذا نوى الإنسان الحج أو العمرة قبل وصول الميقات فإنه يصح إحرامه وينعقد مع الكراهة، أما استعمال المنديل المعطَّر بعد عقد النية وقبل الوصول إلى الميقات فإنه قد ارتكب محظوراً، فإن كان جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، وإن كان متعمداً فعليه فدية وهي: إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع (أي كيلو ونصف الكيلو) من الأرز أو القمح أو غيرها، أو صيام ثلاثة أيام متتابعة أو متفرقة، أو ذبح شاة فتذبح في مكة وتوزع على فقراء الحرم.

اعتمرت وهي حائض ثم تزوجت فما الحكم

اعتمرت وهي حائض ثم تزوجت فما الحكم المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 11/12/1422 السؤال هناك بنت نوت العمرة مع أهلها، وكانت حائضاً ولم تخبرهم حياءً منهم، وطافت وسعت وقصرت، وفعلت ما يفعله المتحلل واعتمرت بعدها، ولكن ليس بنية القضاء، ثم تزوجت، فقيل لها: بأن عقدك باطل؛ لأنك ما زلت محرمة من تلك العمرة، فهل هذا صحيح؟ وهل يلزمها إعادة العقد؟ الجواب ما دام أنها اعتمرت بعد ذلك بمدة، فإن هذا هو التنفيذ لعمرتها الأولى التي نوتها أول مرة؛ لأن طوافها وسعيها وتقصيرها في المرة الأولى كله غير معتبر، وهي لا تزال في إحرامها؛ لأن من شرط الطواف أن تكون على طهارة تامة، وهي طافت وهي حائض فطوافها غير صحيح، وحينئذٍ سعيها وتقصيرها غير صحيح، فبقيت محرمة هذه المدة الطويلة، حتى أنها جاءت مرة ثانية وأدت العمرة، وتقول: إنها نوت بإحرام جديد، لكنه في الحقيقة هي من حين إحرامها الأول لا تزال بإحرام حتى نفذت ذلك في المرة الثانية بأن طافت وسعت وقصرت وتحللت من عمرتها، وعلى هذا فيكون عقدها للنكاح صحيح ولا شيء فيه، ولكن عليها فدى، وهي ما بين العمرتين، فدية عن مس الطيب، وفدية عن تقليم الأظافر، وفدية عن الأخذ من شعرها، هذه عليها من كل واحدة أن تطعم ستة مساكين، أو تصوم ثلاثة أيام، أو أن تذبح شاة عن كل واحدة.

ضابط تغطية الرأس للمحرم

ضابط تغطية الرأس للمحرم المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 6/12/1422 السؤال ما الضابط في تغطية الرأس للمحرم، بمعنى لو حمل على رأسه بعض متاعه، هل ذلك يعد من تغطية الرأس؟ الجواب حمل بعض المتاع على الرأس لا يعد من التغطية الممنوعة إذا لم يفعل ذلك حيلة، وإنما التغطية المحرمة هي: ما يغطى بها الرأس عادة كالعمامة والقلنسوة، ونحو ذلك مما يغطى به الرأس، وكالرداء والبشت ونحو ذلك. أما حمل المتاع فليس من الغطاء المحرم كحمل الطعام ونحوه إذا لم يفعل ذلك المحرم حيلة؛ لأن الله سبحانه قد حرم على عباده التحيل لفعل ما حرم، والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السابع عشر ص (115) ] .

أدت العمرة منتقبة

أدت العمرة منتقبة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 2/3/1424هـ السؤال والدتي قامت بأداء العمرة لعدة مرات، وهي منتقبة وقد رفضت الكشف عن وجهها أثناء مناسك العمرة لعدم شعورها بالارتياح لذلك، فما الحكم؟ كما أنها أخذت عمرة مع امرأة أخرى فقط بدون محرم لهما -لا هي ولا المرأة الأخرى- فما الحكم؟ مع العلم أن معظم عمراتها بدون محرم، إلا أن معها مجموعة من النساء، وجزاكم الله خيراً. الجواب الواجب على المرأة المعتمرة أو الحاجة أن تجتنب لبس البرقع والقفازين، فإن لبستهما جاهلة أو ناسية فلا حرج، وإن كانت عالمة عامدة أثمت وعليها فدية وهي ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام. وأما حكم عمرتها من غير محرم فصحيحة إلا أن فعلها محرم؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم" رواه البخاري (1088) ، ومسلم (1339) ، واللفظ له.

مزيل العرق للمحرم

مزيل العرق للمحرم المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 1/9/1423هـ السؤال هل يجوز لكل من السيدات أو الرجال استعمال مزيل العرق أثناء الإحرام أم هذا يعد كاستعمال الطيب المنهي عنه؟ وإذا كان لا يجوز استخدامه، فما البديل المسموح به، لتجنب رائحة العرق وإيذاء الآخرين؟ الجواب استعمال مزيل العرق للمحرم أو للمحرمة بحسب هذا المزيل فإن كان مشتملاً على طيب، أي فيه رائحة عطر فلا يجوز استعماله، وإن لم يكن فيه رائحة طيب فلا حرج في استعماله، وأما البديل فهو واضح، وهو أي مزيل خالٍ من الطيب، والله - تعالى - أعلم.

جامع زوجته بعد التحلل الأول

جامع زوجته بعد التحلل الأول المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً كتاب الحج والعمرة/محظورات الإحرام والفدية التاريخ 21/10/1424هـ السؤال الحمد لله لقد حججت أنا وزوجتي، وبعد التحلل الأول حيث حلقت رأسي وأثناء المبيت في منى جامعت زوجتي في اليوم الثالث من المبيت في منى، وبعد ذلك اتضح لي أنها لم تقص شعرها، أي في التحلل الأول، فهل كان حجنا صحيحاً؟ وماذا يجب علينا الآن؟. أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله عنا خير الجزاء. الجواب إذا كنت لم تطف طواف الإفاضة وإنما رميت وحلقت فيلزمك كفارة: شاة، وعند بعض العلماء يلزمك أن تحرم من الحل ثم تطوف طواف الإفاضة، أما إن كان وقع ذلك بعد طواف الإفاضة والرمي والحلق فليس عليك شيء عند جمهور الفقهاء، أما الزوجة إن كانت لم تحل التحلل الأول وكانت مطاوعة فقد فسد حجها، ويلزمها أن تقضيه وتفتدي ببدنة أو ببقرة أو بسبع شياه، وتحرم بالحج لقضاء ما أحرمت به من الحج الفاسد، لقوله تعالى: "والحرمات قصاص" [البقرة:194] .

صفة العمرة

طواف الوداع للمعتمر المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً كتاب الحج والعمرة/صفة العمرة التاريخ 29/4/1422 السؤال سائل يسأل في حكم طواف الوداع للمعتمر؟ الجواب الذي يظهر أن العمرة لا وداع لها. ولكن إذا بقي في مكة وقتاً طويلاً كيوم أو يومين أو ثلاثة فأراد أن يخرج فعليه أن يودع لأن الوداع للبيت على كل خارج من مكة. والله أعلم.

نسيت التقصير في العمرة

نسيت التقصير في العمرة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/صفة العمرة التاريخ 15/6/1423هـ السؤال لدي أخت متزوجة، ومنَّ الله علينا بالعمرة، وعند الرجوع وجدت أختي أنها لم تقصر بعضاً من شعرها نسياناً، فما الحكم؟ الجواب سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ ما حكم من نسي التقصير من شعره بعد عمرته؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. جـ/ بسم الله والحمد لله، يقصر متى ذكر ذلك، ولو رجع إلى بلاده، فمتى ذكر يخلع ثيابه ويلبس الإزار ويقصر، وإن قصر وعليه ثيابه جهلاً منه، فلا حرج، والحمد لله. [فتاوى ابن باز من كتاب الدعوة الجزء الرابع صـ164ـ] .

اعتمرت ونسيت التقصير

اعتمرت ونسيت التقصير المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/صفة العمرة التاريخ 9/11/1422 السؤال تقول قريبتي: إنها ذهبت للعمرة في إحدى السنوات، وعند انتهاء العمرة عادت إلى بلدها، ولكنها لا تذكر إن كانت قد قصت شعرها أم لا؟ وبعد عام أدت العمرة من جديد، وقد أتمت أركانها كاملة ومنها قص الشعر، فهل عليها كفارة؛ لأنها لم تقص شعرها في العمرة الأولى؟ الجواب أختي - بارك الله فيك- أعمال العبادات مهمة جداً، وخصوصاً الحج والعمرة ففيهما فضل عظيم، ولذا ينبغي الاهتمام بها غاية الاهتمام ولو بتسجيل أعمال الحج والعمرة في ورقة، وكلما انتهى من عمل شطب عليه وعرف الباقي، وخصوصاً أن أعمال العمرة قليلة جداً، فهي إحرام، وطواف، وسعي، وحلق أو تقصير، فعلى المسلم أن يتعلم ويهتم بالعمل حتى لا يقع في الخطأ. أما من ترك التقصير في العمرة فقد ترك واجباً، وعليه ذبيحة من المعز أو الضأن تذبح في الحرم، وتوزع على مساكين الحرم، فعلى قريبتك ذبيحة، ولو أخذت بعد ذلك عشرين عمرة؛ لأن كل عمرة مستقلة عن الأخرى، ولها فضلها وعملها، وتلزم بالشروع فيها، علماً أن هذا الدم إكمال لما نقص من العمرة ليكمل الأجر، وفق الله الجميع لطاعته.

صفة العمرة

صفة العمرة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/صفة العمرة التاريخ 19/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنوي الذهاب لأداء العمرة -بإذن الله- أرجو أن توضحوا لي كيف تؤدى؟ وما هي شعائرها ومناسكها خاصة ما يتعلق بالنساء؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فهذه نبذة مختصرة عن أعمال مناسك العمرة: (1) إذا وصل من يريد العمرة إلى الميقات استحب له أن يغتسل ويتنظف، وهكذا تفعل المرأة ولو كانت حائضاً أو نفساء، غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر وتغتسل، ويتطيب الرجل في بدنه دون ملابس إحرامه، فإن لم يتيسر الاغتسال في الميقات فلا حرج، ويستحب أن يغتسل إذا وصل مكة قبل الطواف -إذا تيسر ذلك-. (2) يتجرد الرجل من جميع الملابس المخيطة ويلبس إزاراً ورداءً، ويستحب أن يكونا أبيضين نظيفين، أما المرأة فتحرم في ملابسها العادية التي ليس فيها زينة ولا شهرة. (3) ثم ينوي الدخول في النسك بقلبه ويتلفظ بلسانه قائلاً:"لبيك عمرة" أو "اللهم لبيك عمرة" وإن خاف المحرم ألا يتمكن من أداء نسكه لكونه مريضاً أو خائفاً من عدو ونحوه شرع له أن يشترط عند إحرامه، فيقول:":"فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" لحديث ضباعة بنت الزبير -رضي الله عنها-، ثم يلبي بتلبية النبي -صلى الله عليه وسلم-وهي:"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" ويكثر من هذه التلبية ومن ذكر الله -سبحانه- ودعائه حتى يصل إلى البيت (الكعبة) . (4) فإذا وصل إلى المسجد الحرام قدم رجله اليمنى عند الدخول، وقال:"بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم اللهم افتح لي أبواب رحمتك".

(5) فإذا وصل إلى البيت قطع التلبية ثم قصد الحجر الأسود واستقبله ثم يستلمه بيمينه ويقبله -إن تيسر ذلك- ولا يؤذي الناس بالمزاحمة، ويقول عند استلامه:"بسم الله والله أكبر" فإن شق التقبيل استلمه بيده أو بعصا أو نحوها وقبل ما استلمه به فإن شق استلامه أشار إليه، وقال:"الله أكبر" ولا يقبل ما يشير به، ويشترط لصحة الطواف أن يكون الطائف على طهارة من الحدث الأصغر والأكبر؛ لأن الطواف مثل الصلاة غير أنه رخص فيه الكلام. (6) يجعل البيت عن يساره ويطوف به سبعة أشواط، وإذا حاذى الركن اليماني استلمه بيمينه -إن تيسر- ويقول:"بسم الله والله أكبر" ولا يُقبله، فإن شق عليه استلامه تركه ومضى في طوافه ولا يشير إليه ولا يكبر؛ لأن ذلك لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما الحجر الأسود فكلما حاذاه استلمه وقبله -كما ذكرنا سابقاً- وإلا أشار إليه وكبر، ويستحب الرمل -وهو: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى- في الثلاثة الأشواط الأولى من طواف القدوم للرجل خاصة، كما يستحب للرجل أن يضطبع في طواف القدوم في جميع الأشواط، والاضبطاع: أن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر، ويستحب الإكثار من الذكر والدعاء بما تيسر في جميع الأشواط، وليس في الطواف دعاء مخصوص ولا ذكر مخصوص، بل يدعو ويذكر الله بما تيسر من الأذكار والأدعية ويقول بين الركنين:"ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" في كل شوط؛ لأن ذلك ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ويختم الشوط السابع باستلام الحجر الأسود وتقبيله -إن تيسر- أو الإشارة إليه مع التكبير حسب التفصيل المذكور آنفاً، وبعد فراغه من هذا الطواف يرتدي بردائه فيجعله على كتفيه وطرفيه على صدره.

(7) ثم يصلي ركعتين خلف المقام -إن تيسر- فإن لم يتمكن من ذلك صلاهما في أي موضع من المسجد، يقرأ فيهما بعد الفاتحة "قل يا أيها الكافرون" في الركعة الأولى، و"قل هو الله أحد" في الركعة الثانية، هذا هو الأفضل، وإن قرأ بغيرهما فلا بأس، ثم بعد أن يسلم من الركعتين يقصد الحجر الأسود -إن تيسر ذلك-. (8) ثم يخرج إلى الصفا فيرقاه أو يقف عنده والرقي أفضل -إن تيسر-، ويقرأ قوله -تعالى-:"إن الصفا والمروة من شعائر الله"، ويستحب أن يستقبل القبلة ويحمد الله ويكبره ويقول:"لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده" ثم يدعو بما تيسر رافعاً يديه ويكرر هذا الذكر والدعاء ثلاث مرات، ثم ينزل فيمشي إلى المروة حتى يصل إلى العلم الأول فيسرع الرجل في المشي إلى أن يصل إلى العلم الثاني، أما المرأة فلا يشرع لها الإسراع؛ لأنها عورة، ثم يمشي فيرقى المروة أو يقف عندها والرقي أفضل -إن تيسر- ويقول ويفعل على المروة كما قال وفعل على الصفا، ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه ويسرع في موضع الإسراع حتى يصل إلى الصفا يفعل ذلك سبع مرات ذهابه شوط ورجوعه شوط، وإن سعى راكباً فلا حرج ولا سيما عند الحاجة، ويستحب أن يكثر في سعيه من الذكر والدعاء بما تيسر، وأن يكون متطهراً من الحدث الأكبر والأصغر ولو سعى على غير طهارة أجزأه ذلك. (9) فإذا كمل السعي يحلق الرجل رأسه أو يقصره والحلق أفضل، وإذا كان قدومه مكة قريباً من وقت الحج فالتقصير في حقه أفضل ليحلق بقية رأسه في الحج، أما المرأة فتجمع شعرها وتأخذ منه قدر أنملة فأقل، فإذا فعل المحرم ما ذكر فقد تمت عمرته والحمد لله، وحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام. وفقنا الله وسائر إخواننا المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه، وتقبل من الجميع إنه -سبحانه- جواد كريم.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى أصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- (17/425-430) ] .

اعتمرت وهي حائض

اعتمرت وهي حائض المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الحج والعمرة/صفة العمرة التاريخ 19/09/1425هـ السؤال سؤالي هو أني قرأت لكم فتوى لأحد المشايخ، وهي بخصوص العمرة وهو أنني أديت العمرة وكنت حائضاً، وطفت وسعيت وعملت جميع مناسك العمرة وأنا على غير طهارة، وهذا تقريباً قبل خمس سنوات حياءً مني، وكنت وقتها غير متزوجة، ثم تزوجت وذهبت مع زوجي وأديت عمرة، ولكن دون أن أنوي أنها قضاء عن عمرتي الأولى...... والآن ماذا يلزم علي؟ هل عقد الزواج باطل؟ وما هو عقد الزواج؟ ماذا أفعل؟ أفيدونا جزاكم الله تعالى خيراً فإنني محتارة في هذا!!. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أرى أن هذه العمرة فاسدة، وأن هذه المرأة لم تتحلل من عمرتها، وأن عليها فدية عن كل محظور، والمحظورات ثلاثة في حق النساء، وهي الأخذ من الشعر وقص الأظافر واستعمال الطيب، ففي كل واحد صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم، والصيام يصح في كل مكان، وعليها دم عن جماع زوجها لها قبل التحلل يذبح لمساكين الحرم، ونعتقد أن عقد النكاح فاسد، فلابد من تجديده، وما حصل فعفا الله عنه، وتكون العمرة الجديدة مكملة لتلك العمرة الفاسدة وإن لم تنو أنها تكميل لها، والله أعلم.

صفة الحج

طواف الوداع قبل إكمال النُسك المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 7/4/1422 السؤال زوجتي طافت للوداع وسعت الساعة 11 صباحاً خوفاً من الزحام، بعد أن أنابتني لرمي الجمرات بدلاً عنها، علماً بأني رميت الجمرات بعد الظهر أي طافت الوداع قبل أن أرمي نيابة عنها الجمرات، فما الحكم جزاكم الله خيراً؟ الجواب في هذه الحالة يجب على زوجتك دم (ذبيحة تذبح في مكة، وتوزع على فقراء الحرم) ؛ لكونها طافت الوداع قبل استكمال مناسك الحج.

صعود السلالم ليس من الطواف!

صعود السلالم ليس من الطواف! المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 30/10/1422 السؤال كنت في الحج أنا والوالده وفي طواف الوداع طفنا ثلاثة أشواط وأكملنا الأربع الباقية في السطح بسبب الزحام الشديد علماً أننا حسبنا صعودنا مع السلالم من الطواف، هل فعلنا صحيح؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب إن كان إكمال الطواف في السطح من عند منتهى الطواف في الأسفل أو قبله بحيث لم يترك شيء من الطواف، فالطواف صحيح، وإن ترك شيء من الطواف بسبب الصعود بحيث كان الطواف في السطح من بعد منتهى الطواف في الأسفل، فلا يصح هذا الطواف، لترك جزء من الطواف بالبيت، وقد قال الله تعالى:" وليطوفوا بالبيت العتيق" [الحج:29] . وإذا لم يصح الطواف فقد تُرك واجب من واجبات الحج يجب على كل واحد منكم دم عند جمهور أهل العلم يذبح في حرم مكة ويوزع على فقرائه، وبالله التوفيق.

طاف من داخل الحجر

طاف من داخل الحجر المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 12/11/1422 السؤال اعتمر رجل وطاف أربعة أشواط من داخل حجر إبراهيم، ثم رجع إلى بلده، ما حكمه؟ وما الواجب عليه الآن؟ الجواب لا أدري هل يقصد داخل حجر إسماعيل، أم داخل مقام إبراهيم؟ لكن لعل قصد السائل حجر إسماعيل؛ لأن الطواف أغلبه ما بين الكعبة ومقام إبراهيم، ولعل الذي أشكل على السائل هو أنه طاف من داخل حجر إسماعيل. جزء من حجر إسماعيل هذا من الكعبة، فالذي يطوف من داخله لم يطف بالكعبة، وحينئذٍ فطوافه يُعدّ غير صحيح، والسعي لا يصح إلا بعد طواف صحيح، والحلق أو التقصير لا يكون إلا بعد تمام العمرة، فهذا الرجل الذي ذكر لا يزال في حال إحرام، وعليه أن يرجع إلى مكة وأن يكمَّل عمرته؛ لأن ما فعل سابقاً كله غير صحيح، ويطوف سبعة أشواط على الكعبة وعلى حجر إسماعيل، ويسعى بعد ذلك ثم يحلق شعره أو يقصر، وإذا حصل له أمور تخلُّ بإحرامه فإن عليه أن يوضحها، لكن لا مانع من أن نفترض افتراضات نتوقع حصولها، فإذا كان له زوجة وجامعها فإنه يجب عليه أن يعيد إحرامه ويكمَّل عمرته الأولى، ثم بعد ذلك يلزمه أن يأتي بعمرة أخرى تسمى عمرة القضاء، ويلزمه مع هذا أن يذبح شاة بمكة لأنه أفسد إحرامه بمعاشرته لزوجته قبل أن يتحلل، هذا والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل الحدث أثناء الطواف يبطله؟

هل الحدث أثناء الطواف يبطله؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 27/12/1424هـ السؤال ما حكم من أحدث أثناء الطواف من الخوف، حيث إنه شخص كبير بالسن، ودعت الحاجة إلى حمله أثناء الطواف فخاف وأحدث، ما حكم عمرته وهل يلزمه شيء؟ الجواب الحدث أثناء الطواف لا يفسد الطواف في أصح قولي العلماء، فإذا كان أتم طوافه بعد الحدث ثم سعى وحلق أو قصر فلا شيء إن شاء الله عليه.

طواف الطفل

طواف الطفل المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 27/1/1423 السؤال ما حكم حمل الأطفال الصغار أثناء الطواف، مع أنه ينظف قبل الطواف لكن الطفل يخرج منه نجاسة ولا يشعر بها حامله، وإذا كان هذا الطفل قد أحرم كيف تتم عمرته، هل طوافه مع الذي يحمله يكفيه أو يطاف به مستقلاً؟ أرجو التوضيح. الجواب يجوز لك أن تحمل الطفل في الطواف وإن لم يكن الطفل طاهراً؛ لأن طهارته ليست شرطاً لصحة طوافه، لكن ينبغي أن يكون الطفل متطهراً من النجاسة، وإذا كان الطفل قد أحرم فيفعل به وليه كما يفعل الكبير من إحرام وطواف وسعي وتقصير، وإذا طاف به من يحمله فالأحوط أن يطوف به طوافاً مستقلاً ويسعى به كذلك، وقد قال سماحة الشيخ/ ابن باز: "فإن نوى الحامل الطواف عنه وعن المحمول أجزأه ذلك في أصح قولي العلماء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر التي سألته عن حج الصبي أن تطوف له وحده، ولو كان ذلك واجباً لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن الأفضل أن يطوف لنفسه طوافاً مستقلاً، ويسعى لنفسه سعياً مستقلاً احتياطاً للعبادة، والله أعلم.

اختيار ابن تيمية في طواف الوداع للمعتمر

اختيار ابن تيمية في طواف الوداع للمعتمر المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 24/12/1424هـ السؤال ما حكم طواف الوداع في العمرة عند شيخ الإسلام ابن تيمية؟ وفي أي كتاب ذكر ذلك؟ الجواب طواف الوداع في العمرة عند ابن تيمية - رحمه الله - وفي الحج وفي غيرها، يراه واجباً مستقلاً، ليس من تمام حج ولا عمرة، ولكنه يجب على كل من خرج من مكة، ولهذا من أقام بمكة لا يودع، وهذا القول مذكور في: مجموع فتاوى ابن تيمية (26/6) ، والله أعلم.

حاضت قبل طواف الإفاضة

حاضت قبل طواف الإفاضة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 1/07/1425هـ السؤال حاضت امرأة قبل طواف الإفاضة، وهي مرتبطة بالسفر مع رحلة الحج التي أتت معها قبل أن تطهر من الحيض، فماذا عليها أن تفعل؟ علماً أنها لا تستطيع التأخر عن رحلتها في العودة، وجزاكم الله خيراً. الجواب بالنسبة للمرأة التي حاضت قبل طواف الإفاضة لا تخلو من حالين: الأول: أن تكون قادمة من بلاد بعيدة؛ كبلاد المغرب وباكستان، والهند، ونحو ذلك من البلاد البعيدة، فهذه على رأي شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لها أن تتحفظ وأن تطوف للضرورة. الثاني: أن تكون قادمة من بلاد قريبة؛ كأن تكون داخل المملكة العربية السعودية، أو تكون من بلاد الخليج، فهذه لا يجوز لها أن تطوف وهي حائض، بل تنتظر حتى تطهر، أو تذهب ثم بعد ذلك ترجع إذا طهرت، وإذا ذهبت فإنها لا تزال محرمة ولم تحل التحلل الثاني، فلا يجوز لزوجها أن يقربها حتى تحل التحلل الثاني.

طواف الوداع لأهل جدة

طواف الوداع لأهل جدة المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 19/12/1424هـ السؤال اختلفت الآراء حول طواف الوداع لأهل جدة، أفيدونا أفادكم الله ونفع بعلمكم وزادكم الله علماً، وجمع بيننا في الجنة إن شاء الله. الجواب أهل جدة يجب عليهم طواف الوداع بنص الحديث: "لا ينفرن أحُدُ حتى يكون آخر عهده بالبيت" رواه مسلم (1327) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أو كما قال، فكل خارج من مكة بعد الحج عليه طواف وداع. والله أعلم.

عدد أشواط الطواف

عدد أشواط الطواف المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 13/9/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أطوف طواف تنفل فهل يجب علي أن أكمل سبعة أشواط؟ أم أنني أطوف ما استطعت مثلاً ثلاثة أشواط ثم أنصرف، أو ثمانية أشواط أو 12 أو 13 إلخ، يعني من غير تقيد بعدد محدد؟ أريد جواباً حول هذا السؤال، علماً أنني كنت أقوم بذلك فأطوف ما استطعت ولا أتقيد بعدد معين وبعد ذلك أنصرف. (وهنا أقصد طواف التنفل) . الجواب يجب أن يكون كل طواف سبعة أشواط، سواء كان ركناً من أركان الحج والعمرة أو واجباً، أو مسنوناً، أو تطوعاً مطلقاً، ولا مانع إذا أكمل السبعة أن يستأنف سبعة أخرى، وإذا أقيمت الصلاة وهو لم يكمل طوافه دخل في الصلاة ثم أكمل ما بقي عليه من السبعة ولعل الأولى ألاّ يحتسب الشوط الذي قطعه قبل أن يتمه إلى الحجر الأسود، خروجاً من الخلاف.

هل يجب الطواف عند كل دخول للحرم؟!

هل يجب الطواف عند كل دخولٍ للحرم؟! المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 26/09/1426هـ السؤال من المعلوم أن تحية الحرم الطواف، فهل يجب الطواف عند كل دخول للحرم أو فقط في أول مرة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالداخل للحرم لا يخلو من حالين: الحالة الأولى: أن يدخل لكي يطوف، فهذا تحية البيت بالنسبة له الطواف، ثم بعد ذلك يصلي ركعتي الطواف، ويغنيه ذلك عن تحية المسجد. الحالة الثانية: أن يدخل المسجد لا لأجل الطواف، وإنما لكي يصلي أو يقرأ أو يحضر دروس أهل العلم، فتحية المسجد "أن يصلي ركعتين"؛ لحديث أبي قتادة -رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين". أخرجه البخاري (1167) ، ومسلم (714) .

طاف شوطين فقط

طاف شوطين فقط المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 10/6/1425هـ السؤال وفقني الله -عز وجل- لأداء فريضة الحج أنا وزوجتي، وقد آثرنا أن نؤجل طواف الإفاضة ونجعله مع طواف الوداع بنية واحدة، ولكن المشكلة أننا بعد الوصول للحرم الشريف كان الزحام شديداً جداً في الطواف، وكان الوقت بعد صلاة العشاء مباشرة يوم الثاني عشر، فحاولنا الطواف في السطح وفي الدور الثاني وفي الدور الأول، ولم نستطع إلا طواف شوطين فقط، وكان الزحام شديداً، وكنا أيضاً منهكين ومتعبين للغاية، فعدنا إلى الرياض ولم نكمل طوافنا، علماً أنني جامعت زوجتي بعد عودتنا للرياض.1ـ هل حجنا هذا صحيح؟ وهل لا زلنا محرمين، ولم نتحلل التحلل الثاني، وماذا يلزمنا من القضاء، علماً أن حجنا قران وقد سقنا الهدي في وقته؟ وحال وصولنا لمكة المكرمة (يوم 7 ذي الحجة ليلة أو فجر 8 ذي الحجة) قمنا بتأدية العمرة وطفنا وسعينا. فهل يجزئ طوافنا شوطين في الوداع ونية الإفاضة أيضاً؟ وهل لنا العذر حيث وصل بنا الزحام، وتداخلت العربات مع المشاة في الطواف، وأصبح التنفس صعباً للغاية، وانتظرنا ولكن الزحام أصبح في ازدياد، إلى أن قررت أن أعود وأطلب الفتوى فيما بعد والله العالم بالنية. وفقنا الله وإياكم ونفعنا بعلمكم والله يحفظكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: طواف الإفاضة ركن في الحج لا يسقط أبداً، فيجب أن تأتي أنت وزوجتك وتطوفان طواف الإفاضة، وعلى كل واحد منكما فديتين شاتين تذبحان في مكة، وتوزع على فقراء الحرم، عليك ذبيحتين، وعلى زوجتك ذبيحتين، للجماع، وترك طواف الوداع. والله أعلم.

هل للنفر من عرفة طريق معين؟

هل للنفر من عرفة طريق معين؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الوقوف بعرفة التاريخ 30/06/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بالنسبة للنفر من عرفة إلى مزدلفة، هل يشترط أن السير يكون باتجاه مزدلفة؟ وهل يجوز لي أن أسلك الطريق المجانب لعرفة، وهو طريق الطائف، سواء من جهة حي المعالي أو من جهة أخرى، وأدخل مزدلفة من الخلف بعدما أمر على حي العزيزية؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم، لا بأس بذلك، المهم أن يكون الإنسان بعد الانتهاء من عرفة يتجه إلى مزدلفة، وكونه يسلك طريقاً عن يمين مزدلفة، أو عن شمالها فلا يؤثر هذا، وإن كان الأفضل أن يكون في الطريق الأكثر اختصاراً، ولكن إذا وجد أن فيه زحاماً وسلك الطريق السريع، طريق الطائف مكة - مثلاً- فإنه لا بأس بهذا - إن شاء الله-.

إجزاء الوقوف بعرفة نسيانا

إجزاء الوقوف بعرفة نسياناً المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الوقوف بعرفة التاريخ 15/10/1424هـ السؤال قال النووي في المجموع (8/17) : (ولأنه لو وقف بعرفة ناسياً أجزأه بالإجماع) فما صورة ذلك؟ وهل هذا الإجماع ثابت؟ الجواب إذا وقف بعرفة وهو مسلم عاقل صح حجه بإجماع الفقهاء الأربعة إذا كان زمن الوقوف، لأن الوقوف بعرفة لا يشترط له إرادة، وإنما هو مجرد دخولها أو المرور بها بسرعة حتى النائم، والجاهل، والدليل على ذلك حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"وقد أتى عرفات ... " انظر الترمذي (891) وأحمد (15775) والحديث صححه الألباني، وقد أتاها، والله أعلم.

حجت ونسيت التقصير

حجت ونسيت التقصير المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الحلق والنحر التاريخ 12/6/1424هـ السؤال حججت قبل عامين ونسيت التقصير ولم أذكره إلا الآن، فما الحكم علماًً بأني حججت أنا ووالدتي وكلانا نسي التقصير، وهل يصح عقد قراني الذي تم في هذا العام؟ وهل أقصر الآن؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب إذا كنت نسيت التقصير فعليك دم؛ أي ذبيحة تذبح في مكة وتوزع على فقرائها، وأما العقد فهو صحيح إن شاء الله إذا كنت لم تتركي إلا التقصير، وإن كنت تركت شيئاً آخر فالحكم يختلف باختلاف هذا المتروك، والله أعلم.

قص المحرم شعره بنفسه

قص المحرم شعره بنفسه المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الحلق والنحر التاريخ 1/12/1422 السؤال هل يجوز أن يقوم المحرم بقص شعر رأسه بنفسه بعد الطواف والسعي في العمرة؟ وهل يجوز أن يقوم المحرم بقص شعر غيره قبل أن يتحلل من إحرامه؟ الجواب نعم يجوز للمحرم أن يقصر من رأسه أو يحلقه بعد الطواف والسعي في العمرة بنفسه، ولكن التقصير من الرأس كله وليس من جوانبه فقط، وكذلك يجوز له قص شعر غيره حال إحرامه وليس في ذلك شيء، والله أعلم.

لا نجد مبيتا في منى إلا الطرقات

لا نجدُ مبيتاً في منى إلا الطرقات المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/المبيت بمنى التاريخ 6/12/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ! ذهبنا إلى منى للمبيت بها فلم نجد مكاناً نبيت فيه إلا الطرقات والأرصفة، فهل يلزمنا أن نبيت بها؟ وإذا لم يلزمنا ذلك فهل يجب أن نبيت حيث تنتهي خيام منى؛ كأول مزدلفة مثلاً؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد دلت النصوص الشرعية من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره، ومذاهب فقهاء الصحابة على وجوب المبيت بمنى ليالي التشريق على من قدر على ذلك ووجد مكاناً يليق بمثله، وإلى وجوب المبيت بمنى ليالي التشريق ذهب جمهور أهل العلم. كما دلت الأدلة على أن المبيت يسقط عمن لم يجد بمنى مكاناً يليق بمثله، ولا شيء عليه، وله أن يببيت حيث شاء، في مكة أو في المزدلفة أو في أي مكانٍ آخر، ولا يلزمه أن يبيت حيث انتهت خيام منى. وليست الطرقات والأرصفة وشعف الجبال مكاناً صالحاً لمبيت الآدميين فلا يلزم أن يبيت بها من لم يجد غيرها. ويدل لذلك ما يلي: الدليل الأول: حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: استأذن العباس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل السقاية فأذن له. البخاري (1634) ، ومسلم (1315) . والسقاية: إعداد الماء للشاربين بمكة، يذهب أهلها القائمون بها ليلاً، يستقوا الماء من زمزم ويجعلوه في الحياض مسبلاً للشاربين. ووجه الدلالة: أنه إذا ثبتت الرخصة في ترك المبيت بمنى لأهل السقاية وهم يجدون مكاناً للمبيت بمنى، فمن باب أولى أنْ تثبت لمن لم يجد بمنى مكاناً يليق به؛ لأن الرخصة ثبتت لأهل السقاية لأجل الناس، مع أن السقاية تحصل من غيرهم، فكيف لا تثبت الرخصة لمن عجز عن المبيت، ولمن لا يجد مكاناً يبيت فيه.

الدليل الثاني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى، يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر. أخرجه مالك في الموطأ (1/408) ، وأحمد (5/450) ، وأبو داود (1975) ، والترمذي (955) ، والنسائي (5/273) ، وابن ماجه (3037) . والذي لا يجد مكاناً يصلح للمبيت بمنى أولى بالرخصة من رعاة الإبل، وهذا ظاهر. الدليل الثالث: ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يقول: "إذا كان للرجل متاعٌ بمكة يخشى عليه الضيعة إنْ بات بمنى، فلا بأس أن يبيت عنده بمكة" أخرجه سعيد بن منصور في سننه، وغيره. وقد ألحق أهل العلم بمن تقدم كلَّ من له مال يخاف ضياعه، أو أمر يخاف فوته، أو مريض يحتاج أن يتعهده. وفي معنى هؤلاء في جواز الترخص بترك المبيت بمنى، بل أولى به منهم: من لا يجد مكاناً يليق به يبيبت فيه، وكذلك من خرج ليطوف بالبيت الحرام فحبسه الزحام حتى فاته المبيت بمنى؛ فإن تخلفهما عن المبيت بمنى سببه أمر خارجي، ليس من فعلهما، ولا يستطيعان رفعه. وعلى هذا فالطرق ليست مكاناً للمبيت، بل لا ينبغي لأحدٍ أن يبيت بها، ومن فعل فقد أساء وتعدى وظلم، بل ويخشى عليه الإثم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الجلوس في الطرقات. ولا يخفى ما في المبيت في الطرقات من تعريض النفس للتهلكة، وانكشاف العورات، لا سيما من النساء، وما يسببه جلوسهم وإيقاف سياراتهم على جنبات الطريق من التضييق والزحام وتعطيل السير. ولا شك أنَّ حفظَ النفس والعرض أولى من واجبٍ وردت الرخصة بسقوطه عن العاجز وذي الحاجة، والمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة.

ولذا فإن الافتراش الحاصل الآن في الطرقات وتحت الجسور وما يسببه من مضار على الحجاج، وإعاقة للسير، وتضييق للطرق وتعريض النفس والغير للأذى والهلكة من العسر والحرج الذي جاءت الشريعة السمحة برفعه، (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وإيذاء للنفس وتعذيب لها، (والله غني عن تعذيب هؤلاء أنفسهم) ، كما أن في صورة هذه الحشود بهذا المنظر المزري والذين يعلن على العالم كله إساءة بالغة لسماحة الشرع المطهر الذي ماجاء بشيء من هذا ولا أمر به. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.

تقديم السعي على طواف الحج

تقديم السعي على طواف الحج المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/مسائل متفرقة التاريخ 27/11/1425هـ السؤال حججت مع زوجتي قبل ثلاث سنوات، وبعد المبيت بمزدلفة خرجنا منها قبل طلوع الفجر، حيث كنا مرتبطين مع بعض الحجاج في حملة، ووصلنا إلى منى ورمينا الجمرة الأولى، وحلقنا قبل طلوع الشمس- مع الفجر تقريبًا- ثم ذهبنا إلى موقع الحملة، وفي الساعة الثامنة صباحًا قمنا بدفع مبلغ للبنك ليذبح نيابة عنا، وفي العصر من نفس اليوم ذهبنا إلى مكة ولم نطف، بل سعينا سعي الحج فقط؛ حيث أردنا تأخير طواف الحج مع طواف الوداع، وفي اليوم الثاني عشر طفنا طواف الحج ولم نسع، ثم غادرنا مكة، هل علينا شيء فيما فعلنا بتفريقنا بين السعي والطواف، وكذلك وصولنا إلى منى قبل الفجر، ورمينا وتحليقنا قبل طلوع الشمس يوم العيد؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: حجكم صحيح، وعملكم لا شيء فيه، فانصرافكم من مزدلفة قبل طلوع الفجر، لا حرج عليكم فيه؛ لأنكم من أهل الأعذار، ورميكم للجمرة أنتم معذورون فيه، فقد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم- للضعفة بالانصراف والرمي قبل طلوع الفجر.

وقيامكم بالحلق أو التقصير قبل دفع النقود للبنك لا حرج فيه أيضًا، وإن كان خلاف الأفضل، فالسنة تقديم نحر الهدي على الحلق، ولكن يجوز تقديم الحلق على النحر، وهكذا أيضًا سعيكم قبل الطواف لا حرج فيه في أصح قولي العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم- ما سئل عن شيء يوم العيد في حجة الوداع قدم أو أخر إلا قال: "افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ". رواه البخاري (83) ومسلم (1306) ، من حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، وقد ثبت: سعيت قبل أن أطوف. فقال صلى الله عليه وسلم: "افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ". رواه أبو داود (2015) ، من حديث أسامة بن شريك، رضي الله عنه، فدل هذا على جواز تقديم السعي على الطواف إلى آخر يوم، وهنا يدخل طواف الوداع في طواف الإفاضة، ويصدق على من أخَّر طواف الإفاضة أنه آخر عهده بالبيت، وبهذا تبين أن عملكم لا شيء فيه، وأن حجكم صحيح ولا يلزمكم شيء بحمد الله. وصلى الله على نبينا محمد.

الأضحية والعقيقة

تسمية المولود المتوفى والعقيقة عنه المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 10/8/1422 السؤال حملت زوجتي بتوأم - ولله الحمد -، وعند الوضع (بعد الولادة) ، وحسب تقرير المستشفى اتضح أن أحد الجنينين (ولد) متوفى قبل حوالي 24 ساعة من الولادة، والمولود الآخر سليم - ولله الحمد -، والسؤال: هل من السنة تسمية المولود المتوفى، وذبح عقيقته أم لا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أما التسمية فنعم فيسمى، وأما بالنسبة للعقيقة فلا يعق عن المولود الذي ولد ميتاً، وإنما يعقّ عن الحيّ.

كيف توزع العقيقة

كيف توزع العقيقة المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 2/5/1422 السؤال ما الأفضل في العقيقة أكلها أو توزيعها أو جعلها وليمة؟ الجواب الهدي في العقيقه كالهدي في الأضحية-أي في الأكل والهدية والصدقة فيسن له أن يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثاً. كذلك قال الفقهاء. وهذا هو الأفضل، ولو أحب أن يجعلها وليمة ويدعو إليها القريب والصديق ومن في حضوره الأجر فلا بأس

الضحية بمقطوع الذيل

الضحية بمقطوع الذيل المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 29/11/1423هـ السؤال الخروف المقطوع الذيل (الإلية) من صغر، بقصد أن تعم السمنة جسده، هل يجزئ للأضحية والعقيقة؟ الجواب لا يجزئ في الأضحية ولا في الهدايا ولا العقيقة مقطوع الذيل (الإلية) لما روى أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - قال: (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا شرقاء) أخرجه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان. والمقابلة: ما قطع من طرف أذنها شيء وبقي معلقاً، والخرقاء مخروقة الأذن، والشرقاء: مشقوقة الأذن. هذا كله إذا كان مقطوعاً، أما إذا كان الخروف لم يخلق له ذيل أصلاً فإنه في حكم الجماء والصمعاء، والحكم في ذلك هو الإجزاء. وبالله التوفيق - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/412- 413) ]

العقيقة

العقيقة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 14/10/1422 السؤال ولد لي طفلان ولم أعق عنهما إلى الآن: الأول يبلغ العاشرة من العمر، والثاني يبلغ السابعة. ماذا يجب عليّ؟ وجزاكم الله خيراً. وهل يجوز أن أخرجهما نقوداً؟ الجواب العقيقة سنة مؤكدة، وليست واجبة، فإن استطعت فعققت عنهما فحسن، عن الذكر شاتان، وعن البنت شاة واحدة.

الاقتراض لأجل شراء أضحية

الاقتراض لأجل شراء أضحية المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 26/12/1424هـ السؤال ما حكم الشرع في الذي يقترض لأجل أضحية العيد؟ وما رأيكم في الذي يقترض ثمن الأضحية من البنوك الربوية؟ والذي يبيع الأثاث لأجل أضحية العيد؟ الجواب يجوز للإنسان أن يقترض لأجل الأضحية، وإن كان الأفضل إذا كان لا يجد ثمن الأضحية ألا يشغل ذمته بقرض؛ لأن جمهور العلماء على أن الأضحية سنة. أما الاقتراض من البنوك الربوية لأجل الأضحية فلا شك في حرمته. بيع الأثاث لأجل الأضحية أي لشرائها لا بأس به، بل هو شيء مرغوب فيه إذا كان هذا الأثاث زائداً عن الحاجة.

سؤال حول الأضحية

سؤال حول الأضحية المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 22/9/1424هـ السؤال أنا أعمل في مؤسسة إغاثية وعندنا مشروع الأضاحي، حيث يضحي المسلم في أمريكا بأضحيته في العالم الإسلامي، فيكون وقت الذبح هو بعد صلاة العيد. والسؤال هنا بسبب فارق الوقت بين أمريكا والعالم الإسلامي فقد تذبح الأضحية قبل أن يصلي المضحي في أمريكا صلاة العيد، فهل تكون هذه أضحية أم لا؟. الجواب الأضحية فيما يظهر لي معلقة بالصلاة في بلد المضحي، لا مكان الأضحية، والأحوط في نظري أن يؤخر الذبح إلى أن يصلي الإمام المتأخر، أي سواء كان المتأخر بلد الأضحية، أو بلد المضحي.

مضح حلق رأسه ناسيا

مضحٍ حلق رأسه ناسياً المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 8/12/1422 السؤال رجل حلق شعره في العشر من ذي الحجة، وهو يريد الأضحية وهو ناسي، فما جزاؤه؟ الجواب لا شيء عليه؛ لقول الله - عز وجل -: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن الله - سبحانه- قال: " قد فعلت" خرجه مسلم في صحيحه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المجلد 11 ص 404]

ما لا يجزئ في الأضحية

ما لا يجزئ في الأضحية المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 8/12/1422 السؤال عن العيوب التي تمنع الإجزاء في الأضاحي، والعيوب التي تكره فيها مع الإجزاء، وعن نوعية الأفضل سئفي الأضاحي. الجواب مما لا يجزئ: أن يذبح في الهدي والأضحية العوراء البين عورها، والعمياء، والمريضة البين مرضها، ولا ذات هزال لا تنقي، وعرج يمنع اتباع الغنم، وعضب يذهب لأكثر القرن والأذن، وأفضلها الإبل، ثم البقر، ثم الغنم، والأسمن والأملح أفضل. أما تمام التفصيل فيما يكره ويستحب ففي إمكانك مراجعة كتب الحديث والفقه في هذا الباب لمزيد الفائدة. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المجلد 11 ص 405]

التلفظ بالنية في الأضحية

التلفظ بالنية في الأضحية المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 8/12/1422 السؤال هل يجوز التلفظ بالنية مثلاً لو أردت أن أذبح أضحية لوالدي المتوفى، فأقول: اللهم إنها أضحية والدي فلان، أم أني أعمل الحاجة بدون تلفظ ويكفي؟ الجواب النية محلها القلب، فيكتفي بما قصده في قلبه، ولا يتلفظ بالنية، وعليه بالتسمية والتكبير عند الذبح؛ لما ثبت في الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - قال: (ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين ذبحهما بيده وسمَّى وكبَّر) . ولا مانع من أن تقول: " اللهم إن هذه أضحية عن والدي وليس هذا من التلفظ بالنية. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المجلد 11 ص 416]

الأضحية عن الميت

الأضحية عن الميت المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 08/12/1422هـ السؤال هل تجوز الأضحية للميت؟ الجواب أجمع المسلمون مشروعيتها من حيث الأصل، ويجوز أن يضحي عن الميت؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة، وذبح الأضحية عنه من الصدقة الجارية؛ لما يترتب عليها من نفع المضحي والميت وغيرهما. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المجلد 11 ص 417]

من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره

من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 8/12/1422 السؤال الحديث من أراد أن يضحي أو يضحى عنه فمن أول شهر ذي الحجة فلا يأخذ من شعره ولا بشرته ولا أظفاره شيئاً حتى يضحي، فهل هذا النهي يعم أهل البيت كلهم، كبيرهم وصغيرهم أو الكبير دون الصغير؟ الجواب لا نعلم أن لفظ الحديث كما ذكره السائل، واللفظ الذي نعلم أنه ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو ما رواه الجماعة إلا البخاري، عن أم سلمة - رضي الله عنها-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره" ولفظ أبي داود وهو لمسلم والنسائي أيضاً: " من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي" فهذا الحديث دال على المنع من أخذ العشر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، فالرواية الأولى فيها الأمر والترك، وأصله أنه يقتضي الوجوب، ولا نعلم له صارفاً عن هذا الأصل، والرواية الثانية فيها النهي عن الأخذ، وأصله أنه يقتضي التحريم، أي: تحريم الأخذ، ولا نعلم صارفاً يصرفه عن ذلك، فتبين بهذا: أن هذا الحديث خاص بمن أراد أن يضحي فقط، أما المضحى عنه فسواء كان كبيراً أو صغيراً فلا مانع من أن يأخذ من شعره أو بشرته أو أظفاره بناء على الأصل وهو الجواز، ولا نعلم دليلاً على خلاف الأصل. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المجلد 11 ص 426]

من حلق لحيته أو قص أظافره فهل أضحيته صحيحه؟

من حلق لحيته أو قص أظافره فهل أضحيته صحيحه؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 8/12/1422 السؤال ما حكم أضحية من ضحى لوالديه، وهو حالق لحيته أو قاص أظافره خلال عشر ذي الحجة؟ الجواب أضحيته صحيحة سواء كانت عن نفسه أو عن والديه، ولا يبطلها حلق لحيته أو قص أظافره خلال الأيام العشر قبل الذبح أو نحر الضحية، وقد أساء بقص أظافره في تلك الأيام، وارتكب منكراً بحلق لحيته مطلقاً، إلا أن حلقها في تلك الأيام أشد. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الجزء 11 ص 427]

الوكيل عن الأضحية ليس كالمضحي

الوكيل عن الأضحية ليس كالمضحي المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 8/12/1422 السؤال الأضحية هل هي للأسرة جميعاً؟ أم لكل فرد فيها بالغ؟ ومتى يكون ذبحها؟ وهل يشترط لصاحبها عدم أخذ شيء من أظافره وشعره قبل ذبحها؟ وإذا كانت لامرأة وهي حائض ما العمل؟ وما الفرق بين الأضحية والصدقة في مثل هذا الأمر؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الأضحية سنة مؤكدة، تشرع للرجل والمرأة وتجزئ عن الرجل وأهل بيته، وعن المرأة وأهل بيتها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان يضحي كل سنة بكبشين أملحين أقرنين أحدهما عنه وعن أهل بيته، والثاني عمَّن وحّد الله من أمته، ووقتها يوم النحر وأيام التشريق في كل سنة، والسنّة للمضحي أن يأكل منها، ويهدي لأقاربه وجيرانه منها، ويتصدق منها، ولا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره ولا من أظافره ولا من بشرته شيئاً، بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم:" إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره ولا من بشرته شيئاً حتى يضحي" رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن أم سلمة -رضي الله عنها-. أما الوكيل على الأضحية، أو على الوقف الذي فيه أضاحٍ فإنه لا يلزمه ترك شعره ولا ظفره ولا بشرته؛ لأنه ليس بمضحٍ، وإنما المضحي هو الذي وكّله في ذلك، وهكذا الواقف هو المضحي والناظر على الوقف وكيل منفذ وليس بمضحٍ. [سلسلة كتاب الدعوة: فتاوى سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء الرابع ص (177) ] .

مقطوعة الإلية هل تجزئ في الأضحية؟

مقطوعة الإلية هل تجزئ في الأضحية؟ المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 8/12/1422 السؤال هنا - في أمريكا- أعداد كبيرة من الطلبة المبتعثين وهم على أبواب عيد الأضحى المبارك، ويسألون عن الأضاحي، وخصوصاً أن الضأن في أمريكا تقطع أليتها وهي صغيرة حتى يكون الدهن في ظهورها، فهل يجزئ أن نضحي من هذه الأنواع من الضأن، مع العلم أنه توجد الأبقار، ولكن البعض لا يحب أكل لحمها؟ الجواب لا بأس بذبح الأضحية من الأغنام المذكورة، وإن كانت مقطوعة الألية، لأن قطعها من أجل تطييب لحمها، فهو مثل خصاء الذكور لأجل تطييب لحمها، وقد ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخصي من الغنم.

صلى العيد بمفرده وذبح الأضحية

صلّى العيد بمفرده وذبح الأضحية المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 26/12/1425هـ السؤال يوجد زحمة على ذبح الأضحية في الولاية التي أعيش فيها الآن، وأجبر على الحضور باكراً قبل صلاة العيد عند مكان السلخ؛ لأني موكل بالذبح لأشخاص آخرين، وسألت إمام المسجد لدينا فقال: اذهب على الموعد وعند طلوع الشمس صل صلاة العيد بمفردك وفي موقعك، وبعد الانتهاء من الصلاة قم بذبح الأضاحي. فهل هذا جائز أم لا؟ علماً بأن بعض الناس الذين وكلوني لم ينتهوا من صلاة العيد، أفيدوني. الجواب وقت ذبح الأضحية بعد صلاة العيد جماعة في البلد الذي أنت فيه؛ لحديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- مرفوعًا: "من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم". رواه البخاري (983) ، ومسلم (1961) . وعن جندب بن سفيان البجلي -رضي الله عنه- قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر، ثم خطب ثم ذبح، فقال: "من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله" أخرجه البخاري (985) ، ومسلم (1960) . وعليه فإن تعددت الجماعة في البلد الذي أنت فيه فبأسبقهما، وعليه فإن وقع ذبحك قبل صلاة العيد التي أقيمت في البلد الذي أنت فيه فذبيحتك ذبيحة لحم لا أضحية.

من أحكام الأضحية

من أحكام الأضحية المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 5/12/1424هـ السؤال الأضحية هل هي للأسرة ككل أم لكل فرد فيها بالغ، ومتى يكون ذبحها، وهل يشترط لصاحبها عدم أخذ شيء من أظافره وشعره قبل ذبحها؟ وإذا كانت لامرأة وهي حائض ما العمل؟ وما الفرق بين الأضحية والصدقة في مثل هذا الأمر؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الأضحية سنة مؤكدة، تشرع للرجل والمرأة وتجزئ عن الرجل وأهل بيته، وعن المرأة وأهل بيتها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي كل سنة بكبشين أملحين أقرنين أحدهما عنه وعن أهل بيته، والثاني عمن وحّد الله من أمته. ووقتها يوم النحر وأيام التشريق في كل سنة، والسنة للمضحي أن يأكل منها. ويهدي لأقاربه وجيرانه منها، ويتصدق منها. ولا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً، بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من إظفاره ولا من بشرته شيئاً حتى يضحي " رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن أم سلمة - رضي الله عنها -. أما الوكيل على الضحية، أو على الوقف الذي فيه أضاحي، فإنه لا يلزمه ترك شعره ولا ظفره ولا بشرته؛ لأنه ليس بمضح، وإنما هذا على المضحي الذي وكله في ذلك، وهكذا الواقف هو المضحي. والناظر على الوقف وكيل منفَّذ وليس بمضحٍ والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء الثامن عشر ص (38) ] .

حكم إزالة الشعر لمن أراد العمرة والحج وهو ينوي الأضحية

حكم إزالة الشعر لمن أراد العمرة والحج وهو ينوي الأضحية المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 27/11/1422 السؤال لقد كنت ناوياً أن أحج متمتعاً، ولكن عندما قدمت إلى الطائف غيرت رأيي ولبيت بالحج مفرداً. فإذا أردت أن أضحي يوم العيد هل ذلك جائز؟ علماً بأني قصرت شعري في يوم أربعة ذي الحجة، أسأل الله أن يجزيكم عنا خيراً. الجواب إذا أراد الحاج أو غيره أن يضحي ولو كان قد حلق رأسه أو قصر أو قلم أظفاره فلا حرج عليه في ذلك، ولكن عليه إذا عزم على الأضحية بعد دخول شهر ذي الحجة أن يمتنع من أخذ شيء من الشعر أو الظفر أو شيء من البشرة حتى يضحي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من أظفاره شيئاً " رواه الإمام مسلم في صحيحه. أما إحرامه بالحج مفرداً وقد كان نوى أن يحرم بعمرة ثم بدا له بعدما وصل الميقات أن يحرم بالحج فلا حرج في ذلك، ولكن التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل إذا كان قدومه في أشهر الحج، إما إذا كان قدومه إلى مكة قبل دخول شهر شوال فإن المشروع له أن يحرم بالعمرة فقط. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء الثامن عشر ص (45) ] .

ذبح الأضحية خارج بلدي

ذبح الأضحية خارج بلدي المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 4/12/1422 السؤال نحن نسكن في مدينة الرياض، وتقوم والدتي وإخوتي وإخواني بذبح عددٍ من الأضاحي كل عام. وأنا أريد أن أرسل بثمن أضحيتي إلى خالي (ليقوم بشرائها وذبحها) وخالي يسكن في فلسطين وذلك نظراً لأوضاعهم السيئة هناك، فهل تنصحونني بذلك أن أضحي في نفس المدينة التي أسكنها، وما هو الأفضل؟ علماً بأنني أوكل من يذبح عني ولا يمكنني أن أشاهد الأضحية وهي تذبح، أرجو الإجابة عاجلاً جداً وذلك نظراً لقرب الموعد ولكي أتمكن من فعل المطلوب. الجواب جوز أن توكل خالك الذي يسكن بفلسطين أن يشتري أضحيتك بعد أن تدفع ثمنها له ويذبحها عنك. وذلك أن الأضحية سنة مؤكدة وقيل هي واجبة مع اليسار والغنى، وأكل المضحي من أضحيته وشهوده ذبحها سنة وليس بلازم، لاسيما وأن أهلك سيضحون بالرياض، والأضحية الواحدة تكفي عن الرجل وأهل بيته وإن كثروا. وأرى أن وضع خالك وأسرته في فلسطين كما ذكرت - وكما هو معلوم - أحوج من أهلك بالرياض. وعليه فإن دفع ثمن الأضحية إلى من يضحي بها في فلسطين جائز شرعاً، والله أعلم.

الاشتراك في الأضحية

الاشتراك في الأضحية المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 8/12/1422 السؤال هل يجوز الاشتراك في الأضحية، وكم عدد المسلمين الذين يشتركون في الأضحية، وهل يكونون من أهل بيت واحد، وهل الاشتراك في الأضحية بدعة أم لا؟ الجواب يجوز أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بشاة، والأصل في ذلك ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، متفق عليه، وما رواه مالك، وابن ماجه والترمذي وصححه، عن عطاء بن يسار قال: (سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كان الرجل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصاروا كما ترى) . وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة، سواء كانوا من أهل بيت واحد أو من بيوت متفرقين، وسواء كان بينهم قرابة أو لا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن للصحابة في الاشتراك في البدنة والبقرة كل سبعة في واحدة، ولم يفصل ذلك. والله أعلم. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المجلد 11 ص 400]

العقيقة: وقتها - محلها - صفتها

العقيقة: وقتها - محلها - صفتها المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 29/8/1423هـ السؤال رجل ذهب للعلاج، ورزقه الله بمولود، وقد تطول إقامته خارج مدينته، فهل يذبح العقيقة في البلد الذي هو فيه أم في مدينته حيث يوجد أهله؟ الجواب السنة أن تذبح العقيقة في اليوم السابع، فإن لم يكن ففي اليوم الرابع عشر، فإن لم يكن ففي اليوم الحادي والعشرين، من تاريخ ولادة الطفل، ويماط عنه الأذى ويسمى، فإن لم يكن خلال هذه المدة، فيكون في أي يوم شاء بعد ذلك، والأولى أن يكون في حضور أهله، وأما من حيث الجواز فيجوز أن يذبح العقيقة في مكانه هو، ويجوز أن يذبحها في المكان الذي يوجد فيه أهله، لكن الذي يظهر لي في هذه المسألة أن ذبح العقيقة في المكان الذي يوجد فيه أهله أولى، من أجل أن يدخل عليهم السرور، ويفرحون بذلك، والعقيقة للذكر تكون شاتين، وبالنسبة للأنثى شاة واحدة، يشترط فيها ما يشترط في الأضحية من حيث السن، ومن حيث السلامة من العيوب، وهي من السنن المؤكدة، قال -عليه الصلاة والسلام-: "كل مولود مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه" الترمذي (1522) ابن ماجة (3165) وأصله في البخاري، انظر (5471 -5472) .

نوع ذبيحة العقيقة

نوع ذبيحة العقيقة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 10/10/1423هـ السؤال في عقيقة المولود هل يشترط فيها أن تكون ذكوراً (خرافاً) أم يجوز أن تكون إناثاً؟ وما هو المقصود في الحديث بكلمة (شاة) ؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً. الجواب في العقيقة والهدي والأضحية تكفي الشاة الأنثى كما يكفي الكبش الذكر، وليس المقصود بالشاة الذكر ولا الأنثى، وإنما المقصود الواحدة من الضأن، أو المعز ذكراً كان أو أنثى، وإنما يشترط في الضأن تمام ستة أشهر، وفي المعز تمام سنة كما يشترط السلامة من العيوب.

لم يتصدق أو يهد من عقيقته

لم يتصدق أو يهد من عقيقته المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 27/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أصحاب الفضيلة -رزقني الله- بنتين، وقد ذبحت شاتين عن البنتين، ولكن لم أتصدق بلحمهما، بل جعلته لأهل بيتي، فهل تجزئ هذه العقيقة أم أعيدها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب السنة في العقيقة أن يجعلها أثلاثاً، ثلث يأكله وثلث يهديه، وثلث يتصدق به، لحديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن خاله أبا بردة بن نيار -رضي الله عنه- ذبح قبل أن يذبح النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقال يا رسول الله: إن هذا يومٌ اللحم فيه مكروهٌ، وإني عجلت نسيكتي لأطعم أهلي وجيراني وأهل داري" الحديث رواه البخاري (951) ، ومسلم (1961) ، واللفظ له، وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما- في صفة أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم جيرانه الثلث، ويتصدق على السُؤَّال بالثلث"، رواه الحافظ، أبو موسى الأصفهاني في الوظائف وقال: حديث حسن، ذكره ابن قدامة في المغني (13/380) ، وقال: وهو قول ابن مسعود وابن عمر -رضي الله عنهم-، ولم نعرف لهما مخالفاً من الصحابة -رضي الله عنهم- فكان إجماعاً، وهذان الحديثان وإن كانا في الأضحية، إلا أن حكمهما شامل لحكم العقيقة في أغلب الأحكام، كما قرره أهل العلم، وإن أكلها كلها إلا أوقية تصدق بها جاز، فإن أكلها كلها كما هو حال السائل فعليه ضمان الأوقية؛ بأن يشتري من اللحم قدرها ويتصدق به.

لم يذبح العقيقة عن أولاده

لم يذبح العقيقة عن أولاده المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 9/5/1424هـ السؤال رجل لديه خمس بنات وثلاثة أولاد، ولم يخرج العقيقة عنهم جميعاً لعدم استطاعته في ذلك الوقت، وهو رجل لا يملك المال، وكان فقيراً والآن أصغر أولاده مضى من عمره خمس وعشرون سنة، السؤال: ماذا يعمل هذا الرجل الآن وهو لا يستطيع أن يخرجها عنهم كلهم؟ إنما يستطيع أن يخرجها عن القليل منهم، وهل يقوم كل واحدٍ من هؤلاء الأولاد والبنات بإخراجها عن نفسه؟ حفظكم الله ورعاكم وسدد على طريق الخير خطاكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بالنسبة لما يتعلق بالعقيقة، فالعلماء يقولون: بأن العقيقة مشروعة بحق الأب، فإذا كان الأب لم يعق عن أولاده فإنه يشرع له أن يعق عنهم حتى ولو كبروا؛ لأن الصواب أن العقيقة لا تتقيد بوقت، والسنة أن تكون في اليوم السابع، أما لو خرجت عن اليوم السابع فإن هذا جائز ولا بأس به، والعلة في ذلك والدليل فيه أن سبب العقيقة لا يزال موجوداً، وهو شكر الله - عز وجل - على نعمة الولد، قال الإمام أحمد - رحمه الله - إذا كان معسراً يقترض، وأرجو أن يخلف الله - عز وجل- عليه لأنه أحيا سنة، أما إذا لم يتمكن وأذن لغيره أن يعق عنه فهذا لا بأس به، وهذا جائز، فلو أن الولد كبر وعق عن نفسه فنقول بأن هذا جائز، لكن بشرط أن يكون ذلك بإذن من الوالد، وإذا أراد أن يعق عن أولاده فإنه يبدأ بالأول فالأول؛ الأكبر فالأكبر.

أحكام الأضحية

أحكام الأضحية المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 30/11/1425هـ السؤال ما تعريف الأضحية؟ وما شروطها؟ وماذا يجتنب المضحي؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الأضحية لغةً: تطلق على الشاة التي تذبح يوم الأضحى، كما قاله في لسان العرب، وهي بضم الهمزة وكسرها، ويقال: ضحية. وشرعاً: هي ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى، بسبب العيد، تقرباً إلى الله -تعالى-. وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها، كما حكى ذلك ابن المنذر في كتابه الإجماع (ص68) ، وغيره، وقد استند هذا الإجماع على أدلة من الكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله -تعالى-: "فصل لربك وانحر" [الكوثر: 2] ، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية (7/389) : (المراد بالنحر ذبح المناسك، ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم يصلي العيد، ثم ينحر نسكه ... ) ا. هـ. ومن أدلة السنة، حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحي بكبشين أملحين، أقرنين، ويسمي ويكبر، ويضع رجله على صفاحهما" أخرجه البخاري (5565) ، ومسلم (1966) ، ولا تصح الأضحية إلا بشروط، وهي: أولاً: أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر، والغنم؛ لقوله -تعالى-: " ... ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام.." [الحج: 28] ؛ ولحديث أنس -رضي الله عنه- المتقدم، وغيره. ثانياً: أن تبلغ الأضحية السن المعتبرة شرعاً، وهي الجذع من الضأن - ماله ستة أشهر- والثني فما سواه، وثني الإبل ما كمل له خمس سنين، ومن البقر ماله سنتان، ومن الماعز ماله سنة.

وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة، والشاة عن واحد، وأفضلها الإبل ثم البقر - إن كانت عن واحد ثم الشاة، ثم شِرْك في بدنة، ثم شرك في بقرة، ويدل على هذا الترتيب بين بهيمة الأنعام حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ... " الحديث متفق عليه عند البخاري (881) ، ومسلم (850) . ولا ريب أن الشاة أفضل من شرك في بدنة أو بقرة؛ لأن إراقة الدم مقصود في الأضحية، والمنفرد يتقرب بإراقته كله. ثالثاً: أن تكون الأضحية سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء، فلا تجزئ الأضحية العوراء البين عورها، (وهي التي انخسفت عينها) ، ولا العجفاء التي لا تنقي (وهي الهزيلة التي لا مخ فيها) ، ولا العرجاء البيِّن ضلعها (فلا تقدر على المشي مع الغنم إن كانت شاة مثلاً) ، ولا المريضة البيِّن مرضها (كالجرباء مثلاً) ، كما أخبر بذلك نبينا - صلى الله عليه وسلم- في قوله: "أربع لا تجوز في الأضاحي ... " ثم ذكرها، والحديث أخرجه الخمسة: أحمد (18510) ، وأبو داود (2802) ، وابن ماجة (3144) ، والنسائي (4369) وصححه الترمذي (1497) ، وابن حبان (5922) . رابعاً: أن تذبح الأضحية وقت الذبح المقرر شرعاً، وهو يوم العيد - بعد الصلاة أو قدرها- وأيام التشريق الثلاثة بعده، وبذلك ينتهي وقت الذبح بغروب شمس آخر أيام التشريق.

ومما ينبغي التنبيه عليه هنا: أن الأضحية الواحدة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، وله أن يشرك في ثوابها من شاء، كما ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأضحية عنه، وعن أمته، وفي سنن الترمذي (مع العارضة 6/304) ، وابن ماجة (2/1051) ، عن أبي أيوب -رضي الله عنه- قال: "كان الرجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون) ، هذا بالنسبة لما يتعلق بالأضحية وشروطها. أما ما يجتنبه المضحي فقد جاء موضحاً في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كان له ذِبْح يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي" أخرجه مسلم في صحيحه (1977) ، وفي لفظ له: "فلا يمس من شعره وبشره شيئاً ... "، وعلى هذا فلا يجوز لمن عزم على الأضحية أن يقص من شعره، أو يقلم من أظفاره، أو يأخذ من بشرة جسمه شيئاً، حتى يذبح أضحيته، قال الشيخ ابن قاسم في حاشيته على الروض المربع (4/242) : (فإن فعل شيئاً من ذلك استغفر الله، ولا فدية عليه، عمداً كان أو سهواً، إجماعاً) ا. هـ. والله -تعالى- أعلم.

هل تجزئ الغنم التي بها خراج؟

هل تجزئ الغنم التي بها خُرّاج؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 26/04/1425هـ السؤال ما يسمى بالخراج، وهو ورم يكون بالغنم، هل يعتبر مانعاً من الإجزاء؟ علماً أن النفس تتقزز منه، آمل أن يكون الجواب مؤصلاً علمياً دليلاً ومرجعاً. هذا والله يحفظكم. الجواب إن ما يصيب الغنم من الخراج، وهو الورم الذي يكون فيها، فلا يمنع الإجزاء، ولكنَّ الأفضل والأكمل أن تكون خالية من هذا كله، اللهم إلا أن يكون هذا الخراج بيِّن، بحيث يؤثر في صحة الغنم، ويمرضها مرضاً بيناً، فلا يجوز -والحالة هذه- لما روى أبو داود (2802) والترمذي (1497) عن البراء بن عازب - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " أربع لا تجوز في الأضاحي، العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسير التي لا تُنْقِي". والله أعلم.

تداخل العقيقة والأضحية والهدي

تداخل العقيقة والأضحية والهدي المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 22/3/1425هـ السؤال هل تتداخل العقيقة والأضحية والهدي حيث يشرع لكل من هذه الأشياء دم؟ آمل التوضيح وذكر الأدلة. -وفقكم الله-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالجواب: سؤالك محتمل فإن كان مقصودك عن تداخل العقيقة والأضحية والهدي ... إلخ، بمعنى أنه يجزئ أحدها عن الآخر فالجواب: لا تداخل بينها، بل كل منها مشروع بمفرده، أما إذا كنت تريد وجوه الاتفاق ووجوه الاختلاف بينها، وهو الظاهر من سؤالك فالجواب: أن هناك وجوه اتفاق ووجوه اختلاف فيما بينها من حيث المعنى والحكم، فالأضحية: ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله، والهدي: ما يهدى للحرم من نعم وغيرها، سمى بذلك لأنه يهدى إلى الله - سبحانه وتعالى- والعقيقة: ما يذبح من الغنم شكراً لله -تعالى- على نعمة الولد. هذا وكل من الهدي والأضحية، والعقيقة قربة إلى الله وعبادة، وحكم التقرب إلى الله -تعالى- بالأضحية والعقيقة سنة مؤكدة عند جمهور العلماء. أما الهدي فإن كان هدي تمتع أو قران بين الحج والعمرة، فهو واجب هذا، ويتفق كل منها فيما يجزئ وما يستحب، وما يكره والأكل والهدية إلا أن العقيقة لا يجزئ فيها شَرَكٌ في دم، فلا يجزئ بدنة ولا بقرة إلا كاملة. هذا وإذا كان السائل يريد مزيداً من التفصيل فعليه الرجوع إلى كتب الحديث، والفقه في باب الهدي، والأضاحي والعقيقة فقد بيِّن العلماء - رحمهم الله - وجوه الاتفاق ووجوه الاختلاف فيما بينها، وكل ما يتعلق بأي منها من أحكام. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل تعق عن نفسها؟

هل تعق عن نفسها؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 25/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا فتاة أبلغ من العمر واحداً وثلاثين عاماً غير متزوجة، والسؤال هو: هل يجوز أن أذبح شاة عقيقة عن نفسي، حيث إن والدي -رحمه الله- لم يعق عني حينما ولدت؟ وأنا الآن يحدث لي كثير من البلايا والمصائب، هل العقيقة تمنع عني ما نزل بي، أو تخفف عني بعض ما حدث؟ أرجو التفصيل في ذلك وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

العقيقة سنة وليست واجبة، والسنة ذبحها يوم السابع، فإن فات ففي يوم الرابع عشر فإن فات ففي اليوم الحادي والعشرين، وفي حديث عائشة -رضى الله عنها- أنها قالت: "السنة أفضل عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة تقطع ولا يكسر لها عظم، ويطعم ويتصدق، وليكن ذلك يوم السابع فإن لم يكن ففي أربعة عشر، فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين" رواه الحاكم (7595) وصححه ووافقه الذهبي، فإن فات الذبح عن هذه الأيام -كما في سؤال السائلة- ففي أي يوم شاءت، بيد أنه ليس ثم علاقة ارتباط بين ما يحدث لك وبين ذبح العقيقة، وأجمل من هذا أن تبحثي عن المخالفات الشرعية الصادرة منك، والتي هي من أسباب حلول النقم وزوال النعم، قال -تعالى-: "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" [النساء: 79] ، ومتى ما سعيت في إصلاحها من الالتزام بالفرائض والطاعات، وترك المعاصي والموبقات فإنك ستجدين أن الأمور استقامت لك إلى حد كبير جداً، على أن المؤمن قد يصاب بالمصائب امتحاناً وابتلاء له على قوة الصبر والاحتساب، وتمحيصاً لذنوبه وغفراناً لسيئاته، ولذلك يقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم-: "عجباً لأمر المؤمن!: إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له". رواه مسلم (2999) من حديث صهيب - رضي الله عنه-.

عدد أيام التشريق

عدد أيام التشريق المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 8/2/1425هـ السؤال السلام عليكم قرأت في أحد المواقع أن أيام التشريق أربعة: يوم العيد وثلاثة أيام بعده، عندنا في الهند أغلب الناس يتبعون المذهب الحنفي، فيضحون يوم العيد ويومين فقط بعده، هل هذا منقول عن أبي حنيفة - رحمه الله - أم أنه شيء لا أساس له ينبغي تغييره بين الناس؟ وبارك الله فيكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن أيام التشريق ثلاثة وليست بأربعة وهي الثلاثة الأيام التي تلي يوم النحر ويوم عيد الأضحى، اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر شهر ذي الحجة، وليس منها يوم العيد كما ذكر ذلك النووي -رحمه الله- في المجموع شرح المهذب؛ بقوله: اتفق العلماء على أن الأيام المعدودات هي أيام التشريق وهي ثلاثة بعد يوم النحر. ويعني بقوله الأيام المعدودات المذكورة في قوله تعالى في سياق آيات الحج في سورة البقرة "واذكروا الله في أيام معدودات" [البقرة:203] . وأما وقت ذبح الهدي في الأضحية فقد اختلف في ذلك أهل العلم على أقوال وأصحها قولان هما:

القول الأول: إن وقت الذبح ثلاثة أيام، يوم النحر، وهو يوم عيد الأضحى، ويومان بعده، وهو مروي عن ابن عباس وأبي هريرة وأنس بن مالك - رضي الله عنهم- وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد - رحمهم الله تعالى- قال ابن قدامة في ترجيح هذا القول: "ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى عن الأكل من النسك فوق ثلاث فيما رواه البخاري (5574) ومسلم (1970) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وغير جائز أن يكون الذبح مشروعاً في وقت يحرم فيه الأكل، ثم نسخ تحريم الأكل وبقي وقت الذبح بحاله، ولأن اليوم الرابع -وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة- لا يجب فيه الرمي، فلم يجز فيه الذبح كالذي بعده) ا. هـ. والقول الثاني: إن وقت الذبح أربعة أيام: يوم النحر (يوم العيد) ، وأيام التشريق الثلاثة التي بعده اليوم الحادي عشر والثاني عشر، والثالث عشر، أي إلى غروب شمس الثالث عشر، وهذا روي عن علي ابن أبي طالب وابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم-، وبه قال الحسن وعطاء والأوزاعي والشافعي وبعض الحنابلة واختاره ابن تيمية - رحمهم الله تعالى-. لحديث جبير مطعم -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "كل أيام التشريق ذبح" رواه أحمد (16309) وابن حبان في صحيحه (3854) في الكبرى (10006) والبيهقي، وله شواهد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وغيره وحسنه الألباني بشواهده في السلسلة الصحيحة رقم (2476) ، وهذا الحديث نص في المسألة، ولأن اليوم الثالث عشر من ذي الحجة يوم للرمي، وليلته ليلة مبيت كاليومين قبله فيشرع الذبح فيه، ولعل هذا القول أرجح وأظهر والله أعلم. ولكن لا ينبغي الإنكار على من أخذ بالقول الأول ورجحه فله حظ من النظر وقد قال به جمع من الصحابة- رضي الله عنهم- ومن بعدهم من الأئمة فليس بدعاً من القول حتى ينكر على من قال به، فكلا القولين قوي كما قال الشنقيطي - رحمه الله - في تفسيره في أضواء البيان (5/495) والله تعالى أعلم.

الاشتراك في ذبيحة العقيقة

الاشتراك في ذبيحة العقيقة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 06/04/1426هـ السؤال هل يجوز إشراك أكثر من عقيقة في بقرة أو جمل؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: العقيقة لا يجوز فيها الاشتراك، وإنما يكون الرأس عن واحد، فإن عققت بشاة، أو بقرة، أو بدنة، فلا يشترك في البقرة والبدنة سبعة، وإنما تكون البقرة عن شخص واحد، والبدنة عن شخص واحد. والله أعلم.

تعليق النعال على الأضاحي

تعليق النعال على الأضاحي المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 20/12/1425هـ السؤال قرأت عن تعليق الأضحية في الحج، ذكر أن الأضاحي تعلَّق بنعلين، فلماذا تعلَّق بنعلين؟ وكذلك قرأت في بعض الأحاديث أن الصحابة-رضي الله عنهم- كانوا يضحون في العمرة، وفي نفس الوقت قرأت أن الأضحية غير واجبة في العمرة. فلماذا لا يفعل المسلمون فعل الصحابة-رضي الله عنهم- بالتضحية في العمرة؟ وشكرًا لكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد: الهدي الواجب قسمان: أحدهما وجب بالنذر، والثاني: وجب بغيره كدم التمتع والقران والدماء بترك واجب أو فعل محظور، وجميع ما تقدم إذا عيّن الواجب عليه فيه بالقول، فيقول: هذا واجب علي، فإنه يتعين الوجوب فيه، ويحصل التعيين أيضاً بتقليده أو إشعاره ناوياً به الهدي، فإن تلف أو سرق عاد الوجوب إلى ذمته، وعليه أن يذبح مكانه، روى سعيد عن ابن عباس - رضي الله عنهما-: (وإذا أهديت هدياً واجباً فعطب فانحره، ثم كله إن شئت، وأهده إن شئت، وبعه إن شئت، وتقوّ به في هدي آخر) . وتقليد الهدي: أن يعلق في عنق الهدي من الإبل والبقر والغنم النعال، أو قطعة من جلد وغيره؛ ليُعلم أنه هدي، وتقليد الهدي سنة، قالت عائشة - رضي الله عنها-: (فتلت قلائد هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم أشعرها وقلدها، ثم بعث بها إلى البيت) . متفق عليه. وإشعار الهدي: أن يطعن صفحة سنام الإبل والبقر الأيمن فيدميها ثم يلطخها به؛ ليعلم أنها هدي، وهو سنة أيضاً، روى ابن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقة فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وسلت الدم، وقلدها نعلين ... ) رواه مسلم.

وأما العمرة فلا يجب على المعتمر شيء من الدماء لأجل العمرة ذاتها إلا أن يتطوع، فإن نوى شيئاً تطوعاً ولم يوجبه فلا يلزمه شيء، وإن أوجبه بلسانه فقال هذه الناقة أو البقرة، أو الشاة، أو قلدها، أو أشعرها، فإنه يصير واجباً عليه، ويتعلق الوجوب بعين المال المهدى دون ذمة صاحبه، فإن تلف منه بغير تعد أو تفريط أو سرق لم يلزمه شيء، وقد روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر - رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أهدى تطوعاً ثم ضلت فليس عليه البدل إلا أن يشاء، فإن كان نذراً فعليه البدل"، وأما إن أتلفه هو أو تلف بتفريطه بعد تعيينه له فعليه ضمانه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

مسائل متفرقة

نوى التمتع ثم عدل عنه المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- كتاب الحج والعمرة/مسائل متفرقة التاريخ 29/6/1422 السؤال إذا نوى المسلم التمتّع في الحج، وبعد أن أدى العمرة وتحلّل، قرّر العودة لبلده، ولم يكمل الحج قبل الدخول في نسك الحج، فماذا عليه إذا كانت عودته بعذر أو بغير عذر؟ الجواب إذا كان الواقع ما ذكر من أنك تحلّلت من عمرتك، وعدلت عن الحجة، وعدت إلى بلدك قبل أن تحرم به فلا شيء عليك؛ لأن العمرة انتهت بانتهاء أدائها والتحلّل منها، والحج لم تحرم به بعد. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

شرط الطهارة في السعي

شرط الطهارة في السعي المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الطهارة/مسائل متفرقة التاريخ 15/5/1422 السؤال حججت هذا العام مع زوجتي والحمد لله. وفي أثناء السعي وفي الشوط السادس شعرت زوجتي بخروج قليل من البول أثناء السعي، وقلت: إن السعي لا يحتاج إلى وضوء، فتابعنا السعي حتى النهاية. هل هذا العمل صحيح؟ وإن كان غير صحيح فماذا علينا؟ الجواب نعم، سعيها صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين- قال لعائشة لما حاضت: ((افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)) . فدلّ على أن للحائض السعي حال الحيض، مع ما هي عليه من التباس بالحدثين، وبالنجاسة في البدن والثوب، والله تعالى أعلم.

طواف الوداع قبل إكمال النسك

طواف الوداع قبل إكمال النُسك المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي كتاب الحج والعمرة/ صفة الحج/الطواف: أنواعه وأحكامه التاريخ 7/4/1422 السؤال زوجتي طافت للوداع وسعت الساعة 11 صباحاً خوفاً من الزحام، بعد أن أنابتني لرمي الجمرات بدلاً عنها، علماً بأني رميت الجمرات بعد الظهر أي طافت الوداع قبل أن أرمي نيابة عنها الجمرات، فما الحكم جزاكم الله خيراً؟ الجواب في هذه الحالة يجب على زوجتك دم (ذبيحة تذبح في مكة، وتوزع على فقراء الحرم) ؛ لكونها طافت الوداع قبل استكمال مناسك الحج.

الإحصار في الحج

الإحصار في الحج المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/مسائل متفرقة التاريخ 24/11/1423هـ السؤال إنسان أحصر عن إتمام أعمال الحج أو العمرة بسبب مرض أو نحوه ولم يجد هدياً ذلك الوقت، فماذا يجب عليه؟ الجواب عليه صيام عشرة أيام قبل أن يحلق رأسه أو يقصر؛ لقول الله سبحانه "وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله" [البقرة: 196] ولفعله صلى الله عليه وسلم لما أحصر عن العمرة عام الحديبية سنة ست من الهجرة النبوية، والله الموفق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى (18/13) ] .

قطع شجر الحرم

قطع شجر الحرم المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الحج والعمرة/مسائل متفرقة التاريخ 12/11/1422 السؤال ما حكم قطع شجر الحرم؛ للضرورة؟ الجواب قطع شجر الحرم الأخضر لا يجوز، أما اليابس منه فيجوز؛ لخروجه عن الاسم بالموت وقد جوَّز بعض أهل العلم قطع المؤذي منه، كالعرفج ونحوه، وقالوا: إنه يؤذي وما ذكره السائل من قطعه للضرورة، فلا أدري ما تصوره للضرورة، وقد ورد عن عمر -رضي الله عنه- أنه قطع شجراً في المسجد كان يؤذي الطائفين.

من اعتمر مع حجه فلا يلزمه عمرة أخرى

من اعتمر مع حجه فلا يلزمه عمرة أخرى المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/مسائل متفرقة التاريخ 15/11/1422 السؤال حججت حجة فرض ولم أعتمر معها فهل عليَّ شيء؟ ومن اعتمر مع حجه هل يلزمه الاعتمار مرة أخرى؟ الجواب

إذا حج الإنسان ولم يعتمر سابقاً في حياته بعد بلوغه فإنه يعتمر سواء كان قبل الحج أو بعده، أما إذا حج ولم يعتمر فإنه يعتمر بعد الحج إذا كان لم يعتمر سابقاً؛ لأن الله جل وعلا أوجب الحج والعمرة، وقد دل على ذلك عدة أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالواجب على المؤمن أن يؤديها، فإن قرن الحج والعمرة فلا بأس، بأن أحرم بهما جميعاً أو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج فلا بأس ويكفيه ذلك، أما إن حج مفرداً بأن أحرم بالحج مفرداً من الميقات ثم بقي على إحرامه حتى أكمله، فإنه يأتي بعمرة بعد ذلك من التنعيم أو من الجعرانه أو غيرها من الحل خارج الحرم، فيحرم هناك ثم يدخل فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر هذه هي العمرة، كما فعلت عائشة -رضي الله عنها- فإنها لما قدمت وهي محرمة بالعمرة أصابها الحيض قرب مكة فلم تتمكن من الطواف بالبيت وتكميل عمرتها، فأمرها الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن تحرم بالحج وأن تكون قارنة ففعلت ذلك وكملت حجها ثم طلبت من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تعتمر؛ لأن صواحباتها قد اعتمرن عمرة مفردة، فأمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب بها إلى التنعيم فتحرم بالعمرة من هناك ليلة أربعة عشر، فذهبت إلى التنعيم وأحرمت بعمرة ودخلت وطافت وسعت وقصرت، فهذا دليل على أن من لم يؤد العمرة في حجه يكفيه أن يحرم من التنعيم وأشباهه من الحل، ولا يلزمه الخروج إلى الميقات، أما من اعتمر سابقاً وحج سابقاً ثم جاء ويسر الله له الحج فإنه لا تلزمه العمرة ويكتفي بالعمرة السابقة؛ لأن العمرة إنما تجب في العمر مرة كالحج سواء، فالحج مرة في العمر والعمرة كذلك لا يجبان جميعاً إلا مرة في العمر، فإذا كان قد اعتمر سابقاً كفته العمرة السابقة فإذا أحرم بالحج مفرداً واستمر في إحرامه ولم يفسخه إلى عمرة، فإنه يكفيه، ولا يلزمه عمرة في حجته الأخيرة، لكن الأفضل له والسنة في حقه إذا جاء محرماً بالحج أن يجعله عمرة بأن يفسخ حجه هذا إلى

عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، فإذا جاء وقت الحج أحرم بالحج يوم الثامن، هذا هو الأفضل وهو الذي أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في حجة الوداع لما جاء بعضهم محرماً بالحج وبعضهم محرماً بالحج والعمرة وليس معهم هدي، أمرهم أن يحلوا ويجعلوها عمرة، أما من كان معه الهدي فيبقى على إحرامه حتى يكمل حجه إن كان مفرداً، أو عمرته إن كان معتمراً مع حجه. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (356) ]

المساجد النبوية في المدينة

المساجد النبوية في المدينة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/مسائل متفرقة التاريخ 28/11/1422 السؤال سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن ميقات الحجاج القادمين من أفريقيا وعن المساجد التي تزار في المدينة النبوية؟ وهل تسن زيارتها وقصدها للصلاة؟ الجواب أولاً: بالنسبة لحجك مع عمك فلا بأس به؛ لأن العم محرم شرعي ونرجو من الله أن يتقبل منك ويثيبكِ ثواب الحج المبرور. وأما ميقات الحجاج القادمين من أفريقيا فهو الجحفة أو ما يحاذيها من جهة البر والبحر والجو إلا إذا قدموا من طريق المدينة فميقاتهم ميقات أهل المدينة. ومن أحرم من رابغ فقد أحرم من الجحفة؛ لأن الجحفة قد ذهبت آثارها وصارت بلدة رابغ في محلها أو قبلها بقليل. وأما من ناحية المساجد الموجودة بالمدينة المعروفة حالياً فكلها حادثة ما عدا مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومسجد قباء، وليس لهذه المساجد غير المسجدين المذكورين خصوصية من صلاة أو دعاء أو غيرهما، بل هي كسائر المساجد من أدركته الصلاة فيها صلى مع أهلها أما قصدها للصلاة فيها والدعاء والقراءة أو نحو ذلك لاعتقاده خصوصية فيها فليس لذلك أصل بل هو من البدع التي يجب إنكارها؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عائشة -رضي الله عنها- وتحقيقاً لرغبتك يسرنا أن نبعث إليك برفقه بعضاً من الكتب التي توزعها الجامعة حسب البيان المرفق، نسأل الله أن ينفع بها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز الجزء السابع عشر ص (21) ]

فضائل عشر ذي الحجة وما يشرع فيها

فضائل عشر ذي الحجة وما يشرع فيها المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً كتاب الحج والعمرة/مسائل متفرقة التاريخ 28/11/1425هـ السؤال نرجو بيان ما ورد في فضل عشر ذي الحجة، وهل هناك أعمال خاصة تشرع في هذه العشر؟ الجواب ننقل لك جواباً على سؤالك كلمة سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين في فضل عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها، وفيها كفاية وبركة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فضل عشر ذي الحجة روى البخاري، وغيره عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" انظر صحيح البخاري (969) وسنن أبي داود (2438) . وروى الإمام أحمد (5446) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " وروى ابن حبان في صحيحه (3853) عن جابر- رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة". أنواع العمل في هذه العشر الأول: أداء الحج والعمرة وهو أفضل ما يعمل، ويدل على فضله عدة أحاديث منها قوله - صلى الله عليه وسلم -:" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " وغيره من الأحاديث الصحيحة. انظر صحيح البخاري (1773) ، وصحيح مسلم (1349)

الثاني: صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها، وبالأخص يوم عرفة، ولا شك أن جنس الصيام من أفضل الأعمال وهو مما اصطفاه الله لنفسه كما في الحديث القدسي: "الصوم لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي" انظر مسند أحمد (9112) ، وصحيح البخاري (7492) ، وصحيح مسلم (1151) . وعن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً" متفق عليه. أي مسيرة سبعين عاماً انظر صحيح البخاري (2840) ، وصحيح مسلم (1153) . وروى مسلم (1162) عن أبي قتادة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده". الثالث: التكبير والذكر في هذه الأيام، لقوله - تعالى-:" ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" [الحج:28] وقد فسرت بأنها أيام العشر، واستحب العلماء لذلك كثرة الذكر فيها؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما- عند أحمد وقد تقدم وفيه: " فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". وذكر البخاري عن ابن عمر وعن أبي هريرة - رضي الله عنهم - أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر، فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهما. وروى إسحاق عن فقهاء التابعين- رحمة الله عليهم - أنهم كانوا يقولون في أيام العشر: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد".

ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها لقوله - تعالى-: "ولتكبروا الله على ما هداكم" [البقرة:185] ولا يجوز التكبير الجماعي وهو الذي يجتمع فيه جماعة على التلفظ بصوت واحد، حيث لم ينقل ذلك عن السلف وإنما السنة أن يكبر كل واحد بمفرده، وهذا في جميع الأذكار والأدعية إلا أن يكون جاهلاً فله أن يلقن من غيره حتى يتعلم، ويجوز الذكر بما تيسر من أنواع التكبير والتحميد والتسبيح، وسائر الأدعية المشروعة. الرابع: التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة، فالمعاصي سبب البعد والطرد، والطاعات أسباب القرب والود، وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله" متفق عليه انظر صحيح البخاري (5223) ، وصحيح مسلم (2761) . الخامس: كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك فإنها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام، فالعمل فيها وإن كان مفضولاً فإنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وإن كان فاضلاً حتى الجهاد الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده وأهريق دمه. السادس: يشرع في هذه الأيام التكبير المطلق في جميع الأوقات من ليل أو نهار إلى صلاة العيد ويشرع التكبير المقيد وهو الذي يكون بعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة، ويبدأ لغير الحجاج في فجر يوم عرفة، وللحجاج من ظهر يوم النحر، ويستمر حتى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.

السابع: تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق وهو سنة أبينا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - حين فدى الله ولده بذبح عظيم، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما" متفق عليه انظر صحيح البخاري (5558) ، وصحيح مسلم (1966) . الثامن: روى مسلم (1977) ، وغيره عن أم سلمة- رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره " وفي رواية: " فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي". ولعل ذلك تشبهاً بمن يسوق الهدي، فقد قال الله - تعالى-:" ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله" [البقرة:196] . وهذا النهي ظاهره أن يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه ولو سقط منه شيء من الشعر. التاسع: على المسلم الحرص على أداء صلاة العيد حيث تصلى، وحضور الخطبة والاستفادة، وعليه معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد، وأنه يوم شكر وعمل بر، فلا يجعله يوم أشر وبطر ولا يجعله موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني والمسكرات ونحوها مما قد يكون سبباً لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر. العاشر: بعد ما مر بنا ينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يستغل هذه الأيام بطاعة الله وذكره وشكره والقيام بالواجبات والابتعاد عن المنهيات واستغلال هذه المواسم والتعرض لنفحات الله؛ ليحوز على رضا مولاه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التكبير في عشر ذي الحجة وأيام التشريق

التكبير في عشر ذي الحجة وأيام التشريق المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً كتاب الحج والعمرة/مسائل متفرقة التاريخ 5/12/1424هـ السؤال أفتنا في التكبير المطلق في عيد الأضحىـ هل التكبير دبر كل صلاة داخل في المطلق أم لا؟ وهل هو سنة أم مستحب أم بدعة؟ لأجل أنه حصل فيها جدال. هذا والباري يحفظك والسلام. الجواب

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما التكبير في الأضحى فمشروع من أول الشهر إلى نهاية اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة؛ لقول الله سبحانه:" ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" الآية، وهي أيام العشر، وقوله عز وجل: " واذكروا الله في أيام معدودات" الآية، وهي أيام التشريق؛ ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:" أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله - عز وجل - " رواه مسلم في صحيحه، وذكر البخاري في صحيحه تعليقاً عن ابن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهما-: " أنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما" وكان عمر بن الخطاب وابنه عبد الله - رضي الله عنهما - يكبران في أيام منى في المسجد وفي الخيمة ويرفعان أصواتهما بذلك حتى ترتج منى تكبيراً، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وعن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - التكبير في أدبار الصلوات الخمس من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم الثالث عشر من ذي الحجة وهذا في حق غير الحاج، أما الحاج فيشتغل في حال إحرامه بالتلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر، وبعد ذلك يشتغل بالتكبير، ويبدأ التكبير عند أول حصاة من رمي الجمرة المذكورة، وإن كبر مع التلبية فلا بأس؛ لقول أنس - رضي الله عنه -: " كان يلبي الملبي يوم عرفة فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه" ولكن الأفضل في حق المحرم هو التلبية، وفي حق الحلال هو التكبير في الأيام المذكورة.

وبهذا تعلم أن التكبير المطلق والمقيد يجتمعان في أصح أقوال العلماء في خمسة أيام، وهي: يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة. وأما اليوم الثامن وما قبله إلى أول الشهر فالتكبير فيه مطلق لا مقيد؛ لما تقدم من الآية والآثار، وفي المسند عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " أو كما قال - عليه الصلاة والسلام -. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء الثالث عشر ص (17) ]

اعتمر ولم يتحلل ورجع إلى بلده

اعتمر ولم يتحلل ورجع إلى بلده المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم كتاب الحج والعمرة/مسائل متفرقة التاريخ 28/2/1425هـ السؤال إذا اعتمر شخص وخرج من مكة، ولم يتحلل من الإحرام، وعاد إلى بلده، ولم يكن قادراً على أن يذبح فدي في مكة وغيرها؛ وذلك لسبب فقره، فماذا يجب عليه؟ هناك من قال: إنه يأتي بعمرة جديدة، وتسقط عنه العمرة السابقة، أفيدونا، -جزاكم الله خير الجزاء-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا أحرم الإنسان بحج أو عمرة فإنه لا يجوز له أن يرفضه، ويجب عليه أن يتمه؛ لقول الله - عز وجل-: "وأتموا الحج والعمرة لله" [البقرة:196] ولقول الله - عز وجل-: "ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق" [الحج:29] ، فالمحرم بالحج أو العمرة أصبح كالنذر، يجب عليه أن يوفي به، ولا يجوز له ألا يوفي به ولا يخرج من إحرامه إلا بواحد من أمور ثلاث: 1- إتمام النسك. 2- الردة - نسأل الله السلامة-. 3- الإحصار. وعلى هذا يجب على هذا الشخص أن يرجع إلى مكة، وأن يتحلل من عمرته بالطواف والسعي، والحلق أو التقصير، فإذا لم يتمكن من الرجوع فإنه يكون محصراً يذبح هدياً في مكة، ويتحلل، وإذا لم يجد هدياً فإنه يسقط عنه. والله أعلم.

دخول الخدم غير المسلمين إلى مكة

دخول الخدم غير المسلمين إلى مكة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً كتاب الحج والعمرة/مسائل متفرقة التاريخ 21/06/1426هـ السؤال أرغب في اصطحاب العائلة لأداء العمرة، وبرفقتنا خادمة من أهل الكتاب، فهل يجوز دخول الخادمة، وبقاؤها داخل الفندق لرعاية الأولاد؟ الجواب دخول الكافر للمسجد الحرام بمكة اختلف فيه العلماء على قولين: الأول: المنع، والثاني: الجواز، أخذًا من عموم نصوص القرآن والسنة، كقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم" [التوبة:28] . فبعد اتفاق العلماء على أن الكافر نجس نجاسة حكمية (معنوية) والنهي عن قربانه المسجد الحرام أبلغ، فالنهي عن الدخول من باب أولى. فذهب إلى الجواز أبو حنيفة وأصحابه، وذهب إلى المنع فقهاء أهل المدينة كمالك وأصحابه، وهي رواية للإمام أحمد، وهو قول عطاء من التابعين، وذهب الإمام الشافعي إلى الجواز إن دعت الحاجة إلى ذلك، وهي الرواية الثانية عن أحمد، وهو قول قتادة من التابعين. ومنشأ الخلاف بين العلماء في هذه المسألة: ما المراد بالمسجد الحرام في الآية، فالأحناف مع اتفاقهم أن المشركين وأهل الكتاب سواء في الحكم. فمن ذهب إلى جواز الدخول كالأحناف قال: المراد بالنهي عن قربان (المسجد) يعني الحج والعمرة وعامة المناسك، عبر بالمكان وأراد الحال، ومن أراد المنع فسر المسجد بمكان السجود، وهو المسجد الذي في جوفه الكعبة أو هو الحرم كله، أي الذي يحرم فيه الصيد وقطع الشجر، فيدخل في المسجد الحرام حينئذ عامة مساكن مكة وحتى مزدلفة.

ومن أجاز دخول الكافر الحرم للحاجة نظر إلى نصوص أخرى تفسر الآية؛ فقد أخرج الإمام عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره (1/272،271) عن جابر بن عبد الله في قوله تعالى: "إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا" قال: (إلا أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الذمة) ورواه ابن جرير (10/108) وابن أبي حاتم (6/1775) . وأخرج أحمد (15221) عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل مسجدنا هذا بعد عامنا هذا مشرك إلا أهل العهد وخدمهم". قال ابن كثير في التفسير: وقف هذا الحديث أولى من رفعه. والخلاصة: يجوز لكم أخذ خادمتكم النصرانية معكم إلى العمرة ما دمتم بحاجة إليها للخدمة ورعاية الأطفال، على ألا تدخل معكم إلى المسجد الحرام، بل تبقى في الفندق أو الشقة. وفق الله الجميع إلى كل خير.

ـــــ الجهاد ومعاملة الكفار ـــــ

الجهاد ومعاملة الكفار

حكم الجهاد

هل الجهاد فرض عين في هذا الزمان؟ المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم الجهاد ومعاملة الكفار/حكم الجهاد التاريخ 22/7/1422 السؤال هل الجهاد في هذا الزمن فرض عين؟ الجواب الجهاد في هذا الزمن ليس بفرض عين، ولو قيل بأنه فرض عين لتعين على كل أحد أن يتوجه للجهاد، فتتعطل مصالح الأمة في سائر الأقطار من أجل بلد واحد، مع حاجة الأمة الظاهرة في مجالات شتى، كمجالات العلم من العلم الشرعي، والعلم الدنيوي كالطب، والهندسة، ووسائل الاتصالات وغيرها. فإن الأمة محتاجة إلى هذه العلوم، ويترتب على تخلفها فيها: ضعفها، وتسلط أعدائها عليها، فكان لزاماً أن ينفر من أبنائها من يتفقه في هذه العلوم ليسدّ حاجتها. وهكذا كل ما تحتاج إليه الأمة في وسائل معيشتها وبقائها. وهذا يتعارض مع القول بأن الجهاد فرض عين.

الجهاد في فلسطين

الجهاد في فلسطين المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الجهاد ومعاملة الكفار/حكم الجهاد التاريخ 23/2/1423 السؤال في ظل ما يحدث الآن في الأراضي المحتلة والمقاومة والتضحية التي يقوم بها إخواننا في فلسطين -نسأل الله أن ينصرهم ويتقبل شهداءهم- فما حكم الجهاد في فلسطين في الوقت الحاضر? الجواب الجهاد في فلسطين وتحرير المسجد الأقصى من اليهود من الجهاد الواجب على الأمة بدون خلاف، بل هو أعظم ساحة للجهاد في وقتنا الحاضر، ولكن يشترط في الجهاد عدة شروط، منها: -النية الصالحة: وهي إعلاء كلمة الله، وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يقاتل حمية أو شجاعة، فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" البخاري (123) ومسلم (1904) . -الراية الصالحة: حيث نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن القتال تحت راية عصبية جاهلية انظر صحيح مسلم (1905) ، بل الواجب تحت راية إسلامية لإعلاء كلمة الله.

-ألا يتعلق الجهاد بترك ما هو أوجب منه من بر الوالدين، أو صلة أرحام، أو العناية بالزوجة المريضة، أو لمن عليه دين إذا كان الجهاد مستحباً إلا بإذن الدائن، أو نحو ذلك، وقد أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعثمان بالتخلف عن بدر لتمريض زوجته، بل وقال للمجاهد التارك والديه: "ففيهما فجاهد" البخاري (5972) ومسلم (2549) ، كما يعذر العلماء والدعاة والكتاب المؤثرون وطلبة العلم لا سيما إذا كان الجهاد مستحباً، أو وجد من يكفيهم حتى لا تخلو أماكنهم، وقد قال -سبحانه وتعالى-: "وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا راجعوا إليهم لعلهم يحذرون" [التوبة:122] ، ومع أهمية الجهاد إلا أن العلم والدعوة والتأثير هي من الجهاد، كما قال -سبحانه-: "فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً" [الفرقان:52] ، فتقدر المصالح بقدرها ويوازن بينها، وفي حالات كثيرة يخرج من يقتدى به للجهاد، ويكون عليه واجب ولو كان مستحباً في حق غيره. -أن تقوم راية الجهاد يدعو إليها الإمام (ولي أمر المسلمين) ، وفي حالة عدم وجوده فيرجع إلى العلماء أهل الحل والعقد، أو مجالس الإفتاء، ونحوهم ممن يقدّر مصلحة الإسلام لقوله -تعالى-: "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" [النساء:83] ، ولا يجوز التقدم بالقتال دون ذلك، فربما تكون المفسدة أعظم.

وما يجري في فلسطين اليوم على يد اليهود المعتدين هي من قبيل الحرب الدفاعية، حيث يجب دفعهم عن بلاد المسلمين عند القدرة، ولا شك أن الجهاد في هذه الحالة من الفروض المهمة على الأقرب فالأقرب، ومن عجز عن الجهاد بالنفس وجب عليه المساعدة بالمال والدعاء والسلاح والخطابة والكتابة ونحو ذلك، ودفاع إخواننا في فلسطين عن أنفسهم هو جهاد في سبيل الله؛ لقوله -عليه السلام-: "من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ... " رواه الترمذي (1421) وأبو داود (4772) والنسائي (4095) وأحمد (1652) ، ولكن الأولى الانضواء تحت الرايات الإسلامية الموثوقة والجماعات الإسلامية المستقيمة لمن أراد الجهاد. والجهاد في الوقت الحاضر يعتمد على إعداد الأمة بالقوة اللازمة من سلاح وأفراد مدربين وقوة داعمة وإسناد وإعلام فاعل، وليس كما هو الحال في السابق قبل وجود الأسلحة المطورة التي تفتك بجيش كامل، لذا يجب أن تسير الأمور بخطين متوازيين الجهاد والعناية بهذه الأمور المهمة، وهذا كله ليس بالأمر المستحيل مع وجود أعظم قوة وهو الفرد المؤمن بالله، ولكنه يحتاج إلى عزيمة وتهيئة وإعداد. نسأل الله أن ينصر دينه، وأن يعلي كلمته، وأن يولي على المسلمين خيارهم، وأن يحفظ علماءهم وولاة أمورهم، وأن يدحر اليهود المعتدين ومن والاهم.

جهاد العراقيين للأمريكيين

جهاد العراقيين للأمريكيين المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/حكم الجهاد التاريخ 28/06/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك: - حفظك الله وسدد خطاك - سماحة الوالد: ما حكم جهاد الأمريكان بالنسبة لأهل العراق أنفسهم؟ لأنه وقع بيننا وبين بعض الإخوة نقاش حول هذه القضية؛ فنريد من سماحتكم بيان هذه القضية. وأسأل الله أن يسدد خطاكم لما يحبه ويرضاه. الجواب الحمد لله. وبعد: إن الكفرة الأمريكان وأعوانهم في غزوهم للعراق ظالمون معتدون، فهم كفرة محاربون، يجب على المسلمين جهادهم وطردهم. وصمت الدول الإسلامية عن الاستنكار لهذا الظلم والعدوان -فضلاً عن اتخاذ الوسائل الممكنة الدبلوماسية والاقتصادية- موقف مخز شرعاً وعقلاً. ومنشأ ذلك بعدهم عن دين الله الذي به العز والتمكين والنصر المبين، فالمقاتلون في العراق للأمريكان وأعوانهم من أراد منهم إعلاء كلمة الله وإذلال الكافرين فهو مجاهد في سبيل الله، ومن أراد مقاومة الاحتلال الأجنبي عن وطنه فلا لوم عليه، بل هذا ما تقتضيه الشهامة والأصالة والأنفة من عدم الخضوع للمستعمر المعتدي، وبذلك يعلم أنه يجب على المسلمين نصر المجاهدين في العراق وفلسطين، وفي الشيشان، وفي الأفغان، ومد يد العون والمساعدة بما يستطيعون، وأقل ذلك الدعاء لهم ومواساتهم بالمال؛ لإطعام جائعهم وعلاج جريحهم ومريضهم. وذلك من الوفاء بحق أخوة الإيمان، كما قال تعالى: "إنما المؤمنون إخوة" [الحجرات: 10] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم، وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" رواه البخاري (6011) ، ومسلم (2586) . والله أعلم.

فضائل الجهاد

سبل جهاد المرأة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/فضائل الجهاد التاريخ 22/11/1424هـ السؤال قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون".كيف لامرأة أن تجاهد في سبيل الله بأموالها وبنفسها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الجهاد من أفضل القربات وأعظم الطاعات، وقد جاءت نساء الصحابة - رضي الله تعالى عنهم وعنهن- يسألن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومنهن المرأة الأشهلية فقالت: إنكم تذهبون للجهاد والحج، ونحن نجلس في بيوتكم نغسل ملابسكم ونربي أولادكم، فمالنا؟ فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "إن حسن تبعل المرأة لبعلها وقيامها بفرائض دينها يعدل ذلك كله"، وقال لها النبي- صلى الله عليه وسلم-: "انصرفي وأخبري من وراءك بهذا"، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فكون المرأة تجتهد في المحافظة على فرائض دينها، وتجتهد في أداء ما تستطيعه من السنن، وتقوم بما أوجب الله عليها من رعاية حق زوجها وتربية أطفالها، فإنها بهذا تكون قد أدت ما هو أعظم من الجهاد، بنفسها ومالها هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن بإمكان المرأة أن تتبرع بشيء من مالها مما تملكه مما هو زائد عن فضل كفايتها وحاجتها للمجاهدين في سبيل الله، "فمن جهز غازياً فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا". وبالله التوفيق.

أحكام الشهيد

شهادة من قتل دفاعاً عن نفسه المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 7/1/1424هـ السؤال إذا كان الذي يدافع عن ماله ونفسه وقتل شهيد هل يغفر الله له ذنوبه جميعاً حتى لو كان يشرب الخمر أو لا يصلي ولكنه مؤمن؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن تارك الصلاة إن كان جاحداً لوجوبها فهو كافر بإجماع العلماء، وإن كان تاركاً لها تهاوناً وكسلاً فقد ذكر المحققون من أهل العلم أنه كافر أيضاً، وعلى كل حال فللصلاة شأن خاص، والذي يموت وهو تارك لها على خطر عظيم، فكيف يقال بأنه شهيد؟! أما سائر المعاصي فلا شك أنها خطر على العبد كذلك، ولكن الذي عليه أهل السنة والجماعة أنه في الآخرة تحت رحمة الله إن شاء عذبه وذلك بعدله، وإن شاء غفر له وذلك بفضله، إذا مات ولم يتب، أما التائب من الذنب فهو كمن لا ذنب له، والذي يقتل وهو يدافع عن نفسه وماله، وهو مؤمن يُرجى له خير إن كان محتسباً وصابراً على ما أصابه ومصلياً فإن للصلاة شأناً خاصاً كما أشرنا، ونحن لا نقطع لأحد بعينه بالشهادة حتى ولو كان مجاهداً في سبيل الله، ولكن نرجو له الشهادة، ورحمة الله واسعة، والله المسؤول أن يتولانا جميعاً برحمته، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تغسيل الشهيد وتكفينه

تغسيل الشهيد وتكفينه المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 7/2/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم وردت هذه العبارة في أحد كتب الفقه على المذهب الشافعي: وأما الشهيد: فلا يغسل، ولا يصلى عليه، ويسنّ تكفينه في ثيابه التي قتل فيها. لما رواه البخاري عن جابر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر في قتلى أحد بدفنهم بدمائهم، ولم يغسلوا ولم يصلّ عليهم. هذا هو مذهب علماء الشافعية، وعلماء المالكية، أما عند علماء الحنفية، ورأي بعلماء الحنابلة، أنه واجب ودليلهم في ذلك "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على شهداء أحد وكان يؤتى بتسعة تسعة....... إلى آخر الحديث. أخرجه الطحاوي، وقال عنه حسن، السؤال: يرجى من فضيلتكم بيان الترجيح بين الأدلة، وعلى أي المذاهب الفتوى؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب الشهداء كثيرون ولله الحمد، فالذي يموت بمرض الطاعون شهيد، ومرض البطن، والغرق، والحرق وغيرهم. وهؤلاء يغسلون ويكفنون، ويصلى عليهم.

أما الشهيد الذي سنتكلم عنه هو من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، أما من قاتل لحمية أو وطنية أو قومية أو عصبة فليس بشهيد ولو قتل؛ لكن من قاتل حماية لوطنه الإسلامي من أجل الدفاع عن الإسلام والمسلمين وحمايتهم فقتل فهو شهيد، وشهيد المعركة الذي يقتل في المعركة يحرم تغسيله، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أمر بقتلى أحد أن يدفنوا في دمائهم ولم يغسلوا ... " أخرجه البخاري (1343) ، والراجح أنه لا يصلى عليه، ويدفن في ثيابه التي مات فيها استحباباً لرواية البخاري - رحمه الله- "وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يغسلوا، ولم يصلَّ عليهم"، وغيره مما ورد من أحاديث، ومن أراد التوسع في الموضوع فعليه بقراءة فتح الباري لابن حجر، وكتاب المغني لابن قدامة، وكتاب المجموع للنووي، وكتاب فتح القدير لابن الهمام، وغيرها مما كتبه أهل العلم في هذا الموضوع والله أعلم.

شهادة الغريق

شهادة الغريق المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 3/11/1423هـ السؤال إذا مات الشخص غريقاً يكون شهيداً، طيب؛ وإذا كان عاصياً ولا يصلي فهل يحاسب على ذلك؟ الجواب إذا مات الإنسان غريقاً فقد جاء في الحديث أنه من جملة الشهداء؛ كالذي يموت بالهدم أو بالحرق انظر: البخاري (654) ومسلم (1914) ، وكونه شهيدا لا يوجب أن تغفر له جميع ذنوبه، لكن هذا يدل على فضيلة، ويرجى أن يكون في موته على هذه الحال أجر يفضل به على غيره لما يحصل له من المغفرة بسبب هذا الابتلاء، ومن مات غريقاً وهو لا يصلي فإنه لا ريب أن موته غريق لا يوجب مغفرة الجرائم الكبيرة وترك الصلاة، فقد جاء في الحديث الصحيح أن تاركها كافر، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" مسلم (82) وفي الحديث الآخر: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" الترمذي (2621) ، النسائي (463) ، ابن ماجة (1079) وأحمد (22937) وليس الشهيد بالغرق والحرق والهدم كشهيد المعركة، يعني: الشهيد في معركة القتال في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، ومن قاتل وقتل في المعركة وهو لا يصلي فإنه لا يرجى له فضل الشهادة، لأنه لا يصلي، وإنما ترجى له مغفرة الذنوب التي دون ترك الصلاة ودون أنواع الكفر، نسأل الله السلامة والعافية، والله أعلم.

التكبير في جنائز الشهداء

التكبير في جنائز الشهداء المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 19/11/1422 السؤال ما حكم التكبير في الجنائز وخصوصاً جنائز الشهداء؟ الجواب إن كنت تقصد التكبير في صحبة الجنازة إلى المصلى ثم إلى المقبرة من المشيعين، وخاصة في جنائز الشهداء من قتلى المواجهة مع أعداء الله ورسوله والمؤمنين، والتي يكون الدافع لها شدة الحماس والغيرة، ووقدة الحنق على هؤلاء المعتدين، فيخرج هذا التكبير والهتاف من نفوس أمضها الضيم، وتمردت على عسف الظالم، واستعلنت بالمواجهة والمدافعة بما تستطيعه، فإننا إذا نظرنا إلى المسألة من ناحية الحكم الشرعي فلا يغيب عنا بارك الله فيكم: 01 إن تشييع الجنائز عبادة شرعية توقيفية قال - صلى الله عليه وسلم -: " من شهد الجنازة حتى يُصلَّي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان " قيل: وما القيراطان؟ قال: " مثل الجبلين العظيمين " رواه البخاري (1325) ومسلم (945) واللفظ للبخاري. ولذلك فكل ما يحيط بهذه العبادة مما له صفة التعبد كالذكر ونحوه فلا بد أن يتلقى النص على مشروعيته من المعصوم - صلى الله عليه وسلم - وإلا فهو رد. 02 أننا نعلم أنه قد حملت جنائز أفاضل الصحابة وخيارهم بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهم المصابون في المعارك كسعد بن معاذ - رضي الله عنه - ومع ذلك لم يكن الصوت يرفع مع الجنازة بذكر ولا بغيره، ولو فعل لنقل، ولو كان خيراً لسبقونا إليه. 03 إن رفع الأصوات مع الجنائز من عادة أهل الكتاب والأعاجم الذين أمرنا بمخالفتهم أما المسلمون فكانوا يستحبون خفض الصوت عند الجنائز، مع امتلاء القلوب بذكر الله وإجلاله وتعظيمه، كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم) (1/315-316) تحقيق د. العقل) .

وبذلك يتبين أن رفع الصوت مع الجنازة بالذكر أو الدعاء بدعة، ولا يجوز اتخاذه شعاراً لجنائز المسلمين. وقد نص على ذلك الأئمة من قبل، فعن قيس بن عباد - وهو من كبار التابعين - قال: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرهون رفع الصوت عند الجنائز - أخرجه البيهقي (4/74) وغيره، وقال النووي - رحمه الله تعالى -: " واعلم أن الصواب والمختار وما كان عليه السلف - رضي الله عنهم - السكوت في حال السَّير مع الجنازة، فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك. والحكمة فيه ظاهرةٌ، وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال " (الأذكار للنووي ص 203) وممن نبه على هذه البدعة الإمام الشاطبي في كتابه الاعتصام (1/372) وأبو شامة في الباعث على إنكار البدع والحوادث (88) وغيرهم، وانظر (أحكام الجنائز وبدعها) للألباني (ص 92، 314) . وأما إن كنت تقصد التكبير حال الصلاة على الجنازة، فإنه يجب أداء أربع تكبيرات على الجنازة، على الصفة المعروفة في صلاة الجنازة. وهذه التكبيرات أركن في صلاة الجنازة.

وصف المسلم بالشهيد

وصف المسلم بالشهيد المجيب الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 27/8/1423هـ السؤال هل نقول كلمة شهيد لكل من نراه توفي مقتولاً في الحرب؟ أرجو توضيح هذا الأمر. الجواب ننقل لك ما قاله الشيخ بكر أبو زيد -حفظه الله تعالى- في كتابه (معجم المعاني اللفظية صـ319-320) شهيد: قال البخاري -رحمه الله- في صحيحه:" باب لا يقال: فلان شهيد. قال ابن حجر: أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي، وكأنه أشار إلى حديث عمر - رضي الله عنه - الذي رواه البخاري (1367) ، ومسلم (949) ". وفي كتاب: (النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح) لمحمد الطاهر ابن عاشور (صـ118) عند ترجمة البخاري هذه: "هذا تبويب غريب، فإن إطلاق اسم الشهيد على المسلم المقتول في الجهاد الإسلامي ثابت شرعاً، ومطروق على ألسنة السلف فمن بعدهم، وقد ورد في حديث الموطأ (299) ، وفي الصحيحين البخاري (2829) ومسلم (1914) : أن الشهداء خمسة غير الشهيد في سبيل الله، والوصف بمثل هذه الأعمال يعتمد النظر إلى الظاهر الذي لم يتأكد غيره، وليس فيما أخرجه البخاري هنا إسناداً وتعليقاً ما يقتضي منع القول بأن فلاناً شهيد، ولا النهي عن ذلك. فالظاهر أن مراد البخاري بذلك ألاّ يجزم أحد بكون أحد قد نال عند الله ثواب الشهادة، إذ لا يدري ما نواه من جهاده، وليس ذلك للمنع من أن يقال لأحد: إنه شهيد، وأن تجري عليه أحكام الشهداء إذا توافرت فيه، فكان وجه التبويب أن يكون: باب لا يجزم بأن فلاناً شهيد إلا بإخبار من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مثل قوله في عامر ابن الأكوع: "إنه لجاهد مجاهد" البخاري (4196) ، مسلم (1802) ، ومن هذا القبيل زجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أم العلاء الأنصارية حين قالت في عثمان بن مظعون- رضي الله عنه -: "شهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال لها: وما يدريك أن الله أكرمه؟ "البخاري (3929) ا. هـ.

من هو الشهيد؟

من هو الشهيد؟ المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 18/2/1423 السؤال من هو الشهيد؟ وهل من قتل خطأ مثلما هو الحال في حوادث السيارات يعد شهيداً إذا لم يكن له يد في الحادث؟ وما حكم كل درجة من درجات الشهادة من حيث الصلاة والتكفين وغيرهما؟ الجواب الشهداء كثر كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر منهم المطعون والمبطون ومن مات حرقاً أو غرقاً والمرأة تموت في نفاسها ومن قتل دون ماله أو عرضه. وأعلى رتب الشهادة من مات في لقاء العدو مقبلاً غير مدبر وكان قتاله لتكون كلمة الله هي العليا. أما التكفين والصلاة فالفقهاء يختلفون في ذلك، والراجح أن قتيل المعركة لا يكفن ولا يصلى عليه وإنما يدفن بدمه كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في قتلى أحد، وأما من سواه فليس له حكمه من هذه الناحية.

فضل شهيد المعركة على غيره

فضل شهيد المعركة على غيره المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 20/8/1423هـ السؤال ما الفرق بين شهيد الحرب ومن مات محترقاً أو غريقاً؟ هل لهم نفس الدرجة والأجر والمكانة يوم القيامة؟ وهل يشفع من مات محترقاً أو غريقاً في أهله؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الفرق بين شهيد الحرب ومن مات محترقاً أو غريقاً، هو: أن شهيد الحرب لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، وإنما يدفن في ثيابه التي قتل فيها، وأمّا المحترق والغريق فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، وأمّا الدرجة فإنها تختلف، فإن شهيد المعركة أعلى؛ لأن كل غبار تطاير عليه ودخان حصل له سوف يحسب له، وليس كذلك غيره، وقد ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم انظر الترمذي (1633) ، النسائي (3107) ، ابن ماجة (2774) ، الإمام أحمد (8512) ، فالدرجات متفاوتة، لكن الغريق والمحترق يرجا لهما خير - إن شاء الله - ومكانة عالية.

الذنوب التي تغفر بالشهادة

الذنوب التي تغفر بالشهادة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 7/2/1424هـ السؤال السلام عليكم هل الشهادة في سبيل الله تغفر بها كل الذنوب؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، الشهادة في سبيل الله المراد بها أن يقتل العبد في معركة قتال المسلمين للكفار، وهو صابر محتسب مقبل غير مدبر، فمن قتل وهو على هذه الحال مجاهداً في سبيل الله أي: أنه يقاتل لإعلاء كلمة الله، فإن الله يغفر له جميع ذنوبه. فقد صح عن النبي - عليه الصلاة والسلام- أنه قام في الصحابة - رضي الله عنهم- فذكر لهم:"أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال"، فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر إلا الدين، فإن جبريل - عليه السلام- قال لي ذلك" رواه مسلم (1885) فهذا الجواب من النبي - صلى الله عليه وسلم- كاف شاف، وهذا فضل عظيم، وإنما كان هذا الفضل للشهادة في سبيل الله، لأن الذي يجاهد في سبيل الله إعلاء لكلمة الله ثم يقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر، لا يتصور أن يصر على كبيرة من كبائر الذنوب فمعنى هذا، أن الجهاد على هذا الوجه يتضمن التوبة من جميع الذنوب فيغفر له بهذا العمل الجليل، فأما الدين فإنه حق من حقوق العباد لا يسقط بالقتل في سبيل الله، ولابد أن يؤدي الدين الذي على المجاهد الذي قتل في سبيل الله وإذا لم يؤد في الدنيا فإن الله يؤديه عنه يوم القيامة، كما قال - صلى الله عليه وسلم-:"من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" البخاري (2387) ، والله أعلم.

معنى حديث " الشهداء خمسة"

معنى حديث " الشهداء خمسة" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 19/1/1425هـ السؤال عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق، فأخره، فشكر الله له، فغفر له، ثم قال الشهداء خمسة: المطعون والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله، وقال: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا لاستهموا عليه ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا." ما معنى هذا الحديث الشريف؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد: هذه ثلاثة أحاديث وقد أخرجها البخاري بسياق واحد ح (652-653-654) قال حدثنا قتيبة عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له، ثم قال: الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله، وقال: لو يعلم ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً" قال الحافظ: (وكأن قتيبة حدث به عن مالك هكذا مجموعاً فلم يتصرف فيه المصنف كعادته في الاختصار، وقد تضمنت هذه الأحاديث ما يأتي:

(1) دل الحديث الأول على فضل إماطة الأذى عن الطريق، وأن قليل العمل إذا أخلص فيه العبد لربه، يحصل به كثير الأجر والثواب، وقوله: "فشكر الله له...." الله -سبحانه وتعالى- هو الشكور، والشاكر على الإطلاق الذي يقبل القليل من العمل، ويعطي الكثير من الثواب مقابل هذا العمل القليل، ومن شكره -تبارك وتعالى- أن غفر لهذا الرجل الذي نحى غصن الشوك عن طريق المسلمين، وهو عمل قليل. (2) أفاد الحديث الثاني أن الشهداء خمسة وهم: أ- المطعون: هو الذي يموت بالطاعون، وهو الوباء، وقد فسره النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر حيث قال: "الطاعون شهادة لكل مسلم" أخرجه البخاري (2830) ، ومسلم (1916) عن أنس -رضي الله عنه-. ب- المبطون: هو الذي يموت من علة البطن، كالاستسقاء، والحقن وهو: انتفاخ الجوف والإسهال. ج- الغريق: هو الذي يموت بالغرق. د- صاحب الهدم: هو الذي يموت تحت الهدم. هـ- الشهيد في سبيل الله.

قال الحافظ: (اختلف في سبب تسمية الشهيد شهيداً، فقيل لأنه حي فكأن أرواحهم شاهدة أي حاضرة، وقيل: لأن الله وملائكته يشهدون له بالجنة، وقيل: لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعدَّ له من الكرامة والحصر المذكور في الحديث غير مقصود، فقد دلت أحاديث أخرى على وصف غير المذكورين بالشهادة) ، قال الحافظ: (والذي يظهر أنه -صلى الله عليه وسلم- أعلم بالأقل ثم أعلم زيادة على ذلك فذكرها في وقت آخر ولم يقصد الحصر في شيء من ذلك) فتح الباري (6/43) ، وممن جاء وصف موتهم بالشهادة غير المذكورين في الحديث السابق ما يأتي الحريق، وصاحب الجنب، والمرأة تموت بجمع، وقد جاء ذلك في حديث جابر بن عتيك - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما تعدون الشهادة؟ " قالوا: القتل في سبيل الله -تعالى-، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة" أخرجه أبو داود (2704) ، وصاحب ذات الجنب: ذات الجنب هي: قرحة في الجنب، وورم شديد، وتسمى ذات الجنب الشوصة.

وأما المرأة تموت بجمع: يقال بضم الجيم وكسرها، وقد تفتح الجيم وسكون الميم فهي المرأة تموت حاملاً، وقد جمعت ولدها في بطنها، وقيل: هي التي تموت في نفاسها وبسببه، وقيل التي تموت عذراء، والأول: أشهر الأقوال، ومن مات دون ماله ودينه ودمه وأهله فهو شهيد، وذلك لما جاء في حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد" أخرجه الترمذي (1341) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح ومن قتل دون مظلمته فهو شهيد، وذلك لحديث سويد بن مقرن - رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قتل دون مظلمته فهو شهيد" أخرجه النسائي (4025) ، قوله: دون مظلمته، أي قصده قاصد بالظلم، وموت الغربة شهادة، وذلك لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "موت غربة شهادة" أخرجه ابن ماجة (1602) ، وقد ذكر الحافظ أنه من خلال نظره في الأحاديث تحصل له إطلاق الشهادة على عشرين خصلة، قال ابن التين: هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل الله على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بأن جعلها تمحيصاً لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء، ووصف هؤلاء بالشهداء بمعنى أنهم يعطون من جنس أجر الشهداء ولا تجري عليهم أحكام الشهداء في الدنيا.

الحديث الثالث: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا ن يستهموا لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً"، رواه البخاري (615) ، ومسلم (437) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فقوله- صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا"، النداء هو: الأذان، والاستهام: الاقتراع ومعناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظيم جزائه ثم لم يجدوا طريقاً يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد لاقترعوا في تحصيله، ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة نحو ما سبق، وجاءوا إليه دفعة واحدة وضاق عنهم، ثم لم يسمح بعضهم لبعض به لاقترعوا عليه، وفيه إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه"، التهجير: التبكير إلى الصلاة وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً"، العتمة: هي صلاة العشاء، وفيه الحث العظيم على حضور جماعة هاتين الصلاتين، والفضل الكثير في ذلك لما فيهما من المشقة على النفس من تنغيص أول نومها وآخره، ولهذا كانتا أثقل الصلاة على المنافقين ينظر شرح النووي لمسلم (4/158) ، هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

صلاة الغائب على الشيخ أحمد ياسين

صلاة الغائب على الشيخ أحمد ياسين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 1/2/1425هـ السؤال ما حكم الصلاة على الغائب، وهل يصلى على شهيد المعركة إذا كان في مكان آخر، ونرجو منكم أن توجهوا كلمة إلى الأمة الإسلامية بمناسبة اغتيال الشيخ أحمد ياسين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الصلاة على (الغائب) اختلف فيها أهل العلم على قولين مع الاتفاق على ثبوت صلاة الغائب على النجاشي ملك الحبشة لما توفي في بلاده، كما في الصحيحين البخاري (1245) ، ومسلم (951) عن أبي هريرة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه خرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعا " فالحنفية والمالكية لا يجوزون الصلاة على الميت الغائب وهي رواية في مذهب أحمد. ووجه ذلك عندهم أنه لم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الغائب على غير النجاشي، ويرون أن صلاة الغائب خاصة به، وقالوا أيضا أنه مات كثير من الصحابة خارج المدينة ولم ينقل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلى عليهم أو أمر بذلك. وذهبت الشافعية والحنابلة إلى مشروعية الصلاة على الميت الغائب وتمسكوا بصلاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته على النجاشي عند موته ولا يرون خصوصيتها به لعدم النص على ذلك، وقالوا: الأصل في الأحكام العموم وعدم الخصوصية. والذي يظهر لي - والله أعلم - بعد النظر والتأمل في النصوص: أن صلاة الغائب جائزة إذا كان المتوفى له شأن بين المسلمين في الصلاح والعلم أو الدعوة إلى الله، أو كان زعيما وأميراً - كما هي الحال في النجاشي - رحمه الله -. أما إذا كان الميت من آحاد الناس وعامتهم فلا تشرع صلاة الغائب عليه حينئذ.

أما شهيد المعركة فالصحيح أنه يدفن في ثيابه فلا يغسّل ولا يكفن ولا يصلى عليه، وإنما تصلي عليهم ملائكة الرحمة، ويلقى الله بدمائه، وهي أطيب عند الله من ريح المسك، ففي حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عند البخاري (1343) وغيره: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بدفن شهداء أُحد في دمائهم، ولم يغسلهم، ولم يصل عليهم"، وفي حديث عبد الله بن ثعلبة - رضي الله عنه -، عند أحمد (22547) والنسائي (2002) ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "زمِّلوهم بدمائهم؛ فإنه ليس كَلْمٌ يُكْلَمُ في سبيل الله إلا يأتي يوم القيامة يدمي (يسيل) لونه لون الدم وريحه ريح المسك". وبمناسبة استشهاد الشيخ أحمد ياسين - رحمه الله - زعيم وقائد المقاومة الإسلامية في فلسطين على أيدي إخوان القردة والخنازير، وبمباركة وتأييد من دولة الكفر والاستكبار العالمي، (نسأل الله أن يتقبله وإخوانه الشهداء في الصالحين، وأن يخلف على المسلمين خيراً) . نقول: إن هذا الرجل المسن المصاب بالشلل في بدنه استطاع بروحه وقلبه وإيمانه أن يؤسس ويرعى (منظمة حماس الفلسطينية) التي دوخت - ولا تزال - دولة إسرائيل وأعوانها مع ضعف العدد والعدة للمسلمين هناك. إن المسلم الواعي لمخطط عدوه والمتمسك بدينه والواثق بنصر ربه لا تؤثر عليه المصائب لو عظمت، ولا النوازل مهما كبرت، فهو يستلهم التاريخ ويقرؤه على ضوء واقعه ومستجداته؛ فها هي حادثة الإفك في المدينة النبوية عصفت بالمسلمين وبيت النبوة أو كادت، يقول الله عنها: "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [النور:11] .

إننا والله واثقون أن جريمة قتل الشيخ أحمد ياسين- رحمه الله - هي بداية النهاية لدولة اليهود ومن ورائهم من الكفرة والمجرمين، ولعلنا نسمع قريباً إن شاء الله في هؤلاء المحتلين لبلاد المسلمين من اليهود والنصارى ما يسر به قلب كل مؤمن، وفي المثل قيل: (اشتدي أزمة تنفرجي) ، وكفى بقول الله وحكمه: "فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً" [الشرح:5،6] ، "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً"، ونقول لكل المسلمين ولإخواننا الفلسطينيين خاصة: لا تحزنوا على ما نزل بكم وثقوا أنه خير لكم وشر لعدوكم - إن شاء الله- والذي تولى كبره منهم أو من غيرهم سيحل به العذاب الأليم في الدنيا قبل الآخرة، وإننا بكلام ربنا لمؤمنون وبنصره لمتفائلون. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

علاقة الشهيد بمن يشفع لهم

علاقة الشهيد بمن يشفع لهم المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 2/2/1425هـ السؤال هناك حديث يذكر أن الشهيد يشفع في سبعين من أهله، هل يعني ذلك الإخوة والأخوات والعمات والأعمام وما شابههم؟ وكيف يكون الحال إذا لم يكن له كثير من الأقارب أو كان أغلبهم من الكفار؟ هل هذا العدد يشمل الأشخاص المقربين للشيهد مثل الأصدقاء الذين لا يرتبطون به برابطة الدم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالحديث الذي أوردته خرّجه أبو داود في سننه: كتاب الجهاد باب الشهيد يشفع برقم: (2522) ج (3/34) مرفوعا، ً ولفظه "يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته"، وصححه الألباني، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير، انظر فيض القدير للمناوي برقم (10012) جـ (6/462) ، وخرجه البيهقي في السنن الكبرى جـ (9/164) برقم: (18308) ، وبوب بعضهم لبيان كثرة من يشفع فيهم الرجل الواحد بقوله: (باب ذكر كثرة من يشفع له الرجل الواحد من هذه الأمة) ، كما فعل ذلك ابن خزيمة في كتاب التوحيد بتحقيق د. عبد العزيز الشهوان جـ (2/739) . وأما معنى الحديث فقد جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود جـ (7/142) على قوله: (من أهل بيته) قال: (أي من أصوله وفروعه وزوجاته وغيرهم) ، وقال المناوي في فيض القدير (6/462) ، ويحتمل أن المراد بالسبعين التكثير. وأما قولك في سؤالك: وكيف يكون الحال إذا لم يكن له كثير من الأقارب؟ فأقول لك: إن السبعين من أقارب الرجل الواحد ليسوا بالكثرة إذا عرفت أن أهل الرجل يشمل من كان قبله ومن بعده من أهل بيته من المسلمين ممن أدركهم أو لم يدركهم. وأما الكفار من أهل بيته أو من غيرهم فإن الشفاعة لا تنفعهم لأن الله تعالى يقول: "فما تنفعهم شفاعة الشافعين" [المدثر: 48] . والله أعلم.

الصلاة على الشهداء

الصلاة على الشهداء المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 18/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فإنني كثيرًا ما رأيت الفلسطينيين وهم يصلّون على جثمان شهدائهم صلاة جنازة، وأنا قرأت في كتاب ما بأن الصلاة على الشهيد حرام، ما حكم الصلاة على الشهيد؟ هل هي حلال أم حرام؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فلا شك أن ما يفعله إخواننا في فلسطين من الصلاة على شهدائهم ممن قتلهم العدو قد ساروا فيه على قول علمائهم، وعملهم هذا جيد لا بأس به. وأما ما ذكره السائل أنه قرأ في كتابٍ تحريمَ الصلاة على الشهيد، فهذا القول هو المشهور عند فقهاء الشافعية، وقد لخَّص الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت 806) أقوال العلماء في هذه المسألة مع التوجيه لكل مذهب في كتابه (طرح التثريب 3/ 295) فقال: (إن الشافعية اختلفوا في معنى قولهم: لا يصلى على الشهيد. فقال أكثرهم: معناه تحريم الصلاة عليه. وهو الصحيح عندهم، وقال آخرون منهم: معناه لا تجب الصلاة عليهم، لكن تجوز. وذكر ابن قدامة أن كلام الإمام أحمد في الرواية التي قال فيها: يصلى عليهم. يشير إلى أنها مستحبة غير واجبة ... وقال ابن حزم الظاهري: إن صُلِّي على الشهيد فحسن، وإن لم يُصلَّ عليه فحسن، واستدل بحديثي جابر وعقبة، رضي الله عنهما، وقال: ليس يجوز أن يترك أحد الأثرين المذكورين للآخر، بل كلاهما حق مباح, وليس هذا مكان نسخ; لأن استعمالهما معًا ممكن في أحوال مختلفة. انتهى ... قال أصحابنا (يعني فقهاء الشافعية) : والمراد بالشهيد هنا من مات بسبب قتال الكفار حال قيام القتال.. إلخ)) اهـ.

فقوله: حال قيام القتال. قيد مهم يبين أنه إنما تحرم الصلاة على الشهيد، في مذهبهم، إذا قُتل المسلم في معركة ومات في مكان المعركة حال قيام القتال بين المسلمين والكفار، وما عدا ذلك فلا تحرم الصلاة عليه إنما تباح أو تستحب أو تجب. وكذا ابن قدامة في المغني 2/ 205، قال: والشهيد إذا مات في موضعه, لم يغسَّل, ولم يُصلَّ عليه - يعني إذا مات في المعترك- فالصحيح أنه لا يصلى عليه. وهو قول مالك, والشافعي, وإسحاق. وعن أحمد رواية أخرى, أنه يصلى عليه. اختارها الخلال. وهو قول الثوري, وأبي حنيفة. إلا أن كلام أحمد في هذه الرواية يشير إلى أن الصلاة عليه مستحبة , غير واجبة. قال في موضع: إن صُلي عليه فلا بأس به. وفي موضع آخر, قال: يصلى، وأهل الحجاز لا يصلون عليه, وما تضره الصلاة, لا بأس به. وصرح بذلك في رواية المروذي, فقال: الصلاة عليه أجود, وإن لم يصلوا عليه أجزأ. فكأن الروايتين في استحباب الصلاة, لا في وجوبها, إحداهما يستحب; لما روى عقبة, أن النبي صلى الله عليه وسلم- خرج يومًا, فصلى على أهل أحد صلاته على الميت, ثم انصرف إلى المنبر. أخرجه البخاري (1344) ومسلم (2296) ... ولنا, ما روى جابر، رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم- أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم, ولم يغسلهم, ولم يصلِّ عليهم. أخرجه البخاري (1343) ومسلم (1036) .. وحديث عقبة مخصوص بشهداء أحد, فإنه صلى عليهم في القبور بعد ثماني سنين.. ونحن نحمله على الدعاء. انتهى. وينظر أيضًا كتاب (نيل الأوطار للشوكاني ج4/ص 53) ففيه بحث موسع حول هذه المسألة. والله أعلم. وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل تدخل في هذا الفضل من تلد بالزنى؟!

هل تدخل في هذا الفضل من تلد بالزنى؟! المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الجهاد ومعاملة الكفار/أحكام الشهيد التاريخ 16/09/1426هـ السؤال ورد في الحديث: أن المرأة التي تموت وهي تلد فستدخل الجنة، فهل ينطبق هذا على المرأة التي حملت بالزنى؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيشير السائل إلى الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه (3111) والنسائي في سننه الصغرى (1846) ، ومالك في موطئه (522) ، عن جابر بن عتيك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الشهداء سبعة- سوى القتل في سبيل الله-: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد". والمراد: هنا: التي تموت من الولادة، وولدها في بطنها، هذا ما عليه أكثر العلماء في تفسير هذا الحديث، كما حكاه عنهم ابن عبد البر في الاستذكار (3/69) ، ومال إلى ترجيحه. وجاء نحو هذا الحديث في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً، بلفظ: "الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهد، والشهيد في سبيل الله". وقد علق الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (13/62) على حديث (الشهداء السبعة) في الموطأ وغيره، بقوله: "صحيح بلا خلاف، وإن كان البخاري ومسلم لم يخرجاه". ثم قسم الشهداء إلى ثلاثة أقسام: الأول: شهيد في الدنيا والآخرة، وهو المقتول في حرب الكفار (مخلصاً لله مقبلاً غير مدبر) . الثاني: شهيد في الدنيا دون الآخرة، وهو من قاتل رياء أو سمعة، أو قُتل مدبراً، أو نحو ذلك. الثالث: شهيد في الآخرة دون أحكام الدنيا، ومنهم هؤلاء السبعة المذكورون في الحديث الآنف الذكر.

ثم ذكر الإمام النووي السبب الذي نالوا لأجله أجر الشهادة، فقال: "وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفضل الله -تعالى- بسبب شدتها، وكثرة ألمها" أ. هـ. ولا شك أن المرأة عند الولادة تعاني من الشدة والألم مالا يعلم به إلا الله تعالى، ولهذا ضاعف المولى -عز وجل- حقها في البر على الأب، وجعل لها من الحقوق ما هو معلوم. وأحياناً يبلغ الألم مداه، وتتعسر الولادة، مما يكون سبباً في نهاية حياتها، فوعدها الله عز وجل- بأجر من جنس أجر الشهداء تطييباً لقلبها، ومكافأة لها على صبرها واحتسابها، هذا إذا كان حملها من نكاح، كما هو الأصل. أما إذا كان من سفاح -كما هو محل السؤال- فالأظهر -والله تعالى أعلم- أنه لا يشملها هذا الفضل، فكما فرَّق الشارع بين من قاتل رياء وسمعة، وبين من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فالأول قتاله في سبيل الدنيا، والثاني قتاله في سبيل الله، وكما فرق بعض أهل العلم -كما في مغني المحتاج للشربيني (1/350) - بين الغريق العاصي بركوبه البحر، وبين الغريق غير العاصي، فكذا يفرَّق هنا بين الحامل من نكاح وبين الحامل من سفاح؛ لأن الأولى مطيعة بحملها، والثانية عاصية به، فلا يستويان، كما لا يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور، والله تعالى أعلم.

مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار

العلاقات الدولية وحقوق الإنسان المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 29/4/1422 السؤال ماذا يقدم الإسلام فيما يتعلق بالعلاقات الدولية وحقوق الإنسان، في بعض الأحوال المعينة؟ الجواب جاء الإسلام بالحث على الأخوة الدينية بين المُسلمين لقول الله تعالى: "فأصحبتم بنعمته إخواناً" ولقوله: "إنما المؤمنون إخوة" فلذلك يجب على المُسلمين أن يتعاونوا فيما بينهم، ويوالي بعضهم بعضاً، ويحصل بينهم التناصر والتعاون على البر والتقوى، وعليهم أداء ما يجب عليهم من الحقوق الإسلامية من بعضهم لبعض، وكذلك أجاز الإسلام عقد المواثيق والمُعاهدات مع الكُفار إذا كان في ذلك مصلحة لقول الله تعالى: "وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق" وقوله تعالى: "إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق" وقوله تعالى: "وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها" وكل ذلك يدل على أن الإسلام يحرص على الأمن والاطمئنان وإصلاح العلاقات الدولية بين الأمم إذا كان فيه مصلحة، مع وجوب الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله إذا توافرت الشروط وانتفت الموانع، والله أعلم.

استقدام عمال غير مسلمين

استقدام عمال غير مسلمين المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 22/7/1422 السؤال هناك شخص يريد استقدام عمال للمزرعة من دولة نيبال، الذين في غربها فيهم إسلام ولكن عملهم رديء، والذين في شرقها نصارى وعملهم جيد حسب كلام الذين يتعاملون معهم، فما رأيكم باستخدام أي الطرفين، وما الحكم الشرعي في ذلك؟ والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب الواجب استقدام المسلمين ولو كانوا أقل مهارة،. سواء من نيبال أو غيرها، وذلك لمصالح كثيرة فمنها: 1. عدم إدخال الكفار في جزيرة العرب. 2. تقوية المسلمين لأن في استقدام هذا العامل إعالة لأسرته ورفع لمستواه الديني بخلطة المسلمين في بلاد الإسلام، ومستواه المادي بالمهارات التي يستفيدها والمال الذي يكسبه.

موادة الكافر هل تحرم مطلقا؟

موادة الكافر هل تحرم مطلقاً؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 22/8/1424هـ السؤال "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ... " فهل تعني هذه الآية أننا يجب ألاَّ نكن أي عاطفة لأقاربنا من غير المسلمين، حتى ولو كان عندهم اهتمام بالإسلام، ولا يعادون إيماننا؟ أم أن هناك فرقاً بين العاطفة الفطرية والعاطفة بسبب الإيمان؟ هل يكون من الجائز للمسلم أن يكره كفر أقاربه، ومع ذلك يبقى لديه نوع من العاطفة الفطرية نحوهم؟ هل مثل هذه العاطفة تخرج المسلم من الملة؟ أرجو توضيح الأمر. الجواب

الحمد لله، الواجب على من منّ الله عليه بالإسلام والإيمان والتوحيد أن يبغض الشرك وأهله، فإن كانوا محاربين فعليه أن يعاديهم بكل ما يستطيع، وإن كانوا مسالمين للمسلمين فيجب بغضهم على كفرهم ومعاداتهم لكفرهم، ولكن من غير أن ينالوا بأذى؛ بل لا مانع من الإحسان إليهم وصلتهم إن كانوا أقارب، وبرهم إن كانوا من الوالدين، كما قال تعالى: "أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون" [لقمان: 15] ، وبغض الكافرين لا يمنع من أداء الحقوق، حق القرابة، وحق الجوار، كما قال - صلى الله عليه وسلم- لما أنذر عشيرته وتبرأ منهم قال: "إن لكم رحماً عندي سأبلها ببلالها" مسلم (204) ، وقال سبحانه وتعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" [الممتحنة: 8] ، وقوله سبحانه وتعالى: "لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ... " [المجادلة: 22] المراد من يواد الكافرين ولا يبغضهم البغض الإيماني ولا يبرأ منهم ومن دينهم ومعبوداتهم الباطلة فهذا هو الذي لا يكون مسلماً وإن ادعى الإيمان، وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم: "لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم" (سبق تخريجها) فالمؤمنون الصادقون يبغضون الكافرين وإن كانوا أقرب الأقارب إليهم، وعلى هذا فيجتمع في قلب المؤمن المحبة الفطرية الطبيعية والبغض الديني، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب أبا طالب لقرابته ولنصرته له وهو يبغضه لكفره، ولهذا كان حريصاً على هدايته ولكن الله سبحانه وتعالى بحكمته لم يوفقه للإيمان؛ لأنه تعالى أعلم بمن هو أهل لذلك قال تعالى: "إنك لا تهدي من أحببت

ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين" [القصص: 56] ، فلك أيها السائل أن تصل أقاربك وأن تبر بالوالدين، وأن تحسن إلى جيرانك وإن كانوا كفاراً، ما داموا لا يجاهرون بعداوة الإسلام والمسلمين، وأما من أعلن محاربته للمسلمين فالواجب محاربته وجهاده حتى يدخل في الإسلام أو يعطي الجزية كما قال تعالى: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" [التوبة:29] والله أعلم.

حضور دورات لدى خبراء أمريكان

حضور دورات لدى خبراء أمريكان المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 8/1/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: إذا كنتُ طبيباً فهل يحل لي أن أدخل دورة لأتدرب لدى الأمريكان على العمليات الجراحية الحديثة التي كنا منقطعين عنها؛ لأعالج إخوتي المسلمين؟ وكذا إذا كنت شرطياً فهل يحل لي أن أتدرب على الأساليب الحديثة لمكافحة الجريمة؟ علماً أن التدريب هذا من قبل خبراء أمريكان، وهل مرتبي يعتبر مالاً حلالاً؟ علماً أن واجبي هو خدمة مجتمعنا المسلم -والله يشهد-. الجواب

نعم، يجوز لك أيها الأخ الكريم أن تدخل دورات طبية لدى الأعداء الأمريكان إذا كان متاحاً لك، وتريد من تعلمك في هذه الدورة معالجة إخوانك المسلمين، أو استذكار معلوماتك الطبية التي انقطعت عنها من زمن، كما يدل عليه سؤالك، وكذلك لو كنت عسكرياً، ودخلت دورة يقيمها الأمريكان لمكافحة الجريمة، إذا كنت تريد حفظ الأمن واستتبابه في بلدك، وكل ما يأخذه المتدربون من رواتب أو مكافآت ومزايا أثناء الدورات التدريبية جائز وحلال، ما دام القصد شريفاً، وهو التعلم ونفع المسلمين بما تعلمته، والقاعدة الشرعية تقول: (الأمور بمقاصدها) ، لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وفي الحديث: "الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" رواه مسلم (2699) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أما التعامل مع الكافر بالبيع والشراء وسائر المعاملات والتعلم على يديه مما ينفع المسلمين ولا يوجد عندهم فهو جائز، فقد استعار النبي - صلى الله عليه وسلم- من صفوان بن أمية يوم حنين، وكان صفوان مشركاً استعار منه مائة درع عارية مضمونة، انظر ما رواه أبو داود (3562) ، وأحمد (27089) من حديث صفوان بن أمية -رضي الله عنه- واستعان مرة بالمشرك ومرة رده ومنعه، وقال: "إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين" رواه أحمد

(15336) من حديث خبيب بن إساف -رضي الله عنه-، وفي إحدى غزواته - صلى الله عليه وسلم- جعل فكاك الأسير من المشركين أن يعلم الكتابة عشرة من المسلمين، انظر ما رواه أحمد (2217) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وهذه الأفعال تدل على أنها خاضعة للسياسة الشرعية، والمصلحة العامة للمسلمين، وما دام تعلمك العمليات الجراحية، أو مكافحة الجريمة لغرض شريف هو نفع المسلمين ودفع الأذى عنهم ففعلك جائز، ولو كان التدريب والتعليم من قبل الكفار المستعمرين. والله أعلم.

حرب المقاومة في الأماكن العامة

حرب المقاومة في الأماكن العامة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 29/10/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: ما حكم الألغام التي تزرع في الشوارع العامة، بحجة احتمال مرور المحتلين من هذا الشارع، وبدلاً من أن يمروا يشاء الله ويمر إحدى الإخوة أو أحد العوائل فتنفجر فيهم وتودي بحياتهم؟ وقد تكررت كثيراً، وما حكم الذي يرمي قذيفة هاون أو قنبلة لعلها أن تصيب المحتلين الأمريكان، ثم تقع في سوق شعبي أو أناس آمنين في بيوتهم، أو يهاجم المحتلين الأمريكان في مكان عام فيؤدي مثلاً إلى مقتل جنديين وثلاثة من المارة العراقيين؟ فهل هذا الذي ذكرناه من الجهاد؟ وإذا كان لا، فما شروط الجهاد الحق؟ أجيبونا -بارك الله فيكم وفي علمكم-. الجواب هذا السؤال يتعلق بحرب العصابات داخل المدن، سواء كان العدو كافراً أو مسلماً باغياً أو مفسداً، وكانت حرب العصابات في الماضي القريب بدائية، تستخدم السلاح الأبيض والبندقية ونحوها، وفي مثل هذه الحالة يكاد الضرر يقتصر على الطرفين المتحاربين.

أما اليوم فقد تطورت وسائل وأساليب حروب المدن، فأصبحت يستخدم فيها الأسلحة المتطورة من أنواع القنابل والألغام المضادة للأفراد والدبابات والأسلاك المفخخة التي لا يقتصر ضررها على الطرفين المتحاربين، بل يتعدى حتماً وواقعاً إلى السكان الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ، وإذا كان الأمر كذلك، - والحكم الشرعي فرع عن تصوره- فإن زرع الألغام في الشوارع والسكك والطرقات التي يطرقها المسلمون وغيرهم ممن يأخذ حكمهم أمر لا يجوز؛ لأنه يلحق عنها ضرر متيقن بالأبرياء، بل ربما تكون الضحايا منهم نتيجة هذه الألغام أكثر منها في العدو، فلا يجوز شرعاً تقصُّد قتل المسلمين ومعصومي الدماء والأبرياء من أجل أمر مظنون، وهو احتمال أن تقتل هذه الألغام عدواً كافراً لو مر عليها، وهذا الفعل من الإثم والعدوان والسعي بالفساد في الأرض؛ لأنه قتل للنفس المعصومة، وإفساد لأموال الناس وممتلكاتهم، وحروثهم، وترويع للأنفس. وأخشى أن يدخل هذا الفعل في قتل العدوان، ولو حسنت نية صاحبه؛ لكونه يقصد في الأصل قتل العدو الأمريكي المحتل للعراق، ولا يدخل هذا الفعل (زرع الألغام في الشوارع العامة) ، في حكم (التترس) المعروف عند العلماء، والله يقول: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جنهم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً" [النساء:93] ، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" أخرجه البخاري (67، 1739) ، ومسلم (1218، 1679) . وفق الله الجميع إلى كل خير، وجنبنا الشر والأذى، آمين.

حكم المشاركة في الحرب العراقية

حكم المشاركة في الحرب العراقية المجيب د. حاكم عبيسان المطيري عضو هيئة التدريس بكلية الشريعةوالدراسات الإسلامية بجامعة الكويت الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 17/1/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: د. حاكم المطيري (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت) وفقه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وبعد.. فقد صدرت -مؤخراً- فتوى بجواز المشاركة في الحرب على العراق، وأن ذلك من الجهاد في سبيل الله، بدعوى أن العراق فئة باغية، وأن الحرب هي على الحزب الحاكم؛ لا على العراق وشعبه، وبدعوى أن إعانة أمريكا جائزة قياساً على الاستعانة بها سنة 1990م وأن من يرفض المشاركة فيها مغرر به وجاهل بأحكام الشريعة ... إلخ والسؤال هو ما مدى صحة هذه الفتوى شرعاً؟ وما حكم المشاركة في هذه الحرب؟ علماًَ أن الموقف الحكومي الرسمي هو أن الكويت ليست طرفاً في هذه الحرب، ولن تشارك فيها، وأنها ملتزمة بقرار الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي الرافض للحرب؛ إلا أنها لا تستطيع المنع من استخدام أراضيها، وأن قواتها وقوات درع الجزيرة إنما هي للدفاع عن نفسها، أفتونا مأجورين مع التفصيل فقد أشكل علينا الأمر. مقدمه: مجموعة من طلبة كلية الشريعة والدارسات الإسلامية بجامعة الكويت الجواب هذه الفتوى المذكورة ظاهرة البطلان، ومصادمة للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية والإجماع المعلوم من الدين بالضرورة القطعية، ومخالفة للقواعد الشرعية، والأصول المرجعية للفتوى، وذلك من وجوه:

الأول: إن إعانة غير المسلمين في حربهم على المسلمين يحرم بالإجماع القطعي؛ لقوله تعالى في شأن مناصرة غير المسلمين "بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم" قال ابن حزم في المحلى (10/138) (هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين) واحتج القرطبي في تفسيره (60/717) بهذه الآية على ردة من أعانهم، وقد عدها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من نواقض الإسلام كما في الدرر السنية (10/92) ونقل الشيخ ابن باز الإجماع على ذلك فقال في الفتاوى (15/774) :" أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين، وساعدهم بأي نوع من أنواع المساعدة فهو كافر مثلهم"، واحتج بهذه الآية. الثاني: إن قياس إعانتهم في حربهم للمسلمين على الاستعانة بهم قياس فاسد الاعتبار؛ إذ هو قياس قضية إجماعية وردت فيها نصوص قطعية على قضية خلافية بين الفقهاء، تعارضت فيها الأدلة وهو قضية الاستعانة بهم لدفع عدو مشترك أو لدفع عدوان مسلم ظالم صائل على المسلمين. الثالث: أن الاستعانة بهم سنة 1990 جازت للضرورة ردا على العدوان، وتقدّر الضرورة بقدرها فلا يقاس عليها إعانتهم في عدوانهم على العراق لقوله تعالى: "ولا تعتدوا" وقوله: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" وقوله - صلى الله عليه وسلم- "ولا تخن من خانك". الرابع: إنه لا يُعرف في تاريخ المسلمين كله، ولا في علمائهم من أفتى بجواز إعانتهم على المسلمين، وليس لهؤلاء الذين يجيزون إعانتهم سلف؛ اللهم إلا ما كان عن نصير الطوسي الذي شجع التتار على دخول بغداد سنة 656هـ بدعوى رفع الظلم عن أهلها فقتل التتار مليوني مسلم!!

الخامس: إن الفصل بين النظام الحاكم في العراق وشعبه، والقول بأن العدوان هو على الحزب لا على العراق وشعبه، تضليل واضح. إذ لا يمكن فك الارتباط بين الشعب والدولة والنظام، لا واقعياً، ولا سياسياً، ولا قانونياً، فأي عدوان خارجي على حكومة دولة ما هو عدوان بالضرورة على شعبها وأرضه، وهذا ما لا خلاف فيه بين دول العالم، ولهذا لا يفرق ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي في حكم العدوان الخارجي على الدول بين العدوان على الأنظمة والعدوان على الشعوب والأوطان، لاستحالة الفصل واقعياً، إذ الحرب لا تقتصر عند وقوعها على النظام فقط؛ بل تشمل الأرض والشعب ويقع الضرر والدمار عليهما قبل أن يقع على النظام، فمن أجاز الاعتداء الأمريكي على العراق فقد أجاز ضرورةً الاعتداء على الشعب العراقي المسلم، الذي سيضطر أن يدافع عن أرضه ونفسه وماله، وعرضه، وإن لم يدافع عن النظام كما أنه لن يكون في مأمن من القصف والتدمير حتى وإن لم يقاتل، وقد لا يكون النظام البديل أحسن حالاً من الأول كما حصل في أفغانستان، ولا يمكن إباحة تدمير بلد مسلم وتدمير شعبه في حرب كارثية، وباستخدام الأسلحة بدعوى أن نظامه غير إسلامي. السادس: إن علماء الأمة منذ سقوط الخلافة إلى اليوم وهم يعيشون في دول أكثر حكوماتها غير إسلامية ومع ذلك لم يختلفوا على وجوب دفع عدوان الاستعمار عن بلاد المسلمين، وتحريم التعاون معه بصرف النظر عن الحكومات وشرعيتها مراعاة للمصالح الكلية للأمة الإسلامية كما جاء في فتوى العلامة المحدث القاضي (أحمد شاكر) في رسالته (كلمة حق ص126) في حكم التعاون مع الإنجليز والفرنسيين في عدوانهم على مصر وبلدان المسلمين حيث قال: (أما التعاون بأي نوع من التعاون قل أو كثر فهو الردة الجامحة والكفر الصراح لا يقبل فيه اعتذار ولا ينفع معه تأول سواء كان من أفراد أو جماعات أو حكومات أو زعماء كلهم في الكفر سواء، إلا من جهل وأخطأ، ثم استدرك فتاب) .

ومعلوم حال أكثر الحكومات في عصر الشيخ أحمد شاكر وأنها لم تكن إسلامية إلا بالاسم كما هو حال الحكومة المصرية إبان العدوان الثلاثي على مصر الذي أجمع العلماء آنذاك على ضرورة صده عن مصر وشعبها، بقطع النظر عن طبيعة النظام الحاكم. السابع: إن قاعدة سد الذرائع تقضي بضرورة رفض مثل هذه الحرب وتحريم المشاركة فيها على فرض أنها جائزة في الأصل إذ تبريرها يقضي إلى فتح الباب على مصراعيه أمام عودة الاستعمار الغربي من جديد وتدخل دولة في شؤون العالم الإسلامي تارة بدعوى الحيلولة دون انتشار الأسلحة المحظورة، وتارة بدعوى حماية حقوق الإنسان، وتارة بدعوى تغيير الأنظمة الدكتاتورية، وإقامة أنظمة ديمقراطية عميلة، وتارة بدعوى مكافحة الإرهاب وما من دولة عربية وإسلامية إلا ويمكن توجيه كل هذه الاتهامات إليها أو بعضها ليصبح العالم العربي والإسلامي مسرحاً للحروب الاستعمارية من جديد. الثامن: إن قاعدة دفع المفاسد ودفع الضرر الأكبر بالأصغر تقضي بوجوب رفض هذه الحرب -على فرض جوازها في الأصل- إذ لا سبيل إلى مقارنة الضرر الحالي الواقع على الشعب العراقي بالضرر الذي سيقع عليه بعد شن الحرب التي قد تقضي إلى دمار شامل يذهب ضحيته آلاف الأبرياء في الداخل من الأطفال والشيوخ والنساء، وقد يؤدي إلى تخلف العراق عقود من الزمن وقد لا يسقط بعدها النظام، وقد لا يكون النظام البديل أحسن حالاً أو لا تقوم حكومة قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار كما حدث في أفغانستان ويحصل فيها الآن مع أن من حق الشعب العراقي شرعاً وجميع الشعوب الإسلامية تغيير مثل هذه الأنظمة الاستبدادية ولو بالقوة إذا استطاعت.

التاسع: إنه على فرض عدم وجود نصوص تحرم الإعانة على هذه الحرب والمشاركة فيها، فإن السياسة الشرعية تقضي برفضها، إذ أن دول العالم التي وقفت مع الكويت ضد العدوان العراقي التزاماً منها بالميثاق الدولي الذي يمنع الاعتداء بين الدول هي التي ترفض اليوم الاعتداء على العراق التزاماً بنفس الميثاق. فالسياسة الشرعية تقتضي منا الالتزام بهذا الموقف وكما لا يقبل العالم ادعاء العراق بأن عدوانه كان بقصد تغيير الحكم في الكويت لا لاحتلالها بحجة أن هذا تدخل في الشؤون الداخلية لدولة الكويت، وهو خرق للميثاق الدولي. كذلك لم يقبل العالم ادعاء أمريكا وتبرير عدوانها على العراق، وقد صرح الأمين العام للأمم المتحدة بعدم قانونية هذه الحرب، ومن الخطأ الفادح والعطل في الرأي تأييد مثل هذا العدوان وترسيخ عدوان الدول الكبيرة على الدول الصغيرة، حتى لو لم تكن دولاً إسلامية، وقد قال تعالى: "ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" فالظلم محرم مطلقاً مع المسلم وغير المسلم والصديق والعدو، والعدل واجب مطلقاً مع المسلم وغير المسلم ومع الصديق والعدو فلا يمكن قبول العدوان على بلد أو ظلمه لأنه عدو لنا.

العاشر: إن أحكام الفئة الباغية خاصة في القتال بين طائفتين من المسلمين فيجب على المسلمين قتال الطائفة الباغية منهما حتى تفيء إلى أمر الله أما الحرب التي تشنها أمريكا على العراق، فهو قتال بين دول مسيحية وبلد إسلامي محاصر، فإن لم يكن شعب العراق هو الطرف المسلم الذي يجب نصره، وإلا فليس هناك من يجوز إعانته في هذه الحرب، ولا يمكن تنزيل أحكام الفئة الباغية على مثل هذه الدول غير الإسلامية، وقد أجمعت الدول العربية والإسلامية على رفض الحرب على العراق، كما صرحت الكويت أنها ليست طرفاً فيها ولن تشارك في عملياتها، فلا يمكن، والحال هذه إدعاء مشروعيتها وعدها جهاداً في سبيل الله بدعوى أنها من أجل الدفاع عن الكويت، ومن باب دفع الفئة الباغية إذ العالم كله يعلم أن سببها الظاهر نزع أسلحة العراق لا من أجل أن يفيء العراق إلى أمر الله كما جاء في الفتوى المذكورة. وأخطر من ذلك الإدعاء بأن إعانة أمريكا في هذه الحرب هي من باب الجهاد في سبيل الله، وهذا من القول على الله بلا علم ومن محادّة الله ورسوله، ومضادة حكمهما ووصف ما أجمع المسلمون على أنه ردة وكفر بأنه جهاد وطاعة هو استحلال لما حرم الله ورسوله بالنصوص القطعية. وهذا كله على فرض أن الهدف من الحرب هو إسقاط النظام العراقي فقط، فكيف إذا كان لها أهداف أشد خطراً وأبعد أثراً على العالم الإسلامي كله كما صرح بذلك المسؤولون الأمريكيون أنفسهم كما جاء في إعلان الرئيس الأمريكي بأن الحرب ستكون صليبية وهو ما أكدته الوقائع والأيام كما في أفغانستان بالأمس، والعراق اليوم، وغداً إيران وسوريا والمملكة إلخ.. وهو ما اعترف به وزير الخارجية الأمريكي الذي أعلن أنه سيتم إعادة تغيير خريطة المنطقة بشكل جذري بما يضمن أمن إسرائيل وتفوقها العسكري ويؤمن لأمريكا السيطرة على المنطقة.

فكل ما سبق ذكره كان في بيان عدم صحة تلك الفتوى وبطلانها، وأما من رفضوا المشاركة في الحرب على العراق فهم مأجورون إذ يحرم على المسلم أن يشارك في عمل محرم وليس له أن يطيع أحداً في معصية الله ورسوله كما في الحديث الصحيح (إنما الطاعة بالمعروف) ، و (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) ، فحصر الشارع الطاعة فقط بالمعروف، فلا طاعة في أمر منكر ولا فيما فيه شبهة، كما في الحديث الصحيح (من ترك الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام) ، وقد امتنع أكثر الصحابة من القتال مع الخليفة الراشد علي بن أبي طالب لأنه قتال شبهة، والفتنة بين المسلمين فاعتزلوه ولم يروا له عليهم طاعة مع بيعتهم له لما علموه من أن الطاعة إنما هي بالمعروف ولهذا عذرهم، ثم غبطهم على ذلك بعد ذلك وقد قال تعالى: "وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" ولا شك بأن الحرب التي تشنها أمريكا على العراق ليست من البر والتقوى بل هي من الإثم والعدوان باعتراف العالم ومنظماته الدولية وعلى أحسن أحوالها فهي من الفتن والشبه التي يجب الكف عنها، وعدم الخوض فيها فقد جاء في الحديث الصحيح "لا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً"، وجاء أيضاً: "اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق"، ومعلوم أن هذه الحرب سيذهب ضحيتها آلاف الأبرياء من المسلمين الضعفاء في العراق كما جرى في أفغانستان وسيبوء بإثمهم كل من شارك فيها أو حث عليها ولو بكلمة كما في الحديث "من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة فقد يئس من رحمة الله" فكيف بمن يشارك في حرب عدوانية قد يذهب فيها العراق كله؟! فيحرم المشاركة فيها بأي نوع من أنواع الإعانة في العدوان على الشعب العراقي المسلم كما قال ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى: "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء"، قال:

(المعنى لا تتخذوهم أنصاراً توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر إلا أن تتقوا منهم تقاة بأن تكونوا في سلطانهم لتخالفوهم على أنفسكم فتظهرون لهم الولاية بألسنتكم وتضمروا لهم العداوة ولا تعينوهم على مسلم بفعل) ، وأما المشاركة في قوات درع الجزيرة لحماية أمن دولة الكويت من أي عدوان قد يقع عليها أثناء هذه الحرب جائزة شرعاً وكذا المشاركة في لجان الإغاثة لإنقاذ اللاجئين من الشعب العراقي والله تعالى أعلم وأحكم - وصلى الله على نبينا محمد، وآله وسلم-.

الجهاد والدعوة

الجهاد والدعوة المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 16/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: سؤالي عن موضوع علاقة الجهاد والقتال في سبيل الله بالدعوة؟ والبساطة فقد سمعت بحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول فيه: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن فعلوا فقد عصموا مني دماءهم ... " إلى آخر الحديث أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - فهل هناك تعارض بين ما جاء في الحديث وبين قول الحق تبارك وتعالى: "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"، أرجو الإفادة لأن هناك من أعداء المسلمين من يتشدق بأن الدعوة إلى الإسلام تكون بالسيف، لا أن السيف يلجأ إليه فقط إذا ما استعمله العدو أولا في إيذاء الدعاة، شكراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أخي الكريم: أجيب على سؤالك هذا في نقاط، وأسأل الله أن يلهمني الصواب، وما توفيقي إلا بالله. أولاً: الجهاد شعيرة من شعائر الإسلام وأحد مبانيه العظام، واعتقاد أن الإسلام حق يقتضي منا أن لا نخجل أو نستكين إذا عورضت بعض شعائره وشرائعه من مخالف كائناً ما كان ذلك المخالف، وإذا كانت الأمة تمر بمرحلة ضعف وتبعية فإن هذا لا يعني أن نخضع ثوابت ديننا للتغيير ونتخلى عن الإيمان بها.

ثانياً: من المتقرر في شريعتنا أنه لا إكراه في الدين، وشواهد هذا قائمة على مدى التاريخ الإسلامي، فقد عاش في حمى الإسلام طوائف من اليهود والنصارى، وجاوروا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكرهوا على تغيير دينهم. ثالثاً: من أراد أن ينتمي إلى الإسلام فعليه أن يعرف قبل انتمائه أنه سيكلف بتكاليف، ويلتزم بحكم هذا العهد والعقد بأمور إذا خالفها عرض نفسه للعقاب، وهذا من الأمور المسلمة حتى في الاتفاقات والأنظمة المعقودة بين الناس، في أمور الدنيا ولا ينكر ذلك إلا مكابر أو معاند، فلو أن شخصاً طلب منحه الجنسية من دولة ما من الدول؛ ومنحها فإنه بقدر ما يحظى بمزايا تلك الجنسية لابد وأن يتحمل تبعات ويلتزم بقوانين تلك الدولة، ومن خالف عوقب، ولا يقال بأن له مطلق العنان والحرية في أن يفعل ما يشاء. رابعاً: مفهوم الجهاد أوسع من مفهوم القتال، ونحن لم نؤمر أن نبدأ الناس في جهادنا معهم بالقتال، بل هناك أمور ومراحل تؤخذ تباعاً ولا يلجأ إلى القتال إلا عند الحاجة إلى ذلك. خامساً: هناك قيد مهم جداً في الجهاد ينبغي أن لا يغفل ألا وهو: أن يكون جهاداً في سبيل الله، فمتى خرج عن هذا القيد لم يكن جهاداً يؤجر عليه طالبه. سادساً: من المسلم أن القوانين البشرية التي تحكم أحوال الناس اليوم تحول - دون شك - بين الناس وبين رسالة الإسلام في صفائها ونقائها، ومهما زعموا من دعوى حرية الرأي، وحقوق الإنسان، فإن الواقع يشهد بأن تلك القوانين تحول بين الناس وبين معرفة الإسلام على حقيقته، ولو ترك الناس والإسلام لدخلوا في دين الله أفواجاً. سابعاً: ليعلم أن الجهاد نوعان: (1) جهاد دفاع عن النفس والمال ونحوهما مما ورد، وهذا لا يحتاج فيه إلى إذن إمام، وعلى كل من لزمه فعله.

(2) جهاد الطلب الذي يتضمن الذهاب إلى العدو لقتاله، فهذا لا يوكل إلى كل أحد أن يفعله كيفما اتفق، بل لابد له من ضوابط، واستعداد وإذن الإمام وغير ذلك من الشروط التي لابد من توافرها، وهذا النوع من الجهاد يغفل عن معرفة أحكامه كثير من المتحمسين للعمل الإسلامي ولابد للمنصف أن يراجع أحكام هذا النوع من الجهاد في مظانه من كتب العلم، ويتلقى الفتوى فيه عن العلماء المتفقهين في أحكامه، ومن لم يفعل ذلك جنى بفعله على الإسلام وأهله ما لا تحمد عقباه، والله المستعان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

واجبنا تجاه الاعتداء على العراق

واجبنا تجاه الاعتداء على العراق المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 14/1/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم تعلمون حفظكم الله، الخطر المحدق بإخواننا المسلمين في العراق، حيث تحزبت أحزاب الصليب، وتجمعت قوى الكفر، مستهدفة إخواننا في العراق تحت ذرائع مختلفة، يساندها في ذلك أولياؤهم من المنافقين، فما واجبنا تجاه إخواننا المسلمين في العراق؟ وفقكم الله لكل خير ونفع بكم المسلمين. الجواب عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد.. فإن الواجب أولاً: على المسلمين تصحيح الإسلام، وتحقيق ما يدينون به من التوحيد والإخلاص لربهم - سبحانه وتعالى-، والابتعاد عن الكفر، والشرك، والبدع، والمعاصي، والمحرمات، حتى ينصرهم - الله تعالى- ويخذل من عاداهم، قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ" [الحج:38] . وثانياً: عليهم أن يطلبوا النصر من الله، وينصروا دينه، وكتابه، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم-، حتى يتحقق لهم النصر الذي وعدهم به ربهم في قوله: "إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" [محمد: من الآية7] ، وقوله: "وَمَا النَّصْرُ إلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ" [آل عمران: من الآية126] ، وقوله: "وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ" [محمد: من الآية35] ، وقوله: "وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [آل عمران: من الآية139] ، وقوله تعالى: "إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ" [غافر:51] .

وثالثاً: العلم بأن الذنوب سبب الخذلان، ولتسليط الأعداء على المؤمنين، كما قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ" [الشورى: من الآية30] ، وقال تعالى: "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ" [آل عمران: من الآية165] ، وفي الحديث القدسي: "إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني"، وفي الحديث قال - صلى الله عليه وسلم- إذا خفيت المعصية لم تضر إلا صاحبها، وإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة". ونقول رابعاً: لا شك أن الكفار بعضهم أولياء بعض، وأنهم يتكالبون على المسلمين ويحاولون القضاء على الإسلام، الذي ظهر أهله الأولون واستولوا على أغلب بقاع الأرض، فيجب على المسلمين في كل البلاد الإسلامية، أن يقوموا لله مثنى، وفرادى، وأن يصدوا بقدر استطاعتهم هؤلاء الكفار، ومن ساندهم من المنافقين حتى تنقطع أطماعهم ويرجعوا على أدبارهم، ولا يجوز لمسلم أن يقوم معهم على المسلمين، ولا يمكنهم من الاحتلال والتملك لبقعة من بلاد الإسلام، فقد نفاهم الخلفاء الراشدون عن بلاد الإسلام، ولم يتركوا لهم فيها مغز قنطار، فمن مكنهم أو شجعهم أو أعانهم على حرب المسلمين أو احتلال بلاد المسلمين، كالعراق، أو غيرها فقد أعان على هدم الإسلام وتقريب الكفار، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، والله أعلم، - وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم-.

أولويات مرحلة الحرب

أولويات مرحلة الحرب المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 21/1/1424هـ السؤال في وسط ضجيج الحرب، والاجتهادات المتنوعة أرجو من المشايخ التكرم بشرح أولويات المرحلة القادمة. الجواب لا ريب أن الأمة تعيش هذه الأيام، واحدة من أعظم نوازل العصر، فالحرب الصليبية الظالمة قد استعرت نيرانها فوق أرض الرافَديْن، معلنة عن بدء فصل جديد من فصول الاحتلال، والقهر، والتسلط المزمن الذي ما زالت مسرحيته الدامية تعرض أمام العالم (الحر!!) على الهواء مباشرة! وشعوبنا الإسلامية مقسومة أبداً إلى قسمين اثنين: (1) قسم فرض عليه دوماً أن يلعب دور الفريسة الممزقة الأوصال، النازفة الجراح. (2) وقسم قابع على مدرجات المسرح إياه، ينظر إلى قسيمه، ونصفه الثاني وهو يكتوي بسياط الجلاد الحارقة دون أن يحرك ساكناً، أو يسكن متحركاً، فقد أوصدت في وجهه الأبواب حتى باب القنوت!!. وهنا يتساءل كلُّ دام القلب على أمته المعذبة، ما المخرج من هذا النفق المظلم، وما الواجب فعله؟! هل نكتفي بالندب والشجب؟ وهل يرضينا لعن الكافر وسب الفاجر؟ أم لا بد من صنع شيء ما، أكثر إيجابياً، وأمضى أثراً؟ إنَّ حرب الخليج الثالثة هذه أثبتت أننا لم نستفد من الحربين السابقتين، أو إحداهما!! فالحرب الثانية على سبيل المثال أظهرت نتائج مريرة، وأبانت أوجاعاً كثيرة منتشرة في جسد الأمة، لكننا لم نصنع شيئاً يُذكر لمعالجتها أو التخفيف من آلامها. فالضعف العسكري، والاقتصاد المهزوز، والانفلات الأخلاقي، والإغراق في الشهوات، وحياة الدعة والترف كانت سمات بارزة وملامح واضحة في جبين أمتنا المترامية الأطراف.

وكان من المفترض المبادرة إلى تصحيح الأخطاء، واستكمال النواقص واستدراك الفوائت درءاً لفتنة وكارثة جديدة تهيجها جحافل الصليب الماكرة أو غيرها. بيد أن إيثار حياة الدعة والخمول، وإبقاء الأوضاع كما هي ثقة بوعود المستعمر الغاشم، واتكاءً على مواثيق الأمم المتحدة التي تصدعت أركانها هذه الأيام هو الذي أوصل الأمة إلى ظروف أشد مرارة من ظروف الحرب الثانية. لذا فإن أي مشروع لتحديد أولويات العمل المستقبلي لا ينبغي أن ينطلق دون قراءة متأنية لكل الأسباب والظروف التي ساهمت في صنع واقعنا الكئيب، وجعلتنا دائماً ضحايا مثاليين لكل باغٍ وعادٍ وظالم! فالضعف العسكري -مثلاً- هو الذي أغرى العدو، وأسال لعابه ليغزو المسلمين في عقر دورهم. فما أسباب هذا الضعف وما علاجه؟ إنَّ ذلك أمر يطول سرده، لكن لا بد من بحثه إن كنا جادين في إنقاذ أمتنا من براثن أعدائها. كما أن الضعف الاقتصادي والإسفاف الأخلاقي وغير ذلك كلها أمور يجب أن يتنادى من أجلها المصلحون، ويأتمر لها الباحثون الجادون سعياً وراء إيجاد حلول واقعية، وعملية لمصلحة الأمة ورفعتها. ولذا يمكن تلخيص أهم المهمات في سُلّم أولويات المرحلة القادمة بما يلي: (1) العودة الصادقة إلى الله تعالى على مستوى الدول والشعوب، فقد جُرّبت جميع المذاهب والمناهج الأرضية فلم يفلح شيء منه في تحقيق إنجاز يذكر سواء في المجال العسكري، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، ويمكن أن تتحقق العودة إلى الله بإسهام الدول والشعوب والعلماء والدعاة في نشر الوعي الديني وبعث السُّنة المحمدية، وتخليص الدين مما علق به من الخرافة والبدعة. (2) تحقيق مبدأ الولاء والبراء تقعيداً وتأصيلاً، وعملاً وتفعيلاً، فيحدد العدو بوضوح، وتُبين حدود المعاملة مع الكافر والمنافق دون مزايدة أو تلبيس، ويُعرّف المسلم العادي وغيره ما يجب أن يعتقده تجاه مخالفيه في الديانة، والحدود الشرعية والأدبية تجاههم.

(3) إحياء فريضة الجهاد بوصفها ذروة سنام الإسلام، وسبب رئيس لرفع الذلة والصغار عن الأمة، وبناء هاجس الرهبة في قلوب الأعداء لوأد كل مخطط ماكر لغزو ديار الإسلام. وإننا لو تأملنا قوله تعالى:"ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا" لأدركنا حتمية الجهاد، وضرورة إعداد العدة لمواجهة هذه الحقيقة الأبدية، وذلك القدر المحتوم. إنَّ من الضروري المُسلّم أننا -نحن المسلمين- مبغضون من كل كافر ومنافق وشاخص مثالي لكل من سهامهم الحاقدة الشائنة. فمن الخطأ الفادح أن نتغافل عن هذه الحقيقة إيثاراً لحياة الدعة، والترف والخمول، وأعداؤنا لن يجاملونا أو يتركونا نهنأ في عيش مهما أظهرنا لهم حسن النوايا أو المهادنة والتسامح. إنَّ السبيل الأقوم، واللغة الوحيدة التي لا تحتاج إلى ترجمة هي لغة (القوة والردع) . أما الحوار والتفاهم، ودبلوماسية المصالح المشتركة، أو العلاقات التاريخية فقد أثبتت الأيام أنها قابلة للذوبان السريع متى تولّى زمام الأمور أمثال بوش وزمرته العسكرية المتدثرة بلباس مدني كديك تشيني وكولن باول!. (4) صياغة البرامج السياسية، والاقتصادية، والتربوية الفاعلة المرتكزة على شريعة الإسلام والكفيلة بتحقيق مصالح الأمة في هذه المجالات المهمة، ووأد كافة الخيارات المخالفة لأحكام الدين الحنيف. (5) الاهتمام بشؤون المرأة والطفل على وجه الخصوص، وصياغة السياسات والبرامج الكفيلة بصيانتها من الطرح العابث، والمساومة الفكرية والأخلاقيات الهدامة. (6) إيلاء الجبهة الداخلية مزيداً من الاهتمام سيما أوقات الحروب والأزمات، وضمان سلامتها من الاختراق الماكر على أيدي المنافقين المهزومين! والله المسؤول أن يلطف بأمتنا ويأخذ بيدها لما فيه صلاحها وعزتها.

حكم قتال العراقيين للأمريكان

حكم قتال العراقيين للأمريكان المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 28/1/1424هـ السؤال ما حكم قتال العراقيين للكفرة الغزاة؟ وهل يشترط في كون الجهاد شرعياً أن يكون تحت راية إسلامية؟ أو أن يأذن فيه الحاكم؟ نرجو التفصيل في القول، وجزاكم الله خيرا. الجواب من المعلوم أن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة وهو نوعان:

جهاد طلب وجهاد دفع، فجهاد الطلب أن يغزو المسلمون بلاد الكفار، لتبليغهم الإسلام ودعوتهم إليه فمن دخل فيه بنعمة الله دخل، ومن امتنع عن الدخول عرض عليه أن يدفع الجزية إن كان من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) وله ما لنا وعليه ما علينا والجزية إنما شرعت في مثل هذه الحال مقابل حمايته وحقن دمه. هذا كله إذا كانت الدولة المسلمة قوية مهابة الجانب قادرة على مثل هذا الجهاد، وهو الذي يسمى بجهاد الطلب، أما إذا كانت الأمة الإسلامية ضعيفة أمام العدو فيلزمها الصبر والمصابرة وعدم التعرض والمساكنة للعدو والكافر المتغلب، وقد اختفى الجهاد الطلبي في - سبيل الله- منذ زمن طويل لتخلف المسلمين وتفوق عدوهم عليهم في وسائل الإعداد وفي العُدد، ولم يبق أمام المسلمين في مقاتلة الأعداء غير جهاد الدفع والمدافعة إذا اعتدي عليهم، وهذا النوع من الجهاد لا يشترط له ما يشترط للنوع الآخر، - جهاد الطلب- فإذا دهم العدو بلداً من بلاد المسلمين وجب على أهل تلك البلاد المغزوة -وجوباً عينياً عن كل مكلف رجلاً كان أو امرأة- مقاتلة الكفار المعتدين كل بحسبه، ولا يشترط حينئذ إذن الوالي (الحاكم) أو الوالدين أو الزوج، بل يخرج الجميع حاملين السلاح في وجه العدو، وإن لم يأذن الأولياء في ذلك، وأيضاً جهاد الدفع لا يشترط فيه اتحاد الراية بأن تكون إسلامية، بل لو قاتلوا تحت راية حزبية كقومية أو بعثية جاز لهم ذلك، وإن أمكن أن يتحد المسلمون العراقيون تحت راية إسلامية واحدة، وينسقوا مع الرايات الحزبية الأخرى في الميدان لكان حسناً، وإن لم يكن فلا شيء عليهم إن شاء الله، وسيبعثون على نياتهم كما جاء في الحديث. انظر البخاري (2118) ، ومسلم (2884) ، ولعله من الواضح البين أن الأحزاب الإلحادية التي تحكم بعض الدول كالعراق مثلاً تهتم بتكثير سواد العضوية للحزب أكثر من اهتمامها بتطبيق مواد دستور الحزب، والداخلون في الحزب ليسوا كلهم كفاراً، ولا ملحدين، إذ

الدافع لعدد من الناس أن يدخلوا في الحزب، لا رغبة فيه وإنما لطلب العيش والارتزاق وتسهيل مهماتهم الحياتية والوظيفية والتي احتكرت كلها، أو معظمها لمن ينتسب إلى الحزب لا غير، وعلى هذا لا ينبغي أن يعمم الكفر على جميع أعضاء حزب البعث والصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يشترط إذن الإمام الحاكم في الجهاد في - سبيل الله- عامة وفي جهاد الدفع خاصة لمن دهم الكفار بلاده؛ لقوله تعالى: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" [الحج:40] ، وذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن أحد أئمة الدعوة في نجد، في رده على من اشترط وجود الإمام أو إذنه للجهاد في سبيل الله فقال: بأي كتاب أم بأية حجة أن الجهاد لا يجب إلا مع إمام متبع هذا من الفرية في الدين والعدول عن سبيل المؤمنين. والأدلة على إبطال هذا القول أشهر من أن تذكر ... ولا يكون الإمام إماماً إلا بالجهاد، لا أنه لا يكون جهاداً إلا بالإمام، وقصة أبي بصير لا تكاد تخفى على البليد لما جاء مهاجراًُ فطلبت قريش من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يرده إليهم بالشرط الذي كان بينهم في - صلح الحديبية- فانفلت منهم حين قتل المشركين اللذين أتيا في طلبه، ورجع إلى الساحل واستقل بحرب قريش يتعرض لقافلتهم إذا أقبلت من الشام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: لما سمع خبره "ويل أمه مسعر حرب لو كان معه غيره" البخاري (2734) .

وانضم معه بعض المسلمين الذين خرجوا من مكة ولم يصلوا إلى المدينة مخافة أن يردهم كما رد أبا بصير، فهل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أخطأتم في قتال قريش لأنكم لستم مع إمام؟! - سبحان الله - ما أعظم مضرة الجهل على أهله ... وإذا كان هناك طائفة مجتمعة لها منعة وجب عليها أن تجاهد في - سبيل الله - بما تقدر عليه لا يسقط عنها فرضه بحال ولا عند جميع الطوائف. الدرر السنية 5/97-99. والواجب المتعين على جميع العراقيين داخل العراق أو خارجه محاربة العدو الأمريكي وحلفائه كل حسب استطاعته؛ تحقيقاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-"قاتلوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم" النسائي (3096) ، وأبو داود (2504) ، وأحمد (12246) ، وعليهم بالصبر والمصابرة والاجتماع وتوحيد الصف والحذر كل الحذر من الخلاف والنزاع في جبهات القتال "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" [الأنفال: 46] ، وعلى المسلمين عامة أن يناصروا إخوانهم المسلمين في العراق، فيرفعوا من معنوياتهم ولا يخذلوهم في ساعات هم أحوج ما يكونون إليها، ولا أقل من أن يناصروهم في الدعاء بالقنوت في الصلوات لعل الله أن ينصرهم ويرد كيد الأعداء في نحورهم آمين.

العمل في منظمة الصليب الأحمر

العمل في منظمة الصليب الأحمر المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 13/3/1424هـ السؤال هل يجوز العمل في منظمة الصليب الأحمر الدولي كممرض؟ علماً أن هذه المنظمة تستعد للعمل الإنساني في العراق خلال الحرب، وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب المعلوم أن منظمة الصليب الأحمر الدولي منظمة إنسانية عالمية، تقوم بعلاج المرضى وتبادل الأسرى بين الدول دون النظر إلى دين ذلك المريض أو الأسير، مع أننا نعلم أن الهدف منها (المنظمة) هو التبشير بنشر النصرانية، وما دامت هذه المنظمة كغيرها من المنظمات الأخرى التي تشابهها تقدم خدماتها لعامة الناس دون النظر إلى جنسهم أو دينهم فإن العمل فيها يكتنفه أمران: أمر يبيح وآخر يمنع، ووجه الإباحة عموم نفعها، ووجه المنع أن من أهدافها التنصير، وإذا كان الأمر كذلك فينظر إلى أي الأمرين أكثر، والأظهر في خدمتها لا شك أن عدد المنتفعين منها أكثر بكثير ممن تنصر بسببها، فيصبح العمل في منظمة الصليب الأحمر الدولي جائز شرعاً، لحصول المنفعة الراجحة والملموسة، ولا ينظر إلى المنع؛ لأن ما علل به أمر مظنون أو قليل ينغمر في النفع الكثير، فيقدم القطعي (الإباحة) على الظني (المنع والتحريم) ، ودفع الظلم عن المظلومين، وتقديم الخير للناس عامة مطلوب شرعاً من كل مسلم، وعمل هذه المنظمة يغلب فيه الخير، فنحن المسلمين مطالبون بفعله، ومساعدة من يفعله، وكل أمر يحدث للناس لا يتبين فيه الدليل من القرآن أو السنة ينبغي أن ينظر إليه من وجهين: الأول: ماذا يقصد منه الفاعل عند فعله؟.

الثاني: ينظر إلى ما يؤول إليه الفعل، وذلك تطبيقاً لقاعدتين من القواعد الفقهية هما: (الأمور بمقاصدها) ، و (الأمور بمآلاتها) والواجب على المسلم عندما يعمل عملاً أو يقدم خدمة لأحد أن ينوي بفعله طلب الأجر والثواب من الله؛ للحديث المتفق عليه "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.." رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث عمر - رضي الله عنه-، ولحديث: "في كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌُ"رواه البخاري (2363) ، ومسلم (2244) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- ويقول الله وهو أصدق القائلين "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً" [المزمل: من الآية20] وأنصحك يا أخي أن تحسن نيتك، وأن تنصح لإخوانك وزملائك في العمل، وأن تدعو غير المسلمين منهم إلى الدخول في الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وتحبب إليهم الخير وعليك أن تفهم الفرق بين تولي الكافر وموالاته، فإن الأول فعل محرم، والثاني فعل جائز، فتولي الكفار والثناء على دينهم ومناصرتهم على المسلمين بقول أو فعل ونحو ذلك هذا كفر يخرج من الإسلام، نعوذ بالله من ذلك، أما الثاني وهو موالاة الكافر كمحادثته ومعاملته بلطف ولين طلبا لهدايته أو الثناء عليه بما فيه من أخلاق حميدة يقرها الإسلام كالصدق والأمانة وإتقان العمل والصنعة فإن هذا مما يحمد لك، وتجده عند الله، وعليك أن تستحضر دوماً وأبداً عند مخاطبتك ومعاملتك للكافر حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم: - "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم" رواه البخاري (2942) ، ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه-. وفقني الله وإياك إلى ما يحبه الله ويرضاه. آمين.

طريق الجماعات للتخلص من النظم المتسلطة

طريق الجماعات للتخلص من النظم المتسلطة المجيب أ. د. جعفر الشيخ إدريس رئيس الجامعة الإسلامية الأمريكية المفتوحة الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 2/5/1424هـ السؤال ما هو الطريق العملي للجماعات الإسلامية للتخلص من النظم المتسلطة عليهم: الجهاد المسلح أم العمل الدعوي والسياسي أم العمل التعليمي والتربوي بعيداً عن المصادمات مع الأنظمة الحاكمة. الجواب فإن الإنسان العاقل لا يقدم على عمل يعلم أنه لن يحقق الغرض المرجو منه، أو على عمل يكون الضرر الناتج عنه أكثر من الضرر الذي كان يرجى أن يزيله. سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تدلنا على أن مصادمة سلطة أنت تحتها لا تؤدي إلا إلى إحدى تلك النتائج غير المرغوب فيها. ولذلك فإن الله تعالى نهى المسلمين عن قتال الكفار عندما كانوا خاضعين لسيطرتهم بمكة، وقال لهم"كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة ... " [النساء: 77] ، وقد ذكر المفسرون أن من أسباب ذلك كونهم كانوا قليلي العدد ضعيفي العدة بالنسبة لعدوهم، فلما هاجروا وصارت لهم أرضهم، وازدادت قوتهم أذن لهم بالقتال ثم أمروا به. وقد دلت تجارب كثير من الجماعات الإسلامية في العصر الحديث على صحة هذا المنهج الرباني السني، فما أكثر الجماعات التي دخلت في حرب مع حكوماتها ثم لم تجن من ذلك إلا ازدياداً في الضرر والإفساد، واقرأ إن شئت ما كتبته الجماعة الإسلامية بمصر عن تجربتها في هذا الأمر، والعاقل من اتعظ بغيره.

حضور جنائز النصارى

حضور جنائز النصارى المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 7/2/1424هـ السؤال مات زميل لنا في العمل، وكان متقناً عمله، وأخلاقه جيدة، ولكنه نصراني فحضر بعض الزملاء الجنازة في الكنيسة، منهم من كان يقف كلما وقف الموجودون في الكنيسة، ومنهم من لم يشارك في أي شيء سوى أنه جلس معهم فقط، ما حكم الإسلام في حضور هذه الجنازة في الكنيسة، ودخول مقابرهم للمجاملة؟ وهل حضر الرسول جنائز لأهل الذمة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فالأصل في التعامل مع النصارى وغيرهم من الكفار قوله تعالى في سورة الممتحنة:"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين*إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون" [الممتحنة: 8-9] . وعليه فإذا كان أهل الزميل المذكور من القسم الأول فلا بأس من زيارتهم ودخول منازلهم وتعزيتهم في مصابهم والإحسان إليهم وحسن التعامل معهم، لكن يجب أن يكون ذلك كله مصحوباً بدعوتهم إلى الإسلام واستمالة قلوبهم إليه، مع بغض ما هم عليه من كفر وضلال. والميت النصراني -مهما كانت أخلاقه في العمل وحسن تعامله- لا تجوز الصلاة عليه ولا الدعاء له بالمغفرة، لا الصلاة الشرعية ولا صلاتهم هم البدعية على موتاهم، بل هذه من باب أولى سواء في كنائسهم أو في غيرها. وعليه فلا تجوز المشاركة في مواسم عباداتهم واحتفالاتهم في تشييع جنائزهم ولا في غيرها.

كما لا يجوز الوقوف صمتاً دقيقة واحدة أو أكثر أو أقل حداداً وتشريفاً لأرواح الموتى، لأن هذا من شعائر الكفار التي أمرنا بمخالفتهم، سواء كان ذلك مجاملة أو عادة أو تقليداً. فلا تجوز المجاملة في دين الله تعالى ولا الالتزام بالأعراف والتقاليد المخالفة لدين الله، ومع ذلك فإنه يجوز حمل جنازة الكافر والذهاب بها إلى المستشفى أو إلى مكان الدفن إذا لم يوجد من يقوم بذلك. أما دخول الكنائس فالأصل فيه المنع إلا لمصلحة شرعية، لما روى البيهقي بإسناد صحيح إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال:" ... ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم ومعابدهم فإن السخطة تنزل عليهم". ولا نعرف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من الخلفاء الراشدين أنه شيع جنازة أحد من أهل الذمة. بل قد ورد النهي الصريح للنبي -صلى الله عليه وسلم- من الله تعالى أن يقوم على قبر عبد الله بن أبي سلول فقال تعالى:"ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون" [التوبة: 84] ، كذلك لم يشهد النبي -صلى الله عليه وسلم- جنازة عمه أبي طالب مع قرابته ومناصرته له، وإنما قال لعلي -رضي الله عنه-:"اذهب فواره".

وما ورد عند النسائي (1921) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرت به جنازة فقام -عليه الصلاة والسلام- فقيل: إنها من أهل الأرض -يعني الذميين- وفي رواية إنها يهودية، فقال:"أليست نفساً" فقد اختلفت العلة في قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذه الجنازة فقد ورد في رواية جابر عند النسائي (1922) قال: قلت يا رسول الله، إنما هي جنازة يهودية، فقال:"إن للموت نزعاً" وفي رواية لأنس (1929) قال -صلى الله عليه وسلم-:"إنما قمنا للملائكة" وعلل الحسن البصري -رحمه الله- قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- لجنازة اليهودي بقوله: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في طريقها جالساً، فكره أن تعلو رأسه جنازة يهودي فقام. (سنن النسائي 1927) . علماً بأنه ذهب بعض أهل العلم كابن عباس - رضي الله عنهما- وغيره إلى نسخ القيام للجنازة مطلقاً، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعد يقوم بعد ذلك كما قاله ابن عباس -رضي الله عنهما-، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عقد صفقات مع الكفار المحاربين

عقد صفقات مع الكفار المحاربين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 5/7/1424هـ السؤال بالنسبة للقاعدة الأمريكية في قطر والمعدة لاستقبال أربعين ألف جندي، والتي تجهز حالياً بجميع الاحتياجات من مواد بناء وصيانة وتشغيل وتموين، وبالتالي توجد فرص تجارية كبيرة، وأرباح مغرية، وهم إذا لم يشتروا منا فسيشترون من غيرنا، والفرصة متاحة لجميع التجار، فهل يجوز الدخول في عقود البيع هذه؟ ونحن نعلم الغرض الذي من أجله أتى هؤلاء وأقاموا قاعدتهم، فهل يجوز للتاجر المسلم التعامل مع هؤلاء وجني الأرباح من الصفقات التي تعقد معهم؟ وما الحكم بالنسبة للشخص البائع؟ وما حكم الأموال المجنية من هذه الصفقات؟ الجواب

الدخول في عقود تجارية مع الحكومة الكافرة أو من يمثلها من شركات حرام لا يجوز إذا كان ما يقدم لهم يخدم القضية العسكرية مباشرة، كتشغيل أجهزة الكمبيوتر والمولدات الكهربائية، وتزويد الطائرات والآليات بالوقود، ونحو ذلك، لأن هذه الأعمال أكثر ما تستخدم لحرب المسلمين بقتلهم ونهب ثرواتهم وخيرات بلادهم، أما إذا كان ما يؤمن للعدو لا يستخدم في حرب المسلمين عادة كتأمين الطعام والشراب أو الملابس ونحوها مما لا يلحق المسلمين منه ضرر فلا بأس بالتعاقد مع الكفار عليه، لأن الأصل في مبايعة الكفار فيما لا ضرر منه الجواز، والأولى والأتقى اجتناب مثل هذا، للابتعاد عما فيه شبهة، لحديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -: "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ... " رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599) ، وقد نص العلماء على منع وتحريم بيع السلاح إلى العدو زمن الفتنة، وكل ما يعمل بالمسلمين عمل السلاح محرم بيعه للعدو في مثل هذه الحال، وإذا حرم البيع حرم ما ينتج عنه من ربح، والله أعلم.

أتهرب من دفع الضريبة

أتهرب من دفع الضريبة المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 2/11/1422 السؤال هل يجوز التهرب من دفع الضريبة المفروضة علينا هنا في أمريكا؛ لأن جزء منها يذهب إلى دعم اليهود، قد لا يستطيع الشخص التهرب منها كلها، ولكن جزء منها، أليس المسلمون أولى بها من دفعها لليهود؟ ثم إن أجزاء من هذه الأموال تصرف هنا بما يخالف الإسلام. الجواب أرى لك أن لا تتهرب من دفع الضرائب ولو كانت لدولة كافرة؛ خشية أن يسيء ذلك إلى غيرك من إخوانك المسلمين، وتشدد عليهم المعاملة فيما بعد، بل تحتسب، والله يعوضك ويخلف عليك.

توحيد الصف بين الطوائف الإسلامية في جهاد المدافعة

توحيد الصف بين الطوائف الإسلامية في جهاد المدافعة المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 7/9/1424هـ السؤال ما ضابط توحيد الصفوف في حالة الجهاد الدفعي بالنسبة للحركات الإسلامية وغير الإسلامية؟ هل يتوحَّد الصف مع كل الفئات، أم مع الصفوف الإسلامية دون غيرها من التيارات؟. الجواب جهاد المدافعة (قتال الدفاع) فيما إذا بوغت المسلمون أو بعض بلادهم أو بعض فئاتهم بعدو معتدٍ يقاتلهم، يوجب توحيد صفوف جميع المسلمين أهل السنة وأهل البدعة، بل وغير المسلمين من المواطنين والمقيمين، لكن يجب أن تكون الراية والقيادة إسلامية. وإذا لم تكن الراية والقيادة إسلامية، فلا يكون للقتال حكم الجهاد بمفهومه الشرعي الشامل، لكن دفاع عن النفس والمال والعرض، والناس (الأفراد) في هذا وذاك على نياتهم، والله أعلم.

الأذان للجهاد

الأذان للجهاد المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 21/10/1422 السؤال كان الصحابة ينادون للجهاد، هل كانوا يستخدمون صيغة الأذان للصلاة لنداء المسلمين للجهاد؟ أو صيغة أخرى؟ الجواب ذهب عامة أهل العلم إلى أن الأذان لا يشرع إلاّ للصلوات الخمس، ولا يشرع لغيرها من الصلوات كصلاة الكسوف، أو الاستسقاء، أو العيدين، وإنما ينادى لها: الصلاة جامعة، ويدل لذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب صلاة العيدين، رقم الحديث 887) عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: " صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة ". فإذا كان الأذان لا يُشرع لصلاة العيدين والاستسقاء والكسوف مع أنها من جنس الصلوات المكتوبة، فأولى ألاّ يشرع الأذان للجهاد. ولم أرَ أحداً من أهل العلم قال بمشروعيته للجهاد، ولا نقل ذلك عن أحدٍ من الصحابة. والله أعلم.

الدعاء للكافر في الأمور الدنيوية

الدعاء للكافر في الأمور الدنيوية المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 26/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. من المعلوم أنه لا يجوز أن ندعو لوالدينا وأقاربنا من الكفار بعد وفاتهم، فهل يجوز أن ندعو لهم بأمور دنيوية وهم أحياء؟ مثل أن ندعو الله أن يعافيهم من مرض أصابهم وخلاف ذلك. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. وبعد: نعم، كما تفضلت -أخي السائل- فمن مات كافراً لا يجوز الدعاء له ولا الاستغفار أو الترحم ونحو ذلك، قال الله -تعالى-: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم" [التوبة: 113] ، وقد استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم- ربه في الاستغفار لأمه بعد موتها فأذن له في زيارة قبرها، ولم يأذن له في الاستغفار لها. انظر: مسلم (976) . أما الحي فيجوز أن يُدْعَى له بالهداية وبشرح صدره للإسلام وبالعافية ونحوها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك" أحمد (5696) ، والترمذي (3681) ، وقال عنه حسن صحيح غريب، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم- وهذا يتضمن الدعوة بهداية أحدهما للإسلام، وكان هذا قبل إسلام عمر - رضي الله عنه-، وكذلك ورد: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" البخاري (3477) ، ومسلم (1792) . والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

جهاد الطلب وجهاد الدفع

جهاد الطلب وجهاد الدفع المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 26/5/1423 السؤال أمر الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين بالكف وعدم الرد على الكفار في أذاهم للمؤمنين في العهد المكي، وكان الجهاد -إن صحت التسمية له بالجهاد- أو العبادة المفروضة في هذا المقام هي عبادة الصبر لا الدفع، مع أن المسلم لو قاتل ودافع لنال الأجر العظيم، لكن للمصلحة العليا كان هذا الحكم. السؤال: هل صحيح نسخ هذا الحكم أم لا؟ وما الظروف التي يشرع من خلالها للمسلم في هذا العصر -الذي لا يوجد فيه ركن يأوي إليه المسلم- من الأسباب المادية؟ وهل الأمر في تطبيق هذا الأمر خاضع للاجتهاد الفردي أم لابد من أن يكون جماعياً؟ وما الشروط التي يجب توافرها حتى نلزم المؤمن في هذا العصر بالصبر؟ ما العلامات التي يعرف بها انقضاء هذا الحكم أو بموجبها يحكم بأن الدفع هو الأمثل؟ وهل بحكم تأثر العالم كله -ومنه المسلمون- بما يحدث في أي قطر إسلامي يكون هذا الحكم عاماً أم أنه يختلف باختلاف البلدان والأزمان والقضايا؟ وإن كان بالإمكان ذكر أوجه الشبه بين العهد المكي، وهذا العصر، وذكر أوجه الاختلاف. وجزاكم الله خيراً الجواب

حكم الجهاد بنوعيه: جهاد الطلب وجهاد الدفع باقٍ لم ينسخ، وإنما هو حسب حال الأمة من القوة والضعف، فإذا كانت الأمة قوية في عددها وعُددها فهي مطالبة بالأخذ بنصوص القتل والقتال وغزو المشركين والقعود لهم في كل مرصد؛ ليؤمنوا بالله أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وإن كانت الأمة ضعيفة مستضعفة كحال المسلمين اليوم فالواجب الأخذ بآيات الصبر والمصابرة وعدم محارشة الكفار وإثارة حميتهم، قال -تعالى-:"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام:108] ، وفي هذا العصر الذي لا يكاد يوجد فيه للمسلم ركن يركن إليه فعليه اللجوء إلى الله وأداء شعائر دينه، والصبر على الأذى فيه، لا سيما إذا كان فرداً وخصمه جماعة، أو دولة، أو قوبل رأيه بفتوى شرعية مستندة إلى الكتاب والسنة وجب عليه قبولها. وتقدير جهاد الدفع وتحديده وإعلانه يخضع للاجتهاد الجماعي من أهل العلم الشرعي -في كل بلد بحسبه- إلا إذا اعتدي على المرء بنفسه أو ماله أو عرضه جاز له أن يدفع ذلك عنه ما استطاع، والأفضل أن يستشير قبل ذلك من هو أعلم منه وأكثر خبرة وتجربة. وليس هناك علامات ينتفي بها جهاد الدفع بل هو باقٍ إلى يوم القيامة ما دامت الأمة ضعيفة مستضعفة، واختيار أي نوع من نوعي الجهاد يخضع لتقرير أهل العلم والفكر والشوكة في كل بلد من بلاد المسلمين وكل أهل بلد أدرى بشؤونهم من غيرهم.

ومن أوجه الشبه بين المسلمين اليوم والمسلمين في العهد المكي: الضعف وقلة العدد والعُدد، وتكالب الأعداء على المسلمين من اليهود وأذنابهم، والمشركين وإخوانهم والمنافقين وأتباعهم، ومن أوجه الاختلاف بين الحاضر والماضي -العهد المكي خاصة-: وجود الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين ظهراني المسلمين في مكة، ينزل عليه الوحي ويصحح لهم أخطاءهم ويسدد آراءهم، وكانوا لا يتجاوزون عشر آيات من القرآن يتلونها حتى يعملوا بها، أما نحن اليوم فقد يحفظ الواحد منا القرآن كاملاً أو يختمه أكثر من مرة، ولكنه لا يكاد يعرف شيئاً من حلاله وحرامه، وكانوا عرباً خلصاً على صفات حميدة من الصدق والشجاعة والكرم والشهامة والرجولة، أما نحن فعلى خلاف ذلك -إلا ما شاء الله-.

الحرب مع اليهود

الحرب مع اليهود المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 15/4/1423 السؤال ما صحة القول إن حربنا مع اليهود ليست بحرب عقيدة؟ الجواب إن كان قصد هذا القائل أنَّ قتال المسلمين لليهود في فلسطين اليوم ليس سببه ضلالهم، ولا كونهم يهوداً، فقوله هذا حقٌّ من هذا الوجه، فإننا متّفقون على أنّ قتالهم وإخراجهم من ديار المسلمين لا يختلف حكمُه لو كانوا نصارى أو مجوساً أو هندوساً؛ لأنهم معتدون وظالمون وباغون، فإنهم قد استباحوا دماء المسلمين واستطالوا على أعراضهم وأموالهم، وغصبوا ديارهم، ودنّسوا المسجد الأقصى، فقتالهم وإخراجهم من أعظم الجهاد في سبيل الله، لا نشك في هذا على أن هذه الحرب القائمة بيننا وبينهم ستؤول إلى ما نبَّأنا به الصادقُ المصدوق -صلى الله عليه وسلم- أن المسلمين سيقاتلون اليهود في آخر الزمان ... قتال بين جيش الإيمان يقدمه نبي الله عيسى -عليه الصلاة والسلام-، وجيش الكفر يقدمه الدجَّال، وفي جنده اليهود، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود" أخرجه البخاري (2709) ، ومسلم (5203) ، واللفظ له. والمقصود: أنَّ هذه المقالة بمعناها هذا ليست بخاطئة ولا كاذبة، وإنما المقالة الخاطئة الكاذبة الخبيثة الباطلة ما تلوكه ألسنة بعض المنهزمين الجاهلين من أنَّ منابذتنا لليهود بالعداوة والبغضاء إنما هي وليدة عدوانهم واحتلالهم لأرض المسلمين، ليس إلاَّ!.

وهذا القول الخبيث يناقض عقيدة البراء بكل جلاء، إذ مفهومه أن هذه المعاداة والبغضاء لليهود يجب أن تزول متى خرجوا من أرض المسلمين، وكفّوا أيديهم عن بغيهم وعدوانهم، ولكن عقيدة البراء تفرض علينا -نحن المسلمين- منابذة اليهود، بل وكل كافر بالعداوة والبغضاء -ولو لم يعتدوا علينا ويظلمونا- حتى يؤمنوا بالله وحده، متأسين بنبي الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- والذين معه، كما قال -سبحانه-:"قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ" [الممتحنة:4] .

فليس لليهود في سويداء قلوبنا إلا الكره والبغض والعداوة حتى يؤمنوا بالله وحده ويدخلوا في الإسلام، وحتى يخرجوا من ديار المسلمين ومقدساتهم، ويكفُّوا أيديهم عن الظلم والعدوان، غير أن كُرهنا وبغضنا لهم لهو أشد من كرهنا لغيرهم من الكفّار؛ لأنهم أشدُّ الناس عداوةً لنا، وأظهرهم مكراً وكيداً بنا، وصدورهم قد مُلئت خبثاً ومكراً، وفساداً وغدراً، أمّا إن كان القائل يقصد بمقالته تلك أن حرب اليهود على المسلمين في فلسطين لم يكن الدافع لها عقيدتهم وما تتضمنه من النبوءات، وإنما يدفعهم إليها قصد الاستيطان لإقامة دولة مستقلة تضمن لهم حقوقهم وتؤويهم من التشرد والاضطهاد ... إلخ، فحربهم على المسلمين في فلسطين متمحِّضةٌ لأغراض وأطماع دنيوية؛ فهذا قولٌ فيه سذاجة وغفلة وجهل بالواقع، وهو منقوضٌ باعترافات وتقريرات اليهود أنفسهم، فإنهم يسعون من خلال حربهم على المسلمين في فلسطين وغصب أراضيهم إلى تحقيق نبوءات الأسفار والتوراة المحرَّفة من إقامة دولة الأمة الموعودة والهيكل المزعوم، ومهما يكن فجهادهم واجب، بل هو من أعظم الجهاد في سبيل الله، وبغضهم ومعاداتهم دِينٌ نتقرب إلى الله به، وهو من مقتضى عقيدة البراء في الإسلام. نسأل الله أن يجعلنا أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين، سلماً لأوليائه، حرباً على أعدائه، وهو وحده المستعان، وهو حسبنا ومولانا فنعم المولى ونعم النصير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إذا كان لا إكراه في الدين، فلم شرع الجهاد؟!

إذا كان لا إكراه في الدين، فلِمَ شرع الجهاد؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 13/2/1425هـ السؤال كيف نجمع بين قول الله سبحانه وتعالى "لا إكراه في الدين" وبين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" (البخاري 4/196) والحديث الآخر: "أخرجوا اليهود من جزيرة العرب" وهذا الحديث الأخير يحتج به غير المسلمين على عداوة الإسلام للأديان الأخرى. فكيف تجيبون على هذا الادعاء؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فمن الحقائق التي تظافرت الأدلة الشرعية على تقريرها: أنه لا يكره أحدٌ على اعتناق الإسلام، بل الواجب أن تقام الحجة حتى يتبين الرشد من الغي. فمن شاء بعدُ أن يسلم فليسلم، ومن أبى إلا الكفر فلا يُكْرَه على الإسلام، ولا يُقتل إن استحبّ الكفر على الإيمان. ومن أصرح الأدلة على ذلك: قوله تعالى: "لا إكراه في الدين" [البقرة:256] أي لا يُكره أحدٌ على الدخول في الإسلام. وقولُه تعالى: "ولو شاء ربك لآمن مَن في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تُكرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين" [يونس:99] . وقوله: "فإن تولوا فإنما عليك البلاغ" سورة [آل عمران:20] ، ومثله قوله تعالى: "ما على الرسول إلا البلاغ" سورة [المائدة:99] ، وكلتا الآيتين مدنيتان. ويتساءل بعضهم: إذا كان الأمر كذلك، فلِمَ شُرع الجهاد؟ وكيف تفسرون قتال الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته -رضي الله عنهم- للمشركين؟ والجواب: أن الجهاد شُرع لغاياتٍ ليس منها إكراهُ الناس على اعتناق الإسلام.

فقد شُرِع أوَّلَ ما شرع دفاعاً عن المستضعفين المؤمنين الذين يُضطهدون في دينهم ويؤذَون في أنفسهم وأموالهم، ويُخرجون من ديارهم، (وهو ما يسمى بجهاد الدفع) ، فقال تعالى: "أُذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظُلِموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله.." [الحج:39 - 40] قال غير واحد من السلف: هذه أول آية نزلت في الجهاد، ثم نزل قوله تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم..الآية" سورة [البقرة: 190-191] وشُرعَ سنداً لنشر الدعوة حتى تبلغ رسالتها إلى الناس كافةً "وهذا من جهاد الطلب الذي يأتي في مرحلة القوة وظهور الشوكة. إن الدعوة في حقيقتها دعوةٌ سلمية ... باللسان والبيان، فما صحبها السلاحُ لكي يُكره الناس على الدخول في دين الله، وإنما صحبها ليدفع كلَّ من يقف في طريقها ويناوئها. وما أكثر تلك القوى المتنفِّجة بالباطل التي تقف في وجه دعوة الإسلام، وتصد الناس عن دين الله! وما عسى الإسلام أن يفعل إذا هي وقفتْ في وجهه وحالت بينه وبين الناس؟ هل سيتركها لتحجبَ عن الناس دعوة الحق، وتمنَعهم اتّباعَها إذا اختاروها؟ وإنها لفتنة: أن يُصد الناس عن سماع كلمة الحق، ويُسلبوا حرية اختيار الدين، وأعْظِمْ بها من فتنة؟! "والفتنة أشد من القتل" [البقرة:191] "والفتنة أكبر من القتل" [البقرة:217] . إنه ليس ثمَّة خيار للإسلام أمام هذه القوى إلا أن يجاهدها ويدكَّها؛ ليقرِّرَ للناس حريةَ الدعوة بعد أن كانوا محرومين منها تحت سطوة الطغاة ورهبة العتاة، يستعبدونهم ويمارسون الوصاية على عقولهم؟! ولذا قال جل جلاله: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين لله" سورة [البقرة:193] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه لهرقل الروم: "أما بعد؛ فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين" متفق عليه البخاري (7) ، ومسلم (1773) ، وإنما جعل عليه إثم الأريسيين ـ وهم رعاياه ـ؛ لأنهم يأتمرون بأمره وينقادون بانقياده. فلا بد إذاً أن تنداح لدعوة الإسلام هذه الموانعُ وتنزاحَ أمامه كل العقباتُ؛ ليسمع الناس دعوة الإسلام كما هي في صفائها وموافقتها للفطرة، لا كما كانوا يسمعونها من أعدائها مشوَّهةً بالأباطيل المختلقة. فإذا بلغتهم كما هي في حقيقتها فهم وما اختاروا لأنفسهم. وشُرع الجهاد (في أعظم ما شُرع) : ليفتح البلاد ويحطم ما نُصب فيها من الطواغيت الباغية، وما تقنِّنه من النظم المستبدة الجائرة؛ ليقيم مكانها نظامَ الإسلام (جهاد الطلب) . وهذا النوع من الجهاد يتطلب قوةً وقدرةً، ولا يتحقق إلا مع ظهور شوكة المسلمين وتحقق وحدتهم وتمكينهم في الأرض. أما مع حال الضعف والتفرق ـ كما هو حال الأمة اليوم ـ فلا يجب عليهم إلا النوع الأول من الجهاد: وهو جهاد الدفع ـ أي دفع المعتدين على بلاد المسلمين ومقدساتهم وأموالهم ـ، كما يجب عليهم في هذه الحال أن يأخذوا بأسباب القوة والمنعة، والاعتصام ونبذ الفرقة؛ فلا يمكن أن تقوم لدولة الإسلام قائمة ما لم تكن لها قوةٌ تحميها وتناضل عنها. إن شريعة الإسلام يجب أن تحكم أرجاء الأرض، حتى لا يُظلم في كنفها مسلم ولا كافر، ولا عجب! فالكتاب إنما نزل ليقوم الناس بالقسط "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ... "الآية سورة [الحديد:25] ، بيد أن الإسلام إنما ضمن للكافر هذا بشرطه، وشرطُه: أن يحترمَ شعائرَ الإسلام وعقائدَه، وأن يخضعَ لنظامه وشريعتِه.

إن إرضاخ البلاد والأقاليم لحكم الإسلام يعني ـ في أول ما يعنيه ـ إقامةَ العدل "ليقوم الناس بالقسط" الذي لا قيام له إلا بتحكيم شريعة الله في أرضه، لا لإكراه الكفارِ على الدخول فيه، فلهم أن يبقوا على دينهم، وأن يمارسوا شعائرهم في بيوتهم، لكنْ يقابل هذا الحقَّ واجبٌ عليهم لا بد وأن يلتزموه، وهو: أن يخضعوا لحكم الإسلام في مخالطتهم للمجتمع، وفي شؤونه الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، وأن يحترموا نظمَه ويسالموه، فلا يقاوموا دعوته ولا يفتنوا أهله. ولو كان الجهاد لإرغام الكفار على الدخول في الإسلام لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكف عنهم إذا اختاروا الجزية، وَلَمَا نهى عن قتل النساء والصبيان في الغزو، وحين رأى مرةً امرأة مقتولةً في إحدى غزواته قال: "ما كان لهذه أن تُقاتِل" أحمد (5959) ، فأشار إلى علة القتل، وهي المقاتلَة. ولو كان الجهاد لأجل إرغام المشركين على الدخول في الإسلام لَمَا نهى خلفاؤه الراشدون عن قتل الرهبان إذا اعتزلوا الناس، ولم يعينوا على القتال بتدبير أو رأيٍ. ويدل لذلك دلالة ظاهرة حديث بريدة بن حصيب: "إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، فأيتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم، وكُفّ عنهم: ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ... فإن هم أبوا فسلهم الجزيةَ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ... "الحديث رواه مسلم (1731) . وهذا الحديث عام في كل مشرك، من العرب وغيرهم، وإنما لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الجزية من مشركي العرب لأن آية الجزية إنما نزلت في السنة التاسعة حين لم يبق في الحجاز عربي مشرك محارب.

والجزية التي تؤخذ من الكافر الذمي ليست ضريبةَ رفضه الدخول في الإسلام، وإنما هي مقابل حقن دمه وحماية المسلمين له مما يحمون منه أنفسهم وأهليهم؛ ولذا كتب خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ لصلوبا بن نسطونا حينما دخل الفرات وأوغل فيها: "إني قد عاهدتكم على الجزية والمنعة، فلك الذمة والمنعة. وما منعناكم (أي حميناكم) فلنا الجزية، وإلا فلا". وهذا أبو عبيدة رضي الله عنه لما أحس العجزَ عن حماية بعض أهل الذمة في بلادهم كتب إلى ولاته في تلك البلاد يأمرهم أن يردوا عليهم ما جُبي منهم من الجزية، وكتب إليهم أن يقولوا لهم: "إنما رددنا عليكم أموالكم؛ لأنه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع، وإنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم، وإنا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا إليكم ما أخذنا منكم، ونحن لكم على الشرط" أخرجه القاضي أبو يوسف في كتاب الخراج. إن الغاية العظمى من تشريع الجهاد هي أن تكون كلمة الله هي العليا، كما جاء في الحديث الصحيح أنه لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو في سبيل الله" متّفقٌ عليه البخاري (123) ، ومسلم (1904) . وهذه الغاية العظمى (أن تكون كلمة الله هي العليا) تحققها غايات الجهاد وبواعثه التي تقدم ذكرها آنفاً، وهي: 1- حماية الدعوة وضمان تبليغها للناس. 2- سحق الطواغيت وتحطيم النظم الباغية ودفعِ كل مَنْ يقف في طريق الدعوة ويمنع بلوغها إلى الناس. 3- إقامة نظام الإسلام في الأرض ليحتكم الناس إلى شريعته ... وكلٌ من هذه الغايات الثلاث تعمل في إعلاء كلمة الله.

على أن تشريع الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا ليس مقتضاه أن يُسلم كلُّ من دعي إليه، بل مقتضاه أن يكون نظامُ الإسلام هو المهيمنَ والحاكمَ على حياة الناس، أما هم فيما يعتقدون فلهم الحرية المطلقة أن يعتقدوا ما شاءوا، ودولة الإسلام تحميهم مما تحمي منه أبناءها مقابل دفع الجزية. وبعد تقرير أن "لا إكراه في الدين" [البقرة:256] ، وبيان بواعث الجهاد في سبيل الله وغاياته، لا بد من الإجابة عما يُظَنّ أنه معارض لهذه الحقيقة أو ناسخٌ لها من الأدلة الشرعية. يذكرون من ذلك قوله تعالى: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد.."الآية سورة [التوبة:5] . فقد ظن بعضهم أنها ناسخةٌ لآية "لا إكراه في الدين"، إذ مقتضى عمومها أن كل من بلغته الدعوة من الكفار فإنه لا يقبل منه إلا الإسلام، وإلا مضى فيه السيف. والجواب: أن هذه الآية وإن كانت من آخر ما نزل ـ حيث نزلت في السنة التاسعة من الهجرة ـ لكن تأخر نزولها لا يقضي بنسخ ما تقدمها من الآيات، ومنها قوله تعالى: "لا إكراه في الدين". والآية وإن وردت بلفظ العموم؛ لكنها من العام المخصوص، إذ خصّصت عمومها آياتٌ وأحاديث أخرى ـ سيأتي ذكرها ـ، فبقي عمومها مخصوصاً بمشركي العرب الذين حاربوا النبي صلى الله عليه وسلم ونقضوا عهدهم ونكثوا أيمانهم. وخرج من هذا العموم مَن عداهم ممن لم ينقضوا عهدهم ولم يظاهروا على المسلمين أحداً، وكذلك أهل الكتاب والمجوس وعبدة الأوثان من غير العرب. ويدل لذلك ما يلي:

أولاً: أن الله قال في أول سورة [براءة:1:6] "براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر.."، فأمهل هؤلاء المشركين أربعة أشهر، وأمر بقتلهم إذا انسلختْ هذه الأشهر الأربعة ولم يتوبوا، ثم استنثى منهم "إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم" [التوبة:4] . فدل هذا على أن قوله تعالى: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.." [البقرة:5] الآية ليست على عمومها، وإنما هي من العام المخصوص، فهي مخصوصة بمشركي العرب المحاربين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين نكثوا أيمانهم ... ويُشعِر بهذا دليلان: الأول: قوله تعالى ـ في صدر سورة التوبة، بعد آية السيف ببضع آيات ـ "ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرَّة.."الآية [التوبة:13] . قال ابن العربي في أحكام القرآن (2/456) : (وتبين أن المراد بالآية: اقتلوا المشركين الذين يحاربونكم) أهـ. الثاني: قوله تعالى ـ بعد آية السيف بآية ـ: "كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم" الآية [التوبة:7] . والمقصود بهذه الآية: هم بعض بني بكر من كنانة ممن أقام على عهده، ولم يدخل في نقض ما كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش يوم الحديبية من العهد، حين نقضته قريش بمعونتها لحلفائها من بني الديل على حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم من خزاعة. (ينظر: تفسير الطبري 10/82) . ثانياً: قوله تعالى "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" [التوبة:29] .

وهي آية الجزية، نزلت عام تبوك، حين لم يبق عربي مشرك محارب في الحجاز، ولم يكن صلى الله عليه وسلم ليغزو النصارى عام تبوك بجميع المسلمين ويدع الحجاز وفيه من يحاربه (ينظر مجموع الفتاوى لابن تيمية 19/20) . وقد أثبتت الآية لأهل الكتاب حق البقاء على دينهم بشرط دفع الجزية، فهي مخصِّصة لعموم قوله تعالى: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم"..الآية [التوبة:5] . ثالثاً: حديث بريدة بن حصيب "إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، فأيتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم، وكُفّ عنهم: ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ... فإن هم أبوا فسلهم الجزيةَ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ... "الحديث وقد تقدم قريباً (سبق تخريجه) . والحديث يدل على أن المشركين ـ سواء من عبدة الأوثان من العرب أو من غيرهم، كما يقتضيه عموم اللفظ ـ إذا أبوا الدخول في الإسلام واختاروا دفع الجزية فإنه يجب قبولها منهم والكف عنهم، ولا يجوز قتلهم، ولا إكراههم على الإسلام. فعموم هذا الحديث يدل على أن المقصود بـ (المشركين) في ما يسمى بآية السيف "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.." هم المشركون الذين كانوا يحاربون النبي صلى الله عليه وسلم، وينقضون عهدهم. أما حديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله" فهو حديث صحيح ـ ولا شك ـ رواه البخاري (25) ومسلم (20) وغيرهما. ولكن الحديث ليس على عمومه، وليس المقصود بـ (الناس) جميع الكفار، من المشركين وأهل الكتاب، بل هو من العام المخصوص.

وكيف يُعمل بعمومه؟ وقد قال الله: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ... حتى يُعطوا الجزية ... "الآية، وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، فأيتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم، وكُفّ عنهم ... "الحديث (سبق تخريجه) . وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ لمن قالوا بأن الجزية تؤخذ من كل كافر، لا من أهل الكتاب خاصة، جواباً لهم عن الاستدلال بعموم هذا الحديث، فقال (مجموع الفتاوى 19/20) : (مراده قتال المحاربين الذين أذن الله في قتالهم، لم يرد قتال المعاهدين الذين أمر الله بوفاء عهدهم) أهـ. وأجاب عنه ابن حجر بعدة أجوبة (فتح الباري 1/97) ، فقال ـ مع بعض الاختصار ـ: (الجواب من أوجه, أحدها: دعوى النسخ بأن يكون الإذن بأخذ الجزية والمعاهدة متأخرا عن هذه الأحاديث , بدليل أنه متأخر عن قوله تعالى "فاقتلوا المشركين"، ... ثالثها: أن يكون من العام الذي أريد به الخاص , فيكون المراد بالناس في قوله " أقاتل الناس " أي: المشركين من غير أهل الكتاب , ويدل عليه رواية النسائي بلفظ " أمرت أن أقاتل المشركين " ... رابعها: أن يكون المراد بما ذكر من الشهادة وغيرها التعبيرَ عن إعلاء كلمة الله وإذعان المخالفين, فيحصل في بعضٍ بالقتل وفي بعضٍ بالجزية وفي بعضٍ بالمعاهدة ... ) أهـ. وأما حديث: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" أحمد (1691) والدارمي (2498) بلفظ "أخرجوا اليهود الحجاز من جزيرة العرب ... " فلا يدل على أن الكافر يرغم على الدخول في الإسلام، بل غاية ما يدل عليه ألا يؤذن لكافرٍ أن يستوطن جزيرة العرب. أما بقاؤه فيها من غير قصد للاستيطان؛ كأن يقيم فيها لأجل العمل، أو للتجارة، أو للخدمة، فليس في الحديث ما يدل على النهي عن شيء من ذلك.

وهذا الحكم خاص بجزيرة العرب، أما غيرها من بلاد الإسلام مما فتحه المسلمون فلا يُخرج أهلها منها إن بقوا على الكفر، بل لهم أن يستوطنوها على أن يدفعوا الجزية مقابل حماية المسلمين لهم. على أن بعض أهل العلم يرى أن الحديث وإن ورد فيه الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، إلا أن المراد بعض الجزيرة لا كلها، وهو الحجاز خاصةً، بدليل أن عمر رضي الله عنه أخرج يهود خيبر وفدك ولم يخرج أهل تيماء، وهي من جزيرة العرب، قال النووي في شرح مسلم (10/212- 213) عند شرح حديث إجلاء عمر لليهود من خيبر، وفيه: "فأجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء" قال: (وفي هذا دليل أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب إخراجهم من بعضها، وهو الحجاز خاصة؛ لأن تيماء من جزيرة العرب لكنها ليست من الحجاز والله أعلم) أهـ. وقال في (11/93-94) : (وأخذ بهذا الحديث مالك، والشافعي وغيرهما من العلماء، فأوجبوا إخراج الكفار من جزيرة العرب، وقالوا: لا يجوز تمكينهم من سكناها، ولكن الشافعي خص هذا الحكم ببعض جزيرة العرب، وهو الحجاز، وهو عنده: مكة، والمدينة، واليمامة وأعمالها دون اليمن وغيره مما هو من جزيرة العرب، بدليل آخر مشهور في كتبه وكتب أصحابه) اهـ. وقال ابن قدامة في "المغني" 13/242-244 ـ بعد أن ذكر رواية عن الإمام أحمد في (جزيرة العرب المدينة وما والاها) ـ: (يعني أن الممنوع من سكنى الكفار به: المدينةُ وما والاها ـ وهو مكة، واليمامة، وخيبر، والينبع، وفدك، ومخاليفها، وما والاها ـ وهذا قول الشافعي ... فكأن جزيرة العرب في تلك الأحاديث أريد بها الحجاز، وإنما سمي حجازاً لأنه حجز بين تهامة ونجد، ولا يمنعون أيضا من أطراف الحجاز كتيماء وفدك ونحوهما؛ لأن عمر لم يمنعهم من ذلك) أهـ.

وقال ابن حجر (الفتح 6/198) : (لكن الذي يمنع المشركون من سكناه منها الحجاز خاصة، وهو مكة والمدينة واليمامة وما والاها، لا فيما سوى ذلك مما يطلق عليه اسم جزيرة العرب؛ لاتفاق الجميع على أن اليمن لا يمنعون منها، مع أنها من جملة جزيرة العرب، هذا مذهب الجمهور) أهـ. والمقصود أن منع اليهود والنصارى من استيطان جزيرة العرب إنما هو من خصائص الجزيرة، انفردت به دون سائر ديار الإسلام. إن الإسلام بأدلته الصريحة يعلن بطلان الديانات الأخرى كلها؛ لأنها إما محرَّفة؛ كاليهودية والنصرانية، وإما وثنية شركية كالمجوسية والهندوسية ووو ... إلخ. غير أنه ـ مع ذلك ـ أوجب علينا العدل معهم، ورغَّبنا في البر إليهم ترغيباً لهم في الإسلام ما لم يقاتلونا، ولم يخرجونا من ديارنا، كما قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" سورة [الممتحنة:8] وأمر المسلمَ بمصاحبة والديه في الدنيا معروفاً ولو كانا مشركَين، اعترافاً بجميلهما، ومكافأة لمعروفهما. وأمر بألا نُجادل أهل الكتاب (اليهود والنصارى) إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، فقال تعالى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم.." سورة [العنكبوت:46] وأمرنا بإيفاء العقود والعهود معهم، وأن نستقيم لهم ما استقاموا لنا، وأعظمَ النبي صلى الله عليه وسلم قتل المعاهد منهم فقال: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة.."أخرجه البخاري (3166] . لقد أبطل الإسلام اليهودية والنصرانية؛ لأنها قد حُرِّفتْ ودخلها الشرك وافتراء الكذب على الله إلى غير ذلك من عظائم الأمور ـ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ـ.

ومع ذلك فقد أثنى على أتباعها الأولين الذين صدقوا أنبياءهم وناصروهم، ولم يقتلوهم، ولم يحرفوا الكلم عن مواضعه، ووعدهم ما وعد المسلمين ـ أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ـ فأعد لهم جنات ومغفرةً وأجراً عظيماً. ولا يصح إسلام أحد من ملة محمد صلى الله عليه وسلم حتى يؤمن بالأنبياء والرسل كلهم ويصدِّق بكتبهم (غير المحرفة) ، فقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل، ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً" سورة [النساء: 146] كما أثنى القرآن كثيراً على موسى وعيسى عليهما السلام، وبرأ مريم الصديقة مما رماها به المفترون من اليهود. ومما استفاض في القرآن والسنة: أن دعوة الرسل واحدة وإن اختلفت شرائعهم التفصيلية، ودعوتهم هي توحيد الله سبحانه: "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" سورة [الأنبياء:26] . وقال صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء إخوة من علاّت، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد" رواه مسلم (4362) . وأولاد العلات: هم الإخوة من الأب من أمهاتٍ شتى، فالأب رمز للتوحيد، والأمهات رمز للشرائع (الفروع) . فالدعوة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم لم تخرج عن أصل دعوة الأنبياء والمرسلين قبله، وهي: توحيد الله سبحانه، وإخلاص العبادة له وحده. ولا يضير في هذا أن تختلف شرائعهم؛ كتفاصيل العبادات من صلاة وصيام وحج، وأحكام الأطعمة والذبائح وسائر المعاملات، ونحو ذلك. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مقاطعة البضائع الأمريكية

مقاطعة البضائع الأمريكية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 29/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أردت أن أستفسر عن حكم الشراء من المحلات التي ذكر اسمها ضمن قائمة المقاطعة والتي يشك في احتمالية دعمها لإسرائيل، فكثير من أخواتي يلومونني على الشراء من تلك المحلات التجارية، مع العلم أنني أشتري من تلك المحلات وأنا كارهة وما ذلك إلا أنني أعجز أحياناً في البحث عن جودة السلعة مع السعر المناسب إلا في تلك المحلات التي ذكر اسمها في قائمة المقاطعة، وهل أنا آثمة على هذا الفعل؟ أفيدوني، جزاكم الله خيراً. الجواب لا شك أن الأولى مقاطعة ما تستطيعين مقاطعته من البضائع الأمريكية، حتى ولو فرضنا أن المقاطعة لا تبلغ بتلك الشركات ما نتمناه من الخسارة أو الإفلاس، فلا أقل من أن تكون مقاطعتنا لها رسالة تعبر عن شيء مما في قلوبنا من الغيظ والغضب من غطرسة أمريكا وتوقح سياساتها ومواقفها تجاه إخواننا في فلسطين وفي غيرها من بلاد المسلمين، والمقاطعة رسالة كذلك تحمل البراءة من أن تستحيل أموالنا إلى قوة لأعدائنا على إخواننا، فما صمود دولة يهود إلا من دعم مولاتها أمريكا. وتتأكد المقاطعة مع توفر البديل الذي ينافس البضائع الأمريكية في السعر والجودة. أما إذا كان الحال كما ذكرتِ -والعهدة عليكِ- ففي الأمر سعة، وأرجو ألا تكوني آثمة في ذلك، ولكن ينبغي أن تستمري في مقاطعة غيرها من السلع التي تجدين لها بديلاً منافساً، فحيثما لا يكون عليكِ حرج في المقاطعة ينبغي أن تواصلي المقاطعة، حتى تبقى عداوة أمريكا وكراهيتها تتأجج مراجلها في قلوبنا. أما البضائع اليهودية فلا ينبغي أن يكون فيها ترخص أو تهاون، ومقاطعتها ليس فيها خيار، وليس لنا بد من مقاطعتها. ولا تنسي إخواننا في فلسطين وأسرانا في (جوانتنامو) من دعائك، والله يسددك ويوفقك، وهو يهدي إلى سواء السبيل، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الحكمة من الجهاد

الحكمة من الجهاد المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 28/5/1424هـ السؤال هل الحكمة من وراء جهاد الطلب كان فقط منع الطغاة والحكام من أن يسمع الناس رسالة الإسلام؟ أم أنه يجب أن تحكم كل بلاد الأرض بالشريعة الإسلامية؟ حيث إن الأرض ملك لله -سبحانه-، ويجب أن يساس أهلها بحكمه وشرعه -عز وجل-. أرجو التفصيل بالأدلة. الجواب الجهاد في سبيل الله أعم من معنى القتال أو الحرب، فهو يشمل جهاد النفس، والهوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومقاومة الظلم، ونشر الدعوة إلى الله بكل مجالاتها، ولكن لما كان الجهاد في سبيل الله قد ورد في القرآن بلفظ (القتال) بالنفس والمال في مواضع كثيرة ظن بعض الناس أن الجهاد مقصور على القتال، وإن كان أشمل منه قال -تعالى-: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"

[العنكبوت: 69] وقوله:" فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً" [الفرقان: 52] وهاتان الآيتان نزلتا بمكة قبل الإذن بالقتال، مما يؤكد الجهاد في سبيل الله بمعناه العام، وعامة الآيات القرآنية في الجهاد تحدد أسباب الحرب (القتال) هي: دفع الظلم، ونصرة المظلوم، ومنع الفتنة في الدين والإخراج من الوطن بغير حق، وكفالة حرية العبادة لأهل الكتاب وغيرهم - في غير جزيرة العرب -، وبهذا فالحرب في الإسلام عالمية المنزع إنسانية الهدف، لتكون كلمة الله هي العليا، ليس فيها منزع لعدوان على أحد، ولا مطمع في التوسع لحدود الدولة أو زيادة ثرواتها على حساب الغير، لقد جاءت مبادئ الإسلام عالمية كونية لتحرير الضمير والفكر من ترسبات الوثنيات بأنواعها وأشكالها، فربط الاعتقاد بالفهم والاقتناع "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ"

[البقرة:256] ، وربط الإيمان بالدليل والبرهان عند إرادة الجدال والحوار "وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" [البقرة: 111] ، وربط العلم العملي بالتقوى "وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ" [البقرة: 282] ولم تكن الغزوات ولا السرايا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين إلا تطبيقاً عملياً لمعنى الجهاد الخاص (القتال أو الجهاد) بعد توافر الأسباب الشرعية للحرية المشار إليها أعلاه. فغزوة بدر الكبرى البادئ فيها المشركون، حيث اضطهدوا المسلمين في مكة وصادروا أموالهم واضطروهم إلى الخروج من أوطانهم، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقتص من مشركي مكة باعتراض قافلة لهم قادمة من الشام، فخروج المسلمين لم يكن لغرض القتال وإنما للاستيلاء على عير قريش من باب المقاصة أو المعاملة بالمثل، قد أراد المؤمنون شيئاً وأراد الله شيئاً آخر "كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ" [الأنفال: 5] أي: كارهون للمعركة؛ لأنهم على غير استعداد.

أما غزوة أحد فكانت هجوماً من مشركي مكة على المدينة انتقاماً لهزيمتهم في بدر، ومع هذا تردد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في الخروج في أول الأمر مما جعله يستشير أصحابه، ثم أخذ رأي الأكثرية منهم الداعين إلى القتال، أما غزوة المريسيع فإن سببها ما بلغه عن يهود بني المصطلق أنهم يجمعون لحرب المسلمين جموعاً كبيرة من قبائل العرب، أما غزوة الأحزاب وبني قريظة فواضح أمرها إذ إن يهود بني قريظة نقضوا العهد الذي أبرموه مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوثيقة الشهيرة في التاريخ، فتحالفوا مع المشركين، وفي غزوة الحديبية تجلى حب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورغبته في الصلح، وإنما أراد العمرة والطواف بالبيت، لكن مشركي مكة منعوه ونقضوا العهد الذي بينهم وبينه، فخرج إليهم بقرابة عشرة آلاف من المؤمنين، وعسكر قرب مكة فجاءه بعض وجهاء قريش كالعباس بن عبد المطلب، وأبي سفيان بن حرب فأسلموا وعادوا إلى مكة بأمان إلى أهلها، ودخل النبي والمؤمنون مكة بصلح مع وجهاء قريش كما هو مذهب الشافعي ورواية لأحمد، فكان الفتح المبين للإسلام والمسلمين، أما معركة حنين فسببها أن قبيلة هوازن وثقيف وبعض القبائل تجهزوا لحرب المسلمين والهجوم على المصلين في مكة، فخرج إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المسلمين وحاصروهم حتى استسلموا وقتل من قتل، وأسلم عدد كبير، أما غزوة مؤتة وتبوك فسببها أن زعيم الروم قتل أحد رسل النبي - صلى الله عليه وسلم- الذي قام بتبليغه رسالة الدعوة إلى الإسلام، والعرف الجاري بين الدول والشعوب أن الرسل لا تقتل، وكانت دولة الروم آنذاك تحرض قبائل العرب المجاورة على قتال أهل المدينة، فجمعوا بقيادة (هرقل) أكثر من مئتي ألف مقاتل، فقاتلهم المسلمون فكان ما كان مما قدره الله، ومع هذا كله فإن الإسلام يمنع ويحرم (المباغتة) التي تعتبرها كل دول العالم اليوم مبدأ من مبادئ الحرب، ففرض على المسلمين أن ينذروا

عدوهم ويعلنوه بالحرب فلا يؤخذ العدو على غرة قال -تعالى-: "وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ" [الأنفال: 58] يجوز للمسلمين في حالات خاصة أن يبيتوا عدوهم فيعاملوا المشركين عند القتال بمثل معاملتهم للمسلمين "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ" [النحل: 126] . قال ابن القيم في (زاد المعاد) :"لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - صار الكفار معه ثلاثة أقسام: قسم صالحهم ووادعهم على أن لا يحاربوا ... ، وقسم حاربوه ونصبوا له العداوة، وقسم تاركوه فلم يحاربوه ولم يصالحوه، وهؤلاء ثلاثة أقسام منهم من كان يحب ظهور الرسول وانتصاره، وهؤلاء أسلموا بعد ذلك"، ومنهم من كان يحب ظهور عدوه عليه وهزيمة المسلمين - وهؤلاء آلت حالهم بعد ذلك فانضموا مع المحاربين له، ومنهم من دخل معه في الظاهر وهو مع عدوه في الباطن وهم المنافقون، فعامل - صلى الله عليه وسلم - كل طائفة من هذه الطوائف بما يناسب حالها مما أمره الله به.

والناظر المتأمل في سورة (براءة) وهي من آخر السور نزولاً يجد أن (41) آية من أول السورة تحدثت عن الكفار المفاوضين فأوجبت لهم الوفاء بعهودهم إلى مدتهم، وقتال من نقض عهده منهم، كما بينت وجوب قتال الكفار الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر أو يساعدون غيرهم على قتال المسلمين، ونهت آيات أخرى عن قتال الكفار الذين لم يباشروا قتال المسلمين أو إعانة عليهم قال -تعالى-:"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" [الممتحنة: 8-9] وبقية آيات سورة (براءة) تحدثت عن المنافقين فأوجبت معاملتهم على حسب ما يظهر منهم، فإن حاربوا المسلمين أو ظاهروا عليهم حوربوا، وإن سكتوا وسالموا كف عنهم وعوملوا معاملة المسلمين. وأرى أن عامة آيات القتال ليس من باب (جهاد الدفع) ، أما (جهاد الطلب) فيكون بعرض الدعوة على الكفار باللين والحكمة وعدم الإكراه قال -تعالى-:"وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأْرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ"

[يونس: 99] وقال -تعالى-: "يا أيها الرسول بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" [المائدة: 67] وقال -تعالى-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" [النحل: 125] فإذا رد المدعوون رسالة الله فلم يقبلوها ولم يقبلوا الدخول تحت أمان المسلمين بدفع الجزية، وقاموا بإعداد العدة لمقاتلة المسلمين بالمظاهرة عليهم وجب على المسلمين قتالهم حينئذٍ ولا يسمى هذا قتال طلب؛ لأن الطلب بدأ بالجهاد بالدعوة وانتهى بالقتال، ثم إن الجهاد العسكري في الوقت الحاضر لا يوجد بالمعنى المراد بجهاد الطلب، وإنما هو جهاد الدفع لا غير إذا اعتدي على دولة من دول الإسلام شرع لأهلها أن يجاهدوا المعتدي بالسلاح دفاعاً عن دينهم وأموالهم وأعراضهم، ويتصور بعض المسلمين خطأ يدعو إلى جهاد الكفار بالسلاح قبل دعوتهم وتعريفهم بالإسلام، وهذا خطأ يتعين تصحيحه.

إعانة المهاجرين على إقامة غير نظامية في أوربا

إعانة المهاجرين على إقامة غير نظامية في أوربا المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 3/1/1425هـ السؤال ما حكم من يساعد بعض المهاجرين الذين ليس لهم إقامة قانونية في بلاد أوروبا وغيرها في جوازات سفر قصد مساعدتهم على الإقامة؟ علما أن هذه المساعدة مخالفة لقانون البلد. وأين يمكن تصنيف هذا العمل؟ في المباحات، أو المحرمات، أو المتشابهات. وإذا كان في المحرمات، فما حكم الأموال التي أخذت من هذا العمل من قبل؟ ماذا يعمل بها صاحبها؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا كانت هذه الإعانةُ تخالف نظام البلد فهي لا تجوز؛ لأن الله قال: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) ، (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً) ، وأنت إنما أذن لك أولئك الكفار بالإقامة في ديارهم بشرط الالتزام بنظامهم، فيلزمك ما ألزموك إلا إذا كان يخالف شريعة الله، فإما أن تلتزم بها، وإما أن ترجع إلى ديارك. وعلى هذا فالتكسب بهذا العمل القبيح حرام، ولا يليق أن يكون من خلق المسلم. كما أن في هذا إعانةً للمسلم على الهجرة إلى بلاد الكفر، وتعريضاً له للفتنة في الدين، ولا شك أن حفظ الدين أولى من طلب المال والغنى. فأخشى أن تكون بعملك هذا قد أعنت أخاك المسلم على التعرض للبلاء والفتنة في دينه. وأما ما اكتسبته من الأموال من هذا الوجه من قبل فإن كنت جاهلاً حرمة ذلك فأرجو أن يعفو الله عنها، كما قال -سبحانه-: (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

معاملة غير المسلمين

معاملة غير المسلمين المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 9/1/1423 السؤال أعمل في شركة يوجد بها العديد من غير المسلمين ومن جنسيات عديدة وطبيعة العمل تحتم علينا الاحتكاك اليومي معهم، فهل هناك من حرج في مبادلتهم التحايا، وأحياناً قد يدخل أحدهم عليك في مكتبك ويهم بالسلام عليك فتقف للسلام عليه، أو يسألك عن حالك فتسأله عن حاله، مع أننا نُشْهد الله على بغضهم فيه، والشق الآخر من السؤال (يوجد أيضاً بالشركة بعض الرافضة، وقد عاب عليّ بعض الإخوان عندما كنا في مجلس ودخل أحدهم فقام الجميع للسلام عليه إلا أنا بغضاً له وكرها لمعتقده, فهل هذا التصرف صحيح للتعامل مع هؤلاء؟ الجواب

لا حرج على المسلم في معاملة غير المسلم، ويجب العدل معه، وعدم ظلمه، وسؤال هؤلاء الكفار عن أحوالهم ومبادلتهم التحية، التي يلقونها لا حرج فيه أيضاً، فقد ثبت أن النبي - عليه السلام - كان يسأل ثمامة بن أثال - رضي الله عنه - في كل يوم عن حاله وكان على الشرك عندما أسره المسلمون وربطوه في المسجد، انظر ما رواه البخاري (462) ومسلم (1764) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وصلة القريب الكافر والجار الكافر مشروعة، بل وتعزيتهم في وفاة أقاربهم ولكن يدعى لهم بما يناسب حالهم، فلا يقال لميّتهم غفر الله له، ولا رفع الله درجته في الجنة ولكن يقال: عوضكم الله خيراً ونحوه. والمنهي عنه إنما هو موالاتهم المقتضية لمحبتهم القلبية، والرضا بما هم عليه من الكفر، ونحوه، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولّوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون " [الممتحنة:8-9] . ويقول تعالى: " ولا يجرمنكم شنئان قومٍ على ألا تعدلوا " [المائدة:8] ، "وإذا قلتم فاعدلوا " [الأنعام:152] وهذا ينسحب على أهل البدع والضلالات فإنهم يعاملون بالعدل ولا يظلمون مع بغض ما هم عليه من الابتداع والضلال. ولنعلم أن المعاملة الحسنة التي لا يترتب عليها انتقاص من الدين، ولا رضا بالكفر والضلال سبيل من سبل الدعوة إلى الله وهي داخلة فيما أمر الله تبارك وتعالى به "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" [النحل:125] "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" [الإسراء:53] "وقولوا للناس حسنا" [البقرة:83] وأوصى الله موسى وهارون عندما بعثهما إلى فرعون بقوله " فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى" [طه:44] وبالله التوفيق.

قتل المحارم خشية الاغتصاب

قتل المحارم خشية الاغتصاب المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 13/3/1423 السؤال لقد شغلني كثيراً ما أسمعه من اغتصاب نساء المسلمين من الأعداء عند اجتياح البلاد، وتخيلت لو أن ذلك قد حدث في بلدتي، ماذا سأفعل؟ وخطر في عقلي، وفي إحدى الأيام قالت لي أمي: إن جدك قال لنا وقت دخول الإنجليز البلاد، لو دخلوا القرية سأقتلكم جميعاً قبل أن يتعرضوا لكم بالأذى، وفي الحقيقة وجدت أن هذا الأمر أسهل على نفسي من أن أرى زوجتي بين أيدي الأعداء يفعلون فيها ما يشاؤون، فهل هذا جائز شرعاً؟ الجواب على المسلم أن يسأل الله العافية، وألاّ يعرضه للفتنة في دينه أو ماله أو عرضه، وإذا ابتلي الإنسان بمن يريد أن يعتدي على عرضه فعليه أن يدفعه بما يندفع به ولو أدى الأمر إلى قتله إن لم يندفع بغير ذلك، وإن قتل هو دون عرضه فهو شهيد، لكن لا يجوز للإنسان أن يقتل أحداً من محارمه خوفاً عليهم من الاغتصاب؛ لأن قتل النفس محرم شرعاً، والاغتصاب مظنون قد يحصل وقد يدفع الله عنهم ذلك بأي سبب من الأسباب، ثم لو حصل رغماً على الإنسان فهذا لا يبرر قتل نفس معصومة، والله أعلم.

أخذ مال اليهود في فلسطين

أخذ مال اليهود في فلسطين المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 3/9/1424هـ السؤال ما حكم أخذ مال اليهود اليوم في فلسطين؟ وهل يعد سرقة؟ الجواب كل يهودي في فلسطين فهو مغتصب محارب حلال الدم والمال، وليس لماله حرمة ولا لدمه عصمة. ولكن يراعى في ذلك القدرة والمصلحة والمفسدة، وهذا لا يقدره إلا المقيمون هناك، بحيث إن أخذ المال إذا ترتب عليه إزهاق للأرواح حرم لا لحرمة أموالهم فهم قد اغتصبوا ديارنا، ولكن لحرمة دماء المسلمين الذين قد يتسبب هذا الفعل في أذيتهم.

حكم الاعتداء على غير المسلمين

حكم الاعتداء على غير المسلمين المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 13/1/1423 السؤال سؤالي الأول، هو: عن غير المسلمين، حيث نسمع من الكثيرين أن كل من كان غير مسلم، وخصوصاً إذا لم يدفع الجزية فهو لا قيمة له ويجوز قتله وشتمه إلى ما هنالك! فما هو توجيهكم لمثل هؤلاء الأشخاص؟ الجواب

الحمد لله، دين الإسلام هو دين الله الذي بعث به رسله من نوح - عليه السلام- بل من آدم إلى خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم - فالإسلام الذي أصله عبادة الله وحده لا شريك له، وطاعته وطاعة رسله هو الدين الحق الذي لا يقبل من أحد دين سواه، قال- تعالى-:" ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85] فأتباع موسى وعيسى ومن قبلهما - عليهم السلام - كانوا على الإسلام حتى بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - فنسخ الله بشريعته ما تقدمها من الشرائع، فالإسلام اليوم هو شريعة الله التي تضمنها القرآن وسنة الرسول - عليه الصلاة والسلام - كل من شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والتزم شريعة الله فهو مسلم، فمن خرج عن ذلك فهو كافر فالناس صنفان مسلم وكافر ـ فغير المسلمين هم الكافرون، والكفار باعتبار أحكام الشريعة فيهم ثلاثة أصناف: ذميّ، ومعاهد، ومحارب، فالذمي، هو: الذي التزم دفع الجزية ورضي بالإقامة تحت سلطان المسلمين آمناً على نفسه وماله وسائر حرماته، والثاني المُعاهد وهو: الذي كان بينه وبين المسلمين عهد، سواء كان في دار الإسلام أم في بلاده، فهذا أيضاً معصوم الدم والمال لا يجوز الاعتداء عليه في نفسه ولا ماله، ولا بغش ولا سرقة، ولا أي لون من ألوان العدوان، والثالث، هو: المحارب للمسلمين، وهذا حلال الدم والمال يجب على المسلمين إذا استطاعوا أن يحاربوه ويجاهدوه؛ لأنه عدو للإسلام وأهله من جميع الوجوه، قال - سبحانه وتعالى -:" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون " [الممتحنة:8-9] فإذا قاتل المسلمون أعداءهم المحاربين فإنه لا يجوز لهم قتل نسائهم ولا صبيانهم، ولا من ليس

من أهل القتال كالشيخ الفاني، فدين الإسلام يحرم الظلم والعدوان إلا على من اعتدى وظلم، قال - تعالى-:" الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين " [البقرة:194] وبهذا يعلم أن ما يقع من بعض جهلة المسلمين من الاعتداء على حقوق الآخرين من غير المسلمين، والذين أقام هؤلاء المسلمون في بلادهم بموجب الأنظمة والقوانين المتبعة التي تقتضي ألا يعتدي أحد على أحد، ما يقع من هؤلاء من السرقة، أو جحد حق، أو الاعتداء على الغير بضرب، أو سب بغير تسبب من الآخر كل ذلك مما تحرمه شريعة الإسلام، فما يفعله هؤلاء ليس من الإسلام في شيء، بل وأعظم من ذلك ما يقوم به بعض الغالطين من أعمال إرهابية كتفجير بعض المؤسسات، فإن ذلك ليس من الجهاد الذي شرعه الله لنشر العدل ولإعلاء كلمة الله في أرض الله وبين عباد الله، بل هو من الإفساد المنهي عنه، قال - سبحانه وتعالى -:" ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها إن رحمة الله قريب من المحسنين " [الأعراف:56] ، وقال - سبحانه وتعالى -:" ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " [النحل: 125] فينبغي لكل عاقل أن يعرف بالإسلام ويدعو إليه بلسانه وحاله وخلقه، ويستنقذ الناس من النار بدلالتهم على الهدى والخير، كما ينبغي لكل عاقل أن يتبصر في دين الإسلام ليعرف حقيقته، وسيرى إن اجتهد في طلب الحق أن الإسلام دين الله الحق، وأن خلاص نفسه من عذاب الله إنما هو بالدخول في الإسلام،" ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " [آل عمران:85] والله - تعالى - يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

جهاد النفس والمال وتفاضلهما

جهاد النفس والمال وتفاضلهما المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 8/10/1424هـ السؤال ما الفرق بين الجهاد بالنفس والجهاد بالمال؟ وأيهما أفضل؟. الجواب أما السؤال عن الفرق بين الجهاد بالمال والجهاد بالنفس فظاهر من جهة أن الجهاد بالنفس يكون بمشاركة المرء ببدنه في ميادين الجهاد وساحات القتال، ولا يلزم منه بذل المال، وأما الجهاد بالمال فيكون بذل المرء ماله من أجل الجهاد وإعانة المجاهدين، ولا يلزم منه المشاركة بالبدن. وأما السؤال عن تفاضلهما، فالأصل أن يقال: إن الجهاد بالنفس أفضل من الجهاد بالمال، والنصوص قد تكاثرت في فضل الجهاد بالنفس والترغيب فيه، ومن المتفق عليه أن بذل النفس أعظم من بذل المال، بل المال وما سواه يبذل دون النفس ويترخص من أجلها، غير أن هناك بعض الاعتبارات والأحوال يكون الجهاد بالمال فيها أولى وأفضل من الجهاد بالنفس، وضابط ذلك: أن يكون بذل المال أنفع للجهاد من بذل النفس، كأن تكون الحاجة إلى العتاد من سلاح ونحوه أشد من الحاجة إلى العدد والرجال، وبالله التوفيق.

طاعة الوالدين الكافرين بالمعروف

طاعة الوالدين الكافرين بالمعروف المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 7/2/1423 السؤال أنا رجل مسلم أبلغ من العمر أربعين عاماً من أسرة مسيحية الأصل، أحس بالإسلام في قلبي منذ أن كنت صغيراً ولكنني لم أطبق تعاليمه إلا منذ أن دخلت امرأة مسلمة حياتي، فبدأت أصلي وأصوم وأزكي وتوقفت عن سماع الأغاني وأشياء كثيرة أخرى علمتني هي هذه المرأة جزاها الله بكل خير، وأنا الآن أريد أن أتزوج بها ولكن أمي تعارض هذا الزواج بشدة؛ لأنه زواج بمسلمة وهي إلى الآن لا تعترف بي كمسلم، وإنما تقول لي: إن المسيحية هي ديني ودين أجدادي، أريد أن أعرف الآن ما حكم الإسلام في مثل هذا الموقف؟ هل رضا أمي المفروض يأتي أولاً بعد رضا الله وهي مسيحية وأنا مسلم؟ أم أن زواجي بامرأة مسلمة تعينني على ديني وتنشئ أبنائنا على الدين الإسلامي يأتي أولاً؟ خاصة أن لي ولداً من زوجتي القديمة وعمره 12 سنة، وأمي تأخذه إلى الكنيسة كل أحد، أرجو أن ترشدوني إلى الحل الصحيح الذي يجعل ربي راضياً عني، وأن تخبروني في أي الحدود من المفروض أن آخذ رضا الوالدة بما أنها من دين مختلف عن ديني خاصة أننا نعيش سوياً؟ الجواب

طاعة الوالدين فرض افترضه الله على الأبناء، وقرنه بحقه -سبحانه- في العبادة، قال -تعالى-: "وَقَضَىْ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوْا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِاْلِوْالِدَيْنِ إِحْسَاْناً ... الآية" [الإسراء:23] ، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، ولكن هذا الحق في الطاعة إنما هو في حدود الشرع، فلا طاعة لهما فيما يخالف شرع الله، كما قال الله -جل وعلا-: "وَإِنْ جَاْهَدْاكَ عَلَىْ أَنْ تُشْرِكَ بِيْ مَاْ لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَاْ وَصَاحِبْهُمَا فِيْ الْدُّنْيَا مَعْرُوْفَاً"الآية [لقمان: 15] ، ويستفاد من هذا ثبوت حق البر حتى للوالدين الكافرين مالم يعارض الشرع، وإذا تأكد لك صلاح هذه المرأة ودينها فتزوج بها، ولا عليك من مخالفة أمّك النصرانية، لأنه ليس لها حق في منعك من هذا ولا تلزمك طاعتها في شأن يخالف دينك الإسلامي. ومع ذلك عليك ببرها والإحسان إليها لعل الله أن يشرح صدرها لدينه الذي ارتضاه لعباده.

هل اليهود والنصارى إخوان لنا؟

هل اليهود والنصارى إخوان لنا؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 18/2/1423 السؤال هناك أحد المدرسين يقول لطلابه: لا تقولوا إن اليهود إخوان القردة والخنازير، ولا تسبوهم فديننا ليس دين سب وشتم، بل هو دين دعوة، وأن اليهود والنصارى إخوان لنا لأنهم أهل دينٍ سماوي، فما رأيكم أثابكم الله، وكيف نرد عليه؟ الجواب قول هذا القائل خطأ مجانب للصواب، فقد ثبت في مسند أحمد (13531) -وأصله في الصحيحين- أن اليهود دخلوا على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: السام عليك. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" السام عليكم" فقالت عائشة: السام عليكم يا إخوان القردة والخنازير، ولعنة الله وغضبه. فقال:" يا عائشة، مه" فقالت: يا رسول الله، أما سمعت ما قالوا؟ قال:" أوما سمعت ما رددت عليهم؟ يا عائشة، لم يدخل الرفق في شيء إلا زانه، ولم ينزع من شيء إلا شانه". ففي هذا الحديث لم ينكر على عائشة مقولتها في اليهود، وإنما وجّهها إلى حسن الخطاب لا غير، وأيضاً اليهود والنصارى لعنهم الله في كتابه في قوله: "لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ... " [المائدة:78] ، فتبين أن لعن من لعنه الله ورسوله ليس شتماً، وإنما الشتم المذموم للواحد المعين منهم؛ لأن شتمه حينئذ لا ينفع المسلم بشيء، بل جاء النهي عن لعن الشيطان أو سبّه كما هو ثابت بالسنة النبوية.

وأما القول بأن اليهود والنصارى إخوان لنا لأنهم أهل دين سماوي فغير صحيح أيضاً، فلا أخوة بين المسلم والكافر في الدين بحال، وإنما الأخوة بين المؤمنين بالله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- كقوله -تعالى-: "إنما المؤمنون إخوة" [الحجرات:10] ، وما جاء في القرآن من ذكر أخوة الكفار لرسلهم كقوله: "وإلى ثمود أخاهم صالحاً" [الأعراف:73] "وإلى مدين أخاهم شعيباً" [الأعراف:85] ، فهي أخوة في الجنس والأهل، كما يقال: الأخوة الإنسانية، والعرب تقول: يا أخا العرب، ولا يعني هذا الأخوة الدينية، بل تعني كل من ينتمي إلى العرب أو يخالطهم وإن لم يكن منهم. ونحن لم نتعبد في ديننا بسب وشتم الآخرين، غير أننا متعبدون بما شرعه الله لنا في كتابه أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

الدعاء بالهداية للكفار

الدعاء بالهداية للكفار المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 21/2/1423 السؤال إذا ثبت كفر حاكم بلد إسلامي فهل يجوز الدعاء له بالهداية والخير والصلاح؟ الجواب قال الله -عز وجل- عن الذين قاتلوا رسوله في أحد وقتلوا أصحابه وأهل بيته: "ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم" [آل عمران:128] . وقال -صلى الله عليه وسلم- عن مشركي دوس: "اللهم اهد دوساً وأتِ بهم" (البخاري (2937) ومسلم (2524)) . وقال -عز وجل- عن المشركين الذي صدوا رسوله يوم الحديبية: "عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة" [الممتحنة:7] ، أي: بالإيمان، والله أعلم.

عقيدة المسلم في اليهود

عقيدة المسلم في اليهود المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 1/3/1423 السؤال هل الآيات المتعلقة باليهود وكرههم للإسلام على العموم أم أن هذه الآيات تتكلم بالتحديد عن كل يهودي؟ وهل يجوز لنا كره كل اليهود لمجرد أنهم يهود؟ أو علينا كره من آذونا فقط؟ هل المسلم عندما يتزوج من كتابية يهودية عليه أن يكرهها أو ألاّ يثق بها لأنها يهودية أم ماذا؟ وكيف يتزوجها مع عقيدة الولاء والبراء؟ وأين مذهب التسامح ووو..الخ؟ عدة أسئلة الصراحة نحن هنا في أمريكا نواجهها، والقناعات التي كنا نعرفها ليست كلها ثابتة؛ إننا رأينا الكثير من اليهود من يقف معنا ضد شارون وإسرائيل، ويخرجون معنا في المظاهرات فهل يجوز لنا أن نقول إنهم كذابون وإنهم يخدعوننا؟ الجواب في الفقرة الأولى من السؤال التقسيم في السؤال غير دقيق، وعلى كل حال فالآيات المتعلقة باليهود وكرههم للإسلام عامة تشمل كل يهودي، هذا هو ظاهر القرآن ويؤكده الواقع والتاريخ، والمراد بالكره الكره العقدي. أما الفقرة الثانية من السؤال وهي قوله: هل يجوز لنا كره كل اليهود لمجرد أنهم يهود أو علينا كره من آذونا فقط؟ أقول: صيغة السؤال غير صحيحة لأن المسألة ليست يجوز أو لا يجوز، بل البراءة من كل دين -غير دين الإسلام- وأهله من أسس العقيدة، فلا يتم إيمان أحد ولا إسلامه حتى يتبرأ من الشرك وأهله، قال -تعالى- حكاية عن إبراهيم -عليه السلام-: "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده ... " [الممتحنة:4] .

وإذا كانت موالاة الكفار لا تجوز ومحرمة إلا أن الإسلام فرق بين الموالاة والمعاملة بالحسنى، قال -تعالى-: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" [الممتحنة:8] . قال ابن جرير: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم" من جميع أصناف الملل والأديان "أن تبروهم وتقسطوا إليهم". والذي ينبغي أن يفهم أن البر والقسط لا يتعارض مع الأمر ببغضهم وكرهههم. قال ابن حجر: "البر والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتوادد المنهي عنه". ومعنى ذلك أن البغض والكره لا يستلزم إساءة المعاملة، وهكذا نستطيع أن نفهم تعامله مع اليهود بيعاً وشراءً ورهناً، ولا يستلزم محبتهم والرضا عن دينهم. وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- زيارتهم وعيادة مريضهم وهذا لا يتنافى مع الأمر ببغض دينهم. ولعل فيما ذكرنا آنفاً جواباً لسؤاله: هل المسلم عندما يتزوج من كتابية يهودية عليه أن يكرهها؟ أو ألاّ يثق بها لأنها يهودية أم ماذا؟ أقول: الكره لا يتعارض مع المعاملة بالحسنى، فهو يحبها حباً طبيعاً من وجه (وهو ما جعله -تعالى- في الرجل من الرغبة بالأنثى) . ويبغضها من وجه، وهو دينها وما هي عليه من عقيدة باطلة، مما يجعله يسعى في إسلامها ولإيمانها، وبالتالي فلن يرضى عن دينها ولا يعتقد صحته والله أعلم.

إجابة دعوة الكافر

إجابة دعوة الكافر المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 19/10/1423هـ السؤال بسم الله، أنا شاب أعمل في شركة يعمل فيها أجانب من بريطانيا، وقد كونت علاقة معهم، وعند اقتراب سفر أحدهم دعاني إلى حفله، مع العلم أن علاقتي معهم كانت من أجل الدعوة وتأليف القلب، فهل أجيبه أم لا؟ وقد يتخلل الحفل بعض المنكرات أجيبونا بارككم الله؟ الجواب إن كنت أهلاً وقادراً ولديك من العلم ما يمكنك من دعوة هؤلاء والتأثير فيهم فلا مانع من تكوين العلاقة، وإن كنت قد تتأثر أنت بسلوكهم وأخلاقهم وما فيهم مما يخالف الشرع والعقل فلا تكون علاقة معهم لضعفك وعجزك وعدم علمك، ولكن تتعامل معهم بأخلاق الإسلام، وتكون جميع تصرفاتك معهم وفق الإسلام، ولو تعاملت معهم بذلك مع الحكمة والصدق لكفى أن يكون دعوة لهم لما رأوا منك من تطبيق حسن للإسلام، فبالعمل به انتشر الإسلام في ربوع الأرض. أما إجابة الدعوة في حفلاتهم التي تتخللها منكرات فإن كنت قادراً على منع تلك المنكرات ومؤثراً فيهم بتركها، وتترتب على حضورك مصلحة شرعية فلا بأس، والعكس بالعكس. والله الموفق.

البقاء بين ظهراني المشركين

البقاء بين ظهراني المشركين المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 22/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا مسلم محافظ أدرس في الولايات الأمريكية مبتعث لأدرس تخصصا مهماً فهو أحدث من الموجود في بلادنا، إضافة إلى أنه مهم ونادر, والجميع يعلم أن زعماء أولئك القوم -الذين أنا مقيم عندهم- قاموا بالاعتداء ورفع راية الحرب على إخواننا المسلمين في بلاد دجلة والفرات. ولست أرضى ذلك، الحمد لله لم يبق لي إلا ثلاثة أشهر أو أقل بإذن الله -تعالى- على التخرج الذي تلزمني به الجهة الباعثة، حيث إنني استطعت -ولله الحمد والمنة- التحصيل الأساسي والكافي الذي ينفعنا ديناً ودنيا بإذن الله تعالى، السؤال هو: هل يجوز بقائي واستمراري في هذه الظروف العصيبة? إنما أردت أن أراجع وأطمئن لقول وتوصيات أهل الذكر. وجزاكم الله خيراً. الجواب استمر في دراستك واحرص على تحقيق الغرض الذي من أجله ابتعثت، وبخاصة أنه لم يبق على تخرجك سوى مدة يسيرة، ولا أرى لك أن تقطع بعثتك بسبب ما تذكره من ظروف الحرب والاعتداء، لأنك ستخسر هذا العلم ولن يغير رجوعك من الأمر شيئاً، بل احرص على تحصيل العلم الذي من خلاله تنفع أمتك إذا رجعت، وتجاهد به الكفار في ميدان العلم، وعليك بإخلاص النية لله -تعالى-، واعلم أنه إذا حسنت نيتك في تحصيلك للعلم، فإن الله -تعالى- يثيبك على هذا أجزل الثواب وأوفاه، ومقام المسلم في ديار الكفر من أجل تحصيل علم نافع للمسلمين لا حرج فيه، إذا كان قد حصن نفسه من الشهوات والشبهات، وانطوى قلبه على بغض ما عليه هؤلاء القوم من كفر وإلحاد، ولتكن في مقامك هناك داعية إلى الله -تعالى- بسلوكك وصدقك وحسن تعاملك، والله أعلم.

انتحار الأسير خوفا من إفشاء الأسرار

انتحار الأسير خوفاً من إفشاء الأسرار المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 9/4/1424هـ السؤال أسير مسلم وقع في يد أعدائه، وقاموا بتعذيبه بوحشية للإدلاء بمعلومات عن زملائه وأماكنهم ومعسكراتهم، ولأنه قد لا يحتمل هذا العذاب الشديد ويخشى أن يضعف ويعترف قتل نفسه وانتحر، فهل يعد منتحراً ويخلد في جهنم، شكراً لكم. الجواب

الحمد لله، من وقع في أيدي أعداء الإسلام وعذبوه فإنه لا يجوز له أن يقتل نفسه بحال من الأحوال، بل عليه أن يصبر ويتصبر ويستغيث بالله، ومن انتحر ظناً منه أنه يجوز له ذلك أو خشية أن يدلي بأسرار تضر بالمسلمين فإنه لا يكون كمن انتحر جزعاً، فيرجى أن الله يعذره بنيته الصالحة ويغفر له، أو يعذره بجهله إذا فعل ما فعل لظنه أنه يسوغ له أن يقتل نفسه، وعلى كل حال فلا يسوى هذا بمن يقتل نفسه تسخطاً على قضاء الله، وجزعاً من المصيبة، فهذا هو الذي توعد بأن يعذبه الله في النار بما قتل به نفسه، كما في الحديث: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها ... "، الحديث رواه البخاري (5778) ، ومسلم (109) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وهذا عند أهل السنة والجماعة من أحاديث الوعيد التي يراد منها الزجر عن ارتكاب القبائح، وهي مقيدة بمثل قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ" [النساء: من الآية48] ، وقتل الإنسان نفسه أو قتله لمعصوم هو دون الشرك فيدخل في عموم " وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ"، إذاً فالذي يقتل نفسه إذا مات وهو مؤمن بالله ورسوله - عليه الصلاة والسلام - فإنه تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، وإن عذبه فمآله الخروج من النار ما دام أنه مات موحداً، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير"، رواه البخاري (44) ، ومسلم (192) ، من حديث أنس - رضي الله عنه- ومع ذلك يجب على المسلم أن يحذر من الذنوب ولا يتكل على ما ورد من نصوص الوعد، بل عليه أن يحذر ويسأل ربه حسن الخاتمة، وأن يعيذه الله من شر نفسه، وسوء عمله، فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه سميع الدعاء، والله أعلم.

تحديد عورة غير المسلمين

تحديد عورة غير المسلمين المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 13/3/1424هـ السؤال أرجو إفادتي في تحديد عورة غير المسلمين. الجواب إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وبعد: فإن من آداب السلوك الإسلامي أن اللباس والهيئة وسائر التصرفات، يجب أن يراعى فيها ما يوافق تلك الآداب، وهي ملزمة في المجتمعات الإسلامية، يخضع لها كل أحد، ولو كان كافراً، فلا يترك لأحد أن يثير فتنة الشهوات ولا أن يسيء إلى الشعور الإسلامي العام. وغير المسلم ينبغي ألا يظهر بين الناس إلا بما ليس فيه فتنة ولا إبداء فاحشة، فلا ينبغي لكافرة أن تمشي في أسواق المسلمين كاشفة الساقين أو الساعدين أو صدرها، أو ظهرها، أو شعرها، مما فيه فتنة للمسلمين، فمثل هذه تمنع، ومنعها لأجل انتهاك حق حرمة المسلم، لا لأجل صيانة حرمتها، بخلاف المسلمة، فإنها تمنع صيانة لها وحرمة لشعور المسلمين. وكذا الكافر لا ينبغي أن يخرج أمام المسلمين بما ليس فيه حشمة حفاظاً لحرمة المسلمين، وصيانة لشعورهم من أن يلحقهم أذى بمنظر مكروه، وهذا ما كان عليه المجتمع المسلم يوم كانت العزة والغلبة لهم، نسأله -سبحانه- أن ينصر دينه ويعز عباده المؤمنين ويذل أهل الكفر والمنافقين.

تأجير البيوت للكفار

تأجير البيوت للكفار المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 5/11/1424هـ السؤال لدي غرفة، وجاءني شخص مسلم يريد استئجارها لشخص آخر كان يسكن معهم أو بجوارهم، وفعلا تم الاتفاق بيني وبين الشخص الأخير وعملنا اتفاقية وتم التوقيع عليها، وبعد مرور عدة أيام من ذلك سألت أناساً آخرين من نفس الجنسية عن ديانة هذا الشخص فتبين لي أنه غير مسلم (هندوسي) . ولم أكن أعلم بذلك؛ لأنني بنيت على الشخص الذي أحضره لي، فما رأي أصحاب الفضيلة في التأجير لأناس غير مسلمين؟ سواء مساكن أو محلات تجارية؟ وكذلك ما حكم التأجير لأناس مسلمين ولكنهم يصلون أغلب الأوقات في البيوت، ولا يصلون في المساجد إلا قليلا؟ وخاصة صلاة الجمعة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: مثل هذا التأجير يظهر أنه صحيح، ويدل لهذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تعامل مع الكفار وباع واشترى منهم، انظر مثلاً ما رواه البخاري (2068) ومسلم (1603) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، لكن الأحسن والأولى أن يعتني المسلم بأن يُؤجر للمسلمين المتقين، وألا يدخل بيته أو محلاته - حتى ولو كان عن طريق الإيجار - إلا من اتصف بالإسلام والاتباع والتقوى.

رقية الكافر للمسلم

رقية الكافر للمسلم المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 2/8/1424هـ السؤال هذه شبهة طرحها بعضهم من خلال هذه الرواية، ورد في الموطأ (1733) حدثني عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- دخل على عائشة -رضي الله عنها- وهي تشتكي، ويهودية ترقيها، فقال أبو بكر: ارقيها بكتاب الله. يقول هذه المبتدع: كيف يجوز طلب الرقية من الكافر؟ حيث إن فيها تزكية لباطنه. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، أما بعد: فإن قول سيدنا أبي بكر - رضي الله عنه - لليهودية (ارقيها بكتاب الله) يتلخص في النقاط التالية: - هذا الأثر رواه الإمام مالك في الموطأ (1756) بسند صحيح، ومعنى قول سيدنا أبي بكر - رضي الله عنه - "ارقيها بكتاب الله" الظاهر أنه يعني التوراة، فهو كتاب ديانتها، وقيل يريد ارقيها بما يوافق كتاب الله، بأن يكون خالياً من الشرك. - ليس في طلب الرقية من الكافر تزكية لباطنه، ولا رضى بما هو عليه من دين منسوخ، ذلك أن حقيقة الرقية تعويذ يكون سبباً في رفع مرض أو وقاية من شر، فهو نوع من الاستشفاء، والتداوي، إذا أصاب موقع المرض حصلت الفائدة بأمر الله، يدل على هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكل داء دواءٌ فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله - عز وجل -" رواه مسلم (2204) من حديث جابر - رضي الله عنه -، فالشفاء من الله لا من الدواء ولا من الطبيب والراقي، قال - عز وجل -: "وإذا مرضت فهو يشفين" [الشعراء: 80] .

- صلاح الراقي له بأمر الله أثر في فائدة الرقية، لكن ليس هناك ارتباط لازم بين عقيدة الراقي أو المرقي وبين استفادته من الرقية، وعليه فتصح الرقية إذا لم تكن شركاً من التقي والفاجر، ومن المسلم والكافر، والشفاء بيد الله، يدل على هذا أن الرقى كانت معروفة قبل الإسلام في عهد أبي الأنبياء والرسل خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، وكذلك عند اليهود والنصارى، فحينما أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم أن يرقي الحسن والحسين - رضي الله عنهما - قال: "إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق، أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة" رواه البخاري (3371. - كان العرب في جاهليتهم يستشفون عن طريق الرقية، بل كان فيهم من يعرف بذلك، ففي صحيح مسلم (868) في قصة إسلام ضماد: "أن ضماداً قدم مكة، وكان من أزدشنوءة، وكان يرقي من هذه الريح". في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم ما يدل على إقرارهم على ما كانوا يرقون به في الجاهلية ما لم يكن شركاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه - قال: "كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك"، فدل على أن الرقية إذا خلت من الشرك، وما هو من بابه من الشعوذات والكلام البدعى فهي مباحة، وقد ينفع الله بها، وإن لم تكن من مسلم.

تعاملنا مع اليهود والنصارى

تعاملنا مع اليهود والنصارى المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 28/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد من فضيلتكم توضيح أمر في العقيدة وهو علاقتنا باليهود والنصارى، فهناك من يقول بأن عداءنا لليهود مرتبط بفلسطين فمتى ما تحررت انتهى العداء، ويقولون بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قد دمعت عينه على جنازة نصراني لأن نفساً انفلتت منه إلى النار، وأنه لابد أن ننظر إليهم برحمة ومودة، فيكف نجمع بين الرحمة والبغض والموالاة؟ وما هو المعيار الذي نستعمله لضبط علاقتنا بهم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد.. فالعداوة مع اليهود مستمرة منذ بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى مقاتلة المسلمين لهم آخر الزمان مع عيسى بن مريم - عليه السلام- وهم مع المسيح الدجال، الذي يسير معه سبعون ألفاً من يهود أصبهان، وهذه القضية محسومة بنص - القرآن الكريم- في العديد من الآيات، منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى: "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ" [البقرة: من الآية120] ، وهذا التعبير يدل على الاستمرارية في العداوة. وقال تعالى: "وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا" [البقرة: من الآية217] ، ولا يزال من أدوات الاستمرار، وقال تعالى: "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا" [المائدة: من الآية82] ، وغيرها من الآيات الكثيرة.

فالعداوة ليست مختصرة على المسألة الفلسطينية كما يروج لها بعض الناس، أما التعامل مع أفرادهم غير المحاربين؛ فالأصل في التعامل مع النصارى وغيرهم من الكفار قوله تعالى في سورة الممتحنة [8-9] :"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين*إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون". وعليه فإذا كان أهل الميت من القسم الأول فلا بأس من زيارتهم ودخول منازلهم وتعزيتهم في مصابهم والإحسان إليهم وحسن التعامل معهم، لكن يجب أن يكون ذلك كله مصحوباً بدعوتهم إلى الإسلام واستمالة قلوبهم إليه، مع بغض ما هم عليه من كفر وضلال. والميت النصراني -مهما كانت أخلاقه في العمل وحسن تعامله- لا تجوز الصلاة عليه ولا الدعاء له بالمغفرة، لا الصلاة الشرعية ولا صلاتهم هم البدعية على موتاهم، بل هذه من باب أولى، سواء في كنائسهم أو في غيرها. وعليه فلا تجوز المشاركة في مواسم عباداتهم واحتفالاتهم في تشييع جنائزهم ولا في غيرها. كما لا يجوز الوقوف صمتاً دقيقة واحدة أو أكثر أو أقل حداداً وتشريفاً لأرواح الموتى، لأن هذا من شعائر الكفار التي أمرنا بمخالفتهما، سواء كان ذلك مجاملة أو عادة أو تقليداً. فلا تجوز المجاملة في دين الله تعالى، ولا الالتزام بالأعراف والتقاليد المخالفة لدين الله، ومع ذلك فإنه يجوز حمل جنازة الكافر والذهاب بها إلى المستشفى أو إلى مكان الدفن إذا لم يوجد من يقوم بذلك. أما دخول الكنائس فالأصل فيه المنع إلا لمصلحة شرعية، لما روى البيهقي في السنن الكبرى (1840) بإسناد صحيح إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال:" ... ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم ومعابدهم فإن السخطة تنزل عليهم". ولا نعرف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من الخلفاء الراشدين أنه شيع جنازة أحد من أهل الذمة. - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين-.

جهاد الدفع ودخول العدو بلاد المسلمين

جهاد الدفع ودخول العدو بلاد المسلمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 20/3/1424هـ السؤال هل يجوز لنا إذا دخل العدو بلداً من بلاد المسلمين وليس عندهم قدرة إعدادية، ولا جماعة، أو إمام أن نبقى بدون جهاد دفع؟. الجواب

إذا دخل العدو بلداً من بلاد المسلمين وجب على أهل ذلك البلد -المواطن منهم والمقيم- وجوباً عينياً الدفاع عن هذا البلد، بكل وسيلة مشروعة ممكنة، فإن لم يستطع أهل هذا البلد المغزو وجب على أقرب البلاد إليهم إعانتهم والدفاع معهم ونصرتهم، وجوباً عينياً أيضاً، ولو كان أهل ذلك البلد أو من جاورهم ليس عند هؤلاء وهؤلاء عدة ولا عتاد يساويان أو يقاربان عدد وعدة العدو لأن قتالهم هذا قتال دفع لا طلب، وجهاد (قتال) الدفع لا يشترط فيه ما يشترط في جهاد الطلب، بل الواجب عليهم في مثل هذه الحال أن يقاتلوا العدو؛ لقوله -تعالى-: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" [الحج:39] ، بكل ما يستطيعونه ولو قل، ولعموم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم" رواه أبو داود (2504) ، والنسائي (3096) من حديث أنس - رضي الله عنه-، فجهاد الدفع لا يشترط فيه اجتماع عدد معلوم، ولا يلزم أن يكون للمسلمين المغزوين إمام يستأذن كما لا يستأذن الأب ولا الأم ولا الزوج، ونحو ذلك، وإن كان المسلمون المعتدى عليهم خليطاً من المؤمنين والكفار، لا يشترط لهم حينئذ أن تكون لهم راية واحدة يقاتلون تحتها، وإن أمكن ذلك فحسن، وإن لم يمكن تعاون المسلمون مع الكفار الذين يسكنون معهم على العدو الذي غزاهم في عقر دارهم، ولكن يجب على المسلمين -فرادى كانوا أو جماعة- حينئذ أن يعلنوا أن جهادهم إنما هو لإعلاء كلمة الله وفي سبيله لا غير، (والراية العُمِّية التي يحرم القتال تحتها ولو مات فيها مات ميتة جاهلية) ، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- في صحيح مسلم: (1848) "من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتةً جاهليةً، ومن قاتل تحت رايةٍ عِمِّيَّةٍ، يغضب لعصبةٍ، أو يدعو إلى عَصَبَةٍ، أو ينصر عصبةً، فَقُتِل، فقتلةٌُ جاهليةٌُ ... " الحديث، ففسرها رسول

الله -عليه الصلاة والسلام- بأنها مفارقة جماعة المسلمين، ويقاتل المرء فيها لعصبية أو يدعو لعصبية أو ينصر عصبية، أي كأن يقاتل من أجل القومية، أو الحزبية أو القبلية، كما يقول الشاعر الجاهلي: وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد.

وجاء في حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه- عند الترمذي (142) ، وأبي داود (4772) ، والنسائي (4094) ، وابن ماجة (2580) : "من قتل دون ماله فهو شهيدٌُ، ومن قتل دون دينه فهو شهيدٌُ، ومن قتل دون دمه فهو شهيدٌُ، ومن قتل دون أهله فهو شهيدٌُ" والعدو المعتدي مسلماً كان أو كافراً إنما يريد هذه الأمور الأربعة مجتمعة أو بعضها، ومن لازم ذلك القتال للدفاع عن بلاد المسلمين إذا غزيت من العدو الكافر؛ لأن هذه الأمور داخلة في بلاد المسلم أو وطنه. أما القول في وجوب اشتراط وجود الإمام أو إذنه في الجهاد في سبيل الله فلا أعرف أحداً من أهل العلم المقتدى بهم اشترط ذلك، بل الواجب خلافه، وهو أن الإمام لا يكون إماماً إلا أن يقوم بالجهاد في سبيل الله، لا أنه لا يكون جهاد إلا بإمام، ويقول شيخ الإسلام بن تيمية في مجموع الفتاوى (34/176) ، والسنة أن يكون للمسلمين إمام واحد والباقون نوابه، وإذا فرض أن الأمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها وعجز من الباقين أو غير ذلك فكان لها أئمة لكان يجب على كل إمام أن يقيم الحدود، ويستوفي الحقوق، فمتى أمكن إقامتها من أمير لم يحتج إلى اثنين، ومتى لم يقم إلا بعدد من غير سلطان أقيمت إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها"، وعمل أبي بصير - رضي الله عنه- في قصة الحديبية ومن معه من المهاجرين الذين قاموا بقطع الطريق على قافلة قريش أظهر دليل على عدم اشتراط وجود الإمام أو إذنه للجهاد في سبيل الله، بل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في أبي بصير لما بلغه فعله في قريش "ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد" انظر في صحيح البخاري (2731-2732) يؤكد عدم اشتراط وجود الإمام أو إذنه في الجهاد في سبيل الله، بل نجد أئمة الدعوة في نجد منعوا وأنكروا على مثل هذا الاشتراط، فيقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ت 1258هـ) : (بأي كتاب أم بأية حجة أن الجهاد لا يجب إلا مع إمام متبع؟ هذا من الفرية في الدين والعدول عن سبيل المؤمنين، والأدلة على إبطال هذا القول أشهر من أن تذكر..) ، انظر الدرر السنية5/97-99. والله أعلم.

الإشادة بمعارضي الحرب من الكفار

الإشادة بمعارضي الحرب من الكفار المجيب د. حسن بن صالح الحميد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 19/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخنا الفاضل: (1) أرى البعض من الناس (العوام والمثقفين) يمدح ويثني على النصارى الذين يرفضون الحرب وخرجوا بمظاهرات ومسيرات، ويقولون هؤلاء أفضل من العرب، فالعرب ماذا فعلوا، ناسين بذلك أو متجاهلين أمر الولاء والبراء. (2) ويقول البعض لا تدعو على النصارى (أي في قنوت النوازل) لأنهم ليسوا كلهم مؤيدين للحرب. (3) وبعضهم يؤيد ويمدح صدام وربما يدعو له بالنصر، مع العلم بأنه بعثي كافر. فما هو قولكم وتعليقكم؟ وجزاكم الله خيراً وبارك في جهودكم. الجواب الحمد لله، أما بعد: فإن في سؤالك مسائل: الأولى: قولك إن من الناس من يثني على النصارى الذين يرفضون الحرب ويفضلهم على العرب الذين لم يفعلوا فعلهم، ناسين أو متناسين أمر الولاء والبراء. والجواب: أن الثناء على من يقف في صفك في وجه عدوك، ويعلن برفض إيقاع الظلم عليك من أهل دينه، أن هؤلاء يحمدون على مواقفهم، لأنها تتفق مع مصالحنا، حتى وإن كانت مصالحهم هم أيضاً متحققة في مواقفهم تلك، فإن التعاون على المصالح المشتركة، ودفع العدو المشترك مما لا تأباه الشريعة ولا يتعارض مع نصوصها ومحكماتها، لكن لا يجوز توليهم ومحبتهم محبة قلبية كما لا ينبغي المبالغة في تقدير هذه المواقف وتأثيرها، لأنها مواقف مبناها على المصالح، فلا ننخدع ونتجاوز بها قدرها. كما يجب أن نتذكر أن من هؤلاء الرافضين للحرب على العراق من قتل الملايين من المسلمين ولا يزال كروسيا، ولكننا في المسألة العراقية نتبنى كل صوت قد يسهم في منع العدوان، وإن كان محدود الأثر.

وعليه فلا أرى مانعاً شرعياً أن يتوجه اللوم إلى بعض المسلمين الذين منهم من كان مؤيداً للعدوان سراً أو علانية، ولا شك أن هذه مواقف مخزية آثمة ظالمة، وإذا انحصر التفاضل بين المواقف في هذه المسألة، وكان مطابقاً للواقع، ولم يتجاوز ذلك إلى مسألة الولاء والبراء، فإن هذا قد يُعد من الإنصاف والعدل في الحكم، مع التأكيد على ما قررناه من استحكام العداوة بين المسلمين وغيرهم من النصارى في الجملة، لكن هذه المواقف ترجع إلى موازنات ومصالح يعرفها أهل السياسة الشرعية. ثانياً: أما الدعاء على النصارى وغيرهم في القنوت، فإن المطلوب هو الدعاء على الظلمة والبغاة منهم ومن غيرهم، لأن الحامل على الدعاء هو الظلم والعدوان، وليس مجرد الكفر، وإلا لكان حقاً على المسلمين أن يدعوا في كل وقت؛ لأن العالم لا يخلو من الكفار أبداً، فالعدل هو الدعاء على من ظلم وبغى أياً كان. ثالثاً: ولا يمدح صدام ولا غيره من الطغاة الظلمة في حق الله وحق عباده، فهم محل الذم والمقت من الله ومن عباده، ولكن يدعى للمسلمين في العراق، وقد ذهب صدام وأعوانه فإن العبرة فيهم، وكونهم مثالاً لغيرهم يبقى الجواب على بابه، فنقول: إذا كان البديل هم الصليبيون حلفاء اليهود فهل من الحكمة الدعاء عليهم؟ ولماذا يكون الدعاء على صدام وحزبه أو على غيرهم مشروعاً في هذا الوقت بالذات؟ فالواجب الدعاء للمسلمين المستضعفين في العراق وفي غيرها، والدعاء على الظلمة والطغاة الذين يؤذون المؤمنين ويريدون بهم شراً في العراق وفي غيرها، وأن يدفع الله عنهم الشرور والفتن، ويختار لهم ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، فإننا لا نعلم الغيب، ولا نحيط بحكمة الله، ولا نجزم بمواقع المصلحة، والله أعلم.

حكم السرقة من اليهود

حكم السرقة من اليهود المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 13/3/1424هـ السؤال يا شيخ أريد أن أسأل سؤالاً: هل تجوز السرقة من اليهود؟ القصد هنا من جميع النواحي، وخاصة هل يصح سرقة الملابس من حوانيتهم الخاصة؟ أرجو الإفادة. الجواب الذي يعصم مال الكافر ويمنع من قتله إنما هو العهد أو الأمان أو عقد الذمة. وليس اليهود الغاصبون في فلسطين أهل ذمة، ولم يدخلوها بأمان. لكن لو كان بين جماعة من المسلمين وبين اليهود عهد فإنه يجب الوفاء به إلى مدته، قال -تعالى-: "إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" [التوبة:4] . وأما من لم يدخل في عهد المعاهدين لليهود فإنه تحل له أموال الكفار ودماؤهم. والواجب على المسلين في فلسطين - وأمثالهم من بلاد المسلمين التي استولى عليها الكفار وحكموها وبقي فيها المسلمون- أن يصمدوا على الأرض، ويكاثروا عدوهم، ويحافظوا على هويتهم الإسلامية، ويركزوا على التميز عنهم ويسعوا للتحرر منهم، ويصابروا على ذلك. وليبشروا بنصر الله لهم "إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ" [غافر:51] ، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

قتال الغزاة في العراق

قتال الغزاة في العراق المجيب الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 30/1/1424هـ السؤال هل يقف الشعب مع قوات التحالف؟ أم مع الحكومة البعثية؟ أم يقف على الحياد؟ وهل يعتبر قتالهم للقوات الغازية جهاداً في سبيل الله؟ وإن كانت تحت راية قومية أو وطنية أو بعثية؟ وهل يعتبر قتلاهم شهداء؟ الجواب قتال المسلمين في العراق للقوات الأمريكية وحلفائها واجب شرعي؛ لأنه قتال لدفع العدوان الواقع عليهم من هؤلاء الكفار، دل على ذلك كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فقد قال تعالى "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم" [البقرة: 190] ، وقال " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم" وقال تعالى " فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطاناً مبيناً" [النساء: 91] ، وقال تعالى " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله" [الحج: 39-40] . وقد قاتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المشركين في غزوة أحد لما قدموا لمقاتلته، وتجهز لقتال الأحزاب حين أحاطوا بالمدينة، وغير ذلك من مواقفه -صلى الله عليه وسلم- وقد اتفقت كلمة الفقهاء المسلمين -على اختلاف مذاهبهم- على وجوب القتال لدفع العدوان الواقع على بلاد المسلمين؛ ومن ذلك قول الكاساني في البدائع: (إذا عمَّ النفير بأن هجم العدو على بلد فهو [أي الجهاد] فرض عين يفترض على كل واحد من آحاد المسلمين ممن هو قادر عليه) .

وجاء في المنهاج وشرحه: الثاني من حَالي الكفار ... يدخلون بلدة لنا أو ينزلون على جزائر أو جبل في دار الإسلام ولو بعيداً عن البلد، فيلزم أهلها الدفع بالممكن عنهم، ويكون الجهاد حينئذٍ فرض عين وقيل: كفاية؛ لأن دخولهم دار الإسلام خطب عظيم ولا سبيل إلى إهماله، فلا بد من الحد في دفعه بما يمكن. [يراجع كتاب الجهاد والقتال في السياسة الشرعية 1/612-636 وما بعدها] . وأما استشكال القتال تحت الراية القومية أو الوطنية أو البعثية، فيمكن الجواب عنه بأن المسلمين في العراق لا يستطيعون أن يتميزوا براية مستقلة عن راية دولتهم، وقد وجب عليهم القتال لرد العدوان كما ذكر آنفاً، وقد تقرر أن الواجبات الشرعية معلقة بالاستطاعة، كما في قوله تعالى " فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ، وقوله تعالى "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] وقوله -صلى الله عليه وسلم- "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" رواه البخاري (72) ومسلم (1327) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم: "وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم" دليل على أنه من عجز عن فعل المأمور به كله وقدر على بعضه، فإنه يأتي بما أمكنه منه ثم ذكر أمثلة لذلك. لكن على إخواننا في العراق أن يخلصوا نياتهم لله، وأن يقاتلوا لرد عدوان الكافرين وإعلاء كلمة الحق والدين، وألا يشوب نياتهم نصر الرايات الجاهلية، فقد روى أبو موسى الأشعري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" أخرجه الشيخان البخاري (123) ، ومسلم (1904) .

ويرجى لهؤلاء القتلى الشهادة في سبيل الله، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-"من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد" أخرجه الخمسة، الترمذي (1421) ، والنسائي (4095) ، وأبو داود (4772) ، وأحمد (1652) ،- وأما ابن ماجة فلم يرد فيه بهذا اللفظ،- بسند صحيح. والله أعلم -وصلى الله على نبينا محمد-.

واجب المسلم إذا احتل الكفار بلده

واجب المسلم إذا احتل الكفار بلده المجيب خالد بن عبد الله البشر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 06/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما هو الواجب الشرعي على المسلمين إذا احتل الكافر بلدهم على ضوء ما قرره أهل العلم؟ هل الكفار الذين يحتلون بلاد المسلمين يجوز التعاون والتعامل معهم؟ علماً أن السيادة والقيادة بيد المحتل الكافر، وجزاكم الله خيراً وأحسن إليكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: بالنسبة إلى سؤالكم الأول ونصه: ما هو الواجب الشرعي على المسلمين إذا احتل الكافر بلدهم على ضوء ما قرره أهل العلم؟ وجوابه: إن من المتقرر عند الأصوليين أن "الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره"، وقال ابن القيم: " فههنا نوعان من الفقه لا بد للحاكم منهما: 1/ فقه في أحكام الحوادث الكلية 2/ وفقه في نفس الواقع وأحوال الناس، يميز به بين الصادق والكاذب، والمحق والمبطل، ثم يطابق بين هذا وهذا فيعطي الواقع حكمه من الواجب، ولا يجعل الواجب مخالفاً للواقع " (انظر: الطرق الحكمية لابن القيم ص:4) . ومما أجمع عليه علماء الأمة وجوب دفع عدوان الكافر على بلاد المسلمين فرضاً عينياً على أهل تلك البلاد، وانعقد الإجماع عليه من غير خلاف. قال ابن تيمية: "فأما إذا هجم العدو فلا يبقى للخلاف وجه، فإن دفع ضررهم عن الدين والنفس والحرمة واجب إجماعاً " (4/ 607 الفتاوى الكبرى) .

وقال ابن بن قدامة - مبيناً الحالات التي يجب فيها الجهاد فرضاً عينياً - "الثاني إذا نزل الكفار ببلد المسلمين تعين على أهله قتالهم والنفير إليهم، ولم يجز لأحد التخلف إلا من يحتاج إلى تخلفه لحفظ الأهل والمكان والمال ومن يمنعه الأمير الخروج، لقوله -تعالى- انفروا خفافا وثقالا " (الكافي في فقه ابن حنبل 4/254) ، وإن الناظر في التعاطي مع أحداث العراق بعد شنّ العدو الصليبي هجمته على بلاد المسلمين، وما أفرزته تلك الهجمة من سفك الدماء وانتهاك الأعراض، وإتلاف الحرث والنسل والإفساد في الأرض بمعاذير واهية، ومبررات ساقطة. يجد في هذا التعاطي مع هذه الحادثة المؤلمة؛ أن بعض من تناولها من الناحية الشرعية من يوجب النفير العام لكل المسلمين في جميع أنحاء الأرض، دون الالتفات إلى ضوابط الجهاد، وما يكتنفه من المصالح أو المفاسد، ويستند أصحاب هذا الاتجاه إلى نصوص الكتاب والسنة وأقوال العلماء المستفيضة في وجوب جهاد الدفع عن بلاد المسلمين إذا دهمها العدو، وتُعدّ هذه الحالة من الحالات التي يجب فيها الجهاد فرضاً عينياً على كل مسلم بَعُد من العدو أو قَرُب. بينما نجد في الجهة المقابلة النقيض بعينه من هذه الأحداث، ممن يقول إن هذه الأحداث فتنة يجب على مسلم أن ينأى بنفسه عنها، ثم يسقط أدلة وجوب كف القتال في الفتنة على تلك الأحداث، ولم ينتبه إلى أن أحاديث الكف عن القتال في الفتنة إنما هي في قتال المسلمين بعضهم لبعض دون قتال المسلمين لعدوهم الكافر!. ونجد لم يفطنوا إلى أن تلك الفتاوى على تضادها قد يكتوي بها إخواننا المسلمون في تلك البلاد ومن هم خارجها؛ لأنها لم تراعِ جملة أمور:- - أن ما يناسب المسلم في الشيشان من الفتاوى في مسائل الجهاد قد لا يناسب المسلم منها في العراق، وعلى هذا قسه في جميع بلاد المسلمين التي اعتدى عليها أعداؤهم.

- أن الخوض في مسائل الجهاد دون أن يدرك الخائض فيها أبعادها الشرعية والزمانية والمكانية وأحوال الناس وواقع العدو الكافر من حيث ترتّب المصالح وانتفاء المفاسد أو ترتيبها عند التعارض مما قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها. - أنه ثبت واقعاً أن بعض المسلمين حينما اعتدى العدو الكافر على بلادهم أنهم كانوا أحوج إلى الدعم المالي أكثر من الدعم البدني، مما يؤكد أن حاجات المجاهدين على ثغور بلاد المسلمين تختلف من بلد إلى بلد آخر، ومن زمن إلى زمن آخر. وما سبق هو جواب عام عن هذا النوع من الجهاد. وأما بالنسبة لإخواننا المجاهدين داخل العراق فإنني أهيب بكل مسلم في بلاد العراق أن يلتفَّ حول علماء المسلمين في العراق؛ فإن الله تعالى قد هيّأ للمسلمين هناك علماء ربانيين مخلصين، ومن جملتهم هيئة علماء المسلمين في العراق، وأن يصدر المسلمُ في العراق عن رأي هؤلاء العلماء؛ لأنهم أقرب من غيرهم في تصوّر الواقع، وما يناسبه من معالجة، وكذلك أخذ رأيهم في كيفية جهاد العدو الكافر وأساليبه. وأما السؤال الثاني: هل الكفار الذين يحتلون بلاد المسلمين يجوز التعاون والتعامل معهم، علماً أن السيادة والقيادة بيد المحتل الكافر؟. لا يجوز التعاون مع العدو الكافر، ولا التعامل معهم فيما من شأنه تثبيت يد العدو على البلاد، بل يُعد هذا من المظاهرة للكفار على المسلمين، وهو كفر وردة، وخروج عن الملة، دلَّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، منها: ما جاء في كتاب الله قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ".

وقال الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب - مبيناً نواقض الإسلام المجمع عليها - " قال الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى (ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) . وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم ". (انظر: مجموع فتاويه1/274) . وأما إن كانت استعانة العدو الكافر بالمسلم فيما من شأنه خدمة إخوانه المسلمين، وتسيير أمورهم من العمل في المستشفيات ونحوها فلا بأس إذا دعت الحاجة لذلك، وتضرر المسلمون من عدم القيام بها، مع ضرورة الأخذ برأي علماء المسلمين في العراق في كل واقعة بعينها، وما يترتب عليها من مصالح أو مفاسد. نسأل الله أن يفرّج عن إخواننا المسلمين في العراق كربهم، وأن ينصرهم على عدوهم. اللهم آمين.

البيع لمن يحارب المسلمين

البيع لمن يحارب المسلمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 18/8/1424هـ السؤال هل يجوز لي البيع للكافر الذي يحارب المسلمين الآن؟ إذا كان الجواب لا، فإن الأصل في البيع الحل فلماذا حرم مع التعليل؟. الجواب نعم الأصل في عامة البيوع هو الحل، لقوله تعالى "وأحل الله البيع ... "، ولكن هذا الأصل إذا طرأ عليه ما ينقضه أو يغيره تغير الحكم إلى ضده، ألا ترى أن البيع بعد الأذان الثاني يوم الجمعة حرام، نص العلماء على بطلانه، أو عدم انعقاده، أخذاً من قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [الجمعة:9] . أي اتركوا البيع بعد النداء يوم الجمعة والأصل في الأمر اقتضاء الوجوب، كما أجمع العلماء على منع بيع العنب ممن علم أنه يتخذ منه خمراً، والله يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] . وما دام الكافر يحارب المسلمين فلا يجوز بيعه ولا الشراء منه؛ لأن في هذا إعانة له على حرب المسلمين، وفعل هذا من الإثم والعدوان كما نصت عليه الآية، فالعلة من تحريم مبايعة الكافر الذي يحارب المسلمين ليست هي الكفر، ولكن العلة المانعة من ذلك هي محاربته للمسلمين، فإذا كف أذاه عن المسلمين وقتالهم جازت مبايعته، ورجع الأمر إلى الأصل، وهو الإباحة، وهذا هو معنى القاعدة الأصولية عند العلماء (الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً) . وخلاصة القول: لا يجوز للمسلم أن يبيع الكافر في زمن الحرب، لأن في هذا إعانة للكفار على المسلمين، ولا يبعد أن يكون هذا الفعل مظاهرة ومناصرة للكفار على المسلمين، ويخشى أن يكون هذا من التولِّي المحرَّم في الآية "ومن يتولهم منكم فإنه منهم" [المائدة:51] والله أعلم.

نقل السياح مع خمورهم

نقل السياح مع خمورهم المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 29/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من المعلوم يقينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن في الخمر عشراً منهم حاملها. السؤال: شخص يتعامل مع السواح الأجانب في بلد إسلامي من خلال مؤسسة سياحية، يقوم بخدمتهم ونقلهم للأماكن السياحية في البلد، وقد تستغرق الرحلة أياماً، ومن ضمن ما يحملون من أغذيتهم الخمر. هل في حملهم للخمر في سيارته - وهم يشربونها في ديانتهم - هل يعتبر داخلاً في لعن من حمل الخمر للغير؟ وإذا كان هو الذي يشتريها لهم من خلال برنامج رحلتهم وأغذيتهم هل يدخل ضمن المشتري للخمر للغير؟ أرجو الإجابة بشكل قاطع للحجة، لأن البعض يفتي بجواز حمل الخمر للكفار في هذه الرحلات وشرائها لهم، بدعوى أنها غير محرمة عليهم في ديانتهم، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فالجواب أن تعاطي الخمر والإعانة على ذلك من الإثم والعدوان، والله تبارك وتعالى يقول: "وتعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ، أما عن الفقرة الأولى من السؤال وهي: هل في حملهم للخمر في سيارته ... الخ. حكم الحمل المنهي عنه في الحديث والجواب، إن ما حملوه في سيارتك للتجارة والتسويق فهو داخل في الحمل المنهي عنه، أما إذا كان هذا خاص بهم لشربهم ومع متاعهم وليس للتجارة ففي نظري أنه لا يدخل في الحمل المنهي عنه، لكن عليك أن لا تعينهم لا على حمله ولا على تنزيله، لأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان. أما عن الفقرة الثانية من السؤال وهي إذا كان يشتريها لهم ... الخ. فالجواب أن هذا يدخل في حكم المشتري للخمر بلا شك، والرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المذكور في السؤال لعن في الخمر عشرة وذكر منهم بائعها ومبتاعها، أي مشتريها، والله أعلم.

سرقة بطاقات الائتمان على اليهود والنصارى

سرقة بطاقات الائتمان على اليهود والنصارى المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 23/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هناك بعض الإخوة المتمرسين بالكمبيوتر والإنترنت، ولهم القدرة على اختراق المواقع وتخريبها وسرقة الأرقام السرية، فهل تحل لهم سرقة أرقام بطاقات الائتمان الخاصة باليهود والنصارى من مواقعهم الإلكترونية والشراء بها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فكون الإنسان يهودياً أو نصرانياً لا يجعل ماله مباحاً لنا؛ لأن كل من عصم منا دمه فقد عصم منا ماله، فعصمة المال تابعة لعصمة الدم. وأكثر هؤلاء النصارى واليهود ـ أعني اليهود في غير فلسطين ـ هم معصومو الدم والمال؛ لأنهم معاهدون، بينهم وبين المسلمين تجارات وعلاقات ومعاهدات، وليس بينهم وبين المسلمين قتال. والكافر الذي يباح لنا ماله هو كل من كان مهدر الدم منهم، إذ عصمة المال تابعة لعصمة الدم، ومهدورو الدم منهم الحربيون، الذين بيننا وبينهم حربٌ وقتال. على أن الإسلام ليس في مقاصده ولا في أحكامه الحض على هذه الحيل اللصوصية المذكورة في السؤال. فدعك منها، فلست من أهلها، وليست بالتي تليق بك، فأنت أرفع قدراً وهمة من التطامن لهذه الخسائس. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

موالاة الكفار لغرض دنيوي

موالاة الكفار لغرض دنيوي المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 9/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل موالاة الكفار لغرض دنيوي مع سلامة الاعتقاد، وعدم إضمار نية الكفر والردة، كفر أم من كبائر الذنوب؟ أفتونا مأجورين. الجواب هناك فرق في الموالاة، فالموالاة الكلية بحيث إنه يوادّهم ويحبهم ويخدمهم ويقوم لهم، ويفضلهم على غيرهم، ويتواضع لهم، فهذا بلا شك أنه كفر؛ لقوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" [المائدة: من الآية51] ، أما إذا لم يصل الأمر إلى ذلك، وإنما في أشياء خصوصية قد يكون سببها خوفاً من بطشهم أو نحو ذلك، مع بغضه لهم فهذا جائز على ما جاء في الحديث: "إنَّا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم"رواه البخاري تعليقاً كتاب: الأدب باب: المداراه مع الناس عن أبي الدرداء - رضي الله عنه-.

من لم تبلغه الدعوة أو لم يفهمها

من لم تبلغه الدعوة أو لم يفهمها المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 25/4/1424هـ السؤال ما حكم غير المسلم الذي يعيش في بلاد الكفار والذي لم يصله الإسلام بصورته الصحيحة؟ حيث إنه يعرف الإسلام عن طريق الإعلام لديه، والذي يعطي صورة مشوهة عن الإسلام، أو عن طريق بعض المنافقين الذين يعيشون في بلادهم، ولا يحملون من الإسلام غير الاسم فقط، وقد سمعت من بعض الشيوخ أن شيخ الإسلام ابن تيمية قال: إن الناس على ثلاثة أنواع: (1) مسلم (2) كافر (3) لا مسلم ولا كافر، فهل النوع الثالث هو الذي ينطبق على غير المسلمين الذين لم يصلهم الإسلام صحيحاً؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأشكر لك يا أخي اهتمامك بدعوة الإسلام الذي يدل عليه سؤالك عن حكم غير المسلم الذي يعيش في بلاد الكفار، والذي لم يصله الإسلام بصورته الصحيحة، وأقول وبالله التوفيق:

أفاد شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (2/78) بقوله: (إن حال الكافر لا تخلو من أن يتصور الرسالة أو لا، فإن لم يتصورها فهو في غفلة عنها، وعدم إيمان بها، كما قال تعالى: "وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" [الكهف: من الآية28] وقال: "فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ" [الأعراف:136] ، لكن الغفلة المحضة لا تكون إلا لمن لم تبلغه الرسالة، والكفر المعذب عليه لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة) ، إلى أن قال - رحمه الله (فكل مكذب لما جاءت به الرسل فهو كافر، وليس كل كافر مكذباً، بل قد يكون مرتاباً إن كان ناظراً فيه، أو معرضاً عنه بعد أن لم يكن ناظراً فيه، وقد يكون غافلاً عنه لم يتصوره بحال، لكن عقوبة هذا موقوفة على تبليغ المرسل إليه) . وبهذا يتبين أنه لا يحكم بالإسلام للمشرك الجاهل البتة، إلا أنه لا يحكم عليه بالعذاب في الدارين إلا بعد إقامة الحجة، وهم قبلها مشركون وليسوا بمسلمين، ويؤكد هذا المعنى بقوله: (ولكن لا يعذب الله أحداً حتى يبعث إليه رسولاً، وكما أنه لا يعذبه فلا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة مؤمنة، ولا يدخلها مشرك ولا مستكبر عن عبادة ربه، فمن لم تبلغه الدعوة في الدنيا امتحن في الآخرة ولا يدخل النار إلا من اتبع الشيطان، فمن لا ذنب له لا يدخل النار، ولا يعذب الله بالنار أحداً إلا بعد أن يبعث إليه رسولاً) المجموع (14/477) . وعلى هذا فالتقسيم للناس من حيث الإسلام والكفر يكون على هذا النحو: مسلم آمن بالله ورسوله - عليه الصلاة والسلام - ظاهراً وباطناً (المؤمن الصادق) أو ظاهراً فقط (المنافق) . وكافر مشرك بلغته الدعوة ولم يصدق بها، بل كذب وأعرض فله العقوبة في الدارين. وكافر لم تبلغه الدعوة فليس عليه العقوبة حتى تقام عليه الحجة، وقد دلت الآثار على أنه يمتحن في عرصات القيامة، والله أعلم.

اختلاس أموال الكفار

اختلاس أموال الكفار المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 27/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. نعلم جميعا ما يقوم به أعداء الله من تجميد أموال الجمعيات الخيرية وأصحاب الدعم للأعمال الإسلامية (دعوية ... أو صدقات..أو غيرها من أعمال البر) ، وهم بذلك يجمدونها من غير وجه حق.....فإذا نظرنا لأسباب غزوة بدر..نجد أنها القافلة ... والعير وكذلك فعل أبي بصير هو وأبو جندل من قطع الطريق على القوافل، رغم المعاهدة التي بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وقريش في ذلك الوقت، وعدم إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم -. السؤال: هل يجوز أخذ أموال الكفار (بغض النظر عن الطريقة) ؟ مع العلم أن الأمثلة التي ذكرتها من سبب الغزوة، وفعل أبي بصير من باب الاستدلال، وذلك لدعم الدعوة بفروعها، وهل يجوز الأكل منها بعد إخراج "الخمس"، وذلك لأن الكافر حلال الدم والمال؟ والله أعلم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالإنسان يعصم دمه وماله بواحد من أربعة أمور: الإسلام والأمان والعهد وعقد الذمة، فالذمي والمعاهد والمستأمن كلهم كفار، لكن لا يجوز للمسلمين الاعتداء عليهم، أما الكافر غير ما سبق - ويسمى الحربي - فإنه حلال الدم والمال. وعليه فإن كان المراد بأخذ مال الكافر الذمي، أو من أمنه المسلمون أو كان بينه وبين المسلم معاهدة على ترك القتال، فهذا لا يؤخذ ماله، وليس بحلال الدم والمال، قال تعالى: "فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" [التوبة: من الآية4] . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً" (صحيح البخاري 3166) .

أما أبو بصير فإنه لم يدخل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ رده إلى المشركين وفر منهم واجتمع إليه عصابة ممن أسلم من قريش، وهذا يدل على أن لكل دولة أو جماعة منفصلة بإمام ذمة مستقلة في العهود والأمان، وهذا اختيار ابن تيمية وابن القيم. قال ابن القيم: (العهد الذي كان بين النبي وبين المشركين لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم) (زاد المعاد 3/309) . وإذا أراد المسلم أن يواجه أعداء الله وما يسعون إليه من تجميد أموال المسلمين وتبرعاتهم فإنه يستعمل أسلوباً مباحاً لا يترتب عليه ضرر خاص ولا عام، ومن استعان بالله وبذل جهده وأعمل فكره وفقه الله، "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا".

أهل الذمة

أهل الذمة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 22/4/1424هـ السؤال من هم أهل الذمة؟ وهل ينطبق اليوم عليهم حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - "من آذى ذمياً فأنا خصيمه يوم القيامة"؟ وهل يجوز القيام بمهاجمة السفارات والمصالح الأجنبية للدول الكافرة في بلاد المسلمين، وما رأي فضيلتكم في الأحداث التي شهدتها الرياض مؤخراً؟ الجواب الكفار عموماً إما أهل حرب وإما أهل عهد، وأهل الحرب هم الذين أعلن ولي أمر المسلمين (الإمام) الحرب بيننا وبينهم بالسلاح، أما الحرب التي تقوم بين دولتين مسلمتين فلا يسمى المقاتلون من الطرفين أهل حرب، ولا يأخذون أحكامهم، لأن (أهل الحرب) خاص بالكفار، أما غيرهم فمسلمون وإن تقاتلوا فقد أثبت الله لهم الإيمان والأخوة بقوله: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" [الحجرات:10] ، وأما أهل العهد من الكفار فثلاثة أصناف. (1) أهل الذمة ممن تؤخذ منهم الجزية: وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وهؤلاء تجري عليهم أحكام الإسلام، غير أنهم لا يجوز أن يقيموا إقامة دائمة في جزيرة العرب لحديث: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" رواه مالك في الموطأ (1697) وغيره.

(2) أهل هدنة: وهم من بيننا وبينهم حرب فاتفقنا معهم على إيقاف الحرب لمدة محددة معلومة، ويقال لهم (أهل الصلح) ولا يجوز أن يعقد الصلح أو الهدنة إلى الأبد، لأن في هذا تعطيل لأصل الجهاد، وإنما نهادنهم إذا كنا ضعفاء، فإذا تقوينا أعلن لهم الجهاد. (3) أهل أمان: وهم الذين يقدمون من الكفار لبلاد المسلمين، كرجال الأعمال والزائرين وأصحاب المهن والحرف، وأهل الأمان وأهل الهدنة من المشركين لا تؤخذ منهم الجزية وإنما يقرون حسب الشروط التي بيننا وبينهم، وجميع هذه الأصناف الثلاثة من أهل الذمة والهدنة والأمان كلهم أهل عهد وذمة يشملهم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً" أخرجه البخاري (3166) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما-، وحديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - "ذمة المسلمين واحدةٌُ يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يُقبل منه صرفٌُ ولا عدلٌُ" رواه البخاري (3179) ، ومسلم (1370) . وهذا ينطبق على بلادنا [المملكة العربية السعودية] وما يشبهها من بلاد المسلمين الذين لم تكن الحرب معلنة بينهم وبين الكفار، وأما البلاد التي أعلنت فيها الحرب بين المسلمين والكفار كالفلسطينيين مع اليهود والشيشان مع الروس فلا تنطبق عليهم هذه الأحاديث ونحوها، لأن الكفار مع الفلسطينيين والشيشان أهل حرب وليسوا أهل عهد وأمان، ومهاجمة السفارات والمصالح الأجنبية خارج بلاد المسلمين ممن لهم معنا عهد وذمة حرام لا يجوز، كما لا تجوز مهاجمتهم داخل بلادنا، أما من بينهم وبين الكفار حرب قائمة فيجوز لهم ذلك.

أما التفجيرات التي شهدتها الرياض أخيراً فهي جريمة نكراء وحادث بشع أزهقت فيه أرواح مسلمة وغير مسلمة بغير حق، واختصاراً للوقت فإني أنصحك وغيرك بقراءة البيان الصادر بهذا الخصوص من الموقع من (47) من العلماء والمشايخ، والمنشور في بيان حول حوادث التفجيرات، ففيه غنية وكفاية لمن كان يريد الحق، وفق الله الجميع إلى كل خير.

"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"

"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 1/6/1424هـ السؤال نعلم جميعا أن المعاهد هو من دخل البلاد الإسلامية بموجب عقد أمان من أي مسلم، وشروط هذا العقد محددة على حسب ما جاءت به الشريعة ... ومعلوم أن أي معاهد ينقض شرطاً واحداً بذلك ينقض العقد الذي بينه وبين من عاهده من المسلمين، وعند أهل العلم أن من الشروط دفع الجزية، وعدم إظهار دين المعاهد، والقيام للمسلم، والإفساح له ... الخ، والناظر في أحوال الكفرة في بلاد المسلمين لا يقومون بشرط واحد، فهم خالفوها كلها ... فهم إذاً ليسوا بمعاهدين..، ويزيد الأمر عظمة عندما يكونون في جزيرة العرب، التي أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعده بإخراجهم منها، بغض النظر عن حدود هذه الجزيرة ... فسؤلي هو: ما صحة ما مضى من قول بمعايير الشريعة؟ وإن كان صحيحاً فما هو ردكم على من حرم العمليات من تفجير وغيره بحجة المعاهدة؟ ونحن لا نراها لعدم ظهور مصلحة لنا، والمفاسد أعظم، ونحرمها لذلك، لا لأنهم قتلوا معاهدين ... الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن الكفار إما أهل حربٍ، وإما أهل عهد، كما روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان المشركون على منزلتين من النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين: كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهدٍ لا يقاتلهم ولا يقاتلونه) . وأهل العهد ثلاثة أصناف: أهل ذمة: وهم الذين يُقرّون في ديارهم التي يحكمها المسلمون على أن يؤدوا الجزية ولهم ذمة مؤبدة، بشرط أن يجري عليهم حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

أهل هدنة (صلح) : وهم الذين صالحهم المسلمون على حقن الدماء والكف عن الإيذاء والاعتداء، ولا تجري عليهم أحكام المسلمين؛ لأنهم مستقلون في بلادهم وليس للمسلمين يدٌ عليها. المستأمنون: وهم الذين يقدمون بلاد المسلمين من غير استيطان لها، ولكن لتجارةٍ أو عملٍ أو زيارةٍ أو نحو ذلك. وكل هؤلاء الأصناف الثلاثة لا يجوز الاعتداء عليهم، ولا سلب أموالهم ولا إيذاؤهم، فدماؤهم وأموالهم معصومة. والصنفان الأخيران لا يجب عليهم ـ كما توهم السائل ـ دفعُ الجزية، ولا يلزمهم القيامُ للمسلم ولا الإفساح له..إلخ. وعقدهم وعهدهم باقٍ يجب الوفاء به والتزامه ولو في جزيرة العرب، فإن دخول الكافر إلى جزيرة العرب بعهد أمان من مسلم أو من دولة لا يجعل العهد منكوثاً، ولا دمه مهدراً.. وأما حديث إخراج المشركين من جزيرة العرب، فلا يدل على جواز قتل مَن في جزيرة العرب من اليهود والنصارى والمشركين البتة، لا بدلالة منطوقه ولا بدلالة مفهومه. ولا يدل كذلك على انتقاض عهد من دخل جزيرة العرب من اليهود والنصارى لمجرد الدخول، ولم أجد من قال بذلك من أهل العلم. وغاية ما فيه: الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وهو أمر موكول إلى إمام المسلمين ولو كان فاجراً. ولا يلزم من الأمر بإخراجهم إباحة قتلهم إذا بقوا فيها، فهم قد دخلوها بعهد وأمان، حتى على فرض بطلان العهد الذي أُعطوه لأجل الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فإن الكافر الحربي لو دخل بلاد المسلمين وهو يظن أنه مستأمن بأمانٍ أو عهد لم يجز قتله حتى يبلغ مأمنه أو يُعلِمه الإمام أو نائبه بأنه لا أمان له. قال أحمد: "إذا أشير إليه ـ أي الحربي ـ بشيء غير الأمان، فظنه أماناً، فهو أمان، وكل شيء يرى العدو أنه أمانٌ فهو أمان" أ. هـ (حاشية ابن قاسم4/297) .

على أن لأهل العلم في تحديد جزيرة العرب المقصودة في الحديث كلاماً طويلاً وخلافاً مشهوراً بعد اتفاقهم على تحريم استيطانهم لحرم مكة. فذهب أحمد إلى أن جزيرة العرب هي المدينة وما والاها. قال في المغني 13/243: (يعني أن الممنوع من سكنى الكفار به المدينةُ وما والاها، وهو مكة واليمامة وخيبر والينبع وفدك ومخاليفها وما والاها. وهذا قول الشافعي؛ لأنهم لم يُجلوا من تيماء، ولا من اليمن) . ثم قال ـ أي ابن قدامة: (فكأن جزيرة العرب في تلك الأحاديث أُريد بها الحجاز، وإنما سمي حجازاً لأنه حجز بين تهامة ونجد. ولا يمنعون من أطراف الحجاز كتيماء وفيد ـ بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة ـ ونحوهما؛ لأن عمر لم يمنعهم من ذلك) أهـ. كما أن دلالة الحديث تحتمل قصر المنع على استيطان جزيرة العرب، لا إقامتهم فيها للعمل المؤقت أو التجارة، كما هو شأن الكفار الوافدين. والظاهر أن الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب مقيدٌ بحالة عدم الحاجة إليهم في عمل من الأعمال التي لا يجيدها غيرهم، أو لا يُستغنى فيها عن خبراتهم. وقد أفتى بعض مشايخنا بجواز استقدام الكفار عند الحاجة، وقصروا تحريم استقدامهم فيما إذا أمكن الاستغناء عنهم. والمقصود أن الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب لا يقضي بانتقاض عهدهم وأمانهم إذا دخلوها، بل هو عقد ماضٍ محترم، فدماؤهم معصومة، وأموالهم معصومة، ولا يجوز الاعتداء عليهم، ولا إيذاؤهم. ومع ذلك ينبغي ألا يُترك في جزيرة العرب من هؤلاء إلا من تدعو الحاجة والمصلحة إلى بقائه فيها، وأنصح القارئ بمراجعة كتاب أسئلة جريئة المنشور في موقع الإسلام اليوم، ففيه تفصيل مفيد ومهم.. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عمل المسلم عند النصراني

عمل المسلم عند النصراني المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 22/11/1424هـ السؤال هل يجوز أن يعمل المسلم عند نصراني للحاجة المادية؟ خاصة إذا كان العمل عبارة عن تصنيع لوحات خاصة بالنصارى (تصنيع الصليب) . الجواب إذا كان يقوم بأعمال تخدم عبادتهم فهذا تعاون منه معهم على الإثم والعدوان، ولا يجوز له ذلك، وكذلك لو عمل في بيع الخنازير، أو تسويقها، أو تصنيعها، أو المخدرات، أو نحو ذلك، أو كبيع الخمور في معارض وبقالات، وسوبر ماركت، ونحو ذلك. وعليه أن يبحث عن عمل آخر لعل الله سبحانه وتعالى أن يوفقه، والله سبحانه وتعالى يقول: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. أما لو كان يعمل في أعمال مباحة كمحاسبة، أو تجارة، أو نحو ذلك، ولا يكون فيما يزاوله أمور محرمة فلا بأس أن يعمل ولو عند الكافر، وقد ثبت أن علياً بن أبي طالب - رضي الله عنه وأرضاه - كان يسقي ماء يهودية بعدة تمرات، وأعطى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- منها شيئاً فأكلها، فهذا يدل على جواز أن يعمل المسلم عند الكافر، لكن بشرط ألا يكون ذلك على سبيل السلطان عليه، وإنما يكون على سبيل أن يقوم بعمل محدد وبأجرة معروفة، نقول: لا بأس بذلك. والله أعلم.

الأصل في دماء وأموال الكفار

الأصل في دماء وأموال الكفار المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 6/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ.. سؤالي هو: عن الأصل في الكفار دمائهم وأموالهم هل هو الحل أم الحرمة؟ أرجو بيان ذلك بالأدلة الشرعية. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد جعل الله سبحانه وتعالى لدماء الناس وأموالهم حرمة ومكانة عظيمة، وجعل لهذه الحرمة والمكانة أسباباً، أهمها وأولاها: الإسلام فإذا أسلم الإنسان حرم دمه وماله، إلا إذا اقترف ما يبيح دمه أو ماله، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله" متفق عليه من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- البخاري كتاب: الإيمان، رقم الحديث (25) ، ومسلم كتاب: الإيمان رقم الحديث (22) واللفظ لمسلم. هذا حكم دماء المسلمين وأموالهم، أما بالنسبة لأحكام دماء الكافرين وأموالهم فقد بينتها الأدلة الشرعية وتحدث عنها العلماء بالتفصيل، حيث قسم العلماء الكفار من حيث علاقتهم بالمسلمين إلى أربعة أقسام، ويختلف حكم دمائهم وأموالهم باختلاف هذه الأقسام، وفيما يأتي أذكر هذه الأقسام مقرونة بأحكامها:

القسم الأول: كفار حربيون أو أهل الحرب، وهم الكفار الذين هم في حال حرب مع المسلمين فلم يدخلوا في عقد الذمة، ولا يتمتعون بأمان المسلمين، ولا عهدهم، وهذا القسم حلال الدم والمال، فيجوز ويشرع للمسلم قتل الكافر المحارب وأخذ ماله، وقد دلت السنة النبوية على هذا الحكم، كما في الحديث السابق، ويشهد لهذا الحكم فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزواته مع المشركين. القسم الثاني: كفار ذميون أو أهل الذمة، وهم الكفار من اليهود والنصارى الذين أُقروا في دار الإسلام على كفرهم بالتزام الجزية ونفوذ أحكام الإسلام فيهم، وهذا القسم معصوم الدم والمال، فلا يجوز لأحد من المسلمين الاعتداء عليهم، لأنهم في ذمة المسلمين وحمايتهم، حيث يقوم المسلمون بحمايتهم مقابل ما يأخذونه منهم من جزية. القسم الثالث: كفار معاهدون أو أهل عهد، وهم: الكفار الذين صالحهم إمام المسلمين على إنهاء الحرب مدة معلومة لمصلحة يراها الإمام، والمعاهد مأخوذ من العهد، وهو: الصلح المؤقت، ولا يجوز أن يكون الصلح إلى الأبد، لأن في هذا تعطيلاً لأصل الجهاد، وإنما نعاهدهم إذا كنا ضعفاء، وهذا القسم معصوم الدم والمال في وقت العهد والصلح، فما دام الصلح قائماً فإنه يحرم على المسلمين الاعتداء عليهم؛ لأن في ذلك نقضاً للعهد والمواثيق، وذلك محرم لقوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] ، وإذا انتهى الصلح فإن حكمهم حينئذ يكون حكم المحاربين، فتحل دماؤهم وأموالهم.

القسم الرابع: كفار مستأمنون أو أهل الأمان، وهم الكفار الذين يدخلون في دار الإسلام بأمان كرجال الأعمال والتجار وأصحاب الصناعة والمهن التي يحتاج إليها المسلمون، وهذا القسم من الكفار معصوم الدم والمال ما داموا ملتزمين بالشروط المبرمة بينهم وبين المسلمين؛ لأن مقتضى الأمان حفظ دمائهم وأموالهم ولو جاز للمسلمين الاعتداء على دمائهم وأموالهم لانتفى عقد الأمان بينهم وبين المسلمين، وهذا الحكم ينطبق على المسلم الذي دخل إلى بلاد الكفار، فلا يجوز له الاعتداء على دمائهم وأموالهم. ومن خلال هذا العرض يتبين أن الكفار عموماً على قسمين: القسم الأول: أهل حرب، تحل دماؤهم وأموالهم. القسم الثاني: أهل عهد، ويشمل: الكفار الذميين، والمعاهدين، والمستأمنين تحرم دماؤهم وأموالهم؛ لأنهم أهل عهد، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول:"من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً" أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، كتاب: الجزية والموادعة رقم الحديث (3166) ، هذا هو حكم دماء الكفار وأموالهم من حيث الأصل، أما إذا اقترف أحدهم جناية أو حداً من حدود الله فإن الحكم يختلف باختلاف الجناية أو الحد الذي اقترفه، ولذلك تفصيل يطول المقام بذكره، ومن أراد الاطلاع عليه فليراجع ما كتبه الفقهاء في كتاب الجهاد والحدود. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بدء اليهود والنصارى بالسلام

بدء اليهود والنصارى بالسلام المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 18/1/1425هـ السؤال هل هناك حديث في صحيح مسلم يقول لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه. رواه مسلم. أنا لا أشك في صحة سند الحديث إذا كان موجوداً في صحيح مسلم. ولكن لي بعض الشكوك في معنى الحديث (لا أدري هل هذا بسبب قلة إيماني أم لا) .نعم، منع بدء اليهود والنصارى بالسلام، أستطيع أن أفهم، لأن السلام اسم من أسماء الله وهو تحية خاصة بأهل الإسلام وأهل الجنة، لكن الشق الثاني من الحديث "اضطرار اليهود والنصارى إلى أضيق الطريق" هو المشكلة. هل من المعقول أن يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أرسله الله -تعالى- رحمة للعالمين هذا الكلام؟؟ ماذا يكون لو أن هذا الحديث قد طبقه المسلمون؟ وماذا يظن غير المسلمين لو عرفوا هذا الحديث؟ وما الفائدة في اضطرارهم إلى أضيق الطريق؟؟؟ لماذا هذه الكراهية؟ ماذا لو سألني أحد النصارى الذي قرأ هذا الحديث أليس هذا كراهية المسلمين العمياء ضد أديان أخرى؟؟ أرجو منكم أن تزيلوا الشكوك من نفسي … جزاكم الله خيراً،، الجواب روى الإمام مسلم في صحيحه (2167) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه".

ليس المراد باضطرارهم إلى أضيق الطريق ما تبادر إلى ذهن السائل من أن يزاحمهم إلى الجدار ويحشرهم دون مبرر سوى الكراهية!! كلا بل المقصود ما يسمى بلغة العصر: "أفضلية المرور"، أي إذا كان الطريق لا يتسع إلا لعبور شخص واحد، فلا يليق أن يقدم الكافر على المسلم، لأن ذلك من مظاهر الإكرام والتقديم، وتقديم الكافر على المسلم تقديم للكفر على الإسلام. وليعلم الأخ السائل أن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله وليست كراهة المؤمن للكافر نابعة من تعصب مجرد بل هي كراهية لما عليه الكافر من محادة لله ورسوله -عليه الصلاة والسلام-، وكل مؤمن يتمنى لو آمن الناس جميعاً، وعلى الأخ السائل أن يعود نفسه على تعظيم النصوص، وطرح الشك والتهمة عنها، وأن يتهم فهمه قبل أن يتهم النص حتى لا يقع في طائلة من قال الله فيهم: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [النساء:65] .

التسري وكيف يكون

التسري وكيف يكون المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 1/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قرأت أن الله تعالى ذكر المباح وهو الزواج والتسري، وذكر المحرَّم من جنس ما أباحه (وهو النساء بلا زواج أو تسرٍّ) وأعرف أن خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام تزوج سارة وتسرى بهاجر.. وسؤالي هو: ما هو التسري؟ وما معناه؟ وهل هو حلال في عصرنا الحالي؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالتسري هو ملك السيد للأمة، وبناء عليه يجوز له وطؤها بملك اليمين، كما يجوز للرجل وطء امرأته بعقد الزواج، والتسري لا يقع إلا على من ثبت عليه الرق، والرق لا يثبت إلا بأحد طريقين: الأول: أن يقع الكافر أسيراً في أيدي المسلمين إثر حرب بين دولة الإسلام ودولة الكفر، ويأذن إمام المسلمين باسترقاقه، وله أن يأمر بقتله، أو إطلاق سراحه بمال أو بدون مال، حسب ما يراه من المصلحة للمسلمين، وهذه الأحكام سارية في هذا العصر وإلى يوم القيامة. الثاني: أن يكون مستولداً من أمة مسترقة، إذا كان من غير سيدها فيكون رقيقاً- يعني العبد أو الأَمَة- حتى تتاح له فرصة فيعتق مجاناً أو بمكاتبة. وعلى هذا فلا يثبت الرق في حرب وقعت بين طائفتين من المسلمين في أي عصر من العصور، ولا يثبت الرق على الأسير الكافر إذا أمر إمام المسلمين بقتله أو إطلاق سراحه بمال أو مجاناً، لمصلحة المسلمين، ولا يثبت الرق على العبد المعتق، ولا على الحر المسترق ظلماً وزوراً.

ومما يجدر ذكره - هنا- أن الله -تعالى- قد شرع الرق لمصالح كثيرة، منها: أن الأسير الكافر إذا استرق وبقي بين أظهر المسلمين فإنه يبدأ حياة جديدة يتعرف فيها على أحكام الإسلام وآدابه، وعلى عدله وسماحته، فينشرح صدره للإسلام، ويحبب الله إليه الإيمان، ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، لا سيما إذا كان أهل الإسلام على قدر من الخلق وحسن المعاملة، فإذا خالط الإيمان بشاشة قلبه، كان ممن يتشوق الإسلام إلى مكاتبته أو عتقه مجاناً، كما دل على ذلك تشريع سائر الكفارات، ومنها كفارة القتل الخطأ، كما في قوله -تعالى-:"ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة.." [النساء من الآية:92] ، والله تعالى أعلم.

لبس الحرير للرجال في الحرب

لبس الحرير للرجال في الحرب المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 19/8/1424هـ السؤال هل يجوز لبس الحرير للرجال في حالة الحروب؟. الجواب نعم يجوز للرجل لبس الحرير في الحرب عند ملاقاة العدو؛ لكسر قلوبهم وإدخال الرعب والخوف فيهم.

اهتماماتنا تجاه الأحداث

اهتماماتنا تجاه الأحداث المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 19/1/1424هـ السؤال أصبحت أحداث الهجوم الأمريكي على العراق، وما يسببه من مآسي، وما يتوقع أن يتبعه من تطورات مثار تساؤل عمَّا يجب علينا فعله، وما هي الاهتمامات الأولية تجاه ما يجري؟ الجواب من أهم الأمور التي يتعين الاهتمام بها في المرحلة التي نعيشها ونواجه فيها أحداثا جساما ما يلي: (1) حث المسلمين على الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه أن يكشف هذه الغمة عن المسلمين سواء كان ذلك عن طريق القنوت في الصلوات أو في الخطب والمحاضرات والدروس وفي كل وقت ويتأكد في الأوقات التي ترجى الإجابة فيها. (2) تذكير الناس بضرورة التكاتف والتوحد والتعاون مع العلماء وولاة الأمر من أجل استتباب الأمن وتفويت الفرصة على من يريد شق صف المسلمين. (3) مناصحة أولي الأمر لإزالة المنكرات الظاهرة وتفعيل عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحقيق الإصلاحات التي نادى بها المصلحون من العلماء والدعاة، ورعاية الشباب الرعاية الحقة في تلمس همومهم ومعرفة تطلعاتهم والتجاوب معها بما يحقق المصلحة للمجتمع. (4) ضرورة قيام العلماء- وبخاصة من أحيلت إليهم أمور إفتاء الناس- بواجبهم في بيان الموقف الشرعي للمسلم في هذه الأحداث حتى لا تضطرب أفكار الناس فيتجهوا إلى الأخذ بفتاوى شاذة أو آراء متعجلة يطالعونها في وسائل الإعلام المختلفة وينشأ عن ذلك ابتعادهم عن الاتصال بكبار العلماء وأهل الحل والعقد، وإذا ابتعد الناس عن أهل العلم التمسوا البديل في بعض الفتاوى التي لا يطمأن إليها أو إلى من أصدرها.

وعلى العلماء أن ينزلوا إلى الشباب ويصبروا على محاورتهم والسماع منهم، وليعلموا أن حال الناس في السنوات الأخيرة اختلف كثيرا عما كان عليه قبل سنوات معدودة من حيث انتشار وسائل الإعلام في كل مكان تقريبا فأصبح يتوفر للمرء سماع ومطالعة كثير من الآراء والاجتهادات المتنوعة بخيرها وشرها، فيقتضي هذا من أهل العلم أن يواجهوا هذا السيل العارم بالبيان والتوجيه في النوازل التي تهم الأمة عبر وسائل الإعلام المتاحة، وبخاصة مع ازدياد مساحة حرية الكلمة عما كانت عليه سابقا. كما أن في بيان أهل العلم وتوضيحهم هذه الأحكام لعامة الناس وطلبة العلم ما يعزز الثقة بهم ويقوي الارتباط معهم ويساعد في القضاء على ما قد يحدثه الشيطان في النفوس من الظنون السيئة. (5) نشر الفأل الحسن بين المسلمين والبعد عن حالة الإحباط والقنوط التي ربما تصيب من يتابع الأخبار الدامية في العالم الإسلامي فيستبطئ النصر أو يقع في اليأس التام، ويتم علاج هذه الحالة بعناية أهل العلم بذكر النصوص الدالة على تكفل الله تعالى بنصر دينه وإعزازه في آخر الزمان وأن الله تعالى وعد نبيه أنه لن يسلط على هذه الأمة من يستبيح بيضتها ويقضي عليها، والتنبيه على أن المحن تحمل منحا، ويستفيد المسلمون منها دروسا وعبرا، ويحصل فيها التمييز بين المؤمنين والمنافقين , ويضرب لذلك بعض الأمثلة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم- كما في غزوة الخندق- وسير الصحابة رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم.

(6) الدعوة إلى أخذ الأهبة والاستعداد لما يتوقع أن تؤول إليه الأمور في المستقبل في المنطقة، وهذه الدعوة تكون عامة لولاة الأمر وللمجتمع وأفراده كل فيما يخصه، بحسب ما أمر الله تعالى وأرشد إليه؛ لتتوافر أسباب الجهاد، والاستعداد يشمل جوانب كثيرة منها الجانب العسكري والاقتصادي والعلمي والتقني والاجتماعي وغير ذلك. ولا ينبغي أن تسكرنا الغفلة وتلهينا حياة الترف عما يراد بنا، وهذا يقتضي الانصراف عن كل ما يبعد عن حياة الجد، كالفن والرياضة وما أشبه ذلك. (7) العناية في هذا الوقت بفضح خطط الأعداء من النصارى وبيان ارتباطهم مع اليهود والمنافقين، وكشف الوجه القبيح لهؤلاء الأعداء الذين يتسترون بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والشرعية الدولية، وهم أول من يكفر بها إذا تعارضت مع مصالحهم وأطماعهم، وتجلية هذا الأمر يكشف الغفلة عن كثير ممن خدع بثقافة هؤلاء الأعداء، فاتخذهم الأعداء بوقا وأداة لهم في تضليل المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التعامل مع الجيش الأمريكي الغازي

التعامل مع الجيش الأمريكي الغازي المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 04/11/1425هـ السؤال هل التعاقد والتأجير مع الجيش الأمريكي بالكويت حاليًّا حلال أم حرام؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب التعاقد بالبيع أو التأجير مع الكفار الذين يحاربون المسلمين لا يجوز، والعقد باطل لا يصح، لأن هذا من إعانة الكفار على المسلمين، والجيش الأمريكي الذي حارب ويحارب المسلمين في العراق وغيرها لا يجوز التعامل معه ببيع أو تأجير وخلافه، لأنه إعانة له على الإثم والعدوان وتقتيل المسلمين وسلب أموالهم وثرواتهم، والله يقول: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2] . فيجب قتال الكفار المعتدين من الصليبيين وغيرهم بكل ما تستطيع من أنواع القتال الحسي، بالسلاح إن أمكن، أو بسلاح الإعلام والاقتصاد عن طريق مقاطعة المصنوعات الأمريكية، وهذه المقاطعة أثرها عليهم لا يقل عن مقاتلتهم بالسلاح، بل هي عليهم أشد وأنكى، وقتال الكفار المعتدين ومنهم الأمريكان والإنجليز واجب متعين على كل مسلم، خاصة بمقاطعة بضائعهم، وقد أمرنا رسولنا محمدصلى الله عليه وسلم- بمثل هذا في قوله: "جَاهِدوا المُشركين بأموالِكم وأنفسِكم وألسنتِكم". رواه أبو داود (2504) والنسائي (3096) ، من حديث أنس، رضي الله عنه، نقاتلهم بأموالنا لا أن ندعمهم بها. ومن لم يفعل واحدة منها، وهو قادر، فليس من الإسلام في شيء، فإن مقاطعتهم الاقتصادية وعدم إعانتهم على منكرهم ببيع أو تأجير هي من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخلاف ذلك يصبح أمرًا بمنكر ونهيًا عن معروف، وهذا حرام قطعًا، ولا يجوز بحال. والله أعلم.

قبول هدايا النصارى في أعيادهم

قبول هدايا النصارى في أعيادهم المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 3/8/1424هـ السؤال إذا كان لي جار نصراني، فهل يمكن لي قبول هداياه في المناسبات المختلفة الخاصة به كأعياد الميلاد؟ وهل لي أن أرسل له الهدايا في المناسبات المختلفة الخاصة بنا كمسلمين، كعيدي الفطر والأضحى وشهر رمضان أو عقيقة ... إلخ؟ ملاحظة: أقصد بالهدية بأنها قد تكون طبقاً من طعام ترسل في مناسبة معينة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: نقول وبالله التوفيق. الأصل في هدايا أهل الكتاب وغيرهم من المشركين جواز أخذها؛ لما روى الإمام أحمد في المسند (1/96) عن علي - رضي الله عنه - قال: "أهدى كسرى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبل منه، وأهدى له قيصر فقبل منه، وأهدت له الملوك فقبل منهم" وهو عند الترمذي (1576) ، وقد بوب لذلك البخاري في كتاب: الهبة من صحيحه بقوله: باب: قبول هدية المشركين، قال: وقال أبو حميد- رضي الله عنه-: أهدى ملك أيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء وكساه برداً وكتب إليه ببحرهم. أي ببلدهم وهو في البخاري (1481) ، ومسلم (1392) ، وعن قتادة عن أنس - رضي الله عنه - أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - انظر حديث رقم (2616) من صحيح البخاري بشرحه الفتح ج 5/230، وهو في مسلم برقم (2469) .

وهذا يدل على جواز قبول هدية الكافر إن لم تكن عينها محرمة، وقبول الهدية منهم لم يخص بعيد ولا غيره، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مسألة قبول الهدية منهم يوم عيدهم ونقل أثراً عن علي رضي الله عنه، أنه أتي بهدية في النيروز فقبلها، ونقل عن ابن أبي شيبة في المصنف (24361) بسنده أن امرأة سألت عائشة - رضي الله عنها - قالت: إن لنا أطياراً من المجوس وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا، فقالت: أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كلوا من أشجارهم، وقال: حدثنا وكيع عن الحسن بن حكيم عن أمه عن أبي برزة - رضي الله عنه - أنه كان له سكان مجوس، فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان فكان يقول لأهله: ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه. في المصنف لابن أبي شيبة برقم (24362) ، قال ابن تيمية بعد هذا: (فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء، لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم، لكن قبول هدية الكفار من أهل الحرب وأهل الذمة مستقلة بنفسها فيها خلاف وتفصيل ليس هذا موضعه، وإنما يجوز أن يؤكل من طعام أهل الكتاب في عيدهم بابتياع أو هدية أو غير ذلك مما لم يذبحوه للعيد، فأما ذبائح المجوس فالحكم فيها معلوم فإنها حرام عند العامة) انظر اقتضاء الصراط المستقيم / لابن تيمية / ج2/ 552 - 553. ويقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في مجموع فتاواه في العقيدة / جمع ناصر السليمان/ 3/33: (واختلف العلماء فيما إذا أهدى إليك أحد من غير المسلمين هدية بمناسبة أعيادهم هل يجوز لك قبولها أو لا يجوز"؟ فمن العلماء من قال: لا يجوز أن يقبل هديتهم في أعيادهم، لأن ذلك عنوان الرضا بها، ومنهم من يقول: لا بأس به، وعلى كل حال: إذا لم يكن في ذلك محظور شرعي وهو أن يعتقد المهدي إليك أنك راض بما هم عليه فإنه لا بأس بالقبول وإلا فعدم القبول أولى) أ. هـ. بتصرف. وأما إهداؤك أنت لهم فهذا جائز لا على سبيل الاحتفاء والرضا بأعيادهم، وعليك أن تحرص أن يكون ذلك من باب قصد تألفهم، وإنقاذهم مما هم عليه بدعوتهم إلى الإسلام، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

جيوش الكفار في بلاد المسلمين هل هم أهل الذمة؟

جيوش الكفار في بلاد المسلمين هل هم أهل الذمة؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 18/7/1424هـ السؤال هل يجوز للمسلم الذي يعيش في بلاد الإسلام أن يدفع الجزية للكافر؟ وهل جيوش الكفار في بلاد المسلمين تعتبر من أهل الذمة؟ الجواب الجزية هي ما يدفعه الكافر إلى المسلمين لقاء حمايتهم ودفع الأذى عنهم ماداموا تحت ولاية المسلمين وفي دارهم، ولا يجوز للمسلم أن يدفع جزية للكافر مطلقاً، وجيوش الكفار التي احتلت واستعمرت بلاد المسلمين كما هي الحال في العراق اليوم بعد سقوط نظام صدام ليس جنودها من أهل الذمة، بل هم محاربون معتدون على الأنفس والأموال والنساء والأطفال، يتعين قتالهم، ولا يجوز إعانتهم بأي نوع من الإعانة قليلة كانت أو كثيرة. أعانكم الله ونصركم على أعدائكم الغزاة والكفرة.

إنشاء قاعة خاصة لاحتفالات لغير المسلمين

إنشاء قاعة خاصة لاحتفالات لغير المسلمين المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 13/10/1424هـ السؤال هل يجوز للمسلم إقامة صالة خاصة لحفلات زواج غير المسلمين؟ حيث يحتفلون حسب طقوسهم الكفرية. فهل في هذا إعانة لهم على الكفر؟ فقد عرض على أمي عمل شراكة في مشروع مشابه. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. هذا العمل لا يجوز؛ لما فيه من إعانة لهم على ما عندهم من باطل وكفر، وبخاصة إذا كانت هذه الحفلات فيها شيء من شعائرهم الدينية، ففي هذا العمل إعانة لهم على ما يحصل في هذه الحفلات من منكرات وفسوق ومجون.

موالاة الكفار ومعاملتهم

موالاة الكفار ومعاملتهم المجيب أ. د. ناصر عبد الله القفاري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 2/5/1424هـ السؤال هل موالاة الكفار لغرض دنيوي - مع سلامة الاعتقاد وعدم إضمار نية الكفر والردة - كفر أم من كبائر الذنوب؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فالمعاملة الحسنة والمداراة فيما يتعلق بأمور الدنيا ليست من الموالاة أصلاً، فلا تدخل في الممنوع، بشرط ألا تؤدي إلى المداهنة في دين الله، والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداهنة هي معاشرة الفاسق وإظهار الرضا لما هو فيه من غير نكير، والمداراة: هي حسن التعامل والترفق والتلطف بالقول والفعل في بيان الحق له، وأصل الفرق بينهما أن المداراة بذل الدنيا لصالح الدنيا أو الدين أو هما معاً، والمداهنة: ترك الدين لصالح الدنيا. ينظر فتح الباري (10/379-348) . فيما يتعلق بآداب المجالس والمجاملات، وما يتعلق بتبادل المنافع الدنيوية والمعاملات، وما هو داخل في باب البر والإحسان لغير المحاربين، وما يدخل في باب العدل الذي هو واجب مطلقاً مع كل أحد، كل ذلك لا يدخل في باب الموالاة. ففي باب الآداب والمجالس والمجاملات يحسن بالمسلم أن يعامل جلساءه بطلاقة الوجه وحسن القول ونحوهما، مما لا يؤدي إلى مداهنة أو نفاق أو تعظيم على النحو المنهي عنه. والمداراة مع الناس والبعد عن الغلظة والفظاظة، وهذا داخل في باب الدعوة والمسلم ينبغي أن يكون داعياً إلى الله بقوله وفعله وفي كل أحواله.

وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يتعامل في أمور التجارة مع الكفار، وقد توفي -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله فيما رواه البخاري (2068) ومسلم (1603) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها- وعامل أهل خيبر في المساقاة، كما روى البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطى خيبر لليهود على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها" رواه البخاري (2285) ، ومسلم (1551) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما-. وعن عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم جاء رجل مشرك مشعانٌُ طويلٌُُ بغنم يسوقها فقال -صلى الله عليه وسلم-:"أبيعاً أم عطية؟ " أو قال: "أم هبة" قال: لا، بل بيع فاشترى منه شاةً. أخرجه البخاري (2216) ومسلم (2056) وفي البخاري (2264) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: استأجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر رجلاً من بني الديل هادياً خِرِّيتاً وهو على دين كفار قريش.... الحديث. ومن أدلة حسن التعامل تبادل الهدايا معهم، فقد قبل -صلى الله عليه وسلم- الهدية من بعض الكفار؛ كقبوله من اليهودية التي أهدت إليه الشاة المسمومة فيما رواه البخاري (2617) ، ومسلم (2190) ، من حديث أنس - رضي الله عنه- وقد روى البخاري (3161) عن أبي حميد - رضي الله عنه- قال: وأهدى ملك أيلة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بغلة بيضاء وكساه بُرداً.

وكتب له ببحرهم أي: ببلدهم الذي كان بساحل البحر في طريق المصريين إلى مكة، وروى البخاري (2614) ، ومسلم (2071) ، واللفظ من حديث علي - رضي الله عنه- أن أكيدر بن عبد الله الكندي وكان نصرانياً وكان ملكاً لبلدة دومة أهدى للنبي -صلى الله عليه وسلم- ثوب حرير فأعطاه علياً، فقال: "شَقِّقْهُ خٌمٌراً بين الفواطم، وفي الترمذي (1576) عن علي -رضي الله عنه-: أن كسرى أهدى له -صلى الله عليه وسلم- فقبل الهدية، وأن الملوك أهدوا إليه فقبل منهم. قال الترمذي: وفي الباب عن جابر - رضي الله عنه- وزاد أحمد في مسنده (747) :"وأهدى له قيصر فقبل منه".

وقد روى أبو داود في سننه (4035) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى حُلَّةً ببضعة وعشرين قلوصاً (ناقة) فأهداها إلى ذي يزن، وكان ملك ذي يزن أهدى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيراً، أو ثلاث وثلاثين ناقة فقبلها. رواه أبو داود (4034) من حديث أنس - رضي الله عنه-، أما الموالاة المنهي عنها فهي موالاتهم في دينهم، أو مناصرتهم على المسلمين، قال سبحانه:"ومن يتولهم منكم فإنه منهم" [المائدة: 51] فمن تولاهم في جميع أمورهم التولي الكامل فهو منهم، ومن تولاهم في بعض أمورهم التي لا توصل إلى الكفر فعليه بقدر ما تولاهم به، ولمزيد من العلم أقدم لك بعض ما جاء في كتابي (مقدمة في الملل والنحل) حول موقف المسلم من أهل الملل، حيث جاء فيه: (في هذه المسألة ألفت مصنفات من أفضلها: أحكام أهل الملل للخلال، أحكام أهل الذمة لابن القيم، وكتب بعض المتأخرين والمعاصرين مصنفات في ذلك منها: جلاء الظلمة عن حقوق أهل الذمة لمصطفى الحنفي (لم يطبع) ، (أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام) لعبد الكريم زيدان، (حقوق أهل الذمة في الدولة الإسلامية) للمودودي، (غير المسلمين في المجتمع الإسلامي) ليوسف القرضاوي، (إرشاد أولي الألباب إلى ما صح من معاملة أهل الكتاب) لجمال إسماعيل، وغيرها. وأشير هنا إلى بعض أحكام التعامل معهم: (1) العمل على دعوتهم إلى الله -سبحانه- بالوسائل المشروعة، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وإنقاذهم من شقاء الدنيا وعذاب الآخرة "فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيٌُر لك من أن يكون لك حمر النعم" رواه البخاري (2942) ، ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه-.

(2) الحذر من ظلمهم؛ لأن الظلم حرام مطلقاً، فلا يجوز أن يظلم أحد منهم في نفس أو مال أو عرض، فالذمي والمستأمن والمعاهد في دولة الإسلام وظل شريعة الرحمن يؤدى إليه حقه، فلا يظلم مثلاً في عرضه بغيبة أو نميمة، ولا في ماله بسرقة أو غش أو خيانة، ولا في بدنه بضرب أو قتل؛ لأن كونه معاهداً أو ذمياً في البلد أو مستأمناً يعصمه. (3) يجوز التعامل معه في البيع والشراء والتأجير ونحو ذلك، فقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه اشترى من الكفار عباد الأوثان، واشترى من اليهود، وهذه معاملة، وقد توفي -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله. قالت عائشة -رضي الله عنها-:"اشترى النبي -صلى الله عليه وسلم- طعاماً من يهودي إلى أجل ورهنه درعاً من حديد" (سبق تخريجه) . قال ابن القيم -رحمه الله-: (ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه اشترى من يهودي سلعة إلى الميسرة، وثبت عنه أنه أخذ من يهودي ثلاثين وسقاً من شعير ورهنه درعه، وفيه دليل على جواز معاملتهم، ورهنهم السلاح، وعلى الرهن في الحضر، وثبت عنه أنه زارعهم وساقاهم) . (4) ولا يجوز بدؤهم بالسلام، ولكن إذا سلم أحدهم أن يقال له: وعليكم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام" رواه مسلم (2167) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. وقال - صلى الله عليه وسلم-:"إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم". متفق عليه عند البخاري (6258) ، ومسلم (2163) ، من حديث أنس - رضي الله عنه-.

(5) برهم من غير مودة باطنة كالرفق بضعيفهم وسد خلة فقيرهم، وإطعام جائعهم وإكساء عاريهم، ولين القول لهم على سبيل التلطف بهم والرحمة لا الخوف والذلة، ومن ذلك حسن الجوار، فإذا كان جاراً لك تحسن إليه ولا تؤذيه في جواره، وتتصدق عليه إن كان فقيراً، أو تهدي إليه إن كان غنياً، وتنصح له فيما ينفعه، وتحتمل أذاه؛ لأن الجار له حق عظيم، وربما يكون هذا من دواعي إسلامه، قال تعالى:"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8] . (6) ليس للمسلم مشاركتهم في احتفالهم أو أعيادهم، لكن لا بأس أن يعزيهم في ميتهم إذا رأى المصلحة الشرعية في ذلك بأن يقول جبر الله مصيبتك، أو أحسن لك الخلف بخير، وأمثال ذلك من الكلام الطيب، ولكن لا تقول غفر الله له، أو رحمه الله، أي لا يدعو للميت الكافر، وإنما يدعو للحي بالهداية وبالعوض الصالح ونحو ذلك. (7) يجوز أكل ذبائح أهل الكتاب ما لم يعلم أنها ذبحت على غير الوجه الشرعي كالخنق؛ لقوله تعالى:"الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ" [المائدة:5] . وهذا ما أجمع عليه أهل العلم أن ذبائح أهل الكتاب حلال، وفي البخاري (4249) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما فتحت خيبر أهديت للنبي -صلى الله عليه وسلم- شاة فيها سم". وفي البخاري (2617) ، ومسلم (2190) من حديث أنس - رضي الله عنه -:"أن امرأة يهودية أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشاة مسمومة فأكل منها ... " الحديث. قال ابن حجر: (ومن أحكام قصة خيبر جواز الأكل من طعام أهل الكتاب، وقبول هديتهم) .

(8) ويجوز نكاح نسائهم عند جمهور أهل العلم؛ لقوله -سبحانه-:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة: 5] . قال ابن قدامة: (ليس بين أهل العلم اختلاف في حل نساء أهل الكتاب) ، ولكن ترك نكاحهن والاستغناء بالمحصنات من المؤمنات أولى وأفضل. وكذا ذكرت في كتابي (البراءة من المشركين) تحت عنوان (البراءة لا تعني الظلم والاعتداء) ما نصه: البراءة في مفهومها الشرعي لا تعني الظلم والاعتداء، فإن الظلم حرام مطلقاً والعدل واجب في كل الأحوال؛ بل يذهب أهل الإسلام إلى أعلى من ذلك وأعظم في صورة سامقة ومرتبة عالية في موقفهم من المخالفين ليس لها مثيل، إنه موقف المشفق والمتسامح والعادل، يقول تعالى:"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ" [الممتحنة: 8] أي تفتضوا إليهم بالبر وهو الإحسان، والقسط وهو العدل، أو ما هو أعلى من العدل، وهو: أن تعطوهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة وليس مجرد العدل، فإن العدل واجب ممن قاتل وممن لم يقاتل، فلا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم، فإن الله -عز وجل- عم بقوله:"الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم" [الممتحنة: 8] جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصص به بعضاً دون بعض، فلا ينهاكم الله عن مبرة هؤلاء، وإنما ينهاكم عن تولي هؤلاء، وهذا رحمة لهم لشدتهم في العداوة. بل إن مبادئ الإسلام توجب الدفاع عن أهل الذمة إذا قصدهم معتد؛ لأنهم في جوارنا وخفارتنا، وقد حكى ابن حزم في مراتب الإجماع على أن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ...

ويوضح القرافي بجلاء الفرق بين الموالاة والتودد الممنوع وبين البر والإحسان والعدل المشروع فيقول: (واعلم أن الله تعالى منع من التودد لأهل الذمة بقوله:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ" [الممتحنة:1] ، فمنع الموالاة والتودد، وقال في الآية الأخرى:"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ ... " [الممتحنة:8] ، فلا بد من الجمع بين هذه النصوص، وأن الإحسان لأهل الذمة مطلوب، وأن التودد والموالاة منهي عنهما، وسر الفرق أن عقد الذمة يوجب حقوقاً علينا لهم؛ لأنهم في جوارنا، وفي خفارتنا، وذمة الله -تعالى- وذمة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ودين الإسلام، فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة في عرض أحدهم أو نوع من أنواع الأذية أو أعان على ذلك فقد ضيع ذمة الله -تعالى- وذمة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وذمة دين الإسلام.

وكذلك حكى ابن حزم في مراتب الإجماع له: (أن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ونموت دون ذلك، صوناً لمن هو في ذمة الله -تعالى- وذمة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة، وحكى ذلك إجماع الأمة، فعقد يؤدي إلى إتلاف النفوس والأموال صوناً لمقتضاه عن الضياع إنه لعظيم، وإذا كان عقد الذمة بهذه المثابة فيتعين علينا أن نبرهم بكل أمر لا يكون ظاهره يدل على موادة القلوب، وتعظيم شعائر الكفر، فمتى أدى إلى أحد هذين امتنع، وصار من قبيل ما نهي عنه في الآية وغيرها، ويتضح ذلك بالمثل، فإخلاء المجالس لهم عند قدومهم علينا، والقيام لهم حينئذ ونداؤهم بالأسماء العظيمة الموجبة لرفع شأن المنادى بها هذا كله حرام، وكذلك إذا تلاقينا معهم في الطريق، وأخلينا لهم واسعها ورحبها والسهل منها، وتركنا أنفسنا في خسيسها وحزنها وضيقها كما جرت العادة أن يفعل ذلك المرء مع الرئيس، والولد مع الوالد، فإن هذا ممنوع لما فيه من تعظيم شعائر الكفر، وتحقير شعائر الله -تعالى- وشعائر دينه، واحتقار أهله، ومن ذلك تمكينهم من الولايات والتصرف في الأمور الموجبة لقهر من هي عليه أو ظهور لعلو وسلطان المطالبة، فذلك كله ممنوع، وكذلك لا يكون المسلم عندهم خادماً ولا أجيراً يؤمر عليه وينهى.

أما ما أُمر به من برهم من غير مودة باطنة: كالرفق بضعيفهم، وسد خلة فقيرهم، وإطعام جائعهم، وإكساء عاريهم، ولين القول لهم على سبيل اللطف لهم والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة، واحتمال أذيتهم في الجوار مع القدرة على إزالته لطفاً منا بهم، لا خوفاً وتعظيماً، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم.. وحفظ غيبتهم إذا تعرض أحد لأذيتهم، وصون أموالهم وعيالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يعانوا على دفع الظلم عنهم وإيصالهم لجميع حقوقهم، وكل خير يحسن من الأعلى مع الأفضل أن يفعله، فإن ذلك من مكارم الأخلاق، فجميع ما نفعله معهم من ذلك ينبغي أن يكون من هذا القبيل، لا على وجه التعظيم لهم وتحقير أنفسنا بذلك الصنيع لهم، وينبغي لنا أن نستحضر في قلوبنا ما جبلوا عليه من بغضنا، وتكذيب نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأنهم لو قدروا علينا لاستأصلوا شأفتنا، واستولوا على دمائنا وأموالنا، وأنهم من أشد العصاة لربنا ومالكنا -عز وجل-، ثم نعاملهم بعد ذلك بما تقدم ذكره امتثالاً لأمر ربنا ... ) . والله أعلم.

غصب أموال الكفار وقتلهم

غصب أموال الكفار وقتلهم المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 12/1/1425هـ السؤال يقوم بعض من ينتسب للدين بأعمال يعسر إدراجها تحت قواعد الشريعة، من الغصب والنهب والقتل للكفار ... وليس لديهم أي حجة في ذلك إلا شبهات يتمسكون بها، ثم أخيرا زعموا أن العلامة ابن جبرين صدر من فضيلته فتوى بإباحة ذلك. فهل هذا يصح؟ نرجو تفصيل النظر في هذا الأمر، جزاكم الله خير الجزاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. من دخل بلاداً في أي دولة، فإن عليه أن يحترم تعاليم البلاد إذا دخل البلد بأمان وبعهد وذمة، فلا يجوز له نقض العهد، ولا يجوز النهب ولا السلب ولا القتل ولا الغصب، ولا الاعتداء على الأموال أو الأعراض أو الأنفس، ولو كان أهل تلك الدولة كفاراً أو حربيين أو مخالفين في الدين، لأنه دخل بعهد وأمان، وقد قال الله تعالى: "وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً" [الإسراء: 34] ، وكما أنه لو دخل بلادنا أحد منهم بأمان حرم علينا قتله أو سلبه، وحرم عليه في بلادنا الاعتداء على الأنفس والأموال، فمن اعتدى جاز الانتقام منه، سواء كان الاعتداء في بلاد الكفار أو في بلاد المسلمين لقول الله تعالى: "فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ" [البقرة: 194] يفعل ذلك عقوبة له ودفعاً لشره. والله أعلم.

تعذيب أسرى الحرب

تعذيب أسرى الحرب المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 6/10/1424هـ السؤال هل يجوز تعذيب أسرى الحرب على أي حال؟ وهل هناك أي مثال على فعل الصحابة - رضي الله عنهم- لذلك؟. الجواب من حكمة تشريع الجهاد في الإسلام دفع العدوان الواقع على المسلمين، ورفع الظلم المتوقَّع من الكفار، والإسلام في تشريعه لا يستشرف إزهاق الأرواح، أو سلب الأموال دون مبرر، وللأسرى الكفار في الإسلام أربعة أحكام يخير فيها الإمام (ولي الأمر) .

1- الاسترقاق، ... 2- المن والعفو 3- المفاداة بالمال أو بأسير مسلم عند الكفار، 4- القتل. قال تعالى: "فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ ... " [محمد: من الآية4] ، والإحسان إلى الأسير صدقة يتقرب بها العبد كما يتصدق على أخيه المسلم تماماً قال تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً" [الإنسان:8] ، ولا يكون أسيرا إلاّ كافراً، أما المسلم فلا يجوز أسره بحال، وتعذيب الأسير لا يجوز بخلاف قتله، فإن قتله حد من حدود الله الشرعية لا تقبل الزيادة بحال، بل الإحسان إليه حال القتل إن رؤي قتله؛ كما جاء في الحديث: "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"، ولما مثل المشركون بحمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه- عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد لم يمثل الرسول - صلى الله عليه وسلم- بأحد من زعماء قريش وقتلاهم، وهو يعلم قول الله تعالى "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ" [النحل:126] بل إن الرقيق (العبد) المسلم نهى الشرع عن إيذائه؛ كما في الحديث "من قتل عبده قتلناه ومن جدع أنفه جدعناه"، بل جاءت العناية بالرقيق ومساواته بالحر في القضايا المعاشية من طعام وشراب ولبس، وحسن خطاب، ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيح "إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم ويلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون فإن كلفتموهم فأعينوهم" بل وصلت العناية بالرقيق والرق سببه الأسر في الحرب، أن يتساوى مع مالكه بالسيادة والولاية

فيخاطب بها كما يخاطب بها ذاك، ففي الحديث "لا يقل أحدكم أطعم ربك ووضئ ربك وليقل: سيدي ومولاي، ولا يقل عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي وغلامي" وإذا كانت معاملة من أسر في الرق بيد مالكه كما في هذه النصوص فإن تعذيب أسير الحرب لا يتفق مع دلالة هذه النصوص، ولم يؤثر عن أحد من السلف جواز ذلك، اللهم إلا أن يضرب ضرب المتهم ليستخرج ما عنده من أسرار العدو مما ينفع المسلمين وعليه يحمل قول النووي في شرح مسلم "ويجوز ضرب الكافر الذي لا عهد له وإن كان أسيراً" انظره في غزوة بدر. والله أعلم.

التبرع لعلاج الكفار

التبرع لعلاج الكفار المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 16/7/1425هـ السؤال أنا أسكن في دولة غربية، وأحياناً يستوقفونني في الشارع، أو يأتون على البيوت لتجميع تبرعات لأطفالهم المرضى بأمراض خطيرة، أو لأطفال الصرب ونحو ذلك، هل يجوز لي أن أتبرع لهم؟ أو ماذا أقول لهم؟ . أفيدوني -وجزاكم الله خيراً-. الجواب نعم يجوز لك أن تتبرعي لهم، لقول الله - تعالى-: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" [الممتحنة: 8] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "في كل كبدٍ رطبة أجر" رواه البخاري (2363) ، ومسلم (2244) من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-، وذلك يكون من صدقة التطوع، أما الزكاة الواجبة فلا تدفع إلا للمسلمين.

خدمة السجناء للجيش الكافر

خدمة السجناء للجيش الكافر المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 6/11/1424هـ السؤال أسألكم عن موضوع يتعلَّق بزوجي، ومسلمين آخرين، وهم المساجين الذين يعملون في صنع الكيابل للجيش، ولا يعرف بماذا يستخدمها الجيش، فهل يجوز مثل هذا العمل؟ إضافة لدفعنا الضريبة نقداً، والتي تذهب للجيش وهو جيش كافر؟. الجواب

الأصل في معاملة الكافر فرداً كان أو دولة جائز شرعاً ما لم يكن العمل محرماً بعينه، كصنع المحرمات وتسويقها كالخمور، ولحم الخنزير، أما ما لم يحرم بعينه كالصناعات الحربية والمدنية التي يمكن أن توجه لضرب المسلمين، ويمكن ألا توجه لذلك فالعمل فيها حينئذ جائز كصناعة الكيابل للجيش كما في السؤال، وما دام لا يعرف هل سيستخدمها الجيش الكافر ضد المسلمين أو لا فالعمل في هذه الصناعة جائز شرعاً؛ لأن الأصل في الأشياء الحل حتى يرد المانع الشرعي، فمعاملة الكافر في أمور المعاش جائزة شرعاًً، كما تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم- في البيوع والإجارة مع اليهود، والمشركين، مع أنه يعلم أنهم يأكلون الربا ويشربون الخمر، ويستحلون لحم الخنزير، ومات - صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي، واستعار من صفوان بن أمية - رضي الله عنه- وهو مشرك- درعاً يوم حنين، وكل هذه المعاملات يمكن أن يقال إنها تعد في صالح أعداء الإسلام، وربما تقووا بها على المسلمين، ومع ذلك أبيحت تبعاً للقاعدة الشرعية (الأصل في الأشياء الإباحة) أما دفع الضريبة نقداً فهي ضرورة شرعية والضرورات تبيح المحظورات، وإن استطعت التخلص من هذه الضريبة فلا حرج في ذلك إذا لم يلحقك ضرر بسبب الامتناع عن دفعها فإن لحق ضرر جاز دفعها، وعلى كل حال فالعمل في الجيش الكافر ودفع الضريبة له جائز إن لم تجد عملاً أفضل منه، فإن وجدت عملاً جديدا فخذه ودع هذا، لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" أخرجه أحمد (1723) والترمذي (2518) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وحديث: "إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه" أخرجه البخاري (52) ، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه-، وترك الشبهات - كما في السؤال - فعل مستحب وليس بواجب، حيث الفعل ليس من الحلال البين حله، ولا من الحرام البين حرمته. والله أعلم.

الرد على من يسب الإسلام بمثل سبه

الرد على من يسب الإسلام بمثل سبِّه المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 15/11/1424هـ السؤال السلام عليكم. ماذا نفعل تجاه من يشتمنا ويشتم ديننا من غير المسلمين، هل يجوز لنا الرد عليهم بنفس لغتهم للدفاع عن الإسلام والمسلمين؟ هل نأثم إذا لعنّا أو شتمنا هؤلاء؟ أذكر أن أبا بكر -رضي الله عنه- واجه الكفار بكلمات بذيئة في صلح الحديبية. وأرجو بيان كيف نطبق ما فعله أبو بكر في مثل هذه الظروف. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ليس من منهج الدعوة إلى الله السب والشتم واللعن ابتداءً أو رداً، وقدوتنا في ذلك سيد الدعاة محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم- فلقد أوذي وسُخِر منه وطُرِد، ومع ذلك فقد كان - صلى الله عليه وسلم- رحمة للخلق كلهم، وحينما قالت عائشة - رضي الله عنها- لليهودي الذي سلم قائلاً: السام عليكم (وهو الموت) ، قالت عائشة - رضي الله عنها-: وعليكم السام واللعنة، فقال - صلى الله عليه وسلم-: "مهلا ً يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله" وفي لفظ: "وإياك والعنف والفحش"، قالت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال:"أولم تسمعي ما قلت رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في" أخرج القصة الشيخان البخاري (6024، 6030) ومسلم (2165) ، وفي صحيح مسلم (2599) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قيل: يا رسول الله ادع على المشركين قال:"إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة" وفيه أيضاً لا ينبغي لصديق أن يكون لعاناً، وقال: "لا يكون المؤمن لعاناً" أخرجه الترمذي (2019) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- بسند صحيح.

فالواجب الدعوة إلى الله ببيان حقائق الإسلام، عقائده وشرائعه وأخلاقه وسلوكه، وإذا لجأ أولئك إلى السب والشتم فالجأوا أنتم إلى الدليل والحجة، والعاجز المنقطع المغلوب في ميدان العلم دأبه السب والتجريح فاربأوا بأنفسكم عن هذا الميدان. ولا يعني كل ذلك عدم رد الأذى عند وقوعه أو الترافع والمقاضاة لدفعه، خاصة إذا كان ذلك موجهاً إلى العقيدة والشريعة. قال تعالى: "وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ" [الشورى: 41-42] ، والانتصار هو الانتصاف من المظلوم، ورد الأذى بلا ظلم أو اعتداء. وفق الله الجميع لسلوك سبيل السنة في القول والعمل والدعوة، وصلى الله على نبينا محمد.

الإحسان إلى الكفار

الإحسان إلى الكفار المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 24/12/1424هـ السؤال سأسافر في الفترة القريبة القادمة إلى إحدى الدول الأوربية؛ لغرض الدراسة، وأنوي أن أقوم أثناء فترة إقامتي ببعض الأعمال الخيرية، كزيارة مستشفيات المعاقين، أو دور المسنين، أو أي أعمال مشابهة، فما حكم الإحسان إلى ضعفاء الكفار؟ وكذلك ما حكم إعطائهم الصدقات؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله، أما بعد: في البداية أسأل الله -تعالى- لك الثبات على الحق، وأن يهديك سبيل السعادة والرشاد، وأن يوفقك في دراستك؛ لترجع رائدا من ريادات العلم والخير في أمتك المسلمة. وأهنئك على ما وقر في قلبك من حب الخير، والتفكير في الوقوف مع المحتاج، فهذا من علامات جودة معدنك. أما ما يتصل بسؤالك فإني أرى لك أن تبحث أول ما تبحث في غربتك عن صحبة صالحة ترتبط بالمسجد، تقيم معهم الصلاة، وتتعاونون على البر والتقوى.

وأما الإحسان إلى ضعفاء الكفار فأمر لا جناح فيه، يقول الله -تعالى-: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" [الممتحنة: 8] ،وزيارة دور المعاقين والمسنين ونحوهم من البر، وإن لم يكونوا مسلمين، وهو من الأعمال الصالحة التي يثاب فاعلها، خاصة إذا كان من مقاصد الزيارة دعوتهم إلى الإسلام؛ اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حين حضر عمه أبا طالب حال وفاته وعرض عليه الإسلام، فيما رواه البخاري (1360) ، ومسلم (24) من حديث المسيب بن حزن وكذا حين حضر -صلى الله عليه وسلم- الغلام اليهودي فدعاه إلى الإسلام فأسلم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- متهلل الوجه يقول:"الحمد لله الذي أنقذه من النار" رواه البخاري (1356) من حديث أنس -رضي الله عنه-. وفي ظني أن هذا الباب مما يغفل عنه الكثيرون حين تتوجه هممهم في دعوة الشباب، والأقوياء رغبة في استثمار طاقاتهم إن هم أسلموا، وينسون أن من أهداف الدعوة تعبيد الناس لله -سبحانه- والعمل على تخليصهم من سبب الوقوع في النار، يستوي في ذلك القوي والضعيف، ولنا في عتاب الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم- عبرة ودرس حين قال سبحانه: "عبس وتولى أن جاءه الأعمى" [عبس:1-2] ، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مشغولاً بدعوة الملأ حين ناداه الأعمى فأعرض -صلى الله عليه وسلم- عنه، فعاتبه ربه. والصدقة على الكفار المحتاجين لا بأس بها ما لم تكن صدقة واجبة، فإنها لا تدفع إلا لمسلم، أو كافر من المؤلفة قلوبهم. ومن الفقه عند دفعها لهم أن يغلب على الظن أنهم لن يستفيدوا منها في حرام.

وقبل الختام أهمس في أذنك: استثمر إقامتك في أوربا في الدعوة إلى الله، لكن لا تنس أن الإقامة بين ظهراني الكفار ليست مغنماً، وأن السبب الرئيسي في سفرك هو الدراسة، فأقبل عليها، وأعطها وافر اهتمامك، فحصِّل أكبر ما تستطيع من علم في أقصر ما تستطيع من وقت، فإذا قضيت مهمتك فعجل إلى أهلك ووطنك. حفظك الله ورعاك.

شبهة حول التسري

شبهة حول التسري المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 18/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. أنا في حيرة بشأن الحديث: (2542) في صحيح البخاري: عن ابن محيريز قال: رأيت أبا سعيد - رضي الله عنه- وسألته فقال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في غزوة بني المصطلق وأسرنا منهم بعض العرب، وقد اشتهينا النساء وكان طول تغيبنا قد أثر فينا وأردنا أن نعزل، فسألنا النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: ليس هناك حاجة لذلك فما من نفس أراد الله خلقها إلى يوم القيامة إلا وستخلق. وفي حديث آخر أنهم أسروا بعض النساء وأرادوا اللقاء بهن بدون أن يحملن منهم، فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم- عن العزل فقال: لا حاجة لذلك فالله قدر من سيخلق إلى يوم القيامة. وسؤالي عن جواز الجماع مع زوجات الغير، هل يجوز في الإسلام أن يجامع المسلم زوجة رجل آخر بعد أسرها؟ نحن لا نحب أن يحدث ذلك لنا، فكيف نحب أن يقع لغيرنا؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين. أما بعد: أقول وبالله التوفيق: لا يخفى على مسلم أن نكاح الحرة المتزوجة بآخر حرام قطعاً، وهو الزنا الذي هو من أكبر الكبائر. وقد قال تعالى في ذكر المحرمات في النكاح: "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" [النساء: 24] .

لكن جاء في هذه الآية استثناء السبايا من المتزوجات، فيكون المعنى: إن ذوات الأزواج محرمات، إلا ما ملكت اليمين بالسبي في الحرب أو بالشراء، فإنهن مباح نكاحهن، ولو كن ذوات أزواج، بشرط أن لا يكون زوجها معها. أما إذا كان زوجها مسبياً معا، فهي زوجة له، ما داما تحت ملك رجل واحد، أما إذا بيع أحد الزوجين، فقد انفسخ نكاحهما بهذا البيع، وجاز نكاح المسبية بعد استبرائها. هذه خلاصة حكم المسبية من النساء، على خلاف في بعض مسائلها بين الفقهاء. إذاً فالحديث الذي في البخاري (2542) ، ومسلم (1438) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- الذي سأل عنه السائل في السبايا خاصة، لا في مطلق نساء غير المسلمين. والسبي لا يكون إلا للمحاربين ومن معهم في دار الحرب من النساء والأطفال، أما غير المحاربين من غير المسلمين، فلا سبي عليهم. وبهذا تعلم أن هذا السبي خاص بمن حارب المسملين وبمن كان معه من النساء والأطفال. ولا شك أن من سعى في قتلك ومحاربتك، فقد سعى في الاعتداء عليك بأكثر من سجنك له فيما لو قدرت عليه، ولو كان حكماً بالسجن المؤبد. كيف والسباء أقل ضرراً وأهون على النفس في منع الحرية من السجن، خاصة في الإسلام، الذي له في أحكام الرقيق ما لا يعرفه الغرب أو الشرق من غير المسلمين، ولا أظنهم يتصورونه من إيجاب حسن المعاملة للرقيق، والرفق بهم، وأن يطعموا مما نطعم، وأن يكسوا مما نكتسي، وأن لا يكلفوا من الأعمال إلا ما يطيقون. مع حث الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم- على العتق، وإيجابه في أحوال، وترتيب عظيم الأجر عليه.

وخطأ الغرب لما حارب الرق، أنه ظن أن أحكام الرقيق عند المسلمين مثل أحكامه عندهم، وهذا بعيد كل البعد عن الحق والواقع. مع أن كثيراً من دول الغرب (أو بعضها) تحرم استعباد الأفراد، ثم هي تستعبد شعوباً بأكملها: باحتلال أوطانها (بغزو عسكري صريح، أو بوضع حكومات تنفذ رغباتها) ، وباستنزاف ثروات بلادها، وبتعمد منع الشعوب من كل ما قد يرتقي بها إلى مصاف الدول المتقدمة حضارياً في مجال العلوم الكونية والصناعة، لكي تبقى سوقاً لبضائعها. إن هذه الصور من الاستعباد للشعوب، لم يزل الغرب يمارسها بأبشع صورة في بلاد المسلمين. وهنا أذكِّر السائل أن الحديث الذي ذكره، والخبر الذي ورد فيه، كان في زمن السبي والاسترقاق فيه قانون معمول به لدى جميع الشعوب على مختلف الديانات. فالسبي جائز لا عند المسلمين وحدهم، بل هو جائز عند اليهود والنصارى أيضاً، فقد امتلأ الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى بذكر سبي أنبياء بني إسرائيل لأعدائهم، بل فيه تسخير شعوب بأكملها، كما في سفر الملوك الأول (9/15-23) . وعلى هذا فقول السائل: نحن لا نحب أن يحدث ذلك لنا، فكيف نحب أن يقع لغيرنا؟! سؤال في غير محله؛ لأن الذي وقع في ذلك الحديث وقع مع قوم كانوا يسبون النساء وينكحوهن بذلك ولو قدروا- وقد قدروا مرات أخرى - على نساء المسلمين بالسبي، وبغير السبي، لاعتدوا عليهن. فلو لم يكن في نكاح نسائهم إلا المعاملة بالمثل، لكفى بذلك جواباً على السؤال الذي طرحه الأخ السائل. وأنا أنصح الأخ السائل بنصيحتين: الأولى: أنه ما دام مسلماً، فعليه أن يعلم أن الحكم الشرعي، ما دام أنه حكم شرعي، فهو حكم الله -تعالى-. فلا يعترض عليه، ولا يكون في القلب منه حرج؛ لأننا خلق الله -تعالى-، وهو بنا أعلم وأرحم وأحكم.. سبحانه وتعالى. قال الله -تعالى-: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36] .

وعليه أن يستحضر في علمه وقلبه أدلة صدق نبوة خاتم الأنبياء محمد -صلى الله عليه وسلم-، فما دام أنه -صلى الله عليه وسلم- رسول الله -تعالى-، فأحكام الدين الذي بلغه للناس هي أحكام الله -تعالى-. وما دامت أحكام الله -تعالى-، فالله -تعالى- أعلم وأحكم وأعدل من أن يجري في أحكامه غير الخير كله والعدل كله. الثانية: أنه على كل عاقل حصيف، أن يتَّسع أفق أحكامه على الأمور، ولا يسمح لبيته ومجتمعه وحضارته وتقاليده وزمنه أن يضيِّقوا عليه ذلك الأفق. فإنه لا يفعل ذلك إلا قليل العقل، مغرور ببيئته ومجتمعه وحضارته وتقاليده وزمنه، فلا يظن إلا أنها هي وحدها موازين الحسن والقبح والقبول والرد، وكأنها خالدة إلى الأبد. أَوَما درى هذا المسكين أنه قد سبقه أناس في عصور بعيدة كانوا يظنون كما يظن، فبادوا، وبادت بيئتهم وحضارتهم وتقاليدهم، واستقبح الناس بعدهم ما كانوا يستحسونه، وردُّوا ما كانوا يقبلونه. وستبيد هذه البيئة وتقاليدها وحضارتها، وسيتبدل كثير من موازينها. فلا يحق لأحد أن يستهجن أمراً (كالسبي والرق) ، دامت عليه البشرية كلها، لألوف السنين؛ لأنه أصبح من قرن واحد أو قرنين فقط أمراً مستهجناً عند بعض الشعوب التي كانت لا تعرف في الرق إلا السخرة والتعذيب والاحتقار وانعدام جميع الحقوق.

لا يحق له ذلك؛ أولاً: لأنه ضيق أُفق تفكيره وأحكامه (كما سبق) ، وقد يأتي اليوم الذي تستهجن فيه الناس استهجانه هذا، كما وقع له هو مع البشرية كلها لألوف السنين الماضية. وثانياً: لأنه قاس على صورة الرق عند غير المسلمين صورته وحالته عند المسلمين، وهذا قياس غير صحيح، كما تقدم ذكره باختصار بالغ. وإلا فالفرق كبير جداً، يحتاج بيانه إلى بسط أحكام الرق في الإسلام بصورة كاملة، مع بيان أوضاع الرقيق البغيضة عند غير المسلمين. وإذا كان الأخ السائل على غير اطلاع بذلك، فعليه أن يطلع على ذلك كله. فهو - أعني الاطلاع- شفاء صدره، وريُّ ظمئه. والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

المقاطعة

المقاطعة المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 2/1/1425هـ السؤال توجد عندي رغبة كبيرة في فتح مركز تجاري (سوبر ماركت) ، ولكن هناك سبباً يجعلني أتردد كثيراً في هذه المسألة، وهو موضوع المقاطعة، وكما تعلم فضيلة الشيخ أن هذا الأمر يصعب على كثير ممن لديهم هذه الرغبة، حيث إن الزبون يطلب هذه البضائع، ولا يرغب في البديل، مع العلم أن البديل في بعض السلع يكون صعباً، ولكن يا فضيلة الشيخ أريد منكم الجواب الكافي والشافي -بإذن الله- وإن شاء الله سوف أعمل -بإذن الله- بمقتضى ما تفتونني به، وأرجو منكم إرسال هذه الفتوى في القريب العاجل. الجواب الذي يظهر لي أنه لا مانع من بيعها طالما أنها بضائع مباحة الاستعمال كملابس أو أغذية، أو أدوات منزلية، أو غسالات، أو ثلاجات، أو نحو ذلك، ولو كانت بضائع أمريكية، فإن وجد أن مصلحته مترتبة على وجود هذه البضائع وأنه إن لم يتاجر فيها فستترتب عليه خسارة فنقول: لا بأس بذلك، والعبرة بالمتاجرة بالأمور المباحة، وأما إن كان يستطيع أن يستعيض عن هذه البضائع ببضائع أخرى أوربية أو يابانية، أو صينية، أو نحو ذلك، بحيث لا تتأثر تجارته ويكون له قصد في محاربة مثل هذه البضائع التي غالبها من إنتاج مصانع مملوكة لليهود الذين يقومون بتمويل متطلبات إسرائيل وهي العدو اللدود للإسلام والمسلمين فنقول: جزاك الله خيراً على شعورك وعلى غيرتك، وعلى محاربتك ما في ربحه ونتائجه الاقتصادية قوة للعدو على المسلمين. والله المستعان.

دار الحرب

دار الحرب المجيب خالد بن عبد الله البشر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 9/2/1425هـ السؤال أريد أن أعرف شيئاً عن أحكام دار الحرب، وما هي بعض الكتب التي فصلت في هذا الأمر؟ وهل تعتبر أمريكا دار حرب؟. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قبل البدء لا بد من تأسيس أصلين يقوم عليهما الجواب: الأول: أن وصف (الإسلام) من جهة و (الكفر) من جهة أخرى أوصاف شرعية اختص الله بحكمها، دون غيره من خلقه، فليس لأحد من الناس أن يدخل في (الإسلام) إلاّ من أدخله الله، ولا يخرجه منه إلاّ من أخرجه الله. وكذلك الكفر لا يَدخلُ فيه إلاَّ من أدخله الله. وإذا كان هذا في الأشخاص، فكذلك في الأراضي والبقاع، فإما (دار إسلام) ، وإما (دار كفر) ، ولا دار غيرهما كما نصَّ عليه الفقهاء (أحكام أهل الذمة لابن القيم (1/366) (الآداب الشرعية لابن مفلح 1/190) .فإذا تقرر ذلك فليس لأحد من الناس أن يُنزِّل أحد الحُكْمين (الإسلام) أو (الكفر) على شخص أو أرض إلاَّ إذا توفرت شروطهما، وانتفت موانعهما (أي الإسلام أو الكفر) . الثاني: أن أحكام سياسة الأمة وتدبيرها في شؤونها الداخلية والخارجية، كإعلان الجهاد وإبرام المعاهدات، المخاطب في ذلك هم: أولو أمر المسلمين من: العلماء والأمراء، وليس لآحادهم، فاعتبار تلك البقعة (دار إسلام) أو (دار كفر) يقضي به أولو أمر المسلمين وليس لآحادهم.

ومصطلح (الدار) مصطلح إسلامي يقابله في الوقت الحاضر مصطلح (الدولة) .وكانت مكة قبل فتح النبي صلى عليه وسلم (دار كفر) ، والمدينة بعد هجرته صلى الله عليه وسلم (دار إسلام) وقال تعالى:" والذين تبوؤا الدار والإيمان ... " الآية. والدار أي: المدينة. أما تعريف دار الإسلام عند عامة الفقهاء فهي: البلاد التي تكون فيها الغلبة والسلطة للحاكم المسلم، وتظهر فيها أحكام الإسلام في الحاكم والمحكومين، بغض النظر عن أكثرية سكانها. ودار الكفر: هي البلاد التي تكون فيها الغلبة والسلطة للحاكم الكافر، وتظهر فيها أحكام الكفر في الحاكم والمحكومين، بغض النظر عن أكثرية سكانها. و (دار الكفر) و (دار الحرب) عند الفقهاء بمعنى واحد، أما كونها (دار كفر) فلأن الغلبة والسلطة للكافر. وأما كونها (دار حرب) فهو بالنسبة لمآلها، وتوقع الحرب منها، حتى ولولم تكن هناك حرب فعلية مع (دار الإسلام) . وهذا الأصل في (دار الكفر) أنها (دار حرب) ما لم ترتبط مع دار الإسلام بعهود ومواثيق؛ فإن ارتبطت فتصبح بعد ذلك (دار كفر معاهدة) ، وهذه العهود والمواثيق لا تُغيِّر من حقيقة دار الكفر. ويحسن التنبيه ههنا: أن تعريف (دار الكفر) هو للدار الأصلية التي لم يسبقها إسلام، وليست المتحولة من (دار الإسلام) ، فلينتبه له!. أما أمريكا هل هي (دار حرب أم لا) ؟ الجواب: تأسيساً على ما سبق فالجواب فيه تفصيل: أما بالنسبة لمن دخلها من المسلمين بتأشيرة دخول (الفيزا) فهذا عهد وميثاق يجب الوفاء به، ولا يحل لأحد دخلها من المسلمين أن ينقض العهد والميثاق حتى ولو كانت دولة الداخل إليها في حرب معها؛ قال الله تعالى:" وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا " الإسراء: آية 34.-

أما الدول الإسلامية التي دخلت في عهود ومواثيق مع أمريكا، تتضمن عدم الاعتداء من الطرفين؛ فيجب الوفاء بها، وهذه العهود والمواثيق لا تُغيّر من حقيقة (دار الكفر) من حيث الأحكام المتعلقة بها من: وجوب الهجرة منها، وحرمة البقاء فيها لغير ما ضرورة تستوجب ذلك من: الدعوة إلى الله، وتعلم علمٍ يحتاج إليه المسلمون، أو تطبب لا يُنال في بلاد الإسلام ... وغيرها من الضرورات. وأنبه إلى أن اختلاف الدارين (دار الإسلام ودار الكفر) لا يُغيّر من أحكام الله شيئاً فما كان محرماً في دار الإسلام: كالأنفس والأعراض والأموال المعصومة بالإسلام أو العهد والمحرمات: الربا والزنى والسرقة ... وغيرها من المحرمات فهو محرم في دار الكفر قال الشافعي - رحمه الله -: " ومما يوافق التنزيل والسنة، ويعقله المسلمون، ويجتمعون عليه: أن الحلال في دار الإسلام حلال في بلاد الكفر، والحرام في بلاد الإسلام حرام في بلاد الكفر، فمن أصاب حراماً فقد حدَّه الله على ما شاء، ولا تضع عنه بلاد الكفر شيئاً ". (الأم 4/165) .وقال أيضاً:" لا فرق بين دار الحرب ودار الإسلام فيما أوجبه الله على خلقه من الحدود ". (الأم 7/354) .وقال الشوكاني - رحمه الله -: " إن دار الحرب ليست ناسخة للأحكام الشرعية أو بعضها ". (السيل الجرار 4/552) وأما الكتب التي تناولت هذا الموضوع فمنها: (مجموعة بحوث) للدكتور عبد الكريم زيدان، و (اختلاف الدارين) لإسماعيل فطاني، و (الاستعانة بغير المسلمين) للدكتور عبد الله الطريقي، و (تقسيم الدار في الفقه الإسلامي) لأخيك المجيب. عصمنا الله وإياكم من الزلل في القول والعمل. آمين.

مقاطعة محلات (ماركس- سبنسر)

مقاطعة محلات (ماركس- سبنسر) المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 24/04/1425هـ السؤال لله الحمد، فأنا من المقاطعين لمحلات (ماركس وسبنسر) منذ أكثر من 15 سنة تقريباً-؛ لأن هذه المحلات تفتخر بأنها تساهم في تمويل المجهود الحربي الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعندما أقول لأهلي وصديقاتي بأن هذه المحلات يهودية يقولون الرسول- صلى الله عليه وسلم- كان يشتري منهم، وأن أغلب المحلات الأمريكيية والبريطانية مُلاكها يهود! فأقول لهم: نعم هذا صحيح، ولكن محلات (ماركس وسبنسر) بالذات تفتخر بتبرعاتها لليهود، وللمجهود الحربي الإسرائيلي، لدرجة أن هناك يهوداً معارضون لهذا المحل، ويقومون بمظاهرات؛ لأنهم يتبرعون للصهيونية من هذه المحلات، خاصة في بريطانيا، وأننا في زمن حرب معهم، فلا يجوز الشراء من محلاتهم. فما حكم الشراء من محلات ماركس وسبنسر؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

رأيك هو الصواب، فلا يجوز الشراء من المحلات التجارية التي تدعم وتمول اليهود، بل يجب ويتعين مقاطعتها؛ لأن اليهود محاربون للمسلمين في كل مكان، إما حرباً عسكرية سياسية كما في فلسطين، أو حرباً سياسية واقتصادية على جميع الدول الإسلامية، وقد جاء في الأثر النهي عن بيع السلاح في الفتنة انظر ما رواه البخاري في كتاب: البيوع. باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها.، والمسلمون اليوم لا يصنعون السلاح فضلاً أن يبيعوه للكفار، وإنما المعنى إعانتهم اقتصادياً بتشجيع منتجاتهم، لا سيما إذا وجد المسلم ما يقوم مقامها فيحرم عليه شراؤها - وهذه فتوى كثير من العلماء اليوم في عامة الدول الإسلامية- وإذا كان في الشرع: "الدال على الخير كفاعله" رواه الترمذي (2670) من حديث أنس -رضي الله عنه-، فيكون عكسه كذلك، أي الدال على الشر والمعين عليه كفاعله، وخاصة في هذا العصر الذي تكالبت فيه الأعداء على المسلمين، وأذكركم بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم"رواه أبو داود (2504) ، والنسائي (3069) من حديث أنس -رضي الله عنه-، وأعظم قتال يستطيعه المسلمون مع ضعفهم مقاطعة أعدائهم اقتصادياً، والرد على أقاويلهم وشبهاتهم في جميع وسائل الإعلام. والله أعلم.

هل الإسلام يعلم العنف؟

هل الإسلام يعلِّم العنف؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 22/1/1425هـ السؤال شخص نصراني يصر على أن الإسلام يعلِّم العنف، واستند إلى حديث الرجل الأعمى الذي قتل أم ولد كانت عنده؛ لأنها كانت تقع في النبي -صلى الله عليه وسلم- فأهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دمها، أرجو التكرم بشرح الحديث؟ وما دلالة هذا الحديث على ما يقول الرجل النصراني؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد:

الحديث أخرجه أبو داود (4361) والنسائي (7 / 107) من طريق إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَال: َ حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ عن عِكْرِمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما- أَنَّ أَعْمَى كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَكَانَ لَهُ مِنْهَا ابْنَانِ وَكَانَتْ تُكْثِرُ الْوَقِيعَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَسُبُّهُ فَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ وَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ذَكَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَقَعَتْ فِيهِ فَلَمْ أَصْبِرْ أَنْ قُمْتُ إِلَى الْمِغْوَلِ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا فَاتَّكَأْتُ عَلَيْهِ فَقَتَلْتُهَا فَأَصْبَحَتْ قَتِيلًا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَمَعَ النَّاس، َ وَقَالَ أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا لِي عَلَيْهِ حَقٌّ فَعَلَ مَا فَعَلَ إِلَّا قَامَ فَأَقْبَلَ الْأَعْمَى يَتَدَلْدَلُ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا صَاحِبُهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدِي، وَكَانَتْ بِي لَطِيفَةً رَفِيقَة، ً وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ تُكْثِرُ الْوَقِيعَةَ فِيكَ وَتَشْتُمُكَ، فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، فَلَمَّا كَانَتْ الْبَارِحَةُ ذَكَرْتُكَ فَوَقَعَتْ فِيكَ، فَقُمْتُ إِلَى الْمِغْوَلِ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا فَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ"، ورجال إسناد هذا الحديث ثقات، وقد أخرجه الحاكم في المستدرك (4 / 394) ، من طريق إسرائيل به وقال: هذا حديث صحيح الإسناد

على شرط مسلم ولم يخرجاه. وهذه القصة يمكن أن تكون هي التي جاء ذكرها مختصرة فيما رواه الشعبي عن علي - رضي الله عنه-: أن يهودية كانت تشتم النبي -صلى الله عليه وسلم- وتقع فيه، فخنقها رجلٌ حتى ماتت، فأبطل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دمها. رواه أبو داود (4362) ، وفي رواية عن الشعبي قال: "كان رجل من المسلمين - يعني أعمى - يأوي إلى امرأة يهودية، فكانت تطعمه وتحسن إليه، فكانت لا تزال تشتم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتؤذيه، فلما كان ليلة من الليالي خنقها فماتت، فلما أصبح ذُكِرَ ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فنشد الناس في أمرها، فقام الأعمى فذكر أمرها فأبطل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-دمها. وقوله في الحديث أم ولد: يحتمل أن تكون زوجة له أو مملوكة، والظاهر أنها كانت كافرة، وكان لها العهد بملك المسلم إياها أو بتزوجه بها، فإن أزواج المسلمين من أهل الكتاب لهم حكم أهل الذمة بالعصمة، ويبعد أن تكون مسلمة؛ لأن مثل هذا السب الدائم لا يفعله مسلم إلا عن ردة.

"يزجرها": أي يمنعها "فلا تنزجر": أي فلا تمتنع. "المِغْوَل": بالغين المعجمة: سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه فيغطيه، وقيل: حديدة لها حد ماض. وفي رواية: "معول" وهي: آلة حديدية تستعمل للحفر في الأرض أو الجبل فاتكأ عليها: أي تحامل عليها، "أنشد الله رجلاً": أي أسأله بالله وأقسم عليه "يتدلدل": أي يضطرب في مشيه، "دمها هدر": الهدر الذي لا يضمن بقصاص ولا دية ولا كفارة، وقد استُدِلَ بهذا الحديث أن الذمي يقتل إذا سب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وينتقض عهده بذلك حيث أهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دم هذه المرأة وأبطله، ويظهر أن هذه المرأة كانت ذمية، وكانت تكثر الوقيعة بالرسول- صلى الله عليه وسلم-، وكانت أم ولد لهذا الرجل الأعمى فينهاها ويزجرها فلا تنتهي ولا تنزجر فعند ذلك قتلها، قال ابن تيمية: وهذه المرأة إما أن تكون زوجة لهذا الرجل أو مملوكة له، وعلى التقديرين فلو لم يكن قتلها جائزاً لبيَّن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له أن قتلها كان محرماً، وأن دمها كان معصوماً..... فلما قال: " اشهدوا أن دمها هدر"، والهدر الذي لا يضمن ولا دية ولا كفارة علم أنه كان مباحاً مع كونها ذمية، فعلم أن السب أباح دمها، لاسيما والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما أهدر دمها عقب إخباره بأنها قتلت لأجل السب، فعلم أنه الموجب لذلك، والقصة ظاهرة الدلالة في ذلك. قال السندي: وفيه دليل على أن الذمي إذا لم يكف لسانه عن الله ورسوله فلا ذمة له فيحل قتله والله أعلم. وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع أن ساب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-إن كان مسلماً فإنه يكفر ويقتل بغير خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وإن كان ذميًّا فإنه يقتل أيضاً في مذهب مالك وأهل المدينة، وهو مذهب أحمد وفقهاء الحديث.

قال ابن حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: كل من شتم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو تنقصه - مسلماً كان أو كافراً - فعليه القتل، وأرى أن يقتل ولا يستتاب، وقال: سمعت أبا عبد الله يقول: كل من نقض العهد وأحدث في الإسلام حدثاً مثل هذا رأيت عليه القتل، ليس على هذا أعطوا العهد والذمة، وكذلك قال أبو الصفراء: سألت أبا عبد الله عن رجل من أهل الذمة شتم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ماذا عليه؟ قال: إذا قامت البينة عليه يقتل من شتم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مسلماً كان أو كافراً، وقال في رواية عبد الله وأبي طالب، وقد سئل عن شتم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: يقتل، قيل له: فيه أحاديث؟ قال: نعم أحاديث كثيرة منها: حديث الأعمى الذي قتل المرأة، قال: سمعتها تشتم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

ومن خلال ما سبق يتبين أن هذه المرأة التي سبت الرسول وأكثرت الوقيعة فيه قد نقضت عهدها وأصبحت غير معصومة الدم فحل قتلها، وأما كون هذا الرجل هو الذي باشر قتلها؛ فهي إن كانت مملوكة له فقد جاء ما يدل أن السيد له أن يقيم الحد على أرقائه كما جاء في الحديث: " أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " أخرجه أحمد (698) ، وفي صحيح مسلم (1705) خَطَبَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَقِيمُوا عَلَى أَرِقَّائِكُمْ الْحَدَّ مَنْ أَحْصَنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ ... "، وإن كانت زوجة ذمية فيكون هذا الرجل قد حملته غيرته الدينية على قتلها، حيث لم يصبر لما أكثرت من سب الرسول والوقيعة فيه -صلى الله عليه وسلم- وهو ينهاها ويزجرها فلم تستجب، ولما علم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك جمع الناس، وبحث عن قاتلها حتى أخبره هذا الرجل بما حدث وصدقه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما قال، والرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليس كغيره فهو مؤيدٌ بالوحي من الله، والحاصل أن هذه القصة ليس فيها ما يدل على العنف، بل إن هذه المرأة فعلت ما يوجب القتل؛ لأن سب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- معناه الاستخفاف والاستهانة به وتكذيب ما جاء به....؛ فإن صدر من مسلم فهو كفر وردة، وإن صدر من ذمي فهو نقض للعهد.

يقول ابن تيمية: إن سب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تعلق به عدة حقوق: حق الله سبحانه من حيث كَفَرَ برسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وعادى أفضل أوليائه وبارزه بالمحاربة، ومن حيث طعن في كتابه ودينه فإن صحتهما موقوفةٌ على صحة الرسالة، ومن حيث طعن في ألوهيته فإن الطعن في الرسول -صلى الله عليه وسلم- طعن في المرسِلِ وتكذيبه تكذيبٌ لله -تبارك وتعالى- وإنكار لكلامه وأمره وخبره وكثير من صفاته، وتعلق به حق جميع المؤمنين من هذه الأمة، ومن غيرها من الأمم فإن جميع المؤمنين مؤمنون به خصوصاً أمته فإن قيام أمر دنياهم ودينهم وآخرتهم به بل عامة الخير الذي يصيبهم في الدنيا والآخرة بواسطته وسفارته، فالسب له أعظم عندهم من سب أنفسهم وآبائهم وأبنائهم وسب جميعهم، كما أنه أحب إليهم من أنفسهم وأولادهم وآبائهم والناس أجمعين، وتعلق به حق رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من حيث خصوص نفسه، فإن الإنسان تؤذيه الوقيعة في عرضه أكثر مما يؤذيه أخذ ماله، وأكثر مما يؤذيه الضرب بل ربما كانت عنده أعظم من الجرح ونحوه، خصوصاً من يجب عليه أن يظهر للناس كمال عرضه وعُلو قدره لينتفعوا بذلك في الدنيا والآخرة، فإن هتك عرضه قد يكون أعظم عنده من قتله، فإن قتله لا يقدح عند الناس في نبوته ورسالته وعلو قدره، كما أن موته لا يقدح في ذلك بخلاف الوقيعة في عِرْضِه فإنهاقد تؤثر في نفوس بعض الناس من النُّفرة عنه وسوء الظن به ما يفسد عليهم إيمانهم ويوجب لهم خسارة الدنيا والآخرة.

والأصل أن إقامة الحدود والقصاص والجنايات إلى السلطان؛ فقد كانت الحوادث ترفع إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم إلى خلفائه من بعده. وما وقع في هذه الحادثة من النوادر والمتأمل - بعين الإنصاف والبعد عن الهوى والمقاصد السيئة - في تشريعات الإسلام وأحكامه يجد أنها مبنية على الرحمة والعدل والإحسان والرفق، قال الله -عز وجل-:

"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" [الأنبياء: 107] ، وقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ" [النحل: 90] ، وجاءت الشريعة بحفظ الأنفس والأموال والأعراض والوفاء بالعهود والمواثيق، ففي حجة الوداع قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَلَا إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، وَكَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا، وَكَحُرْمَةِ بَلَدِكُمْ هَذَا " أخرجه أحمد ح (18198) ، وفي بعض غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى امرأة مقتولة فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. أخرجه البخاري (3015) ، ومسلم (1744) ، وأخرج البخاري (3166) من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: " مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا "وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتألف أهل الكتاب ولا يقابل إساءتهم بالعقوبة؛ فعن أنس -رضي الله عنه- قال مَرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَعَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ؟ قَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَقْتُلُهُ قَالَ: لَا إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ. أخرجه البخاري (6926) ، وفي الصحيحين البخاري (6024) ، ومسلم (2165) من حديث عَائِشَةَ

-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَهْلًا يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ"، والسام: هو الدعاء بالموت، وقد تركهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يعاقبهم لمصلحة تأليفهم، ولأن هذا القول منهم ليس بصريحٍ في السب بل هو دعاء بالموت الذي لا بد منه والله أعلم. وإن كان بعض العلماء استدل بحديث أنس وعائشة -رضي الله عنهما- على أن أهل الذمة لا يقتلون بمجرد السب للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لأن ما هم فيه من الكفر أعظم، وهو قول الكوفيين وأبي حنيفة والثوري، ولعلهم لا يرون صحة ما جاء في حديث الأعمى لاسيما وأن مداره على عثمان الشحام وهو وإن كان بعض الأئمة وثقه، فقد تكلم فيه يحيى بن سعيد القطان، فقال: عثمان الشحام تعرف وتنكر ولم يكن عندي بذاك، وقال النسائي: ليس بالقوي. والله أعلم، هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل يطرد اليهود من منتداه؟

هل يطرد اليهود من منتداه؟ المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 24/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا مشرف عام على منتدى كبير، وهذا المنتدى تقنيٌّ بحت، أي لا يبحث أي مواضيع خارجة عن المواضيع التِّقنية، مثل المواضيع الدينية أو غيرها، طبعًا هو منتدى مفتوح للجميع، ويشترك لدينا بعض العرب من النصارى، وأحيانًا يهود، يضغط عليَّ بعض الأعضاء ويطالبونني بطردهم، وأنا أقول: ما دمنا لم نر منهم أي سوء ولم يتعدوا أبدًا على الإسلام، فلماذا يتم طردهم؟ يقول: إن مجرد السماح لهم بالاشتراك والسماح لهم بالاستفادة من معلومات المنتدى هو تعاون معهم، ولا يجوز, وأنت آثم عليه! فأردت تبرئةً للذمة استفتاءكم....هل أقوم بطردهم؟ أفيدوني مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن التعاون في المواضيع المفيدة كتعاون أصحاب الاختصاص الواحد، كالأطباء مثلاً، أو المهندسين هو أمر طيب، ولا يشترط أن يكونوا جميعًا مسلمين، بل هذا التعاون من البر الذي يأمرنا به ديننا حتى مع الكفار غير المعادين؛ (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة: 8] . ولا يخفى فوائد هذه المنتديات من الناحية التقنية، وهي خير مثال على خلق المسلم واهتمامه بالعلم وتقديمه لمن يحتاجه، وهي تعطي صورة خيرة للمسلم الحق، وربما أدت إلى هداية غير المسلمين.

وأما إذا تبين أن المستفيد من هذه التقنيات يسيء استخدامها أو يصدر منهم ما يسيء إلى ديننا فإنه في هذه الحالة يتعامل معهم بما أمر به ديننا من نصحهم وبيان الحق لهم، سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، وإذا لم يفلح معه ذلك وتكررت منه الإساءة وكانت هذه المعلومات عونًا له على الإثم والعدوان فلا يسوغ تقديمها له بل يحجب عنها؛ لقوله سبحانه: (وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2] . نسأل الله تعالى- كل خير، وأن يوفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

السرقة من اليهود

السرقة من اليهود المجيب د. عبد الغني بن أحمد التميمي أستاذ في السنة وعلومها الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 20/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. شيخنا الفاضل: تعلمون الأوضاع السائدة في فلسطين، احتلال، وقهر، وتعذيب ... وأيضاً لدينا عمال يعملون داخل الخط الأخضر عند متعهدين يهود. ما حكم سرقة اليهود في فلسطين بشكل عام، وسرقة هذه العمالة من الذين استأمنوهم بشكل خاص؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخ السائل: أولاً: لا يجوز دعم اليهود المحاربين المغتصبين بأي نوع من أنواع الدعم أو ما يتقوون به على المسلمين. ثانياً: من ذلك العمل في مصانعهم أو مزارعهم، أو غيره؛ لأن ذلك يصب ضمن معاونتهم، ويؤدي إلى موالاتهم ومحبتهم، والتآلف والتعايش معهم. ثالثاً: لا تجوز سرقتهم بشكل عام؛ لأن هذه ليست من أساليب جهادهم وإضعافهم، بل المقصود بها نفع نفسه لا إضعاف عدوه، إلا غذاء كان ضمن خطة تتفق عليها فصائل المقاومة أو بعضها. رابعاً: من أؤتمن على عمل أو مصلحة أو نحوها لا يجوز أن يخون أمانته، ولو مع حربي، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" والله -تعالى- أعلم.

القبض على المجاهدين وتعذيبهم

القبض على المجاهدين وتعذيبهم المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 29/10/1425هـ السؤال ما حكم من يقبض على مجاهد ترك ماله وعمله وبيته وأولاده وملذات الدنيا ومغرياتها، وذهب ليجاهد مع إخوانه في العراق ضد اليهود والنصارى، وقد سفكوا دماء إخوانه المسلمين، وانتهكوا أعراض أخواته المسلمات، وعذبوا ونكل بهم، هل يجوز منعه وسجنه وتعذيبه لأنه اختار طريق الجهاد؟ بينما تفرش الأرض، وتوزع الهدايا، ويمجد المغني الماجن أو اللاعب وغيرهما؟! الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

يجب أن يُعلم أن دعوة الكافر إلى الإسلام بتألُّفه وتعريفه بأحكام الشرع ومقاصده، مقدم على قتله ومقاتلته، ودعوته إلى الإسلام قبل القتال أو بعده لا يقل أجرها عن أجر قتله إذا امتنع عن الإسلام ففي الحديث: "لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِن أنْ يَكُونُ لَكَ حُمْرُ النَّعَمْ". أخرجه البخاري (3701) ومسلم (2406) . ومن المعلوم في أحكام الجهاد أن الكافر متى رغب في الدخول في الدين أو نطق بالشهادة، وجب الكف عن قتاله، وتأمينه حتى يسمع كلام الله، ولا يجوز التشكيك في قصده؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. . .) [النساء: من الآية94] . أما إذا بدأ العدو المسلمين بالقتال أو لم يقبل دعوة الحق التي عرضت عليه وجب قتله ومقاتلته؛ (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) [البقرة: 190- 191] . ولاشك أن قتال أمريكا وحلفائها في العراق قتال مشروع وعمل مبرور، ومن قتله الأمريكان وحلفاؤها من المسلمين فله أجر شهيدين- إن شاء الله- كما جاء في حديث قيس بن شماس، في سنن أبي داود (2488) : لما جاءت أم خلاد تسأل عن ابنها وهو مقتولٌ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابْنُكَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ". قالت: ولِمَ ذلك يا رسول الله؟ فقال: "لَأَنَّهُ قَتَلَهُ أَهْلُ الكِتَابِ". فالله الله يا أهل العراق خاصة، أثخنوا في الأمريكان قتلًا وأسرًا، ولا تأخذكم في ذلك لومة لائم؛ (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا

أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا. . .) [محمد: من الآية4] . واحذروا أن يوقع عدوكم الفتنة بينكم فيقتل بعضكم بعضًا، فإنكم مهما اختلفت توجهاتكم تقفون اليوم أمام عدو مشترك يريد أن يستأصل شأفتكم، ويأخذ خيراتكم، ويفسد عليكم دينكم ودنياكم، والله يقول لعباده المؤمنين: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 46] .

أما الشباب غير العراقيين فلا أنصح بذهابهم للقتال هناك، وإنما عليهم العمل بنصرة إخوانهم، وهم مقيمون في أوطانهم بما يستطيعونه من مال أو رأي ومشورة، أو دعاء، أو طعام ودواء، فنصرتهم بهذه الأمور أهم وأولى من الذهاب للقتال معهم، فهم إلى الدعم بهذه الأمور أحوج من غيرها، ويجب أن نستفيد- معشر المسلمين- من واقع الجهاد في أفغانستان مع الاتحاد السوفيتي، ولقد كان قادة المجاهدين آنذاك (رباني وسيَّاف وحكمت يار) يقولون: لسنا بحاجة للرجال غير الأفغان، وإنما نحن بحاجة ماسة إلى الدعم بالمال والدعاء. فكان هذا عين الصواب والحكمة، وليته تم- غير أن حماس شباب العرب وعاطفتهم طغت على حكمة وشجاعة العجم، فكان ما كان مما أصاب العالم كله والمسلمين خاصة حكومات وشعوبًا مما لا يجهله اليوم إنسان، لقد اجتيح بسبب هذا في مدة وجيزة دولتان (أفغانستان والعراق) ، قتل وجرح، وشرد فيها مئات الألوف من الأنفس البريئة، علاوة على انتهاك الأعراض وإفساد الأموال والممتلكات ما الله به عليم، ولا يزال الحبل على الجرار، فالدور قادم- إلا أن يشاء الله- على دول الجوار، وكل ما حصل ويحصل للمسلمين من كل مكان من الذل والهوان والتخلف إنما هو بسبب المعاصي والذنوب من عامة الحكومات والشعوب، وصدق الله العظيم: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) [الرعد: من الآية11] . ومن أعظم هذه المعاصي الجهل بالدين والدنيا معًا، وأعظم الجهل بالدين الجهل بتوحيد الله من بناء الأضرحة على القبور والدعاء عندها، والطواف عليها، وتشريع القوانين والأنظمة بتحريم ما أحل الله، وإباحة ما حرم الله، والحكم بها والتحاكم إليها، وهذا الجهل له مظهران: (1) مظهر روحي شخصي- بفضل الله أمسكناه.

(2) وآخر مدني- مع الأسف فرطنا به وأضعناه، فراح بعضنا يبكيه، والبعض الآخر جاهل به، معرض عنه كأنه لا يعنيه، أو ما يدري هؤلاء وأولئك أن جهلهم بأحكام أدى بهم إلى رهبانية كرهبانية النصارى؛ (دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر) . فصاروا لا يتناهون عن منكر فعلوه، ولا يتناصحون فيما يصلح العباد والبلاد من أمور الحياة كالطب والهندسة، والصناعة، والزراعة، وسائر الخدمات الضرورية، ونتيجة جهلهم بالدين أخرجوها منه قولًا وفعلًا، وحصروه بمظاهر العبادة من صلاة وصيام، وصدقة، وإحسان، بل راح بعض الناس نتيجة جهله ينظر إلى أن كثرة ورود النصوص الشرعية في موضوع ما، وقلتها في موضوع آخر تدل على أهمية هذا على ذاك، وتقديمه عليه لكثرة ما ورد فيه من نصوص؛ كالجهاد في سبيل الله ورد فيه من النصوص الشرعية من القرآن والسنة ما يكاد يساوي أو يزيد على ما ورد في الصلاة والزكاة، مع أنهما من أركان الإسلام، وإذا كانت الصلاة عماد الدين فإن الجهاد فرع عنها لا يصح إلا بها، وأيضًا لو كانت الكثرة والقلة مقياسًا للأهمية لكان السواك للناس أهم من الشورى، ومعرفة المواريث أهم من دراسة الطب، وإعفاء اللحية أولى من الزراعة والصناعة، وهكذا، فالشورى والطب والهندسة والصناعة، والزراعة لم يرد فيها من النصوص الشرعية مجتمعة عشر ما ورد في صدقة التطوع، مع أن تعلم مثل هذه الفنون وتعليمها من فروض الكفاية، لو أجمع أهل بلد على ترك واحد منها وجب على الحاكم الشرعي قتالهم، بخلاف لو تركوا صدقة التطوع، لقد بلغت الحماسة والغيرة عند الشباب مبلغها حتى غطت على العقل والروية- أو كادت- فراحوا يأخذون بفتاوى العلماء السابقين، وكأنهم يعيشون تحت ظل الخلافة الراشدة أو بعدها حين كان هارون الرشيد يخاطب السحابة: (أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك) . ونسوا أنهم يعيشون زمن الضعف والفرقة، ففي كل شبر من المعمورة أمير للمؤمنين ومنبر، إن أول ما يصطدم به هؤلاء الشباب إغلاق الحدود

أمامهم، فلا يمكن لهم أن يعبروها إلى دولة أخرى دون جواز وتأشيرة، ولن يستطيعوا الحصول عليها إلا بعد تعب واحتيال وتعريض أنفسهم للسجن والتعذيب قبل خروجهم أو بعد عودتهم إن عادوا، وإن كان الأولى عدم الخروج من بلادهم؛ غير أن سجنهم وتعذيبهم لو خرجوا حرام لا يجوز، قد يكون نصرة للعدو وصدًّا عن سبيل الله مؤذنًا بالعقوبة في الدنيا قبل الآخرة (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58] . والله أعلم.

حراسة المسلم للكافر

حراسة المسلم للكافر المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 09/05/1425هـ السؤال عرض ابن عم زوجي - وهو غير مسلم- عملاً على زوجي، بأن يكون له حارساً شخصياً ليتولى حمايته، هل يجوز لزوجي قبول مثل هذا العمل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب يجوز للمسلم أن يعمل عند الكافر أجيراً وعكسه كذلك، مثال الأول فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- وصحابته - رضي الله عنهم - مع المشركين وعامة الكفار، فقد كانوا يبايعونهم ويؤاجرونهم، فآجر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- نفسه من كافر ليسقي له كل يوم بتمرة. انظر: الترمذي (2473) ، ومات رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بصاع من شعير. انظر: البخاري (2916) ، ومسلم (1603) ، ومثال الثاني: استئجار النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم الهجرة عبد الله بن أريقط وهو مشرك يومئذ ليدله الطريق. انظر: البخاري (2263) ، وعلى هذا يجوز لزوجك أن يعمل عند ابن عمه حارساً له ولو كان كافرا، وكذلك عكسه ما دام أميناً ويأمنه على نفسه. والله أعلم.

اختطاف الأجانب وقتلهم

اختطاف الأجانب وقتلهم المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 30/04/1425هـ السؤال لقد ظهرت في الآونة الأخيرة عمليات قتل الأجانب واختطافهم داخل البلاد الإسلامية، وآخرها ما حصل في الرياض، فما رأي فضيلتكم بمثل هذه الأعمال؟ الجواب لقد سمعنا وقرأنا ما نادت به هذه الفئة الضالة المجرمة من اختطاف أحد الأمريكان المستأمنين في الرياض، وتهديدهم بقتله في موعد حددوه إن لم تُستجَب مطالبهم، وهذا فعل شنيع وجريمة نكراء يأباها الشرع والعقل والشهامة والرجولة والعرف، أما الشرع فيحرم قتل النفس المعصومة إلا بحقها، فهذا الرجل الأجنبي المختطف دخل البلاد بعهد وأمان، ففي صحيح البخاري (3166) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً" وكل الأجانب - غير المسلمين - الذين يعملون في المملكة مستأمنون، قدموا واستقدموا لحاجتنا إليهم، يقول ابن القيم في كتابه أحكام الذمة: "المستأمن هو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها "يعني إقامة دائمة"، وهم أربعة أقسام: رسل، وتجار، ومستجيرون حتى يعرض عليهم الإسلام، وطالبو حاجة من زيارة أو غيرها، وحكم هؤلاء (الأصناف) ، ألا ينافروا ولا يقتلوا، ولا تؤخذ منهم الجزية، ويعرض على المستجير منهم الإسلام والقرآن، فإن دخل فيه فذاك، وإن أحب اللحاق بمأمنة ألحق به" أ. هـ.

أما العقل السليم فلا يفارق الشرع، بل هو ملازم له في كل حال، فالعقل الصريح مع النقل الصحيح دوما وأبداً، أما العقل البليد الأحمق فهو ينأى عن الحق والهدى، أما الشهامة والرجولة فلا تجتمع مع الخيانة والغدر. فما ذنب هذا المستأمن البريء يؤخذ بجريرة غيره والله - تعالى - يقول: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الأنعام:164] . والعرف المحمود ضمن دائرة الشرع، والقاعدة تقول: (ما عرف عرفاً كما اشترط شرطاً) وإكرام الغريب واحترامه معلوم في تاريخ الأمة العربية في الجاهلية والإسلام، ففي الجاهلية كانت تقوم الحروب بين القبائل عندما تمس كرامة الضيف والغريب، ثم جاء الإسلام، ودعا إلى إكرام الغريب، بل ودعوته وتعليمه الإسلام إن رغب ذلك دون إكراه، قال -تعالى-: " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون" [التوبة:6] .

فأين هؤلاء القتلة قساة القلوب من هذه النصوص الشرعية من القرآن والسنة؟ إن كانوا يقصدون الخير -كما يزعمون- فإن قتل الأبرياء أو ترويعهم، وتضييع وإهدار الأموال المعصومة بعصمة دماء أهلها لمن أعظم الفساد في الأرض الذي لا ينفع معه عمل ما لم يتب صاحبه منه توبة نصوحاً. وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، ويتعين على ولي الأمر تطبيق شرع الله على من قبض عليه متلبساً في القتل أو الفساد، وعدم المساس بمن تاب وأقلع قبل أن يقبض عليه، وإننا لنناشد العقلاء من هؤلاء الشباب الرجوع إلى الصواب، كما نناشد ولاة الأمر بتطبيق آية الحرابة على المتلبسين بالجريمة، والعفو عمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه، وعلينا جميعاً أن نتأمل كلام الله ونقف عنده نحكم به ونتحاكم إليه، قال - تعالى -: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم" [المائدة:33-34] ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة لما عفا في فتح مكة عمن أشرك بالله وقاتل المسلمين، لما قال لهم: " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلام فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن.."رواه مسلم (1780) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وقال- صلى الله عليه وسلم:"اذهبوا فأنتم الطلقاء" رواه البيهقي في السنن الكبرى (9/118) . اللهم ارزقنا الأمان واهدنا سواء الصراط. آمين.

السرقة من دار الكفر

السرقة من دار الكفر المجيب خالد بن عبد الله البشر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 1/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما تقولون فيمن يدعون جواز السرقة من دار الحرب، هل لهم في ذلك دليل من السنة، ومن أين جاءوا بمثل هذا الحكم (أنه يجب بذل الخمس من المبالغ المسروقة) . هل لذلك ذكر في السنة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. السرقة كبيرة من كبائر الذنوب لا تجوز بأي حال من الأحوال، ولا تجوز السرقة من الكافر، كما لا تجوز من المسلم، ولا تجوز السرقة من دار الكفر، كما لا تجوز من دار الإسلام؛ لأن اختلاف الدار لا يُحل الحرام كما بيناه في جوابنا على سؤال سابق (دار الحرب) . أما الذين أجازوا لأنفسهم جواز السرقة من دار الكفر فقد بنوا هذا على ظنهم الفاسد، وأن ما يأخذونه هو في حكم الغنيمة التي يغنمها المسلمون باستيلائهم على أموال دار الحرب، فإن إمام المسلمين إذا أخذ مال حربي قهراً بقتال فإنه يخرج من هذه الغنيمة الخُمُس الذي لله ولرسوله- صلى الله عليه وسلم- وهو سهم لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم واليتامى والفقراء والمساكين وأبناء السبيل، ثم يقسم الإمام الأخماس الأربعة الباقية على المقاتلين. كما في قول الله تعالى: "واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ... " [الأنفال:41] . يظهر لنا أن الأموال المأخوذة من دار الحرب تكون بطريق القتال، والذي يتولاها إمام المسلمين أخذاً وتوزيعاً. هذه هي الطريقة الشرعية في أموال الحربيين. وأما ما يقوم به بعض المسلمين - هداهم الله - في بلاد الكفر من استحلال السرقة من أموال تلك البلاد، ثم يُخرجون الخُمُس من هذه الأموال مخرج الغنيمة، فهذا الفعل معصية وجريمة، واستحلال لما حرم الله من السرقة، ونقض للعهد والميثاق الذي دخلوا به تلك البلاد. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.

هل هذا من موالاة الكفار؟

هل هذا من موالاة الكفار؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 10/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. يعمل أخي في معسكر للقوات المتعددة الجنسيات بسيناء، والذي وضع بعد اتفاقية السلام بين مصر واليهود، ومن المعلوم أن هذا المعسكر يأخذ طابع الجيش الأمريكي حتى في زي الجنود، وقد استمعت أخيراً أنه لا يجوز العمل في المعسكرات، فهل من أصر على العمل معهم بحجة أنه يتقاضى راتباً عالياً أو بحجة أنه لا يعاونهم على المسلمين يعتبر قد تولاهم من دون المؤمنين، وبالتالي ارتد عن الإسلام، أم هل هناك تفصيل في المسألة؟.أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

من أعان العدو على قتل المسلمين أو إيذائهم، فقد ارتكب إثماً عظيماً وجرماً كبيراً، لا يكفِّره إلا التوبة، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضلّ سواء السبيل" [الممتحنة:1] ، فالآية وسبب نزولها في قصة حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه- كما هو معلوم-انظر صحيح البخاري (4890) ومسلم (2494) فتشمل الآية كل من أعان كافراً أو عدواً على مسلم لقاء مصلحة مادية يتكسب من ورائها حتى ولو كان يبغض هؤلاء الكفار ودينهم وقلبه مطمئن بالإيمان الصحيح. أما وصف من هذه حاله بالسؤال: بأنه والى الكفار بعمله فنعم، ولكن موالاة الكفار المحرمة والموجبة للردة عن الإسلام هي الموالاة القلبية سواء ظهرت على الجوارح بنطق أو فعل أو لم تظهر، أما الموالاة الفعلية دون اعتقاد القلب فليست بردة عن الدين، ولكنها كبيرة من كبائر الذنوب، وإذا كانت إعانة للكافر في قتل أو أذى مسلم فيستحق بها العقوبة المناسبة لفعله حسب حكم الحاكم الشرعي فيها، وإذا كان عمل المسلم في مثل هذه المعسكرات ليس بذي أثر في تقوية العدو على المسلمين أثناء الحرب كأن يكون حارساً أو سائقاً ينقل لهم الماء والطعام، ونحو ذلك، ولم يجد له عملاً يعول منه نفسه وأهله - فلا بأس عليه في هذا إن شاء الله- على أن يكون حريصاً على البحث عن عمل آخر لا يلحقه منه إثم أو ضرر. والله أعلم.

هل يناقض معاداة الكفار اللعب معهم؟!

هل يناقض معاداة الكفار اللعبُ معهم؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 25/08/1425هـ السؤال كنت ألعب كرة القدم مع بعض الإخوة، وقد قام بعض الإخوة بدعوة بعض الشباب من الكفار للعب معنا، وقد حصل أن غضب بعض الإخوة وكرهوا أن يلعب الكفار معنا؛ لأن المسلمين يجب ألا يتخذوا اليهود والنصارى أولياء، وعلى هذا فلا يجوز اللعب معهم، لكن إخوة آخرين قالوا: إن هذا يدعونا لدعوتهم إلى ديننا وهم يلعبون معنا، فما رأيكم في الموقف السديد في هذا الأمر؟ ونرجو أن يكون ذلك بالأدلة الواضحة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

لقد نهى الله عن موالاة الكفار نهيًا صريحًا، ولكن ليس من التولي في شيء اللعب معهم والتبسم لهم، ومخالقتهم بالخلق الحسن، كما ليس من مقتضى البراءة منهم أن نظلمهم ونسيء إليهم ونُضارّهم ونمنعهم حقهم، وإنما توجب البراءة كره ما هم عليه من الكفر، وموالاتهم المحرمة هي إعانتهم على المسلمين وحب ظهورهم على الإسلام وأهله، أو حمايتهم من المسلمين إذا طلبوهم بحق. وأما الإحسان إليهم والتحبب إليهم بكريم الأخلاق والمعاملة بالحسنى والبشاشة في وجوههم، بقصد تحبيبهم إلى الإسلام ودعوتهم إليه فهو مشروع، وعلى ذلك يدل هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد عاد جاره اليهودي وأهداه. أخرجه البخاري (1356) . كما يدل على مشروعيته قوله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) [الممتحنة: 8] . والشاهد قوله: "أن تَبَرّوهم"، وعموم قوله تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِيهِيَ أَحْسَنُ) [النحل: 125] . والدعوة إلى الإسلام والترغيب فيه لا ينحصر طريقه بالخطاب الوعظي المباشر، بل له طرقه المتشعبة إن لم يُجدِ بعضها أجدى بعضها الآخر، منها الخطاب الوعظي المباشر، ومنها كذلك التودد والإحسان، والتلطف والترغيب بالإهداء والإرفاق والممازحة، والإعانة، والإغاثة، ونحن نعجب ممن يعيش بين ظهراني المشركين وهو يريد أن يعتزلهم اعتزالاً تامًّا، ظنًّا منه أن هذا هو مقتضى البراءة، ويتحرج أن يشاركهم بعض المشاركة المباحة كاللعب والخوض معهم في بعض الأحاديث تقوية للعلاقة ونفوذًا إلى قلوبهم! وتأمل كيف أن الله لم ينهنا عن القعود مع الذين يخوضون في آياته بالاستهزاء واللمز إذا خاضوا في أحاديث أخرى لا تمس الدين بسخرية، ولا المؤمنين بأذى؛ "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي

الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ... ) [النساء:140] . وقال الله: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ... ) [الأنعام: 68] . ومفهوم هذا جواز أن يقعد معهم إذا خاضوا في غير الكفر. والحاصل: أن اللعب مع الكفار ليس من التولي ولا من الموالاة المنهي عنها، بل هي علاقة مباحة بريئة، ويؤجر عليها من يتخذها طريقًا ينفذ من خلاله إلى قلوبهم، فيحبّبهم إلى الإسلام بأخلاقه وتعامله وإحسانه وتلطفه، والنية الصالحة أساس كل عمل صالح، وقد تبلغ النية الصالحة مبلغ العمل الصالح نفسه. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل كان في عهد الرسول الله صلى الله عليه وسلم جواسيس؟

هل كان في عهد الرسول الله صلى الله عليه وسلم جواسيس؟ المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 19/09/1425هـ السؤال هل كان في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- جهاز مباحث عامة؟ وما تفسير الآية: "ولا تجسسوا ... ؟ ". الجواب الحمد لله، وبعد: فإن الإعداد والاستعداد للجهاد ومواجهة الأعداء يتطلب أن يكون بين يدي القائد معلومات صحيحة صادقة سليمة عن الأعداء من حيث كفاءتهم القتالية، وأسلحتهم، وأساليب قتالهم، ومصادر قوتهم وأهدافهم،… إلى غير ذلك من المعلومات الضرورية من أجل التخطيط للمعركة، وعملية جمع تلك المعلومات تسمى (الاستطلاع) ، ويقوم بها عادة أفراد أو دوريات قليلة العدد، يتّسم الواحد منهم بالصبر، والتحمل، والانضباط، والشجاعة، والذكاء، ويحرصون على أداء مهمتهم بسرية تامة ويتجنبون القتال. وقد كان هذا واقعاً عملياً في حروب النبي - صلى الله عليه وسلم- فقد كان يُعنى أشد العناية بهذه الناحية، وله في ذلك فراسة هي مضرب الأمثال في هذا المجال، ففي غزوة بدر - مثلاً - عندما وجد شيخاً من العرب عند أحد المياه سأله عن قريش وعن محمد، ليعرف الأخبار عن قريش، انظر ما رواه أحمد في مسنده (951) من حديث علي -رضي الله عنه-

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد بعث بَسْبَسَ بن عمرو -رضي الله عنه- عيناً (متجسساً ورقيباً) ينظر ما صنعت عِيْر أبي سفيان -رضي الله عنه-، فجاء وما في البيت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد غير أنس بن مالك -رضي الله عنه-، فحدَّثَه الحديث، أي خبر أبي سفيان -رضي الله عنه- والعِيْر، انظر ما رواه مسلم (1901) من حديث أنس -رضي الله عنه-. وعندما عسكر بأصحابه -رضي الله عنهم- عند ماء بدر بعث ثلاثة من رجاله المعتمدين، هم الزُّبَيْرُ بن العوَّام، وعليُّ بن أبي طالبٍ، وسعدُ بن أبي وقَّاصٍ - رضي الله عنهم-، على رأس جماعة من المسلمين؛ ليستطلعوا جليَّة الأخبار ويعرفوا شيئاً عن مصير قافلة أبي سفيان -رضي الله عنه-، فقبضوا على اثنين من سقاة قريش، جاءوا بهما إلى رسول الله -رضي الله عنه- معتقدين أنهما من أتباع أبي سفيان -رضي الله عنه-، إلا أنهما أكدا انتماءهما للجيش القرشي الذي يعسكر الآن قريباً من المسلمين، تحجبهم التلال والكثبان عنهم، وضربوهما ظناً منهما أنهما يكذبان … وكان صلى الله عليه وسلم يصلي، فلما سلَّم، قال لهم: إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما، صَدَقا والله، إنهما لِقريش، أخبِراني عن قريش؟ قالا: هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعُدْوَة القصوى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "كم القوم؟ " قالا: كثير، قال: "ما عِدَّتُهم؟ " قالا: لا ندري. قال: "كم ينحرون من الإبل كل يوم؟ " قالا: يوماً تسعاً ويوماً عشراً. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "القوم ما بين التسعمائة والألف"، قال لهم: "فمن فيهم من أشراف قريش؟ " قالا: عُتْبَةُ بن ربيعة، وشَيْبَةُ بن ربيعة، وأبو البَخْتَرِيّ بن هشام، وحكيم بن حِزَام، بل إن الاهتمام بمعرفة أخبار العدو، تمتد إلى ما قبل هذه الغزوة حيث كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- من يستطلع له أخبار مكة، وهم جماعة بقيادة عمه العباس بن عبد المطلب -

رضي الله عنه- الذي كان ـ فيما يبدو ـ يخفي إسلامه، وبشير بن سفيان العَتَكِيُّ، وكانت هذه الجماعة وكأنها تعمل في سرِّية تامة، كانت مثالاً عفاً كريماً لما تذهب إليه، وكانت أعمالها محصورة فيما ينبغي معرفته عن العدو بطرق شريفة لا تتنافى مع الخلق والشرع، ومن ذلك: الإشراف على المؤمنين سراً في مكة، وبث الدعوة سراً، والقيام بمهمة المراسلة، والتبليغ بين المهاجرين في المدينة وذويهم في مكة، وبين النبي - صلى الله عليه وسلم- وبين المؤمنين الأخفياء في مكة، وجمع الأخبار الصادقة وتبليغها للنبي- صلى الله عليه وسلم- بدقة ونظام، وفي غزوة الأحزاب أيضاً أراد - صلى الله عليه وسلم- أن يكشف خبر قريِظة فقد روى البخاري (2846) ، ومسلم (2415) من حديث جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من يأتينا بخبر القوم؟ " فقال الزبير-رضي الله عنه-: أنا، ـ ثلاثاً ـ ثمَّ قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إن لكل نبي حواريَّاً وحواريَّ الزبير"، ثمَّ ذهب الزبير-رضي الله عنه- إلى قريظة مرتين أو ثلاثاً، بكل حذر؛ حتى لا يعرف أمره أحد، لذلك عندما سأله ابنه عبد الله قائلاً: رأيتك تختلف إلى قريظة؟! قال له رضي الله عنه: أو هل رأيتني يا بني؟ قال: نعم. ولما اشتد الحصار على المسلمين وتمالأت عليهم الطوائف، ثمَّ وقع بين الأحزاب الاختلاف، وحذرت كل طائفة من الأخرى وأرسل الله -تعالى- عليهم الريح، واشتد البرد تلك الليلة، انتدب النبي -صلى الله عليه وسلم- من يأتيه بخبر قريش، فانتدب له حذيفة بن اليمان-رضي الله عنه- بعد تكراره طلب ذلك، وقال له: يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ما يصنعون ولا تحدثن شيئاً حتى تأتينا، فذهب ودخل ـ في قصة مشهورة تعتبر من أروع الأمثلة في التعرف على العدو واليقظة والحذر ـ فلما قال أبو سفيان، وقتها: يا معشر قريش لينظر كل امرئ مَنْ جليسه. قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي فقلت: من

أنت؟ قال: فلان بن فلان، وفي هذا أكبر التمويه على هذه العملية الفدائية بحق، انظر ما رواه مسلم (1788) ، وأحمد في مسنده (33334) من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-. وهكذا كانت عادته عليه الصلاة والسلام في كل غزواته، أن يكثر من العيون التي تأتي له بالأخبار، حتى إنه أمر زيد بن ثابت ت-رضي الله عنه- أن يتعلَّم لغة يهود وكتابتهم، وقال له: "إني لا آمن يهوداً على كتابي"، فلم يمرَّ نصف شهر حتى تعلم لغتهم وكتابتهم، كما في الحديث الذي رواه الترمذي (2715) ، وأبو داود (3645) فكان يكتب إلى يهود، وإذا كتبوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ كتابهم، وفي هذا معرفة للعدو وتعرُّف على لغته ليمكن أيضاً الاطلاع على ما يكتبونه وما ينشرونه. وسئل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ عن الطلائع فقال: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- طليعة. وكلُّ ما كان فيه قوة للمسلمين فله فضل كبير. ولذلك نصَّ الفقهاء على أنه إذا عاقد الإمام واحداً من الكفار على أن يدلَّه على شيء من أسرار الكفار، أو أن يأتيه بخبر عنهم على أن يعطيه جعلاً على ذلك، فإنه يستحق هذه الجعالة. وهذا كله يدل على أصل عمل الاستخبارات في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومجال ذلك العمل ونطاقه. ولا يتنافى ذلك مع قوله تعالى: "ولا تجسسوا" [الحجرات:12] ؛ لأن النهي هنا عن البحث عن عيوب الناس من المسلمين، وعن المستور من أمورهم، وتتبع عوراتهم حتى لا يظهر على ما ستره الله منها، والأحاديث الشريفة توضح ذلك وتبينه. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

هل أذهب إلى الفلوجة؟

هل أذهب إلى الفلوجة؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 04/10/1425هـ السؤال لا يخفى عليكم ما يتعرض له إخواننا العراقيين في الفلوجة من القتل والتدمير والإبادة على يد الأمريكان وحلفاؤهم وإني أشعر بالخجل الشديد أن أبقى بين أهلي بينما إخواننا هناك يقاومون ويقاتلون.... وإني أسألكم بالله أن توجهوني توجيهًا تريدون به وجه الله والدار الآخرة، ولا تأخذكم في الله لومة لائم، فهل ذهابي إلى الفلوجة خير لي ولهم، أم ماذا؟ أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإني أعتقد أن الدافع إلى هذه التساؤلات ما في نفوس هؤلاء الشباب من حرارة الغيرة، وشدة الحمية، وأشواق الشهادة، وأحتسب لمن كان كذلك البشرى النبوية "من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه"، ومن حق هؤلاء أن يصدقوا القول، ويمحضوا النصح، وتستبرأ لهم الذمم في الاجتهاد في بيان وجه الحق، والدلالة عليه، مستهدين الله مستعينين به. فأولاً: إن مظاهر العدوان الغاشم والاحتلال السافر الأمريكي مستعلنة ظاهرة، وأبلغ من كل بلاغة، وأبين من كل بيان، رؤية المشاهد حية على الهواء، بحيث لا أحسب أن قلبًا فيه إيمان إلا وفيه حزن وألم لما يجري هناك، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل. ثانيًا: إن النظرة إلى هذه القضايا وفي ظل هذه الأحداث تؤثر فيها مرارة الألم وحرارة الغضب، إلا أن الانقياد ينبغي أن يكون لدلائل الكتاب والسنة، ومقاصد الشريعة التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، ودفع المفاسد وتقليلها، مع فهم الظرف والواقع والمؤثرات الداخلية والخارجية وتداخلاتها، بعيدًا عن الانفعالات الوقتية والاندفاع مع ردة الفعل الآنية.

ثالثًا: أما بالنسبة لذهاب غير العراقيين إلى العراق ودخولهم في القتال فقد سبق بيان الرأي في ذلك منذ بداية العدوان الأمريكي، وأنه ليس من المصلحة في شيء ذهاب جماعات الشباب من هذا البلد أو غيره إلى هناك لاعتبارات كثيرة منها: أن أهل البلد هم أعرف به، وأحرص عليه، وأدرى بالطريقة المناسبة للتعامل مع المحتل، وأعلم بظروف بلدهم واحتياجاته، ومجيء أطراف من بلدان مختلفة برؤى ومشارب متنوعة هو عامل إرباك وتشتيت، وفي التجارب السابقة في بلدان أخرى عبرة وعظة، ثم إنه وإن كان المحتل واحداً إلا أن خارطة العداوات شائكة وغير واضحة، والقوى المتصارعة أكثر من أن تكون محصورة في المحتل الأمريكي، والذاهب إلى هناك قد يكون مستهدفًا من كثير من هذه القوى، كما أن وجود مقاتلين أجانب في حي أو بلدة سيتحول إلى ذريعة للبطش والقصف والحصار، وربما الإبادة للمدنيين العزل، وليس من السائغ أن تُقدم الذرائع لآلة الموت الأمريكية لتقتيل المدنيين وتشريد المستضعفين، وهذا أمر في غاية الخطورة والأهمية. لقد كف الله يد نبيه والمؤمنين معه يوم الحديبية عن مشركي مكة من بعد أن أظفرهم عليهم حفاظًا على أرواح بعض المؤمنين المستضعفين المستخفين بمكة أن يصابوا في هذه المعركة بغير علم من المؤمنين "وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ" [الفتح: من الآية25] ، وإذا كان هذا الحكم ينزل على جيش يقوده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه الصحابة رضوان الله عليهم في مواجهة مع أهل مكة وهي بلدهم الذي أخرجوا منه وكانوا أحق بها وأهلها فإنه حكم باق للمسلمين في كل أقطارهم وأعصارهم. وقد تتابعت فتاوى العلماء وتوجيهاتهم في تحذير الشباب من الذهاب إلى هناك وتبصيرهم بالمفاسد المترتبة عليه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

رابعًا: لابد ـ مع بذل الجهد للوصول إلى الحق في هذه الأمور ـ من اللياذ بالله وسؤاله الهدى والسداد، وأن يهدينا فيمن هدى، وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، وقد كان من وصاة النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي -رضي الله عنه- "لا تدع أن تقول: اللهم اهدني وسددني، وتذكر بالهداية هداية الطريق وبالسداد سداد السهم". نسأل الله -عز وجل- أن يهدينا فيمن هدى، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يعيذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رب العالمين. للمزيد اطلع على ملف فتاوى عراقية.

قبول هدايا الكفار

قبول هدايا الكفار المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 14/01/1426هـ السؤال عندنا في إحدى الدول الغربية يقوم النصارى بتوزيع هدايا من طعام وملابس على ذوي الدخل المحدود. فهل يجوز لنا كمسلمين قبول هذه الهدية منهم؟ علماً بأن هذه الهدايا توزع قبل أسبوع واحد من عيد الميلاد، ولكننا لا نأخذها كهدية عيد ميلاد؛ لأنها لا تقدم في ذلك اليوم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: الأصل في هدايا الكفار جواز قبولها، وقد قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الهدايا من بعض الكفار، كما قبل من المقوقس حاكم مصر. وأما هدايا الكفار في أعيادهم وما يقدمونه من الطعام فيجوز أيضا قبولها، وقد أجاز ذلك غير واحد من أهل العلم، منهم ابن تيمية -رحمه الله-. ويجوز للإنسان رد الهدية إذا أحس أن في قبوله لها ضرراً عليه إما حسياً أو معنويا؛ كأن يحصل في ذلك منّة، أو تعالي المهدي عليه، أو إظهار ضعف المهدى إليه، وأنه بحاجة إلى مساعدة، أو غير ذلك فله ردها، وقد يكون والحالة هذه ردها أفضل من قبولها، والحاكم فيها الحال؛ فقد يختلف فيها باختلاف المكان والزمان والأشخاص، فللإنسان رد الهدية من المسلم إذا كانت كذلك، وأما هدية الكافر فمن باب أولى إذا رأى فيها ما سبق. والله أعلم.

الشروط العمرية في معاملة الذميين

الشروط العمرية في معاملة الذميين المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 18/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. أريد أن أسأل عن طريقة معاملة غير المسلمين في الدولة الإسلامية، قرأت شيئاً عن الشروط العمرية بألا يركب غير المسلمين الخيل أو السير في نفس الطرق مع المسلمين ويكون لهم ملابس خاصة يعرفون بها. فهل يجب تطبيق هذه الشروط في هذا الوقت؟ ولماذا فرض عمر- رضي الله عنه- مثل هذه الشروط مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب من عدة أوجه: أولاً: الشروط العمرية المذكورة ليس لها أسانيد صحيحة. ثانياً: معاملة غير المسلمين، أثبت التاريخ أن غير المسلمين في المجتمع المسلم كانت حقوقهم الدينية والدنيوية محفوظة ولم يجبروا على ما يخالف دينهم، ولهذا نرى الأقباط كانوا يعيشون في المجتمع المسلم ولا زالوا إلى اليوم. ثالثاً: إلزام غير المسلمين بزيهم وعدم التشبه بالمسلمين هذا من مصلحتهم لعدة أمور: 1- للمحافظة على هويتهم. 2- ليعرفوا لأنهم قد يقع منهم مخالفات لديننا، فيظن أنهم مسلمون فيعاقبون لكن مظاهرهم تحميهم من ذلك. رابعاً: كثير من المجتمعات غير المسلمة تمنع المسلمين من زيهم كما هو الحاصل اليوم، فأيهما أفضل؟. خامساً: كثير مما في الشروط العمرية لم يعمل بها أصلا في تاريخ المسلمين، مما يدل على عدم صحتها أو أنها كانت لفترة زمنية، ولكل فترة ما يناسبها من الاعتبارات. والله أعلم.

هل منع المشركين من دخول مكة يقتضي إخراجهم من الجزيرة؟

هل منع المشركين من دخول مكة يقتضي إخراجهم من الجزيرة؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 04/03/1426هـ السؤال هل منع المشركين من دخول مكة، كإخراجهم من جزيرة العرب؟ وهل منعهم من دخول مكة يقتضي الأمر بإخراجهم من جزيرة العرب كلها؟! الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالخلاف في جواز إقامة المشركين في جزيرة العرب أقوى من الخلاف في جواز دخولهم حرم مكة، فالكلام في تحديد جزيرة العرب يطول، والخلاف في ذلك مشهور، وأما الخلاف في دخولهم مكة فضعيف، ومن الفرق بين المسألتين أن منع المشركين من المسجد الحرام هو منع قربان "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" [التوبة: من الآية28] ، ومنعهم من جزيرة العرب إنما هو منع استيطان لا منع دخول لإقامة مؤقتة لعمل مباح أو تجارة أو حاجة، فلا يُخرج من جزيرة العرب إلا من قصد استيطانها من المشركين، وأما المسجد الحرام فلا يدخله كافر مطلقاً سواء أراد دخوله لحاجة أو لعمل مؤقت أو للاستيطان، وعلى هذا فمنعهم من دخول مكة لا يلزم منه وجوب إخراجهم من جزيرة العرب إلا إذا أرادوا الاستيطان في جزيرة العرب فإنهم يمنعون من ذلك، والدليل على جواز إقامتهم بها إقامة مؤقتة بحاجة وجود العبيد والإماء من النصارى في جزيرة العرب بعد الفتوحات الإسلامية في عهد الصحابة، ولم ينقل عن أحد من الصحابة الأمر بإخراجهم. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تقسيم خمس الغنائم

تقسيم خُمس الغنائم المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الجهاد ومعاملة الكفار/مسائل متفرقة في الجهاد ومعاملة الكفار التاريخ 24/06/1426هـ السؤال الرجاء تفسير آية الخمس في سورة الأنفال، وهل لها علاقة بالزكاة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب آية الخمس التي في سورة الأنفال ليس لها علاقة بالزكاة، والمقصود أن ما غنمه المسلمون من الكفار فإنه يقسم أخماسًا، أربعة أسهم للجيش، والسهم الخامس يقسم على خمسة أقسام، فسهم منه لله ولرسوله يكون فيئاً يدخل في بيت المال، ويصرف في مصالح المسلمين، وسهم لقرابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم بنو هاشم وبنو المطلب، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل.

ـــــ فقه الأقليات ـــــ

فقه الأقليات

حكم التجنس بالجنسية الأوربية للمسلم

حكم التجنّس بالجنسية الأوربية للمسلم المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 6/5/1422 السؤال ما حكم التجنّس بالجنسية الأوربية للمسلم الذي يأتي للبلاد الأوروبية فارّاً بدينه من الظلم الذي وقع عليه في بلده الأصلي، وفقد فيه هويته، وفقد أمل الرجوع إلى وطنه، وجزاكم الله خيراً. الجواب ج: للجواب على هذا السؤال يلزم بيان أمرين: الأول: كون الإقامة في بلد الكفار جائزة. الثاني: قيام الحاجة إلى أخذ الجنسية. تفصيل الأمر الأول: الإقامة في بلاد الكفار لا تجوز إلا بالشروط الآتية: 1- وجود الحاجة الشرعية المقتضية للإقامة في بلادهم ولا يمكن سدّها في بلاد المسلمين، مثل التجارة، والدعوة، أو التمثيل الرسمي لبلد مسلم، أو طلب علم غير متوفر مثله في بلد مسلم من حيث الوجود، أو الجودة والإتقان، أوالخوف على النفس من القتل أو السجن أو التعذيب، وليس مجرد الإيذاء والمضايقة، أو الخوف على الأهل والولد من ذلك، أو الخوف على المال. 2- أن تكون الإقامة مؤقتة، لا مؤبّدة، بل ولا يجوز له أن يعقد النية على التأبيد، وإنما يعقدها على التأقيت؛ لأن التأبيد يعني كونها هجرة من دار الإسلام إلى دار الكفر، وهذا مناقضة صريحة لحكم الشرع في إيجاب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام. ويحصل التأقيت بأن ينوي أنه متى زالت الحاجة إلى الإقامة في بلد الكفار قطع الإقامة وانتقل. 3- أن يكون بلد الكفار الذي يريد الإقامة فيه دار عهد، لا دار حرب، وإلا لم يجز الإقامة فيه. ويكون دار حرب إذا كان أهله يحاربون المسلمين. 4- توفر الحرية الدينية في بلد الكفار، والتي يستطيع المسلم بسببها إقامة شعائر دينه الظاهرة. 5- تمكنه من تعلم شرائع الإسلام في ذلك البلد. فإن عسر عليه لم تجز له الإقامة فيه لاقتضائها الإعراض عن تعلم دين الله.

6- أن يغلب ظنه بقدرته على المحافظة على دينه، ودين أهله وولده. وإلا لم يجز له؛ لأن حفظ الدين أولى من حفظ النفس والمال والأهل. فمن توفرت فيه هذه الشروط -وما أعسر توفرها- جاز له أن يقيم في بلاد الكفار، وإلا حرم عليه؛ للنصوص الصريحة الواضحة التي تحرم الإقامة فيها، وتوجب الهجرة منها، وهي معلومة، وللخطورة العظيمة الغالبة على الدين والخلق، والتي لا ينكرها إلا مكابر. ثانياً: تحقق الحاجة الشرعية لأخذ الجنسية، وهي أن تتوقف المصالح التي من أجلها أقام المسلم في دار الكفار على استخراج الجنسية، وإلا لم يجز له، لما في استخراجها من تولى الكفار ظاهراً، وما يلزم بسببها من النطق ظاهراً بما لا يجوز اعتقاده ولا التزامه، كالرضا بالكفر أو بالقانون، ولأن استخراجها ذريعة إلى تأبيد الإقامة في بلاد الكفار وهو أمر غير جائز - كما سبق - فمتى تحقق هذان الأمران فإني أرجو أن يغفر الله للمسلم المقيم في بلاد الكفار ما أقدم عليه من هذا الخطر العظيم، وذلك لأنه إما مضطر للإقامة والضرورة تتيح المحظورة، وإما للمصلحة الراجحة على المفسدة، والله أعلم.

ضوابط العمل في المهجر

ضوابط العمل في المهجر المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 5/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما الضوابط الشرعية للعمل في المهجر؟ أي إذا أنا هاجرت إلى بلاد الغرب، فهل يحل لي هناك (على سبيل المثال) العمل في البنوك الربوية، بناءً على أن هذه الأماكن مملوكة لغير المسلمين؟ وماذا عن العمل في المطاعم أو السوبر ماركت والتي يتم فيها على الأغلب بيع لحوم الخنزير والخمور والعياذ بالله؟ أرجو من فضيلتكم إفادتي بالتفصيل مع الدليل، حيث إني وجدت العديد من الفتاوى غير المكتملة (من حيث الدليل أو طريقة العرض) أو غير الواضحة التي تبيح وتحرم ما ذكرت، هداني الله وإياكم إلى خير ما يحب ويرضى. الجواب

إذا تعاقد المسلم مع الكافر، على أن يعمل المسلم للكافر أعمالاً مباحة كالخياطة والحدادة، والحراثة، والصيانة، ونحو ذلك، فهو جائز بإجماع المسلمين، فقد روى الإمام أحمد (687) في مسنده "أن علياً بن أبي طالب - رضي الله عنه- أجر نفسه من يهودي يسقي له كل دلو بتمرة"، أما إذا أجر المسلم نفسه لكافر يقوم بخدمته خدمة فيها مهانة كأن يكون له كناساً، أو زبالاً، ونحوه فلا يجوز، قاله مالك وأحمد، وعند الحنفية والقول الجديد للشافعي ورواية لأحمد يجوز ذلك، ما دام المسلم تدعوه الحاجة المادية لذلك وفقاً للقاعدة الشرعية: (تنزل الحاجة منزلة الضرورة عند الاقتضاء) ، ولا يوجد فرق له اعتبار بين جواز تأجير المسلم نفسه للكافر يعمل له عملاً ما، وبين حرمة أن يعمل خادماً عنده إذ الخدمة نوع من العمل، ولولا الحاجة التي هي بمنزلة الضرورة ما رضي مسلم أن يعمل تحت إمرة كافر، ولا يجوز للمسلم إن أجر نفسه للغير أن يباشر الحرام القطعي بنفسه؛ كأن يقدم الخمر، أو لحم الخنزير للزبائن، أو يتولى البيع والشراء، أو التصنيع، أو التعليب لها؛ للحرمة القطعية لهذا في القرآن والسنة، مما لا يكاد يجهله مسلم، أما إذا تولى في المطعم أو المحل التجاري أعمالاً أخرى مباحة كالمشروبات، واللحم الحلال، فهذا جائز ولو كان المحل التجاري والمطعم يقدم لزبائنه الحلال والحرام، هذا كله من حيث الحل والحرمة والإثم وعدمه في الشرع، أما فعل الأفضل والأحوط فهو الابتعاد عن مواطن الشبهات والريب كما في حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" البخاري (52) ، ومسلم (1599) ، والله أعلم، - وصلى الله على نبينا محمد-.

أخذ الجنسية الأمريكية

أخذ الجنسية الأمريكية المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 11/4/1423 السؤال لدي ابنة في العشرين من عمرها تزوجت منذ بضعة أشهر، وسافرت إلى أمريكا مع زوجها، وهي الآن حامل، وتريد أن تضع مولودها هناك لكي تحصل على الجنسية الأمريكية، وتعمل لتعيش هناك هي وزوجها، فهل يجوز ذلك؟ علماً أنني غير موافقة على ذلك. الجواب النظام الأمريكي يعطي الجنسية لكل من ولد في أمريكا، وإذا كان للمسلم حاجة إلى الإقامة في ديار الغرب، مثل: العلاج، أو الدراسة، أو العمل بقصد كسب الرزق لمدة ثم يعود إلى بلاده، أو الاشتغال بالدعوة إلى الله ونحوه، فلا حرج على المسلم في ذلك مع مراعاة ما يلي: -أن يأمن على دينه وتربية أهله وأبنائه في تلك الديار. -ألاّ يقصد الإقامة الدائمة فيما إذا كانت ظروفه ميسّرة للعودة إلى بلاده، أو إلى بلاد إسلامية أخرى.

السفر للتعلم في بلاد الكفار

السفر للتعلم في بلاد الكفار المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 10/5/1423هـ السؤال سأبتعث إلى بريطانيا لدراسة الهندسة الإلكترونية، والشهادة التي سأكمل بها الدراسة غير معترف بها في بلدي، والمكان الذي أعمل به لا يبعث إلا للدول الغربية، وأنا شديد الطموح لأحصل على الدرجات العالية، وهمي هو إفادة الإسلام بهذا التخصص، مع العلم أنني كنت في تلك البلاد لمدة سنتين، وبفضل الله كنت محافظاً على ديني، ولكن سمعت أن هناك أحاديث تشدد بعدم الجلوس بين ظهراني المشركين، وأنا محتار وقد قرب موعد السفر، أرجو يا شيخ أن تفيدني بالإجابة بأسرع وقت. الجواب عدم الاعتراف بالشهادة العلمية في المجال الوظيفي لا يقلل من أهمية التخصص في مجال الهندسة الإلكترونية، ما دام همتك وقصدك من هذه الدراسة هو نفع الإسلام والمسلمين في هذا التخصص، والسفر إلى بلاد الكفار لغرض الدراسة أو العلاج أو التجارة جائز لا شيء فيه، بل إن سفرك لغرض الدراسة مأجور عليه -إن شاء الله-، وعليك بالملازمة على الطاعات وفعل الخيرات، ودعوة من تستطيع دعوته من أهل تلك البلاد والمقيمين فيها، ومجالات الدعوة والنفع العام ميسرة في تلك البلاد في المساجد والمراكز الإسلامية، أما خوفك من النهي الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كحديث: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" أخرجه أبو داود (2645) ، والترمذي (1604) من حديث جرير - رضي الله عنه - فقد فسَّره العلماء على ما إذا كانت رغبة الإقامة بين الكفار دون سبب شرعي، كالسفر لطلب العلم، أو العلاج، أو للتجارة وطلب الرزق، أو الدعوة إلى الله، ونحو ذلك، وإذا قصد المسافر إلى بلاد الكفار محبتها أو محبة أهلها فقط، فهذا هو المنهي عنه في هذا الحديث ونحوه، وفقك الله وأعانك ونفع بك.

حكم الدراسة في بلاد الغرب

حكم الدراسة في بلاد الغرب المجيب د. محمد الشايع عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 19/11/1422 السؤال أنا شاب ملتزم - إن شاء الله - في بداية الطريق، أود متابعة الدراسة في بلاد الغرب (أوروبا) نظراً لارتفاع نسبة البطالة في بلادي، وأريد أن تفتوني في هذا. بالإضافة إلى أني أريد معرفة حكم لبس الملابس الغربية، وحلق اللحى وتهذيبها، ولا أقصد هنا قص البعض عن الآخر، هذا بالإضافة إلى أن صديقاً لي يوجه لي دعوات كثيرة لتناول العشاء معه، وأنا أشك في مصدر أمواله حلال هي أم حرام؟ أرجو منك أن تغيثني بالجواب المقنع لهذه الأسئلة بالكتاب والسنة إذا أمكن ذلك. الجواب وفقك الله وهداك، وسدد على طريق الحق خطاك. أحسن النية والقصد في دراستك ولا شيء في ذلك -إن شاء الله- ما لم تخف على نفسك خطراً. ولا بأس من اللباس لستره ولعموم لابسيه وكونه غير خاص بهم في هذا العصر، ولا علامة عليهم. وأما حلق اللحى فلا يجوز فهو مخالفة لفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقوله. وأما شكك في مصدر أموال صديقك وكونها حلالاً أو حراماً وتركك إجابة دعوته لذلك، فلست مطالباً بتقصي حل أمواله أو حرمتها، فأجب دعوته ما دامت على غير حرام من خمر أو خنزير ونحوه وإذا علمت أكله للحرام فانصحه.

الهجرة إلى بلد غير مسلم

الهجرة إلى بلد غير مسلم المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 5/4/1424هـ السؤال في كل يوم يشتد الظلم في العالم العربي من قبل الحكومات، فهل يجوز للمسلم أن يهاجر إلى بلد آخر يتوفر فيه العدل بين الناس؟ مع العلم بأن غالبية سكان هذا البلد من غير المسلمين. الجواب الأصل ألا يترك الإنسان بلداً إسلامياً، من أجل ظلم لا يتعلق بالدين، أو من أجل ظلم غير كبير جداً، لكن إذا كان الإنسان يخاف على نفسه أو دينه أو ماله؛ فلينتقل إلى بلد، ولو كان هذا البلد غير إسلامي، بشرط أن يكون قادراً على إقامة شعائر دينه، وبذلك ينطبق عليه الحديث الذي ذكره ابن حبان في صحيحه (4861) وهو حديث فديك - رضي الله عنه - وكان قد أسلم، وأراد أن يهاجر فطلب منه قومه وهم كفار أن يبقى معهم، واشترطوا له أنهم لن يتعرضوا لدينه، ففر فديك بعد ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إنهم يزعمون أنه من لم يهاجر، هلَكَ فقال النبي - عليه الصلاة والسلام - حسب الحديث الذي يرويه ابن حبان: "يا فديك أقم الصلاة، وآت الزكاة واهجر السوء، واسكن من أرض قومك حيث شئت"، وظن الراوي أنه قال: "تكن مهاجراً". إذاً يجب أن نعي هذه الألفاظ كاملة: (أقم الصلاة) ، فمن يريد أن يقيم في دار الكفر فعليه أن يجعل من هذا الحديث دستوراً لحياته.

"أقم الصلاة واهجر السوء"، اترك الأعمال السيئة، لا ترتكب الفواحش، ولا تشرب خمراً، وأقم من دار قومك حيث شئت، وحديث ابن حبان رجاله ثقات، والحديث الذي يرويه الإمام أحمد في مسنده (1420) وفيه: "البلاد بلاد الله، والعباد عباد الله، وحيثما أصبت خيراً فأقم"، فهذا الحديث أصل في الإقامة في بلاد الكفر لمن يستطيع أن يظهر شعائره، وبصفة عامة فإن ثلاثة من المذاهب تميل إلى جواز هذه الإقامة، وهي: الشافعية، والحنابلة والأحناف، مع خلاف داخل هذه المذاهب، أما مالك - رحمه الله تعالى - والظاهرية فهؤلاء لا يجيزون الإقامة في دار الكفر، ويعملون بأحاديث أخرى منها: "لا تراءى ناراهما"، رواه أبو داود (2645) ، والترمذي (1604) ، والنسائي (4780) من حديث جرير بن عبد الله مع اختلاف في صحة هذه الأحاديث، وفي تأويلها أيضاً. فحاصل الجواب: أنه إذا كان في بلاد العرب أو بلاد الإسلام يلقى عنتاً وظلماً فإنه يجوز له أن يقيم في ديار غير المسلمين، بشرط أن يكون قادراً على إقامة شعائره، ولعلنا أن نضيف شرطاً آخر، هو: أن يستطيع أن يربي أولاده تربية إسلامية.

الإقامة في بلاد الكفر لتحصيل الجنسية

الإقامة في بلاد الكفر لتحصيل الجنسية المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 17/7/1424هـ السؤال السلام عليكم, أنا شاب حديث الزواج أعيش في كندا، وزوجتي تعمل في بلدي الأصل، وأدرس في الوقت الراهن، حيث سأنهي دراستي في العام القادم إن شاء الله، لكن أمامي عرض أخذ الجنسية الكندية إذا ما بقيت عاما آخر هنا, هل أعود إلى زوجتي، أم أصبر لأخذ الجنسية من أجل الحصانة في بلادي?. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان حصولك على الجنسية الكندية لا يتضمن محذوراً شرعياً، ولا التزاماً يخل بأمر دينك حاضراً ومستقبلاً، وفيه مصلحة لك، فلا حرج أن تبقى عاماً إضافياً، ملتزماً بتقوى الله ما استطعت، ويمكنك زيارة أهلك أو دعوتهم للحضور إليك، ولو لمدة محدودة. وفقك الله.

التجنس بجنسية الدولة الكافرة

التجنس بجنسية الدولة الكافرة المجيب خالد بن عبد الله البشر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 06/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. ما حكم الاشتراك في منافسة اللوتري (lottery) الأمريكية للحصول على الهجرة والدراسة هناك، وما حكم التجنس الأمريكية؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. في هذا السؤال ثلاث مسائل: المسألة الأولى: حكم التجنس بجنسية دولة كافرة. المسألة الثانية: حكم الهجرة إلى بلاد الكفر. المسألة الثالثة: حكم الاشتراك بمسابقة اللوتيري [lottery] . أما المسألة الأولى: حكم التجنس بجنسية دولة كافرة. الجنسية عقد بين الدولة (صاحبة الجنسية) والفرد (طالب الجنسية) ، وفي حقيقتها دخول الفرد تحت ولاية الدولة، وقد حرّم الله عز وجل الدخول في ولاية الكفر فقال سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" [المائدة:51] .

وينتج عن هذه الجنسية حقوق وواجبات، ومن هذه الواجبات التحاكم إلى قانون الدولة المخالف للإسلام، وهو محرم؛ قال تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء:65] ، وأن يدافع عن الدولة ولو كانت في حرب ضد دولة إسلامية وهو محرم؛ قال صلى الله عليه وسلم: "من حمل علينا السلاح فليس منا" أخرجه البخاري (7070) ومسلم (98) . كما أن هذه الواجبات تمنح الفرد حق الإقامة الدائمة في الدولة الكافرة مع أن أصل إقامة المسلم في بلاد الكفر حرام قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" أخرجه أبو دادو (2645) ، والترمذي (1604) بسند صحيح. وكذلك دخول أبنائه مدارسهم التي يُدرَّس فيها دين النصرانية، وما يتبع ذلك من الانحلال الأخلاقي بشتى صوره. وبناء على ما سبق فإن الأصل العام في المسألة أنه: يحرم على المسلم أن يتجنس بجنسية دولة كافرة. وأما حالات الضرورة في التجنس: فإن المفتي ينظر كل حالة على حده؛ ليتحدد الضرورة من عدمها، فإن من المسلمين من يدّعي الضرورة في التجنس؛ ولا ضرورة؛ بل هو من قبيل الحصول على الامتيازات الدنيوية. وحيث إن السائل من بلد عربي مسلم، يأمن أهله المسلمون على دينهم ودمائهم وأعراضهم وأموال، فإنه يحرم عليك التجنس بالجنسية الأمريكية. المسألة الثانية: حكم الهجرة إلى بلاد الكفر. فمن الخطأ تسمية الانتقال إلى بلد الكفر هجرة؛ لأن الهجرة في الإسلام هي: الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، بل الانتقال إلى بلد الكفر معصية وكبيرة من كبائر الذنوب، وقد فصلتُ في هذا المسألة في جواب سابق من خلال هذا الموقع. (الإقامة في بلد الكفار) المسألة الثالثة: حكم الاشتراك بمسابقة اللوتيري [lottery] .

مسابقة اللوتيري [lottery] : عبارة عن لعبة تُبَاع فيها تذاكر مرقمة؛ مقابل ربح جوائز للذين تُختار أرقامهم، على أساس عشوائي. وهذا ما يسمى باليانصيب، وهو القمار المحرم الذي سماه الله في كتابه بالميسر فقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" [المائدة 90-91] . والله أعلم.

السياحة في بلاد الكفر

السياحة في بلاد الكفر المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 30/4/1424هـ السؤال أنا فتاة، وأهلي سوف يسافرون لقضاء عطلة الصيف في بلد أوربية (بريطانيا) ، ما حكم ذهابي معهم لهذه البلد (لندن) ، مع العلم أنني لا أستطيع أن أمنعهم من السفر إلى هذه البلد، ولا أستطيع أن امتنع عن السفر بالرغم من وجود أبي وبعض إخواني في البيت، إلا أنني مرتبطة بوالدتي ولا أستطيع أن أمكث في البيت بدونها؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: أختي الفاضلة! قرأت سؤالك، وتأملت معاناتك مليِّاً، فتوارد عليّ شعوران، تجاذباني وهما في غاية التنافر والاختلاف: يتملَّكني شعورٌ بالإعجاب والإكبار لعقلك، فإني لأرى نضجه وأتلمس رجحانه في موقفك من مسألة السفر هذه، وكأني بك راغبة عنه لولا تعلّقك بأمِّك. لقد أعجبني منك هذا التعقُّل وأكبرت فيك هذا التردد؛ فقلَّ أن تتردد فتاةٌ في مثل عمرك في هذا السفر، فضلاً عن أن تستفتي فيه أحداً! وينتابني شعورٌ بالأسى والحسرة لهذه الظاهرة الخطيرة، ألا وهي السفر لبلاد الكفر بالمال والأهل والولد، فالمال يذهب إلى الأعداء، والأهل والولد يرجعون بغير ما ذهبوا به، محمَّلين بالأوزار والشبهات والعادات السيئة، ويكفي منها التسخط على أوضاع المجتمع المحافظ نوعاً ما. أختي الفاضلة! قد تكون المقاصد والبواعث بريئة لا تخرج في بداياتها عن مجرد النفرة من حر الصيف اللافح، وقصدِ التمتُّع بالطبيعة، وتغيير نمط الحياة الرتيب! لكن هل الذي يحدث هو فعلاً هذا، وهل تنتهي كما بدأتْ؟! الغالب ـ وبشاهدة الواقع ـ من أحوال هؤلاء السائحين في بلاد الكفر هو التجوُّزُ في كثير من المنكرات، والتردّد على مواطن ترتادها شياطين الإنس والجن؛ لتستثير كوامن الفتنة والشهوة.

ولذا فنصيحتي إليك أن تجتهدي في صرف أهلك عن السفر إلى بريطانيا (أو غيرها من بلاد الكفر) إلى بلاد إسلامية محافظة، ولا تستيئسي في دعوتهم ونصحهم، ولكن باللين والرفق. فإن أبوا إلا السفر إلى هنالك فعليك بتذكيرهم بوجوب الاحتشام والبعد عن مواطن الرذيلة، وتذكيرهم بأن تقوى الله والالتزام بشرعه لا يحده حدود دولة، ولا يختص بمكان دون مكان، ولا بزمانٍ دون زمان. بل الأمر على قاعدة: (اتق الله حيثما كنت) . إن كونهم عازمين على السفر لا يعفيك من النصيحة لهم، وتذكيرهم بتقوى الله وتحذيرهم من مغبة معصيته. كما أن رفضهم لنصحك إياهم بترك السفر لتلك الديار لا يعني أنهم لن ينتصحوا لك فيما سوى ذلك، ولا يعني أنه لا خير فيهم، ولا جدوى من نصحهم، فليكن أمرك معهم كما قال الأول: حنانيك بعض الشر أهون من بعض. أما سؤالك: هل تذهبين معهم أم تمكثين في البيت مع أبيك وبعض إخوتك؟ فالذي أنصحك به ـ أختي الفاضلة ـ هو ألا تسافري إلى تلك البلاد ما دمت قادرة على عدم السفر، فالسفر إلى تلك البلاد ـ كما تعلمين ـ لا يكاد يخلو من بعض المفاسد والفتن، خاصة لمن يقصد المدن الكبرى منها، والتي تعج بألوان من الفساد ومظاهر من التفسخ في دعوة إلى الفاحشة بطريقة صارخة فجة، تلاحق حتى الذاهل عنها. وإن كنت لا تصبرين على فراق أمك وتحتاجينها في ضرورات حياتك اليومية فألحي عليها بعدم السفر ... إلحاحاً لا يفتقد اللطف ولا يفارقه الأدب. فإن هي أبتْ إلا السفر فعسى أن تكوني معذورة في مرافقتها إلى هناك، ولكن بشرط المحافظة على الصلوات في وقتها، والتزام الحجاب الشرعي الكامل، فلا كشف للوجه، ولا لبس للضيق. وعليك بالبعد عن الاختلاط بالشباب وعن مواطن الفتن.

وليكن قضاء وقتك في التمتع بما حباه الله تلك البلاد من جمال الطبيعة الخلابة، والتفكرِ فيما بثه الله فيها من بديع خلقه، واشغلي وقتك بما يفيدك: من القراءة في كتاب الله، وحفظ بعض السور، والقراءة في الكتب النافعة، فسوف تجدين في ذلك لذة تضارع لذة المقيمين على الشهوات والمعاصي، ولسوف تجدين في ذلك أُنساً لا يجده أولئك في معاقرة الخمرة ومنادمة القينة. وعليكِ أولاً وآخراً بتقوى الله في السر والعلن، والإقامة والظعن، فإن الله لا تخفى عليه خافية. وفقكِ الله وهداك، وثبتك وحباك حب طاعته، واستعملك في مرضاته. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الدراسة في بلاد الغرب

الدراسة في بلاد الغرب المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 11/11/1424هـ السؤال أنا مستقيم إن شاء الله، وعسكري في هندسة الطيران، وقد ترشحت في بعثة دراسية لمدة أربعة أشهر في بلاد الغرب، وأنا أجيد اللغة الإنجليزية، وقد نهاني أحد الإخوة، حيث إني سأسكن في سكن عسكري. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم من شروط السفر إلى بلاد الكفار عند أهل العلم، أن يكون السفر مباحاً في طلب علم ينتفع به، ويعود نفعه على المسلمين عامة، وأن يلتزم من يريد السفر إلى هذه البلاد أحكام الإسلام الظاهرة من صلاة، وصيام، وأن يأمن على نفسه من الوقوع في الفتن، فإن القلوب ضعيفة والشبه خطافة كما قيل، ويبدو من السؤال توفر هذه الشروط في السائل - إن شاء الله- وإذا كان الأمر كذلك فسافر يا أخي، وتوكَّل على الله واسأل ربك أن يثبتك على الحق، والزم الطاعات وأكثر منها، وإن استطعت أن تأخذ معك زوجتك فهو أحسن وأجود، وعليك الحرص بملازمة أهل الصلاح من المسلمين من الجاليات الإسلامية هناك، فإن الرفيق يهون عليك السفر، ويؤنسك في الغربة، واعلم أن السفر إلى بلاد الكفار لدراسة هندسة الطيران ونحوها مما يحتاجه المسلمون جائز شرعاً ولا حرج فيه، وربما كان واجباً بعد تعينه عليك، واعلم أنه لا يجوز لك أن تسكن مع امرأة، لو دعيت إلى ذلك، وكلما أظهرت لهؤلاء الكفار، الأمريكان بأنك مسلم ملتزم بدينك لا تشاركهم في مقارفة الحرام كشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، ومصادقة النساء، ونحو ذلك، احترموك وقدروك، وفقنا الله وإياك إلى الخير، وثبتنا وإياك على الحق ونفع بك الإسلام والمسلمين. آمين.

الهجرة إلى بلد مسلم

الهجرة إلى بلد مسلم المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/فقه الأقليات التاريخ 05/08/1425هـ السؤال نريد أن نهاجر لدولة مسلمة، كيف نستطيع الخروج من بلد كافر إلى بلد مسلم، والبلد المسلم لا يقبل بنا، والأسوأ أنهم يفضلون الكفار في العمل لديهم، مع أن لدينا شهادات أفضل من الكفار، نريد أن نتوقف عن دفع الضرائب لهم، فهم يستخدمون هذه الأموال لضرب المسلمين، وتبقى معهم في بلدهم، في نفس الوقت نريد من يقف معنا في هذه الشدائد ويساعدنا في التوجه لبلد مسلم، ونهاجر في سبيل الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا السؤال ذو شعب مختلفة: أولاً: السائل يسأل عن كيفية الخروج من بلد غير مسلم إلى بلد مسلم، وهذه الكيفية كما هو معروف تحكمها أنظمة وقوانين وأعراف تخضع لتأشيرة، وتخضع لطلب عمل، وتخضع لأشياء قد لا يكون موقعنا هذا (موقع الإسلام اليوم) ، قادرًا على توفيرها لكل مسلم يريد أن يخرج من بلد كفر إلى بلد إسلام؛ لأن الدول الإسلامية لها أنظمتها ولها جهات مختصة بهذا.

الأمر الآخر هو: أن السائل يقول: إنه لا يريد أن يقيم في دار الكفر، وهذا شعور طيب، لكن مع ذلك نقول له: (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) ] البقرة: من الآية286 [. وإذا كان يستطيع إقامة شعائره، ويستطيع أن يعبد الله سبحانه وتعالى، في هذه الديار - ديار الكفر- فلا يجب عليه أن يخرج منها؛ لحديث فديك، رضي الله عنه، وهو حديث رواه ابن حبان (4861) ورجاله ثقات، وفيه يقول عليه الصلاة والسلام: "يا فُدَيْكُ أَقِمْ الصَّلاةَ، واهْجُرِ السُّوءَ، واسْكُنْ مِن أرضِ قَوْمِكَ حَيْثُ شِئْتَ". وظن الراوي أنه قال: "تَكُنْ مُهَاجِرًا". وكانت قبيلة فديك كافرةً، وكان يسكن معهم، وكان يسأل ويستفتي عن الهجرة، لهذا بنى ثلاثة من الأئمة، وفي أغلب المذاهب الثلاثة مذهب الشافعي والحنبلي والحنفي بأن الخروج إذا كان الإنسان قادرًا على إقامة شعائره ليس واجبًا، وأن الهجرة ليست واجبة، ورأى مالك - رحمه الله تعالى- وأهل الظاهر وجوبها، فالمسألة فيها سعة، و (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) . فإذا استطاع أن يذهب إلى بلد مسلم يقيم الدين، فهذا شيء حسن، لكن إذا لم يستطع ذلك - أيضًا- فليعلم أنه في سعة من أمره، ويرى بعض العلماء كالماوردي والشافعية أنه إذا كان يستطيع أن يؤدي شعائر دينه فلا يجوز له الخروج أصلاً، بل يجب البقاء في ذلك البلد؛ لأن البلد بخروجه ستخلو من المسلمين، أي لا يبقى فيها مسلم، والمسألة فيها سعة، ونسأل الله أن يوفقنا ويوفقه، ويوفق ديار المسلمين على أن تستقبل أبناء المسلمين بدلاً من أن تستقبل غيرهم، وأن تستعملهم بدلاً من استعمال غيرهم، وبخاصة إذا كانوا يتمتعون بالكفاءات التي أشار إليها السائل. أما قضية أنه يدفع الضرائب لهم، فهذا عليه أن يدفع ضرائبه لحماية نفسه وحماية ممتلكاته، وهذا أمر لا بأس به- إن شاء الله تعالى. والله أعلم.

ـــــ الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة ـــــ

الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة

الطيور ولا آكلها

الطيور ولا آكلها المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 5/7/1422 السؤال أنا أقوم بالتدريب على الصيد في الجو، وبعد الصيد أعطي الطيور لأحد الأصدقاء، فهو يحبها أو لصاحب (صقر ـ أو كلب) ليطعمها إياه، ولكن قال لي أحد الزملاء أن هذا الفعل حرام، مع العلم لا ألقيها في القمامة ... أرجو إفادتي عن عملي هذا؟ الجواب لا حرج على المرء أن يتدرب في الصيد بصيد الطيور، المباحة الأكل فيأكلها، أو يعطيها لمن يأكلها، أو لمن يطعمها للحيوانات، فلا بأس بهذا؛ لأن هذا من باب التدرب وتعلم الصيد، إنما النهي عن أن يتخذ المسلم الطائر ونحوه غرضاً، ثم يقتله ويتركه، أما إذا صاده وقدمه لمن يأكله، فلا حرج في هذا، والحمد لله.

توجيه الذبيحة للقبلة

توجيه الذبيحة للقبلة المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 2/5/1422 السؤال هل يشترط في صحة الذبح توجيه الذبيحة بكامل جسمها تجاه القبلة؟ حيث أن في مسالخ الذبح لا يوجهون إلا الرأس فقط؟ الجواب توجيه الذبيحة إلى القبلة سنة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وليس بشرط لصحة الذبح. وأما هل تحصل السنية بتوجيه وجه الذبيحة فقط، فالظاهر أن هذا كاف، لكن لا يمكن هذا لمن يريد الرفق بالذبيحة، كما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وقوله ((إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة)) .

الأواني المطلية بماء الذهب

الأواني المطلية بماء الذهب المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 26/5/1424هـ السؤال هل يجوز استخدام الأواني المطلية بماء الذهب عيار 24، أيدي الأواني هي المطلية؟ الجواب أجاب سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى-، عن سؤال شبيه بسؤالك وإليك نص السؤال والجواب. سـ/ إذا كان الإناء مطلياً بالذهب وليس مصنوعاً من الذهب الخالص، فهل يحرم استعماله؟ وهل ينطبق عليه الحديث الذي ينهى عن الأكل والشرب، في آنية الذهب والفضة؟ جـ/ نص العلماء على أن هذا ينطبق عليه النهي، والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة"، متفق عليه عند البخاري (5426) ، ومسلم (2067) من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- وقال - صلى الله عليه وسلم- "الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب إنما يجرجر في بطنه نار جهنم"، متفق على صحته عند البخاري (5634) ، ومسلم (2065) من حديث أم سلمة -رضي الله عنهما- واللفظ لمسلم في الصحيح، وأخرجه الدارقطني في سننه (1/40) وصحح إسناده من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- مرفوعاً: "من شرب في إناء ذهب أو فضة، أو في إناء فيه شيء من ذلك، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم". فقوله - صلى الله عليه وسلم-:" من شرب في إناء ذهب أو فضة ... " نهي يعم ما كان من الذهب أو الفضة، وما كان مطلياً بشيء منهما، ولأن المطلي فيه زينة الذهب وجماله، فيمنع ولا يجوز بنص الحديث، وهكذا الأواني الصغار، كأكواب الشاي، وأكواب القهوة، والملاعق، ولا يجوز أن تكون من الذهب أو من الفضة، بل يجب البعد عن ذلك، والحذر منه.

وإذا وسع الله تعالى على العباد، فالواجب التقيد بشريعة الله تعالى، وعدم الخروج عنها، وإذا كان عنده فضل من المال فلينفق على عباد الله المحتاجين، وفي مشاريع الخير، ولا يسرف ولا يبذر. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (10/22) ] .

منتجات مستخلصة من الخنزير

منتجات مستخلصة من الخنزير المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 17/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعيش حاليا في أمريكا، وسمعت أن بعض المنتجات عندهم يدخل في تركيبها شيء من الخنزير فماذا أفعل؟ حيث إنني أحاول التأكد من المحتويات على حسب لغتي البسيطة، ويقولون إن هناك ألفاظاً علمية قد تدل على ذلك، لكننا لا نعرف مدلولاتها، وهل يلزم الاتصال بالشركات؟ وهل يتساوى في ذلك المأكول؟ وغيره من أدوات الزينة؟ والصابون؟ والكريمات؟ وغيرها؟ وهل لديكم علم بالمؤتمر الذي انعقد في أمريكا؟ وأصدروا خلاله بياناً حول المنتوجات التي تحتوي على الخنزير؟ ثم ما معنى أن النجاسات إذا استحالت تماما عن أصلها تصبح طاهرة؟ وهل يدخل الخنزير في ذلك؟ الجواب إذا كانت هذه المنتجات تحتوي على مواد مستخلصة من الخنزير فهي محرمة؛ لقوله تعالى في لحم الخنزير "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير" [المائدة: 3] ، والحرمة تتناول جميع أجزائه، وإنما خص اللحم لأنه المقصود الأساسي في الأكل، والتناول والاستخدام، فما علمت اشتماله على المشتقات المستخلصة من الخنزير فيجب عليك الامتناع عنه، وما لم تعلميه فلا حرج عليك، وما شككت فيه شكاً قوياً فاسألي دون مبالغة ووسواس، والله أعلم.

أكل ما طبخ فيه من لحم نجس

أكل ما طبخ فيه من لحم نجس المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 28/1/1424هـ السؤال هل يجوز أكل طعام مطهو بلحم لم يذبح وفق الشريعة؟ (أكل الخضار أو المرقة دون أكل اللحم ذاته) وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز أكل طعام قد طُهي بلحم لم يذبح، بحسب أحكام الشريعة الإسلامية، لأن اللحم حينئذ يكون نجساً، قال الله تعالى: "قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ" [الأنعام: 145] ، والنبي - صلى الله عليه وسلم- لما نزل تحريم لحوم الحمر الأهلية، أمر بالقدور التي فيها لحمها فأكفئت انظر: البخاري (2991) ، ومسلم (1937) ، ولو كان مرقها جائزاً شُربه لألقى اللحم وأبقى المرق، واعلم أن الإسلام لا يحرم شيئاً ولا طعاماً إلا لخبثه وضرره على الإنسان، كمال قال تعالى عن نبيه - صلى الله عليه وسلم-: "وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" [الأعراف: 157] ، وإذا كان لحم الذبيحة، غير طيب بسبب طريقة الذبح المخالفة للشريعة فكذلك مرقه ... إلخ. والله تعالى أعلم.

الأكل من طعام القاديانيين

الأكل من طعام القاديانيين المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 17/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا حالياًً في أمريكا، ويوجد في المدينة التي أسكن فيها مطعم باكستاني، وهذا المطعم يذكر أن اللحم الذي لديه حلال. ولكن بعد فترة اكتشفت أن صاحب المطعم وعماله جميعهم قاديانيون، فهل يجوز الأكل من طعامهم؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان صاحب المحل أو عماله القاديانيين هم الذين يباشرون الذبح فلا يجوز الأكل من ذبيحتهم؛ لأن أهل العلم أجمعوا على كفر القاديانيين، وعليه فلا يجوز الأكل من ذبيحتهم، وأما إذا كان المباشر للذبح من المسلمين، أو أهل الكتاب فيجوز الأكل من ذبيحتهم، والله أعلم.

الذبح عن طريق إطلاق النار

الذبح عن طريق إطلاق النار المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 30/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا طالب أعيش في أمريكا للدراسة في هذه البلاد يتم ضرب البقر بطلقة في الرأس ثم يقوم الذابح بذبح البقرة مباشرة بعد هذه الطلقة، وذلك لأن البقرة حجمها كبير جداً ولا يستطيعون التمكن من ذبحها إلا بهذه الطريقة، حيث تسقط على الأرض مباشرة بعد الطلقة فيسهل ذبحها، فهل يجوز لي الأكل من لحم هذه الذبيحة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فما ذكره السائل من ضرب الحيوان قبل ذبحه في بعض البلدان حرام لا يجوز؛ لأنه إيذاء له وقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم (1955) ، وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته". أما حكم أكل هذا الحيوان الذي ضرب أو صعق وأدرك حياً وذبح على الكيفية الشرعية فهو حلال لقوله تعالى:"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم" [المائدة:3] فدلت الآية على تحريم الموقوذة والمنخنقة وما في حكمهما كالمصعوقة والمضروبة في رأسها أو غيره إذا ماتت قبل إدراك ذبحها، وعلى حل ذلك إذا أدركت وتم ذبحها على الكيفية الشرعية مع توفر شروط الذكاة التي هي أهلية المذكي بأن يكون مسلماً أو كتابياً، وقطع الحلقوم والمريء وذكر اسم الله تعالى، والله أعلم.

الأكل في المطاعم الصينية

الأكل في المطاعم الصينية المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 2/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا طالب أعيش في أمريكا للدراسة هل يحل لي الأكل في المطاعم الصينية أو الهندية في هذه البلاد؟ باعتبار أنهم ليسوا من أهل الكتاب، ولكن اللحوم تؤخذ من هذه البلاد النصرانية، وماذا لو جاءني طعام من بعض الجيران الهنود أو الصينيين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كانت هذه المطاعم تقدم اللحم الذي ذبحه أهل الكتاب في البلد الذي تعيش فيه، وغلب على ظنك ذلك فسم الله وكل، وإن كانت تقدم لحماً من ذبح الهنود أو الصينيين الوثنيين فلا يجوز لك الأكل منه لأن الحلال هو اللحم الذي ذبحه المسلم وذكر اسم الله عليه، أو الذي ذبحه الكتابي ولم يذكر اسم غير الله عليه، وذبائح الوثنيين وبقية الكفار لا تؤكل بحكم الشرع. وإن كانت تقدم الأسماك ونحوها فلا حرج عليك في أكلها لأنها لا تحتاج إلى ذبح، وهذا الحكم أيضاً فيما أهداه لك جيرانك من الهنود أو من الصينيين، وبالله التوفيق.

الأكل في مطاعم تقدم الخمور

الأكل في مطاعم تقدم الخمور المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 9/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا طالب أعيش في أمريكا للدراسة، وتوجد بعض المطاعم التي تقدم الخمور في جزء منها، وتقدم الطعام في الجزء الآخر، فهل يجوز لي الأكل في الجزء الذي لا تقدم فيه الخمور فيه؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب غالب المطاعم في الغرب - إن لم تكن كلها- تقدم الخمور، فإن وجدت مطعماً لا يقدم ذلك وتمكنت من الأكل فيه فهذا هو المتعين، وإن لم تجد أو احتجت في بعض الظروف للأكل في هذه المطاعم التي تقدم الخمور فلا تأكل في الجانب الذي تقدم فيه الخمور، ولا تجلس على مائدة فيها الخمر، أعاننا الله وإياك.

التسمية عند الصيد

التسمية عند الصيد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 5/11/1423هـ السؤال هل التسمية عند الصيد واجبة؟ وما الحكم إذا تركتها سهواً؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب التسمية واجبة عند الصيد، وتسقط إذا تركها سهواً على الصحيح - إن شاء الله -.

الصيد المقتول بالنشاب أو البندقية

الصيد المقتول بالنشاب أو البندقية المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 06/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عندي صديق يصيد الغزلان والتيوس والديوك الحبشية بالسهم النشاب، والرشاش أحياناً، ويدعوني إلى طعامه، فهل يجوز الأكل من هذه اللحوم؟ علماً بأنه يقول: إذا قتل بالسهم فإن الحيوان المصاب يسير قليلاً ثم يموت، فيفتح صدره ويخرج الدم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كان هذا السهم أو النشاب مُحددًا، أو مُدببًا، يعني: (شوكي) ، وأدمى الصيد، فلك أن تأكل، بشرط كون الصائد مسلماً أو كتابياً، أي: يهودياً، أو نصرانياً، وسُمي على الصيد اسم الله. والله أعلم.

الأطعمة التي تحتوي على منتجات الخنزير

الأطعمة التي تحتوي على منتجات الخنزير المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 5/11/1422 السؤال يوجد كتاب متداول في أمريكا وهو يحوي الأطعمة المحرمة التي على المسلم تجنبها ومن ضمنه مادة توضع مع الخبز والكعك والايسكريم ويرمز لها بـ (E471) واسمها بالإنجليزي هو MONO DEL GRESEED والأخوان في أمريكا يحذرون منها لأنها من منتجات الخنزير أو مستحلب منه ووجدت بعض الأخوة هناك يقول هذا الكلام لم يبني على أساس علمي وهذا المنتج يستخدم كثيراً في أطعمتنا في العالم العربي. فما الحكم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحكم مبني على حقيقة هذه المادة وثبوت ما ذكر، فإن تبين أنها مستخلصة من الخنزير فهي حرام لعموم الأدلة الواردة في تحريم الخنزير، أما إذا لم يثبت ما ذكر فالأصل الحل حتى يتبين ما يوجب التحريم والله الموفق.

أحكام الذبائح

أحكام الذبائح المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 17/9/1422 السؤال ما حكم اللحم في الإسلام؟ وما الواجب اتباعه عند أكل اللحم؟ وهل الأصل فيها الحرمة؟ الجواب ما ذبحه المسلم فهو حلال، وما ذبحه كتابي - وهو: اليهودي والنصراني - فالأصل أنه حلال. وأما إذا علمت كيفية ذبحهم، وأنهم ذبحوا ذبحاً غير شرعي - كالصعق بالكهرباء، أو الضرب على الرأس، أو التغطيس بالماء - أو غير ذلك، مما يجعل الذبيحة حراماً لو فعله مسلم، فكذلك الحال بالنسبة للكتابي، فليست حاله بأحسن من حال المسلم في هذا المجال، وأما ذبائح من ليسوا مسلمين، ولا أهل كتاب كالمشركين وسائر الكفرة على اختلاف مللهم، فلا تحل ذبائحهم بحال، ولو ذبحوا ذبحاً صحيحاً بقطع الحلقوم والمريء وأنهروا الدم.

كلب الحراسة

كلب الحراسة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 11/4/1423 السؤال نحن في منطقة قروية وفيها يقل الأمن، ولدينا من الأغنام والمزارع -ولله الحمد-، ولدينا كلاب لغرض الحراسة ليلاً، فهل علينا إثم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا إثم عليك باتخاذ الكلب لذلك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان" متفق عليه البخاري (5481) ومسلم (1574) واللفظ له من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، وفي رواية:"قيراط"، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من أمسك كلباً فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراط إلا كلب حرث أو ماشية" متفق عليه البخاري (2322) ، وفي رواية لمسلم (1575) :"من اقتنى كلباً ليس بكلب صيد ولا ماشية ولا أرض فإنه ينقص من أجره قيراطان كل يوم"، فدلت هذه الأحاديث على إباحة اقتناء الكلب للحراسة والصيد، وغير ذلك من الأمور التي يحتاج إليها المسلم.

الكحول والجيلاتين الحيواني في الأطعمة

الكحول والجيلاتين الحيواني في الأطعمة المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 25/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. أحرص دائماً على اختيار المكونات الحلال في الأطعمة، وخاصة الحلويات، فأحرص ألا يكون فيها شيء من الكحول أو الجيلاتين الحيواني، أو شحم الخنزير، قبل مدة أخبرتني إحدى الأخوات أننا يجب أن لا نكثر السؤال عن المكونات في الحلويات؛ لأنها حلال في الأصل، وكثرة السؤال تحولها لتصبح غير حلال، ثم جاءت بأحاديث النهي عن كثرة السؤال لرفع الحرج عن الأمة، ثم من بعد الابتعاد عن الحق. أرجو توضيح هذه المسألة. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان السؤال عن مكونات الأطعمة ناتج عن وجود دليل قوي بأن بعض هذه المنتجات في ذات البلد تحتوي على مواد محرم استخدامها كالكحول والخنزير، فهو سؤال مشروع، استبراء للذمة، وطلباً للحلال. أما إذا كان من المعلوم أن الأطعمة الواردة إلى هذا البلد لا تحتوي في العموم على مواد محرمة، أو أن هناك جهة رقابية تشرف على مكونات هذه الأطعمة وأعضاء هذه اللجنة من المسلمين الثقات فلا ينبغي السؤال هنا؛ لأن الأصل هو الحل، أما الجيلاتين الحيواني فهو في الحكم بحسب المصدر الذي أخذ منه، فإن كان مصدره الخنزير فهو حرام، وإن كان مأخوذاً من بهيمة الأنعام التي أحلها الله فلا بأس به إذا كانت هذه الأنعام مذكاة ذكاة شرعية. والله أعلم.

طعام غير الكتابيين ومعاملتهم

طعام غير الكتابيين ومعاملتهم المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 12/5/1423 السؤال عندنا معلمة هندية ليست مسلمة وليست كتابية كذلك، أحضرت لنا يوماً طعاماً فانقسمنا بين مجاملة لها ورافضة مد يدها للطعام، هل يجوز الأكل من طعام هؤلاء؟ وكذلك هل يجوز مجاملتهم حتى نبين لهم أخلاق المسلمين؟ وهل يجوز مصافحتها أم يؤدي ذلك إلى نقض الوضوء؟ الجواب يجوز الأكل من طعام الكفار غير الكتابيين ما لم يكن من ذبائحهم التي ذبحوها أو يكون مشتملاً على ما هو محرم كالخمر والخنزير، وأما معاملتهم فالأصل معاملتهم بالحسنى لغرض تأليفهم ودعوتهم إلى الإسلام؛ لقوله -تعالى-: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" [الممتحنة:8] ، ومصافحتهم لا تؤدي إلى نقض الوضوء؛ لأن نجاستهم الواردة في قوله -تعالى-: "إنما المشركون نجس" [التوبة:28] ، نجاسة معنوية، والمراد بها: نجاسة الكفر، كما هو قول جمهور أهل العلم.

أطعمة وأشربة فيها كحول

أطعمة وأشربة فيها كحول المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 3/5/1423 السؤال هناك بعض الأشربة والأطعمة التي تحتوي على نسبة قليلة جداً من الكحول، مثل: الخبز، علماً أنك لو أكلت منه الكثير لا تسكر، فهل يجوز تناولها؟ وشكراً لكم. الجواب الكحول مادة مسكرة أو مخدرة، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن نجاسة الخمر نجاسة حسية، ويلحق الكحول بها في ذلك، واستدلوا بقوله -تعالى-:"يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" [المائدة:90] ، وقالوا:" الرجس، هو: النجس". وذهب بعض أهل العلم إلى أن طهارة الخمر طهارة حسية مع بقاء نجاستها المعنوية؛ لأن الرجس المقصود في الآية السابقة هو الرجس العملي المقتضي للتحريم، وليس الرجس العيني الذاتي المقتضي للنجاسة، وقالوا: من المعلوم أن الميسر والأنصاب والأزلام الواردة في الآية ليست نجسة نجاسة حسية، فإذا كانت نجاستها معنوية وليست حسية فالخمر كذلك؛ لأنه من عمل الشيطان، وقد قرن بهذه الثلاثة، ولأن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يوجد الدليل على النجاسة، ولا دليل هنا، وكذلك قالوا: إنه لما نزل تحريم الخمر أراقها المسلمون في الأسواق، ولو كانت نجسة ما جازت إراقتها في الأسواق؛ لأن تلويث الأسواق بالنجاسات محرم لا يجوز، وهذا القول هو الأرجح -إن شاء الله-. وعلى هذا فالكحول ليست نجسة العين، وإن كانت خبيثة من الناحية المعنوية، بمعنى أنها لو وجدت على ثوب الإنسان أو بدنه فلا يجب عليه التنزه عنها كما يتنزه عن المواد النجسة.

وبقيت مسألة، وهي: وجود الكحول في المأكول والمشروب، فمن المعلوم أن الكحول مادة مسكرة أو مخدرة، وبالتالي فإذا وجدت في الأكل أو الشرب، وكانت مؤثرة فيه بمعنى أنه يترتب على التناول إسكار فالتناول في هذه الحالة حرام قطعاً؛ لأن علة تحريم الخمر، هي: الإسكار، وقد وجدت هنا، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. أما إذا كانت مادة الكحول الموجودة في المأكول أو المشروب قليلة ويسيرة، ولا يظهر أثرها، واستهلكت في المشروب ونحوه، فالصحيح أن هذه الكمية اليسيرة من الكحول لا أثر لها في تحريم هذا الطعام أو الشراب، فهو مثل النجاسة المستهلكة في الماء، فعلى القول الصحيح -إن شاء الله- أن هذه النجاسة ما لم يظهر أثرها في الماء، في طعمه، أو لونه، أو ريحه، فالماء باق على طهوريته قليلاً كان أو كثيراً، وفي (صحيح البخاري، ك72، ب12) – تعليقا- قَال أَبُو الدَّرْدَاء فِي الْمُرِي: ذَبَحَ الْخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ"، والنينان: جمع نون، وهو: الحوت، والمري: أكلة تتخذ من السمك المملح، يوضع في الخمر ثم يعرّض للشمس فيتغير طعمه عن طعم الخمر، ومعنى قول أبي الدرداء هذا: أن الحوت لمّا ملِّح ووضع في الشمس أذهب الخمر فصار حلالاً، ومما يدل على عدم الحرمة هنا: أن الخمر إنما حرمت لوصف الإسكار الموجود فيها، فإذا انتفى هذا الوصف انتفت الحرمة. ومما يشار إليه هنا أن البعض يظن أن المخلوط بالخمر حرام مطلقاً، سواء قلّت نسبة الخمر - بحيث لا تؤثر في المخلوط– أو كثرت، وظنوا أن ذلك هو معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-:"ما أسكر كثيره فقليله حرام"رواه أحمد (5648) واللفظ له، وابن ماجة (3392) ، والدارقطني (4/254) ، وهو صحيح (الإرواء برقم 2375) .

فقالوا: هذا فيه قليل من الخمر الذي يُسكر كثيره فيكون حراماً، وقد أجاب الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في مجمع فتاويه (4/260) عن هذا الفهم، فقال: يقال هذا القليل من الخمر استهلك في غيره فلم يكن له أثر وصفي ولا حكمي، فبقي الحكم لما غلبه في الوصف، وأما حديث "ما أسكر كثيره فقليله حرام" (سبق تخريجه) فمعناه: أنه إذا كان الشراب إن أكثر منه الشارب سكر، وإن قلل لم يسكر، فإن القليل منه يكون حراماً؛ لأن تناول القليل وإن لم يسكر ذريعة إلى تناول الكثير، ويوضح ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها-: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"كل مسكر حرام، ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام" أخرجه أبو داود (3687) ، والترمذي (1866) ، وأحمد (24992) ، وهو صحيح (الإرواء برقم 2376) ، والفرق: مكيال يسع ستة عشر رطلاً. ومعنى الحديث: أنه إذا وجد شراب لايسكر منه إلا الفرق، فإن ملء الكف منه حرام، فهو معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-:"ما أسكر كثيره فقليله حرام" (سبق تخريجه) اهـ. ومع ذلك فالأولى فيما يظهر لي -والله أعلم- أن يتجنب الإنسان تناول الأطعمة والأشربة المحتوية على هذه المواد المسكرة المستهلكة في الطعام والشراب ما لم يحتج إلى ذلك، لكن هذا من باب الورع لا التحريم، والله أعلم.

لماذا حرم لحم الخنزير؟

لماذا حُرم لحم الخنزير؟ المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 19/6/1423هـ السؤال أريد جواباً شافياً لأسئلة دائماً يطرحها عليَّ أصدقائي الصينيون: لماذا يحرم على المسلمين أكل لحم الخنزير؟ ويدّعون أنهم دائماً يأكلون الخنزير ولا يوجد بهم أمراض، ويعملون بجد ومتوسط أعمارهم أكثر من غيرهم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أقول وبالله التوفيق: أما سؤالك الأول فاعلم يا أخي أن من المتقرر في ديننا أننا إذا نُهينا عن شيء لزمنا الانتهاء عنه، وإذا أُمرنا بشيء أتينا منه ما استطعنا، اتباعاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه" رواه مسلم (1337) ، وقد نُِهينا بنصوص القرآن والسنة عن أكل لحم الخنزير، وسواء أدركنا الحكمة في التحريم أم لم ندركها، فإن النهي عن أكل لحم الخنزير صريح لا يحتمل التأويل، ومع ذلك فإنا إذا التمسنا الحكمة في النهي وجدناها ظاهرة، فقد ذكر الأطباء أن في الخنزير أضراراً كثيرة، ومن ذلك: (1) كثرة الديدان في لحمه. (2) لحم الخنزير ينقل مرض التريخينا. (3) كثيراً ما يأكل الخنزير الفئران الميتة التي كثيراً ما تكون عضلاتها محلاً لأجنة دودة تسمى الشعرة الحلزونية. (4) لحم الخنزير أعسر هضماً؛ لأن أليافه العضلية محاطة بخلايا شحمية عديدة، وقد أجريت عدة تجارب على أربعة وعشرين حالة مرض وتبين أن (22) حالة منها كان سببها لحم الخنزير المطبوخ. (5) أن الخنزير بذاته منفّر للطبع السليم فهو قذر؛ لأن أشهى غذائه القاذورات الضارة التي يأنف منها الإنسان.

(6) لحم الخنزير يسبب ارتفاعاً في مستوى الجلسريد في بلازما الدم، وكذلك ارتفاع نسبة الكولسترول في الجسم. (7) ومما يذكر أيضاً أن له أثراً في تبلد إحساس الإنسان بالغيرة فتراه لا يأنف من وقوع محارمه في الرذيلة. وانظر للمزيد المراجع التالية: 1- تحريم لحم الخنزير في العلم والدين لـ د/ سليمان قوش 2- روح الدين الإسلامي تأليف/ عفيف طبارة 3- مجلة الفكر الإسلامي، العدد التاسع، السنة الثامنة 1399هـ.

التسمية عند الذبح

التسمية عند الذبح المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 19/11/1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعمل في مذبح بأستراليا وعلي أن أذبح أربعمائة وعشرين خروفاً في الساعة، وأنا أعمل لمدة ثمان ساعات في اليوم، فهل يجب علي أن أذكر اسم الله في كل رأس؟ وماذا لو نسيت في إحداها هل تجوز هذه الذبيحة؟ الجواب جب على المسلم أن يذكر الله -جل وعلا- قائلاً: باسم الله عند ذبح الذبيحة، فإن نسي فذبيحته حلال، ولا حرج عليه والحمد لله في هذا، وأما أن يتركها تعمداً فلا يجوز له ذلك.

حكم تعاطي القات

حكم تعاطي القات المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 1/12/1422 السؤال ما حكم تعاطي القات؟ الجواب سئل الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - عن سؤال مشابه لسؤالك، نذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة: السؤال: ما الحكم في القات والدخان الذين انتشرا بين بعض المسلمين، وما حكم صحبة من يتناول أحدهما أو كليهما؟ وماذا يجب على رائد الأسرة نحو ابنه أو أخيه إن كان يتعاطى شيئاً من هذين الصنفين؟ الجواب: لا ريب في تحريم القات والدخان لمضارهما الكثيرة وتخديرهما في بعض الأحيان، وإسكارهما في بعض الأحيان، كما صرح بذلك الثقات العارفون بهما، وقد ألف العلماء في تحريمهما مؤلفات كثيرة، ومنهم شيخنا العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي البلاد السعودية سابقاً - رحمه الله -.

فالواجب على كل مسلم تركهما والحذر منهما، ولا يجوز بيعهما ولا شراؤهما ولا التجارة فيهما، وثمنهما حرام وسحت، نسأل الله للمسلمين العافية منهما. ولا تجوز صحبة من يتناولهما أو غيرهما من أنواع المسكرات؛ لأن ذلك من أسباب وقوعه فيهما، والواجب على المسلم -أينما كان- صحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار، وقد شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - الجليس الصالح بحامل المسك وقال:" إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة". وشبه الصاحب الخبيث بنافخ الكير وأنه إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة انظر ما رواه البخاري (2101) ومسلم (2628) ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " رواه الترمذي (2378) وأبو داود (4833) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-والواجب على رب الأسرة أن يأخذ على يد من يتعاطى شيئاً من هذه الأمور المنكرة ويمنعه ولو بالضرب والتأديب أو إخراجه من البيت حتى يتوب، وقد قال الله -سبحانه -:" فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16] وقال - عز وجل-:" ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا " [الطلاق:4] أصلح الله أحوال المسلمين ووفقهم لكل ما فيه صلاحهم وصلاح أسرهم، إنه خير مسؤول. [سلسلة كتاب الدعوة (2) فتاوى الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجزء (2) ص (257) ] .

حكم الأكل من الأطعمة المتكدسة في الجمارك

حكم الأكل من الأطعمة المتكدسة في الجمارك المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 22/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. رجل يعمل في معمل لتحليل الأطعمة المستوردة، بحيث لا يسمح لها بالدخول إلا بعد موافقة المواد للمواصفات المسموح بها، والرجل يتحرى الحلال في مصدر رزقه، ويخاف الله -أحسبه كذلك-، فهو لا يأخذ الرشوة رغم كثرتها، ولكن يسأل عن العينات التي تؤخذ للتحليل والاختبار، وهذه العينات تكون بعبوة صندوق مثلاً، وبعد تحليلها ومطابقتها للمواصفات المطلوبة تتكدس هذه المواد، فيتم توزيعها على العاملين معه لأخذها لبيوتهم وبعلم صاحبها، فما حكم هذا التصرف؟ وما حكم من يأخذها من الجيران وذوي القربى؟ وهل من الضرورة إخطار صاحب البضاعة بأنه سيتم توزيعها بعد التحليل؟ أرشدونا بارك الله فيكم وفي علمكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن العينات التي تؤخذ للتحليل والتأكد من مطابقتها للمواصفات، إما أنها تعاد لصاحبها بعد الانتهاء من التحليل أو لا. فإن كانت تعاد لأصحابها، وكان هذا الإجراء هو المعمول به نظاماً، فإنه لا يجوز أخذ شيء منها إلا بعد استئذان صاحبها. وأما إن كانت تقدم من أصحابها للمعاينة، وهم يعلمون أنها لا تعود إليهم بحكم النظام أو العرف الجاري بين الناس في مثل هذا العمل، فلا حرج على العمال في تقاسمها بينهم بعد الانتهاء من التحليل والمطابقة؛ لأن مصيرها بعد تكديسها إلى الإتلاف، والإفادة منها أولى من رميها، اللهم إلا أن تنص الجهة المنظمة للعمل على منع إخراج المواد من المختبرات لأي سبب كان، فهنا يلزم الجميع بتطبيق النظام.

والسؤال الثاني يبنى على التفصيل السابق، فإذا كان الأخذ يشترط له الإذن، فإذا علم الأقارب أو الجيران بأن صاحبهم يأخذ بغير إذن فلا يأخذوا منه شيئاً، وإلا جاز لهم ذلك. والله أعلم.

أكل الحلزون

أكل الحلزون المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 3/12/1424هـ السؤال طريقة طبخ الحلزون يوضع في الماء الساخن حتى يطبخ جيدا فيصير ميتا بفعل الماء الساخن فوق الفرن. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان، أما بعد: فإن الله -سبحانه- أباح لنا صيد البحر وطعامه، وصيده ما أخذ منه وطعامه الميتة منه. وما يصاد منه قد يبقى حياً كالسلاحف والقواقع، ومنه الحلزونيات، وقد يموت إذا حبس عنه الماء، فما أخرج منه ومات فهو حلال، وما مات فيه من حيوان فهو حلال، وما صيد منه ووضع وهو لم يزل فيه حياة في الماء المغلي أو على النار بقصد الشواء والطهي فهو حلال، ويروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:" كل شيء في البحر مذبوح" رواه البخاري تعليقاً كتاب: (الذبائح والصيد) ، باب: قول الله -تعالى-: "أحل لكم صيد البحر ... " [من سورة المائدة: 96] موقوفاً عن شريح -رضي الله عنه-، وعند الدارقطني في سننه (4/267) مرفوعاً بلفظ آخر، وهذا يدل على أن صيده ذكاته، وصيده يقوم مقام تذكيته، وعلى هذا فإنك لو أخذت سمكة وأكلتها وهي تضطرب، فلا بأس. ولو وجدتها في بطن سمكة أخرى فأكلتها فلا بأس، وما وجدته ميتاً في البحر من دوابه فأكلته فلا بأس. وما ورد في السؤال بأن هذا الحيوان إذا وضع على النار أو الماء المغلي يصير ميتاً خطأ في صياغة السؤال؛ لأنك جزمت بأنه ميتة بهذا الفعل، وهو وضعه على النار أو الماء المغلي، وقد تبين وجه الحق من الجواب. نسأله -سبحانه- التوفيق والسداد، والله المستعان.

حكم الإنفحة الموجودة في الأجبان

حكم الإنفحة الموجودة في الأجبان المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 11/1/1423 السؤال ما حكم أكل الإنفحة الحيوانية الموجودة في الأجبان وغيرها، وخاصة أن غالب الأجبان مستوردة وغير مذكاة؟ الجواب الإنفحة هي جزء من معدة صغار العجول والجداء ونحوهما، ومادة خاصة تستخرج من الجزء الباطني من معدة الرضيع من العجول أو الجداء أو نحوهما بها خميرة تجبن اللبن، كما في المعجم الوسيط (2/938) وأهميتها في صناعة الجبن هو أن الإنفحة إذا وضع قليل منها في اللبن فإنه ينعقد ويتكاثف ويتجمع ويصير جبناً. أما حكمها ففيه تفصيل: الحالة الأولى: إذا كان الجبن قد صنعت بإنفحة خنزير أو ميتة بأن تكون ذكاة غير شرعية، فهذا يحرم أكل الجبن الذي فيه، وهذا مذهب جماهير أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة لقوله -تعالى-:" حرمت عليكم الميتة " [المائدة:3] فالله تعالى حرم الميتة، وهو عام يشمل كل ما في الميتة من أجزاء، ولا يخرج منه شيء إلا بدليل، ولا دليل. ويدخل في ذلك إنفحة الحيوان الذي ذكاته من المجوس وأهل الأوثان أو ما كان فيه مادة خنزيرية. الحالة الثانية: إذا كان الجبن قد صنعت بإنفحة حيوان مذكى ذكاة شرعية من مسلم وكتابي فهذا حلال، إذ إن طعام أهل الكتاب حلّ لنا ما لم نتيقن أنهم ذبحوه بغير الطريقة الشرعية، وهذا هو مذهب الجمهور -رحمهم الله-. قال النووي: أجمعت الأمة على جواز أكل الجبن ما لم يخالطه نجاسة بأن يوضع فيه إنفحة ذبحها من لا تحل ذكاته، فهذا الذي ذكرناه من دلالة الإجماع هو المعتمد في إباحته " أ. هـ. وروى البيهقي في السنن الكبرى (10/7) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سئل عن الجبن والسمن، فقال: "سم الله وكل"، فقيل إن فيه ميتة فقال:" إن علمت أن فيه ميتة فلا تأكله "

وروى البيهقي في السنن الكبرى (10/6) أيضاً عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: كلوا الجبن ما صنع المسلمون, وأهل الكتاب. وقول السائل وغالب الأجبان مستوردة وغير مذكاة " أما قوله مستوردة، فإن كانت مستوردة من المجوس وأهل الأوثان فيحرم الأكل إلا أن يعلم أنها قد ذكيت ممن تحل ذكاته وهو المسلم والكتابي، وإن كانت مستوردة من الغرب فإن الأصل حل ذبائحهم، مالم يعلم المسلم أن ذكاتهم غير شرعية فيحرم حينئذ وإلا فالأصل الجواز. والله أعلم

طعام الكفار

طعام الكفار المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 17/5/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيراً، أما بعد: ما حكم الشرع في طالب جامعي في أوروبا يسكن بصفة مؤقتة في حي جامعي مختلط، ولكنه لا يختلط معهم ويتحرى في أكله الحلال، يأكل الفواكه والأرز والسمك والخضروات؟ علماً أن هذه المأكولات تحضر في مطاعم كافرة ومن طرف كفار، فهل علي من حرج فيما أفعله؟ الجواب يجوز الأكل من طعام الكفار، فإن كانوا أهل كتاب وهم اليهود والنصارى فيجوز أكل ذبيحتهم، إلا أن يتحقق المسلم من أنهم لا يذكرون اسم الله عليها فلا يجوز أكلها والحالة هذه، وأما باقي طعامهم وشرابهم فهو جائز، وقد أكل النبي -صلى الله عليه وسلم- من طعام اليهود حيث دعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة، كما في حديث أنس الذي رواه ابن حبان (4539) وغيره، وقِبَل دعوة اليهودية التي دعته إلى ذبيحة سمتها في ذراعها كما في حديث حرملة الذي رواه البيهقي انظر: (10/11) وغيره، وشرب من مزادة مشركة انظر: الفتح (1/452) .

أكل الضبع والجربوع والهدهد

أكل الضبع والجربوع والهدهد المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 22/1/1425هـ السؤال أريد أن أسأل عن الضبع، والهدهد، والجربوع، هل أكلهما حلال أو حرام؟ الجواب أكل الضبع يجوز لحديث جابر-رضي الله عنه- رواه الترمذي (851) ، والنسائي (2836) ، وأبو داود (3801) ، وابن ماجة (3085) ، وأكل الجربوع أيضا جائز شرعاً، وأما أكل الهدهد فهو محل خلاف بين العلماء، فمنهم من يرى حلّه، ومنهم من يرى حرمته لنتن ريحه وأكله النجاسات، والورع في ذلك الترك؛ لأن الأصل في اللحوم الحرمة، وهذه قاعدة شرعية أشار إليها ابن سعدي في قوله: والأصل في الأبضاع واللحوم*** والنفس والأموال للمعصوم تحريمها حتى يجيء الحلّ *** فافهم هداك الله ما يحلّ

أكل السلحفاة المائية

أكل السلحفاة المائية المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 26/10/1423هـ السؤال ما حكم أكل السلحفاة المائية (الترسة) ؟ جزاكم الله خيراً. الجواب ينظر إن كانت من أنواع السمك الذي لا يعيش إلا في الماء فإنه يباح بغير ذكاة، وإن كانت من حيوان البحر وتعيش في البر فقد اشترط بعض العلماء ذكاتها كما روي عن الإمام أحمد أنه قال: لا أرى بأساً بالسلحفاة إذا ذبح. والله أعلم.

الأطعمة الموزعة في المناسبات البدعية

الأطعمة الموزعة في المناسبات البدعية المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 27/5/1424هـ السؤال ما حكم أكل الشكولاته أو أي شيء سواء من الطعام أو الأشربة التي توزع بمناسبة المولد النبوي، أو العودة من زيارة القبور مثلا على قبر (النبي يونس) -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- في العراق، أو (الشيخ عبد القادر الجيلاني) -رحمه الله-؟ وإذا كان ذلك الأكل حراما، فهل يجوز رميه إذا جاء لك شيء منه. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. وبعد: فأكل ما يهدى يوم المولد أو بعد الزيارة لقبر ونحوه فيه تفصيل: فإن كانت الهدية من مأكول لا لحم فيه كما سأل السائل عن الشكولاته، أو الفاكهة أو العصير وغير ذلك فهذا لا بأس به إن شاء الله، وليس فيه إعانة على شعائر بدعتهم. أما إن كان المأكول مذبوحاً فهذا فيه تفصيل أيضاً بأن كان ذبح على القبر، وخاصة القبور التي تعبد من دون الله تعالى، فهذا لا يبعد أن يكون داخلاً في قوله تعالى: "وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ" [المائدة: من الآية3] ، قال الإمام أحمد: كل شيء ذبح على الأصنام لا يؤكل، أما إن كان المأكول مذبوحاً تقرباً لصاحب القبر أو باسمه سواء كان نبياً أو صالحاً، أو غير ذلك، فهذا داخل في معنى قوله تعالى: "وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ" [البقرة: من الآية173] ، فلا يجوز أكله. وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن الذبح في مواضع الأصنام ومواضع أعياد الكفار، كما في قصة الرجل الذي نذر أن يذبح إبلاً ببوانة فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم- "هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ " قالوا: لا، قال: "فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ " قالوا: لا، قال: "أوفِ بنذرك" رواه أبو داود

(3313) من حديث ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه-، ولا شك أن قبور بعض الأنبياء والصالحين التي تعبد من دون الله تعالى أن حكمها حكم الأوثان كما قال - صلى الله عليه وسلم- اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، والله أعلم.

أسماك تتغذى على النجاسة

أسماك تتغذى على النجاسة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 28/4/1424هـ السؤال ما حكم الشرع في أكل نوع من الأسماك يتغذى على القاذورات والنجاسة والفئران؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل في حيوانات البحر الإباحة، ودليل ذلك قول الله - عز وجل -: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة" [المائدة: 96] حتى ولو كان يتغذى بما ذكر السائل؛ لأن مثل هذه النجاسات تستحيل وتنقلب دماً ولحماً، والنجاسة تطهر بالاستحالة، إلا إن كان أكل مثل هذه الأشياء يضر، أو ظهر أثر النجاسة في رائحة هذا السمك أو طعمه، أما إذا لم يكن هناك ضرر، ولم يظهر أثر النجاسة فالأصل الحل.

شراب الشعير بلا كحول

شراب الشعير بلا كحول المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 11/6/1424هـ السؤال ما حكم شراب الشعير بلا كحول؟ الجواب الأصل في مثل هذا الشراب الحل، ويدل لذلك قول الله - عز وجل -: "ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث"، وأيضاً قول الله - عز وجل -: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً" [البقرة: من الآية29] ، وأيضاً قول الله: "والأرض وضعها للأنام" [الرحمن: 10] ، فهذا هو الأصل، ما لم يكن هناك محرم كخمر ونحوه.

شروط الذكاة وآدابها

شروط الذكاة وآدابها المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 1/2/1425هـ السؤال ما هي شروط الذكاة وآدابها ومكروهاتها؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن الذكاة تفتقر إلى خمسة أشياء: 1- ذابح. 2- وآلة. 3- ومحل. 4- وفعل. 5- وذكر. فأما الذابح فيعتبر له شرطان: الأول: دينه، وهو أن يكون مسلماً أو كتابيًّا. الثاني: عقله، وهو أن يكون ذا عقل يعرف الذبح ليقصده، فإن كان لا يعقل كالمجنون والسكران لم يحل ما ذبحه. وأما الآلة فلها شرطان: الأول: أن تكون محددة، تقطع أو تخرق بحدِّها، لا بثقلها. الثاني: ألا تكون سنًّا ولا ظفراً؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر" أخرجه البخاري (5503) ، ومسلم (1968) من حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه -. وأما المحل: فالحلق واللّبَّة، وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، ولا يجوز الذبح في غير هذا المحل بالإجماع؛ كما قاله ابن قدامة في المغني (13/303) . وأما الفعل: فيعتبر قطع الحلقوم والمريء، فالأول هو مجرى النفس، والثاني هو مجرى الطعام والشراب، وقيل: يعتبر مع قطعهما، قطع أحد الودجين، وقيل: أو كلاهما، هذا هو الأكمل في الذبح، وبه يخرج من الخلاف. وأما الذكر: فيشترط ذكر اسم الله -تعالى- على الذبيحة؛ لقوله -تعالى-: "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق" [الأنعام:121] ، فإن ترك الذابح - مسلماً كان، أو كتابيًّا على الأصح- التسمية عمداً، أو ذكر اسم غير الله، لم تحل الذبيحة، وإن تركها سهواً، فعلى قولين في المسألة، ذهب الجمهور إلى الحل، وذهب آخرون إلى التحريم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (35/239) ، والله أعلم بالصواب، هذا بالنسبة لشروط الذكاة، أما آدابها فهي عديدة منها:

أولاً: أن ينحر البعير ويذبح ما سواه، ولا خلاف بين أهل العلم في هذا، كما قاله ابن قدامة في المغني (13/304) . ثانياً: أن يذبح بسكين حاد؛ لما روى مسلم في صحيحه (1955) ، عن شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " ... وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته". ثالثاً: أن يعجِّل إمرار السكين حال الذبح، وهو من إحسان الذبح، وإراحة الذبيحة؛ كما صرح به النووي في شرح مسلم (13/107) . رابعاً: أن يستقبل بها القبلة حال الذبح، قال في المغني (13/305) ، واستحب ذلك ابن عمر - رضي الله عنهما- وابن سيرين، وعطاء، والثوري، والشافعي، أصحاب الرأي. ا. هـ. هذا بالنسبة لآداب الذكاة، وكل ما خالف أدباً من هذه الآداب، فهو معدود من المكروهات. ومن مكروهات الذكاة أيضاً: 1- أن يسن السكين والحيوان يبصره. 2- وأن يذبح الشاة أو غيرها، والأخرى تنظر إليه. 3- وأن يقطع عضواً منها بعد الذكاة قبل أن تزهق روحها، قال في المغني (13/310) (كرهه أهل العلم، منهم عطاء، وعمرو بن دينار، ومالك، والشافعي، ولا نعلم لهم مخالفاً) ا. هـ. 4- ويكره أيضاً سلخ الحيوان قبل أن يبرد؛ لما فيه من التعذيب، ولما تقدم في المغني من حكاية الكراهة عن أهل العلم في قطع العضو قبل زهوق الروح. والله -تعالى- أعلم.

ذكاة البرمائيات

ذكاة البرمائيات المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 18/06/1425هـ السؤال هل تشترط الذكاة للحيوانات البرمائية مثل السلحفاة، والتمساح، وكلب البحر؟ أم تلحق بحيوان البحر باعتبار طول مكثها فيه؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: كل ما يعيش في البر من دواب البحر لا يحل بغير ذكاة، كطير الماء، والسلحفاة، وكلب الماء، إلا ما لا دم فيه كالسرطان، فإنه يباح بغير ذكاة.

أكل لحم الخيل

أكل لحم الخيل المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 16/10/1424هـ السؤال ما حكم أكل لحم الخيل؟ أنا سمعت حادثة في معركة خيبر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أمر المسلمين بقلب القدور التي طبخوا فيها لحم الخيل، وسمعت أن العلماء لم يحرموها ولم أدر ما الدليل؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. وشكراً. الجواب لحم الخيل مباح الأكل كالإبل والبقر والغنم وغيرها من اللحوم المباحة الأكل في شريعتنا، وذلك لحديث جابر - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن بلحوم الخيل"، رواه البخاري (4219) ومسلم (1941) من حديث جابر - رضي الله عنه-، وروى البخاري (5519) من حديث أسماء - رضي الله عنها- قالت: "نحرنا فرساً على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأكلناه"، وأما لحم الحمر الأهلية فكما تقدم في الخبرين من نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لحومها وأخبر أنها رجس، وأما ما ذكر من خبر إكفاء القدور في غزوة خيبر فهذه لحوم الحمر وليست لحوم الخيل.

الأطعمة التي تحتوي على جوزة الطيب

الأطعمة التي تحتوي على جوزة الطيب المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 28/9/1424هـ السؤال بعض الأطعمة التي تباع في المحلات التجارية تحتوي على جوزة الطيب، فهل أكلها حلال أم حرام؟. الجواب الأصل في الأطعمة الحل، ولا يحرم شيء منها إلا بدليل، لعموم قوله -تعالى-: "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً" [البقرة: 29] . أما بالنسبة لجوزة الطيب المذكورة في السؤال فقد قرأت أنها مصنفة ضمن المخدرات الطبيعية أي: الموجودة في الطبيعة دون تركيب من قِبل الإنسان، وهي ثمرة يسبب تعاطيها الفتور والنوم، وذكر ابن دقيق العيد أنه يقال: إنها مسكرة وأفتى بتحريمها ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى (4/229) ، فإذا كان الأمر كذلك فلا يحل أكلها ولا إدخالها في الأطعمة، لعموم حديث أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن كل مسكر ومفتر" أخرجه أحمد (26634) وأبو داود (3686) ، وصححه الهيثمي والعراقي والشوكاني، والله أعلم. وانظر المزيد في أنواع المسكرات والمخدرات وأحكامها في كتاب (فقه الأشربة وحدها) لعبد الوهاب عبد السلام طويلة- دار السلام - القاهرة - حلب.

شبهة: "وحشية طريقة الذبح الإسلامي"

شبهة: "وحشية طريقة الذبح الإسلامي" المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 23/7/1425هـ السؤال قرأت مقالاً في إحدى الصحف يتحدث عن وحشية ذبح الحيوانات في الإسلام، وأن الحيوان يذبح وهو بكامل وعيه، ووجوب التصدي لهذه الطريقة أريد أن أرد على هذا المقال، وأحتاج لمساعدة منكم في ذكر بعض الحقائق العلمية المناسبة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فالإسلام أمر بالإحسان في كل شيء، ومن ذلك ذبح الحيوانات، ويظهر ذلك من أمور: الأول: أنه لا يجوز قتل الحيوان إلا لغرض صحيح مثل أكل لحمه، ولا يجوز قتله لغير مصلحة كاللهو الحاصل من مناطحة الديكة وصراع الثيران، ونحو ذلك، وحتى الصيد كره الإسلام قتل الطيور وغيرها إلا بقصد أكلها، وهذا من أنواع الإحسان المفقودة كثيراً في هذا الزمن. الثاني: أن الشرع أمر بالإحسان في طريقة ذبح الحيوان، فأمر بأن تكون السكين حادة غير كالة، وأن يريح الذبيحة بإسراع الإجهاز عليها؛ قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" رواه مسلم (1955) من حديث شداد بن أوس-رضي الله عنه-. الثالث: أنه نهى عن سن آلة الذبح والحيوان يراه، كما نهى عن ذبح الحيوان وحيوان آخر يبصره، وهذا من أنواع الإحسان الكبيرة التي تتضمن مراعاة الإحسان حتى فيما لا يضر الحيوان. الرابع: أن الإسلام لما أمر بذبح الحيوان بطريقة إنهار الدم قصد إلى أمرين، إراحة الذبيحة بسرعة موتها، وإبعاد ما يفسد لحم الحيوان، فإن احتباس الدم في الحيوان يسبب فساده، وأما إذا أنهر الدم وخرج كان لحم الحيوان أبعد عن الفساد كما يعرف هذا بالطب.

الخامس: إذا ذبحت البهيمة بعد إفقادها لوعيها فليس هذا محرماً في الإسلام، بشرط أن يكون ذبحها هو سبب موتها، وليس إفقادها الوعي هو سبب الموت. وإذا تأمل منصف ما سبق وجد أن هذا الدين جاء بأنواع من الإحسان للحيوان لم يأت بمثلها مذهب ولا فكر آخر، ولا عجب في ذلك؛ فهو دين رب العالمين الذي هو أرحم الراحمين سبحانه، وهو الأعلم بمصالح خلقه. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

أطعمة تسبب الإدمان، فهل تحرم؟!

أطعمة تسبب الإدمان، فهل تحرم؟! المجيب أ. د. عبد الحي الفرماوي أستاذ التفسير والحديث بكلية أصول الدين - جامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 27/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل يمكن النظر إلى بعض المواد الغذائية والمأكولات والتبغ على أنها محرمة؛ بسبب إمكانية الإدمان عليها؟ مثل مادة (الكافيين) الموجودة في القهوة والكوكاكولا، وهي ليست مسكرة. وإن لم يكن ذلك محرمًا فهل يختلف الحكم لمواد غير مسكرة أشد في قوة الإدمان من مادة الكافيين؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فزادك الله حرصًا على تحري الحلال فيما تأكل وتطعم، فذلك دليل ورع، أسأل الله -تعالى- أن يسكنه قلبك ما حييت، ثم إن تعود أي شيء من الأطعمة أو الأغذية أو المشروبات -طالما كان غير مسكر أو مفتر أو ضار بالصحة أو بالمال-؛ فلا حرمة فيه؛ لكنه يكون حرامًا إذا توفر فيه شيء مما سبق ذكره، أو كان حلالاً في ذاته، لكنك أسرفت في تناوله فآذاك إسرافك. هنا يكون الإسراف حرامًا مع بقاء أصل الطعام حلالاً طيبًا، يقول الله -تعالى-: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" [الأعراف: من الآية31] . كما يقول -عز وجل-: "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [الأعراف: من الآية32] . والله الموفق.

الخل المصنع

الخل المصنع المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 19/04/1425هـ السؤال أفتى بعض مشايخنا أن الخل المصنع في المصانع حرام؛ لأن به نسبة من الكحول، ولا أدري إن كان ذلك حقيقة أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل في الأطعمة أنها مباحة، لقول الله - عز وجل -: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً" [البقرة: من الآية29] ، وقوله - عز وجل-: "وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ" [الرحمن:10] ، وعلى هذا فالخل الأصل أنه مباح، ولكن إن ثبت أن فيه نسبة من الكحول فلا يخلو هذا من أمرين: الأمر الأول: أن تكون هذه النسبة يسيرة بحيث تضمحل وتستهلك في المباح فإنه مباح لأن هذه النسبة أصبح وجودها كعدمها. الأمر الثاني: أن يكون أثرها لا يزال باقياً فإنه محرم لأن ما أسكر كثيره فقليله ولو نقطة واحدة محرم.

التخمير بمواد أصلها شعر الإنسان

التخمير بمواد أصلها شعر الإنسان المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 26/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو منكم الإجابة على استفساري وهو: في إحدى دول الغرب يستخدم عامل تخمير للعجين اسمه ل - سيستين (L، Cystine) ، وقد سمعت أن ما نسبته 99% من مواد التخمير هذه مستخرج من شعر الإنسان والباقي من مواد بروتينية أخرى، فما حكم استخدام مثل هذه المادة؟ وهل هي جائزة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان الأمر على ما ذكر في السؤال من أن هذه المادة التي تخمّر العجين مستخرجة من شعر الإنسان فلا يظهر لي جواز استعمالها في طعام الإنسان؛ لأنها جزء من جسم الآدمي، وتناوله عمومًا لا يحل لعموم قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء: 70] . وتكريمه يقتضي عدم المساس به وتناول شيء منه بالأكل. والله أعلم.

التحري عن شخصية القائم بالذبح

التحري عن شخصية القائم بالذبح المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 3/12/1424هـ السؤال يوجد عندنا خلاف في حكم تذكية اللحوم، ففي المذبح الذي تكون فيه عملية الذبح يوجد من يسب الدين، والذي لا يصلي، فلذلك أفتى بعض المشايخ عندنا بعدم جواز الأكل، إذا لم أعرف من الذي ذبح، وقالوا: إن اللحوم الأصل فيها التحريم، فإذا شككنا في شيء يرجع إلى أصله، ورأى آخر أنه يجوز الأكل؛ لأن العبرة بالذابح، والأصل في الذابحين الإسلام؛ لأننا في بلد إسلامي، وإذا شككنا في الذابح يرجع الحكم إلى أصله أنهم مسلمين؛ لأننا لم نتأكد من شخصيه الذابح؛ لأن الأصل فيهم الإسلام. فأي الرأيين هو الراجح؟. الجواب الصواب عندي هو القول الثاني، وهو جواز الأكل من الذبيحة إذا ذبحت في بلاد المسلمين، وذلك لما يلي: أ- لم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالتحري عند أكل الذبائح مع وجود الاحتمال المشار إليه في القول الأول، وهو مما تعم به البلوى، فلو كان ذلك مشروعاً لنقله عنه - صلى الله عليه وسلم- ولو واحداً من الصحابة -رضي الله عنهم-. ب- من المعلوم الذي لا شك فيه أن العبرة بالذابح، والأصل بالذابحين في بلاد المسلمين الإسلام؛ لكون الذبح في بلاد المسلمين. لا يثبت التحريم بالشك في أهلية الذابح، والأصل في المسلمين الخير، وعند الشك يعود الحكم إلى أصله، وهو أنَّ الذابح مسلم؛ لأن الأمر لم يتضح بالنسبة لأهلية الذابح، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الجهل بحال المذكي

الجهل بحال المذكي المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 15/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: من العلم أن الذبائح في الدول الإسلامية والعربية يشرف عليها نسبة من الذبّاحين غير المصلين، وهناك المصلون كما هو الحال عندنا، ومن المعلوم أن ذبائح غير المصلين لا تقبل، وندخل السوق (سوبر ماركت) وتكون اللحوم مختلطة مع ذبائح غير المصلين وغيرهم من المسلمين، كما هو الحال بتقسيم الأيدي لوحدها والأرجل والصدور والظهور..إلخ, فما حكم الأكل من هذه اللحوم؟ وهل هي شبهة؟ وإذا كانت شبهة فما الحكم؟ رغم أنني في ورطة وحيرة من ذلك، وأصبح لي ما يقرب ستة أشهر لا أتناول اللحوم، أفيدونا مأجورين، وجزاكم الله خيراً. الجواب الأصل فيما يذبح في الدول الإسلامية وكذلك أهل الكتاب الأصل فيها الحل، لكن متى علم بأن من يذبح من المسلمين تارك للصلاة مداوم على تركها فإن ذبيحته لا يجوز أكلها، وإلا فالأصل الحل ومتى قويت عندك الشبهة فالورع تركه.

صيد الوبر والضبع والقنفذ والنيص

صيد الوبر والضبع والقنفذ والنيص المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 14/2/1424هـ السؤال ما حكم صيد الوبر والضبع والقنفذ والنيص؟ علماً أن الوبر والنيص من آكلات النباتات, وشكراً. الجواب ذكر العلماء -رحمهم الله تعالى- ضوابط تبين ما لا يجوز أكله من الحيوانات، فإذا تحققت هذه الضوابط في أي حيوان فإنه لا يجوز أكله، وهذه الضوابط كما يأتي: (1) كل ذي ناب من السباع، مثل: النمر، والفهد، والأسد، والكلب، ونحوها. (2) كل ماله مخلب من الطير، مثل: العقاب، والبازي، والصقر، والشاهين، والبومة، ونحو ذلك؛ لما روى ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-:" نهى عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير" رواه مسلم (1934) . (3) ما نص عليه بذاته، حيث نص النبي -عليه الصلاة والسلام- على تحريم لحوم الحمر الأهلية، حيث روى جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-:"نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل" متفق عليه البخاري (3155) ، ومسلم (1407) . (4) ما كانت العرب تسميه خبيثاً فهو حرام؛ لقوله تعالى:"ويحرم عليهم الخبائث" [الأعراف: 157] . (5) ما أمر الشارع بقتله، أو نهى عن قتله فإنه لا يجوز أكله. وبناءً على ما سبق فإن ماعدا ما ذُكر فهو مباح؛ لعموم النصوص الدالة على الإباحة. أما بالنسبة للحيوانات المذكورة في السؤال فحكمها كالآتي: (1) الوبر: وهو: حيوان من ذوات الحوافر، في حجم الأرنب، وقد نص عدد من أهل العلم على أنه مباح؛ لعموم الأدلة الدالة على أن الأصل الإباحة، ولم يرد دليل يقتضي حريمه، وهو شبيه بالأرنب فيأخذ حكمه. (2) الضبع: مباح؛ لما روى جابر -رضي الله عنه- قال: سألت الرسول -صلى الله عليه

وسلم- عن الضبع، فقال: "هو صيد" رواه أبو داود (3801) ، والضبع وإن كان له ناب إلا أنه لا يدخل في نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن كل ذي ناب من السباع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد نص على حله، فيكون مستثنى مما له ناب من السباع. (3) القنفذ: من الحيوانات المحرمة؛ لأنه من الخبائث، وقد روى أبو داود (3799) في كتاب الأطعمة عن أبى هريرة -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذُكر عنده القنفذ، فقال:"هو خبيث من الخبائث". (4) النيص: وهو كما قال بعض أهل العلم: كبير القنافذ قدر السخلة، وعلى هذا يكون حكمه حكم القنفذ فيكون محرماً. والكلام السابق فيما يتعلق بصيد الحيوان من أجل الأكل، أما إذا كان هناك غرض آخر للصيد فإن الحكم قد يختلف، والله أعلم.

الحشيش والخمر

الحشيش والخمر المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 12/11/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما حكم الحشيش وهو نوع من أنواع المخدرات؟ وهل المبتلى به يسمى خارجاً عن الملة؟ وهل الذي يستحله يسمى كافراً أم لا؟ وهل يعد كافراً من شرب خمراً؟ وما حكمه في الإسلام ومن الناحية الشرعية؟ أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله خيراًَ. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن أكل الحشيش كبيرة من كبائر الذنوب، وهي مسكرة فيها حد الخمر، ولكن أكلها لا يُخرج من الملة، والذي يستحلها يُفسق ولا يكفر لما في ذلك من الشبهة، بخلاف من يستحل شرب خمر العنب لأن تحريمه مما علم من الدين بالضرورة. ومن أكلها يعتبر كمن شرب الخمر "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام"البخاري (5575) ومسلم (2003) ويدخل آكلها في كل وعيد ورد في شرب الخمر. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل أكل لحم البقر مكروه؟

هل أكل لحم البقر مكروه؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 10/05/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم ما رأيكم ورأي أهل العلم من مشايخنا في كراهية لحم البقر؟ لحديث صحيح فيه ذكره الشيخ العلامة الألباني -رحمه الله- ما نصه: (إياكم ولحوم البقر فإنها داء) .. الحديث وجزاكم الله خيراً. الجواب لحوم البقر الأصل فيها الحل، لقول الله - عز وجل-: "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً" [البقرة: 29] ، وأيضاً قول الله - عز وجل-: "والأرض وضعها للأنام" [الرحمن: 10] ، وأما بالنسبة لكراهة أكلها استناداً على الحديث، فهذا الحديث موضع خلاف بين أهل العلم بين مثبت وعدم مثبت، والأظهر عدم إثباته، ويدل لذلك حديث جابر - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذبح عن عائشة -رضي الله عنها- بقرة يوم النحر. رواه مسلم (1319) ، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر. رواه البخاري (5559) ، ومسلم (1211) " فالذي يظهر أنه لا يُكره.

مداواة الحيوان بسقيه الخمر

مداواة الحيوان بسقيه الخمر المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 13/7/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. هل يجوز مداواة الحيوان بسقيه الخمر؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: سقي الحيوان خمراً للعلاج لا بأس به إن شاء الله، لأن أكل البهيمة للنجاسة - إذا قلنا بنجاسة الخمر - لا يحرمها، بل إن البهيمة مباحة ما لم يظهر أثر النجاسة عليها، مع أن القول الصواب من أقوال أهل العلم - رحمهم الله - أن الخمر ليست نجسة، فحينئذ إذا كانت هناك حاجة ومصلحة فلا بأس إن شاء الله.

شرب الماء قائما

شرب الماء قائماً المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 16/10/1424هـ السؤال هل في السنة نص يكره أو يحرم شرب الماء واقفاً؟. الجواب ثبت في صحيح مسلم (2024) عن أنس - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- زجر عن الشرب قائماً، وفي صحيح البخاري (5615) عن علي -رضي الله عنه- أنه شرب قائماً، وقال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يفعله، فحمل بعض العلماء النهي عنه عن الكراهة والفعل على الجواز.

تعليف الدواجن بمخلفات

تعليف الدواجن بمخلفات المجيب د. زيد بن سعد الغنام عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 19/10/1424هـ السؤال جزار آلي للدواجن يقوم بتصنيع علف للدواجن من مخلفات أحشاء الدواجن، والأرجل ورأس الدجاج، وبعض العظام، وذلك بطحنها وتحويلها إلى سماد وعلف للدواجن ما مدى مشروعية ذلك؟. الجواب أما تحويلها إلى سماد فجائز، أما تحويلها إلى علف ففيه خلاف بين العلماء؛ لأن بعض هذه الأشياء نجسة، ولعل الراجح- والله أعلم - حل هذه الدواجن، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر، ولا يبقى أثر لهذه النجاسة؛ بل تتحوَّل إلى شيء آخر.

تخلل الخمر

تخلل الخمر المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 11/11/1424هـ السؤال ما حكم استخدام الخل المصنَّع يدوياً من الخمر؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فهنا مسألتان مشهورتان عند الفقهاء: الأولى: تخلل الخمر بنفسه بدون علاج، يعني: استحالته من خمر إلى خل بدون فعل فاعل، وقد اتفق الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، على جواز استعمال هذا الخل وشربه، انظر بدائع الصنائع (5/113) ، وحاشية الدسوقي (1/52) ، والمجموع (2/526) ، والمغني (1/72) . والمسألة الثانية: تخلل الخمر بفعل فاعل، يعني: استحالته من خمر إلى خل بالعلاج، وهذا هو مقصود السائل، كما أشار إليه بقول: (المصنَّع يدوياً) ، وهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم على قولين: الأول: ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية في الراجح عندهم والشافعية، والحنابلة: وهو عدم جواز تخليل الخمر بالمعالجة، فإذا عولجت وتخللت بذلك، فإنه يجوز استعمالها وشربها عند المالكية، ويحرم ذلك عند الشافعية والحنابلة، والقول بالتحريم هو الأرجح دليلاً، لما رواه مسلم في صحيحه (3/1573) ، عن أنس - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- سئل عن الخمر تتخذ خلاً؟ فقال:"لا"، قال النووي في شرحه على صحيح مسلم (13/152) تعليقاً على هذا الحديث: (هذا دليل الشافعي والجمهور، أنه لا يجوز تخليل الخمر، ولا تطهر بالتخليل، هذا إذا خللها بخبز، أو بصل، أو خميرة، أو غير ذلك مما يلقى فيها، فهي باقية على نجاستها، وينجس ما ألقي فيها، ولا يطهر هذا الخل بعده أبداً، لا بغسل ولا بغيره.." أ. هـ.

ومن أدلة التحريم أيضاً ما رواه أحمد (3/119) ، وأبو داود (3/326) ، عن أنس بن مالك -رضي الله عنهما- أن أبا طلحة -رضي الله عنه- سأل النبي - صلى الله عليه وسلم- عن أيتام ورثوا خمراً؟ فقال: أهرقها، قال: أفلا أجعلها خلاً؟ قال: لا"، وهو حديث صحيح، كما قاله النووي في المجموع شرح المهذب، قال الخطابي في معالم السنن (5/260) تعليقاً على هذا الحديث: (في هذا دليل واضح أن معالجة الخمر حتى تصير خلاً غير جائز، ولو كان إلى ذلك سبيل لكان مال اليتيم أولى الأموال به، لما يجب من حفظه وتثميره والحيطة عليه، وقد كان نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن إضاعة المال، وفي إراقته إضاعته، فعلم بذلك أن معالجته لا تطهره، ولا ترده إلى المالية بحال) أ. هـ. القول الثاني: ما ذهب إليه الحنفية، والمالكية في قول مرجوح في المذهب، وهو جواز تخليل الخمر بالمعالجة، وإذا عولج جاز شربه واستعماله، واستدلوا بأدلة لا تنهض إلى القول بالجواز؛ لأنه إما استدلال بدليل صحيح غير صريح، وإما بدليل صريح غير صحيح، ولهم أدلة أخرى من جهة المعنى، ولكنها لا تقوى على مخالفة الأحاديث الصحيحة الصريحة في ذلك. وأحيل السائل إلى مرجعين مهمين في هذه المسألة، وهما كتاب الاضطرار إلى الأطعمة والأدوية المحرمة للدكتور: عبد الله الطريقي، وكتاب المواد المحرقة والنجسة في الغذاء والدواء بين النظرية والتطبيق للدكتور: نزيه حماد، وقد رجح الثاني القول بالجواز، ورجح الأول القول بالتحريم، وهو ما صححه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى [ (21/481) ] . والله تعالى أعلم.

أكل فضلة الطعام

أكل فضلة الطعام المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 20/11/1424هـ السؤال السلام عليكم. هل هناك حديث عن أكل الطعام المتبقي من الآخرين؟ أنا أب، وآكل الطعام المتبقي من أولادي بدلاً من التخلص منه. الجواب أولاً: ينبغي للإنسان إذا أكل طعاماً ألا يبقي منه شيئاً، لئلا يرمى هذا الطعام مع النفايات أو مع المصارف العمومية التي تختلط فيها الأطعمة مع النجاسات، فالإنسان إذا ترك شيئاً من الطعام يكون قد عرض نفسه لشيء من هذا الأمر، وهذا الأمر محذور، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى في الطريق تمرة مرمية أخذها ورفعها على الحائط وقال:"لو أعلم أنها ليست من الصدقة لأكلتها" البخاري (2055) ومسلم (1071) ، فينبغي للإنسان أن يحترم نعمة الله، وأن يجتهد في أكل ما بدا من الطعام، وألا يترك هناك طعاماً مبعثراً. أما أن هذا الأب يأكل ما تبقى عن أولاده فإنه إن شاء الله على أجر وخير، حيث إنه صان هذا الطعام عن أن يبتذل أو يهان، والله ولي التوفيق.

(مشروب السوبيا)

(مشروب السوبيا) المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 17/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ينتشر في بعض الدول العربية مشروبات تحتوي على نسبة من الخميرة مثل (السوبيا) في رمضان وغيره، وفي السودان يستعملون خميرة الذرة لصنع مشروب شعبي آخر، فهل مثل هذه المشروبات جائز شربها، خاصة أنه إذا تركت هذه المشروبات مدة طويلة فإنها تتخمَّر؟ نرجو منكم توضيح حكم الشرع فيها. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا الأمر يحتاج إلى تفصيل، وبيان ذلك أن يقال لا مانع من شرب المشروبات المشار إليها قبل تخمُّرها؛ لعدم الدليل على تحريمها في هذه الحالة، ولأن الأصل الإباحة فلا يعدل عنه إلا بدليل، أما بعد تخمرُّها فلا يجوز شربها؛ لوجود علة الإسكار فيها؛ لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. والله أعلم.

الأطعمة المحرمة

الأطعمة المحرمة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 23/1/1425هـ السؤال السلام عليكم. أرجو أن تبينوا لي بالتفصيل ما هي الأطعمة المحرم أكلها في الإسلام، وكيف يؤثر ذلك على طبيعتنا أو سلوكنا؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الأصل في الأطعمة النافعة الطاهرة على اختلاف أنواعها وأصنافها هو الحل والإباحة، ولا يحرم منها إلا ما دل على تحريمه دليل من الأدلة الشرعية المعتبرة، قال تعالى: "قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة ... " [الأنعام: 145] ، ولذلك فإن كل طعام لم يرد الدليل بتحريمه فهو مباح أخذاً بهذه الآية الكريمة. والأطعمة على نوعين: حيوانات ونباتات؛ أما الحيوانات فقد تكلم أهل العلم عن المحرمات منها، وجعلوا لذلك ضوابط تبين ما لا يجوز أكله منها، فإذا تحققت هذه الضوابط في أي حيوان فإنه لا يجوز أكله: وهذه الضوابط كما يأتي: (1) كل ذي ناب من السباع، مثل: النمر، والفهد، والأسد، والكلب، ونحوها. (2) كل ماله مخلب من الطير، مثل: العقاب، والبازي، والصقر، والشاهين، والبومة، ونحو ذلك، لما روى ابن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم-:"نهى عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير" رواه مسلم (1934) .

(3) ما نص عليه بذاته، كالحمر الأهلية، حيث نص النبي عليه الصلاة والسلام، على تحريم لحوم الحمر الأهلية في حديث جابر – رضي الله عنه- وفيه: "أن النبي – صلى الله عليه وسلم- نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل" متفق عليه عند البخاري (4219) ، ومسلم (1941) ، وكالخنزير، لقوله تعالى: "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ... " [المائدة: 3] . (4) ما كانت العرب تسميه خبيثاً فهو حرام، لقوله تعالى: "ويحرم عليهم الخبائث" [الأعراف: 157] ، كالحشرات والنسر والرخم؛ لخبث ما يتغذيان به. (5) ما أمر الشارع بقتله، أو نهى عن قتله فإنه لا يجوز أكله، كالفواسق الخمس، ونحوها. وبناءً على هذه الضوابط فإن ما عدا ما ذكر فيها- كالخيل، وبهيمة الأنعام، والدجاج، والنعام، والأرنب، والحمر الوحشية، ونحو ذلك- فهو مباح؛ لعموم النصوص الدالة على الإباحة كما سبق بيانه. أما المطعومات غير الحيوانات كالنباتات والفواكه والحبوب، والأطعمة، والمشروبات المصنوعة منها ونحو ذلك فإنها مباحة، عملاً بالأصل فيها وهو الإباحة، إلا ما كان مسكراً كالحشيش والأفيون، ونحوهما من المخدرات، أو كان ضارًّا كالسم والدخان ونحوهما من المطعومات التي ثبت ضررها وشرها؛ فإن ذلك محرم، لكونه مسكراً أو ضارًّا. ولا شك أن الله -سبحانه وتعالى- لم يحرم علينا هذه الأشياء إلا لمصلحتنا ومنفعتنا، لأن الله لا يأمر بالشيء إلا لحكمة، ولا ينهى عن الشيء إلا لحكمة، وقد يحيط البشر علماً بهذه الحكمة، وقد يغيب عنهم علمها، وعدم علم الإنسان بهذه الحكمة لا يدل على عدمها. ولما كان الطعام يتغذى به جسم الإنسان، وينعكس أثره على أخلاقه وسلوكه، فالأطعمة الطيبة يكون أثرها طيباً على الإنسان، والأطعمة الخبيثة بضد ذلك.

ولذلك أمر الله العباد بالأكل من الطيبات، ونهاهم عن الخبائث، وقد تحدث العلماء عن المقصد الشرعي من النهي عن بعض الحيوانات والمشروبات، والمطعومات في كتبهم عندما تصدوا لبيان حكمها مما لا يتسع المجال لذكره هنا، ومن أراد الاطلاع عليه فليرجع إلى ما كتبه الفقهاء في كتاب الأطعمة من مؤلفاتهم الفقهية، وكذلك البحوث والرسائل المؤلفة في الأطعمة وأحكامها، والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بعض مالهم من الحرام، فهل يأكل عندهم؟

بعض مالهم من الحرام، فهل يأكل عندهم؟ المجيب عبد الله بن سعد الكليب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 22/2/1425هـ السؤال ما حكم زيارة الأهل والأقارب والأكل معهم؟ مع أن مالهم حرام، علماً أني في مدينة أخرى، وإذا زرتهم لا بد من الأكل معهم والمبيت عندهم. الجواب بسم الله، والصلاة والسلام على رسوله وبعد: فزيارة الأهل مشروعة إلا إذا رأيت مصلحة شرعية راجحة في هجرهم، وأما الأكل من طعامهم فإن علمت أن هذا الطعام بعينه محرم ككونه مغصوباً أو مسروقاً، أو نحو ذلك لم يحل لك أكله، وإن لم تعلم ذلك، ولكنك تعرف أن الغالب في مالهم كونه حراماً جاز لك أكله، والأحوط تركه احتياطاً. والله أعلم.

السنة عند شرب زمزم

السنة عند شرب زمزم المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 2/2/1425هـ السؤال ما السنة عند شرب ماء زمزم؟ وهل هناك دعاء معين؟. الجواب ماء زمزم ماء مبارك، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه: "إنها مباركة، إنها طعام طعم وشفاء سقم" أخرجه الطيالسي (459) ، ومسلم (2473) ، والبيهقي (5/147) ، واقتصر مسلم على "طعام طعم". وقد ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه إذا شرب ماء زمزم قال: "اللهم أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً، وشفاء من كل داء" انظر المصنف لعبد الرزاق (9112) ، والمستدرك (1782) . والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال عن زمزم: "إن ماء زمزم لما شرب له" أخرجه أحمد (14849) ، وابن ماجة (3062) وانظر الإرواء (4/320) . والله ولي التوفيق.

وضع بقايا الطعام في القمامة

وضع بقايا الطعام في القمامة المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 19/10/1425هـ السؤال ما حكم وضع باقي الطعام والخضار في الزبالة؟ علمًا أننا نضعها في مكان خال بجوار منزلنا، فتأتي البهائم والجمال، فتأكله حتى تعودت على ذلك، ولكن تأذيت منها، لأنها تأكل الأشجار التي قد زرعتها بجوار بيتنا، فقلت لأهلي بوضعها في الزبالة، وقالوا إنه حرام، أرجو التوضيح لأن الأشجار لم تنبت بسبب الحيوانات. وجزاكم الله خيرًا. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم لا يجوز امتهان الطعام، والواجب شكر نعمة الله تعالى، وذلك باحترامها ووضعها في المكان اللائق بها، وإذا كان وضعها بجوار منزلكم يسبب لكم ضررًا فيمكنكم وضعها في مكان بعيد حتى لا تأكل البهائم أشجاركم. والله أعلم.

شرب حليب الجلالة

شرب حليب الجلالة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 18/5/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما رأيكم بشرب حليب الجلالة؟ علماً بأن تحاشي ذلك سيسبب حرجاً ومشقة على المسلمين في الغرب، فالمعروف أن أكثر المزارع يطعمون الأبقار مخلفات، وبقايا لحوم حيوانات ميتة، مع أن هناك نوع آخر من الحليب ليس فيه بأس لكنه مرتفع الثمن جداً فوق طاقة الكثيرين شراؤه. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجلالة موضع خلاف بين أهل العلم، وهي التي تأكل العذرة - النجاسة- واختلف أهل العلم - رحمهم الله- متى تحرم؟ فقال بعض العلماء: تحرم إذا كان أكثر علفها النجاسة، فإذا فرضنا أنها تطعم ثلاثة الأرباع- 75%- من الميتة، والدم المسفوح فإنه محرم، أما إذا كان أكثر علفها الطاهر بأن تطعم - مثلاً- خمسة وسبعين بالمائة من الطاهر، وخمسة وعشرين بالمائة من الميتة، ونحو ذلك فإنها جائزة، أو كان - مثلاً- النصف والنصف فإنها جائزة، هذا هو الرأي الأول. الرأي الثاني: أن لحم الجلالة ولبن الجلالة وحليبها لا يحرم إلا إذا كان للنجاسة أثر في اللحم أو اللبن، ونحو ذلك وهذا القول هو الصواب، فالصواب في هذه المسألة أنه إذا كان للنجاسة أثر في طعم اللحم أو رائحته، أو اللبن، أو يسبب أمراضاً، ونحو ذلك، فإنه محرم، وأما إذا لم يكن لها أثر فإنه جائز؛ لأن النجاسات تطهر بالاستحالة، وهذه الأشياء قد استحالت إلى دم، ولحم، وحليب، ونحو ذلك، هذا هو الصواب الأقرب من قولي العلماء -رحمهم الله- فيما يتعلق بالجلالة. والله أعلم.

الخل المصنع

الخل المصنع المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 25/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سمعت بأن القول الراجح في مسألة الخل إذا تم تحويله من الخمر بتصرف الإنسان أنه لا يحل. والسؤال الآن حيث إن الخل الوحيد المتوفر أمام المسلمين هو الذي يباع في المحلات التجارية، وهو -بلا شك- مصنع بتعمد باستخدام الكحول وخلافه. والآن ألا يعني هذا الحكم أنه لا يمكن للمسلم أن يحصل على الخل عملياً؟ أي أنه وبناءً على هذا الحكم هل يجب علينا تجنب الخل، وأي منتج غذائي يحتوي على مقدار كبير من الخل، وتلك المنتجات كثيرة جداً مثل صلصلة الطماطم (كتشاب) والمايونيز، ومعظم الأغذية المصنعة والمعلبة؟ أم أن ذلك ينطبق عليه حكم عموم البلوى؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: إن تخليل الخمر لا يخلو من حالين: الأولى: أن يخللها مسلم، فحينئذ لا تحل، ولا يجوز بيعها، ولا شراؤها، لنهي الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً. أخرجه مسلم برقم (1983) من حديث أنس -رضي الله عنه-. الثانية: أن يخللها من يعتقد حلّها، كأهل الكتاب (اليهود والنصارى) ، فحينئذ تحل، ويجوز بيعها، وشراؤها، بلا حرج -إن شاء الله- هذا أولاً. ثانياً: أن نسبة الخل المضافة إلى الأغذية المباحة إذا استهلكت لم يبق لها تأثير في حل أو حرمة، وهكذا كل نسبة قليلة استهلكت في مباح، كشحم خنزير، وأنفحة ميتة، وبعض الكحول، ذات نسبة قليلة استهلكت في مباح، وهذا ثالثاً. رابعاً: أن الخل قد يصنع بدون أن يحصل قبله تخمر، وذلك إذا أضيف إليه ما يمنع ذلك. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

النفخ في الشراب

النفخ في الشراب المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 19/07/1425هـ السؤال هل يجوز النفخ على الطعام والشراب بسبب كونه حاراً؟ الجواب لا أعلم أن هناك نهياً عن النفخ في الطعام، وإنما يكون هذا من قبيل الأمور التي يفعل فيها الشخص ما هو الأصلح له. فإذا كان خاصاً به جاز ذلك له، ولكن النهي عن النفخ في الشراب العام الذي يشربه هو وغيره؛ لأنه إذا فعل ذلك قذَّر هذا الشراب على غيره من الناس، ولذا جاء النهي عن النفخ في الشراب "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينفخ في الشراب" رواه الترمذي (1888) ، وأبو داود (3728) ، وابن ماجة (3430) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.

إطعام الحيوان الطعام المحرم

إطعام الحيوان الطعام المحرم المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 19/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز إطعام القطط من لحم غير حلال؟ علماً أنها لا تدخل البيت، بل تأكل خارجه. الجواب الحمد لله وحده وبعد: فإنه لا حرج في إطعام القطط اللحم (غير الحلال) ، كما أشار إلى ذلك الفقهاء في مسألة إطعام الحيوان -المأكول وغير المأكول- النجاسة، ومن ذلك ما صرَّح به الكاساني في بدائع الصنائع (1/78) حيث قال: وعند أبي حنيفة: لا يؤكل - يعني الدقيق المعجون بماء وقعت فيه نجاسة - وإذا لم يؤكل، ماذا يصنع به؟ قال مشايخنا: يطعم للكلاب؛ لأن ما تنجس باختلاط النجاسة به - والنجاسة معلومة - لا يباح أكله، ويباح الانتفاع به ... ا. هـ. وهذا هو قول عامة الفقهاء. هذا بالنسبة للحيوان غير المأكول كالهرة والكلب ونحوهما، فأما الحيوان المأكول (كالشاة والبعير ... ) فقد اختلف العلماء في جواز إطعامها النجاسة على أقوال: القول الأول: أنه يجوز إطعام الحيوان المأكول النجاسة، وهو قول في مذهب أحمد - رحمه الله- كما في الفروع (6/272) . القول الثاني: أنه يكره إطعامه النجاسة إذا كانت عيناً، فأما إذا كانت مختلطة بماء ونحوه فيجوز، وهو مذهب الشافعية كما في المجموع (9/27) . القول الثالث: أنه يجوز إطعامه النجاسة إذا لم يذبح، ولم يجلب قريباً على معنى الجلالة، وهو رواية عند أحمد - رحمه الله- كما في الفروع (6/272) ، والمغني (9/341) . القول الرابع: أنه لا يجوز مطلقاً، وهو قول في مذهب أحمد - رحمه الله- حكاه صاحب الفروع (6/272) .

والأصح - والله أعلم- القول بالجواز، مع وجوب حبس الجلالة إذا كان أكثر علفها النجاسة) ، حتى يطيب لحمها قبل ذبحها، وقد استدل للقول بجواز إطعام الحيوان النجاسة -سواء كان مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم- بحديث ابن عمر - رضي الله عنهما- الثابت في صحيح البخاري (3199) ومسلم (2981) : أن الناس نزلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أرض ثمود - الحجر - فاستقوا من بئرها، واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين ... هذا لفظ البخاري ووجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر أن تعلف الإبل العجين، وهو محرم الأكل، فيقاس عليه كل محرم وخبيث، وإذا جاز إطعام الحيوان المأكول ما حرم أكله، جاز إطعام غير المأكول من باب أولى، وقد أشار إلى الاستدلال بهذا الحديث ابن مفلح في الفروع (6/272) وغيره. والقول بجواز إطعام الحيوان النجاسة يخرج منه القول بجواز إطعامه اللحم غير الحلال، بجامع كونهما محرمين على الآدميين، وأيضاً فإن تحريم إطعام اللحم غير الحلال خاص بالآدميين، فيبقى إطعام ما سواهم على أصل الجواز. والله تعالى أعلم.

التداوي بأكل الثعابين

التداوي بأكل الثعابين المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 25/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم أكل الثعابين والأفاعي، وذلك لغرض العلاج والتداوي؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأصل حرمة تناول الثعابين والأفاعي؛ لما فيها من السموم المضرّة بالبدن، والتي جاء الشرع بتحريم تناولها، كما في قوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29] . ولما في البخاري (5778) ومسلم (109) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه: "مَن تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّه فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيها أَبَدًا". لكن لو كان تناول هذه السموم على وجه لا يضر- كما يوجد في بعض الأدوية- وكذلك تناول أجزاء من جسم الثعابين أو الأفاعي، ولم يوجد هناك علاج غيره، أو علاج في كفاءته فلا بأس بتناول ما لا ضرر فيه من ذلك للحاجة أو الضرورة الداعية لذلك. والله أعلم.

توزيع ماء الشرب في المقابر

توزيع ماء الشرب في المقابر المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 17/09/1425هـ السؤال حكم توزيع الماء البارد في المقابر على مشيعي الجنازة من أجل الإبراد عليهم وإذهاب العطش عنهم، وهل هو داخل في النهي عن صنع الطعام عند موت الميت؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الماء ليس طعامًا في اللغة، ولا في اصطلاح الشرع، فالطعام اسم لما يطعم، والشراب اسم لما يشرب، والنهي إنما هو لصنع الطعام من أهل الميت للمعزين أو المشيعين، وليس العكس، بل إن وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم بأنه "طَعَامُ طُعْمٍ"- أخرجه مسلم (2473) - يدل على أن غير ماء زمزم ليس بطعام، وعلى هذا فإن منع تقديم الماء وشربه للمشيعين للجنازة قياسًا على صنع أهل الميت الطعام للمعزين قياس مع الفارق، كما أن منعه استنادًا لقاعدة (سد الذريعة) ، لو قيل بذلك، غير صحيح؛ لأن الذريعة لا تُمنع أو تُسد إلا إذا أفضت إلى حرام أو مكروه، وليس الأمر كذلك، فإن (الأصل في الأشياء الإباحة) حتى يرد دليل المنع أو الحظر، ولا يوجد دليل على ذلك، فتقديم الماء للناس في المقبرة عند حاجتهم إليه يعظم الله به الأجر، كما في حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه- في مسند أحمد (11101) : "أَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا شَرْبَةَ ماءٍ عَلَى ظَمَأٍ سَقَاهُ اللهُ يومَ القِيامَةِ مِنَ الرَّحِيقِ المَخْتُومِ..". ومنعه أو تحريمه أخشى أن يكون من القول على الله بغير علم، ومن التشدد المنهي عنه في الدين، قال تعالى: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) [النحل:116] .

الأدوية المشتملة على الجلاتين

الأدوية المشتملة على الجلاتين المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 19/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. أود أن أسأل عن حكم تناول أدوية الكبسولات الجيلاتينية المصنعة هناك، حيث لا أعلم ما مصدر هذا الجيلاتين. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كانت هذه الكبسولات يمكن أن تصنع من الخنزير أو مشتقاته فيلزم السؤال عن مصدرها، فإن كانت من الخنزير لم تحل؛ لأنه محرم التناول، وإن كانت من غيره من الحيوانات المباحة فلا حرج في استعمالها - إن شاء الله- والله أعلم.

الدعاء الجماعي بعد الأكل

الدعاء الجماعي بعد الأكل المجيب د. رفعت فوزي عبد المطلب رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 25/12/1425هـ السؤال السلام عليكم. يا أستاذ: أعيش في سكن طلاب، وهناك نأكل بشكل جماعي، وفي أثناء الطعام يقوم أحد الطلاب بالدعاء، والكل يؤمن معه، فهل هذا من السنة أم لا؟ وما علي فعله؟ أفتنا جزاك الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه. وبعد: فما تقومون به من تكثير الأيدي على الطعام، والاجتماع عليه شيء طيب، تحث عليه السنة النبوية، فقد وردت أحاديث تحض على تكثير الأيدي على الطعام؛ منها ما جاء عن جابر، رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، قال: سمعت رَسُول اللَّهِ صلى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلم يقول: "طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الْأَرْبَعَةَ". رَوَاهُ مُسلِمٌ (2059) . كما أن الاجتماع على الطعام يساعد في تأليف القلوب والتقريب بين النفوس، كما أنه سبيل للاستفادة من الطعام والانتفاع به والشبع منه، فعن وحشي بن حرب، رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ. قَالَ: "فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ". قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: "فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ". رواه أبو داود (3764) وابن ماجه (3286) .

أما الدعاء الجماعي في أثناء الطعام فلم يرد عليه دليل خاص، بل ورد في ذلك أحاديث تتعلق بآداب الطعام كالحث على التسمية في أوله والحمد بعد الانتهاء منه- انظر صحيح البخاري (5458) - وليس فيها الدعاء في أثناء ذلك، ومن ذلك ما جاء في صحيح البخاري من كتاب الأطعمة، باب التسمية على الطعام، فعن عمر بن أبي سلمة، رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، قال: قال لي رَسُول اللَّهِ صلى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلم: "سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ؛ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ". مُتَّفَقٌ عَلَيهِ: البخاري (5376) ومسلم (2022) . وعن معاذ بن أنس، رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، قال: قال رَسُول اللَّهِ صلى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلم: "مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ. غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". رواه أبو داود (4023) والترمذي (3458) وابن ماجه (3285) وَقَالَ الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ. أما ما يجب عليك فعله فأن تبين لصاحبك أن ما يفعله ليس مسنونًا، وبالأخص إن كان يواظب على هذا العمل، ولتكن نصيحتك بالمعروف مع قراءة الدليل، وإلا فالدعاء في كل وقت مشروع، وهو باب عظيم من أبواب العبادة. . وفقكم الله لطلب العلم النافع، وجمعكم على البر والتقوى. . والله أعلم.

أكل الشاة الملدوغة

أكل الشاة الملدوغة المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 03/02/1426هـ السؤال إذا لدغت الحية شاة وقاربت الشاة على الهلاك، فهل يجوز ذبحها وأكلها، أم نتركها؟ لأنه خالطها سم الحية، هل هناك نص في حكم العمل في هذه المسألة؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد: ففي الصحيحين من حديث رافع بن خديج -رضي الله عنه-; أنه قال: يا رسول الله إنا لاقو العدو غدا وليست معنا مدي، قال صلى الله عليه وسلم: "أعجل أو أرني ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل، ليس السن والظفر، وسأحدثك أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة". قال: وأصبنا نهب إبل وغنم فندَّ منها بعير فرماه رجل بسهم فحبسه. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا" أخرجه البخاري (5509) ، ومسلم (1968) . ومعنى أنهر الدم: أساله وصبه بكثرة، وهو مشبه بجري الماء في النهر. ومما دلّ عليه الحديث أن من شروط حل الذبيحة: أن تكون الآلة مما ينهر الدم ويسيله كالسكين ونحوها. وبناءً عليه: فإذا أدركت الشاة ونحوها مما يؤكل قبل أن تموت حتف أنفها فذكيتها حلّ لك الأكل منها. لكن يبقى هنا أمر مهم في سؤالك، وهو أن الشاة قد لدغتها حية، والحية تقتل بسمها، فإذا استطعت أن تجز موضع اللدغ بعد تذكيتها حتى لا ينتقل السم إلى سائر جسدها، ويتأثر به لحمها، فهذا جائز، وإن لم تفعل فإني أخشى أن يكون لحمها قد تأثر بسمها؛ فيضرك الأكل منها، فيكون المنع حينئذ من هذا الوجه، أي: من جهة الضرر لا غير. والله أعلم.

الأحذية المصنوعة من جلود السباع

الأحذية المصنوعة من جلود السباع المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 14/04/1426هـ السؤال هل يجوز استخدام جلود الحيوانات المفترسة -كالنمور وغيرها- في صنع الحقائب والأحذية؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: جاء النهي عن جلود السباع في السنن: أن النبي صلى الله عليه وسلم، "نَهَى عَن جُلُودِ السِّبَاعِ". أخرجه أبو داود (4132) والترمذي (1771) والنسائي (4253) . وفي سنن أبي داود (4130) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لَا تَصْحَبُ المَلائِكةُ رفقةً فِيهَا جِلْدُ نَمِرٍ". كما أن جلود السباع على أصح أقوال أهل العلم أنها لا تطهر بالدباغ، بل هي نجسة. والله أعلم.

ذبائح الدول الوثنية

ذبائح الدول الوثنية المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 13/05/1426هـ السؤال نحن نعيش في دولة تغلب عليها الوثنية، وفيها بعض المسلمين وبعض النصارى، فما الحكم في تناول اللحم الموجود في المطاعم العامة؟ حيث لا يعرف إن كانت مذبوحة أم لا، ولا يُعرف من الذي ذبحها، وهل كان الذبح على الطريقة الشرعية أم لا. أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإنه يشترط في صحة الذكاة أن يكون المذكي مسلماً أو كتابياً، أما المسلم فهو محل إجماع بين المسلمين، وأما الكتابي فلقول الله -عز وجل-: "اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة: 5] وعلى هذا إذا كان المذكي ليس ذا دين، أي ليس مسلماً ولا كتابياً (يهودياً أو نصرانياً) فإن تذكيته لا تحل، ومثل هذه الدولة التي تغلب عليها الوثينة ويظهر -والله أعلم- أن الذبائح التي توجد في أسواقها من تذكية أهلها، تكون لحومها في حكم الميتة والقرينة في ذلك هي أن غالبية أهل البلد وثنيون. وإذا كان كذلك فإن ذبائحهم في حكم الميتة ولا تجوز. وأنصح الأخ السائل أن يكون له اجتماع مع بعض المسلمين لتدارس هذا الأمر، وأن يعنوا بإيجاد مجزرة يقوم عليها مسلمون يقومون بالتذكية أسوة بإخوانهم في بعض بلاد أوروبا وأمريكا.

الأكل في مطعم يبيع الخمر

الأكل في مطعم يبيع الخمر المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 24/07/1426هـ السؤال دُعيتُ إلى مطعم للأكل، والمشكلة أن المطعم يقدم المشروبات الكحولية. فهل يجوز أن يذهب المسلمون إلى تلك المطاعم للأكل؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: الأصل أن المسلم لا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر، كما ورد في الحديث الصحيح النهي عن ذلك، انظر مسند أحمد (14124) ، وجامع الترمذي (2801) . لكن إذا كانت فيه فهذا من محرمات الوسائل التي يقول عنها العلامة ابن القيم إنها تجيزها الحاجة، يقول: إن محرمات الوسائل ليست كمحرمات المقاصد؛ فمحرمات الوسائل تجيزها الحاجة، ومحرمات المقاصد لا تجيزها إلا الضرورة. فهذا من هذا النوع ولهذا عبر بعض العلماء عن محرمات الوسائل بأنها من باب المكروهات. فإذا كان يحتاج إلى أن يجلس في مثل هذا المطعم فلا يجلس على المائدة التي يدار عليها الخمر، وإذا جلس عليها لا يجلس بأبنائه الصغار الذين قد يتأثرون من ذلك المشهد، فإذا هو احتاج وكان لا يجد مكاناً ليأخذ فيه وجبة طعامه إلا في هذه الأمكنة فالأمر يدور على المشقة وعلى الحاجة، مع أن النهي وارد، وقد يحمل على الكراهة ويحمل على التحريم لكنه من باب تحريم الحاجات، ومن باب تحريم الوسائل والضرائر، وما كان كذلك فإنه يرتفع بالحاجة، كما يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-.

الأكل في مطاعم يشرب فيها الخمر

الأكل في مطاعم يُشرب فيها الخمر المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الأطعمة والأشربة والصيد والذكاة التاريخ 20/09/1426هـ السؤال دُعيتُ إلى مطعم للأكل، والمشكلة أن المطعم تُقدَّم فيه المشروبات الكحولية. فهل يجوز للمسلم الذهاب إلى تلك المطاعم للأكل؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا وجدت مطاعم أخرى لا تقدم فيها المشروبات الكحولية أو المأكولات المحرمة، فلا يجوز الذهاب إلى مثل هذه المطاعم؛ لأن في ذلك دعماً لها وإعانة على الإثم والعدوان، أما إذا لم توجد في البلد مطاعم تقدم الحلال، ويمكن الوصول إليها دون مشقة، فلا حرج عليك -إن شاء الله- ويتعين عليك عند الذهاب إليها أن تنصح أصحابها بالامتناع عن تقديم الحرام، ولتكن النصيحة باللين والحكمة، فإن قبل منك فالحمد لله، وإن لم يقبل نصحك فلا شيء عليك حينئذ. وما دام المسلم لم يأكل أو يشرب حراماً، ولم يجلس على مائدة الحرام فلا إثم عليه -إن شاء الله- والمائدة المذكورة في الحديث: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائده يدار عليها الخمر" أخرجه الترمذي (2801) ، وغيره، هي ما يوضع على الطاولة من طعام وشراب، فمن جلس على مائدة حلال -وقريباً منه مائدة أخرى فيها خمر -فلا إثم عليه، مادام منكراً للمنكر بقلبه أو لسانه، وكثيراً ما يحصل مثل هذا في المطاعم المختلطة بين المسلمين والكفار، وخاصة في البلاد التي تعيش فيها الأقليات المسلمة في أنحاء العالم. وفقنا الله وإياكم إلى كل خير وثبتنا عليه.

ـــــ الأيمان والنذور ـــــ

الأيمان والنذور

وعد وليس بنذر

وعدٌ وليس بنذر المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 3/8/1422 السؤال أجرى ابني عملية جراحية، فقلت إن شاء الله إذا أنجاه الله منها أصوم كل اثنين وخميس ماحييت، حاولت الوفاء لكن ذلك صعب عليّ، هل هناك من كفارة أقوم بها لحل هذا النذر؛ لأن الصيام فيه مشقة عليّ، أرجو إفادتي لأني في حيرة من أمري، وجزاكم الله خيراً الجواب قولها هذا ليس بنذر، وإنما هو وعد حسن، فيحسن لها أن تفي به، وأما من حيث الوجوب فلا يظهر الوجوب؛ لأنها علقت ذلك بمشيئة الله - تعالى- فقالت: "إن شاء الله إذا أنجاه الله منها، أصوم كل اثنين وخميس" وهذا اللفظ ليس بنذر، فلا يجب فيه شيء، وأمّا إذا نذر المسلم نذراً وعجز عن الوفاء به، فكفارته كفارة يمين، لما روى عقبة بن عامر قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية، فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله _ r فاستفتيته فقال: "لتمش ولتركب" متفق عليه أخرجه البخاري (1866) ، ومسلم (1644) ، ولأبي داود: "ولتكفّر عن يمينها" (3295) وللترمذي: "ولتصم ثلاثة أيام" (1544) وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً يطيقه فليف الله بما نذر" رواه أبو داود (3322) .

تكفير الأيمان

تكفير الأيمان المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 3/8/1422 السؤال 1- نذرت زوجتي صيام شهر إذا تحقق أمر ما، ولم تحدد هل الصيام متصل أم لا؟ ما حكم ذلك وهل يجب عليها الصيام قبل رمضان أم لا؟ 2-ما حكم من أقسم أيماناً كثيرة ولم يعلم عددها، مع العلم أن غالبها في وقت غضب؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا أقسم المرء على أن يفعل شيئاً ففعله، أو أقسم ألا يفعل شيئاً فلم يفعله، فلا كفارة عليه لأنه أتى بما حلف عليه، وأمَّا إذا حلف ألا يفعل شيئاً ففعله، أو حلف أن يفعل شيئاً فلم يفعله فحينئذ عليه كفارة يمين، وإذا كثرت الأيمان على موضوع واحد، فكفارتها واحدة، وإذا تعددت الأيمان في مواضيع متعددة فلكل يمين كفارته، وعلى المرء إذا تيقن الأيمان ولم يدرِ عددها أن يحتاط، وكفارة كل يمين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة كما ذكر الله -جلَّ وعلا- في كتابه العزيز، فإن لم يستطع واحداً من هذه الثلاثة، فيصوم ثلاثة أيام، ولا يجزيء الصيام مع القدرة على الإطعام، أو الكسوة، أو العتق، أما الثلاثة: الإطعام، والكسوة، والعتق، فهو مخيّر بينها، وكفارة كل يمين إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين كيلو غرام ونصف من قوت البلد، أي نصف صاع نبوي، فإذا أخرج كيلو غرام ونصف فهو أحوط، وإن جمع عشرة مساكين وأطعمهم طعاماً يشبعهم فلا بأس، وإن أخرج أكثر مما يجب فحسن؛ لأن الزيادة في الصدقة سواء كانت واجبة، أو تطوعاً مستحبة.

عليها صوم نذر، فهل تصوم وهي حامل؟

عليها صوم نذر، فهل تصوم وهي حامل؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كتاب الصيام/ أحكام القضاء والكفارة/هل يلزم التتابع في القضاء؟ التاريخ 5/7/1422 السؤال زوجتي نذرت أن تصوم شهراً كاملاً إذا تحقق أمر ما، ولما تحقق صامت أسبوعاً، ولكني منعتها من الصيام؛ لأنها حامل، فماذا يجب عليها؟ الجواب أولاً: ينظر إن كانت نذرت شهراً وأطلقت، أي: لم تنوِ التتابع، فيجزؤها أن تصوم ثلاثين يوماً ولو متفرقة، وإن كانت نوت صوم شهر متتابعاً فلا بد أن تستأنف من جديد، وتصوم شهر كاملاً متتابعاً، وهي مخيّرة بين أن تصوم ثلاثين يوماً متتابعة، وبين أن تصوم بحسب الهلال، ولا يجزؤها أن تصوم شهر رمضان عن نذرها، والله أعلم.

مقدار الإطعام في كفارة اليمين

مقدار الإطعام في كفارة اليمين المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 13/7/1422 السؤال ما مقدار الإطعام في كفارة اليمين؟ الجواب مقدار الإطعام في كفارة اليمين إشباع الفقير إذا قدم له الطعام الجاهز المهيأ للأكل، لما ورد أن أنس بن مالك-رضي الله عنه- كان في السنتين الأخيرتين من حياته لا يستطيع صيام رمضان لكبر سنه، فكان إذا دخل رمضان جمع ثلاثين مسكيناً، وأطعمهم طعاماً يشبعهم، وأفطر -رضي الله عنه- سائر الشهر. أخرجه أبو يعلى (7/4194) والطبراني في الكبير (1/675) ، وذكره الهيثمي في المجمع (3/164) وقال: رجاله رجال الصحيح. أما إذا كان الإطعام بغير هذه الصفة، فيحسن أن يكون بمقدار كيلو ونصف من قوت البلد، غير الخبز ونحوه من الأشياء التي يسرع إليها الفساد. والله أعلم.

حلف أيمانا كثيرة على أمر واحد

حلف أيماناً كثيرة على أمر واحد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 10/8/1422 السؤال حلفت يميناً على أمر وكررت اليمين عدة مرات وذلك من أجل أن أجعل الأمر صعباً على نفسي ولكي لا أفعله مرة أخرى، ورغم ذلك فعلته مرة ناسياً ومرة بإرادتي ومدركاً على ما يترتب على ذلك من قطع لليمين، وكررت الفعل ذاته عدة مرات، فما رأي سماحتكم في ذلك وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؟ الجواب عليك كفارة يمين واحدة، ما دام اليمين في موضوع واحد؛ لأن المرء إذا حلف ألاّ يفعل شيئاً ثم فعله أو حلف أن يفعل شيئاً فلم يفعله، فعليه كفارة يمين؛ وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يستطع واحداً من الثلاثة صام ثلاثة أيام.

نذر مازحا فهل يلزمه شيء؟

نذر مازحاً فهل يلزمه شيء؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 1/05/1425هـ السؤال قلت لزميل لي على سبيل المزح: إن شغلت برنامج في الكمبيوتر فعلي نذر أن أذبح خروفاً، مع العلم أني كنت أمزح، فهل يلزمني شيء؟ الجواب النذر هو إلزام الإنسان نفسه شيئاً لا يلزمه بأصل الشرع، وإذا كان هذا النذر نذر طاعة وجب الوفاء به، وإذا كان النذر نذر معصية فإنه لا يجوز الوفاء به، ويكفِّر عنه كفارة يمين، وإذا كان النذر مباحاً فإنه يخير بين الوفاء به، وأن يكفِّر كفارة يمين، وأما ما ذكر السائل من أنه لم يقصد النذر، وإنما كان يمزح وهو يعرف معنى النذر، فالذي يظهر لي أنه لا يترتب على كلامه هذا شيء؛ لأن النذر هو إلزام الإنسان نفسه شيئاً لا يلزمه بأصل الشرع، وهذا كان يمزح فمعنى هذا أنه لم يلزم نفسه عندما قال تلك الكلمة، ولم يقصد ما تدل عليه، فلا يترتب عليه شيء فيما يظهر لي من سؤال السائل. والله ولي التوفيق.

نذر فلم يستطع الوفاء

نذر فلم يستطع الوفاء المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 21/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ.. لقد نذرت أني إذا حصلت على وظيفة أهدي لأمي حزاماً من الذهب بمبلغ عشرة آلاف ريال، وعندما حصلت على الوظيفة تزوجت وكونت أسرة ولم أستطع الوفاء بالنذر، وذكرت أمي بذلك، فسامحتني وقالت لا أريد منك أي شيء، فهل أنا ملزم بوفاء هذا النذر؟ وما هو العمل؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب أولاً: يجب أن يعلم هذا السائل وغيره أن النذر لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل، فالإنسان إذا أراد أن يبر بأمه بأي نوع من أنواع البر فإنه يجتهد في ذلك، والبر بالأم أو بالأب هذا أمر واجب، والله تعالى يقول: "وبالوالدين إحساناً" [البقرة: 83] وأما كونه نذر أن يشتري لها أو يهدي لها هذا الحزام من الذهب، وكان هذا النذر معلقاً على أمر وقد تحقق فالأصل أنه يجب الوفاء بهذا النذر، ولكن لأن هذا النذر حق لمخلوق، وهذا المخلوق سامحه في حقه فبقي حق الله - تعالى- يكفر عنه كفارة يمين، ولا شيء عليه حينئذ، والله أعلم.

إخراج قيمة الإطعام في الكفارة نقدا

إخراج قيمة الإطعام في الكفارة نقداً المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 25/4/1424هـ السؤال كفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين، ولكن هل يمكن إخراج القيمة نقداً؟ وهل يمكن دفعها إجمالياً لمسكين واحد أم تدفع إلى عشرة مساكين؟ وإذا كان يمكن دفعها فكيف أحسبها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز لك إخراج كفارة اليمين نقداً للفقراء، وإنما يمكن أن تسلم النقد لمن تثق به، أو لإحدى الجمعيات الخيرية لينوبوا عنك في شراء الطعام وتسليمه للفقراء، ويكون لعشرة مساكين لكل واحد كيلو ونصف من قوت البلد، ولا بأس في الزيادة، لأن الزيادة في الصدقات مأجور عليها المرء.

القسم بآيات الله

القسم بآيات الله المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 2/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كنا ذات يوم في مجلس مع مجموعة من الشباب، وكان أحدنا يقسم بآيات الله أنه حصل كذا وكذا، فقال له آخر لا يجوز ولا ينبغي لك أن تقسم بآيات الله، فآيات الله هي مخلوقاته، ولا يجوز لك أن تقسم بمخلوق، واستشهد بآيات من القرآن تدل على أن الآيات هي السماوات والأرض والشمس والقمر ... إلخ، ولا تحضرني الآيات التي ذكرها لنا. سؤالي هنا: هل في هذا القسم محظور شرعي؟ مع التوضيح، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: آيات الله منها ما هو آيات كونية من مخلوقاته - سبحانه وتعالى - كآيات الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم وغيرها، وهذه الآيات لا يجوز للمخلوق أن يقسم بها؛ لأنها مخلوقة وقد نهينا عن الحلف بغير الله من هذه المخلوقات. ومن آيات الله الآيات القرآنية التي هي كلامه - سبحانه وتعالى - وهذه يجوز القسم بها؛ لأنها كلام الله، وكلامه صفة من صفاته يجوز الحلف بها. والله الموفق.

الحلف بـ (لعمري)

الحلف بـ (لعمري) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 14/1/1424هـ السؤال ما هو حكم القسم بلفظة لعمري أو لعمرك، حيث أننا نسمع كثيراً من العلماء من يردد هذا اللفظ، ومن هذا قول الإمام الشافعي: هذا لعمرك في القياس بديع. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، قول القائل لعمري أو لعمرك، يقول أهل اللغة أن هذا صريح في القسم لأن النحاة يقدرون لعمري: قسمي، أو يميني، وقد جاء في القرآن قوله تعالى: "لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون" وجاء في تفسيرها عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن الله حلف بحياة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وقد اختلف أهل العلم في حكم هذا اللفظ، منهم من قال إنه لا يجوز التعبير به لأنه من نوع الحلف بغير الله، والحلف بغير الله شرك، وأكثر العلماء على أنه جائز، وذلك أنه ليس عندهم صريحاً في القسم كما قال النحاة، بل هو لفظ يؤتى به للتأكيد، وما دام الأمر ما ذكر فالأولى تجنبه، لكن لا ريب أن من قال ذلك مريداً للقسم فإنه قد حلف بغير الله، وإن جرى على لسانه على أنه أسلوب عربي في تأكيد الكلام فليس من قبيل الحلف بغير الله فلا يكون شركاً، وعلى كل حال قد قال: - صلى الله عليه وسلم- "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" والله أعلم.

كلما فعل ذنبا قال إنه كافر إن عاوده

كلما فعل ذنباً قال إنه كافر إن عاوده المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 8/6/1424هـ السؤال ما حكم شاب كلما ارتكب ذنباً قال: أنا كافر إن فعلت ذلك الذنب، ثم يعود إلى ذلك الذنب؟ مع العلم أنه تاب منذ زمن بعيد. الجواب الحمد لله، لا ينبغي للمسلم أن يحلف بقوله هو كافر إن فعل كذا، أو إن لم يفعل كذا، فهذا من نوع الحلف بغير ملة الإسلام، وهذا الذي تكلم بهذه اليمين يريد أن يمنع نفسه عن أمر من الأمور؛ كأن يريد إن منع نفسه من معصية ثم خالف فإن الواجب عليه الكفارة أي كفارة يمين، أي: إطعام عشرة مساكين ... ، وعليه أن يتوب من هذا الحلف المحرم، وما دام أنه تاب من المعصية التي كان يريد أن يمنع نفسه منها فقد أحسن، وقد وفقه الله لما فيه الخير له في العاجل والآجل، ولا يجب عليه الآن بعد التوبة إلا كفارة اليمين، لأن الذي يظهر أنه لم يكفر في السابق، فليكفر الآن، والحمد لله رب العالمين.

اليمين حال الغضب

اليمين حال الغضب المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 5/11/1422 السؤال ما حكم الحلف بالله ثم لا تعمل به وأنا في حالة الغضب؟ (بالتفصيل) . الجواب من حلف بالله على أمر ثم لم يعمل بمقتضى اليمين فقد حنث، وعليه الكفارة هو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإذا لم يستطع التكفير بواحدة من هذه الثلاث كفّر بصوم ثلاثة أيام ولا يجزئه التكفير بالصيام، وهو قادر على الأنواع الثلاثة الأول. ولا تأثير للغضب في إسقاط الكفارة إلاّ إذا كان الغضب يوصله إلى حال لا يعقل معها تصرفاته وألفاظه.

اللعان والمباهلة

اللعان والمباهلة المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 5/11/1422 السؤال السلام عليكم، لدي سؤال: سمعت عن حلف يمين يسمى التلاعن أو نحو ذلك يحلف فيه طرفان أنهما لا يكذبان على بعضهما ومن يكذب تأتيه عقوبة؟ هل صحيح حدوثه في زمن الرسول؟ وما صيغته؟ أريد معلومات عنه. وجزيتم عني خيراً. الجواب لعل الأخ السائل اشتبهت عليه مسألتان: الأولى: اللعان، وهو الذي يكون بين الزوجين عندما يقذف الزوج زوجته بالزنا، فيتلاعنان، وصفة اللعان: أن يحلف كل واحد منهما أربعة أيمان أنه لم يقع منه ما رماه به الطرف الآخر ويقول الزوج في الخامسة: إن لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين، وبينما تقول الزوجة: إن غضب الله علي إن كنت من الكاذبين، ثم يفرق بينهما القاضي، ولا يجتمعان إلى الأبد. الثانية: المباهلة، وهي لغة واصطلاحاً تدور على المعاني الآتية: باهل مباهلة، أي لعن كل منهما الآخر، ويقال ابتهل إلى الله: أي تضرع إليه واسترسل في الدعاء، ويقال: باهل بعضهم بعضاً: أي اجتمعوا فتداعوا فاستنزلوا لعنة الله على الظالم منهم، ومنه قوله تعالى: " ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين" [آل عمران: 61] . وبهذا يعلم السائل أن طلب المباهلة كان موجوداً على عهد النبي-صلى الله عليه وسلم- كما في الآية السابقة التي جاءت في سياق محاجة نصارى نجران، ويمكنك أخي أن تراجع كلام المفسرين حول هذه الآية الكريمة.

نذر أن يترك التدخين ولم يوف بنذره فما الحكم؟

نذر أن يترك التدخين ولم يوفِ بنذره فما الحكم؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 5/9/1422 السؤال حاولت أن أترك عادة التدخين السيئة، وفي إحدى محاولاتي جعلت هناك نذراً ليمنعني من العودة إلى هذه العادة، وكان نصّ نذري، هو: (عليّ نذر أن أذبح عشر ذبائح إذا رجعت للتدخين) ، وبعد مدة قصيرة أغواني الشيطان فعدت إلى هذه العادة، فما الحكم في ذلك؟ وماذا يتوجّب علي فعله؟ الجواب أولاً أود أن أنبه إلى أن التدخين عادة سيئة، ومحرمة؛ لأن الدخان مادة سامة وقاتلة، وسبب رئيسي لعدد من الأمراض الخبيثة كمرض السرطان، وقد قال الله - تعالى -: ((ويحلّ لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث)) [الأعراف: 157] والدخان من الخبائث، فلا يجوز تعاطيه ولا بيعه، ولا التعاون على نشره بين الناس. ولهذا على الإنسان أن يبتعد عن المواطن التي تدعو للدخان، وعليه بالصحبة الطيبة التي تعينه على البعد عن التدخين، لا الصحبة السيئة التي تزين له هذا الفعل، وتدعوه للعودة إليه. أما ما جاء في نذره، فإن هذا من القرب التي يتقرّب بها لله - تعالى -، وقد قال - عز وجل-: ((يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً)) [الإنسان: 7] . والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه)) رواه البخاري (6696) وهذه الذبائح التي نذرها هذا السائل هي من أجل أن تعينه على طاعة الله، فعليه أن يفي بنذره، وأن يحتاط لمستقبل حياته.

تغيير النذر

تغيير النذر المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 5/5/1423 السؤال لقد أنعم الله على زوجتي وتحققت الأمنية، وفى هذه اللحظة وعدت الله -سبحانه وتعالى- أن تصوم كل خميس إلى أن تلقى الله وهي على عهدها، هل إذا بدلت الخميس إلى الاثنين، هل في هذا شيء مما يتناقض مع العهد؟ ثم إذا أصبح الحفاظ على العهد يعرضها لتعب أو يشق عليها، هل هناك بديل آخر مما يمكن فعله بدون أن يعرضنا إلى غضب الله؟ أفيدونا. الجواب النذر كما في حديث ابن عمر في الصحيحين البخاري (6608) ومسلم (1639) لا يقدم شيئاً ولا يؤخره، وإنما يستخرج به من البخيل، وعلى ذلك فلا ينبغي للمسلم أن ينذر، فإن نذر طاعة وجب الوفاء بها؛ لحديث عائشة في البخاري (6696) وغيره: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه"، وقد مدح الله المؤمنين بالوفاء بالنذور في كتابه العزيز، وعلى ذلك فيلزمها صيام يوم الخميس، ولا يجوز لها تبديله إلى الاثنين، فإن أفطرته بعذر فعليها الكفارة؛ لعدم الوفاء بالنذر، وعليها القضاء لفوات ما نذرت صومه، وإن أصبح ذلك النذر يوقعها في المشقة والحرج والعنت، كفرت عن ترك النذر كفارة يمين وحلت منه أبداً.

كيف يكون الوفاء بالنذر

كيف يكون الوفاء بالنذر المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 5/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد نذرت نذراً إذا انتهت كربة ومصيبة كنت أعاني منها وأني سوف أقوم بعدة أمور لوجه الله -عز وجل-، ولكن السؤال هو: أنني نسيت بعض الأمور التي كنت نذرتها، والأمور الأخرى التي تذكرتها قد قمت بتأديتها -والحمد لله- فماذا أفعل؟ وهل يجوز نذر أكثر من شيء في مصيبة واحدة أو كربة؟ وما الدعاء المأثور عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند وقوع الكربة أو المصيبة، وخصوصاً أننا في بلد غير مسلم للدراسة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا تحقق لك ما نذرت من أجله فأوفِ بنذرك وما نسيته فلا حرج عليك، واعلم أن النذر لا يأتي بخير، وإنما كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"يستخرج به من البخيل" البخاري (6608) ومسلم (1639) والأفضل للمسلم أن يتصدق أو يؤدي ما نوى أن يفعله من نذر ثم يسأل الله -جل وعلا- ما أراد من خيري الدنيا والآخرة، والدعاء المأثور عند الكرب ما رواه البخاري (6345) ومسلم (2730) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند الكرب:"لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم".

قسم الاخلاص للوطن

قَسَم الاخلاص للوطن المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 10/05/1425هـ السؤال في مدارسنا في بلدنا قبل النشيد الوطني قسمٌ يحمل عبارات أحتاج إلى معرفة حكمها، القسم: أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن، وأن أعمل على رفعته ... إلخ. فهل هذا القسم مشروع؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلم يذكر - أخي السائل- سوى هذه الجملة، وهي: (الحلف بالله على الإخلاص للوطن والعمل على رفعته) ، وهذا القسم ليس فيه محظور، فالإخلاص للوطن معناه عدم خيانته، وهذا مطلوب شرعاً، وكذلك العمل على رفعته أمر حسن، وقد يقصد بعض الناس من هذا القسم ما ليس بجيد، كأن يقصد بالإخلاص ألا يغير الباطل الذي في الوطن، أو ألا يسعى المسلم لإصلاح ما فيه مما يخالف الشرع- تلاعباً بالألفاظ واستعمالاً لها في غيرما وضعت له-، لكن المسلم عندما يتلفظ بهذا القسم فهو يقصد المعنى الحسن، ولا شيء عليه إن استعمله غيره في معنى وضيع. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

هل هذا يمين أم نذر؟

هل هذا يمين أم نذر؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 21/2/1425هـ السؤال شخص كان يطالع صور النساء ويمارس العادة السرية، ثم حلف على نفسه أن لا يرى مثل هذه الصور، وإذا نظر إليها مرة أخرى فسيصوم شهراً كاملاً، وفي زيارة له لأحد محلات برامج الكمبيوتر وجد أسطوانة عليها صور نساء عاريات، وقد شاهد هذه الأسطوانة بدهشة لا بشهوة، مستغرباً وجود بيع مثل هذه الأسطوانات مع ألعاب الأطفال مباشرة، بعد ذلك ألقى الأسطوانة باشمئزاز، ثم تذكر حلفه الذي حلفه على نفسه بصيام شهر، فهل يجوز له أن يحلف مثل هذا الحلف؟ أم أن ذلك بدعة؟ وهو يقول الآن إنه لم ينظر في الأسطوانة بشهوة، وأنه في ذلك الوقت نسي التزامه فلا يجب عليه الصوم؟ هل هذا من تلاعب الشيطان به؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فما فعله يعد نذراً وإن خرج مخرج اليمين، وهو شبيه بنذر اللجاج والغضب، وهو أن يقصد به منع نفسه من شيء، فيلزم نفسه بأمر من الأمور الثقيلة عليه إن فعل ذلك الشيء؛ كأن يحلف أن يصوم كذا وكذا، أو يتصدق بكذا إن نظر إلى محرم أو تخلف عن صلاة....إلخ، وإنما مقصوده الامتناع، وليس غرضه أن يتقرب إلى الله بصدقة أو صيام. والمعتبر فيه نيته عند الحلف، والذي يظهر أن نيته أنه لا ينظر إلى شيءٍ من تلك الصور نظر شهوةٍ، فيرجع الأمر إلى نيته، ولا يحنث إذا نظر إليها نظراً عابراً بدون قصد التشهي والتلذذ. وعلى هذا لا يلزمه ما حلف عليه من صيام شهرٍ إذا نظر للصور لغير شهوة، أو بغير قصد. ومثل هذا الحلف ليس ببدعة، لكن لا ينبغي أن يلجأ إليه لمنع نفسه من الحرام، والأولى أن يصرف همه وهمته إلى تعظيم أمر الله وخشيته ومراقبته في نفسه، وأن يتسبب بكل سبب يقوي إيمانه ويحصنه من وساوس الشيطان.

أما أن يسلك هذا النذر لأجل أن يمنع نفسه من الحرام ويزجرها عنه فلم يعهد عن أهل التقوى والورع والخوف من الله، إنما هي حيلة الضعفاء الذين لم يخافوا الله حق خوفه، ولم يتقوه حق تقاته. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كفارة اليمين

كفارة اليمين المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 15/8/1423هـ السؤال حلفت على عدم فعل شيء ثم فعلته، فهل عليَّ إثم أو كفارة؟ والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب نعم، عليك كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجزت عن الإطعام أو الكسوة أو العتق فصم ثلاثة أيام، وفق الله الجميع.

نذرت صيام الست ثم عجزت

نذرت صيام الست ثم عجزت المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 15/11/1424هـ السؤال امرأة نذرت صيام الست من شوال، ولكبر سنها عجزت عن الصيام فماذا عليها؟ الجواب عليها أن تكفّر كفارة اليمين، وبهذا تبرأ ذمتها -إن شاء الله-، إذا كانت عاجزة حقيقة عن الصيام. وبالمناسبة، فإن النذر مكروه ولو كان نذر طاعة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن النذر، وقال: "إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل" البخاري (6608) ومسلم (1639) من حديث ابن عمر - رضي الله عنه -، وكون الإنسان يؤدي العمل منقاداً راغباً، أولى من أن يكون مجبراً مكرهاً بسبب إيجابه على نفسه، وصيام ست من شوال لا تجب وإنمّا هي المستحبات، فلو أن الإنسان نذرها صارت عليه واجبة، وتكون عليه فيها مشقّة حينئذ، كما حصل لهذه السائلة.

هل هذه العبارة طلاق أم ظهار أم يمين؟

هل هذه العبارة طلاق أم ظهار أم يمين؟ المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 2/1/1423 السؤال ما حكم هذا الكلام بين الرجل وزوجته في ساعة غضب: " لو ما بقي غيرك في الدنيا ما بقربك وتحرمي عليّ حياتي كلها ". وهل يحق للزوجة في هذه الحالة ما يحق لأي زوجة عادية من حيث الميزات ونحو ذلك؟ الجواب الحمد لله وبعد: الذي يظهر من سؤال السائل أن ما تلفظ به خرج مخرج اليمين فعليه كفارة اليمين، وهي كما قال الله - تعالى -: " فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم ... الآية " [المائدة:89] .

كفارة اليمين الغموس

كفارة اليمين الغموس المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 2/9/1424هـ السؤال في إحدى المرات سألتني قريبة لي عن سبب عدم حضوري حفلة ما، فقلت بأنني كنت متعبة، وقد حلفت بالله كذباً بأنني كنت متعبة على الرغم بأن هذا غير صحيح، والآن أنا نادمة، فما كفارتي؟. الجواب أولاً: نسأل الله -سبحانه وتعالى- للجميع الثبات على طاعة الله. والإنسان إذا أراد أن يحلف فإنما يحلف على أمر يعلمه، أمّا إذا كان يحلف على أمر يكذب فيه فإن هذه هي اليمين الغموس، وهذه اليمين لا كفارة فيها، وهذه السائلة حلفت على شيء مضى وهي كاذبة، فيمينها غموس، وسميت اليمين بالغموس، لأنها تغمس صاحبها في النار وهي من كبائر الذنوب، فعلى هذه السائلة أن تتوب إلى الله -تعالى- ومثل هذه اليمين أعظم من أن تكفّر، وأما اليمين المكفرة فإنها الحلف على المستقبل بألاّ يفعل كذا ثم يفعله، أو بأن يفعل كذا ثم لا يفعله، أمّا الحلف على شيء مضى كاذباً فهذه لا كفارة لها، وهي أعظم من أن تكفّر، فعليها التوبة إلى الله، وتندم على فعلها ولا تعدْ إلى مثل هذا.

ما يلزم في نذر اللجاج والغضب

ما يلزم في نذر اللجاج والغضب المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 14/11/1424هـ السؤال لقد وقعت في معصية قبل سنوات وكنت كارها لها، ولم أستطع الابتعاد عنها، فنذرت أن أتصدق ب50 ريالاً كلما فعلتها، ولكني وللأسف لم أتغلب على معصيتي، فقد استمريت حتى تراكم علي مبلغ من المال وأنا لا أملكه شخصياً في ذلك الوقت، ثم قمت بإطعام ستة مساكين ظناً مني أن ذلك سيزيل النذر الذي علي، ومازلت حتى الآن وأنا أحاول ترك المعصية ولم أتركها، ما الذي علي فعله تجاه النذر؟ الجواب هذا النذر يسمى نذر اللجاج والغضب، وهو أن يعلق الإنسان نذره بشرط يقصد منه الحمل على فعل شيء أو تركه أو التصديق أو التكذيب، فالواجب عليك أن تتقي الله وتوفي بما عاهدت عليه ربك من ترك المعصية، فإن الذنوب ما تزال بالعبد حتى تلقيه في جهنم، ويجب عليك أن تكفر عما مضى كفارة يمين؛ لحديث عمران بن حصين:"لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين" رواه النسائي (3840) وأبو داود (3292) .

كفارة اليمين من مال الزوج

كفارة اليمين من مال الزوج المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 26/5/1423 السؤال امرأة تريد أن تكفر كفارة يمين، هل تأخذ من مال زوجها إذا كانت لا تملك مالاً؟ وإذا كانت لم تستطع إلا الصوم، فهل يجب أن تكون ثلاثة أيام متتالية؟ الجواب إذا أعطاها زوجها من ماله ما تكفر به صح، وإلا فتكفر بالصيام، ويرى كثير من العلماء وجوب التتابع في صيام الثلاثة الأيام، ويرى بعضهم عدم الوجوب، فالأولى التتابع خروجاً من الخلاف.

الإكثار من الحلف

الإكثار من الحلف المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 25/1/1423 السؤال أصبحت كثيرة الحلف على أبنائي بأني سوف أضربهم وغير ذلك من التهديد والوعيد، وبصراحة حلفي أصبح كثيراً جداً وأنا خائفة من ذلك، ماذا عليّ فعله مع العلم أني لا أحصي كثرة هذا الحلف؟ الجواب إذا كان هذا الحلف يأتي على لسانك من غير قصد فهو من لغو اليمين، وليس فيها كفارة، أما إن كنت تقصدين اليمين فعلاً وهو على مستقبل ولم يحصل ففيه كفارة يمين، لكن يظهر من السؤال أنه من لغو اليمين وهو كثير عند الأمهات. وعلى كل حال يجب أن تبتعدي عن عادة الحلف والإكثار منه كما قال - تعالى -: " ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ... " [البقرة:224] . والله الموفق.

يمين الغضبان

يمين الغضبان المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 19/04/1425هـ السؤال ما حكم الحلف إذا كان الشخص غضبانَ ولا يعي ما يقول؟ وهل يُكفِّر؟ الجواب إذا حلف الشخص في حال الغضب الشديد الذي لا يعي فيه ما يقول، ولا يدري ما حلف فلا كفارة عليه؛ لأنه في حكم المكره، فيدخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ابن ماجة (2043) وصححه الألباني، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا طلاق في إغلاق" ابن ماجة (2046) وأحمد (25828) وحسنه الألباني.

نذر إحياء العرس بفرقة شعبية

نذر إحياء العرس بفرقة شعبية المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 9/2/1423 السؤال لقد نذر والدي -رحمه الله- أنه عندما سيتزوج أبناؤه سوف يحضر لهم فرقة شعبية لإحياء العرس، فهل لنا أن نوفي له بهذا النذر؟ الجواب إن وجد من الفرق الشعبية من يحيي العرس بما أحل الله، كما يفعل بعض أهل الخير، ممن يوفر للناس اللهو المباح بدلاً عن اللهو المحرم فهذا نذر مباح، تخير بين الوفاء به بإحضارها، وبين عدم الوفاء به، لما روى البخاري (6074) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "بينما النبي -صلى الله عليه وسلم-يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه. فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال: مره، فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه" فلم يلزمه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بالاستمرار في الطاعة، وهو الصوم، دون غيره، فدل على أن نذر المباح لا يلزم الوفاء به. فإن لم تجد إلا الفرق الشعبية التي تحيي العرس بمعصية الله، كالغناء، وآلات اللهو، كالموسيقى، والطبول فلا يجوز أن تفي بنذر والدك؛ لأنه نذر معصية، وهو لا يجوز الوفاء به؛ لما رواه البخاري (6696) من حديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه"، وما رواه مسلم (1641) عن عمران -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" ... لا وفاء لنذر في معصية ... "، ولذا من أهل العلم من يرى أن هذا النذر المحرم غير منعقد أصلاً.

وإن كفّرت عن عدم الوفاء بهذا النذر، سواء في الصورة المباحة، أو المحرمة فحسن، وكفارته كفارة الحنث في اليمين؛ لأن طائفة من أهل العلم ذهبوا إلى إيجاب كفارة الحنث في اليمين، على ترك الوفاء بالنذر، ولو كان نذر معصية، مستدلين بذلك بما رواه أبو داود (3322) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" ... ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين ... " قال ابن حجر: وإسناده صحيح، إلا أن الحفاظ رجحوا وقفه على ابن عباس، ولما رواه الخمسة (أبو داود (3293) والترمذي (1544) والنسائي (3815) وابن ماجة (2134) وأحمد (17306)) وحسنه الترمذي من حديث عقبة بن عامر قال: "نذرتْ أختي أن تمشي حافية غير مختمرة، فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن الله -عز وجل- لا يصنع بشقاء أختك شيئاً، مرها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام". وقد روي القول بالكفارة عن طائفة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم: ابن مسعود، وابن عباس، وعمران بن حصين، وسمرة بن جندب -رضي الله عنهم-.

القسم على الله

القسم على الله المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 22/9/1423هـ السؤال ما ضابط الحلف على الله؟ "قوم لو حلفوا على الله لأبرهم". الجواب الوارد في هذا حديث حارثة الخزاعي: "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جوَّاظٍ مستكبر" (رواه البخاري 4918) . وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "ربّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" (رواه مسلم 2854) . وحديث أنس في قصة الربيع بنت النضر التي كَسَرت ثنية جارية، فطالب أهلها بالقصاص، فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله، لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال يا أنس كتاب الله القصاص، فرضي القوم وعفوا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" (رواه البخاري 2703) . والمقصود: أن من عباد الله من لو حلف يميناً على وقوع شيء طمعاً منه في كرم الله بإبراره لأبره، أي أوقعه الله إكراماً له، وصيانة له من الحنث لعظم منزلته عند الله. وليس مراد أنس بن النضر في القصة السابقة رد حكم النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل المراد الرغبة إلى مستحق القصاص أن يعفو، وإلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الشفاعة إليهم في العفو، وإنما حلف ثقة بهم ألا يحنثوه، أو ثقة بفضل الله ولطفه ألاّ يحنثه بل يلزمهم العفو، فعلم بهذا أن هذا القسم لا يتأتى من كل أحد، بل من المؤمنين الصالحين في حدود ضيقة، ولذلك لم يشتهر مثل هذا القسم عند السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم من نزل القرآن وجاءت السنة بالثناء عليهم والرضا عنهم، وأنّى لنا بمثل هؤلاء؟

كفارة النذر

كفارة النذر المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 19/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا نذرت إذا عملت ذنبا وهو (النظر إلى النساء) أن أصوم ثلاثة أيام كل مرة أنظر فيها إلى النساء, ولكن بعدها نظرت إلى النساء أكثر من مرة, الذي عملته:- أنني في البداية صمت ثلاثة أيام متقطعة عن كل يوم نظرت فيه إلى النساء، (لعدم علمي بالصوم لثلاثة أيام متواصلة للنذر) , ولكن بعد ذلك بدأت أصوم ثلاثة أيام متواصلة عن كل يوم نظرت فيه إلى النساء. سؤالي: (1) لقد كثر علي الصيام, فهل أستطيع أن أوقف النذر؟ (2) لقد صمت في بداية أمري ثلاثة أيام متقطعة عن كل نذر, فهل يقبل صومي؟ الجواب الأولى لك في هذا الأمر أن تبقى على ما عاهدت عليه الله من عدم النظر، لما صح في البخاري (6696) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنه قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه"، وعليه فإن خالفت فوقعت فيما نذرت تركه من المعصية فعليك كفارة يمين فحسب، وذلك لأن نذرك هذا يسمى نذر اللجاج والغضب، وهو: أن يعلق المسلم نذره بشرط يقصد منه الحمل على فعل شيء أو التصديق أو التكذيب، لحديث عمران - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين" رواه النسائي (3842) ، والبيهقي (10/70) وغيرهما، والله أعلم.

وقت الاستثناء في اليمين

وقت الاستثناء في اليمين المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 7/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هو القول في الاستثناء في اليمين أو في الكلام هل يصح الاستثناء بعد مدة طويلة أو بعد سنة مثلاً؟ وإن قال للحالف أحد: قل إن شاء الله فقال: هل يصح هذا الاستثناء؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، جاء في الحديث الصحيح أن "من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث" انظر البخاري (5242) ، ومسلم (1654) ، وقال سبحانه وتعالى:"ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله" [الكهف: 22-23] ، والمعروف أنه يشترط لترتب الأحكام على الاستثناء إذا اتصل بالكلام، أما إذا انقطع الكلام قبل الاستثناء لم يكن للاستثناء أثر في تقييد اليمين أو غيره مما يدخله الاستثناء، نعم الاستثناء المتأخر يمكن أن يتحقق به امتثال قوله تعالى:"ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله"، كما جاء هذا المعنى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية، أما أن يكون لهذا الاستثناء المتأخر أثر في مقتضى الكلام المتقدم فلا، لأنه قد انقطعت صلته به، ولو حلف الإنسان ولم يقل إن شاء الله ثم ذُكر فقال إن شاء الله، فهذا يرجى أن ينفعه فيما يرجوه من الله، كما جاء في قصة نبي الله سليمان كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن جميعاً فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده، لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون" رواه البخاري (6639) ومسلم (1654) .

نذرت تركيب لولب لمنع الحمل

نذرت تركيب لولب لمنع الحمل المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 26/5/1424هـ السؤال الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد: أنا فتاة متزوجة وخلفت بنتاً واحدة، وبعدها بأربع أشهر انقطعت عني الدورة لمدة شهرين، ولم أكن أرغب في الحمل فقلت (نذرا علي إن لم أكن حاملاً سوف أركب اللولب المانع للحمل) ، وبعدها نزلت الدورة ولم أكن حاملاً، ولم أركب اللولب، فماذا يترتب عليَّ في النذر الذي نذرته بتركيب اللولب؟ ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء. والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته. الجواب هذا النذر يتردد بين أمرين: إما أن يكون نذراً محرماً، أو نذراً مكروهاً، فأقل أحوال هذا النذر الكراهة، فحينئذ فالأرفق بها والأفضل لها أن تكفر عنه كفارة يمين، ولا تفي بهذا النذر، لأن تكثير الأمة ندب إليه الشرع، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" رواه أبو داود (2050) ، والنسائي (3227) من حديث معقل بن يسار -رضي الله عنه- والمرأة يجوز لها أن تركب اللولب عندما تتضرر بتوالي الحمل من الناحية الصحية، أو من الناحية الاجتماعية، كما لو شق عليها تتابع أولادها وتقارب أعمارهم، وأرادت أن تؤجل سنة أو سنتين، حتى تتحسن صحتها، ويرتفع ولدها، فهذا من الأمور الجائزة، وعلى كل فهذه عليها كفارة يمين؛ تطعم عشرة مساكين، لكل واحد كيلو ونصف من طعام أهل البلد، أو أن تكسوهم، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

النذر إن فاز فريقه

النذر إن فاز فريقه المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 30/3/1424هـ السؤال زميلي في العمل مشجع لفريق كرة قدم، قال في أحد المباريات: إنه (إذا فاز فريقه فسيذبح ذبيحة) ، هل في هذا اللفظ منكر؟ وهل يؤكل من هذه الذبيحة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أخي السائل أسال الله أن يهدي زميلك إلى السمو باهتماماته، وأن لا يضيع ماله في مثل هذه الأمور التافهة، ولو أن هذا المال الذي بذله لانتصار فريق كرة قدم بذله فيما يعود إليه بالنفع في دنياه أو دينه لكان خيراً له، وليته يسأل نفسه ما المنفعة التي سيجنيها هو أو فريقه من هذا التصرف المذموم شرعاً؟! وزميلك أخي السائل نذر بأنه إذا فاز فريقه بأن يذبح ذبيحة "ولا نزاع في صحة النذر ولزوم الوفاء به في الجملة" [المرداوي في الإنصاف باب النذر] وقال الله -تعالى- "يوفون بالنذر" [الإنسان:7] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" رواه البخاري (6696) ، وغيره من حديث عائشة - رضي الله عنها-، ولكنه مكروه، قال ابن قدامة في الشرح الكبير باب الفقر فصل: "ولا يستحب النذر" لأن ابن عمر - رضي الله عنهما - روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النذر، وقال: "إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل" متفق عليه عند البخاري (6608) ، ومسلم (1639) ، واللفظ له، وهذا النهي للكراهة، لا نهي تحريم، لأنه لو كان حراماً لما مدح الموفين به، لأن ذنبهم في ارتكاب المحرم أشد من طاعتهم في الوفاء به، ولأن النذر لو كان مستحباً، لفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفاضل أصحابه) أ. هـ. وما تقدم يشمل ما لو علق النذر على أمر فيه منفعة له فكيف بحال السائل، فسيكون بلا شك مكروهاً، وعلى كل حال فإن على زميلك الذبيحة إذا فاز فريقه؛ لأنه نذر أن يطيع الله -تعالى-، فعليه أن يطيعه، كما عليك نصحه أن يكف عن النذر عموماً، وأحرى إذا كان في أمور تافهة، والله أعلم.

نذر فلم يستطع الوفاء

نذر فلم يستطع الوفاء المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 06/04/1426هـ السؤال نذرت نذراً، لئن أتم الله لي مسألتي لأصومنَّ يوماً، وأفطر يوماً، ثم أجاب الله مسألتي، لكنني لم أستطع أن أفعل ذلك، فماذا أفعل؟. الجواب أولاً: إن كان يقدر على صيام يوم وفطر يوم فإنه يلزمه ذلك؛ لأن هذا نذر طاعة، ونذر الطاعة يجب الوفاء به، والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه" رواه البخاري (6696) من حديث عائشة-رضي الله عنها-. وأما إذا كان لا يستطيع، بمعنى أنه يشق عليه مشقة لا يتمكن معها من الاستمرار على ذلك، فإنه يكفر كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن لم يجد هذه الأشياء الثلاثة فإنه يصوم ثلاثة أيام.

حلف ألا يدخل منزلا ودخله

حلف ألا يدخل منزلاً ودخله المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 17/9/1424هـ السؤال عقدت اليمين على ألا أدخل منزل شخص قريب لي بسبب خلاف حصل لي معه في يوم من الأيام، وبعد ذلك اضطررت إلى دخوله مرة أخرى، فهل علي كفارة لذلك؟ مع العلم أنه تكرر معي ذلك في منزل شخص آخر، وهل يلزمني قضاء كفارتين أم الاكتفاء بواحدة؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الأولى لك أن تكفر عن يمينك الأولى فتدخل منزل قريبك، وكذلك تكفر عن يمينك الثانية كفارة أخرى وتدخل منزله، وكفارة اليمين خير من اللجاج بها، والاستمرار عليها، ما دام قريباً لك، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني والله إن شاء الله ما حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها"، وإذا تعددت الأيمان في موضوع واحد فكفارة واحدة، وإذا تعددت الأيمان في موضوعين أو مواضيع متعددة فلكل يمين كفارة، فمثلاً إذا حلفت ألا تدخل دار زيد فنقول: عليك كفارة، وإذا حلفت ألا تدخل دار عمرو فعليك في هذا كفارة واحدة، إلا إن كنت حلفت عليهما بيمين واحدة بألا تدخل دار زيد ولا دار عمرو فحينئذ تكون كفارة واحدة.

نذر الصوم إن عصى

نذر الصوم إن عصى المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 8/6/1424هـ السؤال قلت لنفسي والله إن فعلت كذا (وهي معصية) فسوف أصوم ثلاثة أيام. وذلك رغبة مني، كي لا أعمل هذا العمل، ولكن للأسف فعلته، فماذا علي؟ هل أصوم كما قلت أم عليَّ كفارة يمين. جزاكم الله خيراً. الجواب عليك أن تصوم ثلاثة أيام وتستغفر الله وتتوب إليه عما عملت، ولا تعد إلى معصية الله مرة أخرى.

اليمين بالكفر على ترك الخمر

اليمين بالكفر على ترك الخمر المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 29/11/1424هـ السؤال هو سؤال لصديق لي. كان صديقي يشرب الخمر، ولكنه أقلع عنها، ولكن والده اضطره أن يقول هذه اليمين: والله العظيم لأكونن كافراً لو شربت ثانياً. وهو الآن يعيش في دولة أجنبية، فإذا شرب في يوم ما الخمر فما هو حكم اليمين الذي قاله؟ هل سيكون كافراً أم يصوم ثلاثة أيام؟ الجواب شرب الخمر محرم، ولا يجوز وهو من كبائر الذنوب، والله - عز وجل - يقول:"يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه" [المائدة:90] ، وأيضاً النبي -عليه الصلاة والسلام- لعن الخمر وشاربها وعاصرها ومعتصرها ... ، انظر: الترمذي (1295) وأبا داود (3674) وابن ماجة (3380) والإجماع منعقد على ذلك، ولهذا وجب فيها الحد على من شربها، وأنصح أخي السائل أن يقلع عن المحرم، وأن يستعين بالله، ويتوكل عليه. أما إذا شربها فإنه لا يكون كافراً، وإنما يجب عليه أن يكفر كفارة يمين، وكفارة اليمين هي أن يطعم عشرة مساكين أو أن يكسوهم أو يعتق رقبة، فإذا لم يجد ذلك يرجع إلى الصيام فالصيام لا يكفِّر به حتى يعجز عن التكفير بالمال، يعجز عن التكفير بالإطعام أو الكسوة أو التحرير.

الحلف بالقرآن الكريم

الحلف بالقرآن الكريم المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 10/6/1425هـ السؤال ما حكم الحلف بالقرآن الكريم؟ أو بسورة من سوره، كأن يقول: بحق سورة يس لأفعلن كذا؟. الجواب الحمد لله، وبعد: فهاتان مسألتان: الأولى: الحلف بالقرآن أو ببعضه فهذا جائز؛ لأن القرآن كلام الله، وكلامه صفة من صفاته -سبحانه وتعالى- والحلف بالله أو بصفة من صفاته جائز. ودليل ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله وإلا فليصمت" رواه البخاري (6108) ، ومسلم (1646) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. الثانية: الحلف بحق القرآن أو بعضه، فهذا جائز إن كان المقصود بحق القرآن صفة من صفات الله كحفظ الله -تعالى-للقرآن. أما إن كان المراد بحق القرآن ما هو صفة للمخلوق كتعظيم المخلوق للقرآن فلا يجوز الحلف به بهذا المعنى؛ لأن صفة المخلوق مخلوقة، ولا يجوز الحلف بالمخلوق بل هو من الشرك.

الحلف بالعهد

الحلف بالعهد المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 23/10/1424هـ السؤال أسأل عن العهد، وهل إذا قلت: إني أعاهد ألاّ أدخل بيت فلان فإني أكون مجبور على عدم الدخول مهما حصل، ومهما طالت المدة؟ أرجوكم أريد الإجابة الشافية؛ لأني سمعت أني لو عاهدت بشيء وعملته سوف أتضرر ويتضرر أبنائي، أرجوكم أريد جواباً سريعاً وأكيداً. الجواب إذا كنت قد حلفت بالعهد فقلت:"وعهد الله" فذلك يمين يجب تكفيرها إذا حنثت فيها على الراجح من أقوال أهل العلم، وهذا مذهب مالك والحنابلة وغيرهم. وأنت إذا عاهدت ألا تدخل بيت أحد من الناس ففيه تفصيل كما يلي: 1-إن كان هذا البيت لأحد ذوي رحمك الذين تلزمك صلتهم فالواجب الحنث باليمين وأداء الكفارة وزيارتهم. 2-وإن كان هذا البيت لمن لا يلزمك دخول بيتهم شرعاً فلا يخلو من حالتين: أ-أن تكون زيارتهم فيها مصلحة شرعية، وبيتهم خالٍ من المنكرات والمعاصي فالأفضل الحنث باليمين وأداء الكفارة وزيارتهم. ب-ألا يكون في زيارتهم مصلحة شرعية، وبيتهم غير خال من المنكرات والمعاصي، ولا تقوى على الإنكار عليهم أو لا يستجيبون لمن أنكر عليهم فلا تحنث بيمينك. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني"، أخرجه البخاري (6623) ، ومسلم (1649) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-، والله أعلم.

الفرق بين اليمين والنذر

الفرق بين اليمين والنذر المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 13/09/1425هـ السؤال ما الفرق بين اليمين والنذر في كتب الفقه؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اليمين هو توكيد المحلوف عليه بذكر اسم من أسماء الله أو صفة من صفاته وما ألحِق بذلك. وأما النذر فهو: إيجاب المكلف على نفسه أمرًا غير واجب. هذا هو الفرق بينهما، والنذر له أحكام، وقد يأخذ حكم اليمين إذا قصد فيه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، ولو كان بالصدقة على عباد الله، مثل لو قال: إن لم أسافر اليوم إلى مكة فعليّ أن أصوم شهرًا، أو أتصدق بألف ريال، فهذا حكمه حكم اليمين. والله أعلم.

نذرت التبرع لجهة فوجدت أحوج منها

نذرت التبرع لجهة فوجدت أحوج منها المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 5/10/1424هـ السؤال لقد قمت بالحلف بالله بأنني إذا أنجبت دون إجراء عملية قيصرية سوف أتبرع بمبلغ من المال لجهة معينة، وبالفعل والحمد لله أنجبت كما تمنيت بدون إجراء عملية وكانت الولادة طبيعية، ولكنني عندما أردت أن أفي بنذري وجدت أن هناك أسرة فقيرة وهي أحوج إلى المال من الجهة الأخرى التي كنت أنوي التبرع لها، أفتوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كانت هذه الجهة التي نذرت لها تستعين بالمال على طاعة الله فعليك الوفاء بالنذر كما نذرت ولا تصرفيه إلى غيرها، لأن الله تبارك وتعالى امتدح الموفين بالنذر، قال تعالى: "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً" [الإنسان:7] واعلمي أن النذر كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل" البخاري (6608) ، ومسلم (1639) ، والأفضل للمسلم والمسلمة أن يتصدق بما يريد أن ينذر به، ويسأل الله ما أحب من خيري الدنيا والآخرة، أما إذا نذر وتحقق له ما نذر من أجله فيجب عليه الوفاء بالنذر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" البخاري (6696) .

اليمين على عدم تأخير الصلاة

اليمين على عدم تأخير الصلاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 30/4/1424هـ السؤال أنا كنت قد قطعت يميناً على أن لا أؤخر الصلاة عن وقتها لعذر تافه، لكني أحس أنني لم أفِ بيميني، علماً بأنني أحاول، لكن أحياناً أنام عن صلاة العصر إلى الساعة الرابعة، وبالمدرسة أنا أريد أن أصلي أول ما يدخل الوقت وإذا لم أفعل هذا أحس أنني لم أفِ بيميني ماذا أفعل؟ أفيدوني. الجواب الواجب على المسلم الاهتمام بالصلاة وأداؤها في وقتها سواء قطع يميناً بذلك أو لا؛ لقوله تعالى:"إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" [النساء: 103] أي: مفروضاً في الأوقات، وما دمت تصلي الصلاة قبل خروج وقتها فقد وفيت بيمينك وإذا صليت العصر في الوقت الذي ذكرت فهي في وقتها، ولا يخرج وقت العصر إلا بغروب الشمس، ولا يخرج وينتهي وقت الاختيار إلا باصفرار الشمس.

النذر لمنع النفس من المعصية

النذر لمنع النفس من المعصية المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 8/6/1425هـ السؤال نذرت أكثر من نذر بصوم شهرين متتابعين، وأيضاً بصوم أربعين يوماً، وبصوم عشرين يوماً إن أنا عدت لعادة التدخين, ولكن -للأسف- ضعفت نفسي وعدت إليه، وأنا مستعد لصوم عشرين يوماً، وأيضاً أربعين يوماً، ولكن الشهرين المتتابعين أجد نفسي غير قادر على صيامهما. فما هي كفارتي؟ أفيدوني -جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا نذرت صوم الشهرين، وقلت: إن أنا عدت إلى التدخين فعلي صيام شهرين متتابعين، فهذا النذر قٌصد به المنع والامتناع عن التدخين، فيكون حكمه حكم اليمين، كما ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم-، وعلى هذا تكفِّر كفارة يمين، إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تستطع فصم ثلاثة أيام متتابعة، ومثل ذلك أيضاً بقية النذور إذا كان قصدك الامتناع بها عن التدخين، فإن حكمه حكم اليمين، تكفر كفارة يمين كما سلف، أما إذا كان النذر ليس كذلك، وإنما نذرت لله عبادة، قلت: لله عليَّ أن أصوم شهرين متتابعين، أو أصوم عشرة أيام، أو أصوم عشرين يوماً ... إلخ، ففي حديث عائشة -رضي الله عنها- في البخاري (6696) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه ... " الحديث..، وأنصح الأخ السائل ألا يجعل النذر على لسانه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى عن النذر وقال: "إنه لا يرد من القدر، وإنما يستخرج به من البخيل" رواه البخاري (6609) ، ومسلم (1640) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-، وأخبر أنه لا يرد القدر.

نذرت أن تهب زوجها جميع ما تملك

نذرت أن تهب زوجها جميع ما تملك المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 13/8/1424هـ السؤال امرأة تحتاج لعلاجات كثيرة حتى يحدث عندها الحمل، وفي وقت كانت فيه يائسة سألها زوجها إن رزقها الله بولد هل تعطيه كل ما لديها من أموال وذهب وكل ما تملك فقالت: نعم، فسألها من يشهد على ذلك فقالت: الله يشهد على ذلك، والآن وقد رزقها الله بالولد فهو يطالبها بهذا الوعد وهي امرأة غربية في بلد زوجها، وتعلم من خلال عشرتها لزوجها أنه إذا حصل على المال فإنه سيتركها وأولادها ويتزوج بغيرها، وأنه إذا أعطته مالها فإنه سيصرفه على مزاجه، فهل هي ملزمة بهذا الوعد وعليها تنفيذه؟ أم أن هناك مخرجاً لا سيما وأنها أشهدت الله سبحانه وتعالى على ذلك؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أن ما ذكرتيه في سؤالك شبيه بالنذر، لا سيما وأنك علقت ما وعدت به على حصول الولد، وقلت يشهد الله على ذلك، هذا والنذر يجب الوفاء به إذا كان طاعة أما إذا كان معصية فلا يشرع الوفاء به بل فيه كفارة يمين، هذا وليعلم أنه لا ينبغي للإنسان أن يتصدق بكل ماله مع حاجته إليه، هذا وأرى أنك غير مُلزمة بهذا الوعد الذي تعهدت به لزوجك إن رزقك الله بولد ما دمت تعلمين حسب ما ورد في سؤالك أنه إذا حصل على المال فإنه سيتركك وأولادك، وأنه سيصرفه على مزاجه أو في غير وجهه الشرعي. هذا ولك أن تعطيه ما تجود به نفسك من مالك تطييباً لقلبه ما دمت قد وعدتيه فيما إذا كان محتاجاً وسينفقه عليك وعلى أولادك، ولا يلزمك ذلك، هذا وأرى أن تكفري كفارة يمين لأن ما ذكرتيه في سؤالك شبيه بالنذر كما تقدم إيضاحه، والله أعلم.

عبارة: بالحرام لن تفعلي كذا

عبارة: بالحرام لن تفعلي كذا المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 23/1/1425هـ السؤال ما الحكم الشرعي فيما يلي؟ إذا قال الرجل لزوجته في لحظة غضب: "بالحرام لن تفعلي كذا أو كذا"، ثم قال لها بعد فترة من ذلك: لا مانع إن فعلت. بمعنى أنه يسمح لها أن تفعل ما قد قال لها من أجله بالحرام لن تفعلي. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده، وبعد: فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد: أخي السائل: إن الحكم الشرعي المتعلق بسؤالك هو: أن هذا اليمين لا يجوز شرعاً لأنه قسم بغير الله تعالى أو إحدى صفاته - عز وجل- وذلك لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" رواه البخاري (2679) ، ومسلم (1646) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- ويمينك هذا يمين بغير الله تعالى، لهذا فهي غير جائزة شرعاً، وبالتالي ليست واقعة لأنك قلت: بالحرام لن تفعلي كذا وكذا فهو يمين باطل، وأنت مؤاخذ وآثم عند الله تعالى؛ لأنك خالفت أوامر الشارع وهي الحلف بغير الله تعالى، فعليك بالاستغفار والتوبة والندم، وألا تعود إلى هذا ثانية، أما السماح للمرأة بعد ذلك بفعل ما نهاها عنه فلا شيء فيه ولا بأس به، ولا يترتب على هذا الفعل مخالفة شرعية. هذا والله أعلم بالصواب.

النذر المعلق

النذر المعلق المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 22/2/1425هـ السؤال نذر شخص نذرا - وحينها كان يجهل حكم النذر ولما عرف الحكم ندم على ذلك- والنذر هو أنه قال إن قتل شخص من العدو فسوف أتصدق بكذا، الإشكال أنه لا يحب أن يفعل شيئا مكروها وثانيا أن العدد لن يكون معروفا بالتحديد، وثالثا أن المدة لبقاء العدو مجهولة. فهل يجوز له أن يكفر كفارة يمين لتبرأ ذمته والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: النذر مكروه، لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - نهى عن النذر، وقال: "إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل" رواه البخاري (6608) ، ومسلم (1639) من حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-. وذهب بعض أهل العلم إلى تحريمه، وأما إذا نذر الإنسان طاعة، فإنه يجب عليه أن يوفي بها، لحديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" رواه البخاري (6696) فيجب عليه أن يوفي بذلك، وما دام أنه نذر إذا قتل أحد من الأعداء أن يتصدق، فعليه أن يتصدق حين يعلم بقتله أي عدو من الأعداء، إلا إذا خصص ذلك بمكان أو في زمان، أما إذا لم يخصص فإنه إذا علم فإنه يجب عليه أن يتصدق، أما إذا جهل فإنه لا يجب عليه؛ لأن الأصل براءة ذمته. وأما كونه يكفر كفارة يمين فهذا ليس ظاهراً، لأن هذا نذر قربة وطاعة يجب عليه أن يوفي به، ما دام مستطيعاً.

القسم بغير الله

القسم بغير الله المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 9/3/1425هـ السؤال قرأت البيت التالي: قسماً بالنازلات الماحقات***والدماء الزاكيات الطاهرات فهل يجوز القسم بغير الله هنا؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: القسم بالشيء تعظيم له، فالعبد يجب ألا يعظم غير الله، فلا يقسم إلا بالله - سبحانه- ولذلك لا يجوز القسم بالأشياء المذكورة في سؤالك، ولا بغيرها من المخلوقات؛ لأن ذلك شرك، كما في الحديث الصحيح: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" رواه التمرذي (1535) وأبو داود (3251) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، ولشناعة القسم أو الحلف بغير الله قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "لئن أحلف بالله كاذباً أهون علي من أحلف بغيره صادقاً" رواه عبد الرزاق في المصنف (15405) وغيره، فالكذب منكر عظيم؛ كما في الحديث: "وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً"، رواه البخاري (6094) ومسلم (2606) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - وفي الحديث قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيكون المؤمن جباناً؟ فقال: "نعم"، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟ فقال: "نعم" فقيل له: أيكون المؤمن كذاباً؟ فقال: "لا" رواه مالك في الموطأ (1819) ، فابن عمر مع سوء الكذب كما سبق رأى أنه أهون من القسم بغير الله، وأرى أن صحة البيت المذكور في السؤال من حيث المعنى: قسماً برب النازلات الماحقات*** والدماء الزاكيات الطاهرات. والله أعلم.

هل هذه يمين غموس؟

هل هذه يمين غموس؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 07/04/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم كنت أقيم مع أسرتي في إحدى البلاد العربية، ثم التحقت بالجامعة في بلدي الأصل، وألغيت إقامتي وتخرجت من الجامعة، ثم أتيحت لي فرصة لزيارة ذلك البلد، ليس للعمل، وهناك قانون في بلدنا يحظر السفر من دون تأدية الخدمة الوطنية لكل خريج، مع العلم أني ذاهب لزيارة الأسرة فقط، ليس للعمل، فحظر جوازي، ومن ثم جئت بما يثبت أنني مازلت طالباً في الجامعة، وحلفوني بالله على ما قلت، واضعاً يدي على المصحف، فحلفت على ذلك وهو كذب، هل يعد هذا يمينا غموساً؟ مع العلم أنني لم أتعد على حق أحد، ولا أريد العمل هناك، وكان من الصعب جداً أن أتمكن من السفر من غير ذلك الأسلوب الذي اضطررت إليه، وكيف لي أن أبرئ ذمتي من هذا الذنب الكبير؟ علماً أني لا اعتراض لي على أداء هذه الخدمة التي تبلغ عاماً أو يزيد، ولا يمكنني أداؤها إلا بعد عام ونصف؛ لأنني تخرجت من كلية الطب، مع العلم أني ذاهب لزيارة والدي. أرجو الإفادة، والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم عملك هذا فعل محرم؛ فكون الإنسان يحلف على شيء مضى وهو كاذب هذه هي اليمين الغموس، التي تغمس صاحبها في النار، وهو من كبائر الذنوب، وليس له كفارة؛ لأنه أعظم أن يُكفَّر، وإنما عليك أن تتوب إلى الله، وتبكي على خطيئتك، وتكثر من العمل الصالح؛ لعل الله -تعالى- أن يتوب عليك، وما ذكرته من تعليلات كلها لا تسوغ لك الحلف بالله كاذباً. وبالله التوفيق.

الحلف على ما غلب عليه الظن

الحلف على ما غلب عليه الظن المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 14/08/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ، حفظه الله: ما حكم من ألزم الحلف على المصحف من قبل الدولة لإنهاء إجراء معين، وهل الحلف على أني مولود في مكان معين حسب ما سمعت من والدتي فيه شيء. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا يجوز للمسلم أن يحلف على ما يعلم كذب نفسه فيه، ويجوز له أن يحلف على ما استفاض وعلى غلبة ظنه، وعلى ما سمعه من أهله فيما ليس بكذب، لقول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: واللهِ مَا بينَ لاَبَتَيْهَا أهلُ بيتٍ أَفْقَرُ مِن أَهْلِ بَيْتِي. أخرجه البخاري (1936) ومسلم (1111) . والله أعلم.

نذرت ترك المحرمات إن شفي ابنها

نذرت ترك المحرمات إن شفي ابنها المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 26/10/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: نذرت أخت لي، مرض ابنها بالقلب، إن شفي ابنها بعد العملية أن تقاطع كل المحرمات من أغان، أو تلفاز، أو أعراس يغنى بها، وبعد أن شفي ابنها طبقت ما نذرت به، ولكنها وجدت نفسها بدأت تبتعد عن أهلها والناس لمقاطعتها لحفلاتهم وجلساتهم، علمًا أنها عندما تذهب لهذه الأماكن لا تقصد المتعة إنما تلبية دعوة أخت. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بداية أود أن أحذر إخواني الكرام من التمادي والتساهل في النذر، حتى لو كان نذر طاعة أو ترك معصية؛ فإن النذر أقل أحواله أن يكون مكروهًا، ومن العلماء من حرمه، وذلك لما جاء في الأحاديث الصحيحة من النهي عنه، ومن ذلك: ما صح عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، قال: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يَنْهَانَا عَنْ النَّذْرِ وَيَقُولُ: "إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الشَّحِيحِ". أخرجه البخاري (6608) ومسلم (1639) . وما صح من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه نهى عن النذر. وقال: "إِنَّهُ لَا يَرُدُّ مِنْ الْقَدَرِ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ". أخرجه البخاري (6609) ومسلم (1640) .

وبالنسبة للسؤال الوارد هنا: فإن النذر فيه نذر واجب الوفاء؛ لأن المنذور هنا ترك معصية من الأغاني ونحوها، وهذا الترك واجب ولو لم يحصل نذر، فإن حصل النذر بتركه كان أشد تحريمًا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله: (الذي يحلف على فعل ما يجب عليه، من الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وطاعة السلطان، ومناصحته وترك الخروج، ومحاربته، وقضاء الدَّين الذي عليه، وأداء الحقوق إلى مستحقيها والامتناع من الظلم والفواحش، وغير ذلك، فهذه الأمور كانت قبل اليمين واجبة، وهي بعد اليمين أوجب، وما كان محرمًا قبل اليمين فهو بعد اليمين أشد تحريمًا، ولهذا كان الصحابة، رضي الله عنهم، يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم على طاعته والجهاد معه، وذلك واجب عليهم ولو لم يبايعوه، فالبيعة أكدته، وليس لأحد أن ينقض مثل هذا العقد) . لكن لا يلزم من الوفاء بهذا النذر (الذي هو واجب ,وإن لم تنذره) قطيعة الرحم وترك الزيارة والمناصحة، بل تزورهم في الأوقات التي لا منكر فيها وتؤدي الواجب الذي لهم، مع تمام الحرص والشفقة والمناصحة. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

الحلف بحياة الله

الحلف بحياة الله المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 7/07/1425هـ السؤال هل يجوز القسم بحياة الله؟ أفيدونا أفادنا وأفادكم الله. الجواب الواجب على المسلم -إذا أراد أن يحلف- ألاّ يحلف إلا بالله؛ لأن الحلف بالمخلوق شرك، كما قال صلى الله عليه وسلم: "مَن كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ باللهِ، أوْ لِيَصْمِتْ". أخرجه البخاري (2679) ومسلم (1646) ، وقال: "مَن حلَف بغيرِ اللهِ فقَدْ كفَر أو أَشْرَك". أخرجه أبو داود (3215) ، والترمذي (1535) ، والحلف بصفاته هو في حكم الحلف به، فيجوز أن يحلف الإنسان بعزة الله، وقدرة الله، وحياة الله، وعظمة الله، وبكلمات الله، كما جاء التعوذ بكلمات الله، ولا يجوز التعوذ بمخلوق كما لا يجوز القسم بمخلوق، وكلام الله ليس بمخلوق بل هو صفة من صفات الله سبحانه وتعالى. ومن الحلف المنهي عنه الحلف بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو بالكعبة، كما هي عادة كثير من الناس، فالواجب طاعة الله ورسوله، وذلك بفعل ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه، وبهذا تتحقق التقوى التي أمر الله بها جميع الناس ووصى بها المؤمنين ووصى بها نبيه صلى الله عليه وسلم، فتقوى الله جماع الخير، فيجب على المسلم أن يتقي ربه فيما يقول ويفعل، ويأتي ويذر؛ ليفوز بحسن العاقبة، والعاقبة للمتقين. والله أعلم.

حلفت على الكذب حياء!

حلفت على الكذب حياءً! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 24/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. لدي سؤال، والله إني أخجل من طرحه، حدث موقف لي مع أخي الذي هو أصغر مني بسنين، سألني: هل صليتِ؟ وقد كنت حائضًا، سألني: صليتِ؟ قلت: نعم، وخاصة أن أمي حرصتنا ألا نقول له شيئًا، يعني لا نستطيع الصلاة، وتقول: لا، لا تقلن له ذلك. إجابتي كانت: نعم صليت. وبعدها سألني باستهتار: قولي: والله. فما ملكت إلا أن أقول: والله. وأنا أصلي لست تاركة للصلاة، ولكن سبب تركي عذر الدورة الشهرية، أشعر بالحزن، لماذا حلفت على الكذب، بعدها قلت: صليت على النبي. وأخذت أقولها في خاطري بدون أن يسمعها وأكررها، وأشعر بالحيرة، هل أكفِّر عن قسمي، أم ماذا؟ أريد منكم النظر في مشكلتي، جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

إذا كنتِ قد حلفتِ على أنكِ تقصدين أنكِ صليتِ على النبي صلى الله عليه وسلم- فلا شيء عليك، وأنبهك إلى أن الحلف الذي تجب الكفارة بالحنث فيه، هو الحلف على فعل شيء في المستقبل أو على تركه، ثم يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله، فهذا هو الذي تجب فيه كفارة اليمين، أما الحلف على أمر ماضٍ فلا كفارة فيه، حتى ولو كان الحالف كاذبًا، ولا يعني هذا أنه من الصغائر، أو أنه لهوانه لا تجب فيه الكفارة، بل هو حلف على الكذب وهو من الكبائر، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم- اليمين الغموس. أخرجه البخاري (6675) - أعني الحلف على الكذب على أمر ماضٍ- وقال أهل العلم: سُميتْ غموسًا لأنها تغمس صاحبها في النار. فلكِ مندوحة عن الكذب في اليمين بالتأوُّل فيه، كأن تقولي: والله قد صليت- وتعنين على النبي صلى الله عليه وسلم، أو تعنين صلاة معينة قد صليتِها، وإذا ألزمك تعيين صلاة معينة لم تصليها بأن تقولي: والله قد صليت صلاة المغرب هذا اليوم. وأنت لم تصليها للحيض، فأرى أن تتفادي الوقوع في اليمين الغموس بأن تصرحي له بحقيقة الأمر، ويجب أن يكون حياؤنا من الله أعظم من حيائنا من الناس. والله أعلم.

حلف عليها بالطلاق ألا تكلم أختها

حلف عليها بالطلاق ألا تُكلم أختها المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 21/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: أن زوجي اختلف مع زوج أختي في موضوع، وأدى ذلك إلى حلف زوجي علي بيمين الطلاق إن اتصلت بأختي سواء عن طريق المكالمة أو الزيارة لها، علمًا بأن أختي تتصل لكن لا أستطيع أن أكلمها. أفيدونا أثابكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي الفاضلة: الحلف بيمين الطلاق ليس طلاقًا في أصح قولي أهل العلم، وذلك أن المراد منه المنع عن إتيان المحلوف عليه، وعليه: فلو خالفتِ لا يقع الطلاق، وإنما يلزم الزوج كفارة يمين تُخرَج من ماله أو يُتبرع بها عنه، وأنصحك بالبحث عمن يتوسط ليصلح بينه وبين زوج أختك، فلا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق الثلاث، وكما تعلمين أن عمل من وقع بينه وبين أخيه المسلم شحناء لا يُعرض على الله عز وجل، بل يقول سبحانه: "أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا". أخرجه مسلم (2565) . فذكِّريه بذلك، أما أختك فصِلِيها؛ فهي من الرحم التي يجب أن تُوصَل، وحاولي التوفيق ما استطعتِ، وسددي وقاربي حتى لو دعت الحاجة إلى إخفاء الأمر عن الزوج والتورية وما أشبه ذلك؛ "لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ". كما ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، أخرجه مسلم (1840) . فالطاعة العمياء ليست من الدين في شيء. يسر الله أمرك، وأصلح زوجك، وهداه والمسلمين إلى خير ما يحبه ويرضاه.

نذر أن يتصدق وراتبه لا يكفي نفقته

نذر أن يتصدق وراتبه لا يكفي نفقته المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 16/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد نذرت على نفسي قبل أن أعمل إذا تحصلت على عمل بأن أقوم بالتصدق بنسبة عشرة بالمائة من مرتبي شهريًّا، والحمد لله، حتى الآن أنا موفٍ بنذري, وإني أيضًا قد خصصت مبلغًا لعائلتي وهو مائة وخمسون دينارًا شهريًّا, لكن في معظم الأحوال يقوم أهلي بصرف المبلغ قبل نهاية الشهر, مع العلم بأني شاب مقدم على الزواج, سؤالي هو: هل يجوز إعطاء الصدقة أو النذر لأهلي؟ علمًا بأني أعمل في الصحراء شهرين ثم أعود للبيت أسبوعين. وشكرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإذا كنت محتاجًا لهذا المبلغ الذي نذرت أن تتصدق به، وترى أن في إخراجه ضررًا عليك من حيث نقص نفقتك على أهلك، أو من حيث تأخير زواجك، فلك أن تتحللّ من نذرك بأن تكفِّر كفارة يمين، وإذا تيسرت أمورك تعود إلى الصدقة، ولك أن تكفر كفارة يمين، وتجعل هذا المبلغ نفقة على أهلك، ولا توقع نفسك في الحرج، والحديث والقاعدة الشرعية يقولان: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ". أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) . ثم إنك تصدقت في شهور مضت وأنت لم تحدد في نذرك أنه مدى الحياة. والله أعلم.

إنشاء النذر مستحب أم مكروه؟

إنشاء النذر مستحب أم مكروه؟ المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 25/02/1426هـ السؤال هل النذر بالصوم حلال أم حرام، بمعني أن أقول: إذا أكرمني الله ونجحت فإني أنذر أن أصوم 3 أيام؟ فهل صومي هذا مقبول أم لا؟ وهل هو حلال أم حرام؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن عقد النذر في الأصل مكروه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام عن النذر: "إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل" أخرجه البخاري (6608) ، ومسلم (1639) ، وقد قال بعض أهل العلم: إنه محرم. أما إذا نذر الشخص، فإن كان نذره على عمل طاعة وجب الوفاء به؛ لقوله تعالى: "يوفون بالنذر ويخافون يوماً...." الآية.. [الإنسان:7] ، ولقوله عليه الصلاة والسلام: "من نذر أن يطيع الله فليطعه.." الحديث أخرجه البخاري (6696) . وعلى هذا يجب على من نذر الصيام أن يصوم، فإن كان نوى التتابع في صيامه وجب عليه التتابع وإلا فلا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لم يستطع أن يوفي بنذره

لم يستطع أن يوفي بنذره المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 05/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يا شيخي الكريم: لقد ذهبت إلى العمرة, وفي المدينة المنورة عزمت على ختم القرآن ولم أستطع, فأقسمت أو نذرت (لا أذكر) على ختمه في مكة المكرمة, ولقد حاولت جهدي ولم أستطع، فماذا علي في حالة القسم أو النذر؟ وكيف أدي كفارة اليمين في حالة الإطعام, فإني مثلاً أقسمت في المدينة وأنا الآن في ألمانيا, وقيمة الإطعام لعشرة مساكين هنا في ألمانيا تختلف عنها في مكة المكرمة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب: أن على السائل ما دام لم يستطع ختم القرآن بمكة أن يكفِّر كفارة يمين، سواء أكان قسماً أو نذراً؛ لما رواه أبو داود عن ابن عباس - رضي الله عنهما-: "من نذرً نذرًا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين"، وقد روى مرفوعاً وموقوفاً على ابن عباس - رضي الله عنهما-، والموقوف أصح. هذا وكفارة اليمين هي كما جاء في قوله تعالى: "فكفارته إطعام عشرة مساكين" [الآية رقم 89 من سورة المائدة] . فعلى من وجبت عليه إخراجها طعاماً أو كسوة؛ لما في الآية ولا يخرج القيمة، ولا تختص بمكان، بل يخرجها في البلد الذي هو فيه أو في غيره. والله أعلم.

هل هذا نذر أم وعد؟

هل هذا نذر أم وعد؟ المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 25/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. كنت مع أختي نشتري لوازم ولادة لأختنا الصغيرة، وبينما نحن في محل نشاهد الملابس نطقت، وقلت لأختي: يا الله، عندما تنجبين سأجهز لك غرفة المولود، فهل هذا دين علي؟ لا أذكر إذا كنت حلفت أم لا. وأيضاً حينها كنت أعمل لكن عندما أنجبت أختي كنت قد تركت العمل، فهل عندما يتوفر لدي المال يجب أن أفعل ما قلت، أم يسقط عني ذلك؟ لا أدري هل هذا نذر شفهي أم وعد؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن النية معتبرة شرعاً في تحديد ما يلفظ به الإنسان؛ فإن كان ما تلفَّظت به نويت به النذر فإنه يكون نذراً، ويجب عليك الوفاء متى قدرت على ذلك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" أخرجه البخاري (6696) . وإن كان وعداً فقط فإنه ينبغي لك الوفاء به ولا يجب؛ قال الإمام النووي: (أجمع العلماء على أن من وعد إنسانا شيئاً - ليس بمنهي عنه - فينبغي أن يفي بوعده , وهل ذلك واجب أم مستحب؟ فيه خلاف بينهم. ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحب , فلو تركه فاته الفضل , وارتكب المكروه كراهة تنزيه شديدة , ولكن لا يأثم. وذهب جماعة إلى أنه واجب , قال الإمام أبو بكر بن العربي المالكي: أَجَلُُّ من ذهب إلى هذا المذهب: عمر بن عبد العزيز. قال: وذهبت المالكية مذهباً ثالثاً: أنه إن ارتبط الوعد بسبب كقوله: تزوج ولك كذا , أو احلف أنك لا تشتمني ولك كذا, أو نحو ذلك, وجب الوفاء, وإن كان وعداً مطلقاً لم يجب.

واستدل من لم يوجبه بأنه في معنى الهبة , والهبة لا تلزم إلا بالقبض, وإنَّ من وعد وفي نيته الإخلاف - يعني لوعده - فهو آثم قطعاً, ويصدق عليه أنه على شعبة من النفاق; لقوله صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا أؤتمن خان". والله أعلم, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يمين الغضبان

يمين الغضبان المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 16/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. هل صحيح أن الذي يحلف بالله وهو غاضب يجوز له أن يتراجع، ولا يعمل ما حلف عليه إذا كان ذلك أفضل؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا حلف الإنسان بالله وهو غاضب، فإنه لا يخلو من ثلاث حالات: الأولى: أن يكون الغضب شديداً، بحيث يغطي على عقله، ولا يشعر بما يقول، فهذا لا يترتب على يمينه شيء. الثانية: أن يكون الغضب في بداياته؛ بحيث إنه يتصور ما يقول، ويملك نفسه، فهذا يمينه منعقدة، فإن كان حلف على فعل محرم فلا يجوز له أن يفعله، وإن كان على ترك واجب أيضاً لم يجز له تركه، وإن كان على مستحب، فالأولى أن يحنث فيه، ولا يفعل ترك المستحب؛ لقول الله - عز وجل-: "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس" [البقرة: 224] ، وأيضاً قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي موسى - رضي الله عنه-: "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين ثم أرى خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير" رواه البخاري (3133) ومسلم (1649) ، ويكفر الحانث في هذه الحالة عن يمينه كفارة يمين. الثالثة: أن يكون الغضب متوسطاً؛ بحيث إنه يدرك ما يقول ويتصوره، لكن لا يستطيع أن يملك نفسه، فأوقع اليمين، فهذا لا ينعقد يمينه على الصواب من أقوال أهل العلم. والله أعلم.

هل يسوغ التأويل والتورية في الحلف؟

هل يسوغ التأويل والتورية في الحلف؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 13/10/1426هـ السؤال رجل طلب من شخص مبلغاً من المال، علماً أن هذا الرجل معروف بالمماطلة في التسديد وادعاء الإعسار، فيطلب منه الدائن أو المقرض أن يحلف أنه ليس معه جنيهٌ واحد، وفعلاً لا يوجد معه جنيه، لكن أقل ورقة نقدية معه هي مائة جنيه أو دولار، فهل يدخل هذا في الكذب في الحلف؟ أم هو من التورية الجائزة؟ وإذا كان حنثا فما الكفارة المستحقة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيرجع في الأيمان إلى نية الحالف إلا في الدعاوى، فلا ينفع التأويل ولا التورية عند الحلف في أداء حقوق الآخرين، بل اليمين تنعقد صحيحه على نية المستحلف، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك" رواه مسلم (1653) ، وعنه - رضي الله عنه - قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اليمين على نية المستحلف" رواه مسلم (1654) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ونظير هذا أن يتأول الحالف في يمينه إذا استحلفه الحاكم لفصل الخصومة، فإن "يمينك على ما يصدقك به صاحبك"، والنية للمستحلف في مثل هذا باتفاق المسلمين، ولا ينفعه التأويل وفاقاً". انتهى من الفتاوى الكبرى (3/192) . وتكفيره لهذه اليمين لا يُسقط عنه الإثم؛ لأنها من اليمين الغموس، واليمين الغموس لا كفارة لها إلا التوبة لعظمها، قال ابن القيم -رحمه الله-: "التأويل في اليمين نوعان: نوع لا ينفعه ولا يخلصه من الإثم، وذلك إذا كان الحق عليه فجحده، ثم حلف على إنكاره متأولاً، فإن تأويله لا يسقط عنه إثم اليمين الغموس، والنية للمستحلف في ذلك باتفاق المسلمين، بل لو تأول من غير حاجة لم ينفعه ذلك عند الأكثرين" انتهى من إغاثة اللهفان (1/389) . وأختم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة"، فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: "وإن قضيبا من أراك" رواه مسلم (137) من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-. وقال عليه الصلاة والسلام: "من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان" رواه البخاري (2285) ، ومسلم (138) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصبحه وسلم.

تكرار اليمين قبل التكفير

تكرار اليمين قبل التكفير المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الأيمان والنذور التاريخ 21/10/1426هـ السؤال أنا -للأسف الشديد-كثيرة الحلف والحنث بيميني التي أقطعها على نفسي وأنا غاضبة؛ لأني سرعان ما أنسى وأسامح، وأريد الآن التكفير عن أيماني أرجو أن تفيدوني بالطريقة الصحيحة، وهل صحيح أن الأيمان المتشابهة تدخل تحت كفارة واحدة؟ وهل يجوز دفع مال مقابل الكفارة، حيث إن هيئة الإغاثة الإسلامية لديها مشروع إفطار صائم، وأفكر أن أدفع لهم الكفارة للمنكوبين في النيجر، فهل عملي صحيح، وإذا كان لديكم طريقة أكثر أماناً لوصول كفارتي أرجو أن تدلوني عليها، وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فينبغي للمسلم أن يعظم اليمين، وأن لا يكثر من الأيمان، وليجاهد نفسه على تركها إن كان قد اعتاد على المبادرة بها حال غضبه أو حديثه مع غيره. واليمين التي تجب لها الكفارة ما توفر فيها ثلاثة شروط: الأول: أن تكون مقصودة، بأن يقصد الحالف عقدها على أمر مستقبل ممكن. الثاني: أن يحلف مختاراً غير مكره. الثالث: أن يحنث فيها. وإذا كرر الأيمان ففي ذلك تفصيل: أولاً: إذا كان تكرار اليمين قبل التفكير على فعل واحد، وموجبُها واحد ثم حنث فيها فعليه كفارة لكل يمين على الراجح، وهو قول أكثر العلماء. مثاله: أن يقول مرة: والله لا آكل طعام فلان، ومرة أخرى يقول: والله لا أشتري ذلك الشيء، ومرة ثالثة يقول: والله لا أبيت في المكان الفلاني. فهذه أيمان متعددة على أشياء مختلفة، فالصحيح أنه يجب لكل يمين كفارة. ثانياً: أن تتعدد اليمين والمحلوف عليه واحد، مثل أن يقول: والله لا كلمت فلاناً، ثم يقول والله لا أكلم فلاناً. ويعيده ثالثة، فهذا يجب فيه كفارة. ثالثاً: أن تكون اليمين واحدة والمحلوف عليه متعدد، مثل: والله لا أكلم فلاناً، ولا أُهدي لفلان، ولا أزور ذلك المكان، فهذا فيه كفارة واحدة. وأما أنك لا تذكرين عدد الأيمان فتجتهدين وتتحرين عددها وتخرجين كفارات بناء على تَحرِّيك. ولا يجوز دفع الكفارة نقداً لتفطير الصائمين؛ لأن من الصائمين من لا يكون مسكيناً، ولابد من مراعاة العدد. ولكنه يمكن الاتصال بجمعية خيرية في بلدكم، فإنهم يأخذون مبلغاً من المال ويشترون به طعاماً يطعمون به عشرة مساكين وكالة عمن وجبت عليه اليمين. والله أعلم.

ـــــ المعاملات ـــــ

المعاملات

ـــــ البيوع ـــــ

البيوع

البيع وشروطه (الصحيحة والفاسدة)

التجارة في الإلكترونيات المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيع وشروطه (الصحيحة والفاسدة) التاريخ 28/7/1423هـ السؤال لي أخ ملتزم بالشرع، يزاول تجارة بيع المواد الإلكترونية، مثل: التلفزيونات، والفيديو، والستلايات، يبيع هذه الأجهزة للمسلمين ولغير المسلمين، ومعلوم أن أغلب البرامج كما لا يخفى منافية للشرع، وأن غير المسلمين يشاهدون كل شيء، لا يبالون، فهل عليه إثم في بيع هذه الأجهزة؟ وهل المال المكتسب حلال أم لا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب هذه الأشياء المذكورة في السؤال وسائل يمكن أن تستعمل في الشر ولغيره، وحكمها يختلف بحسب المقاصد، والأصل في بيعها الجواز، مع الكراهة لغلبة استعمالها في غير المشروع.

هل يشترط إفراغ الصك في بيع الأرض؟

هل يشترط إفراغ الصك في بيع الأرض؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيع وشروطه (الصحيحة والفاسدة) التاريخ 04/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل كتابة مبايعة بين شخصين اشترى أحدهما من الآخر أرضاً تعني حيازة المبيع؟ أم يشترط نقل الملكية في الصك للأرض المشتراة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإذا قال البائع: بعتك كذا، وقال المشتري: قبلت أو اشتريت، أو حصلت بينهم معاطاة للثمن والمثمن (البضاعة) فقد تم البيع، لكن يبقى لكن منهما الخيار في إمضاء البيع أو فسخه، ما داما في مجلس العقد، فإذا تفرقا بأبدانهما بأن كانا - مثلاً- في مجلس ما، فخرج أحدهما فقد وجب البيع ولزم لكل منهما تسليم ما وجب عليه للآخر؛ فيجب على البائع أن يسلم البضاعة، ويجب على المشتري أن ينقد للبائع الثمن، إلا إذا اتفقا على التأجيل، على أنه لا يجوز للمشتري أن يبيع ما اشتراه حتى يقبضه ويحوزه، فقد ثبت النهي عن ذلك في أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقبض العقار، وما لا يمكن نقله بتخليته، ولا يتصور القبض بأدنى من ذلك، وأما المنقول فقبضه يتحقق بنقله، وأما نقل الملكية في الصك فلا يعدو أن يكون مجرد إجراء نظامي إداري، لا علاقة له بلزوم البيع، وليس من تمام شروطه أو صورته، فإذا اشتريت أرضاً ثم خلى البائع بينك وبينها، وأخذ ما له في الأرض من أثاث أو متاع، فإنه عندئذ يجوز لك بيعها، حتى ولو لم تنقل ملكيتها في الصك. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

هل هذا من بيع ما لا يملك؟!

هل هذا من بيع ما لا يملك؟! المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/البيع وشروطه (الصحيحة والفاسدة) التاريخ 02/03/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: هل في هذا البيع حرمة، وإليكم تفصيله: (1) يقوم العميل بإرسال طلب تسعير الأحبار. (2) نقدم العرض المناسب بفترة توريد ومدة صلاحية محددة للعرض. (3) إذا كان عرضنا هو الأقل سعراً فسيقوم العميل بإرسال أمر شراء عن طريق الفاكس أو البريد، أو يحضره إلينا مندوب المشتريات. (4) عند استلامنا أمر الشراء فإننا نتفحص المخزون، فما نقص من البنود المطلوبة قمنا بشرائه وحوزته إلى مستودعنا ثم نجهز البضاعة ونضعها في كراتين ونرسلها للعميل، في كثير من الأحيان تكون جميع الأصناف المطلوبة غير متوفرة لدينا؛ لأننا لا نخزن إلا الأصناف سريعة الحركة؛ وذلك لأن لها مدة صلاحية تكون بعدها غير صالحة للاستخدام. (5) عندما نسلم البضاعة يتم فحصها من قبل العميل وإعطاؤنا سند استلام البضاعة، وبناءً عليه نرسل خطاب مطالبة للقسم المالي يرفق معه صور من شهادة الزكاة وانتساب الغرفة التجارية والسجل التجاري، وشهادة السعودة، وشهادة التأمينات الاجتماعية، ثم بعد ذلك يتم صرف مستحقاتنا في فترة تتراوح بين الشهر والثلاثة أشهر، أحياناً نسلم البضاعة على مراحل أو نتأخر في التسليم، فيتم حساب غرامة تأخير بنسبة 1% من قيمة البضائع المتأخرة عن كل أسبوع تأخير بحد أقصى 4%. والسؤال يا - شيخ- هل فيما سبق بيع ما لا نملك؟ وهل في تأجيل الثمن والمثمن محذور شرعي؟ وماذا عن غرامة التأخير المتزايدة، وعدم صرف مستحقاتنا حتى نستكمل الوثائق السابق ذكرها؟.

وهذا سؤال آخر خاص بالمشاريع الكبيرة مع إحدى الشركات، حيث نقدم عرض أسعار بحيث يكون صالحاً لمدة لا تقل عن سنة، ونقدم مع العرض ضماناً بنكياً ابتدائياً بقيمة 5% من إجمالي قيمة المشروع، ثم تعيد لنا الشركة أسعاراً مقترحة من عندها، فإذا وافقنا على هذه الأسعار نقدم الضمان النهائي ونحصل على عقد توريد إطاري لمدة سنة أو سنتين، وهذا العقد يوزع على ثلاث أو أربع شركات، ويوضح فيه لكل شركة المبلغ الذي فازت به، والأصناف التي وافقت عليها تلك الشركة وسعر كل صنف، ويكون العقد موزع على ثلاث أو أربع شركات، وينص في العقد أن هذا المبلغ تقريبي قد يزيد أو ينقص، ثم تبدأ المناطق المختلفة والتابعة بإرسال أوامر الشراء والتي بناءً عليها يتم التوريد لهذه المنطقة والمطالبة بالمستحقات المالية من المركز الرئيسي. فهل فيما سبق ذكره محاذير شرعية أو شبهات يحسن تركها؟ فأنا شاب لا أريد إلا الكسب الحلال، وقد عُرضت علي بعض الوظائف بعدما تخرجت من كلية الهندسة، ولكني تركتها وبدأت هذه المؤسسة بدعم من والدي - حفظه الله- لما في الوظائف من القيود الكثيرة ورغبة في الحصول على وقت أكبر لحفظ القرآن الكريم وطلب العلم الشرعي. حفظك الله ورفع درجتك وجزاك عنا خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فالعقد بالصفة المذكورة في السؤال هو عقد توريد، وهو عقد جائز على الصحيح من أقوال أهل العلم، وأما المحظورات التي قد يتوهم اشتمال العقد عليها فهي غير مؤثرة.

1- فكون المورد يبيع ما لا يملك لا يدخل في نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده، لأنه يستثنى من النهي ما إذا كان المبيع موصوفاً في الذمة مؤجلاً، بدليل تجويزه عليه الصلاة والسلام لعقد السلم، ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم". صحيح البخاري (2241) ، وصحيح مسلم (1604) ، وجامع الترمذي (1311) . ومن المعلوم أن المعقود عليه في عقود التوريد - ومنها العقد المشار إليه في السؤال- موصوف في الذمة مؤجل، وعلى هذا فيشترط في المعقود عليه أن يوصف وصفاً منضبطاً، وأن يكون موعد التسليم محدداً ومعلوماً للطرفين. 2- وأما كون العوضين - الثمن والمثمن - مؤجلين في عقد التوريد فهذا أيضاً لا يؤثر في صحة العقد؛ لأن النهي عن بيع المؤجل بالمؤجل إنما ثبت بالإجماع دون النص، والإجماع لم يقع على كل صور بيع المؤجل بالمؤجل بل وقع على بعض الصور دون بعض، وحينئذٍ فإن التحريم يثبت في الصور التي وقع الاتفاق عليها دون التي وقع الخلاف فيها، وهذا العقد مما وقع فيه الخلاف فلا يثبت له التحريم، ومما يدل على ذلك أن أهل العلم جوزوا عقوداً متعددة يكون فيها العوضان مؤجلين، فمن ذلك: أ- عقد الاستصناع (المقاولة) وقد نص على جوازه فقهاء الحنفية وحكوا فيه الإجماع العملي، وهو عقد صحيح ولو كانت السلعة المستصنع فيها مصنوعة قبل العقد، وفي هذه الحال لافرق بينه وبين عقد التوريد.

ب- بيعة أهل المدينة، وهي الشراء من دائم العمل حقيقة أو حكماً، قال في مواهب الجليل - نقلاً عن المدونة – (4/538) : وقد كان الناس يتبايعون اللحم بسعر معلوم يأخذ كل يوم شيئاً معلوماً، ويشرع في الأخذ ويتأخر الثمن إلى العطاء وكذلك كل ما يباع في الأسواق، ولا يكون إلا بأمر معلوم يسمى ما يأخذ كل يوم، وكان العطاء يومئذ مأموناً، ولم يروه ديناً بدين واستخفوه.. وليس ذلك محض سلم، ولذلك جاز تأخير رأس المال إليه فيه، ولا شراء شيء بعينه حقيقة) . وفي المدونة (3/315) عن سالم بن عبد الله: كنا نبتاع اللحم كذا وكذا رطلاً بدينار يأخذ كل يوم كذا وكذا، والثمن إلى العطاء فلم ير أحد ذلك ديناً بدين، ولم يروا به بأساً) . فهذا إجماع أهل المدينة على جواز تأجيل البدلين. ج- بيع الموصوف في الذمة غير المعين، وهو جائز في أحد الأقوال في المذهب الحنبلي، وجوزه بعضهم من غير اشتراط قبض الثمن. فجميع هذه العقود نص الفقهاء على جوازها مع أن العوضين فيها مؤجلان وهو يؤكد أن الإجماع المحكي على تحريم ابتداء الدين بالدين لا يشمل جميع صوره، لا سيما إذا كان العقد مما تقتضيه المصلحة وتدعو إليه الحاجة. 3- وغرامات التأخير التي يضعها المستورد على المورد في حال تأخيره إذا كانت خصماً من قيمة العقد فهي جائزة لأنها ليست زيادة في دين ثابت في الذمة بل هي خصم منه، وهي نوع من الشروط الجزائية، وقد أفتى مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة بجوازها وبأن: (الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به، ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالتزام الموجب له يعتبر شرعاً، فيكون العذر مسقطاً لوجوبه حتى يزول.

وإذا كان الشرط الجزائي كثيراً عرفاً بحيث يراد به التهديد المالي، ويكون بعيداً عن مقتضى القواعد الشرعية، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة، ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر) . 4- وبالنسبة للضمان البنكي الذي تشترطه بعض الجهات المتعاقد معها فإن كان البنك يأخذ أجراً مقابل إصداره للخطاب فينظر: - فإن كان الأجر مبلغاً ثابتاً بقدر تكلفة إصدار الخطاب فهو جائز. - وأما إن كان نسبياً مثل ما لوكان الأجر بمقدار 2% من مبلغ الضمان فيشترط لجوازه أن يكون مغطى أي بأن يكون للعميل رصيد لدى البنك يعادل المبلغ المضمون أو يزيد عليه، فإن لم يكن مغطى فلايصح أخذ الأجر عليه لأن هذا الضمان قد يؤول إلى قرض من البنك للعميل في حال تعثر العميل، فإذا شرط فيه الأجر تحول إلى قرض جر منفعة للمقرض، وإذا لم يكن للعميل رصيد يغطي مبلغ الضمان وهو يعرف من نفسه المقدرة على تنفيذ ما التزم به فيمكن أن يتفق مع البنك على أن إصدار الخطاب بأجر وبدون تغطية على أنه لو تعثر في السداد واضطر البنك للتسديد عنه فيسترد العميل الأجور التي دفعها للبنك، وذلك حتى تنتفي شبهة القرض بمنفعة. أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الرزق الطيب الحلال وأن يبارك لك في مالك وعملك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الجمع بين بيع وشرط!

الجمع بين بيع وشرط! المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيع وشروطه (الصحيحة والفاسدة) التاريخ 02/09/1426هـ السؤال ما هو البيع المشروط؟ وما حكمه؟ وما دليل ذلك؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فالأصل في الشروط الحل واللزوم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً" أخرجه أبو داود (3594) ، والترمذي (1352) . والبيع يصح، ويصح الشرط معه إذا لم يخالف مقتضى العقد، أما حديث: "نهى عن بيع وشرط" فقد أنكره أهل العلم، كالإمام أحمد والنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم. وأما حديث النهي عن شرطين في بيع، فقد أخرجه أبو داود (3504) ، والترمذي (1234) ، والنسائي (4611) . وقد اختلف أهل العلم في تفسيره، فحمله بعضهم -كالإمام أحمد- على ظاهره، وأنه لا يجوز الجمع بين شرطين ولو كانا صحيحين، والجمهور على غير ذلك، وفسر بأن يقول بعتك بألف نقداً أو بألفين نسيئة. وأما النهي عن "بيعتين في بيعة" أخرجه أبو داود (3461) ، والترمذي (1231) ، والنسائي (4632) . فمحمول على بيع العينة، أو البيع بشرط أن يبيعه أو يشتري منه كذا. وللتفصيل ننصحك بالرجوع إلى كتب الفقه، والله الموفق.

البيوع المنهي عنها

المتاجرة بأدوات التجميل المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 5/7/1422 السؤال أنا رجل مستقيم أريد أن أفتح محل أدوات تجميل، فهل يجوز لي بيعها وشراؤها، وإذا كان جائزاً، فهل هي من خوارم المروءة؟ الجواب المتاجرة في أدوات التجميل تجوز من حيث الجملة، أما إذا أردت نوعاً معيناً منها، فعليك الإيضاح. أما هل هو من خوارم المروءة، فهذا يرجع إلى العرف، فإن كنت في وسط يعد عقلاؤه أن هذا من خوارم المروءة، فهو كذلك، ولاعبرة بالسفهاء وقاصري النظر.

حكم الصندوق الاستثماري التعاوني المغلق

حكم الصندوق الاستثماري التعاوني المغلق المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 10/8/1422 السؤال نحن مجموعة من الأشخاص مشتركون في صندوق تعاوني استثماري مغلق (أي لا يحق لغيرنا الاستفادة من الصندوق إلا عن طريق أحد الأعضاء المشاركين في الصندوق) وكل منا مشارك بسهم أو أكثر، ويدار الصندوق عن طريق هيئة إدارية لها 10% من الأرباح، وكذلك فإن كل عضو يأتي بعملية تجارية فإن له 3% من أرباح هذه العملية، والصندوق غير ملزم بإتمام أي عملية تجارية لأي عضو ويكون القرار بيد الهيئة الإدارية. ونقوم بشراء وبيع العقارات والسيارات والأثاث نقداً وبالتقسيط، بحيث يقوم من يرغب في شراء أي سلعة بتعيين السلعة فيشتريها الصندوق عن طريق أحد أعضائه ثم يعرضها على الراغب في الشراء فإن كانت رغبة الشراء ما زالت قائمة لديه حدد للسلعة سعراً ويتفق الصندوق مع المشتري على طريقة الدفع، ولنا عدد من الأسئلة نرجو من فضيلتكم الإجابة عليها جزاكم الله خيراً. س1. ما حكم إقامة مثل هذا النوع من الصناديق من الناحية الشرعية؟ س2. هل يحق لأي عضو راغب في شراء سلعة أن يأخذ نسبة 3% التي وضعها الصندوق لكل من أتى بعملية تجارية للصندوق؟ س3. هل يجوز للصندوق أن يشتري السلعة باسم العضو الراغب في شرائها أصلاً بصفته ممثلاً للصندوق ومن ثم يبيعها الصندوق عليه بالتقسيط؟ س4. إذا اشترى الصندوق سلعة يمكن نقلها كالسيارات والأثاث، هل يجوز له بيعها قبل أن يخرجها من عند البائع الأول بالرغم من أنه قد دفع قيمتها وأكمل جميع إجراءات البيع القانونية؟ الجواب جواب السؤال الأول: الذي يظهر هو جواز هذا النوع من الاستثمار - بالصورة هذه -، وهو في حقيقته شركةٌ، وإنْ سمّي صندوقاً استثمارياً تعاونياً.

جواب السؤال الثاني: نعم، يحق لأي عضو يرغب في شراء سلعة من الشركة نفسها أن يأخذ هذه النسبة لتحقق الشرط (المتفق عليه) فيه. جواب السؤال الثالث: نعم، يجوز للصندوق ذلك؛ لأن ذلك العضو (الذي سُجلت السلعة باسمه) إنما هو وكيل عن الصندوق في الشراء، وتسجيل السلعة باسم هذا العضو لا يعني انفراده بملكيتها، وإنما هي إجراءات نظامية لإثبات الملكية وحماية الحقوق. وعليه فيجوز للصندوق أن يبيعها عليه بالتقسيط بعد تملُّكه وقبضه. جواب الرابع: إذا اشترى الصندوق سلعةً مما يُنقل - كالسيارات، والأثاث - فلا يجوز له أن يبيعها حتى يقبضَها، وإنْ تمّ البيع واستوفى البائع الثمن، وقبضُ هذه المنقولات يكون بنقلها. والدليل على تحريم بيع السلعة قبل قبضها حديث ابن عباس - رضى الله عنه - أن النبي r قال: (من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه) قال ابن عباس - رضى الله عنه - وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام. أخرجه البخاري في البيوع / باب بيع الطعام قبل أن يُقبض (2135) ، ومسلم في البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (1525) . وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قد رأيت الناس في عهد رسول الله r إذا ابتاعوا الطعام جُزافاً يُضربون في أن يبيعوه في مكانهم ذلك حتى يؤووه إلى رحالهم. أخرجه البخاري في البيوع (2137) . ويقاس على الطعام في ذلك (أي في تحريم بيعه حتى يقبضه) كل ما يباع مطلقاً في القول الراجح، وهو مذهب ابن عباس - رضي الله عنه - وجماعة من السلف والخلف، منهم ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين وآخرون.

وعلة النهي عن ذلك ما ذكره ابن القيم (تهذيب سنن أبي داوود - المطبوع في ذيل عون المعبود 9/388) حيث قال: "فالمأخذ الصحيح في المسألة: أن النهي معلل بعدم تمام الاستيلاء وعدم انقطاع علاقة البائع عنه، فإنه يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه، ويغره الربح وتضيق عينه منه، وربما أفضى إلى التحيل على الفسخ ولو ظلماً وإلى الخصام والمعاداة، والواقع شاهد بهذا. فمن محاسن الشريعة الكاملة الحكيمة منع المشتري من التصرف فيه حتى يتم استيلاؤه عليه، وينقطع عن البائع وينفطم عنه، لا يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض، وهذا من المصالح التي لا يهملها الشارع، حتى إن من لا خبرة له من التجار بالشرع يتحرى ذلك ويقصده لما في ظنه من المصلحة وسد باب المفسدة" أ. هـ.

بيع المرابحة للآمر بالشراء

بيع المرابحة للآمر بالشراء المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 15/11/1423هـ السؤال رجل اشترى لرجل بضاعة من دبي وحول له البضاعة إلى ليبيا فطلب الرجل الذي حول البضاعة المبالغ التي دفعها عنه في دبي وزاد عليها عمولة التحويل ومكسبه جراء شرائه للبضاعة علماً أن الدفع يكون بالتقسيط، أي: التحويل على دفعات وعلى جراء هذا التأخير زاد نسبة (2%) . وهناك صورة أخرى يبعث الشاري الذي في دبي الفاتورة للرجل الذي في ليبيا ويبعث له عمولة (3%) على ثمن الفاتورة. الجواب هذا البيع يعتبر من صور البيوع المستجدة ويطلق عليه بيع المرابحة للآمر بالشراء، فهذا الآمر في ليبيا يريد بضاعة في دبي ولا يملك قيمتها أو يملك بعضاً منها فأمر شخصاً آخر وبيَّن له رغبته في شراء بضاعة معينة من دبي، فقام هذا المأمور بشراء هذه البضاعة ثم بيعها على الآمر في ليبيا. وهذا البيع صحيح شرعاً بالشروط التالية: (1) أن يقوم المأمور بشراء السلعة وضمها إلى ملكيته الخاصة. (2) أن يتم الاتفاق من جديد على عقد البيع إذا حازها المأمور ثم بيعها على الآمر سواء كان ذلك بثمن حال أو مقسط. فيلزم أن يكون كل من الطرفين من البائع والمشتري غير ملزم في البيع أو الشراء. ولذا فإن الصورة التي ذكرها السائل غير صحيحة شرعاً إلا إذا توفرت فيها الشروط المذكورة، والله أعلم.

بيع المرابحة

بيع المرابحة المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 24/9/1422 السؤال لقد قمت بشراء سيارة عن طريق أحد البنوك، حيث قمت أنا بالبحث عن السيارة، ثم اتفقت مع صاحب المعرض على السعر، ثم ذهبت إلى البنك وأكملت الأوراق، وطلب البنك أن يأتي صاحب المعرض، أو من ينوب عنه لإكمال الإجراءات، واستلام قيمة السيارة البالغة (63000) ريال فتم ذلك، وأحضرت كاتب المعرض إلى البنك مع أحد الزملاء أنهي الأوراق، وتم بيع السيارة للبنك، وهذا على حد علمي حيث إني لم أوقع أية أوراق للمعرض تفيد بشرائي للسيارة منهم، وتم بناء على أمر البنك للمعرض تسليمي السيارة على أن أسدد للبنك (1449) ريال لمدة 5 سنوات، وتم ذلك، وتسلمت السيارة من المعرض، وركبتها، وقمت بالدوران بها في المعرض، ثم عدت إلى صاحب المعرض لبيعها، فبعتها له ب (61000) ريال، ثم قمت بعد فترة بشراء سيارة أخرى من مدينة أخرى، ودفعت قيمتها نقداً (59000) ريال من قيمة السيارة الأولى وأكلت وشربت واشتريت بالباقي. سؤالي هل في طريقة البيع والشراء ربا، وما هو الحل جزاكم الله خيراً. الجواب هذه المسألة تسمى عند الفقهاء المعاصرين " بيع المرابحة للآمر بالشراء " ويظن بعض طلبة العلم أن هذه المسألة من المسائل الحادثة في هذا الزمان، والحقيقة أن هذه المسألة معروفة عند الفقهاء المتقدمين، فقد تكلم فيها محمد بن الحسن الشيباني كما في كتاب (الحيل) ، وكذا المالكية في كتبهم، وكذا الإمام الشافعي في كتابه (الأم) والعلامة ابن القيم في كتابه العظيم (إعلام الموقعين) ، وبعض الحنابلة، وجوّزها ابن القيم -رحمه الله- بشروطها المعتبرة التي سنذكرها -إن شاء الله- خلافاً للمالكية وبعض الفقهاء المعاصرين، حيث منعوا ذلك.

وهذه المسألة تختلف عن مسألة التورّق، والفرق بين البيعتين هي أن السلعة في مسألتنا وهي "بيع المرابحة للآمر بالشراء " ليست عند البنك أو الشخص الذي يراد منه بيعها على العميل بالتقسيط، أما مسألة بيع التورّق فإن البائع يملكها أصلاً، ولم يشترها لأجل أن بيعها على العميل بزيادة الثمن لأجل الأجل، لهذا اتفق الأئمة الأربعة على جواز بيع السلعة مؤجلة بزيادة الثمن لأجل الأجل، سواء باعها العميل بعد ذلك ليحصل على الثمن وهي مسألة التورّق، أو أبقاها عنده للاستعمال، مع أن في المسألة خلافاً أيضاً، والشروط المعتبرة لصحة بيع المرابحة، هي كالأتي: الشرط الأول: أن لايبيع المصرف (البنك) السيارة، أو أي سلعة اتفق عليها على العميل حتى تدخل السيارة المأمور بشرائها في ملكية المصرف (البنك) وتدخل في ضمانه، ويحصل القبض الشرعي من البنك مع صاحب المعرض. وعلة الشرط: هو حتى لا يدخل البنك في بيع ما لا يملك، وقد روى أهل السنن وأحمد من طريق عمروبن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال:" لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك " صححه الترمذي (1234) ، وابن خزيمة، وروى الخمسة، أيضاً من حديث حكيم بن حزام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تبع ما ليس عندك " (الترمذي 1232، النسائي4613، أبو داود 3503، ابن ماجه 2187، أحمد 15311) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وعلى هذا فإذا تمت المبايعة مع البنك والعميل على شراء السيارة بأقساط معلومة قبل أن يملكها كان بيعاً محرماً، ومثل ذلك أيضاً أن يتصل البنك على صاحب المعرض الذي وجد العميل السيارة عنده ـ فيقول البنك لصاحب المعرض: احجز السيارة الفلانية، ثم بعد ذلك يبرم مبايعته مع العميل، فكل هذا بيع غير صحيح؛ لأن السيارة لم تدخل في ملك البنك.

الشرط الثاني: أن لايتم بين البنك والعميل وعدٌ ملزمٌ بالشراء قبل تملك البنك للسيارة من صاحب المعرض، وأن لا يدفع العميل مالاً قبل تملك البنك للسلعة، وأن لا يشترط البنك على العميل أنه في حالة نكوله في صفقة البيع وعدم الالتزام بالشراء من البنك، فإن العميل يلتزم بدفع مبلغ مقابل تضرر البنك من آثار النكول عن الوفاء بالوعد، فكل ما سبق داخل في بيع ما لا يملك؛ لأن الوعد الملزم هو بحد ذاته عقد ومعاهدة، كما فسر ذلك الشافعي -رحمه الله- في تفسيره لأحكام القرآن، وكذا أحمد كما نقله أبو العباس ابن تيمية في (القواعد النورانية) . وليس هذا الوعد داخلاً في حكم الوعد الملزم والشرط الجزائي الذي تكلم فيه المعاصرون؛ لأن الشرط الجزائي، أو الوعد الملزم مشروط جوازه بأمرين: الأول: أن لا يكون الدخول في الوعد الملزم الذي فيه أثر مالي يترتب عليه معاملة ممنوعة من الشارع، مثل بيع مالايملك. الثاني: ألا يكون الشرط الجزائي، أو الوعد الملزم الذي فيه أثر مالي في العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها ديناً، لأن هذا من الربا الصريح، فعليه إذا اشتُرط الشرط الجزائي في التأخير عن سداد الأقساط، فهو من الربا. أما لو تم بين البنك والعميل وعدٌ غير ملزم، ولو اشتمل الوعد بالشراء على نسبة الربح بين الطرفين، وعدد الأقساط ومعلوميتها، ويحدد فيه السعر للسلعة، أو أن تطلب إدارة البنك من العميل بعض الضمانات الشرعية التي تراها فكل هذا لا بأس به. الشرط الثالث: أن لايكون بيع المرابحة ذريعة إلى الربا، بأن يقصد المشتري الحصول على المال، ويتخذ السلعة وسيلة لذلك، كما في بيع العينة بأن يبيعها المشتري بعد ذلك على البائع بسعر أقل حالاً، فهذا من المحرم لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة كما عند أهل السنن بسند جيد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي رواه الترمذي (1213) والنسائي (4632) .

وبهذا التفصيل الذي أراه من الأهمية لكثرة من يسأل عن حكم الشراء من مصرفٍ معين، فيجب على طالب الشراء أن يتثبت حين الإقدام مع المصرف بتطيبقه لهذه الشروط، مع العلم أن بعض البنوك لا تملك السيارة أصلاً لا قبل إبرام عقد المرابحة مع العميل ولا بعده، بل تكتفي بالاتصال على صاحب المعرض للتأكد من صحة البيانات التي أتى بها العميل، فإذا تبين للبنك صحة ذلك أبرم مع العميل عقد المرابحة، ثم أعطى العميل شيكاً بقيمة السلعة التي حددها المعرض مكتوباً باسم العميل، ثم يقوم العميل بصرفه، وإعطائه صاحب المعرض، فهذا هو الربا الجلي المحرم الذي أجمع أهل العلم على تحريمه، وأنه إيذان بحرب من الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. إذا تبين هذا، فإن السائل لم يوضح في سؤاله، هل البنك أبرم معه عَقْدَ مواعدة بالشراء،، وما نوع هذا الوعد؟ فإن كان وعداً ملزماً يدفع بموجبه العميل مبلغاً مالياً أو نحوه كما سبق تفصيله فإن ذلك محرم ولا يجوز؛ لأنه داخل في بيع ما لا يملك، إلا أنه إذا تمّ البيع بهذه الصفة، ولم يخُلّ العميل بالتزامه، فإن العقد يكون صحيحاً، ويكون هذا الشرط -أعني به: الوعد الملزم أو الشرط الجزائي- باطلاً والعقد صحيح. وأبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- قد ذكر أن العلة في بيع ما لا يملك الإنسان هو لأجل القدرة على عدم التسليم، فإذا وجد التسليم بعد فالمرجو أن تكون المعاملة صحيحة مع الإثم، والله أعلم. فالواجب حينئذ التوبة.

ويظهر أيضاً من سؤال السائل أن البنك بعدما أبرم عقد البيع مع من كاتب المعرض -وهو الوكيل لصاحب المعرض- لم يقبضها القبض الشرعي بإبرام عقد المبايعة مع العميل بعد المبايعة مع صاحب المعرض، ولم يتسلمها البنك من المعرض، وهذه العملية داخلة في مسألة بيع السلعة قبل قبضها، ونحن قد ذكرنا أن من شروط بيع المرابحة أن لا يبيع البنك السلعة للعميل طالب الشراء إلا بعد قبضها القبض الشرعي، ودخولها في ضمانه، وهذا هو مذهب ابن عباس وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما -، وأبي حنيفة، والشافعي، ورواية عن أحمد، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية -رحمه الله-، وهو: أن النهي عن بيع الشيء قبل قبضه عام في كل السلع، والخلاف في هذه المسألة مشهور ومعروف، حيث إن السائل قد أبرم العقد مع الجهالة في الحكم، والسلعة بيعت وتُصُرَّف بها ولا يستطيع إرجاعها، فالذي يظهر -والله أعلم- صحة ذلك مع التوبة وعدم الرجوع لمثل ذلك؛ لأن النهي ليس عائداً على ذات العقد، ولا على صفة لازمة بالعقد، وكل ماكان النهي كذلك فالنهي لايقتضي الفساد -والله أعلم- كما هو مذهب الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنابلة. ثم أن بيع الشخص (العميل) السيارة التي قبضها من المعرض على نفس صاحب المعرض لا بأس به؛ لأنها ليست من باب العينة على الصحيح -إن شاء الله-؛ لأن المعرض ليس هو البائع على العميل، وإنما هو بائع على البنك، مع أن الأحوط خروجاً من الشبهة أن لا يبيعها على صاحب المعرض لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) ، والله أعلم.

حكم بطاقات الاتصالات

حكم بطاقات الاتصالات المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 14/9/1422 السؤال ما حكم الاشتراك بباقات الاتصالات الفضية والذهبية، مع العلم أن الباقات هي مجموعة دقائق اتصال محلي تحصل عليها بسعر مخفض، وتسدد ثمنها مسبقاً مع رسم الاشتراك الشهري (شهرين مقدماً) وبدون تغيير الشريحة، هذا هو تعريفها حسب ما ورد في إعلان الشركة في الصحف؟ الجواب هذه المعاملة بهذا التصور جائزة، وفيها منفعة للبائع والمشتري، فالمشتري يحصل على منفعة الاتصال بثمن أقل، والبائع يحصل على عدد مضمون من المبيع (الاستهلاك) . والله أعلم.

تخفيض قيمة الدين مقابل تعجيله

تخفيض قيمة الدين مقابل تعجيله المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 11/4/1423 السؤال لدي سيارة قيمتها خمسون ألف ريال نقداً، وبعتها بستين ألف ريال، على أن يتم السداد بعد عام من تاريخ البيع، وبعد مضي ستة أشهر من البيع أصبح المبلغ متوافراً مع المشتري، فقام بتسديد خمسة وخمسين ألف ريال، ورضي الطرفان، مع العلم أن هذه الطريقة متعارف عليها بين الناس، ما حكم الشرع في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب هذه المسألة تسمى عند الفقهاء مسألة: (ضع وتعجّل) ، وقد اختلف السلف فيها، فبعضهم منعها لشبه الربا من جهة أنه جعل للأجل قيمة، والأكثر على الجواز؛ لأن هذا ليس مقصوداً في بداية العقد، وفي هذا لا يشبه الربا، ولعل هذا هو الراجح على أن يكون هذا عند التقاضي ولا يذكر عند بداية العقد، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

شراء الطيب غالي الثمن

شراء الطيب غالي الثمن المجيب د. صالح بن عبد العزيز المنصور عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام سابقاً المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 29/6/1423هـ السؤال ما حكم شراء البخور والأطياب بأسعار باهظة الثمن؟ وفي أي مواضع كتب الفقه أجد الإجابة؟ الجواب الأصل في ذلك الحل والإباحة إلا إذا ترتب على ذلك مفسدة، وذلك كأن يصل إلى حد السرف ممن يضر في ماله شراؤه، أو يحصل فيه خيلاء ومباهاة، أو يضر في نفقته على نفسه، أو من ولاه الله أمر الإنفاق عليهم فيحصل بذلك تقصير عليهم، أو كان هناك حاجة إلى الإنفاق في سبيل الله كالجهاد، أو على فقراء أو مساكين أو أرامل أو أيتام ونحوهم، أو مشاريع في الناس حاجة إليها، كبناء مسجد أو مستشفى أو مساعدة في علاج أو أجهزة طبية أو غير ذلك مما يحتاج إليه، أو يضطر إليه المسلمون فإنه والحالة هذه أرى والله أعلم أن شراء مثل هذه البخور والأطياب باهظة الثمن حرام، أما إذا كان الناس ليسوا في حاجة إلى ذلك، أو لم يحصل منه تقصير ولا خلل في الإنفاق في مثل هذه الوجوه بل ذلك أمر فائض فلا أرى بذلك بأساً -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم، لأن الله أباح الأكل والشرب واللبس، والطيبُ يدخل في ذلك -والله أعلم- وقيّد ذلك بقيود كعدم السرف، والخيلاء، قال الله -تعالى-:"وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" [الأعراف: 31] ، وقال في وصف عباد الرحمن -جعلني الله وإياكم ووالدينا منهم- قال:"والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً" [الفرقان: 67] ، وقال -تعالى-:"ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً" [الإسراء: 29] وذكر الإمام ابن كثير في تفسيره ما رواه البخاري في صحيحه في كتاب اللباس (ص: 1132) عن ابن عباس في تفسيره لقوله -تعالى-:"وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" قال:"كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة".

وذكر ذلك مرفوعاً بأسانيد، قال الإمام أحمد (6708) : حدثنا بهز حدثنا همام عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده" ورواه النسائي (2559) وابن ماجة (3605) من حديث قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بدون ذكر "فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده".

رسم وبيع الصور الفرعونية

رسم وبيع الصور الفرعونية المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 20/3/1423 السؤال رجل مسلم وحريص على دينه يقوم برسم الآثار الفرعونية على ورق البردي، وتباع للأجانب من غير المسلمين. أرجو الإفادة. الجواب إن من المعلوم أن الآثار الفرعونية صور محرمة وتماثيل باطلة، وقد اعتنى بها وعظمها من صنعها وتتابعت العناية بها تعظيماً لشأنها، بل وربما عبدت من دون الله في الأزمنة الماضية، أي قبل الإسلام، ولهذا فإن رسمها وبيعها محرم ولا يجوز بحال من الأحوال حتى لو بيعت لغير المسلمين، وحرمة هذا العمل من وجوه متعددة، منها: أنها صور وتماثيل، وفيها مضاهاة لخلق الله، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" البخاري (5954) مسلم (2107) ، ومنها: أنها أوثان، والعمل المشار إليه إحياءٌ للوثنية، فالحذر كل الحذر من هذا العمل، والأجدر بالمسلم أن يذكر غير المسلم بما يدعوه للإسلام مثل: الكعبة، والمساجد، ونحو ذلك مما ليس فيه روح ولا محظور في عمله، ويكون بهذا دعوة من جهة ومكسباً دنيوياً من جهة أخرى، والله أعلم.

بيع أوان عليها صور مجسمة

بيع أوانٍ عليها صور مجسمة المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 30/1/1425هـ السؤال نقوم ببيع أوانٍ عليها صور أشخاص وأشكال جمالية لامرأة مجسمة تحمل إبريقاً يصب الماء، هل عملنا هذا جائز؟ وإذا لم يكن جائزاً ماذا نفعل بآلاف القطع التي نملكها منها؟ الجواب تنقسم هذه الأواني إلى قسمين: القسم الأول: أن تكون هذه الأواني التي عليها صور تتخذ للزينة أو للاستعمال والزينة معاً، فهذه الأواني محرمة، ولا يجوز بيعها ولا شراؤها للأدلة التالية: أولاً: عموم قوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته" رواه مسلم (969) من حديث علي - رضي الله عنه -، فهذا الحديث يدل على وجوب طمس الصور ومحوها، لا ترويجها ونشرها عن طريق البيع، والله - تعالى- إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، يدل على هذه القاعدة قوله - صلى الله عليه وسلم-: "قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها" رواه البخاري (2223) ، ومسلم (1582) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - فهذا الحديث يدل على أن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وإذا كانت هذه الصور التي على الأواني محرمة فثمنها أيضاً. ثانياً: قوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تصاوير" رواه البخاري (3322) ، ومسلم (2106) من حديث ابن عباس وأبي طلحة - رضي الله عنهم-، وهذا يدل على تحريم وجود التصاوير في البيوت لما يترتب عليه من عدم دخول الملائكة، ومعلوم أن عدم دخولها من العقوبات الشرعية، والعقوبة لا تكون إلا على محرم، والحديث عام يشمل الصورة المفردة والتابعة للأواني، أي: المرسومة عليها.

القسم الثاني: أن تكون هذه الأواني التي عليها صور تتخذ للاستعمال الذي يؤدي بها إلى الامتهان والابتذال، فهذه يجوز استعمالها عند جماهير العلماء من الصحابة - رضي الله عنهم- وغيرهم، فهم يرون جواز استعمال الممتهن من الصور، وبناء على ذلك يجوز بيعها وشراؤها لجواز استعمالها، ولكن مع ذلك أنصحك -أخي- أن تبتعد عن الأواني التي فيها صور؛ لما فيها من الشبهة، وقد جعل الله لك فيما أحل من الأواني غنية عنها إن شاء الله، والله أعلم.

بيع الرجل على بيع أخيه

بيع الرجل على بيع أخيه المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 20/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: هل يجوز البيع فوق البيعة الأولى، وإن كانت تلك البيعة تمت عن طريق الكلام؟ مع العلم أن المشتري الثاني قد تقدم بطلب الشراء بسعر زائد عن الأول. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: أقول وبالله التوفيق والسداد: بيع الرجل على بيع أخيه لا يجوز؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"وأيما رجل باع بيعاً من رجلين فهو للأول منهما" أبو داود (2088) واللفظ له، وابن ماجة (2190) ، وأحمد (20208) ، والدارمي (22390) . ولقوله -صلى الله عليه وسلم-:"ولا يبيع الرجل على بيع أخيه" البخاري (2140) ، واللفظ له ومسلم (1413) ، فالجواب إذاً: لا يجوز البيع للثاني بعد أن تم مع الأول حتى ولو كان ذلك عن طريق الكلام، والله أعلم بالصواب.

التسويق الهرمي

التسويق الهرمي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 4/4/1423 السؤال هناك شركة تقوم ببيع برامج كمبيوتر تعليمية إلكترونية, تتضمن برامج تعليم الحاسب الآلي والإنترنت، ولغة الكمبيوتر، وغيرها من برامج تعليمية مصاحبة, علماً أن هذه البرامج لا تحتوي على مواضيع أو مشاهد محرمة شرعاً، وهذه الشركة تعطي لزبائنها فرصة لتسويق هذا المنتج إلى أشخاص آخرين مقابل عمولة يحصل عليها الزبون عند اكتمال عدد محدد من المبيعات, والملاحظ أن الشركة تشترط الشراء ولو مرة للحصول على فرصة التسويق، ولهذا فمن الملاحظ أن العديد من الزبائن يشترون من الشركة لمجرد الحصول على فرصة التسويق وطلب الرزق. السؤال: هل يجوز للشخص أخذ هذه الأموال على أساس أنها عمولة مقابل الجهد الذي يبذله في عملية التسويق ومتابعة الزبائن الجدد؟ مع العلم أن العديد من الزبائن لم يشتروا عن طريقه إلا للتسويق والربح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: اشتراط الشراء للحصول على فرصة التسويق يندرج ضمن اشتراط عقد في عقد أو بيعتين في بيعة، الذي ورد النهي عنه في السنة المطهرة، والعقدان هنا، هما: عقد الشراء وعقد السمسرة، وهذا الاشتراط يخفي عادة نوعاً من الاستغلال من أحد الطرفين، وهو: المشترِط، (بكسر الراء) للآخر، فالمسوق ليس له مصلحة في المبيع، لكنه مضطر للشراء لكي تتاح له فرصة التسويق، ولهذا فإن الأصل في اشتراط بيعة في أخرى هو المنع.

واستعمال هذا النوع من التعاقدات شائع فيما يسمى (التسويق الهرمي) ، حيث يشتري الشخص من الشركة لكي تتاح له فرصة التسويق، ثم هو بدوره يشترط على من يبيع له أن يشتري لكي يسوق هو الآخر، فكل مسوق يجذب مسوقين آخرين، على شكل هرمي، والمسوق الأول يحصل على عمولة من كل من يشتري من المسوقين في المستويات التي تليه في الهرم، وعادة ما تغري هذه الشركات عملاءها بمبالغ طائلة خلال فترات قصيرة، نظراً لأن العمولة تتضاعف بشكل أسّي كلما زاد عدد مستويات الهرم، وقد أشار السائل إلى أن الزبائن يشترون ليسوقوا بدورهم أيضاً، وهذا يرجح أن الشركة المذكورة تتبنى هذا النوع من التسويق الهرمي. وهذا النوع من شركات التسويق شائع في الغرب، وقد تناولتها عدة دراسات وأبحاث وكتب، كلها تحذر منها ومن والوهم والتغرير الذي توقع فيه أتباعها، فتجعلهم يحلمون بالثراء السريع مقابل مبالغ محدودة، وفي نهاية الأمر تصب هذه المبالغ في جيوب أصحاب هذه الشركات والمنظمات، ولا يحصد الأتباع سوى السراب، وقد سبق بيان آلية عمل هذه الشبكات بالتفصيل، وما تتضمنه من أكل المال بالباطل، في إجابة سابقة، فأحيل السائل على الجواب المذكور، وأنصحه بعدم الانسياق وراء الوهم الذي تبيعه هذه الشركات، فهي محارَبة في بلادها التي نشأت وترعرعت فيها، في الغرب، فالمسلمون أولى وأحرى أن يحاربوها ويقاطعوها، والله أعلم.

بيع المغيبات

بيع المغيبات المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 13/4/1423 السؤال الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أرجو من فضيلتكم الإجابة على الأسئلة التالية، علماً أنها ستُدرج ضمن رسالة ماجستير بعنوان: (بيع المغيبات) ، ومن هذه الأسئلة: ما مراد علماء الشريعة ببيع المغيبات؟ وما الألفاظ ذات الصلة به، وما العلاقة بينهما؟ ما حكم بيع الدور على الخرائط؟ ما حكم بيع المعلبات؟ ما حكم البورصة؟ وما علاقتها ببيع المغيبات؟ الجواب -المغيبات هي: الأشياء التي يكون المقصود منها مدفوناً في الأرض غير ظاهر للعيان كالبصل والثوم والبطاطس والجزر والفجل والبنجر، ويجوز بيعها لما في ذلك مصلحة للبائع والمشتري. -أما بيع الدور على الخرائط المحكمة والمواصفات الفنية الدقيقة فهو جائز، ويكون من باب الاستصناع على أن يلتزم البائع بتطبيق الخرائط وتنفيذ المواصفات بالدقة التي تبعد المتبايعين عن الخصومة والنزاع، وهو من جنس بيع الموصوف في الذمة، وقد جرى العرف بالتعامل بهذا الأسلوب سواءً كان من باب السلم أو من باب الاستصناع على أن يجري الالتزام بالدقة والضبط. أما بيع المعلبات المنضبطة بالجنس، والنوع، والقدر، وسلامة الصناعة، ونظافة المحتوى، ومعرفة زمن التصنيع، وبيان انتهاء مدة الصلاحية بطريقة بعيدة عن الغش والتدليس، بحيث تتوافر الأمانة، ويحافظ الناس على كافة الحقوق فهو بيع جائز؛ لأن الحاجة تدعو إليه ولا سيما مع توافر الخضراوات والفواكه والتوابل في بلاد وندرتها في بلاد أخرى. وبالله التوفيق.

بيع المجلات والجرائد

بيع المجلات والجرائد المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 14/11/1422 السؤال ما حكم بيع المجلات والجرائد في الأسواق التجارية؟ الجواب الذي يظهر لي - والله أعلم - ضرورة التفريق بين المطبوعات التي يغلب على طابعها نشر المباح والقضايا الجادة والنافعة - وإن كانت لا تخلو غالباً من بعض المنكرات والتفاهات- كصور المتبرَّجات وأخبار الفنانين والرياضيين، وبين المطبوعات التي يغلب على طابعها نشر الرذائل كالمتاجرة بإثارة الغرائز وبث الفكر الفاسد، وتضيق صفحاتها عن نشر الفضائل والصالح المفيد. فالأولى وإن كانت لا تخلو - غالباً - من بعض المنكرات، لكن الأظهر جواز بيعها لغلبة النافع فيها على الضار، بخلاف الثانية: فإنه لا يجوز بيعها؛ لأن المفسدة فيها أعظم من المصلحة، على أنه ليس من منطوق هذا ولا من مفهومه إقرار ما فيها من المنكرات أو السكوت عليه فضلاً عن الرضا به. والله أعلم.

بيوع المرابحة التي تجريها البنوك الإسلامية

بيوع المرابحة التي تجريها البنوك الإسلامية المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 29/11/1424هـ السؤال قد اشتبهت علينا مسألة البيوع التي تجريها البنوك الإسلامية التي تسميها بيع المرابحة، ما بين محرم لها ومجيز، حيث يتم بيع السلع في نفس مكان الشراء، أي يشتريها البنك للشخص الذي يشتريها عن طريق البنك، ويبيعه إياها في نفس مكان البيع، وما بين القول بالحرمة إذا كان المبيع طعاماً، أما إذا كان سلعة أخرى فجائز، ووجدت ما يؤيد ذلك من الأقوال عند الحنابلة -المغني- وعند المالكية -الزرقاني وغيره-. وقد ابتلينا في هذه المسألة ما بين دكاترة الشريعة الذي يفتون بالجواز، وما بين علماء آخرين يفتون بالحرمة، وقد ابتلي بهذه المسألة كثير من الناس، وحاولت دراستها من الكتب، والرجوع إلى أقوال العلماء الأقدمين فيها، فوجدت الاختلاف فيها بالتفريق بين كونه طعاماً أم لا وغير ذلك، فلعل شيخنا يبين لنا فيها بياناً شافياً، أو أن يحيلنا إلى بحث في المسألة قد استوفاها وفصّلها، علماً أني خطيب في بلدتي وإمام فيها، وما أكثر ما أتعرض لهذه المسألة من قبل الناس، وأجيبهم بما يرجحه الشوكاني والصنعاني وما ذكره الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرحه على الزاد بأن هذه الطريقة من البيع غير شرعية، وهي من التحايل على الربا، والناس دائما يجيبونني بأن العالم فلان من علماء الشريعة قد أفتى بجوازه على أجهزة التلفزيون. الجواب

لا ينبغي أن يضيق صدرك من وجود الاختلاف الفقهي العلمي بين العلماء والباحثين، فذلك موجود قديماً وحديثاً، ولا يسوغ لك التهجم والتجني على من ذكرت أنهم يفتون بالجواز عن اجتهاد وتحرٍّ، ومسألة المرابحة للآمر بالشراء اختلف فيها العلماء المعاصرون فمنهم من منعها، ومنهم من أجازها -وهم الأكثرون-، وهو الراجح -إن شاء الله تعالى- لكن لها شروط لا بد من توفرها، فلا يجوز عقد البيع على السلعة قبل شرائها من قبل البنك، ولا يجوز له بيعها قبل قبضها، فلا يصح أن تباع السلع حيث تبتاع، وغير الطعام كالطعام على الراجح، بل لا بد من الحيازة. وعلى وجه العموم فما تجريه البنوك الإسلامية الأصل صحته حتى يثبت العكس، والأصل أنه مبني على فتوى شرعية من هيئة أو لجنة الرقابة الشرعية لدى البنك. وكون الإنسان يرجح رأياً آخر غير ما رجحه عالم آخر فإنه لا يدفعه ذلك أن يؤثم الآخرين، وأن يمنعهم من الأخذ به، ما دام له وجه سائغ، فهذا مما يتعين فهمه في (فقه الخلاف) . ومسألة المرابحة للآمر بالشراء كتبت فيها بحوث ودراسات ومنها: "بيع المرابحة" للدكتور/ القرضاوي، و"فقه المرابحة" للدكتور/ عبد الحميد البعلي، و"بيع المرابحة وتطبيقاتها في المصارف الإسلامية" لـ: أحمد ملحم، وبحوث في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، كما أصدر المجمع قراراً بجوازها بشروطها، والله أعلم.

الاتجار في الملابس النسائية الفاضحة

الاتّجار في الملابس النسائية الفاضحة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 10/3/1423 السؤال أرجو من فضيلتكم إبداء حكم الشرع في أمر بيع الألبسة النسائية الجاهزة، والتي تتضمن الكثير من الألبسة والأزياء الأوروبية الفاضحة، من القصير الذي يكشف جزءاً من عورة المرأة، أو يجسّمها بشكل فاضح، مع العلم أني في بلد عربي مسلم، وأن زبائني هنَّ مسلمات بالغالب غير ملتزمات أصلاً بالحجاب، (مع وجود قلة من المحجبات) يأخذن هذه الأزياء ويلبسنها في الطريق. فهل يجوز عملي هذا من أصله؟ وهل تنصحوني بترك هذا العمل؟ مع العلم أني ذو حالة مادية جيدة - ولله الحمد -، وأستطيع - بمشيئة الله - التغيير لعمل آخر إذا كان حكم الشرع كذلك. أفتونا مأجورين، فالأمر يؤرقني ليل نهار، وأنا شديد الشوق لمعرفة حكم الشرع، وجزاكم الله خيراً. الجواب جزاكم الله خيراً على حرصك على البعد عن الشبه، وهذه الملابس إن كانت مما تلبسه المرأة لزوجها في غرفتها، وليس فيه تشبه فلا حرج عليك في بيعه، وإن كان مما يلبس في الخارج، وهو على النحو الذي ذكرت مما يكشف العورة أو يبرزها لضيقه أو نحو ذلك، فلا يجوز لك الاتجار فيه، لما في ذلك من الترويج والدعوة للأمور المحرمة، وتستطيع في هذه الحال البيع والشراء في الألبسة التي تخلو من هذه المحاذير، ولا أنصحك بترك هذا العمل، بل عليك أن تبقى فيه، وتجتهد في توفير الألبسة المتفقة مع الشروط الشرعية، وأنت مأجور على ذلك، وخير لهذا العمل بقاؤك فيه أنت وأمثالك ممن يتمتعون بهذا الحس الخير، وفقك الله.

بيع الدجاج بالميزان

بيع الدجاج بالميزان المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 6/8/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. من أخيكم في الله ومحبكم فيه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي كالآتي: ينتشر عند الناس بيع الدجاج حيا بالميزان، فالسؤال: هل في ذلك غرر؟ فلا تكاد تجد بائعا للدجاج في الغالب إلا ويبيعك بالوزن حيا ثم يذبح لك الدجاجة، علما أن الجميع ـ البائع والشاري ـ يعلمان أن هناك ما سيرمى من هذه الدجاجة. نرجو سرعة الرد، كما نرجو في حالة عدم الجواز إعطاء حل شرعي ممكن لكيفية البيع، والله الموفق. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فالذي يظهر لي هو جواز بيع الدجاج بالوزن، ولا يظهر لي أن هناك غررا، لأن الغرر المحرم في الشريعة يكون بجهالة الحال أو المآل، ولا جهالة هنا، ولا يؤثر وجود أجزاء توزن وترمى لما يلي: أ. أن هذه الأجزاء معلومة بالرؤية، إذ أن المشتري يراها أمامه، ومن المعلوم أن أحد طرق معرفة المبيع الرؤية. ب. إن هذه الأجزاء التي ترمى يسيرة، لها حكم التابع، ويغتفر فيما هو من التبع ما لا يغتفر في الأصل. ج. أن البيع بهذه الصفة أقل جهالة، إذ من المعلوم أن اللحم هو المقصود، وهو أثقل ما يوزن في الحيوان، ووجود الريش والصوف ونحوه قد يدلس على البصر، فيعجز الناظر عن تحديد كمية اللحم فيه، وهذه الطريقة تمكنه من معرفة ذلك بدقة. فالحاصل أن التعامل بهذه الطريقة جائز، وليس من باب أن هذا التعامل عمت به البلوى، وقرره العرف، بل لعدم وجود مانع شرعي أصلاً. والله أعلم.

بيع الموزونات بثمن مؤجل

بيع الموزونات بثمن مؤجل المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 2/1/1425هـ السؤال عندنا بعض الإخوة في الجزائر يحرمون بيع الدقيق، أي: القمح، والتمر، والملح بالدين، أي: لا يسدد البائع ثمنه في نفس المجلس، لكن يمهله البائع بعض الوقت؛ رأفة بهم حتى يجمع الثمن؛ لأن أغلبهم فقراء. وحجتهم في ذلك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالذهب، والفضة ... ، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" رواه مسلم وأحمد. نرجو الجواب بسرعة، والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب عما أشكل على بعض الإخوة حول حديث عبادة بن الصامت كالتالي: فالحديث نصه: عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" رواه مسلم (1587) . هذا ويعلم أن بيع القمح، أو التمر، أو الشعير، أو الملح بدراهم مؤجلة جائز، وليس بمحرم كما اعتقده بعض الإخوة. هذا والعلماء - رحمهم الله - اتفقوا على أن هذه الأعيان المنصوص عليها يثبت الربا فيها.

هذا وقسموا هذه الأشياء الستة المذكورة في الحديث قسمين: الأول: الذهب والفضة، ولهما علة خاصة بهما، والثاني: الأربعة الباقية، ولها علة خاصة بها، ولهذا قال ابن قدامة في (المغني (4/5) في باب الربا والصرف) ما نصه: واتفق المعللون على أن علة الذهب والفضة واحدة، وعلة الأعيان الأربعة واحدة، وقال في (ص:12) : ولا بأس ببيع البر بالشعير، والشعير أكثرهما يداً بيد، وأما النسيئة فلا إلا أن يكون أحد العوضين ثمناً والآخر مثمناً، فإنه يجوز النّسَاء بلا خلاف؛ لأن الشرع أرخص في السلم، والأصل في رأس المال الدراهم والدنانير، فلو حرم النّسَاء هنا لفسد باب السلم في الموزونات". انتهى. أقول: ومحل السؤال هو شراء تمر بدراهم، فهنا يجوز بين جنسين ربويين لم يتفقا في العلة، فيجوز الفضل والنساء، وجاء في الروض المربع، (ص: 258) ما نصه: يحرم ربا النسيئة في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل ليس أحدهما نقداً فإن كان أحدهما نقداً جاز النساء، وإلا لفسد باب السلم في الموزونات غالباً. فاتضح مما تقدم جواز بيع القمح، أو التمر، أو غيرهما بالدرهم مؤجلاً، هذا وقد أطلت في بيان هذه المسألة للحاجة إلى ذلك لا سيما وجود الإشكال عند بعض الإخوة، والله أعلم.

بيع الكلب وشراؤه

بيع الكلب وشراؤه المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 14/2/1423 السؤال أريد أن أسأل عن حكم اقتناء الكلاب -أكرمكم الله-، وذلك لأني أسكن في منطقة غير مأهولة نوعاً ما، وأخاف على زوجتي في الوقت الذي أكون فيه في العمل أو إذا تأخرت عليها، وإذا كان مباحاً، فهل يجوز شراؤها؟ لأني سمعت أنه لا يجوز دفع ثمن في كلب، فما صحة ذلك؟ وأخيراً هل يجوز إدخالها إلى العمارة السكنية التي تقع بها الشقة التي نقطن بها أم لا؟ لن ندخلها إلى الشقة، ولكن مثلاً إذا جلست أمام باب الشقة. الجواب النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن اقتناء الكلاب وعن ثمنها، ففي الصحيحين (البخاري 2237) ومسلم (1567)) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن ثمن الكلب"، وقال أيضاً:"ثمن الكلب خبيث" رواه مسلم (1567) وروى أبو داود (3482) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب، وإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه تراباً. أما محل السؤال وهو اقتناؤه لحفظ البيوت، فقد قال ابن قدامة في (المغني ج4 صـ281) ما نصه:"ولا يجوز اقتناء الكلب إلا كلب الصيد، أو كلب ماشية، أو حرث؛ لما روى عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية، أو صيد، أو زرع ينقص من أجره كل يوم قيراط" رواه مسلم (1575) إلى أن قال: وإن اقتناه لحفظ البيوت لم يجز للخبر، ويحتمل الإباحة وهو قول أصحاب الشافعي؛ لأنه في معنى الثلاثة فيقاس عليها، والأول أصح" انتهى.

قلت: وإذا كان الأمر كما ذكر السائل أن مسكنه في منطقة غير مأهولة نوعاً ما، فقد يبرر القول بالجواز للحاجة وللضرورة، وهذا وكما تقدم قول أصحاب الشافعي واحتمال في مذهب الحنابلة، هذا ودفع ثمن الكلب إذا جاز اقتناؤه للحاجة والضرورة رخص فيه بعض أهل العلم، قال ابن قدامة في (المغني ج4 صـ278) ما نصه:" وجوّز أبو حنيفة بيع الكلاب كلها وأخذ ثمنها ... " إلى أن قال:" واختلف أصحاب مالك، فمنهم من قال: لا يجوز، ومنهم من قال: الكلب المأذون في إمساكه يجوز بيعه، ويكره"انتهى. أقول: وإذا جاز اقتناء الكلب فيما تقدم للضرورة، فينبغي ألا يدخل في الشقة، ولكن خارجها أمام الباب، والله أعلم.

بيع الثمار الملوثة

بيع الثمار الملوثة المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 17/5/1423 السؤال لدي مزرعة بها مزروعات تحت البيوت المحمية, وهي تحتاج إلى رش بالمبيدات الحشرية وبعضها مدة تحريمه 15يوماً [أي: المدة الممنوع استخدام الثمار خلالها من الشركة المنتجة] ولكن لابد من قطف الثمار كل يومين أو ثلاثة أيام كي لا تتلف، فهل يجوز لي بيع هذه الثمار والحال كذلك بين فساد الثمار ومنع من الاستخدام لما له من الضرر على المستخدم؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الخضروات والثمار التي يمتنع جنيها أو قطفها لكونها ملوثة بالمبيدات السامة لا يصح بيعها على الناس، بل ولا يصح توزيعها على الناس مجاناً ما دامت ملوثة، وأكلها يضر بالصحة ويجلب الأمراض ويلحق الضرر بالآخرين، لأن المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. ولقد منع النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام- من ورود المريض على الصحيح في الحديث:" لا يورد ممرض على مصح" البخاري (5771) ومسلم (2221) وقال -عليه الصلاة والسلام-: "فر من المجذوم فرارك من الأسد" البخاري (5707) ، وقال أيضاً للمجذوم:" إنا قد بايعناك فارجع" مسلم (2231) ، وقال -عليه السلام-: "من غشنا فليس منا" مسلم (101) . ولا ريب أن بيع الأشياء الملوثة بالسم وبالضرر محرم شرعاً، وبالله التوفيق.

بيع المواعدة

بيع المواعدة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 25/1/1423 السؤال إذا ذهبت إلى بنك لمساعدتي في شراء قطعة أرض فقال لي البنك: حدد موقع هذه القطعة ثم بعد ذلك يقوم البنك بشراء هذه القطعة ثم يبيعها عليّ بثمن مؤجل (أقساط) ، ولكنه لا يلزمني بشرائها في حال لو أردت العدول عنها، وفي هذه الحالة لا يأخذ مني سوى مبلغ بسيط مقابل معاملاته الورقية (كما يقول البنك) ، أما إذا اشتريت الأرض فلا يأخذ من هذا المبلغ البسيط فهل في ذلك شيء؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد، فالجواب: أن ما ذكرته يُسمى بيع المواعدة (وهي التي تصدر من الطرفين) وهي جائزة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما، أما إذا لم يكن هناك خيارات ملزمة فإنها لا تجوز، وما ذكرته في سؤالك يدل على أن لك الخيار حيث قلت (لكنه لا يلزمني فيما لو أردت العدول عن شراء الأرض) فإذا لم يكن البيع ملزماً للطرفين أوأحدهمافإنه يجوز؛ لأنه بيع مواعدة، وينبغي لكل من الطرفين الصدق في المواعدة أي بأن يحقق ما وعد، والله أعلم.

حكم التورق

حكم التورق المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 1/3/1423 السؤال ما حكم أخذ سيارة من البنك (السعودي للاستثمار) بالتقسيط (عملية التورق) وبيعها، ومن ثم استثمار مبالغها في مساهمات الأراضي؟ الجواب سؤالك منطبق تماماً على مسألة التورق، وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- فيها، فمن العلماء من قال بجوازها؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إمّا عين السلعة، وإما عوضها، وكلاهما غرض صحيح، ومن العلماء من قال: إنها لا تجوز؛ لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلاً، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئاً، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ... " (البخاري (1) ومسلم (1907) واللفظ للبخاري) ، والقول بالتحريم لمسألة التورق هو رواية عن الإمام أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، هذا وأرى التحريم في الصورة التي هي محل السؤال؛ لأن السائل إنما لجأ إلى هذه العملية لا للحاجة في السلعة، ولا أيضاً للحاجة إلى دراهمها ليقضي بها لزومه من زواج، أو قضاء دين، ونحوه، وإنما ليتاجر بها في مساهمات الأراضي، ولهذا جاء في رسالة للشيخ محمد العثيمين -رحمه الله- في أقسام المداينات، وقد ذكر فيها مسألة التورق، وذكر خلاف العلماء فيها، ثم قال: ولكن نظراً لحاجة الناس، وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط: أ- أن يكون محتاجاً إلى الدراهم، فإن لم يكن محتاجاً فلا يجوز كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره. ب- أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض، والسلم، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة؛ لأنه لا حاجة به إليها.

ج- أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا، مثل أن يقول: بعتك إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك. د-أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم، انظر ما رواه البخاري (2137) ومسلم (1527) وهذا اللفظ عند أبي داود (3499) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- فإذا تمت هذه الشروط فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس، انتهى كلام الشيخ العثيمين-رحمه الله-. فالشرط الأول لم يتحقق في سؤال السائل حتى يقال بالجواز فلم تتم الشروط الأربعة. هذا وقد بسطت الكلام، ونقلت كلام الشيخ فيها لأهمية المسألة، ولكثرة من يسأل عنها، وليعلم السائل أن الشرط الأول من الشروط الأربعة المذكورة ينطبق على سؤاله إذ هو يريد أن يساهم ويتاجر بالمبلغ الذي استلمه من بيع السيارات، فهو مثل الذي يعمل هذه العملية ليدين غيره، فالقول بالتحريم في هذه الصورة واضح، والله أعلم.

شراء الأرض بالتقسيط

شراء الأرض بالتقسيط المجيب د. محمد بن مكي الجرف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 16/3/1424هـ السؤال سؤالي: أرغب في شراء قطعة أرض، فذهبت لأحد مكاتب العقار وأعلمته بأني أود أن أحصل على أرض بالتقسيط، حيث إنه ليس لدي إمكانية السداد بالنقد، فأخبرني بوجود شركة تقسط الأراضي، وطريقتها كالتالي: إذا جاء العميل يعطى استمارة بيانات يقوم بتعبئتها وتحديد السلعة كعقار مثلاً، فيحددون السعر الأصلي بزيادة (7%) ويطلبون دفعة (30%) من سعرها كدفعة، ومدة الأقساط، وقيمة القسط الشهري، وبعد ذلك توقيع العقد بين الشركة والعميل، ويقومون بشراء الأرض من الشخص الذي يعرض الأرض للبيع وتحويلها باسم الشركة، ولا يتم الإفراغ للعميل إلا بعد استلام آخر قسط من العميل؟ أفيدونا مأجورين، والله يرعاكم. الجواب أقول وبالله التوفيق: هذه المسألة تسمى بيع المرابحة للآمر بالشراء، ولكن تطبيقها هنا فيه خطأ، فالأصل أن يذهب العميل إلى شركة التقسيط، ويطلب أن تشتري له الشركة قطعة أرض معينة، ويتفق مع الشركة على سعر البيع، وطريقة سداد الأقساط، والثمن بالطبع يكون معروفاً من قبل، فيتفق مع الشركة على نسبة ربح معينة، وتضاف إلى الثمن الأصلي، ليتكون بعد ذلك ثمن الشراء من شركة التقسيط، ثم تقوم الشركة بشراء الأرض وتسجيلها باسمها، ثم يتم التعاقد مع العميل على البيع، وبعد ذلك يتم الإفراغ باسم العميل، ولا تحتفظ الشركة بملكية الأرض إلا بعد الانتهاء من الأقساط، ويمكن للشركة لضمان حقها أن تطلب رهن الأرض لديها مقابل الدين أو الحصول على ضمان آخر يتفق عليه بينهما، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

التسويق الشبكي

التسويق الشبكي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 25/4/1424هـ السؤال أريد أن أسأل عن حكم تسويق منتجات (شركة برامج كمبيوتر) وأحب أن أوضح لفضيلتكم النشاط، وجزاكم الله خيراً، فضيلة الشيخ: الشركة عبارة عن ثلاث شنط كل واحدة بها ثمانية أقراص ليزر تحتوي على برامج وهي شنطة (العائلة-اللغة-الكمبيوتر) ، وقد اشتريت شنطة العائلة بعد إعجابي بالمنتج الذي تحويه، ثم راودتني فكرة التسويق الموضحة بالموقع، وأنا على اقتناع تام به، ولم يسبب لي غبنا في عدم حصولي على الفائدة المادية من ورائه، مع العلم أنك عند شراء المنتج تتمكن من استخدام البرامج المتنوعة الموجودة في الموقع، فهو شراء عن اقتناع بالمنتج، فهل يحرم علي بعد ذلك تسويقه؟ وجزاكم الله عن المسلمين الجزاء العظيم. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: إذا كان التسويق يعتمد على خصائص المنتجات فحسب، وليس فيه إغراء بالعمولات التي يمكن تحصيلها من خلال التسويق الشبكي، فلا بأس بالتسويق. أما إذا كان التسويق يعتمد على إقناع العملاء بالشراء من خلال العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصلوا عليها إذا انضموا إلى هرم التسويق الشبكي، فهذا محرم ولا يجوز، لأنه من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى عنه القرآن. وأدعو الأخ الكريم إلى أن يوجه طاقاته ومهاراته في جوانب مفيدة ومثمرة، بعيداً عن إغراءات الربح السريع التي لا تعدو أن تكون سراباً يضلل صاحبه، ويجعله ينفق من ماله ووقته وجهده ما لا طائل تحته، فضلاً عما ينتظره من الجزاء الإلهي سواء في الدنيا أو الآخرة. وفقنا الله جميعاً لما يحبه ويرضاه.

ممارسة التجارة دون ترخيص تجاري

ممارسة التجارة دون ترخيص تجاري المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 14/5/1424هـ السؤال ما حكم ممارسة التجارة دون الحصول على الأوراق المطلوبة النظامية؟ أو بمعنى آخر كيف يمكن توجيه قصر البيع والشراء (احترافاً) على الحصول على سجل تجاري؟ وهل يختلف الحكم في البلاد الإسلامية عن غيرها؟ وفقكم الله. الجواب إذا كانت التجارة تمارس بين الطرفين في أمور مباحة بعقد صحيح لا غش فيه ولا تزوير فهذه الممارسة جائزة، ولو لم يكن لصاحبها سجل تجاري، ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن يحرم أو يبطل ما أباحه الله، كما لا يجوز له أن يبيح ما حرمه الله، بعد قوله تعالى: "وأحل الله البيع" [البقرة: 275] ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" رواه البخاري (2079) ، ومسلم (1532) من حديث حكيم بن حزام -رضي الله عنه-، وإجماع المسلمين قائم عليه، والقاعدة الشرعية تقول: (الأصل في المعاملات وأنواع التجارات هو الحل والإباحة) ، فلا يمنع إلا ما حرم الله ورسوله - عليه السلام -، فالألف واللام في لفظ (البيع) في الآية، و (البيعان) في الحديث يعمان كل بيع حلال وكل بائع ومشتر مسلماً كان أو كافراً، واشتراط السجل التجاري من الدولة شرط كمال، لا يؤثر في صحة عقد البيع وجوداً ولا عدماً، وإنما تشترطه الدولة لمزاولة أنواع من التجارة الكبيرة، لغرض ضبط رؤوس الأموال التي يتاجر بها في الداخل أو الخارج، ومعرفة أصحابها، ووضع الرسوم عليها مقابل تسهيل أو تقديم بعض الخدمات.

والخلاصة: إن ممارسة التجارة في أمور مباحة وبعقد صحيح لا غش فيه ولا تزوير جائزة شرعاً، والسجل التجاري لا يؤثر في شرعية هذه الممارسة من حيث الديانة بينك وبين الله، ومع هذا فإني أنصحك بأخذ السجل التجاري حتى لا تتعرض لقائمة المخالفة الإدارية والجزائية من قبل الدولة إسلامية كانت أو غير إسلامية، والله أعلم.

بيع قسيمة الشراء بأقل من قيمتها

بيع قسيمة الشراء بأقل من قيمتها المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 7/11/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: أعطت الشركة التي أعمل فيها قسيمة كمكافأة بمقدار خمسمائة ريال، على أن يتم الشراء فقط من محل واحد، والقسيمة باسم ذلك المحل، السؤال: هل يجوز بيع تلك القسيمة إلى شخص آخر بأقل من قيمتها؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذه القسيمة حق مالي، يجوز لك أن تبيع هذه القسيمة بأقل من ثمنها ما لم يكن هناك شرط ألا تبيع هذه القسيمة وتشتري بها من ذلك المحل.

بيع المرابحة الإسلامية وبعض الإشكالات

بيع المرابحة الإسلامية وبعض الإشكالات المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 3/2/1425هـ السؤال أود السؤال عن موضوع المرابحة الإسلامية التي تقوم بها بعض الجهات الحكومية، أو البنوك الإسلامية، حيث يقوم فيها البنك أو الجهة بتمويل شخص بقرض؛ بهدف فتح مشروع استثماري؛ بحيث يشترون له المواد اللازمة لبدء المشروع، وفي الغالب لا يزودونه بمبلغٍ للبنية التحتية؛ فمثلا، لو أراد إنسان أن يفتح مزرعة تسمين أبقار، ربما يشترون له الأبقار، ويبيعونه إياها بسعر آخر، يتضمن ربحهم، ويسدد لهم أقساطاً، غير أنهم لا يزودونه بالبنية التحتية للمشروع، من مستلزمات المزرعة، وغيرها، سؤالي إليكم أيها الإخوة من شقين: الأول هو: أنهم يشترون المواد ويبيعونها مباشرة دون حيازة، ودون أن يملكوها بمخزن خاص لهم، فهل هذا بيع شرعي؟ وهل يصح التعامل معهم؟. السؤال الثاني هو: لو أن الشخص أخذ بعض الأموال التي زودوه إياها لشراء المواد، وتصرف بها للبنية التحتية، فهل يجوز ذلك؟ أنا أعرف أنهم لا يعطون المال نقداً، ولكن ما قصدته هو أنه مثلاً في حالة مزرعة الأبقار، هل يجوز له أن يبيع بعض الأبقار بدون اتفاق مسبق مع البائع الرئيسى الذي اشترت جهة التمويل منه؟ يعني يبيعها لشخص آخر مثلاً، ويأخذ هذه النقود، ويدعم بها مشروعه، وهل يجوز أيضاً أن يأخذ النقود لمشروع مثل مشروع محل مواد بناء، فيبيع المواد بدون اتفاق مسبق مع البائع الرئيسى؟ أي أنه يبيعها لشخص آخر دفعة واحدة، ومن ثم يفتح بالنقود التي حصل عليها مشروعاً آخر؟ أو يتزوج بها أو غيره؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب

اعلم -أخي وفقك الله- أن بيع المرابحة الذي تجريه البنوك الإسلامية اليوم محل خلاف بين الفقهاء، منهم من يرى جوازه بشروط، ومنهم من يرى تحريمه مطلقاً، والأقرب للصواب فيما يظهر لي أنه عقد محرم؛ لأنه حيلة على الربا، فقد كانت البنوك تقرض قروضاً ربوية صريحة، ثم أصبحت تشتري سيارة أو نحوها لمن يطلبها من العملاء، ثم تبيعها لهم بأقساط مؤجلة، فكأنه مال بمال، دخلت بينهما هذه السلعة التي ليست مقصودة قصداً حقيقياً لا من البنك ولا من العميل، بل المقصود الحقيقي الحصول على المال، ولذلك لا يهتم البنك مطلقاً بالسلعة التي سيشتريها لعملية المرابحة، ولهذا تجد الذين يتعاملون بهذه المعاملة من الناس لا يسمونها بيعاً وشراء، إنما يسمونها اقتراضاً واستدانة؛ نظراً منهم لحقيقة العقد، ومن هؤلاء الناس أنت -أخي السائل-، فإنك تقول في سؤالك: يقوم فيها البنك، أو الجهة بتمويل شخص بقرض بهدف ... ، ومما سبق تعلم أن هذه المعاملة لا تجوز أصلاً، مما يغنينا عن الدخول في تفصيلات هذه المعاملة، ومع هذا اعلم أن القائلين بجواز هذه المعاملة يشترطون شروطاً فيها لا تجوز بدونها، منها: (1) عدم الإلزام بالشراء، أي إلزام البنك للعميل، وعدم ترتب أي غرامات مالية في حال العدول عن الشراء. (2) ألا يبيع البنك أي سلعة إلا بعد شرائها وتملكها وحيازتها، بحيث تدخل في ضمانه، وبذلك تعرف الجواب عن سؤالك الأول، وهو أنه لا يجوز لهم بيع أي سلعة إلا بعد حيازتها. أما الجواب عن سؤالك الثاني: على القول بجواز هذه المعاملة، فهو أنه يجوز لك أن تتصرف في هذه الأبقار التي اشتريتها حسب ما تريد؛ لأنك اشتريتها شراءً شرعيًّا، فيجوز لك أن تبيعها أو تهبها، أو تفعل فيها ما تشاء من المعاملات الجائزة. والذي أنصحك به أن تبتعد عن المرابحة، وأن تبدأ مشاريعك التجارية بطريق جائز بعيد عن الشبهات. والله أعلم.

صورة بيع العينة

صورة بيع العينة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 21/9/1424هـ السؤال ما هو بيع العينة؟ وما حكمه؟ وما معنى الحديث الشريف الذي ورد فيه قوله صلى الله عليه وسلم "إذا تبايعتم بالعينة وتبعتم أذناب البقر ... "؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب عن السؤال يستلزم: أ- ذكر لفظ الحديث. ب- بيان درجته. ج- بيان معناه. د- بيان معنى العينة. هـ- حكم بيع العينة. أ. لفظ الحديث: روى أبو داود في سننه (3462) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم". ب. درجة الحديث: قال المنذري في مختصر سنن أبي داود (5/102-103) : في إسناده إسحاق بن أسيد أبو عبد الرحمن الخراساني نزيل مصر، لا يحتج بحديثه. وفيه أيضاً عطاء الخراساني وفيه مقال. وقال ابن حجر في بلوغ المرام (2/24) عن حديث ابن عمر هذا رواه أبو داود في رواية نافع عنه وفي إسناده مقال. ولأحمد نحوه من رواية عطاء ورجاله ثقات وصححه ابن القطان. وقال أيضاً في التلخيص الحبير (3/973) : وعندي أن إسناد الحديث الذي صححه ابن القطان معلول لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحاً ... انتهى. هذا ومن العلماء من صحح الحديث بطرقه كالألباني -كما في السلسلة الصحيحة (11) -، هذا وأرى ضعف الحديث لما تقدم من أن في إسناده أبا عبد الرحمن الخراساني عن عطاء الخرساني، قال الذهبي في الميزان (4/547) : هذا من مناكيره. قلت والحديث له عدة طرق بين عللها البيهقي في سننه ج5، ص: 316.

ج. معنى الحديث باختصار: يدل الحديث على تحريم الركون إلى الدنيا والانشغال بها عن أمور الدين التي من أعظمها الجهاد في سبيل الله، الذي هو ذروة سنام الإسلام. كما يدل أيضاً على أن المسلمين إذا اشتغلوا بالحراثة ورضوا بها وبجمع الأموال عن الجهاد في سبيل الله فإن الله يجازيهم بالذل والهوان على أعدائهم، فيكونون مهانين أذلاء جزاءً لهم على إعراضهم عن دينهم كما هو واقع المسلمين اليوم فالله المستعان. د. بيع العينة: تصور أن يبيع شخص على آخر سلعة مثلاً بألف ريال أو ألف دينار مؤجلة إلى مدة معلومة ثم يرجع البائع فيشتريها منه نقداً بأقل من ثمنها الذي باعها به عليه. وهذا في الحقيقة ليس بيعاً ولا شراء، بل هو قرضاً ربوياً جاء في صورة البيع والشراء هذا ويسمى بيع العينة لحصول العين وهو النقد فيه، ولأنه يعود إلى البائع عين ماله. هـ. حكم بيع العينة: جمهور العلماء ومنهم الحنفية والمالكية والحنابلة على تحريمه للحديث السابق وغيره مما في معناه، ولأنه صريح الربا، ومن العلماء كالشافعي من أجازه، لكن في نظري أن القول الأول أي القول بالتحريم أرجح بل أصح لما تقدم. والله أعلم.

توريد السلعة على دفعات

توريد السلعة على دفعات المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 16/9/1424هـ السؤال هل يجوز الاتفاق مع شركة على توريد سلعة معينة (مباحة) بسعر معين سارٍ لمدة شهر، وتوريد السلعة يكون متفرقاً على مدار الشهر، مع العلم شبه اليقيني بأن سعر السلعة يمكن أن يتغير صعوداً أو نزولاً، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: مثل هذا العمل جائز إن شاء الله ولا بأس به، لكن هذا مبني على خلاف أهل العلم فيما يتعلق بعقد التوريد هل هو عقد مستقل أو أنه عقد سلم، فإذا قلنا بأنه عقد سلم فإنه لابد من قبض رأس المال مقدماً، وإذا قلنا بأنه عقد مستقل وأنه ليس عقد سلم فإن ذلك لا يشترط، فإن هذا جائز.

السلم من غير تحديد قيمة المثمن

السَّلَم من غير تحديد قيمة المثمن المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 13/2/1425هـ السؤال طلب الفلاح مني مبلغاً معيناً ليدفع لي بدله قطناً عند الحصاد، إلا أنه اشترط تعيين قيمة الكيلو من القطن يوم الحصاد، وقال إنه سيعطيني القطن بأقل من سعره يوم الحصاد، مثلاً: لو كان السعر يوم الحصاد الكيلو بعشر سيعطيني بثمانية، وإن كان بستة عشر سيعطيني بأربعة عشر، والسبب في عدم تعيين السعر أن الأسعار غالباً تكون في يد أصحاب المصانع، فهم يلعبون بالأسعار كيفما يريدون، فإذا اتفق على سعر معين ربما يتضرر الفلاح أو المسلف، والسؤال: هل تجوز السلف في مثل هذه الحال بدون تعيين السعر؟ ولا شك أن الكيلو الذي يعطيه الفلاح لا يكون كيلا معلوماً إذا لم يتفق على سعر معين، وهذا العقد يكون برضا الطرفين الفلاح والمسلف. أفيدونا أفادكم الله. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة فوجدهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزنٍ معلوم، إلى أجلٍ معلوم" البخاري (2241) ، ومسلم (1604) ، فإذا كان كذلك فلا بد أن يكون الثمن معلوماً وأن يكون المسلم فيه معلوماً، وأن يكون الأجل معلوماً، وعلى هذا يعطيه كذا وكذا من الدراهم المُسلِم يعطي الُمسلَم إليه - وهو الفلاح- كذا وكذا من الدراهم بكذا وكذا من القطن، أما كونه لا يحدد القيمة فإن الثمن لا يكون معلوماً بل يكون مجهولاً وفي هذا غرر، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الغرر كما في صحيح مسلم (1513) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فلا بد أن يتفقا على ثمن معلوم، وكيل من القطن معلوم، وإذا حل الأجل واتفقا على شيء فالواجب أن يتفقا في العقد على كيلٍ معلوم، ووزنٍ معلوم، وثمنٍ معلوم، لكن إذا حل الأجل وأرادا أن يتفقا على شيء وتنازل أحدهما للآخر عن شيء من حقه فهذا راجع إليهما، لكن العقد الذي يجب امتثاله لا بد أن يكون بيناً في أول العقد.

أخذ الأجرة على تلقيح البهائم

أخذ الأجرة على تلقيح البهائم المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 26/7/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. عند قريبي بقرة حلوب، وحان وقت عشارها، وليس عنده عجل للعشار، وهناك بيطري يبيع نطف العجول، هل يستطيع أن يشتري النطفة ليقوم البيطري بتلقيح البقرة، وهناك حديث نهى عن عسب الفحل؟ والله ولي التوفيق. الجواب نعم، جاء في صحيح البخاري (2284) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن عسب الفحل" وكذلك ورد في صحيح مسلم (1565) من حديث جابر -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع ضراب الجمل"، وبناء على ذلك نص أهل العلم على أنه لا يجوز استئجار الفحل من بهيمة الأنعام من أجل الضراب -التلقيح-، لكن إذا كان البيطري يأخذ أجرة على أتعابه على ما يؤديه من عمل فهذا جائز، على ألا يحسب من ذلك أجرة هذه النطف، فإذا كان الطبيب البيطري يريد أجرة على خروجه من محله وذهابه إلى مكان هذا الشخص، وعلى الوقت الذي يقضيه في إجراء عملية التلقيح، وعلى ما يقوم به من أعمال فهذه الأجرة فيما يظهر أنها جائزة، لأنها أجرة على عمل يقوم به وهذا العمل مباح، أما الأجرة على النطف وعلى التلقيح فهذا لا يجوز.

بيع المصحف

بيع المصحف المجيب د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري المشرف العام على شبكة التفسير والدراسات القرآنية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 08/03/1426هـ السؤال ما الحكم الوافي بموضوع التجارةِ بالمصحف بيعاً وشراءً؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم خلاصة الحكم في المسألة أنه يجوز بيع المصحف للمسلم، وذلك أنه لا يمكن تداوله وحصول الناس عليه إلا بدافع يدفع بعضهم للتجارة فيه، والثمن إنما هو ثمن الورق والحبر والنقل ونحو ذلك، وأما المحتوى فهو كلام الله، وهو أغلى وأنفس من أن يتاجر فيه. والذين أجازوا بيعه والاتجار فيه نظروا إلى الأمر من هذه الزاوية، مع تعظيمهم للمصحف، وحرصهم على عدم امتهانه. وأما الذين منعوا الاتجار فيه فخوفاً عليه من الامتهان، وكلهم يرون تحريم بيع المصحف لغير المسلم؛ لما في ذلك من الامتهان للمصحف، وقد تساهل العلماء في بيع المصحف المرفق به ترجمة لمعانيه لغير المسلم رغبة في دعوته إلى الإسلام، والأفضل أن يعطى غير المسلم ترجمة لمعاني القرآن بلغته، خالية من نص القرآن حتى يكون بمنأى عن الابتذال والامتهان. وأما تفصيل الأقوال في حكم التجارة بالمصحف فقد ذكرها الباحثون، وهي أن للعلماء في حكم بيع المصحف أربعة أقوال: - القول الأول: أنه يجوز بيع المصحف للمسلم؟ وبهذا قال الحنفية، كما نقله عنهم الشافعي وابن قدامة والمالكية، وهو وجه في مذهب الشافعية، وبه قال الإمام أحمد في رواية عنه وابن حزم. واستدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب والآثار والمعقول: أولاً: من الكتاب: 1- قول الله تعالى:"وأحلَّ اللهُ البيعَ وحرَّمَ الربا" [البقرة:275] ، ويمكن توجيه الاستدلال بهذه الآية بأَنَّ اللهَ أَباحَ البيعَ إباحةً عامةً فيدخلُ فيه بيعُ المصحف.

2- قوله تعالى: "وقد فَصَّلَ لكم ما حَرَّمَ عليكم إلا ما اضطررتم إليه" [الأنعام:119] ووجه الاستدلال أن الله ذَكرَ أنه فَصَّلَ كُلَّ مُحرَّمٍ ولم يذكر تَحريم بيع المصحف، فيكون بيع المصحف حلالاً، لأَنَّه لم يُفَصِّلْ لنا تَحريمَه (وما كان ربك نسياً) ، ولو فَصَّلَ تحريمه لَحفظه اللهُ حتى تقومَ به الحُجةُ على العبادِ. ثانياً: من الآثار: 1-ما رُوي أَن ابن مصبح كان يكتب المصاحف في زمن عثمان -رضي الله عنه- ويبيعها ولا ينكر عليه ذلك. المدونة 11/418. وقد رده ابن حزم بأن في سنده عبد الملك بن حبيب وابن مصبح وطلق بن السمح ولا يدري من هم من خلق الله، وعبد الجبار بن عمر الأبلي وهو ساقط لم يدرك عثمان، وأنه ليس في الأثر أن عثمان -رضي الله عنه- عرف بذلك، ولا أحد من الصحابة. 2- ما رُوي أَنَّ عبد الله بن عباس ومروان بن الحكم سُئِلا عن بيع المصاحف للتجارة فيها فقالا: لا نرى أنْ نَجعلَه مَتْجَراً، ولكن ما عملتَ بيديكَ فلا بأس به. أخرجه البيهقي 6/16. وهذا الأثر واضح الدلالة. وقد ناقشه ابن حزم بأن في سنده بكير بن مسمار وهو ضعيف، والحارث بن أبي الزبير وهو مجهول. ثالثاً: من المعقول: 1- أن الذي يباع هو القرطاس والمداد والأديم إن كانت المصاحف مجلدة، وما عليها من حلية إن كانت محلاة، وهذا جائز، وأما ما فيها من العلم فإنه لا يباع. هذه هي الأدلة التي استدل بها من أجاز بيع المصحف للمسلم دون بيعه لغير المسلم. القول الثاني: أنه يكره بيع المصحف للمسلم. وبهذا قال الإمام الشافعي، وهو الوجه الصحيح عند أصحابه، والإمام أحمد في رواية عنه، وبها أخذ بعض أصحابه. واستدلوا على ذلك بما يلي: 1- ما رواه سالم بن عبد الله بن عمر قال: كان ابن عمر يمر بأصحاب المصاحف، فيقول: بئس التجارة أخرجه عبد الرزاق (14529) والبغوي في الجعديات (2245) وابن حزم 9/46 والبيهقي 6/16.

2- ما رواه عبد الله بن شقيق، قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكرهون بيع المصحف أخرجه سعيد بن منصور في سننه (104- تفسيره) وابن حزم 9/45 والبيهقي 6/16. 3- ما روي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه كره شراء المصاحف وبيعها. انظر مصنف ابن أبي شيبة 4/287، وسنن البيهقي 6/16. وهذه الآثار واضحة الدلالة. والكراهة في هذه الآثار كراهة تنزيه كما ذكر البيهقي، حيث قال بعد روايته لها: وهذه الكراهة على وجه التنزيه تعظيماً للمصحف عن أن يبتذل بالبيع أو يتخذ متجراً. مناقشة هذه الدلالة: الوجه الأول: أنها أقوال وأفعال صحابة، وهو مختلف في الاحتجاج بها. كيف وقد عارضت عموم الدلالة على إباحة البيع كما سبق في أدلة أصحاب القول الاول. الوجه الثاني: يمكن حملها على ما إذا اتخذت للتجارة، أو بطريقة تؤدي إلى إهانته وامتهانه. القول الثالث: أنه يحرم بيع المصحف للمسلم. وبهذا قال الإمام أحمد في الرواية المشهورة عنه، وبها أخذ بعض أصحابة. واستدلوا على ذلك بآثار الصحابة والمعقول: أولاً: من آثار الصحابة: ما رواه سالم بن عبد الله، قال: قال ابن عمر: لوددتُ أن الأيدي قطعت في بيع المصاحف أخرجه سعيد بن منصور في سننه (124- تفسيره) وابن أبي شيبة 4/287 والبيهقي 6/16. وجه الاستدلال: يمكن توجيه الاستدلال به بأن ابن عمر ذكر أنه يود قطع اليد في بيع المصاحف. والقطع عقوبة كبيرة لا تكون إلا على فعل محرم، فدل ذلك على حرمة بيع المصاحف. مناقشة هذا الدليل: يمكن مناقشته بما سبق من مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني. ثانياً: من المعقول: أن تعظيم المصاحف واجب؛ لأنه كلام الله، وفي بيعه إهانة وابتذال له فيحرم. مناقشة هذا الدليل: يمكن مناقشته بعدم التسليم بأن في بيع المصحف إهانة له مطلقاً، بل إنما يكون ذلك إذا قُصِدَ به التجارة أو بطريقة تقتضي ذلك.

الترجيح: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة -والله أعلم بالصواب- هو القول الأول القائل بجواز بيع المصحف للمسلم. لقوة ما استدلوا به من عموم الأدلة، لكن لا يجوز أن يقصد ببيعه التجارة، أو يكون بطريقة تقتضي إهانته وابتذاله، لما في ذلك من الإخلال بمنزلته الشريفة. مراجع للاستزادة: فقه القرآن وخصائصه للدكتور فرج توفيق الوليد. ط. مطبعة الرشاد ببغداد. المتحف في أحكام المصحف، للدكتور صالح الرشيد. ط. مؤسسة الريان. الأحكام الفقهية الخاصة بالقرآن الكريم، للدكتور عبد العزيز الحجيلان. ط. دار ابن الجوزي.

بيع خدمة الإنترنت

بيع خدمة الإنترنت المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 28/10/1423هـ السؤال أعمل في مجال شبكات الكمبيوتر ومن ضمن أنشطتي بيع أجهزة الكمبيوتر وعمل شبكة الربط وبيع خدمة الإنترنت لما يسمى مقاهي الإنترنت internet coffee والسؤال ما هو الحكم الشرعي لبيع خدمة الإنترنت لمثل هذه المقاهي والحال أن كثيراً من هذه المقاهي يقوم على تأجير الأجهزة المتصلة بالإنترنت إلى الأفراد وقد يكون منهم من يسيئ استخدام الجهاز وذلك بعمل دردشة صوتية chat مع نساء أجنبيات لأغراض أغلبها غير شرعي وقد يكون منهم من يستخدم الأجهزة والخدمة في تصفح مواقع خارجة علماً بان الضوابط القانونية الوضعية تجرم فقط تصفح المواقع الخارجة وهى تجرم ولا تراقب بمعنى أن القانون يمنع ولكن لم يضع الآلية والأدوات اللازمة لمنع تصفح مثل هذه المواقع ... وهل العمل في بيع خدمة الإنترنت للشركات والهيئات والأفراد في مثل هذه الحال كما أسلفت حلال أم حرام؟ وما هي الضوابط الشرعية التي يجب اتباعها للخروج من المخالفات في مثل هذه المهنة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

الأصل في استخدام الإنترنت كسائر الأجهزة التي ينبني الحكم عليها بحسب استخدامها، فإذا كان الأغلب في استخدامه الأمور المفيدة والمباحة حكم بالأغلب، بالإباحة والاستحباب ومن أساء فعليه إثم إساءته، فعمل الخدمة للشركات التجارية والمؤسسات الخيرية والأفراد الذين يغلب على استخدامهم المنفعة لا شيء فيه، أما خدمة المقاهي التي يغلب على المستخدمين فيها الاطلاع على المواقع السيئة -وهذا نادر- فلا يجوز، وقد تحدث العلماء عن تحريم أمور مباحة حال الاستخدام المحرم ومن ذلك بيع السلاح زمن الفتنة أو البيض للمقامرين أو العنب لمن يصنع الخمر ونحو ذلك، وأما إذا جهل ذلك فالأصل حسن الظن بالآخرين ويأخذ حكم الأصل وهو الإباحة، والله أعلم.

بطاقات التخفيض

بطاقات التخفيض المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 9/7/1424هـ السؤال بعض مكاتب تسويق العطور تطلب من العميل اشتراكا يحصل بموجبه العميل على تخفيض 20% على ألا يمضي على العميل ستة أشهر دون أن يشتري، وإلا يلغى الاشتراك، فما حكم ذلك جزاكم الله خيراً؟ مع أن الاشتراك يكون مقابل مبلغ مادي. الجواب هذه ما تسمى ببطاقات التخفيض الخاصة، إذ إن بطاقات التخفيض تنقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: بطاقة تخفيض عامة وهي التي تقوم بإصدارها شركات الدعاية والإعلان، أو الشركات السياحية، ويستفيد منها العملاء عند جهات تجارية عديدة، فهذه محرمة ولا تجوز، وقد أفتى بتحريمها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء، إذ إن المنفعة التي تأخذ جهة الإصدار عليها مقابل ليست مقدورة عليها، وإنما هي عند جهة أخرى، وأيضاً قالوا بأن هذه المنفعة فيها غرر قد يتحصل عليها وقد لا يتحصل. القسم الثاني: بطاقات التخفيض الخاصة وهي مثل ما ذكره السائل هنا، فبعض العلماء ألحقها ببطاقات التخفيض العامة وحكم عليها بالتحريم، وقال: لأن المنفعة فيها غرر قد يشتري وقد لا يشتري، وبعض العلماء أجازها وبعضهم قيد الجواز بشرطين: الشرط الأول: أن تكون نسبة التخفيض معلومة. الشرط الثاني: أن تكون المشتريات محدودة السلع. التي مثلاً من مشتريات كذا أو من مشتريات كذا فلعل إذا توفر هذان الشرطان أن تكون ـ إن شاء الله ـ صحيحة.

صورة من بيع العينة

صورة من بيع العينة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 2/8/1424هـ السؤال أنا مشارك مع صاحب معرض للبيع بالتقسيط، عندما أبيع سيارة على زبون يشتريها شريكي صاحب المعرض من الزبون ويعطيه المبلغ دون علمي، هل هذا صحيح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا العمل لا يجوز، وهو من بيع العينة، إذ إن بيع العينة أن يبيع السلعة بثمن معين ثم يشتريها البائع نفسه بأقل من ثمنها نقداً، فنقول بأن هذا محرم، وبيع العينة دل على تحريمه أحاديث كثيرة منها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلَّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" رواه أبو داود (3462) وغيره من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وكذلك أيضاً قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولا شرطان في بيع" رواه الترمذي (1234) والنسائي (4611) وأبو داود (3504) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - حمله ابن القيم على بيع العينة، وأيضاً النهي عن بيعتان في بيعة حمله ابن القيم على بيع العينة، وكذلك أيضاً هذا هو الوارد عن الصحابة - رضي الله عنهم - كعائشة وغيرها، ولأنه دراهم بدراهم بينهما سلعة.

هل هذا داخل في (لا تبع ما ليس عندك) ؟

هل هذا داخل في (لا تبع ما ليس عندك) ؟ المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 08/11/1425هـ السؤال بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: سؤالي هو: نحن مجموعة من التجار، ونعمل في مجال استيراد وبيع الأقمشة الرجالية، وعندما ترسل لنا الشركات التي نستورد منها الأقمشة عينات أو نماذج من البضاعة التي اشتريناها منها لكي نعرضها على الزبائن، يقوم زبائننا بتثبيت واختيار الأقمشة التي تناسبهم، وذلك يكون غالبًا قبل استلامنا للبضاعة، أي البضاعة إما تكون قيد الشحن أو لم تشحن بعد، نحن طبعًا نخبرهم بأن البضاعة لم تشحن، أو تبقى لها 15 يومًا إلى إن تصل إلى المرفأ أو إلى مستودعاتنا، الكمية، المواصفات، ونوع القماش الذي يختاره زبائننا محدد ومعلوم، نتفق مع الزبائن على أن يتم التسليم في تاريخ محدد، وفي حال: 1- تأخرنا عن التسليم حسب الموعد المتفق عليه، لكلانا الخيار في إتمام البيع والتسليم والاستلام، أو رفض ذلك من أحد الطرفين أو كليهما، بدون أي إلزام من قبلنا بإجبار المشترين باستلام البضاعة أو أي تعويض يدفع من قبلنا إلى المشترين بسبب التأخر في التسليم. 2- أن يكون هناك شروط أو شرط على كل من البائع والمشتري في حال حدوث أي تأخير في موعد تسليم البضاعة. المطلوب معرفته: 1- أي من الحالتين المذكورتين أعلاه صحيح وموافق للشرع. 2- ماذا تسمى كل حالة منهما في الشرع؟ 3- وهل هاتان الطريقتان تندرجان تحت مبدأ (لا تبع ما ليس عندك؟) . أفيدونا جزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنه لا يجوز للإنسان أن يبيع ما لا يملكه كما دلت عليه النصوص الشرعية؛ لما في ذلك من إشاعة النزاع والخصومة بين الناس، والشرع الشريف يأمر بمنعهما وقطع دابرهما. وهذا الأمر يُطبق على جميع العقود، ومنها ما جاء في السؤال، وحكم العقد المسئول عنه لا يخلو من حالتين: الحالة الأولى: إذا كنتم قد اشتريتم هذه الأقمشة ودخلت في ملككم وأصبحت تحت ضمانكم، ولكنها قيد الشحن أو لم تُشحن بعد، فإنه يجوز لكم بيعها وإن كانت لم تصل إليكم؛ لأنكم اشتريتموها وملكتموها ملكًا صحيحًا فجاز لكم بيعها. وإذا كان بيعكم للأقمشة بعد ملكها ملكًا شرعيًّا فما جاء في الصورة الأولى المتعلقة بالخيار جائزةٌ؛ لأن لكل من الطرفين الحق في اشتراط الخيار مدةً من الزمن، وكذلك ما جاء في الصورة الثانية فإنه جائزٌ إذا كانت الشروط لا تخالف النصوص الشرعية؛ لأن هذا من باب الشروط في البيع، وهي جائزة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المُسلِمون علَى شُرُوطِهم". رواه الترمذي (1352) وصححه. ومن الشروط التي لا تجوز أن يُشترط زيادة السعر على المشتري مقابل التأخير في السداد؛ لأن هذا من الرِّبا. الحالة الثانية: إذا كنتم لم تملكوا هذه الأقمشة، وإذا جاءكم من يرغب في شرائها بعتموها عليه ثم سعيتم في شرائها، فإنه لا يجوز لكم هذا الأمر؛ لأن هذا من بيع ما لا يملكه الإنسان، والرسول صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام: "لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِندَك". رواه أصحاب السنن: أبو داود (3503) والترمذي (1232) وابن ماجه (2187) والنسائي (4613) . وإذا كنتم لا تملكون هذه الأقمشة فإنه يمكنكم التعامل بعدد من العقود الشرعية التي تحقق مقصودكم وليس فيها مخالفةٌ لشيءٍ من أحكام البيع التي بيَّنها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومنها:

1- التعامل ببيع السَّلَم، وذلك بأن يتم التعاقد بينكم وبين من يريد شراء هذه الأقمشة على بيع نوعٍِ موصوفٍ منها، ويُسلِّم المشتري الثمن في مجلس العقد، على أن يتم الاتفاق على وقت التسليم ومكانه، وبعد ذلك تسعون أنتم في تحصيل الأقمشة وجلبها من أماكن وجودها أو تصنيعها على الصفة المشترطة بين الطرفين، وهذا العقد جائز كما دلت عليه النصوص الشرعية، وإن كان من باب بيع مالا يملكه الإنسان إلا أن الشارع رخَّص فيه لحاجة الناس إليه، وفي هذا العقد يجوز لكل من الطرفين اشتراط بعض الأمور الشرعية على الطرف الآخر، ويجب الالتزام بها؛ لأن المسلمين على شروطهم. 2- أن يكون بين الطرفين مواعدة على البيع والشراء في وقت معين، حيث يَعِدُ البائع بالبيع إذا ملك السلعة بثمن معين، ويَعِدُ المشتري بشرائها بالثمن نفسه، من غير أن يكون هناك عقدٌ ملزمٌ بين الطرفين، ولكل من الطرفين الخيار في التعاقد أو عدمه ولا يُجبر أحدهما بإتمام التعاقد؛ لأن المواعدة ليس فيها التزامٌ حقيقيٌّ وإنما هو التزامٌ أدبيٌّ، فإذا ملك البائع السلعة ملكًا شرعيًّا ثم تعاقد مع المشتري على البيع أصبح العقد لازمًا للطرفين ويأخذ أحكام البيع المعروفة. والبيع بالمواعدة بهذه الصورة لا بأس به عند أهل العلم. وإذا تمت المواعدة بين الطرفين على وقت معين وتأخر البائع أو المشتري أو لم يتأخر أحدٌ منهما فلكلٍ منهما الخيار؛ لأن المواعدة لا إلزام فيها. أما ما يتعلق بالشروط على البائع أو المشتري إذا تأخر أحدٌ منهما، فإن كانت الشروط شرعية وكان المبيع مملوكًا للبائع فهي شروط صحيحة، أما إذا لم يكن المبيع مملوكًا للبائع فإنها شروطٌ باطلة؛ لأنه من باب بيع مالا يملكه الإنسان المنهي عنه، وإذا كان هذا البيع باطلًا فما بُني عليه من الشروط فهو باطلٌ، ويُستثنى من ذلك ما لو تم التعاقد بين الطرفين على وجه السلم المذكورة صفته قريبًا، فإن الشروط فيه صحيحة إذا كانت شرعيةً.

والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

مشروع هبة الجزيرة

مشروع هبة الجزيرة المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 7/11/1424هـ السؤال نرجو من فضيلتكم أن تفتونا عن المشروع الذي ظهر حديثاً، والخاص بشركة (هبة الجزيرة) ، وهي فكرة قريبة من فكرة شركة (بزناس) . الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، وبعد: هذه الشركة تقدم نظامين للعمولات: (1) نظام السمسرة: وهو 75 ريالاً للمسوّق عن كل عميل يشتري منتج الشركة (وهو أسطوانة برامج قيمتها 500 ريال) ،ولا يلزم المسوّق أن يشتري هو هذا المنتج ليحصل على العمولة. (2) نظام التسويق الشبكي: وهذا يمكن أن يحقق للمشترك عمولات كبيرة (تصل إلى 42500 ريال) ، وهذا يتطلب أن يشتري المسوّق منتج الشركة. أما التسويق من خلال السمسرة فهذا مشروع ولا إشكال فيه، أما التسويق من خلال النظام الشبكي فهو محرم؛ لأنه من الميسر والغرر المحرم شرعاً، وقد سبق في مناسبات كثيرة بيان وجوه التحريم في هذا النظام، وما يتضمنه من المفاسد والتغرير بالآخرين وأكل أموالهم بالباطل. والله أعلم.

التبايع بعد أذان الصلاة غير صلاة الجمعة

التبايع بعد أذان الصلاة غير صلاة الجمعة المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 17/12/1424هـ السؤال هل يجوز إبرام عقد بيع أو شراء وقت الصلاة (أي بعد الأذان) خلاف الجمعة؟ وما حكم العقد في هذه الحالة؟ وهل يختلف الحكم في حال كان أحد الطرفين أو كلاهما غير مسلم. أفتونا مأجورين. الجواب النهي الذي ورد يتعلق بصلاة الجمعة بقول الله - جل وعلا-: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" [الجمعة: 9] ، فهذا النهي عن البيع خاص بصلاة الجمعة، أما غيرها من الصلوات فيجوز عقد البيع أما إذا كان يشغل عن الصلاة ويلهي عنها فشغله عن الصلاة غير جائز، لكن هذا لا يؤثر على العقد بين مسلمين أو بين مسلم وغيره، فالعقد صحيح ولا إشكال في ذلك.

صفة بيع الشورت وحكمه

صفة بيع الشورت وحكمه المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 4/12/1424هـ السؤال هناك بيع من البيوع في سوق الأسهم ويسمى بيع الشورت short sell ومثاله موضحاً كالتالي: صفة بيع الشورت short sell أنت تقترض أسهم شركة ما من سمسارك، فرضاً أسهم مايكروسوفت، تقترض 1000 سهم مايكروسوفت ويكون وقتها سعر السهم فرضاً 28 دولاراً، وتبيعها في سوق الأسهم بشكل مباشر؛ لأنك تتوقع أن سعر السهم سوف ينخفض، وتقبض 28 ألف دولار في حسابك نتيجة البيع، ومن ثم عندما يصدق توقعك، وينخفض سعر السهم إلى 24 دولاراً فرضاً تقوم بإعادة شراء أسهم مايكرو سوفت من السوق بـ 24 ألف دولار، والفرق 4 آلاف دولار هو مكسبك. الرجاء توضيح شرعية التعامل مع هذا النوع من البيوع. وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: عملية البيع على المكشوف (short selling) المشار إليها تتكون من جزئين: (1) قرض من السمسار للعميل بالأسهم محل التعامل. (2) ثم بيع السمسار لهذه الأسهم نيابة عن العميل. وهذا التعامل يتم من خلال حساب الهامش (margin account) ، ويحتسب السمسار فوائد على رصيد حساب الهامش، الذي يمثل في هذه الحالة قيمة الأسهم التي تم إقراضها فالمعاملة في جوهرها قرض بفائدة، وهذا ربا بلا خلاف. والله أعلم. انظر الروابط: http://www.investopedia.com/university/shortselling/shortsellingl.asp https;//us.etrade.com/e/t/estation/help?id=201010700

إنتاج وبيع الطيور المهجنة

إنتاج وبيع الطيور المهجنة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 29/08/1426هـ السؤال أنا أمارس تجارة الصقور منذ زمن، وقد ظهرت في السنوات القليلة الماضية صقور جديدة، تأتينا من الخارج منتجة في الأسر عن طريق (التهجين) ، حيث يعمد أصحاب مراكز إنتاج تلك الطيور إلى خلط فصائل مختلفة من أنواع الصقور من بعضها، يصل عددها في بعض الأحيان إلى خلط أربع فصائل مختلفة مع بعض؛ حتى يتم إنتاج فصيلة جديدة تختلف -في الشكل واللون والطبائع- عن الفصائل الرئيسة الطبيعية التي عرفناها نحن وأسلافنا من قبل. وقد لاحظت في هذه الطيور المهجنة أموراً أريد معرفة الحكم فيها، أختصرها فيما يلي: 1- تكون في هذه الطيور حالات من الشراسة غير الطبيعية التي تجعلها تقتل لمجرد القتل وليس للغذاء فقط، وقد شهد إخوان لنا أنها تهاجم بني جلدتها من الصقور وتحاول قتلها، كما شهد لنا آخرون بأنهم فقدوا أحد هذه الطيور في الخلاء، ثم وجدوه بعد فترة وهو قد قتل كثيراً من الفرائس، يأكل منها الرأس فقط، ويترك باقي الجسد، ولما تتبعوا تلك الحالة غير الطبيعية وجدوا طيرهم الذي سبق أن أضاعوه هو المتسبب في ذلك. 2- توجد أنواع من هذه الطيور تنتج، وقد أصابها العقم بسبب خلط الأنواع المختلفة. 3- خلال الإنتاج يخرج عدد من تلك الطيور وقد أصيبت بتشوهات أو خلل عقلي يعيبها، فيعمد أصحاب تلك المراكز التي تنتجها إلى (إتلافها) ؛ حيث لا تكون ذات جدوى اقتصادية. 4- متوسط أعمار تلك الطيور يعادل نصف متوسط عمر الصقور الطبيعية. الجهاز المناعي في تلك الطيور يكون ضعيفاً على الأغلب، مما يتسبب في سرعة إصابتها بالأمراض، كما قد عزا بعض العلماء أن بعض الأمراض التي ظهرت حديثاً هي بسبب عمليات الخلط بين الفصائل المختلفة.

5- يكاد يكون هناك إجماع بين جميع الدول المنتجة لتلك الطيور على أنه يمنعاً منع باتاً إطلاق سراح هذه الطيور في الخلاء، أو تركها تخالط الحياة الطبيعية؛ نظراً لما قد تسببه من تلوث بيئي. سؤالي على ثلاثة أقسام كما يلي: 1- ما حكم القيام بإنتاج مثل هذه الطيور، أو المساهمة المالية في مراكز إنتاجها؟ 2- ما حكم الاتجار في هذه الأنواع بعد أن تصل لدولنا بيعاً أو شراء؟ 3- ما حكم استخدام هذه الطيور خصوصاً إذا علم أن هواية الصقارة لم تعد سوى هواية للترفيه، وليست لسد الرمق كما كان في الماضي؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أخي السائل الكريم -حفظه الله- لقد اطلعت على سؤالك واستفسارك عن حكم المتاجرة، واستخدام الطيور (الصقور) المهجنة التي تتغير أشكالها وطباعها نتيجة التدخل في تغيير (الجينات) عن الصقور العادية، فأقول: أولاً: لا يجوز إنشاء أو المساهمة في المراكز المالية لتهجين وتغيير جينات الطيور -كالصقور- ما دام ذلك التهجين يغير من طباعها إلى الحال الأسوأ كشراسة الصقر ونحوه، وأكله لصيده وقتله لمثله، أو إلحاقه الضرر بالتشويه ونحو ذلك. والدليل على عدم جواز الدخول في هذه المراكز المالية عامة النصوص الشرعية، كحصول الضرر العضوي للطير، مع تقصد ضرر الإنسان للآخر، ولما في ذلك من الغش والتزوير والكذب على العامة الذين لا يدرون عن حقيقة هذا الطير المباع (الهجين) .

ومن الأدلة الشرعية قوله تعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" [البقرة:188] ، وحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه أحمد (2865) ، وابن ماجة (2341) . وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: "من غشنا فليس منا" أخرجه مسلم (101) ، وقوله –صلى الله عليه وسلم-: "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" أخرجه الترمذي (614) وغيره، إلى غير ذلك من النصوص الشرعية، ولما في ذلك من تغيير لخلق الله. ثانياً: البيع والشراء في هذا النوع من الطيور الأصل فيه الحل والجواز؛ لأنه كالسلعة المقلدة أو الرديئة مع الجيدة، فيتعين بيعهما على حقيقتهما، وإذا استفصل الزبون من البائع وجب عليه شرعاً أن يبين العيب، وإذا سكت المشتري أو كان عارفاً بالعيب فلا شيء حينئذ على البائع. ومعلوم أن الناس يتفاوتون في رغبتهم لنوع وشكل السلعة، كما تختلف قدرتهم على القيمة في شراء السلعة. والشرع لا يلزم الناس كلهم بأن يشتروا السلعة الجيدة أو المتوسطة أو الرديئة، بل لكل سلعة ثمنها، وإنما جعل الشرع الخيار بأنواعه (كخيار العيب والغبن، إذا تبين للمشتري أن السلعة فيها عيب أو زيادة فاحشة في الثمن وجب الرد، ومع هذا فإني أنصح لإخواني المسلمين عدم تعاطي هذا النوع من السلع المباعة؛ ليبتعدوا عن الشبهة، وليأخذوا بالأحوط؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-: " ... فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات -أي عن علم ومعرفة- وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه".

ثالثاً: استخدام الصقارين هذا النوع من الطيور المعدلة جيناتها للمتعة الأصل فيه الحل والجواز، ما لم تصرف هذه الهواية صاحبها عن الطاعة، كالصلاة بأن يؤخرها أو يقدمها عن وقتها، أو تصنييع أمور البيت والأولاد بمتابعة الصيد، فحينئذ يكون من اللهو المحرم شرعاً. وجاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً: "من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل". أخرجه أبو داود (2859) والترمذي (2256) والنسائي (4309) . والله أعلم.

الشراء بالتقسيط من البنوك

الشراء بالتقسيط من البنوك المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 14/11/1424هـ السؤال لقد قمت بشراء سيارة عن طريق أحد البنوك، حيث قمت أنا بالبحث عن السيارة، ثم اتفقت مع صاحب المعرض على السعر، ثم ذهبت إلى البنك وأكملت الأوراق، وطلب البنك أن يأتي صاحب المعرض، أو من ينوب عنه لإكمال الإجراءات، واستلام قيمة السيارة البالغة (63000) ريال، فتم ذلك، وأحضرت كاتب المعرض إلى البنك مع أحد الزملاء لإكمال الإجراءات، وتم بيع السيارة للبنك، وهذا على حد علمي، حيث إني لم أوقع أية أوراق للمعرض تفيد بشرائي للسيارة منهم، وتم بناءً على أمر البنك للمعرض تسليمي السيارة على أن أسدد للبنك مبلغ (1449) ريال لمدة 5 سنوات، وتم ذلك، وتسلمت السيارة من المعرض، وركبتها، وقمت بالدوران بها في المعرض، ثم عدت إلى صاحب المعرض لبيعها، فبعتها له بمبلغ (61000) ريال، ثم قمت بعد فترة بشراء سيارة أخرى من مدينة أخرى، ودفعت قيمتها نقداً (59000) ريال من قيمة السيارة الأولى وأكلت وشربت واشتريت بالباقي. سؤالي هل في هذه الطريقة من البيع والشراء ربا، وما الحل جزاكم الله خيراً؟. الجواب هذه المسألة تسمى عند الفقهاء المعاصرين "بيع المرابحة للآمر بالشراء"، ويظن بعض طلبة العلم أن هذه المسألة من المسائل الحادثة في هذا الزمان، والحقيقة أن هذه المسألة معروفة عند الفقهاء المتقدمين، فقد تكلم فيها محمد بن الحسن الشيباني، كما في كتاب (الحيل) ، وكذا المالكية في كتبهم، وكذا الإمام الشافعي في كتابه (الأم) والعلامة ابن القيم في كتابه العظيم (إعلام الموقعين) ، وبعض الحنابلة، وجوّزها ابن القيم -رحمه الله- بشروطها المعتبرة التي سنذكرها -إن شاء الله- خلافاً للمالكية وبعض الفقهاء المعاصرين، حيث منعوا ذلك.

وهذه المسألة تختلف عن مسألة التورّق، والفرق بين البيعتين هو أن السلعة في مسألتنا وهي "بيع المرابحة للآمر بالشراء" ليست عند البنك أو الشخص الذي يراد منه بيعها على العميل بالتقسيط. أما مسألة بيع التورّق فإن البائع يملكها أصلاً، ولم يشترها لأجل أن يبيعها على العميل بزيادة الثمن لأجل الأجل، لهذا اتفق الأئمة الأربعة على جواز بيع السلعة مؤجلة بزيادة الثمن لأجل الأجل، سواء باعها العميل بعد ذلك ليحصل على الثمن وهي مسألة التورّق، أو أبقاها عنده للاستعمال، مع أن في المسألة خلافاً أيضاً، والشروط المعتبرة لصحة بيع المرابحة، هي كالآتي: الشرط الأول: ألاَّ يبيع المصرف (البنك) السيارة، أو أي سلعة اتفق عليها على العميل حتى تدخل السيارة المأمور بشرائها في ملكية المصرف (البنك) وتدخل في ضمانه، ويحصل القبض الشرعي من البنك مع صاحب المعرض. وعلة الشرط: هو حتى لا يدخل البنك في بيع ما لا يملك، وقد روى أهل السنن وأحمد من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك" انظر مسند أحمد (6671) ، وسنن أبي داود (3504) ، وجامع الترمذي (1234) ، وسنن النسائي (4611) ، وسنن ابن ماجه (2188) . صححه الترمذي، وابن خزيمة، وروى الخمسة أيضاً من حديث حكيم بن حزام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تبع ماليس عندك"انظر مسند أحمد (15311) ، سنن أبي داود (3503) ، وجامع الترمذي (1232) ، وسنن النسائي (4613) ، وسنن ابن ماجة (2187) وقال الترمذي: حسن صحيح.

وعلى هذا فإذا تمت المبايعة بين البنك والعميل على شراء السيارة بأقساط معلومة قبل أن يملكها كان بيعاً محرماً، ومثل ذلك أيضاً أن يتصل البنك على صاحب المعرض - الذي وجد العميل السيارة عنده ـ فيقول البنك لصاحب المعرض: احجز السيارة الفلانية، ثم بعد ذلك يبرم مبايعته مع العميل، فكل هذا بيع غير صحيح؛ لأن السيارة لم تدخل في ملك البنك. الشرط الثاني: ألاَّ يتم بين البنك والعميل وعدٌ ملزمٌ بالشراء قبل تملك البنك للسيارة من صاحب المعرض، وألاَّ يدفع العميل مالاً قبل تملك البنك للسلعة، وألاَّ يشترط البنك على العميل أنه في حالة نكوله في صفقة البيع وعدم الالتزام بالشراء من البنك، فإن العميل يلتزم بدفع مبلغ مقابل تضرر البنك من آثار النكول عن الوفاء بالوعد، فكل ما سبق داخل في بيع ما لا يملك؛ لأن الوعد الملزم هو بحد ذاته عقد ومعاهدة، كما فسَّر ذلك الشافعي -رحمه الله- في تفسيره لأحكام القرآن، وكذا أحمد، كما نقله أبو العباس ابن تيمية في (القواعد النورانية) . وليس هذا الوعد داخلاً في حكم الوعد الملزم والشرط الجزائي الذي تكلم فيه المعاصرون؛ لأن الشرط الجزائي، أو الوعد الملزم مشروط جوازه بأمرين: الأول: ألاَّ يكون الدخول في الوعد الملزم الذي فيه أثر مالي يترتب عليه معاملة ممنوعة من الشارع، مثل بيع ما لا يملك. الثاني: ألا يكون الشرط الجزائي، أو الوعد الملزم الذي فيه أثر مالي في العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها ديناً، لأن هذا من الربا الصريح، فعليه إذا اشتُرط الشرط الجزائي في التأخير عن سداد الأقساط، فهو من الربا. أما لو تم بين البنك والعميل وعدٌ غير ملزم، ولو اشتمل الوعد بالشراء على نسبة الربح بين الطرفين، وعدد الأقساط ومعلوميتها، ويحدد فيه السعر للسلعة، أو أن تطلب إدارة البنك من العميل بعض الضمانات الشرعية التي تراها فكل هذا لا بأس به.

الشرط الثالث: ألاَّ يكون بيع المرابحة ذريعة للربا، بأن يقصد المشتري الحصول على المال، ويتخذ السلعة وسيلة لذلك، كما في بيع العينة بأن يبيعها المشتري بعد ذلك على البائع بسعر أقل حالاً، فهذا من المحرم؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة، كما عند أهل السنن بسند جيد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- انظر سنن أبي داود (3461) ، وجامع الترمذي (1231) وسنن النسائي (4632) . وبهذا التفصيل - الذي أراه من الأهمية بمكان؛ لكثرة من يسأل عن حكم الشراء من مصرفٍ معين - فيجب على طالب الشراء أن يتثبت من تطبيق المصرف لهذه الشروط، مع العلم أن بعض البنوك لا تملك السيارة أصلاً، لا قبل إبرام عقد المرابحة مع العميل ولا بعده، بل تكتفي بالاتصال على صاحب المعرض للتأكد من صحة البيانات التي أتى بها العميل، فإذا تبين للبنك صحة ذلك أبرم مع العميل عقد المرابحة، ثم أعطى العميل شيكاً بقيمة السلعة التي حددها المعرض مكتوباً باسم العميل، ثم يقوم العميل بصرفه، وإعطائه صاحب المعرض، فهذا هو الربا الجلي المحرم الذي أجمع أهل العلم على تحريمه، وأنه إيذان بحرب من الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. إذا تبين هذا، فإن السائل لم يوضح في سؤاله، هل البنك أبرم معه عَقْدَ مواعدة بالشراء، وما نوع هذا الوعد؟ فإن كان وعداً ملزماً يدفع بموجبه العميل مبلغاً مالياً أو نحوه - كما سبق تفصيله فإن ذلك محرم؛ لأنه داخل في بيع ما لا يملك، إلا أنه إذا تمّ البيع بهذه الصفة، ولم يخُلّ العميل بالتزامه، فإن العقد يكون صحيحاً، ويكون هذا الشرط -أعني به: الوعد الملزم أو الشرط الجزائي- باطلاً والعقد صحيح. وأبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- قد ذكر أن العلة في بيع ما لا يملك الإنسان هو لأجل عدم القدرة على التسليم، فإذا وجد التسليم بعدُ فالمرجو أن تكون المعاملة صحيحة مع الإثم، فالواجب حينئذ التوبة، والله أعلم.

ويظهر أيضاً من سؤال السائل أن البنك بعدما أبرم عقد البيع مع كاتب المعرض -وهو الوكيل لصاحب المعرض- لم يقبضها القبض الشرعي بإبرام عقد المبايعة مع العميل بعد المبايعة مع صاحب المعرض، ولم يتسلمها البنك من المعرض، وهذه العملية داخلة في مسألة بيع السلعة قبل قبضها، ونحن قد ذكرنا أن من شروط بيع المرابحة ألاَّ يبيع البنك السلعة للعميل طالب الشراء إلا بعد قبضها القبض الشرعي، ودخولها في ضمانه، وهذا هو مذهب ابن عباس -رضي الله عنه- وزيد بن ثابت، وأبي حنيفة، والشافعي، ورواية عن أحمد، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية -رحمه الله-، وهو: أن النهي عن بيع الشيء قبل قبضه عام في كل السلع، والخلاف في هذه المسألة مشهور ومعروف، حيث إن السائل قد أبرم العقد مع الجهالة في الحكم، والسلعة بيعت وتُصُرَّف بها ولا يستطيع إرجاعها. فالذي يظهر -والله أعلم- صحة ذلك مع التوبة وعدم الرجوع لمثل ذلك؛ لأن النهي ليس عائداً على ذات العقد، ولا على صفة لازمة بالعقد، وكل ما كان النهي كذلك فالنهي لا يقتضي الفساد -والله أعلم- كما هو مذهب الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنابلة. ثم إن بيع الشخص (العميل) السيارة التي قبضها من المعرض على نفس صاحب المعرض لا بأس به؛ لأنها ليست من باب العينة على الصحيح -إن شاء الله-؛ لأن المعرض ليس هو البائع على العميل، وإنما هو بائع على البنك، مع أن الأحوط خروجاً من الشبهة ألاَّ يبيعها على صاحب المعرض لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" أخرجه الترمذي (2518) ، والله أعلم.

يقرضهم على نضج زرعهم

يقرضهم على نضج زرعهم المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 20/3/1425هـ السؤال أعمل في تجارة الحبوب، ويأتيني المزارعون في طلب الأموال لحين نضج زرعهم، وبعضهم يشترط على نفسه أن يعطيني بسماحة نفس حبوبه بأقل من السعر في وقت حصاده بعض الشيء، فهل هذا حلال أم حرام؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: الطريق الصحيح في هذا هو طريق السَّلم، وذلك بأن تعطيهم مالاً على أن يعطوك كذا وكذا من الزرع، فتتفق أنت وإياهم على أن تعطيهم كذا وكذا من النقود، على أن يعطوك كذا وكذا، من الزروع حتى ولو كانت هذه الزروع زائدة على ما يشترى به بهذه النقود، ولو كان هذا الزرع حاضراً هذا هو الطريق الصحيح؛ لحديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم" رواه البخاري (2241) ومسلم (1604) ، وأما كونك تعقد على زروع معينه لم يبد صلاحها وتشتريها منهم فنقول بأن هذا محرم ولا يجوز؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- "نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه" رواه البخاري (1487) ومسلم (1536) من حديث جابر - رضي الله عنه - وفي لفظ "نهى عن بيع الحب حتى يشتد" رواه أبو داود (3371) والترمذي (1228) وابن ماجة (2217) من حديث أنس - رضي الله عنه -. ولكن عليك العقد على قدر معين من الحبوب مقدر بنوعه وكيله أو وزنه يسلمونه لك مقابل المال الذي تدفعه. والله أعلم.

صورة جديدة من بيع الدين

صورة جديدة من بيع الدَّين المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 25/04/1425هـ السؤال السلام عليكم، وبعد: توجد عندنا في مانشستر في هذه الأيام شركات عملها شراء دينك من الشركة الدائنة على ألا يكون الدين أقل من عشرة آلاف دولاراً، وتبرأ ذمتك من الشركة الأولى، بل وينخفظ دينك بنسب قد تصل للنصف وأكثر, ولك فترة سماح من دفع الفوائد! إذا دفعت الأقساط في وقتها, إلا أنهم يضيفون للمبلغ بعد تخفيضه مبالغ بسيطة تصبح من أصل الدين يسمونها أجرة المفاوضات مع الشركة الأولى لتخفيض دينك، وإبراء ذمتك. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فإن بيع الدين بالصورة المذكورة محرم؛ لأنه بيع نقد بنقد من جنسه، ومن شروط صحة بيع النقد بجنسه، التساوي، والتقابض في الحال، وكلا هذين الشرطين لم يتحققا في هذه المبايعة؛ لأن الشركة التي تشتري الدين تشتريه عادة نقداً بثمن أقل من قيمته المؤجلة، فهنا اختل شرط التساوي، كما أنها تدفع الثمن حالاً للشركة الدائنة الأولى، ثم تحصل على ثمنه مقسطاً (مؤجلاً) من الشخص المدين، وهنا اختل شرط التقابض في الحال، وقد قال- عليه الصلاة والسلام-: "الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والفضة بالفضة ربا إلا هاء وهاء"، يعني يداً بيد، انظر ما رواه البخاري (2134) ، ومسلم (1586) من حديث عمر-رضي الله عنه-، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تُشِفُّوا - أي تزيدوا- بعضها على بعض، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز" رواه البخاري (2177) ، ومسلم

(1584) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- ومن المعلوم أن الأوراق النقدية المعاصرة لها حكم الذهب والفضة كما ذهب إلى ذلك عامة العلماء المعاصرين، لاشتراكها معها في العلة وهي الثمنية. ولو قامت الشركة الدائنة ببيع الدين على شركة أخرى بدون طلب المدين فلا حرج عليه في هذه الحال -إن شاء الله- لأنه لم يشترك في هذه المعاملة المحرمة، وأي خصم يحصل عليه من جراء ذلك فلا حرج عليه فيه، وأما الزيادة فإنها محرمة حتى ولو قالوا إنها أجرة المفاوضات، إذ لا ينبغي أن يكون منه أي إعانة على إتمام هذه المعاملة, والله أعلم.

هل هذا من بيع ما لا يملك؟

هل هذا من بيع ما لا يملك؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 18/04/1425هـ السؤال ما الحكم عندما يشتري رجل مني بضاعة بثمن معين، وقد لا يكون بعض البضاعة موجوداً عندي، وأنا أقوم بأخذ الثمن منه كاملاً، ثم أطلب منه العودة إلينا بعد ذلك لأخذ بضاعته، فهل يدخل في هذا بيع ما لا نملك؟ نرجو الرد علينا كتابياً حتى نقوم بنشره. والله أسأل لكم التوفيق والسداد. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلىآله وصحبه ومن والاه، وبعد: فقد روى الترمذي (1232) والنسائي (4611) وأبو داود (3503) وابن ماجة (2187) من حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي فأبيعه منه ثم أبتاعه له من السوق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تبع ما ليس عندك." وللعلماء أقوال في معنى الحديث، أظهرها، وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أن قوله عليه السلام: "ما ليس عندك" أي ما لا تتيقن القدرة على تسليمه أو لا يغلب ذلك على ظنك. فإذا باع الرجل سلعة موصوفة على أساس أنه سيشتريها من السوق، فقد لا تكون متوفرة، أو قد تكون بسعر أعلى من السعر الذي باع به، فيتضرر إما البائع أو المشتري. [ (زاد المعاد 5/807-812) ] . وبناء على ذلك فإذا كانت السلعة ليست عند التاجر، أي ليست في متناوله، وليست تحت تصرفه لا حقيقة ولا حكماً، فلا يجوز له بيعها. والبديل في هذه الحالة أن يطلب التاجر مهلة ليتأكد من توافر السلعة ومن ثمنها، فإن رغب العميل بعد ذلك في الشراء فله ذلك. أما إذا كانت السلعة في متناول التاجر، ولو من متجر آخر، وكان متيقناً من الثمن، فالسلعة في هذه الحالة تعتبر عند التاجر حكماً، فلا يدخل بيعها في النهي النبوي، والله أعلم.

بيع التمر قبل أن يحمر أو يصفر

بيع التمر قبل أن يحمر أو يصفر المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 13/01/1426هـ السؤال ما حكم بيع التمر قبل أن يحمر أو يصفر وهو في النخل لمن يستفيد منه؟ علمًا أنه راض بذلك ويرغب بذلك ليشرف هو بنفسه على سقيه وريه حتى ينضج. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بيع الثمار قبل بدو صلاحها محرم وباطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه. أخرجه البخاري (2184) ومسلم (1534) . ونهى عن بيع الثمار حتى تَزْهُوَ، قال: "يَحْمَارُّ أوْ يَصْفَارُّ". أخرجه البخاري (2197) ومسلم (1555) ، ولكن يستثنى من ذلك ما إذا باعها مع أصلها، فإنه لا بأس، فإذا باع النخيل وعليه ثمار، أو باع الأرض مع النخيل وعليها ثمار فإنه يجوز له والبيع صحيح. والمسألة الثانية: إذا باعها لمن يقطعها وينتفع بها في الحال، كأن يقطعها ويجعلها علفًا للبهائم فيقطعها في حالها، فإن هذا جائز. والله أعلم.

شركات التقسيط والتملك الصوري

شركات التقسيط والتملك الصوري المجيب إبراهيم بن مهنا المهنا مدير قسم التوعية الإسلامية بجهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني بجدة المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 03/01/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم اشتريت جهاز كمبيوتر من شركة أقساط، وهذه الشركة لا تمتلك هذه السلعة، بل تتفاوض معك على السعر والأقساط، ثم تتملكه بالأوراق فقط، أي لا تأتي به إلى مقرها، وعلمت الآن أن هذا الوضع لا يجوز. ماذا علي أن أفعل، هل أبيع هذا الجهاز؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا. الجواب إذا كانت الشركة لم تتملك الجهاز إلا بعد تمام العقد وقبض جزء من الثمن فإن هذا البيع لا يصح لأن الشركة باعت ما لم تملك، وهو من البيوع المنهي عنها، أما إن كانت الشركة قد تفاوضت معك تفاوضًا غير ملزم، ولا يترتب عليه أي أثر من آثار البيع، ثم تملكت الجهاز، وقامت بإبرام عقد البيع بعد تملكه فالبيع على هذه الصورة صحيح، وتترتب أثاره عليه فإن كان ما تم بينك وبين الشركة على الصورة الأولى ولا يمكنك إعادة الجهاز إلى الشركة لأنها لا تتقبل منك ذلك فما عليك إلا التوبة والاستغفار؛ لأن ما وقع لك وقع بسبب الجهل في الحكم، ونسأل الله أن يعفو عنا وعنك، وأوصيك بالحرص على طلب العلم والسؤال عما تجهل.

بيع الذهب عيار (21) بـ عيار (18)

بيع الذهب عيار (21) بـ عيار (18) المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 20/12/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي يا شيخنا- بارك الله فيك- أسأل عن عبارة في إحدى المتون العلمية الفقهية: (لا يجوز بيع الرطب من الشيء بيابسه ولا خالصه بمشوبه) . فهل يدخل في عدم بيع الذهب 21 مع الذهب 18؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المال الربوي إذا بيع بجنسه فإنه يشترط التساوي، ولا يتحقق التساوي إلا إذا بيع الرطب بالرطب، واليابس باليابس، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة، والمزابنة هي: بيع الرطب على رؤوس النخل بالتمر اليابس. أخرجه البخاري (2186) ومسلم (1546) . وفي حديث سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن بيع الرطب باليابس، فقال: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذا يَبِسَ؟ ". قالوا: نعم. فنهى النبي صلى الله عليه وسلم- عن ذلك. أخرجه أبو داود (3359) والترمذي (1225) وابن ماجه (2264) والنسائي (4545) . وكذلك- أيضًا- الخالص بالمشوب لا يجوز، فلو كان عندنا برّ خالص، وبرّ مشوب بشعير، فإن هذا غير جائز، أما بالنسبة لبيع الذهب بالذهب فهذا من باب بيع الجنس بالجنس، عيار إحدى وعشرون مع عيار ثمانية عشر، أو أربعة وعشرين، هذا الجنس واحد، وإنما اختلف النوع، فيصح البيع، لكن لابد أن يكون مثلًا بمثل بالوزن يدًا بيد، فالقاعدة أنه إذا اتحد الجنس الربوي، يعني: بادلنا ربويًّا مثل الذهب بجنسه، والدولارات بجنسها، والريالات السعودية بجنسها، والشعير بجنسه، واللبن بجنسه ... إلخ، فإنه يشترط شرطان: الشرط الأول: التساوي. والشرط الثاني: الحلول والتقابض. أما بالنسبة لما هو الجنس الربوي الذي إذا بُدل بجنسه فيُشترط له الشرطان السابقان، فنقول: المال الربوي يشمل على أمرين: الأول: ما كان ثمنًا للأشياء. الثاني: كل مطعوم مكيل، وكل مطعوم موزون. والله أعلم.

يدفع لهم مالا حتى لا يدخلوا المزاد فيزايدوا عليه

يدفع لهم مالاً حتى لا يدخلوا المزاد فيزايدوا عليه المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 04/02/1426هـ السؤال سؤالان يرتبطان ببعضهما: الأول: ما حكم البيع عن طريق المزاد، وهو أن يعرض الشيء المباع ويتزايد الناس في السعر إلى أن يصلوا لسعر لا يمكن لأحد أن يزيد عليه، فيأخذ صاحب أعلى سعر الشيء المباع، وفى هذه الطريقة قد تتزايد أسعار الأشياء لمجرد التنافس والاحتكار، فما صحة هذا البيع شرعًا؟ الثاني: وبفرض صحة هذا البيع عن طريق المزاد، فبعض الناس يعطي للراغبين في دخول المزاد مبالغ مالية حتى لا يدخلوا فلا يتزايد عليه السعر ويسمى هذا (تعريق) فما الموقف الشرعي هنا من الآخذ والعاطي، وهل يجوز أخذ هذه المبالغ وعدم الدخول؟ أرجو الإفادة منكم، وشكرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أما السؤال الأول فجوابه: أنه لا حرج من هذا التزايد إلا أن يزيد في السلعة وهو لا يريد الشراء، فهذا هو النَّجَشُ المنهي عنه- صحيح البخاري (2142) وصحيح مسلم (1516) -ومثله إن كان يريد احتكار السلعة على الناس والتضييق عليهم فيها، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن الاحتكار- صحيح مسلم (1605) . وأما السؤال الثاني فجوابه: أن هذا العمل لا يجوز؛ لما فيه من الإضرار بصاحب السلعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ". أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) . وما يأخذه من هذا العمل فهو سحت وكسب خبيث. والله أعلم.

بيع جوالات الكاميرا والبلوتوث

بيع جوالات الكاميرا والبلوتوث المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 26/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اشتريت جوال (الباندا) منذ فترة بسعر مرتفع، والآن لم أعد أحتاجه، وأعلم أني إذا بعته لأحد المحلات التي ترحب بشرائه فسوف يستعمله أحدهم استعمالا سيئاً، كتبادل الأفلام الإباحية وما شابه ذلك، فاحترت ماذا أفعل به هل أكسره وأرميه، أم أبيعه وأستفيد من نقوده؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجوز لك بيع هذا الجوال ولو كان بعض من يقتنيه يستخدم شيئًا من خدماته وتقنياته في الحرام؛ لأن هذه التقنية والخدمة مباحة في أصلها، ولا يصح أن توصف بالحرمة ما لم تكن هي حراماً في ذاتها، ثم إنها خدمة وتقنية ملحقة بالجوال ليست مستقلة حتى يقال إنك قد أعنت من اشترى هذا الجوال على الحرام. فالحقيقة أنها مضافة مضمنة في جهاز الجوال ويجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالاً، والذي لا يشك أحد في جواز بيعه مع علمنا أن بعض من يشتريه يشتريه للمعاكسات الهاتفية، فهل قال أحد بتحريم بيع الجوال لأجل هذا؟! أما إتلاف الجوال خشية أن يكون في بيعه إعانة على الإثم فهو إتلاف للمال وتضييع له، والشرع قد نهى عن إتلاف المال. ولم يأمر بإتلاف شيء منه إلا ما كان حرامًا في نفسه كالخمر. ثم إن الجيل القادم من الجوالات سيكون غالبها مزودًا بهذه التقنيات، فهل سيكون بيعها جائزًا لمرة واحدة؟! أي تشترى جديدة ثم لا تباع مستعملة! فبعْ هذا الجوال، واستفد من ثمنه، أو أهده إن شئت.

زيادة في ثمن السلعة مقابل الضمان

زيادة في ثمن السلعة مقابل الضمان المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 29/12/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما الحكم في شراء بضائع توضع عليها زيادة في قيمتها مقابل الضمان وإصلاح واستبدال المنتج خلال فترة محددة إذا حصل فيها شيء مثل العطل أو السرقة أو الخلل الفني وما شابه ذلك؟ ألا يكون في ذلك دفع مبلغ محدد مقابل مقدار مجهول من الخدمات؟. الجواب الحمد لله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا حرج إن شاء الله في دفع الزيادة مقابل الضمان على الخلل الفني حين الشراء، لأن هذا الضمان يتعلق بجودة المنتج وسلامته، فيكون تابعاً للشراء. أما ضمان السرقة فهذا لا علاقة له بجودة المنتج لأنه ناتج عن تصرف طرف ثالث لا صلة له بالبائع، فهو يدخل في باب التأمين التجاري، وهو ممنوع شرعاً. والله أعلم.

بيع حق الاختصاص

بيع حق الاختصاص المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها التاريخ 08/09/1426هـ السؤال أريد من فضيلتكم إعطاء لمحة كاملة عن بيع الاختصاص، حكمه وأمثلة عليه وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فحق الاختصاص هو شيء يختص مستحقه بالانتفاع به، ولا يملك أحد مزاحمته فيه، مع أن صاحبه لا يملك العين المنتفع بها. مثال ذلك: أماكن البيع التي في السوق، إذا حدد مكان معين لإنسان، كأن يتقدم إلى بلدية المدينة طالباً البيع في هذا المكان، فتحدد هذا المكان له من دون أن تأخذ منه مقابلاً، فإن هذا الإنسان يختص بالانتفاع بهذا المكان دون غيره، ولا يملك أحد أن ينازعه في هذا المكان ويقيمه منه ليجلس مكانه، مع أن صاحب هذا الاختصاص لا يملك المكان الذي يجلس فيه. وسمي بذلك، لأن صاحب الحق يختص بالانتفاع به دون غيره. والفقهاء -رحمهم الله- مختلفون في حكم بيع هذا الحق وأمثاله، والذي أراه -والعلم عند الله- أن للعرف تأثيراً كبيراً في الحكم على جواز بيع الاختصاص، فإذا كان الناس يتبايعون هذا الحق، ولا يوجد مانع يمنع من الاعتياض عنه شرعاً، فإن الأقرب -والله أعلم- جوازه. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

بيع التقسيط

التقسيط مع البنوك لشراء المنزل المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 29/4/1422 السؤال ألجأت الظروف بعض الإخوان للعيش في بلاد الكفار، ويقوم هؤلاء بدفع إيجارات المساكن التي يسكنونها، غير أنه يمكنهم تملك هذه المساكن والطريقة التي يتم بها ذلك كالتالي: يقوم أحد البنوك بتسديد رسوم الإيجار عن المستأجر بعد اتفاقه مع المالك، ويقوم المستأجر الأصلي بدفع الأقساط إلى البنك بعد التفاهم معه على القيمة الإجمالية للبيت، غير أن المشتري من البنك إذا تأخر في تسديد أقساطه فإن البنك يزيد في المبلغ. علماً بأن هذه الطريقة هي الطريقة الغالبة لأصحاب الدخل المحدود، والغالبية من المسلمين لا يمكنهم تملك منزل إلا بهذه الوسيلة. وهل هناك فرق بين استعمال هذه الطريقة في الحاجات الضرورية للناس مثل السكن وبين غيرها من الكماليات أم الحكم عام في الجميع؟ الجواب يجوز هذا التعامل للحاجة الضرورية مع الحرص على عدم تأخر الأقساط حتى لا يزيد البنك في المبالغ مقابل التأخر، فإن الزيادة ربوية، فلا يجوز إقرارها، وإن كان بعض العلماء كالحنفية أجازوا الربا مع الكفار، ولعلهم خصوا ذلك بالضرورة فيُقتصر على قدر الضرورة على هذا القول، والله أعلم.

أختر السيارة ثم أخبر الشركة

أختر السيارة ثم أخبر الشركة المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 29/4/1422 السؤال هناك سيارة أرغب في شرائها بالتقسيط عن طريق إحدى الشركات الوطنية التي تعمل في مجال البيع بالتقسيط علماً بأن هذه السيارة ليست موجودة لديهم وإنما أنا الذي أدلهم عليها، ويقومون بشرائها باسمهم، ثم يقسطونها علي وتبقى السيارة باسمهم إلى أن تنتهي الأقساط، ويكون الاتفاق مع الشركة على أن يعطوني وعداً مكتوباً بامتلاك السيارة ويفيد بتملك السيارة بعد سداد كامل الأقساط ونقلها باسمي مع العلم أن لي حرية الاختيار في الشراء أو ترك السيارة بعد نقل ملكية السيارة باسمهم، كما أن شروط بيعهم للسيارة دفعة مقدمة والباقي أقساط شهرية حتى تنتهي القيمة المتفق عليها، ولا يوجد دفعة أخيرة. أفيدونا جزاكم الله خيراً عن صحة هذا الشراء، وهل يجوز رهن الاستمارة باسمهم حتى تنتهي الأقساط؟ الجواب الجائز في هذه الحالة أن تختار السيارة التي تُناسبك وتُخبرهم بمكانها، ثم هم يتصلون بصاحبها لشرائها منه، ثم يُرسلون أحد عُمّالهم بثمنها، وذلك العامل يدفع الثمن ويستلم مفاتيحها وأوراقها، ثم يُغير موضعها إلى آخر ولو داخل المعرض، وبذلك تدخل في مُلكهم وينقطع خيارهم، فبعد ذلك لك الخيار من غير إلزام إن شِئت أخذتها بالتقسيط ودفع المقدم، وإن لم تشأ فلا إكراه عليك، ولهم في هذه الحالة أن يكتبوا عقد المبايعة وأن يُمسكوا استمارتها رهناً حتى يتم دفع آخر الأقساط، وبعد ذلك تستلم أوراقها، والله أعلم.

بيع أم ربا؟

بيع أم ربا؟ المجيب محمد بن عبد العزيز العامر القاضي بمحكمة جدة المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 7/4/1422 السؤال لدي محل بيع أجهزة كهربائية، ولدي شركاء مستثمرون لتمويل البيع بالتقسيط يودعون مبالغ في المحل، وأقوم بتشغيلها في التقسيط، حيث يكون لهم نسبة الأجل ولا أضمن لهم الربح بل من الممكن أن المشتري لا يسدد الأقساط والمبالغ الواردة من الأقساط نقوم بتدويرها مرة أخرى في بند التقسيط وهكذا، فهل هذه المعاملة جائزة؟ أفتونا مأجورين. الجواب لا نرى حرجاً في البيع على الصفة المذكورة، ورفع ثمن المبيع مقابل التأجيل صحيح، كرفع المثمن مقابل تأجيله كما في بيع السلم، وهو بيع صحيح بالإجماع.

عقد الإيجار مع البيع

عقد الإيجار مع البيع المجيب د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 7/3/1425هـ السؤال ما حكم عقد شركة تويوتا وهو: عقد الإيجار مع البيع إذا أراد العميل، وليس وعد بالبيع بل بيع، وهذا ما ينص عليه عقد شركة عبد اللطيف جميل (تويوتا) ، ولدي جميع شروط العقد إن أراد المشايخ كتابتها جميعها وإرسالها (وهي طويلة جداً) فبالإمكان.. أفتونا مأجورين وما حكم الموظف الذي يكتب البيع بين الطرفين؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد اطلعت على عقد الإيجار الصادر من الشركة المتحدة للبيع بالتقسيط المحدودة - قسم التأجير المنتهي بالتمليك-، وقد ظهر لي عدم صحة هذا العقد لكونه من باب العقدين في عقد واحد حسبما نصت عليه المادة السابعة من العقد، وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن بيعتين في بيعة" رواه الترمذي (1231) ، والنسائي (4632) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وورد أنه - صلى الله عليه وسلم- "نهى عن صفقتين في صفقة" رواه أحمد (3774) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، وقد حكى طائفة الإجماع على ذلك. ويمكن تصحيح هذا العقد من خلال أحد الطرق الآتية: أولاً: جعله عقد بيع بالتقسيط فيه شرط جزائي عند عدم سداد الأقساط تنقلب الأقساط السابقة إلى أجرة عن المدة السابقة ويلغون البيع بها. ثانياً: جعله عقد بيع بالتقسيط على أن تكون السيارة مرهونة، فتقوم الشركة ببيعها عند عدم السداد وتستوفي بقية الثمن من قيمتها. ثالثاًً: أن يمتلك المشتري جزءاً من السيارة عند كل قسط يدفعه.

رابعاً: أن يكون عقد الإجارة ينقلب بسداد جميع الأقساط إلى كونه عقد بيع ذاتياً بلا حاجة لعقد جديد، فهذه الصورة أرى جوازها وإن كان الأغلبية يرون المنع منها، ولا أنصح باستعمال هذه الطريقة داخل المملكة لكون القضاة لا يحكمون بها. أسأل الله للجميع التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أبيع بالتقسيط وأشترط

أبيع بالتقسيط وأشترط المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 6/4/1423 السؤال لدي مبلغ من المال أتاجر به بالطريقة الآتية: أشتري مجموعة من قطع الأراضي، ثم أسدد المبلغ كاملاً، ثم أعرض تلك الأراضي للبيع بالأقساط، بحيث لا يتم الإفراغ للمشتري إلا بعد تسديد كامل المبلغ المقسط، وعند تأخره عن قسطين يحق لي بيع الأرض أو التصرف بها، وتحسب المدة التي قضاها في الأرض إيجاراً مضاعفاً للحيلولة دون محاولة التلاعب، علماً أنه يحصل معي ذلك عند شراء الأرض ولا يتوافر لدي المبلغ اللازم لتسديدها، وبالنسبة للعقد يوضح فيه جميع الشروط المطلوبة، ويوقع عليها المشتري، ويعلم علماً تاماً عما يترتب على التأخر في التسديد. فضيلة الشيخ: أرجو الإجابة بالتفصيل، وإذا كان هناك أي خلل شرعي، فماذا أفعل بما لدي الآن أو كيف أتصرف في عمليات البيع الجاري أقساطها؟ ملاحظة: إذا كان السؤال يحتاج إلى إيضاح بعض النقاط، فأرجو طلبها قبل إصدار الفتوى. الجواب الإجابة بالتفصيل كما طلب السائل، شراء قطع الأراضي ثم بيعها بالتقسيط جائز واشتراط عدم الإفراغ إلا بعد تسديد المبلغ كاملاً شرط صحيح، وأما بيع الأرض عند تأخر المشتري عند تسديد قسطين أو أكثر أو أقل فلا يجوز لك إلا في حالة اشتراط كون الأرض رهناً بالثمن الذي هو الأقساط، وأخذ توكيل من المشتري بالبيع نيابة عنه، وسأعود إلى موضوع الرهن. وأما احتساب المدة التي قضاها في الأرض إيجاراً فلا يحل له؛ لأن الأرض بعد عقد البيع صارت ملكاً للمشتري وفي ضمانه وزيادتها وإيجارها له ونقصها عليه، حتى ولو كان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً، وكون ذلك مكتوباً في العقد ويوقع عليه المشتري مع علمه بما يترتب على هذا لا يحل. وما أخذته كإيجار يجب رده على صاحبه، وعمليات البيع الجاري تسقط هذا الشرط المتعلق بالإيجار.

وأعود لاشتراط الرهن، فيمكنك اشتراط رهن الأرض نفسها بالثمن وتوكيلك بالبيع، وإن تأخر المشتري عن قسطين مثلاً ففي هذه الحالة يحق لك بيع الأرض على ملك المشتري بحيث إذا زادت قيمتها تحسب زيادتها له ولو نقصت يتحمل النقص وأنت تستوفي حقك فقط، وبهذا يمكنك اعتياض حقك ومنع التلاعب.

زيادة قيمة القسط عند التأخر في السداد

زيادة قيمة القسط عند التأخر في السداد المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 3/9/1424هـ السؤال اشترى والدي شقة في المدن الجديدة باسمي دفع مقدمها وإجمالي المبلغ المتبقي حوالي 25 ألف جنيه بأقساط على 28 سنه ولو دفعت مرة واحدة تساوي نفس القيمة ولو تأخر قسط فهناك غرامة. الشقة هي المكان الوحيد الذي باسمي وإلا فسوف أكون مستضاف عند أبي. لو كان فيه ربا ما الحل؟ علماً أنه ممنوع أن أبيع الشقة قبل سداد أقساطها. الجواب شراء الشقة بهذه الطريقة هو من البيع بالتقسيط، وهو بيع جائز شرعاً سواءً كان سعر البيع بالتقسيط بسعر النقد (الدفع حالاً) أو أكثر منه. ولكن الاتفاق مع الشركة البائعة على أنه في حال التأخر بدفع التقسيط يكون عيه غرامة تأخير فهذا يسمى بالفوائد التأخيرية وهي لا تجوز لأنها من الربا المحرم، فالدين إذا استقر في ذمة المدين لا يجوز تأجيله مع اشتراط الزيادة عليه أو أخذ غرامة على تأخيره. والذي أنصحك به أن لا تتأخر مع والدك في دفع هذه الأقساط بل تسدد كل قسط بوقته حتى لا تضطر إلى وضع هذه الزيادة المحرمة.

الفوائد في البيع بالتقسيط

الفوائد في البيع بالتقسيط المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 12/1/1424هـ السؤال قرأت عن جواز البيع أو الشراء بالتقسيط. وأرغب في شراء سيارة بالتقسيط. ولكن ما حيرني هذا الشرط من مجمع الفقه حيث يقول: ثانياً: لا يجوز شرعاً في بيع الأجل، التنصيص في العقد على فوائد التقسيط، مفصولة عن الثمن الحال، بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة أم ربطها بالفائدة السائدة. السؤال هو: هل يجوز لي أن أشتري سيارة بالتقسيط إذا كان العقد بالمبلغ الإجمالي فقط بدون ذكر كيف حسبت الزيادة عن القيمة الآنية. هل في ذلك شبهة؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أخي السائل بارك الله فيك لا مانع من ذلك إن كان العقد ينص على المبلغ الإجمالي فقط، والفقرة الثانية من قرار المجمع الفقهي رقم 51 (2/6) والتي تنص على أنه "لا يجوز شرعا ... إلخ" المراد بها ألا ينص في العقد بأن المبلغ هو كذا وأن الفائدة كذا مقابل الأجل، أما إذا قيل في المساومة وقبل البت في العقد بأن سعر السيارة مثلاً خمسين ألفاً، وسعر التقسيط لمدة سنة ستين ألفا ولمدة سنتين سبعين ألفا، ثم يبرم العقد على أحد هذه القيم دون غيرها فلا مانع من ذلك، والمحرم بأن يقال سعر السيارة خمسين ألفا وتحسب 10% فائدة على هذا السعر مقابل كل سنة ويبرم العقد على هذه الصيغة، لما فيها من التردد أو على حسب ما جاء في قرار المجمع بأن ينص في العقد بأن المبلغ كذا والأجل كذا، والله أعلم.

تدوير سلع التقسيط

تدوير سلع التقسيط المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 5/1/1424هـ السؤال في معارض السيارات يقوم مجموعة من الأشخاص بشراء عشر سيارات أو عشرين ويبيع الواحد منهم بالتقسيط على مشترٍ خارج المعرض ويقوم المشتري ببيعها داخل المعرض نقداً على مشترٍ آخر غير البائع وقد يبيعها خارج المعرض إن أراد، الحاصل أن السيارة قد تباع عشرين مرة وهي لم تخرج من المعرض. وقد تعود لنفس الشخص أكثر من مرة ما حكم ذلك؟ بل بعض المعارض تضع أجهزة كهربائية للتقسيط تظل طول السنة في المعرض تباع وتشترى بالتقسيط إذا لم يجز هذا التعامل فكيف يكون جائزاً؟ هل بخروجها من المعرض؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: إذا ملك الشخص السلعة وقبضها فإنه يجوز له أن يبيعها بالنقد أو بالتقسيط، وإذا ملكها المشتري وقبضها فإنه يجوز له بيعها لطرف ثالث (غير من اشتراها منه) حالاً سواء باعها للمعرض أو في الخارج ما دامت في ملكه وضمانه. ولا يجوز للمشتري التصرف في السلعة قبل قبضها، والقبض المعتبر هو ما يعد قبضاً عرفاً، بحيث يكون في ضمانه. هذا هو حكم المسألة وهو الجواز، لكن إذا كانت الطريقة التي تحصل بها مثل هذه العقود ما هي إلا حيلة للحصول على السيولة النقدية دون أن يتحمل ضمانها، وإنما توضع السلعة محللة فقط، فإنها تحرم في هذه الحالة، ومن القواعد التي ذكرها الفقهاء والتي يمكن أن تكون معياراً في مثل هذه المعاملات (ما خرج عن اليد وعاد إليها يعد لغواً) ، والله أعلم.

التورق والمرابحة

التورق والمرابحة المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 14/10/1424هـ السؤال أيهما أفضل: التورق (يتم بيعه مع عدم نقصان قيمته) ، أم المرابحة: شراء سيارة بالتقسيط من الناحية الشرعية وأبعد عن الشبهة؟. الجواب ليس هناك أثر تفريقي بين التورق وبين المرابحة، فكل واحد من هاتين المعاملتين هو بيع، والله سبحانه وتعالى قال: "وأحل الله البيع وحرّم الربا" [البقرة:275] ، فالتورق هو أن يحتاج الإنسان إلى مبلغ من المال فيذهب إلى من عنده هذا المال، ويشتري منه سلعة بقدر حاجته ثم يبيع هذه السلعة، ويقضي حاجته من ثمنها، لكن بشرط ألا يبيع هذه السلعة على من اشتراها منه، بل يبيعها على طرف ثالث هذا هو نوع التورق، وفي نفس الأمر قد يكون طريقه طريق المرابحة، بمعنى أن يأتي إلى الرجل أو المؤسسة أو البنك الذي عنده هذه البضاعة ويقول: أنا أشتريها منك مرابحة بمبلغ كذا وكذا مؤجلة، ثم بعد أن يتم شراؤه هذه البضاعة يقوم ببيعها ويقضي بثمنها حاجته فلا فرق بين المعاملتين، وقد يكون التورق طريقة للمرابحة، وقد تكون المرابحة مستقلة، فالمرابحة مثلاً رجل يريد أن يشتري سيارة ليستخدمها فيأتي إلى البنك ويطلب منه أن يتملك هذه السيارة ثم يبيعها عليه مرابحة بثمنها بما قامت عليه وزيادة خمسة في المائة أو عشرة في المائة على ما يتفقان عليه، وهذا نوع من المعاملة الشرعية، والتورق كذلك نوع من المعاملة الشرعية ولا غبار على أي واحدة من هاتين المعاملتين.

التورق من بنك ربوي

التورق من بنك ربوي المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 6/11/1424هـ السؤال هل يجوز أخذ قرض من بنك ربوي بطريقة إسلامية (التورق، المرابحة) ؟ إذا كان لا يجوز، فهل يجوز عند الحاجة (الزواج؟) ، لأن البنوك الإسلامية تطلب أن تكون الخدمة في العمل لا تقل عن سنتين، وهي أيضا تأخذ فائدة أكثر. الجواب

أولاً: التعبير عن التورق بالقرض تعبير باطل وتعبير سيئ، فالقرض هو أن يأخذ من البنك مبلغاً من النقود مقابل مبلغ زائد لمدة مؤجلة هذا هو القرض، وأما التورق فهو بيع يتمثل في أن يأتي العميل ويشتري من البنك سلعة معينة، كأن يشتري سيارة أو يشتري أرضاً، أو يشتري منزلاً، أو يشتري أي نوع من المعادن المعروفة الموصوفة وصفاً تنتفي معه الجهالة، فحينما يشتري هذه البضاعة ممن يملكها ثم يبيعها بعد ذلك وينتفع بثمنها في زواج أو تشطيب بيت، أو أي حاجة من الحاجات التي لا يستطيع تأمينها عن طريق المرابحة أو المشاركة، وإنما تحتاج النقد نفسه ليصرفه في مصرفه الذي هو في حاجة إليه، ويكون حصوله على هذا النقد عن طريق التورق فنقول: لا بأس بذلك إن شاء الله تعالى ولا يعتبر ذلك من الربا، وإنما نؤكد ونقول: لا يجوز لك أيها السائل أن تعبر عن التورق أو المرابحة أو عن بيوع التقسيط بأنها قرض فهذا خطأ، القرض هو أن يأخذ النقد بنقد أكثر منه لمدة مؤجلة وهذا حرام وربا ولا يجوز، وأما أن يشتري سلعة معينة بثمن وإن كان مرتفعاً عن ثمنه الحالي وذلك بمقابلة الأجل، فنقول: لا بأس بذلك ولا يعتبر هذا قرضاً، وإنما هو بيع والله تعالى يقول: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:275] . فإذا اشترى من البنك شراءً صحيحاً؛ سلعة مثلاً اشتراها بثمن معين سواء أكان ذلك الثمن معجلاً أو مؤجلاً، أو مقسطاً، فلا يؤثر عليه أنه اشتراه من بنك ربوي، بدليل أن المسلم يجوز له أن يشتري سلعة من يهودي، أو من نصراني، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- توفي ودرعه مرهونة عند يهودي، يعني أنه - صلى الله عليه وسلم- اشترى من اليهودي شعيراً وارهنه درعه، فالتعامل بطريقة شرعية عن طريق البيع سواء أكان البيع بيع تورق أو بيع تقسيط، أو بيع مرابحة، أو نحو ذلك لا يؤثر في صحته أن الطرف الثاني أو الطرف البائع هو بنك ربوي أو يهودي أو نصراني.

نطالب بالتحقق من أمرين: الأمر الأول لا بد أن يكون المبيع معلوماً برؤية أو صفة، فالرؤية لا شك فيها، والصفة ينبغي أن تكون صفة واضحة، وأن تكون هذه الصفة صفة دقيقة تمنع دعوى الغرر والجهالة والغبن، الأمر الثاني: لا بد من التحقق أن المبيع مملوك للبائع وقت العقد، فإذا تم لنا التحقق من هذين الأمرين وكان المبيع مباحاً فلا يؤثر على صحة البيع أن يكون البائع بنكاً ربوياً، أو أن يكون البائع يهودياً أو نصرانياً.

البنوك الربوية وخديعة التورق الإسلامي

البنوك الربوية وخديعة التورق الإسلامي المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 22/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تقدمت بطلب شراء سيارة من أحد البنوك وتقسيطها علي لغرض بيعها والاستفادة من قيمتها، وكان التمويل بحدود 100 ألف ريال، وعند تقديم الطلب طلب مني تقديم عرض بقيمة السيارة التي سوف أشتريها، وذهبت إلى المعرض، وقدم لي عرض بسيارتين من نوع (داتسون) ، وهذا المعرض يتعامل معه البنك الأمريكي ويوجد به موظف من البنك، وتم إعطاء الموظف التابع للبنك قيمة العرض ونوع السيارة على أن يشتريها البنك، وبعد أسبوع اتصل بي الموظف، وقال: تمت الموافقة وتم شراء السيارتين. وبعد حضوري سألت موظف البنك الموجود بالمعرض: هل البنك فعلاً يملك السيارة؟ فقال: نعم، وهذه بطاقتها الجمركية، وأن البنك قد دفع قيمتها للمعرض. وذهبت قبل إتمام عملية البيع وعاينت السيارة في موقعها في المستودع الخاص بالمعرض وليس للبنك، وبعد ذلك قمت بالتوقيع على شراء السيارة وتوقيع الأوراق، وأخذت بطاقتها الجمركية وأصبحت ملكي، فذهبت للمعرض نفسه وعرضتها عليه وأعطاني سعرًا طيبًا وبعتها عليه وأخذت من المعرض شيكًا بقيمتها. فما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيرًا، وماذا أفعل في حالة أن البيع كان فيه شيء من الخلل؟ والله يوفقكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فالجواب: أنه يظهر من السؤال أن القبض لم يتم لا في بيع المعرض للسيارة على البنك، ولا في بيعك على صاحب المعرض، فالسيارة كما جاء في السؤال في موقعها في المستودع الخاص بالمعرض وليس للبنك. هذا، والبيع قبل القبض الشرعي لا يصح، في الأصح من أقوال أهل العلم؛ لما رواه أبو داود (3499) ، عن زيد بن ثابت، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم "نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ". وقد صححه ابن حبان (4984) . وهذا قول الشافعي، وأحمد في رواية، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وغيرهما من المحققين من أهل العلم، وبه صدرت فتوى اللجنة الدائمة في السعودية، وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله، فقد جاء في الفتوى رقم (10848) [في المجلد رقم (13 ص 247) جمع الدويش] إجابة عن سؤال عن كيفية قبض السيارة في حال شرائها، وهل تحريكها يكفي في القبض؟ فأجابت اللجنة بما نصه: (وأما تحريك السيارة داخل المعرض فلا يعتبر حيازة، وعلى ذلك لا يكون البيع صحيحًا لكونه قبل قبض السيارة) انتهى. قلت: وإذا كان تحريك السيارة وتشغيلها لا يعتبر قبضًا ولا حيازة فمن باب أولى ألا يعتبر استلام الاستمارة ومفاتيح السيارة قبضًا ولا حيازة.

هذا، وأما قول السائل: ماذا أفعل في حالة أن البيع فيه شيء ... إلخ. نقول: إن تيسر استرجاعك البيع والشراء فهو المطلوب، لكنني أرى صعوبة ذلك؛ إذ في الغالب أنك تصرفت في القيمة، وقد لا يوافق كل من البنك وصاحب المعرض على ذلك، وقد فعلت هذا عن غير علم، فالله يعفو ويسامح بمشيئته تعالى، لاسيما وأن بعض أهل العلم أجاز التصرف في المبيع قبل القبض إلا إذا كان قليلًا ونحوه، فلا يجوز، وهو قول للحنابلة، وبناءً عليه، فيكون التصرف الوارد في السؤال صحيحًا، لكن القول الأول هو الذي تسانده الأدلة في نظري، فعلى المؤمن أن يتجنب التصرف في بيع ما اشتراه حتى يحوزه إلى رحله، كما جاء بذلك الحديث المتقدم ذكره. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

بيع الذهب وشراؤه

شركة تبيع الذهب (المؤجل) بنقد (حاضر) فما الحكم؟ المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 3/8/1422 السؤال : نود من فضيلتكم توضيح الحكم الشرعي فيما يلي:- توجد شركة تسويقية تعرض منتجات ذهبية ذات نقاوة عالية ومضمونة (99.99%) وتقدم بعض الطرق التسهيلية لبيع منتجاتها وهي على النحو التالي: أولاً: طريقة الدفع: هناك خيارين لطريقة الدفع. (أ) دفع كامل المبلغ واستلام المنتج بعد أسبوعين عبر البريد. (ب) دفع 52% مقدم وبعد فترة غير محددة يتم دفع 48% بدون فوائد واستلام المنتج بعد أسبوعين عبر البريد. ثانياً: أخذ عمولة: (أ) تدفع مبلغ وقدره (400 دولار) الشركة لكل زبون بعد شراء أحد المنتجات وجلب عشرة زبائن جدد عن طريق المشتري الأول بعد شراء كل زبون أحد منتجاتها. (ب) تدفع مبلغ وقدره (400 دولار) للزبون الأول وأحد الزبائن الذين جلبهم إذا جلب الأخير عشرة زبائن جدد وهكذا. ثالثاً: هل يجوز أن نشتري ونزاول بيع القطع الذهبية التي بها صور؟ الجواب يا أخي الكريم حفظك الله ورعاك، الذهب والنقد الورقي من الأموال الربوية المتفقة في العلة المختلفة في الجنس، وما كان هذا شأنه يشترط لصحة المعاملة فيه: قبض العوضين في الحال، بمعنى أن تسلَّم النقود كاملة للشركة، وتُسلِّم الشركة الذهب كاملاً للمشتري، ويكون ذلك حال العقد دون تأخير. وعليه فإن صورتي البيع أ، ب اللتين ذكرتهما في السؤال ممنوعتان لمخالفتهما شرط التقابض في الحال "المناجزة".

أما بالنسبة للعمولة التي تدفعها الشركة لمن يحضر لها زبائن مكافأة له على ذلك، فلا يظهر لي ما يمنعها فإنها من قبيل الجعالة، غير أنه يشترط أن يكون العمل الذي يساعد عليه الإنسان مشروعاً، وطرق البيع المذكورة غير مشروعة لما فيها من مخالفة تقدم بيانها، وعليه فلا تجوز الإعانة ولا المساعدة على البيع الممنوع. والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

شراء الذهب بالتقسيط

شراء الذهب بالتقسيط المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 5/7/1422 السؤال ما حكم شراء الذهب بالتقسيط أو عن طريق بطاقات الائتمان الفيزا والماستر؟ الجواب يظهر أن السائل يقصد بالذهب حلي النساء، وقد ذهب جماهير أهل العلم قديماً وحديثاً إلى المنع من ذلك، واشترطوا فيه ما اشترط في نقود الذهب والفضة من الحلول والتقابض في مجلس العقد، فلا يشتري بالأجل أو الآجال " التقسيط " وذهب بعض الفقهاء إلى جواز ذلك، واعتبروا حلي الذهب والفضة قد خرجت من نطاق النقود، وأصل النقود إلى نطاق السلع؛ وبالتالي فيجوز شراؤها وبيعها بالأجل أوالآجال، وبطاقات الائتمان، والرأي الأول أحوط. وعلى القول بمنعها فإنه لا يجوز شراؤها ببطاقات الائتمان كالفيزا، وماستركارد وأمريكان إكسبريس ونحوها؛ لأن الدفع بهذه البطاقات ليس فورياً، بل يحتاج إلى أيام حتى يقبضها البائع، وهذا خلاف اشتراط الحلول والتقابض في مجلس العقد. ولكن لو تطورت التقنية المصرفية مستقبلاً، فصار يقبضها البائع فوراً، وتضاف إلى حسابه في الحال جاز ذلك. وأما شراء الذهب والفضة والعملات، أي: ما يشترط فيه الحلول والتقابض في مجلس العقد ببطاقات الصراف، فهو جائز إذا كان البائع يقوم بإجراء ما يسمى بعملية الموازنة، والتسوية فوراً، وذلك لأن بطاقة الصراف التي يتم الشراء بها عن طريق نقاط البيع في داخل الدولة يتم خصم المبلغ من حساب المشتري صاحب البطاقة فوراً، ولكنه لا يلحق بحساب البائع إلا بعد أن يجري ما يسمى بعملية الموازنة والتسوية، فإذا أجراها فوراً فقد حصل القبض تماماً إذ إدخالها في حسابه من أجلا صور القبض، فيتحقق الشرط الشرعي في التقابض.

والبائعون يلجؤون عادة إلى إجراء هذه العملية في نهاية اليوم حتى لا يخسروا ورقاً في كل إجراء، ولا يتكلفوا تعباً من إجراء العملية، بل يجمعون كل العمليات البيعية التي تمت في ذلك اليوم في عملية تسوية وموازنة واحدة لتضاف إلى حسابهم ورصيدهم في البنك، وبهذا نعلم أنه إذا لم يجر البائع الموازنة والتسوية فإن شراء الذهب والفضة والعملات لايجوز؛ لأنه لم يتحقّق القبض المطلوب شرعاً. والله أعلم.

بيع الذهب وتأجيل جزء من ثمنه

بيع الذهب وتأجيل جزء من ثمنه المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 17/2/1424هـ السؤال ما حكم بيع الذهب للجمهور مع بقاء جزء من الثمن يسدد بعد فترة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: بيع الذهب سواء كان للذكر أو للأنثى لا بد أن يكون يداً بيد؛ لحديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-، وفيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"فإذا اختلفت هذه الأشياء فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" مسلم (1587) ،فإذا بعت الذهب بدراهم أو بالريالات أو بالدولارات أو بالدينارات ... إلخ، لا بد أن يكون يداً بيد ولا يجوز تأخير القبض.

شراء الذهب بالورق نسيئة

شراء الذهب بالورق نسيئة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 21/08/1425هـ السؤال إحدى قريباتي اشترت أسورة من الذهب (على أن يتم تبديلها إذا لم تعجبها) ، المهم تم ردها، وأعطاهم صاحب المحل ورقة فيها المبلغ المعين إذا أرادت أن تأتي فيما بعد للشراء، سألت عن ذلك فكان الجواب أنه لا يجوز إذا أرادت أن تشتري؛ وذلك لأن الذهب لا يباع بالورق بدين للحديث الذي في البخاري سؤالي: إذا أردنا التبديل مثلا ماذا علينا أن نصنع؟ وكيف يتم ذلك؟ فأنا درست الدليل لكن لا أدري ما نصنع. أرجو أن يكون سؤالي واضحاً، وجزاكم الله خيراًَ. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا اشترت المرأة من الصائغ حلياً فالواجب والحالة هذه التقابض في المجلس، ولكن لا يجوز أن يتفرقا وبينهما شيء؛ لحديث البراء - رضي الله عنه-: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن بيع الورق بالذهب ديناً) رواه الشيخان، فإن شرطت المرأة الخيار بعد التقابض فلا مانع من ذلك فيما يظهر، إذ لا محذور من أن تعيد المرأة الحليّ وتسترجع المال أو تستبدله بآخر. والله أعلم.

شراء الذهب بالذهب

شراء الذهب بالذهب المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 11/2/1423 السؤال منذ عامين تقريباً ذهبت لصائغ ذهب لكي أبيع إسوارة ذهب، فقال لي أن سعرها ألف وخمسمئة درهم، ثم قلت له: أريد سلسلة، وقال لي: إن سعرها ألف وسبعمئة درهم، فقلت له: أريد هذه السلسلة بدلاً من هذه الإسورة، فهل هذا جائز أم لا؟ إذا كان هناك شيء من الحرام أخبروني ماذا أفعل؟ وكيف أتعامل في بيع وشراء الذهب؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أن شِرائكِ سلسلة ذهب بسوارة ذهب يجوز إذا كان وزنهما سوار، أي: وزن السلسلة يساوي وزن السوارة، أما إذا كانتا غير سواء فلا يجوز؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:" الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء" رواه البخاري (2176) ومسلم (1584) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وبناءً على هذا فيشترط في بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة التساوي والقبض، أما لو اختلف الصنف كبيع ذهب بفضة فيجوز ولو مع عدم التساوي، لكن بشرط القبض، وبناء على هذا فإنه يجوز لك أن تبيعي على الصائغ سوار ذهب بدراهم فضة أو ورق ثم تشترين منه السلسلة من غير تواطئ أو حيلة، وفي هذه الحالة لا يشترط التساوي وإنما القبض فقط، هذا في المستقبل الذي لك فعله في بيعك وشرائك للذهب، أما ما فعلتيه سابقاً فلعل سوارة الذهب مساوية للسلسلة؛ لأنك لا تعلمين عدم مساواتها، والله يعفو ويسامح، والله أعلم.

استبدال الذهب المستعمل بالجديد

استبدال الذهب المستعمل بالجديد المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 6/3/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله. ما حكم استبدال الذهب المستعمل بالذهب الجديد في بيعة واحدة؟ الجواب لا يجوز ذلك، لأنه وسيلة إلى الربا، فالواجب بيع الذهب المستعمل بعقد مستقل، وشراء الذهب الجديد بعقد مستقل، ولا يجوز ربط أحد العقدين بالآخر.

شراء الذهب بالتقسيط

شراء الذهب بالتقسيط المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 3/4/1424هـ السؤال هل شراء الذهب بالتقسيط عند الضرورة حرام؟ مع العلم أنني مقبل على زواج، ومن العادات أن نقدم شيئاً من الذهب للعروس، ولا يمكنني أن أدفع يداً بيد لأنني موظف مرتبي الشهري لا يكفي ثمن الذهب = 3 مرات مرتبي. الجواب الحمد لله وحده، وبعد أخي السائل بارك الله فيك وأعانك على زواجك، فإنه لا يجوز شراء الذهب بالتقسيط، لأن الذهب والأوراق النقدية وإن كانا جنسين مختلفين إلا أنهما اتحدا في العلة الربوية، وهي الثمنية، فيجب عند شراء الذهب بالأوراق النقدية التقابض في المجلس، لاتحاد العلة في كل من هذين المالين.

ولكن يمكنك أن تحصل على الذهب الذي تريده بطريقة أخرى مشروعة، وهي أن تقوم بشراء سلعة بالتقسيط على أن تكون هذه السلعة لا تتحد مع الأوراق النقدية في علة الربا، كشراء سيارة أو طعام أو غير ذلك، ثم تقوم ببيع هذه السلعة بنقد، ثم تشتري بهذا النقد الذهب الذي تريده، وهذه المسألة يطلق عليها الفقهاء مسألة (التورق) ، وهي أن يقوم المشتري بشراء سلعة ثم يقوم ببيعها لقصد الدراهم، ولم يقصد ذات السلعة، وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين: والراجح أن هذه المعاملة جائزة، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة؛ لأن هذا يعد ضرباً من ضروب التجارة، للتوصل للربح المادي، فالتاجر عندما يشتري سلعة لا يريدها لنفسه إنما يريدها للتكسب، وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قريب من هذا، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم، استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أكل تمر خيبر هكذا"، قال: لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لا تفعل بع الجَمْعَ بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً " أخرجه البخاري (2201-2202) ، ومسلم (1593) ، من حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما- فلاحظ كيف أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - من ليست لديه دراهم يشتري بها جنيباً بأن يقوم ببيع التمر الذي عنده بالدراهم، وهو هنا لا يريد الدراهم لذاتها، وإنما يريدها ليشتري بها تمراً، والله -تعالى- أعلم.

بيع وشراء الذهب عن طريق البنك

بيع وشراء الذهب عن طريق البنك المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 30/3/1424هـ السؤال السؤال عن بيع وشراء الذهب عن طريق البنك، وسيكون ذلك بالصورة التالية: وهي مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالبورصة العالمية، يعني أنه قابل للزيادة والنقص، حيث تذهب إلى البنك وتفتح حساباً عندهم، وهذا البنك له علاقات مع البنوك العالمية، فإذا نقص سعر الكيلو في هذه البورصة اتصلت على المسؤول في البنك، وقلت له اشتر لي 10كيلو من الذهب فيشتري لي من حسابي النقدي، ويضعها في حسابي وبذلك أصبحت مالكاً للذهب وعند زيادة السعر -أعني سعر الكيلو- في البورصة، أتصل على مسؤول البنك وأطلب منه أن يبيع الكمية التي اشتريتها في السابق، وأكون بذلك قد كسبت فرق السعر، فهل هذه الصورة جائزة من التجارة؟ أرجو الرد، وجزاكم الله خيراً. الجواب بيع الذهب وشراؤه من شرطه حصول التقابض في الحال في الثمن والمثمن، فإن كان هناك ذهب فعلاً يتم قبضه لك ولو بواسطة وكيلك، ويتم سداد ثمنه في الحال فمثل هذا قد تحقق فيه الشرط المذكور؛ فيجوز.

تداول الذهب بين المحلات التجارية

تداول الذهب بين المحلات التجارية المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 05/08/1425هـ السؤال أنا أعمل في محل بيع ذهب، وأحياناً يأتي جارنا ويطلب قطعة ذهب مصاغ، ويقول أريدها لزبون عندي، وإذا لم يشترها سوف أرجعها لك، مع العلم أن السعر معروف، وفي بعض الأوقات يتصل بنا العميل من منطقة بعيدة، ويحجز (كيلو) ذهب صاف عيار 24، ونتفق على السعر، ويقوم بتحويل القيمة على البنك، ونحن بعد التأكد من أن المبلغ في حسابنا نقوم بتسليم الذهب إلى وكيله أو نحتفظ به إلى أن يأتي، ولكن نحن نشتغل فيه وهو موجود في أي لحظة يريده، مع العلم أن كيلو الذهب الصافي معروف عالمياً من ناحية العيار أو الجودة أو الوزن. السؤال: ما هي الطريقة الصحيحة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فهذا السؤال يحتوي على مسألتين: الأولى: ما يأخذه جارك من متجرك، فإنه لا يخلو إما أن يكون معه سابق اتفاق على أن يبيع لك تلك القطعة من الذهب بأجرة محددة، بحيث يكون هو وكيلاً في بيعه عنك، فتجوز المعاملة ويصح البيع، وإما لا، فيأخذ ذلك الذهب فيبيعه، ثم يعطيك قيمته، ويأخذ هو ما بدا له من الربح، فهذه المعاملة محرمة، ولا يصح فيها البيع؛ لأن بيع الربوي بما يتفق معه في العلة - وهي الثمنية هنا- لا بد فيه من التقابض في مجلس العقد، وهذا الشرط قد تخلف في هذه الصورة. والمسألة الثانية: اختل فيها شرط التقابض أيضاًً، فلا يجوز تسليم الثمن إلا مع تسليم المثمن، لاشتراكهما في العلة الموجبة للتقابض قبل التفرق. والله -تعالى- أعلم.

تسويق الذهب مقابل عمولة أو أجر

تسويق الذهب مقابل عمولة أو أجر المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 27/7/1424هـ السؤال أنا تاجر ذهب أقوم بتسويق الذهب لصالح تاجر الجملة، وأربح على كل جرام مبلغاً من المال، والذي لم يتم تسويقه أقوم بإرجاعه إلى تاجر الجملة، والذهب الذي آخذه من تاجر الجملة هو ملك له، أي أنا أقوم بدور الوسيط بين تاجر الجملة والجمهور في دكاني، أي أني لم أشتر منه الذهب، وعملية التسويق تخرجني من المعاملة بالدين مع تاجر الجملة؛ وذلك لنقص السيولة عندي فهل هذه معاملة بالدين؟ علماً أني مضطر لذلك لنقص السيولة أرجو توضيح عملية التسويق. وأرجو الرد السريع. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: اعلم وفقك الله، وأرشدك، وفتح عليك، أنك إذا كنت تقوم بالتسويق لصالح تاجر الجملة، وما تأخذه منه من ذهب لتسويقه ليس ملكاً لك، بل للتاجر، فأنت والحال ما ذكر تعتبر سمساراً "وكيلاً" وعليه: أ. فلا بأس بأن تأخذ أجراً لقاء عملك هذا، سواء كان متطوعاً أو منسوباً إلى الجرام مما تبيعه. ب. هذه المعاملة تعتبر وكالة بالبيع، وليست ديناً، ويلزمك حينئذ مراعاة أحكام البيع، ومن أهمها في بيع الذهب: أن تسلم الذهب للمشتري، وتستلم منه الثمن "النقد" في الحال دون تأخير في أي من العوضين. والله يوفقك، وهو تعالى أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

من أحكام بيع الذهب

من أحكام بيع الذهب المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 01/11/1426هـ السؤال ما حكم من يعمل في شركة تعمل في مجال بيع وتصنيع الذهب والفضة، وهي تتعامل كما يلي: 1- تبيع المصنوعات الذهبية والفضية للسائحين الأجانب غير المسلمين. 2- المصنوعات على التراث الفرعوني. 3- تبيع بالآجل إلى العملاء. 4- تشتري بالآجل من الموردين، وليس هناك حل للبيع والشراء بالآجل، حيث إن حجم التعامل كبير جداً، ولا يمكن الدفع نقداً، سواء في البيع أو الشراء فهل يعتبر من يعمل في هذه الشركة -من محاسبين وصناع وعاملين- آثماً وماله حرام؟ أو أن الإثم يقع فقط على صاحب الشركة؟ وإن كان العاملون آثمين، فهل لهم من مخرج غير ترك العمل في ظل هذه الظروف الاقتصادية؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: أخي السائل، لكي أجيبك على سؤالك أعتقد أنه يجب بيان حكم ما أشرت إليه من معاملات، وإليك البيان: أولاً: المعاملة الأولى، وهي قيام الشركة بالبيع إلى سائحين أجانب غير مسلمين. فأقول: لا يظهر لي مانع من ذلك؛ لأن الأصل في التعامل التجاري مع الكفار أيًّا كان معتقدهم الجواز، وكما يجوز بيع المصنوعات الذهبية والفضية للرجال والنساء للمسلمين، فيجوز ذلك أيضاً لغيرهم. ثانياً: صياغة الذهب على التراث الفرعوني. فأقول: الأصل في التعاطي مع أي تراث جاهلي أو غير مسلم الجواز، ما لم يصحبه ما يخالف شرعنا، كتصوير ذوات الأرواح مثلاً، أو أن يشتمل على رمز ديني عندهم كالصلبان مثلاً، فيحرم حينئذٍ، أما إذا خلا من ذلك فلا يظهر لي مانع من ذلك شرعاً؛ لأن هذا من جنس العادات وليس فيه تشبهٌ ولا يدخل في معناه، فلم يحرم علينا الأكل من طعام اشتهروا بصناعته ما لم يكن فيه ذبح، فلا يحل منه إلا ذبح الكتابي، وكذا الألبسة والتحدث ببعض كلمات لغتهم مالم يكن في ذلك تشبه.

واتخاذ بعض المصوغات الذهبية أو الفضية التي تحتوي على بعض الأشكال الهندسية، والنقوش التي اشتهر بها بعض الأمم الكافرة بالشرطين السابقين لا أرى فيه حرجاً، فلا حرج مثلاً من عمل هرمٍ على شكل الإهرامات في مصر، أو إناءٍ عليه بعض النقوش الصينيه؛ لأن الصحيح أيضاً من كلام أهل العلم جواز اتخاذ آنية الذهب والفضة، والمحرم فقط استعمالها، سواء كان الاستعمال بمباشرة الأكل والشرب فيها أو سائر أنواع الاستعمالات، أما مجرد الاتخاذ فلا أرى في ذلك حرجاً. والله أعلم. ثالثاً: بيع الذهب بالآجل. فأقول: في هذا تفصيل: فإذا كان الذهب خالصاً غير مصوغ كالسبائك فلا يجوز بيعه بالآجل بنقد، ويجوز بغير الذهب والفضة والأوراق النقدية. أما إذا كان الذهب حليًّا فالصحيح جواز بيعه نسيئة (بالآجل) ، ولو كان العوض ذهباً أو فضة أو أوراقاً نقدية، وللشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة بحث في هذه المسألة، وقد بسط فيه القول وناقش القولين، ورجح في نهاية بحثه الجواز، وقد كان البحث عبارة عن جواب لسؤال سئل فيه عن جواز بيع الذهب بالتقسيط، ومن أراد التوسع في هذه المسألة فليراجع بحث الشيخ وهو منشور عبر هذا الرابط. (بيع الحلي بالتقسيط) رابعاً: الشراء بالآجل من الموردين. أقول: الجواب عن هذه الفقرة قد أشير إليه في الفقرة السابقة. فبناءً على ما تقدم فإني أرى جواز العمل في هذه الشركة؛ لأن أصل نشاطها مباح، إلا أنه يجب التنبيه على أنه لا يجوز لأي عامل فيها عمل أي عمل خارج عن دائرة المباح، فلا يجوز للمحاسب فيها أن يوثق أو يجري حسابات لعقود محرمة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه " أخرجه أحمد (3725) ومسلم (1597) من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- وبعضه في صحيح البخاري (5347) من حديث أبي جحيفة –رضي الله عنه-.

ولا يجوز لصانع أن يصنع حليًّا تحتوي على صور لذوات الأرواح، أو يحمل شعاراً دينياً كافراً أو غير ذلك مما هو محرم في شرعنا، فإن أجبر على ذلك ولم يجد مخرجاً فعليه الاجتهاد في البحث عن عمل آخر، ومتى توفر له عمل يؤمن له قوته وقوت من يعول فعليه ترك عمله المحرم، هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ضوابط في بيع الذهب

ضوابط في بيع الذهب المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 09/04/1426هـ السؤال ما هو الضابط في بيع الذهب في محلات المجوهرات، وما الذي يشترط تجنبه لكي يكون البيع حلالاً؟ ومن باعت ذهباً واشترت ذهباً في الوقت نفسه، ولم تستلم قيمة الذهب الذي باعته، لكنها دفعت الفرق، فما الحكم في المسألتين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: 1- إذا كان الذهب حلياً فيجوز بيعه وشراؤه نقداً وبالتقسيط، كما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن قيم الجوزية، رحمه الله على الجميع. كما يجوز مبادلته بحلي أخرى مع دفع الفرق، ولو اختلف الوزن، لأن الحلي خرجت بالصنعة عن كونها أثماناً، فلا تخضع لأحكام الصرف. 2- إذا كان الذهب سبائك فيشترط عند بيعه أو شرائه بالنقود الحلول والتقابض، أي يجب أن يكون الذهب والثمن النقدي كلاهما حاضراً مقبوضاً عند التعاقد؛ لأن الذهب نوع من النقود. 3- يجوز بيع الذهب السبيكة بسلعة مؤجلة، كبيعه بأسهم أو طعام أو حلي، بناء على ما سبق. ويجوز العكس، أي بيع الأسهم أو الطعام أو الحلي بذهب سبيكة مؤجل. 4- من باع ذهباً بذهب ودفع الفرق فينظر: إن كان البدلان أو أحدهما من الحلي فلا حرج -إن شاء الله-. وإن كانا سبائك فتنطبق عليها قاعدة مد عجوة، وحاصلها هنا أنه يجب أن يكون وزن الذهب المفرد أكبر من وزن الذهب المضموم إلى النقد. فيجوز مبادلة جرام من الذهب مقابل نصف جرام + 1000ريال مثلاً، بشرط التقابض في الحال، لكن لا يجوز مبادلة نصف جرام مقابل جرام +1000ريال، باتفاق الفقهاء. وإذا كانت المعاملة قد وقعت على الوجه المحذور فعفا الله عما سلف، ولا يجوز فعلها مستقبلاً. والله أعلم.

بيع الأسهم والسندات

أسهم الشركات المتعاملة بالربا المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 27/6/1422 السؤال ما حكم الاستثمار بأسهم الشركات التي تتعامل بالربا أحياناً بالأخذ والعطاء؟ وما حكم الأسهم المملوكة بأيدي المستثمر الآن؟ الجواب لا يجوز شراء أسهم الشركات التي يكون أصل نشاطها محرماًُ كأسهم شركات لحوم الخنزير، أو تصنيع الخمور ونحوها مطلقاً، ولا يجوز مطلقاً شراء أسهم الشركات القائمة على الربا كأسهم البنوك (الربوية) . وأما الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحاً كالشركات الزراعية، أو الصناعية، أو الخدمية التي تزرع ما يباح، أو تصنعه، أو تقدم الخدمات المباحة الجائزة فلا بأس بشرائها، والمتاجرة فيها. ولكن إن كانت هذه الشركات تتعامل بالربا أحياناً أخذاً أو إعطاءً، وذلك بأن تقوم بتوظيف السيولة النقدية المتوفرة لديها في بعض الأوقات في البنوك وتأخذ فائدة (ربا) عليها، أو تحتاج مثلاً إلى توسعة نشاطها ومصانعها فتقوم بالاقتراض من البنوك بفائدة (ربا) ؛ فهذا النوع من الشركات اختلف فيه العلماء والباحثون، فمن العلماء من منع شراء أسهمها؛ نظراً لوجود الربا فيها، وإن كان عارضاً غير أصيل في نشاطها. ومن العلماء من أجازها بشروط تتمثل فيما يلي: الشرط الأول: ألا ينصّ نظام الشركة على أنها سوف تفعل ذلك، بأن تقرض بالربا أو تقترض به. الشرط الثاني: ألا يتجاوز المبلغ المقترض لتمويل النشاط أو المبلغ المقترض ثلث رأسمال الشركة، وإنما حددوا نسبة الثلث قياساً على تحديد الشريعة لهذه السنة في بعض المعاملات المالية.

الشرط الثالث: أن يتم التخلّص من الأرباح المتولدة والناشئة عن هذه العمليات الربوية. فهذا النوع من الشركات تتولّد أرباحه من عمليات جائزة، ومن هذه العمليات المحرمة. وأما كيف يعرف مالك الأسهم مقدار الربح المحرم من الربح المباح حتى يتخلص منه، ويصرفه في المجالات الخيرية فهذا صعب جداً، ويستلزم دراسة محاسبية دقيقة لكل شركة على حدة، وتختلف هذه النسبة من عام لآخر، ومن شركة لأخرى، ولكن غالب الأرباح الربوية لا تتعدى نسبة 20% في الأحوال العادية. فإذا أخرج المساهم هذه النسبة -وكانت الأحوال عادية في الشركة- فأرجو أن تكون قد برئت ذمته. والمقصود بالأحوال العادية ألا تكون الشركة استثمرت كل أموال المساهمين في بنوك ربوية كما حصل في بعض الشركات العقارية في بداية تأسيسها، حيث كانت كل أرباحها من الربا؛ لأنها لم تباشر نشاطها إلا بعد مضي فترة زمنية طويلة، وقد نص الفقهاء -رحمهم الله تعالى- على أنه إذا اختلط الربح المحرم بالربح المباح، وجهلت النسبة مطلقاً بحيث لم تعرف تحديداً أو تقريباً، فإن الشخص يقسم الأرباح إلى نصفين: فيتخلص من النصف أي 50%، ويأخذ 50% وبهذا تبرأ ذمته. وأرباح المساهمين تكون من طريقين: الطريق الأول: الأرباح السنوية التي توزع في نهاية كل سنة. والطريق الثاني: الفرق بين سعر شرائه للأسهم وسعر بيعه لها. فكل هذين الطريقين يتعين على المساهم أن يتخلص من الربا الموجود منهما. وينبغي أن يعلم أن أكثر من 90% من الشركات العاملة في السوق الصناعية والكهربائية والزراعية والخدمية هي من هذا النوع الذي يحصل فيه التعامل بالربا أخذاً وإعطاء على النحو المذكور، ولا توجد سوى شركات معدودة لا تتعامل بالربا.

وأما حكم الأسهم الموجود عند المساهم في الوقت الحالي فهو على الخلاف الفقهي الذي ذكرناه، فمن أجاز التعامل بأسهمها قال بأنه يجوز له أن يبقيها بيده بالشروط المذكورة، ومن أهمها ضرورة التخلص من الأرباح الربوية فيها وصرفه في المجالات الخيرية. ومن منع منها مطلقاً أوجب على المساهم فسخ البيع ورجوعه على البائع الأول، وأخذ رأسماله أو طلب استقالة البيع من إدارة الشركة. ولكن هذا الجواب نظري غير عملي، ولا توجد آلية لتطبيقه وهو متعذر من الناحية العملية. وعلى هذا فإننا نقول: إنه يبيعها في السوق ويتخلص من الربح الربوي المتحصل منها ويكون المساهم قد اتقى الله ما استطاع كما قال تعالى: ((فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا)) . والله أعلم.

المتاجرة في الأسهم المستعارة

المتاجرة في الأسهم المستعارة المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 7/4/1422 السؤال استثمرت في أسواق الأسهم الأمريكية، ونحن نتناقش كثيراً حول المنظور الشرعي في بعض عمليات البيع والشراء ومنها بيع العارية وهو أن استعير عدداً من الأسهم من الشركة التي أعمل معها لابيعها في السوق اليوم على أن أعيد نفس عدد الأسهم من نفس النوع الذي استعرته خلال فترة من الزمن أو عندما اشتري من هذه الأسهم في وقت لاحق، الذين يرون هذا العمل حلال، هم الذين قاسوه على بيع العارية بحيث تستعير من جارك في المتجر بضاعة لتبيعها على زبون عندك في المحل ثم ترد مثلها على جارك إذا اتتك بضاعتك. والذين يرون حرمة هذا العمل قاسوه على بيع ما لا تملك. . فما رأيكم يا فضيلة الشيخ؟ الجواب ما أخذه من أسهم الشركة التي ساهم فيها؛ لأجل أن يبيعها ثم يردّ مثلها عدداً ونوعاً ليس من العارية في شيء؛ لأن صورة العارية هي: أخذ مال لينتفع به ثم يرده بعينه مثل استعارة السيارات والأثاث ونحوها مما تبقى عينه بعد استيفاء الانتفاع. والصورة التي ذكرها السائل تعتبر في الشرع قرضاً، وهذا في غاية الوضوح؛ لأنه يأخذ أسهماً ليرد بدلها، وهذه هي حقيقة القرض. والمال المقترض يصبح ملكاً بيد المقترض بمجرد قبضه فلا يحق للمقرض أن يتصرف فيه أو يطالب برده عيناً. وعليه: فيجوز للمقترض أن يبيع ما اقترضه أو يهبه أو يتصدق به. فالحاصل أن ما ذكره السائل من اقتراض بعض الأسهم من الشركة يجوز بيعه والمتاجرة به؛ لأنه أصبح مالكاً له. وبالله التوفيق.

برنامج تقسيط الأسهم

برنامج تقسيط الأسهم المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 03/04/1427هـ السؤال سمعنا أن هناك برنامجاً للتقسيط، ولكن البضاعة المباعة ليست سيارات، وإنما يشترون لك أسهماً ثم يبيعونها لك ويقسطون عليك قيمتها، فما حكم هذه المعاملة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: إذا اشترى العميل سلعة بثمن مؤجل على أن يوكّل البائع ببيعها عنه نقداً بثمن أقل من الثمن الذي اشتراها به، فالصحيح أن هذه الوكالة لا تجوز؛ لأنها تجعل المعاملة من جنس العينة المحرمة بالنص. فإذا كان لا يجوز للبائع أن يشتري السلعة لنفسه نقداً بعد أن باعها على العميل بأجل لأن ذلك من العينة، فلا يجوز له أن يتوسط في شرائها من خلال الوكالة، لأمور: (1) أن الأمور بمقاصدها والعبرة بالمآل، ومقصود هذه المعاملة الذي تؤول إليه هو أن يقبض العميل من البائع ثمناً حاضراً مقابل ثمن مؤجل في ذمته أكثر منه، وهذا عين الربا المحرم بالنص والإجماع. (2) أن المتسبب العامد كالمباشر، فإذا تسبب البائع في بيع السلعة نقداً بعد بيعها بأجل ناوياً تحصيل النقد للعميل مقابل ما ثبت له في ذمته، كان حكمه كما لو باشر شراءها لنفسه، وهي العينة المحرمة. (3) إذا اتفق الطرفان ـ صراحة أو ضمناً ـ على أن يكون البائع وكيلاً عن المشتري في بيع السلعة بثمن أقل من الثمن المؤجل الذي باعاها إياه به، كان ذلك جمعاً بين أمرين متنافيين: البيع على العميل بربح والوكالة عنه في بيعها بخسارة. فالجمع بينهما جمع بين متنافيين، وهو ممنوع شرعاً خاصة في حال التهمة. وأي تهمة أعظم من الربا؟ وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل احتاج إلى مئة درهم، فجاء إلى رجل فطلب منه دراهم، فقال الرجل: ما عندي إلا قماش، وأرادا أن يوسطا السلعة لتحصيل الدراهم، فأجاب:

"متى قال له الطالب: أريد دراهم، فأيَّ طريق سلكوه إلى أن تحصل له دراهم ويبقى في ذمته دراهم إلى أجل فهي معاملة فاسدة، وذلك حقيقة الربا. ... وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". فمتى كان المقصود ما حرّمه الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام-، فالتوسل إليه بكل طريق محرمٌ. وإنما يباح للإنسان أن يتوسل إلى ما أباحه الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام- من البيع المقصود والتجارة المقصودة، فإن الله أحل البيع وحرم الربا." جامع المسائل، عالم الفوائد، المجموعة الأولى، ص223-224. وانظر مجموع الفتاوى ج29 ص432-434، 446-448. والعلم عند الله تعالى.

أسهم شركة الكهرباء

أسهم شركة الكهرباء المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 4/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود أن أسأل عن أسهم شركة الكهرباء تحديداً؛ لأنني مساهم في هذه الأسهم، فأرجو أن تكون الإجابة مقتصرة على هذه الأسهم فقط، هل المساهمة فيها حرام أم حلال خاصة أن شركة الكهرباء أخيراً اقترضت من البنوك 6 مليارات؛ ما رأيكم حفظكم الله؟ . الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن حكم التعامل بأسهم الشركات عموماً يختلف باختلاف أغراض الشركات ونشاطها وما يتصل بذلك من معاملات، ويمكن تقسيم الشركات المساهمة من هذه الحيثية إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: الشركات المساهمة التي تعمل في نشاط مباح، ولم يخالط هذا النشاط شيء من التعامل المحرم، وهذه الشركات تجوز المساهمة فيها والمتاجرة بشراء أسهمها وبيعها؛ لأن الأصل في المعاملات الإباحة، ولم يوجد ما ينقل عن هذا الأصل. القسم الثاني: الشركات المساهمة التي تعمل في نشاط محرم، كالبنوك الربوية وشركات الخمور، والتبغ، والقمار، والأفلام الخليعة، ونحو ذلك، فهذه الشركات لا يجوز المساهمة فيها ولا المتاجرة بشراء أسهمها وبيعها؛ لأن الشريعة حرمت هذه الأمور ونهت عنها، ولا يجوز اقتراف ما نهى الشارع عنه. القسم الثالث: شركات تعمل في نشاط مباح، ولكن خالط هذا النشاط شيء من التعامل المحرم، كالتعامل بالربا اقتراضاً أو إيداعاً، وما إلى ذلك من الأمور المحرمة، وهذا النوع من الشركات يطلق عليه الباحثون مصطلح الشركات المختلطة، والعلماء مختلفون في حكم الاستثمار والمتاجرة بأسهم هذه الشركات، وفيما يلي بيان مختصر لهذا الخلاف:

القول الأول: تحريم التعامل بهذه الأسهم؛ لاشتمالها على ما حرمه الشارع، والمسلم لا يجوز له الإقدام على ما حرمه الشارع مهما كان مقداره. القول الثاني: جواز التعامل بها؛ لأن هذه الشركات لا يمكن للناس الاستغناء عنها، والناس في حاجة ماسة إليها، والشارع يراعي حاجات الناس، ويبيح لهم ما تعم به البلوى، وقد أفتى بهذا القول عدد من أهل العلم ومن الهيئات الشرعية، كالهيئة الشرعية في شركة الراجحي المصرفية للاستثمار بقرارها رقم (485) بتاريخ 23/8/1422هـ، حيث أجازت الهيئة الاستثمار والمتاجرة بأسهم الشركات المختلطة بضوابط معينة، أهمها: 1- ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا 25% من إجمالي موجودات الشركة. 2- يجب التخلص من العنصر المحرم الذي خالط تلك الشركات، وذلك بالرجوع إلى القوائم المالية للشركة، ومعرفة مقدار التعامل المحرم، وإخراج ما قابله من الأرباح، ومن خلال هذا التقسيم يتبين لنا أن شركة الكهرباء هي من القسم الثالث، فهي من الشركات المختلطة؛ لأن أصل نشاطها مباح (وهو الكهرباء) ، لكن خالط هذا النشاط شيء من المعاملات المحرمة كالاقتراض الربوي كما هو معلوم، فيطبق عليها الحكم المذكور بضوابطه المحددة، ومن أجل تطبيق هذه الضوابط ونحوها مما هو مذكور في قرار الهيئة يمكن للسائل أن يتصل بالهيئة الشرعية في شركة الراجحي المصرفية للاستثمار. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

التعامل بالأسهم في الشركات التجارية

التعامل بالأسهم في الشركات التجارية المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 21/2/1423 السؤال سؤالي عن التعامل في الأسهم ما عدا أسهم البنوك الربوية، هل يجوز التعامل معها، والبيع والشراء فيها؟ وعن طريق بنك ربوي، حيث أفتح عندهم حساباً جارياً لآخذ منهم فوائد، وبالتالي يفتحون لي حساباً في الأسهم، ومن ثم أستطيع البيع والشراء في الأسهم، وقد يكون هذا البيع في نفس الوقت، حيث أشتري ثم إذا تمت الموافقة على البيع يمكن أن أبيع ما اشتريته في نفس الوقت على من لا أعرفه حسب نظام تداول الجديد. الجواب شراء الأسهم في الشركات يختلف حكمه بحسب نوع الشركة وتعاملاتها، وذلك حسب الأنواع التالية: النوع الأول: شركات أصل عملها حرام، بأن تكون تتعامل بالربا، أو بتجارة الخمور، فهذه لا يجوز التعامل معها ولا شراء أسهمها. النوع الثاني: شركات أصل عملها حلال ولا تتعامل بالحرام، بأن تستثمر في الصرافة، أو الزراعة، أو الصناعة، ونحوها، وتودع في البنوك ولا تأخذ أو تعطي فائدة على ذلك، فهذه يجوز شراء أسهمها وتداولها، ومن أمثلة ذلك شركة الراجحي المصرفية للاستثمار، وذلك لوجود هيئة شرعية فيها تراقب أعمالها الاستثمارية. النوع الثالث: شركات أصل عملها حلال، ولكنها تتعامل عرضاً بالحرام، كالإقراض والاقتراض من البنك بفائدة، فتودع المبالغ المتوافرة عندها في البنوك، وتأخذ عليها فائدة، وتستقرض إذا احتاجت إلى سيولة مؤقتة من البنك وتعطي عليها فائدة، وهذا النوع هو أكثر الشركات الموجودة اليوم في المملكة أو غيرها من دول العالم. وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكم تداول أسهمها على قولين: فبعض العلماء يرون حظر شراء هذه الأسهم؛ لأنها تتضمن أمراً محرماً، وهذا ما صدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

وبعض العلماء يرون جواز شراء هذه الأسهم لحاجة المجتمع إلى ذلك، ولغلبة الحلال على الحرام في نصيب السهم. وكان المجيزون يشترطون للتعامل مع هذه الشركات شروطاً، هي: 1-إذا أخذ المشتري أرباح السهم فإنه يجب عليه أن يتخلص من نسبة الفائدة الربوية التي أضيفت إلى الأرباح عن طريق سؤال المختصين في الشركة عن مقدار هذه النسبة. 2-أن يكون تعامله عن طريق البنوك الشرعية كشركة الراجحي، والبنك الأهلي الإسلامي، ونحوها، وذلك لأن الشراء عن طريق البنك الربوي فيه تقوية له، والله يقول: "وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة:2] . ولذا أنصح السائل إذا أراد أن يأخذ بقول المجيزين أن يراعي الشرطين المذكورين، والله أعلم.

أسهم الخيار في البورصة العالمية

أسهم الخيار في البورصة العالمية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 3/3/1423 السؤال ما حكم شراء أسهم الخيار في البورصة العالمية، حيث إنني من المضاربين فيها، وأتحرى موافقة الشرع في ذلك، وسهم الخيار يعطي المضارب عند شرائه لهذا السهم أن يبيع السهم بعد مدة بالسعر الذي اشترى به حتى لو نزل السعر؟ الجواب خيارات الأسهم المتداولة في الأسواق العالمية، سواء كانت خيارات شراء (call options) أو خيارات بيع (put options) هي من عقود الغرر المنهي عنها شرعاً، وبذلك صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة عام 1992م برقم 63. والذي جعل هذه العقود من الغرر أن وظيفتها مرهونة بتغير السعر، بحيث لا تسمح بربح كلا طرفي العقد، ففي خيار الشراء يدفع المشتري مبلغاً معيناً (premium) ، بحيث يكون له الحق في شراء السهم، أو الأسهم بسعر ثابت طوال مدة الخيار، فإذا ارتفع سعر السوق لهذه الأسهم عند الأجل، نفذ المشتري البيع فيربح الفرق بين سعر السوق وسعر التنفيذ (strike price) ، وكذلك الحال بالنسبة لخيار البيع، حيث يدفع مالك الأسهم مبلغاً محدداً مقابل أن يكون له الحق في بيع الأسهم بسعر ثابت طوال مدة العقد، فإذا هبط سعر السوق عند الأجل نفذ المالك البيع فيربح الفرق بين سعر السوق وسعر التنفيذ، وبطبيعة الحال فإن هذا الربح بعينه يمثل خسارة للطرف الآخر، إذ لو كان اتجاه تغير السعر معلوماً مسبقاً لما تم العقد؛ لأنه سيمثل خسارة محققة لأحدهما. فالاختيارات من أدوات المجازفة على الأسعار، وهي من ضمن العقود التي جعلت الاقتصادي الفرنسي موريس آلية يصف البورصات العالمية بأنها "كازينوهات قمار ضخمة"، وذلك أن حقيقة القمار هي أن يربح أحد الطرفين على حساب الآخر، وهذا بالضبط ما يحصل في عقود الاختيارات في الأسواق الدولية.

وهذا بخلاف عمليات البيع والشراء العادية للأسهم (التي لا تنطوي على محظور شرعي) ؛ لأن عقد البيع عقد فوري ينتهي بمجرد إبرام الصفقة، فيكون لكل طرف كامل الحرية في التصرف بعد التعاقد، دون أي التزام من أحد الطرفين للآخر، أما عقد الاختيار فهو عقد مؤجل يلتزم فيه أحد الطرفين للآخر بتحمل مخاطر السعر مدة الخيار، فحقيقة العقد أن مُصدر الخيار يقدم التزاماً أو ضماناً للطرف الآخر بتنفيذ العقد عند السعر المتفق عليه، فهو عقد معاوضة على ضمان السعر، ولذلك يعد الاختيار من عقود التأمين في واقع الأمر، ولذلك يستخدم للتأمين على المحافظ الاستثمارية (portfolio insurance) ، ومعلوم أن عقد التأمين (التجاري) عقد غرر باتفاق المجامع الفقهية، والعلة واحدة في الأمرين، والعلم عند الله -تعالى-.

المتاجرة في الأسهم السعودية

المتاجرة في الأسهم السعودية المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 10/11/1423هـ السؤال أنا تجارتي المضاربة بالأسهم السعودية يعني أشتري أسهماً بسعر وأبيعها إذا ارتفع سعر السهم..فهل هذا حلال أم حرام أم مشتبه به؟ أفتوني أثابكم الله. الجواب لقد أحل الله البيع وحرم الربا وجاءت الشريعة الإسلامية بمشروعية التجارة قال تعالى: "يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا إن تكون تجارة عن تراض منكم" [النساء: 28] . وقال تعالى: "ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا" [البقرة من الآية:282] ، فالتعامل في التجارة بشتى أنواعها من الأعيان والأسهم متى تم التبايع وحصل القبض وانتقلت الأسهم من البائع إلى المشتري فللمشتري الحق في بيعها، والذي يبدو أن التعامل بالأسهم على هذه الحال بيع مشروع ومعاملة صحيحة والله أعلم.

البيع على المكشوف

البيع على المكشوف المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 18/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ظهرت في الآونة الأخيرة وبشكل ملفت للنظر بعض المكاتب التي تمثل دور الوسيط بين المستثمر وبعض شركات الاستثمار الكبرى العالمية، ومن خلال هذه الشركات التي تمثل دور الوسيط يقوم المستثمر: (1) بالبيع والشراء والمتاجرة في العملات العالمية مثل: الدولار واليورو والين والفرنك السويسري والمارك الألماني وبقية العملات الأخرى. (2) البيع والشراء في المؤشرات (مؤشرات الأسهم العالمية) مثل: مؤشر الداو جونز والناسداك وإس آند بي والكاك والفوتسي والداكس ... إلخ. (3) البيع والشراء في الأسهم العالمية، مثل: أسهم البنوك والشركات الأمريكية المدرجة في البورصة العالمية. علماً أن طريقة البيع والشراء تتم من خلال الطرق التالية: (1) يتم البيع أو الشراء من خلال (عقد بيع) أو (عقد شراء) وهذا العقد يدفع المستثمر جزءاً من المبلغ والباقي يقوم البنك أو الشركة الاستثمارية بدفع الجزء المتبقي، مثلاً يدفع المستثمر (2%) (2000) دولار والبنك أو الشركة تدفع (98%) (98000) دولار هذا في البيع والشراء في العملات أو المؤشرات (والمؤشرات لا تمثل شركة بعينها وإنما تمثل مجموع الشركات التي تندرج تحت اسم المؤشر) . (2) يحق للمستثمر البيع (حتى وإن لم يكن يملك أي سهم أو عملة إذا توقع أو ظن أن الأسعار ستنزل) . (3) يحق للمستثمر الشراء إذا توقع أو ظن أن السهم أو العملة أو المؤشر سيرتفع. (4) يحصل المستثمر في كل نقطة من العملات أو المؤشرات على 100 (مائة) دولار أو 10 (عشرة) دولار مثلاً وهي تختلف حسب كل مؤشر أو عملة.

(5) لا تتحمل الشركة أو البنك أي خسارة لأنها تخصم الخسارة من المبلغ المدفوع مسبقاً وهو مثلاً (2000) دولار (ويسمى هذا المبلغ تأمين) لكي تضمن الشركة أو البنك عدم الوقوع في الخسارة بأي حال من الأحوال ويتحمل المستثمر أو العميل كامل الخسارة لوحده حيث يتم إنذار العميل بأن عليه الدعم المالي للحساب وإلا سيتم الخصم من المبلغ المؤمن عليه عند توقيع العقد وهو المبلغ (2000) دولار. نرجو منكم التكرم بدراسة هذا الموضوع والإجابة عليه وموافاتنا بالحكم الشرعي. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذه المعاملات تدخل تحت إطار ما يعرف بالبيع على المكشوف والشراء بالهامش والتعامل بالمؤشر، وجميعها تتضمن تعاملات محرمة شرعاً، إما لكونها بيع الإنسان ما لا يملك أو لتضمنها الاقتراض بالربا أو لكون المعاملة في ذاتها ليست سوى نوع من المقامرة والمراهنة على الأسعار، وفيما يلي توضيح لذلك: في حالة الشراء بالهامش يدفع المشتري جزءا من الثمن ويقترض باقي الثمن من السمسار (الوسيط) أو من بعض المؤسسات التمويلية ليتمكن من شراء عدد أكبر من الأسهم، فالشراء بالهامش يتضمن في العادة قرضا بفائدة يدفعها المستثمر للمقرض.

في حالة البيع على المكشوف (ويعرف بالبيع القصير) يبيع المستثمر أوراقاً مالية (أسهماً) لا يملكها على أن يتم تسليمها خلال فترة قصيرة من الزمن حيث يقترض الأوراق المالية من السمسار أو من غيره ويسلمها للمشتري ويبقى ثمن الأوراق المالية في يد مقرض تلك الأوراق ضمانا لتسديد الأسهم وعند انخفاض ثمن الورقة المالية بشكل مناسب يقوم المستثمر بشرائها من السوق وتسديدها للمقرض وقبض المبلغ الذي في يده، فيكسب المستثمر الفرق بين ثمن شراء الورقة المالية (عند انخفاض ثمنها) وثمن بيعها الذي كان بسعر أكبر، أما مقرض الورقة المالية فيستفيد من بقاء المبلغ في يده لفترة من الزمن يمكن له خلالها أن يحقق عائدا باستثمارها أو إيداعها بفائدة، وهكذا فإن البيع على المكشوف يتضمن بيع الإنسان ما لا يملك ابتداء ثم الاقتراض بشرط انتفاع المقرض بالثمن مدة القرض. أما في حالة الشراء أو التعامل بالمؤشر (وهو يمثل أسهم مجموعة شركات تختلف حسب المؤشر) فهو مجرد مقامرة على تحرك المؤشر إذ لا يتم قبض أو تسليم لأسهم وإنما مجرد المقامرة حيث تتم المقاصة بين المتعاملين ويستفيد من صح توقعه ويخسر من خاب توقعه وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة بعدم جواز بيع وشراء المؤشر لأنه مقامرة بحتة وهو بيع شيء خيالي لا يمكن وجوده. والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

بيع الاسم التجاري

بيع الاسم التجاري المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 18/02/1426هـ السؤال ما هو حكم بيع الاسم أو الأصل التجاري؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بيع مثل هذه الأسماء التجارية، يظهر لي أنه جائز، بشرط ألا يتضمن ذلك تدليسًا وغررًا بالنسبة للمستهلك، وأما الجواز فإن الأصل في المعاملات الحل، وأما التدليس والغرر فإن كلاًّ منهما مذموم شرعًا ويندرج تحت الغش؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنَّا". أخرجه مسلم (102) . والله أعلم.

التعامل بالأسهم في بورصة الأوراق المالية

التعامل بالأسهم في بورصة الأوراق المالية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 23/3/1424هـ السؤال هل شراء الأسهم وبيعها من خلال بورصة الأوراق المالية حلال أم حرام؟ وإن كان التعامل في البورصة حلالاً فهل يشترط التعامل في أسهم محددة؟ فمثلاً هل التعامل في أسهم شركة مدينة الإنتاج الإعلامي حلال أم حرام، وأسهم شركات التأمين وأسهم البنوك. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: شراء وبيع أسهم الشركات يتوقف حكمه على أمرين: (1) طبيعة الشركة ونشاطها وتعاملاتها. (2) نوع العقد المبرم على السهم. فالشركات التي تعمل في مجالات مشروعة، ولا تتعامل بالربا أو غيره من التعاملات المحرمة، شراء أسهمها وبيعها جائز. أما إذا كانت الشركة تعمل في مجال محرم، مثل إصدار الأفلام الماجنة والأغاني المحرمة، أو إنتاج أو تسويق مواد محرمة كالخمور والخنزير والميتة ونحوها، أو تعمل في مجال التأمين التجاري أو القمار، أو الربا مثل البنوك، فيحرم شراء أسهم هذه الشركات. أما إذا كان نشاط الشركة مشروعاً لكنها تتعامل بالربا لغرض التمويل فحسب، فهذا مما فصل فيه الفقهاء المعاصرون، نظراً لعموم البلوى بالربا اليوم، مع حاجة الناس لقنوات استثمارية لتنمية أموالهم. واجتهدوا في تحديد نسبة معينة من أصول الشركة يتسامح في أن تكون ممولة بالربا، وهي الثلث، بحيث تكون المديونية الربوية لا تتجاوز ثلث أصول الشركة. وهذا محض اجتهاد مبني على المصلحة، وإلا فإن الربا قليله وكثيره محرم بالنص والإجماع.

وأخذاً بهذا الاجتهاد فلا بأس من التعامل بأسهم شركات نشاطها مشروع على ألا تتجاوز مديونيتها الربوية ثلث أصولها، وفق أحدث قوائم الميزانية الصادرة عنها. وفي هذه الحالة يجب على المستثمر إخراج ما يقابل هذه المديونية الربوية من الأرباح. فإذا كانت المديونية تعادل ثلث الأصول، فيجب إخراج ثلث الأرباح الموزعة تبعاً لذلك. وإذا كان نشاط الشركة اختلط فيه الحلال بالحرام، بحيث إنها تسوق أو تنتج منتجات محرمة ومشروعة، فالعبرة بالغالب. وفي تحديد نسبة الغالب أيضاً اجتهاد بألا يتجاوز الإيراد المحرم نسبة معينة من إجمالي الإيرادات، يقدره البعض بـ 5% إلى 10%. وهذا كالذي سبقه، محض اجتهاد، وإلا فإن ثمن المحرم محرم قل أو كثر. وأخذاً بهذا الاجتهاد يجب إخراج ما يقابل هذه النسبة من الأرباح الموزعة. أما من حيث نوع العقد المبرم، فالمشروع هو البيع والشراء، أما الخيارات (options) أو المستقبليات (futures) فهي ممنوعة، لأنها من القمار المحرم شرعاً. والعلم عند الله تعالى.

السندات الحكومية

السندات الحكومية المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 12/08/1425هـ السؤال ما هي المستندات الحكومية؟ وما هي كيفية عملها بالتفصيل إن أمكن؟ وما حكم شرائها وبيعها والتعامل بها؟ الجواب السندات الحكومية عبارة عن ورقة تطرحها الحكومة عن طريق البنوك، وهي تمثل مبلغاً محررة قيمته في تلك الورقة، يستحق دفعه بعد أجل معين محرر وقته في تلك الورقة، وهذا المبلغ المؤجل المحرر في تلك الورقة يستحقه حاملها عند حلول أجله، والغرض من السندات الحكومية قد يكون حصول الحكومة على قرض، فإنها من خلال بيعها لهذه القيمة المؤجلة المحررة في السند تحصل على نقد وسيولة حاضرة ثمناً لها، وقد يكون الغرض منها: امتصاص السيولة الفائضة في السوق للحد من التضخم. أما حكم تداولها بيعاً، وشراءً، ووساطة، فهو محرم؛ لأنها ربا، فإنه من خلال هذه السندات يحصل محررها على نقد عاجل حال، ومن ثم يدفع عوضاً عنه نقداً مؤجلاً أكثر منه، ومما هو معلوم عند المسلمين: أن الربا من الكبائر - نسأل الله العافية- فينبغي توقيه والحذر منه، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] . هذا والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

وساطة مالية لتداول الأسهم ببنك ربوي

وساطة مالية لتداول الأسهم ببنك ربوي المجيب د. عبد الرحمن بن عبد الله السند عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 19/12/1424هـ السؤال أنا أتعامل مع شركة وساطة مالية للتداول بالأسهم في البورصة الأمريكية، وهذه الشركة تابعة لبنك ربوي، فهل يجوز التعامل معها؟ مع العلم أن الشركة تعمل كسمسار، وتأخذ عمولة لبيع وشراء الأسهم. أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. إذا كان هناك مؤسسة مالية تكون وسيطاً ولا تتعامل بالربا فهو الأولى، وإن لم يوجد إلا هذه الشركة فلا حرج على ألاَّ تأخذ أي فوائد ربوية يقدمونها لك على حسابك الذي عندهم، وإذا كانوا يقدمون فوائد ربوية فعليك التخلص منها في وجوه الخير، على أني أذكرك بحرمة التعامل بالأسهم المحرمة، كأسهم البنوك الربوية والشركات التي تكون للقمار أو للخمور أو غيرها من المحرمات. وفقك الله وأعانك.

شراء الأسهم بالتقسيط وبيعها

شراء الأسهم بالتقسيط وبيعها المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 27/5/1424هـ السؤال أرغب في شراء أسهم من إحدى شركات الاستثمار الإسلامية، وسيكون شراؤها عن طريق التقسيط من الراتب، وفي نيتي أن أبقيها في ملكي ثم أبيعها متى ارتفع سعرها، وربما يتم بيعها والأقساط لم تنته بعد، وسؤالي هو عن حكم هذه المعاملة، وهل تكون داخلة في بيع الدين بالدين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: حكم هذه المعاملة جائزة ولا بأس بها إن شاء الله، لكن بشرط أن تكون هذه الشركة لا تتعامل بالربا، فمثلاً إذا اشتريت أسهماً لمصنع من المصانع أو شركات تبيع عروضاً تجارية أو نحو ذلك، وهي لا تتعامل بالربا فإن هذا جائز ولا بأس به، ولابد أن تكون الشركة من شركات عروض التجارة أو المصانع المباحة، ونحو ذلك.

المشاركة في الأسهم العالمية

المشاركة في الأسهم العالمية المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 12/6/1424هـ السؤال ما حكم المشاركة في الأسهم العالمية من خلال شركة الراجحي؟ علماً بأنها تقوم كل فترة بإلغاء بعض الشركات، حيث إنه يكتشف أنها شركات ربوية أو محرمة فما الحكم في المشاركة في بيع وشراء الأسهم العالمية؟ الجواب يظهر أن مقصود السائل: ما حكم بيع وشراء أسهم الشركات التي تتعامل بالفائدة أخذا وإعطاء. وهناك خلاف بين العلماء المعاصرين في هذه المسألة، بين من يرى جواز ذلك بالضوابط التي يقترحها، ومن يرى تحريم ذلك. ولا أعرف من يجيز ذلك بدون ضوابط. وممن يرى الجواز بالضوابط الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، حيث فصلت ضوابطها في القرار ذي الرقم 310، ثم عدلته بالقرار ذي الرقم 485. وأرفق القرار للفائدة ففيه غنية عن الكلام. ومن المهم الإشارة إلى ما نصت عليه الهيئة من "إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك". والضوابط باختصار، هي: (1) أن يكون نشاط الشركة مباحا. (2) ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا - سواء أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل- (25?) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه. (3) أن يتخلص من نصف ريع القرض الربوي من صافي الربح سواء وزع الربح أم لم يوزع، فإن لم يوجد ربح فلا يجب تخلص.

(4) ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5?) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية، أم عن ممارسة نشاط محرم، أم عن تملك لمحرم أم عن غير ذلك. ويكون التخلص من منفعة القروض قصيرة الأجل بقدر مدة بقائها في الفترة المالية محل التخلص. (5) ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم - استثماراً كان أو تملكاً لمحرم- نسبة (15?) من إجمالي موجودات الشركة. القرار (485) الدورة الثالثة-السنة الثانية 23/8/1422هـ الموضوع: ضوابط الاستثمار والمتاجرة في أسهم الشركات المختلطة بمحرم والتخلص من المحرم فيها. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإن الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار في اجتماعها السابع والأربعين، السنة الثالثة، الدورة الثانية، أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس 21و22و23/8/1422هـ-6و7و8/11/2001م، في مدينة الرياض، مبنى الإدارة العامة، قاعة اجتماعات الهيئة، بعد اطلاعها على مذكرة العرض المعدة من أمانتها بشأن الخطاب الوارد من نائب المدير العام للمجموعة الشرعية؛ للنظر في الضوابط الشرعية للتعامل في أسهم الشركات بيعاً وشراءً وتوسطاً المرفق به ملخص ما ورد في قرارات الهيئة في الموضوع، والأوراق والإحالات ذات الصلة. وبعد الاطلاع على الاستفسار الوارد من مجموعة الاستثمار والعلاقات الدولية. وبعد دراسة الهيئة لهذه الضوابط والنظر فيها في اجتماعاتها الثامن بتاريخ 5و6/6/1420هـ، والتاسع بتاريخ 19و20/6/1420هـ، والعاشر بتاريخ 10و11و12/7/1420هـ، والسابع والعشرين بتاريخ 14و15/7/1421هـ، والثامن والعشرين بتاريخ 27و28و29/7/1421هـ، والرابع والثلاثين بتاريخ 24و25/11/1421هـ، والسادس والأربعين بتاريخ 8و9و10/7/1422هـ. وبعد الاطلاع على قرارات وفتاوى الهيئات والمجامع الفقهية ذات الصلة.

وبعد الاطلاع على إيضاحات الجهات المعنية في الشركة، وإجاباتها عما وجه إليها من الهيئة. وبعد التأمل والنظر في الشركات المساهمة، وأنها من حيث غرضها ونشاطها وضوابط التعامل في أسهمها أنواع ثلاثة هي: النوع الأول: الشركات المساهمة ذات الأغراض والأنشطة المباحة. وهذه الشركات يجوز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها وفق شروط البيع وأحكامه. النوع الثاني: الشركات المساهمة ذات الأغراض والأنشطة المحرمة، مثل شركات الخمور والتبغ ولحوم الخنزير وشركات القمار والبنوك الربوية، وشركات المجون والأفلام الخليعة، وصناديق الاستثمار في السندات الربوية، والشركات المتخصصة في تداول الديون والتعامل بها. وهذه الشركات لا يجوز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها مطلقاً. النوع الثالث: الشركات المساهمة التي أغراضها وأنشطتها مباحة، ولكن قد يطرأ في بعض تعاملاتها أمور محرمة، مثل تعاملها بالربا اقتراضا أو إيداعاً. وهذا النوع من الشركات قد أقرت الهيئة جواز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها بضوابط معينة، بينتها في قراراتها ذوات الأرقام (53) والتاريخ 2/4/1411هـ، و (182) والتاريخ 7/10/1414هـ، و (310) والتاريخ 6/4/1419هـ، واستندت في جواز ذلك إلى عموم البلوى ورفع الحرج، والحاجة العامة. وبعد الدراسة والمناقشة والنظر والتأمل، واستكمالاً لما ورد في القرارات المذكورة آنفاً، فقد قررت الهيئة بشأن هذا النوع (النوع الثالث) من الشركات المساهمة ما يأتي: أولاً: يجب أن يراعى في الاستثمار والمتاجرة في أسهم هذا النوع من أنواع الشركات المساهمة الضوابط الآتية: (1) إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك.

(2) ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا – سواء أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل- (25?) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه. ويعد هذا معدلاً للنسبة المذكورة في القرار ذي الرقم (310) من تحديد المحرم بأن يكون أقل من ثلث مالية الشركة. (3) ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5?) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية، أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك لمحرم أم عن غير ذلك. وإذا لم يتم الإفصاح عن بعض الإيرادات فيجتهد في معرفتها، ويراعى في ذلك جانب الاحتياط. (4) ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم - استثماراً كان أو تملكاً لمحرم- نسبة (15?) من إجمالي موجودات الشركة. والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسب في هذا القرار مبني على الاجتهاد، وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء. ثانياً: إذا تغيرت أوضاع الشركات بحيث لا تنطبق عليها الضوابط السابقة وجبت المبادرة إلى التخلص منها ببيع أسهمها حسب الإمكان، على ألا تتجاوز مدة الانتظار تسعين يوماً من تاريخ العلم بتغيرها. ثالثاً: يرجع في معرفة أنشطة الشركة والنسب المقررة لجواز الدخول في الاستثمار والمتاجرة فيها إلى أقرب قوائم مالية صادرة موضحة للغرض؛ سنوية كانت أو ربع سنوية أو شهرية، سواء أكانت مدققة أم غير مدققة. رابعاً: لا يجوز الاشتراك في تأسيس الشركات التي ينص نظامها على تعامل محرم في أنشطتها أو أغراضها.

خامساً: تطبق الشركة الضوابط المذكورة في الاستثمار وفي المتاجرة في الأسهم، -ويعني الاستثمار: اقتناء السهم بقصد ريعه، أي ربحه السنوي، وتعني المتاجرة: البيع والشراء بقصد الربح من الفرق بين السعرين- سواءٌ قامت الشركة نفسها بذلك أم بواسطة غيرها، وسواءٌ أكان تعامل الشركة لنفسها، أم كان لغيرها على سبيل التوسط (السمسرة) كما في حالة الوساطة في التداول، أو على سبيل الإدارة لأموال الغير كما في الصناديق الاستثمارية إجارة كانت أم مضاربة، أو على سبيل الوكالة عن الغير والتوكيل للغير كما في إدارة المحافظ الاستثمارية. سادساً: يجب التخلص من العنصر المحرم الذي خالط تلك الشركات، وذلك وفقاً لما يأتي: (1) الذي يجب عليه التخلص هو من كان مالكاً للأسهم –فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك- حين صدور القوائم المالية النهائية، سواء كانت ربعية أو سنوية، وذلك في حالتي الاستثمار والمتاجرة. وعليه فلا يلزم التخلص من باع الأسهم قبل صدور تلك القوائم؛ لأنه لا يتبين العنصر المحرم إلا بعد صدورها، والبائع قد باعها بغرمها وغنمها. كما لا يلزم الوسيط والوكيل والمدير تخلص في عمولته أو أجرته؛ لأن ذلك حق لهم نظير ما قاموا به من عمل، والتخلص إنما يكون فيما عاد على التعامل بالأسهم من إيراد ونفع محرم. (2) يرد التخلص على شيئين: أولهما: منفعة القرض الربوي في حالة اقتراض الشركة المساهمة بفائدة. ثانيهما: الإيراد المحرم أياً كان مصدره. (3) يكون التخلص على النحو الآتي:

أ- في حالة الاقتراض الربوي: فإنه يتم تجنيب منفعة المال المقترض بالربا بالنظر إلى صافي الربح، ويكون احتساب تلك المنفعة وفقاً للقرار ذي الرقم (310) ، الذي جاء فيه: "وبما أن الربح ينتج من عنصرين هما: رأس المال والعمل، وأن الخبث في ربح السهم إنما جاء من الجزء المأخوذ بالربا" ويستأنس لذلك بما روى مالك في الموطأ (1396) عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- في جيش إلى العراق، فلما قفلا مرّا على أبي موسى الأشعري وهو أمير البصرة فرحب بهما وسَهَّلَ ثم قال: لو أقدر على أمرِ أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى. ههنا مالٌ من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكماه، فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق، ثم تبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون الربح لكما، فقالا: وددنا ذلك، ففعل وكتب إلى عمر -رضي الله عنه- أن يأخذ منهما المال، فلما قدما المدينة باعا فأربحا، فلما رفعا ذلك إلى عمر -رضي الله عنه- قال: أَكُلُّ الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما؟ قالا: لا، فقال عمر -رضي الله عنه-: ابنا أمير المؤمين فأسلفكما، أدِّيا المال وربحه، فأما عبد الله فسكت، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا: لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه، فقال: أدِّياه، فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله، فقال رجلٌ من جلساء عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً، فقال: عمر –رضي الله عنه-: قد جعلته قِرَاضاً، فأخذ عمر -رضي الله عنه- رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- نصف ربح المال. أ-هـ

وعليه فلو كانت نسبة القرض الربوي إلى الموجودات (20?) مثلاً، فإنه يتم التخلص من (10?) من صافي الربح سواء وزع الربح أم لم يوزع، فإن لم يوجد ربح فلا يجب تخلص. ويكون التخلص من منفعة القروض قصيرة الأجل بقدر مدة بقائها في الفترة المالية محل التخلص. ب- في حالة وجود إيراد محرم: فإنه يتم تجنيب مبلغ الإيراد المحرم كله، أياً كان مصدره، وسواء حصل ربح أم لا، وسواء وزعت الأرباح أم لم توزع، وإذا لم يعرف الإيراد على وجه الدقة احتسب على وجه التقريب بما يبرئ الذمة. ويتم التوصل إلى ما يجب على المتعامل التخلص منه: بقسمة مجموع الإيراد المحرم للشركة المتعامل في أسهمها على عدد أسهم تلك الشركة، فيخرج ما يخص كل سهم، ثم يضرب الناتج بعدد الأسهم المملوكة لذلك المتعامل - فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك- وما نتج فهو مقدار ما يجب التخلص منه. (4) لا يجوز الانتفاع بالعنصر المحرم بأي وجه من وجوه الانتفاع ولا التحايل على ذلك بأي طريق كان، فلا يحتسبه من زكاته، ولا من صدقاته، ولا يدفع منه ضريبة، ولا يستخدمه في دعاية أو إعلان، ولا غير ذلك. (5) تقع مسؤولية التخلص من العنصر المحرم على شركة الراجحي في حالة تعاملها لنفسها، أو في حالة إدارتها للصناديق أو المحافظ الاستثمارية، أما في حالة الوساطة (السمسرة) فيجب على الشركة أن تخبر المتعامل بآلية التخلص من العنصر المحرم حتى يقوم بها بنفسه، وللشركة أن تقوم بتقديم هذه الخدمة لمن يرغب من المتعاملين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الهيئة الشرعية عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل [رئيساً] عبد الله بن سليمان المنيع [نائباً للرئيس] عبد الله بن عبد الرحمن البسام [عضواً] عبد الله بن عبد الله الزايد [عضواً] صالح بن عبد الله بن حميد [عضواً] أحمد بن علي سير المباركي [عضواً] عبد الرحمن بن صالح الأطرم (عضواً وأميناً)

رفع سعر السهم طلبا للربح

رفع سعر السهم طلباً للربح المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 15/6/1424هـ السؤال هل يجوز شرعاً محاولة رفع سعر السهم لكي أربح؟ عندما أشتري بسعر أعلى يرتفع السعر، وبعد الارتفاع أبيع ما لديّ من أسهم. الجواب الحمد لله، وبعد: إذا كان الشراء بقصد رفع سعر السهم فقط، ثم إذا ارتفع بعت أسهمك فالذي يظهر لي أن هذا لا يجوز، لأن فيه خداعاً للآخرين وإضرارهم، والله أعلم.

حكم الاكتتاب في شركة سدافكو

حكم الاكتتاب في شركة سدافكو المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 13/03/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: أرجو منكم بيان الحكم الشرعي للاكتتاب في شركة سدافكو. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد فمن المعلوم أن نشاط شركة سدافكو قائم على إنتاج المواد الغذائية من الألبان ومشتقاتها والعصائر وغيرها، وهذا النشاط مباح من حيث الأصل. ومن خلال النظر في نشرة الإصدار الخاصة بالشركة وقوائمها المالية المعلنة في موقعها على الانترنت تبين ما يأتي: 1- أن إجمالي موجودات الشركة يبلغ 844.664.000 ريالاً. 2- وأن الشركة حصلت على تمويلات بنكية أغلبها بطريق المرابحة الشرعية وبعضها بقروضٍ ربوية، وتبلغ هذه التمويلات 134.300.000 ريالاً، ومجموع الفوائد المستحقة على القروض الربوية لا يتجاوز 1.3% من إجمالي مطلوبات (موجودات) الشركة. 3- وأن الشركة حصلت على إيرادات من ودائع بنكية بمقدار 112.500 ريالاً، من صافي ربحها البالغ 108.066.000 ريالاً، أي ما نسبته 0.1% من صافي أرباح الشركة. وبناء على ما سبق فالذي يظهر لي هو جواز الاكتتاب في هذه الشركة إذ إن نسبة العنصر المحرم في الشركة لا تتجاوز 1.5% من إجمالي نشاط الشركة، وهي نسبة يسيرة مقارنة بنشاطها المباح، لاسيما وأن القوائم المالية للشركة تظهر أنها تتجه في السنوات الأخيرة نحو تمويل مشاريعها عن طريق المرابحة الشرعية.

وجواز الاكتتاب في الشركة لا يعني أن الربا الذي فيها أصبح مباحاً، فالربا محرم قل أو كثر، والإثم على من باشر تلك المعاملة المحرمة أو أذن أو رضي بها، أما المساهم فإنه إذا أخذ شيئاً من الأرباح التي توزعها الشركة فعليه أن يتخلص من هذه النسبة المحرمة بصرفها في المشاريع الخيرية، أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم فلا يلزم التخلص من شيءٍ منها، والله أعلم.

تداول الأسهم عبر الإنترنت

تداول الأسهم عبر الإنترنت المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 21/10/1424هـ السؤال أنا أعمل في تجارة الأسهم من خلال صالات الراجحي، ولكن نظراً لبعد منزلي عن الصالة، وكذلك الزحام في الصالة والبطء، فقد ذكر لي أن البنك السعودي الأمريكي لديه خدمة التداول عبر الإنترنت، وكما يقولون إنها خدمة ممتازة مقابل 500 ريال في السنة، وفتح حساب جارٍ، هل يجوز لي فتح حساب استثماري للأسهم في هذا البنك الربوي؟ جزاكم الله خيراً. الجواب أولاً: معروف أن البنك الأمريكي له إدارة مستقلة إسلامية، وإن كانت مملوكة للبنك لكنها مستقلة عنه من حيث أعمالها ومن حيث جميع ما يتعلق بشؤون تصرفها ومزاولتها التجارة، ولها موظفون مختصون بها يزاولون ويراقبون العمل بالإسلام في هذا الشيء، فننصح هذا السائل أنه إذا أراد أن ينتقل من صالة الراجحي إلى صالة البنك الأمريكي فنقول: أولاً ينبغي له أن يكون ذلك تابعاً للإدارة المصرفية الإسلامية لهذا البنك، وفي نفس الأمر يستطيع أن يفتح حسابه الجاري لدى هذه الإدارة الإسلامية التي هي جزء من البنك لكنها منفصلة عنه في جميع ما يتعلق بأعمالها والرقابة عليها، ووجود موظفين مختصين بها. والله أعلم.

شراء الأسهم بالتقسيط

شراء الأسهم بالتقسيط المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 25/6/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: شخص أراد شراء أسهم بالتقسيط عن طريق شخص آخر، بحيث يشتري الشخص الآخر الأسهم المطلوبة ثم يبيعها بالتقسيط على الشخص الأول، ما حكم هذه العملية؟ وما الحكم إذا أراد المشتري تفويض البائع في بيع هذه الأسهم؟ علماً بأن الأسهم لم تكتب فعلياً باسم المشتري النهائي. الجواب إذا كانت هذه الأسهم، أو هذه الشركات التي يراد شراء أسهم منها شركات مباح التعامل والمتاجرة بأسهمها، بحيث يكون أصل نشاطها مباحاً، وبحيث تكون منطبقة على الضوابط والقيود التي أوجدتها الهيئات الرقابية الشرعية على المتاجرة بأسهم الشركات إذا كان هذا الأمر متحققاً في ذلك، فنقول: لا بأس أن يشتري الإنسان أسهماً من شركات مباح المتاجرة بأسهمها، ثم بعد ذلك يبيعها بثمن مؤجل على أحد عباد الله، ثم بعد ذلك يقوم هذا المشتري ببيع الأسهم على غير من اشتراها منه، ولا يجوز أن يبيعها على من اشتراها منه؛ لأن هذا يسمى العينة، والعينة ضرب من ضروب الربا، فإذا باعها على طرف ثالث، وتحملت ذمته قيمة هذه الأسهم لمن باعها عليه مؤجلة فنقول هذا تصرف صحيح، ولا يعترض عليه بأي شيء من أمور الاعتراض.

الإجابة عن الشق الثاني من السؤال: لا بأس بذلك طالما أنه هو الذي تولى شراءها بنفسه، ثم بعد ذلك قال لمن اشتراها منه وهو بائعها عليه: أوكلك على أن تبيعها لي على من ترى، فنقول: لا بأس بذلك، وإنما المحذور أن يبيعها المشتري على البائع بمعنى تعود على البائع مرة ثانية، فهذا لا يجوز، وهذه هي العينة الممنوعة، وأما إذا وكله على أن يبيع هذه السلعة لأحد الناس، فنقول: لا بأس بذلك؛ لأن المشتري أولاً يملك هذه السلعة، وفي نفس الأمر يملك التصرف بها سواء استخدمها يعني: أبقاها للاستغلال، أو باعها بنفسه، أو باعها عن وكيل آخر، أو وكل البائع على بيعها على طرف ثالث نقول: لا بأس بذلك إن شاء الله -تعالى -.

بيع أسهم بنك البلاد قبل بدء التداول

بيع أسهم بنك البلاد قبل بدء التداول المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 11/02/1426هـ السؤال ما حكم بيع أسهم بنك البلاد قبل بدء التداول؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فيجوز لمن امتلك أسهماً في البنك أن يبيعها على غيره، ولو كان ذلك قبل بدء التداول، لأن هذه الأسهم قد ملكها وقبضها القبض المعتبر شرعاً، لكونها مسجلة باسمه، فجاز له التصرف فيها، ولكن المشتري لتلك الأسهم لا يجوز له بيعها على طرفٍ آخر قبل أن تنقل الأسهم باسمه؛ وذلك لأمرين: الأول: أن المشتري وإن كان قد تملك هذه الأسهم إلا أنه لم يقبضها لكونها ما تزال مسجلة باسم البائع، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع قبل قبضها. والثاني: أن الأسهم إذا جرى تداولها بين أطراف متعددين وهي ما تزال مسجلة باسم البائع الأول فإن ذلك يكون مظنة النزاع والاختلاف وضياع الحقوق، والله أعلم.

بيع أسهم الشركات قبل التداول

بيع أسهم الشركات قبل التداول المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 18/02/1426هـ السؤال ما حكم بيع أسهم الشركات والبنوك قبل التداول؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: سهم الشركة إذا لم يطرح للتداول لا يجوز بيعه ولا شراؤه؛ لأمور منها: 1) وجود الربا بنوعيه: الفضل والنساء؛ لأن السهم يمثل نقداً، ورصيد الشركة معظمه أو كله نقد أيضاً - وإن وجد في رأسمال الشركة أعيان وممتلكات فهي بحكم المعدوم لوقف التعامل فيها المتمثل بعدم التداول لأسهمها. 2) إن ملكية الأسهم وإن تعينت عدداً وقيمة، فهي موقوفة حكماً بعدم تداولها، فالسهم -حينئذ- يشبه العين المرهونة لا يجوز بيعها عند جمهور العلماء إلا بموافقة الطرفين، وهما الشركة والمساهم - أو بأمر الحاكم. 3) البيع والشراء للأسهم قبل تداولها - فيه جهالة وغرر، إذ قد يباع السهم قبل التداول بسعر مرتفع عن سعره بعد طرحه أو العكس، فيلحق الضرر بالاثنين البائع والمشتري. 4) قد يقع بسبب هذا البيع منازعات وخصومات بين الطرفين، ولن يوثق عقد البيع قبل التداول بين الجهات ذات العلاقة، خاصة إذا كان المبلغ كبيراً، مما قد يسبب ضياع حقوق الناس. 5) في هذا البيع مخالفة لنظام بيع الأسهم الموضوعة للصالح العام، علاوة على ما في هذا من افتئات على ولي الأمر الذي أقر نظام هذه الشركات على هذا النحو لمصلحة الناس عامة. والخلاصة: إن بيع أسهم الشركات والبنوك قبل السماح بتداولها - ولو بعد التخصيص- لا يجوز؛ والبنوك الإسلامية كالشركات، أما البنوك الربوية فلا يجوز تعاطي أسهمها بالبيع أو الشراء مطلقاً، لا قبل التخصص والتداول ولا بعده. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

المتاجرة عبر الإنترنت

المتاجرة عبر الإنترنت المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 27/11/1424هـ السؤال أخي الكريم: أنا صاحب شركة للتجارة على الإنترنت، تقوم ببيع أسهم بقيمة معينة، وهذه القيمة تشمل أيضا منح المشتري صفحة إعلانية يحق له أن يستخدمها في الإعلان له، أو الإعلان عن أي منتج خاص به أو بغيره، وتكون هذه الصفحة الإعلانية ملكاً له مدى الحياة، يحق التصرف فيها كما يشاء، ويمنح المشتري عمولة عن أي شخص يشتري من خلاله، فأريد أن أعرف مدى مشروعية هذا العمل. وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: الأصل في المعاملات الحل، وليس هناك ما يمنع من بيع أسهم مشروعة، أو إعطاء عمولة مقابل الإعلان عن منتج مشروع، لكن ينبغي الحذر من الأسهم غير المشروعة، أو الإعلان عن منتجات محرمة، أو أن تكون العمولات وفق النظام الشبكي؛ لما فيه من التغرير وأكل المال بالباطل. والله أعلم.

المتاجرة بالأسهم عبر صالات البنوك الربوية

المتاجرة بالأسهم عبر صالات البنوك الربوية المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 4/11/1424هـ السؤال أنا رجل أتاجر في الأسهم السعودية، وكنت أتعامل مع أحد البنوك في عمليات البيع والشراء، ولكن لكثرة الأعطال في البنك، وكذلك لتأخر تنفيذ عمليات البيع والشراء قمت بفتح حساب في بنك آخر، وأصبحت أتعامل معه في تنفيذ عمليات البيع والشراء، فهل في ذلك شيء؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: لا يظهر أن في ذلك بأس، لكن تأكد من أن العقد الموقع مع البنك المتعامل معه مطابق للشرع، وأن الأسهم محل التعامل مما أفتى العلماء بجوازه حسب الضوابط المشتهرة الآن. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المتاجرة بالأسهم بواسطة البنوك

المتاجرة بالأسهم بواسطة البنوك المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 21/07/1425هـ السؤال ما رأي فضيلتكم في المتاجرة بالأسهم السعودية عن طريق المضاربة باستخدام الإنترنت؟ حيث إن لدي حسابًا في أحد البنوك، فأدخل على سوق الأسهم، وأدخل أوامر الشراء بسعر معين، ثم أبيعها بسعر مرتفع أو منخفض وهكذا.. مع العلم أن البنك يأخذ مبلغاً وقدره 500 ريال بالسنة لتقديم الخدمة، بالإضافة إلى نسبة معينة في كل عملية شراء أو بيع تتم عن طريقه، سواء ربحت أو خسرت. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: لا بأس بالمتاجرة في الأسهم السعودية من خلال خدمة البنك، لكن يجب تجنب المتاجرة بأسهم البنوك الربوية؛ لأنها محرمة شرعاً، كما ينبغي تجنب أسهم الشركات التي يكثر فيها التعامل بالربا أخذاً أو عطاء. وأما رسوم البنك فهي جائزة؛ لأنها مقابل خدمة الوساطة، ولا مانع من ذلك حتى لو كان البنك المقدم للخدمة ربوياً، فقد ثبت أن علياً - رضي الله عنه- آجر نفسه من يهودي، وتعامل النبي - صلى الله عليه وسلم- مع اليهود بالبيع والشراء. انظر ما رواه البخاري (2068) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. والله أعلم.

السندات الادخارية

السندات الادخارية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 7/3/1425هـ السؤال الرأي في السندات الادخارية التي تصدرها الحكومة، تصدر الحكومة هذه السندات لتشجع المواطنين على الادخار للتقاعد، ويحق لكل مواطن الاشتراك حسب القرار الحكومي الذي يحكم هذه السندات الادخارية، الحكومة حددت الحد الأقصى لمشاركة بـ 15000سنوياً؛ لتمنح الفرصة للمشاركة بالتساوي لكل المواطنين، الدولة أيضا قررت مكافأة المشترك تشجيعاً على الادخار بالمحافظة على مدخراتهم من التضخم، بإضافة مبلغ يعوض عن التضخم في حال حصوله، ويقرر مقدار التضخم كل 6 أشهر حسب مؤشر التضخم الذي يتغير كل 6 أشهر، المال المودع لا يمكن اعتباره قرضاً لانعدام هذه النية من الطرفين، بالإضافة لانعدام الزمن المحدد لاسترداد المبلغ الذي يمكن أن يكون في أي وقت، وليس هنالك تحديد مسبق لمبلغ المكافأة الذي ستصرفه الدولة للمشارك، والذي يعتمد على التضخم؛ تشجيعاً للادخار هبة من الحكومة للمواطن المشارك، وأيضاً تحديد الحكومة للمبلغ السنوي الذي يمكن للمواطن الاشتراك به يثبت نية الحكومة المعلنة لأن هذه السندات لتشجيع كل المواطنين على الادخار كفائدة موهوبة من الحكومة لكل مواطن، وأن المبلغ الممنوح هو هبة متوفرة من الحكومة لكل مواطن، هذا مشابه لما تفعله الشركات الخاصة للموظفين بإضافة مبلغ مماثل للمبلغ الذي يضعه الموظف في حساب تقاعده الخاص، والذي يحصل عليه الموظف فقط في حال مشاركته بمبلغ شهري، هذا أيضاً مشابه للضمان الاجتماعي الذي تموله الدولة بقسم منها بعد مشاركة المواطنين دون استثناء. الجواب الحمد لله، وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

الصيغة المذكورة في السؤال صيغة ربوية لأنها معاوضة نقد بنقد مع التفاضل والتأخير. وقول الأخ السائل إن نية القرض غير موجودة، ليس صحيحاً. لأن الحكومة تتصرف في المال لمصلحتها، وتلتزم بسداده عند الطلب مضافاً إليه معدل التضخم. فالحكومة تصبح بذلك مقترضة. والقرض معاملة ذات خصائص محددة؛ متى وجدت فهي قرض، ومتى قصد الطرفان هذه المعاملة فقد قصدا القرض، وليس العبرة بالأسماء والألفاظ. فالمشترك يقدم المال للحكومة لتتصرف فيه لمصلحتها وتلتزم بسداده مستقبلاً، وهذا هو القرض. فإذا انضم لذلك أي زيادة أو نقص مشروط دخل في الربا. ولا يلزم في القرض أن يكون لأجل، بل إن جمهور الفقهاء يرون عدم جواز تحديد أجل للقرض. فانعدام الأجل لا ينفي كون المعاملة قرضاً. وأنصح الأخ السائل بأن يتعاون مع إخوانه المسلمين لإنشاء صناديق ادخار إسلامية تغنيهم عن الوقوع في الربا، وإذا اجتهدوا في ذلك فسيعينهم الله تعالى ويسدد أعمالهم، والله تعالى يقول: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" [العنكبوت:69] .

حكم سندات الخزينة

حكم سندات الخزينة المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 24/5/1425هـ السؤال ما حكم سندات الخزينة الصادرة عن بعض الدول العربية؟ وهل لجميعها نفس الحكم أم أن هناك تفصيلاً؟ -جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: مصطلح "سندات الخزينة" يراد به -عادة- سندات اقتراض بفائدة، وقد تكون الفائدة مبلغاً مقطوعاً على القرض (وتسمى في هذه الحالة كوبونات coupons) ، وقد تكون نسبة محددة (fixed rate) ، وقد تكون نسبة عائمة أو متغيرة (floating rate) ، وقد يكون السند بلا فائدة (zero-coupon bond) لكنه يطرح للبيع بأقل من قيمته الاسمية، وجميع هذه الصور من الربا المحرم شرعاً؛ لأنه نقد حاضر مقابل نقد مؤخر مع التفاضل، وهذا هو ربا النسيئة، والله أعلم.

السندات الادخارية الحكومية

السندات الادخارية الحكومية المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 15/3/1425هـ السؤال الحكم في السندات الادخارية التي تصدرها بعض الدول؟، ففي الولايات المتحدة تصدر الحكومة هذه السندات لتشجيع المواطنين على الادخار الذي يستطيع الاستفادة، يجب أن يكون مواطن أمريكي الجنسية، وهنالك تحديد للمبلغ الممكن الاشتراك به سنوياً لتعطى الفرصة للجميع للاشتراك في هذا الصندوق الادخاري التقاعدي، الحكومة قد وعدت فقط بالمحافظة على هذا المال من نقص قيمته بالتضخم الذي يحصل بمرور الزمن لا أكثر ولا أقل، ففي حال عدم حصول تضخم فإن كمية المال تبقى على حالها، وهكذا إذا زاد التضخم زاد المال، وإذا نقص التضخم نقص المال. علماً أن الحكومة هي المسؤولة الأكبر عن التضخم، فمن العدل أن تعوض الحكومة عن هذا التضخم، وهي تعطي الفرصة لكل المواطنين للاشتراك، ليس هنالك أجل محدد، أو فوائد محددة كما هي الحال في السندات التقليدية، تخرج هذه السندات عن تعريف القروض الذي هو بأجل محدد وفائدة محددة، وخاصة أن الحكومة لم تحدد فائدة محددة لهذه السندات، أو مدة محددة يجب فيها إبقاء المال في هذه السندات كما في القروض، حيث يمكن سحب المال في أي وقت، وأيضاً تحديد مبلغ الاشتراك يتنافى مع نية الاقتراض، فقط المقترض يأخذ كل ما يستطع من أي شخص ليكفي حاجته دون تحديد، بالإضافة إلى أن الحكومة قالت إنها أصدرتها للتشجيع على الادخار فقط للمواطن حين تقاعده، وهي لا تعطيك أي شيء فوق معدل التضخم إن حصل، وهذا يحدد كل 6 أشهر. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذه السندات حقيقتها أنها قروض؛ لأن الدولة تضمن رأس المال لمشتري السند، وكون الفائدة على هذه السندات غير محددة، أو أن مدة بقائها بيد المشتري غير مؤقتة بفترة معينة، أو أن المقصود منها التشجيع على الادخار، كل ذلك لا يخرجها عن كونها قرضاً، لأن حقيقة القرض: أنه دفع مالٍ ينتفع به ويرد بدله، وهذا التعريف ينطبق على السندات المذكورة، لأن آخذ المال متى ما ضمن قيمته للمعطي فهذا الأخذ يسمى قرضاً، فإذا شرط الدائن زيادة عند استرجاعه فهذه الزيادة من الربا سواء أكانت محددة أم غير محددة، لقوله تعالى: "فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم" [البقرة:279] ، فأمر الله الدائن بالاقتصار على رأس ماله دون زيادة، وقد أجمعت الأمة على أن كل قرض جر نفعاً للمقرض فهو ربا، وأما تبرير الزيادة بأنها مقابل التضخم فهذا الافتراض لا يبيح أخذها، وقد قيل مثل ذلك في الفوائد الربوية، فإن من النظريات التي قيلت في تبريريها: نظرية التضخم، أي أنها تعويض للدائن عما يحصل له من نقص في دينه بسبب التضخم، وهذا غير صحيح فإن الفوائد في الواقع هي وقود التضخم وسببه الرئيسي، والبديل الشرعي للتخلص من التضخم هو استثمار المال بالربح الحلال بدلاً من الفوائد المحرمة. والله أعلم.

بيع الشيكات بزيادة

بيع الشيكات بزيادة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 17/2/1425هـ السؤال ما حكم ما يجري في مكاتب الخدمات في السعودية؟ حيث تشتري شيكات مدفوعة من بنك الرياض لصالح الجوازات من فئة 500ريال مثلاً، ثم يأتي المكتب عند باب الجوازات ويبيعها بالسعر نفسه، ويزيد عشرة ريالات فقط كخدمة لمكتب الخدمات. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: الذي يظهر والعلم عند الله -عز وجل- أن هذا العمل لا يجوز؛ لأنه بيع نقد بنقد بزيادة مع اتحاد الجنس، فهذا الشيك لا يقال إنه من جنس آخر، بل هو يقوم مقام النقد، وإذا كان كذلك فهو من جنس النقد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه- بين أن بيع الأصناف الربوية الستة بنفسها لا يجوز إذا وقع ذلك متفاضلاً، ثم قال: "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم" رواه مسلم (1587) ، فالنقد جنس واحد، فلا يجوز أن يباع بجنسه مع حصول زيادة، فعلى هذا فلا يجوز أن يباع هذا الشيك إلا بالنقد الذي هو موجود فيه دون زيادة. والله أعلم.

المضاربة في سوق الأسهم العالمية

المضاربة في سوق الأسهم العالمية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 22/11/1425هـ السؤال أرجو التكرم ببيان الحكم الشرعي للتعامل بالمضاربة بالأسهم في سوق الأسهم العالمية والأمريكية، مع العلم بأن عملية الربح والخسارة تكون (عملياً) من خلال ارتفاع وانخفاض قيمة السهم فقط، دون أن يكون لهذه الأسهم أية عوائد في نهاية السنة المالية نتيجة للنشاط الجاري للشركة التي تطرح هذه الأسهم في السوق، وكأن هذه الأسهم ما هي إلا سلعة تطرحها الشركات تنخفض وترتفع قيمتها حسب العرض والطلب، ودون أن تمثل هذه الأسهم أية قيمة من أصول الشركة أو نشاطها، لقد أفتيت من بعض العلماء أن هذه التجارة في حقيقتها ما هي إلا نوعٌ من أخطر أنواع الميسر، حيث يرون أن الأسهم تحولت فعلياً في البورصة العالمية إلى سلع ذات قيمة وهمية تتلاعب بها الأسواق كما تشاء، بينما أرى العديد من فقهاء المملكة يجيزونها بشروط (النشاط الحلال وعدم التعامل بالربا) ومنهم من ذهب أكثر من ذلك فأباح شراء أسهم الشركات العالمية والأمريكية التي تستفيد من الربا بشرط تصفية الجزء الربوي من الأرباح (توزيع 20% من الربح في منافع المسلمين) .أرجو التفصيل في بيان الفتوى، وشرح كيف يمكن أن يظهر الاختلاف الكبير بين فتاوى العلماء في مسألة واحدة تهم النشاط التجاري لشريحة كبيرة من الناس؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: السهم يمثل ملكية شائعة في الشركة المساهمة، وهو يستمد قيمته من موجودات الشركة وربحيتها وأدائها، ولولا ذلك لكان عديم القيمة. لكن كأي سلعة أخرى، قد يساء استخدام الأسهم، وقد تخضع لمجازفات تصل إلى المقامرة، كما يحصل ذلك في أسواق السلع والعقارات وغيرها.

أما ما يتعلق بالشركات التي تتعامل بالربا، فلا خلاف بين الفقهاء، القدامى والمعاصرين، أن الربا محرم قليله وكثيره. وإنما وقع الخلاف في أن الشركة إذا اختلطت أموالها الحلال بمال حرام، كالربا وغيره، فهل يجب اجتنابها كلياً أو تكون العبرة بالغالب؟ فهناك من منع كلياً، وهناك من أجاز بشرط غلبة الحلال على الحرام ترجيحاً لمصلحة الاستثمار وتنمية المال على مصلحة التورع وترك الشبهات. ولا غضاضة في الاختلاف في هذه المسائل، لأن الاختلاف هنا ليس في أصل الحكم الشرعي، وإنما في تنزيله على الواقع وتطبيقه عليه، أو ما يسمى "تحقيق المناط". والشريعة الإسلامية تتسع لتعدد الآراء وتنوع الاجتهادات طالما كان ذلك وفق المنهج العلمي في الاجتهاد والاستدلال، وهذا من رحمة الله بهذه الأمة. والله الهادي إلى سواء السبيل.

المضاربة في الأسهم العالمية

المضاربة في الأسهم العالمية المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 19/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: ما حكم المضاربة في الأسهم المحلية والعالمية (وهي عملية الشراء والبيع دون أخذ أي أرباح من امتلاك الأسهم) والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجوز ذلك بشرط أن يكون نشاط الشركة مباحاً، أما إن كان نشاطها محرماً كالبنوك التجارية وشركات التأمين والتبغ ونحوها فتحرم، وإن كان معظم نشاطها مباحاً لكنها قد تتعامل ببعض الأنشطة المحرمة العارضة (أي التي ليست من صميم نشاط الشركة) كالإيداع لدى البنوك بفوائد، والاقتراض منها بفوائد، فهذا محل خلاف بين العلماء المعاصرين، والذي عليه كثير من أهل العلم هو جواز التعامل بأسهم تلك الشركات بشرط ألا يكون الدخل المحرم في تلك الشركات كثيراً. والله أعلم.

بيع وشراء الأسهم في البرصة

بيع وشراء الأسهم في البُرصة المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 14/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز بيع وشراء الأسهم في البورصة؟ وشكرًا لكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: هذا السؤال من الأسئلة العامة، ولكي يجاب عليه لابد من التفصيل، فنقول وبالله التوفيق: هناك شرطان إذا توفرا في عقود البورصة جاز التعامل بها، وهما: الشرط الأول: أن يكون الأصل محل التعاقد جائزًا شرعًا. ومعنى ذلك أن العقود في البورصة تجري على الأسهم والسندات والسلع والعملات وغيرها. فلا يجوز التعامل بالسندات الربوية، ولا يجوز التعامل بأسهم شركات البنوك الربوية، وشركات التأمين التجارية، وكذلك شركات الخمور وغيرها من المحرمات. أما الشركات ذات النشاط المباح، فيجوز شراء أسهمهما بشرط ألَّا تتعامل بالربا إيداعًا أو اقتراضًا. الشرط الثاني: أن يكون إجراء العقد جائزًا شرعًا. والحكم على عقود البورصة يختلف باختلاف أنواعها، وسوف أذكر أنواعها وأقسام كل نوع، بذكر تعريف مختصر، والحكم الشرعي، بدون ذكر الأدلة طلبًا للاختصار. وإجراء العقود في البورصات ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: العقود العاجلة. ويراد بها: المعاملات التي يتم فيها تسليم الأوراق المالية المباعة، وتسليم ثمنها بعد تنفيذ العقد مباشرة، أو خلال مدة قصيرة. وهذه العقود لها ثلاثة أنواع: النوع الأول: البيوع العادية. وهي البيوع التي يلتزم فيها كل من البائع والمشتري بإتمام الصفقة نقدًا، وذلك بأن يستلم المشتري الأوراق المالية، ويسلم ثمنها حالًا، أو خلال مدة وجيزة جدًّا، تقدر في بعض الأسواق الغربية بيومين، وفي مصر بأربعة أيام، وفي بورصة نيويورك يلزم أن تصفى العملية في موعد أقصاه ساعة قبل افتتاح الجلسة التالية.

الحكم الشرعي: البيع بهذه الطريقة جائز لا غبار عليه، بل إنه الأصل في البيوع في الشريعة الإسلامية. فإذا كان السهم المراد بيعه مستوفيًا لشروطه وضوابطه المعتبرة شرعًا فالبيع صحيح. وممن أفتى بجواز تداول هذا النوع من الأسهم: سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، واللجنة الدائمة للإفتاء، ومجمع الفقه الإسلامي بجدة، والحلقة الفقهية الأولى للبركة. النوع الثاني: الشراء بالهامش (Margin Buying) فالشراء بالهامش: شراء الورقة المالية بسداد جزء من قيمتها نقدًا، بينما يسدد الباقي بقرض، بشرط ضمان الأوراق محل الصفقة. الحكم الشرعي: وقد تتبعت صور الشراء بالهامش في البورصات فلم أجد إلا صورة واحدة هي الجائزة، وهي: أن تكون الأسهم مملوكة للسمسار، وصورتها: أن يقوم العميل بشراء الأسهم محل الصفقة من السمسار، وهذه الأسهم مملوكة له، وذلك بدفع 60 % من قيمتها نقدًا، والباقي مؤجلًا، ومن ثم يقوم السمسار برهن جميع الأسهم محل الصفقة، إلى أن يسدد العميل المبلغ المتبقي عليه. وأما باقي الصور فهي محرمة؛ لاشتمالها على الربا. النوع الثالث: البيع على المكشوف (البيع القصير Short Sell) والمراد به: (قيام شخص ببيع أوراق مالية لا يملكها، عن طريق اقتراضها من آخرين، مقابل الالتزام بإعادة شرائها، وتسليمها للمقرض، في وقت محدد) . وهذا النوع محرم لاشتماله على الربا والغرر. القسم الثاني: العقود الآجلة. وهي: (عمليات تنعقد في الحال، ولكن يتراخى تنفيذها لتاريخ تالٍ، هو ما يعرف بيوم التصفية) . وهي على نوعين: النوع الأول: العقود المستقبلية.Futures تعريفها: عقود تعطي لحاملها الحق في شراء أو بيع كمية من أصل معين، (قد يكون سلعة أو ورقة مالية) بسعر محدد مسبقًا، على أن يتم التسليم والتسلم في تاريخ لاحق في المستقبل. الحكم الشرعي:

وقد صدرت قرارت المجامع الفقهية والهيئات الشرعية بتحريم هذا النوع من العقود، لاشتماله على الربا والغرر والقمار. النوع الثاني: عقود الخيارات. وهي: (عقود تعطي لحاملها الحق في شراء أو بيع ورقة مالية في تاريخ لاحق، وبسعر يحدد وقت التعاقد، على أن يكون لمشتري الاختيار الحق في التنفيذ من عدمه، وذلك في مقابل مكافأة يدفعها للبائع، والذي يطلق عليه محرر الاختيار) . الحكم الشرعي: وقد صدرت قرارت المجامع الفقهية والهيئات الشرعية بتحريم هذا النوع من العقود، لاشتماله على الربا والغرر والقمار. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل يجوز الاكتتاب في هذه الشركات؟

هل يجوز الاكتتاب في هذه الشركات؟ المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 12/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كما تعلمون أنه سيكون خلال الأشهر القادمة اكتتاب في بعض الشركات والبنوك، نريد الحكم الشرعي بالتفصيل بدون إجابات عامة وهي كالتالي: 1- بنك البلاد، وكما يقولون إنه سيكون بنكًا إسلاميًا أو يعمل بالطريقة الإسلامية. 2- شركة معادن. 3- شركة التعاونية وحبذا لو توضح بالتفضيل الحكم بها؛ لأن الأمر اختلط حول أصل عمل الشركة هل هو حلال أم حرام؟. 4- شركة اتحاد الاتصالات. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأصل في الأسهم هو جواز التعامل بها بيعاً وشراء، ما لم يكن نشاط الشركة المصدرة لها محرماً، وبالنسبة للشركات المذكورة فيجوز الاكتتاب في بنك البلاد، وفي شركة اتحاد الاتصالات؛ لأن نشاط هاتين الشركتين مباح. وأما شركة التعاونية فإن كان السائل يقصد التعاونية للتأمين فنشاطها في التأمين التجاري، وهو محرم على رأي جمهور العلماء المعاصرين، وإن كان يقصد غيرها فلا أعلم عنها شيئاً، وكذا لا علم لي بنشاط شركة معادن. والله أعلم.

التعامل بشاشات الأسهم

التعامل بشاشات الأسهم المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 16/11/1425هـ السؤال ما حكم التعامل بشاشات الأسهم التي في البنوك، أو عن طريق الإنترنت؟ علمًا بأن الشراء والبيع يتم عن غير التقابض. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد. يجوز التعامل بشاشات الأسهم التي في البنوك، وكذلك من خلال الإنترنت، بشرط أن تكون الأسهم محل الصفقة جائزة شرعًا. وأما قولك: (إن البيع يتم من غير تقابض) . فهذا غير صحيح؛ لما يلي: 1- أن البيع وقع فيه قبض من خلال القيد المصرفي. والقيد المصرفي هو (العملية الآلية التي تتم في المصارف بنقل النقود أو الأوراق المالية من حساب (محفظة استثمارية) إلى حساب آخر) ، والقيد المصرفي بمنزلة القبض الحقيقي، وبهذا صدر قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، والمجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. 2- أن المرجع في تحديد القبض إلى العرف، كما نص على ذلك أهل العلم، والعرف في العصر الحاضر يقضي بأن القيد المصرفي له قوة القبض الحقيقي. 3- أن المقصود من القبض الحقيقي، الحسي: إثبات يد العاقد على المال، وتمكنه من التصرف فيه تصرفًا مطلقًا، وانتهاء صلته بالطرف الآخر، بحيث لا يبقى في ذمة أي منهما للآخر شيء، وجميع هذه الأمور متحققة في القيد المصرفي، فإن الطرف المقيد له تثبت يده على المال ويتمكن من التصرف فيه بمجرد قيد المبلغ لحسابه.

4- أن الصفقات إذا كانت تتم بمبالغ ضخمة فإن من المستحيل في مثل هذه الحالات التسليم الفعلي، فإما أن يقال بتحريم هذه المعاملات مطلقًا، وهذا أمر تأباه الشريعة؛ لأن مصالح الناس لا تقوم إلا بهذه المعاملات، فمقاصد الشريعة تقتضي التيسير على الناس فيما لهم فيه مصلحة، ولا يتعارض مع نصوص الشريعة. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المساهمة في شركات أصل نشاطها مباح

المساهمة في شركات أصل نشاطها مباح المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 28/12/1425هـ السؤال ما حكم بيع وشراء أسهم شركات أصل نشاطها مباح، ولكن عليها قرض ربوي أو استثمار ربوي أو الاثنان معًا؟ ما حكم بيع وشراء هذه الأسهم بدون أخذ أرباح؟ ما حكم الاستثمار بهذه الأسهم وأخذ الأرباح؟ عندي أسهم من التأسيس ما الذي يجب علي فعله بهذه الأسهم، مع العلم أن سعرها الآن أعلى من سعر شرائي لها قبل أكثر من 10 سنوات؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين، وبعد: هذه المسألة من المسائل النازلة التي تحتاج إلى بسط في إجابتها، فأقول وبالله التوفيق: هذا النوع من الشركات اختلف فيه العلماء المعاصرون اختلافًا كبيرًا، وقبل أن نبدأ في ذكر الأقوال في هذا النوع من الشركات يحسن بنا أن نحرر محل النزاع في هذه المسألة: أن المساهمة في الشركات التي يغلب عليها المتاجرة بالأنشطة المحرمة، محرمة ولا تجوز لما فيها من الإعانة على الإثم والعدوان. وأن من يباشر إجراء العقود المحرمة بالشركة- كأعضاء مجلس الإدارة الراضين بذلك- أن عملهم محرم، قلّت نسبة الحرام في الشركة أم كثرت. وأن الاشتراك في تأسيس شركات يكون من خطة عملها أن تتعامل في جملة معاملاتها بالعقود المحرمة، أو كان منصوصًا في نظامها على جواز ذلك، فإن هذا الاشتراك محرم. وأن المساهم لا يجوز له بأي حال من الأحوال أن يدخل في ماله كسب الجزء المحرم من السهم، بل يجب عليه إخراجه والتخلص منه، حتى على القول بجواز مساهمته. واختلفوا في حكم المساهمة في الشركات المشروعة من حيث الأصل لكنها تتعامل في بعض معاملاتها بالأنشطة المحرمة أو تقترض أو تودع بالفوائد على قولين: القول الأول: الجواز.

وممن ذهب إلى هذا القول: الهيئة الشرعية لشركة الراجحي، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني، والمستشار الشرعي لدلة البركة، وندوة البركة السادسة، وعدد من العلماء المعاصرين منهم الشيخ عبد الله بن منيع حفظه الله. وقد اشترط أصحاب هذا القول شروطًا؛ إذا توفرت جاز تداول أسهم هذا النوع من الشركات، وإذا تخلف منها شرط لم يجز، ومنها: ما جاء في قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية رقم (485) : (يجب أن يراعى في الاستثمار والمتاجرة في أسهم هذا النوع من الشركات المساهمة الضوابط التالية: إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك. ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا- سواء أكان قرضًا طويل الأجل أم قرضًا قصير الأجل- (25%) من إجمالي موجودات الشركة، علمًا أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه. ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5%) من إجمالي إيراد الشركة، سواء أكان هذا الإيراد ناتجًا عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك المحرم أم عن غير ذلك. وإذا لم يتم الإفصاح عن بعض الإيرادات فيجتهد في معرفتها، ويراعي في ذلك جانب الاحتياط. ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم- استثمارًا كان أو تملكًا لمحرم- نسبة (15%) من إجمالي موجودات الشركة. والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسب في هذا القرار مبني على الاجتهاد، وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء) وذهبت الهيئة الشرعية لدلة البركة إلى التفريق بين الأنشطة المحرمة التي تزاولها الشركة: فإن كان أصل نشاطها مباحًا، ولكنها تتعامل بجزء من رأس مالها مثلًا بتجارة الخمور، أو إدارة صالات القمار، ونحوها من الأنشطة المحرمة، فلا يجوز تملك أسهمها ولا تداولها ببيع أو شراء.

أما إن كانت تودع أموالها في البنوك الربوية، وتأخذ على ذلك فوائد، أو أنها تقترض من البنوك الربوية، مهما كان الدافع للاقتراض، فإنه في هذه الحالة يجوز تملك أسهمها بشرط احتساب النسبة الربوية وصرفها في أوجه الخير. واستدل أصحاب هذا القول بقواعد فقهية عامة، منها: 1- قاعدة: "الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة". وقالوا: إن حاجة الناس تدعو للمساهمة بهذه الشركات. 2- قاعدة: "يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالًا". وقالوا: إن الربا في هذه الشركات تابعٌ غير مقصود فيعفى عنه. 3- قاعدة: "اختلاط الجزء المحرم بالكثير المباح لا يصير المجموع حرامًا". فقالوا: إن الربا في هذه الشركات يسير جدًّا فيكون مغمورًا في المال المباح الكثير. القول الثاني: يرى جمهور العلماء المعاصرين، وعدد من الهيئات الشرعية تحريم المساهمة في الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحًا، إذا كانت تتعامل ببعض المعاملات المحرمة كالإقراض والاقتراض بفائدة، فيحرم الاكتتاب بها، وبيعها وشراؤها وامتلاكها. وممن ذهب إلى هذا القول: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة، وعلى رأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني، وعدد من الفقهاء المعاصرين. وأصدر مجمعان فقهيان مشهوران قرارين يقضيان بتحريم هذا النوع من الشركات، وهذان المجمعان يحويان ثلة من علماء العصر المعتبرين، فأما المجمع الأول فهو: المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص قراره هو: (الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيانًا بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة) . وأما المجمع الثاني فهو: المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ونص قراره هو:

(لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالمًا بذلك) . واستدل أصحاب هذا القول: 1- أدلة تحريم الربا في الكتاب والسنة، وقالوا: إن هذه الأدلة لم تفرق بين قليل أو كثير، وبين تابع أو مقصود. 2- قول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2] . وعن جابر، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم "لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ". رواه مسلم (1598) . ووجه الدلالة من هذين النصين: أن الذي يساهم في الشركات التي تتعامل بالمحرمات معين لها على الإثم، فيشمله النهي. 3- قوله عليه الصلاة والسلام: "دِرْهَمُ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ، وَهُوَ يَعْلَمُ، أَشَدُّ مِن سِتٍّ وثَلاثِين زَنْيةً". أخرجه أحمد (21957) ، والدارقطني 3/16، والطبراني في الأوسط (2628) . ووجه الدلالة منه: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، عد أكل درهم واحد من الموبقات، ورتب عليه هذا الوعيد الشديد، فكيف بمن يضع المئين والآلاف من أمواله في المصارف الربوية؟ وإخراج قدر الحرام تخمين، فمن غير المستبعد أن يدخل ماله شيء من الحرام. بقي أن يقال: إن أصحاب القول الأول اشترطوا في جواز المشاركة بمثل هذه الشركات: أن يتخلص المساهم من الكسب المحرم. ومما يؤكد أن هذا الاشتراط افتراضي وليس واقعيًّا، أنه يستحيل تحديد مقدار الكسب المحرم من عوائد السهم. ونحن هنا في مقام لا يحتمل الظن والتخمين، بل لا بد من القطع واليقين. وإيجاب البعض- عند الجهل بالحرام- إخراج نصف ربح السهم أو ثلثه فهم قالوا به من باب الاحتياط، وهو نافع في حالة وجود أرباح حقيقية للشركة من النشاط المباح، وهو أيضًا غير شاق من الناحية العملية، إلا أنه غير عملي ولا يفي بالغرض في صورتين:

الأولى: عندما لا تحقق الشركة أرباحًا تذكر من مبيعاتها في بعض السنوات، فتبقى معتمدة في توزيعات الأرباح على فوائد الودائع، والسندات البنكية والأوراق قصيرة الأجل ذات الدخل الثابت. الثانية: كما أن بعض الشركات تقوم بتوزيع الأرباح قبل البدء بتشغيل منشآتها، وهذه الأرباح تحصلت عليها من إيداع رأس المال في البنوك. وعليه: إذا كان الأمر محتملًا فلا يكفي التقدير في هذه الحالة. أما تحديد مقدار الكسب الحرام، كما تفعله بعض الهيئات الشرعية، من أجل دقة التخلص من الحرام فهو متعذر؛ لأمور، منها: - أن جميع المجيزين يفترضون أن الشركة تودع وتأخذ فوائد، فيوجبون على المساهم إخراج ما يقابل نصيب الودائع من الأرباح. فإذا كانت الشركة تقترض من البنوك لتمويل أعمالها، أو لإجراء توسعات رأسمالية ونحو ذلك، فما السبيل لتحديد ما يقابل هذه القروض من الأرباح؟ - أن أغلب المستثمرين يشترون الأسهم بقصد الحصول على الأرباح الرأسمالية، أي فرق السعر بين الشراء والبيع، ومن المتعذر في هذه الحالة تحديد مقدار الكسب الحرام، لاسيما وأن من العوامل المؤثرة على القيمة السوقية للسهم مدى قدرة الإدارة على الحصول على التسهيلات والقروض البنكية. - إذا خسرت الشركة، فما هو نصيب الكسب الحرام من هذه الخسارة؟ إذا علمنا أن إيرادات الودائع والسندات ثابتة، فهذا يعني أن الخسارة على من يريد التخلص من الربا ستكون مضاعفة. - ومن المعتاد أن الشركة تستثمر جزءًا من أموالها في شركات تابعة أو شركات زميلة أو في صناديق استثمارية بالأسهم أو السندات، وقد تكون تلك الأسهم لشركات ذات أنشطة محرمة أو ذات أنشطة مباحة وتتعامل بالفوائد، وهكذا تمتد السلسلة إلى ما لا نهاية، ويصبح تحديد الحرام في هذه السلسلة من الشركات أشبه بالمستحيل.

وأيضًا لو فرضنا أنه يمكن التخلص من الأرباح المحرمة الربوية، فهو تخلص من الأكل للربا، لكن هذا المساهم قد شارك في دفع الربا للممولين للشركة، فهو وإن لم يأكله فقد آكله، والنبي صلى الله عليه وسلم حرم الأمرين فهو لعن آكل الربا ومؤكله. أخرجه مسلم (1597) . الترجيح: من خلال استعراض بعض أدلة القولين يتبين ما يلي: أن القول الأول يتوجه القول به بالشروط التالية: - إذا لم توجد شركة مساهمة لا تتعامل بالربا إيداعًا واقتراضًا، حيث كانت جميع شركات السوق مما يتعامل بالربا. وهذا الشرط منتف في هذا العصر حيث أثبتت دراسة أجريتها نشرها الموقع، أنه توجد شركات مساهمة معاملاتها حلال بالكامل، ومما يؤيد هذا الشرط أن الهيئة الشرعية للراجحي ذكرت في قرارها رقم (485) : (إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك) . - إذا كان نظام الدولة يجبر الشركات أن تودع جزءًا من أموالها في البنوك الربوية ويجبرهم أيضًا بأن تدخل الفوائد ضمن أرباح المساهمين. وهذا الشرط حسب علمي غير موجود في هذا العصر، لانتشار البنوك الإسلامية، ومن ثم انتشار المعاملات الإسلامية المصرفية. - ألَّا تجد الشركة بدًّا من إتمام عملياتها إلا عن طريق الاقتراض بالربا. وهذا الشرط منتف في هذا العصر؛ إذ وجدت بنوك إسلامية تمول الشركات بالطرق المباحة: كالمرابحة، وعقود الاستصناع، والسلم، والمشاركة المنتهية بالتمليك، والإجارة المنتهية بالتمليك، وغير ذلك مما جاءت شريعتنا بإباحته.

ثم إن المتأمل في القول الأول يجد: أن القول به كان في فترة فشا فيها الربا، والبنوك الإسلامية لم تقم على ساقيها، أما في هذه المرحلة فالأمر عكس ذلك، فنحمد الله عز وجل أن انتشرت هذه البنوك الإسلامية في أنحاء الأرض، فأيهما أسهل بالله عليكم تحويل بنك ربوي إلى بنك إسلامي أم تحويل شركة تتعامل بالربا إلى شركة خالية من ذلك؟ لاشك أنه الثاني. فالذي يظهرلي رجحان القول الثاني، وهو حرمة المساهمة في الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحًا، وتتعامل بالفوائد أو بغيرها من المعاملات المحرمة، لعموم الأدلة الشرعية في تحريم الربا قليله وكثيره، فلم تستثن تلك الأدلة ما كان تابعًا أو مغمورًا أو يسيرًا. وبالتالي يحرم المتاجرة والاستثمار بهذه الأسهم من هذا النوع من الشركات. وأما الأسهم التي عندك من التأسيس فما استلمته من أرباح سابقة، وهي أرباح ربوية وأنت لا تعلم عنها فلا بأس عليك فيها، ويجب عليك التخلص من هذه الأسهم وبيعها. والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حكم الاكتتاب في شركة " اتحاد اتصالات "

حكم الاكتتاب في شركة " اتحاد اتصالات " المجيب جمع من العلماء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ السؤال ستطرح قريبًا أسهم شركة "اتحاد اتصالات" فما حكم الاكتتاب بأسهم هذه الشركة وجزاكم الله خيرا؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، أما بعد: 1- الأصل في الاكتتاب في الشركات المساهمة هو الحل، عملاً بالقاعدة الشرعية "أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة"، بدليل قوله تعالى: "وأحل الله البيع". 2- يَخرج عن الأصل السابق ما إذا كان نشاط الشركة في أعمال محرمة، فيحرم الاكتتاب فيها حتى وإن لم تبدأ الشركة في مزاولة نشاطها المحرم، لأن ما بني على باطل فهو باطل، وذلك مثل البنوك الربوية وشركات التبغ، وشركات القمار، وشركات الإعلام الهابط. 3- وبناء على ما سبق فإذا كان النشاط المعلن للشركة مباحاً، ولم يتضمن نظامها الأساسي أو نشرة الاكتتاب أو طريقة التمويل لبدء النشاط محظوراً شرعياً، فلا حرج على المسلم من الاكتتاب فيها، أخذاً بمبدأ البراءة الأصلية. ويدخل في هذا الصنف شركة " اتحاد اتصالات"، حيث قام عدد من المتخصصين - ومن بينهم فريق العمل الشرعي ببنك البلاد - مشكورين - بفحص النظام الأساسي للشركة ونشرة الاكتتاب، والاستفسار من بعض الأعضاء المرشحين لمجلس إدارة الشركة عن بعض ما أشكل في النظام الأساسي ونشرة الاكتتاب، ولم يتبين لهم من خلال ما اطلعوا عليه ما يمنع من الاكتتاب فيها، لاسيما وقد صرح القائمون عليها عبر بعض وسائل الإعلام بأن تمويل بدء نشاط الشركة كان بالمرابحة الإسلامية.

4- يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا. وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما، ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%، أما لو حددت حصة الواحد منهما فلا يجوز كما لو قال: خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك، لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح، فقد لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل، أو قد تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن. ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح، لا سيما أن هذا التصرف لا يظهر ما يمنع منه نظاماً، فقد نص النظام الأساسي للشركة على جواز أن يكون السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل الشركة، ولا تمنع الإجراءات المنظمة لسوق المال من اقتراض قيمة الاكتتاب، وغير خافٍ أن المشاركة أفضل من كل وجه من الاقتراض.

5- يجوز بيع أسهم الشركة وشراؤها بعد الإذن بتداول الأسهم في السوق، لأن الشركة تمتلك موجودات أخرى غير النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعاً، فمن ذلك قيمة الترخيص للعمل في قطاع الاتصالات الذي تجاوزت قيمته اثني عشر مليار يال، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء التداول لا ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة موجودات الشركة نفسها أو مطلوباتها، وإنما ترجع إلى عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام وغير ذلك. والله أعلم وفي الختام، نهتبل هذه الفرصة لحث القائمين على الشركات المساهمة على البعد عن التمويل والاستثمار الربوي، كما نحث المتعاملين في سوق المال على دعم الشركات المساهمة التي تتجنب في معاملاتها ما يخالف أحكام الشريعة، ونوجه النصح لجميع الإخوة المكتتبين بالحذر من أخذ قروض أو تسهيلات بنكية بفوائد لتغطية قيمة الاكتتاب. نسأل الله تبارك وتعالى يلهمنا الرشد والصواب، ويفقنا للخير والسداد. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

شراء أسهم البورصة

شراء أسهم البورصة المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 27/01/1426هـ السؤال ما حكم شراء أسهم في البورصة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: هذا السؤال من الأسئلة العامة، ولكي يجاب عليه لابد من التفصيل، فنقول وبالله التوفيق: هناك شرطان إذا توفرا في عقود البورصة جاز التعامل بها، وهما: الشرط الأول: أن يكون الأصل محل التعاقد جائزًا شرعًا. ومعنى ذلك أن العقود في البورصة تجري على الأسهم والسندات والسلع والعملات وغيرها. فلا يجوز التعامل بالسندات الربوية، ولا يجوز التعامل بأسهم شركات البنوك الربوية، وشركات التأمين التجارية، وكذلك شركات الخمور وغيرها من المحرمات. أما الشركات ذات النشاط المباح، فيجوز شراء أسهمها بشرط ألاَّ تتعامل بالربا إيداعًا أو اقتراضًا. الشرط الثاني: أن يكون إجراء العقد جائزًا شرعًا. والحكم على عقود البورصة يختلف باختلاف أنواعها، وسوف أذكر أنواعها وأقسام كل نوع، بذكر تعريف مختصر، والحكم الشرعي، بدون ذكر الأدلة طلبًا للاختصار. وإجراء العقود في البورصات ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: العقود العاجلة. ويراد بها: المعاملات التي يتم فيها تسليم الأوراق المالية المباعة، وتسليم ثمنها بعد تنفيذ العقد مباشرة، أو خلال مدة قصيرة. وهذه العقود لها ثلاثة أنواع: النوع الأول: البيوع العادية. وهي البيوع التي يلتزم فيها كل من البائع والمشتري بإتمام الصفقة نقدًا، وذلك بأن يستلم المشتري الأوراق المالية، ويسلم ثمنها حالًا، أو خلال مدة وجيزة جدًّا، تقدر في بعض الأسواق الغربية بيومين، وفي مصر بأربعة أيام، وفي بورصة نيويورك يلزم أن تصفى العملية في موعد أقصاه ساعة قبل افتتاح الجلسة التالية. الحكم الشرعي:

البيع بهذه الطريقة جائز لا غبار عليه، بل إنه الأصل في البيوع في الشريعة الإسلامية. فإذا كان السهم المراد بيعه مستوفيًا لشروطه وضوابطه المعتبرة شرعًا فالبيع صحيح. وممن أفتى بجواز تداول هذا النوع من الأسهم: سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم- رحمه الله- واللجنة الدائمة للإفتاء، ومجمع الفقه الإسلامي بجده، والحلقة الفقهية الأولى للبركة. النوع الثاني: الشراء بالهامش (Margin Buying) فالشراء بالهامش: شراء الورقة المالية بسداد جزء من قيمتها نقدًا، بينما يسدد الباقي بقرض، بشرط ضمان الأوراق محل الصفقة. الحكم الشرعي: وقد تتبعت صور الشراء بالهامش في البورصات فلم أجد إلا صورة واحدة هي الجائزة، وهي: أن تكون الأسهم مملوكة للسمسار، وصورتها: أن يقوم العميل بشراء الأسهم محل الصفقة من السمسار- وهذه الأسهم مملوكة له- وذلك بدفع 60 % من قيمتها نقدًا، والباقي مؤجلًا، ومن ثم يقوم السمسار برهن جميع الأسهم محل الصفقة، إلى أن يسدد العميل المبلغ المتبقي عليه. وأما باقي الصور فهي محرمة؛ لاشتمالها على الربا. النوع الثالث: البيع على المكشوف (البيع القصير Short Sell) والمراد به: قيام شخص ببيع أوراق مالية لا يملكها، عن طريق اقتراضها من آخرين، مقابل الالتزام بإعادة شرائها، وتسليمها للمقرض، في وقت محدد. وهذا النوع محرم لاشتماله على الربا والغرر. القسم الثاني: العقود الآجلة. وهي: عمليات تنعقد في الحال، ولكن يتراخى تنفيذها لتاريخ تال، هو ما يعرف بيوم التصفية. وهي على نوعين: النوع الأول: العقود المستقبلية Futures. تعريفها: عقود تعطي لحاملها الحق في شراء أو بيع كمية من أصل معين (قد يكون سلعة أو ورقة مالية) بسعر محدد مسبقًا، على أن يتم التسليم والتسلم في تاريخ لا حق في المستقبل. الحكم الشرعي: وقد صدرت قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية بتحريم هذا النوع من العقود، لاشتماله على الربا والغرر والقمار.

النوع الثاني: عقود الخيارات. وهي: عقد يعطي لحامله الحق في شراء أو بيع ورقة مالية في تاريخ لاحق، وبسعر يحدد وقت التعاقد، على أن يكون لمشتري الاختيار الحق في التنفيذ من عدمه، وذلك في مقابل مكافأة يدفعها للبائع، والذي يطلق عليه محرر الاختيار. الحكم الشرعي: وقد صدرت قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية بتحريم هذا النوع من العقود، لاشتماله على الربا والغرر والقمار. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حكم الاكتتاب في الشركة التعاونية للتأمين

حكم الاكتتاب في الشركة التعاونية للتأمين المجيب جمع من العلماء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 07/11/1425هـ السؤال ستطرح قريبًا بعض أسهم الشركة الوطنية للتأمين التعاوني (التعاونية للتأمين) للاكتتاب العام، فما حكم الاكتتاب بأسهم هذه الشركة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فنوجز الحكم الشرعي من خلال النقاط الآتية: 1- الحكم الشرعي للتأمين: ذهب عامة العلماء المعاصرين إلى تحريم التأمين التجاري وجواز التأمين التعاوني، وقد أخذ بهذا القول معظم هيئات الفتوى الجماعية، كهيئة كبار العلماء بالمملكة، واللجنة الدائمة للإفتاء، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، وغيرها؛ لما يشتمل عليه التأمين التجاري من الغرر والمقامرة وأكل المال بالباطل، بخلاف التأمين التعاوني فإن مبناه على التكافل والتضامن. وإن الناظر بعين الإنصاف في واقع صناعة التأمين اليوم ليدرك ما في هذا القول من التوسط والاعتدال، ومدى موافقته لمقاصد الشريعة الإسلامية، بتحقيق مصالح الناس وسد حاجاتهم دون غبن أو ضرر. وإحصائيات التأمين أوضح شاهدٍ على ذلك، ففي نظام التأمين التجاري تتكدس الأموال الطائلة لدى شركات التأمين في مقابل تعويضات تعد يسيرة مقارنة بما تحققه من أرباح، مما نتج عنه استئثار الأقلية الثرية بمزايا التأمين وخدماته، بينما الأكثرية الفقيرة محرومة منها لكونها غير قادرة على تحمل أقساط التأمين. وقد أوهمت تلك الشركات الناس أن لا مجال لتفتيت المخاطر إلا بهذا الأسلوب، وهو أمر تكذبه تجارب التأمين التعاوني التي طبقت في عددٍ من الدول المتقدمة فكانت أكثر نجاحاً وتحقيقاً لأهداف التأمين من شركات التأمين التجاري. 2- الفرق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني:

في التأمين التجاري تتولى إدارة التأمين شركة لها ذمة مستقلة عن ذمم المؤمن عليهم، وتستحق هذه الشركة جميع أقساط التأمين في مقابل التزامها بدفع مبالغ التأمين عند استحقاقها، وما يتبقى لديها من فائض أقساط التأمين فإنها لا تعيده للمؤمن لهم، لأنها تعتبره عوضاً في مقابل التزامها بالتعويضات المتفق عليها، وإذا لم تفِ الأقساط المحصلة لدفع كل التعويضات فلا يحق لها الرجوع عليهم بطلب زيادة أقساط التأمين. وهذا هو عين المتاجرة بالغرر المنهي عنه، وأكل أموال الناس بالباطل. بينما في التأمين التعاوني يجتمع عدة أشخاص معرضين لأخطار متشابهة، ويدفع كل منهم اشتراكاً معيناً، وتخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر، وإذا زادت الاشتراكات على ما صرف من تعويض كان للأعضاء حق استردادها، وإذا نقصت طولب الأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز، أو أنقصت التعويضات المستحقة بنسبة العجز. ولا مانع من أن يتولى إدارة التأمين التعاوني جهة مستقلة عن المؤمن لهم أنفسهم وأن تتقاضى أجوراً أو عمولات مقابل إدارتها للتأمين، ولا يمنع كذلك من أن تأخذ جزءاً من أرباح استثمارات أموال التأمين بصفتها وكيلاً عنهم في الاستثمار. وبهذا يظهر أن شركة التأمين في كلا النوعين قد تكون كيانا منفصلا عن المؤمن لهم، كما أنها في كليهما قد تكون شركة ربحية – أي أنها تهدف إلى الربح-، ويظهر الفرق بين النوعين في أمرين أساسيين: الفارق الأول: في التأمين التجاري هناك التزام تعاقدي بين شركة التأمين والمؤمن لهم، إذ تلتزم الشركة تجاه المؤمن لهم بدفع التعويضات، وفي مقابل ذلك تستحق كامل الأقساط المدفوعة. بينما في التأمين التعاوني لا مجال لهذا الالتزام، إذ إن التعويض يصرف من مجموع الأقساط المتاحة، فإذا لم تكن الأقساط كافية في الوفاء بالتعويضات طلب من الأعضاء زيادة اشتراكاتهم لتعويض الفرق، وإلا كان التعويض جزئياً بحسب الأرصدة المتاحة.

الفارق الثاني: لا تهدف شركة التأمين التعاوني إلى الاسترباح من الفرق بين أقساط التأمين التي يدفعها المؤمن لهم وتعويضات الأضرار التي تقدمها الشركة لهم، بل إذا حصلت زيادة في الأقساط عن التعويضات المدفوعة لترميم الأضرار ترد الزيادة إلى المؤمن لهم. بينما يكون الفائض في التأمين التجاري من استحقاق شركة التأمين في مقابل التزامها بالتعويض تجاه المؤمن لهم. 3- حكم الاكتتاب في التعاونية للتأمين: من خلال دراسة القوائم المالية للسنوات الخمس الماضية للشركة الوطنية للتأمين التعاوني تبين عدم جواز الاكتتاب في هذه الشركة لما يأتي: أولاً: أن عقد التأمين في الشركة من التأمين التجاري وليس التعاوني: فمع أن الشركة قامت بفصل المركز المالي للمساهمين عن المركز المالي لأعمال التأمين -كما هو المعهود في التأمين التعاوني-، إلا أن نظام التأمين الذي تمارسه لا يعدو أن يكون تأميناً تجارياً، خلافاً لما يوحي به اسم الشركة، ويتضح ذلك من خلال النقاط الآتية: أ. نص النظام الأساسي للشركة على أن يصرف فائض التأمين الذي يمثل الفرق بين مجموع الاشتراكات ومجموع التعويضات بإعادة 10% للمؤمن لهم، وأما الباقي وهو ما يعادل 90% من الفائض الصافي فيكون من نصيب المساهمين نتيجة تعريض حقوقهم لمخاطر التأمين. (المادة 43 من النظام الأساسي للشركة، والمادة70 من اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني) . وهذا يعني أن نظام التأمين في الشركة قائم على الالتزام التعاقدي، فالأقساط يستحقها المساهمون عوضاً عن التزامهم بالتعويض، وهذا هو حقيقة التأمين التجاري. وما إعادة جزء من الفائض إلا محاولة لإضفاء الصبغة الشرعية على العقد. والواجب في التأمين التعاوني أن يكون جميع الفائض من نصيب المؤمن لهم، فيعاد إليهم أو يرحل في حساب احتياطيات عمليات التأمين.

ب. وتطبيقاً لما سبق فقد حققت الشركة فائضاً مالياً من عمليات التأمين في العام 2003 قدره (178.914.000-مائة وثمانية وسبعون مليون وتسعمائة وأربعة عشر ألف ريال) أعيد منها للمؤمن لهم (18.000.000 ثمانية عشر مليون ريال) أي ما نسبته 10% من الفائض، وأضيف المبلغ المتبقي بعد أخذ الاحتياطيات منه إلى إجمالي الفائض المتراكم، ليصل بذلك إجمالي الفائض المتراكم من عمليات التأمين لدى الشركة إلى (548.452.000-خمسمائة وثمانية وأربعين مليون وأربعمائة واثنين وخمسين ألف ريال) ووفقاً لما نص عليه النظام الأساسي للشركة فإن هذا الفائض يعد من نصيب المساهمين. ث. ترتبط الشركة بعقود إعادة تأمين مع بعض شركات إعادة التأمين، وهي في الغالب شركات أجنبية وتقوم على طريقة التأمين التجاري. ومن اللافت للنظر أن مبالغ إعادة التأمين تمثل أكثر من نصف مجموع أقساط التأمين، كما هو موضح في الجدول: العام 1999 2000 2001 2002 2003 مبلغ إعادة التأمين (آلاف) 424.671 498.845 735.523 663.152 716.584 مبلغ الأقساط (آلاف) 628.742 716.983 1.023.206 1.081.173 1.545.797 ويتضح من الجدول أن أكثر من نصف مجموع أقساط التأمين تحول إلى خارج المملكة، وهو من طبيعة عقد التأمين التجاري. ثانياً: استثمارات الشركة في بعض الأنشطة المحرمة: حيث قامت الشركة باستثمار أموال المؤمن لهم في سندات محرمة، وبلغت قيمة هذه السندات في العام المالي2003 (430.525.000 أربعمائة وثلاثين مليوناً وخمسمائة وخمسة وعشرين ألف ريال) وهي تعادل ما نسبته 24% من إجمالي موجودات عمليات التأمين. كما قامت الشركة باستثمار أموال المساهمين في سندات محرمة، بلغت قيمتها في العام المالي 2003 (34.981.000 أربعة وثلاثين مليوناً وتسعمائة وواحد وثمانين ألف ريال) . وهي تعادل حوالي 8% من إجمالي حقوق المساهمين. وفضلاً عن ذلك فإن الشركة تمتلك 50% من إحدى شركات التأمين التجاري.

1. مقترحات لصيغة تأمين تعاوني تتفق مع الضوابط الشرعية، وتحقق أهداف التأمين: أ. أن يتولى إدارة التأمين التعاوني شركة مساهمة، يكون للمساهمين فيها مركز مالي منفصل على وجه الحقيقة عن المركز المالي لعمليات التأمين. ب. للشركة المساهمة أن تخصم جميع المصاريف الإدارية والتشغيلية من مجموع أقساط التأمين، وأن تتقاضى أجوراً مقابل إدارتها لعمليات التأمين بصفتها وكيلاً بأجر، ولها كذلك أن تستثمر أموال المؤمن لهم في استثمارات مباحة، وتستحق بذلك نسبة من أرباح تلك الاستثمارات بصفتها شريكاً مضارباً. ت. على الشركة أن تتجنب الدخول في استثمارات محرمة كالسندات وغيرها، سواء أكان ذلك في الاستثمارات الخاصة بالمساهمين أم بالاستثمارات الخاصة بعمليات التأمين. ث. التزام الشركة تجاه المؤمن لهم بالتعويض على نوعين؛ جائز وممنوع. أما الجائز فأن تلتزم الشركة بإدارة أعمال التأمين بأمانة واحتراف، ومتى قصرت في ذلك فإنها تتحمل تبعات ذلك التقصير والتعويض عنه. وأما الممنوع فأن تلتزم التزاماً مطلقاً بالتعويض سواء أكانت الأضرار من الشركة أم من غيرها، فهذا يتعارض مع قاعدة التأمين التعاوني. وبدلاً عن ذلك فللشركة أن تكّون احتياطيات من فائض أقساط التأمين، ولا تدخل هذه الاحتياطيات ضمن قائمة حقوق المساهمين بل تكون خاصة بأعمال التأمين. ج. للشركة أن ترتبط بعقود إعادة تأمين لتفتيت المخاطر، بشرط أن تكون هذه العقود من قبيل التأمين التعاوني. وختاماً نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق القائمين على الشركة لكل خير، وأن يهدينا وإياهم وجميع المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

حكم الاكتتاب في بنك البلاد

حكم الاكتتاب في بنك البلاد المجيب جمع من العلماء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 03/01/1426هـ السؤال سوف تطرح أسهم بنك البلاد قريبا، فما حكم الاكتتاب بأسهم هذا البنك؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد درس فريق العمل الشرعي في بنك البلاد في اجتماعه (المائة) المنعقد يوم الخميس 01/01/1426هـ، ما ورد إليه من أسئلة عديدة حول حكم الاكتتاب في بنك البلاد، وقرر ما يأتي: أولاً: يجوز الاكتتاب في بنك البلاد؛ لأن البنك يخضع لسياسة شرعية تلزمه بعرض جميع أعماله على الهيئة الشرعية والالتزام بقراراتها، ومراقبة تطبيقها من خلال إدارة الرقابة الشرعية، وتنص السياسة الشرعية للبنك على ما يأتي: "بتوفيق من الله التزم بنك البلاد على نفسه منذ بداية تأسيسه تطبيق الشرع المطهر في جميع معاملاته. كما يحمل على عاتقه مراعاة مقاصد الشريعة وغايات الاقتصاد الإسلامي. ولتحقيق هذا الهدف السامي التزم في نظامه بوجود هيئة شرعية مستقلة عن جميع إدارات البنك، يعرض عليها البنك جميع أعماله؛ للتأكد من مدى موافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية. وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى الآتي: 1. قرارات الهيئة الشرعية ملزمة لكل إدارات البنك. 2. لا يقدم أي منتج للعملاء إلا بعد عرضه على الهيئة الشرعية، وموافقتها عليه. 3. تقوم الهيئة بمراقبة أعمال البنك؛ للتأكد من موافقة الأعمال لقراراتها. وتتولى ذلك إدارة الرقابة الشرعية. 4. تعمل الهيئة الشرعية على تطوير المنتجات بما يتفق مع القواعد الشرعية، ويحقق أهداف الاقتصاد الإسلامي وغاياته. 5. على الهيئة الشرعية تحمل مسؤولية نشر الوعي المصرفي الإسلامي في البنك، وفي مختلف جهات المجتمع." أ. هـ نص السياسة الشرعية للبنك.

وقد بدأ فريق العمل الشرعي في تنفيذ هذه السياسة منذ تشكيله في شهر ربيع الآخر لعام 1425هـ فدرس النظام الأساسي للبنك، وعقد التأسيس، ونشرة الاكتتاب المفصلة، ونشرة الاكتتاب المختصرة، ونموذج الاكتتاب، واتفاقية البنوك المشاركة في الاكتتاب، واتفاقية البنك مع مدير الاكتتاب؛ فلم يجد فيها ما يمنع من جواز الاكتتاب فيه والتعامل معه. هذا وقد فرغ فريق العمل الشرعي من دراسة عدد من عقود البنك وإجازتها، وأنهى عدداً من الضوابط الشرعية لمعاملاته. ثانياً: يجوز بيع أسهم البنك وشراؤها وتداولها بعد الإذن بتداول الأسهم في السوق؛ لأنه يملك موجودات ذات قيمة معتبرة شرعاً، ومنها: التراخيص الممنوحة للعمل كبنك، ووجود مبنى رئيس للإدارة العامة للبنك، وعدد من الفروع العاملة للبنك بتجهيزاتها يعمل فيها أكثر من ستمائة موظف، فضلاً عن وجود العديد من الأنظمة والأجهزة، إضافة للعلاقات التعاقدية مع مؤسسة النقد العربي السعودي، ومع أكثر من مئة بنك مراسل على مستوى العالم، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء التداول لا ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة الموجودات العينية للشركة أو مطلوباتها فحسب، بل يؤثر فيها عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام، والحقوق المعنوية وغير ذلك.

ثالثاً: لا يجوز للمكتتب أن يستعمل اسم شخصٍ آخر في الاكتتاب، سواء أكان ذلك بعوض يدفعه لصاحب الاسم أم بغير عوض، لما في ذلك من تجاوز الحد المستحق له نظاما، وتعديه على حق غيره ممن التزم بالنظام، إذ إن مقتضى العدالة أن تتكافأ فرص المساهمين في الحصول على الأسهم، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يحدد لكل واحد من المكتتبين سقف أعلى لا يتجاوزه، فالمنع من استخدام الشخص اسم غيره من السياسة الشرعية التي تتفق مع مقاصد الشريعة من جعل المال دولة بين الناس كلهم فقيرهم وغنيهم، لا أن يكون محصوراً بأيدي فئة قليلة. وفضلا عن ذلك، فإن هذا التصرف نوع من التدليس، وهو مظنة الخلاف والخصومة بين الأطراف. رابعاً: يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا. وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما. ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%، أما لو حددت حصة الواحد منهما بمبلغ مقطوع فلا يجوز كما لو قال: خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك؛ لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح، فقد لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل، أو قد تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن.

ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح، لاسيما أن هذه المشاركة لا يظهر ما يمنع منها نظاماً، فقد نص نظام الشركات على جواز أن يكون السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل الشركة. وفي الختام، نسأل الله أن يوفق القائمين على بنك البلاد للاستمرار بالالتزام بأحكام الشريعة، كما نحث القائمين على الشركات المساهمة على البعد عن المعاملات المحرمة في التمويل والاستثمار وغيرهما، ونحث المتعاملين في سوق المال على دعم الشركات المساهمة التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية. وفق الله الجميع لهداه، وجعل العمل في رضاه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أعضاء فريق العمل الشرعي في بنك البلاد: الشيخ أ. د. عبد الله بن موسى العمار الشيخ د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان الشيخ د. محمد بن سعود العصيمي الشيخ د. يوسف بن عبد الله الشبيلي

صناديق الاستثمار بالأسهم المحلية

صناديق الاستثمار بالأسهم المحلية المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 04/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو من فضيلتكم بيان الشركات المساهمة المحلية التي يجوز الدخول فيها والتي يحرم، وحكم الدخول في صناديق الاستثمار بالأسهم المحلية. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فمن خلال دراسة القوائم المالية الأخيرة للشركات المحلية فإن أسهم هذه الشركات تصنف إلى ثلاث فئات: أولاً-الأسهم المباحة، لشركات لا تقترض ولا تودع بالربا، وعددها (19) ، وهي أسهم لشركات أنشطتها في أغراض مباحة، ولم يظهر في آخر قائمةٍ ماليةٍ لها أي قروض أو ودائع ربوية، فيجوز شراؤها سواء أكان الشخص مضارباً أم مستثمراً. وهي:1-البلاد-2- الراجحي-3-الصحراء-4- مكة-5-الغذائية-6-النقل الجماعي-7- اتحاد اتصالات-8- اللجين-9-الجبس-10-فيبكو-11-طيبة-12-القصيم الزراعية-13-نادك-14-تبوك الزراعية-15-الجوف-16-حائل-17-مبرد-18-إسمنت العربية-19-التعمير. ثانياً-الأسهم المختلطة، وهي أسهم لشركات أنشطتها في أغراض مباحة، لكن قوائمها المالية لآخر فترة لا تخلو من معاملات محرمة لا تعد من نشاطها وإنما هي طارئة عليه. فهذه الأسهم اختلف العلماء فيها، فذهبت اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة إلى تحريمها، وذهب بعض العلماء كالشيخ محمد العثيمين رحمه الله ومعظم الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية إلى جوازها. والأقرب - والله أعلم- أنه إذا كانت الشركة لا تعتمد في نشاطها على تلك المعاملات المحرمة فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله، بل يتخلص من الجزء المحرم منه ويبقى ما عداه مباحاً، ومن تورع عنها فهو الأفضل؛ خروجاً من الخلاف، واتقاءً للشبهة، ودعماً للشركات النقية.

وعدد هذه الأسهم (39) ، جميعها لم تتجاوز الإيرادات المحرمة في الشركات المصدرة لها 5% من أرباحها، فيجب على المساهم إذا كان مستثمراً أن يتخلص من هذه النسبة المحرمة بإخراج 5% من الأرباح السنوية الموزعة، وصرفها في المشاريع الخيرية كجمعيات البر وغيرها بنية التخلص منها، أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم - (أي أرباح المضاربة) - فلا يجب إخراج شيءٍ منها؛ لأنها أرباح لم تكتسب من نشاط الشركة. وهذه الأسهم هي: 1-سابك -2-سافكو-3-المصافي-4-الخزف-5-صافولا-6-الدوائية-7-صدق-8-زجاج-9-سيسكو-10-أنابيب-11-نماء-12-معدنية-13-كيميائية-14-الزامل-15-إسمنت اليمامة-16-إسمنت السعودية-17-إسمنت الشرقية-18-إسمنت تبوك-19-الفنادق-20-العقارية-21-المواشي-22-عسير-23-الباحة-24-ثمار-25-شمس-26-فتيحي-27-جرير-28-الكهرباء-29-الاتصالات-30-الأسماك-31-الشرقية الزراعية-32-بيشة-33-سدافكو-34-الغاز-35-إسمنت القصيم-36-إسمنت ينبع-37-المراعي-38-السيارات-39-ينساب. ثالثاً-وأما بقية الأسهم، وهي ما عدا الأسهم المذكورة في النوعين السابقين، فقد أظهرت القوائم المالية للشركات المصدرة لها قروضاً أو استثماراتٍ محرمة تعد كثيرة بالنظر إلى أنشطتها، فلا أرى جواز شرائها لا على سبيل الاستثمار ولا المضاربة، ولو بنية التخلص من الجزء المحرم فيها؛ لأن الأسهم في ذاتها أصبحت عروضاً محرمة؛ لغلبة الحرام فيها. ويجدر التنبيه إلى ثلاثة أمور: الأمر الأول: أن بعض الشركات أعلنت عن التخلص من الاستثمارات والقروض المحرمة لديها، وهو أمر يشكر عليه القائمون على تلك الشركات، ويدل على حرصهم على توقي الحرام، فنسأل الله لهم الثبات على ذلك، إلا أن المنهج المتبع في الحكم على أي شركة بأنها نقية هو الاعتماد على القوائم المالية المدققة؛ وذلك لتحري الدقة، وللتأكد من خلو الشركة في الفترة القادمة من أي آثار عقودٍ محرمة أبرمت في الفترة السابقة.

فلو كان على الشركة قروض ربوية مثلاً فلا سبيل لأن توصف بأنها خالية من آثار تلك القروض إلا بتوقفها عن الاقتراض المحرم وأن تكون قد سددت كل القرض أو تم تحويله إلى قرض حسن أي بلا فوائد، أما ما تفعله بعض الشركات من الاتفاق مع البنك الدائن على قلب الدين الذي له عليها إلى دين تورق، على أن يبقى الدين كما هو بفوائده باسمٍ جديد فهذا لا يغير من حقيقة الأمر شيئاً؛ لأنه حيلة ظاهرة على الربا، وهو محرم بإجماع العلماء، بل ذهب كثير منهم إلى أنه أعظم من الربا الصريح؛ لأنه جمع بين الربا والمخادعة. يقول أيوب السختياني -رحمه الله-: " يخادعون الله كما يخادعون الصبيان، لو أتوا الأمر من بابه لكان أسهل". وبإمكان الشركة التي تورطت بمثل هذا القرض وتريد التخلص منه -بدلاً من الوقوع في هذه الحيلة- أن تجري عملية تمويل شرعية مع جهة أخرى غير البنك الدائن، ثم تسدد بذلك المال دينها الأول.

الأمر الثاني: أن البعض يضارب في أسهم جميع الشركات ما عدا البنوك بحجة أن نشاط تلك الشركات مباح، وهذا فيما أرى تناقض بيّن؛ فإن البنوك الربوية إنما حرمت المساهمة فيها لما فيها من الاستثمارات المحرمة لا لمجرد كونها بنوكاً، ولا فرق في هذا بين البنوك والشركات التي تعتمد في نشاطها على الاستثمار المحرم، بل إن بعض الشركات تزيد نسبة الاستثمارات المحرمة فيها على تلك التي في البنوك، والسبب في ذلك أن كثيراً من الشركات تعتمد في أنشطتها على الاستثمارات المالية لقلة تكلفتها وارتفاع عوائدها مقارنة بالأنشطة التشغيلية التي أنشئت الشركة من أجلها. فعلى سبيل المثال، لم تنقص الاستثمارات المالية المحرمة لإحدى الشركات منذ إنشائها عن 65% من إجمالي نشاطها في حين أن الاستثمارات المحرمة لدى بعض البنوك المحلية لا تصل إلى النصف، وذلك لأن من الأعمال البنكية ما هو مباح شرعاً، كأعمال الصيرفة الاعتيادية والحوالات والمقاصة وتحصيل الشيكات وخطابات الضمان غير المسيلة والوساطة المالية ونحو ذلك، وهذه الأعمال لا تقل عادة عن ثلث النشاط البنكي التقليدي، يضاف إلى ذلك ما تقدمه بعض البنوك من خدمات تمويلية إسلامية، مما يجعل الاستثمارات المباحة لديها أكثر من تلك التي لدى بعض الشركات غير البنكية. وهذا الأمر يستوجب مراجعة القوائم المالية للشركات قبل الحكم عليها وعدم الاكتفاء بالتصنيف العام للشركات، إذ إن بعض الشركات وإن صنفت على أنها شركات زراعية أو صناعية أو غير ذلك إلا أن لها استثمارات مالية قد تفوق استثماراتها في نشاطها الرئيس.

الأمر الثالث: أن جواز شراء الأسهم المختلطة لا يعني أن الربا الذي في الشركة مباح، فالربا محرم كله، قليله وكثيره، وإنما الإثم على من باشر تلك المعاملة المحرمة أو أذن أو رضي بها، لا على المساهم؛ لأن للشركة المساهمة شخصية اعتبارية مستقلة عن المساهمين، وموجوداتها – بما في ذلك الموجودات المحرمة- مملوكة للشركة ما دامت قائمة ولا حق للمساهمين فيها، ولهذا لو نقصت القيمة السوقية للسهم عن قيمة ما يقابله من موجودات في الشركة فليس للمساهم حق إلا في السهم فقط. وبناءً عليه، فتأخذ الأسهم حكم عروض التجارة؛ لأنها صكوك مالية قابلة للتداول، فإذا اختلط فيها الحرام اليسير بالحلال الكثير فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله، بل يلزم المساهم أن يتخلص من الجزء المحرم من عوائده، ويبقى أصل السهم مباحاً. ومما يؤيد ذلك أن تداول الأسهم منفصل عن نشاط الشركة، فلا ترتبط قيمة الأسهم بنشاط الشركة بل بالعرض والطلب، كما أن ارتفاع قيمة الأسهم أو انخفاضها لا يؤثر بشكلٍ مباشرٍ إيجاباً أو سلباً على نشاط الشركة؛ لأن ما يدفعه المساهم لشراء الأسهم بعد طرحها للتداول لا يذهب منه للشركة شيء، ولا يدعم به نشاط الشركة، بل يذهب جميعه للمساهم البائع، وكذلك المساهم البائع لا يأخذ ثمن أسهمه التي باعها من الشركة بل من المساهم المشتري.

وختاماً، فهذه كلمة أوجهها لإخواني القائمين على الشركات المساهمة بأن يتقوا الله تعالى فيما استرعاهم الله عليه، وأن يطهروا شركاتهم من الربا، فهذه أمانة، وسيسألون عنها يوم القيامة، وإن من خيانة هذه الأمانة الدخول في العقود الربوية ولو صغرت. ولا عذر لهم في ذلك فنحن -ولله الحمد- في بلدٍ قائمٍ على تحكيم شريعة الله. وكل ما يخالف هذه الشريعة الغراء فهو مرفوض شرعاً ونظاماً، بل إن النظام في المملكة يمنع أي شركة محلية من أن يشتمل نظامها الأساسي على بنودٍ تخالف الشريعة، وما تمارسه الشركة من اقتراضٍ أو إيداعٍ بالفائدة يعد من التجاوزات غير النظامية التي يحق لأي مساهمٍ أن يعترض عليها، وهذا هو الحد الأدنى من الواجب على من ساهم في الشركات المختلطة، أن يعترض على تلك التجاوزات عند حضوره الجمعية العمومية للشركة. وها نحن الآن نسمع -ولله الحمد- عن توجه كثير من الشركات لتطهير معاملاتها من الحرام، وهو أمر يبشر بالخير. فقبل سنواتٍ معدودة لم تكن الشركات النقية تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وهاهي الآن بهذه الكثرة، وستكون بازدياد بمشيئة الله، وأشيد هنا بالجهود التي يبذلها أهل العلم في تبيين الشركات الجادة في هذا الأمر لاسيما قائمة الشركات النقية للدكتور محمد العصيمي -وفقه الله-، فأرجو أن يكون له نصيب من قوله عليه الصلاة والسلام:" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة". والأمل بالله كبير في أن يكون هذا التحول عاماً في كل الشركات. والله الموفق.

تداول أسهم شركة إعمار الإمارتية

تداول أسهم شركة إعمار الإمارتية المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 23/05/1426هـ السؤال ما حكم تداول أسهم شركة إعمار الإماراتية؟ الجواب الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: وبعد: فهذه دراسة شرعية عن شركة إعمار الإمارتية، نجملها في النقاط الآتية: أولاً: نشاط الشركة: تمارس الشركة عدة نشاطات متنوعة منها: الاستثمار في العقارات وتطويرها، وخدمات إدارة العقارات والأعمال البنكية التجارية، وتقديم خدمات تكنلوجيا المعلومات والاتصالات. ثانياً: موجودات الشركة: بلغت موجودات الشركة لعام 2004م (12.755.857.000) درهم إماراتي. ثالثاً: الموجودات الربوية للشركة: 1- الاستثمارات المحرمة: تمارس الشركة جميع الاستثمارات المحرمة من قروض ربوية وإيداعات ربوية وكذلك استثمار في السندات المجمع على تحريمها، بالإضافة إلى التعامل بالعمليات الآجلة على العملات مثل عقود الخيارات والمستقبليات وهذه محرمة بالإجماع، وتفصيل ذلك ما يلي: أ- قروض من الشركة للأفراد والهيئات بفوائد ربوية بلغت هذه القروض (1.338.926.000) درهم إماراتي. ونسبته للموجودات 10.50%. ب- ودائع ربوية (47.474.000) درهم ونسبتها للموجودات 0.37%. ج- سندات وشهادات استثمارية محرمة (2.614.043.000) درهم ونسبتها للموجودات 20.5%. د- استثمارات بالعملات في الأسواق الآجلة بمبلغ قدره (586790000) درهم، ونسبته للموجودات 4.6%. 2- القروض الربوية: اقترضت الشركة مبلغاً قدره (638.693.000) ونسبته للموجودات 5%. 3- الإيرادات المحرمة بلغ صافي إيرادات الشركة 1.690.557.000 درهم، وبلغت الإيرادات المحرمة المفصح عنها 115.984.000 درهم، ونسبتها للإيرادات 7%. رابعاً: زكاة المستثمر والمضارب في الشركة:

بلغت حقوق المساهمين في الشركة (8031898000) درهم، وعدد الأسهم المصدرة (2.650.000.000) سهم، فتكون القيمة الدفترية للسهم (3 درهم) ، وعليه تكون زكاة السهم الواحد: (0.075 درهم) . فتكون قاعدة إخراج زكاة المستثمر كالتالي: (0.075) × (عدد الأسهم المملوكة) . أما زكاة المضارب فهي: 2.5% من القيمة السوقية للسهم يوم إخراج الزكاة. خامساً حكم تداول أسهم الشركة: من خلال ما سبق فإنه لا يجوز تداول أسهم شركة إعمار الإمارتية سواء كانت مضاربة أو استثماراً، للأسباب الآتية: أولاً: ارتفاع استماراتها الربوية فقد تجاوزت 37%، وضابط الهيئات الشرعية في عنصر الاستثمارات لم يتجاوز 15%. ثانياً: ارتفاع إيرادات الشركة المحرمة البالغة 7%، فهو أعلى من ضابط الهيئات الشرعية البالغ 5%. ثالثاً: وكذلك من خلال النظر في نشاط الشركة نجد أنها تمارس الأعمال البنكية التجارية التقليدية وهذا إقرار منها في نظامها الأساسي وقد أجمع الفقهاء المعاصرون على أنه إذا نص في النظام الأساس للشركة أنها تمارس الربا فإنه لا يجوز المشاركة فيها. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أسهم الشركات الإماراتية (إعمار وأملاك وغيرهما)

أسهم الشركات الإماراتية (إعمار وأملاك وغيرهما) المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 23/6/1426هـ السؤال أنا أستثمر في أسهم الشركات الإماراتية، فما هي الشركات التي تجوز المتاجرة بأسهمها. وما حكم المتاجرة بأسهم شركة إعمار؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد، فالواجب على المسلم تحري الكسب الطيب، والبعد عن المال الخبيث عملاً بقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" [البقرة: 172] ، وإن من أخطر المكاسب الخبيثة الربا، حيث آذن الله من تعامل به بحربٍ منه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ " [البقرة: 278-279] ، ولذا كان من الواجب على المساهم أن يحتاط لهذا الجانب أشد مما يحتاط لمعايير الربح والخسارة في الأسهم. فالربح الحقيقي أن يسلم للمرء دينه. ومن خلال دراسة آخر القوائم المالية للشركات المدرجة في السوق الإماراتية يمكن تصنيف هذه الشركات إلى ثلاث فئات: أولاً- الشركات الخاضعة لهيئات رقابة شرعية: وعددها (7) شركات، وهي: 1- بنك دبي الإسلامي 2- مصرف الشارقة الإسلامي 3- مصرف أبوظبي الإسلامي 4- مصرف الإمارت الإسلامي 5- أمان للتأمين 6- تكافل للتأمين 7- أملاك. فهذه الشركات تجوز المتاجرة بأسهمها والاستثمار فيها، بناءً على رقابة هيئاتها الشرعية.

ثانياً- الشركات المختلطة: وعددها (25) شركة، وهي شركات أنشطتها في أغراض مباحة، لكن قوائمها المالية لآخر فترة لا تخلو من بعض المعاملات المحرمة اليسيرة التي لا تعد من نشاط الشركة وإنما هي طارئة عليها، ولا تزيد نسبة الإيرادات المتحققة منها عن 5% من أرباح الشركة. فمن الورع تجنب أسهم هذه الشركات إذ إنها من المشتبهات، ولكن من لم يأخذ بسبيل الورع فلا حرج عليه إن شاء الله في المتاجرة بها بشرط أن يكون غير راضٍ بما فيها من الحرام ولو كان قليلاً، والإثم على من أذن أو باشر تلك المعاملة المحرمة. ويجب على المساهم أن يتخلص من هذه الإيرادات المحرمة بإخراج 5% من الأرباح السنوية الموزعة، وصرفها في أوجه البر بنية التخلص منها، أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم – أي المتاجرة بها- فلا يجب إخراج شيءٍ منها. وهذه الشركات هي: 1- الدار العقارية 2- اللوجستية 3- الفنية للإنشاءات 4- دبي للاستثمار 5- الإمارت للاتصالات 6- الخليجية للاستثمارات العامة 7- الجرافات 8- الواحة 9- كيوتل 10- السودانية (سوداتل) 11- تبريد 12- الاتحاد العقارية 13- السفن 14- الأغذية 15- البناء (بلدكو) 16- إسمنت الفجيرة 17- فودكو 18- إسمنت الخليج 19- الدوائية (جلفار) 20- إسمنت أم القوين 21- إسمنت رأس الخيمة (الأسود) 22- سيراميك رأس الخيمة 23- رأس الخيمة للإسمنت الأبيض 24- رأس الخيمة للدواجن 25- إسمنت الاتحاد. وجواز المتاجرة في أسهم هذه الشركات لا يعني أن الربا اليسير مباح، فالربا محرم كله، قليله وكثيره، وإنما الإثم على من باشر تلك المعاملة المحرمة أو أذن أو رضي بها. وأما المساهم فليس بشريك في ذلك العمل المحرم؛ لأن الأسهم صكوك قابلة للتداول، فهي في حكم عروض التجارة، فإذا اختلط فيها الحرام اليسير بالحلال الكثير فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله؛ بل يلزم المساهم أن يتخلص من النسبة المحرمة من عوائد السهم، ويبقى أصل السهم مباحاً.

ثالثاً- وما عدا الشركات السابقة، لا تجوز المتاجرة بأسهمها؛ لاشتمال أعمالها على أنشطة محرمة ليست باليسيرة، وعدد هذه الشركات (35) شركة، وهي كالتالي: أ- البنوك التجارية، وهي: 1- بنك دبي التجاري 2- الإمارات الدولي 3- دبي الوطني 4- المشرق 5- الإمارات العربية للاستثمار 6- أبوظبي التجاري 7- الاتحاد الوطني 8- الاستثمار 9- العربي المتحد 10- التجاري الدولي 11- الخليج الأول 12- الشارقة 13- التجاري الدولي (مصر) 14- دار التمويل 15- أبو ظبي الوطني 16- أم القوين الوطني. ب- وشركات التأمين التجاري، وهي: 17- العين 18- البحيرة 19- أبو ظبي الوطنية 20- الخزنة 21- أريج 22- العربية الاسكندنافية 23- الوثبة 24- الظفرة 25- دبي للتأمين 26- دبي الوطنية للتأمين 27- الإمارات 28- عمان 29- رأس الخيمة 30- الاتحاد 31- المتحدة 32- الوطنية للتأمينات العامة. ت- وشركات أخرى، وهي: 33- شعاع كابيتال (في الوساطة المالية) 34- أبو ظبي للفنادق 35- الوطنية للفنادق. وأما شركة إعمار فهي من الشركات العقارية العملاقة، نشاطها الرئيس في بناء العقارات وتطويرها وبيعها. ومن خلال النظر في التقرير السنوي للشركة لعام 2004 والتقرير الربعي والنصفي لعام 2005، وبالاستفسار عن بعض ما ورد في هذه التقارير مع بعض مسئولي الشركة، فقد تبين ما يلي: 1- تبلغ قيمة أصول الشركة بسعر التكلفة أكثر من (20) مليار درهم، وبالقيمة العادلة - (الجارية) - ما يربو على (40) مليار درهم، كما بلغت القيمة السوقية لأسهمها ما يزيد على (90) مليار درهم. وحققت الشركة في النصف الأول لهذا العام أرباحاً تزيد على (2.5) مليارين ونصف المليار درهم.

2- تمتلك الشركة أكثر من ستين شركة أخرى تملكها ملكية كاملة، وجميع هذه الشركات في أغراض مباحة عدا شركة واحدة، وهي عبارة عن بنك تجاري يقدم معاملات ربوية، وهذا البنك مستقل في مركزه المالي وإدارته عن شركة إعمار، وبناء على التقرير السنوي لهذا البنك لعام 2004 فقد بلغت أرباح البنك (4) ملايين درهم، ونسبة هذه الأرباح إلى أرباح إعمار لا تكاد تذكر (أقل من ثلاثة بالألف) .وحسب إفادة بعض المسئولين في إعمار، فقد شرعت الشركة في اتخاذ خطوات لبيع 70% من ملكيتها في البنك لشركة دبي القابضة، ووقعت مذكرة تفاهم لذلك. 3- تستثمر الشركة فائض السيولة لديها في سندات، وودائع استثمارية لدى بنوكٍ إسلامية، وودائع بالأجل لدى بنوكٍ تقليدية، وقد بلغت الإيرادات المحرمة المتحققة من هذا النشاط في نهاية العام الماضي ما يعادل 4% من أرباح الشركة. كما بلغت مدفوعات الشركة من الفوائد الربوية 1/4 (ربع الواحد بالمائة) من إجمالي مصروفاتها. وبناء على ما سبق، فإن الشركة ليست من الشركات النقية، ولهذا اختلفت هيئات الفتوى في حكم المتاجرة بأسهمها، فذهبت بعض هيئات الفتوى إلى تحريمها لأن بعض أنشطة الشركة محرمة، وذهب عددٌ من هيئات الفتوى والرقابة الشرعية في الشركات الإماراتية الإسلامية - كالهيئات الشرعية لكلٍ من شركة أملاك وبنك دبي والشارقة الإسلاميين- إلى جواز المتاجرة بأسهم إعمار؛ لأن النشاط المحرم للشركة يعد يسيراً مقارنة بنشاطها المباح وهو الاستثمار العقاري. وعلى هذا القول فيلزم التخلص من 5% من الأرباح السنوية التي توزعها الشركة. والله أعلم.

أسهم شركة دانة غاز الإماراتية

أسهم شركة دانة غاز الإماراتية المجيب جمع من العلماء المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 20/08/1426هـ السؤال ما حكم الاكتتاب في شركة دانة غاز الإماراتية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن نشاط هذه الشركة في مجال الاستثمار في الغاز الطبيعي، ويبلغ رأسمالها ستة مليارات درهم، طرح منها مليارا درهمٍ للاكتتاب العام، واكتتب المؤسسون في الشركة بحصصٍ نقدية تبلغ ملياري درهم، وبحصصٍ عينية، وهي عبارة عن أسهم في ثلاث شركاتٍ ذات أنشطة مباحة تعادل قيمتها ملياري درهمٍ تقريباً. كما أصدرت الشركة سندات بدون فوائد قابلة للتحويل إلى أسهمٍ وغير قابلة للتداول لصالح ملاك الشركات الثلاث وذلك لشراء بقية أسهمهم فيها. ومن خلال قراءة النظام الأساسي للشركة وعقد التأسيس ونشرة الإصدار الخاصة بها لم يظهر ما يمنع شرعاً من الاكتتاب فيها. كما يجوز للمساهم أن يبيع الأسهم التي اكتتب بها بعد طرحها للتداول؛ لأن الشركة تمتلك موجودات أخرى غير النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعاً وذلك من خلال الشركات الثلاث التابعة لها. والله اعلم. نسأل الله أن يوفق القائمين على الشركة وجميع المسلمين إلى الخير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. كتب الفتوى: د. محمد بن سعود العصيمي (أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) د. يوسف بن عبد الله الشبيلي (عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء)

جوائز المحلات التجارية

حوافز العملاء المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية التاريخ 2/3/1424هـ السؤال أنا محاسب ومدير معرض للأجهزة المنزلية، ونتعامل مع شركات لتوريد الأجهزة من ثلاجات ومكيفات وغيره، وبعض هذه الشركات تقدم حوافز بيع نقدية وعينية لي؛ تقدم على القطعة أو بأي شكل آخر، فهل في ذلك مخالفة للشرع؟ الجواب لا بأس بذلك، لأن هذه تعتبر هدية ولا بأس بها، غير أنه إذا كان المحاسب هو صاحب المحل وهو المدير المالك فهذا لا إشكال فيه، أما إن كان موظفاً عند مالك فإنه لا يملكها إنما هي للمالك ويتفاهم هو والمالك في قسمتها بينهم أو غير ذلك، وأما استئثاره بها وحده فهذا لا يجوز لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من استعملناه منكم على عمل فليجيء بقليله وكثيره" مسلم (1833) . وقال -صلى الله عليه وسلم-:"أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً" البخاري (6979) ، ومسلم (1832) ، والله أعلم.

بطاقات التخفيض

بطاقات التخفيض المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية التاريخ 6/3/1424هـ السؤال أود أن أستفسر عن حكم بيع أو شراء البطاقات التي تعطي تخفيضات على مجموعة من المحلات، أي أن هناك بطاقة سعرها حوالي ثلاثمئة ريال بموجب هذه البطاقة تحصل على تخفيضات معتمدة لدى أكثر من خمسين محلاً تصل التخفيضات بها إلى (20%) ، أرجو التفصيل في المسألة، وشكراً. الجواب بطاقات التخفيض محرمة لوجوه: أولاً: لما فيها من القمار والغرر، وذلك لأن الإنسان يشتري هذه البطاقة بثلاثمئة ريال مثلاً على أن يأخذ قيمتها بعد التخفيض، أو أكثر منها، أو أقل منها وذلك لأن بطاقة التخفيض لها مدة معينة فلربما لم يستطع أن يغطي هذه القيمة وهي الثلاثمئة في هذه المدة فحينئذ يدخل في القمار، والقمار هو الغرم المتحقق والغنم المتوقع، وكل من دخل في معاملة إما أن يغنم وإما أن يغرم، فهذا حكمه حكم الغرر. ثانياً: فيه شبهة الربا، وذلك لأن الإنسان ربما يدفع ثلاثمئة على أن يأخذ أكثر أو أقل على افتراض أن التخفيض قيمة مالية، وهذا الربا إما أن يكون ربا نسيئة مثل التأجيل، وإما أن يكون ربا نسيئة وفضل، فمن كان يأخذ قيمتها ثلاثمئة فهي ربا نسيئة، وإن كان يأخذ بأكثر فهو ربا نسيئة وفضل. وقد صدر من المجمع الفقهي الإسلامي قرار بتحريم بطاقة التخفيض إذا كانت عن عوض، أما بطاقة التخفيض التي يحصل عليها الإنسان مجاناً فهذه من باب الهبة، بشرط ألا يكون حصوله على هذه البطاقة بطريق المسابقة التي يفعلها بعض الشركات التسويقية أنه في حالة شرائه سلعة بقيمة كذا فإنه يدخل في الوعد بالجائزة، والجائزة هي بطاقة التخفيض فهذا كله داخل في هذا الأمر، والله أعلم.

مسابقات ترويج السلع

مسابقات ترويج السلع المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية التاريخ 11/1/1423 السؤال مركز لبيع الأشرطة الإسلامية ينوي القيام بحملة دعائية لترويج الأشرطة الإسلامية بهدف نشرها بين أكبر قدر من المجتمع (علماً بأن المركز خيري) وذلك من خلال ما يلي: - حصول المشتري على قسيمة (كوبون) سحب لكل شريط يشتريه. - يتأهل كل صاحب قسيمة للسحب والذي يحتوي على عشر جوائز هي: - سيارة، تذكرة سفر للعمرة، طقم ذهب، أدوات منزلية: مثل مكيف، ثلاجة، طباخة، غسالة. - مدة العرض خمسة وأربعون يوماً. - يتم تجميع الكوبونات في صندوق مخصص بعدها تتم عملية السحب العشوائي. أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده وبعد، فالطريقة الترويجية المذكورة في السؤال، والتي هي حصول كل من يشتري شريطاً على قسيمة ثم يتم السحب العشوائي من هذه القسائم ليتحدد الفائزون، ولا يحصل على قسيمة السحب إلا من اشترى شريطاً فهذه من المسائل المعاصرة والراجح فيها أنها لا تجوز؛ لكونها قماراً أو شبيهة بالقمار؛ إذ المشتري يبذل مالاً للحصول على سلعة قد يُحَصّل معها جائزة وقد لا يُحَصّل، فهو بين غُنْم بتحصيل الجائزة وبين غُرْم بفواتها عليه. والميسر (القمار) هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً أو غارماً- وتحريم الميسر أصل من أصول الشريعة أجْمَعَ عليه أهل العلم إجماعاً قطعياً. قال - تعالى-:" إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" [المائدة:90] . وبهذا أفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله-. وإذ حرم أخذ الجائزة لهذا التعليل فإن ما حرم أخذه حرم إعطاؤه، وإن أراد صاحب السؤال مخرجاً شرعياً فإنه يمكنه أن يُدخل في السحب كل من يزور المركز، أو يضع مسابقة علمية على ما احتوته بعض الأشرطة فهذه تختلف في حكمها عما ذكر. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

حكم بطاقات التخفيض

حكم بطاقات التخفيض المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية التاريخ 30/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل بطاقات التخفيضات التي تشترى من بعض الشركات جائزة؟ وخاصة أنها تتعامل مع شركات وخطوط طيران وغيرها من المحلات التجارية، وتخول لحاملها التمتع بالتخفيض الموضح في البطاقة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن كانت هذه البطاقة تصدر عن الشركة مقدمة الخدمة (المخفضة القيمة) فلا يجوز التعامل بهذه الصورة؛ لما في ذلك من الغرر والجهالة، وربما دخله بيع النقد بالنقد مؤجلاً مع جهالة التماثل، وإن كانت البطاقة تصدر عن شركة خاصة غير مقدمة الخدمة فهذه الصورة أولى بعدم الجواز، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الترويج للبضاعة بوضع الهدايا في بعضها

الترويج للبضاعة بوضع الهدايا في بعضها المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية التاريخ 26/10/1424هـ السؤال نقوم بتصنيع مناديل الورق، ولغرض الدعاية نضع بطاقات في بعض العلب تعطى هدايا قيمة لمن يجدها، هل يجوز شرعاً استخدام هذا الأسلوب كدعاية؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كانت هذه الهدايا، هدايا ذات قيمة عالية، ويعلن عنها بأن في بعض هذه المناديل بطاقات هدايا ذات قيمة، ويكون ممن يتأثر بهذه الإعلانات أن يكثر من شراء هذه المناديل، لا لغرض استخدامها وإنما لأمل أن يحصل على جوائز منها، نقول: هذا لا يجوز، وهذا من المسابقات المحرمة التي بعضها صريح أنه من القمار، وبعضها فيه الشبه القوي بالقمار ونحوه، وهو من أنواع المسابقات المحذورة والممنوعة. والرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" متفق عليه أخرجه البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-. وأما إذا كانت هذه الهدايا هدايا ليست ذات قيمة، وإنما هي هدايا متدنية القيمة، وفي نفس الأمر لا يعلن عن هذه الهدايا على سبيل أن يستكثر الناس من شرائها لطلب الهدايا لا لرغبة، أو لا لقصد الاستخدام، فنقول: إذا لم يكن شيئاً من ذلك فلا بأس بذلك.

بطاقة التخفيض

بطاقة التخفيض المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية التاريخ 14/3/1425هـ السؤال عندي سؤال من أحد أصحابي: (وهو صاحب محل) السؤال هو: أن إحدى الشركات قدمت له عرضاً أن يوزع لهم بطاقات تمنح صاحبها خصماً من بعض الشركات، ويجب أن تكون الشركة مساهمة في هذه الخدمة، وتتفاوت بعض الخصومات من شركة إلى أخرى. كيفية الاشتراك: يكون عن طريق شراء هذه البطاقة، وتكون مدتها سنة واحدة, وإذا انتهت تنتهي صلاحيتها سواء استفدت منها أو لم تستخدمها البتة، وتكون النسب في الخصم تختلف من شركة إلى شركة أُخرى. مثال: لنفرض أني استأجرت سيارة بشرط أن تكون هذه الشركة مساهمة في هذه الخدمة، وتعطيني خصم ما بين 5 % إلى 40%، وبعض الشركات الأُخرى يكون الخصم من 10% إلى 20%، وهكذا. فما هو الحكم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وآله وصحبه، وبعد: البطاقة المشار إليها تسمى بطاقة التخفيض، وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في حكمها، فهناك من يرى منعها؛ لأنها من باب الغرر والميسر؛ إذ يدفع المشترك ثمن البطاقة، ولا يدري هل ينتفع بها أو لا، فهو متردد بين الغنم والغرم. وهناك من يرى جوازها نظراً إلى أن ثمن الاشتراك مقابل وساطة مصدر البطاقة لدى المحل وإقناعه بالتخفيض للمشتري، فهي أجرة على عمل. (انظر: الحوافز التجارية، خالد المصلح، ص179-192) ، والأظهر والله أعلم التفصيل، وذلك أنه لا حرج شرعاً أن يقول شخص لآخر: احصل لي على تخفيض من المحل الفلاني، ولك كذا، وقد نص الإمام أحمد على جواز أن يقول الرجل لآخر: اقترض لي من فلان مائة ولك عشرة (المغني، دار هجر، 6/441) . فإذا جاز العوض مقابل التوسط للحصول على القرض، فالعوض مقابل التوسط للحصول على التخفيض أولى بالجواز.

وهدف بطاقة التخفيض هو تحقيق مصالح الأطراف الثلاثة: التاجر والمشترك والوسيط. فالتاجر ينتفع بتسويق بضاعته، والمشترك ينتفع بالتخفيض، والوسيط بالاشتراك، وإنما نشأ الإشكال من جهة أن المشترك قد يشتري، وقد لا يشتري، فإن اشترى تحققت المصلحة، وإلا خسر هو قيمة الاشتراك، وخسر التاجر أيضاً إن كان قد دفع مبلغاً محدداً للوسيط. وهذا التردد أورث شبهة الغرر. لكن ليس كل ما تردد بين الغنم والغرم، أو بين الانتفاع وبين الخسارة يدخل في باب الغرر الممنوع، ففي بيع العربون يتردد المشتري بين أن يملك السلعة وينتفع بها، وبين أن يغرم إذا لم يشترها ويخسر العربون، وهو مع ذلك جائز عند الإمام أحمد وجمع من السلف، وذلك أن الهدف من العربون ليس المقامرة، وإنما الانتفاع بالسلعة، والتردد بين إمضاء الشراء وعدمه راجع للمشتري، وليس معتمداً على الحظ أو ما لا يتحقق غالباً. وحقيقة الغرر المحرم أنه معاوضة احتمالية نتيجتها انتفاع أحد الطرفين على حساب الآخر، فإن كانت المعاملة تحتمل انتفاع كلا الطرفين، وتحتمل مع ذلك انتفاع أحدهما وخسارة الآخر، أي أن المعاملة تحتمل الغرر وتحتمل عدمه، فينظر في احتمال كل واحد من الأمرين. فإن كان الغالب هو انتفاع الطرفين، وهذا هو مقصود المعاملة، فهي جائزة، ويغتفر ما فيها من الغرر، وهذا هو ضابط الغرر اليسير الذي نص عليه الفقهاء. أما إن كان احتمال انتفاع أحدهما وخسارة الآخر هو الغالب، وهو مقصود الطرفين، فهذا من الغرر الفاحش الذي لا يغتفر. وشراء بطاقة التخفيض معاملة تحتمل انتفاع الطرفين: المصدر والمشترك. وتحتمل مع ذلك انتفاع المصدر وخسارة المشترك. فإن كان المشترك يحتاج غالباً للسلع محل التخفيض، وينتفع بحصول التخفيض على أسعارها، فالغالب في هذه الحالة هو انتفاع الطرفين، فيغتفر ما فيها من الغرر؛ لأنه من اليسير المعفو عنه. فشراء البطاقة في هذه الحالة لا حرج فيه -إن شاء الله-.

أما إن كان الغالب أنه لا يحتاج لهذه السلع فالشراء في هذه الحالة ممنوع؛ لدخوله في الغرر الكثير، وهو من باب إضاعة المال المحرم شرعاً. وهكذا القول في علاقة التاجر بمصدر البطاقة. وينبغي التحذير من بطاقات التخفيض الوهمية التي تغري المشترك بالتخفيض، لكنها لا تحقق منه شيئا، ً ويرفض التاجر قبولها أو تقديم التخفيض المتفق عليه، فهذا من الغش والخداع وأكل المال بالباطل. والله أعلم، وهو الموفق للصواب.

الخيار في البيع

البيع بشرط الخيار المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية المعاملات/ البيوع/الخيار في البيع التاريخ 26/10/1424هـ السؤال هل الشرط عند الشراء جائز؟ صورتها: يشتري تاجر سلعة ما، ويشترط على البائع أن يكون له شرط الإرجاع خلال أسبوع أو أكثر، فهل هذا البيع جائز؟ الجواب البيع بشرط الخيار جائز بالإجماع، والصورة المذكورة جائزة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

البيع بالتصريف

البيع بالتصريف المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/الخيار في البيع التاريخ 02/04/1427هـ السؤال ما الحكم الشرعي في مسألة بيع التصريف المنتشر في الآونة الأخيرة، وهل يدرج من البيوع الفاسدة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم إذا كان المقصود ببيع التصريف في السؤال هو ما يضعه المنتج (شركة أو مصنع ونحوهما) عند التاجر ليقوم ببيعه فإن باعه وإلا فإن التاجر يقوم بإرجاع السلعة إلى المنتج، إذا كان هذا هو المقصود في السؤال فإن هذا البيع يمكن تخريجه على إحدى ثلاث مسائل ـ وذلك بحسب طبيعة العقد الذي تمّ بين المنتج والتاجر ـ: المسألة الأولى: الشروط في البيع، وذلك لأن البائع (المنتج) باع المشتري (التاجر) هذه السلعة واشترط المشتري فيها شرطاً وهو أنه إن نفق (تم بيعه) وإلا رده المشتري على البائع، وهذا يسمى عند الفقهاء الشرط المنافي لمقتضى العقد، والمسألة عموماً فيها خلاف طويل بين الفقهاء، فإذا اشترط شرطاً واحداً مخالفاً لمقتضى العقد: فالجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن أحمد على بطلان الشرط والعقد، والمذهب عند الحنابلة على بطلان الشرط دون العقد، ورواية عن أحمد اختارها ابن تيمية وابن القيم صحة العقد والشرط في جملة من المسائل التي يمنعها كثير من الفقهاء لأن فيها شروطاً تخالف مقتضى العقد؛ ما لم تتضمن تلك الشروط محرماً كالظلم والربا والغرر، وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم" رواه البخاري تعليقاً بهذا اللفظ، في كتاب الإجارة باب أجر السمسرة، ورواه أبو داود (3594) ، والترمذي (1352) بلفظ: "على شروطهم". وقد انتصر شيخ الإسلام ابن تيمية لهذا القول في عدة مواضع من كتبه، ومنها: ما في مجموع الفتاوى (29/126ـ180) .

المسألة الثانية التي يمكن إرجاع هذا البيع إليها: هي البيع مع اشتراط الخيار مدة معلومة أكثر من المدة المتوقعة لتسويق السلعة، فعلى سبيل المثال: إذا افترضنا أن التاجر اشترى اللبن من شركة الألبان وكان اللبن يفسد في ستة أيام فإنه يشتري اللبن مع اشتراط الخيار سبعة أيام، وفي هذه الحال يجوز بيع اللبن لأنه ملكه وإذا انتهت المدة ولم يبع اللبن فإنه يجوز له أن يرجع اللبن إلى الشركة لأنه اشترط على الشركة ذلك، والقول بجواز الشرط وإن كان المبيع يفسد في مدة الشرط قول بعض الحنابلة. وهذه المسألة هي الأنسب لهذا البيع، ويشترط لها تحديد مدة الخيار، سواء أكان التحديد مذكوراً في العقد، أو معروفاً عرفاً، كموعد إرجاع الألبان والصحف والمجلات ونحوها. المسألة الثالثة: أن يوكل المنتج التاجر في بيع هذه السلعة، ويأخذ التاجر على بيع هذه السلعة نسبة معينة، وهي أجرة تسويقه لهذه السلعة. وباختصار لعل الأقرب أن يكون البيع بالتصريف بيع مع اشتراط الخيار، وعلى ذلك فيراعى حين العقد الأحكام الشرعية المتعلقة بخيار الشرط. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

المراد بخيار المجلس

المراد بخيار المجلس المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/الخيار في البيع التاريخ 09/07/1426هـ السؤال أحب أن أعرف المراد بخيار المجلس، وحبذا لو ذكرتم أحكامه على المذاهب الأربعة. الجواب الخيار: الأخذ بخير الأمرين من الإمضاء أو الفسخ، سواء كان للبائع أو للمشتري والمجلس هو مكان التبايع، حتى لو وقع العقد وهما قائمان أو مضطجعان فإن الخيار يكون لهما، وخيار المجلس يثبت في البيع، لحديث "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" رواه البخاري (2110) ، ومسلم (1532) من حديث حكيم بن حزام، وكذا يثبت في الصلح والإجارة والصرف والسلم دون بقية العقود. ويجب خيار المجلس لكل واحد من البائع والمشتري ما داما في المجلس مالم يتفرقا، فإن تفرقا فالعقد لازم ولا خيار، والتفرق إنما يكون بالأبدان لا بالأقوال وإن أسقطاه سقط، وإن أثبتا الخيار لأحدهما دون الآخر ثبت له الخيار ولا خيار للآخر، وإذا تفرقا كان العقد لازماً، ولا يجوز الفسخ إلا بالتراضي بينهما. وأما طلب السائل أحكام خيار مجلس على المذاهب الأربعة فهذا لا مصلحة له فيه، فإن اللازم في حق المسلم سؤال أهل الذكر؛ لقوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [النحل: 43] ويوم القيامة يقال: ماذا أجبتم المرسلين، وعلى هذا فطالب العلم الشرعي يجب أن يأخذ بما صح فيه الدليل وغيره يلتزم بفتوى من استفتاه ولا يجاوزه إلى غيره؛ لأن تتبع الرخص مذموم محرم كما نبه إلى ذلك غير واحد من أهل العلم.

مسائل متفرقة

بيع تأشيرات الحج المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 1/6/1422 السؤال ما حكم بيع تأشيرات الحج التي تستخرج بشِقّ الأنفس؟ الجواب لا يجوز للإنسان أن يأخذ تأشيرة لنفسه وهو لا يريد الحج، فإن أخذ تأشيرة لنفسه وهو يريد الحج ثم عدل عن ذلك، فليس له أن يبيعها إلا بنفس التكلفة التي بذلها في سبيل الحصول عليها. ومعنى ذلك أنه لا يجوز أن تتخذ تأشيرات الحج تجارة يستغلّ بها ضعفاء المسلمين والحريصين على الحج، بل ينبغي للمسلم أن يكون معيناً على الخير، وأن يساعد إخوانه المسلمين لا أن يستغلهم والله أعلم.

التجارة الإلكترونية

التجارة الإلكترونية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 5/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود أن أسأل عن حكم البيع بالإنترنت أو ما يسمى بالتجارة الإلكترونية وأود لو تزودوني مشكورين بأسماء كتب أو مواقع إلكترونية عن هذا الموضوع. وجزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام - على من لا نبي بعده، وبعد: البيع عن طريق الإنترنت كالبيع عن طريق وسائل الاتصال المعاصرة الأخرى: كالهاتف والفاكس، والتلكس، ونحوها، وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 52 بصحة التعاقد إذا التقى الإيجاب والقبول، وللسائل الرجوع إلى مجلة المجمع، العدد السادس ج1، لمزيد من الدراسات حول الموضوع، والأصل المقرر أن البيع ينعقد بما دل عليه، وليس هناك صيغة محددة للبيع، كما أن الأصل في المعاملات الحل، ولا يحرم منها شيء إلا بدليل. والله أعلم.

الشراء والتسلسل الهرمي

الشراء والتسلسل الهرمي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 16/1/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود استشارة فضيلتكم في مسألة: توجد شركة إنتاج إعلامي إسلامية تعرض مجموعات من شرائط الكاسيت والاسطوانات بقيمة (100) جنيه، وعندما تشتري منها تسجل رقماً فإذا أقنع المشتري مشتر آخر ليشتري مجموعة بقدر (100) جنيه فإن الداعي يأخذ عمولة (12%) وإذا أحضر الذي دعاه فرداً جديداً يشتري يأخذ الأول نسبة (8%) عن الثاني أي حلقة متسلسلة وهكذا كلما أتى فرد جديد يأخذ المشتري للأول نسبة ما، فهل يجوز للمرء ترويج هذه الفكرة؟ علماً بأن المنتجات كلها إسلامية، كما أن المشتري يأخذ عمولة بدون شرط، أي: لا يشترط إتيانه بعدد معين. لمزيد من التفاصيل عن مدار النور اضغط على الرابط http://www.elnoor.com/mdar الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: هذا البرنامج يشترط للتسويق أن يتم شراء منتجات الشركة، وبدون شراء المنتجات لا يستحق الشخص العمولات، وهذا اشتراط لعقد الشراء في عقد السمسرة، ومعلوم أن السمسار لا يهدف أساساً لشراء المنتجات التي يسوقها، بل هو مجرد سمسار، ولذلك فإن هذا الشرط ينافي مصلحة المسوق، فيكون داخلاً في النهي النبوي عن بيعتين في بيعة.

وحقيقة الأمر أن اشتراط الشراء في السمسرة، يعني: أن من يرغب في السمسرة لا بد أن يدفع مالاً لكي يسوق، وهو يسوق لكي يحصل على عمولات من الشركة المنتجة، فيؤول الأمر إلى أن يدفع المسوق نقوداً للشركة مقابل نقود لا يدري هل يحصل عليها أم لا، فهو بهذا عقد غرر من جهة، وربا من جهة أخرى، فإذا أرادت الشركة تجنب هذه الإشكالات يجب ألا تشترط شراء المنتجات على من يريد التسويق، فمن يرغب في الشراء فقط يمكنه الشراء، ومن يرغب في التسويق فقط يمكنه التسويق دون دفع أي رسوم أو مبالغ مالية، حتى لو كانت مقابل المنتجات، والعلم عند الله تعالى.

البدائل الشرعية للقرض الربوي

البدائل الشرعية للقرض الربوي المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 27/6/1424هـ السؤال قرأت هذا المقطع في أحد المواقع، وفي نفسي منه شيء، أرجو توضيح الأمر في كل هذه الصور، ولكم جزيل الشكر والتقدير، البديل الإسلامي للتمويل العقاري من الممكن أن تتم عملية التمويل العقاري في صورة بيع بالتقسيط ورهن العقار بالثمن، ويتم ذلك في اتفاقية واحدة بأن يشتري المقترض - بنكًا أو شركة من شركات التمويل العقاري - الوحدة السكنية من البائع ويسلم له الثمن، ثم في نفس الاتفاقية يبيع الوحدة إلى المشتري بالأجل على أقساط، وبثمن يزيد على ثمن الشراء مع تعهد المشتري برهن الوحدة لصالح الممول البائع ضمانًا لسداد الثمن، من الممكن أن تتم عملية التمويل العقاري في صورة تأجير تمويلي تتضمنها اتفاقية تنص على أن يشتري الممول العقار من البائع، ويؤجره للعميل في صورة عقد تأجير تمويلي مقابل أقساط، يراعى في تحديدها بجانب تغطية مقابل الانتفاع استرداد الممول لثمن العقار، وبحيث يمتلك العميل العقار في نهاية المدة، ويسمّى هذا في الشريعة الإسلامية "الإجارة المنتهية بالتمليك"، ومن الممكن أن يتم التمويل في إطار عقد "الاستصناع" المعروف في الشريعة الإسلامية؛ حيث يقوم على طلب شخص من شخص آخر إنشاء مبنى أو صناعة شيء مقابل ثمن معين دون شرط تعجيل الثمن، بل يجوز تأجيله بأقساط يتفق عليها. الجواب الصور التي ذكرها السائل هي بدائل شرعية للاقتراض بفائدة من البنوك الربوية.

فالصورة الأولى تسمى ببيع المرابحة للآمر بالشراء، وتقوم على أساس أن الراغب في شراء سلعة أو عقار ما يبدي رغبته للممول الذي هو البنك أو شخص ثالث - سواء كان فرداً أو شركة أو غير ذلك - في أن يشتري شيئاً معيناً أو محدداً بأوصاف يذكرها، ثم يقوم الممول بشرائه من المالك الأصلي، وبعد حيازته يقوم ببيعه بعقد مستقل على الآمر بالشراء، وهو العميل بثمن مؤجل يناسب قدرته المالية، وحيث إن الثمن دين في ذمة المشتري مؤجل إلى أقساط محددة فإن البائع يقوم برهن هذا العقار وفاء بهذا الدين، وهذه الصورة جائزة بالشكل المذكور، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي يبين جواز هذه الصورة. أما الصورة الثانية فهي: الإجارة المنتهية بالتمليك، وهذه الصورة ظهرت نتيجة تطوير الصورة السابقة، وذلك لأن الممول الذي اشترى العقار أو السلعة يريد أن يضمن حقه أكثر فيجعل العقار باسمه ويؤجره على العميل الذي أمره بالشراء بأقساط سنوية تكون مرتفعة حتى تناسب القسط، وعند انتهاء الأقساط يقوم البائع وهو المؤجر بتمليك العقار للمستأجر وهو المشتري. وهذه الصورة حصل خلاف في جوازها بين الفقهاء المعاصرين ويرى الكثير منهم عدم صحتها شرعاً، لأنها لا تتفق مع المقاصد الشرعية للمعاملات، فهي تحتوي على ظلم المستأجر، ذلك أن المستأجر لو لم يستطع سداد بعض الأقساط لترتب على ذلك ضياع حقه، وفي ذلك ظلم عليه، والذي يظهر لي أن هذه الصورة لا تختلف في حقيقة الأمر عن الصورة السابقة، فهي بيع مرابحة، وتنطبق عليها أحكامه وشروطه، وإن سميت بالإجارة المنتهية بالتمليك، إذ العبرة في العقود بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني كما هي القاعدة الشرعية، وعلى ذلك فإن التعامل بينهما يخضع لأحكام عقد البيع، وتكون العلاقة بينهما علاقة بيع مع رهن السلعة كما هو الشأن في الصورة الأولى.

أما الصورة الثالثة فهي عقد الاستصناع، وهو من العقود الجائزة شرعاً عند جمهور الفقهاء، وصفته في مثال التمويل العقاري أن يتفق المالك للأرض مع شركة مقاولات على أن تقوم ببناء الأرض وفق مخطط معين، وتكون المواد على الشركة وهو يقوم بعد ذلك بسداد القيمة على أقساط يتفق عليها مع الشركة. وهذه الصورة جائزة إذا تمت شروطها الشرعية، وهي من البدائل المناسبة للربا المحرم، والله أعلم.

تقاضي عمولة على تجارة الإلكترونيات

تقاضي عمولة على تجارة الإلكترونيات المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 24/1/1424هـ السؤال هل يجوز العمل لمصلحة شركات التجارة الإلكترونية كموزع لاشتراكاتها وخدماتها وتقاضي عمولة على ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: إذا كان مجال عمل هذه الشركات مشروعاً وخالياً من المحرمات، فالعمل موزعاً لها مشروع، وإذا كان مجالها يختلط فيه الحلال بالحرام، فالعمل لها يخضع لأمور: 1- الغالب على نشاطها فإن كان الغالب هو الحرام فالعمل فيها محرم، وإن كان الغالب هو الحلال فلا بأس بالعمل مع مراعاة الشرطين الآخرين، وهما:1- نية الإصلاح والتغيير للمنكرات والمحرمات التي تشوب نشاط الشركة، ولا يضر إن كان التغيير يأخذ وقتاً، فالإصلاح لا يتأتى بين عشية وضحاها.2- عدم وجود فرص أفضل بعيدة عن الحرام. فإذا اجتمعت هذه الاعتبارات، بحيث كان الغالب على نشاط الشركة هو الحل، وكانت نية العامل هي التغيير والإصلاح لما يراه من المنكرات قدر الإمكان وعدم الرضا عنها، ولم توجد فرصة أفضل، فلا حرج إن شاء الله من العمل فيها، وذلك أن العمل واجب لكي يستغني المرء عن الاحتياج للناس، ولكي يعف نفسه وأهله ومن يعولهم، فقد ثبت أن رجلاً مر على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فرأوا من جلده ونشاطه ما أعجبهم، فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان" (صحيح الجامع 1/301) .

وإذا كان السعي لكسب الرزق بهذه النية في سبيل الله، فهو مصلحة مطلوبة شرعاً إلا إذا عارضتها مفسدة أعظم منها، وإذا أخذت الشروط السابقة في الاعتبار، كانت مفسدة المنكرات التي تشوب العمل أقل إن شاء الله مما فيه من المصالح، والله تعالى أعلم.

تحديد الربح في التجارة

تحديد الربح في التجارة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 3/2/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما هو حكم زيادة سعر سلعة معينة؛ لأنها متوفرة فقط في ذلك المعرض؟ مع العلم أن سعرها عالمياً أقل مما هي معروضة به لدى هذا المعرض. وهل هناك نسبة للربح نص عليها الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أنه لا مانع من زيادة السعر في سلعة ما لم تكن طعاماً فيدخل في الاحتكار المنهي عنه، لكن ينبغي ألا يخرج في زيادته عن السعر المعتاد، فيدخل في الغبن الذي يكون للمشتري فيه الخيار بعد ثبوت البيع، وقد حدده بعض أهل العلم بالثلث؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (1296) ، ومسلم (1628) :"الثلث؛ والثلث كثير" وهذا كما أسلفت على رأي بعض أهل العلم. هذا ولا يظهر لي -والعلم عند الله تعالى- نسبة محددة للربح لا يجوز تجاوزها؛ لأن الإنسان قد يشتري سلعة برخص، فيبيعها بضعف ما اشتراها به، أو ينتظر فيها حلول وقتها المناسب لها فيبيعها بربح كثير، وقد روى البخاري (3641) وأبو داود في سننه (3384) "عن عروة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه ديناراً ليشتري له به شاة، فاشترى به شاتين فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه. وكان لو اشترى التراب لربح فيه". فهذا الحديث فيه: أن عروة ربح الضعف، حيث باع إحدى الشاتين بدينار، وكان قد اشترى به شاتين: فربح في نصف الدينار مثله، وقد أقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على فعله ودعا له بالبركة، والله أعلم.

هل يجوز أن يربح في السلعة أضعاف قيمتها؟

هل يجوز أن يربح في السلعة أضعاف قيمتها؟ المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 29/10/1424هـ السؤال سؤالي عن قيمة الفائدة في البيع، وهل تقدر بالثلث؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أجمع أهل العلم من الأئمة الأربعة على أن الإنسان ليس له قيمة معينة في ربحه، فله أن يربح (100%) أو أقل أو أكثر، إلا أن المالكية والحنابلة قالوا في حق من اشترى ولم يعلم السعر لا يجوز أن يغبن، ومن غبن فله حق الخيار، وقدره المالكية وبعض الحنابلة بالثلث، فإن زاد المال على الثلث فله حق الخيار، وذهب ابن قدامة على أن القيمة الفاحشة عرفاً قد تقدر بالثلث أو أقل أو أكثر على حسب ما تعارف الناس عليه، والغبن يحصل للذي لا يحسن أن يماكس، أي الذي لا يعرف أن يشتري، أو لا يعرف قيمة السلعة، وقاسوه على الذي يتلقاه الركبان، والله أعلم.

تصفية أرباح أموال التشغيل

تصفية أرباح أموال التشغيل المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 25/12/1423هـ السؤال سؤالي عن أموال التشغيل. أنا أعمل في محل قد استأجرته من والدتي وعندما بدأت العمل به أخذت بعض الأموال للتشغيل من بعض الناس لكي أستطيع فتح المحل وبدء التجارة الآن أريد أن أعرف بعد أن أخرج الربح الصافي من المصاريف المتعلقة بالعمل هل أخرج من الأرباح ما يلي: (1) ضريبة الدخل والضرائب الأخرى المتعلقة بالمحل، مع العلم أنه إذا كان المحل مغلقاً لا تلحقه ضرائب. (2) الديون المعدومة المتعلقة بالتجارة في المحل وكل ما يتعلق به. (3) راتب لي لقاء قيامي بالعمل. (4) خسائر البضائع القديمة. (5) ضريبة اهتلاك لديكورات المحل وأثاثه. (6) رواتب للموظفين العاملين في هذه التجارة في المحل. وإذا كان المال المدفوع للتشغيل يعادل نسبة (40%) مثلاً من قيمة رأس المال هل يوزع الربح على أموال التشغيل بعد خصم نسبة (60%) أم يوزع على كامل المبلغ؟ يعني مثلاً إذا كان الربح 100000 هل نوزع 40000 فقط على أموال التشغيل أم توزع النسبة على كامل رأس المال؟ وجزاكم الله عنا كل خير وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: (1) فيما يتعلق بالضرائب (سواء ضريبة الدخل أو ضريبة الاهتلاك) فيجب الرجوع إلى الأنظمة المتعلقة بها لتحديد كيفية إخراجها. لكنها تعتبر من التكاليف التي يجب دفعها قبل التوصل لصافي الربح. (2) الديون المعدومة تخصم من الإيرادات باعتبارها نوعاً من الخسارة. (3) لا ينبغي أن تأخذ راتباً لأنك تعمل بمثابة المضارب، وإنما تأخذ نسبة من صافي الأرباح. (4) خسائر البضائع القديمة تخصم من الإيرادات. (5) تخصم رواتب الموظفين من الإيرادات كذلك.

وبناء على ذلك، يجب أن تخصم الديون المعدومة، وخسائر البضائع، ورواتب الموظفين، والضرائب حسب النظام، لتحصل على صافي الربح. ثم تحتجز من صافي الربح النسبة التي تعادل حصتك من رأس المال، وبعد ذلك يتم توزيع باقي الربح بينك وبين المستثمرين أو أصحاب المال حسب النسبة المحددة سلفاً بينك وبينهم. وإذا لم يتم تحديد نسبة فالأصل المناصفة، أي تحصل على (50%) من صافي الربح الناتج من أموالهم، وهم يحصلون على الـ (50%) الأخرى. وإذا كانت أموال المستثمرين تعادل (40%) من رأس المال، والباقي منك أنت، فيتم توزيع صافي الربح الناتج عن إجمالي رأس المال كالتالي: 60% من الربح لك أنت مقابل حصتك من رأس المال. 20% من الربح لك مقابل العمل. (50% × 40% = 20%) 20% من الربح للمستثمرين. هذا إذا لم يتم تحديد حصتك من الربح مقابل العمل، لكن إذا تم الاتفاق بينك وبين المستثمرين على نسبة محددة، فتخصم هذه النسبة من المتبقي من صافي الربح بعد خصم (60%) الخاصة بحصتك من رأس المال. مثلاً إذا اتفقت مع المستثمرين على أن يكون لك (70%) من ربح أموالهم، فيتم توزيع صافي الربح الناتج من إجمالي رأس المال كالتالي: 60% من صافي الربح لك مقابل حصتك من رأس المال. 28% من صافي الربح لك مقابل العمل. (70% ×40% = 28%) 12% من صافي الربح للمستثمرين. (30% × 40% = 12%) ، والعلم عند الله تعالى.

حكم بيع العربون

حكم بيع العربون المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 5/1/1424هـ السؤال السلام عليكم. ما هو حكم العربون في الإسلام؟ أي إذا تم الاتفاق على شراء شيء ما ودفع العربون عنه وبعد مدة ليست بالقصيرة أحد المتفقين عاد من الاتفاق هل يعود العربون للشاري أم يكون من حق البائع؟ مع العلم أنه وقع ضرر، ولكنه ليس كبير. وجزاكم الله خيراً. الجواب العربون لا بأس به وهو الصواب، وهو مذهب الإمام أحمد أنه لا بأس به، والعربون يكون للبائع هذا هو الصواب؛ لقول الله - عز وجل- "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] ، الأصل في المعاملات الحل، البائع يستحق العربون مقابل حبس السلعة في هذا الزمن عن التصرف.

فتح مكتب للاستقدام

فتح مكتب للاستقدام المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 20/7/1424هـ السؤال أنوي فتح مكتب لاستقدام العمالة، فهل يجوز ذلك؟ علماً أن المكتب قد يستقبل غير المسلمين بناء على طلب الزبائن، وما هي نصيحتكم لي في ذلك؟. الجواب لا مانع من افتتاحك مكتباً للاستقدام، ولكن عليك النصح في اختيار العمالة المسلمة أولاً، ثم النصح للعاملين معك في داخل المملكة وخارجها، ونصحهم بتفضيل العمالة المسلمة على غيرها، وإن اضطررت إلى جلب عمالة غير مسلمة فاحرص على نصيحتهم عند قدومهم، ونصيحة كفلائهم بأن يعاملوهم معاملة حسنة، فيعرفونهم بالإسلام ويحببونه إليهم، من خلال الكتاب والشريط والقدوة الحسنة، عسى الله أن يهديهم على أيديهم، وإن حصل ذلك فلك من الأجر مثله، ولتعلم أن دخولهم جزيرة العرب جائز ما دام بعهد وأمان وحاجة المسلمين إليهم، فلا حرج حينئذٍ، وأذكرك مرة أخرى بأن تحرص على استقدام العمالة المسلمة المدربة فهي خير من العمالة السائبة التي لا خبرة لها، وعليك أن تشير على من يأتي لمكتبك لغرض الاستقدام، وأن تنصحه باستقدام المرأة مع زوجها إن كان ولا بد مستقدماً، والله الهادي إلى سواء السبيل.

شراء الأرض الموقوفة

شراء الأرض الموقوفة المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 16/12/1424هـ السؤال اشتريت قطعة أرض وقف من الجهة المسؤولة عن الوقف، وبنيت عليها منزلاً بقرض مصرفي بفوائد فما الحكم؟ مع ملاحظة أنني من ذوي الدخل المحدود. الجواب الذي اشترى أرضاً وقفية وبنى عليها بقرض ربوي يسأل عن حكم ذلك، أي حكم شراء أرض الوقف، وعن حكم القرض، وعن حكم سكنى هذه الدار التي بنيت على أرض وقف وبقرض ربوي. أما الجواب عن شراء هذه الأرض، فاعلم أيها السائل أنه لا يجوز بيع الوقف إلا في حالة استبداله بما هو أصلح وأنفع منه، أو كانت الأرض بحالة لا ينتفع منها أهل الوقف بشيء، كما لو باع جزءاً من الأرض ليعمر به الباقي. ففي مثل هذه الحالات يجوز بيعه، ولا يتولى بيع الوقف في هذه الحالة إلا الحاكم وهو القاضي؛ لأن بيع الوقف فسخ لعقد لازم مختلف فيه اختلافاً قوياً، فيتوقف بيعه على الحاكم، ولا يجوز شراؤه إلا في هذه الحالة وما في معناها، وإلا فالمشتري معين على الظلم، وهو آثم، والله - سبحانه وتعالى- يقول في شأن استبدال الوصايا والأوقاف:" فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم" [البقرة: 181] . فإن وقع الشراء في غير الحالة التي أشرنا إليها، فالعقد باطل، ويجب عليه إعادة المبيع واسترداد الثمن، وإلا فالمشتري سكن في أرض لا يجوز له سكناها، أشبه ما يكون بالأرض المغصوبة ولا تبرأ الذمة، ولا يخرج عن الإثم إلا بعد إعادتها إلى أصحابها، ولا يعيدها إلى من اشتراها منه إذا كان ممن يخون الأمانة، وأهل الوقف إما أن يعوضوا السائل عن المباني، أو هو مسؤول عن إزالتها، والله أعلم. ولأجل أن يسلم من الإثم أو التعسف ممن اشتراها منه، يعرض الموضوع على ذوي الفضل من القضاة فيرشدونه إلى السبيل التي تخلصه من الإثم.

وأما إقراضه من البنك بالفائدة، فهذا لا يجوز له، وكونه من ذوي الدخل المحدود لا يبيح الإعانة على الربا، فليتب إلى الله وليستغفره. وأما السكن في هذا البناء، فإن اشتراها على الوجه المشروع، وإلا فلا يجوز له سكناها، والله أعلم.

إبدال سلعة قديمة بجديدة

إبدال سلعة قديمة بجديدة المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 8/9/1423هـ السؤال ما حكم إبدال سلعة قديمة بجديدة، مع دفع الفرق؟ الجواب الأصل في استبدال سلعة بسلعة مع دفع فرق أو بدون فرق الجواز، إلا إذا كانت السلعة من الأموال الربوية وتستبدل بجنسها فإنه في هذه الحالة يلزم التماثل والتقابض، أما ما عدا ذلك فعلى الجواز.

بيع السلع قبل قبضها

بيع السلع قبل قبضها المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 22/8/1424هـ السؤال لقد طلبت من أحد البنوك شراء سيارة لكي أبيعها وأستفيد بثمنها، فطلب البنك مني التوقيع على الاتفاقية قبل أن يمتلك السيارة، فوافقت وصدرت الموافقة بشراء السيارة، ولكني سمعت أن ذلك حرام فطلبت التراجع عن البيع، ولكن البنك أخذ يماطلني ويقول: إنني سوف أتكلف مبلغاً كبيراً من المال عند التراجع، هل هذه البيعة حرام؟ وما درجة حرمتها، وما هي الكفارة إذا تمت البيعة؟ الجواب هذا العقد بهذه الطريقة محرم وذلك للآتي: (1) لأنه باع ما لا يملك. (2) أن إجراء العقد الأول قبل الثاني بهذه الصورة حيلة على الربا، فالعقد في هذه الحالة عقد ربوي محرَّم. والواجب عليك فسخ العقد، فإن لم تستطع فعليك التوبة إلى الله -سبحانه- وعدم العودة إلى ذلك مرة ثانية، وإجراء مثل هذا العقد في المرات القادمة بصيغة شرعية عند جهات موثوقة، فالواجب عليك التوبة؛ لأن هذا مما قد يخفى على عموم العامة، خاصة مع ما يصدر من مثل البنوك الربوية من تضليل للناس وإخفاء لحقائق العقود، والله الموفق.

رد المبيع بعد استعماله

رد المبيع بعد استعماله المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 7/2/1423 السؤال في غالبية محلات الملابس هنا في أمريكا عندما تشتري بضاعة تستطيع إرجاعها ما دامت الفاتورة معك، سواء يوم أو شهر أو سنة، ويرجعون لك نقودك كاملة لا زيادة ولا نقصان حتى لو كنت لبست الثوب مع علمهم بذلك، أهم شيء الفاتورة معك وورقة الثوب (السعر ورقم البضاعة) معك سواء ملصقة في الثوب أو مقطوعة منه، هل يجوز لي شراء الملابس ولبسها وإرجاعها لهم؟ مع العلم أن صاحب المحل يعلم ذلك وراضٍ، ومكتوب خلف الفاتورة: يحق للمشتري إرجاع البضاعة ما دامت الفاتورة معه. الجواب إذا كان المشتري اشتراها أي الملابس بقصد تملكها وبقائها عنده ثم بدا له إرجاعها فهذا يجوز حتى بعد اللبس؛ لأن صاحب المحل رضي بذلك حسب العقد أو العرف الذي ذكر في السؤال. وأما إن كان المشتري من حين اشتراها وهو قاصد أن يلبسها مدة من الزمن ثم يرجعها فهذا لا يجوز، إلاّ إن كان صاحب المحل يرضى بذلك، أي يرضى حتى لو كان المشتري عازماً من الأصل على إرجاعها، والله الموفق.

بيع عمارة جزء منها وقف

بيع عمارة جزء منها وقف المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 7/1/1424هـ السؤال رجل توفي وترك عمارة فيها أربع شقق وأوصى قبل وفاته بأن تكون له بعد وفاته شقة واحدة وقف من العمارة، والآن يريد الورثة بيع العمارة للحاجة فكيف يتصرفون؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله التوفيق والسداد، الوقف من الأمور الشرعية التي حث الإسلام على عدم التفريط فيها، بل أوجب المحافظة عليه واستثماره في الوجوه التي أوقف من أجلها، لذلك لابد من المحافظة على هذه الشقة الموقوفة، وإن كان لابد من بيع العمارة فإما أن يعرض على المشتري استثناء هذه الشقة من البيع، وتبقى وقفاً على صاحبها وتستثمر لصالح الجهة الموقوفة لها. وإذا تعذر الاستثناء من البيع؛ وبيعت العمارة كاملة فيلزم - شرعاً - الورثة أن يشتروا شقة أخرى بثمن الشقة الموقوفة، لتكون وقفاً على الجهة التي حددها الواقف في وصيته، ولا يجوز التفريط بثمن الشقة، ولا استعماله في أي شيء آخر يمكن أن يؤدي إلى ضياع الثمن، فلابد من شراء شقة عوضاً عن الشقة المباعة، ومن يفرط بهذا الوقف عليه الوزر الكبير والذنب العظيم الذي توعد الله به عباده المقصرين. والله أعلم بالصواب.

تصنيع أكعب الأحذية النسائية

تصنيع أكعب الأحذية النسائية المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 14/2/1424هـ السؤال أملك مصنعاً لإنتاج أكعب الأحذية النسائية وسمعت من بعض الإخوة أن هناك شبهة في هذا الأمر، فهل يجوز شرعاً تصنيع وبيع أكعب الأحذية النسائية مهما اختلفت أطوالها وأشكالها؟ الجواب أرى ألا حرج عليك في هذا، ولكن عليك أن تبتعد عن تصنيع ما فيه تشبه المرأة بالرجال، أو بمن لا يجوز للمسلمة التشبه بهم، وكذلك الأكعب التي تحتوي على مواد صلبة لها صوت صارخ يلفت النظر إلى المرأة وهي تمشي، ويحرك دواعي الرجال نحوها، فإن ذلك مما ينافي ستر المرأة وحفاظها على زينتها عن الرجال الأجانب، وقد نهى الله عن ذلك "ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن" [النور: 31] .

المتاجرة بتأشيرات العمل

المتاجرة بتأشيرات العمل المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 27/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود أن أسأل عن الفيزة، حيث إنها تؤخذ من الدولة بألفي ريال، وتتفق أنت ومن يشتريها على مبلغ معين قد يصل إلى السبعة آلاف، راجياًَ من الله إفادتي وإعلامي بالشيخ الذي سيجيب عن سؤالي، تحياتي لكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: لا يجوز ممارسة هذا العمل لوجوب طاعة ولي الأمر من جهة، ولأنه متاجرة بحقوق لم يقصد الاتجار بها، بل قصد الانتفاع منها في دعم النشاط الاقتصادي الذي ينفع الناس. والله أعلم.

شراء صكوك التعويضات المالية

شراء صكوك التعويضات المالية المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 13/5/1424هـ السؤال سبق وأن تمت مناقشة موضوع التعويض المالي المسجل لدى وزارة المالية لصالح بعض الأشخاص الذين تم تعويضهم أثناء توسعة الحرمين أو غيرهما، فهل يجوز شراء هذه التعويضات المالية من أصحابها؟ وما رأيكم بمن يقول أن التنازل هذا ليس ربا؟ وقد أفتى في ذلك مجمع الفقه الإسلامي. فهل هذا صحيح مع كامل الأدلة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد هذا التعويض دين للشخص في ذمة الدولة، ولا يجوز بيعه بأقل من مقداره لطرف ثالث، لأن ذلك إما أن يكون قرضاً بزيادة؛ لأن بائع التعويض يكون كمن اقترض من المشتري، ويدفع لسداد ذلك مبلغ التعويض الذي هو أكبر مما أخذ، أو يكون ذلك بيع نقد بنقد مؤجل أكثر منه، فالمشتري يبيع نقده (ثمن الشراء) بنقد مؤجل أكثر منه (مبلغ التعويض) ، فيجتمع فيه ربا الفضل وربا النسيئة، وعلى كلا التخريجين فإن بيع التعويض على شخص آخر بأقل من مبلغه يشتمل على الربا المحرم، وهو شبيه بما يعرف في المصارف التجارية بحسم الكمبيالات التي يبيع فيها الشخص على المصرف كمبيالة بدين على شخص آخر بأقل من مبلغ الكمبيالة، وهو ما صدرت فتوى المجمع الفقهي الإسلامي بعدم جوازه - أعني حسم الكمبيالة - (الدورة السادسة عشرة عام 1422 هـ حول موضوع بيع الدين) ، وكذلك مجمع الفقه الإسلامي (في دورة مؤتمره السابع لعام 1412 هـ في قراره حول بيع التقسيط) . أما عن وجود فتوى من مجمع الفقه الإسلامي بجواز بيع التعويض على نحو ما ذكر السائل فلا أعلم عن ذلك.

بيع الحرير مع الأقمشة الرجالية

بيع الحرير مع الأقمشة الرجالية المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 13/5/1424هـ السؤال أرجو منكم الإفادة على سؤالي هذا ولكم جزيل الشكر، هل يجوز بيع الحرير في أماكن بيع الأقمشة الرجالية؟ أرجو منكم الإفادة، ولكم جزيل الشكر. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام- على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فالجواب: إنه معلوم أن الحرير ليس محرماً مطلقاً، بل يجوز للنساء مطلقاً، انظر ما رواه الترمذي (1720) ، والنسائي (5148) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه- وللرجال في حال الضرورة؛ كحكة ونحوها، انظر ما رواه البخاري (2919) ومسلم (2076) من حديث أنس -رضي الله عنه- وبناء على هذا فلا أرى مانعاً من بيع الحرير في أماكن بيع الأقمشة الرجالية، إذ قد يكون المشتري إنما اشتراه لأهله (زوجته أو قريبته) ، وكما يجوز بيع الذهب المحرم على الرجال في أماكن بيع الحاجات الرجالية، يجوز بيع الحرير كذلك، لكن إذا كان البائع يعلم أن مشتري الحرير من الرجال إنما اشتراه ليلبسه من غير ضرورة أو يغلب على ظنه ذلك فإنه والحالة هذه لا يجوز أن يبيعه عليه، لأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان، والله يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ، والله أعلم.

شراء الساروت (نقل القدم)

شراء الساروت (نقل القدم) المجيب د. سليمان بن صالح الغيث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 22/4/1424هـ السؤال في بلدي لك أن تشتري مفتاح المنزل، ويطلق عليه في المعاملات العقارية عندنا "شراء الساروت"، فمثلاً تشتري مفتاح شقة بما يعادل في أغلب الأحيان خمس ثمنها_ إن بيعت البيع العادي والمتعارف عليه - وتدفع قدراً من المال كإيجار شهري لصاحب الملك الحقيقي، غير أنه يكون لك الحق في بيع المفتاح لمن ترغب، وتربح من هذا البيع قدراً من المال دون تدخل مالك الشقة، وله أن يستخلص الإيجار من المشتري الجديد للساروت. هل هذه المعاملة حلال أم حرام؟ جزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: ما ذكرته السائلة هو ما يسمى "بالخلو" أو "نقل القدم" أو "التقبيل للمحل أو الشقة" ولا يظهر أن به بأساً، لكن بشروط: (1) أن يكون مالك العقار الأصلي غير معترض على المستأجر الجديد، إذ يخشى أن يكون المستأجر الجديد أكثر ضرراً على العقار من المستأجر الأول، بل إن بعض الملاك أصلاً يشترط في عقد الإجارة أن لا يؤجر المستأجر العقار، إلا بعد الرجوع إليه، فلو أخذ العوض على الخلو والمالك معترض ودافع الخلو لا يعلم بذلك لتضرر ضرراً ظاهراً لا يخفى.

(2) أن يعلم دافع الخلو في حالة ما لو لم يشترط المالك عدم التأجير بغير إذن، وكون المستأجر الجديد مماثلاً أو أقل ضرراً من المستأجر الأصلي أن يعلم المدة المتبقية في العقد، إذ يخشى أن تكون يسيرة جداً، ويكون مالك العقار الأصلي لا يرغب في التجديد للمستأجر الجديد بعد نهاية العقد، فيكون دافع الخلو عندما دفعه كان متصوراً أن العقد سيستمر ودفع ذلك العوض بناء على ذلك فيفاجأ بهذا القرار غير المتوقع من المالك، بل ربما طالب المالك الأصلي بالخلو إذ إن المستأجر الأول انتهت مدته ولا علاقة له شرعاً بالعقار، لهذا أرى أنه لابد من استحضار هذه الأمور كلها، فإذا رضي جميع الأطراف بذلك؛ المالك الأصلي والمستأجر الأول الذي شرى ما يسمى بالساروت أو الخلو وكذا المستأجر الثاني، وتم توقيع عقد يلائم الجميع ليس فيه أي جهالة ولا غرر فلا يظهر لي أن به بأساً وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

البيع للآمر بالشراء

البيع للآمر بالشراء المجيب د. سليمان بن صالح الغيث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 15/8/1424هـ السؤال تقوم بعض الشركات بشراء بعض السيارات وغيرها بعد طلب المشتري، حيث يتقدم بطلب شراء السلعة ولا تؤخذ عليه أية ضمانات، فتقوم الشركة بتملك السلعة ثم تبيعها عليه، وله الخيار في إتمام الشراء أو رفضه، فإذا كانت سيارة تملكها ببطاقتها الجمركية ثم قام ببيعها على مشتر آخر، وقد يكون نفس المعرض الذي تتعامل معه الشركة المقسطة، وقد لا يرى السيارة نظراً لوجودها في المستودع، ما حكم هذا الشراء؟ وهل يعتبر من الربا؟ وهل هناك اختلافات فقهية في ذلك؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: ما ذكره السائل محل خلاف بين أهل العلم، إذ منهم من رأى أن السيارة لا تملك بمجرد البطاقة الجمركية، وأنه لابد من نقل السيارة من مكان لآخر وحيازتها الحيازة التامة. ومنهم من رأى أن حيازة السيارة تكون بمجرد البطاقة الجمركية، وأن بقاءها في المعرض إنما هو بمثابة الأمانة لديه والبيع يصح بالرؤية أو بالصفة المعلومة، وهذه السيارة وإن لم يرها المشتري فهي معلومة لديه، وحيازته لبطاقتها الجمركية هو قبضها، إذ معلوم لدى تجار السيارات أن الاستمارة لا تخرج إلا بموجب البطاقة الجمركية، ومن سجلت هذه البطاقة باسمه فقد ملكها، وهذا هو الذي يترجح لدي، ولا يظهر لي أن ما ذكر في السؤال به بأس، بشرط أن لا يكون ثمة تواطؤ بين الأطراف. أيضاً أود أن أنبه إلى أن الصورة التي ذكرها السائل هي ما يسمى عند الفقهاء: مسألة التورق، وهي أن الإنسان يحتاج للورق أي (الفضة) وغالباً لا يجد من يقرضه، فيلجأ إلى مثل هذه الصورة ليحصل على السيولة التي يريدها، وهذه الصورة قد أجازها جمع من أهل العلم وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أقساط شقة انهارت في الزلزال

أقساط شقة انهارت في الزلزال المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 30/3/1424هـ السؤال الشيوخ الأفاضل حفظهم الله ونفع بهم الإسلام والمسلمين؛ سؤالي: رجل اشترى شقتين بالقسط من رجل آخر يملك العمارة التي فيها الشقتان. ولما انتهى من دفع ثمن الشقة الأولى وقبل أن يبدأ بدفع الأقساط للشقة الثانية إنهدمت العمارة بسبب الزلزال. فهل يطالب المشتري بدفع أقساط هذه الشقة الثانية لبائعها بعد انهدام العمارة؟ ثم ما الحكم إن كان هناك احتمال وجود عيب خفي في تلك العمارة؟ بأن ظهر مثلاً أنها هي الوحيدة التي انهدمت من بين العمارات المحيطة بها، مما قد يكون قرينة على الإساءة في طريقة البناء واستعمال مواد البناء المغشوشة، مع الإشارة إلى أن البائع لم يكن على علمٍ بهذا الأمر، وقد خسر هو نفسه العمارة كلها. أفيدونا أفادكم الله. الجواب فإن كان سقوط العمارات بسبب الإساءة في طريقة البناء واستعمال مواد مغشوشة، لم يبينها للمشتري أو لم يعلم بها فإنه لا يلزم المشتري أن يسدد ثمنها للبائع، وله أن يطالبه بقيمة الشقة الأولى، لأن المبيع معيب، ومن اشترى معيباً فله الفسخ، وأما البائع فإنه يرجع على من غشه. وأما إن كان سقوطها بسبب الزلازل فقط؛ فإن كان المشتري قد قبض الشقة الثانية بأن استلمها أو سجلت باسمه حسب إجراءات تسجيل ملكية العقار فإنه يلزمه دفع قيمة الشقة لبائعها. وإن لم يستلم الشقة ولم تسجل باسمه؛ فإنه لا يلزمه دفع شيء من القيمة للبائع على الصحيح من أقوال أهل العلم، خلافاً لأبي حنيفة وأحمد، فعندهما أن العقار متى تم بيعه فهو من ضمان المشتري وإن لم يقبضه المشتري فعلاً، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

بيع الروائح والعطور

بيع الروائح والعطور المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 16/4/1424هـ السؤال أود أن أسأل عن العمل في الروائح والعطور هل هي حرام أم حلال؟ خاصة وأن الكثير من السيدات والبنات يستعملنها ويشترينها، ومن المعروف أن استخدام النساء للعطور خارج المنزل حرام فهل يقع علي وزر في إقامة مثل هذا المشروع واستيراد العطور ونشرها في الأسواق؟ وهل يسري نفس الحكم على الشامبو و (gel) الذي تشتريه المرأة المتبرجة؟ وجزاكم الله خيراً على مجهودكم معنا. الجواب بيع العطور والطيب من حيث الأصل جائز، وإن كان بعض النساء يستعملن العطور خارج المنزل فالإثم عليهن. لكن إن علمت أن المشترية لا تستعمل هذا العطر إلا عند خروجها من المنزل لم يجز البيع لها؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه في قوله تعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" ٌ [المائدة:2] . ويدخل في هذا ما تشتريه المرأة المتبرجة إذا علم أنها تستعمله في تبرجها المحرم. والله أعلم.

بيع السلاح وشراؤه

بيع السلاح وشراؤه المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 13/9/1424هـ السؤال ما حكم بيع السلاح وشرائه؟. الجواب بيع السلاح وشراؤه له أحكام، فإذا كانت الحال حال فتن وحال اضطرابات، وحال اعتداءات ونحو ذلك، فهذا لا يجوز، لأن هذا سبباً من أسباب إشاعة الشر، ومن أسباب تطويل وتوسيع دائرة الفتن، وأما إذا كانت الحال حال أمن واستقرار ونحو ذلك فهذا لا يظهر لي فيه مانع إن شاء الله.

هل هو شريك في إثم الربا؟

هل هو شريك في إثم الربا؟ المجيب د. عبد العظيم بن إبراهيم المطعني رئيس قسم التفسير والحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 03/01/1426هـ السؤال لدينا مصنع حكومي لتوزيع الإسمنت، وهذا المصنع لا يقوم بإعطاء مادة الإسمنت إلا لمن لديه رخصة بناء ومتحصل على قرض من المصرف (القرض طبعاً بفوائد) ، ولدي صديق يقوم بشراء الحصص الزائدة عمّن لديهم قروض لكي يقوم ببيعها، والربح فيها، وسؤالي: هل يعتبر هو كذلك مشترك بالاستفادة من القرض؟ حيث إنه لا يمكن الحصول على الإسمنت إلا إذا كان لديك قرض عقاري. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده فصديقك الذي يقوم بشراء الكميات الزائدة عن حاجة أصحابها ثم يتاجر فيها فعمله هذا مباح ومنفصل تماما عن الوسائل التي اشترى بها البائعون كميات الأسمنت المشار إليه ودخله منه حلال وهو غير مسؤول أمام الله عن القروض المدفوع عنها فوائد ربوية والله عز وجل يقول: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [فاطر:18] ، ويقول: "كل نفس بما كسبت رهينة" [المدثر:38] . والله -تعالى- أعلم.

بيوع المرابحة

بيوع المرابحة المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 8/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم الاقتراض من المصارف الإسلامية التي تتعامل بنظام المرابحة، من حيث قرض شراء بيت أو بناء بيت؟ فهناك عدد من مشايخنا في بلدنا يجيزونه مطلقاً والبعض يحرمه من حيث العهد الذي يأخذه البنك على المقترض بأن يلتزم بشراء البيت أو مواد البناء وعدم الرجوع في البيعة، أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي بالتفصيل، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: لا يجوز إلزام العميل في المرابحة المصرفية بالشراء قبل تملك المصرف للسلعة المطلوبة؛ لأن هذا بمثابة التعاقد على بيعها قبل تملك المصرف لها إن كانت السلعة معينة، وإن كانت موصوفة في الذمة فيكون من باب الدين بالدين، وكلاهما ممنوع بالنص والإجماع. وقد صرح الإمام الشافعي -رحمه الله- بعدم جواز الإلزام في كتابه الأم فقال:" وإذا أرى الرجلُ الرجلَ السلعة فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل، فالشراء جائز، والذي قال أربحك فيها، بالخيار: إن شاء أحدث فيها بيعاً وإن شاء تركه". قال:"وإن تبايعا على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول -أي: الالتزام ببيع السلعة قبل تملكها- فهو مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما أنه تبايعاه قبل أن يملكه البائع، والثاني: أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا" (الأم 3/39) ولا يعرف بين الفقهاء المتقدمين من يخالف الإمام الشافعي في هذه المسألة.

والعبارة الأخيرة من كلام الشافعي معناها -والله أعلم- أن المأمور بالشراء التزم بالبيع على الآمر، لكنه قد يتمكن من شراء السلعة بالثمن المحدد وقد لا يتمكن إلا بثمن أكثر، فإن اشتراها بالثمن الأقل ربح وإن اشتراها بالثمن الأكثر خسر، فهي من هذا الوجه غرر، وهذا يحصل اليوم في المرابحات الدولية حيث يشتري المصرف السلعة بعملة ويبيعها على العميل بعملة أخرى. وقد يتغير سعر الصرف بين العملتين بعد الشراء وقبل البيع، فيكون المصرف تحت الخطر، ولذلك يفضل المصرف في مثل هذه الحالات عدم الالتزام ليسمح لنفسه ببيع السلعة بثمن جديد بناء على تغير سعر الصرف، وإذا كان من حق المصرف أن يحمي نفسه بعدم الالتزام، فكذلك من حق العميل حماية نفسه أيضاً بعدم الالتزام، والعلم عند الله تعالى.

بيع بطاقات توريد القمح

بيع بطاقات توريد القمح المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 29/10/1425هـ السؤال لدي كرت مخصص به كمية من القمح لتوريدها إلى صوامع الغلال، ولكنه زائد عن حاجتي، ما حكم بيع الكرت لشخص آخر ليقوم بتوريد كمية القمح الموجودة في الكرت من مزرعته؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالكرت حق للمزارع له أن يتنازل عنه بعوض وبغير عوض؛ لأن الكرت من الحقوق المجردة، وقد جوَّزت الشريعة بيع الحقوق المجردة، وعلى ذلك فلا مانع من بيعه إلا إذا كان نظام الصوامع يمنع من ذلك، فلا يجوز حينئذٍ عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "المُسلِمون علَى شُرُوطِهِم". أخرجه أبو داود (3594) . فإذا كان مصدر الكرت يشترط على الآخذ عدم بيعه لغيره فيحرم ذلك، سواء كان المنع منصوصًا أو متعارفًا عليه. والله أعلم.

بيع قرض الصندوق العقاري نقدا

بيع قرض الصندوق العقاري نقداً المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 1/8/1424هـ السؤال حصل شخص على قرض من الصندوق العقاري، ويريد أن يتنازل عنه لشخص آخر مقابل مبلغ خمسين ألف ريال، وأن يتنازل له هذا الشخص عن القرض الذي قدمه على الصندوق، وقد يتأخر خروج هذا القرض 10 سنوات. أرجو التكرم بالإجابة سريعاً. الجواب لا يخفى أن منح القرض لأي مواطن من المواطنين يعتبر اختصاصاً له من ولي الأمر، ومساعدة له في تأمين مسكن له كما تقتضيه المصلحة المقتضية لرعاية مصالح المواطنين، وإذا وجد اتفاق بين من كان مختصاً بهذا القرض مع آخر على أساس أن يتنازل له عن هذا الاختصاص في مقابل مبلغ من المال، أو على غير مقابل فذلك جائز، بشرط أن يكون البنك العقاري طرفاً في هذا التنازل بحيث يجيزه ويجري إجراءاته نحو تحويل هذه المنحة أو هذا الاختصاص من شخص ذلك الرجل المختص بهذه المنحة، أو بهذا القرض إلى الرجل الذي تم التنازل له، فإذا كانت هناك موافقة من البنك العقاري وإجراء نحو هذا التحويل فلا بأس بذلك، وهذا الشرط مبني على أن البنك العقاري طرف مع من منح هذا القرض فلا يجوز أن يتصرف الممنوح بهذا القرض تصرفاً فردياً؛ بل يجب أن يكون ذلك مبنياً على اتفاقه مع البنك في هذا التنازل، فمتى تم التنازل برضا البنك العقاري وتحويله هذا الاختصاص إلى المتنازل له فلا بأس بذلك، ولا يظهر لي مانع من أخذ عوض عن هذا التنازل لأنه اختصاص، والاختصاص ملك لمن اختص به، وله أن يعتاض عنه بما يجري الاتفاق فيما بينه وبين من اختص به.

توريد مواد إلى العراق وفلسطين

توريد مواد إلى العراق وفلسطين المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 20/11/1424هـ السؤال طلب مني أحد المقاولين توريد مواد البناء إلى العراق وفلسطين دون علمي من سيستعملها، فما حكم ذلك؟. الجواب طالما أنه الآن يريد أن يعقد صفقة تجارية بينه وبين جهة معينة في العراق، أو في فلسطين ويبيعهم هذه المواد، (مواد البناء) سواء كانت إسمنتاً، أو كانت حديداً، أو كانت أخشاباً، أو نحو ذلك، فنقول: لا بأس بذلك، ولا يلزم منه أن يتعرَّف أو يتحقَّق من الجهة التي تريد أن تستخدم هذه المواد البنائية، فطالما أنها صفقة تجارية في أمر مباح بينه وبين أحد إخوانه المسلمين، أو من غير إخوانه المسلمين، فنقول: طالما أنه بيع مشتمل على شروط وأحكام صحة المبايعة، فلا بأس بذلك، ولا يلزم من ذلك أن يعرف الطريقة، أو يعرف المشروع الذي ستستخدم فيه هذه المواد البنائية.

دخول الأسواق التي يعلو فيها صوت الموسيقى

دخول الأسواق التي يعلو فيها صوت الموسيقى المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 20/09/1426هـ السؤال ما حكم الذهاب إلى المحلات التجارية لغرض الشراء؟ علماً أن هذه المحلات تشغل الأغاني، وأحياناً يكون فيها اختلاط. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالذهاب إلى المحلات التجارية لغرض شراء ما تحتاجه جائز إذا لم تجد حاجتك إلا فيها حتى ولو كانت تشغل الأغاني؛ لأن المحرم هو قصد الاستماع لها لا مجرد سماعها، ثم إن ذهابك ليس لأجل الأغاني والطرب لها، وإنما لأجل شراء الحاجيات، وعليك باجتناب الأماكن المزدحمة، وغض البصر عن المتبرجات وعن النظر في العورات والمغريات. وفقك الله.

شراء السلع ممن يشك أنه يملكها

شراء السلع ممن يُشك أنه يملكها المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 24/1/1425هـ السؤال أنا أعيش حالياً في دولة غربية، ويقوم بعض الأشخاص الذين أعرفهم في كثير من الأحيان بعرض أجهزة حاسب آلي محمولة للبيع، وأسعار هذه الأجهزة زهيدة مقارنة بأسعار السوق التي تجدها في المحلات المختصة، وعند سؤالي عن السبب تبين لي أنه في بعض الأحيان تكون هذه أجهزة مستعملة أو أنها عروض خاصة أو أنها أجهزة مسروقة، وقام هؤلاء الأشخاص بشرائها ليقوموا ببيعها، وهكذا فلا يمكنني تحديد مصدرها بشكل أكيد لأن الوسيط لن يخبرني من أي واحد من تلك المصادر الثلاثة أتى بهذه الأجهزة. فهل هذا الشك في المصدر يؤثمني في حالة شراء هذه الأجهزة؟ وشكراًً لكم. الجواب أيها السائل الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فالأصل أن ما بين الإنسان والأمتعة والسلع ملك له وحينئذ يجوز الشراء منهم وإن لم تعلم مصدره، إلا إذا تيقنت أو غلب ظنك أن هذه السلعة مسروقة فلا تشتريها، أما مع عدم العلم فيجوز لك الشراء. وبالله التوفيق.

أرباح دكاكين الحلاقة

أرباح دكاكين الحلاقة المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 13/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بالنسبة لمحلات الأخ الخاصة بالحلاقة، لقد أخبرته بحرمة حلاقة اللحى وعمل قصات غربية للشباب، وحرمة المال الذي تدره المحلات، وقد عرضها الآن للتقبيل، والحمد لله، فهل يجوز له ذلك؟ أم أن مال التقبيل يعتبر حراماً عليه، وذلك لأن الشخص الذي سيشتري المحلات سيعيد فتحها على الأرجح لحلاقة اللحى وعمل القصات؟ أرجو توجيهي على وجه السرعة، والله يحفظكم جميعا ويحسن لي ولكم وللمسلمين الختام. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد: يجوز لصديقك أن يعرض محلات الحلاقة التي عنده للتقبيل؛ لأن فتح محل الحلاقة في حد ذاته أمر مباح، فالعقد وقع على شيء مباح، وكون المشتري قد يستخدم المحل في شيء محرم كحلق اللحى وعمل القصات المحرمة لا يجعل هذا البيع محرماً لأمرين: الأول: أن هذا ظن وليس بشيء مقطوع به. والثاني: أن الأغلب في عمل الحلاقين الإباحة، والمعتبر من حيث النظر الشرعي بالمنفعة الغالبة. وعند بيع المحل لا يجوز بيع الأدوات المخصصة للاستعمال المحرم كالأدوات الخاصة بحلق اللحى أو عمل القصات، لأن في بيعها إعانة على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] ، وهذه الأدوات يجب إتلافها لأن منفعتها محرمة. وعلى صاحبك الحرص قدر الاستطاعة على أن يبيع هذه المحلات على من يغلب على ظاهره الاستقامة والبعد عن أكل المال الحرام، والله أعلم.

المتاجرة بالأدوية الأقل جودة

المتاجرة بالأدوية الأقل جودة المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 14/2/1425هـ السؤال حول مشروعية التجارة بأحد الأدوية التي تنتج من نبات الصبّار، وهذه الأدوية لا تنتج إلا في الولايات المتحدة الأمريكية، وصفات هذه الأدوية لا تحتوي على مواد كيمياوية، وفعالة، وعليها إقبال من الناس؛ لسرعة تأثيرها، بالرغم من أن أسعارها مرتفعة، توجد هناك شركة صينية، ولكن سيئة، وليست بالمستوى المطلوب. السؤال هو: هل ممكن شراء هذا الدواء لمن كان له حاجة له؟ ثانياً: هل يمكن المتاجرة به؟ بحيث أكون ممثل الشركة في إحدى الدول العربية. ثالثاً: هل يمكن أن أتعاقد مع إحدى الصيدليات على مستوى مدينة معينة؛ لكي أبيع منتجات الشركة؟.وشكراً. الجواب إذا كانت هذه الأدوية الصينية تلحق ضرراً بالمستخدم لها لم يجز بيعها واستيرادها؛ وذلك لحرمة الضرر، وقد صح في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد (2862) وابن ماجة (2341) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وانظر صحيح الجامع للألباني (2/1249) . وكذلك لا يحل استيرادها، ولا بيعها إن لم يكن فيها نفع وفائدة؛ لما في ذلك من إضاعة المال، وقد نهى عن ذلك شرعاً. لكن لو كان مستوى هذه الأدوية أقل من غيرها؛ فيجوز استيرادها إذا لم يكن في ذلك تدليس على المشتري، بحيث يوضح بلد إصدارها، والشركة المصدرة لها؛ حتى لا يلتبس الأمر على المشتري، فالغش حرام؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم-"ومن غشنا فليس منا" رواه مسلم (101) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فإذا خلا المنتج من الملحوظات السابقة جاز بيعه، والتعاقد مع الشركة لأخذ التوكيل عنها. والله أعلم.

بيع بطاقة (كاش يو)

بيع بطاقة (كاش يو) المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 13/3/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم بيع بطاقة: (كاش يو) ، بطاقة التسوق عبر الإنترنت، وهي بطاقة مدفوعة الثمن مسبقاً. أفيدونا -بارك الله فيكم-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأظهر أن هذه البطاقة جائزة ولا محذور فيها، بشرط ألا تستخدم في شراء عملات، أو ذهب، أو فضة؛ لئلا تصبح المعاملة نقداً بنقد مع التفاضل والتأجيل، فتكون من الربا المحرم، أما إذا استخدمت في شراء سلع وخدمات مشروعة فلا حرج فيها -إن شاء الله-. والله أعلم.

شرط براءة السلعة من كل عيب

شرط براءة السلعة من كل عيب المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 30/04/1426هـ السؤال ما حكم لبراءة من كل عيب في السلعة عند البيع؟ مثل أبيعك هذه السيارة بشرط البراءة من كل عيب فيها. الجواب البراءة من العيوب المجهولة موضع خلاف بين أهل العلم - رحمهم الله تعالى- وأصوب الأقوال ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - أنه إذا كان البائع يعلم بالعيب فإن ذمته لا تبرأ، وإن كان لا يعلم فإن ذمته تبرأ، والدليل على ذلك: أولاً: أن هذا هو الوارد عن الصحابة - رضي الله تعالى عنهم-. الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من غش فليس منا" رواه مسلم (102) . من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وهذا فيه غش وتدليس؛ لكونه كتم هذا العيب. والله أعلم.

مخالفة التسعيرة الرسمية

مخالفة التسعيرة الرسمية المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 07/04/1425هـ السؤال ما حكم مخالفة التجار أو الحرفيين للتسعيرة التي حددتها الحكومة. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الأصل في البيع ألّا يحدد بسعر معين، وإنما يترك الأمر لوضع السوق والمعادلة القائمة بين العرض والطلب، فإذا زاد العرض انخفض السعر، وإذا زاد الطلب ارتفع السعر، وفي هذا الأمر مصلحة لكل الأطراف، وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن الأصل في التسعير هو الحرمة، فلا يجوز إلزام الناس بالتسعير وإنما يتركون يبيعون أموالهم على ما يختارون، والدليل على تحريم التسعير: حديث أنس -رضي الله عنه-، حيث قال: "غلا السعر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله غلا السعر، فسعّر لنا، فقال: "إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق , إني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال" رواه أبو داود (3451) وابن ماجة (2200) والترمذي (1314) , وقال: حسن صحيح. والمقصود بالتسعير: أن يقدر السلطان أو نائبه للناس سعراً، ويجبرهم على التبايع به.

هذا هو الحكم العام للتسعير، لكن قد تدعو الحاجة إليه، وذلك في السلع والبضائع التي لا يمكن الناس الاستغناء عنها ولابد أن تكون متوفرة بسعر ثابت: كبعض أنواع الطعام، والسلاح عند قيام الجهاد، وبعض الأدوية، ونحو ذلك، فهذه الأمور الضرورية قد تدعو المصلحة إلى تسعيرها ووضع سعر معين لها لا يُزاد عليه ولا يُنقص منه. وقد أجاز جمع من أهل العلم هذا الأمر، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: (إن لولي الأمر أن يكره الناس على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة الناس إليه) ا. هـ. وقد ذكر أهل العلم عدداً من الحالات التي يجوز فيها التسعير؛ تحقيقاً لمصالح الناس ودفعاً للضرر عنهم، ومن أهمها: 1- إذا زاد أرباب الطعام في ثمن الطعام زيادة فاحشة. 2- إذا كان الناس في حاجة إلى السلعة. 3- إذا حصل احتكار من المنتجين أو التجار. 4- إذا حُصِر البيع لأناس معينين، وهم من يسمون بالمتعهدين. ونحو ذلك من الحالات التي يحقق التسعير فيها مصلحةً للمسلمين، ونستطيع أن نضع ضابطاً لجواز التسعير، وهو: كلما كانت حاجة الناس لا تندفع إلا بالتسعير , ولا تتحقق مصلحتهم إلا به كان واجبا على الحاكم حقا للعامة. وبناءً عليه فإن ولي الأمر إذا قام بالتسعير الجائز المذكور قريباً فإنه لا يجوز للبائع ولا للمشتري مخالفته؛ لأنهما إذا خالفا التسعير الجائز لم يحصل المقصود من مشروعية التسعير وأدى فعلهم هذا إلى الإضرار بعموم الناس، حيث يحجم البائع عن البيع بالسعر الذي وضعه الحاكم طمعاً في بيعه بأكثر منه، ويترتب على هذا إضرار بعموم المشترين الذي سعّر الحاكم لأجلهم. أما إذا كان تسعير الحاكم غير جائز، وإنما هو من باب ظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل، وذلك عندما يفرض التسعير لأغراض فاسدة، فإنه لا عقوبة على من خالفه؛ لأن التسعير في هذه الحالة غير جائز، فلا تحرم مخالفته.

والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الشراء من المزاد

الشراء من المزاد المجيب د. عبد الرحمن بن عبد الله السند عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 28/11/1424هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز الشراء من المزاد (الحراج) ؟ ربحت بعض الأشياء عن طريق شبكة المعلومات (الإنترنت) ، وسبب الربح أنني كنت أكثر المزايدين على ذلك الشيء، هل هناك أي تحريم لذلك؟ أرجو الرد لأنني يجب أن أسدد عن الأشياء التي ربحتها بعد عدة أيام. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فإن الشراء من المزاد جائز، ولا حرج فيه، أما إذا لم تكن للإنسان رغبة في الشراء وإنما يزيد في السلعة ليضر غيره أو غير ذلك فهذا لا يجوز، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ولا تناجشوا" رواه البخاري (1) ومسلم (1413) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "نهى عن النجش" أخرجه البخاري (2142) ومسلم (1516) ، والنجش هو: أن يزيد في سلعة وليس قصده أن يشتريها. أما ما ربحته عن طريق الإنترنت بسبب أنك أكثر المزايدين فلا يظهر لي مانع من ذلك، إذ هو من باب الهبة من البائع أو الوسيط بينك وبين البائع، ولا يظهر في ذلك مانع. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بيع البرامج للبنوك الربوية

بيع البرامج للبنوك الربوية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 11/10/1425هـ السؤال ما حكم بيع برامج كمبيوتر تتعلق بالإدارة إلى بنوك ربوية؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: إذا كانت البرامج تتعلق بالتمويل وحساب الفوائد والأقساط، وما يتصل بذلك فلا يجوز بيعها، أما إذا كانت لا تتصل مباشرة بالتمويل، كأن تختص بالإدارة كما في السؤال، فلا حرج إن شاء الله. والله أعلم.

الاتجار في العراق المحتل

الاتجار في العراق المحتل المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 19/5/1425هـ السؤال بارك الله فيك يا شيخ، ما حكم التجارة في العراق في هذا الوقت؟ وما حكمها إذا كانت بحماية الأمريكان؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

التجارة في الأشياء المباحة والحلال جائزة شرعاً في كل زمان ومكان لعموم قوله -تعالى-: "وأحل الله البيع وحرم الربا ... " الآية [البقرة: 275] ، وأنزل الله في كتابه آية الدين وهي أطول آية في كتاب الله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ... " الآية [البقرة: 282] بيَّن الله فيها عامة أحكام البيوع العاجلة والآجلة، من كتابة العقد وحكم الانتهاء، والإشهاد عليه وأنواع الشهود ووجوب العدل في هذا كله، ومبايعة الكفار المشركين الصرحاء، وأهل الكتاب ثابتة في عموم القرآن والسنة، فقد عامل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل الكتاب بالبيع والشراء، وتبادل معهم الهدايا، فقد استعار من يهودي أدرعاً للحرب، عارية مضمونة، انظر ما رواه أبو داود (3563) ، وأحمد (14878) من حديث صفوان بن أمية -رضي الله عنه-، وشرب -صلى الله عليه وسلم- من مزادة (قربة) يهودية، انظر ما رواه البخاري (344) ، ومسلم (682) من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- ومات -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير، انظر ما رواه البخاري (2916) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، أما إذا كانت التجارة بشيء محرم بذاته كالمخدرات أو كان حلالاً وفيه إعانة للكفار كبيع السلاح لهم وقت الفتنة ليقتلوا به المسلمين، أو كان فيه تشجيع لبضاعتهم، وتقوية لاقتصادهم، فلا تجوز التجارة معهم حينئذ، ويتعين مقاطعة منتجاتهم، ولو كانت في الأصل حلالاً؛ لأن هذا فيه تقوية لهم وإضعاف للمسلمين، والخلاصة أن معاملة الأمريكان في الأمور التجارية المباحة حلال، لا إشكال في ذلك كغيرهم من الكفار. والله أعلم.

هل يشتري شقة من العقار المؤمم؟

هل يشتري شقة من العقار المؤمم؟ المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 16/7/1425هـ السؤال شيخنا الكريم: سؤالي كما يلي: قامت الدولة بتأميم ممتلكات أصحاب العقارات، ومن ضمن ما أممته عمارة بها أربع شقق، وقامت الدولة بتعويض المعني (صاحب العقار بناء على طلب تقدم به المعني، وبقيمة تتجاوز قيمة إنشائه، ثم تقدم بطلب لزيادة هذا التعويض، فوافقت عليه الجهات المختصة، ورفعت قيمة التعويض، وقامت الدولة بتسليم المبنى إلى مواطنين آخرين مقابل دفع قيمة كل شقة على دفعات مريحة. هل يجوز لي شراء إحدى هذه الشقق من مالكها الجديد أم لا؟ وهل من الضروري أخذ موافقة صاحب العقار السابق أم يعتبر قد باع العقار للدولة؟ أفيدونا أفادكم الله، والله الموفق. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: إذا كان العقار قد أمم للمصلحة العامة الصحيحة التي يقررها أناس عادلون عندهم الخلفية الشرعية والعلمية المناسبة، ثم أعطى صاحبه التعويض المناسب، بحيث لا يظلم في ملكه، ولا يظلم المال العام، فإن ذلك سائغ إن شاء الله. ويصح الاستئجار من المالك الجديد إذا كان النظام يسمح بذلك، حيث إن بعض الأنظمة توجه تلك المساكن لقليلي الدخل فقط، وتشترط عليهم عدم تأجيرها للغير. ولا حاجة لأخذ موافقة المالك السابق إذا كان التأميم قد تم حسب الشروط الشرعية السابق ذكرها. ولا يصح لمالك العقار أن يطلب أكثر من سعر المثل (سعر السوق) لما يملك، خاصة إذا صاحب ذلك الاستفادة من القرابات أو المحسوبيات أو العلاقات الخاصة بالمسؤولين. وإثم ذلك عظيم عند الله على كل طرف مشارك فيه. والله سبحانه وتعالى أعلم.

شراء الحيوان بوزنه

شراء الحيوان بوزنه المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 23/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. عندنا في إحدى دول الغرب نقوم بشراء الأضحية من المزارع على أساس الوزن فيكون الحساب مثلاً 4 دولار لكل كيلو، (ويتضمن السعر التقطيع والتجهيز) ولا يعرف الوزن عند ذلك، وبعد الاتفاق نختار الأضحية ونذبحها، ثم يقوم الجزار بتنظيفها وسلخها ونزع أحشائها، ثم يقوم بوزن الحيوان، ويكون تسديد الثمن له على أساس هذا الوزن. هل هذه الطريقة شرعية؟ وإذا لم تكن كذلك، ماذا علينا عن السنوات الماضية التي ضحينا فيها ونحن لا نعرف الحكم الشرعي؟ نرجو تبيين الأمر بجلاء لأنه يهم كثيراً من المسلمين هنا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجوز شراء الأضحية على أساس الوزن، ولا محذور في ذلك، ولكن عليكم أن تتأكدوا من توفر الشروط في هذه الأضحية من حيث السن وانتفاء العيوب، فمن حيث السن لا بد أن تبلغ نصف سنة للضأن، وسنة للماعز، وسنتين للبقر، وخمس سنين للإبل، أما العيوب المانعة من الأجزاء فهي مذكورة في حديث البراء، العوراء البين عورها، المريضة البين مرضها، العرجاء البين ضلعها، العجفاء - أي الهزيلة- التي لا تنقي فهذه أربع لا تجزئ، وكذلك ما كان بمعناها أو أولى فيلحق بها. والله تعالى أعلم.

التصرف في المبيع قبل قبضه

التصرف في المبيع قبل قبضه المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 7/07/1425هـ السؤال السؤال: تاجر يأتيه الزبون ليشتري حاجته من قطع السيارات فلا يجدها عنده، فيرسله إلى التاجر الآخر في بلد آخر، ويقول: أعط فلانًا القطعة الفلانية، وأنا أحاسبك. فيعطيه ويسجل الفاتورة باسم التاجر، والزبون يحاسب التاجر الأول، ما حكم هذا البيع؟ وهل يدخل تحت: "لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ؟ " وهل يكفي في امتلاك البضاعة تسجيلها في الفاتورة؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أنه إذا كان التاجر الأول (المُرْسِل) قد حدد قيمة القطعة للزبون واتفق معه عليها ثم بعد ذلك أرسله إلى التاجر الثاني (المرسل إليه) ليعطيه تلك القطعة، فهذا تصرف في المبيع قبل تملكه، لاسيما إذا كان هناك فارق في السعر على الزبون، كأن يكون قد باع تلك القطعة على الزبون بمائة ريال، مثلاً، وقد قيدها التاجر (المرسَل إليه) بثمانين ريال، فهذا كله لا يجوز، وهو يدخل في بيع ما ليس عندك وبيع ما لا تملك، هذا والتصرف السليم في مثل هذا أن يشترى تلك السلعة للزبون، ويأخذ عليه نسبة مئوية عن أتعابه مقابل الشراء، أو يأخذ ذلك من البائع مقابل بيعه.

هذا وما ذكره السائل، بقوله: وهل يكفي في امتلاك البضاعة تسجيلها في الفاتورة؟ نقول: نعم، إذا تم الإيجاب والقبول بين البائع والمشترى، ولو عن طريق الكتابة أو الهاتف، ونحو ذلك، لكن ليعلم أنه لا يجوز التصرف في المبيع قبل قبضه، في قول جمهور العلماء؛ لحديث زيد بن ثابت، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تُباعَ السلعُ حيث تُبْتَاعُ حتَّى يَحُوزَها التُّجارُ إلى رِحَالِهم. أخرجه أبو داود (3499) . ولحديث حكيم بن حزام, رضي الله عنه: "إذَا اشْتَرَيْتَ شَيْئًا فَلا تَبِعْهُ حتَّى تَقْبِضَه". رواه أحمد (15316) . هذا والقبض يختلف باختلاف المبيعات، فقبض كل شيء بحسبه، فقبض ما ينقل بنقله، وما يكال ويوزن ويعد فبكيله ووزنه وعده مع نقله، على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وما يُتناول فبتناوله كالجواهر ونحوها، وما لا ينقل كالعقارات والأراضي والبساتين ونحوها، فقبضه بتخليته. والله أعلم.

بيع أوامر المنح

بيع أوامر المنح المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 7/07/1425هـ السؤال أنا أعمل سمسار عقار، أي وسيطًا بين البائع والمشتري, ومن ضمن المبيعات التي أقوم بها بيع أوامر المنح, ويكون دوري وسيطًا بين البائع والمشتري, يعني أبيع أمر منحة في أي مدينة، ومن ثم المشتري يطبق بعد شرائه الأمر على أرض لاحقًا، فما رأيكم في ذلك؟ , وإن كان هناك خلل فما حكم الأموال التي جنيتها من هذا العمل؟. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بيع مثل هذه الحقوق جائز، بشرط أن يكون المشتري قادرًا على تحصيل السلعة، فإذا كان قادرًا على ذلك، فإن هذا جائز - إن شاء الله- لأن الأصل في مثل هذه المعاملات الحل، وما تأخذه من سمسرة على ذلك فهو مباح، وإن كان المشتري غير قادر، أو كان سيخاطر ربما يستطيع أن يحصل على السلعة التي اشتراها أو لا يستطيع، فإن هذا لا يجوز؛ لحديث أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر. أخرجه مسلم (1513) . والله أعلم.

تسعير الخبز

تسعير الخبز المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 19/09/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا صانع وبائع خبز، والحكومة محددة وزن الخبز 400 جرام، ولكنها رفعت سعر المواد ما عدا الدقيق، وكذلك قطع الغيار، ولم ترفع سعر الخبز، وكذلك الأسعار قد ارتفعت في كل شؤون الحياة، ما عدا الخبز، مما عاد بالضرر على أصحاب المخابز، فقمنا بخفض وزن الخبز مع علم الحكومة والمواطنين، ولكنهم غير راضين، أي أن الأمر ليس فيه غش. فما الحكم في البيع مع علم الناس بنقص الوزن؟ والسلام. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه المسألة تعود إلى مسألة حكم التسعير، هل هو جائز أم حرام؟ ولقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أنه محرم مطلقًا، وهو قول الجمهور، واستدلوا بما أخرجه أبو داود (3451) والترمذي وصححه (1314) ، عن أنس، رضي الله عنه، قال: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غَلَا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ ". ونقل الشوكاني عن الحافظ ابن حجر أن إسناده على شرط مسلم، وقد علق الشوكاني- رحمه الله تعالى- في نيل الأوطار (5/220) على هذا الحديث بما نصه: وقد استدل بالحديث وما ورد في معناه على تحريم التسعير، وأنه مظلمة، ووجهه أن الناس مسلطون على أموالهم، والتسعير حجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم، وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به منافٍ لقوله تعالى: (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) [البقرة: 282] . وإلى هذا ذهب جمهور العلماء، وروي عن مالك أنه يجوز للإمام التسعير، وأحاديث الباب ترد عليه، وظاهر الأحاديث أنه لا فرق بين حالة الغلاء وحالة الرخص، ولا فرق بين المجلوب وغيره، وإلى ذلك مال الجمهور، وفي وجهه للشافعية جواز التسعير في حالة الغلاء وهو مردود. ا. هـ والقول الثاني: جواز التسعير بشروط، وإذا لم تحقق هذه الشروط صار التسعير ظلمًا، وهذه الشروط هي: (1) أن توجد مصلحة عامة موجبة لغرض التسعير كوجود الغلاء الفاحش أو احتكار سلعة تتعلق بها حاجات الناس، أو تواطؤ أهل سلعة على رفع الأسعار ظلمًا.

(2) ألا يكون هناك إجحاف بالمسعَّر عليه (التاجر- البائع) ، وذلك بأن يجبر على البيع بسعر المثل، فإن كان هناك إجحاف على البائع فيحرم، وهذا هو مذهب مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، قال في مجموع الفتاوى (28-76) ، في معرض كلامه عن التسعير ما نصه: وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ زيادة على عوض المثل فهو جائز، بل واجب. ا. هـ، وقد أجاب أصحاب هذا المذهب عن حديث أنس، رضي الله عنه، بأن هذه القضية قضية معينة ليست لفظًا عامًّا، وأن المصلحة الشرعية تقتضيه أحيانًا، وهذا الرأي هو الراجح عندي، ونعود إلى سؤالك، فالجواب عليه أن نقول إن فعلك هذا- أي مخالفتك للتسعير المقرر من قبل الدولة- غير جائز إلا بشرطين: (1) أن يكون هذا التسعير لم يرد به تحقيق مصلحة عامة، أو أن يكون في هذا التسعير إجحاف عليك، بحيث تجبر بموجبه على البيع بأقل من ثمن المثل. (2) أن يعلم المشتري بنقص الوزن لئلا يكون في البيع غش وغرر وتطفيف، وأقترح عليك الرجوع إلى من تثق به من علماء بلدك لمعرفة تحقق هذه الشروط في حقك من عدمها. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الفرق بين المضاربة في الأسهم والاستثمار في الشركات

الفرق بين المضاربة في الأسهم والاستثمار في الشركات المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 22/08/1425هـ السؤال هل هناك فرق في الأحكام الشرعية بين المضاربة في الأسهم (أي أبيع وأشتري في الأسهم حسب ارتفاعها وانخفاضها في السوق، وعدم أخذ الأرباح السنوية للشركة) والاستثمار في الشركات؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هناك عدد من الفروق بين المضاربة في الأسهم وبين الاستثمار أو الاكتتاب في الشركات. منها: 1. إن الاكتتاب أو الاستثمار عقد مشاركة، أما المضاربة فهي بيع وشراء، وهناك فرق بين المشاركة وبين البيع. 2. من يضارب في الأسهم بالبيع والشراء يجب عليه إخراج زكاة عروض التجارة. أما من يستثمر أو يكتتب ويحتفظ بأسهمه فهو يخرج الزكاة بحسب نشاط الشركة. والغالب أن الشركة نفسها تخرج زكاة عملها، فلا يجب في هذه الحالة على المستثمر إخراج الزكاة مرة أخرى. 3. المضاربة في الأسهم قد تفضي إلى تصرفات غير مشروعة إذا كان البيع والشراء يتم قبل القبض أو قبل وجود مبررات الربح (قبل بدو الصلاح) . وكثير من المضاربين يتصرف دون علم ولا بصيرة، وإنما على محض الظن والتخمين بصورة تؤدي إلى تعريض المال إلى مخاطرة عالية. وهذا يناقض مقصد الشريعة من حفظ المال وعدم تعريضه للهلاك أو التلف. بخلاف الاستثمار طويل الأجل فهو بعيد عن هذه المحاذير. والله أعلم.

هل له بيع سيارة قبل دفع ثمنها؟

هل له بيع سيارة قبل دفع ثمنها؟ المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 21/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اشتريت سيارة من شخص ولم أدفع ثمنها، فوجدت سعراً أعلى من شخص آخر، فقبضت المال من الشخص الآخر، ودفعت للشخص الأول ماله، وعند تحويل ملكية السيارة تم تحويل السيارة من اسم الشخص الأول إلى اسم الشخص الثاني دون أن تحول إلى اسمي، مع أنني المشتري الثاني في البيعة. فهل يجوز هذا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كنت لما اشتريت السيارة من الأول حزتها، بمعنى أنك استلمتها وحولتها من مكانها إلى مكان آخر، فهي ملكك ولو لم تحولها باسمك، ويحق لك أن تبيعها بسعر أعلى، والعملية لا بأس بها - إن شاء الله تعالى-. والله أعلم.

هل هذه المعاملة من الربا؟

هل هذه المعاملة من الربا؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 13/09/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل هذه الصورة من الربا وهي: أن يأتي سائق المطعم بالطلب، ويطلب منك الثمن، مثلاً (عشرة ريالات!) ، فلا يجد أحيانًا صرف خمسين أو مئات، فيقول لك هذا السائق: هات الخمسين، وآتيك بالباقي بعد حين، فهل هذه المعاملة حرام؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب، والله أعلم، جواز الصورة التي جاءت في السؤال، فلا تدخل في الربا في نظري؛ لأنها ليست صرفًا، ولا هي بمعناه، وليست أيضًا حيلة إليه، وإنما هي شراء شيء أو طلبه بثمن معلوم بقي لأحد المتبايعين مبلغ غير مقبوض، فالصرف الممنوع صورته أن يقول شخص لآخر: اصرف لي هذه العملة من فئة الخمسين مثلاً. فيقول المطلوب منه الصرف: ما عندي إلا عشرة فخذها وآتيك بالباقي. ويفترقا من غير قبض الباقي، ويدخل في ذلك أيضًا ما كان حيلة إلى الربا، هذا وليس في الصورة المذكورة في السؤال شيء من ذلك، بل هي شراء لشيء غير ربوي كما تقدم إيضاحه، ولهذا يظهر لي جوازها. والله أعلم.

بيع الأراضي من غير صكوك

بيع الأراضي من غير صكوك المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 20/04/1426هـ السؤال يقوم بعض البدو الساكنين في بعض الأماكن الصحراوية والجبلية ببيع أراضيهم بوثائق وبدون صكوك، وتتم المبايعة في المكاتب العقارية، ويكتب صاحب الأرض في نهاية العقد بأنه يحمي المشتري من أي أحد -بعد الله- إلا الحكومة، فهل يصح شراء الأراضي منهم وبيعها؟ وإذا كان الجواب بالمنع، فماذا يفعل من اشترى منهم وباع؟ أسأل الله أن يبارك فيكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كان البائع قد ملك السلعة، إما بشراء أو إرث، أو إحياء، ونحو ذلك، ثم بعد ذلك باعها، فإن هذا بيع صحيح؛ لأن الأصل في المعاملات الحل، ما لم يخالف هذا البيع النظام؛ لأنه يشترط أن تكون السلعة موثقة بصك ونحو ذلك. والله أعلم.

المرابحة للآمر بالشراء

المرابحة للآمر بالشراء المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 10/10/1425هـ السؤال ذهبت لأحد البنوك لشراء سيارات بالتقسيط لبيعها والحصول على النقد، فقال البنك: بكم تريد أن نشتري لك؟ فقلت 350000ألف ريال، فقال: اذهب للمعرض الفلاني وخذ منه تسعيرة سيارات بنفس القيمة التي تريد، ومن ثم نشتريها نحن ونمتلكها بعقد شراء من المعرض ثم نبيعها لك بفائدة قدرها خمسة ونصف في المائة، وتستطيع أنت أخذ السيارات وبيعها كما تريد، أو تبيعها على المعرض الذي اشتريناها نحن منه بأقل من سعرها بألفين أو ثلاثة، ولك الحق في الانسحاب في أي وقت قبل شرائك. هل هذا جائز؟ أنا مرتاب في الموضوع من منطلق أن في حالة انسحابي بعد توقيع البنك لشراء السيارة من المعرض أن هناك اتفاقًا بين البنك والمعرض أن تلغى العملية بكاملها وتقطع النقود وكأن شيئًا لم يكن. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: هذه الصورة تسمى عند الفقهاء المعاصرين (المرابحة للآمر بالشراء) ، وتجوز هذه المعاملة بثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يكون البائع مالكًا للسلعة، فيجب على بنك الرياض تملك السلعة قبل تنفيذ العقد، وقد ذكرت في سؤالك أنهم سوف يشترون السيارات ويمتلكونها بعقد شراء، وهذا شرط في صحة هذه المعاملة. الشرط الثاني: أن تكون العين مقبوضة للبائع، ومعنى هذا الشرط، أنه يجب على البنك أن يقبض السيارات التي امتلكها، واختلف الفقهاء المعاصرون في حقيقة قبض السيارات، والذي يظهر لي أن قبض البطاقة الجمركية كاف في قبض السيارات، فعليك أن تتأكد من قبض البنك للبطاقات الجمركية للسيارات التي تريدها وتمت المواعدة عليها.

الشرط الثالث: ألا يكون القصد من المعاملة التحايل على الربا، ومن صور التحايل على الربا: أن يتفق الآمر- العميل- والبنك على أن يبيعه السلعة ثم يبيعها الآمر- العميل- إلى البائع الأصلي، فهذه هي الحيلة الثلاثية. قال ابن القيم: (وللعينة صورة خامسة- وهي أقبح صورها وأشدها تحريمًا) فذكر الحيلة الثلاثية. (تهذيب السنن 5/109) . وهذا من أهم الشروط، وعليه فلا يجوز لك بيعها على المعرض الذي اشتراها البنك منه، وهم قد جانبوا الصواب عندما قالوا لك: أنت مخير ببيعها على المعرض. فإذا باع عليك البنك السيارات وقبضت البطاقات الجمركية، فبعها على أي معرض سوى المعرض الذي اشتراها منه البنك. والله أعلم.

تاب من الغناء فهل يبيع معازفه؟

تاب من الغناء فهل يبيع معازفه؟ المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 14/11/1425هـ السؤال أنا تبت، ولله الحمد، ولكن عندي جهاز موسيقي (أورجن) ، والصراحة قيمته غالية 3500 ريال، وأنا عارضه للبيع، هل من الممكن أن أستفيد من ماله، وماذا أفعل به؟ مع العلم أن مالي قبل أن أشتري الجهاز كان حلالًا، أنا كنت ملازمًا للوالد قبل وفاته، أذهب معه للعلاج، وكان يحبني، وكنت أغنى عياله، المهم قبل أن يتوفى بأسبوع أتيت أنا وإياه من رحلة علاجية، فشفي، ولله الحمد، فاستأذنته في السفر فأبدي عدم رغبته، ولكن سافرت ثم أخبرت أنه أدخل المستشفى. فرجعت وأدركته وهو في غيبوبة، وبعد أسبوع توفي، أنا الآن نادم وتائب إلى الله وناو أن أحج لله في هذه السنة، إن شاء الله، مع العلم أن عمري 23 سنة، أريد أن أعمل شيئًا أبر به والدي بعد وفاته. كيف تتم زيارة القبور وهل يلزم أن أقف عند قبر المتوفى؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

نسأل الله عز وجل، أن يقبل توبتك، وأن يثبتك على طاعته، أما هذا الجهاز فإنه لا يجوز بيعه؛ لأن في بيعه تعاونًا على الإثم، والله عز وجل، يقول: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان) [المائدة: 2] . وإذا كانت قيمته مرتفعة فإن الله عز وجل سيعوضك خيرًا منه، وقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ". أخرجه أحمد (20739) . ولاشك أن إتلافه من تمام التوبة ومن علامات صدقها، أما ما يتعلق بوالدك، فلا شك أن الواجب طاعته في غير معصية، لاسيما التي فيها خير لك، أما ماذا تفعل، فعليك بالدعاء له؛ لقوله عليه السلام: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". أخرجه مسلم (1631) . وإذا أردت أن تحج عن أبيك، وقد سبق وأن حجيت عن نفسك، فلا مانع، وإن كان الأولى أن تحج عن نفسك وتدعو له، أما ما يتعلق بزيارة القبور، فإذا دخل الرجل إلى المقبرة سلم على جميع أهلها بالدعاء المأثور، فإذا وقف عند قبر قريبه أو صديقه فلا بأس أن يسلم عليه ويدعو له بما شاء، ولا يلزم الوقوف عند القبر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الشراء من متجر يبيع الخمر

الشراء من متجر يبيع الخمر المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة التاريخ 17/03/1426هـ السؤال افتتح أخيراً بمدينتنا سوق ممتاز: (سوبر ماركت) ، ومن جملة ما يباع فيه الخمور. فهل يجوز لنا أن نتسوّق من هذا السوق؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم يجوز لك أن تتسوّق من هذا السوق؛ لأن ما تشتريه مباح، ولا يضيرك كون البائع يبيع الخمر أو غيره من المحرمات في المتجر نفسه، فأنت لم تُعنه على بيعه ولا على شرائه قولاً ولا عملاً، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعامل مع يهود المدينة بيعاً وشراءً، مع أنهم كانوا يعاملون آخرين بالربا. انظرصحيح البخاري (2916) ومسلم (1603) . لكن ينبغي مقاطعته إذا كنتم تجدون البديل، وكانت مقاطعته مُجدية. والله أعلم.

ـــــ الصرف وبيع العملات ـــــ

الصرف وبيع العملات

بيع وشراء العملات

شراء العملة في المستقبل المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 17/3/1423 السؤال ما حكم شراء العملة الأجنبية في المستقبل، حيث إنه يتم الاتفاق على السعر في الوقت الحاضر بالرغم من أنه قد يزيد أو ينقص في المستقبل؟ الجواب

حسب قولك في سؤالك فإن ما تسأل عنه شراء وقع في الحاضر، اتفق فيه على تأخير تسليم الثمن –وهو نقد البلد- والمثمن –وهو العملة الأجنبية-، أو تعجيل أحدهما وتأخير الآخر إلى المستقبل، الذي يتحدد زمنه بحسب ما يتفق عليه المتعاقدان، فإن كان هذا هو صورة ما تسأل عنه فإن الشراء يعد من مسائل الصرف، وهو شراء غير جائز، معدود من عقود الربا؛ لعدم توافر شرط جواز الصرف، وهو التقابض في مجلس العقد، الثابت اشتراطه في بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، أو أحدهما بالآخر، في الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تبيعوا الذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا –أي: تفضلوا- بعضها على بعض، ولا تبيعوا غائباً منها بناجز" البخاري (2175) ومسلم (1584) فالجملة الأخيرة في الحديث تشترط التقابض، وكذلك ثبت في الحديث المشهور عن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- الذي رواه مسلم –رحمه الله- (1587) قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلاً بمثل يداً بيد"، فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد فقوله: "إذا كان يداً بيد" نص في اشتراط التقابض، ويقاس على الذهب والفضة قياساً جلياً ما اشترك معهما في علة وقوع الربا فيهما –وهي: الثمنية-، كالعملات محلية كانت أو أجنبية؛ لأنها أثمان فيشترط لصحة شراء بعضها بجنسه كالريال السعودي بالريال السعودي التماثل والتقابض، ويشترط لصحة شراء بعضها بغير جنسه كالريال السعودي بالجنيه المصري التقابض فقط، وكذلك يشترط التقابض في شراء الذهب أو الفضة بالعملة.

وإن كان الاتفاق بمجرد وعد بالبيع أو الشراء، فالوعد لا يعد عقداً، فلا يقع به بيع، ولا شراء، ولا يلزم أحدهما بذلك، ولكل منهما إذا عزم على الشراء، أو البيع في المستقبل حق المفاوضة في تغيير السعر عن الاتفاق السابق أو تركها.

تحويل النقود مع صرفها

تحويل النقود مع صرفها المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 20/4/1423 السؤال هل يجوز تحويل النقود بين شخصين في بلدين مختلفين، بحيث يتم تسليمها لشخص أو جهة رسمية -بنك- بعملة البلد الأول ثم تسلمها في البلد الثاني بعملة هذا البلد وبسعر التصريف في يوم الاستلام؟ علماً أنه لا يوجد طريقة أخرى لتبادل النقود بين هذين الشخصين، ما الشروط الشرعية في ذلك؟ أو ما الطريقة الشرعية لتبادل النقود في أسوأ الظروف؟ الجواب يجوز ذلك بشرط الحلول والتقابض في مجلس العقد؛ لأنها عملية مصارفة بين عملتين، والقبض يكون حقيقياً بقبض العملتين من الطرفين، ويمكن أن يكون حكمياً بقبض أحد الطرفين إيصالاً أو شيكاً بالمبلغ مع قدرته على التصرف في المبلغ، أو قدرة وكيله أو من حُوّل له المبلغ في البلد الآخر، والشيك يقوم مقام القبض الحقيقي عند أكثر العلماء والباحثين، وهذا هو الراجح -إن شاء الله تعالى-، وهو كذلك رأي مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، والله أعلم.

بيع الريال بالدينار نسيئة

بيع الريال بالدينار نسيئة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 3/5/1423 السؤال لي صديق مقيم بالمملكة، ويشتري من الإخوة السودانيين الريال السعودي بالدينار السوداني، ويتم الاتفاق على السعر بينهما، ولكن التسليم يكون عن طريقي في السودان بواسطة أحد أقرباء البائع أيضاً في السودان بالدينار، فما حكم ذلك؟ وهل الريال والدينار يدخلان تحت مسمى (إذا اختلف البيعان أو الصنفان) ؟ ملحوظة: هذا الفعل شائع جداً عندنا في السودان مع الإخوة المقيمين في المملكة، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أن بيع أو شراء الريال السعودي بالدينار السوداني أو العكس جائز شرعاً بشرط القبض في مجلس العقد؛ لما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"الذهب بالذهب والفضة بالفضة ... مثلاً بمثل يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى ... فإذا اختلفت الأشياء فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" البخاري (2176) ومسلم (1587) ، هذا وبناءً على هذا فإن ما جاء بالسؤال لا يجوز؛ لأنه لم يتم القبض في مجلس العقد، حيث يتم الدفع في السودان لا في مجلس العقد. والطريقة الجائزة السليمة هي: أن يجعل المشتري له وكيلاً في السعودية لديه دنانير سودانية يشتري إن شاء ريالات سعودية ويتم القبض في مجلس العقد فهذا جائز، ومثله لو اشترى بالريالات السعودية دولارات أمريكية، أو جنيهات مصرية، أو أي عملة أخرى فيجوز التفاضل بشرط القبض في مجلس العقد، والله أعلم.

التعامل في السوق السوداء

التعامل في السوق السوداء المجيب د. إبراهيم البشر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 17/6/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. الشيخ الفاضل جزاك الله خيراً ونفع بعلمك جميع المسلمين. سؤالي يا شيخ هو: ما حكم التعامل مع السوق السوداء من الناحية المادية، أي: تبديل العملة من تجار السوق السوداء خارج البنوك الحكومية، علماً أن البلد غير مطبق للشريعة الإسلامية، ويفرض علينا ضرائب وجمارك دون وجه حق، أرجو يا فضيلة الشيخ الاهتمام بهذا السؤال والإجابة عليه؛ لأني أسعى من خلاله فقط لرضا الله والبعد عن الشبهات، وجزاكم الله عنا خير الجزاء؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: أخي الكريم وفقني الله وإياك وسائر أمة محمد إلى صراط الله المستقيم، الذي يظهر لي -والله أعلم- أنه لا يجوز مخالفة ولي الأمر فيما يرى فيه مصلحة وإن جار وظلم، إلا فيما خالف فيه مخالفة واضحة لنص شرعي صريح الدلالة بلا تأويل، فلا يتابع فيه بخصوصه فقط، ويجب السمع والطاعة -فيما عداه- ولو وجدت منه مخالفات شرعية وكبائر، فالأمر يتعلق بأصل من أصول الدين وهو وجوب السمع والطاعة ولو خالف حتى نرى كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان عند السؤال، ثم إن الأمر متعلق بحقوق الأمة عامة، وحفظها من أهم مقاصد الشرع، فإن حفظ الدين والنفس والمال والعرض والعقل عليها مدار أحكام الشريعة، وترك تحكيم الشريعة جاء على درجات: ظلم وفسق وكفر كما جاء في كتاب الله - عز وجل-، وفقنا الله وإياك لهداه وثبتنا عليه، ووفقنا للكسب الحلال، وهدى الله ولاة الأمة لما فيه صلاح الدنيا والآخرة، إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تجارة العملات

تجارة العملات المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 12/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فضيلة الشيخ: أنا أتاجر بالعملات عن طريق وسيط لشركه أجنبية، وهذا نظام التداول عن طريق الشركة، ومن خلال نظام الوسيط: تفتح حساباً لدى الشركة بحد أدنى تحدده الشركة، فلنقل 2000 دولار مثلاً، تدخل بهذا الحساب السوق وتشتري وتبيع بعقد قيمته مئة ألف دولار، وذلك بتسهيل من الشركة، وربما تكون أنت لا تملك سوى 2000 دولار أو أقل، ولكن بإقراض وتسهيل من الشركة تدخل هذه القيمة الكبيرة مقابل تأمين يكون لديك بالحساب لدى الشركة، فالشركة لا تتحمل الخسارة ولا تأخذ من الربح، وعندما تنتهي من الصفقة أو العقد - سواء بربح أو خسارة - تنتهي العملية وتأخذ الشركة عمولة تداول، والفارق بين سعر البيع والشراء التي تحددها الشركة كأجور للتداول وفي كل الحالات - سواء البيع أو الشراء - تسجّل العملية بحسابك في الحال، بل وترى العقد المفتوح أمامك وهو يأخذ الخسارة أو يعطي الربح، وبدقة من حسابك في الحال وعند إغلاق العقد كذلك تسجل العملية بحسابك في الحال دون تأخير، علاوة على ذلك فهو يتم إزالة أي علاقة للحساب بالفوائد البنكية - سواء المقبوضة أو المدفوعة - تدخل الفائدة بالنسبة للتعاملات الأخرى: فيما لو قام المتداول بتبييت العقد إلى اليوم التالي فإنه هنا عليه دفع فائدة القرض، أو يأخذ فائدة الإقراض، ويتم إما إضافة أو طرح فرق الفائدة من حساب العميل، وهذا مستبعد مع الشركة التي أتعامل معها، هذا كلام عام، صحيح أنهم استبعدوا الفوائد، ولكن هناك تفاصيل لا تذكر عند سؤال المشايخ عن هذا السوق المجهول: الشراء والبيع يتمان عن طريق بنك التصفية بمعنى أن الشركة الأجنبية تتعامل مع بنك تصفية، وتضع به رصيداً لحظة الشراء أو البيع، وتتم تصفية الصفقة عن طريق البنك، ولكن أنت كمتداول بمجرد ضغطك على زر الشراء أو البيع تتم العملية في أقل من 30 ثانية ويخصم منك في الحال التأمين، ولك أن تبيع حتى لو بعد دقيقه أو ثوانٍ. ولكن الملاحظ يا شيخ - حفظك الله

- أن التداول إلكتروني والسوق يعمل 24 ساعة، ولم يحصل مرة أن طلبت بيعاً أو شراءً ويقولون لم نحصِّل بايعاً أو شارياً بل بعد30 ثانية تتم العملية، ولما سألت الشركة يقولون إن هذا سوق التعامل اليومي، به أكثر من ترليون من الدولارات، وهذه عملات دول، والسوق خليط من المضاربين والبنوك والصرافة، فمستحيل ألا تحصِّل شارياً أو بايعاً كذلك لو أردت البيع بعد ثوانٍ من فتح العقد تجد أن التأمين رجع ووضع في حسابك في اللحظة نفسها الربح أو الخسارة، هل في هذه العملية تحقق شرط التقابض كيف شريت وبعت في ثوانٍ نعم نحن في زمن السرعة وأكثر البورصات اليوم تتم إلكترونياً ولكن الله رزقنا العقل فهل يعقل أن تشتري وتذهب الصفقة لبنك التصفية، وتبيع بعد ذلك عن طريق بنك التصفية، وكل هذا في ثوانٍ؟ علما أنك لا تعلم من الشاري منك أو البائع لك، كل هذه المسألة عن طريق بنك التصفية، أفتونا مأجورين؛ لأن كل شركات التجارة في العملات بهذا النظام، حتى التي لا تتعامل إلكترونياً وتعاملها عن طريق التلكس أو الهاتف تتم بالعملية نفسها، وهذا من واقع تجربة ولكم الشكر. الجواب متاجرتك بالعملات كوسيط مع شركة أجنبية، وما ذكرته شرحاً في سؤالك يتعين عليك أن تتمعن في جوابي لك فأقول:

إقراض الشركة لك مبلغاً من المال - كبيراً أو صغيراً - مقابل أن تفتح عندها حساباً وأن تؤمن عندها ما يضمن لها حقها لو لحقتك خسارة، هذا العمل حرام لا يجوز التعامل به بين الطرفين لأنه قرض جرّ نفعا. والقاعدة الشرعية "كل قرض جرّ نفعاً فهو ربا" ولو لم يلحق الشركة ربح أو خسارة من العملية المنفذة باسمك أو فائدة بنكية (ربا) مدفوعة أو مقبوضة على الحساب. وهذا الربا هو ربا الفضل، أما إذا قامت الشركة بأخذ فائدة - بطرح أو إضافة إلى حساب العميل - مقابل تبييت العقد (تأجيله) إلى اليوم التالي، ليوم التداول فهذا العمل حرام لا يجوز فهو ربا النسيئة، وكون هذه الشركة تتعامل مع بنك يقوم بالتصفية لعمليات التداول مع العملاء والوسطاء لا دخل له في التحريم في هذا العقد؛ لأن عقدك كوسيط تجاري هو مع الشركة لا مع البنك، ولا يلزم في البيع أن تعرف عين البائع أو المشتري، إنما يشترط فيها أن يكونا جائزين للتصرف فقط، وكون عملية البيع أو الشراء تتم بسرعة خلال ثوانٍ أو دقائق معدودة، لا يؤثر على العقد صحة أو لزوماً - إذا توفرت أركان البيع وشروطه، حيث إن قبض السلعة يختلف حسب العرف والعادة، فإذا كان بمجرد ضغطة زر في جهاز الإنترنت يتحول المبلغ من حسابك أو إليه بثوانٍ معدودة، فقد تم البيع وتم قبض الثمن أو السلعة (العملة) ، ونظراً للتطور السريع في التقنية اليوم، فمن الطبيعي أن تتطور وسائل البيوع تبعاً لذلك، والخلاصة: أن عمل مثل هذه الشركة حرام؛ لاشتماله على نوعي الربا (الفضل والنسيئة) ، ومعاملتك معها فيها ربا الفضل - لا محالة - فعليك اجتنابها وإذا أردت المتاجرة في مثل هذا العمل ليكن بمالك الخاص أو خذ من غيرك مالاً مشاركة تضارب به، وتتفقان على نسبة الربح بينكما. وفقنا الله وإياك بما علمنا وأغنانا بحلاله عن حرامه.

صرف العملة مع الزيادة

صرف العملة مع الزيادة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 18/1/1423 السؤال إذا صرفت عملة سعودية بالدولارات -مثلاً- ثم حولتها إلى جنيهات مصرية بحيث يكون المبلغ قد زاد، وأنا أريد هذه الزيادة، فهل هذا جائز؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أن ما ذكرته في سؤالك جائز لاختلاف العملة، لكن بشرط القبض قبل التفرق؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:" فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" رواه مسلم (1587) وغيره. والله أعلم.

حكم المضاربة بالعملات

حكم المضاربة بالعملات المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 9/2/1423 السؤال ما حكم المضاربة بالعملات، وذلك عن طريق فتح حساب مع وسيط مالي (مع أحد البنوك العالمية) ، ومن ثم ممارسة البيع والشراء والمضاربة على العملات، وذلك بالحصول على هامش من البنك، ويكون للوسيط رسوم على عملية البيع أو الشراء؟ الجواب المضاربة بالعملات إن كان مقصودها هو الاستثمار من خلال بيع وشراء العملات والحصول على فارق السعر بين العمليتين، فهذا هو الصرف عند الفقهاء. ويشرط لصحته شرطان عند اتحاد الجنس كصرف دينار بدينار، هما: المماثلة والمناجزة، والمراد بالمماثلة: عدم الزيادة، والمراد بالمناجزة: قبض العوضين فوراً دون تأخير. وعند اختلاف الجنس كصرف دينار بدولار يشترط شرط واحد، هو: المناجزة، يعني: الاستلام والتسليم فوراً -كما تقدم-. والصرف عند لزوم شروطه لا مانع منه، لكن إذا كانت هذه المعاملة تتم عن طريق بنوك عالمية تقوم على الربا فإنه يمنع التعامل معها نظراً للربا. أما الوسيط المالي بين المستثمر والبنك -على فرض أن البنك لا يتعامل بالربا-. فإنه وكيل عن المستثمر، فإذا طالب بأجر على وكالته فلا مانع منه، لكنه ليس مضارباً يستحق ربحاً من المضاربة.

وسيط لبيع وشراء الدولار

وسيط لبيع وشراء الدولار المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 14/5/1424هـ السؤال أريد أن أستفتي فضيلتكم في أمر وهو: إذا تسنى لي أن أكون وسيطاً بين شخص يريد أن يشتري مبلغاً من الدولار، وشخص يريد أن يبيع مبلغاً من الدولار، ويمكن أن أحقق ربحاً من هذا التعامل، فهل هذا حلال أم حرام؟ مع العلم أنني لا أحترف هذه المعاملات ولا علاقة لي بالسوق السوداء، وإنها مجرد صدفة؛ لأنني أعمل في شركة يتم إعطاء جزء من المرتب بالدولار، وتتوفر أمامي عروض شهرية من هذا القبيل، فهل أقبل أن أكون وسيطاً؟ وأعتبر هذا رزقاً حلالاً أم لا؟ وإذا قبلت وتكرر حدوثه كل شهر هل هذا من قبيل تجارة الأموال؟ مع العلم أنها ليست مبالغ كبيرة فهي لا تتعدى مثلاً 1000دولار شهرياً، فهل هذا يضر باقتصاد البلد وبمكانة عملتها؟ وشكراً أفادكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده - والصلاة والسلام - على من لا نبي بعده، وبعد: الوساطة في مجال العملة وشرائها لا تصح إلا إذا كان الوسيط يقبض العملة المراد شراؤها ويسلم العملة الأخرى المراد بيعها فوراً دون تأخير، لأن تبادل العملات المختلفة يخضع لأحكام الصرف التي نص عليها النبي - صلى الله عليه وسلم- بقوله: "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" رواه مسلم (1587) من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-.ومعنى يداً بيد أي: أن يكون التسليم والاستلام فوراً في مجلس العقد.

هذا هو الأصل المقرر شرعاً، أما من الناحية النظامية التي يقررها ولي الأمر، فيجب على السائلة أن تتحرى بنفسها أن هذا التعامل غير ممنوع، كما يجب أن تتأكد من سلامة العملية، لأن البيع والشراء في هذا المجال إذا كان خارج الإطار النظامي فقد يوقع المرء في إشكالات من ناحية ترويج عملات مزورة، أو غسيل أموال، أو غيرها من المحاذير المحتملة، فإذا سلمت المعاملة من هذه المحاذير، وكانت وفق أحكام الصرف الشرعية فهي جائزة، لا حرج فيها، والربح منها مشروع، والله أعلم.

رفع السعر عند إصدار الشيكات

رفع السعر عند إصدار الشيكات المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 8/2/1425هـ السؤال أعمل الآن في مؤسسة تجارية مصرفية، وهذه المؤسسة تقوم بعدة نشاطات منها: تبديل العملة النقدية، وإصدار شيكات وحوالات للخارج والداخل، ويوجد بها أيضا حسابات جارية واستثمارية، مع العلم أن معظم عملها هو في العملات، فعند إصدار شيك يتم احتساب سعر عالٍ للعملة، وعند إلغاء الشيك، أو صرفه يتم بسعر منخفض، هذا بجانب عمولة إصدار الشيك أو الحوالة، فما الحكم في هذا؟ ومن ناحية أخرى يوجد بها حسابات تسمى توفير إسلامي يكون عليها عائد شهري، وفي العادة تكون تلك النسبة ثابتة، وقد تكون مختلفة قليلاً عن الأشهر السابقة، وأيضا هذا الشيء منطبق على بقية الحسابات الاستثمارية بها، ولأننا مطالبون بفتح حسابات نحاول إقناع العملاء بأن هذه الحسابات خالية من الربا، وذلك بعدم تحديد نسبة معينة وبإمكانية سحب المبلغ أو جزء منه في خلال ثلاثة أيام، فأرجو إفادتي في ذلك. كما أننا نقوم أيضاً بصرف شيكات الرواتب الحكومية قبل موعد صرفها لبعض الجهات الحكومية، بمقابل تقريبا 1.5% أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فقد ذكر السائل مجموعة من الأسئلة، وسأذكر الإجابة مختصرة على ما ذكر: (1) من المعلوم أن بيع العملات النقدية (الورقية والمعدنية) جائز، بشرط التقابض ما دامت من صنفين مختلفين، فإن كان عملكم كذلك فلا بأس، ولا يصح بيعه مع عدم التسليم أو التسلم من أي طرف.

(2) أما إذا كان أحد العملتين قيد بنكي، فيشترط توفر العملة في البنك، ولا يكفي القيد المصرفي، وإن كان أكثر عمل الناس على عدم ذلك، حتى في البنوك الإسلامية، وهذه مسألة شائكة تحتاج نظراً فقهيًّا موسعاً، والله المستعان. (3) إصدار الشيك مقابل رسم غير مبالغ فيه أمر جائز إن شاء الله؛ لأنه مقابل الخدمة. (4) شراء الشيك والحوالة وبيعه بسعر مختلف عن المبلغ الاسمي المرصود فيه أجازه كثير من المعاصرين إذا كان بين عملتين مختلفتين، ولعله يجوز لأنه من الخدمة المصرفية الجائزة. (5) حسابات التوفير الإسلامي إذا كانت مجازة من هيئة شرعية معتبرة، فلا بأس بها، ولا يصح التغرير بالناس في ذلك، أما كون العائد ثابتاً، فإن كان المقصود كونه نسبة مئوية من الربح فلا بأس بذلك، وإن كان المقصود ضمان الربح فلا يصح، ولا يصح ضمان رأس المال أيضاً، وأما قدرة العميل على سحب المبلغ خلال مدة يسيرة، فهذا راجع إلى نوع الاستثمار؛ فقد يصح في نوع ولا يصح في نوع آخر. (6) أما صرف الرواتب الحكومية قبل موعدها فهذه صورة من صور التعامل الربوي، حيث يقوم البنك (المؤسسة) بشراء الشيكات المصدرة بالريال بريالات أقل من القيمة المرصودة عليها، وهذا لا يصح. (7) لا أنصحك بترك العمل؛ بل قم بالإصلاح ما استطعت في موقعك، وناصح المسؤولين صغاراً وكباراً، فإن رأيت لعملك ونصحك ثمرات في المستقبل فاستمر عليها، وإلا فابحث عن عمل آخر أثناء عملك ثم انتقل إليه على بركة الله.

المتاجرة في صرف العملات الأجنبية

المتاجرة في صرف العملات الأجنبية المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 12/11/1424هـ السؤال هناك شركات تعمل في تجارة صرف العملات الأجنبية، فيأخذون بعض المال من حساب الشخص، (يجب فتح حساب مصرفي للشخص) ، ثم يتاجرون في السوق الدولي، وعندما يحصلون على الربح يدفعون مبلغاً لأصحاب الحسابات بإحدى طريقتين: أ. 4% نسبة ثابتة كل شهر بدون خسارة. ب. من 5 إلى 10% كل شهر معرضة للخسارة، وخسارة شهر واحد (هذا يعتمد على خسارة الشركة) . في الطريقة الأولى ليس هناك خسارة على صاحب الحساب، والشركة تدفع الخسارة كاملة، ولكن في الطريقة الثانية يتعرض صاحب الحساب لما تتعرض له الشركة، ويدفع خسارة بقيمة 5% في ذلك الشهر. هل يحل التعامل في مثل هذا النوع من الاستثمار؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن المشاركة مع هذه الشركة وفقاً للطريقة الأولى لا تصح؛ لأنهم يعطون نسبة ثابتة من المبلغ المستثمر دون أن يتحمل المستثمر خسارة، وهذه حقيقة القرض بفائدة ربوية، فما يقدمه الشخص للشركة ليس من قبيل المشاركة معهم؛ بل هو قرض بفائدة ربوية مقدارها 4%. أما الطريقة الثانية فهي غير واضحة لي، ويلاحظ أنه إن كانت الشركة لا تراعي في تعاملها في الصرف وبيع وشراء العملات الأجنبية الضوابط الشرعية للصرف، من حيث الحلول والتقابض فلا يصح المشاركة معهم، بغض النظر عن طريقة توزيع الربح والخسارة؛ لأن النشاط في هذه الحالة لم يعد نشاطاً مشروعاً، بل تضمَّن التعامل بالربا. والله أعلم.

تداول العملات على الشبكة

تداول العملات على الشبكة المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 07/04/1425هـ السؤال ما حكم تداول العملات؟ هناك موقع في الإنترنت يستطيع المشتركون عن طريقه تداول العملات، وذلك بإيداع مبلغ مالي يتراوح بين 300 دولار أمريكي وحتى 50000دولار أمريكي، وتقوم بإيداع ذلك المبلغ عن طريق أي بنك لحساب شركة حيث إن هذه الشركة تقوم بإيداع ذلك المبلغ في حسابك الذي تقوم بفتحه هي عن طريقها وإعطاء المشترك الرقم السري واسم المستخدم ليقوم بعملية التداول هو بنفسه، وتلك العملية هي نفس عملية تداول الأسهم. فما الحكم في التداول في العملات عن طريق تلك الشركة أرجو الإفادة مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصبحه ومن والاه، وبعد: يخضع تداول العملات لأحكام الصرف الثابتة بقوله صلى الله عليه وسلم: "يداً بيد، مثلاً بمثل سواء، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد"رواه مسلم (1587) من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -. فبيع عملة بعملة أخرى يشترط فيه أن يكون يداً بيد، أي أن يتم القبض فوراً عند التعاقد دون تأخير. وتبادل العملات في الأسواق الدولية وأسواق الصرف الأجنبي، بما فيها التي أشار إليها الأخ السائل، تكتنفها محاذير، منها: 1. إن التقابض (أو التسوية settlement) لا يتم فوراً بل يتأخر عن وقت التعاقد لمدة يومين، وهذا يخالف أحكام الصرف. وقد يغتفر هذا المحذور في حالات التجارة الدولية حيث لا يوجد بديل آخر للتجار لصرف العملات إلا مع تأخير التسوية. لكن المتاجرة بالعملات لا تحقق من المصالح الحقيقية ما يمكن معه اغتفار هذا المحذور، إذ هي مضاربات بهدف الربح دون تحقيق قيمة مضافة.

2. إن المتاجرة في العملات بنظام الهامش (margin) الذي أشار إليه الأخ يتضمن اقتراض العميل للفرق بين المبلغ الذي أودعه وبين الحد الأدنى المطلوب. فالحد الأدنى في الحساب العادي هو مائة ألف دولار، فإذا أودع العميل ألف دولار، فإنه يقترض الباقي وهو تسعة وتسعين ألف دولار. وهذا التعامل يتضمن نوعين من المحذور: (أ) إن المصرف أو السمسار لا يقدم القرض مجاناً، بل يربح من خلال فوائد على الحساب ومن خلال عمولات البيع والشراء التي تنفذ عن طريقه. وإذا فرض أنه لم يكن هناك فوائد، تبقى العمولات محل شبهة لأنها مشروطة في القرض فتكون من باب سلف وبيع. (ب) إن السمسار يقدم القرض بالدولار لتمويل شراء عملات أجنبية، وهو لا يسلم الدولارات للعميل بل يودعها في حسابه لديه بشرط أن يشتري بها عملات أخرى، فيكون على أحسن الأحوال كما لو باعه العملة الأجنبية بدولارات مؤجلة، وهذا أيضاً ينافي شرط التقابض في الصرف. والحاصل أن المحذور في تبادل العملات الدولية يرد من جهتين: من جهة تأخير التسوية ومن جهة التعامل بالهامش. والله أعلم.

بيع العملات عبر الانترنت

بيع العملات عبر الانترنت المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 30/3/1425هـ السؤال ما حكم تداول العملات عبر "الانترنت"؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: التعامل في بيع وشراء العملات الدولية يكتنفه محذوران: 1. تأخر القبض أو التسوية (settlement) لمدة يومين عن تاريخ العقد، وهذا يخالف شرط التقابض المجمع عليه والذي نص عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله:"يداً بيد" رواه البخاري (2061) ، ومسلم (1589) . وقد يغتفر التأخير فيما يتعلق بالتجارة الدولية للسلع الحقيقية، والتي تستلزم شراء وبيع عملات أجنبية، بحكم الضرورة ولعدم وجود بديل آخر. أما المضاربة أو المجازفة على فروقات الأسعار فلا تأخذ نفس الدرجة من الضرورة. 2. التعامل بالهامش (margin) يرد عليه أنه قرض جر نفعاً، لأن السمسار لا يقرض إلا بشرط أن يتم البيع والشراء من خلاله ومقابل عمولات، وهذا يجعله داخلا ضمن النهي النبوي عن بيع وسلف. كما أن هذا الاشتراط يجعل المعاملة على أحسن الأحوال تؤول إلى مبادلة نقد بنقد مع التأجيل، وهذا يخالف شرط التقابض. ولذا فإني أنصح الأخ بالبحث عن وسائل للتجارة والربح أبعد عن الشبهات، والله الهادي إلى سواء السبيل.

الصرف نسيئة

الصرف نسيئة المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 11/6/1425هـ السؤال نحن شركة تعمل في مجال تصدير الأسماك إلى الخارج، فبعض الأحيان نحتاج إلى نقد محلي (ريال يمني) بسبب تأخير الحوالات من زبائننا، فنقوم بشراء ريال يمني من البنك أو الصراف بسعر الدولار، بحيث يكون أنقص من سعر اليوم في السوق بـ 2.5% ويتم بذلك عقد مكتوب بين الشركة والبنك أو الصرّاف، ويتم التسديد بالدولار خلال ثلاثة أشهر بعد إبرام العقد في كل شهر ثلث المبلغ الموقع عليه، كل ذلك بعد وجود ضمان للشركة لدى البنك يسمح للشركة بشراء الريال المطلوب من البنك، وقد سمعنا من بعض الناس أن الشيخ ابن عثيمين أفتى بجواز ذلك، هل صحيح ذلك؟. أفتونا؛ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: يا أخي -وفقك الله- ما ذكرته من مسألة هي صرف ريال يمني بدولار أمريكي يشترط لصحتها التقابض في الحال بين الطرفين. وهذا الشرط غير متحقق في الصورة المسؤول عنها، فلا تصح، لاشتمالها على الربا - ربا النسيئة-. أما الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- فلا أعلم عنه قولاً يبيح ربا النسيئة. هذا وإني أنصح كل مسلم أن يحرص على مصلحته الأخروية أشد من حرصه على مصلحته الدنيوية، فإن الدنيا فانية، والآخرة باقية، فلنعامل كلاّ منهما بما يناسبه. وإن من أعظم الإثم الكسب الحرام، فهو يمنع قبول الدعاء، ويعرض الجسد للنار، فإن كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به. والله أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.

التداول في بورصة العملات

التداول في بورصة العملات المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 24/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أريد أن أتاجر في سوق العملات العالمي (بورصة العملات) ، وهذا السوق المجهول والغامض لا أعلم عنه الكثير، وعند سؤالي لإحدى الشركات تبين لي ما يلي: تقوم الشركة الوسيطة بفتح حساب لي عن طريق بنك عندنا متصل بالسوق الموجود في دولة غربية, وتحدد الشركة الوسيطة المبلغ المسموح به، مثلاً كحد أدنى 25000 دولار, تدخل بهذا الحساب بورصة العملات العالمية الموجودة في الدولة الغربية, تشتري وتبيع أي (تتداول بيع وشراء الجنيه الإسترليني مقابل الدولار، الفرنك السويسري مقابل الدولار الأمريكي 00000 الخ) ، والشراء والبيع يتم باسم عقد، وقيمة العقد مائة ألف دولار، وذلك بتسهيل وتأمين من الشركة, وربما تكون أنت لا تملك سوى 25000 دولار أو أقل, فالشركة لا تتحمل الخسارة ولا تأخذ من الربح, وعندما تنتهي من الصفقة أو العقد سواء بربح أو خسارة تنتهي العملية وتسترجع الشركة التأمين، وتأخذ عمولة التداول التي تحددها الشركة كأجور, ويتم التداول عن طريق الكمبيوتر, وعند الضغط على زر الشراء أو البيع أو إنهاء العقد تتم العملية في أقل من 30 ثانية، وبدقة في الحال تدخل حسابك سواء الربح أو الخسارة, ولك أن تشترى أو تبيع ولو بعد ثوانٍ من إنهاء العملية السابقة، علما بأن السوق يعمل 24 ساعة، ولم يحصل مرة أن طلبت بيعا أو شراء، ويقولون لم نحصل بايعاً أو شارياً، بل بعد 30 ثانية تتم العملية، ولا نعرف من المشتري أو البائع لك، هل هذا التداول أو التعامل به حرام أو شبهة أو ربا لا سمح الله، أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

تداول العملات في الأسواق الدولية يكتنفه محاذير: منها أن تسوية الصفقة (settlement) لا تتم إلا بعد يومين من التعاقد، وهذا يعني تأخر التقابض عن وقت المبايعة، وهذا محرم شرعاً. ومنها: أن التسهيل الذي يحصل عليه المستثمر من الوسيط في حقيقته قرض، وهذا القرض ليس مجانياً، بل هو مقابل العمولات التي يأخذها الوسيط من عمليات البيع والشراء. فهو إذن قرض جر نفعاً، وهذا ربا. وعلى أحسن أحواله يكون حكمه حكم بيع العملة بثمن مؤجل، وهذا أيضاً محرم؛ لما فيه من تأخير التقابض المحرم شرعاً. والله أعلم.

بيع وشراء العملة بواسطة الإنترنت

بيع وشراء العملة بواسطة الإنترنت المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 22/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما الحكم في بيع وشراء العملة على الإنترنت. الجواب الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأصل في التعامل ببيع وشراء العملات عن طريق الوسطاء الحل بالشروط الشرعية المعتبرة. ولكن، ما يجري في مثل تلك المواقع لا تنطبق عليه الشروط الشرعية. وهناك صور متعددة لتلك الأعمال، ولكنها لا تخلو من المحرمات في نظري. وأجمل الإجابة في نقاط. 1. قد يتم العمل بناء على ما يسمى ببيع الهامش (margin trading) ، ويقوم فيه السمسار بإقراض العميل -كما ذكر السائل- مبلغا من المال يوازي أضعافا محددة من المبلغ الأساس الذي وضعه العميل. وهذا محرم لأن القرض ربوي، ويشترط السمسار على العميل أن يتاجر بالعملات من خلاله، فقد استفاد السمسار من جراء القرض، وهذا محرم لأنه من القرض الذي جر نفعا. 2. إذا لم يكن البيع على طريقة الهامش، فإن من المعلوم من واقع كثير من الممارسات المعاصرة في بيع العملات أنها لا تتفق مع الضوابط الشرعية في القبض. بل غالب ما يتم ليس بيعا للعملة ذاتها، بل بيع لها على المكشوف. وهذا مما لا يصح. 3.إن جعل العملات مجالا للمضاربة أمر فيه ضرر بالغ للاقتصاديات التابعة للعملة. وما آثار الاضطرابات في العملات المحلية والدولية في الغالب إلا من جراء جعل العملات مجالا للمضاربة. وقد نهى السلف رحمهم الله عن جعل العملات مجالا لذلك. ولذلك لا أتردد في القول بتحريم المضاربة في عملات البلدان الإسلامية خاصة الفقيرة؛ لما فيها من الضرر المتعدي على جميع مسلمي تلك الديار.

في العمل مع السماسرة غير المسلمين محاذير أخرى، من التوقيع على اتفاقيات فيها شروط غير صحيحة من الناحية الفقهية، وفيها نص على التحاكم إلى المحاكم غير الشرعية. والله أعلم وأحكم.

العمل في الشركات الوسيطة في البورصة العالمية

العمل في الشركات الوسيطة في البورصة العالمية المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 13/08/1425هـ السؤال أنا أعمل في شركة للبورصة العالمية، وهذه الشركة عبارة عن بيع للعملات الأجنبية؛ كاليورو والذهب والفضة وغيره، وطبعاً يتم هذا من خلال البرنامج الموجود على جهاز الكمبيوتر، وفي هذه العملية طبعا ربح وخسارة -ولا يوجد فيها أي فوائد-، وأتمنى أن أعرف هل عملي في هذا المجال جائز أم لا؟ لأنني محتارة جداً، علمًا أنني قبل أن أبدأ العمل به سألت وقيل لي بأنه جائز، ولكنني ما زلت محتارة، وأود أن أعرف الإجابة. وجزاكم الله عنا كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فبعد التأكد من مقصود السائلة في العمل، تبين أنها تعمل وسيطة لتنفيذ رغبات المشترين للعملات. وأؤكد لها أن الأصل في التعامل ببيع وشراء العملات عن طريق الوسطاء الحل بالشروط الشرعية المعتبرة. ولكن، ما يجري في كثير من الشركات لا تنطبق عليه الشروط الشرعية. وهناك صور متعددة لتلك الأعمال، ولكنها لا تخلو من المحرمات في نظري. وأجمل الإجابة بنقاط. 1.قد يتم العمل بناء على ما يسمى ببيع الهامش (margin trading) ، ويقوم فيه السمسار بإقراض العميل مبلغا من المال يوازي أضعافًا محددة من المبلغ الأساس الذي وضعه العميل. وهذا محرم؛ لأن القرض ربوي، ويشترط السمسار على العميل أن يتاجر بالعملات من خلاله، فقد استفاد السمسار من جراء القرض، وهذا محرم؛ لأنه من القرض الذي جر نفعًا.

2. إذا لم يكن البيع على طريقة الهامش، فإن من المعلوم من واقع كثير من الممارسات المعاصرة في بيع العملات أنها لا تتفق مع الضوابط الشرعية في القبض. فقد يكون القبض بعد يومي عمل، وهو الغالب، وهو الذي يسمى الفوري، وهناك قبض بعد يوم عمل، ولا يصحان، وهناك قبض في اليوم نفسه، وهو الذي يجوز إن شاء الله تعالى. 3.أما إن كان أحد العوضين مؤجلاً، فلا يصح؛ لأن العملات لا يصح أن تشترى بالأجل. وأشنع منه بيوع المستقبليات (future tradings) في العملات، وتلك يؤجل فيها العوض والمعوض. 4.وهناك عمليات خيارات على العملة (option tradings) ، وهي أيضا لا تصح. 5.وهناك عمليات تسويات على العملة، أو بيع السواب (swap tradings) ، وهي لا تصح مثل المستقبليات. 6. بل إن من المعلوم أن كثيرًا من الشركات والبنوك تبيع ما لا تملك من العملات على المكشوف. وهذا مما لا يصح في العملات، ويصح في السلع بشروط بيع السلم. 7. أخيراً، وليس آخر: إن جعل العملات مجالاً للمضاربة أمر فيه ضرر بالغ للاقتصاديات التابعة للعملة. وما آثار الاضطرابات في العملات المحلية والدولية في الغالب إلا من جراء جعل العملات مجالا للمضاربة. وقد نهى السلف رحمهم الله عن جعل العملات مجالا لذلك. ولذلك لا أتردد في القول بتحريم المضاربة في عملات البلدان الإسلامية -خاصة الفقيرة- لما فيها من الضرر المتعدي على جميع مسلمي تلك الديار. 8.في العمل مع السماسرة غير المسلمين (والشركات المالية الأجنبية) محاذير أخرى، من التوقيع على اتفاقيات فيها شروط غير صحيحة من الناحية الفقهية، وفيها نص على التحاكم إلى المحاكم غير الشرعية. والخلاصة، أني لا أرى أن تعمل الأخت الكريمة في ذلك المجال، وتبحث عن مجال آخر. ولعل مجال الأسهم أكثر مناسبة من الناحية الشرعية. وفق الله الجميع لهداه، وجعل العمل في رضاه، والله أعلم وأحكم.

تجارة العملات على الإنترنت

تجارة العملات على الإنترنت المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 03/04/1426هـ السؤال فضيلة الدكتور سامي السويلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما الحكم في تجارة العملة على الإنترنت في المواقع ذات التعاملات الفورية، فبمجرد موافقة العميل على السعر يتم البيع في 15 ثانية، وتضاف لحساب العميل فوراً؟ وهل إضافة المبلغ لحساب العميل تغني عن التقابض مع البعد عن استخدام الهامش (أو المارجن) ، والتعامل في حدود الرصيد المودع بالحساب، وعدم أخذ فوائد ربوية على المال المودع في الحساب؟. وشكراً. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ د. سامي بن إبراهيم السويلم (باحث في الاقتصاد الإسلامي) . الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هناك فرق بين إجراء البيع والشراء وبين التسوية، فإجراء العقد يتم في ثوان كما أشار الأخ الكريم. أما التسوية (settlement) ، فهي تعني دخول المبلغ في حساب المشتري، ودخول العوض في حساب البائع، بحيث يمكن لكل طرف أن يتصرف في المبلغ لمصلحته الخاصة بالسحب وغيره، وبهذا يتحقق التقابض بين الطرفين. لا يوجد حتى الآن في سوق العملات الدولية تقابض أو تسوية فورية تتم في لحظة إنجاز العقد، بل يتأخر التقابض لمدة يومين (ويشار إليه بـ T+2) أو أكثر. في بعض الحالات يمكن للمتعامل اشتراط أن تتم التسوية في نفس اليوم (T+0) لكن الأصل هو التأخر. وقول الأخ: إن المبلغ يضاف لحساب العميل في ثوان، ربما يقصد أن حسابه لدى السمسار يظهر تنفيذ العقد (البيع أو الشراء) ، بحيث يمكنه إجراء عملية أخرى. لكن هذا ليس هو التسوية المشار إليها. وأقترح أن يتأكد الأخ من السمسار عن موعد إتمام التسوية، ومتى يمكنه أن يتصرف في المبلغ بالسحب وغيره، وليس مجرد إجراء صفقة أخرى.

التصارف بالخصم من الحساب

التصارف بالخصم من الحساب المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 08/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. لقد قمت مؤخرًا بالسفر خارج المملكة، وقبل سفري سألت البنك عن الرسوم التي يأخذها نظير السحب النقدي عبر مكائن الصرف الآلي، والتي أقوم بها خارج المملكة في أثناء سفري، فأفاد البنك حينها بأنه يقوم بأخذ مبلغ يقارب 45 ريالًا عن كل عملية شراء مهما زادت أو نقصت، ونظرًا لارتفاع المبلغ صرفت النظر عن ذلك، ولكن بعد وصولي هناك وجدت بعض محلات الصرافة تقدم خدمة وهي أن يقوم بإعطائك المبلغ الذي تريده مقابل أن يقوم بخصم مبلغ من حسابي باستخدام نقطة البيع في هذا المحل أي أتعامل معه كأنني اشتريت منه سلعة معينة، ولكنها في الحقيقة مبلغًا معينًا من عملة البلد، وأسدد بالخصم من حسابي عبر هذه البطاقة في الحال، فما حكم هذه المصارفة؟ وما الحكم في هذه الحالة التي ترددت قبل القيام بها نظرًا لأن أحد أصدقائي نصحني وقال إن العملية مشبوهة، وهو غير مرتاح لها؟ وإذا كانت العملية غير جائزة ما الفرق بينها وبين عملية السحب من الصراف الآلي؟ والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

إذا كان المبلغ النقدي الذي تحصل عليه من عملة مغايرة لعملة الحساب المصرفي، فلا حرج من احتساب رسوم مقابل الحصول على النقد، سواء من البنك أو من أي جهة أخرى، لأن اختلاف العملتين يسمح بالتفاوت في المبالغ ما كانت العملية فورية، بمعنى أن الخصم يتم من الحساب فورًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا اخْتلَفتْ هذه الأصنافُ فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ إذا كان يَدًا بِيَدٍ". أخرجه مسلم (1587) . أما إذا كان النقد من نفس عملة الحساب المصرفي فلا يجوز أخذ رسوم إضافية لأن تماثل العملة يقتضي تساوي الكمية مع الفورية، كما قال عليه السلام: "مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ". أخرجه مسلم (1587) . ولا فرق في هذا بين البنك وغيره. والله أعلم.

سعر الفائدة في العملة الورقية

سعر الفائدة في العملة الورقية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 04/02/1426هـ السؤال هل سعر الفائدة في العملات الورقية حرام كالفائدة في الذهب والفضة؟ فمن المعلوم أن العملة الورقية نقد فقط بخلاف الذهب والفضة فهما سلعتان قبل أن يكونا نقدين، فكيف تجعلون الفائدة في العملة الورقية كالفائدة في الذهب والفضة؟! الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الفائدة محرمة؛ لأنها من الربا الذي نزل القرآن بتحريمه. والقول بأن العملات الورقية تختلف عن الذهب والفضة لا يعني أن الحكم يختلف. فالفقهاء من جميع المذاهب مجمعون على أن أية زيادة مشروطة على القرض فهي ربا، أيًّا كان نوع المادة محل القرض، سواء كانت من الذهب أو الفضة أو النحاس أو الحديد أو القطن أو الورق ... إلخ. فتحريم الزيادة على القرض لا يختص بنوع معين من الأموال، بل عام لكل أنواع المال مما يكال أو يوزن، بلا خلاف بين الفقهاء (انظر: تفسير آيات أشكلت، لشيخ الإسلام ابن تيمية، 2/668) . والله الهادي إلى سواء السبيل.

المتاجرة في سوق العملات

المتاجرة في سوق العملات المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات التاريخ 11/10/1426هـ السؤال هل المتاجرة في أسواق العملات الأجنبية جائزة؟ حيث توجد بعض الشركات الآن يمكنك أن تفتح عندها حساباً بمبلغ لا يقل عن (10000) ريال، وهم يديرون لك هذا الحساب ويبيعون ويشترون في العملات بالنيابة عنك مع الشركات العالمية في أسواق العملات بمقابل 45 دولاراً عن كل عملية يجرونها، سواء ربحت أم خسرت. النقطة المهمة في الموضوع أنه يمكنك أن تضع حداً للخسارة، وأنهم يضمنون لك الربح بنسبة كبيرة. فهل هذا العمل صحيح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمتاجرة في أسواق العملات الأجنبية جائزة إذا كان يتم فيها الحلول والتقابض في مجلس العقد أي يداً بيد، والقبض الحكمي يلحق بالقبض الحقيقي، أي إذا كانت تستخدم الشيكات المضمونة التحصيل (المصدقة) ، وإذا كانت هذه الشركة التي تعمل بالنيابة عنك تلتزم بهذه الضوابط فلا حرج، ويكيف أخذهم لمبلغ (45) دولاراً على أنها أجرة على العمل. وأما قولك إنهم يضمنون لك الربح بنسبة كبيرة، فإن كان المقصود به أنهم يقولون إن الغالب على عملياتهم الربح فهذا لا يؤثر، ولا يجعل العملية ممنوعة شرعاً. ولكن ينبغي أن تعلم أن المتاجرة في أسواق العملات لا يتم الالتزام فيها بالضوابط الشرعية غالباً.

الشيكات والحوالة البنكية

شراء الشيكات السياحية المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية التاريخ 25/6 /1422 السؤال ما حكم شراء الشيكات السياحية؟ حيث يقوم البنك بأخذ المال (بالريال) المساوي لقيمة العملة المراد شراؤها، بالإضافة إلى أخذ مبالغ إضافية مقابل خدماته التي يقدمها للعميل؟ الجواب 1- الشيكات السياحية: من الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف والشركات لعملائها -الذين يرغبون في السفر دون حمل نقود عادية يمكن أن تتعرض للسرقة والضياع، ولا يرغبون في زيارة المصارف لانتظار الحوالات التي ترد من حساباتهم الجارية في بلدانهم- إصدار الشيكات السياحية. وسميت هذه الشيكات بالشيكات السياحية رغم أنه يمكن أن يستخدمها غير السائحين؛ لأن الغالب في استخدامها هذا الصنف من المسافرين. وهو أيضاً من باب تسمية الجزء وإرادة الكل. وقد ظهر الشيك السياحي عام 1891م عن طريق شركة (أمريكان إكسبريس) وشركة (توماس كوك) . ويمكن تعريف الشيكات السياحية بأنها: (أوامر موقع عليها من المحولين بالمصارف أو الشركات المصدرة إلى وكلائها المفوضين بالصرف، لدفع القيمة للمستفيدين خصماً من حساباتها لدى هؤلاء الوكلاء) . ويوجد على الشيك السياحي مكان يوقع فيه العميل عند استلامه للشيك، ومكان آخر يوقع فيه عند قبض قيمته أمام المصرف أو الجهة التي تدفع هذه القيمة؛ وذلك للتثبت من صحة التوقيع بمقارنته مع التوقيع السابق للعميل، والتأكد من أن الذي يقبض قيمة الشيك هو نفس المستفيد الذي استلم الشيك من المصرف الذي أصدره. وتسوّى العملية بين المصارف المشتركة في إصدار الشيك السياحي وتنفيذه بطريق المقاصة بعد الوفاء بقيمته. 2. تكييفها الشرعي:

وسيلة إصدار الشيك السياحي هي عملية تحويل مصرفي خارجي، فالعميل يريد تحويل مبلغ معين من عملة بلاده على أن يتسلمه خارج بلاده بعملة البلد الذي يرغب بالسفر إليها، فالعملية تنطوي على عقدي الوكالة والصرف. أما الوكالة؛ فالمصرف يوكل المصرف المراسل أو الجهة التي يعينها كالمحلات التجارية والشركات السياحية وغيرها بأن يدفعوا لحامل الشيك السياحي-أي المستفيد منه- المبلغ المحدد. والوكالة من العقود الجائزة، ويجوز أخذ الأجر عليها. ويدخل الصرف أيضاً في عملية الشيك السياحي؛ فالعميل يشتري من المصرف المبلغ الذي يحتاجه خارج بلاده، أي يشتري نقداً أجنبياً، وإذا كان من شروط الصرف التقابض في مجلس العقد، فيمكن تصور حدوث التقابض بأن العميل - طالب النقد الأجنبي- يدفع للمصرف قيمة النقد الأجنبي الذي يريد شراءه، فيقوم المصرف في مجلس العقد بتحرير الشيك وتسليمه للعميل بعد أن يتسلم منه القيمة المعادلة للنقد الأجنبي المطلوب، وبقبض العميل للشيك السياحي من المصرف يكون التقابض قد تم في مجلس العقد، فالعميل قبض بدل الصرف في المجلس، إذ إن الشيك السياحي يقبل في كثير من الأحيان بدلاً عن النقود. وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت القيمة التي ترد على الشيك السياحي بعملة معينة كـ (الدولار) أو (الجنيه الإسترليني) مثلاً، وسافر المستفيد إلى بلد له نقد مختلف، بحيث يتعين عليه صرف قيمة الشيك بعملة ذلك البلد، فيجب في هذه الحالة تحديد سعر الصرف بين العملة الواردة في الشيك السياحي -الدولار أو الإسترليني- وبين عملة البلد الذي يرغب المستفيد في الصرف إليه في مجلس العقد. وبناءً على ما تقدم فقيام المصرف بإصدار الشيكات السياحية جائز شرعاً، وأخذه عمولة أو أجراً نظير ذلك جائز أيضاً، إلا أنه لا يجوز أن تباع بأكثر أو أقل من قيمتها الإسمية إذا كانت العملة التي يشتري بها العميل ذلك الشيك هي العملة نفسها التي صدر بها الشيك. والله أعلم.

بيع الشيكات بأقل من قيمتها

بيع الشيكات بأقل من قيمتها المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية التاريخ 21/10/1423هـ السؤال باع زيد لعمرو بضاعة واستلم زيد قيمتها شيكات مؤجلة وعند تقديمها كانت بغير رصيد فطالب زيد عمرا بسداد ما عليه فبدأ بمماطلته ومضى عليها نصف عام وتدهور عمرو مادياً وكثرت ديونه لأكثر من شخص حتى قيل إنه هرب من البلاد وهنا أصبح هذا المبلغ (10000دولار) في عداد الدين الهالك. هناك أشخاص يقبلون هذه الشيكات ولكن بأقل من قيمتها (بحيث يدفعون نقدا 7000 دولار مقابل استلامهم الشيكات التي قيمتها 10000) ويقومون بتحصيلها بطريقتهم الخاصة من عمرو أو يعجزون، ولكن ليس لزيد أي علاقة بالموضوع. ويعتبر المبلغ المخصوم (3000دولار) عمولة أو أتعاب للشخص الذي سيتحصل على هذه المبالغ. هناك ملاحظتان: (1) إما أن يعتبر هذا الفرق 3000 خسارة لزيد. (2) ويمكن لزيد أن يحملها لعمرو لأنه لديه شيكات زيادة من مبلغه المستحق من عمرو فما حكم هذه العمليات بالتفصيل لكل عملية على حدة؟ مع ذكر الأدلة إن تكرمتم وذكر الآراء المختلفة في ذلك وأقواها دليلاً، وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: لا يجوز بيع الشيكات التي تمثل ديناً معدوماً أو هالكاً بنقد أقل من قيمتها، حسب ما ورد في السؤال، لأمرين: 1) أنه بيع دين بنقد مع التفاضل وعدم التقابض، وهذا ربا النسيئة المحرم بالنص والإجماع.

2) أنه من بيع الغرر، لما فيه من جهالة القدرة على تحصيل الدين من المدين، فهو نظير بيع البعير الشارد والعبد الآبق. وهذا محرم أيضاً، لأن المشتري إن حصل الدين كاملاً كان ربحاً له وخسارة على البائع (أو زيد كما ورد في السؤال) ، وإن لم يحصلها كان خسارة على المشتري وربحاً للبائع. فلا يربح أحد الطرفين إلا إذا خسر الآخر، وهذا حقيقة القمار والميسر المحرم بالنص والإجماع. لكن يجوز لصاحب الشيكات (وهو زيد في السؤال) أن يتعاقد مع طرف آخر عقد جعالة، بحيث إذا استطاع الأخير تحصيل الشيكات فله ثلث قيمتها مثلاً. والفرق بين الجعالة وبين البيع أن الطرف الآخر في حالة الجعالة لا يدفع لزيد إلا إذا حصّل الدين من المدين. أما في البيع فزيد لا علاقة له بذلك، ومخاطرة التحصيل يتحملها المشتري وحده، كما أشار لذلك في السؤال. والجعالة جائزة بنص القرآن، وهو قوله -تعالى-:"ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم" [يوسف:72] ، وهو قول جمهور أهل العلم، خلافاً للأحناف، والله تعالى أعلم.

ضوابط الحوالات المالية

ضوابط الحوالات المالية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية التاريخ 24/8/1424هـ السؤال أقوم شهريا بإرسال حوالة مالية إلى خطيبتي، عن طريق بنك مختص بالحوالات، والطريقة هي كالآتي: يقوم البنك بتسجيل حساب خطيبتي لديه برقم معين أراجعه فيه كل مرة، فأقوم بتحديد المبلغ ونوع العملة، مثلا أقول له (أريد تحويل مبلغ 100 دينار) ، فيقوم البنك بإرسال الحوالة إلى حساب خطيبتي، حيث تجد هي في حسابها مبلغ (100 دينار) ، وأقوم أنا بدفع المبلغ بالريالات للبنك بسعر الصرف الحالي للعملة (الدينار) (100 دينار تقريبا 500 ريال) ، بالإضافة إلى مبلغ رمزي مقابل عملية التحويل (25 ريال تقريبا) ، فهل هذه العملية شرعية؟! الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: عملية التحويل تتكون من شقين: (1) عملية صرف الريال بالدينار. (2) عملية تحويل الدنانير من المصرف المحلي إلى المصرف الخارجي. ولا بأس بكل من هاتين العمليتين إذا نفذتا على الوجه المشروع. فعملية الصرف يشترط فيها أن يكون لدى المصرف الدنانير المطلوبة حاضرة، ويتم قبضها من قبل العميل قبضاً حكمياً من خلال تفويض البنك بتحويلها. أما عملية التحويل فهي في الأصل عمل يستحق عليه البنك أجرة، فلا بأس بالمبلغ الذي يحتسبه المصرف مقابله بناء على ذلك. والله أعلم.

بيع الشيكات بأقل من ثمنها

بيع الشيكات بأقل من ثمنها المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية التاريخ 2/9/1424هـ السؤال رجل لديه شيكات مؤجلة يريد بيعها بسعر أقل من قيمتها، وبالمقابل فإن الذي يشتريها عليه تحصيلها بقيمتها الحقيقية. فهل يجوز الشراء والتحصيل هنا؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: هذه المسألة من المعاملات الربوية المحرَّمة، والمشهورة بخصم الأوراق التجارية، والعلاقة هنا ثلاثية الأطراف، وتكييفها الفقهي: 1. أنها بيع دين بنقد أقل من جنسه، وهذا ربا، حيث يشترط في النقدين من جنس واحد التماثل والتقابض وهما غير متوافرين في هذه المعاملة. 2. والتكييف الآخر أنها من قبيل القرض الذي يجر نفعاً محرماً، وكلا التكييفين يدل على أن المعاملة من المعاملات الربوية المحرمة. وأما لو كانت العلاقة ثنائية الأطراف بين الدائن والمدين، فهي مسألة ضع وتعجل وهي جائزة على الراجح من قول العلماء، ولكن المعاملة المسؤول عنها ثلاثية، فالخاصم طرف ثالث وهذا لا يجوز، والله الموفق.

شراء الشيكات بأقل من قيمتها

شراء الشيكات بأقل من قيمتها المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية التاريخ 26/5/1425هـ السؤال السلام عليكم عندي محل صغير في أمريكا، والمحل الذي بجانبي يعمل في تحويل الشيكات إلى نقد، مقابل نسبة معينة، وقد يحضر بعض الناس لهذا المحل فيجدونه مغلقاً فيأتون إلي لصرف شيكاتهم، وقد يأتينا آخرون بدلاً من الذهاب إلى ذلك المحل بسبب قلة النسبة التي نتقاضاها منهم مقابل صرف الشيك، وكذلك بسبب التشديد الذي يقوم به المحل المذكور في التعريف بهوية الأشخاص، وأنا أيضاً أقدر حاجة الناس، وأحب أن أساعدهم، ولا يمكن أن أساعدهم بدون مقابل للأسباب التالية: محدودية النقد في يدي. التكلفة التي أدفعها للبنك عند إيداع الشيك، حيث يوضع مثل هذا الشيك في حساب خاص عليه عمولة صرف. وجود الاحتمال برجوع مثل هذا الشيك؛ لعدم كفاية رصيد مصدر الشيك. علماً بأنني أتقاضى نسبة من 1-2% على الشيك، وفقاً لمصداقية الشيك أو صاحب الشيك. هل عملي هذا جائز؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز شراء الشيك بنقد مع خصم نسبة من قيمته؛ لأن هذا بيع للنقد بالنقد مع التفاضل والتأخير، وهو من الربا المحرم شرعاً. كما أنه يحرم من جهة الغرر والجهالة، إذ لا يدري المشتري هل يصرف الشيك أو لا، فهو كبيع البعير الشارد الذي ذكره الفقهاء.

لكن يمكن للأخ أن يساعد الناس بأن ينوب عنهم في تحصيل الشيك، فيأخذ الشيك ويودعه في المصرف، ويحصل منه على النقد ثم يسلمه للعميل، ويأخذ مقابل ذلك عمولة مناسبة. وهذه الصورة جائزة؛ لأن الأخ يتصرف باعتباره نائباً أو وكيلاً عن العميل في تحصيل الشيك، وليس مشترياً له، فهو لا يبيع النقد بالنقد، بل يبيع عمله بالنقد، كما أنه لا يتحمل مخاطر صرف الشيك فينتفي الغرر. والله أعلم.

هل تصح هذه الحوالة المشتملة على الصرف؟

هل تصح هذه الحوالة المشتملة على الصرف؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية التاريخ 15/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أرجو إفتائي في هذه المسألة، وهي أني عندما أريد تحويل مبلغ إلى تونس أذهب لشخص وأعطيه مثلاً عشرة آلاف ريال، على أن يقبضها أخي دنانير في بلدي وبسعر الصرف في ذلك اليوم، فكأني قد صرفت الريالات وحوّلتها دنانير لأخي هناك، فهل تصح هذه الصورة من الحوالة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كان تسليم الريالات في الرياض واستلام الدنانير في تونس يتم في الحال وفي نفس اللحظة بواسطة وكلاء للطرفين، ومن خلال التنسيق بوسائل الاتصال الحديثة كالهاتف، فلا حرج في المعاملة؛ لأن هذا صرف مع التقابض الفوري. وللطرفين الاتفاق على سعر الصرف الذي يتراضيان عليه. أما إذا كان التسليم يتأخر عن الاستلام، كأن يتم تسليم الريالات اليوم، ويتم تسليم الدنانير بعد يوم أو يومين، فلا تجوز المعاملة؛ لأنها صرف مع التأخير، وهذا يخالف حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "يداً بيد". أخرجه البخاري (2061) ومسلم (1589) . والله أعلم.

مسائل متفرقة

تسديد الدين بعملة أخرى المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة التاريخ 9/7/1424هـ السؤال اقترضت مبلغ 1000 جنيه مصري (ما يساوي 74 ديناراً كويتياً في ذلك الوقت) من أحد الإخوان معي في مصر على أن أردها له في الكويت بالدينار بعد عدة أسابيع، والآن سعر الصرف تغير (1000 = 65 دينار) السؤال كم أرجع له، وهل طريقة الاقتراض بهذا الشكل جائزة؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: ما اشترطه عليك المُقْرِضُ من أن الألف جنيه يجب أن ترد بالدينار الكويتي شرط غير صحيح، لما فيه من الغرر بسبب التقلبات الكبيرة في أسعار العملات، بل المستقر في ذمتك ألف جنيه، وأما بيع الدين لمن هو عليه بثمن حالٍّ فلا بد أن يكون بسعر يومه دفعاً للغرر، وقد جاء في ذلك حديث لم يثبت رفعه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عند الترمذي (1242) ، وأبو داود (3354) ، والنسائي (4582) ، وابن ماجة (2262) قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء"، فإذا اتفقتما على أن يكون تسديد الدين بعملة غير التي في الذمة كان ذلك بيعاً للدين لمن هو عليه، ووجب التقابض في ذلك المجلس، فتدفع له من الدنانير الكويتية ما يساوي ألف جنيه في وقت ذلك الاتفاق، هذا هو الموافق للمقرر في مذهب الأئمة الأربعة في الفلوس النحاسية إذا تغيرت قيمتها عند وفاء القرض، والله تعالى أعلم.

ما يدخله الربا من صرف النقود

ما يدخله الربا من صرف النقود المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة التاريخ 22/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نود من فضيلتكم إيضاح هذه المسألة: سمعت من بعض الناس أن هناك بعض المعاملات في صرف النقود تدخل في الربا، أو إنها ربا صريح، فسأعطيكم هذا المثال لأوضح المقصود، مثلا رجل معه 500 ريال فذهب لشراء شماغ، فعندما اختار أحد الأنواع، قال له البائع إنه ليس لديه صرف، فذهب هذا الرجل إلى البقالة المجاورة لهذا المحل، فصرف ال500 ريال، فعند الصرف قال صاحب البقالة إني الآن معي 400 ريال، خذها واشتري الشماغ، وتعال إلي بعد نصف ساعة، حتى أعطيك المئة المتبقية. مثال آخر وهو يحصل دائما عند من يبيعون الذهب، وهو أن تأتي المرأة لشراء ذهب، فلا يكون مع البائع صرف، فيقول لها اذهبي تجولي في السوق، وتعالي إلىّ بعد نصف ساعة لكي تأخذي الباقي، هل يعتبر هذا فيه ربا لأن التقابض لم يكن في نفس الوقت؟ الله يجزيكم خيراً، نريد التفصيل في مسألة صرف النقود. والسلام عليكم. الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فقد روى مسلم في صحيحه (1587) ، وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة..مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد". الحديث، فبين النبي - صلى الله عليه وسلم- أن بيع الشيء بجنسه لابد فيه من أمرين: الأول القبض من الطرفين في مجلس العقد، والثاني التساوي، وفي نهاية الحديث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد"، هذا ومعلوم أن أكثر المعاملات في هذا الزمان بالعملات الورقية، وهي بدل الذهب والفضة، والبدل له حكم المبدل، فيكون حكمها حكم الذهب والفضة، وبناء على هذا فإنه مثلاً عند صرف فئة خمسمائة من هذه الورق لا بد من التقابض بين الطرفين في مجلس العقد، فلا يجوز أن يأخذ البعض ويؤخر البعض الباقي للحديث السابق، وأيضاً في المثال الآخر الذي ذكره السائل لا يجوز، كما في المثال الأول للصلة السابقة في المثال الأول، وهي عدم القبض في مجلس العقد، وعلى المشترية في هذا المثال أن تؤخر الشراء والاتفاق مع صاحب الذهب حتى يكون لديه الصرف، ليتحقق شرط القبض في مجلس العقد، والله أعلم.

الصرف والحوالة قبل التقابض

الصرف والحوالة قبل التقابض المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة التاريخ 25/4/1424هـ السؤال أكثر عمل أهل البلد التجارة بين سوريا والأردن، وتحصل صور كثيرة بحاجة إلى بيان فأرجو أن تفيدونا مما علمكم الله. صورة السؤال: تاجر يستورد البضائع من سوريا، ويحول للمصنع ثمن البضاعة عن طريق وسيط وهو تاجر عملة، حيث يقول: لتاجر العملة حول لي مليون ليرة سوري ـ مثلا ـ هذا اليوم للتاجر في سوريا، وسأعطيك ثمنها في الغد أو بعد أسبوع، أو يتصل هاتفياً به ويقول: حول لي إلى سوريا مبلغاً بقيمة خمسة آلاف دينار أردني. هل هذا توكيل بالسداد؟ أم هو تبديل عملة مع النسيئة؟ فقد اختلفت الأقاويل بين الناس، ونريد أن نستأنس برأيكم أفادكم الله. والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده وبعد: فإن ما ذكرت في سؤالك من قول التاجر للمصرف: (حول لي مليون ليرة سورية مثلاً للتاجر في سوريا) أو قوله: (حول لي إلى سوريا مبلغاً بقيمة خمسة آلاف دينار أردني مثلاً) . يحتمل وجوهاً حسب الأحوال الآتية: الحالة الأولى: أن يكون للتاجر الآمر حساب لدى المصرف بالدينار الأردني، ففي هذه الحالة تكون المعاملة صرفاً ووكالة. أما وجه كونها صرفاً فلأن التاجر طلب من المصرف أن يصرف له الدينار الأردني ليرة سورية. وأما وجه كونها وكالة؛ فلأن التاجر وكَّل المصرف بتحويل هذا المبلغ بعد الصرف إلى حساب المصنع في سوريا.

وفي هذه الحالة يلزم لصحة الصرف أن يقبض التاجر المبلغ بعد صرفه مباشرة، إما بتسجيله في حسابه لدى المصرف، أو بقبضه مناولة قبل تحويله إن كان المصرف في بلده، ولا يمكنه تسجيله في حساب لديه أو أمر بتوكيله لطرف ثالث يقوم بالقبض مناولة نيابة عنه قبل تحويله إن لم يكن المصرف في بلده، ولا يمكنه تسجيله في حساب لديه، كما يوكِّل الطرف الثالث بتحويل المبلغ عن طريق المصرف لصالح المصنع. الحالة الثانية: ألا يكون للتاجر لدى المصرف حساب، ففي هذه الحالة تكون المعاملة قرضاً، ووكالة، أما وجه كونها قرضاً فلأن المصرف لم يكن متبرعاً بما دفعه، بل دفعه بنية الرجوع به على التاجر. وقد يقال إن المعاملة صرف؛ لأن التاجر طلب من المصرف أن يحول له دنانير أردنية إلى ليرة سورية، والجواب: أن هذا صرف غير صحيح لتخلف شرط صحته وهو التقابض في الحال، فيؤول قرضاً. وفي هذه الحالة لا يستحق المصرف الوسيط على التاجر إلا مثل ما أقرضه قدراً وجنساً، فإن كان المصرف حول للمصنع في سوريا ألف ليرة سورية مثلاً، فإنه لا يستحق على التاجر إلا ألف ليرة سورية، ولا يحق للمصرف أن يطالب بالمصارفة، فيطلب منه أن يرد له بدل الليرة السورية دنانير أردنية، ليقوم بالمصارفة، فيستفيد فارق سعر الصرف، والذي أؤكده هو: (1) أن الزيادة على القرض ربا، لذا لزم محاذرة الربا، وما يؤدي إليه في القرض، ومن أجل ذلك لزم أن يرد القرض بمثله قدراً وجنساً. (2) أن المصارفة يجري فيها الربا، فيلزم التقابض بين الطرفين في الحال. والله أعلم.

صرف العملات وتأخير بعض القيمة

صرف العملات وتأخير بعض القيمة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة التاريخ 21/6/1424هـ السؤال ذهب رجل إلى صاحب دكان يطلب منه أن يصرف له عشرة دنانير إلى دنانير أردنية، فقال له صاحب الدكان ليس عندي إلا خمسة دنانير، إذا أردت خذها الآن وارجع بعد وقت معين وخذ الباقي حتى يصير عندي، وأخذ الرجل الخمسة دنانير وذهب، فما هو الحكم الشرعي لهذه المسألة؟ وجزاكم الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين، أرجو عرض سؤالي على أكثر من شيخ. الجواب هذا لا يجوز، لا بد إذا صرف عملة بعملة (إذا بادل عملة بعملة) ، فهذا لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: أن تتفق العملتان في الجنس مثل ريالات سعودية بريالات سعودية، دنانير كويتية بدنانير كويتة، دنانير أردنية بدنانير أردنية، جنيهات مصرية بجنيهات مصرية، دراهم مغربية بدراهم مغربية، فهذا إذا اتحد في الجنس لا بد أن يتوفر شرطان: الشرط الأول: الحلول والتقابض أن يكون يداً بيد. الشرط الثاني: التماثل عشرة بعشرة. الأمر الثاني: هو ما إذا اختلف الجنس مثلاً: دنانير كويتية بدنانير أردنية فهذا يشترط شرط واحد وهو: الحلول والتقابض، فلا يشترط التساوي حتى لو تفاضلا، مثلاً عشرة بعشرين عشرة دنانير كويتية بعشرين دينار أردني هذا لا يشترط فيه التساوي، وإنما يشترط أن يكون يداً بيد. فعلى هذا فالمعاملة المذكورة محرمة ولا تجوز، وهي من الربا، وعقدها باطل، وهو من ربا النسيئة، والله أعلم.

العمل في شركات تحويل الأموال

العمل في شركات تحويل الأموال المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة التاريخ 28/4/1424هـ السؤال أود أن أسأل عن العمل في شركات تحويل الأموال؛ هل يجوز أم لا؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: القاعدة المقررة شرعاً هي أن الأصل في المعاملات الحل ما لم يثبت ما يدل على التحريم. وتحويل الأموال عمل نافع لا حرج فيه إن شاء الله من حيث المبدأ، لأن التحويل يتكون من صرف ونقل للمال، وكلاهما جائز. إنما على شركة تحويل الأموال مراعاة شروط الصرف؛ وهي وجود البدلين حاضرين ليتحقق القبض الحكمي، والله أعلم.

السمسرة في بيع وشراء العملات

السمسرة في بيع وشراء العملات المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة التاريخ 15/6/1423هـ السؤال ما حكم العمل كوسيط (محلل مالي) أقوم ببيع وشراء العملات الأجنبية في الأسواق العالمية، ويكون لي نسبة على كل عملية شراء أو بيع؟ حيث تتعامل المؤسسة التي أعمل بها مع بنك nord في السويد وهذه المؤسسة موجودة في الأردن، أساس عملي أنه يأتي عميل يريد أن يستثمر فيها فيوضع المستثمر مبلغ (10000) دينار في البنك، وأقوم أنا باستخدام هذا المبلغ في شراء وبيع العملات بناءً على تحليلي المالي لأسعار العملات، وآخذ نسبة من عمليات البيع والشراء ويتحمل المستثمر الربح والخسارة، أي: أنا آخذ عمولة على عمليات البيع والشراء، بغض النظر هل حققت الربح أو لم أحقق الربح؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: لا بأس أن تكون أجرة السمسار أو الوسيط نسبة من عمليات البيع والشراء؛ لأن الأجرة يجوز أن تكون مقطوعة ويجوز أن تكون نسبة من قيمة الأصل أو العمل، لكن يجب أن يكون المستثمر على علم بطريقة الاستثمار التي يتبعها الوسيط وأن يوافق عليها؛ لأنه هو الذي يتحمل الخسارة حين وقوعها. كما أنه من الضروري أن تكون عمليات بيع وشراء العملات فورية ولا يتأخر القبض عن الصفقة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"يداً بيد" البخاري (2061) ومسلم (1584) ، والله أعلم.

هل تجوز هذه المصارفة؟!

هل تجوز هذه المصارفة؟! المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة التاريخ 15/3/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: خالي يسكن في دولة غربية، وقد كان يرسل إلينا بعض النقود بالطريقة التالية: له صاحب يسكن (بِجانِبِنَا) ولهذا الصاحب بيت في تلك الدولة فيعطي خالي لبيت صاحبه مبلغاً بالعملة الأوربية، ويعطينا صاحبه مبلغاً بعملتنا يعادل ذاك المبلغ الذي أعطاه خالي لبيت صاحبه, فما حكم هذه العملية؟ وإذا كانت حراماً هل أستطيع أن أفتح رصيداً بالعملة الأوربية أضع فيه مبلغاً ثابتاً كرصيد أوّلي: 50 ون، بحيث كلما أرسل لنا خالي بعض النقود أسحبها مباشرة ماعدا الرصيد الأول, ناويا أن ذلك الرصيد الأوّلي هو مقابل خدمة النقل أو الإيصال؟ وإذا كان الجواب بلا فأرجو بيان الطريقة الجائزة المشروعة، وإذا كان الجواب بنعم فهل أستطيع أن يكون لي رصيد خاص بي ولجدتي رصيد خاص بها؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. تحويل النقد من بلد إلى بلد عن طريق دفعه لشخص في مكان ما وقبضه في مكان آخر لا بأس به على قول مجموعة من أهل العلم الذين أجازوا ما يعرف بالسفتجة (وهي أن يقرض الشخص مبلغا في مكان ليستوفيه في مكان آخر فيه مال للمقترض) ، هذا إذا كان النقد من جنس واحد، فيعطي مثلا مائة ريال في مكة ليستوفيها مائة ريال من مال للمقترض في الرياض.

أما إذا كان النقد من جنسين مختلفين فقد انطوت المعاملة إلى جانب ذلك على صرف بين النقدين، ومن المعلوم أنه لابد في صرف النقود بعضها ببعض من الحلول والتقابض بين البدلين لحديث: " الذهب بالذهب والفضة بالفضة ... " الحديث البخاري (2134) ، ومسلم (1587) . فهل هناك حلول وتقابض في هذه المعاملة ونحوها؟ أما على الحقيقة فلا! لأن هناك أجلا زمنيا بين دفع العملة الأوربية وقبض العملة الجزائرية، لكن اعتبر بعض الفقهاء أنه إن كان للشخص مال موجود حقيقة في البلد الآخر عند عملية المصارفة وتمت المصارفة بسعر يومها فإن ذلك يكون في قوة المصارفة يدا بيد، ومن ذلك اعتبار تسليم الشيك المصدق في مقام القبض. والخلاصة أنه إن كان عند الشخص، الذي يأخذ العملة الأوربية في فرنسا، ما يقابلها من العملة الجزائرية وتمت المصارفة في فرنسا بسعر يوم قبض العملة الأوربية فالقول بجواز المعاملة وارد. وإن أراد الشخص الخروج من الخلاف وصرف العملة الأوربية بعملة جزائرية في فرنسا (إن أمكنه ذلك) وأعطاها لبيت صديقه في فرنسا ليتم قبضها في الجزائر فهذا في نظري أقرب للجواز وأبعد عن الخلاف. أما الشطر الثاني من السؤال فليس واضحا لدي. والله أعلم.

ـــــ الربا والقرض ـــــ

الربا والقرض

ربا الفضل وربا النسيئة

شبهات لأكل الربا المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة التاريخ 14/04/1425هـ السؤال ما رأي الدين فيمن لا يجد حرجاً في أكل مال الفائدة العائد من البنوك الربوية، مبرراً ذلك بكون الإسلام حرّم الربا حتى يحمي الفقير من جشع وطمع الغني، وحتى يتم التكافل بينهما؟ الجواب دلت النصوص الصريحة من القرآن والسنة على حرمة الربا أخذاً وإعطاءً وتعاوناً، ومن ذلك قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة" [آل عمران:130] وقوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" [البقرة:279] . والربا الذي ورد في السؤال هو ربا القرض وهو: اشتراط الزيادة في رد بدل القرض. حيث يتفق المقرض -وهو هنا العميل- مع المقترض -وهو البنك- على أن يقرضه مبلغاً من المال -وهو الذي يودعه عنده- مقابل نسبة مئوية محددة كـ 6% مثلاًَ، وسواءً في ذلك كان الاتفاق صريحاً أو ضمنياً أو كانت الزيادة بمبلغ مقطوع أونسبة مئوية محددة، أو كان المقرض غنياً أو فقيراً. أما ادعاء التفريق بين القرض الإنتاجي والاستهلاكي فيجوز الربا في الأول دون الثاني؛ لأن الأول يقترض لينتج ويستثمر -كما هو الشأن في البنك- ومن ثمَّ يجوز أخذ الربا عليه فإن هذا غير صحيح لما يلي: 1-عموم النصوص القرآنية والأحاديث النبوية المحرمة للربا من دون تفريق بين نوع وآخر. 2-أن العباس بن عبد المطلب عم النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضي عنه- كان يقترض في الجاهلية لأجل استثمار الأموال، فيعطي المقرض نسبة محددة والباقي له، ومع ذلك حرمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووضعه كما ورد في حديث حجة عام الوداع. فيما رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-

أما حكم الذي يأكل الربا فإنه فاسق؛ لأنه خالف النصوص الشرعية، ولما ورد في الربا من وعيد لآكله وللمتعاونين فيه، منها حديث: "اجتنبوا السبع الموبقات وذكر منها: "وأكل الربا"رواه البخاري (2767) ، ومسلم (89) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وكذلك حديث جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه" رواه الترمذي (1206) ، وأبو داود (3333) ، وغيرهم من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-. ولذا فإنني أنصح هذا الأخ بأن يتوب إلى الله وينتهي عن أكل الربا، ولا يستدل بهذه الشبهات التي دلت النصوص الصريحة على بطلانها، والله أعلم.

دفع متبقي الأقساط دفعة واحدة

دفع متبقي الأقساط دفعة واحدة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة التاريخ 12/1/1425هـ السؤال اشتريت سياره بالتقسيط عن طريق البنك باسم أحد الأصدقاء، وأنا أقوم بدفع الأقساط الشهرية، وتبقى الآن نصف المدة وأريد أن أدفع كامل المستحقات، فهل يجوز أن أدفع باقي المبلغ إلى صديقي ويتولى هو تسديد باقي الأقساط؟ مع العلم أن البنك سيلغي الزيادة عن باقي المدة لصالحي. وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب مثل هذا العمل لا يجوز لما فيه من بيع الدراهم بالدراهم مع عدم التقابض، وهذا هو ربا النسيئة. والله أعلم.

هل هذه أجور خدمة أم فائدة ربوية؟

هل هذه أجور خدمة أم فائدة ربوية؟ المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة التاريخ 08/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عرض علي مشروع تجاري مع أحد مخلصي الديون لدى البنوك، والمشروع كالتالي: عندما يكون أحد العملاء في حاجة لأي قرض من أي بنك، وكان عليه قرض من السابق كمبلغ وقدره عشرون ألف ريال، ولا يستطيع استلام قرض جديد حتى يقوم بسداد الأول، نقوم نحن بتسديد المبلغ وتقديم طلب قرض له وتسهيل معاملته وإنهاء جميع متطلباته والتزاماته في البنك، ونتفاوض معه إذا أنهينا معاملته وسددنا دينه يكون لنا مبلغ وقدره خمسة آلاف ريال مقابل هذه الخدمات أو حسب الاتفاق بيننا وبينه، فعندما ينزل القرض يحول المبلغ المتفق عليه مقابل الخدمة مع تسديد الدين الذي قمنا بسداده على حساب خاص لنا في البنك ويستلم هو المبلغ المتبقي من القرض الجديد الذي قمنا له بتسهيله تحت الاتفاق ورضى الطرفين، فنحن في المختصر قد سددنا عشرين ألف ريال، واستلمنا مبلغ وقدره خمسة وعشرون ريالاً، هل هذه العملية عملية ربوية أم أنها تحسب عليه كأتعاب وتسهيل معاملته كما أخبرني مخلص الديون؟ أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا، حيث إن لدي شكوكًا في هذا الأمر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فهذه المعاملة محرمة لاشتمالها على عدد من المحاذير الشرعية، ومنها:

1- القرض بفائدة، حيث إن الدائن (وهو الذي سميته مخلص الدين) يقرض المدين مالاً ويشترط عليه رده بأكثر منه، وهذا هو الربا، ولا يصح تسمية ذلك أتعابًا أو أجور تخليص ونحو ذلك؛ لأن الخدمة التي يقدمها الوسيط في حقيقة الأمر هي خدمة الإقراض وسداد الدين عنه، وهذه الخدمة لا يجوز الاسترباح فيها، بخلاف ما لو كانت الخدمة المقدمة غير مرتبطة بالتسديد عنه (أي لا قرض فيها) فيصح عندئذٍ أخذ الأجر. 2- قلب الدين على المدين، فهذا التصرف حيلة لزيادة مدة السداد على المدين وفي المقابل تزداد قيمة الدين، فبعد أن كانت ذمته مشغولة بعشرين ألف ريال تحل في شهرين مثلاً، أصبحت ذمته مشغولة بمبلغ أكثر ولمدة أطول، لنفس الدائن الأول، وهو أمر محرم، ويشابه الربا الذي كان يتعامل به العرب في الجاهلية حيث يكون الدين على الرجل فيقول له الدائن: زِدْني أُنظِرْكَ. أي زدني في قيمة الدين وأعطيك مهلة أكثر، ولو تأملت لوجدت أنه لا فرق بين المعاملة التي ذكرتها ومسألة "زدني أنظرك" سوى أن العرب في الجاهلية كانوا يأتون الأمر صراحة، بينما في هذه المعاملة أدخل طرف ثالث (الوسيط) حيلة، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام النهي عن الحيل فقال: "لا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتكَبتِ اليهودُ فتَسْتحِلُّوا مَحَارِمَ اللهِ بأَدْنَى الحِيَلِ". رواه ابن بطه-كما في تفسير ابن كثير 1/108- وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ؛ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا! ". أخرجه البخاري (2223) ومسلم (1582) . والله أعلم.

هل هذه الشراكة صحيحة؟

هل هذه الشراكة صحيحة؟ المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة التاريخ 20/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود معرفة ما حكم الدخول في مشروع تجاري بحيث أكون شريكاً لمدة محدودة ولنقل سنتين أدفع للشريك الأساسي مبلغ وقدره على سبيل المثال (مائة ألف ريال) بحيث يعطيني نصف صافي الربح الشهري بعد شهرين من التشغيل، وعند انقضاء فترة الشراكة التي تم تحديدها وهي سنتين يعطيني المبلغ الذي دفعته لدخول هذه الشراكة (100.000) بالإضافة إلى ضعف هذا المبلغ وهو (200.000) . علماً بأن كلا الطرفين راضٍ. وجزاكم الله ألف خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا التصرف لا يجوز؛ لأن حقيقة الأمر أنك أقرضته المال واشترطت عليه أن يضمنه لك ويرده بزيادة، والقرض إذا شرط فيه منفعة للمقرض فهو ربا ولو تراضى الطرفان، والطريق الأسلم للاستثمار هو المضاربة بأن تعطيه المال ليتاجر به مدة معينة ولك جزء من الربح (كالنصف أو الربع..ونحو ذلك) من دون أن يضمن لك رأسمالك أو أن يلتزم برده ورد زيادة معه بل تشتركان في الربح والخسارة. والله أعلم.

دفع رسوم عند تأجيل أحد الأقساط

دفع رسوم عند تأجيل أحد الأقساط المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة التاريخ 10/10/1425هـ السؤال شيوخنا الأفاضل: أخذت من البنك ما يسمى (بالتورق) ، ويمكن المقترض أن يؤجل أحد الأقساط إلى آخر المدة، ولكن يأخذ البنك مبلغ وقدره من 200 إلى 250 ريالاً تقريبًا للتأجيل، فهل المبلغ هذا يعتبر ربًا، أو أنه جائز؟ أفتونا جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فإذا كانت هذه الزيادة في الثمن مقابل التأجيل الطارئ عند عدم السداد أو العجز عنه، فهذا هو ربا الجاهلية المحرم بالاتفاق، فهم عند حلول السداد كانوا يقولون إما أن توفي، وإما أن تربي، أي إما أن تسدد، وإما أن تزيد في الثمن، والخيار الشرعي في هذا هو الإنظار للمعسر، كما قال الله تعالى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) [البقرة:280] . أما أن يزيد عليه الثمن، فهذا لا يجوز بحال. كان على البنك أو غيره من أصحاب الحقوق أن يحتاطوا لأموالهم بغير الطريق المحرم، كأخذ ضمان معين أو رهن، أو كفيل، وبهذا يحفظ صاحب الحق حقه. والله أعلم.

شبهة جريان الربا في العملات الورقية!

شبهة جريان الربا في العملات الورقية! المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة التاريخ 21/07/1425هـ السؤال طرح أحد الإخوة هذا الموضوع، وأتمنى أن أجد توضيحًا؛ جزاكم الله خيرًا، هل هناك ربا في العصر الحالي؟ أنا أرى أنه لم يعد هناك ربا بالمعنى الديني، وبالتالي أرى أن من حق أي إنسان أن يستفيد من إيداعاته بالبنك، وأن يتقاضى أرباحها حلالًا زُلالًا، وأرجو من علماء الدين مناقشة هذا الرأي، وإليكم التوضيح: حرم الربا عندما كانت العملة ذات سعر ثابت، حيث كان الدينار يشتري لك مثلًا عشرة من الإبل، الآن أو بعد 50 عامًا، وذلك لأن الدينار كان مسكوكًا من الذهب أو الفضة، وقيمته ثابتة لا تتغير، كما أن الدينار كان عملة لا سلعة تتداول في الأسواق، أما اليوم فقد أصبحت جميع العملات تشترى وتباع في الأسواق مثل الخضار والفواكه والملابس، وبالتالي وكما يحق لتاجر الخضار أن يضع الربح المناسب لبضاعته، يحق لرجل أودع نقوده في بنك يمارس بيع العملة أن يحصل على أرباح بضاعته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: الرأي أن حديث أبي سعيد وحديث عبادة - رضي الله عنهما- أخرجهما مسلم (158، 1587) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الذَّهَبُ بالذَّهبِ، والفِضَّةُ بالفضةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرُ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والمِلْحُ بالمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بسَوَاءٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى". وقولك في السؤال: بأن الدينار قيمته ثابتة لا تتغير، فهذا غير صواب، بل الدينار يتغير من قديم الزمن، وكذلك درهم الفضة، ولو فرضنا أنه لا يتغير فإن الشارع أثبت الربا فيه: "الذهبُ بالذهبِ والفضةُ بالفضةِ ... " إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: "مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواءٍ".

وأما قولك: إن العملات أصبحت الآن تباع وتشترى، فكذلك - أيضًا- في الزمن السابق كانت الدنانير والدراهم تباع وتشترى، ولهذا ورد في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: كنتُ أبيعُ الإِبلَ بالبَقِيعِ فأبيعُ بالدَّنانيرِ وآخُذُ الدراهمَ، وأبيعُ بالدراهمِ وآخُذُ الدنانيرَ. أخرجه أحمد (6427) ، وأبو داود (3354) . يعني: يبيعون بالدراهم ويبدلون بالدراهم دنانير، "ونبيع بالدنانير ونأخذ عليها الدراهم". والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة.." إلى أن قال: "مثلا بمثل سواء بسواء". وهذا المضروب وغير المضروب، فثبوت الربا في الذهب والفضة (الدراهم والدنانير) ، وما ذكره السائل- من شبهتين، هذا غير مسلَّم كما ذكرنا، وإذا ثبت هذا في الذهب والفضة، فإن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات، فالعلة - كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وغيره- في الذهب هي كونه ثمن الأشياء، وهذا يرد الآن على العملات الورقية، أنها ثمن للأشياء فيسري فيها الربا. والله أعلم.

يقترض عملة ثم يؤدي بعملة أخرى

يقترض عملة ثم يؤدي بعملة أخرى المجيب أحمد بن حسن المعلم رئيس مجلس علماء أهل السنة بحضرموت المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة التاريخ 24/11/1425هـ السؤال ما حكم من له أعمال تجارية عظيمة ومقاولات كبيرة، يَعْمِدُ إلى صرّاف معروف لديه، فيأخذ منه أموالًا طائلة كبيرة بمختلف أنواع العملة (المحلية، والدولار، والأردني، والسعودي..) من أجل هذه السيولة المالية التي عنده، ومن أجل تسيير العمل من غير انقطاع ولا عرقلة، علمًا بأن أموال هذا الصراف تُعاد له بالدولار، وبسعر ناقص عن السوق. فهل هذا الفعل جائز أم محظور؟ أفيدونا مأجورين مشكورين بالأدلة الشرعية الموضِّحة للحكم في هذه المسألة. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فهذه المعاملة فيها مخالفتان تعدان من أنواع الربا: أما الأولى: فهي اشتراط أن يكون تسديد الدين بالدولار، وهذا شرط باطل؛ لأن الأصل أن يكون تسديد الدين بنفس العملة التي أخذ بها. الثانية: أنه إذا أريد تبادل العملات فلابد من أن يتم التقابض في نفس المجلس دون تأخير وإلا فهو ربا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بِالفِضَّةِ رِبًا إلا هَاءَ وهَاءَ". أخرجه الترمذي (1243) وابن ماجه (2260) وأبو يعلى (209) . وقد صدرت قرارات المجامع الفقهية المعاصرة أن حكم العملات من حيث الربا هو حكم الذهب والفضة، وأنه لا يجوز بيعها ببعضها البعض إلا إذا كان يدًا بيد.

وهناك أمر ثالث صريح في الموضوع: وهو أن من كان عليه دين لأحد بعملة معينة فلم يجد تلك العملة، وإنما أراد أن يسددها بعملة أخرى أنه يجوز ذلك بشرط أن تكون بسعر يومها- أي لا يستفيد الدائن ولا المدين من جراء ذلك التبديل، ومن هذا حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال: (كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ؛ آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رُوَيْدَكَ أَسْأَلُكَ، إِنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ ". أخرجه أبو داود (3354) والترمذي (1242) والنسائي (4582) . فمن أخذ عن العملة التي في الذمة عملة أخرى بغير سعر يومها فقد وقع في المخالفة، بل في الربا. وعلى هذا أنصح الأخ السائل أن يتقي الله تعالى، ويتجنب هذه الأمور المحرمة، أو على الأقل المشتبه فيها؛ حتى لا يعصي الله في هذه المعاملة؛ فيترتب على ذلك محق البركة، وسخط الله سبحانه، وربما تعجيل عقوبة. على أن ترك مثل هذه المعاملة متيسر، ولو لم يكن متيسرًا فإن من ترك شيئًا لله عوَّضه الله عزّ وجل خيرًا منه. فأسأل الله تعالى، أن يوفق الجميع للعمل بالحق، وتجنب الخطأ، وأن يبارك للإخوة السائلين في أنفسهم وأموالهم. إنه سميع مجيب.

أحكام البنوك والتعامل معها

أخذ قرض ربوي لبناء مسكن المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 3/7/1422 السؤال : أنا شابٌ متزوج، وعندي أطفال، وأعيش مع أهلي في بيتٍ ضيق ممتلئ، واستطعت أنا وأخي تدبُّر النقود، واشترينا قطعة أرض صغيرة، وحاولنا جاهدين أن نقترض من أهل الخير لنبني بيتاً متواضعاً نعيش فيه نحن وأطفالنا، لكننا لم نستطع، والآن نحن نمرّ بأزمة؛ لأننا جميعاً في البيت، ونعاني من مشاكل كثيرة جداً، وآلام نفسية واجتماعية تؤثر علينا وعلى أطفالنا، فهل من الممكن أن تفتونا في أخذ قرض من البنك، لنبني فيه مسكناً متواضعاً يسترنا، وأطفالنا من الضياع. الجواب لا يجوز لكم ذلك؛ لأن الله _ جلّ وعلا _ قد توعّد المرابين بما لم يتوعّد غيرهم. فأخذ القرض بفائدة ربويّة محرّم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين الذين يُعتدّ بقولهم. وإذا لم يتيسّر القرض الحسن، فليعمل بيعاً وشراءً وكسباً حلالاً حتى ييسّر الله له ما يقضي به حاجته. وله أن يتّفق مع من يتولّى عمارة البيت بقيمة مؤجّلة، أو مقسّطة بأقساط عديدة يتيسّر له سدادها من كسبه. ولو كان في السعر زيادة من أجل تعدّد الأقساط، فلا بأس بذلك. فما من معاملة محرّمة إلا وقد شَرَع الله لنا ما هو خيرٌ منها حلالاً لا شُبهة فيه، وعلى المرء أن يحرص على تلمّس الحلال في أكله، وشربه، وبيعه، وشرائه، وسائر عقوده. ومن تحرّى الحلال وفّقه الله لاستجابة الدعاء، كما أن الكسب الحرام سبب لعدم القبول، وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ((الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه على السماء، ياربّ ياربّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذّي بالحرام فأنى يستجاب له)) أخرجه مسلم (1015) .

هل هذا النظام البنكي مشروع؟

هل هذا النظام البنكيّ مشروع؟ المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 3/8/1422 السؤال يوجد في أحد البنوك نظام يدعى نظام (تيسير) يعطونك مبلغاً من المال ويأخذون الزيادة لكن بطريقة البيع والشراء، ولديهم توقيعات بعض المشايخ بصحة النظام. أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً عن هذا النظام ومدى شرعيته، أثابكم الله وسدد خطاكم على التقوى؟ الجواب بسم الله والحمد لله، أخي الكريم لم تبين ماهية هذا النظام، غير أنك أخبرت أنه بطريقة البيع والشراء، فإن كان مقصودك أن البنك يبيع عليك سلعة بثمن مؤجل يكون أكثر من الثمن الحال "نقداً" فهذه لا بأس بها إن كان البنك قد ملك السلعة قبل بيعها ولم يشترط عليك الالتزام بشرائها بعد ما يملكها. أما إن كان البنك لا يمتلك السلعة، وإنما يقوم بدفع ثمنها للتاجر، وتقوم أنت برد هذا الثمن إلى البنك مع زيادة عليه مقابل الأجل، فهو ربا، والله أعلم. وبكل حال: فإن نصيحتي لكل مسلم ألا يتعامل مع البنوك الربوية، ولو كانت معاملة شرعية حسب الظاهر لما يلي: - 1. أن من شأن ذلك منافسة البنوك الإسلامية، وهو مقصود. 2. أن من شأن ذلك دعم البنوك الربوية. 3. أن البنوك الربوية فيما تظهره من معاملات إسلامية لا تؤمن في جانب التطبيق من المخالفة الشرعية. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

التقسيط مع البنوك لشراء المنزل

التقسيط مع البنوك لشراء المنزل المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط التاريخ 29/4/1422 السؤال ألجأت الظروف بعض الإخوان للعيش في بلاد الكفار، ويقوم هؤلاء بدفع إيجارات المساكن التي يسكنونها، غير أنه يمكنهم تملك هذه المساكن والطريقة التي يتم بها ذلك كالتالي: يقوم أحد البنوك بتسديد رسوم الإيجار عن المستأجر بعد اتفاقه مع المالك، ويقوم المستأجر الأصلي بدفع الأقساط إلى البنك بعد التفاهم معه على القيمة الإجمالية للبيت، غير أن المشتري من البنك إذا تأخر في تسديد أقساطه فإن البنك يزيد في المبلغ. علماً بأن هذه الطريقة هي الطريقة الغالبة لأصحاب الدخل المحدود، والغالبية من المسلمين لا يمكنهم تملك منزل إلا بهذه الوسيلة. وهل هناك فرق بين استعمال هذه الطريقة في الحاجات الضرورية للناس مثل السكن وبين غيرها من الكماليات أم الحكم عام في الجميع؟ الجواب يجوز هذا التعامل للحاجة الضرورية مع الحرص على عدم تأخر الأقساط حتى لا يزيد البنك في المبالغ مقابل التأخر، فإن الزيادة ربوية، فلا يجوز إقرارها، وإن كان بعض العلماء كالحنفية أجازوا الربا مع الكفار، ولعلهم خصوا ذلك بالضرورة فيُقتصر على قدر الضرورة على هذا القول، والله أعلم.

التعامل مع البنوك الإسلامية

التعامل مع البنوك الإسلامية المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 22/7/1422 السؤال أريد أن أعرف حكم التعامل مع البنوك الإسلامية الموجودة داخل مصر؟ الجواب الأصل في التعامل مع البنوك الإسلامية الجواز، مالم يتضح أن عملية بعينها ممنوعة شرعاً، فتحرم هذه العملية، ويبقى الباقي على الأصل.

هل هذا من الربا؟

هل هذا من الربا؟ المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 13/7/1425هـ السؤال شيخي الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أرجو إفتائي في بعض المسائل المتعلقة بالقروض وهي كالتالي: 1- إذا أردت شراء سيارة بنظام القسط (وطبعاً سوف يخبرني البائع عن سعر الفائدة الذي سوف يحسب على أساسه القسط، وهذا تبعاً للضمانات التي سوف أقدمها له) ، هل هذا يعتبر رباً أم لا؟ إذا كنت قد أخذت بالفعل قرضاً من بنك ما، لحاجتي له في عملي ومعاشي، وقد كنت أخذت جزءاً منه لشراء سيارة، هل هذا ربا؟ وإذا كان كذلك، ماذا أفعل للتخلص منه ومن ذنبه؟ -ولكم جزيل الشكر وجعلكم الله نفعاً للمسلمين-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. طالما أن السائل قد اشترى، أو قد اتفق مع مريد بيع السيارة على الشراء، وعلى ثمن الشراء، وعلى تحديد الأجل، وعلى تحديد الثمن، ثم جرى العقد بينهما على هذا الاتفاق، بعد أن تم التأكد بأن البائع مالك للذي باعه وهو السيارة مثلاً، فلا يظهر في ذلك بأس، ولا يعتبر ذلك من الأمور المنهي عنها، أو من الأمور الربوية، وإنما هذا بيع، والله - سبحانه وتعالى- يقول: "وأحل الله البيع وحرَّم الربا" [البقرة: 275] ، وقال - سبحانه وتعالى- في ذكر أحكام البيوع المؤجلة: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ... " [البقرة: 282] ، فهذا يدل على أن البيع إذا كان مؤجلاً فهو بيع صحيح، ولو كان الثمن زائداً عن قيمته أو ثمنه في الحال، فإن هذه الزيادة في مقابل تأجيل الثمن إلى ما يتفقان عليه.

أما ما ذكر السائل من أنه أخذ من البنك قرضاً بفائدة ربوية وليس شراء سلعة ونحوها، فهو حرام، وقد قال - سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة: 275] ، وقال -سبحانه وتعالى-: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" [البقرة: 278-279] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه" رواه مسلم (1597) ، وعليه أن يتقي الله - سبحانه- وأن يتوب، وأن يستشعر ذنبه في ذلك، وألا يعود إلى مثل هذا، ونظراً إلى أن القضية قد انتهى أمرها، وليست الآن بمقدوره حتى يحتاط، وحتى يقلع، ويبتعد، بل حسبما جاء في سؤاله أن اقتراضه قد تم، وأنه قد أخذ المبلغ، واشترى ببعضه سيارة وباقيه قضى به حوائجه، وقد استقرت ذمته بذلك المبلغ، وبما عليه من فوائد ربوية، وهذا لا شك أنه إجرام، ولا شك أنه معصية منه، فعليه أن يستغفر الله، وأن يتوب إليه، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يتجاوز عنه، ويغفر له.

العمل في البنوك

العمل في البنوك المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 23/3/1424هـ السؤال ما حكم العمل في البنوك؟ فأنا كنت أعمل في بنك ببلدي فيها يطلق عليها البنوك الإسلامية، لكنها في حقيقة الأمر ليست كذلك، فكيف أكفر عن هذا العمل الذي كنت أعمل به؟ فأرجو من فضيلتكم الإفادة، وجزاكم الله خيراً. الجواب المال إذا كان محرماً لكسبه، فلا يخلو الكاسب من أمرين، الأمر الأول: أن يعلم وجه التحريم، وأن هذا الكسب محرم فإن عليه أن يتخلص منه بوجوه القربات، حيث يتصدق به على الفقراء والمساكين، ويجعله في الجمعيات الخيرية وبناء المساجد، والمدارس الشرعية وغير ذلك. الأمر الثاني: أن يجهل أن هذا الأمر محرم، أو يظن أنه حلال.. إلخ، ثم يتوب فهذا ليس عليه شيء.

التقسيط بين البنك والمعرض

التقسيط بين البنك والمعرض المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 6/3/1424هـ السؤال عندي معرض سيارات، وأمتلك فيه سيارات، وأبيعها لمن جاء بالكاش، ومن أراد أن يشتري بالتقسيط أقول له: اذهب لأي بنك راتبك محول عليه، ما عدا الراجحي، وأطلب منه أن يحضر مشهداً براتبه، ثم أعطيه تسعيرة للبنك المحول راتبه عليه، ليشتري البنك السيارة، والبنك يرسل خطاباً بالموافقة على أن يشتري السيارة ويبيعها بالأقساط على الزبون، وقد يحدث بيننا وبين البنك تفاوض على السعر، وإذا تم الاتفاق نبعث بيانات السيارة ثم يبيعها للزبون، وتصبح في ملكية الزبون، ثم يعرضها الزبون للبيع وهي عندنا في المعرض، فنتفاوض معه على شراء السيارة منه، وقد نتفق وقد لا نتفق، ويسحب سيارته ويبيعها على غيرنا. الجواب هذا العمل لم يستوف الإجراءات الشرعية، وبالتالي فلا يسوغ شرعاً، والإجراءات الشرعية كما يلي: إذا جاء من يرغب الشراء بالتقسيط فلا بأس أن يعطي إفادة بالبنك المحول راتبه عليه، ويُعْطَى تسعيرة للسيارة، ثم يتعين على البنك أن يشتري السيارة من المعرض ويخرجها منه، ويحوزها بأوراقها النظامية، ثم بعد ذلك يعقد مع المشتري عقد البيع بالتقسيط، ثم بعد أن يقبضها المشتري ويحوزها بأوراقها النظامية، ويستلمها من البنك، ويخرجها عن موقع البيع، له أن يبيعها في أي مكان وعلى أي شخص عدا البنك، ولو كان المعرض الأول، والله أعلم.

شراء منزل عليه أقساط ربوية

شراء منزل عليه أقساط ربوية المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 19/11/1424هـ السؤال أخذ أحدهم قرضا من البنك، واشترى بهذا القرض منزلاً، وبقي في ذمته جزء مستحق للبنك، السؤال: هل أستطيع أن أشتري هذا المنزل من صاحبه، على شرط دفع المبلغ المستحق المتبقي للبنك؟ ملاحظة: البنك ربوي. الجواب نظراً لأن العلاقة بين المشتري الأول وبين البنك هي علاقة اقتراض بفائدة أي عقد ربا، فإن الحلول محله في شراء هذا البيت وسداد هذه الأقساط لا يجوز؛ لوجود الزيادة الربوية في الدين، وبيان ذلك: أن العلاقة السابقة في العقد كانت غير صحيحة أي هي فاسدة أو باطلة حسب الخلاف بين الحنفية والجمهور، فيكون ما يبنى عليها وهو الشراء من هذا المقترض والحلول محله في الأقساط غير صحيح؛ لأنه عقد فاسد أو باطل، والقاعدة هي أن ما بني على الباطل باطل، ولذا ننصح السائل بعدم الحلول محله في تحمل هذه الأقساط، وعليه بالبدائل الشرعية الجائزة، والله الموفق.

استخدام (الكريد كارد)

استخدام (الكريد كارد) المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 2/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي: ما هو حكم استخدام بطاقة ما يسمى بالكريدت كارد؟ مع العلم أنني حولت عملياتي في هذه البطاقة مباشرة إلى الحساب، أي بدون الانتظار ومن ثم تبدأ الفوائد، وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: إذا كنت تقيم في الغرب ولا يمكنك الحصول على بطاقة ائتمان إسلامية، فلا حرج إن شاء الله من استعمالك لبطاقة الائتمان التي تصدرها البنوك الأجنبية بشرط عدم التأخر في السداد لتجنب احتساب الفوائد كما أشرت في السؤال، والله أعلم.

خدمة (كاش يوكارد)

خدمة (كاش يوكارد) المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 30/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو عن خدمة جديدة مطروحة على الإنترنت وتدعى (كاش يو كارد) وهي خدمة تابعة لموقع مكتوب (دوت كوم) على الإنترنت: (www.maktoob.com) وعنوان هذه الخدمة هو: (comwww.cashucard) ويقوم هذا الموقع بفتح حسابات ماستر كارد جديدة للزبائن (بالتعاون مع البنك الأهلي الأردني) وذلك مقابل رسوم سنوية تقدر بسبعة دولارت فقط، ولا يستطيع الزبون استخدام الماستر كارد هذه إلا في تعاملات على شبكة الإنترنت، مثل: شراء الكتب ... إلخ، ولا يستطيع الحصول على البطاقة نفسها، ولكن على الرقم السري للبطاقة ليستخدمها في التعاملات على الشبكة (لكن الماستر كارد تكون ملك له) ، ولتعبئة رصيد البطاقة يقوم الزبون بشراء بطاقات بقيم مختلفة 10 دولارات-30دولاراً -50دولاراً-100دولار-300دولار من موقع cashucard فيتم تعبئة رصيده بقيمة هذه البطاقة، حالها كحال البطاقات المدفوعة مسبقا الخاصة بالهاتف المتحرك مثلاً، فما صحة هذا التعامل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: الأظهر أن هذه الخدمة جائزة ولا محذور فيها، بشرط ألا تستخدم في شراء عملات أو ذهب أو فضة لئلا تصبح المعاملة نقداً بنقد مع التفاضل والتأجيل فتكون من الربا المحرم، أما إذا استخدمت في شراء سلع وخدمات مشروعة فلا حرج فيها إن شاء الله.

الإيداع في البنوك الربوية

الإيداع في البنوك الربوية المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 3/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا طالب جامعي أعيش مع أمي فقط، كانت تعمل ثم تركت العمل، وكانت تضع أموالها في البنك ولقد علمت أن أموال البنوك ربوية، وخصوصاً الفوائد، فما حكم طعامي؟ وإن كان يجوز فهل له كم معين أو كيفية معينة؟ علماً أني أخبرتها بحرمة هذه المعاملة، وأسأل الله أن يهديها، أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن الربا محرم شرعاً، وهو من كبائر الذنوب، يقول الله عز وجل:"الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون*يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم" [البقرة:275-276] ، وقال:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلِمون ولا تُظلَمون" [البقرة:278-279] ، وقال -عليه الصلاة والسلام-:"اجتنبوا السبع الموبقات" (2767) ، ومسلم (89) ، وعد منها أكل الربا، وقال -عليه الصلاة والسلام-:"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" مسلم (1597) ، والفوائد التي تعطيها البنوك على الودائع التي عندها هي من الربا المحرم، ولذلك لا يجوز أخذها، وآكلها آكل للربا المحرم شرعاً، ولا فرق في ذلك بين القليل والكثير، وعليه أن يتوب إلى الله عز وجل، وشروط التوبة هي: (1) الإقلاع عن الذنب. (2) الندم على ما فات. (3) العزم على عدم العودة إليه.

(4) وأن يكون ذلك في الوقت الذي تقبل فيه التوبة (وهو ما لم تقم الساعة، أو تبلغ الروح الحلقوم) . (5) رد الحقوق إلى أهلها. وما فعلته أمك إن كان مجرد أنها تضع أموالها في البنك وديعة خوفاً عليها، وتأخذها كما هي بدون زيادة فهذا لا بأس به، والأولى أن تضعها لدى البنك الذي لا يتعامل بالربا، وإن كانت تأخذ عليه الفائدة، فهذه الفائدة ربا كما ذكرت لك، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الاقتراض من بنك: إسلامي

الاقتراض من بنك: إسلامي المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 22/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أنا تاجر أتعامل مع بنك إسلامي وهو يتعامل بالمرابحة والمشاركة والتي تتمثل في شراء الآلات للمستثمر ويأخذ عليها أرباحاً باتفاق مسبق، أي بمعنى أن المستثمر يقدم فاتورة للبنك تمثل سعر الآلات فيقرضه هذا سعراً زائداً بمثل الربح الذي يأخذه على هذه الآلات، ما رأي فضيلتكم في شرعية هذا التعامل؟ وشكراً. الجواب إذا كان الحال كما ذكر السائل من كون البنك يقرض العميل قيمة السلعة التي رغب في شرائها ويرجع إليه العميل هذا المبلغ بأقساط شهرية تكون في مجموعها أكثر من قيمة القرض فهذا من الربا المحرم الذي لا يجوز فعله للبنك ولا للمقترض. وأخشى أن يكون السائل لم يفهم العلاقة التي تكون بين العميل وبين البنك المذكور. فإذا رغب الشخص في شراء سلعة معينة وذهب إلى البنك وأخبره بها وطلب منه شراءها ثم يشتريها منه هو بثمن مؤجل فإن هذا يسمى (بيع المرابحة للآمر بالشراء) وهو من البيوع الجائزة -إن شاء الله-، ولكن يشترط لجوازها وصحتها ما يلي: (1) أن يشتري البنك السلعة المأمور بشرائها ويقبضها قبضاً شرعياً بحيث تكون تحت ضمانه. (2) أن يبيعها على العميل بعقد مستقل، ولا يلزم العميل الآمر بالشراء بشراء هذه السلعة. فإذا تحققت هذه الشروط فإن العقد صحيح وجائز شرعاً حتى لو كان البيع بثمن مؤجل أكثر منه حالاً لأن هذا هو الغالب. ولكن يجب التأكد ألا يكون البنك متحايلاً في هذه المعاملة بحيث يعطي العميل شيكاً أو كمبيالة للجهة المالكة للسلعة فيشتريها منها ثم تتوجب الأقساط في ذمة العميل، فهذا من الربا المحرم، والله الموفق.

الاستثمار في بنك إسلامي

الاستثمار في بنك إسلامي المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 19/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. معي مبلغ من المال وقد أخبرني صديق لي بأن أضعه في بنك إسلامي من أجل الاستثمار الحلال، فقابلت مدير البنك وسألته عن نشاطهم الاستثماري، فقلت له: ماذا تشترون بهذه النقود؟ فأجاب بأنهم يشترون كل شيء ما عدا الخمر ولحم الخنزير وكل ما هو معلوم بأنه حرام فإنهم لا يشترونه، وسألته إذا أردت أخذ قرض منكم فهل تمانعون؟ فقال: إننا لا نعطي قروضاً، ولكن إذا أراد أحد شراء شيء فإننا نشتريه ونبيعه له بالأجل بسعر أعلى، وسألتهم عن معدلات الأرباح خلال الثلاث سنوات الماضية، فأعطوني أرقاماً متغيرة. ولكن بالنظر في تلك الأرباح وجدتها متقاربة إلى البنوك الأخرى المعروفة بأنها ربوية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، بداية نشكر لك اهتمامك وحرصك على استثمار مالك بما أباح الله، ولا شك أن هذا مطلب لكل مسلم في هذه الحياة. واستثمار المال في البنك الذي ذكرت في مصر خير لك من وضعه في بنوك ربوية تعلن الحرب على الله جهاراً نهاراً عياذاً بالله. وكون الشخص يضع ماله في البنك للمضاربة والاستثمار يعتبر من عقد المضاربة وهو من العقود الصحيحة ويشترط له حتى يكون جائزاً وصحيحاً شرعاً: (1) ألا يشتري المضارب إلا حلالاً وهذا تحقق في سؤالك لهم. (2) ألا يرابي البنك المضارب بالمال وكذا لا يتعامل بالميسر وبيع الغرر. (3) ألا يتعامل بالغش وأكل المال بالباطل، أي: الظلم. فإذا تحققت هذه الشروط في المضاربة فإنها صحيحة بإذن الله.

وكون النسبة التي يعطيها البنك من الربح مقاربة للنسبة التي يعطيها البنك الربوي لا يضر إذا لم يثبت فعلاً أن البنك يتعامل بالربا سراً ويعطي الفوائد على القروض أو يودع في البنوك الربوية الأخرى. فإذا ثبت ذلك فإنه لا يجوز التعامل معه ويجب نصحه وبيان ذلك للمتعاملين معه، ولكن يجب -وأكرر ذلك- التأكد من ذلك وعدم الاعتماد على كلام الآخرين من سائر أصناف المجتمع، إلا من علم ذلك من أهل العلم بطريق مباشر. والأصل أن المسلم مكلف بالظاهر والله يتولى السرائر فإذا اجتهدت في تحري ذلك ولم يتبين لك شيء من المحظورات فاستثمر مالك معه، وإن تبين لك خلاف ذلك فاستثمر مالك مع غيره أو بنفسك، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

التعامل مع بنك البركة

التعامل مع بنك البركة المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 21/2/1424هـ السؤال أتعامل مع بنك إسلامي سعودي جزائري ولديهم في معاملاتهم المرابحة والمشاركة، أي يأخذ الربح على الفائدة لكن إذا لم تحصل على فوائد ولم تدفع المستحقات في وقتها المحدد يطبقون عليك قانون الحجز بمعنى لا يعترفون بالخسارة، هل يجوز أن أقترض من هذا البنك لإنجاز مشروع استثماري مهم ويعود بالفائدة على الناس جميعاً أم لا؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب إذا كان الحال كما ذكر السائل من كون البنك يقرض العميل قيمة السلعة التي رغب في شرائها ويرجع إليه العميل هذا المبلغ بأقساط شهرية تكون في مجموعها أكثر من قيمة القرض فهذا من الربا المحرم الذي لا يجوز فعله للبنك ولا للمقترض. وأخشى أن يكون السائل لم يفهم العلاقة التي تكون بين العميل وبين البنك المذكور. فإذا رغب الشخص في شراء سلعة معينة وذهب إلى البنك وأخبره بها وطلب منه شراءها ليشتريها منه بثمن مؤجل فإن هذا يسمى (بيع المرابحة للآمر بالشراء) وهو من البيوع الجائزة -إن شاء الله-، ولكن يشترط لجوازها وصحتها ما يلي: (1) أن يشتري البنك السلعة المأمور بشرائها ويقبضها قبضاً شرعياً بحيث تكون تحت ضمانه. (2) أن يبيعها على العميل بعقد مستقل، ولا يلزم العميل الآمر بالشراء بشراء هذه السلعة. فإذا تحققت هذه الشروط فإن العقد صحيح وجائز شرعاً حتى لو كان البيع بثمن مؤجل أكثر منه حالاً لأن هذا هو الغالب. ولكن يجب التأكد ألا يكون البنك متحايلاً في هذه المعاملة بحيث يعطي العميل شيكاً أو كمبيالة للجهة المالكة للسلعة فيشتريها منها ثم تتوجب الأقساط في ذمة العميل، فهذا من الربا المحرم، والله الموفق.

الإيداع في البنك الربوي

الإيداع في البنك الربوي المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 7/2/1425هـ السؤال أنا موظف في قطاع حكومي، وراتبي أحصل عليه من أحد البنوك الربوية (لأنه لا يوجد لدينا بنك إسلامي) ، وعند فتح الحساب في هذا البنك؛ عرض البنك عليّ إما (حساباً بفائدة، أو حساباً بدون فائدة) ففضلت بدون فائدة بعداً عن الربا، ولكن سمعت آراء بعض العلماء تفضل الحساب بفائدة، ثم الاستفادة من هذه الفائدة بتوزيعها في وجوه الخير، فما رأيكم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: 01 لا يجوز لك الإيداع في البنك الربوي إلا في حال الضرورة، مثل: أن تعلم أو يغلب على ظنك عند عدم الإيداع أن يسرق مالك، أو تخشى على نفسك، ولا يوجد طريق غير البنك الربوي للتعامل معه، والضرورة تقدر بقدرها؛ لأن الإيداع في البنك الربوي إعانة له على الربا، وتقوية له على ذلك. 02 لا يجوز لك الدخول في العقد الربوي (وهو هنا: الحساب بفائدة) من أجل الاستفادة منها بتوزيعها على الفقراء؛ لأن الدخول في العقد الربوي تعامل بالربا الذي هو محاربة لله ولرسوله، وهو من أكبر الكبائر. 03 إذا لم تكن تعلم ذلك، وأعطاك البنك فوائد فلا تدعها عنده ليتقوى بها، وإنما خذها في مثل هذه الحالة، واصرفها في وجوه الخير، والله الموفق.

حكم الإعلان عن البنوك الربوية في مواقع الإنترنت

حكم الإعلان عن البنوك الربوية في مواقع الإنترنت المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 18/10/1422 السؤال لدي موقع على الإنترنت عبارة عن دليل للمواقع، وضمن تلك المواقع التي في الدليل العديد من البنوك، -وكما تعلم- أن البنوك معظمها إن لم يكن جميعها تتعامل بالربا - أعاذنا الله وإياكم منه - فهل وجودها في موقعي يعتبر مساعدة لهم في أعمالهم الربوية؟ وهل يجب عليّ أن أزيلها من الدليل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: إن غالب البنوك تعتمد في عملياتها على الربا، وقليل منها بل والنادر من يسلّم من ذلك، ومعلوم أن وضع عناوين البنوك هو دلالة عليها ودعاية لها، ومعلوم أن الربا محرم في الكتاب والسنة والإجماع، بل جاء التشديد فيه في أكثر من آية في كتاب الله - تعالى - ومن ذلك قوله - سبحانه -:" الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " [البقرة: 275] . وقوله - سبحانه -:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " [البقرة: 278 - 279] . كما حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعله من السبع الموبقات. وعلى ذلك لا يجوز الدلالة على البنك أو الدعاية له، وفي ذلك مشاركة له في الإثم والعدوان، كما أن في ذلك خيانة للمسلمين المطلعين على موقعك الذي يفترض منك كمسلم أن تنصح لكل مسلم، لا أن تدلهم على ما حرم الله - سبحانه وتعالى -.

وإني أنصح الإخوة في وسائل الإعلام المتنوعة أن يتجنبوا الدعاية للبنوك الربوية، وهي لا تبذل أموالها في ذلك إلا لمعرفتها ما تجنيه من وراء ذلك من عملاء، وأرباح، وسمعة. وفي ترك الدعاية لها خوفاً من الله - تعالى - واتقاءً لسخطه تقديم لمرضاة الله - سبحانه - على عروض الدنيا. والأرزاق بيد الله - سبحانه وتعالى - وهي مقدرة مكتوبة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ونحن مسؤولون أمام الله - تعالى - عما استرعينا، لا سيما تلك الوسائل الإعلامية، فإن خطرها عظيم لسعة انتشارها. والله أعلم.

معاملتكم ليست ربوية

معاملتكم ليست ربوية المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 11/9/1422 السؤال مجموعة من الشباب الملتزمين لهم أعمال تجارية على أساس إسلامي يحتاجون إلى دَيْن لأحد مشاريعهم، ويوجد صاحب البنك يحب التعامل على أساس الإسلام لكنه مقيد بقوانين الدولة فلا يستطيع ذلك رسمياً لذا قدم لهم حلاً كالآتي: أن يقوم بتسليفهم مبلغ (000ر100) مائة ألف مارك ألماني لمدة سنة بفائدة 6% حسب قانون البنك على أن يقوم هو برد هذه الفائدة لهم من ماله الخاص، أي: يعطيهم ألف في بداية العقد وأن يردوا له (000ر106) ألف بعد مضي سنة، علماً أنه يشاركهم في هذه التجارة، نرجو إفادتنا بالحكم الشرعي، أو أي حل آخر في إطار الشريعة. وجزاكم الله خيراً. الجواب القاعدة الشرعية هي أن القرض يرد بمثله ولا يجوز اشتراط الزيادة عليه في القدر أو الصفة، وحيث إن صاحب البنك سيقدم المبلغ المقترض وهو مائة ألف مارك من البنك الذي يملكه، وستة آلاف من عنده ثم يستردها بعد سنة مائة وستة آلاف (حسب ما يتضح من السؤال) ، فإن العقد صحيح ولا يوجد ربا في المعاملة. ولا يهم اختلاف الذمتين، ذمة البنك، والذمة الشخصية المباشرة للتاجر صاحب البنك؛ لأن مرجعهما واحد وهي ذمة الشخص صاحب البنك. كما لا يهم كونه شريكاً لهم في التجارة؛ لأن ذمته مختلفة عن ذمة المؤسسة التي سيشاركهم فيها. وفقكم الله للرزق الحلال الطيب المبارك.

حكم العمل في البنوك الربوية

حكم العمل في البنوك الربوية المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/العمل والعمال التاريخ 5/9/1422 السؤال إنني مهندس اتصالات وشبكات، عرض عليّ العمل في أحد البنوك التي يغلب على تعاملها المعاملات الربوية كمهندس في قسم الشبكات والحاسب، سمعت عن فتوى تجيز العمل في هذه البنوك حتى لا يسيطر غير المسلمين عليها داخل البلد الإسلامي، وأن العامل فيها يأخذ أجر الاحتباس في أوقات العمل. الجواب إن الذي يعمل في البنوك الربوية لا يخلو عمله من أحوال: الحال الأولى: أن يكون رباً صِرفاً سواء كان للعامل (الموظف) ، أو لغيره (البنك) كالقرض بفائدة مشروطة، سواء كان بالقرض المباشر من إدارة القروض، أو كان طريقه أدوات الائتمان كالكمبيالة من جهة حسمها، وبطاقة الائتمان، ونحو ذلك، فهذا الصنف العمل فيه عمل بالربا، وهو ممنوع لما سيأتي من أدلة. الحال الثاني: أن يكون عمله مما يدعو، ويؤدي إلى الربا، مثل ما تسميه البنوك بـ " أدوات الائتمان " وهي أعمال خدمية غاية البنوك منها أن تكون وسيلة لتسويق وترويج سلعتها الأساسية " الربا "، ومن أمثلتها: الاعتماد المستندي، فتح الاعتماد البسيط، خطاب الضمان، بطاقة الائتمان، ونحو ذلك، فهذا الصنف العمل فيه إعانة على الربا، فهو ممنوع لهذا الاعتبار، وأدلته ستأتي علاوة على أن جنس هذه الأعمال لا تخلو من مخالفات شرعية على الراجح، كالتكسب بالكفالة وأخذ أجر عليها، وكاصطناع خدمات عدة يلزم العميل بدفع مقابلها على هيئة رسوم، أو عمولة، أو خدمات، ونحوها، ودعوى ما يستحق الأجر بمقابله يضيق عند التحقيق، بحيث يظهر أن مقصودها أكل أموال الناس بالباطل بمجرد ما يدعيه من هذا القبيل، وهو مما يحتج به على منع العمل فيها.

الحال الثالث: أن يكون عمله مشروعاً – من حيث الظاهر –، ومثاله: ما تعلن البنوك الربوية القيام به من أعمال مشروعة – على الراجح – كالمرابحة للآمر بالشراء، وصناديق الاستثمار الاسلامية، ونحوها. وجنس هذه الأعمال علىفرض سلامتها من مخالفة شرعية – والغالب عدمه – فإن غاية البنوك منها أن تتقوى بها على دعم رسالتها الأساسية " الربا " من خلال: 01 منافسة البنوك الإسلامية كيلا تسحب العملاء عنها. 02 تقوية مركزها المالي. ويترتب على مزاولة البنوك الربوية لهذا الجنس من الأعمال مفاسد منها: 01 منافسة البنوك الإسلامية. 02 إذابة الفروق بين البنوك الربوية والبنوك الإسلامية، ومن مقاصد الشريعة: " تمييز الخبيث من الطيب ". 03 التلبيس على العامة، وهو فرع عن سابقه. 04 التلبيس على بعض المفتين، وطلاب العلم، وهو فرع عن سابقه رقم "2". 05 ويترتب على التلبيس على العامة أن يألفها الناس، فلا يأنفونها ولا يتورعون عن التعامل معها، وهذا فيه ما فيه. 06 ويترتب على التلبيس على الخاصة تغيَّر نظرتهم تجاهها، مما يؤثر على فتاويهم ومواقفهم بشأنها على نحوٍ يكون فيه ما فيه من التسامح. 07 ويترتب على كل ما سبق دعم البنوك الربوية. وإذا كان الربا هو أساس عمل هذه البنوك، ولا تزال تمارسه وتدعو إليه بجانب ما تقوم به من أعمال تدعي أنها إسلامية. وإذا كان من شأن هذه الأعمال دعم رسالة البنوك الربوية، وتثبيت قدمها، وإحداث القبول لها من العامة، وبعض الخاصة، وإذا كانت الشريعة المطهرة تعتبر بالمآلات، وتنيط بها أحكامها، وإذا كان من المقرر عند الفقهاء في قواعدهم " المعاملة بنقيض القصد " فالظاهر عندي منع العمل فيما هذا جنسه لدى البنوك الربوية تفويتاً للفرصة عليها، ومعاملة لها بنقيض قصدها، ودفعاً للضرر عن البنوك الإسلامية.

الحال الرابع: أن لا يكون عمله من قبيل المعاملات المالية المصرفية المذكورة في الأحوال الثلاثة السابقة، وذلك له أحوال مختلفة، ومن أظهرها موضوع السؤال، وهو العمل في الحاسب الآلي كأن يكون مبرمجاً، ومهندساً لنظم البنك التي تقوم عليها معاملاته، وتنضبط بها شؤونه، فهذه معونة على الربا أظهر من مجرد كتابة عقده المتوعد عليها. وبكل حال: فإن القيام بعمل الربا، أو المعونة عليه ممنوع شرعاً لما يلي: 01 لتحريم الربا: فإن المحرم لا يجوز للإنسان أن يفعله لنفسه أو لغيره، وإن كان يحرم عليهما معاً، والربا من ذلك. 02 لنهي الله - تعالى - عن التعاون على الإثم والعدوان كما في قوله - تعالى -: ".. ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.." 03 للعن آكل الربا، والمعين عليه، كما في الحديث الذي رواه مسلم (1597) " لعن الله آكل الربا، وَمُؤْكِلِهُ، وكاتبه، وشاهديه ... ". والملعون - عياذاً بالله - في هذا الحديث أربعة أطراف إثنان ركنان في ماهية الربا، لا يتصور وجود الربا دونهما، وهما: الآكل (المقرض) والموكل (المقترض) . واثنان خارجان عن ماهية العقد بمعنى: أن الربا يمكن أن يوجد دون توقف عليهما، وهما: الكاتب، والشهود، ومع ذلك طالهم اللعن لإسهامهما فيه وإعانتهما عليه، والذي يعمل في الحاسب الآلي ليس أقل شأناً من هذا، فإن في الحاسب الآلي ضبط أعمال البنك وتيسير شؤونه. والمقام يا أخي الكريم مقام فتيا لا يتسع لكثير بسط - ربما - ولمزيد من التفصيل يمكنك الرجوع إلى كتاب: (الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة) فثم بغيتك في الجزء الثاني ص 875. لكن: " عليّ لربع العامرية وقفة ". عليّ وقفة لمناقشة احتجاج من يفتون بجواز العمل في البنوك الربوية - كما ذكرت - بقولهم: " حتى لا يسيطر عليها غير المسلمين داخل البلد الإسلامي " أقول: هذا يناقش من وجوه:

الأول: هل نحن نقر هذه الأعمال - أعني المسلمين - حتى ننافس فيها، فإن المنافسة لا تكون إلا في المشروع، أما الممنوع فلا. الثاني: إن هذا القول أشبه بقول القائل:" بجواز البغاء للمسلمات " كيلا يسيطر غيرهن على هذا العمل في البلد الإسلامي، وهو ظاهر السقوط.

شراء البيوت بالقرض الربوي

شراء البيوت بالقرض الربوي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 22/4/1423 السؤال لقد تفاقم عندنا في هذه البلاد شراء البيوت عن طريق البنوك الربوية بسبب فتوى بعض العلماء، فهل يمكن أن توضحوا لنا هذه المسألة بالأدلة الشرعية؟ الجواب قال الله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم، لا تَظلمون ولا تُظلمون" [البقرة: 278-279] . من الذي لديه القدرة على محاربة الله ورسوله؟ من الذي يجرؤ على أن يعلن الحرب على الله ورسوله؟ كيف نطلب من الله النصر على الأعداء ونحن نعلن الحرب على الله من خلال الربا، ونقدم الدعم لأعدائنا من خلال الاقتراض منهم بربا؟ هذه المسألة ليست بحاجة إلى فتوى، فكل مسلم يقرأ القرآن يعلم أن الربا من أكبر الكبائر، وأنه أكل للمال بالباطل، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال:" هم سواء" مسلم (1598) . فالمقرض والمقترض جميعاً ملعونان على لسان نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فهل يوجد مسلم يقبل أن يكون مطروداً من رحمة الله؟ وأما الفتوى بجواز الاقتراض بالربا، فهذا لمن كان في حالة اضطرار، فيكون حاله مثل حال من أشرف على الهلاك من الجوع، فيجوز له أكل الميتة والخنزير لينقذ حياته، وشراء منزل للسكن لا يعد ضرورة ملجئة مع إمكان الحصول على السكن بالأجرة.

لقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطان" مسلم (780) . إن آيات الوعيد على الربا جاءت في سورة البقرة، فإذا قرأها القارئ وجدها تهدد وتتوعد من يتعامل بالربا، فبدلاً من أن تكون سورة البقرة سبباً للوقاية من الشيطان، إذا بها سبباً لوعيد المتعامل بالربا وطرده من رحمة الله، فهل يرضى المسلم أن يسكن بيتاً تلعنه سورة البقرة بدلاً من أن تحميه؟ وتخوفه بدلاً من أن تؤمنه؟ وتبعده عن رحمة الله بدلاً من أن تدخله في رحمة الله؟ وقد وعد الله -تعالى- من يتقيه ويلتزم بأمره بالفرج والرزق في الدنيا، والسعادة والنجاة في الآخرة: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً" [الطلاق:2-3] ، فمن ترك الحرام مخافة الله عوضه الله بالحلال أضعاف ما فاته من الحرام، و"من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه" (كشف الخفاء 2/239) ، كما صح ذلك عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، وفقنا الله وإياكم لامتثال شرعه، والتزام أمره، وجعلنا من عباده المتقين، إنه سميع مجيب.

الاقتراض من البنوك الأمريكية

الاقتراض من البنوك الأمريكية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 3/6/1423 السؤال رجل عنده مال، ويعمل في أمريكا، ويريد عمل مشروع تجاري ويرغب في تمويل هذا المشروع من البنوك الأمريكية، ويدفع على هذه المبالغ فائدة، وذلك حتى يخصم هذا المبلغ المأخوذ من البنك من حصيلة المبلغ المستحق للضرائب. هل هذا يعد ربا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه، وبعد: الاقتراض بالربا محرم بالنص والإجماع، وأما ميزة الإعفاء الضريبي فإنها لا تجيز الاقتراض بالربا؛ لأن الغاية لا تبرر الوسيلة فلا يجوز التوصل بمحرم لأمر مشروع، بل لا بد أن تكون الوسيلة مشروعة ابتداء، وإذا اجتهد السائل في تحري الحلال فسيغنيه الله -تعالى- عن الحرام؛ لأن الله -تعالى- يقول:"ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] ، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه" رواه بمعناه الإمام أحمد في مسنده (20739) والبيهقي في السنن الكبرى (5/335) . ويجب أن ينتبه السائل إلى أن الفوائد الربوية لا تقف عند حد، فهي تنمو كلما تأخر المدين في السداد، ولا يستطيع المرء أن يعلم الغيب، فقد تعرض له ظروف تمنعه من السداد في الوقت المحدد، ومن ثم تتزايد الفوائد المستحقة إلى درجة قد تتجاوز مقدار ما وفره من الإعفاء الضريبي، فيصبح حال المدين حينئذٍ "كالمستجير من الرمضاء بالنار"، وقد يجد السائل بالبحث والتحري وسائل أخرى للإعفاء الضريبي لا محذور فيها شرعاً، والله أعلم.

فوائد البنوك الإسلامية

فوائد البنوك الإسلامية المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 18/4/1423 السؤال ما حكم الدين في الفوائد البنكية الإسلامية، مثل: بنك فيصل الإسلامي؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن البنوك الإسلامية تقوم معاملاتها -فيما أعلم- على أساس المضاربة الشرعية، وما تعطيه هذه البنوك للمساهمين فيها هو جزء من الربح، والمضاربة جائزة شرعاً إذا توافرت شروطها الشرعية، وهو ما يظهر من معاملات هذه البنوك. والفرق بين هذه الأرباح والفوائد البنكية التي تدفعها البنوك التي تقوم معاملاتها على الربا أنك تجد أن هذه الأرباح ليست ثابتة بل تزيد وتنقص بحسب مقدار الربح، وقد لا يحصل المساهم على شيء إذا لم يكن هناك ربح، بل هو يشترك في الخسارة إن حصلت بخلاف فوائد البنوك الربوية فإنها ثابتة لا تخضع لمقدار الربح، ثم إن رأس المال مضمون وهذا يدل على أنها لا تقوم على نفس الأساس الذي تقوم عليه البنوك الإسلامية من المضاربات الشرعية، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عقد مرابحة تضمن شراء بضاعة وأخذ ثمنها

عقد مرابحة تضمن شراء بضاعة وأخذ ثمنها المجيب د. أحمد بن عبد العزيز الحليبي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 3/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: تقدم أحد الإخوة إلى أحد البنوك الإسلامية بطلب مرابحة، فطلب منه البنك فواتير للبضاعة التي يريدها، على أن تكون باسم البنك، بالإضافة إلى كفيل يضمن تحويل راتبه على البنك نفسه، وبعد أن تمت الموافقة والتوقيع على عقد البيع بين المؤسسة -أو التاجر- والبنك، ووقع الأخ على الشيكات أو التعهدات بالدفع على شكل أقساط شهرية، علماً أنه إن تراجع بعد التوقيع فستكون الأرباح (7%) من قيمة الفواتير ثابتة، استلمت المؤسسة أو التاجر الشيك بقيمة البضاعة من البنك، وحينها تم اتفاق آخر بينهما على أخذ قيمة البضاعة من البنك وليس البضاعة، وقد يكون هذا بعلم مندوب البنك نفسه، فما حكم ذلك؟ وفي حالة استلام المؤسسة أو التاجر البضاعة وبيعها على مؤسسة أو تاجر آخر بخسارة من أجل الاستفادة من ثمنها، رغم تبييت النية يعمل ذلك للحاجة للقيمة وليس للبضاعة، فما حكم ذلك؟ وأرجو أن تعرض الفتوى للجميع؛ لأني قد صادفت كثيراً من الشباب الملتزمين قد وقعوا في مثلها. وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الهادي الأمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن صورة السؤال من صور المرابحة، وإجراء البنك من جهة شرائه البضاعة بـ (7%) من قيمتها من التاجر أو الشركة أو المؤسسة لطالبها بربح محدد بحسب الفواتير التي يتقدم بها طالبها إلى البنك، على أن يدفع قيمتها بعد إبرام العقد أقساطاً شهرية - إجراء صحيح، وتصرف طالب البضاعة أو المرابحة بمثابة تصرف الوكيل عن البنك في تحديد نوع البضاعة، ويده عليها فيما لو قبضها عن البنك يد أمين؛ لأنه وكيل، ولا يكون مشترياً ولا مالكاً للبضاعة إلا بعقد بيع بينه وبين البنك، ولا يعد اتفاقه مع البنك على المرابحة وشراء البضاعة عقداً؛ لأن البنك حينئذ لا يملك البضاعة، فكيف يبيع ما ليس في ملكه؟ فهذا البيع لو حصل باطل؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لحكيم بن حزام -رضي الله عنه-:"لا تبع ما ليس عندك" رواه ابن ماجة (2187) ، ويبدو من السؤال أن اتفاق الطرفين عبارة عن وعد بالشراء من جهة طالب البضاعة، إذ أشير في السؤال إلى أن هذا الاتفاق بين طالب المرابحة والبنك غير ملزم إذ بإمكانه التراجع عنه بعد التوقيع عليه، ويظهر من السؤال أن البنك يمنح حق التراجع للمتعاملين معه في هذه الصورة من المرابحة، وإلا لكان هذا الوعد ملزماً لطالب المرابحة؛ لأن الوفاء به من مكارم الأخلاق، ويلزم حتى تكون صورة هذه المرابحة صحيحة إجراء عقد بعد شراء البنك للبضاعة، وقبضها إن كانت من المطعومات وما في حكمها؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه" متفق عليه البخاري (2126) ، ومسلم (1525) ، وإن كانت البضاعة غير طعام جاز للبنك أن يبيعها لطالب البضاعة قبل قبضها؛ لقول ابن عمر -رضي الله عنهما-:"وكنا نبيع الإبل بالبقيع بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير وبالعكس، فسألنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"لا بأس أن تؤخذ بسعر يومها ما لم يفترقا وبينهما شيء" رواه الخمسة النسائي (4582) ، وأبو داود (3354) ، وأحمد (6239) ورواه بنحوه

الترمذي (1242) ، وابن ماجة (2262) ، وإذا تم العقد مع البنك ملك البضاعة المشتري، يقبضها من التاجر أو الشركة أو المؤسسة ويحوزها؛ فإن أراد بيعها لحاجته إلى قيمتها جاز له أن يبيعها عليه أو عليها دون تواطؤ بينهما، ولو بأقل من قيمتها؛ لأن المشتري وهو التاجر أو الشركة أو المؤسسة طرف ثالث، وهذا البيع يسمى عند الفقهاء بالتورق، وقد أجيز لمسيس الحاجة إليه، إلا إن كان القصد من هذا العقد أخذ بدل البضاعة نقداً حاضراً، والتعاقد على شراء البضاعة صورياً، وكل من المشتري والبنك والتاجر أو الشركة أو المؤسسة متواطئون على هذه الصورة لإجازة العقد؛ فالمشتري قصده الحصول على المال لا البضاعة، والبائع وهو البنك قصده الحصول على الزيادة في مقابل الانتظار، وبائع البضاعة على البنك متعاون معهما أو متعارف على أنه يشتري البضاعة من مشتريها بأقل من قيمتها، أو متفق مع البنك على ذلك ويعلمه المشتري، فإن هذا البيع في معنى العينة، وبيع العينة غير جائز عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم، وهو المأثور عن الصحابة كعائشة وابن عباس وأنس -رضي الله عنهم-، فإن ابن عباس سئل عن الحريرة بيعت إلى أجل ثم اشتريت بأقل، فقال: درهم بدرهم، دخلت بينهما حريرة؛ لأن في ذلك تحايلاً على الربا، هذا ما تبين لي من السؤال، والله -تعالى- أعلم.

الجوائز البنكية

الجوائز البنكية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 19/11/1422 السؤال هل الجوائز البنكية حرام ولماذا؟ علماً أني ربحت مائة ألف دينار فماذا أفعل؟ وقد ربحتها عن طريق فتح حساب في البنك منذ ثلاثة أعوام. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد. 1. إذا كان الحساب البنكي - المشار إليه - حساباً جارياً، فهو قرض لأنه في ضمان البنك، ولا يجوز أن يحصل المقرض - وهو صاحب الحساب الجاري - على منفعة مقابل القرض، سواء كانت هذه المنفعة على شكل فوائد أو هدايا أو جوائز، لأنه قرض جرَّ نفعاً وهو من الربا المحرم بالنص والإجماع. 2. أما إذا كان حساباً استثمارياً، بمعنى أن البنك مجرد مدير للحساب، وربح الحساب وخسارته على صاحبه وليس على البنك، فلا يعد قرضاً، ولا تعد الجائزة من ثم من الربا. لكن إذا كان الاشتراك في الجائزة مقابل رسوم دفعها صاحب الحساب، فهذا من اليانصيب وهو من القمار المحرم. 3. أي أن الجائزة إن كانت على حساب جارٍ أو كانت مقابل رسوم، فهي محرمة. أما إذا كانت بدون رسوم وكانت على حساب استثماري، فلا حرج فيها - إن شاء الله-. 4. وإذا كانت الجوائز التي يوزعها البنك من النوع المحرم فيجب على السائل تجنب التعامل الذي يؤدي إليها، حتى لا يقع في المحرم. 5. وإذا كان السائل قد قبض الجائزة المحرمة أو استلمها وأراد أن يتوب ويتخلص منها فماذا يفعل بها؟ هل يردها للبنك أم يتصدق بها؟ لا ينبغي أن يردها للبنك، لأن في ذلك إعانة للبنك وتشجيعاً له على الاستمرار في المعاملات المحرمة.

بل ينبغي أن يتصدق بها. ويشهد لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق" (متفق عليه، البخاري 4860 ومسلم 1647) ، فإذا كان مجرد العزم على المقامرة يستلزم الصدقة، فمن باب أولى أن يتصدق بما كسبه فعلاً من القمار، والربا أولى لأن حرمته آكد. وقال عليه الصلاة والسلام: "يا معشر التجار إن هذا البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة" (رواه أحمد 16135 وغيره) . فإذا كان مأموراً بالصدقة مع حل العقد إذا خالطه اللغو والحلف، فمن باب أولى أن يتصدق إذا كان العقد نفسه محرماً. وروى ابن أبي حاتم في تفسيره أنه- صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر لما راهن المشركين على ظهور الروم على الفرس وكسب الرهان: "هذا سحت فتصدق به" (تفسير ابن كثير والدر المنثور، سورة الروم) . فالواجب التصدق بهذا المال على الفقراء والمحتاجين ليطهر بذلك السائل نفسه وماله وتصدق توبته. 6. وإذا كان السائل - إذا قبض المال الحرام وتاب من ذلك - هو نفسه فقيراً، فهو أولى بهذا المال من غيره من الفقراء، كما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولأن في هذا إعانة له على التوبة وعدم الوقوع في المحرم مرة أخرى (تفسير آيات أشكلت، ص 595) . فيأخذ منه قدر حاجته ويتصدق بالباقي، وبهذا أفتى فقهاء الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة (انظر: أحكام المال الحرام، د. عباس الباز، ص 284-285) ، مع وجوب العمل الجاد على اجتناب أسباب الحرام وعدم تكرار الوقوع فيه مستقبلاً. 7. وينبغي للمسلم أن يتقي الله - تعالى - في مصادر ماله، وأن يجتهد في تحري الحلال ففيه غُنية عن الحرام، ومن الدعاء الذي أمر به النبي- صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عن سواك." والله الهادي إلى سواء السبيل.

حكم البيع على البنوك الربوية

حكم البيع على البنوك الربوية المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 8/12/1422 السؤال أعمل في التجارة، هل يجوز بيع مكائن الطباعة والتصوير لبنك ربوي قياساً على حل التجارة مع اليهود والنصارى مثلاً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: تجوز معاملة الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعاً من حديد، رواه البخاري (2068) ومسلم (1603) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. أما ما ذكرت في سؤالك عن حكم بيع مكائن الطباعة والتصوير لبنك ربوي، فالجواب أنه إن كان البنك لا يجد تلك المكائن والآلات إلا عندك فإني لا أرى أن تبيع عليهم لأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان. أما إن كانت تلك المكائن والآلات متوفرة عند غيرك، وأنك إن لم تبع عليه فإنه سيجدها عند غيرك - وهذا هو الغالب - فأرجو ألا يكون عليك في بيعك عليه بأس، والله أعلم.

ضوابط التعامل مع البنوك التي تحولت إلى بنوك إسلامية

ضوابط التعامل مع البنوك التي تحولت إلى بنوك إسلامية المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 6/9/1424هـ السؤال أسأل عن طبيعة العمل في البنوك في الوقت الحالي، وأنا أقصد البنوك التي بدأت تتحول معاملاتها إلى إسلامية، بل إن بعض البنوك تحولت إلى بنوك إسلامية بحتة في معاملاتها واستثماراتها. الجواب البنوك التي تزاول المعاملات الإسلامية اليوم على أقسام: الأول: بنوك مصرة على مزاولة الربا، لكنها بجانب ذلك تزاول شيئاً من المعاملات الإسلامية، ومزاولتها للعمل الإسلامي ليس من باب التوبة والاستغفار، لكن من باب التزود والاستكثار، فمقصودها منه الكسب والمنافسة التجارية. فهذه أرى مقاطعتها، وعدم العمل فيها، أو التعامل معها، ولو في المعاملات الإسلامية. الثاني: بنوك تريد أن تتحول من العمل الربوي إلى العمل الإسلامي، كالبنك الأهلي الإسلامي المستقل بمعاملاته وخزينته عن البنك الربوي. فهذه ينبغي تشجيعها، والتعاون معها على البر والتقوى، ومن ذلك العمل فيها في المعاملات الإسلامية. الثالث: بنوك الأصل فيها أن معاملاتها إسلامية منذ قيامها مثل: شركة الراجحي المصرفية وبيت التمويل الكويتي، فهذه لا مانع من العمل فيها. على أن العبرة ليست بالأسماء لكن الحقائق، فليس كل من تسمى بإسلامي صار عمله إسلامياً، وليست كل أعمال البنوك الإسلامية إسلامية حقاً، لكن العبرة في الغالب. ومع ذلك ينبغي للعامل في البنك الإسلامي أن يتقي العمل في مواطن الشبهة، كالعمل في تداول الأسهم، وعليه أن يسأل عما أشكل عليه أمره، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

استخدام أجهزة الصرف للبنوك الربوية

استخدام أجهزة الصرف للبنوك الربوية المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 11/1/1423 السؤال إذا كان لي حساب في بنك الراجحي مثلاً، فهل يصح أن أسحب ببطاقة الراجحي من مكائن الصرف التابعة للبنوك الأخرى؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب يجوز للشخص أن يسحب ببطاقة الراجحي من مكائن صرف البنوك الأخرى ولو كانت تلك البنوك ربوية؛ لأن تلك العملية تكيف على أنها استئجار لماكينة الصرف الآلي التابعة لهذا البنك الربوي، وتدفع شركة الراجحي أجرة عن كل عملية سحب واحدة مبلغ أربعة ريالات للبنك صاحب الماكينة ولا يدفع العميل منها شيئاً، وذلك في إطار الاتفاق بين البنوك السعودية المشتركة فيما يسمى (بالشبكة السعودية لأنظمة المدفوعات) ((SPAN. وهكذا تدفع لها البنوك في حال السحب ببطاقاتهم من مكائنها، والاستئجار من المتعامل بالربا جائز، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يتعاملون مع اليهود بيعاً وشراءً واستئجاراً -في أمور مباحة- واليهود يتعاملون بالربا، ولكن لو قيل للشخص أنه ينبغي له -على سبيل الاستحباب- ألا ينفع البنوك الربوية بهذه الأجرة، وأن يسحب من مكائن البنوك الإسلامية لكان قولاً وجيهاً راجحاً، والله أعلم.

بطاقة الفيزا

بطاقة الفيزا المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 15/12/1423هـ السؤال هل يجوز استخدام بطاقة فيزا مع العلم بأني أربطها مع حسابي الجاري أي أني أسددها أولاً بأول. وهل يجوز الاستفادة من النقاط المحسوبة لي عند استخدامها (أي استبدالها بهدية محددة من قبلهم) ؟ الجواب الحمد لله، بطاقة الائتمان تتضمن أموراً ممنوعة، منها: (1) شرط الزيادة عند التأخير في الوفاء عن الأجل المحدد. (2) شرط المصارفة بين البنك والعميل عند استخدامها في الخارج. (3) رسوم التأسيس، أو التجديد. (4) ما يؤخذ علاوة على ذلك باسم رسم، أو عمولة، مما ليس له مقابل في الحقيقة وإنما غايته ابتزاز الناس بهذه البطاقة، حتى وصلت نسبة فائدة البنك منها 150% تقريباً، وهذا يفوق الفائدة على القرض من خلال عملية القرض العادية بأضعاف مضاعفة. (5) إعانة البنوك الربوية على الربا و"حق الائتمان" من خلال الاستغناء بهذه البطاقة عن عمل النقود. ومن أجل هذا يمنع التعامل بها إلا للضرورة، وما في حكمها، ولو كانت مربوطة بالحساب الجاري. أما بالنسبة لاستبدالها بهدية، فمقصودك منه لم يتضح لي، لكن المعلوم أن الجوائز الغاية منها - غالباً - إغراء المستهلكين، فإذا كانت هذه الهدية غايتها إغراء الناس باستخدام البطاقة، وكان استخدام البطاقة ممنوعاً لما ذكرت، فإن الهدية تكون ممنوعة، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.

الاستثمار في البنوك

الاستثمار في البنوك المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 15/3/1423 السؤال أنا أملك -ولله الحمد- مليون ريال سعودي، وأريد أن أستثمرها مع البنوك، فسمعت أن البنك لا يحدد مكسباً أو ربحاً معيناً، ولكن لا توجد خسارة، ورأس المال يبقى كما هو، مثال: أعطيت البنك مليون ريال، ونهاية السنة تأتي إضافية 100ألف ريال أو أقل، ولكن لا توجد خسارة في رأس المال 100%. الجواب الأصل في البنوك أنهم أداة ائتمانية، وقد يعملون بالاستثمار، والأصل في البنوك التقليدية أنها تتعامل في استثمار أموالها بنظام الفائدة وهو الربا الصريح، غير أنه وجد في الآونة الأخيرة في البلاد العربية نظام يسمى بـ (صناديق الاستثمار) ، وهي محافظ تجتمع فيها أموال المساهمين لتكون حجماً من الأموال، يمكن أن يستفيد من ميزات التنويع الذي يؤدي إلى تقليل مخاطر الاستثمار، وتؤسس هذه الصناديق على صفة شركة استثمار، تشرف عليها جهات حكومية متخصصة لغرض الرقابة والتوجيه، وتقوم هذه الصناديق بجمع الاشتراكات عن طريق إصدار وحدات استثمارية متساوية القيمة عند الإصدار شبيهة بالأسهم، وهي أنواع كثيرة، وهذه الصناديق بعضها يستثمر في العقارات، وبعضها في الأسهم التجارية، وبعضها في المحرمات، وبعضها في الأوراق التجارية، وغير ذلك.

والأصل فيها أن البنك الذي يجمع الأموال مع المستثمرين يكون عامل مضاربة مع المستثمرين الذين يكونون هم رب المال، وعلى هذا فيجب أن تكون الخسارة على رأس المال وليس على البنك، وإلا كانت مضاربة فاسدة، وهذا ما تتعامل به غالب البنوك التقليدية -إن لم يكن كلها- وإذا كان الأمر كذلك فالأصل في التعامل معها أنه محرّم ولا يجوز، وهناك طريقة يتعامل بها بعض البنوك الإسلامية من بيعهم (75%) من أسهم هذه المحافظ الاستثمارية على شركة عالمية بيعاً آجلاً مع ربح لأجل، وهذه النسبة (75%) على حسب اختلاف بعض البنوك والباقي من رأس المال في هذا الصندوق وهو (25%) يتم بجعل هذه الشركة التي اشترت غالب أصول أسهم هذه الصناديق وهو (75%) كما في هذا المثال مثلاً جعلها أجيراً لإدارة (25%) من رأس المال أو عامل مضاربة على حسب اتفاقهم، وعلى هذا فيكون رأس المال في هذه الصناديق أو المحافظ محفوظاً بقدر (75%) من الخسارة المتوقعة؛ لأن هذه النسبة من الأسهم تم بيعها آجلاً، وإذا تم البيع بهذا الطريقة فإن رأس المال بهذا النسبة (75%) مع ربحه مضمون، ولا بأس بهذه الصناديق والاستثمار فيها، وهذا ما تتعامل فيه صناديق الاستثمار في شركة الراجحي المصرفية. وعلى هذا فإذا كنت أعطيت البنك (مليون) ريال على أن يعيدوا إليك هذا المليون وزيادة، ولم تدخل معهم بعقد من العقود، أو دخلت بنظام صناديق الاستثمار لدى بعض البنوك التقليدية التي أساس عملها على نظام الفائدة وتضمن استعادة رأس المال فهذا محرّم ولا يجوز بإجماع أهل العلم في القديم والحديث، ولا عبرة بمن خالف من المعاصرين. وإن كنت دخلت بنظام صناديق الاستثمار الشرعي، الذي توجد فيه هيئة شرعية لمراقبة أعمال المؤسسة المصرفية، مع عدم ضمان رأس المال، أو ضمانه بطريقة شرعية –كما سبق بيانه- فهذا لا بأس به.

وهذا كلّه مشروط -كما سبق- بأن تكون هذه الصناديق تتعامل أو تضع أموالها في شركات عملها الأساس عملٌ مباح، ولا تتعامل بالربا قرضاً واقتراضاً على القول الراجح، ونوصي الأخ الكريم أن يترك استثمار أمواله مع البنوك التي تحدد هذه الطريقة التي جاءت مع هذا السؤال، والاستثمار الشرعي الطيب موجود بكثرة، وفرص الاستثمار كثيرة "وإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً" كما قال -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم (1015) "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" الحديث عند أحمد (14441) والترمذي (614) كما أخبر بذلك الصادق المصدوق، وصلى الله على نبينا محمد.

امتلاك الشقق عن طريق البنك

امتلاك الشقق عن طريق البنك المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 27/8/1423هـ السؤال نرجو من فضيلتكم إفادتنا بالحكم الشرعي في هذه المسألة: فإني أعول أسرة وليس عندي شقة أمتلكها، ويوجد لدينا بنك إسلامي أستطيع امتلاك شقة بالتقسيط عن طريقه بواسطة المرابحة -كما يقول البنك-، والصفقة المذكورة صيغتها كالتالي: سأقوم بالبحث عن شقة مناسبة، ثم أذهب بمالكها إلى البنك الذي يخرج أحد موظفيه ليعاينها ثم يتعاقد معه، وبعد ذلك يتعاقد معي بالتقسيط نظير نسبة زيادة ويخرج معي مندوب البنك ليسلم لي الشقة، مع العلم أن البنك يحصّل غرامة تأخير عن كل يوم أتأخر فيه عن دفع القسط، ويقول إنه يضع حصيلة هذه الغرامات في صندوق الزكاة الخاصة بالبنك، ثم إنه عندما يجد المدين عاجزاً عن الدفع، ويثبت هذا المدين أن لديه ظروفاً تعجزه عن الدفع، فإن البنك يعذره ولا يقوم بتحصيل الغرامة. نرجو إفادتنا عن حكم هذه المعاملة وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إذا كانت الطريقة -كما ذكر السائل- في سؤاله من أن البنك يتعاقد مع صاحب الشقة ويشتريها لنفسه، ثم يتعاقد مع السائل بمعنى أنه لا يتم العقد بينك أيها السائل وبين البنك قبل شرائه للشقة.

وأن البنك أيضاً لا يلزمك بالعقد، بل مجرد مواعدة بينك وبينه، ولك الخيار فهذا لا بأس به، وعليك أن تسدد الأقساط في مواعيدها، أما ما ذكرت من أن البنك يأخذ غرامة عن تأخير الأقساط فيما لو تأخرت بالتسديد من غير عذر، فهذا في نظري يدخل في حكم الشرط الجزائي الذي يشترطه بعض المتعاقدين وخاصة الدائن إذا لم ينفذ المدين التزامه، وقد صدرت فتوى هيئة كبار العلماء في السعودية بالقرار التالي: إن المجلس يقرر بالإجماع أن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به ما لم يكن هناك عذر - في الإخلال بالالتزام الموجب له - يعتبر شرعاً، فيكون العذر مسقطاً لوجوبه حتى يزول ... إلخ. (مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثاني، صـ141 عام 1394هـ) ، والله أعلم.

عدم التسديد للبنك العقاري

عدم التسديد للبنك العقاري المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 25/7/1423هـ السؤال أنا مشترك في نظام البنك العقاري ولا أسدد بحجة أن لي نصيبا في بيت مال المسلمين (وزارة المالية) وهم لا يعطوننا إياه. الجواب لا يجوز لك الامتناع عن تسديد أقساط البنك العقاري لأنه حق واجب متعين عليك حسب العقد الذي أبرمته مع البنك لقوله - تعالى - "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الآية، [المائدة: 1] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - "المؤمنون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً" الترمذي (1352) ، أبو داود (3594) ، مالك (2/273) ، وهذا العقد مع البنك لم يحل حراماً ولم يحرم حلالاً فهو لازم التنفيذ، نعم لك حق ثابت في بيت مال المسلمين، ولكنه حق شائع غير معين لفلان وفلان، أما الحق الذي عليك - الأقساط - فهي معينة تخصك دون غيرك، وكونك لم تحصل على حقك من بيت المال فهذه ديون محتملة الصدق والكذب، إذ يحتمل أن تكون حصلت عليها مقابل الخدمات المجانية، ولا يجوز لك الامتناع عن التسديد بدعوى المقاصة، لأن حقك لم يثبت بعينه، وإن منعت منه فالإثم على من منعك، والحساب والمقاصة غداً عند الله سبحانه.

الانتفاع بفوائد البنوك

الانتفاع بفوائد البنوك المجيب د. جبريل بن محمد البصيلي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 2/1/1425هـ السؤال هل يجوز لي أن أعطي الفائدة المحرمة فائدة البنوك لشخص يريد الاعتمار ومن ثم الدراسة هناك، أو إعطاؤها لشخص مقبل على الزواج مثلاً أخي وهل يمكن سداد دين لي أو لأمي أو لأخي، علماً أني لا أتحصل على أجر منها، وهل أبقيها في البنوك؟ الجواب أولاً: حاول أن تستثمر أموالك في المضاربات الشرعية أو غيرها من الاستثمارات المباحة وهي كثيرة -والحمد لله-. ثانياً: لا تضع أموالك في بنوك ربوية، وهناك بدائل اسلكها. ثالثاً: إذا كنت قد وضعتها فخذ الفوائد واصرفها في منافع عامة كالطرق ونحوها والتي تكون بعيدة عن وجوه القربة، أو اصرفها لفقراء المسلمين المضطرين ضرورة للغذاء والمسكن واللباس. رابعاً: بادر بسحب أموالك من البنوك الربوية وتب إلى الله، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] ، ومن تاب تاب الله عليه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قروض مؤسسة تشغيل الشباب

قروض مؤسسة تشغيل الشباب المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 15/8/1423هـ السؤال مؤسسة تشغيل الشباب, تدفع للشاب العاطل نسبة 30 بالمئة مجاناً، وتطلب منه إحضار نسبة30 بالمئة، ويأخذ من البنك قرضاً نسبته 40 بالمئة, البنك يطلب عليها الفائدة بنسبة 5 بالمئة. هل تجوز المساهمة في هذه المؤسسة؟ علماً أنها تأخذ المبلغ المجموع وتعطي المستفيد إما سيارة، أو شاحنة، أو جراراً، أو عتاد مخبز ... إلخ, للتذكير فإن صاحب السؤال بدون عمل. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن المعاملة التي ذكرها الأخ في سؤاله مشتملة على الربا، ذلك أن البنك يقدم فيها قرضاً بنسبة 40%، وترد إليه مع فوائد بنسبة 5%، وهذه الفوائد هي فوائد ربوية، وقد أجمع أهل العلم على أن الزيادة المشروطة التي يأخذها المقرِض (بكسر الراء) هي ربا، والربا محرم بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة: قال الله -تعالى-:"وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:275] . وقال -عز وجل-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ" [البقرة: 278-279] . وقال:"الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ" [البقرة:275] . وأما السنة فأحاديث النهي عن الربا كثيرة، منها: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجتنبوا السبع الموبقات" البخاري (2767) ، مسلم (89) ، وذكر منها أكل الربا.

ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -:"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" مسلم (1598) ، وأحمد (3725) ، ابن ماجة (2277) ، أبو داود (3333) . والإجماع منعقد على تحريم الربا. فما ذكره الأخ السائل هو صورة من صور الربا. وأما ما ذكره من عدم وجود عمل لديه فإن هذا السبب لا يبيح له التعامل بالربا، ثم إن في الحلال ما يغنيه عن مثل هذا، فأنصحه بأن يبحث ويجتهد في طلب الحلال ويتوكل على الله، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً" الترمذي (2344) ، ابن ماجة (4164) ، أحمد (205) والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

فتح اعتماد عن طريق البنك

فتح اعتماد عن طريق البنك المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 22/4/1424هـ السؤال يا شيخ نحن نعمل في مجال تجارة الأواني المنزلية ونستورد من الخارج، ونحول حوالة لهم بقيمة البضاعة، ولكن الأفضل لنا من ناحية الالتزام بالمواعيد هو فتح اعتماد عن طريق البنك، وعندما طلبت من شركة في تايلند مهلة للسداد 60 يوماً طلبوا مني فتح اعتماد عن طريق البنك، وهذا الاعتماد عن طريق البنك لكي يكون البنك ضمينا عني للشركة، وحتى الشركة ترسل البضاعة، وفي هذه الحالة البنك يأخذ مني ربع في المائة عمولة من قيمة الفاتورة + واحد في المائة أيضا رسوم تأجيل 60يوماً +250 مصاريف التلكس ومراسلات البنك. وهذا تعامل شائع في نظام الاستيراد للبضاعة، فهل يجوز لي يا شيخ أن أوافق على شروط البنك لفتح هذا الاعتماد أم لا؟ حيث إن هذه العمولة ورسوم التأجيل لا تؤثر علينا كثيراً، فهي مقابل واحد وربع في المائة من قيمة الفاتورة فقط. هل هذا جائز أم لا؟ هذا إذا تفضلتم بالرد علينا عاجلاً، وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب

الحمد لله وحده، وبعد: أخي السائل تسأل عن حكم الاعتماد المستندي، وهو أن يطلب المستورد من البنك أن يعتمد للمصدر بدفع الثمن له متى قدم للبنك مستندات شحن البضاعة في الميعاد المتفق عليه والفاتورة التي تثبت كمية البضاعة ووصفها حسب ما طلبه المستورد. فالبنك يقوم بعملية يستفيد منها الطرفان المستورد والمصدر، والبنك يستفيد من هذه العملية من ناحيتين، الأولى: ما يأخذه من أجر مقابل هذه العملية، وهذا لا بأس فيه في الأصل، الثانية: الفائدة على المبلغ الذي دفعه للمصدر على حساب المستورد إذا لم يقم المستورد بتأمين هذا المبلغ لدى البنك وقت فتح الاعتماد، وهنا يقع الإشكال؛ لأن هذا ربا محرم، كما أن البنك يقوم بإضافة فوائد أخرى على المبلغ في حالة تأخر المستورد عن دفع المبلغ الذي عليه، فالاعتماد المستندي لا يخلو إما أن يكون بعد تأمين المستورد الثمن لدى البنك فيكون البنك بالنسبة له وكيلاً وهذا جائز شرعاً، ولو أخذ البنك عمولة مقابل أتعابه. وإما أن يكون بدون تأمين المستورد لدى البنك الثمن، فهنا يكون البنك مقرضاً الثمن للمستورد، والقرض لا يجوز بفائدة، والله تعالى أعلم.

الاقتراض الربوي للزواج

الاقتراض الربوي للزواج المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 9/1/1424هـ السؤال يعلم الله أنني لم أجد من يقرضني قرضاً حسناً لكي أتزوج وسط كل هذه المغريات التي تحيط بنا نحن الشباب وخفت على نفسي من الانحراف فتقدمت بطلب قرض إلى البنك السعودي الأمريكي وأعطاني مبلغ 75000 + 20000 عمولة له لخمس سنوات وتزوجت واليوم وقد أنهيت سداد القرض يعلم الله أني ندمان على ما فعلت. فما هي الكفارة؟ أدعو لي الله أن يسامحني يا شيخ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب أنت بفعلك ارتكبت كبيرة من كبائر الذنوب، قال تعالى: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ" [البقرة:275] ، وفي مسلم (1598) من حديث جابر: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: "هم سواء" وكفارة ما فعلت التوبة النصوح وكثرة الاستغفار، ولا تجعل حاجاتك قائدة لك إلى نار جهنم، والله تعالى أعلم.

الاقتراض ببطاقة الفيزا

الاقتراض ببطاقة الفيزا المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 3/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قمت بتأسيس مؤسسة لبيع الأسماك الطازجة، وبعد اكتمال كافة المصاريف من استقدام عمال وتجهيز محل، بقي علي توفير المال لشراء الأسماك، وقد كنت أحتاج إلى 25000 ريال لشراء هذه الأسماك، وكان المتوفر لدي هو 9000 ريال، وأحتاج إلى 16000 ريال، فبحثت عن من يقرضني هذا المبلغ ولم أجد، وحيث إنني أملك بطاقة (فيزا) قمت باستخدامها، فقمت بسحب مبلغ 16000 ريال، عن طريق هذه البطاقة (سحب كاش) ووضعت هذا المبلغ مع 9000 ريال الموجودة لدي لتصبح 25000 ريال، وأعطيتها أحد العمال لدي ليقوم بشراء الأسماك بهذا المبلغ. وتم شراء الأسماك بهذا المبلغ، ومن ثم استمرت تجارة الأسماك، وكان هذا المبلغ هو البداية. وحيث إنكم كما تعلمون أن البنك سيأخذ فائدة على استخدام الفيزا -حيث إنه في حالة سحب الكاش بالفيزا سيأخذ البنك نسبة 3% على المبلغ المسحوب، وأيضاً سيأخذ نسبة أخرى مع انقضاء كل شهر وعدم تسديد كامل المبلغ-، فما هو الحكم في هذه الحالة؟ وماذا يترتب علي فعله؟ فنحن الآن لنا 11 شهراً منذ بداية العمل بهذه المؤسسة. وجزاكم الله خيراًً. الجواب

فعلك هذا حرام؛ لأنك اقترضت من البنك بفائدة هي الربا المحرم، وعليك أن تتوب، وتستغفر الله من ذنبك، والربا أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، ويظهر من حال سؤالك أنك نادم على ما فرط منك، ومن هذه حاله بينته آية سورة البقرة بقوله تعالى:"وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلِمون ولا تُظلَمون" [البقرة: 279] ، فلا يجوز للبنك أن يأخذ أكثر مما دفع، ولا يجوز لك أن تدفع أكثر مما أخذت، ومعلوم أن البنك لن يقبل بحكم الشرع هذا، فإن كان لديك مبالغ أخرى اكتسبتها من حرام قبل أن تتوب فلا بأس أن تعطي البنك منها هذه الفائدة الربوية التي يطالبك بها، تعطيها البنك بنية التخلص منها؛ لا بنية قضاء الدين؛ لأنه لا دين عليك للبنك في نظر الشرع إلا ما اقترضت منه لا غير، وإن لم يكن عندك مال تتخلص منه؛ فأنصح لك بألا تبادر إلى تسديد الفائدة المحرمة حتى يلاحقك البنك ملاحقة شديدة، وحينئذ لا بأس بتسديد ما يطلبه منك عن الفائدة، لأنك مضطر حينئذ والضرورات تبيح المحظورات، والله أعلم.

الإيداع في البنوك الربوية

الإيداع في البنوك الربوية المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 26/6/1424هـ السؤال فتحت حساب توفير في أحد البنوك هنا؛ وذلك لأضع فيه مبلغاً قليلاً لادخاره، وذلك كل شهر، ولكن البنك يلزمني بفائدة سنوية تعادل 3% عن المبلغ الموجود في الحساب كل سنة بغير طلب مني، فهل يكفي أن أتخلص من الزيادة حال ورودها في الحساب، وذلك أني محتاج لهذا الحساب لأضع فيه قيمة إيجار المنزل؟ أفيدونا بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده وبعد: فإن وضع الأموال في البنوك التي تتعامل بالربا على قسمين: القسم الأول: أن يضعها على أنها وديعة محضة تبقى لصاحبها بأعيانها لا يتصرف فيها البنك ولا تدخل هذه الأموال في أنشطته الاستثمارية، كوضع المال في الصناديق الحديدية فهذا جائز، ولو كان بأجرة متفق عليها، لعدم وجود عنصر المشاركة والإعانة. القسم الثاني: أن يفتح حساباً جارياً، وهذا يعني أن يقوم بإقراض البنك هذا المال الذي يودعه، لأن التكييف الشرعي لإيداع المال في الحساب الجاري هو القرض، ويلتزم البنك برد بدله لا عين المال، فهذا حرام لا يجوز إذا كانت معظم معاملات البنك واستثماراته ربوية، لأنك تقرض البنك ليعود باستخدامه بالربا، وهو لا يقل إثماً عن إقراضك شخصاً ليقوم بشراء خمر ونحوه. أما إذا كانت تصرفات البنك مختلفة بعضها حلال وبعضها حرام، وكان الحرام فيها أقل من الحلال فوضع الأموال فيه غير محرم، خصوصاً مع وجود الحاجة، لكن اجتنابه أولى وأورع. فإذا احتاج الشخص إلى إيداع ماله في هذه البنوك جاز بشرط أن لا يأخذ الفائدة لنفسه بل يصرفها في وجوه الخير والبر، كبناء الطرق أو إعطاء الفقراء ونحو ذلك، مع التنبيه على أنه إذا وجد بنك إسلامي يمكن أن يودع فيه ماله ويحفظه له فلا يجوز له أن يودع ماله في بنك ربوي مطلقاً، والله تعالى أعلم.

مصداقية تحول البنوك الربوية إلى إسلامية

مصداقية تحول البنوك الربوية إلى إسلامية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 30/3/1424هـ السؤال سمعنا في الأخبار عن نية أحد البنوك الربوية التحول إلى بنك إسلامي، فما شرعية هذا التحول؟ وهل هو تحول صحيح، أم فيه شبهة؟ وما حكم التعامل مع هذا البنك إذا تحول إلى بنك إسلامي؟ أرجو التفصيل في الإجابة حتى يلتبس الأمر على المسلمين، إذا كان هذا التحول حيلة. كما أن الكثير من البنوك الربوية أصبحت تعلن عن بعض برامجها، وتقول إنها معتمدة من قبل الهيئة الشرعية للبنك، فكيف يكون ذلك ورأس المال واحد؟ وماذا عن المشايخ الذين يعملون في الهيئات الشرعية لهذه البنوك؟ أليس هذا من خداع الناس؟ وفقني الله وإياكم للخير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: كان الناس يسلمون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأغراض شتى، ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام يسألهم: أسلمتم لله أم للدنيا؟ وذلك لأن الإسلام يقود صاحبه إذا اتبعه إلى إحسان العمل وإخلاص النية. وفي المسند للإمام أحمد (14673) وسنن أبي داود (3025) من حديث جابر - رضي الله عنه- بإسناد صحيح أن وفد ثقيف لما بايعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترطوا ألا صدقة عليها ولا جهاد، فقبل منهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال: "سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا". وقد قال بعض السلف: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله.

وهذه المصارف التي تعلن التحول للتمويل الإسلامي يجب أن تكون موضع دعم وتأييد وتوجيه وترشيد، لا موضع استنكار واتهام؛ لأن هذا صد عن سبيل الله وعن التوبة من الكبائر. وقاعدة الشرع هي تيسير طريق التوبة بكل ما يمكن. قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق" [تفسير آيات، ص595] . فمهما صاحب عملية التحول من ثغرات أو نواقص فمصيرها إن شاء الله إلى الزوال. لكن الواجب على هذه المصارف أن تتبنى التمويل الإسلامي بجد، وأن تقدم أدوات تمويل إسلامية بعيدة عن الحيل المذمومة. أما النوافذ الإسلامية التي تقدمها البنوك الربوية، فهي خير من عدمها إذا كانت منضبطة بالمعايير والقواعد الشرعية، والواجب أن تتوسع في هذا الجانب إلى أن تتحول بالكامل إن شاء الله للتمويل الإسلامي. وكل من يسهم في هذا من العلماء وطلبة العلم فهم إن شاء الله رواد خير ودعاة هدى، وهؤلاء العلماء لم يقولوا للناس إن الربا مشروع، ولا أن جميع المعاملات في البنك الربوي مشروعة؛ بل يقيدون فتاواهم بمعاملات خاصة تنطبق عليها الضوابط الشرعية بحسب اجتهادهم، فليس في عملهم تضليل ولا خداع، ولا يجوز اتهامهم بذلك؛ بل هذا الاتهام منكر صادر عن جهل بالفقه وبالواقع.

وأما كون رأس المال واحداً للنافذة الإسلامية والخدمات الربوية؛ فهذا لا يضر المتعاملين مع المصرف. فقد تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود مع كونهم يأكلون الربا بنص القرآن. انظر مثلاً ما رواه البخاري (2916) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة - رضي الله عنها-،فإذا جاز التعامل المشروع مع المرابي الكافر، فالمرابي المسلم أولى بذلك. لكن السؤال هنا يتوجه للمساهمين في البنك، ويقال لهم: إن الربح الذي يحققه البنك لا يحكم بمشروعيته لمجرد وجود نافذة إسلامية؛ بل لا بد من تحول البنك بالكامل إلى التعامل الإسلامي. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والله -تعالى- أعلم.

عرض بوضع ماكينة صراف

عرض بوضع ماكينة صراف المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 14/5/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: أملك عقاراً، وجاءني عرض من البنك لوضع (ماكينة صراف سيارة) علماً أن البنك أفادني بأنهم الآن يقومون بجعل التعامل (إسلامياً) وسوف يتركون التعاملات الربوية، فضيلة الشيخ: هل قبول العرض حلال أم حرام؟ شاكرين لكم ردكم. بارك الله فيكم وحفظكم للإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أنني أرى أن لا تؤجر عقارك على بنك يتعامل بالربا، ولو موقع مكينة صراف، لأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان، والله -سبحانه وتعالى- يقول: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . أما إن تحقق ما ذكرته في سؤالك فالتأجير سائغ، لكن في نظري بُعْدَ تحققه، هذا وأرى لك أن تبحث لتأجير محلك عن بنوك إسلامية لا يظهر منها التعامل بالربا؛ كبنك الراجحي أو غيره ممن عينوا هيئات شرعية تمر بها معاملاتهم، والله أعلم.

تسديد الأموال المسحوبة بالفيزا

تسديد الأموال المسحوبة بالفيزا المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 25/4/1424هـ السؤال أنا أعمل سكرتيراً مع أحد رجال الأعمال، وهو يستعمل بطاقة الفيزا، وهو يطلب مني تسديد المبالغ المطلوبة من حسابه، بحيث أقوم بتعبئة استمارة التسديد والذهاب للبنك ودفع المبلغ، علماً أنه يقوم بتسديد المبالغ المستحقة عليه كاملة دون تأخير، وكما تعلمون لما هذه البطاقات من شبهات في التعامل بها، لذا أرجو إفادتي عن حالة وضعي، فهل علي إثم في تسديد مستحقات هذه البطاقة؟ وهل يكون راتبي في هذه الحالة حراماً؟ رغم أنني أقوم بأعمال سكرتارية أخرى غير هذا العمل من مساعدات خيرية وخلافه، وجزاكم الله خيراً. الجواب (1) الحمد لله الذي جعل في الأمة من يصبو إلى التحرز من الحرام، والحمد لله الذي يسر من وسائل الاتصال ما يكون سبباً لسهولة منح طمأنينة النفوس إلى السلوك الأقوم بمعرفة الحلال والحرام. (2) لا أعلم حرمة ما ذكر السائل، إذ إن موضع الفيزا ليس كله حراماً، ولا كله حلال، وإنما الحرام في أخذ الفوائد على المبالغ المسحوبة والفوائد المركبة، أما قضية استعمال الفيزا وما يؤخذ على السحوبات فأمر جائز إن شاء الله، إذ إن ما يؤخذ على السحوبات من مبلغ فإنه لقاء خدمات بالنسبة للبنك، وكذلك بالنسبة للفيزا العالمية على كل حال لا عليك من بأس - إن شاء الله- وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

لا تتوفر جهة إقراض إلا البنك

لا تتوفر جهة إقراض إلا البنك المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 27/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: الناس في بلدنا قلّ منهم من يقرض الناس قرضاً حسناً، فالناس يحتاجون إلى قرض ولا يجدون من يقرض إلا البنوك الربوية التي تشترط الفائدة عند السداد، وهذا يظهر جلياً في المشاريع الكبيرة كالشركات، حيث لا مناص من الاستعانة بالبنوك، فأفتونا في هذا مأجورين، وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد حرَّم الله تعالى الربا وتوعَّد متعاطيه بحرب منه سبحانه، فلا يجوز للمسلم أن يعقد عقداً يتضمن الربا أخذاً وعطاءً، إلا من اضطر إلى ذلك فإن الضرورات تبيح المحظورات، قال تعالى: "وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ" [الأنعام: من الآية119] . فإذا اضطر المسلم إلى الاقتراض بفائدة، بأن كان عدم اقتراضه يوقعه في ضرر فلا يجد طعاماً يأكله، أو لا يجد لباساً يستر عورته، أو لا يجد علاجاً يدفع به مرضه ونحو ذلك، فإنه يجوز له أن يقترض قرضاً ربوياً. ولا يظهر لي أن إنشاء المشاريع مسوغ لأخذ القروض الربوية، ويمكن أن يجتمع عدد من أصحاب رؤوس الأموال كشركاء في المشاريع الكبيرة، أو أن يقنعوا البنوك في الدخول كشريك في المشروع والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

هذا القرض ربا

هذا القرض ربا المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 29/6/1424هـ السؤال أعيش في إحدى الدول لدراسة تخصصي الدقيق في الطب، وهذا يستغرق من 6-8 سنوات، أريد شراء بيت في المدينة التي أسكن بها؛ لأن الإيجار غالٍ وخسائره كثيرة، طريقة الشراء لديهم هنا تُدعى ب mortgage وطريقته هي أن أقوم بدفع 25% من سعر البيت لصاحبه، ثم وبالإتفاق مع أحد البنوك يقوم الأخير بدفع المبلغ المتبقي على أن أقوم أنا بتقسيط المبلغ على عدد من السنوات، بموجب عقد مشترك بيني وبين البائع والبنك. من خلال العقد يكون البيت باسمي ويكون صاحب البيت قد استلم المبلغ كاملاً وأقوم بتسديد الـ 75% على عدد من السنوات ولكن بزيادة تتراوح من 10 إلى 25 ألف دولار، علماً بأن هناك شركة تقول: إن طريقتها إسلامية ولكن - وكالعادة - تأخذ زيادة مادية بحوالي 10 آلاف دولار ولا يكون البيت باسمي بل مشتركٌ بيننا، فما الحكم في ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله، حيث إن هذا الموضوع يهم شريحة كبيرة من المبتعثين هنا في الخارج. الجواب طريقة شراء البيت المذكورة عن طريق البنك من ربا الدين المحرم شرعاً. وبيان ذلك: أن البنك دفع عنك المبلغ 75% المتوجب في ذمتك ثمناً للبيت، فهو قرض منه لك قام بتسليمه للبائع نيابة عنك. وربا القرض هو: اشتراط الزيادة في رد بدل القرض، ذلك أن القرض من عقود الإحسان والبر وليس من عقود المعاوضة كما هو مقرر في الشريعة الإسلامية. والطريقة السليمة التي نقترحها لك هي: (1) أن تبحث عن البيت المناسب لك، وتأخذ المعلومات الكاملة عنه. (2) تتفق مع البنك المذكور أو غيره على أن يقوم بشراء البيت، وأنك ستشتري منه هذا البيت بعد ذلك بثمن بعضه مقدم وبعضه مؤجل حسب الاتفاق. (3) يقوم البنك بشراء البيت ويضمه إلى ملكيته.

(4) تقوم بشراء البيت من البنك مباشرة ودفع 25% نقداً له ثم تقسيط 75% من ثمنه على الأقساط المناسبة لك. وإذا رغب البنك في ضمان حقه فلا مانع من رهن البيت وفاء بالثمن بعد أن تنقله إلى اسمك، كما أنني أطلب من السائل المذكور التأكد من الطريقة التي يتعامل بها هذا البنك الإسلامي وشرحها؛ حتى يتبين مصداقية هذا البنك من عدمها.

التسهيلات البنكية للمساهمة باتحاد الاتصالات

التسهيلات البنكية للمساهمة باتحاد الاتصالات المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 05/09/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: ذهبت لأحد البنوك في السعودية للاكتتاب في اتحاد الاتصالات، فعرض عليَّ البنك قرضاً يبلغ أكثر من مئتي ألف ريال، وأفادني أن القرض بغير فوائد ربوية، لكنه اشترط عليَّ أن أدفع له لإتمام القرض ألفاً وخمسمائة ريال، سمّاها أتعاباً إدارية، فهل يجوز هذا القرض؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا القرض - الذي عرضه عليك البنك المذكور - من الربا؛ لأنك ترد القرض ومعه زيادة، وهي الألف والخمسمائة ريال، والتي يسمونها أتعاباً إدارية، استغفالاً للناس وتمويهًا وتدليساً، يسمونها بغير اسمها، وحقيقتها فائدة ربوية، فالأسماء لا تغيِّر من الحقائق شيئاً. ولو كان المبلغ ـ الذي يسمونه أتعاباً إدارية ـ زهيداً كعشرة ريالات، أو خمسين، أو نحو ذلك، وفي عملية مصرفية تتطلب جهداً وتفرغاً من بعض الموظفين، واستهلاكاً للأجهزة والأوراق، بحيث يتناسب المبلغ مع الخدمة المقدَّمة لكان مما يحتمل أن يكون أتعاباً إدارية أو رسومًا عملية. والحاصل أن أخذ هذا القرض بهذه الصورة لا يجوز، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم

تمويل الدولة للمشروعات بفوائد ربوية

تمويل الدولة للمشروعات بفوائد ربوية المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 08/07/1426هـ السؤال استفدت من الدولة -في إطار برنامجها للدعم الفلاحي- مبلغاً من المال لاستخدامه في مزرعتي، لكن جزءاً من هذا المبلغ هبة من الدولة ولا يسترجع. أما الجزء الباقي فيسترجع بعد خمس سنوات، وبفائدة قدرها 6.5%، فهل هذه العملية مشروعة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ومثل هذه المعاملات يحتاج للحكم عليها أن يأخذ الإنسان تصوراً كاملاً عن طبيعتها من حيث ماهية العقد هل هو مفرد أو مركب، ومن حيث المبلغ هل هو قرض أو تمويل ... وقد استفسرت من بعض المستفيدين من البرنامج الذي وضعته الحكومة في بلدكم لدعم بعض الفئات من الناس أو بعض الأنشطة، فكان الجواب أنه تمويل، وصورته أن تقوم الدولة بتمويل المشروع التجاري بدفع تكاليف الاحتياجات من آلات وغيرها، ولا تدفع للمستفيد نقداً، وإنما تسدد للجهات الموردة، ويكون جزء من هذا التمويل هبة ومساعدة من الدولة للتاجر، والجزء الآخر قرضا يسترد بعد عدد من السنوات بفائدة ربوية. وهذا العقد لا يخلو إما أن يكون عقداً واحداً اشتمل على هبة وقرض ربوي، أو على عقدين منفصلين، عقد الهبة وعقد القرض. والغالب أن يكون عقداً واحداً. فيأتي الإشكال الأول في الدخول في عقد فيه شرط الربا ابتداء، وهذا لا يجوز. ثم إن العقد يكون فاسداً؛ لاشتماله على قرض ربوي.

فإن وقع واستلم الشخص التمويل وبدأ في المشروع، فليستغفر الله -تعالى- مما بدر منه، فإن الربا من المعلوم تحريمه في دين الله -تعالى- ضرورة، وإن أشكل على الناس بعض تفاصيله، ثم عليه أن يسعى إلى تصحيح هذا العقد، ومن ذلك أن يحاول الاتفاق مع الدولة على إعادة صياغة العقد بإحدى طريقين: إما أن تحسب الدولة ما تريد استرجاعه من المستفيد وتطرحه من الهبة، فبدل أن تكون الهبة 53% من أصل العقد فلتجعلها 45% مثلا، ويكون الباقي وهو 55% قرضاً حسناً يستحق بعد المدة المتفق عليها. أو تعمل بطريق المرابحة للآمر بالشراء، ويخرج الطرفان من المحذور. فإن امتنعت الدولة وأصرت على إبقاء العقد على صيغته، فليسدد للدولة ما لها عليه من أصل العقد، ولا يسدد لها الفوائد الربوية إلا إذا غلب بقوة النظام. وهذا في حق من أخذ التمويل وبدأ في العمل، أما من لم يدخل في العقد إلى الآن فليس له ذلك، وعليه أن يسعى لإقناع الجهات المعنية بتعديل العقد قبل الدخول فيه إلى واحدة من الصيغتين المذكورتين أعلاه، أو غيرهما من الصيغ الجائزة شرعاً، والله تعالى أعلم.

الفروع الإسلامية في البنوك الربوية

الفروع الإسلامية في البنوك الربوية المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 19/5/1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. بعض البنوك الربوية افتتحت فروعاً للتعاملات الإسلامية، ولكن لا ندري هل هم صادقون في ذلك أم لا؟ فقد تكون حقيقة الحال أنهم يتلاعبون بالفائدة بالزيادة والنقصان على غير أساس المضاربة الشرعية، فهل يجوز التعامل مع هذه الفروع؟ أفيدونا، جزاكم الله خيراً. الجواب التعامل مع البنوك جائز إذا خلا من المحرم كالربا، سواء أكان البنك -من حيث أصله- غير ربوي، أم كان ربوياً، وقد تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع اليهود التعامل المباح فباع منهم، واشترى، وهم أكثر الناس أكلاً للربا، إلا أنه يجب على كل من يدخل في معاملة مع أي طرف أن يفقه حكمها، فيعلم أنها مباحة، وإلا لم يجز له أن يدخل فيها؛ لكثرة دخول الحرام في التعاملات المعاصرة، ومنها تعاملات البنوك. وما يعرف اليوم بالفروع الإسلامية أو التعاملات الشرعية في البنوك الربوية نجاح للاقتصاد الإسلامي ينبغي تشجيعه، سواء أساءت نية القائمين على تلك البنوك، أم حسنت؛ لأن هذا تقليل للمنكر، وهو الطريق العملي المتاح الآن لتحول اقتصاد المسلمين من الاقتصاد الربوي المحرم إلى الاقتصاد الإسلامي المباح. غير أن من الواجب على المسلمين الحذر من مكر تلك البنوك وخداعها، ويحصل الحذر بالتأكد التام من مشروعية تعاملاتها التي تسميها إسلامية، ولا يتم ذلك إلا بأمرين: الأول: أن يوجد في كل بنك منها فقهاء مؤهلون؛ لإقرار الصيغ الشرعية لتلك التعاملات، ومراقبة البنك في تطبيقها مراقبة دقيقة، وعدم العهد بذلك إلى البنك.

الثاني: تأكد المتعامل معها من شرعية كل تعامل يجريه، وعدم الوثوق بمجرد قول موظفيها، بل لا بد أن يسأل -إن لم يكن هو من أهل العلم- من يثق في دينه وعلمه.

القرض بفائدة

القرض بفائدة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 19/8/1424هـ السؤال أنا موظف بإحدى الشركات الحكومية، وأرغب في أخذ سلفة من الشركة، حيث إن الشركة لا تأخذ فائدة على السلفة بل يتم خصمها من المرتب على دفعات شهرية. وحيث إن الشركة ليس لديها مبلغ يغطي كل السلف، أي لي ولموظفين غيري فقد قامت بتحويلنا على مصرف تتعامل معه، غير أن هذا المصرف يأخذ فوائد على هذه السلفة. ولكن الشركة هي التي ستتكفل بدفع الفوائد ودون خصمها من المرتب، والمصرف يطلب منا إحضار كمبيالة من مصلحة الضرائب، أي تخليص قيمة ضريبة السلفة لنتمكن من أخذ المبلغ، فما هو حكم الشرع في ذلك؟ وما الحكم إذا كانت الشركة قد أخذت قرضاً مسبقاً من المصرف، وقامت هي بإعطائنا السلف وبنفس الكمبيالة؟ الشباب الحريصون على أكل الحلال في انتظار إجابتك، أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فالجواب أنه تبين من السؤال أن الشركة المذكورة ليست مقتصرة على إعطائكم سلفة وخصمها من الراتب على دفعات بدون فائدة، إذ إن هذا التصرف جائز، لكن من خلال السؤال تبين أن الشركة تتعامل بالربا، حيث إنها تعطي البنك فوائد على تلك السلف، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه. وقال: "هم سواء" رواه مسلم (1598) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما-.

ثم أيضا أنتم متعاونون مع البنك على هذه المعاملة، حيث البنك يطلب منكم إحضار كمبيالة من مصلحة الضرائب لتخليص قيمة ضريبة السلفة لتتمكنوا من أخذ المبلغ، وهذا فيه تعاون على الإثم والعدون والله تعالى يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 20] هذا ونصيحتي محاولة التخلص من العمل لدى تلك الشركة لتعاملها بالربا حيث هي موكلة له، والإثم لا يقتصر على آخذ الربا بل وعلى معطيه وكاتبه وشاهديه كما صح بذلك الحديث، وقد تقدم هذا وهو رأيي الخاص في هذه المسألة. والله أعلم.

التعامل بالهامش

التعامل بالهامش المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 27/10/1424هـ السؤال أرجو منكم أن تتفضلوا بالرد على سؤالي بخصوص مشروعية التعامل مع: www.forexme.com أثابكم الله، وجزاكم خير جزاء. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: هذا العمل يسمى التعامل بالهامش (margin trading) ، ويقوم فيه السمسار بإقراض العميل -كما ذكر السائل- مبلغا من المال يوازي أضعافا محددة من المبلغ الأساس الذي وضعه العميل. وقد اتصلت أكثر من مرة على الشركة المسؤول عنها، ولم يوفروا لي ما طلبت من الاتفاقيات. لكن من الناحية الإجمالية في هذا العمل المحاذير الآتية: (1) بما أن السمسار يقرض العميل، ويشترط عليه أن يعمل من خلاله، فقد استفاد السمسار من جراء القرض، وهذا محرم؛ لأنه من القرض الذي جر نفعاً. (2) لا تتفق كثير من طرائق التعامل بالعملات الدولية بيعا وشراء المطبقة في الأسواق المالية المعاصرة مع الضوابط الشرعية في القبض. بل غالب ما يتم ليس بيعاً للعملة ذاتها، بل بيع لها على المكشوف، وهذا مما لا يصح. (3) إن جعل العملات مجالا للمضاربة أمر فيه ضرر بالغ للاقتصاديات التابعة للعملة. وما آثار الاضطرابات في العملات المحلية والدولية في الغالب إلا من جراء جعل العملات مجالاً للمضاربة. وقد نهى السلف - رحمهم الله - عن جعل العملات مجالا لذلك. ولذلك لا أتردد في القول بتحريم المضاربة في عملات البلدان الإسلامية خاصة الفقيرة؛ لما فيها من الضرر المتعدي على جميع مسلمي تلك الديار. (4) في العمل مع السماسرة الغرببين محاذير أخرى، من التوقيع على اتفاقيات فيها شروط غير صحيحة من الناحية الفقهية، وفيها نص على التحاكم إلى المحاكم غير الشرعية.

(5) أنصح السائل إن كان لا بد فاعلا أن يعمل في بيع الهامش في المعادن والسلع الدولية، على ألا يكون رسم السمسار من العمل مبالغاً فيه؛ لأنه مظنة للفائدة على القرض، مع تحفظي على أصل الموضوع؛ لأن فيه مقامرة كبيرة. والله أعلم وأحكم.

بيع العقارات للبنوك الربوية

بيع العقارات للبنوك الربوية المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 12/05/1425هـ السؤال لدي عقار يرغب أحد البنوك التجارية بشرائه لإنشاء مركز فيه، فما حكم ذلك؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الله - عز وجل - يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . والله - عز وجل - إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، كما في الحديث الذي رواه أبو داود (3488) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- ومما لا يخفى أن مثل هذه البنوك تغلب عليها المعاملات الربوية، وإذا كان كذلك فإنه لا يجوز بيع مثل هذا العقار لمثل هذا البنك الربوي.

الاقتراض بطريقة قلب الدين

الاقتراض بطريقة قلب الدين المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 30/07/1426هـ السؤال عليَّ دين من بنك ربوي، وأريد أن آخذ منهم مرة أخرى، لكن عندهم طريقة قلب الدين، وأنا مضطر لهم، حيث علي دين 120 ألفاً، ولا أستطيع سدادها، فهل يجوز لي أن آخذ منهم بطريقة قلب الدين؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قلب الدين هو ربا الجاهلية الذي توعّد عليه بالحرب، فإذا كان بإمكانك إعلان الحرب على الله -تعالى- فيمكنك أن تقترض بطريقة قلب الدين، وإلا فليس لك أي خيار سوى اجتناب هذا المزلق الذي لا يؤدي إلا إلى المزيد من الديون، والمزيد من المتاعب في الدنيا قبل الآخرة. وإذا كنت لا تستطيع السداد فأنت معذور عند الله تعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة" [البقرة:280] . فليس للبنك إلزامك بأي رسوم إضافية. ويجب على المسلم أن يتجنب الاستدانة قدر الإمكان، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يصلي على من مات وعليه دين. انظر سنن أبي داود (3343) ، وسنن النسائي (1962) ، وأصله في صحيح مسلم (867) ، وكان عليه الصلاة والسلام يقول: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" أخرجه الترمذي (1078) ، وابن ماجه (2413) . ويقول صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو بريء من ثلاث: الكبر والغلول والدَّين، دخل الجنة" أخرجه الترمذي (1572) ، وابن ماجه (2412) . وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.

الشراء ببطاقة الفيزا ورسوم عملية الشراء

الشراء ببطاقة الفيزا ورسوم عملية الشراء المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 14/2/1425هـ السؤال سؤالي هو: أنا عميل لأحد البنوك، وعندي حساب جاري فيه، ومعي بطاقة صراف، وأنا أذهب إلى الخارج، وعندما أقوم بعملية شراء عن طريق الشبكة يقومون بإضافة مبلغ 5 دولارات على العملية. أفيدونا هل فيه شيء أم لا؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: حقيقة الحساب الجاري أنه قرض من العميل للبنك، فالعميل مقرض والبنك مقترض، لأن البنك يتصرف في هذا المال ويضمنه بخلاف الوديعة في الفقه الإسلامي، والتي هي أمانة تحفظ ولا يتصرف فيها، ولا تضمن إلا بالتعدي أو التفريط. إذا تقرر هذا فينظر في المبالغ المأخوذة في هذه العملية هل هي في جانب المقرض أو المقترض، (مقابل السحب ببطاقة الصراف) ، وفي هذه المعاملة المبالغ المأخوذة على العملية هي في جانب المقترض وهو البنك، وعلى ذلك فإنه لا شبهة ربوية في هذه المعاملة، لأن المنفعة المحرمة في القرض تكون في جانب المقرض يأخذها المقرض عوضاً عن القرض. وعلى ذلك فإن هذه المبالغ المأخوذة تكون أجرة للبنك مقابل المصاريف والأعمال التي يقوم بها، لكن ينبغي أن تكون الأجرة عادلة كأجرة المثل، علماً بأن الحكم هنا يختلف عن بطاقة الائتمان. ثانياً: إذا كان السحب ببطاقة الصراف في عملية شراء عن طريق الشبكة فصاحب البطاقة مقرض للبنك، وفي نفس الوقت مشتر للسلعة، وإضافة مبلغ عليه أجرة مقابل المصاريف ونحوها جائز كما سبق. والله الموفق.

المشاركة في مشروعات الدولة الربوية

المشاركة في مشروعات الدولة الربوية المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 15/07/1426هـ السؤال هناك مشروع تقوم به الدولة في إطار النهوض بتشغيل الشباب العاطل عن العمل ويتضمن المشروع إقراض الشباب عن طريق بنك الدولة المال اللازم للمشروع قرضا ربوياً يتم تسديده على فترة من الزمن متفق عليها، والمشكلة هي: نحن مؤسسة خاصة تبيع العتاد اللازم للمشروع علماً أننا لسنا المؤسسة الوحيدة في الميدان ,يقصدنا الشباب دوماً طالباً فاتورة نموذجية لقائمة العتاد اللازم لمشروعه، وتعتبر هده الفاتورة أهم وثيقة لدراسة نجاح المشروع، وبعد اعتماده من طرف البنك يستلم الشاب العتاد من مؤسستنا بعد أن نستلم نحن المبلغ كاملاً من البنك. والسؤال هو: هل يعتبر تعاملنا مع مثل هذه المشاريع -وذلك بإعطاء الشاب هذه الفاتورة النموذجية- تعاوناً على الإثم؟ وهل المال الذي تستلمه الشركة من البنك حرام أم لا؟ وهل الشاب المتجه إلى مثل هذه المشاريع تحت قسوة الظروف التي يمر بها يعتبر آثماً؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

إذا كان أساس نشاط شركتكم حلالاً ولا تتعاملون بالربا في أصل عملكم، فإنه لا حرج عليكم في البيع والشراء مع من لا يتوقى الحرام ويتحرى الحلال في معاملاته، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- والنبي -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرهم في المدينة يبيعون ويشترون من اليهود، واليهود يتعاملون بالربا وقتها ولا يتحرون الحلال.. وتقديم دراسة مشروع سواء كانت مجانية أو بمقابل لمن يقيمه بمال حرام لا يجعل عملكم حراماً، اللهم إلا إذا كان أساس المشروع محرماً، كمن يقدم دراسة لإقامة مصنع خمر أو تبغ مثلاً أو إنشاء مزرعة خنازير فهذا لا شك في عدم جوازه، وقد يقع الحرج فيما لو كانت موافقة البنك على إعطاء القرض الربوي متوقفة على تقريركم فقط، ولا يؤثر في العملية شيء آخر، ولا يمكن الحصول عليه إلا من جهتكم، ففي هذه الصورة الأحوط -والله تعالى أعلم- أن يتجنب الإنسان ذلك. أما استلام الثمن من البنك، وتسليم البضاعة لصاحب المشروع فلا حرج عليكم فيه، لأنكم لستم طرفاً في العقد الربوي. أما حكم الدخول في مثل هذه المشاريع والاقتراض من البنوك بالربا لأجل إقامتها فهو من الحرام البين.. وعلى المسلم أن يتقي الله -تعالى- ويبحث عن الحلال، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [سورة الطلاق: 2-3] .

البطاقات البنكية

البطاقات البنكية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 24/1/1425هـ السؤال أرغب في معرفة الوضع بالنسبة للبطاقات التي تصرفها البنوك للناس بجميع أنواعها ومواصفاتها، وما هو الجائز منها وما هو المحرم؟ حيث إنه قد عمت البلوى بها. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: البطاقات التي تقدمها المصارف لعملائها تتركز غالباً في نوعين: (1) بطاقة الصراف، وهي التي تخصم من الرصيد مباشرة، وهذه لا حرج فيها إن شاء الله. (2) بطاقة ائتمان: تسمح لحاملها بالشراء أو السحب النقدي مع تأجيل السداد، ويشترط في هذه البطاقة في حال السحب النقدي عدم وجود أي عمولات إضافية، لأن هذا مخالفة لعقد القرض المشروع، ولأن أي زيادة تصبح من باب قرض جر نفعاً، كما أنها تحيل المعاملة إلى سلف وبيع. عدم الوقوع في (أنظرني أزدك) ، أي تأخير أجل السداد مقابل زيادة مقدار الدين، مهما كانت الطريقة التي تؤدي لذلك، بتورق أو غيره؛ لأن هذا هو ربا الجاهلية الذي لم تختلف الأمة في تحريمه. والله أعلم.

تقاضي الراتب ببطاقة الصراف الآلي

تقاضي الراتب ببطاقة الصراف الآلي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 26/11/1424هـ السؤال أعمل في إحدى شركات النفط، ونقوم بتقاضي مرتباتنا من خلال البنك حيث يوجد فرع له داخل الشركة، تقوم الشركة حالياً بتخيير الموظفين بين تقاضي المرتب من المصرف وبين سحبه من خلال ماكينات سحب بواسطة بطاقات تسمى: (ATM) ، ما طبيعة هذا النوع من البطاقات؟ وما حكمها؟ مع العلم أنها تصدر بدون مقابل أو أي استقطاعات. أفتونا - مأجورين - وإذا كان هناك مباحث تفصيلية حول هذا النوع من البطاقات وغيرها فرجاء إرشادي إليها. وجزاكم الله خيراً، ونفعنا بعلمكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، وبعد: بطاقة الصرف المشار إليها تصدر من البنك، وسيكون غالباً نفس البنك الذي تتعامل معه الشركة، وفي هذه الحالة لا فرق بين الحصول على الراتب من الفرع أو من جهاز السحب الآلي؛ لأن البطاقة مجرد وسيلة لتحصيل ما لديك من مال لدى البنك، فلا حرج - إن شاء الله - من استعمال هذه البطاقة. والله أعلم.

التورق من البنك الإسلامي

التورق من البنك الإسلامي المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 7/11/1424هـ السؤال أريد أخذ مرابحة من بنك إسلامي لشراء سيارة، وأحتاج إلى أموال للزواج، وسعر السيارة 20000 درهم، ولكني سأقدم للبنك عرض سعر السيارة 30000 درهم، وأستفيد بالفرق لإتمام الزواج فهل هذا الفرق يعتبر ربا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد: بالنسبة لسؤال الأخ فيما يتعلق برغبته في نقود تغطي حاجته، ويريد أن يأخذ مرابحة، أو تورقاً ليتمكن من قضاء حاجته، ويسأل هل يجوز له أن يتصل ببنك من البنوك الإسلامية، ليشتري منه سلعة كسيارة مثلاً أو سيارتين، أو أكثر بثمن مؤجل ليبيع هذه السيارات، ويقضي حاجته منها لعل هذا هو السؤال، والجواب عليه: نعم يجوز لك - أيها الأخ الكريم- أن تغطي حاجتك عن طريق التورق، وذلك بأن تشتري من أحد البنوك الإسلامية، أو من أي متجر من التجار الإسلاميين، ونحو ذلك، أن تشتري منهم سلعة كسيارة، أو سيارتين، أو أرضاً، أو منزلاً، أو كذلك معادن ونحو ذلك مما يُعرض للبيع بقدر حاجتك، ثم يكون هذا الشراء بثمن مؤجل، ولا شك أنه سيكون أكثر من الثمن الحال وفي نفس الأمر بعد ذلك تبيع هذه السلعة، وتقضي حاجتك من ثمنها، نقول: لا بأس بذلك؛ لأن هذه هي الطريقة التي تستطيع أن توفر لك النقد الذي تستطيع أن تغطي به حاجتك من غير أن يترتب على ذلك تصرف أو فوائد ربوية، ونحو ذلك، فهذا التورق وسيلة من وسائل الحصول على السيولة وقضاء الحاجة منها، دون أن يكون طريق ذلك الطريق الربوي المبني على الاقتراض، أو الإقراض بفوائد ربوية. - والله أعلم -.

هل أقيم دورات تدريبية لموظفي البنوك الربوية؟

هل أقيم دورات تدريبية لموظفي البنوك الربوية؟ المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 18/04/1425هـ السؤال أمْلُك مركزاً للتدريب، ولتنمية الطاقة البشرية، ولقد طلب من مركزنا بعض البنوك تقديم دورات لموظفيهم في مهارات التفاوض مع العملاء، ونحو ذلك من الدورات؛ وذلك مقابل عقد تتقدم به إدارة البنك, فهل يجوز إعطاؤهم هذه الدورات؟ أرجو التوضيح. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: إن علمت أو غلب على ظنك أن تلك الدورة سَتُقَدم لمن يقنع العملاء بأمر محرم فلا يصح لك ذلك، ولعل الدورة تقدم لأمور يقدمها البنك من الخدمات الجائزة في الأصل، أو لعملاء النوافذ الإسلامية، ولا يصح أن تتضمن الأمثلة والتطبيقات المستخدمة في الدورة نماذج ربوية، أو مهارات لا تصلح إلا في الإقناع بأمر محرم، والأفضل أن تتضمن الدورة التأكيد على المثل والقيم الإسلامية، والتحذير من العمل المحرم، وعلى الخصوص الربا. والله أعلم.

توسط البنك في بيع التقسيط

توسط البنك في بيع التقسيط المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 17/2/1425هـ السؤال أنا مسلم، مقيم في دولة غربية، وسؤالي هو: تفصل هناك بعض المحلات التجارية تبيع بالتقسيط بدون فوائد، والمشكلة هي أنه عند الشراء تطلب بعض الأوراق التي تثبت العمل وغيره، ثم ترسلها إلى أحد البنوك، فإن جاء الرد بالموافقة أستطيع أخذ السلعة، على أن أسدد الأقساط لهذا البنك الذي يعتبرونه ضامناً، والذي هو بدوره يدفع قيمة السلعة فوراً لهذا المحل، والمشكلة هي أن هذا البنك يأخذ بعض المال القليل جداً زيادة، ويسميها مصاريف إدارية، فهل هذا النوع من المعاملة جائز شرعاً؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، وبعد: إذا كان البنك حين يدفع ثمن السلعة النقدي للمحل التجاري يصبح مالكاً للسلعة، ثم يبيعها بعد ذلك للعميل، فلا حرج في المعاملة ولا في الرسوم التي يأخذها البنك. أما إذا كان البنك لا يمتلك السلعة، وإنما يدفع الثمن النقدي للمحل بعد تملك العميل للسلعة، فإن البنك يكون قد أقرض العميل ثمن السلعة. فكل زيادة يأخذها البنك فوق أصل القرض فهي من الربا، والله أعلم.

الاقتراض من بنك ربوي بصيغة إسلامية

الاقتراض من بنك ربوي بصيغة إسلامية المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 29/11/1424هـ السؤال ما هو حكم القرض من بنك ربوي بطريقة إسلامية (جائزة شرعا) ؟ حيث إني أريد قرضاً لزواج، والبنك الإسلامي يشترط أن أكون قد خدمت مدة سنتين، أما بعض البنوك الأخرى تشترط سنة واحدة، وأنا على وشك إكمال السنة؟. جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المبارك. الجواب الحمد لله، لا يخفى أن القرض الربوي المبني على أخذ الفائدة الربوية لقاء القرض لا يجوز، وهو محرم مطلقاً سواء أصدر من بنك ربوي، أم صدر من بنك إسلامي، أم صدر من مؤسسة مالية، أو فرد من التجار أو غيرهم، ولا يخفى أن البنوك الإسلامية لا تتعامل بالقروض الربوية مطلقاً، وعلى البنوك الإسلامية رقابات شرعية تراقبها، وتتابع أعمالها، وتوجهها إلى ما يجب أن يكون متفقاً مع أصول ومبادئ أحكام الشريعة الإسلامية، وإذا وجد أي مخالفة كان من الهيئة الرقابية تنبيهٌ وتأكيدٌ على ضرورة تجنب مثل هذه المخالفات. هذا ما يتعلق بالقرض المحض، أما إذا كان القرض عن طريق المرابحة الشرعية فهذا لا بأس به.

إعداد البحوث والدراسات للبنوك

إعداد البحوث والدراسات للبنوك المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 12/04/1425هـ السؤال لدي مكتب بحوث تسويقية، ومن أساسيات عملنا البحوث والدراسات حسب طلب الشركات لمعرفة مدى إيجابية أو سلبية السلعة، أو الخدمة لدى المستهلك، ويتم عمل البحث باختيار شريحة من المجتمع وسؤالهم عن المنتج أو الخدمة المقدمة من الشركة طالبة البحث لإبداء آرائهم، ومن ثم يعد تقرير يرفع للشركة طالبة البحث أو الدراسة لاتخاذ القرار بما تراه مناسباً، سؤالي جزاكم الله خيراً: هل يجوز التعامل مع البنوك في حال طلب البنك رأي شريحة من المجتمع عن طريق مكتبنا لأي سلعة أو خدمة يقدمها البنك، كما أنه يمكن أن يتخذ البنك قراراً إيجابياً (كإلغاء أو تغيير عملية غير مشروعة لملاحظة عدم رغبة الجمهور عليها) أو سلبي (كتجاهل التقرير المقدم لهم أو النظر مستقبلاً فيه) ، وكما أنه من الممكن أن يتم الطلب من البنك لدراسة في موضوع لا يمس الأمور الربوية، حسب التوضيح أعلاه ما مشروعية التعامل مع البنك وخصوصاً أنه لا يدرج ضمن التعاملات ذات الطابع المالي المقدم فيه الفوائد والتسهيلات وخلافه المشكوك فيها أو المحرمة أصلاً وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: إذا كانت الدراسة التسويقية تشمل الرأي الشرعي في المنتج، وتستطلع آراء الجمهور من هذا الجانب، ومدى تفضيلهم للمنتج الإسلامي بدلاً عن الربوي، فلا حرج إن شاء الله في التعاقد مع المصرف، لأن في هذا إعانة لهم إن شاء الله على الخير. أما إذا كانت الدراسة لمجرد تسويق منتجات ربوية، فلا يجوز إجراؤها ولا التعاقد لأجلها.

أما إذا كانت المنتجات المدروسة غير محرمة ولا صلة لها بالربا، فلا بأس بالتعاقد مع البنك لإجرائها. والله أعلم.

التورق الباطل والتورق الصحيح

التورق الباطل والتورق الصحيح المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 30/3/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: عبد الله المنيع ـ حفظه الله ـ: هل تتم عمليات البيع والشراء بنظام التورق تحت إشرافكم كهيئة شرعية، لأني قمت بتعبئة البيانات في فرع أحد البنوك الذي تشاركون في هيئته الشرعية ثم تم إبلاغي بأن المبلغ قد نزل في حسابي دون أن أرى بيعاً أو شراء ولكن أخبرت آنذاك أن ذلك يتم بمتابعة منكم أرجو إفادتي. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما ذكره الأخ السائل الكريم بأنه صدر منا جواز التورق، نقول: نعم، والتورق لم يصدر جوازه منا فقط، وإنما هو رأي جمهور أهل العلم، فيما يتعلق بصحته، فقال به مجموعة كبيرة من علماء المذاهب المختلفة كالمذهب الحنفي والمالكي، والشافعي والحنبلي كما، صدر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد العزيز بن باز - رحمهما الله- واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وكذلك مجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي، وغيرهم والكثير من الهيئات الرقابية الشرعية للمؤسسات المالية، كلهم صدر منهم الحكم بجواز التورق.

ولكن التورق الذي ذكر السائل طريقته في سؤاله بأنه جاء للبنك وقال لهم أنا بحاجة إلى مبلغ خمسين ألف – مثلاً-، وأنهم قاموا بإجراء التورق بأنفسهم، ولم يعلم إلا والمبلغ مسجل في حسابه، نقول: هذا باطل، وليس صحيحاً فهو لم يتول لا بيعاً ولا شراء ولا مقابلة شيء من ذلك، ولا مباشرة أي شيء من هذا، فهذا أشبه ما يكون بشخص احتاج مبلغ خمسين ألف، فقالوا: لا بأس فنحن نعطيك الخمسين ألف ونضعها في حسابك ونقيدها عليك بستين ألفاً أو سبعين ألفاً أو أقل أو أكثر، نقول هذا باطل، ولا يصح، وليس هذا هو التورق وإنما التورق أن يأتي المريد للمبلغ، ويقول أيها البنك أنا أريد أن أشتري منكم سلعة بمبلغ كذا وكذا، ثم بعد أن يقوم البنك المعروض عليه البيع بتملك هذه السلعة يقوم ببيعها على هذا العميل، والعميل يتولى قبول البيع، والأول يتولى الإيجاب في البيع ثم تتم العملية بيعاً وشراء، وتنتقل السلعة إلى ملكية العميل وتستقر في ذمته المديونية، أي قيمة هذه السلعة ثم يقوم العميل بالتصرف بسلعته سواء كانت سيارة أو كانت أسهماً، أو كانت إسمنتاً، أو أي سلعة من السلع التي يجوز بيعها وشراؤها، بعد ذلك يتسلم سلعته ويتصرف فيها ببيعها أو يوكل من يبيعها، أو نحو ذلك.

هذه هي الطريقة التي أفتينا بها، أما أن يكون الأمر مثل ما ذكره السائل فنبرأ إلى الله من ذلك، ولا يمكن أن تكون هناك جهة شرعية تقول بجواز هذا التصرف الذي ذكره السائل بأنه بمجرد أن يبدي الشخص للبنك رغبته بأنه بحاجة إلى خمسين ألفاً، فيقال له خلال ساعة أو نصف ساعة أو شيء من هذا نقوم بالقيام بإجراءات شكلية، ثم نقيد ذلك في حسابك، فهذا باطل، ولا يصح، ولم يصدر منا فتاوى، ولا من إخواننا القائمين على الهيئات الرقابية بجواز ذلك، فعلى إخواننا العملاء أن يتقوا الله، وأن يعرفوا كيف يتعاملون، وينبغي للعميل إذا أراد سلعة أن يتولى شراءها بنفسه بعد التأكد من ملكية بائعها عليه، ثم يتصرف بسلعته يبيعها، ويقبض ثمنها، ويقضي بها حاجته، ويستقر ثمنها المؤجل في ذمته للذي باعها، ولا يجوز أن يبيع هذه السلعة إلى من باعها عليه؛ لأن هذه هي العينة، فينبغي أن يكون منا هذا التأكد وهذا النظر حتى تكون المبايعة صحيحة، وحتى تكون الفتاوى الصادرة منطبقة على هذا التصرف الصحيح. وأما ما ذكره السائل فنبرأ إلى الله منه، ولا يمكن أن يتم تحت إشرافنا، وإذا تم ذلك من موظف جاهل لا يعرف فهو الذي يتحمل إثم هذا العمل مع العميل الذي يساعده على إتمام هذه العملية الصورية التي ليس لها علاقة بالتورق. والله أعلم.

البنوك الربوية ودعوى التورق الإسلامي

البنوك الربوية ودعوى التورق الإسلامي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 9/3/1425هـ السؤال ذهبت إلى أحد البنوك للحصول على قرض، وطلبت منهم أن يكون إسلامياً, فأروني أختاماً عديدة من كبار العلماء (بعضهم من هيئة كبار العلماء) بجواز قرضهم, فحصلت على القرض اعتمادا على ذلك، الآن أنا غير مرتاح، وتناوبني وساوس كثيرة لما لم أتأكد من القرض بنفسي؟ فهل يجب علي بعد هذا أن أتأكد بنفسي رغم قلة علمي؟ أم أتوكل على الله وآخذ بكلام البنك وأختام العلماء؟ بعض الناس يقولون إن البنوك لا تطبق الفتوى كما هي. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد. أولاً: لقد صدق الأخ السائل حين وصف هذه المعاملة بأنها "قرض"، لأن حقيقتها أن يحصل من المصرف على نقود حاضرة على أن يدفع له نقوداً مؤجلة، وهذه حقيقة القرض. وأصاب في شكه وارتيابه من هذه المعاملة، لأنه يدفع نقوداً أكثر من التي قبضها أول الأمر، وهذا هو الربا. وكل ذي فطرة سليمة ينفر من هذه المعاملة، أياً كان اسمها ومهما ألبست من لبوس تستر حقيقتها. وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال: "البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك" صحيح أخرجه الإمام أحمد (17742 - 18001) من حديث وابصة الأسدي - رضي الله عنه-. ثانياً: إن هذه المعاملة تعرف باسم "التورق المصرفي." وقد عقد بشأنها ندوات ومؤتمرات، آخرها مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة هذا العام (1424هـ) ، حيث صدر قرار المجمع بتحريم هذه المعاملة ومنعها. فهي لا تعدو أن تكون حيلة على الربا، لأن حصيلتها وغايتها أن يقبض العميل نقوداً حاضرة من المصرف ليرد له في المقابل نقوداً مؤجلة أكثر منها، وهذا هو الربا المحرم بالنص والإجماع.

ولا يغير من حقيقة المعاملة وجود سلع غير مقصودة لا للبائع ولا للمشتري وإنما هي ذريعة لحصول النقد مقابل زيادة في الذمة، فالعبرة بالحقائق والمعاني لا بالصور والمباني. وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الحيل بقوله: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل." رواه العكبري بإسناد حسن انظر إرواء الغليل (1535) . ثالثاً: إن قول بعض الفقهاء المعاصرين بجواز هذه المعاملة اجتهاد منهم، وهم في ذلك مأجورون إن شاء الله، لكن ذلك لا يغير من حقيقة المعاملة شيئاً، وما كل مجتهد مصيب. فها هو الإمام الشافعي رحمه الله، الذي أطبقت الأمة على إمامته وعلمه وورعه، يرى جواز المعاملة التي تسمى العينة الثنائية، ولم يكن ذلك مانعاً لغيره من العلماء أن يقولوا بخلاف قوله ويمنعوا العينة الثنائية؛ لأنها حيلة على الربا. وهكذا القول في التورق المصرفي الذي لا يختلف في حقيقته عن العينة ولا يعدو أن يكون حيلة على الربا. رابعاً: إذا كان الأخ السائل قد أخذ القرض بناء على الفتوى الصادرة بشأنه، فالأظهر أن عليه الوفاء بما ترتب عليه من التزام حتى لو تبين له حرمة هذه المعاملة لاحقاً؛ لأنه كان عند إنشائها يعتقد صحتها. لكن إن استطاع التعجيل بالوفاء وإقناع المصرف بإسقاط الزيادة لقاء التعجيل فيجب أن يبادر لذلك إن أمكن. كما يجب عليه من الآن فصاعداً أن يتجنب المعاملات المشبوهة وأن يتحرى لدينه أعظم مما يتحرى لدنياه، والله تعالى يقول: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2، 3] . والله الهادي إلى سواء السبيل.

بيع برمجيات لبنوك ربوية

بيع برمجيات لبنوك ربوية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 09/05/1425هـ السؤال هل يجوز لشركة برمجيات أن تبيع برمجيات لبنك ربوي؟ مع العلم أن هذه البرمجيات لا علاقة لها بالعمليات الربوية. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: يجوز التعامل بيعاً وشراءً مع من يتعاملون بالربا، سواء بنوك ربوية أو غيرها؛ وقد ثبت في الصحيحين عند البخاري (2916) ، ومسلم (1603) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى طعاماً من يهودي، ورهنه درعه، وفي صحيح مسلم (1551) أنه دفع إلى اليهود نخل خيبر وأرضها على أن يعتملوها من أموالهم، ومعلوم أن اليهود مرابون، وأن أموالهم يكثر فيها الربا، فدل على جواز التعامل مع المرابي بشرط أن يكون هذا التعامل مشروعاً في نفسه. والله أعلم.

التعامل بالربا مع بنوك الكفار

التعامل بالربا مع بنوك الكفار المجيب د. مصطفى بن كرامة مخدوم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 23/12/1424هـ السؤال ما هي الأدلة الشرعية المقنعة على تحريم التعامل بالربا مع البنوك التي يملكها الكفار في الوضع الاقتصادي العالمي الحالي مع كون الكفار أصلاً غير ملزمين بالخضوع لشريعة الإسلام حال كفرهم؟. الجواب الجواب: يحصل ببيان أمرين: (1) حكم التعامل بالربا مع بنوك الكفار. (2) تكليف الكفار بالأحكام العملية. أما الأول: فإن جمهور العلماء ومنهم أبو يوسف من فقهاء الحنفية يذهبون إلى تحريم التعامل بالربا تحريماً عاماً فيشمل الربا مع البنوك التي يملكها غير المسلمين، وذلك لأمور: أ- أن الأدلة الشرعية تحرم الربا تحريماً عاماً لم يفرق فيه بين المسلمين وغيرهم كقوله -تعالى-: "وحرم الربا" [البقرة: 275] وقوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" [البقرة: 278] ،، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ومؤكله وكاتبه، وشاهديه" رواه مسلم (1598) من حديث جابر -رضي الله عنه-. وقد تقرر عند علماء الأصول أن الأدلة العامة لا يجوز تخصيصها بغير دليل، ولم يثبت تخصيصاً لهذه الأدلة يستثني الكفار. كما تقرر في علم الأصول أن الدليل العام عام في متعلقاته من الزمان والمكان، والحال، والأشخاص فمعنى الآية الأولى: (إن الله حرم الربا في كل مكان وفي كل زمان وعلى أية حال ومع كل أحد) . ب- إن الله -سبحانه وتعالى- يحرم الفعل لما فيه من المفاسد الراجحة، ومعلوم أن مفسدة الظلم وأكل أموال الناس بالباطل موجودة في الربا مع غير المسلمين، كما هي موجودة في الربا مع المسلمين.

والمسلم مأمور بالعدل والإنصاف، ومنهي عن الظلم حتى مع الكفار، كما قال سبحانه: " وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" [المائدة: من الآية8] . إن الأصل في المحرمات الامتناع عنها مطلقاً، كما هو الحال في الزنا والقمار، فإنهما محرمان تحريماً عاماً لا فرق فيه بين المسلمين وغيرهم، ولو أجزنا الربا مع الكفار في بلادهم للزم إباحة سائر المحرمات في حقهم كالزنا والقمار وهذا باطل بالإجماع. وأما الأمر الثاني وهو تكليف الكفار بالأحكام العملية كتحريم الربا ونحوه، فإن جمهور العلماء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وأحكامها العملية، كما هم مخاطبون بأصول الإيمان ولكن لا يصح منهم ذلك إلا بتقديم الإيمان، وأنهم سيحاسبون يوم القيامة على جميع أعمالهم، ويعاقبون عليها، ومنها ترك الأحكام العملية. ويدل على ذلك قوله تعالى: " ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين" [المدثر: 42-46] فأخبروا أنهم يعذبون على الكفر وعلى ترك الأحكام العملية. ومثله قوله -تعالى-: " وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ" [فصلت:6-7] . فتوعدهم على ترك الزكاة كما توعدهم على ترك الإيمان بالآخرة. فالكفار ملزمون شرعاً ومأمورون ديانة بالخضوع لشريعة الإسلام حتى في حال كفرهم، والله أعلم.

الأرباح من شركة اقترضت بالربا

الأرباح من شركة اقترضت بالربا المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 18/06/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: لقد ساهمتُ في عام 1990م بعدد من الأسهم في شركة تعمل في مجال الاستثمارات العقارية، وكانت قيمة الأسهم 3000 دينار ليبي، في عام 1995م عقد مجلس إدارة الشركة اجتماعاً بحضور جميع المساهمين؛ لاستعراض أهم نشاطات الشركة والأرباح التي جنتها، خلال هذا الاجتماع أفادنا المستشار المالي للشركة بأن الشركة مرت في الفترة الأخيرة بضائقة مالية اضطرتها إلى الاقتراض من المصرف (قرضاً ربوياً) قررت بعد هذا الاجتماع سحب قيمة الأسهم الخاصة بي والأرباح (3000 دينار قيمة الأسهم + 7000 دينار أرباح) ، وحيث إني قد ساورني الشك في مدى حل هذه الأرباح بسبب القرض الربوي، لذا لم أتصرف فيها حتى الآن. سؤالي هو: ما مدى حل هذه الأرباح؟ علماً بأني لا أعرف متى -تحديداً- تم هذا الاقتراض، ولا أستطيع أن أعرف الآن؛ لأن الشركة قد تم تصفيتها ولم يعد لها وجود. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: إذا كان الأخ قد سحب مساهمته فور علمه بالاقتراض الربوي، كما في السؤال، فلا حرج إن شاء الله في انتفاعه بالأرباح، لعموم قوله تعالى "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة: 275] . فإذا كان من أكل الربا باختياره إذا انتهى عنه طاعة لله جاز له الانتفاع بما قبضه من الربا، فلأن يجوز ذلك لمن وقع في الربا دون اختياره ودون علمه من باب أولى. وهذا التصرف من قبل الإدارة حصل بدون علم المساهمين أو موافقتهم، كما يفهم من السؤال، فهي إذن المسؤولة عن هذا التصرف، ولا يلحق المساهمين من ذلك شيء إلا إذا علموا بذلك ورضوا به، أما من لم يرض به ولم يستمر في الشركة بعد علمه فلا شيء عليه إن شاء الله.

لكن الأفضل أن يتصدق بما يغلب على ظنه أنه حصل عن طريق القرض الربوي، وإذا لم يترجح لديه شيء فليتصدق بنصف الربح، من باب اتقاء الشبهات، إلا إذا كان الأخ هو نفسه محتاجاً، فهو في هذه الحالة أولى بها من غيره. والله أعلم.

الاقتراض الربوي بنية عدم تسديد الفوائد

الاقتراض الربوي بنية عدم تسديد الفوائد المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 8/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. أريد أخذ قرض من بنك، علما أن هناك نية لتسديد البنك رأس المال دون الفوائد حتى لو أدى ذلك للمماطلة في دفع رأس المال المدين دون الفائدة هل هو حلال أم حرام؟ علما أني مدين وطرقت أبواب كثيرة هل يجوز أم لا؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. العقد على الربا محرم ولا يجوز، وكون الإنسان يوقع على عقد الربا حتى وإن كان يريد ألا يعطي الفوائد، فأصلاً هذا محرم ولا يجوز، مع أنه أيضاً سيكذب في هذا، ولن يوفي عقده، فإنه دخل مع البنك على أنه سيعطيه الفوائد وهو سيكذب عليه، فهذا تعتريه هذه المحاذير. أولاً: أصل الدخول في عقد الربا محرم ولا يجوز التوقيع عليه. ثانياً: الكذب على الآخرين، وهو محرم ولا يجوز، وحتى لو كان السائل مدين فإنه لا يجوز، وإنما عليه أن يسلك الطرق المباحة.

السحب النقدي ببطاقة فيزا

السحب النقدي ببطاقة فيزا المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 16/1/1425هـ السؤال لدي بطاقة فيزا من شركة الراجحي المصرفية مميزاتها التالي: أولاً: 80% من قيمة المبلغ المعطى لي حسب راتبي يمكنني أن أسحبه على شكل مشتريات حتى لو كان رصيدي صفراً. يسترد هذا المبلغ من راتبي بعد 45 يوماً أي من يوم 15 من كل شهر ميلادي. وهنا لا توجد مشكلة لأن المبلغ يسترد بدون زيادة ولا نقصان. ثانياً: 20% من قيمة المبلغ المعطى لي حسب راتبي يمكنني أن أسحبه سحباً نقدياً من أي صراف آلي والمبلغ المسحوب لي بسحبه 1800 ريال خلال الشهر الميلادي، يمكنني سحبها دفعة واحدة أو على دفعات أو عدم سحبها نهائياً، لأنها ستخصم من راتبي بعد 45 يوماً كما أسلفت. المشكلة تكمن في أن كل مرة أدخل على الصراف الآلي لسحب 100ريال أو 200 ريال أو أي مبلغ حتى 1800 ريال كحد أعلى، يخصم من راتبي 18 ريال إضافية عن كل عملية سحب. مثال سحبت 1800 ريال وخصمت بعد 45 يوماً 1818 ريال. وعند سؤالي واستفساري من البنك عن المبلغ الإضافي هذا أفادوني بأنها رسوم للشبكة الدولية (الفيزا الدولية) وليس للراجحي أي فائدة من هذا المبلغ الإضافي. فما رأيكم في هذا المبلغ الإضا الجواب الرسوم الذي يذكرها الأخ السائل تتعلق بتكلفة أجهزة السحب والعمولات التي تتقاضاها شركة فيزا العالمية من شركة الراجحي مقابل خدمات الاتصال ونحوها، وقد صدر قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية رقم 466 بجواز هذه الرسوم المقطوعة، وقد تحفظ بعض أعضاء الهيئة حول مقدار هذه الرسوم، وهل تقتصر على الخدمة الفعلية أم لا؟

لكن أنصح الأخ أن يتجنب السحب النقدي ببطاقة الفيزا، لارتفاع التكلفة من ناحية، وتجنباً لمواطن الإشكال الشرعي من ناحية أخرى، كما أن الأوْلى هو اجتناب الاستدانة إلا لحاجة شرعية، للأحاديث والأثار الكثيرة في التشديد في الدين، واستعمال البطاقة الائتمانية أحد أساليب الاستدانة فينبغي الاقتصار به على المصالح الملحة والحاجات اللازمة قدر الإمكان. وفق الله الجميع لما يرضيه، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

هل يتوقفون عن بناء المصرف الربوي؟

هل يتوقفون عن بناء المصرف الربوي؟ المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 10/04/1426هـ السؤال نحن شركة مقاولات، اتفقنا مع مصرف لبناء مقر له، وبعد أن وقعنا العقد وبدأنا في العمل أخبرنا بعض الإخوة أن بناء المصارف الربوية غير جائز شرعاً، والآن لم نستطع إيقاف العمل؛ لأننا ملتزمون بالعقد، فما الحكم الشرعي لهذه المسألة؟ وهل العائد المادي من المبنى جائز أم غير جائز شرعاً؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فما أخبركم به بعض الإخوة من حرمة بناء المصارف التجارية التي تتعامل بالربا صحيح؛ لأن في ذلك إعانة على المعصية، ويجب عليكم إيقاف البناء ما أمكنكم ذلك، فإن كان يلحقكم ضرر من إيقاف العمل فلا حرج عليكم -إن شاء الله- من إكماله؛ لأن البناء في حد ذاته عمل مباح، وإنما حرم لكونه وسيلة إلى المعصية، والقاعدة عند أهل العلم (أن ما كان محرماً تحريم وسائل فيباح عند الحرج والمشقة) ، وعليكم بالتوبة الصادقة من هذا العمل، بأن تعزموا النية على عدم تنفيذ مشاريع من هذا النوع، فإذا صدقتم النية في ذلك فلا حرج عليكم أيضاً من أخذ العائد المادي من المشروع الذي أنتم بصدد تنفيذه. والله أعلم.

شراء الشقق التي يحجزها البنك لعدم تسديد أصحابها

شراء الشقق التي يحجزها البنك لعدم تسديد أصحابها المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 27/08/1425هـ السؤال يقوم البنك -عادة- بالحجز على الشقق التي لا يتمكَّن صاحبها من سداد أقساطها ويعرضها للبيع، هل يجوز لي أن أشتري إحدى هذه الشقق من البنك؟ علماً بأن البيع والشراء نقدي بدون أقساط أو فوائد أو أي معاملات بنكية. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: إذا كانت المعاملة في الأصل بين البنك ومالك الشقق صحيحة من الناحية الشرعية، وكان البنك يملك حق بيع الشقة في حال تخلُّف العميل عن السداد، وكان البيع بسعر السوق، فلا مانع من الشراء من البنك بطريقة شرعية. والله أعلم.

اقترض لغيره قرضا ربويا فلم يسدد!

اقترض لغيره قرضاً ربوياً فلم يسدد! المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 27/3/1425هـ السؤال اقترضت مبلغاً من أحد البنوك الربوية، ولكن ليس لي بل لصديق أعطيته المبلغ كاملاً كما أخذته من البنك، وأخذت منه إقراراً خطياً بتوقيعه على أن يسدد الأقساط المستحقة علي من البنك شهرياً مع وجود شاهد بذلك، وهو الآن يمتنع عن التسديد، فقمت برفع شكوى إلى المحكمة، المشكلة لدي أنا وشاهدي أننا غفلنا عن أن هذا القرض هو ربا في حقيقة الأمر، مع العلم أنني لست المستفيد من المبلغ، وأن ما فعلنا هو الخطأ بعينه، كما في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه"، سؤالي هو: ماذا أفعل حيال ذلك الأمر؟ وما هي نصيحتكم لي؟ علما بأنه لم يصدر حكم من المحكمة حتى الآن. الجواب الحمد لله، وبعد: فجوابك ما يلي: 1- اقتراضك بالربا كبيرة من الكبائر سواء لك أو لغيرك، فعليك التوبة النصوح، والتضرع إلى الله؛ "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ... " [التحريم: من الآية8] . وكذا تجب التوبة على الشاهد للحديث الذي ذكرت، ومن باب أولى تجب أيضاً على المستفيد من هذا القرض، كما ندعو البنك أيضاً إلى التوبة من التعامل بالربا؛ فهو أصل البلاء؛ قال الله - سبحانه-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [البقرة:278] . وأما قولك إننا غفلنا عن كون القرض ربا، فهذا غريب إذ هذا لا يغفل عنه أحد من المسلمين لا سيما في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-! فكل يعلم بأن هذه المعاملة هي عين الربا لا يختلف فيه أحد، ولكن لعلها هفوة وخطيئة.

2- أما صاحبك المستفيد من القرض فقد جمع كبيرتين عظيمتين؛ الربا وأكل أموال الناس بغير حق، ويلزمه شرعاً وقضاءً أن يسدد كامل المبلغ - أي لا يلزمك أنت شيء من ذلك-، وإن كان بالنسبة للبنك لا يلزمه إلا القرض فقط دون زيادته، ولكن قد يلزمه القاضي بسداده كله عقوبة له لدخوله على بصيرة، ويصرف الزائد في عمل خيري. 3- إذا لم يسدد صاحبك المبلغ وجب عليك تسديده للبنك؛ لأن البنك ليس له حق على صاحبك وإنما حقه عليك وحدك إذ الاقتراض باسمك، وإذا طالب البنك بحقه، فالقضاء يحكم عليك بالسداد، ويقال فيك كما قيل في صاحبك أنه لا يلزم سوى تسديد أصل القرض، ولكن قد تؤخذ منك الزيادة عقوبة على تعاملك بالربا وتصرف في أوجه البر، وأما البنك فليس له إلا رأس ماله؛ كما في الآية السابقة: "فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ... " [البقرة: من الآية279] . 4- يجب أن تتعلم من هذه الحادثة دروساً منها ما شاهدته بعينك من عقوبة الربا الدنيوية، فكيف بالأخروية، والله - جل وعلا- قد يجعل في بعض المصائب تذكيراً للعبد، ومنها أن الاقتراض باسمك لشخص آخر فيه مخاطرة، وكثير من الناس اليوم يماطل في حقوق الآخرين حتى وإن أحسنوا إليه، وها أنت شاهدت هذا الإحسان كيف انقلب سوء تفاهم بينكما، ولذا لا ينبغي التساهل في وضع اسم مكان آخر في مثل هذه المعاملة، وغيرها مما قد يتساهل فيه الناس لما يترتب عليه من النزاع والشقاق. والله أعلم.

التعامل مع البنوك الربوية

التعامل مع البنوك الربوية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 28/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. أريد أن أعرف حكم التعامل مع البنوك، وإن كان فيه شبهة فما البديل الإسلامي؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. التعامل مع البنوك الربوية: إن كان التعامل معها بالربا المسمَّى بالفائدة تضليلاً على الناس، كالمساهمة في رأس مالها أو شراء أسهمها، أو التعامل بالربا (الفائدة) أخذًا أو إعطاءً، فهذه المعاملة حرام قطعًا وليست مجرد شبهة، أما التوظُّف فيه- وأنت تجد في غيره عملاً يدر عليك رزقًا- ففي هذا شبهة خيرٌ لك أن تبتعد عنها، كما في حديث النعمان بن بشير، رضي الله عنهما: " ... فَمَن اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَد اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَع في الشُّبُهَاتِ وقَع في الحَرَامِ ... ". أخرجه البخاري (52) ومسلم (1599) .

أما إن كان التعامل مع البنك الربوي بفتح حساب جارٍ لا تأخذ عليه فائدة، أو كان شراء سلعة عن طريقه فهذا لا شيء فيه- إن شاء الله-؛ لأن معاملة الكافر بالبيع والشراء ووضع الوديعة عنده نقودًا كانت أو عينًا جائز شرعًا، فقد كان المسلمون والكفار في مكة والمدينة يتعاملون بالبيع والشراء من إجارة ووديعة وضمان- بلا نكير، وما زال عمل المسلمين عليه، مع أن الكافر يتعامل بالحرام ويستحله- وإذا كان هذا مع الكافر فإنه مع المسلم (البنك في بلد مسلم) من باب أولى، ومن باب الأحوط والأولى لك أن تبحث عن مصرف لا يتعامل بالفائدة مع أحد، وإن تعذر عليك شيء من هذا فخير لك أن تشغل ما لديك من نقود في شراء سلعة أو مشاركة في أرض ونحو ذلك، وتقوم ببيعها مباشرة أو بواسطة شريك لك ساهمت معه، وهذا باب واسع للحلال جعله الله بديلاً عن الحرام وليست فيه شبهة. وفقنا الله وإياك إلى كل خير، آمين.

بعثات البنوك الدراسية

بعثات البنوك الدراسية المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 11/6/1425هـ السؤال هناك بنكاً لا تزال بعض معاملاته ربوية، ولديه برامج بعثات دراسية مجانية للطلاب، هل يجوز لي أخذ بعثة دراسية من هذا البنك؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: لا يظهر لي ما يمنع من ذلك؛ حيث إن أرباح البنوك ليست كلها من الربا، خاصة البنوك التي عندها نوافذ إسلامية، لكن ذلك مشروط بأن لا تعمل عند البنك في مجال محرم شرعاً بعد التخرج، وأوصيك بتقوى الله -عز وجل- واختيار التخصص الذي ينفع المسلمين. بارك الله فيك. والله أعلم.

الاستقطاع.. وبرنامج الادخار

الاستقطاع.. وبرنامج الادخار المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 14/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل في الإدارة العامة لأحد البنوك المحلية، ولدينا برنامج يطلق عليه الادخار، ومفاده هو: يتم استقطاع نسبة من الراتب كل شهر (هذه النسبة محددة وهي 5%) ، ويتم ادخاره، حتى إذا ما بلغت سنوات الاشتراك ثلاث سنوات تستحق مكافأة قدرها 30% من قيمة الادخار، وهكذا كلما زاد عدد سنوات الاشتراك تزيد المكافأة، حتى تصل إلى 200% عند اكتمال سنوات الاشتراك الـ10 سنوات. ملاحظة: لا يتم صرف المكافأة إلا عند نهاية التقاعد، أما في حالة رغبتي في الخروج من البرنامج فلا أستحق سوى نصف المكافأة. فهل يعتبر هذا البرنامج ربويا؟ وفقكم الله لما فيه الصلاح والخير للجميع. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: (1) إذا كان البنك يتصرف في مبلغ الادخار لمصلحته وعلى مسؤوليته ويلتزم برد مثله لاحقاً، فإنه بذلك يكون مقترضاً من الموظف. فإذا التزم البنك مع ذلك بالزيادة كان هذا من ربا النسيئة المحرم بالنص والإجماع. (2) أما إذا كان البنك لا يتصرف في مبلغ الادخار لمصحلته، وإنما يتصرف لمصلحة المشتركين وفقاً للضوابط الشرعية، فلا حرج في مكافأة الادخار؛ لأنها في هذه الحالة تبرع. والله أعلم.

التبايع مع البنك الربوي

التبايع مع البنك الربوي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 12/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي سؤالان: السؤال الأول: شخص يبيع للبنوك الورق والمظاريف (الأظرف الفارغة) ، والأدوات الكتابية التي تحتاجها واللازمة لها، وبعض الأوراق والأظرف يكون مطبوعًا عليها اسم البنك، فهل هو يساعد في عملية الربا بين البنك وبين العملاء باستعمال البنك لهذه الأظرف والأوراق، مع العلم أني لا آخذ مرتبي من البنك ولا أتعامل معهم بالربا، ولكن تجارة، أي بيع وشراء فقط. السؤال الثاني: يطلب مني البنك أن أصمِّم له ورقة دعاية عن شهادات الادخار ذات الجوائز، وهذه الشهادة يشتريها الشخص بمبلغ مثلاً 10 جنيه أو 50 جنيه، أو 100 أو 1000جنيه، ويتم السحب عليها وممكن يفوز بـ 100 ألف جنيه، ومدة الشهادة خمس سنوات تجدد تلقائيًّا، ويسترد الشخص قيمة الشهادة بعد مرور 6 أشهر من تاريخ شرائها، وتكون نفس القيمة التي دفعها، فهل هذه الشهادة تعتبر ميسرًا، وأنا أساعد بعملي هذه الورقة على هذا الميسر (إن كان كذلك) . وجزاكم الله عنا كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: 1. لا حرج، إن شاء الله، في بيع منتجات مكتبية وورقية للبنك الربوي، فقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود بيعًا وشراءً مع كونهم مرابين. 2. إذا كان اسم البنك الربوي مطبوعًا على الورق فلعله لا حرج أيضًا في بيعه إذا كان المطبوع هو اسم البنك مجردًا، لكن لا يجوز إذا كان المطبوع يتضمن ذكر الربا أو أية منتجات مالية محرمة.

3. لا يجوز طباعة أو تصميم شهادات الادخار ذات الجوائز المشار إليها، لأنها تجمع بين الربا والميسر، ولأن طباعتها أو تصميمها دعوة لها وتشجيع مباشر على شرائها، فيدخل في كتابة الربا والإعانة عليه. 4. إذا استطاع الأخ أن يتجنب التعامل مع البنك الربوي فهو أفضل، وإلا فلا حرج، إن شاء الله، حسب الضوابط المذكورة أعلاه. والله أعلم.

رسوم السحب من الحساب الجاري!

رسوم السحب من الحساب الجاري! المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 02/11/1426هـ السؤال عندما أريد سحب مبلغ نقدي من حسابي الجاري من داخل البنك عبر الصرافين يجب دفع مبلغ 10 ريالات، لإتمام هذه العملية، وفي بعض البنوك لا يتم السحب إلا عبر إصدار شيك مصرفي قيمته 10 ريالات، أرجو توضيح هذا الأمر في كلتا الصورتين من حيث صحة المعاملة، وهل فيها ربا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا فرق بين الصورتين في الحكم، المسألة بصورتيها بالنسبة إلى صاحب الحساب ليست ربا، بل هي عكس الربا؛ فإن الربا زيادة يأخذها الدائن "صاحب الحساب"، وها هنا صاحب الحساب لا يأخذ شيئاً، بل يدفع رسماً للبنك مقابل استرداده لشيء من ماله في حسابه الجاري. وهي بصورتها بالنسبة للبنك أكل المال بالباطل، فإن الحساب الجاري دين في ذمة البنك يجب عليه أن يرده إلى صاحبه عند طلبه، وأخذه أجراً على رده يعتبر أجراً على قيامه بعمل واجب عليه، فيكون أكلاً للمال بالباطل، لا ينبغي أن يقر عليه البنك من جهات الاختصاص. وإذا كان صاحب الحساب الجاري لا يمكنه أخذ شيء من حسابه إلاّ بدفع هذا الرسم، فهو معذور في هذا، وينبغي أن ينقل حسابه إلى بنك لا يأخذ رسماً، والله أعلم.

الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها

صرف الفوائد الربوية في احتياجات المسجد المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها التاريخ 26/10/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ حفظه الله ورعاه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤال موجه من إدارة مسجد بجنوب هولندا نرجو منكم الإجابة العاجلة عليه، رفع الله درجاتكم، الشق الأول من السؤال: للمسجد مبلغ مودع باسمه في البنك يقدر بحوالي (خمسين ألف يور) ونظرا لأن البنوك هنا تمشي بنظام الفوائد فإن هذا المبلغ تخرج عليه فوائد ربوية والسؤال هنا كيف نتصرف بهذه الفوائد؟؟ وهل يمكن صرفها على المسجد ومرافقه ومرتبات عامليه؟؟ وهل في هذا الرصيد وفوائده زكاة؟؟ نرجو الإجابة التفصيلية مع النصح مأجورين، الشق الثاني من السؤال: جاء إلينا رجل مبعوث من أحد الأشخاص وقال إن فلاناً بعثني وهو يتبرع لكم بفرش المسجد كاملا!! ونحن نعرف أن الشخص الذي بعثه شخص يتعامل ببيع الحشيش والمخدرات ونعلم أيضا أن له مكسباً آخر غير المخدرات وهو مساعدات اجتماعية من حكومة هولندا، وله مصدر تجاري آخر فلهذا قلنا لهذا الشخص المبعوث أخبر فلاناً الذي بعثك بأننا لن نقبل منه حتى نستفتي العلماء في القضية، بالرغم من أن الذي بعثه يصر على أن الفرش من المال الحلال لا من ماله الحرام؟؟؟ نرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة مشكورين. الجواب

المال المودع في البنك باسم المسجد الواقع بجنوب هولندا لا زكاة فيه لأن من شروط الزكاة: الملكية، وهذا المبلغ لا يملكه أحد وإنما هو وقف على هذا المسجد وأما الربا (الفائدة) فهي في الأصل حرام في القرآن والسنة، غير أن فتاوى العلماء وعدد من المجامع الفقهية المعاصرة أجازوا أخذ الفائدة التي تدفعها البنوك الربوية على أن تنفق بنية التخلص منها - لا بنية التقرب إلى الله وطلب الأجر، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وهي خبيثة وحرام وإنما جاز أخذها حتى لا يأخذها الكفار والمرابون ويتقوون بها على المسلمين، ولا بأس أن تنفق هذه الفائدة (الربا) على شئون المسجد من فرش وتكييف وصيانة، ولا يعطى العاملون في المسجد - مرتباتهم منها، لأنها سحت وأي جسم نبت من الحرام فالنار أولى به كما جاء في الحديث انظر: المسند (14441) والترمذي (614) ، فصرفها في المرتبات لا يجوز لأنه إعانة على الباطل وتعريض الآخذ لعدم إجابة دعائه إذا دعا، كما في الحديث "رب أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام فأنى يستجاب لذلك" مسلم (1015) .

2. أما قبول التبرعات للمسجد ونحوه ممن ماله كله أو بعضه حرام فجائز لا شيء فيه، فالمتبرع إن كان كافراً يجوز للمسلم قبول تبرع الكافر ولا أجر له على تبرعه، فقد قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدايا التي تهدى إليه من الكفار كما هو ثابت في الصحيحين وقد بوب البخاري في صحيحه (باب قبول الهدية من المشركين) وساق فيه أحاديث ثم إن قبولها من الكافر من حسن الخلق والمعاملة بالبر والإحسان الذي دلت عليه الآية: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8] ، فالآية وإن كانت في إحسان المسلمين إلى الكفار نصاً فإنها دالة على قبول المسلم لتبرع الكافر.

أما لو كان المتبرع مسلماً يتعامل بالمحرمات وكل ماله أو بعضه حرام فقبوله جائز ويثاب المسلم على تبرعه ويحاسب في الوقت ذاته عن ماله هذا من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ فإذا كان من حرام أو مختلطاً بالحرام وأنفقه في وجوه الطاعة فهو محاسب معاقب على الحرام ومثاب على الصدقة، وقد صح عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - وعدد من كبار التابيعن جواز الأكل ممن مطعمه حرام، فقد سئل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن رجل يدعو جيرانه إلى طعامه وهو يأكل الربا علانية ولا يتحرج من مال خبيث يأخذه؟ فقال للسائل: أجيبوه فإنما المهنأ لكم والوزر عليه، وإذا كان الأمر هكذا فإن قبول تبرعات المتبرعين للمسجد جائزة من باب أولى، وعمارة المسجد الحسية المادية تصح من الكافر والمسلم، أما العمارة الحقيقية فهي عمارتها بالعبادة ولا تصح ولا تجوز من كافر، قال تعالى: "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [التوبة:19] فدلالة الآية على جواز العمارة الحسية والمادية واضحة، وإنما العمارة الحسية لا تقارن بعمارتها بالعبادة لله وحده والجهاد في سبيله، ومثل هذه الآية قوله تعالى: "مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ" الآية، [التوبة:17] والمراد منع المشركين من دخول المسجد الحرام بعد عام الحديبية، وهي مرتبطة بأول سورة التوبة " بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" [التوبة:1] فهي عن الدخول وليس أفعال السقاية والرفادة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

التخلص من الفوائد الربوية

التخلص من الفوائد الربوية المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها التاريخ 5/5/1423 السؤال يوجد لدي فضلة مال مودعة في أحد البنوك كحساب جارٍ من دون فوائد، وكما تعلمون أن البنك يستفيد من ذلك بأخذ الفوائد من الإيداع وإعطائها للفاتيكان، السؤال: هل يجوز الإيداع مع أخذ الفائدة، ومن ثم التخلص منها بإعطائها المستحق من المسلمين وذلك بنية التخلص؟ مع أنه لا يمنع ذلك من أن أزكي مالي الخالص كلما دار عليه الحول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب سئل فضيلة الشيخ: عبد الله بن منيع -حفظه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ ما حكم أخذ الفوائد الربوية من الحساب البنكي الخاص بي، وذلك لصرفه للمركز الإسلامي الموجود في المدينة أو توزيعها على المحتاجين من المسلمين؟ علماً أنه يوجد حساب بنكي بدون فوائد ربوية. جـ/ الحمد لله، الفوائد البنكية ربا صريح، وإذا كان للمسلم حساب في بنك ربوي في مثل أمريكا، وليس هناك بنوك إسلامية يمكن فتح حسابات فيها، فهذا مسوغ للإيداع فيها؛ حفظاً للمال من عوارض الإضاعة والتسلط، وليس لغرض أخذ الفائدة، فإذا ظهر في الإيداع فائدة ربوية فيجب أخذها وصرفها في وجوه البر، تخلُّصاً منها، ومنعاً من أن تصرف إلى جهة غير إسلامية. ولكن لا يجوز الإيداع في البنوك الربوية لغرض الاستثمار الربوي؛ لصرفه في وجوه الخير، حيث قد ينطبق على ذلك قول الشاعر فيمن تزني وتدفع أجرة زناها للأيتام: أمطعمة الأيتام من كدِّ فرجها لكِ الويل لا تزني ولا تتصدقي والله أعلم.

اشتراط الخسارة على صاحب المال دون المضارب

اشتراط الخسارة على صاحب المال دون المضارب المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها التاريخ 22/8/1424هـ السؤال هل فائدة البنوك غير المحددة بكمية معينة تعد حراماً؟ وإذا كان العقد بيني وبين البنك فيه شرط أن الخسارة على صاحب المال والربح مشترك، وإذا كانت حراماً، فما هو التصرف الصحيح في الربح الذي قد حصلت عليه سابقاً؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، الفائدة مصطلح مصرفي يطلق على ما يأخذه صاحب المال من زيادة على ماله الذي يودعه لدى البنك في صورة وديعة مؤجلة، وقد تسمى استثمارية وإن لم يكن استثمار سوى الفائدة. والفائدة في هذه الصورة تُعدّ من قبيل الربا، فلا تجوز سواء كانت محددة، أو غير محددة. وقد تطلق الفائدة على الكسب والربح، فيسمى فائدة، فإذا كان الربح سببه مشروعاً كالتجارة والصناعة. والزراعة فلا مانع منه، سواء كانت هذه التجارة عن طريق البنوك أو غيرها، لكن ينبغي أن تكون البنوك إسلامية؛ لأن البنوك الربوية غير مؤتمنة؛ ولأن في التعامل معها على فرض سلامة معاملتها دعماً لعملها الربوي. أما شرط أن الخسارة على صاحب المال، والربح مشترك فحكمه مختلف باختلاف العقود، فإن كان العقد مضاربة بمعنى أن المال يكون من طرف هو العميل والعمل من طرف هو البنك -ويظهر أن هذه الصورة هي المقصود- فمقتضى ذلك أن الخسارة على صاحب المال، والربح مشترك، فاشتراطه يكون من قبيل تأكيد ما يقتضيه العقد فلا يضر. أما التصرف الصحيح فيما يحصل عليه الإنسان من كسب حرام، فهو أن يصرفه في المصارف العامة كالفقراء والمساكين ودور الرعاية الاجتماعية، وجمعيات المعاقين ونحو ذلك؛ بقصد التخلص منه والخروج من عهدته لا بقصد التقرب والصدقة. ويلزم مع ذلك التوبة إلى الله، والندم على ما فات، والعزم على عدم العود إليه، والله أعلم.

أموال الربا بعد التوبة

أموال الربا بعد التوبة المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها التاريخ 8/3/1423 السؤال يقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة البقرة في آية الربا: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] الآية، هل هذا يعني أن المرابي إذا تاب عن الربا ولديه أموال مختلطة تكون حلالاً له، ويعفى عنه؟ أم يجب عليه إخراج أموال الربا والتخلص منها؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فهذه مسألة من المسائل الكبار وتحتاج إلى فتوى محررة، ولذا فإنني سأنقل هنا كلام شيخ الإسلام/ ابن تيمية -رحمه الله- حيث حرر وشفى. قال -رحمه الله-: " ... وأما ما كان قبضه، فقد قال: "فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] ، فاقتضى أن السالف له للقابض، وأن أمره إلى الله وحده لا شريك له، ليس للغريم فيه أمر، وذلك أنه لما جاءه موعظة من ربه فانتهى كان مغفرة ذلك الذنب والعقوبة عليه إلى الله، وهذا قد انتهى في الظاهر "فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] إن علم من قلبه صحة التوبة غفر له وإلا عاقبه. ثم قال: "اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" [البقرة:278] ، فأمر بترك الباقي ولم يأمر برد المقبوض.

وقال: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم" [البقرة:279] لا يشترط منها ما قبض ... ، والقرآن يدل على هذا بقوله: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف" [البقرة:275] ، وهذا عام في كل من جاءه موعظة من ربه، فقد جعل الله له ما سلف ... ، وهذا وإن كان ملعوناً على ما أكله وأوكله فإذا تاب غفر له، ثم المقبوض قد يكون اتجر فيه وتقلب، وقد يكون أكله ولم يبق منه شيء، وقد يكون باقياً، فإذا كان قد ذهب وجعله ديناً عليه كان في ذلك ضرر عظيم، وكان هذا منفراً عن التوبة ... ، وكثير من العلماء يقولون: إن السارق لا يغرم لئلا يجتمع عليه عقوبتان ... وهذا أولى لئلا يجتمع على المرابي عقوبتان إسقاط ما بقي والمطالبة بما أكل وإن كان عين المال باقياً فهو لم يقبضه بغير اختيار صاحبه ... ، بل قبضه باختياره ورضاه بعقد من العقود، وهو لو كان كافراً ثم أسلم لم يرده، وقد قال -تعالى-: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ... " [البقرة:275] ، ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق. من كتاب (تفسير آيات أشكلت 2/574-595)

أموال أصلها ربا

أموال أصلها ربا المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها التاريخ 19/2/1424هـ السؤال لي أخ في أمريكا بعث لنا مبلغاً من المال قام بسحبه من البنك ليقوم والدي بالعمل به في أي مشروع، مع أن وضع أبي المادي في ذلك الوقت كان سيئاً جداً مع وجود عائلة مكونة من عشرة أشخاص جميعهم لا يعملون باستثنائي أنا وأخي، كنا نحصل على مبلغ لا يكفي كمصروف لبداية الشهر، وفعلاً بدأ أبي يعمل بهذه النقود وتحسنت الأمور المادية، فما هو موقفنا من هذه النقود الربوية؟ الجواب الحمد لله، وبعد: التعامل بالربا محرم قال الله تعالى:"وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة: 275] ، والملعون فيه خمسة كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" مسلم (1597) فهو من كبائر الذنوب. لكن إذا تاب الإنسان من الربا فالله يفرح بتوبته قال تعالى:"فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة: 275] . وهذه الآية تبين الموقف من المال الربوي بعد التوبة فهو له "فله ما سلف" وأما قوله تعالى:"وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم" [البقرة: 279] ، فهذا فيما لم يقبض، وهذا هو القول الصواب في المسألة، وللاستزادة يراجع كتاب (تفسير آيات أشكلت) لابن تيمية -رحمه الله-. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التخلص من الفوائد الربوية

التخلص من الفوائد الربوية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها التاريخ 29/4/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: سؤالي حول الفوائد الربوية ووجوه صرفها وحددت بعضها، مثل: أعمال الصيانة في المركز، تسديد فواتير الهاتف والكهرباء ... إلخ، ترميم أو صباغة المركز منها، تقديم مساعدات لبعض المسلمين منها أو غير المسلمين، الصرف منها على بعض أنشطة المركز، -أرجو التكرم بتحديد الأنشطة إذا كان الأمر ليس على إطلاقه- ومن الأنشطة إصدار مجلة، قيمة البريد وخصوصاً البريد المرسل لأغراض الدعوة كإرسال نشرات تعريفية عن الإسلام، أو إرسال نسخ القرآن الكريم للمسلمين إلى غير ذلك. الجواب اعلم يا أخي إن إيداع النقود أو فتح حساب في البنك بنية أخذ ربا (فوائد) حرام لا يجوز ولو بنية صرف هذه الفوائد في سبيل الدعوة إلى الله؛ لأن الله حرم الربا بنص كتابه، وحرم رسوله -صلى الله عليه وسلم- كل وسيلة تعين عليه "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" البخاري (2238) مسلم (1598) واللفظ له.

أما إذا كان البنك لا يتعامل إلا بالربا كحال عامة البنوك في الدول الغربية، والإيداع في مثل هذه البنوك ضرورة لا بد منها فهل تؤخذ هذه الفوائد الربوية أم لا؟ اختلف أهل العلم اليوم في هذا فمنهم من منع ذلك أخذاً بظاهر نصوص القرآن كقوله -تعالى-:"الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسّ ... " [البقرة:275] ، وقوله:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين.." [البقرة:278] ، وقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث:"إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.." البخاري (1410) ومسلم (1015) واللفظ له، وقال بعض العلماء بجواز أخذ هذه الفوائد الربوية من تلك البنوك وصرفها في مصارف الخير بنية التخلص منها لا بنية الصدقة لأنها مال خبيث، ولعل هذا القول هو الأرجح عندي -إن شاء الله-؛ لأن هذه الفوائد مع ضخامتها لو تركت عند البنوك الربوية في مثل هذه البلاد الكافرة لتقوى بها اقتصادها، وعاد ضررها على المسلمين، وإذا كان الأمر كذلك على هذا القول فالواجب عليك -أخي السائل- أن تجتهد في صرف هذا المال المسؤول عنه في أولويات أعمال المركز عندكم وأنشطته ما دامت في خدمة الدعوة إلى الله في بلاد الغربة، من دعوة غير المسلمين وتأليف قلوبهم ونشر الكتب والأشرطة التي تشرح العقيدة والأحكام الضرورية، وأنصح المسلمين بألا يأكلوا أو يشربوا مما صرف من هذه الفوائد على الطعام والشراب مما قد يوضع في المركز وهذا من باب قول الله:"فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [التغابن:16] . فالله الله في تدبر هذه الآية على وفق جوابي لسؤالك، وفقنا الله وإياك إلى كل خير.

شبهة في تحليل الفوائد البنكية

شبهة في تحليل الفوائد البنكية المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها التاريخ 08/11/1426هـ السؤال جدي يقول: إن الفوائد البنكية ليست حراماً تحديداً، لكنها مسألة مشتبهة. ويبرّر هذا بقوله: "إن الخليفة عمر -بحسب رواية ابن كثير- شعر ببعض الصعوبة في المسألة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- توفّي قبل أن يفصّل هذه المسألة. وهذه المسألة كانت واحدة من ثلاث مسائل تمنّى أن يكون سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها أكثر. وبناءً على هذا التعليل يقوم بعض المسلمين -بمن فيهم جدي- بأخذ الفوائد البنكية. فكيف نردّ على هذه الدعوى؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأخذ الفوائد مقابل الإيداع في البنك ربا محرم بإجماع المسلمين، فهو قرض جر نفعاً، ومال بمال من جنس واحد متفاضلاً ومؤجلاً فاجتمع فيه أنواع الربا المتفق على حرمته؛ ربا الفضل، وربا النسيئة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة.. مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي سواء "أخرجه مسلم (ح:1584) من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدينار بالدينار لا فضل بينهما، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما" أخرجه مسلم (صحيح مسلم ح:1588) . والإيداع البنكي هو في حقيقته قرض، والقرض هو: دفع مال لمن ينتفع به، ويرد بدله. واقتراض الربويات في أصله محرم، لكن الشرع استثناه للإرفاق، ولذلك أجمع العلماء على أن القرض إذا جر نفعاً فهو رباً. أما قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي أخرجه البخاري: "وددت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهداً في الجد والكلالة، وأبواب من أبواب الربا". فمعناه أن عمر -رضي الله عنه- لم يكن عنده نص في بعض أبواب الربا، كما ذكر ذلك ابن حجر في الفتح، وهذا وارد؛ أي ألا يصل بعض العلم إلى بعض الصحابة حتى لو كانوا من الخلفاء الراشدين، فهذا لا يعني بحال أن شريعة الله ناقصة، بل كاملة بينة في مجموع الأمة. وبالله التوفيق.

بطاقات الائتمان

شراء الذهب بالتقسيط المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه التاريخ 5/7/1422 السؤال ما حكم شراء الذهب بالتقسيط أو عن طريق بطاقات الائتمان الفيزا والماستر؟ الجواب يظهر أن السائل يقصد بالذهب حلي النساء، وقد ذهب جماهير أهل العلم قديماً وحديثاً إلى المنع من ذلك، واشترطوا فيه ما اشترط في نقود الذهب والفضة من الحلول والتقابض في مجلس العقد، فلا يشتري بالأجل أو الآجال " التقسيط " وذهب بعض الفقهاء إلى جواز ذلك، واعتبروا حلي الذهب والفضة قد خرجت من نطاق النقود، وأصل النقود إلى نطاق السلع؛ وبالتالي فيجوز شراؤها وبيعها بالأجل أوالآجال، وبطاقات الائتمان، والرأي الأول أحوط. وعلى القول بمنعها فإنه لا يجوز شراؤها ببطاقات الائتمان كالفيزا، وماستركارد وأمريكان إكسبريس ونحوها؛ لأن الدفع بهذه البطاقات ليس فورياً، بل يحتاج إلى أيام حتى يقبضها البائع، وهذا خلاف اشتراط الحلول والتقابض في مجلس العقد. ولكن لو تطورت التقنية المصرفية مستقبلاً، فصار يقبضها البائع فوراً، وتضاف إلى حسابه في الحال جاز ذلك. وأما شراء الذهب والفضة والعملات، أي: ما يشترط فيه الحلول والتقابض في مجلس العقد ببطاقات الصراف، فهو جائز إذا كان البائع يقوم بإجراء ما يسمى بعملية الموازنة، والتسوية فوراً، وذلك لأن بطاقة الصراف التي يتم الشراء بها عن طريق نقاط البيع في داخل الدولة يتم خصم المبلغ من حساب المشتري صاحب البطاقة فوراً، ولكنه لا يلحق بحساب البائع إلا بعد أن يجري ما يسمى بعملية الموازنة والتسوية، فإذا أجراها فوراً فقد حصل القبض تماماً إذ إدخالها في حسابه من أجلا صور القبض، فيتحقق الشرط الشرعي في التقابض.

والبائعون يلجؤون عادة إلى إجراء هذه العملية في نهاية اليوم حتى لا يخسروا ورقاً في كل إجراء، ولا يتكلفوا تعباً من إجراء العملية، بل يجمعون كل العمليات البيعية التي تمت في ذلك اليوم في عملية تسوية وموازنة واحدة لتضاف إلى حسابهم ورصيدهم في البنك، وبهذا نعلم أنه إذا لم يجر البائع الموازنة والتسوية فإن شراء الذهب والفضة والعملات لايجوز؛ لأنه لم يتحقّق القبض المطلوب شرعاً. والله أعلم.

الوفاء بدين الربا

الوفاء بدين الربا المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان التاريخ 17/10/1423 السؤال قبل سنوات كان لدي عدد من بطاقات الائتمان) (Credit Cards)) ، وبعد مدة طويلة من الاستخدام والتسديد جاء وقت لم أستطع فيه الوفاء بالاستحقاقات الشهرية، فبدأت لا أدفع، وكنت أظن أنه لا ذنب علي؛ لأن شركات بطاقات الائتمان لم تكن شركات إسلامية. وبعد محادثة مع صديق لي أحسست بالندم على ما فعلت. فماذا يجب علي الآن أن أفعل؟ إذ من الصعب الاتصال بجميع الشركات، كما أنها ستطالب بتسديد المبالغ إضافة إلى غرامات التأخير في السداد، وكذلك الفوائد الربوية (interest) ، فماذا أفعل لكي تبرأ ذمتي، وتقبل توبتي؟ جزاكم الله خيراً. الجواب فيما يتعلق بالاستحقاقات المترتبة عليك بسبب بطاقات الائتمان -كما ورد في السؤال-، أولاً: يجب عليك التوبة والندم وعدم العودة؛ لأنك ارتكبت أمراً عظيماً باشتراكك في عقود تعلم أن فيها ربا. وثانياً: يجب عليك أن ترد الحقوق لأهلها -وإن كانوا غير مسلمين-، لكن إن استطعت أن تعطيهم حقوقهم فقط بدون زيادة بسبب ربا، أو عقد باطل فلك ذلك، أقول: إن استطعت ولم يلحقك مسؤولية، أو ضرر فلك ذلك، والله - سبحانه وتعالى - أعلم.

استخدام بطاقة الفيزا

استخدام بطاقة الفيزا المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان التاريخ 25/3/1424هـ السؤال أنا أستخدم بطاقة الفيزا؛ لأن زوجتي تعيش في أوربا وأنا أعيش في السعودية، فهي تقوم بالشراء بها، وأنا أقوم بالسداد قبل أن يبدأ حساب أي فائدة علي، هل علي حرمة؟ الجواب إذا كان هناك حاجة ماسة لبطاقة الفيزا وكان مستخدمها حريصاً على التسديد أول بأول ليس فقط قبل حلول القسط والفائدة الربوية المترتبة عليه، وإنما أيضاً يقوم بإيداع مبلغ إضافي إذا أمكنه، بحيث إنه فيما لو حصل تأخر في وقت من الأوقات عن السداد فإن المبلغ الإضافي الموجود في رصيده يغطي العجز، ومن ثم يحميه من الفائدة الربوية، فلا بأس إن شاء الله ولا حرج عليه، لأن زوجته في بلد أجنبي، وقد لا يتيسر له الحصول على بطاقة ائتمان تخلو من الفوائد، والعلم عند الله تعالى.

فوائد الفيزا ورسومها

فوائد الفيزا ورسومها المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان التاريخ 3/9/1424هـ السؤال قرأت فتوى فضيلة الشيخ بخصوص استعمال بطاقة الفيزا تحت هذا العنوان (تسديد الأموال المسحوبة بالفيزا) ، ولكن كلامه غير واضح في الموضوع، أنت إذا أردت استصدار بطاقة الفيزا من جهة معينة فإن من بنود استمارة العقد الذي توقعه للحصول على البطاقة أنك إذا تأخرت بتسديد ما عليك بعد تاريخ معين من كل شهر، فإن هناك فائدة ستحسب عليك وتضاف إلى القيمة التي تدفعها، أليس وجود هذا الشرط يبطل العقد أصلاً؟ وأليس هذا الشرط هو الشرط الذي يفرضه المترابون إذا داينوا الناس ... ؟ الجواب أخي السائل عن حكم الفيزا فمع وضوح الجواب السابق للسؤال: أولاً: أني لا أتبرم من أي استيضاح عن السائل يريد التأكد من الإجابة؛ لأنه ليس من حقي إلا السير مع السؤال إلى النهاية، إلا في حال العجز من المجيب على المزيد. ثانياً: أخذ الفائدة على القرض إذا لم يسدد بعد مهلة الاتفاق لا يجوز في الشرع شيء من ذلك لا مركبة ولا بسيطة. ثالثاً: أخذ مبلغ مثلاً 6 ريالات أو 36 ستة وثلاثون ريالاً على السحب من الصراف الآلي لا بأس فيه؛ لأن ذلك لقاء خدمة تيسر على الساحب الاستفادة من ماله وتعود على صاحب الآلة بالفائدة المباحة مع ما يقوم به موظفوه من عناء بالقيودات متعددة الجوانب، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

بطاقة الشراء عن طريق الإنترنت

بطاقة الشراء عن طريق الإنترنت المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان التاريخ 1/9/1423هـ السؤال ظهرت في الآونة الأخيرة بطاقة بنكية تمكَّن الشخص من الشراء عن طريق الإنترنت دون أن يكون له حساب في ذلك البنك، ولكن قيمة البطاقة 60 دولاراً في حين أنه يتمكن من الشراء بخمسين فقط، بمعنى أن سعر بطاقة الخمسين دولاراً ستون دولاراً، أفتونا في هذا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: الفرق بين قيمة البطاقة وبين القدرة الشرائية يقابل تكلفة إنتاج البطاقة وإدارة حساباتها، ولا يظهر في ذلك محذور؛ لأن شراء البطاقة ليس شراء لنقد بنقد، بل هو نقد مقابل سلع وخدمات تعادل قيمتها 50 دولاراً، ولا حرج في ذلك إن شاء الله، طالما كان استعمالها فيما هو جائز شرعاً، لكن يشترط ألا يسمح لحامل البطاقة بالسحب النقدي، ولا بشراء عملات، ولا بشراء ذهب أو فضة، حتى لا تصبح المعاملة نقوداً بنقود، فيدخلها حينئذٍ الربا، لوجود التفاوت تارة في الأجل، وتارة في الأجل والقدر، والله أعلم.

بطاقة سعودي تك

بطاقة سعودي تك المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان التاريخ 12/11/1424هـ السؤال بسبب مجال دراستي (كمبيوتر) ، أحتاج إلى شراء بعض البضائع عبر الإنترنت، مثل مساحة أضع من خلالها موقعي الخاص، ولكن أغلب المواقع التي تحتاج إلى شراء بضائع منها تطلب بطاقات الائتمان كوسيلة للتعامل المالي، وعندما بحثت عن أفضل البطاقات التي تمكنني من الشراء وجدت عرضاً من شركة تتميز بالثقة والشهرة والسهولة في التعامل، وكان عرضها كالتالي: بطاقة سعودي تك ومميزاتها: توفر إمكانية التسوق العالمي من خلال شبكة الإنترنت، بطاقة سعودي تك هي بطاقة ماستركارد في جميع خصائصها، باستثناء أنه لا يمكن استخدامها كبطاقة ملموسة في عمليات الشراء. بطاقة سعودي تك صالحة للاستعمال خلال الإنترنت فقط، وهي بطاقة مرجعية تحتوي على رقم الحساب وتاريخ الانتهاء والرمز الخاص بسريان البطاقة. لن يستلم حامل البطاقة كشف حساب في نهاية الشهر، ولكن يمكنه استعراض ملخص للحساب عن طريق دخوله إلى موقع البطاقة في الإنترنت وطلب أي كشف حساب. عند حلول تاريخ الانتهاء الموجود على البطاقة، فإن البطاقة سوف تجدد تلقائياً لمدة سنة، وسوف تخصم القيمة من حساب البطاقة ما لم يبلغ حامل البطاقة عدم رغبته في ذلك قبل شهر على الأقل من تاريخ الانتهاء. بطاقة سعودي تك هي بطاقة مدفوعة مسبقاً بدون خصائص الائتمان، أي لا يمكن السحب بأكثر من المبلغ المودع في حسابها. ويتم الخصم منها عن طريق العمليات التي ترسل عليها أو تخصم منها. ويمكن لحامل البطاقة إيداع المبالغ في أي من البنوك المشاركة لإعادة شحن البطاقة.

سعودي تك هي بطاقة ماستركارد مدفوعة مسبقاً ذات اشتراك سنوي مقداره 165 ريالاً، وهي عبارة عن رقم ماستركارد مرجعي مكون من 16 خانة، وتاريخ الانتهاء والرمز الخاص بسريان البطاقة، وتحمل رصيداً منخفضاً. بطاقة سعودي تك هي حساب سنوي قابل لإعادة الشحن والشراء أي عدد من المرات، وكذلك يجدد سنوياً إذا رغب حامل البطاقة في التجديد بعد دفع الرسوم السنوية. ملاحظة: قدمت لي الشركة عرض عبارة عن التالي: قيمة العرض 265 ريالاً سعودياً، تحصل من خلاله على: بطاقة سعودي تك بقيمة 25 دولاراً + اشتراك إنترنت مجاني 10 ساعات. يتضح من العرض أنني أستطيع شراء أي منتج تكون قيمته 25 دولاراً فأدنى. أرجو أن تفتوني هل يجوز لي هذا التعامل المالي؟ علماً أنه لا توجد طريقة أخرى للشراء عبر الإنترنت إلا هذه الطريقة مع احتياجي لذلك، والتي عرضت نموذجاً لها، وهي بطاقة (سعودي تك) . ملاحظة2: في نظري أن اختلاف السعر (أي سعر شراء البطاقة، والسعر المتاح استخدامه بواسطة البطاقة) عائد إلى أنهم يقدمون هذه الخدمة وأنها غير مجانية. أرجو السرعة في الرد ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإني قد زرت موقع الشركة المذكورة في السؤال قبل مدة، وزرته الآن بعد السؤال، ولم يظهر لي صحة بعض المعلومات الموجودة في السؤال، خاصة الربط بين هذه البطاقة وشركة ماستركارد المعروفة، مع استخدام هذه الشركة لعلامة ماستركارد (الدائرتين المتقاطعتين) . وهناك أشياء مريبة في الموضوع، مثل وضع حساب شخصي للإيداع، وعدم الارتباط بين الشركة والمنظمة العالمية، وعدم وجود دليل على إجازة النشاط من البنك المركزي. وعلى فرض جواز التعامل مع تلك الشركة فإني لا أنصح بها، خاصة أن البنوك التجارية التي تقدم بطاقات ائتمان تقدم في الوقت نفسه بطاقة خاصة للتعامل مع الإنترنت.

وهناك نقاط في العقد لا تصح، مثل الفقرة الثالثة التي تنص على أن (حامل البطاقة يكون مسؤولاً تماماً عن جميع العمليات التي تتم على الحساب، سواء علم بها أو لم يعلم. وليس له الحق في إرجاع العملية أو المبالغ نتيجة ظهورها في حسابه، سواء تمت بتفويض منه أو لا) . والذي تتيحه منظمات البطاقات من الاعتراض على العملية التي يظن الشخص عدم القيام بها أولى وأكثر عدالة. ثم إن العقد لم ينص على التحاكم إلى مرجعية شرعية في الخلاف ولا غير شرعية، وهذا من قرائن العمل غير المنظم، ثم إن البطاقة المزعومة تحسب الدولار الواحد بأربعة ريالات، ومع افتراض علم العميل بذلك، إلا أن 15% ربح فاحش. والخلاصة أني لا أنصح السائل بالتعامل بهذه البطاقة؛ لأسباب غير شرعية في المقام الأول، فقد تكون من شركات النصب والاحتيال.

بطاقة الخير الائتمانية

بطاقة الخير الائتمانية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان التاريخ 17/05/1425هـ السؤال أفتى بعض طلبة العلم بأن الاقتراض بواسطة بطاقة الخير الائتمانية (سامبا) إلى أجل، ثم طلب تورق هو قلب الدين المحرم، وكذلك بيعتان في بيعه المنهي عنه، وقد اشتبه الأمر علي وأريد الإيضاح. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: الفتوى المشار إليها صحيحة، واستخدام التورق لقلب الدين لا يدخل ضمن التورق الذي اختلف الفقهاء في جوازه قديماً، بل هو حيلة للوقوع في "أتقضي أم تربي" المجمع على تحريمه، وهو عين ربا الجاهلية الذي توعد الله -تعالى- عليه بالحرب. فيجب على كل مسلم اجتناب الربا بكل صوره ومظاهره، والحذر مما يعرضه لغضبه وسخطه. وهو -سبحانه- الهادي إلى سواء السبيل.

بطاقة الصرف مدفوعة الثمن

بطاقة الصرف مدفوعة الثمن المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان التاريخ 23/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. سؤالي هو: يقوم البنك الأهلي بتوفير خدمة مصرفية، وهي بطاقة صرف آلي مدفوعة الثمن بالقيمة التي أحدُّدها أنا، ويقوم بأخذ 100 ريال سنوياً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا حرج إن شاء الله في البطاقة المشار إليها، بشرط ألا تستخدم لشراء عملات أو ذهب أو فضة. والله أعلم.

بطاقات الائتمان

بطاقات الائتمان المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان التاريخ 8/2/1425هـ السؤال ما حكم التعامل بما يسمى: الفيزا كارد؟ الجواب بطاقات الائتمان (فيزا كارد، وماستر كارد، وأمريكان أكسبريس، ونحوها) ، وتكييفها الشرعي: بطاقات الائتمان: أصبح من الشائع الآن استخدام بطاقات الائتمان، والتي يطلق عليها في بعض الأحيان "النقود البلاستيكية"، وأصبحت أغلب المحلات التجارية، ووكالات السفر، والفنادق، ونحوها تقبل الدفع بوساطة هذه البطاقة دون أن يحتاج الشخص لحمل نقود، أو شيكات سياحية، خصوصاً في حالات السفر، وقد بدأ استخدام بطاقات الائتمان على نحو واسع بعد الحرب العالمية الثانية أي قبل نحو خمسين سنة. وقد أخذت فكرة بطاقة الائتمان من طريقة الشراء على الحساب التي كان يستعملها أصحاب المتاجر مع فئة معروفة من عملائهم يسمح لهم بالشراء الآن، ثم الدفع في نهاية الشهر، ثم تطورت هذه الفكرة لدى بعض المتاجر الكبيرة ذات الفروع المتعددة في أنحاء البلاد، فبدأت بإصدار بطاقات بلاستيكية تحمل اسم العميل ورقم حسابه مع المتجر، ويسمح لحامل هذه البطاقة أن يشتري على الحساب، ثم يدفع كل المبلغ عندما ترسل له الفاتورة، أو يقوم بدفع المستحق عليه على أقساط شهرية بالإضافة إلى رسم يسمى رسم التحويل مقابل هذه الخدمة. وعندما تعددت المتاجر التي تصدر بطاقات الائتمان أصبح العميل مضطراً إلى أن يحمل معه عدة بطاقات لعدد كبير من المتاجر إذ لا يستطيع أن يستخدم بطاقة متجر معين في متجر آخر، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى بطاقة واحدة على مستوى الدولة تقبل في جميع المحلات داخل حدودها، ثم قامت الشركة المصدرة بتوسيع قبول البطاقة إلى خارج حدودها، وذلك بعمل اتفاقات مع الجهات الأخرى بضمان حصولهم على قيمة مبيعاتهم، وحسب السعر السائد لعملة كل دولة.

فبطاقة الائتمان تنشأ عن علاقة متعددة من أطراف مختلفة هي: * الشركة التي ترعى البطاقة وهي عادة شركة عالمية. * وكالات ومصارف محلية للوساطة في منح البطاقة. * أصحاب المتاجر والخدمات (عملاء بيع البطاقة) . * حملة البطاقة (عملاء شراء البطاقة) . إذ تقوم شركة البطاقة بالاتفاق مع الوكالات والمصارف المحلية لتسويق البطاقة للطرفين المتعاملين بها مباشرة، وهما أصحاب المتاجر والخدمات وحملة البطاقة، وبعد حصول العميل على البطاقة وفي حال رغبته بالشراء عن طريقها يقوم بتقديمها إلى صاحب المتجر أو الخدمة الذي يقوم بإدخال البطاقة في جهاز خاص عنده من أجل تصويرها على فاتوة البيع، ويكتب المبلغ، ويوقع عليها العميل إقراراً بشراء البضاعة أو الخدمة، وبعد إتمام العميلة يتسلم العميل البضاعة التي اشتراها، أو يستوفي الخدمة ويأخذ نسخة من الأنموذج الورقي الذي وقع عليه (فاتورة الشراء) ، ويرسل صاحب المتجر أو البنك الذي يتعامل معه صاحب المتجر النسخة الثالثة إلى الجهة المصدرة للبطاقة (وهي الشركة العالمية) ، وتسدد تلك الجهة قيمة الفاتورة وتأخذ عمولة على صاحب المتجر، تقارب (3%) من قيمة الفاتورة، ثم ترسل صورة من تلك النسخة الموقعة من العميل إلى البنك الذي يتعامل معه العميل، وصدرت من خلال وساطته البطاقة، من أجل التسديد عنه أو خصم المبلغ من حسابه. فوائد البطاقات: يحقق مستعمل البطاقات عدة مزايا وفوائد منها:- 1. الأمان: فلا يحتاج الشخص إلى حمل مبالغ نقدية كبيرة معه في كل الأوقات سواء كان داخل حدود بلده أو متجولاً في البلاد الأخرى، وبذلك يقل تعرضه للسرقة، أو فقدان ما يحمله من نقود. 2. سهولة التعامل: إذ يؤدي التعامل بالبطاقة إلى سهولة إجراء التعاملات التجارية، وكذلك دفع فواتير الفنادق وإيجار السيارات، كما تستخدم البطاقة كأداة تعريف لحاملها، وكضمان لقدرته على الوفاء بالمستحقات التي عليه.

3. الاحتفاظ بحساباته المنتظمة: إذ يستطيع رجال الأعمال ومعظم الأفراد الاحتفاظ بحسابات منتظمة لجميع مدفوعاتهم، وخصوصاً في الدول التي توجد بها أنظمة للضرائب الشخصية وضرائب الدخل، بحيث يكون لدى مستعمل البطاقة كشف شهري بجميع المبالغ التي دفعها والجهات التي دفعت إليها والتواريخ والعناوين ونحو ذلك. عيوب البطاقات: ولا تخلو هذه البطاقات من بعض العيوب، ومنها: 1. الإسراف في الاستهلاك: إذا تؤدي سهولة الشراء الآن والدفع المؤجل إلى اتجاه بعض الأفراد إلى الإسراف في الإنفاق بدون حساب، بحيث لا يشعر المرء بتلك المدفوعات إلا عندما يتسلم كشف الحساب ويستحق عليه الدفع، كما أن في هذا مشكلة بالنسبة لشركات البطاقات عندما يعجز الشخص عن الوفاء بالدفع في المواعيد المحددة. 2. رسوم الاشتراك: إذا هناك رسم اشتراك للحصول على هذه البطاقات، وتتراوح هذه الرسوم حسب نوع البطاقة من (300) ريال إلى (1000) ريال، كما أن هناك رسوم تجديد سنوية تتراوح من (300) إلى (700) ريال حسب نوع البطاقة، وفي بعض الأحيان لا يستعملها العميل مطلقاً. 3. الفوائد الربوية على الرصيد المتبقي: إذا لم يستطع العميل أن يدفع كامل المبلغ عند استلام كشف الحساب، وأراد أن يقوم بتقسيط ذلك المبلغ على عدة فترات، فإن البنك يتقاضى (فائدة) مقدارها يتراوح ما بين (1.5 %) إلى (2%) شهريًّا على الرصيد المتبقي، أي أن سعر الفائدة المستحق في هذه الحالة يتراوح ما بين (18%) إلى (24%) سنوياً، وبالرغم من ذلك فإن مزايا البطاقات تفوق عيوبها - إذا تخلصت من الأمور المحرمة -، ولذلك زاد انتشارها، وأصبح لا غنى عنها في هذا الزمن. تكييفها الشرعي:

يختلف التكييف الشرعي لبطاقات الائتمان حسب طبيعتها والشروط المقترنة بها واستخدامها، فإذا تم استخدام البطاقة في الاقتراض من البنك المصدر لها، حيث يقوم بالتسديد نيابة عن العميل لعدم وجود رصيد في حسابه ويحتسب عليه فوائد ربوية فهذه لا شك في حرمتها؛ لأنها قرض بفائدة، وهذا هو الغالب في تعامل البنوك غير الإسلامية مع عملائها؛ فإن سدد البنك عنه ولم يحتسب عليه فائدة فهذا قرض حسن، وبالتالي لا تمنع البطاقة - شرعاً - لأجل هذا السبب، لانعدام الربا فيه. ويبقى النظر في الجوانب والشروط الأخرى للبطاقة ومدى شرعيتها؛ فإذا تضمنت شروط البطاقة بين البنك المصدر لها والعميل شرطاً يلتزم فيه العميل بالتسديد من رصيده، وفي حال خلوه أو نقصه يقوم البنك بإقراضه واحتساب فائدة عليه ثم لم يحصل ذلك - بمعنى أن العميل جعل رصيده أكثر مما يستحق عليه نتيجة الشراء بالبطاقة -؛ فإن هذا الشرط يجعل العملية محرمة لما فيه من التزام الربا والرضا به والتوقيع عليه وهذا لا يجوز، وذهب بعض الباحثين إلى جواز ذلك إذا اتخذ العميل من الاحتياطات ما يكفل عدم تطبيق هذا الشرط المحرم؛ لأن هذا الشرط في معرض الإلغاء شرعاً وهو مستنكر ومعمول على استبعاد مفعوله، فالشروط التي تناقض كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - باطلة مهما كانت، وكذلك إذا تضمنت الاتفاقات بين الشركة العالمية راعية البطاقة والبنك المصدر شرطاً أو تنفيذاً لأي فائدة ربوية ظاهرة أو مستترة، فهاهنا تحرم البطاقة لهذا السبب. كما تحرم البطاقة - في هذه العملية بالذات إذا استخدمها العميل في السحب من البنوك التي تتعامل بالربا وليس السحب من الأجهزة الآلية؛ إذ يترتب على هذه العملية التزام العميل بدفع فوائد ربوية نتيجة لهذا السحب الذي يُكيَّف على أنه إقراض من قبل البنك المسحوب منه للعميل، ثم يسحب من حسابه الجاري الموجود في البنك المصدر للبطاقة.

كما أن بعض الباحثين ذهب إلى تحريم أخذ البنك المصدر للبطاقة من العميل رسم إصدار للبطاقة، على اعتبار أن ذلك ربا، فكأن هذا الرسم فائدة على دفع البنك في حال انكشاف الحساب للعميل، وإلى أن فيها غرراً وجهالة؛ لأن العميل يدفع رسماً ولا يعلم هل يستخدمها أم لا؟ وكم عدد المرات التي سوف يستعملها؟ ولكن لا يظهر في هذا الرأي حجج مقنعة؛ لأن الرسم الذي يتقاضاه البنك المصدر يمكن تكييفه على أنه قيمة لتلك البطاقة وأجر على الخدمات والمنافع التي تقدمها - أو يمكن أن تقدمها تلك البطاقة - للعميل من تعريف به بواسطتها، وإرسال الإشعارات وعمل القيود ونحو ذلك. وأما الغرر والجهالة فغير موجودة نظراً لأن العميل متاح له استخدامها بعدد مرات لا حد لها، فإذا لم يستخدمها فهذا حقه لم يمارسه، وليس ملزماً بممارسته، وعدم استيفائه له لا يجعل في العملية غرراً ولا جهالة. وتُكيَّف الرسوم المأخوذة من أصحاب المحلات التجارية أنها مقابل استخدام الجهاز الخاص الذي تمرر فيه البطاقة، وكذلك لقاء خدمات الوساطة والسمسرة بين العملاء، وأصحاب المحلات التجارية الذي تم عن طريق البنوك. وأما حسم نسبة مئوية من قيمة فاتورة السلع والخدمات المشتراة والتي تحصل عليها شركة البطاقة فلا يتحصل أصحاب المحلات التجارية على كامل قيمة الفاتورة؛ فهذه عمولة على تحصيل الثمن من العميل حامل البطاقة، ويجوز أخذ الأجر على تحصيل الدين؛ لأنها إجارة على تحقيق منفعة مباحة، وهي جائزة شرعاً. والكلام يطول جداً في تفصيل هذه الأمور.

والخلاصة في حكم بطاقة (فيزا كارد) ونحوها: أنها إذا كانت صادرة عن المصارف الإسلامية فلا بأس بها شرعاً، وأما إن كانت صادرة عن البنوك الربوية فإنها محرمة؛ لأن العميل (صاحب البطاقة) إما أن يدفع الربا فعلاً وذلك إذا اشترى بها وكان حسابه أو بعضه مكشوفاً، وهذا دفع للربا المحرم بالإجماع، أو أن يلتزم بدفعه؛ لأنه يوقع في عقد منحه للبطاقة من البنك الربوي على استعداده لدفعه إذا انكشف رصيده أو بعضه، والرضا بهذا التوقيع عليه محرم بحد ذاته ولو لم يدفع فعلاً، إلا أن يكون الترافع إلى محكمة شرعية ستحكم ببطلان هذا الشرط، فكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريرة عندما اشترتها عائشة - رضي الله عنها -، وأعتقتها واشترط ملاكها السابقون أن الولاء لهم فأخبرته عائشة بذلك؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " خذيها واشترطي لهم الولاء إنما الولاء لمن أعتق " ثم خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان مما قال:" كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط " رواه البخاري (2168) ومسلم (1504) . فاشتراط الربا مثله، لكن هذا مقيد بالترافع لمحكمة شرعية، والواقع أن الترافع في هذه المسائل يكون إلى هيئات حسم منازعات تجارية لا تبطل هذا الشرط الربوي، بل تحكم بمقتضاه وتلزم العميل بدفع الربا، فعلى هذا تحرم البطاقة الصادرة من البنوك الربوية، والله أعلم.

الاشتراك في عضوية (Hotel Xpres International)

الاشتراك في عضوية (Hotel Xpres International) المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان التاريخ 17/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي هو عن حكم الاشتراك في عضوية بطاقة (هوتيل إكسبريس العالمية) ، وطريقة هذه البطاقة هو أنه بمجرد الحصول عليها فإنه يحصل المستفيد على خصم في فنادق محددة حول العالم يصل إلى 50 % من القيمة الأساسية، ورسم هذه البطاقة السنوي هو 750 ريالاً، هل تعتبر هذه البطاقة من الجهالة والغرر؟، حيث إن المستفيد قد لا يسافر خلال هذه السنة، فلا يستفيد من هذا الخصم، أو قد يكون كثير الأسفار فتصبح خسارة على هذه الشركة. أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأظهر والله أعلم أنه لا حرج في الاشتراك في بطاقة التخفيض إذا سلمت من التدليس أو التغرير والخداع. لأن الخصم يحقق مصالح الأطراف المشتركة: فالمشترك يحصل على الخدمة بثمن أقل، والبائع يستفيد من زيادة مبيعاته بسبب الخصم، ومصدر البطاقة يستفيد من وساطته بين الطرفين.

لكن أنبه الأخ إلى أن الخصم الذي تروج له كثير من البطاقات قد يكون غير حقيقي، فهو خصم من السعر الرسمي للفندق أو لصاحب الخدمة. بينما السعر الفعلي الذي يدفعه الشخص العادي الذي لا يحمل البطاقة أقل بكثير من السعر الرسمي. وفي كثير من الحالات يكون السعر الفعلي أقل من السعر الرسمي بعد الخصم المذكور في البطاقة (فقد يكون السعر الرسمي للغرفة مثلاً 800 ريال بينما السعر الفعلي هو 350. والخصم الذي يحصل عليه صاحب البطاقة هو 50%، فيكون السعر الذي يدفعه صاحب البطاقة هو 400، بينما يدفع الشخص العادي بدون البطاقة أقل من ذلك، فلا يكون هناك فائدة من البطاقة) . فأدعو الأخ إلى أن يقارن بين سعر خدمات الفندق بدون البطاقة وسعرها في وجود البطاقة ليتأكد من جدوى الاشتراك. والله أعلم.

بطاقة (فيزا) من بنك ربوي

بطاقة (فيزا) من بنك ربوي المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان التاريخ 16/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد حصلت على بطاقة (فيزا) من بنك ربوي، وهي مجانية بدون رسوم سنوية، ولا يتقاضون أي رسوم على المشتريات مهما كان نوعها، يتم تسديد الفاتورة بقيمة (المتجر) دون زيادة أو نقصان، وأستخدمها فقط للمشتريات، وقد سمعت بأن البنك يتقاضى 2% من العميل مثلا: سوبر ماركت (بندة) مقابل استخدام البطاقة، فهل أنا على حرام مقابل استخدامها؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ليس عليك إثم في استخدامها ما دمت تسدد الفاتورة بقيمة مشترياتك من غير زيادة - كما بيّنت في سؤالك-، أما ما يتقاضاه البنك من التاجر فهذه العمولة فيها خلاف بين الفقهاء المعاصرين، والذي يظهر لي أنها جائزة وتكيفها الفقهي أنها عمولة سمسرة، وعليه فلا بأس في هذه البطاقة بشرط أن تسدد الفاتورة بقيمتها من غير زيادة. والله -تعالى- أعلم.

شهادات الاستثمار

الشهادات الاستثمارية في البنوك الربوية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/شهادات الاستثمار التاريخ 01/08/1426هـ السؤال أستثمر جزءاً من أموالي في شهادات استثمار أحد البنوك التجارية ببلدي، فهل هذا حلال أم حرام؟ وهل استعمال الفيزا حلال أم حرام؟ وهل استثمار الأموال في شراء وبيع الأسهم الخاصة بالشركات مثل شركات الهاتف المحمول حلال أم حرام؟ وإذا كانت شهادات الاستثمار حرام فأرجو إفادتي بما يمكن عمله، وأي البنوك أستطيع التعامل معها؟ مع العلم أني لا أجد من أتاجر معهم، أو أستأمنهم على أموالي. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: (1) شهادات البنوك التجارية من الربا المحرم شرعاً، فيجب تجنبها وعدم التعامل بها. وما سبق أن حصلت عليه منها فهو معفو عنه إن شاء الله؛ لعموم قوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] . وهذا العفو مشروط بالثبات على التوبة، وعدم العودة للتعامل بالربا. ويفضل التصدق بما يتيسر لك، لكن ليس هناك كفارة خاصة فيما أعلم عدا التوبة والانتهاء عن الربا. (2) إذا كان استعمال الفيزا للشراء بالدين ودفع رسوم على التأخير فهذا ربا، ولا يجوز استعمال البطاقة فيه. أما إذا كان السداد يتم فوراً دون أي رسوم أو فوائد تأخيرية فلا حرج إن شاء الله. (3) لا حرج من المتاجرة في أسهم الشركات التي تقدم منتجات وخدمات مشروعة تنفع المسلمين، إذا سلمت من المحرمات والمحاذير الشرعية. (4) يمكنك التعامل مع البنوك الإسلامية؛ لأنها تجتهد في اجتناب الربا والمحرمات الشرعية. وسيقدمون لك النصح -إن شاء الله- في مجالات الاستثمار المفيدة. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.

جمعية الموظفين

الاشتراك في الجمعية التعاونية المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/جمعية الموظفين التاريخ 1/7/1422 السؤال : ما حكم الاشتراك في جمعية تعاونية صورتها كالآتي: يجتمع عدد من الأفراد (ستة أفراد مثلا) ويدفع كل واحد منهم مبلغا أسبوعياً (وليكن 300ريال مثلاً) ثم يأخذ أحدهم المبلغ الكلي (1800) كل أسبوع وهكذا إلى أن يمر الدور على الكل ثم تعاد الكرة من جديد وهكذا دواليك علما أن الغرض من هذه الجمعية هو مساعدة الإخوة بعضهم البعض. فما الحكم الشرعي في هذه المسألة راجيا التفصيل وذكر الأدلة وجزاكم الله خيراً. الجواب تسمى هذه الطريقة عند الباحثين بجمعية الموظفين لانهم هم غالب من يطبقها لمناسبتها لرواتبهم وان كان غيرهم يمكن أن يتفق عليها ويطبقها، ويمكن القول أن لها عدداً من الصور منها: الصورة الأولى: أن يتفق عدد من الأشخاص على أن يدفع كل واحد منهم مبلغاً من المال مساوياً لما يدفعه الآخرون في نهاية كل أسبوع أو شهر ونحو ذلك ثم يدفع المبلغ لواحد منهم ثم يدفع المبلغ للثاني في المرة القادمة وهكذا دون اشتراط الاستمرار منهم حتى اكتمال الدورة فمن أراد أن ينسحب من المشتركين قبل أن يقترض فله ذلك. الصورة الثانية: وهي كالصورة الأولى إلا أنه يشترط على جميع المشاركين فيها الاستمرار في هذه الجمعية حتى تستكمل دورة كاملة. الصورة الثالثة: وهي تشبه الصورة الثانية، وتزيد عليها بأن يشترط على جميع المشاركين فيها الاستمرار في هذه الجمعية حتى تدور دورة ثانية أو أكثر ويكون ترتيب الاقتراض في الدورة الثانية عكس ترتيبه في الدورة الأولى فأول من أقترض في المرة الأولى يكون آخر من يقترض في المرة الثانية وهكذا.

هذا وقد اختلف العلماء في هذه الصور فذهب بعض العلماء إلى منعها وتحريمها؛ لأنها صورة قرض جرّ منفعة وذلك محرم، ولأن هذا القرض لا يراد به وجه الله بل الاقتراض ممن أقرضهم على سبيل الشرط وخصوصاً في الصورة الثانية فاشتراط المقرض على المستقرض زيادة أو منفعة لا يقابلها سوى مجرد القرض ممتنع شرعاً. وذهب المحققون من العلماء المعاصرين إلى جواز هذه الصور كسماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- دون أن يفصل في هذه الصور بل على سبيل الأجمال. وذهب إلى جوازها مع تفصيل كل هذه الصور فضيلة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-،وفضيلة الشيخ ابن جبرين -حفظه الله- وهذا هو الرأي الراجح إن شاء الله تعالى. وليراجع السائل وغيره -إن أراد- بحثاً جيداً عن هذا الموضوع نشر في مجلة البحوث الإسلامية عدد (43) الصادرة عن رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالرياض بعنوان (جمعية الموظفين وأحكامها في الفقه الإسلامي) وقد طبع هذا البحث في كتاب مستقل وفيه تفصيل ما طلبه السائل من الأدلة ومناقشتها. والله أعلم.

التأمين التعاوني بين الموظفين

التأمين التعاوني بين الموظفين المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/جمعية الموظفين التاريخ 27/09/1427هـ السؤال في إحدى الشركات توجد جمعية تعاونية بين الموظفين, قامت أساساً لتقديم المساعدة للموظفين والتكافل بينهم. وتقوم الجمعية على الآتي: 1- يدفع المشتركون في الجمعية رسوماً شهرية تستقطع من رواتبهم. 2-يتم جمع الاشتراكات وإيداعها في حساب الجمعية في البنك. 3- يتم دفع مساعدات مالية لكل من يريد الزواج أو من رزق بطفل أو من توفي أحد والديه, وهذه المساعدات تكون قاصرة فقط على أعضاء الجمعية الذين يدفعون الاشتراكات. 4- في آخر السنة تظل الأموال في حساب الجمعية، ولا يرد منها شيء للأعضاء. 5- إذا ترك أحد الموظفين الشركة فإنه لا يرد إليه شيء مما دفعه. 6- تقوم الجمعية بتوظيف بعض الموظفين لإدارة شؤون الجمعية، وتعطيهم مرتبات من مال الجمعية (أي من اشتراكات الموظفين) . 7- عندما نوقشت مسألة شرعية الجمعية، قال بعض المشتركين في الجمعية: إنهم يدفعون الاشتراكات لأعمال الخير، ولا ينتظرون رد ما تبقى من المال إليهم. السؤال هو: هل قيام الجمعية بهذه الطريقة أمر شرعي؟ وإذا لم تكن الجمعية شرعية فما هي التغييرات التي تجعلها شرعية؟ وما الفرق بين هذه الجمعية وفكرة التأمين التجاري؟ إذا كان هناك فرق فنرجو ذكر ما أمكن من الأدلة وأقوال أهل العلم. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقيام الجمعية بهذه الطريقة أمر جائز ولا بأس به، وهو من التأمين التعاوني والذي اتفق المعاصرون على جوازه من حيث الأصل، وهو يختلف تماماً عن التأمين التجاري، فالتأمين التعاوني قائم على التبرع والتعاون، وليس المقصود منه الأرباح، ولذلك لا يعتبر المشترك فيه داخلاً في مخاطرة أو ضرر. أما التأمين التجاري فهو عقد معاوضة مالية للتجارة؛ لذلك يدخل فيه الغرر والمغامرة والربا من خلال إيداع أموالها في البنوك الربوية وأخذ الفوائد الربوية، وقد يدخل عليه الربا من أوجه أخرى قد يطول تفصيلها، المهم أن الفرق بينهما واضح ولا إشكال فيه.

سداد القرض بعملة أخرى

رد القرض بعملة أخرى المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/سداد القرض بعملة أخرى التاريخ 10/8/1422 السؤال هل يصح رد القرض بعملة أخرى، وإذا صح ذلك فهل يؤخذ بسعر الصرف وقت الإقراض أو وقت السداد؟ وجزاكم الله خيرا؟ الجواب الذي يظهر لي عدم المانع، فله أن يأخذ بدل الريال السعودي مثلاً ريالاً يمنياً، أو ديناراً كويتياً، على أن يكون ذلك بسعر الصرف وقت السداد، وأن لا يكون ذلك حيلة على مبادلة نقد، بنقد، مع التأجيل. وقد روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نبيع الإبل بالبقيع بالدراهم ونأخذ عنها الدنانير، أو بالدنانير ونأخذ عنها الدراهم فنسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: لا بأس ما لم تتفرقا وبينكما شيء.

ـــــ مسائل متفرقة ـــــ

هل يؤثر تغيّر القيمة الشرائية في رد الدين؟ المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 3/8/1422 السؤال أنا طالب علم أدرس في الجامعة، تمر علينا مسائل تجارية لا نعرف أحكامها الشرعية، مثل مسألة دفع البنك للتضخم المالي من غير أي زيادات ربوية على المال عند تغير القوى الشرائية للمال، مثال: الريال السعودي كانت له قوته فكان الرجل يتغدى بريال واحد فقط، أما الآن فالريال لا يكفي لشيء، فلو استلف رجل منك 1000 ريالٍ قديماً وأعدتها إليه الآن 1000 ريال فأنت لم تعطه مثل ما أخذت منه، فالقوة الشرائية مختلفة فالواجب أن ترد 1000 له 10000 ريال وهذه ال 9000 ليست ربا لأنها ليست زيادة في قيمة المال الحقيقية (الشرائية) وهذا ليس قرضاً جر منفعة فالمنفعة فيه = 0 فأنت لم تعطه أي زيادة على ما كان يستطيع شراءه من قبل. فالرجاء التفصيل في المسألة، وإعطائي عنوان المفتي حتى يمكنني مناقشته في هذه المسألة التي هي في صلب دراستي. الجواب الحمد لله، يا أخي حفظك الله ووفقك: تغير قيمة النقد له جملة أسباب، ومن أظهر أسبابه اليوم "الربا" فإن من مفاسد الربا الاقتصادية اضطراب قيمة النقود، وكسر معيار الثمن. والفقهاء قديماً اختلفوا في هذه المسألة إلى أقوال ثلاثة: الأول: يقضي بردّ ما أُخِذَ دون زيادة، أو نقص، وهو قول الجمهور. الثاني: يقضي بردّ القيمة، فيراعي التغير صعوداً وهبوطاً، وهو قول أبي يوسف. الثالث: يقضي بردّ ما أُخِذ دون زيادة أو نقص إن كان التغير أقل من الثلث، أما إن كان التغير يبلغ الثلث فصاعداً، فإنه يعتبر فاحشاً يورث الغبن، ولهذا يعتبر بهذا التغير، فترد القيمة، وهو قول المالكية.

إذا علمت هذا، فاعلم أن ما يمكن أن يوجه من اعتراض على القول الأول هو: أن النقود قد تغيرت قيمتها الشرائية، يمكن أن يرد عليه بالقول: إن التغير الذي طرأ على النقود لم يكن بسبب المدين كي يلزمه ضمانه. وهو سيطرأ عليها سواء كانت عنده أو عند صاحبها. فإن قيل: لكن النقود لو كانت عند صاحبها لاستفاد منها، وبقائها عند المدين منع صاحبها من الاستفادة منها، أجيب عنه من وجوه ثلاثة: الأول: أن استفادة صاحبها منها لو كانت عنده أمر غير محقق، فقد تكون عنده دون أن يستفيد منها، وقد تكون عنده فيوظفها في طلب الربح فيخسر والضمان إنما يكون في تفويت شيء محقق، وهو غير وارد ها هنا. وعليه: فإن المطالبة بضمان غير المحقق إنما هي فرع من المطالبة بالتعويض التي هي من مخلفات الفكر المادي، الذي لا يقوم على أساس الإيمان بالقدر، فإن ما قدِّر سيكون، وما لا فلا. الثاني: أن الدين إذا كان بسبب عقد بيع مؤجل، فالغالب أن البائع الدائن قد زاد في الثمن فهو قد استفاد. الثالث: أن هذا الاعتراض غير مناسب فيما موضوعه القرض، وإلاّ لكان الربا سائغاً بدعوى أنه مقابل تعطيل استفادة صاحب النقود منها خلال مدة القرض، وهذا ممتنع شرعاً، وبهذا يتبين أن المناسب: أن يُرد للدائن مثل ما أُخِذ منه دون زيادة أو نقص. ومع هذا لو قيل بالاعتبار بالتغير الفاحش، وخرج ذلك مخرج الإحسان والمعروف لكان له وجه بشرط ألا يكون الدين من باب القرض الربوي فإن كان من قبيله لم يعد مناسباً لما يلي: أ - معاملة للبنوك الربوية بنقيض قصدها. ب - التساهل مع البنوك الربوية في شأن الله - تعالى -، والتساهل لا يصلح سبباً للتسامح، والله - تعالى - يقول: "فبظلمٍ من الذين هادوا حرمنا عليهم طيباتٍ أحلت لهم. . " الآية. ويمكنك الرجوع إلى كتب الفقه المعتمدة لدى المذاهب الأربعة في تحرير هذه المسألة، بالإضافة إلى ما كتب في هذه المسألة خاصة مثل: 1. قطع المجادلة عند تغيير المعاملة. 2. تنبيه الرقود. 3. مجلة مجمع الفقه الإسلامي، فإن في بعض أعدادها أبحاثاً خاصة بهذه المسألة، ع5ج3. هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

أسهم الشركات المتعاملة بالربا

أسهم الشركات المتعاملة بالربا المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات التاريخ 27/6/1422 السؤال ما حكم الاستثمار بأسهم الشركات التي تتعامل بالربا أحياناً بالأخذ والعطاء؟ وما حكم الأسهم المملوكة بأيدي المستثمر الآن؟ الجواب لا يجوز شراء أسهم الشركات التي يكون أصل نشاطها محرماًُ كأسهم شركات لحوم الخنزير، أو تصنيع الخمور ونحوها مطلقاً، ولا يجوز مطلقاً شراء أسهم الشركات القائمة على الربا كأسهم البنوك (الربوية) . وأما الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحاً كالشركات الزراعية، أو الصناعية، أو الخدمية التي تزرع ما يباح، أو تصنعه، أو تقدم الخدمات المباحة الجائزة فلا بأس بشرائها، والمتاجرة فيها. ولكن إن كانت هذه الشركات تتعامل بالربا أحياناً أخذاً أو إعطاءً، وذلك بأن تقوم بتوظيف السيولة النقدية المتوفرة لديها في بعض الأوقات في البنوك وتأخذ فائدة (ربا) عليها، أو تحتاج مثلاً إلى توسعة نشاطها ومصانعها فتقوم بالاقتراض من البنوك بفائدة (ربا) ؛ فهذا النوع من الشركات اختلف فيه العلماء والباحثون، فمن العلماء من منع شراء أسهمها؛ نظراً لوجود الربا فيها، وإن كان عارضاً غير أصيل في نشاطها. ومن العلماء من أجازها بشروط تتمثل فيما يلي: الشرط الأول: ألا ينصّ نظام الشركة على أنها سوف تفعل ذلك، بأن تقرض بالربا أو تقترض به. الشرط الثاني: ألا يتجاوز المبلغ المقترض لتمويل النشاط أو المبلغ المقترض ثلث رأسمال الشركة، وإنما حددوا نسبة الثلث قياساً على تحديد الشريعة لهذه السنة في بعض المعاملات المالية.

الشرط الثالث: أن يتم التخلّص من الأرباح المتولدة والناشئة عن هذه العمليات الربوية. فهذا النوع من الشركات تتولّد أرباحه من عمليات جائزة، ومن هذه العمليات المحرمة. وأما كيف يعرف مالك الأسهم مقدار الربح المحرم من الربح المباح حتى يتخلص منه، ويصرفه في المجالات الخيرية فهذا صعب جداً، ويستلزم دراسة محاسبية دقيقة لكل شركة على حدة، وتختلف هذه النسبة من عام لآخر، ومن شركة لأخرى، ولكن غالب الأرباح الربوية لا تتعدى نسبة 20% في الأحوال العادية. فإذا أخرج المساهم هذه النسبة -وكانت الأحوال عادية في الشركة- فأرجو أن تكون قد برئت ذمته. والمقصود بالأحوال العادية ألا تكون الشركة استثمرت كل أموال المساهمين في بنوك ربوية كما حصل في بعض الشركات العقارية في بداية تأسيسها، حيث كانت كل أرباحها من الربا؛ لأنها لم تباشر نشاطها إلا بعد مضي فترة زمنية طويلة، وقد نص الفقهاء -رحمهم الله تعالى- على أنه إذا اختلط الربح المحرم بالربح المباح، وجهلت النسبة مطلقاً بحيث لم تعرف تحديداً أو تقريباً، فإن الشخص يقسم الأرباح إلى نصفين: فيتخلص من النصف أي 50%، ويأخذ 50% وبهذا تبرأ ذمته. وأرباح المساهمين تكون من طريقين: الطريق الأول: الأرباح السنوية التي توزع في نهاية كل سنة. والطريق الثاني: الفرق بين سعر شرائه للأسهم وسعر بيعه لها. فكل هذين الطريقين يتعين على المساهم أن يتخلص من الربا الموجود منهما. وينبغي أن يعلم أن أكثر من 90% من الشركات العاملة في السوق الصناعية والكهربائية والزراعية والخدمية هي من هذا النوع الذي يحصل فيه التعامل بالربا أخذاً وإعطاء على النحو المذكور، ولا توجد سوى شركات معدودة لا تتعامل بالربا.

وأما حكم الأسهم الموجود عند المساهم في الوقت الحالي فهو على الخلاف الفقهي الذي ذكرناه، فمن أجاز التعامل بأسهمها قال بأنه يجوز له أن يبقيها بيده بالشروط المذكورة، ومن أهمها ضرورة التخلص من الأرباح الربوية فيها وصرفه في المجالات الخيرية. ومن منع منها مطلقاً أوجب على المساهم فسخ البيع ورجوعه على البائع الأول، وأخذ رأسماله أو طلب استقالة البيع من إدارة الشركة. ولكن هذا الجواب نظري غير عملي، ولا توجد آلية لتطبيقه وهو متعذر من الناحية العملية. وعلى هذا فإننا نقول: إنه يبيعها في السوق ويتخلص من الربح الربوي المتحصل منها ويكون المساهم قد اتقى الله ما استطاع كما قال تعالى: ((فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا)) . والله أعلم.

هل يجوز الاقتراض من الأمانة؟

هل يجوز الاقتراض من الأمانة؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 1/6/1422 السؤال أنا أحد الشباب الذين يجمعون تبرعات للأخوة المجاهدين وأوصلها إليهم ولي فترة من الزمن أجمع التبرعات وأوصلها بنفسي -ولله الحمد- ثم حصل أن أصابتني ظروف شديدة جعلتني أقترض من المبلغ الذي كان عندي من التبرعات مبلغ خمسة وثلاثين ألف ريال بعد أن أفتى لي أحد طلبة العلم بجواز الاقتراض من الأمانة التي عندي وسدادها؟ الجواب أرجو أن تكون معذوراً باقتراضك من تلك الأمانة؛ لاعتمادك على فتوى من أفتاك، إن كان من أهل الفتوى. وإن لم يكن من أهل الفتوى، فلا تكون عذراً لك؛ فالأصل أنه لا يجوز لك أن تتصرف في الأمانة التي لديك، ولكن الآن حيث حصل ما حصل، عليك سداد هذا الدين بقدر استطاعتك، والله يغفر لك، ويثيبك على جهادك، وسعيك في معاونة المجاهدين. وإذا لم يكن لديك ما تسدّد منه هذه الأمانة، أو هذا الدَّين الذي في ذمتك، فلا مانع أن تأخذ من الزكاة لذلك. يعني أن من أعطاك لسداد هذه الدين من الزكاة فلا حرج عليك؛ لأنك والحالة هذه من الغارمين. نسأل الله أن يقضي دينك ويصلح حال الجميع بمنّه وكرمه.

متى تبرأ ذمة المدين المتوفى

متى تبرأ ذمة المدين المتوفى المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 6/4/1422 السؤال توفي رجل وعليه دين فقال أحد أولاده اللهم أنى قد تحملت دينه عنه فاغفر له وارحمه وبدأ يسدد في الدين، فهل هذا يبرء ذمة والده، مع العلم أن التسديد يحتاج لأكثر من سنتين والبنك رفض تحويل الدين باسمه؟ الجواب تبرأ ذمته متى سدد جميع ديونه كما في حديث أبي قتادة، فإن أبا قتادة تحمل دينارين عن ميت فسأله النبي r في المرة الأولى وقال له ما فعل الديناران قال بعد ثم سأله الثانية فأخبره أنه قد فقضاها عنه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " الآن بردت عليه جلدته" فعلق البراءة على السداد والوفاء. وفقك الله وجعلك من مفاتيح الخير وأبشر بعاقبة عملك هذا في الدنيا والآخرة فإن هذا من تمام البر.

المال المتبقي من الوصية

المال المتبقي من الوصية المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 9/4/1422 السؤال أنا قائم على وصية أبي - رحمه الله - في الأضاحي ومصدرها بيت مؤجر، والسؤال هو: المبلغ الباقي من كل سنة هل أصرفه في عمل خيري، وهل لي الحق أن اقترض منه عند الحاجة؟ الجواب المبلغ الباقي يصرف على الورثة على قدر ارثهم، لا سيما إن كانوا محتاجين، وإن رضي الورثة بصرفه في مشاريع الخير فالحق لهم، ولهم الأجر والمثوبة، وهذا قول وجيه وهو المشهور في مذهب الإمام أحمد. وأما اقتراضك منه فلا يجوز، لأن نظرك نظر مصلحة والحق للورثة فإن أذنوا لك في ذلك وإلا فلا تأخذ شيئاً. ولك أن تأخذ نسبة معينة مقابل نظارتك على هذه الدار كما يأخذ غيرك من النظراء، والذي يحددا النسبة أهل الخبرة، والأفضل إثباتها عند القاضي دفعاً للتهمة والخصومة.

تداول أسهم الشركات الربوية

تداول أسهم الشركات الربوية المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 9/4/1424هـ السؤال أرجو عرض هذه الأسئلة على أحد المتخصصين للإجابة عنها لأهميتها لدي: قمتُ ببيع أسهم لي في إحدى الشركات الوطنية، (والتي قد اكتتبت فيها بمقدار خمسين سهما، وقيمة السهم الواحد خمسون ريالاً) وقد بعتها بقيمة 52.25 للسهم الواحد، والذي أعرفه أن الشركة تتعامل بالربا، فهل علي في هذه الزيادة عن رأس المال شيء؟ وهي 2.25 ريال لكل سهم، وقد قمتُ ببيع أسهمي في إحدى الشركات (والتي قد اكتتبت فيها بمقدار 19 سهماً، وقيمة السهم الواحد مائة ريال) ، وقد بعتها بقيمة300 ريال للسهم الواحد، فهل علي في هذه الزيادة عن رأس المال شيء وهي 200 ريال لكل سهم؟ وما حكم الأرباح السنوية التي كنت آخذها من الشركة؟ علماً بأني لا أخرج منها شيئا تخلصاً من الربا، وأيضاً فإن والدي يملك أسهماً في إحدى الشركات، ويأخذ الأرباح السنوية ولا يخرج منها شيئاً، فهل عليه شيء؟ وإن كان عليه شيء نرجو تبيين نسبته لكل سنة من السنوات الماضية ولهذه السنة. وجزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن مما ابتلى به الناس لتهاونهم في دينهم، أن كانت معظم الشركات المساهمة -إن لم تكن كلها-، لا تخلو من الربا، وإن لم يكن الربا أساس عملها.

وجنس هذه الشركات فيما يظهر لي لا يجوز تداول أسهمها، لأن ما فيها من كسب حلال لا يوصل إليه إلا بشائبة الربا المحرم، والقاعدة عند الفقهاء: "إذا اجتمع الحاظر والمبيح قدم جانب الحظر"، وكذلك لا يجوز لمن تورط فيها أن يورط فيها غيره، فيبيع عليه أسهمها ليتخلص منها لأن الدين النصيحة، وهذا الصنيع غش لا نصح، والقاعدة عند الفقهاء: (ما مُنع أخذه مُنع عطاؤه) ، لكن من تورط في شيء من تلك الأسهم، وأراد أن يتخلص منها، فالمخرج له التخلي عنها للشركة نفسها على وجه الإقالة، فيسترد ما دفعه من ثمن. وكون الإنسان يشتري أسهماً بقيمة مائة مثلاً، ويبيعها بقيمة ثلاثمائة مثلاً ليس ممنوعاً إذا توفرت شروط صحته، وانتفت موانعه، وإنما كان المنع هاهنا لما في هذه الشركات من ربا لا يجوز تداوله، ولا توريط الناس فيه، وعلى هذا: فإن بيعك لأسهم شركات لا تخلو من ربا لا يجوز، وما دام الأمر قد مضى فعليك الندم والتوبة وعدم العودة لذلك. أما عدم إخراجك وأبيك نسبة الربا مما حصلتما عليه من ربح مشوب بالربا فذلك خطأ، ينبغي الخروج منه بإخراج تلك النسبة من خلال الرجوع إلى ميزانية الشركة في تلك السنوات، مع الندم، والتوبة، وعدم العودة، والتخلص من هذه الأسهم بردها إلى الشركة نفسها واسترجاع قيمتها. ولو أن الناس اتقوا الله في هذا الأمر لجعل لهم منه مخرجاً، لكن الأمة منذ زمن قد طوعت لفكر الاستعمار وتوجهاته بفتاوى علمائها، والله المستعان.

التخلص من القرض الربوي

التخلص من القرض الربوي المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 19/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أحد الإخوة يسأل ويقول: ذهبت إلى البنك الأمريكي وأخذت قرضاً بخمسين ألفاً كاش بيدي على أن أعيدها بسته وستين ألفاً على أقساط، وأعلم أن ذلك ربا، ولكن الشيطان قد زين لي ذلك وقد دفعت ذلك مهراً لزوجتي ولم أتزوج وفي حالة غضب عند تعثر زواجي حلفت ألا أتزوج حتى أسدد ذلك القرض الربوي. السؤال: ماذا أفعل حيال هذا القرض؟ مع العلم أنني قد بحثت عن من يقرضني أو يقسط علي سيارة لأتمكن من رد قرض الربا، وماذا أفعل عن حلفي الذي حلفت ألا أتزوج حتى أسدد؟ والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فما فعلته هو عين الربا المحرم وأدلة تحريمه ثابتة في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومن أقدم على الربا مستحلاً له فهو على خطر عظيم وعليك أن تتوب إلى الله عز وجل من هذا العمل، وعليك أن ترد ما اقترضت وأنصحك ألا تتزوج إلا بمال حلال، أما مال الربا فهو كسب خبيث لا أنصحك بالزواج منه، وفي الحلال ما يغني عن الحرام، علماً بأن كون المهر محرماً لا يقتضي فساد عقد النكاح لأن ذلك يمكن تداركه بإيجاب مهر المثل من المباح، والخلل هنا ليس في أركان العقد ولا في شروطه، لكن أؤكد على أن من يتعامل بالربا مستحلاً له فقد أحل أمراً تحريمه معلوم من الدين بالضرورة فيكفر، وبالتالي فلا يحل له أن يتزوج بمسلمة حتى يتوب ويعود إلى دينه وإن لم يكن مستحلاً له فهو آثم عاص لله عز وجل ومرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب عليه أن يتوب ويستغفر الله عز وجل، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اقترضت للتجارة فتراكم الدين

اقترضت للتجارة فتراكم الدين المجيب د. حسن بن صالح الحميد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 26/11/1423هـ السؤال أولا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: في الفترة السابقة حاولت عدة مرات أنشطة تجارية بمبالغ استلفتها من عدة أشخاص، وعلى فترات. من العائلة والأكثر من خارجها (من موقع عملي ومن الجيران ومن الأصحاب ولكن النتيجة كانت فشل جميع المشاريع ومطالبة أكثر الناس الذين استلفت منهم بحقوقهم وفي نفس الفترة. ولكن ليس لدي القدرة الشخصية الآن لرد هذه الأموال. الكل يظنون أني ضحكت عليهم ولن أرد إليهم أموالهم. لدرجة أنني ليس لديَّ رغبة في الذهاب إلى موقع عملي.. وكذلك معظم الأماكن التي يوجد بها هؤلاء الأشخاص.. مبتعداً عن مقابلتهم..للإحراج. طلبت من أحد إخوتي أن يساعدني في رد هذه المبالغ ولكنه رفض بقوله أن لديه عائلة وأطفال والدنيا فيها كل شيء (أي لا يدري الإنسان متى يموت) . أرجوكم..أرشدوني للحل بارك الله فيكم.. وسدد خطاكم، وفي انتظار الرد على أحر من الجمر. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد ... فإن الإقدام على الاقتراض من الناس والدخول في مشاريع تجارية، والشخص لا يملك الخبرة الكافية، ولم يدرس هذه المشاريع ويستشر فيها أهل الخبرة ويأخذ بنصائحهم.. إن هذا العمل نوع من التفريط - كان يجب عليك أن تتنبه له قبل التعمق وتكرار التجربة الفاشلة.

أما وقد حصل فإن عليك أن ترجع إلى من أقرضك وتضعهم في الصورة وتشرح لهم ما جرى لك وتطلب مساعدتهم إياك إما بإسقاط حقوقهم ومسامحتك أو إسقاط بعضها، أو إنظارك وتقسيط المبالغ المستحقة لهم بصورة مقدور عليها - ومن جهتك حاول أن توفر قدر الإمكان وتدفع إليهم ولو يسيراً من حقوقهم. وإذا كان دخلك وكل ما تملك لا يفي بحقوقهم فاستعن - بعد الله - ببعض الأجواد من أهل الخير والجمعيات، ومواسم الجود ولا تحتقر أي مبلغ تحصل عليه، واجعله في مكانه فوراً دون تأخير. وقبل ذلك وبعده استعن بالله واسأله العون على سداد الدين، وردد في كل حين: "اللهم اقض عني الدين وأغنني من الفقر" انظر- الترمذي (3400) وأبا داود (5051) وابن ماجة (3873) وقل: "يا مولاي اقض ديني" البخاري (3129) . واصدق النية في قضاء ما للناس من حقوق، فإنه من أخذ الحقوق وهو ينوي أداءها أدى الله عنه. وفقك الله وأعانك،،،

تمويل شراء أسهم الشركات

تمويل شراء أسهم الشركات المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 19/8/1424هـ السؤال عند طرح شركة الاتصالات لأسهمها أنشأت البنوك - بما فيها شركة الراجحي - خدمة تمويل شراء الأسهم، وهي أن يضاعفوا المبلغ الذي تريد الاكتتاب فيه، فإذا عندك 170 ألف ريال يزيدون عليها 170 ألف ريال أخرى من عندهم لتصبح 340 ألفاً، وهذا لضمان الحصول على أكبر كمية من الأسهم بعد التخصيص، وذلك كله في مقابل مبلغ اختلفت البنوك في تحديده لظروف المنافسة، فمنهم من سيأخذ ريال على كل سهم، ومنهم من يأخذ ريال على كل ألف ريال مولك به وهكذا. السؤال: ما الحكم في هذا التعامل هل فيه ربا؟ أفتونا مأجورين. الجواب نعم البنوك الربوية أتاحت لمن يسهم بمبلغ معين أن تقوم بإقراضه مبلغاً مماثلاً بفائدة -أي ربا- وهذا من الربا المحرم بلا شك، ولكن شركة الراجحي المصرفية للاستثمار لم تفعل ذلك على هذه الطريقة المذكورة، بل تتيح للمساهم أن يأخذ منها مبلغاً مماثلاً عن طريق المرابحة بأن يشتري سلعاً بالأجل، ثم يقوم ببيعها في السوق ثم يسهم بنقودها، والفرق واضح بين الطريقتين، فهذا الأسلوب جائز، وقد اتصلت ببعض الإخوة من طلاب العلم العاملين في الشركة فأكدوا هذا، والله أعلم. ومع ذلك فنحن ننصح بعدم المساهمة في شركة الاتصالات. وإليك قرار المجمع الفقهي الإسلامي بشأن حكم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، والتي بدأت يوم السبت 20 من شعبان 1415هـ، 21/1/1995م قد نظر في هذا الموضوع وقرر ما يلي:

(1) بما أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة، فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مباحة أمر جائز شرعاً. (2) لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها. (3) لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالماً بذلك. (4) إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا، ثم علم فالواجب عليه الخروج منها. والتحريم في ذلك واضح، لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا، ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك، يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءاً شائعاً من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة، أو تقترضه بفائدة، فللمساهم نصيب منه، لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه، والتوكيل بعمل المحرم لا يجوز. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله رب العالمين. وكان ذلك برئاسة سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-.

حكم استخدام هاتف العمل في المكالمات الشخصية

حكم استخدام هاتف العمل في المكالمات الشخصية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 25/10/1422 السؤال كنت أعمل في مستشفى حكومي بالرياض، وكنت أستخدم هاتف العمل استخداماً شخصياً في مكالمات محلية ودولية، وقبل استقالتي بفترة بدأت أسدد للمالية من مرتبي قيمة المكالمات، مع العلم أنني لا أعلم كم التكلفة لمجموع المكالمات، ولكني توقعت مبلغاً معيناً ثم بدأت التسديد، وقبل استقالتي بأيام اتصلت على مسؤول كبير بالمستشفى، وهو: مدير الشؤون الإدارية والمالية، وطلبت منه أن يسامحني عن التسديد، وسامحني عن ذلك، السؤال: هل تبرأ ذمتي بذلك أم علي سداد المبلغ؟ الجواب حرصك على براءة ذمتك مما لحقها من مال بيت مال المسلمين أمر يحمد لك، ويشهد لإيمانك وخوفك من الله - سبحانه -. وإذا حرصت على براءة ذمتك، فإن إعفاء مدير الشؤون المالية لك من أجور المكالمات لا يبرئ ذمتك، ولا يسقط عنك وجوب السداد؛ لأن ذلك دين متعلق ببيت مال المسلمين وهو لا يملكه، فإنما هو ولي أمين في تلك الإدارة، ومن القواعد الفقهية المتفق عليها أن (تصرف الراعي في الرعية منوط بالمصلحة) ، فإذا أسقط عنك ذلك المدير الدين الواجب عليك للمستشفى كان ذلك منه مخالفة لمقتضى ولايته، وتصرفه هذا هو من خيانة الأمانة. فالحاصل أن عليك تسديد أجور تلك المكالمات كلها، وإذا كنت لا تعلم مقدارها فعليك أن تجتهد غاية وسعك بالبحث في كشوفات المكالمات التي تمت في تلك الفترة (الفواتير) ، فإن تعذر ذلك فاجتهد في تقديرها والمبالغة في الاحتياط للذمة حتى لا يلحقها شيء. وإن رفض مدير الشؤون المالية أخذ هذه الأجور المتأخرة منك، أو تعذر تسديدها للمستشفى، فلك أن تصرف ذلك المبلغ في شيء من المصالح العامة الأخرى.

وعليك أخي المبادرة في التحلل من ذلك قبل أن تفتر عزيمتك، ويغلبك التسويف. ولا يغرنك كثرة المختلسين والمضيعين للأمانات، فإن كثرتهم لا تدفع ولا تخفف عن أمثالهم العذاب، كما قال - سبحانه -: " ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون " [الزخرف: 39] . جعلنا الله وإياك من عباده المتقين الأخيار، وسلك بنا وبك سبيل الأبرار، ووقانا وإياك عذاب النار. نسأله - سبحانه - أن يستعملنا وإياك في طاعته، ويوفقنا وإياك لمرضاته.

حكم الإفراغ الصوري للأرض

حكم الإفراغ الصوري للأرض المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 30/10/1422 السؤال اشتريت أنا وزميلي قطعة أرض مناصفة، واستخرجنا لها صكاً شرعياً بإسمينا وحيث إن زميلي سبق وأن قدّم لصندوق التنمية، فهل يجوز شرعاً أن يفرغ لي حصته من الأرض لكي نقدمها للصندوق المذكور من أجل الحصول على قرض ثم تراجع إلى أصلها؟ الجواب إن كان مرادك من إفراغ حصته أن يبيع لك نصيبه من الأرض لكي تحصل على قرض من الصندوق العقاري فلا بأس بذلك؛ لأن القائمين على الصندوق لا يمنعون تغيير الأرض بعد ظهور القرض، والله تعالى أعلم.

استيفاء الدين من مال حرام

استيفاء الدين من مال حرام المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 14/10/1422 السؤال أحد الأخوة هنا لديه إشكال وهو: أنه أدان شخصاً مبلغاً من المال ويريد استرداده الآن لكن الشخص المدان سيسدد الدين من مال حرام، وهو: عبارة عن بيع بيته الذي اشتراه عن طريق الفيزة، ولم يسدد للدولة محتجّ بحجة أنه ليس لديه مال يسدد به. يعني: أنه منذ اشترى البيت كان لا ينوي التسديد وهذه الطريقة للأسف يقوم بها كثير من المسلمين السُنيين هنا، هذا الشخص الذي يريد استرداد ماله ما موقفه؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب يجب على المدين تسديد ما عليه من ديون مما اكتسبه من طريق مباح، وللدائن الحق في استرداد دينه من المدين دون سؤال عن طريق تملكه. وإذا أعطى المدين الدائن مالاً محرماً في طريقة تملكه فإنه جائز للدائن لاختلاف طريق التملك والإثم على المدين. ويمكن أن يستنبط ذلك من حديث بريرة -رضي الله عنها- حينما جاءتها قطعة لحم صدقة فأهدتها للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو لا يقبل الصدقة فقبلها؛ لأنها جاءته بطريق الهدية، انظر ما رواه البخاري (1495) ومسلم (1074) . ويدل على ذلك القاعدة (تبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذات) والله الموفق.

هل هذا من الربا

هل هذا من الربا المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 14/04/1425هـ السؤال لي زميل في العمل تقَّدم بطلب للحصول على شقة من أحد المشاريع لإسكان الشباب، حيث تبلغ قيمة الوحدة نحو: 27000 جنيه، يدفع منها قبل استلام الوحدة 12500جنيه، والباقي بأقساط شهرية على 33سنة، مع العلم بوجود زيادة على أصل المبلغ، مقابل التقسيط في الدفع "يدفع المبلغ المتبقي بإجمالي أقساط نحو 25000جنيه"، وكذا وجود غرامات للتأخير في دفع الأقساط الشهرية، مع العلم أن هيئة المجتمعات العمرانية قد اتفقت مع بنك الإسكان والتعمير على الحصول على قرض 15000جنيه للوحدة الواحدة، تسدَّد بمعرفة المنتفع على 33سنة 25000جنيه. 1-هل هذا من باب الربا المحرم؟ 2-ماذا أفعل لو كانت من الربا؟ أ-إذا دفعت جميع المبلغ المتبقي دفعة واحدة (15000 جنيه) لن يتبقى معي من المال ما أستطيع الزواج به وتجهيز بيت الزوجية، وبالتالي سيتأخر زواجي نحو أربع سنوات تقريباً. ب-هل أقوم بتقسيط المبلغ على أربع سنوات اختياراً لأخف الضررين بالنسبة لي؟ ج-هل أفسخ العقد، مع العلم بأني سأخسر مبلغاً من المال؟ الجواب يا أخي -حفظك الله- قد تضمن سؤالك عدة مسائل: أولها: أن قيمة الشقة نقداً= 27 ألفاً، ولا إشكال في ذلك. ثانيها: أن قيمة الشقة بالتقسيط=37500 جنيه ولا إشكال في ذلك، إذا خلا من موانع أخرى. ثالثها: ما يفرض من غرامة على تأخير سداد الأقساط، وهو ربا لا يجوز الوفاء به، ويمكن تلافيه من خلال الالتزام بالوفاء في الوقت المحدد. رابعها: اتفاق هيئة المجتمعات العمرانية مع بنك الإسكان والتعمير على تقديم قرض بقدر 15000يسدد على مدار 33سنة بقدر 25000، والقرض بهذه الصورة ربا لا يجوز، فإن كان المقترض هو هيئة المجتمعات العمرانية فإن ذلك يحتمل احتمالين:

الاحتمال الأول: أن مشتري الشقة يسدد للبنك الربوي بالنيابة عن المدين الأصلي للبنك وهي هيئة المجتمعات العمرانية، وعلى هذا الاحتمال الأولى أن يجتنب المشتري التسديد للبنك، ويسدد للبائع مباشرة، فإن لم يمكنه ذلك، وكان محتاجاً للسكن، ولا تسعفه إمكانات في الشراء من جهة غير هذه الجهة، فأرجو ألا حرج عليه، فإنه ليس طرفاً في الربا، إذ إن طرفيه الهيئة، والبنك. الاحتمال الثاني: أن مشتري الشقة يسدد للبنك الربوي على وجه الحوالة، بمعنى أن الهيئة -وهي مدين للبنك - قد أحالت دائنها (البنك) ، على مدينها (مشتري الشقة) ، ويكون ذلك بعقد بين الأطراف يتم بعد إبرام عقد البيع بين الهيئة والمشتري، وعلى هذا الاحتمال يكون عقد الحوالة باطلاً، فلا يؤدي المشتري الثمن للبنك، لكن للهيئة، فإن ألزمته الهيئة بالدفع للبنك كان ذلك على وجه الوكالة؛ نظراً لبطلان الحوالة، وإذا كان على وجه الوكالة فقد تقدم الكلام عليه في الاحتمال الأول. فإذا لم يكن المشتري طرفا في الربا، ولم يكن قصده، أو رضي به وأرغم على الوفاء للبنك كما تقدم، وكان محتاجاً، ولا يجد طريقاً غير ذلك، فأرجو ألا حرج عليه. وإن كان المقترض هو مشتري الشقة، بمعنى أن هيئة المجتمعات العمرانية قد اتفقت مع بنك الإسكان والتعمير على أن يقدّم البنك للمشتري قرضاً قدره 15000ليرده المشتري إلى البنك بعد 33سنه بقدر 25000فهذا ربا، فإذا أقدم عليه المشتري وقع في الربا، فعليه التوبة إلى الله –تعالى-، وعليه الخروج من هذا الربا بما يمكنه من طرق مشروعة منها: 1-أن يتفق مع البنك على إسقاط الفائدة. 2-أو يتفق معه على أن يعجل له القرض لتسقط الفائدة، ويمكنه حينئذ أن يتجه إلى بنك إسلامي في بلاده؛ ليشتري منهم بنظام المرابحة "التورق" ما يحصل منه على سيولة عاجلة يسدد بها ما عليه من قرض دفعة واحدة، ثم يسدد للبنك الإسلامي ثمن ما اشتراه منه على أقساط حسب اتفاقهما.

3-أو أن يفسخ العقد، إذا لم يجد مخرجاً يخرج به من الربا. "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] . أما قولك: (هل أقوم بتقسيط المبلغ على أربع سنوات ... ) لم تظهر لي فيه وجه تلافي الربا. وأخيراً فإني أوصي بتقوى الله -عز وجل- فإن الدنيا فانية والآخرة باقية، ومن تقواه: أ-اجتناب الشبهات "فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه ... ) الحديث رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-. ب-السؤال عن الشيء قبل الوقوع فيه. ج- الرجوع إلى الحق بعد تبينه، فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

مصارفة القرض

مصارفة القرض المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 29/8/1424هـ السؤال أنا بحاجة إلى دولارات، وآخر بحاجة إلى ريالات، وأنا مودع عند هذا الآخر ريالات، وهو مودع عندي دولارات أمانة، وكل منا يستعمل مبلغ الآخر الموجود عنده، فإذا وصل المبلغ إلى حد معين يتم التفاهم في هذه المبالغ، بأن يدفع كل منا للآخر سنداً بالصرف من مبلغه الموجود لدى الآخر، بتحديد صرف العملة بقيمة معينة بسعر اليوم، مع فارق بسيط هو من جنس ما يوجد بين صراف وصراف فما حكم ذلك؟. الجواب إذا سلَّم شخص لآخر مبلغاً من المال من أي عملة كانت، وأذن له في التصرف فيه فإن هذا العقد ليس وديعة، وإنما هو عقد قرض تجري عليه أحكامه. فأنت مقرض للشخص الآخر ريالات ومقترض منه دولارات وهو العكس، وعقد القرض من عقود الإحسان وليس من عقود المعاوضة، ومن أحكامه الفقهية أن القرض إذا ثبت في ذمة المدين فإنه يقضي بمثله، ولا يجوز الاتفاق على الزيادة عليه. ويلحظ على المتعاملين - كما ورد في صيغة السؤال - أنهما ربطا الريال اليمني أو الدولار الأمريكي بسعر الصرف السائد للعملة الصعبة، وهذا لا يجوز، بل الواجب إرجاع مثل المبلغ من دون زيادة ولا نقصان. فإذا أقرضت صديقك (50000) ريال يمني واقترضت منه (1000) دولار أمريكي فإنك تأخذ منه مثل الخمسين ألف وتسلمه ألف دولار، ولا تقارن ذلك بما يعادله من العملات الأخرى ويستثنى من ذلك حالات كساد العملة، وهذا لم يحصل للريال اليمني. والخلاصة: أنه يجب عليك أن تستعيد مثل المبلغ الذي أقرضته، وتعيد المبلغ الذي اقترضته. وإذا حلَّ الأجل ورغبت بصرف ما في ذمة صديقك لك، أو رغب هو ذلك فإنه لا مانع من ذلك.

فإذا كان لك في ذمته (50000) ريال يمني فيمكنك أن تتفق معه عند السداد على أن يعطيك بدلاً منها مبلغاً آخر من عملة أخرى، سواءٌ نظرت إلى سعر الصرف العالمي أو لا، ولكن يشترط في هذه الحالة ما يلي: (1) أن يحل أجل الدين سواءٌ كان محدداً بمدة أو بوصف كما في السؤال. (2) أن يتفق الطرفان على المصارفة، من دون أن يلزم أحد الآخر. (3) أن يتم التقابض في الحال، سواءٌ كان القبض نقداً عن طريق شيك مصدق أو مصرفي. أما التصارف بسند عادي فليس قبضاً، والله أعلم.

القرض بفائدة لغرض التعليم

القرض بفائدة لغرض التعليم المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 19/6/1423هـ السؤال أنا شاب أعيش هنا في السويد. السؤال، هو: هل من الممكن للمسلم أن يقترض ديناً بقصد التعليم، علماً أن الدراسة هنا في السويد، وخاصة الجامعة تتطلب الدين من الحكومة، وأن على المديون أن يرجع الدين مع الربح، أي: الفوائد، وذلك بعد التخرج من الجامعة، والحصول على العمل. الجواب لا يجوز للمسلم أن يقترض بفائدة لا من أجل التعليم ولا لأجل غيره، سواء أكان القرض من الحكومة، ويكون السداد بعد الحصول على الوظيفة أم من غير الحكومة؛ لأن ذلك من الربا، فإنه يأخذ القرض نقداً ويؤدي الدين نقوداً أكثر من القرض، وهذا هو الربا الذي حرمه الله -تعالى-، واعلم يا أخي أنك في دار الابتلاء فحاجتك إلى التعليم وتوافره لك بهذا الطريق الربوي هو امتحان لك، فإن قدمت ما تهواه على رضا الله فإنك قد سلكت سبيل الغواية، ويخشى ألا توفق لخير الآخرة، وإن قدمت رضا الله -تعالى- فإن الله -تعالى- سيرزقك عاجلاً أو آجلاً، قال الله -تعالى-: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2] ، فاتق الله -تعالى- تجد الفرج والرزق والتيسير، والله أعلم.

حكم الاقتراض بنسبة

حكم الاقتراض بنسبة المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 27/6/1424هـ السؤال أحب أن أسأل عن موضوع شغل الناس كثيراً، وأحب أن أجد الجواب الشافي منكم، ألا وهو موضوع القروض، تقوم الدولة بإعطاء قروض للمواطنين لغرض بناء مساكن للسكن (قروض للسكن فقط) ، قيمة هذا القرض (30000) ألف دينار، وبفائدة قدرها (1%) ، وترد هذا القرض للمصرف خلال (30) عاماً، تكون قيمة الزيادة على القيمة الأصلية (4000) دينار، لا أدري هل الـ (4000) هذه محسوبة كمصاريف للمصرف؟ مع العلم أنها سوف تخصم من مرتبي؛ لأني أخدم في القطاع العام، ومرتبي لا يكفي لو جمعته لأتمكن من البناء إلا بهذه الطريقة، والمصرف أمواله تعود في الآخر للدولة والتي من المفترض أن تستخدم هذه الأموال (4000) في الصالح العام، وأريد هذا البيت للزواج والاستقرار بالحلال. سؤالي: هل عليَّ إثم إذا تعاملت بهذه القروض؟ هل تعد من الربا؟ أفيدوني أفادكم الله. الجواب كثير الربا وقليله حرام لا يجوز التعامل به، وأجاز بعض العلماء أن يأخذ المقرض (وهو الدولة هنا) مصاريف إصدار القرض واستلامه ونحو ذلك، لكن يجب أن تكون القيمة الفعلية تماماً وليس أكثر منها، فلو فرضنا أن نسبة (1%) عادلت المصروفات الفعلية من الدولة على هذا القرض أو كانت أقل فلا بأس بدفعها على أنها مصروفات لا على أنها فائدة، وأما إن كانت أعلى فلا يجوز ذلك، والله أعلم.

سداد القرض الربوي

سداد القرض الربوي المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 17/8/1423هـ السؤال اقترضت من أحد البنوك الربوية مبلغاً من المال لإتمام زواجي، وأريد الآن أن أتوب من ذلك، ولكن المبلغ غير متوافر معي لتسديده، فهل أقوم بادخاره؟ علماً أن ذلك سوف يضيق علي كثيراً لمدة طويلة أنا وأسرتي، أم أن توبتي وعزمي على عدم الاقتراض بالربا مرة أخرى يكفيان؟ وهل تنطبق علي آية سورة البقرة "فلكم رؤوس أموالكم ... "؟ الجواب الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المجتبى، وبعد: لا شك أن الاقتراض الربوي من البنوك الربوية من أعظم المحرمات ومن الكبائر والموبقات، قال - تعالى -: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [البقرة:278] فجعل - سبحانه - ترك الربا وعدم التعامل فيه شرطاً لحصول الإيمان، وعليه فتجب التوبة، والإقلاع عن الذنب، وأما ما سلف فعسى الله أن يغفره وأن يتغمدك برحمته وعفوه، ويستحب الإكثار من الاستغفار والتصدق وأعمال البر؛ لأنه دليل على صدق التوبة والإنابة، وطريقة التوبة لمن تعامل بمعاملة ربوية لا تخلو من أحوال: الحالة الأولى: أن يحصل على الفائدة الربوية ويقبضها، فالواجب التخلص منها بإعطائها الفقراء والمساكين أو الجمعيات والمبرات الخيرية وإعلامها بحقيقتها، كما هو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية - رحمهم الله جميعاً -.

الحالة الثانية: أن يقوم بالاقتراض الربوي مع زيادة لأجل التأجيل، فالواجب على المتعاقدين التوبة وأخذ رأس المال فقط؛ لقول الله - تعالى -: "فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ" الآية، [البقرة: 279] ، وإذا كان الدائن أو المقرض لا يرضى إلا بالربا، ولو لم تعطه لطالبك بذلك وألزمك، كما في التعامل مع البنوك الربوية فالواجب حينئذ أن تتخلص من هذه العملية قدر المستطاع، ولا يجوز الاستمرار معهم؛ لأنه كلما زادت المدة زادت الفائدة الربوية، وعليك أن تستدين إما بالاقتراض الشرعي وإما بالشراء بالتورق عن طريق بيع المرابحة للآمر بالشراء وتعطي البنك حقه عاجلاً، وما سلف من التعامل فنسأل الله أن يغفر لك زلتك وأن يعفو عنك خطأك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والله أعلم.

العجز عن تسديد القروض الربوية

العجز عن تسديد القروض الربوية المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 19/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعيش في الولايات المتحدة، حيث درست فيها وحصلت على شهادة جامعية، وعليَّ قرض بأكثر من 20.000 دولار للبنك، ويضيفون عليه الفائدة، وأدفع أقساط سيارة مع الفائدة أيضاً، والآن لا أستطيع أن أدفع على تعليمي وسيارتي نقداً، فليس بمقدوري ذلك، كنت قد نسيت موضوع الفائدة في ذلك الوقت، والآن أنا قلقة وخائفة، ماذا أفعل؟ لا أستطيع تسديد الدين خاصة وإنني لا أجد عملاً في تخصصي. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الله - عز وجل - يقول: "وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:280] ، فإذا كنت لا تستطيعين تسديد الدين فانتظري حتى تستطيعي ثم سددي بدون الفوائد الربوية، لكن إذا لم يأذنوا أو لم يرضوا إلا بالفوائد الربوية فإنك تكونين مجبرة حينئذ.

القرض مقابل توقيع شيك على بياض

القرض مقابل توقيع شيك على بياض المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 2/5/1424هـ السؤال يقوم بعض المزارعين باقتراض مبلغ من المال (عشرة آلاف جنيه مثلاً) من أحد تجار الخضار والفاكهة، كي ينفق منه على زراعة ما (طماطم مثلاً) ، ولكي يوافق التاجر على هذا القرض يُوَقِّعُ المزارعُ مقابل هذا المبلغ على شيك على بياض (أي بدون تحديد مبلغ، وبدون رصيد) ، ويتم السداد بالطريقة التالية: يتعهد المزارع عند حصاد الطماطم هذه أن يذهب بما تم جَمْعُه إلى هذا التاجر، فيأخذ التاجر على كل مائة جنيه من ثمن هذا المحصول عشرة جنيهات، أو أقل من ذلك أو أكثر حسبما يتفقان، تختلف هذه النسبة من تاجر إلى آخر، ومن مزارع إلى آخر، فهي نسبة قابلة للمناقشة، المهم أنها نسبة ثابتة على مدار إنتاج هذا المحصول (الطماطم) ، أما المبلغ الأصلي (العشرة آلاف) فيخصم جزء منه كل فترة حسبما يتفقان، وإذا لم يلتزم المزارع بالسداد أو ماطل فيه، يقوم هذا التاجر بكتابة أي رقم على هذا الشيك (مائة ألف مثلاً) ويقوم بمقاضاته. فما الحكم الشرعي في هذا التعامل؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد: أرى أن هذا التعامل محرم شرعاً لأنه يحتوي على ربا، فالمزارع يقوم باقتراض مبلغ من المال ويرد أكثر منه للمقترض. كما أن قيام المقترض بإعطاء المقرض شيكاً على بياض يقوم بتدوين المبلغ الذي يريده إذا لم يلتزم المقترض بالسداد، ولا شك أنه سيدون مبلغاً أكثر من الذي أعطاه وهو عين الربا. والبديل الشرعي لكم عن هذا التعامل المحرم عقدان:

الأول: عقد شراك (مضاربة) بأن يدخل صاحب المال مع المزارع شريكاً في أرضه بالربح والخسارة ويتفقان على نسبة ربح محددة ولا يجوز أن يتفقا على ضمان رأس المال أو على مبلغ محدد، بل يشتركان بنسبة محددة ربحاً أو خسارة. الثاني: عقد السلم وهو أن يقوم صاحب المال بشراء كمية محددة من المنتج الزراعي إلى أجل معلوم محدد، وعلى البائع (صاحب المزرعة) تأمين هذا المحصول في الوقت المتفق عليه، هو سواء كان هذا المحصول من مزرعته أو مزرعة غيره، فيستفيد صاحب المزرعة من المبلغ المدفوع معجلاً، ويستفيد صاحب المال بشراء المحصول بثمن أقل، ثم إن شاء قام ببيعه على من شاء بثمن السوق في ذلك الوقت، وهذا العقد جائز لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وهم يسلفون بالتمر السنة والسنتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أسلف في شيء ففي كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجل معلومٍ" متفق عليه عند البخاري (2240) ، ومسلم (1604) ، ولعقد السلم شروط ذكرها الفقهاء، وقد بين هذا الحديث بعض شروط السلم (السلف) وهي: (1) أن يكون رأس مال المسلَّم (الثمن) معلوماً لإزالة الجهالة. (2) أن يكون الثمن معجلاً أي مقبوضاً في مجلس العقد لئلا يقع المتعاقدان في بيع الدين بالدين وهو محرم على قول جماهير أهل العلم وحكي الإجماع على هذا. (3) أن يكون المثمن (المحصول الزراعي) معلوم الصفة والمقدار، بحيث يأمن الالتباس بغيره من الأصناف. (4) أن يحدد وقت التسليم فلا يجوز أن يكون الوقت مبهماً. (5) إذا كان رأس مال المسلم والمسلم فيه مختلفاً جنساً تجوز النسيئة فيه بينهما. (6) ألا يشترط نتاج مزرعة بعينها، بل يمكن تأمين المحصول المطلوب من أي مكان إذا انطبقت فيه الشروط والمواصفات المطلوبة، ولا شك أن عقد السلم يوفر ضماناً أكثر لصاحب المال، والله تعالى أعلم.

شركة برايم بنك

شركة برايم بنك المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 17/5/1424هـ السؤال سبق ونشرت فتوى للدكتور سامي بن إبراهيم السويلم حول عمل شركة بزناس والطريقة التي تتعامل بها في التسويق لمنتجاتها عن طريق أسلوب التسويق الهرمي. هناك شركة أخرى تتبع مبدأ التسويق الهرمي، ولكن ليست هناك سلعة تباع بل حتى تتمكن من الدخول في عملية التسويق لهذه الشركة والاستفادة من المكافآت الخيالية يجب أن تقوم بوضع وديعة في هذا البنك مقدارها50 دولاراً، بدون فوائد ولمدة أقلها 6 شهور، ومن ثم بإمكانك جلب عملاء آخرين لهذا البنك عن طريقك حيث تقوم الشركة بمكافأتك بمبلغ 5 دولارات عن كل شخص مباشر أو غير مباشر تجلبه للاستثمار بها، ويشترط تنظيم الشبكة على شكل 3*3 عن اليمين وعن الشمال؛ أي 30 دولارا عن كل 6 أشخاص، أرجو من فضيلة الدكتور سامي بن إبراهيم السويلم أن يبين لنا رأي الشرع في هذه الشركة وطريقة تعاملها، وهل تعتبر بتعاملها هذا مثل شركة بزناس أم لا؟ مع العلم أن مجمل استثمارات هذه الشركة في الذهب، جزاكم الله عنا خير الجزاء حتى نتجنب الوقوع في الحرام. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: آلية التسويق والحوافز التي تعطى للمسوقين في هذا البنك هي نفسها طريقة التسويق الهرمي أو الشبكي التي تتبعها شركات أخرى مثل جولد كويست وبزناس وغيرها. وللأسف انتشر هذا الأسلوب بشكل كبير في المنطقة دون وعي كافٍ بأضراره وآثاره السلبية على الاقتصاد وعلى المجتمع، ودون أن تتخذ الجهات الرسمية موقفاً حازماً بشأنه. في حين وقفت معظم دول العالم ضد هذا الأسلوب ومنعته وحاربته، بصور مختلفة وبدرجات متعددة. وأما القول بأن هذا العمل جعالة فهو محل نظر من عدة جوانب:

(1) أن العامل في عقد الجعالة لا يدفع للجاعل مالاً. بل يعمل، ثم إن تحققت النتيجة المرجوة نال الجعل وإلا خسر عمله فحسب. أما في التسويق الهرمي فالمسوّق لا يسوّق إلا إذا اشترى ودفع مالاً لصاحب السلعة (البنك) . وهذا لا يجوز لأنه اشتراط لعقد في عقد على وجه التنافي والتضاد. فالعامل في مجال التسويق يفترض أن يسعى لمصلحة صاحب السلعة في ترويجها ويأخذ أجره بناء على ذلك. أما المشتري فهو يسعى لمصلحة نفسه وهي منافية لمصلحة صاحب السلعة. فالجمع بين العقدين - الجعالة والبيع - على هذا النحو في التسويق الهرمي جمع بين متنافيين، ولذلك يدخل في النهي النبوي عن بيعتين في بيعة فيما رواه الترمذي (1231) ، والنسائي (4632) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-. (2) أن الجعالة في حقيقتها نوع من المشاركة، فالعامل يشارك بعمله والجاعل بالجعل إذا تحقق الغرض من الجعالة. فإذا اشترط فيها الشراء من الجاعل تضمن ذلك قطع المشاركة، لأن مقدار ما يحصله العامل قد يكون أقل مما دفعه للجاعل. وكل ما يقطع المشاركة فهو باطل باتفاق الفقهاء. (3) أن التسويق الشبكي لا يمكن أن يستمر بلا نهاية، بل لا بد أن يتوقف مهما كان الأمر، وإذا توقف كان غالبية المشاركين فيه من الخاسرين. وتصل نسبة الخاسرين إلى 94% وفق الدراسات الاقتصادية حول الموضوع. وإذا كان الغالب هو الخسارة فالمعاملة تعد من الغرر المحرم شرعاً. لأن الغرر المحرم هو ما تردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، كما هو مقرر عند العلماء.

فالواجب التحذير من هذا النوع من التسويق والتحذير منه، لأنه يعتمد على إغراء الأفراد بالربح السريع وبمقادير كبيرة، بينما تكون النتيجة هي الخسارة لمعظم المشاركين عدا الذين يتربعون على رأس الهرم التسويقي، وهم لا تتجاوز نسبتهم 6% من المجموع. فالتسويق الهرمي مثال واضح لخسارة الأغلبية لمصلحة الأقلية، فهو تغرير وخداع وأكل للمال بالباطل. وفقنا الله جميعاً لاتباع رضاه واجتناب سخطه وغضبه، إنه تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

التجارة عن طريق الأوراق البنكية

التجارة عن طريق الأوراق البنكية المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 21/5/1424هـ السؤال عاطل عن العمل، عمري أربعون سنة، وأريد أن أدخل الميدان الاقتصادي عن طريق الأوراق البنكية، وعليه فأنا مجبر على المساهمة في الفوائد، فما هي الفتوى؟ وأشكركم وأنا عاطل وعمري أربعون سنة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: يا أخي بارك الله فيك، وأغناك بفضله عمن سواه، وكفاك بحلاله عن حرامه" ما أجدرك وقد بلغت الأربعين أن تتقي الله في نفسك، فلا تبدأ حياتك الاقتصادية بكبيرة من الكبائر، أسأل الله لي ولك، وللمسلمين السلامة منها. هل تعلم أن ما ستقدم عليه ربا؟ وهل تعلم أن الربا من كبائر الذنوب، ومن سبع الموبقات؟ إذن مالك، وللربا! أرأيت لو أن ملكاً من ملوك الدنيا منع الاتجار بتجارة معينة، كنت ستتحداه وتتجر بها بدعوى أنك مجبر؟ إذا كان الجواب "لا" فالله تعالى أكبر ملكاً، وأعظم سلطاناً فاتق الله واستجلب الخير، والرزق بطاعته "فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له ... " [العنكبوت: 17] ، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] ، والله أعلم، وصلى الله على عبده ورسوله محمد.

تكوين صندوق للقرض الحسن

تكوين صندوق للقرض الحسن المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 11/4/1424هـ السؤال نحن بعض الإخوة في جمعية إسلامية في بلاد الغرب، كونّا صندوقاً للقرض الحسن لتجنب القروض الربوية، وكُوِّنَ هذا الصندوق عن طريق مساهمة قدرها 100 دولار، غير قابلة للاسترداد من كل شخص يريد أن يقترض من هذا الصندوق، علماً بأن هناك رسوم طلب وقدرها 50 دولاراً عند الاقتراض، ومن هذه ال50 ما يذهب إلى الصندوق ليكون مالاً إضافياً في الصندوق؛ فنرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا إن كان في هذه الصورة أي محظور شرعي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم إن فكرة الصندوق ودافعه فكرة شرعية وحسنة من حسنات المؤسسين إن شاء الله - تعالى-، فالجمعية بهذا التوجه جمعية تعاونية تكافلية لا تنطبق عليها أحكام الجمعية التجارية ولا أرى فيها مخالفة، لا في الاشتراك بالـ100دولار، ولا في الـ 50 دولاراً، التي يؤديها المؤدي لما عليه للجمعية، إذ إن نصف الخمسين تودع لصالح الجمعية، والنصف الآخر مقابل خدمات إدارية، والأصل في مثل هذه التعاملات الإباحة، إلا ما حرمه الشرع، والشرع الحكيم يحرص على إشاعة كلما يؤدي إلى البعد عن المحرمات، والأصل المذكور من أدلة اتفاق أهل العلم سلفاً وخلفاً، والله أعلم - وصلى الله وسلم - على محمد وآله وصحبه.

هل يأخذ قرضا تدفع الشركة فوائده؟

هل يأخذ قرضاً تدفع الشركة فوائده؟ المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 22/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: أود أن أطرح عليكم سؤالي وهو: زوجي مهندس كهربائي، يعمل في شركة للغاز الطبيعي المسال، والشركة تقوم بقرض الشخص المال لبناء بيت له دون أن يدفع زوجي أية فوائد، وتقوم الشركة نفسها بدفع الفوائد. فما رأيكم؟ (أتمنى أن تفهموا سؤالي) ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يا أختي العزيزة، قد قلت في رسالتك: "أتمنى أن تفهموا سؤالي"، وأنا أقول لك: "أتمنى أن توضحي سؤالك"؛ فإنه مضطرب حيث قلت: (إن الشركة تقوم بقرض الشخص المال) ، ثم قلت: (وتقوم الشركة نفسها بدفع الفوائد) ، والسؤال: (إذا كانت الشركة هي المقرض، فلمن تدفع الفوائد) ؟!. فإن كان المقصود هو: أن الشركة تقوم بالاقتراض بفائدة من جهة ما، ومن ثم تعطي هذا القرض لزوجك دون فائدة، إذ تقوم الشركة نفسها بدفع الفائدة؛ فالجواب هو: أن ذلك لا يجوز؛ لأن زوجك قد كان سبباً في الربا، حيث إن الشركة قد اقترضت بفائدة من أجل أن تقرضه، ولأنه قد رضي بالربا، فإن طلبه القرض منها، وهو يعلم أنها ستقرضه بفائدة دال على رضاه، ولا يجوز للمسلم أن يرضى بالمنكر، كما لا يجوز له أن يكون سبباً فيه. والله أعلم.

يقترض له ولغيره

يقترض له ولغيره المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 20/12/1424هـ السؤال سؤالي: نويت أن أطلب قرضاً تمويلياً من أحد البنوك، بحيث يبيع لي من سياراته التي يملكها بالتقسيط، طلب مني أحد الزملاء أن أزيد في مبلغ القرض بحيث يحصل هو على هذه الزيادة، ويودع في حسابي مبلغ القسط المخصوم مني من قبل البنك, بحيث إن البنك يخصم المبلغ كاملا ًمن حسابي, هل في هذا العمل شيء. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الشخص الذي طلب منك أن تزيد في مبلغ القرض ليأخذ جزءاً منه، يعتبر مقترضاً منك فيما أخذه، فإذا كان لا يرد إليك إلا القدر الذي أخذه منك دون زيادة، فلا مانع. والله أعلم.

الاقتراض من بنك ربوي بطريقة إسلامية

الاقتراض من بنك ربوي بطريقة إسلامية المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 16/10/1424هـ السؤال ما هو حكم القرض من بنك ربوي بطريقة إسلامية (جائزة شرعا) ؟ حيث إني أريد قرضاً لزواج، والبنك الإسلامي يشترط أن أكون قد خدمت مدة سنتين، أما بعض البنوك الأخرى تشترط سنة واحدة، وأنا على وشك إكمال السنة؟. جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المبارك. الجواب الحمد لله، لا يخفى أن القرض الربوي المبني على أخذ الفائدة الربوية لقاء القرض لا يجوز، وهو محرم مطلقاً سواء أصدر من بنك ربوي، أم صدر من بنك إسلامي، أم صدر من مؤسسة مالية، أو فرد من التجار أو غيرهم، ولا يخفى أن البنوك الإسلامية لا تتعامل بالقروض الربوية مطلقاً، وعلى البنوك الإسلامية رقابات شرعية تراقبها وتتابع أعمالها وتوجهها إلى ما يجب أن يكون متفقاً مع أصول ومبادئ أحكام الشريعة الإسلامية، وإذا وجد أي مخالفة كان من الهيئة الرقابية تنبيه وتأكيد على ضرورة تجنب مثل هذه المخالفات. هذا ما يتعلق بالقرض المحض، أما إذا كان القرض عن طريق المرابحة الشرعية فهذا لا بأس به.

الاقتراض بالربا لبناء مدرسة إسلامية

الاقتراض بالربا لبناء مدرسة إسلامية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 17/10/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قمنا بفضل الله تعالى- في دعوة الإسلام- ببناء روضات إسلامية تعلم النشء الصغير وتربيهم على مبادئ الإسلام ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، ولكننا لاحظنا أن الأطفال بمجرد أن ينتقلوا إلى التعليم في المدارس الحكومية والمناهج الإسرائيلية فإن جهودنا تذهب أدراج الرياح، وهذه تجربة عشرين سنة. اليوم لدينا مشروع جديد لحل هذه الأزمة، حيث إننا عزمنا على افتتاح مدرسة إسلامية، واستعملنا كافة الحِيل على وزارة التربية والتعليم حتى حصلنا على رخصة بناء مدرسة خاصة. سؤالنا هو: إننا في سبيل تحقيق هذا الهدف نحتاج إلى حوالي مليوني دولار لشراء قطعة أرض وبناء مدرسة إسلامية عليها، ولكن كل الموارد وكل القروض الحسنة والتبرعات من أهل الخير لم تف بهذا الأمر، فكان أن جاءنا اقتراح من أحد المناصرين لنا يعمل في بنك بأن نأخذ قرضا ربويًّا مقابل أن نرهن قطعة الأرض التي عليها سوف يتم بناء المدرسة، فهل يجوز لنا ذلك؟ نريد جوابًا شافيًا مدعومًا بالأدلة الفقهية، علمًا بأن الهدف من هذا كله هو حفظ الدين لأبناء هذه البلدة التي تقع تحت الاحتلال منذ 56 سنة، وحفظ الدين من مقاصد الشريعة، ولكننا نعلم في نفس الوقت أن الغاية الشريفة لا تبرر الوسيلة الحرام فالنقاش عندنا في أوجه. أفيدونا جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أخذ الربا أو ما يعرف بـ (الفائدة) حرام لا يجوز بنص القرآن والسنة النبوية، كما هو معلوم لكم، فالربا هو كل زيادة مشروطة على رأس المال بغير مشاركة أو مخاطرة، أو مضاربة، فردية كانت هذه المعاملة أو اجتماعية، ولم يقل أحد من أهل العلم بجواز الفائدة، وإنما قال بعضهم أو نسب إليهم: إذا كانت ضرورة للفرد لا للجماعة أو المجتمع. وهذا اجتهاد خاطئ لا يجوز اتباعه، والضرورة تقدَّر بقدرها، ولا يجوز أن يزاد عليها ولو بشعرة، والضرورة الشرعية المعتبرة هي إذا لم يأخذ بها الإنسان مات لساعته، كالأكل من الميتة، يأكل منها بقدر ما يقيم به صلبه ويبقيه على الحياة، وبناء روضة لتعليم الناشئة وتربيتهم لا ينطبق عليها قاعدة الضرورة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات"؛ لأن الوسيلة لها حكم الغاية، والغاية في هذا المشروع مع البنك هي الربا المحرم، وكل الوسائل الموصلة إلى الحرام حرام، وكل زيادة عين أو منفعة يشترطها المسلف (البنك مثلاً) على المتسلف- فهي ربا، وقد نص الفقهاء على أن الربا لا تصح إباحته في الشرع تبعًا، فكيف إذا كان استقلالاً وقصدًا، كما هو مذكور في السؤال. كما نصوا على أن الربا اليسير في البيع لا يجوز مع الضرورة، بخلاف الغرر اليسير في البيع فيجوز للضرورة، ولا يغيب عن البال أنكم تعيشون في دار حرب مع الكفار اليهود فتأخذون بفتوى من يجيز التعامل بالربا في دار الحرب؛ لأن مذهب جمهور علماء الإسلام أن ما كان محرمًا في دار الإسلام فهو محرم في دار الحرب بين المسلمين، كالربا، ثم إن بلادكم ليست بلاد كفر، وإن احتلها اليهود قهرًا وعدوانًا، فالبلاد بلاد إسلام وليس لغاصب يد. وفقنا الله وإياكم إلى كل خير، وثبتنا وإياكم على الحق، آمين.

رد القرض بزيادة غير مشروطة

رد القرض بزيادة غير مشروطة المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 27/02/1426هـ السؤال اقترض والدي مالاً من شخص فتأخر والدي في السداد لظروفه حوالي شهرين، فأوصى قبل مماته بأن ندفع له مقابل التأخير مبلغ مائتان جنيه، فهل ذلك يعد ربا، أم واجب تنفيذ الوصية. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: إذا أخذ شخص من أحد قرضًا إلى أجل مسمى وجب على المقترض الوفاء في الأجل المعلوم؛ لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ... " الآية.. [المائدة:1] . وإذا تأخر عن السداد من غير عذر فهو آثم ومعرض نفسه للعقوبة الدنيوية والأخروية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته" أخرجه أبو داود (3628) وابن ماجه (2427) والنسائي (4689) . أما إذا تأخر لعدم وجود ما يسدد به، فهو معذور ويجب على المقرض انتظاره لقوله تعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ... " الآية ... [البقرة:280] . ثم إذا أراد من هذا المقترض أن يرد القرض ويزيد في ذلك، فهذا أمر حسن وموافق لسنته صلى الله عليه وسلم.... شريطة ألا يكون هناك شرط بينهما وإلا كان رباً لا يجوز، وعليه فيجب تنفيذ وصية والدكم إذا علم عدم الشرط بينهما. والله التوفيق.

التورق عن طريق الوسيط

التورق عن طريق الوسيط المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 01/07/1426هـ السؤال أعمل في الجيش، ولدي أقساط في شركة مصرفية، وفي حاجة ماسة لبعض المال، ولا يمكن لي أن آخذ أقساطًا أخرى من الشركة إلا بعد أن أسدد كامل المبلغ المستحق علي سواء نقداً أو تقسيطاً، المبلغ يقدر بـ96 ألف ريال، في حالة تسديده نقداً (سداد فوري) . قيل لي: إن هناك بعض (الشريطية) يقومون بسداد هذا المبلغ بالطريقة التالية: أشتري من الشريطي سيارة تتراوح قيمتها بين 70 و 73 ألف ريال، بمبلغ ثمانين ألف ريال، مؤجل لمدة شهر واحد، فأقوم أنا ببيعها نقداً وأسدد للشركة (سداد فوري) ، ومن ثم أقوم بتقديم طلب شراء أقساط جديد من الشركة، وأحصل على الحد الأدنى من الأقساط مبلغ 170 ألف ريال، وأسدد قيمة السيارة نقداً، وذلك بعد شهر، وهذه المدة المتفق عليها بيني وبين صاحب السيارة، علمًا أن الشريطي اشترط علي أن أعمل وكالة لشخص آخر يقوم بتسديد الشركة، وعمل طلب أقساط جديد وهذا إجراء كي يضمن حقه. فما حكم الشرع في ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: حاصل هذه العملية هو إجراء عملية تورق من خلال الوسيط لتسهيل الحصول على تورق من البنك، مع اشتراط أن يكون الوسيط هو الوكيل للحصول على النقد من البنك. فهي عملية تورق مشروطة في تورق، فهو تورق مركب.

وأصل التورق المنظم الذي يتم فيه الحصول على النقد من خلال البنك محل شبهة قوية، ولذلك أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراره بمنع التورق المنظم الذي تمارسه المصارف؛ لأنه يأخذ حكم العينة المحرمة شرعاً. فإذا انضم لذلك التورق من خلال الوسيط زاد الأمر سوءاً؛ لأنه اشتراط لتورق في تورق. كما أن حاصل العملية يتضمن زيادة الدين في ذمة العميل مقابل زيادة مدة السداد، وهذا هو ربا الجاهلية الذي يزيد فيه الدين مقابل زيادة الأجل. وكل واحد من هذه العناصر كاف في الحكم بمنع هذه المعاملة، فكيف إذا اجتمعت كلها؟ فأنصح الأخ أن يحتاط لدينه ولدخله، ولا يطعم أهله إلا الحلال، وأن يتجنب الربا شكلاً ومضموناً، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.

استبدال الدقيق بالخبز

استبدال الدقيق بالخبز المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 19/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله، سؤالي هو: ما حكم مقايضة أو استبدال كيس الدقيق بالصمّّون (نوع من الخبز) مثلا كيس الدقيق بـ (100) صمون ما حكم ذلك؟ هل هو ربا أم لا؟ هل هو جائز؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، اللهم صلى على نبينا محمد وآله وسلم. أما بعد: فالأصل أن المطعومات التي تدخر والتي لا تباع إلا كيلاً أو وزناً لا يجوز بيعها بجنسها إلا بالتساوي، فلا يجوز بيع حنطة بحنطة، ولا شعير بشعير إلا بالتساوي والتقابض، فإذا اختلف الجنسان جاز بيعه متفاضلاً، فلك أن تبيع صاعاً من حنطة بصاعين من شعير متقابضاً. ثم اعلم أن هذه الأجناس مثل الحنطة والشعير والزيتون وغيرها، تعتبر أصولاً لها فروع، ومن فروع هذه الأصول: الدقيق للحنطة والشعير، والزيت للزيتون فهل يحل بيع هذه الفروع بأصولها؟ فمن لا حظ اختلاف الفرع والأصل أجاز بيع بعضه ببعض متفاضلاً، ومن قال إنه جنس واحد منع منه. وأما إذا اختلف أحد هذين - الفرع أو الأصل - بسبب صنعة آدمي كالخبز المصنوع يباع بالدقيق، وكالزيت يباع بالزيتون، جاز بيعه متفاضلا؛ لأن الزيت والخبز خرج بالصنعة من جنس أصله إلى شيء آخر أشبه ما يكون بالسلعة، فلا يجري فيه الربا فيحق بيعه متفاضلا، وهذا أصح القولين إن شاء الله تعالى. فعلى هذا فيقال للسائل: يجوز بيع الدقيق بالصمون ولا يشترط فيه التساوي، والله أعلم.

وفاء القرض بعد نقص قيمة العملة

وفاء القرض بعد نقص قيمة العملة المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 19/11/1423هـ السؤال طلب مني زوج أختي مبلغاً من المال وذلك منذ عامين تقريبا -أنا مقيم بالسعودية وهو مقيم بمصر- فقمت بشراء مبلغ 10000 جنيه مصري بـ10300 ريال سعودي حيث كان الجنيه وقتئذ 1.02ريال سعودي وقمت بإرساله بحوالة (تم التحويل بالجنيه لأن النظام المصرفي بالسعودية يمنع التحويل بالعملة المحلية وهي الريال، ويسمح بالتحويل بأي عملة أجنبية مثل الجنيه المصري أو الدولار الأمريكي، لذلك كنت مضطرا إلى التحويل بالجنية المصري) . وعندما أردت منه أن يرد لي مالي قام بشراء ما يقابل 10000جنيه مصري بالريال السعودي فكان المبلغ العائد لي 7400ريال وذلك نتيجة انخفاض قيمة الجنية المصري مقابل الريال السعودي بحوالي (25%) ، وبذلك أكون غارماً في هذا القرض الحسن. وإذا أردت من زوج أختي أن يدفع بالريال فسيتكلف مبلغ 12500جنيه مما يخرج القرض الحسن عن مفهومه. أفتوني جزاكم الله خيراً. الجواب لا بأس بما فعله زوج أختك من رده قيمة عشرة آلاف جنيه مصري بالريالات السعودية بسعر الجنيهات وقت الرد حتى وإن نقصت عن سعرها يوم القرض. ولا بأس أيضاً أن يوفي ما نقص أو حتى يزيد عليه ما دام هذا من دون شرط بينكما ولا طلب منك. أما حال التشاح بينكما واختلافكما فليس لك سوى قيمة عشرة آلاف جنيه مصري وقت الرد سواء نقصت أو زادت عن قيمتها وقت القرض، والله أعلم.

اقترضت من أبيها ثم توفي

اقترضت من أبيها ثم توفي المجيب خالد بن عبد الرحمن الخضر القاضي بمحكمة بريدة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 12/11/1423هـ السؤال توفي جدي منذ سنة وقبل أن يموت بثلاث سنين استلفت منه أمي ألف ريال ولكن أمي لم ترد المبلغ إلى جدي ولم يطلب منها جدي المال فاعتبرت أمي أن جدي قد سامحها من المال لأنه يعرف ظروفها الصعبة من الناحية المادية ولكن الآن مات جدي فهل على أمي رد المال للورثة أم ماذا تفعل مع العلم أن ظروفها المادية لا تسمح لها بإرجاع المال للورثة وهم إخوتها؟ الجواب الحمد لله وحده وبعد، فإذا كان الحال كما ذكرت السائلة فإن المبلغ يبقى ديناً في الذمة تسدده أمك لورثة جدك إلا إذا سامحها الورثة وتنازلوا عن حقهم ولم يتعلق بالمال أسبال أو وصايا، والله الموفق.

طلب إنظار الدائن له ووعده بمكافأة مالية

طلب إنظار الدائن له ووعده بمكافأة مالية المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 23/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شخص له عند أبي دين منذ عام 1996م بمبلغ سبعمائة وخمس وثلاثين ألف جنيه، وعجز أبي عن السداد إلى الآن، فأبي تاجر معسر وعليه ديون كثيرة ولم يستطع سدادها، وقد وعد أبي هذا الشخص بأن يعطيه مائة ألف جنيه مكافأة فوق مبلغه إن يسر الله له الأمور نظرًا لتحمل هذا الشخص معنا كل هذه الفترة، ولم تتيسر الأمور إلى الآن مع أبي- يسر الله له- فقام هذا الشخص بشراء المنزل الذي نعيش فيه وهو أصل دينه، حيث إنه دخل ضامنًا لأبي على شراء هذا المنزل في بنك فيصل الإسلامي عام 1996م، ثم اضطر لسداد المبلغ للبنك هذا العام 2004م نظرًا لعجز أبي عن السداد، قام بشراء المنزل على الورق بمبلغ تسعمائة ألف جنيه، أي لم يدفع مالًا وإنما مقابل ماله عندنا 735000، وبذلك يكون لنا عنده فرق المبلغ مائة وخمس وستون ألف جنيه، وهو يريد أن يأخذ المائة ألف جنيه التي وعده أبي بها، إن يسر الله له الحال، وبذلك يكون لنا عنده خمس وستون ألف جنيه فقط، مع العلم أن الأمور لم تتيسر مع أبي إلى الآن، ومع العلم بأن أبي عليه ديون كثيرة لأشخاص كثيرين، والسؤال: هل يحق له أخذ هذه المائة ألف؟ وما رأي فضيلتكم في هذه المعاملة وهذا الأمر عمومًا؟ وهل يجوز شرعًا أصلاً رَصْدُ أبي له هذه المكافأة؟ وما الحل؟ وجزاكم الله خيرًا وأحسن الله إليكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فلا يحق للدائن أخذ هذه المكافأة ولا أن يعده أبوك بها؛ لأنها من الربا، لأن القصد منها أن يؤجل الدائن مطالبة أبيك بالدين، فهي زيادة لغرض الإنظار، وهذا هو عين الربا، وقد جاء في صحيح البخاري (3814) عن عبد الله بن سلام، رضي الله عنه، أنه قال لأبي بردة بن أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا. والواجب على الدائن أن يُنظر أباك إلى حين ميسرته عملًا بقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) [البقرة: 282] . ثم إذا وفاه أبوك في ذلك الحين فله أن يهديه هدية مقابل إحسانه إليه، أما أن يعده بها الآن فلا. وعلى ذلك فيجوز التنازل له عن المنزل مقابل تنازله عن دَينه على أن يرد على أبيك مقدار الفرق بين القيمتين، وبشرط أن يكون تقييم المنزل بحسب سعره في السوق بدون محاباة له، فلو كانت قيمة المنزل سبعمائة ألف فيجب أن يرد على أبيك مائة وخمسة وستين ألفًا، ثم لكم بعد ذلك أن تستأجروا المنزل منه بأجرة المثل، وهي الأجرة المعتادة في السوق لمثل ذلك المنزل. والله أعلم.

بيع سندات المزارعين بأقل من قيمتها

بيع سندات المزارعين بأقل من قيمتها المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 25/7/1424هـ السؤال تقوم صوامع الغلال بصرف سندات للمزارعين، ويكون المزارع بحاجة إلى نقد، فيذهب إلى البنك ويخصم عليه من المبلغ المؤجل ويعطيه أقل منه حالاً، فما حكم هذا العمل وهو منتشر بين المزارعين؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: حكم هذا العمل لا يجوز وهو من الربا، لأن هذا شراء نقد بنقد آخر أقل منه مع عدم القبض، فهو يشتري الدراهم التي لهذا المزارع عند صوامع الغلال، هذا الشراء نقد بنقد مع التفاضل وعدم التقابض، ففيه ربا الفضل وربا النسيئة فلا يجوز مثل هذا العمل، وبيع الدين إلى غير من هو عليه، إذا كان المالان يجري بينهما ربا النسيئة لا يجوز.

الاشتراك في الموقع لأجل التسويق

الاشتراك في الموقع لأجل التسويق المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 5/7/1424هـ السؤال السلام عليكم. أنوي تدشين موقع تجاري على الإنترنت يقدم خدمات للمشتركين، وقيمة الاشتراك 350 ريالاً مدى الحياة، ويحق للمشترك العمل كمندوب للموقع والتسويق له، بحيث إنه إذا استطاع إقناع خمسة أشخاص بالاشتراك في الموقع عن طريقه سوف يحصل على ربح قيمته 1000 ريال سعودي، وكلما يأتي بخمسة يحق له مبلغ 1000 ريال، وعمل الموقع لا يعتمد على التسويق الهرمي أو الشبكي بتاتاً، فهو يوفر فرصة عمل للشباب، فما رأي الشرع في فكرة المشروع؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: إذا كان المشروع يشترط دفع قيمة الاشتراك في الموقع للسماح بالتسويق والحصول على العمولات، فهذا يثير شبهة حول جواز نظامه التسويقي، لأن مؤدى ذلك هو دفع نقود على أمل الحصول على نقود أكثر منها، وقد تحصل ولا تحصل، وهذا يرد عليه الغرر من جهة، والربا من جهة أخرى. أما إذا كان يحق للشخص أن يسوق للموقع دون أن يدفع ثمن الاشتراك، فلا بأس بذلك لأنه جعالة، وهي جائزة، والله أعلم.

خدمات القرض

خدمات القرض المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 22/10/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أنا موظف في المصرف التجاري، أعطانا هذا المصرف قرضاً بقيمة 25 ألف دينار، مع وجود قيمة زائدة تغطي خلال 30 سنة نصف في المائة 0.5%، أي جملة 150 دينار ليبي خلال 30 سنة، سميت هذه الزيادة خدمات قرض، وليست فائدة على القرض، فهل يجوز هذا أم لا؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا يجوز في عقد القرض أن يشترط المقرض على المقترض أن يرد القرض بأكثر مما أخذه، وإلا كانت تلك الزيادة من الربا، لأن القرض من عقود البر والإرفاق التي لا يجوز الاسترباح فيها، وقد أجمع أهل العلم على أن كل قرض جر نفعاً للمقرض فهو ربا، وعلى هذا فإذا كانت الزيادة المشروطة للبنك مرتبطة بمدة السداد أو بقيمة القرض فهي محرمة، سواء كانت ستدفع للبنك على دفعات (كل سنة نصف بالمائة مثلاً) ، أو كانت ستدفع مرة واحدة عند الاقتراض أو عند السداد، وسواء سميت فوائد أو خدمات أو رسوماً أو أياً كانت التسمية، فالعبرة في العقود بالمعاني والحقائق لا بالأسماء. أما إذا كانت الزيادة المشروطة مبلغاً مقطوعاً لا يتأثر بقيمة القرض ولا بفترة السداد، كأن يجعل البنك رسماً ثابتاً لإصدار القرض كمائة وخمسين ديناراً مثلاً، فالذي يظهر هو جواز هذه المعاملة سواء كان دفع تلك الرسوم منفصلاً عن سداد القرض أو أنها أضيفت إلى قيمة القرض الإجمالية، لأن هذه الرسوم في الحقيقة ليست زيادة في القرض وإنما هي أجور يستحقها البنك مقابل الأعمال التي قام بها لإصدار القرض من اتصالات ومكاتبات وأجور موظفين وغير ذلك، وهي أعمال يستحق عليها الأجر شرعاً. والله أعلم.

الاستثمار في برنامج تقاعدي

الاستثمار في برنامج تقاعدي المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 8/11/1424هـ السؤال عندي سؤال عن الربا: وضعت مالي في برنامج تقاعدي، وعندما أحتاج لاقتراض بعض المال من حسابي تفرض علي الشركة القائمة على التقاعد فائدة على المال الذي آخذه من حسابي، ولكن عندما أسدد كامل قيمة المبلغ المقترض بعد عدد من السنوات تعيد الشركة قيمة الفائدة المحسومة إلى حسابي مرة أخرى. هل هذه العملية جائزة؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب يظهر بأن هذه العملية غير جائزة؛ لأنها معتمدة على الربا وعلى أخذ الفائدة الربوية، فهو حينما يأخذ أو يقترض من هذه الشركة، يقترض منها مالاً، وإن كان متعاملاً معها على سبيل التأمين على الحياة ونحو ذلك، وهذا محل خلاف بين أهل العلم، هل هو جائز أو غير جائز؟ لكن الشيء الذي يعتبر استطراداً في هذه المعاملة هو أنه لو أراد سيولة نقدية فيقول في سؤاله: بأنه يذهب إلى الشركة وتعطيه مطلبه خمسة آلاف أو عشرة آلاف دولار، أقل أكثر وفي نفس الأمر تحسب عليه هذه الفائدة الربوية ونحو ذلك، فنقول: هذا لا يجوز، وفي نفس الأمر لا يبرر الجواز أن يقال: بأنها في آخر الوقت بعد سنتين، أو عشر سنوات، أو خمس عشرة سنة، أو عشرين سنة، تعيد له هذه الفوائد، فهي في الواقع تعيدها بعد أن استثمرتها لديه مرة ثانية، فالحاصل أن هذه المعاملة ربوية، وننصح أخانا ألا يسلك أو ألا يتعامل مع هذه الشركة.

أقرضه بشرط أن يسكن في بيته سنة

أقرضه بشرط أن يسكن في بيته سنةً المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 12/11/1424هـ السؤال أقرضت رجلاً ألف ريال مقابل أن يعطيني بيته لكي أسكن فيه مدة سنة، ثم يرجع لي نقودي وأرجع له بيته، هل يعد هذا العقد رباً؟ وإذا أعطيته إيجاراً رمزياً هل أخرج من الربا؟ الجواب لا يجوز لك أن تقرضه بشرط أن تسكن في بيته؛ لأن السكن في بيته يكون منفعة جرها القرض، وذلك من الربا المحرم. وكونك تعطيه أجراً رمزياً فذلك لا يزيل الحرمة، إذ الأصل أن العبرة بالعقود بل الأمور كلها بمقاصدها، والتحايل على الحرام لا يجعله مباحاً، والله أعلم.

الادخار غير المستثمر

الادخار غير المستثمر المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 16/6/1425هـ السؤال ما حكم نظام الادخار غير المستثمر المعمول به في شركة أرامكو السعودية، وهو على النحو التالي: يقتطع من راتب الموظف شهرياً 10% كادخار، وفي نهاية السنة الأولى من الادخار تعطي الشركة للموظف مكافأة (كحافز للاشتراك في نظام الادخار) وقدرها 5% من المبلغ المدخر، وفي كل سنة تزيد نسبة المكافأة حتى تصل إلى 100% بعد عشر سنوات. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذه الطريقة التي بينها السائل في نظام الادخار فيها بعض المحذورات الشرعية من أهمها الربا، وبيان ذلك أن المبلغ الذي تخصمه الشركة على من يرغب من موظفيها أو تأخذه منهم يعتبر في حكم القرض، فيكون قد ثبت في ذمة الشركة مقابل لهذا القرض الذي تم استلامه من الموظف أو خصمه من مرتبه، ومن القواعد الشرعية في الديون أنها تقضى بأمثالها، ولا يجوز تأجيلها واشتراط الزيادة عليها، سواءً كان هذا الاشتراط من الدائن أو المدين أو منهما معاً - كما في هذه الصورة-، حيث إن الموظف يسلِّم مبلغاً، ويستلم أكثر منه على دفعات متعددة يكون آخرها مثل المبلغ الذي خُصم منه، ونأمل أن يتم تعديل هذا النظام ونحوه من الأنظمة المشابهة بنظام يؤدي الهدف منه، وهو تشجيع الموظفين على الادخار، والتضامن الاجتماعي فيما بينهم، ويتفق مع القواعد الشرعية الإسلامية. والله أعلم.

يعمل في بنك ربوي

يعمل في بنك ربوي المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 29/3/1425هـ السؤال أنا أعمل في البنك، وهناك إجماع عام بين العلماء على تحريم مثل هذا العمل، وأنوي تغيير هذا العمل، لكنني في الوقت الحالي لا أجد عملا بنفس الدخل، وأنا أدعو الله سبحانه أن يهديني ويساعدني. هل أنا مذنب في وضعي الحالي مع نيتي في تغيير مهنتي؟ وهل على زوجتي وأولادي أي حرج من وضعي؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" [البقرة:32] ، وبعد: العمل في البنوك التي تتعامل بالمحرمات كالربا ونحوه لا يجوز؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله في كتابه: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب" [المائدة:2] ، ولحديث جابر - رضي الله عنه- قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال هم سواء" رواه مسلم (1598) . يقول الإمام النووي - رحمه الله-: (هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين، والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل) .

وقولك – يا أخي-: (إنك لا تجد عملاً بنفس الدخل) ، لا يسوغ لك هذا التعامل، بل حتى لو لم تجد إلا هذا الدخل فلا أرى إباحة هذا التعامل، ومن صدق مع الله في تعامله، وابتغى رضاه يسر الله أمره، وفرج عنه كربته، وعوضه خيراً مما هو فيه، ورزقه من حيث لا يحتسب؛ يقول تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] ، ويقول جل وعلا: "والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون" [النحل:41] ، يقول الإمام ابن كثير – رحمه الله- في تفسير الآية الأخيرة: (فإنهم تركوا مساكنهم وأموالهم فعوضهم الله خيراً منها في الدنيا، فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله بما هو خير له منه، وكذلك وقع؛ فإنهم مكن الله لهم في البلاد، وحكمهم على رقاب العباد، وصاروا أمراء حكاماً، وكل منهم للمتقين إماماً، وأخبر أن ثوابه للمهاجرين في الدار الآخرة أعظم مما أعطاهم في الدنيا) . وعليك – يا أخي – بترك هذا العمل المحرم فوراً؛ إذ امتثال النهي يكون بترك المنهي عنه على الفور والدوام، ولا تكفي النية الحسنة مع القدرة على الامتثال بالترك. كما عليك الحذر من أكل الحرام وأسبابه، وألا تطعمه أهلك وأولادك؛ لما روى أبو هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم" [المؤمنون:51] ، وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" [البقرة:172] ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك" رواه مسلم (1015) .

يقول ابن رجب – رحمه الله – في قوله تعالى: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعلمون عليم" [المؤمنون:51] : (المراد بهذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح، فما كان الأكل حلالاً فالعمل الصالح مقبول، فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون العمل مقبولاً) . وعن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: (تليت هذه الآية عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً" [البقرة:168] فقام سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه- فقال: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: "يا سعد: أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوماً، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به") رواه الطبراني (6495) وفي إسناده نظر. وعن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا، حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة" أخرجه أحمد (6652) ، وحسن إسناده الهيثمي. وأسوق لك – أخي المبارك- بعض النقول عن السلف للعظة والاعتبار، فمن ذلك: ما قاله أبو عبد الله النباجي الزاهد – رحمه الله-: (خمس خصال بها تمام العمل: الإيمان بمعرفة الله –عز وجل-، ومعرفة الحق، وإخلاص العمل لله، والعمل على السنة، وأكل الحلال، فإن فقدت واحدة لم يرتفع العمل، وذلك إذا عرفت الله –عز وجل- ولم تعرف الحق لم تنتفع، وإذا عرفت الحق ولم تعرف الله لم تنتفع، وإن عرفت الله وعرفت الحق ولم تخلص العمل لم تنتفع، وإن عرفت الله وعرفت الحق وأخلصت العمل ولم يكن على السنة لم تنتفع، وإن تمت الأربع ولم يكن الأكل من حلال لم تنتفع) .

وقال وهب بن الورد: (لو قمت مقام هذه السارية لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل في بطنك حلال أم حرام) . والله أعلم.

تعامل المسلم المقيم في الغرب بالربا

تعامل المسلم المقيم في الغرب بالربا المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 7/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. من المعروف أن الربا محرم شرعًا، ولكن قرأت في أحد الكتب فتوى منسوبة لأبي حنيفة ومحمد بن الحسن، تجيز للمسلم الذي يعيش في دار الحرب أن يتعامل بالمعاملات التي يتعامل بها أهل هذه الدار. فهل يجوز لنا شرعًا الأخذ بهذه الفتوى؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يذهب بعض الباحثين المعاصرين إلى جواز التعامل بالربا للمسلم المقيم في بلاد الغرب، ويستند هؤلاء في هذا القول على ما ورد عن أبي حنيفة -رحمه الله- من إباحة أخذ المسلم الربا من الحربي. وكما يقول بعض أصحاب هذا القول: ((فإن هؤلاء الذين تترك لهم الفائدة - يعني المصارف الأجنبية في البلدان غير المسلمة - قد يكونون في نظر الشرع حربيين، لمواقفهم المضادة للإسلام والمسلمين)) (1) . لكن هذه الفتوى منقوضة من أوجه: أحدها: أن ما روي عن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- لا ينطبق على حال المسلم المقيم في بلاد الغرب؛ لأن الإباحة المروية عنه وعن غيره، إنما هي في التعامل بين المسلم والحربي في دار الحرب، وإذا كان المسلم مقيمًا في بلاد الغرب فإنه تربطه بهم عهود ومواثيق، فهم معاهدون بالنسبة له وليسوا حربيين. الثاني: الخلل في الاستدلال يكون جليًّا إذا كان المستدل يستدل بفتوى أبي حنيفة في جواز شراء البيوت بالربا في بلاد الغرب؛ لأن المروي عن أبي حنيفة إنما هو جواز أخذ المسلم للربا من الحربي، وفي شراء البيوت يكون المسلم دافعًا للربا لا آخذًا له، وهذا عكس فتوى أبي حنيفة.

الثالث: وعلى فرض صحة الاستدلال بفتوى الإمام أبي حنيفة، بناء على أن بلاد الغرب لهم حكم أهل الحرب، أو أن المراد بفتوى الإمام أبي حنيفة ما سوى دار الإسلام، فقد نُوزِع الإمام أبوحنيفة في هذه الفتوى، وإيضاحًا لذلك فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز الربا مطلقًا، لا مع حربي ولا مع غيره. وحجتهم: عموم النصوص التي تقتضي حرمة الربا، والتي لم تفرق بين دار ودار، ولا بين مسلم وحربي، والمسلم مخاطب بفروع الشريعة أينما كان، وإن كان الحربي لا يلتزم هذه الأحكام لكفره، فإن المسلم ملتزم بها لإسلامه (2) . والقول بجواز الربا في تعامل المسلم مع غير المسلم وتحريمه في تعامله مع المسلم فيه مشابهة لحال اليهود الذين يحرمون الربا فيما بينهم ويبيحون أخذه من غيرهم، والله سبحانه قد نهانا عن التشبه بهم في أخلاقهم. القول الثاني: وذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- إلى إباحة الربا بين المسلم والحربي في دار الحرب (3) . واحتج على ذلك بدليلين: دليله الأول - ما روى مكحول، عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه قال: "لا رِبًا بينَ أَهْلِ الحَرْبِ- أظنه قال- وأهلِ الإسلامِ" (4) أخرجه أبو يوسف في الرد على سيرة الأوزاعي ص 97، وذكره عنه الشافعي في الأم 7/359. ولكن نوقش هذا الاستدلال: 1- بأن الحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به. 2- ولو صح فالمراد به النهي عن ذلك. قال عنه النووي في المجموع: (مرسل ضعيف فلا حجة فيه، ولو صح لتأولناه على أن معناه لا يباح الربا في دار الحرب، جمعًا بين الأدلة) (5) . وقال ابن قدامة: (مرسل لا نعرف صحته، ويحتمل أنه أراد النهي عن ذلك، ولا يجوز ترك ما ورد بتحريمه القرآن، وتظاهرت به السنة، وانعقد الإجماع على تحريمه بخبر مجهول لم يرو في صحيح ولا مسند ولا كتاب موثوق به، وهو مع ذلك مرسل محتمل) (6) .

ودليله الثاني: لعدم توافر شروط جريان الربا، يقول الإمام الكاساني الحنفي: (لأن مال الحربي ليس بمعصوم، بل هو مباح في نفسه، إلا أن المسلم المستأمن مُنع من تملكه من غير رضاه لما فيه من الغدر والخيانة، فإذا بذله باختياره ورضاه فقد زال هذا المعنى، فكان الأخذ استيلاء على مالٍ مباح غير مملوك، وإنه مشروع مفيد للملك كالاستيلاء على الحطب والحشيش) (7) . ونوقش هذا الاستدلال: 1- (بأنه لا يلزم من إباحة أمواله على سبيل الغنيمة أن تباح بالعقد الفاسد) (8) . 2- وبأن هذا التعليل (منتقض فيما إذا دخل الحربي دارنا بأمان فباع منه المسلم درهمًا بدرهمين، فإنه لا يجوز اتفاقًا) (9) . وبهذا يتبين أن القول الراجح هو ما عليه جمهور أهل العلم، وهو عدم جواز الربا مطلقًا، لا مع حربي ولا مع غيره؛ لضعف الأدلة التي تستثني التعامل مع الحربي من التحريم، وأن فتوى الإمام أبي حنيفة لا تنطبق على حال المسلم المقيم في الغرب. والله أعلم.

________ () البنك اللاربوي في الإسلام (ص 14) ، المصارف والأعمال المصرفية (ص 435) . (2) اختلاف الفقهاء (ص 58) ، المدونة (3/295) ، المقدمات الممهدات (2/10) ، التاج والإكليل، المجموع شرح المهذب (9/391) ، بدائع الفوائد (4/214) ، المغني (6/99) . (3) شرح السير الكبير (4/1493) ، بدائع الصنائع (7/81) ، تبيين الحقائق (4/97) ، رد المحتار (7/422) . (4) الحديث قال عنه الزيلعي: ((غريب، وأسند البيهقي في المعرفة في كتاب السير عن الشافعي قال: قال أبو يوسف: إنما قال أبو حنيفة هذا؛ لأن بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا ربا بين أهل الحرب)) أظنه قال: ((وأهل الإسلام)) قال الشافعي: وهذا ليس بثابت ولا حجة فيه)) نصب الراية (4/44) ، وانظر: الدراية (2/158) . (5) المجموع شرح المهذب (9/392) . (6) المغني (6/99) . (7) بدائع الصنائع (7/81) ، وانظر: الكفاية (6/177) ، إعلاء السنن (14/366) ، حاشية الطحاوي (3/122) . (8) المجموع شرح المهذب (9/392) . (9) المغني (6/99) .

شركة تمنح قرض إسكان لموظفيها

شركة تمنح قرض إسكان لموظفيها المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 17/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل في شركة تمنح قرض إسكان لشراء شقق من أجل السكن، وآلية القرض كالتالي: 1- إعطاء الموظف قرضًا بقيمة 50 ضعف راتبه الأساسي. 2- أخذ مبلغ من قيمة القرض بنسبة 2% على طريقة المرابحة ولكامل المدة التي سيتم تسديد القرض فيها، وهي بين 12 و 17 سنة. 3- يتم كتابة عقدين العقد الأول بين المالك والصندوق (الشركة) ، والعقد الثاني بين (الصندوق) الشركة والموظف. 4- يتم التنازل من صاحب الشقة للموظف ويقوم الموظف برهن الشقة للشركة في دائرة الأراضي ويقوم الموظف بدفع نسبة الرهن وهي 16 بالألف من قيمة العقار ويدفعها الموظف. 5- لا يقبل أن يتم تنزيل أي مبلغ من قيمة المرابحة ولو قام الموظف بتسديد المبالغ قبل المدة المقررة والمتفق عليها. أريد جوابًا لهذا السؤال: هل هذا يتفق والشريعة الإسلامية أم فيه نوع من الربا؟ لأنني محتار، وهل آخذ هذا القرض أم لا؟ لخوفي أن يكون فيه نوع من الربا المحرم؟ وهل تكون العقود الابتدائية بين الشركة وصاحب العقار بمثابة امتلاك للشقة بدون التسجيل في دائرة الأراضي بينما يتم تسجيل العقد الذي اشتري به الشقة من الشركة مع تنازل صاحب العقار لي ويتم رهن الشقة للشركة؟ أرجو تبيان الطريقة الصحيحة لبيع المرابحة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالمعاملة المذكورة جائزة بشروطٍ ثلاثة:

الشرط الأول: أن تتملك شركة التمويل (الصندوق) الشقة قبل بيعها للموظف، لئلا تكون المعاقدة من بيع ما لم يُملك، ولا يلزم تسجيل الشقة باسم الشركة في دائرة العقار إذا ترتب على ذلك زيادة في الرسوم ونحوه، بل يكفي التوقيع على عقود معتمدة بين الطرفين تثبت ملكية الشركة للشقة قبل بيعها للموظف. أما إذا قامت الشركة بعملية التمويل دون أن تتملك الشقة فالمعاملة في هذه الحال محرمة؛ لأن حقيقة العقد قرضٌ بفائدة ربوية، ولو سمي مرابحة. الشرط الثاني: أن يكون ثمن شراء الشقة ثابتًا لا يزداد بزيادة المدة، فإذا اتفق الطرفان على مبلغٍ معين، وفترة محددة للسداد، فلا يجوز فرض غرامة عن التأخير، أو إعادة جدولة الدين بزيادته عن المبلغ المتفق عليه، حتى ولو كان ذلك مشروطًا في العقد؛ لأن هذا الشرط باطل لاشتماله على الربا. الشرط الثالث: أن يكون التأمين المشار إليه تأمينًا تعاونيًّا لا تجاريًّا، والفرق بينهما أن التأمين التجاري تتولاه مؤسسات أو شركات يكون الغرض من تأسيسها ربحيًّا بحيث تقوم بتحصيل أقساط التأمين ودفع التعويضات والاحتفاظ بما تبقى من الأقساط بعد دفع التعويضات وعائد استثماره لصالح ملاك الشركة، وهذا محرم شرعًا؛ لأنه ينطوي على شبهات شرعية عديدة، منها الغرر، وأكل أموال الناس بالباطل، أما التأمين التعاوني فهو قائم على أساس التكافل والتعاون، حيث تتولاه جمعيات، أو مؤسسات، لا تهدف إلى الاسترباح من أقساط التأمين، وإنما يكون الغرض من إنشائها تفتيت المخاطر التي تقع على المشتركين، وذلك بتجميع أقساط التأمين من المشتركين في صندوق جماعي، وما كان من فائضٍ أو ربحٍ فيه فيعود للمشتركين أنفسهم، وما كان من نقصٍ أو خسارة فعليهم، ولا مانع من أن تتقاضى الجهة التي تقوم بإدارة هذا العمل أجورًا أو عمولات مقابل ذلك بشرط أن تكون تلك الأجور معلومة للطرفين. فإذا تحققت الشروط الثلاثة فالمعاملة جائزة. والله أعلم.

إنشاء صندوق تعاوني

إنشاء صندوق تعاوني المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 24/03/1426هـ السؤال مجموعة من أبناء العم شكَّلوا صندوقًا ماليًّا، زكاة الصندوق التعاوني على النحو الآتي: يدفع كل مشترك شهريًّا مبلغ يناسبه (500 أو 1000 ريال) أو أكثر، على أن أي شخص منهم لديه حاجة ماسة يقترض من الصندوق المبلغ المناسب لشراء سيارة أو أرض (وقد يزيد المبلغ المقترض عن مجموع ما لدى الشخص بالصندوق أو يقل) ، علمًا أن القرض دون فائدة، ويرده أقساطًا مناسبة. السؤال: ما حكم هذه الطريقة؟ وهل في الصندوق زكاة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: القرض بهذه الصورة جائز؛ لأن الشخص يقترض المبلغ ثم يرد مثله، والحكم لا يختلف فيما إذا رد القرض على دفعة واحدة أو على أقساط. والزكاة يشترط لوجوبها خمسة شروط، ومن هذه الشروط أن يكون المال ملكًا لشخص معين، فمن شروط الزكاة ملكية المال، وهذا المال الموضوع في الصندوق ليس مملوكًا لشخص بعينه، وإنما وضع في المصارف العامة التي تعود على مصلحة هذه العائلة، فالذي يظهر لي- والعلم عند الله- أنه لا زكاة في هذا المال. والله أعلم.

هل هذا قرض جر نفعا؟!

هل هذا قرض جر نفعًا؟! المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 14/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قامت شركة بتوزيع أراضٍ على موظفيها، وبما أن الموظفين لا يملكون سعر الأرض, بدؤوا باقتراض ثمنها، ما حكم من يقترض المال في مقابل التنازل عن نصف الأرض لصاحب القرض؟ علمًا أن سعر نصف الأرض هو مساو للقرض (لا أقل ولا أكثر) , وعلمًا أن الذي يريد الاقتراض ليس لديه المال لتسديد القرض لقلة موارده المالية. وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالسؤال فيه غموض، وهو يحتمل عدة صور: 1- فإن كان المقرض سيدفع للمقترض ما يعادل قيمة نصف الأرض ثم يسترد ماله الذي أقرضه وسيعطيه المقترض إضافة إلى ذلك نصف الأرض مجانًا، فهذا القرض محرم؛ لأنه جر منفعة للمقرض، وهو من الربا. 2-أما إن كان المقرض سيدفع للمقترض ما يعادل قيمة نصف الأرض ثم يسترد ماله الذي أقرضه بدون زيادة، ويشترط على المقترض أن يبيعه نصف الأرض الآخر بنفس قيمة القرض فهذا الشرط محرم لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ سَلَفٌ وبَيْعٌ". أخرجه أبو داود (3504) والترمذي (1234) والنسائي (4611) . 3- وأما إن كان المقرض سيدفع ما يعادل قيمة نصف الأرض ليتنازل صاحب الأرض عن نصفها، على ألا يرجع للمقرض شيء من ماله، فهذا العقد جائز، وليس بقرض وإنما هو بيع. والله أعلم.

برنامج استثماري في الهند

برنامج استثماري في الهند المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 03/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. يوجد برنامج استثماري في الهند ترعاه الحكومة، وفي هذا البرنامج تأخذ الحكومة أموالاً من الناس لتطوير أعمال المزارعين، عوضاً عن أخذ قروض من البنك الدولي يترتب عليها فوائد عالية، وفي المقابل تضاعف الحكومة أموال المستثمرين خلال فترة سبع سنوات، هل يجوز المساهمة في مثل هذا البرنامج؟ قرأت مقالاً في صحيفة سعودية أن مثل هذا الاستثمار جائز؛ نظراً لاستخدام المال في تطوير أعمال المزارعين والبلد، ولا يتم إقراضها بالفائدة، ولا تستخدم في أمور غير شرعية، علاوة على أن المستثمرين أبلغوا بمردود ثابت. نرجو التكرم بتوضيح الحكم الشرعي في ذلك. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب: أن هذا البرنامج الاستثماري في نظري لا يجوز، ومن ثم لا تجوز المساهمة فيه؛ لأن فيه تحديداً للفائدة، حيث إنه بعد سبع سنوات ستضاعف رؤوس أموال المساهمين، فالفائدة محددة قبل حصولها، فهو مثل ما لو قال صاحب برنامج أو شركة مساهمة أعطني الآن عشرة آلاف ريال أو جنيه أو دينار، وبعد سبع سنوات أعطيك عنها عشرين ألفاً. وما قرأه السائل في صحيفة سعودية من جواز هذا الاستثمار جاء فيه حسب ما نقله السائل شرط وقيد وهو قوله: (ولا يتم إقراضها بالفائدة) ، وهنا قد تم إقراضه بالفائدة المحددة بالضعف بعد سبع سنوات، هذا ما ظهر لي. والله أعلم.

طلب تمويلا شخصيا من البنك الأمريكي

طلب تمويلاً شخصياً من البنك الأمريكي المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 18/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قمت بطلب تمويل شخصي من البنك السعودي الأمريكي (سامبا) ، وذلك بعد معرفتي بأنه مجاز من هيئة الرقابة الشرعية، وعلى رأسها الشيخ عبد الله المنيع، وتم إخباري من قبل البنك بأنه يتم شراء معدن وبيعه لمالك آخر، استلمت المبلغ، وكان يزيد عن المبلغ المتفق عليه بـ 500 ريال وذلك عند بيع المعدن، السؤال: هل هذا التمويل صحيح؟ مع العلم بأني لم أكن أعرف ما نوعية المعدن؟ وفي أي مكان تم شراؤه وبيعه إلا بعد سؤالي للبنك بعد استلامي المبلغ، وأخبروني أن المعدن هو البلاتين وتم ذلك في أوربا. أرجو منكم توضيح هذه المسألة، وماذا أفعل في حال أن هذا البيع غير صحيح؟ وشكر الله لكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه العملية تسمى بالتورُّق، وقد أجازها جمهور العلماء ولكن بشروط: الشرط الأول: أن يكون البنك (البائع) مالكًا للسلعة (المعدن) . الشرط الثاني: أن يمتلك العميل السلعة، بعقد شراء المعدن من البنك. الشرط الثالث: أن يقبض العميل السلعة، ويكون قبض المعادن بقبض الورقة الخاصة بالمعدن التي تذكر فيها اسم المعدن، ورقم المعدن ومكان التخزين. ومن علامة صحة القبض: أن يكون على العميل أجرة تخزين المعدن في المستودعات الخاصة بها. الشرط الرابع: أن يتولى العميل بيع السلعة بنفسه، أو يوكل شخصًا آخر يبيع له هذه السلعة، ويكون هذا الشخص غير البنك. الشرط الخامس: يشترط أن يكون البيع لغير البنك؛ لئلا تقع المعاملة في العينة المحرمة. فإذا توفرت هذه الشروط جاز التورُّق، الذي تجريه البنوك.

وأما ما يدور في البنوك من عمليات التورق فهي في الحقيقة معاملات تحايل على الربا، وقد استخدموا عقد الوكالة لإعطاء هذه العقود الصبغة الشرعية، فتجد البنك يصمم نماذج من عقود التوكيل بالشراء والبيع والقبض، ويكون دور العميل مجرد التوقيع، وما هي إلا ساعات وإذا بالمبلغ في حسابه، ولما كانت هذه الصورة هي السائدة في البنوك أصدر المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي تحريم التورق بالمعادن وغيرها مما يجري في الأسواق المالية العالمية. وأما ما ذكرته من فتوى الشيخ ابن منيع، فالشيخ حفظه الله قد أفتى بتحريم الصيغة التي ذكرت، وإليك نص الفتوى: التورق الباطل والتورق الصحيح المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها التاريخ 30/3/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: عبد الله المنيع ـ حفظه الله ـ: هل تتم عمليات البيع والشراء بنظام التورق تحت إشرافكم كهيئة شرعية، لأني قمت بتعبئة البيانات في فرع أحد البنوك الذي تشاركون في هيئته الشرعية ثم تم إبلاغي بأن المبلغ قد نزل في حسابي دون أن أرى بيعاً أو شراء ولكن أخبرت آنذاك أن ذلك يتم بمتابعة منكم أرجو إفادتي. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما ذكره الأخ السائل الكريم بأنه صدر منا جواز التورق، نقول: نعم، والتورق لم يصدر جوازه منا فقط، وإنما هو رأي جمهور أهل العلم، فيما يتعلق بصحته، فقال به مجموعة كبيرة من علماء المذاهب المختلفة كالمذهب الحنفي والمالكي، والشافعي والحنبلي كما، صدر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد العزيز بن باز - رحمهما الله- واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وكذلك مجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي، وغيرهم والكثير من الهيئات الرقابية الشرعية للمؤسسات المالية، كلهم صدر منهم الحكم بجواز التورق. ولكن التورق الذي ذكر السائل طريقته في سؤاله بأنه جاء للبنك وقال لهم أنا بحاجة إلى مبلغ خمسين ألف - مثلاً-، وأنهم قاموا بإجراء التورق بأنفسهم، ولم يعلم إلا والمبلغ مسجل في حسابه، نقول: هذا باطل، وليس صحيحاً فهو لم يتول لا بيعاً ولا شراء ولا مقابلة شيء من ذلك، ولا مباشرة أي شيء من هذا، فهذا أشبه ما يكون بشخص احتاج مبلغ خمسين ألف، فقالوا: لا بأس فنحن نعطيك الخمسين ألف ونضعها في حسابك ونقيدها عليك بستين ألفاً أو سبعين ألفاً أو أقل أو أكثر، نقول هذا باطل، ولا يصح، وليس هذا هو التورق وإنما التورق أن يأتي المريد للمبلغ، ويقول أيها البنك أنا أريد أن أشتري منكم سلعة بمبلغ كذا وكذا، ثم بعد أن يقوم البنك المعروض عليه البيع بتملك هذه السلعة يقوم ببيعها على هذا العميل، والعميل يتولى قبول البيع، والأول يتولى الإيجاب في البيع ثم تتم العملية بيعاً وشراء، وتنتقل السلعة إلى ملكية العميل وتستقر في ذمته المديونية، أي قيمة هذه السلعة ثم يقوم العميل بالتصرف بسلعته سواء كانت سيارة أو كانت أسهماً، أو كانت إسمنتاً، أو أي سلعة من السلع التي يجوز بيعها وشراؤها، بعد ذلك يتسلم سلعته ويتصرف فيها ببيعها أو يوكل من يبيعها، أو نحو ذلك. هذه هي الطريقة التي أفتينا بها، أما أن يكون الأمر مثل ما ذكره السائل فنبرأ إلى الله من ذلك، ولا يمكن أن تكون هناك جهة شرعية تقول بجواز هذا التصرف الذي ذكره السائل بأنه بمجرد أن يبدي الشخص للبنك رغبته بأنه بحاجة إلى خمسين ألفاً، فيقال له خلال ساعة أو نصف ساعة أو شيء من هذا نقوم بالقيام بإجراءات شكلية، ثم نقيد ذلك في حسابك، فهذا باطل، ولا يصح، ولم يصدر منا فتاوى، ولا من إخواننا القائمين على الهيئات الرقابية بجواز ذلك، فعلى إخواننا العملاء أن يتقوا الله، وأن يعرفوا كيف يتعاملون، وينبغي للعميل إذا أراد سلعة أن يتولى شراءها بنفسه بعد التأكد من ملكية بائعها عليه، ثم يتصرف بسلعته يبيعها، ويقبض ثمنها، ويقضي بها حاجته، ويستقر ثمنها المؤجل في ذمته للذي باعها، ولا يجوز أن يبيع هذه السلعة إلى من باعها عليه؛ لأن هذه هي العينة، فينبغي أن يكون منا هذا التأكد وهذا النظر حتى تكون المبايعة صحيحة، وحتى تكون الفتاوى الصادرة منطبقة على هذا التصرف الصحيح. وأما ما ذكره السائل فنبرأ إلى الله منه، ولا يمكن أن يتم تحت إشرافنا، وإذا تم ذلك من موظف جاهل لا يعرف فهو الذي يتحمل إثم هذا العمل مع العميل الذي يساعده على إتمام هذه العملية الصورية التي ليس لها علاقة بالتورق. والله أعلم.

الاقتراض من البنك بفائدة لسداد الديون

الاقتراض من البنك بفائدة لسداد الديون المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 25/02/1426هـ السؤال ما حكم الشرع في الاقتراض من البنك بفائدة ربوية لسداد دين؟ مع العلم أن السجن كان عاقبة وشيكة لعدم السداد والعجز عنه، كما جاء الاقتراض كوسيلة أخيرة بعد التصرف في كل ما يمكن تقويمه بالمال إلا المنزل محل السكنى. وجزاكم الله كل الخير وثبتني وإياكم على دينه. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: الربا من كبائر الذنوب وقد قال الله تعالى: "يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" [البقرة: 278] ، والله تعالى يقول: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءهُ موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم" [البقرة: 275،276] . والرسول عليه الصلاة والسلام لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء. أخرجه مسلم (1598) ، فالسجن سهل بالنسبة لعقوبة أكل الربا أو دفع الربا، فكون الإنسان يتحمل السجن ولا يتعامل بالربا خير له من أن يلجأ إلى الاقتراض عن طريق الفائدة التي تسمى في البنوك. فعلى هذا الإنسان أن يُقلع عن هذا الأمر ويتوب إلى الله وإن استدعى الأمر سجنه فإنه لا يبيح له أن يتعامل بكبيرة من كبائر الذنوب.

السلم والاستصناع

بيع الزرع قبل الحصاد المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع التاريخ 8/6/1424هـ السؤال السيد (زيد) فلاح زرع أرضه قمحاً، أو شعيراً، وقبل موسم الحصاد بحوالي شهرين احتاج للنقود، وطلب سلفة من السيد (عبيد) مبلغاً وقدره 900 دينار مقابل 300 كيلو غرام قمحاً، يعني سعر الكيلو غرام الواحد بثلاثة ريالات، علماً أن الكيلو غرام الواحد بعد شهرين سيباع بـ خمسة ريالات، فهل هذا جائز؟ ثم ما حكم الشرع بحق السيد زيد وعبيد؟، ملحوظة، علماً أن كلاً من زيد وعبيد يعلمان مسبقاً بأن سعر كيلو غرام القمح تمت تسعيرته من قبل الدولة بخمسة ريالات، أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الذي يظهر من سؤال السائل أن العقد الذي تم بين زيد وعبيد أنه عقد سلم، وعقد السلم هو تعجيل الثمن وتأجيل المثمن، وهو من العقود الشرعية الصحيحة، فقد قال: - صلى الله عليه وسلم-: "من أسلف في شيء ففي كيلٍ معلومٍ، ووزن معلومٍ، إلى أجل معلوم"رواه البخاري (2240) ، ومسلم (1604) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وعلى هذا فما حصل بين زيد وعبيد كما جاء في السؤال يعتبر معاملة شرعية صحيحة.

عن بيع السلم وبيع المعدوم

عن بيع السلم وبيع المعدوم المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع التاريخ 03/05/1425هـ السؤال ما حدود بيع السلم؟ وهل هو في الثمار فقط، أم يدخل فيه الصناعة والتجارة؟ وإذا كان كذلك فما هو بيع المعدوم إذن؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: السلم عند جمهور أهل العلم يكون في كل ما يمكن ضبطه بالصفة، فهو عقد على موصوف في الذمة، مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد. وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه رخصة من عدم جواز بيع المعدوم، للحاجة الماسة إليه. وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه على وفق القياس، وأن البيع الذي نهى عنه أن يبيع ما لا يقدر على تسليمه، لأن ما لا يقدر على تسليمه ليس عنده حقيقة، فيكون بيعه غرراً ومغامرة، أما بيع الموصوف المضمون في الذمة مع غلبة الظن بإمكان توقيته في وقته، فليس من هذا الباب في شيء.

رد الدين الذي صرف في الحرام

رد الدين الذي صرف في الحرام المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع التاريخ 28/7/1423هـ السؤال مشايخنا الأفاضل في موقع (الإسلام اليوم) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أفيد فضيلتكم أنني عندما كنت أستخدم المخدرات، كنت أستدين من واحد من الرفقاء لشراء المخدرات والمسكرات إذا أعوزتني الحاجة, ولما منَّ الله علي بالهداية قابلته بعد قرابة عشر سنوات من تركي لذلك الوباء. وسؤالي: هل يجب علي أن أؤدي ما علي من دين لهذا الرجل الذي كان يقرضني وهو يعلم أني سأشتري المخدر؟ بل كان يسألني أحياناً ماذا تريد بالمال؟ فأصرح له باسم المادة المخدرة. أرجو من فضيلتكم الرد، فإن الإنسان لا يريد أن يلاقي ربه وفي عنقه دين لأحد، وأنا أملك المبلغ الذي استلفته منه كاملاً - والحمد لله - فهل أرده إليه أم لا؟ الجواب الحمد لله الذي من عليك أبا عبد الرحمن بالهداية، ومادام عرفت الطريق الصحيح فالزمه وعض عليه بالنواجذ، وانصح إخوانك وحذرهم الشر المستطير؛ شر المخدرات، أما قضاء الدين، فإن كنت تستدين منه ثم تشتري من غيره المخدرات فإنه يجب عليك قضاء الدين، وأن ترد عليه ما استقرضته منه دون زيادة أو نقصان، ولو كان يعلم أنك ستشتري بما يعطيك مخدرات، أما إن كنت تشتري منه المخدرات ويدين عليك قيمتها فلا يلزمك أن ترد عليه الدين، والله أعلم.

بناء العقارات بالتقسيط

بناء العقارات بالتقسيط المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع التاريخ 21/5/1424هـ السؤال لدي صورة عقد بناء عقار بالتقسيط أريد حكمها الشرعي وهذا العقد يتكون من: (1) العميل وهم نوعان: الأول: عميل يملك أرضاً يريد بناءها وليس معه ما يكفي للبناء، الثاني: عميل لا يملك أرضاً يريد بناءها وليس معه ما يكفي للبناء. (2) الممول وهدفي أن أوافق أن أبني للعميل -الذي يملك أرضا-ً البيت أو العمارة، وأوافق أن أشتري للعميل الثاني - الذي لا يملك أرضاً- الأرض وأن أبني له البيت أو العمارة من مال الممول الخاص، ويرجع على العميلين بالتقسيط. (3) المقاول نوعان: الأول: وهو من سوف يتفق معه الممول على بناء العقار بعقد خاص ليس للعميل أي دخل فيه، وله حق الرفض أو الموافقة في إتمام العقد مع الممول، المقاول الثاني: وهذا قد أبرم عقداً كاملاً يلزم به نفسه بالبناء للممول حسب ما يريد العقد مع العميل، ويأخذ المقاول نسبة معينة وأجرة خاصة به، والمقاول ليس له حق الرفض، بل هو ملزم بالتنفيذ بموجب الاتفاق بينه وبين الممول - كلا المقاولين لديهما عمالة خاصة بهما، ملحوظات على الممول: (1) الممول ليس لديه عمالة أو مواد بناء، وإنما لديه مكتب فقط ويتفق مع مقاول آخر بعقد خاص بينهما لبناء البيت أو العمارة. (2) المبلغ لا يدفع لأحد العملين، وإنما يسجل عليهما بعد حساب المبلغ مقسطاً والممول سوف يبني لهما العقار بمبلغ ويقسطه عليهما على النحو التالي: أ: 30% عند البدء بالعمل، ب: 30% عند الانتهاء من العمل، ج: 40 % تقسط على سنوات حسب دخل العميل. (3) من ضمن بنود العقد (يحق للممول أن يتفق مع أي مقاول لإتمام البناء) . (4) أي خلل أو عيب في البناء يرجع العميل على الممول بالضمان، والممول يرجع على المقاول للضمان.

(5) قد يشرف الممول على بناء العقار، وقد لا يشرف حسب ثقته بالمقاول، السؤال: ما حكم هذا العقد من النواحي التالية: (1) هل يعتبر هذا عقدا ربوياً؟ حيث إن الممول دفع المال للمقاول الأول لإتمام البناء ورجع على العميل بالمال والفائدة المقسطة. (2) هل هذا من باب: لا تبع ما ليس عندك؟ حيث إن الممول لا يملك مواد بناء ولا عمالة، أو يدخل فيه الغرر، حيث إن المواد قد ترتفع كما حصل في الحديد في حرب العراق، أو ارتفاع متر التلييس من 7 ريالات إلى 12 ريالاً قبل خمس سنوات بسبب تسفير العمالة (هذا بالنسبة للمقاول الأول) . (3) أي ملاحظة على هذا العقد أرجو بيانها. (4) إذا كان في العقد شبه ما السبيل لجعله سليما. (5) أي المقاولين أفضل لإتمام العمل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: والذي أراه والله تعالى أعلم بأن هذا العقد ليس فيه محذور شرعي، فالذي يظهر بأن تكييف هذا العقد هو عقد استصناع بين العميل والممول، والممول قام بالتعاقد مع المقاول في الباطن، ويعتبر هذا عقداً ربوياً لما ذكرت لعدم وجود علاقة بين العميل والمقاول بدليل ما ذكر في الملاحظة الرابعة من السؤال، حيث إن أي خلل أو عيب في البناء يرجع العميل إلى الممول بالضمان.... ويرجع الممول على المقاول بالضمان، وكثير من الشركات والمؤسسات تقدم على هذا التعامل عند التعاقد معها على تنفيذ أمر ما، فهي تقوم بالتعاقد مع آخرين في الباطن فينفذ ما طلب منها.

وليس هذا من باب: بيع ما ليس عندك لكون هذا العقد من باب الاستصناع لانطباق شروطه عليه، وقد ذكر مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من مؤتمر العالم الإسلامي في قراره رقم (50، 1/6) في مؤتمره السابع بعض الطرق المشروعة للتمويل العقاري، ومنها "تملك المساكن عن طريق عقد الاستصناع - على أساس اعتباره لازماً، وبذلك يتم شراء المسكن قبل بنائه بحسب الوصف الدقيق المزيل للجهالة المؤدية للنزاع، دون وجوب تعجيل جميع الثمن، بل يجوز تأجيله بأقساط يتفق عليها مع مراعاة الشروط والأحوال المقررة لعقد الاستصناع لدى الفقهاء الذين ميزوه عن عقد السلم"، وقد نص قرار المجمع رقم (65، 3/7) على شروط عقد الاستصناع، وذكر منها "بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة، والمقصود ضبط أوصافه بحيث ترتفع الجهالة عنه، وتذكر جميع المواصفات التي يختلف الثمن باختلافها، ذكر أيضاً من الشروط "أن يحدد فيه الأجل" بأن تكون المدة معلومة. وأجاز المجمع أيضاً تأجيل الثمن كله أو تقسيطه على أقساط معلومة لآجال محددة كما هو الحال في سؤالك والله تعالى أعلم.

هل عقد الاستصناع ملزم للطرفين؟

هل عقد الاستصناع ملزمٌ للطرفين؟ المجيب أحمد بن محمد الرزين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع التاريخ 5/12/1424هـ السؤال أنا أعمل تاجر لأثاث المنازل، واتفق معي شخص لعمل حجرة نوم، بشرط أن يدفع لي شهرياً مبلغاً معيناً، ومرت عدة سنوات دفع خلالها مبلغاً على عدة شهور متفاوتة وتكون معي جزء كبير من المبلغ، ولظروف خاصة به أراد استرداد المبلغ مرة واحدة، ولكني قلت له سوف تسترد المبلغ في نفس المدة الزمنية التي دفعت فيها المبلغ وبنفس ترتيب شهور الدفع، مع العلم أن استرداد مبلغه مرة واحدة سيؤثر على تجارتي، فهل عليَّ أن أدفعه له مرة واحدة؟ أم بنفس الفترة الزمنية التي دفع فيها المبلغ؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: هذا التعاقد الذي حصل يسمى عقد استصناع، وهو صحيح شرعاً - على الراجح-، ولو كانت القيمة منجّمة، أي: مقسطة على أشهر، بشرط أن تكون معلومة عند التعاقد، وهذا العقد هو ملزم للطرفين - على الراجح-، أي: ليس لأحدهما حق الفسخ إلا بإقالة العاقد الآخر له، وعلى ذلك فأنت بمراعاتك لظروف هذا الشخص محسن بإقالته من هذا العقد، مع أنه من حقك أن لا تقيله منه، وأن لا ترد إليه شيئاً من ماله، إذا حصل منك الوفاء بجميع بنود العقد، وما دمت أقلته ووافقت على رد المبلغ الذي دفعه إليك، فلك أن تدفع المبلغ على الصفة التي ذكرت. والله الموفق.

تأجير الذهب وفساتين الزفاف

تأجير الذهب وفساتين الزفاف المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع التاريخ 11/7/1424هـ السؤال لدي مؤسسة لعمل برامج الكمبيوتر، وقد طلب مني صاحب شركة عمل برنامج له، الشركة تقوم بتأجير الذهب وفساتين الزفاف للنساء، هذا هو نشاط الشركة. هل يجوز عمل برنامج للشركة بحيث يساعدهم على عملهم؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد أما تأجير الذهب فهذا لا بأس به لعدم المحذور الشرعي، فالأصل في ذلك الحل، وأما تأجير ملابس النساء للزفاف فهذا يختلف إن كانت الملابس منضبطة بالضوابط الشرعية لألبسة النساء، بحيث لا تكون عارية أو قصيرة أو ضيقة تحجِّم أعضاء البدن فهذا جائز، وإن كانت ليست ملابس شرعية فهنا لا يجوز تأجيرها حينئذ، ولا يجوز التعامل مع شخص يؤجرها، لأن الله - عز وجل - يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] .

هل هذه عمولة مقابل السمسرة؟

هل هذه عمولة مقابل السمسرة؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع التاريخ 14/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل محاسباً بإحدى الشركات، ولدى الشركة مشاريع ترغب في تنفيذها من الباطن، من خلال مقاولين، وقمت بإحضار مقاولين، وتعاقدوا على المشاريع مقابل نسبة لي، علماً بأن العرض الذي أحضرته من أفضل العروض، وقد استفادت الشركة منه كثيراً، والسؤال: لقد اتفقت مع من أحضرته على الحصول على نسبة مقابل إنهاء هذا الأمر، فهل هذه العمولة حلال أم حرام؟ علماً بأنني أخبرت صاحب العمل بأنني سأحصل على عمولة، ولم يعترض، ولكنني لم أعرفه بمبلغ العمولة بالضبط. -وجزاكم الله خير الجزاء-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أولاً: ما يتعلق بمخالفة الشركة التي تعمل أنت فيها لمقتضى العقد فإنه محرم، ولا يجوز، فإن كانت الشركة قد خالفت مقتضى العقد بأن تقوم- هي بنفسها- بتنفيذ هذا المشروع ثم تتعاقد سراً مع شركات أخرى أصغر منها، دون علم صاحب المشروع الذي تعاقد مع الشركة، فإن هذا محرم، ولا يجوز؛ لأنه مخالف لمقتضى العقد، والله - عز وجل- يقول: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] ، وعلى هذا كونك تعمل ساعياً على ذلك، وتأخذ نسبة من المال يكون محرماً، ولا يجوز، وأما بالنسبة لكونك أخذت عمولة من الشركات الأخرى التي تعاقدت مع شركتك، فهذا إن كانت الشركة التي تعمل فيها لا ترضى بهذا؛ لأنها تعطيك مرتباً أو عمولة على عملك، فهذا أيضاً محرم من جهة أخرى، وهي أخذك لهذه العمولة دون رضا من تعمل عندهم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هدايا العمال غلول" رواه أحمد (23090) وغيره من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه -، وإن كانت الشركة التي تعمل بها ترضى بأخذك لهذه العمولة، فإن هذا جائز، لكن يبقى ما تقدم في المحذور الأول الذي ذكرته. والله أعلم.

الرهن

هل في الرهن زكاة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن التاريخ 20/7/1424هـ السؤال ما هو الرهن الشرعي؟ وهل في المال المرهون زكاة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: جواب السؤال الأول: الرهن هو: أن يكون على رجل دين فيحبس شيئاً من ماله وثيقة عند الدائن؛ ليستوفي منه الدائن إذا تعذَّر استيفاؤه منه. جواب السؤال الثاني: الرهن بمثابة الأمانة عند المرتهن، ولا يُسقط الزكاة عن المال المرهون. وجملة القول أن الرهن تجب فيه الزكاة إذا كان من الأموال الزكوية بشروطها المعتبرة المعروفة. وللتوضيح أكثر، فإن المرهون إذا كان ذهباً، أو فضة، أو نقداً (كريالات، أو جنيهات، أو دولارات، أو نحو ذلك) ففيه الزكاة مطلقاً إذا حال عليه الحول (سنة كاملة) ؛ لأن المرهون ملك لمن رهنه، وإنما هو أمانة لمن هو عنده. وإن كان المرهون من عروض التجارة ـ أي مالاً مُعداً للتجارة ـ كبضاعة اشتراها ليكتسب بها، أو نحو ذلك، ففيه الزكاة كذلك إذا حال عليه الحول، فتقدر قيمتها عند تمام الحول ثم تخرج زكاتها، وهو (2.5%) من قيمتها، والله -تعالى- أعلم.

الانتفاع بالمرهون

الانتفاع بالمرهون المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن التاريخ 18/12/1423هـ السؤال هل يجوز للمرتهن أو الراهن الانتفاع بالمرهون أم لا؟ مع ذكر المراجع فأنا طالب علم، ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب عن السؤال بالتفصيل غير ممكن لأنه يحتاج إلى مجلد لا سيما وأن السائل طالب علم لهذا فإنني أجيب بالإجمال وأحيل على المراجع فأقول وبالله التوفيق: أولاً: انتفاع الراهن بالمرهون اختلف فيه أهل العلم على قولين: الأول ينتفع به، وممن قال بذلك الشافعي وابن حزم ومن وافقهما ولهم أدلة ... ، والقول الثاني: لا ينتفع به وبه قال أبو حنيفة والثوري ومن وافقهما ولهم أدلة ... إلخ. ثانياً: انتفاع المرتهن بالرهن فيه تفصيل ذلك أن الرهن إما أن يكون مما لا يحتاج إلى مؤنة كالدور أو يكون مما يحتاج إلى مؤنة وإذا كان لا يحتاج إلى مؤنة فقد يكون دين الرهن قرضاً، وقد يكون غير قرض وإذا كان دين الرهن غير قرض فقد يأذن الراهن للمرتهن وقد لا يأذن وفي كل ذلك فقد يكون بعوض وقد يكون بغير عوض وإذا كان بعوض فقد تكون فيه محاباة وقد لا تكون فيه محاباة ... إلخ. تفصيلات عدة لا يمكن بسطها كما أسلفت وعلى السائل أن يرجع إلى باب الرهن في كتب الحديث وكتب الفقه فقد بسط العلماء ذلك، ومن تلك المراجع: المغني لابن قدامة في كتاب الرهن (4/426) الناشر مكتبة الرياض الحديثة بالرياض (السعودية) ، فقد ذكر -رحمه الله- في انتفاع المرتهن بالرهن محل الاتفاق ومحل الخلاف بما يشفي ويكفي، أيضاً أحيل القارئ والسائل على بحث في مجلة البحوث الإسلامية (في السعودية) العدد (24) من صـ (14) إلى صـ (56) إعداد اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

(في السعودية) قد فصلوا القول في ذلك بما يغني، وفق الله الجميع لكل خير، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

استغلال المرتهن للأرض المرهونة

استغلال المرتهن للأرض المرهونة المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن التاريخ 15/10/1424هـ السؤال في نظام رهن الأراضي الزراعية (أي انتقال ملكية الأرض مقابل مبلغ من المال مؤقتا حتى تسديد المبلغ) ، فهل من حق المالك الجديد استغلال الأرض بزراعتها كليا، وأخذ العائد منها ولا يعطي شيئا لمالك الأرض الأصلي؟ مع أنها سوف تعود إليه ولا يعتبر هذا نوع من الربا، أم لا بد أن يعطى أجرا لمالك الأرض الأصلي نظير استغلالها، أم أنه لا بد من عدم استغلال الأرض أصلا؟. الجواب أولا: لا يخفى أن الرهن لا يجوز استغلاله إلا لصالح الراهن نفسه، والراهن يعني الذي قدم الرهن، يعني: المدين، فالمدين الذي قدم الرهن إذا كان هذا الرهن مما فيه غلة فيجب أن تكون الغلة للراهن نفسه لا للمرتهن، هذا هو الأصل، وبناء على هذا فالقول بأن الدائن يشتري هذا الرهن ويستغله حتى يأتي أو حتى يقدر المدين على سداد ما عليه من دين هذا يسمى بيع الوفاء، وهو وإن قال به بعض الحنفية إلا أن الذي عليه جمهور أهل العم بأنه بيع باطل؛ لأنه لم يرد به البيع وإنما المراد والقصد منه التحيل على استغلال الرهن لصالح المرتهن، وقد صدرت من مجمع الفقه الإسلامي في جده فتاوى أطبقت على تحريم بطلان بيوع الوفاء. والله أعلم.

استأجر أرضا ليرهنها

استأجر أرضاً ليرهنها المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن التاريخ 19/1/1425هـ السؤال إذا كنت صاحب شركة وأريد أن أقترض من البنك الإسلامي في بلدي، وليس لدي ما أرهنه، فاقترح علي أحد أصدقائي أن يرهن أرضه مقابل القرض الذي سأقترضه لشركتي من البنك الإسلامي على أن أدفع له إيجار أرضه المرهونة حتى تاريخ قيامي بإنهاء تسديد القرض للبنك، أما الاقتراح الآخر فهو أن أعطيه نسبة من أرباح شركتي حتى تاريخ قيامي بإنهاء تسديد القرض، فهل يصح ذلك شرعاً؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الاقتراح الأول: إذا أذن صاحبك في إعطائك أرضه لترهنها فإنه يصح على سبيل القرض، وعلى ذلك فلا يجوز أن يأخذ عوضاً عن هذا القرض أجراً؛ لأنه ربا. وأما أن يقول: إن هذا مقابل إجارة الأرض فإنه لا يصح، لأن مقتضى الرهن أن يمكن الاستيفاء منه، وملك الغير لا يمكن استيفاؤه؛ لأنه غير مالك له إلا إذا أذن، ومعنى إذنه القرض أو الهبة، وعلى ذلك فلا مجال لأخذ العوض عنها. الاقتراح الثاني: أن يدخل صاحب الأرض شريكاً مع صاحب الشركة بماله، ويكون العقد عقد شركة مضاربة، وهذا جائز، وتترتب على هذا العقد آثاره من حيث إنه غير مضمون رأس المال والربح، وإنما هو قابل للربح والخسارة. والله الموفق.

هل له رهن الأرض المشتركة؟

هل له رهن الأرض المشتركة؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن التاريخ 8/6/1425هـ السؤال لدي أرض تساوي 7 مليون ريال، وحصتي فيها 42%، وأريد أن آخذ قرضاً بضمان الأرض، علماً بأنني أستطيع أن أسدد المبلغ حتى ولو خسرته لشركائي؛ لأن وضعي المالي ممتاز. فهل يحق لي أخذ القرض بدون أخذ إذنهم، علماً بأننا لا ننوي بيع الأرض حالياً؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: إذا كان القرض يعادل قيمة الأرض كلها، فلا يجوز رهن الأرض؛ لأن هذا تصرُّف في مال الغير، ولا يجوز هذا التصرُّف إلا بموافقة الشركاء. أما إذا كان القرض يعادل قيمة نصيب الأخ السائل من الأرض، أي أنه يرهن نصيبه من الأرض لا أكثر، ففي ذلك خلاف بين الفقهاء. فالجمهور يرون جواز رهن المشاع، والحنفية يرون المنع. والأظهر الجواز؛ لأن ما جاز بيعه جاز رهنه، فإذا جاز للشريك بيع نصيبه جاز له رهنه. والله أعلم.

انتفاع المقرض بالرهن

انتفاع المقرض بالرهن المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن التاريخ 29/07/1425هـ السؤال ما حكم رهان البيت؟ بمعني أن شخصاً يعطي بيته لشخص آخر، ويأخذ منه مبلغاً معيناً من المال لمدة سنة مثلاً، ضمن عقد بينهما، وهذا الشخص الذي دفع المال يستفيد من البيت خلال هذه المدة بنفسه يسكن فيه ويؤجره لآخر، ومع نهاية المدة المعينة بينهما يسترجع ماله المدفوع، ويسلم البيت لصاحبه دون أن يتحمل شيئاً، وقد استفاد خلال السنة من البيت، فما الحكم، هل يجوز أم لا؟ علماً أن مثل هذه المعاملة تكثر في بعض الدول. أفتونا مأجورين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وبعد:

الرهن عرفته الجاهلية قبل الإسلام، وجاء الإسلام ونظمه وبيَّن أحكامه، وهو جعل وثيقة مالية بدين، ومعنى هذا هو أن الإنسان يعطي أخاه المحتاج مبلغاً من المال على سبيل القرض الحسن، وحتى يضمن عود المال إليه يأخذ شيئاً مالياً يساوي مبلغ الدين أو يزيد عليه، حتى إذا لم يستطع المدين أن يُرجع الدين لأي سبب كان، فإن الدائن يبيع الرهن ويستوفي حقه، والرهن هذا يبقى على ملك صاحبه، لا يجوز لأحد أن يستفيد منه، سواء المرتهن أو غيره، لكن لو كان الرهن يحتاج إلى علف، أو ما شابهه، فللمرتهن أن يستفيد بقدر ما ينفق، ويملك الراهن - أي الذي أعطى الرهن- التصرف في منافع الرهن على وجه لا ضرر فيه على المرتهن، كسكنى الدار، وركوب الدابة، وزراعة الأرض؛ لأنه لم يدخل في العقد، ولا يضر بالمعقود له، فبقي على ملكه وتصرفه، وله أن يستوفي ذلك بالإجارة والإعارة. أما المرتهن - وهو صاحب الدين الذي أعطى الفلوس- فلا حق له في الانتفاع بالرهن؛ لأن هذا الانتفاع يدخل تحت قول العلماء: (كل قرض جر نفعاً فهو ربا) ، فهو بصريح العبارة أعطاه الدين وشرط عليه أن يعطيه كل شهر مبلغ كذا- الذي هو قيمة أجرة الدار- مقابل الدين، وهذا لا يجوز، بل يمكن لصاحب الدار أن يؤجر داره المرهونة لمن يشاء ويأخذ الأجرة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الضمان والكفالة

أخذ الأجرة على الكفالة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 24/7/1422 السؤال: رجل لديه عمال على كفالته، وقد اشترك معهم في استئجار محل (إصلاح بنشر) ، وبعد فترة عرضوا عليه أن يدفعوا له مبلغاً مقطوعاً كل شهر، مقابل أن يخرج من الشراكة، ويصبح المحل لهم فقط. فهل يجوز له أن يوافق على ذلك العرض، ويأخذ مبلغاً مقطوعاً كل شهر؟ علماً أنه شارك في تأسيس المحل بتوفير بعض المستلزمات. الجواب لا يجوز هذا؛ لأن فيه أخذ أجرة على الكفالة، والكفالة من عقود الإحسان والإرفاق، لا يجوز أخذ أجرة عليه، سواء كان نسبةً من الدخل، أم مبلغاً معيناً. كما أن فيه ظلم للعامل، وشبه مقامرة بالنسبة له، وهو نظير زراعة الأرض بجزء معين للمالك مما يخرج من بعضها. وينظر (فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء) فتوى رقم (5405) بتاريخ 30/3/1420هـ وفتوى رقم (11617) بتاريخ 18/12/1408هـ والله أعلم.

ضمان رأس المال في المضاربة!

ضمان رأس المال في المضاربة! المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 19/11/1424هـ السؤال ما حكم الاستثمار العقاري في مؤسسة الراجحي للصيرفة، مع ضمان رأس المال دون ضمان الربح؟ الجواب الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام على من لا نبي بعده-، وبعد: إذا كان الضامن هو نفس المؤسسة التي تتولى إدارة الاستثمار، فهذا التعامل محرم ولا يجوز، وذلك أن المؤسسة تقبض المال من المستثمر وتضمنه له، مع التزامها بإدارة المال وإضافة ما قد يتحقق من ربح إلى رصيد المستثمر بحسب المتفق عليه، وقبض المال مع ضمانه لصاحبه في حقيقته قرض، فإذا انضم لذلك إدارته للمال لتحقيق الربح كان من باب سلف وبيع الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم- حسماً لمادة الربا، كما أنه يدخل في القرض الذي جر نفعاً محرماً، وهو إدارة المال وما قد ينتجه من ربح، وفي كلا الحالين تدخل المعاملة في باب الربا، فالواجب تجنب هذه المعاملة، ونصيحة المؤسسة المذكورة بتجنبها والالتزام بالشرع المطهر، - والله تعالى أعلم-.

زيادة الثمن لأجل الضمان

زيادة الثمن لأجل الضمان المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 9/7/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. ابتلينا في هذا البلد بمسألة الضمان في البضائع الجديدة، بعض الإخوة اشتروا جوالات ودفعوا مبلغاً زائداً لضمان الجوالات واستبدالها، هل هذا جائز؟ وإذا كان غير جائز هل يجوز لهم أن يستبدلوا الجوالات لأن الشركة لن ترجع لهم المبالغ التي دفعوها؟ بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: إذا كان شرط الضمان عند عقد البيع فيجوز للبائع زيادة الثمن من أجل الضمان، وقد قرر الفقهاء أن للشرط قسطاً من الثمن، وكما تجوز الزيادة في الثمن عند تأجيل الثمن، فكذلك تجوز الزيادة في الثمن عند تقديم الضمان أو أي شروط أخرى في العقد، لكن يجب أن يكون اشتراط الضمان عند عقد البيع إذا كان له مقابل من الثمن وليس مستقلاً عنه، كما أن اشتراط الأجل يجب أن يكون عند عقد البيع إذا كان له مقابل من الثمن وليس مستقلاً عنه، وأما الاستبدال فهو جائز إذا كان برضا الطرفين وليس فيه تغرير أو خداع من أحدهما للآخر، والله أعلم.

خدمة ضمان المرتب

خدمة ضمان المرتب المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 14/01/1426هـ السؤال أنا طبيب مقيم في بريطانيا وهناك بعض الشركات تقدم ما يسمى بخدمة ضمان المرتب، وهي كالتالي: يقوم الطبيب أو الموظف بدفع قسط شهري يتناسب مع مرتبه بحيث لو حصل للموظف أي إعاقة أو مرض دائم يمنعه من مواصلة العمل أو فقد عمله فإن هذه الشركة تقوم بدفع مرتبه شهريًّا كما لو كان على رأس العمل. أفتونا في حكم هذه المسألة؟ الجواب خدمة ضمان المرتب شكل من أشكال التأمين التجاري وهو حرام؛ لوجود الجهالة والضرر وربا الفضل أو النسيئة فيه، وهو نوع من أكل أموال الناس بالباطل مادام على صيغته الحالية في كثير من بلدان العالم اليوم، ولا يمكن أن يقال خدمة ضمان المرتب هذه من التأمين التعاوني الحلال المبني على التبرع ونفع الغير من الناس، وإذا كان الدخول في مثل هذا النوع من التأخير (خدمة ضمان المرتب) اختياريًّا فلا يجوز شرعًا الدخول فيه لما ذكر من العلل السابقة. وإن كان الدخول فيه عن طريقة الإجبار والالتزام فأرجو أن لا يكون على فاعله إثم لدخوله تحت مسمى الإكراه في الحديث: "إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ". أخرجه ابن ماجه (2045) . ثم هو من باب الضرورات التي تبيح المحظورات. وإن عوضته الشركة بأكثر مما دفع فلا يجوز له أن يأخذ إلا بقدر ما دفعه فقط؛ لأن أخذ ما زاد على ما دفعه من أكل المال بغير حق وهو حرام قطعًا. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. آمين.

كفالة مقترض الربا

كفالة مقترض الربا المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 24/11/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هناك مؤسسة تعنى بشؤون الإسكان تقدم قروضا لمن يرغب في استكمال إعمار بيته بفائدة قليلة 3% ولمده تزيد على خمس سنوات من باب مصاريف الموظفين، وقد أفتى بعض العلماء هنا بجواز ذلك فهل يجوز لي أن أكفل شخصاً يريد أخذ قرض من هذه المؤسسة؟ الجواب لا يجوز الاقتراض بفائدة ربوية مهما قلت النسبة ولو وزعت على عشرات السنين لأن قليل الربا وكثيره حرام، وتبرير هذه النسبة الربوية على أنها أتعاب ومصاريف للموظفين غير صحيح وإنما ذلك تزيين من الشيطان والنفس أمارة بالسوء ولا أعرف فتوى معتبرة لأهل العلم كما ذكرت في سؤالك، إذ ربما السؤال أو تعليل الجواب على غير هذه الصورة المسؤول عنها هنا. وعلى فرض وقوع هذه الفتوى على هذه الصورة فإنه من الخير لك أن تجتنب الشبهات فتأخذ بالأحوط فيما يخصك لحديث النعمان بن بشير "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" البخاري (52) ، ومسلم (1599) وفي الحديث الصحيح " البر حسن الخلق والإثم ما حاك في النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس" مسلم (2553) وفي الحديث الآخر: "استفت قلبك البر ما اطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك" أحمد (18006) . وعلى هذا فلا يجوز لك أن تكفل شخصاً يتعامل بهذه المعاملة. وصلى الله على نبينا محمد.

تمديد الضمان بمبلغ

تمديد الضمان بمبلغ المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 6/9/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عند شراء جهاز كهربائي على سبيل المثال تمنح الشركة ضماناً لمدة سنة، ويمكن مد فترة الضمان سنة أخرى مقابل مبلغ يدفع للمحل فهل هذا جائز؟ وهناك خدمة أخرى؛ وهي: دفع مبلغ لتمديد فترة الضمان، مقابل استرداد القيمة بالكامل في حال تلف الجهاز، أفيدونا أفادكم الله. الجواب هذا الضمان في حقيقته تأمين على سلامة الجهاز واستمرار صلاحيته فيأخذ حكم التأمين، وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكمه بين مبيح وحاظر، ولكل قول وجه من النظر، فبأي القولين أخذت فلكل مستنده، والله أعلم.

أخذ الأجرة على الكفالة

أخذ الأجرة على الكفالة المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 4/2/1423 السؤال لدي محل تجاري للمواد الغذائية، وقمت بتأجيره للعامل الذي يعمل تحت كفالتي على أن يعطيني مبلغاً نهاية كل شهر، علماً أن يقوم بتسديد كافة مستلزمات المحل من إيجار وخلافه، وعلى أن يعيد لي رأس المال الذي يعود في الأصل لي، وقد قمت بذلك خوفاً من أن يغشني وأن يسرقني، وذلك دون ضغوط مني عليه لقبول ذلك، ولكن بتراضي الطرفين، وفي حالة إذا لاحظ أنه سوف يخسر أو يريد أن يترك العمل لدي أن بإمكانه أن يعيد لي المحل في أي وقت ويعيد رأس المال، هل عملي هذا جائز؟ السلام عليكم. الجواب الحمد لله - يا أخي- صنيعك هذا يتضمن محاذير منها: 01 أنه مخالف للنظام، وهذا لا يحوز. 02 أنه يتضمن أجراً على الكفالة، فإن العامل إذا كان يتحمل أجرة المحل وقيمة البضاعة فإنه لا مقابل لما تأخذه منه شهرياً سوى أنك تكفله، والأجر على الكفالة لا يجوز. وما ذكرته من تراضٍ بينكما لا يجعل الممنوع مشروعاً، فليس كل ممنوع يجوز بالتراضي. ونصيحتي للكفلاء أن يتقوا الله ربهم فلا يظلموا مكفوليهم، وأن يسمعوا ويطيعوا بالمعروف، والله أعلم.

أخذ الأجرة على الكفالة

أخذ الأجرة على الكفالة المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 22/8/1424هـ السؤال أنا شخص لدي مؤسسة تجاريه تعمل في مجال الصيانة، فهل يجوز لي نقل كفالة عمال إلي بحيث انهم يدفعون قيمة نقل الكفالة، ويعملون لحسابهم الخاص، ويعطونني في نهاية كل سنه مبلغاً معيناً من المال، وإذا احتجتهم في مجال عملي -ومن المؤكد أني احتاجهم بإذن الله- فإنهم يقومون بما أنيط بهم مقابل أجر معين، وليس لهم حقوق علي لا راتب شهري، ولا سكن، ولا إعاشة، وهذا هو طلبهم، مع العلم أني سأجعلهم يوقعون على مسير الرواتب في نهاية كل شهر، حتى لا يطالبوني بأي شيء -وهم غير مسلمين-، هل ذلك جائز شرعاً؟ الجواب الأصل فيما ذكر في السؤال الجواز؛ لأن الأصل في العقود الإباحة ما لم تخالف نهياً شرعياً كأن يكون العقد اشتمل على ربا، أو ميسر، أو غرر، أو أكل لأموال الناس بالباطل. لكن هاهنا أمران إن سلمت منهما ففعك جائز ما دام يرضي الجميع: الأمر الأول: النظر إلى النظام الذي نظمه ولاة الأمر في هذا الشأن، فإن كان النظام يمنعه فلا يجوز؛ لأنه مخالفة لقوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" [النساء: 59] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "واسمعوا وأطيعوا، وإن تأمر عليكم عبد حبشي" رواه البخاري (7142) ، فولاة الأمر تجب طاعتهم في المعروف، أي: ما لم يأمروا بمعصية فلا طاعة حينئذ.

الأمر الثاني: إن كان استقدام هؤلاء العمال إلى الجزيرة العربية فلا يجوز؛ لأنهم غير مسلمين واستقدام غير المسلم معصية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان" رواه مالك في الموطأ (1697) ، وقوله: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" رواه البخاري (3168) ، ومسلم (1637) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، فعليك دعوتهم، فإن اهتدوا وإلا استبدلهم بهم مسلمين، والله -تعالى- أعلم.

عقود الصيانة والضمان

عقود الصيانة والضمان المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 3/4/1424هـ السؤال سبق وأن اطلعت على بحث للتأمين للدكتور سامي السويلم، وهناك سؤال حول صورتين من المعاملات وهل هي جائزة أم لا؟ وما البديل الشرعي لها؟ الصورة الأولى: عقود الصيانة، والتي تكون عند حصول الخلل مع أنها مبنية على دراسة التكاليف المتوقعة فيكون الغرر الحاصل يسيراً نوعاً ما. الصورة الثانية: الضمان الذي يكون مع بعض الأجهزة، والذي يزيد في سعر البضاعة؛ بل يختلف السعر باختلاف مواصفات الضمان واختلاف مدته. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: (1) أما ما يتعلق بالضمان الذي يقدم مع الأجهزة، ويزيد السعر بوجوده أو بمواصفاته؛ فلا يظهر ما يمنع منه شرعاً. والقاعدة أن الشرط له قسط من الثمن، وهذا يشمل الضمان وغيره من الشروط، والضمان يجوز اعتباره في الثمن تبعاً للسلعة، وإن كان لا يجوز المعاوضة عليه استقلالاً، وهو سبب تحريم التأمين التجاري. والضمان نظير الأجل: فكما تجوز الزيادة في ثمن السلعة مقابل تأجيل الثمن، تجوز الزيادة مقابل الضمان، وكما لا تجوز المعاوضة على الأجل منفرداً، لأن هذا هو ربا النسيئة المحرم بالإجماع، فكذلك لا تجوز المعاوضة على الضمان منفرداً، لأنه من الغرر المحرم كذلك. فالضمان يجوز اعتباره في الثمن إذا كان تابعاً لسلعة، ولا تجوز المعاوضة عليه استقلالاً. (2) وبذلك يتبين حكم عقد الصيانة، فالضمان الذي تقدمه شركة الصيانة تابع للعمل الذي تقوم به، وهو عمل الصيانة الدورية، وهذه الصيانة الدورية من شأنها أن تقلل من احتمالات وقوع الخلل، ومن ثم تقلل من الحاجة للضمان ابتداء، أما إذا كان عقد الصيانة مجرد ضمان بلا عمل يدرأ الخطر؛ فهو تأمين تجاري بحت.

وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية جواز تضمين الحارس والسجان، وهذا يتضمن جواز الضمان إذا كان تابعاً لعمل يدرأ الخطر، لكن لا دليل فيه على جواز المعاوضة على الضمان استقلالاً، إذ من المتقرر في القواعد أنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً. فيجوز بيع الثمر الذي لم يبد صلاحه تبعاً لأصله ولا يجوز بيعه استقلالاً، ويجوز بيع الجنين في بطن أمه تبعاً لأمه ولا يجوز بيعه استقلالاً، ويجوز بيع مال العبد تبعاً للعبد، ولو كان المال من جنس الثمن ولا يخضع لشروط الصرف، في حين لا تجوز مبادلة المالين استقلالاً إلا بشروط الصرف، إلى غير ذلك من الأمثلة. والله -تعالى- أعلم.

تسديد الضامن لما ضمن

تسديد الضامن لما ضمن المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 7/4/1424هـ السؤال أوصاني صديق لي بالبحث له عن تأشيرة ليتمكن من دخول المملكة للبحث عن عمل، فأخبرني صديق أثق فيه جداً بوجود تأشيرة مناسبة بواسطة قريب له بمبلغ من المال، فاستشرت صديقي فوافق على دفع المبلغ، ونظراً لما يحدث في مثل هذه الأمور أعطيت صديقي بالرياض المبلغ، وأخبرته بأنه هو الضامن الوحيد لي بعد الله سبحانه وتعالى في رد المبلغ إذا لم نحصل على التأشيرة، وسيتم دفعه للمبلغ لكونه ضامناً لي، والضامن غارم، وعلى ضوء ذلك سلمته المبلغ حسب هذا الاتفاق، وبالفعل لم يتم الحصول على التأشيرة، وكان من الطبيعي أن أعود على صديقي لاسترداد المبلغ حسب اتفاقي معه، وكان من الطبيعي أيضاً أن يرجع صديقي على قريبه، فبعد المشاورات اتفق صديقي مع قريبه على أن يسدد قريبه له المبلغ، ولكن على أقساط متباعدة فما رأي فضيلتكم في استردادي للمبلغ من صديقي؟ خاصة وهو يرى أنه لم يأخذ شيئاً، وبالتالي لن يتحمل تسديد المبلغ كاملاً، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام - على من لا نبي بعده: في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الزعيم غارم" حسنه الترمذي (1265) وصححه ابن حبان (5094) ، والزعيم هو الكفيل، أي أنه يغرم مقدار المال الذي كفل المدين به، وإذا كان صديقك قد كفل قريبه بالمبلغ عند عدم حصول التأشيرة فيلزمه سداد المبلغ حتى لو لم يدفع له قريبه شيئاً، والله أعلم.

هل عليه ضمان رأس مال الشركة؟

هل عليه ضمان رأس مال الشركة؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 28/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي مكتب يعمل في مجال بيع وصيانة أجهزة الكمبيوتر، برأس مال محدود جداً، أرباحه تغطي مصاريف المكتب أحياناً، وأحيانا أخرى تكون لا بأس بها، وعرض علي منذ بضعة أشهر أحد الإخوة مبلغاً وقدره 50000 جنيه مصري مشاركة لا مضاربة، وكان ذلك، ومما كان في العقد أن البيع يكون عاجلاً غير آجل، ومر شهران أو ثلاثة، ولم يعجب الشريك بالأرباح اليسيرة التي تحققها الشركة، فأراد فض الشركة، وفي نفس الوقت تقدمت إلي شركة بطلب توريد بضاعة بأكثر من 30000 جنيهٍ، وأخرى بحوالي 8000 جنيهٍ، وقدموا لي الضمانات المطلوبة على أن يكون السداد بعد الاستلام بأسبوع، فوجدتها فرصة لبيع البضاعة، بعد استشارة بعض من في الشركة، وجمع رأس مال الشريك المذكور؛ لأنه كان يسأل عن كيفية رد رأس المال، وفي عجالة يعني دون تأخير بعيد، وكان، وتبين بعد أن الشركات هذه وهمية تعمل في مجال النصب والاحتيال، وقدمت أوراقهم إلى المحامين والبحث عنهم جارٍ، وأخبرت أن مثل هذه الحوادث قلما يتم إرجاع المال منهم، هذا إذا تم القبض عليهم أصلا، أو قام أحد بالبحث عنهم أصلاً، والسؤال: هل أنا ملزم بضمان رأس المال هذا؟ ثم ما العمل إن كنت كذلك؟، وليس لدي ما أسدده منه، ولا أملك سوى شقة متواضعة أسكن بها وأولادي، وإن بعتها لن توفي المبلغ المذكور، ولن أستطيع أن أجد مكاناً آخر، يعني ليس معي ما يمكنني من إيجاد سكن آخر، والله المستعان. -وجزاكم الله خيراً- والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

إذا كان الشريك قد اشترط ألا تباع البضاعة إلا نقداً، وخالف السائل الشرط وباع بأجل ثم خسر، فهو ضامن لنصيب الشريك في البضاعة؛ لأن الله تعالى أمر بالوفاء بالعقود، فمن خالف العقد فهو ضامن لما ترتب عليه من أضرار. وقد ذكر السائل أن العقد نص على أن المعاملة مشاركة وليست مضاربة، أي أن الشريك يصبح بالعقد مالكاً لنسبة مشاعة من موجودات المكتب (والموجودات تتضمن البضاعة والنقد وسائر ممتلكات المكتب) . ويقدر نصيب الشريك بحسب نسبة مساهمته إلى مجموع موجودات المكتب بعد العقد. فإذا فرض مثلاً أن الموجودات قبل دخول الشريك كانت تعادل ثلاثين ألف جنيه، فهذا يعني أن حصة الشريك في المكتب بعد العقد تعادل 62.5% (=50000/80000) . وهذه هي حصته في البضاعة التي خسر المكتب ثمنها حسب المثال المذكور. والواجب على السائل أن يجتهد في سداد حق الشريك بحسب استطاعته، شيئاً فشيئاً بحسب ما يتيسر له. وإذا صدق في ذلك فإن الله –تعالى- سيعينه ويؤدي عنه، لقوله عليه الصلاة والسلام: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" رواه البخاري (2387) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-. وقد يكون السائل في هذه الحالة من الغارمين الذين يستحقون الزكاة لسداد ما لزمهم من الديون وعجزوا عن سدادها. كما يجب على الشريك - إذا كان السائل معسراً - أن ينظره ويرفق به، لقوله جل وعلا: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون" [البقرة: 280] . وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله" رواه مسلم (3014) عن عبادة بن الصامت-رضي الله عنه-.

وأخبر عليه الصلاة والسلام عن رجل ممن كان قبلنا لم يعمل خيراً قط، وكان يداين الناس، فإذا رأى معسراً قال لفتيانه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، قال صلى الله عليه وسلم: "فتجاوز الله عنه"، رواه البخاري (2078) ، ومسلم (1562) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-. وأما بقية رأسمال الشريك فيجب رده، لكن بعد تصفية البضاعة التي اشتريت به، ويفرز نصيب الشريك من ذلك ثم يسلم له. وأما قبل ذلك فيجب على الشريك الانتظار لحين البيع والتصفية. والله -تعالى- أعلم.

تلفت البضاعة فمن يضمنها؟

تلفت البضاعة فمن يضمنها؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 27/4/1423 السؤال أعمل في شركة تصدير إلى الدول العربية من تركيا، نعمل على أساس تلبية طلبات الزبائن، وباتفاق بيننا وبين المصنع نعطي سعر البضاعة للمشتري، بمعنى آخر: نضيف ربحنا ويعطى السعر للزبون من قبل المصنع على هذا الأساس، في إحدى المرات احترقت البضاعة وهي في طريقها لأحد الزبائن، واستدعينا شركة النقل لنعلم ما حدث ومن المسؤول عن الحادث، قدر أن السبب غير معروف، وأن الحادث كان قضاء وقدراً، المشكلة الآن هي من يجب أن يدفع الخسارة؟ وما حكم الإسلام فيها؟ نحن قدرنا أن الخسارة يجب أن تدفعها شركة الشحن، وهذا ما أجبروا على عمله، هل ربحنا من هذا المال حلال أم نقدر كأننا لم نبع شيئاً، ونعطي الربح للشركة الناقلة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: شركة النقل بمثابة الأجير المشترك، وقد أفتى كثير من السلف بتضمين الأجير المشترك، بمعنى أن يكون مسؤولاً عن تلف البضاعة التي بيده، ومنهم من يقول: يكون مسؤولاً عن التلف ما لم يتبيّن أنه لم يفرط أو يتعدى، فالأصل هو الضمان حتى يثبت عدم التفريط، ومنهم من يقول: يكون مسؤولاً في جميع الأحوال (ينظر بحث الدكتور نزيه حماد: مدى صحة تضمين يد الأمانة بالشرط، ضمن كتابه: قضايا فقهية معاصرة، ص 378-387) . كما أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بصحة تضمين الحارس ونحوه. (الاختيارات، دار ابن الجوزي، صـ195) والناقل من هذا الباب. وبناء على ذلك يمكن -والله أعلم- القول بتضمين شركة النقل، ومن ثم تتحمل خسائر تلف البضاعة، خاصة أن الشركة بحسب إفادة السائل لم تُثبت أن الحريق لم يكن بسبب منها، بل كان غير معروف، فيعمل بالأصل وهو الضمان.

وفي هذه الحالة فإن شركة النقل تتحمل قيمة المثل، وقيمة المثل تعادل ثمن البضاعة من المصنع دون ربح المصدّر، وعليه لا تتحمل شركة النقل الربح، بل تقتصر مسؤوليتها على التكلفة. وإذا كانت الشركة قد دفعت ثمن البضاعة مع الربح فينبغي إعادة الربح إليها. والعلم عند الله -تعالى- أولاً وآخراً.

أخذ فائدة سنوية على الضمان

أخذ فائدة سنوية على الضمان المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 03/04/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال كالتالي: أنا عميل (زبون) ، لدى بنك إسلامي، ولي حساب جار فيه، وأتعامل مع شركة إسمنت، وهذه الشركة تريد مني ضمانة بنكية بالمبلغ المراد التعامل به؛ لكي تسهل لي عملية الشراء، البنك يريد 25% من قيمة الضمانة البنكية كوديعة، ويريد أيضاً ضمان ملكية عقار بالقيمة المطلوب ضمانها، ويريد البنك أيضاً مني 1.5% من قيمة الضمانة سنوياً، وذلك مقابل فائدة سنوية على ذلك، وتسمى عندهم (أجور عمال، قيمة أوراق ومطبوعات وغيرها من رسوم المعاملات) هل أخذهم 1.5% فائدة سنوية على الضمانة جائز شرعاً؟ جزاكم الله خيراً. وسدد الله خطاكم على طريق الخير. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فيجوز للبنك اشتراط أجر سنوي مقابل إصدار خطاب الضمان المصرفي، ولو كان الأجر نسبياً (مثل 1.5 % من قيمة الخطاب) ، وذلك بشرط أن يكون مبلغ الضمان مغطى بالكامل من قبل العميل طالب الخطاب سواء كانت التغطية نقدية أو عينية (كالعقار مثلاً) لأن الضمان إنما يحرم أخذ الأجر عليه إذا كان قد يؤول إلى قرض من الضامن للمضمون عنه، وفي الحال التي يكون فيها الضمان مغطى بالكامل من قبل العميل فإن هذا الاحتمال غير وارد، لأن البنك سيقوم بتسديد المستحقات على العميل من رصيده الموجود في البنك لا من مال البنك نفسه. وحسبما ورد في السؤال فإن البنك يشترط على السائل ضمان ملكية عقار بقيمة خطاب الضمان، فإذا كان الأمر كذلك فيجوز دفع الأجور السنوية المشار إليها في السؤال، على أن يكون الاتفاق مع البنك على أنه في حال تعثر العميل في السداد، فيقوم البنك بتسديد تلك المستحقات من قيمة بيع العقار. والله أعلم.

كفالة الأيتام

كفالة الأيتام المجيب د. راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 9/2/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ: حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي كفالة الأيتام؟ نحن نعمل في جمعية خيرية، وأخبرنا المسئول عن قسم الأيتام أنّ أي يتيم لا يلتزم بالبرنامج التربوي سوف تقطع كفالته، ويستبدل بغيره! والبرنامج التربوي هو عبارة عن حفظ بعض سور من القرآن، ودروس في العقيدة والفقه والأخلاق، إضافة إلى الترفيه، نرجو من فضيلتكم إجابتنا عن: 1- ما هي الكفالة المذكورة في الحديث "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" هل هي كفالة المأكل والمشرب والملبس؟ أم كفالة الدين والعلم، أو غير ما ذكر؟، مدعماً بكلام أهل العلم. 2- هل يجوز حرمان اليتيم من الكفالة مع حاجته الماسة لها بسبب أنه لم يلتزم بالبرنامج التربوي؟ نرجو من فضيلتكم التعجيل في الجواب؛ لأنه متعلق بمصير كثير من الأيتام وفقكم الله لما يحب ويرضى. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الكفالة المذكورة هي كفالة المأكل والمشرب والملبس والتربية الحسنة وتعاليم الدين القويم، وكما قال الأول: ليس اليتيم من انتهى أبواه *** من هم الحياة وخلفاه ذليلا إن اليتيم هو الذي يلقى له*** أماً تخلت أو أباً مشغولا فالتربية والتعليم مطلب عظيم، وإلا كانت حياة بهيمية لا قيمة لها.

لا يجوز حرمان الأتيام مع الحاجة؛ لأن الأصل هو بذل الكفاية لليتيم، وهذا أساس إنشاء الجمعية، ووجود البرامج مطلب عظيم والقيام به أمر جلل، لكن حرمان اليتيم فيه مفسدة أعظم من عدم امتثاله للبرامج التوجيهية، ومن ذلك أنه لربما تعرض للهلاك وهي نفس معصومة يجب حفظها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ويقول سبحانه: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة:195] ، ويقول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ولا شك أن أحدنا لا يحب إلقاء نفسه في التهلكة، فكيف نلقي بأبنائنا اليتامى، ثم إن اليتيم إذا تركته الجمعية لربما أصبح عضواً فاسداً في المجتمع بالسرقة بتارة والاحتيال تارة، والتعود على التسول تارة أخرى، فإذا لم تستطع النهوض باليتيم فلا أقل من المحافظة عليه من مهاوي الردى وأصحاب السوء، والمصطادين في الماء العكر ممن يفسدون ولا يصلحون، أسأل الله -تعالى- للإخوة التوفيق والسداد، وأن يعينهم على ما حملوا، وأوصيهم بالصبر والتحمل، وبذل قصارى الجهد، واحتساب الأجر الذي هو على قدر النصب، "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" [العنكبوت:69] . والله أعلم.

الزيادة في ثمن الأجهزة لأجل الضمان

الزيادة في ثمن الأجهزة لأجل الضمان المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 22/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة وبركاته. تعرض كثير من شركات الأجهزة الإلكترونية أجهزتها بسعرين (أو أكثر) سعر بدون ضمان أو كفالة، ... وسعر مع الضمان لمدة محددة، فما حكم هذه الزيادة؟؟ هل تعتبر مثل حكم التأمين الربحي؟ أرجو التوضيح مع الدليل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فهذا الضمان أو الكفالة يراد بها -هنا- صيانة الآلة المباعة، سواء بالعمل والمواد، أو بأحدهما، وهذا من قبيل العقد الذي اجتمع فيه بيع، وشرط، وهو جائز على الصحيح من قولي أهل العلم، لكن لابد أن تعيّن الصيانة -هنا- تعييناً نافياً للجهالة المؤدية إلى النزاع، وكذلك لابد من تبيين المواد إذا كانت على الصائن، كما قرر ذلك مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الحادي عشر. هذا فيما إذا كانت المواد (أو قطع الغيار) مما يتلف بسبب العمل العادي، أو بسبب سوء التشغيل المعتاد المتوقع، أما ما يتلف منها بسبب التشغيل غير المعتاد، أو بسبب الكوارث ونحو ذلك فإن اشتراطه لا يصح. ويدل لجواز العقد المشتمل على بيع وشرط، ما ثبت في صحيح البخاري (2861) ومسلم (109) عن جابر -رضي الله عنه-: "أنه كان يسير على جمل له أعيا، فأراد أن يسيّبه، قال: فلحقني النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي، وضربه، فسار سيراً لم يسر مثله، قال: بعنيه بأوقية، قلت: لا. ثم قال: بعنيه، فبعته بأوقية، واشترطت حملانه إلى أهلي.." الحديث، وهذا دليل على جواز كل شرط يحقق منفعة أحد المتعاقدين ما لم يخالف نصاً من كتاب الله، أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى هذا يجوز شرط الصيانة للمشتري على البائع إذا كان النفع (المترتب على الشرط) معلوماً علماً يدفع الغرر الفاحش عن هذا العقد.

أما إذا كان العقد الواقع على الآلة أو السلعة شاملاً للصيانة بدون شرط من المشتري، فإنه يصح، ولا يضر الغرر الحاصل من الصيانة، وذلك لأن العقد واقع على الجهاز أو الآلة، فهو المقصود بالأصالة، والغرر واقع على الصيانة، وهي تبع، فلا تضر، وقد قرر الفقهاء أنه يغفر تبعاً ما لا يغفر استقلالاً، وقد استدلوا لهذه القاعدة بأدلة كثيرة منها: أنه لا يجوز أن تباع الثمرة التي لم يبد صلاحها مفردة، لما في ذلك من الغرر في المعقود عليه أصالة، ولكن لو بيعت مع أصلها جاز، لحديث ابن عمر-رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: "من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي باعها إلا أن يشترط المبتاع" رواه البخاري (2379) ومسلم (1543) . وكذا لا يجوز بيع الحمل دون أمه؛ لما في ذلك من الغرر، أما بيع الحمل مع أمه فإنه يجوز؛ لأنه تابع لها. وكذا لا يجوز بيع اللبن في الضرع دون الشاة؛ للغرر، ويجوز بيع الشاة مع لبنها؛ لأنه تابع لها، ونظائر هذا كثيرة. وعلى هذا؛ فهذه الزيادة المالية إذا كانت مقابل عمل مضبوط بوصفٍ معين يرفع الجهالة، ويدفع الغرر المتوقع، وبهذا تفارق التأمين، لاسيما أن التأمين التجاري كثيراً ما يكون تعويضاً عن ضرر، فهو مال بمال، وهذا بخلاف الصيانة، فإنها تكون على عمل معين أو على توفير آلة أو جهاز معين. وفرق آخر بين الصيانة المشروطة في العقد وبين التأمين، وهو أن الصيانة -حينئذ- تابعة لعقد كالبيع أو الإجارة، أما التأمين فهو عقد مستقل، وقد قرر أهل العلم أنه يثبت ويجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً، والله أعلم.

حكم هذا الشرط في البيع

حكم هذا الشرط في البيع المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 16/7/1425هـ السؤال يوجد مخططات أراضٍ عندنا لا يوجد عليها صك تملك شرعي، ويتم البيع والشراء فيها بأوراق من أصحاب المخطط أو ممن اشترى منهم، وهذه الأوراق متداولة ومعروفة لدى أصحاب مكاتب العقار هناك، ومن ضمن نصوصها أن المكتب يضمن حقك في تلك الأرض إلا من الدولة أو صاحب صك، فهل يجوز البيع والشراء فيها؟ الجواب الحمد وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: هذه عبارة عن ضمان، على أنه يضمن الأرض إلا من مطالبة الدولة أو صاحب هذه الأرض. فالذي يظهر عدم جواز شراء هذه الأرض؛ لأنها غير مملوكة للبائع بدليل عدم ثبوت الأوراق التي تثبت ملكية هذه الأرض والمعروفة الآن بالصكوك. ولذا هم في شروط البيع ذكروا شرطاً يخرجهم عن مطالبة المشتري بفسح عقد البيع لحين ثبوت أن هذه الأرض مملوكة لشخص بعينه، فلا ينبغي للسائل الإقدام على شراء أرض لا يعلم المالك الحقيقي لها، وهذا الشرط شرط باطل؛ لأنه إذا ثبت أن هذه الأرض مملوكة لغير من باعها فقد تبين أن البائع باع ما لا يملك والنبي -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن بيع ما لا يملك" انظر ما رواه أبو داود (2190) ، والنسائي (4612) .

هل يغرم أجير النقل تلف المنقول؟

هل يغرم أجير النقل تلف المنقول؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 27/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: ناقل البضاعة من مكان إلى آخر بأجر، هل يغرم إذا تلفت البضاعة، ولم يكن هو السبب، كأن يقع حادث، أو سرقت مثلاً. جزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. من استؤجر على نقل البضاعة من مكان إلى آخر فهذا الأجير أمين، والقاعدة في الأمين أنه إن تعدَّى أو فرَّط فإنه يضمن، وإن لم يتعد ولم يفرط فلا ضمان عليه، والتعدي هو فعل ما لا يجوز، والتفريط هو ترك ما يجب، فإن كان ترك شيئاً يجب عليه، أو فعل شيئاً لا يجوز له من مقتضيات الحفظ والنقل، فإنه يضمن، وإلا فلا ضمان عليه.

تلفت بضاعة مستأجر في عمارته، فهل عليه ضمان؟

تلفت بضاعةُ مستأجر في عمارته، فهل عليه ضمان؟ المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 15/05/1425هـ السؤال أثناء عاصفة في إحدى الليالي تضررت بضائع تعود لمستأجر في عمارة أملكها، وقد سرب السقف الماء فتضررت بضائع كثيرة، هل عليّ مسؤولية شرعية لتعويضه عن الضرر؟ الجواب لا يظهر لي أن عليه ضماناً في ذلك؛ إلا إذا كان هذا التسرب نتيجة خلل في البناء وأنه غير محكم، وأن فيه من التقصير والإهمال ما يضر بالمستأجرين، وأنه خفي عليهم ذلك حينما استأجروا، فهذا له وجه في الضمان. أما إن كان أمر البناء محكماً، إلا أن الآثار الطبيعية التي نتجت عنها هذه الخسائر وهذه التلفيات ليس للإنسان أي أثر فيها، بحيث لم يكن في البناء والإشادة تقصير أو ظلم أو إهمال، فإذا كان الأمر كذلك فلا يظهر لي أن الضمان متجه على هذا المؤجر - مالك العمارة-، ولا شك أن هذه المسألة مرجعها إلى القضاء؛ لأن الأمور المالية المتعلقة بالضمانات والتلف ودعوى التقصير والإهمال لا يجوز أن تؤخذ من طرف واحد؛ بل لا بد من اجتماع طرفي النزاع، وينبغي أن يكون ذلك لدى القضاء؛ حتى يكون من القاضي تمحيص الدعوى والإجابة عليها، والبينات المطلوبة من المدعي وإجابة المدعى عليه على هذه البينات، إلى آخر ما هو معروف من الإجراءات القضائية. والله أعلم.

هل يضمن ما تلف من مال المستأجر؟

هل يضمن ما تلف من مال المستأجر؟ المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 24/09/1425هـ السؤال السلام عليكم. أثناء عاصفة في إحدى الليالي تضررت بضائع تعود لمستأجر في عمارة أملكها، وقد سرب السقف الماء فتضررت بضائع كثيرة، هل عليّ مسؤولية شرعية لتعويضه عن الضرر؟ أرجو إرشادي لأنني أحب الحق. وجزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته لا يظهر لي أن عليه ضمانًا في ذلك؛ إلا إذا كان هذا التسرب نتيجة خلل في البناء وأنه غير محكم، وأن فيه من التقصير والإهمال ما يضر بالمستأجرين، وأنه خفي عليهم ذلك حينما استأجروا، فهذا له وجه في الضمان، أما إن كان أمر البناء محكمًا إلا أن الآثار الطبيعية التي نتجت عنها هذه الخسائر وهذه التلفيات، ليس للإنسان أي أثر منها بحيث لم يكن في البناء والإشادة تقصير أو ظلم أو إهمال، فإذا كان الأمر كذلك فلا يظهر لي أن الضمان متجه على هذا المؤجر- مالك العمارة- ولا شك أن هذه المسألة مرجعها إلى القضاء؛ لأن الأمور المالية المتعلقة بالضمانات والتلف، ودعوى التقصير والإهمال لا يجوز أن تؤخذ من طرف واحد؛ بل لا بد من اجتماع طرفي النزاع، وينبغي أن يكون ذلك لدى القضاء حتى يكون من القاضي تمحيص الدعوى والإجابة عليها، والبينات المطلوبة من المدعي وإجابة المدعى عليه على هذه البينات، إلى آخر ما هو معروف من الإجراءات القضائية. والله أعلم.

هل يسقط خيار الرد بالعيب بضمان التلف؟

هل يسقط خيار الرد بالعيب بضمان التلف؟ المجيب د. صالح بن حسن المبعوث عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى وعميد شؤون الطلاب بالجامعة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة التاريخ 02/11/1426هـ السؤال شركة تبيع أجهزة حاسب آلي، وتعطي شهادات ضمان لبعض الأجزاء لمدة محددة. ففي حالة وجود عيب في أي جزء من أجزاء الجهاز، هل يحق للمشتري رد الجهاز بناءً على حق الرد بالعيب، رغم أن الشركة ستقوم بإصلاح العيب أو استبدال الجزء المعيب؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فما ذكره السائل يدخل في باب خيار العيب في الفقه الإسلامي، وهو باب مقيد بالعيوب التي يتم الاتفاق على ضمانها من قبل البائع للمشتري، وفي هذه الحالة التي ذكرها البائع ينبغي معرفة هذه الأجزاء المضمونة من قبل الشركة في ذلك الجهاز، ومدة الضمان، وبناء عليه إذا وجد عيب في تلك الأجزاء المضمونة في المدة المحددة جاز للمشتري رد الجهاز لوجود عيب فيه، والطلب من البائع برد الثمن أو تسليم جهاز آخر لا عيب فيه، لكن إن كان الضمان ينص على إصلاح العيب أو استبدال الجزء المعطوب من الجهاز فقط، وقد وقَّع المشتري على هذا فلا تحق له المطالبة باستبدال الجهاز كاملاً، وإنما يطالب بحقه وفق ما جرى في العقد؛ لأن المؤمنين على شروطهم. وبالله التوفيق.

الحوالة

هل تصح هذه الحوالة؟ المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحوالة التاريخ 05/07/1425هـ السؤال كثير ما نتعامل بحوالة صورتها كالآتي: أذهب إلى محلات الصرف، وأطلب أن يحول لي إلى دبي ألف دولار أمريكي، وبالمقابل أدفع لهم ما يعادلها من الشلن أي عملة البلد، وأحيانًا ينقص مني المبلغ، ويكون عليّ دين أدفعه لاحقاً. ما حكم هذه المعاملة؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: الذي فهمته من السؤال أن السائل يسأل عن حكم حوالة مبلغ بعد صرفه، ولم يسدد كامل المبلغ. فأقول: لا بد أولاً من التصارف الصحيح، وذلك بأن يسلم طالب الحوالة، وهو السائل هنا، كامل المبلغ إلى محل الصرف، ويستلم القيمة بالعملة المطلوبة، وهي الدولار الأمريكي في السؤال، ويقوم القيد في الحساب مقام القبض، ثم تجري الحوالة بعد ذلك. وعليه، فلا بد حين الصرف من قبض المبلغ كاملاً، ولا يصح أن تؤجل جزءاً منه. والله أعلم وأحكم.

هل هذا الصرف من الربا؟

هل هذا الصرف من الربا؟ المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحوالة التاريخ 25/08/1425هـ السؤال أنا تاجر، وأشتري -من عند أحد الصرافين أحياناً- مبالغ من الدولار أو اليورو محولة إلى الصين والهند، وتكون طريقة البيع كالتالي: نتفق على السعر للدولار أو اليورو الواحد مقابل العملة الوطنية (330 أوقية مقابل الدولار الواحد مثلا) أعطيه نصف المبلغ أو أقل منه، ويقوم هو بتحويل المبلغ إلى الدولة المطلوبة، وبعد وصول المبلغ أدفع له الباقي. هل يوجد في هذه العملية ربا؟ الجواب الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: لا بد أولاً من التصارف الصحيح، وذلك بأن يسلم من يريد الحوالة كامل المبلغ إلى محل الصرف أو البنك التجاري، ويستلم القيمة بالعملة المطلوبة، وهي الدولار الأمريكي أو اليورو كما في السؤال. ثم تجري الحوالة بعد ذلك. وقد جعل مجمع الفقه الإسلامي القيد البنكي قبضا. وعليه، فلو سلم طالب الحوالة المبلغ، وقيد البنك ما يقابله بالعملة المطلوبة (وهي الدولار أو اليورو) ، فتعد قبضا، ويصح عقد الصرف. ثم تجري الحوالة بعد ذلك. والله أعلم وأحكم.

شروط صحة الإحالة

شروط صحة الإحالة المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحوالة التاريخ 14/11/1425هـ السؤال ما شروط صحة الإحالة، وهل يسقط الحق عن ذمة المحيل بمجرد الإحالة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا رضي المحال بالحوالة فقد برئت ذمة المحيل ما دام أنه أحال على مليء ورضي المحال بذلك، ولا يسوغ للمحال أن يرجع على المحيل إلا إذا تعذر حصول حقه من المحال عليه؛ لسبب ليس من جهة المحال، بل من جهة المحال عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ". أخرجه البخاري (2287) ومسلم (1564) . فإذا سلك المحال الأسباب الشرعية للحصول على حقه، ولم يستطع، فله الرجوع على المحيل؛ لأن الحق لا يضيع بحال. والله أعلم.

الحجر والإفلاس

له دين على نصراني مفلس المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس التاريخ 26/1/1425هـ السؤال سألني أخ مسلم حديث عهد بإسلام في بلد غربي-حيث أمارس الدعوة- عن دَيْن له عند نصراني أفلس إفلاسًا تامًّا، عرض عليه النصراني أن يدفع له من بضاعة عنده، وهذه البضاعة تتألف من شموع لا تستخدم إلا لأغراض دينية مسيحية وأشياء أخرى من هذا القبيل، فأجبته بأن هذا غير جائز، ولكنني وعدته بأن أرسل لكم هذا السؤال لأنني أثق بعلمكم وأمانتكم وحسن دينكم، فجزاكم الله خير الجزاء وأجزل مثوبتكم. الجواب

لا تصح المعاوضة على محرم بعينه كالخمر ولحم الخنزير والميتة والدم ونحو ذلك، ولا يصح ما كان وسيلة لذلك كآنية لا تستخدم إلا في الخمر ومثله الشموع التي لا تستخدم إلا لأغراض كنسية. وما فعلتَه أو قلتَه في فتواك عن غريمه النصراني فصحيح؛ فجزاك الله خيراً وفقهنا وإياك في الدين؛ فمن شروط المبايعات والمعاوضات عند المسلم أن تكون على حلال لعموم قوله تعالى: "وأحل الله البيع" [البقرة:275] وقوله: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.." [المائدة:2] هذا كله من حيث الأصل جملة، أما من حيث التحديد في سؤالك فيمكن أن تقبلها إذا لم يمكنك الوصول إلى مالك أو شيء منه إلا بها على أن يقوم النصراني ببيعها بنفسه، ثم تأخذ أنت ثمنها، وهذا قياس على قبول الجزية من الكتابي اليهودي أو النصراني أو المجوسي مما يعتقدون حله بينهم وهو محرم عندنا، وهذا مذهب الإمام أحمد بن حنبل وعامة السلف؛ بدليل ما ثبت عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- فيما ذكره أبو عبيد في كتابه الأموال (1/62) وابن القيم الجوزية في كتابه أحكام أهل الذمة (1/357) أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- بلغه أن ناساً يأخذون الجزية من الخنازير، فقال عمر - رضي الله عنه-: "لا تأخذوها منهم ولكن ولوهم بيعها وخذوا أنتم من الثمن". وفقنا الله وإياك إلى ما يحبه ويرضاه ونسأله أن يزيدنا علمًا في الشرع ويثبتنا عليه آمين.

تصرف الطفل في ماله

تصرف الطفل في ماله المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس التاريخ 16/10/1422 السؤال السؤال: في كتاب القواعد الفقهية للشيخ السعدي - رحمه الله - القاعدة السابعة، ذكر أن الطفل دون سن البلوغ لا يحق له التصرف في ماله حتى في الصدقة، ونحن نعوّد أطفالنا على التبرع في أوجه الخير ليتعودوا على بذل الصدقة، ونعطيهم المال في العيد والمناسبات ونترك لهم حرية التصرف في مالهم بدون صرفه في محذور شرعي، فما رأيكم؟. الجواب إذا أعطى الأب ابنه قليلاً من المال وترك له حرية التصرف فيه فيما لا محذور فيه، وشجعه على التبرع ببعضه لمشاريع خيرية من باب تربيته على عدم الشح وحب الخير فهذا لا شيء فيه. وإنما الممنوع لو كان للصبي مال جاءه من إرث ونحوه ووليه غير الأب فلا يجوز تصرف الصبي في ماله في الصدقة ولا غيرها قبل سن الرشد.

صرف المال لغير المسجلين بالجهة الخيرية

صرف المال لغير المسجلين بالجهة الخيرية المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس التاريخ 5/1/1425هـ السؤال هناك شخص يعمل في جهة خيرية، ويأتي أشخاص للتبرع بالمال ليصل إلى الفقراء والمحتاجين، فهل يجوز أن يأخذ من هذا المال ويعطيه لمن هم أشد فقراً وحاجة من المسجلين بالجهة الخيرية؟ الجواب إذا كان هذا الموظف مخولاً بالتحري لأصحاب الحاجات فله ذلك، أما إن كان يرى أن غير المسجلين أو بعضهم أشد حاجة، ويرى تجاوزات فواجبه حينئذ الإرشاد والنصيحة، أما الإرشاد فيرشد المسؤولين عن الجهة الخيرية إلى شدة حاجة هؤلاء المحتاجين، ويلفت النظر إليهم، ويمكن أن يسعى عند أهل الخير والأغنياء لمن يعرفهم من المحتاجين فيحصِّل لهم من غير أموال الجهة المذكورة. وأما النصيحة فينصح من يثق بهم في تلك الجهة عن تلك التجاوزات بلطف وبالموعظة الحسنة، ولا يسوغ له أن يتصرف باجتهاده، وهو غير مفوض؛ لأن ذلك يؤدي إلى الفوضى والاجتهادات ووجهات النظر تختلف، والله أعلم.

تنازل المريض عن ماله

تنازل المريض عن ماله المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس التاريخ 17/5/1423 السؤال بسم الله. توفيت زوجه أبي، وقبل وفاتها تنازلت عن إرثها الذي ورثته من أبي لنا، مع العلم أن لها إخوة، وقد فعلت ذلك؛ لأن إخوتها لم يكونوا يصلونها أو يزورونها حتى في مرضها، وأنها هي التي ربتنا ونعدها هي وأمي كشخص واحد، وعاشت معنا منذ مولدنا، واشتركت في تربيتنا، وتقاسمت المسؤولية مع أمي في تربيتنا، فهل في تنازلها هذا إثم عليها أو علينا؟ والسلام عليكم. الجواب إذا كان تنازلها عن ميراثها في مرضها الذي يخشى منه الموت، فإن هذا التنازل يعد غير صحيح، وما تنازلت عنه يكون لورثتها شرعاً، وأنتم لستم من ورثتها، وإنما يكون لأقاربها الذين يرثونها إذا لم يكن لها أبناء ولا بنات فإن إخوتها يرثونها، وأما إذا كانت تنازلت وهي في صحتها وليست مريضة مرضاً خطيراً أو يخشى منه الموت، فإن تنازلها حينئذ صحيح، وهي تهب مالها من تشاء، وكونها تتنازل عن حقها لكم، وهي في صحتها تنازل صحيح لا شيء فيه لا عليها ولا عليكم.

نزع الدولة لبعض الأراضي المملوكة

نزع الدولة لبعض الأراضي المملوكة المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس التاريخ 3/12/1424هـ السؤال هل نزع الأراضي من المواطنين من قبل الدولة للمصلحة العامة جائز، مثل نزع الأراضي لإقامة البيوت السكنية وغيرها؟ وهل صحيح أنه ثابت في السيرة أن سيدنا عمر - رضي الله عنه- نزع؟ وهل يشترط في النزع موافقة مالك الأرض أو العقار؟ وهل من حق الشخص الذي نزعت منه الأرض أن يطلب المناسب لقيمة الأرض؛ لأن القيمة التي تعطيها الدولة أحياناً لمالك العقار أقل بكثير من القيمة الفعلية للعقار؟. أفتونا مأجورين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نزع الملكية لأجل المرافق العامة مثل الطرق وإجراء الأنهار وغير ذلك من المرافق التي هي لعامة الناس جائز وثابت في السيرة، ولا يشترط في هذا موافقة المالك، لكن يجب أن يعوض بما يساوي قيمة ملكه أو يزيد، وأما نزعها لإقامة مبان لقطاعات خاصة ومصالح خاصة فلا يجوز إلا بموافقة المالك.

تصرف الإمام في أموال المسجد

تصرف الإمام في أموال المسجد المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس التاريخ 1/9/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ حفظه الله: هل يجوز لإمام مسجد أن يتصرف في أموال جمعها جماعة المسجد لإفطار الصائمين في رمضان وما زاد ينفق على مصالح المسجد؟ أن يتصرف بها بإدخالها في بناء بيوت المسجد بغير علم جماعة المسجد، وعندما سئل عنها قال إنه صرفها وسيعيدها، لكن متى لا أحد يعلم. الجواب الأصل ألا يتصرف الإمام في هذا الذي خصص من طرف المانحين أو الواهبين أو المتصدقين لإفطار الصائم، الأصل ألا يتصرف فيه خارج هذا الأصل الذي خصصه له الناس، وإذا فضل عن إفطار الصائمين بحيث لم يوجد أحد يحتاج إليه فلهذا الإمام أن يتصرف فيه إذا كان مفوضاً من الجماعة في صرفه، أما إذا كان موكلاً فقط على إفطار صائم، وليس مفوضاً من طرفهم فلا يجوز له التصرف بحال من الأحوال، أما إذا كان مفوضاً من طرفهم ولم يبق أحد من أهل هذا المصرف فله أن ينفقه في مصالح المسجد؛ لأن ما كان لله جاز صرف بعضه في بعض على خلاف بين العلماء، والكلام لابن سهل المالكي، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً إلى مثل هذا في الأوقاف وبأنه يجوز صرف بعضها على بعض من جهة المصلحة إذا وجدت مصلحة راجحة، لكن بهذه الشروط التي ذكرتها ومنها أن يكون مفوضاً من جهة الجماعة وألا يوجد أحد يحتاج إلى الإفطار من الصائمين، فإذا توفر الشرطان وكان فعلاً يصرفه في مصالح المسجد فله ذلك. والله أعلم.

استخدام مولدات تركتها الأمم المتحدة

استخدام مولدات تركتها الأمم المتحدة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس التاريخ 28/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أعمل كمدير للإدارة في إحدى المنظمات المحلية الحكومية العاملة في برنامج إزالة الألغام في العراق, وبعد رحيل الأمم المتحدة من العراق، بقيت مواد وأجهزة كثيرة في المخازن لا تستخدم في الوقت الحالي وتعتبر فائضاً، السؤال: هل يجوز استعمال ماكينة لتوليد الطاقة الكهربائية التابعة إلى هذه المنظمة الحكومية بغرض توفير الكهرباء للمنزل، بحيث نقوم بعمليات الصيانة والإدامة يومياً؟ والجدير بالذكر أن كل عامل في الفرع الرئيسي للمنظمة قد حصل على خط كهربائي من هذه المولدات وبشكل رسمي أيام تواجد الأمم المتحدة ومتواصل الآن, ومن المعلوم أن العراق يمر بأزمة شديدة من ناحية توفير الطاقة الكهربائية. جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم، يجوز لك استعمال ماكينة من هذه الماكينات التابعة لهذه المنظمة في، سواء كانت هذه المولدات الكهربائية من حكومة العراق سابقاً، أو من المنظمة الدولية ما دامت تعمل في العراق، وأنت أحد موظفيها فيجوز لك ولكل الموظفين في الشركة الاستفادة من الطاقة الكهربائية من هذه المولدات، ما دامت مخزونة ومعطَّلة في المستودعات والشعب بحاجة إليها. والله أعلم.

هل له الحجر على قريبه؟

هل له الحجر على قريبه؟ المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس التاريخ 15/6/1425هـ السؤال أريد أن أتعرف على شروط الحجر، يوجد لي قريب ولا يوجد له وريث إلا أنا، وهو شخص يريد حرماني من جميع أملاكه من مال وأرض، على الرغم من أنني قد بذلت له كل ممكن، ولكن قد كبر به السن وهو عاجز، فهو أعمى، وهرم، وكانت تأتيه حالات من الجنون في شبابه، ولا زالت تأتيه حتى زمن قريب، وحالته الصحية متدنية، ويريد حرماني من إرثه، فهل يحق لي أن أحجر عليه؟ مع العلم أنه قد باع جميع أرضه، ولم يبق له إلا مبلغ من المال يقدر بـ 150000 ريال، وهو ينفقه بشكل خيالي، وأنا ملزم بأن أعتني وأرعاه شرعاً وعرفاً، فهل يحق لي -بناءً على هذا- الحجر عليه؟ أفيدوني، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا يجوز لك بأي حال الحجر عليه، لاسيما أنك لست من أصحاب الفروض، بل أنت عاصب، وما دام ينفقه على نفسه فهذا حلاله، وهو أحق به، وأنت في فعلك محسن، فاحذر أن تسيء إليه بالحجر عليه، ولكن لو اجتهدت في ملاطفته وبعث من يؤثر عليه، واستطعت اقتطاع جزء من المال؛ من أجل مصلحته لا مصلحتك أنت، والله مطلع على النيات، فهنا لا حرج عليك، لكن لا يكون بالحجر عليه، والحجر لا يكون إلا على السفيه المبذر لأمواله في الحرام، أو المجنون الذي لا يحسن التصرف، وعلى كل حال فلا تتصرف إلا تحت نظر القاضي. والله يتولى السرائر.

الحجر على الشيخ الهرم

الحجر على الشيخ الهرم المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس التاريخ 11/10/1425هـ السؤال ما هي شروط الحجر على العجوز الذي بلغ عمره المائة وهو أعمى، وحالته الصحية متردية، وينفق المال؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الحجر على الكبير ليس له شيء معين، ولا يجوز الحجر عليه إلا إذا ثبت أن في عقله خللاً، أما إذا كان عقله معه ويتصرف تصرف العقلاء فليس لأحد كائن من كان أن يحجر عليه إلا في حالة واحدة، وهي ما إذا كان له غرماء يطلبونه ورفض السداد لهم، وخافوا من تبذير أمواله، فهنا يطلبون من القاضي أن يحجر عليه، ويتولى القاضي ذلك ويسدد لغرمائه حسب ديونهم. أما كون الإنسان مريضاً فله أن يتصرف بماله، لكن عطيته في مرض موته المخوف تأخذ أحكام الوصية من حيث الثبوت، ومن حيث عدم تجاوزها الثلث وعدم الوصية لوارث، قال صلى الله عليه وسلم: "الثلث والثلث كثير"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث". والله أعلم.

الوكالة

التصرف في غلة العقارات المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 19/10/1423هـ السؤال صاحب مكتب عقار يقوم بخلط أموال عملائه (غلة العقارات) بأمواله الخاصة في حساب موحد في البنك، ويقوم أحياناً بسحب مبلغ من الحساب زائد عن أمواله الخاصة، وذلك إما لمصروفاته الشخصية أو لاستثمارها لحسابه الخاص، ومتى طلب العميل أمواله دفعها إليه مباشرة من الحساب الموحد، والسؤال: ما حكم استعماله لأموال عملائه دون أخذ الإذن منهم؟ نرجو التفصيل في المسألة قدر الإمكان. الجواب جميع الأموال التي في حساب صاحب هذا المكتب تعد أموالاً لهُ هو، وتصرفه فيها صحيح، وأموال عملائه دين في ذمته يجب عليه سدادها لأصحابها، وعين أمواله التي في البنك لا تصير أموالاً لعملائه حتى يستلموها، وقبل ذلك هي أمواله له زيادتها وعليه نقصها، ولو تلفت لم يذهب حق العملاء بل يبقى ديناً في ذمته، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

أوكل على عملي بمقابل

أوكل على عملي بمقابل المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 20/7/1424هـ السؤال أنا موظف، وفي العمل يسمح لنا بالتوكيل عن العمل الذي يلحقنا، ولكن أحد المسؤولين إذا أراد أحدنا أن يوكل شخصاً ليقوم بعمله يقول له: أعطنا مبلغ ألف ريال، ونضع عنك وكيلاً، وفي الحقيقة هو لا يضع وكيلاً، وإنما يسقط العمل عن هذا الشخص، فما حكم إعطاء المسؤول هذا المبلغ، علماً أن هذا المسؤول ما هو إلا سمسار لرئيسنا في العمل؟ الجواب لا يجوز إعطاء هذا المسؤول أي مبلغ، كما لا يجوز لهذا المسؤول الذي هو الرئيس أن يسمح لأي موظف بالتوكيل عن العمل لا بمقابل ولا بدون مقابل، وعلى الموظفين أن يقوموا بعملهم المنوط بهم، ولا يجوز لهم توكيل غيرهم للقيام بعملهم، ورئيسكم لا يملك هذا التصرف، وإنما الذي يملكه رئيس الدولة الأعلى، ولا شك أنه لا يرضى بما ذكر بالسؤال، فعلى الجميع تقوى الله ومراقبته وتأدية أعمالهم بأنفسهم حسب ما هو مطلوب منهم، والله أعلم.

استثمار الوكيل لأموال الورثة

استثمار الوكيل لأموال الورثة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 26/6/1423 السؤال أنا الوكيل الشرعي لإخوتي على أموالهم العائدة من الإرث، هل يحق لي استثمار هذه الأموال في مشروع كشراء أرض مثلاً لهم؟ الجواب نعم ولي القصَّر من الأيتام ونحوهم، عليه أن يجتهد في حفظ أموالهم، وعدم التفريط فيها أو التعدي عليها، ومِنْ حفظها السعي في تنميتها لكن بالطرق المأمونة التي لا خطر فيها، والذي يظهر أن استثمارها بشراء أراض لها مستقبل من أحسن طرق التجارة لتنمية المال، وإذا فعل الولي ذلك محتسباً كان له أجر إحسانه، والله -تعالى- لا يضيع أجر من أحسن عملا، وقال -سبحانه-: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن" [الأنعام:152] [الإسراء:34] . فيجب على ولي اليتيم ألا يتصرف في مال موليه إلا بما فيه الخيرة له، والأنفع له، والله أعلم.

بيع بضاعة الدعاية

بيع بضاعة الدعاية المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 1/6/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن شركة استيراد مواد غذائية من الخارج, ترسل لنا الشركة المصدرة بعض النماذج للدعاية، وأحياناً تكون كثيرةً تصلح للبيع، وكثيراً ما تتحمل شركتنا مصاريف غير متوقعة، وغير محسوبة من ضمن التكلفة، فهل يجوز لنا أن نبيع هذه النماذج التي هي أصلاً مرسلة لنا؛ لتوزيعها على الزبائن من أجل ترويج البضاعة؛ وذلك لتغطية وتعويض المصاريف غير المتوقعة التي تحملتها شركتنا؟.وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أنتم وكلاء مؤتمنون على ما وكلتم به، والوكيل في عُرف الشارع مؤتمن، يجب عليه أداء الأمانة على الوجه الذي تم توكيله فيه، وعليه فإذا تم توكيلكم من شركة أو شخص بتوزيع بضاعة أو طعام - مثلاً - وجب عليكم أن تقوموا بذلك؛ فبيعكم لهذا واستيلاؤكم على هذا المال هو في الحقيقة خيانة للأمانة من جهة، واستيلاء على أموال الناس المستهلكين بغير حق.

هل لها أن توكل زوج خالتها لعقد نكاحها؟

هل لها أن توكل زوج خالتها لعقد نكاحها؟ المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 27/12/1425هـ السؤال أنا فتاة، أبلغ من العمر 25 عاماً، والدي متوفى منذ 15 عاماً، ولسنا على علاقة جيدة مع أعمامي بسبب مشاكل في الميراث، ولا نتكلم معهم منذ أن توفي والدي، وبدأ زوج خالتي برعايتي معنوياً ومادياً، وأنا على وشك الزواج، وأريد أن أوكله هو؛ لأنه بمثابة أبي, يوجد لي خال لكنه بعيد عنا منذ زواجه، فهل يجوز أن أوكل زوج خالتي بدل من عمي أو خالي؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كانت وكالتك لزوج خالتك تتعلق بقضاء حوائجك المادية المالية من البيع والشراء وتحصيل نصيبك من تركة والدك والقبض والتسليم والإقرار، وإقامة الدعوى والرد عليها، والصلح، والإجازة، ومراجعة الدوائر الحكومية ونحو ذلك، فلا بأس به، فلك توكيله أو غيره فيما سبق ونحوه. أما إن كان قصدك بالتوكيل أن يتولى عقد نكاحك على زوجك فلا يصح ذلك إن لم يكن وصياً من أبيك، فإن زوج خالتك رجل أجنبي عنك، فليس له ولاية على المرأة في النكاح، وكذلك خالك أخو أمك، فهو من ذوي الأرحام، فإن الذي يتولى عقد نكاح المرأة عصبتها الأقرب فالأقرب، وأول الأولياء أبو المرأة ثم وصيه ثم جدها لأب وإن علا، ثم ابنها، ثم بنوه وإن نزلوا، ثم أخوها الشقيق، ثم أخوها لأب، ثم ابن أخيها الشقيق، ثم ابن أخيها لأب، ثم عمها الشقيق، ثم عمها لأب، ثم ابن العم الشقيق، ثم ابن العم لأب، ثم الأقرب عصبته نسباً كما في الإرث إلخ ... إلا إن كان الولي الأقرب عاضلاً أو لم يكن أهلاً للولاية لسفه أو جنون أو صغر، أو لاختلاف الدين أو غاب غيبة مقطعة لا تقطع إلا بكلفة ومشقة زوج الولي الأبعد.

فإن وكِّل الولي القريب رجلاً آخر سواء كان قريباً كالخال وابنه مثلاً أو لم يكن من ذوي القرابة في تولي نكاح موليته صحت وكالته في ذلك وجاز له تولي النكاح بالإيجاب وكالة عن الولي. والله -تعالى- أعلم.

صرف التبرعات في غير ما وجهت له

صرف التبرعات في غير ما وجهت له المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 18/1/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم هل يجوز للأمير أو لمدير مركز إسلامي أو مدير هيئة إغاثة خيرية صرف مال أو جزء من هذا المال الذي جمع لجهة معينة مسماة عند جمع التبرعات لجهة أخرى يرى هو المصلحة في ذلك, وبدون إعلان عن هذا التصرف ليعلم به المتبرعون ولو من باب العلم فقط لا السؤال والاستئذان؟ أم أنه يجب أن يستأذنهم في ذلك؟ وما الحكم إذا تعذر الاستئذان لانصراف المتبرعين وعدم معرفة من تبرع وبكم تبرع، فهل يجوز للأمير أو المسؤول التصرف في المال في غير وجهته الأصلية حسب تقديره للمصلحة الأكثر إلحاحاً وحاجة؟ وما الحكم إذا تعذر إيصال هذا المال إلى الجهة التي جمع لها وتعذر إعادته إلى المتبرعين وإذا تعذر استئذانهم فيه؟. الجواب المال الذي جمع في هيئة إغاثة أو مركز إسلامي أو غيره لا يخلو من ثلاثة أحوال: الأول: أن يكون زكاة مال فيصرف في مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في سورة التوبة لا يجوز صرفه في غيرها مطلقاً. الثاني: أن يكون صدقة نافلة ولم يعين المتصدق لها مصرفاً بل فوَّض القائمين على الجهة الخيرية في ذلك ليجعلوها في موضع الحاجة فلهم حينئذ أن يجعلوها حيث رأوا المصلحة بحسب اجتهادهم.

الثالث: أن يكون صدقة نافلة ويعين المتصدق أو المتبرع جهة الصرف فيجب أن يصرف في الجهة التي عينها المتبرع، فإن تعذر ذلك لاكتفاء تلك الجهة أو عدمها فيرجع إلى المتبرع لأخذ إذنه أو توجيهه، فإن تعذّر ذلك فالأولى أن تصرف في جهة هي أقرب إلى الجهة التي عينها المتبرع وإذا لم يتيسر ذلك فأرى أنه لا حرج إن شاء الله بعد اجتهاد المسؤول في محاولة مراجعة المتبرع والصرف في الجهة التي عينها، لا حرج في صرف المال حيث تكون الحاجة وكثرة الثواب للمتصدق، لقوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] مع النصح للمتصدق بطلب الجهة التي يظن أنها أكثر ثواباً لا بالهوى والتشهي. والله الموفق.

التوكيل والزيادة في السعر

التوكيل والزيادة في السعر المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 26/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أجيد التعامل مع الكمبيوتر، ولذلك يطلب مني بعض الأشخاص شراء أجهزة لهم وأطلب منهم مثلاً (2500) وأشتريه بـ (2000) أي أكسب خمسمائة ريال في الجهاز، وأنا أقول لهم في البداية سعره كذا وهم موافقون على ذلك وليست بيننا شروط، فما الحكم في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا العمل لا يجوز إلا إذا كنت نصبت نفسك لبيع الكمبيوترات والناس يعرفون أنك تأخذ زيادة، أما كونهم يوكلونك على أن تشتري لهم ثم تأخذ زيادة دون أن تخبرهم فهذا لا يجوز، فالوكيل لا يجوز له أن يأخذ شيئاً إلا بإذن الموكِّل، فلابد أن تخبرهم وأن تعلمهم أنك تأخذ عمولة على عملك وأتعابك.

عمولة الوكيل بين البائع والمشتري

عمولة الوكيل بين البائع والمشتري المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 6/3/1425هـ السؤال: لدي مكتب في إحدى دول الشرق وظيفته كوكيل بين البائع والمشتري، يأتي المشتري من أي دولة، فأساعده على الشراء والشحن، ومقابل هذا عمولة متفق عليها، هل هذه العمولة حلال أم حرام؟ لو أخذت من المصنع عمولة بعد كتابة العقد وموافقة المشتري عليه، لكن هذه العمولة بدون علم المشتري؟ - جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: ما تأخذه من عمولة هذه أجرة سمسرة ودلالة، وهذه الأجرة جائزة في الأصل؛ لقوله الله - عز وجل-: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] ، وأيضاً قول الله - عز وجل-: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:275] ، وأيضاً قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم" رواه الترمذي (1352) وأبو داود (3594) وغيرهما من حديث عمرو بن عوف المرني - رضي الله عنه - إلا إذا تضمن ذلك محذوراً شرعياً، كمخالفة نظام يضربه أهل البلد، أو نظام يكون عليه المتعاقدان البائع والمشتري....إلخ، المهم إن كان هناك مخالفة لما تعارف عليه المتعاقدان، أو اتفق عليه المتعاقدان، أو ما تُعورف عليه في ذلك البلد، وأنه ليس له أن يأخذ عمولة من المصنع إذا أخذ عُمولة من المشتري، وهكذا، فإنه لا يجوز، أما إذا لم يكن شيء من ذلك فالأصل في ذلك الإباحة.

التوكيل والمحاماة

التوكيل والمحاماة المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 9/2/1425هـ السؤال متى يجوز للمحامي التوكيل عن المتهم، ومتى لا يجوز له ذلك؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل في مهنة المحاماة الجواز؛ لأنها من قبيل الوكالة المجمع على جوازها, لكن بشرط أن لا تتضمن ظلما: إما بإقرار غير شرع الله، أو بتبرئة من يعلم جرمه أو يغلب على ظنه ذلك، أو بأخذ حق مظلوم بنوع من التحايل أو استخدام الألفاظ والأساليب الموهمة أمام القاضي، فمن المحامين من يعلم أن موكله ظالم، لكن يريد الانتصار له على خصمه؛ طمعا في المال أو محبة للانتصار، وربما غلب بالحجة وقضى له القاضي على نحو ما ظهر له، فلا يظن أحد أن حكم القاضي يحل الحرام أو يحرم الحلال؛ لأن القاضي ليس له إلا الظاهر بما يسمع من الخصمين، وأما الباطن فهو إلى الله، هو الذي يحكم به يوم تبلى السرائر, قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار" البخاري (2680) ، ومسلم (1713) . والله أعلم.

بيع شيكات السداد

بيع شيكات السداد المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 07/09/1425هـ السؤال تطالب الجوازات مراجعيها بسداد قيمة الإقامات وجوازات السفر لدى موظف البنك المنتدب لديها، ولا يقبل السداد في غير مقر الجوازات، مما سبب ازدحاما، وطابوراً طويلاً قد تطول مدة الانتظار إلى ما يقارب الساعة، فاستغل ذلك بعض كتاب المعاريض، فيطلبون من المراجع دفع 630 ريالاً قيمة شيك السداد، مع العلم أن قيمته لدى البنك600، وقد قال بعض المراجعين بأنه من قبيل بيع نقد بنقد. فهل هو كذلك؟ وما حكم تلك الزيادة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ليس على هذا المبلغ زكاة؛ لأن المال المشترك ليس فيه زكاة إلا إذا كان من بهيمة الأنعام بشروط خاصة، أو كان شركة ويعلم كل شريكٍ قدر ماله، أما في هذه الحال فنصيب كل شريك مجهول، ثم أيضًا جمع هذا المال من باب الصدقة والتعاون على البر والتقوى، فلا زكاة فيه فيما يظهر لي. والله أعلم.

هل هذه السمسرة جائزة

هل هذه السمسرة جائزة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 8/6/1425هـ السؤال هناك كمية حديد لدى شخص، ولديه وكيل، وأنا أتعامل مع الوكيل، حيث أتيت بمشترٍ لهذا الحديد، وثمن الحديد خمسون مليون ريال، فالوكيل طلب شيكاً لصاحب الحديد بـ 25 مليون ريال، وله عشرة ملايين، وللسعاة الذين عددهم يتراوح بين 15 إلى عشرين شخصاً 15 مليوناً، وأنا أعتبر واحداً من هؤلاء السعاة، فهل أخذي ثمن سعيي في هذا الأمر جائز، أم علي إثم؟ أم الإثم كله يقع على الوكيل؟ وللمعلومية لا أستطيع التعامل مباشرة مع صاحب الحديد، بل يمكنني التعامل مع الوكيل فقط. أفتونا؛ مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:

إذا كان صاحب الحديد قد فوَّض وكيله بأن يبيع الحديد بمبلغ محدد، وما زاد فهو له فباعه الوكيل فالزيادة للوكيل جائزة حسب الشرط بينهما؛ لحديث: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً" رواه الترمذي (1352) ، وابن ماجة (2353) من حديث عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه-، وإذا جاز للوكيل جاز للسماسرة الذين جلبوا له المشتري، أما إذا كان المالك للحديد لم يعط لوكيله ما زاد عن السعر الذي حدده له فباعه الوكيل بأكثر مما حدده له فلا يجوز له حينئذ أخذ هذه الزيادة، وإذا لم تجز للوكيل فلا تجوز للسماسرة من باب أولى؛ لتواطؤهم مع الوكيل على شرط أحل حراماً، وهو أكل مال الغير (المالك) بالباطل، وما بني على الباطل فهو باطل، والله يقول: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتُدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" [البقرة: 188] ، وفي الحديث: "لا يربو لحمٌ نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" رواه الترمذي (614) ، وغيره من حديث كعب بن عجرة-رضي الله عنه-، فلا يجوز لك أخذ مبلغ مليون ريال لعملك سمساراً للوكيل؛ لأنه إعانة على الإثم والعدوان؛ والله يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب" [المائدة: 2] ، والرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) ، والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي-رضي الله عنهما-، وقال صلى الله عليه وسلم: "والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس" رواه مسلم (2553) من حديث النواس بن سمعان-رضي الله عنه-، ولا أظن الأمر عندك إلا كذلك. والله أعلم.

وكالة اللجان الخيرية على الصدقات

وكالة اللجان الخيرية على الصدقات المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة التاريخ 17/10/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ هاني الجبير- حفظه الله تعالى: هل اللجان الخيرية وكيلة عن صارفها (المزكي والمتصدق) ؟ أم وكيلة عن مستحقها؟ ومحل الإشكال في الآتي: 1-متى تبرأ ذمة المزكي؟ هل بوقت دفعها لهم أم بوقت صرفها لمستحقها؟ 2- وهل يجوز وضع جدول زمني لصرفها لمستحقيها خلال العام، لكل شهر عدد معين؟ 3- وهل يجوز استثمار أموال الصدقات والزكوات؟ 4- وهل يجوز قبض زكاة الفطر في وقت لا يسع صرفها فيه؟ كقبيل تكبيرة الإحرام في صلاة العيد؟ 5- وهل يفرق في ذلك بين اللجان المرخصة من قبل (الحكومة) ، وغير المرخصة؟ وهل هي وكيلة عنها في القبض، كجباة للزكاة للإمام؟ وهل يستحق العاملون فيها من مصرف (والعاملين عليها) ؟ أفتونا بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فاللجان والمؤسسات الخيرية بمثابة الوكيل عن المتبرع والمزكي، ولا تكون وكيلة عن المستحقين ممن تبذل لهم التبرعات إلا إذا وكلوها، وهذا ظاهر؛ إذ إعطاء المتبرع المال لهم توكيل لهم في صرفه، وأما الفقراء والمستحقون فلم يوكلوها، ولذا تقوم بعض الهيئات بأخذ توكيل شفهي أو كتابي من المستحقين المسجلين لديها لتتمكن من قبض زكاة الفطر إلى انتهاء وقتها. 1- وأما سؤالك عن براءة ذمة المزكي فهي حاصلة بمجرد بذله لزكاته إلى وكيل ثقة عارف بما يجب عليه نحو الزكاة.

2- ووضع جدول زمني لصرف الزكاة على المستحقين خلال العام الأصل فيه عدم الجواز بل تبذل الزكاة ما دام المستحق موجودًا ويعطى الواحد ما يكفيه عامًا كاملاً، إلا إذا كان مستحق الزكاة لا يحسن التصرف في المال أو يبذله في الحرام، فلا حرج في تقسيط الزكاة عليه أو إعطاؤه إياها على شكل أعيان يحتاجها، أو كانت المؤسسة لا تتمكن من صرف المبالغ دفعة واحدة لكثرة المستحقين، فترتب حضورهم لديها، مع استشعار أن يكون التصرف لمصلحة، لا لأجل إظهار نشاط المؤسسة، فبكثرة من يحضر لها من المحتاجين والله المستعان. 3- استثمار أموال الزكاة لا يجوز، بل الواجب صرفها مباشرة في مستحقيها، فإن لم تجد المؤسسة أو الهيئة مستحقين للزكاة فإنه لا يجوز لها أن تستقبل الزكاة من المتبرعين. وأما أموال الصدقات والتبرعات العامة فلا حرج في استثمارها؛ لما فيه مصلحة وزيادة نفع، وقد أخرج البيهقي في سننه (4/114) ، عن قيس بن أبي حازم، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء (أي ضخمة) فسأل عنها، فقال المصدِّق: إني ارتجعتها بإبل. فسكت، ومعنى ارتجاعها أن يشتريها بثمن حصل عليه من بيع مثلها، فهنا تصرف المصدِّق وهو عامل الصدقة بما فيه المصلحة والنفع؛ إذ الواحدة أسهل في النقل، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أصل جواز التصرف في المال بما فيه مصلحة. وليس الحال كذلك في الزكاة؛ لأنه لا يجوز تأخيرها إن دفعت للمؤسسات الخيرية، أما لو أعطاها الإنسان لولي الأمر فقد برئت ذمته ولو كان جائرًا، قال أبو صالح: سألت سعد بن أبي وقاص وابن عمر وجابرًا وأبا سعيد وأبا هريرة، رضي الله عنهم، فقلت: هذا السلطان يصنع ما ترون، أفأدفع إليه زكاتي؟ فقالوا كلهم- رضي الله عنهم: نعم. وروي ذلك عن غيرهم. انظر المصنف لعبد الرزاق (4/48) ، ولابن أبي شيبة (3/223) .

4- ولا يجوز قبض زكاة الفطر في وقت لا يكفي قابضها من صرفها إلا إذا كان وكيلاً عن مستحقها. 5- ولافرق في جميع ذلك بين لجنة مرخصة من ولي الأمر أو لجنة لا تحمل ترخيصًا أو فرد يستقبل الزكاة إلا إذا وضع ولي الأمر عمالاً يجمعون الزكاة، فهؤلاء تدفع لهم الزكاة مطلقًا ولو غير عدول؛ لأن الإمام نائب عن المستحقين، والعامل الذي يستحق من مصرف العاملين على الزكاة هو الذي يعينه ولي الأمر لجمع الزكاة، وأما اللجان الخيرية فليست من هذا الصنف، ولا يجوز لها أن تبذل شيئًا من الزكاة لأفرادها إلا إذا كانوا مستحقين لها. والله تعالى أعلم.

الشركة وأنواعها

حكم الصندوق الاستثماري التعاوني المغلق المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 10/8/1422 السؤال نحن مجموعة من الأشخاص مشتركون في صندوق تعاوني استثماري مغلق (أي لا يحق لغيرنا الاستفادة من الصندوق إلا عن طريق أحد الأعضاء المشاركين في الصندوق) وكل منا مشارك بسهم أو أكثر، ويدار الصندوق عن طريق هيئة إدارية لها 10% من الأرباح، وكذلك فإن كل عضو يأتي بعملية تجارية فإن له 3% من أرباح هذه العملية، والصندوق غير ملزم بإتمام أي عملية تجارية لأي عضو ويكون القرار بيد الهيئة الإدارية. ونقوم بشراء وبيع العقارات والسيارات والأثاث نقداً وبالتقسيط، بحيث يقوم من يرغب في شراء أي سلعة بتعيين السلعة فيشتريها الصندوق عن طريق أحد أعضائه ثم يعرضها على الراغب في الشراء فإن كانت رغبة الشراء ما زالت قائمة لديه حدد للسلعة سعراً ويتفق الصندوق مع المشتري على طريقة الدفع، ولنا عدد من الأسئلة نرجو من فضيلتكم الإجابة عليها جزاكم الله خيراً. س1. ما حكم إقامة مثل هذا النوع من الصناديق من الناحية الشرعية؟ س2. هل يحق لأي عضو راغب في شراء سلعة أن يأخذ نسبة 3% التي وضعها الصندوق لكل من أتى بعملية تجارية للصندوق؟ س3. هل يجوز للصندوق أن يشتري السلعة باسم العضو الراغب في شرائها أصلاً بصفته ممثلاً للصندوق ومن ثم يبيعها الصندوق عليه بالتقسيط؟ س4. إذا اشترى الصندوق سلعة يمكن نقلها كالسيارات والأثاث، هل يجوز له بيعها قبل أن يخرجها من عند البائع الأول بالرغم من أنه قد دفع قيمتها وأكمل جميع إجراءات البيع القانونية؟ الجواب جواب السؤال الأول: الذي يظهر هو جواز هذا النوع من الاستثمار - بالصورة هذه -، وهو في حقيقته شركةٌ، وإنْ سمّي صندوقاً استثمارياً تعاونياً.

جواب السؤال الثاني: نعم، يحق لأي عضو يرغب في شراء سلعة من الشركة نفسها أن يأخذ هذه النسبة لتحقق الشرط (المتفق عليه) فيه. جواب السؤال الثالث: نعم، يجوز للصندوق ذلك؛ لأن ذلك العضو (الذي سُجلت السلعة باسمه) إنما هو وكيل عن الصندوق في الشراء، وتسجيل السلعة باسم هذا العضو لا يعني انفراده بملكيتها، وإنما هي إجراءات نظامية لإثبات الملكية وحماية الحقوق. وعليه فيجوز للصندوق أن يبيعها عليه بالتقسيط بعد تملُّكه وقبضه. جواب الرابع: إذا اشترى الصندوق سلعةً مما يُنقل - كالسيارات، والأثاث - فلا يجوز له أن يبيعها حتى يقبضَها، وإنْ تمّ البيع واستوفى البائع الثمن، وقبضُ هذه المنقولات يكون بنقلها. والدليل على تحريم بيع السلعة قبل قبضها حديث ابن عباس - رضى الله عنه - أن النبي r قال: (من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه) قال ابن عباس - رضى الله عنه - وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام. أخرجه البخاري في البيوع / باب بيع الطعام قبل أن يُقبض (2135) ، ومسلم في البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (1525) . وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قد رأيت الناس في عهد رسول الله r إذا ابتاعوا الطعام جُزافاً يُضربون في أن يبيعوه في مكانهم ذلك حتى يؤووه إلى رحالهم. أخرجه البخاري في البيوع (2137) . ويقاس على الطعام في ذلك (أي في تحريم بيعه حتى يقبضه) كل ما يباع مطلقاً في القول الراجح، وهو مذهب ابن عباس - رضي الله عنه - وجماعة من السلف والخلف، منهم ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين وآخرون.

وعلة النهي عن ذلك ما ذكره ابن القيم (تهذيب سنن أبي داوود - المطبوع في ذيل عون المعبود 9/388) حيث قال: "فالمأخذ الصحيح في المسألة: أن النهي معلل بعدم تمام الاستيلاء وعدم انقطاع علاقة البائع عنه، فإنه يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه، ويغره الربح وتضيق عينه منه، وربما أفضى إلى التحيل على الفسخ ولو ظلماً وإلى الخصام والمعاداة، والواقع شاهد بهذا. فمن محاسن الشريعة الكاملة الحكيمة منع المشتري من التصرف فيه حتى يتم استيلاؤه عليه، وينقطع عن البائع وينفطم عنه، لا يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض، وهذا من المصالح التي لا يهملها الشارع، حتى إن من لا خبرة له من التجار بالشرع يتحرى ذلك ويقصده لما في ظنه من المصلحة وسد باب المفسدة" أ. هـ.

تسليم المحل إلى عامل

تسليم المحل إلى عامل المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 22/7/1422 السؤال ما حكم استقدام عامل وتسليمه محلا تجارياً مقابل دفع مبلغ مقطوع شهرياً وما زاد فهو له؟ الجواب استقدام عامل وتسليمه محلاً فيه بضاعة على أن يدفع مبلغاَ فما زاد فهو له لا يظهر لي جوازه، لما فيه من الجهالة المفضية إلى الغرر والنزاع، فقد لا يحصل على هذا المبلغ فمن أين يؤدي؟ وقد يحصل على أكثر من ذلك بكثير فيطمع صاحب المحل … وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن المساقاة على شيء معين، وأرشد إلى التعامل بالجزء الشائع كالنصف والربع ونحوه، لما فيه من حقيقة المشاركة بين الطرفين في المغنم والمغرم فعليك أن تتفق معه على نسبة معينة من الربح حتى تكون المعاملة صحيحة.

اشتراط الربح في الشراكة

اشتراط الربح في الشراكة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 22/7/1422 السؤال لدي محل تجاري ويدر ربحاً جيداً وكلفني مبلغاً ليس بالقليل وبالجهد الكثير، أرادت والدتي أن تشاركني فيه بالنصف، وقلت لها لكن بشرط أن يكون لك ريع شهري لا ينقص ولا يزيد، وأنا أتكفل بمتابعة هذا النشاط التجاري لوحدي، مع العلم أن الربح يكون عادة يتجاوز ما أعطيه لوالدتي بأربع أو خمس أضعاف، هل هذا العمل جائز؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب لا يجوز لك أن تشترط لشريكك ربحاً بدراهم معلومة (مقطوعة) لا تنقص ولا تزيد، وتبطل الشركة بذلك، وإنما يجوز لك أن تشترط لها جزءاً مشاعاً من الربح يزيد كلما زاد الربح وينقص بنقصان الربح كالربع والثمن والعشر ونحوها. قال ابن المنذر " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض - يعني المضاربة- إذا جعل أحدهما - أي الشريكين - لنفسه دراهم معلومة ".

تصنيع مستحضرات الدم

تصنيع مستحضرات الدم المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 5/10/1424هـ السؤال تزمع إحدى الشركات للتقنية الحيوية المحدودة إقامة مشروع لتصنيع مستحضرات الدم، ونظراً لما أثبتته الدراسات الفنية والاستقصاءات الميدانية من وجود حاجة ماسة إلى تلك المستحضرات، وكذلك ضرورة مبادرة أفراد المجتمع للتبرع بالدم مع تقديم بعض الحوافز المناسبة لهم من مراكز الدم، فإن الشركة تتوجه إلى فضيلتكم برغبتها في الحصول على رأي فقهي صريح حول قضية التبرع بالدم من حيث جمعه، ونقله، والتعويض عنه، ومناشدة العامة لبذله، من أجل إعادة تصنيعه للمرضى المحتاجين وتوفير الفصائل المختلفة منه، خاصة النادرة منها، حتى تكون الشركة ومن يتعاونون معها على بينة من موقف الشرع الشريف حيال تلك القضية، أثابكم الله عنا وعن المسلمين كل خير. وتقبلوا خالص التحيات والتقدير. الجواب إذا كانت هذه الشركة قائمة على أساس تصنيع مستحضرات الدم فلا بد من مراعاة الضوابط الشرعية في هذا المجال، وأهمها عدم بذل العوض في شراء الدم إلا عند الضرورة؛ بحيث تصبح حاجة الناس ماسة إلى الدم لحفظ حياتهم، ولا أحد يبذله إلا بمال، فيجوز دفع المال في هذه الحالة لدفع حالة الضرورة فقط. أما بالنسبة لبيعه فالأمر كذلك لا يحل، فليس للإنسان أن يبيع الدم لأنه عضو من أعضائه، ولنجاسته عند أكثر أهل العلم، وليس محلاً للبيع، لكن لا بأس بالتبرع به، وله بذلك الأجر إن قصد به نفع المسلمين، وكان لا مضرة عليه بهذا التبرع، أما إعطاء الحوافز للمتبرعين بالدم فأرجو ألا يكون به بأس، على ألا تكون ثمناً للدم، بل حثاً للآخرين على التبرع، ويكون ذلك على شكل شهادات أو هدايا رمزية دون المال، والله أعلم.

عقود شركة المضاربة

عقود شركة المضاربة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 4/12/1422 السؤال ما الطريقة الصحيحة للمضاربة الشرعية؟ وهل الاتفاق يشمل الربح والخسارة أم يكون على الربح فقط؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب صورة المضاربة الشرعية هي: أن يدفع شخص إلى آخر مالاً ليتجر فيه، ويكون الربح بينهما على ما يتفقان عليه. وهي جائزة بالإجماع، ولها شروط لا تصح بدونها، وهي: أن تكون المضاربة في الأمور المباحة، وهذا معلوم بالضرورة. وأن يكون المال معلوماً بوصفه ومقداره. وأن يكون الربح كذلك جزءاً معلوماً مشاعاً: كالربع، والنصف، ونحو ذلك. ولا يصح أن يكون الربح مقدراً بدراهم معدودة، كالألف، والألفين، ونحو ذلك؛ لأن الشركة قد لا تربح إلا هذه الألف، فيرجع الشريك الآخر ولا شيء له، وهذا يخالف معنى الشركة ومقصودها، وهو أن يشتركا في الربح، كما يشتركان في الخسران، ولما في ذلك من الغرر الظاهر. قال ابن المنذر:" أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض- يعني: المضاربة- إذا جعل أحدهم يعني الشريكين لنفسه دراهم معلومة" انتهى. وأما الخسارة فهما يشتركان فيها كذلك، ولكن هناك فرق بين خسارة رب المال وخسارة العامل؛ فالخسارة بالنسبة لرب المال تكون في ماله، وبالنسبة للشريك العامل تكون في ضياع جهده وعمله، ولا يضمن مالاً إلا إذا فرط أو تعدى. وقد ذهب عامة أهل العلم إلى أن رب المال لا يجوز له أن يشترط ضمان رأس ماله في حال الخسران، وهو شرط باطل، قال ابن قدامة: " لا نعلم فيه خلافاً"؛ لأنه ينافي معنى الشركة الذي يجب أن يتحقق في صورها، وهو أن يشترك الشركاء في الربح والخسران، والله أعلم.

الشراكة في مشروع له نشاط محرم

الشراكة في مشروع له نشاط محرم المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 13/3/1423 السؤال سؤالي هو: حول الشراكة في مشروع من أقسامه قسم يحتوي على أشياء محرمة كالغناء، هل يلزم على التائب إزالة كل شيء عمله في هذا المشروع كي لا تلاحقه الذنوب، أم يكفي الانسحاب والتوبة إلى الله؟ الجواب إذا كانت الشركة لا تزال قائمة فإن عليه أن يجتهد في تنقيتها من الأمور المحرمة - إن أمكنه ذلك - وإلا فلينسحب، وإن كانت قد انتهت فالحمد لله. أما بالنسبة للأرباح المتحصلة مما هو محرم فإن كان قد استهلكها وصرفها فالتوبة الصادقة تكفيه، ولا شيء عليه؛ لقوله -تعالى-: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ... " [البقرة:275] . وإن كانت باقية فليجتهد في تقديرها ثم ليصرفها بعد ذلك في بعض مصالح المسلمين لا على أنها صدقة، بل على أنها مال حرام يجب عليه أن يتخلص منه، وكل ما تقدم إنما هو فيما يخص الربح من الأمور المحرمة، وأما ربح الأمور الباقية مما ليس بمحرم، ورأس المال المستخدم في الأمور المحرمة فهو حق لصاحبه ولا يلزمه صرفه ولا التخلص منه، وبالله التوفيق.

إنشاء صندوق مساهمة للفلاحين

إنشاء صندوق مساهمة للفلاحين المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 3/9/1424هـ السؤال تم إنشاء صندوق فلاحي بالأسهم، ووظيفته تقديم الدعم للفلاحين المساهمين، علماً أن المبلغ المساهم به يبقى على حاله لا زيادة ولا نقصان كما أنه يساعد الفلاحين على اقتناء العتاد الفلاحي، ودور الصندوق هنا يتمثل في شراء هذا العتاد ومنحه للفلاحين بالتقسيط علماً أن المبلغ المقترح أكثر مما هو عليه في السوق، ما حكم هذا التعامل في كلتا الحالتين؟ الجواب يا أخي -أرشدك الله- الجواب ما يلي: أولاً: تقديم الصندوق دعماً للفلاحين المسهمين في تأسيسه أمر لا بأس به، وهو من التعاون، فما لم يتضمن ما يمنعه شرعاً، فالظاهر جوازه. ثانياً: بيع العتاد الفلاحي على الفلاحين بالتقسيط بمبلغ أكثر مما هو عليه في السوق أمر جائز؛ لأن العوضين ليسا ربويين تمتنع الزيادة فيهما، فما لم يكن الغلاء فاحشاً فلا مانع من البيع. ولو باعه بسعر السوق دون زيادة فلا مانع، لكن ينبغي مراعاة ما فيه مصلحة الصندوق بالمعروف. ثالثاً: أفدت أن رأس المال يبقى على حاله دون زيادة أو نقصان، فما يصنع بما ينتج عن البيع الذي ذكرته من ربح؟ ينبغي أن يكون الجواب هو: أن الربح يوزع على المساهمين بحسب حصصهم في رأس المال، هذا والله أعلم.

المضاربة بربح ثابت

المضاربة بربح ثابت المجيب د. عبد الله بن حمد السكاكر عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 16/7/1424هـ السؤال والدي لديه مبلغ من المال أعطاه لأحد أصدقائه لاستثماره، واظن أن صديق أبي هذا يعطيه مبلغاً ثابتاً كل شهر، فهل يدخل هذا في الربا أم ماذا؟ وإن كان ربا فماذا عليّ أن أفعل؟ أفيدوني تفصيلا أفادكم الله. الجواب إذا كان أبوك أعطى صَدِيَقه المال ليستثمره بجزء من الربح فهذه شركة مضاربة، وهي جائزة، ولكن بشرط أن يكون نصيب كل منهما معلوماً بالنسبة لا بالمقدار كالربع والنصف والثلث، أما أن يشترط أبوك أن له في الشهر مبلغاً معيناً كخمسمائة أو ألف فلا يجوز بإجماع أهل العلم.

طريقة قسمة الربح في المضاربة

طريقة قسمة الربح في المضاربة المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 13/7/1424هـ السؤال طلب مني شخص أن أعطيه مبلغاً من المال للمتاجرة به على أن يعطيني مبلغاً من الربح في كل أسبوع أو يقسمه على سبعة أيام، فيعطيني نصيب كل يوم بيومه، على أنه إن لم يشتغل في ذلك اليوم فلا ربح لي، ويدخل في مثل هذا يوم الجمعة وأيام الأعياد والمناسبات، وعلى هذا تم الاتفاق بيننا، وها نحن نسير عليه وكل منا راض بصاحبه، فالمرجو إفادتنا هل هذا جائز؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب مثل هذا الاتفاق يمكن تصحيحه على أساس المضاربة بشروطها، فيكون لك نسبة من الربح كالنصف أو الربع أو نحو ذلك، ولا يجوز أن يكون مبلغاً معيناً كمائة أو ألف، ثم إن قسمة الربح بعد نهاية المتاجرة وتصفية رأس المال، بحيث يأخذ رب المال رأس ماله ويقتسمان الباقي حسبما شرطا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

مشاركة من ماله حرام

مشاركة من ماله حرام المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 7/5/1424هـ السؤال ما هو حكم المشاركة في مشروع مع من جمع ماله من حرام، وما حكم الأموال المكتسبة من هذا المشروع؟. الجواب الحمد لله، وبعد: مشاركة من في ماله حرام لا تعلم عينه، أي أن في أمواله ما هو حلال وما هو حرام تجوز، فقد عامل النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود كما ثبت في السنة. انظر صحيح البخاري (2508) ، (2513) ، وصحيح مسلم (1603) . أما مشاركة شخص في مال معين يعلم أنه مال حرام أو كان جميع مال ذلك الشخص محرماً فهذا لا تجوز مشاركته، لقوله تعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [المائدة: 2] ، ويجب أمره برد الأموال المحرمة إلى أهلها، لا تسويقها له بمشاركته، والله أعلم.

حكم المساهمات العقارية

حكم المساهمات العقارية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 14/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: ما هو حكم المساهمات العقارية التي غالباً ما نراها على الصحف المحلية؟ حيث يتم الإعلان عن الأسهم العقارية الاستثمارية بواسطة الصحف المحلية، أو وسائل الإعلان، وأيضاً يحدد وقت المساهمة مثلا ًمن 8 أشهر إلى 14 شهراً، لكنَّ هناك شيئاً آخر، ألا وهو أنهم يحددون نسبة الأرباح على حد قولهم: مثلاً الأرباح المتوقعه60%. وأيضاً قول بعضهم: الأرباح المتوقعة -بإذن الله- من 50% إلى 70%. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فلا يجوز أن يكون الربح في الشركات ـ والمساهمات ضرب منها ـ دراهم معدودة كألف أو ألفين ... إلخ، ومن هذا ما يفعله بعضهم من الاتفاق على أن يكون الربح 50% مثلاً من رأس المال، وليس من صافي الربح؛ لأنها معلومة سلفاً حتى قبل أن تُصفى الشركة أو المساهمة، فمثلاً إذا دفع المساهم مائة ألف ريال، واشترط أن يكون الربح 50% من رأس المال، صار الربح دراهم معدودة معلومةً سلفاً، فكأنه اشترط أن يكون الربح خمسين ألف ريال؛ لأن 50% من رأس المال (المائة ألف) هي خمسين ألف ريال، فلا فرق أن يشترط أن يكون ربحه خمسين ألف ريال، أو يكون ربحه 50 % من رأس المال. أما لو اشترط أن يكون نصيبه من الربح الربع ... إلخ فهذا هو الواجب؛ فإذا ربحوا في المساهمة مائة ألف ريال، فيكون نصيبه منها خمسة وعشرين ألف ريال (أي ربع الربح، وليس ربع رأس ماله) ، ولو ربح مائتي ألف ريال فيكون نصيبه منها خمسين ألف ريال (أي ربع الربح، وليس ربع رأس المال) ، وهكذا يتبين أن الربح هنا غير محدد بدراهم معدودة بخلاف المسألة الأولى.

على أن المساهمات العقارية فيما أعلم لا تضمن ربحاً محدداً (أي دراهم معدودة) وإنما تتوقع أن يكون العائد على رأس مال المساهم 50% أو نحو ذلك. ولا يجوز أن يشترط المساهم ألا يخسر رأس ماله، ولا أن يضمن له الشريك (العامل على المساهمة) رأس ماله في حالة الخسارة، فهذا لا يجوز؛ لأنه يقلب العقد من شركة ومساهمة إلى قرضٍ؛ إذ القرض هو أن يأخذ مالاً على أن يضمن أن يرد مثله. وفقك الله لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.

أسهم الشركات التي تتعامل بالفائدة

أسهم الشركات التي تتعامل بالفائدة المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 9/1/1425هـ السؤال يوجد لدى موقع مؤسسة النقد العربي السعودي قائمة بأسهم الشركات المتواجدة بالسعودية عموماً، ونحن نقوم بالدخول على الموقع والمساهمة في هذه الأسهم شراء وبيعاً وما إلى ذلك، فما الحكم؟. الجواب يظهر أن مقصود السائل: ما حكم بيع وشراء أسهم الشركات التي تتعامل بالفائدة أخذا وإعطاء. وهناك خلاف بين العلماء المعاصرين في هذه المسألة، بين من يرى جواز ذلك بالضوابط التي يقترحها، ومن يرى تحريم ذلك. ولا أعرف من يجيز ذلك بدون ضوابط. وممن يرى الجواز بالضوابط الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، حيث فصلت ضوابطها في القرار ذي الرقم 310، ثم عدلته بالقرار ذي الرقم 485. وأرفق القرار للفائدة ففيه غنية عن الكلام. ومن المهم الإشارة إلى ما نصت عليه الهيئة من "إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك." والضوابط باختصار، هي: (1) أن يكون نشاط الشركة مباحا. (2) ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا - سواء أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل- (25?) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه. (3) أن يتخلص من نصف ريع القرض الربوي من صافي الربح سواء وزع الربح أم لم يوزع، فإن لم يوجد ربح فلا يجب تخلص.

(4) ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5?) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك لمحرم أم عن غير ذلك. ويكون التخلص من منفعة القروض قصيرة الأجل بقدر مدة بقائها في الفترة المالية محل التخلص. (5) ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم - استثماراً كان أو تملكاً لمحرم- نسبة (15?) من إجمالي موجودات الشركة. نص القرار (485) الدورة الثالثة-السنة الثانية 23/8/1422هـ الموضوع: ضوابط الاستثمار والمتاجرة في أسهم الشركات المختلطة بمحرم والتخلص من المحرم فيها. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإن الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار في اجتماعها السابع والأربعين، السنة الثالثة، الدورة الثانية، أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس 21و22و23/8/1422هـ-6و7و8/11/2001م، في مدينة الرياض، مبنى الإدارة العامة، قاعة اجتماعات الهيئة، بعد اطلاعها على مذكرة العرض المعدة من أمانتها بشأن الخطاب الوارد من نائب المدير العام للمجموعة الشرعية؛ للنظر في الضوابط الشرعية للتعامل في أسهم الشركات بيعاً وشراءً وتوسطاً المرفق به ملخص ما ورد في قرارات الهيئة في الموضوع، والأوراق والإحالات ذات الصلة. وبعد الاطلاع على الاستفسار الوارد من مجموعة الاستثمار والعلاقات الدولية. وبعد دراسة الهيئة لهذه الضوابط والنظر فيها في اجتماعاتها الثامن بتاريخ 5و6/6/1420هـ، والتاسع بتاريخ 19و20/6/1420هـ، والعاشر بتاريخ 10و11و12/7/1420هـ، والسابع والعشرين بتاريخ 14و15/7/1421هـ، والثامن والعشرين بتاريخ 27و28و29/7/1421هـ، والرابع والثلاثين بتاريخ 24و25/11/1421هـ، والسادس والأربعين بتاريخ 8و9و10/7/1422هـ. وبعد الاطلاع على قرارات وفتاوى الهيئات والمجامع الفقهية ذات الصلة.

وبعد الاطلاع على إيضاحات الجهات المعنية في الشركة وإجاباتها عما وجه إليها من الهيئة. وبعد التأمل والنظر في الشركات المساهمة، وأنها من حيث غرضها ونشاطها وضوابط التعامل في أسهمها أنواع ثلاثة هي: النوع الأول: الشركات المساهمة ذات الأغراض والأنشطة المباحة. وهذه الشركات يجوز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها وفق شروط البيع وأحكامه. النوع الثاني: الشركات المساهمة ذات الأغراض والأنشطة المحرمة، مثل شركات الخمور والتبغ ولحوم الخنزير وشركات القمار والبنوك الربوية، وشركات المجون والأفلام الخليعة، وصناديق الاستثمار في السندات الربوية، والشركات المتخصصة في تداول الديون والتعامل بها. وهذه الشركات لا يجوز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها مطلقاً. النوع الثالث: الشركات المساهمة التي أغراضها وأنشطتها مباحة، ولكن قد يطرأ في بعض تعاملاتها أمور محرمة، مثل تعاملها بالربا اقتراضا أو إيداعاً. وهذا النوع من الشركات قد أقرت الهيئة جواز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها بضوابط معينة بينتها في قراراتها ذوات الأرقام (53) والتاريخ 2/4/1411هـ، و (182) والتاريخ 7/10/1414هـ، و (310) والتاريخ 6/4/1419هـ، واستندت في جواز ذلك إلى عموم البلوى ورفع الحرج، والحاجة العامة. وبعد الدراسة والمناقشة والنظر والتأمل، واستكمالاً لما ورد في القرارات المذكورة آنفاً، فقد قررت الهيئة بشأن هذا النوع (النوع الثالث) من الشركات المساهمة ما يأتي: أولاً: يجب أن يراعى في الاستثمار والمتاجرة في أسهم هذا النوع من أنواع الشركات المساهمة الضوابط الآتية: (1) إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك.

(2) ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا – سواء أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل- (25?) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه. ويعد هذا معدلاً للنسبة المذكورة في القرار ذي الرقم (310) من تحديد المحرم بأن يكون أقل من ثلث مالية الشركة. (3) ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5?) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك لمحرم أم عن غير ذلك. وإذا لم يتم الإفصاح عن بعض الإيرادات فيجتهد في معرفتها، ويراعى في ذلك جانب الاحتياط. (4) ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم - استثماراً كان أو تملكاً لمحرم- نسبة (15?) من إجمالي موجودات الشركة. والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسب في هذا القرار مبني على الاجتهاد وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء. ثانياً: إذا تغيرت أوضاع الشركات بحيث لا تنطبق عليها الضوابط السابقة وجبت المبادرة إلى التخلص منها ببيع أسهمها حسب الإمكان على ألا تتجاوز مدة الانتظار تسعين يوماً من تاريخ العلم بتغيرها. ثالثاً: يرجع في معرفة أنشطة الشركة والنسب المقررة لجواز الدخول في الاستثمار والمتاجرة فيها إلى أقرب قوائم مالية صادرة موضحة للغرض؛ سنوية كانت أو ربع سنوية أو شهرية، سواء أكانت مدققة أم غير مدققة. رابعاً: لا يجوز الاشتراك في تأسيس الشركات التي ينص نظامها على تعامل محرم في أنشطتها أو أغراضها.

خامساً: تطبق الشركة الضوابط المذكورة في الاستثمار وفي المتاجرة في الأسهم، -ويعني الاستثمار: اقتناء السهم بقصد ريعه، أي ربحه السنوي، وتعني المتاجرة: البيع والشراء بقصد الربح من الفرق بين السعرين- سواءٌ قامت الشركة نفسها بذلك أم بواسطة غيرها، وسواءٌ أكان تعامل الشركة لنفسها، أم كان لغيرها على سبيل التوسط (السمسرة) كما في حالة الوساطة في التداول، أو على سبيل الإدارة لأموال الغير كما في الصناديق الاستثمارية إجارة كانت أم مضاربة، أو على سبيل الوكالة عن الغير والتوكيل للغير كما في إدارة المحافظ الاستثمارية. سادساً: يجب التخلص من العنصر المحرم الذي خالط تلك الشركات، وذلك وفقاً لما يأتي: (1) الذي يجب عليه التخلص هو من كان مالكاً للأسهم –فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك- حين صدور القوائم المالية النهائية، سواء كانت ربعية أو سنوية، وذلك في حالتي الاستثمار والمتاجرة. وعليه فلا يلزم التخلص من باع الأسهم قبل صدور تلك القوائم؛ لأنه لا يتبين العنصر المحرم إلا بعد صدورها، والبائع قد باعها بغرمها وغنمها. كما لا يلزم الوسيط والوكيل والمدير تخلص في عمولته أو أجرته؛ لأن ذلك حق لهم نظير ما قاموا به من عمل، والتخلص إنما يكون فيما عاد على التعامل بالأسهم من إيراد ونفع محرم. (2) يرد التخلص على شيئين: أولهما: منفعة القرض الربوي في حالة اقتراض الشركة المساهمة بفائدة. ثانيهما: الإيراد المحرم أياً كان مصدره. (3) يكون التخلص على النحو الآتي:

(أ) في حالة الاقتراض الربوي: فإنه يتم تجنيب منفعة المال المقترض بالربا بالنظر إلى صافي الربح، ويكون احتساب تلك المنفعة وفقاً للقرار ذي الرقم (310) ، الذي جاء فيه: "وبما أن الربح ينتج من عنصرين هما: رأس المال والعمل، وأن الخبث في ربح السهم إنما جاء من الجزء المأخوذ بالربا" ويستأنس لذلك بما روى مالك في الموطأ (1396) عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- في جيش إلى العراق، فلما قفلا مرّا على أبي موسى الأشعري، فرحب بهما وسهل وهو أمير البصرة، فقال: لو أقدر على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى. ههنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكماه، فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق، فتبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون لكما الربح، فقالا: وددنا، ففعلا. فكتب إلى عمر -رضي الله عنه- يأخذ منهما المال، فلما قدما المدينة باعا وربحا، فلما رفعا ذلك إلى عمر -رضي الله عنه- قال: أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما؟ قالا: لا، قال عمر -رضي الله عنه-: ابنا أمير المؤمين فأسلفكما، أديا المال وربحه، فأما عبد الله فسلم، وأما عبيد الله فقال: لا ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا. لو هلك المال أو نقص لضمناه، قال: أدياه، فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله، فقال رجل من جلساء عمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً، فقال: قد جعلته قراضاً، فأخذ عمر -رضي الله عنه- المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف ربح المال. أ-هـ وعليه فلو كانت نسبة القرض الربوي إلى الموجودات (20?) مثلاً، فإنه يتم التخلص من (10?) من صافي الربح سواء وزع الربح أم لم يوزع، فإن لم يوجد ربح فلا يجب تخلص. ويكون التخلص من منفعة القروض قصيرة الأجل بقدر مدة بقائها في الفترة المالية محل التخلص.

(ب) في حالة وجود إيراد محرم: فإنه يتم تجنيب مبلغ الإيراد المحرم كله، أياً كان مصدره، وسواء حصل ربح أم لا، وسواء وزعت الأرباح أم لم توزع، وإذا لم يعرف الإيراد على وجه الدقة احتسب على وجه التقريب بما يبريء الذمة. ويتم التوصل إلى ما يجب على المتعامل التخلص منه: بقسمة مجموع الإيراد المحرم للشركة المتعامل في أسهمها على عدد أسهم تلك الشركة، فيخرج ما يخص كل سهم، ثم يضرب الناتج بعدد الأسهم المملوكة لذلك المتعامل - فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك- وما نتج فهو مقدار ما يجب التخلص منه. 4. لا يجوز الانتفاع بالعنصر المحرم بأي وجه من وجوه الانتفاع ولا التحايل على ذلك بأي طريق كان، فلا يحتسبه من زكاته، ولا من صدقاته، ولا يدفع منه ضريبة، ولا يستخدمه في دعاية أو إعلان، ولا غير ذلك. 5. تقع مسؤولية التخلص من العنصر المحرم على شركة الراجحي في حالة تعاملها لنفسها، أو في حالة إدارتها للصناديق أو المحافظ الاستثمارية، أما في حالة الوساطة (السمسرة) فيجب على الشركة أن تخبر المتعامل بآلية التخلص من العنصر المحرم حتى يقوم بها بنفسه، وللشركة أن تقوم بتقديم هذه الخدمة لمن يرغب من المتعاملين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الهيئة الشرعية: - عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل (رئيساً) - عبد الله بن سليمان المنيع (نائباً للرئيس) - عبد الله بن عبد الرحمن البسام (عضواً) - عبد الله بن عبد الله الزايد (عضواً) - صالح بن عبد الله بن حميد (عضواً) - أحمد بن علي سير المباركي (عضواً) - عبد الرحمن بن صالح الأطرم (عضواً وأميناً)

المضاربة بأموال الشركاء من غير إخبارهم ببعض أعمال المشروع

المضاربة بأموال الشركاء من غير إخبارهم ببعض أعمال المشروع المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 25/04/1425هـ السؤال لدي مشروع سوف أدخل فيه -إن شاء الله-، ولكن هذا المشروع رأس ماله يفوق قدرتي المالية الحالية بأربعة أضعاف، ودراسة جدوى هذا المشروع جيدة، وبعد عامين تقريباً يمكن أن يكون لدي مبلغ هذا المشروع، فهل يمكنني مشاركة عدد من الأصدقاء في هذا المشروع لمدة عامين، بحيث تكون الأرباح الواردة من هذا المشروع تقسم بنسبة رأس المال في خلال العامين، وبعد العامين أقوم بإرجاع رأس المال للمشاركين، ويؤول المشروع لي، وهل يجب علي أن أقوم بتعريفهم بكافة هذه التفاصيل، أم يمكن الاتفاق معهم على تشغيل أموالهم هذه في مشروع لمدة سنتين، وبعد سنتين أعطيهم رأس المال والأرباح المترتبة على ذلك فقط؟. ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجوز أن تدعو أصدقاؤك للمشاركة في المشروع، لكن يراعى ما يلي: 1. تقسم الأرباح بحسب نصيب رأس مال كل شريك. ويحق لك أن تأخذ نسبة إضافية مقابل الإدارة بتراضي الشركاء. فإذا كان نصيبك من رأس المال مثلاً هو 25%، فلك أن تأخذ 25% من الربح مقابل رأس المال، و15% مثلاً مقابل الإدارة. والمتبقي (60%) يوزع على بقية الشركاء بحسب حصصهم. وأما في حال الخسارة فيتحمل كل شريك الخسارة بحسب رأسماله فقط. 2. إذا كنت تنوي تملك المشروع فيجب عليك أن تبين ذلك للشركاء، لقول النبي

-صلى الله عليه وسلم-: "أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما" رواه أبو داود (3383) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. ولقوله عليه الصلاة والسلام: "البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو قال: حتى يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما" متفق عليه، عند البخاري (2079) ، ومسلم (1532) من حديث حكيم بن حزام -رضي الله عنه-. 3. يحق لك أن تشترط اختصاصك بالإدارة بحيث لا يشاركك في الإدارة من الشركاء أحد. لكن مع ذلك يجب عليك أن تبين للشركاء سير العمل ومستوى الأداء؛ عملاً بواجب البيان الذي ورد في الحديث السابق، ولأن البيان يعذرك أمام الشركاء حال وقوع الخسارة - لا قدر الله-. أما الكتمان فسيجعل الشركاء يحملونك مسؤولية الخسارة ويطالبونك بسداد رأس مالهم كاملاً، وهذا ليس من مصلحتك. والله أعلم.

التفاوت في الربح بين رب المال والمضارب

التفاوت في الربح بين رب المال والمضارب المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 19/5/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز اختلاف النسبة المتفق عليها بين رب المال والمضارب مثلاً على حسب وقت معين أو مناسبة معينة أو أي أمر آخر يتفق عليه الطرفان برضى تم جداً منهما طبعاً النسب على الأرباح، وليس رأس المال لأنه حق لصاحبه؟ وهل هناك وقت محدد للمضاربة أو على حسب ما تتيسر الأمور بوجه العموم وبرضى من جميع الأطراف المعنيين؟ وجزاكم الله خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا بأس أن تختلف النسبة بين المضارب ورب المال؛ فمثلاً يكون للمضارب الثلثان ولرب المال الثلث؛ أو له ثلاثة أرباع والآخر له الربع؛ لأن توزيع الربح مبني على قدرة المضارب وخبرته وأيضاً على كثرة المال، والأصل في المعاملات، والشروط في المعاملات الحل. ولو اتفقا على أن يكون لكل واحد منهم النصف إلا في شهر رمضان - مثلاً - فتختلف النسبة؛ فإن هذا جائز ولا بأس به؛ لما ذكرنا من أن الأصل في العقود، والشروط في العقود في المعاملات الحل والصحة. وليس هناك وقت محدد للمضاربة بل حسب ما يتفقان عليه رب المال والمضارب، هل يضارب في شهر معين أو في كل السنة؛ فهذا راجع إليهما.

هل يشترط في المضاربة إعادة رأس المال والربح دفعة واحدة؟

هل يشترط في المضاربة إعادة رأس المال والربح دفعة واحدة؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 04/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يشترط في المضاربة إعادة رأس المال والربح دفعة واحدة، أو يمكن بأي طريقة يتفق عليها الأطراف مع رضائهم التام وبدون أي إجبار أو شروط من أيٍ من الأطراف؟ جزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يلزم في المضاربة إعادة رأس المال والربح دفعة واحدة، بل يجوز توزيع الربح عن فترة ماضية دون توزيع رأس المال، ولكن بعد إجراء محاسبة عن الفترة السابقة، بحيث تستأنف المضاربة فترة جديدة بعد توزيع الربح، وتختص كل فترة محاسبية بأرباحها وخسائرها. ويجوز الاتفاق على الشروط التي يراها الطرفان من مصلحتهما بشرط عدم الوقوع في الربا أو الغرر، لأن الأصل في الشروط الصحة، والأصل في المعاملات الحل، والله أعلم.

المزارعة

المزارعة المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 21/2/1425هـ السؤال لدي قطعة أرض أستغلها لغرض الزراعة واقترح علي أحد الأشخاص أن يشاركني في مشروع فلاحي، أي أنه يعطيني مبلغا من المال أقوم أنا بالعمل وشراء البذور والأسمدة وكل ما يلزم من دفع رواتب العمال وتكاليف محركات ومضخات الآبار من وقود وأنابيب وغيرها وعندما نجني ونبيع المحصول نتقاسم الأرباح أو الخسائر وفق ما اتفق عليه في الأول، وسؤالي هو هل يجوز ذلك إذا كنت أعلم مسبقا أن الشخص الذي يود مشاركتي اكتسب ماله من حرام كبيع الدخان أو غيرها، هل يجوز لي أن أشاركه أم لا؟ أم أن الأصل في المعاملة التي تتم بيني وبينه ولا دخل لي في أصل مال الشخص، وأحيطكم علما أنني أنوي أن أشاركه مدة موسم واحد فقط حتى إذا تسنى تكوين رأس مال خاص بي أنفصل وأشتغل بمفردي في العام المقبل أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: النقود التي يقدمها هذا الشريك إذا قدمها إلى صاحب الأرض فلا يسأل عن هذه النقود من أين جاءت، فأنت إذا اشتريت من يهودي - مثلاً- أو من نصراني سلعة، هل تسأله: هل اشتريتها بمال حلال؟ فأنت لا تسأل عن ذلك، وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يتعاملون مع اليهود يبيعون ويشترون منهم، "ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير" انظر البخاري (2916) .

فالتعامل لا يعني المشاركة، فالشريك يأتي بالمال بغض النظر عن وجه اكتسابه، فهذا المال الذي أتى به هو من رأس مال المشاركة ولا يظهر أن للأخ السائل أن يسأله كيف جئت بهذا لمال، وكيف اكتسبته، ونحو ذلك، فلا علاقة لك به أيها الشريك - صاحب الأرض-، لا علاقة لك بهذا المال، وطريقة اكتسابه، وإنما جاء الشريك لك بمال يملكه وقدمه رأس مال في هذه المشاركة، والحمد لله المشاركة صحيحة. والله المستعان.

استثمروا ماله بغير علمه، فماذا له؟

استثمروا ماله بغير علمه، فماذا له؟ المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 16/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اشتركت أنا وشخصان في عمل ما, وبعد فترة أفادوا بأنهم سوف يغلقون هذا العمل، ولن يستمروا فيه, وتفاجأت بأنهم استمروا بالعمل نفسه, وعند مطالبتي لهم بفلوسي المستحقة لديهم، أفادوا بأنه ليس لديهم إمكانية بأن يعطوني فلوسي في الوقت الحالي, خلاصة الموضوع أنهم احتجزوا فلوسي واستثمروها إلى أن توسعوا في نفس عملهم المذكور. أرجو إفتائي في هذه المسألة, ولكم الشكر. الجواب الحمد لله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عقد الشركة في الأصل عقد غير لازم عند عامة الفقهاء؛ بمعنى أن لكل شخص في الشركة أن يفسخ العقد من جهته، لكن إذا اشترط في الشركة اللزوم، أو كان الاتفاق على عدم فسخها أو الانسحاب منها خلال مدة معينة، أو كان في الفسخ ضرر على الآخرين، ونحو ذلك، فإن هذه الصور لها حكمها الخاص، ولا ينبغي أن يبنى الحكم فيها على الأصل وهو عدم اللزوم.

أما بخصوص سؤالك فالذي يظهر أنك لم تخالف في حل الشركة سواءً استمرت بالباقين أو لا؛ لأن استمرارها يعني أنها انفسخت كشركة ثلاثية ثم انعقدت بين اثنين، وهذا لا مانع منه إذا لم يكن بينكم شرط يمنع ذلك، أو كان ثم ضرر يلحق بك من جرائه، وإذا فسخت الشركة وجب تصفية حساباتها، ورد الحقوق إلى أصحابها، ولا يجوز المماطلة بذلك، والحق الذي بقي لك عندهم هو مالك، وكان واجباً عليهم أن يدفعوه إليك ومماطلتهم من الظلم؛ كما في الحديث: "مطل الغني ظلم" رواه البخاري (2287) ، ومسلم (1564) من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-، وكونهم حبسوه من أجل الاستفادة منه واستثماره إن كان هذا هو الواقع، بمعنى أنهم بالفعل استغلوا المال في استثمار معين، وكان له مردود، فإن الكسب الناشئ عن ذلك هو لك خاصة مع رأس المال، وعلى أقل الأحوال أن يكون الربح مناصفة كما لو عملوا بمالك مضاربة، وأما إن كانت الشركة حين حلها لم يكن لديها سيولة فلم يتميز حقك، فحينئذ يعتبر حقك ديناً، وقد ماطلوا بالدين، ولا نستطيع أن نعتبره مالاً مغصوباً ينطبق عليه الحكم السابق، أي فلا تستحق سوى رأس مالك فقط. وعلى كل حال فإن صنيعهم بالمماطلة لا يجوز، وعليهم التوبة والمبادرة إلى رد الحقوق، وعليك -أيها الأخ الكريم- ألا تتعدى في طلب حقك، وأن تعلم أن ما لم تدركه في الدنيا فلن يضيع في الآخرة. وفقنا الله وإياك لكل خير.

هل يصح شريكا أجيرا في الوقت نفسه؟!

هل يصح شريكًا أجيرًا في الوقت نفسه؟! المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 11/10/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم علماءنا الأفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فأود الاستفسار من فضيلتكم حول مسألة شائعة في الشراكة بين كثير من الناس، وصورتها أن: يشترك اثنان في رأس المال بحصة معلومة لكل شريك، ونسبة الربح تكون معلومة لكل منهما، ونسبة الخسارة مقسمة بحسب حصة كل شريك من رأس المال، لكن أحد الشريكين هو الذي يقوم بالعمل كله، أو يكون هو بمثابة المدير لهذه الشركة، وهذا الشريك المدير (الأجير في المصطلح الشرعي) يكون له راتب مقطوع مقابل إدارته لهذه الشركة، إضافة إلى حصته من الأرباح ... فهل هذا الراتب المعلوم يعتبر بمثابة النفع الأكيد على رأس ماله من الشركة؟ وهل يدخل هذا في باب الربا أم لا؟ وهل يجوز أن يكون المرء شريكًا أجيرًا في نفس الوقت؟ علمًا أنني وجدت في كتب الفقه ما يدل على المنع من ذلك، وجواز زيادة نسبة مقابل عمله لا راتبًا مقطوعًا، فهل يمكن أن تخرج كما خرجها بعض الباحثين المعاصرين على أن مثل هذه الشركة تعتبر شخصًا اعتباريًّا، وفي هذه الحالة يجوز توظيف مدير لها براتب محدد معلوم وكأنه طرف ثالث، حتى لو كان هذا المدير أحد المساهمين في الشركة؟ علمًا بأن هذه المسألة عمت بها البلوى، وكثر بها التعامل بين كثير من المسلمين في هذه الأيام. أفتونا مأجورين. الجواب الحمد الله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الصورة التي ذكرها السائل تعتبر من شركة العنان، وصفتها أن يشترك شخصان فأكثر في شركة بينهم، على أن المال والعمل منهم جميعًا، أو أن المال منهم والعمل من بعضهم أو أحدهم، وشركة العنان مما اتفق العلماء على صحتها وجواز العمل بها، وكون أحد الشركاء يكون مديرًا للشركة مقابل مرتب مقطوع، فيجتمع فيه صفتا الأجير والشراكة، فهذا مما لا بأس به شرعًا؛ إذ لا يوجد نص شرعي يمنع من ذلك فيبقي الحكم على أصله وهو الإباحة، كما أنه لا يوجد محذور شرعي من اجتماع عقدي الشركة والإجارة في شخص واحد، ولا يدخل ذلك ضمن الربا المحرم، ثم إن الحاجة تقتضي وجود مثل هذا الاستقلال بين صفتي الشريك والمدير، إذ إن الشركاء في هذه الحالة بين أمور ثلاثة: 1- أن يكون المدير من غيرهم، ولا شك أن المدير إذا كان منهم وله حصة في رأس مال الشركة يكون أكثر حرصًا من ذلك المدير الأجنبي. 2- أن يكون لهذا المدير الشريك حصة زائدة في الأرباح عن المبلغ الذي اشترك به وهذه الزيادة مقابلة لإدارته، أي منع اجتماع صفتي الشريك والأجير وإبقاء صفة الشريك فقط، وهذا الحال قد لا يرضى به الشريك المدير نفسه، أو أن الشركاء لا يرضون به، بل يرغبون أن يكون له مرتبًا مقطوعًا لا علاقة له بأرباح الشركة، وذلك كسائر العاملين في الشركة من غير المدير. 3- أن يكون المدير أجيرًا في عمله شريكًا في ماله كسائر الشركاء، فيأخذ أجره مقابل عمله، وربحًا أو خسارة مقابل ماله الذي اشترك به، أي اجتماع عقدي إجارة الأشخاص والشركة فيه، وهذا ما رأينا جوازه، وهو ما عليه العمل في أكثر الشركات المساهمة وغيرها من التي يكون الفصل بين وظيفة المدير وصفة الشريك.

أما ما ذكرته من أن بعض الكتب الفقهية تمنع من أن يكون للمدير مرتب مقطوع، وعدم جواز اجتماع صفتي الأجير والشريك، فقد يكون هذا القول بناء على أن الأصل في العقود والشروط الحظر لا الإباحة، وهذا القول مرجوح كما بينه المحققون من أهل العلم. والله أعلم.

معنى: المضاربة..المرابحة..المشاركة

معنى: المضاربة..المرابحة..المشاركة المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 26/3/1425هـ السؤال السلام عليكم أرجو التكرم بشرح كل من التعاملات التالية وبيان متى تحرم ومتى تكون جائزة؟ وهي المضاربة والمرابحة والمشاركة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المضاربة: أن يقدم المال طرف، ويكون العمل والاستثمار والإدارة له من طرف آخر، ويكون الربح بينهما حسب النسبة التي يتفقان عليها. المرابحة: هي بيع السلعة بالثمن الذي اشتريت به مع إضافة ربح معين عليها، وهناك المرابحة للآمر بالشراء، وهي المنتشرة الآن على مستوى الأفراد والمصارف الإسلامية، وهي شراء السلعة التي يطلبها العميل ثم بيعها عليه بعد تملكها وقبضها بثمن معلوم. المشاركة: أن يقدم الطرفان كلاهما مالاً للاستثمار، ويكون العمل من طرف أو منهما معاً. وتفاصيل هذه المعاملات وشروطها يطول شرحها، وهي موجودة في كتب المعاملات. والله أعلم.

مال شريكه من قرض ربوي فهل يفض الشركة؟

مال شريكه من قرض ربوي فهل يفضّ الشركة؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 11/01/1426هـ السؤال أنا رجل من بلد عربي، بدأت في تجارة مع رجل مسلم في بلد إفريقي، واتفقنا على عمل شراكة بيننا لبيع منتجات الشركة للخارج، وقد طلب مني أن أرسل له حصتي من رأس المال، وبعد بيع المنتجات سأستلم 40% من الناتج، بعد انتهاء المعاملة اكتشفت أنه أخذ دفعة على الحساب من البنك بالفائدة لكي يستثمرها في هذه الشراكة، نصيبي من المال جاء من مال حلال، والحمد لله. هل يجوز لي الاستمرار معه في العمل وأخذ النسبة 40% من أول معاملة؟ هل أستمر معه أم آخذ مالي الذي دفعته قبل الناتج من الربح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: فيما يتعلق بنصيبك من أول معاملة قبل أن تعلم عن اقتراض شريكك بالربا، فلا حرج إن شاء الله من انتفاعك بهذا العائد، بشرط الاحتياط من الوقوع في أية معاملة ربوية مستقبلًا. ثانيًا: بخصوص الاستمرار في الشركة، فلا حرج، إن شاء الله، من الاستمرار بشرطين: 1- أن يكون سداد الفوائد الربوية من أموال الشريك وليس من أموال الشركة. 2- ألا تكون أصول الشركة أو موجوداتها مرهونة بأي شكل للقرض الربوي. وبهذا تصبح الشركة منفصلة ومستقلة عن القرض الربوي، ولا يوجد ما يمنع، إن شاء الله، من الاستمرار فيها. أما إذا كان أي من موجودات الشركة أو أصولها مرهونًا للقرض، أو كان سداد القرض بفوائده يتم من إيرادات الشركة، فهذا يعني أن تمويل الشركة تم من خلال القرض الربوي. ونظرًا إلى أن نصيب شريكك قد يصل إلى60% (كما يفهم من السؤال) ، فيكون معظم رأس مال الشركة ربويًّا. فالواجب في هذه الحالة الانسحاب من الشركة تجنبًا للكسب الحرام.

وفي جميع الأحوال يجب مناصحة الشريك بالتخلص من الربا، والتعجيل بسداد القرض وإسقاط ما يمكن من الفوائد عليه. والله أعلم.

ساهم في شركة تقسيط ثم اشترى منها!

ساهم في شركة تقسيط ثم اشترى منها! المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 07/10/1425هـ السؤال نحن مجموعة زملاء، قمنا بإنشاء جمعية تعاونية، على أن يدفع كل واحد منا 25000 ألف ريال، ووكلنا بها اثنين من الزملاء على تشغيلها والإشراف عليها، والتصرف في إدارتها، والحمد الله اشتغلت وبنجاح، وقمنا نقسط سيارات وأثاث منزل، واشتريت أنا من هذه الجمعية سيارة بالأقساط، وبسعر غير سعر الزبائن الذين من خارج هذه الجمعية، فهم يشترون السيارة بـ 65000 ألف، وأنا اشتريتها بـ 55000 ريال وسعرها 38000 ألف ريال، على أن أقسطها بمبلغ ألف ريال كل شهر، فهل في ذلك شيء؟ السؤال الثاني: اشتروا لي زملائي هذه السيارة وأنا في الرياض اتصلوا علي وقالوا السيارة جاهزة تعال استلمها، قلت لأحدهم بعها وأرسل لي قيمتها، وفعلاً باع هذه السيارة بمبلغ 36000 ألف وأرسل لي المبلغ، وأنا في الرياض. فهل فيها شيء يثير الشك؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم السؤال الأول: أنتم مجموعة من الزملاء أنشأتم شركة يديرها أحدكم، والعمل الأصلي لهذه الشركة هي بيع السيارات والأثاث بالتقسيط، ويدير هذه الشركة اثنان منكم، ثم قمت بشراء سيارة من هذه الشركة لكن الثمن الذي اشتريت به السيارة أقل من الثمن الذي تبيع به الشركة سياراتها، علماً أن قيمة السيارة نقداً 38 ألف ريال، وثمنها بالتقسيط 55ألف ريال، تدفع كل شهر ألف ريال.

الذي يظهر لي أن هذا العمل لا بأس به إذا كان الشركاء راضين ببيعك السيارة بأقل مما يبيعونه للآخرين؛ لقوله تعالى: "إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"، وأما كون ثمن السيارة بالتقسيط أكثر من ثمنها نقداً فلا بأس بذلك، بشرط أن يحدد الثمن في العقد، بمعنى أن تقول ـ مثلاً ـ: اشتريت السيارة بخمسة وخمسين ألف ريال مقسطة كل شهر أدفع ألف ريال، أما إذا كان العقد من غير تحديد بأن قلت: أشتري هذه السيارة بثمانية وثلاثين ألف ريال نقداً، أو بخمسة وخمسين مقسطة، وتعقد العقد من غير تعيين للثمن، فإن هذا لا يجوز، لأن الثمن غير معين في العقد، فهو داخل في عموم نهي النبي - صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر، (رواه مسلم) ، وقد فسر كثير من السلف نهي النبي - صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة بذلك (رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي) . السؤال الثاني: بعد شرائك السيارة بعت السيارة وأنت لم تقبضها. وهذا لا يجوز لأنه من بيع السلع قبل قبضها، وقد روى ابن عباس-رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أن قال (من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه) قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: وأحسب كل شيء مثله. (متفق عليه واللفظ لفظ مسلم) ، أما إن كانت الشركة هي التي باعت السيارة فأخشى أن يكون ذلك حيلة إلى الربا؛ لأنك أنت تريد ستة وثلاثين ألفاً وهم لن يعطوك هذا المبلغ إلا بفائدة فجعلوا هذه السلعة واسطة إلى ذلك، وأنت لا تريد هذه السيارة ولم ترها ولم تقبضها بل تريد هذا المبلغ. وأما إن كان الذي اشترى السيارة الشركة نفسها فهو بيع العينة، وهو بيع محرم. وأما إن كان الذي قبض السيارة شخص آخر قد وكلته بذلك، ثم باع السيارة نيابة عنك فلا بأس إن شاء الله في هذه الصورة. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

على من تكون الخسارة في المضاربة الشرعية؟

على من تكون الخسارة في المضاربة الشرعية؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 28/12/1425هـ السؤال لقد تم اتفاق بيني وبين مكتب عقاري بأن دخلت معه بحصة ستة أسهم في مقابل تشغيل هذه الأسهم واستثمارها في العقارات وبيع الأراضي على أن يكون الجهد منهم والمال مني، وقيمة كل سهم بمقدار ألف دينار، على أن يتم كشف الحساب كل سنة مرة واحدة، وتوزع الأرباح على أن يأخذ المكتب من الأرباح ستين بالمائة، والمساهم، وهو العبد لله، أربعين بالمائة، وإذا كان خسائر فتطبق أحكام المضاربة الشرعية. والسؤال: ما المضاربة الشرعية؟ وهل يتحمل معي المكتب نسبة من الخسارة المالية؟ أفيدونا مشكورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: عقد المضاربة هو اتفاق بين صاحب المال وبين من يدير له المال ويستثمره له (المضارب) ، على أن يتم اقتسام الربح بينهما حسب الاتفاق. وفي حالة الخسارة فإن صاحب المال هو الذي يتحمل الخسارة إلا إذا كان المضارب قد أساء أو أهمل أو فرط في إدارة المال، ففي هذه الحالة يتحمل المضارب الخسارة. ووفقًا لما جاء في السؤال فإن الخسارة تتحملها أنت ولا يتحملها المكتب إلا إذا أهمل في الإدارة فيكون المكتب مسؤولاً عن الخسارة في حالة التعدي أو التفريط. والله أعلم.

المضاربة بأسهم شركات تقرض بالربا

المضاربة بأسهم شركات تقرض بالربا المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 01/11/1425هـ السؤال ما حكم شراء أسهم شركات عملها حلال لكن قد تتعامل بالربا من قروض وغيره، حيث إنني أشتري الأسهم وأبيعها في وقت وجيز إذا ارتفعت، ولا أحصل على أرباح سنوية من الشركة ذاتها؛ لأني أبيع وأشتري بشكل يومي، وأحصل على الربح نتيجة المضاربة، أفيدكم أن أناسًا قالوا لي إن هذا جائز للمضاربين، أما المستثمرين الذين ينتظرون أرباحًا سنوية فيجب أن يطهروا أموالهم. ودمتم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين، وبعد: هذه المسألة من المسائل النازلة التي تحتاج إلى بسط في إجابتها، فأقول، وبالله التوفيق: هذا النوع من الشركات اختلف فيه العلماء المعاصرون اختلافًا كبيرًا، وقبل أن نبدأ في ذكر الأقوال في هذا النوع من الشركات يحسن بنا أن نحرر محل النزاع في هذه المسألة: إن المساهمة في الشركات التي يغلب عليها المتاجرة بالأنشطة المحرمة، محرمة ولا تجوز؛ لما فيها من الإعانة على الإثم والعدوان. وإن من يباشر إجراء العقود المحرمة بالشركة- كأعضاء مجلس الإدارة الراضين بذلك- إن عملهم محرم، قلّت نسبة الحرام في الشركة أم كثرت. وإن الاشتراك في تأسيس شركات يكون من خطة عملها أن تتعامل في جملة معاملاتها بالعقود المحرمة، أو كان منصوصًا في نظامها على جواز ذلك، فإن هذا الاشتراك محرم. وإن المساهم لا يجوز له بأي حال من الأحوال أن يدخل في ماله كسب الجزء المحرم من السهم، بل يجب عليه إخراجه والتخلص منه، حتى على القول بجواز مساهمته. واختلفوا في حكم المساهمة في الشركات المشروعة من حيث الأصل لكنها تتعامل في بعض معاملاتها بالأنشطة المحرمة أو تقترض أو تودع بالفوائد على قولين:

القول الأول: الجواز. وممن ذهب إلى هذا القول: الهيئة الشرعية لشركة الراجحي، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني، والمستشار الشرعي لدلة البركه، وندوة البركة السادسة، وعدد من العلماء المعاصرين منهم الشيخ عبد الله ابن منيع حفظه الله. وقد اشترط أصحاب هذا القول شروطًا؛ إذا توفرت جاز تداول أسهم هذا النوع من الشركات، وإذا تخلف منها شرط لم يجز، ومنها ما جاء في قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية رقم (485) : (يجب أن يراعى في الاستثمار والمتاجرة في أسهم هذا النوع من الشركات المساهمة الضوابط التالية: إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك. ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا- سواء أكان قرضًا طويل الأجل أم قرضًا قصير الأجل- (25%) من إجمالي موجودات الشركة، علمًا أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه. ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5%) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجًا عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك المحرم أم عن غير ذلك. وإذا لم يتم الإفصاح عن بعض الإيرادات فيجتهد في معرفتها، ويراعي في ذلك جانب الاحتياط. ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم- استثمارًا كان أو تملكًا لمحرم- نسبة (15%) من إجمالي موجودات الشركة. والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسب في هذا القرار مبني على الاجتهاد، وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء) . وذهبت الهيئة الشرعية لدلة البركة إلى التفريق بين الأنشطة المحرمة التي تزاولها الشركة: فإن كان أصل نشاطها مباحًا، ولكنها تتعامل بجزء من رأس مالها مثلًا بتجارة الخمور، أو إدارة صالات القمار، ونحوها من الأنشطة المحرمة، فلا يجوز تملك أسهمها ولا تداولها ببيع أو شراء.

أما إن كانت تودع أموالها في البنوك الربوية، وتأخذ على ذلك فوائد، أو أنها تقترض من البنوك الربوية، مهما كان الدافع للاقتراض، فإنه في هذه الحالة يجوز تملك أسهمها بشرط احتساب النسبة الربوية وصرفها في أوجه الخير. واستدل أصحاب هذا القول بقواعد فقهية عامة، منها: 1- قاعدة (الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة) ، وقالوا: إن حاجة الناس تدعو للمساهمة بهذه الشركات. 2- قاعدة (يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالًا) ، وقالوا: إن الربا في هذه الشركات تابعٌ غير مقصود فيعفى عنه. 3- قاعدة (اختلاط الجزء المحرم بالكثير المباح لا يصير المجموع حرامًا) ، فقالوا: إن الربا في هذه الشركات يسيرٌ جدًّا فيكون مغمورًا في المال المباح الكثير. القول الثاني: يرى جمهور العلماء المعاصرين، وعدد من الهيئات الشرعية تحريم المساهمة في الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحًا، إذا كانت تتعامل ببعض المعاملات المحرمة كالإقراض والاقتراض بفائدة، فيحرم الاكتتاب بها، وبيعها وشراؤها وامتلاكها. وممن ذهب إلى هذا القول: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة، وعلى رأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني، وعدد من الفقهاء المعاصرين. وأصدر مجمعان فقهيان مشهوران قرارين يقضيان تحريم هذا النوع من الشركات، وهذان المجمعان يحويان ثلة من علماء العصر المعتبرين، فأما المجمع الأول فهو: المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص قراره هو: (الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيانًا بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة) . وأما المجمع الثاني فهو: المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ونص قراره هو:

(لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالمًا بذلك) . واستدل أصحاب هذا القول: 1- بأدلة تحريم الربا في الكتاب والسنة، وقالوا: إن هذه الأدلة لم تفرق بين قليل أو كثير، وبين تابع أو مقصود. 2- بقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2] . وعن جابر، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لعَن آكِلَ الرِّبا ومُؤْكِلَهُ وكاتِبَه وشاهِدَيْه. أخرجه مسلم (1598) ووجه الدلالة من هذين النصين: أن الذي يساهم في الشركات التي تتعامل بالمحرمات معين لها على الإثم، فيشمله النهي. 3- قوله عليه الصلاة والسلام: "دِرْهَمُ رِبا يَأْكُلُه الرَّجُلُ، وهُوَ يَعْلَمُ، أشَدُّ مِن سِتٍّ وثلاثين زِنْيَةً". أخرجه أحمد (21957) ، والدارقطني 3/16، والطبراني في الأوسط (2682) ووجه الدلالة منه: أن النبي صلى الله عليه وسلم- عد أكل درهم واحد من الموبقات، ورتب عليه هذا الوعيد الشديد، فكيف بمن يضع المئين والآلاف من أمواله في المصارف الربوية؟ وإخراج قدر الحرام تخمين، فمن غير المستبعد أن يدخل ماله شيء من الحرام. بقي أن يقال: إن أصحاب القول الأول اشترطوا في جواز المشاركة بمثل هذه الشركات: أن يتخلص المساهم من الكسب المحرم. ومما يؤكد أن هذا الاشتراط افتراضي وليس واقعيًّا، أنه يستحيل تحديد مقدار الكسب المحرم من عوائد السهم. ونحن هنا في مقام لا يحتمل الظن والتخمين، بل لا بد من القطع واليقين. وإيجاب البعض- عند الجهل بالحرام- إخراج نصف ربح السهم أو ثلثه فهم قالوا به من باب الاحتياط، وهو نافع في حالة وجود أرباح حقيقية للشركة من النشاط المباح، وهو أيضًا غير شاق من الناحية العملية، إلا أنه غير عملي ولا يفي بالغرض في صورتين:

الأولى: عندما لا تحقق الشركة أرباحًا تذكر من مبيعاتها في بعض السنوات، فتبقى معتمدة في توزيعات الأرباح على فوائد الودائع، والسندات البنكية والأوراق قصيرة الأجل ذات الدخل الثابت. الثانية: كما أن بعض الشركات تقوم بتوزيع الأرباح قبل البدء بتشغيل منشآتها، وهذه الأرباح تحصلت عليها من إيداع رأس المال في البنوك. وعليه: إذا كان الأمر محتملًا فلا يكفي التقدير في هذه الحالة. أما تحديد مقدار الكسب الحرام، كما تفعله بعض الهيئات الشرعية، من أجل دقة التخلص من الحرام فهو متعذر؛ لأمور، منها: أن جميع المجيزين يفترضون أن الشركة تودع وتأخذ فوائد، فيوجبون على المساهم إخراج ما يقابل نصيب الودائع من الأرباح. فإذا كانت الشركة تقترض من البنوك لتمويل أعمالها، أو لإجراء توسعات رأسمالية ونحو ذلك، فما السبيل لتحديد ما يقابل هذه القروض من الأرباح؟ إن أغلب المستثمرين يشترون الأسهم بقصد الحصول على الأرباح الرأسمالية، أي فرق السعر بين الشراء والبيع، ومن المتعذر في هذه الحالة تحديد مقدار الكسب الحرام، لا سيما وأن من العوامل المؤثرة على القيمة السوقية للسهم مدى قدرة الإدارة على الحصول على التسهيلات والقروض البنكية. إذا خسرت الشركة، فما نصيب الكسب الحرام من هذه الخسارة؟ إذا علمنا أن إيرادات الودائع والسندات ثابتة، فهذا يعني أن الخسارة على من يريد التخلص من الربا ستكون مضاعفة. ومن المعتاد أن الشركة تستثمر جزءًا من أموالها في شركات تابعة أو شركات زميلة أو في صناديق استثمارية بالأسهم أو السندات، وقد تكون تلك الأسهم لشركات ذات أنشطة محرمة أو ذات أنشطة مباحة وتتعامل بالفوائد، وهكذا تمتد السلسلة إلى ما لا نهاية، ويصبح تحديد الحرام في هذه السلسلة من الشركات أشبه بالمستحيل.

وأيضًا لو فرضنا أنه يمكن التخلص من الأرباح المحرمة الربوية، فهو تخلص من الأكل للربا، لكن هذا المساهم قد شارك في دفع الربا للممولين للشركة، فهو وإن لم يأكله فقد آكَلَه، والنبي صلى الله عليه وسلم حرم الأمرين فلعن آكِلَ الربا ومُؤْكِلَه. أخرجه مسلم (1598) . الترجيح: من خلال استعراض بعض أدلة القولين يتبين ما يلي: أن القول الأول يتوجه القول به بالشروط التالية: إذا لم توجد شركة مساهمة لا تتعامل بالربا إيداعًا واقتراضًا، حيث كانت جميع شركات السوق مما يتعامل بالربا. هذا الشرط منتف في هذا العصر حيث أثبتت دراسة أجريتها نشرها الموقع، أنه توجد شركات مساهمة معاملاتها حلال بالكامل، ومما يؤيد هذا الشرط أن الهيئة الشرعية للراجحي ذكرت في قرارها رقم (485) : (إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك) . إذا كان نظام الدولة يجبر الشركات أن تودع جزءًا من أموالها في البنوك الربوية ويجبرهم أيضًا بأن تدخل الفوائد ضمن أرباح المساهمين. وهذا الشرط حسب علمي غير موجود في هذا العصر، لانتشار البنوك الإسلامية، ومن ثم انتشار المعاملات الإسلامية المصرفية. ألَّا تجد الشركة بدًّا من إتمام عملياتها إلا عن طريق الاقتراض بالربا. وهذا الشرط منتف في هذا العصر؛ إذ وجدت بنوك إسلامية تمول الشركات بالطرق المباحة: كالمرابحة، وعقود الاستصناع، والسلم، والمشاركة المنتهية بالتمليك، والإجارة المنتهية بالتمليك، وغير ذلك مما جاءت شريعتنا بإباحته. ثم إن المتأمل في القول الأول يجد:

أن القول كان في فترة فشا فيها الربا، والبنوك الإسلامية لم تقم على ساقيها، أما في هذه المرحلة فالأمر عكس ذلك، فنحمد الله عز وجل أن انتشرت هذه البنوك الإسلامية في أنحاء الأرض، فأيهما أسهل بالله عليكم تحويل بنك ربوي إلى بنك إسلامي أم تحويل شركة تتعامل بالربا إلى شركة خالية من ذلك؟ لاشك أنه الثاني. فالذي يظهر لي رجحان القول الثاني، وهو حرمة المتاجرة والاستثمار في أسهم الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحًا، وتتعامل بالفوائد أو بغيرها من المعاملات المحرمة، لعموم الأدلة الشرعية في تحريم الربا قليله وكثيره، فلم تستثن تلك الأدلة ما كان تابعًا أو مغمورًا أو يسيرًا. وبالتالي يحرم المتاجرة والاستثمار بهذه الأسهم من هذا النوع من الشركات، والحمد الله توجد شركات نقية من الربا 100% يمكنك المتاجرة بها، وتدر عليك أرباحًا، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2،3] . والله أعلم.

هل يشاركه في الخسارة؟

هل يشاركه في الخسارة؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 28/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قمت بعمل مشروع صغير لتربية الدواجن أنا وابن عم لي، وكان أساس الاتفاق أن رأس المال مني أنا، ومكان التربية والعمل من ابن عمي، واستمر المشروع إلى أن اقترب وقت البيع وقمت أنا بدفع الكثير من المال تكاليف تربية تلك الدواجن، ولكن بحول الله وقدرته أصيب كل ما عندنا من الدواجن بمرض أدى إلى وفاته ولم يبق منه إلا شيء بسيط لن يعيد لي حتى رأس المال المدفوع، تأثرت أنا بسبب المال الذي سيضيع، وتأثر ابن عمى بالوضع الذي أنا فيه، فقال لي سنحسب الخسارة ونتحملها نحن الاثنان، فمثلاً لو خسرت 1000 قال إنه سيعطيني 500، مع أنه لم يدفع معي شيئًا من الأساس، وهذا هو الاتفاق، وكان الاتفاق أيضًا أن الأرباح بالنصف، ولكن لم يكن هناك أرباح ولكن خسارة، فهل آخذ منه مالاً أم يعتبر غرامة؟ مع أنني رفضت هذه الفكرة أساسًا، فأنا يعوضني الله تعالى، ولكن أصرّ على أن يتحمل معي الخسارة، فماذا أفعل؟ أرجو أن توضحوا لي: هل يحق لي أن آخذ منه المال أم لا؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالجواب من وجهين: الوجه الأول: أن شركتكما المذكورة في السؤال ليست شركة مضاربة خالصة، والتي يكون فيها رأس المال من أحدكما والعمل من الآخر، والتي تقتضي أن تكون الخسارة على رأس المال، فتختص لصاحبه؛ لأنك أيها السائل ذكرت أن شريكك منه مكان التربية زيادة على العمل، ومكان التربية لا شك له مقابل، فشركتكم شبيهة بشركة المساهمة، وبناءً عليه فيجوز لك أيها السائل صاحب المال أن تأخذ من شريكك جزءًا من خسارتك بشرط ألا يزيد عن مقدار أجرة المكان مدة العمل.

الوجه الثاني: على فرض أنه لو لم يكن بينكما شركة وأراد ابن عمك أن يساعدك في بعض ما حصل لك من خسارة مالية بطيب نفس منه فله ذلك ويؤجر عليه، ولك قبوله، وليس ذلك غرامة- كما ذكرت في سؤالك- فالإنسان له أن يساعد أبعد الناس، فضلاً عن مساعدة شريكه وابن عمه. وفق الله الجميع لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. والله أعلم.

هل صورة هذه المضاربة صحيحة؟

هل صورة هذه المضاربة صحيحة؟ المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 20/12/1425هـ السؤال جاءني رجل، وقال لي: أنا خبير بالأسهم، وأعرف بعلم الله المضاربة في الأسهم، وغالبًا ما تصيب آرائي الصواب ولله الحمد، ولكن ليس لدي مال، وأريدك أن تشتري بمالك السهم الذي أقوله لك، والربح والخسارة نشترك فيهما. هل تجوز هذه المعاملة؟ منه الخبرة والعلم بوقت الشراء والبيع، ومني رأس المال وتنفيذ ما يقول. فما حكم هذه المعاملة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: الأصل في هذه المعاملة الحل، فهي شركة بينك وبينه، ويجوز تقاسم الربح على ما تتفقان عليه. أما الخسارة فليس عليه منها شيء، بل هي على رب المال، وهو أنت. ولكني في المقابل أنصحك والإخوة الكرام القراء ببعض النصائح: - احذر مائة مرة من كثير من مدعي المعرفة بسوق الأسهم، فكم اكتوى الكثيرون من أمثال هؤلاء. واعلم أن المخاطرة كلها على مالك أنت، فكن على بينة. والله سبحانه قد أمر بحفظ المال، فتذكر ذلك. ولا تستجرَّك الأرباح المعلنة لبعض الأشخاص، أو بعض الصناديق، فإن كثيرًا من الخسائر لا تعلن. - اعلم أن سوق الأسهم من أكثر الأسواق مخاطرة؛ فكما يمكن لاستثمارك أن يزيد، فيمكن له أن ينقص. - لا بد أن يكتب ما بينك وبينه، ولا يكتفى بالاتفاق الشفوي، وينص في العقد على كل التفاصيل المطلوبة. - لا يصح لهذا الشخص أن يعمل في الأسهم إلا بعد معرفة حكم الله تعالى فيها. ولا بد لك أن تتأكد أنه يعرف الحلال والحرام من الأسهم، ولا تكتف بما يذكر لك من أنه متابع أو غير ذلك، أو أنه يتبع بنكًا معينًا.

- لابد من النص على أجل التنضيض (أي التصفية الدورية للشركة) . فبعض الناس يأخذ الربح كل شهر وبعضهم كل شهرين. ولا يصح الاكتفاء بالاتفاق الشفوي المبهم. وفق الله الجميع لطاعته، وجنَّبهم سخطه. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المشاركة بربح مقطوع

المشاركة بربح مقطوع المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها التاريخ 27/12/1425هـ السؤال لدينا شركة مكاسبها عالية جدًّا بفضل الله، وأرباحها مؤكدة- إن شاء الله- وليس فيها مغامرة البتة، ونريد أن نطرح باقة للمساهمة بالصفة التالية: قيمة السهم 5000 ريال، ونكتب في العقد بيننا وبين المساهم أننا لا نضمن الربح ولكن نتوقعه بنسبة 99.99 %، وأيضًا نكتب أنه لو خسر المشروع فتخسر معنا، ولكن لو ربحنا فنتوقع أن تحصل في الشهر الأول على 5000 ريال (أي نفس المبلغ الذي دفعته) والشهر الثاني 4000 والثالث 3000 ريال، والرابع ألفي ريال، والخامس 1000 ريال، وتنتهي الدورة الاستثمارية، وبإمكانك بدء دورة استثمارية جديدة إذا رغبت. فهل هذه الطريقة جائزة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: المساهمة بهذه الصيغة محرمة ولا تجوز؛ لما فيها من الغرر، وسبب عدم الجواز أنه لا توجد نسبة شائعة من الربح، وأما ذكر المبلغ المقطوع فهذا لا يجوز لأنه قد لا تربح الشركة لسبب ما فيحدث مشاكل بين المساهمين وملاك الشركة. والعلاقة بين المساهمين وأصحاب الشركة علاقة مضاربة، ومن صحة المضاربة أن يكون الربح مشاعًا بين رب المال (المساهمين) والمضارب (الشركة) . ولهذا أرى أن يكون من بنود العقد الصيغة التالية: 1- نشترك في الخسارة كما أننا نشترك في الربح. 2- سيكون توزيع الربح كالتالي: الشهر الأول: للمساهم 80% من أرباح أسهمه، ونتوقع أن يكون المبلغ (4000 ريال) . أو غير ذلك. وبقية النسبة (20%) للمضارب (الشركة) . الشهر الثاني: للمساهم 60% من أرباح أسهمه، ونتوقع أن يكون المبلغ (3000 ريال) . الشهر الثالث: للمساهم 40% من أرباح أسهمه، ونتوقع أن يكون الربح (2000 ريال) . وهكذا حتى تتم الدورة الاستثمارية. وعليه تكون نسبة الربح مشاعة بين المساهم (رب المال) ، والشركة (المضارب) ، وبالتالي تصح المضاربة. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

المساقاة والمزارعة

إجارة الأرض للزراعة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المساقاة والمزارعة التاريخ 20/2/1425هـ السؤال هل يجوز المشاركة في حصاد الأرض الزراعية وتأجير المزارع بإيجار ثابت أو مقابل تقديم المحصول؟ قرأت بعض الأحاديث في صحيح البخاري تذكر أن ذلك كان مباحاً أولاً ثم حُرِّم، حتى أن ابن عمر - رضي الله عنهما- رد تأجير أرضه بعد سماع حديث من رفيع بن خديج بأن الأرض يجب أن تجنى من قبل مالكها، أو بواسطة آخرين، أو تركها بدون جني، وكان ابن حجر يرى أن تأجير الأرض مقابل المحصول غير جائز، وتأجير بالمال جائز، وعندي حيرة في هذا الأمر، فآمل منكم التوضيح. الجواب

أحكام المزارعة بيَّنها أهل العلم ووضحوها، والنبي - صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر، وهو حديث متفق عليه عند البخاري (2286) وابن عمر - رضي الله عنهما-، وقد قال أبو جعفر: عامل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل خيبر بالشطر، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان وعلي - رضي الله عنهم- ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون الثلث والربع، وهذا أمر صحيح مشهور، عامل فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى مات، ثم خلفاؤه الراشدون حتى ماتوا، ثم أهلوهم من بعدهم، ولم يبق في المدينة أهل بيت إلا عمل به، فعمل به أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من بعده، فروى البخاري (2328) عن ابن عمر - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر، فكان يعطي أزواجه مائة وسق ثمانون وسق تمرٍ، وعشرون وسق شعيرٍ ... إلى آخر ما جاء في ذلك، فكون الإنسان يتعامل بطريق المزارعة يكون بينه وبين صاحب الأرض معاملة يتفقون فيها على أن يكون البذر من أحدهم، والعمل من الآخر، أو يكون البذر والعمل من شخص، والأرض من آخر، ويقسم النتاج بينهما بحسب ما يتفقون عليه، فإن هذا جائز - إن شاء الله-، كما أنه جاء من حديث آخر بإجارة الأرض أنه تجوز إجارتها بالورق والذهب، والمراد بالورق: الفضة قال بعض أهل العلم: تجوز إيجارة الأرض بالورق والذهب، وسائر العروض سوى المطعوم في قول أكثر أهل العلم، قال أحمد: "قلما اختلفوا في الذهب والورق"، وقال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أن اكتراء الأرض وقتاً معلوماً جائز بالذهب والفضة"، روينا هذا القول عن سعيد، ورافع بن خديج، وابن عمر، وابن عباس وغيرهم - رضي الله عنهم- وقالوا: "إن رافعاً قال: أما الذهب والورق فلم ينهنا- يعني النبي - صلى الله عليه وسلم- وفي رواية لمسلم: "أما بشيء معلوم مضمون فلا بأس" وعن حنظلة بن قيس أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض؟ فقال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كراء الأرض قال: فقلت: بالذهب والفضة"، قال: إنما نهى عنها ببعض ما يخرج منها، أما بالذهب والفضة فلا بأس، انظر جميع هذه الروايات في صحيح مسلم (1547) ، وقد أجاب العلماء عن هذا الحديث بأن هذا لعله متقدم على خيبر، فقصة خيبر تكون ناسخة لهذا الموضوع، والذي عليه أهل العلم هو جواز التعامل مع أهل الأراضي بشطرها أو بثلث ما يخرج منها، أو بربع ما يخرج منها، أو نحو ذلك، وبالله التوفيق.

تأجير الشجر المثمر

تأجير الشجر المثمر المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المساقاة والمزارعة التاريخ 05/06/1426هـ السؤال سؤالي عن إجارة الحدائق المثمرة، حيث يتم تأجير الحديقة لمدة من الزمن، على سبيل المثال: يقوم صاحب حديقة عنب بتأجير تلك الحديقة قبل أن تثمر، مدة ثلاثة أعوام، فما حكم ذلك؟ علماً أني سمعت حديثاً للرسول -صلى الله عليه وسلم- ينهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فتأجير الأشجار من النخيل وغيره -كأشجار التفاح والعنب والبرتقال وغير ذلك- أجازه بعض العلماء، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ويدل له وروده عن عمر -رضي الله تعالى عنه- ولأن الأصل في المعاملات الحل والصحة، ولعدم ترتب محظور شرعي عليه. وأما قولك: إنك سمعت نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها. فنقول هذا صحيح [صحيح البخاري (2194) ، صحيح مسلم (1534) ] ، ولكن ثمة فرق بين بيع الثمار قبل بدو صلاحها، وبين تأجير الأشجار المثمرة؛ فمثلاً لو باع شخص ثمرة النخيل وهو أخضر لم يحمر أو يصفر، فنقول: إن هذا البيع محرم وباطل؛ لما يترتب على ذلك من احتمال وجود الآفة لهذه الثمرة، وكذلك لو باع ثمرة البرتقال أو التفاح قبل أن يطيب وينضج أو العنب قبل أن يحمل الماء ويتموه حلواً، فنقول: إن هذا بيع باطل لا يصح، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك، ففرق بين مسألة البيع وبين مسالة تأجير الأشجار، فالتأجير -كما أسلفت- جائز؛ لفعل عمر -رضي الله عنه-؛ ولأن الأصل في المعاملات الحل، بخلاف بيع الثمار قبل بدو صلاحها، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى عنه.

الإجارة والجعالة

هل يدفع باقي الإيجار؟ المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 18/1/1425هـ السؤال استأجرت شقة، وكانت مدة العقد سنة حيث يكون الدفع كل ستة أشهر، دفعت له نصف المبلغ الدفعة الأولى، وأنا أعمل في مكة، وزوجتي تعمل في منطقة أخرى، ووالدي ووالدتي يعيشون في مكة، قدر الله -سبحانه وتعالى- وتوفي والدي -رحمه الله-، وكذلك زوجتي لم تنقل إلى مكة، فطلبت من الشركة نقلي إلى مكان عمل زوجتي فوافقوا على ذلك، وأردت أن أخلي الشقة ولكن صاحب الملك ألزمني بدفع المبلغ الباقي وهو الدفعة الثانية بعد أن انتهت الستة شهور الأولى، وأنا لا أملك المبلغ الذي يطلبه مني وسوف أستأجر في المنطقة التي نقلت إليها وقد أخبرته مسبقاً في حديث بيننا أنني سوف أقدم نقلاً إلى منطقة عمل زوجتي إن لم تنقل فأبدى رضاه عن ذلك ولم يطلب مني أي شئ، الآن ماذا أفعل؟ أفيدوني أفادكم الله هل أدفع له المبلغ بعد أن أخليت الشقة مقابل الستة شهور المقبلة وهي بقية العقد أم ماذا؟. الجواب ذكر الفقهاء -رحمهم الله- أن الإجارة عقد لازم من الطرفين (المؤجر والمستأجر) ليس لأحدهما فسخ الإجارة دون رضا الطرف الآخر، وهذا العقد يقتضي تمليك المؤجر الأجر والمستأجر المنافع، فإذا فسخ المستأجر الإجارة قبل انقضاء مدتها وترك الانتفاع اختياراً منه لم تنفسخ الإجارة، والأجر لازم له، وبناء على ذلك فليس للمستأجر في هذا السؤال فسخ الإجارة دون رضا المؤجر، فإن ترك الانتفاع فتلزمه الأجرة مدة العقد، إلا أنه ينبغي للمؤجر إقالة المستأجر وهذا سنة في حقه، فإن لم يفعل فالأجرة مستحقة له. وبالله التوفيق.

طبخ الخنزير وتحضير الخمر للكفار

طبخ الخنزير وتحضير الخمر للكفار المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 18/6/1424هـ السؤال خطيبي يعمل بأوربا طباخاً عند أحد الإيطاليين، وطبعاً يطهو لحم الحنزير ويستعمل الخمر كذلك في الطهي لكنه لا يأكل طعامهم. - هل كسبه حلال أم حرام؟ - هو يريد تغيير عمله لكن ما باليد حيلة، فرص العمل هناك نادرة، فبماذا تنصحونه؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب

هذه مسألة يكثر السؤال عنها في أوروبا، وهي مسألة اختلف العلماء فيها، اختلفوا في الاستئجار لحمل الخمر أو الخنزير مثلاً، فهل له أجرة أو ليست له أجرة؟ وهل تطيب هذه الأجرة له أو لا تطيب له؟ فالصحيح من مذهب الإمام أحمد أن الأجرة لا تطيب له، ولكنهم حكوا القول الثاني عنه أيضاً، أي أن له الأجرة ولكنها تكره، وأطلق الوجهين في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعاتين والحاوي، فعلى القول الثاني وهو أنه يجوز له الاستئجار أو يصح له الاستئجار على حمل الميتة والخنزير والخمر يكره أكل الأجرة ولا يحرم، وعلى هذه الرواية تصح الإجارة، وقد حكي في الإنصاف أن هذا هو الصحيح وعليه الأصحاب، وأطلق كثير من العلماء كصاحب الفائق وغيره روايتين، وأطلق بعضهم في المستوعب وجهين، وفي مذهب الإمام مالك يفرق بين أن يكون قد استأجر نفسه في الخمر ونحوه لمسلم فهذا لا يصح، أو يكون قد استأجره لكافر فإنه يصح على رواية زونان عن مالك، وأنه تطيب له الأجرة، ذكرها المواق في شرحه على خليل، وعلى هذه الرواية تبنى المسألة على مسألة الكافر هل هو مخاطب بالفروع أو ليس مخاطباً بالفروع، وهما وجهان صحيحان في مذهب مالك - رحمه الله تعالى -، وقال أبو حنيفة إنه تجوز له الأجرة على حمل الخمر، فالمسألة فيها أقوال إن شاء الله - تعالى - فنحن نفتيه بالأخف والأسهل، وبالتالي نقول: إن هذا الرجل يجوز له أن يعمل حتى يجد عملاً آخر، ويجوز له أن يأخذ تلك الأجرة لأنه محتاج إليها، وإن شاء الله لا يجد في نفسه حرجاً؛ لأن المسألة فيها خلاف وفيها روايات وذكرها ثقات العلماء - رضي الله عنهم - والله أعلم.

إصلاح سيارات شركات التأمين

إصلاح سيارات شركات التأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 7/1/1424هـ السؤال لدي مركز صيانة سيارات وتعاقدت معي شركة تأمين بإصلاح سيارتهم التي يجري عليها التأمين فهل هذا الفعل يجوز؟ جزاكم الله خيراً. الجواب نعم يجوز أن تتعاقد مع شركة التأمين لإصلاح سياراتها ومعداتها حتى لو كانت الشركة التأمينية في عقودها نظر مع المؤمنين معها، فالتعامل مع الكافر أو من ماله حرام بالبيع والشراء جائز لا شيء فيه ما دام تعاملك أنت مستوفياً الصفات الشرعية في العقود. وعليك أن تعامل هذه الشركة كما تعامل غيرها من الشركات والمؤسسات الأخرى، والله أعلم.

أخذ الأجرة على الشفاعة

أخذ الأجرة على الشفاعة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 1/11/1423هـ السؤال هل يجوز أخذ المال من المعاملين أو المستفيدين في العمل للحالة التالية: استغلال مقر عملي ومعرفتي بالمسئولين وإخراج أوامر لبعض المستفيدين في طلب العلم (منح دراسية) دون أن يكون أي ضرر للآخرين وإنما لتسهيل عملية الدراسة؟ الجواب الحمد لله وحده وبعد: أما استغلال مقر العمل ومعرفتك بالمسئولين لإخراج أوامر منح دراسية دون ضرر للآخرين وإنما لتسهيل علمية الدراسة. فهذا إن كان احتساباً منك دون أجرة وكان من تشفع له مستحقاً فعملك من الأعمال التي تؤجر عليها قال تعالى: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" [النساء:85] وعن أبي موسى - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اشفعوا تؤجروا " صحيح البخاري (1432) . أما أخذ مقابل على هذه الشفاعة فهذا محل خلاف بين أهل العلم واختار شيخ الإسلام التحريم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من شفع لأحد شفاعة فأهدى له هدية عليها فقد أتى باباً عظيماً من الربا" سنن أبي داود (3541) وحسنه الألباني صحيح أبي داود (3025) . قال ابن تيمية رحمه الله -"وأما الهدية في الشفاعة مثل أن يشفع لرجل عند ولي أمر أن يرفع عنه مظلمة أو يوصل إليه حقه أو يوليه ولاية يستحقها أو يستخدمه في الجند المقاتلة وهو يستحق أو يعطيه من المال الموقوف على الفقراء أو الفقهاء أو القراء أو النساك أو غيرهم وهو من أهل الاستحقاق، ومثل هذه الشفاعة على فعل واجب أو ترك محرم فهذا أيضاً لا يجوز فيه قبول الهدية، ويجوز للمهدي أن يبذل ما يتوصل به إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه، هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الأكابر.

ومتى سوغ أخذ الجعل على مثل هذا لزم أن تكون الولاية وإعطاء أموال الفيء والصدقات وغيرها وكف الظلم عمن يبذله، والذي لا يبذله لا يولى ولا يعطى وإن كان أحق وأنفع للمسلمين من هذا فمن أخذ جعلاً من شخص معين على ذلك أفضى أن تطلب هذه الأمور بالعوض.. بل يشفع ولا يأخذ هذا هو المأموربه) إلى آخر كلامه في مختصر الفتاوى المصريه (ص:458/459) . وما ذكره السائل مما انتشر هذا الزمان وسبب انتشاره فساداً كبيراً فأسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

شراء وتأجير مواقع الإنترنت

شراء وتأجير مواقع الإنترنت المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 8/11/1423هـ السؤال هل يجوز أن أشتري جزءاً من موقع على الإنترنت وتأجيره على الآخرين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب يجوز شراء موقع على الإنترنت وتأجيره على الآخرين بشرط ألا تؤجره على من يستغله في أشياء محرمة وقد قلنا بالجواز لأن الأصل الحل، لكن بالشرط المتقدم.

حكم نقل شخص يحمل الخمر

حكم نقل شخص يحمل الخمر المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 23/3/1424هـ السؤال هل يجوز لسائق أجرة أن ينقل شخصاً يحمل بيده خمراً؟ الجواب لا يجوز لسائق السيارة أن ينقل من يحمل بيده خمراً؛ لأن ذلك إعانة على المعصية، ولأن الناقل في حكم حامل الخمر الذي ورد لعنه في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- انظر ما رواه الترمذي (1295) ، وابن ماجة (3381) ، من حديث أنس - رضي الله عنه-.

الشرط الجزائي

الشرط الجزائي المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 23/9/1422 السؤال هل يجوز تطبيق الشرط الجزائي على العامل في عقد اتفاق العمل؟ الجواب الشرط الجزائي، هو: اتفاق بين المتعاقدين على تقدير التعويض الذي يستحقه من شُرِط له عن الضرر الذي يلحقه إذا لم ينفذ الطرف الآخر ما التزم به أو تأخّر في تنفيذه، والشرط الجزائي يجوز اشتراطه في جميع العقود المالية، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها ديناً؛ لأن هذا من الربا، وكذا في العقود التي نهى الشارع عنها، مثل: الوعد الملزم في بيع المرابحة؛ لأنه يدخل في بيع ما لا يملك الإنسان، وقد نهى الشارع عن ذلك، وبناءً على هذا فيجوز في عقود المقاولات الشرط الجزائي على العامل (المقاول) ، وكذا في عقد التوريد بالنسبة للمورد، إذا لم ينفِّذ ما التزم به، أو تأخر في تنفيذه، ولا يجوز مثلاً الشرط الجزائي على رب العمل لو تأخر في السداد للمقاول؛ لأنه ربا. ولا يجوز أيضاً الشرط الجزائي على العامل الأمين (وهو الأجير الخاص) لأجل خطئه، وهو لم يفرّط؛ لأن هذا تضمين عليه بما لم يضمنه بالشرع، أما لو شرط عليه شرط جزائي فيما لو تأخر بالعمل فلا بأس حينئذٍ، والله أعلم.

المناقصات التجارية

المناقصات التجارية المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 11/4/1423 السؤال ما مدى مشروعية المناقصات التجارية التي تحدث في وقتنا الحاضر؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن المناقصة معناها: أن يعلن راغب الشراء طلبه شراء سلعة ليتزاحم كل من الباعة على البيع بثمن أنقص، فهي عكس المزايدة. وقد تكون المناقصة في استئجار الأعيان، أو في الإجارة على الأعمال. والبيع والإجارة عن طريق المناقصة جائزان شرعاً إذا سلمت هذه المعاملة من التلاعب والتزوير، بل ربما أدى ببعض المشاركين في المناقصات إلى أن يدفع الرشوة لمن يخبره عن العطاء الأقل من أجل أن ينقص هو فيفوز بالعطاء، فهذه أمور محرمة لا تجوز، أما البيع في ذاته أو الإجارة عن طريق المناقصة فهما صحيحان، ثم لا تخلوا المناقصة إما أن تكون مناقصة علنية أو عن طريق الظرف المختوم، فإن كانت علنية، فما يذكره المشارك في المناقصة يعد إيجاباً فإذا دفع أحد غيره ثمناً أقل بطل ذلك الإيجاب؛ لأن طلب الأقل يعد إعراضاً عن ذلك الإيجاب، فإذا عرض عليه الثمن الأقل وقبل فقد انعقد العقد حينئذٍ، وإن كانت المناقصة عن طريق الظرف المختوم بأن يرسل المشاركون معروضاتهم في الأسعار دون أن يعلم أحدهم بما قدم الآخر ثم تفتح معروضاتهم، فإن هذه المعروضات تعد إيجابات متعددة فيصح للطرف الآخر أن يقبل بأي منها ولو قبل غير الأقل، إلا المناقصات التي تجريها الدوائر الرسمية من فروع الحكومة فيما تحتاج إليه من الأعيان أو الأعمال فلا يجوز لها أن تختار من الأسعار المعروضة إلا ما وافق مصلحة بيت المال العام، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

متى يستحق الموظف أجرة الانتداب؟

متى يستحق الموظف أجرة الانتداب؟ المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 5/5/1423 السؤال أريد تفصيلاً في أحكام الانتداب وخارج الدوام في قضية جواز أخذ المال، هل يلزم مثلاً قضاء المدة المطلوبة أم أن القضية تقديرية وترجع إلى المدير المباشر فقط؟ الجواب المهمة التي يكلف بها الموظف سواءً أكانت انتداباً أم خارج دوام المراد بها إنجاز عمل من الأعمال، فإذا أنجز الموظف هذا العمل دون تقصير فهذا هو المطلوب، سواءً استغرق المدة أم لم يستغرقها، وبهذا يستحق الأجر المالي لإنجازه العمل الذي خصص له هذا الأجر، والله الموفق.

إيجار المنتجعات السياحية

إيجار المنتجعات السياحية المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 10/5/1423 السؤال شركة سياحية تعرض بيع عقار في منتجع سياحي معين في بلد معين لمدة أسبوع بالسنة بقيمة معينة، ويمكن للزبون اختيار أي منتجع بالعالم يتبع لهذه الشركة لمدة أسبوع يختاره هو، على أن يدفع قيمة الصيانة السنوية، سؤالي عن الحكم الشرعي لهذه العملية وجزاكم الله خيراً. الجواب الذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن هذه إجارة وليست ببيع، والإجارة هي: بيع المنفعة وليس بيعاً لعين، وبناء عليه فلا أرى حرجاً في مثل هذه المعاملة، والأصل في المعاملات الحل إلا ما ورد النهي فيه كأن تشتمل المعاملة على الربا، أو على الغرر، أو الميسر، أو على أكل أموال الناس بالباطل، أو على استعمال مبيع ونحوه في محرم، أو يكون هو محرماً كآلات اللهو، وبهذا يتبين أنها مباحة -إن شاء الله تعالى-، لكن أحب أن أشير إلى ما يتعلق بالسياحة من المخالفات الشرعية التي لا تخفى، من السفر إلى بلاد الكفار من غير حاجة إن كانت السياحة في بلادهم، وإن كانت معه عائلته فالخطر أكبر، فإن في ذلك تعريضاً للأخلاق والعقائد للخطر، وليس المقام مقام بسط، لكن أحببت التنبيه والإشارة، وعلى السائل أن يراجع أهل العلم في ذلك، والله -تعالى- أعلم.

العمل في إدراج وتقييد الفوائد البنكية

العمل في إدراج وتقييد الفوائد البنكية المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 12/5/1423 السؤال أعمل محاسباً بإحدى الشركات، وأعمالي تتكون من: 1-ترحيل حركة الحسابات للبنوك والشركة، وبالتالي أقوم بإدراج العمولة والفوائد المرسلة بكشف البنك بدفاتر وكمبيوتر الشركة، وكذلك تحويلات بنكية لشراء بضاعة من الخارج. 2-أعمال الشؤون الإدارية للموظفين من إجازات ودوام وخلافه. ما حكم الراتب الذي أتقاضاه نظير مجموع الأعمال التي أقوم بها، وذلك لشكي في أنني ممن يكتبون الربا (أعمال البنوك) ؟ علماً أنني متزوج ولي ثلاث بنات. الجواب إذا كان عملك في المحاسبة يقوم على توثيق وكتابة وتقييد العمولات والفوائد الربوية المستفادة من الاقتراض أو الإقراض، أو كانت التحويلات البنكية التي تقوم بها الشركة المذكورة فيها الفوائد الربوية لأجل الاقتراض أو الإقراض، فهذا العمل داخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء" رواه مسلم في صحيحه (1598) من حديث جابر. وعلى هذا فما تتقاضاه من مرتب لأجل هذه الأعمال لا يجوز، وإذا كنت جاهلاً بالحكم قبل ذلك فما أخذته قبل ذلك لأجل عملك بما فيه توثيق الفوائد وتقييدها معفو عنه؛ لقوله -تعالى-: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" أي: فله ما سلف مما كان قبضه من الربا جعله له وأمره إلى الله، كما قال جماعة من المفسرين، واختاره ابن تيمية، وغيره. والضمير في (وأمره) عائد على ما سلف، أي: أمره إلى الله في العفو عنه وإسقاط التبعة فيه، هذا أظهر الأقوال، والله أعلم، والواجب مع هذا التوبة والإقلاع عن الذنب والندم على ما مضى، ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.

حكم صرف الأدوية الحكومية للأقارب

حكم صرف الأدوية الحكومية للأقارب المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 12/11/1422 السؤال أنا صيدلي أعمل في مستشفى تابع لوزارة الصحة، وبطبيعة الحال يوجد تحت أيدينا أدوية ومستلزمات طبية أخرى، فهل يجوز لي الصرف من هذه الأدوية للأقارب، أو الأصدقاء، أو للاستخدام الشخصي بدون وصفة طبية (على شكل هبة بدون مال) ؟ وإذا كان لا يجوز، فما الحكم في الأدوية التي صرفتها في السنوات الماضية؟ وإذا كان المريض محتاجاً وليس لديه وصفة، هل إذا أعطيته أكون آثماً بذلك؟ الجواب لا يجوز لك الصرف من هذه الأدوية إلا إذا كنت مخولاً ممّن يملك ذلك، أمّا على سبيل الاجتهاد فلا يجوز لك ذلك، وكذلك لا يجوز لك الصرف لمن ليس لديه وصفة طبية ممّن يملك ذلك من الأطباء.

راتب الإمام إذا تغيب عن المسجد

راتب الإمام إذا تغيب عن المسجد المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 13/5/1424هـ السؤال عندنا مسجد بجوار البيت، والدي المؤذن وأنا الإمام، ظروف عملي أجبرتني على الرحيل بعيداً عن البيت فأصبح أبي هو المؤذن والإمام في نفس الوقت، هل الراتب الذي أتقاضاه شهرياً من وزارة الأوقاف حلال؟ ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله عنا خير الجزاء. الجواب ينبغي أن يعلم أن ما يعطاه المؤذن، أو الإمام ونحوه على العمل في المسجد ليس أجرة، وإنما هو مكافأة ورزق، وهذا إنما هو مقابل بذله شيئاً من الجهد والوقت بحبس نفسه على خدمة هذا المسجد، فالإمام إذا كان يقوم بهذا العمل فإنه يستحق هذه المكافأة، وإذا كان بعيداً في بيته، ولا يصلي بالناس فلا يستحق هذه المكافأة، وحينئذ فعليه أن يتصل بوزارة الأوقاف ويخبرهم بحاله ليختاروا بديلاً عنه يقوم بهذا العمل، وأما هو فليس له الحق في أن يأخذ المال ما دام ينوب عنه أبوه؛ لأن وجود الإمام إنما هو باختيارٍ من الجهة المسؤولة، وقد يكون والدك لا تتوفر فيه صفات الإمام الذي ترتضيه الجماعة، أو لا تتوفر فيه الصفات الشرعية التي تؤهله ليقوم بالإمامة، وهذا الأمر متروك لصاحب الشأن وهو وزارة الأوقاف.

حكم العمل في بناء البنوك

حكم العمل في بناء البنوك المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 15/1/1425هـ السؤال بالنسبة لأعمال البناء والمقاولات قد يعرض أو بالأصح نأمر بالإشراف على بعض المواقع مثل الفنادق والبنوك الخ.... فهل يجوز العمل في هذه الأمور أم لا؟ الجواب يظهر لي والله أعلم أن العمل في ما ذكرته من الإشراف على ما ذكرته ليس فيه عمل عند البنك ولا تعاملٌ معه بل مجرد إشراف مطلوب من جهة أخرى ومختص بالإشراف على البناء ونحوه. لكن قد يقال إن هذا العمل قد يكون فيه إعانة على إقامة البنك الربوي لكن هذا من بعيد ولا شك إن ترك ذلك أولى لقوله تعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى مالا يريبك" أخرجه الترمذي (2518) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنه-، والله أعلم.

هل يحق لي عدم إكمال عقد الإيجار؟

هل يحق لي عدم إكمال عقد الإيجار؟ المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 23/11/1422 السؤال أستأجرت شقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأبرمت عقداً مع صاحب العقار وهو غير مسلم باستئجار الشقة لمدة ستة أشهر، وطلب مني دفع المبلغ على دفعتين: 1500 دولار للثلاثة أشهر الأولى، و1100 دولار للثلاثة الأشهر الأخرى..دفعت القسم الأول، ولما انقضت فترة الدفع الأولى قررت الخروج من الشقة، وعدم دفع القسم الثاني. فخرجت من السكن ولم أخبرهم بأنني خارج، فهل يجب عليّ دفع القسم الثاني والذي قدره 1100دولار؟ بالرغم من أنني لم أسكن في الشقة وبالتالي لم أدفع مستحقاتها، أم أنه يعتبر ديناً عليّ يجب دفعه؟ أفيدوني أفادكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب يا أخي -حفظك الله- الأصل أن الإجارة عقد لازم في حق الطرفين المؤجِّر والمستأجر -خلال مدة الإجارة-، فلا يملك واحد منهما فسخه دون رضا الآخر ما لم يوجد ما يمنع استيفاء المنفعة المعقود عليها، مما هو متعلق بالمعقود عليه. ويظهر في سؤالك أنه لا يوجد ما يمنع استيفاءك المنفعة المعقود عليها، وبناء عليه: فإنه لا يحق لك فسخ عقد الإجارة من تلقاء نفسك دون رضا المؤجِّر. وإذا مكّنك المؤجِّر من استيفاء المنفعة بتخليته بينك وبين الشقة فقد أدى ما عليه، وبقي أن تؤدي ما عليك وهو: دفع القسم الثاني من قسطي الإجارة. وإذا لم تفعل فإنه لا يزال ديناً في ذمتك، فيلزمك أداؤه إلى صاحبه، فإن تعذر لانتقال ملكية الشقة، وعدم معرفة عنوان المؤجِّر ونحو ذلك لزمك التصدق به، لا بنية التقرب إلى الله من جهة واحد منكما، بل بنية التخلص من هذا المال لكونه لا يحل لك، ولم تجد طريقاً لإيصاله لصاحبه.

هل أفتح مقهى للإنترنت؟

هل أفتح مقهى للإنترنت؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 22/12/1422 السؤال أريد افتتاح مشروع مقهى إنترنت هل يجوز ذلك أم حرام؟ وما هي الضوابط المطلوبة للمشروع (مثلاً تحديد عمر المتعاملين كأن يكون ثمانية عشر عاماً فما فوق واستخدام الفلاتر والمرشحات، وعدم وضع أماكن مغلقة لكل جهاز) ؟ الجواب الذي يظهر لي - والله أعلم - هو جواز ذلك إذا تحققت فيه الضوابط التالية: وهي استخدام المرشحات القوية للمنع من تصفح المواقع المحظورة، مع ضرورة قطع الاتصال بالشبكة متى ما تعطلت هذه المرشحات. وأن تكون الأجهزة مكشوفة حتى يسهل مراقبتها، فكم وجد من الطوام والفظائع في الغرف المغلقة. وتفقد الأجهزة كل حين؛ لتنظيفها من كل ما قد يُحفظ فيها من الصور أو المواقع المحرَّمة ونحو ذلك مما يستعان به للوصول إليها. هذا مع ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسؤولية صاحب المقهى أو من يقوم مقامه في ذلك أعظم من غيره، فله في محله سلطان كسلطان الأب في بيته. وبعد، فإن الأخذ بهذه الضوابط واجب حَتْم لكل من أراد الاستثمار في هذا المجال، ولكن المأمول من الأخ السائل فوق ذلك بكثير، وليس يقنعنا منه مجرد تطهير محله من أن يكون وكراً للفساد، بل إننا ننتظر منه أن تكون له سابقة في استثمار المقهى في دعوة الشباب وشغل أوقاتهم بالنافع المفيد. إن في جملة الشباب المترددين على هذه المقاهي من المهارات والطاقات ما يحتم علينا استثمارها وتوظيفها في سبل الخير، ونجاح هذا مرهون بقوة التأثير والاجتذاب التي لا تتحقق غالباً إلا من خلال التجديد والابتكار، واستغلال تقنيات هذا العصر.

إنني أدعو هذا السائل وغيره من الأخيار الصالحين الذي يرغبون الاستثمار في هذا المجال إلى الأخذ بهذه الوسائل والاجتهاد في استغلالها، حتى يجعلوا من هذه المقاهي موطناً للهداية والإفادة، وحتى يعلم الناس أن المقاهي ما هي إلا أداة تصلح أن تكون نواة للخير، وليست حكراً على الفساد. وأرى أن تطرح هذا المشروع في منتديات الإنترنت، علك أن تحظى ببعض الأفكار في هذا، ولن يعدم المجتهد وسيلة مؤثرة في دعوة الشباب وإفادتهم. جعلنا الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لمرضاته ويستعملنا في طاعته، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

العمل في شركة تقترض بالربا

العمل في شركة تقترض بالربا المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 2/1/1423 السؤال نحن موظفون بشركة عامة نتقاضى مرتباً شهرياً مقابل العمل وهذه الشركة تقترض من المصرف بفائدة لدفع المرتبات ومصاريف الشركة. السؤال ما حكم العمل بهذه الشركة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: فإن الله - سبحانه وتعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - حرما الربا ولعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله، أي آخذ الربا؛ أكله أو لم يأكله، وموكله، أي مطعمه وهو الذي يعطي الربا للمرابي انظر ما رواه مسلم (1597) من حديث عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-. فمن اقترض أو استدان لغير حاجة، وإنما لتكثير مال، أو انتفاع بما لا ضرورة فيه، فهو ممن يشمله اللعن؛ لأنه أطعم الربا، فهو موكله.

إذا تبين هذا، فإن الشركة التي أشار إليها السائل تقترض بالفوائد وتفعله كثيراً، فهذا يدل على أنها تستعجل نفعاً في غير ضرورة، فالأفضل لهذا العامل وأصحابه أن يبحثوا عن عمل آخر، ومن تيقن أن الرزق عنده - سبحانه-، وأن من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه لا ينبغي له أن يعمل عند أمثال هؤلاء. وأما إن كان استدانة الشركة في بعض الأحيان، كألاَّ يوجد لديها ما تعطيه أجوراً لعمالها، ولا تفعلها إلا في بعض الأحيان للحاجة، فهذا -والله أعلم- إذا أخذ الأجير عمالته من هذه الشركة بهذا الوصف لم يكن عليه إثم - إن شاء الله - ولم يكن بمنزلة من أخذ أجرته ممن يأكل الربا كالبنوك وتجار العينة، ولا بمنزلة من يؤكل الربا كالذين يقترضون للمنفعة، وتحسين المعيشة، وزيادة الدخل، فإن العمل -عند هؤلاء- لا يجوز، والعقد معهم فاسد؛ لأنه إعانة لهم على المعصية. والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

ما حكم تأجير جزء من المسجد؟

ما حكم تأجير جزء من المسجد؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 15/12/1422 السؤال في ألبانيا لدينا مسجد اشترى أحد المحسنين من السعودية أرضاً بجانبه، وأدخلها في أرض المسجد، والآن الإمام يرغب أن يفتح في جزء منه محلاً ويؤجره على أحد الإخوة الذين لا يبيعون أشياء محرمة، ويستفيدون من الإيجار في إصلاحات، أو نظافة المسجد، وغير ذلك، فهل هذا العمل جائز؟ الجواب إذا كان ذلك الجزء الذي بجانب المسجد لا يحتاج إليه المصلون في الجمع والأعياد والمناسبات الإسلامية فلا بأس بتأجيره متجراً يصرف ريعه على المسجد في فرشه ونظافته وصيانته وكل ما يحتاجه، ويشترط أن لا يباع فيه شيء من المحرمات الشرعية، وينبغي أن يسجل هذا ويقيد بدائرة يعتاد تسجيل الأوقاف فيها عادة كالأوقاف، أو البلدية، أو الجمعية والمركز الإسلامي. وعليه فإن فعل الإمام والحالة هذه جائز شرعاً ومأجور عليه - إن شاء الله -.

منحة التقاعد

منحة التقاعد المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 16/7/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هنا بأرض الجزائر يوجد بنتان لهما أب كان يعمل في فرنسا سابقاً، وتوفي وبقيت أمهم، ثم إنها تزوجت ولما حان وقت أخذهم لمنحة التقاعد يشترط القانون الفرنسي بأنه لابد أن تكون الزوجة لم تتزوج، وعليه فما دامت قد تزوجت فلا يحق لها أخذ مال زوجها السابق الحاصل من التقاعد لا هي ولا بناتها، والسؤال: هل هذا المال يعدّ حقاً للبنات ومن حقهم استرداده بطرق فيها نوع تغيير في الوثائق أو لا؟ علماً أن هاتين الفتاتين فقيرتان وهم بحاجة إلى هذا المال، نرجو منكم موافاتنا بالجواب في أقرب الآجال، وتكملة للسؤال: هل يعدّ مال التقاعد الذي تأخذه الزوجة باسمها مثلاً هو من الميراث أو هو منحة تستأثر بها الزوجة؟ علماً أن القانون الفرنسي يقول: إنه إذا توفيت الزوجة فلا يحق للأولاد أخذ ما تبقى من ميراث أبيهم. هذا في القانون، ولا ندري من الناحية الشرعية الحكم في ذلك، فنرجو التوضيح؛ لأنها مسألة مهمة، وقد سئلنا عنها هاهنا مراراً وتكراراً لكثرة العمال الجزائريين بفرنسا، حيث اضطرهم الاستعمار فيما سبق إلى الهجرة والعمل والله المستعان. ولي سؤال آخر: البعض من الناس إذا مات والده ووالدته الذين يحصلان على التقاعد لا يقوم بالتصريح بوفاتهما لدى الجهات الفرنسية حتى يأخذ مبالغ أخرى من هذه الجهات، مدعياً أن فرنسا قد أخذت عرق أبيه وجده ونحو ذلك، فما الحكم أيضاً في هذه الحالة؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالذي يظهر لي أن التقاعد منحة من الحكومة للموظف وليس من الإرث، وعليه فلا أرى جواز تغيير الوثائق أو الكذب للحصول عليه ممن لا يشمله التقاعد في كل الصور المذكورة في السؤال، ومن اتقى الله جعل له مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب، والله الموفق.

تخفيضات الرسوم المدفوعة جملة

تخفيضات الرسوم المدفوعة جملة المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 15/11/1424هـ السؤال لدينا مدرسة إسلامية في مدينتنا يقوم الأب بدفع الرسوم الدراسية لها على أقساط شهرية لمدة عشرة أشهر، وللأب الخيار في دفعها في الشهر الأول، حيث يتحصل على تخفيض 10%، أحد الإخوة قال لي إن هذا أشبه بربا الفضل، وأنا عضو في لجنة المدرسة، فهل في هذا الإجراء مخالفة شرعية؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب ليس في هذه العملية ربا، لا فضل ولا نسيئة، بل هذا جائز، لأن هذه الرسوم تعتبر أجرة، والمعجَّل يختلف عن المؤجل، إلا أنه يجب أن يبت في العقد بأحد الأمرين، ولا يترك محتملاً للمعجَّل والمؤجل.

دفع مبلغ للحصول على وظيفة

دفع مبلغ للحصول على وظيفة المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 24/11/1423هـ السؤال أنا لي ست سنوات لم أجد عملاً، فوجدت رجلاً يقبل المال مقابل وظيفة في إحدى الشركات الكبرى، يعني بالعامية (يوظف بفلوس) هل عليَّ إثم في ذلك؟ الجواب الحمد لله، يا أخي - وفقك الله - المسألة فيها تفصيل: أ. فإن كان الرجل الذي يأخذ مالاً مقابل التوظيف، هو مسؤول أصلاً عن التوظيف، وهو عمله الرسمي الذي يتقاضى عليه مرتباً، كأن يكون موظفاً في وزارة الخدمة المدنية، أو في شؤون الموظفين في أي جهة كانت حكومية أو أهلية، فلا يجوز له أن يأخذ مالاً لقاء التوظيف؛ لأن التوظيف هو عمله الذي يأخذ عليه مرتباً، وما يأخذه من الأفراد من مال مقابل توظيفهم يعد رشوة محرمة، سواءً أخذه من الأفراد طالبي التوظيف أنفسهم، أو أخذه من الجهات أو الأفراد الذين يبحثون للناس عن وظائف بمقابل. ب. وإن كان الرجل الذي يأخذ مالاً مقابل التوظيف ليس مسؤولاً عن التوظيف، ولا موظفاً في دائرته، لكنه طرف خارجي، وإنما يأخذ المال منك مقابل جهده في بحثه لك عن وظيفة، وقيامه بما يقتضيه طلب الوظيفة من إجراءات، وتذليل الصعاب في ذلك على نحو مشروع، فلا مانع منه، والله - تعالى - أعلم.

العمل في شركة تتعامل بالربا

العمل في شركة تتعامل بالربا المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 1/9/1423هـ السؤال أعمل في شركة أبي أجيراً وهو يتعامل بالربا، حيث تختلط أمواله بالحرام، فهل يجوز أن أواصل عملي عنده، أو أتناول الطعام عنده؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده وبعد: فإن كان لوالدك في شركته عمل آخر - سوى الربا - من الأعمال المباحة فإني أرجو ألاّ حرج عليك في العمل معه والتناول من طعامه، وعليك ألاّ تشارك في حساب الربا ولا كتابته. وأما إن لم يكن له عمل سوى الربا، فإني أرى لك أن تترك العمل معه وألاّ تتناول من طعامه إلا إن كنت غير مستطيع الإنفاق على نفسك، فإن لك أن تأخذ منه قدر حاجتك، وفقك الله وأغناك بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.

العمل لدى شركات التدخين

العمل لدى شركات التدخين المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 24/8/1423هـ السؤال ما حكم العمل لدى شركات التدخين؟ مع التفصيل، بارك الله فيكم وفي علمكم. الجواب الدخان محرم، لكونه من الخبائث، وقد قال الله سبحانه وتعالى واصفاً نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - "يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" الآية، [الأعراف: 157] ، ولا يجوز بيعه؛ لما روى أبو داود (3488) بسند صحيح أن رسول الله - صلى الله عليه سلم - قال: ( ... إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه"، والعمل في شركات التدخين - التي يقوم عملها على صناعة الدخان والتجارة فيه - لا يجوز؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه في قوله تعالى "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" الآية، [المائدة: 2] ، وبالله التوفيق.

استقدام الخادمة الكافرة

استقدام الخادمة الكافرة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 2/2/1423 السؤال ما حكم الاستعانة بخادمة غير مسلمة؟ نظراً لارتفاع سعر الخادمة المسلمة. الجواب أصبح استجلاب الخادمات في مجتمعنا -مع الأسف- ظاهرة سيئة يقلد الناس فيها بعضهم بعضاً، وإن لم توجد حاجة ضرورية لصاحب البيت تدعو لاستخدامها، وظهر من ذلك أضرار ومحاذير شرعية واجتماعية وصحية واقتصادية فضلاً عن مجيئها بدون محرم والخلوة بها، وعلى كل حال أنصحك يا أخي بأن تحاول إقناع زوجتك وأهل بيتك بالاستغناء عن الخادمة أصلاً، كافرة كانت أو مسلمة، وإن لم تستطع أو كانت لديك حاجة ملحة أو ضرورية فعليك بالخادمة المسلمة وإن زادت عليك كلفتها، واحتسبت هذا عند الله، والله يأجرك عليه، وعلّمها أحكام الدين وفقهها فيه، واجلب لها الكتب النافعة والأشرطة المفيدة بلغتها، وعلمها الآداب الشرعية وأمرها بالحجاب الشرعي، ولا أنصحك بالخادمة (الأجنبية) ما دامت كافرة فإنك آثم إن أتيت بها وأنت تجد مسلمة تقوم مقامها، ثم إنك خالفت أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان" رواه أحمد (26352) ومالك (1697) ، وعلاوة على أن المشركة كيف تؤمن على تربية الأولاد والقيام بشؤون البيت وهي لا أمانة لها؟ أسأل الله لي ولك التوفيق لما يحبه ويرضاه.

العمل في الشرطة في بلد لا يحكم الشريعة

العمل في الشرطة في بلد لا يحكِّم الشريعة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 9/10/1424هـ السؤال هل يجوز الدخول أو العمل في الشرطة في بلد لا يحكم بشرع الله إذا لم أجد عملاً آخر؟. الجواب العمل في الشرطة كغيره من الأعمال تعتريه أحكام، فإن غلب على ظن العامل أنه لن يصيبه في عمله هذا ضرر في دينه ولا دنياه، أو ترجَّحت مصلحته على ما فيه من مفسدة فإنه لا حرج على المسلم فيه. أما إذا كان الحال بالعكس، بأن غلب على ظن العامل أنه يرتكب في عمله هذا ما يضر به في دينه، أو يضر به أو بغيره من المسلمين في دنياه، فإنه والحالة هذه لا يجوز له الإقدام عليه، والمرء فقيه نفسه، وعليك أن تنظر إلى الأمور بالنظر الصحيح، فما ترجح لديك فاعمل به.

استبدال الدورة والتوفير من مالها

استبدال الدورة والتوفير من مالها المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 17/8/1423هـ السؤال أعمل في جهة حكومية، وعندنا برنامج للتدريب على مشروع جديد، حيث قالوا لنا: سنعطيكم مبلغاً من المال على أن تختاروا دورة دراسية مكثفة، سواء في الداخل أو الخارج في مواضيع تم تحديدها لنا، والحقيقة أن المبلغ كبير نوعاً ما، وبإمكاني الحصول على الدورة المذكورة بمنتهى الكفاءة، مع توفير جزء لا بأس به من المبلغ، وذلك كأن أقوم بأخذ الدورة في المملكة وليس خارجها، فهل يحل لي أخذ المبلغ المتبقي؟ الجواب من صفات المؤمن الكامل الصدق، والإخلاص، وأداء الواجب على أكمل وجه ممكن، والتزام الأمانة، وذلك بأداء ما وكل إليه من عمل أو أنيط به من مهمات، وفي هذه الحالة له أن ينفق في هذا المجال ما أذن له فيه، وليس له أن يقتطع شيئاً منه ليوفره لنفسه إلا إذا أذن له رؤساؤه، والله من وراء القصد.

العمل في الجيش الكافر جبرا أو اختيارا

العمل في الجيش الكافر جبراً أو اختياراً المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 25/1/1423 السؤال هل يجوز الانخراط في الجيش الكافر للمسلمين المقيمين في هذا البلد؟ الجواب

إن مسمى الجيش عام يحتاج إلى تفصيل: فإن أريد بالجيش القوات العسكرية التي تخضع عادة لوزارات الدفاع في كل دولة فلا يجوز الانخراط فيها حينئذ ما دامت الدولة كافرة تحكم القوانين الوضعية، وربما تقاتل المسلمين، وفعل مثل هذا من موالاة الكفار المحرمة نصاً في الكتاب العزيز كقوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" [المائدة:51] ، وقوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ... " [الممتحنة:1] ، وإن أريد بالجيش قوات الأمن بأنواعها من الحرس والدرك وبوليس الآداب والدفاع المدني والشرطة العسكرية ودوريات المرور ونحو ذلك، فالذي يظهر لي جواز ذلك -إن شاء الله - بشرط ألا يباشر المسلم أذية أو ضرراً لأخيه المسلم؛ لأن أعمال قوات الأمن هذه أصلها مشروع، تعمل على حفظ ضروريات الناس بحفظ اعتقاداتهم وأعراضهم وأموالهم فلا يعتدى عليها، وكثير من صفات الخير مشتركة بين بني الإنسان مؤمنهم وكافرهم، فالتعاقد مع الدولة -وإن كانت كافرة- على مثل هذا جائز، وهو من التعاون على البر والتقوى ونشر الفضيلة بين الناس، ولما جاء الإسلام وجد عادات وأخلاقاً حميدة عند العرب في الجاهلية فأقرها ودعا إليها، وجاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" شهدت غلاماً مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه" رواه أحمد (1676) وابن حبان (4373) والبيهقي (6/366) والحاكم (2925) وأبو يعلى (846) وغيرهم واللفظ لأحمد، وفي رواية: "لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت"، وإن دعي السائل إلى التجنيد الإجباري في قوات وزارة الدفاع فلا يجوز له ذلك، وعليه أن يسعى بالتخلص منه بأي أسلوب يراه ممكناً. هذا كله إذا كان السائل مجبراً على الانخراط في سلك الجيش العسكري النظامي في هذا البلد، أما إذا كان الأمر اختيارياً فيتعين عليه عدم الدخول حينئذ، ويسلم على دينه وعرضه، والله أعلم.

العمل في المحاماة

العمل في المحاماة المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 15/6/1423هـ السؤال فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أرجو من فضيلتكم أن تتفضلوا بالنظر في سؤالي هذا وتجيبوا عنه: أنا رجل مسلم، عملت لسنوات مضت في مهنة المحاماة، فلما منّ الله -سبحانه وتعالى- علي بمعرفة سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ومعرفة التوحيد وعقيدة أهل السنة، ساورني الشك حول مهنة المحاماة التي أعمل بها؛ لأن هذه المهنة تلزمني بالتحاكم إلى قوانين مخالفة في أغلبها لشريعة رب البرية -جل وعلا-، ولكن صعب علي فراق مهنتي بسبب ظروف العيش القاسية وما تقتضيه، وأنا أستنصح فضيلتكم فيما ينبغي علي عمله بعد أن أطلعكم على المعطيات التالية: 1 ـ إن القوانين الوضعية المعمول بها في المحاكم بهذه البلاد، ليست كلها مخالفة للشرع، فإن كثيراً من أحكام الأحوال الشخصية وأحكام المعاملات التجارية والعقارية موافقة للكتاب والسنة أو على الأقل موافقة للمشهور من مذهب الإمام مالك. 2 ـ إن كثيراً من القوانين المتعلق بتطبيق المسطرات الإدارية ليس فيها تعارض صريح مع ما جاء في الشرع الحنيف. 3 ـ إن كثيراً من الحالات التي تعرض للمسلمين هنا لا يمكن لهم أن يستوفوا حقهم فيها بوجه شرعي، ولا يستوفونه إلا بالالتجاء إلى المحاكم القانونية، مثل: تعويضات حوادث السير، ودفع اعتداءات الغير. 4 - إن عمل المحاماة يجعلني أحياناً أنفع إخواني المسلمين إما في الدفاع عنهم، أو في مساندتهم لتحصيل حقهم القانوني في الدعوة، وبخاصة للجمعيات التي تعمل على وفق الكتاب والسنة ومنهج السلف.

فهل يسوغ لي الاستمرار في هذه المهنة، إن أنا حرصت على العمل لتحصيل المصالح السالفة، مع البعد عن كل الحالات المشتبهة؟ وهل يجوز لي الالتجاء إلى القوانين المخالفة للشريعة كلما تعذر تحصيل حق موكلي بطريق شرعي؟ وإذا كان الجواب في كل هذا بالمنع، فما القول في المال الذي حصلته فيما مضى من هذه المهنة، بما في ذلك البيت الذي أسكن فيه؟ أفتوني مأجورين، وجزاكم الله عني كل خير. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن المحاماة نوع وكالة إذ هي وكالة في الخصومة، والوكالة الأصل فيها الجواز، بشرط ألاّ يترافع إلا عمن علمه محقاً، فإنها حينئذ من التعاون على البر والتقوى، وقد قال الله -تعالى-:" وتعانوا على البر والتقوى" [المائدة:2] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه" مسلم (2699) ، وعلى هذا يتعين على المحامي قبل أن يدخل في قضية أن يدرسها فإن علم أن طالب المحاماة محق دخل فيها بقصد أخذ الحق له، أما إن علم كونه مبطلاً، فقد أفتى بعض أهل العلم بجواز دخوله فيها لكن لا ليبرئه ويجعله يستمر في باطله، بل ليأخذ الحق منه ويرده عن باطله؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم:"انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" قال: يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً، فقال:" تمنعه من ظلمه فذلك نصرك إياه" البخاري (6952) ومسلم (2584) -أو كما قال عليه الصلاة والسلام-، ولذا يجب على المحامي إذا تبين له ظلم موكله أن ينصحه بعدم الاستمرار في دعواه فإن أصر فيكون عمل المحامي إظهار باطله ورد الحق إلى مستحقه، وما يأخذه من الأجر حينئذ فهو حلال له وليس فيه عليه حرج.

وأما الترافع إلى القوانين الوضعية كما هو حاصل في كثير من بلاد المسلمين ودعوى أنها مأخوذة من الكتاب والسنة والمشهور من قولي المالكية فإن كانت هذه الأحكام يستدل لها بالكتاب والسنة وأدلة التشريع الأخرى المعروفة في أصول الفقه فلا يضرها تسميتها قوانين، وإن كان يقال قال المشرع الفرنسي، أو الألماني، أو نحو ذلك، فما ينفعها أن قيل إنها موافقة للكتاب والسنة، إذ إن واضعيها لم يقصدوا موافقتها للكتاب والسنة، ولا شك أن الحكم بغير ما أنزل الله إذا كان الحاكم يعتقد أنه الأفضل أن ذلك كفر يقول الله -عز وجل-:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء:65] . وقال -عز وجل-:" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة:44] وحينئذ فهل يحل الترافع أمام هذه المحاكم التي تحكم بالقوانين الوضعية؟ من المعلوم أنه قد تكون القضية لمسلم معروضة على محكمة لا تحكم بكتاب الله ولا بسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويكون المسلم مظلوماً في هذه القضية وليس بالإمكان عرض القضية لدى محكمة تحكم بالكتاب والسنة ولو ترك المسلم دون ترافع عنه لوقع عليه الظلم، وربما أفضى به ذلك إلى أن يقتل، أو يسجن، أو يؤخذ ماله، أو غير ذلك من العقوبات، ففي هذه الحال يعد هذا في حقه إكراهاً، ويعد الترافع عنه من باب دفع الظلم عنه ومن نصرته وهو أمر متعين؛ لحديث "انصر أخاك" (سبق تخريجه) ، ولحديث "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ... " البخاري (2442) الحديث رواه مسلم (2564) . وفي الصحيحين من حديث ابن عمر "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه" (نفس الحديث السابق) ومعنى لا يسلمه، أي: لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه. قال ابن حجر في (فتح الباري) : "وقد يكون ذلك واجباً، وقد يكون مندوباً بحسب اختلاف الأحوال".

ولو ترافع عن كافر لدفع الظلم عنه فكذلك؛ لأن ذلك من العدل المأمور به في قوله -تعالى-: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" [المائدة:2] . ولعموم الأحاديث التي فيها تحريم الظلم مطلقاً مع المسلم ومع غيره. والخلاصة: أن المحاماة بهذه الصورة جائزة شرعاً وما يؤخذ من العوض فهو حلال إذا كان عوضاً معلوماً ومباحاً، وإن لم يكن الأمر كما ذكرت فهو أكل مال بباطل، وهو من الظلم المحرم، وعليه أن يتوب إلى الله -عز وجل-، والله أعلم.

العمل في البنوك المركزية

العمل في البنوك المركزية المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 6/3/1423 السؤال أنا أعمل في البنك المركزي في إدارة الرقابة على البنوك، وسؤالي هو: هل راتبي حرام، وعليَّ أن أترك هذا العمل؟ وإذا كانت الإجابة أن عملي حرام، فهل ما أفعله من باب الضرورة، وكما هو معلوم أن الضرورات تبيح المحظورات، وما رأي فضيلتكم في الرأيين اللذين أجازا العمل، وقد اتفق عليهما عدة فقهاء: -أن هذه الأماكن هامة وحساسة، وتركها يعطى الفرصة لغير المسلمين أن يسيطروا عليها وعلى اقتصادنا. -العمل بنية اكتساب الخبرة اللازمة حتى يأذن الله بتطبيق الشريعة، وحينئذٍ نكون نحن من يشغل البنوك الإسلامية وإلا فمن يفعل ذلك؟ الجواب العمل في البنوك المركزية (التي تتعامل بالربا وتشرف وتراقب البنوك التجارية التي تتعامل بالربا) فيه تفصيل: فإن كان في إدارات الاستثمار أو الرقابة على البنوك الربوية ومراجعة حساباتها، ونحو ذلك مما يتصل بالتعامل بالفائدة فذلك محرم لا يجوز، والراتب الذي يتقاضاه الشخص سحت محرم، ولا يعد العمل فيها ضرورة تبيح المحظور؛ لأن الضرورة بالمعنى الشرعي في هذا الباب أنك إن لم تفعل هذا الشيء وقعت في الهلاك أو أشرفت عليه -والأمر ليس كذلك يقيناً- وكون الشخص ينوي التدرب إلى حين تطبيق الشريعة ليس حجة مقبولة، وإذا طبقت الشريعة فهناك من يعرف ذلك ممن عرف أمورها نظرياً أو ممن تاب من العمل فيها ونحو ذلك -ونرجو أن تكون واحداً منهم-. وإنما نقول بالجواز في العمل في هذه القطاعات لمن دخلها يريد التغيير فيها، ويملك القدرة على ذلك، ولديه الضوء الأخضر به -من أصحاب القرار- وحالتك ليست كذلك يقيناً، وإذا تركنا جميعاً العمل فيها دفع ذلك المسؤولين إلى تغيير نظامها الربوي ولم يسيطر عليها غير المسلمين.

وكون محافظ البنك المركزي ومعاونوه هم الذين يحددون سعر الفائدة وليس أنتم والموظفون المماثلون لكم لا يعني ذلك جواز عملكم، فأنتم من ينفذه ويطبقه ويعمل بمقتضاه ... أليس كذلك؟ بلى، وقد لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.."، رواه مسلم (1598) من حديث جابر -رضي الله عنه-. فكل من يتعامل بالربا، أو يكتبه، أو يحسبه، أو يراجعه، أو يراقبه، أو يعين عليه داخل في اللعن والنهي والحرمة، -نسأل الله السلامة-. وأما العمل في الأقسام التي لا تتعلق بالفائدة مطلقاً -في البنك المركزي-، مثل: طبع النقود (البنكنوت) ونحو ذلك مما لا علاقة له بالربا فلا بأس به. وهاهنا مسألة ذكرها السائل، وهي: أن البنوك الإسلامية مثل الربوية فهذا ليس بصحيح، والاسترشاد بالعائد الذي تدفعه البنوك الأخرى لا يجعل من عملها أمراً محرماً. ولا شك أن السائل يدرك -بحكم طبيعة عمله- العوائق والصعوبات والمحاربة التي تجدها البنوك الإسلامية من البنوك المركزية، ومن الأجهزة الرسمية الأخرى، ومن طبيعة الأسواق العالمية والنظام الدولي فلا بد من تفهم هذا، والله أعلم.

العمل الصحفي للنساء

العمل الصحفي للنساء المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 1/3/1423 السؤال أنا أعمل في المجال الصحفي محررة صحفية، ولم أدخل هذا المجال طلباً للمال، فلدي مورد آخر -ولله الحمد-، ولكن للقضاء على وقت الفراغ الذي لا حد له، وهذا العمل يتطلب مني عدة أمور، وهي التي تثير خوفي من الاستمرار به، وهي: -أحياناً أتحدث بالهاتف مع رئيس التحرير أو بعض الزملاء، ورغم أنهم محترمون، لكن ما أعرفه عن صوتي أنه شديد النعومة، فما حكم ذلك؟ -غالبا ألجأ إلى الاستعانة بأسماء وشخصيات وهمية من ذاكرتي لوضع بعض الآراء التي تكمل الاستطلاع أو التحقيق الذي أقوم به، ورغم أن تلك الكلمات التي أكتبها لا تشكل ضرراً لأي شخص، ولكني أشعر أن هذا من أنواع الكذب. -حصلت من وظيفتي هذه على راتب، ما حكم ذلك المال؟ وهل يجوز لي التصرف فيه؟ -الجريدة التي أكتب بها جريدة عاديه تنشر صور الرجال وبعض النساء المتبرجات، فما حكم ذلك؟ -تطلب مني الجريدة أحياناً تغطية بعض الاحتفالات النسائية في بعض المهرجانات، وبالتالي فقد أنشر خبراً عن حفل يكون فيه الكثير من المنكرات، مثل: الغناء أو التبرج، وقد أُجري أحاديث مع بعض المتبرجات من سيدات المجتمع، وإن كان ذلك نادراً. -هل يجوز لي أن أعمل بمجلة إسلامية مثل: الأسرة وغيرها، مع أني سوف أحادث أيضاً بعض الرجال؟ -هل يحق لي في حالة تركي للعمل الحصول على شهادة خبرة قد تفيدني في المستقبل للعمل في مجال إسلامي صحفي ملتزم؟ الجواب أولاً: ذكرت السائلة أنها دخلت مجال الصحافة ليس طمعاً في المال وإنما لقضاء وقت الفراغ، ومثل السائلة وما يظهر من عملها في الصحافة وحبها للخير تعلم أن الصحافة من وسائل الدعوة والتأثير التي فيها من الأجر الأخروي عند إحسان النية والعمل ما يطمع فيه كل عاقل وليس مجرد قضاء وقت الفراغ.

ثانياً: صوت المرأة ليس بعورة، ولا مانع أن تتحدث مع الرجال عند الحاجة إذا لم تخضع بالقول ولم تكن ثمة فتنة، فإذا خشيت ذلك فيكون عن طريق وسيط من محارمها، مع الاستمرار في العمل. ثالثاً: ما يتعلق بالأسماء الوهمية في التحقيقات ونسبة الكلام إليها هو من الكذب، وعليها أن تخدم التحقيق بأسماء حقيقية وتكون تغطيتها تغطية صادقة، أو تنسب جميع الكلام إليها، وإذا لم يكن هناك أي مفسدة ولا خديعة -كما أشارت- ففي المعاريض مندوحة عن الكذب، بشرط معرفة المجلة نفسها لذلك. رابعاً: لا حرج في المال الذي تأخذينه مقابل هذا العمل ما دام مشروعاً، وإذا لم يكن فالتوبة تجب السابق. خامساً: لا مانع من العمل في الجريدة التي فيها مخالفات ما دام العامل لا يعمل في نفس المخالفات ولا يعين عليها، لا سيما إذا كان عمله في التحرير، ويعمل في أمور مفيدة، أو يخفف تلك المخالفات وينهى عنها، فإذا لم يكن كذلك فالأولى أن ينتقل إلى مجلة أخرى، أو عمل مباح مفيد، ولا يجوز له بحال نشر الفساد ولا سيما أن إثمه متعدٍ، والأمر في ذلك خطير. سادساً: ننصح تلك السائلة الكريمة إذا لم يكن لها مجال في التأثير والإصلاح في المجلة التي تعمل بها أن تنقل إلى مجلة الأسرة أو غيرها من المجلات المفيدة، أو تكتب مراسلة لصحف دون تقييد بموضوعات تفرض عليها. سابعاً: لا يجوز لها تغطية الحفلات الغنائية؛ لأنها من المنكر الذي لا يجوز حضوره فضلاً عن نقله لمن لم يحضره. ثامناً: يحق للسائلة أخذ شهادة خبرة صادقة من عملها السابق للاستفادة منها في أي عمل مشروع. وأخيراً نشكر السائلة على حرصها وورعها ونسأل الله لها التوفيق والسداد، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

راتب الإجازة المرضية

راتب الإجازة المرضية المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 28/10/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: زوجتي تعمل معلمة، وتعاني عند الحمل من الإجهاض، وقد حصل لها ذلك أربع مرات سابقة، وهناك تقارير طبية تنص على أن الوقوف في العمل قد يكون سببا في إجهاضها. السؤال: هل يجوز أخذ راتب العمل إذا حصلت زوجتي على إجازة مرضية؟ ولكم جزيل الشكر الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: أخذ الراتب في الإجازة المرضية يتوقف على العقد الذي بينها وبين جهة العمل، فإن كان النظام يسمح بأخذ الإجازة مع استمرار الراتب فيجوز لها حينئذ أخذه وإلا فلا.

تأجير البيوت لمن يعمل فيها المنكرات

تأجير البيوت لمن يعمل فيها المنكرات المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 23/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي بعض البيوت وقمت بتأجيرها على بعض الشباب والبيوت عبارة عن أحوشة (حوش وغرفتين فقط) لكل بيت منها، وقاموا المستأجرين بوضع الأطباق الفضائية للقنوات في داخل الأحوشة وكذلك الشيش والمعسلات ويتجمعون فيها دائماً، علماً أنني لا أملك شيئاً غير هذه البيوت التي تركها لي والدي رحمه الله وأصبحت مصدر رزقي الوحيد، وأنا طالب علم شرعي ودائماً أصرف على نفسي من إيجار البيوت المذكورة في سبيل تحصيل العلم فهل أنا آثم؟ ماذا أفعل وما هي نصيحتكم لي؟ وكيف أصيرها حلالاً؟ وهل أدخل في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي نصه:"من أحدث في المدينة حدثاً أو آوى فيها محدثاً فعليه لعنة الله....."الخ أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-؟ الجواب الأطباق الفضائية، ووسائل التدخين المتعددة مما عمت به البلوى ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس اتخذوا الاجتماع حولها للتسامر وتعاطي الدخان والشيش، وتضييع الأوقات أمراً رئيساً في حياتهم، مع أنها أمور ضارة ديناً ودنيا. ولذلك فأنا أنصح بعدم تأجير بيوتك لمن يتخذها لهذا الغرض، وما حصلته من أجرة ماضية فلا حرج عليك فيه إن شاء الله؛ لأنه في مقابلة منافع بيتك التي استوفوها هم كاملة، وعملهم في دائرة الشبهة. ولست داخلاً إن شاء الله مع المحدثين؛ لأنك لم تعلم الحكم بالتفصيل، وضرر هؤلاء على أنفسهم نسأل الله لنا ولهم الهداية.

توقيع الموظف عن زميله

توقيع الموظف عن زميله المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 28/10/1424هـ السؤال التوقيع في الدوام الصباحي، جرت عادة الزملاء أن يوقع في الوقت المكتوب من الموظف قبله، حتى لو كان الوقت غير ذلك، فهل هذا من الكذب المحرم؟ أم أنه يعفى عنه، خصوصاً وأن الإدارة تعلم هذا ولا تمانع منه، وتسهل في هذا الأمر؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كان المطلوب من الموظف كتابة الوقت الذي وقَّع فيه فعلاً فلا يجوز له الكذب في ذلك، كما لا يجوز للإدارة التساهل في ذلك أو تمريره بلا عذر، خاصة إذا كان الفرق بين الوقتين طويلاً، أما لو كان الفرق يسيراً كبضع دقائق مما يصعب الانضباط فيه أو التحرز منه، ولا يخل بالعمل فأرجو ألا يكون فيه حرج. والله الموفق.

العمل في برامج تخدم البنوك

العمل في برامج تخدم البنوك المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 18/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. شاب تخرج من كلية الهندسة تخصص حماية الشبكات، يسعى أهله لتأمين عمل له، فيرفض ما يعرض عليه؛ لأن هذا العمل يخدم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة المصارف الربوية، التي تسعى إلى حماية أموال المودعين من القرصنة. فهل يجوز له العمل ولو على برامج تخدم هذه المصارف؟ الجواب جزى الله هذا الشاب خيراً على حرصه وغيرته، ولكن حكم الشرع في مثل هذا جائز لا شيء فيه لأن ما رآه الشاب ظن مطرح ومتروك لأنه ليس من المحقق أن يخدم بعمله مباشرة ذلك المصرف الربوي ثم لو فرض أنه خدم مصرفاً من هذه المصارف المشار إليها فلا مانع حينئذ لأن المصارف الربوية ليست كل أعمالها محرمة بل كثير منها مباح كالصرافة والحوالة والإيداع بغير فائدة ... إلخ، مما تتحقق به مصلحة الناس إذ لو عدمت هذه الأشياء من المصارف للحق بالناس كثير من الضرر والمشقة والحرج والعسر قال تعالى:"وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج: 78] وقال:"يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة: 185] . وظن هذا الشاب كما يقول لا يجوز زراعة العنب والنخل حتى لا يتخذ منه الناس خمراً مسكراً! وخلاصة القول: إن طاعة الوالدين في هذا واجبة لأنهما وسائر أهله لم يأمروه بمعصية الله، والله أعلم.

العمل في التعاونية للتأمين

العمل في التعاونية للتأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 25/8/1424هـ السؤال ما حكم العمل في شركة التعاونية للتأمين السعودية في القسم الطبي، حيث يقوم الطبيب بتدقيق الفواتير للشركة ومطابقتها للوصفة الطبية، وإقرارها أو خصمها حسب ما يراه في مجال تخصصه؟. الجواب

العمل في القسم الطبي للشركة التعاونية للتأمين إذا لم يجد السائل عملاً عند غيرها فجائز، وإن وجد فالأولى له تركها والعمل عند غيرها، ولا فرق بين القسم الطبي فيها أو أي قسم من أقسامها، وإن كان الإثم تتفاوت درجته من عمل لآخر، فأمين المستودع ليس كمن يقوم بالتسويق والدعاية للشركة، أو يقبض الأقساط أو يقوم بتسليم التعويض، نقول هذا لأننا نجزم ونقطع بأن الشركة المشار إليها تتعامل بالتأمين التجاري المحرم، وليس لها من التأمين التعاوني الحلال غير الاسم فقط، وذلك أن إبرام العقد معها فيه جهالة وغرر وأكل لأموال الناس بالباطل، علاوة على تشغيل أموالها بالبنوك الربوية بالفائدة المحرمة، أما لو كان التأمين الطبي بين المؤمِّن والمستشفى أو المركز الصحي أو المستوصف مباشرة أمكن تخريجه وتكييفه على عقد الجعالة؛ لأن في مهنة الطب يقسم الطبيب عند تخرجه على ميثاق شرف المهنة أو ما يسمى بالخدمة الإنسانية، وهذا قريب من الإحسان إلى الغير والتعاون على الخير، وهذا لا يوجد في العقد التجاري البحت، وعقد الجعالة في الشرع من عقود التبرعات لا المعاوضات، فيفتقر فيها من الجهالة والغرر ما لا يفتقر في عقود المعاوضات المالية كالبيع والإجارة والمصارفة ونحوها، ودخول شركة التأمين بين الطرفين طالب التأمين (المؤمَّن) وهو الطبيب أو المستشفى وبين (المؤمِّن له) وهو دافع الأقساط طالب لعلاج المرض أو الوقاية منه، فلا معنى لدخول الشركة بين الطرفين غير الابتزاز بالمال دون خدمة حقيقية مباشرة تقدمها، والله أعلم.

تأجير السكن الوظيفي

تأجير السكن الوظيفي المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 28/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إني أعمل في شركة تعطيني شقة مقابل خصم 14000 على مدار السنة، ولقد قمت بإيجار الشقة لشخص آخر بمبلغ 16000 وسكنت عند أهلي في منطقة تبعد حوالي 80 كيلو متر، وذلك لعدم ارتياحي في تلك المنطقة التي تقع فيها الشقة؛ لأنها منطقة صناعية وأجواؤها غير صالحة للعيش فيها، أفيدوني أفادكم الله. الجواب إذا كان نظام الشركة أو العرف السائد الذي تعمله الشركة ولا تعترض عليه يقر التأجير للغير فلا حرج عليك فيما فعلته؛ لأنك دفعت الأجرة ومن حقك الانتفاع بالعين المؤجرة، وأما إذا كان هناك شرط يمنع من التأجير للغير فلا يجوز التأجير؛ لأن المؤمنين عند شروطهم.

لا يحضر العمل بإذن رئيسه، ويأخذ راتبا

لا يحضر العمل بإذن رئيسه، ويأخذ راتباً المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 11/8/1424هـ السؤال لقد عملت في إحدى الدوائر الحكومية لمدة سنتين، ولم أحضر أبداً وذلك بموافقة رئيسي, ولأني طالب في الجامعة، ولكني أنظر إلى هذا الراتب على أني غير مستحق له، فقدمت استقالتي. ما حكم هذا الراتب؟ وأني قد استثمرت هذه الرواتب في مشروع مع أحد الأشخاص، والانسحاب منه صعب، وهذا المشروع يدر علي أرباحاً، هل يجوز لي أن أشتري حصتي بمبلغ مقترض، وماذا أفعل بهذه الأرباح؟ أرجو الإجابة مأجورين. الجواب إذا لم يقم المسلم بالعمل المطلوب منه لم يكن له حق في الراتب، بل الراتب من أموال المسلمين، وتجب عودته إلى خزانة المسلمين، وما سبق أخذه فهو أخذ بغير حق عليه غرمه ووزره، إلا أن يتوب فيتوب الله عليه، ويجب إرجاع المال إلى خزانة المال، وأما الأرباح فهي تابعة للمال؛ لأنها ثمرته ونتاجه، وأما موافقة رئيس العمل لك بعدم الحضور فهو تعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الحق سبحانه وتعالى:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] ، أيضاً هو خيانة للأمانة التي ائتمنه المسلمون عليها، حيث يقول سبحانه:"يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" [الأنفال: 27] . والله تعالى أعلم.

إعطاء موظفى الجمعيات الخيرية نسبة مما يحصلونه

إعطاء موظفى الجمعيات الخيرية نسبة مما يحصلونه المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 1/6/1424هـ السؤال ما حكم إعطاء نسبة من مجموع التبرعات للمشاريع الخيرية التي تأتي عن طريق الموظف؟ بحيث تعطى هذه النسبة للموظف عن طريق مدير المشروع الخيري. وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالعامل لدى المؤسسات والهيئات الخيرية يجوز له أخذ الراتب مقابل عمله لديها، وهي إنما تدفع لعمالها مما تستلمه من تبرعات، ولا حرج عليها في ذلك، ما دام أنها بحاجة لعمله. فإن من يتبرع لجهة خيرية قصده دعم أعمالها وتواصلها في مساعيها، وهي إنما تدفع للعامل راتبه، أو إنما كافأته لأن وجوده مفيد لها. ويجوز لها أن تمنح العامل راتباً أو مكافأة مقابل توظيفه لديها في جمع التبرعات لها، وأخذه نسبة مما يجمعه خير لها من إعطائه راتباً قد لا يحصله من تبرعات المتصدقين. والتعاقد على نسبة معينة من الحاصل سائغ على الصحيح، يقول ابن القيم: (وهذا أصل من الإجارة بشيء معلوم؛ لأنهما يشتركان في الغنم والحرمان فهو أقرب للعدل) . وعن ابن عمر - رضي الله عنهما- "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعملوها من أموالهم ولهم شطر ثمرها"، صحيح البخاري (2331) ، صحيح مسلم (1551) ، ولذا فإنه لا يظهر لي مانع من العمل المذكور، والتعاقد على وفقه متى كان محققاً لمصلحة المشروع الخيري. والله الموفق.

العمل في الشركات المتعاملة بالربا

العمل في الشركات المتعاملة بالربا المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 19/8/1424هـ السؤال ما حكم العمل في الشركات الأجنبية؟ مع العلم أن جميع أموالهم ربوية، وفي حالة الجواز كيف أتعامل مع غير المسلمين منهم؟ هذا وجزاكم الله خيراً. الجواب الربا معلوم تحريمه في القرآن والسنة، ومعلوم في السير والتاريخ أن اليهود والنصارى يستحلون ما حرم الله عليهم من الربا، كما أخبر الله عنهم: "فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً" [النساء:160 -161] فمعاملة اليهود والنصارى بالبيع والشراء والتأجير والرهن وسائر العقود جائزة، وقد أهدى المقوقس وهو نصراني للنبي - صلى الله عليه وسلم - فرساً وجارية فقبلهما، انظر ما رواه الحاكم في المستدرك (6901) ، والطبراني في الكبير (3497) ، وأهدى له ملك الحبشة وهو نصراني - قبل أن يسلم هدية أيضاً فقبلها، انظر ما رواه البخاري (3802) ، ومسلم (2468) من حديث البراء - رضي الله عنه- وشرب من مزادة يهودية، انظر ما رواه البخاري (344) ، ومسلم (682) من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنهما- وأكل من طعام صنعته له يهودية أخرى، انظر ما رواه البخاري (2617) ، ومسلم

(2190) من حديث أنس -رضي الله عنه- وتوفي - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي - انظر ما رواه البخاري (2916) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة - رضي الله عنهما- ومعلوم أن اليهود والنصارى من أكلة الربا والخنزير ولا يتورعون عن حرام، فدل هذا على جواز العمل معهم ومؤاجرتهم ومشاركتهم في الأموال، إذا علم هذا فعليك يا أخي أن تتوخى الحلال ما استطعت، فأي شيء تقع في نفسك ريبة منه فاجتنبه، فإن هذا من الورع المحمود الذي تجتنب فيه الشبهات، واحذر كل الحذر أن تقطع بتحريم معاملة الكفار معاملة تجارية أو تحرم على الناس ذلك، فزهدك وورعك عن الشيء يخصك ولا تلزم به غيرك، وإنما لك أن تنصحه فقط، والله أعلم.

العمل في تركيب المجوهرات

العمل في تركيب المجوهرات المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 26/5/1424هـ السؤال السلام عليكم. أنا أعمل في مجال تركيب المجوهرات على الذهب في بلدي، ومن المعلوم كما هو الحال كثرة المتبرجات، وأن غالبية من يشترى هذه المجوهرات من أولئك، وقد أفتى لي اثنان من العلماء الأفاضل في مصر، بأن هذا العمل من التعاون على الإثم والعدوان، وعلى رأسهم الشيخ محمد يعقوب، وقد أفتى لي اثنان من العلماء الأفاضل بحل هذا العمل وعلى رأسهم الشيخ أبو إسحاق الحويني - حفظهم الله- جميعا، أرجو الإفادة لأنني قد احترت كثيراً وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فعملك في مجال تركيب المجوهرات على الذهب ليس فيه أي صورة من صور الإعانة على الإثم والعدوان؛ إذ تركيب المجوهرات ليس هو الذي يدفع المرأة للتبرج؛ لأنك تبيع زينةً أباحها الله لإناث أمة محمد - صلى الله عليه وسلم-، ومجرد لبسه ليس فيه تبرج ولا سفور، كيف؟ ونحن نرى كثيراً من الطيبات الغافلات يلبسن هذه الحلي والمجوهرات!. وكون بعض زبائنك أو أكثرهم هم من المتبرجات فهذا لا يجعل عملك في نفسه حراماً، ولا يدخلك في دائرة الإعانة على الإثم والعدوان؛ فالتبرج هو من تصرف المرأة نفسها، وليس لك فيه أمر ولا تسويل. ولا هي بالتي تعمل معك في متجرك أو مصنعك حتى يكون طول الصحبة والعشرة بينكما في العمل ذريعةً للاختلاط أو لبناء العلاقات المحرمة.

ولذا لا أرى ما يحرم عليك هذا العمل، لكن عليك أن تغض بصرك عنهن؛ فإن مخالفتهن لأمر الشرع وتبرجَهن لا يبيح لك أن تطلق نظرك إليهن، فتفتن نفسك وتعصي ربك، وتذكر قوله تعالى: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" [النور:30] . والأولى بك أن تناصحهن وتعظهن وتنهاهن عن التبرج والسفور بالحكمة والرفق والأسلوب الحسن المؤثر؛ عسى أن ينفعهن تذكيرك. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وظيفة التجسس على العمال

وظيفة التجسس على العمال المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 20/3/1424هـ السؤال السلام عليكم. هناك شركات تضع بعض العمال لمراقبة البعض الآخر، هل يعملون أو يسرقون أو يتكاسلون، فهل يجوز هذا الأمر؟ وهل يجوز لمسلم إذا رأى أمراً كهذا أن يدلي بخبره؟ (تأخر عن الوقت أو تهاون) ؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: هذا الأمر جائز ولا حرج فيه، لأنه يحق لصاحب العمل أن يتأكد من سير العمل على الوجه المطلوب، ولو بجعل مراقبين يقومون بهذا الغرض. والله أعلم.

عمل الزوجة بدون إذن الزوج

عمل الزوجة بدون إذن الزوج المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 23/4/1424هـ السؤال ما حكم من تعمل بالمنزل وتخفي عن زوجها المال الذي تكتسبه؟ مع العلم أنه عمل شريف من طبخ وما شابهه. أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب تأجير الزوجة نفسها ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: إجارة خاصة: وهي التي قدر نفعها بالزمن، هذا لا يصح إلا بإذن الزوج، إلا إذا كان الزوج قد شُرِط عليه ذلك في العقد. القسم الثاني: إجارة مشتركة وهي التي قدر نفعها بالعمل، وهذا مثل عمل هذه المرأة كأن تتقبل أعمالاً في بيتها، من خياطة وطبخ ونحو ذلك، فهذا لا بأس به، ويجوز للمرأة هذا الأجر بشرط ألا يُلحِق ذلك ضرراً على الزوج، ولا يشترط إذن الزوج في ذلك، فإذا لم يُلحِق ضرراً على الزوج، ولم يكن فيه أخذ من ماله أو من طعامه دون إذنه ورضاه، فإن هذا جائز ولا بأس به، والمال يكون للمرأة.

العمل بمصانع الدخان

العمل بمصانع الدخان المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 27/7/1424هـ السؤال لي سؤال حول عمل الزوجة في إحدى شركات صنع السجائر، ولكنها لا تعمل في مصانع الشركة، بل تعمل في إدارة العلاقات العامة للشركة، هل هذا حرام؟ وأمواله حرام؟ وإن كان حراماً فهل لي أن أبعد زوجتي عن هذه الشركة؟ خاصة وأنها من الممكن أن ترفض ذلك؟ لأنها تسلَّمت العمل منذ شهرين فقط، ونحن بحاجة لمصدر إضافي لضغوط الحياة، ولكن جاء العمل بهذه الشركة. أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: هذا العمل محرم، ولا يجوز؛ لأن الله - عز وجل- إذا حرم شيئاً حرّم ثمنه، وهذا من التعاون على الإثم والعدوان، والله - عز وجل- يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] .

يعمل محاسبا في شركة تتعامل بالربا

يعمل محاسبا في شركةٍ تتعامل بالربا المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 21/9/1424هـ السؤال أعمل كمدير مالي (محاسب) ، ويتطلب هذا العمل أن أتعامل مع البنوك الربوية، وطبعا بناءً على رغبة أصحاب العمل - الذين لا يشبعون - هدانا الله وإياهم. ومما تقتضيه وظيفتي أن أسعى للحصول على التسهيلات البنكية بالتفاوض مع البنوك للحصول على التسهيلات البنكية، والتي قد يكون من ضمنها القروض الربوية، وأنا أعلم الحكم وأشعر بالضيق لمثل هذا واستغفر الله، إلا أنني مستمر في عملي وأجتهد فيه، لعلمي أن القليل بل النادر جداً من الشركات اليوم - إن وجدت - لا تتعامل مع البنوك، وتلجأ إلى الحصول على التمويل (خاصة أن المرء يبحث عن الشركات الكبيرة التي قد يجد فيها الاستقرار والأمان الوظيفي والوضع المالي المنتظم وعدم وجود مشاكل في السيولة) ، هذا بالإضافة أيضا إلى تعاملي مع شركات التأمين والاجتهاد في التأمين على البضائع والممتلكات مع شركات تأمين غير تعاونية، ومما يجدر ذكره أنني خريج محاسبة، وأنني تقدمت وتطورت في مهنتي بجميع مراحلها، ووصلت إلى ما وصلت إليه، وإنني لا أتقن سوى مهنتي، فماذا علي؟ أملا منكم أن تمعنوا النظر في واقع الحال، فأنا شاب ملتزم ولله الحمد، وأعلم الحكم تماما، ولكني آخذ بالأسباب وأنظر إلى الواقع محاولاً ألا أتزمت أو أتشدد، ظنا أن ذلك قد يقودني إلى الخطأ في الحكم على هذه المسألة، فهذه طبيعة مهنة المحاسبة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهذه المعاملات، والتعاملات ومثيلاتها أيضا من الرشاوى كذلك في هذه الأيام. عافى الله الجميع، فكيف لي أن أصيب الحق والصواب هنا وأن أكسب الحلال؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فلا شك أن الربا معصية لله سبحانه وتعالى، وهو كبيرة من كبائر الذنوب. وقد توعد الله فيه بالحرب، قال تعالى:"وأحل الله البيع وحرم الربا ... " الآية [البقرة: 275] ، وقال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ... " الآية [البقرة: 278-279] ، وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: "هم سواء". أخرجه مسلم (1598) من حديث جابر -رضي الله عنه-. إن لعن كاتب الربا وشاهديه وهم لم يأكلوا الربا بعملهم هذا ولم يعطوه هو لما يقدمونه من عون ومساعدة للمرابين، ولهذا قال الإمام النووي رحمه الله: (هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين، والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل) . (شرح النووي على صحيح مسلم 11/26) . وقد قال الله تعالى:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ... " الآية [المائدة: 2] ، كذلك فإن التأمين التجاري محرم عند كثير من العلماء لما فيه من الغرر والقمار. وكما يبدو من السؤال فإن طبيعة عمل السائل تقتضي منه أن يسهل وييسر إتمام القروض الربوية المحرمة وعمليات التأمين التجاري إن لم يكن يباشر ذلك وكالة عن جهة عمله، وهذا لا يجوز لما فيه من الإعانة على المعصية بصورة مباشرة. ولا يكفي في هذه الحال مجرد ضيق الصدر والاستغفار إذ لا يعني ذلك - مع الاستمرار في هذا العمل - توبة منه وإقلاعا عنه. وعليه فإن استطاع السائل أن يناصح أصحاب العمل بترك الاقتراض الربوي والتأمين التجاري والاستعاضة عن ذلك بوجوه التمويل المشروعة فهذا خير، وإن لم يستطع فعليه أن يطلب نقله إلى عمل آخر لا يتضمن المشاركة في أعمال وتصرفات محرمة، وإن كان العمل الآخر أقل راتبا وأدنى في المميزات، فلعل الله أن يعوضه خيراً، وإلا فليجتهد في البحث عن عمل آخر ويترك هذا العمل، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه، والله أعلم.

هل تصح هذه الإجارة

هل تصح هذه الإجارة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 13/02/1426هـ السؤال لدي محل تجاري مواد غذائية، به بضاعة تقدر بحوالي مائتين وثمانين ألف ريال، طلب مني شخص استئجاره بمبلغ شهري، على أن تبقى البضاعة الموجودة حالياً على أن يسلمني المحل عندما يرغب أحدنا في إنهاء الإيجار، وبه بضاعة بنفس القيمة، وما نقص يكمله وما زاد أدفعه له، ما حكم ذلك؟ مع التفصيل وفقكم الله وأثابكم والسلام. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالإجارة عقد يشترط لصحته معرفة المنفعة المعقود عليها والمدة، فإن كان العقد بينكما على إجارة المحل التجاري للانتفاع بنفس الموقع وديكوراته، ونحو هذا، فلا حرج، بشرط تحديد المدة. وتكون البضائع في المحل المسلَّمة للمستأجر قرضاً يعيده بعد انتهاء مدة الإجارة، ولكن إذا أعادها فلا يعيد بضائع مغايرة لها نفس القيمة بل عليه أن يعيد بضائع مطابقة لتلك البضائع ما دامت متوفرة، فإن لم تتوفر فيعيد قيمتها يوم استأجر المحل. أما لو كان عقد الإجارة بينكما على نفس البضائع، فإن الإجارة غير صحيحة؛ لأن عقد الإجارة إنما يرد على المنافع دون الأعيان، ويمكن تصحيح العقد بأن يكون بيعاً بثمن مؤجل يحدد الثمن من بداية العقد لكامل البضاعة، وبعد نهاية المدة المحددة لتسليم الثمن تعتاض عن الثمن بالبضاعة الموجودة إن شئت دون أن يلزمك ذلك؛ لأنه بيع مستقل، وهذا على القول الذي تختاره من جواز بيع الدين على من هو عليه بعين، وهو ظاهر بحمد الله، لأنه في الواقع استيفاء وليس بيعاً، وروي عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ مكانها الدراهم، فقال: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها" أخرجه أحمد (6427) ، وأبو داود (3354) ، والترمذي (1242) . والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

وظيفتي التعامل مع بنك ربوي

وظيفتي التعامل مع بنك ربوي المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 5/6/1424هـ السؤال هناك شركة للخدمات التشغيلية يوجد عقد بينها وبين بعض المؤسسات الضخمة لإدارة شؤون الموظفين والموارد البشرية كي لا تتحمل المؤسسات عبء موظفين جدد، وقد حصلت على وظيفة أخيراً كمدخل بيانات في القسم المالي مع بنك ربوي فهل يشملني حكم العامل بالبنك؟ مع العلم أني أتبع إدارياً للشركة الأم وهي ريادة، وأتقاضى أجري منهم، أفيدوني أفادكم الله، ونأسف للإطالة. الجواب يجب أن يعلم أن ليس كل معاملات البنوك حرام بل فيها معاملات مباحة كثيراً كالأمانات والتحويلات والشراء والبيع عن طريق التورق ونحو ذلك، وإنما الحرام في معاملات البنوك هو الربا المسمى عندهم بالفائدة سواء كان ربا نسيئة أو ربا فضل، وبما أن أعمال البنوك فيها الحلال وفيها الحرام، فإن أمكن العمل في غيرها فهو حسن من باب الاحتياط والورع لحديث: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) ، والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وأما القطع بالتحريم فلا يجوز إلا عند مباشرة الربا أخذاً أو عطاء أو توثيقاً، والبيانات التي تدخل في الحاسب للبنك عامة قد تكون في العقود الحلال وقد تكون في الحرام، وما دام مباشرة الحرام في عملك غير مؤكد أو محدد فالأصل في الأشياء الإباحة، لا سيما وأن بعض القرائن تدل على هذا، مثل كونك غير موظف بالبنك وعملك في إدخال البيانات عام وغير مخصص في البيانات الربوية، وبناء على ما سبق فلا بأس بعملك مدخل بيانات في البنك الأهلي إن شاء الله، لا سيما وأن أكثر معاملات هذا البنك - خاصة الإسلامية - مجازة من الهيئة الشرعية فيه. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

تأجير المطعم على من يعرض الخمر فيه

تأجير المطعم على من يعرض الخمر فيه المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 15/9/1424هـ السؤال أنا لديَّ مطعم في بلد أوروبي ويأتي إليَّ أشخاص، ويطلبون مني أن يستأجروا المحل، وفي عاداتهم توزيع الخمور في أفراحهم، وعمل بعض الأمور التي لا تخفى عليكم، علماً أني بحاجة إلى المال لسداد مستحقات المحل، وربما يصعب تأجيره إذا اشترطت شروطاً فماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الله -عز وجل- يقول:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] والله عز وجل إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، ولا شك أن الخمر محرم ولا يجوز شراؤه، وإذا كان كذلك فإنه لا يجوز لك أن تؤجر مطعماً لأناس سيستخدمونه لهذه الأمور المحرمة "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] . فيجب عليك أن تشترط عليهم ألا يبيعوا محرماً أو لا تؤجرهم.

العمل مع المنظمات الإنسانية الأمريكية في العراق

العمل مع المنظمات الإنسانية الأمريكية في العراق المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 14/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحن من أبناء صلاح الدين في كردستان العراق، نوجه إليكم هذا السؤال راجين الفتوى عليه وجزاكم الله خيراً. نحن في كردستان العراق ابتلينا ككل العراقيين بالاحتلال الأمريكي، وهذا الاحتلال بالتأكيد سوف يسيطر على كل مجالات الحياة هنا، وهذا يثير أسئلة شرعية كثيرة تحتاج إلى فتاوى العلماء عليها. ونحن إذ نثق بعلمكم - (ولا نزكي على الله أحداً) وجهنا إليكم هذا السؤال: ما فتوى فضيلتكم في العمل مع المنظمات الأمريكية الإنسانية غير العسكرية؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب إذا أمكن أن تعمل في منظمة إنسانية غير أمريكية، كأن تكون إسلامية أو عربية فهو أولى، وإن لم تتمكنوا من ذلك فلا بأس بالعمل في المنظمات الإنسانية الأمريكية غير العسكرية، وعليكم أن تحسنوا نياتكم بأن تقصدوا نفع وإغاثة وإعانة المنكوبين والمحتاجين عامة والمسلمين منهم على وجه الخصوص؛ لحديث: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) عن عمر -رضي الله عنه- وحديث "في كل كبد رطبة أجْرٌ" رواه البخاري (2363) ، ومسلم (2244) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وسواء كان عملك في هذه المنظمات الإنسانية تطوعاً أو بأجر، فعلى المسلم أن يستحضر النية الصالحة في نفع المحتاجين عامة، فهذا من الخير إلى الغير ومن التعاون على البر والتقوى، وفق الله الجميع إلى كل خير.

عقوبة الموظف بحسم جزء من راتبه

عقوبة الموظف بحسم جزء من راتبه المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 30/4/1424هـ السؤال هل يجوز خصم بعض من راتب الموظف (يوماً أو يومين أو أسبوعاً أو أكثر) كعقوبة له إذا خالف أصول وقواعد العمل؟ إذا كانت هذه القواعد والأصول لا تخالف تعاليم وأحكام الإسلام (كالتأخر عن الدوام أو الإهمال في العمل أو النوم أثناء ساعات العمل ... إلخ) . بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أنه لا مانع فيما يظهر لي، لرئيس الإدارة المختص سواء أكانت إدارة حكومية أو شركة خاصة التأديب للموظف في حال تقصيره في عمله بخصم جزء من راتبه، على أن يكون هذا الخصم بحدود تقصيره، والله أعلم.

العمل في محل لألعاب الكومبيوتر

العمل في محل لألعاب الكومبيوتر المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 21/9/1424هـ السؤال أملك محلاً فيه عدة أجهزة من الكمبيوتر الموصولة ببعضها بشكل شبكة، وهي تستخدم من أجل ألعاب الشبكة؛ كالألعاب القتالية بين فريقين أو كرة قدم أو ما شابه ... ، وهذا العمل يتطلب مني كل وقتي، وأغلب رواد هذا المحل من الشباب دون الخامسة عشرة، وأنا لا أملك دخلاً سواه، ولكن تشككني في هذا العمل شبهة كونه مضيعة للوقت، ولكن أكثر وقت يمضيه الطفل عندي هو ساعة أو ساعة ونصف..، ومنهم من لم يكن يعلم ما هو الكمبيوتر، وبمبلغ زهيد أصبح يجلس على جهاز كمبيوتر، وينمي فكره به.، أرجو أن تعطوني جواباً شافياً وجزيتم كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وسلم تسليماً، أما بعد: نشكر حرصك على سلامة دينك وكسبك، ونسأل الله سبحانه وتعالى لك التوفيق، وما يتعلق بالسؤال، فإذا كان الأمر كما ذكر فلا يظهر لي والله أعلم شبهة في هذا الكسب، ولا حرمة من هذا العمل، وإضاعة الأوقات ليست محرمة بالضرورة، إنما غايتها الكراهة، وإنما تكون محرمة إذا ضيعت في عمل محرم، أو صرفت عن واجب. وننصحك أن يكون لك دور في توجيه هؤلاء المراهقين بالقدوة الحسنة، وبالكلمة الطيبة وإلى البرامج المفيدة، والكتب النافعة قدر الإمكان، وفقك الله لكل خير، وأعانك على طاعته، ورزقك من خزائنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

العمل في الشركات البترولية الأجنبية بالعراق

العمل في الشركات البترولية الأجنبية بالعراق المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 20/12/1424هـ السؤال أعمل مهندس بترول هل يجوز لي العمل بإحدى الشركات الأجنبية بالعراق؟ وجزاكم الله خيرا".. الجواب نعم، يجوز لك أن تعمل في هذه الشركة البترولية الأجنبية، والتي تعمل في العراق؛ لأن التعامل مع الكافر في البيع والشراء وسائر عقود المعاوضات - جائز شرعاً ما دامت المنفعة المتعاقد عليها بينك وبين الشركة حلالاً، كما يظهر من طبيعة عملك، وما قد يتصور أن في هذا إعانة للكافر والعدو على كفره وعداوته وصف غير مؤثر في أصل العقد وجوداً وعدماً، فالشركة لن تتوقف عن العمل إذا لم تلتحق بها، ولن يزيد إنتاجها بوجودك، نعم لو ترك التوظيف بهذه الشركة من باب الورع فقط لا من باب الحل والحرمة لكان حسناً، والله أعلم.

إيجار للمشاركة الوقتية

إيجار للمشاركة الوقتية المجيب د. علي جمعة مفتي مصر التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 15/6/1425هـ السؤال السلام عليك ورحمة الله وبركاته. وبعد: أرجو من فضيلتكم التوجيه، وإعطاء الحكم الشرعي لما يلي: تم العقد بيني وبين شركة تقوم بالاستثمار السياحي، وموضوع العقد: باع وأسقط الطرف الأول (الشركة المعنية) بكافة الضمانات القانونية والفعلية بصفته البائع إلى الطرف الثاني (أنا) الذي قبل ذلك، وهو عدد أسبوع واحد، حق إقامة دوري ودائم ومتوارث لمدة ثلاثين سنة بمنتجع سياحي، في شقة تتسع لشخصين في الفترة المميزة، وطريقة الدفع عن طريق الأقساط، فضيلة الشيخ: قيمة العقد (32000ريال) ، تم دفع 12000ريال منها، وبقي علي سداد المتبقي 20 شهراً، إن موافقتي على هذا العقد بهدف الاستثمار، كما أنه يحق لي بهذا العقد اكتساب عضوية شركة التبادل السياحي، حيث يمكنني تبادل أسبوعي بأسبوع آخر في أي مكان في العالم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أقول: هذا يسمى عقد مشاركة الوقت، وهو -بهذه الصفة المشروحة في السؤال- من قبيل عقد الإجارة للمدة المضروبة، ويعد من قبيل بيع المنافع، وما دام هذا العقد برضا الطرفين، ويحقق مصالحهما، وليس فيه شيء من الغرر، فهو جائز شرعاً. والله أعلم.

العمل في مصنع ممول بالربا

العمل في مصنع ممول بالربا المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 7/5/1424هـ السؤال رجل يعمل في مصنع للألبان والجبن، ولكن صاحب المصنع قد بنى هذا المصنع بمليون دولار نصفه من البنك بقرض ربوي، فهل هذا العامل عليه وزر في هذا العمل؟ ثانيا: ً رجل يريد أن يشتري هذا المصنع فهل له أن يشتريه على أن يُسدد هو قرض البنك؟ ثالثاً: رجل يُريد أن يُشارك في هذا المصنع على أن يكون المال الذي سيدفعه يُسدد من قرض البنك، ثم بعد ذلك يُسدد ما تبقى للبنك على أقساط حتى يتم إنهاء هذا القرض، علماً بأن هذا المصنع في ألمانيا، وصاحب المصنع يقول إنه اقترض المال؛ لأن الضرائب هناك إذا علمت بأنه دفع كل مبلغ المصنع نقداً سوف تأخذ منه ضرائب تصل إلى60% من مكسبه، لذلك اقترض على ألا يدفع هذه الضرائب ... وفي انتظار ردكم بارك الله فيكم، وبالدليل إن أمكن ذلك جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: (1) أما فيما يتعلق بالعمل في هذا المصنع، مع كون رأسمال المصنع نصفه من قرض ربوي، فهذا لا حرج فيه إن شاء الله، طالما كان العمل الذي يقوم به الموظف عملاً مشروعاً. وقد روى الإمام أحمد بسند جيد أن علياً -رضي الله عنه- آجر نفسه من يهودي مقابل تمرات (تلخيص الحبير 3/61) ، مع أن اليهود مرابون بنص القرآن. فالأجر الذي يستلمه الموظف إذا كان مقابل عمل مشروع نافع فلا حرج فيه شرعاً، حتى لو كان صاحب العمل يتعامل بالربا.

(2) أما فيما يتعلق بشراء المصنع أو المشاركة فيه مع وجود القرض الربوي، فلا يجوز للمسلم الدخول في قرض ربوي بأي شكل، سواء بالاقتراض مباشرة أو بتقبل القرض الربوي من البنك. لكن يمكن لمالك المصنع (البائع) أن يبيع المصنع للمشتري بالتقسيط، على أن يتولى البائع سداد القرض للبنك. فالمسؤول عن سداد القرض أمام البنك يظل هو البائع، أما ملكية المصنع فقد انتقلت للمشتري مقابل ثمن مؤجل على أقساط. فتكون علاقة المشتري بالبائع علاقة مشروعة من خلال البيع بالتقسيط، أما القرض فتبقي العلاقة فيه بين البائع وبين البنك. (3) وهكذا القول فيمن أراد المشاركة في المصنع، فإنه يشتري حصة شائعة من المصنع من المالك مقابل ثمن مؤجل على أقساط، على أن يظل البائع هو المسؤول عن سداد القرض أمام البنك. وبهذا يظل القرض الربوي مقتصراً على المقترض الأصلي، ولا ينتقل لغيره، سواء من أراد شراء المصنع كاملاً أو شراء حصة شائعة منه. وهذا أولى من تحمل المسلم مسؤولية سداد القرض الربوي أمام البنك. والله تعالى أعلم.

الراتب من غير وظيفة

الراتب من غير وظيفة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 22/8/1424هـ السؤال في الإجازة الصيفية يذهب كثير من الشباب إلى مكتب العمل للتوظيف في الصيف فقط، خاصة من كان يشكو من الفراغ أو يريد خبرة في الوظيفة أو لتحصيل المال وهو أغلب وأكبر الأسباب، وإذا راح الشاب إلى مكتب العمل يوجهونه إلى مؤسسة أو شركه معينة توظفه في الصيف، وإذا ذهب هناك إما أن يوظفوه أو يقولون له - تعال لنا آخر الشهر وأحيانا يعطونه الراتب - بدون أن يعمل عندهم حتى لو قال إنه يريد أن يعمل أي عمل عندهم فيقولون - ما عليك أنت إئتنا آخر الشهر ونعطيك الراتب - وذلك كله خوفاً من مكتب العمل، وربما لا يوجد مكان لكن فقط لتسجيل الأسماء عندهم، السؤال ما حكم أخذ هذا الراتب إذا لم يشتغل الإنسان أي شغل؟ كما قلت آنفا حتى لو قال لهم أريد أن أتوظف أي وظيفة فلا يلتفتون لطلبه، وهل إذا كان حراماً يجب التبليغ عنه؟ الجواب إذا كان رب العمل في المؤسسة أو الشركة هو الذي يقول إئتنا آخر الشهر وخذ الراتب فلا شيء فيه، فهو تبرع منه لمن أرسلهم إليه مكتب العمل، والغالب أن صاحب العمل له مصلحة راجحة عنده ومربحة له، كأن يتلافى بهذا عقوبة تفرض عليه كغرامة من الدولة، أو تسهل له الحكومة بعض الإجراءات وتخفق عنه بعض الجزاءات؛ أو يرى أن مباشرة مثل هذا الطالب الذي ليست عنده خبرة ملحقة بعمله ضرراً أو نحو ذلك، ولنحسن الظن أن هذا الفعل مشاركة من المؤسسة أو الشركة في مساعدة الشباب مادياً، وإن كان الأفضل تشغيلهم للقضاء على الفراغ الذي يعانونه، ولإكسابهم خبرة وتعوداً على التعامل مع الحياة والناس، أما عن الحكم الشرعي فيما يعطونه فهو حلال لا شبهة فيه إن شاء الله، فهو تبرع باسم راتب شهري، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

يعمل في شركة تبيع البضائع الأمريكية

يعمل في شركة تبيع البضائع الأمريكية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 29/03/1426هـ السؤال هل العمل بشركة تعمل في مجال بيع وصيانة المعدات الثقيلة الأمريكية الصنع يجوز شرعاً؟ مع إيضاح الدليل الشرعي. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: بيع وصيانة المعدات مباشرة للكافر لا تجوز إذا كان في ذلك ضرر على المسلمين، أما إذا كان البيع غير مباشر، ولا يقصد منه تقوية الكافر وظهوره على المسلمين فالبيع والصيانة للمعدات جائز؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، فالبيع والشراء مع الكفار جائز، سواء كان مباشرة أو كان بواسطة - كما في سؤالك- فأنت تعمل ومتعاقد مع شركة مسلمة، وليس عقدك مع الكافر (الشركة الأمريكية مثلاً) .

والأمر بقتال الكفار والنهي عن إعانتهم- هم الكفار الحربيون- الذين بينهم وبين البلد الذي تعمل فيه- مثلاً- حرب قائمة بالفعل، والأصل في الحرب بين المسلمين والكفار هي الاعتداء وليس الكفر، ولو كان القتال مشروعاً من أجل إزالة الكفر لما كان هناك عقد ذمة وأمان، ولم يشرع للمسلمين جواز نكاح نساء أهل الكتاب إلى غير ذلك من الأحكام، ثم إن العداوة من الكافر للمسلم متوقعة في كل زمان ومكان ما دام الكافر على كفره، كما قال الله: "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا" [المائدة: 82] ، وقال أيضاً: "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم ... " [البقرة: 109] ، فلم يرتب الله القتال للكافر على مجرد العداوة، وإنما رتبها على القتال فقال: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ... " [الممتحنة: 8] ، وقال: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" [البقرة: 190] . والله أعلم.

العمل في المعاهد الأجنبية لتعليم لغاتها

العمل في المعاهد الأجنبية لتعليم لغاتها المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 13/04/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ حفظكم الله: عندنا معاهد لتعليم اللغة الإنجليزية، وهذه المعاهد تابعة لدول أجنبية كأن تكون معاهد أمريكية أو بريطانية، ولا يخفاكم ما لهذه المعاهد من أهداف في بلاد المسلمين، وقد ظهر من بعض هذه المعاهد الدعوة لدينهم، وتقوم بإرسال البعثات من أولاد المسلمين إلى بلاد الغرب بحجة التعلم، السؤال هو: هل يجوز العمل في هذه المعاهد سواء في التعليم أو الإدارة أو الحراسة ... إلخ؟ وإذا وجدنا معهداً من هذه المعاهد، الأجنبية، ولم يظهر منه شيء من الدعوة إلى دينهم، ولكن نخشى أن يكون لهم أهداف لا نعلمها، فهل يجوز أن نعمل بأصل البراءة، ونعمل معهم في هذه المعاهد؟ وما حكم المال المأخوذ مقابل العمل معهم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن المؤسسات التعليمية التابعة للدول الكافرة -والموجودة في بلاد المسلمين- إن كانت تتستر بالتعليم وهي تمارس أنشطة أخرى كإفساد المسلمين، أو العمل على إخراجهم من دينهم وحملهم على الكفر، فهذه المؤسسات لا يجوز العمل فيها، ولا الانتساب إليها، ويجب التحذير منها، وفضحها بشتى الوسائل، ومثل ذلك لو كانت خارج ديار المسلمين، فالحكم واحد. أما غير ذلك من المؤسسات الأخرى فلا حرج من العمل فيها والتعلم عندها، ما لم يظهر منها ما ينقض ذلك. والله أعلم.

تأجير القنوات الفضائية

تأجير القنوات الفضائية المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 6/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هناك بعض المشاريع تقام في إحدى الدول، وأريد القيام بمثل هذه المشاريع ولا أعرف هل هي حرام أم حلال؟ والمشروع كالأتي: هي شراء جهاز شبكة استقبال قنوات فضائية وتأجير 20 قناة فضائية للعامة بمبلغ 20 جنيهاً شهرياً، وهذه القنوات لا تحتوي على مواد جنسية بل على أفلام وموسيقى ومنوعات ... الخ. وتوزيع هذه القنوات على ما يقرب إلى 200 منزل، فهل في هذا المشروع التجاري حرمة؟ وأرجو الله أن يوفقكم في أمور الدعوة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد: فأولاً: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

وثانياً: القنوات الفضائية وشبكات استقبالها آلات وهي بحسب ما تستعمل فيه، فإن استعملت في حلال فهي حلال، وإن كان فيها شيء حرام فهي محرمة، والغالب على القنوات الفضائية استعمالها في المنهيات الشرعية، ففيها مخالفات شرعية كثيرة، وفيها دعوة إلى تلك المخالفات سواء فيما يتعلق بالجانب الأخلاقي أو العقدي أو غيرهما، وإذا كان ذلك كذلك فالدخول فيها والاتجار فيها خطر عظيم ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" أخرجه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فكل نظرة حرام عن طريق هذه الشاشات لهم من وزرها نصيب، وكل فاحشة ترتبت على التأثر مما يرى في تلك الشاشات لهم من وزرها نصيب، وكل انحراف خلقي أو عقدي بسببها لهم من وزره نصيب "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون" [النحل:25] ، والعاقل يعرف أن ذلك من أعظم أسباب خفة الميزان يوم القيامة "فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ" [المؤمنون:103] . ثم إن الكسب من وراء ذلك كسب حرام سحت، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" أخرجه أحمد (14441) ، والبيهقي (5373-5378) وغيرهما من حديث أبي بكر الصديق، وجابر، وغيرهما -رضي الله عنهم-، فما هو الربح؟ الربح مال حرام يجر آثاماً أمثال الجبال تصب في ميزان المروج لهذه القنوات صباً، وقد ينطبق عليه بفعله هذا أنه ممن قال الله تعالى فيهم: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" [النور:19] .

وقد ذكرت أن تلك القنوات تشتمل على أفلام وموسيقى ومنوعات وهذه لا تخلو من المحرمات، فالأفلام تشتمل على النساء الفاتنات وعلى جعلهن قدوة وهن أسقط المجتمع، وكذلك فالموسيقى محرمة، وإن استحلها بعض الناس كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" أخرجه البخاري (5590) معلقاً، ووصله غير واحد، انظر فتح الباري (10/53) ، والحر هو الفرج الحرام يعني الزنا، والموسيقى من المعازف، واعلم يا أخي أن رزقك مكتوب ولن تموت حتى تستكمله فاجعل كسبك طيباً ينبت لك لحماً طيباً وتفكيراً طيباً وذرية طيبة، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] ، ومن ترك شيئاً لله تعالى عوضه الله خيراً منه، وفقك الله وسددك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

العمل مع شركات النقل السريع

العمل مع شركات النقل السريع المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 19/7/1424هـ السؤال هل العمل مع شركات النقل السريع في البلاد الغربية جائز، مع العلم أنه أحياناً يتطلب نقل الخمرة من مكان لآخر، سواء علم الشخص بذلك أو لم يعلم، نرجو التفصيل بالإجابة، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: العمل في هذه الشركات لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: إذا كان العمل في أصله مباحاً مثلاً الشركات مخصصة لنقل الركاب، وقد يحمل بعض الركاب معهم شيئاً من الخمر، وليست هذه الشركات مخصصة لنقل الخمر فهذا جائز إن شاء الله. الأمر الثاني: أن تكون الشركات شاملة لنقل البضائع المباحة والبضائع المحرمة، فهذا محرم ولا يجوز لقول الله - عز وجل -: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] ، والله أعلم.

هل هذا من الرشوة

هل هذا من الرشوة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 21/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا مهندس أعمل في إحدى الشركات، ومن أحد مهامي في هذه الفترة الإشراف على تشييد أحد المباني التابعة لشركتنا، وقد أعجبني عمل العمال التابعين للشركة التي تقوم بتشييد هذا المبنى لنا، فطلبت منهم القيام ببعض الأعمال الخاصة بي في المنزل على أن أدفع لهم أجر هذا العمل، فرفضوا وأشاروا بأنه غير مسموح لهم بالعمل في أعمال خارج الشركة، إلا لصديق أو أحد العاملين مع الشركة بعد الدوام الرسمي. سؤالي هو: هل يعتبر تقديم هذا العمل لي رشوة؟ وللعلم أنهم سيزودونني بالأيدي العاملة والمواد أيضاً. مع العلم بأن هذا لن يؤثر في شئ من سير العمل ومتابعته والإشراف على صحة تنفيذ مهمتهم للشركة التي أعمل بها. ولكني في نفس الوقت أريد التأكد بأنه لا حرج من هذا العمل وأنه ليس به ما يغضب الله سبحانه وتعالى. أفتوني في أمري أفادكم الله، والسلام عليكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فلا يجوز للأجير الخاص الذي يعمل لدى أحد أو جهة أن يتعاقد في الوقت نفسه مع غير رب العمل، إذ هذا الوقت لرب العمل، فليس له أن يتصرف فيه إلا برضاه. وما دمت مشرفاً على تنفيذ العمل فإن تقديم العمل لك مجاناً أو بأقل من أجرة المثل حرام لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"هدايا العمال غلول" أخرجه أحمد (5/425) والبيهقي (10/138) صححه الألباني في إرواء الغليل (2622) . وأرى للسائل ألا يتفق معهم حتى بسعر المثل دفعاً للتهمة وقالة السوء في المستقبل، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله.

العمل في تصميم الدعايات

العمل في تصميم الدعايات المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 27/4/1423 السؤال أنا أعمل في مجال تصميم الدعايات الهندسية لشركات على الكومبيوتر، والشركات تعمل في أشياء لا حرمة فيها مطلقاً، ولكن بعد إنهاء عملي في التصميم يقوم شخص آخر غيري بإضافة ملف صوت أو موسيقى عليه في الخلفية، وأنا لا أفعله لأني أعلم أن الموسيقي حرام، وأنا لا أستطيع أن أغير ذلك وهذا هو مجالي، وقد ضاقت بي سبل الرزق، فهل علي وزر وأنا لا أتدخل مطلقاً فيما يفعله الشخص الآخر أم ليس علي وزر؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان الأمرُ كذلك، فلا أرى عليك من بأس في العمل في هذا المجال، وليس عليك من إثم -إن شاء الله- فيما أضافه غيرك على عملك من أغانٍ ونحوها من المحرَّمات؛ لأن هذه المحرّمات المضافة قائمةٌ أصلاً بغير عملك، وخروجها على هذه الصورة المحرَّمة لم يكن موقوفاً على عملك. نعم، يدخل في الإعانة على ذلك كل عمل تكتمل به صورة المنكر، أو يعين على نشره، أو يدعو إليه، فالذي ينسخ تلك الأغاني معين على الإثم -لا شك-، ومثله كذلك من يقوم بإضافتها على الإعلانات الدعائية ... إلخ. فها أنت تجد عمل هذين لا تكتمل صورة المنكر في إخراجه وتشغيله إلا بعملهما، فكانا شريكين في الحرام معينين على المنكر، أما أنت فمثلك كمثل من بنى داراً وباعها لمن يسكنها، فقارف فيها ساكنها بعض المنكرات، فليس عمل هذا -أعني باني الدار-من قبيل الإعانة على الإثم والعدوان؛ لأن وقوع المنكر لم يكن متوقِّفاً على بيع الدار ولا بنائها، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

استئجار ضاربة الدف

استئجار ضاربة الدف المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 28/5/1423 السؤال ما الحكم في استئجار من يضرب الدف للنساء في الأعراس؟ وهل حجة من يقول:"إن الإجارة مثل البيع فلا تصح ولا تجوز إلا فيما كان أصله حلالاً"، هل هذه الحجة يعتد بها بالتحريم؟ وما حكم صنع وبيع الدفوف؟ الجواب محور جواب هذا السؤال يعود إلى أمر واحد، وهو حكم الضرب بالدف للنساء في الأعراس، وما بعده ينبني عليه، فيقال: ضرب الدف للنساء في الأعراس والأعياد ونحوها أقل أحواله الجواز، وهو في النكاح مستحب؛ لأدلة كثيرة مشهورة، يمكن الأخ السائل أن يراجع على سبيل المثال (منتقى الأخبار) للمجد ابن تيمية (2/556) ، وكذلك ينظر: (الروض المربع بحاشية ابن قاسم 5/418) . فإذا علم ذلك تبين الجواب عن السؤالين اللذين بعده، فاستئجار من يضرب الدف حكمه حكم الغرض منه، فإن كان في الأعراس ونحوها فمستحب، وإن كان لغرض مباح فالإجارة مباحة، وكذا الحكم في الصنعة، والله أعلم.

العمل في مؤسسات الصيرفة

العمل في مؤسسات الصيرفة المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 30/1/1424هـ السؤال أنا أعمل في مؤسسة للصيرفة، علماً أنها تقوم بالتالي: (1) صرف رواتب قبل موعدها بعمولة قدرها خمسون ريالاً، ثم تحصل الراتب من البنك المسحوب عليه بعد ذلك. (2) تقوم ببعض الاستثمارات على أن يكون الربح فيها مضموناً للمستثمر دون تحديد نسبة. (3) شراء العملات بسعر وبيعها بسعر أغلى مع فارق كبير بين السعرين. السؤال: (1) ما الحكم فيما ورد أعلاه؟ (2) ما حكم عملي في المؤسسة لا سيما في ظل عدم وجود بديل حالي؟ شاكرا لكم فتح هذا المجال، راجياً الإسراع قدر الاستطاعة؛ لأني متلبس بهذا الأمر. الجواب صرف الرواتب قبل موعدها بعمولة، من الربا المحرم؛ لأن حقيقة العملية إقراض صاحب الراتب مبلغاً ثم استيفاء مبلغ أعلى منه. ب. ضمان المضارب لصاحب رأس المال رأس ماله وزيادة لا يسوغ. ج. شراء العملات بسعر وبيعها بسعر أعلى - ولو كان كبيراً - جائز بشرط الحلول والتقابض في مجلس العقد إذا كانت العملات من جنسين مختلفين، كالريال بالدولار. 2. لا يسوغ العمل في المؤسسة لممارستها للربا في أعمالها بصفة رسمية من إدارة الشركة، ويوجد بديل حالي وهو العمل في المصارف الإسلامية وغيرها.

استعمال شبكة الإنترنت في العمل

استعمال شبكة الإنترنت في العمل المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 5/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: ما حكم استخدامي لخدمة الإنترنت التي توفرها الجهة التي أعمل بها لأغراضي الشخصية باستخدام خط الهاتف الخاص بي؟ علماً أنهم على علم بذلك وتقوم كذلك الجهة التي أعمل بها بتكليفي ببعض الأعمال التي تحتاج استخدام الإنترنت من منزلي. أفتوني مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كانت جهة العمل لا تمانع من استخدام خدمة الإنترنت التي وفرتها في الأغراض الشخصية فلا حرج من استخدامها، والمقصود بعدم الممانعة أن يكون نظامها يسمح بذلك، أو أن يكون المسؤول المخول قد أذن بذلك وهو يملك الإذن، أما إذا أذن تساهلاً وهو لا يحق له الإذن ولا يملكه في الصلاحيات المعطاة له فلا عبرة بإذنه ويبقى الأمر على الأصل أو النظام، والأصل أن الدوائر والشركات تجعل هذه الخدمات لأجل تحقيق أغراضها ولمصلحة العمل، وقد تعطي بعض موظفيها هذه الخدمة له مكافأة أو تشجيعاً له فإذا كان ذلك كذلك فلا بأس وإلا فلا، والله تعالى أعلم.

اشترط علي ألا أعمل عند غيره

اشترط علي ألا أعمل عند غيره المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 12/11/1423هـ السؤال أنا أعمل في وظيفة في القطاع الخاص وهناك شرط من شروط العقد على ألا أعمل عند أحد غير صاحب هذا العمل الذي أعمل فيه في وقت العمل أو خارج وقت العمل بأجر أو بدون أجر. ثم إني ذهبت إلى صاحب العمل وطلبت منه أني سوف أعمل عملاً إضافياً بعد وقت العمل هذا، العمل ليس له علاقة بعملي ولا بعمل الشركة فأذن لي ولم يمانع في ذلك واشترط عليّ أنه لا يضر لا بمواعيد العمل ولا بعملي. هل يجب عليّ كل مرة عند عمل أي عمل آخر أن استأذن منه طالما أن العمل ليس له علاقة لا بعملي أنا الأصلي في الشركة ولا بشغل الشركة. الجواب الحمد لله لم يظهر من السؤال ما إذا كان السائل الكريم استأذن رب العمل إذناً عاماً أو بخصوص عمل معين، فإن كان إذناً عاماً فلا مانع حينئذٍ من الالتحاق بعمل إضافي آخر كلما انتهى العمل الإضافي الذي قبله طالما أنه لم يؤثر على العمل الأساسي، لأن الوفاء بالشرط على النحو المذكور حقٌ لرب العمل وقد تنازل عنه. أما إذا كان إذناً خاصاً بأن استأذنت رب العمل في عملٍ إضافي محدد ذا طبيعة محددة ووقت محدد فانتهى هذا العمل فالظاهر وجوب استئذانه كلما رغبت بالالتحاق بعملٍ آخر لأن الإذن كان خاصاً والشرط ما زال سارياً فمتى انتهى هذا العمل المأذون فيه فيبقى الشرط على حاله ولا يمكن تجاوزه إلا بإذن آخر. والله أعلم.

صفقة فيها مؤجل ومعجل وأقساط

صفقة فيها مؤجل ومعجل وأقساط المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 9/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اشتريت سيارة من إحدى الشركات دفعة مقدمة 10000 ريال، وقسط شهري 2400 ريال لمدة أربع سنوات مع دفعة مؤجلة 47000 ريال، ما حكم ذلك؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. مسألة الإيجار المنتهي بالتمليك كعقد الواضح فيه جواز ذلك غير أن الحكم يختلف حلاً أو حرمة أو صحة أو فساداً على حسب ما يوجد من الشروط في العقد، فلربما يوجد من الشروط ما يخالف مقتضى الإيجار المنتهي بالتمليك مثل ما يفعله غالب الشركات والمؤسسات التي تتعامل بالإيجار المتجدد في الواقع المعاصر حيث أن صورته تجارة وحقيقته بيع مع ما فيه من الظلم في الشروط التي تخالف مقتضى العقد؛ لأن الإيجار المقتضى فيه أن المستأجر لا يضمن إلا إذا فرط أو تعدى، فإذا وجد ذلك فإن الإيجار المنتهي بالتمليك باطل وإذا وجد من الشروط ما لا يمنع من صحة العقد فإن العقد صحيح والشرط باطل. والفرق بين الأول والثاني هو أن يكون الشرط يعود على أصل العقد بالإبطال فإذا كان الشرط يعود على أصل العقد بالإبطال والبطلان أي: بطلان العقد، فإنه يدل على أن العقد باطل. وإذا كان لا يعود على أصل العقد بالإبطال فإن العقد صحيح والشرط باطل مثل أن يكون مخالفاً لمقصود الشارع.

النوم وقت الدوام

النوم وقت الدوام المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 24/10/1423هـ السؤال هل يجوز أن أنام في عملي وقت الدوام الرسمي؟ علماً أن عملي عبارة عن تعداد وصفات فقط لا غير ولا يوجد عمل آخر، وأنا أنام في بعض الأحيان في السكن داخل العمل. وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فالموظف يعتبر أجيراً خاصاً يستحق المستأجر له نفعه في جميع الزمن المقرر للعمل وحينئذ فيجب صرف جميع منافعه في هذا الزمن للعمل المستأجر عليه باستثناء أوقات الصلوات الخمس بسننها وجمعة وعيد فإن زمن هذه الفرائض مستثنى بالشرع فيؤديها ولا يحتاج إلى إذن صاحب العمل، وبناء على هذا فليس لك أن تنام في عملك أو أن تنشغل بأمر غيره إلا أن يأذن لك صاحب العمل إن كنت تعمل لدى شخص معين، أما إن كان عملك حكومياً فليس لك أن تنام أثناء الدوام ولا يجوز لأحد من المسؤولين عنك أن يسمح لك بالنوم؛ لأن تصرف هؤلاء لا يجوز إلا بما يحقق المصلحة للعمل ونومك أثناء العمل لا يحقق أي مصلحة، والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.

أخذ الموظف أتعابا من مراجعيه

أخذ الموظف أتعاباً من مراجعيه المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 1/11/1423هـ السؤال هل يجوز أخذ المال من المعاملين أو المستفيدين في العمل للحالة التالية: أن شخصا وضع معاملة عندي لانشغاله وأنا أقوم بمتابعتها وإنجازها وسيعطي المال لأنه يعلم أن المعاملات لا يمكن أن تنجز إلا به وكذلك مقابل أتعابي؟ الجواب الحمد لله وحده وبعد: الأجير الخاص لا يجوز أن يتعاقد مع أحد في وقت عمله، سواء كان موظفاً لدى الدولة أو لدى جهة خاصة، إذ وقته ليس له بل لمستأجره إذ لا يستحق الأجرة إلا بمضي المدة مع تسليم نفسه. وعليه فلا يجوز لك أن تتعاقد مع أحد على متابعة معاملة أو إنهائها بأي مقابل في وقت عملك لأن ذمتك مشغولة بنفس العمل فلا يمكن إشغالها بعقد آخر إذ المشغول لا يشغل.

العمل في المستشفيات

العمل في المستشفيات المجيب د. قيس بن محمد آل الشيخ مبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 9/7/1424هـ السؤال ما حكم العمل في المستشفيات بشكل عام مع العلم أنها قائمة على أنظمة غربية بالأساس، ويحصل فيها منكرات عظيمة مع وجود النساء الغربيات والمسلمات، ولما فيها من كشف المرأة المسلمة لحجابها، ولا أحد يأمرهن بالتستر، حتى وصلت إلى أن نساء المسلمين يدخنَّ الدخان في فناء المستشفى. وحيث إن الإدارة يعمل فيها النساء كمديرات للأقسام أو سكرتيرات وهنّ متبرجات، وتجد المدير مسلما وسكرتيرته أجنبية نصرانية ومتبرجة، ويفرض علينا التعامل معهم، وكذلك يفرض علينا التعامل باللغة الإنجليزية في كل خطاباتنا وتعميماتنا فأصبحنا نعيش في هذه المستشفيات بشخصية ممسوخة، وفوق هذا كله تكون الموالاة للكافرين، فالمعاملة الحسنة والمحافظة على مشاعرهم والمزايا الكثيرة، فالكفار يعملون من ناحية العقود والمزايا أفضل من المسلمين، فأصحاب الجنسية الأمريكية يعطون العقود من فئة (أ) والأوربية فئة (ب) أما السعوديون ففئة (ج) وبقية الدول العربية فئة (د) ، وأيضا يعيشون على أرضنا وكأنهم في بلادهم فلا يحتشمون، وهم يسكنون بين سكان مسلمين هذا والله المستعان. وفي حالة بقائنا في هذا العمل كيف ننكر المنكر؟ هل ننكر بشدة مع العلم أن مدراء المستشفى لا يلتفتون إلى أوامر الدين كما هو ظاهر لنا؟ مع العلم أني ولله الحمد استقمت وصلحت أحوالي عن ذي قّبل، فهل أستمر أم أترك العمل مع أن عليَّ بعض الديون ولم أتزوج بعد؟ الجواب

اعلم أن المستشفيات تعتبر من ضرورات الحياة إذ بها صلاح أبدان الناس، والعمل بها عمل شريف كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى (لا أعلم بعد الحلال والحرام علماً أنبَلَ من الطبّ) ، وإذا وُجد في المستشفيات شيء من الخطأ فلا سبيل لتصحيحه إلا بأن يلتحق بهذا العمل أهل العفَّة والديانة، واعلمْ أن مَن خالط الناس وناصحهم بالحكمة والموعظة الحسنة وصبَرَ على ذلك خيرٌ ممن يفرُّ عنهم ويكون قعيد بيته، بل ستصبح لك دُرْبَة في طريقة التوجيه والإرشاد والدلالة إلى الله تعالى. ولا حَرَج عليك إن تحدَّثت بغير العربية، ولو مع متبرِّجة من غير المسلمات، وليس في ذلك شيء من الموالاة للكافرين، وأنت تعلَم أن الوفود كانت تفد عليه صلى الله عليه وسلم بالمدينة فيستقبلهم ويقرِّبهم، ويعطي كبيرهم وسيِّدهم حقَّه، وربما استقبلهم داخل حرم المسجد، كما فعل مع وفد ثقيف الذين كانوا على الشرك حينها، حيث أنزلهم في المسجد انظر ما رواه أبو داود (1393) وابن ماجة (1345) من حديث أوس بن حذيفة - رضي الله عنه -.أما ما يتمتَّعون به من مزايا فهذا ليس من شأنك، وإنما هو عقد بينهم وبين من استأجرهم على العمل لا شأن لك به ولا عِزَّة لهم به، بل العزيز هو مَن يقوم بعمله على أحسن وجْهٍ وأكمله مسعداً بذلك نفسه ومرضياً ربَّه من غير ذلَّة لأحد. أما كيف تنكر فاعلم أن الأمر بالمعروف يجب أن يكون بمعروف، وأن النهي عن المنكر يجب أن يكون كذلك بمعروف، وأن وظيفتك حين آمنت بالله تعالى أن تكون دلاَّلاً على بضاعة الرحمن لا أن تكون خصماً للناس، ولا أن تكون فاحشاً أو منفِّراً من هذا الدين، فاعمل عَمَلَ مَن يسوِّق لبضاعةٍ، بالتلطُّف والتودُّد والإكرام، وابحث عن هذه الوسائل في سيرة حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم.

العمل المختلط

العمل المختلط المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 27/7/1424هـ السؤال أنا شاب أعمل في أحد المستشفيات في قسم غسيل الكلى، وتوجد معي بعض الممرضات من جنسيات مختلفة، وكلهن ديانتهن المسيحية، ويكون هناك الاختلاط لظروف العمل الذي أنا فيه، ويعلم الله أني أحاول أن يكون عملي هذا خالصاً لوجه الله الكريم، فما رأيكم في وضعي هذا؟ هل أتركه مع أنه هو تخصصي العلمي؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: في مثل هذه المسائل يرجع إلى أمرين الأول: تحقيق حكم الشرع في الحيطة والحذر من الوقوع في الحرام، ومدى حاجة الأمة لهذا العمل، الذي يدور بين الواجب الكفائي أو العيني، وهذه لها علاقة بواقع الحال. الأمر الثاني: يرجع إلى ذات الشخص، وهو قدرتك على القيام بالعمل من غير ترتب مفاسد عظمى فوق المصلحة التي قد تؤديها في هذا المجال، وعليه فأمر الشرع لا تنازل فيه، فالمحرم على غيرك محرم عليك، وإن كان هناك تجوز فهو من منطلق المصالح والمفاسد، أما إذا كان بقاؤك في هذا المجال تدرأ به شراً أعظم، ولو تركته لفتح المجال لمن يفسد فيه، فلا تتركه، وإن كان انتقالك إلى موقع تحقق فيه من المصالح وتدرأ فيه من المفاسد ما هو أكبر وتطمئن على من يخلفك في هذا المجال فهنا لك أن تذهب إلى عمل آخر، والله أعلم.

الإيجار على الأرض بجزء من نتاجها

الإيجار على الأرض بجزء من نتاجها المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 16/8/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نسأل بأن يقوم صاحب الأرض بشراء الأسمدة التي تكلف كثيراً، وكذلك البذور والمبيدات ثم يدفعها إلى عامل ليقوم بزراعة الأرض، ويتفق صاحب الأرض والعامل على سداد ما دفعه صاحب الأرض من سماد ومبيدات وبذور، ثم بعد خصم هذه القيمة يقتسمون المحصول مناصفة. ما حكم الشرع في ذلك أفادكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب حكم هذه المعاملة بهذا الشكل لا تجوز باتفاق، لأنها بهذا الشكل تكون إجارة بأجرة مجهولة، فلا ينطبق عليها عقد الإجارة الصحيحة، ولا عقد المزارعة الجائزة، وتصحيح مثل هذا إما بعقد إجارة، حيث يكون كل شيء من صاحب الأرض ويقوم العامل بالعمل فقط بأجرة معلومة القدر وليست نسبة من المحصول، أو بعقد مزارعة يقوم العامل بزراعة الأرض من ماله، وله نسبة من المحصول كالنصف أو أقل أو أكثر، وللمزارعة أحكام تفصيلية لا يتسع المقام لذكرها.

العمل في عربسات

العمل في عربسات المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 27/12/1424هـ السؤال (1) ما حكم العمل في المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية (عربسات) ؟ مع العلم أن طبيعة العمل هندسي، ودخل المؤسسة من إيجار سعات قمرية للقنوات المرئية، والاتصالات الهاتفية، والإنترنت، وأغلب الدخل من القنوات المرئية، وعملي ينحصر في التحكم في القمر، وليس من اختصاصي أو صلاحيتي إجازة أو منع ما يبث. (2) هل المشاركة أو العمل فيها تعتبر من المعاونة على الإثم والعدوان؟. (3) هل استخدام الوسيلة المباحة من قبل غيري في الإثم يدخلني في دائرة الإثم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: نشكر السائل على أسئلته الدالة على حرصه، ولا يخفى على السائل أن الوسيلة المباحة إذا استخدمت للحرام، أو غلب عليها ذلك، أو زاد الإثم على الخير، فلا يجوز بذلها أو بيعها، أو العمل فيها؛ لأنها لا تكون حينئذ مباحة، فيحرم على الكل الإعانة عليها، وقد قال - سبحانه-: "وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ، كما يحرم التكسب منها، وقد أفتى العلماء بتحريم بيع السلاح زمن الفتنة، والبيض للقمار، والعنب للخمر.

أما إذا استخدمت الوسيلة المباحة للمباح، أو للخير، أو لما يعلم، أو غلب عليها الخير فلا حرج، والسائل يعلم ما يبث في تلك القنوات من الغناء، والموسيقى، وما يعرض فيها من النساء الفاتنات، الكاسيات، العاريات، ومن مسلسلات تخدش الحياء والفضيلة، والسائل لا دور له فيما يعرض فلا يستطيع الإصلاح، وإنما هو معاون من حيث الجملة، وهو شريك في الإثم في هذه الحالة، فيتعين عليه ترك هذا العمل إلى عمل أتقى لله -تعالى-، وأبرأ لدينه، وأطيب لكسبه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه" انظر ما رواه الإمام أحمد في مسند (20739) ، والبيهقي في السنن الكبرى (5/335) . والله أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

العمل في تنظيم الرحلات السياحية

العمل في تنظيم الرحلات السياحية المجيب د. زيد بن سعد الغنام عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 4/1/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ.. رجاء التكرم بالرد على السؤال التالي: أعمل منظم رحلات (TOUROPERATOR) في شركة سياحة، وطبيعة عملي هي كالتالي: في البداية أتلقى طلباً من عميل فرد، أو شركة سياحة من خارج البلاد بتنظيم زيارة إلى هنا، يحدد فيها طلباته، أو يترك لي تأليف برنامج له، وهذه الطلبات تنحصر في الإقامة في العاصمة، أو إحدى المدن الساحلية، لزيارة المعالم السياحية فيهما، وفيما بينهما، وهو يقيم في مركب عائم لمدة تتراوح بين ثلاث وسبع ليال، إذاً فهو يأتي إما للاستجمام على أحد الشواطئ، أو الغطس، أو يأتي لزيارة الآثار، الرومانية، واليونانية، والقبطية والإسلامية. ملحوظة: العميل قد يكون رجلاً أو أكثر، أو امرأة أو أكثر، وليس لي أن أسألهم عن طبيعة العلاقة التي تجمعهم. أرجو من فضيلتكم أن ترشدونا إلى: أولا: ما هو حكم عمل كل فرد من هؤلاء: TOUROPERATORمنظم الرحلة، TOURLEADERمندوب الشركة السائق؟. ثانياً: ما مدى مسؤولية منظم الرحلة (أنا) عن هؤلاء؟، والشركة بها أقسام أخرى كالحج، والعمرة، والحسابات، والسعاة، والسكرتيرة، فهل إذا حصل أحدهم على بعض هذا المال يكون حراماً عليه إذا كان العمل غير مباح وبالتالي فأنا أتحمل وزرهم جميعا؟ ثالثا: هل هناك ضوابط يمكن بها ضبط العمل؟ أم الواجب تركه بالكلية. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب

عملكم هذا أنت ومندوب الشركة والسائق، يشتمل على أمور مباحة وأخرى محرمة، فالمباحة مثل زيارة الأسواق، والمتاحف ونحوها، والمحرمة مثل إدخال السيّاح المراقص والبارات ونحوها، أما دخول المسلم للكنائس، والمعابد، ودخول الكافر للمساجد فمحل خلاف بين العلماء، فمنهم من حرمه ومنهم من أجازه، والأحوط - والله أعلم- الابتعاد عن ذلك خاصة في مثل هذه الأزمنة، اللهم إلا إذا كان هناك مجال لدعوة الكفار للإسلام، وترغيبهم فيه، وأيضاً التفكر بما عند الكفار من مظاهر الباطل؛ كي يزداد المسلم قناعة بدينه. وعلى كلٍ فإن أمكن أن يقتصر عملك في هذه الشركة على الأمور المباحة مثل عدم تقديم مشروبات محرمة، أو إدخالهم المراقص والبارات، أو الخلوة بالنساء، فيجوز عملكم، أما إن باشرت هذه الأعمال المحرمة أو ساعدت عليها فلا يجوز؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان، وحينئذ إما أن تطلب من الشركة أن يغير مجال عملك، وإلا فاترك العمل بها ويعوضك الله، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" [الطلاق:2] والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

تأجير من يقتني الدش

تأجير مَنْ يقتني الدش المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 11/06/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم يوجد لدي شقق للإيجار، وأبذل قصارى جهدي لكي لا يسكنها إلا من أثق في دينهم، ويظهر لي فيهم الخير والصلاح، ومن ضمن شروطي على المستأجر ألا يدخل إلا قناة المجد، فكان أحدهم لديه طبق المجد، ولكني بعد فترة من الزمن وجدته قد ركب رأس دش (عرب سات) على طبق المجد، فحصل بيني وبينه نقاش، فطلبت منه أزالته فلم يمانع، ولكنه لم يزله إلى الآن، وتفاجأت كذلك بأن مستأجرًا آخر قام بشراء طبق المجد، ولكنه لم يركب عليه إلا رأس طبق (عرب سات) فقط، وذلك ليوهمني أنه يشاهد المجد فقط، فما هو الحكم المترتب على كل منهما، وهل يجوز استخدام طبق قناة المجد لاستقبال قنوات فضائية أخرى، سواء عرب سات أو غيرها؟ والله يرعاكم برعايته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: إذا أجرت رجلاً شقة واتخذ فيها طبقاً فضائياً فلا إثم عليك في ذلك؛ لأنك أجرته الشقة للسكنى وهي منفعة مباحة، ولست بمسؤول عما يفعله الساكن فيها، بخلاف ما لو أجرت الشقة لمن يتخذها وكراً للدعارة أو مصنعاً للخمر، بحيث يكون التأجير لمنفعة محرمة، فإن أجرته للسكنى وانتفع بها في غير ذلك فلا إثم عليك؛ لأن الأصل في تأجير الشقة أن تكون للسكن، ولا يلزمك إذا أراد مستأجر أن يستأجر منك شقة أن تتحقق في وجه انتفاعه بها، وتسأله عن ذلك. وما تفعله من إنكار على بعض المستأجرين استقبال بعض القنوات التي يغلب عليها المحرم فأنت مأجور -إن شاء الله- على ذلك، لكن لا يلزمك إخراج من يفعل ذلك، وفسخ العقد. والله أعلم.

العمل في شركة تتعامل مع البنوك

العمل في شركة تتعامل مع البنوك المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 1/6/1425هـ السؤال أعمل محاسباً بشركة، ومن ضمن أعمالي تسجيل جميع معاملات الشركة مع البنك من فوائد وعمولة ومصاريف، نظير اقتراض الشركة من البنك لشراء بضاعة من الخارج حتى سدادها، على الرغم من بغضي للبنوك جميعها، فما حكم الراتب الذي اتقاضاه؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، وبعد: فقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: "هم سواء" رواه مسلم (1598) من حديث جابر -رضي الله عنه- وواضح من ذلك أن المقصود هو ذم كل من يسهم في التعامل الربوي بشكل أو بآخر، وهذا -والله أعلم-، يشمل عمل المحاسب والمراجع الذي يراجع التعاملات الربوية؛ لأنه في حكم الكاتب والشاهد، فالواجب على الأخ السائل مناصحة القائمين على الشركة بتجنب التعاملات الربوية والاعتياض عنها بالمعاملات الإسلامية، وهي بحمد الله متوفرة في بلد السائل، وينبغي أن تكون المناصحة بالتي هي أحسن، وبما يرجى أن يحقق الهدف وهو التخلي عن الربا، ولا يستعجل النتائج، لأن الاستعجال يؤدي لنقيض المقصود، وخلال فترة المناصحة أرجو ألا يكون هناك حرج في الراتب الذي يستلمه المحاسب، لأنه بصدد تغيير المنكر وإزالته بما يقدر عليه، وقد قال تعالى: "ما على المحسنين من سبيل" [التوبة: 91] فإذا تبين للأخ أن المؤسسة لن تستجيب لطلبه، بالرغم من وجود البديل الإسلامي، فيجب عليه البحث عن عمل أو وظيفة أخرى تخلو من المحذور الشرعي، وخلال فترة البحث يتصدق بقدر الساعات التي ينفقها في مراجعة التعاملات الربوية. وفقنا الله وإياكم لاتباع مراضيه واجتناب سخطه ومناهيه، والله تعالى الهادي للصواب.

نقل الناس من وإلى أماكن الخمر

نقل الناس من وإلى أماكن الخمر المجيب محمد بن ناصر السلمي القاضي في وزارة العدل التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 24/1/1425هـ السؤال في مدينتنا سائق تاكسي يريد أن يعرف ما حكم توصيل الركاب من أماكن بيع الخمر إلى بيوتهم أو حيث يريدون؟ وما الحكم في توصيل من يحمل معه كرتون خمر؟ حيث إن السائق ليس له شأن في حمل متاع الراكب أو مساعدته، مع العلم أن السائق قد يكون لديه علم مسبق أن الزبون الذي يراد توصيله موجود في مكان بيع الخمر، وهذا السائق حائر في كيفية التصرف في هذه المشكلة، ويريد أن يعرف حكمها، وهل عليه إثم أو يكون داخلاً في حديث اللعن الوارد في الخمر ومتعلقاتها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الجواب: هذا الأمر لا يخلو من حالتين: أن يكون الركاب كفّارًا، فلا بأس بحمل الركاب من أماكن بيع الخمر إلى بيوتهم أو حيث يريدون؛ لأن الإجارة هنا وقعت على منفعة صحيحة جائزة في الأصل، حتى لو كان مع الركاب خمر، لأن الإجارة هنا لم تقع على حمل الخمر، وإنما وقعت على حمل الركاب، والخمر تبع له، والفقهاء يقولون: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، ولأن الكافر يعتقد حل الخمر. أما لو وقعت الإجارة على حمل الركاب والخمر معاً فالإجارة باطلة والسائق آثم بذلك. وقد يقال بتفريق الصفقة فتصح الإجارة في حمل الركاب، ولا تصح في حمل الخمر، وهو آثم بذلك، ويحتمل دخوله في حديث الوعيد، والأولى بالمسلم التورع عن مثل هذه الأعمال المشتبهة قال:- صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) عن الحسن بن علي - رضي الله عنهما -. والحالة الثانية: أن يكون الركاب من المسلمين، وحينئذ نقول له بجواز حملهم من أماكن بيع الخمر إلى بيوتهم شريطة ألاّ يكون معهم خمر؛ لأن هذا وسيلة إلى المعصية وما كان وسيلة إلى المعصية فيحرم ارتكابه؛ لأن الوسائل كما يقول الفقهاء لها أحكام المقاصد. والله أعلم.

العمل في مجال الرسوم والجرافيك

العمل في مجال الرسوم والجرافيك المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 14/6/1424هـ السؤال ما حكم العمل في التلفزيون الرسمي في بلدي في مجال الرسوم والجرافيك باستخدام الكمبيوتر، خصوصاً عند استخدام هذه الرسوم والصور لما فيه صالح الأمة العربية والإسلامية؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: رسوم ذوات الأرواح فيه أقوال بين أهل العلم، والجمهور على تحريمه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون" رواه البخاري (5950) ، ومسلم (2109) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- بخلاف الصور الفوتوغرافية التي أجازها أكثر العلماء المعاصرين؛ لأنها ليست مضاهاة لخلق الله بشرط ألا تكون معظمة. أما استخدام الرسوم الموجودة في برامج الحواسيب لما فيه المصلحة كما ذكر السائل فهو أمر محمود، وأقل ما فيه أنه أهون الضررين، لا سيما أنه صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أقر لعب عائشة -رضي الله عنها- بلعب تشبه الحيوانات، انظر سنن أبي داود (4932) وفتح الباري (10/527) كما أقر الصور المرسومة في بيته -عليه الصلاة والسلام- على الوسائد. انظر ما رواه البخاري (5954) ، ومسلم (2107) من حديث عائشة -رضي الله عنها- والله أعلم. ونسأل الله للسائل التوفيق والمزيد من الخير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

العمل بهيئة الإذاعة البريطانية

العمل بهيئة الإذاعة البريطانية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 29/06/1425هـ السؤال معروضة فرصة عمل بالقسم العربي لإحدى هيئات الإذاعة الغربية، فهل أتقدم لها؟ والمعروف أنها إذاعة مملوكة لحكومة غربية، فما حكم من يعمل فيها؟ وما حكم راتبه؟ حيث إن لي أصدقاء بالفعل يعملون هناك؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب العمل في الشركات التي يملكها أو يديرها كفار جائز شرعاً، بشرط ألا يباشر المسلم حراماً مقطوعاً به، كأن يصنع الخمر أو يبيعها أو يقدمها للشاربين ونحو ذلك، ووجه الجواز أن النبي - صلى الله عليه وسلم- وعامة الصحابة - رضي الله عنهم- كانوا يبايعون المشركين ويؤاجرونهم، ومات رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بصاع من شعير. انظر: البخاري (2916) ، ومسلم (1603) ، وإجماع المسلمين قديماً وحديثاً قائم على جواز معاملة الكافر والتعاقد معه في سائر العقود المشروعة، وثبت في جامع الترمذي (2473) : "أن علياً بن أبي طالب - رضي الله عنه- آجر نفسه من يهودي يسقي له كل يوم بتمرة"، وعلى هذا إجماع المسلمين بلا منازع، وعليه فإن عملك في هيئة الإذاعة البريطانية جائز. الله أعلم.

تأجير المحلات التي يختلط فيها الحلال والحرام

تأجير المحلات التي يختلط فيها الحلال والحرام المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 1/11/1424هـ السؤال جزاكم الله كل خير على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين. سؤالي هو أنني صاحب مكتب عقاري، وعند تأجيري للمحلات التجارية أجد أنها ثلاثة أصناف، إما حلال تام مثل ملحمة لحوم، أو حرام تام مثل محل أغانٍ، أو شيء يدخله الحلال والحرام مثل الحلاق، أو بقالة تبيع مجلات ودخان، أو محل أجهزة إلكترونية، أو غيرها الكثير مما أصبح مختلطا بين الحلال والحرمة في تجارتهم. وسؤالي هو: ما حكم كتابة العقود في المشاريع التي يختلط فيها الحلال بالحرام؟ أفتوني مأجورين، فالأمر قد حيرني بين مجيز ومانع. والله يحفظكم ويرعاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب العقار المستخدم لأمر مباح لا غبار عليه، ولا شك في حله، ولا شك في مشروعية أو في إباحة كتابته، والوساطة بالاستئجار عن طريقه. الأمر الثاني: إذا كان حراماً محضاً فهذا لا يجوز، كمن يؤجر محلاً للبغاء أو للقمار أو للربا، أو نحو ذلك من الأمور المحرمة فهذا لا يجوز لهذا السمسار أن يتوسط في إجراء عملية هذا التأجير، وحرام على المؤجر نفسه أن يؤجر مكانه لاستغلاله في أمور محرمة، أما إذا كانت الأمور التي تستخدم في هذا العقار أموراً غالبها الإباحة، ولكن قد يكون فيها أمور محرمة لكنها قليلة بالنسبة لما هو مباح فهذا محل نظر، والرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" متفق عليه البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-. وعلى المرء أن يأخذ بالتقوى والحيطة والحذر والورع، وأن يبتعد عن هذه الأمور المشتبهة.

دوام المدرسين قبل بداية الدراسة

دوام المدرسين قبل بداية الدراسة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 21/10/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: ما حكم دوام المدرسين في المدارس في أيام لا يوجد فيها طلاب مثل أيام العودة، أي قبل الدراسة بشهر وخاصة في القرى النائية والبعيدة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: إذا كان العقد يوجب عليك التعهد بالعمل لساعات محددة كل يوم، فيجب عليك أن تفي بمقتضى العقد، وإذا لم ينص في العقد على ذلك، فلا يجب عليك مباشرة العمل إذا لم يكن ثمة ما يقتضي الحضور، لا سيما في المناطق النائية والبعيدة. أما مع وجود العمل فيجب عليك الحضور. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اشتراط عدم الحمل في عقد العمل

اشتراط عدم الحمل في عقد العمل المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 19/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إحدى الأخوات وقَّعت على عقد عمل ينص في أحد بنوده على عدم السماح لها بالحمل أثناء العقد (لمدة سنتين) ، وبخلاف ذلك تفصل من عملها بدون تعويض. فهل يجوز مثل هذا الشرط من ناحية شرعية الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فهذا الشرط صحيح لكونه لمصلحة العمل، ولكن لا يجوز للمرأة قبوله والموافقة عليه، إلا بعد موافقة زوجها، لكون الحمل ليس حقاً محضاً لها، بل هو حق مشترك للزوجين، ومنع الحمل مدة محددة جائز، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

كتابة العقد بثمن أكثر من الواقع

كتابة العقد بثمن أكثر من الواقع المجيب د. زيد بن سعد الغنام عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 18/7/1424هـ السؤال أعمل في جهة حكومية ومخصص السكن لي 40000 درهم، وحصلت على جهة حكومية أخرى تؤجر لي السكن بمبلغ 25000 وترجع لي الباقي، ولكنها (تعد العقد بالمبلغ كاملاً) مع العلم بأني قد أشعرت مسؤول الجهة بذلك، فأرجو أن تفتونا بما يصح شرعا وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كانت الجهة الحكومية التي تعمل فيها تشترط أو تلزمك بأن تستأجر بجميع المبلغ "أربعين ألفا" وتطلب منك عقداً أو إثباتاً بذلك فيلزمك الاستئجار بهذا المبلغ حقيقة، ولا يجوز لك التدليس وإخفاء الحقيقة بعقد وهمي حتى ولو علم رئيسك المباشر، أما إذا كانت تلك الجهة تعطيك هذا المبلغ مقطوعاً سواء استأجرت به أو بأقل منه كما تفعله بعض الجهات فهذا جائز، والله أعلم.

عقوبة على تأخير تسديد الأجرة

عقوبة على تأخير تسديد الأجرة المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 25/12/1424هـ السؤال نحن طلاب في إحدى الجامعات العربية، ونسكن في السكن الجامعي للطلاب، ونظام السكن لدينا هو بالتأجير، حيث يدفع كل طالب إيجاراً قدره 1200 ريال في كل فصل دراسي على الغرفة، ويشاركه زميل آخر يدفع نفس المبلغ حين يحل الفصل الجديد، وينتهي عقد الإيجار السابق، فإن الجامعة تطالبنا بالتجديد، ومن لا يجدد في الموعد المحدد يدفع زيادة قدرها100 ريال؛ لكي يستطيع التجديد، مع العلم أن إدارة الجامعة تستطيع حسم مبلغ التجديد من مكافأة الطالب تلقائياً دون حضوره، ولديها أيضاً طرق كثيرة لتحصيل المبلغ في أي وقت دون الحاجة لأخذ هذه الزيادة. السؤال هو: هل هذه الزيادة حلال أم حرام؟ أفتونا مأجورين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله، أما بعد: لا يظهر لي وجه لتحريم هذه الزيادة ما دامت مشروطة من بداية العقد، وعلم بها المستأجر، فهي نوع من الشروط الجزائية، وقد أجاز كثير من المحققين المعاصرين الشرط الجزائي. والله أعلم وأحكم.

العمل في الأقسام الإسلامية بالبنك الربوي

العمل في الأقسام الإسلامية بالبنك الربوي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 7/6/1425هـ السؤال في بعض البنوك الربوية توجد أقسام للخدمات المصرفية الإسلامية، الخالية من الأعمال الربوية، فما حكم العمل (الوظيفة) في هذه الأقسام الإسلامية؟ علماً أنها تابعة للبنك الربوي؟. الجواب الحمد لله، لا بأس بالعمل في الأقسام الإسلامية الخالية من المعاملات الربوية، وينبغي للموظف أو الموظفة -مع ذلك- العناية بتعلم أحكام المعاملات وضوابطها ومقاصد التشريع فيها، ليكون على بصيرة وبينة من أمره، وليكون وجوده في الإدارة إيجابياً في توجه البنك نحو المعاملات الإسلامية النافعة. والله أعلم.

العمل في مصنع للملابس الرياضية

العمل في مصنع للملابس الرياضية المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 26/1/1425هـ السؤال ما حكم العمل في مصنع يصنع البدلة الرياضية، وهي من لبس شعبي في المغرب. الجواب الأصل في صناعة الثياب والبدل الإباحة والجواز إلا إذا كانت تحتوي على محرم، كأن يكون فيها صور لذي روح فعندئذ يحرم لبسها وصناعتها، أو إذا كانت المواد المستخدمة محرمة من حرير مثلاً أو من مال مغصوب فلا يجوز حينئذ، أما إذا كانت خالية من المحرمات فالأصل الإباحة. والله تعالى أعلم.

يعمل في شركة تعمل لشركة أمريكية

يعمل في شركة تعمل لشركة أمريكية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 16/2/1425هـ السؤال أعمل مهندس اتصالات في شركة تعمل كوكيل لشركة أمريكية كبرى، وقد عملت على مدار أربع سنوات في إنشاء شبكة الجوال باسم الشركة الأمريكية، وقد تم اختياري مع مجموعة من زملائي للعمل في نفس المجال بالعراق، حيث تنوي الشركة الأمريكية إنشاء أول شبكة للجوال بالعراق، والحقيقة أنني في حيرة من أمري، حيث أن العمل قد أوشك على الانتهاء ولا أدري هل تحتفظ بنا الشركة أم لا؟ وأنا في الحقيقة متزوج ولدي أبناء وفي نفس الوقت الراتب المعروض بالعراق مرتفع جداً ومغر، هل العمل في العراق في ظروفها الحالية وتحت قيادة الشركة الأمريكية حلال أم حرام؟ كذلك هل تواجدنا بجوار قوات الاحتلال (الأنجلو - أمريكي) بدون أن نحرك ساكناً للدفاع عن أرض المسلمين جائز شرعاً؟ هل إذا حانت المنية هناك يكون ربي غاضباً عليّ أم راضياً عني؟ أفتونا مأجورين. الجواب أولاً وقبل بيان الحكم الشرعي لسؤالك؛ فإني أنصحك إذا كنت تقدر على العيش بأجر يكفيك في بلادك أو غيرها من بلاد المسلمين ألا تجدد عقدك مع هذه الشركة الأمريكية سواء كانت تؤدي خدماتها في العراق أو خارجه لتحفظ على نفسك وأهلك وأولادك كرامة المسلم وعدم إعانة الكافر أو تشجيعه بأي عمل كان، واعلم أن الأجر القليل مع الراحة النفسية خير من الراتب الكبير مع القلق النفسي.

أما الجواب عن سؤالك؛ فهذا مبني على مسألة عمل المسلم عند الكافر لقاء أجرة (راتب شهري) هل هي جائزة أم لا؟ الجواب: إجماع العلماء قائم على جوازه شرعاً ولا إشكال فيه ولا تلحقه الحرمة بحال، فقد عمل نبي الله يوسف - عليه السلام - لدى ملك مصر وهو كافر حتى أعجب بأمانة يوسف - عليه السلام - وصدقه فجعله ملكاً على مصر كلها يحكم فيها بالعدل، وقد عمل رسولنا - صلى الله عليه وسلم- راعياً لغنم مشركي مكة، وقال - صلى الله عليه وسلم - في هذا: "ما بعث الله نبيّاً إلا رعى الغنم" رواه البخاري (2262) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وباتصافه بالصدق والأمانة كانت قريش تضع عنده أماناتها، والنصوص الشرعية متظافرة على جواز معاملة المسلم للكافر بيعاً وشراء وإجارة ونحوها، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعامل اليهود في البيع والشراء وهم من هم في الكفر والخسة والمكر، فتوفي -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بصاع من شعير انظر ما رواه البخاري (2916) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وقد آجر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- نفسه من يهودي يسقي له من ماء البئر كل دلو بتمرة، رواه الترمذي (2473) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فمعاملة الكفار في أمور الدنيا لا تستلزم محبتهم وموالاتهم فيما هم عليه من كفر وضلال، كما أن بغضنا لهم وكراهيتنا لما هم عليه من كفر وقسوة وعداوة للمسلمين لا يجوز أن يحملنا ذلك على بخسهم حقوقهم أو إلحاق الأذى بهم مما لم يأذن به الله سبحانه، ولنتأمل جميعاً قول الله - تعالى -: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" [المائدة:8] فتحريم الجور عليهم ووجوب العدل معهم يلزم منه جواز معاملتهم، فالظلم أو العدل لا يكونان إلا نتيجة معاملة واقعة ولا شك، وأنت يا أخي إن قدر الله لك الذهاب إلى العراق وعملت مع هذه الشركة

(الأنجلو - أمريكية) فيتعين عليك قبل وبعد بغض وكراهية ما يفعله الكفار بإخواننا المسلمين في العراق وإظهار ذلك أو كتمه على حسب الحال والمصلحة حسب قوة الإيمان وضعفه، حيث الإيمان تتفاوت درجاته بين المسلمين، وعليك مناصرة إخوانك المسلمين العراقيين بأية وسيلة ممكنة لا يلحقك منها ضرر محتم، وأقل ذلك الدعاء لهم بالنصر وهزيمة عدوهم في صلواتك وخلواتك في الأسحار، فإن السلاح الذي لا يغلب هو سلاح الأسحار (الدعاء) ، أما لو قدر الله منيتك هناك وأنت مقيم على مثل هذه الحال من كراهية الكفار وفعلهم ومحبتك ودعائك لإخوانك المسلمين بالنصر، فإن هذا مما يرضي الرب سبحانه وعكسه بخلافه. وفقنا الله وإياك إلى كل خير وجعلنا من أهله وللداعين إليه آمين.

العمل في شركة تقترض قرضا ربويا

العمل في شركة تقترض قرضاً ربوياً المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 03/05/1425هـ السؤال أنا مدير مالي بشركة، هذه الشركة ستأخذ قرضاً ربوياً من أحد المصارف، علماً وأنا لم أوقع على عقد القرض، ولا على كمبيالات ضمان القرض، ولكن أكيد سأقوم أنا أو أحد الموظفين التابعين لي بإثبات القرض بالدفاتر، وإثبات العمليات المتعلقة به، وطبعاً سيكون في المستقبل إيرادات تنشأ عن المشاريع التي سيتم تنفيذها بهذا القرض، بمعنى أن أجور الموظفين بهذه الشركة ستؤخذ من هذه الإيرادات، وغيرها من المبالغ الأخرى، أي ستختلط المبالغ الناتجة عن المشاريع المقامة بهذا القرض وغيرها، ومن الصعب تميزها عن بعض، علماً بأنه في الوقت الحالي وتقريباً حتى سنة ونصف أخرى لن يكون هناك إيرادات لهذا القرض، ولكن المشروع الذي سيتم إنشاؤه من القرض سيبدأ تنفيذه مع بداية العام القادم، وعقد القرض تم توقيعه، سؤالي هو: هل يلحقني الإثم بعملي في هذه الشركة وبالإجراءات التي أقوم بها بحكم طبيعة عملي؟. ثانياً: هل الأجور التي ستعطى للموظفين مستقبلاً لو أنها مختلطة مع الإيرادات الناتجة عن المشروع الذي تم إنشاؤه من القرض، تعتبر حراماً؟ أو أن الموظفين العاديين بهذه الشركة هم غير مسؤولين عن مصادر الأموال؟ أفيدوني مما علمكم الله. -وجزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين-، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

(1) أما ما يتعلق بالأخ السائل من جهة إثباته القرض في دفاتر الشركة، فهذا من الإشهاد على الربا وكتابته الذي ورد الحديث بذمه، والوعيد عليه، لكن مشكلة الربا عمت بها البلوى، وفي بعض البلاد الإسلامية لا يتيسر الحصول على تمويل خال من الربا، فإن أمكن للأخ أن يجد فرصة عمل أخرى تسلم من الربا، فالواجب الانتقال إليها، وإلا فعليه أن يتقي الله ما استطاع، ويجتهد أن يناصح المسؤولين بالشركة بالبحث عن مصادر تمويل تخلو من الحرام، وإذا اجتهد في ذلك وأخلص النية فهو موعود - إن شاء الله- بخير عظيم،؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً" رواه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقوله - عليه الصلاة والسلام-: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم" رواه البخاري (3701) ، ومسلم (2406) عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-. (2) أما ما يتعلق بالموظفين الآخرين الذين يقومون بأعمال مشروعة في الأصل، لكنهم يحصلون على رواتبهم من إيرادات القرض الربوي، فلا حرج عليهم - إن شاء الله-؛ لأنه ثبت أن علياً - رضي الله عنه- آجر نفسه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- من يهودي، انظر ما رواه الترمذي (2473) ، وابن ماجة (2447) ، واليهود يأكلون الربا بنص القرآن، لكن يبقى واجب النصيحة على الجميع بحسب الاستطاعة. والله أعلم.

العمل في شركة أصل مالها من الربا

العمل في شركة أصل مالها من الربا المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 28/2/1425هـ السؤال أعمل في شركة كبيرة، وأنا موظفة بها منذ سنة، رأس مال الشركة عبارة عن قرض ومجموعة مساهمين دفعوا مبالغ لإنشاء هذه الشركة، ولكن بعد سنوات تم شراء الشركة من قبل الدولة، وتم سداد القرض، وتم إرجاع المبالغ الخاصة بالمساهمين، أي أن الشركة أصبحت تابعة للدولة، وأصبحت إيراداتها تابعة لخزينة الدولة، وأصبحت مرتبات موظفيها من خزينة الدولة، ولكن سؤالي هل مرتباتنا حرام باعتبار أن الشركة عندما بدأت كانت عبارة عن قرض ربوي أي ما بني على باطل فهو باطل، وهل يجوز لي العمل في مكان أختلط به مع الرجال قليلاً علما بأن المسؤول عندنا رجل، وأنا أتعامل مع الرجال أحياناً. .أفيدوني مما أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: ما دام الحال ما ذكر وحيث إن الدولة قامت بشراء هذه الشركة وسداد هذا القرض، وتم إرجاع المبالغ الخاصة بالمساهمين، فكأن الدائرة قد بدأت من جديد والعقد السابق بين الشركة وموظفيها قد ألغي، وقامت الدولة بالتعاقد من جديد معكم فلا يرد الإشكال المذكور، أما سؤالك عن حكم العمل في مكان يحصل به اختلاط قليل فالجواب إن من القواعد المقررة في الشريعة منع كل ما يؤدي إلى الرذيلة، ومتى علم وجود سبب يفضي غالباً إلى المحرم فهو محرم، فالاختلاط متى أدى إلى الفتنة فهو محرم، أما إذا كان يسيراً كما تذكرين ولم يصاحبه خلوة أو تبرج وسفور، أو خضوع بالقول فلا حرج في ذلك إن شاء الله -تعالى-.

يعمل في محل يبيع الخنزير

يعمل في محل يبيع الخنزير المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 21/02/1425هـ السؤال شخص يعمل في محل دونات، وهو مضطر للعمل، والمحل يبيع أيضاً لحم الخنزير، ويمنعه صاحب المحل من الصلاة، وهذا الشخص يعول عائلة مكونة من (7) أفراد، وهو الآن في فصل الشتاء من الصعوبة بمكان أن يجد عملاً آخر، هذا الرجل بحاجة للبقاء في هذا العمل حتى يجد عملاً آخر، وماذا تقولون في الاختلاط مع العاملات في المطعم ولمسهن والنظر إليهن بدون قصد. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: إذا كان هذا الشخص مضطراً للعمل في هذا المحل بمعنى أنه بحث عن عمل آخر فلم يجد غيره، ويخشى إن ترك هذا العمل أن يتضرر ولا يجد من يعينه لكونه يعيش في بلد غير إسلامي فله أن يستمر في هذا العمل بصفة مؤقتة إلى أن يجد غيره، مع حرصه على ألا يباشر لحم الخنزير بل يبيع غيره من الأشياء المباحة، وأما الصلاة فيجب عليه أن يؤديها في وقتها ولو في مكان العمل، وإذا منعه صاحب المحل فلا يستجب لمنعه، بل يؤديها ولو خفية، ويحرص على الابتعاد عن النساء العاملات في المطعم، ويغض بصره عنهن قدر استطاعته؛ لقول الله -تعالى-: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ،وعليه أن يجتهد في أثناء مدة عمله عن عمل آخر سالم من هذه المحاذير.

وقد ورد إلى مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سؤال عن حكم بيع المسلم للخمور والخنازير، أو صناعة الخمور وبيعها لغير المسلمين؟ وكان نص الجواب: (للمسلم إذا لم يجد عملاً مباحاً شرعاً العمل في مطاعم الكفار بشرط ألا يباشر بنفسه سقي الخمر، أو حملها أو صناعتها، أو الاتجار بها، وكذلك الحال بالنسبة لتقديم لحوم الخنازير ونحوها من المحرمات) . ينظر قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي (ص45) (قرار رقم 23 الدورة الثالثة) .

العمل في مكتب محاماة بدولة كافرة

العمل في مكتب محاماة بدولة كافرة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 16/12/1424هـ السؤال هل يجوز للمسلم أن يعمل بوظيفة إداري في مكتب محاماة بدولة كافرة؟ مع العلم أن المحامين هنا يتعاملون بالقوانين العلمانية. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم

المحاماة هي توكيل بالترافع أمام القضاء لاسترداد حق أو دفع ظلم، والمحامي هو الوكيل عن الغير، وقد يكون القضاء شرعياً، أو غير شرعي، ويجب أن يعلم أن ليس كل ما نظر فيه القضاء العلماني (غير الشرعي) وملكه أحد الخصمين لا يجوز له تملكه، بل إن كان يعلم أنه حق له جاز له أخذه، وإن كان يعلم خلافه حرم عليه ذلك، ولا يخفى أن عامة القوانين الوضعية فيها ما يوافق شرع الله وفيها ما يخالفه، ولا يغيب عن بال المسلم أن ما تحكم به القوانين الوضعية وإن وافقت الشرع لا يقال إن حكم الحاكم فيها حينئذ حكم شرعي؛ بل هو حكم طاغوتي؛ لأن الله يقول:"وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ" [المائدة: من الآية49] ، ويقول: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [النساء:65] ، فالتحاكم إلى غير شرع الله تحكيم للطاغوت، واتباع للضلال والهوى، ومع هذا إذا حكم القانون الوضعي بحق لزم قبوله لا لأنه حكم بالشرع وإنما لأنه حق وصل لصاحبه، وهذا كما تحكم به الأعراف والعادات الجاهلية إذا ارتضاها الناس لفصل النزاع بينهم، ولما جاء الإسلام أقر من عادات الجاهلية ما كان حميداً وأبطل خلاف ذلك، فإن كان السائل في بلاد تحكم بالقانون الوضعي وبالقضاء الشرعي معاً وجب عليه التحاكم والتوظف إن كان ولا بد في القضاء الشرعي لا غير وإن لم يوجد في البلاد إلا الحكم بالقانون الوضعي (العلماني) فإن أمكن لهما التخلص منه بالتصالح مع خصمه بالتراضي فحسن، وإن اضطر إلى ذلك فلا بأس بالترافع أمام القضاء القانوني بشرط أن لا يأخذ أكثر من حقه، فيما لو حكم له بغيره أو بأكثر منه، وأما المحامي فلا يجوز أن يكذب أو يغير الحقائق والأدلة أمام القضاء لصالح موكله، أما مجرد التوظف في مكتب المحاماة فلا إثم فيه إن شاء الله؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، وإنما الإثم على المحامي إذا ترافع أمام القضاء بباطل. والله أعلم.

يدفع مالا لتعجل معاملته!

يدفع مالاً لتُعجَّل معاملته! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 08/05/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم سؤالي هو: هل يجوز أن أعطي أحد الموظفين مبلغاً من المال، سواء طلب مني أو لم يطلب؛ وذلك ليقوم بإنهاء طلبي بسرعة، لأنني على عجلة من أمري, علماً أني لن أضر أحداً بذلك، فأنا أقوم يتجهيز أوراقي للسفر للعمل خارج بلدي، ولكن الوقت ضيق، ولذلك أنا مضطر أن أدفع بعض المال للموظفين؛ لإنهاء طلباتي بسرعة، فهل هذا حرام؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل أن الموظف أجير عند الدولة، يتقاضى راتباً على عمله، فلا يجوز له أن يأخذ من المراجعين مالاً على قضاء حوائجهم، أو يضطرهم لذلك، وكل هذا داخل في الرشوة، ولا يجوز لهم أن يدفعوا له مالاً ليقدمهم على غيرهم، أو لأجل أن يتساهل معهم فيما يخالف النظام، وفعل ذلك يفسد هذا الموظف على الناس، ويجعله يضطرهم لدفع الرشوة، لكن من حبست حاجته بحيث لا تقضى إلا بدفع الرشوة للموظف، فله أن يدفع ما يحصل به مصلحته، ويقضي به حاجته اضطراراً لا اختياراً وكرهاً لا رغبة واستحساناً. والله أعلم.

العمل في مراكز التجميل

العمل في مراكز التجميل المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 04/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فسؤالي عن العمل في مركز شفط الدهون من جسم الإنسان سواء رجل أو امرأة مما يجب على المريض أن يتعرى من أسفل بكامله، كما أنه يمكن أن يكون القصد من إجراء العملية التجميل للفتيات بسبب النزول إلى البحر، فهل العمل بهذا المركز جائز للرجال أو النساء؟ وهل يكون المرء مسؤولاً عن نية المريض؟ وشكراً لكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عمليات شفط الدهون تصح إذا كان الإنسان محتاجاً إليها في العلاج بأن نُصح من قبل الطبيب بها. أما لطلب الرشاقة والتحسين، فإن ترتب على العملية كشف للعورات فلا يحل إجراؤها؛ لأن كشف العورة محرم في الأصل ولا يحل كشفها إلا لضرورة أو حاجة ماسة. وبالنسبة لعمل السائل في هذا المركز فإن كان يملك قرار إجراء العملية أو عدم إجرائها فلا يحل له أن يجري من هذه العمليات إلا ما يجوز إجراؤه على التفصيل الذي ذكرناه في أول الجواب. وإن كان هذا السائل لا يملك قرار إجراء العمليات المخالفة للشرع فأرى له أن يبحث عن عمل آخر، أو في مركز آخر؛ لأن عمله في إجراء هذه العمليات الممنوعة شرعاً إنما هو من باب الاعانة على الإثم والعدوان، والله -تعالى - يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . أما نية المجري للعملية فلا شك أن لها أثراً في حل العملية أو حرمتها. والله أعلم.

النسبة على تحصيل الديون الحكومية

النسبة على تحصيل الديون الحكومية المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 18/06/1425هـ السؤال بعض الأفراد ومكاتب الخدمات يقومون بتقديم مساعدات لشركات أجنبية متمثلة في استرداد مبالغ مالية لتلك الشركات لدى الحكومة، مضى على بقائها في خزينة الدولة سنوات طويلة، ويحصلون مقابل ذلك على نسبة مئوية، وتتكبد تلك المكاتب في سبيل ذلك بعض المصاريف المتمثلة في السفر وحجز الفنادق لممثلي الشركة وغير ذلك. ما حكم الحصول على هذه النسبة، خاصة إذا عرفنا أن جزءاً منها يدفع لموظفين حكوميين وغيرهم؛ مقابل تسهيلهم لإجراءات استرداد تلك المبالغ؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فأخذ مبالغ مقابل خدمات استرداد المبالغ المذكورة جائز؛ لأنه أجرة على عمل مباح، والإجارة تجوز عند المسلم وغير المسلم، فقد عمل بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- لدى اليهود، أما إذا كانت المبالغ ليست مقابل الخدمات، بل تدفع كلها أو جزء منها رشوة للموظفين مقابل تسهيل الإجراءات، فهذا محرم؛ لأنه عند ذلك يقوم بعمل الرائش (وهو وسيط الرشوة) الملعون على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخرجه أحمد (21893) من حديث ثوبان-رضي الله عنه-. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

العمل في السفارة الأمريكية

العمل في السفارة الأمريكية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 04/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حصلتُ على عرض عمل في السفارة الأمريكية بليبيا، وهي فرصة لم تتح للكثيرين بالتأكيد فإن المرتب لديهم عال جداً أكثر من 10 أضعاف متوسط المرتبات في ليبيا، لا أعرف هل أقبل العرض أو أرفضه، خاصة أني متزوج والمعاش الحالي لا يكاد يسد حاجياتي العادية. هل يجوز العمل في سفارة هذه الدولة؟ أشيروا علي يرحمكم الله، والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: التعاقد مع الكافر فرداً كان أو مؤسسة حكومية أو أهلية جائز شرعاً، بشرط أن يكون العمل الذي تؤديه عند الكافر مباحاً؛ فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو وأصحابه - رضي الله عنهم- كانوا يبيعون ويشترون من الكفار من أهل الكتاب والوثنيين، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يودع عنده المشركون في مكة أماناتهم فيحفظها لهم حتى لقبوه بالأمين، واستعار يوم حنين أدرعاً من صفوان بن أمية عارية مضمونة، وتوفى ودرعه مرهونة عند يهودي بصاع شعير، وآجر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- نفسه من كافر يسقي له كل دلوٍ بتمرة، انظر: ما رواه أبو داود (3562) ، وأحمد (27089) من حديث صفوان بن أمية - رضي الله عنه- وما رواه البخاري (2916) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة - رضي الله عنها-، وما رواه الترمذي (2473) ، وابن ماجة (3447) من حديث علي -رضي الله عنه- وعلى هذا يجوز لك التوظف بالسفارة الأمريكية بليبيا ما دام العرض مناسباً، وعليك أن تتنبه جيداً ألا تؤدي عملاً محرماً يضر بإخوانك المسلمين. والله أعلم.

العمل بشركة متخصصة بحفظ الوثائق

العمل بشركة متخصصة بحفظ الوثائق المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 14/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نسأل فضيلتكم عن شركة متخصصة في حفظ الوثائق والمستندات، مجال عملها أنها تحتفظ بملفات شركات خاصة ودوائر حكومية، وتوفر مستوى عاليًا من الأمن والحفاظ على سلامة الوثائق، مع تسهيل الرجوع إليها عند الحاجة، كل ذلك مع توفير التكاليف المالية المتعلقة بحفظ الوثائق، هذه الشركة تخدم حاليًّا ما يزيد عن ثلاثمائة عميل وتوفر لهم الخدمة المذكورة، من بين هذه الشركات التي تتعامل معها بعض البنوك الربوية يعد على الأصابع، وبعضٌ من شركات التأمين، فهل يجوز لهذه الشركة توفير الخدمة المذكورة أعلاه للبنوك وشركات التأمين؟ وهل يجوز لي أن أعمل في هذه الشركة بوظيفة مسؤول مكتب، أو غيرها من الوظائف؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم، يجوز لهذه الشركة أن توفر خدمة حفظ الوثائق والملفات للبنوك الربوية وشركات التأمين؛ لأن عملها ليس محرمًا كله، حيث إن كثيرًا من أعمال البنوك وبعض أعمال شركات التأمين ليس محرمًا، وإنما المحرم منه الربا والغش وأكل المال بغير حق، ويجوز لك أن تتوظف في هذه الشركة أيًّا كان اسم الوظيفة؛ لأن الأصل في الأشياء الحل والإباحة، وأنت لا تباشر الحرام بنفسك، وإن وجدت عملًا آخر ترتاح له نفسك فهو خير لك ليرتاح ضميرك، كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند أحمد في مسنده (18600) : " ... اسْتَفْتِ قَلْبَكَ -ثلاثا- البِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إلَيهِ النَّفْسُ واطْمَأَنَّ إلَيهِ القَلْبُ، والإِثْمُ مَا حَاكَ في النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ، وإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وأَفْتَوْكَ". والله أعلم.

أجرة مكاتب التوظيف

أجرة مكاتب التوظيف المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 21/3/1425هـ السؤال سؤالي عن نظام مكتب من مكاتب التوظيف، ويكون بالبحث عن وظيفة لمدة أقصاها ثلاثة أشهر بمبلغ مدفوع مقداره مائة وخمسة وسبعين ريالا وبعدها إن وجدوا وظيفة وثبت بها يقوم بدفع خمسمائة ريال فقط لا غير، وإن لم يجدوا وظيفة يعيدوا المبلغ لصاحبه. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد: فإن كان الأمر كما صورته الأخت السائلة من كونها تدفع مبلغاً معيناً لأحد مكاتب التوظيف نظير قيام المكتب بمراجعة الدوائر الحكومية أو ديوان الخدمة للبحث عن عمل لها فإن وجدوا لها عملاً أخذوا المبلغ، وإن لم يجدوا لها عملاً أعادوا ما دفعته لهم من مال، فإن الذي يظهر لي هو جواز هذا العقد؛ إذ هو عقد جعالة والجعالة: أن يجعل جائز التصرف شيئاً معلوماً لمن يعمل له عملاً معلوماً أو مجهولاً مدة معلومة أو مجهولة. ويدل على جواز العقد ما يلي: 1.قوله -تعالى-: "ولمن جاء به حمل بعير" [يوسف:72] وهذا جعل لمن جاء بصواع الملك. 2.وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- في قصة رهط من الأنصار نزلوا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم فلدغ سيّد ذلك الحي فطلبوا من الرهط الرقية فقال رجل من الرهط:"ما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلاً فصالحوهم على قطيع من الغنم" وقد أقرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذلك بقوله: "أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم" متفق عليه البخاري (2276) ، ومسلم (2201) .

3.ولكن أخشى أن تكون هذه المكاتب ستاراً للتعامل بالرشوة، فقد يجعل من بيده القرار مكتباً لهذا، أو يتعاون مع مكاتب أخرى بنسبة معينة وحينئذ لا يجوز دفع المال للحصول على وظيفة، أو دخول جامعة؛ إذ الأصل في الوظائف والجامعات الحكومية أنها معروضة لمن سبق إليها، أو استحقها بالأقدمية أو الجودة، ولا يجوز تخصيصها بمن يدفع مالاً، أو من يكون قريباً لمن يتولاها، فدفع المال -والحالة هذه- يسمى رشوة، وقد "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي" في حديث عبد الله ابن عمرو -رضى الله عنهما- أخرجه أبو داود (3580) والترمذي (1337) ، وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وشاهده الحديث المشهور عن أبي هريرة انظر: الترمذي (1336) ، وحديث ثوبان انظر أحمد (22399) - رضي الله عنهما-. والله أعلم.

العمل في شركة تتعامل مع الأمريكيين في العراق

العمل في شركة تتعامل مع الأمريكيين في العراق المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 25/5/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أعمل في شركة لتجميع المولدات الكهربائية وملحقاتها وصيانتها، وهذه الشركة تتعامل مع القوات الأمريكية الموجودة في العراق، حيث تقوم ببيعها بعض المولدات وصيانتها لهم عبر فريق موجود في العراق؛ وذلك بصفتها وكيلة لبعض الشركات الأوروبية في الشرق الأوسط، ولكن التجميع والصناعة نقوم به نحن في بلدنا، ومن ثم يتم توريده إلى العراق، وأحياناً نعلم أن ما نصنعه أو نجمعه هو للأمريكيين، وأحياناً يكون لغيرهم، ولكن البعض يبرر أن الأمريكان إن لم يشتروا منا فسوف يشترون من غيرنا، فلن تنقطع بهم السبل، فلم لا نستفيد نحن منهم، ونقوي اقتصادنا، وندخل أموالاً إلى بلادنا عوضاً عن أن تستفيد الشركات الأمريكية أو الأوروبية أو غيرها، والبعض يقول إنه يجوز بيع العدو أشياء لا يستعملونها في محاربة المسلمين، ومنهم من يقول إنك تعمل في قسم تصنيع تلك البضاعة ويعرضها قسم المبيعات للبيع، فالمسؤولية واقعة على قسم المبيعات لا على قسم التصنيع، وأنت مجرد مهندس في قسم التصنيع والصيانة، وتأخذ أجرك على ما تعمل، فنحن محتارون؛ فأفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: الأصل في عقود المعاوضات في الشريعة الإسلامية هو الحل، وإنما تحرم إذا كانت في عين محرمة كصناعة الخمر، أو تربية الخنازير، أو كانت تؤول إلى تقوية العدو على المسلمين إذا كانت الحرب قائمة بيننا وبينهم - كبيعهم السلاح زمن الفتنة- (وقت الحرب) ، ليتقووا به على المسلمين، أو ترويج صناعات ومنتجات العدو.

إذا كان هذا الترويج من قبلنا كشراء بضائع منه، لا يمكن أن يستثمرها عند غيرنا، ونعلم أن مقاطعتنا سوف توقف مصانعه، وتلحق به الضرر حتماً، فحينئذ تتعين مقاطعته ويحرم إبرام العقود معه ما دامت الحرب قائمة بيننا وبينه، ويظهر - من سؤالك - أنك أجير متعاقد مع شركة تقوم بتجميع المولدات الكهربائية، ثم تقوم الشركة ببيعها إلى القوات الأمريكية المستعمرة للعراق، وبعضها يباع للأمريكيين أو غيرهم خارج العراق، وليس في إمكانك كأجير أن تمتنع عن العمل، بل لا يجوز لك ذلك؛ فإن العقد شريعة المتعاقدين ويجب الوفاء به؛ لقوله تعالى: "أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] ، وإنما يقع الإثم فيما يباع على القوات الأمريكية في العراق على مالكي الشركة أو مديرها التنفيذي، أو من يخطط للتعريف إذا كان أو كانوا مسلمين، وإن كانوا كفاراً فليس بعد الكفر ذنب. والخلاصة: أنك لم تباشر الحرام، وإنما أنت أجير في عمل حلال، وما قد ينتج من الشركة من حرام إنما يقع على من يقوم به، أو يتسبب فيه مباشرة، وإن كنت أنصح لك أن تبحث عن عمل لا شبهة فيه، ولو كان أقل دخلاً أو راتباً من عملك هذا ما دام يتردد في نفسك منه شيء؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر.. فاستفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك"رواه أحمد (17545) ، والدارمي (2533) . وفق الله الجميع إلى كل خير.

عدم الوفاء بالشروط في عقود العمل

عدم الوفاء بالشروط في عقود العمل المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 07/09/1425هـ السؤال أ- ما حكم من يتعاقد مع موظف بناء على شروط ووعود في بلده، وعندما يصل ويباشر العمل يخلف صاحب العمل أو من ينوب عنه بهذه الوعود، بحيث يضعه تحت الأمر الواقع. ب- ما حكم من يوظف عنده موظفين وكل موظف له راتب يختلف عن الآخر، وعدم إعطاء كل موظف بما يتناسب مع مؤهلاته وخبراته. ج- ما حكم رئيس العمل الذي يعلم بهذا الظلم وبيده أن يعيد المظالم إلى أهلها ويعطي كل أجير حقه، وأن يعامل الناس سواء، ولا يفعل ذلك؟ د- ما حكم التفرقة في الراتب حسب الجنسية؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أ - لا يجوز لصاحب العمل هذا التصرف، وللعامل فسخ العقد بذلك. ب - بالنسبة للمؤسسات الخاصة يجوز لصاحب العمل أن يفاضل بين الموظفين في الراتب وألا يلتزم بأن يكون التعيين بحسب المؤهل، إذا كان ذلك حسب المتفق بينه وبين كل موظف في العقد، وقد جاء في الحديث: "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم". أخرجه أبو داود (3594) . وأما القطاع العام فيجب أن يتساوى فيه الجميع في الاستحقاق، وأن يكون التوظيف والتعيين بحسب المؤهلات والخبرات. ج - لم تحدد في السؤال نوع الظلم، وقد سبق تفصيل المسألة في الفقرة السابقة، وأن ما تظنه ظلمًا قد لا يكون كذلك في واقع الأمر. د - يجوز ذلك إذا رضي العامل بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم". والله أعلم.

ربح الموظف من مشاريع المناقصات

ربح الموظف من مشاريع المناقصات المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 2/3/1425هـ السؤال أنا أعمل في دائرة حكومية، وهذه الدائرة لديها مشاريع عن طريق المناقصة، وقد كلفت أنا بالقيام على هذه المناقصة، وبعد تقديم العطاءات تم اختيار اللجنة على أقل العطاءات، وإني أسأل هل الربح المادي الذي سوف أحصل عليه حرام أو حلال؟ وإني سوف أحصل على مبلغ رمزي. الجواب الجواب وبالله التوفيق: إذا كنت تعمل في إدارة حكومية أو غيرها، وتتقاضى أجراً من الإدارة التي تعمل بها فلا يجوز لك أن تأخذ على عملك الذي تؤديه في هذه الإدارة، ممن تتعامل معهم لحساب الإدارة شيئاً، سواء أكان باسم هدية أو بشرط منك؛ لأن هذا العمل ليس لك، وقد حدث في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ولّى رجلاً على جباية الزكاة يقال له ابن اللتبية، فأعطاه أصحاب الأموال التي قبض زكاتها هدايا، فلما جاء إلى النبي - عليه الصلاة والسلام- قال هذا -لكم يعني الزكاة- وهذا أهدي إليَّ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هلاَّ قعد أحدكم في بيت أبيه فينظر هل يهدى إليه أو لا" انظر: البخاري (2597) ومسلم (1832) ، ولم يرض بأن يأخذ الرجل الهدايا التي أهديت له؛ لأنها بسبب العمل فيجب أن ترد على أصحاب العمل. والله أعلم.

العمل في الاستخبارات السرية لدى الكفار

العمل في الاستخبارات السرية لدى الكفار المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 6/3/1425هـ السؤال ما حكم عمل المسلم في قسم المباحث السرية لدى الكفار الذين يتعقبون المسلمين، وهو يدعي أن هدفه من عمله مساعدة الإسلام؟ أرجو تزويدنا بأدلة تتعلق بحكم مثل ذلك من علماء السلف والحاضر، وكيف نتصرف مع مثل هذا الشخص لإرشاده إلى الطريق الصحيح؟. الجواب لا يمكن إباحة هذا العمل، والحقيقة أن الإنسان إذا عمل في هذه المباحث فإنه بطبيعة الحال سيضر إخوانه، وأنه إنما يعمل بها لقاء أجر، فهو يأخذ هذه الأجرة ليقوم بعمل، فهو إما أن يضر الآخرين، وإما أن يعتبره الآخرون خائناً، وفي كلتا الحالتين يعرض نفسه إما لخطر الدنيا، أو لخطر الآخرة، فنحن لا ننصح أحداً بالدخول في هذه الوظائف مع أعداء الإسلام من الكفار، أو مع غيرهم، ونطلب من المسلم أن يحاول أن يكون مستقيماً وألا يخون من ائتمنه، سواء كان مسلماً، أو غير مسلم، لكن في نفس الوقت لا يعرض نفسه لهذه الأعمال التي قد تضر به، وتضر غيره عن غفلة، أو غيرها، فالحزم أن يبتعد الإنسان عن هذه الأمور كما قال الشاعر: إن السلامة من سلمى وجارتها*** ألا تمر بواد حول واديها فالسلامة من هذا الأمر هو الابتعاد، وأن يكون الإنسان سليماً وسالكاً مع المسلمين، وغير المسلمين، وألا يتعرض للوظيفة التي يؤذي بها الناس، ويؤذي نفسه، فهذا من الخطر الكبير، لا نستطيع أبداً أن نفتيه بالجواز، بل إن المنع هو الظاهر، ولا نكفره إذا دخل في ذلك لكن نقول: إنه ارتكب عملاً كبيراً جداً عملاً منكراً كبيراً. والله أعلم.

العمل في شركات الطيران والفنادق

العمل في شركات الطيران والفنادق المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 17/06/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. هل العمل كمهندس في شركات خطوط الطيران حلال؟ هذه الشركات تقدِّم خموراً أثناء رحلاتها، أيضاً العمل كمهندس في الفنادق، وأيضا هذه الفنادق تقدم خموراً. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم هذه الشركات الأصل فيها أنها تقدم خدمات مباحة، فالعمل الأساسي لشركات الطيران نقل الركاب والأمتعة، والخدمة الأساسية التي تقدمها الفنادق هي إسكان الناس، وعلى ذلك فالخدمات الأصلية التي تقدمها تلك الشركات مباحة، ولا بأس من العمل فيها، لكن إذا قدمت تلك الشركة أشياء محرمة فإنه لا يجوز للمسلم أن يساعد في تقديم تلك الأشياء المحرمة؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه، ولأنه أخذ أجرة مقابل تقديم منفعة محرمة، فالمهندس الذي يعمل في تلك الشركات إن كان عمله في الأشياء المباحة فلا بأس بذلك العمل، وأما إن كان عمله متعلقاً بالأشياء المحرمة فلا يجوز عمله، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل له استقطاع حقه من مال كفيله؟

هل له استقطاع حقه من مال كفيله؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 12/08/1425هـ السؤال أنا تحت كفالة شخص معين، قام بحجز جزء من حقوقي في الإجازة كضمان ليجبرني على العودة إلى العمل، وقد قام بالضغط علي عدة مرات بنظام الكفالة في أخذ حقوقي، هل يجوز لي استقطاع حقي من ماله دون علمه؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: هذه المسألة تسمى عند الفقهاء مسألة الظفر، وهي أن يأخذ الإنسان حقه بغير علم من هو عليه بأي طريقة كانت، والأقرب أنها لا تجوز إلا في صور معينة ليس منها ما ذكرته في سؤالك، والخلاصة أنه لا يجوز لك أن تستقطع حقك من ماله بلا علمه، وإذا كان هذا الكفيل قد ظلمك وتعدى على حقوقك، فإن الخطأ لا يعالج بخطأ آخر. والنبي - صلى عليه وسلم - يقول: "أدِّ الأمَانَةَ إلى مَنْ ائتَمَنَكَ، ولا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" أخرجه أبو داود (3535) والترمذي (1264) ، وهذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد إلا أن معناه صحيح تدل عليه الأصول الشرعية، والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

هل يلزمه هذا الاتفاق؟

هل يلزمه هذا الاتفاق؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 08/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

فضيلة الشيخ: أعمل موظفًا في إحدى الشركات الكبرى في المملكة، وعملي في قسم المشتريات، بمعنى أنه يتم عن طريقنا تأمين احتياجات الشركة من مواد وغير ذلك، ومن خلال تعاملنا فإن هناك ما يربو عن 1000 شركة يتم تأمين المطلوب منها، وقد تم توقيع ورقة تم توزيعها على الموظفين، وتحتوي على عدم السماح لأي موظف بالعمل في أي شركة من هذه الشركات التي نتعامل معها، ليس ذلك فقط، بل حتى عدم وجود أي قريب أو صلة بأي من موظفي هذه الشركات (علمًا بوجود موظفين من زملائنا لدى أقاربهم، بل ويملكون بعضًا من هذه الشركات دون أن يحدث لهم أي شيء من قبيل هذه الورقة) . طبيعة عملنا تقتضي إرسال دعوات لعدد من الموردين لتسعير المواد المطلوبة وتحديد موعد لفتح المظاريف (العروض) ، وعند ذلك تنكشف الأسعار لنا ويتم عمل اللازم، من هذا الباب تقدم لي أحد الإخوة بعرض يقتضي فيه أن أقوم بتشغيل مؤسسته التي تم تسجيلها رسميًّا لدى شركتنا، على أن يكون لي نصيبٌ من الأرباح، مستفيدًا هو من موقعي في الشركة، وهذا هو الواضح، وخبرتي في المواد التي يمكن أن يتقدم فيها بعرض منافس للموردين الآخرين الذين يتم دعوتهم مع هذه المؤسسة، وعليه في حالة كون عرض المؤسسة أقل الأسعار يتم التأمين عن طريقها، علمًا بأنه لا يمكن لنا معرفة الأسعار المنافسة إلا بعد فتح المظاريف مع بعضها البعض، ولا يمكن قبول أي عرض بعد هذا الموعد، ولا أخفيكم يا فضيلة الشيخ أننا بدأنا في العمل سويًّا منذ ما يقارب 5 أشهر، وفي كل يوم أجد نفسي في حيرة من أمري، من جانب أن المؤسسة هذه بدأت تنافس وبقوة، وأصبحت معروفة لدى موظفي القسم، بمعنى وصول دعوات من كافة موظفي القسم لهذه المؤسسة عند سماعهم عن وجود مورد جديد ينافس الموردين الآخرين دون علم أي أحد منهم أنني على صلة بها، وبدأنا نحقق أرباحًا ممتازة، بل كل يوم عن الذي قبله أجد أن وضع المؤسسة في حالة صعود، ومن جانب آخر أجد أنني قد تؤثر علي في

اتخاذ قراراتي في أثناء العمل في الشركة. وبمعنى مبسط يا فضيلة الشيخ- وآسف على الإطالة: أنا أعمل في الصباح مشتري (الشركة) وفي المساء بائع (المؤسسة) ، علمًا بأنني قد تسلمت من الأرباح مبلغًا من المال لا يتجاوز 11000 ريال من أصل ما يقارب 200000 ريال، والآن يا فضيلة الشيخ، المؤسسة قد ذاع صيتها في شركتنا ومن الصعب أن نرجع للوراء؛ حيث إنه من الممكن التعامل مع أي شركة أخرى- كما هو النظام المسموح به- غير شركتنا، ولكن يصعب على صاحب المال التراجع في ظل وجود أرباح لم يكن يتوقعها مهما بلغ به الحال، وللمعلومية فإن الشركة لا تمانع في فتح سجل تجاري لأي من موظفيها للتجارة في أي شيء، ولكن بعيدًا عنها، كما هو حال الورقة المذكورة أعلاه، بناء على ما ذكر آمل من فضيلتكم أن تفتوني في شرعية العمل في هذه المؤسسة، وما العمل في المال الذي تم استلامه منها؟ علمًا بأنني كان لي البصمة الواضحة على تأسيس هذه المؤسسة من حيث الإجراءات والاستشارات الفنية المطلوبة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقبل بيان الحكم الذي أراه لابد من مقدمات: أولاً: التوقيع على الورقة التي تم توزيعها في الشركة ... إلخ، يعد عقدًا والتزامًا من كل من وقع عليها، وبناء عليه فلا يجوز لك مخالفتها. ثانيًا: كون بعض زملائك من موظفي الشركة يخالف مقتضاها ليس فيه دليل على عدم جدية الشركة في العمل بمقتضى الورقة المذكورة، ولا يُخْلي ذلك التزام الموظف الذي وقع على الورقة، وأعطى بذلك التوقيع عهدًا على ما تضمنته. ثالثًا: كون الشركة لا تمانع من فتح سجل تجاري لأي من موظفيها للتجارة في أي شيء، فإن هذا مقيد بما تضمنته تلك الورقة، بل وبما ذكرته من أنها تشترط أن يكون النشاط التجاري لموظفيها بعيدًا عنها وعن تعاملها، وعمن تتعامل معه؛ لأن ذلك يؤثر على مصالحها وأهدافها.

وبناء على ذلك فلا يسوغ لك العمل في المؤسسة المذكورة بغير رضا الشركة التي تعمل فيها، وعليه فإن أمامك ثلاثة خيارات. الأول: أن تستأذن من الشركة للعمل في المؤسسة وتقنعها بأن ذلك من مصلحتها إن كان كذلك، أو أنه لا ضرر على الشركة في عملك. الخيار الثاني: أن تستقيل من المؤسسة وتبقى على عملك في الشركة. الخيار الثالث: أن تستقيل من الشركة وتعمل لدى المؤسسة. لكنك تعلم أن رواجك لدى المؤسسة بسبب عملك في الشركة، فاستقالتك من الشركة قد يضعف الرغبة فيك من قبل المؤسسة، ويظهر من كلامك أن قراراتك في عملك في الشركة بدأت تتأثر بسبب عملك في المؤسسة، ولعل هذا بعض ما كانت تخشاه الشركة. وأما المال الذي قبضت فأرجو ألا حرج عليك فيه؛ لأنه مقابل عملك، وقد تكون معذورًا بجهلك بالحكم، وأقترح عليك أن تخدم الشركة خدمة مجانية زائدة عن عملك الرسمي، ويكون هذا تعويضًا عن مخالفتك وما ترتب عليها، وفيه سعي لإبراء ذمتك، وأوصيك بتقوى الله تعالى- في كسبك وفي صدق تعاملك؛ (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2،1] . (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) [المائدة:1] . (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) [الإسراء:34] . واعلم أن البركة في المال ليست بكثرته؛ ولكن بطيب كسبه، فذلك حري أن يجد صاحبه بركته في صلاحه وصلاح أولاده، وراحة باله، وتوفيقه في قراراته، وفي أعماله الدنيوية والأخروية. وفقك الله وسدَّدك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التخصص في طب النساء والولادة

التخصص في طب النساء والولادة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 12/3/1425هـ السؤال ما حكم أموال طبيب النساء (الرجل) ؟ وهل يجوز التخصص فيه للرجال؟. الجواب الطب كغيره من الأعمال يجوز تقاضي الأجرة عليه ما دام أن هذا العمل الذي يقوم به الطبيب مباح، سالم من المحاذير الشرعية، وهذا هو الأصل في عمل الطبيب، وسؤال السائلة غير واضح، كأن هناك محاذير شرعية من عمل طبيب النساء، فالطبيب على وجه العموم لا يجوز له أن يكشف عن المرأة إلا إذا كانت هناك ضرورة بألا يوجد غيره للقيام بالكشف عنها من نفس الجنس، أي: من النساء، فإذا كانت هناك ضرورة جاز ذلك، وإلا فلا، وتشتد الحرمة إذا كان الكشف يتعلق بالعورة المغلظة فلا يجوز له الإقدام على ذلك إلا إذا اقتضت الحال ذلك، وتعذر وجود طبيبة تقوم بالكشف على هذه المرأة. وبالنسبة للعمل إذا كان في الأصل مباحاً ولكن اكتنف هذا العمل شيء من المحرمات، فتكون الأجرة على هذا العمل مباحة مع الإثم، فمثلاً إذا كان الرجل يعالج المرأة مع وجود خلوة بينه وبينها فيستحق الأجرة مع الإثم؛ لأن التحريم لا يعود لذات العمل، وإنما يعود للوصف المنفصل الذي تزامن مع هذا العمل.

العمل في تحصيل ضريبة الدخل

العمل في تحصيل ضريبة الدخل المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 25/08/1425هـ السؤال هل يجوز العمل كمحاسب ومحصل في ضريبة الدخل؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الضرائب والمكوس التي تؤخذ من الناس بغير حق محرمة ولا تجوز؛ لقول الله عز وجل: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ) [البقرة: 188] . وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ". أخرجه أحمد (20695) . وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ شَاةَ أَحَدٍ إِلاَّ بإِذْنِهِ". أخرجه البخاري (2435) ومسلم (1726) . وإذا كان كذلك فإنه لا يجوز العمل بمثل هذه المكوس والضرائب التي تؤخذ بغير حق. والله أعلم.

العمل في شركة تقدم خدمات للبنوك الربوية

العمل في شركة تقدم خدمات للبنوك الربوية المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 03/03/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم

أنا شاب، تخرجت من كلية الهندسة تخصص حاسب آلي منذ أربع سنوات، وأعمل في أحد التخصصات النادرة والدقيقة المتفرعة عن هندسة الحاسب الآلي، تلقيت عرض عمل من شركة غربية موجودة في دولة عربية بمميزات مغرية، ليس من حيث الدخل المادي بل من حيث التطور العلمي والمهني، والتي لا يمكن الحصول عليها بالدورات التدريبية، حيث إن هذه الوظيفة تطور من قدراتي العلمية والمهنية بشكل كبير، منتجات هذه الشركة هي أجهزة كمبيوتر ضخمة وبرامج عالية القدرة، أغلب المستفيدين من منتجات هذه الشركة هي مراكز بالغة الحساسية في بلدنا الإسلامي كالوزارات، والجامعات، والمستشفيات، والشركات المحلية الكبرى، والتي تتجاوز رؤوس أموالها مئات الملايين من الدولارات، المشكلة تكمن في أن هذه الأجهزة وهذه البرامج تستفيد منها البنوك الربوية في هذا البلد، والعمل في هذه الشركة لا يقتصر على البيع فقط، بل تشمل خدمات ما بعد البيع من أعمال الصيانة والمتابعة، وهناك أعمال كثيرة تتطلب الذهاب إلى هذه البنوك، ومقابلة المسؤولين، وأداء كثير من الأعمال في البنك نفسه وإصلاح الأعطال ... إلى آخره. وحيث إن منتجات هذه الشركة تكاد تسيطر على أجزاء أساسية ومهمة من مراكز صنع القرار والمراكز المالية والتي لها تأثير مباشر على اقتصادنا الإسلامي، والمراكز الحساسة الأخرى، فإنه يضايقني سيطرة غير المسلمين على هذه الأماكن، وأرى أنه لزاما علي - مع وجود الشبه - ألا أدع هذه الوظائف حكراً على غير المسلمين، أرجو من فضيلتكم بيان حكم العمل في هذه الشركة، علماً أنني ميسور الحال، ودخلي المادي قد يكون أفضل مما لو انتقلت إلى تلك الشركة، لكن نسبة عطائي واستغلال مواردي وقدراتي أقل مما لو انتقلت إلى تلك الشركة التي لا تخدم إلا المسلمين في هذا البلد. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فبادئ ذي بدء أشكرك على هذا الحرص والاهتمام، وأسال الله لك التوفيق والإعانة.

وحكم العمل في هذه الشركة لا يختلف عن حكم العمل في سائر الشركات التي قد يكون جزء من المستفيدين من خدماتها جهات معصية، فشركة الكهرباء والاتصالات ونحوها يرد على العمل فيها نظير المحاذير التي أوردتها في سؤالك، والذي أراه أنه يجوز العمل في هذه الشركات بالضوابط الآتية: 1- إذا كان أصل نشاط الشركة محرماً -كالبنوك الربوية وشركات التأمين التجاري ونحو ذلك-، فهذه يحرم العمل فيها مطلقاً، ولو كان الشخص في وظيفة لا علاقة لها بالعمل المحرم نفسه، لأن عمله في الشركة فيه إعانة على المعصية، أما إذا كان المقصود من نشاط الشركة مباحاً لكنها قد تزاول بعض الأنشطة المحرمة ككثير من الشركات التجارية والصناعية والمطاعم ونحوها، فهذه يجوز العمل فيها من حيث الأصل، ولو كان بعض نشاطها محرما بالضوابط الآتية. 2- ألا يكون المنتج الذي تقدمه الشركة مخصصاً لأمر محرم، أو يغلب استعماله فيه، أما إذا كان يصلح له ولغيره فلا بأس، فمثلاً لو كان البرنامج الذي تنتجه الشركة خاصاً بطريقة حساب الفائدة في البنوك فيحرم، أما لو كان برنامجاً لشئون الموظفين قد يستفيد منه بنك، وقد تستفيد منه جهات أخرى فلا بأس بتصميمه. 3- ألا يباشر الموظفُ العملَ المحرمَ بنفسه، فتقديم الخدمات وإجراء أعمال الصيانة للبنوك الربوية مثلاً عمل محرم، أياً كان نوع الخدمة أو الصيانة المقدمة؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم، فيحرم على الإنسان أن يباشر ذلك العمل بنفسه، أما إذا كان عمله في الشركة لا يستلزم مباشرته بنفسه للعمل المحرم فلا حرج عليه -إن شاء الله- في البقاء فيها. وعلى هذا فإذا لم يغلب على ظنك أن العمل في الشركة يستلزم مباشرة عمل محرم، لندرة ذلك، أو لأن بمقدورك الامتناع فيما لو أسند إليك شيء منه، فلا حرج عليك في الانتقال إليها. والله أعلم.

أخذ الأجرة على الحجامة

أخذ الأجرة على الحجامة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 25/08/1425هـ السؤال ما حكم أخذ الأجرة على الحجامة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد اختلف أهل العلم في حكم أخذ الأجرة على الحجامة، والسبب في اختلافهم في هذه المسألة تعارض الأحاديث والآثار الواردة في حكمها، ومختصر الخلاف كالتالي: القول الأول: جواز اتخاذ الحجامة وأخذ الأجرة عليها، وذهب إلى هذا القول جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في إحدى الروايات, واستدلوا بما رواه البخاري (2278) ومسلم (1202) ، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطَى الحجَّامَ أَجْرَهُ. وزاد البخاري (2279) : ولو علِم كراهيةً لم يُعْطِهِ. ولأن الحجامة منفعة مباحة فجاز الاستئجار عليها كالبناء والخياطة, ولأن بالناس حاجةً إليها ولا يجدون من يتبرع بها فجاز الاستئجار عليها كالرضاع. القول الثاني: تحريم أخذ الأجرة على الحجامة، وذهب إلى هذا القول الحنابلة في إحدى الروايات عن أحمد, واستدلوا بما رواه مسلم (1568) وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ". القول الثالث: كراهة أخذ الأجرة على الحجامة، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ". إلا أنهم حملوا النهي الوارد في هذا الحديث على الكراهة.

والقول الراجح في المسألة جواز اتخاذ الحجامة وجواز أخذ الأجرة عليها؛ عملاً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث احتجم وأعطى الحجام أجره، ولو كان حرامًا أو مكروهًا لكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبعد الناس عنه، أما قوله صلى الله عليه وسلم: "كَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ". فإنه لا يدل على التحريم؛ لأن قوله: "خَبِيثٌ". لا يلزم منه التحريم، فقد سمَّى النبي صلى الله عليه وسلم- البصل والثوم خبيثين، مع إباحتهما. ومما ينبغي التنبيه عليه أن كثيرًا من أهل العلم ممن ذهبوا إلى جواز أخذ الأجرة على الحجامة يكرهون للحرّ تعلم الحجامة وجعلها مهنةً للتكسب، ويتورعون عن أجرتها؛ لما ورد فيها من الأخبار، ولأن فيها شيئًا من الدناءة ونقصًا في المروءة. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل يجوز عملي في هذه الشركة؟

هل يجوز عملي في هذه الشركة؟ المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 29/10/1425هـ السؤال أنا شاب أعمل بشركة، وسؤالي هو للاستفسار عما أتقاضاه من مرتب من هذه الشركة، هل هو حلال أم لا؟ وهل يجوز عملي أم لا؟ وذلك في ضوء ملاحظاتي التالية: 1- طبيعة نشاط الشركة هو تصنيع وتصدير المواد الخام اللازمة لصناعة العطور، ويتم تصديرها لأوربا وأمريكا. 2- للشركة حساب مستقل ببنك ربوي، وكذلك لصاحبها حساب آخر، وأحيانا أكون مسئولًا عن إيداع أو سحب أموال من هذه الحسابات. 3- من مهامي تسجيل مصروفات الشركة بالدفاتر وتتضمن بالطبع المصروفات البنكية المتعلقة بتلك الحسابات التي في البنك. 4- أحيانًا أكون مسؤولًا عن نشاط التصدير بالمطار، وهذا الأمر يتطلب إعطاء مبالغ وإكراميات للقائمين على الأمور هناك من أمن ورقباء وتفتيش؛ وذلك إجبارًا حتى يمكن تسيير العمل وإلا سيتأخر لساعات طوال ويتعقد تمامًا. 5- أنا مسؤول عن التعامل مع مختلف مصالح الضرائب وذلك بإيفاد أوراق الشركة لهم شهريًّا ودفع الأموال المستحقة لهم سنويًّا. 6- مقر الشركة وجميع حجراتها يمتلئ بتماثيل وصور لأشخاص وكائنات حية، ولا يمكنني تغيير هذا الأمر. 7- صاحب الشركة غالبًا لا يصلي ودائمًا ما يردد عبارات تندرج تحت سب الدين، والعياذ بالله، وتعامله مع الناس في غاية السوء. 8- الشركة تعد هدايا عبارة عن زجاجات عطور مشتراة وتقدمها كهدايا لكل من للشركة تعامل معه في المصالح الحكومية وخلافه، مع العلم في النهاية أنني لا يمكنني الاعتراض على أي عمل يسند لي، علمًا بأن فتواكم ستحدد مستقبلي بهذه الشركة، مع العلم بأن معظم أو كل شركات مصر لها حسابات ببنوك ربوية، والحصول على فرصة عمل الآن بمصر أمر في غاية الصعوبة. أرجو من فضيلتكم ردًّا مباشرًا ولا تحيلوني على فتاوى سابقة. وشكرًا لكم.

الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالأعمال المذكورة في السؤال منها ما هو محرم ومنها ما هو مباح: فبيع المواد الخام اللازمة للعطور جائز، وكذلك إيداع الحسابات في البنوك إذا كانت تلك الحسابات جارية أي لا يؤخذ عليها فوائد من البنك، وكذلك دفع الضرائب للجهات الرسمية إذا كانت الشركة ملزمة بذلك. وأما إعطاء الهدايا والإكراميات للجهات الرسمية فهذا محرم ولو كان لتسهيل الإجراءات لأنه من الرشوة، وفي سنن أبي داود (3580) والترمذي (1337) وابن ماجة (2313) ، عن عبد الله بن عمرو، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي، وكذلك يحرم عليك الجلوس في مكان فيه تماثيل أو تصاوير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا تَدْخُلُ الملائكةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ أوْ صُورَةٌ". أخرجه البخاري (3225) ومسلم (2106) . فإذا كان عملك في الشركة يستلزم مزاولتك أيًّا من هذه الأعمال المحرمة فيجب عليك تركها والانتقال إلى عمل طيب، والله- سبحانه بإذنه- يعوضك خيرًا منها، وفي الحديث: "إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ". أخرجه أحمد (20739) ، وقد قال وهو أصدق القائلين: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 2، 3] . أما إذا كنت لا تباشر هذه الأعمال المحرمة في عملك بالشركة فلا حرج عليك في البقاء فيها. وينبغي عليك مناصحة صاحب الشركة فيما يبدر منه من أعمال أو أقوال محرمة سواء بقيت في الشركة أو خرجت منها، فإن ذلك من حق المسلم على أخيه المسلم، وليكن نصحك وإنكارك بالحكمة واستصحب الرفق واللين في ذلك؛ فلعل الله أن يهديه على يديك. أسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد. والله أعلم.

تأجير المحطة على العمال

تأجير المحطة على العمال المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 02/09/1425هـ السؤال قمت باستئجار محطة لبيع الوقود من صاحب المحطة، ثم قمت بتأجيرها إلى العامل الذي يعمل بها على كفالتي لرغبته هو في ذلك، بحيث يقوم العامل بدفع مبلغ معين لي في كل شهر ويتحمل هو مصاريف المحطة، على أن أقوم أنا بدفع الإيجار من المبلغ المتفق عليه بعد خصم أرباحي منه. هل هذا العمل جائز؟ أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فهذا التصرف صحيح من حيث الأصل، لأنه من تأجير العين المؤجرة، وهو جائز على الصحيح من أقوال أهل العلم، ولكن إذا كان ولي الأمر يمنع من هذا التصرف فيحرم لأجل ذلك، عملاً بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) [النساء:59] . وولي الأمر تجب طاعته ما لم يأمر بمعصية، ومن المعلوم أنه لا يترتب على الالتزام بهذا الأمر محظور شرعي، بل إن المنع من هذا التصرف قد يكون فيه مصلحة وحماية لاقتصاد البلد، فيعد الأخذ به من المصالح المرسلة التي جاءت بها الشريعة. والله أعلم.

تحكم الكفيل في عمل كفيله

تحكم الكفيل في عمل كفيله المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 13/08/1425هـ السؤال أنا أعمل تحت كفالة الكفيل، وقد حصلت على عمل آخر أفضل من العمل الذي أعمل به، فهل يحق لصاحب العمل أن يمنعني من العمل في الشركة الجديدة، ويعمل لي خروجًا نهائيًا، وهل هذا يعني التحكم في رزق العباد، أفيدوني جزاكم الله خيرًا. الجواب مادام أنه كفيلك، وقد قدمت للعمل في شركته أو مؤسسته، وقد قبلت بشروط العقد وأمضيت على ذلك، والنظام يمنع العمل عند غير الكفيل، فله الحق أن يلزمك بالعمل عنده، وأن يرفض انتقالك للعمل عند غيره؛ لأنه تطاله مسؤولية في ذلك، فقد تبدر منك مخالفة، أو تلاحقه بسببك مطالبة، وليس في ذلك تحكم في رزق العباد كما توهمت، ولكنه خوف من تبعة المخالفة للنظام، وتحمل مسؤولية أخطاء الآخرين. وفقك الله، وفتح لك أبواب رزقه، وأغناك بحلاله عن الحرام.

يعمل في تسديد فواتير المشتركين ببنك ربوي

يعمل في تسديد فواتير المشتركين ببنك ربوي المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 01/10/1425هـ السؤال السلام عليك ورحمة الله وبركاته. أنا أعمل لدى شركة تقدم خدمة الهاتف والاتصالات، وطبيعة عملي المكلف به هو القيام بسداد فواتير المشتركين عن طريق نقطة بيع (صراف آلي) يعود إلى أحد البنوك الربوية، فهل هناك أي شبهة بعملي؟ وماذا علي فعله؟ وماذا يترتب عليَّ من الناحية الشرعية؟ وجزاك الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فطبيعة عملك- كما فهمته من السؤال- إيداع ثمن الخدمات التي تقدمها الشركة التي تعمل بها في البنكين المذكورين عن طريقة نقاط البيع مستخدمًا بطاقات الصراف الآلي الخاصة بالعملاء، والذي أدين الله تعالى- به أن الوديعة الجارية في بنك ربوي محرمة؛ لأن البنك يقرضها بربا، وعليه فلا أرى أن عملك هذا مناسبًا، وعليك أن تقنع الشركة التي تعمل بها لتغيير الحسابات إلى بنك إسلامي، كبنك الراجحي، ولو لم تستطع ذلك، فعليك البحث عن عمل بديل، ثم بعد أن تجد عملاً مناسبًا اترك هذا العمل الذي أنت فيه، ومن ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه. وفقك الله، ومن يقرأ هذه الكلمات، إلى كل خير، ويسر أمرك.

العمل في مجال السياحة

العمل في مجال السياحة المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 05/07/1425هـ السؤال أعمل منذ ثلاث سنوات في مجال السياحة، الواضح جداً أن هذا المجال به شبه كبيرة من الحرام، أريد أن أترك العمل، لكنني لا أجد عملا آخر، والمال العائد من هذا المجال ما حكمه بعد ترك العمل؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: في الحقيقة هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل: إذا كان السائل يريد من السياحة ما يسمى بالفندقة- أي العمل في الفنادق- ونحو ذلك، أو العمل في منتزهات عامة، أو ما يسمى بالاستراحات في هذه البلاد الطاهرة، فهذا ليس باطلاً إذا لم يلتبس بإثم، فهو عمل - إن شاء الله- لا بأس به، ولكن إذا كانت هذه السياحة هي عبارة عن ممارسة السوء، وتهيئة الظروف للمحرمات، وشرب المسكرات، فهذا هو المحرم، فأنا لا أستطيع أن أطلق حكماً دون أن أعرف الموضوع بخصوصه، يعني إذا كان العمل بصفة عامة، وفي خدمات عامة للزوار الذين يزورون المنطقة، سواء كانوا مسلمين أو كانوا غير مسلمين لا فرق في ذلك إذا كان العمل مباحاً، فالراتب والأجرة التي يأخذها هي مباحة - إن شاء الله-، أما إذا كان العمل محرماً، ويغلب عليه الحرام فهذا لا يجوز، وبالتالي فإنه يمكن أن يتمسك بهذه الأجرة إذا كان محتاجاً أو فقيراً، ولكن عليه أن يبحث عن عمل آخر، وبخاصة إذا كان في بلد إسلامي، فهذه الأمور لا تطيب له، طبعاً نحن نظراً لمذهب أبي حنيفة نفرق بين العمل في بعض الأشياء في البلاد الإسلامية، والعمل في غيرها، إذاً الأمر يحتاج إلى تفصيل، وننصح السائل أن يتجنب المآثم والمحرمات التي قد تكون في ما يسمى بصناعة السياحة، وأن يأخذ الجانب الطيب، وجانب الترفيه والراحة البريء، وهو جانب - إن شاء الله - لا بأس به إذا لم يلتبس بإثم أو عمل غير مشروع. والله أعلم.

العمل في هيئة سوق الأوراق المالية

العمل في هيئة سوق الأوراق المالية المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 04/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم ما حكم العمل في هيئة سوق الأوراق المالية المستحدثة حديثًا في السعودية؟ وإذا كان عليها ملاحظات فهل الانضمام إليها بنية محاولة تصحيح ذلك يصح. وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فالسؤال عام جدًّا، من حيث طبيعة العمل، ومن حيث طبيعة الأشخاص العاملين. ولا شك أن النية الحسنة التي يحملها الشخص لتصحيح وضع قائم غير موافق للشرع يؤجر عليها، وهي من الجهاد. أما أعمال البورصة نفسها فهي لا شك تحتوي على المباح والمحرم. ومن المحرمات- وهو أشدها- تداول السندات الربوية، وتداول الأدوات المالية المحرمة الأخرى، مثل بيوع المستقبليات والمشتقات وغيرها، مما هو معروف ومنشور في قرارات مجمع الفقه الإسلامي. وسواء كان الموظف سمسارًا أم وسيطًا أو مقيدًا للمعلومات في الحاسب، أم مسوقًا لتلك المحرمات، فكل ذلك لا يجوز. ومن المباحات العمل في الأسهم المباحة لشركات لا تقترض ولا تودع بالربا. أما الأعمال التي ليست من طبيعتها أن تكون ذات صلة بالأدوات المالية، فهذه حسب العمل وطبيعته، ويصعب الإجابة عنها جوابًا عامًّا. أما من حيث الأشخاص، فإني أوصي الأشخاص الأقوياء في الدين والعلم ومعرفة واقع العمل الانضمام حتى لو وُجد شيءٌ مخالفٌ وذلك للإصلاح في المجال قدر الطاقة. ولو تبين له بعد مدة كافية من العمل أنه لا يستطيع التغيير، فله أن يبحث عن عمل آخر. أما من لا يأنس من نفسه الكفاءة، ويخشى على نفسه الفتنة فلا أرى أن ينضم للهيئة.

وإني أوصي السائل في حال الانضمام لها بالنية الصالحة، والتسلح بالعلم الشرعي، وعرض ما يشكل عليه على المشايخ الثقات، ومناصحة من حوله من الموظفين، فالتحديات كبيرة في الجوانب الاقتصادية، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وفق الله الجميع لهداه، وجنبنا ما يسخطه سبحانه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

العمل في شركة تداول الأوراق المالية

العمل في شركة تداول الأوراق المالية المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 19/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. عرضت عليّ وظيفة في شركة "لتداول أوراق مالية وإمساك دفاتر وسجلات" بمعنى شراء وبيع أوراق مالية وحفظها لدى الشركة. وسأكون مسؤولاً عن القيد في الدفاتر، ومسؤولاً عن خزانة النقود، وكنت قد سمعت بعض الشبهات عن العمل في البورصة. فما رأيكم في هذا العمل؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالسؤال عام جدًا، من حيث طبيعة العمل، ومن حيث طبيعة الأشخاص العاملين. ولا شك أن النية الحسنة التي يحملها الشخص لتصحيح وضع قائم غير موافق للشرع يؤجر عليها، وهي من الجهاد. أما أعمال البورصة نفسها فهي لا شك تحتوي على المباح والمحرم. ومن المحرمات -وهو أشدها- تداول السندات الربوية، وتداول الأدوات المالية المحرمة الأخرى، مثل بيوع المستقبليات والمشتقات وغيرها، مما هو معروف ومنشور في قرارات مجمع الفقه الإسلامي. وسواء كان الموظف سمسارًا أم وسيطًا أم مقيدًا للمعلومات في الحاسب، أم مسوقًا لتلك المحرمات، فكل ذلك لا يجوز. ومن المباحات العمل في الأسهم المباحة لشركات لا تقترض ولا تودع بالربا. أما الأعمال التي ليست من طبيعتها أن تكون ذات صلة بالأدوات المالية، فهذه حسب العمل وطبيعته، ويصعب الإجابة عنها جوابًا عامًا. أما من حيث الأشخاص، فإني أوصي الأشخاص الأقوياء في الدين والعلم ومعرفة واقع العمل الانضمام حتى لو وجد شيء مخالف، وذلك للإصلاح في المجال قدر الطاقة. ولو تبين له بعد مدة كافية من العمل أنه لا يستطيع التغيير، فله أن يبحث عن عمل آخر. أما من لا يأنس من نفسه الكفاءة، ويخشى على نفسه الفتنة فلا أرى أن ينضم للهيئة.

وإني أوصي السائل في حال الانضمام لها بالنية الصالحة، والتسلح بالعلم الشرعي، وعرض ما يشكل عليه على المشايخ الثقات، ومناصحة من حوله من الموظفين، فالتحديات كبيرة في الجوانب الاقتصادية، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وفَّق الله الجميع لهداه، وجنبنا ما يسخطه سبحانه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نقل الموتى من النصارى

نقل الموتى من النصارى المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 10/6/1425هـ السؤال أنا شاب مغربي أسكن في إيطاليا، وأعمل في مؤسسة لنقل الموتى المسيحيين، فهل هذا العمل يجوز من المنظور الإسلامي؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا لم تجد وسيلة شرعية تكفي لسد حاجتك المعيشية غير هذا العمل فأرجو أنه لا حرج عليك في ممارسة هذه الوظيفة، فقد كان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- يشتغل عند يهودي بأجرة. رواه الترمذي (2473) ، وابن ماجة (2447) . والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

العمل في النيابة العامة!

العمل في النيابة العامة! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 01/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب تخرجت حديثًا في كلية الحقوق وأردت أن أحاول الالتحاق بالنيابة العامة، ولكني قد عدلت عن هذه الفكرة بسبب أن في بلدنا تم تبديل في أكثر الحدود، وأنا تركتها لله -والله على ما أقول شهيد-، ولكن من فترة تكلمت مع بعض طلبة العلم الشرعي، ونصحوني بعدم العدول على أن أحاول الالتحاق بالنيابة؛ وذلك لأن النيابة لا تحكم بل هي تحقق وتدين وتحيل للقضاء، ولكن في بعض الأحيان إذا عرض عليها موضوع ما من الجرائم وكان غير مجرم في القانون لا ترفع الدعوى أمام القضاء، ومن ذلك ما أخافني مثل الزنا إذا كان بالتراضي وكانوا غير متزوجين فالقانون في بلدنا لم يجرم هذه الحالة، وأهدر الحد وحسبنا الله ونعم الوكيل, وبالرغم أن هذا نادر الحدوث, وأنا قد سألت أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بالكلية، وأنا أحسبه على خير بإذن الله، ونصحني بأن أفعل وألا نترك هذه الأماكن للنصارى والفسقة، وأن الإثم على الحاكم وأن الشاب المسلم سوف يفعل ما بوسعه لإقامة شرع الله والعدل، وقد عرفت إن قدر الله لي الدخول ألا أكون قاضيًا لأحكم بغير ما أنزل الله، ويمكنني البقاء في النيابة بإذن الله. ملحوظة: في بلدنا للنيابة العامة السلطة الأكبر ولذلك رجاءً أفيدونا بالآتي: ما رأيكم فيما سبق وهل أقدم أم لا؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أرى أن تقدم على التوظف في النيابة العامة؛ عسى الله أن ينفع بك، وعمل النيابة العامة يكاد ينحصر في التحقيق ثم الادعاء العام أمام القضاء، والتحقيق عادة يكون في أمور إجرائية وإدارية، وإن كان فيه قضاء في بعض الأحيان فباستطاعتك -وأنت المسلم الملتزم والحقوقي المتخصص- أن تُكيِّف المادة القانونية وتخرجها تخريجاً لا يخالف الشريعة - إن شاء الله- حيث القاعدة القانونية الشهيرة تقول: (العدل في ضمير القاضي لا في نص القانون) ، أي أن القاضي الناجح يحكم بروح القانون ولا يقف عند نصه، وهذا معنى (الفهم) الذي أوصى به عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- القضاة في عهده، ولعل هذا المعنى استحضره الشهيد عبد القادر عودة، حين تولى القضاء، وكان يقول: (أنا قاض ولكني مسلم) ، ووجود مواد قانونية مخالفة للشريعة الإسلامية يقع إثماً على المشرع لها، والقاضي الحقوقي المسلم يستطيع أن يتجاوز المادة المخالفة للشرع ويحكم بغيرها مما يوافق الشريعة، أو يحمل الخصوم على الصلح أو التنازل عن الدعوى ونحو ذلك. والعمل بالنيابة العسكرية أو الإدارية أهون وأخف مسؤولية من النيابة العامة، والعمل في هيئة الدفاع عن الدولة جائز؛ لأن أكثر أنظمة الدولة ومؤسساتها لا تخالف الشريعة، والقليل منها عكس ذلك، والحكم دائماً للكثير الغالب، وعملك بالقسم الأول من أقسام مجلس الدولة جائز لا غبار عليه، وهو أولى من القسمين الآخرين. وأخيراً: تقدم للوظيفة في النيابة العامة لأهميتها، وكونك متخصصاً في الحقوق يضاعف عليك المسؤولية في هذا المجال. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

تحضير من لم يحضر للعمل

تحضير من لم يحضر للعمل المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 01/10/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: هاني بن عبد الله الجبير- حفظه الله تعالى- القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة، السؤال: أشكل علي أن بعض الإخوة الموظفين، لا يحضر للعمل عدة أيام، ويقوم البعض بتحضيره في الكشوفات الرسمية، ولا ينقص من راتبه شيء، متأولين أن ذلك الغياب بإذن رب العمل (المدير) ، فهل هذا العمل جائز شرعًا؟ وإن كان جائزًا، فهل له من شروط؟ وهل يفرق بين الإذن إذا كان رب العمل هو رب المال أم لا؟ وبين أن يكون منفردًا بالتصرف أم له شريك؟ وهل المال المأخوذ عن هذه الأيام من باب الأجرة أم الهبة؟ وهل هناك فرق بين أن يكون رب العمل وكيلاً عن السلطة (الحكومة) في الإدارة، والراتب تدفعه الدولة؟ وهل يلحق بها أن يحضر الموظف وينجز عمله ثم يأذن له رئيسه المباشر أو من معه من الموظفين بالانصراف لقضاء حوائجه؟ وهل الأجرة في الوظائف العامة الحكومية تستحق بإنجاز العمل ثم الانصراف ولو لم ينتهِ وقت الدوام الرسمي، أم بالعكس، أم بهما معًا؟ وهل يجوز له العمل بوظيفة أخرى خلال وقت الدوام الرسمي، كما لو كان موظفًا في الفترة المسائية من الساعة الرابعة إلى الساعة الثامنة مساءً، فهل يجوز له أن يعمل إمامًا أو مؤذنًا؟ أفتونا بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فتحضير من لم يحضر للعمل، ولو استأذن رب العمل، حرام؛ لأنه كذب، والواجب أن يدوّن الإنسان الواقع ويترك تقدير العذر أو الاستئذان لمن يحق له هذا.

أما إذن المدير فإن كان مخولاً بالإذن للموظف في عدم الحضور فهذا له ولا شيء عليه ما دام يفعل ما أذن له فيه، إلا إن تضمن ضررًا، فإن الضرر مرفوع في الإسلام سواء في العمل الحكومي أو غيره، وإذا كان المدير هو صاحب المال فإن له أن يأذن كما يشاء؛ لأن المال ماله يتصرّف فيه كما يريد. وراتب الموظف أجرة على عمله سواء كان يعمل لدى الدولة أو لدى القطاع الخاص، والموظف أجير وراتبه أجرة على عمله، والأجير الخاص يستحق الأجرة لقاء تفرغه للعمل ولو لم يعمل فعلاً، ومعنى هذا أنه لا يستحق راتب الساعات التي لم يحضرها ولو كان قد أنجز العمل المطلوب منه، إلا إن أذن له مديره المخوَّل له بالإذن أن يترك مقر عمله، وليس معنى هذا أن حضوره دون أن يعمل ما وكل إليه كاف، بل ترك الموظف للعمل المحال إليه خيانة في عمله، ولا يجوز للإنسان الموظف (الأجير الخاص) أن يعمل في وقت وظيفته عملاً آخر؛ لأن وقته ليس ملكًا له، بل هو لصاحب العمل. أما الإمامة فلا بأس بها مع ارتباط الموظف بعمل يتخلله وقت صلاة؛ لأن وقت صلاة الفريضة مستثنى من وقت العمل، فيجوز للموظف أن يترك عمله ليصلي، وإذا كان له ترك عمله للصلاة صار وقت الصلاة غير داخل في وقت العمل مع أن الإمامة لا يجوز أخذ الأجرة عليها، وما يستلمه الإمام من ولي الأمر (رزق) أي مكافأة للإعانة على القيام بالأمور الشرعية، فأرجو ألا تعارض. أما الأذان فإن المؤذن يحتاج للخروج قبل وقت الصلاة، ولهذا فلا أحب له أن يعمل مؤذنًا إلا بإذن الجهة التي يعمل لديها ويتخلل وقت العمل وقت صلاة. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

العمل في ترجمة مستندات مسروقة

العمل في ترجمة مستندات مسروقة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 24/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا أعمل في شركة أجنبية، وأقوم بترجمة مستندات مسروقة من العراق، وأترجمها إلى اللغة الإنجليزية فهل عملي حرام، علماً بأن ظروفي صعبة ولا أستطيع أن أجد العمل المناسب، حيث إن جنسيتي ليست عربية، وأنا أعمل في دولة عربية أرجو الرد بأسرع وقت ممكن؛ وذلك للضرورة، وشكراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: هذه المستندات المسروقة إن كانت ذات قيمة في نظر الشرع فالإثم يقع مباشرة على سارقها، وإذا كانت تلك المستندات محترمة في نظر الشرع، أي لم تشتمل على منكر أو كان فيها نفع للمسلمين فترجمتها جائزة ومشروعة وتثاب على ترجمتها -إن شاء الله- أما إذا كانت تلك المستندات ليست محترمة في نظر الشرع وليست ذات قيمة فقد يشترك المترجم مع السارق في الإثم. وخير لك في دينك ودنياك ألاَّ تترجم ما يظهر لك فيه ضرر للإسلام والمسلمين، وإذا لم تعلم فلا شيء عليك -إن شاء الله- وفقنا الله وإياك إلى ما يحبه ويرضاه. آمين.

رفع المؤجر للإيجار

رفع المؤجِّر للإيجار المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 24/10/1425هـ السؤال رجل أجّر من شخص محلاً بمبلغ 150 ديناراً، ثم أصبح صاحب المحل يزيد في الإيجار حتى وصل إلى 400 دينار لعلمه أن الرجل في حاجة إلى هذا المحل بالرغم من أن الاتفاق كان 150 ديناراً فقط فما حكم ذلك؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإنه يجب على المالك أن يفي للمستأجر بما تعاقدا عليه واتفقا عليه من شروط، ومن ذلك مقدار الأجرة، فإذا كان اتفق معه على أجرة محددة لمدة معينة فلا يحل له أن يزيد عليها، فلو كان الاتفاق على تأجير المحل أربع سنوات بـ 150دينارا في السنة، فلا يحل له أن يزيد عليها خلال هذه السنوات الأربع، فأما إذا انتهت مدة العقد فإن تراضى الطرفان على تجديد المدة أو زيادة الأجرة، أو تقليلها فلا بأس بذلك، وللمالك أن يمتنع من التأجير وله أن يزيد في الأجرة، لكن ينبغي له ألا يستغل حاجة أخيه إلى المحل فيشتط في الأجرة، بل يؤجرها بأجرة مثلها أو زيادة قليلة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "رحم الله امرأ سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى" والإجارة بيع منافع، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". والله الموفق.

العمل في شركات الإنترنت

العمل في شركات الإنترنت المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 19/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أعمل في الشركة الرئيسية لتزويد خدمة الإنترنت في البلاد، واستخدام الإنترنت عندنا، كما كل العالم، فيه الاستخدام السيئ والمفيد، والنسبة عندنا هي النصف بالنصف تقريبًا، فهل يجوز لي العمل في هذه الشركة؟ مع العلم أن قوانين الدولة تمنع على الشركة فرض أي قيود على الاستخدام، فهل يجوز لي العمل في هذه الشركة؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأظهر- والله أعلم- جواز العمل في هذه الشركة؛ لأن الخدمة التي تقدمها مباحة في أصلها، وسوء الاستخدام من صنيع المشترك، ولم يحصل منك دلالة ولا إعانة مباشرة على تصفح مواقع محظورة شرعًا، وغاية ما أعنته عليه هو أن وصلته بعالم الإنترنت الفسيح، والمواقع النافعة والمباحة فيه كثيرة جدًّا، ولا يمكن القطع بأن أغلب استخدام الناس للإنترنت في تصفح المواقع المحرمة. وفقك الله وأعانك، والله أعلم.

تأجير المباني قبل اكتمال بنائها

تأجير المباني قبل اكتمال بنائها المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 15/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: سؤالي هو: هل يجوز تأجير أو بيع المحلات التجارية أو الشقق والفلل قبل اكتمال بنائها، حيث إنها في طور الإنشاء (عظم) ؟. ولكم جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما التأجير فإنه جائز ولا بأس به؛ لأن مثل هذه المباني معلومة عن طريق الوصف فيجوز تأجيرها، وكذلك أيضًا بالنسبة لبيع رقابها إذا كانت معلومة الوصف مضبوطة، وهي في طور الإنشاء فيظهر أن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن الأصل في المعاملات الحل، ولا محذور شرعي يترتب على هذا. والله أعلم.

العمل مع المنظمات العالمية

العمل مع المنظمات العالمية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 25/10/1425هـ السؤال هل يأثم المسلم الذي يعمل مع المنظمات العالمية للاقتصاد الاجتماعي كالحِلف الدولي التعاوني مثلاً؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: للمنظمات العالمية أعمال حسنة وأخرى سيئة، فمن الأعمال الحسنة دعم الهيئات والمشاريع والبرامج، وربما الدول الفقيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، مما يعود نفعه على أفراد المجتمع، ومن الأعمال السيئة نشر بعض مظاهر الفساد والرذيلة، أو تسهيل أمرها، وربما كانت الإعانة مشروطة بمثل هذا، فإذا كان عمل المسلم في المنظمة العالمية لا يباشر فيه أمرًا محرمًا أو يجر إلى محرم فعمله جائز ولا إثم فيه، وعمل المسلم عند الكافر الأصل فيه الإباحة والجواز ما لم يشتمل العقد على حرام، فقد عمل علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، عند يهودي يسقي له من بئر كل دلو بتمرة. والله أعلم.

العمل الإداري بالمحاكم القانونية

العمل الإداري بالمحاكم القانونية المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 13/08/1425هـ السؤال هل العمل في الأعمال الإدارية بالمحاكم القانونية حلال أم حرام؟ خاصة المحاكم الجزئية، علماً بأنها لا تطبق جميع الأحكام الشرعية. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالمحاكم متى كانت تحكم بغير الشريعة الإسلامية فإنه لا يجوز العمل فيها، سواءً كان العمل قضائياً محضاً أو إدارياً مرتبطاً بالعمل القضائي؛ وذلك لأن الحكم بما أنزله الله من الشرائع فرض على المسلمين، وهو أصل من أصول الإيمان، ومن معاني توحيد الله في ربوبيته وتدبيره لعباده، قال تعالى: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، [المائدة: من الآية44] ، وقال تعالى: "أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون" ولقوله تعالى: " [المائدة: 50] ، وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم"، والله -تعالى- من أسمائه الحكيم، ومن معانيه الحاكم بين عباده كما قال تعالى: "إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون" [الزمر: من الآية3] ، وجعل تشريع يخالف شريعة الإسلام من أخطر ما أصيبت به الأمة هذا الزمن، فنسأل الله تعالى أن يوفق الجميع للعمل بشريعته وتحكيم كتابه. والعمل القضائي في المحاكم التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية، أو يخالف أحكامها فيه خطر عظيم على المسلم، والعمل الإداري المرتبط بها ككتابة الأحكام وتسجيلها وتقييدها وترتيب الدعاوى، ونحو ذلك إعانة على العمل المحرم، وقد قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: من الآية 2] ، وهو إقرار لها يربأ المسلم عنه، أما العمل الإداري الذي لا يرتبط بالحكم فأرجو ألا حرج فيه. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

العمل في هندسة صوتيات الرسوم المتحركة

العمل في هندسة صوتيات الرسوم المتحركة المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 13/08/1425هـ السؤال أنا أحب الموسيقى منذ صغري، وعندما كبرت عرضت علي العديد من الفرص للعمل، لكني أعلم كل العلم بحرمة هذا العمل والمال المكتسب منه، لكن أريد أن أسأل: هل العمل في هندسة صوتيات الرسوم المتحركة حرام؟ أريد إجابة وافية أفادكم الله، مع العلم أن هذا العمل سيتضمن (دبلجة صوت) ، ومؤثرات حركية، وبعض الموسيقى التصويرية ... ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نشكر - للسائل- حرصه على البعد عن كل ما يسخط الله من أعمال ومن أموال، وقد قال سبحانه: "قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ... " [المائدة: من الآية100] ، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تحريم الموسيقى، كما رواه البخاري تعليقًا في كتاب: الأشربة، باب: ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه مرفوعًا "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف"، وقد أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدف في العرس مما يدل على حرمته في غيره، فما بالك بما هو فوقه من أصوات وآلات؟!.

والإسلام لم يحرم إلا ما فيه ضرر على الإنسان، سواء علمنا ذلك أم جهلنا، وكثير من المحرمات محبوبة مرغوبة لكثير من الناس كالخمر والزنا والغيبة ابتلاءً للعباد، وقد حفت النار بالشهوات، والموسيقى محرمة عند الأئمة الأربعة وجمهور علماء المسلمين، وقد فصل العلماء كابن القيم في (إغاثة اللهفان) مضار الغناء والموسيقى على القلب، وما تحدثه من صد عن ذكر الله -تعالى- والتقرب إليه وعبادته -سبحانه- وهي الحكمة من خلق الإنسان التي تتعلق بها النجاة يوم القيامة، ومن ترك الحرام خوفاً من الله وتقرباً إليه فهو على باب كبير من أبواب الخير، ونقول - للسائل- هندسة الصوتيات ودبلجة الأصوات والمؤثرات الحركية إذا خلت من الموسيقى فلا شيء فيها، وإذا خالط التصوير الموسيقى فلا يجوز، وما أسكر كثيره فقليله حرام، ونحن نطلب من - السائل- ألا يترك هذا المجال، بل يسعى لإصلاحه والاستعانة بالله -تعالى- ثم بمن يعينه على أداء هذه الأعمال خالية من الموسيقى قدر الإمكان، وهو على باب كبير من الجهاد والعمل الصالح بذلك. والله أعلم. وفقنا الله وإياك لكل خير.

تأجير العقار قبل الانتهاء من بنائه

تأجير العقار قبل الانتهاء من بنائه المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 08/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز تأجير المحلات والعمائر قبل اكتمال العمل، بمعنى أن يقوم صاحب العقار بالإعلان عن موعد التأجير والعقار لم يكتمل بعد، ويكتب العقود على ذلك؟ والله يحفظكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الذي أراه إذا كان العقار الذي سيؤجر معلوماً لدى المتعاقدين (المؤجر والمستأجر) بأن يكون موصوفاً وصفاً نافياً للجهالة عنه، كأن يكون موضحاً برسم هندسي يوضح فيه كل التفاصيل التي يتأثر الثمن بها وجوداً أو عدماً، فلا حرج في ذلك - إن شاء الله تعالى- ونظير هذا جواز بيع الموصوف في الذمة، ولو لم يكن موجوداً وقت العقد والاستصناع الصادر بجوازه القرار رقم 65 (3/7) في (7-12) ذي القعدة 1412هـ من مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي. والله أعلم.

الخروج قبل انتهاء الدوام

الخروج قبل انتهاء الدوام المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 12/02/1426هـ السؤال أنا موظف حكومي، وعملي عبارة عن مرشد ديني (كلمات - محاضرات - تدريس للقرآن الكريم - الإشراف على المسابقات) ، فهل يجب علي وجوباً البقاء داخل العمل إذا انتهيت من مهمتي أو المسألة متى ما قدمت الذي يراد مني فلي الخروج حتى وإن بقي من الدوام ساعات، علماً أنه لم يتوفر لي إلى الآن مكتب خاص؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد: الموظف الحكومي أجير خاص، والأجير الخاص هو من قُدّر نفعه بالزمن، أو هو من استؤجر مدة معلومة يستحق صاحب العمل نفعه في جميعها لا يشاركه فيها أحد، فيجب على كل موظف أن يشغل الوقت المخصص للعمل في العمل الذي خُصص له، وهو من الأمانات التي أمر الله -تعالى-، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- برعايتها وحفظها، قال سبحانه: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ... " [النساء: 58] ، قال ابن كثير - رحمه الله-: (يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك"رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وهو يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله -عز وجل- على عباده من الصلاة والزكاة والصيام، والكفارات، والنذور، وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض ... ) . وقال سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" [الأنفال: 27] .

وقد وعظ الشيخ المعمَّر بن علي البغدادي نظام الملك الوزير موعظة بليغة، ومنها: (معلوم يا صدر الإسلام أن آحاد الرعية من الأعيان مخيرون في القاصد والوافد، إن شاءوا وَصَلَوا، وإن شاؤا فصلوا، وأما من توشح بولاية فليس مخيراً في القاصد والوافد؛ لأن من هو على الخليفة أمير فهو في الحقيقة أجير، قد باع زمنه وأخذ ثمنه، فلم يبق له من نهاره ما يتصرف فيه على اختياره ... ) . وكما أن الإنسان يرغب في أخذ أجره كاملاً ولا يحب أن يبخس منه شيء فعليه ألا يبخس شيئاً وقت العمل بصرفه في غير صالح العمل، وقد ذمّ الله المطففين في المكاييل والموازين الذي يستوفون حقوقهم ويبخسون حقوق غيرهم فقال: "ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين" [المطففين: 1-2] . والمرشد الديني يقوم بوظيفة عظيمة، وفي جلوسه خير كثير، يراجع كتاباً، ويعالج مشكلة، ويجيب سائلاً، ويقضي حاجة محتاج، وإذا خرج من مقر عمله فاته هذا الخير، وحرم الناس نفعه الذي طلب منه بذله للناس. وعليه فلا يجوز خروج الموظف من العمل إلا إذا كان خروجه على ضوء العقد المتفق عليه مع الجهة الحكومية، أو كان بإذن من المدير العام للدائرة التي هو فيها بعد قيامه بما يجب عليه، سواء كان الإذن صريحاً، أو كان غير صريح بأن علم المدير المسؤول بخروجه ولم ينكر عليه، إذا لم يكن عدم الإنكار لمانع ولا محاباة له دون غيره، لاسيما من هم من أمثاله، وإلا لم يجز. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

هل هذا من الإعانة على الإثم؟

هل هذا من الإعانة على الإثم؟ المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 28/08/1425هـ السؤال أنا أعمل مديراً لإحدى مؤسسات الاتصالات أنظمة السنترالات الهاتفية، وكاميرات المراقبة، وإنذار السرقة والحريق، وشبكات الكمبيوتر. وسؤالي هو: هل يجوز لي شرعاً تركيب أحد هذه الأنظمة -أو كلها- للبنوك الربوية. الجواب الحمد لله. أما بالنسبة لتركيب كاميرات المراقبة، وإنذار السرقة والحريق، فلا مانع من تركيبها في البنوك، -وإن كانت ربوية-؛ لكونها من أسباب دفع الضرر وحفظ المال، وكل ذلك مطلوب شرعاً، وأما تركيب شبكات الكمبيوتر والسنترالات الهاتفية التي يتم بها الاتصال بين الأطراف وتبادل العمليات فينظر: فإن كان غالب هذه المعاملات ربا فيمنع للمعونة عليه بهذه الشبكات والأنظمة، وإن لم يكن الربا غالب عملها فلا مانع. والله أعلم، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.

دفع مالا لاستخراج منحة ملكية

دفع مالاً لاستخراج منحة ملكية المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 20/02/1426هـ السؤال ما حكم دفع مبلغ مالي إلى شخص، وذلك مقابل العمل على استخراج منحة ملكية (أرض) دون الضرر بالآخرين، مع العلم أن التقديم على المنح مفتوح للجميع ويقوم الشخص بإرجاع المال إن لم يقدر؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: إذا قال الشخص: من عمل لي عملاً كاستخراج منحة مثلاً، فله كذا مبلغ معين، فهذه تسمى جعالة، وهي جائزة بالكتاب والسنة، ومن قال لشخص معين: اذهب وراجع الجهات المعنية وسأعطيك المبلغ المعين إذا أنهيت هذا الأمر كالمنحة مثلاً، فهذه إجارة وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع، ويشترط فيها كون العمل معروفاً، والعامل والأجرة معينة على أمر مباح فعله. أما إعطاء المال للشخص لأجل تحصيل أمر من الأمور - كالمنحة مثلاً- على أن يقوم هذا الشخص بالشفاعة (الواسطة) عند صاحب القرار، فهذا لا يجوز؛ لأن الشفاعة ليست من عقود المعاوضات، ولنهيه عليه الصلاة والسلام عن الأخذ على الشفاعة، وقد حسن الحديث سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-. وأشد حرمة من ذلك إذا كان هذا الشخص يأخذ المال فيتقاسمه مع من بيده إصدار مثل هذه الأمور، فهي حينئذ تكون رشوة محرمة. وبهذا يتضح أن الآخذ إنما يأخذ لأجل عمله ومراجعته، فهذا لا بأس به؛ لأنه مقابل عمل. والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

يعمل في مجال الدش

يعمل في مجال الدش المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 23/11/1425هـ السؤال أنا أعمل في مجال الدش في شركة (art وشوتايم وأوربت) ، فهل العمل في هذا المجال حرام أم حلال؟ علماً بأني لا أعرف أتقن عملاً غيره. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم العمل في هذه القنوات حرام؛ لما فيها من الشر والفساد، وإفساد العباد والبلاد، وأثرها السيئ لا يخفى عليك، فلا تكن عوناً لشياطين الإنس على إخوانك المسلمين، فقد كان لهذه القنوات الهابطة الدور الكبير في إفساد البيوت والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فبادر بترك هذا العمل "ومن يتق الله يجعل له مخرجا". والله أعلم.

يعمل بشهادة مزورة

يعمل بشهادة مزورة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 20/04/1426هـ السؤال أنا شاب، تحصلت على عمل بشهادة مزورة، وأنا متوقف الآن عن العمل، وتحصلت على مبلغ مالي مقابل جهد عملي، هل يجوز لي العودة إلى العمل مرة أخرى؟ وهل المبلغ المتحصل عليه حلال أم حرام؟ أريد أن أستخدم هذا المال في تجارة ما في حالة عدم العثور على عمل آخر. فهل يجوز هذا؟ والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: المبلغ المتحصل عليه حلال؛ لأنه أجرة مقابل عمل، بشرط أن يكون العمل مفيداً ومما تحسنه أنت، فإذا كان حلالاً جاز لك أن تستثمره في تجارة ونحوها. وأما الرجوع إلى العمل فلا يجوز بالشهادة المزورة. والله أعلم.

يتغاضى عن مخالفات المطاعم مقابل أكله بالمجان

يتغاضى عن مخالفات المطاعم مقابل أكله بالمجان المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 26/02/1426هـ السؤال موظف حكومة، عمله يتعلق بكشف مخالفات المطاعم والمحلات التجارية، فمن خلال عمله يتعرف على أصحاب مطاعم ويصبح صديقاً لهم، مع العلم أن لديهم عمالاً مخالفين لقانون العمل، فطبعا في كل مرة يذهب فيها يأكل في هذا المطعم الذي فيه عمال مخالفون ولا يدفع حساب ما أكله، ولو دفع فإن صاحب المطعم لا يقبل أن يأخذ أجر الطعام. فما حكم ذلك، هل هو حرام؟ ولو دفع شيئًا قليلاً مقابل الطعام، هل يكون حلالاً؟ أفيدوني. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أكله بالمجان في تلك المطاعم التي هو مسؤول بالرقابة عليها سحت؛ لأنه رشوة يراد بها غضّه عن المخالفات الموجودات، وتساهله في رقابته، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، ويجب عليه أن يؤدي الأمانة بصدق وإخلاص، وأن يقطع هذه العلاقة الحميمة بأصحاب تلك المطاعم، وألا يأكل فيها حتى لا تضعف نفسه فيحمله إحسانهم (وفي الحقيقة رشوتهم) إلى الإغضاء عن مخالفتهم. والله أعلم.

هل يلزمنا دفع السعي؟

هل يلزمنا دفع السعي؟ المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 06/04/1426هـ السؤال اشترى الوالد -رحمة الله عليه- منزلاً، دلنا عليه مكتب عقار، ثم ترددنا عليه وعلى غيره من المنازل، حتى عرفنا صاحبه، وأصبح بيننا مباشرة أخذ وعطاء، ثم عقدنا الاتفاق مع صاحب المنزل واشتريناه منه. هل لصاحب المكتب -الذي دلنا عليه في المرة الأولى- حق في مبلغ الدلالة المتعارف عليه 2.5 في المائة من قيمة المنزل؟. والآن لنا -تقريباً- سنتان منذ نزولنا في البيت، هل ندفع قيمة الدلالة أم لا؟ علماً أن صاحب مكتب العقار لا يعلم شيئاً عن شرائنا للمنزل، ولم نقابله بعدها. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد جرى عرف الناس على وجوب استحقاق الدلال على أجرته إذا توسط بين البائع والمشتري، كما أن العرف جرى على ما يستحقه من أجرة، وهي 2.5 في المائة من قيمة البيع، لاسيما في العقارات، والقاعدة الشرعية تقول: العادة محكَّمة، كما أن القاعدة تقول أيضاً: المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً. وعلى هذا فإن صاحب المكتب المذكور إذا كان هو الوسيط في شراء هذا العقار، أو هو الذي دلكم عليه فيجب له هذا المبلغ، حتى ولو كان الشراء قبل سنين من سؤالكم، فإن الحق لا يضيع بالتقادم في الشريعة الإسلامية، أما كونه لا يعلم بذلك فهذه ليست حجة في عدم إعطاء حقه. وبالله التوفيق.

الفنادق الأجنبية في الحرمين

الفنادق الأجنبية في الحرمين المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 16/05/1426هـ السؤال السلام عليكم، أعلم أن في مكة المكرمة، وفي المدينة المنورة، وبجوار الحرم أو المسجد النبوي هناك بعض الفنادق العالمية، مثل هيلتون, وشيراتون، وغير ذلك- وهذه الفنادق تابعة لغير المسلمين، وهي موجودة في جميع أنحاء العالم، وفيها يحدث من المنكرات ما لا يخفى على أحد (باستثناء الفروع التي في السعودية, فليس فيها منكر) ، ولكن بعض الأموال التي يدفعها الحجاج والمعتمرون -الذين يسكنون في هذه الفنادق- تذهب إلى شركات في سويسرا أو نيويورك، وهم يدخلونها في إدارة مشاريعهم في أماكن أخرى فيها المنكر. مثلاً عندما أذهب إلى جزيرة سياحية أجد هناك "هيلتون"، وعندما آتي إلى الحج أيضاً أجد "هيلتون"، فهل هذا من اللائق؟ وهل هذا مقبول؟ فأرجو من فضيلتكم توضيح المسالة إن كانت فيها أمور ملتبسة. وبيان الحكم الشرعي في مثل هذه المسائل، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: لو افترضنا أن الشركات الفندقية التي سميتها -كالهلتون والشيراتون- تنفرد بامتلاك فروعها بمكة والمدينة، فإن جواز استئجارها لا يمنع منه كونها تقدِّم المنكرات وتسهِّلها في فروعها خارج المملكة، والانتفاعُ بالسكن في غرف هذه الفنادق في مكة والمدينة لا يدخل في الإعانة على الإثم، من أجل أن أجور السكن تذهب إلى إدارة الشركة، وتتقوَّى بها على المعصية؛ لأن ما يدفعه الحجاج والمعتمرون من أجور السكن فيها إنما هو لتحصيل منفعة مباحة، وهي السكن والراحة.

ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعامل اليهود بيعاً وشراءً، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي. صحيح البخاري (2916) مع أنهم كانوا يأكلون الربا، ويعصون الله بأموالهم، ومع ذلك لم يجعل -صلى الله عليه وسلم- معاملتهم المعاملة المباحة من بيع وشراء ونحو ذلك من قبيل الإعانة على الإثم. هذا جواب على افتراض أن تلك الشركات الفندقية تنفرد بامتلاك فروعها بالحرمين دون شريك، فكيف إذا علمنا أنها إنما تمتلك نصيباً معيناً تستحق به جزءاً من الربح، وأن المباني التي أقيمت عليها تلك الفنادق في الحرمين مملوكة لمسلمين، وعلى هذا فإن قدراً كبيراً من الأرباح تذهب لمسلمين لهم النصيب الأكبر في ملكية تلك الفنادق. وأرفق بالإجابة توضيحاً من الأستاذ جميل الفارسي عضو الغرفة التجارية بجدة، يقول فيه: إشارة للاستفسار الوارد من موقع (الإسلام اليوم) بخصوص فندق هيلتون، وما شابهه، أفيد سعادتكم أنه بالسؤال تبيَّن لي الآتي: الشركات الفندقية المعروفة - مثل هيلتون وشيراتون- لديها طريقتان في العمل: أ- تملك فنادق ومنتجعات. ب- تقديم خدمة الإدارة بعد التملك، وهذه عادة تكون وفق مبلغ مقطوع، أو نسبة من الأرباح، وهذه الاتفاقية تخضع لشروط الطرفين من نوع الخدمة، وما يقدَّم وما لا يقدَّم في الفندق، وبهذه الخدمة كذلك يُدرَج الفندق في دليل سلسلة الفنادق، وتقدَّم الخدمة التسويقية خلال الحجز المركزي لسلسلة الفنادق. وهذا هو الأمر مع فندق" هيلتون مكة" فهو مملوك لشركة مساهمة سعودية، وتقوم شركة هيلتون بعقد إدارة، وتقدِّم الخدمة التسويقية والتدريبية لموظفي الفندق. فالشيء المشترى من هيلتون هو الخدمة الإدارية، والخدمة التسويقية، ونتمنى أن ينمو العالم الإسلامي؛ ليكون لديه الخدمة المنافسة- عالمياً- في مجال الإدارة والتشغيل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

العمل في هيئة سوق المال

العمل في هيئة سوق المال المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 19/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم العمل في هيئة سوق المال في قسم الحاسب الآلي؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأصل أن هيئة سوق المال تعمل بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، كما هو الشأن في جميع الأجهزة الحكومية في المملكة. وإذا وجدت مخالفات أو تجاوزات فهي مسؤولية صاحب القرار بهذا الخصوص. وبالنسبة لسائر الموظفين فالحكم والله أعلم ينبني على أمرين: 1. الغالب على العمل. 2. السعي للإصلاح والتغيير. أما الأول فإن كان الغالب على العمل التعاملات المشروعة، فالعبرة بالغالب، خاصة أن هذا هو الأصل في عمل الهيئة، كما سبق. وأما الثاني فمن كان قصده التغيير والإصلاح بحسب استطاعته اغتفر ما قد يعترضه من التعاملات غير المشروعة إذا كان يسعى في تغييرها ما أمكنه ذلك. وبحسب القدرة على التغيير يغتفر إن شاء الله ما يعرض من الأعمال غير المشروعة. والواجب على من لديهم القدرة على التغيير من الغيورين على دينهم أن يعملوا ما في وسعهم لأجل شغل هذه المجالات بالخير بدلاً من أن يأتي من يشغلها بالشر. وأن يكونوا عوناً للمسؤولين المخلصين لامتثال الشريعة الإسلامية والاهتداء بهديها والسير على نبراسها. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

يعمل في مؤسسة تتعامل مع بنك ربوي

يعمل في مؤسسة تتعامل مع بنك ربوي المجيب د. عبد الرحمن بن عبد الله السند عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 25/06/1426هـ السؤال أعمل في مجال تقنية المعلومات، فهل يجوز أن أقوم بتصميم وتنفيذ برامج في الإنترنت متخصصة ببيع منتجات المؤسسة التي أعمل بها بنظام فيزا، أو عن طريق حسابات في بنك ربوي؟ وهل هذا من المشاركة في الربا؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: فإن الله -عز وجل- حرّم التعاون على الإثم والعدوان، فقال سبحانه وتعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] وقيامك بتصميم برامج متخصصة في بيع منتجات المؤسسة التي تعمل فيها، ليس فيه حرج ما دامت هذه المنتجات مباحة ولا شيء فيها، أما أن يتم سداد المبالغ عن طريق بطاقات فيزا أو عن طريق حسابات في بنك ربوي، فلا يظهر في ذلك حرج شرعي؛ لأن السداد عن طريق نظام من مصدرها إلى قابلها يتم بطريق صحيح، ولكن المنظور إليه هو العقد بين مصدر البطاقة وحاملها، فإن كان تم عن طريق عقد مشتمل على شرط ربوي فهو محرم، وإن كان عن طريق عقد خالٍ من المحظور الشرعي -كالشروط الربوية عند التأخير في السداد- فلا يجوز، أما السداد عن طريق حساب في بنك ربوي فكذلك لا يظهر فيه حرج؛ لأن الممنوع هو الإيداع بحساب ذي فوائد بين صاحب الحساب والبنك، أما السداد عن طريق هذا الحساب فلا مانع فيه شرعاً فيما يظهر والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يعمل في منتجع سياحي

يعمل في منتجع سياحي المجيب أ. د. صلاح بن محمود العادلي أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 28/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أعمل بأحد المنتجعات السياحية، أعمل كمدير قطاع الغرف، وهذا القطاع هو المسئول عن نظافة الغرف وقسم الاستقبال والحجز، وأنا أحافظ على فرائض ديني من الصلاة في وقتها، والصوم والحج، وكذلك أحاول جاهدًا الدعوة إلي الله من خلال إظهار الشخصية الإسلامية والخلق الإسلامي، وكذلك ليس لدي مورد رزق آخر. فهل هذا حرام؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الهادي الأمين، وبعد: فاعلم- أخي الكريم- أن السعي على الرزق الحلال هو شرط من شروط قبول الدعاء واستجابة الله تعالى لصاحبه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدُّعَاءِ ". رواه الطبراني في الأوسط (6495) . وأنا أرى من وراء سؤالك- أخي الفاضل- شابًّا مسلمًا حريصًا على تحري الرزق الحلال، والبعد عن الشبهات التي لا تخلو منها مثل هذه المنتجعات إلا قليلًا، لذا فنقول لك إن عملك في المنتجع السياحي حلال ... خاصة بالضوابط التي أشار إليها سؤالك من التزامك بالخلق الإسلامي والسلوك الطيب في أثناء تعاملاتك ... فأنت بعملك بهذه الضوابط: - تقدم نموذجًا حسنًا للإسلام. - تقوم بأعمال ليست بحرام من مسئوليتك عن نظافة الغرف وقسم الاستقبال والحجز. وننصحك- أخيرًا- بتحري البعد عن الأماكن التي تمارس فيها بعض المحرمات حرصًا على دينك، وسلامة لإيمانك.. أسأل الله لنا ولك الثبات على الخير، والعزيمة على الرشد. والله أعلم.

المضاربة بالأسهم أثناء الدوام

المضاربة بالأسهم أثناء الدوام المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 25/05/1426هـ السؤال ما حكم القيام ببيع الأسهم والعقار في فترة الدوام الرسمي، أياً كان حكومياًَ أم قطاعاً خاصاً؟ الجواب الحمد لله، وبعد: البيع والشراء أثناء الدوام الحكومي أو الخاص ينقسم قسمين: القسم الأول: أن يكون ذلك عرضاً، ولا يأخذ من الموظف وقتاً أو جهداً كبيراً، فهذا لا بأس به فيما يظهر لي؛ لأنه يسير ولا يضر بعمل الوظيفة. القسم الثاني: أن يكون البيع والشراء بصفة مستمرة ومتتابعة، كأن يتابع شاشة الأسهم مثلاً أو نحو ذلك، فهذا لا يجوز؛ لأنه قطعاً سيضر بالعمل الأساسي الذي يتقاضى عليه راتباً، وسيؤدي إلى التقصير والتفريط فيه بسبب انشغاله بأعماله الخاصة. والله تعالى أعلم.

العمل في شركة الفحص الدوري للسيارات

العمل في شركة الفحص الدوري للسيارات المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 13/06/1426هـ السؤال هل العمل لدى شركة الفحص الدوري فيه شبهة من ناحية نشاط الشركة؟ فقد تم قبولي فيها بوظيفة ميكانيكي سيارات، وقد قيل لي إنها من قبيل أكل الأموال بالباطل؛ لأن الناس يجبرون على فحص سياراتهم عند الشركة. فما حكم العمل فيها؟ وما حكم الراتب الذي أقبضه مقابل عملي فيها؟. الجواب العمل في شركة الفحص الدوري جائز ولا شيء فيه، وهي في جملتها فيها مصلحة للمسلمين، وهي التأكد من سلامة السيارة وصلاحيتها للسير في الطريق العام، وهذا فيه حفاظ على أرواح المسلمين. ولو فرض أن فيها شيئاً من الظلم على بعض الناس فلا يلحقك منه شيء، وإنما هو على واضعي نظامها وصاحبها. والخلاصة: التحق بها وراتبك حلال إن شاء الله. زادك الله تقوى ورعاك. آمين.

هل يملك المدير منعي من الدروس الخصوصية؟

هل يملك المدير منعي من الدروس الخصوصية؟ المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 30/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل في مركز لتعليم اللغة العربية، وقال لي المدير إن العقد بيني وبينه كلمة دون أن يكتب شروطًا للعقد، واتفقت مع طالب أن أعطيه درسًا خاصًّا دون إخباره بشيء، وعندما علم ذلك غضب غضبًا شديدًا ورماني بالخيانة، فما الحكم الشرعي لعملي هذا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب يتمثل فيما يلي: 1- إذا كان تعليمك للطالب في الوقت المخصص للتدريس في المدرسة المذكورة، فهذا لا يجوز، وليس لك فعله؛ لأن الوقت ملك للمدرسة. 2- إذا كان المسؤول عن المدرسة قد اتفق معك على عدم التعليم الخاص في أي وقت ووافقته على ذلك فليس لك أن تدرس خارج هذه المدرسة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ". أخرجه أبو داود (3594) ، والترمذي (1352) . 3- إذا لم يكن اشترط منعك أو لم تقتض لوائح المدرسة ذلك فلا مانع من تعليمك خارج المدرسة؛ لأن الوقت ملك لك، وطلب الرزق المباح أمر مشروع.

اشتراك أكثر من شخص في خدمة النت باسم مشترك واحد

اشتراك أكثر من شخص في خدمة النت باسم مشترك واحد المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 15/08/1426هـ السؤال في الآونة الأخيرة توزع الإنترنت عن طريق شبكات من قبل مشتركين لدى شركات تقدم الخدمة، وكل يعلم أن المواطن البسيط في بلدنا لا يستطيع دفع إيجار النت (DSL) وهو 40 أو 50 ديناراً، فيجتمعون ويتفقون على شخص يشترك والباقون يأخذون منه عن طريق (الكابيلات) التي توزع على أسطح المنازل للوصول للمشتركين، ويشتركون في رسوم الخدمة عند طلب النت من الشركة، يقول بعض الموظفين: إن الشركة تعلم عن اشتراك أكثر من شخص في النت المؤجر من شخص واحد، فهل قوله يبرئ الذمة؟ وماذا عن عقد الاشتراك؟ علماً أن البند الذي بالعقد يقول: (الخدمة مخصصة فقط للاستعمال في نطاق مقر الزبون المبين عنوانه في استمارة تقديم طلب الخدمة، ولا يجوز استخدامها لشبكة خارج عنوان المقر، ويخضع الزبون لأجور استخدام إنترنت إذا استخدم حساب (ADSL) في الاتصال على أي خط هاتفي، بما في ذلك الخطوط غير الموجودة في مقر الزبون) . أرشدونا مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الشرط الذي أوردته في سؤالك غير صريح في المنع من اشتراك عدة أشخاص في اشتراك واحد، فهو يحتمل أن الزبون ليس من حقه أن يطالب الشركة بتزويده بالخدمة حال انتقاله إلى عنوان آخر. والتزامها إنما هو بتزويده بالخدمة على العنوان المثبت في استمارة الطلب.

ولو افترضنا أن الشرط صريح في منع الزبون من أن يُشرك معه أحداً من جيرانه في الإفادة من الخدمة فإنه شرط غير ملزم، لأنه باطل؛ إذ ليس من حق مقدم الخدمة أن يفرض على المشترك ألا ينتفع معه أحد؛ لأن اشتراك غيره معه في الإفادة من الخدمة لا يثقل كاهل الشركة مقدمة الخدمة، فهي ملتزمة بإيصال خدمة الإنترنت للزبون على مستوى متفق عليه من السرعة، ولا يؤثر في ذلك كون المتصفح واحداً أو أكثر من ذلك، والمتضرر من ذلك -إن كان في ذلك تأثير- هو الزبون نفسه (المستفيد من الخدمة) ، فتصفحه باشتراك غيره معه أبطأ من تصفحه لو كان وحده. ثم إن اشتراط الشركة لهذا الشرط مخالف لمقتضى العقد، إذ مقتضى العقد أن يملك المشترك منفعة تصفح الإنترنت، ومقتضى هذا -شرعاً- أن له أن يهب من يشاء الإفادة منها معه أو يأخذ عليها عوضاً فهي ملكه، وليس لأحد أن يمنعه من ذلك فقد ملكها بما دفعه من أجور للشركة. وعلى هذا فيجوز للمشترك في الخدمة أن يُشرك معه آخرين ويأخذ عليهم أجوراً معلومة، ولو اشترطت الشركة ألا يُفيد منها غيره أو غير بيته. والله أعلم.

وظيفة المحلل المالي في البورصة

وظيفة المحلل المالي في البورصة المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 04/07/1426هـ السؤال سؤالي يتعلق بالمهن التي يمكن احترافها في البورصة (الأسواق المالية) . أولاً: هل يجوز العمل في البورصة؟ علماً بأن الأسهم وصناديق الاستثمار لا يحرمها الإسلام؛ لأن الخسائر والأرباح تقسم وليس في ذلك أي أثر للربا، لكن النقود المكتسبة هي أرباح الشركة. وإذا كان الشخص يعمل كمحلل مالي، والذي هو قبل كل شيء مستشار يدرس داخل شركة بورصة شركات مسعرة في البورصة أساساً، أو في مكاتب الدراسة ليكون لديه تصور عن قيمتها، ويمكنه التدخل في الأسواق المالية أو إعطاء المشورة في إمكانية شراء مؤسسات بنوك تجارية وشركات متخصصة، ويحلل المعلومات التي تأتي من بنوك المعلومات والصحافة من حيث الكمية ومن حيث النوع، ويمكنه كذلك إعطاء المشورة للبائعين في صالة الأسواق الذين بدورهم يوصلون نصائحه إلى زبائنهم كي يقوم بتوجيه حسن لإذنهم بالشراء والبيع. سؤالي: هل يجوز احتراف هذه المهنة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: كل عمل نافع فهو مشروع، وإنما يحرم الإسلام الأعمال الضارة أو التي تعين عليها، فالعمل في مجال المقامرات والمجازفات المحرمة في البورصات، كعقود "المستقبليات" و"الخيارات" أو في التمويل الربوي لا يجوز؛ لأنه ضرر على الاقتصاد. وما عدا ذلك فهو جائز. وأما الأسهم وصناديق الاستثمار، فما كان منها يتعلق بشركات محرمة فهو محرم، وما عداه فهو جائز. والمحلل المالي إذا كان يشجع المستثمرين على الاستثمار في الشركات المشروعة، ويحذرهم من الشركات المحرمة -كالمؤسسات الربوية وشركات الخمور والقمار ونحوها- فعمله مشروع بل مطلوب. أما إذا كان يشجع المستثمرين على الاستثمار في الشركات المحرمة فهذا لا يجوز؛ لأنه إعانة على الحرام. والله أعلم.

تأجير المحل على العمال

تأجير المحل على العمال المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة التاريخ 14/10/1426هـ السؤال لدي محل تجاري، وقد استقدمت بعض العمال للعمل معي فيه، وقد عرض علي العمال أن أقوم بتأجير المحل لهم مقابل مبلغ مالي شهرياً، على أن أتحمل إيجار المحل، والكهرباء وتجديد إقاماتهم، وأن أقوم بكل الإجراءات التي تخصهم كعمال تحت كفالتي، وخشيت أن أكون آثماً لو وافقت على ذلك. فأرشدوني -أثابكم الله- للصحيح في هذا الشأن. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فظاهر الحال أنك استقدمت هؤلاء العمال للعمل لديك أُجراء براتب شهري وفق عقد بينك وبينهم، وتحت شروط الجهة الآذنة بالاستقدام كوزارة الخارجية أو التجارة أو غيرها، فيجب الوفاء بالعقود، وحتى لو تراضيت أنت والعمال على فسخ الاتفاق الأول، وإبرام عقد إيجار جديد، فإن الجهة الثالثة لا بد من موافقتها، لكونها ترعى المصلحة العامة المتعلقة باقتصاد البلد، ولهذا فإن من يقوم بالطريقة التي تسأل عنها في سؤالك يضطر إلى الكذب على الجهات المسؤولة، ويتظاهر أنه المالك الحقيقي للمحل، والأمر ليس كذلك، والواقع أن العمال هم الذين يشترون من الموزعين، ويبيعون على المستهلكين، ويجنون الأرباح - إن وجدت- ويعطون الكفيل مبلغاً مقطوعاً، وهذا ما يسمى بـ "التستر". ولو قدرنا أن أرباحهم لا تفي بما يبذلونه للكفيل المتستر ولا تقابل جهدهم، فهنا تزداد الحرمة للضرر والغرر، بالإضافة إلى مخالفة الأنظمة، والله أعلم.

العمل والعمال

توقيع الموظف عن زميله في الحضور المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 8/8/1422 السؤال هل من الجائز أن يطلب شخص من زميله في العمل أن يوقع عنه توقيع الحضور إلى المؤسسة في الوقت المحدد، علماً أنه يتأخر دون أن يؤثر هذا التأخير على العمل الذي يبدأ في الساعة السابعة، وتوقيع الحضور في الساعة السادسة، مع ملاحظة أن هذا الموظف يسكن بعيداً عن مركز عمله حوالي 80 كلم. الجواب لا يجوز له أن يطلب من زميله أن يوقع عنه قبل حضوره، ولا يجوز للزميل أن يوقع عن شخص غائب إلا بإذن ممن يملك ذلك في المؤسسة.

العمل في مقاهي الإنترنت

العمل في مقاهي الإنترنت المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 3/8/1422 السؤال أنا أعمل في مقهى إنترنت، وإن أكثر المستخدمين في هذا المقهى أجانب ويستخدمون الاتصال للدردشة مع البنات والنساء، وفي بعض الأحيان يدخلون إلى مواقع العري، هل في ذلك شيء عليَّ مع إني أنكر ذلك في قلبي، وأن صاحب المقهى يعلم ذلك ولا يتكلم. الجواب إذا كان الحال كما ذكرت فالعمل في هذا المكان إعانة على المعصية، وعليك أن تسعى للبحث عن عمل آخر، أعانك الله.

العمل في القنوات الفضائية

العمل في القنوات الفضائية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 3/8/1422 السؤال هل العمل في المحطات التلفزيونية، أو العمل في المجال الاعلامي يجوز، حيث أعمل بوظيفة محاسب في إحدى القنوات العربية المشفرة، فما موقف الشرع من هذا العمل، خاصة في هذه الأيام بالرغم من أن المحطة تبث برامج منوعة منها ما هو ديني، وما هو تعليمي ورياضي وموسيقي إلخ، أفيدوني أفادكم الله؟ الجواب أولاً: نشكر السائل الكريم الذي ينم سؤاله عن حرصه على دينه وعلى تقوى الله - عز وجل - وأكل الحلال. ثانياً: لا يخفى على كل ذي لبّ تأثير وسائل الإعلام المتنوعة لا سيما القنوات الفضائية على الأسر لا سيما الشباب والفتيات، ولما في كثير منها فساد وشرور، وتحبيب للفاحشة، ومن عروض للمناظر المحرمة، والموسيقي والأغاني الماجنة، ولما فيها عموماً من صدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، وهي بهذه الصورة عظيمة الخطر؛ لتعدى شرورها إلى بلدان واسعة ومدن كثيرة، فضلاً عن المنازل والأسر. ثالثاً: فيما يظهر من سؤال السائل أن القناة التي يعمل فيها هي من هذا القبيل، أو قناة يغلب عليها ذلك، أو على الأقل يغلب ما فيها من الفساد على ما بها الصلاح، وهذا هو واقع أغلب القنوات التجارية، فإننا لا نرى جواز العمل فيها حتى لو لم يكن مباشراً للفساد؛ لأنه معين عليه، وخادم له، وضابط لحساباته التي هي قوام عمله، وقد قال - سبحانه -:" ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ". وننصحه بترك العمل فيها، والبحث عن عمل آخر يكون خيراً له وأتقى لله، وليعلم أن الأرزاق بيد الله، وهي مقدرة سلفاً، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. رابعاً: ننصح جميع المسلمين العاملين في تلك القنوات أن يدركوا خطورة ما هم فيه واشتراكهم في كل إثم تبثه القناة، وكل فساد حصل بسبب ذلك، وليذكروا سؤال الله لهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، ويستثنى من ذلك من كان عمله في القناة في الإصلاح، وفي برامج مفيدة دون غيرها، أو من كان ساعياً لزيادة الصلاح، وتقليل الفساد فلا بأس ببقائه ما دام الأمر كذلك، والله أعلم.

تقاسم وقت العمل بين الموظفين

تقاسم وقت العمل بين الموظفين المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 10/8/1422 السؤال أنا في العمل أقسم الوقت بيني وبين صديقي في العمل، المفروض أن الدوام 8 ساعات ولكن نحن قسمنا 4 ساعات لي و4 ساعات لصديقي بدل 8 ساعات. مع علم رئيس القسم، ومن غير أي تقصير وجزاكم الله خيرا.. الجواب هذا التقسيم الذي ذكرت لا يجوز لأن الموظف في حقيقته لا يعدو أن يكون مستاجراً في هذا الزمان فمنافعه الوظيفية كلها محبوسة على هذا العمل في هذا الزمان وسواء وجد عمل أو لم يوجد. وإذن الرئيس ليس مسوغاً للجواز لأنك لا تعمل عنده ولا تأخذ راتبك منه وإنما أنت مرتبط بعقد ينص على أن العمل في هذه الساعات شرط لا زم ومن ثم فلا بد من الوفاء بهذا الشرط وهذا العقد.

العمل لدى الحكومة الكافرة

العمل لدى الحكومة الكافرة المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 22/7/1422 السؤال ما حكم العمل لدى الحكومات الكافرة؟ الجواب العمل لدى الحكومة الكافرة - إن لم يكن عملاً بالقانون - جائزٌ مالم يكن فيه إساءة للمسلمين، أو إعانة على ظلم مسلم أو كافر؛ لأنه عمل لأجل المال لا لأجل خدمتهم. وأما إن كان عملاً بالقانون؛ فما كان فيه متعلقاً بالمصالح المرسلة - وهي التي لم يذكرها شرعنا بمدح ولا ذم - كالمتعلق بتخطيط المدن، وأنظمتها المادية من دوائر مرورية ونحوها فالعمل فيه جائز؛ لأنه لا يتعلق بشرع، ما لم يترتب عليه ظلم لأحد فإنه حينئذ محرم، ومثل ذلك في الجواز، العمل فيما يقدر المسلم من خلاله التخفيف على المسلمين وإعطائهم بعض حقوقهم التي لا يأخذونها لولا وجوده على هذا العمل، ومثل ذلك أيضاً العمل فيما يجد فيه مساغاً لإعمال شريعة الإسلام، كما لو كان في هيئة المحلَّفين، التي تقضي بتجريم المتهم أو ببراءته، ولك أن تقيس على ذلك مجالات العمل الأخرى، والله الهادي إلى سواء السبيل

استغلال المدير بعض موظفيه في أموره الخاصة

استغلال المدير بعض موظفيه في أموره الخاصة المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 4/1/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز لمدير إدارة ما أن يستخدم موظفاً رسمياً لقضاء مهمات خاصة به وقت العمل وبسيارة العمل، وتكون خدمات هذا الموظف في الغالب من وقت العمل وأحياناً من خارج وقت العمل، ويُقَيَّمُ الموظف ويعطى ترقيات بسببها بشكل رئيس كما يعطى خارج دوام، ويغيب هذا الموظف معظم ساعات العمل من أجل تقديم هذه الخدمات لرؤسائه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن العمل بالصورة التي ذكر السائل لا يجوز، وذلك: (1) لأن مدير الإدارة يستخدم الموظف في أعماله الخاصة مع أنه يتقاضى راتباً من الدولة. (2) لأن مدير الإدارة يعطل ذلك الموظف عن عمله الأصلي، وهذا فيه إضرار بمصالح الناس- وهو محرم- ونصيحتي لهؤلاء المدراء أن يتقوا الله -جل وعلا- ويتذكروا الوقوف بين يديه، وكذلك بالنسبة للموظف فينبغي أن لا يوافق على هذا العمل وما يتبعه من ترقيات وخارج دوام وغيرها فَيُدْخِلُ في جوفه مالاً حراماً. والله -تعالى- أعلم.

أعمل في مؤسسة بها تجاوزات

أعمل في مؤسسة بها تجاوزات المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 28/6/1424هـ السؤال سألني أحد أصدقائي ولم أجرؤ على إجابته، حيث إنه يعمل في مؤسسة تضم عدداً كبيراً من العاملين، ويوجد بهذه المؤسسة بعض التجاوزات التي لا يرضى عنها، ولا يستطيع إصلاح هذه التجاوزات إلا بإخطار الجهات المسؤولة، فهل هذا يعتبر خيانة لعمله، أو عدم محافظة على أسرار العمل؟ خاصة وأن الضرر الذي سيعود على المؤسسة سيؤثر على العاملين بها، وهي مصدر عيشهم الوحيد فأرجو الإفادة. الجواب هذه التجاوزات إذا كانت منكرات فلا يمكنك السكوت عنها، بل يجب عليك إنكارها، لكن بالرفق والتدرج، فتبدأ بالنصح والإرشاد، وإذا لم ينفع فيمكن أن تطلب من غيرك من خارج أو داخل المؤسسة تطلب منه التدخل بالرفق لإزالة هذا المنكر، وهكذا تحاول بكل طريقة يمكنك سلوكها لإزالة هذا المنكر، وإذا لم تستطع إزالته بهذه الطرق فلا حرج عليك بإخطار الجهات المسؤولة لرفع هذا المنكر، ولا يعتبر هذا من الخيانة، بل هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

العمل في برمجة مواقع رسائل الجوال

العمل في برمجة مواقع رسائل الجوال المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 28/12/1423هـ السؤال أنا أعمل كمبرمج مواقع الإنترنت وقد قمت ببرمجة موقع لرسائل وشعارات الجوال وصاحب الموقع طلب مني تطوير الموقع لتقديم خدمة إرسال النغمات فاتفقت معه أن أطور الموقع بشرط عدم وضع نغمات موسيقية والاكتفاء بنغمات رنين كالجرس وصوت العصفور وغيرها من النغمات التي لا يطرب لها (غير موسيقية يعني: بدون ألحان) ، هل هذا يكفي لإبراء ذمتي أم أمتنع عن هذا التطوير؟ أقصد إذا قبل الاتفاق وبعد فترة أضاف نغمات موسيقية هل سيلحقني إثم أم لا؟ المستخدم هو من يضع النغمات والصور، أما أنا فلا أضع شيئاً من ذلك. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فما فعلته كاف لبراءة ذمتك -إن شاء الله-، وإنما الإثم عليه؛ لأنه قد نقض الميثاق، وأعان على المنكر. ولكن كونه قد خالف الشرط فذلك لا يؤثر في براءة ذمتك باشتراطك مستقبلاً على من تنشئ في موقعه خدمة إرسال النغمات والرسائل للهاتف الجوال. فالسلامة من تبعة الإثم أن تشترط كل مرة هذا الشرط عند عمل هذه الخدمة، والله المستعان. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أخذ الراتب من غير عمل

أخذ الراتب من غير عمل المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 30/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: كنت على وظيفة في إحدى الإدارات الحكومية، وقال لي مديري: لا تأتي للعمل، وظللت على هذه الحالة لمدة سنتين، ويصرف لي الراتب كاملاً، ثم قدمت استقالتي لعدم ارتياحي لهذه الطريقة، ما حكم المبالغ التي تقاضيتها؟ علماً أني تصرفت بجزء من الرواتب. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، بالنسبة إلى هذا العمل من قبل المدير لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: أن يكون المدير قد فوض له ذلك بمعنى أنه فوض له إذا كثر العمال وقل العمل بحيث أنه لا يحتاج إليهم ونحو ذلك، أن يصرف بعض الموظفين، فإذا كان فوض له من قبل النظام فإن هذا جائز ولا بأس فيه، وتكون هذه الرواتب لا شيء فيها. وأما القسم الثاني: ألا يكون قد فوض له وإنما هذا اجتهاد من عنده، فهذا العمل لا يصح منه وهو آثم وما أخذته من راتب أو مكافأة فإنك ترده لنفس الدائرة، وإذا لم تتمكن فإنك تصرفه في طرق الخيرات تخلصاً منه.

العمل في مصنع للملابس النسائية

العمل في مصنع للملابس النسائية المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 23/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل مديراً لمصنع ملابس، يصنع ملابس نسائية وبناتية إذا خرجت بها من ترتديها صارت متبرجة فهل عليَّ إثم؟ علماً أني لست صاحب قرار في نوع المنتج، ولكم الشكر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: عليك البقاء في عملك، والملابس التي ينتجها المصنع قد تستعمل في الحلال وقد تستعمل في الحرام، والإثم في استعمالها المحرم على المستعمل ليس على المنتج. أما إذا أردت أن تترك العمل في هذا المصنع ورعاً منك فلتعلم أنه لا يجوز ذلك إذا كان يلحقك منه ضرر في نفسك أو أهلك ومن تعول، فلأن تبقى في هذا العمل وأنت كاره له خير من أن تصبح أنت وأهلك عالة تتكففون الناس. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وظيفته في الموسيقى العسكرية

وظيفته في الموسيقى العسكرية المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 2/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا سائل يسأل وقد وكلني بالسؤال عنه، يقول في سؤاله: أنا أعمل عسكرياً والوظيفة التي أعمل عليها في الموسيقى العسكرية على إحدى آلات الموسيقى وقد منَّ الله علي بالهداية وأنا الآن أريد التخلص من هذه الوظيفة بأي وسيلة وقد وقفت في وجهي عقبات، أولاً: طالبت بتغيير وظيفتي ولكن المسؤول المباشر رفض ذلك. ثانياً: فكرت في ترك العمل، ولكن خفت ألا أجد وظيفة أخرى وخاصة أن عندي ديون كثيرة وأعول أسرة. فأرجو التوضيح خاصة أنني في حيرة من أمري وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: أخي في الله، الموسيقى العسكرية وغيرها محرمة لا يجوز العزف عليها أو تعمد الاستماع إليها، والكسب المترتب عنها سحت محرم لما أخرجه البخاري في باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه من حديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" والحديث وإن جاء معلقاً إلا أنه ثابت عن نبينا -عليه السلام-موصولاً وعليه العمل. وأنت أخي في الله لا تظنن أبواب الرزق وقفاً على هذا العمل الذي تعمله وأشباهه بل ثق بأن مفاتيح الأرزاق بيده سبحانه، وتذكر قوله تعالى:"ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] واعلم -وفقك الله- أن كونك مديناً للناس وتعول أسرة لا يُرخص لك استمرارية العمل في الفرق الموسيقية، فاسع -بارك الله في عمرك- إلى طلب المعاش في أرض الله الواسعة وستنال بإذن الله توفيق الله وإعانته ولو بعد حين، وفقك الله وأعانك وثبتك على طريق الاستقامة والفلاح، والسلام عليكم.

حكم فتح المشغل النسائي

حكم فتح المشغل النسائي المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 5/11/1422 السؤال سؤالي يا فضيلة الشيخ أنني أود أن أفتح مشغلاً للنساء حيث يحتوي على مسرحة للشعر مزينة (كوافير) وخياطة نسائية وسوف أحضر مسلمات. سؤالي: هل يجوز أن أخوض في هذا المجال من العمل؟ وإذا لم أجد عاملات مسلمات. هل يجوز أن أحضر غير مسلمات؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أما خوض هذا المجال من العمل فالأظهر جوازه بشروطه، لا سيما من أهل الصلاح والغيرة على الأعراض وتعظيم الحرمات. ولعل هذه المشاغل النسائية أن تكون بديلاً يغني الغافلات العفيفات، ويصرفهن عن ارتياد المشاغل الأخرى التي تطاوع على انتهاك الحرمات وتعدي حدود الله، وتعين على ذلك، بل وتحض عليه وتغري به، حتى أصبح بعضها منبت سوء ينفذ من خلاله الفساد إلى نساء المؤمنين. على أن القول بجواز الاتجار في هذا المجال مشروط بشروط يجب أن تتوافر فيه - كما يفيده ما تقدم-. الشرط الأول: أن يُراعى في تلك المشاغل حفظ العورات والمنع من كشفها، فضلاً عن مطاوعة النساء على ذلك. الشرط الثاني: ألا يكون من أعمالها ما يفضي إلى تغيير خلق الله تعالى، كالوشم، والنمص، وتفليج الأسنان؛ لحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال:" لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمّصات والمتفلجات للحُسن، المغيرات لخلق الله ". رواه البخاري (4886) ومسلم (2152) . الشرط الثالث: ألا يكون في أعمالها كذلك ما يفضي إلى تشبه نسائنا بالكافرات فيما هو من شعارهن وسيماهن أو التشبه بالرجال كالمبالغة في قص الشعر، ونحو ذلك. الشرط الرابع: ألا تطاوع النساء على تفصيل ثياب لا تستر العورة، أو تكشف ما تقتضي المروءة والحياء ستره، لا سيما وأن ذلك لا يخلو غالباً من التشبه بالكافرات.

ومع توفر هذه الشروط فينبغي كذلك إظهار شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه المشاغل باللين وقصد النصح. وأمّا استقدام العاملات فلا يجوز أن يُستخدم إلا المسلمة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلاّ مسلماً" أخرجه مسلم (1767) من حديث عمر -رضي الله عنه-. وفي البخاري (3053) ومسلم (1637) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه -صلى الله عليه وسلم- أوصى بثلاثة أشياء منها:" أخرجوا المشركين من جزيرة العرب.." الحديث. وقد يبدو للمرء أنه لا يجد من المسلمات من تعمل في ذلك المجال، ولو اجتهد لوجد، ولذا فلا ينبغي أن يستقدم الكافرة إلاّ إذا تحقق -بما بذل من وسعه- أنه لا يجد المسلمة. ثم إنه يجب أن يكون بقاء الكافرة مؤقتاًَ حتى يجد المسلمة، كما يجب أن يسكنهن حيث تُحفظ أعراضهن عن الفتنة والفاحشة، وأن يلزمهن الحجاب، وعدم مخالطة الرجال. والله أعلم.

الأعمال الخاصة للموظفين

الأعمال الخاصة للموظفين المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 29/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل موظفاً حكومياً في التعليم، والنظام يمنع ممارسة أعمال تجارية على الموظف الحكومي، وأنا لدي أعمال تجارية خاصة، ولدي مكتب لأخي أمارس فيه بعضاً من هذه الأعمال، وبعضها عن طريق الهاتف، ويتركز عملي بشكل أساسي في السمسرة، وأنا حريص على عدم الإخلال بالعمل الحكومي، ولذلك فأنا أمتنع تماماً عن التحدث أثناء العمل في أي شيء يخص أعمالي الخاصة، ومن أراد التحدث معي فإني أطلب منه مناقشة الأمر بعد الدوام، وأرفض استغلال وقت العمل؛ اللهم إلا ما يحصل أحياناً قليلة كأن يمر علي شخص ليسلم لي ورقة أو عقدا أو شيكاً وهذا لا يستغرق وقتاً يذكر، وأحرص على عدم إطالة الشخص عندي في العمل، آمل الإفادة، وجزاكم المولى خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فالجواب أن على المسلم إذا التزم بشرط أن يفي به، إذا كان هذا الشرط لا يخالف مقتضى الشرع، وهذا الشرط شرط صحيح، إذ ليس المقصود منه تحريم التجارة، وإنما المقصود منه في الغالب منعك من عمل آخر قد يضر بعملك، وقد يكون مقصود الدولة منه منعك من الجمع بين عملين، وهناك من أفراد الشعب من لم يجد عملاً لسد حاجته ومن يمونه، فكان من المصلحة العامة اشتراط مثل هذا الشرط لفسح المجال لمن لم يجد عملاً، وعلى كل فالغالب هو المقصود الأول، وهو أن العمل خارج الدوام قد يضر بالعمل بل كثيراً ما يحصل ذلك، فنجد من لديه عمل آخر يأتي إلى عمله مرهقاً متعباً، ولهذا نجد بعض الشركات تشترط على عمالها عدم العمل خارج الدوام، قالوا لأن ذلك يقلل من إنتاجه.

فإذا علم هذا فالوفاء بالشرط واجب لما رواه الترمذي والدارقطني والبيهقي وغيرهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. قال الترمذي حديث حسن صحيح. لكن لو علم أن الجهة المختصة تطلع أو تعلم أن بعض الموظفين يزاولون التجارة وتتسامح معهم أولا تعاقبهم عليه أو أن العرف يدل على ذلك فهذا قد يدل على أن العمل بهذا الشرط موسع فيكون الأمر في ذلك واسعاً، هذا ولعل السائل يسأل الجهة المختصة عن مدى الالتزام بهذا الشرط وما نوع التجارة التي يمنع منها الموظف؟ ليكون على بصيرة من أمره، هذا ما أراه حول هذه المسألة الهامة والتي بسطت فيها سعيا للفائدة العامة، والعلم عند الله تعالى.

العمل في شركات التأمين

العمل في شركات التأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 12/1/1424هـ السؤال ما حكم العمل في التعاونية للتأمين علما بأن طبيعة الوظيفة ترويج التأمين على الأرواح؟ هذا وإن الدولة كما تعلمون تتعامل مع هذه المؤسسة في أمور كثيرة كما تعلمون. الجواب الشركة الوطنية للتأمين التعاوني "التعاونية" مثل بقية شركات التأمين لا يجوز التعامل معها بعقد التأمين إلا لضرورة ملجئة، كحصول الإلزام بالتأمين عندها أو عند غيرها من شركات التأمين التجاري المحرم شرعاً، وذلك لوجود الربا والغرر والجهالة في عقد التأمين هذا. أما التوظف في شركة التأمين من هذا النوع ففيه تفصيل: فإن كان عمل الموظف في تحديد الأقساط أخذاً أو عطاء أو يقوم بالجباية أو الدعاية لها، أو يعمل محامياً للشركة أمام جهات الاختصاص فلا يجوز فعله؛ لأنه مباشرة للإثم وإعانة على الباطل والله يقول "وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] وأشد هؤلاء إثماً المحامي فإنه كالمشرع للباطل أو أشد ثم يليه المروج أو السمسار للشركة لأنه يشابه من يدعو إلى الباطل. أما إن كان الوظيفة ليس لها علاقة مباشرة بالتأمين المحرم كأن يكون مسؤولاً عن الموظفين حضوراً وانصرافا، أو عن صرف أجورهم - مرتباتهم -، أو يدير أو يباشر أملاكاً أخرى للشركة فالتوظف في مثل هذا جائز، والأفضل من هذا كله لهؤلاء وأولئك أن يبحثوا عن عمل لا شبهة فيه، فإن ذلك أتقى لأنفسهم وأصلح لهم وأهلهم وذويهم. والله أعلم.

استخدام آلات العمل

استخدام آلات العمل المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 14/1/1424هـ السؤال أنا موظف حكومي وأستعمل أدوات هذه الوظيفة مثل جهاز الحاسوب والطابعات وأوراق الطباعة وذلك لإنجاز أعمال متعددة في معظمها لا تخص العمل بشكل مباشر وذلك مثل: البحث وطباعة مواضيع تتعلق بتنمية مهاراتي الشخصية والتي تنعكس بحال من الأحوال في كثير منها على العمل ولكن بشكل غير مباشر وعلى المدى البعيد. *طباعة مواضيع مثل الأخبار أو أشعار أو أشياء أعجبتني وغير ذلك *طباعة مواضيع متعددة على دسك وأخذها على دسك كنت أقوم بهذه الأعمال منذ سنتين فإن كان هناك إثم فما هي الكفارة؟ كان رؤسائي في العمل قد ظلموني بخصم 20دولاراً ظلما من راتبي هل تجزئ عن هذه الأعمال؟ في أوقات الفراغ وعدم وجود عمل هل من مشكلة في العمل على الإنترنت وشغل الوقت بذلك؟ الجواب عليك أن تكف عن استخدام الأدوات المذكورة في الأعمال التي لا تخص العمل في وقت العمل، لأن هذا الاستخدام لم يؤذن لك فيه، وهو يؤدي إلى انشغالك عن عملك وتقصيرك فيه، وعليك أن تتوب إلى الله تعالى عما سبق وليس هناك كفارة، وإذا كان قد وقع منك تقصير في إنجاز العمل فعليك أن تتلافى ذلك بتعويضه، وأما العمل في هذه الأشياء في وقت الفراغ فإذا كان العمل لجهة خاصة فإنه يرجع إلى إذن صاحب العمل، وإن كان العمل في جهة حكومية فيرجع إلى ما ينص عليه نظام العمل، وما تذكره من ظلم مسئولي العمل لك بخصم 20 دولاراً فهذا أمر آخر يحق لك أن تطالبهم بما تراه حقاً لك، وتتبع في هذا الإجراءات المعروفة، لكن لا يحق لك أن تقضي لنفسك بجعل الأعمال الشخصية أثناء العمل عوضاً عن هذا الخصم من راتبك، فإن هذه قضية أخرى.

حكم العمل في البنوك الربوية

حكم العمل في البنوك الربوية المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 5/9/1422 السؤال إنني مهندس اتصالات وشبكات، عرض عليّ العمل في أحد البنوك التي يغلب على تعاملها المعاملات الربوية كمهندس في قسم الشبكات والحاسب، سمعت عن فتوى تجيز العمل في هذه البنوك حتى لا يسيطر غير المسلمين عليها داخل البلد الإسلامي، وأن العامل فيها يأخذ أجر الاحتباس في أوقات العمل. الجواب إن الذي يعمل في البنوك الربوية لا يخلو عمله من أحوال: الحال الأولى: أن يكون رباً صِرفاً سواء كان للعامل (الموظف) ، أو لغيره (البنك) كالقرض بفائدة مشروطة، سواء كان بالقرض المباشر من إدارة القروض، أو كان طريقه أدوات الائتمان كالكمبيالة من جهة حسمها، وبطاقة الائتمان، ونحو ذلك، فهذا الصنف العمل فيه عمل بالربا، وهو ممنوع لما سيأتي من أدلة. الحال الثاني: أن يكون عمله مما يدعو، ويؤدي إلى الربا، مثل ما تسميه البنوك بـ " أدوات الائتمان " وهي أعمال خدمية غاية البنوك منها أن تكون وسيلة لتسويق وترويج سلعتها الأساسية " الربا "، ومن أمثلتها: الاعتماد المستندي، فتح الاعتماد البسيط، خطاب الضمان، بطاقة الائتمان، ونحو ذلك، فهذا الصنف العمل فيه إعانة على الربا، فهو ممنوع لهذا الاعتبار، وأدلته ستأتي علاوة على أن جنس هذه الأعمال لا تخلو من مخالفات شرعية على الراجح، كالتكسب بالكفالة وأخذ أجر عليها، وكاصطناع خدمات عدة يلزم العميل بدفع مقابلها على هيئة رسوم، أو عمولة، أو خدمات، ونحوها، ودعوى ما يستحق الأجر بمقابله يضيق عند التحقيق، بحيث يظهر أن مقصودها أكل أموال الناس بالباطل بمجرد ما يدعيه من هذا القبيل، وهو مما يحتج به على منع العمل فيها.

الحال الثالث: أن يكون عمله مشروعاً - من حيث الظاهر -، ومثاله: ما تعلن البنوك الربوية القيام به من أعمال مشروعة - على الراجح - كالمرابحة للآمر بالشراء، وصناديق الاستثمار الاسلامية، ونحوها. وجنس هذه الأعمال علىفرض سلامتها من مخالفة شرعية - والغالب عدمه - فإن غاية البنوك منها أن تتقوى بها على دعم رسالتها الأساسية " الربا " من خلال: 01 منافسة البنوك الإسلامية كيلا تسحب العملاء عنها. 02 تقوية مركزها المالي. ويترتب على مزاولة البنوك الربوية لهذا الجنس من الأعمال مفاسد منها: 01 منافسة البنوك الإسلامية. 02 إذابة الفروق بين البنوك الربوية والبنوك الإسلامية، ومن مقاصد الشريعة: " تمييز الخبيث من الطيب ". 03 التلبيس على العامة، وهو فرع عن سابقه. 04 التلبيس على بعض المفتين، وطلاب العلم، وهو فرع عن سابقه رقم "2". 05 ويترتب على التلبيس على العامة أن يألفها الناس، فلا يأنفونها ولا يتورعون عن التعامل معها، وهذا فيه ما فيه. 06 ويترتب على التلبيس على الخاصة تغيَّر نظرتهم تجاهها، مما يؤثر على فتاويهم ومواقفهم بشأنها على نحوٍ يكون فيه ما فيه من التسامح. 07 ويترتب على كل ما سبق دعم البنوك الربوية. وإذا كان الربا هو أساس عمل هذه البنوك، ولا تزال تمارسه وتدعو إليه بجانب ما تقوم به من أعمال تدعي أنها إسلامية. وإذا كان من شأن هذه الأعمال دعم رسالة البنوك الربوية، وتثبيت قدمها، وإحداث القبول لها من العامة، وبعض الخاصة، وإذا كانت الشريعة المطهرة تعتبر بالمآلات، وتنيط بها أحكامها، وإذا كان من المقرر عند الفقهاء في قواعدهم " المعاملة بنقيض القصد " فالظاهر عندي منع العمل فيما هذا جنسه لدى البنوك الربوية تفويتاً للفرصة عليها، ومعاملة لها بنقيض قصدها، ودفعاً للضرر عن البنوك الإسلامية.

الحال الرابع: أن لا يكون عمله من قبيل المعاملات المالية المصرفية المذكورة في الأحوال الثلاثة السابقة، وذلك له أحوال مختلفة، ومن أظهرها موضوع السؤال، وهو العمل في الحاسب الآلي كأن يكون مبرمجاً، ومهندساً لنظم البنك التي تقوم عليها معاملاته، وتنضبط بها شؤونه، فهذه معونة على الربا أظهر من مجرد كتابة عقده المتوعد عليها. وبكل حال: فإن القيام بعمل الربا، أو المعونة عليه ممنوع شرعاً لما يلي: 01 لتحريم الربا: فإن المحرم لا يجوز للإنسان أن يفعله لنفسه أو لغيره، وإن كان يحرم عليهما معاً، والربا من ذلك. 02 لنهي الله - تعالى - عن التعاون على الإثم والعدوان كما في قوله - تعالى -: ".. ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.." 03 للعن آكل الربا، والمعين عليه، كما في الحديث الذي رواه مسلم (1597) " لعن الله آكل الربا، وَمُؤْكِلِهُ، وكاتبه، وشاهديه ... ". والملعون - عياذاً بالله - في هذا الحديث أربعة أطراف إثنان ركنان في ماهية الربا، لا يتصور وجود الربا دونهما، وهما: الآكل (المقرض) والموكل (المقترض) . واثنان خارجان عن ماهية العقد بمعنى: أن الربا يمكن أن يوجد دون توقف عليهما، وهما: الكاتب، والشهود، ومع ذلك طالهم اللعن لإسهامهما فيه وإعانتهما عليه، والذي يعمل في الحاسب الآلي ليس أقل شأناً من هذا، فإن في الحاسب الآلي ضبط أعمال البنك وتيسير شؤونه. والمقام يا أخي الكريم مقام فتيا لا يتسع لكثير بسط - ربما - ولمزيد من التفصيل يمكنك الرجوع إلى كتاب: (الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة) فثم بغيتك في الجزء الثاني ص 875. لكن: " عليّ لربع العامرية وقفة ". عليّ وقفة لمناقشة احتجاج من يفتون بجواز العمل في البنوك الربوية - كما ذكرت - بقولهم: " حتى لا يسيطر عليها غير المسلمين داخل البلد الإسلامي " أقول: هذا يناقش من وجوه: الأول: هل نحن نقر هذه الأعمال - أعني المسلمين - حتى ننافس فيها، فإن المنافسة لا تكون إلا في المشروع، أما الممنوع فلا. الثاني: إن هذا القول أشبه بقول القائل:" بجواز البغاء للمسلمات " كيلا يسيطر غيرهن على هذا العمل في البلد الإسلامي، وهو ظاهر السقوط.

رحلات المؤسسات السنوية

رحلات المؤسسات السنوية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 17/6/1423هـ السؤال نحن شركة قطاع خاص، وتطبق لائحة الجزاءات، وحصيلة الجزاءات هذه تستفيد منها الدولة بنسبة (33%) ، والباقي للعاملين بالشركة في صورة رحلة إلى أحد الفنادق بالبحر الأحمر به حمام سباحة وشاطئ خاص بالفندق، ما الضوابط الشرعية لهذا؟ وهل يجوز القيام بهذه الرحلة أم لا؟ مع العلم أن كل أسرة لها السكن الخاص بها، الرجاء الإفادة بالرد، وشكراً. الجواب لا أعلم عن مواد هذه اللائحة شيئاً، ولكن إذا كانت جميع موادها موافقة للشريعة، فما اقتطع من راتب بعض الموظفين في الشركة جاز للبعض الآخر الاستفادة منه بأي وجه مشروع؛ لوجود التراضي بين الشركة وموظفيها على هذا عند إبرام العقد، ويدخل هذا في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-:"المؤمنون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً" الترمذي (1352) واللفظ له، وأبو داود (3594) . أما المشاركة في هذه الرحلة المذكورة في السؤال، فإن كانت غير ملزمة بفندق معين من الفنادق المشهورة بالفساد، وكان شاطئ هذا الفندق لا يقع فيه اختلاط بين الرجال والنساء أثناء السباحة أو تكشف فيه العورات المحرمة، ولا يرتكب أثناء الرحلة منكرات شرعية داخل السكن الخاص أو خارجه، فالمشاركة في هذه الرحلة جائز ولا إثم فيه -إن شاء الله-، وإن كانت الحال على خلاف هذا فالمشاركة محرمة حينئذٍ، وأذكرك بمثل هذه المناسبة بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:" ... والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" مسلم (2553) ، وفقنا الله وإياك إلى كل خير.

تخصص الرجال (في طب النساء)

تخصص الرجال (في طب النساء) المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 24/3/1423 السؤال أنا طالب أدرس في السنة الأخيرة في كلية الطب، أرغب في التخصص في قسم النساء والولادة، فهل في ذلك حرج؟ الجواب إن الله -عز وجل- أمر المؤمنين والمؤمنات بغض أبصارهم وحفظ فروجهم، فقال -عز وجل-: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ... " [النور:30-31] . وأجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- التداوي بقوله: "تداووا عباد الله فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله" الترمذي (2038) ابن ماجة (3436) أبو داود (3855) . وقد قال أهل العلم: إن تعلم الطب بشكل عام يعد من فروض الكفايات، ويتعين في حق من لا تقوم الكفاية إلا به، ولا شك أن التخصص في طب النساء والولادة مما يحتاج إليه المسلمون ولما كان من مستلزمات هذا النوع من التخصص غالباً الاطلاع على عورات النساء كان الأولى أن يتعلمه النساء المسلمات، إذ إن نظر المرأة إلى المرأة أهون من نظر الرجل إلى المرأة. ومع ذلك فيجوز للرجل تعلم هذا النوع من الطب، إذ إنه مما يحتاج إليه، وليس في النساء من تندفع بها الحاجة، لكن يجب على من تخصص في هذا النوع خاصة أن يتقي الله -عز وجل-، وأن يخلص النية لله، ويشترط لممارسته هذا العمل أن يكون ثقة مأموناً، ويجب عليه وجوباً عينياً أن يتعلم الأحكام الشرعية التي تتعلق بمداواة الرجل للمرأة، إذ إن هذا النوع من العلوم يعد من أخطر أنواعها، فهو مؤتمن على أعراض الناس، ولذا يشترط فيه من الشروط التي يتم بها غرضه أكثر مما يشترط في غيره، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الحوافز التشجيعية مع الراتب

الحوافز التشجيعية مع الراتب المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 27/3/1423 السؤال أنا أعمل طبيباً في مستوصف خاص، وأتقاضى مرتباً (5000) ، وصاحب العمل يحب النشاط في العمل ويكافئ عليه، فهو يعطي الأطباء نسبة من الدخل إذا بلغ الدخل الصافي للعيادة أكثر من (10000) يعطيهم (10%) ، وفوق (20000) يعطي (15%) ، وهكذا بنسبة تصاعدية حتى يتم تشجيع الأطباء على العمل. هل هناك أي خلل في هذا العقد؟ حيث قال لي أحد الأصدقاء: إن هذا العقد محرم. نرجو إن كان محرماً بيان سبب الحرمة، وهل هناك تفصيل في المذاهب الأربعة؟ الجواب الحمد لله، لا يظهر لي مانع من ذلك؛ لأن الراتب الأصلي (الأساسي) محدد معلوم، وما زاد عنه محدد معلوم أيضاً، وما يمكن أن يقال بمنعه لأجله، فهو احتمال الغرر، إذ إن النسبة الزائدة على الراتب الأصلي تحتمل الحدوث، والعدم، لكن ذلك فيما يظهر لي غير مانع، فإن رضى العامل بالأجر الأصلي المحدد بصرف النظر عن حصول الزيادة من عدمها ينتفي به أثر الجهالة في القدر الزائد، وما دام هذا الحافز فيه مصلحة للطرفين، وليس فيه مضرة عليهما ولا بخس لحق أحد منهما، فلا مانع فيه -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم.

ضوابط العمل مع الكفار

ضوابط العمل مع الكفار المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 13/4/1423 السؤال ما هي الضوابط الشرعية التي يجب على المسلم الالتزام بها عند العمل في شركة مع الكفار وفي بلد كافر؟ الجواب أولاً: لا يجوز الإقامة في بلد الكفار إلا لضرورة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين" رواه أبو داود (2645) ، والترمذي (1604) ، والنسائي (4780) من حديث جرير بن عبد الله بإسناد صحيح، ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا يقبل الله من مشرك عملاً بعدما أسلم أو يزايل المشركين" رواه النسائي (2568) ، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "إسناده جيد". ومعنى يزايل: أي: يزول عنهم ويفارقهم، ويُستثنى من ذلك أن يكون ذا علم وبصيرة فيدعو إلى الله -تعالى-، وأما إذا اضطر إلى الإقامة بينهم والعمل معهم، فإنه: 1- يُحسن معاملتهم من غير مودَّة، ويكون داعياً إلى الله -تعالى- بسلوكه. 2- يعطيهم حقوقهم التي لهم من أداء عمل ونحو ذلك من غير نقص ويكف أذاه عنهم. 3- وإن تألفهم بهدية ونحوها لغرض الدعوة فلا حرج. 4- ولا يدخل معهم في جدال ونقاش إذا كان من غير أهل البصيرة والعلم، بل إن رأى أن يدعوهم عن طريق الكتاب والشريط ونحوهما فهو على خير عظيم. 5-يحذر كل الحذر من ارتياد دور اللهو وأماكن الفتن كالأماكن التي تكتظ بالنساء الكاشفات، وما فيه فتنة وخطر على دينه. 6- يحافظ على عزة المسلم وعدم التبعية والإمعية والتقليد، بل يعتز بشخصيته الإسلامية ويحافظ عليها، ومما يعينه على ذلك القراءة في تاريخ المسلمين في سير السلف، وينبغي له أن يتحصن بالكتاب والسنة وبقراءة الكتب التي تخدمهما، وكذلك يكثر من الدعاء والتضرع إلى الله أن يحفظه ويحفظ عليه دينه، وأن يحميه من الفتن، وألا يزيغ قلبه، وإن كان معه أهله فالواجب عليه أعظم، ثم إذا زالت الضرورة فليبادر بالرجوع إلى بلاد المسلمين، والله -تعالى- أعلم.

التستر التجاري

التستر التجاري المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 15/4/1423 السؤال ما حكم قيام شركة ما بأخذ أجور سنوية من الوافدين للعمل في البلد؛ لقاء منحهم اسم هذه الشركة كغطاء قانوني للعمل؟ علماً أن هذه الشركة لا تقدم لهؤلاء العاملين أية خدمات. الجواب نصت أنظمة الدولة في المملكة العربية السعودية على أنه لا يجوز التستر على عمالة أجنبية ومنحهم اسم المؤسسة أو الشركة أو المحل التجاري، وأخذ أجور شهرية أو سنوية عليهم لقاء هذا العمل. ومن هذا المنطلق فإنه لا يجوز قيام أمثال هذه الشركات؛ لمخالفتها لتعاليم ولي الأمر الذي دلت النصوص من القرآن والسنة الصريحة الصحيحة على وجوب طاعته فيما لا معصية فيه، قال -تعالى-:"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" [النساء:59] . ولا شك أن هذا الأمر الذي أمر به ولي الأمر ليس فيه معصية، وإنما فيه مصلحة للمجتمع، واستقرار لاقتصاد الدولة الداخلي والخارجي، والله الموفق.

ممارسة الموظف للأعمال الحرة

ممارسة الموظف للأعمال الحرة المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 3/5/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا موظف حكومي، وأنتم تعلمون أن أعباء الحياة ثقيلة، وأنا متزوج والراتب قليل، فتحت مؤسسة مقاولات باسم الوالد -أطال الله في عمره- وهنا أسأل هل القانون يمنع الموظف الحكومي من الأعمال الحرة، فهل ما قمت به صحيح؟ وسؤال آخر: أغلب العمالة لا ترضى بالرواتب الشهرية، وتطلب نسبة معينة من الربح مثلاً أي عمل يقوم به العامل سواء أنا أتيت بالعمل، أو هو الذي أتى به مع العلم أنه هو من قام به فيأخذ مثلاً نسبة (80%) وآخذ أنا صاحب المؤسسة نسبة (20%) ، وأعطيه راتباً شهرياً ولو بسيطاً؛ لأن قوانين العمل والعمال تفرض الرواتب الشهرية، وأن يبصم العامل على أنه تسلّم الراتب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب على السؤال الذي تفضل به السائل حسب التالي: 1- يقول الله -تعالى-:"قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" [الأعراف:32] ، فالأصل في طلب الرزق الإباحة، ولكن يجب مراعاة عدم تأثير عملك التجاري على عملك الوظيفي وفي حالة تأثره أي عدم قيامك بواجبك الوظيفي بسبب عملك التجاري في فترات خارج الدوام فإن العمل التجاري لا يجوز. 2- أما اتفاقك مع العمالة على نسبة معينة عند قيامه بالعمل أو الدلالة عليه فإن هذا جائز؛ لأنه من باب حثه على العمل وتشجيعه عليه، ولكن يجب أن تكون هذه الزيادة إضافية إلى الراتب الذي يستلمه العامل كما نص على ذلك نظام العمل والعمال، كما يجب ألا يكون هذا المبلغ مقطوعاً، أي محدداً سلفاً كل مدة زمنية؛ لأن هذا من التستر الذي تمنعه الأنظمة التجارية الصادرة من ولي الأمر، والتي تحقق مصلحة عامة للعباد والبلاد، والله الموفق.

العمل في هيئة محلفين في محكمة قانونية

العمل في هيئة محلفين في محكمة قانونية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 17/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. تم اختياري كعضو في هيئة محلفين في إحدى المحاكم، فما نصيحتكم لي؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن كان دخولك في هيئة المحلفين تستطيع معه أن تنصف المظلومين من المسلمين وغيرهم، فتعيد لهم حقوقهم، وتنتصر لهم من ظالميهم، ولا تحكم على أحد بجور، وتستطيع تحريج أفعالك هذه من خلال مواد القانون فدخولك حينئذ جائز - إن شاء الله-، وتؤجر على فعلك الخير، أما إذا كنت لا تستطيع تحقيق العدل والإنصاف في الحكم فلا يجوز لك الدخول في هيئة المحلفين، أو غيرها، وخير لك أن تبحث لك عن عمل آخر؛ لأنك إن بقيت حينئذ والحالة هذه فأنت تحكم بالطاغوت الذي أمرك الله أن تكفر به، قال - تعالى-: "فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها" [البقرة:256] ، وقال - تعالى-: "ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً" [النساء:60] ، والقاضي الناجح أو الموظف الناجح ينظر إلى روح القانون أكثر من نظرته إلى نصه وحروفه، فالعدل يكمن في ضمير القاضي لا في نص القانون، وبما أن هيئة المحلفين محكمة قضائية عُليا، فنظر القاضي فيها روح القانون وقدرته على إبطال الأحكام الجائزة، وإنصاف المظلومين أظهر وأبين مما دونها من المحاكم. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

الخروج من العمل

الخروج من العمل المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 12/11/1422 السؤال هل يحق لي أن استأذن من العمل إذا غلب على ظني أنه لا يوجد عمل وذلك لقضاء بعض المصالح الشخصية التي لا يمكن قضاؤها مساءً؟ الجواب إذا أذن لك رئيسك في العمل وكان لا يترتب على خروجك تعطيل لمصالح عملك أو إضرار به فلا حرج -إن شاء الله- لكن هذا يقدر بقدره.

توصيل الركاب إلى محل الخمور

توصيل الركاب إلى محل الخمور المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 21/11/1422 السؤال شخص يعمل سائق سيارة أجرة، وقد يصادف شخصاً يطلب منه أن يوصله إلى محل لبيع الخمور ثم إيصاله إلى بيته أو أي مكان آخر، وسائق الأجرة ليس من حقه أن يرفض إيصال الشخص إلى محل الخمور، لكن من حقه فقط أن يرفض حمل الخمر بنفسه ووضعها في السيارة، فما حكم هذا العمل؟ الجواب إذا كان المحل الذي يطلب الراكب الوصول إليه يبيع أشياء عديدة من بينها الخمر فلا بأس بنقله إليه، وإذا طلب إيصاله إلى محل مخصص لبيع الخمر، فاعتذر بانشغالك، أو بعذر آخر مقبول ليس في كذب، كأن تذكر حاجتك إلى الذهاب إلى بيتك أو إصلاح السيارة ونحو ذلك، ولا تنقله لمحل الخمر.

حكم العمل في بناء البنوك

حكم العمل في بناء البنوك المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 15/1/1425هـ السؤال بالنسبة لأعمال البناء والمقاولات قد يعرض أو بالأصح نأمر بالإشراف على بعض المواقع مثل الفنادق والبنوك الخ.... فهل يجوز العمل في هذه الأمور أم لا؟ الجواب يظهر لي والله أعلم أن العمل في ما ذكرته من الإشراف على ما ذكرته ليس فيه عمل عند البنك ولا تعاملٌ معه بل مجرد إشراف مطلوب من جهة أخرى ومختص بالإشراف على البناء ونحوه. لكن قد يقال إن هذا العمل قد يكون فيه إعانة على إقامة البنك الربوي لكن هذا من بعيد ولا شك إن ترك ذلك أولى لقوله تعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى مالا يريبك" أخرجه الترمذي (2518) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنه-، والله أعلم.

المناضلة والمسابقة

مسابقات الإنترنت المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 1/6/1422 السؤال ما حكم المشاركة في المسابقات التي تقام عبر الإنترنت، والتي يتحصل الفائز فيها على هدايا وأموال قد تصل إلى آلاف الدولارات مع العلم أن المتسابق فيها لا يكون إلا غانماً أو سالماً ولا يكون فيها غارماً؟ الجواب لا بأس بالمشاركة في المسابقات التي تقام عبر الإنترنت أو غيره إذا كان المتسابق لا يغرم شيئاً، بحيث لا يكون إلا سالماً أو غانماً؛ لأنه لا يوجد في ذلك ميسر أو قمار، فالميسر والقمار ما يكون فيه الشخص متردداً بين أن يغرم أو يغنم. ولكن يشترط أن تكون هذه المسابقات غير مشوبة بأشياء محرمة كأن تكون الأسئلة في أشياء إباحية أو غنائية ونحو ذلك مما يحرم لذاته، فتحرم لهذا السبب، لا لكونها قماراً. والله أعلم.

اشتراط الاتصال للدخول في المسابقة

اشتراط الاتصال للدخول في المسابقة المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 13/5/1424هـ السؤال ما حكم المشاركة في مسابقة أحد المواقع التي تشترط الاتصال الهاتفي؟ ، علماً أن ريع الأرباح يعود لفائدة القدس، فما حكم المشاركة في مسابقة كهذه؟ وجزاكم الله عنا وعن كل المسلمين خيراً. الجواب الحمد لله وكفى، يا أخي وفقك الله، إذا كان الاتصال الهاتفي مشروطاً للدخول في مسابقة من أجل الحصول على جائزة، وكان الاتصال الهاتفي المشروط تستفيد منه جهة الجائزة فإن ذلك لا يجوز، وهو من قبيل القمار، ولو كان ريع الأرباح يعود للقدس، فإن الغاية المشروعة لا يوصل إليها بوسيلة ممنوعة، فهل يجوز أن يسرق الإنسان من أجل أن يتبرع للقدس؟ فكذا لا يجوز أن يقامر. والله أعلم.

اليانصيب الرياضي

اليانصيب الرياضي المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 5/4/1424هـ السؤال أود أن أعرف رأيكم في موضوع جد مهم، ألا وهو ما اصطلح على تسميته "مسابقة التنمية الرياضية" أو "اليانصيب الرياضي، أو ما عرف في الغرب بـ"lotto" هل هو قمار؟ وهل هو حلال أم حرام؟ علماً أن فيه فائدة خاصة، هي أنه مرخص له من قبل الدولة (وهي إسلامية) ، وله قانون ينظمه ويحمي المشاركين، وزيادة على أن جزءاً منه يساهم في رفع مستوى عيش الفقراء، وجزءاً آخر يذهب إلى التنمية، هذا كما هو معلن، والله أعلم. هذا إضافة إلى أننا في حاجة شديدة إلى المال، خاصة لسداد ديون علينا، فنحن عائلة من أربعة أبناء يتامى، في مراحل التعليم المختلفة، وأغلب أرضنا مرهونة، والمعاش لا يكفي؛ لهذا أتصل بكم أرجو إجابة شافية. الجواب مسابقة التنمية الرياضية أو "اليانصيب الرياضي" من العقود القائمة على الحظ المجرد، فهي تحتمل الغرم أو الغنم، وإذا كان العقد دائراً بينهما فإنه من القمار، والذي هو راجع إلى الميسر المحرم، قال -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة:90] . أما ما ذكرته من أن فيه منفعة للفقراء، وأنكم محتاجون إليه، وأن هناك قوانين تنظمه؛ فإن هذا لا يعتبر مبيحاً لما حرم الله، والله -سبحانه وتعالى- قد بين أن الميسر قد يتضمن فوائد، ولكن إثمه أكبر من نفعه، قال تعالى: "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما" [البقرة: 219] ، فبين -جل وعلا- بأن الميسر له منافع، ووصف الإثم بأنه كبير، وأنه لا مقارنة بين منافعه وإثمه، ثم أكد ذلك بقوله "وإثمهما أكبر من نفعهما".

وشبيهاً بما ذكرت أن السائد ما كان عليه العمل في الجاهلية، حيث كان بعض الميسر يعتبر من الأعمال الخيرية التي ينتفع منها الفقراء، فقد ذكر المفسرون للآيات السابقة أن المشركين كانوا يتفقون على شراء جمل ديناً، ثم يذبحونه ويقسمونه بواسطة جزار مختص، ثم يقسمون اللحم إلى عشرة أقسام متساوية وبعد ذلك يعقدون مجلساً للقمار فيما بين المتبرعين لدفع قيمته، ويحضر هذا المجلس سائر الفقراء في القرية، وبعد اللعب المعتمد على الحظ المحض تثبت قيمة الجمل على بعضهم ويربحه الباقون، فيقومون بتوزيعه بين الحاضرين من الفقراء. فالله -سبحانه وتعالى- حرم الميسر؛ لأن ضرره أكثر من نفعه، بل لا يقارن به، ولذا ننصحك باجتناب هذه الألعاب المعتمدة على الحظ الصرف، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والله أعلم.

حكم المسابقات الهاتفية

حكم المسابقات الهاتفية المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 4/9/1423هـ السؤال لقد قمت بالاتصال على برنامج للمسابقات يطرح فيه عدة أسئلة ثقافية تخول من أجاب عليها الفوز بجائزة تبدأ من (200,000) مائتي ألف دولار، حتى مبلغ (1000,000) مليون دولار أمريكي، علماً أن الدقيقة الواحدة تكلف المتصل ستة ريالات وتبدأ مدة الاتصال من خمس عشرة دقيقة فما فوق فهل هذه المسابقات تعد غير شرعية؟ وفي حالة الفوز بأي من هذه المبالغ، ماذا أعمل به؟ وهل أمتنع عن استلامه في حالة أن هذه المسابقة غير شرعية؟ أنا بانتظار ردكم سريعاً -وفقكم الله-، ولكي تفيدوا غيري ممن يجهلون هذا الأمر، جزاكم الله ألف خير. الجواب إذا كان الواقع كما ذكره السائل فإن الاشتراك في هذه المسابقات محرم لا يجوز؛ لأن فيه قماراً، فالشخص المتصل دفع مبلغاً زائداً عن تكلفة الاتصال المعتاد لعله أن يحصل على الجائزة التي قد تحصل له وقد لا تحصل، وهذه حقيقة الميسر المحرم، والواجب أن تمتنع شركة الاتصالات عن هذا العمل، وإذا فاز الشخص في هذه المسابقة فلا يجوز له أخذ المبلغ؛ لأنه كسب محرم لكن لو أمكنه أن يأخذ منه مبلغاً يعادل التكلفة الإضافية الزائدة للاتصال التي دفعها فله ذلك؛ لأنه أخذ منه بدون وجه حق وهو يسترده، ولكن من الناحية العملية لا توجد آلية لذلك، ولكن لو أمكن فله أخذه -كما سبق-، والله أعلم.

حكم المسابقات التلفازية

حكم المسابقات التلفازية المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 6/12/1422 السؤال ما حكم الشرع في المسابقات التي تقام حالياً، وترصد لها جوائز ذات مبالغ كبيرة كالمسابقات التي تقيمها قناة أم بي سي المسماة جائزة المليون. أرجو التكرم بالإجابة، مع إدلالي على أهم المراجع العلمية التي يمكن الرجوع إليها. الجواب المسابقات التي تقام ليس لها حكم واحد، بل تختلف باختلاف أحوالها، فمنها المباح، ومنها المحرم، وأما المسابقة التي تقيمها قناة أم بي سي المسماة جائزة المليون، والتي يقدمها/ قرداحي، فهي جائزة في مرحلتها الأولى، بمعنى: أنه يطرح على المتسابق سؤال فإن أجاب عليه رصد له مبلغ معين واستحثه، فهذا لا بأس به بشرط أن تكون موضوعات الأسئلة مباحة، ولا تستلزم المسابقة اختلاطاً محرماً وإلا حرمت ... ، ثم بعد ذلك يدخل المتسابق في سؤال آخر فإن أجاب عليه وإلا خسر استحقاقه أو بعضه، فهذا محرم؛ لأن فيه ميسراً إذ حقيقته أنه يدخل بمبلغ فإن أجاب أخذ مبلغاً زائداً وإلا خسر المبلغ الذي رصد له أو بعضه، وهذه هي حقيقة الميسر المحرم. وأما المراجع العلمية حول موضوع القمار فمباحث الميسر في كتب الفقه عامة، وهناك كتب متخصصة، مثل: كتاب (الفروسية) لابن القيم: (الميسر والقمار) ، (المسابقات والجوائز) للدكتور رفيق المصري، وكتاب: (بغية المشتاق في حكم اللهو واللعب والسباق) ، ورسالة دكتوراه في كلية الشريعة بالرياض عن الميسر والقمار للدكتور سليمان الملحم، وغيرها.

مسابقات الشركات التجارية

مسابقات الشركات التجارية المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 8/3/1423 السؤال أنا أعيش في بلد غربية، تسلمت عن طريق البريد ورقة من شركة ما، فيها بعض الأسئلة، عن هل تستخدمين ذلك المنتج أم هذا؟ وكم مرة في الشهر؟ وما هي عيوبه؟ وغير ذلك مما يفيد تلك الشركة من ناحية زيادة المبيعات ونحوها، ووعدت الشركة المشتركين بأن تبعث لهم هدايا رمزية وكوبونات بخصومات على مختلف المنتجات لديها. وفي آخر الورقة سؤال (إن كنت ترغب في الاشتراك في السحب على مبلغ من المال فضع علامة صح على هذا السؤال) . والحمد لله لما حاك الأمر في صدري وخشيت أن يكون في ذلك حرمة، لم أضع علامة واكتفيت بالهدايا والكوبونات. ومع ذلك بعد زمن أرسلت الشركة لي الهدايا والكوبونات، وأرسلت تذكرني أنني لم أشترك في السحب وتحذرني أني إذا لم أرسل إليهم سيسقط اسمي ولن أستحق المشاركة في السحب المالي. ولكني لم أرد عليهم وتناسيت هذا الأمر. وبعد مدة من الزمن أرسلوا إلي أنهم قد أدرجوا اسمي في المسابقة وأنني قد فزت في المرحلة الأولى، وأنني إن بعثت إليهم بالموافقة سيدرجون اسمي في المرحلة الثانية، وقد أعطوني 6 أرقام مختلفة حتى يزيد احتمال فوزي، رغم أنهم لم يعطوا الآخرين سوى رقمين. قلت في نفسي: إنني جاوبت على أسئلتهم بمنتهى الأمانة، فربما فهموا ذلك فكافؤوني. أنا الآن في انتظار رد فضيلتكم على حلية ذلك الفعل أولا؟ وهل ذلك المال حلال أم لا؟ وإن كان حراماً فهل يجوز أخذه وصرفه في أعمال الخير بدلاً من تركه لمن يصرفه في غير ذلك؟ وهل يجوز الحج منه؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب هذا السؤال لا يخلو من أحوال:

الحالة الأولى: إن كان من شرط الدخول في المسابقة أو السحب على الكوبونات هو الشراء من ذات المحل، أو من سلعة معينة، فهذه العملية محرّمة ولا تجوز؛ لأنها داخلة في الميسر الذي حرّمه الله -تعالى- بنص كتابه، قال -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" [المائدة:90] . قال أهل العلم: الميسر ميسران: 1-ميسر اللهو، فمنه النرد والشطرنج والملاهي كلها. 2-ميسر القمار وهو ما يتخاطر الناس عليه، وضابطه: وهو أن يكون الداخل في المسابقة إما غانماً وإما غارماً، يعني إما أن يضيع المال الذي قدمه ولا يفوز بالمسابقة، وإما أن يفوز بالمسابقة، فهذه المسابقة محرّمة ولا تجوز، لأجل أنها من القمار وأكل لأموال الناس بالباطل. والداخل إن كان دخل واشترى رغبة في الفوز في الجائزة ليس إلا ولا حاجة له في الشراء لولا الجائزة، فما أخذه فهو محرّم، وإن كان لم يقصد الجائزة أصلاً، أو قصدها وقصد حاجته للسلعة أيضاً، فهذا لم يكن مقامراً لأنه لم يدخل في التردد بين الغنم والغرم، إلا أن ما أخذه أكل لأموال الناس بالباطل إذا كانت المسابقة بهذا الشرط، وإن كان الداخل في المسابقة قاصداً الجائزة ابتداءً، وما اشترى إلا لأجلها فهذا مقامر، ومرتكب ما نهى الله عنه، ومن الأدلة على تحريم ذلك أمور: -أن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، والله يقول: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [البقرة:188] . -أن فيها من زرع الضغائن والأحقاد في قلوب الخاسرين ما لا يخفى، وقد قال -تعالى-: "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون.." [المائدة:90] .

-أن الذي قد فاز بالجائزة بمثل هذه المسابقات، إن كان إنما دفع واشترى هذه السلعة ليحصل على الجائزة فقط، وربما اشترى أكثر من ذلك فهو داخل في حكم القمار؛ لأنه متردد أمره بين الربح وبين الخسارة فهو محرّم، أما الذي لم يقصد الجائزة أصلاً أو قصدها وقصد السلعة معها، فهذا وإن لم يكن مقامراً إلا أن الجائزة التي أخذها إنما هي من أموال المشتركين، فتكون هذه السلعة من أموال القمار؛ لأن غالب من يفعل هذا من أصحاب الجوائز والمسابقات من أصحاب المحلات التجارية إن لم يكن كلهم إنما يقتطع ثمن الجوائز والهدايا من الأموال التي تحصّلها من المتسابقين، فتكون الجائزة التي تحصّلها الفائز الذي لم يقصد الهدية، من الأموال المحرّمة في الغالب، فالواجب على من أخذ الهدية في مثل هذه المسابقات التصدق بها، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في الشاة التي ذبحت له بغير إذن مالكها فقال فيها: "أطعميه الأسارى" أخرجه البيهقي (ج5صـ335ـ) بسند جيد. الحالة الثانية: إذا قال أصحاب المسابقات إذا اشتريت بما قيمته كذا من المال (300) ريال مثلاً، فإن لك الحق في الدخول في السحب أو الاشتراك، فهذا القسم كسابقه من الحالة الأولى، ويدخل في ذلك مسابقة أصحاب الصحف اليومية. الحالة الثالثة: إذا قالوا هدية لكل مشترٍ أو لو قالوا: لو اشتريت بكذا تحصل على طقم من الأواني أو غير ذلك، فهذا القسم وإن كان بعض أهل العلم يمنعه ويحرّمه، إلا أن الأظهر أنه لا بأس به في حق المشتري؛ لعدم وجود القمار والغرر، والهدية متحققة ليس مبناها على الحظ والتردد بين الغنم والغرم، أما في حق البائع فلا بأس به أيضاً؛ لأنه متبرع ولأنه في حكم الدعايات الإعلانية لمحله وبضاعته، بشرط ألاّ يزيد قيمة السلع لأجل الهدية، لأنه يكون غابناً غيره، والغبن من الغش، والله أعلم. الحالة الرابعة: إذا كان لكل مشترك حق السحب ووضع الكوبونات بلا اشتراط شراء سلعة أو بذل مال أو غير ذلك كما هو ظاهر سؤال السائلة فهذا لا بأس به أيضاً؛ لأنه تبرع وليس فيها أكل لأموال الناس بالباطل، وما أخذه الفائز من ذلك لا بأس به، والله أعلم. ومع كل هذا فإن الأولى ترك هذه المسابقات من قبل أصحاب المحلات، فإنها أبرأ وأهنأ وأمرأ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مسابقات الصحف

مسابقات الصحف المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 23/2/1423 السؤال ما حكم المشاركة في بعض المسابقات التي تنشر في الصحف؟ وهل يعد ذلك من القمار إذا كنت أشتري الصحيفة لكي أشارك في المسابقة وأقرأ الصحيفة، أما إذا لم تكن هناك مسابقة فلا أشتري الصحيفة؟ وما حكم المشاركة في المسابقات إذا كنت أشتري الصحيفة لأقرأها حتى لو لم تكن هناك مسابقة؟ الجواب لا بأس بالمشاركة في المسابقات التي تنشر في بعض الصحف - إلا أن يكون موضوعها ممنوعاً لذاته كالأسئلة الفنية الغنائية ونحوها، لا سيما إذا كان الشخص يشتري الصحيفة ليقرأها حتى ولو لم تكن هناك مسابقة، وأما إذا كان يشتري الصحيفة لكي يشارك في المسابقة فقط ولو لم تكن فيها لما اشتراها وقد يقرأ الصحيفة وقد لا يقرؤها، فقد ذهب بعض العلماء إلى المنع من ذلك، ولكن الذي يظهر جواز ذلك؛ لأنه لا يوجد في هذه الحالة قمار؛ لأنه قد اشترى سلعة لها قيمة معتبرة - وهي الصحيفة - بنفس قيمتها المعتادة، ولم يدفع مبلغاً زائداً نظير الاشتراك في المسابقة حتى يقال: إن هناك قماراً، إذ حقيقة القمار المحرم تعني: أن يدفع مالاً لا يقابله عوض يأخذه، وقد يحصل له مبلغ وقد لا يحصل له، والله أعلم.

الجوائز في كرة القدم

الجوائز في كرة القدم المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 3/3/1423 السؤال إذا قال شخص لآخر: إن فزت علي في كرة القدم فلك ذبيحة، وإن فزت أنا فلا شيء عليك، ما الحكم في ذلك؟ الجواب أرى أنه لا ينبغي لك ذلك؛ لأنه لا يبذل العوض إلا فيما كان من الرياضات معيناً على الجهاد كالرمي، وركوب الخيل، وما يشبهه؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا سبق إلا في خف (كناية عن الإبل) ، أو حافر (الخيل) ، أو نصل (رأس السهم) " أخرجه الخمسة، النسائي (3585) وأبو داود (2574) وابن ماجة (2878) وأحمد (7482) والترمذي (1700) وحسنه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- والسبق -بفتح الباء- معناه: الخطر، وهو العوض المجعول في السباق، فيختص بذله بالمذكور في الحديث، ويقاس عليه ما كان في معناه، وهو ما أعان من التسابق على الجهاد لنشر الدين عوناً مباشراً، كالتسابق في الرمي بالبنادق الآلية، والمسابقات العلمية الشرعية، حفظاً للمتون، أو فهماً للمسائل الفقهية وغير الفقهية.

حكم مسابقة موقع (الإسلام اليوم)

حكم مسابقة موقع (الإسلام اليوم) المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 6/7/1424هـ السؤال سبق وأن عرض هذا الموقع المبارك المسابقة الكبرى التي اشتركت فيها، وأخبرت إحدى الأخوات عنها، فبادرتني بالسؤال ما حكم المشاركة في هذه المسابقة؟ حيث كانت حجتها أن المتسابق يخسر قيمة الاتصال، وفي المقابل قد لا يفوز في المسابقة، وقالت لي أيضا: إن المسابقات التي تعرض في الجرائد لا يجوز المشاركة فيها لنفس السبب، وذلك لأن المتسابق يخسر قيمة الجريدة وقد لا يفوز، قلت لها: إن المسابقة عرضت في موقع الشيخ سلمان العودة، ولا أعتقد أن أمراً كهذا يغيب عنهم، أرجو منكم التوضيح حتى أتمكن من الرد على هذه الأخت. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالمسابقات التي تكون جوائزها من أموال المتسابقين أنفسهم هي من القمار بلا شك؛ إذ يدخلها المتسابق ومآله فيها دائرٌ بين احتمالين لا ثالث لهما: إما أن يغرم (يخسر) ما دفعه من الاشتراك في المسابقة حين يفوز غيره، وإما أن يغنم (يربح) أكثر مما دفعه حين يفوز هو. وهناك احتمال ثالث لا تحتمله هذه المقامرات التي يسمونها مسابقات: وهو أن يخرج من هذه المسابقة لا غارماً ولا غانماً، لا خاسراً ولا رابحاً. فكل مسابقة يُشترط فيها أن يدفع المتسابق رسوماً للدخول في مضمارها فهي قمار صريح.

ومن هنا دخلت الشبهة في مسابقات الجرائد؛ لأن كثيراً من المتسابقين لا يستطيع الاشتراك في مسابقاتها إلا بشراء الجريدة، وبعضهم لا يشتريها إلا لأجل المسابقة، لا لغرض آخر، ولذا حرم بعضُ العلماء هذا النوع من المسابقات، وله في التحريم وجه معتبر. ومن أباحها فلقوله أيضاً حظه من النظر؛ لأن المال الذي يدفعه المتسابق في تلك الجريدة ليس هو قيمة الاشتراك يقيناً، وإنما هو ثمن الجريدة نفسها، وهذا الثمن لم يذهب عليه سدى بلا فائدة، إذ يقابل ما دفعه من ثمنها منفعة الاطلاع على ما نشر فيها من أخبار أو مقالات أو إعلانات، ومن هذا الوجه يستوي من اشتراها ليشترك في مسابقتها ومن اشتراها وليس في نيته الاشتراك في مسابقتها. أمّا المال الذي يغرمه المتسابق في تصفحه لموقع الإسلام اليوم للإجابة على أسئلة مسابقته فهو كالأجرة التي يدفعها المتسابق لمن يوصله إلى مكان المسابقة. ومهما يكن فإن مسابقة موقع الإسلام اليوم تختلف عن مسابقات الجرائد ونحوها، وليس فيها أدنى شبهةٍ للقمار، فالمال الذي يدفعه (المتسابق في مسابقة الموقع) إنما هو قيمة الاتصال بالإنترنت، وليس قيمة الاشتراك في مسابقة الموقع، وثمن الاتصال يذهب إلى الشركة التي تقدم خدمة الإنترنت للمشترك وإلى شركة الاتصالات. أما الموقع فلا يصله شيءٌ مما يغرمه المتصفح حتى في تصفحه للموقع نفسه وإجابته على أسئلة مسابقته. فجوائز مسابقة الموقع قطعاً لم تكن من أموال المتسابقين. وإذا الأمر كذلك فإن مسابقة الموقع خارجة من شبهة القمار تماماً. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التسابق بأسماء الإخوة

التسابق بأسماء الإخوة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 28/6/1424هـ السؤال ما رأيكم مثلاً بأنني أجبت على مسابقة باسمي وأسماء إخوتي بنية إذا جاء باسم أحد منهم يكون لي؟ وفعلاً حدث بالضبط وجاءت النتيجة باسم أحد إخواني، مع أنني الذي تعبت وعملت كل شيء، ومع العلم بأنني شاب وفي مقتبل حياتي وأريد الزواج من يتيمة، وأريد أن أساعدها، هل المبلغ يكون من حقي، أم ماذا؟ وهل لأخي شيء في جائزة المسابقة؟ أرجو الرد، أم أن المبلغ كله لي؟ أم له شيء منه، مع العلم أنني الذي عملت كل شيء، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا كان من شروط المسابقة أن يكون الجواب من صاحب الاسم نفسه، وألا يجيب عنه غيره، ففي هذه الحالة لا يجوز لك أن تأخذ جائزة المسابقة، ولا حتى من ظهر اسمه؛ لأنه لم يجب هو على السؤال، وإنما أجاب غيرُه. وإذا لم يكن من شروط المسابقة أن يجيب المتسابق نفسه، فيجوز لك ولأخيك أن تأخذا جائزة المسابقة، لكن ليس لك أن تنفرد بالجائزة كلها؛ لأنها باسم أخيك. وليس لأخيك أن ينفرد بجائزة المسابقة؛ لأن المجيب هو أنت، وأرى أنكما شريكان فيها بالنصف أو بما تصطلحان عليه؛ كأن يكون لك الثلثان وله الثلث، أو العكس. على أني أنبهك إلى أمر مهم لم توردْه أنت في السؤال وقد يخفى عليك حكمه، وهو أن من شروط جواز المسابقة ألا يكون فيها رسومٌ مالية من المتسابقين، فإن كان الاشتراك فيها برسوم مالية فلا يجوز الدخول فيها أصلاً؛ لأنها قمار صريح. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

بيع المسابقات وإجاباتها

بيع المسابقات وإجاباتها المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 8/3/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم نشرت هيئة اقتصادية بدولة عربية مسابقة جوائزها 29 ألف دولار لعشرة فائزين، وأسئلتها تدل على رغبتها في تعريف الشعب بجهودها المتصلة في تنميته بالقروض التعاونية لحكومته، هل يجوز تصوير هذه المسابقة وبيعها تحقيقا لغرض الهيئة الواضح من ناحية، وفتحاً لباب كسب للناس من ناحية، واكتساباً للمال من ناحية ثالثة؟ أم لا؟ وهل يجوز بيع حلول المسابقة أم يعد مشتريها كالمقامر وبائعها كبائع يانصيب؟ وهل يجوز بيع صور مسابقات الجرائد والقنوات وحلولها عموما؟ وهل يجوز إعداد وبيع مسابقات معلوماتها النافعة؟ بحيث يحصل المشترك على الحلول مطبوعة كمعلومات مفيدة بعد ظهور النتيجة بموجب مستند الحجز إذا كانت الجوائز بالقرعة وهي جزء من حصيلة بيع الأسئلة والأجوبة؟ وهل يجوز بيع مساحات إعلانية لا تنافي الأخلاق على صفحات كتيب الأجوبة؟ أفتونا بارك الله لنا ولكم في الحلال الطيب. الجواب 1- إذا كان الدخول في المسابقة لا يلزم منه دفع أي رسوم اشتراك فيجوز الدخول في المسابقة المذكورة. 2- لا يجوز بيع حلول المسابقة، وتحريم بيع حلول المسابقة ليس لأجل أنها مقامرة، وإنما لأن ذلك يخالف شروط المسابقة التي تشترط أن يتولى الإجابة المتسابق نفسه، فمن أعظم أهدافها تعريف المتسابق واطلاعه ببعض المعلومات المستهدفة بالسؤال، وتثقيفه فيما يفيده ويمهمه، وأما القمار فيكون ببذل المال للدخول في المسابقة وهو ما يسمى بـ (رسوم اشتراك) . 3- لا يجوز بيع صور مسابقات الجرائد؛ لأنه يخالف شرط المسابقة، وهو الجواب في (كوبون) المسابقة، ولا يجوز بيع حلولها، وقد سبق التعليل له.

4- أيضاً لا يجوز بيع المسابقات على المتسابقين؛ لأن هذا يعني دخول المتسابق في المسابقة بغرم (وهو رسوم الاشتراك في المسابقة) ، وقد يخسر هذا المبلغ كله أو يربح ما خسره الآخرون وغرموه حين يفوز بالمسابقة فيكون قد أكل مال غيره بالباطل. 5- يجوز بيع مساحات إعلانية للشركات والمؤسسات التجارية وغيرها بشرط ألا يُشترط على المتسابق شراء الكتب للدخول في المسابقة بل يوزع بالمجان على المتسابقين حتى لا تنقلب المسابقة قماراً. والله أعلم.

المشاركة في المسابقات القرآنية

المشاركة في المسابقات القرآنية المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 2/3/1425هـ السؤال هل تجوز المشاركة في المسابقات القرآنية من أجل الجوائز؟ -جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ينبغي للمسلم أن يحسن قصده في كل شيء حتى تكون أعماله عبادة لله - جل وعلا- فيحسن النية والقصد، خصوصاً فيما يقصد به التقرب إلى الله- جل وعلا- وما هو من العبادات والقرب، ومن ذلك تلاوة القرآن الكريم وحفظه، وحينئذ فيقال للسائل: اجعل نيتك لله ثم لا يضيرك إذا سابقت في المسابقات، وحصلت على جائزة، أما إن كان القصد من القراءة هو الحصول على الجائزة فقط فهذا من إرادة الدنيا بعمل الآخرة وهو محرم، وفيه عدول إلى الماديات في أعمال القربة، أما مع إحسان القصد والنية فلا حرج من أخذ الجائزة والمكافأة، خصوصاً أن هذا في العلم وتعلم كتاب الله -تعالى-. وفقك الله.

قتل الكلاب الضالة

قتل الكلاب الضالة المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 28/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: هل يجوز قتل الكلاب الضالة بغرض التدريب على الرماية؟ ولكم الشكر. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: لا يجوز قتل الكلاب لغرض التدريب؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتلها، بقوله: "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهيم" أخرجه أبو داود (2845) ، والترمذي (1486) ، وابن ماجه (3205) ، والنسائي (4280) ، وبين أن الأسود البهيم شيطان، أخرجه مسلم (510) ، وماعدا ذلك فلا يجوز قتله، ويمكن التدريب على الرماية برمي غير الحيوانات، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مسابقة جريدة الحياة

مسابقة جريدة الحياة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 10/05/1426هـ السؤال تقدم جريدة الحياة هذه الأيام عرضاً خاصاً، وهو اشتراك سنوي بسعر مخفض، مقداره 300 ريال مع فرصة الفوز بجائزة من جوائز الجريدة المتعددة. فهل تعتبر هذه المسابقة من القمار. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن ثمن الاشتراك في الجريدة المذكورة أقل من ثمن الاشتراك المعهود في سوق الجرائد اليومية، والذي يتراوح ما بين 550 و730 ريالاً تقريباً، وعلى هذا يكون الدخول في المسابقة دخولاً بالمجان لا مقامرة فيه بالنسبة للمشترك في الجريدة؛ لأن حاله في المسابقة ليس متردداً بين أن يغنم أو يغرم، بل هو غانم على كل حال، سواء أفاز بالجائزة أم لم يفُز؛ لأنه قد غنِم اشتراكاً مخفَّضاً كفى به غنماً لو لم تكن ثمة مسابقة تتبعه، بخلاف حال المقامر الذي يدفع مالاً لأجل الدخول في المسابقات، ويكون حاله متردداً بين أن يغنم جائزة من جوائزها، أو يخسر ما دفعه لأجل الدخول فيها. أما من يشترك في الجريدة وليس له قصد إلا الظفر بجائزة من جوائزها المقصورة على المشتركين، لا دافع له إلا ذلك، ولا غرض له صحيح في الجريدة، فهذا لا يجوز له شراء الجريدة لأجل المسابقة، ودخوله فيها مقامرة؛ لأن ما دفعه من قيمة الاشتراك إنما هو في حقيقته مقامرة على مسابقة. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

مسابقة جريدة الجزيرة

مسابقة جريدة الجزيرة المجيب جمع من العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 19/02/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: ما حكم الاشتراك في مسابقة جريدة الجزيرة، والتي من ضمن شروطها إرسال الإجابة في رسالة بالجوال، علماً أن قيمة الرسالة خمسة ريالات. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بعد الاطلاع على شروط المسابقة، تبيَّن أن الاشتراك فيها لا يجوز؛ لأنه دخول في مقامرة صريحة؛ فالجريدة المذكورة وإن لم تشترط دفعَ رسوم صريحة للاشتراك في المسابقة، لكنها جعلت رسوم الاشتراك مضمّنة في قيمة الرسالة المبالغ فيها؛ لأن قيمة الرسالة في المعتاد هي خمس وعشرون هللة، وهذا يعني أن ما زاد على قيمتها المعتادة يذهب أكثره إلى الجريدة منظمة المسابقة، تدفع للفائزين في المسابقة جزءاً مما غنمتْه من ثمن رسائل المتسابقين، وهذه الصورة هي عين القمار؛ لأن ثمن الجائزة التي يُعطاها الفائز مُحصَّل في الحقيقة من أموال المتسابقين، وصار هو غانماً من حيث غيره غارم. وبهذا يتضح جلياً أن حال كل متسابق متردِّد بين أن يغرم ما دفعه بإرسال جواب السؤال في حال عدم فوزه، أو يغنم ما غرمه غيره في حال فوزه، وهذا هو عين الميسر الذي يفعله المشركون في الجاهلية، فنزل القرآن بتحريمه تحريماً صريحاً، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) . وقد قال غير واحد من المفسرين -منهم الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى- إن الميسر: هو كل المغالبات التي يكون فيها عوض من الطرفين من النرد والشطرنج، وكل مغالبة قولية أو فعلية، بعوض، سوى مسابقة الخيل والإبل والسهام فإنها مباحة، لكونها تعينه على الجهاد، فلهذا رخَّص فيها الشارع. أ. هـ. فليتق الله كل مسلم، وليجتهد في إطابة مطعمه وملبسه ومركبه. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. فتاوى ذات صلة: مسابقات خط (700)

__ الموقعون: 1- أ. د. سليمان بن فهد العيسى (أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام) . 2- د. سامي بن إبراهيم السويلم (باحث في الاقتصاد الإسلامي) . 3- د. يوسف بن أحمد القاسم (عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء) . 4- د. يوسف بن عبد الله الشبيلي (عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء) . 5- الشيخ: راشد بن فهد آل حفيظ (القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة) . 6- الشيخ: سامي بن عبد العزيز الماجد (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام) .

مسابقات خط (700)

مسابقات خط (700) المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 24/9/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: ما حكم الاشتراك في المسابقات التي تتطلب الاتصال بالرقم 700، حيث تكون قيمة الاتصال على هذا الرقم باهظة الثمن، تترواح ما بين 3 إلى 5 ريالات، وكيف أتصرف لو فزت بالجائزة؟ أفتونا مأجورين الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فكل المسابقات التي تجرى على الرقم (700) هي - بلا شك - من صريح القمار، بل ما هي إلا صورة جديدة لـ (اليانصيب) المعروف بصورته البدائية الساذجة. والفرق بينهما صوري لا يشغب على اتفاقهما في الحقيقة والمعنى؛ فإن الأجرة التي يتكلفها المتسابق (وهو في حقيقة الأمر مقامرٌ) ؛ بسبب اتصاله بالرقم (700) ، هي بمثابة ثمن قسيمة الاشتراك (الكوبون) في اليانصيب. والمال الذي يغنمه أحد المتسابقين (المقامرين) في مسابقات الرقم (700) - والمتمثل في الجائزة التي يفوز بها -، هو في الحقيقة جزءٌ من الأموال التي تكبدها المتسابقون الآخرون جرّاء اتصالهم على هذا الرقم، وهو بمثابة المال الذي يغنمه بعض المقامرين في اليانصيب، والذي هو جزء مما تكبّده المقامرون الآخرون في شراء قسائم الاشتراك. وكلتا الصورتين لليانصيب (الصورة القديمة المتمثلة في قسائم اشتراك (كوبونات) تباع في الأسواق، والصورة الحديثة المعروضة في تقنيتها الحديثة من خلال الاتصال بالرقم (700) كلتاهما قمارٌ داخلٌ في الميسر الذي نزل تحريمه صريحاً في كتاب الله، قال -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" [المائدة 90-91] .

قال القرطبي (الجامع لأحكام القرآن 1/53) : "قال مالك: الميسر مَيْسِران: ميسر اللهو، وميسر القمار؛ فمن ميسر اللهو النرد والشطرنج والملاهي كلها. وميسر القمار: ما يتخاطر الناس عليه" أ. هـ. وضابط هذه المخاطرة المحرمة: "أن يخرج المتسابق من المسابقة إما غانماً وإما غارماً، إما أن يغنم ما غرمه غيره من المتسابقين فيكسب الجائزة التي هي من أموالهم، وإما أن يغرم ما دفعه ويذهب عليه". وعلى هذا فكل مسابقة تحققت فيها هذه المخاطرة فهي حرامٌ، ولا يستثنى منها إلا ما استثناه الرسول- صلى الله عليه وسلم- في قوله: " لا سَبَقَ - بفتح الباء - إلا في نصل أو خف أو حافر" أخرجه أحمد (2/256) والترمذي (1/317) والنسائي (2/122) وأبو داود (2574) ، وصححه غير واحد من أهل العلم. واستثناء هذه الثلاث دليل على أن ما عداها لا يجوز، وإنما جرت بها الرخصة واستثنيت من التحريم؛ لما فيها من معنى إعداد القوة للجهاد في سبيل الله. لقد كان ميسر الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه شبيهاً بهذه المسابقات، بل هو أهون منها من وجه كما سيأتي، وصفته - كما حكاه الأزهري وغيره - أنه كانت لهم عشرة أقداح، لكل واحد منها نصيب معلوم من جزورٍ ينحرونها، ويجزِّؤنها عشرة أجزاء، ثم يجعلون هذه الأقداح في خريطة، ويضعونها على يد عدل، ثم يجلجلها ويدخل يده فيخرج منها واحداً باسم رجل، ثم واحداً باسم رجل..إلخ، فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب الموسوم به ذلك القدح، ومن خرج له قدح لا نصيب له لم يأخذ شيئاً، وغرم ثمن الجزور كلِّه. وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها، ويفتخرون بذلك، ويذمّون من لم يدخل فيه. ينظر الكشاف للزمخشري 1/259. ولا اعتبار لما يتحجّج به بعضهم من أن هذه المسابقات (بل المقامرات) قد انتفع بها بعض الفقراء، فكم من فقيرٍ اغتنى بسببها في أقل وقت وجهد، فهي فرصة ينبغي ألا يحرم منها الفقراء!

وهذه حجة داحضة إنما يُخادَعُ بها الصبيان، فإن العرب في الجاهلية كانوا يدفعون ما غنموه من لحم الجزور الذي تقامروا عليه إلى الفقراء ولا يأكلون منه، ومع ذلك حرَّمه الإسلام، ونهى عنه أشد النهي، ولم يستثنِ هذه الصورة مع أن فيها خيراً للفقراء، فكيف إذا كان المقامر يأكل ما قامر عليه، ولا يدفعه للفقراء؟!. بل حتى لو صح أن فقيراً انتفع بهذه المسابقات يوماً ما، فكم فيها من ملايين الخاسرين - والذين منهم فقراء يطمعون في الغنى -، الذين غرموا أموالاً طائلة طمعاً في الفوز بالجوائز المغرية. إن الشرع لم يحرم الميسر (ومنه القمار) لأنه لا منفعة فيه، كيف وقد أثبت القرآن أن فيه منافع للناس، ولكن حرّمه لأن إثمه أكبر من نفعه، (يسألونك عن الخمر والميسر، قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافعُ للناس، وإثمهما أكبرُ من نفعهما) ] البقرة: 219 [، فكل ما كانت مضاره وإثمه أكبر من منفعته فهو حرام، عملاً بهذه القاعدة الشرعية. وقد عدّ العلماء للميسر مفاسد كثيرة قد أشار الله إلى بعضها في قوله -تعالى-: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) ] المائدة: 90-91 [. وأسهب فيها الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره (تفسير المنار 2/ 331-336) فليراجع.

على أنه لو كان الاتصال بالرقم (700) بالمجان، لا يتكبد فيها المشترك رسوماً (المتمثِّلة في أجور الاتصال الباهظة) لكانت حلالاً كالماء الزلال - بشرط أن تخلو من المحذورات الشرعية الأخرى -؛ لأن جوائزها عندئذ تكون من غير أموال المتسابقين قطعاً، فخرجت من شبهة القمار؛ لأن كل متسابق يدخلها وهو بين احتمالين: إما أن يغنم، أو لا يغرم، وما يغنمه ليس من مال المتسابقين (فهم قد سابقوا بالمجان) ، بل هو مال لشخص متبرعٍ غيرهم، ولذا فليس فيه أكلٌ لأموال الناس بالباطل؛ بخلاف القمار الذي يكون حال المقامر فيه متردداً بين أن يغنم ما غرمه غيره من المتسابقين، أو يغرم أجرة اتصاله بالرقم (700) . هذا بالنسبة للمتسابقين، وأما الجهة التي تقيم هذه المسابقات (المقامرات) ، وتتاجر بأحلام المتسابقين وأمانيهم، وتستأكل من حرصهم وتشوفهم للجوائز - والتي لا تمثل إلا قدراً ضئيلاً من عوائد اتصالات المتسابقين على الرقم (700) - فعليها إثمان: إثم الإعانة على الإثم، ولا شك أنها معينة على الإثم بإقامتها لهذه المقامرات، وأنها بصنيعها هذا داعيةٌ إلى ضلالة. وإثمُ أكل أموال الناس بالباطل. وكل ما ربحته من هذه المسابقات فهو سحت، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به. فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه، وأن يحذر الدخول في هذه المسابقات (التي هي في حقيقتها مقامرات) بعد أن قامت عليه الحجة بحرمتها، وألا يجادل في الحق بعدما تبيَّن، وألا يغترّ بكثرة المسارعين فيها المخدوعين بها، فإن الله قد قال لنبيه (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) ] الأنعام:116 [، وقال: (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنّكم في العذاب مشتركون) ] الزخرف: 39 [. ومن ربح (وبئس الربح) شيئاً من جوائز هذه المقامرات، فعليه أن يخرجها من ماله بصرفها في أبواب البر تخلّصاً لا تصدقاً. نسأل الله أن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. فتاوى ذات صلة: الاستفادة من (خدمة 700) خدمة الرقم الهاتفي (700) مسابقات الشركات التجارية

هل أستحق هذه الجائزة؟

هل أستحق هذه الجائزة؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 30/06/1425هـ السؤال أقامت لنا الكلية مسابقة، وفزت بجائزة من الجوائز، لكن إجابة السؤال الأول حلَّها لي أحد زملائي، والإجابات الأخرى نقلتها، وأخذت الجائزة 50 ريالاً، علماً أنني قد صرفت الجائزة، ولم يبق شيئاً منها. هل الجائزة حلال أم حرام؟ وماذا أفعل إذا كانت حراماً؟ أجيبوني، -جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: إذا كانت الكلية تشترط أن يكون المجيب هو المتسابق نفسه، وتمنع أن يساعده أحد في ذلك، فلا يجوز لك أخذ الجائزة، وإن كنت قد أخذتها وأنفقتها في مصالحك فعليك أن تخرج مثلها، وتنفقها في مصالح المسلمين، أو على الفقراء والمساكين، أما إذا كانت الكلية لا تشترط ذلك، وتعلم أن المتسابقين يستعينون بغيرهم، أو أن غيرهم هم الذين يجيبون على أسئلة المسابقة، فكله هنيئاً مريئاً، وأرى -خروجاً عن الشبهة، واستبراء لدينك- أن تخبر الإدارة عن عملك في المسابقة، فإن أذنوا لك، وبينوا لك ألا بأس أن تستعين بغيرك فالحمد لله، وإلا فكما ذكرت لك. والله أعلم.

مسابقات المحلات التجارية

مسابقات المحلات التجارية المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 17/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ذهبت إلى السوق واشتريت أغراضاً بقيمة 275 درهم، واُعطِيتُ قسيمة سحب على ثلاث سيارات (فورد) ، وقد عبأت القسيمة (كتابة البيانات الشخصية والعنوان) ، وشاركت في السحوبات، فما حكم هذه القسيمة التي تعطى عند الشراء بمبلغ معين يتم تحديده للمشاركة في السحب على جائزة مثل سيارة أو غيرها. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه الصورة التي ذكرت في سؤالك مختلف فيها بين أهل العلم، والذي أراه أقرب للصواب أنه يجوز المشاركة بهذه السحوبات بشرط ألا تكون اشتريت بقصد الدخول في هذه السحوبات. فإذا كنت اشتريت هذه الأغراض راغباً فيها قاصداً لها، وكانت قسيمة السحوبات تابعة لها وليست هي المقصودة فهنا لا بأس بالاشتراك، ويجوز أن تأخذ الجائزة، فيما لو ظهر أنها من نصيبك. والله أعلم.

مسابقة قرآنية جائزتها من المشاركين

مسابقة قرآنية جائزتها من المشاركين المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 09/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن مجموعة من الأشخاص نعمل في مكان واحد، نريد إجراء مسابقة في حفظ القرآن الكريم بمناسبة شهر رمضان المعظم، والفائز في المسابقة سيحصل على جائزة رمزية تشترى من مساهمات كل الأعضاء (حوالي 2 دولار للفرد) . ما رأي الشرع في هذه المسابقة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه المسابقة موضع خلاف بين أهل العلم -رحمهم الله- وما ذهب إليه أبو حنيفة -وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله- أن هذا جائز (المسابقات العلمية، أخذ العوض عن المسابقات العلمية) ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ". أخرجه أبو داود (2574) ، والترمذي (1700) ، وابن ماجه (2878) ، والنسائي (3586) . وهذه آلات الجهاد، والجهاد يشمل الجهاد بالعلم والبيان والسيف والسنان، ومنه قصة أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- مع المشركين، وأخذه العوض. مسند أحمد (2495) ، جامع الترمذي (3193) ، سنن النسائي في الكبرى (11389) . والله أعلم.

الوديعة والعارية

زكاة مساهمات الأراضي المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 2/7/1422 السؤال ساهمت في قطعة أرض، واستمرت المساهمة أكثر من خمس سنوات ولم تصفى لمشاكل بها، ونظراً لحاجتي الماسة للمال بعتها بخسارة، وأنا مديون الآن، علماً أني لم أخرج زكاتها طوال تلك السنوات، فهل يجب علي إخراج الزكاة عنها الآن؟ مع العلم أني لازلت مديوناً الجواب هذه المساهمة التي فيها مشاكل هي بمثابة المال الذي عند مليئ مماطل، فتزكى إذا قبضت لسنة واحدة هي سنة القبض، وإن زكيت لكل ما مضى من السنوات فهو أحوط، وأبرأ للذمة.

هل يجوز الاقتراض من الأمانة؟

هل يجوز الاقتراض من الأمانة؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 1/6/1422 السؤال أنا أحد الشباب الذين يجمعون تبرعات للأخوة المجاهدين وأوصلها إليهم ولي فترة من الزمن أجمع التبرعات وأوصلها بنفسي -ولله الحمد- ثم حصل أن أصابتني ظروف شديدة جعلتني أقترض من المبلغ الذي كان عندي من التبرعات مبلغ خمسة وثلاثين ألف ريال بعد أن أفتى لي أحد طلبة العلم بجواز الاقتراض من الأمانة التي عندي وسدادها؟ الجواب أرجو أن تكون معذوراً باقتراضك من تلك الأمانة؛ لاعتمادك على فتوى من أفتاك، إن كان من أهل الفتوى. وإن لم يكن من أهل الفتوى، فلا تكون عذراً لك؛ فالأصل أنه لا يجوز لك أن تتصرف في الأمانة التي لديك، ولكن الآن حيث حصل ما حصل، عليك سداد هذا الدين بقدر استطاعتك، والله يغفر لك، ويثيبك على جهادك، وسعيك في معاونة المجاهدين. وإذا لم يكن لديك ما تسدّد منه هذه الأمانة، أو هذا الدَّين الذي في ذمتك، فلا مانع أن تأخذ من الزكاة لذلك. يعني أن من أعطاك لسداد هذه الدين من الزكاة فلا حرج عليك؛ لأنك والحالة هذه من الغارمين. نسأل الله أن يقضي دينك ويصلح حال الجميع بمنّه وكرمه.

المتاجرة في الأسهم المستعارة

المتاجرة في الأسهم المستعارة المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 7/4/1422 السؤال استثمرت في أسواق الأسهم الأمريكية، ونحن نتناقش كثيراً حول المنظور الشرعي في بعض عمليات البيع والشراء ومنها بيع العارية وهو أن استعير عدداً من الأسهم من الشركة التي أعمل معها لابيعها في السوق اليوم على أن أعيد نفس عدد الأسهم من نفس النوع الذي استعرته خلال فترة من الزمن أو عندما اشتري من هذه الأسهم في وقت لاحق، الذين يرون هذا العمل حلال، هم الذين قاسوه على بيع العارية بحيث تستعير من جارك في المتجر بضاعة لتبيعها على زبون عندك في المحل ثم ترد مثلها على جارك إذا اتتك بضاعتك. والذين يرون حرمة هذا العمل قاسوه على بيع ما لا تملك. . فما رأيكم يا فضيلة الشيخ؟ الجواب ما أخذه من أسهم الشركة التي ساهم فيها؛ لأجل أن يبيعها ثم يردّ مثلها عدداً ونوعاً ليس من العارية في شيء؛ لأن صورة العارية هي: أخذ مال لينتفع به ثم يرده بعينه مثل استعارة السيارات والأثاث ونحوها مما تبقى عينه بعد استيفاء الانتفاع. والصورة التي ذكرها السائل تعتبر في الشرع قرضاً، وهذا في غاية الوضوح؛ لأنه يأخذ أسهماً ليرد بدلها، وهذه هي حقيقة القرض. والمال المقترض يصبح ملكاً بيد المقترض بمجرد قبضه فلا يحق للمقرض أن يتصرف فيه أو يطالب برده عيناً. وعليه: فيجوز للمقترض أن يبيع ما اقترضه أو يهبه أو يتصدق به. فالحاصل أن ما ذكره السائل من اقتراض بعض الأسهم من الشركة يجوز بيعه والمتاجرة به؛ لأنه أصبح مالكاً له. وبالله التوفيق.

المندوب لا يسجل التخفيض بالفاتورة

المندوب لا يسجل التخفيض بالفاتورة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 1/9/1424هـ السؤال أعمل في مجال خدمات الطباعة، حيث يربطنا هذا المجال بمندوبي الشركات والمؤسسات، وبما أن سوق العمل كبير والمنافسة صعبة نقوم بعمل الآتي: تحفيز المندوب وذلك بخفض قيمة المعاملة تخفيضاً له وليس للشركة، وعند كتابة الفاتورة نكتب له قيمة المعاملة مع عدم كتابة التخفيض، مثلاً إذا كانت المعاملة هي طباعة تجديد وبطاقة وعقد عمل وإقامة قيمتها في سوق العمل 50درهماً، نستلم منه 40درهماً ونقوم باستخراج فاتورة له بقيمة 50درهماً، نرجو من فضيلتكم التكرم بمساعدتنا إلى هدي الإسلام وشريعته السمحاء، وإذا كانت هناك شبهة، فما هي المعاملة التي تسمحها لنا الشريعة حفاظاً على منهجنا، وتمسكاً بهدي نبينا -صلى الله عليه وسلم- وألاّ ننسى نصيبنا من الدنيا، والله المستعان؟ الجواب إذا كان هذا الأمر من باب العرف المستقر بين التجار، وأهل الأعمال، ومن بعث مندوبه للشراء، أو التعاقد يعلم هذا، أو لا ينكره، ولا يرفضه إذا علم به، ولم يترتب على دفع الحافز للمندوب سكوت عن بعض شروط ومواصفات البضاعة، ولا غش للمشتري، فلا حرج في ذلك لانتفاء المحذور الشرعي. أما إن كان صاحب العمل لا يرضى بهذا، أو كان الحافز مقابل سكوت عن غش ونحوه، فهذا لا يجوز شرعاً؛ لأنه من باب أكل أموال الناس بالباطل، ومن باب خيانة الأمانة بين المندوب ومن أرسله.

خان أمانة مالية وهو تارك للصلاة

خان أمانة مالية وهو تارك للصلاة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 2/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: سؤالي عن شاب يعيش في أسرة مسلمة ملتزمة وفي أحد الأيام طلب منه أن يقوم بإيصال مبلغ من المال كزكاة لأحد فروع الجمعيات الخيرية، ولكنه قام بدفع جزء من المال وأخذ الجزء الباقي له وهو الجزء الأكبر، الرجاء إعطائي الحكم الشرعي، مع العلم أن هذا الشاب كان في وقتها لا يصلي أي كافراً، ولكن الأسرة لا تعلم بذلك وهو مكلف شرعاً ومر على هذا الموضوع بضع سنين، فهل يجب عليه بعد أن هداه الله أن يدفع المبلغ الذي أخذه؟ وهل يزكيه عن السنوات التي تلت ذلك. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أن ما فعله هذا الشاب بخصوص أخذه جزءاً من الزكاة والتي كُلِّف بإيصالها إلى أحد فروع الجمعيات الخيرية حرام عليه، ثم هو لا يستحقه بدون إذن من كلفه لأنه إنما أُعطي المبلغ لإيصاله لا ليأخذه له فهو خيانة للأمانة أضف إلى ذلك أنه كافر حيث أنه لا يصلي كما في السؤال، والزكاة لا يجزئ دفعها للكافر غير المؤلف فقد جاء في منار السبيل ما نصه:"ولا يجزئ دفع الزكاة للكافر غير المؤلف لحديث معاذ - رضي الله عنه- "تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم" البخاري (1395) ومسلم (19) وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن الذمي لا يعطى من الزكاة"أ. هـ.

هذا ويجب عليه أن يرد المبلغ إلى الذي أخذه منه، هذا ولا تجب عليه زكاته عن السنوات الماضية من حيث أن المال وقف ولا تجب الزكاة في مال الوقف في قول كثير من أهل العلم هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن الآخذ لهذا المال: كافر كما تقدم والكافر لا يطالب بالزكاة إلا بعد إقراره بالتوحيد وأدائه للصلاة لحديث معاذ - رضي الله عنه- لما أرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن وفيه أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"وليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم" الحديث سبق تخريجه، والله أعلم.

تأخير سداد الدين

تأخير سداد الدين المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 3/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم من استدان من آخر مالاً على أن يتم دفع الدين على شكل أقساط شهرية مريحة جداً؟ وعلى ذلك تم الاتفاق، وكان المبلغ في حدود 10 الآلف ريال، استمر الوضع عدة أشهر، ثم تغير حال المدين، وأصبح يملك مالاً أكثر من الدين -أضعافاً كثيرة- ولم يسدد الدين، حيث اشترى بيتاً بما يعادل 80 ألف ريال، ولم يسدد الدين، وعندما يسأل عن ذلك يقول: إن الدائن غني، وأنا محتاج إلى المال، فيجب على الدائن أن يسامحني!!!!. هل تبرأ ذمته من الدين لمجرد قوله ذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب يقول الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" الآية، [النساء: 58] ، وفي البخاري (2387) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال:"من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله" وقال - صلى الله عليه وسلم- "الظلم ظلمات يوم القيامة" رواه البخاري (2447) ، ومسلم (2579) ، من حديث عمر - رضي الله عنه- وعن سعيد بن زيد - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً، طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين" رواه البخاري (3198) ، ومسلم (1610) وقال - صلى الله عليه وسلم - "مطل الغني ظلم" رواه البخاري (2287) ، ومسلم (1564) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: - صلى الله عليه وسلم-: "لِيّ الواجد يُحِلُّ عرضه وعقوبته" رواه أبو داود (3628) ، والنسائي (4689) ، وابن ماجة (2427) ، من حديث الشريد بن سويد- رضي الله عنه-، فليحذر هذا وأمثاله، من التعدي على أموال الناس وأكلها بالباطل، وإلا كانت عليه خسارة في الدنيا وعذاب في الآخرة، عياذاً بالله.

مؤتمن على صندوق ويأخذ منه

مؤتمن على صندوق ويأخذ منه المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 5/4/1424هـ السؤال أعمل في وحدة عسكرية أمين صندوق، وآخذ أحياناً من المبلغ الذي بالصندوق، مع العلم أن المسؤول عني قد أعطاني الضوء الأخضر بذلك، ومع أنه لم تتم مساءلتي عن أي شيء بخصوص النقص الذي يحصل بالصندوق أحياناً، وأنا في حالة العجز؛ بل يتم تصحيح الوضع عن طريق المسؤول عني، وتنتهي (السالفة) دون أي شيء يذكر، وأعمل أميناً للصندوق منذ أربع سنوات تقريباً، وقد أخذت منه مبالغ كبيرة، ما رأي سماحتكم في ذلك، وجزاكم الله ألف خير. الجواب

عملك هذا حرام لا يجوز لك بأي حال، ومسؤولك المباشر الذي أعطاك الضوء الأخضر شريك لك في الإثم ولا شك، فأنت قد أخذت مالاً بغير حق، وغذيت به نفسك وأهلك وولدك، وفي الحديث: "إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" رواه الترمذي (614) من حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه-، ولكن من رحمة الله أن الذنوب مهما عظمت تكفرها التوبة الصادقة، قال تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [الزمر:53] ، ويقول سبحانه: "وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى" [طه:82] ، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "التوبة تجب ما قبلها" ذكره الألباني في السلسلة الضعيفة (1039) ولعل الذي جرّأك وصاحبك على هذه الفعلة أن ما في الصندوق مال عام ليس لأحد بعينه، حيث كل موظف يأخذ استحقاقه، ولكن الحق بخلاف ذلك، فإن الأخذ من المال العام أعظم من الاختلاس والسرقة من المال الخاص لآحاد الناس، فالريال الواحد من هذه السلفة المتبقية في الصندوق حق مشاع لكل منسوبي هذه الدائرة دون تخصيص أحد بعينه، ومن لازم صدق التوبة إعادة الحق إلى محله، فعليك أن تعيد المبالغ التي أخذت بغير حق إلى الصندوق، فإن كان يلحقك وصاحبك أذى أو ضرراً بذلك لاكتشاف الأمر؛ فلتحاولا أن تقدما بقيمة المبلغ من الأعيان ما قد تحتاج إليه هذه الدائرة كتبرع، وإن تعذر ذلك فأخرجه إلى الفقراء والمساكين، ويكفيك أن تدفعه إلى الجمعيات الخيرية؛ كجمعية تحفيظ القرآن، أو البر ونحو ذلك، وعليكما بالتوبة النصوح قبل أن يأتيكما الموت فتندمان، ولات ساعة ندم. أحسن الله لنا ولكم الختام، أمين.

الاقتراض من الأمانة

الاقتراض من الأمانة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 14/4/1424هـ السؤال هل يجوز لي أن أستلف من أمانة لدي؟ مع أنني أضمن -إن شاء الله- أنني سأردها في وقت قريب جداً. الجواب الإنسان المؤتمن على أمانة، يجب أن يحافظ عليها ولا يخون الأمانة، وإذا احتاج أن يقترض منها شيئاً فإن عليه أن يستأذن من مالكها، إن أذن له فله ذلك، وإن لم يأذن فليس له ذلك.

الاستخدام الشخصي لأجهزة العمل

الاستخدام الشخصي لأجهزة العمل المجيب د. سليمان بن صالح الغيث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 23/8/1424هـ السؤال طبيب يعمل في مستشفى ويقوم باستخدام الكمبيوتر الخاص بها في طبع أوراق خاصة برسالة الماجستير له، وكذلك أجهزة التصوير. فما هو الحكم في استخدام أجهزة العمل في أغراض شخصية؟ علما بأن المستشفى يسمح باستخدامها لأغراض الدراسة والتعليم ولكن إلى حد معين، فما هو الحكم في ذلك؟ وماذا عن الأوراق التي طبعها وصورها سابقا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: لا يجوز للموظف الاستفادة من أجهزة الدائرة التي يعمل بها لأغراضه الخاصة، سواء كانت هذه الدائرة حكومية أو أهلية، إلا إذا أذن في ذلك من يملك الإذن في الدائرة الحكومية؛ وإذا رأى ولي الأمر مصلحة ظاهرة في ذلك، وكذلك مالك الشركة في الدائرة الأهلية إذ هو حر في ماله، أو من يقوم مقامه في ذلك ممن له تلك الصلاحيات ومخول له فيها. فإذا كان نظام المستشفى الذي ذكره السائل يسمح باستخدامها لأغراض الدراسة والتعليم ولكن إلى حد معين؛ فيسأل المالك للمستشفى إن كان أهلياً أو من له حق الإذن ومخول له في ذلك إن كان المستشفى حكومياً، ويوضح له ذلك التفصيل، فإن كان النظام يسمح بذلك وأن ما قام به يدخل تحت بند أغراض الدراسة والتعليم إلى حد معين؛ فيكون قد خرج من التبعة، وإن كان ذلك غير داخل وهو الذي يظهر لي، فإن الظاهر أن المراد بأغراض الدراسة والتعليم التي فيها نفع عام ودورات علمية تفيد شريحة كبيرة من المجتمع، وليست مقصورة على شخص بعينه لا تتعداه. فإن كان النظام يمنع فعليه تقويم تكلفة ما استفاده من أجهزة وأوراق وكهرباء وأحبار، ويحتاط في التقويم ويدفعها للثقات من القائمين على المستشفى، ويبين لهم أنها عوض عما قام به من استفادة من الأجهزة والأوراق التي ذكرها. وبالله التوفيق.

استعمال سيارة العمل في غير العمل

استعمال سيارة العمل في غير العمل المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 3/1/1425هـ السؤال ما هو الحكم الشرعي في استعمال سيارة العمل داخل مجال العمل وخارجه؟ علماً بأن هذه السيارة تكون من المميزات التي يحصل عليها صاحب الوظيفة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: استخدام سيارة العمل خارج نطاق العمل الأصل فيه عدم الجواز، لأنه استخدام لآلات العمل في غير ما خصص له، اللهم إلا إذا كان هناك نظام يسمح بذلك، فإن هذا جائز، وإن منع ذلك فإنه لا يجوز.

المتاجرة بالمال المؤمن

المتاجرة بالمال المؤمَّن المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 5/1/1425هـ السؤال هل تجوز المتاجرة بأموال الناس؟ حيث إني أمين عليها، وهي لمصالحهم، ولكنها تبقى لفترة طويلة في الخزنة لدي، وأنا زعيم بإرجاعها حين طلبها، حيث أنها -نظاماً- لا تطلب في وقت واحد، ويكون الرصيد يغطي نظاماً لا تبقى الخزنة فارغة بل تغطي الطلب. الجواب المتاجرة بأموال الناس لا تجوز إلا بإذنهم، فإن أذنوا لك جاز، وإن لم يأذنوا فالتصرف بالأمانة بالبيع والشراء بلا إذن حكمه حكم الغاصب، والغاصب يقول العلماء -وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد-: إذا اتجر بالمال المغصوب يكون الربح كله لمالكه، والغاصب لا شيء له) ، ومن العلماء كشيخ الإسلام: ابن تيمية - رحمه الله- من يجعل الربح كالمضاربة على قدر النفس، فمثل هذا الرجل لو ضارب في هذا المال يأخذ نصف الربح، أو ربع الربح، أو ثلث الربح، والباقي للمالك.

ديون الأقساط على الميت

ديون الأقساط على الميت المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 14/1/1424هـ السؤال رجل مشترك في جمعية مالية وصرفها في الأدوار المبكرة, وبعد أن صرفها توفي ولم يزل عليه أقساط يسددها, ويريد الورثة سداد هذا الدين لكن لا يستطيعون ذلك فورا لضيق ذات اليد إلا أن يسددوا الأقساط في مواعيدها ,ولكنهم يخشون على أبيهم ألا يبردوا عليه جلده بالسداد الفوري (حسب الحديث) فما الحكم الشرعي في ذلك؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحد والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فالجواب أنه ما دام أن الدين على أبيكم مؤجل على أقساط فلا مانع من أن يبقى على ما كان عليه وتسددوا الأقساط حسب مواعيدها وإن كان الأولى سداد ما عليه لكن لا يجب عليكم ذلك لا سيما وأنتم غير مستطيعين، هذا وليعلم أنه لا يحل الدين المؤجل بالموت عند كثير من أهل العلم، وبناء على هذا فإنه يبقى الأجل على ما هو عليه وليس على أبيكم إن شاء الله شيء في ذلك لأن الأجل حق من حقوقه وقد انتقل إليكم فلا يكون الوالد معلقاً بدينه ما دام أنكم تكفلتم بتسديده في مواعيده التي وافق عليها، والله أعلم.

استقراض الوكيل من مال موكله

استقراض الوكيل من مال موكله المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 12/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أنا وكيل عن إخوتي وأخذت بغير علمهم مبلغاً من المال وهذا المال من حقنا جميعاً. ودونت هذا المبلغ في كراس المصروفات من أجل لا قدر الله إذا صار لي شيء يكون في علمهم أني أخذت المبلغ هذا، والنية عندي إذا توفر المبلغ أسدده فوراً مع العلم أني لا أستطيع أن أبلغهم عن هذا المبلغ حالياً لكي لا يفهمون غلطاً. أرجو الرد عن هذا المبلغ هل هو حرام أم حلال؟ مع العلم أنه دين في عنقي وبلغت أهل بيتي عن هذا المبلغ. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: لا يجوز للوكيل أن يقترض من المال الذي أؤتمن عليه إلا بإذن صاحبه وموافقته على ذلك فقد جاء إلى ابن مسعود -رضي الله عنه- رجل من همدان على فرس أبلق فقال: يا أبا عبد الرحمن أشتري هذا؟ قال: وما له؟ قال: إن صاحبه أوصى إليَّ. قال: لا تشتره ولا تستقرض من ماله. رواه البيهقي (6/3) والطبراني في المعجم الكبير (9/347) ورجاله رجال الصحيح كما في مجمع الزوائد (4/214) لذا يجب على الأخ السائل إعادة المبلغ الذي اقترضه حالاً أو إخبار موكليه بذلك لإجازة عمله، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

التصرف بدين الزوج المتوفى

التصرف بدين الزوج المتوفى المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 27/7/1424هـ السؤال في فترة الخطوبة كان بيني وبين زوجي دين؛ حتى أجهز نفسي للزواج بسرعة، وبعد الزواج لم يطالبني به إلا على سبيل المزاح، ثم توفي زوجي بعد سنة من الزواج، وحتى الآن والده لم يعط كل ذي حق حقه (أنا وابنتي) ، فماذا أفعل في دين زوجي علي؟ هل علي سداده؟ ولمن؟ وهل يجوز أن أخرجه عنه كصدقه جارية؟ أفيدوني أفادكم الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: بما أن الزوج لم يسامحك عن الدين فيجب عليك رده إلى الورثة ولك منه الثمن إن لم يكن له زوجة غيرك، وليس لك التصدق من الدين المذكور إلا بنصيبك منه إن شئت، أما ما يتعلق بنصيبك من تركة زوجك المتوفى فمن حقك المطالبة به حالاً، ولا يجوز لمن هو بيده أن يمنعك منه، فإن أبى فلك التقدم للمحكمة الشرعية لطلب قسمة التركة على الوجه الشرعي، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

التصرف في التبرعات

التصرف في التبرعات المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 22/10/1424هـ السؤال أنا إمام ومدرس لحلقة تحفيظ القرآن بأحد المساجد في بلدي، كما أنني المسؤول عن صندوق التبرعات التي ترد للمسجد، فهل يجوز لي أخذ الزائد منها من أجل الدعوة إلى الله، مثل نشر الرسالة والشريط الإسلامي؟. الجواب إن كانت هذه التبرعات لجهة مخصوصة فلا يجوز صرفها إلى غيرها إلا بإذن ممن تبرع بها، وإن كانت تبرعات لأعمال البر فيجوز لك الصرف منها على ما ذكرت؛ لأنه من أعمال البر.

خارج الدوام مع عدم التقيد بالمدة

خارج الدوام مع عدم التقيد بالمدة المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 29/10/1424هـ السؤال صرف لي خارج دوام، وأنا لم أتقيد بكامل المدة المعروفة، والتي هي ثلث وقت الدوام الرسمي. أرجو التفصيل في هذه المسألة؟ الجواب إذا لم تتقيد بوقت الدوام بلا إذن ولا علم من المسؤول عنك فهذا لا يجوز، وهو منك خيانة للأمانة، وأكل للمال بالباطل، وعليك التخلُّص مما زاد عن راتبك المستحق لك، والله الموفق.

دين الميت هل ينتقل الى ذمة الورثة؟

دين الميت هل ينتقل الى ذمة الورثة؟ المجيب د. سليمان بن صالح الغيث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 23/2/1425هـ السؤال والدي توفي رحمه الله، وعليه قرض للبنك العقاري سدد منه جزءاً والباقي أقساط متأخرة، وهذه العمارة مستثمرة، هل دين القرض يبقى في ذمة الوالد أم أنه ينتقل لذمة الورثة، وإذا كان في ذمة الوالد هل نستطيع أن نسدده على دفعات كل سنة ندفع كامل أجرة العمارة للبنك العقاري أم يجب دفع الأقساط المتأخرة دفعة واحدة، مع العلم أننا نريد تسديد القرض سواء بقي في ذمة الوالد أو انتقل لذمة الورثة، ولكننا نحرص على أن يكون الوالد رحمه الله مرتاحاً في قبره. أفيدونا جزاكم الله كل خير وجعلها في موازين أعمالكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الميت إذا توفي حلت جميع ديونه ولا يقسم شيء من التركة على الورثة حتى تبرأ ذمة الميت، وأول ما يقدم الحقوق المتعلقة بالتركة بعد مؤنة تجهيز الميت ودفنه هي الديون المرتبطة برهن كحال البنك العقاري، وتسدد جملة واحدة ويستفاد من التخفيض الذي نظمه ولي الأمر في هذا الجانب أن من سدد القرض جملة حُط عنه بعض الدين. وأنصح السائل إذا كانت أمورهم المالية ضعيفة أن يكتبوا لولي الأمر في ذلك وأن والدهم توفي فقد يقتنع بظروفهم ويسقط الدين الذي للبنك العقاري. وبالله التوفيق.

يماطل في تسديد ديونه

يماطل في تسديد ديونه المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 06/07/1425هـ السؤال والدي رجل في السبعينات من عمره، وعليه ديون متفرقة للناس، وهو يتقاضى قدره 6000 ريال، وأولاده موظفون، -والحمد لله- لا توجد أي ظروف تعيقه عن التسديد، إلا أنه يتمتع براتبه في شراء الإبل وإطعامها وصرفها في متعته غير المحرمة، علماً بأن هناك شخصاً يريد منه مبلغ 15000 ريال، وتوفي هذا الشخص، ولم يعلم أبناؤه عن هذا الدين لأبيهم عند أبي، وقد مضى على ذلك عشر سنوات تقريباً، وأبي لم يهتم لها، علماً بأنه يقول -إن شاء الله- سوف أسدد، لكنه لم يسارع، ويجعلها في أطعمة للإبل، وأنا أرى من الواجب إعادة الحقوق لأهلها، ثم التمتع براتبك دون ضرر غيرك، وللعلم عليه دين آخر عبارة عن أقساط سيارات، وراتبه مرهون لدى صاحب الأقساط بوكالة شرعية، أفيدوني أفادكم الله، وأريد ذكر عقاب مثل هذا التأخر والتجاهل حتى أذكره له؛ لعله يعيد الأموال إلى أهلها، وأدلة من القرآن والسنة. والله يحفظكم. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالواجب على أبيك المبادرة بسداد ما عليه من ديون، وعدم التهاون في ذلك فإنَّ حقوق الناس - ومنها الحقوق المالية - عظيمة عند الله -تعالى-، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في خطبة حجة الوداع وفي أعظم مجمع للمسلمين-: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ... " الحديث أخرجه البخاري (67) ، ومسلم (1679) .

وقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على التغليظ في أمر الدَّيْن، والدعاء على من أخذ أموال الناس يريد أكلها عليهم بغير حق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" أخرجه البخاري (2387) . ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يمتنع عن الصلاة على المدين فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين، فيسأل: "هل ترك لدينه فضلاً "؟ فإن حُدِّث أنه ترك لدينه وفاء صلَّى، وإلا قال للمسلمين: " صلوا على صاحبكم ... " الحديث أخرجه البخاري (6731) ، ومسلم (1619) . وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- قال: توفي رجل، فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليصلي عليه، فخطا خطى، ثمَّ قال: "أَعليْه دَيْن؟ " قلنا: ديناران، فقال صلى الله عليه وسلم: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبْكُم". فقال أبو قتادة - رضي الله عنه-: يا رسول الله دَيْنه عَلَيَّ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "هُمَا عَلِيك حَقَّ الغَرِيم، وَبَرئَ المَيَّت؟ " قال: نعم، فصلَّى عليه، ثمَّ لقيه من الغد وقال: "مَا فَعَل الدِّينَارَان؟ " فقال: يا رَسُول الله إنما مات أمس!. ثم لقيه من الغد، فقال: "ما فعل الدِّيناران؟ " فقال: يا رسول الله قد قضَيْتهما، فقال رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم-: "الآن برَّدْتَ عليه جِلْدَه" أخرجه أبو داود (3336) ، والنسائي (1961) ، وأحمد 3/ 216. وجاءت أحاديث أخرى تفيد أن نفس المَدِيْن محبوسة عن دخول الجنة ومرتهنة بما عليه من دين حتى يقضى عنه، ومن هذه الأحاديث: 1- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه-: " يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين". أخرجه مسلم في الإمارة، باب: من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين ح (1886) .

2- حديث محمد بن عبد الله بن جحش - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "سبحان الله، سبحان الله، ماذا نزل من التشديد؟ قال: فسألت رسول الله ما التشديد الذي نزل؟، قال: "في الدَّيْن، والذي نفْس محمَّد بيده، لو أَنَّ رجلاً قتل في سبيل الله، ثمَّ عاش، ثم قتل في سبيل الله، ثم عاش، ثم قتل في سبيل الله، ثُمَّ عاش، وعليه دَيْنٌ، ما دخل الجنة حتى يُقضَىَ دَيْنهُ" أخرجه النسائي في البيوع، باب التغليظ في الدين ح (4698) وأحمد (4/ 139) . 3- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" أخرجه الترمذي (1079) ، وابن ماجة (2413) . 4- حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من مات وعليه دين، فليس بالدينار ولا بالدرهم، ولكنها الحسنات والسيئات" أخرجه أبو داود (3598) ، وابن ماجة (2320) . 5- حديث سعد الأطول - رضي الله عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال له: "إن أخاك محبوس بدينه، فاقض عنه". أخرجه ابن ماجة ح (2433) وأحمد (5/ 7) . 6- حديث سمرة بن جندب- رضي الله عنه- قال: (خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: "هاهنا أحد من بني فلان؟ فلم يجبه أحد، ثم قال: هاهنا أحد من بني فلان؟ فلم يجبه أحد، ثم قال: هاهنا أحد من بني فلان؟ فقام رجل فقال: أنا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تجيبني في المرتين الأوليين أما إني لم أنوه بكم إلا خيرا، إنَّ صاحبكم مأسور بدينه، قال: فلقد رأيته أدى عنه حتى ما بقي أحد يطلبه بشيء". أخرجه أبو داود (3341) والنسائي (4685) ، وأحمد (5/20) .

7- حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من كانت له مظلمة لأحد في عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" أخرجه البخاري (2449) . 8- وعنه - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "أتدرون من المفلس؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال- صلى الله عليه وسلم-: "إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" أخرجه مسلم (2581) ، والترمذي (2420) . 9- وعنه - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء" أخرجه مسلم (2582) ، والترمذي في (2422) . فهذه الأحاديث وغيرها في هذا الباب تبين عظمة حقوق الغير، سواء أكانت في النفس، أو في العرض، أو في المال، وأن من ظلم مسلماً في شيء منها فإنه مؤاخذ به يوم القيامة، وأن الله -تعالى- يقتص منه لخصمه، وأن هذا الأمر سبب عظيم لدخول النار. ويلاحظ كثرة الأحاديث في الترهيب من الدين وبيان خطر التهاون فيه حتى إن الأحاديث فيه أكثر من الأحاديث الواردة في الترهيب من الزنا والسرقة. كما ينبغي التنبيه إلى أن الأمر في مثل حال والدك أشد وكونه غني وله راتب ويقدر على تسديد ديونه حيث يعتبر مماطلاً في سداد دينه ولو أدَّى دينه فيما بعد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مطل الغني ظلم" أخرجه البخاري (2287) ، ومسلم (1564) . ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته" أخرجه أبو داود (3628) والنسائي (4704) وابن ماجة (2427) . وقد أطلت في ذكر أحاديث هذا الباب لتهاون كثير من الناس في الدَّيْن، والله المستعان. وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اقترض من بنك غربي وعزم على عدم السداد!

اقترض من بنك غربي وعزم على عدم السداد! المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 21/04/1425هـ السؤال أثناء دراستي في إحدى البلاد الغربية، مررت بضائقة مالية، فاقترضت عبر حساب بطاقة الائتمان لتسديد رسوم الدراسة، إلا أنني لم أستطع سداد الدين حتى هذه اللحظة، والفوائد قد تضاعفت، وأنا مازلت عاطلا عن العمل، فبالرغم من جميع المحاولات فمازال الدين يطاردني، بالرغم من نيتي بسداد الدين إلا أنني قد عزمت على عدم السداد بعد أن احتجزت الحكومة الأمريكية أموال الصدقات التي دُفعت من أجل نصرة إخواننا بفلسطين تحت مسمى الحرب على الإرهاب، وبالمثل فإنني قد بدأت بمساعدة أهلنا بفلسطين بما أقدر عليه من حين لآخر، بدلا من دفع الدين للبنوك الأمريكية وردعا لهم، فالمسلمون أولى وإن كنت مديناً للبنوك، أرى والله أعلم أن أهلنا بفلسطين أحق بهذه الأموال، بعد أن سرقت أموالهم زورا وبهتانا، ولا أحسب أنني مدين للبنوك الأمريكية، فكلهم شركاء بالجرم الظالم على إخوتنا بفلسطين، بالعراق، بأفغانستان، والقائمة تطول، بما أننا في حرب معهم فلن ينالوا منا فلساً، والمسلمون أحق بها، رجاء عرض الإجابة على صفحة الفتاوى إن أمكن. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فتصرفك منذ البداية تصرف خاطئ، حيث إنك دخلت في عقد ربوي حين اقترضت بالبطاقة، وهو عمل لا يجوز، فعليك بالتوبة من هذا العمل، وبالندم على ما مضى والعزم على عدم العودة لمثل ذلك، وعليك أيضاً أن تسدد لشركة البطاقة رأس المال الذي اقترضته فقط دون الفوائد الربوية، وما ذكرته من المبررات لعدم تسديدك الدين الذي عليك غير صحيحة، فقد أوجب الله علينا معشر المسلمين الوفاء بالعقود فقال سبحانه: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] ، وهذا يشمل التعامل مع المسلم والكافر، وإذا تعامل كل واحد من المسلمين مع غيرهم بمثل الأسلوب الذي نهجته فإن ذلك سيؤدي إلى الإضرار بعموم الجالية المسلمة هناك، والتضييق عليهم في معيشتهم ومعاملاتهم، وإذا كانت عندك الرغبة لدعم إخوانك المسلمين - (وهي رغبة تشكر عليها، لكن ينبغي أن تكون منضبطة بالضوابط الشرعية) - فأقترح عليك الانتقال إلى إحدى البلدان الإسلامية للإقامة فيها، بدلاً من الإقامة في بلاد الغرب، حتى لا ينتفع أولئك القوم من مالك بفلس واحد. والله أعلم.

حاباه فرضي بأجرته المرتفعة

حاباه فرضي بأجرته المرتفعة المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 25/08/1425هـ السؤال تقدمت بعرض لتصميم أعمال هندسية لمؤسسة عامة، وكانت أسعاري مرتفعة، ولكون مدير المؤسسة صديقي لم يرفض الأسعار، وقد طلبت منه أن يوضح لي من بين الأعمال التي تعاقدت معهم عليها ما هو ضروري وما هو غير ضروري دون مجاملة، وبعد أن وضح لي اعتذرت عن كل ما هو غير ضروري من الأعمال، ولكوني معي شركاء في عمل التصميم فقد تم العمل وتقاسمنا الأرباح، فهل في الأمر أي مخالفة للشرع؟ وإن كانت هناك مخالفة، فهل أقوم بترجيع نصيبي من المبلغ كاملاً أم جزء منه فقط؟ مع العلم أن شركائي تصرفوا في حصتهم ولا يعلمون حتى كون الأسعار التي تقدمنا بها مرتفعة. وما رأيكم؟ وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: إذا كان صاحبك قبِل العرض الذي تقدمت به مجاملة لك لا لجودة في عملك أو لميزة تمتاز بها عن بقية المصممين فهو آثم في ذلك وأنت كذلك، لأن الواجب عليه أن يتصرف بما هو الأصلح للمؤسسة التي يديرها، لأنه مؤتمن على إدارتها، وعلى هذا فيُنظَر إلى سعر المثل في السوق للعمل الذي قمت به (وهو السعر المتوسط لمثل العمل الذي قمت به) ، ثم تعيد للمؤسسة الفرق بين السعر الذي قبضته وبقية الشركاء وسعر المثل، وإذا رفض شركاؤك دفع الفرق فيكون دينًا في ذمتك لأنك لم تخبرهم بواقع الأمر، وعليك التوبة من هذا العمل والعزم على ألا تعود إليه مرة أخرى. والله أعلم.

هل أغرم لأخواتي سهامهن؟

هل أغرم لأخواتي سهامهن؟ المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 07/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخذت مالاً من أخواتي؛ لكي أعمل به في صفقات في شركتي مقابل نسبة من الربح، إلا أن شريكي سرقني وخسرت خسارة كبيرة، فهل لأخواتي الحق في مطالبتي برأس مالهن؟ وقد أديت لهن هذه النقود لأنهن بنات وأن عدم سدادي للنقود لهن سيسبب قطيعة رحم، ولكن كان ذلك على حساب عدم زواجي وتدهور شركتي وإغلاقها. فهل أنا محق فيما فعلت؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اتفق الفقهاء على أن يد الشريك يد أمانة، والقاعدة في الأمانات أنها لا تضمن إلا بالتعدي أو التقصير، فإن لم يتعد الشريك أو يقصر، فإنه لا يضمن حصة شريكه، ولو ضاع مال الشركة أو تلف، ويصدق بيمينه في مقدار الربح والخسارة وضياع المال وتلفه كلاًّ أو بعضًا، هذا هو ما اتفق عليه الفقهاء. وعليه فإن كنت مقصرًا في طريقة استثمارك هذا المال أو مفرطًا بحيث لا تتوثق ممن تتعامل معهم فسرقوك أو خانوك، فأنت الضامن، ويكون رأس المال في ذمتك، ولأصحاب المال الحق في مطالبتك برأس المال، أما إن كنت متوثقًا في التعامل ولم تقصر أو تفرط أو تتعدى، فلا يلزمك شيء، وعلى أية حال فحَسنًا فعلت بتأدية أموال أخواتك إليهن، وأنصحك برفع دعوى قضائية على من تتهمه بسرقة المال؛ عسى الله أن يعوضك. والله أعلم.

مديرهم يمنحهم ساعات إضافية من غير ضرورة

مديرهم يمنحهم ساعات إضافية من غير ضرورة المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 28/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في العمل بالشركات يعطى الموظفون مبلغًا ماليًّا على الساعات الإضافية التي يعملونها بعد الدوام الرسمي بناء على طبيعة العمل وتكليف رئيس العمل أو المدير, فهل هو حلال، وإذا أعطى رئيس العمل موظفي هذه الساعات ليحصلوا على مبلغ من المال, من غير أن يعملوها يعملوها, بحيث تحسب لهم دون عمل، فهل هذا حلال؟ وإن رئيس العمل أعطى الموظفين هذه الساعات، والعمل لا يحتاج إلى ساعات إضافية، فهل يجوز؟ وهل حلال أن نعطل العمل العادي والذي يمكننا إكماله في الدوام الرسمي للحصول على ساعات عمل إضافية؟ وهل حلال أن آخذها وأرضى بها إن أعطاها لي رئيس العمل؟ علمًا أن الشركة التي أعمل بها للدولة، ووضعها المادي متدهور. أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يقول الله تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) [النساء: 58] . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا مِن عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهَ رَعِيَّةً يَمُوتُ يومَ يَمًوتُ وهو غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلاَّ حرَّم اللهُ عَلَيهِ الجنةَ". متفق عليه: البخاري (7151) ومسلم (142) . وقال أيضًا: "كُلُّكُم رَاعٍ، وكلُّكم مَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ". أخرجه البخاري (893) ومسلم (1829) . وهذا يشمل الموظف والمدير أو الرئيس، فكل منهما راع فيما هو مكلف به من أموال الشركة، وهو مسؤول عن ذلك يوم القيامة.

فمن أساء في عمله أو احتال ليأخذ مال الشركة بغير حق فقد خان الأمانة التي في عنقه، وغش لصاحب العمل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا". أخرجه مسلم (102) والترمذي (1315) . فالتحايل على الشركة باحتساب ساعات إضافية خارج الدوام دون وجود حاجة أو مبرر لها، مع التقصير في العمل في أثناء الدوام، يجمع بين سيئتين: التقصير والتعدي. فهو تقصير في وقت العمل الرسمي، وتعد بأخذ عوض عن وقت إضافي لا يستحقه. فالواجب على المسلم أن يتقي الله، وأن يحرص على أن يكون مطعمه حلالاً ومشربه حلالاً ومصدر دخله حلالاً، فالمال الحرام لا يبارك الله فيه ولا يهنأ صاحبه به، وفوق ذلك فإنه يحرم صاحبه إجابة الدعوة، كما في صحيح مسلم (1015) ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ذَكَرَ الرَّجُلَ "يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ. وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ ". وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وجنَّبنا ما يغضبه ويسخطه، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

تصرف المرأة في مال زوجها بغير إذنه لمصحلته!

تصرف المرأة في مال زوجها بغير إذنه لمصحلته! المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 10/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. أنا سيدة متزوجة ووضعي المادي جيد، وأقوم بادخار بعض الأموال التي يملكها زوجي وهو يعلم أني أقوم بأخذ الأموال دون علمه وسمح لي، وعندما أصبح المبلغ كبيرًا هل يجوز لي أن أقوم بشراء قطعة أرض، وتسجيلها باسمه دون علمه؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالأصل أن الإنسان لا يجوز له أن يتصرف في مال غيره بلا إذنه، ومن شروط صحة البيع المقررة في الشريعة الإسلامية أن يكون العقد من المالك أو من يقوم مقامه، كالوكيل أو الولي أو الوصي، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" [النساء:29] . وعن حكيم بن حزام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "لا تبع ما ليس عندك" أخرجه أحمد (15311) وأبو داود (3503) والترمذي (1232) وابن ماجه (2187) والنسائي (4613) ، وقد نقل الشوكاني عن البغوي في تفسير هذا الحديث أن المراد النهي عن بيوع الأيمان التي لا يملكها. ا. هـ. ولكن إذا كانت هناك قرائن تدل على أنه لا يمانع على مثل هذا العقد، وكان فيه مصلحة ظاهرة له، كأن يكون ثمن الأرض أقل من سعر السوق، وقمتِ بإبرام العقد فلا يخلو الحال من حالين: الأول: أن تضيفي الشراء أمام البائع لنفسك، فيكون العقد صحيحاً وملزماً، وإذا لم يوافق زوجك صار الضمان عليك، ولزمك أن تدفعي للبائع الثَّمن، وتردي أيضاً المبلغ إلى زوجك. الثاني: أن تضيفي الشراء له أمام البائع، ويجب عليك حينئذ أن تخبريه بأن العقد موقوف على إجازة زوجك، فإن أجاز الشراء ووافق عليه لزمه؛ لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة، وأن رفضه بطل العقد. والدليل على صحة العقد بعد الإجازة والموافقة حديث عروة بن أبي الجعد البارقي عندما أعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- ديناراً يشتري له به شاة، فاشترى له شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبركة في بيعه، رواه البخاري (3643) . وهذه المسألة أطلق عليها الفقهاء اسم "بيع وتصرف الفضولي". والله تعالى أعلم.

أعطاه مالا ليشتري به مخدرات، فهل يرده له بعد توبته؟

أعطاه مالاً ليشتري به مخدرات، فهل يرده له بعد توبته؟ المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية التاريخ 08/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أحد التائبين عندنا في المسجد سألني سؤالاً مفاده: أنه كان يتاجر في المخدرات، وأعطاه أحد التجار مبلغًا لشراء المخدرات، وأصبح دينًا عليه؛ لأنه شخص ليس عنده عمل، ومن أسرة فقيرة، والآن -بعد توبته- سألني عن هذا الدين، هل يرده أم لا؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. أما بعد: فأسأل الله تعالى أن يثبت هذا الأخ التائب على الحق، وحول ما أخذه ممن يتاجر في المخدرات، فإن كان ما أخذه هو عبارة عن مخدرات أو خمور ونحوها مما يحرم استعماله والاتجار به فلا يجب عليه ردُّه؛ لأن هذا ليس بمال محترم شرعاً، بل يجب إتلافه لما في تركه من الفساد. وإن كان ما أخذه من هذا التاجر هو مال محترم -كالأوراق النقدية، أو أي مال مباح- فيجب عليه ردُّه لصاحبه، ولو كان صاحبه تاجر مخدرات؛ فإن ذلك لا يلغي استحقاقه لماله، حتى ولو كان غير مسلم، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستدين من غير المسلمين- من اليهود أو غيرهم - ويرد ما أخذه، مع أن كثيراً من أموالهم فيها الحرام من الربا وغيره، وقد مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهون عند يهودي؛ لأنه استدان منه ثلاثين صاعاً من شعير. صحيح البخاري (2916) . وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه" أخرجه ابن ماجه (2400) ، فكل من قبض مالاً من معصوم: مسلم أو غيره، فإنه يجب عليه ردُّه إلى صاحبه"، وخرج من هذا الحكم: الكافر المحارب للمسلمين فماله غير معصوم. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الشفعة

الشفعة عند المالكية المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشفعة التاريخ 1/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي هو: ما هي الشفعة حسب المذهب المالكي؟ أحكامها؟ شروط صحتها، وما تعلق بالمدد فيها ودرجات التفعيل؟ جزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله -تعالى- وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: أولاً: تعريف الشفعة عند المالكية: أخذ الشريك الذي باع شريكه من المشتري بالثمن الذي اشتراه به. ثانياً: تجب الشفعة عند المالكية بشروط خمسة هي: (1) أن تكون في العقار، كالدور والأرضين والبساتين. (2) أن تكون الشفعة فيما لم ينقسم، فإن قسم فلا شفعة. (3) أن يكون الشفيع شريكاً، فلا شفعة لجار. (4) ألا يظهر من الشفيع ما يدل على إسقاط الشفعة من قول، أو فعل، أو سكوت مدة عام فأكثر مع علمه وحضوره. (5) أن يكون الحظ المشفوع فيه قد صار للمشفوع عليه بمعاوضة كالبيع والمهر، والخلع، فإن صار إليه بميراث فلا شفعة. ثالثاً: أهم أحكام الشفعة عند المالكية. طلب الشفعة ليس على الفور، وإذا كان الشفيع حاضراً فللمالكية روايتان في انقطاعها: الأولى: أنها تنقطع بعد عام، والثانية: أنها لا تنقطع إلا بأن يأتي عليه من الزمان ما يعلم بأنه تارك لها. (2) إذا وجبت الشفعة لجماعة اقتسموا المشفوع فيه على قدر حظوظهم، لا على قدر رؤوسهم. (3) الشفعة حق من الحقوق التي تورث، فينزَّل الوارث منزلة المورِّث في الحق الذي كان له من الأخذ أو الترك. (4) المسلم والذمي في استحقاق الشفعة سواء. (5) لا شفعة في العروض والحيوان.

(6) إذا بنى المشتري في دار أو غرس، ثم أراد الشفيع الأخذ بالشفعة فإنه يأخذ الشقص بقيمة البناء والغرس، وليس له إجبار المشتري على قلع البناء والغرس. (7) إذا تصرف المشتري في الشقص المشترى ببيع أو هبة أو وصية بطل ذلك إن قام الشفيع بالشفعة. (8) للشفيع ترك الشفعة بعوض يبذل له على تركها. (9) إذا بيع الشقص مراراً فللشفيع أن يأخذ بأي الصفقات شاء. هذه أهم الأحكام المتعلقة بالشفعة عند المالكية، وهناك أحكام وشروط غير ما ذكر، وكلام المالكية في هذه المسائل طويل ومتشعب، كما أنه قد وقع بينهم خلاف في بعض هذه المسائل، ومن أراد الاستزادة حول هذا الموضوع فليراجع ما كتبه المالكية عن الشفعة في كتبهم الفقهية. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

عجز شريكه عن شراء حصته ويريد منع من بيعها لغيره!

عجز شريكه عن شراء حصته ويريد منع من بيعها لغيره! المجيب د. رحيل غرايبة أستاذ الفقه والتشريع بجامعة الزرقاء بالأردن التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشفعة التاريخ 10/10/1425هـ السؤال رجل اشترك مع آخر في تجارة، وكان من ضمن شروط المشاركة إذا أراد أحد الطرفين أن يبيع حصته أن يبيعها إلى الطرف الآخر، أو يبيعا المحل كلاهما، وحصلت بعض الظروف لأحد الطرفين بأن ترتبت ديون على ذلك الطرف وليس عنده ما يوفي به الدين إلا أن يبيع حصته، فعرضها حسب الاتفاق للطرف الآخر، فرفض الطرف الآخر شراءها؛ لأنه لا يملك مالاً وفي نفس الوقت يمنع الطرف الآخر من عرض حصته لبيعها لشريك جديد، فهل لو باعها الطرف المتضرر لشريك جديد بعد عرضها للطرف الآخر فرفض شراءها، هل يكون خالف الاتفاق وعليه إثم؟ وهل يحق له شرعًا بيعها؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الشرع في هذه المسألة أعطى كل شريك حق الشفعة، وهو حق الأولوية لكل شريك أن يشتري حصة شريكه بدون شرط، ولكن لا يجوز حرمان الشريك من بيع حصته لأجنبي عندما يستنكف الشريك الآخر عن حقه في الشراء، ويصبح الشرط على هذا النحو باطلاً؛ لأنه يخالف مقتضى العقد، ولذلك لا إثم على الشريك إذا باع حصته لأجنبي بعدما عرض على شريكه البيع أولاً. والله أعلم.

الغصب والإتلاف

لمن يكون الربح للسارق أم للمالك؟! المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف التاريخ 23/04/1426هـ السؤال سرق شخص سيارة آخر، وقام بالعمل عليها، وكسب منها مبلغاً معيناً، فتم القبض عليه، فلمن يكون هذا المبلغ، للسارق أم لصاحب السيارة؟. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا المبلغ موضع خلاف بين أهل العلم، والرأي المختار ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنه إذا غصب دراهم، واتجر بها فإن له سهم المثل، بمعنى: أنه ينظر إلى هذا الشخص الذي عمل بهذه الدراهم، فليأخذ عند أهل العرف والتجارة والخبرة بمثل هذه الأمور، فإن قالوا: يأخذ نصف الكسب فيعطى النصف، وإن قالوا: يأخذ الربع فيعطى الربع، والباقي يكون للمالك. فمثل هذا الذي عمل على هذه السيارة له سهم المثل، فيعطى قيمة عمله، فإذا كان مثله يأخذ النصف أو يأخذ الربع، والباقي يرده على مالكه، وورد ذلك عن عمر - رضي الله تعالى عنه- في قصة ابنه لما أخذ مالاً من بيت المال، فاستشار عمر - رضي الله تعالى عنه- في ذلك، فأشير عليه أن يجعله قِراض، يعني: مضاربة رواه مالك في الموطأ (1396) . والله أعلم.

ركوب السيارات المسروقة

ركوب السيارات المسروقة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف التاريخ 18/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم ركوب (السيارات المسروقة والمنهوبة) التي نهبت بعد الأحداث، والتي ألمت بالعراق إبان سقوط الطاغية ودخول المحتلين لها؟ يذكر أن السيارات منها التي سرقت من الوزارات والدوائر الحكومية، ومنها التي سرقت من رجال الحكومة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ركوب السيارات المسروقة والمنهوبة فرع عن حكم بيعها وشرائها، والعلماء مختلفون في حكم شراء المنهوب والمسروق والمغصوب، والذي لم يعرف مالكه على قولين: الجواز والمنع، والأرجح الجواز، وقد نص الفقهاء -كابن قدامة في المغني- على أن تصرفات الغاصب -ومثله السارق والمنتهب- كتصرف الفضولي فيه روايتان عن أحمد أصحهما الجواز، وقد صحح شيخ الإسلام ابن تيمية شراء سلعة من أكره على بيعها، مع أن الإكراه ينقض شرط التراضي الذي هو أحد شروط عقد البيع، وإذا كان في حكم البيع والشراء فإن مجرد الركوب وهو نوع من أنواع الانتفاع من باب أولى جوازه، وإن كان للإنسان مندوحة عنه فاجتنابه أولى لحديث: "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك" رواه أحمد (18001) بإسناد ضعيف وورد صحيحاً بلفظ: "وإن أفتاك المفتون" رواه أحمد (17742) . والله أعلم.

استئجار الأملاك المصادرة

استئجار الأملاك المصادرة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف التاريخ 08/11/1425هـ السؤال ما حكم الشرع في عمارة استولت عليها الدولة من صاحبها بحجة أن عليها ضرائب، ورفض صاحبها دفع الضرائب، وقد تحصَّل ابن أخي صاحب العمارة على محل لبيع مواد غذائية من العمارة التي استولت عليها الدولة بتخصيص وتمكين من الدولة، فهل يجوز له البقاء بالمحل أو التصرف بالبيع مثلاً؟ الجواب لا يجوز لأحد فردًا أو دولة أن يستولي على أموال الغير بغير حق شرعي عليه دليل من كتاب الله أو سنة رسوله، وفاعل ذلك ظالم متعدٍّ، وآكل لأموال الناس بالباطل، والله يقول: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة:229] . ويقول: (يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) [النساء:429] . وعامة الضرائب التي تفرضها الحكومات في العصر الحاضر على الناس هي من الظلم الذي حرمه الله على نفسه وعلى عباده، كما في الحديث القدسي: "يا عِبَادي إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ عَلَى نَفْسِي، وجعَلتُه بينَكم مُحرَّمًا فلا تَظَالَمُوا". رواه مسلم (2577) . واستيلاء الدولة على هذه العمارة- كما في السؤال- حرام لا يجوز، وهي في حكم المغتصب، ولا يجوز لابن أخ صاحب العمارة هذه أن يستأجر دكانًا منها يضعه بقالة له إذا لم يرض مالكها الشرعي، فضلاً عن أن يتصرف فيها ببيع أو هبة أو تأجير؛ لأنه تصرف فيما لا يملك، وعلى المغتصب رد ما اغتصبه ونمائه.

البناء من غير ترخيص

البناء من غير ترخيص المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف التاريخ 21/5/1424هـ السؤال هل يجوز البناء بدون ترخيص من الجهات الحكومية بمنطقة عشوائية أكثر من 90 بالمائة من المباني بها غير مرخص؟ وذلك مع الالتزام بالمواصفات الفنية وأصول الصناعة المعمول بها، علماً بأن الترخيص مكلف جداً، وإجراءاته شديدة التعقيد، وتأخذ وقتاً طويلاً وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن الملك يخول صاحبه التصرف في المملوك إذا لم يكن هناك مانع شرعي، وفي مجال البناء تضع الدول التنظيمات التي من شأنها أن تحقق مصالح العباد ولا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، فمثل هذه التنظيمات يجب احترامها، فإذا كان البناء في منطقة من المناطق تشترط الدولة فيها الحصول على ترخيص للبناء لكون البناء دون ترخيص يفضي إلى أن يضيق بعض الناس على بعض مما يترتب عليه إضرار بالجار، أو عدم ترك شوارع تمر منها السيارات أو عدم ترك مرافق للأبنية يستفيد منها الملاك ونحو ذلك مما يراعى في المخططات التي تعتمدها الجهات المسؤولة، أقول إذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لك البناء دون الحصول على ترخيص البناء، وإن احتاج إلى جهد ومال، ثم بالإضافة إلى ما مر قد يتعرض بناؤك الذي أقمته بدون ترخيص للهدم، وذلك إتلاف مال، فليس لك أن تعرض مالك للتلف والإضاعة، هذا ما يظهر لي والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

شراء السيارات المحجوزة لدى الجمارك

شراء السيارات المحجوزة لدى الجمارك المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف التاريخ 16/10/1424هـ السؤال في بعض المناطق الحدودية يقوم رجال الجمارك بحجز بعض السيارات بحجة أنها غير قانونية أو وثائقها مزورة، وغالباً ما يكون هذا ظلماً، سببه رفض البعض دفع الرشوة مثلاً، وبعد فترة تقوم مصالح الجمارك ببيع هذه السيارات المحجوزة عن طريق المزاد العلني، وأحيانا عن طريق البيع العادي. سؤالي هو: هل يجوز شراء مثل هذه السيارات؟ خاصة مع علمنا أن من حجزت منهم حجزت ظلماً فقط كما تقدم. أفيدونا بارك الله. الجواب لا يجوز الإقدام على شراء هذه السيارات؛ لأن الأسباب المحرمة في امتلاك الأشياء لا تجعل هذا الشيء مملوكاً لمن حصله، فالسارق - مثلاً- لا يمتلك المسروق، وكذلك الغاصب لا يمتلك الشيء المغصوب، وكذلك الظالم لا يمتلك ما أخذه، وبناء على ذلك فلا تنتقل الملكية من المالك الحقيقي إلى من حصل هذه الأشياء بطرق محرمة، وحينئذ يكون تصرف هذا الظالم في هذا الشيء المملوك تصرفاً باطلاً لا يترتب عليه الأثر الشرعي من انتقال الملكية من هذا الظالم إلى المشتري، وبناء على ذلك فلا يجوز الإقدام على شراء هذه الأشياء مع علم المشتري بأنها انتقلت إلى هذه الجهات بطرق محرمة.

التصرف في الممتلكات العامة في العراق بعد سقوط بغداد

التصرف في الممتلكات العامة في العراق بعد سقوط بغداد المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف التاريخ 15/8/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد: عرض علينا بعض إخواننا الأكراد سؤالاً عن حكم بيع الممتلكات التي أخذها الناس من الأموال العامة كالسيارات وغيرها بعد سقوط حكومة صدام، فهل يجوز لمن أخذها أن يتملَّكها أو يذهب بها؟ نريد جواباً مفصلاً حول هذه القضية من فضيلتكم وفي أسرع وقت، ولكم منا جزيل الشكر. الجواب لقد حرَّم الله أكل مال الغير بغير حق، قال تعالى: "وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ" [البقرة: من الآية188] ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" انظر صحيح الجامع (7662) وفي الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ... " الحديث رواه مسلم (2577) عن أبي ذر - رضي الله عنه-.

وعن السؤال أقول: إن كان يعرف عين من سرقت أو نهبت منه تلك السيارة وغيرها من الممتلكات وجب ردها إلى صاحبها أو ثمنها وقت الرد، وإن باعها أو تصرَّف فيها منتهبها فعليه ضمان ثمنها لمالكها الأصلي؛ لأن يد الغاصب (المنتهِب) لا تلم لحديث "وليس لعرقٍ ظالم حقٌ" رواه الترمذي (1378) ، وأبو داود (3073) من حديث سعيد بن زيد -رضي الله عنه- أما إذا كان لا يعرف عين صاحب تلك الآلات المنتهَبة من سيارات ونحوها وجب على المنتهب التصدق بثمنها - وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله عن مثل هذه الحال، فأجاب بما نصه (الأموال التي بأيدي هؤلاء الأعراب المتناهبين إذا لم يعرف لها مالك معين فإنه [أي الناهب] يخرج زكاتها، فإنها إن كانت ملكاً لمن هي في يده كانت زكاتها عليه، وإن لم تكن ملكاً له ومالكها مجهول لا يعرف فإنه يتصدق بها كلها، فإذا تصدق بقدر زكاتها كان خيراً من أن لا يتصدق بشيء منها، انظر مجموع الفتاوى (30/325) . والذي يظهر من حال العراق والعراقيين بعد اختلال الأمن عند سقوط صدام ودخول الأمريكان وما حصل من النهب والسلب لعامة الممتلكات يشبه حال الأعراب الجاهلين في نهب بعضهم ممتلكات بعض، وقد اختلف العلماء في جواز شراء تلك الممتلكات المنهوبة إذا لم يعرف مالكها على قولين: الجواز والمنع، والأرجح جواز بيع وشراء السلع المنتهبة والمغصوبة من غاصبها إذا لم يعرف صاحبها والقائم عليها ونص الفقهاء - كابن قدامة في (المغنى) - على أن تصرفات الغاصب في السلعة التي يغصبها كتصرفات الفضولي، وفيه روايتان أصحها الجواز، وقد صحح ابن تيمية شراء السلعة التي أكره مالكها على بيعها، مع أن الإكراه سلب لشرط التراضي الذي هو أحد شروط عقد البيع، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

السكنى فيما استردته الدولة من مواطنيها

السكنى فيما استردته الدولة من مواطنيها المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف التاريخ 6/6/1424هـ السؤال اشترت أسرتي شقة بمبلغ 18 ألف دينار، دفعت للساكن الذي كان يقيم بها خلو رجل، أو عتبة، فهو ليس صاحبها الأصلي، وليس كذلك مستأجراً لها، إذ إن صاحبها الأصلي كان قد قام ببناء العمارة عن طريق أخذ قرض من مصرف تابع للدولة في السبعينيات، وفى بداية الثمانينيات قامت الدولة بتأميم الممتلكات، ومن ضمنها هذه العمارة التي أخذتها ووزعتها على المواطنين، هل يجوز لي السكن في الشقة على أساس أن الدولة استردت مالها؟ إذ إن صاحب العمارة لم يكن قد رد كامل قيمة القرض، حينما قامت الدولة بوضع يدها على العمارة، أم أن وجودي في الشقة غير شرعي وهو غصب لحق مسلم؟ أرجو إفادتي بالإجابة، إذ إني أعتزم الزواج بهذه الشقة إذا لم يكن هناك مانع شرعي. وجزاكم الله خيراً. الجواب يا أخي سؤالك فيه إشكال كبير سببه تدخل الدولة في أملاك الغير ومصادرتها بغير حق، ومع هذا أستعين الله في الجواب فأقول:

إن المالك الأصلي الذي اقترض من مصرف تابع للدولة ولم يفِ بالسداد فصادرت الدولة العمارة منه، أقول إن تصرف الدولة حينئذ صحيح، ويلزمها أن تدفع له ما سدده من أقساط، إذا كان سدد، كما يلزمها شرعاً أن تدفع له ما زاد عن قيمة العمارة وقت سحبها منه، والمالك الأول الأصلي، ليس له حق أن يؤثم غير من ظلمه وهي الدولة، ثم إن الدولة قد ظلمت مرة أخرى حين أعطت هذه العمارة بعد التأميم لمواطن آخر قبل أن تعطي المالك الأول حقوقه من هذه العمارة، أما حكم تملك المواطن الثاني فصحيح، حيث الذي ملكه العمارة هي الدولة، لأنه مستحق في نظرها باسم التأميم فلا إثم عليه، وإنما الإثم على من ملكه وهي الدولة، ولو كان المملك له غير الدولة لقلت بفساد العقد وعدم صحته أصلاً، ولكن لأن الدولة هي التي عملت ذلك والأصل في تصرفاتها أنها للصالح العام وولي الأمر فيها لا يملك أموالها ملكية خاصة، وإنما له حق التصرف والنظر فيها لما فيه مصلحة الناس لا غير، كل هذا جعل تصرفها مع المالك الثاني للعمارة فيه شبهة لا يفسد منها العقد، وإن كان الإثم على الدولة ممثلة بولي الأمر الآمر بمنح العمارة لهذا المواطن، بعد التأميم، وأخيراً أقول إن شراءك هذه العمارة صحيح، وعدم إذن المالك الأول لا اعتبار له في الشرع، لأنه لم يف بالعقد مع الدولة قبل التأميم، وأخذ العمارة منه جائز وإن كان له مستحقات على الدولة فهي التي ظلمته وليس له طريق عليك بحال، وعليه مطالبتها إن استطاع. أما التأميم فلعل حرمته في الأصل وعدم جوازه وأنه نوع من الغصب وأكل لأموال الناس بالباطل ظاهر بين لكل أحد، فلا يجوز لأحد أن يصادر أموال الناس وممتلكاتهم باسم التأميم أو للمصلحة العامة، وفق الله الجميع إلى كل خير، آمين.

هل يحلف كذبا؟

هل يحلف كذباً؟ المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف التاريخ 20/12/1425هـ السؤال أنا من إحدى الدول العربية الإسلامية، ومغترب بدولة عربية، بلدي يفرض ضريبة على كل مغترب، ورسومًا وزكاة يجب أن يدفعها سنويًّا، أنا أصلًا مهندس، وأعمل هنا في وظيفة عمالية، راتبي يبلغ 5100 درهم، الحكومة تفرض علي ضرائب سنوية قرابة 350 دولارًا على أساس مهنتي الأساسية (مهندس) - ضريبة العامل 75 دولار، أنا أعول أبي وأمي وأولادي (زوجتي وولدان) ، وكذلك لدي أخ يدرس بالخارج، وأنا العائل الوحيد لأسرتي، أعمل هنا منذ خمس سنوات ولم أستطع أن أدخر شيئًا، بل كنت كثيرًا ما أستدين، الآن الحمد لله؛ فقد استطعت أن أجمع ما يقرب من 10 آلاف درهم، مع العلم أن هذا حصيلة الخمس السنوات كلها، أنا حاولت أن أتهرب من هذه الضرائب، وأن أدفع ضرائب عامل (أخف الضررين على ميزانيتي) ، وليست ضرائب مهندس، فلابد من دفع الضرائب، ولكن علي أن أقسم وأحلف على كل شيء، كم راتبي، وماذا أعمل، وأنا إذا أبلغتهم براتبي الحقيقي مع الامتيازات (سكن وتذاكر وغيره) ، ربما يزيدون في الضريبة، فهل يمكن القسم كذبًا في هذه الحالة؟ مع العلم أنه لا مجال للتعريض فهم يقومون بإملائك. الجواب الحمد لله، وبعد: فلا يجوز أخذ أي شيء من المسلم إلا الزكاة، أعلن ذلك مفتي عام المملكة في رابطة العالم الإسلامي، لا رسوم إقامة، ولا رخصة، ولا استمارة، ولا غيرها، وبالنسبة لحالتك، فأقول: لا خير في الكذب، ومبلغ الضريبة 350 دولارًا تدفعه سنويًّا مدخر لك؛ لأنه أخذ بغير حق. والله يعوضك، والله أعلم.

اللقطة واللقيط

وجد كنزاً في أرضه المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط التاريخ 18/4/1423 السؤال ما حكم من يجد كنزاً أثرياً في أرضه؟ مع العلم أنه إذا أبلغ الحكومة سوف تقوم بأخذ الأرض منه مع التعويض بمبلغ لا يساوي ثمن الأرض، وإذا باع هذا الكنز سوف يصبح من الأثرياء. الجواب ينظر أولاً في الأرض هل هي مملوكة للسائل أو غيره؟ فإن كانت مملوكة له ملكاً شرعياً نظر في هذا الذي وجد فيها وسمي (كنزاً) ، هل هو محرم أو مباح؟ فإن كان محرماً كالتماثيل والصور المجسمة للإنسان أو الحيوان فهي حرام لا تملك ولا يصح قبول التعويض عنها إلا إذا كانت من ذهب أو فضة، فأجاز بعض الفقهاء الانتفاع بها ببيع أو هبة ونحوه على ألاّ تستخدم بهيئتها (صورة مجسمة) ، وإن كان هذا الكنز من سائر المباحات كمناجم المعادن كمنجم الملح والذهب والفضة والبترول مما تتوقف عليه مصلحة الأمة في الغالب فلا يجوز لصاحب الدار تملكه؛ لأن ملكيته عامة فيجب على ولي الأمر تعويض صاحب الأرض عن كنزه بما يساوي قيمته الحالية ولا ينقص من ذلك شيئاً اللهم إلا إذا كان نظام الدولة لا يمانع في التملك الشخصي لمثل هذا، فلا حرج على صاحب الدار أن يبيعها على من يدفع له مبلغاً أكبر، ثم إن هذا الكنز الذي يجوز بيعه وشراؤه -إن وجد عليه ما يدل على أنه قبل الإسلام فهو ركاز- وهو ما وجد مدفوناً من زمن الجاهلية يجب إخراج خمس قيمته كزكاة؛ لحديث أبي هريرة في الصحيحين البخاري (1499) ومسلم (1710) " ... وفي الركاز الخمس"، أما إذا وجد عليه أو على بعضه دون بعض علامة من علامات المسلمين كتاريخ أو نحوه فليس بركاز، ويزكى كزكاة المال (النقدين) ، والله أعلم.

تبني اللقيط

تبني اللقيط المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط التاريخ 10/9/1424هـ السؤال من المعلوم أن التبني والحصول على اسم العائلة المتبناه غير جائز في الإسلام، فما الحكم الخاص باللقيط الذي وجدته عائلة مسلمة؟ عمر البنت 16 سنة والولد 19 سنة. الجواب يستحب تربية اللقيط والإحسان إليه وتعليمه لينشأ بإذن الله نشأة صالحة، ولا يضيره ما حصل من أبويه، ولا بأس بتزويج الذكر بالأنثى إذا لم يكن بينهما رضاع، والذي يتولى تزويج البنت هو الحاكم الشرعي لأنه ولي من لا ولي له، ويعتبرون أجانب ممن تولى تربيتهم، وليسوا محارم إذا لم يوجد رضاع، فإن وجد فالرضاع يحرم ما يحرم النسب، ويحسن أن يسمى اللقيط باسم بعيد عن اسم العائلة، حتى لا يظن أنه منهم.

سحب من حسابه ولم يخصم من رصيده

سحب من حسابه ولم يخصم من رصيده المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط التاريخ 19/10/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. قام بصرف راتبه من جهاز للصرافة تابع لبنك الرياض، وكان حسابه لدى بنك الراجحي؛ وبعد أن صرف مبلغ 5000 ريال، اتضح أنه لم يحسب ذلك المبلغ من راتبه؛ فذهب في اليوم التالي إلى فرع البنك الذي به الجهاز؛ فأخبرهم بالخبر فقال له الموظف نحن جهة للصرف فقط ولا دخل لنا فيما سواه، لأن حسابك في بنك آخر وهو المسؤول عما يبدر من خطأ في حسابك؛ فذهب إلى بنك الراجحي فأخبرهم بالخبر فقالوا له حسابك لم يخصم منه شيء وكونك سحبت من بنك آخر ولم يخصم من حسابك فإن الخطأ من البنك الذي سحبت منه؛ فأعطيت بنك الراجحي الذي به حسابي رقم هاتفي، وقلت إذا اتضح الخطأ فاتصلوا علي؛ وذهبت ومر على هذا الحال ما يقارب ثلاث سنوات تقريبا، فما هو المطلوب مني الآن؟ هل أتصدق بالمال؟ أو أكرر ذهابي للبنكين للتأكد مرة أخرى؟ وجزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فالجواب أن ما فعله السائل وفقه الله بخصوص المبلغ الذي استلمه من الصراف ولم يخصم من حسابه من مراجعة للبنكين وإخباره بذلك ووضع رقم هاتفه هو أقصى ما يجب عليه فقد فعل اللازم، هذا وإعادة المراجعة للبنكين إن فعل فهو شيء طيب. أقول وإضافة إلى احتمال كونه خطأً من أحد البنكين فقد يكون أيضاً قد أدخل مقابل ما سحب بحسابه عن طريق الخطأ من شخص آخر وقد يكون المبلغ الذي سحبه سحب من حساب غيره، كل هذه الاحتمالات واردة وإن كانت بعيدة. على كل هذا المبلغ المذكور حكمه حكم اللقطة التي يجب تعريفها لمدة سنة ثم بعد السنة يملكها الملتقط بنية ضمانها لصاحبها إن علم، والسائل قام بما يجب عليه نحو المبلغ وقد مضى على ذلك عدة سنوات فهو الآن يدخل في ملكه ملكاً مراعى إن تبين صاحبه سلم له، وعليه أن يكتب عنده شأن هذا المبلغ بأنه قد دخل في حسابه، أو أنه سحب هذا المبلغ ولم يخصم من حسابه، من أجل ما إذا علم صاحبه ولو بعد الوفاة يدفع له، فالخلاصة أن حكمه حكم اللقطة يملك بعد السنة ملكاً مراعى والله أعلم.

محرمية اللقيطة

محرمية اللقيطة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط التاريخ 10/2/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجدت طفلة لقيطة وربيتها، فهل تكون محرما لأبنائي مثل أختهم؟ أم لا يجوز لأبنائي الرجال الجلوس معها أو محادثتها في حال الخلوة، وهل يجوز لي أن أزوجها أحد أبنائي؟ وكذلك اليتيمة؟ الجواب اللقيطة ومثلها اليتيمة إذا لم ترضع من زوجتك خمس رضعات محرمة؛ فإنها أجنبية منك ومن أولادك، يجب عليها أن تحتجب منكم أجمعين، ولا يجوز الجلوس معها ومحادثتها إلا في ما فيه مصلحتها، كما لا يجوز الخلوة بها، ويجوز لك أو لأحد من أولادك نكاحها.

هل في اللقطة زكاة؟

هل في اللقطة زكاة؟ المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط التاريخ 08/05/1425هـ السؤال ما هو تعريف اللقطة في الإسلام؟ وما نسبة الزكاة المفروضة عليها؟ وهل يعتبر البترول من اللقطة؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فاللُقَطَة في اللغة: بفتح القاف اسم للملتقط؛ لأن ما جاء على فُعَلَة فهو اسم للفاعل، كقولهم: هُمَزَة ولُمَزَة، واللُقْطَة بسكون القاف: المال الملقوط، مثل: الضُّحْكَة: الذي يُضحك منه. أما في الاصطلاح الفقهي فهي: المال الضائع من ربه، يلتقطه غيره. وقد بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحكام اللقطة، ووضح الأمر الواجب على من وجد مالاً لغيره، فقد سئل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن لقطة الذهب والورق، فقال: "اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنةً، ثم استنفق بها (ولتكن وديعة عندك) ، فإن جاء ربها (يوما من الدهر) ، فأدها إليه" فسئل عن ضالة الإبل، فقال: "ما لك ولها، دعها فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها". فسئل عن الشاة، فقال: "خذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب" متفق عليه من حديث زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه-. وقد اشتمل هذا الحديث وغيره على عدد من الأحكام المتعلقة باللقطة، ومنها: أولاً: لقطة الذهب والورق، فيجب على من التقطها أن يعرف وكاءها وعفاصها.

والوكاء: الخيط الذي يشد به المال في الخرقة ونحوها، والعفاص: الوعاء الذي يكون الذهب أو الورق فيه، ثم يعرفها سنة كاملة في مجامع الناس وأسواقهم وحول المساجد والجوامع، فإن جاء صاحبها ووصفها كما هي دفعها إليه الملتقط، وإن لم يأتِ صاحبها فإن الملتقط يملكها بذلك، وتكون كبقية ماله، إلا إن جاء صاحبها بعد ذلك فهو أحق بها. وهذا الحكم هو حكم كل مال ثمين ملتقط، كالأوراق النقدية المتداولة اليوم والجواهر والآلات والأجهزة وسائر الأشياء الثمينة والنفيسة. ثانياً: لا يجوز التقاط ضالة الإبل، وهي الإبل التي ضلت عن صاحبها؛ لأنها لا تتضرر بذلك، فإن معها حذاءها وسقاءها، وحذاؤها: خفها، فإنه لقوته وصلابته يجري مجرى الحذاء، وسقاؤها: بطنها، فإنها تأخذ فيه ماءً كثيراً ويبقى معها ويمنعها من العطش. ثالثاً: يجوز التقاط ضالة الغنم، ويملكها ملتقطها بعد تعريفها التعريف الشرعي، وجاز التقاط الغنم دون الإبل؛ لأن الغنم ليست كالإبل، بل هي ضعيفة معرضة للموت ما لم يحفظها صاحبها، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب". رابعاً: رخص الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما لا تتبعه همة أوساط الناس، فيجوز التقاطه ولا يجب التعريف به، فقد روى أبو داود بإسناده عن جابر -رضي الله عنه-، قال: "رخص لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العصا والسوط والحبل وأشباهه، يلتقطه الرجل ينتفع به". ولا تختص اللقطة بنسبة معينة للزكاة فيها، بل متى ما ملكها الإنسان أصبحت كبقية ماله، فإن كانت من الذهب والفضة، فزكاتها زكاة الذهب والفضة، وهكذا.

وهناك شيء آخر قد يشتبه باللقطة، وهو: الركاز، وتعريفه: ما وجد من دِفن الجاهلية، أي: من أموال الجاهلية، ويعتبر ذلك بأن ترى عليه علاماتهم، كأسماء ملوكهم، أو صورهم، أو صور صُلُبِهم، أو صور أصنامهم، أو نحو ذلك. فإن كان عليه علامة الإسلام، أو اسم النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو أحدٍ من خلفاء المسلمين، أو والٍ لهم، أو آية من قرآن، أو نحو ذلك، فهو لقطة؛ لأنه ملكُ مسلمٍ لم يعلم زواله عنه، فيبقى على ما كان عليه. وقد أوجب الشارع الزكاة في الركاز بنسبة معينة، وهي الخمس، والأصل فيه ما روى أبو هريرة -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "وفي الركاز الخمس" متفق عليه. ولا يعد البترول (النفط) من اللقطة؛ لأن اللقطة كما سبق في تعريفها مختصة بالمال الضائع من ربه، والبترول ليس كذلك، فهو موجود في باطن الأرض، ولا يتصور ضياعه، وأغلبه لم يسبق عليه ملكٌ لأحد، وإنما هو من جملة ما يكون في باطن الأرض، مما يطلق عليه أهل العلم: المعادن، وقد تكلم العلماء على المعادن وقسموها إلى قسمين: معادن ظاهرة، ومعادن باطنة، وذكروا أحكام كلٍ من القسمين، وما يجوز امتلاكه منها وما لا يجوز، وما يكون تابعاً للأرض إذا بيعت وما لا يكون كذلك. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

هل يكف هذا الإعلان عن اللقطة

هل يكف هذا الإعلان عن اللقطة المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط التاريخ 09/04/1426هـ السؤال وجد أحد الموظفين لدينا مبلغاً من المال قد سقط من أحد الزبائن الذين يرتادون محلنا، والمبلغ أكثر من خمسة آلاف ريال، وقد أعلنا عنه في المحل لدينا بوضع إعلان داخل المحل لمن فقد مبلغاً من المال -في محلنا- عليه مراجعة الإدارة، ولكن حتى الآن لم يطالب أحد بالمبلغ، فماذا نفعل به؟ هل نتصدق به، أو نسلمه لإحدى الجمعيات الخيرية؟ علماً أن محلنا مقهى ومطعم. أفيدونا وفقكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فالواجب على من وجد لقطة (وهي المال لا يعرف له صاحب) أن يعرفها سنة كاملة، وهذا التعريف يختلف باختلاف الأزمان والأمكنة، فاللقطة في البلاد المتقدمة ليس كالتعريف في القرى والمدن الصغيرة. ومما ينبغي الأخذ به -في مثل هذه الأزمنة- إبلاغ قسم الشرطة القريب من الموقع، أو الإعلان في الجريدة التي تصدر في نفس البلد، أو الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة كالإنترنت، أو تسليم المبلغ إلى الحاكم الإداري كالأمير أو المحافظ ونحوهم، فإذا تم التعريف خلال السنة بما ذكرنا، فإن لمن وجد هذه اللقطة أن يتملكها أو يتصدق بها بالنية عن صاحبها فإذا جاء صاحبها، ووصفها وطالب بها فإنها تسلم إليه، وهذا في غير لقطة الحرم، فإنه تعرف مدى الحياة، ويوصى من بعده تعريفها ولا تملك أبداً، وقد جاءت النصوص في السنة النبوية بمثل ما سبق بيانه، وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الوقف والوصايا

نقل المصحف الموقوف على المسجد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 10/8/1422 السؤال ما يفعل رجل أخذ من مسجد مصحفاً، ووضع بدله تفسيراً في داخله المصحف وعلى هامشه التفسير، وذلك أن المصحف كلامه أكبر من جهة الكتابة؛ لسهولة القراءة فيه، مع العلم أن التفسير جديد وثمنه غالٍ، وهو عنده من سنتين، فماذا يفعل؟ أفتونا، وهل عمله هذا جائز، أم لا؟ وجزاكم الله عنا خيراً الجواب لا يجوز لك نقل المصحف الموقوف على القراء في المسجد إلى بيتك، وعليك إعادة المصحف الذي أخذته من المسجد إلى مكانه؛ ليقرأ فيه القراء، ولا يسوغ لك أن تبدله بكتاب آخر، أو تفسير، أو غيره.

ما حكم تغيير صورة الوقف

ما حكم تغيير صورة الوقف المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 29/4/1422 السؤال ما حكم تغيير صورة الوقف، بمعنى مال جُمع باسم الأيتام، هل يجوز للمؤسسة تغيير وجه إنفاقه بصرفه على كفالات الدعاة أو حفر آبار مياه الشرب سواء في نفس البلد الذي أوقف له المال أو في بلد آخر، وسواء سدت حاجة الأيتام أم لا؟ الجواب نرى عدم تغيير صورة الوقف إلا إذا زالت الحاجة فإذا جمعت الأموال لكفالة الأيتام وجب إنفاقها على الأيتام الذين تبرع لهم أولئك المحسنون، فإذا زالت الحاجة أو زال اليُتم جاز صرف ذلك المال في جهات أخرى ككفالة الدُعاة أو حفر آبار مياه للشُرب، ولا يلزم التقيد بالبلد الذي فيه أولئك الأيتام بعد زوال حاجتهم، بل يجوز نقل ذلك المال إلى بلد آخر، فإن وجد في البلد الأولى أيتام من ذوي الحاجات فنرى صرفه لهم وعدم نقله إلى جهة أخرى حتى يتحقق مقصد أصحابه الذين تبرعوا به.

الوقف على الأولاد أم الوصية لهم؟

الوقف على الأولاد أم الوصية لهم؟ المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 9/4/1422 السؤال نحن أربعة أخوه اشقاء ولدينا ثلاثة إخوة من الأب، ويرغب والدي تأمين وضعنا قبل مماته بجعل منزلنا وقفاً. فما الأفضل الوقف أم الوصية؟ وماذا يلزم في كلا الحالتين. الجواب الفرق بينهما في أن الواقف ناجز حياة والدك، متى وقفه خرج عن ملكه، ثم صرف فيما وقف عليه، وأما الوصية فإنها لا تلزم إلا بعد وفاته، وله أن يرجع فيها ما دام حياً، والوصية لا تلزم للوارث إلا إذا أجازها جميع الورثة، وأما بعد وفاته فإن الوصية تكون بمنزله الوقف تصرف فيما أوصى به ما لم تكن لوارث. ولوالدكم أن يقف منزلكم عليكم فيقول مثلاً هذا المنزل وقف على أولادي فيصير وقفاً عليهم، لهم سكناه ولهم تأجيره وأخذ أجرته، ثم يكون لأولادهم من بعدهم، وله أن يقول هذا وقف على أولادي ثم على جهة خيرية معينة بعدهم، فإن ماتوا جميعاً صرف ريعه على هذه الجهة..

المال المتبقي من الوصية

المال المتبقي من الوصية المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 9/4/1422 السؤال أنا قائم على وصية أبي - رحمه الله - في الأضاحي ومصدرها بيت مؤجر، والسؤال هو: المبلغ الباقي من كل سنة هل أصرفه في عمل خيري، وهل لي الحق أن اقترض منه عند الحاجة؟ الجواب المبلغ الباقي يصرف على الورثة على قدر ارثهم، لا سيما إن كانوا محتاجين، وإن رضي الورثة بصرفه في مشاريع الخير فالحق لهم، ولهم الأجر والمثوبة، وهذا قول وجيه وهو المشهور في مذهب الإمام أحمد. وأما اقتراضك منه فلا يجوز، لأن نظرك نظر مصلحة والحق للورثة فإن أذنوا لك في ذلك وإلا فلا تأخذ شيئاً. ولك أن تأخذ نسبة معينة مقابل نظارتك على هذه الدار كما يأخذ غيرك من النظراء، والذي يحددا النسبة أهل الخبرة، والأفضل إثباتها عند القاضي دفعاً للتهمة والخصومة.

التصرف في الوقف

التصرف في الوقف المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 4/1/1425هـ السؤال توفي الوالد وترك بيتاً باسمه، وأفهمنا أن هذا البيت ليس ملكاً له وإنما اشتراه أبوه بنية أن يتم وقفه (من مال سيدة غنية ميتة) ، وهذا الوقف كان بنية إسكان الحجاج الفقراء القادمين من الهند, وقد كان البيت متهدماً غير صالح للسكن, فتم بيعه بعد وفاة الوالد, والمبلغ لا يكفي لشراء بيت في الوقت الحالي، هل يجوز إضافة المال إلى وصية أخرى للوالد (وقف لإسكان فقراء مكة؟) حيث نشعر بعدم إمكانية شراء بيت بالمبلغ وحده بالإضافة إلى الصعوبات في إسكان الحجاج القادمين من الهند بالمجان. أرشدونا إلى الحكم الشرعي. رعاكم الله وحفظكم. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الوقف على جهات البر والخير من الأعمال الفاضلة التي يرجى منها الأجر العظيم والخير الكثير في الدنيا والآخرة، والواقف إذا حدد جهة معينة لصرف الوقف فإنه يجب العمل وفق ما حدده الواقف؛ لأنه هو الذي تبرع بمال الوقف، فوجب الأخذ بما يريد، ولهذا قال العلماء: إن شرط الواقف كنص الشارع، أي في وجوب الالتزام به فكما أن نص الشارع يجب الالتزام به فكذا شرط الواقف، أما إذا لم يحدد الواقف جهة معينة للوقف وإنما دفع المال إلى من يثق به ليضعه في أي جهة من جهات الخير، فإن هذا الشخص يجتهد في وضع الوقف فيما يرى أنه أنفع الجهات وأكثرها فائدة من غير أن يكون مقيداً بجهة معينة، والحكم فيما سأل السائل عنه تابع لما ذكر، فإن كان الواقف قد حدد هذا المال لبناء أو شراء مسكن من أجل إسكان الحجاج القادمين من الهند فإنه يجب عليكم العمل وفق ما حدده الواقف، وذلك حسب الاستطاعة، ولو كان المسكن صغيراً بقدر المال الموجود لديكم، أما إذا كان الواقف لم يحدد جهة معينة وإنما اجتهد أبوكم أو جدكم في صرفه في تجهيز مبنى لإسكان الحجاج القادمين من الهند، ثم تهدم البيت وأصبحت منافعه معطلة، ثم تم بيعه، فإنه يجوز لكم صرف هذا المال في أي جهة بر أخرى، كما ذكرتم من ضمه مع غيره من المال ووضعه في مساكن لفقراء مكة المكرمة، كما أني أنبه إلى أن الوقف لا يجوز بيعه إلا إذا تعطلت منافعه، وأصبح لا يمكن الاستفادة منه بالشكل المطلوب، فإن تعطلت منافعه جاز بيعه وصرف المال في وقف مشابه للوقف المتعطل، وعموماً إن الواجب عليكم مراجعة المحكمة الشرعية في مكة المكرمة وبيان هذا الأمر للقاضي، لينظر في الحكم الشرعي لهذه المسألة؛ لأن من أعمال القاضي الشرعي: النظر في الوقف وتبيين مصارفه وأحكامه ونحو ذلك. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

الوقف النقدي

الوقف النقدي المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 11/3/1424هـ السؤال ما حكم الوقف النقدي؟ مع ذكر الأدلة في حالة الجواز أو المنع؟ وذكر أقوال الفقهاء -رحمهم الله تعالى-. وجزاكم الله خيراً. الجواب وقف النقود لا يصح عند جمهور أهل العلم؛ لأنها لا ينتفع بها إلا بإتلافها وذهابها، وروى ابن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر -رضي الله عنه- أصاب أرضاً بخيبر فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها، فقال له: "إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها قال: فتصدق بها عمر - رضي الله عنه-:" أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث" متفق عليه عند البخاري (2737) ، ومسلم (1632) . وروى عن بعض أصحاب زُفر أنه يجوز وقف الدراهم، وقد شاع في الدولة العثمانية وقف النقود حتى صار هو غالب مجمل الأوقاف، وانهار بسبب التضخم الذي انتشر في العالم بعد تدفق الذهب من القارة الأمريكية، مما أدى إلى تدهور القوة الشرائية للأوقاف النقدية. وحيث إن معنى الوقف هو تحبيس الأصل، وهذا لا يتحقق في النقود فإنه لا يظهر لي صحة وقف النقود، والله أعلم.

طريقة كتابة الوصية

طريقة كتابة الوصية المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 11/3/1424هـ السؤال ما هي طريقة كتابة الوصية؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلا أعلم أن هناك نصاً خاصاً في كتابة الوصية، ولكن جرى العمل أن يبين في الوصية حالة الموصي العقلية والبدنية وقت الوصية، وكذا معتقده كذكر الشهادتين ونحوها وحث ورثته على تقوى -الله تعالى- وبيان ما له من الديون في ذمة الآخرين، وكذا ما عليه من الديون، وكذا ذكر نوع ومقدار الموصى به؛ كبيت أو دكان، وقدره من ماله كالثلث أو الربع، وتعيين الوصي، وكذا تعيين مصرف الوصية، وإن كان له أولاد قُصر يستحب أن يعين وصياً عليهم، يتولى رعايتهم حتى البلوغ، والله - تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الوفاء والصدقة الجارية

الوفاء والصدقة الجارية المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 19/5/1424هـ السؤال لي صديق قد توفاه الله، وأفكر مع بعض أصدقائي في جمع مبلغ من المال، وأن نضعه باسم المتوفى في صدقة جارية، كحفر بئر أو بناء مسجد أو طباعة المصحف الشريف، فهل تعتبر صدقة جارية له؟ أرجو النصيحة بما يمكن أن نصنع له، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا بأس بذلك، والأفضل حفر الآبار أو بناء المساجد، فإنها التي يبقى أثرها ويستمر الانتفاع بها، وإذا تيسر طباعة المصاحف أو الكتب الإسلامية مع شدة الحاجة إليها فلا بأس بذلك.

نقل الوقف واستبداله

نقل الوقف واستبداله المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 7/10/1424هـ السؤال لدينا عقار وقف في المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي بالمدينة المنورة، وقد بعناه بعد التوسعة الأخيرة بهدف شراء عقار آخر أقل ثمناً للاستفادة من المبلغ المتبقي في إعمار العقار الجديد، هل يجوز لنا شراء عقار جديد خارج منطقة المسجد وداخل حرم المدينة المنورة بثمن العقار الموقوف في منطقة المسجد النبوي، لتحقيق الوقف؟ هل يجوز لنا نقل ما يوازي القيمة النقدية للعقار الموقوف الذي بعناه إلى عقار آخر نملكه أعلى سعراً تقديرياً خارج محيط المسجد وداخل حرم المدينة؟ مع استفادتنا من المبلغ السائل الذي حققه العقار الموقوف المباع، نظراً لحاجة الورثة الماسة، -وهم في أغلبهم نساء فيهن أربع أمهات- للمال؟ مع ملاحظة أن العقار المنقول إليه مبلغ الوقف المباع موقوف جزء منه أيضاً، والله يحفظكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالأوقاف والتصرف فيها من اختصاص الحاكم الشرعي المختص الذي يرفع حكمه واجتهاده الخلاف، ويمكن للسائل بمراجعته أن يعرف ما يريد، ولكن إجمال ما سأل عنه الأخ يتضح فيما يلي: أولاً: لا يجوز نقل الوقف إلا بسبب تعطله، أو لوجود المصلحة والغبطة في نقله حسبما يقرره الحاكم الشرعي بطلب الناظر. ثانياً: ينقل الوقف إلى ما يكون فيه مصلحة للوقف، ومن الظاهر أن كل ما قرب من منطقة المسجد النبوي فهو أكثر منفعة. ثالثاً: الوقف غير مملوك لواقفه ولا لورثته، وعينه غير مملوكة للموقوف عليهم، فليس لهم إلا الاستفادة من ريع الوقف حسب شرط الواقف دون قيمة رقبة الوقف نفسها، فقيمة رقبة الوقف يشترى بها وقف آخر، ولا يعطى شيئاً منه للورثة. رابعاً: ناظر الوقف لا يبيع ولا يشتري من نفسه؛ لأنه متهم في هذا التصرف. هذا مجمل الجواب والله أعلم وأحكم.

نقل المصاحف من مسجد إلى آخر

نقل المصاحف من مسجد إلى آخر المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 29/05/1426هـ السؤال ما حكم أخذ المصاحف من المسجد، ووضعها في مسجد آخر؟ علماً أن بعض المصاحف لا تستخدم، وهل ينقطع أجر صاحبها إذا لم تستخدم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كان المصحف وقفه عام لم يخص به مسجد بعينه، كشأن المصاحف التي توزعها وزارة الشؤون الإسلامية، فيجوز نقله من مسجد إلى آخر؛ لأنه قصد به وضعه في المساجد بعامة، ولذا يوزع على كل المساجد، أما المصحف الذي يوقفه بعض الناس تحديداً على مسجد بعينه، فلا يجوز نقله إلى مسجد آخر، ما لم تتعطل منفعته في ذلك المسجد، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الوالد يوقف جميع أملاكه

الوالد يوقف جميع أملاكه المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 11/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما الحكم فيمن يوقف كل أمواله وقفًا خيريًّا، مع أن له ذرية، وأمواله تتكون من عقارات مختلفة، وأسهم في كثير من الشركات، وقد وضع أحد أبنائه ناظرًا على هذا الوقف، وآخر مشرفًا، وهما يقومان بتنفيذ ما أوصى به الوالد، من خلال صكوك وقفية صادرة من المحكمة الكبرى بمكة. أفيدونا مأجورين في ما يجب أن نفعله لإقناع الناظر والمشرف في هذا الأمر، وهل يحق لنا الاعتراض؟ أفيدونا مأجورين. وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان هذا وصية، فإذا أوصى الوالد بوقف عقاراته فإنه لا ينفذ من ذلك إلا الثلث بإجازة الورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد، رضي الله تعالى عنه، لما ذكر أنه ذو مال، وأنه لا يرثه إلا ابنة له فقال: أُوصِي بالمالِ كلِّه؟ قال صلى الله عليه وسلم: "لا". قال: فالثلثان؟ قال: "لا". قال: فالنصف؟ قال: "لا". قال: فالثلث؟ قال: "والثُّلُثُ كَثِيرٌ". انظر صحيح البخاري (3936) وصحيح مسلم (1628) . فلا ينفذ إلا الثلث، إذا كان هذا وصية. أما إذا كان أوقفه وقفًا منجزًا في حال حياته مع صحته قبل أن يموت فهذا وقف نافذ. والله أعلم.

هل يأخذ حقه من المال الموقوف؟

هل يأخذ حقه من المال الموقوف؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 15/07/1426هـ السؤال أوقف شخص مبنى مدرسة وريع مجموعة من الدكاكين على المدرسة ومسجداً بجوارها، وأعطى النظارة والوكالة في بناء المدرسة لشخص، ووعده إذا أتم بناء المدرسة والمسجد والدكاكين أن يعطيه نسبة 15 % من مجموع التكلفة كما هي العادة عندنا، وبعد إتمام البناء مطل الواقف موكله في الأجرة، فهل للموكَّل أن يقتطع لنفسه من حاصل تأجير الدكاكين حتى يوفي أجرته, ثم إن الموكّل قام ببناء فصول أخرى للمدرسة من الرسوم التي يدفعها الطلاب للدراسة فما حكم أخذ الرسوم من الطلاب بما يزيد عن تغطية أجور المدرسين والعاملين وصرفها في توسعة المدرسة وتطويرها إذ تزايد الإقبال عليها؟ لأني قرأت بعض الأقوال لأهل العلم تمنع من تنمية الموقوف لما فيه من الأضرار بالبطون الأولى الموقوف عليها، فهل للموكّل على المدرسة أن يقتطع ما يوفي حصته من أجرة بنائها التي مطله إياها الواقف؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده وبعد: فإذا وقف الشخص ملكاً له خرج عن ملكه ولم يعد له بعد ذلك؛ للزوم الوقف، وعليه فإن الوقف ليس ملكاً للواقف، فإذا طلب الواقف من شخص أن يشرف على بناء المدرسة والدكاكين والمسجد فإن أجرته تعلقت بذمة الواقف، فليس له أن يأخذ حقه من الوقف لأن للوقف ذمة مالية مستقلة، فلا ترد هنا مسألة الظفر -مع وجود الخلاف فيها- ويمكن لهذا الوكيل أن يطلب حقه من الواقف بالطرق المشروعة. أما أجرة النظارة على الوقف فإن للناظر أن يأخذ أجرته على نظره من ريع الوقف إذا حددها له الواقف، وإلا أخذ أجرة مثله من الريع. وأخذ الرسوم من الطلاب لتوسعة الوقف وتنميته وزيادة رقبته لا حرج فيه، وأما ما ذكرته في السؤال من الأضرار بالبطون فغير صحيح، وليس بوارد في هذا الوقف؛ لأنه خيري وليس ذريًا حتى يوجد فيه بطون متعاقبة من المستحقين يتضرر الأوائل منهم بعدم الصرف له، والله الموفق.

بيع الموقوف عليهم للوقف

بيع الموقوف عليهم للوقف المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 26/07/1426هـ السؤال أوقف رجل عمارة مكونة من شقق، وأبلغ أولاده بألا يأخذوا من دخلها شيئاً إلا أن يضطروا اضطراراً شديداً فلهم أن يسكنوا فقط، والآن وقد اضطروا وأصاب بعضهم الفقر فأرادوا بيعها والتصرف بثمنها. فهل يجوز ذلك؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالوقف عقد لازم لا يباع ولا ينقل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به؟ قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها". قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب. قال: فتصدق عمر بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم غير متمول فيه. رواه البخاري (2737) ومسلم (1632) . وهذا الوقف إن تعطلت منافعه ولم يمكن عمارته فإنه يباع ويصرف ثمنه في مثله؛ لأنه أقرب إلى غرض الواقف. أما أن يباع ويتقاسم الورثة قيمته فلا يجوز بحال، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل يباع الوقف إذا أهمل؟

هل يُباع الوقف إذا أُهمل؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 26/05/1426هـ السؤال كان لوالدي -رحمه الله- وقف من والده، انقطعت منفعته، وتم بيعه بعد موافقة القاضي، ونقل إلى عمارة صغيرة، ولكن لا يوجد من يتولّى الاهتمام بها، السؤال: هل يجوز أن أدفع قيمة هذه العمارة للورثة -الذين هم إخواني وأخواتي وأمي وزوجة أبي- إذا وافقوا، ثم أتولى أنا الاهتمام بالعمارة وتأدية ما على الوقف من قيمة إيجارها، ثم آخذ باقي المبلغ؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب لا يجوز لك أن تتصرف في الوقف وما آل إليه من نقله إلى تلك العمارة، وجزاك الله خيراً على جهودك، ورأيي أن تظل محتسباً على رعاية الوقف، وتوزع حصيلة استثماره على ما نصَّ عليه الواقف -رحمه الله- وإن لم يكن هناك نص منه فإن مبلغ الاستثمار يوزَّع على الورثة وأنت منهم، ولك زيادة يتفق عليها مع باقي الورثة - مقابل رعايتك لهذا الوقف (إن شئت) فيكون لك نصيبان، نصيب من الإرث ونصيب مقابل رعايتك، إلا إذا كان هناك من الورثة من هو أكثر أهلية لرعاية الوقف - ولو حصل بينكم خلاف في ذلك - لا قدَّر الله ذلك - فلكم الرجوع إلى القاضي ليتولى الفصل في ذلك. وأشكر لك ما ذكرته لمصلحة الوقف والورثة، وجزاك الله خيراً على جهودك. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل يصح هذا الشرط في الوقف؟!

هل يصح هذا الشرط في الوقف؟! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا التاريخ 14/10/1426هـ السؤال أوقف جدي -رحمه الله- ماله على أولاده وأولاد أولاده، وإذا انقرضت العصبة يعود المال للحرمين الشريفين، وقد ذكر في الوقف أن المرأة إذا ماتت يموت نصيبها بحيث يعود إلى الوقف. السؤال: هل ما كتبه جدي -رحمه الله- من إيقاف نصيب الأنثى من الوقف بعد وفاتها وإعادته إلى الوقف -صحيح؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا نص الواقف على عدم دخول أولاد البنات -لا البنات- صح ذلك، وهو المذهب (الروض المربع 324) . قال شيخنا العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: "إن هذه المسألة -أي دخول أولاد البنت من عدم دخولهم- فيها خلاف، فمنهم من قال: يدخلون، وأنه لا يجوز إخراجهم ولو نص على إخراجهم وأبطلوا الشرط. وعندي أنه لا يجب الإبطال، ولا حرج أن نعمل بما مشى عليه المؤلف -رحمه الله- لأن هذا مقتضى القرآن، ثم إن الحاجة داعية إلى هذا ... ولهذا نرى أنه لا حرج على الإنسان إذا أخرج أولاد البنات" ا. هـ (الشرح الممتع 9/568) المكتبة التوقيفية. وقال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى: "الأقرب عندي عدم حرمان أولاد البنات من الوقف، ولكن عندي توقفاً في الحكم بأن حرمانهم جنف وباطل.. ولم أجد ما يطمئن القلب للحكم ببطلان وقف من حرم أولاد البنات"أ. هـ (مجموع الفتاوى 20/18) . وفي حال وجود نزاع بين الورثة فعليهم مراجعة المحكمة الشرعية للفصل بينهم والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الهبة والعطية

هل هذا تفضيل لبعض الأولاد في العطية؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 24/7/1422 السؤال باعني والدي أرضاً، ولم يطلب ثمنها مني، ولكن طلب مني أن أحج عنه إذا مات، علماً أن والدي قد حجّ الفريضة، والآن مات والدي. فهل هذه الأرض حرام عليّ؟ الجواب إذا كانت قيمة هذه الأرض بحدود تكاليف الحجّ، فلا بأس بذلك. وأما إذا كانت قيمة الأرض أكثر من ذلك، وميَّزك والدك بها على إخوانك وأخواتك، فلا يجوز له ذلك، ويجب أن تُردّ الأرض لتكون ميراثاً لجميع الورثة؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- سمّى تفضيل بعض الأولاد على بعض جَوْراً كما في حديث النعمان بن بشير- رضي الله عنه- أنه قال إن أباه أخذ بيده فأتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إن أمّ هذا بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور)) أخرجه البخاري (2587) ، ومسلم (1623) واللفظ لمسلم. وما فعله الأب خلاف العدل.

رشوة أم هبة؟

رشوة أم هبة؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 27/6/1422 السؤال عندما نذهب - مثلاً - إلى مطعم وأردنا دفع فاتورة الحساب نقوم بإعطاء النادل نقوداً، ويُسمّى عند بعضهم إكرامية. فهل هذا حلال أم حرام، وهل يُعد رشوة؟ الجواب مثل هذا ليس من الرشوة في شيء، وإنما هو من باب الِهبَة والمواساة التي تمنح للخدم والعاملين؛ جبراً لقلوبهم وتحسيناً لأوضاعهم، وهي من المروءة ومكارم الأخلاق والإحسان الذي يرجى ثوابه مع صلاح النية فيه. وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين، أو أكلة أو أكلتين؛ فإنه وَلِيَ علاجه)) أخرجه البخاري (2557) .

هدايا الشركات للموظفين

هدايا الشركات للموظفين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 28/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فضيلة الشيخ أود أن أستفتيكم في موضوع الهدية، وإليكم المعطيات التالية: (1) أشتغل بإدارة حكومية تابعة لوزارة المالية، وتعنى بالتأمينات والاحتياط الاجتماعي. (2) تقوم هذه الإدارة من بين ما تقوم به بمراقبة شركات التأمين الموجودة بالسوق. (3) في نهاية كل سنة ميلادية تقوم بعض الشركات بإرسال بعض الهدايا لعدد من المسؤولين بهذه الإدارة الحكومية ولبعض الموظفين العاملين بها كذلك. (4) بعض هؤلاء المسؤولين، وأنا من بينهم، لست مكلفاً بالمراقبة وليس لدي احتكاك دائم أو مباشر مع مسؤولي أو موظفي هذه الشركات. (5) في نهاية كل سنة ميلادية يقوم عدد من هذه الشركات بإرسال هدايا لعدد من المسؤولين وبعض الموظفين العاملين بهذه الإدارة الحكومية وخصوصاً المراقبين الذين يراقبونها. (6) هذه الهدايا ترسلها الشركات إلى مقر الإدارة الحكومية في وضح النهار، وتحمل كل هدية اسم صاحبها، وتسلمها لإحدى المصالح بالإدارة التي توقع على التسليم، وتقوم بعد ذلك بإعطائها لمن وجهت إليهم. (7) هذه الهدايا أنواع: أ. فبعض الشركات ترسل مذكرات سنوية أو ساعات حائطية أو محافظ أو منتوجات أخرى إشهارية تحمل علامتها التجارية واسمها. ب. شركات أخرى ترسل هدايا عبارة عن: كؤوس كريستال أو مجموعة صحون أو إبريق شاي أو صينية أو بعض أواني تستعمل للتزيين في المنازل. ج. شركات أخرى ترسل الحلوى فقط. الأسئلة: بعض المسؤولين عن مراقبة الشركات وكذا المراقبين يأخذون هذه الهدايا على اعتبار أنها تأتي في وضح النهار، وأنها لا تؤثر في أدائهم لعملهم بأن يتجاوزوا عن أخطاء بعض الشركات، مثلاً. فهل يجوز لهم ذلك؟

بعض المسؤولين وبعض الموظفين الذين ليست لهم علاقة بمجال المراقبة ولا يتعاملون مع هذه الشركات، بل فقط هي التي تأخذ أسماءهم من الوثائق الحكومية العمومية وترسل إليهم الهدايا، يأخذون هذه الهدايا ولا يرون في ذلك بأساً ما داموا لا تربطهم علاقة مباشرة معها، فهل يجوز لهم ذلك؟ البعض الآخر من المسؤولين أو الموظفين لا يرى بأساً بأخذ الهدايا التي تحمل العلامات التجارية للشركات والتي غالباً ما تكون مواد إشهارية، ويجدون حرجاً في أخذ باقي الهدايا. فهل يجوز لهم ذلك؟ البعض الآخر لا يرى بأساً في أخذ هذه الهدايا ما دامت الشركات التي ترسلها تسجلها في حساباتها التجارية، ويسمح لها القانون المحاسبي بذلك، وتعفى المبالغ المالية المرصودة للهدايا من الضرائب. فهل يجوز لهم ذلك؟ وأخيراً كيف يتصرف الإنسان مع هذه الهدايا إذا كانت مما لا يجوز؟ وماذا يعمل من سبق له أن انتفع ببعض هذه الهدايا في سنوات سابقة؟ جزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الجواب يجوز للموظف أخذ الهدايا الرمزية والدعائية، التي تقدمها الشركات، ما دامت الشركات ترسلها للموظفين والمسؤولين في وضح النهار، وهي لا تؤثر على عطاء الموظفين والعاملين في وظائفهم فيتجاوزوا عن أخطاء تلك الشركات التي يقومون بمراقبتها، وما دامت هذه الهدايا يسمح بها القانون المحاسبي للشركة الدافعة، وتعفى المبالغ المالية المرصودة لهذه الهدايا من الضرائب، إذا كان الأمر والحال كما ذكرت يا أخي في سؤالك فلا حرج في قبول هذه الهدية المقدمة من الشركة ما دام عين الهدية حلالاً، لأن هذه الهدايا دعائية (إشهارية) للشركات، وجرت بها العادة للدعاية والمنافسة مع الشركات الأخرى، ولا يدخل هذا في الرشوة المحرمة لجميع من ذكرتهم في سؤالك، والله أعلم - وصلى الله على نبينا محمد-.

قبول المساعدة من شركات اليانصيب

قبول المساعدة من شركات اليانصيب المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 12/8/1424هـ السؤال جمعية إسلامية في بريطانيا، تقيم برامج رياضية للأطفال والشباب، هل يجوز لها قبول مساعدات من مؤسسة تقدم الدعم لمثل هذه البرامج الرياضية، إذا كانت هذه المؤسسة تحصل على الدعم من اليانصب المسمى (لوتري) LOTTERY. الجواب إذا كان مال هذه المؤسسة الداعمة للجمعية كله من اليانصب (لوتري) فالأولى عدم قبول تلك المساعدة، أما إذا كان مال هذه المؤسسة مختلطاً من حرام وغيره فلا بأس بقبوله، لعدم تعين الحرام فيما تدفعه من مساعدات لهذه الجمعية، ولأنه لا يدفع ويملك لشخص بعينه، وإنما يدفع للجمعية التي تصرفه في شؤونها فلا بأس حينئذ، هذا كله إذا كانت المؤسسة الدافعة إسلامية، أما إن كانت هذه المؤسسة كافرة فيجوز قبول مساعدتها من باب أولى، فليس بعد الكفر ذنب، وقد عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الكفار والمشركين، وقبل الهدايا من أهل الكتاب والمشركين، كما هو ثابت في كتب السنة النبوية، فقد أهدى ملك (أيلة) للنبي - صلى الله عليه وسلم- بغلة بيضاء وكساه برداً البخاري (1481) ، ومسلم (1392) ، وقبل من المقوقس ملك مصر هديته: مارية القبطية وبغلة انظر الإصابة (6/297) . والهدية للكافر أو أخذها منه تدخل في معنى البر والإحسان، كقوله تعالى:"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" [الممتحنة: 8] ، والله أعلم.

هبة المال للأبناء

هبة المال للأبناء المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 4/4/1423 السؤال رجل مسن ولديه بنتان إحداهما متزوجة والأخرى لم تتزوج بعد، ويريد أن يهب كل ممتلكاته لابنتيه، أي: يكتب باسمهما عقود بيع وشراء، وذلك حتى لا يرث أقاربه مع بنتيه، حيث إن هؤلاء الأقارب يتمنون موت الرجل المسن حتى يرثوه، بالرغم من أنه يساعدهم ويحنو عليهم كثيراً، فما رأي الدين في ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: إنني أرى أنه يجوز أن يهب ماله لابنتيه في حال حياته ما دام في حالته المعتبرة شرعاً، وليس مريضاً مرضاً مخوفاً أو مرض الموت؛ لأن لكل إنسان عاقل مكلف له حق التصرف في ماله في حال حياته ما دام في حالته المعتبرة شرعاً -كما تقدم-، وليس ما ذكر في السؤال وصية, وإنما هبة لماله في حال حياته إذا روعي فيها العدل بين أولاده حيث سيقسمه بين ابنتيه، لكنني مع هذا أرى أنه لا يستحسن له فعل ذلك، بل قد يكون مكروهاً مع قصد حرمان بقية وارثيه من قرابته؛ لأنه إذا فعل ذلك، فإنه سيحصل قطيعة بينه وبين قرابته، بل وبينهم وبين بناته، والله قد نهى عن قطيعة الرحم قال -تعالى-:"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" [محمد:22-23] .

هذا وكون قرابته يتمنون موته لا ينبغي أن يكون دافعاً لقطيعتهم ولا مانعاً من صلتهم، فقد روى البخاري في صحيحه (5991) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها"، وروى مسلم في صحيحه (2558) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ، فقال:"إن كنت كما قلت فكأنما تُسفهم المل، ولا يزال معك من الله عليهم ظهير ما دمت على ذلك". هذا والذي ينبغي أن يترك الأمر على ما هو عليه ولا يعلم من يموت الأول أهو أم ابنتاه أم قرابته؟ وإحسان النية أمر مطلوب، وكذا المحافظة على صلة الرحم، والله أعلم.

هبة الجد لأحفاده

هبة الجد لأحفاده المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 20/7/1424هـ السؤال توفي أب عن ثلاثة أولاد، فكتب لهم جدهم لأبيهم قطعة أرض بيع / شراء -كما يقولون-، فهل يحق للأولاد التصرُّف في هذه الأرض؟. الجواب نعم، يحق لهم ذلك ما دام أن جدّهم أعطاهم إياها بطيب خاطر منه.

الهدايا التجارية من حق المشتري

الهدايا التجارية من حق المشتري المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 1/6/1423 السؤال طلب زميل زوجي من زوجي أن يشتري له مكيفات، فإذا بالبائع يعطي زوجي هدية على المكيفات، فهل يحق لزوجي أخذها؟ مع العلم أنه لو اشتراها الرجل لما أخذ الهدية؛ لأنه ربما يشتري من غير البائع الذي اشترى منه زوجي. الجواب يظهر من السؤال كما هو واضح من آخره أن بعض محلات البيع تعطي هدايا على الشراء وبعضها لا تعطي، وزوجك عرف المحلات التي تعطي هدايا على الشراء فاشترى منها، فأعطي هدية على هذا الشراء وليس من أجل الشخص نفسه، وبناءً على هذا فإن الهدية تتبع الشراء، أي: هي لزميل زوجك الذي دفع قيمة المكيفات وليست لزوجك. لكن لزوجك أيضاً أن يصارح زميله، ويقول: أنا ذهبت إلى المحلات التي تعطي هدايا، وقد لا تعرفها أنت فأعطيت هدية ولعله يهبها له، أما أخذها بدون إذنه فلا يجوز؛ لأنه إنما أعطي إياها من أجل شرائه لا من أجل سواد عيونه وشخصه، والله أعلم.

هدية العامل لرئيسه

هدية العامل لرئيسه المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 23/1/1423 السؤال أحد الأقارب يعمل ضابطاً عسكرياً، قدّم إليه أحد الذين يعملون لديه (أحد الأفراد) هدية، ما حكم أخذه لهذه الهدية؟ الجواب اعلم أخي السائل أن هدايا العمال لرئيسهم في العمل من الأمور المحرمة شرعاً؛ لما في الصحيحين (البخاري (6636) ومسلم (1832)) من حديث ابن اللتبية حين استعمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عمل فجاء وقال:" هذا لكم وهذا أهدي لي". فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال:" ما بال العامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي. أفلا قعد في بيت أبيه أو بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟..". ولما في ذلك من ضرر بالعمل كتساهل معهم في ترك واجب أو عمل ممنوع أو أكل باطل، والله أعلم.

هبة البنت على أنها جارية

هبة البنت على أنها جارية المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 29/11/1423هـ السؤال قيل لي بأن دين الإسلام يجيز أن يهب الرجل ابنته كجارية (أمة) إلى أي أحد، فهل هذا صحيح؟ هل صحيح أن الإسلام يجيز جعل فتاة حرة مسلمة جارية مسلوبة الحرية بقرار من أبيها؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وبعد: هذا القول غير صحيح، فليس للإنسان أن يهب إلا ما يملك، والولد -ذكراً أو أنثى- أمانة من الله عند الوالدين، فلا يملك الرجل أن يهب ابنته لآخر، بل لا يملك أن يزوجها بدون رضاها، وهو مسؤول عن النفقة عليها وتأديبها وتعليمها وصيانتها من كل أذى، ليكون جاراً للرسول في الجنة كما ورد في الحديث. والإسلام حرم على الأب أن يأخذ مهر ابنته لنفسه -قل أو أكثر- بل يعطيها إياه، ويكرمها عند الخروج من بيته إلى بيت الزوجية بما تيسر فكيف يمكن القول بالهبة. ولا يمكن القول إنه يزوجها بالهبة لأن نكاح الهبة باطل ومحرم شرعاً ولا يجيز الإسلام استرقاق الحرائر رجالاً كانوا أو نساءً ومن الذين حرم الله عليهم الجنة رجل باع حراً وأكل ثمنه. إن بيع البنات من شريعة اليهود مقابل ثمن أو عمل كما في بيع ليئة وراحيل ابنتا لابان لزوجهما يعقوب. وتزويج الرجل ابنته لا يعني هبتها أو بيعها بل نزولاً على شرع الله مع احتفاظها بكل حقوقها كإنسانة لها كل حقوق الإنسان في الإسلام، والله أعلم.

التحايل لأخذ إعانة الدولة

التحايل لأخذ إعانة الدولة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 25/3/1424هـ السؤال هنا الدولة تعطي مساعدة رمزية للمرأة حين تلد (30 $ كل شهر لمدة سنة) ، ولكن إذا كانت عاملة فتعطيها نسبة من معاشها (ما يقارب 90$ كل شهر لمدة سنة) ، وحين كانت زوجتي حاملاً، قال لي صديقي بأنه يسمح لها أن تعمل عنده، بدون أن تحضر للعمل، ودون أن يعطيها شيئاً، حتى إذا وضعت المولود أعطتها الدولة (90$ كل شهر لمدة سنة) ، مع العلم أننا دفعنا 220$ ضريبة للدولة حتى تستطيع أن تسجل عند صديقي، هل المال الذي سوف آخذه من الدولة مال حرام؟ أرجوكم أفيدوني. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا كانت زوجتك لا تذهب إلى العمل وصاحب العمل لا يعطيها شيئاً، فيظهر أن عقد العمل بينهما عقد صوري للتحايل على أخذ الإعانات من الدولة، ولا أراه إلا من قبيل الغش والخداع والتدليس، ولا يجوز للمسلم أن يستأكل الأموال - سواء كانت أموال مسلم أو كافر معاهد- بالغش والكذب والخديعة. أما إذا كنت قد دفعت للدولة ضريبة على هذا العقد الصوري للعمل، فلزوجك أن تمضي في عقد عملها مع صديقك ولو بالصيغة الصورية، حتى تسترد هذه الضريبة التي دفعتها للدولة على إجراء هذا العقد، ولكن بشرط ألا تأخذ من إعانة الدولة أكثر من قيمة الضريبة (220$) ، وما زاد على ذلك من الإعانات التي تقبضونها فيجب أن تتخلصوا منها وتنفقوها في مصالح المسلمين فحسب. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أخذ المدرسة لهدايا الطالبات

أخذ المدرسة لهدايا الطالبات المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 6/7/1424هـ السؤال أنا مدرسة في الثانوي وأتلقى هدايا من الطالبات، فهل يجوز أخذها؟ وإذا كنَّ طالبات آخر سنة وأنا لا أدرسهن، فهل هذا جائز؟ الجواب إذا كنت لا تتولين تدريسهن ولا امتحانهن ولا أي مصلحة متعلقة بهن فلا حرج إن شاء الله تعالى في قبول هداياهن، لا سيما إذا كان دافع ذلك المحبة في الله، وأما إذا كنت تخافين أن يكون المقصود بهذه الهدايا تحقيق غرض عاجلاً أو آجلاً لهن أو لبعض ذويهن فالأولى عدم القبول، ورد ذلك بطريقة مناسبة لا تفسد قلوبهن عليك، وذلك اتقاء للشبهة، وفقك الله في الدنيا والآخرة.

تخصيص نسبة من المبيع للفقراء المحتاجين

تخصيص نسبة من المبيع للفقراء المحتاجين المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 5/5/1424هـ السؤال نظراًً للمنافسات التجارية الحالية في الأسواق الإنتاجية، وبحكم عملي كمدير لإحدى المنشآت الكبيرة في هذا البلد قررت خوض هذه المنافسات بشيء يعود مردوده لمصلحة الناس جميعاً، وذلك خلال عرض المنتوجات التي تنتجها المنشأة التي أديرها تحت شعار: (أخي المستهلك: اشتر أي قطعة من...... وأعلم أن نسبة مئوية من سعر المبيع عائدة إلى المنشآت الخيرية ومساعدة الفقراء والمحتاجين) . ملاحظات: (1) إن قيمة السلعة التي سوف أدخل بها المنافسة التجارية سعرها بعد المنافسة كما هو قبل المنافسة بدون زيادة، وبدون تعديل على جودة المنتج وصلاحيته. (2) إن كلمة المنشآت الخيرية تضم: ـ مساعدة المدارس الشرعية بمبالغ قيمة تسلم بإيصال معتمد. ـ إقامة بعض المشاريع التي يحتاجها الناس ـ حسب الظرف الراهن ـ. ـ مساعدة الفقراء من خلال إقامة مراكز لتسجيل عناوين العائلات الفقيرة، وهذه المراكز تقوم بالمساعدات المطلوبة بعد التحقق. 3ـ إن الغاية من هذه المنافسة وهذا الإعلان زيادة حجم المبيعات لمنتجات الشركة مرتبط بمشاريع خيرية تعود على الناس بالمصلحة والمنفعة. أخيراً أرجو من مقامكم الكريم تسجيل ملاحظاتكم إيجاباً أو سلباً بشكل موضح. أدامكم الله منارات للهدى والحق ودمتم باحترام. الجواب الحمد لله وحده، وبعد فلا يظهر - من تأمل الطريقة التسويقية التي ذكرها السائل محظور وأرجو أن يكون من جملة الأعمال الصالحة التي تنفع صاحبها إن كانت نيته في ذلك حسنة، وهي نوع من التعاون إذ المشتري اختار هذه السلعة ليكون بعض ما يدفعه مساهمة في المشاريع الخيرية والصدقات هذا ما ظهر لي، والله الموفق والهادي.

هل الهدية لا تهدى؟!

هل الهدية لا تُهدى؟! المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 19/4/1424 السؤال هدية أهديت لي من قريبة، وأريد أن أهديها لقريبة أخرى، ما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا بأس بذلك، لأنه لا يلزمك أن تستعملي الهدية، فلك حق التصرف في استعمالها، أو إهدائها، أو بيعها، أو الصدقة بها.

تنازل المرأة عن حقها في الميراث

تنازل المرأة عن حقها في الميراث المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 27/07/1425هـ السؤال الإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز للمرأة أن تتنازل عن حقها في تركة والدها دون أن تعرف قدرها أو تمتلكه؟ وهل يجوز لها التنازل عن حقها في التركة دون أن تستأذن زوجها أو تأخذ رأيه؟ وهل البيت المسكون يدخل ضمن التركة؟ أفيدوني مما أفادكم الله؛ وجزاكم الله كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. 1- فأكثر العلماء أنه لا تجوز هبة المجهول، وعليه فإذا كانت هذه المرأة تجهل مقدار نصيبها من تركة والدها فلا تصح هبتها إياه، وأما الامتلاك فالصحيح أنه يدخل ملكها بمجرد وفاة والديها، ولا تحتاج إلى قبول لتتملك به نصيبها. 2- يجوز لها التنازل عن حقها في التركة دون أن تستأذن زوجها أو تأخذ رأيه؛ لأنها المالكة ولها حرية التصرف في مالها، لكن إن رأت من حسن العشرة واختيار الأفضل أن تشاوره؛ فذلك خير، على أني أحب أن أنبِّه على أن بعض الأعراف عند بعض الناس تُلزم المرأة بالتنازل لشركائها من الذكور في التركة، وإلا نُظر إليها نظرة معينة، وهذا من الظلم الاجتماعي المخالف للشرع. 3- البيت المسكون إذا كان ملكاً للمورِّث - المتوفى- ولم يجعله وقفاً ولم يخرجه عن ملكه فهو داخل ضمن التركة وله حكمها. والله -تعالى- أعلم.

تغيير جهة التبرع

تغيير جهة التبرع المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 13/7/1424هـ السؤال هناك عائلة فقيرة بجوارنا وأهل المنطقة قاموا بحملة تبرعات وإجراء صيانة للبيت، ثم زاد مبلغ من المال، وهناك من هو أحق منهم بهذه التبرعات، فهل يجوز لي أن أعطيها لغيرهم؟ حيث إني أنا المسئول عن هذا المبلغ، كما أن هذه العائلة تأتي بعض المنكرات مثل حضور الحفلات الماجنة، رغم نصحنا لهم، وليس هناك من يعولهم ويتولَّى أمرهم، حيث إنهم ثلاث بنات، وأم وأخ متخلفان عقلياً، فهل نتركهم؟ فأهل المنطقة كرهوا مساعدتهم لتعنتهم وإصرارهم على المنكر. الجواب إذا أخذت تبرعاً من مسلم بصرفه في شيء معين وجب عليك صرفه فيه، فإن أردت تغيير جهة الصرف وجب عليك الاستئذان من المتبرع، وأما هذه العائلة فإن كانت محافظة على فرائض الدين من صلاة وصوم وزكاة وحج، وهي في حاجة للمال فعليك صرفها لهم، ولا يضر ذلك بعض المخالفات التي لا يسلم منها كل مسلم، فكل ابن آدم خطاء، وإن كانت غير محافظة على فرائض الدين فإن هذه التبرعات تصرف لمن هم أحق بها من أهل الدين والصلاح والأمانة والمحافظة.

أخذ الهدية على الشفاعة

أخذ الهدية على الشفاعة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 6/6/1424هـ السؤال قد أتى رجل لأحد أصحابي في الشرطة، وعرض عليه إخراج سيارة والتوسط بذلك، وعرض عليه مبلغ (500 ريال) ، ولم يطلبها فتوسط في ذلك وأخذ المبلغ من غير اشتراط، ما حكم هذا المبلغ رغم أنه تصرف بنصفه؟ الجواب ورد في الشفاعة حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا" رواه أبو داود (3541) وحسن إسناده بعض أهل العلم، فالشفاعة تكون لوجه الله - عز وجل- وهي من الأمور التي تبذل مجاناً دون مقابل هذا في الأصل، وبناءً على ذلك فلا يجوز أن يأخذ مقابلاً لهذه الشفاعة حتى لا تسد أبواب المعروف بين الناس.

قبول هدية من ماله حرام

قبول هدية مَن ماله حرام المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 18/7/1424هـ السؤال أخي موظف في أحد البنوك وقام بشراء جهاز كمبيوتر محمول لي، مع العلم أني لا أستطيع أن أشتري لنفسي، لأني طالب وأحتاج لهذا الجهاز في دراستي، وأنا استخدم الجهاز في الأمور الشرعية التي أخدم فيها بإذن الله الإسلام بقدر استطاعتي، مثل كتابة مجلة إسلامية للمسجد بهذا الجهاز، هل أرجع الجهاز ولا استخدمه أم ماذا؟ أفيدونا أثابكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: استخدامك لهذا الجهاز جائز ولا بأس به، وهذا الكمبيوتر الذي وصل لك من عمل أخيك هذا جائز ولا بأس به؛ لأن المال إذا كان محرماً لكسبه فإنما إثمه على الكاسب فقط، أما غيره فإنه لا يأثم، فإذا جاءتك هدية مثل هذا، ولو كان من محرم لكسبه فهذا جائز إن شاء الله، لكن أهل العلم كرهوا ذلك كراهة دون أن يكون هناك إثم، فيظهر لي والله أعلم أن استخدامك له مع الحاجة أن هذا إن شاء الله لا بأس ولا يلزم عليك أن ترده.

بذل الهدية درءا للظلم

بذل الهدية درءاً للظلم المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 18/9/1423هـ السؤال أنا طالبة في إحدى الجامعات الحكومية، والمشكلة هي: أنني فوجئت في يوم الامتحان لإحدى المواد بقرار من الدكتور المسؤول عنها، والممتحن لها بإلزام كل طالبة بما يسميه الهدية مقابل النجاح، والتي لم تحضر له الهدية جزاؤها الرسوب. أنا غير راضية ومؤمنة بحرمة هذا الأمر خصوصاً أنه يأخذ الهدية ويضع الدرجة، (حسب قيمة الهدية) ولا توجد أسئلة، أريد أن أعرف ماذا أفعل؟ خاصة وأني راسبة في مادتين (بسبب ظلم دكتور آخر) أي: أن الرسوب في أخرى سيؤدي إلى الرسوب عاماً كاملاً، وأنا في العام الثالث وأتمنى أن أتخرج من هذه الكلية، الظالم أهلها، أفتوني في أمري هل علي وزر إذا قدمت له هذه الهدية مضطرة لاتقاء شره؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان الأمر -كما ذكرتِ- فأرجو ألاّ حرج عليك في بذل الهدية له؛ لأنك مضطرة لذلك لأجل رفع الظلم عنكِ وأخذ الحق لك، وليس هذا من الرشوة في شيء، -والحمد لله-، وقد روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه أخذ بأرض الحبشة في شيءٍ، فأعطى دينارين حتى خُلي سبيله، وروى عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا:"لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم" انظر تحفة الأحوذي (4/471) . ولكن يجب عليكنَّ - وجوباً كفائياً - أن تشهدن عند المسؤولين في الجامعة على هذا المجرم الظالم بجرمه المشهود، إنكاراً للمنكر، ودفعاً للظلم، ونصرة للحق، ولن تعدمن للحق ناصراً. والتواطؤ على السكوت خذلان للحق وتمكين للظلم، وهو غرم في الدنيا وإثم في الآخرة. أسأل الله -سبحانه- أن يجعل لك من كل همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية، وأن يعينك على أمور دينك ودنياك، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.

استعادة الهبة

استعادة الهبة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 2/2/1425هـ السؤال المال الذي يدفعه الإنسان إلى أخيه على سبيل المساعدة والهبة، هل يجوز له المطالبة بإرجاعه عند حدوث خلاف بينهما؟ وهل يلزم المستفيد إعادته؟ وهل يأثم الذي طلب الإعادة؟. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

إذا دفع الإنسان لأخيه أو قريبه أو رفيقه مبلغاً من المال على سبيل المساعدة؛ فإن الواجب عليه أن يقصد بذلك التقرب إلى الله - عز وجل- طلباً في ثوابه، كما قال تعالى: "إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً" [الإنسان:9] ، وعلى المسلم أن ينوي بأعماله كلها وجه الله تعالى؛ لأن ما عند الناس ينفد وما عند الله باق، ويصدق هذا الأمر ما حصل بينك وبين أخيك، فإن مساعدتك له ذهب نفعها لما حصل الخلاف بينك وبينه، ولكن إذا نوى الإنسان بعمله وجه الله؛ فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. أما ما سألت عنه فإنه لا يجوز للإنسان أن يرجع في هبته لأخيه، فإذا دفع الإنسان مبلغاً من المال لغيره من الناس على سبيل التبرع والهبة، فإنه لا يجوز له الرجوع بعد أن يقبضها الموهوب له مهما كان السبب الداعي إلى ذلك؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "العائد في هبته، كالعائد في قيئه"، وفي لفظ: "كالكلب يعود في قيئه"، وفي رواية: "ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" متفق عليه البخاري (2589) ، ومسلم (1622) ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "ليس لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيم يعطي ولده" رواه أصحاب السنن الأربعة الترمذي (1299) ، وأبو داود (3539) ، والنسائي (3690) ، وابن ماجة (2377) ، وإذا كان الإنسان لا يجوز له أن يرجع في هبته لأخيه، فإنه يأثم إن طلب الرجوع؛ لأنه يطلب فعلاً محرماً، ولا يلزم الآخذ (الموهوب له) إعادة ما أخذ، ولا يأثم بذلك، لأن هذا المال أصبح ملكاً خالصاً له لا يشاركه فيه غيره والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التبرع للكفار بالدم

التبرع للكفار بالدم المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 24/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم التبرع بالدم للكفار؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هؤلاء الكفار لا يخلو أمرهم من حالتين: الحالة الأولى: أن يكونوا كفاراً محاربين للمسلمين، فهؤلاء لا يجوز التبرع لهم؛ لأن هؤلاء أعداء لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم-، وهم محاربون للمسلمين، فلا تجوز إعانتهم عليهم. الحالة الثانية: أن يكونوا كفاراً غير محاربين، وإنما هم مستأمنون أو معاهدون، فهؤلاء في حال الضرورة يجوز التبرع لهم؛ لقول الله - عز وجل-: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً" [المائدة: 32] . والله أعلم.

ينفق عليها من مال مختلط بالحرام

ينفق عليها من مال مختلط بالحرام المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 13/7/1425هـ السؤال إحدى الأخوات تود التبرع لمشروع بناء مسجد، ولكن ولي أمرها الذي ينفق عليها يعمل في بنك ربوي، وليس لها من ينفق عليها غيره، فما الحكم؟ وما حكم صدقة من يعمل في بنك ربوي؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: إذا كان ولي أمرها يعطيها نفقتها الشهرية أو اليومية، وتوفر منها لتتبرع للمشاريع الخيرية، فهي مأجورة على ذلك - إن شاء الله- وإذا لم يكن لها دخل إلا من هذا الرجل فليس عليها أن تسأل عن دخله؛ وإنما يحسن منها بذل المناصحة له لتحري الكسب الحلال، والصدقة من كسب حرام لا تقبل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المؤمنين بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ؛ فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا] (المؤمنون: من الآية51 [. وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ] البقرة: من الآية172 [". ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ "يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ. وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وغُذِّيَ بِالحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟! ". أخرجه مسلم (1015) فذكر صلى الله عليه وسلم أن أكل الحرام يمنع من إجابة الدعاء. وأما نفقة هذه المرأة فهي - إن شاء الله- مقبولة؛ لأنها تنفق مما دخل عليها ممن يجب عليه الإنفاق عليها. والله أعلم.

هل يعد هذا تمليكا؟

هل يعد هذا تمليكًا؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 28/08/1425هـ السؤال لي إخوة في المهجر منذ فترة طويلة من الزمن، وكنت الوحيد من إخواني الذي يعيش في بلدي مع والدي وأخواتي، وفي سنة من السنوات منذ فترة ليست بالقليلة اشترى إخوتي الذين في المهجر منزلاً، وطلبوا من الشخص الموكل بالشراء إثبات ملكية البيت باسمي؛ لكوني أقوم برعاية والدي الذي كان كبير السن وأخواتي، وبعد فترة من الزمن-خمسة عشر عامًا تقريبًا- فوجئت بطلب من إخوتي بالتنازل عن المنزل، حينها كنت قد بلغت رشدي وتزوجت، ولهذا قابلت طلبهم بالرفض، وكان ذلك من منطلق العقل فحسب، فلا يعقل بعد هذه الفترة الطويلة من الزمن أن أبقى أنا وأولادي من غير منزل، وهم كانوا في المهجر مغتربون، وقاموا ببناء منازل لهم في بلدنا، فهل لي حق الرفض في التنازل؟ وما المخرج المناسب في ذلك شرعًا؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هؤلاء الإخوة إن كانوا قد وهبوك هذا المنزل فإنه لا يجوز لهم الرجوع فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "العَائِدُ في هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ في قَيْئِهِ". أخرجه البخاري (2589) ومسلم (1622) . وقوله صلى الله عليه وسلم: "العَائِدُ في صَدَقَتِه كَالْكَلْبِ يَعْودُ في قَيْئِهِ". أخرجه البخاري (1490) ومسلم (1620) ، ولأن الإنسان إذا أخرج لله عز وجل فإنه لا يجوز له أن يرجع، وأما إن كان قصدهم إعارتك هذا المنزل تسكن فيه حتى يرجعوا، أو حتى يطالبوا فلهم الحق. والله أعلم.

الخصم لنظام التقاعد

الخصم لنظام التقاعد المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 24/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل في إحدى المؤسسات، ويوجد بها صندوق للتأمين الخاص، ونظامه خصم مبلغ شهري في حدود 66 جم تزيد سنويًّا ثم يتم خصم حوالي 500 جم سنويًّا تزيد أيضًا سنويًّا بزيادة المرتب الشهري، وفى حالة الوفاة يتم إعطاء المشترك 28 شهرًا من قيمة المرتب الذي يصل حاليًّا بالنسبة إلى 240 جم بالإضافة إلى 5 أشهر عن كل عام خدمة بالمؤسسة، أما في حالة خروج الموظف على المعاش يحصل على مبلغ يصل إلى حوالي 300 ألف جنيه، علمًا بأن المبلغ الذي يحصل عليه الشخص في كل حالة لا يصل قيمته إلى ما تم دفعه، ويستثمر هذا الصندوق أمواله في شهادات استثمار مجموعة (أ) ذات العائد الثابت بنسبة 88 % من أمواله. نرجو من فضيلتكم إفادتنا بالرأي عن مدى كون هذا الصندوق الاشتراك به حلال أم حرام؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما يحصل عليه الموظف من معاش تقاعدي، بعد تركه للخدمة جبرًا أو اختيارًا جائز شرعًا- سواء زاد أو نقص عمَّا دفعه الموظف؛ لأن هذه الزيادة هي من باب عقود التبرعات وليست من باب المعاوضات، لأن الشركة أو المؤسسة الحكومية مثلاً عملت هذه الزيادة تشجيعًا منها ليدخل الناس في خدمتها، ومن باب الدعاية لها، ومنافسة منها للشركات والمؤسسات الأخرى، مع العلم أن الموظف ليس دائمًا يدفع أكثر مما يأخذ من الشركة، بل إذا طالت خدمته أو تأخرت وفاته فإنه يأخذ أكثر مما دفعه.

أما إذا كانت أموال الشركة محتملة لهذا الصندوق المشار إليه في السؤال- تستثمر في البيع والشراء فإن المساهم (الموظف) شريك في الربح والخسارة، وغالب شركات التأمين تمتنع عن ذلك، وإنما تعطيه قسطًا تأمينيًّا ثابتًا أو مقطوعًا، وهذا حرام؛ لأن هذا العمل عقد معاوضة، وعقود المعاوضات يجري فيها الربا عكس عقود التبرعات، وإذا كان الأمر كذلك فإن عمل هذا الصندوق غير شرعي لاشتماله على الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة، ولما فيه من الجهالة والغرر، فضلاً عما يتعامل به عادة بالبيع والشراء من الأعيان المحرمة غالبًا كالخمور ولحم الخنزير ومشتقاتهما، وإذا كان الأمر كذلك فهذا العمل لا يجوز إن كان لك مندوحة عنه، وإن كنت مجبرًا عليه ولا خيار لك- ولا أظن الأمر كذلك- فدخولك فيه حينئذ جائز من باب الضرورة والقاعدة الشرعية: "الضرورات تبيح المحظورات" تؤيد ذلك، غير أن الضرورة تقدر بقدرها كيفًا وكمًّا، وزمانًا ومكانًا، وأخيرًا أنصحك ألا تأخذ من التأمين أكثر مما دفعت، والأولى لك عدم الدخول في هذا الصندوق التأميني. والله أعلم.

تبنوه فهل ينتسب إليهم؟

تبنَّوه فهل ينتسب إليهم؟ المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 08/11/1425هـ السؤال إلى شيخنا الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي مشكلة وأريد حلاً لقد نشأت في أسرة ليست أسرتي، حيث إن الأب والأم لا ينجبان، فقاموا بجلبنا وتسجيلنا في الجنسية على أننا أبناءهم، وقد كتمت الأمر في قلبي، أبلغ من العمر الآن 21 عاماً، لقد مات أبى وترك لنا أملاكه التي هي مصدر رزقنا الدنيوي، هل هذه الأموال من حقنا أم أن مطعمنا حرام، وملبسنا حرام، لقد تعبت، لا أعرف من هم أهلي الحقيقيون، وهل أنا ابن حلال أم لا؟ وهل ورد بخصوص ابن الحرام أن لذلك تأثير على دينه؟ وإذا أردت أن أتزوج ماذا أقول لأهل العروس وكيف سأواجه الناس التي لا ترحم؟ أفيدونا بارك الله فيكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب: أنه إن كان هذا الرجل قد وهبكم هذا المال في حياته، أو شيئاً منه فهو حلال لكم بلا إشكال، وكذا إذا وصى لكم به بعد موته، لكن يشترط هنا (في الوصية) أن يكون لا وارث له لا بفرض أو تعصيب أو رحم، فإن كان له وارث فليس لكم من الوصية إلا الثلث فقط. هذا أولاً.

ثانياً: أنه إن كان لم يفعل شيئاً مما تقدم فماله لورثته، ويجب أن يرد إليهم كل ما خلفه من مال منقول، أو ثابت، وأنه لمن النادر أن يكون الشخص ليس له وارث بفرض أو تعصيب أو رحم، ومن النادر أيضاً أن يكون منقطعاً ليس له قبيلة أو جماعة ولو من بعيد، وقد مات رجل من قبيلة فدفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ميراثه إلى أكبر رجل في قبيلته. أخرجه أحمد (5/347) ، وأبو داود (2903) ، (2904) ، والحديث وإن كان في سنده مقال إلا أن الأصول تؤيده وتدل عليه، وله حظ من النظر، وبه قال طائفة من العلماء كالإمام أحمد في قول منصوص، لكن يشترط لذلك ألا يكون هناك من هو أقرب منه، أو أولى منه، فإن عدم ذلك كله فماله لبيت المال (بيت مال المسلمين) إن كان منتظماً، وهذا متعذر في بلدكم الآن، وعليه فإذا تحققتم من انعدام ورثته فبالإمكان التواصل معنا عن طريق هذه النافذة بالسؤال والاستفسار مستقبلاً. وهذا ثالثاً. رابعاً: أنه في حالة وجود ورثة له فتدفع أصول المال وأعيانه إليهم وما نتج عنه مما لا عمل لكم فيه ولا سبب، أما ما نتج بسبب عملكم أو تجارتكم فيه، فأنتم شركاء للورثة فيه، لكم إما ثلث هذا الناتج والربح، أو نصفه، أو ربعه، حسب العرف عندكم فيمن عمل مثل ذلك من الشركاء، بمعنى أنه يعطى حصة المضارب الذي يكون عليه العمل وعلى شريكه دفع رأس مال الشركة، هذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-، أو حسب ما تتفقون عليه مع الورثة. خامساً: أنه قد ورد الوعيد الشديد جداً لمن انتسب لغير أبيه، وعليه فيجب عليكم تعديل ذلك إن استطعتم إلى ذلك سبيلا، وبإمكان أحدكم أن يبقى اسمه الحالي وينتسب إلى أب وجد معبدين لله كعبد الله بن عبد الرحمن آل عبد الكريم.

سادساً: أنه لا يصح حديث في ذم ولد الزنا، وكل حديث ورد في ذمه فهو ضعيف لا تقوم به حجة ولله الحمد-، ولا تأثير عليه في دينه بسبب ذلك، بل ولا تأثير على والديه إذا تابا توبة نصوحاً فما بالك بمن لا ذنب له (من ولد بسبب زلة والديه؟!) ، ولا يجوز تعييره أو سبه بذلك، بل ولا يجوز سب والديه لذلك، ومن فعله فعليه العقوبة والتعزير. سابعاً: أن هذا أمر قدره الله عليك فارض بقضاء الله وقدره، واصبر واحتسب، كل ما يحصل لك من أذى بسبب ذلك، وعليه فلا بد أن تخبر المرأة التي تريد الزواج منها، وأن تخبر أهلها بوضعك، وإن شاء الله سوف يوفقك الله في امرأة صالحة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وهبت بنتها بيتها دون سائر ولدها مكافأة لمعروفها!

وهبت بنتها بيتها دون سائر ولدها مكافأة لمعروفها! المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 24/10/1425هـ السؤال السلام الله عليكم ورحمته وبركاته. تقدمت لجارتي طالبًا الزواج منها، وكانت في هذا الوقت عمرها 40 عامًا، ولم يسبق لها الزواج، وإخوانها 11 أخًا، منهم ثلاث إناث غيرها، وقد كرسوها لخدمة والدتهم لانشغالهم بأعمالهم بالخارج، إلى أن وصلت لهذا السن، وقد أحضرت الأم الأخ الكبير لها وطلبت منه أن تؤمِّن لأخته هذه حياتها قبل مماتها، فأشار عليها بالتنازل عن الشقة التي تسكن الأم بها لأخته، خاصة أن الشقة باسم الأم، وقد كان، فتنازلت الأم عن الشقة لابنتها قبل زواجي بها بسبعة أعوام دون علمي بهذا، في يوم زواجي بها وبعد وفاة الأم منذ عام طالبها أخوها الكبير برد الشقة لهم مدعيًا بأن الشرع يحكم بذلك، وادعى بأن والدته تعذب في قبرها من أجل ذلك، سؤالي: هل فعلاً ما فعلته حماتي باطل شرعًا؟ وهل يجب علينا رد الشقة لهم باعتبارهم ورثة شرعيين رغم ثرائهم؟ وهل ضاعت خدمة زوجتي لأمها إلى أن وصل سنها للأربعين هباءً رغم رفضهم لخدمة أمهم؟ علمًا بأن الشقة أقيم بها أنا وزوجتي الآن ولا يوجد مأوى لنا غيرها. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كانت الأم تمتلك هذه الشقة وثبت أنها تنازلت عنها في حال صحتها لابنتها نظير قيامها بخدمتها، وكان ذلك برضا إخوتها وأخواتها، فإن عملها صحيح، ولا يحق لأحد من إخوتها أو أخواتها أن يعترض عليها الآن في ملكية هذه الشقة بعد وفاة الأم، وكذلك إذا كانت ملكية الشقة مشتركة وتنازلوا جميعًا عنها لأختهم الكبيرة، فإنها تعد هبة ولا يجوز الرجوع فيها.

وأما إن كانت الأم أعطت هذه الشقة لابنتها دون رضا باقي الأولاد، فهذا ينافي العدل الواجب في العطية بين الأولاد، وقد اختلف الفقهاء في حكم إرجاعها بعد وفاة الواهب، فذهب جمهور العلماء إلى ثبوتها للمعطى له وليس لبقية الورثة الرجوع. وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن لباقي الورثة أن يرتجعوا ما وهبه. والذي أراه- إذا كان الأمر على ما ذكر- أن على هؤلاء الإخوة أن يتقوا الله تعالى، ويتركوا النزاع في هذه القضية، ويمضوا عطية أمهم، ولا ينسوا ما فعلته أختهم من خدمة وبرٍّ بهم وبوالدتهم إلى أن تقدم بها العمر، وكان الأجدر بهم أن يحسنوا إليها بأن يمنحوها شيئًا من أموالهم بدلاً من منازعتها ومخاصمتها، ولا سيما أن الله تعالى قد أنعم عليهم بالمال والثراء. وإذا لم يتم حل هذا النزاع بطريقة ودية، فيمكن رفع هذه القضية إلى المحكمة ويفصل فيها القاضي الشرعي. وعليك أن تشعر زوجتك أن تحتسب الأجر عند الله تعالى، وألا تظن أن خدمتها لأمها ضاعت هباء، بل هي محفوظة لها- إن شاء الله- في الآخرة، وثواب الآخرة أعظم من ثواب الدنيا وأبقى.

هل لهم الحق في أخذ حق نهاية الخدمة؟

هل لهم الحق في أخذ حق نهاية الخدمة؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 21/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أحد إخواني -الله يرحمه ويتغمده برحمته إن شاء الله- قد عرض عليه أحد أبناء عمي أن يوظفه بوظيفة بإحدى المؤسسات، وقد اتفقوا على أن يأخذ أخي -الله يرحمه- مبلغ وقدره 3500 ريال شهرياً، ولا يأتي لدوام ولا يأتي ليستلم المبلغ، بل يحول إليه عن طريق البنك أو مع الشخص السابق الذكر، على أن يقوم أخي -رحمه الله- بإعطائهم صورة بطاقته ويسجلونه بمكتب العمل والعمال على أنهم موظفون سعوديون، وقد مضى له ستة أشهر بالوظيفة، الآن وقد انتقل أخي إلى -رحمة الله- فقد عرض علي ابن عمي -الشخص الذي وظف أخي بالمؤسسة- أن نعطيه الأوراق التي تثبت وفاة أخي؛ على أن يصرفون لأولاده وزوجته مبلغاً وقدره 1500 ريال شهرياً، ومبلغًا آخر قدره 10000 آلاف ريال كنهاية خدمة، مع العلم أن ذلك (التوظيف والمطالبة بنهاية الخدمة) تم بموافقة المسؤول المباشر عن التوظيف، وقد عرضت الأمر على زوجته، وقالت أسأل أحد المشايخ هل يجوز أن آخذ المبلغ أم لا؟. حفظكم الله ورعاكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

هذا العمل من الشركة والمسؤولين فيها أشبه ما يكون هبة منها؛ لتحصل على نسبة السعوديين المحددة لها لدى وزارة العمل، فالشركة لا تريد من أخيك العمل فيها، وإن كان هذا تحايل فهو من الشركة لا من أخيك؛ إذ لو طلبت منه الحضور أو العمل مقابل ما منحته من راتب لاستجاب، والذي يظهر لي جواز أخذ الراتب التقاعدي ومكافأة نهاية الخدمة وتكييف ذلك شرعاً، أن أخاك تعاقدت معه الشركة على استخدام اسمه فيها مقابل مبلغ معين، وهذا مثل من يبيع رقم طلبه في صندوق التنمية العقاري أو غيره إذا كان رقم طلبه حالاً أو متقدماً، والعلماء في هذا مختلفون بين مجيز ومانع، والذي يظهر لي جواز مثل هذا. والله أعلم.

التقاعد والفوائد الربوية

التقاعد والفوائد الربوية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 13/09/1425هـ السؤال الحكومة في بلدي تحسم من موظفيها مبلغًا شهريًّا لحساب صندوق التقاعد. بعد ذلك تضيف الحكومة فائدة على المبالغ المتجمعة وتدفع للموظف عائدًا صحيًّا عند التقاعد. ويتم استقطاع المبلغ الشهري من الراتب إجباريًّا. أنا أرغب في جعل المبلغ المستحق لي في صندوق التقاعد خاليًا من الربا. ويمكن عمل ذلك ببساطة عن طريق تقديم طلب بذلك فيصبح المبلغ المستحق لي خاليًا من الربا منذ بداية التعامل. زوجتي تؤيد بقوة مثل هذا الرأي. لكن آخرين لا يؤيدونه. البعض يقول إن الحكومة تضاعف أموال التقاعد هذه عند التقاعد كرمز تقدير لزميل قديم يترك المهنة ولا يمكنه العمل أكثر مما عمل. وهذا واجب على الحكومة أن تعتني بكبار السن. والبعض يقول إن مبلغ 1500 روبية مثلا الآن لن يكون له نفس القوة الشرائية بعد 30 سنة. فتكون هذه الفائدة لازمة لحفظ القوة الشرائية للمال. الآن عندي فكرة أن أترك حسابي لدى الحكومة كما هو مع الفائدة. وفي كل شهر رمضان أحسب قيمة الذهب الذي يمكن شراؤه بمالي المتجمع على مدار السنة. ثم في كل سنة أستمر في إضافة قيمة الذهب حتى وقت التقاعد. وعند التقاعد آخذ المبلغ الإجمالي من صندوق التقاعد ثم آخذ منه لنفسي المبلغ الذي يمكنه شراء قيمة الذهب المتجمعة كما حسبتها، وأنفق ما تبقى على الفقراء على أنها ليست من حقي. ثم أدفع الزكاة على المبلغ الذي أخذته لنفسي عن جميع السنوات المتجمعة. وبهذا يكون المبلغ المتجمع لي خاليًا من الربا وله نفس القوة الشرائية. فالإسلام يعتمد على القيم الثابتة من الذهب والفضة وليس على الدرهم والدينار كما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. أرجو التوجيه والنصيحة منكم. الجواب

ما تفعله الحكومة الباكستانية مع موظفيها- كما في سؤالك- وهو النظام التقاعدي في عموم الدول الإسلامية مع موظفيها ليس عقدًا ربويًّا بل عقد من عقود التبرعات؛ لأن الدولة ممثلة في ولي الأمر معنية برعاية الموظف وبمن يعول بعد نهاية خدمته وكبر سنه فما تقتطعه من مرتبه شهريًّا تضيف عليه ن سبة تماثل لما اقتطعته منه أو نحوها وتقوم بتشغيلها وتنميتها ثم يصرف له كامل النسبتين بعد تقاعده، وإنما أتت شبهة الربا عند بعض الناس من حيث إن الموظف يدفع مالاً على أقساط قليلة فيأخذ أكثر منها عند تقاعده من الوظيفة، وليس كذلك، إذ حقيقة الأمر أن ما دفعته الدولة من نسبة هو تبرع وليس لقاء عمل، إذ مقابل العمل هو الراتب الشهري الذي يستلمه الموظف آخر الشهر، فهذا من الدولة شبيه بالمكافأة، وأيضًا مما يؤكد أن المعاش التقاعدي عقد تبرع لا معاوضة: أن توزيع هذا المعاش بعد وفاة صاحبه لا يوزع حسب المواريث الشرعية بل على نمط خاص مما يدل على أن الدولة لا ترى ما تعطيه للموظف أو ورثته حقًّا ثابتًا له وإنما هو تبرع له ومكافأة، وهذا زائد عن عقد المعاوضة معها الراتب الشهري الصافي بعد الخصم، وإن كان من شبهة في معاشات التقاعد فهو أن أكثر الدول تشغل نسبة ما تقتطعه من راتب الموظف في أعمال ربوية، وهذا حرام على الدولة ولا دخل للموظف فيه، حيث لم يعلم أو يؤخذ رأيه في تشغيل ما يخصه، فهي المرابية وهي الظالمة، والموظف لم يرض بذلك بل هو مجبر عليه- دخلت مع الدولة على هذا الأساس، وللدولة زيادة الراتب أو نقصانه دون أخذ موافقة الموظف. ولو كان عقدًا كسائر العقود لما جاز لها ذلك.

أما إخراج الزكاة عن ما يقتطع منك لقرض التقاعد فلا زكاة فيه لأنك لا تملكه، وإنما تملك راتبك بعد أن تخصم منه هذه النسبة، فإذا كان راتب وظيفتك مثلاً (3000) روبية في الشهر، وبعد الخصم ستستلم (2500) روبية، فإن راتبك الفعلي هو هذا لا غير، وتزكي النقود إذا بلغت النصاب، والنصاب هو ربع العشر (½ 2 %) وحال عليها الحول مهما بلغت قوتها الشرائية ارتفاعًا أو انخفاضًا، وتعتبر الزكاة وسائر الحقوق المالية بالدراهم والدنانير، والعملات الورقية القائمة اليوم كالريال والروبية والدولار تقوم مقامها، وكل عملة ورقية قائمة بنفسها في البيع والشراء وليست قائمة مقام الذهب والفضة، وإنما قوتها وضعفها بقوة اقتصاد الدولة وضعفه، وإذا كانت الدولة لا تصرف لموظفيها ذهبًا ولا فضة فالاعتبار للعملة الورقية وليس للذهب ولا للفضة، وإذا كان الأمر كذلك فلا داعي لما أردت فعله من احتسابك قيمة الذهب الذي اشتريته أو تريد شراءه ثم عند دفع الزكاة. وخلاصة القول: أن ما يصرف لك من معاش تقاعدي كله حق لك في الشرع فلك أن تتبرع به كله أو ببعضه إذا شئت. وفقنا الله وإياك إلى كل خير.. آمين

وهب ماله لأولاده دون سائر الورثة

وهب ماله لأولاده دون سائر الورثة المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 02/04/1426هـ السؤال والدي ربى إخوته وأنفق عليهم وزوَّجهم، ونحن ثلاث بنات، فهل يجوز له أن يكتب لنا أملاكه؟ وخصوصاً المنزل حتى تعيش فيه أمنا؛ فليس لها مكان آخر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: يجوز للأب أن يهدي لأبنائه ذكوراً أو إناثاً دون بقية الورثة بشرطين: الأول: أن يساوي بينهم في الهدية، فلا يجوز له أن يعطي أحدهم أكثر من الآخر بغير موجب، على الراجح من أقوال أهل العلم. الثاني: أن تكون الهدية منجزة حال الحياة، غير معلقة بموته، وإلا أصبحت الهبة هنا وصية، والوصية لا تجوز لوارث. ولا تصح الهبة أيضاً إذا كان الواهب مريضاً مرضاً يغلب عليه معه الهلاك، وهو ما يسمى في اصطلاح الفقهاء (مرض الموت المخوف) خصوصاً مع وجود قرينة تدل على أن قصد الواهب حرمان بقية الورثة من الإرث. والله أعلم.

هل هذا من الرجوع في الهبة؟

هل هذا من الرجوع في الهبة؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية التاريخ 04/06/1426هـ السؤال السلام عليكم لي أخ أصغر مني، أقسمت له أن أعطيه جوالا بعد أن يفي لي بوعده، وفعلاً فعل ما كان عليه، وأعطيته إياه، وأعاده لي لكي أصلحه له، وبعد يومين أراد الخروج من البيت للهو فقط، وكنت محتاجاً له ليساعدني في شيء، فأقسمت له ألا أعيد له الهاتف إن لم يبق معي، فأجابني بأنه لا يهمه وخرج، وبدوري لم أعده له، فهل يجوز ما فعلت؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن كنت قد أعطيته الجوال هبة فلا يجوز لك الرجوع فيه لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه" رواه البخاري (2589) ومسلم (1622) ، وإن سلمته له فعليك كفارة اليمين المذكورة في قوله تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة:89] . أما إن كنت أعطيته الجوال إعارة فلك الرجوع في ذلك، ولا شيء عليك، وإن كان أخوك صغيراً بحيث لا يحسن التصرف بالجوال، أو يستخدمه بما لا يليق فالواجب منعه منه حتى يكبر، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

التأمين

التأمين على السيارة والنفس المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 15/5/1422 السؤال ما حكم التأمين على السيارة وعلى النفس؟ الجواب التأمين على السيارة أو الروح من الميسر، فهو داخل تحت قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)) ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((نهى عن الغرر)) رواه مسلم. والتأمين فيه غرر وميسر؛ إذ الداخل فيه دائر بين الغنم والغرم، وبالله التوفيق..

التعامل مع شركات التأمين

التعامل مع شركات التأمين المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 29/4/1422 السؤال انتشرت في الآونة الأخيرة شركات التامين منها الشركة التعاونية لتامين حيث تقوم الشركة بتحويل الأشخاص المؤمن عليهم - والذين يحتاجون النظارات الطبية إلى بعض محلات النظارات المتعاقد على أن تقوم الشركة بالتسديد آجلاً لمحل النظارات المتعاقد معه، مبلغ متفق علية أيضاً بين الشركة والمؤمن علية فهل يجوز تعامل محل النظارات مع هذه الشركة علماً بأن الغالبية العظمى منهم مؤمن عليهم عن طريق جهات العمل؟ الجواب لا يجوز التعامل مع هذه الشركات في أغراضها المحرمة، وهو التأمين القائم على الميسر، لقوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوة لعلكم تفلحون ". ولما في ذلك ممن التعاون على الإثم والعدوان، وهذا لا يجوز، لقولة تعالى:" وتعاونو على البر والتقوى، ولاتعاونو على الإثم والعدوان" ولا يظهر الفرق بين كون المريض مؤمناً علية من جهة العمل أو لا مادام أنة سيتعامل مع هذه الشركات، وبالله التوفيق.

التأمينات الاجتماعية

التأمينات الاجتماعية المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 7/4/1422 السؤال ما حكم الاشتراك في التأمينات الاجتماعية؟ الجواب الذي يظهر من سؤال السائل أنه يسأل عن التأمينات الإجتماعية الشبيهة بالتقاعد، والتي صورتها أن يدفع العامل لهذه المؤسسة نسبة من راتبه الشهري، ويدفع رب العمل، مثل هذه النسبة، ولنفرض أن النسبة 9% فيتحصل من ذلك 18%، 9% من العامل و9% من رب العمل ويدفع ذلك لمؤسسة التأمينات الاجتماعية بصفة شهرية ولسنوات معلومة في نظام هذه المؤسسة، وبعد مضي العامل في عمله عدة سنوات قد تتجاوز العشرين عاماً يجرى له راتب سنوي حسب ما ينص عليه نظام الدخول في هذا التنظيم، ولعل السائل يسأل عن حكم ذلك. والذي يظهر لي جواز هذا النوع وهو ما يسمي بالتأمينات الاجتماعية وحكمه حكم التقاعد الذي تقوم الدولة بإجرائه مع موظفيها، والواقع أن هذا النوع مع النوع الآخر وهو التقاعد كلا هذين النظامين قد ينطبق عليهما المبدأ العام للتأمين ورأيي أن التأمين لم يبحث من ذوي اختصاص وأهلية للبحث البحث الذي يستحقه، وإنما بحث بحثاً فيه شيء من القصور وعدم التصور لواقعه حيث إن أول الجهات التي بحثته بحثته بحثاً يفتقر إلى تصور واقعه، والتحقيق العلمي فيما قيل عنه من أنه يشتمل على الضرر والغبن والجهالة والربا والقمار وغير ذلك من الصفات التي ألصقت بهذا النوع إلصاقاً يفتقر إلى التحري والتحقيق، وما جاء بعد ذلك من تأييد لأول قرار صدر في التأمين جاء على سبيل التقليد، ولهذا أتجه لي القول: أن الموضوع في حاجة ملحة إلى بحثه من ذوي الاختصاص في النظر والفقه والإقتصاد والجانب التطبيقي حتى يتضح أمره، ويكون الناس على بينه من الحكم عليه.

التأمين ودفع الفروق المستحقة

التأمين ودفع الفروق المستحقة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 27/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كما للصحة تأمين، فللسيارة تأمين إجباري أيضا, فإذا قدر الله وحصل حادث, وجمعت جميع الدفعات الشهرية لشركة التأمين أكون أنا قد دفعت مبلغاً وقدره 1000$, والحادث قد أسفر عن ضرر بمبلغ 2500 أو 3000، فهل يجب أن أقوم هنا أيضا بدفع الفارق لهيئة إسلامية أو التصدق به؟ وما الفائدة من التأمين هنا إذا أنا سأدفع الفارق في وقت آخر؟ وماذا إذا كنت لا أستطيع دفع الفارق؟ علما بأن شركة التأمين تقوم بأخذ الأموال الطائلة، ولا تحصل حوادث, وهذه المبالغ تذهب في أغلب الأحيان لليهود - لعنهم الله-.أفيدونا -سدد الله- على الحق خطاكم، وزادكم الله علماً وحرصا وإيانا والمسلين أجمعين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: عقد التأمين التجاري حرامٌ في كل صوره، سواء كان تأميناً طبيّاً أو على السيارة ... إلخ. وعلى هذا لا يجوز للمسلم أن يدخل في عقد من عقود التأمين التجاري إلا على وجه الاضطرار والإجبار، حتى ولو دخل في عقد التأمين مضطراً فإنه يجب عليه أن يتجنب أكل الربا والقمار، وهذا يقتضي ألا يأخذ أكثر مما دفع، فلو دفع لشركة التأمين 1000 دولار، ثم وقع لسيارته حادث يكلف إصلاحها 2000 دولار، فله أن يأخذ من شركة التأمين هذين الألفين، لكن عليه أن يُخرج من ماله فرق ما بين قيمة عقد التأمين وقيمة إصلاح السيارة (1000دولار) ويصرفها في مصالح المسلمين العامة تخلصاً لا تصدقاً.

وإنما نقول له يصرفها في مصالح المسلمين ولا يردها إلى شركة التأمين؛ لأن في ردها للشركة تقوية لها وإعانة لها على باطلها (وهو الاستثمار في عقود التأمين المحرمة) ، ولأنها قد أكلت من المسلمين أضعافاً مضاعفة من أقساط التأمين بلا مقابل. على أنه يُستثنى مما سبق ما لو كانت له عقود تأمين سابقة مع الشركة نفسها، ولم تغرم الشركة قيمة العقد في إصلاح سيارة أو في علاج طبي..إلخ، ففي هذه الحال له أن يستوفي هذا المبلغ في العقد اللاحق أو القسط التالي (أي ترحيل مبلغ عقد التأمين إلى العقد الذي يليه) ويكون مُستَحَقَّاً له على الشركة. وبالمثال يتضح المقال: فلو فرضنا أنه تعاقد مع شركة التأمين على تأمين سيارته لمدة سنة، ودفع في هذا العقد 1000 دولار، ثم انقضت السنة ولم يحصل لسيارته أي خلل أو تلف. ثم في السنة التي تليها دفع 1000 دولار أخرى، وغرمت الشركة أثناء هذه السنة 2000 دولار لإصلاح سيارته. ففي هذه الحال لا يجب عليه أن يخرج الفرق بين ما دفعه وما غرمته الشركة لإصلاح سيارته وهي (2000- 1000=1000) ؛ لأن له 1000 دولار واجبة على الشركة في العقد السابق لم تغرمها وله أن يستوفيها منها. فهذا المبلغ يُرحَّل إلى العقد التالي، ويكون مستحقّاً له على الشركة. وهكذا لو كانت عدة عقود ذهبت عليه أقساطها بلا مقابل، تكون مستحقة له على شركة التأمين، فلو دفع ثلاثة أقساط في ثلاث سنوات (كل قسط 1000 دولار) على تأمين سيارته، ولم تغرم الشركة شيئاً في إصلاح سيارته وصيانتها، فتكون الـ3000 دولار مستحقة له عليها، يستوفيها في العقود التالية على غرار المثال الأول.

أما سؤالك عن الفائدة من التأمين إذا كنت ستدفع الفارق بين ما دفعته وما غرمته الشركة لك فهو سؤال مبني على افتراض جواز التأمين. ونحن نقول: عقد التأمين لا يجوز، وهو عقد غرر وقمار وربا؛ إذ يدفع المؤمِّن على سيارته ـ مثلاً ـ أقساطاً كبيرةً من التأمين، ولا يدري هل سيحصل على ما يقابل ذلك من المنفعة أم لا، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة التأمين، فقد يقع على السيارة المؤمَّن عليها تلفٌ بالغٌ لا تغطيه أقساط التأمين كلها (وهذا قليل) ، وقد لا يقع على السيارة شيءٌ من ذلك (وهو كثير) ، فتذهب الأقساط على صاحبها من غير فائدة، وتأكلها الشركة بالباطل. ومن هنا نجد أن تجارة شركات التأمين التجاري المتحصلة من أقساط التأمين لا تقوم على الحذق في التجارة، ولا على جهد العمل ومقداره، وإنما هي ترقُّبٌ لما يلده الغيب، وما تجنيه من الأموال الطائلة من المؤمِّنين إنما هي ضربة حظ، وهذا عين القمار المحرَّم في الشرع. ولا نذهب بعيداً، فهذه بعضُ شركات التأمين في الولايات المتحدة الأمريكية تعلن إفلاسَها بعد حادثة 11 سبتمبر، فقد ذهبتْ هذه الحادثة بأموالها كلها. كما ذهبت أقساط التأمين على أصحابها من قبلُ. وقد صدر من مجلس مجمع الفقه الإسلامي قراراً بشأن هذا التأمين التجاري، جاء فيه: أولاً: أن عقد التأمين التجاري ذي القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعاً. ثانياً: أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التأمين الشامل

التأمين الشامل المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 26/6/1424هـ السؤال أنا أعمل في شركة تعمل في مجال الاتصالات، ومن ضمن المزايا التي تقدمها الشركة للموظف التأمين الشامل للسيارة في حالة وقوع حادث، علماً أن هذا التأمين للموظفين الذين يستخدمون سياراتهم الخاصة لصالح أعمال الشركة، ويتم ذلك بأن يتفق الموظف مع إحدى شركات التأمين ويدفع لهم المبلغ من ماله الخاص، ثم يقدم أوراقه للشركة التي تقوم بعد ذلك بإعطائه المبلغ، شريطة ألا يتجاوز المبلغ الخمسة آلاف ريال، فما حكم هذا التأمين؟ مع العلم أن شركة التأمين تعطي تأمين الرخصة الإلزامي كهدية إذا أمن الشخص تأميناً شاملاً، فهل يجوز لي أن أؤمن تأميناً شاملاً حتى أحصل على تأمين الرخصة، وأتجنب أن أدفع شيئاً من مالي الخاص؟. الجواب إذا وقع الحادث لسيارتك الخاصة فلك أن تأخذ من التأمين (الشامل) بقدر قيمة إصلاح ذلك الحادث ولا تزد عليه، وإن كانت قيمة إصلاح السيارة أكثر من المبلغ المخصص للتأمين عليها من الشركة فلك مطالبة الشركة بالقدر الزائد عن المبلغ المحدد من قبلها، أما قبول تأمين الرخصة الإلزامي كهدية من الشركة، لا لأنه في أصله جائز وإنما لوجود الإلزام والجبر عليه (التأمين على الرخصة تجاه الغير) فلا فرق أن تقوم بالتأمين بنفسك، أو يقدم إليك هدية من شركة هي مجرد واسطة، والله أعلم.

الفرق بين التقاعد والتأمين

الفرق بين التقاعد والتأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 5/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم نظام التقاعد؟ وهل هو عقد ربوي؟ وأرجو بيان الفرق بينه وبين نظام التأمين، وإذا أراد الإنسان أن يتقاعد فهل هناك فرق من ناحية شرعية بين أن يصفي الموظف حقوقه أو أن يستلم راتب التقاعد؟ أرجو البيان الشافي؛ حيث أن الأمر اشتبه علي منذ أن تكلم العلماء في إنكار التأمين وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم إلى السداد والصواب والإخلاص والتوفيق في الدنيا والآخرة إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب نظام التقاعد ليس عقداً ربوياً وليس من التأمين المحرم وإنما استدل من يرى جواز التأمين التجاري بجواز نظام التقاعد، ولا أعرف أحداً من أهل العلم حرم (معاش التقاعد) بدليل معتبر، وإنما جاء اللبس على بعض الناس من العامة حيث كل من عقدي (التأمين والتقاعد) يدفع فيه الشخص أو الموظف مبلغاً من المال مقسطاً ثم يأخذ بعد زمن مبلغاً أكثر مما دفع مقسطاً أيضاً.

ووجه جواز معاش التقاعد أن الموظف منحته الدولة مكافأة (9%) تضم مع ما يخصم من راتبه الشهري وهو (9%) ثم يعطى الموظف مجموع النسبتين بعد تقاعده، لأن الدولة ممثلة بولي الأمر مسؤولة عن أسرته تبرعت له بذلك ووضع لصرفها له نظام روعي فيه مصلحته ومصلحة أقرب الناس إليه فنظام التقاعد من عقود (التبرعات) ، أما عقد التأمين فهو من عقود (المعاوضات) ولو فرض أن (التقاعد) فيه جهالة أو غرر فهما قليلان، بخلاف عقد المعاوضة (التأمين) ففيه من الجهالة والغرر وأكل الأموال بغير حق ما هو ظاهر بيَّن، والقاعدة عند أهل العلم يغتفر في عقود التبرعات من الجهالة والغرر ما لا يغتفر في عقود المعاوضات علاوة على أن (9%) المقتطعة من راتب الموظف ليس حقاً خالصاً له بدليل أنه لو أراد ألا تقتطع من راتبه لما قبل قوله وهو داخل في عقده مع الدولة على هذا راضياً، وليس هناك فرق شرعي بين التصفية أو أخذ أقساط التقاعد، والله أعلم.

التأمين الإلزامي

التأمين الإلزامي المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 27/7/1424هـ السؤال ما حكم التأمين التعاوني الإلزامي على رخصة القيادة في السعودية، هل هو حلال أم حرام؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب التأمين المنتشر في البلاد باسم: التأمين التعاوني حرام لا يجوز، وتسميته تأميناً تعاونياً غير صحيح وباطل، فهو تأمين تجاري بحت، ومنه التأمين على الرخصة فهو تأمين ضد الغير، والتأمين التعاوني الجائز شرعاً هو ما يقصد به التبرع، ولا يطلب من ورائه ربح مادي؛ مثل أن يجتمع أفراد أسرة من الأسر أو أصحاب مهنة أو وظيفة فيدفع كل منهم مبلغاً معلوماً لمساعدة المحتاجين، أو من تنزل به كارثة منهم، وهذا هو التأمين التعاوني المجمع على جوازه والذي تدل عليه النصوص الشرعية من القرآن والسنة كقوله تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى" [المائدة:2] وحديث: " ... إن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ... " رواه مسلم (2699) ونحوهما، أما عامة شركات التأمين القائمة اليوم ومنها الشركة الوطنية للتأمين المسماة (التعاونية) فهو تأمين تجاري بحت لا يمت إلى التأمين التعاوني الشرعي بصلة، وقد أفتت دور الفتوى والمجامع الفقهية في العالم الإسلامي بحرمة التأمين التجاري وإن سمي بغير اسمه تلبيساً على الناس وتغريراً بهم، وأحيل السائل والقارئ إلى بيان اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية في الرد على الشركة الوطنية للتأمين "التعاونية" ومن يماثلها - الرد باسم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله وقدس روحه منشور في مجلة البحوث العلمية والإفتاء عدد (50) لسنة 1418هـ.

والتأمين التجاري - ومنه التأمين على الرخصة - إذا كان إلزامياً لا خيار لأحد فيه أو ربما تعطلت بعض مصالح المسلم إذا لم يؤمن على رخصته فيجوز التأمين حينئذ للضرروة فقط، للقاعدة الشرعية (الضرورات تبيح المحظورات) ، ولكن يجب ويتعين على المؤمن على رخصته والحالة هذه - لو حصل له حادث فلا يأخذ تعويضاً من الشركة إلا بقدر ما دفع فقط، ولو أعطته أكثر من ذلك وأخذه فقد أكل الحرام والعياذ بالله، بدليل القاعدة الشرعية الأخرى (الضرورة تقدر بقدرها ومن زاد عن قدر الضرورة وهي في هذا تمثل المبلغ الذي دفعه للشركة فقط - فقد بغى وتعدى حدود الله، قال تعالى في أكل الشبه للضرورة (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم" [النحل: 115] والباغي هو من يأكل من الحرام من غير اضطرار إليه، والعادي هو من أكل أو أخذ أكثر من حاجته.

التأمين على التأمين

التأمين على التأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 12/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فأنا مسلم مقيم بديار الغرب حيث يجبر من أراد أن يقود سيارة على عمل تأمين لها, وتعلمون أن هذا من الغرر الذي لا يجوز، المهم أنا ألجأ إلى الحد الأدنى من صور التأمين المتوافرة التي يطالب بها قانون المرور باعتبار أن ذلك يندرج تحت دائرة الضرورة، لكن إذا وقع لك حادث -لا قدر الله- وكنتَ أنت المخطئ فإنهم يرفعون قيمة التأمين إلى الضعف تقريباً، وتضطر إلى دفع مبلغ كبير مقارنة بالوضع الطبيعي، لكن هناك طريقة تجعلك بعيداً عن حدوث هذا الأمر حتى ولو وقع لك حادث وكنت أنت المخطئ، وذلك بدفع مبلغ صغير لشركة التأمين لتضمن عدم رفع قيمة التأمين إطلاقاً، فهو تأمين على التأمين، أرجو أن تكون الصورة وواقعة السؤال واضحة، السؤال: هل يجوز دفع هذا المبلغ إلى شركة التأمين حتى لا يرفعوا قيمة التأمين في حالة كنت المخطئ؟ مع العلم أن الحادث قد لا يقع أصلاً، لقد وقع لي حادث وكنت المخطئ فرفعوا القيمة إلى أكثر من الضعف، ولو كنت عملت التأمين الآخر ما تغير شيء أصلاً، أفيدونا جزاكم الله كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب

ما دمت مجبراً على التأمين التجاري بحكم القانون في بلدك التي تسكنها، وتقول إنك لم تدخل في عقد مع شركة التأمين التجاري إلا تحت الضرورة، فإن حكم ما تدفعه مجدداً لشركة التأمين حتى لا تزيد عليك ما يجب عليك دفعه لو حصل منك خطأ وهو المسمى بالتأمين على التأمين، فالحكم فيه هو الحكم في أصل التأمين حيث الفرع يلحق في الشرع بأصله غالباً، فتأمين التأمين هذا جائز لك بحكم الضرورة الشرعية لا غير ما دمت مجبراً عليه ولا خيار لك فيه، وهو حرام على الشركة؛ لما فيه من الغرر والجهالة وأكل المال بغير حق، والله أعلم.

أخذ التعويض من شركة التأمين

أخذ التعويض من شركة التأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 11/12/1422 السؤال أنا شاب وقع لي حادث سير بالحافلة وأصبت بعض الشيء، وجرت العادة أن تصرف لك شركة التأمين مبلغاً من المال كتعويض عن الإصابة، للإشارة أنا لست مشتركاً في التأمين، ولكن صاحب الحافلة هو المشترك أفتونا. الجواب صاحب الحافلة هو المتسبب في إصابتك، ومن حقك الرجوع عليه عما لحق بك من ضرر، وبما أن صاحب الحافلة قد أمّن على حافلته وركابها ضد الغير فإن شركة التأمين قد عوضته عما لحق ركابها من ضرر. وعلى هذا فلا أرى عليك من حرج لو أخذت تعويضاً مقابل ما لحق بك سواء أخذته مباشرة من يد صاحب الحافلة أو أخذته من شركة التأمين؛ لأن الشركة حينئذٍ نائبة عنه في الدفع لك. أما من حيث الدخول في عقد التأمين مع شركات التأمين المنتشرة اليوم فأنا لا أنصح بالاشتراك معها حالياً ما لم تعدل في أنظمتها حتى تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وأعود فأقول: لا حرج عليك في أخذ المبلغ التعويضي مقابل ما لحق بك من ضرر، فالإثم حينئذٍ إنما هو على صاحب الحافلة إن لم تدعه إلى التأمين ضرورة شرعية معتبرة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

التعامل مع التعاونية للتأمين

التعامل مع التعاونية للتأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 10/11/1425هـ السؤال تذكر الشركة السعودية التعاونية للتأمين أن معاملاتها تتسم بالشرعية وعدم مخالفتها لأحكام الشرع، وأنها حاصلة على إجازة من أعضاء في اللجنة الدائمة للإفتاء، وأن في مجلس إدارتها أحد أعضاء هيئة كبار العلماء.. أود التفصيل منكم- حفظكم الله- في ذلك، وما حكم تأمين السيارة في هذه الشركة؟ وهناك ما يسمى بالتأمين ضد الغير، وهو عبارة عن تحمل الشركة الأعباء المالية المترتبة عن الحوادث المرتكبة من قبل المؤمن لديهم. الجواب

ليس صحيحًا أن الشركة السعودية "التعاونية للتأمين" معاملاتها شرعية، وأنها حاصلة على إجازة من أعضاء في اللجنة الدائمة للإفتاء، بل هذا كذب على اللجنة الدائمة للإفتاء، وقد ردت اللجنة بتوقيع رئيسها آنذاك سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله ورفع درجاته في الجنة- نشر ذلك في مجلة البحوث العلمية العدد (50) سنة 1418 هـ، ومما جاء فيه، بعد أن ذكرت اللجنة أن هيئة كبار العلماء في المملكة أصدروا قرارًا بحرمة التأمين التجاري وجواز التأمين التعاوني الذي يتكون من تبرعات المحسنين، ويقصد به مساعدة المحتاجين والمنكوبين: (ولكن ظهر في الآونة الأخيرة من بعض المؤسسات والشركات تلبيس على الناس وقلب للحقائق، حيث سموا التأمين التجاري المحرم تأمينًا تعاونيًّا، ونسبوا القول بإباحته إلى هيئة كبار العلماء من أجل التغرير بالناس والدعاية لشركاتهم، وهيئة كبار العلماء بريئة من هذا العمل كل البراءة؛ لأن قرارها واضح في التفريق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني، وتغير الاسم لا يغير الحقيقة) انتهى. وما ذكرته الشركة التعاونية للتأمين- على لسان السائل- بأن في مجلس إدارتها أحد أعضاء هيئة كبار العلماء لا أعلم عنه شيئًا، وأنا أشك في ذلك، وإن صح فالأمر فيه لبس يتعين استيضاحه. ولا أرى جواز التأمين على السيارة عند شركة التأمين لقيامها على معاملة غير شرعية، حيث يشتمل العقد على الجهالة والضرر الفاحش، وعلى ربا الفضل والنسيئة، أما الجهالة فكلا الطرفين: المؤمن والمستأمن لا يدري كم سيدفع أو يأخذ من النقود، ومثله فاحش الغرر.

أما ربا الفضل فيظهر فيما إذا حصل حادث على السيارة فعطبت من بداية العقد، حيث لم يدفع للتأمين عليها غير قسط أو قسطين فتعوضه الشركة عن كامل قيمتها فيأخذ مالًا بغير حق، وربا النسيئة يظهر فيما إذا دفع المؤمن الأقساط كاملة للشركة ولم يحصل للسيارة حادث، أو حصل حادث خفيف عند آخر قسط فيكون صاحب السيارة قد دفع نقودًا على هيئة أقساط حالة أو مؤجلة مقابل نقود مؤجلة، وقد لا يحصل للسيارة حادث أصلًا فتأخذ الشركة الأقساط بغير حق. ومثل التأمين على السيارة التأمين ضد الغير فلا يجوز. هذا كله إذا كان التأمين اختياريًّا، أما إذا كان إجباريًّا لا خيار للإنسان فيه فالحكم حينئذ جائز للضرورة، حيث القاعدة الشرعية: (الضرورات تبيح المحظورات) . إذا كان التأمين إجباريًّا فيتعين على المسلم ألاَّ يأخذ من الشركة تعويضًا أكثر مما دفع حتى يبتعد عن الربا المحرم وأكل المال بغير حق. والله أعلم.

شركات التأمين

شركات التأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 9/3/1425هـ السؤال ما حكم الاشتراك في شركات التأمين؟ ارجو التفصيل في ذلك، وهل يوجد شركات شرعية؟ وهل بالإمكان تحويلها إلى شركات شرعية؟ الجواب شركات التأمين على نوعين: 1 - شركات تأمين إسلامية جميع أعمالها وعقودها متفقة مع أحكام الشريعة. 2 - شركات تأمين غير شرعية تقوم على التأمين التجاري المحرم، وربما سمت نفسها بشركة تأمين تعاونية وهي ليست من التأمين التعاوني الحلال بشيء، وغالب شركات التأمين المنتشرة في العالم الإسلامي من هذا النوع -مع الأسف- يسمون الشيء بغير اسمه تغريراً بالناس وتلبيساً عليهم، وشركات التأمين التجاري لا يجوز ابتداء الاشتراك فيها؛ لقيامها على الجهالة والغرر والربا وأكل أموال الناس بالباطل، فالاشتراك فيها طوعاً واختياراً إعانة على الباطل، وذلك حرام لا يجوز، أما إذا كان إجبارياً كما في التأمين الطبي لبعض المؤسسات الحكومية والأهلية فالأمر جائز حينئذ للضرورة والإكراه، وعلى الإنسان أن لا يأخذ تعويضاً أكثر مما دفع للشركة أو دفع عنه من قبل مرجعه.

أما هل يوجد شركات شرعية للتأمين؟ نعم يوجد شركات تأمين إسلامية، ولكنها قليلة جداً في العالم الإسلامي نظراً لحداثة ظهور التأمين بصفة عامة، فضلاً عن التأمين الإسلامي الذي لا يزال في بداياته. يوجد شركة للتأمين الإسلامي في ماليزيا ولها فرع في البحرين، وسيكون لها فرع في مدينة جدة قريباً. ويوجد شركة إسلامية للتأمين في السودان، وفي الأردن، وبعض البلاد الإسلامية الأخرى، وبالمناسبة كل المصارف الإسلامية في المملكة ودول الخليج والعالم العربي أوصت الهيئات الشرعية فيها بإيجاد شركات تأمين إسلامية منفردة أو مجتمعة، وهذه المصارف تتعامل فيما بينها بالتأمين على ممتلكات المصرف ومدخراته، لكنني لا أعلم في بلادنا شركة إسلامية للتأمين تقوم بالتأمين على ممتلكات الأفراد وفقاً لأحكام الشريعة، ولكنها ستوجد قريباً -بإذن الله- وأنني متفائل بهذا جداً. أما هل يمكن تحويل شركات التأمين التقليدية (التجارية/الحالية) إلى شركات تأمين إسلامية؟ فالجواب: نعم؛ وبكل تأكيد إذا صحت النية، ووجد العزم الأكيد من قبل المساهمين المؤسسين للشركة، أما كيف يكون ذلك، فالجواب باختصار:- أولاً: أن يدخل المشتركون (حَمَلة وثائق التأمين) بأقساطهم في الشركة بنية التبرع بما زاد عن حاجتهم فيما لو عوضوا عن بعض ما لحقهم من أضرار، وإن لم يحصل لهم ضرر أصلا، ً فما قدموه تبرع منهم للمحتاجين والمنكوبين ما لم تغطي أقساطهم ما قد يصرف لهم من تعويضات، فبهذا يكون كل المشتركين الذين يحملون وثيقة التأمين شركاء متعاونين فيما بينهم في دفع الضرر أو تخفيفه طلباً للأجر والنفع العام.

ثانياً: يجوز لشركة التأمين ممثلة برئيسها أو مجلس إدارتها تشغيل جزء من أقساط المشتركين باستثماره عن طريق المضاربة الشرعية باعتبار أصحاب الأقساط هم الممولون، والشركة هي المضاربة منها بجهد الإدارة ومنهم المال يتفق على نسبة الربح بينهما في وثيقة العقد، ويوزع ربح المشتركين بينهم أو خسارتهم بحسب أقساطهم المدفوعة، ولو أن أحد المشتركين أخذ تعويضاً عن ضرر لحق به يعادل أو يساوي ما دفعه من أقساط، فإنه لا يستحق شيئاً من الربح. وبعد هذا كله فإن التأمين بمعناه الشامل مما قد تقتضيه الحياة المعاصرة اليوم، وقد عم أو كاد وألزم به كثير من دول العالم الإسلامي، وما لم يلزم به اليوم فسيلزم به غداً أو بعد غد، ومن هنا يلزم بل يجب على أهل العلم والذكر وأهل اليسار والغنى أن يسارعوا في دراسة التأمين وبيان أهميته للناس، والمسارعة في إنشاء شركات تأمين إسلامية بغرض التعاون بين الناس لنفع المحتاجين والمنكوبين، مع تنمية المال واستثماره استثماراً شرعياً حتى تنموا أموالهم بالحلال وتصلح أحوالهم بالأمن والأمان، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

التأمين الصحي

التأمين الصحي المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 23/11/1422 السؤال ما حكم التأمين الصحي في حال عدم وجود بديل إسلامي؟ الجواب التأمين الصحي من القضايا (النوازل) المستجدة في العصر الحاضر لم يعرف من قبل بهذا الاسم ولا بقريب منه، وفيه شبهة أنه جزء من (التأمين على الحياة) المحرم قطعاً. غير أن التأمين الصحي يختلف عن التأمين على الحياة من عدة وجوه: 1- التأمين على الحياة عقد مبني على جهالة، وفيه غرر في قدر العوض وأجله. أما التأمين الصحي فهو عقد على منفعة موجودة أو في حكم الموجودة وهو خال من الجهالة والغرر المفسدين للعقد. 2- التأمين على الحياة من عقود المعاوضة اللازمة، كالإجارة فلا بد من خلوه من الجهالة والغرر وأكل المال بغير حق. أما التأمين الصحي فهو من عقود الارتفاق ويفتقر فيها من الجهالة والغرر اليسير مالا يفتقر بعقود المعاوضة. والتأمين الصحي يمكن تكييفه الفقهي على عقد الجعالة في كتب الفقه، كما يقول الفقهاء: (من داوى مريضي حتى يبرأ من جرحه أو مرضه أو رمد عينيه فله كذا من المال. صح جعالة) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ودليل ذلك -أي: الجعالة- إذا جعل الطبيب جعلا على شفاء المريض جاز كما أخذ أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- الغنم على شفاء سيد الحي فرقاه بعضهم حتى يبرأ فأخذوا القطيع وأقرهم الرسول قائلاً: أضربوا إليّ معكم بسهم " قال ابن تيمية: "فإن الجعل كان على الشفاء لا على القراءة ولو استأجر طبيباً إجارة لازمة على الشفاء لم يجز؛ لأن الشفاء غير مقدور له فقد يشفيه الله وقد لا يشفى " إ0هـ.

وفي الوقت الحاضر انتشرت شركات التأمين بما فيه التأمين الصحي وربما أصبح هذا التأمين من الضروري للرجل وأهل بيته. وغالب هذه الشركات لا تراعي في نظامها الأحكام الشرعية، فالتعامل معها إذا كان ضرورة ملزمة فلا إشكال فيه وإن كان اختيارياً فأرى ألا يأخذ المستأمن من الشركة أكثر من حقه الذي دفعه ولو عوضته بأكثر منه. ومن أراد التوسع فلينظر بحثي (التأمين الصحي في المنظور الإسلامي) في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة عدد (31) 1417هـ. وبالله التوفيق.

التأمين على السيارة

التأمين على السيارة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 15/12/1422 السؤال إنني موظف بشركة أرامكو السعودية وقد حصل لي حادث كنت أنا المخطئ فيه، حينما صدمت سيارة إحدى الشركات. وأودعت في التوقيف لمدة أربعة أيام، كلفني هذا الحادث المال الكثير من تصليح سيارتي ودفع قيمة سيارة الشركة. والآن أريد أن أؤمّن على سيارتي حيث إنه في حالة حدوث حادث سوف تدفع شركة التأمين المبلغ، ولا أودع في التوقيف، فما رأيكم؟ الجواب التأمين التجاري على السيارات أو على غيرها عقد فاسد لا يجوز؛ لما فيه من الغرر والمقامرة، إذ يدفع المؤمِّن على سيارته - مثلاً- أقساطاً كبيرة من التأمين، ولا يدري هل سيحصل على ما يقابل ذلك من المنفعة أم لا، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة التأمين، فقد يقع على السيارة المؤمَّن عليها تلفٌ بالغ لا تغطيه أقساط التأمين كلها (وهذا قليل) ، وقد لا يقع على السيارة شيء من ذلك (وهو كثير) فتذهب الأقساط على صاحبها من غير فائدة، وتأكلها الشركة بالباطل. ومن هنا نجد أن تجارة شركات التأمين التجاري المتحصلة من أقساط التأمين لا تقوم على الحذق في التجارة، ولا على جهد العمل ومقداره، وإنما هي ترقّب لما يلده الغيب، وما تجنيه من الأموال الطائلة من المؤمّنين إنما هي ضربة حظ، وهذا عين القمار المحرّم في الشرع. ولا نذهب بعيداً، فهذه بعض شركات التأمين في الولايات المتحدة الأمريكية تعلن إفلاسها بعد حادثة 11 سبتمبر، فقد ذهبت هذه الحادثة بأموالها كلها، كما ذهبت أقساط التأمين على أصحابها من قبل.

إن أكثر ما يدفع الناس للتأمين على سياراتهم الخوف من تبعات الحوادث التي قد تقع كضمان المتلفات، أو التوقيف أو التعطيل إلى غير ذلك، ولكن دخولهم في عقد التأمين على سياراتهم قد جرّأ كثيراً منهم على التهاون في القيادة والاستهتار بالنظام، لا سيما مع غياب الرقابة والحزم في معاقبة المخالف، بل وجدنا كثيراً من رجال المرور عند كتابة تقرير حادث ما لا يبالون أن يضعوا نسبة الخطأ على السيارة المؤمن عليها حتى ولو كان الخطأ على السيارة الأخرى. وقد صدر من مجلس مجمع الفقه الإسلامي قرارٌ بشأن هذا التأمين التجاري جاء فيه: أولاً: أن عقد التأمين التجاري ذي القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعاً. ثانياً: أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني، والله أعلم.

التأمين على رخصة القيادة

التأمين على رخصة القيادة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 10/3/1423 السؤال ما حكم التأمين على رخصة القيادة، وخاصة أنه سيكون إجبارياً في السعودية في بداية العام الجديد؟ وما هو موقف العلماء من هذا الحدث؟ الجواب لا يجوز التأمين على الرخصة؛ لأنه تأمين على صاحبها عن الحوادث ضد الغير، وهذا النوع من التأمين من التأمين التجاري البحت المحرم شرعاً؛ لأنه مبني على الجهالة والغرر وأكل أموال الناس بغير حق، وفتاوى جمهور العلماء في المجامع الفقهية وهيئات الفتوى تحرم التأمين التجاري القائم اليوم في أغلب دول العالم، إذا كان اختيارياً لا يلزم به أحد من الناس، أما إذا كان التأمين إلزامياً وبغير رضا واختيار فيجوز التأمين على الرخصة مثلاً، فالإثم على من أجبر غيره عليه بناء على قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) ، وعلى الإنسان الذي أجبر على التأمين على الرخصة مثلاً، ألاَّ يأخذ أكثر مما دفع فيما إذا عوضته الشركة عما حصل عليه من ضرر اعتماداً على قاعدة (الضرورات تقدر بقدرها) ، وعلى المسلم أن يتحرى لدينه وعرضه فيبتعد عن الحرام أو ما فيه شبهة للحرام، كما ورد في حديث النعمان بن بشير:" إن الحلال بَيّن والحرام بَيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام.." رواه البخاري (2051) ومسلم (1599) واللفظ له. والله أعلم.

التأمين التكافلي

التأمين التكافلي المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 1/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي عن التأمين التكافلي. عندنا شركة تأمين على الحياة لمن يأخذ قرضاً، بحيث تقوم الشركة بالتأمين على حياة المدين؛ لسداد القرض عند وفاته، علماً بأن الرسم الذي تتقاضاه الشركة ثابت -أي أنه غير قابل للزيادة أو النقصان- فما رأي الشرع بهذه الصيغة، وهي صيغة التأمين التكافلي؟ علماً أنه إجباري لمن أراد الحصول على قرض. ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فهذا التأمين محرم وإن سُمِّي تأمين تكافلي، لاشتماله على القمار والغرر، حيث إن مشتري التأمين دائر بين الغنم والغرم فيه، فقد يتمكن من تسديد القرض بنفسه، فتكون الأقساط التي دفعها لشركة التأمين بلا عوض، وقد يموت قبل سداد القرض فتتحمل الشركة عنه بقية الدين، والتي قد تزيد عن الأقساط المدفوعة للشركة، فالعقد لا يخلو من الجهالة، بالإضافة إلى أنه إذا كانت الشركة المانحة للقرض هي التي تقوم بالتأمين فالعقد يشتمل على الربا أيضاً. والله أعلم.

التأمين على الرخصة

التأمين على الرخصة المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 21/6/1424هـ السؤال يوجد لدينا في السعودية تأمين رخصة القيادة للسيارات من قبل شركة التعاونية للتأمين، وهذا التأمين لحوادث السير للمركبات ضد تلفيات سيارات الغير، هل التأمين ضد حوادث السير للسيارات جائز أم حرام؟. الجواب هذه المسألة مسألة خلافية اختلف فيها المعاصرون وأكثر المعاصرين، على تحريم التأمين، لكن متى ألزمت الدولة الفرد بالتأمين على رخصة القيادة، فإن هذا يكون من عقود الإذعان، ويكون المؤمن قد خرج من مسؤولية هذا العقد.

الشهادة للحصول على تخفيض ائتماني

الشهادة للحصول على تخفيض ائتماني المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 16/7/1424هـ السؤال أنا طالب في إحدى الدول الغربية، ولدي سؤال عن التأمين على السيارة، فشركات التأمين تعطي من لديه تأمين سابق تخفيضاً يصل إلى 65%، وقد اعتاد بعض الإخوة الحصول على شهادة من إحدى الشركات من أجل الحصول على التخفيض، هل هذا جائز؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: التأمين حرامٌ لا يجوز للمسلم أن يدخل فيه إلا على وجه الإكراه والإلزام. وهذا التحايل جائز، ليس فيه غرر ولا ضرر على شركة التأمين، لكنه في مآله غير مفيد؛ إذ لا يجوز للمؤمِّن أن يأخذ من الشركة أكثر مما دفع، سواء دفع 100 باوند، أو 45 بعد التخفيض، وعليه أن يخرج ما زاد على ذلك مما تسلّمه من تعويضاتها في مصالح المسلمين تخلصاً لا تصدقاً، ولا يرده للشركة؛ لأنها تتقوَّى به على الحرام. وبهذا يظهر ألا فرق بين أن يحصل في عقد التأمين على تخفيض أو لا. على أني أذكرك بقضية أخرى مهمة تتعلق بهذه المسألة، وهي أن المؤمِّن إذا دفع رسوم التأمين، ثم انقضت مدة العقد ولم يقع لسيارته عطل ولا تلف، فإن رسوم التأمين لا تذهب عليه، فله أن يُرحِّلها إلى العقد الذي بعده إذا كان مع الشركة نفسها، وبالمثال يتَّضح المقال: فلو فرضنا أنه تعاقد مع شركة التأمين على تأمين سيارته لمدة سنة، ودفع في هذا العقد 100 باوند، ثم انقضت السنة ولم يحصل لسيارته أي خلل أو تلف. ثم في السنة التي تليها دفع 100 باوند أخرى، وغرمت الشركة أثناء هذه السنة 200 باوند لإصلاح سيارته. ففي هذه الحال يأخذ المئتين كلها؛ لأن له 100 باوند مستحقة على الشركة في العقد السابق لم يستوفها منها. فهذا المبلغ يُرحَّل إلى العقد التالي، ويكون مستحقّاً له على الشركة. وإنما جاز له ترحيل تلك المبالغ السابقة لأنه دخل العقد مُكرهاً لا مختاراً. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الراتب التقاعدي

الراتب التقاعدي المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 9/7/1424هـ السؤال سؤالي هو: كما تعرفون فضيلتكم أن النظام التقاعدي فيه أخذ لمبلغ مقطوع من الراتب، في المقابل تأخذ هذا المال بعد التقاعد بشكل مستمر حتى الموت وقد يزيد عما أخذ من الراتب، فهل يعد هذا من صور الربا؟ أرجو التوضيح، والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على ما لا نبي بعده، وبعد: أخي السائل لقد أجبت عن سؤال بنحو الإجابة التي سأدونها لك الآن في سؤال يتضمن نحو هذا الإشكال حول الاشتراك في التأمينات الاجتماعية، حيث إن نظام التقاعد قريب من نظام التأمينات الاجتماعية ومطابق له في أصل الفكرة دون التفاصيل. فالقصد والنية أخي السائل له أثره البالغ في الأحكام حتى في باب المعاملات المالية، ألا ترى أن القرض إذا نظرنا إليه في الظاهر نجده داخلاً في باب الربا، إذ يتضمن بيع المال بجنسه نسيئة، ومعلوم أن الصنف الربوي إذا اتحدت فيه العلة والجنس يجب أن يكون مثلاً بمثل يداً بيد، ولكن لما كان قصد المتعاقدين الرفق والإحسان لا الربح والتكسب جاز. قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، (إذا قال قائل ما الذي أخرج القرض عن البيع وهو مبادلة مال بمال؟ قلنا: أخرجه قول النبي - صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث عمر - رضي الله عنه -، فما الذي نواه المقرض؟ هل نوى المعاوضة والاتجار أو نوى الإرفاق؟ الجواب الثاني، ومن أجل أنه نوى الإحسان صار مقابلاً لنية المرابي؛ لأن الأصل في الربا هو الظلم) أ. هـ. الشرح الممتع على زاد المستقنع (8/113) ولهذا نجد بعض العلماء يرون أن القرض جار على خلاف القياس.

ومثال آخر: الجمعيات التعاونية والتي يقوم فيها كل شخص باقتطاع مبلغ مالي من دخله الشهري ويسلم لواحد منهم، وفي الشهر الثاني لآخر حتى تدور الدائرة على الجميع، فنرى أن بعض أهل العلم غلب الجانب الظاهري من هذا التعامل فحرمه بحجة أنه قرض جر نفعاً فهو ربا، ونرى آخرين قد أباحوا هذا التعامل لأنهم رأوا أن قصد المتعاقدين في هذا التعامل هو التعاون على البر والتقوى وتيسير بعضهم لبعض لا قصد الاستغلال الموجود في التعامل الربوي والأقرب هو الرأي الثاني (الجواز) . وقد عللت (اللجنة المكلفة بإعداد قرار المجلس) المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي حول التأمين بهذا الأمر في معرض ردها على من أباح التأمين واستدل على ذلك بالقياس على نظام التقاعد، وهو يصلح جواباً لإشكالك أخي السائل على ما يلي: (قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق أيضاً، لأن ما يعطى من التقاعد حق التزم به ولي الأمر باعتباره مسؤولاً عن رعيته وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة، ووضع له نظاماً راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم (فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها) ، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة ... الخ) . ولعلك إن تمكنت من الرجوع للبيان ينجلي عنك الإشكال بشكل أكثر.

الاشتراك في صندوق التقاعد

الاشتراك في صندوق التقاعد المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 24/8/1424هـ السؤال عندنا في بلدنا يوجد خدمة تقدمها نقابات العمال والمهندسين (وليس الحكومة) ، وهي خدمة اشتراك في صندوق التقاعد، وهو صندوق يدفع كل مشترك فيه مبلغاً معيناً، وعندما يبلغ سن التقاعد يبدأ بقبض تقاعد شهري، فهل هذا حلال أم حرام؟. الجواب إن كان الأمر كما ذكرت في سؤالك فإن ما يدفعه صندوق التقاعد في نقابات العمال والمهندسين جائز، وهو تأمين تعاوني مشروع. والله أعلم.

التأمين على معارض السيارات

التأمين على معارض السيارات المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 25/7/1424هـ السؤال لدينا صالة بيع سيارات، وجاءتنا عروض من عدة وكالات للسيارات؛ لنكون لهم وكيلاً أو موزعاً معتمداً، ولكن نتوقف عن نقطة التأمين على هذه الصالة، حيث إننا نرفض ذلك إلا أنهم يصرون على هذا الشرط، ما رأي سعادتكم في هذا الأمر؟ أرجو إفادتنا بالتفصيل. الجواب التأمين التجاري على الممتلكات حرام ولا يجوز لاشتماله على الغرر والجهالة والربا المحرم في القرآن والسنة، وعلى هذا عامة فتاوى أهل العلم والمجامع الفقهية والهيئات والمؤسسات الشرعية، وما دام في مكنة السائل ألاَّ يدخل في هذا العقد التأميني بهذه الصالة فلا يجوز له الإقدام حينئذ، أما لو كان ملزماً وإجبارياً كما هو في البلاد الأخرى فربما جاز ذلك، إذ لعله الإكراه والضرورة الشرعية، مع أن الضرورة تقدر بقدرها، ولا يجوز تجاوز الحد الأدنى منها إلى غيره، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

التأمين على الحياة

التأمين على الحياة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 17/04/1426هـ السؤال قمت بشراء بوليصة تأمين على الحياة مبلغها الإجمالي 10000دينار، على أن أدفع قسطاً كل ستة أشهر، والآن موعد القسط 88.5 دينار، وقد دفعت القسط الأول قبل ستة أشهر، والآن موعد القسط الثاني. العقد يلزم الشركة بدفع مبلغ العشرة آلاف في حال الوفاة أو العجز الكلي -لا قدر الله- أو بعد مضي سبع سنوات أستطيع سحب المبلغ كاملاً عشرة آلاف، والآن وقبل دفع القسط الثاني أريد رأي الإسلام (حلال أو حرام ولماذا) لأن قراري بالاستمرار أو الانسحاب سيكون بناءً على ردكم. وجزاكم الله خيراً. الجواب التأمين على الحياة حرام لا يجوز؛ لما فيه من الغرر والجهالة، وأكل مال الغير بالباطل، وكثير ما يؤدي التأمين بين الطرفين إلى مشكلات وخصومات لا تكاد تنتهي في الدوائر والمحاكم. والله يقول: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" [البقرة:188] . ومن وجوه التحريم أن الأمن والأمان أمر معنوي لا يملك، فلا يصلح أن يكون محلاً للعقد فضلاً عما فيه من المخاطرة الجسيمة للطرفين وخاصة المؤمّن -طالب التأمين- إما غارم أو خاسر. وعامة فتاوى العلماء والمجامع العلمية تحرم هذا النوع من التأمين، ومن أجازه للضرورة لما يكون إلزامياً للفرد لا خيار له فيه. والخلاصة: إن التأمين على الحياة حرام لا يجوز مباشرته اختياراً، وإباحته للضرورة الشرعية في بعض الأحوال-تدل على بقائه في الأصل حراماً. والله أعلم.

حالات يجوز فيها التأمين

حالات يجوز فيها التأمين المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 21/10/1424هـ السؤال أنا موظف بإحدى الشركات، وبحكم وظيفتي أتقاضى علاوة سيارة شهرية من الشركة مقابل استعمال سيارتي حسب اللائحة بالشركة، ومن ضمن لائحة العلاوة التأمين على سيارتي تأميناً شاملاً ضد الحوادث والسرقة، على أن تدفع الشركة قيمة التأمين سنوياً بحيث لا تتجاوز قيمة السيارة خمسة آلاف دينار، وإذا زادت قيمة السيارة على الخمسة آلاف دينار أقوم أنا بدفع فارق القيمة حسب ثمن السيارة من قبل التأمين. فما هو الحكم الشرعي في ذلك؟ وهل يجوز التأمين؟ أم لا؟.وجزاكم الله خيراً. الجواب الأصل في عقد التأمين التجاري أنه محرم لما فيه من الغرر -أي الجهالة -، وفي صحيح مسلم (1513) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر". ووجه الغرر في عقد التأمين أن طالب التأمين يدفع أقساط التأمين مقابل الحصول على التعويض وهو شيء مجهول، إذ إنه معلق على أمر محتمل الحدوث، فقد تمضي مدة سريان عقد التأمين دون أن يقع عليه شيء من الأضرار التي توجب التعويض المتفق عليه في العقد، فلا يستحق تعويضاً من جهة التأمين. وإذا وقع عليه شيء من تلك الأضرار فقد توجب تعويضاًَ أقل من قيمة التأمين أو مثلها أو أكثر، فالعقد دائر بين الغنم والغرم. وقد استثنى أهل العلم من الغرر المحرم عدة حالات، منها: ما إذا كان الغرر الذي في العقد تابعاً غير مقصود بالأصالة، أو اقتضت الحاجة الدخول في عقد الغرر. وعلى هذا فيجوز التأمين على السيارة في الحالتين الآتيتين: الأولى: إذا كانت الشركة التي يعمل بها الموظف هي التي تقوم بدفع قيمة التأمين عنه، بحيث يكون ذلك جزءاً من الحقوق التي يأخذها من الشركة، فلا حرج عليه في هذه الحالة في قبول التأمين؛ لأنه أصبح تابعاً لا مقصوداً.

الثانية: إذا كان النظام في البلد الذي يسكن فيه الإنسان يلزم بالتأمين على السيارة وإلا عد الشخص مخالفاً، فيجوز التأمين في هذه الحالة؛ لوجود الحاجة المقتضية لذلك، ولكن ينبغي أن يعلم أنه إذا كان النظام يلزم بالتأمين ضد الغير فقط، أو بحد أدنى منه فلا تجوز الزيادة عن ذلك لأن ما زاد عن ذلك لا تقتضيه الحاجة، ومن القواعد المقررة في الشريعة أن الحاجة تقدر بقدرها. وفي كلا الحالتين المتقدمتين إذا دخل الشخص في عقد التأمين فلا حرج عليه في الحصول على التعويض المستحق عند وجود سببه، لأن المنع من التأمين إنما هو لأجل العقد نفسه لاشتماله على الغرر، فإذا جاز له الدخول في العقد فيجوز له أيضا أخذ التعويض. وبناء على ما سبق فلا حرج على السائل إن شاء الله في قبول التأمين؛ لأن علاوة السيارة - كما هو مفهوم السؤال- جزء من الحقوق التي يتقاضاها من الشركة. والله أعلم.

شبهة حول تحريم التأمين التجاري

شبهة حول تحريم التأمين التجاري المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 17/12/1424هـ السؤال أرجو توضيح المسألة التالية مأجورين: إذا قلنا إن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، كما هو مقرر في القواعد الفقهية، وإذا عرفنا أن العلة من تحريم الميسر وما يدخل تحته من بيع الغرر هي إثارة العداوة والبغضاء بين المسلم وأخيه، وإذا غلب على الظن أنه في معاملة من المعاملات المنطوية على بيع غرر- التأمين التجاري على سبيل المثال- لا توجد تلك العلة المحرمة، فهل يُقال: بجواز التأمين لعدم العلة الموجبة لتحريمه، وهي إثارة العداوة والبغضاء؟ وكيف نوجه ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية تأييداً لذلك في مجموع الفتاوى (14/460) ؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب القاعدة الفقهية: (الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً) هذا في الفرع المقيس على الأصل، وليس في الأصل المقاس عليه، فإن الميسر محرم قطعاً بالنص لا بالتعليل من لفظ "اجتنبوه" في قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" [المائدة: 91] .

وليس صحيحاً أن العلة في التحريم في الميسر هي إثارة العداوة والبغضاء، وإنما يصار إلى التحريم بالعلة عند قياس الفرع على الأصل عند عدم وجود النص في الفرع، وذكر إيقاع العداوة والبغضاء في الميسر في الآية الثانية تأكيد للتحريم المنصوص عليه في الآية الأولى، وإحالتكم إلى مجموع الفتاوى غير دقيقة والصواب: (14/471) ، ثم فهمك لكلام ابن تيمية غير صحيح، وإنما كلامه في حكم أخذ العوض على المسابقة للإعداد للجهاد في سبيل الله هل يدخل هذا في الميسر أو لا؟ ووجه بأنه ليس من الميسر، ثم إن إلحاق الفرع (المقيس) بحكم يصل المقيس عليه قد يكون معللاً بأكثر من علة أي علتين أو ثلاث، ويثبت الحكم بالحل أو الحرمة ما دامت علة "الأصل" موجودة في "الفرع"، فالتأمين التجاري محرم لأكثر من علة، وهو حرامٌ لعلة الغرر المؤكد وجودها في العقد، وهو حرامٌ لوجود الجهالة فيه أيضاً، حيث لا يدري كم سيأخذ من التعويض فقد يأخذ أكثر مما دفع أو أقل منه أحياناً، وقد لا يأخذ شيئاً إذا رأت الشركة أنه أخل بشرط من شروط العقد، ثم أيضاً في عقد التأمين أكلٌ لأموال الناس بالباطل، علاوة ما يجري فيه من ربا الفضل والنسيئة ما دام كلا الطرفين يتعاملان بالنقد. ثم هل شركات التأمين القائمة اليوم تريد من فعلها المصلحة العامة للأمة من إعزاز الإسلام ورفع اقتصادياته وللقضاء على سلبيات المجتمع من التضخم والبطالة التي لو كانت حالها هكذا لخرجنا فعلها كما خرج ابن تيمية المسابقة بعوض من الميسر المحرم تحقيقاً للمصلحة، ولكن الشركات تسعى فقط لزيادة أرباحها ومكاسبها لمصلحتها الخاصة وضد المصلحة العامة للأمة، فلو كانت شركات التأمين التجاري بأنواعه مملوكة للدولة ملكية تامة، ولا تأخذ الدولة منها أرباحاً بل تقدم التأمين خدمة لرعاياها كما هو الحال في نظام (التقاعد) للموظفين، لو كان الأمر هكذا لاختلف الحكم الشرعي من الحرمة إلى الجواز. والله أعلم.

لا يقرضونه إلا بتأمين

لا يقرضونه إلا بتأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 19/10/1425هـ السؤال أنا أعمل في شركة تعطي قرضًا للموظف لشراء سيارة (القرض بدون فوائد) ، ولكن تشترط أن ترهن السيارة باسم الشركة، وأن تؤمن السيارة تأمينًا شاملاً، فهل يجوز لي تأمين السيارة تأمينًا شاملاً؟ حيث إني مضطر إلى ذلك إن أخذت القرض من الشركة، ولكني لست مضطرًا لأخذ القرض؛ لأني أستطيع شراء سيارة أخرى بثمن رخيص. الجواب ما دمت غير مضطر للقرض من هذه الشركة فأنت غير ملزم بالتأمين من قبلها، أما إذا اضطررت ضرورة شرعية إلى التأمين الشامل من قبل الشركة أو غيرها فلا بأس عليك- إن شاء الله- لا لأن التأمين الشامل حلال في الأصل، وإنما هو جائز للضرورة التي لا تستطيع دفعها، ويلحقك ضرر من عدم حصولك على هذا التأمين الشامل، وأذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، والإِثْمُ ما حَاكَ في صَدْرِكَ وكَرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عليه النَّاسُ". رواه مسلم (2553) ، من حديث النواس بن سمعان، رضي الله عنه، وقوله صلى الله عليه وسلم- أيضًا- في اجتناب الشبهات: "الحَلالُ بَيِّنٌ والحرامُ بَيِّنٌ، وبينَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كثيرٌ مِن النَّاسِ، فمَن اتَّقَى الشُّبُهاتِ فقد اسْتَبْرَأ لِدِينِهِ وعِرْضِه، ومَن وقَع في الشُّبُهاتِ وقَع في الحَرَامِ". رواه البخاري (52) ومسلم (1599) ، من حديث النعمان بن بشير، رضي الله عنهما. والله أعلم.

التأمين على اللاعبين

التأمين على اللاعبين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 03/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أقوم باللعب مع نادٍ رياضي يقوم بتأمين اللاعبين أثناء اللعب، مع العلم أن هذا التأمين يتم بتقديم النادي مبلغاً مالياً عن كل لاعب لشركة التأمين سنوياً، وقد أُصبت في إحدي المباريات، وقام الطبيب بفحصي، وتقديم نسبة مئوية عن الضرر الذي أصبت به، وعلى أساس هذه النسبة تقوم شركة التأمين بتقديم تعويض مالي لي، فهل يجوز لي أخذ هذا التأمين؟.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. القاعدة في أخذ مبلغ التأمين ألا تأخذ من شركة التأمين أكثر مما دفعت لها من أقساط أو دفعها التأمين عنك، ووجه جواز أخذك العوض من الشركة تعويضاً عن الحادث الذي أصابك هو أن النادي يدفع مبلغ التأمين عنك سنوياً تبرعاً منه لك لتشجيع اللاعبين وجذبهم، وإن كان التأمين مشروطاً عند دخولك مع النادي فما فعله النادي إنما هو تحقيق للشرط، وإن لم يشترط فهو جار مجرى العرف، والقاعدة الشرعية تقول: (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً) ، وعلى هذا فإن أخذ التعويض المالي عما لحقك من الضرر جائز، لا سيما أنك لم تدفع التأمين وإنما دفعه النادي. والله أعلم.

صندوق التكافل الاجتماعي

صندوق التكافل الاجتماعي المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 23/10/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: يوجد في بلدي ما يعرف بصندوق التكافل الاجتماعي التابع لنقابة الأطباء، وهو قائم على فكرة أن الطبيب المشترك يدفع قسطاً سنوياً تقوم النقابة باستثماره في أحد البنوك الإسلامية، ثم عند بلوغ سن الستين أو الوفاة يحصل المشترك أو ورثته على مبلغ مالي متفق عليه مسبقاً، وهو بالطبع أكبر بكثير من مجموع الأقساط المدفوعة، فهل ذلك من الربا؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد: الذي يظهر لي أن هذا ليس من التكافل الاجتماعي المبني على التعاون، وعلى تحسين ما ينتج من استثمار من المال، وإنما هو مبني على أن المشترك في هذا الصندوق يدفع أقساطاً شهرية لمدة يجري تحديدها بمضي ستين عاماً على عمر المشترك أو وفاته قبل ذلك، وفي نفس الأمر يعطى مبلغاً جرى الاتفاق على تحديده في عقد الانضمام إلى هذا الصندوق، وهذا المبلغ غير خاضع لمبالغ الأقساط، وغير خاضع لما تنتجه هذه الأقساط من استثمار، وإنما هذه الأقساط وما ينتج عنها من أرباح لقاء استثمارها ملك للصندوق نفسه، وليس للمشترك علاقة به، وإنما علاقته أو حقه فيما إذا توفي قبل ستين عاماً مثلاً أو تجاوزها، وهذا يعني أن المبالغ التي سددها أقساطاً شهرية أو سنوية لقاء الاشتراك بهذا الصندوق سوف يعطى أكثر منها، وهذا في النفس منه شيء، لأن هذا ليس مبنياً على فكرة أو مبدأ التأمين التعاوني، وإنما الواضح أنه معاملة ربوية مبنية على التأجيل، ولهذا لا تظهر لي صحة هذا التصرف، ولا أن هذا الصندوق يعتبر من أنواع التأمين التعاوني، هذا ما ظهر لي. والله أعلم.

العمل في مؤسسة معاشات التقاعد

العمل في مؤسسة معاشات التقاعد المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 21/2/1425هـ السؤال ما حكم العمل في المؤسسات والشركات التالية:-1- المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.2- مؤسسة معاشات التقاعد.3- شركة الاتصالات.4- الشركات الأجنبية.5- البنوك التجارية. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: هذا السؤال عام جدا، ومن الصعب الإحاطة بكل تفاصيل تلك الجهات المسئول عنها. وسأحاول الإجابة على كل جهة باختصار. فأما البنوك التجارية الربوية فلا أرى جواز العمل بها إلا لمضطر. ويستثنى من ذلك من ولي شيئا من أعمالها التي تدار بطريقة إسلامية، من باب مساعدتها على ذلك، والتقليل من الربا والمعاملات الربوية. أما شركة الاتصالات فلا أرى بأسا في غالب عملها، على الأقل حسب المعلومات المتوفرة لدي. أما الشركات الأجنبية فلا أرى الجواب العام عنها لأن لكل شركة ظروفها، ولكل موقع فيها حكم يناسبه. أما مصلحة التقاعد والتأمينات الاجتماعية، فعندي أن أكبر مشكلة تأتي من طبيعة الطرائق التي تشغل أموالها بها. ولذلك فإن عملت في أي منهما فلا تتولى تقييد الأموال التي تشغل في الاستثمارات المحرمة. وحيث إن تخصصك محاسبة، فمن المهم في أي عمل تعمله ألا تتولى تقييد الفوائد الربوية، حيث إن بعض العلماء يعد ذلك من كتابة الربا، ويدخله في الوعيد باللعن الوارد على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ومن المهم أن يستشعر الموظف عموما، وأصحاب التخصصات المالية على وجه الخصوص، حجم التحدي الهائل في القطاعات المالية والتجارية، من حيث غربة العمليات الشرعية، وانتشار العمليات المحرمة، وعلى رأسها التمويل الربوي. والله المستعان. ولذلك، فلا بد أن يكون فاعلا في مجال عمله، مغيرا حسب قدرته، مصلحا حسب منهج الأنبياء عليهم السلام. وفقك الله لكل خير، ونفع بك حيثما كنت.

الائتمان في الإسلام

الائتمان في الإسلام المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 7/6/1425هـ السؤال ما حكم الائتمان في الإسلام، رغم أننا نجد تحدياً في القدر، ومن جانب آخر نجد تكافلاً اجتماعياً؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد: فلعل الأخ السائل يقصد ما حكم التأمين في الإسلام؟ والجواب: أن التأمين عقد يتعهد بمقتضاه أحد الأطراف أن يعوض الطرف الآخر عن خسارة اجتماعية يتعرض لها مقابل أدائه -أي: الطرف الآخر- قسط التأمين. والتأمين بهذا المفهوم عقد معاوضة لا عقد تبرع، وبناء عليه: فإنه يشترط لصحته ما يشترط في عقود المعاوضات، من كون العقد مبنياً، على التراضي بين المتعاقدين، وخلو العقد من الجهالة والغرر، ومن اقترانه بوصف يجعله محرماً كالربا ونحو ذلك. ولكن هذا العقد -أعني: عقد التأمين- عقد تجاري يكتنفه الغرر الفاحش والقمار والربا بنوعيه-فضلاً ونسيئة- إضافة إلى أكل أموال الناس بالباطل؛ لما فيه من الإلزام بما لم يلزم شرعاً، وتوجيه ذلك: أن المؤمِّن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، كما أنه لم يبذل عملاً للمستأمن، والمستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين، ثم يقع عليه حادث فيغرم المؤمِّن فوق ما أخذه من المستأمن، وقد يدفع المستأمن جميع أقساط التأمين ولا يقع عليه شيء، فيغنم المؤمّن بلا مقابل، وقد يقع عليه حادث خفيف، فيكون المال الذي دفعه المستأمن أكثر من الضرر الواقع عليه.

وعلى هذا فالتأمين التجاري -تأمين المعاوضة- داخل في مثل قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" [المائدة: 90] ؛ لأنه نوع من أنواع الميسر والقمار، وداخل، في مثل قوله -تعالى-:"يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" [النساء: 29] ، وهو أكل لأموال الناس بالباطل. إلا أن هناك -يا أخي- مفهوماً آخر للتأمين ألا وهو: أن يكتتب بعض الأشخاص -الذين يتعرضون لنوع من الخطر- بمبالغ نقدية ليؤدَّى منها التعويض لأي مكتتب منهم عندما يقع عليه الخطر المؤمَّن منه، فإن زادت الأقساط المدفوعة عن مبالغ التأمين المستحقة كانت هذه الزيادة لجماعة المستأمنين، وإن نقصت طولبوا بتغطية العجز، فهم لا يسعون لتحقيق ربح من وراء هذا التأمين -بخلاف المفهوم الأول للتأمين- فإن فيه سعياً لتحقيق الربح؛ ذلك أنه إن بقيت فضلة من المبالغ المدفوعة للمؤمِّن استأثر بها وحده، وإن نقصت أقساط التأمين عن المبالغ المستحقة تحملها المؤمِّن وحده، فوقعت الخسارة عليه وحده، فالمفهوم الأول للتأمين تأمين تجاري-وقد بينت تحريمه- والمفهوم الثاني للتأمين؛ تأمين تعاوني تبادلي مبني على التبرع لا على المعاوضة، ويغتفر في عقود التبرعات ما لا يغتفر في عقود المعاوضات فكان جائزاً، أخذاً بما يلي: 1- قوله -تعالى-:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . 2- وعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". رواه مسلم (2586) .

3- وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قلّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم" متفق عليه. البخاري (2486) ، ومسلم (2500) . ويدخل في التأمين التعاوني ما يسمى بالتأمين الاجتماعي ومن صوره نظام التقاعد، فالتقاعد يعتبر حقاً التزمت به الحكومة تجاه رعيتها، تصرفه لمن قام بخدمتها جزاء تعاونه ببدنه وفكره. وللاستزادة في هذا الموضوع أنصحك بمراجعة قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم (51) وتاريخ 4/41398هـ، ومجلة المجتمع الفقهي التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة ج 2 ص731، وقرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في 10/8/1398هـ، والله أسأل أن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

غرامات التأمينات الاجتماعية

غرامات التأمينات الاجتماعية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 1/6/1425هـ السؤال هل يجوز دفع غرامات عدم السداد للتأمينات الاجتماعية، أو التأخير في السداد؟ حيث تطلب التأمينات الاجتماعية دفع المستحقات كاملة مع الغرامات، ولكن حساب تلك الغرامات حساب مركب أي كل شهر تأخير، أو عدم السداد يحسب مضاعفاً، ليس لدينا مانع بدفع المستحقات، ولكن الغرامات قد تصل إلى ضعف المبلغ المستحق مرتين. نأمل الجواب سريعاً، وكيفية الرد على المؤسسات الخاصة بالتأمينات الاجتماعية. الجواب

قبل القول بجواز أو منع دفع الغرامة لعدم السداد أو تأخيره يجب أن ينظر إلى واقع (التأمينات الاجتماعية) ، فإذا كانت تأخذ من الإنسان قسطاً شهرياً لمدة معينة وبعد خدمته مدة معينة أو بلوغه سناً معينة؛ تدفع له مصلحة التأمينات الاجتماعية ربعه أو ثلثه قسطاً شهرياً من مجموع ما دفعه لها من أقساط، أو أضافت إلى ذلك المجموع نسبة معينة -كما هو في نظام تقاعد موظفي الدولة- إذا كان واقع التأمينات الاجتماعية مع منسوبيها كما ذكرنا فلا شيء فيه، والمعاملة صحيحة، ويجب على الفرد دفع المستحقات من الأقساط المتخلفة دفعة واحدة أو على دفعات. يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالا أو أحل حراماً" رواه الترمذي (1352) ، وغيره من حديث عمرو بن عوف -رضي الله عنه-، ولعموم قول الله -سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] ، أما أخذ غرامات مركبة عن كل شهر تأخر سداده، فهو حرام لا يجوز، فهو من الربا المحرم، وأكل لأموال الناس بالباطل، ولو شرطته مصلحة التأمينات فهو شرط باطل لا اعتبار له؛ لأنه (أحل حراماً) فلا يجوز التعامل به، وفي الحديث: "ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط.." رواه البخاري (2735) ، ومسلم (1504) من حديث عائشة-رضي الله عنها-, وينبغي أن يتنبه إلى أن اشتراط تلك الغرامة المركبة عند عدم السداد أو تأخيره -ليس من قبيل ما يعرف بالشرط الجزائي؛ لأن الشرط الجزائي المعتبر يكون في مصلحة العقد ولا يناقضه، أما الشرط المسئول عنه فهو مناقض ومناف لمقتضى العقد؛ لأن المصلحة شرطت على ألا تلحقها خسارة، وعليه فهذا الشرط فاسد، مثل له العلماء بقولهم: "كما لو اشترط أحد الطرفين أن الخسارة عليه، أو لا يبيع أو يهب أو يتصدق.."، وإضافة لما سبق فإن اشتراط الغرامة النقدية عند التأخير، أو عدم السداد للأقساط النقدية أو بعضها - يجعل العقد عقداً ربوياً فيه الربا والنسيئة". والخلاصة: إن دفع الأقساط المتأخرة أمر واجب متعين، أما دفع الغرامة مركبة أو بسيطة عند التأخير فحرام، ولا يجوز دفعها بحال، ويتعين عليك طلب إحالة الموضوع بينك وبين التأمينات إلى المحكمة الشرعية لتحكم بينكم بحكم الله. وفق الله الجميع إلى كل خير، آمين.

حول التأمين الصحي في البلاد الغربية

حول التأمين الصحي في البلاد الغربية المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 26/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أحد الطلاب الدارسين في أمريكا، ونظراً لارتفاع تكاليف العلاج ومتابعة الأطباء في هذه البلاد نلجأ إلى الاشتراك مع بعض شركات التأمين الصحي، بحيث نقوم بدفع رسوم شهريه ثابتة (200 دولار) ، إضافة إلى دفع رسوم أخرى (20 دولاراً) عند الذهاب إلى هذه المراكز أو العيادات الصحية لأي حالة علاجية أو فحوصات للعلاج؛ لكي تكون تكاليف العلاج أقل بكثير مقارنة بمن لا يملك هذا الاشتراك، ونقوم بدفع هذه الرسوم الشهرية حتى لو لم يكن هناك أي حالة مرضية أو أي زيارة لهذه المراكز؛ فيتضح من هذا إهدار للمال، فكانت الاتفاقية أن نقوم بدفع هذه الرسوم الشهرية رسوم (200 دولار شهرياًو20 دولاراً لزيارة الطبيب أو الطبيبة) ، وعند إجراء أي عملية جراحية كالولادة، نقوم فقط بدفع (500 أو 1000 دولار لتكاليف الولادة) ، وشركة التأمين تتكفل بدفع بقية المبالغ (4000 دولار تقريبا) ، بعد الولادة. زوجتي ولله الحمد والمنة قاطعت هذه الشركة ولم أقم بدفع رسوم الولادة. السؤال: هل يجب علي دفع رسوم الولادة المتفق عليها مسبقا (1000 دولار؟) ، أم أكتفي بدفع ما تم دفعه من رسوم شهرية أو دفع فقط جزء منها؟. ولكم جزيل الشكر والاحترام. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فبما أنه يلحق المسلم حرج إذا لم يؤمن تأميناً طبياً في تلك البلاد، نظراً لارتفاع تكاليف العلاج، فإن الدخول في هذا العقد جائز؛ لأن عقد التأمين يجوز عند الحاجة، والرسوم الشهرية التي تدفعها لا تذهب عليك هدراً؛ لأنك ستستفيد منها في تخفيض كلفة العلاج عند الحاجة إليه، وإذا كان دخولك في العقد جائزاً فيلزمك الوفاء بجميع الالتزامات المترتبة عليه، ومن ذلك تسديد رسوم الولادة المتفق عليها؛ لأن هذا من الوفاء بالعقد الذي أمر الله به في قوله: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] . والله أعلم.

التأمين على الحياة بدون عوض

التأمين على الحياة بدون عوض المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 28/3/1425هـ السؤال قامت الشركة التي أعمل بها بالتأمين على الحياة لمستخدميها دون تحميلهم بأي مصروفات نتيجة ذلك، والوثيقة تنقسم إلى شقين: الأول: حماية، ويتم التعويض بموجبه عن الأضرار الناتجة عن الحوادث والإصابات البدنية. والثانية: عبارة عن ادخار، بحيث يتم ادخار مبلغ مالي لكل مستخدم خلال مدة معينة، وقامت الشركة بتعديل الوثيقة أخيراً بحيث ألغت شق الادخار مما نتج عنه ترجيع المبلغ المدخر سابقاً، وتم توزيعه على المستخدمين، فهل يجوز أخذ هذا المبلغ المدخر والاستفادة به من قبل الشخص المؤمن عليه؟ وفي حالة عدم جواز الاستفادة منه، هل من الأفضل تركه للشركة أو سحبه وتوزيعه على ذوي الحاجة؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فبما أن الشركة تمنحكم التأمين بدون عوض، فلا حرج عليكم إن شاء الله في قبوله؛ لأن التأمين المحرم ما كان على سبيل المعاوضة بأن تدفع مبلغاً من المال من أجل التأمين، ولا حرج عليك أيضاً في استرداد المبلغ المدخر، ولك الانتفاع به، إلا في حالة واحدة، وهي ما إذا كنت تعلم أنه يتم استثمار المبلغ المدخر في أنشطة محرمة؛ كشراء السندات، أو شراء أسهم الشركات التي يغلب على نشاطها المحرم؛ كأسهم البنوك الربوية ونحوها، ففي هذه الحال تأخذ أصل المال المدخر لك، وهو المال الذي كانت الشركة قد وضعته في الصندوق الادخاري لك، أما الأرباح الناتجة عن هذه الأنشطة فتأخذها وتتخلص منها في المصالح العامة للمسلمين. والله أعلم.

هل له الحق في المطالبة بما دفع للتأمينات؟

هل له الحق في المطالبة بما دفع للتأمينات؟ المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 10/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: كنت أنا وأخ لي في الإسلام شركاء في تجارة، وهو متجر لبيع اللحوم وغيرها من الأشياء، وللحكومة نظام وهو، أن الشخص المسجل باسمه المتجر عليه أن يدفع رسوماً للتأمينات الاجتماعية، وعندما يستحق ذلك الشخص المعاش تدفع له الحكومة مبلغاً محدداً شهرياً كمعاش، ونحن دفعنا لسنة كاملة مبلغ مائة وعشرين ألفاً (120000) ، وفي نهاية العام 2003 م تركنا الشراكة، وقسمنا الأرباح بيننا، وبقي المبلغ الذي دفع للتأمينات الاجتماعية، فهو في سجلات الحكومة مسجل باسم شريكي، والسؤال: هل لي أن أطلب من شريكي أن يدفع لي نصف المبلغ الذي دفع للتأمينات الاجتماعية؟ علما بأني طلبت منه أن يدفع لي نصف المبلغ، فما هو حكم الشرع في طلبي هذا؟ وما هو الذي يجب أن يفعله شريكي في ضوء الشريعة؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن كانت هذه الرسوم بمثابة التأمين، أو تكون في عمل الربا وليس عن طريق المضاربة فهو مال محرم، لكن لك أن تطلب رأس مالك فقط، وإن كانت هذه التأمينات لا تمارس عملاً محرماً في أموالها فلك أن تطالب شريكك بحصتك من هذا المال المدفوع كله. والله أعلم.

الانتفاع بعوائد التأمين الإجباري

الانتفاع بعوائد التأمين الإجباري المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 22/7/1425هـ السؤال أنا شخص مسافر إلى بلد أوروبي، ويلزم علي أن أقوم بالتأمين، وهو إجباري وليس اختيارياً، وأنا ذاهب لغرض الدراسة. هل يجوز أن أنتفع بنتائج هذا التأمين؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: أولاً: الأصل في التأمين التجاري الذي يمارس في أوروبا الأصل فيه التحريم؛ لما فيه من الغرر والجهالة، وهو عقد يقوم على الغرر؛ لأنه لا يدرى هل المؤمن يقع عليه خطر، أو لا يقع عليه، وبالتالي فهو عقد غرر، فإذا وقع عليه خطر استفاد من التأمين أضعافاً مضاعفة، وإذا لم يقع عليه خطر خسر نقوده التي صرفها في التأمين - هذا هو الأصل، وهو أصل قرارات مجمع الفقه-، حيث لا يوجد تأمين تعاوني، فإذا وجد تأمين تعاوني، وهو التأمين الذي يقوم على أساس التعاون المنظم بين المستأمنين، فهذا هو الأصل. لكن بناء على أنه في أوروبا لا يوجد التأمين التكافلي أو التعاوني، أو البديل الإسلامي ليس موجوداً، فيجوز للسائلأن يستفيد من التأمين لرفع الحرج والمشقة، ولأن الغرر يجوز إذا اشتدت الحاجة -كما في الكثير من المسائل التي نص عليها العلماء، ونصوا على جواز الغرر فيها لوجود المشقة والحاجة-، وعليه: فيجوز له أن يستفيد من هذا التأمين الإجباري وأن يستفيد من نتائجه، ولا حرج عليه - إن شاء الله- في ذلك، على أنه إذا وجد تأميناً تعاونياً أو تكافلياً يستجيب لمتطلبات الشريعة يجب أن يلتزم به، ويترك التأمين التجاري. والله أعلم.

بوليصة التأمين على الحياة

بوليصة التأمين على الحياة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 29/3/1425هـ السؤال في حالة قيام والديَّ بعمل بوليصة تأمين على الحياة ومنحها لي، فهل يجوز لي قبولها وإنفاقها على نفسي كلها، أم أقبل جزءًا منها فقط وهو الأقساط الشهرية المسددة؟ أم آخذ كامل قيمة البوليصة من شركة التأمين ثم أحتفظ بمبالغ الأقساط الشهرية المسددة وأتبرع بالزيادة المقدمة من شركة التأمين للجمعيات الإسلامية هنا في كندا؟.أرجو تقديم بعض الحجج المؤيدة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

التأمين على الحياة أحد أنواع التأمين المحرمة؛ لما فيه من الجهالة والغرر، وأكل أموال الناس بالباطل، علاوة على ما يشتمل عليه عقد التأمين التجاري - ومنه التأمين على الحياة- من ربا النسيئة والفضل، ومن عرف الحق وأراد الإقلاع عن الباطل، فله أن يأخذ من شركة التأمين (بوليصة التأمين على الحياة) مقابل ما دفعه من الأقساط فقط؛ لقول الله -تعالى-:"وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ" [البقرة: من الآية279] وهذا الجواب عام في كل عقد محرم تاب منه صاحبه - ومنهم والدك-، أما ما يخصك أنت بعد أن منحك والدك هذه البوليصة التأمينية، فالأمر يختلف، فقبولك لهدية أو منحة والدك جائز تطييباً لخاطره، وإن كان على قيد الحياة فيتعين عليك مناصحته، وكيف يتخلص من الحرام، -كما هو مبين في صدر هذا الجواب-، ومع هذا يجوز لك أن تأخذ كامل قيمة البوليصة من شركة التأمين، وتتصرف بمبالغ الأقساط الشهرية المسددة فقط، وتخرج الباقي في الجمعيات الإسلامية الخيرية لا بنية الصدقة وإنما بنية التخلص منها؛ لأنها حرام، والله طيب لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً كما ورد في الحديث الذي رواه مسلم (1015) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وأخذ جميع مال (البوليصة) من شركة التأمين وإنفاقه في المجالات النافعة أولى من تركه لدى شركة التأمين تشغله في الربا، وتصرفه في المصارف المحرمة، إذ بقاؤه لديها إعانة لها على الباطل وتشجيع لها في صرفه على الحرام، والله يقول في محكم كتابه: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] ، وإن كنت - يا أخي- لست بحاجة إلى تلك الأقساط الشهرية المدفوعة، فأخرجها مع باقي البوليصة في المشاريع الخيرية فهو لك أزكى وأتقى، وإن كنت محتاجاً إليها فلا شيء عليك إن شاء الله في أخذ تلك الأقساط والاستفادة منها. والله أعلم.

المتاجرة في أسهم التعاونية للتأمين

المتاجرة في أسهم التعاونية للتأمين المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 17/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تعلمون ما أقره مجلس الوزراء ببيع أسهم شركة التعاونية للتأمين، وحيث إن بعض المشايخ قد أجاز التأمين على الرخصة، سؤالي هل يجوز المتاجرة في هذه الأسهم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شركة التعاونية للتأمين هي من شركات التأمين التجاري، وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم التأمين التجاري على قولين: القول الأول: يجوز التأمين التجاري، وبهذا قال الدكتور مصطفى الزرقا، والشيخ عبد الله بن منيع، وكذلك الدكتور رفيق المصري. واستدلوا بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذكرها. القول الثاني: تحريم التأمين التجاري، وإلى هذا القول ذهبت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، ومن أعضائها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين -رحمهما الله تعالى-، وبهذا القول- أعني التحريم - صدر قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي (القرار الخامس بتاريخ14/8/1398) .ووجه التحريم أن عقد التأمين التجاري ينطوي على الجهالة والغرر، وأكل أموال الناس بالباطل. والقول الثاني هو الراجح، وعليه فلا يجوز المتاجرة بأسهم شركة التعاونية للتأمين؛ لأن من شروط جواز المتاجرة بأسهم الشركات أن يكون أصل نشاط الشركة مباحاً، وهذا الشرط منتف في هذه الشركة. أما قول السائل أن المشايخ أجازوا التأمين على رخصة القيادة، وبالتالي يجوز المتاجرة بأسهمها. فالجواب على ذلك: أن من أجاز التأمين على رخصة القيادة فهو أحد شخصين: الأول: إما أنه يرى جواز التأمين التجاري. وبالتالي يجوز عنده التأمين على الرخصة وكذلك المتاجرة بأسهم هذه الشركة.

الثاني: وإما شخص لا يرى جواز التأمين التجاري، ولكن لما ألزمت الدولة بذلك فإنه يكون من باب الحاجة العامة التي تنزل منزلة الضرورة الخاصة، وتكون من باب الضرورات التي تبيح المحظورات. وهناك فرق ظاهر بين التأمين على الرخصة من شركة تأمين تجارية، وبين المتاجرة بأسهم هذه الشركة، ويظهر الفرق من وجهين: الأول: أن المتاجر يعد شريكاً في هذه الشركة بخلاف المؤمن؛ فالعلاقة بينهما علاقة معاوضة. الثاني: المتاجر ساهم في هذه الشركة باختياره، بخلاف المؤمن فهو مضطر إلى ذلك. وبالتالي لا يصح قياس جواز المتاجرة بأسهم الشركة التعاونية للتأمين على جواز تأمين رخصة القيادة من نفس الشركة، لما سبق من الفروق. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سحب المستحقات من التأمينات الاجتماعية

سحب المستحقات من التأمينات الاجتماعية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 16/05/1425هـ السؤال عملت في إحدى شركات القطاع الخاص لمدة ثمان سنوات، ثم قررت القيام بمشروع خاص، هل يجوز لي أن أسحب مستحقاتي من التأمينات الاجتماعية لاستخدامها كرأس مال المشروع؟. الجواب نعم، يجوز لك أن تسحب مستحقاتك من التأمينات الاجتماعية واستخدامها في مشروعك الخاص إذا لم يكن هناك موانع؛ كالاشتراط عند العقد أنه لا يجوز للعامل أو للموظف أخذ مستحقاته قبل فترة زمنية محددة ونحو ذلك، فإذا لم يوجد مانع فالحكم الجواز. والله أعلم.

الاكتتاب بشركات التأمين

الاكتتاب بشركات التأمين المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين التاريخ 02/09/1425هـ السؤال ما حكم الاكتتاب بشركات التأمين؟. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين.. وبعد: فالجواب على السؤال يتضح بعد بيان أنواع شركات التأمين: فشركات التأمين على نوعين: 1 - شركات تأمين إسلامية جميع أعمالها وعقودها متفقة مع أحكام الشريعة. فهذه لا إشكال في جواز الاكتتاب فيها. 2 - شركات تأمين غير شرعية تقوم على التأمين التجاري المحرم، وربما سمت نفسها بشركة تأمين تعاونية، وهي ليست من التأمين التعاوني الحلال بشيء، وغالب شركات التأمين المنتشرة في العالم الإسلامي من هذا النوع -مع الأسف- يسمون الشيء بغير اسمه تغريراً بالناس وتلبيساً عليهم، وشركات التأمين التجاري لا يجوز الاكتتاب فيها؛ لأن نشاطها محرم، لقيامه على الجهالة والغرر وأكل أموال الناس بالباطل، وقد اتفق الفقهاء المعاصرون على أنه لا يجوز المتاجرة بأسهم الشركات ذات النشاط المحرم، كأسهم البنوك الربوية، والقمار والمجون وغير ذلك. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

القمار والرهان والميسر

مسابقات الإنترنت المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة التاريخ 1/6/1422 السؤال ما حكم المشاركة في المسابقات التي تقام عبر الإنترنت، والتي يتحصل الفائز فيها على هدايا وأموال قد تصل إلى آلاف الدولارات مع العلم أن المتسابق فيها لا يكون إلا غانماً أو سالماً ولا يكون فيها غارماً؟ الجواب لا بأس بالمشاركة في المسابقات التي تقام عبر الإنترنت أو غيره إذا كان المتسابق لا يغرم شيئاً، بحيث لا يكون إلا سالماً أو غانماً؛ لأنه لا يوجد في ذلك ميسر أو قمار، فالميسر والقمار ما يكون فيه الشخص متردداً بين أن يغرم أو يغنم. ولكن يشترط أن تكون هذه المسابقات غير مشوبة بأشياء محرمة كأن تكون الأسئلة في أشياء إباحية أو غنائية ونحو ذلك مما يحرم لذاته، فتحرم لهذا السبب، لا لكونها قماراً. والله أعلم.

القمار في لعب الكرة

القمار في لعب الكرة المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 13/9/1422 السؤال نحن مجموعة شباب نلعب كرة القدم، ويكون هناك اتفاق بيننا على أن يضع الخاسر عشاءً، علماً أن الشخص الخاسر يضع العشاء بنفس راضية بلا إكراه، وكل ذلك بهدف جعل اللعب أشد حماساً وتحدياً، فهل في ذلك شيء؟ أفتونا يا فضيلة الشيخ، ولكم خالص الشكر والتقدير؟ الجواب هذا اللعب يُعدّ عند الفقهاء - رحمهم الله - في حكم القمار؛ لأن الداخل إما غانم وإما غارم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في خفِّ، أو نصل، أو حافر " أخرجه الخمسة (أبو داود 2574، النسائي 3586، الترمذي 1700، أحمد 10138، وابن ماجه 2878) ولم يذكر ابن ماجه "نصل". والعوض الذي يأخذه أحد المتسابقين هو كل عوض سواء كان نقداً، أو عيناً، أو منفعة، والعشاء لا شك أنه عينٌ أو منفعة. وقول السائل:"علماً بأن الشخص الخاسر يضع العشاء بنفس راضية " فيقال: رضى الشخص ليس له اعتبار إذا خالف الأحكام الشرعية. أرأيت لو رضي المتعاقدان على الربا، أو على الغرر، أو على الظلم، أيجوز لهما ذلك؟ لا شك أنه لا يجوز فكذلك هنا، والله أعلم.

شهادة المليونير

شهادة المليونير المجيب د. عبد الله بن حمد السكاكر عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 16/7/1423هـ السؤال أحد البنوك أصدر شهادة تسمى (شهادة المليونير) وقيمتها مئة جنيه مصري، ويجري عليها سحب شهرياً قيمته (مليون جنيه) فما حكم شراء هذه الشهادة؟ مع العلم أنني لو لم أكسب الجائزة (المليون) يحق لي استرداد المئة جنيه. وقد سمعت أن القاعدة الشرعية تقول: (إذا كان المسلم إما غانماً وإما سالماً فيجوز، وإذا كان المسلم إما غانماً وإما غارماً فلا يجوز) . أفيدونا وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز الدخول في هذه المسابقة لأن القائمين عليها إن كانوا يأخذون هذه المئة ولا يردونها فهي قمار ظاهر. وإن كانوا يردونها فهذا قرض بفائدة؛ لأنك تقرضهم هذه المائة في مقابل دخولك هذا السحب، وقد أجمع أهل العلم على أن القرض إذا شرطت فيه منفعة فهو ربا. والله أعلم.

تراهن المتخاصمين من مالهما

تراهن المتخاصمين من مالهما المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 6/7/1424هـ السؤال تراهنت أنا وزميلي على معلومة، كل يعتقد أن رأيه صحيح، وقمنا بإعطاء زميل لنا آخر خمسمائة ريال من كل واحد منا على أن يأخذها صاحب الجواب الصحيح, فهل هذا الرهان جائز بين اثنين هما اللذان يدفعان النقود؟ أفتونا جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم. الجواب هذا الرهان محرم ولا يجوز، وهو من الميسر، إذ إن الرهان الذي يكون فيه العوض من الطرفين إنما هو في آلات الحرب، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا سبق إلا في نصلٍ أو حافرٍ أو خفٍّ" رواه الترمذي (1700) ، والنسائي (3585) ، وأبو داود (2574) ، وابن ماجة (2878) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -"، أما هذا فإنه لا يجوز، اللهم إلا إذا كانت هذه المعلومة تتعلق بالعلوم الشرعية كالحديث، والفقه، والتوحيد، ونحو ذلك، فهذا أجازه بعض أهل العلم، لأن الدين قام بالسيف والسنان، وكذا بالعلم والبيان.

شهادة "البنتاجونو"

شهادة "البنتاجونو" المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 12/6/1424هـ السؤال ما حكم الدين في الشهادة المسماة بشهادة (البنتاجونو) ، وهي منتشرة في مصر، وخطوات الاشتراك فيها: (1) الحصول على الشهادة من المصدر مقابل عشرين جنيهاً مصرياً تدفع لهذا المصدر (حامل الشهادة) . (2) إرسال حوالة بريدية بمبلغ عشرين جنيهاً مصرياً للمركز الأول، وحوالة أخرى للشركة بنفس المبلغ. (3) إرسال الشهادة مع كعبي الحوالتين إلى مقر الشركة. (4) ثم ترسل الشركة ثلاث شهادات يكون فيها المشترك الحالي في المركز الأخير (السابع) ، فيقوم هذا المشترك بتوزيع الشهادات الثلاث لمشتركين جدد مقابل مبلغ عشرين جنيه لكل شهادة. (5) يقوم كل واحد من المشتركين الجدد بالخطوات السابقة، وهكذا لكي يصعد صاحب المركز السابع إلى المركز الأول، فيصله مبلغ ما يزيد عن 43 ألف جنيه على هيئة حوالات بريدية. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: هذه الشهادة نوع مما يسمى (الرسالة المسلسلة) (chain letter) ، وهي من أكل المال بالباطل، ومن القمار المحرم، ولذلك يجب اجتنابها وعدم الاشتراك فيها، وفق الله المسلمين لما فيه صلاحهم وهدايتهم.

التسويق الهرمي للأدوية

التسويق الهرمي للأدوية المجيب د. محمد بن سعود العصيمي أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 29/1/1425هـ السؤال أرجو منكم الإفادة بما يأتي: ما حكم اشتراك مسلم في برنامج التجارة المباشرة direct selling المتداول حاليا، وهو كالتالي: هناك دواء تصدره شركة، تبيعه للصيدلية بثلاثمائة وخمسين ريالا، ولكن الذي يريد أن يكون عضواً مشتركاً في البرنامج تبيعه الشركة له بثلاثمائة وعشرة ريالات فقط، وهو إذا نجح في بيع الدواء لشخصين آخرين وانضما إلى البرنامج يكسب سبعين ريالا جزاء له ثم إذا حصّل كل من الشخصين السابقين شخصين مشاركين آخرين في البرنامج يكسب كل منهما قيمة السبعين ريالا لقاء فعلهما وأجرهما، فالشخص الأول يكسب ضعفهما وهو مائة وأربعون ريالا، وهكذا يستمر البرنامج إلى عشرة أدوار مثلاً في يوم واحد، هنا تتوقف الشركة عن إعطاء المكافأة حفاظًا على ماليتها. فما حكم الاشتراك في مثل هذا البرنامج؟ وما حكم أخذ المكافأة المعطاة؟ والله يجزيكم عني خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: المعاملة تسمى التسويق الهرمي، وهي مبنية على شحذ همم الناس على التسويق، لكنها تنطوي على تغرير بالناس، فليس كل المتعاملين يحصل على الجائزة الموعودة، ولذلك أرى أنها لا تجوز، وهناك بحث نفيس لفضيلة الشيخ سامي السويلم عن حكم التسويق الهرمي، علماً بأنه يصح للشركة أن تجعل أجر التسويق غير مرتبط بالآخرين، فكل من باع لها أو جاء بزبون لها فله نسبة معنية أو أجر محدد، ولكن ليس بالطريقة الهرمية المتزايدة. والله أعلم.

الاشتراك في برنامج (الرسالة المسلسلة)

الاشتراك في برنامج (الرسالة المسلسلة) المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 04/05/1425هـ السؤال هل يجوز المشاركة في البرنامج التالي: تقوم بإرسال 20 دولاراً، ثم يقوم البرنامج بإرسال آلاف الدولارات، وهو عبارة عن اشتراك، وتقوم أنت بنشر مقالة تقدم لك من طرف البرنامج، أي تقوم بنشرها؛ لكي تأخذ الأموال، فهي عبارة عن خدمة تقدمها للبرنامج، ويقوم البرنامج بإرسال النقود جراء هذا العمل. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: البرنامج المذكور يظهر أنه من برامج التسلسل الهرمي (pyramid scheme) ، وعلى الأخص ما يسمى الرسالة المسلسلة (letter chain) ، وهو نوع من القمار وأكل المال بالباطل. وأنصح الأخ ألا يغتر به، ويضيع ماله فيما لا يفيد، والوعود التي يقدمها البرنامج وعود زائفة، هدفها استغلال أموال الناس، شأنها شأن اليانصيب أو أسوأ. فالواجب الحذر منها والابتعاد عنها، ومن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه.

شراء بطاقة لدخول مسابقة على الإنترنت

شراء بطاقة لدخول مسابقة على الإنترنت المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 22/2/1425هـ السؤال اشتركت في برنامج مسابقات على الإنترنت، ولا أعلم هل هو حرام أم لا، المسابقة تتضمن عدة أسئلة، ويقوم المشترك بشراء بطاقة الدخول للمسابقة، وقد يربح جوائز قد علمها قبل الدخول ووافق على شروطها، وتتضمن السرية، ومقدار الجوائز ونوعيتها، كمثل أن يربح بطاقات مشاركة أخرى أو مبلغاً نقدياً، علما بأنه قبل الشروع بالمسابقة يقوم المتسابق بقراءة جميع معلومات وشروط المسابقة، والموافقة عليها، والمسابقة ثقافية في شتى دروب المعرفة والعلم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا كان من شروط المسابقة أن تشتري بطاقة للدخول فيها، ولا يمكن الاستفادة من البطاقة في منافع أخرى غير المسابقة، وغير الدخول في موقعها، فهي قمار، لا يجوز الدخول فيها، ولا أخذُ جوائزها؛ لأن حال المتسابق متردد بين أمرين: إما أن يذهب عليه ما دفعه من رسوم الاشتراك ويخسر ماله، وإما أن يغنم ما غرمه غيره فيكون قد أكل أموالهم بالباطل. والقاعدة: أن أي مسابقة يُشترط فيها دفع رسوم، أو شراء بطاقات الأسئلة، أو بطاقات للإجابة لا تقبل الإجابة إلا فيها، فهي قمارٌ لا يجوز الدخول فيها البتة؛ لأن المتسابق يكون حاله فيها إما أن يغرم ما دفعه (في حال عدم فوزه في المسابقة) ، أو يغنم ما دفعه غيره (في حال فوزه بالجائزةا) ، وهذه مخاطرةٌ بالمال لا تجوز، وهي حقيقة القمار المحرَّم. ولا فرق في ذلك بين أن تكون الأسئلة شرعية، تفقِّه المتسابق في الكتاب والسنة، أو فنيةً تضيع وقته في السخافات والمجون. أما لو كان الدخول فيها بالمجان، وأسئلتها خارجة عن الأمور المحرمة، فهي حلال خارجة عن صورة القمار. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.

(صورة أخرى للتسويق الهرمي)

(صورة أخرى للتسويق الهرمي) المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 8/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: هناك شركة تنتج المجوهرات والألماس، تبيع قطعة الألماس الواحدة بـ 510 دولارات، وزوج الألماس بـ 790 دولارات، وتتبع في بيعها نظام التقسيط، فيدفع المشتري الدفعة الأولى 200 دولار، ثم يقسط الباقي، كل قسط 50 دولاراً حتى يكمل قيمة القطعة الأولى فيستلمها، ثم بعد ذلك يكمل قيمة القطعة الثانية (وهي 280 دولاراً) فيستلمها، وهذه الشركة تتبع نظام العمولات بطريقة (التسويق الهرمي) المعروفة، حيث إن المشتري إذا أقنع ستة أشخاص بشراء هذه القطع الألماسية فإنهم يعطونه عمولة قدرها 100 دولار تقسم قسمين: 50 دولارا لتسديد القسط الخاص بقطعة الألماس، و 50 دولارا تعطى له باعتبارها عمولة إحضار الزبائن، وهكذا حتى تكتمل قيمة الألماس فيرسلونها له، علمًا أن: - هذه الشركة تعطي العمولات للأشخاص الذين يحضرون الزبائن، سواء اشتروا من الألماس أو لم يشتروا، ولكن بالطبع فإن عمولة المشتركين أكثر من عمولة غير المشتركين. - أكد شخص أنه وجد قطع الألماس التي بنفس مواصفات ألماسات الشركة عند محلات المجوهرات في بلده بقيمة 600 دولار، وأنها في بلدة أخرى بـ 600 دولاراً أيضا. - وجدت سعر قطعة الألماس الواحدة بنفس مواصفات الماسات الشركة في بعض المواقع الأجنبية يتراوح ما بين 360 - 420 دولاراً من غير الشحن، وهو سعر مقارب لسعر الشركة إذا افترضنا أن الشركة تبيع القطعة الواحدة بقيمة (790 ÷ 2 = 395 دولاراً) . - هناك سقف للعمولات المسموحة لكل شخص، فلا يحق له أن يستلم أكثر من 1500 دولار يومياً.

- ليس هناك اشتراك سنوي، بل المال المدفوع هو الدفعة الأولى من قيمة الألماس. -تعطيك الشركة أيضاً مبلغ 10 دولارات عن كل شخص تحضره مباشرة عن طريقك. -حددت الشركة فترة زمنية لتسديد الأقساط؛ وهي خمس سنوات من تاريخ الدفعة الأولى. -بإمكان الشخص المشترك أن يستلم عمولته بشيك، أو بتحويلها إلى حسابه، أو أن يشتري بها منتجات من الشركة. - الذين لم يستطيعوا أن يأتوا بأي مشترك تحتهم، لا عن اليمين واليسار، وبعد مرور ستة أشهر تعطيهم الشركة حق الانسحاب واستعادة 75 % من مبلغ 200 دولار الذي تم دفعه (باعتبار أن الـ 25% الباقية عربونا) ، أو أن يكمل باقي مبلغ زوج الألماس ويأخذها، وله كامل الحق في التصرف بها. - ليس هناك من يخسر لمصلحة من يربح، فالكل يدفع قيمة قطعة الألماس فقط. وبعد هذا الكلام عن هذه الشركة، وبيان بعض الفروق بينها وبين بعض شركات التسويق الهرمي، نرجو منكم توضيح حكم الشراء من منتجات هذه الشركة والتسويق لها، أو الشراء دون التسويق، أو التسويق دون الشراء، وإذا كان هنا أكل للمال بالباطل فأرجو توضيحه، والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: 1. الشركة المذكورة لها نوعان من الخطط التسويقية (1/1 وله نوعان، أو 3/3 وله ثلاثة أنواع) . كل منها يعطي مقدار عمولات يختلف عن الآخر [1] . 2. تتراوح العمولات التراكمية للنوع الأول (1/1) ما بين 19510 إلى 97550 دولار في السنة. أما النوع الثاني فيتراوح بين 33960 إلى 226400 دولار. علماً أن العمولات يمكن أن تستمر من حيث المدة إلى ما لا نهاية حسب تصريح الموقع [2] .

3. كل عاقل يبحث عن مصلحته إذا عُرض عليه ألماس قيمته 790 دولاراً وعمولات تصل إلى أكثر من مائتي ألف دولار، فسينظر إلى العمولات. ولذا فالقول بأن المشترك هدفه الأساسي هو السلعة غير صحيح، بل هو مكابرة للواقع. وأوضح دليل على ذلك أن العمولات هي العامل الأهم في إقناع الناس بالاشتراك [3] . 4. إن إدخال السلعة ما هو إلا ستار لعملية المقامرة، وهذا الستار لا يفيد أصحابه شيئاً من حيث المشروعية، لأنه مجرد حيلة. وقد قرر شيخ الإسلام أن أصول الحيل ترجع إلى أمرين: إما أن يُضم إلى أحد العوضين ما ليس بمقصود، وإما أن يُضم إلى العقد عقدٌ غير مقصود. والنوع الأول هو مسألة مُد عَجوة، والثاني هو المنهي عنه من بيعتين في بيعة وسلف وبيع [4] . والتسويق الشبكي يدخل في النوع الأول، لأن المقصود هو النقود، ولكن القوانين تمنع التسلسل الهرمي إذا اقتصر على النقود، فاضطروا لإدخال السلعة تحايلاً، وإلا فهي غير مقصودة في الحقيقة. ومما يوضح ذلك أن حاصل التسويق الشبكي أن المشترك يدفع مبلغاً من النقود مقابل سلعة ومقدار من العمولات النقدية. فهي معاملة في أحد طرفيها نقد وفي الآخر سلعة ونقد. وإذا كان النقد المفرد في المبادلة أقل من النقد الذي انضمت إليه السلعة أو يساويه فهي مبادلة ممنوعة باتفاق الفقهاء. وإنما اختلفوا إذا كان النقد المفرد أكثر من النقد الذي انضمت إليه السلعة، فأجازه الحنفية وبعض السلف [5] . أما إذا كان النقد المفرد أقل، فهي ممنوعة عند الجميع. وهذا هو الحاصل هنا، لأن المشترك يدفع 790 دولاراً مقابل ألماس وعمولات نقدية تعادل أضعاف أضعاف الثمن الذي دفعه. 5. إذا كان المقصود هو العمولات فالمعاملة تصبح ممنوعة لأمرين: الأول: الغرر الفاحش والمقامرة، لأن المشترك يدفع مقابل عائد لا يدري هل يتحقق أو لا، والغالب - وفق القوانين الرياضية والإحصائية - أنه لا يتحقق. وهذا هو الغرر المحرم شرعاً.

الثاني: أنه مبادلة نقد بنقد مع التفاضل والتأخير، وهذا من الربا المحرم. 6. وبناء على أن المقصود هو العمولات فكل من لم يحقق عمولات يعد خاسراً لأنه دفع دون أن يتحقق مقصوده وهدفه. وهو لم يشترك ابتداء رغبة في الألماس بل في العمولات، فلا ينفعه الألماس بشئ. فالطبقات الدنيا تعد خاسرة لمصلحة الطبقات العليا، ولا يمكن أن يستمر التسويق الشبكي إلا بهذه الطريقة، وهذا هو أكل المال بالباطل. 7. هذا الحكم لا يتأثر بما إذا كان سعر المثل أعلى أو أقل من السعر المعلن. لكن ألفت نظر الأخ إلى أن الشركة تشترط شراء زوج من الألماس، حتى لو دفع قيمة قطعة واحدة فهي تعتبره ملتزماً بدفع ما تبقى من ثمن الزوج [6] . وواضح أن هذه زيادة مبطنة للثمن تجعله في الحقيقة ضعف ثمن المثل. 8. من كان يريد الألماس دون التسويق فينبغي أن يبحث عن جهات متخصصة في هذا المجال لا علاقة لها بالتسويق الشبكي، وبهذا يتبين مَن قصدُه العمولات ومَن قصدُه السلعة. أما من يقصد التسويق دون الشراء فالشركة لا تسمح بالتسويق لمن لم يشتر بحسب لوائحها. وقول الأخ أنهم يعطون عمولات لمن لم يشتر غير دقيق [7] . 9. إن شراء الألماس من خلال الموقع هو شراء لشيء موصوف وليس لشيء معين. والمبيع الموصوف في الذمة يشترط لشرائه دفع الثمن كاملاً عند التعاقد كما هو الحال في بيع السلم، لئلا تصبح المعاملة من بيع الكالئ بالكالئ المحرم بالإجماع. وشراء الألماس الموصوف في الذمة بالتقسيط يتضمن تأجيل بعض الثمن، فتصبح المعاملة من بيع الدين بالدين المحرم بالإجماع. 10. حق استرداد 75% من الدفعة المقدمة المشار إليه في السؤال لا يحل الإشكال الشرعي، لأمور: الأول: أن المشترك قد خسر 25%. وهذه الخسارة وإن كانت أقل لكنها تظل خسارة. وصغر المبلغ لا يعني الجواز، فثمن تذكرة اليانصيب لا يتجاوز دولاراً واحداً، ومع ذلك فهو قمار محرم.

والقول بأن نسبة 25% بمثابة العربون لا يصح هنا، لأن العربون تأجيل لبعض الثمن وهذا لا يجوز في بيع الموصوف في الذمة لأنه يفضي إلى الدين بالدين كما سبق، ولذلك لا يجوز العربون في بيع السلم عند الجميع. الثاني: أن هذا الحق يثبت إذا لم يحصل المشترك على أي عمولات، ولم يأت بأي مشترك. لكن لو حصل على أي عمولة، أو أتى بمشترك من جهة واحدة فقط ولم يحصل من ثم على عمولة فليس له الاسترداد [8] . ومعلوم أن المشترك لا يعد رابحاً إلا إذا حقق عمولات تتجاوز الثمن الذي دفعه، أي أكثر من 200 دولار. فهذا الحق إذن لا ينفي الخسارة بل تظل قائمة إذا كانت العمولات أقل من الثمن المدفوع، ومن باب أولى إذا لم يحصل على أي عمولة. الثالث: أن المشترك يتحمل مصاريف التسويق والدعاية والاتصالات والمراسلات من ماله الخاص، وهذه لا يتم تعويضها بحال. وهذه الخسارة محرمة لأنها تتعلق بعمل الغالب عليه الإخفاق، بخلاف عمل العامل في الجعالة، إذ هو طلب للربح فيما يغلب حصوله. الرابع: أن هذا الحق يجعل المعاملة نقداً بنقد دون وجود السلعة أصلاً، لأن المشترك يدفع 200 دولار وإذا لم يحقق مبيعات استرد 150 منها، وإذا حقق مبيعات حصل على عمولات نقدية، فتصبح المعاملة نقوداً بنقود صرفة، وهذا محرم بلا خلاف. وهذا يؤكد أن المقصود هو العمولات وليس السلعة، فالمشترك يبدأ التسويق فوراً قبل استلام السلعة بل هي لا تزال في ذمة الشركة البائعة، فكيف يقال بعد ذلك إن السلعة مقصودة؟ 11. أخيراً ينبغي التأكيد على أن الشريعة الإسلامية لا تحرم طلب الربح والكسب، بل هذا مأمور به ومطلوب، وإنما تحرم أكل المال بالباطل وبالغرر والربا. ومن اتقى الله تعالى فتح له أبواب الحلال ورزقه من حيث لا يحتسب، ومن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه.

والله سبحانه المسؤول أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يكفينا بحلاله عن حرامه ويغنينا بفضله عمن سواه، والحمد لله رب العالمين. مواضيع ذات صلة: (حكم التعامل مع شركة بزنس كوم) (التسويق الهرمي) (بزناس والتسويق الهرمي عوداً على بدء)

___ [1] كما هو مذكور في موقع الشركة: http://www.my7diamonds.com/m7dsystem/R&R.asp. [2] http://www.my7diamonds.com/m7dsystem/potential.asp [3] راجع موقع M7D4arab.com واقرأ الدعاية: "هل حلمت في يوم من الأيام أن تصبح من ذوي الثروات الطائلة؟؟؟ هل حلمت يوماً ما بسيارة أنيقة..! أو منزل فاخر؟؟ ... " إلخ. [4] راجع القواعد النورانية، ص173-174، دار ابن الجوزي. [5] راجع الموسوعة الفقهية الكويتية، مادة "ربا". [6] راجع: http://www.my7diamonds.com/faq/faq_mktingplan.asp، تحت عنوان: I have paid for a single diamond. Do I get a free Business Account?. [7] راجع الرابط: http://www.m7d4arab.com/6.htm، تحت عنوان: "خطة الكسب المادي"، حيث نص على اشتراط الشراء لتحقيق الكسب المادي. [8] نص الموقع العربي على أن الذين (لم يستطيعوا أن يجمعوا أو يأتوا بأي مشترك تحتهم لا عن اليمين واليسار وبعد مرور ستة أشهر تعطيهم الشركة حق الإنسحاب) http://www.m7d4arab.com/6.htm) ، وهذا يدل على أنه من أتى بمشترك من إحدى الجهتين فقط فليس له الانسحاب، والعمولة لا تعطى إلا لمن أتى بمشتركين من الجهتين.

بيع بطاقات التخفيض

بيع بطاقات التخفيض المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 15/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل في شركة لمستحضرات التجميل الطبيعية، وقد وقعت عندنا شبهة من حيث حرمة العمل فيها أو حله، حيث يتم تسجيل العضو الجديد بأربعين ريالاً، ويعطى (كتلوجات) تحتوي على الأسعار والمنتجات، وله نسبة حاضرة عند البيع، ونسبة تجمع بالنقاط آخر الشهر، ورواتب ثابتة شهرياً، ونسبة على كل من يسجلهم فيما بعد. فأرجو الإفادة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقد جرى الاتصال بالشركة المذكورة في السؤال للاستفسار عن طريقة المعاملة، فأفاد أحد الموظفين فيها بما يلي: يتقدم الراغب إلى هذه الشركة فيدفع أربعين ريالاً ليكون عضواً، ويعطى بطاقة بذلك مع (كتلوجات) تحوي صور المنتجات وأسعارها، وكلما أراد شراء سلعة منها لنفسه أو ليبيعها على غيره، وجاء لاستلامها من مستودع الشركة، فإنه يأخذها بسعر أقل من المدون في (الكتلوج) ؛ لأنه عضو، وكلما وصلت مشترياته نسبة معينة في شهر واحد أعطي نسبة من قيمة مشترياته حسب قيمة المشتريات، وإذا أحضر أعضاءً يسجلون في الشركة كأعضاء، فإن النقاط التي سيتحصلون عليها وما يعطون من النسبة الشهرية المذكورة تحسب له أيضاً، ويعطى هو أيضاً عليها مبلغاً، هذا هو إجمال طريقة التعامل المذكورة حسبما فهمت من الموظف المذكور، وبناء عليه فإن الظاهر لي في حكم هذه المعاملة أنها معاملة محرمة للأوصاف التالية:

أولاً: وجود الغرر فيها؛ وذلك لأن العضو يدفع قيمة الاشتراك؛ لغرض الحصول على التخفيض، ومقداره يتفاوت بتفاوت عدد السلع المشتراة، إذ قد يشتري سلعاً كثيرة أو سلعاً أقل، وربما لا يشتري شيئاً، وهذا غرر كبير يوجب الفساد؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر. رواه مسلم (1513) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-. ثانياً: اشتباهها على الميسر، وإيضاحه أن المشترك قد يشتري فيحصل على التخفيض، وقد لا يشتري فيغرم فقط، فهو دائر بين الغرم والغنم الناشئ عن المخاطرة، وهذا هو الميسر. ثالثاً: ما تشتمله مثل هذه المعاملات (في الغالب- من التغرير بالناس وخداعهم وابتزاز أموالهم؛ لأنها غالباً ما تكون التخفيضات وهمية غير حقيقية، كما حصل لكثير من حاملي (بطاقات التخفيض) . وأما توصيف هذه المعاملة فيمكن أن توصف على أنها بيع، أو إجارة لمنفعة التخفيض، وهذا يوجب فساد هذه المعاملة؛ حيث المعقود عليه مجهول المقدار. ويمكن للخروج من الحرمة في هذه المعاملة أن يكون الاشتراك مجاناً، أو بمقابل تكاليف إصدار البطاقة حقيقة (فقط) ، فتكون معاملة مباحة؛ لعدم وجود سبب للتحريم، والأصل في المعاملات الإباحة، ولا يضر الغرر والجهالة؛ لكونها خرجت عن حد معاملات المعاوضات. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين.

يانصيب الحصول على الجنسية الأمريكية

يانصيب الحصول على الجنسية الأمريكية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 02/05/1425هـ السؤال ما هو الحكم الشرعي في (يانصيب الحصول على الجنسية الأمريكية) بالدليل؟. الجواب

اليانصيب كما عرفها القانون هي: لعبة يسهم فيها عدد من الناس، بأن يدفع كل منهم مبلغاً صغيراً ابتغاء كسب النصيب، وهو عبارة عن مبلغ نقدي كبير، أو سلعة من السلع يوضع تحت السحب، ويكون لكل مساهم رقم، ثم توضع أرقام للمساهمين في مكان، ويسحب منها عن طريق الحظ رقم أو أرقام، فمن خرج رقمه كان هو الفائز بالنصيب، وهذا من القمار المحرم، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق" رواه البخاري (4860) ، ومسلم (1647) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- والقمار هو الميسر المحرم بنص القرآن "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" [المائدة:90-91] ، وسبب تحريم الميسر في الآية هو أن المشركين في مكة كانوا يتقامرون على الجزور ناقة يرونها يتوازعونها أسهماً بينهم تبلغ (29) سهماً، ثم يضعون هذه الأسهم في خريطة - كيسة - ويخبصونها ثم يبدأ كل واحد منهم يسحب سهماً، فمن ظهر له رقم من هذه الأسهم دفع جزءاً من قيمة الجزور يماثل قيمة سهمه الذي خرج له، وهكذا حتى النهاية ثم يدفعون قيمة هذه الأسهم الـ (29) إلى صاحب الجزور، ثم يذبحونها ويتصدقون بلحمها على الفقراء منهم، فجاءت الآية بالتحريم، هذا عن الشق الأول لسؤالك وهو حكم (اليانصيب) .

أما الشق الثاني: وهو تجنس المسلم بالجنسية الأمريكية أو غيرها، فأقول إذا كان السفر والإقامة المؤقتة في بلاد الكفار لغير غرض شرعي فمنهي عنها؛ لأحاديث كثيرة منها ما رواه أبو داود (2645) والترمذي (1604) : "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"، قالوا يا رسول الله ولم؟ قال: "لا تراءى ناراهما"، فإن النهي عن التجنس بجنسية الدولة الكافرة من باب أولى؛ لأنها إقامة دائمة، فالنهي عنها أشد وأعظم، وقد تدعوه الحال إلى أن يتحاكم إلى محاكمها وأنظمتها الكفرية، والإقامة بين أظهر الكفار تسبِّب ضعف الدين ورقته وضياع الأولاد والأهل، واستمراء المعاصي والمنكرات؛ لأن كثرة المساس تذهب الإحساس، كما يقال، هذا كله إذا كان التجنس بجنسية الدولة الكافرة أو الإقامة فيها لغير ضرورة شرعية، أما إذا كان هناك ضرورة تدعوه لأخذ جنسية الدولة الكافرة، كأن لا يأمن على نفسه أو أهله، فهو يلاحق ظلماً وعدواناً، أو لا يستطيع طلب الرزق له ولأولاده في بلاده التي نشأ بها، ولم يجد دولة مسلمة تؤيه، كما هو الحال اليوم مع كثير من الدعاة أو المعارضين لحكوماتهم، أو يكون المسلمون (الأقلية المسلمة) في بلاد الكفار بحاجة إلى من يعلمهم دينهم، ولا يحصل لهم هذا إلا إذا تجنَّس من يدعوهم بجنسية دولتهم، ففي مثل هذه الحالات يجوز أخذ جنسية دولة كافرة بشروط منها: (1) أن يكون ولاؤه الحقيقي ومحبته القلبية لأمته المسلمة، ولو خالط الكفار وعاشرهم في الظاهر إنما لحمله جنسيتهم. (2) أن لا يترتب على أخذه الجنسية ارتكابه لمحظور شرعي قطعي الدلالة. (3) أن يتمكن من إظهار شعائره التعبدية من صلاة وصيام وزكاة ونحوها.

(4) أن يكون مضطر ضرورة شرعية لا محالة له منها للقاعدة الأصولية (الضرورات تبيح المحظورات) والضرورة تقدر بقدرها، أو يكون طلبه للجنسية باعثه حاجة ملحة لا مندوحة له منها؛ للقاعدة الفقهية (إن الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة) وإذا جازت الإقامة في بلاد الكفار لغرض شرعي جاز أخذ الجنسية؛ لأنها متفرعة عنها في كل حال، وما قد يرد على أخذ الجنسية من التحاكم إلى محاكم الكفر وقوانينه يرد على المقيم في ديار الكفر، فإنه ملزم باتباع أنظمة البلاد وقوانينها، ومثله من أسلم في دار الكفر أو ولد فيها مسلماً.

وإذا جاز للمسلم أن يتوظف في حكومة كافرة، ويطبق من أنظمة الدولة ما يوافق شرع الله، كما كان من تولي نبي الله يوسف -عليه السلام- وظيفة المالية والخزانة لفرعون مصر قال تعالى: " قال اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" [يوسف: من الآية55] ، فإن أخذ الجنسية من الدولة الكافرة أهون من هذا، ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية (السابق لعصره) حيث يقول في مجموع الفتاوى (30/55) : (الولاية وإن كانت جائزة أو مستحبة أو واجبة فقد يكون في حق الرجل المعين غيرها أوجب أو أحب، فيقدم حينئذ خير الخيرين وجوباً تارة واستحباباً أخرى، ومن هذا الباب تولي يوسف الصديق - عليه السلام -على خزائن الأرض لملك مصر، بل ومسألته له أن يجعله على خزائن الأرض، وكان هو وقومه كفاراً، كما قال تعالى: "وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ" [غافر: من الآية34] ، وقال تعالى عنه: "يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ" [يوسف: 39-40] ، ومعلوم أنه مع كفرهم لا بد أن يكون لهم عادة وسنة في قبض الأموال وصرفها على حاشية الملك وأهل بيته وجنده ورعيته، ولا تكون تلك جارية على سنة الأنبياء وعدلهم، ولم يكن يوسف - عليه السلام- يمكنه أن يفعل كل ما يريد وهو ما يراه من دين الله، فإن القوم لم يستجيبوا له، لكن فعل الممكن من العدل والإحسان، ونال يوسف - عليه السلام- بالسلطان من إكرام المؤمنين من أهل بيته، وهم مسلمون، بل وفيهم أبوه نبي الله يعقوب - عليه السلام- ما لم يكن يمكن أن يناله بدون ذلك، وهذا كله داخل في قوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ا. هـ.

واستنباطاً من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية هذا نقول: إذا كان نبي الله يوسف - عليه السلام- لم يستطع أن يفعل كل ما يريده فيمنع فرعون وجنده، وحاشيته من استئثارهم بالمال العام وتبذيره وحفظه لصالح الأمة، مع أنه -عليه السلام- هو المشرف والمتولي للخزانة العامة لدولة فرعون، وإنما فعل يوسف - عليه السلام- من العدل والإحسان ما تمكن منه وقدر عليه، إذا كان هذا جائزاً في حق يوسف -عليه السلام- وهو نبي يوحى إليه، فإنه في حق غيره من البشر أولى، ومنهم المتجنس بجنسية الكفار اضطراراً، فإن عليه أن يفعل الممكن من العدل والإحسان، وأخيراً ولو كان قليلاً مما اشتملت عليه أنظمة تلك البلاد وقوانينها وإظهار شعائر دينه من صلاة وصيام، وخلاصة الجواب: أن ما تفعله بعض المكاتب التجارية من اليانصيب للاقتراع للحصول على الجنسية الأمريكية أعتقد أنه مزايدة تجارية، ولا يمكن لدولة أن تجعل أنظمتها كالتجنس بأيدي تجار يزيدون عليها، ولو فرض وقوعه في دولة من الدول لامتنع في أمريكا، وبالأخص بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي غيرت مجرى التاريخ أو كادت، والتجنس بالجنسية الأمريكية أو غيرها جائز إذا توفرت في طالبها الشروط السابق ذكرها. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

الاشتراك في شركة (QUEST) للتسويق الشبكي

الاشتراك في شركة (QUEST) للتسويق الشبكي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر التاريخ 27/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

أود من فضيلة الشيخ توضيح حكم الاشتراك في شركة (QUEST) العالمية للتسويق الشبكي، فهذه الشركة أساس عملها التسويق الشبكي، ومقرها الرئيس في هونج كونج، وعمرها الزمني من بدايتها ست سنوات، وتعتبر بتقييم السوق ترتيبها الثالث في التسويق الشبكي حول العالم، وتجاوزت مبيعاتها المليار دولار, ولها عشرات الآلاف من العملاء حول العالم بما فيها العالم الإسلامي، الشركة حصلت على امتياز تسويق منتجات بعض الشركات منها الشركة الرائدة في إنتاج القطع الذهبية والساعات والمجوهرات, شركة (Mayer) الألمانية، وتعاقدت مع منظمة (RCI) للمنتجعات والفنادق، والتي لها انتشار كبير في العالم العربي والإسلامي بما فيها فنادق في مكة والمدينة وغيرها من البلاد الإسلامية، وتعاقدت مع شركة اتصالات كبرى، ولها كثير من المنتجات الأخرى، علماً أن هذه المنتجات حصريا بيعها وتسويقها على أعضاء هذه الشركة فقط، أي أن هذه المنتجات بذاتها لا تباع في السوق إلا عن طريق عملاء الشركة، وهذه المنتجات مرغوبة بحد ذاتها إما لأن سعرها أقل من مثيلاتها بالسوق أو لأن جودتها أعلى, فلو أخذنا برنامج الرحلات لوجدنا أنه أقل من مثيلاته بالسوق بما لا يقل عن ألفي دولار، وكذا القطع الذهبية والمجوهرات جودتها أعلى بكثير من التي بالسوق، طريقة الاشتراك بالشركة، بعد أن يقتنع الشخص بالشركة وبأحد منتجاتها يقوم بالتسجيل بمقر الشركة الإلكتروني، وذلك بإدخال البيانات الأساسية، وإدخال رقم المعرف (الشخص الذي أخبره عن الشركة) ، ويدفع رسوماً مقدارها عشرة دولارات لقاء التسجيل، ويعطى رقماً خاصا به، ويوضع تحت اسم الشخص الذي عرفه بالشركة (أي في شبكته) ، التسجيل لوحده ليس له نقاط، إذا اشترى هذا الشخص (أصبح عميلا بعد اشتراكه) أحد المنتجات فإنه يحسب نقاط للمعرف، حيث إن كل منتج له عدد من النقاط، وعند وصول عدد النقاط إلى 6 يعطى 250 دولار للمعرف، وهكذا ... وإذا اشترى شخص آخر عن طريق

العميل الجديد فإن النقاط تحسب للمعرف الجديد وللمعرف القديم، وهكذا ... حيث إن الشخص مستفيد من هذه الشركة من ناحيتين: الأولى: المنتج الذي اشتراه.. وهو بحد ذاته هدف ومقصد، من حيث جودته وسعره. الثاني: العمولة التي ستأتيه فيما لو اشترك أحد عن طريقه، أو حتى عن طريق أحد من الذين دخلوا عن طريقه.. حتى تتوقف الشبكة، التي لن تتوقف حتى يتوقف الشخص وجميع من في شبكته عن التسويق، والشبكة ذات مصداقية عالية من حيث منتجاتها، واستلام هذه المنتجات. وأيضاً من ناحية تسليم الوساطات (العمولات) . الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. سبق الكلام في أكثر من مناسبة عن الشركة المذكورة، وأنها من شركات التسويق الهرمي المحرم شرعاً؛ لأنه من الميسر والقمار، وأما المنتجات التي تروج لها الشركة فهي مجرد حيلة على التحريم، وذلك أن العمولات قيمتها أضعاف أضعاف المنتج الذي يشتريه المشترك، وهذا لا يمكن أن يقبل به البائع إلا إذا كانت العمولات قد تحصل وقد لا تحصل، ومن يحصل عليها فهو على حساب من جاء بعده ممن سوق لهم هذه المنتجات، وهكذا، وهذا يجتمع فيه الغرر والتغرير معاً، وإذا كانت العمولات نقدية انضم إلى ذلك الربا؛ لأن المقصود هو مبادلة نقد بنقد، والسلعة أو المنتج ستار لا عبرة به.

وقد اتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم على أن المبادلة إذا تضمنت نقداً في أحد البدلين، وسلعة معها نقد في البدل الآخر، وكان النقد المفرد أقل من النقد المضموم للسلعة أو يساويه، فهي محرمة بلا خلاف بينهم؛ لأن المبادلة حينئذ يغلب عليها النقد بالنقد، والحكم للغالب، وإذا كانت المبادلة محرمة ولو كان النقد في البدلين حاضراً، فهي أولى بالتحريم إذا كان في أحدهما مؤخراً، وهذا هو ما يحصل بالضبط في هذه الشركات، حيث تعد المشترك بعمولات نقدية أضعاف ثمن السلعة الذي دفعه، وهذه العمولات قد تحصل وقد لا تحصل، فيجتمع في المبادلة الغرر والربا، فالواجب الحذر من هذه البرامج المضللة، وتحذير المسلمين منها، وتوجيه المال إلى الأنشطة الاقتصادية النافعة، وهي كثيرة بحمد الله. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.

الملكية الفكرية والحقوق المعنوية

هل يجب كشف السرقات العلمية؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 22/9/1424هـ السؤال هل يجوز شرعاً الكشف عن السرقة العلمية؟ حيث إنني أستاذ جامعي، ولي زميلان ألَّفا كتاباً وقررا تدريسه للطلبة، وقد ثبت لدي بعد التدقيق والبحث أن الكتاب مسروق في مجمله من كتابين لمؤلفين من دولة أخرى، فهل يجوز كشف هذه السرقة العملية؟، وإن ترتب عليها ضرر معنوي بالزميلين؟ السرقة ثابتة بنسبة (100%) ، وواضحة وجلية لمن قارن بين الكتب المشار إليها، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد.. فينبغي إذا ضمَّن المؤلف كتابه كلاماً لغيره أن يعزوه له، ولو كان نقلاً يسيراً، من باب نسبة الفضل لأهله، فكيف إذا كان كتاباً بأكمله؟!، هذا لا يسمى تأليفاً، بل يسمى سرقةً، ويخشى على يفعل ذلك أن يصدق عليه قوله - صلى الله عليه وسلم-: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور"، رواه البخاري (5219) ، ومسلم (2130) عن أسماء -رضي الله عنها-. وأن يصدق عليه قوله تعالى: "لا تحسبن الذي يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم" [آل عمران: 188] . وينبغي عليكم تجاه هذه المسألة: أولاً: مناصحة المؤلفَين، وتذكيرهما بالله، وتخوفيهما عذابه، مع وعدكم لهما بالستر عليهما متى ما انتصحا وسحبا كتابهما من السوق، وتصدقا بما كسبت يداهما من بيعه، (لأنه كسب حرام) ، أو يستأذنا صاحب الكتاب المسروق، فإن أذن لهما فالحق لا يعدوه، والأمر يخصه، وهو وما اختار. ثانياً: إن لم ينتصحا، ويفعلا ما شرطتم عليهما من سحب الكتاب، والتصدق بقيمته، ويتوبا إلى الله، فلكم حينئذ أن تشهروا بهما، وتفضحوهما على رؤوس الأشهاد، وأن تُشعِروا صاحبَ الكتاب المسروق بالأمر، ليقيم دعواه عليهما، ويأخذ حقه منهما، والله أعلم، - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.

نسخ الأشرطة محفوظة الحقوق

نسخ الأشرطة محفوظة الحقوق المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 19/1/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: هل يجوز تسجيل الأشرطة ذات الحقوق المحفوظة وتوزيعها بالمجان في الدعوة إلى الله؟ وهل يجوز بيع النسخ المسجلة من هذه الأشرطة بأسعار رمزية لا تتجاوز الريالين؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد قرّر مجمع الفقه الإسلامي (مجلة المجمع العدد الخامس، ج3، ص2267) "أن التأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها. وأن حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها" أ. هـ بتصرف. وعلى هذا فلا يجوز نسخ الأشرطة ذات الحقوق المحفوظة لأجل المتاجرة ببيعها؛ لما في ذلك من الاضرار بمُصدرها الذي قد تكبَّد في سبيل إخراجها وإنتاجها أموالاً ربما تكون طائلة، والترخص في هذا الباب من شأنه أن يُضعف العمل الإسلامي في هذا المجال الذي يحتاج إلى تجنيد المهارات والطاقات لإخراجه في أبهى حلة حتى يكون له الأثر البالغ على المتلقي المشاهد والسامع. وقد رأينا أن الشريط الإسلامي (مرئيه ومسموعه) لم يُكتب له هذا النجاح والانتشار وقوة التأثير وجودة المستوى والعرض والإخراج إلا بعد أن صارت حقوق النسخ والانتاج والتوزيع محفوظة لأصحابها. وهذه الإصدارات الماتعة الرائعة إذا ترخَّص الناس في نسخها ولم تحفظ حقوق أصحابها، فلا نشك أن هذا من أشد الأسباب التي ستقوِّض بنيان هذا العمل الإسلامي وتُضعِف من مستوى طرحه وإنتاجه في عصر نجدنا أحوجَ ما نكون إلى هذا البديل النافع.

ولذا فالذي يبدو لي أن المنع ينبغي أن يقال به كذلك في شأن النسخ للتوزيع المجاني لأجل الدعوة إلى الله، فضلاً أن تُباع بأسعار رمزية إذا كان في ذلك ضرر بيِّن على من يملك حق نسخها. وإذا كانت ثمة حاجة لنسخ هذه الأشرطة المحفوظة الحقوق لأجل الدعوة إلى الله فينبغي أن يُستأذن في ذلك من يملك حق نسخها، وفي ظننا أنهم لا يُمانعون في ذلك بالقدر المحدود الذي لا يضرهم. أما إذا كانت الحاجة ملحة لنسخها وتوزيعها بالمجان؛ لمشقة الحصول على العدد الكافي من النسخ الأصلية، إما لقلتها، أو لكونها في بلاد بعيدة مع ما يكلفه شراؤها وشحنها من الأموال الطائلة غير المستطاعة (كما هو حال بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإسلامية في البلاد الكافرة أو الإسلامية النائية) مع قيام الحاجة إلى هذه الأشرطة، فلا أرى بأساً بنسخها بشرط أن يكون توزيعها بالمجان ولأجل الدعوة إلى الله، ولكن ينبغي أن يُستأذن المالك لحق نسخها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

نسخ الأشرطة محفوظة الحقوق

نسخ الأشرطة محفوظة الحقوق المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 12/5/1423 السؤال السلام عليكم ورحمه الله. نحن مجتمع عربي نعيش في أمريكا ومعنا أطفال، والمشكلة أننا نريد أن نربي أطفالنا بعيداً عن الموسيقى، وهنا الكرتون للأطفال بموسيقى، والكرتون العربي ثمنه (25) دولاراً وغير متوافر، والمتوافر بالنظام العربي فلابد من شراء فيديو أو شراء شريط فارغ، ونقوم بتحويله بالنظام الأمريكي، فهل يجوز نسخ الأشرطة بيننا محفوظة الحقوق؟ الجواب إذا كان هذا الشخص يقدر على شراء النسخة الأصلية دون ضرر من زيادة ثمنها، فعليه ألا يلجأ إلى نسخ هذه الأشرطة، بل يكتفي بالنسخة الأصلية التزاماً بالحقوق المحفوظة، وأما إذا كان لا يقدر على ذلك بسبب ارتفاع ثمنها ارتفاعاً باهظاً أو عدم توافرها في الأسواق بالقدر الكافي، واحتاج إلى هذا الشريط؛ لتعليم أبنائه بسبب كونه يعيش في مجتمع غير إسلامي، فالذي يظهر أنه لو نسخ هذه الأشرطة من أجل هذا الغرض -وليس لغرض تجاري- فإنه لا حرج عليه في ذلك، والله أعلم.

نسخ وتوزيع الأشرطة محفوظة الحقوق

نسخ وتوزيع الأشرطة محفوظة الحقوق المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 4/8/1424هـ السؤال سؤالي يا فضيلة الشيخ هو: أنني أقوم بشراء الأشرطة والأقراص المضغوطة الدينية التي تحتوي على محاضرات وخطب لشيوخنا وعلمائنا، وأقوم بنسخها وتوزيعها مجاناً بنية الدعوة إلى الله عز وجل، لكن يا شيخ بعض الأشخاص أخبروني بأن هذا العمل لا يجوز؛ لأن هناك شرطاً على الشريط وهو (أن جميع الحقوق محفوظة) ، أما ما لم يوجد بها ذلك الشرط فيجوز نسخها. هل فعلاً هذا العمل لا يجوز، وأنني بدلاً من أن أكسب الحسنات كسبت السيئات على فعلي ذلك؟ رغم أنني يا شيخ لا أقوم ببيعها، وإنما توزيعها مجاناً. أفتوني في ذلك، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد قرّر مجمع الفقه الإسلامي (مجلة المجمع العدد الخامس، ج3، ص2267) "أن التأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها. وأن حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها" أ. هـ بتصرف. وعلى هذا فلا يجوز نسخ الأشرطة ذات الحقوق المحفوظة لأجل المتاجرة ببيعها؛ لما في ذلك من الأضرار بمنتجها الذي تكبَّد في سبيل إخراجها أموالاً ربما تكون طائلة. والترخُّص في هذا الباب من شأنه أن يُضعف العمل الإسلامي في هذا المجال الذي يحتاج إلى تجنيد المهارات والطاقات لإخراجه في أبهى حلة؛ حتى يكون له الأثر البالغ على المتلقي والمشاهد والسامع.

وقد رأينا أن الشريط الإسلامي (مرئيه ومسموعه) لم يُكتب له هذا النجاح والانتشار وقوة التأثير وجودة المستوى والعرض والإخراج إلا بعد أن صارت حقوق النسخ والإنتاج والتوزيع محفوظة لأصحابها. وهذه الإصدارات الماتعة الرائعة إذا ترخَّص الناس في نسخها ولم تحفظ حقوق أصحابها، فلا نشك أن هذا من أشد الأسباب التي ستقوِّض بنيان هذا العمل الإسلامي، وتُضعِف من مستوى طرحه ونتاجه في عصر نجدنا أحوجَ ما نكون إلى هذا البديل النافع. ولذا فالذي يبدو لي أن المنع ينبغي أن يقال به كذلك في شأن النسخ للتوزيع المجاني لأجل الدعوة إلى الله، فضلاً أن تُباع بأسعار رمزية إذا كان في ذلك ضرر بيِّن على من يملك حق نسخها. وإذا كانت ثمة حاجة لنسخ هذه الأشرطة المحفوظة الحقوق لأجل الدعوة إلى الله، فينبغي أن يُستأذن في ذلك من يملك حق نسخها، وفي ظننا أنهم لا يُمانعون في ذلك بالقدر المحدود الذي لا يضرهم. أما إذا كانت الحاجة ملحَّة لنسخها وتوزيعها بالمجان؛ لمشقَّة الحصول على العدد الكافي من النسخ الأصلية، إما لقلتها، أو لكونها في بلاد بعيدة مع ما يكلفه شراؤها وشحنها من الأموال الطائلة غير المستطاعة (كما هو حال بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإسلامية في البلاد الكافرة أو الإسلامية النائية) ، مع قيام الحاجة إلى هذه الأشرطة، فلا أرى بأساً بنسخها بشرط أن يكون توزيعها بالمجان ولأجل الدعوة إلى الله، ولكن ينبغي أن يُستأذن المالك لحق نسخها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

نسخ الأشرطة والتصدق بثمنها

نسخ الأشرطة والتصدق بثمنها المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 23/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بارك الله فيكم, أريد أن أعرف حكم من ينسخ الأناشيد أو المحاضرات من الإنترنت، ويبيعها ويضع ثمنها في صندوق المسجد، أو يضعها في عمل خير, لا يأخذ أي فائدة منها، حتى ثمن الأقراص التي ينسخ عليها هي من عنده، وإذا فعل هذا الأمر, هل يترتب عليه أي شيء.؟ بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد قرّر مجمع الفقه الإسلامي (مجلة المجمع العدد الخامس، ج3، ص2267) "أن التأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها. وأن حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها" أ. هـ بتصرف. فالأصل أن نسخ الأشرطة ذات الحقوق المحفوظة لأجل المتاجرة ببيعها لا يجوز؛ لما في ذلك من الإضرار بمُصدرها الذي قد تكبَّد في سبيل إخراجها وإنتاجها أموالاً ربما تكون طائلة، والترخص في هذا الباب من شأنه أن يُضعف العمل الإسلامي في هذا المجال الذي يحتاج إلى تجنيد المهارات والطاقات لإخراجه في أبهى حلة، حتى يكون له الأثر البالغ على المتلقي المشاهد والسامع. وقد رأينا أن الشريط الإسلامي (مرئيه ومسموعه) لم يُكتب له هذا النجاح والانتشار وقوة التأثير وجودة المستوى والعرض والإخراج إلا بعد أن صارت حقوق النسخ والانتاج والتوزيع محفوظة لأصحابها.

وهذه الإصدارات الماتعة الرائعة إذا ترخَّص الناس في نسخها ولم تحفظ حقوق أصحابها، فلا نشك أن هذا من أشد الأسباب التي ستقوِّض بنيان هذا العمل الإسلامي وتُضعِف من مستوى طرحه وإنتاجه، في عصر نجدنا أحوجَ ما نكون إلى هذا البديل النافع. ولذا فالذي يبدو لي أن المنع ينبغي أن يقال به كذلك في شأن النسخ للتوزيع المجاني لأجل الدعوة إلى الله، فضلاً أن تُباع بأسعار رمزية، إذا كان في ذلك ضرر بيِّن على من يملك حق نسخها. وإذا كانت ثمة حاجة لنسخ هذه الأشرطة المحفوظة الحقوق لأجل الدعوة إلى الله فينبغي أن يُستأذن في ذلك من يملك حق نسخها، وفي ظننا أنهم لا يُمانعون في ذلك بالقدر المحدود الذي لا يضرهم. أما إذا كانت الحاجة ملحة لنسخها وتوزيعها بالمجان؛ لمشقة الحصول على العدد الكافي من النسخ الأصلية، إما لقلتها، أو لكونها في بلاد بعيدة مع ما يكلفه شراؤها وشحنها من الأموال الطائلة غير المستطاعة (كما هو حال بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإسلامية في البلاد الكافرة أو الإسلامية النائية، وكما هو حال السائل فيما يظهر) مع قيام الحاجة إلى هذه الأشرطة، فلا أرى بأساً بنسخها بشرط أن يكون توزيعها بالمجان ولأجل الدعوة إلى الله، ولكن ينبغي أن يُستأذن المالك لحق نسخها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل في سرقة حقوق التأليف حد شرعي؟

هل في سرقة حقوق التأليف حد شرعي؟ المجيب عبد الله بن سليمان المخلف القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 27/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سرقة حقوق المؤلف والمخترع، هل هي سرقة أموال توجب حد القطع في الشريعة الإسلامية، أم إنها توجب التعزير؟ وإذا كان الحكم كذلك فما هي طبيعة هذا التعزير وأحكامه وحدوده؟ أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. سرقة الحقوق المعنوية التي لها قيمة مالية لعلها على الأصح انتفاع على حساب حق الآخرين دون إذنهم، وهو ما يؤدي إلى خفض القيمة، وربما خفض المواصفات، والانتفاع بغير إذن صاحب الحق المعنوي لا يعتبر سرقة توجب الحد، ولا تنطبق عليه شروط السرقة، لكنه مال مقوم قد يستحق المتضرر المطالبة بتعويضه مالياً، ومقابل ما يقدر عرفاً من قبل أهل الصنعة، وهذا يتحدد بحسب المكان والزمان من قبل القضاء المختص، وقد يرى القاضي تعزيز الفاعل بما يراه محققاً للمصلحة الشرعية، وباب التعزير واسع، يملك ضوابطه القضاة العالمون بالشريعة. والله أعلم.

قدم بحثا لم يكتبه لتحصيل شهادة عليا

قدم بحثاً لم يكتبه لتحصيل شهادة عليا المجيب د. عبد الرحمن بن عبد الله السند عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 1/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أدرس ماجستير حاسوب في جامعة أجنبية، ومطلوب مني عمل رسالة بحث أو مشروع لإكمال الشهادة، وعرض علي شخص مشروعاً له قديماً، وفقط أقوم أنا ببعض التغييرات وأقدمه، فهل هذا يجوز؟ مع العلم أن الدكتور المشرف مطلوب منه إعطاء شهادة، وأن هذا العمل قمت أنا به معه، وسيأخذ مبلغاً من المال على ذلك، الرجاء إفادتنا أنا والدكتور المشرف. ولكم فائق التحية والتقدير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فالذي يظهر أن القيام بعمل المشروع أو البحث من متطلبات الحصول على الشهادة، وأن القيام بتقديم مشروع لشخص آخر لا يفي بالمقصود من إلزام الطالب بكتابة بحث أو مشروع لإكمال الشهادة؛ لأن قدرة الطالب على كتابة البحث أو القيام بالمشروع مما يكون له الأثر في تقويم الطالب وإعطائه الشهادة، لذا فليس لك القيام بتقديم البحث القديم على أنه بحثك، بل عليك القيام بكتابة البحث والمشروع بنفسك مع مساعدة المشرف، وفقك الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المكتبة الإلكترونية وحقوق الطبع

المكتبة الإلكترونية وحقوق الطبع المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 18/8/1424هـ السؤال في الحقيقة لدي فكرة في إنشاء موقع متخصص في الكتب العربية..فكرة الموقع تتركز على وجود كتب متاحة للقراءة من قبل زوار المواقع، ولكن استفساري.. هذه الكتب مطبوعة من قبل دور نشر ومطابع، فهل في عملي وطرحها مجاناً عبر الإنترنت مخالفة أو تضييع لحقوق الآخرين؟ مثلاً بعض الكتب التي سوف تكون في الموقع: (1) مختار الصحاح. (2) تقريب التهذيب. (3) صحيح مسلم. (4) صحيح البخاري. (5) الكاشف. (6) حادي الأرواح. مع العلم أن الموقع سيكون متاحاً لجميع الزوار، ولن يكون هناك مقابل مادي للكتب، بل هو لوجه الله -عز وجل- ولسهولة الوصول للكتب التي يحتاجاها الباحث وطالب العلم. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فأما الكتب غير المحفوظة حقوق الطبع فيجوز نسخها وطبعها ولا إشكال في هذا. وأما الكتب المحفوظة الطبع فقد قرّر مجمع الفقه الإسلامي (مجلة المجمع العدد الخامس، ج3، ص2267) (أن التأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها. وأن حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها) ا. هـ بتصرف. والذي أراه: أن الكتب المشهورة التي كثرت طبعاتها بتحقيقات مختلفة أو بلا تحقيق، ككتب الصحاح والسنن والمعاجم ونحوها من أمهات الكتب ـ أنه لا بأس بنسخ متونها لا طبْع الكتاب نفسه، (وينبغي التنبه للفرق بين نسخ متن الكتاب وبين طبعه بنفس صفِّه، الذي هو من عمل الناشر وجهده) .

ولا بأس ـ تبعاً لذلك ـ بتنزيلها في شبكة الإنترنت دون ما يلحق بها من تعليقات المحقق أو الناشر وتخريجه للآحاديث، فالمتن ليس من جهد محققٍ بعينه بحيث يكون حق النسخ محفوظاً له، بل هو عمل مشترك، تنقله دور النشر أو المحققون بعضهم من بعض. وأما الكتب التي لا تعرف لها إلا طبعة واحدة، بحيث يكون الفضل في إخراج نصها من خزائن المخطوطات إلى عالم المطبوعات لمن قام بتحقيقها أو طبعها ـ فأرى أنه لا بد من استئذانه، سواء لأجل نسخ الكتاب أو طبعه، ولو للتوزيع الخيري. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ترجمة الكتب الإدارية

ترجمة الكتب الإدارية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 13/9/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، أبعث إليكم تحية الإسلام الخالدة، علها تصلكم وتجدكم في أتم صحة وعافية، وجزاكم الله خيراً على ما تسدونه لنا من فتاوى تنير لنا الطريق في زمن الفتن، هذا وأسأل المولى -عز وجل- أن يوفقكم لما فيه الخير في الدنيا والآخرة. أما بعد أتقدم إلى فضيلتكم بهذا السؤال راجيا أن تفتونا مأجورين، والسؤال هو: هل يجوز لرجل يتقن علم الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى العربية أن يترجم بعض الكتب الإنجليزية الإدارية - والتي بها فوائد للمسلمين - إلى اللغة العربية وينشرها بواسطة دور النشر؟ خاصة إذا علمنا أن بعض الكتب ليس مكتوباً عليها (حقوق الطبع محفوظة) ؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم إذا كان الكتاب الذي تريد ترجمته من اللغة الإنجليزية إلى العربية فيه خير ونفع للمسلمين ويغلب على ظنك أنه لن يلحقك من جراء الترجمة ضرر، فلا حرج عليك شرعاً في هذا. المهم أن عدم ذكر جملة حقوق الطبع محفوظة، لا تعفيك غالباً من الطائلة القانونية المدنية، فعليك التثبت من ذلك قبل أن تقدم، أما إذا كان في الكتاب المراد ترجمته إلى العربية فيه مخالفات شرعية فلا يجوز لك ترجمته شرعاً؛ لأنك تكون حينئذ معيناً على الباطل وناشراً له، فعليك التثبت جيداً من مادة الكتاب، ومدى انتفاع المسلمين به. والله ولي التوفيق.

تحميل البرامج من الإنترنت بدون شراء

تحميل البرامج من الإنترنت بدون شراء المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 1/1/1425هـ السؤال كثر في الآونة الأخيرة اللغط عن حكم جواز أخذ الكراكات والسيريلات لتشغيل بعض البرامج الأميركية، وتفيد هذه الكراكات أنه من يستخدمها لا يشتري البرامج بل يحملها عبر الإنترنت، ويضع الكراك، ويشتغل البرنامج بدون أن يشتريه، والبعض يقول: إنه يجوز لأننا بشرائنا لهذه البرامج الأميركية نكسب من الأعداء المال، فما الحكم -جزاكم الله خيراًً-؟ الجواب نقول وبالله التوفيق: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن كافة البرامج التي لها حقوق لا يسوغ تحميلها إلا أن يأذن أصحابها، وما لم يأذنوا فإنه لا يجوز تحميل البرامج وتشغيلها بالكراكز والسيريلات؛ تهرباً من شرائها. وكون هذه البرامج لشركات أمريكية فإن هذا لا يسوغ سرقتها وتحميلها، والإسلام يحفظ الحقوق، ويشجع على الابتكار، ويحمي الممتلكات، وهذه الشركات ليست في حكم المحاربين، والمسلم هو أولى بأن يحسن التعامل مع الآخرين، ودين الإسلام هو دين الأخلاق، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" رواه البيهقي في السنن الكبرى (10/191) . ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو قدوتنا لم يستحل أمانات قريش مع أنهم أخرجوه من مكة، واستباحوا دمه، بل استخلف أقرب الناس إليه: علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- ليرد الأمانات إلى أهلها. وإنما نستحل أموال المحاربين في المعارك، فلابد من الوفاء، لا سيما في التعامل التجاري مع الكفار، لا سيما أن هذه الشركات لا تتبع دولها بالضرورة، بل يملكها أناس مختلفون متفرقون. وعلى المؤمن أن يبتعد عن كل ما يسيء إليه، وألا يغلبه الهوى والتشهي لاستحلال أموال غيره، نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل خير، وأن يعينهم لأخذ أسباب العلم والتقدم مع الورع والتقوى، والله الموفق لكل خير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستفادة من بحوث الآخرين وكتاباتهم

الاستفادة من بحوث الآخرين وكتاباتهم المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 25/5/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أجد في بعض المجلات الإسلامية أو المواقع الإسلامية بعض الموضوعات المهمة، وتكون مرتبة بطريقة مبتكرة وجميلة، وأنا بحمد الله أعمل في مجال الدعوة الإسلامية، وأحياناً كثيرة أتناول هذه الموضوعات، وأنشرها بين الناس بطريقة مبسَّطة. فهل تعتبر هذه سرقة فكرية أحتاج فيها لأخذ الإذن من صاحبها؟ أفيدونا أثابكم الله. الجواب الحمد لله رب العالمين. وبعد: سلطة الشخص على شيء غير مادي هو ثمرة فكره أو خياله أو نشاطه، هو ما يعرف بحق الابتكار، أو بالحقوق المعنوية، أو الذهنية، أو الفكرية ... وهذا الحق من قبيل المنافع، فهو من الحقوق التي ترد على أشياء لها قيمة بين الناس، ويمكن حيازته بحيازة أصله، والمنافع داخلة في مسمى المال في مذهب جمهور الفقهاء، المالكية والشافعية والحنابلة، والحنفية، وإن ضيقوا في مسمى المال فإن دخول هذا الحق في مسماه متجه على حسب اصطلاحهم؛ لأن للعرف مجالاً في إدراج بعض الأشياء في حكم الأموال؛ لأن المالية تثبت بتمول الناس كافة أو بعضهم، وهذا الحق في العرف التجاري المعاصر مملوك تجري عليه أحكام الأموال والأملاك الشخصية، فظهر بهذا انطباق حقيقة المال على هذا الحق، كما أن حقيقة الملك وهي: "اختصاص إنسان بشيء يخوله شرعاً الانتفاع به والتصرف فيه وحده ابتداء إلا لمانع"، منطبقة عليه. وبناء على ما تقدم لا يجوز التعدي على أفكار الآخرين ومبتكراتهم، وإن كان لغرض صالح بغير إذنهم، إلا بشرطين: 1- ألا ينتج على وفق الفكرة المأخوذة من صاحبه بكميات تجارية. 2- ألا يكون في هذا العمل إضرار بصاحب الفكرة بوجه حقيقي. فإذا كان السائل سيستفيد من هذه الأفكار لنفسه هو ولمن حوله بالقدر الذي يعلم أنه لا يضر بصاحب الفكرة، فلا يظهر لي مانع من هذا التصرف، وإن تيسر أخذ الإذن فهو أولى وأكمل. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

شراء البرامج المنسوخة

شراء البرامج المنسوخة المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 09/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عندي سؤال بخصوص برامج الكمبيوتر، وهو أن البرامج غير المجانية التي تعرض للبيع على شبكات الإنترنت لا أستطيع الحصول عليها؛ بسبب أنه يشترط أن يكون الشراء عن طريق بطاقات (فيزا كارد) وغيرها، وهي بطاقات بنكية ربوية، لذلك أذهب للمحلات التي تبيع البرامج وكل ما يخص الكمبيوتر، ولكني أجد أن هذه المحلات التجارية هي الأخرى لا تبيع النسخ الأصلية، بل ينسخونها على أشرطة كمبيوتر وتباع بمبلغ بسيط (10 ريال سعودي) ، مع أن سعر البرنامج على موقع الشركة المصنعة له يفوق ذلك بكثير في بعض الأحيان، مع العلم أنه بإمكان أي شخص أن يحصل على هذه البرامج عن طريق الإنترنت بطرق غير شرعية، فهل يجوز الشراء من هذه المحلات المتخصصة في بيع البرامج الموجودة في بلدي؟ مع العلم أنني متأكد أنهم يبيعون سِيدي (CD) منسوخ من الأصلي، وبسعر أقل، وهم لا يبيعونها بخفية، بل يضعون لافتات بأن لديهم جميع البرامج، ومصرح لهم بمزاولة البيع من السلطات في بلدي، مع العلم أيضاً أنني لا أعلم إن كان مصرح لهم من الشركة المصنعة للبرنامج بنسخ البرامج وبيعها أم لا؟ فسؤالي: هل يجوز أن أشتري منهم مع أني أعلم أن البرامج موجودة على أقراص منسوخة وبأسعار منخفضة؟ أم يجب علي أن أبحث عن مكان يبيع نسخ أصلية؟ مع أن جميع المحلات التجارية تبيع نسخ غير أصلية، ولا أدري هل مصرح لهم بذلك من صاحب البرنامج أم لا، مع وجود تحذير على كل برنامج من الشركة المصنعة بأنها تحذر من نسخ أو توزيع البرامج من غير تصريح من أصحابها. أفيدوني ضروري والله يجزيكم عنا ألف خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

نشكر للسائل حرصه على تحري الحلال في المعاملة، وما يتعلق بالبرامج فإنها حق لأصحابها ولا يجوز نسخها إلا بإذن أصحابها الذين تعبوا من أجلها وأنفقوا الأموال، والإسلام يحافظ على الحقوق ويشجع على الإبداع، والنسخ والسطو على حقوق الغير يعارض هذا، والأصل شراء النسخ الأصلية أو الاستغناء عنها عند عدم القناعة أو عدم القدرة، والتحريم يقع عند العلم بأنها مقلدة أو منسوخة بغير إذن، أما عند شراء الأجهزة مزودة بالبرامج مع عدم العلم فالحرمة واقعة على الناسخ، وكثير من البرامج مأذون لشركات الكمبيوتر تحميلها عند الصناعة. وفقنا الله وإياك لكل خير.

تركيب منتديات وبرامج منزوعة الكود

تركيب منتديات وبرامج منزوعة الكود المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 07/08/1425هـ السؤال الأخ الكريم: نود أن نسأل عن حكم الدين في تركيب منتديات وبرامج منزوعة كود التبليغ الخاص بترخيص نسخ مثل هذه البرامج، هل يحق لنا أن نستغل معرفتنا في مثل هذه الأمور، من أجل أن نركب نسخ مجانية بدون دفع تراخيصها السنوية للشركات التي تقدم مثل هذه الخدمات لنا، خاصة إن كانت هذه الشركات هي شركات يهودية ويملكها يهود؟ وما حكم من فعل ذلك حقاً؟ مع العلم أن هؤلاء اليهود والنصارى هم من احتلوا أراضينا ودنسوا مقدساتنا، ورملوا نساءنا، وشردوا أبناءنا، ونهبوا خيراتنا، فأموالهم هي في الأصل ملك لنا، استولوا عليها على حين غرة، أفلا يحق لنا أن نسترجع شيئاً منها، كما أن هذه الأموال التي سندفعها لهم سنوياً ستزيد في قوتهم وعدتهم، مما يزيد من بطشهم بنا، فهي ستستخدم ضدنا في جميع المجالات. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الجواب: لا يجوز هذا العمل؛ لأنه من أكل المال بالباطل، والله -تعالى- قد حرم ذلك في تعاملنا مع المسلمين ومع غيرهم، ثم ما الذي يضمن لك أن ملاك تلك الشركات هم ممن ذكرت، فقد يكون فيهم مسلمون أو معاهدون لا تنطبق عليهم الأوصاف التي ذكرت، هذا فضلاً عن أن شيوع مثل هذه التصرفات بين المسلمين يؤدي إلى رسم صورة سيئة عن المسلمين بأنهم يستبيحون الغش والسرقة والكذب، ومن القواعد المقررة في شريعتنا الغراء أن صحة الغاية لا يبرر فساد الوسيلة. والله أعلم.

شراء برامج كتب العلم غير الأصلية

شراء برامج كتب العلم غير الأصلية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية التاريخ 22/7/1425هـ السؤال بعض البرامج وضع فيه قسم بالله على أن النسخة أصلية، ووضعوا القسم على الزر التي لا بد من الضغط عليه إذا أردنا مواصلة عملية تثبيت البرامج.. ما موقفنا من هذا؟ مع العلم أن النسخ الأصلية من البرامج معدومة تماماً عندنا أمثال برامج كتب الحديث، والبرامج الإسلامية الأخرى المفيدة للباحثين، هذا ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: برامج الحاسب الآلي تعب فيها أصحابها وأنفقوا فيها الأموال، وهي حق لهم ولا يجوز التعدي عليها، بل الواجب تشجيع برمجة العلوم الشرعية لا السطو عليها، وقد قال سبحانه: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [البقرة: 188] . وديننا يأمرنا بالمحافظة على الحقوق والوفاء بالعهود، ويأنف من السلب والسطو على جهود الآخرين، فلا يجوز إلا شراء النسخ الأصلية أو استئذان أصحابها، وهذا الذي يوافق كليات الدين وقواعده. فإذا لم يتيسر شراء البرامج الأصلية فالكتب موجودة، ولنفترض أن البرامج لم تبرمج، وإذا قام كل منا بما يجب عليه من طلب وشراء النسخ الأصلية فإنها ستوجد، وسيتشجع المبرمجون على الإبداع والابتكار مما يعود في النهاية على طلبة العلم والباحثين بالنفع، وفي المقابل إذا اخترقت البرامج الشرعية وخسر المبرمجون فإنهم لا يتشجعون في خدمتها، بل ربما تحولوا إلى غيرها، فطلبة العلم الشرعي هم أولى من يقدر الجهد والابتكار. نسأل الله -تعالى- لإخواننا كل خير، وأن يوفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

الرشوة والغش والتدليس

توزيع الحلوى على المعلمات ليست رشوة المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 29/4/1422 السؤال بعض الطالبات بعد نجاحهن يقمن بتوزيع الحلوى على المعلمات أو بعضهن تعبيراً عن فرحتهن بالنجاح، فهل أخذ أي شيء من الطالبات يدخل تحت حكم الرشوة؟ الجواب لا يدخل في ذلك؛ حيث أن هذه الحلوى وما أشبهها ليست ثمينة وليس لها قيمة رفيعة، ولا تُؤثر على المُعلمات محاباة أو انحيازاً مع أن هؤلاء الطالبات قد عزمن على مُفارقة تلك المدرسة وتوديع المُعلمات والزميلات مما حملهن على هذا العمل. والله أعلم.

دفع مبلغ لتحصيل وظيفة

دفع مبلغ لتحصيل وظيفة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 30/12/1423هـ السؤال أود أن أسأل عن حكم مبلغ من المال يقدم لرجل سعى في توفير الوظيفة، علماً أن المبلغ يدفع بعد التوظيف، وحيث أنني سألت قبل ذلك وقيل لي لا بد من أن أستفسر عن أوجه صرف هذه الأموال المقدمة فإذا كانت في مواصلات وأتعاب تجوز، أما إذا كانت غير ذلك فهي رشوة. ولكن يصعب علي السؤال عن الجهة التي ستصرف بها هذه الأموال، وأذكر أنني في البداية تركت هذا الأمر خوفاً من الدخول في الحرام لقربها من الرشوة ولكنه تعذر علي الحصول على غيرها ولحاجتي للعمل قررت السؤال في حكمها قبل قبولها، أرجو أن أعرف الحكم فيها. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: أيتها الأخت الذي أجابك عن سؤالك قد أصاب حسب ما أراه وهو إن كان المبلغ الذي دفعتيه لمن سعى لك في توفير وظيفة إن كان مقابل أتعاب ومواصلات فهو جائز، وإن كان غير ذلك فيدخل في الرشوة فلا يجوز، أما ما ذكرتِه من صعوبة السؤال أو معرفة ذلك نقول: إن معرفة ذلك تتضح بمقدار المبلغ المدفوع فإن كان قليلاً ليس إلا في مقابلة المواصلات والأتعاب أو يزيد قليلاً فهو جائز، أما إن كان كثيراً يزيد كثيراً عما يقابل الأتعاب والمواصلات فهذا يتضح منه أنه مقابل توفير الوظيفة فيدخل في الرشوة فلا يجوز لا سيما إذا كان هناك من هو أحق منك بتلك الوظيفة وأعطيتيها من أجل ما دفعت من مال، وليس عدم حصولك على وظيفة ولو مع حاجتك مبرراً لفعل المحظور فرزق الله لا ينال بمعصيته وإنما ينال بطاعته ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والله أعلم.

التحايل على أنظمة العمل

التحايل على أنظمة العمل المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 7/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المقيم في الدول الغربية يحصل على معونة لقاء عدم حصوله على عمل، ولكن هذا المبلغ لا يكفي، والبعض يعمل بدون علم الدولة لتغطية المصاريف وأحياناً لادخار القليل للظروف أو تغطية لنفقات غير متوقعة، ولكن الدولة تحظر العمل إلا بإبلاغها وإذا ما تم إبلاغ الدولة تبدأ بخصم مبلغ ليس بالقليل فيكون العمل لا جدوى مادية منه، فهل هناك رخصة لهذا العمل الخفي أم لا؟ علماً أن المبلغ المتحصل من العمل ليس بالكثير، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن المسلم مأمور إذا دخل في عهد وميثاق أن يفي به ولا ينقضه، سواء كان العهد مع المسلم أو الكافر؛ لعموم قوله تعالى:"وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً" [الإسراء: 34] وقوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] . وهذه الدول الغربية قد منحت اللاجئ حق الإقامة وكفلت له بعض الحقوق، ولكن بشروط وعهود بحسب ما تمليه مصالحها، ولها الحق في ذلك، فالبلد بلدها والمال مالها، وهي لا تكره أحداً على الإقامة بديارها. فمن رغب في الإقامة بها لم يكن له بد من الإذعان لشروطها والوفاء بعهودها، ولا يجوز أن نجعل الدين مطية لتسويغ أكل أموال الناس بغير حق. أسأل الله أن يغنيك بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه، وأن يجعل لك من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

دعاية أم رشوه

دعاية أم رشوه المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 3/8/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة والله وبركاته وبعد..

أنا صيدلي أعمل في واحدة من أكبر شركات الدواء في العالم، وأنا والحمد لله مسلم ملتزم بصفة عامة، غير أني أعمل كمندوب دعاية، وأنا في حيرة وتساؤل عن مدى جواز عملي، فعملي يتمثل في زيارة الأطباء وتعريفهم بأدوية الشركة الجديدة، وأقوم بتنظيم مؤتمرات للأطباء للتعريف بأدويتي وطرق العلاج الحديثة بها، ومميزاتها عن المنافسين، فدوري يتركز على زيارة الأطباء باستمرار لتذكيرهم بالأدوية لكتابتها عند الحاجة، وأوزع عليهم هدايا وأدوات طبية للرابط بينهم والشركة، وللإجابة عن استفساراتهم، أكون مطالباً من قبل الشركة بتحقيق مبيعات معينة كنتيجة لدعايتي، وأحاسب على ذلك، والمشكلة أنه أحياناً يوجد الكثير من البدائل، وعادة ما تكون أرخص في السعر ومقاربة لدوائي في الكفاءة أو أقل، الله أعلم، كما قد توجد أدوية منافسة ولكن بتركيب مختلف، وقد تتميز بأنها أكثر فاعلية ولكن أقل أماناً أو العكس، أو متقاربة جداً في كل شيء مع تباين في الأسعار بالزيادة أو النقص، المهم أن الأطباء أصبحوا يقولون إنهم يريدون هدايا مالية أو عينية أو سفراً لمؤتمر، كمجاملة في مقابل اختيار دوائك مقابل المنافسين، فالمريض فعلاً يحتاج الدواء للعلاج، ولا فروق كبيرة بين الأدوية، فيكون اختيارهم على هذا الأساس، ويقولون إن هذا لا شيء فيه، لأننا نهتم بصحة المريض وسمعتنا، وعندما لا يوجد فرق نختار دواء من يعطينا هدية، فهل هناك فرق بين الهدايا الدعائية، والدعم العلمي والمؤتمرات، والطلبات الخاصة للأطباء؟ أم كلها خطأ أم كلها صواب؟ وهل أترك عملي بحثاً عن عمل آخر؟ أم أبقى فيه؟ والمال الذي أدخره أهو حرام أم مختلط؟ أفتوني وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فخلاصة السؤال: أن الأطباء يقبلون الأدوية التي تقوم بتسويقها إذا وقعت لهم هدية أو نحوها، مع أنه يوجد أدوية أخرى تؤدي نفس النتيجة بثمن أقل، وقد يكون هناك تفاوت في الجودة وتسأل عن حكم المال الذي ادخرته؟ والجواب: إن هذه التي يسمونها هدية هي في حقيقتها رشوة أو تأخذ حكمها، والجواب: لأنه ينبني عليها أن الأطباء لا ينصحون للمريض من جهة اختيار السعر الأنسب، ولولا هذه الهدية لربما اختاروا الأنسب، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- "الدين النصيحة" قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" مسلم (55) ، وهذا الذي تفعله ويفعلونه ليس من النصح لعامة المسلمين، بل فيه تسبب في جلب الأرباح للشركة التي تسوق بضاعتها على حساب المستهلك، لأجل تلك الهدية أو المنفعة، وهذا من الغش، وكذلك الدعايات والمؤتمرات إذا كانت تشتمل على شيء من الغش والكذب والتدليس فهي غير جائزة لذلك، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ومن غشنا فليس منا" مسلم (101) ، فإما أن يقتصر المسوق للسلعة على بيان محاسن سلعته الحقيقية من غير زيادة، ومن غير كذب أو تلفيق على السلع المنافسة، وإلا فهو واقع في النهي فليحذر من ذلك.

وأما ما سبق من كسبك فأرجو أن يكون لا حرج فيه بسبب جهلك بالحكم، لكن بعد معرفتك بالحكم فلا يحل لك كسب بهذا السبيل، قال الله -تعالى-:" فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف" [البقرة: 275] ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وفي الحلال مندوحة عن المشتبهات، واعلم أن المكاسب ليست بالكثرة، ولكن بالكسب الطيب المبارك، فإذا تركت باباً مشتبهاً ورزقت رزقاً أقل من حيث الكثرة فاعلم أن مكاسبك كثيرة فأنت تكسب راحة النفس واطمئنان القلب وطيب الكسب والبركة فيه، وذلك أيضاً سبب للتوفيق والتسديد وإجابة الدعاء، وفيه جواب يوم الحساب حين يسأل المرء عن ماله، من أين اكتسبه وفيم أنفقه، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] . وفقك الله وسددك وأعانك وأغناك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تزوير شهادة الثانوية

تزوير شهادة الثانوية المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 30/10/1422 السؤال شخص قام بتزوير شهادة ثانوية ودخل بها الكلية وتم قبوله، فهل يجوز له ذلك أفتونا مأجورين؟ الجواب هذا الذي زور شهادة الثانوية ودخل بها الكلية لا شك أنه غاش لمسؤولي المرحلتين الثانوية والجامعية، والغش محرم، وصاحبه آثم بإجماع العلماء لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي هريرة عند مسلم (102) :" من غش فليس مني "، وفي لفظ آخر له (101) :" من غشنا فليس منا"، وعليه فهذا الذي زور الشهادة إن لم يكن أنهى شيئاً من مراحل الجامعة فواجب عليه إذا أراد الدراسة في الجامعة أن يرجع إلى الثانوية ويدرس فيها ويأتي بشهادتها باجتهاده؛ لأن تماديه في الدراسة بالجامعة تمادٍ في الغش. وإن كان قد اجتاز مراحل الجامعة كلها وأخذ شهادتها فله العمل بهذه الشهادة؛ لأنها شهادة تمنح لإنجاز اختبارات على ما يتلقاه الطالب في الجامعة، لا على كل علم لديه. وإن كان قد اجتاز بعضاً من مراحل الجامعة وهو قادر على اجتياز باقيها كانت حاله موضع نظر واجتهاد؛ لأن استمراره تماد في الباطل، وتركه الدراسة تضييع لمصالح أدركها، نظراً إلى أن الجامعة مرحلة مستقلة عن الثانوية. وفي كل الأحوال هو آثم، فليبادر بالتوبة، والاستغفار، والإكثار من نوافل الطاعات، والله تعالى أعلم.

الغش في الاختبارات

الغش في الاختبارات المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 27/04/1427هـ السؤال ما حكم الغش في الاختبارات؟ تخرجت من الثانوية العامة بتقدير ممتاز، ولكنني غششت في أربعة مواد، وقد قام بعض المدرسين بتغشيشنا، وأدرس في كلية الصيدلة منذ ثلاث سنوات، فهل دخولي لها حرام؟ وماذا أفعل الآن؟ هل أترك الدراسة فيها؟ ولو تخرجت فسيكون راتبي حراماً؛ لأنني لا أستحق دخول الكلية. أفتوني مأجورين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا ريب أن الغش حرام، ومن كبائر الذنوب، ومنه الغش في الاختبارات المدرسية، ولكن باب التوبة مفتوح -بحمد الله-، ولا يلزمك ترك الدراسة بسبب غشك في الثانوية العامة، بل أكثر من الندم والاستغفار، وبادر إلى الأعمال الصالحة، والواجبات الشرعية، وتزود منها ما استطعت فإن الحسنات يذهبن السيئات، وأما المدرس الذي قام بتغشيشكم فلا شك أنه آثم خائن للأمانة، فعليك بمناصحته بلطف ولين، مشافهة أو مكاتبة لعل الله أن يهديه على يديك، ويكتب لك ثواب توبته وإنابته، والله يحفظك ويرعاك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل الأموال العامة من الفيء؟

هل الأموال العامة من الفيء؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 26/6/1423هـ السؤال السلام عليكم. عندنا بعض الإخوة -سامحهم الله- بحجة تكفير النظام يستحلون الأموال العامة بسرقتها بداعي الفيء، فهل هذا صحيح؟ نريد منكم التفصيل في الإجابة عن الفيء وما حكمه؟ ومتى يكون حلالاً؟ وبارك الله فيكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فأموال الكفار مباحة للمسلمين سواء كان كفرهم أصلياً أو عن ردة وسواء كان مالاً حكومياً أو لا، وذلك إذا لم يكن بينهم وبين المسلمين عهد ولا ذمة ولا أمان. فإن وجد شيء من ذلك فإنه يعصم أموالهم، وكل موظف يلتحق بعمل فإنه يتعاقد مع المسؤول على أداء العمل الموكل إليه ويتعهد الأمانة فيه، إما صراحة وإما ضمن تعهده بأداء واجبات العمل ومقتضياته وهذا يحرم عليه أن يتعرض للأموال. وكذلك المسلم إذا دخل بلاد الكفار بتأشيرة دخول فإن التأشيرة عهد يمنعه من التعرض لأموالهم. ثم إن الفيء لا يحل لكل أحد بل يُصرف في المصالح العامة ثم لأهل السابقة والمنافع ومن يقوم بالأعمال العامة كالولاة والقضاة ونحوهم ثم لأهل الحاجات، ويتولى صرفه وتدبيره الإمام دون غيره. وفي صحيح البخاري (2734) أن المغيرة بن شعبة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم أسلم فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:"أما الإسلام فأقبل وأما المال فلستُ منه في شيء" قال ابن القيم:"في الحديث دليل على أن مال المشرك المعاهد معصوم وأنه لا يملك بل يرده عليه فإن المغيرة كان قد صحبهم على الأمان ثم غدر بهم وأخذ أموالهم" (زاد المعاد 3/304) . وأحب أن أنبه إلى أن مسائل تكفير الأنظمة والحكومات من المسائل التي خاض فيها كثير بغير حق، وقالوا على الله بغير علم، والواجب أن يقصر القول فيها على أهل العلم المعتبرين، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله.

بيع الفيز (التأشيرات)

بيع الفيز (التأشيرات) المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 10/6/1423هـ السؤال ما حكم بيع الفيز؟ الجواب سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/هناك بعض من الناس يستخرج تأشيرات لاستقدام عمالة أجنبية بغرض بيعها، أي: التأشيرات، لآخرين ليستقدموا هؤلاء العمالة في غير الموضع الذي من أجله خرجت هذه التأشيرات، ويأخذون من هؤلاء العمال باتفاق معهم نسبة من المال كل شهر، وكذلك عند تجديد الإقامة، فهل ما يفعله هؤلاء حلال أم حرام؟ وهل هذا المال الذي اكتسبوه من ذلك العمل حلال أم حرام؟ وماذا يجب عليهم فعله إذا كان حراماً؟ جـ/ بسم الله، والحمد لله، هذا العمل لا يجوز، بل هو غش وخداع، وكذب لا يجوز، فلا يأخذ العمال إلا ليعملوا لنفسه، إما ليعملوا لبناء أو لمزرعة أو غيرها، أما أن يكذب ليأخذ تأشيرات ورخصاً ثم يبيعها فهذا لا يجوز؛ لأنه كذب على الدولة، وقد يكون فتح باب شر على المسلمين باستقدامه أولئك العمال، بل على الإنسان أن يطلب من الدولة على قدر حاجته، وعلى حسب نظام الدولة، لا يزيد ولا ينقص ولا يكذب، وقد صدر قرار من هيئة كبار العلماء منذ سنوات في منع هذا وبيان أنه منكر ولا يجوز، وليس له أن يستقدم ولا يأخذ إلا بقدر حاجته من غير كذب، وأخذ المال بهذه الطريقة أخذ للحرام بالكذب والسحت، نسأل الله السلامة. [كتاب الدعوة، فتاوى ابن باز -رحمه الله- الجزء الثالث صـ198-199] .

إعطاء عمولات لمندوبي الشركات

إعطاء عمولات لمندوبي الشركات المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 16/2/1425هـ السؤال أعمل محاسباً، وتركت عملي، وعملت في مكان جديد، وهى شركة توريدات، ووجدت صاحب العمل يقوم بإعطاء عمولات لمندوبي الشركات التي تقوم بالشراء من الشركة، وبعض المندوبين يقوم بطلب فواتير شراء بقيمة أعلى من المدفوع الفعلي، ويقوم بأخذ الفرق، وللعلم لقد نصحت صاحب العمل بأن هذا حرام، فقال لي: إنه إن لم يفعل ذلك لن يشترى منه أحد، وهو إلى حد ما مصيب في هذا، حيث إن مندوبي الشركات لا يقومون بالشراء إلا من الأماكن التي تعطى نقوداً، ما هو حكم الدين في عملي؟ مع العلم أني أعمل فقط في الشركة، لكني أعرف بهذه العمولات، وقد أكلف من قبل صاحب العمل بدفع هذه النقود إلى المندوبين بصفتي محاسب الشركة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: الواجب الاجتهاد في النصيحة لصاحب العمل بأن يتقي الله ما استطاع، وأن يحاول إقناع مسؤولي المشتريات بالشركات نفسها بألا تعين مندوبين إلا من ذوي الإخلاص والنزاهة. كما ينبغي نصح المندوبين بتجنب المال الحرام، وأن الله سيعوضهم من الحلال أفضل مما يحصلون عليه من الحرام. وينبغي التنبه إلى أن النصيحة لا تؤتي ثمارها بين عشية وضحاها، بل يحتاج الأمر إلى صبر وتضحية، ولعل بقاء الأخ السائل في العمل مع نصحه للمسؤول أفضل من تركه ومجيء آخر ربما يعين المسؤول على الحرام بدلاً من أن ينصحه، وإذا تيسر للأخ فرصة عمل أفضل وأبعد عن الحرام، فينبغي أن ينتقل إليها. والله أعلم.

هل هذه رشوة؟!

هل هذه رشوة؟! المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 01/08/1425هـ السؤال أنا شاب أعمل في إحدى الشركات في إحدى الدول العربية، أقوم بشراء بعض المستلزمات الخاصة بالمشروع الذي تنفذه الشركة، في أول مرة ذهبت أشتري أغراضًا من أحد المحلات، فوجدته بعد احتساب قيمة الفاتورة وأخذ النقود أعطاني مبلغًا بسيطًا من المال، وقال لي: هذه عمولتك، على أن تشتري من المحل دائمًا. قلت له: هل هذه زيادة على الفاتورة؟ قال لي: لا، هذا هو السعر الموجود في كل السوق، واسأل، ومن يريد من عندكم من الشركة أن يسأل على السعر سيجده نفس السعر المسجل في الفاتورة، وقال: إنما هذا المبلغ عبارة عن عمولة؛ لكي تتعامل مع المحل دائمًا. السؤال: هل هذا المبلغ حرام ويعتبر رشوة؟ أم هو فعلاً عمولة وحلال أخذه؟ علمًا بأني وجدت كلام الرجل صحيحًا، وأن هذا السعر هو السعر المحدد بكل السوق، وفى حالة أن هذا المال حرام كيف أتخلص منه، وما العمل الذي يجب علي فعله؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، وبعد:

فإن هذا المبلغ يعتبر من باب الرشوة المحرمة وإن سمي عمولة، فإن الأسماء المستعارة لا تغير من الحقيقة شيئًا، ووجه كونه من الرشوة: أنه أعطاك هذا المال لكونك عاملاً في تلك الشركة - المشار إليها- ليستميلك بالشراء من ذلك المحل الراشي، وفي صحيح البخاري (2597) ، ومسلم (1832) , عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَسْدِ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ. عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي؛ أُهْدِيَ لِي. قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: "مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ ... " الحديث. وأيضًا فإن العامل في الشركة إذا قبل هذه الرشوة (أو العمولة أو الهدية!!) ، فإنها ربما تؤثر سلبًا على صدقه ونزاهته في مجال عمله ولو على المدى البعيد، بحيث إنه سيقدم على الشراء من ذلك المحل أو السوق طمعًا في تلك العمولة دون مبالاة بجودة البضاعة، ولا بنقص السعر، فحرم الشارع هذه الهدية أو العمولة سدًّا لهذه الذريعة، وقطعًا لمظنة الوقوع في شراك ذلك المال. وأيضًا فكيف يستأثر العامل بمال أخذه لا بسببه، وإنما بسبب عمله، وهذا ما يشير إليه قول نبينا صلى الله عليه وسلم: "أفلا قعَد في بيتِ أبيه أو في بيتِ أمِّه حتى ينظُرَ أيُهْدَى إليه أم لا! ".

وعلى هذا فإنه يجب إعادة المال إلى صاحبه، كما صرح به النووي في شرح صحيح مسلم (12/219) ، وابن قدامة في المغني (14/60) حيث قال: (فإن ارتشى الحاكم، أو قبل هدية ليس له قبولها، فعليه ردها إلى أربابها؛ لأنه أخذها بغير حق، فأشبه المأخوذ بعقد فاسد) . ثم زاد- رحمه الله: (ويحتمل أن يجعلها في بيت المال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر ابن اللتبية بردها على أربابها، وقد قال أحمد: (إذا أهدى البطريق لصاحب الجيش عينًا أو فضة، لم تكن له دون سائر الجيش) . قال أبو بكر: يكونون فيه سواء) ا. هـ. وعلى هذا، فيحتمل أن يقال له أن يسلمه إلى الشركة، باعتبار أنها السبب المقصود من دفع ذلك المال، وهذا ما يشير إليه الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه (1833) ، عن عدي بن عميرة الكندي، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ... مَن اسْتَعْمَلْناهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بقليلِهِ وكثيرِهِ، فمَا أُوتي مِنْه أخَذ، ومَا نُهِي عنه انْتهَى". فلو قيل بهذا الاحتمال لكان له وجه. والله تعالى أعلم.

منح الدرجات للطلاب لتبرعهم للمدرسة

منح الدرجات للطلاب لتبرعهم للمدرسة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 28/11/1422 السؤال أعمل مدرساً بإحدى المدارس الثانوية، وسؤالي هو: إذا طلب معلم المادة من طلابه عملاً يعود بالنفع على المدرسة وطلابها مثال: طلب مدرس الحاسب من الطلاب أدوات الحاسب الآلي من دسكات، وفلاتر شاشات، وماسحات ضوئية، وقارئات أقراص، وغيرها، مع التزامه بزيادة الدرجات لهم (درجات أعمال الفصل) ، فهل في ذلك من حرج شرعي؟ وهل له أن يأخذ منها شيئاً بعد استئذان الطلاب الذين أحضروها وموافقتهم؟ الجواب الذي يظهر لي أنه لا يجوز أن يعطي المدرس درجات في أعمال السنة لمن يأتي ببعض اللوازم للمادة العلمية من الطلاب؛ لأن درجات أعمال السنة تضاف في الامتحان الفصلي إلى درجة الامتحان الفعلي، ولو قيل بجوازها لأصبح نوعاً من الغش المحرم، إضافة إلى أنه ليس كل الطلاب قادرين على أن يأتوا بهذه الطلبات، ولو فرض أن جاؤوا كلهم بطلبات لصالح المادة العلمية فما جاؤوا به يتفاوت قيمةً وأجراً فلا يجوز حينئذٍ إعطاؤهم درجات من أعمال السنة فيحصلوا على تقدير فيه تزويد، ولا يجوز للأستاذ أن يأخذ مما جاؤوا به ولو استأذنهم وأذنوا؛ لأن ما جاؤوا به هو تبرع وهبة للمدرسة، ولا يجوز الرجوع في تبرع الهبة، فتبقى هذه الأشياء التي جاء بها الطلاب ملكاً للمدرسة، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

هدايا العمال رشوة

هدايا العمال رشوة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 6/2/1425هـ السؤال هل الأجندات والهدايا التي تقدم للشخص في العمل من بعض المتعاملين تعدّ حراماً؟ الجواب الهدايا التي تقدم لك إن كانت من شخص تتبادل معه الهدايا قبل العمل فلا بأس بها، أما إن كانت من أجل العمل بعض المتعاملين معك -وهذا الذي يظهر من سؤالك-؛ فهي حرام، إذ لولا عملك ومركزك ما أهدي إليك، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي ولاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- على بعض الأعمال وقال للرسول: هذا لكم وهذا أُهدي إليّ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيُهدى له أم لا" رواه البخاري (7174) ، ومسلم (1832) من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - والله أعلم.

هدايا الطلاب إلى المدرسين

هدايا الطلاب إلى المدرسين المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 5/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما حكم قبول المعلمة الهدية من طالباتها في المدرسة أثناء مدة الدراسة، وكذلك بعد رصدها للدرجات النهائية، وكذلك بعد تخرج الطالبة وانتقالها من المدرسة؟ سواء كانت ورداً، أو بطاقة شكر، أو هدية تذكارية، ونحو ذلك. الجواب إن تقديم هدية للمعلمة أثناء الوقت الذي تكون الطالبة في حاجة إليها لمساعدتها، أو تكون في محل للتهمة لمحاباة المعلمة للطالبة، فإن هذا يدخل في باب الرشوة، وأما بعد تخرجها وانتقالها من المدرسة فهذا لا يدخل في معنى الرشوة، وهو أمر حسن.

أخذ العمولة دون علم الطرف الآخر

أخذ العمولة دون علم الطرف الآخر المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 22/8/1424هـ السؤال ما حكم من يأخذ عمولة من شخص إلى آخر دون علم الأول والثاني؟. الجواب العمولة يقصد بها ما يأخذه الشخص مقابل قيامه بالبيع أو الشراء لغيره، فهي تزاد على الثمن بالنسبة للمشتري أو تخصم من الثمن بالنسبة للبائع، وعليه فلا بد أن يعلم بها من تفرض عليه أو تخصم منه، أما أخذ شيء بغير علم البائع أو المشتري فليس هذا بعمولة، وإنما هو اختلاس لا يجوز.

العمولة على الشراء

العمولة على الشراء المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 12/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أوصاني أحد الأقارب على البحث له عن أرض ليشتريها، وعندما وجدتها قلت له: إنها معروضة بسعر عشرة ريالات مثلاً للمتر المربع، بالإضافة إلى ريال واحد عمولة للأشخاص الذين ساعدوا في عملية البيع ووافق الشخص وتمت عملية الشراء، ثم بعدها بمدة قصيرة مات هذا المشتري "رحمة الله عليه"، سؤالي: ما الحكم إذا كان مبلغ الريال الواحد لي أنا وحدي؟ وإذا كان هذا المبلغ لا يجوز لي، هل أرده للورثة أم أتصدق به؟ وهل أعد خائناً؛ لأن هذا الرجل لا يعلم أن هذا المبلغ لي؟ وقد اشترى هذه الأرض لمساعدتي ومعي شخصان، علماً أن إجمالي مبلغ الشراء لم يزد عن القيمة السوقية المستحقة لهذه الأرض. أفيدوني جزاكم الله خير. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أن العمولة التي أخذتها من صاحبك لا أرى أنها تحل لك؛ لأنك لم تخبر صاحبك الذي اشتريت له الأرض أنك ستأخذ عمولة على شرائك، إذ هو يعتقد أنك ستقوم بذلك بدون مقابل. هذا وبما أن من له الحق قد توفي فإن حقه انتقل إلى ورثته وأصبحوا هم أصحاب الحق، فعليك الاتصال بهم وإخبارهم بحقيقة الأمر، فإن شاؤوا عفوا عنك أو طلبوا حقهم، هذا وعليك مع ذلك التوبة إلى الله مما وقع منك، والندم عليه وعدم العودة لمثله وأسأل الله لنا ولك العفو والمغفرة، والله أعلم.

دفع مبالغ لتسهيل إدخال البضاعة

دفع مبالغ لتسهيل إدخال البضاعة المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 19/5/1423 السؤال تاجر يشتري السلع من الخارج كالألبسة، وتطلب منه الجمارك سواء في الحدود أو المواني دفع مبالغ لإدخالها (رشوة) ، هل يجوز لي أم لا؟ وللملاحظة أن هذه السلع غير موجودة في الداخل، وجزاكم الله عنا كل خير، والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فما يدفعه هذا الأخ التاجر لعمال الجمارك أو للمسؤولين عن الجمارك بغرض تسهيل أموره، أو التغاضي عن بعض المخالفات، أو السماح له بتوريد السلع الممنوع توريدها ونحو ذلك فإن هذا رشوة، والرشوة محرمة؛ لقول الله - عز وجل -"أكالون للسحت" [المائدة:42] وقوله -عز وجل-:"وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:188] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش" الترمذي (1336) أبو داود (3580) ابن ماجة (2313) أحمد (9023) ، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل هذا من الرشوة؟

هل هذا من الرشوة؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 8/8/1423هـ السؤال أنا موظف عسكري أعمل في مدينة الرياض، وأريد أن أنتقل إلى مدينتي، وقد حاولت مراراً بواسطة وبغير واسطة ولكني فشلت، الشاهد من السؤال: لقد عرض عليّ رجل في مدينتي دفع مبلغ من المال لينقلني بدون مضرة لأحد، هل هذا جائز وشكراً؟ الجواب لا يخلو هذا الرجل الذي طلب المبلغ من حالين؛ إما أن يصل إلى تحقيق مطلبك بجاهه وشفاعته، وفي مثل هذه الحال نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أخذ المال مقابل الشفاعة. الحالة الثانية: أنه سيدفعه أو جزءاً منه إلى موظف يملك تحقيق هذا المطلب وفي هذه الحال يكون هذا العمل رشوة، وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - "الراشي والمرتشي والرائش" رواه الترمذي (1336) ، وأبو داود (3580) وابن ماجة (2313) وأحمد (6532) والرائش هو الساعي بينهما. قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى -: "وقد ذكر ابن عابدين - رحمه الله - في حاشيته أن الرشوة هي ما يعطيه الشخص لحاكم أو غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، قال الشيخ: والمراد بالحاكم القاضي وبغيره: كل من يرجى عنده قضاء مصلحة الراشي، سواءً كان من ولاة الدولة وموظفيها، أو القائمين بأعمال خاصة، كوكلاء التجار والشركات وأصحاب العقارات ونحوهم، والمراد بالحكم للراشي وحمل المرتشي على ما يريده الراشي: تحقيق رغبة الراشي ومقصده سواءً كان ذلك حقاً أو باطلاً".أ. هـ. وهناك احتمال ثالث: أن يكون هذا الرجل سيراجع في دائرتك ويتابع ويلح حتى يحصل على المطلوب، وحينئذٍ فلا بأس بذلك لأنه أجره، لكن هذا الاحتمال بعيد.

وبكل حال فأنصحك بالابتعاد عن هذا الأسلوب، فإن أقل أحواله أن يكون فيه شبهة - في الاحتمال الأخير - "ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" البخاري (52) ، ومسلم (1599) ومن ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه، وأوصيك يا أخي بإنزال حاجتك هذه بالله - عز وجل - وكثرة الدعاء وأبشر بقضاء حاجتك وتحقيق مطلبك إن شاء الله، كما أوصيك أن تنصح ذلك الرجل بأن يبتعد عن السحت، فإن الرشوة سحت وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لكعب بن عجرة: " كْل يا كعب بن عجرة، كْلُّ جسد نبت من السحت فالنار أولى به" الترمذي (614) ، والنسائي (2580) ، وأبو داود (1640) وأحمد (14441) . وفقك الله تعالى وسدد خطاك.

حكم التعامل مع شركة بزنس كوم

حكم التعامل مع شركة بزنس كوم المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 14/10/1423هـ السؤال ما حكم التعامل مع شركة بزنس كوم biznas.com بالطريقة المشهورة عندهم؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وآله وصحبه، وبعد: هذه الشركة، وغيرها كثير، تعمل وفق مفهوم "التنظيم الهرميpyramid scheme"، ويسمى أحياناً التسويق الشبكي " network marketing" أو التسويق متعدد الطبقات "multi-layer marketing--MLM". وهذا النوع من التسويق يصنف من حيث المبدأ ضمن صور الغش والاحتيال التجاريbusiness fraud. وقد تناولته دراسات وأبحاث وكتب، تحذّر من هذه الشبكات والوهم والتغرير الذي توقع فيه أتباعها، فتجعلهم يحلمون بالثراء السريع مقابل مبالغ محدودة. وفي نهاية الأمر تصب هذه المبالغ في جيوب أصحاب هذه الشركات والمنظمات، ولا يحصد الأتباع سوى السراب. ولذلك تمنع قوانين العديد من الدول التنظيم الهرمي بشكل أو بآخر. كما تحذر الأجهزة الرسمية الجمهور من الوقوع في مصيدة هذه الشبكات بعد تغليفها بصورة جذابة من خلال الزعم بأنها فرصة لتسويق منتجات مفيدة للجمهور، تعليمية أو غير ذلك. ومن المهم للقارئ أن يعلم أن هيئة الأوراق المالية بباكستان قد حذرت الجمهور من التعامل مع شركة بزناس العاملة هناك. وقالت في تحذيرها الذي صدر في أغسطس من هذا العام إن الشركة المذكورة وجد أنها "تضطلع بممارسات غير مشروعة وتحايلية وغير أخلاقية" حسب ما جاء في التحذير. (انظر موقع الهيئة: http://www.secp.gov.pk/otherlinks/Biznas/Biznas.com.htm) .

كما أن هناك شركة تعمل في نفس المجال، تسمى سكاي بز skybiz.com، وهي شديدة الشبه بشركة بزناس من حيث نوعية المنتجات وآلية التسويق ونظام العمولات، مقرها الولايات المتحدة ولها فروع عبر العالم. هذه الشركة رفعت وزارة التجارة الأمريكية ضدها قضية تتهمها فيها بالغش والاحتيال على الجمهور، وصدر قرار المحكمة بولاية أوكلاهوما في 6/6/2001م بإيقاف عمليات الشركة وتجميد أصولها تمهيداً لإعادة أموال العملاء الذين انضموا إليها. (انظر موقع وزارة التجارة الأمريكية: http://www.ftc.gov/opa/2001/06/sky.htm) . إن هذا الموقف ضد شركات التسويق الهرمي مبني على قناعة في معظم دول العالم بأن هذا النمط من التسويق ما هو إلا صورة من الصور الاحتيال والتغرير بالناس. سنبيّن فيما يلي كيفية عمل هذه الشبكات، ثم نبيّن مكمن الخلل فيها. أولا: آلية العمل الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي بسيطة. وتتلخص في أن يشتري الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به (أن يشتروا هم أيضاً منتجات الشركة) ، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك. ثم كل واحد من هؤلاء الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً، ويحصل الأول على عمولة إضافية، وهكذا. فأنت تدفع لزيد على أن تأخذ من عمرو وعبيد. وفيما يلي مثال عملي يوضح ذلك. لنفترض أن "زيداً" قرر أن يشتري منتجات الشركة المذكورة مقابل 100 دولار. تعطيه الشركة بناء على ذلك الحق في أن يسوق منتجاتها لآخرين مقابل عمولات محددة. يقوم زيد بإقناع شخصين بالانضمام للبرنامج، بمعنى أن يشتري كل منهما منتجات الشركة، ويكون لهما الحق في جذب مسوقين آخرين مقابل عمولات كذلك. ثم يقوم كل من هذين بإقناع شخصين آخرين بالانضمام، وهكذا. ستتكون من هذه الآلية شجرة من الأتباع الذين انضموا للبرنامج على شكل هرمي. (انظر الشكل) .

لاحظ أن عدد الأعضاء في كل مستوى يساوي ضعف العدد في المستوى الذي قبله، وأن عدد أعضاء المستوى الأخير يزيد قليلاً عن مجموع أعضاء المستويات السابقة كلها. لاحظ أيضاً أن عدد الأعضاء ينمو أسياً، بمعنى أن عدد الأعضاء في المستوى الرابع =42 = 16، وعدد الأعضاء في المستوى العاشر = 102 = 1024، وهكذا. طريقة احتساب العمولات تشترط الشركة ألا يقل مجموع الأفراد الذين يتم استقطابهم من خلال زيد ومن يليه في الهرم عن 9 أشخاص من أجل الحصول على العمولة (على ألا يقل عدد الأعضاء في كل فرع عن 3) . وتبلغ العمولة 55 دولاراً. ثم بعد ذلك يتم صرف العمولة لكل 9 أشخاص (ويسمى كل تسعة أشخاص في التسلسل الهرمي "درجة") . ونظراً إلى أن الهرم يتضاعف كل مرة يضاف فيها مستوى جديد أو طبقة جديدة للهرم، فإن العمولة تتزايد كل مرة بشكل كبير. إذا افترضنا أن الهرم ينمو كل شهر، بمعنى أنه في كل شهر ينضم شخصان لكل شخص في الهرم (كما هو افتراض الشركة في موقعها) ، فهذا يعني أن العمولة التي يحصل عليها العضو تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين ألف دولار في الشهر الثاني عشر (انظر الجدول) . الشهر الأعضاء مجموع الأعضاء العمولة بالدولار 1 2 2 0 2 4 6 0 3 8 14 55 4 16 30 110 5 32 62 165 6 64 126 440 000 000 000 000 12 4.096 8.190 25.080 18 262.144 524.286 1.602.040 24 16.777.216 33.554.430 102.527.480 30 1.073.741.824 2.147.483.646 6.561.755.640

ويتم حساب العمولة كالتالي: ينظر عدد الدرجات في مجموع الأعضاء، ويتم صرف العمولة بناء على ذلك بعد إسقاط الدرجات في المستوى السابق. في المستوى الثالث يبلغ المجموع 14، وهو يتضمن درجة واحدة (أي تسعة واحدة فقط) ، فيصرف للعضو عمولة واحدة. في المستوى الرابع يبلغ المجموع 30، وهذا يتضمن 3 درجات، تخصم منها درجة واحدة صرفت في المستوي السابق، يتبقى درجتان، فتصرف عمولتان = 110 دولار. في المستوى الخامس يبلغ المجموع 62، وهذا يتضمن 6 درجات. تخصم منها الدرجات في المستوى السابق وهي 3، فيبقى 3 درجات، فيصرف 3 عمولات، أي 3×55=165، وهكذا. لاحظ أن العضو لا يحصل على أي عمولة قبل الشهر الثالث، أي أنه لا بد من نمو الهرم تحته بثلاثة مستويات قبل أن يحصل على العمولة. ولكن مقدار العمولة، وهو 55 دولار، أقل من المبلغ الذي دفعه وهو 100 دولار. فلا بد إذن من أجل تحقيق أي ربح من نمو الهرم إلى أربعة مستويات تحت العضو على أقل تقدير. إذا تابعنا نمو الهرم شهرياً (حسب الافتراض المنشور على موقع شركة بزناس) ، سنجد أنه في نهاية السنة تتجاوز العمولة الشهرية للعضو 25000 دولار. وبعملية حسابية بسيطة نجد أن العمولة في منتصف السنة الثانية (الشهر 18) تتجاوز مليون وستمائة ألف شهرياً، بينما تتجاوز في نهاية السنة الثانية مائة مليون دولار شهرياً. وهذا مصدر الإغراء في هذا النوع من البرامج الهرمية: مقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 100 دولار، يحصل المشترك على آلاف بل ملايين أضعاف المبلغ. ولذلك تسوّق هذه الشركات برامجها من خلال وعود بالثراء الفاحش في مدة يسيرة من خلال النمو المضاعف للهرم. أين الخلل؟

إن مكمن الخلل في هذا النظام هو أنه غير قابل للاستمرار، فلا بد له من نهاية يصطدم بها ويتوقف عندها. وإذا توقف كانت الطبقات الأخيرة من الأعضاء هي الخاسرة، والطبقات العليا هي الرابحة. والطبقات الأخيرة تفوق في العدد أضعاف الطبقات العليا، وهذا يعني أن الأكثرية تخسر لكي تربح الأقلية. ولذلك فإن هذه البرامج في حقيقتها تدليس وتغرير وبيع للوهم للجمهور لمصلحة القلة أصحاب الشركة. لتتضح الصورة لنتابع نمو الهرم حسب الجدول السابق. في الشهر الثلاثين، أي منتصف السنة الثالثة، يبلغ مجموع أعضاء الهرم أكثر من 2 مليار شخص، أي ثلث سكان المعمورة. في الشهر الذي يليه يبلغ المجموع 4.3 مليار، وفي الشهر الذي يليه (الثاني والثلاثين) 8.6 مليار. لكنا نعلم أن سكان الكرة الأرضية لا يتجاوز عددهم 6 مليار نسمة، وهذا يعني أن الهرم لا بد أن يتوقف قبل المستوى أو الشهر 32، أي قبل نهاية السنة الثالثة، حيث يتجاوز مجموع الأعضاء 8 مليارات. فإذا توقف النمو، فإن أعضاء المستويات الأخيرة لن ينجحوا في تحقيق أي مبيعات إضافية أو انضمام أعضاء جدد، فهم قد دفعوا ثمن الانضمام للبرنامج دون مقابل. هذه المبالغ تمثل خسارة على هؤلاء وربحاً للمستويات العليا.

إن حال الهرم يشبه إلى حد كبير حال نمو الورم السرطاني في الجسم. فالخلية السرطانية تنقسم باستمرار، وبهذا يتضاعف حجم الورم في كل مرة. ونظراً لأن الورم هو أكثر الخلايا نمواً في الجسم، فإنه يستهلك من طاقة الجسم أكثر من بقية أجهزة الجسم العضوية. ومع النمو المتضاعف، يستأثر الورم بالطاقة دون بقية الجسم، لتكون النتيجة توقف أجهزة الجسم عن إنتاج الطاقة، ومن ثم وفاة الجسم. وإذا توقف إنتاج الطاقة فليس بمقدور خلايا الورم النمو، فتموت هي أيضاً. أي أن النمو المضاعف للورم هو نفسه سبب هلاكه في النهاية. وهذا هو الحال في التسويق الهرمي. فالنمو الأسّي للهرم يستدعي دائماً انضمام أعضاء جدد ضعف أعضاء المستوى الأخير، وهذا يجعل حجم الهرم الكلي يتضاعف كذلك كل مرة. وكلما كبر الهرم كلما تضاعف العدد المطلوب للاستمرار. ولكن توافر هذه الأعداد الهائلة متعذر، فتكون النتجية الحتمية هي انهيار الهرم ونهايته، كما كانت نهاية الورم السرطاني. ومن الناحية العملية سيتوقف الهرم قبل استنفاد الأعداد المطلوبة بكثير، إذ لا يمكن للسوق أن تستوعب هذا العدد الهائل من المبيعات. ومن المعروف في علم التسويق أن لكل منتج درجة معينة من المبيعات تبلغ السوق بعدها درجة التشبع (saturation) ، فيتعذر بعدها تحقيق أي مبيعات إضافية، ومن ثم يتعذر نمو الهرم بعدها.

لنفترض أن التسويق توقف عند المستوى 18، حيث يبلغ أعضاء هذا المستوى أكثر قليلاً من ربع مليون. بناء على ما سبق فإن العضو لا يحصل على أي عمولة حتى يبلغ عدد المستويات تحته 3 مستويات. أي أن المستويات الثلاثة الأخيرة (16، 17، 18) لن تحصل على أي عمولة، بينما سيحصل أعضاء المستوى الرابع من الأسفل (المستوى 15) على عمولة لكنها أقل مما دفعوه (العمولة 55 دولار بينما كل منهم قد دفع 100 دولار) . وإذا كان أعضاء المستوى الأخير نحو ربع مليون، والذي قبله 131 ألف، والذي قبله 65 ألف، فهذا يعني أن نحو 450 ألف عضواً قد دفعوا نحو 45 مليون دولار بدون أي مقابل. أما أعضاء المستوى الرابع من الأسفل (وعددهم نحو 32 ألف) فسيحصل كل منهم على عمولة أقل من ثمن المنتجات التي اشتراها لينضم إلى البرنامج. لاحظ أن نسبة أعضاء المستويات الأربعة الأخيرة (المستويات 15-18) إلى مجموع أعضاء الهرم تعادل 93.8 %. أي أن نحو 94% من أعضاء البرنامج خاسرون، بينما 6% فقط هم الرابحون. وحتى لو فرض جدلاً استمرار البرنامج الهرمي في النمو، فإن واقع الهرم أن المستويات الأربعة الأخيرة دائماً خاسرة، ولا يمكنها الخروج من الخسارة إلا باستقطاب أعضاء جدد ليكوّنوا مستويات دنيا تحتهم، فتكون المستويات الجديدة هي الخاسرة، وهكذا. فالخسارة لازمة لنمو الهرم، ولا يمكن في أي لحظة من اللحظات أن يصبح الجميع رابحاً بحال من الأحوال. وبهذا يتبين أن البرنامج الهرمي وهم أكثر منه حقيقة، وأن الأغلبية الساحقة من المشاركين في هذا البرنامج يخسرون لمصلحة القلة القليلة. ولهذا صدرت دراسات وكتابات كثيرة تحذر من هذه البرامج، وسيجد القارئ في نهاية البحث بعض المراجع لهذه الكتابات. موقف القانون من البرامج الهرمية

تمنع القوانين في أكثر دول العالم برامج التسلسل الهرمي (pyramidshemes) حيث يدفع المشترك رسوماً لمجرد الانضمام للبرنامج، دون وجود أي منتج أو سلعة يتم تداولها. أما إذا كانت هناك سلع، فإن القانون الأمريكي حالياً لا يمنع منها، وهذه نقطة ضعف انتقدها كثير من الكتاب الغربيين بناء على أن السلعة في هذه البرامج هي مجرد ستار وذريعة للبرامج الممنوعة، إذ النتيجة واحدة في الحالين. ومع ذلك فإن وزارة التجارة الأمريكية تحذر الجمهور صراحة من أي برامج تسويق أو مبيعات تدعو لجذب مسوقين آخرين (انظر موقع وزارة التجارة الأمريكية: http://www.ftc.gov/bcp/conline/edcams/pyramid/index.html) . وما القضية المرفوعة ضد سكاي بز، وهي شديدة الشبه ببزناس، إلا مثال عملي لرفض استخدام المنتجات ستاراً للتحايل على الجمهور. وسيأتي مزيد حول هذه النقطة لاحقاً. ثانياً: التقويم الشرعي الإسلام هو دين الفطرة، والشريعة الإسلامية قائمة على العدل ومنع الظلم، فإذا أدرك العقلاء ما في هذه المعاملة من الغش والاستيلاء على أموال الآخرين بغير حق ودعوا من ثم إلى منعها، فالإسلام أولى بذلك. ويمكن تعليل القول بحرمة الاشتراك في هذا النوع من البرامج بالأسباب التالية: 1. أنه أكل للمال بالباطل. 2. ابتناؤه على الغرر المحرم شرعاً. أكل المال بالباطل تبين بوضوح مما سبق أن هذا النوع من البرامج لا يمكن أن ينمو إلا في وجود من يخسر لمصلحة من يربح، سواء توقف النمو أم لم يتوقف. فالخسارة وصف لازم للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية للمستويات العليا. والخاسرون هم الأغلبية الساحقة كما سبق، والرابحون هم القلة. أي أن القلة كسبوا مال الأكثرية بدون حق، وهذا أكل المال بالباطل الذي نزل القرآن بتحريمه. ويسمى هذا النمط عند الاقتصاديين: تعامل صفري (zero-sum game) ، حيث ما يربحه البعض هو ما يخسره البقية. الغرر

أصل الغرر المحرم: هو بذل المال مقابل عوض يغلب على الظن عدم وجوده أو تحققه على النحو المرغوب. ولذلك قال الفقهاء: الغرر هو التردد بين أمرين، أغلبهما أخوفهما (انظر الغرر وأثره في العقود، د. الصديق الضرير، ص 30) . والذي ينضم إلى هذا البرنامج يدفع مبلغاً من المال مقابل أرباح الغالب عدم تحققها. ولبيان هذه النقطة أكثر، لنفترض أن احتمال نجاح العضو في إقناع آخر بالانضمام للبرنامج هو 80 %. بمعنى أن العضو إذا عرض على شخص شراء بضاعة من الشركة والانضمام إلى التسلسل الهرمي في التسويق، فالغالب أن هذا الشخص سيقبل العرض وينضم للبرنامج. لاحظ أن هذه النسبة أعلى بكثير من الواقع، لكنا نفترض تنفيذ البرنامج على أفضل الأحوال. ما هو احتمال حصول العضو على عمولات تعوض ما دفعه؟ إذا كان احتمال نجاح كل عضو في الهرم في ضم شخص آخر إليه هو 80 %، فإن احتمال تحقق 18 عملية (لكي يسترد المشترك رأسماله) يساوي: (80 %) 18 = 1.8 % أي أنه احتمال تافه من الناحية العملية. أما تحقيق عمولة تساوي 25000 دولار شهرياًفيتطلب انضمام 8190 شخصاً، واحتمال وقوع ذلك هو: (80 %) 8190= صفر. أي أنه بمنطق الاحتمالات الإحصائية يتعذر تحقيق هذه العمولة.

لاحظ أن هذه النسبة أقل بكثير من نسبة الفوز باليانصيب (lottery) ، حيث تبلغ النسبة مقلوب مقدار الجائزة. فلو كانت الجائزة عشرة ملايين دولار، لكان احتمال الفوز للتذكرة الواحدة أقل قليلاً من واحد من عشرة ملايين، وهذا الاحتمال أكبر من احتمال تحقيق المسوّق للأحلام التي يعدونه بها. واليانصيب أفضل من التسويق الهرمي من وجه آخر، وهو أن صاحب التذكرة لا يحتاج لبذل أي جهد أو عمل بعد شراء التذكرة. أما المسوّق فهو يتعب ويكد نفسه ويخسر من ماله الخاص أكثر مما دفعه للانضمام للبرنامج الهرمي، مع أن احتمال ربحه وفوزه أقل بكثير من احتمال الفوز باليانصيب. فاليانصيب أكثر احتمالاً بالفوز وأقل كلفة. فإذا كان مع ذلك محرماً، فالتسويق الهرمي أولى بالتحريم. وإذا علمنا أن الهرم لا بد أن يتوقف مهما كان الحال، فهذا يعني أن الدخول في هذا البرنامج في حقيقته مقامرة: كل يقامر على أنه سيربح قبل انهيار الهرم. ولو علم الشخص أنه سيكون من المستويات الدنيا حين انهيار الهرم لم يكن ليقبل بالدخول في البرنامج ولا بربع الثمن المطلوب، ولو علم أنه سيكون من المستويات العليا لرغب في الدخول ولو بأضعاف الثمن. وهذا حقيقة الغرر المحرم، إذ يقبل الشخص بالدخول على أمل الإثراء حتى لو كان احتمال تحقق هذا الأمل ضعيفاً جداً من حيث الواقع. فالثراء هو الذي يغري المرء لكي يدفع ثمن الانضمام للبرنامج، فهو يغره بالأحلام والأماني والوهم، بينما حقيقة الأمر أن احتمال خسارته أضعاف أضعاف احتمال كسبه. شبهة وجود المنتج أما الشبهة التي يتعذر بها المدافعون عن هذه البرامج، وهي وجود منتج حقيقي ينتفع به المشتري ومن ثم لا يعد خاسراً إذا توقف الهرم، فهي شبهة أول من ينقضها المسوّقون والعاملون في هذه البرامج أنفسهم.

وذلك أنهم حين تسويق هذه المنتجات نجدهم يعتمدون على إبراز العمولات التي يمكن تحقيقها من خلال الانضمام للبرنامج، بحيث يكون ذكر هذه العمولات الخيالية كافياً لإقناع الشخص بالشراء. فلو لم يكن الهدف هو التسويق لما لجأ الأعضاء إلى إغراء الجدد بعمولات التسويق. ولذلك لا يمكن أن يسوّق العضو هذه المنتجات دون ذكر عمولات التسويق، فهذا يناقض مصلحة العضو نفسها التي انضم للبرنامج ابتداء من أجلها، وهي: جذب مسوقين جدد على شكل متسلسل لتحقيق الحلم بالثراء الموعود. ومما يؤكد أن المنتج ما هو إلا ستار وهمي، المقارنة السريعة بين عمولات التسويق وبين منافع المنتجات نفسها. فهذه المنتجات قيمتها لا تتجاوز 100 دولار بحسب سعر الشركة المعلن. أما العمولات فتصل كما ذكرنا إلى 25000 دولار شهرياً، أو ما يعادل 50000 دولار في نهاية السنة الأولى فقط. فهل يوجد عاقل يقصد ما قيمته مائة ويدع خمسين ألفاً؟ لو وجد ذلك من شخص لما كان معدوداً من العقلاء. فالعاقل في المعاوضات المالية يبحث عن مصلحته، والمصلحة هي مع التسويق، فلا بد أن يكون القصد هو التسويق. إن هذه المنتجات، مهما كانت فائدتها، لا يمكن أن تحقق للمشتري منافع تتجاوز في قيمتها تلك العمولات الخيالية الناتجة من التسويق. والعبرة، كما هو مقرر شرعاً، بالغالب. فقصد العمولات هو الغالب على قصد المنتجات، فيكون الحكم مبنياً على ذلك. ومما يؤكد أن شراء المنتجات غير مراد: أن البرامج والمواد التدريبية لمنتجات ميكروسوفت، خصوصاً أوفيس، توجد بكثرة على الإنترنت، وكثير منها متوفر مجاناً. وهناك برامج تدريبية متخصصة لجميع برامج أوفيس تتراوح قيمتها بين 20-35 دولاراً. أما إنشاء موقع وبريد على الإنترنت، فهذا يمكن الحصول عليه مقابل 10 دولار في السنة بسهولة. بينما تبيع الشركة منتجاتها بـ 99 دولاراً سنوياً. أي أنها تزيد الثمن عن المتاح فعلياً بما لا يقل عن 55 دولاراً.

وهذه الزيادة في الثمن لم تكن لتوجد لولا برنامج التسويق الهرمي هذا. فيقال في ذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أفلا أفردت أحد العقدين عن الآخر ثم نظرت هل كنت مبتاعها أو بايعه بهذا الثمن؟ " (بيان الدليل، ص 232-233، ط المكتب الإسلامي) . فلو أفرد الانضمام عن الشراء لما كان سعر السلعة بهذا المقدار. ولا يتردد المسؤولون في الشركة في التصريح بأن التكلفة الفعلية للمنتجات تعادل 24 دولاراً، أما المتبقي، وهو 75 دولاراً، فهو مخصص لمصاريف "التسويق." ولكن بدلاً من صرف هذا المبلغ على الدعايات والإعلانات كما هو الحال في المنتجات الأخرى، فإن الشركة تصرفها على عملائها الذين يقومون بشراء منتجاتها. وهذا في نظرهم أفضل لمصلحة العميل من الطريقة "التقليدية" في الإعلان. والحقيقة أن هذا الزعم يناقض الواقع. وبعملية حسابية بسيطة يتبيّن مدى الغبن الذي يقع على العميل أو العضو المسوّق من هذا الأسلوب. إذ تشترط الشركة أن يستقطب المسوق 9 أشخاص قبل أن تصرف له العمولة، وهي 55 دولاراً كما سبق. ولكن مبيعات 9 أشخاص (عدا المسوّق نفسه) تعني أن الشركة حصلت على ربح فوق تكلفة المنتجات يعادل 9×75 = 675 دولاراً، صرف منها 55، فيبقى 620 دولاراً. أي أنه مقابل كل 9 أعضاء جدد يحصل المسوّق على 55 في حين يحصل أصحاب الشركة على صافي ربح 620 دولاراً. وهذا غبن فاحش، فكيف يقال مع ذلك إن تكاليف التسويق تصرف للأعضاء؟! فهذا المبلغ، وهو 75 دولار، هو في الحقيقة رسوم الاشتراك في البرنامج، ومعظمه كما ترى يذهب لأصحاب الشركة. ومما يبين أن الهدف من الشراء هو الاشتراك في التسويق وليس المنتجات: 1- أن لوائح وأنظمة الشركة معظمها يتعلق بشروط وأحكام الانضمام وصرف العمولات، وأما مجرد الشراء فتحكمه بضعة فقرات. فهل هذا صنيع من هدفه تسويق السلعة فحسب والانضمام تابع لها أم العكس؟

2- أن الشركة تشترط للاستمرار في البرنامج لأكثر من سنة دفع نفس المبلغ مرة أخرى. وواضح أن هذا لا لشيء سوى استمرار التسويق، فالبرامج تم شراؤها من المرة الأولى، والبرامج الجديدة إن وجدت لا تعادل في القيمة المبلغ المطلوب. 3- لو كانت الشركة تبيع المنتجات فعلاً لكانت توجه دعمها لمنتجاتها، بينما نجد من خلال لوائح وأنظمة الشركة أنها تبيع المنتجات كما هي ودون أي مسؤولية، في حين تقدم الدعم لبرامج التسويق وكسب الأعضاء، كما تنص عليه اللائحة. فهل هذا صنيع من يبيع منتجات حقيقية؟ 4- أن الشركة تسمح لمن يرغب في التسويق دون شراء المنتجات، لكنها لا تتيح له الاستفادة من خدمات موقع الشركة على الإنترنت للتسويق، بل من خلال الفاكس. كما أنها لا تقبل أن يكون من دونه في التسلسل الهرمي هم أيضاً مسوقون بدون شراء، بل لا بد من الشراء ممن يليه لكي يحصل على العمولة. وواضح أن هذا تضييق على التسويق بدون شراء. وتجدر الإشارة إلى أن شركة سكاي بز الأمريكية، التي سبقت الإشارة إليها، تملك نفس التنظيم والترتيب لإجراءات التسويق بدون شراء. ومع ذلك اعتبرت وزارة التجارة الأمريكية الشركة مجرد بناء هرمي ولا قيمة للمنتج (انظر التقرير المنشور في: http://www.mlmsurvivor.com/resources/sky_biz_pvn-vandernat.pdf) .

والحاصل أن المنتجات التي تبيعها الشركة ما هي إلا ستار للانضمام للبرنامج، بينما الانضمام للبرنامج مقابل ثمن من الغرر وأكل المال بالباطل، كما تقدم، ومنعه محل اتفاق بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي. فالتحيل بتقديم المنتج لا قيمة له في الشريعة الإسلامية، لأن العبرة بالمآل، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. فإذا كانت العلة قائمة سواء وجد المنتج أم لم يوجد، فلن يغير وجوده من الحكم شيئاً. وإذا كان القانون الوضعي عاجزاً عن معالجة هذا الاحتيال، فهو لذلك محل انتقاد من المحللين والكتاب الغربيين، إلا أن الفقه الإسلامي بحمد الله أكمل وأقوم، إذ هو مبني على الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولذلك جاءت النصوص الصريحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بسد أبواب التحايل المقيت، مثل نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة، وعن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع. كل ذلك منعاً للالتفاف على أحكام الشريعة المطهرة وإفراغها من مضمونها، فهي شريعة كاملة لا نقص فيها ولا خلل: {ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون} . الفرق بين التسويق الهرمي والسمسرة

ومن خلال ما تقدم يتبيّن أن التسويق الهرمي ليس مجرد سمسرة كما تزعم الشركة في موقعها، وكما حاولت أن توحي بذلك لأهل العلم الذين سئلوا عنها. فالسمسرة عقد يحصل بموجبه السمسار على أجر لقاء بيع سلعة. أما التسويق الهرمي فالمسوّق هو نفسه يدفع أجراً لكي يكون مسوّقاً، وهذا عكس السمسرة. كما أن الهدف من التسويق الهرمي ليس بيع بضاعة أو خدمة، بل جذب مسوّقين جدد ليجذبوا بدورهم مسوّقين آخرين، وهكذا. وقد سبق أن هذا التسلسل لا يمكن أن يستمر بلا نهاية. فهذا التسلسل باطل لأنه لا بد أن يتوقف. وحينئذ فالمسوّق الأخير خاسر بالضرورة لأنه لم يجد من يقبل الانضمام إلى البرنامج الهرمي. لكن لا وجود لهذا التسلسل في السمسرة أو التسويق العادي. فالتسوية بين الأمرين كالتسوية بين البيع والربا من الذين حكى الله تعالى عنهم في القرآن: {ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا} . وهي كالتسوية بين البيع وبين العينة الممنوعة بالنص. فالتسويق الهرمي أخص من مطلق التسويق، وقد تضمن من الخصائص والشروط ما يجعله عقداً باطلاً، فلا يصح قياس أحدهما على الآخر. ومما يبيّن الفرق بين الأمرين أن السمسرة أو التسويق العادي يتم من خلال ضوابط تنظم العلاقة بين المسوّقين لكي يضمن كل منهم عمولته. فالشركة البائعة للمنتجات تحدد لكل مسوّق (أو لكل موزع لمنتجاتها أو لكل فرع من الفروع) نطاقاً محدداً يختص به، تجنباً لإضرار الموزعين بعضهم لبعض إذا تكدسوا في منطقة واحدة. فهذا التكدس من جهة مضر بمنتجات الشركة لأنه يؤدي إلى تشبع السوق المحلي، كما سبق. كما أنه مضر بالموزعين أو المسوقين أنفسهم، لأنه يحرم بعضهم من البيع ومن ثم من عمولة التسويق.

أما في التسويق الهرمي فلا يوجد أي ضوابط للتسويق، ولا توجد حدود تنظم عمل كل موزع أو كل سمسار. والسبب أن الهدف ليس المنتجات وإنما الانضمام للهرم. والانضمام يتطلب أعداداً متزايدة من الأعضاء الجدد دائماً، ولذلك لا توجد مصلحة من تحديد مجال اختصاص لكل مسوّق، بل هذا مضر بنمو الهرم، ومن ثم بعوائد أصحاب الشركة. وحقيقة الأمر أن النظام الهرمي يجعل السلعة الحقيقية التي يبيعها الأعضاء هي العمولات الموعودة من الانضمام للهرم، وليس المنتجات التي لا تتجاوز قيمتها 0.2% من عمولات التسويق للسنة الأولى فحسب. أما السمسرة أو التسويق المعروف فهو نيابة في البيع مقابل عمولة. فالعائد الحقيقي للسمسار ينبع من المبيعات المباشرة للمنتجات على المستهلكين الفعليين، وليس من مشتريات المسوّقين الجدد. ولهذا السبب تشترط عدة ولايات أمريكية أن يكون عائد التسويق المباشر للمستهلك النهائي لا يقل عن 70% من إجمالي عوائد التسويق. بمعنى ألا يزيد عائد التسويق على المسوقين الجدد عن 30% من عوائد الشركة. وما ذلك إلا تأكيداً للفرق بين البيع على المستفيد الفعلي من المنتج، وبين البيع على من يريد الانضمام إلى هرم المسوّقين طمعاً في العمولات الهائلة التي يعدونه بها. الخلاصة إن البرامج القائمة على التسلسل الهرمي، ومنها البرنامج المذكور في السؤال، مبنية على أكل المال بالباطل والتغرير بالآخرين، لأن هذا التسلسل لا يمكن أن يستمر بلا نهاية، فإذا توقف كانت النتيجة ربح الأقلية على حساب خسارة الأكثرية. كما أن منطق التسويق الهرمي يعتمد على عوائد فاحشة للطبقات العليا على حساب الطبقات الدنيا من الهرم. فالطبقات الأخيرة خاسرة دائماً حتى لو فرض عدم توقف البرنامج. ولا يفيد في مشروعية هذا العمل وجود المنتج، بل هذا يجعله داخلاً ضمن الحيل المحرمة. والعلم عند الله تعالى. مصادر مفيدة حول الموضوع http://www.falseprofits.com http://www.pyramidschemealert.org http://www.skepdic.com/pyramid.html http://www.ftc.gov/speeches/other/dvimf16.htm http://www.impulse.net/~thebob/Pyramid.html http://www.mlmsurvivor.com

العمل بشهادات الخبرة المزورة

العمل بشهادات الخبرة المزورة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 15/11/1423هـ السؤال يعتقد البعض أن العمل بشهادات خبرة مزورة أو بمؤهلات مزورة والحصول على راتب نتيجة لذلك لا شيء فيه حيث أن ذلك الراتب نتيجة لجهده وعرقه. ما حكم الشرع في هذا؟ جزاكم الله خيرا. الجواب التزوير والغش من الكذب المحرم ومن كبائر الذنوب ولا يجوز للمسلم أن يفعل ذلك، وإذا كان من شروط العمل وجود شهادات خبرة فلابد أن تكون صحيحة، غير مكذوبة ولا يعفي من ذلك كون العامل يبذل جهداً أو يقدم عملاً، لأن هذا الجهد، وهذا العمل بني على أساس غير مشروع وهو التزوير والغش، والنبي عليه السلام يقول: "من غشنا فليس منا" مسلم (101) .

رشوة لنقل الزوجة الموظفة

رشوة لنقل الزوجة الموظفة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 15/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ انتقلت من الرياض للعمل في منطقة أخرى، وزوجتي تعمل مدرسة، وعندما طلبت نقلها تم نقلها، ولكن إلى منطقة بعيدة من منطقتي، وحاولت جاهداً أن ينقلوها إلى منطقتي ولكن بدون فائدة، وحسب ما فهمت أنني أحتاج إلى واسطة ليتم نقلها على الرغم من أنها قديمة في سلك التدريس، وقبل أيام وجدت شخصاً أخبرني بأنه يعرف شخصاً يستطيع نقل زوجتي ولكن بمقابل مادي، سؤالي فضيلة الشيخ: هل أدفع له أم ماذا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب صح من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال:"لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي" رواه أبو داود (3580) والترمذي (1337) وابن ماجة (2313) وغيرهم، وعلى هذا فالرشوة من كبائر الذنوب التي يجب على المسلم أن يحذرها ويجتنبها، ويبعد عنها كل البعد، ونعود إلى سؤال الأخ فإن كان المقابل المادي سيأخذه الوسيط نفسه وهو من خارج الإدارة مقابل جهوده وإحراجه للآخرين ولا يلزم من نقلها ظلم لغيرها، أو هضم لحق الآخرين فلا بأس والحالة هذه، وإن كان المقابل سيعمل الوسيط على أداء جزء منه لأحد الموظفين فهذا عين الرشوة، وكذا الأمر إن كان في إعطاء الوسيط ظلم لغيرها وتجاوز على حق الآخرين فيحرم والحالة هذه. والله أعلم.

الشفاعة لمساعدة المختبرين

الشفاعة لمساعدة المختبرين المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 18/4/1424هـ السؤال أنا مشرف في إحدى الدوائر الحكومية على اختبارات اللغة الإنجليزية للوحدة، وأحياناً تأتي إلينا بعض الشفاعات في مساعدات بعض الأشخاص دون أن يكون هناك ضرراً على أحد، فما الحكم الشرعي في هذا النوع من المساعدة؟ أرجو التفصيل والإيضاح، علماً أن رئيسي المباشر لديه خلفية كاملة عن هذا الموضوع. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فما ذكره الأخ السائل من أنه يشرف على اختبار اللغة الإنجليزية، وأنه يأتيه بعض الشفاعات في مساعدة بعض الأشخاص دون ضرر على أحد؛ أقول: لا يحل لأحد أن يشفع مثل هذه الشفاعات، ولا يحل لك قبولها، لأن هذا نوع من الغش المحرم شرعاً، وإن تصورت أنه لا ضرر على أحد فيه، فهذا غير مسلم، لأن هذا ضرره على مجموع الأمة، وفيه ضرر خاص أيضاً، من حيث أن هذا الذي شفع له وتمت مساعدته سوف يتقدم على غيره ممن هو أفضل منه وأجدر، وهذا ضرر بالمسلم الذي لا يجد الشفاعة، فهذا العمل محرم شرعاً؛ للأدلة التي فيها تحريم الغش، والأدلة التي فيها تحريم الضرر، والحمد لله رب العالمين.

التحايل لتعديل المهنة

التحايل لتعديل المهنة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 27/3/1424هـ السؤال لقد عزمت على استخراج سيارة أجرة، وذهبت للجهات المختصة، فأفادوني بأنه لابد أن تكون المهنة متسبباً، وأنا أعمل موظفاً ومهنتي في بطاقة الأحوال طالب، وذهبت للأحوال المدنية لتعديل المهنة إلى متسبب فقالوا لي: لابد أن تصدق على الطلب من العمدة، ولكنني رفضت الذهاب إلى العمدة؛ لأنه سيسألني هل أنا موظف أم لا، فقال لي أحد الأقارب الذي يعمل في إدارة الأحوال المدنية أعطني الطلب بدون تصديق العمدة وأنا أشهد عليه أنا وأحد زملائي، ونقدمه للمدير، فتمت العملية بنجاحٍ ووافق المدير وتعدلت المهنة، وأكملت الإجراءات، ولم يبق إلا إجراءات المرور فتوقفت عن إكمالها مع أنها لا تستغرق سوى سويعات، ولكني أخاف أن يدخل بطني أكلاً حراماً، مع العلم أنني ولله الحمد شخص مستقيم، أحافظ على الصلوات في المسجد وأحضر الدروس العلمية، ولا أقرب المحرمات ولله الحمد، فأرجو أن تفيدوني هل أكمل الإجراءات أم لا؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن تكسّبك بسيارة الأجرة عمل مباحٌ في أصله، وما اكتسبته في هذا العمل حلال طيب. أما ما تحايلتَ به على النظام لأجل استخراج سيارة الأجرة فلا أثر له على طيب كسبك من هذا العمل، ويشبه هذا أن يدخل رجل بلداً بجواز سفر مزوّر، أو يمكث فيها بإقامة مزورة، ويعمل مدة إقامته فيها بعمل مباح في أصله، فعمله مباح، وكسبه من عمله هذا حلالٌُ طيبٌ، وإن كان آثماً بالتزوير ومخالفة النظام والعقود. لذا أرى أن تمضي فيما أنت مقدم عليه، لا سيما إذا كان راتب وظيفتك لا يكفيك، ولا يفي بمتطلبات الحياة، والتي أصبحت اليوم أصعب من ذي قبل. وعليك الاستغفار عما سلف، ولا تعد لمثلها. ويظهر أن النظام حين منع الموظفين من ممارسة هذا النوع من العمل كان يقصد الحفاظ على أدائهم الوظيفي، ويخشى أن يكون الإذن بممارستهم لهذا العمل يفتح باباً إلى التسيِّب الوظيفي. ولذا يُشرط ألا تتكسب بسيارة الأجرة إلا خارج وقت الدوام؛ لأن ذلك في الغالب يؤثر على أداء العمل. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الرشوة لتحصيل وظيفة

الرشوة لتحصيل وظيفة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 22/5/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم.

شيخي الفاضل لقد اضطرتني الحياة والبطالة المقنعة والمنتشرة في بلدنا بشكل مهول إلى أن أطلب من شخص يعمل في إدارة أن يبحث لي عن عمل طيب، وفعلاً قام بذلك، وأخبرني أن امتحاناً سيجرى في تاريخ محدد، وأخبرني أنني إن أردت أحد المناصب المتوفرة فيجب أن أدفع نقوداً. وهذا الامتحان يصدر كل سنة، وقد اشتهر بأنه من يريد منصباً فيه عليه أن يدفع أو يدافع عنه شخص مسؤول. وحتى وإن فرضنا أن المرشح نجح فيه بدون وساطة وبمجهوده وهذا نادر جداً. فإنه في الاختبارات البدنية الأخرى التي تستمر أربعة أشهر يقومون بطرده، ويباع مكانه لشخص آخر بدعوى عدم كفاءة المرشح. ولا يفلت من ذلك إلا من رحم الله ... ، وأغلب المرشحين الذين يذهبون لاجتياز الامتحان الكتابي متأكدون تماماً أنهم إن لم يدفعوا مالاً فلن ينجحوا أبداً إلا إذا حدثت المعجزة. وهم أيضاً مستعدون تحت وطأة القهر أن يدفعوا ويخافون أن يتعرضوا للنصب. لذلك اضطررت أنا أن أدفع مالاً مقابل هذا العمل، وقلبي وعقلي يرفضان ذلك، ولكن ما العمل؟ المجتمع عندنا لا يرحم، وينظرون إلى العاطل عن العمل ولو كان يحمل شهادات عليا مثله مثل المتسكعين، وأحيطك علماً أن جميع الشروط المطلوبة في هذا المنصب متوفرة فيَّ من شهادات وعُمر، حيث يطلبون أن يكون عمر المرشح لا يتجاوز الخامسة والعشرين. وعمري أنا أربعة وعشرون عاماً ونصف بما يعني أنه إن فاتتني هذه الفرصة هذا العام فلن تكون هناك فرصة أخرى لي في العام المقبل، حيث سيكون عمري خمسة وعشرين عاماً ونصف ... - وأريد أن أعلم إن حصلت على هذا العمل الطيب، هل الرزق الذي يأتي من ورائه وجهدي حلال أم حرام علي؟ وهل أكون أنا من ظلم المرشحين الآخرين؟ أم المسؤولون الذين طلبوا مني المال. وما موقفي من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة".- وما موقفي من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الراشي و

المرتشي والرائش في النار".- وقوله -صلى الله عليه وسلم-:"إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" وتجدر الإشارة إلى أن المناصب المتحدث عنها هنا مناصب الوظيفة العمومية. وأطلب منك شيخي الفاضل أن تتأنى في دراسة مشكلتي هذه، والتي هي مشكلة الآلاف في بلادنا، وإن لم نقل الملايين. ونحن نعلم أن ظاهر النصوص الشرعية يقر بحرمة الرشوة. لكن ما العمل وواقعنا يفرضها بشدة بسبب قلة فرص الشغل؟ والتي ربما كما تعلم سيدي دفعت بالكثيرين في بلادنا إلى الهجرة والموت في البحر باتجاه إسبانيا. وفي انتظار ردكم الذي أطلب من الله -عز وجل- أن يأتي سريعاً. الجواب حرم الله الرشوة التي بسببها يمنع صاحب الحق من حقه، وسماها الله في محكم التنزيل سحتاً وباطلاً، فقال -تعالى- عن اليهود:"سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ" [المائدة: من الآية42] ، وقال -تعالى-:"وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:188] ، ولعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دافع الرشوة والمدفوعة إليه والواسطة بينهما. انظر ما رواه الإمام أحمد (2399) من حديث ثوبان -رضي الله عنه- والمجتمع الذي تنتشر فيه الرشوة تعم فيه الفوضى والبطالة والمحسوبية، وتعدم أو تندر فيه الأمانة ويفشو فيه الكذب والخيانة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وواجب الحاكم (ولي الأمر) أن يمنع هذا المنكر، ويعاقب المتعاطين له، والمتعاملين فيه، ويقوم بتأمين فرص العمل، والعيش المريح لأفراد الرعية، كل ولي أمر للمسلمين لا يفعل هذا فهو خائن للأمانة ورعيته التي استرعاه الله إياها وسيسأله الله عنها يوم القيامة.

وما دامت شروط الوظيفة متوفرة فيك وحال المجتمع كما ذكرته في سؤالك ولو فاتت عليك هذه فلن يسمح لك النظام بالتقديم للوظيفة مرة أخرى، فإذا كان الأمر كما ذكرت فما فعلته جائز، بشرط أنك بذلت السبب في طلب العمل داخل الوظيفة الحكومية وخارجها من الشركات والأعمال الخاصة ولم تجد، فلا شيء عليك إن شاء الله، ووجه ذلك أن الوظيفة حق عام لمن توفرت فيه شروطها وأنت واحد منهم - والوظيفة المعينة التي تقدمت لها لم تثبت لأحد بعينه فحرم منها بسببك ومن أجلك، ولو كان هذا لكان الفعل حراماً لا يجوز بحال. والأحاديث التي ذكرتها لا تنطبق عليك إن شاء الله، وقد رخص السلف بدفع الرشوة إلى الظالم ليرد الحق إلى صاحبه، وأنت صاحب حق مشاع بينك وبين غيرك قد منعت منه، فقد روى سفيان بن عمرو عن أبي الشعثاء قال: لم نجد زمن زياد أحد أمراء بني أمية - شيئاً أنفع لنا من الرشا) ، وروي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان في الحبشة فرشا بدينارين حتى خُلي سبيله، وقال: إن الإثم عن القابض دون الدافع، وإذا كانت الرشوة المحرمة هي ما يعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل فإن أعطي ليتوصل به الإنسان إلى حق أو ليدفع به عن نفسه ظلماً فلا بأس به، والله أعلم.

العمل بشهادة مزورة

العمل بشهادة مزورة المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 21/9/1424هـ السؤال أنا شاب عاطل عن العمل، وحاولت كثيراً فلم أستطع، فقال لي شخص إذا كنت تريد وظيفة فحاول أن تجد شهادة من شركة معينة أو من معهد خاص لبعض الخبرات المطلوبة لشغل الوظيفة في الشركة التي يعمل بها هذا الشخص، فقلت له أليست هذه الطريقة حراماً؟! يعني آخذ هذه الشهادة وأنا لم أدرسها، أو أعمل بشركة تعطيني خبرة في هذا المجال، فقال لي: الله غفور رحيم ويقبل التوبة، أهم شيء أنك تحصل على وظيفة بدلاً من أن تكون عاطلاً، وربما تنحرف نتيجة للفراغ الذي أنت فيه، فقمت بالبحث عن هذه الشهادة أو الخبرة المطلوبة، فأخذت واحدة منها، فهل أقدمها لهذا الشخص لكي يجد لي وظيفة على الخبرة التي أخذتها من الشركة التي لم أعمل بها سابقا، ولكن بمعرفة أحد الأشخاص قام بإعطائي هذه الشهادة أو الخبرة، أرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب لا يجوز أن تتحصل على شهادة دورة أو خبرة بأي طريق وأنت لم تعمل ولم تدرس هذه الدورة، ولا يجوز كذلك أن تتقدم للوظيفة بناء على هذه الشهادة المزورة، فهذا كله من الكذب والغش المحرم، وقد نهى عن ذلك كله النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غشنا فليس منا" أخرجه مسلم (101) .

إملاء الإجابات على الطلاب

إملاء الإجابات على الطلاب المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 5/4/1424هـ السؤال في بعض المعاهد يدخل مشرف الدور في بعض لجان الامتحان آخر العام, ويملي على جميع طلبة المعهد إجابة سؤال أو سؤالين، فما واجب الطلبة تجاه ما يملى عليهم؟ وهل إذا كتبوا الإجابة كما يمليها عليهم يكون ذلك غشا؟. الجواب لا يجوز لأحد أن يقوم بإخبار الطلاب الذين يؤدون الامتحان عن إجابات الأسئلة أو بعضها، لما في ذلك من مخالفة الأمانة المطلوبة منه، والإعانة على الإثم والمعصية، والله -تعالى- يقول: "وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ، وعلى الطلاب أن ينكروا على من يفعل ذلك، أو يبلغوا عنه إدارة المعهد لكي تمنعه من القيام بهذا العمل، والرضا عن هذا العمل والسكوت عنه يوقع أصحابه في الغش المنهي عنه في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ... ومن غشنا فليس منا" رواه مسلم (101) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وعلى الطالب أن يكتب في الامتحان ما يعرفه ويتذكره دون التفات إلى ما يملى عليه، والله أعلم.

الثراء في أسابيع بستة دولارات

الثراء في أسابيع بستة دولارات المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 19/7/1424هـ السؤال ما حكم التعامل مع هذه المقالة (الرجاء قراءتها بتركيز)

بسم الله الرحمن الرحيم. من فضلك اقرأ المقال لآخره بعناية؛ فستستفيد إن شاء الله كيف تصبح ثرياً خلال أسابيع برأس مال قدره ستة دولارات؟ عندي الطريقة السهلة والناجحة - إن شاء الله-، بدأت مع هذه الطريقة عندما قابلت صديقاً لي، ورأيت معه كمية كبيرة من الدولارات، وكانت كلها دولارات مفردة (كل ورقة بدولار) ، فسألته ما سر هذه الدولارات؟! فأجابني بالآتي: كل ما عليك أن ترسل (دولاراً واحداً) لكل عنوان من العناوين الموجودة في هذه المقالة، وبعد ذلك يبدأ عملك على الإنترنت، وتنشر هذه المقالة على الأقل في 200 مجموعة إخبارية news group ومجموعات المناقشة Discussion groups، أو مجموعات الدردشة Chat groups، أو أي مكان من الممكن أن تنتشر فيه هذه المقالة على الإنترنت، (وطبعاً هناك آلاف من هذه المجموعات على الإنترنت) ، وبعد التفكير قليلاً والتحدث مع بعض الأصدقاء الذين قال لي معظمهم إن هذا كله (نصب) ، واجتاحني إحساس يمكن أن تكون أنت تشعر به الآن وهو أن العملية غير صحيحة، ولكني في لحظة فكرت وقلت: ماذا سأخسر؟ كل ما سأتحمله 6 دولارات و6 طوابع بريدية، وبعض الوقت لنشر هذه المقالة على الإنترنت.- ولكن توقَّع ماذا حدث (ولك أن تصدق أو لا تصدق) ؟ في خلال 7 أيام بدأت أتلقى خطابات بها الدولارات، لقد صعقت أولاً وقلت إنها ستنتهي فوراً، ولكنها بالعكس بدأت تزداد، في الأسبوع الأول تلقيت 25 دولاراً، في نهاية الأسبوع الثاني جمعت تقريباً 1000 دولار، في الأسبوع الثالث جمعت - والحمد لله أولا - ما يقرب من 10000 دولار، وما زالت تزداد. إنها والله تستحق أن تدفع فيها 6 دولارات. والآن دعني أخبرك كيف يعمل هذا البرنامج؟ والأهم لماذا يعمل؟ إن هذه الطريقة شرعية مائة بالمائة، وليس بها أي شيء غير قانوني، ولك أن تسأل في هذا. من فضلك لاحظ: - اتبع التعليمات التي سأذكرها هنا بدقة، وستجمع إن شاء الله أكثر من 30000 (ثلاثين ألف دوراً) في

خلال 20 إلى 60 يوماً - هذا البرنامج يظل ناجحاً بسبب أمانة وصدق المشاركين فيه. هذه هي أربع خطوات سهلة لكي تبدأ في جمع المال إن شاء الله، الخطوة الأولى: احضر 6 ورقات منفصلة، واكتب هذه الجملة في كل ورقة:PLEASE PUT ME ON YOUR MAILING LIST وتحتها اسمك وعنوانك. واحضر 6 دولارات وضع كل دولار بداخل كل ورقة (استعمل ورقاً غامق اللون، واثن كل ورقة وضع بداخلها الدولار حتى لا يظهر في المظروف ويسرق في البريد) ، والآن ضع كل ورقة بداخل مظروف واغلق المظروف، والآن اكتب على كل مظروف واحداً من العناوين التالية: ... ولنشرها على الإنترنت تابع الخطوة الثانية امسح رقم (1) من هذه القائمة، وحرك الباقية كل شخص لأعلى خطوة (رقم 2 يصبح رقم 1 ورقم 3 يصبح رقم 2 وهكذا) وبذلك لا يصبح هناك شخص سادس، ستصبح أنت الرقم 6 اكتب فيه اسمك وعنوانك. ويكون هكذا:....

الخطوة الثالثة: (رجاء لا تغير شيئاً من هذه المقالة حتى يستفيد منها الناس جميعاً إن شاء الله) ، وبعد ذلك انشر هذه المقالة في مجموعات إخبارية news groups أو مجموعات مناقشة discussion groups أو مجموعات دردشة chat أو أي مكان يمكن أن تنتشر فيه، وتذكَّر أنك كلما تنشرها أكثر كلما تلقيت مالاً أكثر وأسرع. وتذكَّر يا أخي أن هذا البرنامج يظل ناجحاً بفضل أمانة وصدق المشاركين فيه. - وسيستمر المال يأتي إليك، وهكذا حتى يصبح اسمك رقم (1) في القائمة ستجد نفسك تتلقى آلاف من الدولارات (من الممكن أن تحتاج إلى إنشاء صندوق بريدي خاص بك لتتلقى عدد الخطابات الهائل الذي ستتلقاه) .كيف تنشر هذه المقالة في المجموعات الإخبارية ومجموعات الدردشة: أنت لا تحتاج لإعادة كتابة هذه المقالة، فقط ضع مؤشر الماوس على بداية المقالة واسحب حتى تصل لآخرها، ثم اختار copy من قائمة edit هذا سوف ينسخ المقالة في الذاكرة.- افتح برنامج المفكرة note pad أو أي برنامج تحرير نصوص وضع المؤشر في بداية الصفحة ثم اختار paste من قائمة edit. هذا سوف يلصق نسخة من المقالة في البرنامج، ثم بعد ذلك يمكنك إنشاء رقم 6 في المكان رقم (6) كما شرحنا، ثم احفظ الملف.- استخدم متصفح الإنترنت الخاص بك لتبحث search عن مواقع المجموعات الإخبارية news groups أو مواقع الدردشة chat أو ما يسمى Forums التي يوجد بها مشاركات القراء، وابعثها لكل أصدقائك وحفزهم لقراءتها. في مواقع Forums أو الـ messege Boards اختر New messege ثم حدد هذه المقالة من الملف (بعد تعديل اسمك طبعاً) والصقها واختر لها subject جيدة، ثم اختر post messege، وتذكَّر أنك كلما نشرتها أكثر كلما جاءك دولارات $$$ أكثر. أخي إنه الوقت لكي تصنع بعض المال بأسهل طريقة سوف تراها، وهذا البرنامج أثبت لي أنني كنت خاطئا عندما فكرت بأنه غير حقيقي، وأذكرك دائما أن كل ما ستتحمله هو 6 دولارات و 6 طوابع وبعض

الوقت لنشر هذه المقالة. والله الموفق الرجاء أرسل الرد في أسرع وقت ممكن. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: مرة أخرى يتلقف بعض المسلمين صورة قديمة من صور الاحتيال والغش لأكل المال بالباطل من المجتمعات الغربية، والمجتمع الأمريكي على وجه الخصوص. وصدق المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: "لتتبعن سنن مَنْ قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه". متفق عليه عند البخاري (3456) ، ومسلم (2669) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -. وقال أيضاً: "لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته في الطريق لفعلتموه" صححه الحاكم في المستدرك (8452) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - (صحيح الجامع 5067) .

أخي العزيز: إن هذا الأسلوب في جمع المال هو ما يعرف بـ: "التسلسل الهرمي". وله صور عديدة، لكن هذه الصورة على وجه الخصوص هي أبسطها وأقدمها، وتسمى "الرسالة المسلسلة: Chain Letter". ووجه الإغراء فيها أن إرسال الرسالة إلى 6 أشخاص (كما في السؤال) قد يدر أموالاً طائلة إذا أرسل كل واحد من الستة الرسالة نفسها لستة آخرين، ثم كل واحد من هؤلاء لستة آخرين, وهكذا إلى حد ستة مستويات. فتكون الحصيلة: 46656 دولار. من حيث الواقع أكثر المشتركين في هذه الرسائل يخسرون ما دفعوه ولا يحصلون على شيء. ولأنها مبنية على المبادرة الذاتية، فليس هناك ما يلزم أي شخص بأن يدفع للأسماء الموجودة على القائمة، بل يضيف اسمه ابتداء وينشر الرسالة فوراً توفيراً للمال. وقد تكون العناوين كلها تعود لشخص واحد أو شخصين، ولكن بأسماء وصناديق بريد مختلفة. والغريب أن الفكرة قائمة على التغرير بالناس وأكل مالهم بغير حق، ومع ذلك يطالب صاحب الرسالة الآخرين بـ "الصدق والأمانة"! إن هذه الصيغة، مع كونها ممنوعة نظاماً في أكثر دول العالم، فهي ممنوعة شرعاً للأسباب الآتية: 1. أنها أكل مال بالباطل. فالتسلسل الذي تنشئه الرسالة مصيره التوقف حتماً، وبذلك يكون أكثر من 90% ممن اشترك فيها قد خسر ما دفعه ولم يحصل على عوض، والرابح - إن وجد - هم القلة على رأس الهرم. 2. أنها من القمار، لأن من يدفع لا يدري مقدار ما سيحصل عليه، فقد يكون أقل أو أكثر مما دفعه، فهي مقامرة بحتة. 3. أنها نقد بنقد مع التفاضل والتأخير، فهي من الرباالمحرم بالنص. والواجب على شباب المسلمين البحث عما ينفعهم وينفع الناس، بدلاً من الجري وراء إغراء الربح السريع الذي لا يعدو أن يكون سراباً، ثم لا يجده شيئاً، بل يجد الله عنده فيوفيه حسابه. وفق الله الجميع لرضاه وجنبنا سخطه وغضبه، إنه - تعالى - الهادي إلى سواء السبيل.

أخذ قيمة الساعات الإضافية دون عملها

أخذ قيمة الساعات الإضافية دون عملها المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 9/5/1424هـ السؤال أحبك في الله يا شيخ سؤالي: عن الحكم في ساعات العمل الإضافية ما يسمى (over time) ، أحيانا رئيسي في العمل يعطيني إياها وتحسب مع الراتب وأنا لم أشتغلها، ولكن كهدية منه أو مثل ذلك، وإذا كان لا يجوز أن آخذها فما الحكم فيما قد أخذت سابقاً؟ وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الذي أراه أنه لا يجوز له أخذ مقابل هذه الساعات الإضافية ما دام أنه لم يعمل فيها حقيقة، وذلك لأمور: أولاً: أن الباذل للمال جعله مقابل عمل إضافي وهذا لم يحصل. ثانياً: أن المعطي له "مديره" ليس له ذلك بموجب نظام الشركة هذا هو الأصل. لكن إذا كان العرف العام للشركة، ويعلم من مراجعها أنه يمكن بذل قيمة هذه الساعات للمتميزين في الإدارة كحافز فهذا يجوز بشرط العدل في التقييم الإداري، وقولنا العرف لا يكفي فيه عرف القسم ونحوه، بل لابد من استفاضة الأمر واشتهاره. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الاطلاع على أسئلة الاختبارات المسربة

الاطلاع على أسئلة الاختبارات المسربة المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 18/4/1424هـ السؤال أحياناً تتسرب أسئلة الاختبارات من غير أن أسعى إليها كأسئلة الوزارة مثلا, أو تصلني معلومة أثناء الاختبار من غير قصد مني, فهل يجوز الاستفادة من هذه الأجوبة والاطلاع على الأسئلة المسربة؟. الجواب لا يجوز استعمال هذه الأسئلة المتسربة، ولا يجوز السكوت عليها، وعلى السائل وكل من تقع في يده هذه الأسئلة من الطلاب والمدرسين والجمهور أن يبلغ إدارة التعليم إما مباشرة أو من خلال مدرسة الطالب إذا لم يترتب على إبلاغ المدرسة أذى يلحق، وفي هذا يلجأ إلى أحد الغيورين من الناس ليتولى الإبلاغ لمن يهمه الأمر. والله أعلم وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.

التظاهر بالمرض

التظاهر بالمرض المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 22/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود أن أسأل فضيلتكم؛ هنا في بريطانيا بعض الإخوة يتظاهرون بأنهم مرضى نفسيون أو معاقون، وهم ليسوا كذلك، وهذا لكي يحصلوا على أوراق أو نقود، فما حكم ذلك؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فهذا كذب وتدليس، وغش وخداع، ليس من الإسلام في شيء، وكل مال أخذ من هذا الطريق فهو سحت، وكل لحم نبت من السحت فالنار أولى به. وأنا أعجب كيف يبيح مسلم لنفسه هذا الكذب والغش، وهو يعلم أن حقيقة الإسلام ترجع إلى الصدق ... الصدق مع الله والصدق مع النفس والصدق مع الناس. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً" رواه مسلم (2607) . من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-. أسال الله أن يهدي هؤلاء إلى طريق الصدق، وأن يعيننا وإياهم على التزامه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

معالجة تجاعيد الوجه بالإبر

معالجة تجاعيد الوجه بالإبر المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 19/8/1424هـ السؤال "تقوم بعض النساء بإدخال دواء في وجوههنّ عن طريق الإبرة، بدعوى تثبيت بشرة الوجه وإبعادها عن التجعد وملامح الشيخوخة والهرم، فهل هذا يعتبر من تغيير خلق الله؟ " والله يجزيكم خيراً. الجواب هذه العملية الواردة في السؤال لا تجوز شرعاً لما فيها من تغيير الخلقة التي خلق الله الإنسان عليها - تغييراً باقيا، ولما فيها من التدليس بإظهار الكبيرة في السن بمظهر الشباب، وليس هناك حاجة علاجية أو ضرر حقيقي يراد إزالته، فيكون هذا التصرف ممنوعاً شرعاً، والله أعلم.

تسويق العملاء

تسويق العملاء المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 19/6/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله. هنالك شركة في مدينة جدة، وهي في بداياتها، ولديها تصريح وفقاً للقوانين، تقوم هذه الشركة ببيع برامج كمبيوتر حوالي ستة برامج على ست أسطوانات (أشرطة كمبيوتر) ، وهذه البرامج متعلقة بالحاسب الآلي، وليس بها مشاهد أو أي نوع محرم، وسعر هذه البرامج جميعا 200 ريال سعودي، وإذا اشتريت هذه البرامج بإمكانك أن تقوم بالتسويق لهذه الشركة، وتعطي الشركة المشترك استمارة خاصة به إذا أراد أن يقوم بالتسويق، وإذا أتى بشخص ما واقتنع بالبرامج واشتراها فإنها تكافئ المشترك بمبلغ 50 ريالاً، ولا يشترط بأن يأتي بعدد معين كما في بعض الشركات، أي بإمكانك أن تأتي بواحد وتأخذ عليه 50 ريالاً، أو أن تأتي باثنين وتأخذ 100 ريال، أو 3 أو 4 وهكذا.. بعد ذلك يصبح الشخص الذي أتيت به مثلك (أي يستطيع أن يقوم بالتسويق ويأخذ عمولة) وهنا افتراض، لنفترض أن هناك أشخاصاً ونرمز لهم بما يلي: أ , ب , ج , د , لنفرض أن الشخص (أ) اشترك وقام بالتسويق لـ (ب) و (ج) ، واشتركوا في شجرة تحت (أ) فإنه سيأخذ عمولة من الشركة مقدارها 200 ريال، ولنفترض أن (ج) و (د) اشتركوا تحت (ب) فإن (ب) سيأخذ 100 ريال، والأول الذي هو (أ) سيأخذ 10 ريالات، عن كل شخص اشترك تحت (ب) أي المباشر تأخذ عليه 50 ريالاً، والغير مباشر تأخذ عليه 10 ريالات، وهكذا تمتد الشجرة. توضيحات: (1) البرامج لا يوجد بها ما يخالف الشريعة (2) تأخذ الشركة من 200 ريال مقدار ربح وهو 60 ريالاً، والباقي يقسم على المشتركين. (3) لك الحق بأن تشتري البرامج، وأن تشارك بالتسويق أو أن تكتفي بشراء البرامج. (4) الشركة لها تصريح، ويتم دفع العمولات فوراً بدون تأخير.

(5) تختلف هذه الشركة عن غيرها لكونها لا تتعامل بالإنترنت من تسجيل وغيره، كل ما عليك مراجعة الشركة أو مراسلتهم بالفاكس أو البريد وأخذ البرامج والاشتراك، والبيانات من رصيد وغيره يمكن لك أن تستفسر عنها بالحضور أو بالهاتف، ويحدد لك رقم سري وبطاقة اشتراك يمكن بها مراجعة الشركة. (6) بإمكانك أن تأتي أي تسويق لشخص أو اثنين، أو أي عدد (وهذا ما يميزها عن باقي الشركات التي تشترط عليك عددا معيناً، وأن تساوي الجهات وغيره من التعقيد) . وسؤالي يا فضيلة الشيخ: هل يجوز التعامل مع هذه الشركة أم لا؟ وإذا كان لا يجوز فما هو السبب؟ وما هي النقاط التي يمكن أن تستبدل لتصبح جائزة؟. وفقكم الله وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: هذا النظام المذكور في السؤال هو نظام التسويق الهرمي، مهما تعددت صوره واختلفت تطبيقاته، وخلاصته أن المشترك يقنع الآخرين بالشراء من أجل الاشتراك في التسويق، وطالما كانت العمولات أكبر من قيمة المنتج، فإن الهدف من الشراء هو العمولات بالدرجة الأولى، وأما المنتج فهو تبع، وبناء على ذلك فهو ممنوع شرعاً لما فيه من الغرر الفاحش وأكل المال بالباطل؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح في إقناع مسوقين آخرين أم لا، فإن نجح كان رابحاً على حسابهم ومن اشتراكهم، وإلا خسر مقدار المخصص للتسويق الذي دفعه ضمن الثمن، ثم الذين اشتركوا عن طريقه ينطبق عليهم ما ينطبق عليه، فكل طبقة في الشجرة أو الهرم التسويقي خاسرة، إلا إذا وجدت تحتها طبقة أو أكثر تتحمل هي الخسارة، وهكذا.

الرشوة للجمع بين منحتين

الرشوة للجمع بين منحتين المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 16/8/1424هـ السؤال سؤالي أنا طالب دراسات عليا حصلت على عقد لدراسة الدكتوراه، من جامعة خاصة مقابل أن أعود أدرِّس فيها، وتم الاتفاق على منحي منحة شهرية وسافرت إلى الدراسة لكن المنحة الشهرية لا تكفي، ولم يوافقوا على رفعها مما اضطرني أن أدفع رشوة للحصول على منحة أخرى من قبل الدولة، علماً أن قانون الدولة كذلك يشترط عدم الجمع بين منحتين من أي جهة، ولعدم التنسيق بين الجهتين فإنهم لا يدرون أني أستلم منحتين؟ فهل تعتبر المنحة الثانية حراماً أو إخلالاً بالعقد؟ وما حكم المال الذي أخذته إلى الآن؟ وهل أستمر في أخذ المنحتين؟ مع العلم أن المنحة الواحدة تكفي بأدنى الحدود. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فعملك مخالف للشريعة؛ بل يتضمن عدة مخالفات؛ أولها كبيرة من الكبائر وهي الرشوة، حيث لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي " وفي رواية "والرائش" وهو الساعي بينهما، وقولك "اضطرني" هذه ليست ضرورة في الشرع، بل دفعت مالاً للتوصل إلى ما ليس لك بحق، كذلك خالفت نظام بلدك الذي يشترط عدم وجود منحتين، والله تعالى يقول: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" [التوبة:119] ، ولو اتقيت الله تعالى وابتغيت الرزق من طريق الحلال لجعل الله لك مخرجاً ولرزقك من حيث لا تحتسب ولبارك لك في رزقك، فعليك التوبة إلى الله تعالى والاستغفار، ومن مقتضيات التوبة أن تترك المنحة الثانية وتكتفي بالأولى وتندم على ما فات منك، وتعزم على ألا تعود وتكثر من الاستغفار، وتبحث عن أسباب كسب مع المنحة الأولى، وفقك الله وهداك لرشدك.

إعداد مشاريع التخرج للطلاب

إعداد مشاريع التخرج للطلاب المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 1/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في الكليات العملية يلزم على الطلاب للتخرج عمل مشروع، وهذا المشروع يمنح عليه درجات، ولا تعطى شهادة النجاح إلا بالحصول على درجة مقبول في المشروع، وأنا مبرمج كمبيوتر، وعرض عليَّ عمل مشروع لمجموعة من الطلاب، وتحفيظهم ما يقولون في حالة السؤال عن كيف قاموا بعمل المشروع نظير مبلغ من المال، فهل هذا العمل جائز؟ فأنا أحس أنه نوع من الكذب والتزوير، لأنهم سوف ينسبوا لأنفسهم عملاً لم يقوموا به، ويحصلوا على درجات لا يستحقوها. الجواب الحمد لله، وبعد: فإن ما وقع في نفسك من التردد دليل على أن الأمر فيه محذور شرعي أو فيه شبهة، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه - أنه قال: "الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" أخرجه مسلم (2553) معنى (حاك) أي تردد. لأن (عمل المشروع) الذي هو شرط للتخرج إنما يقصد به أن يكون بجهد الطالب بذاته، أما أن يقوم به غيره ثم يدعي أنه عمله فلا شك أن هذا من الكذب والتزوير والغش والتدليس، والمال المأخوذ على هذا العمل لا يجوز، وإذا كان هذا الأمر شائعاً أعني ألا يعمل الطالب المشروع وإنما يأخذه من غيره شراءً أو نحوه فإن ذلك لا يجعل الأمر جائزاً، قال الله سبحانه: "قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة:100] ، والمسلم مأمور باتقاء الحرام ولو وقع فيه غيره فإنما هو محاسب بعمله.

وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الغش والتزوير، ففي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غشنا فليس منا " أخرجه مسلم (101) ، وفي حديث أسماء رضي الله عنها: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" متفق عليه البخاري (5219) ، ومسلم (2130) ومعنى: "المتشبع بما لم يعط" أي: المدعي ما ليس له، أو يظهر للناس عن نفسه ما لم يعمله أو يكتسبه.

سرقة بطاقات الائتمان

سرقة بطاقات الائتمان المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 23/3/1425هـ السؤال بالنسبة لسرقة بطاقات الائتمان عبر الإنترنت، سبق أن أشرتم إلى أنه يحرم سرقتها سواء كان صاحبها مسلماً أو كافراً غير محارِب، ولكن ما هي العقوبة المترتبة على سرقة هذه البطاقة؟ وهل جريمة السرقة متوفرة الأركان؟ بمعنى أنه يجب إقامة حد السرقة على السارق؟ أم أن الأمر فيه تفصيل؟ نسأل الله تعالى أن يوفقكم إلى ما فيه رضاه. وأن يجزيكم عن الإسلام والمسلمين خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: من سرق مالاً عن طريق تحويل المبالغ، أو صرفها بواسطة بطاقات الائتمان مستغلاً معرفته بأرقامها بأي طريق، فهو آثم بسرقته ما دام المسروق محترماً، لكن لا يتوجه لفاعله قطع يده؛ لأن فعله ليس فيه انتهاك لحرز بطريق الاستخفاء، بل هو نوع اختلاس وتزوير، وهذه لا قطع فيها عند جماهير أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ليس على الخائن ولا المختلس قطع" رواه أصحاب السنن الترمذي (1448) والنسائي (4971) وأبو داود (4392) وابن ماجة (2591) وصححه الألباني في الإرواء (8/63) . ومثل هذا أيضاً من قلّد توقيع شخص على سندات أو شيكات فصرف بها لنفسه أو لغيره أموالاً. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وصلى الله على محمد وآله.

يدفع مالا ليظفر بوظيفة!

يدفع مالاً ليظفر بوظيفة! المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 24/09/1425هـ السؤال السلام عليكم رحمة الله وبركاته. بحثت في كل مكان عن وظيفة فلم أقبل إلا في وظيفة راتبها لا يكاد يوفر لي أبسط مقومات الحياة في هذا الزمن مقدار راتبها 1573 ريال فقط، فماذا يفعل لي هذا الراتب؟ وأنا متزوج ولدي طفلة، ولدي التزامات أكبر من أن أوفيها، حيث إني أعمل ليل نهار، صباحًا في هذه الوظيفة المتواضعة، وعصرًا إلى منتصف الليل، أقوم بالبحث عن مصدر آخر كالعمل على سيارتي بتوصيل الركاب؛ للحصول على أجور زهيدة لا تكاد تفي بمستلزمات سيارتي، المهم عرض علي أحدهم بأن أدفع إليه مبلغًا من المال وهو المسؤول بأن يوظفني وظيفة تضمن لي الحياة بشكل أفضل، وبجهد أقل، فماذا أفعل؟ وأنا والله العظيم أربأ بنفسي أن أقع في الحرام، أو يكون مصدر رزقي مصدره حرام والعياذ بالله، ولكن ماذا أفعل؟ ليس باليد حيلة، ويعلم الله أني ما تركت بابًا إلا وطرقته، ولكن بدون جدوى، ويعلم الله أن ظروفي صعبة جدًّا. فما أفعل؟ أرجوكم أرشدوني. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم: أشكر لك هذا الشعور، وحرصك على ألا تأكل أنت وأولادك إلا من حلال، وثق تمام الثقة أن من اتقى الله فسيجعل له من كل ضيق مخرجًا، فما عليك إلا التوكل على الله والأخذ بالأسباب، أما سؤالك عن حكم دفع مبلغ لشخص مقابل سعيه للوظيفة، فهذا فيه تفصيل: إن كان هذا المبلغ سيدفع رشوة لتوظيفك، فهذا حرام، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم- الراشيَ والمرتشيَ، وإن كان هذا المبلغ مقابل جهد هذا الشخص في السعي للوظيفة فهذا جائز ولا بأس به. والله أعلم.

مبلغ مقابل منح غير مستحقة

مبلغ مقابل منح غير مستحقة المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 19/8/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ الكريم عافاكم الله ورعاكم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فأرجو أن تفيدونا برأي الشرع في القضية التالية: هناك من الطلاب المبعوثين للدراسة خارج أوطانهم من يسعى في سبيل الحصول على منح مالية من حكومات بلدانهم لزوجاتهم اللائى يرافقنهم، مع العلم أنهن لسن في الأساس موظفات وقد أكملن الدراسة الجامعية في بلدهن قبل أن يسافرن مع أزواجهن، أي أنهن الآن ربات بيوت. وفي بلد الدراسة انتشر خبر أنه بالإمكان الحصول على منح للزوجات في مقابل دفع مبلغ من المال لبعض السماسرة الذين لهم علاقة بالجهات المختصة في الداخل. فبدأ هؤلاء الزوجات التفكير بالدراسة بعد سماعهن عن المنح المالية، وبدأ الأزواج بالفعل بتسجيل زوجاتهم في كليات مفتوحة (نظام التعليم عن بعد) للدراسات العليا , واستخراج شهادات قيد لزوجاتهم لكي يتم إرسالها لمن سيقوم باستخراج المنح المالية والرسوم الدراسية في البلد، مع العلم أن: (1) هذه المنح قد تكون من حق طلاب آخرين لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى الطريق المؤدي إلى الحصول على المنحة، أو أنهم لا يمتلكون المال لاستخراجها. (2) منحة الزوج لا تكفي لمواجهة غلاء المعيشة في بلد المهجر، والأولادكثروا والالتزامات الحياتية كثيرة ومكلفة، ولا توجد هناك زيادة من الدولة لمواجهة هذا الغلاء، لذا فإن مثل هذه المنح الإضافية ستساعد في التغلب على صعوبات الحياة المعاشية، كما أنه سيتم دفع جزء منها تكاليف دراسة الزوجات وتسجيلهن وما إلى ذلك من مصاريف. (3) هؤلاء الزوجات قد لا يستفدن من الشهادات التي سيحصلن عليها. بمعنى أنهن قد لا يفكرن بالالتحاق بأي وظيفة في المستقبل.

فما رأي الشرع في هذا العمل؟ وهل هذه المنحة حلال أكلها أم لا؟ أرجو من فضيلتكم النظر إلى الموضوع بروية وتؤدة وإبداء رأيكم؛ لكي يستفيد منه كل من في قلبه شك في مشروعية هذه المنح المالية من عدمها. وإذا أردتم أن تستوضحوا من بعض الأمور قبل إبداء رأيكم فسأكون سعيداً أن أقوم بذلك جزاكم الله من الخير أجزله ومن الأجر أثوبه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب عن هذا من وجوه: أولاً: قول السائل: (تفيدونا برأي الشرع في ... ) لا يستقيم. فإن المجيب قد يصيب حكم الشرع وقد يخطئه، ولما كتب الكاتب بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه - حكماً حكم به كتب: "هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه-" فانتهره عمر -رضي الله عنه- وقال: لا بل اكتب، هذا ما رأى عمر -رضي الله عنه- فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر -رضي الله عنه- رواه البيهقي في السنن الكبرى (10/116) . ثانياً: أن كل أمر يتوصل إليه الإنسان بطريق الكذب والحيلة فهو حرام، إلا أن يكون حقاً له لا يتمكن من الحصول عليه أو تخليصه إلا بنوع تورية فلا حرج عليه فيه. فإن لم يكن حقاً له فقد وقع في الحرام من جهتين: من جهة استحلاله ما ليس بحلالٍ له، ومن جهة الكذب. ثالثاً: أنه لا يحل بذل شيء لموظفي الدولة بغرض تسيير الأمور، ولا يحل لهم قبول ما يبذل لهم، ولو على سبيل الهدية لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هدايا العمال غلول" رواه أحمد (23601) ، وغيره من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه- والواجب عليهم القيام بأعمالهم دون منَّة أو ابتزاز لأحدٍ من المسلمين. فإن كان الآخذ مجرد معقب على المعاملة، لا يرشى، ولا يضار بمسعاه ذلك أحداً أحق به من موكله، فهو أجير يستحق العوض المتفق عليه. وعلى هذا فإن كانت الجهة المانحة لهذه المنح الدراسية للزوجات، لا ترى في فعل هؤلاء النسوة مخالفة نظامية، بالصورة الواقعة المذكورة في السؤال فلا حرج من الاستفادة منها. وإن كانت الجهة ترى في ذلك غشاً وتلاعباً وحرماناً للمستحق الأصلي فلا يحل هذا العمل. والله أعلم.

هل يمتنع عن دفع الرشوة؟

هل يمتنع عن دفع الرشوة؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 22/07/1426هـ السؤال أعمل مقاولاً، وأواجه مشكلة مع أغلب الشركات التي أزورها للتعامل معها، فالموظف المخوّل بالاتفاق مع المقاولين يطلب مبلغاً مالياً مقابل إعطائي العمل، فإن رفضت ذلك الأمر يأبى أن يتعامل معي، ويبحث عن مقاول غيري يدفع له، والمشكلة -كما أسلفت- أنها مع أغلب الشركات، فهل إن دفعت له يكون ذلك رشوة؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلا يجوز دفع هذا المبلغ للموظف المذكور وأمثاله؛ لأنه رشوة ملعون فاعلها، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي. أخرجه أبو داود (3580) ، والترمذي (1337) ، وابن ماجه (2313) بسند صحيح. وهو من السحت في قوله تعالى: "أكَّالون للسحت" [المائدة: 42] ، قال ابن مسعود: السحت هو الرشوة، ومن أكل المال بالباطل، قال تعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" [البقرة: 188] . والحقيقة أنّه كما قال الأخ السائل إن كثيراً من المصالح لا يتحصل عليها الأكفاء بسبب تعاطي بعض الناس للرشوة، وهذا من المصائب التي يخشى المسلم من عواقبها على المجتمع لآثارها الضارّة. فكل من دفع شيئاً لغيره ليحمله على ما يريد -سواء كان موظفاً عاماً- أو خاصاً أو تاجراً أو غيره لقصد تحقيق غرض- فهو راش مستحق للوعيد. وورد في الحديث: "الراشي والمرتشي في النار" قال المنذري: رواه الطبراني [المعجم الأوسط (2026) ] ورواته ثقات. وأبشر السائل أنه إن لزم جادَّة الصواب، وامتنع عن دفع الرشوة، فإنَّ الله سيخلف عليه بالعوض الطيب في الدنيا والآخرة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. وفقّ الله الجميع لما يحبّه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.

الفواتير الوهمية

الفواتير الوهمية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 6/7/1424هـ السؤال سؤالي لكم حول مسألة في البيوع قد عمّت بها البلوى (وهذا ما أخبرني به كل من سألتهم عن الموضوع، من أنهم يعانون من نفس المشكلة!) أنا أعمل في شركة أجنبية، يأتينا العملاء - ومعظمهم أجانب - بعد إنجاز العمل ليستلموا ما أعددناه لهم، ويطلبون منا فاتورتين:- فاتورة بالمبلغ الصحيح الذي نتقاضاه منهم لقاء ما قدمناه لهم من خدمات- وفاتورة فيها مبلغ أعلى من المبلغ الذي تقاضيناه منهم، وأغلب الظن أنهم يريدون تقديم الفاتورة الثانية لمرؤوسيهم إيهاما لهم أنهم دفعوا المبلغ الثاني، (نحن عادة لا نسألهم عن الأسباب) وأحياناً يطلبون منا عدة فواتير، كل واحدة منها فيها مبلغ مختلف، سؤالي هو: هل يجوز إعداد هذه الفواتير للزبون؟ علما أن هذا الأسلوب أصبح من الأمور المتعارف عليها الآن في السوق!!! هذا ما لمسته وهذا ما أخبرني به من يعملون في شركات أخرى، كما أنني لا أستطيع أن أرفض إعداد هذه الفواتير، فكما أسلفت، أنا أعمل في شركة أجنبية، وأغلب الظن أن الشركة ستخسر عملاءها لو رفضت تحضير الفواتير كما يطلبون، كما أنني تقريبا الوحيد بالشركة الذي يجيد الفرنسية، فهم يعتمدون عليّ في تحضير كل الوثائق التي باللغة الفرنسية، بانتظار إجابتكم بارك الله فيكم. الجواب

إذا كانت هذه الفواتير التي يطلبها المشتري أو مندوبه لغرض التسعير لمعرفة الأقل سعراً أو الاجود صنفاً فلا بأس، أما إذا كان الأمر خلاف ذلك، ومثل ما تشير إليه في السؤال فإن هذا لا يجوز، بل مساعدة على الاختلاس وأكل الحرام وإعانة على الباطل والله يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ويقول سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً" [النساء:29] ، وفي الحديث الصحيح: "إنه لا يربو لحمٌ نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" رواه الترمذي (614) ، وغيره من حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه -، وإذا كنت تجهل ما يراد بهذه الفواتير المطلوبة فلا إثم عليك، ولا يلزمك شرعاً أن تسأل ماذا تريدون بها، أما إذا سألت وعلمت أنهم يريدون إيهام رؤسائهم بأنهم دفعوا المبلغ الكبير ليحصلوا على الفرق بين الفاتورتين فهذا هو الحرام الذي لا يجوز لك فعله، وفق الله الجميع إلى ما يحبه ويرضاه.

المتاجرة بالسلع المدعومة

المتاجرة بالسلع المدعومة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 24/6/1423 السؤال تدعم الحكومة بعض السلع الغذائية ومنها الدقيق الذي يباع لأفران الخبز، يقوم بعض أصحاب هذه الأفران ببيع الدقيق بالسوق السوداء، سعر الكيس المدعم (30) جنيهاً، يباع بالسوق السوداء بسعر (50) جنيهاً لتجار الجملة أو ما يسمون بتجار الممنوع، ثم يقومون بعد ذلك بنخله وبيعه للجمهور بأضعاف الثمن الأصلي، السؤال: ما حكم الدين في صاحب الفرن ثم تاجر الممنوع؟ ما حكم الدين في المستهلك الذي يتحمل كل هذا النهب؟ أفادكم الله وبارك فيكم. الجواب إذا كانت الحكومة لا ترخص لصاحب الفرن أن يبيع هذا الدقيق الذي تدعمه وتبيعه له بثمن أقل من سعر السوق، فحينئذٍ لا يجوز لصاحب الفرن أن يبيعه، ولا يجوز لتجار السوق السوداء أن يشتروه منه، ولا للمستهلك أن يشتريه منهم؛ لأن ذلك من الغش والخداع وإخلاف العهود ونقض المواثيق، وليس من مصلحة الناس في شيء، وإنما يستفيد من هذه الطريقة الدنيئة الخسيسة بعض ضعاف النفوس الذين استهوتهم الأموال وغلبتهم الأثرة البغيضة، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

العمل بشهادة مزورة

العمل بشهادة مزورة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 14/1/1424هـ السؤال ما حكم العمل بشهادة مزورة والحصول على راتب شهري نتيجة لذلك؟ الجواب إذا كانت الشهادة المزورة في مجال العمل الذي تكلف به فهي من الغش والخديعة، ولا يجوز لك العمل بها، والراتب الذي تحصل عليه بسببها حرام، أما إذا كان المرتب مقابل عمل لا علاقة له بالشهادة، فالأمر أيسر ويمكن التفاهم مع صاحب العمل وبيان الحقيقة له في خصوص الشهادة المزورة التي ذكرتها عند تقديمك لطلب الوظيفة ما دامت لا تؤثر على طبيعة العمل الذي تقوم به لعله أن يتفهم الأمر ويقبل به، وإلا فالخروج من العمل أجدر بك في هذه الحال حتى لا تكون كاذباً.

التعاقد الصوري لتجاوز الأنظمة

التعاقد الصوري لتجاوز الأنظمة المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 7/4/1424هـ السؤال نظام وزارة الصحة في السعودية يلزم المؤسسات الطبية المستشفيات، المستوصفات، مستودعات الأدوية ... ، للحصول على ترخيص بتعيين متخصص: طبيب، صيدلي، فني ... إلخ، ويلجأ كثير من هذه المؤسسات أو الشركات إلى إبرام عقد مع هذا المتخصص لاستكمال المسوغات النظامية، وقد لا يكون لهذا المتخصص أي دور في المؤسسة أو الشركة، بل إنه قد يكون في بلد والمؤسسة المرخصة في بلد آخر ويتقاضى على هذا الأمر راتباً دون أن يكون له دور عملي وكلا الطرفين موافق على هذه الطريقة؛ المتخصص موافق على أن يسير عمل المؤسسة المرخصة باسمه مع تعهده أمام الجهات المختصة بالمسؤولية ولو لم يكن متواجداً، والمؤسسة أو الشركة كذلك لا تمانع من عدم تواجده. فما الرأي في مثل هذا الأمر؟ جزاكم الله خيراً. الجواب أرى أن تتورع عن مثل هذه الأعمال، فإنك دخلت مع الوزارة بعقد فيه هذا الشرط فيجب الوفاء بهذا الشرط لعموم ... والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً" رواه الترمذي (1352) ، وابن ماجة (2353) ، والبيهقي (6/65) ، والحاكم (7141) ، والدارقطني (3/27) ، وقوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] .

كتابة البحوث للآخرين

كتابة البحوث للآخرين المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 12/2/1424هـ السؤال تعمل زوجتي موظفة في شركة خاصة. في بعض الأحيان وبعد ساعات الدوام الرسمي تطلب منها بعض طالبات المدارس أن تقوم بكتابة الواجبات المدرسية أو ترجمة أوراق معينة أو كتابة بحوث وتقارير، مقابل الحصول على مبالغ مالية معينة، حيث تقوم الطالبات بتقديم تلك الواجبات والتقارير على أنها من عملهن. تقوم زوجتي في البيت وبعد مغادرتها للعمل ببذل جهدها للقيام بالواجبات وكتابة التقارير والأبحاث المطلوبة. السؤال: هل العمل الذي تقوم به زوجتي فيه مخالفة للشرع حيث إنها تعد تقارير وبحوثاً وترجمات من جهدها، وتقدمها للطالبات اللواتي يقدمن تلك البحوث والواجبات على أنها من عملهن؟ وللعلم فإن زوجتي لا تربطها أي علاقة بالطالبات، فهي لا تعمل مدرسة وليس لها علاقة عمل معهن. أرجو إفادتي وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فما تقوم به زوجتك من هذه الأعمال يُعد إعانة على الغش وأكلاً للسحت، وهو عمل ينافي المروءة وهو من الأخلاق التي يستقبحها العقل ولو لم يرد بتحريمها الشرع، فاتق الله ولتتق الله زوجتك ولتبادر إلى التوبة النصوح، وينبغي عليها أن تناصح من تسول لها نفسها من الطالبات هذا الغش والتلبيس، ولتذكرهن بقوله -صلى الله عليه وسلم-:"المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور"أخرجه البخاري (5219) ، ومسلم (2130) ، ولا شك أن التي تسأل غيرها أن تكتب لها بحثاً أو تترجم لها كتاباً كلفت هي بترجمته، ثم تقدم ذلك على أنه من جهدها وعملها لا شك أنها داخلة في وعيد الحديث.

فإن كانت لا تعلم من قبل حكم تكسبها من هذا العمل فأرجو أن يعفو الله عما سلف منها، ولكن لا يجوز أن تتكسب به فيما تستقبل من أيامها، وقد قال الله:"فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة: 275] . وجزاك الله خيراً على سؤالك عما يريبك ويشكل عليك، ولا شك أن هذا نابع من عظم خوفك من الله وحرصك على إطابة مطعمك. وفقك الله لكل خير، وأبدلكما -أنت وزوجك- خيراً من هذا المطعم الخبيث. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الهدية للنجاح في الامتحان

الهدية للنجاح في الامتحان المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 10/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد فإنني طالب جامعي، وقد قمت باختبار إحدى المواد فأيقنت أني لا يمكن لي أن أنجح فيها (إلا بفضل من الله) ، وذهبت إلى الدكتور لأبين له ظروفي، وأستعطفه لينجحني في المادة، فأمرني أن ألتقي به في مكتبه، فذهبت إليه وسجل اسمي وقال لي تعال لي غداً، فجئت إليه فلم أجده، ثم وجدته بعد ذلك خارج مكتبه، وسألته عن الدرجة (فقال لي الدرجات لم ترصد، ولا تخف لكن لا تنس البشارة، وأمرني أن آتيه غداً في المكتب) ، الآن هل تعد هذه رشوة؟ وإذا كان كذلك فإذا قدمتها له بعد أن ينجحني فهل يختلف حكمها؟ علما أني لم أذهب إليه في اليوم المطلوب. الجواب الحمد الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اعلم - وفقك الله - أن تقديم الطالب هدية لأستاذه من أجل إنجاحه في الامتحان أمر محرم، لأنه ضرب من الخيانة والغش. كما أن طلب المعلم من تلاميذه هدية أو "بشارة" مقابل إنجاحهم في الامتحان أمر محرم كذلك، وضرب من الخيانة والغلول، وأكل المال بالباطل. إن مساعدة المعلم لطلابه دون تمييز بينهم أو محاباة لأحد منهم في حدود معقولة أمر لا بأس به، شريطة ألا يترتب على ذلك ابتزاز لهم أو استغلال لحاجتهم. وأنت - يا رعاك الله - لا يجوز لك أن تدفع لأستاذك هذا أو غيره شيئاً مقابل نجاحك، وعليك أن تتجاهل رغبته تلك بكل حال، وإن استطعت أن تناصحه بأدب، وتعظه بلطف ولو بطريقة الكتابة فهذا أبلغ في الفائدة، وأعظم في الأثر. وفقك الله وأعانك وسدد على درب الخير خطانا وخطاك، والسلام عليكم.

دفع عمولة لمندوب المؤسسة

دفع عمولة لمندوب المؤسسة المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 4/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا عندي ورشة للحديد، ونقوم بالبحث عن العمل لدى الشركات والمؤسسات، إلا أن الأشخاص المسؤولين في تلك الشركات يطلبون عمولة من قيمة العمل لإعطائنا إياه، وإذا رفضنا يتم إعطاؤه غيرنا، ومثل ذلك تعاقدنا مع مجموعة ورش لدى شركة ويتم إعطاء العمل بالترتيب، إلا أن من لا يدفع للمسؤول يماطله، ويضيق عليه، ولا يأخذ العمل بسهولة، مما يرتب علينا التزامات مالية كالإيجارات ورواتب العمال، وهذا الأمر منتشر في أغلب الشركات إن لم يكن في جميعها، ويقوم به في الغالب الأجانب. نأمل منكم إفادتنا -والله يحفظكم-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فإن سؤالك من شقين: الشق الأول: إعطاء عمولة للمسؤول في الشركة؛ ليعطيكم العمل، فهذا فيه تفصيل إن كان المسؤول عن الشركة هو مالك الشركة وليس موظفاً فيها فلا بأس بهذه العمولة. أما إن كان هذا المسؤول موظفاً في الشركة - وهو الغالب- فهذه العمولة لا تجوز، وهي رشوة وخيانة للشركة؛ لأنه سيتعامل مع من يدفع أكثر لا مع الأصلح للشركة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله الراشي والمرتشي ... " رواه أحمد (8798) ، والترمذي (1336) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. الشق الثاني: إذا تم التعاقد بينكم وبين هذه الشركة وترتب على ذلك مستحقات لكم على الشركة ورفض المسؤول دفعها لكم ولم يمكنكم أخذها بأي طريق فهنا أجاز بعض الفقهاء دفع مال لاستخراج الحق الثابت وتكون جائزة بالنسبة للدافع ورشوة محرمة على الآخذ. والله -تعالى- أعلم.

تتعالج باسم غيرها؟

تتعالج باسم غيرها؟ المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 20/2/1425هـ السؤال امرأة لدى صديقتها بطاقة لأحد المستشفيات، باعتبار أن زوج هذه الصديقة تابع لهم عن طريق عمله، فهل يجوز لهذه المرأة أن تأخذ بطاقة صديقتها وتذهب إلى المستشفى باسمها؟ علماً أن هذه المرأة تدعوها الحاجة إلى ذلك؛ لأن العلاج بهذه البطاقة مجاني. الجواب هذه البطاقة أعطيت لصاحبتها باعتبارها زوجة لرجل يعمل في مؤسسة معينة، فلا يحل لغيرها حمل هذه البطاقة والاستفادة منها؛ لأن الاستفادة من هذه البطاقة مشروط بأن يكون حاملها على وصف معين، فمن لم توجد فيه هذا الصفة - مثل الصديقة الواردة في السؤال- فلا يحل لها شرعاً الاستفادة من حمل هذه البطاقة؛ لأن في ذلك تدليس وغش وانتحال لصفة ليست لحامل البطاقة، والغش والاحتيال ممنوع شرعاً، حتى وإن كان الموظف القائم على التحقق من شخصية المتعالج يعلم بهذا التحايل وسمح به، فلا اعتبار بإذنه؛ لأن نظام العيادة أو المستشفى لا يسمح بذلك. والله أعلم.

شراء شهادة الخبرة

شراء شهادة الخبرة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 18/03/1426هـ السؤال صديق حكى لي مشكلته، ذهب ليقدم إلى امتحان درجة علمية، فطلبوا منه - ليتمكن من دخول امتحان هذه الدرجة - شهادة خبرة من جهات معينة، ووجد صعوبة في الحصول عليها، وبعد ذلك عرف أن الزملاء كلهم يشترون هذه الشهادة بالمال، ورغم أنها لا تدل على مستوى الطبيب في شيء، والذي يحدد مستواه للنجاح هو درجة الامتحان الذي سيخوضه، وإذا لم يحصل على هذه الشهادة فلن يدخل الامتحان، فهل شراء هذه الشهادة حرام؟ وإذا كانت حراماً فهل التخلي عنها أفضل؟ وما حكم من حصل على هذه الشهادة بهذه الطريقة؟. الجواب شراء هذه الشهادة حرام؛ لأنه كذب وخيانة، فإن هذا الرجل سيكتب في هذه الشهادة أن لديه خبرة مدة سنة أو سنتين أو ثلاث، وسيكذب على من سيتقدم إليهم لدخول الامتحان، وهذا كله لا يجوز، والله - سبحانه وتعالى- يقول: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" [التوبة:119] ، وأيضاً قول الله -عز وجل-: "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" [المؤمنون:8] ، وأيضاً قول الله - عز وجل-: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] ، والإيفاء بالعقد يتضمن الإيفاء بأصله ووصفه، ومن وصفه الشرط فيه، ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم" الترمذي (1352) وأبو داود (3594) وقال الترمذي حسن صحيح، وقد شرط عليك أن تأتي بخبرة وهذه ليست خبرة، وإنما مجرد ورقة، وأيضاً قول النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث حكيم بن حزام - في الصحيحين البخاري (2079) ومسلم (1532) : "فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما"، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

استغلال شهادات المحاصيل

استغلال شهادات المحاصيل المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 26/8/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: -وفقه الله - من المعلوم ما تصدره صوامع الغلال ما يسمى شهادات المحصول من القمح والشعير (الكرت) لأصحاب المزارع، وحيث إنني مستأجر مزرعة فإني أستخدم هذا الكرت في شراء القمح من السوق أو من مزارع أخرى, وأدخل هذا القمح في الصوامع، هل هذا جائز؟ وما موقف صاحب المزرعة من ذلك؟ وهل يؤخذ رأيه في ذلك أم لا؟ أي في استخدام (الكرت) من قبل المستأجر. وجزاكم الله خيراً. الجواب الذي يظهر لي أن هذا الكرت حق يخول صاحب المزرعة أو مستأجرها ببيع محصوله على الصوامع، وإذا كان ذلك كذلك فما تعمله تحايل وأكل لأموال الناس بالباطل، فاتق الله ولا تبع إلا ما هو من محصول مزرعتك، وما تبيعه من غير محصولها على الصوامع بموجب هذا الكرت فعليك تبعته وتحاسب عليه، وقد روى الترمذي (614) وأحمد (14441) والحاكم (4/422) من حديث جابر - رضي الله عنه- "أنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به".

هل يخبر المشتري بعيوب السلعة كلها؟

هل يخبر المشتري بعيوب السلعة كلها؟ المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 28/09/1425هـ السؤال السلام عليكم. إذا أراد أحد بيع سيارته، وكان قد عمل فيها بعض الإصلاحات، وعادت أفضل مما كانت، فهل يلزمه أن يخبر المشتري بذلك؟ مع أنه لا فائدة من إخباره إلا أن ذلك ينقص السعر لو علم المشتري؟ والسيارة -بحمد الله- بحالة ممتازة. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الواجب على البائع الإخبار عن العيوب التي تكون في السلعة، والتي ينقص الثمن بسببها؛ لأن عدم الإخبار بذلك من الغش المحرم، والتدليس على المشتري، أما إذا كان العيب يسيراً لا ينقص الثمن فلا يلزم البائع الإخبار به، كذلك لا يلزمه الإخبار عن عيب كان في السلعة إذا أصلحه، كما ذكر السائل؛ العيب قد زال حينئذ. والله الموفق.

هل هذه الحقيبة من الرشوة؟

هل هذه الحقيبة من الرشوة؟ المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 8/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي عن موضوع الرشوة؛ فأنا شاب -ولله الحمد هداني الله سبحانه وتعالى- بعد أن كنت في غفلة من أمري، فأخذت أحاسب نفسي على أشياء ارتكبتها في الماضي، وخاصة الأشياء التي بيني وبين الناس، منَّ الله علي بوظيفة في جهة حكومية، فأتى يوم من الأيام، فأقامت هذه الجهة مؤتمراً، وكان من متطلبات المؤتمر شراء حقائب له، فكلفت بذلك، وهذا يتطلب إحضار عينات للجهة لاختيار المناسب منها، فطلب مني موظف من اللجنة المنظمة أن أهدي له حقيبة من تلك الحقائب، ويعلم الله أني أعطيتها له على سبيل الهدية ليس إلا كزميل لي فقط، ولم يدر بخلدي موضوع الرشوة، مع العلم أني دفعت ثمن هذه العينة للمورد، ومر ذلك الموقف، ومع مرور الأيام وبعد الهداية -ولله الحمد، أسأل الله لي ولكم الثبات - تفكرت في ذلك الموقف، فأعطتني كل المؤشرات دلالة على أنها عملية رشوة -أعاذنا الله منها- فتأرقت من ذلك، وأصبحت أخاف أن أدخل في لعنة الله، فهل هذا الموقف يعتبر رشوة؟ وإن كان كذلك فكيف أكفِّر عن ذلك الذنب العظيم؟ هل آخذ ثمن تلك الحقيبة- مع أني نسيت كم ثمنها بالضبط-، وأتصدق به، وأُعلِم الذي أخذها مني بالأمر، أم ماذا أفعل؟ دلوني جزاكم الله كل خير عني وعن جميع المسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي عن موضوع الرشوة؛ فأنا شاب -ولله الحمد هداني الله سبحانه وتعالى- بعد أن كنت في غفلة من أمري، فأخذت أحاسب نفسي على أشياء ارتكبتها في الماضي، وخاصة الأشياء التي بيني وبين الناس، منَّ الله علي بوظيفة في جهة حكومية، فأتى يوم من الأيام، فأقامت هذه الجهة مؤتمراً، وكان من متطلبات المؤتمر شراء حقائب له، فكلفت بذلك، وهذا يتطلب إحضار عينات للجهة لاختيار المناسب منها، فطلب مني موظف من اللجنة المنظمة أن أهدي له حقيبة من تلك الحقائب، ويعلم الله أني أعطيتها له على سبيل الهدية ليس إلا كزميل لي فقط، ولم يدر بخلدي موضوع الرشوة، مع العلم أني دفعت ثمن هذه العينة للمورد، ومر ذلك الموقف، ومع مرور الأيام وبعد الهداية -ولله الحمد، أسأل الله لي ولكم الثبات - تفكرت في ذلك الموقف، فأعطتني كل المؤشرات دلالة على أنها عملية رشوة -أعاذنا الله منها- فتأرقت من ذلك، وأصبحت أخاف أن أدخل في لعنة الله، فهل هذا الموقف يعتبر رشوة؟ وإن كان كذلك فكيف أكفِّر عن ذلك الذنب العظيم؟ هل آخذ ثمن تلك الحقيبة- مع أني نسيت كم ثمنها بالضبط-، وأتصدق به، وأُعلِم الذي أخذها مني بالأمر، أم ماذا أفعل؟ دلوني جزاكم الله كل خير عني وعن جميع المسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التحايل على البرامج العلمية

التحايل على البرامج العلمية المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 3/6/1425هـ السؤال بعض البرامج وضع فيه قسماً بالله على أن النسخة أصلية، ووضعوا القسم على شكل (زر) لا بد من الضغط عليه إذا أردنا مواصلة عملية تنصيب البرامج.. ما موقفنا من هذا؟ مع العلم أن النسخ الأصلية من البرامج معدومة تماماً عندنا أمثال برامج كتب الحديث، والبرامج الإسلامية الأخرى المفيدة للباحثين. هذا ولكم جزيل الشكر. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. إذا كان البرنامج يحتوي على صيغة قسم بأن النسخة أصلية، ولا يمكن أن ينصب البرنامج إلا بإجراء الموافقة على هذا القسم، فلا يجوز للمستخدم أن يقوم بتنصيب برامج منسوخة، بل لا بد أن تكون برامج أصلية؛ حتى يتفادى الكذب عندما يطلب منه الحلف على كونها برامج أصلية، مع أني لا أستحسن أن تقوم شركات البرامج بإلزام الناس بالحلف بهذه الطريقة، لما فيها من ابتذال اليمين في أمور تجارية بحتة، كما أن فيها أخذ الناس بسوء الظن، ويمكن أن توجد طرق فنية مناسبة تحفظ بها الشركات حقوقها دون هذه الطريقة التي يتعرض فيها الناس للوقوع في الإثم، وعلى السائل إذا لم يجد البرامج الأصلية أن يراسل الشركة المنتجة لهذه البرامج لكي تزوده بها، أو يلجأ إلى غيرها من البرامج التي تغني عنها إذا لم يتمكن من ذلك. والله أعلم.

رشوة مقابل تملك الأرض

رشوة مقابل تملك الأرض المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 7/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: تعرفت على رجل وساعدته في موضوع معين، وبعد ذلك أتاني يعرض علي خدماته ويلح بذلك، فقلت له: إن زوج عمتي، وابنه عندهم أوراق في وزارة الإسكان، ونريد أن تساعدهم في استخراج قطعتي أرض مستحقة لهم في الوزارة، فأخذ (الإيصالات) ، واتصل بأحد الأشخاص هناك، وأعطاه أرقام (الإيصالات) ، وقال إن الشخص يريد مالاً مقابل ذلك، يعني (رشوة) ، فقلت له: هذا رشوة، ونصحته بالإقلاع عن ذلك، ولكن الرجل الثاني قد سعى في الأمر حتى منح عمي وابنه الأرض وصارت بين هذا الرجل والذي يريد مساعدتي مشاحنات بخصوصي؛ لأنه يريد مالاً مقابل الخدمة التي قام بها، فقلت للذي يريد مساعدتي أن يقول له: لن أعطيه أي مبلغ؛ لأنها ستكون رشوة, والأرض الآن قد خرجت باسم عمي وابنه، وضروري أن نذهب لاستلامها، فهل تعتبر حلالاً أم حرامًا، وأيضًا: هل لو أعطاني عمي إحدى هاتين القطعتين من الأرض آخذها، أم ماذا؟ أفتونا بارك الله لكم؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن ما يدفع رشوة عمل لا يجوز، وما قام به هذا الإنسان من تحصيل حق كان متعثرًا في إدارة حكومية، فوصل صاحب الحق إلى حقه، فهذا حقه ولا يلزمه أن يدفع رشوة؛ لأن الرشوة عمل محرم، ووصول الحق إلى مستحقه عمل سائغ، ومشروع لا يترتب على ذلك مقابل ولا عوض، وهذه الأرض التي خرجت باسم هذين الشخصين فإنها حق لهما شرعي، ولهما أن يتصرفا بها التصرف التام من بيع أو هبة لك أو لغيرك، فهو ملكهم وحقهم، وبالله التوفيق. وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن الرشوة حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، بحديث فيه تغليظ، قال فيه: "لعَن اللهُ الرَّاشِي والمُرْتَشِي والرَّائِشَ". أخرجه أحمد (22399) والطبراني (1415) . وهذا اللعن للثلاثة للتنفير من هذا العمل، واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله، فلا يجوز للإنسان أن يدخل في مثل هذه الأمور، لأن هذا يجعل الرشوة من كبائر الذنوب، ولا يجوز للإنسان أن يتهاون في هذا الأمر، ونسأل الله سبحانه وتعالى- للجميع التوفيق.

اضطر للرشوة حتى يحصل على حقه

اضطر للرشوة حتى يحصل على حقه المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 12/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا شخص معاق جسدياً، من حقي الحصول على بطاقة معاش أساسي، ولكن لم يتسنى لي الحصول عليها إلا عن طريق الرشوة، وهذه الرشوة لم أقتطع بها حق إنسان، فهل هذه البطاقة حرام؟ شكراً. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإنه إذا كان الحصول على هذه البطاقة حقًّا من حقوقك بصفتك معاقًا جسديًّا، ولم تتمكن من هذا الحق إلا بطريق الرشوة، فإنه يجوز لك أن تدفع من المال ما يخلص حقك، فيجوز لك الدفع، ويحرم عليهم الأخذ، على قول جمهور أهل العلم؛ استدلالاً بأدلة، منها: ما رواه أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: "أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُخْرِجُ مَسْأَلَتَهُ مِنْ عِنْدِي يَتَأَبَّطُهَا". يَعْنِي تَكُونُ تَحْتَ إِبْطِهِ، يَعْنِي نَارًا. قَالَ: قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تُعْطِيهَا إِيَّاهُمْ؟ قَالَ: "فَمَا أَصْنَعُ؟ يَأْبَوْنَ إِلَّا ذَاكَ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ". أخرجه أحمد (11004) . وفي رواية جيدة لأبي يعلى (1327) : "إنَّ أَحَدَهُم يَسْأَلُنِي فَيَنْطَلِقُ بِمَسأَلَتِهِ مُتَأَبِّطَهَا، ومَا هِيَ إلا نَارٌ". ففي هذا الحديث فرق ظاهر بين الأخذ والإعطاء من حيث الحِل والحرمة، وما ذاك إلا للفرق بين الحالين! قال الشيخ أبو محمد بن قدامة في المغني (14/60) في تقرير ما تقدم، ما نصه: (وإن رشاه ليدفع ظلمه، ويجزيه على واجبه، فقد قال جابر بن زيد، والحسن: (لا بأس أن يصانع عن نفسه ... ولأنه يستنقذ ماله، كما يستنقذ الرجل أسيره) ا. هـ. وقد قرر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (31/286) . والله تعالى أعلم.

هل يعطيه شهادة عمل وهو لم يعمل عنده؟

هل يعطيه شهادة عمل وهو لم يعمل عنده؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 26/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. أما بعد: أنا شاب مسلم، ملتزم بأحكام الشريعة الإسلامية، وحريص على تطبيقها. أملك محلًّا تجاريًّا اختصاصه مقهى للإنترنت، قصدني شاب بطال وأخ في الإسلام لكي أساعده في إتمام ملف إداري حتى يتمكن من تجسيد مشروع استثماري، وذلك بأن أقوم بتسليمه شهادة عمل على أساس أنه عامل عندي في محلي، مع العلم أنه لا يعمل عندي. سؤال1- ما حكم الشريعة الإسلامية في هذا التصرف، هل يجوز لي شرعًا أن أسلمه شهادة عمل على أنه يعمل عندي مع العلم أنه لا يعمل عندي؟ سؤال2- هل يعتبر هذا التصرف شهادة زور؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الغش من الأمور المحرمة في الشرع، لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي". رواه مسلم (102) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، ولاشك أن إصدار شهادة عمل لمن لا يعمل من الغش والخداع، خاصة إن كان يترتب على ذلك الحصول على عمل أو ترقية أو زيادة في الراتب أو استخلاص شيء لا يستحقه إلا بتلك الشهادة وهو ليس من أهلها. ولكن قد يوجد في بعض البلاد أنظمة وقوانين ما أنزل الله بها من سلطان، فيها من الظلم والتعسف ومنع الناس من حقوقهم ما لا يعلمه إلا الله. . . فيحتاج الواحد لاستخلاص هذا الحق أو دفع هذا الظلم إلى استعمال بعض الطرق لتجاوز هذه الأنظمة، فهنا تكون المسألة نازلة، وعلى صاحبها أن يستفتي فيها تفصيلاً، وهي فتوى خاصة تصلح لبعض الناس دون غيرهم لما يعتري كل حالة من ظروف وأحوال، والمفتي يقدر ذلك كله، ويتحمل مسؤوليتها أمام الله تعالى. والله أعلم.

هل هذه الهدايا رشوة؟!

هل هذه الهدايا رشوة؟! المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 26/12/1425هـ السؤال أعمل استشاريًّا لأنظمة الحاسب ونظم المعلومات، وطبيعة عملي كاستشاري تتطلب قبول دعوات لحضور ندوات ومؤتمرات وغير ذلك من أساليب التعرف على إمكانيات الشركات، وذلك لتقديم النصيحة للشركات التي يتم تقديم الخدمة لها، ويتم الشراء عادة عن طريق المناقصات والتي يدخل فيها أدنى سعر للاختيار، وبعد اختيار الأفضل ندخل في مفاوضة مع الشركة التي تم الترسية عليها، وعادة يمكنني الحصول على خصم كبير لصالح الشركة التي أعمل لها استشاريًّا، وعادة تقوم الشركة التي تم الترسية عليها بأقل سعر والحصول منها على خصم إضافي أو مزايا إضافية بدعوتي للسفر إلى الخارج، أو الحصول على مكافأة مادية مجزية، وعادة لا يكون هناك اتفاق مسبق على مثل هذه المكافأة، وحتى إذا كان فعادة الخصم الذي يتم الحصول عليه يكون أضعاف المكافأة ولصالح العميل، والغرض من لجوئي لمثل هذا هو قبولي الاستشارات بسعر منخفض بالنسبة لأسعار السوق على أن يتم استكمال باقي مستحقاتي من باقي الأطراف دون ضرر ولا ضرار ولا مخادعة لأحد، وعادة الأسعار التي يتم الحصول عليها تقل بكثير عما يمكن للعميل الحصول عليه بمفرده. فهل هذا حرام؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فبما أنك الشخص المفوض بإجراء المفاوضات مع الشركات التي تدخل في المناقصة، ولك شيء من النفوذ في قرار اختيار الشركة المناسبة، فلا يحل لك قبول الهدايا أو المكافآت أو المزايا التي تقدمها لك تلك الشركات، ويعد هذا من الرشوة، ولو لم يكن بينكم اتفاق سابق، والواجب في مثل هذه الحال أن تقوم الشركة التي رست عليها المناقصة بتقديم تلك المكافآت للشركة التي تعمل فيها ثم يكون للشركة الخيار في منحك تلك المكافآت تقديرًا لجهودك في الحصول على أسعار مخفضة أو الاحتفاظ بها للشركة اكتفاءً بالأجر الذي تتقاضاه منها، وفيما عدا ذلك فلا يحل لك أخذ شيء من الشركة التي تتفاوض معها دون علم الشركة التي تعمل بها؛ إذ إن تلك الشركة الأولى لم تكن لتعطيك هذه الهدايا لو لم تكن تعمل مستشارًا لدى الشركة الثانية، وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي حميد الساعدي قال: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَزْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الْأُتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا". ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي. أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا؟ " الحديث. صحيح البخاري (6979) وصحيح مسلم (1832) . وفي مسند الإمام أحمد (23601) والبزار (3723) عن أبي حميد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هدايا العُمَّالِ غُلُولٌ". والله أعلم.

تخبيب الأجير على مستأجره

تخبيب الأجير على مستأجره المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 24/11/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شخص ما يعمل مع شخص في (بقالة) من غير عقد عمل، ولا هو على كفالته، أعجبني في هذا الشخص إتقانه في عمله وأمانته، أغريته بأن يعمل معي، بحيث لو كان يعطيه ألفين أعطيه أنا ثلاثة آلاف، هل يجوز ذلك؟ علمًا بأن هذا الشخص عندما أتى من بلده، لم يأت خصيصًا له ولا من أجلي، إنما أتى لتحسين وضعه. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فما ذكره السائل- وفقه الله- لا يجوز ولا يحل له؛ لأن الذي استأجره أولًا ولو كان بتلك الصورة المذكورة أحق به، وإغراؤه خطأ، وهو من غش أخيك المسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي". رواه مسلم (102) ، وهو في معنى بيع المسلم على بيع أخيه، وخطبته على خطبة أخيه، وقد ثبت النهي عنهما. أخرجه البخاري (2140) ومسلم (1413) . وهو أيضًا في معنى تخبيب المرأة على زوجها والمملوك على مالكه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن خَبَّبَ زوجةَ امْرِئٍ أو مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا". رواه أبو داود (5170) وصححه الألباني- رحمهما الله- فعليك أن تتقي الله تعالى، وأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، ولو كنت مكانه وفعل هو معك مثل ما تريد عمله معه لما رضيت، وإذا تركت ذلك ابتغاء وجه الله، وخوفًا من عقابه، فأبشر بأن الله تعالى سيعوضك خيرًا ممن تركته لله، وإن أقدمت ولم تبال، فيخشى أن يكون سببًا لضرر ينالك وعقوبة في الدنيا أو في الآخرة أوفيهما. وفقك الله وسددك وألهمك رشدك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يتحايل على والده لأخذ نفقته

يتحايل على والده لأخذ نفقته المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 16/11/1425هـ السؤال فضيلة العلماء الأجلاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب خريج حديث من الجامعة، والآن أسعى لكي أجد عملاً، وأبي- حفظه الله- لا يعطيني مصاريف، بينما إخوتي متزوجون ولديهم شقق، ويعطيهم فلوسًا على أنه دين، ولكن نادرًا ما يرجعونها له، وبعض الأحيان والدي يرسلني لكي أقضي له بعض الحاجات، ولكن أقوم برفع السعر لكي أحصل على مصاريف، هل يجوز هذا أم لا؟ وجزكم الله خيرًا عن جميع المسلمين، والله الموفق. الجواب لا يجوز لك التحايل برفع السعر للحصول على النفقة فهذا غش وخيانة، لكن عليك بعرض حاجتك على أبيك، وبيان ما تعانيه من عدم الحصول على عمل يغنيك عن سؤالك النفقة فلعله أن يتفهّم الأمر، ويرق قلبه لحالك، واعلم أن من هو مثلك في قوة الشباب والنشاط ينبغي عليه أن يبحث عن عمل ولو بأجر زهيد استغناءً عن سؤال الناس، وخير الكسب ما كان من عمل اليد، ولعل الله أن يبارك لك، ويفتح لك أبواب رزقه، أما القعود في البيت لتنتظر الفرج بأن تأتيك وظيفة مناسبة، وأنت قاعد متواكل فهذا كسل لا يليق بك. ثم تفقَّد حالك، فلعل أباك قد رأى منك عقوقًا أو تقصيرًا في جنب الله، أو رآك تنفق المال في غير حِلِّه وتسرف في المباحات فأراد أن يعزرك بحرمانك من النفقة. والمقصود أن تتفقد حالك وتجدّ في البحث عن عمل مباح، والتوكل على الله يقتضي السعي، وبذل الأسباب كما تفعل الطير، فإنها تخرج في أول النهار خماصًا ليس في بطونها طعام وتروح في آخر النهار بطانًا (مليئة بطونها بالطعام) ، وقد صح عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُم كمَا يَرْزُقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وتَرُوحُ بِطَانًا". أخرجه الترمذي (2344) وابن ماجه (4164) .

نظام التسويق الشبكي

نظام التسويق الشبكي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 30/06/1425هـ السؤال شركة تدعى (www.tsweeg.net) تتعامل مع عملائها بنظام التسويق الشبكي النظام الثنائي (binary system) وليس بشرط أن أعمل حيث يمكنني شراء منتجها، وهو عبارة عن ساعات يد، ولا ألتزم بالعمل معها، ولكن عندما أقنع أحداً بهذه الساعة فإني أستحق عمولة، وإذا لم أعمل لا أستحق عمولة، هذا بإيجاز، فهل التعامل مع هذه الشركة يجوز شرعاً أم لا؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: لا يجوز الدخول في التسويق الشبكي الذي تقدمه الشركة المذكورة، وليست العبرة بكون المشتري غير ملزم بالتسويق، وإنما العبرة بإلزام المسوق بالشراء، فإذا كان الشخص لا يحق له التسويق والحصول على عمولات إلا من خلال الشراء فهذا اشتراط محرم؛ لأنه يفضي إلى الغرر وأكل المال بالباطل. ومعلوم أن العاقل إذا عرض عليه عمولات قد تتجاوز مائة ألف ريال، بينما لا تتجاوز قيمة السلعة ألف ريال، أنه يفضل العمولة على السلعة. فالقول بأنه يريد السلعة ولا يريد العمولة لا يعكس حقيقة الأمر. وإذا كان المقصود العمولة فتصبح المعاملة معاوضة نقد بنقد قد يحصل وقد لا يحصل، والغالب أنه لا يحصل، وهذا يجتمع فيه الغرر والربا. والله -تعالى- أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

دفع مالا لاستخراج تصريح للزواج

دفع مالاً لاستخراج تصريح للزواج المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 13/08/1425هـ السؤال أسألك بالله أن تجيبني بالكتاب والسنة. أنا شاب تقدمت للزواج من خارج بلدي، ولم أوفَّق باستخراج التصريح، فذهبت لبلد إسلامي مجاور، وتزوجت على يد شيخ مأذون، وتم توثيق العقد في المحكمة الشرعية بهذا البلد، وبوجود أهل العروس وأقاربها وأهلي أنا، فهل هذا العقد صحيح، وقد طلب مني مبلغ 30 ألف ريال؛ لكي يتم استخراج تصريح زواجي، هل يعتبر هذا المبلغ رشوة؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقبل كل شيء ليس من الحسن أن تصدر السؤال بقول: أسألك بالله ... إلخ، علماً بأنه لا يلزم المفتي الجواب عن أمر تقتضي المصلحة كتمه، أو عدم التصريح به، حتى لو سئل بالله عن ذلك. هذا أولاً. ثانياً: المفتي ملزم أن يفتي بما في الكتاب والسنة على كل حال سئل بالله أم لا. ثالثاً: زواجك بهذه المرأة صحيح لا غبار عليه، إذا كان مستوفياً للشروط، وتام الأركان، لكنك وقعت في مخالفة ولي الأمر وما نظمه في هذا الشأن؛ لأن ولي الأمر قد منع من الزواج بالأجنبية، إلا في حدود، والمصلحة ظاهرة في ذلك، وطاعة ولي الأمر واجبة إلا إذا أمر بمعصية، أو بما يخالف المصلحة العامة للأمة، لكن لا تجوز منابذته في ذلك. وهذا رابعاً. خامساً: أن دفعك مبلغاً لمن سيخرج لك تصريحاً لا يخلو من حالين: الأولى: أن يسعى لك هذا الشخص سعياً خالياً من المحظور والشبهات، ولا يقوم بدفع الرشوة للموظفين المختصين، وإنما يستعين بمعارفه وجاهه بما لا ظلم فيه، ولا ضرر، فحينئذ يجوز لك أن تدفع له ذلك، ويعتبر مؤاجرة، أو جعالة حسبما تتفقان عليه. الثانية: بخلاف ذلك، كأن يرشي موظفاً، أو يكون هو موظف في هذه الدائرة، أو نحو ذلك، فحينئذ لا يجوز لك أن تدفع له ريالاً واحداً. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

العمل بشهادة مزورة

العمل بشهادة مزورة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 19/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي استفسار حول صديق لي أرسل له صاحبه شهادة بكالوريوس من إحدى الجامعات، ودفع ثمنها حوالي 1500 ريال تقريباً، وقد أخبرت صاحبي بأن هذا الشيء لا يجوز، فقال لي: أنا درست سنتين علم الحاسوب، والشهادة في علم الحاسوب، ولكن لم يكمل دراسته في المعهد الذي كان يدرس فيه. السؤال يا شيخ: هل يجوز أن يعمل بهذه الشهادة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. التقدم بهذه الشهادة للعمل لا يجوز وهو من الغش والتدليس، اللهم إلا إذا كان مؤهلاً حقيقة لما كُلِّف به من العمل، بحيث يحسنه ويتقنه كما يتقنه من يحمل الشهادة، ولا يخل بشيء منه، فالأجرة على ما يقوم به من العمل مباحة، لكن يبقى عليه إثم الغش والكذب. والله أعلم.

دفع الرشوة لحفظ النفس والعرض

دفع الرشوة لحفظ النفس والعرض المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 26/12/1425هـ السؤال قضيت الخدمة العسكرية، وفى قانوننا العسكري يجب عليك أن تحضر عندهم كل شهر والشهر الذي تحضر فيه يذهبوا بنا رغمًا عنّا إلى الصحراء على الحدود، وهناك في الصحراء مخاطر جمة، حيث يوجد بعض الأفارقة الذين ليس لهم دين، فكل شهر يقتل شخص أو اثنان نتيجة الجرم لكثرة الخمور، والحشيش، والفسوق، والكلام الفاحش، وإن قمت للصلاة حاربوك، ومن الممكن أن يتعرضوا لك- أي يغتصبوك ويفعلون بك اللواط- سؤالي: هناك طريقه لعدم الذهاب إلى هذا المكان، وهي بدفع شيء من المال إلى الضابط المسؤول حتى يعفيك من الذهاب، وهذا ليس من شروط الجيش، إن المال الذي يعطى له يأخذه هو، هل تعتبر هذه رشوة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا؛ لأني حائر وإخواني أيضًا حائرون. والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

لا شك أن دفع المال إلى هذا الضابط رشوة، والرشوة محرمة؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَعَنَ اللهُ الرَّاشِي والمُرْتَشِي". أخرجه أبو داود (3580) والترمذي (1337) وابن ماجه (2313) . وفي رواية: "والرَّائِشَ". أخرجها أحمد (22399) . غير أنها في حق الآخذ (المرتشي) محرمة بالإجماع ولا استثناء في ذلك، أما في حق الراشي (الدافع) ، ففيه تفصيل: فإن كانت من أجل إبطال حق شرعي ثابت عليك من مال أو غيره فهي حرام، وإن كان دفعها من أجل استرداد أو إبقاء حق شرعي لك فهي جائزة بحكم الضرورة، والضرورة استثناء من حرام، وهي دفاع عن المال أو النفس بطريق سلمي، وقد أباح الله الأكل من الميتة والخنزير للمضطر بقوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [البقرة: 173] . ومن هذه الآية ونحوها أخذت القاعدة الشرعية: "الضرورات تبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها". وذكر عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (14671) عن الحسن البصري أنه قال: (ما أَعطيتَ مِن مالِكَ مُصانَعَةً عَلَى مالِك ودَمِك، فأنت فيه مأجور) . وكان الناس في المدينة المنورة زمن زياد بن أبي سفيان، وكان أميرًا ظالمًا يدفعون الرشوة، قال أبو الشعثاء، وهو من كبار التابعين: (ما كان شيء أنفع للناس من الرشوة في زمن زياد) . وذكر القرطبي في تفسيره عند الآية: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) [المائدة: 42] : روي عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، أنه لما أتى أرض الحبشة أخذ بشيء فتعلق به فأعطى دينارين حتى خلي سبيله. أخرجه ابن سعد 3/151، والبيهقي 10/139. والخلاصة: إن كان الأمر- كما تذكر- فادفع الرشوة لتنجو من انتهاك عرضك بفاحشة اللواط، نعوذ بالله من ذلك، والدفع عن العرض أهم من الدفع لحفظ المال، بل العرض شقيق النفس في الكتاب والسنة. وفقنا الله وإياك إلى الثبات على الحق.

هل هذه رشوة؟

هل هذه رشوة؟ المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 01/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. منَّ الله علي بوظيفة في جهة حكومية، فأتى يوم من الأيام، فأقامت هذه الجهة مؤتمراً، وكان من متطلبات المؤتمر شراء حقائب له، فكلفت بذلك، وهذا يتطلب إحضار عينات للجهة لاختيار المناسب منها، فطلب مني موظف من اللجنة المنظمة أن أهدي له حقيبة من تلك الحقائب، ويعلم الله أني أعطيتها له على سبيل الهدية ليس إلا كزميل لي فقط، ولم يدر بخلدي موضوع الرشوة، مع العلم أني دفعت ثمن هذه العينة للمورد، ومر ذلك الموقف، ومع مرور الأيام وبعد الهداية فكرت في ذلك الموقف، فتأرقت من ذلك، وأصبحت أخاف أن أدخل في لعنة الله، فهل هذا الموقف يعتبر رشوة؟ وإن كان كذلك فكيف أكفِّر عن ذلك الذنب العظيم؟ هل آخذ ثمن تلك الحقيبة- مع أني نسيت كم ثمنها بالضبط-، وأتصدق به، وأُعلِم الذي أخذها مني بالأمر، أم ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فأحمد الله -سبحانه وتعالى- على هدايته لك، وأسأل الله لك الثبات حتى الممات. أمَّا ما سألت عنه: فإن الرشوة في اصطلاح أهل العلم: ما يدفعه الإنسان لغيره، بناءً على طلب منه؛ لدفع حقٍ أو جلب باطلٍ. وفعلك الذي فعلت يختلف حكمه باختلاف قصدك من تقديم هذه الحقيبة لذلك الموظف: فإن كان قصدك تلبية طلبه؛ لصداقته ومعرفته، من غير أن يكون مديراً عليك، ولا ترجو منه بسبب هذا الفعل أمراً محرماً من دفع حق أو جلب باطل، فإنه لا شيء عليك، بشرط أن تدفع قيمتها من عندك، أو تستأذن من صاحب الصلاحية في ذلك.

أمَّا إذا كان هذا الشخص مديراً عليك، أو له تأثيرٌ على عملك، وفعلت هذا الفعل طلباً لأمر محرم، من دفع حق أو جلب باطل، أو لتكسب ود هذا الشخص؛ من أجل أن ينفعك مستقبلاً فإنه لا يجوز لك ذلك؛ لأن هذا الفعل إما أن يكون من باب الرشوة، أو من باب هدايا العمَّال، وقد نهى الشارع عنهما، فقد ثبت عند أبي داود (3580) ، والترمذي (1337) ، وصححه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الراشي والمرتشي. وثبت عند أحمد (23601) أنه عليه الصلاة والسلام قال: "هدايا العمال غلول". والمقصود بهدايا العمال: ما يقدمه العمال والموظفون لمديريهم ورؤسائهم من غير طلب منهم؛ ليكسبوا ودهم ومحبتهم؛ لينفعوهم ويقدموهم على غيرهم. والذي يظهر من سؤالك أنك لم تقصد أمراً محرماً، وإنما قصدت تلبية طلب زميلك، من غير أن ترجو من وراء ذلك أمراً محرماً، لاسيما وأنك قد دفعت قيمة الحقيبة من عندك. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تهريب اللحم الحلال

تهريب اللحم الحلال المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 18/06/1426هـ السؤال نحن جماعة نقوم بتهريب اللحم الحلال من أحد البلدان عبر حدود البلد الذي نقيم فيه في أوربا، وذلك لأن اللحم الحلال فيه مشكوك في كونه حلالاً، كما أن كمية اللحم في هذا البلد قليلة وغالية الثمن، فهل يجوز العمل في هذا الأمر، علماً أن الجالية المسلمة ترغب في هذا اللحم الحلال. أفتونا مأجورين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله، التهريب أيًّا كان موضوعه وأيًّا كان محله ومصدره لا يمكن أن نقول بجوازه، لأنه يعتبر مخالفاً لنظام البلد الذي يعيش فيه المسلمون، والمسلمون أخذ عليهم العهد أن يوفوا بالعهود والوعود، فلا ينبغي أن يخالفوا هذا العهد (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) [المائدة: 1] ، و (أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً) [النحل: 91] ، مع ذلك لو وجدت طريقة مناسبة لإيصال هذه اللحوم من غير مخالفة صريحة للنظام فإن ذلك قد يكون مناسباً؛ كأن يخرج الإخوة المقيمون في هذا البلد لشراء هذه اللحوم من بلد آخر مجاور، ونحو ذلك من الوسائل التي من شأنها ألا تشوه سمعة المسلمين؛ لأن أحدهم لو ألقي عليه القبض وهو يمارس هذا العمل، فنشرت ذلك وسائل الإعلام فإن من شأن ذلك أن يشوه سمعة المسلمين، والمحافظة على سمعة الإسلام تعتبر مقصداً من مقاصد الشريعة، والله أعلم.

هل هذه العمولة من الرشوة؟

هل هذه العمولة من الرشوة؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 24/07/1426هـ السؤال أدير شركة مقاولات، وأغلب المشاريع تأتي للشركة بترشيح من المكاتب الاستشارية مقابل عمولة من قيمة المشروع يأخذها الاستشاري، وأصبحت عرفًا بين المكاتب والشركات. هذه العمولة تكون زيادة على تكلفة المشروع التي يدفعها المالك، توقفت عن دفع هذه العمولة؛ لإحساسي بوجود شبهة بها، فقلَّت المشاريع وأنا على وشك التصفية، علماً أن الشركة يرتزق منها الكثير من الأسر، أفيدونا يرحمكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كانت الشركة تستحق المشروع وجديرة بتنفيذه على الوجه المطلوب، وإنما منع من الحصول عليه المكتب الاستشاري الذي يطلب العمولة، فلا بأس -إن شاء الله- من دفعها للمكتب، لأن هذا حق للشركة، ويجوز بذل المال للحصول على الحق المشروع، وإن كان لا يجوز أخذه للمكتب لأنه رشوة وسحت. فحكم الدافع هنا يختلف عن حكم الآخذ، لأن الأول يطلب حقه، والثاني يأخذ بغير حق. لكن إذا كانت الشركة أصلاً ليست جديرة بالمشروع، ولا تستحق أن تتولى تنفيذه، وإنما يتم ترشيحها بسبب العمولة، فالعمولة في هذه الحالة رشوة محرمة على الطرفين. والله أعلم.

التعويضات المالية

أخذ الأجرة على التبرع بالدم المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 18/1/1423 السؤال 01ما حكم أخذ أجرة (مال) مقابل الدم المتبرع به؟ 02 ماذا يفعل من سبق له أن تبرع بدمه وأخذ مالاً مقابله؟ الجواب 01التبرع بالدم لنفع مسلم أو إنقاذه من الهلاك من أعظم القرب والطاعات التي يتقرب بها إلى الله، قال الله -تعالى-:" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] وفي الحديث" والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" رواه مسلم (2699) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أما المعاوضة بأخذ الأجرة مقابل ما يسمى بالتبرع بالدم، فهذا بيع ومعاوضة وليس تبرعاً وهو حرام في الشرع؛ لأن الدم محرم أكله وشربه والانتفاع به بنص القرآن " إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ... " الآية [النحل:115] ، وجاء في صحيح البخاري (2238) أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب ... ) الحديث، وفي الحديث الآخر " إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه " رواه الدارقطني في سننه (3/7) وابن حبان في صحيحه (4938) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- بهذا اللفظ وبغيره عند أبي داود (3488) وأحمد (2221) ، وعلى هذا لا يجوز أخذ المال معاوضة عن التبرع بالدم بحال من الأحوال، والله أعلم. 02 من أخذ مالاً مقابل تبرعه بالدم فعليه أن يتوب إلى الله، ويستغفر لذنبه، وأرجو أن لا شيء عليه بأخذ هذا المال؛ لأنه أخذه وهو يجهل الحكم الشرعي فيه -كما يبدو من سؤال السائل - وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجة (2043) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-ورواه أيضاً برقم (2045) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وهو عند الحاكم (2855) وغيرهما. وحال السائل لا تخرج عن هذا الحديث، وإن كان لا يزال في نفس السائل حرج وتردد فعليه بالتصدق بهذا المال على الفقراء والمساكين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، وفقنا الله وإياك إلى العلم النافع والعمل الصالح.

تسديد المخالفات المرورية عن الميت

تسديد المخالفات المرورية عن الميت المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 13/3/1424هـ السؤال توفي أخي وعليه مخالفات مرورية، فهل تسقط عنه، أم أنه يتوجب علينا سدادها؟ بارك الله فيكم على ما تقدمونه من خدمة لنا. الجواب الغرامات التي وضعت جزاءً على المخالفات المرورية، إذا نظرت إلى سبب وجوبها وأن الغرامة تجب إذا توفر سببها، قلت: إن هذه الغرامات قد وجد سببها، وتعلقت بذمة من أوجد سببها وسجلت عليه، وعليه فلا تبرأ ذمته إلا بسداد أو إعفاء، وإذا نظرت إلى الهدف والمقصد منها وهو الزجر والردع، فكل مخالفة ترتب عليها غرامة فإنما هذه الغرامة لتنبيه المخالف وزجره عن مخالفة أخرى، وبناء عليه، فالمتوفى لا يتحقق في حقه هذا المقصد والهدف، فلا فائدة من الغرامة في حقه إذن. وبالنسبة إلى أخيكم أرى أن يطلب إعفاء له بعد وفاته؛ لعدم المصلحة في تحصيل تلك الغرامة، فإن لم يتيسر ذلك فالأحوط والأبرأ سداد تلك الغرامات، ولن يضيع حق أحد عند ربه، والله المستعان.

أخذ العوض مقابل الاستقالة

أخذ العوض مقابل الاستقالة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 12/8/1424هـ السؤال تقوم بعض المؤسسات بتحفيز الموظفين على تقديم استقالاتهم؛ لتخفيض المصاريف على المدى الطويل مقابل صرف 20 أو 30 راتب، بالإضافة إلى حقوق نهاية الخدمة، فما حكم هذه المبالغ التي يأخذها الموظف المستقيل دون تقديم عمل يخدم به المؤسسة؟ مع العلم أن تقارير المسؤولين لصرف هذه التعويضات الإضافية تكون مغالطة للحقيقة، مثل قولهم إن الموظف لا ينتج أو أنه معطل للعمل، وذلك لأخذ موافقة المسئولين عن صرف تلك المبالغ، وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فلا حرج على الموظف في أخذ المبالغ المذكورة في السؤال مقابل استقالته، وذلك أن الموظف يأخذ المبالغ مقابل تنازله عن حقه في عقد الإجارة المبرم مع المؤسسة التي تستفيد انخفاض المصاريف، إذ لا تدفع له بعض ما اعتادت دفعه مثل بدل السكن، وبدل الانتقال، ونحو ذلك. وهذا نظير الخلو إذ يطلب المالك من المستأجر إخلاء العين المؤجرة مقابل مبلغ يدفعه له، ليفسخ العقد معه. وأما التقرير المخالف للواقع فهو من الكذب ويتحمل إثمه من كتبه. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

الشرط الجزائي

الشرط الجزائي المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 25/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولا: أشهد الله على حبي لكم، وأسأله تعالى أن يجمعني بكم في دار كرامته ومستقر رحمته، سؤالي حفظكم الله: أنا رجل مسؤول عن تأمين احتياجات إحدى الإدارات الحكومية، وأعمل مناقصات عن بعض الأجهزة، ويرسى العرض على إحدى تلك المؤسسات أو الشركات، بموجب تعميد برقم وتاريخ ومدة التوريد بالتعميد، مثلا أسبوع، وفي حال تأخر الشركة عن إحضار الأجهزة خلال الفترة المحددة والمنصوص عليها في التعميد تقوم الجهة المعنية بعد رفع أوراق تلك المناقصة لها بخصم مبلغ محدد عن كل يوم تأخير. وقد رست مؤخراً مناقصة على إحدى الشركات، وفعلاً تأخرت الشركة في توريد المطلوب منها عن الفترة المنصوص عليها في التعميد والطلب، وقد وجب رفع أوراق التعميد للجهات المعنية بالتأخير الوارد..، ولكن رئيسي المباشر طلب مني أن أبلغ الشركة بأن يحضروا لنا شيئا كهدية أو أي شيء مقابل ذلك التأخير، مما يدعونا إلى رفع أوراق التعميد دون ذكر أي تأخير للجهات المعنية بالخصم، هل يجوز لي فعل ذلك؟ وهل يجوز لنا أن نجبر الشركة بإحضار أي شي مقابل ذلك التأخير أو نتغاضى عنهم؟ أم أنه لا بد من رفع أوراق التعميد بالتأخير كما جاء، وهل يحق لي أن أتغاضى عن التأخير رأفة بهم، ودون طلب مقابل لذلك، إلا ابتغاء وجه الله. وفقكم الله. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إنه يجوز لأي جهة حكومية أو أي مؤسسة تطلب إيراد احتياجات أن تشترط خصم جزء معين مقابل التأخير، ويسمى بالشرط الجزائي، هذا ولا يملك المسؤول عن تأمين الاحتياجات ولا الرئيس المباشر التنازل عن مقابل التأخير، ولا أخذ هدية مقابله، ولا التغاضي عن ذلك ولو بدون مقابل، لأن ذلك حق يختص بالإدارة الحكومية الطالبة لتأمين تلك الاحتياجات، ولا يملك التنازل إلا الرئيس الأعلى لتلك الإدارة.

التعويض للمؤلف أو المخترع

التعويض للمؤلف أو المخترع المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 19/6/1424هـ السؤال ما هي أحكام التعويض لصاحب حق (التأليف والاختراع) المعتدى عليه في إطار الشريعة الإسلامية والقانون؟ أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالتأليف والاختراع حقان خاصان بأصحابهما، فهما معتد بهما شرعاً، ولا يجوز الاعتداء عليهما، وقد صدر بذلك قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي رقم 43 عام 1409هـ و (إذا اعتدى أحد على حق التأليف أو الاختراع الخاصين بأحد فإن للمعتدى عليه المطالبة بتعويضه عن هذا الاعتداء تعويضاً يجبر الضرر الحاصل فعلاً) . إما بالمطالبة برد عين الكتاب المؤلف، أو الشيء المخترع سليماً، لم يحدث فيه ضرر، فإن حدث فيه ضرر أو أمسكه عنده حتى نقصت قيمته لزمه تعويض الضرر على خلافٍ بين أهل العلم في نقص القيمة. أو بالمطالبة بقيمة الكتاب أو الاختراع الذي اعتدي عليه، فيقدر أهل الخبرة قيمة الكتاب أو الاختراع، ويلزم المعتدي بدفعه لصاحب الحق، وهنا يلزم بالتعويض على قدر ما اعتدى عليه فعلاً. وهذه المسألة من نوازل المسائل الفقهية. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

استيفاء الرسوم من الموكل دون علمه

استيفاء الرسوم من الموكل دون علمه المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 20/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: نحن موفدون للعمل خارج المملكة في سفارات وممثليات وملحقيات سعودية في الخارج، وكثير من الأحيان يتصل بنا زملاء في العمل أو أقرباء أو أصدقاء من المملكة ولديهم تأشيرات عمالة من خدم وسائقين وفنيين وغيرهم، بغرض البحث لهم عن المؤهل لمنحه تلك التأشيرة، ونتحمل في سبيل ذلك في أحيانٍ كثيرة مصاريف، وإذا طلبناها منهم يكون في نفوسهم شيء قد يصل إلى القطيعة أو نحو ذلك، ويقوم بعض الزملاء بإضافة تلك المصاريف على ما يتطلبه إنهاء تلك التأشيرة دون إشعار الكفيل صاحب التأشيرة، وإنما يطلب منه المبلغ على أساس أنه للمكتب ورسوم إنهاء إجراءات تلك التأشيرة. فهل يجوز ذلك؟ علمًا بأننا نقوم بذلك دون مخالفة الأنظمة أو الاشتغال بها في أوقات الدوام الرسمية، أو التعقيب عليها في القنصلية أو نحو ذلك، وإنما نقوم بالبحث عن المناسب وإجراء المقابلة له، ثم يتولى المكتب إنهاء كافة الإجراءات دون تدخل منا بذلك. وجزاكم الله كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، المصاريف التي تبذلونها في سبيل البحث عن المؤهل من عمالة، كأجور النقل، ورسوم مالية يستدعيها البحث، لا حرج عليكم في استيفائها من صحاب الطلب، ولو لم تخبروه بها على سبيل التفصيل، إذ إنها من مقتضى الوكالة. أما أجرة عملكم وتعبكم بأشخاصكم أو جاهكم فلا تأخذوا لقاءه شيئاً إلا بإخبار صاحب الطلب، لأنه يعتقد أنكم تفعلون ذلك تبرعاً، وربما لو علم أن وكيله سيأخذ عوضاً، لم يُدلِ عليه بذلك، ويسوغ لكم شرعاً أن تطلبوا أجرة المثل لقاء ما تبذلونه من عمل، لكن لابد في هذه الحالة من الإخبار، والله أعلم.

شطب المخالفة المرورية

شطب المخالفة المرورية المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 27/7/1424هـ السؤال كثيراً ما أسمع من بعض الإخوة أنّه ارتكب مخالفة مرورية، ولأنه يعرف شخصاً في المرور يقوم بشطب المخالفة المرورية وفعلاً يتم شطبها، ما الحكم الشرعي بشطب المخالفة المرورية؟ علما أن الشخص الذي ارتكب المخالفة كان فعلاً مخالف باعترافه، ولو كان لا يعرف أحدا في المرور سيدفعها ولا محالة من ذلك، أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب أولاً: يجب أن يعرف السائل وغيره أن نظام المرور ونحوه إنما وضعه ولي الأمر لأجل مصلحة عموم الناس وإصلاح معاشهم وتجنيبهم الحوادث، وهذه الأمور يجب طاعة ولي الأمر فيها لعموم قوله تعالى: "أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ" [النساء: من الآية59] ، وهذا أمر من ولي الأمر لما فيه مصلحة المسلمين، فيجب على الجميع الالتزام بهذه الأنظمة، وعدم مخالفتها حماية لمصالح الناس وأرواحهم، وأما ما ذكره السائل من أنه يذهب إلى أحد معارفه في المرور ويشطب له المخالفة، بحيث إنه لا يدفع الغرامة ونحوها، فنقول: إن هذه الجزاءات إنما وضعت عقوبات تعزيرية لمن يخالف هذه الأنظمة، وإذا كان الإنسان الذي شطب على هذه المخالفة ممن له الصلاحية في هذا فهذا راجع إليه هو (صاحب الصلاحية) ، وأما إذا كان ألغاها وهو ممن ليس يملك هذا الحق فيعتبر الذي ألغاها قد أثم وتعاون هذا الإنسان المخالف معه، والتهاون في مثل هذه الأمور يجرئ بعض الناس على التجاوزات والمخالفات إذا كان يعرف له إنسانا في إدارة المرور ممن لا يلتزم بما وجه إليه ولي الأمر، فإن هذا يجرئ بعض الفسقة على المخالفات التي يترتب عليها كثير من الضحايا في حوادث المرور، وعلى الإنسان أن يتقي الله - تعالى - في نفسه، سواء كان صاحب مركبة أو كان شخصاً مسؤولاً في إدارة المرور، فكل مسؤول عن عمله وسيحاسب عليه، وبالله التوفيق.

المال المأخوذ تعويضا من التأمين

المال المأخوذ تعويضاً من التأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 20/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله باختصار سؤالي حول التأمين على السيارات، رجل دهسته سيارة فمات بسبب ذلك، ثم بعد ذلك رفعوا دعوى إلى المحكمة، وكلفوا محامياً لمتابعة القضية، ثم بعد ذلك حكمت المحكمة لهم بقدر من المال -وأقصد هنا الورثة-سؤالي هو هل يجوز أخذ ذلك المال وتقسيمه على وفق ما هو معلوم في الإرث؟ أم أنه مال حرام يجوز وضعه في طرق الخير فقط؟ وجزاكم الله كل خير والسلام عليكم. الجواب يجوز للورثة أخذ هذا المال واقتسامه، ولأنه ناتج عن التأمين لا يمنع من حله إذا لم يزد المال الذي حكمت به المحكمة عن مقدار الدية الشرعية، وهذا فيما يخص ورثة الميت، أما قائد السيارة الذي تسبب في وفاة الرجل فلا يجوز له الأخذ من الشركة أكثر مما دفع لها من أقساط شهرية أو سنوية، والله أعلم.

حق الوسيط التجاري

حق الوسيط التجاري المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 30/3/1424هـ السؤال عرض علي شخص عقاراً عن طريقه، ثم حصل التعرف على صاحب العقار مباشرة دون الوسيط المذكور، ثم قمت بالتوسط بين المشتري وصاحب العقار مباشرة وتمت البيعة، فهل يصبح للشخص الذي عرض العقار علينا في بادئ الأمر حق شرعي أو نصيب معين من قيمة السعي؟ بالرغم أنه لم تتم الاستعانة به لتحقيق هذه البيعة، وإن كان له نصيب فما هي النسبة المستحقة شرعاً؟ وإذا كان معه وسطاء آخرون فكيف تكون القسمة؟ الجواب إذا كان التعرف الذي حصل على المالك للعقار حدث صدفة من دون أن يكون هناك تأثير للوسيط، بأن أتى المالك مثلاً وعرض العقار عند صاحب المكتب بعد أن كان الوسيط قد وضعه عنده؛ ففي هذه الحالة ليس للوسيط سعي، وذلك لانتفاء صفة الوساطة بالنسبة له. أما إذا كان التعرف على المالك كان بسبب مباشر أو غير مباشر من الوسيط، بأن قام العقاري مثلاً وحاول التعرف على المالك، وطلب منه عرض العقار عنده مباشرة دون هذا الوسيط فإن الوسيط له حق في السعي في هذه الحالة؛ لأنه لم يتم التعرف على هذا المالك إلا عن طريق الوسيط، فالوسيط هو السبب الحقيقي الذي جعل العقاري يدرك أن هذا العقار ملكاً لفلان من الناس. أما النسبة التي تكون له فهي تختلف باختلاف الأعراف، فالعرف العقاري مثلاً في هذه البلاد على أن لكل وسيط سهم في السعي، فالعقاري له سهم، والوسيط إذا كان واحداً له سهم، وهكذا كل من كان له وساطة في هذا الأمر، فيقسم السعي بينهم على حسب عددهم، وهذا كله إذا لم يكن هنالك اشتراط يقضي بخلاف ذلك، أو كان هناك عرف آخر. والله الموفق.

التنقيب عن الآثار وبيعها

التنقيب عن الآثار وبيعها المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 1/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: يعلم الله بحالي، فأنا شاب تجاوز عمري السابعة والعشرين، ولم أجد عملاً، وأنعم الله علي بموقع أعلم تمام اليقين أن به ركازاً، وهو روماني؛ لأن الآثار الموجودة رومانية، وأعلم بجواز إخراجه، ولكنه في منطقة مشبكة، وعلمت أنه ستأتي شركة ألمانية لاستخراج الآثار، فما حكم إخراجه؟ الجواب إذا كان هذا الموقع الأثري في أرض مملوكة لك فيجوز لك التصرف فيها، ببيع، أو هبة، أو معاوضة، وإذا وضعت الدولة يدها عليه كما يبدو من سؤالك، فواجب الدولة ممثلة بالجهة التي تعنى بالآثار أن تعوضك عنها بسعر يومها، ويجوز لك أن تقاضيها شرعاً، وإن كنت لا تستطيع فلك أن تبيعها، أو توكل من يقوم بمراجعة الجهة المسؤولة مقابل مبلغ معين أو جزء منها، ويجب أن تعلم أن (الركاز) هو ما وجد عليه علامة تدل على أنه من زمن الجاهلية قبل الإسلام، فهذا هو الذي يسمى ركازاً في الشرع، ويجب إخراج خمس قيمته زكاة، وإن لم يوجد ما يدل على أن هذا المدفون من زمن الجاهلية فليس بركاز ويزكَّى زكاة النقدين إن كان ذهباً أو فضة. والله أعلم.

استيفاء الحق من غير قضاء

استيفاء الحق من غير قضاء المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 02/09/1426هـ السؤال شخص كان يعمل بجدٍّ في متجر، وكان يعرف أن صاحب المتجر يظلمه ولا يعطيه أجره كاملاً، هذا الشخص بدأ يأخذ حقه المسلوب بيده من الخزينة. فما الحكم في هذا؟ جزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". رواه أبو داود (3535) ، والترمذي (1264) ، وهو في صحيح الجامع الصغير للألباني -رحمه الله- وبهذا يعلم أنه لا يجوز للإنسان أن يأخذ مال غيره ولا يظلمه، ولو كان ذلك الغير ظالماً له، بل عليه أن يسعى في أخذ حقه بالطرق المشروعة، فإن حصل عليه بتلك الطريقة فبها ونعمت، وإلا فلن يضيع عند الله حق. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

دفع الضرائب في البلاد الكافرة

دفع الضرائب في البلاد الكافرة المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 2/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعيش أنا وأسرتي في إحدى دول الغرب، وأعمل هناك، وأقوم بدفع الضرائب كاملة تبعاً لنظام البلد، ولكنني أشعر بالحرج الشرعي من دفع الضريبة في بلد تحتل بعضاً من بلاد المسلمين، فما حكم دفع الضريبة؟ وهل يجب علي ترك البلد إن سنحت لي الفرصة وتوفر لدي عمل آخر في بلد آخر؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا حرج عليك -إن شاء الله- بدفع الضرائب؛ لأنك ملزم بذلك، ويجب عليك الانتقال إلى بلد مسلم متى ما سنحت لك الفرصة بذلك؛ لأن الإقامة في غير بلاد المسلمين لا تجوز إلا لحاجة أو لمصلحة راجحة، ومن الحاجة ألا يتوفر للمقيم عمل في بلاد المسلمين، ومن المصلحة الراجحة أن يكون الشخص مقيماً في تلك البلاد لغرض الدعوة إلى الله، ولا شك أن الإقامة في تلك البلاد فيها ضرر كبير عليك وعلى أسرتك، فعليك مضاعفة الجهد في المحافظة على أسرتك، وتنشئة أبنائك النشأة الصالحة، وأن تستثمر فترة إقامتك في تلك البلاد بالقيام بأعمال تخدم بها الإسلام من الدعوة إلى الله، وتعريف غير المسلمين بالإسلام، ريثما يتيسر لك الانتقال إلى بلد مسلم. والله الموفق.

هل يطالبه بإصلاح السيارة؟

هل يطالبه بإصلاح السيارة؟ المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 26/5/1425هـ السؤال أعيش في كندا، وكنت قد اشتريت سيارة مستعملة بمبلغ من المال، وقد ذكر لي مشافهة التاجر الذي اشتريت منه السيارةَ أنه قام بإصلاح جميع المشاكل التي في السيارة، وأنها تعملُ بشكلٍ جيد، ٍ وأنها خاليةٌ من المشاكل، إلا أنه وبعد استلامي للسيارة ظهرت بها مشاكل رئيسية، وأنها حقاً بحاجة إلى إصلاح سريع، والحقيقة أن القانون في هذا البلد يسمح لي بمطالبة التاجر بعملية الإصلاح، وذلك حسب الأصول القانونية المتبعة هنا، وإن لم يكن قد نص على ذلك في عقد البيع. هل يحق لي -شرعاً- المطالبة بهذا الأمر دون أن يكون منصوصاً عليه من خلال عقد المبايعة؟ أتمنى منكم إفادتي. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا كان الأمر كما ذكرت في السؤال من اكتشافك لعيوب في السيارة لم تكن ظاهرة أثناء شرائك لها، ولم يبينها لك البائع، فيثبت لك في هذه الحال خيار العيب، فتكون مخيراً بين أمرين: الأول: فسخ البيع واستردادك للثمن، وإذا رغبت في هذا الخيار فيلزمك إعلامه بالفسخ فور علمك بالعيب. والثاني: أن تبقي السيارة معك، وتطالبه بالتعويض، ومقدار العوض الذي يحق لك المطالبة به بقدر الفرق بين قيمة السيارة لو لم يكن فيها ذلك العيب وقيمتها مع وجود ذلك العيب، وهذا العوض عادة ما يكون أكثر من قيمة الإصلاح، فإذا اكتفيت بالمطالبة بقيمة الإصلاح فقط فلك ذلك، ولكن عليك أن تتأكد أن هذا العيب كان موجوداً في السلعة عند بيعها، أما لو حصل هذا العيب بسببك فلا حق لك في التعويض. والله أعلم.

هل هي مطالبة بالتعويض؟

هل هي مطالبة بالتعويض؟ المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 24/2/1425هـ السؤال أعمل معلمة في مدرسة إسلامية في إحدى دول الغرب، قبل مدة جمعت أموالا من الطلاب لشراء كتب على أن تكون على شكل تأمين ثم نعيد للطلاب الثمن الذي دفعوه عندما يرجعون هذه الكتب للمدرسة، وبتقصير مني وضعت كامل المبلغ المتجمع من الطلاب لدى إدارة المدرسة ولم أطلب منهم أن يضعوه في الخزينة بل في خزانة الملفات، ولم أستلم إيصالا بذلك، وقد كنت أصل إلى المبلغ الأصلي وأضيف مبالغ أخرى إليه. وكان يجب علي الحصول على مثل هذا الإيصال، والذي حصل بعد ذلك أنني تغيبت عن المدرسة عدة أسابيع وعندما عدت وجدت تغيرا في أعضاء إدارة المدرسة. وقد بحثنا عن المبلغ المحفوظ فلم نجده وقمنا باستدعاء الموظفة المختصة فلم تعرف أين ذهب المبلغ. ويعتبر مكتب الإدارة مكاناً آمن ولا أحد يصل إلى الخزانة التي كان المال فيها إلا الموظفين. الآن قام الطلاب بإعادة الكتب ويطالبونني بإعادة المبلغ الذي دفعوه. ماذا أفعل؟ هل أنا ملزمة بإعادة هذا المبلغ من مالي الخاص لأنني لم آخذ إيصالا بالمبلغ من المدرسة؟. الجواب إن كنت أخذت الأموال من الطلاب بتوجيه من إدارة المدرسة فلا شيء عليك؛ لأنك في هذه الحال مؤتمنة من قبل إدارة المدرسة على استلام هذه الأموال وتسليمها إليهم، وقد قمت بأخذها من الطلاب وإعطائها المدرسة وعند ذلك تبرأ ذمتك. وأما إن كنت أخذت الأموال باجتهاد منك ولم تأمرك إدارة المدرسة بذلك فإن الأمر لا يخلو من حالين: الحالة الأولى: أن تكون إدارة المدرسة لم تفرط في حفظ هذا المال ولم تتعدّ عليه ففي هذه الحال يجب عليك أن تغرمي هذه الأموال للطلاب، وليس لك حق الرجوع على إدارة المدرسة بشيء. الحال الثانية: أن تكون إدارة المدرسة فرّطت في حفظ هذا المال، فيلزمك إعادة الأموال للطلاب، وأنت تأخذين هذه الأموال من المدرسة. وأما كونك لم تأخذي إيصالاً من إدارة المدرسة بتسلمها للمبلغ فهذا لا يعدّ تفريطاً في حفظ المال، ولكنه تفريط في توثيق حقك وبراءة ساحتك، ولهذا لو أنكرت إدارة المدرسة استلامها للأموال فإنك في هذه الحال ستقعين في مشكلة لأنه لا يوجد عندك ما يثبت أن إدارة المدرسة استلمت المال إلا إن كان عندك شهود يشهدون بذلك. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل له أخذ رسوم الدراسة وهو يعمل؟

هل له أخذ رسوم الدراسة وهو يعمل؟ المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 15/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا موظف مبتعث لدراسة الدكتوراه في دولة غربية، ولقد تكفلت الدولة بدفع تكاليف الدراسة كلها، والتي تكلف حوالي 5000 دولار للفصل الدراسي الواحد، وكذلك دفع مرتب شهري، وحسب نظام الابتعاث فإنه يشترط علي عدم العمل أثناء الدراسة إذا كان ذلك يؤثر على سير الدراسة، وهنا وجدت فرصة عمل في التخصص الذي أدرس فيه، مع العلم أن هذا لا يؤثر على دراستي بل يزيدني خبرة، وحسب نظام الجامعة أي طالب يعمل في الجامعة بمهنة التدريس يصرف له راتب شهري وتدفع له رسوم الدراسة، وبما أنه قد دفعت رسوم الدراسة من قبل الملحقية السعودية 5000 دولار، وأيضاً الجامعة دفعت رسوم الدراسة في نفس الوقت 5000 دولار، ما حصل هو أن أصبح في حسابي لدى الجامعة زيادة 5000 دولار، وأستطيع أن آخذ هذه النقود وهي 5000 دولار. فهل يحق لي أخذ هذه النقود التي في حسابي أم لا؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فبما أن عملك لا يؤثر في سير دراستك، فالذي أراه أن عملك مباح ولا يخل بشرط الملحقية الثقافية، وبناء على ذلك فيحق لك أن تأخذ المرتب الشهري الذي تدفعه لك الجامعة، بالإضافة إلى ما يفيض في حسابك لدى الجامعة من الرسوم الدراسية التي تدفعها الجامعة نفسها. والله أعلم.

أخذ التعويض على التأمين

أخذ التعويض على التأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 20/3/1425هـ السؤال المرجو توضيح الضرورة الشرعية التي تستدعي التأمين كما هو مذكور في سياق الفتوى المعنونة بـ (أخذ التعويض من شركة التأمين) . الجواب إن القواعد الشرعية في الفقه الإسلامي، منها: ما يستند مباشرة إلى دليل شرعي من الكتاب أو السنة، ومنها: يستند إلى اجتهاد واستنباط أصولي أو فقهي (فرعي) ، ومثال النوع الأول: (الضرر يزال) ، و (الضرورات تبيح المحظورات) ، و (المشقة تجلب التيسير) ، ومثال النوع الثاني: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) ، و (ما حرم سداً للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة) ، و (الاجتهاد لا ينقض بمثله) ، وما كان من النوع الأول يجوز الاستدلال بالقاعدة في الفتوى والقضاء لاستناد تلك القاعدة إلى آية من القرآن أو حديث من السنة النبوية، وما كان من النوع الثاني لا يستدل بالقاعدة على إصدار الحكم أو الفتوى، وإنما يستأنس بها؛ لأنها لا تعدو أن تكون أمراً اجتهادياً بحتاً، فهي بحاجة إلى أن يستدل لها لا أن يستدل بها، والتفريق بين هذه القواعد والاستدلال لها أو عليها مبسوط في كتب القواعد، ويعرفه أهل العلم مما لا مجال لذكره هنا. أما كيف تستدعي الضرورة جواز أخذ التعويض من شركة التأمين فالذي يقدّره المفتي أو القاضي الشرعي بعد النظر في سؤال المستفتي وحاله وحال الشركة التي تقوم بالتعويض له أو عنه، وما في العقد من شروط وما قد يعتريه من صحة وفساد، وهل عقد التأمين إجباري لا خيار للسائل فيه، إن كان كذلك فأخذ التعويض جائز من (باب الضرورات تبيح المحظورات) ، وإن كان اختيارياً فلا يجوز له الدخول فيه، ثم إن (الضرورة تقدر بقدرها) فإذا كان الإلزام بالتأمين على نوع منه كالسيارات مثلاً فيكتفى به ولا يدخل في أنواع أخرى كالتأمين على عموم الممتلكات من بيوت، ومزارع، ومصانع، هذا كلّه إذا كان المفتي أو الحاكم يرى حرمة التأمين، أما لو كان يرى جوازه وحله فلا حاجة للاستدلال بقاعدة الضرورة، بل يستند حينئذٍ إلى قواعد أخرى معتمدة على دليل شرعي كقاعدة (الأصل في الأشياء الإباحة) ، و (الأصل في العقود الجواز) ، وهكذا. أما العالم وطالب العلم المتمكن الذي لا يحتاج أن يستفتي أو يقلد غيره في مثل هذه المسألة فإضافة إلى ما سبق، عليه أن يستفتي قلبه وخير له أن يأخذ لنفسه بالأحوط والعزيمة وإن أفتى الناس بالجواز والرخصة.

ونظراً إلى كثرة النوازل والوقائع المستجدة التي نزلت بالأمة اليوم مما لم يعرف عند السابقين من سلفنا الصالح كالتأمين ضد الغير، والتصوير، وعقود التأجير المنتهية بالتمليك، وبطاقات الائتمان، ونحو ذلك، ينبغي أن يفتى الناس بما لا يشق عليهم ما دام في النصوص والقواعد الشرعية متسع ومخرج، والنوع الأول من القواعد الشرعية التي مثلنا ببعضها تتسع لكل نازلة تنزل بالأمة، وهذا رحمة من الله بعباده، وسر من أسرار التشريع لهذا الدين الخاتم "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" [المائدة:3] ، "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85] ، "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة:185] ، "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون" [الأعراف:157] . فهذه الآية الكريمة ركزت على ست صفات يجب على الموقعين عن رب العالمين وورّاث النبوة -الحكام والمفتون- مراعاتها عند إصدار الأحكام والفتاوى حتى يكونوا من المفلحين، والدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، وما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن في ذلك إثم أو معصية، والله أعلم.

دفع الدية من التأمين

دفع الدية من التأمين المجيب محمد الحسن الدَّدَوْ الداعية الإسلامي المعروف التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 28/10/1426هـ السؤال في حالة الدهس بالسيارة؟ هل يجزئ ما تقوم به شركات التأمين من دفع الدية (التعويض) وفي صيام الشهرين: هل يبدأ الصيام من بداية الشهر القمري، أم من أي يوم ولمدة 60 يوماً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيقول الله تعالى: "ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا" [النساء:92] . فيجب على من قتل مسلماً خطأ أن يكفر بعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فبصيام شهرين متتابعين، إذا ابتدأ من أول يوم في الشهر القمري أكمل شهرين، ولم يلزمه قضاء ما فيهما من النقص، وإلا لزمه إكمال ستين يوماً. وَالدية على عاقلته إن كان له عاقلة، أو على أهل ديوانه إن لم يكن له عاقلة، ولا يجزئ عن الدية ما تدفعه شركة التأمين؛ لأن عقد التأمين من عقود الغرر، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر، وأيضاً هو من تكليف غير المكلف، وقد قال الله -تعالى- في قصة يوسف -عليه السلام- "معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذاً لظالمون" [يوسف:79] . والله أعلم.

إلزام المماطل المليء بأجرة المحامي

إلزام المماطل المليء بأجرة المحامي المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 18/10/1425هـ السؤال نحن شركة مواد بناء، وقمنا ببيع مواد إلى إحدى الشركات، وامتنعت عن الدفع، فقمنا برفع قضية في المحكمة، وقد حصلنا على حكم من المحكمة الابتدائية والاستئناف والنقض يلزم الشركة بدفع المبلغ لنا، وعند التنفيذ لم تكن الشركة في بلدنا وهي الآن في بلد آخر، وطلبنا التنفيذ في ذلك البلد عن طريق المحامي، والمبلغ المحكوم به ينقسم إلى 1- قيمة أصل المبلغ. 2-رسوم المحكمة في بلدنا وفي بلدهم. 3- فائدة بنكية بنسبة 9% على المبلغ من 1997 وحتى السداد التام. لذا فالسؤال: هل يجوز أن ندفع إلى المحامي من قيمة الفائدة؟ لأن أتعاب المحامي تعادل 15%من المبلغ الأصلي، ويشترط المحامي أخذ النسب على المبلغ الذي سيتم التنفيذ عليه وهو أصل المبلغ والفائدة البنكية، كذلك نرجو من فضيلتكم التكرم بإفادتنا بالأمر الشرعي وإفتائنا بذلك. وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا كان امتناع الشركة المدينة عن السداد عن مماطلة بغير حق، فتستحقون تعويضًا عن جميع الأضرار الفعلية التي لحقتكم بسبب تلك المماطلة -كرسوم المحكمة وأجرة المحامي - إضافة إلى أصل الدين، أما إذا كان امتناع الشركة عن السداد لعذر أو كان بسبب الإعسار أو عدم القدرة على الوفاء فلا يحق لكم المطالبة إلا بأصل الدين لقوله تعالى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) [البقرة:280] . وعلى كلا الحالين فليس لكم أخذ الفوائد البنكية؛ لأنها من الربا المحرم. وفي الحال الأولى- أي إذا كان تأخير السداد عن مماطلة- إن كانت المحكمة قد فرضت لكم فوائد بنكية ولم تلزم الشركة المدينة بدفع أتعاب محاميكم فيحق لكم أن تأخذوا من الفوائد بقدر أتعاب المحامي لا على أنها فوائد وإنما لكونها تعويضًا عن أجرة المحامي، وما زاد عن ذلك من الفوائد فلا يحق لكم أخذه. ويجب أن تكون أجرة المحامي على الوجه المعتاد بدون زيادة حتى لا يكون في ذلك إجحاف بالمدين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (مجموع الفتاوى 30/25) : إذا كان الذي عليه الحق قادرًا على الوفاء ومطل صاحبه حتى أحوجه إلى الشكاية، فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المماطل، إذا كان غرمه على الوجه المعتاد. وفي الفروع (4/292) : ومن مطل غريمه حتى أحوجه إلى الشكاية فما غرمه بسبب ذلك لزم المماطل.

نظم دورة فهل له الحق فيما زاد على تكاليفها؟

نظم دورة فهل له الحق فيما زاد على تكاليفها؟ المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 25/10/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نظمت لزملائي بالجامعة دورة تدريبية، واتصلت بمدرب مشهور، وطلب مبلغ أربعة آلاف ونصف جنيه إسترليني، وقال إن ثلاثة آلاف له، وألف وخمسمائة لمدرب ثان يحضره في اليوم الأخير، بعد سنة من جهدي أقيمت الدورة واشترك 14 طالب برضاهم برسوم خمسمائة جنيه، تسبب أحد الطلاب بمشاكل أثناء الدورة، وحاول إلغاء دوري كمنظم، وكان مما أثاره التشكيك في المبلغ المالي، واستفسر من المدرب فأجابه أن له ثلاثة آلاف فقط مع ألف وخمسمائة سيوصلها للمدرب الثاني، وأن المنظم حسم المصروفات وسلمه باقي المبلغ باعتبار أن أجوره متدنية بالأساس، إلا أن الطالب بدأ يؤلب الطلاب ويدعو لرد ما تبقى من المبلغ. سؤالي حفظكم الله هل له وللطلاب الآخرين حق المطالبة بما زاد؟ علماً أنهم دفعوا الخمسمائة برضاهم، ويعلمون أنها أقل من نصف الرسوم في السوق. ثانياً أن المدرب الثاني قال إنه لم يستلم سوى خمسمائة جنيه من المدرب، فهل نلزم المدرب برد ألف جنيها أخذها كما يقول احتياطا؟ ثالثاً: أحد الطلاب المشاركين لم يستطع أن يدفع أكثر من مائة جنيه، فهل يجب أن يدفع الباقي ولمن يدفعه أم يسقط عنه؟ رابعاً: أنني لم أجد من يكافئني على جهدي سوى طالب واحد، فهل لي حق شرعي في المبلغ الفائض خاصة وأني ضامن للمدرب حقه؟، فلو لم يسجل سوى طالبين ملتزم أنا للمدرب بدفع ما تبقى من الأربعة آلاف ونصف التي طلبها، وبدون جهدي لم تقم الدورة، أرجو أن تكتبوا ردكم يا فضيلة الشيخ وأن يكون ملزما للجميع، وأخيراً أشير إلى أنه ليس في يدي الآن سوى مبلغ 200 جنيه لا أعلم ماذا أفعل بها. جزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب عن السؤال راجع إلى الصفة التي أخذت المال منهم على أساسها، فهل نظمت الدورة على أساس أنك ستنظم لهم دورة تتحمل خسائرها وتأخذ أرباحها، أم أنك نظمت لهم الدورة على أن تقوم بدور الوسيط بينهم وبين المدرب بالإضافة إلى قيامك بباقي أعمال الدورة من تهيئة المكان وغير ذلك مما تحتاجه الدورات؟ إن كنت قمت بالدورة على الأساس الأول فلك أرباح الدورة، فالرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "الخراج بالضمان"، وعلى هذا الأساس لا يحق لهم استرجاع الأموال إذا كنت قد قمت بما طلب منك القيام به كاملاً، كما أنه لا بأس أن تأخذ من أحد المشتركين مائة جنيه فقط، وأيضاً لك أن تطالبه بالباقي؛ لأنك أنت القائم على الدورة وستتحمل الخسارة لو وقعت. أما إن كنت دخلت الدورة على أساس أنك وكيل لباقي زملائك، ففي هذه الحال لا تستحق أخذ الأموال الفائضة، بل تستحق أجرة المثل فقط، إن لم تكن قد ذكرت أنك ستقوم بذلك بلا مقابل، ولا يحق لك أن تأخذ من بعض زملائك أقل مما تأخذ من الآخرين إلا برضاهم. أما مسألة المدرب الأول والثاني فهذه يُحتاج فيها إلى معرفة طبيعة العقد الذي تم بين المدرب الأول والمدرب الثاني. أما طلبك إلزام زملائك بهذه الفتوى فهذا غير ممكن؛ لأن الفتوى لا تكون ملزمة بل القضاء هو الذي يكون ملزماً؛ ولهذا فالفتوى يستمع المفتي فيها إلى طرف واحد وبعد ذلك يخبره بالحكم الشرعي الذي يراه من دون أن يستمع إلى الطرف الآخر، وأما القاضي فلا بد أن يستمع إلى الطرفين، فمن المحتمل أن يكون الطرف الأول لم يأت بالتفاصيل كاملة، أو لم يكن صادقاً في المعلومات التي أدلى بها، ونحو ذلك. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تضرر المقاولين من ارتفاع اسعار مواد البناء

تضرر المقاولين من ارتفاع اسعار مواد البناء المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 08/05/1425هـ السؤال يشكو كثير من المقاولين ارتفاع أسعار مواد البناء (زيادة للضعف أحيانا) بعد عقود المقاولات مما يؤدي إلى فشل كثير منهم ثم إفلاسهم، ما المخرج؟ وهل من طرق أو صيغ يمكن إضافتها في العقود لحماية المقاول من الفشل أو الإفلاس؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، وبعد: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمَرَ بوضع الجوائح، رواه مسلم (1554) من حديث جابر -رضي الله عنه-. والجائحة هي ما يصيب المال فيهلكه ويتلفه مما هو خارج عن الإرادة البشرية، كما لو باع المزارع ثمراً بعد بدو الصلاح، فهلك الثمر بمطر أو بَرَد أو غيره قبل أن يقبضه المشتري، فالواجب في هذه الحالة تخفيض الثمن بقدر ما هلك من الثمر، كما قال عليه الصلاة والسلام: "لو بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ " رواه مسلم (1554) من حديث جابر -رضي الله عنه-. ويدخل في الجوائح والله أعلم الارتفاع الفاحش في أسعار مواد البناء أو المواد الأولية في عقود المقاولات، فالمشروع في هذه الحالة وضع الجوائح، وذلك إما بزيادة قيمة العقد أو بتخفيض الكمية أو القدر المطلوب ليتناسب مع التكلفة. وأما مقدار الجائحة فهو محل اجتهاد، فالمالكية قدروها بالثلث، فلو هلك ثلث المبيع قبل قبضه وجب إسقاط ما يقابله من الثمن، وبناء على ذلك يمكن تقدير الزيادة أو النقص في عقود المقاولات بالثلث، فإذا كانت الزيادة في السعر تتجاوز الثلث شرع زيادة قيمة العقد بحسبه، وإن كانت بالنقص شرع تخفيضها بحسبه. ووضع الجوائح ثابت بالسنة المطهرة، ولا يحتاج ليعمل بمقتضاه أن يذكر في العقد، لكن الاتفاق عليه أولى؛ لأنه أبعد عن النزاع. والله تعالى أعلم.

هل يضمن ما ذهب من مالها؟

هل يضمن ما ذهب من مالها؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية التاريخ 22/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. امرأة أبلغها زوجها أنها لو سلمته مبلغ صداقها كي يتاجر به لتحسين ظروفهم المعيشية عند رجل عرفه أنه ثقة، فلما سلمته المهر اتضح فيما بعد أن ذلك الثقة نصاب وأخذ المبلغ وهرب به، وبعدها أصيبوا بفقر شديد وحرمان، فلو كان مبلغ الصداق موجوداً لأعانها في بلائها، ولكن زوجها وبعد عشرين عاماً وبعد تحسن وضعهم المادي بعدما طالبته بمبلغ صداقها وإضافة إلى تعويض عما حصل لها من الأضرار طيلة الأعوام السابقة التي عاشتها معه، قال لها: أعطيك مهرك ولا تعويض عندي لك عن الضرر الذي لحق بك لفقدانك المهر بسببي، فهل لها تعويض عن الضرر الذي لحق بها طيلة السنوات السابقة لتسليمها المهر لزوجها وعدم تمتعها، به كالنساء، أو حتى لمغالبة الفقر؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يظهر من السؤال أن زوجك لم يجبرك على دفع مهرك، وإنما عرض ذلك عليك عرضا فوافقتيه، ولم يكن يعرف أن الرجل خائن. ولا يخلو الوضع بعد ذلك من حالين: الأول: أن يكون زوجك ذكر لك اسم الرجل، وعرفه لك، فرضيت بذلك، ثم سلمت المال إلى زوجك كي يوصله للرجل، الذي ظاهرة الاستقامة والأمانة، ثم بان على خلاف ذلك. وفي هذه الحال لا لوم على زوجك، ولا يلزمه تعويضكِ شيئا من المهر، ولا غيره؛ لأن التصرف وقع بعلمك، وزوجك إنما هو واسطة بينك وبين الرجل. الثاني: أن تكوني دفعتِ المال إلى زوجك ليسلمه إلى رجل ثقة يضارب لك فيه دون أن يعين لك اسم شخص، وفي هذه الحال تكونين قد وكلت زوجك، وهو مؤتمن في ذلك، فإن كان قد فرط في اختيار الرجل، ولم يتثبت من حاله فعليه أن يغرم لك المهر. أما التعويض عن الضرر الذي لحقك، ومطالبتك بدفع مبالغ زائدة على مهرك فلا أعلم أن لك حقاً في ذلك، وما أصابكم من فاقة في السنوات الماضية إنما هي أقدار الله، فلعلها كانت سبباً في خير "وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيرا كثيراً". وأنتِ ذكرتِ في السؤال أن زوجك قد وافق على تعويضك بقدر مهرك بعد تحسن وضعه المادي، فعليك أن ترضي بذلك، وتشكريه على وفائه، وتقديره وقبوله بدفع عوض لا يلزمه، وأن تحسني عشرة زوجك، ولا تنسي أنه قد شاركك حالة الضيق التي قد مرت بكم، وستشاركينه بعد تحسن الأوضاع في حالة اليسر إن شاء الله. والله أعلم وأحكم.

مسائل متفرقة

هل يؤثر تغيّر القيمة الشرائية في رد الدين؟ المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة التاريخ 3/8/1422 السؤال أنا طالب علم أدرس في الجامعة، تمر علينا مسائل تجارية لا نعرف أحكامها الشرعية، مثل مسألة دفع البنك للتضخم المالي من غير أي زيادات ربوية على المال عند تغير القوى الشرائية للمال، مثال: الريال السعودي كانت له قوته فكان الرجل يتغدى بريال واحد فقط، أما الآن فالريال لا يكفي لشيء، فلو استلف رجل منك 1000 ريالٍ قديماً وأعدتها إليه الآن 1000 ريال فأنت لم تعطه مثل ما أخذت منه، فالقوة الشرائية مختلفة فالواجب أن ترد 1000 له 10000 ريال وهذه ال 9000 ليست ربا لأنها ليست زيادة في قيمة المال الحقيقية (الشرائية) وهذا ليس قرضاً جر منفعة فالمنفعة فيه = 0 فأنت لم تعطه أي زيادة على ما كان يستطيع شراءه من قبل. فالرجاء التفصيل في المسألة، وإعطائي عنوان المفتي حتى يمكنني مناقشته في هذه المسألة التي هي في صلب دراستي. الجواب الحمد لله، يا أخي حفظك الله ووفقك: تغير قيمة النقد له جملة أسباب، ومن أظهر أسبابه اليوم "الربا" فإن من مفاسد الربا الاقتصادية اضطراب قيمة النقود، وكسر معيار الثمن. والفقهاء قديماً اختلفوا في هذه المسألة إلى أقوال ثلاثة: الأول: يقضي بردّ ما أُخِذَ دون زيادة، أو نقص، وهو قول الجمهور. الثاني: يقضي بردّ القيمة، فيراعي التغير صعوداً وهبوطاً، وهو قول أبي يوسف. الثالث: يقضي بردّ ما أُخِذ دون زيادة أو نقص إن كان التغير أقل من الثلث، أما إن كان التغير يبلغ الثلث فصاعداً، فإنه يعتبر فاحشاً يورث الغبن، ولهذا يعتبر بهذا التغير، فترد القيمة، وهو قول المالكية. إذا علمت هذا، فاعلم أن ما يمكن أن يوجه من اعتراض على القول الأول هو: أن النقود قد تغيرت قيمتها الشرائية، يمكن أن يرد عليه بالقول: إن التغير الذي طرأ على النقود لم يكن بسبب المدين كي يلزمه ضمانه. وهو سيطرأ عليها سواء كانت عنده أو عند صاحبها. فإن قيل: لكن النقود لو كانت عند صاحبها لاستفاد منها، وبقائها عند المدين منع صاحبها من الاستفادة منها، أجيب عنه من وجوه ثلاثة: الأول: أن استفادة صاحبها منها لو كانت عنده أمر غير محقق، فقد تكون عنده دون أن يستفيد منها، وقد تكون عنده فيوظفها في طلب الربح فيخسر والضمان إنما يكون في تفويت شيء محقق، وهو غير وارد ها هنا. وعليه: فإن المطالبة بضمان غير المحقق إنما هي فرع من المطالبة بالتعويض التي هي من مخلفات الفكر المادي، الذي لا يقوم على أساس الإيمان بالقدر، فإن ما قدِّر سيكون، وما لا فلا. الثاني: أن الدين إذا كان بسبب عقد بيع مؤجل، فالغالب أن البائع الدائن قد زاد في الثمن فهو قد استفاد. الثالث: أن هذا الاعتراض غير مناسب فيما موضوعه القرض، وإلاّ لكان الربا سائغاً بدعوى أنه مقابل تعطيل استفادة صاحب النقود منها خلال مدة القرض، وهذا ممتنع شرعاً، وبهذا يتبين أن المناسب: أن يُرد للدائن مثل ما أُخِذ منه دون زيادة أو نقص.

ومع هذا لو قيل بالاعتبار بالتغير الفاحش، وخرج ذلك مخرج الإحسان والمعروف لكان له وجه بشرط ألا يكون الدين من باب القرض الربوي فإن كان من قبيله لم يعد مناسباً لما يلي: - أ - معاملة للبنوك الربوية بنقيض قصدها. ب - التساهل مع البنوك الربوية في شأن الله - تعالى -، والتساهل لا يصلح سبباً للتسامح، والله - تعالى - يقول: "فبظلمٍ من الذين هادوا حرمنا عليهم طيباتٍ أحلت لهم. . " الآية. ويمكنك الرجوع إلى كتب الفقه المعتمدة لدى المذاهب الأربعة في تحرير هذه المسألة، بالإضافة إلى ما كتب في هذه المسألة خاصة مثل: 1. قطع المجادلة عند تغيير المعاملة. 2. تنبيه الرقود. 3. مجلة مجمع الفقه الإسلامي، فإن في بعض أعدادها أبحاثاً خاصة بهذه المسألة، ع5ج3. هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

إجراء العقود عبر وسائل الاتصالات الحديثة

إجراء العقود عبر وسائل الاتصالات الحديثة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 5/7/1422 السؤال هل يجوز إبرام العقود عن طريق الوسائل الحديثة كالإنترنت والفاكس أو الهاتف؟ سواء كانت عقود زواج أو عقود في المعاملات الأخرى؟ الجواب بُحثت هذه المسألة في مجمع الفقه الإسلامي، وأصدر بشأنها قراراً نكتفي بنشره وفيه الكفاية إن شاء الله. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه. قرار رقم: 52 (2/6) بشأن حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 ـ 23 شعبان 1410هـ الموافق 14 ـ 20 آذار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، ونظراً إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات، وباستحضار ما تعرض له الفقهاء بشأن إبرام العقود بالخطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وماتقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له اتحاد المجلس -عدا الوصية والإيصاء والوكالة- وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف. قرر مايلي: أولاً: إذا تم التعاقد بين غائبين لايجمعهما مكان واحد ولايرى الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله. ثانياً: إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي، فإن التعاقد بينهما يعتبر تعاقداً بين حاضرين، وتطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء المشار إليها في الديباجة. ثالثاً: إذا أصدر العارض بهذه الرسائل إيجاباً محدد المدة يكون ملزماً بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة، وليس له الرجوع عنه. رابعاً: إن القواعد السابقة لاتشمل النكاح لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف لاشتراط التقابض، ولا السلم لاشتراط تعجيل رأس المال. خامساً: ما يتعلق باحتمال التزييف أو التزوير أو الغلط يرجع فيه إلى القواعد العامة للإثبات.

التصرف في تبرعات المسجد

التصرف في تبرعات المسجد المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ كتاب الزكاة/صدقة التطوع التاريخ 29/4/1422 السؤال أنا إمام لأحد المساجد، وأجمع أسبوعياً ريال من الجماعة، وذلك لصرف هذا المبلغ على حاجيات المسجد الثقافية وللصيانة، فهل يحق لي أن أصرفه في جوائز مسابقات المسجد، لكون الجماعة كلهم تقريباً يشاركون في الدفع؟ وفقنا الله وإياكم لكل ما يحبه الله ويرضاه الجواب هذا راجع إلى ما يفهمه جماعة المسجد من قولكم " حاجيات المسجد الثقافية "، فإن كانوا يعلمون أن الجوائز للمسابقات الثقافية داخلة فيه فلا حرج إن شاء الله وإن كانوا يفهمون خلاف ذلك فلا بد من إخبارهم به، وفقكم الله.

توزيع الحلوى على المعلمات ليست رشوة

توزيع الحلوى على المعلمات ليست رشوة المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس التاريخ 29/4/1422 السؤال بعض الطالبات بعد نجاحهن يقمن بتوزيع الحلوى على المعلمات أو بعضهن تعبيراً عن فرحتهن بالنجاح، فهل أخذ أي شيء من الطالبات يدخل تحت حكم الرشوة؟ الجواب لا يدخل في ذلك؛ حيث أن هذه الحلوى وما أشبهها ليست ثمينة وليس لها قيمة رفيعة، ولا تُؤثر على المُعلمات محاباة أو انحيازاً مع أن هؤلاء الطالبات قد عزمن على مُفارقة تلك المدرسة وتوديع المُعلمات والزميلات مما حملهن على هذا العمل. والله أعلم.

حكم تحويل المرضى مقابل مبلغ مالي

حكم تحويل المرضى مقابل مبلغ مالي المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 29/4/1422 السؤال عرض علي أحد الأطباء الاستشاريون في طب العيون التعاون معه وذلك بأن يقوم بتحويل المرضى الذين يحتاجون إلى نظارات طبية للمحل مقابل مبلغ مالي أدفعه للطبيب في حال شراء المريض من المحل فما الحكم في مثل هذا الاتفاق؟ الجواب لا يجوز لك أن تعطي هذا الطبيب شيئاً من المال مقابل إحالة بعض المرضى إليك! لعدة محاذير: أولاً: أن كان هذا الطبيب تابع لجهة مسئولة، لحديث أبي حميد الساعدي، وفيه قولة صلى الله علية وسلم:" فهلا جلس في بيت أبية وأمة فينظر هل يهدى إلية أم لا؟ رواة البخاري، فدل على أن العلة الوظيفة، وعند الإمام حمد والبيهقي وغيرها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"هدايا العمال غلول". ثانياً: أن هذا الطبيب لن ينظر الى مريضة فانه سيحيل المريض إلى من يعطيه شيئاً، ولوكان من هو انفع للمريض، ومن كان خيارة لغيرة خيار مصلحة، لاخيار. ثالثاً: أن ما سيأخذة الطبيب قد يضيفه التاجر إلى ثمن السلعة. رابعاً: أن هذا يفتح باب الطمع والجشع لذوي المهن والتجار كما أن فيه نوعا من ااحتكار سوق البيع ومنع الآخرين منة بسبب صاحب المهنة، ولاشك في هذا انه منهي عنة، وبالله التوفيق.

احتكار السلع أثناء الحروب

احتكار السلع أثناء الحروب المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 5/2/1424هـ السؤال أثناء الأزمات والحروب يعمد بعض التجار إلى تخزين بعض السلع، وعدم بيعها على الناس؛ حتى يزيد سعرها وتنقطع من الأسواق، فما حكم فعله هذا؟ نرجو منكم توضيح المسألة لعامة الناس. وفقكم ربي لكل خير، وسدد على طريق الخير خطاكم. الجواب أخشى أن يكون عملهم هذا داخلاً في حديث عمر - رضي الله عنه-: "المحتكر ملعون"، رواه الحاكم (2209) وغيره، وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: "من احتكر يريد أن يتغالى فيها على المسلمين فهو خاطئ وقد برئت منه ذمة الله" رواه الحاكم (2211) ، والمحتكر من يعترض أسواق المسلمين، بأن ينظر ما يحتاج إليه المسلمون من طعام ليحتكره، حتى إذا نفد من السوق عرضه بسعر غال، وهذا هو عين الإضرار بالمسلمين لتحقيق مصالحه الذاتية، وقد روى الإمام أحمد (20313) وغيره من حديث معقل: "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة"، وروى ابن ماجة (2155) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس".

قبول التبرعات للمساجد من غير المسلمين

قبول التبرعات للمساجد من غير المسلمين المجيب التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 28/10/1422 السؤال لقد قضينا ما يقارب العشر سنوات في محاولة لجمع تبرعات من المسلمين لبناء المسجد الوحيد في إحدى الولايات الأمريكية - والحمد لله -، فقد قطعنا مشواراً كبيراً، واستطعنا تحضير الأرض والمبنى من تبرعات فاعلي الخير بدون أن نلجأ إلى أي مساعدات من أي منظمات أمريكية، أو بنوك ربوية. حالياً نحن في حاجة كبيرة إلى أي مصدر للمال لكي نكمل المشروع، وتكاليف الماء والكهرباء الشهرية، وما إلى ذلك، فنحن حتى الآن لا نستطيع إقامة الصلاة في هذا المسجد لعدم اكتمال الشروط. لقد حاولنا جمع التبرعات من أهل الخير، ولكن في مدة ستة أسابيع لم نستطع جمع المبلغ الكافي. في محاذاة المسجد يوجد مجمع تجاري وأحد المتاجر في هذا المجمع يبيع الخمور، الأمر في ذلك أن جزء من مواقف المجمع موجود في جزء صغير من أرض المسجد، والمالك قد وعدنا بمبلغ مالي مقابل استخدام المواقف، وفي نفس الوقت فقد أبلغنا بسماحه للمصلين باستخدام مواقف المجمع. نحن الآن لا ندري ما نفعل بسبب بيع هذا الرجل للخمور، وهل يجوز أن نستفيد من هذا المال المعروض لنا؟ مع العلم أننا في هذا المكان والموقف في أشد الحاجة لأي مبلغ مالي لإكمال المسجد والعناية به؟ وهل يجوز لنا بسب حاجتنا أن نلجأ لقبول التبرعات من غير المسلمين. الجواب فقد ذكرتم في سؤالكم أن جزءاً من مواقف المجمع والمحاذي للمسجد موجود في جزء صغير من أرض المسجد، وأن صاحب المجمع سيدفع مبلغاً مالياً مقابل استخدام المواقف، وفي نفس الوقت للمصلين أن يستخدموه، فنقول: لا بأس بذلك، ثم ينبغي أن لا يكون عن طريق الملكية، بل عن طريق التأجير ولو مدة طويلة؛ لأن ذلك أصلح للمسجد فقد يستغني المسجد من المال، ويحتاج إلى مواقف خاصة به، هذا ووجود محل واحد لبيع الخمور في المجمع لا يمنع الاتفاق مع صاحب المجمع على ما ذكرناه آنفاً. أيضاً يجوز لكم اللجوء إلى قبول التبرعات من غير المسلمين عند عدم وجود من يتبرع من المسلمين لإكمال المشروع بشرط أن لا يشترط عليكم شروطاً كأن تكون لهم ولاية خاصة على المسجد، أو يقيموا حول المسجد ما يخالف دين الإسلام من دعايات ونحوها. والله أعلم، وصلى الله على محمد.

ضرائب الدولة على المغتربين

ضرائب الدولة على المغتربين المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 28/5/1423 السؤال هل الضرائب التي تفرضها الدولة على مواطنيها المغتربين واجب الالتزام بها؟ وهل يجوز التحايل عليها؟ علماً أنها أحياناً تكون فوق طاقة الشخص، وأحياناً تكون أكثر من حصاد غربته، أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الأصل في الإسلام أن من أدى الواجبات الشرعية التي عليه في ماله فإنه لا يجوز بعد ذلك التعرض لما في يده من أموال، ولا يحل لأحدٍ أن يأخذ منه شيئاً إلا برضاه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفس منه" أحمد (5/27) ، أبو يعلى (1570) ، ابن حبان (5978) بسند صحيح، وجاء في السنة ترهيب من أخذ المكوس، وهي نسبة يأخذها الرؤساء أو المتنفذون من التجار إذا مروا بلادهم. عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- مرفوعاً:"لا يدخل الجنة صاحب مكس" أبو داود (2937) ، الدارمي (1668) ، الحاكم (1/404) وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه أحمد (4/143) ، وابن خزيمة (4/51) . وذلك أن أخذ الأموال من الناس والتجار يؤذن بفساد الآمال وكساد الأسواق إلى غير ذلك من المفاسد. هذا هو الأصل أن أخذ الضرائب من الناس، ومصادرة شيء من أموالهم أو ممتلكاتهم من الظلم المحرم، لكن إن خلت خزينة الدولة من الأموال ولم يكن بيد ولاة الأمور ما يفي بمصالح الأمة فإن جملة من أهل العلم أجازوا أن يرتب الإمام على الأغنياء الموسرين من رعيته مقداراً لا يضرهم يحصل به دفع المفسدة إلى أن تزول الحاجة، وهذا عندهم من باب دفع الضرر العام باحتمال ضرر خاص وهو أصل مقرر في الشرع، واشترطوا لذلك أن يكون تصرف الإمام مبنياً على تحري المصلحة، وأن يكون فعله مؤقتاً بوقت الحاجة وأن يرد الحاكم وحاشيته ما عندهم من أموال فائضة إلى بيت المال وفي هذا القول وجاهة وقوة كما ترى. وبناء عليه فإن تحققت هذه الشروط فلا يجوز لمن توجهت عليه الضريبة أن يتهرب منها أو يتحايل على إسقاطها، وإن لم تتحقق فإن له أن يتهرب منها أو يتحايل على إسقاطها بما لا يوقعه في ضرر، هذا ما يظهر لي، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

فتح محل للحلاقة

فتح محل للحلاقة المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 7/5/1423 السؤال هل يجوز فتح محل حلاقة رجالي أو الاشتراك فيه؟ وكما تعلمون أن هذه المحلات يتم فيها حلق اللحى وقص بعض القصات الأجنبية، هل المكسب من هذه المحلات حرام؟ وهل أخذ شيء من المكسب من صاحب المحل كأعطية حرام أيضاً؟ أفيدوني، جزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز فتح صالون حلاقة أو الاشتراك فيه إذا كان بالصورة المذكورة، أي: يُمارس فيه حلق اللحى، وبعض القصات الأجنبية، فأما حلق اللحى فهو محرم بلا شك؛ لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة في الأمر بتوفير اللحى وإكرامها، والنهي عن الأخذ منها، وأما القصات الأجنبية فلأن فيها تشبه بالكفار ومسخ لشخصية المسلم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من تشبه بقوم فهو منهم" أبو داود (4031) وأحمد (5115) وإذا كان ذلك كله محرم فالإعانة عليه والمشاركة في ذلك وتيسيره محرم؛ لقوله -تعالى-:"ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] ويُخشى على صاحب المحل أن يكون عليه مثل أوزار جميع من حلقوا لحاهم في المحل، ومن تشبهوا بأعداء الله؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه" مسلم (2674) ولا ريب أن حلق اللحى ... إلخ ضلالة، وفتح مثل هذا المحل تشجيع على هذه الضلالة ودعوة إليها. وأما المكسب الحاصل عن ذلك فهو محرم؛ لأنه ناتج عن فعل محرم وفيه خطر عظيم فإنه سبب لدخول النار -والعياذ بالله- كما قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح:"إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" الترمذي (614) واللفظ له، وأحمد (14441) وذلك لأنه لحم نبت من كسب خبيث والنار أولى بكل خبيث، قال الله -تعالى-:"لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ" [الأنفال:37] ثم إن من كان مكسبه حراماً فإن مطعمه حرام، ومشربه حرام، ويتغذى بالحرام فلا تستجاب دعوته -كما في الحديث الصحيح- وأيضاً فالمكسب الحرام سبب لعدم التوفيق للصراط المستقيم وللعمل الصالح؛ لأن وقود قلبه وفكره وأعضائه من مكسب حرام فلا يوفق إلى الخير، وهذا خطر عظيم، فالسلبيات في فتح هذا المحل وما ماثله من أسباب الكسب المحرم كثيرة خطيرة، ولكن كثيراً من الناس لا يعلمون أو يعلمون ولا يُبالون، وكل سيلاقي ثمرة عمله وكسبه، والعاقل من كان نظره بعيداً وعمل للمستقبل البعيد الباقي الذي لا يضمنه، وإنما يملك سببه، وأما الحياة الدنيا فرزقها مضمون مكتوب لا بد أن يأتي، وسيستكمله صاحبه في الدنيا لا محالة، والله الموفق.

سداد الدين بعملة أخرى

سداد الدين بعملة أخرى المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 14/5/1423 السؤال السلام عليكم. علي دين مقداره (4700$) ، وصاحب الدين في أستراليا، وأنا في بريطانيا، والبنك هنا لا يقبل إلا الجنيه البريطاني ويسلم هناك بالأسترالي، وهذا حسب الفتاوى لم يتحقق قيد (يد بيد) فهو ربا، فهل يجوز إرسالها بهذه الطريقة إذا لم يتوفر غيرها، وكان صاحب الدين في حاجة لماله؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: مقصود السائل هو وفاء دينه للدائن المقيم في أستراليا، والمصرف حسب ما ذكر لا يقبل تحويل مبالغ لأستراليا إلا بالدولار الأسترالي، فإذا كان الدائن يقبل وفاء دينه بالعملة الأسترالية فلا حرج -إن شاء الله-من تحويل المبلغ بالأسترالي، لكن يشترط أن يكون مقدار المبلغ بالأسترالي بسعر صرف يوم تنفيذ الحوالة المصرفية، دون أي زيادة. فإذا كان الدولار الأمريكي مثلاً يساوي (1.74) دولار أسترالي في يوم التسليم للبنك، فيجب أن يحول المدين للدائن مبلغ (8178) دولاراً أسترالياً (تعادل 4700 دولار أمريكي) ، وأما التحويل من دولار أمريكي إلى جنيه بريطاني فهذا يتحدد تبعاً لمقدار الأسترالي المطلوب سداده، ولا علاقة للدائن به. وأما تكلفة الحوالة المصرفية فيتحملها المدين. ولا يجوز للدائن أن يشترط على المدين سداد مبلغ أكثر مما يعادل الدين بالعملة الأسترالية بحسب سعر الصرف يوم تنفيذ الحوالة؛ لأن هذه الزيادة من الربا. وأما ما ذكره السائل حول اشتراط التقابض في الصرف، فهذا صحيح بالنسبة لبيع وشراء العملات، وأما بالنسبة لحالة السؤال فهي من الوفاء بالدين وليست من باب البيع، ومقصود الشرع في الديون، هو: التعجيل بوفائها وإبراء الذمة منها، ولذلك يسهل في الوفاء ما لا يسهل في البيع، فيجوز للمدين أن يوفي دينه بعملة مغايرة لعملة الدين إذا رضي الدائن وكان ذلك بسعر صرف يوم الوفاء، كما في الحديث أن ابن عمر -رضي الله عنه- قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء" رواه أبو داود (3354) واللفظ له، والترمذي (1242) ، وصححه الحاكم. فدل هذا الحديث على جواز الوفاء بعملة مغايرة لعملة الدين، لكن بشرط أن يكون بسعر صرف يوم الوفاء، ولا يكون فيه ربح؛ لأن الربح سيحول المعاملة إلى بيع، والبيع يشترط فيه التقابض يداً بيد. وبالنسبة لحالة السائل فإن سعر الصرف المعتبر هو سعر يوم تنفيذ الحوالة المصرفية، إذ يتعذر اعتبار سعر صرف يوم وصول الحوالة للدائن بحسب الأعراف المصرفية السائدة، والله -تعالى- أعلم.

هل هذا من هدايا العمال؟

هل هذا من هدايا العمال؟ المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 28/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. طلبت معلمة بإحدى المدارس من الطالبات دفع مبلغ من المال وقدره خمسون ريالاً لعمل (سيراميك لأرضية غرفة التفصيل في المدرسة) مقابل أن تضع لهم درجات المشاركة. فما حكم دفع هذا المال؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالذي يظهر عرفاً أن الدرجات التي تعطى للمشاركة تشمل جميع أنواع المشاركة حسب عرف المدارس، ويدخل في ذلك المال، وليس المال المدفوع لأجل ترميم إحدى غرف المدرسة يكون لصالح المعلمة حتى يكون من هدايا العمال المحرمة، بل هو لنفع عام لعموم الطالبات، وبقية منسوبات المدرسة، كما أن المال دفع بطيب نفس ولا إكراه فيه ولا إلجاء ولا اضطرار، فالأصل الجواز ما دام كذلك، ولا يرد على هذا عدم القدرة من بعض الطالبات وعجزهن عن دفع المال، ومن ثم حرمانهن من درجات المشاركة؛ لأن المشاركة في النشاط لا تنحصر في دفع المال، بل بإمكانها المشاركة بغيره من الأنشطة المعروفة لدى المدارس. والله- تعالى- أعلم.

أخذ السعي من البائع والمشتري

أخذ السعي من البائع والمشتري المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 20/12/1422 السؤال هل يجوز أخذ السعي من الطرفين؟ مع إشتراطي على البائع والمشتري أخذ السعي منهما جميعاً. الجواب أخذ السعي على بيع السلع أو تأجيرها مرجعه إلى العرف، فإن كان المتعارف عليه عند المجتمع الذي تعيش فيه كونه على البائع فهو عليه، وإذا كان على المشتري فإنه يؤخذ منه، ولا شك أن العرف دليل شرعي إذا لم يخالف النص من الكتاب أو السنة، وقد ذكرت في السؤال أنك تشترط السعي على الطرفين، فإذا تم الاتفاق على ذلك جاز لك أخذه من كليهما نظراً إلى الشرط؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - " ... والمسلمون على شروطهم ... " رواه الترمذي (1352) .

استقدام الخادمة من غير محرم

استقدام الخادمة من غير محرم المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 25/11/1424هـ السؤال إن مما عمَّت به البلوى الخادمات في المنازل، والحاجة إليها لكثرة متطلبات الحياة، وإني بحاجة لإحضار خادمة؛ لتعب أهلي عند الحمل والولادة وظروفهم العملية، ولكني في حرج في إحضار الخادمة -وإن كانت مسلمة- لتعذر المحرم الذي يأتي بها، فأفتوني مأجورين في إحضار خادمة بدون محرم، وتنقلها معنا في بلادنا في الذهاب والإياب، والسفر إلى مكة وهي مع أهلي، وإن كان ثم دليل فلكم الشكر الجزيل. الجواب مسألة الخادمة أصبحت من المشاكل الاجتماعية التي لها خطر عظيم، وكم نسمع من أمور يندى لها الجبين جراء استقدام هؤلاء الخدم ذكوراً أو إناثاً، وقد تبين ضررها العظيم في المجتمع مع كونها مظهر ترف، ولا تدفع الحاجة إليه، وفيه من أسباب الفتنة ما يقتضي أن تكون الحكمة منعه. فأولاً: لا ينبغي لأي عاقل أن يستقدم خادماً لبيته إلا عند الضرورة القصوى، وليس لمجرد الحاجة أو الرفاهية، فهذا ضرر للدين، وسفول في العقل، وضياع للمال. ثانياً: لا بد أن تكون الخادمة ملتزمة بالشرع، فتتحجب حجاباً كاملاً عن الرجال في البيت، ولا يجوز أن تكون سافرة متبرجة. ثالثاً: لا بد أن يكون حضورها مع محرم؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم" البخاري (1862) ومسلم (1341) . هذا الجواب منقول بحرفه من كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين -عليه رحمة الله-، من دروسه في الحرم المكي، راجع (دروس وفتاوى الحرم المكي 3/347) ، وفق الله الجميع لطاعته.

البيع على التصريف

البيع على التصريف المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 15/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نرجو من فضيلتكم إجابتنا على هذا السؤال وهو: أن كثيرا من إخواننا - لقلة العمل وقلة المادة - يأخذون سلعاً من بعض الناس، ويتفاهمون مع الذي يأخذون منه على أساس أن ما لم يبيعوه يرجع، ويتفاهم الطرفان على سعر معين للبائع ثم يبيع الشاري كيفما شاء، علما أن العقد يتم بين الطرفين، وربما دفع الشاري قليلا من المال، فهل هذا يعتبر عقدا جائزا أم لا؟ وسؤالا شبيها بهذا وهو: هل مثلا من كان متخصصا في بيع الآلات مثلا، ولم تكن حاضرة عنده الساعة يستطيع أن يتفاهم مع الشاري بأن يأتي له بها ثم يرجع الشاري فيأخذها؟ هذا والله الموفق. ثقتنا كبيرة فيكم أن تردوا لنا عبر الأنترنت الإجابة في أسرع وقت. الجواب الحمد لله وحده وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الذي فهمته من سؤالك - أخي الكريم - بأن عندكم من يقوم بشراء سلع من تاجر بثمن معلوم ليقوم ببيعها، وما بقي من هذه السلع يرد على البائع هكذا فهمت. والذي يظهر لي بأن التكييف الفقهي لهذا التعامل هو بيع بشرط الخيار في الفسخ خلال مدة معلومة، وهذا جائز وقد نص بعض الفقهاء على جواز هذا الشرط وإن طالت المدة. قال ابن قدامة: "الثاني خيار الشرط وهو أن يشترطا في العقد خيار مدة معلومة فيثبت فيها وإن طالت". انظر: الشرح الكبير مع الإنصاف (11/285) ، إلا أن الأولى خروجاً من الخلاف. وهو الأحوط ويقطع النزاع الذي قد يثور بين المتعاقدين - أن تحدد مدة هذا الخيار، فتحدد إن شهراً أو سنة أو أكثر أو أقل، المقصود ألا تترك مدة الخيار مجهولة، فإن تركت المدة مجهولة فهل يصح الخيار؟ قولان لأهل العلم. قال ابن قدامة "إذا شرط الخيار أبداً أو متى شاء أو قال أحدهما ولي الخيار ولم يذكر مدته أو شرطاه إلى مدة مجهولة لم يصح في الصحيح من المذهب، هذا اختيار القاضي وابن عقيل، ومذهب الشافعي، وعن أحمد أنه يصح، وهما على خيارهما أبداً، أو يقطعاه" ا. هـ. (المرجع السابق: 11/286) . ويصح "أن يشرطا الخيار لأحدهما دون صاحبه"المرجع السابق (11/297) ، ويكون تصرف المشتري بالبيع أو غيره في هذه الحالة مسقطاً للخيار" المرجع السابق (11/15) . فالخلاصة أن هذا عقد جائز، والأولى تحديد المدة القصوى التي ترجع خلالها السلع. أما الفقرة الثانية من السؤال فلا تخلو - والحال هذه - من حالين: (1) أن تكون السلعة المراد شراؤها موصوفة وصفاً دقيقاً، بحيث لا تختلط بغيرها ويذكر في أوصافها كل ما يؤثر في الثمن، أو تكون هناك عينة يتعهد البائع بتأمين سلعة مطابقة لهذه العينة، فهذا جائز لأنه بيع موصوفٍ في الذمة.

(2) أن تكون السلعة المراد شراؤها لم توصف في العقد وصفاً يرفع الجهالة عن غيرها ولم تذكر أوصاف مؤثرة في الثمن فهذا لا يجوز لوجود الجهالة في العقد أو أن يقوم البائع ببيع سلعة بعينها لا توجد عنده؛ أي أن يطلب المشتري سلعة بعينها لدى تاجر آخر ويطالب البائع بإحضار هذه السلعة بعينها - دون غيرها - المطابقة لها في المواصفات، فهذا لا يجوز، لأنه يدخل في نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ما ليس عندك". أخرجه الخمسة.- الترمذي (1232) والنسائي (4611) وأبو داود (3503) وابن ماجة (2187) وأحمد (6628) .

الوساطة التجارية

الوساطة التجارية المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 26/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله، وبعد: أرجو منكم جزاكم الله خيرا وقيض لنا ولكم علوم هذا العصر وغيره لخدمة الإسلام والمسلمين، أن تفيدونا في هذه المسالة. السؤال: لدينا شركة وساطة تجارية، وذكر لنا شخص في بلاد أخرى بضاعة بسعر معين وحصلنا على مشتر، ووافق على شراء نفس البضاعة بالسعر الجديد (وهو زيادة عملناها نحن على المصدر الأول) ، علما أن المصدر الأول لا يمانع، لأنه سيستلم مبلغه المحدد لنا سلفا، فهل يجوز لنا مثل هذه المعاملات؟ وهل فيها نوع من الربا؟ أو فساد في صحة البيع؟ ودمتم في حفظ الله. الجواب إذا كنتم مجرد وسطاء وسماسرة، وكان البائع هو المصدر الأول، والمشتري هو الطرف الثاني، فلا بأس بالعملية، والزيادة في السعر مقابل الوساطة، وأما إذا كنتم تشترون البضاعة لحسابكم من المصدر الأول وتبيعونها للمشتري فلا يجوز ذلك إلا إذا قبضتموها من البائع الأول، إذ لا يجوز لكم بيع سلع ليست عندكم وفي ملككم، فإذا ملكتموها وقبضتموها جاز البيع حينئذ ولكن يجوز لكم مواعدة الراغب في الشراء قبل شرائكم أنتم من الطرف الأول دون عقد البيع معه، والله أعلم.

تسديد الدين المقسط عن الميت

تسديد الدين المقسط عن الميت المجيب د. راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 15/11/1424هـ السؤال والدي توفي -رحمة الله عليه- قريباً، وعليه قرض لصندوق التنمية العقاري (منزل) ، وهو الذي تعيش فيه الآن والدتي وأختي، وبقيت عليه أقساط لم تسدد بعد؛ تقريبا أحد عشر قسطاً، هل يجوز لنا أن نقوم نحن بسداده بالتقسيط لمدة إحدى عشرة سنة؟ أم ماذا نفعل؟ لأننا لا نستطيع سداده مرة واحدة؟ وهل على والدي شيء إذا تأجل السداد لمدة إحدى عشرة سنة؟. أفيدونا في ذلك بأسرع وقت مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الصواب أن الدين إذا كان على شخص مؤجل فإنه لا يحل بموته، بل يبقى مؤجلاً، فنصيحتي لهؤلاء الورثة أن يسددوا ما حل منها وبأسرع وقت، وأما ما لم يحل فإن استطاعوا سداده فذلك أفضل، وإن لم يستطيعوا فلا حرج عليهم، لكن ليكن سداد كل قسط في وقته، وإذا سددوا كل قسط في وقته، فأرجو ألا يكون على والدهم شيء، لا سيما وأن الدين معلق بعين التركة، والوفاء ممكن، وفق الله الجميع لطاعته ومرضاته، وأخرج المسلمين مما تحملوا من الديون، إنه سميع مجيب، والله يحفظكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التنازل عن الدور في صندوق التنمية العقاري

التنازل عن الدور في صندوق التنمية العقاري المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 9/4/1424هـ السؤال أحدهم يريد أن يتنازل عن دوره في صندوق التنمية العقاري لعدم حاجته له, علماً أنه يريد مقابل ذلك مبلغاً مالياً، فما هي الطريقة لجعل العملية شرعية؟ هل أدفع له مالاً أو أعطيه سيارة أو أرضاً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: التنازل عن دوره في صندوق التنمية العقاري مقابل مبلغ مالي لا بأس به، لأنه تنازل عن حق مالي، والحقوق المالية يجوز بيعها بعوض، لكن لابد من إذن البنك العقاري، فإذا أذن البنك العقاري واتفق الطرفان على أن يدفع له مالاً مقابل أن يقوم مقامه، فإن هذا جائز ولا بأس به.

بيع الحاضر للبادي

بيع الحاضر للبادي المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 14/5/1424هـ السؤال ما حكم الحراج البدوي؟ مثل أن يجلب البدوي بضاعته في السوق فيأتي إليه الحضري ويقول له: هل أكون لك دلالاً؟ وهل يدخل تحت نهي الحديث: لا يبع حاضر لباد؟ الجواب هذه مسألة اختلف فيها العلماء، فمنهم من منع ذلك مطلقاً للنهي عن بيع الحاضر للبادي، فيما رواه البخاري (2140) ومسلم (1413) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ومنهم من أجازه مطلقاً، وحمل النهي على ظرف معين يزال النهي بزواله، ومنهم من اشترط للنهي شروطاً منها جهل البدوي للسعر، وإرادته للبيع في يومه، وأن يأتي الحضري للبدوي وغيرها ولهذا كله يصعب الجزم بمنعه مطلقاً، والله أعلم.

إعلانات التهنئة والتعزية في الصحف

إعلانات التهنئة والتعزية في الصحف المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 24/8/1424هـ السؤال ما حكم الأموال المبذولة في عمل إعلانات تهنئة أو تعزية بصفة عامة؟ وللمسئولين بصفة خاصة، علما أن هذه الإعلانات تتكلف مبالغ باهظة تصل إلى أكثر من ثلاثين ألف ريال للصفحة الواحدة، وهل يجوز لرؤساء المصالح دفع مرؤوسيهم للمشاركة المادية في هذه الإعلانات بالترغيب أو الترهيب وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: إعلان التهنئة أو التعزية في وسائل الإعلام استئجار لها لغرض مباح فلا بأس في المال المبذول فيها ما دامت التهنئة أو التعزية فيما يسوغ. وإن كان تركها واستعمال غيرها أولى لما فيها من كلفة كبيرة، أما دفع رؤساء المصالح مرؤوسيهم للمشاركة المادية في الإعلانات دون رغبة منفردة منهم فهذا حرام، إذ هو إكراه لهم على بذل أموالهم فيما لا يريدون، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

تحصيل الوظائف الحكومية بالشفاعات

تحصيل الوظائف الحكومية بالشفاعات المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 4/8/1424هـ السؤال ما حكم تولِّي الوظائف الحكومية بالوسائط؟ كأن يلتحق إنسان بوظيفة حكومية؛ لأنه قريب الوزير مثلاً، وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فحكم تولي الوظائف الحكومية بالوسائط يختلف، وذلك بحسب كفاءة الشخص، وبحسب تخطيه لحقوق الآخرين من عدمه، فإن كان أهلاً للوظيفة ولم يُقدَّم على من هو أحق منه كفاءة أو سبقاً في التقديم، وإنما كان أثر الواسطة تذليل عقبات الإجراءات والروتين ونحو ذلك فلا حرج في ذلك، وأما إن كان هذا الشخص توصَّل بالواسطة إلى وظيفة ليس أهلاً لها، أو هو أهل لها لكن قُدِّم بسبب الوساطة على من هو أحق منه بسبق تقديم للوظيفة أو غيره مع أنه مثله في الكفاءة أو أفضل منه، فلا يسوغ له تولِّي الوظيفة بهذا السبيل، ولا يحل له، والله تعالى أعلم.

الاسترباح من موقع أمريكي

الاسترباح من موقع أمريكي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 11/4/1424هـ السؤال أما بعد: شيخنا الفاضل، أريد أن أعرف ما حكم التربح من هذا الموقع الأمريكي للإعلان عبر البريد الإلكتروني؟ عنوان الموقع www.zwallet.com مع رجاء سرعة الإجابة. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: خدمة البريد الإلكتروني المقدمة من هذا الموقع نوعان: بريد مجاني، وبريد مقابل رسوم سنوية (19.99 دولار) . (1) أما البريد المجاني؛ فلا مانع من الاسترباح منه، لأن الأرباح ناتجة عن الدعايات المعلنة في البريد وفي موقع الشركة. ومن شأن الإعلانات أنه كلما زاد عدد المشتركين كلما ارتفع سعر الإعلان، كما أنه كلما كان اطلاع المشترك على الإعلانات أكثر ارتفعت قيمة الإعلان كذلك. فالشركة توزع نسبة من رسوم الإعلانات المدفوعة للمشتركين لهذا السبب. فهذه الخدمة لا حرج فيها إن شاء الله، سواء كان العائد لشخص المشترك أو من خلال الآخرين الذين يشتركون عن طريقه في الخدمة المجانية. لكن يراعى ألا تكون الإعلانات المنشورة مما يخدش الحياء ويناقض العفاف، أو يروج لمحرمات ومنكرات، وذلك لأن الربح الموزع يمثل نسبة من رسوم الإعلان، فإذا كان الإعلان محرماً؛ فالربح الموزع منه محرم كذلك. وإذا كانت الإعلانات تتضمن ما هو محرم وما هو جائز، فالعبرة بالغالب. فإذا كان المحرم هو الغالب؛ كان الاشتراك محرماً. أما إذا كان الجائز هو الغالب؛ فقد يتسامح في الاشتراك، على أن يتم تقدير نسبة عائد الإعلانات المحرمة والتخلص مما يقابلها من الأرباح الموزعة. (2) أما البريد المدفوع فلا يظهر منه مانع- والله أعلم- طالما كان للاستعمال الشخصي، مع مراعاة ما سبق حول مشروعية الإعلانات نفسها. أما إذا كان لجلب أشخاص آخرين للاشتراك، فهذا يصبح نوعاً من التسويق الشبكي (multi-level marketing) ، ولذلك يخضع للأنظمة الخاصة به، كما تصرح به اتفاقية العميل المنشورة في الموقع (http://www.zwallet.com/agreement.html) . وعليه ينبغي تجنب الاشتراك المدفوع من أجل جذب مشتركين آخرين. والله تعالى أعلم.

عمولة مقابل إرسال الزبائن

عمولة مقابل إرسال الزبائن المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 8/1/1425هـ السؤال السلام عليكم. شخص لديه مركز تصليح سيارات، وعرض عليه صاحب محل قطع غيار أن يعطيه خمسين ريالاً مقابل كل عميل يرسله ليشتري من عنده قطع الغيار التي تحتاجها سيارته، فما الحكم في هذا؟ علماً أن صاحب مركز التصليح لن يطلب من العميل سوى القطع التي تحتاجها سيارته فعلاً, وصاحب قطع الغيار لن يكون أرفع سعراً من غيره من أصحاب قطع الغيار. أفتونا مأجورين. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالجواب: أنه إذا كان صاحب قطع الغيار سعره كسعر غيره فعلاً، وأنه لا يرفع السعر على هذا المشتري مقابل ما يعطيه لصاحب مركز التصليح، وأن بضاعته كبضاعة غيره في الجودة، وأنه أيضاً لا يحصل من صاحب مركز التصليح ترغيب في الشراء من هذا المحل بالذات لأصل ما يأخذه منه كما يفعله كثير من الوسطاء، فأرى والعلم عند الله -تعالى- أنه لا بأس به إذا توفرت هذه الشروط، ويكون ما يأخذه مثل ما يأخذه السمسار (الدلال، الوسيط) على بيع السلع أو شرائها. لكنني أرى أيضاً أن الأولى أن يخبر صاحب مركز التصليح العميل بأنه يأخذ من صاحب محل قطع الغيار هذا المبلغ كدلالة فقط لتطيب نفسه بذلك، ولئلا يشك لو علم بأن ما يأخذه إنما كان مقابل رفع السعر عليه. هذا ولا يخفى أن عادة كثير ممن يشترون لغيرهم أو يدلون على محلات خاصة أنهم يوزعون إلى أصحاب البضائع بأن يرفعوا في السعر بالفواتير مقابل شرائهم أو دلالتهم، وقد اطلعت على كثير من ذلك، فيأتون بالفواتير للمشتري، فإذا سأل الحاذق بأحوال هؤلاء الوسطاء عن أسعار تلك السلع بتلك الفواتير وجد فيها زيادة قد لا تقل عن 20%. فالله المستعان، والله أعلم.

أجرة استخراج التأشيرات

أجرة استخراج التأشيرات المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 13/11/1424هـ السؤال لقد أوكلني شخص (تاجر) بأن استخرج له فيز (تأشيرات) وعددها كثير من مكتب العمل، على أن يعطيني أجراً على أتعابي، وأنا بمعرفتي لصديق لي - له معرفة في استخراج التأشيرات - طلبت منه أن يستخرج التأشيرات من مكتب العمل وسوف نتقاسم الأجر فيما بيننا، هل هذه العملية حرام أم حلال؟ فإن كانت حلالاً فهل أستحق أجراً على هذه العملية، مع أن صديقي هو الذي قام باستخراج هذه التأشيرات (أي هو الذي فعل كل شيء) ، وكنت أنا الواسطة بينه وبين التاجر؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيراً. الجواب أنت بعملك هذا قد ارتكبت ثلاث معاص: المعصية الأولى: التعاون على الباطل، حيث أعنت هذا الشخص على أمر ممنوع؛ لأنه لا يستحق هذه الفيز، وإن كان يستحقها لما أحتاج لك. المعصية الثانية: مخالفة الأنظمة واللوائح، والمسلم متعبد بالتزام جميع الأنظمة واللوائح الصادرة من ولي الأمر، لعموم قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" [النساء:59] . المعصية الثالثة: الرشوة، وذلك لأن الموظف في قسم التأشيرات لم يسع في إعطائك تلك التأشيرات المخالفة للنظام إلا بمقابل، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي والرائش كما في حديث ثوبان -رضي الله عنه-، رواه أحمد (21893) وغيره. والرائش هو الوسيط الذي يمشي بينهما. والله أعلم.

الإلزام بشراء كراسة المناقصة في المناقصات الحكومية

الإلزام بشراء كراسة المناقصة في المناقصات الحكومية المجيب د. عبد الله بن مبارك آل سيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 08/04/1426هـ السؤال ما حكم شراء كراسة المناقصات الحكومية؟. الجواب إن هذه المسألة داخلة في عقود الإذعان، وبناءً عليه فيجوز للمشتري شراؤها؛ لأنه مجبر على ذلك، وإلا لم يستطع الدخول في أي مناقصة حكومية، ويترتب عليه ضرر كبير، والضرر يزال، مثلها مثل العقود الإجبارية كعقود الهاتف، والكهرباء، والتي يوافق عليها الشخص مجبراً، كما أن إعراض المقاولين عن الدخول في هذه المناقصات فيه ضرر على البلد والمصالح العامة، لكن لا يجوز للدائرة الحكومية أخذ هذا المبلغ، ويجب عليها إعادته؛ لأنه أكل للمال بغير وجه حق، ويمكن اختبار القدرة المالية للمتقدم للمناقصة بغير هذه الطريقة، مثل كشف الحساب، وعدد العمالة المتخصصة، والسيرة الذاتية، وغير ذلك، وعلى المسئول عن المناقصة التدخل لمنع مثل هذا الظلم، والله أعلم.

أخذ أجرة السمسرة من الطرفين

أخذ أجرة السمسرة من الطرفين المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 22/08/1426هـ السؤال ما هو تعريف السمسرة شرعاً، وهل أخذ عمولة من البائع جائز شرعاً، ولو كان دون علم المشتري، وهل أخذ عمولة من الطرفين جائز دون علم الطرف الآخر؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: السمسرة هي ما يأخذه الوسيط في عقود المعاوضات من مبلغ مالي، والأصل فيها الحل؛ لعموم قول الله عز وجل: (وأحل الله البيع وحرم الربا) [البقرة:275] ، وبالنسبة لما يتعلق بقدرها أو بمن تؤخذ منه، فيرجع في ذلك إلى شروط الناس بما يشترطه السمسار على العاقد؛ لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم" أخرجه أبو داود (3594) ، والترمذي (1352) . وأيضاً ما ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" صحيح البخاري (2721) ، وصحيح مسلم (1418) . فدل على أن الشروط يوفى بها، وأن آكدها توفية الشروط التي تكون في النكاح، فإن لم يكن هناك شرط لفظي فيرجع إلى أعراف الناس وعادات التجار، فما تعارف عليه الناس واعتاده التجار فإنه يؤخذ به. وأما من تؤخذ منه فيرجع إلى الشرط والاتفاق، فإذا اتفقا أن تؤخذ من البائع فلا بأس، وإن اتفقا على أن تؤخذ من المشتري فلا بأس، وإن اتفقا على أن يكون كل منهما يدفع للوسيط فلا بأس، فإن لم يكن فهناك يرجع إلى أعراف الناس وعاداتهم، وعادات الناس وأعرافهم أن تؤخذ من المشتري، وعلى هذا يأخذ السمسار من المشتري، وإذا أراد أن يأخذ من البائع فهذا أيضاً لا بأس به؛ لأن الأصل في ذلك هو الحل والصحة ما لم يكن هناك شرط أنه لا يأخذ إلا من المشتري، أو يكن في ذلك تأثير على الثمن فلا بد من علم المشتري. والله أعلم.

عليه دين من شراء خمر فهل يلزمه السداد؟

عليه دين من شراء خمر فهل يلزمه السداد؟ المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 25/05/1426هـ السؤال رجل تاب من شرب الخمر، وبقي عليه دين لصاحب الخمر هل يدفعه له؟ وهل يقاس هذا على تارك التدخين؟. الجواب لا، لا يدفعه إليه، ومثله بائع الدخان؛ لأنهما لا يستحقان الثمن، لكن إذا حكم عليه قضاء، أو خاف من الضرر أو من الاعتداء عليه، فيدفع اتقاءً لذلك، والله أعلم.

مطاعم الأكل حتى الإشباع

مطاعم الأكل حتى الإشباع المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 17/2/1424هـ السؤال ما حكم ما يسمى بالأكل حتى الإشباع (البوفيه المفتوح) ؟ أفيدونا جزاكم الله خير. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: هذه المعاملة يشكل عليها أمران: (1) الجهالة في مقدار الأكل. (2) الإسراف في تناول الطعام. أما الأمر الأول فإن الجهالة الموجودة في العقد لا تؤثر على صحته؛ لأنها مضبوطة بالشخص في وقت معين، والأشخاص وإن كانوا يتفاوتون في أكلهم إلا أن هذا التفاوت يمكن تقديره. وأما الأمر الثاني: فإن الله سبحانه أباح الأكل من الطيبات، دون إسراف وفي هذا التصرف: ضرر على مال الإنسان، وعلى صحته، وفيه انغماس في الدنيا وركون لها، ويترتب على ذلك الانغماس في الشهوات والغفلة عن الآخرة. فالتمادي في هذا غير مرغوب فيه شرعاً، وأقل أحواله الكراهة، فالأصل فيه الجواز؛ إلا إذا أدى إلى إسراف، والله أعلم.

أخذ أجرة على كفالة العمال

أخذ أجرة على كفالة العمال المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 22/10/1424هـ السؤال ما حكم استقدام العمالة وفرض مبلغ شهري بقيمة (200 ريال على العامل الواحد) ، وعدم توفير فرص عمل لهم سوى المطالبة بسداد هذا المبلغ آخر الشهر دون النظر إلى عملهم؟ نرجو بيان الحكم، وخصوصاً أن هذا العمل منتشر بشكل كبير، فالبعض عنده ما يقارب 40 عاملاً, وجزاكم الله خيراً. الجواب هذا العمل لا يجوز، والمال الذي يأخذه سحت وذلك لأمرين، أحدهما: أن في فعله هذا مخالفة للأنظمة، ونحن متعبدون بطاعة ولاة الأمر في المعروف، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" [النساء: من الآية59] . الأمر الثاني: أنه أكل للمال بالباطل، فبأي حق يأخذ مال أخيه الذي اكتسبه بجهده وتعبه، وما مقابل هذا كله، ولعل عمله هذا داخل تحت قوله تعالى: "وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ" [البقرة: من الآية188] ، وإذا كان المال مال سحت فقد روى الترمذي (614) وأحمد (14441) والحاكم (4/422) وغيرهم من حديث جابر: "إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به".

شفاعة صاحب المنصب

شفاعة صاحب المنصب المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 06/08/1425هـ السؤال أنا في منصب رفيع، وأخدم بعض الأصحاب، أتشفع لهم في بعض الأمور بلا ضرر على أحد، كتسجيل أو نقل، وطلبت من أحد الأشخاص أسماء رؤساء في الجهة التي أرغب في تسجيلهم فيها، لكنه رفض ذلك، وقال حرام لا تستغل منصبك واتق الله، حيث إني لا أضر أحدًا، ما الحكم في ذلك؟. الجواب الحكم أن الإنسان إذا شفع لغيره ليسجل أو أن ينقل أو نحو ذلك، وليس فيه ضرر على الآخرين، فإن هذا من المعروف والإحسان، والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "اشفعوا تؤجروا ويكتب الله على لسان نبيه ما شاء"، رواه البخاري (1432) ، ومسلم (2627) ، لكن إذا كان هناك ضرر بحيث إذا شفعت لشخص سيقدم على غيره في النقل، وهناك من هو أحق منه فينقل، ولكن بسبب شفاعتك أخرج المستحق، وقدم من شفعت له، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من الظلم والعدوان، ومثل ذلك يقال في التسجيل ونحو ذلك.

اختلاف الأسماء التجارية للمستحضرات الطبية

اختلاف الأسماء التجارية للمستحضرات الطبية المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 21/11/1424هـ السؤال أنا صيدلاني، أحيانًا تأتي وصْفَات تحوي أدوية ذات اسم تجاري معين غير متوفرة لدي، فأضطر لإعطاء المريض دواءً آخر يحتوي نفس المادة الدوائية الفعّالة تمامًا ونفس العيار، ولكنه ذو اسم تجاري آخر، (اختلاف الاسم التجاري يعود لاختلاف الشركة المنتجة فقط) ، فهل يجوز أن أفعل ذلك دون إعلام المريض؟ وذلك لأنه إذا علم سيظن أن الدواء الذي أعطيته إياه درجة ثانية، وسيؤثر ذلك على حالته النفسية، ويظن أن حالته لا تتحسن مهما حاولت أن أشرح له الأمر. وجزاكم الله خيراً. الجواب يظهر لي - والعلم عند الله- أن هذا لا يجوز إلا إذا قام الصيدلي بإعلام المريض باختلاف الدواء الموجود عنده عن الدواء المذكور في الورقة، وفي هذه الحالة الذي يقرر هو الطبيب إما أن يتصل على الطبيب، وإما أن يأمر هذا المريض بمراجعة الطبيب، لكن أن يقرر - وهو متهم في هذا القرار - أنه لا فرق بين هذا الدواء المذكور وبين الدواء الموجود عنده هو متهم في هذا الكلام؛ لأنه قد يكون من باب ترويج هذه البضاعة الموجودة عنده، فالذي يظهر أنه لا يجوز له أن يفعل ذلك إلا إذا أعلم المريض، ورضي بذلك.

أخذ أجرة شهرية على العامل

أخذ أجرة شهرية على العامل المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 22/1/1425هـ السؤال أنا صاحب مؤسسة مقاولات، وأجد صعوبة في متابعة العمالة، وأريد أن آخذ من العمال مقداراً معيناً من المال من كل عامل، هذا على حسب طلبهم وهم يلحون علي في هذه المسألة قبل أكثر من سنتين، مع العلم بأني أنا الذي أقوم بمتابعتهم، وأنا المسؤول عند حدوث أية مشكلة لهم في البلد، وأنا الذي كنت أتابع أعمالهم من قبل أربع سنوات حتى تكونت لهم السمعة الطيبة؛ فهل من الممكن أن آخذ منهم مقداراً معيناً من المال عن كل عامل في الشهر؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الإنسان إذا اتفق مع شخص في عقد وجب عليه الوفاء به، والالتزام به من مراعاة المحافظة على الأنظمة المرعية في البلد الذي هو فيه، حيث إنه لم يستقدم هؤلاء للعمل إلا بموجب نظام للعمال وقد التزم به، والواجب عليه أن يلتزم بما اتفق معهم عليه عندما أبرم معهم العقد أولاً ولا يخالفه.. هذا من ناحية. الناحية الثانية: أن كثيراً ممن حالهم مثل حال هذا السائل أنه يأتي بعمال ويطرحهم في البلد ولا يدري عنهم ولا عن مقاولاتهم ولا عن أعمالهم، ولا عن التزاماتهم ووفائهم بالتزاماتهم، وهذا يسبب حدوث مشكلات كثيرة في البلد مما ينتج عنه قضايا حقوقية وأخلاقية وغيرها؛ فالواجب على الإنسان إذا كان لا يستطيع أن يدير عمله أن يبتدئ بالأعمال التي يستطيعها ويدع ما لا يستطيع، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

دفعوا له مالا مقابل سكوته عن مطالبتهم بحقه

دفعوا له مالاً مقابل سكوته عن مطالبتهم بحقه المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 12/04/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: - حفظه الله تعالى -أشتغل في الأعمال الحرة، ووقعت في قفص الاتهام في قضية تزوير ظلماً ليس لي علاقة بها، وحكمت عليّ المحكمة بالسجن خمسة شهور تحت التعذيب وتشريد أسرتي وأطفالي، والآن بعد خروجي، وتمتع أصحاب التزوير بالأموال على حساب سجني واتهامي خرجت غاضباً عليهم أحاول الانتقام منهم، فعرضوا علي مبلغاً من المال مقابل سجني تلك الفترة وعلى أن أنسى ذلك الموضوع والواضح لدي أن هذا المال اكتسبوه من تلك الصفقة، فما حكم أخذي لهذا المال؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن كنت سجنت ظلماً، وليس لك تسبب فيما وقع عليك إلا الظلم فقط، وقد تسبب المزورون في سجنك فلا مانع من أن تأخذ تعويضاً عن السجن والتهمة التي لحقتك؛ قال في المقنع: (وإن حبسه مدة فهل تلزمه أجرته على وجهين) ، قال في الإنصاف: (أحدهما يلزمه وهو الصحيح) ، وقال في تصحيح الفروع (وهو الصواب) ، والسبب في هذا الحكم أن من تسبب في سجنك ظلماً توصل إلى تفويت منفعة وإلحاق ضرر، وهي مما يجوز أخذ العوض عنه، فإن اتفقت معهم على عوض مقابل ما تسببوا فيه فلا حرج، وإلا أمكن تحديده بتقدر الأضرار التي ألحقت به بسبب السجن سواء كانت تلفاً لأموال أو أمراض، أو أضرار معنوية وغير ذلك. أما إن لم يتسببوا هم في سجنك وإنما حصل سجنك ظلماً من الحاكم أو خطأ من القاضي فهو الذي يتحمل التعويض. وعلى كل حال فإن اتفقت معهم على تعويض تستلمه منهم عن سجن تسببوا فيه، فلا حرج عليك، ولو كان المال داخلاً عليهم بطريق محرم. وإن اتفقت معهم على أخذ مبلغ لسكوتك عن الإبلاغ عنهم فهذا لا يجوز لك. أسأل الله تعالى لك التوفيق ولكل مسلم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

الاحتكار والاستغلال

الاحتكار والاستغلال المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 7/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل لكم أن تعطوني نبذة عن الاحتكار والاستغلال في الإسلام, ومتى يكون التاجر محتكراً لمادة ما أو مستغلاً لمادة ما؟ مشكورين ومأجورين إن شاء الله. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فأقول وبالله -تعالى- التوفيق والسداد: الاحتكار هو حجب السلعة عن البيع في وقت ما، ومكان ما، حتى يرتفع ثمنها أكثر مما تستحق، وذلك استغلالاً لحاجة الناس إليها، والاحتكار قد نهى عنه الإسلام، وخاصة الحاجات والسلع التي تتعلق بحياة الناس وضروريات الحياة؛ إذ احتكارها يؤدي إلى رفع أثمانها أضعافاً، وهذا يشق على الناس، وقد لا يستطيع الكثير منهم شراءها فيلحقهم بذلك الضيق والعنت، لذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم- موضحاً حكم الاحتكار، إذ قال: "لا يحتكر إلا خاطئ" رواه مسلم (1605) ، والخاطئ هو المذنب العاصي، وقال عليه الصلاة والسلام: "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله أن يقعده بِعُظم من النار يوم القيامة" رواه أحمد (20313) ، والحاكم (2/12-13) ، والطبراني في الكبير (20/479-481) ، والبيهقي (6/30) ، وإسناده جيد، أي بمكان عظيم في النار، وقال عليه الصلاة والسلام: "من احتكر حكرة يريد أن يغلي على المسلمين فهو خاطئ" أخرجه الإمام أحمد (8617) ، والحاكم (2/12) ، والبيهقي (6/30) ، وهو حسن لغيره، وفي رواية بزيادة: "وقد برئت منه ذمة الله" فهذه النصوص تفيد النهي عن الاحتكار الذي يؤدي إلى رفع الأسعار واستغلال حاجة العباد الضرورية مما يتعلق بأقواتهم وأرزاقهم، وبعض العلماء عمم الحكم في جميع السلع، سواء المتعلقة بالأرزاق والمعاش وغيرها. هذا والله أعلم بالصواب.

جزء من الأرباح لجهة خيرية، فهل أعلن ذلك؟

جزء من الأرباح لجهة خيرية، فهل أعلن ذلك؟ المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 5/1/1425هـ السؤال يوجد لدي مشروع حالياً هو عبارة عن مغسلة ملابس، وتوجد لدي فكرة، وهي على أن أقوم بغسل البطانيات في المغسلة وأن أقتص أو أقطع ريالاً أو ريالين من قيمة الغسيل، وأن يكون هذا لصالح مدرسة تحفيظ القرآن عندنا، ولكن الأمر الذي يؤخر هذا العزم هل أقوم بإعلان ذلك أو أن أجعل هذا الأمر سري بيني وبين المسؤول عن هذه المدرسة حتى لا يدخل في العمل الرياء والسمعة، ولكن القصد من إعلان هذا الشيء حتى يقوم عدد كبير من الناس بغسيل البطانيات حتى يزيد التبرع لصالح مدرسة تحفيظ القرآن. بارك الله فيكم يا شيخنا الفاضل وأرجو منكم أن لا تنسوني من صالح الدعاء. وأن تدعو لي يا شيخ بالصلاح. الجواب نشكر هذا السائل على شعوره الكريم لأنه يقتطع جزءاً من استحقاقه أي أجرته على الغسيل ليكون ذلك مخصصاً لجمعيات تحفيظ القرآن فجزاه الله خيراً ونسأل الله أن يثيبه وأن يجزل مثوبته، أقول للأخ السائل إن كان يرى أن إعلانه هذا الاقتطاع سيجعله قدوة لغيره من المغاسل بحيث يكون منهم اقتداء وتقليد له في هذا العمل الصالح فلا شك أن إعلان ذلك أفضل من كتمه؛ لأن إعلان ذلك سيترتب عليه التتابع والتنافس في هذا العمل الخير، وأما إن كان لا يظن أن أحداً سيقتدي به فالأمر راجع إليه في إعلانه أو كتمه، وإن كتم ذلك وقدم ما يقدمه لجمعية تحفيظ القرآن دون أن يخبرهم عن سبب وجود هذا المبلغ، فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجزيه أجر عمله وابتغاءه بذلك وجه ربه، والله أعلم.

يوزع الصحف وفي بعضها صور العري

يوزع الصحف وفي بعضها صور العري المجيب يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 10/6/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمه الله ووبركاته. أنا أملك شركة للنقل الخفيف في دولة أوربية من حوالي سنة أو أكثر قليلاً، تعاقدت مع شركة لتوزيع الصحف اليومية (المجلات الأسبوعية) ، حيث أقوم أنا بنقلها إلى المحلات العامة، لاحظت أن بعض المجلات والصحف تنشر بعض الصور الفاضحة، وبعض هذه المجلات متخصصة في هذه الصور، أنا أنظر إلى هذا العمل على أنه مثل سائق التاكسي ينقل الزبون وما يحمله إلى المكان الذي يريده، فأنا لا أبيعه ولا أشتري ولكنى أقوم بالتوصيل فقط، بالطبع ليس لي حق الاعتراض على ما أحمله، المشايخ الأفاضل من أهل الفتوى والعلم: ما رأي الشريعة السمحة في هذا العمل؟.وتقبلوا فائق الاحترام. الجواب الحمد لله وحده. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اعلم أخي الفاضل أنه لا مجال للعقل أو القياس في مجال النص. فقياسك نقل المجلات الخليعة على نقل الزبون وما يحمله قياس غير مستقيم؛ لأن سائق التاكسي غير مسؤول عما يحمله الزبون في حقيبته، ولم يحملنا الشرع ما لا طاقة لنا به، بل إن سائق التاكسي له أن يرفض أي زبون ولا يحاسبه أحد؛ لأنه أمير على سيارته، والقانون الأوربي -حسب علمي والله أعلم- لا يوجب على سائق التاكسي أن يحمل الزبون السكران والعنيف، وكل من يهدِّد سلامته. إن قولك: (وبعض هذه المجلات متخصصة في هذه الصور) تشير بها -إن فهمتُ الإشارة- إلى أن تلك المجلات خليعة جنسية والعياذ بالله. وحينئذ يكون السؤال الرئيس: هل يجوز لك نقل هذه المجلات؟ الجواب: لا يجوز لأن الله -سبحانه وتعالى- أمرنا بأن نعمل الخير ونتعاون عليه ونترك الشر ونتعاون على تركه، قال -عز وجل-: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . إن شراء هذه المجلات الخليعة والاطلاع عليها حرام. وتوزيعها كذلك. إن العقلاء من الغربيين لا يشترون هذه المفاسد، ولا يتعاونون على نشرها، فما بالك بالمسلمين؟! ومن ثم فما حرم أكله وشربه واستعماله لا يجوز أن نعين على تداوله. ألم تر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حرم شرب الخمر وبيعها وحملها وتهاديها وغير ذلك من المعاملات؟ فكل ما يعين على الحرام حرام. وهل يجوز لك أن تؤجر سيارتك لمن يريد أن يستعملها للذهاب للخمارات والحانات وغيرها؟ وهل يجوز بيع السلاح للمجرمين وقطَّاع الطرق؟ الجواب لا، وهل يجوز نشر كتب الفساد والعقائد الباطلة؟ الجواب لا، وعليه فاستعمل سيارتك في الأعمال المباحة وما أكثرها والحمد لله، وإن لم تجد إلا نقل المحرمات فابحث عن شغل حلال، وخذ بنصيحة رسولنا -عليه الصلاة والسلام-فيما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله؛ وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم"* رواه ابن ماجة (2144) ، وانظر (صحيح أحاديث البيوع) ، الصحيحة (2607) . وقال كذلك: "إنه ليس شيء يقربكم إلى الجنة إلا قد أمرتكم به، وليس شيء يقربكم إلى النار إلا قد نهيتكم عنه، إن روح القدس نفث في روعي: إن نفساً لا تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يُدرَكُ ما عنده إلا بطاعته". (حديث حسن انظر السلسلة الصحيحة رقم (2866) . والله أعلم.

الوساطة.... والشرك

الوساطة.... والشرك المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 21/07/1425هـ السؤال هل تعتبر الواسطة نوعاً من أنواع الشرك بالله؟ يظن أن الواسطة هي التي تساعده وهي التي ترفعه وهي التي تسهل أموره، فهو بهذا يبتعد عن منهج التوحيد الحق، فهل تعتبر الواسطة نوعاً من أنواع الغش؟ من غشنا فليس منا ... غشنا بأنه أحضر لنا شخصًا، وقال إنه مناسب لهذه الوظيفة أو العمل، وهناك من هو أكفأ منه. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالواسطة هي الشفاعة لإنسان في أمر يترتب عليه خيرٌ له. والشفاعة فيها تسبب لإيصال الخير للناس، ولذا فقد جاء الحث عليها، قال تعالى: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" [النساء: 85] وعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء" أخرجه البخاري (1432) ، ومسلم (2627) ، وهي نوع من السعي في حاجات المسلمين وتفريج الكربات عنهم. فإن ترتب على الشفاعة اقتطاع حق مسلم أو منع مستحق أو تأخير مَنْ حَقّه التقديم فهذه الشفاعة محرمة، وهي نوع من الغش، وظلم للمستحق وظلم للمجتمع بتقديم غير الأكفاء. وإذا اعتمد الإنسان على (واسطته) ومن يشفع له اعتماد افتقار يشعر معه بالذلة إليه والعجز التام لولا مساعدته، ويؤدي به لتعلق القلب التام فهذا من الشرك قال تعالى: "وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين" [المائدة: 23] . والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

أخل بشرط الحكومة فهل تحل له المكافأة؟

أخل بشرط الحكومة فهل تحل له المكافأة؟ المجيب د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 24/04/1425هـ السؤال لقد تحصلت أنا وزوجي على الإقامة الكندية، ويحق لمن عنده الإقامة أن يدرس حوالي ثلاث سنوات والدولة تعطيه راتباً شهرياً يكفيه للمعيشة، ولكن تشترط عليه الجهة المسؤولة على ذلك عدة أمور، ويتم التوقيع على ذلك للشخص الذي يريد الدراسة، وزوجي فعل ذلك، ومن هذه الشروط ألا يقوم بممارسة أي عمل يتحصل من خلاله على مال وإنما يتفرغ للدراسة، وزوجي عمل عدة شهور، فما حكم ذلك المال الذي تحصل عليه من عمله. ثانياً: يشترط أيضا أن تكون الزوجة تعمل أو تدرس إذا لم يكن لها أطفال دون السنتين، وفي بداية دراسة زوجي كان عندي طفلة دون السنتين أما الآن فلا، فطلبوا مني أن أخرج للعمل أو الدراسة فلم أفعل، فقطعوا عن زوجي ثلث الراتب، وبعدها وجدنا والحمد لله مدرسة غير مختلطة بالرجال، فذهبت إليها فأعادوا لنا الراتب كما كان بعد أن تسلموا ورقة من المدرسة التي أنا فيها، وسؤالي هو أني لم أذهب إلى هذه المدرسة إلا أياما معدودة، وأخيراً قررت عدم الذهاب، وأنا لي الآن حوالي أربعة أو خمسة أسابيع لم أذهب، والراتب الذي يتحصل عليه زوجي ما زال كاملاً لم ينقص، فما حكم هذا المال الذي يعطونه لزوجي مقابل ذهابي إلى المدرسة وأنا لم أذهب منذ فترة طويلة. الجواب يجب الالتزام بهذه الشروط ما داموا قد التزموا بها ووقّعوا عليها، والله -عز وجل- يقول: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] ، وقال -عز وجل- في وصف عباده المؤمنين: "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" [المؤمنون:8] ، وقال -عز وجل-: "وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً" [الإسراء:34] ، والنبي - عليه الصلاة والسلام- يقول: " المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً" رواه الترمذي (1352) ، وابن ماجة (2353) من حديث عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه-، وما دام أنهم اشترطوا عليهم هذه الشروط وهي في الواقع مما يحقق المصلحة لهما وأيضاً يخدم المصلحة العامة فيجب عليهم الالتزام بهذا الشرط ولا يجوز لها مخالفته. وأما المال الذي أخذه زوجها وهو يعمل عدّة شهور هو مال حلال -إن شاء الله-؛ لأنه أخذه مقابل عمل لكنه آثم على مخالفة الشرط، وهي الواجب عليها أن تكون صادقة معهم، فإذا سألوها هل ما زالت تدرس أو لا؟ فيجب أن تخبرهم بالواقع، ولا يجوز لها الكذب عليهم. ولا شك أن كذبها عليهم لو حصل ذلك إمّا أن يشوه صورة الإسلام وأهله، لأنها -مع الأسف- إذا كذبت لا تكذب على نفسها فقط، بل هي تعطي صورة سيئة عن دينها فهي أنموذج له ومثال على الإسلام شاءت أم أبت، فإذا كذبت فقد يظن بأن هذا هو الذي يرخص به دينها أو يأمرها به، فيكون ذلك من أسباب الصد عن سبيل الله وتشويه صورة الإسلام والمسلمين فلا يجوز مثل ذلك.

البيع على القوات المحتلة ما لا تتقوى به على حرب المسلمين

البيع على القوات المحتلة ما لا تتقوى به على حرب المسلمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 15/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أنا مواطنة عراقية، أعمل في مجال إعداد الأزياء الفلكلورية ذات الطابع التراثي والتاريخي، قبل الاحتلال كنت أبيع منتجاتي للعراقيين والأجانب المقيمين داخل وخارج العراق، ويشكل دخلي من عملي هذا جزءًا كبيرًا في معيشتنا العائلية، والحمد لله، بعد سقوط بلدنا العزيز بيد القوات المحتلة عرض علي بعض الأصدقاء ببيع منتجاتي للأمريكان المحتلين عن طريق شركة عراقية، وبعد مناقشة طويلة سألت بعضًا من رجال الدين، وقد حصلت على إجابات متضاربة، وعدت إلى بعض كتب فقه السنة التي استطعت الحصول عليها ولم أجد بها ما يساعدني على اتضاح الصورة غير نهي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، عن بيع السلاح في الفتنة، وبعد مناقشة الموضوع مع أسرتي عدت إلى استفتاء قلب، ي وقلت بأن الدول المسلمة وخاصة العربية عاشت سنوات طويلة في ظل الاستعمار، فكيف كان حال الناس وقتها؟ وإن أغلب العاملين الآن في العراق إن لم يكونوا كلهم هم بالتالي يتعاملون مع المحتلين سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة شاءوا أم أبوا، إن ما أحصل عليه من مال هو أصلاً مالنا، فكأنني والآخرين من أمثالي نسترجع جزءًا ولو بسيطًا من أموال العراق المسلوبة. أرجو من سماحتكم أن توضحوا لي موقف ديننا الحنيف في حالتي التي ذكرتها. وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: إذا كان عملكِ في الأزياء والتراث الشعبي والتاريخي، فلا شيء عليكِ في ذلك، وكذلك بيعها للكفار المحتلين أو غيرهم؛ لأن تعامل المسلم مع الكافر بالبيع والشراء وسائر العقود الشرعية جائز لا شيء فيه- والحمد لله- فإن الرسول صلى الله عليه وسلم تعامل مع المقوقس القبطي ملك مصر، ومع أكيدر أمير دومة الجندل، ومع صفوان بن أمية، وأجرى مع هؤلاء وغيرهم عقود الهدية والهبة والاستعارة وسائر عقود البيع والشراء، وكذلك صحابته، رضي الله عنهم، من بعده، فقد آجر علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، نفسه عند يهودي يسقي له ماء من بئر في كل دلو بتمرة، وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم- جزءًا من حياته في كنف عمه أبي طالب يحوطه ويذود عنه، وهذه الحماية يقصر دونها الطعام والشراب، وإعانة الكفار الممنوعة زمن الفتنة هي ما تتقوى به أو تضعف بدونه قوة الكفار وشوكتهم على المسلمين، ولذلك مثَّل له العلماء ببيع السلاح للكفار وقت الفتنة، أي قيام الحرب بينهم وبين المسلمين، ويلحق به بيع الطعام والشراب لهم إذا لم يستطيعوا جلبه إلا من المسلمين، فيحرم بيعهم حينئذ لتوقف حاجتهم له على المسلمين حينئذ. وعلى هذا فإن عملكِ الأزياء الفلكورية ذات الطابع التراثي والتاريخي لقوات الاحتلال وغيرهم من الكفار جائز لا شيء فيه- إن شاء الله- حيث الأصل فيه الإباحة وليس فيه إعانة أو تقوية للكفار. والله أعلم.

فتح الدكان باسم شخص آخر

فتح الدكان باسم شخص آخر المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 05/07/1425هـ السؤال ما حكم فتح محل تجاري باسم شخص لا يعمل بوظيفة حكومية أو المشاركة فيه؛ لأن النظام لا يسمح لموظفي الدولة فتح محلات تجارية بأسمائهم؟ علماً بأن أغلب المحلات ليست بأسماء أصحابها؛ بسبب أنهم موظفون بوظائف حكومية. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالجواب: أن فتح الموظف محلاً تجارياً باسم شخص آخر غير موظف لا ينبغي؛ لما ينتج عنه من نزاع وخلاف بين الطرفين في الغالب، علماً بأن المحل التجاري يحتاج إلى سجل تجاري، وهو سيكون باسم آخر غير صاحبه الحقيقي، ومعلوم أن تبعات السجل التجاري إنما تكون على الشخص الذي سجل باسمه، وكذا المسؤولية أمام الجهة المختصة، وأيضاً هذا التصرف فيه مخالفة للأنظمة التي وضعها وليُّ الأمر، وهي في صالح المجتمع، حيث النظام منع الموظف من إعطائه سجلاً تجارياً لفتح محل تجاري، من أجل ألا ينشغل عن عمله المنوط به، والذي قد أخذ عليه أجراً، وأجاز ذلك لغير الموظف لإتاحة الفرصة له ليتحصل على لقمة العيش، ففي هذا النظام مصلحة عامة وخاصة. أما مشاركة الموظف لشخص آخر عنده محل تجاري وسجل تجاري ففي نظري أنه لا بأس به، بشرط ألا تضر هذه المشاركة بعمله الوظيفي. والله أعلم.

العروض المنافسة والنهي عن بيع المسلم على بيع أخيه

العروض المنافسة والنهي عن بيع المسلم على بيع أخيه المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 07/04/1426هـ السؤال هل تقديم عرض أسعار منافس لسلعة معينة، لشركة قد تعاقدت مسبقاً لشراء نفس السلعة مع مورد آخر، هل هذا العرض يعتبر بيعاً على بيع أخيك؟ أرجو توضيح الأمر لأنه ملتبس علي، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا كانت الشركة قد تعاقدت بالفعل مع المورد الآخر لشراء نفس السلعة التي تنوي تقديم عرضك عليها، فتقديم العرض في هذه الحال يعد من بيعك على بيع أخيك، أما إذا كانت الشركة قد تعاقدت مع المورد الآخر في صفقة سابقة، وأرادت تجديد الصفقة لنفس السلعة، أو كانت تستورد من ذلك المورد بشكل دوري دون الالتزام بمدة محددة لعقد الاستيراد، وإنما تجري المحاسبة بينهما عن كل مرة على حدة، فينظر: فإن كان الطرفان قد ركن كل منهما إلى الآخر، بحيث إنهما اتفقا على السلعة وما يقابلها من السعر، فيحرم دخولك في هذه الحال؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن سوم الرجل على سوم أخيه، وهذا مثله، أما إذا لم يجر بينهما تفاوض على الصفقة الجديدة، أو جرى بينهما ذلك ولكن لم يتفقا بعد (أي لم يركن كل منهما إلى الآخر) ، أو كانت الشركة هي التي طلبت تقديم العروض، أو أرادت الشركة البحث عن عرض أفضل، فلا يحرم عليك الدخول في جميع هذه الحالات، ولا يعد ذلك من البيع على بيع أخيك. والله أعلم.

حوافز للدخول إلى الموقع

حوافز للدخول إلى الموقع المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 13/09/1425هـ السؤال يوجد في بلدنا شركة إنترنت، لها رقم للدخول على الإنترنت مثل العديد من الأرقام الموجودة في بلدنا، لدى العديد من الشركات، وهذه الشركة لكي تحقق الدعاية لها تفعل التالي: 1-تجعل من يدخل على الرقم الخاص بها بعد أول 40 ساعة له يكسب يومًا مجانًا في قرية سياحية. 2- بعد أول 100 ساعة يكسب موقعًا مجانًا على الإنترنت، مساحته 5 ميجا بايت. 3-لو جمع 12 رجلاً من أصحابه وعرفهم على الرقم الخاص بالشركة وأقنعهم بالدخول عليه يضاف مجموع الساعات التي يدخلونها من رقم الشركة إلى رصيده، وعندما يصل مجموع ساعاته وساعات أصحابه إلى 1200 ساعة يكسب 100 جنيه. فما حكم الشرع في ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالأصل في الحوافز التجارية التي يضعها التجار لتسويق منتجاتهم الجواز ما لم تشتمل على محظور شرعي من ربا أو غرر أو ظلم، ولا يظهر في الحوافز التي وضعتها هذه الشركة- حسب الوصف المذكور- شيء من هذه المحاذير، ويعد الحافز الذي تقدمه الشركة جزءًا من العقد يلزمها بَذْلُه إذا وفى العميل بشرطه، ويجب أن يكون هذا الحافز محددًا ومعلومًا للمستهلك حتى تنتفي الجهالة عن العقد. وإذا كان الحافز جُعلاً (أي أجرًا) يعطاه العميل في حال قيامه بالتسويق للشركة- كالحافز المذكور في الفقرة الثالثة من السؤال- فالعقد يسمى عقد سمسرة، وهو من العقود الجائزة في الشريعة سواء أكان أجر السمسار نقدًا أو عرضًا أو خصمًا من قيمة المبيع. والله أعلم.

يؤجر دكانه ببضاعته

يؤجر دكانه ببضاعته المجيب علي بن سالم بن سعيد بكيّر عضو مجلس الشورى بالجمهورية اليمنية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 24/11/1425هـ السؤال ما حكم المعاملة التالية: رجل يؤجر دكانه ببضاعته التي فيه، ويأخذ على ذلك إيجارًا مثلًا 10000ريال في الشهر، وبعد انتهاء العقد يأخذ الرجل دكانه ببضاعته التي كانت فيه، هل يعتبر هذا ربًا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إن هذه المعاملة فاسدة وغير صحيحة شرعًا، ولا يجوز التعامل بها، وإن كانت لا تدخل تحت صور الربا، فكل ربًا حرام، وليس كل حرام ربًا، والطريقة الصحيحة لصحة هذه المعاملة أن يؤجر صاحب الدكان دكانه على الرجل الذي اتفق معه بأجرة معلومة ومدة معلومة، ثم يثمن البضاعة التي فيه ويبيعها عليه بيعًا صحيحًا بشروطه؛ لأن الإجارة ترد على المنافع، والبيع يرد على الأعيان. والله أعلم.

خلطت المال بعضه ببعض، فكيف تميز؟

خلطت المال بعضه ببعض، فكيف تميز؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 24/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي قريبة إذا ذهبت أو سافرت تعطيني مفاتيح الخزنة كي أصرف على البيت -والحمد لله، كنت أقوم بواجبي على أكمل وجه، وذات يوم وجدت ظرفين على كل ظرف اسم أحد أقربائها (يدفعون بالراتب إليها لتحفظها لهم) فدفعني الفضول إلى فتحهما، فوجدت المال وعددته، واختلط المال بعضه ببعضه فوضعت النقود المختلطة بالظروف وذهبت، وبعد ذلك بأشهر قالت لي: إن فلانًا يقول إنني سارقة ولم أدفع له حقه كاملاً. وحصل بسبب ذلك تقاطع، والآن أنا نادمة على ذلك، ولا أعلم كيف أرد له حقه، علمًا أن ذلك حدث منذ أكثر من 20 سنة، وكل الشخصين حصل على وظيفة مرموقة وسكن بمدينة خارج مدينتنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالذي يظهر من سؤالك أنكِ لم تأخذي شيئًا، وإنما أخرجت النقود من الظرفين، فاختلطت ببعضها، وأنتِ تجهلين كم يحتوي كل ظرف، فوضعتِ في كل ظرف نقودًا ورددتها إلى مكانها، وتبين لأحد الرجلين نقص نقوده، فاتهم قريبتك بالسرقة، وهي في الحقيقة لم تسرق وإنما ذهبت بعض نقوده إلى ظرف آخر، وهي لا تعلم السبب، وفعلك هو السبب، وبناء على ذلك يجب عليك أن تسعي في إزالة آثار هذا الخطأ، وذلك بأن توصلي حقيقة الأمر إلى الشخص الذي ذهب عليه بعض نقوده، إما أن ترسلي له ثقة من الرجال أو ثقة من النساء تخبره بالواقع وتطلب منه أن يجعلك في حِلّ، وإما أن تكتبي له رسالة سريَّة بذلك؛ ولعله أن يعفو بعد هذه المدة ويترك المقاطعة، وكذلك خطؤك جرّ على قريبتك ضررًا وتهمة، فإن استطعت أن تخبريها وتطلبي منها السماح، ولا تخشي في ذلك ضررًا أكبر من موجدة أو قطيعة رحم فافعلي، وإن خشيت ضررًا ومفسدة أكبر، أو كانت توفيت فأكثري من الدعاء والاستغفار لها ولنفسك، وأما الرجل فإن لم يجعلك في حل فيلزمك أن تضمني له نقوده؛ لأنك السبب في ذهابها عليه، وأشكرك على ندمك وإحساسك بخطئك وسؤالك عما يكفره. وفقك الله تعالى، ويسر أمرك وغفر لنا ولكِ. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل هذا التزوير مشروع؟!

هل هذا التزوير مشروع؟! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 22/11/1425هـ السؤال لسلام عليكم. كنت أعمل في المملكة، وعند خروجي منها أنهيت كافة التزاماتي التعاقدية، وحسب العقد قدمت استقالتي قبل شهر من نهاية العقد وقُبلت استقالتي، وحصلت على تأشيرة خروج نهائي، ولكي أتمكن من العودة إلى المملكة مع شركة أخرى أحتاج خطاب إخلاء طرف من الشركة الأولى تخلي طرفي من أي مسئولية مالية، وتبيح لي العودة للعمل في شركة أخرى، لكن الشركة الأولى رفضت إعطائي إخلاء طرف، وبدون أي وجه حق، فقد كنت موظفًا مثاليًّا عندهم، والشركة كانت قد قدمت لي عقد عمل بلغتين عربي وإنجليزي، لكن كان هناك اختلافًا بين اللغتين، زوجتي غضبت من فعل الشركة وقررت تزوير خطاب إخلاء طرف، ونجحت في ذلك، وتم تصديق الخطاب بصورة رسمية، لكن في نفسي شيء من استخدام هذا الخطاب، وإذا لم أستخدمه أخسر عملًا ممتازًا جديدًا معروضًا علي، ثم يجب علي البقاء سنتين قبل التمكن من الحضور إلى السعودية للعمل. أرجو توضيحًا منكم في ما إذا كان يجوز لي استخدام هذا الخطاب. الجواب لحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز لك استخدام خطاب إخلاء الطرف المزوَّر، ولا يجوز اكتساب الرزق بطريقه؛ لأنه باطل، وما بني على الباطل فهو باطل، ويتعين على زوجتك أن تتوب إلى الله ولا تعود مرة أخرى. وتحرُّجك من استخدام هذا الخطاب علامة على صدق إيمانك- إن شاء الله؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ". أخرجه مسلم (2553) . ولقوله: " الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ". أخرجه أحمد (18006) . وعليك أن تقاضي الشركة عند الجهة المختصة عن هضم حقوقك، والخلاف بين اللغتين العربية والإنجليزية، واصبر يا أخي، واحتسب، وجاء في الأثر: مَن ترَك شيئًا للهِ عوَّضه اللهُ خيرًا مِنه. والله أعلم.

استيفاء الحقوق من غير قضاء

استيفاء الحقوق من غير قضاء المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 19/08/1425هـ السؤال إذا كان مدير شركتي ظالمًا، ويأكل حقوق بعض الناس، ويعطي البعض الآخر أموالاً لا تحق لهم. فهل يجوز إذا سنحت لي الفرصة أن آخذ حقي بيدي رغماً عنه، أو دون علمه؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم إذا كان مدير الشركة ظالما يحابي بعض الموظفين، ويأكل حقوق بعض الناس، فهو يتحمل مسؤولية ظلمه وتفريطه في حمل الأمانة، لكن هذا غير مسوغ أن يفتح الباب لكل موظف أن يمد يده على أموال الشركة ليأخذ ما يظنه حقًا له، لما في ذلك من تعريض الشركة للفوضى، وتوسيع دائرة الفساد الإداري فيها. وعليه فلا يجوز للموظف أن يأخذ شيئًا دون علم المسؤول، ويمكنه التوصُّل إلى حقوقه بالطرق النظامية بالتقدم للمسؤول مباشرة، أو عن طريق المحكمة والجهات القضائية. والله أعلم وأحكم.

التهرب من الضرائب

التهرب من الضرائب المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 21/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا مقيم في دولة غربية، وأعمل وأدفع الضرائب، يقتطع من الراتب بشكل منتظم وكل شخص يعمل هنا يدفع الضريبة، وهذه المبالغ تذهب للعلاج الطبي وللتعليم، وللأشخاص الذين لا يعملون، ويجد نسبة من المسلمين يتاجرون ويتهربون من الضرائب استنادًا لفتوى بعض العلماء، مع العلم أنهم يستفيدون من التعليم المجاني والطب المجاني، ويحصلون على مساعدات من الدولة، وعندما تسألهم كيف تتهربون من الضرائب وأنتم في نفس الوقت تأخذون أموالاً من الدولة، يقولون هذا نظام البلد أفتونا جزاكم الله كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز لهم ذلك، فالعقد شريعة المتعاقدين، والله - جل وعلا- أمر بالوفاء بالعقود "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: من الآية1] ، فهؤلاء الذين يتهربون من دفع شيء تعاقدوا عليه، ويأخذون أشياء لهم، ويمتنعون من دفع أشياء عليهم أخطأوا من وجهين: الأول: عدم الوفاء بالعقود، والثاني: أنهم يأخذون حقوقاً ليست لهم ويتهربون من دفع حقوق عليهم. فالواجب عليهم أن يدفعوا ما يطلب منهم، وإذا كانوا يتحرجون من ذلك، فلا يستفيدوا من الخدمات التي تقدم لغيرهم مقابل دفع هذه الأموال المطلوبة منهم. والله أعلم.

وهبت نصيبها من الإرث للذكور من أحفادها

وهبت نصيبها من الإرث للذكور من أحفادها المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 04/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. جدتي قد ورثت من أبي، وترغب في التنازل عن نصيبها لأبناء أبي الذكور، فهل لها الحق في ذلك؟ وهل يلزمها الذهاب لكتابة العدل لتوثيق ذلك، أم يكفي توثيق ذلك خطيًّا وبشهادة الشهود العدول؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: نعم يجوز لهذه المرأة التنازل عن نصيبها من إرث ابنها لأولاده، وذلك لأن الأمر بوجوب العدل جاء في حق الأولاد، بقوله عليه الصلاة والسلام: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" أخرجه البخاري (2587) ، ومسلم (1623) . وقد أخذ منه بعض أهل العلم وجوب العدل في العطية بين الأقارب غير الأولاد. أما الذهاب لجهات التوثيق ككتابات العدل، فهذا ليس شرطاً شرعياً، وإنما هذا أحسن من جهة حفظ الحقوق، وعدم وجود المشاحنات. والله الهادي إلى سواء السبيل.

هل لغير القصر حق في الراتب؟

هل لغير القصر حق في الراتب؟ المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 13/09/1425هـ السؤال والدي توفي- رحمه الله- ولديه تسعة قُصَّر وزوجتان، وله أبناء وبنات كبار، منهم من يسكن بالمنزل، ومنهم خارجه، الموجودون ليس لهم دخل، فيعيشون من راتب القصَّر، فراتب القصر أصرف عليهم منه وأسدد فواتير الكهرباء والماء منه، وأكلهم وشربهم منه، وبعض من الراتب أعطيه أمهات القصر والمتبقي أوفره لهم، السؤال: هل أنا مخطئ بهذا التصرف؟ وهل إخوتي الذين لا يخصهم الراتب لهم حق أن يأكلوا ويشربوا ويناموا بالبيت مع أصحاب الراتب (القصر؟) جزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: العمل الذي ذكرته بالسؤال عمل صحيح فيما يظهر؛ لأن الراتب المذكور نفقة للقُصَّر، وقد وضعته في موضعه وليس بتركة، فلا حق للكبار الذين لا يحتاجون إليه فيما ذكرت، ولا بأس أن يناموا مع القُصر في البيت المذكور. والله الموفق.

تبرعات الكفار لبناء المساجد!

تبرعات الكفار لبناء المساجد! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 09/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم أخذ تبرعات من الكفار لصالح مشاريع إسلامية، مثل بناء المساجد أو دور العلم؟ هل يجوز لنا أخذ المال النقدي أو أي نوع من التبرعات؟ قد بدأنا في مشروع ولكن إمكانياتنا محدودة. وما مدى تأثير طلب الدعم من أفراد من الكفار في المجتمع الكافر على سمعة وكرامة الإسلام في عيون الكفار؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بناء المسجد وعمارته نوعان: حسية ومعنوية، وهو ما يشمله لفظ العمارة في قوله تعالى: "ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين" [التوبة:18،17] ، فالعمارة الحسية والمعنوية في حق المؤمن جارية ومقبولة، وهي في حق الكافر جارية ممنوعة غير مقبولة، وأقصد (جارية) أنها قد تقع ولا أجر له في الاثنتين، بدليل قوله تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً" [الفرقان:23] ، فالكافر قد يعمل أعمال البر والخير والنفع العام، ولكن لا أجر له على فعله، وعمارة المسجد المذكورة في الآية فسرت بالعبادة الشرعية التي هي العبادة المعنوية. وبعض السلف قصر لفظ (المساجد) في الآية على المسجد الحرام خاصة لأنه قبلة المسلمين، ولذا عبر عنه بالجمع، وعلى كل يجوز لكم قبول التبرعات من الكفار لبناء المساجد أو دور العلم ومراكز الدعوة؛ لأن هذا من الكافر بمثابة الهدية للمسلم، وقبول هدية الكافر جائزة، فقد قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- هدية المقوقس النصراني ملك مصر. انظر الآحاد والمثاني (3124) والطبراني في الأوسط (7305) ، وقبل الهدية من ملك الروم. انظر سنن أبي داود (4047) ، وكان إذا قبل الهدية جازى عليها بمثلها وأحسن منها انظر صحيح البخاري (2585) ، والممنوع أن يكون للكافر ولاية أي (مسؤولية) في المسجد، كأن يكون ناظراً في المسجد أو متصرفاً في أوقافه. أما استئجاره واستخدامه لنحت حجارة المسجد أو البناء والحدادة والنجارة ونحو ذلك فجائز شرعاً ولا شيء فيه. وإذا جاز قبول الهدية أو التبرع من الكافر لبناء المسجد وخدماته فلا ينظر بعد ذلك إلى حساسية شخصية عند بعض الناس، ولا ينقص ذلك من كرامة المسلم ودينه عند غير المسلمين، بل سترفعه في أعين العقلاء؛ لأنه لا يسعى في طلب التبرع لشخصه، وإنما لمصلحة عامة لدينه، لاسيما إذا كان المسجد أو المشروع الخيري سيقام في ديار الغربة بين ظهراني الكفار. والله أعلم.

المتاجرة في العراق حاليا

المتاجرة في العراق حاليًّا المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 06/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق، وفي ظل هذه الحكومة المنصَّبَة من قبل الاحتلال، هل يجوز للتاجر المسلم أن يتاجر بأمواله في العراق بما يخدم الشعب العراقي دون التعامل مع المحتل أو نفعه؟ وهل يجوز له تصدير البضائع إلى هناك للمتاجرة بها وبيعها على العراقيين؟ وإذا كان لابد له من التعامل مع المحتل أو مع الحكومة الانتقالية الحالية ببعض المعاملات الرسمية التي تفسح له المجال للمتاجرة هناك، فهل عليه إثم في ذلك؟ أرجو التفضل بالرد بالتفصيل مع التكرم بذكر المحذورات التي ينبغي تجنبها في حال الجواز، وذكر الأحوال التي يجوز فيها التعامل إن كان الحكم هو الحرمة. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم، يجوز التعامل بالتجارة مع الشعب العراقي، بل لك الأجر إذا وفرت له السلع الضرورية التي يحتاجها، وتعاملك مع الحكومة الانتقالية الحالية جائز أيضًا ما دامت السلع التي تتاجر بها مباحة، وإجراء المعاملات الرسمية معها جائز أيضًا؛ لأنك لا تتعامل معها إلا بحلال، ولأنها هي التي تملك إدخال البضائع التجارية إلى الشعب العراقي، وتعاملك معها من أجل إيصال البضائع إلى الشعب العراقي، فهي بمثابة الوسيلة إلى المباح، والقاعدة الشرعية تقول: (الوسيلة لها حكم الغاية) . فوسيلة المباح مباحة، أما التعامل مع الكافر المحتل المستعمر للبلاد فلا يجوز، والعلماء نصوا على عدم جواز بيع السلاح أو الطعام ونحوه للعدو، أو زمن الفتنة، ووسيلة الحرام حرام. والله أعلم.

قراءة الصحف بدون شراء

قراءة الصحف بدون شراء المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 18/05/1426هـ السؤال ما حكم من يقرأ ويطَّلع على الصحف والمجلات في (البقالات والأسواق) من غير أن يدفع القيمة، بل ويتصفَّح كل العناوين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن كان القارئ لا يقرأ إلا مجرد العناوين الكبيرة والبارزة فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى؛ لأن هذا مما جرت العادة أن يتسامح به، أما إن كان يريد قراءة الجريدة تفصيلاً فلا ينبغي له ذلك، إلا بإذن من مالكها، هذا إن كانت الجريدة من الجرائد النافعة، أما الجرائد والمجلات غير النافعة فلا ينبغي قراءتها على كل حال، فإن كان في قراءتها مصلحة له فله قراءتها ولو بدون إذن؛ لأنه لا حرمة لها. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

احتساب نسبة التضخم في الديون

احتساب نسبة التضخم في الديون المجيب د. خالد بن عبد الله المصلح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 25/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... هل من الرِّبا احتساب سعر التضخم في الديون والمطالبات؟ لتوضيح السؤال: بعض الجهات تطالب المتسلفين منها بسداد الدين، إضافة إلى حجم التضخم (الذي يتغير من عام إلى آخر) جزاكم الله خيراً. 1ـ التضخم: هو تخفيض قيمة النقد. 2ـ يكون هناك تضخم عندما تزداد كمية النقد التي يتداولها الناس بسرعة أكبر من تزايد السلع التي يستطيعون شراءها. 3ـ هناك تضخم عندما يريد الناس أن يستهلكوا أكثر مما ينتجون. 4ـ عندما يكون هناك تضخم، فإن لنا مصلحة في الاقتراض من أجل البناء أو شراء الأرض بشكل خاص. 5ـ التضخم مرض اقتصادي. 6ـ التضخم هو نتيجة الرأسمالية. 7ـ التضخم هو نتيجة التبذير، وسوء إدارة الأموال العامة من قبل الدولة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله احتساب نسبة التضخم في الديون والمطالبات لا يخلو من حالين: الحال الأولى: أن يكون متفقاً عليه عند التعاقد، وذلك بأن يتفق طرفا العقد على أن تراعى نسبة التضخم عند إنشاء الدين، بحيث تحفظ قيمة النقود الشرائية التبادلية للمدفوعات المؤجلة من النقص، فيتضمن العقد شرطاً يضمن به المدين أو من عليه الحق ما يطرأ من نقص في قيمة النقود الورقية التي جرى عليها التعاقد. وهذه الطريقة تعرف في علم الاقتصاد بالربط القياسي. وقد اختلف أهل العلم في جواز هذا الشرط على أقوال، أقربها إلى الصواب جواز مراعاة نسبة التضخم في الديون والمدفوعات المؤجلة، وذلك ربط بمستوى الأسعار، لكن يشترط لجواز ذلك أن يكون التضخم متوقعاً، وأبرز أدلة ذلك: أولاً: ما روى أحمد (4883) ، وأبو داود (3354) من طريق سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله! إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذا من هذه. وأعطي هذه من هذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء ". وجه الدلالة من الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترط لصحة وفاء الدراهم عن الدنانير أو الدنانير عن الدراهم أن يكون ذلك بسعر يوم القضاء، وهذا الشرط يحقق القصد المنشود من اشتراط مراعاة نسبة التضخم. ومما قيل في علة هذا الشرط: إن أخذ الدراهم عن الدنانير أو الدنانير عن الدراهم جارٍ مجرى القضاء، فيقيد بالمثل كما لو قضاه من الجنس. والتماثل هاهنا من حيث القيمة؛ لتعذر التماثل من حيث الصورة. فجعل من شروط صحة أخذ الدراهم عن الدنانير أن يكون بسعر يوم القضاء، تحقيقاً للتماثل في القيمة لما تعذرت المثلية في الصورة. ثانياً: إن مما يدل على جواز مراعاة نسبة التضخم في الديون والمدفوعات المؤجلة إذا كان التضخم متوقعاً أنه وسيلة وأداة لتحقيق العدل الذي هو أصل واجب في جميع المعاملات؛ ومن القواعد: أن الوسائل لها أحكام المقاصد.

ثالثاً: إن مما يعضد هذا القول أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة، فلا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه، وليس هناك دليل على تحريم هذه المعاملة، فيبقى على الأصل، كما أن الحاجة داعية إليه، وذلك لما تتسم به النقود الورقية من كثرة التذبذب والتقلب وحدّتها وكثرة المداينات. رابعاً: أن المصلحة داعية إلى هذا؛ لأن عدم اعتبار نسبة التضخم مع الاضطراب الحاصل في قيمة النقود الشرائية التبادلية يسبب نقص القيمة التبادلية للنقود لا سيما في الديون والقروض الطويلة الأجل فاعتبار نسبة التضخم يدفع هذا الضرر ويحقق المصلحة. الحال الثانية: أن لا يكون هناك اتفاق بين المتعاقدين على اعتبار التضخم عند التعاقد ويطرأ تضخم أو تزيد نسبته بما يحصل به على الدائن ضرر لا يتسامح به عادة. وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في وفاء هذه الديون والالتزامات، هل يكون بما جرى عليه التعاقد قبل انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود، أو يكون بغير ذلك على ستة أقوال أرجحها القول بمراعاة التضخم الطارئ، ووجوب رد قيمة ما ثبت في ذمة المدين من الأوراق النقدية، لا قدرها. ووجه ترجيح هذا القول ما يلي: أولاً: أن انخفاض القوة الشرائية التبادلية للنقود الورقية يُعدُّ عيباً مؤثراً يحول دون إلزام الدائن بها؛ لأنها بعد نقص قيمتها الشرائية أصبحت دون حقه الذي رضي به في العقد. ثانياً: أن الواجب في الديون بذل مثل ما ثبت في الذمة، وانخفاض القيمة التبادلية للنقود الورقية يفوت ذلك، فتجب القيمة للدائن. ثالثاً: أن الدائن بذل شيئاً منتفعاً به؛ ليأخذ شيئاً منتفعاً به. وفي إعطائه ما انخفضت قيمته الشرائية التبادلية من النقود الورقية تفويت لأهم ما يقصد بالعقد. هذا بعض ما يستدل به للقول بالجواز، والله تعالى أعلم، ولمزيد تفصيل وتقرير في هذه المسألة طالع ما كتبته في كتاب التضخم النقدي في الفقه الإسلامي.

الضرائب الحكومية

الضرائب الحكومية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 05/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: ما حكم الضرائب الحكومية على المسلمين من الحاكم المسلم؟ وهل تعتبر رسوم الإقامة وتجديد الجواز ورسوم رخص المحلات ورسوم رخص القيادة وغيرها من الضرائب؟ أم لا؟ وما الدليل؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأصل أن لا توضع الضريبة على المسلمين إلا إذا دعت إليها ضرورة شرعية أو حاجة ملحَّة، كأن يعجز بيت المال أو خزينة الدولة عن تيسير وتسهيل الخدمات، وما يصلح شؤون الرعية، أو أن توضع الضرائب للحد من الإسراف والتجاوز والتعدي على المال والحق العام ونحو ذلك، وفي كل حال يتعين أن تكون الضريبة -إذا وضعت- غير ظالمة أو مكلفة أو مرهقة لأوساط الناس وضعفائهم، وما ذكر في السؤال هو من أنواع الضرائب المتعارف عليها اليوم. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن ما يأخذه الملوك من الكلف - يعني: الضرائب- التي يضربونها على الناس قد أفتى بها طائفةٌ من الفقهاء طائفةً من الملوك، فأجازوا لهم وضع هذه الوظائف (الضرائب) كما فعل أبو المعالي الجويني في كتابه (غياث الأمم) ، وكما ذكر ذلك بعض الحنفية، وما قبض بتأويل - يعني الضرائب هذه- فإنه يسوغ للمسلم أن يشتريه ممن قبضه، وإن كان المشتري يعتقد أن ذلك العقد محرم. انظر مجموع الفتاوى (29/264-265) ، وهذه الكلف دخلها التأويل والشبهة، ومنها ما هو ظلم محض.

هل يلزمهم الإعلان عن براءة ذمة ميتهم؟

هل يلزمهم الإعلان عن براءة ذمة ميتهم؟ المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة التاريخ 22/03/1426هـ السؤال والدنا - رحمه الله- لم يذكر قبل وفاته أن عليه ديوناً أو التزامات، ولا نعلم -نحن الأبناء- أن على والدنا ديوناً، وقد مضى على وفاته أكثر من سبعة أشهر، ولم نستقبل أي مطالبات، هل يلزمنا البحث عن الدائنين؟ أم يجوز لنا توزيع التركة دون الإعلان بالجريدة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. أما بعد: فإنه والوضع -كما ذكر- من عدم ذكر أبيكم أن عليه ديوناً, ولا تعلمون بأن عليه ذلك, فيجوز لكم توزيع تركته, فإن الأصل براءة ذمته من الحقوق, خصوصاً وقد مضت هذه المدة التي هي كافية لظهور مطالبين لو وجدوا, ولا يلزمكم أن تعلنوا بالجريدة ما دام أن والدكم علاقته كغيره من الناس محدودة في محيطه من أقارب وأصدقاء وزملاء ونحوهم. أما إذا كان لوالدكم علاقات بعيدة عن محيطه, وتظنون أنه يوجد من له في ذمته دين فينبغي لكم الإعلان بالوسيلة التي تحقق ذلك؛ حرصاً على براءة ذمة والدكم. والله أعلم, وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـــــ فقه الأسرة ـــــ

فقه الأسرة

ـــــ النكاح ـــــ

النكاح

حكم النكاح وحكمته

امتناع المسلمة عن الزواج المجيب د. صالح بن حسن المبعوث عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى وعميد شؤون الطلاب بالجامعة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/حكم النكاح وحكمته التاريخ 27/3/1424هـ السؤال سؤالي عن امتناع الفتاة عن الزواج، هل هو جائز شرعاً؟ وهل تأثم الفتاة بذلك وتعتبر راغبة عن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ مع العلم أن امتناعها دون سبب أو مانع شرعي لذلك، ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: إن الزواج من نعم الله العظيمة التي شرعها لعباده، وهو من سنن المرسلين ويستمد قواعده من الدين، وفيه رحمة من الله -تعالى- بخلقه، وعناية بشؤونهم قال - تعالى-: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] ، وقال -تعالى-: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" [النور: من الآية33] ، وهي عامة في الرجل والمرأة. والنكاح له فوائد عظيمة من دخل فيها علمها، وأهمها تحصين فرج الرجل والمرأة، والقيام على المرأة، وغض بصره وبصرها بهذا الزواج، وتكثر الأمة بالتناسل، وتحفظ الأنساب، وتتحقق مباهاة النبي - صلى الله عليه وسلم- بأمته يوم القيامة، انظر ما رواه البخاري (5752) ، ومسلم (220) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- وينتج ما يحصل بين الزوجين من الألفة والمودة والرحمة والسكن، ويكون قيام البيت والأسرة التي هي نواة المجتمع، ومن أعرض عن النكاح بلا مانع ولا سبب شرعي، فإنه يكون ممن فوت على نفسه هذه المصالح والفوائد التي يحصلها من تزوج. "وقد جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم- وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟، فقال: أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر، ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال:" أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري (5063) ، ومسلم (1401) ، واللفظ للبخاري من حديث أنس - رضي الله عنه-.

ومن هنا يعلم في حق الأخت السائلة أن الشريعة الإسلامية بنيت على السماحة واليسر، وإرضاء النفس، وتمتعها بالطيبات، ومنعت التعنت والتشدد، وحرمان النفس مما تريده وتتمناه، وتحتاجه، بحكم الفطرة الإنسانية، وهذا الترك لأمر النكاح خطير جداً قد يصل بصاحبه إلى الخروج عن السنة المطهرة، فديننا ليس دين رهبانية وحرمان، بل هو دين جاء لصلاح الدين والدنيا فأعطى لكل ذي حقٍ حقه، ومنها البدن فله حق إشباع الغرائز الكامنة فيه بالحلال؛ وهو الزواج الشرعي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (الإعراض عن الأهل والأولاد ليس فيما يحبه الله ورسوله، وليس هو دين الأنبياء والرسل فقد قال الله -تعالى-: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً" [الرعد: من الآية38] . ولو لم يكن في النكاح إلا تحصين فرجي الزوجين، وطلب الولد الصالح الذي يدعو لوالديه بعد وفاتهما ويقوم عليهما إبان حياتهما لكان ذلك كافياً) . وأدعو الأخت الكريمة أن تتأمل مصالح النكاح وفوائده، وستجد لها في ذلك جواباً شافياً يجعلها بإذن الله تبادر إلى النكاح وتغيير فكرتها نحوه، والله أعلم، - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.

تعمد تأخير الإنجاب

تعمد تأخير الإنجاب المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/حكم النكاح وحكمته التاريخ 9/8/1424هـ السؤال أنوي الزواج، ثم تأخير الإنجاب حتى تتحسن حالتي الاقتصادية! فهل يجوز هذا؟. الجواب الزواج يتردد بين الوجوب والندب، فيجب على من قدر على أعباء الزواج ومؤنه وتكاليفه وخاف على نفسه الوقوع في الفاحشة، ويندب ويستحب في حال الاعتدال، قال الله تعالى: "وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ" [النور: من الآية32] ، وقال المصطفى - عليه السلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"رواه البخاري (5065) ، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- والزواج يحقق مصلحة كل من الرجل والمرأة، لما فيه من غض البصر، وتحصين الفرج، وحماية الشرف، ومنع ابتذال الجنس، ويحفظ النوع الإنساني، كما أنه يؤدي إلى حفظ الصحة، ويترتب به سرور النفس، وتحصل به اللذة، ويحقق المقاصد النبيلة التي شرع لأجلها، فإن االاتصال المشروع بالمرأة شرع ابتداء لأمور هي مقاصده الأصلية: أحدها: حفظ النسل، ودوام النوع الإنساني على وجه البسيطة، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ويؤدي إلى كف النفس ويعف عن الحرام، والنكاح محقق لمصالح الأمة، فلو لم تأت الشريعة الغراء بالحث عليه لكانت الفطرة السليمة وقواعد السلوك العامة لا تقتضي سواه. فمن ثمرات الزواج أيضاً الولد؛ لأن الزواج وسيلة العاقل في إبقاء أنواعه، وتخليد ذكراه بالتوالد والتناسل، وإذا كان الإنجاب من أسمى مقاصد الزواج فلا بأس أن يؤجل لعدد من السنين باتخاذ الوسائل التي لا تلحق الأذى بأي من الرجل والمرأة، ولا تؤدي إلى إسقاط الحمل أو عمل إجهاض. وبالله التوفيق.

أمقت الزواج، فهل أنا منافق؟!

أمقت الزواج، فهل أنا منافق؟! المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/حكم النكاح وحكمته التاريخ 17/9/1424هـ السؤال بعيداً عن منافع النكاح..فقد كرهت الزواج وقررت عدم الزواج حتى أقضي نحبي فهل أصبح منافقا؟ إذ يقول تعالى "ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم"، والزواج مما شرع الله، وهل يحبط عملي وأخرج من الملة؟ إذ يقول رسولنا عليه الصلاة والسلام ما معناه الزواج من سنتي "ومن رغب عن سنتي فليس مني"، علما أنه لا عذر لي في ذلك سوى المقت، أرجو فقط أن يجاب عن سؤالي. وجزاكم الله خيراً ... الجواب الحمد لله، وحده، وبعد: فجواباً عن السؤال، أقول: الذي يظهر من سؤال السائل الكريم، أنه لم يكره الزواج تديناً ورهبانية، ولا كرهه لكونه سنة نبوية أو لكونه من الدين الحنيف، وإنما كره الإقدام عليه لواقع اجتماعي معين، يعيشه في بيته أو في مجتمعه، وهذا الواقع المر - كما يبدو - كان سبباً في ردة فعل غاضبة، جعلته يتخذ هذا القرار، وهو عدم الزواج مدى الحياة، ولو فوت منافع النكاح - كما أشار إليه - وهذا التصرف كما يظهر، لا يعد نفاقاً ما دام أن القلب مطمئن بالإيمان، وما دام أنه يحب الله ورسوله عليه السلام، وما جاء عن الله ورسوله عليه السلام. وأما الآية الكريمة: "ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله ... " فقد جاءت في ذم الكفار الذين يبغضون ما أنزل الله تعالى، وهكذا كل من أبغض كتاب الله أو ما جاء به كتاب الله - عز وجل فهو كافر ولو ادعى الإيمان، كما قرر ذلك غير واحد من أهل العلم، لهذه الآية الكريمة وغيرها. ولذا لا ينبغي للسائل أن يقول أبغض الزواج وأمقته، وإنما يقول: لا أريد الزواج أو أكره الإقدام عليه، تأدباً في اللفظ؛ لأن هذا هو مراد السائل كما يبدو، ولأن المؤمن يحب كل ما جاء عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولو فرط في بعض ذلك. وأما الحديث المشهور المشار إليه في السؤال (.. ومن رغب عن سنتي فليس مني) فالمراد بقوله: (فليس مني) يعني: ليس على طريقتي، كحال هذا السائل الذي قرر ترك هذه السنة المحمدية، فهو مخالف لطريقة محمد - صلى الله عليه وسلم - وسنته، كما صرح بهذا المعنى الحافظ ابن حجر في الفتح (9/106) ثم أشار إلى أن هذا الحديث يحتمل معنى آخر، وهو أن الرغبة عن هذه السنة إذا كانت من باب الإعراض والتنطع المفضي إلى ترجيح وتفضيل غيرها عليها فإن المعنى يكون لهذا الحديث (فليس مني) أي: ليس على ملتي، والله تعالى أعلم.

شروط صحة النكاح

عقد النكاح بلا شهود المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 10/2/1424هـ السؤال سؤالي عن صحة عقد النكاح التالي: أخ تزوج امرأة تقيم في السعودية مع محرمها - وليس وليها؛ بل محرماً- لها بعد أن اتصل المحرم بأبيها في بلده وشاوره، فوافق على أن يزوج موليته، وتمت صورة العقد على النحو التالي: جلس الوكيل مع المرأة ومع الزوج - فقط الثلاثة - فقال الوكيل: أنا فلان الموكل من أبي فلانة زوجتك فلانة على كتاب الله وسنة رسول الله، فقال الزوج: قبلت الزواج بفلانة، ومن ثم سلم لهم المهر بدون شهود، وبدون شخص يكتب العقد - فقط إيجاب من الوكيل وقبول من الزوج- وتم بذلك النكاح، ما مدى صحة هذا النكاح؟ حيث أنكرت على الزوج هذه الطريقة، وقال سأتوقف عن هذه المرأة حتى نستفتي، أرجو الإفادة عن مدى صحة هذا النكاح، وعن المهر المسلَّم لهذه المرأة، وهل لها نفقة وعدة؟ علماً أنه لم يجامعها، ولكن خلى بها، أرجو التكرم بالإفادة ولكم الشكر والتقدير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن من شروط صحة النكاح الشهادة عليه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" رواه ابن حبان (9/386) ، والدارقطني (3/221) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، قال ابن الملقن -رحمه الله- قال ابن حبان: لا يصح ذكر الشاهدين إلا في هذا الحديث، قلت هو كما قال. أ. هـ. (خلاصة البدر المنير 2/176) ، لذا على الزوج إعادة عقد النكاح مرة ثانية بحضور الشاهدين، ولا يلزمه دفع مهر جديد، وليس لها نفقة عن المدة الماضية؛ لعدم صحة العقد، والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تولي القاضي العقد مع وجود الولي

تولي القاضي العقد مع وجود الولي المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 21/1/1424هـ السؤال السلام عليكم إني تزوجت في المحكمة في دولة عربيه بحضور شاهدين. ولي أمر الزوجة كان موافقاً وحضر إلى المحكمة, ولكنه لم يدخل إلى غرفة عقد الزواج. سئل القاضي أين ولي أمر الزوجة؟ قلنا إنه ينتظر في الخارج. قال القاضي حسناً إني سأصبح ولي أمرها! ثم تم تحديد المهر المقدم والمؤخر وتم عقد الزواج. هل العقد صحيح؟ وإن لم يكن صحيحاً (لا سمح الله) هل نحن زناة؟ وما العمل؟ والآن عندنا أولاد ونعيش في الغرب، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده وبعد: لا يجوز للقاضي أن يزوج امرأة ووليها حاضر غير ممتنع من تزويجها الكفء، وعلى الأخ الكريم تجديد العقد، أما فيما يتعلق بالأولاد فهم أولاد شرعيون لكون النكاح نكاح شبهة، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الولي في النكاح

الولي في النكاح المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 27/12/1424هـ السؤال أنا رجل أعيش أعزب في دول غربية - والحمد لله - أنني مسلم وملتزم، وقد وجدت امرأة مسلمة ملتزمة، واتفقنا على الزواج، ولكن ليس معها ولي لها، فهل يصح عقد النكاح بها عند مأذون مسلم وشهود مسلمين. وللعلم فإن والدها لا يرغب بتزويجها، ورفض حتى اتصالي به لخطبتها، مع أنني أبديت استعدادي للسفر إلى الوالد ومقابلته وطلب يدها منه مباشرة ولكنه رفض، ولكن والدتها وخالها ينصحوننا بالزواج وعدم الالتفات للأب؛ لعلمهم السابق بتعنته وعدم إحسانه التعامل مع بناته. الجواب الحمد لله وبعد، فإن هذه المرأة لها ولي وهو والدها، ولكنه فيما يظهر عاضل لها والعضل حرام، والعاضل يوعظ ويخوف بالله، ويبين له عواقب فعله في الدنيا والآخرة ويكون ذلك بالحكمة، فإن لم يتسجب فإن ولايته تسقط وتنتقل إلى غيره، الأقرب فالأقرب منعاً للظلم، فإن لم يكن للمرأة ولي فإن وليها القاضي الشرعي، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الزواج بلا ولي

الزواج بلا ولي المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 23/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد الزواج من فتاة مسلمة بعقد مكتوب بيني وبينها وبموافقتها وشاهدين ومهر، ولكن دون تسجيل؛ وذلك ابتغاء العفة لنا والبعد عن الزنى، علماً أن الفتاة تتبع مذهباً لا يرى وجوب الولي لصحة النكاح، وهي تعيش في بلد أجنبي بلا محرم وبموافقة أهلها، ونحن نعلم أن هذا الزواج قد لا يستمر لمدة طويلة، ولكن دون تحديد مدة زمنية لهذا الزواج. الجواب الزواج لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها، فإن فعلت لم يصح النكاح، روي هذا عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وعائشة -رضي الله عنهم أجمعين-، وبه قال كثير من التابعين وعلماء السلف؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا نكاح إلا بولي" ذكره البخاري ص (1016) -رحمه الله- في الترجمة في باب (من قال لا نكاح إلا بولي) في كتاب (النكاح) (صحيح البخاري) ، وأخرجه أبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجة (1880) ، والدارمي (2228) ، والإمام أحمد في المسند (2260) ، (19518) ، (19715) ، (19746) في مواضع متعددة، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب من فرجها، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" رواه أحمد (24372) ، واللفظ له، وأبو داود (2083) ، وغيرهما. ومما يرجِّح بطلانه قولك أيها السائل:"ونحن نعلم أن هذا الزواج قد لا يستمر لمدة طويلة".

الزواج بدون ولي

الزواج بدون ولي المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 12/5/1423 السؤال كنت عازماًَ على الزواج من فتاة، وقد عقدنا بوجود الشهود، ولكن بدون ولي، علماً أنها لم تكن بكراً، وقمت بعد سنة من العقد بالذهاب إلى أهلها وطلبتها بشكل رسمي ووافقوا وقرأنا الفاتحة، ولكن حصل بعد ذلك بعض الخلاف ولم يتم ما بدأنا به، السؤال: هل هي زوجتي؟ أنا لم أتركها ولا هي، وكنا قد قرأنا الفاتحة أمام إخوتها جميعاً ومجلس من الشهود ولم أطلقها بعد ذلك، هل هي على ذمتي؟ الجواب أحب أولاً أن أذكر لك -وفقك الله- أن قراءة الفاتحة أثناء العقد لم يكن يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه، وعلى ذلك فهي محدثة مما لا يجوز فعله اتباعاً لسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث تركها، ثم ما يتعلق بالسؤال إن كان العقد الأول تم بدون ولي فهو غير صحيح؛ لأن من شروط صحة النكاح وجود الولي، بناء على ذلك فهي ليست زوجة لك شرعاً. فإذا أردت الزواج بها بعد ذلك فليكن بحضور ولي وشهود وغير ذلك مما يطلب في النكاح الشرعي، وفقك الله.

شروط النكاح

شروط النكاح المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 16/2/1423 السؤال أريد أن أعرف أحكام وشروط الزواج، وهل يجوز للمطلقة تزويج نفسها بدون ولي؟ وهل يتم الزواج بالقول فقط دون توثيق أو مأذون؟ الجواب 1-إن عقد النكاح من العقود المشروعة، وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة على مشروعية عقد النكاح والحث عليه؛ لأن في ذلك حفظ الأنفس من الوقوع بالزنا وما يجر إليه من محرمات، وصيانة الأعراض وحفظ الأنساب، وعفة الأُسر، وطهارة المجتمعات من الدّنس والخبث، قال -تعالى-:" فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع" [النساء:3] وقال -تعالى-: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [النور:32] ، وقال -عليه السلام-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، وقال -عليه السلام-: "من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح" رواه البيهقي في السنن الكبرى (7/77) وعبد الرزاق في مصنفه (10378) وابن حجر في المطالب العالية (1635) وأبو يعلى في مسنده (2748) وعن أنس -رضي الله عنه- في النفر الذين اجتمعوا وقال أحدهم: لا أتزوج النساء فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-" ... وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري (5063) ومسلم (1401) ، والنصوص كثيرة في بيان فضل النكاح والترغيب به وحث الشباب عليه. وركن عقد النكاح هو رضا العاقدين، والمتحقق بالإيجاب والقبول من كلا العاقدين، وصورته: أن يقول الخاطب لوالد المخطوبة: زوجني ابنتك فلانة، ويذكر اسمها، ويذكر مقدار الصداق، ويجيب ولي المخطوبة أباً كان الولي أو أخاً على الفور دون انفصال بقول أو فعل: زوجتك ابنتي فلانة على مهر قدره كذا وكذا، ويسميه. ودليل الرضا قوله -عليه السلام-: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن" رواه البخاري (5136) ومسلم (1419) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأما عن شروط النكاح: فأولها: أن يكون العقد على التأبيد، إذ أن هذا الشرط هو الذي يفترق به النكاح عن السفاح، فالعقد إذا لم يكن على سبيل التأبيد فإنه محرم وهو سفاح، وعلى ذلك اتفاق أهل العلم. الثاني: الولي، لقوله -عليه السلام-: أيما امرأة نُكِحَتْ بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل" رواه الترمذي (1102) وأبو داود (2083) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. الثالث: الإشهاد، أي لا بد من وجود شاهدين، مسلمين، عدلين؛ لقوله -عليه السلام-: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" رواه الدارقطني في السنن (3/227) والطبراني في الأوسط (6366) وابن حبان في صحيحه (4075) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، وقوله -عليه السلام-: "أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف" رواه الترمذي (1089) وابن ماجه (1895) من حديث عائشة -رضي الله عنها- والإشهاد صورة يتحقق بها إعلان النكاح.

الرابع: المهر، قليلاً كان أم كثيراً؛ لقوله -تعالى-: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة" [النساء:4] ، وقوله -عليه السلام-: "أدوا العلائق" رواه الدارقطني في السنن (3/244) والبيهقي في السنن الكبرى (239) وانظر تلخيص الحبير (1550) ، والعلائق، هي: المهور، والأفضل أن لا يقل عن عشرة دراهم، والعشرة دراهم، هي: سبعة مثاقيل من الفضة، والسبعة مثاقيل تعدل نحو 30غراماً فضة تقريباً؛ لقوله -عليه السلام-: "لا صداق دون عشرة دراهم" رواه الدارقطني في السنن (3/245) والبيهقي في السنن الكبرى (7/240) وانظر نصب الراية (3/199) وخروجاً من خلاف منع الزواج بأقل من ذلك المهر، ولأن الأعراض يحتاط لها أكثر من غيرها من العقود الأخرى، ولأنه ما لا خلاف فيه مقدم على ما فيه خلاف. 2-الأصل أن الولاية شرط في صحة عقد النكاح، لا فرق بين بكر وثيب، وهذا ما عليه أكثر أهل العلم؛ لعموم النصوص التي تقضي باشتراط الولاية، والتي منها قوله -عليه السلام-: "لا نكاح إلا بولي" رواه الترمذي (1101) وأبو داود (2085) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-، وغيره مما مر، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الولاية شرط تمام وليست شرط صحة، بحيث إن المرأة لو زوجت نفسها وهي بالغة عاقلة، ورضي أولياؤها بذلك فإن العقد صحيح ونافذ، وإذا لم يرض الأولياء فإنه يكون موقوفاً على رضاهم ولا ينفذ حتى يجيزوه ويأذنوا به، وذلك فهماً من قوله -تعالى-: "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره" [البقرة:230] ، حيث أسند الشارع أمر الإنكاح إليها، وقوله -تعالى-: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن" [البقرة:232] ، وغير ذلك مما يطول ذكره. وفرق آخرون بين الثيب والبكر فأجازوا للثيب أن تزوج نفسها، والمراد بالثيب: من كانت ذات زوج وتوفي عنها زوجها، أو طلقت وانتهت عدتها، ودليلهم على ذلك قوله -عليه السلام-: "الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن" رواه مسلم (1421) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، ومعنى الأيم، أي: الثيب أحق بنفسها من وليها في تزويج نفسها، والأحوط أن يكون أمر التزويج إلى الأولياء ولو كانت أيماً، خروجاً من خلاف من منع هذا الزواج، وعملاً بعموم النصوص التي توجب الولاية في عقد النكاح، أو وجود إذن الولي، إلا إذا حكم به حاكم أو قضى به قاضٍ فإن العقد صحيحاً والحالة هذه، وبالله التوفيق.

3-مما سبق ذكره وتوضيحه في السؤال الأول يتضح لك أنه لابد من توثيق النكاح، وذلك بالإشهاد والإعلان، ومن باب سد الذرائع يتعين توثيقه في المحاكم منعاً للريب ودرءاً للمفاسد، وإثباتاً للزوجية، وإقراراً بنسب الأولاد إذا رزقوا أولاداً، ولهذا ينبغي أن يكون عقد الزواج بمأذون وتوثيق حيطة لحقوق من ذكرنا، ومنعاً للشبه، وحفظاً للأسر من أن تكون تلوكها الألسنة، والشرع يقضي بذلك ويأمر به، ومنه قوله -عليه السلام-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وقوله -عليه السلام-: " فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" رواه البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، ولأن قلوب العباد بيد الله فقد تعدل عنها وتعدل عنك، فإذا لم يوثق العقد فقد تتهم أنت أو هي، وقد تضيع الحقوق المترتبة على عقد الزواج من ولد وصداق، ولهذا نقول بأن يكون الزواج بمأذون وتوثيق، مع ما ذكرنا من الشروط السابقة، وبالله التوفيق.

ولي الثيب في النكاح

ولي الثيب في النكاح المجيب عبد الله بن سليمان المخلف القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 4/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبعد، أسأل عن رأي الدين في امرأة ثيب طلقها زوجها قبل سنوات ولديها منه خمسة أطفال ثلاث بنات وولدان أكبرهم في العشرين من العمر. تقدم لها شاب يريد الزواج منها، ولكن والديها رافضان، بحجة أن زوجها الأول أولى بها، سؤالي: هل يمكنهما الزواج؟ ومن سيكون وكيلها؟ وشكراً جزيلاً. الجواب أود أن أنبه السائل الكريم إلى تصحيح عبارة في السؤال، والصواب أن تقول: أسأل عن حكم الدين، أو عن رأيكم، لأن الدين له في كل مسألة حكم، وأما المفتي فقد يكون له رأي لا يصيب الحكم الشرعي. وجواباً على السؤال فإنه لا يحل للمرأة أن تتزوج إلا بولي شرعي، وهو الأب - كما في هذه الصورة -، كما أنه لا يحل للولي أن يكره المرأة على من لا ترغبه، وإذا خطبها من يرضى دينه وخلقه فلا يحل للولي أن يعضلها ويمنعها منه، وإذا أصر على ذلك فلها أن تلجأ للقضاء الشرعي، والله أعلم.

صيغة عقد النكاح

صيغة عقد النكاح المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 13/9/1424هـ السؤال ما هو الصحيح في صيغة عقد القران، والذي يتفق مع سنة النبي-صلى الله عليه وسلم-، وذلك لأني أسمع صيغا كثيرة ومختلفة، ومنها أن يقول المأذون للزوج: قل لولى الزوجة: زوجني ابنتك على كتاب الله وسنة رسوله، ثم يأمر الولي أن يقول له: وأنا زوجتك ابنتي ويسميها له على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، وعلى مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وعلى الصداق المسمَّى بيننا: فهذه هي الصيغة التي يتم بها الزواج عندنا، وأرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، وما هو حكم وضع المنديل على يد الزوج وولي الزوجة؟. وبارك الله فيكم. وجزاكم خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: فهذه الصيغة المذكورة وهو قول الزوج: زوجني ابنتك. ثم قول الولي له: زوجتك ابنتي. قد ورد في السنة ما يدل عليها، كما في الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- وفيه أن امرأة وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم- فرغب عنها، فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "زوجتكها- وفي لفظ: ملكتكها- بما معك من القرآن"انظر صحيح البخاري (5029) ، وصحيح مسلم (1425) . وقد صرح الأحناف بانعقاد النكاح بهذه الصيغة، كما في فتح القدير (3/105) وغيره. وقد جاء في السنة أيضاً ألفاظ أخرى، ومنها: "ملكتكها"، "أنكحتها". وعلى كلٍ فالراجح من قولي العلماء أن النكاح يصح بكل لفظ يدل عليه، كهذه الصيغ وما في معناها. وأما وضع المنديل على يد الزوج وولي الزوجة، فلا أصل له في الشرع، والواجب الاكتفاء بما جاءت به السنة من خطبة العقد، والإيجاب والقبول الصادرين من الزوج وولي الزوجة، وأن يدعى للزوجين بما ورد: "بارك الله لكما وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير". انظر مسند أحمد (8956) ، وسنن أبي داود (2130) ، وجامع الترمذي (1092) . والله تعالى أعلم.

تولي الأخ عقد النكاح مع وجود الأب!

تولي الأخ عقد النكاح مع وجود الأب! المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 8/9/1424هـ السؤال هل يحل لي الزواج من هذا الرجل بدون موافقة والدي؟ وهل يجوز أن يكون أخي هو ولي نكاحي مع وجود الوالد؟. الجواب السؤال فيه تعيين لرجل تقدم لزواج السائلة، حيث تقول: هل يحل لي الزواج من هذا الرجل؟ ونقول من هو هذا الرجل المعين؟ إذ قد يكون غير صالح شرعاً، أما إن كان مضمون السؤال، هو: الزواج من رجل صالح شرعاً بدون موافقة الوالد، فنقول: لا يجوز بدون إذنه، ولا يجوز لأخيك أن يتولى عقد النكاح مع وجود والدك، إلا إذا كان الوالد غير صالح للولاية، ويحصل منه العضل، فهنا تنتقل الولاية إلى الأخ، لكن يكون هذا عن طريق المحكمة الشرعية، والله أعلم.

تزوجت بدون ولي

تزوجت بدون ولي المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 01/08/1426هـ السؤال لقد تزوجت سراً بدون علم أهلي (أي بدون ولي) من رجل أرضى دينه وخلقه، علماً أن الزواج كان بوجود شاهدين وكاتب؛ حتى لا نقع في الحرام، وعلمنا اليوم أن زواجنا بدون ولي باطل، مع أن العلاقة الزوجية بيننا تمت كاملة، فما الحل؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فمن شروط صحة النكاح الولي؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (19518) وأبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجة (1881) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- لذا عليك ألا تُمَكّني هذا الرجل منك، حتى يعيد العقد بأن يزوجه وليُّك أو وكيله، أما ما سبق من جماع ونحوه فقد تم بناء على اعتقادكما صحة العقد، لذا فإنه لا حرج عليكما فيه؛ لكونكما معذورين بالجهل، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الزواج بالبنت الصغيرة

الزواج بالبنت الصغيرة المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 10/02/1426هـ السؤال السلام عليكم هل يجوز لرجل عمره 35 سنة أن يتزوج فتاة عمرها 10 سنوات؟ وإذا كان ذلك جائزا فهل هناك أية مفاسد؟ أرجو التوضيح بالتفصيل. وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فإن النكاح يكون صحيحاً إذا توفرت شروطه كالولي والشهود، وانتفت موانعه، لم يذكر أهل العلم - حسب اطلاعي- سناً لا يجوز فيه التزويج سواء للرجل أو المرأة؛ لأن النصوص جاءت مطلقة غير مقيدة، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقد على عائشة - رضي الله عنها- وهي بنت ست، ودخل بها وهي ابنة تسع أخرجه البخاري (3894) ومسلم (1422) ، هذا من حيث النظر الشرعي، أما من حيث وجود ما قد يكون سلبياً في زواج الرجل الكبير من البنت الصغيرة فهذا ظاهر، فإن الاختلاف في القدرات الجسمية والعقلية قد يكون سبباً في نشأة الخلافات التي تؤدي إلى فشل الزواج، وهذا أمر مشاهد ومعلوم، ولذا فإني لا أنصح به ولا أحث عليه. وما ذكرنا من جواز النكاح بين الكبير والصغير المراد به عقد النكاح، أما أثار عقد النكاح من مثل الخلوة والجماع، ونحو ذلك، فهذا شيء آخر، إن كانت هذه البنت تطيقه وليس عليها منه ضرر جاز، وإلا لم يجز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) ، ولفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث لم يدخل على عائشة - رضي الله عنها- لصغرها. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

والدها يعضلها فهل لها المطالبة بإسقاط ولايته؟

والدها يعضلها فهل لها المطالبة بإسقاط ولايته؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 03/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. يوجد لدينا مشكلة عائلية، وهي أن أخواتي قد بلغن سن الزواج، ولكن والدنا يرفض أي شخص يتقدَّم، ويتعذَّر بأعذار واهية، ويقول: (أمهلني كم يوم أفكّر) ، فإن كان من القرابة قال له: (إن المتقدم وابنتي أخوان من الرضاعة) ، وإن كان من غير القرابة فيقول له: (إن بين أهلي وبيني مشاكل عائلية لا أستطيع أن أزوجكم ابنتي حتى يتم الصلح بيني وبين أهلي) ، والحقيقة أن بناته قد بلغت أعمارهن قاربة30 سنة، وقد تقدم أحد الأقارب وتعذر بأنه أخ لابنته من الرضاعة، وهذا الكلام غير صحيح والمتقدم ممن يرضى دينه وأمانته، فهل لهن أن يرفعن للقاضي بالمطالبة بإسقاط ولايته عليهن، وهل هذا من العقوق؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فمن شروط صحة النكاح الولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي". رواه أحمد (19518) ، وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه-، فإذا تقدّم للمرأة من يرضى خلقه ودينه فعضل الولي سواء كان الأب أو غيره انتقلت الولاية إلى من بعده من الأولياء، وهكذا ... فإن عضل الجميع انتقلت الولاية للسلطان أو نائبه، وهو القاضي الشرعي، فتتقدم المرأة إلى المحكمة وسيتم إجراء اللازم وفق القواعد الشرعية. ثانياً: على البنت قبل التقدُّم للمحكمة محاولة إقناع والدها بما تريد سواء مباشرة منها أو توسيط من تراه مناسباً في الحديث عن هذا الموضوع مع والدها، فإن قَبِل فالحمد لله، وإلا أقدمت. ثالثاً: يجب على البنت أن تحسن لوالدها وتجتهد في الاتصال به وطلب رضاه، وتصبر على ما قد تلاقيه، قال تعالى: "وقضى ربُّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء: 23] . وأخيراً: أُذكِّر أولياء المرأة بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أتاكم من ترضون خلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) . وليس من العقوق مطالبة البنت بحقها الشرعي - أعني الزواج- بل لها أن تطالب به بلا كراهة، ومنع الولي موليته من الزواج إلى سن الثلاثين منكر يأثم عليه، وهو صورة من صور ظلم الآباء لبناتهم، والشارع الحكيم قد حثَّ في مواضع كثيرة على الزواج، ورغَّب فيه، وهو أعظم الطرق لحفظ المرء من الوقوع في المحرمات، فالواجب امتثال أمره بلا مماطلة ولا تأخير من قبل الأولياء. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

النكاح بلا ولي وبلا مأذون أنكحة

النكاح بلا ولي وبلا مأذون أنكحة المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 10/7/1424هـ السؤال أنا قررت الزواج من فتاة زواجاً شرعياً مدى الحياة، وطلبت منها الزواج أمام رجلين وامرأة، تم سؤالي وسؤالها ووافقنا بالزواج زواجا شرعيا بالنية والشهود الثلاثة، مع أخذ موافقة أهل الفتاة، ولكن الزواج لم يكن على يد شيخ، فهل هذا الزواج يعد شرعياً أم لا؟ أرجو الإجابة بسرعة لأعلم إن كنت على خطأ، وما الحل إن لم أكن على صواب؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن النكاح إذا توافرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه صحَّ، وليس من شروط النكاح ولا أركانه أن يكون عن طريق مأذون، ولكن تم تكليف بعض طلبة العلم للعمل مأذونين ليتم التحقق من توافر الأركان والشروط وانتفاء الموانع، نظراً لكون بعض الناس لا يعرفون ذلك، وأيضاً لتسجيل النكاح وإثباته في أوراق رسمية، ليتمكن الزوج من إضافة زوجته معه في هويته، وتفادياً للخلافات الحاصلة بسبب عدم التسجيل، فهو إجراء نظامي لحفظ الأعراض والأنساب، ويظهر لي من سؤال الأخ السائل أن ولي المرأة لم يعقد له، بل اكتفى بنطق المرأة "الزوجة"، فإن كان الحال كذلك فلا بد من تجديد العقد، لأن النكاح لا يصح بدون ولي، قال عليه الصلاة والسلام: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (4/394) وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله تعالى عنه - والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تزويج النصرانية نفسها

تزويج النصرانية نفسها المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 3/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخواني أريد أن أعلمكم أن النصرانية بعد السن الثامنة عشر لا يوجد من هو مسؤول عنها فهي في قانونهم وعرفهم هي ولية نفسها - تستطيع هي أن تفعل ما تريد فما رأيكم في مسألة الزواج منها؟ الجواب الزواج لا يصح إلا بولي وشاهدي عدل، وإذا كانت المرأة غير مسلمة وتقيم في بلاد المسلمين فوليها القاضي المسلم، وإذا كانت في بلاد غير إسلامية فوليها رئيس الجالية الإسلامية أو إمام المسجد يتولى إبرام عقد النكاح بعد توفر شروط صحة العقد وأركانه وتحرير عقد يشتمل على بيانات كاملة عن الزوجين، هذا في حال زواج هذه الفتاة من مسلم والعلم عند الله.

زوجت بنتها من رجل يكبرها بعقود

زوجت بنتها من رجل يكبرها بعقود المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 07/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أمي قامت بتزويج أختي، والتي تبلغ من العمر 14سنة، من رجل يبلغ من العمر 50سنة، مع العلم بأن أختي موافقة على الزواج (ولكنها لا تفقه معنى الزواج) ، فهل تكون أمي مذنبة على فعلتها؟ مع العلم بأن الرجل ملتزم ومتدين، ولكن فرق السن بينهما كبير. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الشارع الحكيم لم يجعل للمرأة حق الولاية في تزويج نفسها أو تزويج غيرها، ثم إنه ليس على ولي الأمر حرج إذا زوَّج موليته على صاحب الدين والخلق الحسن حتى ولو كان يكبرها في السن، أو كانت تكبره هي في سنها، إذ إن الضابط في هذه المسألة كون الرجل صاحب دين وخلق، فإذا وافقت المرأة على هذا الزوج وتوفرت باقي الشروط كان زواجًا صحيحًا ليس لأحد فيه ذنب. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

بعيدة عن وليها فكيف تتزوج؟

بعيدة عن وليها فكيف تتزوج؟ المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 3/9/1424هـ السؤال أجنبية عندنا وتريد الزواج الشرعي من شخص ترضاه وهو على خلق. السؤال: هل يكفي أخذ موافقتها فقط مع الشهود أو الاتصال بولي أمرها؟ وما هي الشروط للزواج وهي بعيدة من بلدها جداً؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله تعالى وحده، وبعد: فكما هو معلوم في الشرع أن النكاح لابد له من شروط، ومن شروطه الولي والشهادة والرضا والكفاءة، فلا يصح نكاح بدون ولي، وفي هذا السؤال لا يكفي أخذ موافقتها مع الشهود فقط، بل لابد من موافقة الولي وأن يتولى الولي بنفسه عقد النكاح أو وكيله الشرعي، والولي هو أبوها، فإن لم يوجد فأخوها وهكذا أقرب العصبات، ولو كان هو أو هي بعيدة عن أهلها جداً فالواجب أن يذهب إليه، أو بأي وسيلة لإتمام عقد النكاح على الوجه المشروع الذي أمر به تعالى، ويلاحظ أنه ولله الحمد والمنة أصبحت وسائل الاتصال والمراسلة والسفر مسهلة ومتيسرة مما لم تكن عليه من ذي قبل، فيمكن من خلالها التنقل والوصول إلى الولي لأجل هذا الأمر المهم في حياة الناس، وهو عقد النكاح الذي سماه الله تعالى ميثاقاً غليظاً، فهو رباط متين ووثيق لابد من الاحتياط له، والعمل على ضوء الشريعة لإتمامه لتسعد الحياة الزوجية، "وإنما الزانية التي تزوج نفسها"، كما ورد بذلك الحديث، والله المستعان، وصلى على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

إجبار الأم ابنتها على الزواج

إجبار الأم ابنتها على الزواج المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 18/6/1424هـ السؤال ابنة خالتي تزوجت بدون علم أهلها، أو بمعنى أصح قد فاجأتهم بعقد قرانها وذلك بعد ما علمت بأن أمها بعد رجوعها من السفر قررت أن تزوجها بغير خطيبها، والتي دامت خطوبتهما قرابة الثلاثة أعوام، وليس السبب هو أن هناك عيباً في هذا الخطيب، بل لأنها وجدت رجلاً أكثر منه مالاًًً وغنى، وعندما علم أهلي بالقصة وبالنية الخبيثة التي نوتها الأم لابنتها قرروا أن يقفوا معها، وأن يساعدوها في إشهار هذا القران، سؤالي هو هل هنالك أي ذنب على الابنة وعلينا نحن أهلها (أخوات أمها) ؟ علماً بأنها بذلت كل الجهود لإقناع الأم بلم شملها مع ابنتها بعد الفراق الذي حصل بعد عقد القران، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل. وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: الزواج يعتبر من خصوصيات المرء، فليس للأم ولا للأب إجبار ابنه أو ابنته على من لا يريدانه، خصوصاً إذا كان الدافع لهذا الإجبار الطمع في الدنيا ومتاعها الزائل، وهذا الفعل أي إجبار أحد الأبوين الأبناء على الزواج بمن لا يريدانه محرم شرعاً، لأنه ظلم وتعدٍ على حقوق الآخرين، وجمهور أهل العلم على أنه يحرم على الأب إجبار ابنته على الزواج بمن لا ترضاه إذا كانت بالغة عاقلة، فإذا كان هذا في حق الأب فالأم من باب أولى. وإنما يستحب طاعة الوالدين في اختيار الزوج زوجته أو العكس، ما لم يكن هناك محذور شرعي، ومحاولة الأم هنا تزويج ابنتها بغير خطيبها فيه محذور شرعي وهو نهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يخطب الرجل على خطبة أخيه" رواه البخاري (5142) ، ومسلم (1412) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- فلا يجب على البنت طاعتها في ذلك، بل ولا يستحب لكون كلا الطرفين قد ركن إلى الآخر، ولا يوجد بالخطيب عيب وليس عليها إثم في هذا التصرف. ولكن ينبغي أن يلاحظ أن المرأة لا يجوز لها تزويج نفسها، بل لابد من أن يتولى عقد المرأة وليها وهو والدها، وإن لم يوجد فأقرب رجل من معصبيها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (19518) ، وأبو داود (2085) ، وغيرهما من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-. والله أعلم.

عقد عليها بعد الطلاق بغير ولي

عقد عليها بعد الطلاق بغير ولي المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 13/7/1425هـ السؤال شاب عقد القران على فتاة في حضور والدها بعد موافقة أهل الشاب على مضض, ثم اضطر إلى طلاقها قبل الدخول بها؛ لإرضاء أهله، ولكن ظل الطلاق سراً على أهل الفتاة، ظناً منه أنه سيستطيع العقد عليها مرة أخرى بعد إقناع أهله بالموافقة، وبعد فترة وجيزة أعاد العقد عليها مرة أخرى، ولكن في حضور المأذون واثنين من الشهود، وهو الآن مازال متزوجاً منها، وعندهما أولاد في الجامعة، وما زال أهل الفتاة لا يعلمون بأمر الطلاق ثم إعادة عقد القران. أرجو الإفادة بصحة هذا الزواج. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فمن طلق زوجته قبل الدخول والخلوة بها فقد بانت منه، وليس عليها عدة، وليس له عليها رجعة إلا بعقد جديد مستكمل لشروطه، متضمن للإيجاب والقبول؛ قال -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا" [الأحزاب: من الآية49] ، فإن كان قد طلقها قبل أن يقع بينهما جماع ولا خلوة فإن ما أجراه المأذون خطأ، بل لا بد من إيجاب الولي، وتلفظ الرجل بالقبول، ويمكنه إن كان والد المرأة حياً الآن أن يتلفظ بقوله زوجتك فلانة، ويجيبه بالقبول: قبلت هذا الزواج، سواء بحضوره، أو عبر الهاتف، وبذلك يزول الإشكال، ويصح العقد، وإن لم يكن حياً فأحد أبناء المرأة يقوم بذلك، وإن كان قد طلقت بعد أن حصلت الخلوة بينه وبين زوجته فإن ما أجراه المأذون كافٍ، والعقد صحيح. وفقك الله وسددك، وألهم الجميع برشده.

هل عقد زواجه صحيح؟

هل عقد زواجه صحيح؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 27/11/1424هـ السؤال تزوجت امرأة مسلمة. وقد اكتشفت أنها كذبت علي بخصوص أخ لها قائلة إنه يعمل في ناد رياضي، بينما هو يعمل في ناد ليلي، وقد واظبت على أخذ مال مني وإرساله لأهلها بدون موافقة مني على ذلك كما أنها قامت بأعمال أخرى. عندي منها ابنتان، وهي الآن تطلب مني أن أطلقها ـ على الطريقة الأمريكية ـ بحيث تأخذ نصف ممتلكاتي. هل عقد زواجي بها صحيح برغم السرقة والغش الذي مارسته. وإذا أرغمت على أن أعطيها نصف ممتلكاتي هل أبقى ملتزماً بسداد مؤخر الصداق؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، الصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أن زواجك من تلك المرأة المسلمة صحيح إذا كان قد توفرت فيه شروط النكاح التي هي الرضا، والولي، وخلو الزوجين من الموانع، وأيضاً الإشهاد على النكاح على قول بعض أهل العلم. هذا وما ذكرته في سؤالك من كذبها عليك وأخذها من مالك بغير إذنك هذا لا يؤثر على عقد النكاح، فالنكاح باقٍ. وأما ما ذكرته في سؤالك أيضاً من أنها الآن تطلب منك الطلاق ... إلخ. جوابه أنه إذا كان طلب الطلاق منها وبغير سبب منك فليس عليك صداق مؤخر ولا غيره مما ذكرته في سؤالك، أما إذا كان سبب طلبها للطلاق يرجع إليك لسوء عشرتك لها أو عدم إنفاقك أو لعيب يختص بك فإنه يلزمك - والحالة هذه - أن توفي بكل ما اشترط عليك في النكاح مما يصح اشتراطه في الشريعة الإسلامية؛ لما جاء في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" البخاري (5151) ومسلم (1418) من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه-. والله أعلم.

شهادة الكافر في عقد النكاح

شهادة الكافر في عقد النكاح المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 1/3/1425هـ السؤال هل يجوز أن يكون الشاهدان والولي في عقد النكاح من الكفار؟. الجواب الحمد لله: أما الولي: فلا يجوز أن يكون الكافر ولياً لمسلمة؛ وذلك لأن الولاية قد انقطعت بين الكافر والمسلم، والأدلة على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً.." [النساء:141] وقوله: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض.." [التوبة:71] وقوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض.." [المائدة:51] ، وقوله -سبحانه-:"إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا.." [المائدة:55] ، وغيرها من الأدلة التي تدلّ على موالاة المؤمنين بعضهم لبعض دون الكافرين، وهذا مثل الميراث ـ أيضاً ـ فلا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر؛ لانقطاع الولاية بينهم باختلاف الدين، وإنما يرث المسلم المسلم، والكافر الكافر، وكذلك في النكاح يكون المسلم ولياً للمسلمة، والكافر ولياً للكافرة؛ لقوله -تعالى-:"والذين كفروا بعضهم أولياء بعض.." [الأنفال:73] ، ويستثنى من ذلك تزويج السلطان المسلم (الإمام، رئيس الدولة، القاضي) للكافرة التي ليس لها ولي. وأما مسألة عدالة الشهود ـ عند الجمهور الذين يشترطون الشهادة في عقد النكاح، ولا يكتفون بإظهار النكاح وإشهاره ـ فلا يخلو الأمر من حالين: الحال الأولى: أن يكون الزواج بين مسلم ومسلمة ففي هذه الحال يجب أن يكون الشاهد مسلماً إجماعاً؛ لأن غير المسلم ليس بعدل في الشهادة على المسلم. الحال الثانية: أن يكون الزواج بين مسلم وكتابية (يهودية أو نصرانية) ، فمن أهل العلم ـ كأبي حنيفة وبعض الحنابلة ـ من أجاز أن يكون الشاهد كتابياً؛ لأن الكتابي يجوز أن يكون ولياً للكتابية فجواز كونه شاهداً من باب أولى؛ ولأن شهادة الكتابي على الكتابي جائزة ـ عندهم ـ فكذلك شهادته على نكاح الكتابية. وجمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة وبعض الحنفية يرون عدم جواز شهادة الكافر في عقد نكاح المسلم على الكتابية؛ لأن من شروط الشهادة العدالة والكافر ليس عدلاً، كما أن شهادته على نكاح المسلم للمسلمة لا يجوز فكذلك شهادته على نكاح الكتابية. والأولى أن يكون الشاهد مسلماً. وباختصار فإنه يشترط أن يكون الولي والشاهد مسلماً إلا إذا كانت الزوجة كتابية (يهودية أو نصرانية) فإنه يجوز أن يكون الولي كتابياً، وأما الشهود فإنه يشترط أن يكونوا مسلمين وهذا هو قول الجمهور وهو الأولى. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تولي الزوج طرفي عقد النكاح

تولي الزوج طرفي عقد النكاح المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 9/3/1425هـ السؤال هل يجوز أن يكون الزوج هو ولي المرأة بالنيابة حال العقد، كأن يكون مثلاً ابن عمها ويوكل من قبل أبيها على أن يكون الولي فيحصل منه الإيجاب والقبول من نفسه؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما ذكره السائل _وفقه الله_ يعبر عنه أهل العلم بقولهم ولي المرأة التي يحل له نكاحها وهو ابن العم أو المولى أو الحاكم أو السلطان إذا أذنت له أن يتزوجها , فله ذلك, وهل له أن يلي طرفي العقد بنفسه، قد اختلف العلماء في ذلك، لكن الذي يظهر المنع منه وهو قول الإمامين الشافعي وأحمد، وطائفة من أهل العلم. وعليه فلا يجوز أن يتولى طرفي العقد , ولكن يوكل رجلاً يزوجه إياها بإذنها، قال الإمام الشافعي يزوجهما السلطان أو ولي آخر مثله أو أقعد منه، وقال أحمد في رواية ابن منصور: لا يزوج نفسه حتى يولى رجلا ومن الأدلة على ذلك ما جاء عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنه أراد أن يتزوج امرأة وهو وليها فجعل أمرها إلى رجل المغيرة أولى منه فزوجه رواه البخاري تعليقاً في كتاب: النكاح، باب: إذا كان الولي هو الخاطب. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10502) عن الثوري وقال فيه: فأمر أبعد منه فزوجه، وأيضا فإن الولاية شرط في العقد فلا يكون الناكح منكحا كما لا يبيع من نفسه. والله أعلم.

يريد أن يتزوجها من غير علم أبيها

يريد أن يتزوجها من غير علم أبيها المجيب سلمان بن عبد الله المهيني القاضي بوزارة العدل التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 17/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: سؤالي كالتالي: أنا شاب عمري 25 عاماً، ومحافظ على الصلاة قدر ما أستطيع، فضيلة الشيخ: تعرفت على فتاة عمرها26 عاماً، وهي جارتنا، وكانت متزوجة من رجل مقيم في بلدنا لمدة ثلاث سنوات من دون الدخول عليها، وبعد الثلاث سنوات طلقت منه، وقد عاشت في ظروف نفسية صعبة بعد الطلاق، وقد تكلمت مع والدها بأن أتقدم لها، فوافق، والزواج من أجنبية في بلدنا شبه مستحيل، والعادات والتقاليد عندنا صعبة للغاية، وقد اتفقت أنا والبنت على أن نبقي زواجنا سرياً ما عدا أهلها، فوافقت وأهلها أيضاً ما عدا والدها، وكلمته مراراً ولم يلتفت، علماً بأني سوف أعلن الزواج لاحقاً، وبعد فترة أتاها من يخطبها، ولكن والدها كان يرفض، علماً أن والدها لا يعمل، وقد اتفقت أنا وأخوها الأكبر بأن تتزوج في بلدهم من غير موافقة الأب، وقد كلمها أخوها الأكبر بالموضوع، فوافقت بشرط أن أكتب لها ورقة بأن أعلن الزواج بعد سنة من العقد، فوافقت على الشرط. علماً فضيلة الشيخ بأن الأب لن يعلم أن بنته متزوجة إلا بعد سنة من العقد، والبنت -فضيلة الشيخ- تتمنى الزواج بأية طريقة. أرجو من فضيلتكم الإفتاء لي من الناحية الشرعية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الواجب على السائل وغيره من المسلمين الالتزام بالشروط المقررة لصحة النكاح، ومن ذلك الولاية في النكاح، فإن الوالد هو صاحب الولاية ما لم يوجد مانع من ذلك، كالسفه والجنون، وعليه فإن انعقاد النكاح لا يتم إلا من صاحب الولاية الشرعية، وهو هنا والد المرأة، وعلى السائل أن يراعي ذلك. أما إذا كان الأب ممتنعاً لسبب غير مبرر شرعاً فإن البنت هي التي تعالج ذلك من جانبها بالتقدم إلى المحكمة المختصة للنظر في امتناع الأب عن ذلك، فإن كان عاضلاً لها فإن ولايته تسقط عن المرأة، وتنتقل لمن بعده ممن هو مستحق الولاية عليها، أما في الواقع الذي تذكر فلا شك أن امتناع الوالد له ما يبرره، حيث إن النواحي النظامية في الوقت الحاضر يمتد أثرها في إثبات النسب وغير ذلك من الأمور المهمة، ولعل السائل يجد في الأمور المسموح بها نظاماً ما يكون منهياً لمشكلته نحو إعلان الزواج. والله أعلم.

هل لهذا الأب ولاية على ابنته؟

هل لهذا الأب ولاية على ابنته؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 18/04/1425هـ السؤال أنا امرأة مطلقة منذ اثني عشر عاما، ً ولي ولد وبنت، وقد اشترط والدهم أن يكون طلاقي مقابل تنازلي عن نفقتهم إلى الأبد، فتنازلت عن نفقتهم، وحصلت على حضانتهم، وأنفقت عليهم طوال هذه السنوات، وسهرت الليالي على راحتهم، وعانيت الأمرّين من أمراضهم عندما كانوا صغاراً، ولم أكلّ ولم أملّ من هذا الأمر، بل أحتسب معاناتي عند الله -تعالى-،حتى أصبحوا الآن في بداية سن الشباب. وسؤالي هو: هل لأبيهم أن يتحكم في مصير البنت في المستقبل وتزويجها مع تخليه عنها كل هذه السنوات؟ وهل يستطيع عضلها نكاية بي؟ وهل أستطيع تزويجها عن طريق شقيقها إذا عاندني والدها في ذلك؟ وما حكم تخلي الرجل عن نفقة أولاده مع قدرته؟ خاصة أنه ينفق على أولاده من زوجته الثانية. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالذي يتولى تزويج البنت وإيجاب عقد زواجها هو أبوها إن كان موجوداً، ولو كان مقصراً في رعايتها أو نفقتها، ولا يمكن لشقيقها ولا غيره أن يزوجها مع وجود والدها إلا إذا رفع القاضي ولايته عليها، فإذا تقدم الكفء المناسب لها، وطلب من والدها أن يزوجه بها فرده الأب دون مبرر ظاهر، فيمكن لابنتك أن تتقدَّم للقضاء مدعية على أبيها أنه عضلها، فينظر القاضي في ذلك، فإذا تبين له أن والدها منعها من الزواج بهذا الخاطب وهو كفء، فإن القاضي يزوِّج الفتاة لارتفاع ولاية الأب بسبب العضل، وكذلك إن زوجها بمن لا ترغبه ولا ترضاه فإن لها أن تتقدم للقضاء مدعية إجبارها على النكاح ممن لا ترضاه؛ ليفسخ النكاح بينهما. وأما تخلي الرجل عن نفقة أولاده فهذا لا يجوز، بل الواجب عليه العدل بين أولاده، لكن إن استعدت المرأة بتحمل نفقات أولادها وخالعت زوجها على ذلك فإن نفقتهم تكون على أمهم التي استعدت بتحملها. وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله عليه وسلم على محمد وآله وصحبه.

تنازلت عما اشترط وليها في العقد بغير علمه

تنازلت عما اشترط وليها في العقد بغير علمه المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 12/02/1426هـ السؤال عندما تقدمت إلى أهل زوجتي الحالية، وكانوا مغاليين في طلباتهم المتعلقة بمؤخر الصداق وقائمة المنقولات التي هي ملكي أصلا، وطلبوا مني أن أكتبها باسمها، ووجدت نفسي لا أستطيع الوفاء بتلك الطلبات إذا حدث بيننا طلاق, لذلك قررت عدم إكمال هذه الزيجة ورفضت الموضوع برمته، وعندما علمت هي برغبتي تلك اتفقت معي بأن أوافق على كل طلباتهم من مؤخر صداق وقائمة منقولات على أن تقوم بإبراء ذمتي (سرا بيننا) بعد ذلك، وبررت ذلك بأنها لا تهتم بالأموال ولا المتاع بقدر اهتمامها بشخصي أنا، وبعد اتمام الزواج, وفى أول يوم لنا معا طلبت منى أن أحضر ورقة وقلما لكي تقوم بكتابة الشهادة التي سوف تبرأ بها ذمتي (كما اتفقنا قبل الزواج) ، وعندما وجدت أنها جادة جدا في هذا الأمر طمأنت بالها وأخبرتها أنها مادامت معترفة بالاتفاق الذي بيننا وتقر به إقرارا تاما فهذا يكفيني، وهو أفضل من أن تقوم بكتابة تلك الورقة وعدم الاعتراف بها عند الاحتياج إليها. والسؤال الآن: هل يمكن للزوجة أن تتفق مع زوجها (سراً) على إبراء ذمته من جميع حقوقها الشرعية كما في هذه الحالة؟ وهل في هذه الحالة يكون الزواج صحيحا شرعا؟ وعند حدوث ما يستوجب الطلاق وأنكرت الزوجة تنفيذ هذا الاتفاق- بحجة أنها كانت غير جادة في هذا الاتفاق، وأيضاً عدم وجود اتفاق مكتوب يلزمها بالتنفيذ - هل يجب على الزوج أداء حقوقها كاملة في حالة الطلاق أم يتمسك بما تم الاتفاق عليه (سراً) بينهما على أساس أنه كان شرطا لقيام هذه الزيجة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: قبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد من إيضاح ثلاث مقدمات: الأولى: أن الصداق وسائر الشروط في النكاح التي تطلبها الزوجة هو حق محض للزوجة دون غيرها حتى ولو كان طالب هذه الشروط هو وليها، ولها أن تتنازل عن جميع المهر كله أو بعضه، كما يجوز لها أن تتنازل عن جميع الشروط المنصوص عليها في عقد النكاح أو بعضها، قال تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً" [النساء: 4] . الثانية: أن العقد المبرم بين طرفين سواء كان عقداً مالياً أو عقد نكاح أو غيره إذا اشتمل على اتفاق صوري وحقيقي، فالعبرة حينئذ بالاتفاق الحقيقي، وعلى الطرفين أن يلتزما ديانة بالاتفاق الحقيقي دون الصوري، وإن حصل نزاع وأنكر أحد الطرفين الاتفاق الحقيقي فإن القول قول المستمسك بظاهر العقد مع يمينه ما لم يقم خصمه البينة على أن العقد كان صورياً. كما أنه ليس من مبطلات العقد وجود اتفاق صوري غير حقيقي يخالفه.

الثالثة: أنه يستحب شرعاً توثيق الديون بالكتابة والإشهاد، ويقاس عليه سائر العقود والتنازلات، وذلك حفظاً للحقوق من الضياع والنسيان، وحسماً للمنازعات التي قد تثار بسوء أو حسن نية من المتعاقدين أو إحداهما أو ورثتهما، كما قال الله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل" [البقرة: 282] ، وقال تعالى: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان أن تضل إحداهما فتذكِّر إحداهما الأخرى" [البقرة: 282] ، وقال سبحانه أيضاً: "ولا تسئموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا" [البقرة: 282] . ولعله أخي السائل قد اتضح لك الجواب من خلال ما تقدم، فالزواج والاتفاق الذي دار بينكما صحيح، ويستحب لكما كتابته والإشهاد عليه امتثالاً للتوجيه الإلهي، وإن كانت الثقة متبادلة بينكما الآن، ونسأل الله -تعالى- أن يبارك لكما في زواجكما ويُبارك عليكما ويجمع بينكما في خير، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تريد الزواج ووليها منقطع عنها!

تريد الزواج ووليها منقطع عنها! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 24/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ المحترم: أنا امرأة أعيش بعد وفاة والدي في بلدي - لدة غربية - بعد أن حصلت على الجنسية، وقد طلب أحد المسلمين الزواج مني فرفض الموثق بمسجد العاصمة أن يعقد قراننا؛ بحجة أن أخي الذي يعيش في بلد آخر ولا يدري عني منذ خمس سنوات هو وليي ويجب موافقته، وقد راسلت أخي أكثر من مرة ولم يرد علي، وإمام الجامع يرفض عقد قراني، وأنا امرأة متواضعة الجمال، وليس لي أحد في هذه البلاد، وسوداء البشرة، ولم أصدق عندما تقدم لي رجل مسلم مصلٍّ ويحترمني، فماذا أفعل؟ وهل أستطيع أن أعقد قراني عن طريق شيخ آخر؟ وهل يجوز ذلك؟ وما هو الدليل الشرعي؟ لأني أريد الحلال حتى وإن مت عازبة وحيدة. حفظكم الله وأعلى قدركم، وسدَّدكم لما فيه خير الإسلام والمسلمين. إن أمكن توجيه السؤال لشيخ مالكي المذهب أو الشيخ أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وجود الولي في النكاح أحد شروطه، لحديث عائشة، رضي الله عنها: "لا نِكاحَ إلاَّ بِوَلِيٍّ وشَاهِدَيْ عَدْلٍ". أخرجه ابن حبان (4075) والطبراني في الأوسط (9291) . وحديثها الآخر: "أيُّما امرأةٍ نكَحتْ بغيرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فنكاحُها باطلٌ فنكاحُها باطلٌ فنكاحُها باطلٌ". أخرجه أبو داود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه (1879) . وبما أنه لا يوجد من أوليائك غير أخيك وهو في بلد بعيد طالت غيبته خمس سنوات، وقد كاتبتِه أكثر من مرة ولم يأتك منه جواب، وقد رفض الموثق في مكتب العاصمة إبرام العقد (وهو في بلاد الغربة بمثابة السلطان الشرعي في توثيق العقود) ؛ إذا كان الأمر كذلك جاز لك أيتها الأخت السائلة أن تعقدي قرانك عند رجل مسلم آخر، والدليل على جواز هذا عموم أدلة الكتاب والسنة، كقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) [التغابن: من الآية16] . وقوله: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة: من الآية286] . وقول النبي صلى الله عليه وسلم- في قصة الرهط الثلاثة الذين جاؤوا إلى بيته يسألون عن سنته: " ... وأَتَزَوَّجُ النِّساءَ فمَن رغِب عَن سُنَّتي فَلَيْسَ مِنِّي". أخرجه البخاري (5063) ومسلم (1401) . وقد أجاز عامة الفقهاء أن يعقد- لمثل حالك- رجل من عامة المسلمين أنت ترتضينه، ففي مذهب الإمام أحمد، كما يقول الإمام ابن قدامة: فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان، فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. وفي مشهور المذهب: إذا عضل الولي موليته- أي منعها من الزواج من كفء- أو غاب غيبة منقطعة لا يصل إليه الكتاب، أو يصل فلا يجيب- زوَّج عنه السلطان إن وجد، وإن لم يوجد فيقوم بتزويجها رجل عدل تختاره هي. وفي مذهب الإمام مالك والشافعي: إذا كانت امرأة في موضع ليس فيه ولي ولا حاكم ففيه ثلاث روايات: (1) لا يجوز التزويج. (2) تزوج نفسها للضرورة. (3) تُوَلِّي أمرها رجلاً يزوجها.

قال صاحب الحاوي: والذي نختاره صحة النكاح إذ ولّت أمرها عدلاً وإن لم يكن مجتهدًا. أما الإمام أبو حنيفة فهو يرى أبعد من ذلك، حيث يرى عدم اشتراط الولي في النكاح أصلاً، فللمرأة عنده أن تزوج نفسها مباشرة، والصحيح ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، من اشتراط الولي في النكاح، وإذا تعذر الولي أو الحاكم والسلطان، جاز أن يزوجها رجل عدل بإذنها وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فتوكلي على الله واختاري من ترينه وتختارينه عدلاً من الرجال المسلمين ليقوم مقام الولي في عقد النكاح. وفَّقك الله وجمع بينكما في خير. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

تزويج البكر بغير رضاها

تزويج البكر بغير رضاها المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 22/12/1425هـ السؤال ما حكم تزويج الفتاة من شخص رغمًا عنها؟ مع ذكر الأدلة على ذلك. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، أما بعد: سؤال السائل فيه إجمال يحتاج إلى شيء من البيان، وهو كما يلي: من شروط صحة النكاح رضا الزوجين، فلا يجوز للأب ولا لغيره من الأولياء أن يزوِّج الثيب البالغة العاقلة الرشيدة إلا بإذنها، فإن فعل فإن للحاكم الشرعي رد نكاحه. أخرج البخاري (6945) عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحَهَا. كما أنه لا يجوز لغير الأب من الأولياء تزويج البكر البالغة العاقلة الرشيدة إلا بإذنها، وحُكي في هاتين المسألتين الإجماع، فإن وجد خلاف في ذلك فهو شاذ لا يعتد به، واختلف في تزويج الأب لابنته البكر البالغة العاقلة الرشيدة بغير إذنها، وفي تزويج غير الأب من الأولياء للبكر الصغيرة دون البلوغ. والراجح في ذلك عندي أنه لا يجوز للأب أن يزوِّج ابنته البكر البالغة العاقلة الرشيدة إلا بإذنها، والدليل على ذلك ما يلي: أولًا: حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: "أَنْ تَسْكُتَ". أخرجه البخاري (5126) ومسلم (1419) وغيرهما. ثانيًا: حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قُلْتُ: فَإِنَّ الْبِكْرَ تُسْتَأْمَرُ فَتَسْتَحْيِي فَتَسْكُتُ! قَالَ: "سُكَاتُهَا إِذْنُهَا". أخرجه البخاري (6946) ومسلم (1420) . ثالثًا: حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا". أخرجه مسلم (1421) . وفي رواية: "الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا".

رابعًا: حديث عبد الله بن بريدة بن الحصيب، عن أبيه، رضي الله عنهما، قال: جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ. قَالَ: فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ: قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ إِلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ. أخرجه ابن ماجة (1874) وأخرجه أحمد (25043) والنسائي (3269) ، من حديث عبد الله بن بريدة، رضي الله عنه، عن عائشة، رضي الله عنها، وهو حديث حسن. وهناك أحاديث أخرى بنفس المعنى، وفيما سبق كفاية- إن شاء الله تعالى. خامسًا: أن الشارع لم يجعل البكارة سببًا للحجر في موضع من المواضع، فجعلُ البكر لا يؤخذ بإذنها في النكاح يُعَدُّ حجرًا عليها، وهو مخالف لقواعد الشرع، إذ إن مناط الحجر هو الصغر أو الجنون أو السفه، وهذه بالغة عاقلة رشيدة. سادسًا: أن البكر الكبيرة، العاقلة، الرشيدة، لا يجوز لأبيها التصرف في مالها إلا بإذنها في الجملة، ومعلوم أن بضعها أهم من مالها، وأن التصرف في مالها أخف ضررًا عليها من التصرف في بضعها، إذ إن ذلك يعني تزويجها من شخص لا ترغب فيه وتبغضه، وينبغي لها أن ترضى به وتعاشره حياتها، وهذه غاية المضرة بها. سابعًا: أن من مقاصد الشرع في النكاح حصول الألفة والمودة، وانتظام الحياة بين الزوجين، وكون البكر البالغة، العاقلة، الرشيدة، تُزوَّج ممن لا ترضاه ينافي مقصود الشرع من النكاح، فلا يجوز إذًا، فإن حصل أن زوَّج الأب ابنته البكر البالغة، العاقلة، الرشيدة، فإن لها الخيار في رد ذلك النكاح أو إمضائه عند الحاكم الشرعي، ودليل ذلك ما سبق من حديث عبد الله بن بريدة، رضي الله عنه، عن أبيه، وحديث خنساء بنت خدام، رضي الله عنها. والراجح عندي أيضًا أنه لا يجوز لغير الأب من الأولياء أن يزوج البكر الصغيرة، بل ينتظر حتى تبلغ وتستأذن؛ وذلك لورود النصوص السابقة التي تلزم باستئذان البكر في النكاح، ولا يتحقق ذلك منها في حال الصغر، وليس غير الأب من الأولياء كالأب في شفقته وحنوه على ابنته الصغيرة، ولذا ورد النص بجواز تزويج الأب لابنته البكر الصغيرة من الكفء بدون إذنها وهو تزويج أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، لابنته عائشة، رضي الله عنها، وهي ابنة ست سنين من رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه: البخاري (3894) ومسلم (1422) . والراجح عندي أيضًا جواز تزويج الأب لابنته الصغيرة الثيب، وكذلك المجنونة إذا كانت تميل إلى الرجال ولو بدون إذنهن. وبهذا البيان لعلي أوضحت للسائل ما يريد، وأجبت له عن سؤاله، والله أعلم وأحكم. وصلى الله وسلم على نبينا

معنى: "استأمروا النساء في أبضاعهن"

معنى: "استأمروا النساء في أبضاعهن" المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 15/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. عن عائشة، رضي الله عتها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استأمروا النساء في أبضاعهن" (رواه أحمد والنسائي) . الحديث السابق يوضح بجلاء أنه يجب أخذ الإذن من المرأة، ونص الحديث لا يحدد ذلك في عقد الزواج- كما يفهمه البعض أنه يتعلق بعقد الزواج فقط، فكما أرى من الحديث فإن المرأة لها حرية التحكم في جسدها، وعلى الزوج أن يطلب الإذن من زوجته للجماع. فماذا تقولون في ذلك على ضوء الحديث أعلاه؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا الحديث أخرجه البخاري (6946) والنسائي (3266) وأحمد (24185) ، ولفظه عند البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، يُستأمر النساء في أبضاعهن؟ قال: "نَعَمْ". قلتُ: فإنَّ البِكْرَ تُستأمر فتستحيي فتسكت؟ قال: "سُكَاتُها إِذْنُهَا". ولفظه عند النسائي وأحمد عن عائشة، رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "اسْتَأْمِرُوا النِّساءَ في أَبْضَاعِهِنَّ". قيل: فإن البكر تستحي وتسكت؟ قال: "هُوَ إِذْنُهَا". فالحديث ظاهر في أن المراد عقد النكاح، وجميع كتب الحديث وشروحها التي وقفتُ عليها تذكر هذا الحديث في باب عقد النكاح، وأن المراد منه وجوب أخذ إذن المرأة ورضاها في الزوج الذي سيعقد عليها. أما ما فهمته السائلة فهو يعارض الحديث الصحيح، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا دعَا الرَّجلُ امرأتَه إلى فراشِه فَأَبَتْ، فبات غَضْبَانَ عَلَيْها، لَعَنَتْها الملائكةُ حتَّى تُصْبِحَ". أخرجه البخاري (3237) مسلم (1736) وغيرهما. فهذا الحديث يوجب على المرأة أن تستجيب لزوجها إذا دعاها للجماع، ما لم تكن معذورة بمرض أو نحوه؛ لأن موجب عقد النكاح هو بذل المرأة نفسها لزوجها مقابل تأمين النفقة والسكنى لها. ويفيد الحديث أنه إذا لم يغضب الزوج على المرأة لكونه عَذَرها فأَنَّها لا تلعنها الملائكة لقوله: "فبات غضبان عليها". والشرع إنما ألزم المرأة بتحقيق رغبة الزوج؛ لأن حاجته لقضاء الشهوة أشد من المرأة، وافتتانه بالنظر إلى النساء أعظم، بسبب كثرة خروجه من المنزل، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا ترَكتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِن النِّساءِ". أخرجه البخاري (5096) ومسلم (2740) . وقال: "اتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ". أخرجه مسلم (2742) . ولكن ينبغي للزوج أن يراعي حالة زوجته، فلا يكرهها على أمر لا تريده؛ لأن هذا من تمام العشرة بالمعروف، ومن تمام الخيرية التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُم خيرُكم لأَهْلِهِ، وأنا خيرُكم لأَهْلِي". أخرجه الترمذي (3895) . والله أعلم. وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

العقد على المرأة بعد الإجهاض

العقد على المرأة بعد الإجهاض المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 08/04/1426هـ السؤال السلام عليكم هل يجوز عقد النكاح على امرأة بعد عملية إجهاض غير شرعية مباشرة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الإجهاض يختلف، فقد يكون نفاساً، وقد يكون غير نفاس، فإذا كان الجنين قد تبيّن فيه خلق الإنسان -ولو خفيفاً- كتخطيط يد، أو رِجل، أو رأس، أو نحو ذلك، فإذا أُسقط، فهذا له حكم النفاس، فتكون خرجت من عدتها، أو من استبرائها. أما إذا كان الجنين لم يتبيّن فيه خلق الإنسان وأجهض، فإنها حتى الآن لم تخرج من عدتها واستبرائها، فيجب عليها بعد ذلك أن تعتد -إذا كان هذا الوضع في نكاح ونحوه- ثلاث حيض. وأما إن كان زنى، فإنه يجب عليها أن تستبرئ بحيضة. وعلى هذا يأتي حكم النكاح، فإن كان النكاح أتى بعد إجهاض يعتبر نفاساً، يترتب عليه أحكام النفاس، فهذا النكاح صحيح، وإن كان أتى بعد إجهاض لا يعتبر نفاساً، فإنه لا يصح النكاح، حتى تنتهي العدة أو الاستبراء. والله أعلم.

تزويج المرأة بالوكالة!

تزويج المرأة بالوكالة! المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 23/02/1426هـ السؤال أولاً: أريد أن أعرف الوضع الشرعي في موضوعي وليس الوضع القانوني، سكرتيرتي حبتني وأرادت الزواج بي، وبما أنني متزوج وخوفاً من جلب المشاكل للعائلة قررنا أن نتزوج عرفي، فأرسلت لأبيها بأن يرسل لها وكالة باسمي، بأن أقوم بتزويجها لمن تراه مناسباً لها حتى ولو لنفسي، وبالفعل أرسل والدها الوكالة، ومضمونها: أني وكلت فلان بأن يقوم مقامي بتزويج ابنتي فلانة لمن ترغب فيه ولو لنفسه، وبهذا وبدون أن نخبر والدها (وهذا لرغبتها) قمنا بكتابة ورقة بيننا وبعلم شاهدين من الناحية الشرعية هل هذا الزواج شرعي؟. ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن من شروط النكاح وجود الولي للمرأة، وهو أبوها أو وكيله، فإذا وكل شخص على تزويج ابنته جاز ذلك وصحة الوكالة، سواء كانت مقيدة بمعنى تزويجها على فلان بعينه أو كانت الوكالة مطلقة في تزويج من يراه وتتقيد بالكفء؛ لأن الوكيل هنا كالأصل، وليس للوكيل تزويج نفسه إلا إذا نص الأب على ذلك، فإذا توفر هذا الشرط مع وجود الشهود، فإن هذا يكون نكاحاً صحيحاً، أما قول السائل بأنه يريد زواجاً عرفياً فلم يبيّن مراده بذلك، فإن أراد أنه زواج محدد بوقت ثم ينتهي، فهذا نكاح متعة، وهو محرم ولا يجوز، وإن أراد بالعرفي أنه لا يسجله لدى سجلات الجهات المختصة، وهي تمنع ذلك، فهذا أيضاً لا يجوز؛ لأمرين: الأول: أن فيه مخالفة لأنظمة ولي الأمر، وهذا لا يجوز فيما لا يخالف شرع الله. ثانياً: أن هذا الأمر يفضي إلى التلاعب والفوضى، لاسيما في أمر عظيم وهو أمر الفروج التي جاءت الشريعة بالمحافظة عليها. والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وليها يرفض خطابها، فهل تتزوج بلا ولي؟!

وليها يرفض خُطّابها، فهل تتزوج بلا ولي؟! المجيب د. عبد العزيز بن صالح الشاوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 10/10/1425هـ السؤال هل أستطيع أن أعقد قراني بدون رضا ولي أمري؟ تقدم لي الكثير من الشباب، ووالدي يرفض بسبب أن لي إخوة ذكورًا أكبر مني، وكل مرة يستشيرهم، فكل واحد يطلع في المتقدم للخطبة ألف عيب، مليت من وضع والدي مع إخواني، وأنا صراحة ما أقدر أصبر، وأخاف أني أقوم بعمل شيء بالحرام، وأهلي لا يسمعون لي بهذا الأمر، فهل أنا أقدر على تزويج نفسي بدون رضا والدي، وإن كان، فكيف الطريقة؟ هل ممكن هنا في السعودية؟ ولاَّ ما يصير إلا خارج البلاد؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ذهب أكثر أهل العلم إلى أن المرأة لا تزوج نفسها ولا غيرها، وأن الولاية شرط في صحة العقد، وهي من اختصاص الرجال، ودليل ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيُّما امرأةٍ نكَحَتْ بِغَيرِ إذْنِ وَلِيِّها فَنِكاحُها باطِلٌ فَنِكَاحُها باطلٌ فنكاحُها باطلٌ". أخرجه أبوداود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه (1879) . وإذا عضل الولي المرأة، فلها أن تتقدم للحاكم الشرعي (قاضي البلد) بشكوى، وإذا ثبت للقاضي عضل الولي للمرأة فإنه يقوم بتزويجها لمن تبرأ به الذمة، يقول ابن قدامة: (لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في أن للسلطان ولاية تزويج المرأة عند عدم أوليائها أو عضلهم) ا. هـ. وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "فالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَن لا وَلِيَّ له". أخرجه أبو داود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه (1879) . وبالله التوفيق.

اشترطت عليه في عقد النكاح ألا يقربها، فهل يصح العقد؟!

اشترطت عليه في عقد النكاح ألا يقربها، فهل يصح العقد؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 05/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي عن الزواج، نظراً لوضع المرأة الصعب والمؤسف في بلادنا، حيث إن نصف حياتها تعتمد على وجود محرم، خاصة هذه الأيام، حيث غاب دور الأب والأخ وجميع المحارم وحل مكانهم (السائق) ، ولذلك تضطر المرأة للذهاب معه وحدها، أريد شخصًا -على سنة الله ورسوله- يلبي احتياجاتي، بحيث يمكنني أن أزور أهلي الذين يسكنون بعيدًا عنا، ويمكنني أن أحج، فلا أكون عبئًا على أهلي، إلخ، ولكن نظرًا لأني أكره الزواج ولا أرغب فيه، رسمت هذه الشروط في مخيلتي، وأريد أن أعرف هل بهذه الشروط سيكون الزواج مباحاً يرضى عنه الرحمن- أن يكون الزواج بدون حفلة، فقط نكتب زواجنا عند المأذون، بدون مهر، لا نعيش في بيت واحد (بالتالي لا يكون هناك صلة، ولا إنجاب، ولا حقوق) يمكنني أن أقاطعه لمدة طويلة، لا أعتقد أن هناك مشكلة لو تزوج الرجل امرأة بهذه الشروط، خاصة أنه ليس فيه أي تكلفة مالية إطلاقاً، والشرع حلّل أربع نساء فيمكنه تعويض هذا كله بأن يتزوج ثانية وثالثة. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لعقد النكاح شروط إذا تحققت صح النكاح، وأصبح الطرفان زوجين، وهي: 1) أن يتولى تزويج المرأة وليُّها؛ لحديث: "لا نكاح إلا بولي" أخرجه أبواود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) ، وقال صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل.." أخرجه أبو داود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه (1879) بسند صحيح. 2) أن يحضر العقد شاهدان عدلان من المسلمين: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". صحيح ابن حبان (4075) . 3) رضا الزوجين بأن يكون كل منهما راضٍ بزواجه من الآخر، ولا يجوز إكراه المرأة على زوج لا ترضاه حتى ولو كانت بكراً، بل يجب استئذانها، فإن أذنت صح، وإلا فلا. 4) الإيجاب والقبول: بأن يقول ولي المرأة: (زوجتك ابنتي) ، ويجيب الرجل الخاطب: (قبلت) . 5) المهر، ولو كان يسيراً كألف ريال أو مائة، أو نحو ذلك. فإذا تحققت هذه الشروط فالعقد صحيح، لكن إن منعت الزوجة زوجها من استمتاعه بها على الوجه الذي أباحه الله فله أن يُمسك عن نفقتها. وأما اشتراطك عليه في العقد ألا يقربك، وأن تظلي كالأجنبية عنه، فهو شرط يخالف مقتضى عقد النكاح، إذ مقتضاه استمتاع كل زوج بالآخر. لكن لو اشترط عليه أن يكون المسيس بينكما بمقدار محدد كل شهر أو أسبوع، بمعنى أن يكون حق الاستمتاع في الأصل مبذولاً لكنه بمقدار محدود لظروف معينة، فهذا الشرط صحيح؛ لأنه لا يحرم الزوجة على زوجها. والله أعلم.

الزواج من الحامل من الزنى

الزواج من الحامل من الزنى المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 16/07/1426هـ السؤال متزوج من امرأة زانية وكانت حاملاً، ولم أكتشف ذلك إلا بعد ستة أشهر بعد انفضاح أمرها. فهل يعتبر زواجي بها باطلاً؟ وهل ما قمت به من جماع يعتبر زنى؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا كنت عقدت عليها وهي حامل من الزنا فإنّ عقدك عليها باطل عند جمهور أهل العلم، وهو عقد لا يحتاج إلى طلاق، ويلزمك أن تفارق هذه المرأة؛ لأنها حامل من غيرك، قال تعالى: "والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك" [النور: 3] . وما حصل منك من جماع قبل العلم بالحقيقة أنت معذور فيه لعدم علمك، وأما ما حصل بعد علمك فهو فعل محرم عليك التوبة منه. أما إن كان زناها وحملها من الزنا بعد أن عقدت عليها فليس عقدك عليها باطلاً، وعليك أن تجتنبها حتى تلد فلا يجوز لك جماعها والحال ما ذكر، وخير لك طلاقها ما دامت غير معذورة في زناها. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

زوجها أخوها بغير رضى أبيها!

زوَّجها أخوها بغير رضى أبيها! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 22/09/1426هـ السؤال إذا زوَّج شخص شقيقته المطلقة لرجل لا يوافق عليه والدهما، فهل يكون الزواج صحيحاً؟ علما بأن المرأة الآن عندها ولدان من هذا الزوج، فماذا عليها أن تفعل؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا تقدم للمرأة رجل يرتضى دينه وخلقه ورضيته فالواجب على وليها تزويجها له، إلا إذا وجد مانع شرعي؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد". قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثلاث مرات. رواه الترمذي (1085) ، والبيهقي (7/82) ، من حديث أبي حاتم المزني -رضي الله عنه- وأخرجه الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. فإن كان والد المرأة موجوداً فلا يجوز لأحد أن يعقد النكاح سواه، فإن عضل انتقلت الولاية إلى من يليه من الأولياء الأقرب فالأقرب، فإن زوج الولي البعيد كالأخ الشقيق مع وجود الأب بدون عذر وبلا وكالة من الأب لم يصح النكاح؛ لأن من شروط صحة النكاح الولي؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (19518) ، وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) ، من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- والأخ الشقيق ليس ولياً مع وجود الأب غير الممتنع. أما ما يتعلق بما جاء في السؤال من ناحية الأولاد فهم أولاد شرعيون ينسبون لوالديهم للشبهة، وهي اعتقادهم صحة النكاح بذلك، ولكن الواجب تجديد العقد -والله تعالى أعلم- وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تزويج الابن بغير علمه!

تزويج الابن بغير علمه! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح التاريخ 10/10/1426هـ السؤال السلام عليكم إذا قام الوالدان بتزويج ابنهما وهو غير موجود، فهل يصح الزواج؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن زوّج الأب ولده الصغير (غير البالغ) أو المعتوه لمصلحة رآها، ولحاجته إلى الزواج صح العقد، بعد توافر أركان النكاح الأخرى وشروطه وانتفاء موانعه. أما الابن البالغ العاقل فلا يخلو من حالين: الأول: أن يوكّل الابن أباه على قبول النكاح فإن وكله صح. الثاني: أن يقوم به الأب بلا وكالة فلا يصح؛ لأن من شروط صحة النكاح الرضا، وهنا الزوج غير راض به، وكذا لو أجاز الابن الغائب ما أجراه والده بعد التفرق من مجلس العقد لم يصح النكاح، قال البهوتي -رحمه الله تعالى-: "وإن تفرقا قبله -أي قبل القبول- أو تشاغلا بما يقطعه عرفاً بطل الإيجاب للإعراض عنه" أ. هـ. [الروض المربع (363) ] . أما تزويج الأم ولدها -بحيث تكون هي الولي- فلا ينعقد النكاح بذلك، سواء تم ذلك بوكالة أو بدون وكالة؛ لأن من شروط الولي الذكورية، والمرأة لا ولاية لها على نفسها في النكاح فغيرها أولى، وما لا يصح فعله لنفسها فلا يصح توكيلها فيه. والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الأنكحة المحرمة

اشترط الطلاق قبل وفاته المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة التاريخ 21/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فضيلة الشيخ: أرجو الإجابة عن سؤالي التالي: أنا رجل عندي زوجة عاملة، ومنجبة ثلاثة أولاد، وكانت تطالبني هي بخادمة؛ للاستعانة بها على ظروف الحياة، وكنت أمانع بشدة؛ لأني أخشى من الفتنة؛ ولأني كنت آخذ بقول من يرى حرمة السفر بها، وأن الإتيان بها يودي إلى مفاسد كثيرة، ولكن خطرت لي فكرة أن أعقد عليها، والذي حصل أنه كلمني أحد الثقات إن كنت أريد خادمة، فقلت له: نعم، لكن بشرط: أن أعقد عليها، قال لي: موافق، عندي لك خادمة قريبة لي، لكن عقد فقط بشرط عدم قربانها بمعنى جماعها، فقلت: موافق، وكتبت له توكيلاً بأن يعقد لي على أي امرأة مناسبة مع تعليق طلاقها قبل وفاتي، بعد مدة جاءت الخادمة على هذا الأساس، مع التأكيد عليه بموافقتها ووليها دون تحديد مدة؛ حتى لا يكون متعة، الآن ماذا يكون موقفي من هذه الخادمة، وخصوصاً أني لم أتمالك نفسي ووقع مني جماعها؟ فهل هذا العقد صحيح؟ وماذا يجب علي؟ أفتوني مأجورين. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فإذا عقد على امرأة، واشترط أن لا يجامعها فهذا شرط باطل لا عبرة به، والعقد صحيح؛ والسبب أنه شرط ينافي مقتضى عقد النكاح، فإن مقتضاه حل الاستمتاع، ولا مانع من العقد على الخادمة أو غيرها، والتوكيل فيه، لكن إذا علق طلاق المرأة بما قبل الوفاة، واتفقا على أنها تكون طالقاً قبل وفاته فهذا نكاح مؤقت، وهو من المتعة، ولو لم يحدد التاريخ والمدة، فإنه لا فرق في توقيت النكاح وتعليق الطلاق سواء كان بوقت معلوم أو مجهول فكله من نكاح المتعة الباطل، وهذا البطلان المتعلق بنكاح المتعة محل إجماع بين أهل السنة، وعليه فإن عقدك المذكور عقد باطل لا تحل به المرأة، ويجب عليك الامتناع عن قربانها، فإن رغبت في الزواج منها فاعقد عقداً جديداً غير مؤقت، والواجب عليك التوبة من الجماع المذكور. ووفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

زواج المتعة

زواج المتعة المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة التاريخ 24/2/1424هـ السؤال السلام عليكم. أرجو بيان حكم زواج المتعة على ضوء الأحاديث الصحيحة. الجواب سئل الشيخ: عبد الله بن سليمان المنيع عن حكم زواج المتعة، نذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة: لماذا حرم الله زواج المتعة؟ الحمد لله، الذي عليه عموم المسلمين من علماء وفقهاء ومحدثين ومفسرين: القول بتحريم زواج المتعة، وأنه نكاح باطل، وتعليل ذلك أن الزواج الشرعي علاقة مأمول فيها الاستمرار والدوام وابتغاء ما كتب الله للزوجين من معاشرتهما الزوجية من الولد، وأن الله تعالى يهيئ لهما من المودة والرحمة ما يضمن للحياة الزوجية بينهما اللبنة الصالحة لابتغاء أسرة كريمة، فيها تبادل التعاون والتكاتف، تحقيقاً للتوجيه النبوي الكريم:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"، أخرجه أحمد (12613) ، وأبو داود (2050) ، والنسائي (3227) . وزواج المتعة عار عن هذه المقاصد والمعاني في الزواج الشرعي، وهو ينزل بمستوى المرأة عن إنسانيتها الكاملة إلى سلعة معروضة للأجرة واستيفاء المنفعة، فضلاً عما في ذلك من التخبط في الأعراض وتعريضها للضياع والفوضى، والله أعلم. [مجموع فتاوى وبحوث الشيخ: عبد الله بن سليمان المنيع (4/263) ] .

نكاح المتعة

نكاح المتعة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة التاريخ 4/11/1424هـ السؤال أريد من فضيلتكم جواباً شافياً كافياً في مسألة نكاح المتعة، وهل القول بأنه كان جائزاً في فترة من فترات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد البعثة، وتحديداً في ظل الدولة الإسلامية الأولى ثم حرم بعد ذلك؟ هل هو قول صحيح؟ وإن صح هذا القول فما هو الرد على هذه الشبهة التي تقول إن العلة واحدة، ومع ذلك أحل وحرم ثم أحل وحرم؟ كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:"لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه, ثم أحله ثم حرمه, سوى المتعة" انتهت الشبه، هل القول المنسوب إلى الشافعي صحيح؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن نكاح المتعة محرم بالاتفاق، كما صرح به الإمام ابن عبد البر في الاستذكار (5/508) ، حيث قال: (اتفق أئمة علماء الأمصار من أهل الرأي والآثار على تحريم نكاح المتعة لصحة نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندهم عنها) ا. هـ، ومن تلك الأحاديث ما أخرجه مسلم في صحيحه برقم: (1406) ، عن سبرة الجهني: "أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً". وقد علق النووي في شرحه على صحيح مسلم (9/179) ، على هذا الحديث ونحوه، فقال: ( ... قال المازري: ثبت أن نكاح المتعة كان جائزاً في أول الإسلام، ثم ثبت بالأحاديث الصحيحة المذكورة هنا أنه نسخ، وانعقد الإجماع على تحريمه، ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة - يعني الرافضة-) ثم قال النووي في شرحه هذا (9/181) ، (والصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين، فكانت حلالاً قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة، وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة) ا. هـ. وهذا يوافق ما نقله ابن قدامة وغيره عن الإمام الشافعي أنه قال: (لا أعلم شيئاً أحله الله ... ) إلخ.. وصحح العلامة ابن القيم في زاد المعاد (5/111) بأن التحليل والتحريم لهذا النكاح وقع مرة واحدة، فقال: (واختلف هل نهي عنها - يعني نكاح المتعة- يوم خيبر؟ على قولين، والصحيح: أن النهي إنما كان عام الفتح، وأن النهي يوم خيبر إنما كان عن الحمر الأهلية ... ) ا. هـ.

وأما الجواب عن الشبهة المذكورة: فإن الشارع الحكيم إنما أباح نكاح المتعة لحكم أرادها سبحانه، ومنها اضطرار الصحابة - رضي الله عنهم- في ذلك الوقت إلى هذا النوع من النكاح، لا سيما وأن كثيراً منهم كان حديث عهد بالإسلام، مع شدة العزوبة وقلة النساء، كما يشير إلى هذه العلة حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أنه قال: "كنا نغزو مع رسول - صلى الله عليه وسلم- ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ... ) أخرجه البخاري (4787) ، ومسلم (1404) ، وقد أشار إلى هذه العلة غير واحد من أهل العلم، ومنهم الحافظ ابن حجر في الفتح (9/170-171) حيث قال: ( ... في رواية الإسماعيلي: إنما كان ذلك في الجهاد، والنساء قليل ... وعند مسلم من طريق الزهري عن خالد بن المهاجر أو بن أبي عمرة الأنصاري: قال رجل: - يعني لابن عباس - رضي الله عنهما- وصرح به البيهقي في روايته- إنما كانت يعني المتعة رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير) ا. هـ وبهذا تزول الشبهة. والله تعالى أعلم.

أيهما أشد إثما الزنا أم زواج المتعة؟

أيهما أشد إثماً الزنا أم زواج المتعة؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة التاريخ 22/10/1424هـ السؤال أيهما أشد إثماً الزنا أم زواج المتعة، وهل زواج المتعة من الكبائر؟ الجواب زواج المتعة حرام، وقد انعقد الإجماع على ذلك بلا خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة، والواجب على المسلم الامتناع عن الحرام والابتعاد عنه، وعدم المقارنة بينه وبين غيره من المحرمات، وأن هذه المقارنة قد تؤدي بالعبد إلى التهاون بهذا المحرم، أو إلى النظر إلى أنه شيء صغير بالنسبة لما هو أكبر، وأقول لا ينبغي للمسلم أن يوجه همه إلى عقد مقارنة بين المحرم وغيره من المحرمات، وإنما الواجب عليه الكف والابتعاد عن هذا الحرام، وكما يقول السلف: لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى من عصيت.

هل نكاح المتعة زنا؟

هل نكاح المتعة زنا؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة التاريخ 1/07/1425هـ السؤال هل من يتزوج زواج المتعة في حكم الزاني؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فمن تزوج زواج متعة وهو عالم بالتحريم فهو آثم مخطئ، وأما بالنسبة للحكم القضائي بحد الزنا، فلا يجب عليه عند جمهور أهل العلم، لأن العقد الحاصل الذي أباحه بعض الناس شبهة تدرأ الحد، ولذا يعزر على فعله بعقوبة دون الحد، علماً أن الزواج الذي ينوي فيه، الزوج الطلاق دون اشتراط في العقد لمدة، فقد اختلف أهل العلم فيه هل هو من المتعة أو لا؟ ولعل الأقرب تحريمه والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

تزوج بها وهي حامل منه سفاحا

تزوج بها وهي حامل منه سفاحًا المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة التاريخ 13/01/1426هـ السؤال رجل شيعي تزوج امرأة سنية زواجًا مؤقتًا (متعة) بسبب مشاكل إدارية في تلك البلد، وحملت المرأة، تحول الزوج إلى المذهب السني بعد ذلك، وتزوج المرأة على السنة، وكان ذلك بحضور قاض وشاهدين، وقد زوَّج القاضي المرأة للزوج، وهو لا يعرف أنها حامل، بعد ذلك تم صدور عقد الزواج الرسمي وعاش الزوجان معًا لعدة سنوات وأنجبا أطفالاً آخرين. هل زواجهما شرعي؟ وإذا لم يكن كذلك ماذا عليهما أن يفعلا؟ وما الوضع الشرعي للطفل من الحمل الأول؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كان الزوج يعتقد حِلَّ النكاح المتعة قبل ذلك، فيعتبر ما حصل منه وطأ شبهة، وبناء عليه فيجوز له أن يتزوج من هذه المرأة مباشرة في عدتها؛ لأن الماء ماؤه، كما أن الولد الحاصل بسبب هذه الوطء يعتبر ولدًا له، وينسب إليه بلا إشكال، لكن لا يجوز له أن يتزوج بهذه المرأة إلا بعد أن تتوب إن كانت تعتقد حرمة ما حصل بينهما من نكاح. هذا أولاً. ثانيًا: أنه إن كان الزوجان يعتقدان حرمة هذا النكاح (نكاح المتعة) فيعتبر ما حصل بينهما سفاحًا كالزنا تمامًا، وبناء عليه فلا يجوز لهما الزواج من بعض إلا بعد أن يتوبا من ذلك، فإذا تابا فهل يجوز أن يتزوجها وهي ما زالت حاملًا (يعني لا زالت في العدة) ؟ الجواب أن هذا يبنى على مسألة أخرى، وهي: هل للزاني أن يستلحق ولده وينسبه إليه؟ فنقول: ذهب جماهير العلماء إلى أنه ليس له ذلك شرعًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، ولِلْعَاهِرِ الحَجَرُ". متفق عليه: أخرجه البخاري (2053) ، ومسلم (1457) . وذهب بعض السلف كالحسن، وابن سيرين، والنخعي، وإسحاق إلى جواز ذلك، وأن للزاني أن يستلحق ولده من الزنى إذا لم يدعيه صاحب فراش؛ لأن الحديث السابق لم يتناول ذلك، لم يتناول إذا لم تكن المرأة فراشًا، ولأن عمر، رضي الله عنه، قد ألحق أولادًا ولدوا في الجاهلية بآبائهم. أخرجه مالك في الموطأ (1451) ، وعبد الرزاق في مصنفه (13274) ، والبيهقي 10/263. وهذا هو القول الصحيح الموافق للعقل والشرع، وقد اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ومال إليه تلميذه ابن القيم، ورجحه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين- رحمة الله على الجميع. وهذا ثالثًا.

رابعًا: إنه بناء على القول الصحيح- من جواز استلحاق الزاني لولده إذا لم يدعه صاحب فراش- فإنه يجوز لهذا الرجل أن يتزوج من هذه المرأة وهي حامل منه بسبب وطئه السابق، وإلى هذا ذهب بعض الفقهاء حيث أجازوا للزاني أن يتزوج بمن زنى بها بعد التوبة في عدتها منه، أما غير الزاني فلا يجوز له أن يتزوج منها حتى تنقضي عدتها، أما جمهور العلماء فذهبوا إلى أنه لا يجوز للزاني ولا لغيره أن يتزوج بالمزني بها إلا بعد التوبة وبعد انقضاء عدتها، لكن الصحيح خلافه- كما سبق- وهو أنه يجوز للزاني دون غيره أن يتزوج بمن زنى بها في عدتها منه إذا تابا؛ لأن الماء ماؤه، ولأنه يمكنه أن يستلحق ولده منها على الصحيح. وعليه فنقول: إنه يجوز لهذا الرجل أن يتزوج بهذه المرأة وهي حامل، وينسب الولد له (الولد الذي حصل بسبب هذا الوطء) بشرط التوبة من ذلك إن اعتقدا تحريمه، وما حصل لهما من أولاد بعد ذلك يعتبرون أولادًا شرعيين بلا إشكال- إن شاء الله تعالى. خامسًا: أن الموطوءة بشبهة والمزني بها تستبرءان بحيضة واحدة فقط إلا مع وجود الحمل، فبوضعه- على الصحيح من أقوال أهل العلم- واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، والشيخ العلامة عبد الرحمن بن سعدي، وتلميذه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين- رحمة الله على الجميع. والله أعلم.

هل ينسب المولود بنكاح المتعة إلى أبيه؟!

هل ينسب المولود بنكاح المتعة إلى أبيه؟! المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة التاريخ 21/09/1426هـ السؤال لو أقدم شاب مسلم سني على الزواج من فتاة شيعية عن طريق زواج المتعة، وهو يعلم تحريمه، فهل يعتبر جماعهما زنى، أم هو حرام لكن لا يسمى بزنى؟ وهل يسمى مولودهما مولوداً بالحرام؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فزواج المتعة محرم، وقد أبيحت المتعة في أول الإسلام ثم حرمت إلى يوم القيامة، ونهى -صلى الله عليه وسلم- عنها يوم خيبر، قال القرطبي: "أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه، وجزم جماعة من الأئمة بتفرد ابن عباس -رضي الله عنهما- بإباحتها". ورواية إباحتها عن مالك لا يجزم بها؛ لأن أصحابه ينكرون ذلك، أما لو تزوج إنسان متعة، واستكمل النكاح أركانه، فلا يسمى زنى لا لغة ولا شرعاً، وإن كان قد ارتكب جريمة نكراء. واختلف أهل العلم هل يحد متزوج المتعة حد الزنى أو يعزر حسب رأي الإمام على قولين. أما الولد فيلحق بالأب. وبالله التوفيق.

زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق

النكاح العرفي المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق التاريخ 11/9/1423هـ السؤال أدرس في أوروبا، وأردت أن أتجنب الوقوع في الحرام فتزوجت من شابة عمرها سبع عشرة سنة، وأسلمت، ولكن كان الزواج عرفيا بشهود ووكيل والقاضي (المأذون) وكان بالسر؛ لعدم علم أهلها بإسلامها وزواجها وعدم علم أهلي؛ لأنهم رافضون فكرة الزواج، فهل الزواج مقبول على سنة الله ورسوله - عليه الصلاة والسلام -؟ وبماذا تنصحوني؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد نص العلماء أن الزواج واجب على من خشي على نفسه الفتنة هذا أولاً، أما بالنسبة لما ذكر الأخ السائل فإن النكاح إذا توافرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه صح، ومن شروط النكاح الولي، وهذه المرأة التي أسلمت يعقد لها أقرب أوليائها من المسلمين فإن لم يكن لها ولي مسلم وليس في البلد قاضٍ مسلم زوجها رجل عدل بإذنها، وليس من شروط صحة النكاح علم أهل الزوج به، ولكن من البر بوالديه إخبارهما بزواجه بالرفق واللين، وأنصح الأخ السائل بإعلان النكاح وإشهاره خروجاً مما قد ينتج عن كتمانه من المشاكل، والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الزواج لتحصيل الجنسية

الزواج لتحصيل الجنسية المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق التاريخ 17/11/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما رأي فضيلتكم بما يدعى: الزواج للحصول على الأوراق الرسمية في الدول الغربية خصوصاً في أمريكا؟ وهل هناك طريقة شرعية ضمن حدود معينة تجيز للمرء الزواج للحصول على الأوراق الرسمية؟ أرجو من فضيلتكم التفصيل في هذا المجال، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: (1) إذا كان الاتفاق بين الرجل والمرأة على الزواج إلى مدة مؤقتة باستخراج أوراق معينة ثم يكون بعد ذلك الانفصال فإن هذا نوع من نكاح المتعة المحرم. (2) وإذا كان الزواج دون اتفاق مؤقت، وإنما في نية الزوج أنه إذا استخرج الأوراق فإنه سيطلقها فهذه مسألة (النكاح بنية الطلاق) وقد اختلف فيها أهل العلم والراجح أنه إذا وقع النكاح بأركانه وشروطه وانتفاء موانعه فإنه جائز ولو كان بنية الطلاق، لكنه خلاف الأولى وخلاف المقصود من مشروعية النكاح الاستقرار والسكن، وقد يترتب عليه مفاسد من التغرير بالمرأة وفيها من المفاسد، فينبغي لمن يقدم على الزواج أن يختار الزوجة التي ينوي الاستمرار معها وتحقيق مقاصد النكاح. علماً بأنه يشترط أن تكون المرأة مسلمة فإن لم تكن فكتابية عفيفة، والله الموفق.

الميراث في زواج المسيار

الميراث في زواج المسيار المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق التاريخ 9/4/1424هـ السؤال هل ترث الزوجة من زوجها إذا كانت متزوجة بزواج المسيار؟ أم هذا يعتمد على العقد؟ وهل يجوز شرط عدم الوراثة في العقد؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: زواج المسيار إذا تم بعد أن توافرت شروطه وأركانه وانتفت موانعه فهو نكاح شرعي صحيح، ويرث كل واحد من الزوجين صاحبه، ولا يجوز لأحدهما أن يشترط عدم التوارث بينهما، وإن شرط ذلك فالشرط باطل، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- "ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق"، رواه البخاري (2168) ، ومسلم (1504) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها- من حديث عائشة - رضي الله عنها- والله تعالى أعلم - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

زواج المسيار

زواج المسيار المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق التاريخ 29/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد تزويدي ببعض المراجع التي تتكلم عن نكاح المسيار. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن نكاح المسيار عقد نكاح كسائر عقود النكاح، لا فرق بينه وبينها في حقيقة العقد، ولا في أركانه وشروطه، وإنما يفترقان في بعض متعلقات العقد، وذلك بتنازل أحد طرفي العقد عن بعض حقوقه المشروعة، ووجه ذلك أن المرأة في نكاح المسيار تتنازل عن بعض حقوقها على زوجها؛ فهي تتنازل عن حقها في النفقة والمبيت بحيث لا يلتزم الزوج بالنفقة عليها ولا المبيت عندها، والإنسان كما يجوز له المطالبة بحقوقه الخاصة به، فإنه يجوز له أن يتنازل عنها أو عن بعضها، وبما أن نكاح المسيار لا يختلف عن غيره من عقود النكاح في الماهية، وإنما يختلف عنها في إسقاط بعض الحقوق؛ فإن كتب الفقه التي تناولت عقد النكاح عموماً تعد من المراجع والكتب التي تتحدث عن نكاح المسيار، وذلك عندما يتعرض مؤلفوها لحقوق الزوج على زوجته وحقوق الزوجة على زوجها، وما يجوز إسقاطه من هذه الحقوق وما لا يجوز ونحو ذلك، ومن الكتب المؤلفة فيما يتعلق بنكاح المسيار بخصوصه كتاب: (زواج المسيار دارسة فقهية واجتماعية نقدية) لعبد الملك بن يوسف المطلق. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

الزواج بنية الطلاق

الزواج بنية الطلاق المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق التاريخ 5/6/1424هـ السؤال شاب يعرف عن فتاة أنها كانت في طريق الغواية، وعلى علاقة محرمة مع شخص آخر، وتمكن من أخذ الأشرطة السمعية والمرئية التي بحوزة ذلك الشخص وسلمها للفتاة، وأعلنت توبتها وحفظت نصف القرآن، والسؤال هل يجوز لي أن أتزوج تلك الفتاة بنية طلاقها؟ ولكن هذا العمل يستر عليها من فضيحة الماضي. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فيشكر ذلك الأخ الساعي في صلاح تلك الفتاة وتخليصها وحمايتها، كما يشكر على رغبته في الستر عليها. إلا أن الزواج بنية الطلاق أصلاً مسألة خلافية بين أهل العلم، والظاهر لي من أقوالهم أنه نكاح غير صحيح، وهذا هو المذهب المعتمد عند الحنابلة وقول للمالكية وقول الأوزاعي واختيار جملة من المحققين، وأنه في حكم المتعة التي نهى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه نوى توقيت النكاح والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه عند البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث عمر -رضي الله عنه-. وفي هذه المسألة إضافة لهذا الملحظ غش للمسلمين الذين سيقدمون على نكاح هذه المرأة يظنونها ثيباً بفعل نكاح صحيح والواقع أن ثيوبتها ناتجة عن زنا، والسائل يريد أن يستر عليها بما يضر من سيقترن بها، مع أن ما تعانيه هو من جريرة فعلها. ولكن يمكن للسائل أن يتزوجها زواجاً لا ينوي توقيته، ويكون بذلك مأجوراً إن شاء الله، أو يرشد غيره ليتزوجها مع شرح حالها وليخبره أن توبتها تجب ذنوبها، ولن تكون أسوأ من المشركات والكافرات إذا أسلمن، وكم ممن يقدم على الزواج ممن أسلمت ولا يسأل عن ماضيها وما فعلته، وذلك بعد أن يتحقق من عدم إصابتها بمرض معدٍ يمنع الاستمتاع. والله الموفق والهادي.

الزواج العرفي

الزواج العرفي المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق التاريخ 5/6/1423 السؤال ما الزواج العرفي؟ وهل هو حلال أم حرام؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب من شروط صحة النكاح شرعاً أن يكون بولي وشاهدي عدل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الدارقطني (3/221-222) :"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". والنكاح العرفي إذا كان يخلو من ذلك، فإنه لا يجوز شرعاً، وهو في حقيقة أمره تحايل على ما حرم الله، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:"البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة" رواه الترمذي (1103) ، والله أعلم.

الزواج العرفي

الزواج العرفي المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق التاريخ 21/2/1424هـ السؤال أريد أن أعلم هل الزواج العرفي إذا تم فيه وجود الولي والشاهدين والموافقة من الطرفين يكون زواجاً جائزاً؟ علماً أنه عرفي يعني أنه لم يعلم الناس به. الجواب الزواج إذا تمت شروطه وأركانه وانتفت موانعه فهو عقد صحيح، وأما إعلانه للناس فليس شرطاً في صحته بل السنة الإعلان وصنع الوليمة حتى يدفع الإنسان عن نفسه الريبة، ورحم الله امرأ كف الغيبة عن نفسه.

الزواج مدة الدراسة

الزواج مدة الدراسة المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق التاريخ 24/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. أنا مسافر للدراسة في الخارج، وقد تزيد مدة إقامتي عن 7 أشهر، ومن الممكن أن تطول إلى سنة، أنا لست متزوجاً؛ لأنني لا أستطيع تحمل مصاريف الزواج في بلادي، أنا ملتزم -والحمد لله- سؤالي هو: أنني قد أواجه فتناً من النساء هناك، فهل يجوز لي أن أتزوج من فتاة نصرانية إلى أن تنتهي مدة دراستي هناك؟ سمعت بأن هذا جائز، وعندي سؤال آخر: هل أركان الزواج من المسلمة هي نفسها مع الكتابية؟ الفتاة في الغرب تمارس الجنس مع صديقها، فهل يمكن أن أقول لها أن نعمل العقد لكي يكون زواجاً وحتى لا أقع في الزنا؟ ومتى أرادت الطلاق أطلقها، هل هذا جائز؟ ولست أقصد الزواج للمتعة، وإنما لتحصين نفسي، والزواج ليس لأجل محدود، هل هذا جائز؟ أرجو منكم أن تفصلوا في إجابتكم -بارك الله فيكم-. الجواب الحمد لله -تعالى- وحده وبعد: فإن من المعلوم أن الله -تعالى- أباح الزواج من الكتابيات المحصنات وهن العفيفات، كما قال الله تعالى: "يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ... " [المائدة: 4] "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بالإيمان فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [المائدة: 5] . لكن لا يحل أن يكون العقد مشروطاً إلى أجل، فإن هذا من نكاح المتعة الذي أجمع العلماء على تحريمه، وقد جاءت السنة بتحريم نكاح المتعة، وعلى هذا فإنني أنصح السائل بالزواج بامرأة مسلمة عفيفة تكون سبباً لتحصين فرجه -بإذن الله تعالى-، ولا يكون عقده عليها مشروطاً إلى مدة؛ لأن هذا من نكاح المتعة كما تقدم. فإن تعذر عليه ذلك فإنه لا مانع من الزواج بالكتابية، وذلك بشرط أن تكون عفيفة، وأن يكون العقد عليها وفق الضوابط الشرعية من الولي والإشهاد، وأن لا يكون هذا العقد مشروطاً إلى مدة، لكن إن عقد عليها وهو ينوي أن يطلقها بعد مدة من غير شرط فإن ذلك لا مانع منه؛ لأنك ربما تنوي ثم ترجع عن النية، مع ملاحظة أنه لا يجوز اتخاذها كمثل الصديقة بعد زواجه بها، بل يعلم أن زواجه بها عقد شرعي، وهو زواج يترتب عليه أن يعلم الزوجان ما لأحدهما عند الآخر من حقوق ومنها صيانة الزوجة من كل فاحشة، أو منكر. والله الموفق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الزواج العرفي

الزواج العرفي المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق التاريخ 11/1/1425هـ السؤال ما رأي الشرع بالزواج العرفي الذي يتم بين الرجل والمرأة الثيب؟ تولي فيه المرأة الرجل الذي سيتزوجها ليتم الإيجاب منه كوكيل عنها في عقد الزواج فيقبل بصفته الزوج، فيكون أصيلاً عن نفسه ووكيلاً عن زوجته، وبحضور شاهدين وعلى مهر مسمى؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا لا يجوز؛ لأن من شروط صحة النكاح الولي لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" من حديث عائشة -رضي الله عنها- في سنن أبي داود (2033) وغيره. فيشترط الولي، ومن شروط الولي الذكورة لا بد أن يكون الولي ذكراً، فلا يصلح أن تتولى بنفسها لا بالأصالة ولا بالنيابة، فقد ورد في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في سنن الدارقطني (3/227) : "لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها"، والصواب أنه لا فرق بين الثيب والبكر في ذلك خلافاً لمن فرق من أهل العلم، أو لم يشترط الولاية للمكلفة الحرة.

زواج المسيار ومقاصد النكاح!

زواج المسيار ومقاصد النكاح! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق التاريخ 02/06/1427هـ السؤال سمعنا بقرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلاميّ في مكة المكرَّمة، والذي صدر في (12 نيسان) . وفيه إجازة ما يعرف بزواج (المسيار) ، وكذلك زواج (الفرند) القائمين أساساً على تنازل المرأة عن حقها في السَّكن والنفقة. كيف نوفق بين هذه الفتوى وبين قوله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون". أم أن هذه الفتوى مجرد نظرة تحصر علاقة الزّوجين في العلاقة الجنسية فقط؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما جاء في آية سورة الروم من أمر سكن الزوج لزوجته، مقصد من مقاصد الزواج، وليس بشرط يتوقف عليه صحة عقده، كما أن من أعظم مقاصد الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر، ومع ذلك لو أتى المصلي بشروط الصلاة وأركانها وواجباتها، فإن صلاته تصح، حتى ولو لم تنهه عن الفحشاء والمنكر. فلماذا يصح هذا القول في الصلاة ولا يصح في النكاح؟! بل إن صوراً من الأنكحة التي توافرت فيها حقوق الزوجة كاملة غير منقوصة: من حق السُكنى، والمبيت، والنفقة ... إلخ صحيحة بالإجماع لتوافر شروطها، حتى ولو لم يتحقق فيها سكن الزوج إلى زوجته، ولم تتحق بينهما المودة والرحمة، فهل يصح أن يقال عن هذه الأنكحة التي لم تتحقق فيها المودة الرحمة وسكن الزوج لزوجته: إنها باطلة مع أن المرأة أخذت حقوقها كاملة غير منقوصة؟! فإذا كان هذا في الأنكحة التي أُعطيت فيها الزوجة حقوقها كاملة، فكذلك الأنكحة التي أسقطت فيه الزوجة بعض حقوقها: كحق المبيت، أو حق النفقة، أو حق السُكنى. ويمكن أن يستدل لصحة عقد الزواج مع إسقاط حق المبيت أو النفقة أو السكنى، بما جاء في الصحيح أن سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، لما كبرت خافت أنْ يطلقها الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوهبت ليلتها لعائشة على أن تبقى في عصمته -صلى الله عليه وسلم-…، صحيح البخاري (5212) ، وصحيح مسلم (1463) ، وأبو داود (2135) . ولم يجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إسقاطها لحقها في المبيت سبباً لإبطال عقد نكاحه بها. ثم إن المرأة -غالباً- لا تُسْقِطُ حقًّا لها إلاَّ لظرفٍ تعلم أنه مما يزهد الخُطَّاب فيها، وإلا فإن كل عاقلة رشيدة، تدرك يقيناً أن تنازلها عن بعض حقوقها الممنوحة لها شرعاً من غير مقابل تفريطٌ ليس له أي معنى. والمقصود أن هذا النوع من النكاح ليس من لوازمه التي لا تنفك عنه: الابتزاز، أو استغلال المرأة والمساومة على بعض حقوقها، فكثيراً ما تتنازل المرأة عن بعض حقوقها طواعية من نفسها من غير إكراه ولا ابتزاز، لما تعلم من حالها وظروفها ما يضطرها لهذا، التنازل، والواقع يشهد بهذا. والله أعلم.

الكفاءة في النكاح

هل تأثم إذا رفضت ذا الدين؟! المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 03/04/1426هـ السؤال عندما ترفض فتاة الارتباط بشخص ذي دين وعلى خلق؛ لأسباب خاصة بها، فهل عليها وزر، أو تأثم بذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا، لا تأثم، ولكن لا يجوز لها أن تتزوج إلا بكفء في دينه، وكذلك لا يجوز لوليها أن يزوجها إلا بكفء في دينه، فإذا رفضت الكفء فلا تجبر عليه، ولكن لا تتزوج فيما بعد إلا بكفءٍ. والله أعلم.

التزوج من العقيم

التزوج من العقيم المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 13/4/1423 السؤال هل يجوز لشاب أن ينكح امرأة يعرف أنها لا تنجب أطفالاً؟ الجواب نعم يجوز له ذلك، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - رغب بالزواج من ذات الأولاد، فقال:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" النسائي (3227) أبو داود (2050) أحمد (12613) ورغب في تكثير النسل، فمن أراد أن يتخير امرأة فإن الأولى والأفضل له أن يتخير ذات الولد، لكن لو أنه تزوج امرأة يعرف أنها عقيماً فله ذلك لتحصيل مقاصد النكاح الأخرى غير الولد كالإعفاف والسكن النفسي وغير ذلك.

زواج القاصر عقليا

زواج القاصر عقلياً المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 16/7/1423هـ السؤال هل يجوز نكاح الرجل ناقص العقل مع المرأة الموصوفة بالصفات نفسها؟ علماً بأنه قد يأتي الولد ويرث من الوالدين صفات النقص التي يتصفان بها. أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب يجوز نكاح ناقص العقل ويتولى عقد النكاح نيابة عنه وليه، إذا كان في تزويجه مصلحة له وحماية.

مواقع الزواج على الإنترنت

مواقع الزواج على الإنترنت المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 15/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. تنتشر الآن على الإنترنت مواقع للزواج حيث يقوم الشخص (شاب أو فتاة) بنشر نبذة قصيرة عنه قد تكون مصحوبة بصوره وكذلك ينشر المواصفات التي يرغب في توفرها في الطرف الآخر, وعلى الشخص الذي يجد نفسه مناسبا أن يرسل بريدا إليكترونيا إلى صاحب أو صاحبة الإعلان للتفاهم ... أرجو توضيح مدى صحة هذا الأمر مع العلم أني أخص الأشخاص الذين يشترطون عدم المقابلة أو حتى الدردشة عن طريق الإنترنت، وإنما يطلبون التقدم رسميا إلى ولي الأمر وفي حالة جواز هذا الأمر هل يجوز للفتاة بالذات إرفاق صورتها بالحجاب الشرعي أم لا؟ جزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه المواقع تقدم خدمة جليلة، حيث تدل كل طرف على الآخر بالطريق المشروع لإقامة العلاقة المشروعة، لا سيما لذوي الظروف الخاصة الذين قد لا يجدون من يناسبهم من حيث الظروف إلا في مثل هذه المواقع. ولا حرج ولا إشكال في طريقة الإعلان من ذكر المواصفات العامة التي لا تسهب إلى حد الابتذال، وفي ذكر الشروط والمواصفات المرغوبة، بل ولا بأس - أيضاً - أن يصل التفاهم في البداية إلى حد المراسلة الجادة التي لا تُجرِّئ على المحادثة فضلاً عن اللقاء، وإنما ترتب للزيارة الأولى (زيارة الخطبة) . ولكن المشكلة تكمن في مدى جدية المعلنين من خلال هذه المواقع، لا سيما الشباب والذي يتصفح هذه الإعلانات إنما يتعامل مع (أشباح) لا يدري ما حقيقتها، ولا يعلم الصادق من الكاذب، ولذا ينبغي أن تأخذ المرأة بالتأني والاحتياط والحذر وهي تتعامل مع هذه الأشباح فمتى ما رأت من أحدهم حرصاً على توثيق العلاقة، وولوج باب المحادثة قبل خطبتها من ولي أمرها، فعليها أن تقطع كل المراسلات معه؛ لأنه لو كان جاداً في طلبه صادقاً في رغبته، لسارع إلى خطبتها خشية أن يسبقه أحد إليها. وأما أن تنشر المرأة صورتها كاشفة الوجه في مثل هذه المواقع أو في غيرها فالأظهر أنه لا يجوز، لأن المرأة كلها عورة حتى وجهها على القول الصحيح، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الزواج بدون موافقة الوالدين

الزواج بدون موافقة الوالدين المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 13/1/1423 السؤال أريد الزواج من فتاة ذات دين، غير أن والدتي رفضتها بسبب أن والدها داعية مشهور وهو الآن في السجن، ووالدتي خائفة من الناحية الأمنية، فهل أتزوجها بدون موافقة والدتي؟ وهل يجوز لي الزواج بدون رضا الوالدين إذا كانت الفتاة ذات دين وخلق؟ ولكن الوالدة رفضتها لعدم جمالها، علماً أنني حاولت إقناعها بكل الطرق ولم يبق إلا الزواج بدون موافقتها. الجواب لقد أحسنت باختيار الزوجة ذات الدين التي رغّب فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (5090) ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ولكن إذا كان فعلاً قد يلحق والدتك أو أسرتك ضرر بسبب ما ذكرت فعليك بطاعة والدتك والبحث عن زوجة أخرى ذات دين، وسيوفقك الله. أما زواج الرجل بدون إذن الوالدين فجائز؛ لأنه لا يشترط لصحة زواج الرجل موافقة الوالدين، ولكن طاعتهما بالمعروف وموافقتهما على ما فيه مصلحة ظاهرة فيه خير وبركة لهذا الزواج، والله أعلم.

الزواج بمن لا يصلي

الزواج بمن لا يصلي المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 04/08/1425هـ السؤال تقدم إلى خطبتي رجل ذو مركز وحالته المادية ممتازة، ولكن ترددت في القبول بالزواج به؛ لأنه لا يصلي، فما هو رأيكم؟ ودلوني جزاكم الله خيراً. الجواب الزواج رابطة وارتباط بين الرجل والمرأة، وتقوم هذه الرابطة على السكن والمودة، والرحمة، لقوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] . ولهذا جاء هدي الإسلام بتوجيه كل من الرجل والمرأة ببذل الجهد في حسن اختيار الآخر، وإذا كان المطلوب في المرأة أن تسره - إذا نظر، وتطيعه فيما أمر، ولا تخالفه بما يكره في نفسها أو ماله، فعلى المرأة وأوليائها أن يقبلوا الرجل متى كان يتصف بخلق حميد واستقامة في الدين، وقدرة على أداء الأمانة، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ... " رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ولا ريب أن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، والركن الأول من الأركان العملية، ومن ترك الصلاة جاحداً لوجوبها فهو كافر، لا يصح زواجه من مسلمة ابتداء، ولا استمرار الزوجية إذا ثبت منه ترك الصلاة، أما إذا كان ترك الصلاة كسلاً وتهاوناً فلابد من دعوته لأداء الصلاة، فإن التزم صح زواجه من مسلمة ابتداءً واستمراراً، والله ولي التوفيق.

هل يتزوج بفتاة أبوها مدير بنك؟

هل يتزوج بفتاة أبوها مدير بنك؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 20/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أنا شاب أبلغ من العمر 32 عاماً، وأواجه مشكلة يصعب علي حلها، فلجأت إلى الله - عز وجل - ثم إلى فضيلتكم عسى أن أجد لديكم حلاً شافياً لها. إنني أرغب في الارتباط بفتاة ذات خلق ودين، ولكن المشكلة تكمن في أن والدها يعمل مديراً لأحد البنوك، وللعلم فإن والدها ذو خلق قويم، ولكن كما يعلم فضيلتكم فإن ما يتقاضاه والدها مقابل عمله في هذا البنك تشوبه شبهة الربا، فإذا رغبت في الارتباط بها فإنه من البدهي أن يقوم والدها بتجهيزها بكل ما تحتاج إليه من طلبات العرس من ماله الخاص، وإن يحدث تزاور بيننا مما قد يضطرني إلى مشاركته الطعام، إلى غير ذلك من الهدايا التي سوف يحضرها إلى ابنته. مع العلم أن والدها لديه قطعة أرض ومحل تجاري صغير، ولكني لا أعلم هل مصدر هذا المال من راتب البنك أم من أي مصدر آخر. فهل يحل لي الزواج بهذه الفتاه بنية الجزء الحلال من هذا المال، وأن أنتشلها من هذه البيئة الربوية التي تربت بها، وحتى لا آخذها بذنب أبيها استناداً إلى قول الله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى...." [الأنعام: 164] ، أرجو من سعادتكم إفادتنا في هذا الموضوع، تعجيلاً للخير. وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يظهر لي مانع من الزواج بهذه الفتاة التي ذكرت جانباً من صفاتها الطيبة بناء على ما ذكرت عن والدها، مع أنني أتوقع أن أكثر معاملات بنك التنمية الزراعي لا تدخلها المعاملات المحظورة شرعاً، ولئن كان نشاط الأب واقعاً فلا يضركما إن شاء الله، والآية الكريمة: ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" [الأنعام: 164] ، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يتعامل ويأكل عند اليهود وهم مَنْ هم. انظر مثلاً ما رواه البخاري (2096) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

شبهة الزواج من الأقارب

شبهة الزواج من الأقارب المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 17/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله، أقيم في النرويج ومن خلال مناقشتنا معهم هنا ينتقدون علينا بعض الأشياء مثل زواج الأقارب، ويقولون إنه يسبب أمراضا في الذرية فأرجو إفادتنا في هذا الموضوع.. الجواب الذي ذكره بعض المتخصصين بعد سؤالهم عن نسبة حدوث هذه الأمراض بين المتزوجين من الأقارب ذكروا أنها في حدود 6% لكل الأمراض الوراثية، والشرع لم يأت بإيجاب الزواج من الأقارب وإنما أباحه، ولو فرض انتشار هذه الأمراض في مجتمع من المجتمعات الإسلامية بسبب الزواج بين الأقارب فلولي الأمر أن ينظم ذلك، بأن يلزم الناس بنوع من التحاليل المساعدة على كشف أسباب هذه الأمراض أو غير ذلك، لأن له سلطة للحد من تعاطي المباحات بناء على ما تجلبه على الناس من مفاسد محققة بعد مشاورة أهل العلم كل في مجال تخصصه. ثم إن الشرع لم يعهد منه تحريم كل ما فيه ضرر، إلا إذا كان الضرر غالبا متيقناً، أما الذين يجادلونكم في ذلك من أبناء تلك الديار فذكروهم بأن نسبة الذين يصابون بأمراض بسبب تعاطي الخمور والمخدرات، أو بسبب انتشار فاحشة الزنا بينهم أعظم بكثير وأخطر مما يمكن أن يصاب به أبناء المتزوجين من أقارب لهم، ولم نجد منهم إنكاراً لذلك، والله الهادي إلى سواء السبيل.

الزواج بمن لها علاقات سابقة

الزواج بمن لها علاقات سابقة المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 08/10/1425هـ السؤال سألني صديق لي عن رأيي بمسألة شائكة وحساسة، ولعظم السؤال؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المستشار مؤتمن". ولقلة علمي- والله المستعان- آثرت أن أوجه السؤال لكم جزاكم الله خيرًا؛ لعلي أجد الجواب الشافي الكافي، ولقد عرفت أن السؤال طرح في منتدى من منتديات الإنترنت، فأرجو منكم الإجابة، وجزاكم الله خيرًا، السؤال هو: هل أوافق بأن أتزوج فتاة، أو أحب فتاة بقصد الزواج، وأنا أعلم أن لها علاقة سابقة، سواء كانت علاقة حب جادة، أو حتى مغامرة عاطفية غير جادة؟ الجواب الحمد لله تعالى وحده، وبعد: فإن الله تعالى- أمر بالنكاح ورغب فيه؛ وذلك لما فيه من مصالح شرعية دينية، وفوائد دنيوية حاصلة، لكن لابد أن تكون من المحصنات، وهن العفيفات؛ كما قال تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة: من الآية5] . وقوله تعالى: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور:3] . ولذلك فالواجب على الأخ السائل اختيار المرأة العفيفة؛ لأنه غدًا ستكون فراشًا له وأمًّا لأولاده، ولا بد أن تكون أم أولادك امرأة حافظة لعرضها، وإذا كانت غير عفيفة فلا تؤمن على ذلك في نفسها، أو أولادك، والله الموفق. لكن إن علمت أنها تابت وصلح حالها، وثبت لديك هذا الأمر، فلا مانع من خطبتها والتزوج بها. والله الموفق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

الكفاءة في الزواج

الكفاءة في الزواج المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 03/11/1423هـ السؤال ما هي الكفاءة في الزواج؟ وهل هي فقط في الدين أم في أمور أخرى؟ الجواب بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله التوفيق: لا شك أن الكفاءة في الدين معتبرة شرعاً في الزواج فلا يصح نكاح كافر مسلمة سواء كان مشركاً أو كتابياً أو غير ذلك من الأديان الأخرى؛ لقوله تعالى:"ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا" [البقرة: 221] وقوله تعالى:"ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً" [النساء:141] ولكن يجوز للمسلم الزواج بالكتابية يهودية كانت أو نصرانية لقوله تعالى:"اليوم أحلت لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين" [المائدة:5] . أما الكفاءة في غير الدين فهي غير معتبرة شرعاً. فالمسلمون بعضهم أكفاء بعض سواء كانواً عرباً أو موالي لقول الله تعالى:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم" [الحجرات:13] وقوله -صلى الله عليه وسلم-:"الناس سواسية لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" الإمام أحمد (23489) ولأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشار على فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة بن زيد مع أنه مولى -رضي الله عنهم جميعاً-، وقد جاءت تستشيره في معاوية وأبي جهم وهما من أكفائها انظر: مسلم (1480) ، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"يا بني بياضة أنكحوا أبا هند" رواه أبو داود (2102) وكان حجاماً كل هذه النصوص صحيحة، وأما ما ورد من حديث "العرب بعضهم أكفاء بعض" البيهقي (7/174) فهو حديث ضعيف جداً، وقال أبو حاتم أنه منكر ولكن ينبغي أن يعلم أن الأعراف محكمة ما لم تصادم نصاً شرعياً، فإذا أدى الزواج من غير كفء إلى مشاكل أسرية أو قطيعة رحم أو أضرار مادية فينبغي أن يتحاشا ذلك لا لكون النكاح لا يصح وإنما تفادياً للأضرار أو الفتن التي قد تنجم بسبب ذلك، هذا ما أمكن تحريره، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رغبة الأم في ترك المخطوبة

رغبة الأم في ترك المخطوبة المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 20/9/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فإذا خطب الشاب فتاة مع موافقة الأهل من الطرفين، وبعد مدة من الزمن طلبت أم الشاب منه أن يتركها؛ لأنها أصبحت تريده أن يتزوج من أخرى ذات مال ونسب، وأنه حصل جدال بين الأم والخطيبة، فهل يخضع لأمه ويتركها أم ماذا يفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إن كانت الخطيبة ذات خلق ودين ولم يحصل منها إساءة فلا يلزم الرجل تركها لأجل ما قالته الأم، مع أن الأولى أن يحاول الرجل تسوية الأمور فإن لم يتمكن فلعل الرجوع من أول السلم - وخصوصاً أن الرجل لم يتزوج بعد - أولى من الإقدام على الزواج في مثل هذه الظروف، ولعل الله أن يعوضه خيراً ببركة بره بأمه، والله أعلم.

اختيار المرأة لزوجها

اختيار المرأة لزوجها المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 05/10/1425هـ السؤال سؤال يساورني دائمًا وهو: هل يجوز أن تختار الفتاة شريك حياتها؟ بمعنى أن تنظر في الجوار وتلمح له بذلك؟ لأن الأهل فقط ينظرون إلى الرجل من الناحية المادية والثقافية, قد يسألون عن أخلاقه ولكن من خلال أهله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) ، وبعد: يقول تعالى: ( ... فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ... ) [البقرة: من الآية232] . والعضل: الحبس عن التزويج.

وعن أبي سلمة، أن أبا هريرة، رضي الله عنهما، حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حتَّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حتَّى تُسْتَأْذَنَ". قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: "أنْ تَسْكُتَ". أخرجه البخاري (5136) ومسلم (1419) . والمقصود بالأيم الثيب التي فارقت زوجها بموت أو طلاق على الصحيح، وبالبكر من لا زوج لها، ويقصد بالبكر هنا التي أمر باستئذانها هي البكر البالغ؛ إذ لا معنى لاستئذان من لا تدري ما الإذن، ومن يستوي سكوتها وسخطها، واستئمار الثيب يدل على تأكيد المشاورة؛ ولهذا يحتاج الولي إلى صريح إذنها في العقد، فإذا صرحت بمنعه امتنع اتفاقًا، والبكر بخلاف ذلك، فالإذن دائر بين القول والسكوت، بخلاف الأمر، فإنه صريح في القول، وإنما جعل السكوت إذنًا في حق البكر؛ لأنها قد تستحي أن تفصح برغبتها في الزواج. فمن خلال ما سبق من نصوص ندرك أن للمرأة الحق في الزواج، ويحرم على وليها منعها من الكفء إذا تقدم لها. كما أن لها حرية الاختيار في قبول الزوج أو رفضه، ما لم ير الولي أن موليته قد تفسد مالم تتزوج، فإن له، والحالة هذه إجبارها على الزواج صيانة لها، وإعفافًا لفرجها عن المحرم. كما أنه يجب على الولي أن يحسن اختيار الزوج لموليته، ويحرم عليه عضلها أو تزويجها بمن ليس كفؤًا لها، وإن كان الولي على هذه الحالة فإن الحاكم يرفع الولاية عنه، وينقلها للأصلح، أو يتولى الحاكم بنفسه الولاية عليها. وإذا رغبت الفتاة بالزواج، فإن عليها أن تخبر أمها أو أختها، أو من تراه مناسبًا ليخبر أباها برغبتها تلك؛ إذ العادة جارية على استحياء الفتاة في التصريح، بمثل هذه الأمور، كما أن لها أن تعرض بمن ترغب فيه، مثل أن يقال: فلان ما يُرَدُّ. ونحو ذلك، كما على أمها أو خالتها ونحوهن أن يخبرن أم من ترغب الفتاة به أو أخته بالتعريض، كأن تقول أم الفتاة لأم الفتى: فلان ما يرد مثله، ولو تقدّم لقبل. ونحو ذلك. وعلى الولي أن يكون مبتغاه إعفاف موليته، والبحث عن الأصلح لها، فسوف يسأل عن ذلك يوم القيامة، وإذا تقدم إليه يريد موليته من يرضى دينه وخلقه فهي الغاية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم مَن تَرضَوْنَ دينَه وخُلُقَه فأَنْكِحُوهُ؛ إلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنةٌ في الأَرضِ وفَسَادٌ". أخرجه الترمذي (1085) ، وقال: هذا حديث حسن غريب. فالأصل أن ينظر إلى دين الرجل وخلقه، أما المال فهو غادٍ ورائح، وليس في الفقر ما يمنع من الرغبة في النكاح، بل قال الله: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [النور:32] . وقد روي عن قدماء الصحابة، رضي الله عنهم، ما يدل على أنهم رأوا ذلك وعدًا، فعن أبي بكر، رضي الله عنه، قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى. أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 8/2582. وعن عمر- أخرجه عبد الرزاق (10393) - وابن عباس- أخرجه ابن جرير 17/275،274 وابن ابي حاتم 8/2582،2581، رضي الله عنهم، مثله. قال ابن عباس، رضي الله عنهما: التمسوا الرزق بالنكاح.

أخرجه الثعلبي- كما في تخريج الكشاف للزيلعي 2/444- وينظر الضعيفة (2487) . وشكى رجل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الحاجة، فقال: "عَلَيكَ بالبَاءَةِ". رواه الثعلبي- كما في الفيض 3/241، وكشف الخفاء 1/203- ويروى عن جابر، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه الفاقة، فأمره أن يتزوج. أخرجه الخطيب 1/365. وقال طلحة بن مصرف: تزوَّجوا؛ فإنه أوسع لكم في رزقكم، وأوسع لكم في أخلاقكم، ويزيد في مروءتكم. وهذا الوعد بالغنى إذا نكح مشروط بالمشيئة، ويحتمل أن يكون خاصًّا في بعض دون بعض، ويحتمل أن يكون المراد الغنى بالعفاف فيكون المعنى وقوع الغنى بملك البضع والاستغناء به عن الوقوع في الزنا. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

تزويج المعاقين والمجانين

تزويج المعاقين والمجانين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 22/2/1425هـ السؤال (1) هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً؟ ولماذا؟. (2) هل هناك شروط لتزويجهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج؟. (3) كيف يمكن للمعوق المتخلف عقلياً القيام بواجباته (واجباتها) الزوجية؟. (4) هل يقبل الإسلام بذرية معوقة ومتخلفة عقلياً؟. (5) كيف يمكن أن نتعامل مع زواج المعوقين والمتخلفين عقلياً؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم يحسن بنا قبل الجواب أن نقسم الإعاقة العقلية إلى ثلاثة مستويات: خفيفة ومتوسطة وشديدة، والذي يحدد أنواع إعاقة الأعيان المصابين بها هم أهل المعاق أنفسهم والأطباء المختصون. أما عن جواب السؤال الأول: فنقول من كانت إعاقته العقلية (تخلفه) خفيفة أو متوسطة فيجوز زواجه بمثله أو بمن هو سليم إذا رضي وقبِل (رضيت وقبلت) بذلك ويقوم أولياؤهم بإجراء مراسيم الزواج لهم -كما نص الفقهاء على ذلك كلهم في المذاهب الفقهية- أما لماذا وكيف يزوجون والحالة هذه؟ فلأن الزواج شريعة إلهية وفطرة إنسانية قال تعالى:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ... " [النساء: 1] ، وقال تعالى:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" [الروم: 21] ، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنن أبي داود (2050) ، وسنن النسائي (3227) وابن حبان (4056) عن معقل بن يسار - رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أصبت امرأةً ذات حسب ومنصب إلا أنها لا تلد أفأتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه، فقال: "تزوجوا الولود الودود فإني مكاثرٌ بكم"، فهذا نهي من النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل السليم عن نكاح الزوجة العقيم، ومثله المرأة السليمة من الرجل العقيم وفي لفظ:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"، والأنبياء يوم القيامة يتكاثرون ويتفاخرون بكثرة أتباعهم؛ كما في حديث: "يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرهط، ويأتي النبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً" فيقال له: انظر إلى الأفق فإذا سواد يملأ الأفق ثم قيل لي انظر هاهنا وهاهنا في آفاق السماء فإذا سواد قد ملأ الأفق قيل: هؤلاء أمتك" رواه البخاري (5705) ، ومسلم (220) ، فتكثير النسل في الأمة المسلمة مقصود للشارع وإن قل فيهم الفقه في الدين كما عند المتخلفين عقلياً ثم إن هؤلاء المتخلفين عقلياً، قد يكونون سبب نزول البركات والخيرات واندفاع البلايا والمصائب العظيمة عن جميع أفراد المجتمع حيث يدرون ولا يدرون، وقد جاء بالأثر "هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم" رواه البخاري (2896) والمتخلف العقلي -أياً كانت درجته- فهو ضعيف كما هو مشاهد ومعلوم. جواب السؤال الثاني: نعم تنطبق أركان الزواج وشروطه على المتخلفين عقلياً كالأسوياء، ويقوم أولياؤهم الشرعيون بإمضائها وإجرائها. جواب السؤال الثالث:

أما كيف يمكن للمعاقين عقلياً - ذكوراً كانوا أو إناثاً- أن يقوموا بواجباتهم الزوجية فمتروك لهم هم ربما يعرفون ذلك كالأسوياء أو أكثر، لأن هذه غريزة فطرية لجميع البشر بل لكل المخلوقات، وإن قدّر وعلم وقوع بعض الممارسات غير الشرعية بينهم كعدم تجنب الوقاع في الحيض ونحوه فينبهون على عدم جوازه -إن كانوا يفهمون- وإن لم ينبهوا فلا شيء عليهم -إن شاء الله- في ذلك؛ لأن هذا حد علمهم و"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة من الآية: 286] ، أما إذا كان المتخلف عقلياً لا يحسن الصلاة والطهارة فارتكابه لمثل هذه المنهيات والمحرمات معفو عنه أصلاً؛ لعدم تكليفه شرعاً والقاعدة الشرعية تقول: (إذا سلب الله ما وهب (العقل) سقط ما وجب (عموم التكاليف)) . جواب السؤال الرابع: أما هل يقبل الإسلام بذرية معوقة فنعم وسبق الإشارة إلى ذلك في الجواب الأول لدخولهم في مفهوم تكثير النسل بتكثير أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، صحيح أن اعتبار الكيف في الأمة من الصلاح والنفع أهم من زيادة العدد المجردة. هذا فيما يخص رغبة الناس الأسوياء أما في حكم الله فالأمر ليس كذلك، ثم إنه ليس لازماً وحتماً أن تزوج المعاقين عقلياً بعضهم ببعض ينتج ذرية معاقة، وإن كان هذا نسبته ظاهرة في الواقع ولكنها ليست قطعية في كل أحد، فالمشاهد أن بعض المعاقين عقلياً أنجبوا ذرية سليمة وصالحة قال الله سبحانه:"يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليمٌ قدير" [الشورى: 49-50] ، ومشيئة الله سبحانه عامة للأسوياء والمتخلفين عقلياً لأنهم كلهم خلق الله وتحت إرادته وأمره. جواب السؤال الخامس: أرى أنه من المناسب أن يتعامل الناس (المجتمع كله) مع زواج المعاقين عقلياً كما يلي: (1) إن كانت الإعاقة شديدة جداً ولا يمكن التعامل معها سلميا، ً كأن يُقطع أو يغلب على الظن أنها تهدد حياة المعاق ومن حوله فهذه الحالة لا يجوز شرعاً التزاوج بينهما. (2) وإن كانت حالة المتخلف العقلي (الإعاقة) متوسطة فيمكن أن يعطى بعض العلاجات المهدئة والتي تمنع الإنجاب إذا رضي أولياء الزوجين بعد أن يقرر الأطباء المختصون أنهم سينجبون أطفالاً معاقين مثلهم أو أشد. (3) من كانت حال تخلفه العقلي خفيفة فيعامل معاملة الأزواج الأسوياء مما يرفع معنوياته حتى يحس أنه مثل غيره من الناس، وعلى كل حال فإن زواج المتخلف عقلياً مما يخفف ضرره على نفسه وتعديه على غيره علاوة على ما قد يسببه من خير للأمة كلها بسبب الرعاية والعناية بهذه الشريحة من الناس من المجتمع. وفق الله الجميع إلى كل خير وصلى الله على نبينا محمد.

اعتبار النسب في الزواج

اعتبار النسب في الزواج المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 20/12/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا مطلقة وتقدم لخطبتي رجل قمة في الأخلاق والعلم، ولكن الأهل حالوا بيني وبينه، والعيب -كما قالوا- أنه ليس مكافئًا لنا في النسب، وأنا طلقت مرتين، والأهل لا يستطيعون تهيئة الرجل المناسب، وهمهم أن يكون صاحب مركز، وأنا أجد نفسي هزيمة لتصرفاتهم، لقد رأيته في المنام عدة مرات، ولا زلت متمسكة به، وأخته لا زالت تتواصل معي وأحببتهم كثيراً، أرجو أن ترشدوني وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الكفاءة بين الرجل والمرأة في الخلق والدين، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"فاظفر بذات الدين تربت يداك" أخرجه البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، وأيضا قول الله -عز وجل-:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم" [الحجرات: 13] . وأيضا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه" أخرجه الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) . هذا الأصل الذي ينبغي أن يحتكم إليه، وما عدا ذلك من النسب والمال والصناعة والوظيفة وغير ذلك، فهذه الصحيح أنه لا اعتبار لها. وفي قصة الواهبة نفسها قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل وكان فقيراً لا يجد إلا إزاره فقط يستر أسفل بدنه، زوجه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "زوجتكها بما معك من القرآن" أخرجه البخاري (5029) ، ومسلم (1425) . لكن إذا كانت مخالفة الأهل ستؤدي إلى فتنة وشر فنقول: عليها أن تصبر، وتحتسب وأن تكثر من دعاء الله، فلعل الله -عز وجل- أن يهيئ لها خيراً منه، وهي أيضاً عليها أن تجتهد في إقناع أهلها، أو تكلم أناساً من أهل العلم ليقنعوا الأهل. أما ما ذكرته السائلة من قولها: أنها لا زالت تتواصل مع أخته ... إلخ. فأقول: الأحسن للسائلة ترك مثل هذا الأمر، وأن تعمل على إقناع أهلها بأي طريق، فإن لم تتمكن فتترك هذا الأمر وتلجأ إلى الله -عز وجل- فإنه يعوضها خيراً منه.

الكفاءة في النكاح

الكفاءة في النكاح المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 26/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. ما قولكم علماءنا الأفاضل في رجل زوج ابنته لرجل آخر، ليس من طينته، أي أنه عبد، وإن لم يكن مملوكًا، واحتج أهله عليه بأن هذا الأمر لا يجب أن يكون؛ لأن ذلك يعتبر خلطًا في الأنساب، ونحن لا نريد اختلاطًا بأقوام آخرين ليسوا من نفس فئتنا، ليس تكبرًا ولكنهم جبلوا على هذا الأمر منذ صغرهم ومن أباهم، وللتوضيح أكثر فإن الرجل أسود والفتاة بيضاء. أفيدونا أفادكم الله وزاد علمكم سعة بحوله وقوته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الكفاءة في التقوى والدين هي الأصل، لقول الله تعالى: ( ... إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ... ) [الحجرات: من الآية13] . وقوله: ( ... وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [البقرة: من الآية221] . وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ". أخرجه الترمذي (1084) وابن ماجه (1967) . أما اشتراط الكفاءة في النسب، فقد قال بها الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله- في رواية عنه أخذًا بحديث: "النَّاسُ أَكْفَاءٌ قَبيلةٌ بقبيلةٍ وعربيٌّ لِعَربيٍّ ومَوْلًى إلَّا حَائِكٌ أو حَجَّامٌ". أخرجه ابن حبان في المجروحين 2/ 124والبيهقي 7/134 وابن الجوزي في العلل (1019) . قال أبو حاتم، كما في العلل لابنه 1/412: كذب لا أصل له. فالكفاءة عنده شرط لزوم لا صحة، بمعنى أنه لو عقد النكاح دون مراعاة الكفاءة في النسب صح النكاح أي عقده صحيح، ولكن لا يلزم منه الدوام، فقد يفرق القاضي بين الزوجين إذا لم يكن أحدهما كفئًا للآخر، إذا كان سيترتب على هذا العقد نزاع يسبب قطيعة الرحم والصلة بين الأقارب، والأئمة الثلاثة لا يشترطون الكفاءة في النسب شرطًا في النكاح، بل الإمام أحمد سئل عن الحديث: "الناس أكفاء..". أتقول به وأنت تضعفه؟ قال: (إنما ضعَّفه أهل الحديث ونعمل به على طريقة الفقهاء) . والخلاصة: إذا كان سيترتب على الزواج من هذا الرجل مفسدة وقطيعة للرحم فلا يجوز؛ لأن الإسلام جاء برعاية المصالح وتكملتها، وبمنع المفاسد وتقليلها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح. والله أعلم.

هل هذا من العضل؟!

هل هذا من العضل؟! المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 28/08/1425هـ السؤال هل يجوز لوالدي أن يمنعني من الزواج؟ حيث تقدم لي شخص فيه جميع الصفات التي أتمناها في من سيكون شريك حياتي، فهو محافظ على الصلاة جماعة، وعلى خلق كريم، ومن أسرة طيبة، وعمله ممتاز، وأهم من هذا كله هو دينه، حيث يختلف عن كثير من شباب هذا اليوم، وأرى أنه يناسبني، وقد استخرت الله، إلا أن أبي قال سوف أرفضه، وعندما سألته: لماذا؟ قال إنه لن يزوجني إلا من شخص يعرفه، فقلت له: إن هذا ليس المقياس الصحيح في الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير". وقد أخبرت أبي بأني أرفض طريقته هذه في تزويجي، إلا أنه رفض وقال: تريدين هكذا طريقة، أو تجلسي دون زواج لا يهم. أسألكم بالله هل ما يفعله أبي صحيح أم لا؟. وما توجيهكم لنا؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن المفاسد التي تترتب على حرمان المرأة من الزواج، أو تأخيرها عنه لا يعلمها إلا الله تعالى، ومن ينظر في أحوال المجتمعات التي يكثر فيها هذا الأمر يَرَ ذلك واضحًا جليًّا. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه المفاسد بقوله: "إذَا خَطَبَ إِلَيْكُم مَن تَرْضَونَ دِينَه وخُلُقَه فَزَوِّجُوه؛ إلاَّ تَفْعَلوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ وفَسَادٌ عَرِيضٌ". رواه الترمذي (1084) عن أبي هريرة. والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي. ومن منع موليته من التزوج بالكفء المرضي في دينه وخلقه، كان عاضلاً لها، وتنتقل الولاية منه إلى من بعده من الأولياء، ومعنى العَضْلُ: منع المرأة من التزوج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار، رضي الله عنه: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ، فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا! لَا وَاللَّهِ لَا تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا. وَكَانَ رَجُلًا لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَة: َ (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) . فَقُلْتُ: الْآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ. رواه البخاري (5130) . فإذا رغبت المرأة في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته، كان عاضلاً لها. فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها.

قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله: إذا منع الولي تزويج موليته بخاطب كفءٍ في دينه وخلقه فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة الأَوْلَى فالأولى، فإن أبوا أن يزوجوا-كما هو الغالب-فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي، ويزوج المرأةَ الحاكمُ الشرعي، ويجب عليه إن وصلت القضية إليه وعلم أن أولياءها قد امتنعوا عن تزويجها أن يزوجها؛ لأن له ولايةً عامةً على المرأة بعدما سقطت الولاية الخاصة. وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن الولي إذا تكرر رده للخاطب الكفء فإنه بذلك يكون فاسقًا وتسقط عدالته وولايته، بل إنه على المشهور من مذهب الإمام أحمد تسقط حتى إمامته فلا يصح أن يكون إمامًا في صلاة الجماعة، وهذا أمر خطير. وبعض الناس كما أشرنا إليه آنفًا يرد الخطاب الذين يتقدمون إلى من ولاَّه الله عليهن وهم أكفاء. ولكن قد تستحي البنت من التقدم إلى القاضي لطلب التزويج، وهذا أمر واقع، لكن عليها أن تقارن بين المصالح والمفاسد، أيهما أشد مفسدة: أن تبقى بلا زوج وأن يتحكم فيها هذا الولي على مزاجه وهواه فإن كبرت وبرد طلبها للنكاح زوجها، أو أن تتقدم إلى القاضي بطلب التزويج مع أن ذلك حق شرعي لها. لاشك أن البديل الثاني أولى، وهو أن تتقدم إلى القاضي بطلب التزويج لأنها يحق لها ذلك؛ ولأن في تقدمها للقاضي وتزويج القاضي إياها مصلحة لغيرها، فإن غيرها سوف يُقدِم كما أقدمت، ولأن في تقدمها إلى القاضي ردعًا لهؤلاء الظلمة الذين يظلمون من ولاهم الله عليهن لمنعهن من تزويج الأكفاء، أي أن في ذلك مصالح عديدة: الأولى: مصلحة للمرأة حتى لا تبقى بلا زواج. الثانية: مصلحة لغيرها من النساء ممن كانت حالهن مثل حالتها. الثالثة: منع وردع هؤلاء الأولياء الظلمة الذين يتحكمون في بناتهم أو فيمن ولاهم الله عليهن. الرابعة: مصلحة إقامة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "إذَا جاءَكم مَن تَرْضَوْنَ دينَه وخلقَه فأَنْكِحُوه، إلَّا تفعَلوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ وفَسَادٌ". رواه الترمذي (1085) أ. هـ. وقال الشيخ محمد ابن عثيمين أيضًا: وليت أنَّا نصل إلى درجة تجرؤ فيها المرأة على أنه إذا منعها أبوها من الكفء خُلقًا ودينًا أن تذهب إلى القاضي، ويقول لأبيها: زَوِّجْها أو أُزوجها أنا أو يُزوجها وليٌ غيرك. لأن هذا حقٌ للبنت إذا منعها أبوها، ولها أن تشكوه للقاضي، وهذا حقٌ شرعي. فليتنا نصل إلى هذه الدرجة، لكن أكثر الفتيات يمنعهن الحياء من ذلك. أ. هـ والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

نكاح المرأة الدينة في المنبت السوء

نكاح المرأة الديِّنة في المنبت السوء المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح التاريخ 24/04/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم سؤالي هو: ما حكم الارتباط بفتاة تعيش في بيئة سيئة، أي أن لديها أخوات غير مستقيمات، علماً أن الفتاة في غاية الاحترام والأدب؟ وما صحة الحديث الشريف القائل: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس) ؟ وهل يتطابق هذا الحديث مع هذه الحالة؟ وما ذنب الفتاة البريئة فيما تفعله أخواتها؟. وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" أخرجه البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، وروي وهو حديث فيه مقال: "إياكم وخضراء الدمن! "، فقيل يا رسول الله: وما خضراء الدمن؟ فقال: "المرأة الحسناء في المنبت السوء" أخرجه القضاعي (957) ، والرامهرمزي في الامثال (84) . ففي الحديث الأول جاء الأمر بتقديم ذات الدين على بقية الأوصاف، ولاشك أن هذا عند التزاحم، وإلا فكلما جمعت المرأة من الأوصاف الأخرى مع صفة الدين كانت أفضل، وجاء التحذير من المرأة الحسناء التي تنشأ في منبت سوء إن لم تعرف بالاستقامة. وأما "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس"، فهو ليس بحديث بهذه الصيغة المشهورة على الألسن، فهو مركب من حديثين، أحدهما حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعاً: "تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم" أخرجه ابن ماجة (1968) والحاكم (2/176،177) وصححه، وضعَّفه غيره، وقد بوَّب عليه البخاري في صحيحه، قال: "باب إلى من ينكح، وأي النساء خير، وما يستحب أن يتخير لنطفه من غير إيجاب". والشطر الثاني ما جاء في حديث آخر، وفيه: "وانظر في أي نصاب تضع ولدك فإن العرق دساس" أخرجه ابن عدي (6/178) ، والقضاعي (638) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1007) ، وفي لفظ: "تزوجوا في الحجز الصالح فإن العرق دساس" أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1015) ، وفي لفظ: " في الحي الصالح" أخرجه ابن عدي (7/72) وهي ألفاظ كلها ضعيفة، وضعفها شديد. وقد جاءت الصيغة الأولى من كلام عمر -رضي الله عنه- والمراد منها أن يتخير الإنسان عند رغبته في الزواج أو التزويج المنبت الصالح، سواء كان في الأسرة أو العشيرة. وليس كل امرأة في منبت سوء غير صالحة، وليس كل امرأة في منبت صالح غير سيئة، وإنما الحكم للغالب. والله أعلم.

الأحكام المتعلقة بالخطبة

الخطبة التي تمنع الخطبة على صاحبها المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 27/3/1424هـ السؤال نرجو تحديد المقصود بالخطوبة التي لا يجوز أن يخطب عليها الرجل، وإذا حدث وخطب فوق خطبة أخيه وتزوج فما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الإنسان إذا خطب امرأة فلا يجوز لغيره أن يخطبها، ومعنى الخطوبة: أن يتقدم إلى وليها ويطلب منه الزواج بها، ولو لم يردوه وإنما سكتوا وانتظروا فهذا هو الخاطب، ولا يجوز لغيره أن يزاحمه في الخطبة، فإن رُد الخاطب الأول فلغيره أن يخطب، أو كان الخاطب الثاني يجهل الحال ولم يعلم بأنها مخطوبة فلا إثم عليه، أو كان الخاطب الأول أذن لغيره أن يخطب فلا بأس للثاني أن يخطب، وعلى كل فإذا خطب هذا الإنسان الثاني وعقدوا له فعقده صحيح، وزواجه صحيح ولا شيء فيه، إنما الإثم في تقدمه بالخطبة على خطبة أخيه، وأما إذا تم العقد له فهذا حقه، والزواج لا إشكال فيه، والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه" رواه البخاري (5142) ، ومسلم (1412) ، واللفظ لأبي داود (2081) ، والنسائي (3238) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-، والله أعلم.

خطبة المسلم على الكافر

خطبة المسلم على الكافر المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 17/2/1424هـ السؤال هل يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة الكافر إذا صرح له بالإجابة؟ وهل تعتبر الكفاءة من حيث أن المسلم أكفأ من الكافر؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج الكافرة إلا إذا كانت من أهل الكتاب فيجوز عند جمهور العلماء لقوله تعالى:"اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة:5] . وإذا جاز للمسلم نكاح الكتابية فهل يجوز له أن يخطبها على خطبة الكافر المصرح له بالإجابة كما هو محل السؤال؟ والجواب: أنه قد روى البخاري في صحيحه رقم (5144) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك" قال ابن حجر في (فتح الباري 9/200) ما نصه:"واستدل بقوله:"على خطبة أخيه" أن محل التحريم إذا كان الخاطب مسلماً، فلو خطب الذمي ذمية فأراد المسلم أن يخطبها جاز له ذلك مطلقا، ً وهو قول الأوزاعي، ووافقه من الشافعية ابن المنذر وابن جويرية والخطابي، ويؤيده قوله في أول حديث عقبة بن عامر عند مسلم:"المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته حتى يذر"، وقال الخطابي: قطع الله الأخوة بين الكافر والمسلم، فيختص النهي بالمسلم. وقال ابن المنذر: الأصل في هذا الإباحة حتى يرد المنع، وقد ورد المنع مقيداً بالإسلام فبقي ما عدا ذلك على أصل الإباحة، وذهب الجمهور إلى إلحاق الذمي بالمسلم في ذلك، وأن التعبير بأخيه خرج على الغالب فلا مفهوم له، انتهى محل الغرض منه، والله أعلم.

فتاة تعرفت عليها، فهل أزورها؟

فتاة تعرفت عليها، فهل أزورها؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 25/9/1422 السؤال تعرفت إلى فتاة من خلال الدراسة، وقد طلبت منها أن أقابلها في مكان عام حتى أسلمها هدية بمناسبة ما، ولكنها طلبت مني أن أقابلها في منزل أهلها وبينهم، فوجهت لي الدعوة للذهاب إلى منزلهم، وقالت لي: إنهم بانتظاري يوم الخميس القادم، فهل أذهب أم لا؟ علماً أنني لم أختلي بها قط، بل أحرص كل الحرص على عدم مقابلتها سوى ذلك الطلب، كما أن كل هذه الحوارات بيني وبينها كانت عبر البريد الإلكتروني، هل أذهب؟ الجواب حسناً فعلت حينما حرصت ألا تقابلها سوى ذلك الطلب، وأحسن من ذلك حذرك من الخلوة بها، وكونُ الحوارات قد دارت بينكما عبر البريد الإلكتروني، وحسناً فعلت هي حينما أبت المقابلة إلا في بيتها وبحضور أهلها، ولا أدري ما الغرض من زيارتها في بيت أهلها، هل هو توثيق الصداقة أو خطبتها من وليها! فإن كانت الأولى، أي: قصد توثيق الصلة والصداقة، فلا ينبغي لك ذلك؛ لأن اتخاذ الصديقات - وإن كان عن حسن نية - قد يجر إلى التساهل في المحرمات، والوقوع فيما لا تحمد عقباه، والشيطان لا ييأس من إضلال العبد، وله نفس طويل، ومكر شديد في إغواء العبد والتسويل له بالمعصية. فحذار أن تسترسل فيما وقع منك، وعليك أن تجتنب محادثة النساء إلا ما تقتضيه الحاجة غير المتوهَّمة، لا سيما وأنت -كما يفهم من كلامك - تدرس في مدرسة أو كلية مختلطة. والحاجة إذا كانت قد اضطرتك إلى الدراسة في كلية مختلطة، فيجب أن تقدر الحاجة بقدرها، كما نص على ذلك أهل العلم، وإن كانت الأخرى (أي: قصد خطبتها من وليها) فهو أمر مشروع لا شك في جوازه. على أنني أنصحك بما نصح به رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبه، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " رواه الخاري (5090) ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وعليك أن تستخير الله -سبحانه- فتصلي صلاة الاستخارة عسى الله أن يخير لك ما فيه الخيرة لك في الدنيا والآخرة. والله أعلم.

عدد مرات رؤية المخطوبة

عدد مرات رؤية المخطوبة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 17/8/1423هـ السؤال كم مرة يجوز للخاطب أن يرى مخطوبته الرؤية الشرعية؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب يرى الخاطب مخطوبته مرة واحدة، ولا تجوز الخلوة بها، وإذا تيسر أن يراها بدون علمها فلعله أولى؛ لأنه أصون لحيائها، وخشية ألا يرغب فيها، فإن لم يرغب فيها بعد رؤيتها أثر ذلك في كسر قلبها، فإذا لم تعلم كان أحسن وأرفق بها.

الشروط في خاطب المسلمة

الشروط في خاطب المسلمة المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 4/7/1423هـ السؤال ما الشروط التي ينبغي توافرها في من يتقدم لخطبة الفتاة المسلمة؟ وهل صلاته في بيته وشربه الدخان عائق في عدم تزويجه؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إذا تقدم إلى خطبة الفتاة من توافرت فيه خصال الكفاءة، وأهمها الدين والخلق فإن على وليها أن يزوجها ولا يتوانى في ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) وعلى ولي الفتاة أن يتحقق من استقامة المتقدم إلى خطبة موليته، وذلك بالسؤال عنه ممن يعرفه حق المعرفة ولا يعني هذا أنه لا يزوج إلا من بلغ الغاية في الاستقامة؛ لأن هذا قد لا يتحقق بسبب غلبة الفساد وقلة الخطاب، ولهذا فلو فرض أن المتقدم لخطبة موليته شخص واقع في بعض المحرمات المنتشرة عند كثير من الناس بسبب الاعتياد والتساهل كشرب الدخان وحلق اللحية مثلاً فلا بأس بتزويجه إذا لم يجد من هو أفضل منه، فإن هذا أفضل من بقاء المرأة بلا زواج، ولعل هذا الشخص أن يترك هذه المحرمات في المستقبل فيصلح حاله وبخاصة إذا تعاهدته زوجته بالنصيحة والإنكار، والله أعلم.

عند الخطبة، هل يخبر بعيبه؟!

عند الخِطبة، هل يخبر بعيبه؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 17/2/1425هـ السؤال أنا شاب أريد الزواج -إن شاء الله تعالى- ولكن حدث لي عارض صحي أثناء الولادة في الخصية، مما أدى إلى تلفها، ولكن ذهبت إلى الطبيب، وحصلت على أدوية، وأنا الآن -الحمد لله- لدي القدرة على الجماع، وخروج ماء الرجل، ولكن عدم إنتاج الحيوانات المنوية، وذهبت إلى أكثر من طبيب، قال لي: لا تستطيع الإنجاب؛ لعدم إنتاج الحيوانات المنوية، وتلف الخصية. إذا أردت الخطبة، فهل أتكلم أم أسكت؟ وهل سكوتي يكون غشًّا؟. أرجو منكم إفادتي، -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن أعظم مقاصد الزواج وأولاها طلب النسل والذرية، والعجز عن تحقيق هذا المطلب ـ وهو العقم ـ عيب لا يجوز كتمه عن الطرف الآخر،، فيجب عليك إذا خطبت أن تبين هذا لأهل المخطوبة، وأن يخبروها هم بذلك، ولا يجوز كتمه؛ لما فيه من الغش ومضارة المرأة. والأنسب لحالك أن تبحث عن امرأة مثلك - عاقر لا تنجب ـ؛ حتى لا تظلمها ولا تحرمها أمنيةً هي من أعظم أمنياتها في حياتها. عوضك الله خيراً، وعظم أجرك، وفرج همك، ووفقك في أمور دينك ودنياك، ونور بصيرتك بنور هدايته وطاعته، وجعلك مباركاً أينما كنت. واقترح عليك أن تتولى بعد زواجك تربية بعض الأيتام، وهم كثير في دور رعاية الأيتام من غير أن تنسبهم إليك، والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو المستعان ونعم الوكيل.

حدود التعامل مع المخطوبة

حدود التعامل مع المخطوبة المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 10/3/1423 السؤال أريد أن أسأل عن كل ما يباح وما لا يباح بين الخطيبين، وماذا إذا كان الخاطب غير متدين أو ملتزم، ولكن على خلق حسن، وفطرة دينية، هل يجب على المخطوبة فسخ الخطوبة لجهله ببعض الأمور؟ وماذا عليها أن تفعل؟ الجواب الخطيبان قبل عقد النكاح أجنبيان عن بعضهما لا يجوز بينهما إلا ما يجوز بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه، ولذا فله أن يكلمها بدون خضوع في القول، ولا فحش ولا تفحش، ولهما أن يتحدثا في مستقبل أمرهما ونحو ذلك بالقدر المحتاج إليه. وله أن يراها الرؤية الشرعية التي يترتب عليها القبول والرغبة أو عدمها. وليس له بعد ذلك الخلوة بها، ولا التعامل معها بأي نوع من أنواع المتعة الجسدية، ولا الحديث الخاص بين الزوجين ونحو ذلك. ولا يجب على المخطوبة فسخ الخطبة إذا كان الخاطب يؤدي فرائضه الدينية، وهو على خلق حسن، وإن لم ينطبق عليه وصف الالتزام بمعناه الخاص عند بعض الناس.

خطب على خطبة أخيه وتزوج

خطب على خطبة أخيه وتزوج المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 29/04/1426هـ السؤال ما حكم من خطب على خطبة أخيه، وتزوج من هذه الخطبة؟. الجواب حكم الخطبة على خطبة الأخ محرم ولا يجوز؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "ولا يخطب على خطبة أخيه" رواه البخاري (5142) ومسلم (1412) . وهذا إذا خطب على خطبة أخيه فإنه فعل محرماً، فإن تزوج فحكم العقد هذا موضع خلاف، فجمهور أهل العلم على أن العقد صحيح، وذهب بعض أهل العلم إلى إبطال العقد، والذي يظهر - والله أعلم- أنه صحيح، لكن عليه التوبة ويأثم، وإن تمكن من إرضاء من خطب على خطبته فهذا هو الواجب، وإذا لم يتمكن من ذلك فعليه أن يكثر له من الدعاء والاستغفار لعل الله أن يعفو، وإنما قلت: إن العقد لا يفسد؛ لأنه لا يعود إلى نفس العقد، وإنما يعود إلى أمر خارج.

فسخت الخطبة، فهل له أن يسترد هداياه؟

فُسخت الخِطبة، فهل له أن يسترد هداياه؟ المجيب د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 19/12/1424هـ السؤال كنت قد خطبت زميلة لي، وبعد مضي ثلاث سنوات حدثت بعض المشاكل أدت إلى فسخ الخطبة، وقدم كل طرف إثباتاً أن هذا الفسخ من ناحية الطرف الآخر، وكان نتيجة لذلك بأن أهل الفتاة رفضوا إعطائي الشبكة وجميع الهدايا التي قدمتها خلال المواسم والأعياد، وأنا تركت عوضي على الله، وفوضت أمري إلى الله وحسبنا الله ونعم الوكيل، هل هذا حلال أم حرام؟ وهل هذا من الشرع أم لا؟ وما مصير هذه الشبكة الذهبية التي يزيد ثمنها والهدايا اليوم عن 5000 آلاف جنيه، وهي من حق مَنْ في هذه الحالة؟ أرجو إفادتي من الناحية الدينية، وهل باستيلائهم على هذه الأشياء ظلماً كالذين يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا. أرجو توضيح ذلك لي مع الشرح والأمثلة المشابهة لهذه الحالة. جزاكم الله عنا خير جزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: أولاً: أشير عليك بإرجاع خطبة الفتاة المذكورة وإصلاح الأوضاع بالطرق المناسبة، ولا يوجد من هو كامل في صفاته. ثانياً: إذا لم تتمكن من إصلاح الأوضاع فيستحب لك أن تتنازل عن تلك الهبات للزوجة ولعل الله أن يعوضك خيراً منها. ثالثاً: هدايا الخطيب لمخطوبته تعد جزءاً من المهر عند جمهور العلماء، وخالف في ذلك بعضهم، والمرجع في ذلك إلى القضاء؛ لأن قضاء القاضي يرفع الخلاف، ونسأل الله أن يصلح الأحوال. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زوجها أخوها بمن زنى بها للستر عليها

زوجها أخوها بمن زنى بها للستر عليها المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 05/02/1426هـ السؤال رجل ارتكب الحرام مع خطيبته وحملت منه وتوفي الجنين في بطن أمه، بلّغ الخطيب أخا البنت، فقام أخوها بعقد قرانهما دون علم عائلته وبعلم عائلة الخطيب، والآن يريد أخو البنت أن يستر على أخته ويقيم لها عرساً أمام الناس وأمام عائلته، ولا يريد أن يخبر عائلته بأنه عقد قران أخته على خطيبها يريد أن يعقد قراناً آخر أمام الناس فما هو الحل، هل يطلق طلقة واحدة ثم يعقد قراناً آخر أو يعقد قراناً آخر على القران الأول، أفيدوني، علماً بأنه إذا تسرب هذا الموضوع، فسوف تحدث كارثة أو جريمة قتل. أفيدوني ستركم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بداية أود أن أنبه إلى أمرين مهمين: أولاً: أنه لا يجوز التساهل والتوسع في الحديث والخلوة بين الخاطب ومخطوبته؛ حتى لا يقعا في المحظور، كما في هذه الواقعة، فإن كان ولا بد فاعلاً لأمر يتعلّق بزواجهما فليكن التواصل عن طريق وليها أو قريبها، ونحو ذلك؛ لأن المخطوبة ما دام لم يعقد عليها حكمها كحكم الأجنبية، وما حصل هنا بين الخاطب ومخطوبته هو صريح الزنا، يجب عليهما المبادرة بالتوبة النصوح منه. ثانياً: أنبه على أمر مهم لم يتطرق له السائل وهو موت الجنين؛ حيث لا بد من السؤال عن حاله والتأكد من سبب وفاته هل كان بسبب جناية أو لا؟ فإن كان بجناية عمداً أو خطأ ولو من الحامل نفسها أو غيرها، فإن كان هذا الجنين لم يمض عليه أربعة أشهر فليس عليها إلا التوبة إلى الله - سبحانه- والندم، وإن مضى عليه أربعة أشهر فهو قتل نفس إن كان عمداً فليس فيه إلا دية الجنين: غرة عبد أو أمة؛ لقضاء النبي - صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- الذي رواه البخاري (5758) ، ومسلم (1681) ، والغرة قدّرها الفقهاء بنصف عشر الدية، وهي خمس من الإبل، وإن كان خطأ أو شبه عمد ففيه الدية، كما سبق، والكفارة وهي: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله. وأما بالنسبة لعقد النكاح عن طريق أخيها دون علم أهله، فهذا عقد باطل لا يصح إلا بأمرين: الأمر الأول: أن يكون عقد النكاح بعد توبتهما توبة نصوحاً؛ لقوله تعالى: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحُرِّم ذلك على المؤمنين" [النور:3] ، فلا يصح العقد بينهما حتى يتوبا إلى الله -عز وجل-.

الأمر الثاني: أن من شروط عقد النكاح: الولي والإشهاد مع الإعلان؛ فهو الزواج في الإسلام مبني على الإعلان؛ لأنه عقد لا يجوز إخفاؤه، ويكون الإعلان بإظهاره وإشاعته بين الناس وبضرب النساء الدف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "فصل ما بين الحرام والحلال الدف والصوت" رواه الترمذي (1088) ، والنسائي (3369) ، وابن ماجة (1896) بسند حسن، أما نكاح السر -وهو ما كان بلا إشهاد ولا إعلان- فهو نكاح باطل محرم شرعاً، وكذا تواطؤ الزوجين والولي والشاهدين على كتمان الزواج يجعل العقد باطلاً على الصحيح من أقوال العلماء، وإذا كان العقد غير صحيح فلا بد من تصحيحه. وأيضاً العقد يكون باطلاً من جهة أخرى، إذا كان الأخ تولى عقد النكاح مع وجود الولي الأقرب وهو الأب، ثم الجد، فإن أرادوا تصحيح العقد فلا بد أن يعقد لها أبوها عقداً جديداً أو يوكل من يعقد لها، ولا داعي أن يعلم كل أحد بما وقع، فالأولى الستر والتوبة والندم على ما مضى، ولا يصح أن يطلق هذا الخاطب ثم يجدد العقد؛ لأن العقد غير صحيح أصلاً. أسأل الله أن يتقبل توبتهما ويوفقهما لما يحب ويرضى. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

هل يجب عليها أن تخطب لأخيها

هل يجب عليها أن تخطب لأخيها المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 15/7/1425هـ السؤال هل يجب على الأخت أن تبحث لأخيها عن زوجة إذا طلب منها؟ علماً أنه لا يجد من يبحث له عن زوجة غير أخواته؟ وهل تأثم إن رفضت أخته البحث له عن زوجة؟ أو قالت: لا أعلم، وهي تعلم؟ وهل تدخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-:"من كتم علماًً ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار". -والله يحفظكم ويرعاكم-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فليس في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إيجاب على المرأة أن تبحث عن زوجة لأخيها، ويتفرع على هذا أنها لا تأثم إذا رفضت ذلك. وكون أختك تعرف امرأة صالحة خيرة، ثم لا تدلك عليها فليس ذلك من كتم العلم المقصود في قوله - صلى الله عليه وسلم-: "من كتم علماً ... " رواه أحمد (10219) ، والترمذي (2649) ، وأبو داود (3658) ، وابن ماجة (261) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فإن المقصود بالعلم في الحديث هو العلم الشرعي الذي لا يجوز كتمه. ولا يعني هذا بحال أن سعيها في حاجة أخيها لا فضل فيه، ولا أنها غير ملومة مطلقاً، بل هي تُلام من جهة تقصيرها في نفع أخيها الذي هو أقرب الناس إليها بعد والديها، وبحثها عن امرأة صالحة هي من تنفيس كربته، وتفريج همه، ودلالته على ما يعينه على غض بصره، وتحصين فرجه، والأجر فيه عظيم، إنْ هي احتسبت النية الصالحة، ويمكن تحريضها على ذلك من هذا الباب، لا من باب أنه واجب عليها بإيجاب الشرع. وصلى الله على نبينا محمد وصحبه وسلم.

الخطبة على الخطبة

الخطبة على الخطبة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 25/4/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قمت بخطبة فتاة مخطوبة منذ عام لشخص آخر ولم أكن أعلم بذلك، ثم علمت أن العلاقة بين أهليهما قد انقطعت منذ عام لدرجة أنهم لا يتحدثون هاتفياً، لكنهم لم يصرحوا بفسخ الخطبة، واشترطت عليهم سؤال أهل الخاطب قبل أن يقبلوا بخطبتي أو يرفضوها، فهل هذا محرم؟ الجواب إذا علم الرجل أن المرأة مخطوبة لرجل آخر لم يجز له أن يتقدم لخطبتها؛ لحديث أبي هريرة في مسلم (1408) :"لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه"، لكن إن علم الرجل أن أهل المرأة قد ردوا الخاطب أو لم يقبلوا به جاز له خطبتها.

خطبة المسلم على أخي

خطبة المسلم على أخي المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 18/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد: فضيلة الشيخ لقد تقدمت لخطبة إحدى قريباتي وهي ابنة عمتي، وبينما كان والدي يتحدث مع أم الفتاة عن موضوع الخطبة أخبرتنا عمتي أن البنت قد تقدم إليها شخص لخطبتها, وهي لا تعرف ماذا حصل في موضوع خطبة هذا الشخص من ابنتها مع والد الفتاة. وقد قالت لنا من جهتي ليس لدي أي مانع, وإنما الكلام عند والد الفتاة. فقد تقدم إليها شخص ولا أدري ماذا حصل في موضوعها. المطلوب من سماحتكم هل خطبتي هذه جائزة, وهل تجوز خطبة على أخرى؟ وما الحكم في هذا؟ جزاكم الله خير الجزاء وكفر عنكم خطاياكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالأصل في هذه المسألة المنع؛ لورود ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم من عدة روايات، ففي رواية البخاري (5142) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب". والمنع في المسألة أو السؤال للكراهة، لأن الخطبة الأولى لم تتم، وإنما الأمر في حال المشاورة والتردد كما ذكر السائل: والتحريم يكون بعد تمام الموافقة على الخطبة الأولى لخطيب آخر، لما فيه من إيذاء الخاطب الأول، وتوريث عداوته، وزرع الضغينة في نفسه، وعلى كل حال أنصح السائل بالتريث إلى أن تنتهي فترة التردد والمفاوضات والمشاورات حفاظاً على صلة الود والمحبة بين الناس، وبعداً عن إيجاد العداوة وزرع الأحقاد في النفوس، والله أعلم.

هل تملك المرأة أن تفسخ خطبتها؟

هل تملك المرأة أن تفسخ خِطبتها؟ المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 18/1/1425هـ السؤال أود أن أطرح مشكلتي جزاكم الله خيراً. مشكلتي هي أني خُطبت من شاب لم أعرفه من قبل لمدة 8 شهور، مع الوقت حدثت خلافات بيننا، لا يسأل عني كما لو كنت خطيبته، ثم قررت فسخ الخطوبة، وهي رسمية بقراءة الفاتحة، ولكني فسخت الخطوبة بالهاتف فقط مع عائلة الخاطب، سؤالي هو: هل يجب إعادة اجتماع الرجال وعائلة الخاطب مرة ثانية لفسخ هذه الخطوبة؟ أم يكفي ذلك بالهاتف فقط؟. وشكراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:

فبالنسبة لسؤال الأخت الجزائرية عن فسخ الخطوبة بالهاتف، وبسبب عدم الاتصال بها كما لم تكن خطيبته، فنقول للأخت الفاضلة: إن الخطبة من الأمور المستحبة في عقد النكاح، فهي ليست بركن، ولا بشرط، ولا بواجب، وإنما هي وسيلة معرفة ومقدمة لعقد النكاح، وفرصة تعطى للخاطبين في الموافقة على إنشاء وإبرام العقد، أو فسخه بعدها، وهي تبيح للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته، وتنظر إليه لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" رواه أبو داود (2082) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- وقوله - صلى الله عليه وسلم- لآخر " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" رواه الترمذي (1087) ، والنسائي (3235) ، وابن ماجة (1866) من حديث المغيرة ابن شعبة -رضي الله عنه-، وقوله - صلى الله عليه وسلم- لآخر: "انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً" رواه مسلم (1424) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والأحاديث مشتهرة بين أهل العلم، وهي ثابتة بجملتها، ولأجل أن يكون كل من الخاطبين على معرفة بالآخر من حيث الشكل والهيئة، فالخطبة مشروعة ونظر الخاطبين لبعضهما مشروع كما تفيده النصوص السابقة، والحكمة من مشروعيتها من أجل أن يبرم عقد النكاح بعد تبصر ورؤية ودراية بحال كل من العاقدين بالآخر، ولكنه لا يجوز للرجل أن يتصل بمخطوبته ولا المخطوبة أن تتصل بخطيبها؛ لأن كلاً منهما أجنبي على الآخر، حيث الخطبة ليست بعقد نكاح، وإنما شرع النظر بحضور أوليائها، ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها، وبعد حصول ذلك فلا يجوز لا له ولا لها أن يجتمعا ويختلطا ويخرجا مع بعضهما، بل ولا يجوز له أن يتصل بها بالهاتف من غير حاجة؛ لأن كلاً منهما أجنبي عن الآخر، فعدم اتصاله بك ليس معناه عزوف عن الخطبة، فالأصل أن لا يتصل بعدما حصلت المعرفة في المرة الأولى، وله ولك فسخ الخطبة حتى ولو تمت الرؤية بينكما إذا تحصلت القناعة لديك أو لديه، أو لأوليائك، فللجميع العدول عن الخطبة، لأن الخطبة طلب، والطلب قد يجاب إليه وقد لا يجاب، فالخطبة ليست عقد إلزام، وليست من تمامها قراءة الفاتحة، ولا يشترط لفسخها اجتماع الرجال من الطرفين، ولهذا لا يستحب إعلان الخطبة بخلاف عقد النكاح، ولهذا يرى كثير من أهل العلم إخفاءها ليتسنى لكل من الخاطبين العدول من غير أن يلحق ضرراً بالآخر. فالمهم يجوز الفسخ بأي وسيلة: مشافهة أو مكاتبة أو مهاتفة, ويلزم رد ما تقدم به من مال أو حلي أو ملابس، وبخاصة إذا كان العدول من المخطوبة، أو أوليائها وبالله التوفيق.

رفضوا رؤية مخطوبته

رفضوا رؤية مخطوبته المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 06/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أما بعد: تقدمت لخطبة فتاة ذات خلق ومن عائلة محترمة، ووافق وليها على تزويجي، وعندما طلبت النظر إليها، وفقًا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رفض أهلها ذلك؛ بحجة أن هذا مخالف لتقاليدنا وعاداتنا، وعبثًا حاولت إقناعهم بأن هذا الأمر من السنة. فهل يعتبر رفضهم سببًا كافيًا لانصرافي عنها وفسخ الخطبة؟ علمًا بأنه لا عيب آخر أجده في الفتاة أو أهلها. أفيدونا أفادكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإنه إذا كان الحامل لك على الرفض هو عدم مراعاتهم لهذه السنة، فلا أرى ذلك مسوغًا له؛ لأن الأمر يبقى في دائرة المشروع، لاسيما وأن الحامل عليه عادات وتقاليد ألفها كثير من الناس، وإن كان الواجب إخضاع هذه العادات للسنة النبوية، لا العكس، أما إذا كان الحامل لك على الرفض هو عدم تمكينك من رؤية الفتاة التي قد لا تحظى باستحسانك ليلة الزفاف، فهذا ربما كان سببًا مقنعًا لانصرافك عنها، لاسيما إذا لم تكن الفتاة على قدر كبير من الدين والخلق، ما لم تجد سبيلاً آخر يمكنك من رؤيتها، فقد ثبت عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، أنه قال: خطبتُ جارية، فكنت أتخبَّأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها. أخرجه أحمد (14586) ، وأبو داود (2082) . وبنحو هذه القصة جاء عن محمد بن مسلمة، رضي الله عنه. انظر سنن ابن ماجه (1864) . ولا تنس أيها الأخ السائل أن تطلب الخيرة من ربك عبر صلاة الاستخارة كلما وقع منك تردد في أمر مهم كهذا. وأخيرًا: فإنه ينبغي على الآباء وأولياء أمور الفتيات أن تتسع صدورهم لهذه السنة، لا سيما وأنها تحقق المصلحة لكلا الطرفين (الخاطب والمخطوبة) ، كما يشير إليه الحديث النبوي الشريف: "انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا". أخرجه الترمذي (1087) ، والنسائي (3235) ، وابن ماجه (1866) . وللمحدث الألباني- رحمه الله- كلام قيم حول هذا الموضوع حيث قال في السلسلة الصحيحة1/158-159، ما نصه: (هذا، ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة- مسألة نظر الخاطب- وقول جماهير العلماء بها، فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها، فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم- ولو في حدود القول الضيق- تورعًا منهم، زعموا، ومن عجائب الورع البارد أن بعضهم يأذن لابنته بالخروج إلى الشارع سافرة بغير حجاب شرعي، ثم يأبى أن يراها الخاطب في دارها وبين أهلها بثياب الشارع!! ... ) ا. هـ. والله تعالى أعلم.

محادثة الخطيبة بعد قراءة الفاتحة

محادثة الخطيبة بعد قراءة الفاتحة المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة التاريخ 08/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب، من دولة عربية، مقيم في دولة إسلامية، كنت أتكلم مع فتاة من بلدي، واتفقنا -أنا وهي- على أن أتقدم لخطبتها، علماً أن كل هذا بعلم أختها الكبرى، والتي هي زوجة أخي الأكبر، وكانت بعض المكالمات تكون بدون علم أختها بيني وبين هذه الفتاة التي أحببتها، علماً أن حبنا خالص لوجه الله، وليس عبارة عن مراهقة أو تسلية، وغير هذا من الأمور التافهة، وبحمد الله تمت قراءة الفاتحة بين والدها وعمي لظروف والدي بأنه لا يقدر الدخول إلى بلده لبعض المشاكل، علماً أننا من عائلة ملتزمة كثيراً، وقد قرأت الفاتحة ولكن والدها أصر ألا نتكلم مع بعضنا أبدًا، لحين رجوعي إلى بلدي، علماً أني أكلمها شهرياً، ولا يخلو حديثنا من التفاهم فيما بيننا من أجل مستقبلنا وحياتنا المشتركة، وبصراحة لا يخلو أيضا من الكلام الغزلي، حيث إننا اتفقنا أن نبعد الخجل عن بعضنا. سؤالي: هل في هذا إثم علي وعليها؟ وهل سيعاقبنا الله على ذلك؟ وأنتم تعرفون ما يمر به الشباب في هذه الأوقات من إغراءات إعلامية. وجزاكم الله خيراً، ونفع بكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فإن من خصال الخير والإيمان فيك خوفك من الإثم ومن عقوبة الله -تعالى- لك على ما حصل منك مع الفتاة التي ذكرت، كما أن من خصال الخير فيك خوفك من التأثر بمغريات هذا العصر، مما جعلك تسأل طالباً للحق، باحثاً عن الصواب، ولذا فإني أجيبك قائلاً: إن ما قمت به -من التحدث مع هذه الفتاة بدون خجل، والكلام معها حتى في الأمور الخاصة والغزل- عمل محرم لا يجوز في الإسلام، وهو من الوسائل الموصلة للوقوع في فاحشة الزنا، وقد حرم الله الزنا والوسائل المرسلة إليه فقال تعالى: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا" [الإسراء:32] فنهى عن الاقتراب من الزنا منعاً من الوقوع فيه، كما أنه أمر الرجال والنساء بغض البصر وحفظ الفرج، فقال: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن" [النور:31،30] ، وأمر النساء بعدم الخضوع بالقول، فقال: "لا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً" [الأحزاب:32] . والخضوع بالقول هو تحسين الصوت وترقيقه لاستمالة قلب الرجل، كما أنه أمر النساء بالحجاب الشرعي الذي يشمل عدم اختلاطهن بالرجال، وتسترهن عند الخروج من المنازل، كل ذلك درءاً للفتنة بهن، إذ إن الرجل يميل إليهن ويضعف أمامهن، قال تعالى: "وخلق الإنسان ضعيفاً" [النساء:28] أي في أمر النساء. قال بعض السلف: يذهب عقله عندهن.

والشيطان يأتي الإنسان من نقاط الضعف عنده، ويأخذه خطوةً خطوة، قال تعالى: "ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" [البقرة:169،168] ، فتبدأ المسألة بنظرة وكلمة، ثم تتطور إلى مشاعر حب وغرام وهيام، وكلام معسول ووعود، وقد ينتهي الأمر بالوقوع في الفاحشة، قال صلى الله عليه وسلم: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه" متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- صحيح البخاري (6243) ، وصحيح مسلم (2657) . ولا يشفع لك - يا أخي- كونك تحبها، فإن ذلك لا يجيز لك المحرم، كما أنه لا يشفع لك كونكم قرأتم الفاتحة التي تعني بها الخطبة -كما في بلدك- أن العادة جرت عندكم بقراءة الفاتحة عند الخطبة والاتفاق على أمور الزواج، وذلك قبل العقد، فهي لا تزال أجنبية عنك حتى يتم العقد عليها بشروطه، وإنما يحل لك منها بعد الخطبة النظر إليها، بل هو مستحب في حق الخاطب، ومن أسباب نجاح الزواج، فلتتق الله -يا أخي- ولتدع عنك المحرمات، ولتستعفف حتى ييسر الله لك الزواج، وبعد ذلك تفعل كلما أباح الله لك مع زوجتك، أما وهي أجنبية عنك، فلا يجوز لك التغزل معها، والكلام في كل شيء من أمور الزواج، وقد بلغت الحجة، فتب إلى الله تعالى مما سلف، وأبشر بالخير، وانشراح الصدر وتيسير الأمور، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويزرقه من حيث لا يحتسب". أسأل الله -سبحانه- أن يوفقك ويسددك ويصلح قلبك، ويرزقك الزوجة التي تسعدك وتحبها ويحصن فرجك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الصداق (المهر)

هل يرث الزوج مؤخَّر الصداق؟ المجيب بندر بن محمد الرباح عضو الدعوة والإرشاد بالقصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر) التاريخ 01/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. امرأة توفيت وتركت مؤخر صداقها، فهل يرث زوجها منه، أم أنه لأولادها وأمها وأبيها فقط، باعتبار أن زوجها لا حق له في صداقها؟. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يرث الزوج من زوجته النصف إن لم يكن لها ولد، فإن كان لها ولد فإنه يرث الربع، وذلك من جميع تركتها، سواء أكان ذلك من صداقها أو من غيره لا فرق في ذلك؛ لأن الصداق أصبح ملكاً لها؛ فيضم مع كل ما تملكه من ممتلكات، ثم يقسم على جميع ورثتها من دون استثناء أحد منهم، لا الزوج ولا غيره، ويعطى كلاً منهم على حسب فرضه المقدر له شرعاً. والله أعلم.

حكم المهر

حكم المهر المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر) التاريخ 02/03/1426هـ السؤال السلام عليكم أكد بعض العلماء عندنا في باكستان أن المهر سنة مؤكدة، وقد بنوا حكمهم على ثلاثة أحاديث: الأول: الحديث المروي في النسائي وأبي داود وصحيح ابن حبان بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى مهرا لابنته. الثاني: الحديث الذي في البخاري بأن أم المؤمنين خديجة- رضي الله عنها- قدمت لابنتها عقدا كمهر. الثالث: الحديث في مسند الإمام أحمد بأن النجاشي ملك الحبشة رتب مهر أم المؤمنين زينب-رضي الله عنها- عندما تم زواجها من -النبي صلى الله عليه وسلم-. أرجو التكرم بالتعليق على ما ذكر مع الأخذ بالاعتبار أن علماء الحديث ذكروا هذه الأحاديث في فصول تتعلق بالمهور. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المهر واجب من واجبات عقد النكاح لعموم حديث: "التمس ولو خاتماً من حديد" متفق عليه: صحيح البخاري (5121) ، وصحيح مسلم (1425) ، بل يرى بعض أهل العلم أنه شرط لصحة النكاح، ولذلك فسد نكاح الشغار حيث لا مهر فيه، ولو كان بين المتبادلين مهر لصح. وبالجملة فالذي نقله أهل العلم: (أن صداق بنات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أربعمائة درهم من فضة) ، وما ذكره السائل من نصوص محمولة على ما يقدمه الوالدان أو غيرهما. للبنت من مساعدة وعون مادي على سبيل الصلة والتكريم. ولا أعلم من السنة نصاً يشير إلى أن العاص بن الربيع تزوج ابنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غير أن يقدم بين يدي نكاحه شيئاً من المهر. ولا يصح أن يقع مثل هذا حيث أن تقديم المهر من الرجل للمرأة من شيم العرب، ثم لو صح من السنة أن العاص بن الربيع لم يقدم مهراً فليس بحجة لأن هذا قبل التشريع، ولو اعتبرنا عمله حجة لقلنا -أيضاً- بجواز نكاح المشرك لأن العاص بن الربيع حين نكاحه لزينب كان مشركاً، وعلى اعتبار التسليم بما ذكروه على ظاهره فإنه منسوخ بما تأخر من وجوب المهر لما بيناه من أدلة، والله -تعالى- أعلم.

استحقاق المريضة لمؤخر الصداق

استحقاق المريضة لمؤخر الصداق المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر) التاريخ 30/1/1425هـ السؤال السؤال: امرأة متزوجة تبين بعد مرور 7 أشهر من الزواج أن عندها قصوراً كلويًّا، ووضعها الصحي حاليًّا لا يسمح بالإنجاب، بعد استقرار وضعها الصحي قد يكون الإنجاب ممكناً، والاحتمال الآخر هو أن يزداد المرض مما يتطلب زرع كلية، وبعد سنة من الزرع يكون الإنجاب ممكناً، لكن زوجها لا يريد الاستمرار في هذا الزواج، مع العلم أنه لم تمض سنة عليه بسبب حالتها الصحية وبسبب عدم الإنجاب حالياً، مع العلم أنها تقوم بكل واجباتها المنزلية، فالمرض لا يمنعها من العمل. السؤال: هل تستحق المتأخر كاملاً؟ وهل تستحق ما يسمى بغير المقبوض؟ ولكم الشكر. الجواب ظاهر سؤالك أن المرض الذي أصيبت به هذه المرأة يمكن شفاؤه، وعليه فإذا ثبت طبيًّا أنه من الأمراض الممكن علاجها وتستطيع المرأة إنجاب الأولاد بعد العلاج؛ فإن هذا المرض لا يعد عيباً يوجب فسخ النكاح أصلاً، والزوج بالخيار إذا أراد طلاقها فيجب عليه أن يوفي المرأة مهرها كاملاً بأن يسلم لها المؤخر، أما لو ثبت طبيًّا أن هذا المرض يمنع المرأة من الإنجاب فإنه حينئذ لا يخلو الحال من أن يكون هذا المرض موجوداً قبل عقد الزواج أو بعده. فإن كان هذا العيب موجوداً قبل العقد وعلمت الزوجة أو وليها به وكتماه عن الزوج أو كتمه أحدهما فإن الزوج يثبت له خيار فسخ النكاح، ويرجع على من غره بالمهر الذي سلمه للزوجة وسقط المؤخر الذي لم يسلمه، فإن كانت المرأة هي التي أخفت هذا العيب فيرجع عليها به، وإن كانت لا تعلم وكان وليها عالماً بالعيب وكتمه رجع عليه به، وإن لم يكن قد سلمه لها سقط مهرها، أما إذا كانت الزوجة والولي لا يعلمان بهذا العيب فلا يرجع الزوج بشيء مما أصدقها به على أي واحد منهما؛ لأن المهر استقر بالدخول وليس ثم مغرر يرجع إليه في المهر، وكذا لو حدث العيب وطرأ هذا المرض بعد عقد الزواج والدخول، فلا يرجع الزوج بشيء، لأن المهر يجب بالعقد ويستقر بالخلوة فلا يسقط بحادث بعده بدليل أنه لا يسقط بردتها، وفيه مسمى صحيح، فوجب المهر كغير المعيبة والمعتقة تحت عبد، فإذا أراد الزوج طلاقها في هذه الحالة؛ فيجب عليه أن يسلم للزوجة جميع مهرها المسمى المتأخر ولا يأخذ منها شيئاً من المقدم. والله تعالى أعلم.

هل له استرجاع المهر من زوجته التي رضع معها؟

هل له استرجاع المهر من زوجته التي رضع معها؟ المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر) التاريخ 25/06/1425هـ السؤال تزوج رجل بامرأة ودخل عليها، ثم اكتشف بعد ذلك أنها رضعت معه، هل المهر من حقها أم يحق للرجل استرجاعه؟. الجواب الحمد لله وحده. وبعد: إذا ثبتت الرضاعة ثبوتاً شرعياً، وتحقق الدخول عليها فلا يحق له استرجاع المهر منها إلا في حالتين: الأولى: إذا ثبت أن الزوجة عالمة بذلك، إلا أنها سكتت حتى يدخل عليها، فإنه يحق له مطالبتها باسترجاع المهر؛ لأنها غرته بسكوتها. الثانية: أن يوجد من يعلم بذلك ويسكت حتى ينقضي الزواج من غير عذر مقبول شرعاً، فله الرجوع عليه، وخصوصاً إذا كان ممن أثبت أو أخبر بالرضاعة، وتسبب في إفساد العقد؛ لأنه لم يقم بالواجب عليه في إنكار المنكر. والله أعلم.

رضيت بمهر يسير ثم طالبته بمهر المثل

رضيت بمهر يسير ثم طالبته بمهر المثل المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر) التاريخ 25/5/1425هـ السؤال تزوج مسلم من نصرانية، وكان مهرها يسيراً جدًّا، الآن تطالبه في المحكمة الشرعية بمهر المثل. فهل تستحق ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: المهر على ما يتفق عليه الزوجان، فإن اتفقا على قليل أو كثير فهما على ما اتفقا عليه، ولا يجوز للمرأة أن تطالبه بزيادة على المتفق عليه، اللهم إلا أن يؤديها زوجها عن طيب نفس منه؛ لحديث عوف المزني، أن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: "المُسْلِمونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إلَّا شَرْطاً حرَّم حَلالاً، أوْ أَحَلَّ حَرَامًا". رواه الترمذي (1352) ، والحاكم (4/113) وغيرهما.

هل للمهر حد في الشرع

هل للمهر حد في الشرع المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر) التاريخ 17/06/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أحاول أن أعيد الناس للسنة النبوية في المهر، فكم أخصص تقريباً؟ وكيف المقدَّم والمؤخَّر؟ وهل يجوز أن يكون المقدَّم غير مقبوض بموافقة الطرفين ووليهما؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فليس في الشرع حد لأكثر المهر ولا لأقله، فإن الله -تعالى- قال: "وآتيتم إحداهن قنطارا" [النساء: 20] ، وقال: "فآتوهن أجورهن فريضة" [النساء: 24] ، وقال: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة" [النساء: 4] ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال للذي رغب في الزواج من التي وهبت نفسها للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "التمس ولو خاتماً من حديد"، ثم زوجه - صلى الله عليه وسلم- بما معه من القرآن، رواه البخاري (5135) ، ومسلم (1425) عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-، وإن كان في بعض المذاهب حد لأقل ما يجزئ في الصداق، وهو اجتهاد ليس بنص يرجع إليه أو يوقف عنده. والذي يحكم مهور الناس الأعراف، ما لم يخالف هذا العرف نصوص الشرع وقواعده، أو يؤدي إلى مفاسد، بحيث يلزم من العمل بهذا العرف مثلا تعطُّل النكاح، أو تأخر سن الزواج بسبب عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات المهر. وقد ورد في الشرع الحث على تيسير أمر النكاح وتسهيله وعدم المغالاة في المهور، فعن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة" رواه أحمد (44595) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، وما أصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- امرأة من نسائه ولا أُصدِقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية كما جاء عن عمر -رضي الله عنه- فيما رواه الترمذي (1114) ، والنسائي (3349) ، وأبوداود (2106) ، وابن ماجة (1887) . وأما المهر فيجوز تعجيله كله، وتأجيله كله، وتعجيل بعضه، وتأجيل الباقي، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.

الديون وتغير قيمة العملة

الديون وتغير قيمة العملة المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر) التاريخ 03/05/1425هـ السؤال امرأة كان مهرها عشرة ريالات سعودية قبل أربعين سنة! فأردت أن أعطيها الآن، فماذا أدفع الآن؟ علماً بأن قيمة العملة قد تغيرت. الجواب مسألة تغيّر قيمة النقود الورقية اختلف فيها الفقهاء، فجمهورهم على أنه لا يجب على من ترتب في ذمته شيء منها إلا مثلها من غير زيادة أو نقصان، وذهب آخرون إلى أن على من تعلق في ذمته شيء منها أن يدفع القيمة لا المثل، وتوسّط بعضهم فرأى أن الأصل هو الوفاء بالمثل، إلا إذا تغيرت قيمة النقود تغيراً فاحشاً، فليلجأ حينئذ إلى القيمة؛ لأن المال حينئذ يصبح في حكم الكاسد. وقد اعتمد الرأي الأول مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الخامس بالكويت، حيث قرر أن العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل، وليس بالقيمة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أياً كان مصدرها بمستوى الأسعار. وبناءً على رأي الجمهور فلا يلزم الزوج أن يدفع لهذه المرأة إلا عشرة ريالات سعودية فقط، لكن إن أحب أن يزيدها إحساناً منه دون إلزام فليس في ذلك حرج، ولو فرض أنه حصل نزاع في هذه القضية بين الزوجين، فإنها ترفع إلى المحكمة والقاضي يحكم فيها بما يؤديه إليه اجتهاده، ويكون حكمه ملزماً. والله أعلم.

هل يحق له أن يأخذ شيئا من صداقها؟!

هل يحق له أن يأخذ شيئًا من صداقها؟! المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر) التاريخ 24/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة متزوجة، وقد حصل لي مع زوجي خلافات كثيرة الله بها عليم، ولم أرزق منه بأطفال، وأخيراً -برغبة مني- اتفقت أنا وإياه على الطلاق، فهل يحق له أن يأخذ شيئاً من المهر الذي أعطاني إياه رغم أنه حصل دخول؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخذ الزوج لشيء من المهر بعد استقراره بالدخول أو الخلوة، أو غير ذلك مما ذكره أهل العلم - رحمهم الله- لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: أن يكون سبب الفراق من الزوجة، إما عيبها، وإما رغبتها في الفراق لسبب من غير رغبة من الزوج، فهذا الزوج له أن يأخذ من المهر. الأمر الثاني: ألا يكون هناك سبب من الزوجة وإنما هو من الزوج، ويرغب في الفراق فإنه لا يجوز له أن يعضل المرأة لتفدي نفسها لقول الله - عز وجل-: "ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" [النساء من الآية: 19] . والله أعلم.

رضيت بمهر أقل مما طلب وليها

رضيتْ بمهرٍ أقل مما طلب وليها المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر) التاريخ 29/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. إذا طلب ولي أمر المرأة مبلغاً معيناً كمهر، ووافقت المرأة على مبلغ أقل، فمن يكون له الحق في تقرير مبلغ المهر، المرأة أم الولي؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: إذا طلب ولي المرأة قدراً معيناً من المهر بناء على نظر مصلحي لموليته، فإن له ذلك، وهو الذي سيقابل الخطاب ويتفاهم معهم، فإذا وافقت موليته على بعض هذا المبلغ فهو حقها وتنازلت عن بعضه، ويكون هذا الذي تنازلت عنه للولي، قال تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً" [النساء:4] ، وأما إذا أصر الولي على مبلغ معين والمرأة على مبلغ أقل، والخاطب سيترك هذه الخطبة إذا كان المبلغ هو الأكثر، وهو مع ذلك كفء في دينه وخلقه، فلا يجوز للولي أن يرده لهذا السبب، بل يجب عليه قبوله؛ لأنه إنما ينظر في مصلحة موليته، وهي قد رضيت بالمهر الأقل، وهو حقها، والرجل كفء، فلا يجوز رده لأجل زيادة المهر الذي لا تريده المرأة، قال تعالى: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر" [البقرة:232] . هذا والله أعلم.

الشروط في النكاح

الزواج مع اشتراط عدم المبيت والنفقة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 9/3/1422 السؤال أنا أريد الزواج من امرأة، لكن سأشترط عليها توفير المنزل وعدم المبيت معها يومياً؛ لأنني سأتزوج بدون علم الأهل وذلك لأنني أخشى العنت، وزواجي سيتأخر بضع سنين.. هل العقد صحيح. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد، فما ذكرته من الشروط على من تريد تزوجها جائز متى ما تم العقد بشروطه التي هي: تعيين الزوجة، والرضا، والولي إذ لا نكاح إلا بولي مع شاهدي عدل. هذا ولا يُشترط علم الأهل لكن يستحسن إعلام ولو بعضهم لئلا يتهموك بالسوء. هذا ولا ينبغي أن يكون هذا الزواج بنية الطلاق بل ينبغي أن يكون زواج رغبة ثم إذا أردت الزواج الثاني وجب عليك إبلاغ من تريد تزوجها عن الزوجة الأولى إن كانت في عصمتك والله أعلم. نصيحة: اتضح من سؤالك أنك لجأت إلى ما ذكرت من أجل عدم القدرة على تكاليف الزواج، وإني أنصحك مع ذلك - لا سيما وأنت شاب أعزب - بالصبر والاستعفاف عملاً بقوله تعالى: " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله " ولقوله - صلى الله عليه وسلم - " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " أخرجه البخاري (5066) ، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود والله أعلم - وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعيين -.

الزواج من الكتابية بدون إذن وليها

الزواج من الكتابية بدون إذن وليّها المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 5/7/1422 السؤال هل يجوز الزواج من امرأة نصرانية بدون وليها؟ وهل يجوز أن توكل المركز الإسلامي في ذلك؟ الجواب لا يجوز نكاح الكتابية من غير إذن وليها؛ لأن الكافر له ولاية على الكافرة، ولا تسقط ولايته عليها إلا إذا أسلمت، فحينئذٍ لا ولاية له عليها، وتنتقل الولاية إلى المسلم من أوليائها، فإن لم يكن لها ولي مسلم تولى أمرها المركز الإسلامي؛ لأنه في حكم السلطان، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((السلطان ولي من لاولي له)) أخرجه الخمسة إلا النسائي، والله أعلم.

اشتراط المرأة عدم الزواج عليها

اشتراط المرأة عدم الزواج عليها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 9/1/1424هـ السؤال أبي يريد أن يكتب في وثيقة الزواج شرطاً وهو أن أكون الزوجة الأولى والأخيرة، هل هذا جائز شرعاً؟ الجواب الحمد لله وحده وبعد: يجوز للمرأة في أصح قولي العلماء أن تشترط في عقد النكاح أن لا يُتزوج عليها، وهو شرط صحيح لازم، فإن وفّى به الزوج وإلا فلها الفسخ، لحديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري (2572) ومسلم (1418) وانظر: مختصر الخرقي /94 المحرر 2/23 مجموع فتاوى بن تيمية 32/169 أعلام الموقعين 1/316 الفروع 5/162 الإنصاف 8/155 المبدع 7/81 دليل الطالب 1/231 كشاف القناع 5/91 والله تعالى أعلم - وصلى الله علي وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.

الزواج بامرأة رضيت بإسقاط حق النفقة والسكن

الزواج بامرأة رضيت بإسقاط حق النفقة والسكن المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 18/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا طالب، وأخشى على نفسي من الوقوع في الزنا، وقد رفض والداي زواجي؛ لأني غير قادر على توفير النفقة والسكن، فهل يجوز لي الزواج من امرأة تتنازل عن حق النفقة والسكن، بدون علم الأهل لرفضهم ذلك؟ وهل يجوز استخدام موانع الحمل خوفًا من المشاكل عند علم الأهل بالزواج وعدم القدرة على التواجد الكافي لتربية الأبناء، من باب أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؟ والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما ما يتعلق بإسقاط النفقة والسكن من قبل المرأة فإن هذا جائز ولا بأس به؛ لقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) [المائدة: 1] . والأمر بإيفاء العقد يتضمن الإيفاء بأصله ووصفه، ومن وصفه الشرط فيه، ولحديث: "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم". أخرجه أبو داود (3594) ، ويشترط ألا يكون هذا النكاح بنية الطلاق، فإن النكاح بنية الطلاق فيما يظهر لي أنه محرم ولا يجوز؛ لما فيه من الغش والتدليس. أما ما يتعلق باستخدام الموانع التي تمنع من الحمل فهذا ينقسم إلى قسمين: إن كانت هذه الموانع لمنع النكاح بالكلية فإن هذا لا يجوز، فإن من أعظم مقاصد النكاح تحصيل الولد. أما إن كان هذا لفترة ثم بعد ذلك تزول، كتنظيم النسل ونحو ذلك، فإن هذا جائز؛ لحديث جابر، رضي الله عنه، قال: كنَّا نَعْزِلُ والقرآنُ ينزِلُ. أخرجه البخاري (5209) ومسلم (1440) . فالصحابة، رضي الله عنهم، كانوا يعزلون والقرآن ينزل، وقال: لو كان شيئًا يُنهى عنه لنهانا عنه القرآن. يعني: العزل. أخرجه مسلم (1440) . فدل ذلك على أن اجتناب الحمل لفترة مؤقتة جائز ولا بأس به. وأيضًا كما ذكرنا أن هذا النكاح يشترط له شرطان: الشرط الأول: ألا يكون بنية الطلاق. الشرط الثاني: ألا يكون سرًّا، بحيث يتواصون على كتمانه، فإنه لا بد من إعلان النكاح، فإعلان النكاح هذا أمر واجب.

ولي خطيبتي الجديد يشترط زواج أختي من ابنه

ولي خطيبتي الجديد يشترط زواج أختي من ابنه المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 09/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. خطبت امرأة ثم توفي والدها، واشترط علي ولي أمرها الجديد، وهو عمها، أن أزوج أختي لابنه؛ لهذا أحجمت عن الزواج بهذه المرأة؛ لأنهم يريدون المبادلة بين المرأتين، وأنا لا أؤمن بمثل هذا العمل، لكن خطبت هذه المرأة قبل ثلاث سنوات، ولا أدري ماذا أفعل الآن؟ هل أترك هذه المرأة وهي لا ذنب لها؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب: يجوز لك أن تتزوج هذه المرأة بثلاثة شروط: الأول: أن يسمى في العقد لكل واحدة منهما مهر مثلها، وتعطى إياه. الثاني: رضا الزوجتين بذلك. الثالث: أن يكون الزوجان كفئين في دينهما وخلقهما، هذا هو القول الأول في هذه المسألة. والقول الثاني: عدم صحته، ولو سمي مهر لهما، وهو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله- اختارها العلامة الخرقي، والشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح الشّغَار. أخرجه البخاري (5112) ومسلم (1415) . ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا شِغَارَ في الإسلامِ". أخرجه مسلم (1415) . وقد احتج بذلك معاوية, رضي الله عنه، لما أمر بفسخ النكاح مع تسمية المهر. أما قوله في الحديث السابق: والشغارُ: أنْ يُزَوِّجَ الرَّجلَ ابنتَه، على أنْ يُزَوِّجَه الآخرُ ابنتَه، ولَيْسَ بينَهما صَدَاقٌ. وهو ما احتج به الجمهور على صحته بهذا الشرط، وهو القول الثالث، فأجابوا عنه بأنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من كلام نافع مولى ابن عمر، رضي الله عنهما، وبهذا تكون الأقوال ثلاثة، أقربها إلى الصواب القولُ الأول، وهو القول بالتفصيل، لكن القول الثاني قوي جدًّا، وفيه سد للباب في هذا الزمان، ودرء للمفسدة؛ لأن الأمانة قد ضعفت، فقد يزوج الرجل ابنته وإن كرهت، وهذا أولاً. ثانيًا: أن علة التحريم عند الجمهور هي خلوه من المهر وعلى القول الثاني الاشتراط. ثالثًا: يجوز لك أن تترك الزواج من هذه المرأة، ولا إثم عليك. وبالله التوفيق.

اشتراط أحد الزوجين عدم التوارث

اشتراط أحد الزوجين عدم التوارث المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 16/1/1424هـ السؤال ما حكم هذا الشرط في النكاح إذا اشترط أحد الزوجين عدم التوارث بينهما ورضي الآخر؟ وما حكم العقد؟ الجواب إذا اشترط أحد الزوجين عدم التوارث فإن العقد صحيح والشرط باطل، لأن الإرث حق أثبته الله تعالى للزوجين، ولا يملك أحد إسقاطه، والله أعلم.

هل اشتراط المرأة إكمال دراستها يدخل فيه عملها؟

هل اشتراط المرأة إكمال دراستها يدخل فيه عملها؟ المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 19/11/1424هـ السؤال تزوجت امرأة واشترط علي وليها أن أسمح لها بإكمال دراستها، وقمت بتنفيذ الشرط، وقد تيسرت لها وظيفة تدريسية في إحدى المدارس، وقد حصل خلاف بيني وبينها بخصوص العمل، حيث تزعم أن الشرط بإكمال دراستها يلزم منه السماح لها بالعمل. فهل شرط الدراسة ينسحب على العمل أم لا؟ وهل يصح لي أن أشترط عليها جزءاً من راتبها مقابل خروجها من بيت الزوجية؟ الجواب الحمد لله تعالى وحده وبعد، فإن الشروط قد أمر الله تعالى بإنفاذها، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً، وذلك لما جاءت به السنة المطهرة: "المسلمون على شروطهم"، وكذلك: "إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً"، وفي حديث بريرة - رضي الله عنها - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل شرط ليس من كتاب الله فهو باطل، ولو كان مائة شرط" رواه مسلم، وما ذكر من شرط الدراسة فهذا أمر واضح، أمّا بالنسبة لمواصلة العمل أو العمل فإن هذا لا يلزم، لأنه لم يكن شرطا سابقا عند العقد، وحيث لا يوجد فلا يلزم، لأن مقاطع الحقوق عند الشروط، كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وما ذكرته من اشتراط مبلغ من راتبها مقابل خروجها من بيت الزوجية لأجل العمل فلا مانع من ذلك، لكن أرى ترك ذلك، ما دامت قد سمحت لها بالعمل، وهي إن شاء الله تعالى سوف تعينك على كثير من الأمور المالية في منزلك إذا صلح حالكما، والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

لم يف بالشرط، فهل ينفسخ عقد النكاح؟

لم يَفِ بالشرط، فهل ينفسخ عقد النكاح؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 13/2/1425هـ السؤال اشترط والدي على زوجي أن يكون لي حرية العمل والدراسة، وكتب ذلك في وثيقة الزواج، والآن زوجي رفض أن أدرس اللغة في البلد التي أقيم بها، بحجة طفلي الصغير وأنه لا يريد إدخاله الحضانة، مع العلم أني قلت له: إنني سأدرس في مدرسة بها حضانة وسأتفقد طفلي بين الدروس، وإن لم يعجبني وضع الحضانة أو تأثرت نفسية الطفل فسأترك، رفض زوجي رفضا قاطعا حتى أن أفتح الموضوع معه، فتركت المنزل بناء على كلام والدي أن عقد زواجي به قد فسخ، فهو لم يعد زوجي حتى نجدد العقد، أفتوني أرشدكم الله، هل ما قمت به يعد مخالفة شرعية؟ وهل كلام والدي صحيح؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا شرط أحد الزوجين على الآخر شرطاً في صلب عقد النكاح فإن عليه الوفاء به، ما دام شرطاً صحيحاً، كالشرط المذكور في السؤال، عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" صحيح البخاري (5151) ، صحيح مسلم (1418) . فإن لم يف أحد الزوجين بما التزم كان لمن فات غرضه أن يفسخ النكاح، فيتقدم للقاضي الشرعي الذي يتولى فسخ عقد النكاح، والحكم بذلك. وعليه فإن ما أخبرك به والدك من أن زوجك قد انفسخ العقد بينك وبينه خطأ، وإنما يمكنك أن تطلبي الفسخ منه، ولا يحصل إلا بحكم حاكم. وما قمت به من ترك المنزل أرى أن الأولى منه محاولة إقناع زوجك أو الوصول لحل مرضي لكما، فإن أمكن وإلا فتقدمي للحاكم الذي ينظر في موضوعكما، ويمكن فسخ النكاح عند تحقق مقتضاه. والله الموفق.

اشترط عليه وليها ألا يدخل بها حتى تكمل أوراقها

اشترط عليه وليها ألا يدخل بها حتى تكمل أوراقها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 15/10/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله. أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة عن السؤال التالي: قبل العقد اشترط ولي أمر الزوجة أن لا يتم الدخول حتى تنتهي أوراق سفر الزوجة للبلد الأجنبي الذي يقيم فيه الزوج، حيث إنه تزوج من امرأة من غير بلده الذي يقيم به، (بحيث قال بالحرف الواحد لا أريد أن يتم الدخول حتى تأتي تأشيرة الفيزا، وقال الزوج موافق، وبعده بأيام تم العقد ولم يذكر هذا الشرط في العقد، إنما فقط قاله قبل العقد شفوياً) ، هل هذا الشرط صحيح في كتاب الله؟ وهل يجب الإيفاء به؟ وماذا على الزوج لو أخلّ بالشرط ودخل بزوجته؟ هل يشترط أن يكون الاشتراط مذكوراً حال كتابة العقد؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فهذا الشرط صحيح، ويلزم الزوج الوفاء به، لحديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري (2572) ، ومسلم (1418) ، فإن لم يف به الزوج فللمرأة الفسخ إن رغبت بذلك، فقد قضى عمر - رضي الله عنه- على رجل بلزوم الشرط فقال الرجل: إذا يطلقننا، فقال عمر - رضي الله عنه-: "مقاطع الحقوق عند الشروط"، رواه ابن أبي شيبة (3/499) ، وسعيد بن منصور (1/211) ، والبيهقي (7/249) ، ولا يشترط ذكر الشرط عند إجراء العقد إن كانوا قد اتفقوا عليه قبل العقد كما نص عليه العلماء، انظر: الروض المربع (524) ، والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الكفاءة في النكاح

الكفاءة في النكاح المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 04/08/1425هـ السؤال ما أسس الكفاءة بين الزوج والزوجة؟ وهل ضروري أن تكون هناك كفاءة في مستوي التعليم؟ وهل يمكن أن أرتبط بزوج لا يصلي؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أسس الكفاءة بين الزوجين هي الدين والخلق، كما قال الله عز وجل: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13] . وكما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ". أخرجه البخاري (5090) ومسلم (1466) . وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنهن أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَه ودِينَهُ فَزَوِّجُوهُ". أخرجه ابن ماجه (1967) والترمذي (1084) . هذه الكفاءة، أما ما عدا ذلك من أمر الصناعة أو النسب، أو الحرية، أو الغنى، فهذا كله لا اعتبار له بميزان الله سبحانه وتعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا إذا تزوج الرجل امرأة، وكان أحدهما لا يصلي فإن النكاح لا يصح؛ لأن الذي لا يصلي خارج من الإسلام مرتد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَ الرَّجُلِ وبينَ الشِّرْكِ والكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ". اخرجه مسلم (82) . ولحديث بريدة: "العَهْدُ الذي بينَنَا وبَيْنَهم الصَّلاةُ، فمَن ترَكَها فقَدْ كفَر". أخرجه ابن ماجه (1079) والترمذي (2621) والنسائي (463) . وكذلك الأمر الثاني: إذا تزوج الرجل امرأة زانية، أو كان هو زانيًا لم يتب من الفواحش، من الزنى واللواط، فإن هذا العقد لا يصح؛ لقول الله عز وجل: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) [النور:3] . الأمر الثالث: إذا تزوج المرأةَ رجلٌ خفيف الدين، وخفة هذا الدين تضرها، كما لو كان يتعاطى الخمر أو المسكرات والمفتِّرات، فالعقد صحيح إذا كان عفيفًا مصليًا، لكن إذا كانت تتضرر فلها الفسخ. والله أعلم.

شرطت عليه ألا يتزوج عليها

شرطت عليه ألا يتزوج عليها المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 26/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي لفضيلتكم: لقد اشترطت على زوجي قبل كتابة العقد بألا يتزوج ثانية، وقد وافق على الشرط، ولكن يوم كتابة العقد أرسل ورقة العقد مع أبي إلي لأكتب الشرط، فأصابني خجل شديد من أبي، وخفت عليه من الحرج من هذا الشرط أمام أهله وأمام الناس، وارتبكت كثيرًا فلم أكتب الشرط، فهل يحق لي طلب فسخ العقد إن تزوج من ثانية؟ مع العلم أنه لا يزال يذكر أني شرطت عليه هذا الشرط ويعلم سبب عدم كتابته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أن المرأة إذا اشترطت على الزوج في العقد ألا يتزوج عليها صح الشرط في قول جمع من أهل العلم، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، فإن خالف الشرط فتزوج عليها فلها الفسخ لحديث: "أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ". أخرجه البخاري (2721) ومسلم (1418) . ولأن هذا الشرط لا ينافي العقد ولها فيه منفعة، فقد جاء في (الروض المربع) للبهوتي (ص524) في باب الشروط في النكاح ما نصه: (إذا شرطت المرأة طلاق ضرتها أو ألا يتسرى، أو ألا يتزوج عليها ... صح الشرط، وكان لازمًا، فليس للزوج فكه بدون إبانتها، ويُسن وفاؤه به، فإن خالفه فلها الفسخ على التراخي؛ لقول عمر، رضي الله عنه- للذي قضى عليه بلزوم الشرط حين قال: إذًا يطلقننا-: مقاطع الحقوق عند الشروط) انتهى. هذا وما ذكرت السائلة من عدم كتابة هذا الشرط، نقول: إذا ثبت هذا الشرط على الزوج ببينة أو إقرار منه لزم ولو لم يكتب؛ إذ الكتابة ليست شرطًا لثبوته أو لزومه. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

تزوجت من غير توثيق في المحكمة

تزوجت من غير توثيق في المحكمة المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 30/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أما بعد: امرأة مات زوجها وصارت تقبض منحة من الدولة، ثم تزوجت بدون أن يعقد عليها الزوج الثاني بقصد استمرار المنحة، هل زواجها من الثاني حلال بدون توثيقه لدى المصالح الرسمية؟ وهل الأموال التي تحصل عليها حلال؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فسؤالك يتضمن أمرين: الأول منهما: صحة عقد الزواج الثاني بدون توثيق رسمي. والأمر الثاني: كون ما تحصل عليه منحة من الدولة حلالاً. أما الأمر الأول، فالجواب عنه: بأن الزواج صحيح إذا توافرت أركانه وشروطه، وليس من شروطه التوثيق الرسمي، ولكن التوثيق الرسمي ينبغي الالتزام به من جهتين: طاعة ولي الأمر الذي ألزم به المواطنين، وهو سياسة يتخذها ولي الأمر من أجل القيام بشؤون رعيته، والله قد أوجب طاعته بالمعروف، وهذا الأمر منه. حفظ حقوق الرعية، والزوجين على وجه الخصوص، ومما يحفظ لكلا الزوجين بسبب هذا التقييد حق الميراث، والنسب للأولاد، والولاية على الزوجة وعلى أولادها، ونحو ذلك. لذا فإن عدم التوثيق حرام من جهة المخالفة؛ لما قرره ولي أمر المسلمين، ومن جهة ما يترتب عليه من ضياع الحقوق. أما الأمر الثاني: وهو كون ما تحصلت عليه من منح من الدولة حلالاً، فالمرجع فيه إلى ما سنه ولي الأمر من شروط وضوابط فيمن يتقاضى أموالاً من الدولة على أي سبيل كان، من نحو كون المرأة لم تتزوج أو يتوفاها الله، ومن نحو كون الأولاد لم يتوظفوا حتى تصرف العوائد لهم ... الخ، فالواجب عليك السؤال عن هذه الأمور المرعية والعمل بها، والحرص على إطابة المطعم؛ فإنه من أسباب إجابة الدعاء، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، ولتعلم أن أخذك مالاً من غير مراعاة هذه الضوابط يعد تعدياً على حق غيرك ممن يستحقه، وقد منع منه بسببكِ، والله تعالى يقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" [النساء:29] . والله أعلم

هل له أن يخالف شرط العقد؟

هل له أن يخالف شرط العقد؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 19/10/1425هـ السؤال أعمل طبيبًا، وزوجتي معلمة بالمدينة نفسها، حصلت على بعثة لإكمال دراساتي العليا بمدينة أخرى، ولكن لم يتيسر نقل زوجتي رغم طَرقي كل باب مشروع في سبيل ذلك، فهل يحق لي إجبارها على ترك عملها؟ رغم أن عقد النكاح فيه شرط بعدم فعل ذلك، ولكني أخاف على نفسي الفتنة، وأيضًا لا أستطيع العيش بعيدًا عن أولادي. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالجواب: أنه لا يحق لك إجبار زوجتك على ترك عملها؛ لاسيما وقد اشتُرط عليك بعقد النكاح عدم فعل ذلك، لكن لو رضيت بذلك فلا مانع من ذلك، وعليك أن تطلب رضاها لتترك العمل نظرًا لظروفك القاهرة التي ذكرتها، ولو بإعطائها جزءًا من راتبك تتفق معها عليه إن لم ترض بدون مقابل. نسأل الله سبحانه- أن ييسر أمركما ويحقق منيتكما، إنه قريب مجيب، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

هل من العضل الامتناع من تزويج البنات من غير القبيلة؟

هل من العضل الامتناع من تزويج البنات من غير القبيلة؟ المجيب سالم بن ناصر الراكان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 21/10/1426هـ السؤال ما حكم تزويج الآباء لبناتهم من نفس القبيلة، ورفضهم دون أي سبب لأي شاب من خارج القبيلة؟ علماً أنه قد تقدم لي أكثر من شخص من خارج القبيلة. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فلا يجوز للآباء -وغيرهم من الأولياء- عضل بناتهم ومولياتهم ورد الخطاب الأكفاء لأعراف قبلية مناهضة للشرع؛ لأن البنت أمانة عند وليها، وهو مسؤول عنها عند الله -عز وجل- فعليه تقوى الله -سبحانه- واتباع السنة في تزويج الخاطب الكفء، سواء كان من نفس القبلية أو من خارجها، كما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". أخرجه الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) ، والحاكم (2742) . والعلم عند الله تعالى.

العيوب في النكاح

تزوجها فاكتشف أنها تصرع المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح التاريخ 27/6/1424هـ السؤال رجل خطب امرأة وتزوجها، واكتشف بعد الزواج أنها مصابة بمرض الصرع الذي يوجب عليه أن يكون ملازماً لها، أو أي أحد آخر خشية حصول أزمة لها، وهي الآن حامل, فماذا يمكنه أن يفعل؟ علما أن الوالد والوالدة يعلمان إصابتها من قبل بهذا المرض، وأخفيا ذلك، وإن كان سيطلقها، هل عليه أن يدفع لها المهر؟ على الرغم من أنهم أخفوا عنه أمراً كبيراً. وشكراً. الجواب يتعين على كل من الرجل والمرأة أن يكون على علم بأحوال الآخر، وما به من علة أو مرض، وما يعتريه مما يخل بالحياة الزوجية، وإذا أخفى أحد الزوجين على الآخر ما به من أذى أو ما يعتريه من أحوال تؤثر على مسيرة الحياة الزوجية فإذاً هذا يعد شرعاً من باب التدليس والغش، وإذا علم أحدهما بما لدى الآخر من أمراض، أو صفات تؤثر على الحياة الزوجية فله فسخ النكاح، ومتى تم الفسخ قبل أن يتم الاتصال بينهما فلا حق للمرأة على زوجها إذا كان العيب فيها، وإن كان العيب فيه فلها نصف الصداق، أما في مثل حالتك هذه فلها المهر كاملاً، ولك حق الرجوع في المهر على من غرك وخادعك، سواء جاءت الخدعة من المرأة، أو أهلها، غير أن الحمل الموجود الآن يثبت نسبه منك، وينسب إليك ابناً كان أو بنتاً، ويجب أن تعلم إن كنت قد علمت بالعيب ورضيت به فلا يحل لك الفسخ، ولا استرداد ما دفعت إليها، ونرجو السلامة والعافية.

هل العلة في شريان القلب من عيوب النكاح؟

هل العلة في شريان القلب من عيوب النكاح؟ المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح التاريخ 20/3/1423 السؤال أنا شاب مقبل على الزواج، ووجدت -والحمد لله- ذات الدين التي أسأل الله أن أظفر بها، ولكني عندي مشكلة حساسة قليلاً وهي أن بي علة في شريان القلب، ولكن الأطباء -والحمد لله- أخبروني بإمكانية الزواج دون مشاكل، ولكني لم أطلع هذه الفتاة على هذا الأمر إلى الآن، وأخشى إن أطلعتها عليه أن تتراجع، فماذا أفعل في هذا الموقف بما يجعلني لا أكون مخالفاً لشرع الله وشريعته؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فليس وجود علة في شريان القلب، من العيوب التي يجب بيانها وكشفها، ولا يجوز للمرأة دعوى الطلاق بعد اكتشافها؛ لأن وجود هذا العيب لا تتضرر منه المرأة، ولا يسبب عدوى، وليس هو من العيوب المجوزة للفسخ، فليعزم هذا السائل على بركة الله، والله الموفق.

هل الإيدز من عيوب النكاح؟

هل الإيدز من عيوب النكاح؟ المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح التاريخ 3/6/1423 السؤال هل يمكن اعتبار مرض الإيدز من الموانع الشرعية التي تبيح فسخ العقد؟ وما الحكم فيما لو علم أحد الزوجين بهذا العيب ورضي به؟ الجواب الحمد لله، لا ريب أن مرض الإيدز من أعظم العيوب التي يملك بها أحد الزوجين الفسخ، وإذا كان الفقهاء قد ذكروا جملة من العيوب التي يفسخ بها عقد النكاح فإن كثيراً منها دون مرض الإيدز في الخطورة، لا سيما وأنه من الأمراض المعدية -نسأل الله السلامة منه-. وعمدة الفقهاء في باب العيوب ما ثبت عن عمر -رضي الله عنه- في الموطأ من التفريق بالبرص والجنون والجذام روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال:"أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً وذلك لزوجها غرم على وليها" (2/78) ، والإيدز شبيه بالجذام بل هو أقبح وأخطر منه، ولكن مما ينبغي معرفته أن العيب الذي يملك به أحد الزوجين الفسخ حين يوجد في الآخر هو ما كان موجوداً قبل العقد لا بعده، فإن وجد العيب بعده فلا يملك أحد الزوجين الفسخ، وإنما للزوج الطلاق وللمرأة الخلع، هذا أحد القولين، وفي المسألة قول آخر: أن العيب يثبت به الفسخ سواءً كان قبل العقد أو بعده، وهو المشهور عند الشافعية والحنابلة. فعلى القول الأول إن كان هذا المرض قد نشأ بعد العقد لأي سبب من الأسباب فلا يثبت به الفسخ. وننبه هنا إلى أن الفسخ في هذه الحال يرجع إلى القاضي، وكثير من أهل العلم يجعل الفسخ في هذه الحال متوقفاً على حكمه ولا يملك أحد الزوجين مستقلاً ذلك. وأما لو علم أحد الزوجين بهذا العيب ورضي به فله ذلك لأن الحق له، ومع ذلك فيجب أن يدرك من رضي به خطورته وأنه معدٍ وحينئذٍ فقد يقال بأنه يلقي بنفسه إلى التهلكة. والأمر الآخر أن هذا المرض إن كان ناشئاً عن علاقة محرمة فإن الرضا بمن فعل ذلك قبل أن يتوب ليس من سمات ذوي العفاف والإيمان، والله أعلم.

لم يجد زوجته بكرا

لم يجد زوجته بكرًا المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح التاريخ 10/11/1425هـ السؤال كيف يتصرف شخص ما دخل على زوجته ليلة الزفاف فوجدها ليست بكرًا؟ علمًا أنه عقد على أساس أنه متزوج ببكر، وعندما ناقش المرأة اعترفت بخطئها وذكرت أنها تابت. الجواب يحسن منه أن يستر عليها، ولا يفضحها، فلعلها مكرهة، أو أخطأت وتابت، ثم إن شاء أمسكها إن ظهر له استقامتها، وإن شاء طلقها وستر عليها، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة.

هل هذه الأمراض من عيوب النكاح؟

هل هذه الأمراض من عيوب النكاح؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح التاريخ 03/04/1426هـ السؤال هل المرض غير المعدي -مثل أمراض السكر، والضغط، وحساسية الصدر -يعد من العيوب التي ترد بها الزوجة؟ خاصة أن هذه الأمراض يمكن أن تنتظم حياة المريض بها بانتظام العلاج، وإذا كانت الإجابة بلا، فهل هذا يعني أنه يجوز أن تكتم المرأة مثل هذه الأمراض على خطيبها، باعتبار أنها من الأمراض العادية التي يمكن أن يصاب بها الإنسان في مرحلة من العمر، وكذلك لأن المرأة إن أطلعت خطيبها على مثل هذه الأمراض فقد يعدل عن الزواج بها؟ وكم هن العوانس بسبب النفور من الزواج بهن بسبب الإصابة بمثل هذه الأمراض. أفيدونا أفادكم الله. الجواب من موجبات فسخ عقد النكاح وجود عيب في أحد الزوجين، وكذلك وجود مرض في أحد الزوجين، وقد ذكر أهل العلم ضابطاً للمرض وهو: أن يكون المرض منفراً من العشرة الزوجية، أو أن يكون المرض مانعاً من الوطء، وذكروا الأمراض التي تمنع الوطء، كما أنهم ذكروا أمراضاً تنفر كل واحد من الزوجين عن الآخر، وما ذكره السائل ليس من القسم الأول، ولا من القسم الثاني، فبالنسبة للضغط والسكر، فهي لا تؤثر لا على العشرة الزوجية، ولا على الوطء، ولا يسلم منها أحد من الناس في الغالب.

تزوجها من غير أن يخبروه بمرضها

تزوجها من غير أن يخبروه بمرضها المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح التاريخ 25/04/1425هـ السؤال أنا مقيم في بلاد الغرب، أريد الزواج، فعرضت علي امرأة عن طريق زوج أختها، وهي مقيمة في بلدي الأصلي، فخطبتها منه بدون أن أراها، ولكن وصفها لي، وبعد وقت أتوا بها إلي وتزوجت بها، ولكن بعد فترة أكثر من سنة عرفت بأنها مريضة تعاني من مرض في الجهاز التناسلي، ولقد أجريت لها عملية في الماضي واستئصلت قناة المبيض، والآن محتاجة إلى عملية أخرى لاستئصال قناة المبيض الثاني، وهذا يعنى أنها لا تستطيع الإنجاب إلا عن طريق طفل الأنبوب. شيخنا الفاضل: أثناء خطبتي لها لم يقل لي بأنها أجرت عملية، بل كان يقول أنها بحالة جيدة. كيف أتصرف؟ هل إذا طلقتها أكون آثماً؟ وهل هذا يعتبر غشاً؟ وإذا طلقتها هل يلزمني أن أرد عليها كل شيء؟ أفتونا مأجورين إن شاء الله، وما هي نصيحتكم لي وإلى أمثال زوج أختها؟ الجواب الحمد لله -تعالى- وحده، وبعد: ما ذكره السائل مما وقع من كتمان عيوب زوجته فأقول: كان الواجب أن يوضحوا ويبينوا حالتها؛ لأن ذلك مما أمر الله -تعالى- به سواء في حق الخاطب أو المخطوبة، فإن كان هناك عيوباً أوضحها الولي في موليته حتى لا يفاجأ الزوج بعد ذلك بهذه العيوب فينشأ الخلاف وتحصل الكراهية من الزوج لزوجته، لكن حين توضح هذه العيوب قبل الزواج فحينها سيقدم الزوج عن رغبة أو يحجم حتى لا يقع منه ظلم عليها، وعلى كل حال فإن عليك أيها الأخ السائل أن تصبر، وأرى عدم التعجل في طلاقها لأن الله -تعالى- يقول: "عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً" [النساء: من الآية19] . وأيضاً لعلها -إن شاء الله تعالى- أن ترزق منك بولد، ويجعله الله -تعالى- صالحاً وما ذلك على الله -تعالى- بعزيز، فإن الله -تعالى- على كل شيء قدير، ولعل أن يحصل لها من التطبيب المشروع ما يكون سبباً بإذن الله -تعالى- للحمل والإنجاب، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال: "ما أنزل الله داءاً إلا أنزل له الدواء علمه من عمله وجهله من جهله"البخاري (5678) ، وأحمد (3912) ، والفظ له، فاصبر واحتسب، وأما إذا كنت لا تريدها وطلقتها فما كان لها من حقوق شرعية فتعطيها إياها من نفقة العدة ونحو ذلك. وأسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا جميعاً لما فيه رضاه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

مصابة بفيروس الكبد فهل له الفسخ؟

مصابة بفيروس الكبد فهل له الفسخ؟ المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح التاريخ 21/07/1425هـ السؤال زوجة غير مدخول بها، اكتشف زوجها عند السفر أنها مصابة بمرض معدٍ. (فيروس الكبد C) ، وخشي الزوج من انتقال المرض إليه وإلى الذرية، كما أن هذا المرض مانع لسفر الزوجة للسعودية حيث يقيم الزوج، هل يحق للزوج فسخ العقد للغش والتدليس، علماً بأنه يوجد تقرير طبي شرعي يؤيد هذا الكلام؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ... أما بعد: فقد ذهب جمهور العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى القول بثبوت حق التفريق بين الزوجين لوجود عيب في أحدهما، وهذا القول ذهب إليه بعض الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين، وهو المتفق مع مقصد الشارع الحكيم من شرع الزواج، كما أنه يترتب عليه دفع الكثير من المفاسد التي قد تنشأ بين الزوجين، ولا شك أن الأمراض المعدية من العيوب التي يفسخ بها النكاح؛ لأن عيوب النكاح هي كل عيب لا يمكن معه تحقيق مقاصد النكاح، أو ما يعبر عنه بأنه كل عيب يمنع الاستمتاع أو كمال الاستمتاع، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فإن لم يكن دخل بالمرأة فلا شيء لها، وإن كان دخل استقر المهر ورجع على من غره، ويشترط لثبوت الحق في طلب الفسخ بالعيب عدم العلم بالعيب وقت العقد أو قبله، وكذلك عدم الرضى بالعيب بعد العلم به. ثالثاً: أن يكون التفريق بين الزوجين بحكم القاضي؛ لأنه من جملة النزاعات التي تحتاج إلى اجتهاد القاضي بخلاف الطلاق، إذ لا يحتاج إلى ذلك. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل يلزمها إخبار خطيبها بهذا؟

هل يلزمها إخبار خطيبها بهذا؟ المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح التاريخ 16/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد أُجريت لي جراحة في الثدي (تجمعات ليفية) ، ولم أكن أعرف طبيبة، ومع ضغط أهلي قررت أن أجريها على يد طبيب؛ حيث إني لم أستطع أن أسأل أحداً على طبيبة نظراً لتكتم الأمر، لأني لم أتزوج بعد، والآن أنا مضطرة أن أتابع مع نفس الطبيب، فهل علي ذنب؟ هل إذا تقدم لي شخص لارتباط هل يجب علي إخباره؟ مع العلم أن رأى الطبيب أنها لا تؤثر علي في المستقبل في الزواج أو الإنجاب، ولا يجب علي إخباره، ولكن أثر الجروح ما زال موجوداً، فهل يجب علي إخباره؟ وقال الطبيب مع الزمن ممكن أن يكون -أثر الجروح- ضئيلة. وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: كان يجب البحث عن طبيبة لتجري لك العملية، فإن تعذر وجود الطبيبة جاز ما فعلتِ إن كانت العملية محتاجاً إليها. ثانياً: ما دام أنه قد تمت العملية فينبغي البحث بقدر الإمكان عن طبيبة للمتابعة، فإن لم يمكن جاز عند الطبيب السابق. ثالثاً: إذا كانت هذه العملية لا تؤثر على الإنجاب - بحسب قول الأطباء - والجروح في سبيلها للشفاء، ولم تحدث لديك عاهة أو مرضاً منفّراً فلا يلزم إخبار الخاطب عند التقدم للخطبة؛ لأن ذلك أمر معتاد حصوله. والله أعلم.

وليمة النكاح

حكم سماع الدف المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 10/8/1422 السؤال ما حكم سماع الدف؟ مع أنه يشكل عليّ سماع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصغيرات، وأيضاً استقبال المسلمين له - صلى الله عليه وسلم - بعد رجوعه من تبوك. الجواب الحمد لله، وبعد: فيا أيها المحب، لا إشكال فيما تذكر - بحمد الله تعالى - لأن العلماء يفرقون بين السماع والاستماع، فالاستماع في هذا المقام - وهو المنهي عنه - هو أن يصغي له إصغاء المتلذذ والمستطرب له فهذا إنما يجوز لمن أُذن له فيه كالنساء والصبيان في الأعراس أو عند قدوم الغائب ونحو ذلك مما جاءت الشريعة بالترخيص فيه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في "الاستقامة" (1/275) : "يرخص للنساء في الغناء والضرب بالدف في الأفراح، مثل قدوم الغائب، وأيام الأعياد، بل يؤمرون بذلك في العرسات ... " أ. هـ. بينما السماع الذي يعرض للإنسان، بحيث يسمع أناساً أُذِنَ لهم في الغناء - كالنساء والصبيان، في العرس مثلاً - ثم يصل صوته للشخص الذي لم يؤذن له بالسماع - كالرجال - فإن الإنسان يؤمر بعدم الإصغاء والتلذذ بذلك، وأما مجرد وصول الصوت، فلا يؤمر الرجل بسدِّ أذنيه، أو مغادرة مكان حفل العرس - مثلاً - لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذِن لعائشة - رضي الله عنها - أن ترقى على ظهره لتستمع إلى غناء الحبشة، انظر ما رواه البخاري (454) ، ومسلم (892) ، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمع له، ولكن لم يكن يستمع له، ولهذا لم يقر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على إنكاره على وصول هذا الصوت إلى بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل قال: "دعهما يا أبا بكر: إن لكل قوم عيداً، انظر ما رواه البخاري (3931) ، ومسلم (892) وهذا عيدنا ". ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - كما في مجموع الفتاوى (11/565) : " وليس في حديث الجاريتين أن النبي - صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع، كما في الرؤية، فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار، وكذلك في اشتمام الطيب، إنما ينهى المحرم عن قصد الشم، فأما إذا شم ما لم يقصده فإنه لا شيء عليه، وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس من السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس، إنما يتعلق الامر والنهي من ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل، وأما ما يحصل بغير اختياره فلا أمر فيه ولا نهي، وهذا مما وجه به الحديث الذي في السنن عن ابن عمر أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت زمارة راع فعدل عن الطريق، وقال: هل تسمع؟ هل تسمع؟ حتى انقطع الصوت انظر ما رواه أبو داود (4924) ، وأحمد (4535) فإن من الناس من يقول - بتقدير صحة هذا الحديث - لم يأمر ابن عمر بسد أذنيه.

فيجاب بأنه كان صغيراً، أو يجاب بأنه لم يكن يستمع وإنما كان يسمع، وهذا لا إثم فيه وإنما النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك طلباً للأفضل والأكمل، كمن اجتاز بطريق فسمع قوماً يتكلمون بكلام محرم فسد أذنيه كيلا يسمعه فهذا حسن، ولو لم يسد أذنيه لم يأثم بذلك، اللهم إلا أن يكون في سماعه ضرر ديني لا يندفع إلا بالسد" أ. هـ. وقال في موضع آخر (29/522) : "غناء الإماء الذي يسمعه الرجل قد كان الصحابة يسمعونه في العرسات". وبما سبق يتبين للأخ السائل الجواب عما أورده، والله تعالى أعلم.

ليست بمنكرات في الأفراح

ليست بمنكرات في الأفراح المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/وليمة النكاح التاريخ 8/5/1423 السؤال تكثر في الإجازات المناسبات -ومناسبات الزواج بصفة خاصة-، والتي لا تخلو في كثير منها من الرقص والطبل (الطق) ، لذا يحتدم الخلاف بين طائفة من الناس في حكم هذا الصنيع، هل هو جائز أم لا؟ والسؤال يبرز في النقاط التالية: هل الرقص والطق مشروع أم لا؟ وهل الأفضل فعله أم تركه؟ ما المراد بالدف؟ وما الضابط في تحديده؟ إذا كان ذا وجه واحد أو وجهين، فهل بينهما فرق من حيث الجواز؟ وعلى القول بمشروعيته، فهل يجوز في غير يوم العرس كاليوم التالي للعرس (الرحيل مثلاً) ؟ وما الحكم لو وصل صوت للرجال؟ وما الحكم لو وصل صوت الطبل فقط؟ ما الحكم لو وصل صوت المنشدة ومعه صوت الطبل؟ وهل هناك فرق في هذا بين المنشدة الصغيرة والكبيرة؟ ما حكم الزغردة والتصفيق؟ وهل يجوز استئجار الطقاقات، أم أنه من إضاعة المال؟ وإذا ارتفع الصوت ووصل الرجال فهل الأفضل الانصراف أم عدمه؟ وجزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلا خلاف في مشروعية الوليمة في العرس، وقد فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمر بها، فقد قال لعبد الرحمن بن عوف حين قال تزوجت:" أولم ولو بشاة" أخرجه البخاري (5155) ومسلم (1427) . والدف عند وليمة النكاح ليس بمنكر؛ أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث، منها: عن محمد بن حاطب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"فصل ما بين الحلال والحرام: الصوت بالدف" النسائي (3371) الترمذي (1088) ابن ماجة (1896) أحمد (3/418) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في (إرواء الغليل 1994) وقد قيل بإباحته، قال الشوكاني:" لا يبعد أن يكون مندوباً؛ لأن ذلك أقل ما يفيده الأمر في قوله أعلنوا النكاح" (نيل الأوطار 6/212) ، والندب إليه واستحبابه هو مذهب أحمد (كشاف القناع 5/183) واختيار العلامة الصنعاني، والشيخ: محمد بن إبراهيم (مجموع فتاواه 10/218) . هذا حكم الدف الذي يسمى الطق، وأما حقيقة الدف، فقد جاء في اللسان:"الدَّف، والدُّف: الذي يضرب به النساء والجمع دفوف، والدَّفاف صاحبها، المدفف صانعها، والمدفدف ضاربها" (لسان العرب 9/106) دفف. وكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما يحمل على ما كان معهوداً على عهده. وقد قال مشايخنا: إن الدف المعهود في العهد النبوي هو المختوم من وجه واحد، وليس فيه صنوج ولا حِلق ولا أجراس. (فتاوى ابن إبراهيم 10/215) ، ابن عثيمين (فتاوى إسلامية 3/186) . ولم أجده في كتب اللغة التي اطلعت عليها، وهذا الدف هو الذي يسمى في بلاد نجد وما جاورها الطار. أما باقي المعازف سواء منها الهوائي كالمزمار والناي أو الوتري كالعود والرباب أو الطبول فكلها محرمة على الصحيح من أقوال أهل العلم، سواء في الأعراس وغيرها، عن أبي عامر الأشعري -رضي الله عنه- مرفوعاً "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" صحيح البخاري (5590) .

وهذا يدل على تحريم سائر أنواع المعازف، وخصّ الدليل الدف فيفرد عنها، ولكن هل تختص إباحة الدف بالأعراس فقط، أو يجوز أيضاً في الأعياد ونحوها، أم أنه مباح مطلقاً؟ هذه ثلاثة أقوال، الظاهر منها إباحته في الأعراس والأعياد ونحوها. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني نذرت إن رجعت سالماً أن أضرب على رأسك الدف. قال:"أوفي بنذرك" سنن أبي داود (3312) سنن الترمذي (3690) مسند أحمد (5/353) ، ولو كان محرماً لم يأذن به. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدفان وتضربان، والنبي -صلى الله عليه وسلم- متغشٍّ بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف النبي -صلى الله عليه وسلم- وجهه فقال:"دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد" صحيح البخاري (949) ومسلم (892) ، ومثل ذلك اليوم الذي يلي العرس عن الربيَّع بنت معوَّذ -رضي الله عنها- قالت: دخل عليَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- صبيحة بُني بي، فجعلت جويريات يضربن بدف لهن ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر" الحديث، صحيح البخاري (5147) . إذاً لا يضرب بالدف إلا النساء على الصحيح من أقوال أهل العلم، فقد أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء كما في حديث عائشة لما زفت امرأة إلى رجل من الأنصار قال:" فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني.." الحديث، الطبراني (1/167/1) وأصله في البخاري (9/184) انظر إرواء الغليل (1995) ، قال ابن قدامة:" في ضرب الرجال بالدف تشبه بالنساء، وقد لعن النبي المشتبهين من الرجال بالنساء" (المغني 14/159) . وقال الحافظ ابن حجر:"الأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن" (فتح الباري 9/134) . أما استماعه في العرس ونحوه فهو مباح للرجال والنساء على السواء؛ للأدلة السابقة، وقد قال عامر بن سعد البجلي: دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود وجوار يضربن بالدف ويغنين، فقلت: تقرون على هذا وأنتم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ قالوا: إنه قد رُخص لنا في العرسات" أخرجه الحاكم والبيهقي انظر (آداب الزفاف للألباني صـ182) . والغناء المصاحب له إذا اشتمل على محرم أو منكر ووصف للفجور فهو محرم، وما لم يكن كذلك فهو مباح للنساء. أما استماع الرجال له فإن كان من أمة مملوكة أو من صغيرة فهذا مباح كما تقدم من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر، أما الحرة البالغة فإنه ليس لها التغنج بصوتها ولا الغناء للرجال، أما لو وصل صوت النساء مجتمعات بحيث لا يتميز صوت معين منهن فلا بأس بسماعه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:"غناء الإماء الذي يسمعه الرجل قد كان الصحابة يسمعونه في العرسات كما كانوا ينظرون إلى الإماء لعدم الفتنة في رؤيتهن وسماع أصواتهن ... أما غناء الرجال للرجال فلم يبلغنا أنه كان في عهد الصحابة. يبقى غناء النساء للنساء في العرس، وأما غناء الحرائر للرجال بالدف فمشروع في الأفراح كحديث الناذرة وغناها مع ذلك، لكن نصب مغنية للنساء والرجال هذا منكر بكل حال، بخلاف من ليست صنعتها" (مجموع الفتاوى 29/552) .

فاتخاذ ذلك حرفة لا ينبغي، قال ابن قدامة:"أما اتخاذ الغناء في الأعراس وضرب الدف فيه حرفة فهو دناءة وسقوط مروءة والكسب فيه خبيث" (المغني 10/206) . بخلاف إعطاء جُعل أو هدية لمن قام بذلك فهذا جائز، بقي من مسائل المستفتي الزغردة والتصفيق والرقص في الأعراس، والأصل في ذلك كله كما قال ابن سعدي -رحمه الله-:"الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع، أو تضمن مفسدة، وهذا أصل الكتاب والسنة فإن الناس لم يقصدوا التعبد بها، وإنما هي عوائد جرت بينهم في المناسبات لا محذور فيها، والعادات المباحة قد يقترن بها من المصالح والمنافع ما يلحقها بالأمور المستحبة بحسب ما ينتج عنها" (نيل المآرب 4/406) . ولم يزل النساء يرقصن في الأعراس ونحوها قال ابن عبد السلام:"الرقص ... لا يصلح إلا للنساء" (قواعد الأحكام 2/220) . وكذلك الزغردة ونحوها والتصفيق في الأعراس كله مما لا أرى كراهته للنساء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"الضرب بالدف والتصفيق بالكف من عمل النساء" (مجموعة الرسائل المنبرية 2/171) . إلا إن ارتبط بذلك فتنة كما قد يحصل في بعض المجتمعات من تعلق وتعشق فإن لهذا حكم يخص مواطنه. أسأل الله -تعالى- التوفيق والسداد والهداية للرشاد لنا ولسائر المسلمين والمسلمات، وصلى الله على محمد وآله.

لا يريد الإسراف في زواجه

لا يريد الإسراف في زواجه المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/وليمة النكاح التاريخ 20/7/1424هـ السؤال أنا مقدم على الزواج قريباً بإذن الله، وأردت أن أقتصد في أمور زواجي، وأبتعد عن التبذير والإسراف؛ لكي يبارك الله لي زواجي، ولكن أبي تكفَّل بكامل مصروفات زواجي، ومنها أنه دفع لحفل زواجي فقط ما لا يقل عن مئة وثلاثين ألف ريال، وعند اعتراضي أجاب بأننا أسرة ثرية، ولم نخرج عن المتعارف عليه عند الناس، ولم تنفع معهم نصائحي، وأخشى أن يمحق الله البركة من زواجي بسبب هذا الإسراف، أرجو مساعدتي ماذا أفعل؟ الجواب عليك أن تستمر في نصح والدك وإظهار مضار التبذير والإسراف، وذكر مساوئ الحفلات القائمة على البذخ والتي تستهلك كثيراً من المال وتنتهي في سويعات معدودة دون نفع أو فائدة، واحرص على الاستشهاد بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة الواردة في هذا الشأن مع إرفاق هذا بفتاوى العلماء المعاصرين الذين يعرفهم والدك ولهم قبول عنده، وذكره بنعمة المال وضرورة شكرها بصرف المال على حسب الضوابط الشرعية، وأنه مسؤول عن كيفية إنفاقه لماله، ويفضل أن تذكر لوالدك البدائل الحسنة لصرف ما زاد من هذا المال مثل صرفه على بعض المحتاجين من الأقارب وغيرهم، أو إرساله إلى البلاد الفقيرة أو على الأقل صرفه فيما يفيد الزوجين ويبقى لهما ينتفعان به مدة طويلة، وأشعر والدك أنك المعني بالأمر، ولابد أن يؤخذ رأيك في هذا الزواج وطريقة الاحتفال به، وأنت إذا قمت بهذا وتذرعت بالصبر وتلطفت في النصيحة وسألت الله تعالى الإعانة فحري بك أن تصل إلى غايتك ومرادك، وتكون أديت الذي عليك وبرئت ذمتك إن شاء الله تعالى.

المحرمات

هل زوج المرأة محرم لبناتها من غيره؟ المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات التاريخ 10/8/1422 السؤال إذا تزوج رجل بامرأة مطلقة ولها بنات بالغات فهل يعتبر محرماً لهن، وهل يجوز لهم السكن مع والدتهم وزوجها في نفس البيت؟ الجواب إذا تزوج الرجل امرأة ودخل بها ولها بنات من غيره فهو محرم لهنّ؛ لأنهن محرمات عليه بسبب زواج أمهن، ولهن في هذه الحال السفر معه والسكن في بيته.

نكاح زوجة الأب

نكاح زوجة الأب المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات التاريخ 22/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في الآية الكريمة في سورة النساء، والتي تعني تحريم زوجات الأب (إلا ما قد سلف) . (1) كلمة ما قد سلف هل تعني الذنب مع التفريق بين الرجل وزوجة أبيه أم بدون تفريق؟ (2) هل التفريق (إذا كان هناك تفريق) عليه دليل شرعي من التفريق بين الأختين كما دل عليه الحديث الشريف؟ وهل هو مثل التفريق بين الذي عنده أكثر من أربع زوجات كما دل عليه الحديث الشريف أيضا؟ وهنا ما هو الدليل من السنة؟ لأن هذه الآية غير مجملة وغير مبينة. أرجو أن يتم عرضها على من له باع طويل في الفقه والتفسير، لأن هذه الآية لبست علي كثيراً، وأرجو توضيحها بالتفصيل من أحد المعروفين بالعلم والفقه والثقة. منتظر ردكم الكريم على أحر من الجمر. والله يحفظكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فقد كان نكاح زوجات الآباء بعد موتهم مما عرف عند بعض أهل الجاهلية قبل الإسلام، ويذكر من كتب في تاريخ العرب قبل الإسلام أن العرب أخذوا هذه العادة من أهل فارس الذين عرفوا بنكاح المحارم، على أن عامة العرب قد كانت تمقت هذا النوع من النكاح ويسمونه نكاح المقت، حتى إنهم قد سموا الولد من هذا النكاح الضيزن، يقول الشاعر أوس بن حجر معيراً ثلاثة من الرجال تناوبوا على امرأة أبيهم: والفارسية فيهم غير منكرة فكلهم لأبيه ضيزن سلف

فأبطل الله تعالى هذه العادة الجاهلية، وأنزل قوله: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ... "، فحرم نكاح زوجات الآباء، قال ابن عباس -رضي الله عنهما ـ فيما أخرجه الحاكم وصححه ـ: حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ثم قرأ "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم" حتى بلغ وأن تجمعوا بين الأختين"، وقرأ "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" فقال هذا الصهر. أ. هـ، وعلى هذا المعنى ـ أعني تحريم نكاح زوجات الآباء ـ فسر أهل العلم قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" فقد أخرج ابن جرير وغيره، عن مجاهد في قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" قال كان إذا توفي الرجل كان ابنه الأكبر هو أحق بامرأته ينكحها إذا شاء إذا لم يكن ابنها أو يُنْكِحها من شاء أخاه أو ابن أخيه. وأما الاستثناء في قوله: "إلا ما قد سلف" فالمراد به، أن الله تعالى لا يؤاخذ من وقع في هذا الأمر ـ أي نكاح زوجات الآباء ـ من المسلمين جريا على ما كان يفعله أهل الجاهلية قبل نزول التحريم، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم بحمد الله، أخرج البيهقي وغيره عن مقاتل بن حيان قال: كان إذا توفي الرجل في الجاهلية عمد حميم الميت ـ يريد قريبه ـ إلى امرأته فألقى عليها ثوبا فيرث نكاحها فيكون هو أحق بها، فلما توفي أبو قيس بن الأسلت عمد ابنه قيس إلى امرأة أبيه فتزوجها ولم يدخل بها، فأتت النبي فذكرت ذلك له، فأنزل الله في قيس "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" قبل التحريم حتى ذكر تحريم الأمهات والبنات حتى ذكر "وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" قبل التحريم "إن الله كان غفورا رحيما" فيما مضى قبل التحريم. وقال الإمام الشافعي رحمه الله: كان أكبر ولد الرجل يخلف على امرأة أبيه، وكان الرجل يجمع بين الأختين، فنهى الله تعالى عن أن يكون أحد منهم يجمع في عمره بين أختين أو ينكح ما نكح أبوه إلا ما قد سلف في الجاهلية قبل علمهم بتحريمه، ليس إنه أقر في أيديهم ما كانوا قد جمعوا بينه قبل الإسلام. أ. هـ، وقد ذكر أهل السير والأخبار وقائع تدل على وقوع التفريق بين الرجل وزوجة أبيه، كالذي ذكره ابن حجر في ترجمة امرأة يقال لها حمينة بنت أبي طلحة، قال كانت زوجَ خلف بن أسد، فمات فخلف عليها ولده الأسود بن خلف، ففرق الإسلام بينهما، قال ابن حجر: وأخرجه المستغفري من طريق محمد بن ثور عن بن جريج عن عكرمة قال: لما نزل قوله تعالى: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" ففرق الإسلام بين أربع نسوة وبين أبناء بعولتهن منهن حمينة هذه. والله أعلم.

هل بنات المرأة من زوجها الثاني ربائب للزوج الأول ?

هل بنات المرأة من زوجها الثاني ربائب للزوج الأول ? المجيب د. سعد بن تركي الخثلان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات التاريخ 18/10/1422 السؤال إذا طلق رجل امرأة، هل بناتها من الزوج الثاني يكشفن لزوجها الأول؟ الجواب إذا كان الزوج الأول قد دخل بالمرأة أي: وطئها، فإن بناتها لا تحل له سواء كن من زوج قبله أو من زوج بعده؛ لأن البنات حينئذٍ يكن ربائب قد دُخِل بأمهنّ، وقد قال الله - تعالى -: " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " [النساء: 23] ، وبهذا يتبين الجواب عن سؤال الأخ، فيقال: نعم يجوز لبنات المرأة من الزوج الثاني أن يكشفن للزوج الأول، بشرط أن يكون الزوج الأول قد دخل بأمهنّ، أي: وطئها.... والله ولي التوفيق.

أسلم وهو متزوج بامرأة أبيه

أسلم وهو متزوج بامرأة أبيه المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات التاريخ 23/9/1424هـ السؤال إذا أسلم الرجل وهو متزوج من زوجة أبيه المتوفى، فهل يجب عليه مفارقتها أم يجوز أن تبقى في ذمته زوجة له؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا أسلم رجل وهو متزوج من زوجة أبيه فإنه يجب عليه مفارقتها ولا تحل له، قال تعالى: "وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً" [النساء:22] . وما حرم ابتداء النكاح فيه حرم استمراره والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

متزوج بإحدى محارمه ويرغب الدخول في الإسلام!

مُتَزَوِّجٌ بإحدى محارمه ويرغب الدخول في الإسلام! المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات التاريخ 25/11/1424هـ السؤال شخص هندوسي يرغب في اعتناق الإسلام، والمشكلة أنه متزوج من إحدى محارمه (زوجة سابقة لابنه) ، وله منها أولاد، فماذا عليه أن يفعل إذا اعتنق الإسلام؟ هل يكون أمامه طريق آخر سوى الانفصال عن زوجته؟. الجواب أولاًً: نسأل الله - سبحانه وتعالى- أن يهديه، وأن يوفقه، وأن يقوي عزيمته على اعتناق الإسلام؛ لينقذ نفسه من حظيرة الضلال والشرك بالله إلى سعادة الإسلام، وما فيه من أسباب الخير والبركة، والسعادة في الحياتين الدنيا وفي الآخرة، ولا شك أن هذا العزم من هذا الهندوسي الذي يريد الآن أن ينتقل إلى الإسلام لا شك أنها عزيمة مباركة وفي نفس الأمر لا شك أنه - إن شاء الله تعالى - موفق، نسأل الله أن يقويه على هذه العزيمة. وفي نفس الأمر إذا تم منه الدخول في الإسلام فيجب عليه أولاً: أن يفارق محرميته؛ لأنها طالما أنها من محارمه فلا يجوز له بحال من الأحوال أن يتزوجها، أو أن تكون زوجة له، بل إن ذلك من الأمور المحرمة: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم ... الآية"، فينبغي له أن يفارقها المفارقة التامة، وأما ما يتعلق بالأولاد الذين ولدوا منها فهؤلاء الأولاد منسوبون إليه، وفي نفس الأمر لعله أن يقوم بدعوتهم؛ لعل الله أن يهديهم كما هداه - سبحانه وتعالى - وخلاصة القول: إننا نشجعه على هذا العزم المبارك، اعتناق الإسلام، وفي نفس الأمر ندعو الله أن يقويه على هذه العزيمة، وفي نفس الأمر كذلك نقول: يجب عليه أن يفارق هذه الزوجة التي هي من محارمه، فلا يصح أن تكون زوجة له، وفي نفس الأمر أولاده ملحقون به، ولا يقال بأنهم غير أولاده، هم أولاده، وزواجه بمجرد ما يعتنق الإسلام يبتعد عن هذا الزواج، ويعرف أنها محرمة عليه تحريماً أبدياً. والله أعلم.

تزوج ابنة أخته من الرضاعة

تزوج ابنة أخته من الرضاعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات التاريخ 12/3/1425هـ السؤال تزوج رجل من ابنة أخته من الرضاع دون أن يعلم، ومع علم المرضعة ولكنها لجهلها تظن أن ذلك جائز، ولكن بعد بضع سنوات وبعد أن رزق هذا الرجل منها ثلاثة أولاد عرف أن زوجته هي ابنة أخته في الرضاع. 01 ماذا يفعلان في هذه الحالة؟ 02 ما حكم الأولاد بالنسبة للنسب وبالنسبة للتربية؟ 03 هل يرث الأولاد في هذه الحالة من أبيهم ومن أمهم؟ 04 هل يثبت للوالدة حكم البر وكذلك للأب؟ 05 ماذا يثبت للوالدة هذهِ من الحقوق المالية على من كان زوجها (خالها من الرضاع) في حالة الفسخ؟ أفتونا - حفظكم الله ورعاكم - وبأسرع وقت؛ لأن الوقت يدركنا ونحن بحاجة ماسة إلى الفتوى لنعرف المخرج من هذه الطامة التي ألمت. الجواب عليهما أولاً التأكد من الرضاعة هل حصلت فعلاً أم لا، وهل هي خمس رضعات أم لا، وهل هي في الحولين أي: السنتين الأوليين من عمر الطفل أم لا، فإذا تأكد فيجب أن يتفرقا حالاً ما دام أن الرضاع لا شك فيه، ومحرَّم خمس رضعات فأكثر، وفي الحولين، فيجب التفريق بينهما حالاً، والأولاد أولادهما معاً ويرثون من أبيهم وأمهم، ونفقتهم على أبيهم، ويثبت لكل من الوالدين البر والصلة، ولا شبهة في الأبوة والأمومة، وإنما الواجب التفريق بين الرجل والمرأة، لأنه لا يصح أن تبقى زوجة له وهي بنت أخته من الرضاعة، ولا يثبت للمرأة شيء من الحقوق المالية بعد التفرق.

نكاح الكتابيات

الزواج من الكتابية بدون إذن وليّها المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح التاريخ 5/7/1422 السؤال هل يجوز الزواج من امرأة نصرانية بدون وليها؟ وهل يجوز أن توكل المركز الإسلامي في ذلك؟ الجواب لا يجوز نكاح الكتابية من غير إذن وليها؛ لأن الكافر له ولاية على الكافرة، ولا تسقط ولايته عليها إلا إذا أسلمت، فحينئذٍ لا ولاية له عليها، وتنتقل الولاية إلى المسلم من أوليائها، فإن لم يكن لها ولي مسلم تولى أمرها المركز الإسلامي؛ لأنه في حكم السلطان، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((السلطان ولي من لاولي له)) أخرجه الخمسة إلا النسائي، والله أعلم.

الزواج في المحكمة

الزواج في المحكمة المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 23/7/1423هـ السؤال تزوجت من نصرانية مسيحية عن طريق المحكمة ولم نذهب إلى كنيسة أو مسجد، فما الحكم؟ علماً أنه مضى على زواجنا أكثر من سنة، فهل هذا الزواج جائز أم أنه يعد زنى؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: إذا كان الزواج المذكور تم بعد أن توافرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه فالعقد صحيح، وأشير إلى أن من شروط النكاح الولي؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا نكاح إلا بولي" رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، فإن كانت المرأة قد زوجت نفسها لك فلا بد من تجديد العقد، بحيث يعقد لك وليها، وليس من شروط النكاح أن يعقد في المسجد، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

نكاح الكتابية

نكاح الكتابية المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 16/11/1424هـ السؤال أريد بعض الفتاوى من العلماء المعاصرين في حكم الزواج من نساء أهل الكتاب، وضوابط هذا النكاح. الجواب الزواج من نساء أهل الكتاب جائز؛ لقوله -تعالى-: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان" إلاّ أن يمنع ولي الأمر ذلك، فيجب حينئذ الامتناع؛ لأن الله -تعالى- يقول: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".

نكاح النصرانية بغير إذن أبيها

نكاح النصرانية بغير إذن أبيها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 6/7/1424هـ السؤال أرغب في الزواج من فتاة نصرانية، لكن والدها لا يوافق على الزواج (الأم موافقة) ، لذلك لا يمكن أن يكون ولي الفتاة في الزواج، مع أن عمها موافق على الزواج، فهل يمكن لنا أن نتزوج بموافقة العم؟ علماً بأننا لا نعيش في دولة إسلامية، وهل يمكن للعم إرسال موافقته بالبريد الإلكتروني؟ حيث إن التوقيع بواسطة البريد الإلكتروني مقبول في القانون، أم هل يمكن ذلك بواسطة الهاتف، وهل يستطيع أن يكلف غيره بالتوقيع على عقد الزواج، وهل يجب أن يكون الشهود في نفس المكان وفي نفس الوقت عند إجراء العقد، أم يمكنني الحصول على توقيع العم ثم توقيع الشاهدين في وقت آخر؟ وشكراً لكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أولاً: لا شك أنه يجوز للمسلم الزواج من نصرانية إذا كانت محصنة؛ لقوله تعالى: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [المائدة:5] ، ولكن نظراً لكثرة المشاكل التي تقع خاصة في هذا الوقت وهذا الزمن الذي لا يستطيع الرجل أن يتحكم في تربية أولاده وفق الشريعة الإسلامية إن كانت زوجته كتابية بسبب تدخل جهات أخرى في منعه من ذلك مما يتسبب في أن يعتنق الأولاد دين أمهم، وتلك هي الطامة الكبرى والمصيبة العظمى، لذا أنصح الأخ السائل أن يراعي هذا الجانب ولا يستعجل في الزواج من كتابية، وعليه بالبحث عن زوجة مسلمة تعينه على نفسه وعلى تربية أولاده التربية الإسلامية، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والله أعلم. ثانياً: من شروط صحة الزواج: الولي، والولي هو أبو المرأة إن كان حياً، فإن عضل وامتنع من التزويج بلا مبرر فعلى الأخ التقدم للمحكمة الشرعية للنظر في إثبات عضله، فإن ثبت ذلك انتقلت الولاية إلى من يليه. وكذا لابد من حضور الشهود عند إجراء العقد، كما يجوز للولي أن يوكل غيره في الإيجاب، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الزواج من الكتابية في السر وبلا ولي

الزواج من الكتابية في السر وبلا ولي المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 4/11/1424هـ السؤال أريد أن أتزوج من كتابية لكن أهلي يعارضون ذلك، وهي قادمة لبلدي مصر بعد شهر تقريبا، المشكلة أنني أخاف أن أزني بها؛ لأنني أحبها كثيراً وهي تبادلني نفس الشعور، لذلك قررت أن أتزوج بها سراً مع كتمان أنني أعتزم تطليقها بعد فترة سنة أو نحوه وهي لا تعلم ذلك، الزواج سيكون عرفياً بشهود، وطبعا دون ولي للعروس، أنا أريدها في الحلال ولا أريد الزنا، وطبعا لا أريد أن أخبر أهلي بالموضوع، فهل في ذلك حرج؟ وإن كان فما العمل؟ وماذا يمكن أن أفعل إن عرفتم أن تزوجي بها زواجاً موثقاً هو أمر صعب، وإن لم أتزوجها صعب أيضا؟ أنا حائر ما بين من يقول لي: تزوج ولا حرج. ومن يقول لي العكس. أرجو المساعدة وعذراً للإطالة. الجواب الزواج من الكتابية حقيقة - بمعنى أنها غير ملحدة، وغير منكرة للدين والشريعة، وملتزمة إجمالاً بدينها - يجوز بشرط توفر شروط النكاح الشرعية في ديننا، ومنها وجود الولي والإيجاب والقبول من الطرفين وغيرها من شروط النكاح، هذا من حيث الحكم، أما من حيث المصلحة الاجتماعية والأسرية فما دامت أسرتك وأهلك غير راضين بذلك والداعي للعلاقة بها ليس إقامة أسرة وتحقيق حياة زوجية وإنما مجرد تمتع جسدي، بدليل أنك عازم على مفارقتها بعد فترة. ووجه تربوي آخر فلربما تكون هذه الفتاة يهودية أو نصرانية مبشرة، فاحتمال تأثيرها عليك دينياً وخلقياً أمر وارد جداً، واستعن بالله واعتصم به يعصمك، وابحث عن مؤمنة صالحة فربك يرشدك بقوله: "ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" [البقرة من الآية:221] ، والرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري (5090) ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، حفظنا الله وإياك من المحرمات والشبهات. والله الموفق.

الزواج من الكتابيات

الزواج من الكتابيات المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 9/5/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين، ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.......سلام الله عليكم، أما بعد: عندي موضوع أحتاج لفتوى فيه راجياً منكم الوصول لحل يرضي الله ورسوله -عليه السلام- عندي صديق مسلم سوف يتزوج من امرأة أمريكية مسيحية الديانة، ونحن نعلم أن مسيحيي اليوم ليسوا من أهل الكتاب، لأنهم يقولون إن عيسى ابن الله - تعالى الله عما يصفون - وبالتالي فهذا كفر، وهي لا تحل له شرعاً.....هل هذا صحيح؟؟ لكنها من المجتمع الأمريكي المحافظ نوعاً ما، وعندي أنا وصديقي أمل أن ندخلها في دين الله الحنيف (الإسلام) ، فبماذا تنصحوننا؟ وما هي الطريقة أو الأسلوب الأمثل الذي سوف نتبعه لهدايتها؟ وهل هناك أي كتاب باللغة الإنجليزية يمكن أن يؤثر فيها؟ وإذا كان هناك أحد من الدعاة سوف يذهب إلى أمريكا في المدة القادمة فأرجو إخبارنا عن موعده ومكان إلقاء محاضرته في أمريكا. وفي الختام أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم، ولكم مني جزيل الشكر وخالص الدعاء بالتوفيق لما تقدمونه من علم من أجل المسلمين. الجواب

أهل الكتاب، هم اليهود والنصارى، وقد بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم وهم يعتقدون عقائد كفرية؛ كالقول بألوهية المسيح، وبنوته لله، ومقالة التثليث عند النصارى، والقول ببنوة عزير لله عند اليهود وغيرها من كفرياتهم، ومع ذلك سماهم الله "أهل الكتاب"، فقال: "لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ" [البينة:1] ، وكان من آخر ما نزل من القرآن سورة المائدة، وفيها كفر الله النصارى في ثلاث آيات صريحة، وهي قوله: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" [المائدة: من الآية72] ، في موضعين، وقوله: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ" [المائدة: من الآية73] ومع ذلك، فإن الله -سبحانه وتعالى- أحل ذبائحهم ونساءهم في نفس السورة، فقال: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [المائدة:5] ، وبهذا يتبين أن نصارى اليوم هم نصارى الأمس، من حيث الجملة، ما داموا ينتسبون لدينهم، ولم يعتنقوا المذاهب الإلحادية، ويتبين أن أحكام أهل الكتاب التي خصهم بها الكتاب والسنة دون سائر ملل الكفار تشملهم، ومن ذلك حل نكاح الكتابية من يهودية أو نصرانية، لكن بالشرط الذي نصت عليه الآية الكريمة، وهي أن تكون (محصنة) أي حرة عفيفة، فأما الحرية فتكاد أن تكون وصفاً متحققاً اليوم، وأما العفة في نساء النصارى كالأمريكان فتكاد أن تكون منعدمة، إلا ما شاء الله. وعلى فرض وجودها على المسلم المقيم في البلاد الغربية أن يحسب حساب القوانين المدنية التي تحكم الحياة الاجتماعية هناك، حيث لا يتمكن الزوج من القوامة الشرعية على زوجته، فلها أن تخلو بمن شاءت، وتصحب من شاءت، وتتحدث إلى من شاءت، دون تدخل من زوجها، وأشد من ذلك أثراً، لو وقع بينهما طلاق لذهبت بولده منها، ونصف ثروته ... إلخ. ومع وجود هذه المحاذير يتوجه القول بمنع نكاح الكتابيات في ظل هذه الظروف، مع بقاء أصل الحكم على الإباحة، ولعل الله أن يغني صاحبك بمسلمة حنيفة عفيفة عن الكافرات الفاجرات، فإن اضطر صاحبك إلى نكاحها فليحرص ألا تنجب منه إلا أن يهديها الله للإسلام، فقد وقفنا على عدد من القضايا المؤلمة التي خسر فيها مسلمون موحدون أبناءهم وبناتهم، وساقتهم أمهاتهم النصرانيات إلى الكنائس. وأما باب الدعوة إلى الله فواسع، فاجتهدوا في دعوتها ودعوة غيرها من الكفار إلى الإسلام، ويمكن أن تسترشدوا بتجارب المراكز والمساجد الإسلامية الموثوقة في أمريكا لتوفير الكتب المناسبة، والأشرطة المناسبة للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وفقكم الله.

تعامل الرجل مع زوجته الكتابية

تعامل الرجل مع زوجته الكتابية المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 25/3/1424هـ السؤال إني أعرف أن المسلم من حقه أن يتزوج امرأة من أهل الكتاب، لكن أريد أن أعرف كيفية التعامل معها، خاصة أنها لا ترتدي الحجاب، وقد يكون لبسها غير إسلامي، ولكن (متحشمة) ، كمال يقال. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن الزواج من الكتابيات مسألة خلافية بين العلماء، أجازها قوم، ومنعها آخرون، منهم ابن عباس - رضي الله عنهما - وجمع من الشافعية والمالكية، والذين أجازوا ذلك اشترطوا شرطين: (1) أن تكون كتابية، ومن لا تؤمن بكتاب لا ينطبق عليها هذا الوصف، كما هو شأن كثير من نساء الغرب اليوم. (2) أن تكون محصنة، وهذا الشرط يكاد يكون معدوماً عند كثير من النساء الكافرات. وانعدام هذين الشرطين يجعل الزواج بالكتابية باطلاً باتفاق المسلمين، وبنص القرآن الكريم في قوله تعالى: "وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ" [المائدة: من الآية5] ، فإذا توفر الشرطان وأقدم المسلم على الزواج بعد أن تأمل في المسألة، ووازن بين المصالح والمفاسد سيما فيما يتعلق بمستقبل أولاده منها، فإنه يلزمها أن تحترم مشاعر المسلمين، ويلزمها زوجها بذلك، فلا يخرجها أمام الناس متبرجة، لأن القوامة له، والمرأة إليه تنسب، والناس لا يعرفون أنها كتابية، فإن رضيت وإلا فلا.

الزواج من النصرانية

الزواج من النصرانية المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 16/11/1424هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز الزواج من امرأة غير مسلمة -نصرانية- سراً الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نكاح نساء أهل الكتاب جائز شرعاً؛ لقوله -تعالى-: "وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ" [المائدة:5] ، لكن إذا منع ولي الأمر - وهو السلطان - من نكاحهن وجب امتثال ذلك؛ لعموم قوله -تعالى-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ" [النساء:59] .

زواج المسلم من هندوسية

زواج المسلم من هندوسية المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 9/1/1425هـ السؤال أنا مسلم متزوج من امرأة كانت هندوسية وأسلمت، لكنها اشترطت الاستمرار في الذهاب لمعبد الهندوس، وما زالت تذهب إلى هناك حتى الآن وترفض كل محاولاتي في منعها لعدم الذهاب، وهي تصلي في بعض الأحيان وتقرأ القرآن، لدي بنت وولد منها، البنت اسمها عائشة والولد اسمه محمد أديتا (خليط من الثقافة الإسلامية والهندوسية ومعنى: أديتا في الهندوسية الشمس) ، وأنا أعلِّم أولادي الإسلام وقراءة القرآن بالعربية، وهي لا تمانع في ذلك، لكنها ما زالت تذهب للمعبد ولكنها لا تسجد أمام الأوثان هناك. وسؤالي هو: (1) ما الحكم في زواجنا؟. (2) هل علي إثم في الزواج بمثل هذه المرأة؟. (3) لا أرغب في تطليقها لأنني بخلاف الناحية الدينية سعيد معها. (4) في حالة انفصالي عنها كيف يكون مصير أبنائي؟ أخشى أن هنا في كندا سيدخلان في الهندوسية إذا طلقت أمهما. الجواب الأصل أن المسلم لا يتزوج إلا بمسلمة، قال تعالى: "ولا تمسكوا بعصم الكوافر" [الممتحنة: 10] ، ويجوز أيضاً الزواج من الكتابية. وما دام أنك تزوجت من هذه المرأة الهندوسية ثم أسلمت بعد ذلك فلا حاجة إلى تجديد العقد بينكما إن شاء الله؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقر جميع من أسلم على نكاحهم ولم يؤثر عنه أنه أمر أحداً من الصحابة - رضي الله عنهم- الذين أسلمت زوجاتهم بإعادة عقد النكاح، وما دامت قد أسلمت وحسن إسلامها فعليك أخي أن تيسر لها التعلم والتفقه في الدين وإقامة الفرائض والواجبات. والواجب عليك نصحها وتحذيرها من الذهاب إلى تلك المعابد لأن مجرد الذهاب إليها منكر ظاهر ووسيلة إلى الشرك، فإن كانت لا تتلبس بشيء من عباداتهم وشركياتهم فالأمر كما تقدم محرم ومنكر، لأنه نوع من الزور الذي قال الله فيه: "والذين لا يشهدون الزور" [الفرقان: 72] ، وإن كانت تدعو آلهتهم أو تعتقد صحة دينهم ومشروعية عبادتهم أو أن معبوداتهم تستحق العبادة والصلاة والدعاء والنذر فذلك يعتبر رجوعاً إلى دينها الأول ومفارقة لدين الإسلام، فكرر دعوتها والتأثير عليها حتى ترجع وتتوب، وإن أصرت على تلك الأمور الكفرية الوثنية واتضح لك عنادها ورضاها بالكفر فلا يجوز لك البقاء معها ولا إبقاؤها، وقضية الإيمان والكفر قضية أساسية لا يصح إهمالها بحجة الرغبة فيها أو وجود الأولاد، قال تعالى: "ذلكم حكم الله يحكم بينكم" [الممتحنة: 10] ، والولاية على الأولاد لك؛ لأنهم أبناؤك ولا يجوز أن تتولى الأم حضانتهم إذا ثبت كفرها وردتها، وإنما تتولاهم أنت لإسلامك والأبناء يتبعون أعلى الوالدين ديناً، ودين الإسلام يعلوا على سائر الأديان. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الزواج من الملحدة

الزواج من الملحدة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 29/05/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ، رجل كان يدرس في بلد أجنبي، فتزوج هنالك بزوجة ليس لها دين (ملحدة) وأنجب منها بنتاً عمرها الآن 12 سنة، فنرجو توضيح حكم هذا الزواج. الجواب زواج المسلم لا يصح إلا من المسلمة أو الكتابية، إذا توفرت الشروط، أما زواج الملحدة أو المرتدة أو الوثنية أو الهندوسية فهذا كله محرم ولا يجوز، وذلك لقول الله عز وجل: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) [البقرة: 221] . وقوله أيضاً: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) [الممتحنة: 10] . وحكي الإجماع على ذلك. وحال هذا الرجل الذي تزوج ملحدة لا يخلو من أمرين، الأمر الأول: أن يكون عالماً بالتحريم، فنكاحه في حكم الزنا، وهذا الولد الذي ولد له لا ينسب إليه، ولا يكون ابناً له إلى آخره، وإنما يكون حكمه حكم ولد الزنا. والأمر الثاني: أن يكون جاهلاً بالتحريم، فهذا يكون من وطء الشبهة، ويلحق الولد به؛ فإن وطأ الشبهة يلتحق به الولد عند العلماء -رحمهم الله-.

إشهار نكاح المسلم في الكنيسة

إشهار نكاح المسلم في الكنيسة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 10/07/1426هـ السؤال أنا فتاة نصرانية مخطوبة لشاب مسلم، وقد اتفقنا على الزواج، ووافقتُ أن الأولاد سيكونون على الإسلام. وعلاقتي مع خطيبي مبنية على احترام كل منا لدين الآخر واتباعه له، وأعرف أن للمسلم أن يتزوج المرأة النصرانية، ولكن هل في القرآن ما يمنع أو يحرم الاحتفال بهذا الزواج في الكنيسة؟ لأنه في ديننا أي زواج لا يكون في كنيسة ولا يباركه الراهب فلا يعتبر زواجاً، بل وقوعا في الفاحشة، فيجب أن يتم الزواج بحفل ديني، وبخلاف ذلك تعتبره الكنيسة الكاثوليكية زواجاً باطلاً. وإذا كان المسلم لا يحق له الاحتفال في الكنيسة فسوف ننهي علاقتنا ولن نتزوج. وأنا موافقة على إجراء الزواج على يد الإمام ومباركته له، ولا نعلم أنا وخطيبي عن حكم الإسلام في ذهابنا للكنيسة لمباركة زواجنا. فما الحكم في ذلك؟ الجواب ليس ذهاب المسلم -عند تزوجه الكتابية- إلى الكنيسة أو المسجد شرطاً من شروط النكاح في الإسلام، والبركة تطلب من الله مباشرة لا من الراهب أو الإمام أو غيرهما، وعندي -في هذا المقام -نصيحتان، أوجه أولاهما لهذه المرأة النصرانية وأنا ألمس من سؤالها العقل ومحبة الطهر والعفاف -ألا تصر على الذهاب إلى الكنيسة. ونصيحتي الثانية لهذا الرجل المسلم أن يحرص ويحاول إقناعها بعدم الذهاب إلى الكنيسة لهذا الغرض، ويسمح لها بالذهاب إليها بعد ذلك لو رغبت ويعرفها على الدين الإسلامي بخلقه وسلوكه وتعامله أكثر من الكلام والقراءة بالكتب، وأقول له: إن أصرت الزوجة على عقد الزواج بالكنيسة أو تعطيل الزواج أصلاً فلا حرج عليك في الذهاب معها إلى الكنيسة بشرط أن تعتقد في قلبك بأن ذهابك ليس لشرعية العقد، وإنما هو مجرد إجراء من الإجراءات المدنية البحتة، ولا علاقة للحل والحرمة بذلك.

زواج الكتابية بدون إذن وليها

زواج الكتابية بدون إذن وليها المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات التاريخ 17/07/1426هـ السؤال بعض أئمتنا يقومون أحياناً بعقد زواج بين مسلم وامرأة غربية (من أهل الكتاب) وبكل تأكيد لا تعرف هذه المرأة شيئاً عن دينها ولا عن الإسلام. فهل يحق للإمام عقد مثل هذا الزواج دون علم ولي المرأة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا حرج في زواج المسلم بالكتابية، لقوله تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة: 5] إذا كانت عفيفة، ولو لم تعلم شيئاً عن دينها أو عن الإسلام؛ لإطلاق الأدلة وعدم تقييدها. لكن الأولى بالمسلم -وخاصّة في بلاد غير المسلمين- أن يحرص على نكاح المسلمة؛ لتعينه على الثبات على دينه، وليساهم في إحصان مسلمة قد لا تجد كفئاً يتزوجها. وكل زواج لا بد فيه من ولي للمرأة سواء كانت مسلمة أو كتابيّة فيزوّجها أبوها إن كان موجوداً وعلى نفس دينها، ولا مانع من أن يعقد الإمام هذا العقد. أما الزواج بغير ولي فهو زواج فاسد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل". أخرجه أبو داود (2083) ، والترمذي (1102) ، وابن ماجة (1879) بسند صحيح. فإن لم يكن أبوها موجوداً فالأقرب من أوليائها ممن على نفس دينها. فإن لم يكن لها وليُّ بأن كانت منقطعة أو كان أقاربها على غير دينها فإني أرجو أن لا حرج في أن يتولى إمام أو رئيس المركز الإسلامي دور الولي في عقد النكاح بإذنها، والله الموفق والهادي وهو أعلم بالصواب.

زواج الكافر والمرتد من المسلمة

مسلمة تزوجت من نصرانى فما الحكم؟ المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة التاريخ 22/7/1422 السؤال تزوجت مسلمة من مسيحي (أمريكي) . فما حكم الشرع في ذلك؟ حيث إن كثيراً من الناس أفتوا بكفرها، وهل إذا تابت ورجعت تُقبل توبتُها أم لا؟ الجواب ج: هذا الزواج من المحرّمات؛ لأنه مخالف لقوله تعالى ((لا هن حلّ لهم ولا هم يحلُّون لهنّ)) أما كونه كفراً فليس بكفر. وإذا تابت وصدقت بتوبتها فإنه يُغفر لها إن شاء الله؛ لقول الله تعالى: ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً..)) وقوله: ((إنّ الله لا يغفر أن يُشْرَكَ به ويغفر ما دون ذلك)) فقد استثنى الله الشرك.

بقاء الزوجة مع من يسب الدين

بقاء الزوجة مع من يسب الدين المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة التاريخ 7/6/1424هـ السؤال ما حكم رجل سبَّ الدين؟ وما حكم بقاء زوجته معه؟ مع العلم أنها قامت بنصيحته ووعدها بألا يعود ولكنه يحنث. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، سب الدين يتضمن بغض دين الإسلام الذي هو دين الله، ومن يبغض دين الإسلام فإنه كافر، وإذا وقع ذلك من مسلم صار مرتداً، وحرمت عليه زوجته لأنها مسلمة وهو كافر، ولا يجوز للكافر أن ينكح المسلمة بحال، لكنه إذا تاب ورجع إلى الله وتاب توبة نصوحاً فهما على نكاحهما، يعني فهي زوجته على ما كانت عليه، إلا أن يتمادى في كفره حتى تنقضي العدة، فإذا انقضت العدة فإن أهل العلم يختلفون في بقاء النكاح، ولهم في ذلك استدلالات وتفصيلات ليس هذا موضع ذكرها، فالواجب على المسلم أن يعظم دين الإسلام وأن يحترمه بقلبه وبلسانه وبجوارحه، ولا يتهاون بالكلام المنكر، فرب كلمة يطلقها العبد لا يلقي لها بالاً يشقى بها أبد الآباد، كما جاء في الحديث الصحيح: " ... إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله - عز وجل- لا يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله - عز وجل- بها عليه سخطه إلى يوم القيامة" رواه أحمد (15852) ، والترمذي (2319) وابن ماجة (3969) فالحذر الحذر، نسأل الله السلامة والعافية، ونعوذ بالله من زيغ القلوب ومن طاعة الشيطان، فهو العدو المبين الذي من استجاب له قاده إلى عذاب السعير نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن عذاب الله وهو سبحانه وتعالى حسبنا ونعم الوكيل.

بقاء المسلمة في عصمة الكافر

بقاء المسلمة في عصمة الكافر المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة التاريخ 29/4/1423 السؤال قرأت فتوى تجيز للمرأة التي أسلمت أن تبقى مع زوجها النصراني لا بقاء عقد الزواج فحسب، وإنما يجوز له معاشرتها وهو على كفره، واستدل بأثرين عن علي -رضي الله عنه- وعن الزهري، فهل يحمل الأثران على بقاء العصمة مع التربص دون المواقعة كما هو مذهب شيخ الإسلام وابن القيم؟ أرجو التوضيح والله يرعاكم. الجواب عدم جواز بقاء المرأة المسلمة في عصمة الكافر قول جمهور أهل العلم، بل نقله بعضهم إجماعاً كابن المنذر وابن عبد البر، وإنما الخلاف بينهم هل تقف الفرقة على انقضاء عدة المرأة أو أنها تقع في الحال؟ قال الموفق في المغني:"فأما إن أسلمت الكتابية قبله وقبل الدخول تُعجلت الفرقة سواء كان زوجها كتابياً أو غير كتابي، إذ لا يجوز لكافر نكاح مسلمة. قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من أحفظ عنه من أهل العلم" وإن كان إسلامهما بعد الدخول فالحكم فيه كالحكم فيما لو أسلم أحد الزوجين الوثنيين، وقال الحافظ ابن حجر:"ولم يذهب أحد إلى جواز تقرير المسلمة تحت المشرك إذا تأخر إسلامه عن إسلامها حتى انقضت عدتها، وممن نقل الإجماع في ذلك ابن عبد البر". والناظر في كلام أهل العلم في هذه المسألة يرى أنها لا تخرج عن قسمين، أحدهما: أن يكون إسلام المرأة قبل الدخول، وفي هذه الحالة تقع الفرقة على الفور بالإجماع -على ما تقدم-. والثاني: أن يكون إسلامها بعد الدخول وفي هذه الحالة اختلف الفقهاء على قولين، أحدهما: تقف الفرقة على انقضاء العدة؛ لما أخرجه مالك (1178) والبيهقي (7/186) عن ابن شهاب قال:"كان بين إسلام صفوان بن أمية وامرأته بنت الوليد بن المغيرة نحو شهر، أسلمت يوم الفتح، وبقي صفوان حتى شهد حنيناً والطائف وهو كافر، ثم أسلم، فلم يفرِّق النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما، واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح" ... وقال ابن عبد البر: وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده. وهذا القول هو الظاهر عندي؛ لما تقرر عن السلف من عصر الصحابة ومن بعدهم، قال ابن شهاب:" أسلمت أم حكيم يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة حتى أتى اليمن، فارتحلت حتى قدمت عليه اليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم فبايع النبي -صلى الله عليه وسلم- فثبتا على نكاحهما مالك في الموطأ (1180) والبيهقي (7/187) . وقال ابن شبرمة: كان الناس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسلم الرجل قبل المرأة، والمرأة قبل الرجل فأيهما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة فهي امرأته، وإن أسلم بعد العودة فلا نكاح بينهما، ولأن أبا سفيان خرج فأسلم عام الفتح قبل دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة ولم تسلم هند امرأته حتى فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة فثبتا على النكاح، وخرج أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية فلقيا النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح بالأبواء فأسلما قبل نسائهما، ولم يُعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فرَّق بين أحد ممن أسلم وبين امرأته، ويبعد أن يتفق إسلامهما دفعة واحدة.

زوجوا ابنتهم لرافضي

زوجوا ابنتهم لرافضي المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة التاريخ 26/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن عائلة من أهل السنة والجماعة- والحمد لله- قبل عام تقريبًا تقدم لخطبة أختي شخص من عائلةٍ روافض، فرفضنا طلبهم، فأعادوا الكرة وبإلحاح، فأردنا أن نصرفهم، فقلنا لهم: أمهلونا مهلة للتفكير، وبعد فترة استجبنا لطلبهم، فسارعوا إلى العقد بصورة غير معقولة، ولا نعلم كيف وافقنا على ذلك، وكأننا قد سحرنا، والله الذي لا إله إلا هو لم نشعر بعظم الجريمة إلا بعد فترة من زواجها، فندمنا ولات ساعة مندم، حتى أبي الذي يحمل أفكار مخالفة للدين تندَّم على ذلك، وهي الآن حامل، وأعلمكم حفظكم الله أنهم يتعاملون بالسحر لأننا لا ندري كيف حدث هذا. فهل هذا الزواج صحيح؟ وهل نحن آثمون، وهل تنفع لنا توبة؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن من أعظم حقوق المولية على وليها، سواء كانت بنتًا أو أختًا، اختيار الزوج الصالح لها؛ رعايةً لدنياها وأخراها، يدل على ذلك ما أخرجه سعيد بن منصور (591) والبيهقي في سننه 7/82، من طريق أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما، قالت: إنما النِّكاحُ رِقٌّ فَلْيَنْظُر أحدُكم أين يُرِقُّ عَتِيقَتَهُ. وقد حذر صلى الله عليه وسلم من رفض صاحب الدين والخلق، وأخبر أنه سبب للفتنة في الأرض والفساد العريض. انظر جامع الترمذي (1084) وسنن ابن ماجه (1967) . ومن أعظم الفساد تزويج المؤمنة لكافر لا يؤمن بالله واليوم الآخر، أو تزويجها لمبتدع في الدين، أما الكافر فلا يجوز للمسلمة البقاء في عصمته باتفاق المسلمين؛ لقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكين حَتَّى يُؤْمِنوا ... ) [البقرة: من الآية221] . وإذا كان المبتدع عنده بدعٌ مكفِّرة فكذلك لا يجوز البقاء معه، وأصل النكاح فاسد، يفرق بينهما، ولو كانت المرأة حاملًا؛ فإن هذا يكون كنكاح الشبهة، كما أنه لا يؤمّن على المرأة أن يفسد عقيدتها، ولا شك أن من زوَّج المبتدع أو رضي بذلك فهو آثم، وأما التوبة فبابها مفتوح إلى قيام الساعة، وأما المبتدع بدعة غير مكفِّرة فإنه يختلف حاله بحسب البدعة، وإذا كنتم تدعون أن تزويجكم جاء عن طريق السحر، فإن هذه المسألة مردها المحكمة الشرعية، فإذا ثبت ذلك فإنه نكاح باطل؛ لأن الرضا شرط من شروط النكاح. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نصراني يريد الزواج بمسلمة

نصراني يريد الزواج بمسلمة المجيب محمد بن عبد الله المجلي قاضي بالمحكمة العامة في محافظة دومة الجندل التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة التاريخ 16/11/1425هـ السؤال أنا نصراني، متزوج، وعندي ولدان، لكنني أحب فتاة مسلمة وهي تحبني، أريد الزواج منها سرًّا دون أن يعرف أحد؛ لأن أهلي سيقتلوني إن عرفوا أنني تزوجت مسلمة، وزوجتي ستأخذ الأولاد وتهرب مني معهم. ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، أما بعد: أولًا: أدعو السائل إلى التعرف على دين الإسلام والدخول فيه، فهو الدين الذي لا يقبل الله من أي إنسان سواه بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الدين الذي بشر به عيسى، عليه الصلاة والسلام، النصارى حين قال: (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [الصف: 6] . وأقول للسائل ما قاله ربنا عز وجل: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ) [آل عمران: 64] . وإن المؤمن بعيسى، عليه السلام، حق الإيمان والمتبع له حق الاتباع يجب عليه الإيمان بدين محمد صلى الله عليه وسلم، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم قد بعث إلى الناس كافة؛ العربي منهم وغير العربي، حتى اليهود والنصارى؛ لأن عيسى عليه السلام، أخبر عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه باتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". أخرجه مسلم (153) . لذا فإني من حبي للخير لهذا السائل ومن الشفقة عليه، أدعوه إلى طاعة عيسى عليه السلام في أمره باتباع النبي محمد عليه الصلاة والسلام، والإيمان بدينه الإسلام؛ حتى ينجو من عذاب الله يوم القيامة. ثانيًا: الجواب على سؤال السائل، هداه الله، هو أن الشريعة الإسلامية تحرم زواج المرأة المسلمة من غير المسلم؛ لقوله تعالى: (وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ) [البقرة: 221] . وقوله عز وجل: (وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) [النساء: 141] . والزواج الذي أباحه الإسلام من غير المسلمين هو زواج الرجل المسلم من المرأة غير المسلمة النصرانية أو اليهودية فقط؛ لقوله سبحانه وتعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ) [المائدة: 5] . أما زواج المرأة المسلمة من رجل غير مسلم حتى لو كان يهوديًّا أو نصرانيًّا فإن الإسلام لا يبيحه لما سبق ذكره، لذا فإنه لا سبيل إلى الزواج من المرأة المسلمة التي ذكر السائل إلا بدخوله دين الإسلام، وعليه ألا يمنعه الخوف من أهله أو مما يترتب على دخوله الإسلام- من الدخول في الإسلام، لأن الخوف من ذلك ليس عذرًا مقبولًا عند الله، ولأن الدخول في دين الإسلام فيه سعادة الدنيا والآخرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

نكاح الزانية

زواج الزاني بمن زنى بها وما يترتب عليه المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 20/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إلى فضيلة المشايخ العلماء:- حفظهم الله تعالى ونفع بعلمهم-. هذا السؤال موجه إليكم من بعض إخوانكم من طلبة العلم المقيمين في بلاد الغرب، وهو سؤال فقهي، ونصه: هناك بعض الشباب ممن قدم إلى هذه البلاد يرتبط حال قدومه بامرأة من النصارى ارتباطاً غير شرعي، ويقدر أن يرزقا أولاداً من هذه العلاقة، وبعد مرور فترة من الزمن يصحو ذلك الشاب من غفلته، ويريد أن يرجع إلى الله ويتوب إليه، ولكن يجد أمامه بعض العراقيل التي تجعله يبعد عن درب النجاة. فهل يجوز لهذا الرجل أن يستمر مع هذه المرأة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم هل يلزمه إنشاء عقد جديد عليها؟ وكم هي مدة الاستبراء أهي شهر أو أكثر؟ وما حكم أولاده منها قبل هذا العقد؟ هل ينسبون إليه أم لا؟ إذا كانت الإجابة لا فكيف يتعامل معهم؟ وهل يرثونه في حال موته أو العكس؟ علماً أن هؤلاء الشباب في تلك الفترة قد لا يصلون أصلاً، وبعضهم قد يصلي، فما هي الإجابة في الحالتين؟ هذا السؤال في غاية الأهمية، فأفتونا مأجورين إن شاء الله وبارك الله فيكم، ولا تنسونا من صالح نصحكم لنا ولمثل هؤلاء الشباب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فمن زنا بامرأة وارتبط معها ارتباطاً يعلم أنه ليس نكاحاً بل مجرد علاقة غير شرعية لا يعتبرها نكاحاً، فهو آثم في فعله عليه التوبة منه، وإذا أراد الزواج من هذه المرأة فعليه التحقق من عدم رغبتها في الزنا واجتنابها حتى يستبرئ رحمها بأن تحيض أو تضع حملها إن كانت حاملاً، ثم يعقد عليها بعد ذلك. وأما إن ارتبط بها معتقداً أن ارتباطه بها يكفي عن عقد النكاح وكان لا يصلي، فعلاقته تكفي عن عقد النكاح، أما المصلي فلا يكفي الارتباط ليكون زواجاً إلا بالإجراء الشرعي من الإيجاب والقبول. والسبب في التفريق بين المصلى وغيره أن غير المسلمين يقرون على أنكحتهم إذا اعتقدوا صحتها، سواءٌ في ذلك المرتد والكافر الأصلي. وليحذر المسلم من الزنا فإنه من كبائر الذنوب، قال تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب" [الفرقان:68-69] ، وعليه أن يتوب وليحرص أن يعقد نكاحه على من تكون معنية له على دينه وهو في أوساط الكفار بأن يتزوج المسلمة ويترك غيرها، مع أن نكاح الكتابية جائز إذا كانت عفيفة، لكن المسلمة أولى منها.

أما الأولاد الذين يكونون ثمرة العلاقة فإن كانت علاقة يعتقدها الشخص كافية عن النكاح فهم أولاده لا شك، وأما إن كان يعتبر علاقته زنا، أو كان مسلماً فإن الأولاد أولاد زنا، وولد الزنا ينتسب لأمه دون شك، وهل يصح انتسابه للزاني؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، والذي يظهر أن المرأة إذا كانت لا تزني بغير هذا الزاني، ولا ترتكب الزنا مع غيره ولم يجامعها سواه، وهي غير متزوجة فإن للزاني أن يستلحقهم بنسبه، ويكونون أبناءً له، وهذا هو مذهب الحسن البصري وإسحاق وسليمان بن يسار، ومال إليه العلامة ابن القيم في زاد المعاد (5/425) ، ويشهد له ما في حديث جريج، لما قال للغلام الذي زنت أمه بالراعي من أبوك يا غلام؟ قال: فلان الراعي، متفق عليه عند البخاري (2482) ومسلم (2550) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. هذا ما يظهر لي في هذه المسألة، سائلاً الله التوفيق للجميع.

اكتشف حملها بعد الزواج

اكتشف حملها بعد الزواج المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 18/6/1424هـ السؤال لقد سبق لي الزواج من فتاة أوربية مسلمة، ويعلم الله سبحانه وتعالى لم أتزوجها إلا لأنها مسلمة، ولم يكن الهدف إلا العفاف, فإذا هي حامل في الشهر الثاني، لقد اكتشفت بأنها تخونني في فراش الزوجية، ولقد وجد الدليل، وتم اعترافها ضمنيا على هذه الفعلة الدنيئة, أفيدوني جزاكم الله ألف خير، ماذا أفعل؟ وما هو رأي الدين في ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: إن ثبت أن المرأة كانت حاملاً قبل العقد عليها فالنكاح باطل، لما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا توطأ حامل حتى تضع" رواه أحمد 3/28 وأبو داود (2157) والدارمي (2295) ، والبيهقي (9) والحاكم (2/212) وقال: صحيح على شرط مسلم (1240) ، قال الحافظ ابن حجر إسناده حسن التلخيص الحبير (1/171) ، أما إن حملت بعد العقد فالأصل أن الولد للزوج لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" رواه البخاري (2105) ، ومسلم (1457) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها - أما إن قذف الرجل زوجته فيسقط عنه الحد باللعان، وكذا نفي الولد لابد فيه من اللعان لنفيه، قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ" [النور: 6-9] . وروى سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أن عويمرا العجلاني قال: يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها، قال سهل فتلاعنَا وأنا مع الناس، رواه البخاري (5002) ، قال ابن شهاب: فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين، وكانت حاملاً وكان ابنها يدعى لأمه، قال ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله له، انظر صحيح البخاري (5/2033) ، وعلى الأخ السائل أن يتقي الله تعالى، ولا يستعجل في قذف أهله حتى يتحقق من صحة ذلك، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

حكم عقد الرجل الزاني على من زنى بها

حكم عقد الرجل الزاني على من زنى بها المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 8/9/1422 السؤال رجل محصن زنى بامرأة بكر، وبما أنه يعيش في بلد علماني فالحل عندهم هو الزواج بالمزني بها إذا كانت بكراً، وهذا ما ينوي فعله، فزوجته الأولى تسأل عن حكم علاقتها بهذا الزوج الزاني سواء إذا تزوج بهذه المرأة أو لم يتزوج بها. الجواب أما حكم علاقة الزوجة الأولى به فهو بقاء عقد الزوجية صحيحاً وهي في عصمته، ولها أن تطلب الطلاق إن لم يتب؛ لأن الزنى من سوء الخلق المجيز للمرأة طلب الطلاق، وهذا الحكم لا يختلف سواء تزوج بمن زنى بها أم لم يتزوج، وأما زواجه بمن زنى بها فهذا حسنُُ إصلاحاً لما أفسدا، لكن عليهما التوبة من الزنى لقوله - جل وعلا -: " وتوبوا إلى الله جميعاًأيهاالمؤمنون لعلكم تفلحون " " (النور: 31) وينبغي أن تكون التوبة قبل إبرام عقد الزواج، لأن طائفة من أهل العلم يشترطون على الزانيين التوبة ليصحّ زواجهما، لقوله - جل وعلا -: " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " (النور: 2) .

الزواج بالحامل من زنى

الزواج بالحامل من زنى المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 4/7/1423هـ السؤال رجل تزوج بامرأة حامل من زنى، هل العقد صحيح؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: لا شك أنه يجدر بالمسلم أن يحرص على الاقتران بالزوجة الطيبة العفيفة، التي تعينه على دينه وتحفظه في غيبته. وإذا زنت المرأة فإنه لا يجوز للمسلم أن يتزوجها ولا يصح عقده عليها إلا أن تنتهي عدتها بوضع الحمل إن كانت حاملاً أو بالحيض إن لم تكن حاملاً، ولو كان الزنى من الخاطب نفسه كما هو مذهب أحمد وأهل المدينة وجمهور أهل العلم، وهو الأحوط والأبرأ للذمة. وهذا إن كانت معذورة في الزنى كأن تكون مكرهة، فإن كانت آثمة فإنه يضاف شرط آخر، وهو: أن تتوب من الزنى؛ لقوله -تعالى-:"والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحُرم ذلك على المؤمنين" [النور:3] . والحاصل أن الزواج بالمرأة الحامل من الزنى نكاح باطل على الصحيح من أقوال أهل العلم، وعلى من عقد على حامل أن يجتنبها حتى تضع حملها ثم يعقد عليها مرة أخرى بعد وضعها للحمل -إن رغب-، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

زواج الزاني من المزني بها

زواج الزاني من المزني بها المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 25/2/1423 السؤال السؤال: تعرفت على فتاة وحدث بيني وبينها اتصال وحملت مني، فعقدت عليها، وبعد العقد قمت بالذهاب بها لطبيب، وقام هذا الطبيب بإجهاض الحمل حيث كانت حاملاً في الشهر الرابع أو الخامس، وبعد الإجهاض بسنة أعلنت الزواج منها، ورزقني الله منها أولاداً. أرجو أن تنبهوني ماذا أفعل؟ الجواب أولاً: زواج الزاني من المزني بها فيه خلاف بين أهل العلم على قولين: أرجحها أنه لا يجوز إلا أن يتوبا من هذه الفعلة الشنيعة، كما هو ظاهر القرآن الكريم قال -تعالى-:" الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور:24] . ثانياً: أن الزاني والزانية لو تابا من الفاحشة وأحبّا أن يتزوجا فإن أهل العلم اشترطوا ألا يكون ثمَّ حمل من الزنى، بمعنى أنه لا بد من استبراء الزانية بحيضة يُعلم بها طهارة رحمها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:" لا يحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره" رواه أبو داود (2158) من حديث رويفع بن ثابت الأنصاري. والولد من الزنا لا ينتسب إلى أبيه شرعاً. والعقد بهذا يكون عند الجمهور باطلاً، وحينئذٍ يجب عليكما أن تجدّدا العقد بينكما، والعقد السابق تكون آثاره من انتساب الولد والذرية صحيحاً؛ لأن الموطوءة بشبهة حكم آثارها كحكم الموطوءة بعقد صحيح عند أهل العلم. وعليه فأولاد المرأة هم أولادك شرعاً وديانةً وقضاءً، إلا أنه يجب عليك من حين العلم أن تجدد عقدك السابق؛ لأنك عقدت عليها ولمّا تعتد المرأة؛ لقوله -تعالى-: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" [البقرة:235] وهي العدة. ثالثاً: إجهاض الجنين بعدما يتخلّق في بطن أمه وبعد نفخ الروح فيه محرم بإجماع أهل العلم؛ لأن الجنين أصبح نفساً، وقد قال -تعالى-:" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" [الأنعام:151] ويجب على الزوجة وعلى المسقط عتق رقبة كفارة لقتل الخطأ، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين لآية القتل الخطأ المذكورة في سورة النساء. وكذلك يجب على المسقط أيضاً غرة (عبد أو وليدة) أو نصف عشر الدية، وهي خمس من الإبل أو خمسون ديناراً، وهذا مذهب الأئمة الأربعة -رحمهم الله- أو ما يعادلها من النقود الورقية.

الزواج بمن زنى بها

الزواج بمن زنى بها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 26/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وقعت في الزنى من فتاة بكر، والآن ندمت وتبت إلى الله، ولكن الفتاة قالت لي يجب أن تتزوجني، والمشكلة أني لا أحبها. (1) لا أملك المادة للزواج الآن. (2) هي ليست متدينة، وأنا أبحث عن فتاة متدينة تعينني على ديني. (3) هي من عائلة مسلمة بعيدة عن الإسلام فوالدها يشرب الخمر، وعائلتي متدينة والحمد لله، ولذلك سأقع في مشاكل مع عائلتي، فسؤالي هل يجب علي الزواج منها أم ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله وحده وبعد: لا يلزمك الزواج بالمرأة المذكورة، بل إذا كانت لا تزال تقع في الزنا فإنه يحرم عليك أن تتزوجها، وأوصيك بعدم الخلوة بالنساء الأجنبيات عنك، وعدم مشاهدة ما يثير الغرائز من المحرمات، وعليك بكثرة الصيام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

زواج الزاني بالزانية

زواج الزاني بالزانية المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 24/10/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم تعرفت على فتاة وعاشرتها معاشرة الأزواج ولم أجدها بكرا، وقبل أن أخطبها أخبرتني أنها سبق لها الزواج وهي في التاسعة عشرة من شخص اغتصبها وحملت منه وكان الزواج عبارة عن إقرار من الرجل بأنها زوجته. وقد أجهضت عن طريق الطبيب في الشهر الثالث لأن الزواج كما قالت كان سريا، وبعد فترة انفصلوا وأعادت الكرة مع مسيحي بإقرار أيضا أنها زوجته، ومات منذ أربع سنوات. فهل يجوز الزواج منها؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. فبعد فالجواب: أنه قد اتضح من سؤالك أيها السائل أنك وتلك المرأة كل منكما زان، فإنك تقول بأنك عاشرتها معاشرة الأزواج، ثم هي قد رضيت بذلك، وأعادت زناها مع غيرك، والزنا جريمة عظيمة قد حرمها الإسلام، قال تعالى: "وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً" [الإسراء:32] . لكن إن تاب كل منكما توبة نصوحاً جاز الزواج منكما، فيجوز لك الزواج أيها السائل من تلك المرأة، وقد نص العلماء على ذلك، فقد جاء في منار السبيل في شرح الدليل ما نصه (وتحرم الزانية على الزاني وغيره حتى تتوب وتنقضي عدتها، لقوله تعالى: "َالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ" الآية، [النور: 3] فإذا تابت وانقضت عدتها حلت لزان كغيره في قول أكثر أهل العلم؛ منهم أبو بكر وعمر وابنه وابن عباس وجابر - رضي الله عنهم - " انتهى، والله أعلم.

أرغم على الزواج ممن زنى بها

أرغم على الزواج ممن زنى بها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 2/5/1424هـ السؤال ما حكم من تزوج بفتاة كان على معرفة غير شرعية بها؟ فلما انكشف أمرهما عرض عليه أهل الفتاة إما الزواج بها أو إبلاغ الجهات المختصة، فوافق هذا الشاب على الزواج وهو مرغم، وعلى نية تطليقها بعد فترة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن كان الأخ السائل قد عقد على المرأة المذكورة قبل الحمل فقد صحح هذا العقد بعض العلماء، أما إن كانت حاملاً بسبب زناه بها فلا يصح العقد، وعليه تجديده بعد وضعها إذا تحقق توبة المرأة مما فعلته، قال تعالى: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين"َ [النور:3] ، وأشير هنا أن الزنا من كبائر الذنوب، قال تعالى: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً" [الفرقان:69] ، فعلى الأخ السائل التوبة لعل الله تعالى أن يتوب عليه، قال تعالى: "إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الفرقان:70] ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الزواج بالزانية المطلقة

الزواج بالزانية المطلقة المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 01/11/1425هـ السؤال ما حكم الزواج بالزانية المطلقة؟ علمًا بأن الزاني زنا بها وهي متزوجة، وأنها حملت من الزاني وأنجبت، فهل يحل للزاني الزواج بها؟ علمًا بأنه زنى من دون أن يعلم أنها متزوجة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالجواب على ذلك كالتالي: أولًا: الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) [الفرقان:68] . وعقوبة الزاني البكر جلد مائة وتغريب عام، قال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور:2] . وجاء التغريب في جملة أحاديث رواها البخاري (2696) ومسلم (1698) . وأما الزاني الثيب فحدّه الرجم حتى الموت، كما صحت بذلك الأخبار عنه- صلى الله عليه وسلم- فقد رجم ماعزًا- أخرجه البخاري (6824) ومسلم (1693) - والغامدية، رضي الله عنهما. أخرجه مسلم (1695) . ثانيًا: ما يتعلق بالحمل فإنه لصاحب الفراش، وهو الزوج، ما لم ينفه، لما روته عائشة، رضي الله عنها، قالت: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ. قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَالَ: ابْنُ أَخِي، قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي، كَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ". ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ". رواه البخاري (2053) ومسلم (1457) .

ثالثًا: لا يجوز للزاني أن يتزوج من زنى بها إلا إذا تحققت توبتهما مما فعلاه، قال تعالى: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور:3] . فعلى الأخ السائل التوبة والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة لذلك، قال تعالى: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان:70] . والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تزوجها قبل توبتها من الزنا

تزوجها قبل توبتها من الزنا المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 16/6/1425هـ السؤال سؤالي: أجاز الله -تبارك وتعالى- الزواج من الكتابيات, لكنه اشترط فيهن الإحصان والعفة, قال تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، فهل يصح أن يقال لرجل عاشر امرأة نصرانية، وزنا بها بأن عقده على هذه النصرانية غير صحيح؛ لأنه أخل بشرط من شروط الصحة وهو العفة, لأنها عند عقد النكاح لم تكن قد تابت من الزنا معه, مع العلم أن هذا الرجل وفقه الله لإسلام زوجته, وهي الآن مسلمة وحسن إسلامها, وقد بقيت مع زوجها هذا فترة ليست بالقليلة, وله منها أطفال, السؤال تحديداً: هل يجب عليهما إعادة عقد النكاح؟ وإذا كان الجواب بنعم, هل يؤمر بفراقها حتى يجدد العقد؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: الجواب: أولاً - نحمد الله -تعالى- أن منَّ على هذه المرأة بالهداية للإسلام، والإسلام يجبّ ما قبله من الذنوب. ونسأل الله لنا ولها الثبات عليه. ثانياً - لا يجب عليه إعادة عقد النكاح، ولو كان زانياً بالمرأة المعقود عليها عند العقد؛ لأن نكاح الزانية صحيح عند جمهور العلماء، فقد قال بصحته أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم، وقد سئل ابن عباس -رضي الله عنهما- عن نكاح الزاني للزانية فقال: أوله حرام وآخره حلال، وروي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- ضرب رجلاً وامرأة بسبب زناهما، ثم حرص أن يزوجهما من بعضهما. (انظر: الشرح الكبير لابن قدامة 20/ 337) . والمرأة الكتابية حكمها حكم المرأة المسلمة في كل ما يتعلق بالنكاح كما قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - في كتاب الأم (ج 5:ص 9) : (الكِتابية فِي جَمِيعِ نِكَاحِهَا وَأَحْكَامِهَا الَّتِي تَحِلُّ بِهَا وَتَحْرُمُ كَالمسْلِمَةِ لا تُخَالفها فِي شيء وفيمَا يَلْزَمُ الزَّوْج لها.. الخ) . أما الآية التي ذكرها السائل، وهي قوله تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة: 5] ، فقد نصت على المحصنات، وقد فسَّر جمهور العلماء الإحصان بالعفة , وذهب آخرون ومنهم ابن عباس - رضي الله عنهما- إلى تفسيرها بالحرية، وأن المراد بالمحصنات الحرائر وليس المملوكات، وكلا التفسيرين صحيح وموافق للغة القرآن، وليس المراد بيان هذا الآن. والمقصود أن اشتراط الإحصان في المرأة الكتابية، وكذا التوبة من الزنا بالنسبة للمرأة الزانية هذا كله قبل إجراء عقد النكاح، أما وقد تم العقد - بالنسبة لصاحب هذا السؤال - وحصل إنجاب وغيره فلا يجب تجديد العقد، ولو كان السؤال قبل العقد لتغير الحال، والله أعلم. وعلى السائل التوبة إلى الله مما وقع منه، والإكثار من الاستغفار حتى يكفر الله عنه ما فعل، وليبشر بالخير، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حملت منه سفاحا ثم أراد نكاحها

حملت منه سفاحاً ثم أراد نكاحها المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 05/07/1425هـ السؤال لقد تعرفت على امرأة نصرانية وجامعتها بالحرام عدة مرات، وفوجئت بأنها حامل، واتفقنا على الزواج في بلدها، فهل يجوز عقد النكاح المتعارف عليه في بلدها؟ (أي طريقتهم في النكاح) ، وما حكم الولد بعد الزواج أثناء الحمل؟ أو ما حكم الزواج بعد وضع الحمل؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أخي السائل: تاب الله -تعالى- عليك، لقد تضمن سؤالك ثلاثة أسئلة، وإليك الجواب عنها: أولاً: سؤالك هل يجوز عقد النكاح المتعارف عليه في بلدها (أي طريق في النكاح؟) . الجواب: في الحقيقة أن في هذا السؤال إجمالاً، فما هو المقصود بطريقتهم في النكاح؟ فإن كان المقصود طرق توثيقه رسمياً فالأصل جواز ذلك؛ لأن توثيق عقد النكاح أمر خارج عنه، أما إذا كان مراد السائل الطقوس الدينية التي يمارسونها عند إبرام عقد النكاح، فهذا لا يجوز للمسلم أن يرضى به؛ لأن فيه موافقة لما هم عليه من كفر، وهذا وإن لم يكن فيه أثر على عقد النكاح إذا تحققت أركانه وشروطه، إلا أن فيه خطراً على عقيدة الزوج ودينه، قال الشيخ خالد عبد القادر في كتابه فقه الأقليات المسلمة صحيفة (452) : من المعلوم أن العقد يتم فيما يسمى (بمكتب الزواج المدني) ، المتخصص في شئون توثيق الزواج قبل أن يتم في المعابد، فإن تم قبله وكان مستكملاً للأركان، مستجمعاً للشروط، فالعقد صحيح، وما يتم بعد ذلك من حضور احتفال في المعبد فلا تأثير له في صحة العقد أو فساده، وإنما تأثيره على عقيدة الزوج؛ فقد يسبب له ذلك الكفر إن رضي به؛ لأن الرضا بالكفر كفر بإجماع الأمة، أو قد يطلب منه ترديد عبارات، أو القيام بممارسة أعمال تعتبر ردة في ذاتها، والمسلم ينأى بنفسه عن ذلك، ولو خسر متاع الدنيا بأكمله، قال تعالى: "وما عند الله خير وأبقى" [القصص:60] ، وليكن معلوماً أن من ضحى بمصلحة دنيوية في سبيل حماية دينه وعقيدته فإن الله -سبحانه- سيجعل له فرجاً ومخرجاً من حيث لا يحتسب، وأما من تم عقده في معبد لأهل الكفر ... ، إلى أن قال: (وليبين على من فرط في حق الله وليبين لإخوانه ضرر هذا المسلك ومفاسده حتى لا يسلكه غيره ممن حوله، وإن كان حضوره في المعبد لمجرد إشهاره أمام القسيس الحبر، فقد ارتكب إثماً عظيماً؛ لما في ذلك من مشابهة الكفار في شعائر الزواج وتعظيم مشاعرهم ومعابدهم، ونبينا - عليه الصلاة والسلام- يقول: "من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - ا. هـ، والمقصود أن عقد الزواج سواء كانت الزوجة مسلمة أو كتابية لا بد أن يكون وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ومن ذلك تحقق الشروط، وانتفاء الموانع، ومن الشروط الواجب توفرها: 1- أن يلي إنكاحها ولي كتابي على الصحيح من كلام أهل العلم؛ لأن غير المسلم له ولاية على مثله ولا يسلبها عنه كفره (راجع فقه الأقليات المسلمة للشيخ خالد عبد القادر صحيفة (441) ، وذكر أنه اختيار ابن قدامة، وقال بجوازه جماهير علماء الأمة) .

2- أن يُشْهِدَ على العقد شاهدين مسلمين عدلين، أو يعلن العقد للناس، فلا يجوز نكاح السر، وقال بعض أهل العلم إنه لا ينعقد - أي نكاح السر-. 3- من الشروط المهر وتسميته في العقد سنة إسلامية، ويصح كونه مؤجلاً، ويصح أيضاً تنازل المرأة عنه، والمهر حق خالص للمرأة؛ قال تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً" [النساء:4] . ثانياً: حكم الزواج بها بعد وضع الحمل: فالجواب: الأصل جواز نكاح المرأة الكتابية إذا كانت محصنة؛ قال تعالى: "اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان"، الآية [المائدة:5] ولقد اختلف الفقهاء والمفسرون في معنى كلمة (الإحصان) في الآية، فمعظمهم قال إن معنى الإحصان هو الحرية، وممن اختار هذا ابن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآية، ومنهم من فسر معنى الإحصان بالعفة، وقال إن المحصنات في الآية من العفة، وعليه فإنه يحرم على المسلم نكاح البغايا من الكتابيات، وهو قول جمع من أهل العلم، والواقع أن المسألة مختلف فيها، والأدلة فيها بالنسبة لي أمر محير؛ وذلك لأن الفقهاء اختلفوا أيضاً في حكم الزواج بالمسلمة الزانية التي لم تتب، قال ابن قدامة في الشرح الكبير (ج20) صحيفة (237) ، الشرط الثاني أي شروط الزواج بالزانية أن تتوب من الزنا، وبه قال قتادة وإسحاق وأبو عبيد، وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك: لا يشترط ذلك) ا. هـ، ثم ذكر أدلة موجزة، ولكنهم اتفقوا في الجملة على جواز نكاحها إذا تابت، ونصيحتي لكما أن تتوبا من هذه المعصية فإذا حققتما ذلك فيجوز لك أن تتزوجها بشرط أن يثبت أن الحمل منك، فإن كان من غيرك فلا يجوز لك أن تتزوجها وهي حامل. ثالثا: سؤالك عن حكم الولد. فالجواب: الراجح من كلام أهل العلم أنه إذا استلحق الرجل ولده من الزنا ولا فراش لغيره، أنه يلحق به والمراد بهذا أنه إذا كان المزني بها غير متزوجة فلم تكن فراشاً لأحد، فإن حملت من شخص من الزنا فإنه يجوز له استلحاقه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ففي استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشاً قولان لأهل العلم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، فجعل الولد للفراش دون العاهر، فإذا لم تكن المرأة فراشاً لم يتناول الحجر، مجموع الفتاوى (32/112/113-139) . والله أعلم.

نكاح الزانيين بعد التوبة

نكاح الزانيين بعد التوبة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 22/08/1426هـ السؤال سمعت خلافاً في تصحيح العلاقة المحرمة بين الرجل والمرأة وذلك بتزويجهما، فهل صحيح أن الصحابي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حرم ذلك، وقال: إن الذنب موجود وإن حصل التزويج بين الرجل والمرأة بعد وقوع الزنا؟! آمل إفادتي، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فجمهور أهل العلم على صحة نكاح الزانية بعد توبتها واستبراء رحمها من ماء السفاح، وقد روي عن بعض أهل العلم كما روي عن ابن مسعود -رض الله عنه- أنه جعل النكاح بين الزانيين محرماً على التأبيد حتى ولو تابا توبةً نصوحاً، ولعله أخذ بظاهر الآية: (الزاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً) [النور: 3] . لكن جمهور أهل العلم يخصونها بغير التائبَين، فهي عامة في كل زانٍ لم يتب؛ وإلا فإن من تاب من الزنا لا يقال: إنه زانٍ، والتائبة من الزنا لا يقال: إنها زانيةً، وعمومات أدلة الشريعة في الكتاب والسنة تدل على جواز نكاح الزانيَيْن بعد توبتها؛ فإن التوبة تجبّ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. ومعنى قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: إذا زنى الرجل بامرأة ثم تزوجها فهما زانيان أبداً؛ أي أن النكاح بينهما فاسدٌ لا اعتبار له، فصار ما بينهما سفاح لا نكاح؛ لأنه بغير عقد شرعي صحيح، وليس معنى كلامه أنه لا تقبل منهما توبة أبداً، بل التوبة منهما صحيحة، لكنه -رضي الله عنه- يحرم بينهما النكاح على التأييد. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مسائل متفرقة

السفر بالمرأة بعد العقد عليها المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 7/4/1422 السؤال أنا شخص عقدت قراناً على ابنة خالتي (عقد قران فقط) ، فهل يجوز أن تسافر بصحبتي؟ شاكرين لفضيلتكم تعاونكم. الجواب لا بأس بذلك؛ لأنها بعد عقد الزواج عليها زوجة يحل لزوجها منها ما يحل للزوج من زوجته.

الجلوس مع المخطوبة

الجلوس مع المخطوبة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 16/9/1422 السؤال هل يجوز تكرار الجلوس مع مخطوبتي في وجود محرم؟ الجواب يجوز تكرار الجلوس إذا كانت ساترة لجميع بدنها، ولم يكن هناك خلوة، أمّا إذا أظهرت شيئاً من بدنها، أو خلا بها فيحرم؛ لأنها لا تزال أجنبية مادام لم يحصل العقد، فإذا حصل العقد فهي زوجته، ولو لم يعلن الزواج.

ما يسن ليلة الزفاف

ما يسن ليلة الزفاف المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 1/4/1423 السؤال ما هي السنة الصحيحة والواجب اتباعها في ليلة الدخلة؟ وهل هناك دعاء معين يقال في تلك الليلة؟ وهل يؤم الرجل زوجته في صلاة ركعتين في تلك الليلة؟ وهل يجلس في بيته سبعة أيام لا يخرج للصلاة أو مقابلة الناس؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وبعد: ممّا يسن فعله ليلة الدخول على الزوجة السلام عليها، وملاطفتها بالحديث حتى تزول وحشتها، ولو وضع يده على جبهتها ودعا بالمأثور من مثل " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه" أبو داود (2160) الحاكم في مستدركه (2/543) واللفظ له، لكان حسناً. ولا بأس بصلاة ركعتين منفرداً أو آمّاً لزوجته على أن تكون خلفه إلا أنه لا يعتاد فعل هذه النافلة معها أو مع غيرها؛ لأنَّ النوافل لا تفعل جماعة على سبيل الدوام إلا في حدود الوارد كالتراويح في رمضان مثلاً. وأما عدم الخروج لأداء الصلاة سبعة أيام، أو أقل فأمر محرم لا يجوز فعله إذ إنَّ أداء الصلاة جماعة في المساجد واجب لا يعذر بتركه من أجل الزواج، وأما ترك مقابلة الناس سبعة أيام كذلك فأمر محدث لا أصل له في الإسلام فليحذر، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

زواج الإنسي من الجنية

زواج الإنسي من الجنية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 12/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم زواج الإنسان المسلم من المرأة الجنية المسلمة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب هذا سؤال فضولي لا فائدة فيه، ولا ينبغي الاشتغال بالكلام فيه، وهذا مخالف لسنة الله في التزاوج، فالله -تعالى- إنما امتن على عباده بأن خلق لهم أزواجاً من أنفسهم "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها" [الروم:21] فقوله:"من أنفسكم" يعني: من جنسكم، من بعضكم، فهذا يدل على أن زواج الإنس من الجن هذا مخالف للسنة الكونية، وليس الشأن في حكمه وجوازه، لكن هل ذلك ممكن، نعم هناك تزاوج يكون بعدوان الجن على الإنس، فإنه كثيراً ما يداخل المرأة الرجل من الجن، ويداخل الرجل من الإنس جنية، هذا هو الغالب ويكون من دوافع هذا العدوان وهذا المس العشق، كما عُلم من حال كثير من المصابين بمس من الجن نعوذ بالله من شياطين الإنس والجن، وهذا إنما يكون من فسقة الجن أو كفارهم، فإن مس الجن ودخولهم في الإنسان هو ضرب من الظلم والعدوان، فعلى الإنسان أن يتحصن من شياطين الإنس والجن بالأذكار الشرعية المختلفة المشروعة في سائر الأوقات، وأن يستعيذ بالله، الذي لا يقدر على دفع شرهم إلا هو -سبحانه وتعالى-، والله أعلم.

تزويج القاضي للفتاة المعضولة

تزويج القاضي للفتاة المعضولة المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 29/2/1425هـ السؤال أنا فتاة أبلغ من العمر السابعة والعشرين، تقدم لخطبتي فتى من أقاربنا وتمت الموافقة عليه من قبل جميع أهلي ما عدا والدي لم يكن هنالك أي سبب مقنع لرفضه لهذا الفتى. علماً بأن الفتى يعد ابن خالة والدي، وهو شخص ملتزم ومتعلم. سؤالي هو: ما حكم عقد قرانه عليِّ من قبل المحكمة الشرعية دون علم والدي؟ الجواب الحمد لله وحده وبعد: المرأة إذا تقدم لها الرجل الصالح ديناً وخلقاً فإن على وليها أن يزوجها قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ... ". وإذا رفض الولي من والد أو أخ أو غيرهما تزويجها فلْيُتَلَطَّفْ معه، ولْيُحَاور ويُجادَل بالتي هي أحسن، ويُستمع إلى وجهة نظره فإن كانت صواباً أُخذ بها، وإن كانت غير ذلك فيُدَلُّ على الصواب. أما إن كان رفضه لسبب غير مقبول شرعاً فإن عمله هذا عضل وقد قال الله - تعالى-: "ولا تعضلوهن" [النساء:19] ، والعضل أحكامه، فعلى المرأة - والحالة هذه - أن تتقدم للحاكم الشرعي (القاضي) والذي بدوره يسقط ولاية العاضل، ويقيم ولياً صالحاً، فإن لم يكن لها ولي فالقاضي وليها. وبالمناسبة فإنني أدعو كل امرأة يمارس عليها العضل أن تأخذ بما تقدم، وعلى القضاة أن يتقوا الله في حل هذه المشكلة التي أصبحت ظاهرة اجتماعية خطيرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

خاتم الخطوبة (الدبلة)

خاتم الخطوبة (الدبلة) المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 21/11/1422 السؤال ما حكم لبس خاتم الخطوبة أو الزواج للرجل والمرأة - الدبلة؟ الجواب أصل هذه الدبلة من معتقدات النصارى ثم انتقلت مع الأسف للمسلمين من غير علم ومعرفة بأصلها وصار هذا عادة عند كثير من المسلمين. فإذا لم يكن في لبسها أي اعتقاد كاعتقاد أنها سبب للمحبة أو دوام العشرة فلا حرج في لبسها للمرأة. وإن كان فيها اعتقاد فلا يجوز لأن تعليق الأسباب بغير الله لا يجوز. وأما الرجل فلا يليق به مثل هذا. وإنما يجوز له لبس الخاتم.

كراهية الزواج بين العيدين

كراهية الزواج بين العيدين المجيب د. حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 24/8/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أفيدونا مأجورين. كثيراً ما نسمع بكراهة من يكبروننا سناً للزواج في فترة ما بين العيدين، مبررين ذلك بوجود تشاؤم، فهل يوجد مانع شرعي يؤيد ذلك؟ أم هي مجرد عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان؟ الجواب ما ذكره السائل يشتهر بين العامة من الناس، وهو ما يسمى بالتطير، والتطير: هو التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم، فالتشاؤم بالمرئيات؛ مثل لو خرج من بيته فرأى غراباً فتشاءم منه، والتشاؤم بالمسموع؛ مثل لو أراد الإنسان سفراً فسمع إنساناً يقول لآخر: يا خسران فتشاءم من السفر، أما التشاؤم بالمعلوم؛ كتشاؤم البعض من السفر أو الزواج في بعض الأيام أو الشهور أو السنوات، ومنه ما ذكره السائل عن كبار السن في بلده أنهم يتشاءمون من الزواج بين العيدين؛ وهذا ينافي التوحيد؛ لأن المتشائم قطع توكله على الله وتعلق بأمر لا حقيقة له، وقد تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها - في شوال وبنى بها في شوال وكانت أحظى نسائه عنده وأحبهن إليه، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم (1423) في كتاب النكاح؛ باب: استحباب الزواج والتزويج في شوال واستحباب الدخول فيه، وكانت عائشة - رضي الله عنها- تستحب أن تدخل نساءها في شوال، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

الزواج وفق السنة

الزواج وفق السنة المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 6/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب زواجي قريب، وأريد أن يكون زواجاً كما أحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - من كل النواحي، أريد أن أعرف كيف كان زواج الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة - رضوان الله عليهم - والسلف - رحمهم الله - من بعدهم؟ وما هي السنن التي علي أن أفعلها؟ .. وهل أجعل يوم العرس وليمة صغيرة تقدم فيها للنساء محاضرة من إحدى الأخوات؟ أم أن الأفضل أن يكون يوم فرح؟ ويكون هناك مسجل للأناشيد؟ أو دف إسلامي؟ الجواب الزواج من المناسبات السعيدة الكريمة التي يتعين فيها إظهار السرور والفرح والغبطة والبهجة، فقد قال عليه السلام: "أعلنوا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف"الترمذي (1089) واللفظ له، وابن ماجة (1895) وأحمد (16130) ، وقال - عليه السلام - لعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: "أولم ولو بشاة" البخاري (2048) ، ومسلم (1427) ، فالوليمة في الزواج سنة مؤكدة بلا إسراف ولا تبذير، ولا خيلاء، فلا مانع من الجمع بإقامة وليمة للأقارب والجيران والأصدقاء، وإلقاء محاضرة لبيان منهج الإسلام في إقامة الزواج، وإظهار نعمة الله على الأمة بهذا المنهج القويم، وبيان أن الزواج للخلق آية، وهو من الله نعمة، وأنه يفتح أبواب الرزق، ويحفظ نصف الدين، وعقده ميثاق غليظ، مع الاستشهاد بالنصوص الواردة في هذا، ولا مانع من إضافة الأناشيد التي فيها ثناء على العريسين وأسرتيهما، وإظهار الفرح بهذا الزواج، فقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يصنع شيئاً لإطعام من حضر من الصحابة - رضوان الله عليهم -، وكان عبارة عن تمر وشيء من الزبد، انظر: البخاري (5169) ، ومسلم (1365) وفي زواجه من زينب - رضي الله عنها - كانت المائدة من الثريد واللحم، البخاري (5168) ، ومسلم (1428) ولا شك أن الشعور بالغبطة والبهجة والتحدث بنعمة الله على الناس بالزواج أمر مطلوب، ولا ريب أن البعد عن الإسراف والتبذير والخيلاء واختلاط الرجال بالنساء، لا ريب أن البعد عن هذه الأشياء سعى إليه الإسلام. ونرجو لكم التوفيق.

زواج عن طريق "الماسنجر"

زواج عن طريق "الماسنجر" المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 12/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي علاقة عمل بالماسنجر مع أحد الأشخاص وهو إمام مسجد. المشكلة الآن أنه بدأ يرمي ألفاظاً غريبة، يشعرني من خلالها بأنه يحبني ومعجب بي، وسبق أن سألني بشكل صريح هل نتزوج من خارج عائلتنا أم لا؟ مع العلم أنني غير متزوجة وهو كذلك! لم يصرح بالطلب لكن التلميحات واضحة. حاولت منعه من التلميح، لكنني فشلت في ذلك، المشكلة الكبرى أنه إن تقدم رسمياً فقد يُرفض، وهو الأرجح، وعندها سوف تتلطخ سمعتي بأقاويل ليس لها أساس من الواقع! وإن وافقوا عليه أخشى من الفشل.. فماذا أفعل؟ أرجو الرد بسرعة!!!. الجواب الحمد لله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد، فما زلنا نحذر مراراً أخواتنا الفتيات - على وجه الخصوص - من مغبة إقامة علاقات مع الشباب مهما كانت الدوافع أو المبررات، ومهما أظهر الطرف الآخر حسن النية وسلامة القصد، وقد أثبتت التجارب والحالات المشابهة سقوط الطرفين في مصيدة العشق والغرام، ومن ثم الانزلاق المهين في أوحال الفاحشة النجسة. وإن إثارة هؤلاء الشباب لقضية الزواج في خضم العلاقة القائمة بينهم وبين الفتيات، هو في شقه الأكبر ضرب من التخدير العاطفي، وكسب ثقة الطرف الآخر، وحتى لو صدقوا في دعواهم الزواج فإن دوام العشرة وقيام الأسرة الصالحة آخر ما يفكرون به، فالمقصود إذا هو قضاء الوطر، وتحقيق الوصال، ومن ثم قطع العلاقة بورقة الطلاق المعدة سلفاً. إن هذا الإمام الذي وصفتيه بالصلاح لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد ما ينفقه ماعز - رضي الله عنه - أو نصيفة، ورغم ذلك وجدنا ماعزاً يقع ضحية نفسه الأمارة، وشهوته الثائرة، فيقارف الزنا في الحادثة الشهيرة، فهل بعد هذا تأمنين أمثال هذا الإنسان الذي لم يتورع عن إقامة علاقة بفتاة أجنبية بلا حياء أو وجل من الله تعالى؟ وإني أتساءل متحيراً ما الذي عرفكما ببعضكما أصلاً؟ وما الذي جرأك أنت بالذات لتبادل الحديث مع شاب أجنبي لا يمت لك بصلة؟ وإني أنصحك بسرعة المبادرة إلى التوبة وقطع الصلة بهذا الإنسان تماماً، واحمدي ربك أن الأمور لم تتجاوز هذا الحد ... ، هذه هي نصيحتي أسوقها بأمانة، فإن أخذت بها قرت عينك بحفظ عرضك وشرفك، واطمأن قلبك بإرضائك ربك، وأما ما سيحدث لك مستقبلاً فلا أراه إلا خيراً إذ هو وعد الله القائل: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] وفقك الله والسلام.

إطلاع المخطوبة خطيبها على علاقاتها السابقة

إطلاع المخطوبة خطيبها على علاقاتها السابقة المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 24/3/1424 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقدم لي شاب ممتاز، وسألني عن علاقاتي السابقة وأجبته بالنفي، بالرغم من أنه كان يوجد ذلك لأني لا أريد مشاكل، وكلام في موضوع تم إنهاؤه، وأنا أريد استكمال ارتباطي بهذا الشاب. هل من حقه معرفة هذا الموضوع أم لا؟ مع العلم بأنه انتهى منذ أكثر من أربعة أشهر. ولكم خالص الشكر والتقدير. الجواب الزواج في الإسلام عظيم الخطر بعيد الأثر، له من السمو وعلو المنزلة ما جعله في الخلق آية [الآية 21 من سورة الروم] ، وهو من الله نعمة [النحل: 72] ، وعقده ميثاق غليظ [النساء: 21ٍ] ، ويفتح أبواب الرزق [النور:32] ، ويرقى بصاحبه إلى مرتبة المتقين [النساء:1] ، ويحفظ الله به نصف الدين (حديث شريف) ، والعلاقة بين الزوجين من أقوى العلاقات وأسماها؛ "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" [البقرة: 187] ، ولهذا يتعين أن يبنى الزواج على الأمانة والصدق ومنع الغش والخيانة، ولا يلزم المرأة أن تخبر خاطبها بالتفاصيل الدقيقة من أحوالها السابقة، غير أنه يحرم عليها الغش والتدليس والكذب، فلا تدعي أنها بكر وهي ليست كذلك، أو تخفي شيئاً من صفاتها الخَلقية أو الخُلقية من مرض أيا كان نوعه أو عمقه، أو حالات نفسية تطرأ أحياناً، وعليك أن تتوبي توبة نصوحاً، وذلك بالندم على ما فات والشعور بالمرارة والألم على ما حصل، والعزم على عدم العودة إلى أي سلوك سيئ أو انحراف مشين، فإذا صحت منك التوبة وصدقت وأخلصت في الزواج وتفانيت في خدمة زوجك فلعل الله أن يغفر لك ما مضى، (فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له) ، وبالله التوفيق.

أحكام في عقد النكاح

أحكام في عقد النكاح المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 27/2/1425هـ السؤال أرجو بيان تفاصيل عقد النكاح؛ أين يعقد؟ ومتى يعقد؟ وكيف يعقد؟ وماذا يقال عند العقد من الأدعية؟ ومن يحضر عقد النكاح؟ وإذا وُعِظ الزوجان فكيف يتم ذلك طبقاً للسنة النبوية؟ إننا عازمون على إصدار نشرة صغيرة لكل من يتولى عقد النكاح من المفوضين بكتابة عقود الأنكحة؛ حتى يكونوا على بصيرة من أمر دينهم، فلذا نرجو مساعدتنا في الأمر، حيث لا يوجد في بطون الكتب الفقهية إلا ذكر أحكام النكاح وشروطه، وما إلى ذلك دون تعرض للشكليات، فالرجاء إلقاء الضوء على صورة عقد النكاح في بلدكم؛ لتكون قدوة لنا. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن شريعتنا السمحة لم تشترط أن يعقد النكاح في زمان معين، ولا في مكان معين، كما لم تشترط عقده على يد عالم أو فقيه، وإنما اشترط فيه تحقيق أركانه وشرائطه المعروفة في باب النكاح، علماً بأن جمهور الفقهاء قد ذهبوا إلى استحباب عقد النكاح في المسجد، وهم الحنفية كما في فتح القدير (3/189) ، والشافعية كما في إعانة الطالبين (3/273) ، والحنابلة، كما في الروض المربع (6/243 مع الحاشية) ، وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (32/18) ، وابن القيم في إعلام الموقعين (3/126) ؛ استدلالاً بالحديث الوارد في سنن الترمذي (1089) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد ... " ثم قال أبو عيسى الترمذي: "هذا حديث غريب.. وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث" ا. هـ، وهو كما قال، فقد ضعفه من هذا الطريق الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (4/201) ، وغيره، وللحديث شواهد دون قوله: "واجعلوه في المساجد"، ولذا فلا يصلح حجة للقول بالاستحباب، وقد أشار إلى هذا الضعف: الشوكاني في السيل الجرار (2/247-248) ثم قال: "فالمساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة، فلا يجوز فيها غير ذلك إلا بدليل يخصص هذا العموم، كما وقع من لعب الحبشة بحرابهم في مسجده - صلى الله عليه وسلم-،وهو ينظر، وكما قرر من كانوا يتناشدون الأشعار فيه" ا. هـ، ثم صرح بضعف الحديث في نيل الأوطار (6/211) . وذهب عامة الفقهاء إلى استحباب عقد النكاح مساء يوم الجمعة، وقيل: أو ليلتها، كما في فتح القدير للحنفية (3/189) ، والفواكه الدواني للمالكية (2/11) ، وإعانة الطالبين للشافعية (3/274) ، والإنصاف للحنابلة (8/38) ؛ وذلك تبركاً بهذا اليوم؛ ولأن فيه ساعة استجابة؛ ولأن جماعة من السلف استحبوا ذلك، منهم: سمرة بن حبيب، وراشد بن سعيد، وحبيب بن عتبة..، والحقيقة أن هذه التعليلات والآثار لا تنهض دليلاً للقول باستحباب هذا التوقيت أو سنته؛ حيث لا نص من الشارع هنا. وذهب المالكية (كما في مواهب الجليل (3/408) ، والشافعية كما في روضة الطالبين

(7/19) ، والحنابلة في قول كما في الإنصاف (8/38) ، إلى أنه يسن عقد الزواج في شوال؛ استدلالاً بحديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: "تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شوال، وبنى بي في شوال، فأي نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان أحظى عنده مني، قال: وكانت عائشة - رضي الله عنها- تستحب أن تدخل نساءها في شوال" أخرجه مسلم في صحيحه (1423) . وكذا استدل النووي في شرح صحيح مسلم (9/209) ، وغيره، بهذا الحديث على الاستحباب، وهذا الاستدلال محل نظر، وذلك أن هذا الحديث إنما يدل على الاستحباب لو تبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصد ذلك الوقت؛ لخصوصية له لا توجد في غيره، لا إذا كان وقوع ذلك منه - صلى الله عليه وسلم- على سبيل الاتفاق، لا سيما وأنه -صلى الله عليه وسلم- قد تزوج بنسائه في أوقات مختلفة على حسب الاتفاق، ولم يتحر وقتاً مخصوصاً، ولو كان مجرد الوقوع يفيد الاستحباب لكان كل وقت من الأوقات التي تزوج فيها النبي - صلى الله عليه وسلم- يستحب الزواج فيها، وهذا غير مسلم به كما أفاد ذلك كله الشوكاني في نيل الأوطار (6/339) . هذا بالنسبة لمكان العقد، وزمانه، فإنه لم يرد فيه نص من الشارع، فيبقى تحديده خاضعاً لرغبة العاقدين. أما بالنسبة لسؤالك عن كيفية العقد، ومن يحضره، فالنكاح ينعقد بالإيجاب والقبول الصادرين من الزوج وولي المرأة، أو وكيلهما، أو وكيل أحدهما، وصفة ذلك: أن يقول ولي المرأة: زوجتك ابنتي فلانة أو أختي أو ... ، فيقول الزوج: قبلت الزواج بها، فينعقد بهذا اللفظ، أو بمعناهما الخاص بكل لسان لمن لا يحسنهما. ويجب أن يحضر هذا العقد شاهدان عدلان، وبذلك يصح النكاح، وينعقد، مع مراعاة تحقق الشروط التي ذكرها الفقهاء في الصيغة، وفي الولي، والشاهدين. وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وجوب الشهادة، وإلى وجوب إعلان النكاح- سواءٌ كان بالشهادة، أو غيرها- وهو مذهب مالك كما في الكافي لابن عبد البر (1/229) ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (32/127-131) ، وانتصر له بأوجه كثيرة. وأما بالنسبة لسؤالك عن الأدعية التي تقال عند العقد، فإنه لم يثبت في هذا حديث صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سوى ما يقال للمتزوج بعد العقد، فإنه قد ثبت في الصحيحين البخاري (5155) ومسلم (1427) ، عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له حين رأى عليه أثر صفرة - من عرس-: "بارك الله لك"، وفي سنن أبي داود (2130) ، والترمذي (1091) ، وابن ماجة (1905) ، ومستدرك الحاكم (2/183) ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رفأ الإنسان، إذا تزوج، قال: "بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير"، ثم قال الترمذي: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- حديث حسن صحيح، ا. هـ، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" ا. هـ، وأقره الذهبي، وكذلك صححه النووي في الأذكار ص406) . ويسن للزوج إذا دخل بزوجته أن يأخذ بناصيتها، ثم يدعو بالبركة، فيقول: "اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه"، كما جاء بذلك الحديث المرفوع عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، كما في سنن

أبي داود (2/248) ، وابن ماجة (1/617) ، وصحح إسناده النووي في الأذكار ص407. وأما بالنسبة لسؤالك عن وعظ المتناكحين كيف يتم؟ فالجواب: إنه قد جاء في السنة ما يدل على استحباب أن يبدأ العاقد بخطبة الحاجة، وهي الواردة في سنن أبي داود (2118) ، والترمذي (1105) ، والنسائي (3277) ، وابن ماجة (1892) ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه- قال: "علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خطبة الحاجة: إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له ... " الحديث قال الترمذي: "حديث عبد الله - رضي الله عنه- حديث حسن"ا. هـ، أقره ابن حجر في بلوغ المرام ص241، وكذا صححه النووي في الأذكار ص404، واستحب الشافعي كما في الأم (5/34) ، أن يقول الولي ما قال ابن عمر - رضي الله عنهما- "أنكحتك على أن تمسك بمعروف، أو تسريح بإحسان"، وهذا الأثر في مصنف عبد الرزاق (10453) . والله - تعالى - أعلم.

قراءة الفاتحة عند عقد النكاح

قراءة الفاتحة عند عقد النكاح المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 02/04/1427هـ السؤال هل يجوز النكاح في عصرنا هذا بدون عقد أو مستندات قانونية تثبت حقوق الزوج والزوجة في حال حدوث مكروه -لا قدر الله- والاكتفاء بقراءة الفاتحة مع والد العروس، وإشهار الزواج في عائلتها، وإبقاء الأمر سرًّا على عائلة الزوج بناء على رغبته؟ وهل هذا الزواج يجوز شرعًا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: النكاح إذا تمت أركانه وشروطه المعتبرة شرعًا، وانتفت موانعه كان نكاحًا شرعيًّا يترتب عليه جميع الحقوق والواجبات الشرعية بين الزوجين من النفقة والسكنى والميراث، وتسليم المرأة نفسها، وبذلها لزوجها، وغير ذلك، وأما سرية الزواج وإعلانه فليس من شروط النكاح، ولا من أركانه، بل هو سنة، ولذلك حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، حين تزوج أن يُولِمَ ولو بشاة، كما رواه البخاري (2049) ومسلم (1427) ، من حديث أنس، رضي الله عنه، وذلك حتى يتم دعوة الجميع ويعلن النكاح، وتنتفي الشبه، وأما كتابة العقد وتسجيل مستنداته إن كان يترتب على عدم تسجيله حرمان المرأة من حقوقها في حياة زوجها أو بعد وفاته فهذا لا يجوز، ويأثم على تركه ويتحمل وزره، وإن لم يكن الأمر كذلك فلا بأس، إلا أن تقتضي القوانين في تلك البلد إلزامية الكتابة، فيجب -والحالة هذه- لعموم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) ] .النساء: من الآية59 [. وأما قراءة الفاتحة بعد العقد فليس مشروعًا، بل هو خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم, ولا عن صحابته - رضوان الله عليهم أجمعين- قراءة الفاتحة بعد العقد، وإنما هو من أحداث الخلف التي ينبغي الحذر منها. والله أعلم.

الأحق بولاية المرأة بعد وفاة والدها

الأحق بولاية المرأة بعد وفاة والدها المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 02/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: سؤالي: من هو الولي الشرعي الذي يحق له تزويج المرأة بعد وفاة والدها؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الولي الذي يحق له تزويج المرأة بعد وفاة زوجها هو جدها لأبيها، ثم ابنها، ثم بنوه وإن نزلوا، ثم أخوها لأبوين، ثم لأب، ثم بنومها كذلك، فيقدم ابن الأخ لأبوين على ابن الأخ لأب، ثم أقرب عاصب نسباً كالإرث، فإذا لم يوجد لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له. فإن قيل: أليس الفقهاء يقدِّمون وصي الأب على كل من ذكر أعلاه؟ [والوصي هو الذي يقوم مقام الميت بعد موته، أما الوكيل، فهو الذي يقوم مقامه في حياته] . فالجواب: بلى، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، ولكن الصحيح أن ولاية النكاح تنقطع بالموت، وإن أوصى بعد موته فالوصية باطلة؛ لأن ولاية النكاح لا تستفاد بهذا، وإنما هي مستفادة من الشرع، وليس هذا كالمال، وبناء عليه فلا يحق لهذا الوصي أن يزوج أحداً، وإنما الذي يزوج هو الأقرب ممن له ولاية النكاح شرعاً. والله أعلم.

عقود الزواج في المراكز الإسلامية بالغرب

عقود الزواج في المراكز الإسلامية بالغرب المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 29/1/1424 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: هذه مجموعة من الأسئلة نرسلها لكم من أحد المراكز الإسلامية، ونحب الحصول على فتوى مكتوبة لأمور تشكل علينا لكي نعمل بها ونعرضها على من يسألنا عنها والاستفسارات كالتالي: أولاً: نحن في المركز الإسلامي نعقد للمتزوجين حديثاً عقد النكاح، وطريقة العقد أن يحضر الزوجان وشاهدان، وتكون المرأة أحياناً مسلمة وأحياناً كتابية، فتختار من مسئولي المركز الإسلامي من يكون وكيلاً عنها فيلي أمر تزويجها، وسبب هذا العمل عدة أمور: أحدها: أنه أحياناً تكون المرأة مسلمة حديثاً، وعصبتها على غير دينها. ثانيها: أن عصبتها غالبا يرفضون زواجها من مسلم أو من عربي على وجه التحديد، لذا فلا يحضرون. ثالثها: أن العلاقات الأسرية متفككة بينهم، فالأب لا علاقة له بابنته بعد بلوغها، وهي لها الحق في اختيار الطريق الذي تراه، سواء أكان عن طريق الزواج أو غيره من سبل الحرام، ولو وافقوا على زواجها من المسلم فإنهم يرفضون الحضور معها للمركز الإسلامي لتزويجها. وينبني على ما سبق أنه إن لم يتم عقد الزواج بالطريقة السالفة الذكر فلن يمنعهم ذلك من ابتداء العشرة الزوجية بينهم، اكتفاء بالعقد المدني، وذلك لعدم استيعابهم لمسألة الولي، وقد يؤدي ببعضهم للنفور عن الإسلام؛ اعتقاداً منه بأنه يقف أمام طريق حياته. والسؤال كالتالي: أولاً: ما حكم أن يلي نكاح المرأة المسلمة وليها الكافر إن حضر معها، سواء أكان وليها كتابيا أو لا ديني؟ وهل يشترط اتفاق الدين بين الولي وموليته؟ ثانياً: إن كانت المرأة كتابية، فهل يجوز أن يلي نكاحها وليها الكافر إن حضر معها؟ ثالثاً: في الحالتين السابقتين هل يجوز للمرأة المسلمة أو الكتابية توكيل رجل مسلم من أعضاء مركزنا ليلي عقد نكاحها، وإذا لم يجز فما المخرج الشرعي في ذلك؟ وهل يكون المسئول عن عقود الزواج بالمركز بمنزلة السلطان الوارد فيه الحديث (السلطان ولي من لا ولي له) ؟ رابعاً: ما حكم الأنكحة الماضية التي تمت في المركز الإسلامي على الحالتين السالف ذكرهما؟ الحالة الأولى: أن توكل المرأة من أعضاء المركز من يلي عقد نكاحها. الحالة الثانية: أن يلي عقد نكاحها من يحضر معها من عصبتها، سواء أكان والدها أو أخاها، علماً أن وليها في هذه الحالة كافر وهي مسلمة. خامساً: إذا أسلمت المرأة حديثاً، فهل يحرم عليها البقاء مع زوجها الكافر ومعاشرته، وهل يلزمها فراقه بعد أن تكرر عرض الإسلام عليه، ويرفض الدخول فيه؟ وإن كان يجب عليها فراقه إن لم يسلم، وتبين لنا من مناقشتها قبل إعلان إسلامها بأنه إن كان يجب عليها فراق زوجها، فإنها تفضل البقاء مع زوجها، وتصرف النظر عن الإسلام، فهل هناك مخرج شرعي لذلك؟ شكر الله لكم سعيكم، وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، والله يحفظكم والسلام. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد..

أولاً: ليس للكافر ولاية على المسلمة، ولو كان أباها بإجماع أهل العلم، وليس للمسلم ولاية على الكافرات، ولو كنَّ بناته كذلك (الإجماع لابن المنذر 74) ويشترط في الولاية اتفاق الدين بين الولي وموليته، قال تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" [التوبة: 71] ثانياً: الكافر هو الذي يلي نكاح الكافرة ويزوجها. ثالثاً: إذا عضل الكافر موليته الكافرة، ومنعها من الزواج بمن اختارته، وكان المتبع عندهم أن المرأة تزوج نفسها ولا تحتاج إذن وليها، فإنها تنتقل إلى ولي آخر من عصبتها ليزوجها، فإن لم تجد فإنها تختار رجلاً على دينها يزوجها اعتباراً بحال المسلمة، وقد سبق في الجواب السابق. أما المسلمة فقد سبق في الجواب السابق بيان أنها إن لم يكن لها ولي فإن وليها من كان له نوع ولاية أو تقديم، ككبير المسلمين أو مدير المركز الإسلامي، فإن عدم أو لم يمكن وكلت مسلماً ليزوجها. رابعاً: إذا زوج الولي الكافر موليته المسلمة فهذا لا ينبغي، لكن لا يظهر أن العقد يبطل، قال شيخ الإسلام: (الكافر لا يزوج مسلمة بولاية ولا وكالة ... ، ولكن لا يظهر بطلان العقد فإنه ليس على بطلانه دليل شرعي) (الاختيارات ص206) . وإن كانت مسلمة فإن كان وليها كافراً، وزوجها مسلماً فهذا عقد صحيح وإن لم يزوجها ولي مطلقاً أو زوجها ولي كافر، وكذلك الكافرة لو تزوجت بغير ولي مطلقاً فهذا نكاح مختلف فيه، وهو عند جمهور أهل العلم فاسد فيصحح بإعادة التلفظ، بموجب العقد من الولي حسب التفصيل المذكور، ولا شيء على الزوجين لكونه مختلفاً فيه. خامساً: يحرم على من أسلمت أن تمكن زوجها الكافر من نفسها؛ لقوله تعالى: "لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن" [الممتحنة: 10] ، وعليها العدة ولها بعد انقضاء العدة أن تنكح غيره أو تتربص إسلامه، فيبقيان على نكاحهما في العقد السابق بينهما على الصحيح من أقوال أهل العلم، والمخرج الشرعي أن يعلم المسلم أنه إن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ويمكن أن تفهم أن امتناعها منه سبب لدخوله في الإسلام، والله الموفق والهادي.

آداب شرعية في ليلة الزفاف

آداب شرعية في ليلة الزفاف المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 8/5/1424هـ السؤال أنا شاب أنوي الزواج قريباً، فما هي الآداب الشرعية التي ينبغي مراعاتها في ليلة الزفاف، وبماذا تنصحونني حتى تكون ليلة موفقة وناجحة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن ليلة الدخول بالزوجة والبناء بها هي ليلة ليست كمثلها ليلة....إنها ليلة الدخول إلى عالم جديدٍ له مذاقه الخاص وطبيعته الخاصة. إنها بابٌ يُشرَعُ أول مرة؛ ليستمتع الزوج بما كان محرَّماً عليه من قبل، ولكن مع شخصٍ واحدٍ ... إنها زوجته وحليلته وأم ولده! أفلا تستحق هذه المرأة أن يوليها الرجل اهتمامه منذ أول لحظة تجمعه بها؟! صحيح أن هذا اللقاء ليس أول لقاء يقع لهذا الرجل (الذي سيصبح زوجاً) مع جنس النساء، فقد عاشر أمه وأخواته عمراً من قبله، ولكن على طول ما لبث فيهن إلا أنها ظلت معاشرته لهن معاشرةً محدودة، دونها ستور تحجب خفايا وأسرار وعورات لا يكشفها مَرُّ الأيام ولا كرُّ السنين. ولكن هذا اللقاء ـ لقاء الزوج بزوجته أول مرة ـ هو نقطة البداية لبناء علاقة خاصةٍ جداً، هي أعمق وأخص من كل علاقة! علاقة تقتحم الخصوصيات، وتكشف بين الزوجين كل شيء، فلا يقف دونها سِتر ولا حجاب، ولا تعرف عورة، كيف؟! والزوج لباسٌ لزوجه وهي لباسٌ له، يفضي إليها وتفضي عليه، ويسكن إليها وتسكن إليه. ماذا تعني ليلة الدخلة لدى الزوج؟! إنها الليلة التي ينسلخ فيها من حياةٍ ليتلبس بحياةٍ جديدةٍ تستغرق حياته الباقية، وهذا يتقاضاه أن تكون بدايتها صحيحة، لا يخطو فيها خطوةً إلا وقد اتأدَ وفكَّر وتأنّى، وعرف أين تتوجّه به خطواته؟ ليلة الدخول والبناء بالزوجة هي ليلة ينبغي أن يغلبها أسلوب الملاطفة والأُنس والتودد والبهجة، يمد فيها الزوج حبل المودة والمحبة ليصله بزوجه، فيذهب عنها الروع والرهبة، وتسكن نفسها إليه. وهذه جملة آداب مأثورة نذكر بها كل مدلفٍ إلى هذه الحياة الجديدة عسى أن تنفعه: (1) وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها: وينبغي أن يضع يده على مقدمة رأسها عند البناء بها أو بعد ذلك، وأن يسمي الله تبارك وتعالى، ويدعو بالبركة، ويقول ما جاء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تزوج أحدكم امرأة، أو اشترى خادماً، فليأخذ بناصيتها، وليسم الله عز وجل، وليدع بالبركة، وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرّها وشر ما جبلتها عليه". أخرجه أبو داود (2160) وابن ماجه (1918) والحاكم في المستدرك (2811) والبيهقي في السنن الكبرى (7/148) . ولا بأس أن يترك الرجل بعض السنن ـ كالأخذ بالناصية ـ إذا ترتّب على فعلها مفسدة كنفرة الزوجة ومغاضبتها له، والذي قد يقع منها بسبب جهلها بالسنة وتفسيرها الخاطئ للفعل. كما لا يُشترط في هذا الدعاء المأثور أن يقوله بحيث تسمعه زوجته، بل له أن يخافت به بحيث لا يُسمع إلا نفسه، فليس في الحديث ما يدل على استحباب المجاهرة به. (2) صلاة الزوجين معاً: قد أُثر عن بعض السلف استحباب أن يصلي الزوجان ركعتين معاً، وفيه أثران:

الأول: عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: ((تزوجت وأنا مملوك، فدعوت نفراً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- فيهم ابن مسعود وأبو ذر وحذيفة -رضي الله عنه-، قال: وأقيمت الصلاة، قال: فذهب أبو ذر - رضي الله عنه- ليتقدم، فقالوا: إليك! قال: أو كذلك؟ قالوا: نعم، قال: فتقدمت إليهم وأنا عبد مملوك، وعلّموني فقالوا: "إذا أدخل عليك أهلك فصلّ ركعتين، ثم سل الله -تعالى- من خير ما دخل عليك، وتعوذ به من شره، ثم شأنك وشأن أهلك". أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (17147) . وعبد الرزاق في مصنفه (3822) . الأثر الثاني: عن شقيق قال: "جاء رجل يقال له: أبو جرير، فقال: إني تزوجت جارية شابة (بكراً) ، وإني أخاف أن تفركني، فقال عبد الله (يعني ابن مسعود -رضي الله عنه-) : "إن الإلف من الله، والفرك من الشيطان، يريد أن يكرّه إليكم ما أحل الله لكن؛ فإذا أتتك فمرها أن تصلي وراءك ركعتين". زاد في رواية أخرى عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: "وقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لهم فيّ، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير؛ وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير". أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10460-10461) وسنده صحيح، والطبراني بسندين صحيحين في المعجم الأوسط (4018) والكبير (9/204) . ومن المهم أن يتنبَّه الزوج إلى أن المسألة ليس فيها سنة ثابة عن النبي -صلى الله عليه وسلم--، فلا ينبغي التشديد فيها، أو التثريب على من تركها، وكأنها سنة راسخة لا تقبل الخلاف. والمسألة فيها سعة، فله أن يؤخر أداء هذه الركعتين بعد أن يجلس مع زوجته ويلاطفها ويحادثها ويؤانسها؛ ليذهب عنها الخجل والرهبة.

استرقاق الخادمة لتصبح جارية

استرقاق الخادمة لتصبح جارية المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 16/10/1424هـ السؤال هل يجوز أن أدفع لخادمتي مبلغاً من المال بعد موافقتها لتصبح جاريتي بدلاً من خادمتي؛ كي أستطيع معاشرتها؟ لأني شاب لا أستطيع الزواج، وأخاف الوقوع فيما يغضب الله. أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد: فإن بعض الناس يخطئون خطأ كبيراً، ويرتكبون إثماً عظيماً في معاملتهم للخادمات، فيستبيحون لأنفسهم الخلوة بهن، والنظر إليهن، بل بعضهم يعاشرهن كمعاشرة الزوجات، أو الإماء، بدعوى أنهن كالجاريات، وهذا منكر وتزوير للحقائق، فالخادمات من الحرائر، لكن وضعهن المالي وشدّة فقرهن يلجئهن إلى احتراف مهنة الخدمة، وبناء على ذلك فالواجب على المسلمين أن يكرموا مثواهن، ويحسنوا إليهن، ويحافظوا على آدميتهن وكرامتهن، ويتقوا الله في معاملتهن، فهن حرائر أجنبيات لا يحل بحال من الأحوال معاملتهن كالجواري، وبالتالي فلا تحل معاشرتهن، ولا النظر إليهن، ولا الخلوة بهن، وما يقوله الأخ من أنه يدفع لها مبلغاً من المال ليسترقها، ويعاشرها معاشرة الإماء ليستبيح معاملتها جنسياً على اعتبار أنها من الإماء فهذا لا يصح شرعاً، والحقوق الإنسانية تأباه، ولأنها إذا رضيت بما يدفعه لها من مال فإنه نوع من الخديعة منها له بحصولها على المال، فإذا حصلت على المال وتمكنت، إما هربت، وإما اشتكت، وإما غدرت، فهذا الأمر لا يحل بحال، وإن كان ولا بد فسبيل الشرع واضح, وهو العقد عليها إذا رضيت بمهر وشاهدين، بإذن وليها أو وكالة إن لم يمكنه مباشرته للعقد. وبالله التوفيق.

الزواج بمن أتاها في دبرها

الزواج بمن أتاها في دبرها المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 18/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نعلم أن حكم الرجل الذي يأتي زوجته من غير ما أمر الله هو التفريق بينهما، ولكن هل يجوز أن يعقد شاب على فتاة كان قد أتاها من غير ما أمر، ولكنها لا تزال بكراً والآن يريد أن يقترن بها في الحلال؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإتيان الرجل لزوجته في دبرها حرام عند جماهير أهل العلم، ويدل لذلك قوله تعالى:"نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" [البقرة:223] ، والدبر ليس موضع حرث، قال ابن عباس الحرث: الفرج موضع الولد. أخرجه ابن جرير (4/398) بإسناد حسن. وقد وردت أحاديث كثيرة تنهى عن إتيان المرأة في دبرها. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"ملعون من أتى امرأة في دبرها" أحمد (2/444) وأبو داود (2162) ، وعنه أيضاً مرفوعاً:"من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد" الترمذي (135) وابن ماجة (639) الدارمي (1/259) ، قال ابن حجر عن هذه الأحاديث:"طرقها كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به" فتح الباري (8/242) . وقد ذكر العلامة ابن القيم -رحمه الله- لتحريم الوطء في الدبر قرابة العشرين وجهاً (زاد المعاد 4/257) ، منها أنه لو كان مباحاً لما نهينا عن إتيان النساء حال الحيض، إذ إتيان الدبر يكفي عن إتيان الفرج حال الحيض. وأن الله تعالى حرم الفرج حال الحيض لأجل النجاسة العارضة في الحيض، فأولى أن يحرم الدبر بالنجاسة اللازمة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وطء المرأة في دبرها حرام في قول جماهير العلماء ومتى وطئها في الدبر وطاوعته عُزرا فإن لم ينتهيا فرِّق بينهما" مختصر الفتاوى المصرية صـ (37) . وإتيان الرجل لامرأة لا تحل له في دبرها زنا عند أكثر أهل العلم، وإذا زنى الرجل بامرأة فإنه لا يحل له نكاحها حتى يتوبا من الزنا ويندما على فعلهما ويعزما على تركه وعدم العودة إليه. قال تعالى:"الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور:3] ، فإذا تابا من الزنا فإن لهما أن يقترنا بالحلال. وفق الله الجميع لهداه وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

تزويج الصغيرة غير البالغة

تزويج الصغيرة غير البالغة المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 17/04/1425هـ السؤال ما حكم زواج الصغيرة قبل بلوغها؟ وهل يكون لها خيار البلوغ ما إذا لو زوجها أبوها أو جدها؛ لأنه من المعلوم أنه لو زوجها غير الأب والجد من الأولياء فيكون لها الخيار؟ وهل من الصحابة -رضي الله عنهم-، والتابعين، من يقول: بأن لها الخيار بعد بلوغها؟ أي في حالة تزويجها من قبل أبيها أو جدها؟ وإن لم يكن لها الخيار، فماذا لو لم تحب زوجها أو تكرهه لأي سبب؟ حيث إنها أصبحت مثل البكر البالغة، ولها رأيها، فلماذا تحرم من إرادتها مع أن الله يقول: "ولاتزر وازرة وزر أخرى"، ومتى يتم الدخول بها؟ ومتى يجوز وطأها؟ وهل يجوز الدخول بها وهي كارهة؟ أرجو الجواب بالأدلة والتفصيل. وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على ما لا نبي بعده، وبعد: أما زواج البنت قبل بلوغها تسع سنوات، فيقول ابن قدامة في الشرح الكبير (ج20/119) ما نصه: (فصل: فأما الإناث فللأب تزويج ابنته البكر الصغيرة التي لم تبلغ تسع سنين بغير خلاف إذا وضعها في كفاءة) ، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته الصغيرة جائز إذا زوجها من كفء، ويجوز له ذلك مع كراهتها وامتناعها، وقد دل على جواز تزويج الصغيرة قول الله -تعالى-: "وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ" [الطلاق: من الآية4] ، فجعل للائي لم يحضن عدة ثلاثة أشهر، ولا تكون العدة ثلاثة أشهر إلا من طلاق في نكاح أو فسخ، فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق، ولا إذن لها يعتبر، وقالت عائشة - رضي الله عنها-: "تزوجني النبي - صلى الله عليه وسلم- وأنا ابنة ست وبنى بي وأنا ابنة تسع" متفق عليه البخاري (3894) ومسلم (1422) ، ومعلوم أنها لم تكن في تلك الحال ممن يعتبر إذنها" ا. هـ. ومما سبق من الأدلة التي ذكرها ابن قدامة -رحمه الله- يتضح لك أنه لا خيار لها في الفسخ إلا إذا بلغت إذا كانت مزوجة بكفء، بخلاف ما إذا زوجها غير الأب والجد، فيكون لها الخيار، وهذه رواية عن الإمام أحمد، وذكر ابن قدامة أنه قول الحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهما، والبعض يرى أن العقد من أصله غير صحيح. أما إذا لم تحب الزوج، وكانت تكرهه لأي سبب كأن يكون دميم الخلقة، أو كبيراً في السن، أو غير ذلك، فلها أن تطلب منه الخلع، فإن رفض أجبره القاضي عليه، فإن أصرَّ قام القاضي بإصدار حكم الفسخ، ولكن هذا الإجراء، وكما قلت يكون خلعاً، فتقوم المرأة برد ما دفعه لها من مهر، ويجوز أن يدخل بها في أي وقت شاء، أما الوطء (الجماع) فلا يجوز له ذلك؛ حتى تطيقه، أما إذا كانت لا تطيقه فيحرم ذلك؛ لحرمة أذية المسلم بغير حق، والقول في الدخول كالقول في أصل الزواج، وأما سؤالك: هل هناك من لم يجوِّز قيام الأب تزويج ابنته الصغيرة، فإن الشوكاني في نيل الأوطار، نقل عن الطحاوي وابن حزم -رحمهما الله- أنهما ذكرا أن ابن شبرمة منع من ذلك فيمن لا توطأ. والله -تعالى- أعلم.

هل الزنى يبيح نكاح المشركين؟

هل الزنى يبيح نكاح المشركين؟ المجيب د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 14/11/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ورد في سورة النور [آية 3] قوله تعالى: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [النور:3] ، السؤال: هل الزنا يبيح نكاح المشركين؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: فإن قوله تعالى:"الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً" [النور:3] خبر من الله تعالى بذلك، وليس إقراراً على فعل ذلك، والآية جاءت في سياق الذم لهذا الفعل والإنكار على فاعله، فتكون الآية دالة على تحريم نكاح المشركات والزواني، ولذا جاء في آخر الآية:"وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [النور:3] ، والمرء المسلم - حتى الزاني - يجب عليه امتثال ذلك، وقوله:" لا يَنْكِحُ" أي: لا يجامع، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-:"إنما هو الجماع لا يزني بها إلا زان أو مشرك"، وقد جاء في سبب نزول هذه الآية أن رجلاً استأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينكح امرأة معروفة بالزنا، فنزلت هذه الآية لبيان تحريم ذلك، رواه أهل السنن بأسانيد جيدة عند الترمذي (3177) والنسائي (3228) وأبو داود (2501) ، ومن هنا نفهم أن الآية لا تبيح للزاني نكاح المشركات، بل قد ورد النهي عن نكاح المشركات صريحاً، قال تعالى: "وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ" [البقرة: من الآية221] . والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

تزوجا ثم أسلما

تزوجا ثم أسلما المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 08/05/1426هـ السؤال نرجو من سماحتكم بيان هذه المسألة -وجزاكم الله خير اً- شخص تزوج من امرأة، وبعد فترة من الزواج أسلما، فهل عقد الزواج صحيح، أم عليهما عقد جديد؟ وماذا عن الأبناء؟. -وجزاكم الله عنا خير الجزاء-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا أسلم الزوجان فالعقد صحيح، ولا حاجة إلى أن يُجدَّد مرة أخرى؛ بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ردَّ ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع- رضي الله عنهما- دون تجديد العقد. انظر سنن أبي داود (2240) ، وجامع الترمذي (1143) . والصحابة - رضي الله عنهم- أسلم جَمْعٌ منهم، فمنهم من أسلم قبل زوجته، ومنهم من أسلمت زوجته قبله، ولم يرد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جدّد لهم عقد النكاح، وأما بالنسبة للأولاد فأولادهم شرعيون ينسبون إليهم. والله أعلم.

نكاح الجني للإنسية

نكاح الجني للإنسية المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 7/6/1425هـ السؤال هل يستطيع الجن أن ينكح المرأة من الإنس؟. الجواب إمكانية المناكحة بين الإنس والجن لا يمكن الوقوف عليها قطعاً, وما يذكر فيها مجرد ادعاء ليس عليه دليل صحيح بل الظاهر عدم الإمكانية؛ نظراً لاختلاف الحقيقة والماهية والجمهور من أهل العلم يرون حرمة هذا النكاح (على فرض إمكانيته) . والأدلة على حرمته ظاهرة ومن أهمها: 1- قول الله -تعالى- في سورة النحل: "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا" [النحل: 72] ، وقوله في سورة الروم: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا" [الروم: 21] ، قال المفسرون في معنى الآيتين: "جعل لكم من أنفسكم" أي: من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم، كما قال تعالى:"لقد جاءكم رسول من أنفسكم" [التوبة: 128] أي: من الآدميين. 2- أن النكاح شرع للألفة، والسكون، والاستئناس، والمودة، وذلك مفقود في الجن، بل الموجود فيهم ضد ذلك، وهو العداوة التي لا تزول. 3- أنه لم يرد الإذن من الشرع في ذلك، فإن الله -تعالى- قال:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء" [النساء: 3] ، والنساء: اسم لإناث بني آدم خاصة، فبقي ما عداهن على التحريم؛ لأن الأصل في الأبضاع الحرمة، حتى يرد دليل على الحل. 4- ما يترتب عليه من كثرة الفساد؛ فإنه لو فتح هذا الباب لأمكن المرأة التي لا زوج لها من الإنس أن تدعي عند حملها أنه من زوج جني , وهذا فيه من الفساد ما لا يخفى. ولمزيد الفائدة يمكن للسائل الرجوع إلى: الأشباه والنظائر للسيوطي ص435-438

زواج المعاقين والمتخلفين وما يترتب عليه

زواج المعاقين والمتخلفين وما يترتب عليه المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 05/04/1425هـ السؤال (1) هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً؟ ولماذا؟. (2) هل هناك شروط لتزويجهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج؟. (3) كيف يمكن للمعوق المتخلف عقلياً القيام بواجباته الزوجية؟. (4) هل يقبل الإسلام بذرية معوقة ومتخلفة عقلياً؟. (5) كيف يمكن أن نتعامل مع زواج المعوقين والمتخلفين عقلياً؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: (1) يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً، وسدُّ احتياجاتهم العضوية والنفسية حق مكفول لهم كغيرهم، وإن كان هذا ضمن ضوابطه التي ستأتي، وهذا من أصول رعاية المعاق ومساعدته على ممارسة حياته بأقرب صورة إلى الحالة الطبيعية للإنسان. (2) الإعاقة أنواع متفاوتة، ولكن القول الجامع فيها أن كل إعاقة لا يكون العقل فيها زائلاً مثل الصمم، والبكم، وشلل اليد أو الرجل، فهذه يجوز لصاحبها الزواج، وحكمه حكم الصحيح سواء، إلا أنه يشترط أن يطلع الطرف الآخر على الإعاقة، ويرضى بها، حتى ولو كان مصاباً بمثل تلك الإعاقة، فإن إصابته بإعاقة مماثلة لا تكفي عن أخذ رأيه في الزواج من معاق. ومن صحابة نبينا - عليه الصلاة والسلام- من كان أعمى، أو أصم، ولم تمنعه إعاقته من الزواج، أما المتخلف عقلياً وصاحب الإعاقة التي تزيل العقل، فالمصاب بها حكمه حكم المجنون، والمجنون يجوز له الزواج، لكن يشترط في زواجه مع شروط الزواج المعلومة شروط أخرى هي: أ- اطلاع الطرف الآخر على حاله ومعرفته بوضعه تماماً فإن عدم اطلاعه غش له وخيانة محرمة. ب- ألا يكون الطرف الآخر مجنوناً ولا زائل العقل، بل يتزوج المتخلف عقلياً امرأة سليمة العقل، وتتزوج المتخلفة عقلياً برجل سليم العقل، وسبب ذلك أن اجتماع زائلي العقل لا يحقق أي مصلحة، وهو مع ذلك سبب لضرر بينهما كما هو ظاهر. ج- أن يكون سقيم العقل منهما مأموناً، أما الذي يتصف بالعدوانية بالضرب أو الإفساد فلا يجوز له الزواج؛ لأن زواجه سبب لحصول الضرر، والضرر مرفوع في الشريعة الإسلامية. د- وآخر الشروط أن يرضى أولياء المرأة بهذا الزواج؛ لأن فيه ضرراً قد يلحقهم. هذه شروط زواج المعاق المتخلف حسبما استقرأه الفقهاء من نصوص الشرع وقواعده، وهي -كما هو ظاهر- محققة للمصلحة، مانعة للمفسدة، يتضح بها تحقق الشرعية لمصالح العباد واحتياجاتهم. والله الموفق. (3) في زواج المعاق أياً كانت نوعية إعاقته تحقيق لمصلحة مهمة، وهي أن يوجد للسقيم منهما من يعتني به، ويقوم بشؤونه، ويهتم به، فإن عقد النكاح في الإسلام يهدف إلى ما هو أكبر من مجرد الاستمتاع، الذي هو من مقاصد النكاح المهمة، بل يراد معه أيضاً تحقيق الرعاية والتكافل، التراحم بين الزوجين: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" [الروم: 21] .

والذي يزوج سقيم العقل وليه؛ لأنه هو الراعي لمصلحته، وهذا من محاسن الشرع أن أسندت الولاية إلى بعض أقارب الصغير والمجنون، ومن في معناهم؛ لعدم قدرتهم على إدارة شئونهم، ولا تصريف أحوالهم، ورعاية المعاق فرض كفاية على المجتمع لمساعدته ليعود عضواً فعالاً في المجتمع، وليتخلص من الآثار النفسية التي قد تنشأ عنده. (4) الأمراض والابتلاءات التي تصيب بعض العباد طريق للأجر إن صبر المبتلى بل ورد في بعض أنواع الإعاقات أجر عظيم جداً ففي الحديث الذي أخرجه البخاري (5653) عن أنس ابن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله قال: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوّضته منهما الجنة" يريد عينيه، وهذه الأمراض لا يمكن للإنسان دفعها؛ فهي من قدر الله الذي لا ينجي منه الحذر، كما هو معروف، ومع عدم رغبة الشرع في الذرية الضعيفة أو المريضة إلا أن الزواج الذي قد ينتج عند ذرية ضعيفة أو مريضة لم يأت نص من الشرع بمنعه وتحريمه؛ ولعل السبب في هذا أن الزواج هذا لا يتحتم أن يكون نتيجته ذرية مريضة، وهذا معلوم لمن قرأ علم الوراثة. ولأن السلف لما لمحوا أثر الوراثة في حدوث الإعاقات فقد نقل عنهم عدة مقولات تحث على الزواج من غير الأقارب؛ لمنع حصول الذرية الضعيفة، ومن ذلك قولهم: اغتربوا ولا تضووا يعني: تزوجوا الأجنبيات غير الأقارب لئلا تكون ذريتكم ضعيفة. ويمكن إعمالاً لمبدأ السياسة الشرعية أن يمنع ولي الأمر زواج من يكون الغالب عليه أن ينتج من زواجه المرضى، لكن هذا من باب السياسة التي تحقق المصلحة بمنع بعض المباح، وليس من باب الحكم بتحريم النكاح وفساده، ومثل هذه المسألة تحتاج مزيداً من النظر الشرعي والواقعي؛ ليمكن الحكم فيها بالحكم الصواب. (5) يُتعامل مع زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً بالضوابط التي تقدمت، والنظرة التي سبق أن ذكرناها، وليراع من ينظر إليهم أن هذه الإعاقة لم تمتنع عن أحد من البشر مهما كان. والله الموفق.

تلقيح المرأة بماء زوجها بعد وفاته

تلقيح المرأة بماء زوجها بعد وفاته المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 22/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ماذا يقول العلماء في رجل ادخر منيه لدى الجهات المختصة في المستشفيات لتستعين به زوجته وتنجب له أولادًا بعد وفاته؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عقد الزوجية ينتهي إما بحصول الطلاق، وإما بوفاة الزوج، وهذا باتفاق أهل العلم، فإذا مات الزوج انحل عقد النكاح وصار رجلًا أجنبيًّا من الزوجة، فإنها تعتد منه، فيجوز لها أن تتزوج إذا انتهت عدتها، وإذا قامت بنقل ماء الزوج إلى رحمها فهذا الحمل محرم؛ لأن هذا الماء يعدُّ ماء أجنبيًا بانتهاء عقد الزوجية بوفاة هذا الزوج، ولا يثبت بهذا الحمل نسب من الزوج الميت، كما أن حفظ المني في بنوك معدة لهذا الأمر يعدُّ محرمًا؛ لأنه لا يؤمن من اختلاط هذا المني بغيره؛ إما على سبيل الخطأ، وإما على سبيل العمد، نظرًا لعدم وجود رقابة دينية وطبية عليها، كما أن القصد من إنشاء هذه البنوك هو الربح المادي، وقد تفعل هذه البنوك ما يؤدي إلى تحقيق هذا المقصد، وإن كان بطريق محرم، كما أن وجود النطف في البنوك يكون ذريعة لكثرتها مع مرور الزمن، مما لا يؤمن معه أن تختلط بغيرها، وبناء على ما تقدم فإنه يحرم حفظ المني في بنوك أسست لهذا الغرض، وكذلك يحرم استعمال هذا المني في إحداث حمل فيمن كانت زوجة لهذا الرجل بعد وفاته. والله أعلم.

هل لها أن تختار وليها؟

هل لها أن تختار وليها؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 4/6/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. هل يحق للمرأة اختيار من يكون ولي أمرها من إخوانها بعد وفاة والدها، وخصوصاً أن لديها خلافات معهم؟ وإن اختارت أحسنهم خلقاً ومعاملة لها، ولكن لديه بعض المنكرات التي ليست لديهم (كتقصير اللحية وتفويت الصلاة مع الجماعة وإدخال الدش، مع العلم أن معظم مشاهدته للأخبار والبرامج السياسية) وهي مهتمة بأمور دينها، وتخشى من العيش مع إخوتها من أن ينفروها - والعياذ بالله - من الدين بخلقهم ومعاملتهم. وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب: أن ولي المرأة في النكاح أو غيره هو الأب ثم أبوه، وإن علا، ثم ابنها ثم ابنه وإن نزل، ثم أخوها لأبويها ثم لأبيها، ثم الأقرب فالأقرب في الميراث، وللولي شروط من أهمها: البلوغ والعقل والعدالة ولو ظاهراً، والرشد من كونه عالماً بمصالح موليته، وإذا كان الأقرب ليس أهلاً للولاية انتقلت إلى من بعده. وبخصوص السؤال وهو: هل يحق للمرأة اختيار من يكون ولي أمرها من إخوتها بعد وفاة والدها؟ نقول: نعم، إذا كان إخوتها في درجة واحدة، كأن يكونوا كلهم أشقاء أو كلهم لأب، فيحق لها أن تختار من تراه صالحاً لولايتها إذا توفرت فيه شروط الولاية المذكورة آنفاً وكان أهلاً للولاية، والأولى تقديم أفضلهم علماً وديناً وخلقاً، ثم إن استووا في الدين قدم أكبرهم؛ قال البهوتي في كشاف القناع (ج5 ص59) ما نصه: (فصل: وإن استوى وليان فأكثر لامرأة في درجة كإخوة لها كلهم لأبوين أو لأب، أو أعمام كذلك، أو بني إخوة كذلك، فإن أذنت لواحد منهم بعينه تعين، ولم يصح نكاح غيره ممن لم تأذن لعدم الإذن) . والله أعلم.

يرغب في الزواج من غير بلده

يرغب في الزواج من غير بلده المجيب حمد بن عبد الله الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 07/09/1425هـ السؤال شاب يرغب في عقد نكاحه على فتاة من دولة أخرى، ولازالت معاملة الموافقة على الزواج في أمارة تلك المنطقة، فهل يصح العقد الشفهي بينهما بالشروط الشرعية، وإذا كان يصح، فهل يجوز أن يجدد العقد مرة ثانية بعد الحصول على الموافقة؟ وما التاريخ الشرعي المعتمد في العقد؟ الجواب الأولى أن لا تعقد عليها حتى تخرج الموافقة على الزواج لما يترتب على عدم الموافقة مع عقدك عليها قبل ذلك من الإشكالات المستقبلية، وخاصة إذا ترتب على زواجكم حصول الأولاد، فالذي أنصحك به التريث وعدم الاستعجال في إجراء مراسم النكاح، وإذا عقدت عليها قبل الموافقة ثم خرجت الموافقة فلا مانع من إعادة العقد بصفة رسمية وتاريخ الزواج المسجل في العقد الرسمي.

عقد الزواج عبر الإنترنت

عقد الزواج عبر الإنترنت المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 06/11/1425هـ السؤال ما حكم عقد الزواج عبر الإنترنت؟ ملاحظة: لو عندك كتاب خاص بهذا الموضوع أرجوك تخبرني باسم الكتاب. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فبتأمل الزواج عبر النت نجد أنه لا يخلو من صور، وهي: الأولى: أن يتم النكاح عن طريق البرامج المتضمنة للصوت والصورة كالماسنجر والبالتوك، وغيرها؛ فهذا إن توافرت أركان النكاح وشروطه الأخرى، وانتفت موانعه، فالذي يظهر لي- والله تعالى أعلم- صحته. الثانية: أن يتم النكاح عن طريق البرامج الصوتية فقط، فهذا متى ما تحقق وأيقن الشهود صحة صوت الولي والزوج، فالذي يظهر صحته، أما إن كان الشاهدان لا يعرفان صوت الولي أو الزوج فلا يصح؛ لأن من شروط صحة النكاح: تعيين الزوجين، وهنا الزوج غير معروف عند الشاهدين، فهو بمنزلة غير المعيَّن. الثالثة: أن يتم النكاح عبر البريد الإلكتروني، فالذي يظهر لي عدم الاعتماد عليه؛ لما يلي: (1) سهولة اختراق البريد من قبل الهاكرز وغيرهم. (2) عدم الجزم والتحقق من صحة مرسله، فقد ينتحل أحد المخترقين شخصية صاحب البريد. (3) النكاح عبر البريد الإلكتروني ينقصه إعلان النكاح. (4) وهو أهمها: عدم اقتران قبول الزوج للنكاح بإيجاب الولي، لذا فالذي يظهر لي عدم صحة النكاح عبر البريد الإلكتروني. أما طلب الأخ السائل اسم كتاب يتحدث عن هذا الموضوع فلا أعرف كتابًا تحدث عن هذه المسألة. والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تزويج المعاقين والمختلين عقليا

تزويج المعاقين والمختلين عقليًّا المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 05/08/1425هـ السؤال الأسئلة: (1) هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقليًّا؟ ولماذا؟. (2) هل هناك شروط لتزويجهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج؟ (3) كيف يمكن للمعاق المتخلف عقليًّا القيام بواجباته (واجباتها) الزوجية؟ (4) هل يقبل الإسلام بذرية معاقة ومتخلفة عقليًّا؟ (5) كيف يمكن أن نتعامل مع زواج المعاقين والمتخلفين عقليًّا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالأسئلة الخمسة متداخلة، ولكن نظرًا لتفريق السائل بينها نجيب عن كل واحد منها على حدة، فجواب السؤال الأول: أنه يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقليًّا كغيرهم، فيما إذا كانت لهم قدرة على النكاح ماديًّا وبدنيًّا؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:"يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَن اسْتطاعَ مِنْكُمُ الباءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ... " الحديث. أخرجه البخاري (1905) ومسلم (1400) . هذا عن السؤال الأول. أما السؤال الثاني فجوابه: أنه ليس هناك شروط خاصة بهم، بل تنطبق عليهم شروط الزواج، إلا أنه لا بد من معرفة كل من المتزوجين عيب الآخر، سواء الإعاقة أو التخلُّف العقلي. وأما السؤال الثالث فجوابه: أنه إذا لم يمكن للمعاق القيام بالواجبات الزوجية المالية، وليس هناك من يقوم بتلك الواجبات عنه لم يجز له الزواج والحالة هذه. وأما السؤال الرابع فجوابه: أنه لا يلزم أن يكون أولاد المعاق أو المتخلِّف عقليًّا مثل آبائهم، بل في الغالب أنهم يولدون أصحاء كاملي الخلقة والعقل إلا ما ندر، ولهذا نجد أولادًا فاقدي البصر يولدون سالمي البصر. وأما السؤال الخامس: فجوابه أن التعامل مع زواج المعاقين والمتخلفين عقليًّا كغيرهم، بل ينبغي أن تُقدر ظروفهم الصحية، ويتعامل معهم بالعطف والرحمة والمساعدة قدر الإمكان. والله أعلم.

هل في الزواج من الأرملة أو المطلقة فضل؟

هل في الزواج من الأرملة أو المطلقة فضل؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 14/08/1425هـ السؤال ما هو أجر الزواج من أرملة أو مطلقة، من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ هل هناك أي بركة أو شيء آخر من الأجر من الله على ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أنا لا أعرف حديثًا يخص هذه المسألة بذاتها، لكن هناك عمومات تعود إلى مقاصده من عقد النكاح بهذه المرأة، إذا كان قصده من عقد النكاح بهذه المرأة هو إعفافها وصيانتها، والقيام بحقوقها وحفظها، فإن كل واحدة منها له فيها أجر، والنبي صلى الله عليه وسلم- بيَّن أن ما يضع الإنسان في في امرأته له فيه أجر. كما في صحيح البخاري (1296) وصحيح مسلم (1628) . كما أن جماعه لزوجته يكون له فيه أجر، ولما قال له الصحابة، رضي الله تعالى عنهم: (أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا". أخرجه مسلم (1006) ، والإنسان يؤجر على كل عمل أو قصد، سواء كان ظاهرًا أو خفيًّا، إذا كان هذا الأمر من أمور الخير والصلاح، وجاء في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرئٍ مَا نوَى". أخرجه البخاري (1) ومسلم (1907) . وبالله التوفيق.

تزوجت على زوجها الأول!

تزوجت على زوجها الأول! المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 12/01/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: تزوج رجل بامرأة زواجاً بدون أوراق رسمية، وبعد ستة أشهر دبت بينهما الخلافات التي أدت لأن يتركها، وعلى مدار سنة طالبته بالطلاق، وكان يعدها أنه سيفعل، ولكن بعد أن يستوفي حقوقه المادية منها، ثم تعرفت على رجل آخر وتزوجته دون أن تخبره بالزواج السابق باعتباره كان نصباً واحتيالا عليها، وهي الآن حامل من الزوج الثاني، والزوج الأول يؤكد أنه لم يطلقها، والثاني يؤكد أنه لم يعلم بهذا الزواج السابق، وكل من الثلاثة يسأل عما يلزمه شرعاً؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن ما فعلته هذه المرأة منكر عظيم، وذنب كبير، وفعل شنيع، وزيجة باطلة، لا شك في بطلان عقد نكاحها من الثاني بإجماع أهل العلم كما قال تعالى: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ... " إلى أن قال: "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم كتاب الله عليكم" [النساء:24،23] ، قال ابن كثير - رحمه الله- في تفسيره (2/256) : (أي وحُرم عليكم الأجنبيات المحصنات وهن المتزوجات "إلا ما ملكت أيمانكم" يعني: إلا ما ملكتموهن بالسبي فإنه يحد لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن ... ) ، فما دام أن عقد المرأة بزوجها الأول صحيح مستوفٍ لشروطه وأركانه الشرعية من الزوجين الخاليين من الموانع، وحصول الإيجاب والقبول مع توافر شروط النكاح الأربعة وهي تعيين الزوجين ورضاهما، والولي والشاهدان، فإنه يحرم على المرأة أن تبذل فرجها لرجل آخر بحيلة الزواج منه، فهذا محرَّم بالنص والإجماع، وبناء على ما حصل فإنه يترتب على هذا الفعل الأمور التالية: أولاً: يجب على المرأة التوبة الصادقة النصوح لله -تعالى-، والندم على ما فعلت من ذنب كبير وخطيئة عظمية، وأن تصلح من حالها وتستقيم على طاعة ربها، وتكثر من الأعمال الصالحة. ثانياً: ما دام أن الزوج الأول لم يطلقها وهي كذلك لم تدع طلاقه لها -كما هو ظاهر السؤال- فهي لا زالت زوجة للأول وفي عصمته، ويجب التفريق بينها وبين الثاني، فلا يقربها؛ فهي أجنبية عنه لكونها في عصمة رجل سابق في عقد صحيح ولا يحتاج هذا النكاح الثاني إلى فسخ؛ لأنه باطل أصلاً لا حكم له.

ثالثاً: إن كانت المرأة عالمة بصحة نكاحها من الأول وفي عصمته فإنه يتوجه إقامة الحد الشرعي عليها لقاء ما أقدمت عليه من الزنا، وإن ادعت الجهل والتأويل لكونها انفسخ نكاحها فيه بمماطلته، ونحو ذلك، فتعزر بما يردعها ويزجرها ويُدرأ عنها الحد لكون الحدود الشرعية تدرأ بالشبهات، ولكنها تعزر عند انتفاء الحد الشرعي، وكان الواجب في حقها على فرض تأويلها وجهلها سؤال أهل العلم والرجوع إليهم قبل الإقدام على الزواج من الثاني، فإن الأبضاع أمرها عظيم يجب الاحتياط لها وحفظها ورعايتها، كما كان الواجب عليها بيان حالها للزوج الثاني، لا أن تدلس عليه وتغشه وتخدعه، لكن بما أنكم في بلد الكفار لا يحكم فيها بشرع الله مما يتعذر معه إقامة الأحكام والحدود الشرعية فإنني أنصح هذه المرأة بضرورة وسرعة التوبة النصوح لله -عز وجل- ومن تاب تاب الله عليه إن صدق في توبته وأخلص في أوبته. رابعاً: يجب على المرأة العدة الشرعية لوطء الزوج الثاني لها، فلا يحل لزوجها الأول وطؤها حتى تعتد من الثاني.. وعدتها هنا بوضع حملها لعموم قوله تعالى: "وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن" [الطلاق:4] ، فهي حامل فلا يقربها الأول حتى تضع حملها من الثاني، فإن وضعته حلَّ للأول جماعها. خامساً: أما إلحاق الولد نسباً، فما دام الزوج الثاني يعتقد حل هذا النكاح من المرأة لجهله بكونها في عصمة رجل قبله فإن هذا الحمل يلحق به؛ لكونه وطئها وطء شبهة، والنسب يلحق الواطئ في وطء الشبهة، كما قرره أهل العلم، فقد ذكر ابن قدامة - رحمه الله- في المغني (9/431) فيما لو زوج المرأة وليان فالنكاح للأول، فإن دخل بها الثاني وهو لا يعلم أنها ذات زوج فرق بينهما ولحق حملها منه به لكونه وطء شبهة وعليها العدة الشرعية فلا يحل وطؤها للأول إلا بعد انقضائها، وكما ذكر ابن قدامة وغيره من الفقهاء - رحمهم الله- هذا المعنى فيمن تزوج امرأة في عدتها وهو لا يعلم أنها معتدة أو يجهل تحريم نكاح المعتدة مع أن نكاحها باطل بإجماع أهل العلم، ومع ذلك إن كان وطئها بشبهة الجهل فيلحقه النسب، والأدلة الشرعية دلت على رغبة الشارع في حفظ الأنساب وعدم إضاعتها توجب أن يعتنى بذلك وألا يضاع أي نسب مهما وجد لذلك سبيل شرعي. وأما إن كان الزوج الثاني عالماً بأن المرأة ذات زوج فلا يلحقه نسب هذا الحمل لكونه زانياً ويتوجب عليه إقامة الحد الشرعي حسب حاله من كونه محصناً أو غير محصن، ولكن - ظاهر السؤال- أن الزوج الثاني لا يعلم بحال المرأة فهو معذور ويلحقه نسب الحمل الذي حملته المرأة منه. سادساً: ليس للمرأة المهر على الثاني؛ لأنها مكنته من نفسها مطاوعة عالمة بزواجها من الأول فليس لها عليه المهر. (المغني 9/528) . والله -تعالى- أعلم.

هل أعترض على زواج أمي

هل أعترض على زواج أمي المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 17/03/1426هـ السؤال أنا شاب مشكلتي أني لم أجد أبي بجواري؛ حيث إنه ترك البيت في ظروف غامضة، ولا أحد يعرف عنه شيئاً حتى الآن، وتزوجت أمي من رجل آخر، ثم رجل ثان، لكن هنا مشكلة، حيث إنها استطاعت شراء شقة، لكن من أين جاءت بالمال وهي لا تعمل، ولا يوجد أي مصدر آخر قد تحصل منه على هذا المال، حتى من زواجها السابق، هل أشك أن هذا المال حرام؟ والمشكلة الثانية أيضاً في أمي حيث إنها منذ فترة قريبة تزوجت مرة أخرى من رجل غني قريبنا، لكن هذا الزواج اكتشفت أنه (عرفي) ، وتريد تحويله لزواج رسمي، وتتزوج في شقتها، أليس هذا حرام؟ لكن أنا أعترض على هذا الزواج حتى لو تحول لرسمي. هل باعتراضي على هذا الزواج أصبح عاقاً للوالدين؟ أفتوني جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فالواجب عليك -أخي السائل- أن تحسن الظنّ بوالدتك؛ فهي أحق الناس ببرك وحسن ظنك، وقيمة الشقة المذكورة قد تكون اكتسبته من أعمال مشروعة، وأنت لا تدري، وقد تكون من زوجها السابق، أو غير ذلك من المكاسب المباحة، لذا لا تشغل بالك كثيراً بما لا طائل تحته، خاصة أنها ظنون لا حقائق، ولكن متى ما ثبت لديك -ثبوتاً قطيعاً لا شكاً وظنًّا- أن المال اكتسبته والدتك من طريق محرم، فالواجب عليك التلطُّف في نصحها، وتذكيرها بحرمة ذلك، وأهمية الكسب الحلال. أما سؤالك عن الزواج العرفي، فالزواج العرفي إذا توافرت أركان النكاح وشروطه فيه، فهو نكاح صحيح، وأركان النكاح ثلاثة: الأول: الزوجان الخاليان من الموانع. الثاني: الإيجاب من الولي. الثالث: القبول من الزوج. وشروط النكاح أربعة: الأول: تعيين الزوجين. الثاني: رضاهما. الثالث: الولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (19518) ، وأبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه-. الرابع: الشهادة، فلا يصح النكاح إلا بشاهدين، ومن تزوجت بلا ولي- وهو الغالب في الزواج العرفي- فنكاحها باطل في أصح قولي العلماء سواء كان النكاح عرفياً أو لا، ويلزم الزوجين تجديد العقد. أما ما يتعلّق باعتراضك على زواج والدتك، فإن كان الزوج المتقدم كفئاً مرضي الدين والخلق، فليس لك الاعتراض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) ، والحاكم 2/179، وصححه. والله -تعالى- أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تزويج المعاقين والمجانين

تزويج المعاقين والمجانين المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 29/10/1425هـ السؤال الأسئلة: (1) هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقليًّا؟ ولماذا؟ (2) هل هناك شروط لتزويجهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج؟ (3) كيف يمكن للمعوق المتخلف عقليًّا القيام بواجباته (واجباتها) الزوجية؟ (4) هل يقبل الإسلام ذرية معوقة ومتخلفة عقليًّا؟ (5) كيف يمكن أن نتعامل مع زواج المعوقين والمتخلفين عقليًّا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد ذهب جماهير أهل العلم إلى جواز تزويج المجنون أو المجنونة، فضلًا عمن دونه كالمعتوه- وهو ناقص العقل- إذا احتاجوا له، ونص بعضهم على الوجوب إذا ظهرت رغبته في النساء بظهور أمارات توقانه بدورانه حولهن، أو يتوقع شفاؤه بالوطء بقول طبيب عدل، أو يحتاج إلى متعهدة ولا يوجد في محارمه من يقوم بذلك- انظر شرح البهجة لزكريا الأنصاري (4/111) ونهاية المحتاج (6/246) - وكذا المجنونة إن احتاجت للوطء أو النفقة- كما في المغني (7/36) ونهاية المحتاج (6/246) - ونص بعض المالكية على أنه إن كان لا يخشى منه فساد لم يزوَّج، وإن خُشي منه ذلك زُوِّج- انظر مواهب الجليل (3/458) . والمراد بالمجنون: المطبق جنونه، وإلا فلا يزوج إلا في حال إفاقته وإذنه- انظر حاشيتي قليوبي وعميرة (3/238) - كما أنه ليس لولي المجنون أن يزوجه أكثر من واحدة لاندفاع الحاجة بها لكون الضرورة تُقدر بقدرها- انظر الأشباه والنظائر (85) وحاشية ابن عابدين (3/84) - وقد أجاز زواج المجنون بعض الصحابة، رضي الله عنهم، قال علي، رضي الله عنه: (أيما رجل تزوج امرأة مجنونة أو جذماء أو بها برص أو بها قرن فهي امرأته إن شاء أمسك وإن شاء طلق) . رواه الدارقطني 3/267. فهنا لم يُبطل النكاح ابتداء، بل وقفه على رضا الطرف الآخر. أما ما يتعلق بالإعاقة البدنية كالشلل وغيره فهذا بلا شك أنه غير مانع من موانع صحة النكاح، ولا مبطل له إن علم الطرف الآخر بذلك قبل النكاح أو بعده ورضي به، أما إن لم يرض بذلك فله فسخ النكاح. أما ما يتعلَّق بشروط وأركان النكاح فلابد أن تتوافر بهذا العقد، وإن تخلَّف أحدها لم يصح النكاح. وأشير إلى أن من شروط صحة النكاح الإيجاب والقبول، ولكن إن كان الزوج مجنونًا فالقبول يكون من وليه الشرعي كوالده، وإن لم يكن له ولي شرعي فوليه الحاكم أو من ينيبه؛ لما روته عائشة، رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَن لَا وَلِيَّ لَهُ". رواه أبو داود (2083) وابن ماجه (1879) والترمذي (1102) وحسنه. أما ما يتعلق بكيفية قيام المعوق أو المعوقة بالواجبات الشرعية فكل منهما يقوم بما يستطيع القيام به؛ (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) [البقرة:286] . أما ما لا يستطيع القيام به فالواجب على وليه القيام به، أو تأمين من يقوم به كخادم أو غيره، وإن لم يكن له ولي فتأمين ذلك واجب على ولي أمر المسلمين، فعليه القيام بذلك وتأمينه من بيت مال المسلمين. أما هل يقبل الإسلام بذرية معوقة ومتخلِّفة عقليًّا؟

أقول: ليت السؤال لم يطرح بهذه الصياغة؛ لأن الذرية المتخلفة عقليًّا ليست مقصورة على أولاد المتخلفين عقليًّا، فكم رأينا من أولاد متخلفين عقليًّا مع كون والديهم من أصح الناس عقلًا وبدنًا، كما أنه يوجد أولاد أصحاء بدنيًّا وعقليًّا مع تخلف والديهم، فلا يمكن القطع بأن أولاد المتخلفين عقليًّا سيكونون كذلك، ولكن قد يكونون، ومن هنا نقول إنه إذا ثبت طبيًّا أن زواج المتخلفين عقليًّا سينتج عنه أولاد متخلفون فهنا لا بأس بمنع الإنجاب، بحيث يقضيان وطرهما من غير أن يترتب على ذلك حمل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَارَ". حديث حسن رواه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) وغيرهما من حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، وبهذا نحصِّل مصلحة قضاء المعوق حاجته الجنسية، وندفع ما قد يترتب على ذلك من ذرية متخلفة، وأشير هنا إلى أن لله تعالى حكمًا في خلقه للمتخلفين، فهو سبحانه لا يخلق شرًّا محضًا- كما في الحديث: "والشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ". رواه مسلم (771) ، من حديث علي، رضي الله عنه- بل لحكمة علمها سبحانه وتعالى، ولعل منها امتحان والديه بذلك، قال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء:35] . وكذا ظهور عبادة الإيمان بالقضاء والقدر والرضا بذلك وغيرها كثير. أما كيف نتعامل مع زواج المعوقين والمتخلفين عقليًّا؟ فأقول: إن هؤلاء المعوَّقين والمتخلِّفين عقليًّا هم جزء من المجتمع لا محالة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التخلص منهم، وحيث تقرر ذلك فلابد من التعايش معهم وقضاء حاجاتهم، وقد أوجب علينا ديننا الحنيف الإحسان في كل شيء، قال تعالى: (وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:195] . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ كتَب الإِحْسَانَ علَى كلِّ شَيْءٍ". رواه مسلم (1955) ، من حديث شداد بن أوس، رضي الله عنه. ومن الإحسان بهم تزويجهم إن احتاجوا لذلك على ما فصلته أعلاه، وتزويجهم مع القيام برعايتهم خير من تركهم يتضورون ألمًا مع آلامهم. أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين إنه جواد كريم. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

عقد النكاح في المسجد الحرام

عقد النكاح في المسجد الحرام المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 25/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ما حكم إجراء عقد النكاح في المسجد الحرام؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإجراء عقد النكاح في المسجد الحرام شائع بكثرة عند أهالي مكة وجدة؛ لقرب الحرم منهم، ويحصل السؤال من بعض الغيورين الحريصين على اتباع السنة والسلامة من البدعة، والجواب عن حكم إجراء العقد المذكور يتضح من خلال النقاط الآتية: أولاًً: ورد في جامع الترمذي (1089) ، والبيهقي (7/290) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة - رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف". وهو ضعيف الإسناد، قال البيهقي بعد إخراجه: (عيسى بن ميمون ضعيف) ، قال الترمذي: (هذا حديث غريب حسن في هذا الباب، وعيسى بن ميمون الأنصاري يُضَعَّف في الحديث) ، وفي ميزان الاعتدال (3/326) : قال البخاري: (عيسى بن ميمون الذي يروي "أعلنوا النكاح" ضعيف ليس بشيء، وقال عبد الرحمن بن مهدي: استعديت عليه، وقلت: ما هذه الأحاديث التي تروى عن القاسم عن عائشة - رضي الله عنها- فقال: لا أعود!) . وقد ضعفه الألباني في الإرواء (1993) (7/50) ، وفي السلسلة الضعيفة (978) . ولا أعلم أنه ورد في السنة القولية أمر، ولا نهي عن إجراء عقد النكاح في المساجد حسب بحثي القاصر، ووجدت الشيخ محمد بن عثيمين في شرحه للزاد عند تناوله لاستحباب العقد يوم الجمعة مساء قال: (وذكر ابن القيم أنه ينبغي أن يكون في المسجد أيضاً لشرف الزمان والمكان، وهذا فيه نظر في المسألتين جميعاً إلا لو ثبتت السنة بذلك، فبها ونعمت، لكني لا أعلم في هذا سنة) (5/132) ، طبعة مركز فجر للطباعة ودار الآثار للنشر- مصر-. أما السنة الفعلية فقد ورد في حديث الواهبة الذي أخرجه البخاري (5149) ، ومسلم (1425) عن سهل بن سعد الساعدي إني لفي القوم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا قامت امرأة فقالت يا رسول الله: إنها قد وهبت نفسها لك فلم يجبها، فقام رجل فقال: يا رسول الله أنكحنيها، قال صلى الله عليه وسلم: هل عندك من شيء؟ قال: لا، قال صلى الله عليه وسلم: اذهب فاطلب ولو خاتماً من حديد، فذهب ثم جاء، فقال: ما وجدت شيئاً ولا خاتماً من حديد، قال: هل معك من القرآن شيء؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا، قال: اذهب فقد أنكحتها بما معك من القرآن") . قال الحافظ في الفتح (9/113) : (وفي رواية سفيان الثوري عند الأصيلي (جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد) ، فأفاد تعيين المكان الذي وقعت فيه القصة) . ففي هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أجرى عقد النكاح في المسجد، وإن كان السياق يفهم منه وقوعه دون تقصد لذلك كما هو ظاهر.

ثانياً: اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على سنية عقد النكاح في المسجد. انظر مثلاً فتح القدير لابن الهمام (3/184) ، حاشية الروض المربع لابن قاسم (6/243) ، ففي مختصر خليل: (وجاز بمسجد..عقد نكاح) انظر جواهر الإكليل (2/302) ، التاج والإكليل (6/12) ، وفي مجموع الفتاوى لشيح الإسلام ابن تيمية (32/18) : (ويستحب عقده في المساجد) ، وفي الروض مع حاشيته: (ويسن بالمسجد ذكره ابن القيم - رحمه الله- وهو إمام ثقة لا يذكر ما يسن إلا بأصل شرعي للسنية) . ثالثاً: المقصد من جعل العقد في المسجد أنه رجاء الحصول على بركة المكان، وقد صرح بذلك في تحفة الأحوذي (4/210) ، إذ قال: (واجعلوه في المساجد وهو إما لأنه أدعى للإعلان أو لحصول بركة المكان) . ولا شك أن هناك أمكنة جعل الله فيها بركة عظيمة ومنها المساجد. وفي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها". والمسجد الحرام حظه من ذلك أوفر؛ وقد قال تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" [الإسراء: 1] . وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مكة: "إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله" رواه أحمد (4/305) ، والحاكم (3/7) ، بسند صحيح، ولكن يبقى النظر في طريقة استمداد هذه البركة من المكان. وفي صحيح مسلم (1423) ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شوال وبنى بي في شوال، فأي نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أحظى عنده مني؟) . قال عروة: (وكانت عائشة - رضي الله عنها- تستحب أن تدخل نساءها في شوال) . وفي هذا الحديث أمران: أحدهما: نبذ ما كان عليه أهل الجاهلية من كراهية التزويج والدخول في شوال. والثاني: متابعة الفعل المجرد للنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي لم يظهر تقصده له؛ إذ لو تقصده لصرحت بذلك، إذ إن استدلالها به أبلغ من استدلالها بمجرد فعله. وإذا ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- عقد زواجاً بالمسجد كما سبق في حديث الواهبة، كان فعله المجرد مانعاً من اعتبار تقصد عقد النكاح في المسجد محدثاً إذ الزمان الفاضل كالمكان الفاضل. والخلاصة مما سبق: أن تقصد إجراء عقد النكاح في المسجد الحرام مباح ليس من البدع ولا المحدثات، وأما الحكم باستحباب عقد النكاح في المسجد، فهذا مما لم يرد فيه دليل فلا يحكم فيه بسنية، كما لا ينكر على من استحبه لوجود من قال بذلك من كبار العلماء. والله أعلم.

ترغب في الإسلام ولا تريد فراق زوجها الكافر!

ترغب في الإسلام ولا تريد فراق زوجها الكافر! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 17/08/1426هـ السؤال امرأة أمريكية ترغب الدخول في الإسلام، ولكن زوجها لا ديني، وقد أخبرته برغبتها العارمة في دخول الإسلام، فلم يمانع بتاتاً، لكنه أخبرها أنه لا يرغب في اعتناق أي دين، رغم أنها حاولت أن تكلمه عن الإسلام وتجذبه إليه، ولكنه لم يقتنع. قالت لي: إنها قرأت أن الإسلام يحرم على المسلمة الزواج بغير المسلم، وهنا مكمن المشكلة فهي تحب زوجها كثيراً، وتقول: إنه شخص طيب ولطيف، وإن الله لو شرح قلبه لأسلم بكل تأكيد، كما أنها لا تريد أن تفرق بين زوجها وأبنائها، فهي محتارة هل تبقى على الكفر حتى يهدي الله قلب زوجها إليه، أم تسلم، وبالتالي تصبح العلاقة بينها وبين زوجها علاقة زنا -والعياذ بالله- خياران أحلاهما مر؟ أتمنى من فضيلتكم إيجاد حلٍ لمشكلتها، والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فإن أسلمت المرأة وأبى زوجها الإسلام انتظرت مدة العدة لا تمكنه من نفسها، فإن انتهت عدتها ولم يسلم انفسخ العقد، ولا يحل لها البقاء مع زوج غير مسلم لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم" [الممتحنة: 10] ، وإسلامها لا يعني حرمانها من أولادهما، فهم أولاد شرعيون لها، ولها حق حضانتهم ورعايتهم والقيام بشئونهم، وسيخلف الله -تعالى- عليها زوجاً آخر إن لم يسلم زوجها؛ فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. والخلاصة أن الواجب عليها الدخول في الإسلام؛ لأنه هو الدين الحق، وما سواه منسوخ به أو باطل، قال تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب" [آل عمران: 19] ، وقال تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85] ، ولتطلب النجاة من النار فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم (153) ، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الدخول بالزوجة قبل الزفاف

الدخول بالزوجة قبل الزفاف المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 29/06/1426هـ السؤال تم عقد نكاحي، وتم الاتفاق على أن يكون الزفاف بعد ثلاث سنوات بعد أن أتم دراستي، وخطيبي يطلب مني أن أزوره في بعض المناسبات، وأن زيارتي ستكون في وجود أهله، ولنا غرفة ننام فيها سويًّا. ولكنني خائفة وأشعر بعدم الارتياح؛ لأنني أريد أن نعيش كزوجين فقط إلى أن يتم الزفاف، وأخشى أن يتم الدخول بي وأحمل وأنا في دراستي، مما سيسبب لي حرجًا شديدًا؛ لأنه ظهر قبل الوليمة. كما أن والديَّ يريان أنه من غير المناسب لي أن أزوره أو أن أقضي معه وقتًا طويلاً قبل وقت وليمة الزفاف. فما هو واجبي من الناحية الشرعية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن المرأة إذا عقد نكاحها على الرجل بتوافر شروط النكاح من الولي والشاهدين والإيجاب والقبول فإنها تصبح زوجة له وهو زوج لها يحل له الخلوة بها بل وجماعها. ولكن لا ريب أنه ينبغي مراعاة العرف في هذا المقام فإن من المتعارف عليه في كثير من المجتمعات أن الزوج لا يدخل بزوجته ولا يطؤها إلا بعد ليلة العرس (الزفاف) . وعلى هذا فأنصحك أن تقنعيه بأن لا يجامعك إلا بعد حفل الزفاف، حتى يُراعى كلام الناس وعادتهم، ولئلا تحصل أمور تسيء إليك أو إلى زوجك، مع أنه شرعاً يجوز له جماعك لكن لا ينبغي ذلك إلا بعد ليلة الزفاف، بل قد يكون الجماع في بعض الأحيان ممنوعاً إلا ليلة الزفاف؛ لما يترتب على فعله قبل الزفاف من آثار ومفاسد ينكرها المجتمع وتسيء للفتاة ولأهلها. فما رآه والداك هو عين الصواب فاقبلي نصيحتهما وخذي برأيهما. ولعلك تتفقين مع زوجك على التعجيل في ليلة الزفاف، وهذا خير وأحسن. وفقك الله وسدد خطاك, والله أعلم.

رغبة المرأة عن الزواج مطلقا!

رغبة المرأة عن الزواج مطلقاً! المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة التاريخ 03/11/1426هـ السؤال هل هناك ما يبيح للبنت المسلمة أن تقرر عدم الزواج أبداً، إذا رفض والدها تزويجها من رجل أعجبها تقدم للزواج؟ وهل هناك أمثلة من التاريخ الإسلامي على ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فما ذكرته السائلة غير مشروع، حيث إن البنت يجب أن تتفاهم مع والديها بطريقة غير التي تطرحها. ومع افتراض أن الذي تقدم لها كفؤٌ لها ومناسبٌ، وأن والدها أخطأ برده عنها، فإن ذلك لا يستوجب أن تمتنع من الزواج مطلقاً. بل تتفاهم مع والديها فيمن يتقدم مستقبلاً لخطبتها، أو تحاول إقناعهما بمن تريد، فليس لها أن تتزوج دون موافقة وليها، وليس لوليها أن يرغمها على الزواج من أحد لا تريده، وقد جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكرت أن والدها أرغمها على الزواج، فرد عليه الصلاة والسلام نكاحها، كما جاء في صحيح البخاري: (6945) عن خنساء بنت خذام الأنصارية -رضي الله عنها- أن أباها زوجها وهي ثيِّب فكرهت ذلك، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فردَّ نكاحها. فالأصل في ولاية الولي ابتغاء الصلاح لمن ولاه وطلب مصلحة موليته، وهذا هو الحاصل في الأغلب، لاسيما في الآباء وهم أعرف بمن يصلح لبناتهم، وأعلم بحال الرجال المتقدمين، ومع ذلك فلابد من إذن البنت بصماتها إذا كانت بكراً، أو بأمرها إذا كانت ثيباً، كما جاء في صحيح البخاري (5136) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن". قالوا يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: "أن تسكت". وهذا التشريع إنما تراد من ورائه مصلحة المرأة، وفي الحالات النادرة التي يثبت فيها خيانة الولي للأمانة بتقديم مصلحة نفسه على مصلحة موليته، أو قصد الإضرار بها، فإن المسألة ترفع إلى القاضي الشرعي الذي يرفع عنه الولاية إلى غيره. ولكن الأغلب والمظنون أن الولي إنما ينطلق من مصلحة وليته لا سيما والدها. وعلى الواقعة في تلك الحالة أن تحسن الظن بوالدها، كما أن عليها أن تعلم أن الإعجاب ليس هو المقياس الوحيد، وأن الخير فيما يختاره الولي ويقدره، وأن الله ربما اختار لها خيراً منه. نسأل الله -تعالى- أن يصلح أحوال المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـــــ النشوز ـــــ

ضرب الزوجة هل يجوز؟ المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز التاريخ 6/9/1422 السؤال أنا رجل عندي زوجة مدللة جداً، وسئمت من مراعاة شعورها الذي يعيقني أحياناً عن تربيتها وتربية أطفالي، فهل لي بضربها؟ وما حدود ذلك الضرب؟ الرجاء التوضيح بالأمثلة لحدود الضرب المبرح. الجواب أخي السائل أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن ييسر لك أمرك، وأن يصلح لك أهلك وذريتك، وأما ما ذكرت من حال زوجتك، فإني ابتداءً أسأل الله - سبحانه وتعالى - لها الهداية والسلامة في دينها ودنياها، واعلم أن الحياة في الغالب لا تصفو بين الزوجين، فلا بد من أن يشوبها شائبة على اختلاف في الدرجات وتنوع في تلك الشوائب، واعلم أن الرجل مأمور ومأجور على الصبر على زوجته، وكذلك الزوجة، واعلم أن الشرع المطهر جعل لعصيان المرأة لزوجها علاجاً متدرجاً، كما في قوله - سبحانه وتعالى -:" واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً " [النساء:34] ، فلا بد أولاً من الموعظة بالترغيب والترهيب، والتعريف بحق الزوج على زوجته، وإثم معصيتها له، ولا تكون الموعظة من قبلك وحدك، بل تكون أيضاً من قبل من يناسب من أقاربها وأقاربك، ثم الانتقال بعد ذلك إلى الهجران بالفراش بأن يوليها دبره في فراشه، أو يجعل له فراشاً مستقلاً عنها، ويترتب على ذلك ترك مجامعتها وقت الهجران، ثم إذا لم تُجدِ تلك الوسائل ينتقل إلى وسيلة الضرب التي حددها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يُوطئْن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح " الحديث، أخرجه مسلم (1218) ، والضرب غير المبرح هو غير الشاق أو الضار، ومن أمثلة ذلك أن يكون الضرب على الكتف، أو اليد، أو الرجل، أو الأماكن التي لا تكون معرضة للكسر، أو تعطل الأعضاء، أو تؤدي إلى الإهانة كالضرب على الوجه، فإن هذه الحالات من الضرب ضررها أكثر من نفعها.

هل يضرب الرجل امرأته؟

هل يضرب الرجل امرأته؟ المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز التاريخ 29/3/1423 السؤال ما هو النشاز؟ ومتى يضرب الرجل امرأته؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الزواج في الخلق آية من آيات الله الذي نخر له ساجدين، ويقوم على أركان ثلاثة: السكن، المودة، الرحمة. قال -تعالى-:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] . والعلاقة بين الزوجين تسمو على كل العلاقات "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" [البقرة:187] ، فالزواج إذن ضرورة دينية وضرورة مدنية وجاء وصف عقد النكاح وصفاً متميزاً على جميع العقود "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً" [النساء:21] وللرجل حق القوامة على المرأة "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ" [النساء:34] ، وقال المصطفى - عليه السلام - في بيان أفضل النساء:"هي التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله" أبو داود (1664) وابن ماجة (1857) وأحمد (7421) واللفظ له، وقال -عليه السلام-:"إن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله" البيهقي في الشُعَب (15/248) والدر المنثور للسيوطي (2/483) ويعنى بذلك ما يقوم به الرجال من الأعمال من صلاة وجهاد في سبيل الله. الناشز هي التي تبرز وتستعلي بالعصيان والتمرد، والمنهج في الإسلام لا ينتظر حتى يقع النشوز بالفعل وتعلن راية العصيان وتسقط مهابة القوامة، بل لابد من المبادرة في علاج مبادئ النشوز الذي لا يستقر معه سكن ولا طمأنينة، ومآله بعد ذلك تصدع وانهيار ودمار وتشرد، ولا بد من المبادرة باتخاذ الاجراءات المتدرجة في علاج علامات النشوز وحينئذٍ يباح أن يزاول الزوج بعض أنواع التأديب المصلحة في حالات كثيرة لا للانتقام ولا للإهانة ولا للتعذيب، ولكن لرأب الصدع والإصلاح في هذه المرحلة المبكرة من النشوز، وذلك بالوعظ، وبيان مزايا استمرار الزوجية، وبيان مساوئ الفرقة والاختلاف فإذا لم يجدِ هذا انتقل إلى مرحلة أخرى في التأديب والتهذيب، وهذه المرحلة تتمثل في الهجر في الكلام ثلاثة أيام، وفي المضجع ما شاء على ألا يضر بها، فإذا لم يجدِ هذا الأسلوب انتقل الزوج إلى التأديب الخفيف فلا يضرب الوجه ولا يقبح. عن معاوية القشيري أنه قال: يا رسول الله ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال:" أن تطعمها إذا طَِعمْت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" أبو داود (2142) وأحمد (20011) .

قانون (بيت الطاعة) ومفارقته لإنصاف المرأة

قانون (بيت الطاعة) ومفارقته لإنصاف المرأة المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز التاريخ 14/11/1424هـ السؤال متى يحق للزوج أن يطلب زوجته في بيت الطاعة؟ وهل يحق لها أن ترفض؟ وإذا رفضت ماذا يترتب على هذا الرفض؟ خاصة إذا كان الزوج قد تزوج على زوجته خداعاً، ومن ثم امتنع عن دفع النفقات لزوجته ولأولاده، وإذا ذهبت الزوجة لبيت أهلها، هل تعد ناشزاً وتُطلب لبيت الطاعة؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: (بيت الطاعة) قانون وضعي أصدرته بعض الدول، وخلاصته أن للقاضي الحكم على الزوجة بلزوم بيت الزوجية (بيت الطاعة) ، فإذا لم تقم بذلك فإن للقاضي تحديد العقوبة المناسبة واستخدام القوة، وعلى ما تقدم فإن هذه القوانين فيها ظلم للمرأة، فقد جعل الإسلام للمرأة مخرجاً، فإذا كانت كارهة لزوجها ونحو ذلك فيفرق بينهما بالمخالعة، وإن كان الزوج فاسداً أو كان به عيب فرق بينهما. أما إذا كانت الزوجة ناشزة عن طاعة زوجها ولا مبرر لديها فيحكم عليها بالانقياد لطاعة زوجها بالمعروف، فإن لم تفعل فإنه يسقط حقها في النفقة والسكنى وغيرها، أما نظام (بيت الطاعة) فإنه يسقط حق الحرية للمرأة، والعجب أنه صادر من أدعياء تحرير المرأة، فتأمل كيف توصلوا إلى هذه النتيجة، الأمر الذي يدعونا إلى الاعتزاز بديننا والتحاكم إليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هجرها وخانها

هجرها وخانها المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز التاريخ 01/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هجرني زوجي بالفراش سنتين دون سبب يذكر، وتبيّن لي أنه خلالها وربما قبلها قام بخيانتي بالحرام والله أعلم, بعدها حاول الرجوع إلي فلم أقبل؛ اعتمادًا على كلام الله في الآية الكريمة: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) . وأنا لست بتلك ولا تلك، والحمد لله،، ما زلنا على هذا الحال حوالي أربع سنوات، ونحن نعيش في بيت واحد، نتكلم مع بعض حين الضرورة في شؤون البيت، الطلاق صعب جدًّا، خاصة أن الأولاد في جيل التعليم العالي والزواج، ولتفادي الفضيحة الاجتماعية. السؤال هو: ما حكم الدين بحالنا هذا؟ وما حقه علي ونحن بهذا الوضع؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عقد النكاح من أعظم العقود التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، وقد سماه الله: (مِيثَاقًا غَلِيظًا) . وهذا العقد له آثار، منها ما هو للزوج على زوجته، وهي: (1) الطاعة: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ؛ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ". أخرجه أحمد (1661) . (2) القرار في البيت وعدم الخروج إلا بإذن الزوج: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب: 33] . (3) ألا تأذن لأحد أن يدخل منزله إلا بإذنه: " ... وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ.." الحديث. أخرجه مسلم في صحيحه (1218) . (4) القيام بخدمته بالمعروف، فإن هذا من مقتضيات القوامة، وهو فعل نساء الصحابة، رضي الله عنهن، وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية. (5) أن تحفظ ماله وعرضه، عما يدنسه، وأن تحفظ زينتها حتى لا تظهر عند الأجانب. (6) أن تطيع المرأة زوجها إذا دعاها إلى فراشه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذَا بَاتَتِ المَرأةُ هَاجِرةً فِرَاشَ زَوْجِها لَعَنَتْها الملائكةُ حتَّى تُصْبِحَ". صحيح البخاري (5194) وصحيح مسلم (1436) . وفي لفظ لمسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا". فلا يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها لأجل حصول المعصية منه، بل إن امتناعها عن ذلك قد يكون سببًا في استمراره على ذلك الأمر، هذا في حال كون الزوج قد تاب إلى الله من هذه المعصية- أي الزنا- أما إذا كان مستمرًّا على هذه المعصية، فإنه لا يجوز للمرأة البقاء مع من هذه حاله؛ للآية: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ... ) [النور: 3] .

أما بقاء الزوجين متهاجرين هذه المدة الطويلة، فهذا أمر لا يجوز؛ لأن الهجر دواء يستخدم لوقت محدد.... إصلاح المهجور، ولا يجوز أن يزيد الهجر في الكلام والسلام عن ثلاثة أيام، أما الهجر بالسنوات فهذه قطيعة لا يحل فعلها، فالواجب على الزوجة أن تتقي الله تعالى، وأن تصلح زوجها بالنصيحة والكلمة الطيبة، وتوسيط أهل الخير من الأقارب، وغيرهم لحل مثل هذه المشكلة، كما يجب على الزوج أن يتقي الله في زوجه، وأن يؤدي لها حقوقها المالية، كالمهر، والنفقة بالمعروف، وأن يؤدي الحقوق غير المالية، وهي المعاشرة الحسنة؛ لقوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة: 228] . وقوله: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... ) [النساء: 19] . وقوله صلى الله عليه وسلم: "اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا ... ". وقوله: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ... ". أخرجه الدارمي (2260) والترمذي (3895) . وفي لفظ: "خِيَارُكُمْ خِيارُكم لِنِسائِهِمْ". أخرجه الترمذي (1162) . ومن حقها على زوجها إعفافها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لعثمان بن مظعون، رضي الله عنه: "فإنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". أخرجه أبو داود (1369) . وقال لعبد الله بن عمرو: " وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". أخرجه البخاري (1974) ومسلم (1159) . وعلى الجميع الزوج والزوجة أن يتذكروا أن الله سائل كل واحد منهما عن الآخر، فليعدوا للسؤال جوابًا. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل مبيتها خارج بيته بغير إذن من النشوز؟

هل مبيتها خارج بيته بغير إذن من النشوز؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز التاريخ 24/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما النشوز؟ وهل ترك المرأة لبيت زوجها أيام الخميس والجمعة والمبيت عند أهلها وهو يوافق مكرهًا يعتبر نشوزًا؟ علمًا أن المرأة تذهب لأنها لا ترتاح كثيرًا لزوجها وعندها أولاد منه. بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. النشوز في اللغة: الارتفاع، وأما في الاصطلاح فهو: معصية الزوجة زوجها فيما يجب عليها، وخروج المرأة من بيتها هذا لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: أن يكون برضى الزوج، فإن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن الزوج هو الذي له القوامة، والله عز وجل يقول: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء: 34] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُم". أخرجه الترمذي (1163) وابن ماجه (1851) . يعني النساء، يعني أسيرات، والأسير في حكم مَن أسره، وأيضًا أمهات المؤمنين لما أردن الاعتكاف استأذنَّ النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري (2045) ومسلم (1173) . فدل على أنه لابد من إذن الزوج. القسم الثاني: أن يكون خروج المرأة بغير إذن الزوج، أو هو مكره لهذا، فهذا لا يجوز ويعتبر نوعًا من النشوز، لما تقدم من إذن الزوج بالرضى، فلا يجوز لها أن تخرج حتى يأذن لها زوجها، وتتفق معه على ذلك، وألا تطيل الخروج، فهذه المدة طويلة وإنما تكون المدة مناسبة للزوج كيوم، أو نصف يوم ونحو ذلك. والله أعلم.

المدة المباحة لهجر الزوجة

المدة المباحة لهجر الزوجة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز التاريخ 20/02/1426هـ السؤال ما المدة المباحة للهجر في حالة غضب الزوج على زوجته؟. الجواب يقول الله -عز وجل-: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ... " [النساء: 34] . فمراحل تأديب الزوجة: أولاً: الوعظ والإرشاد، فإن لم يجد هذا فالهجر، والهجر يكون في المضجع؛ لأن الله -عز وجل- قال: "واهجروهن في المضاجع"، وليس هجر عن المضجع أو هجر عن البيت، وإنما يضاجع زوجته ويهجرها بحيث لا يلتفت إليها ولا يكلمها..إلخ، وهذا ليس له حد بل هو معلق بالمصلحة، فإذا كان ردعها يكون بهجر يومين أو ثلاثة أو أربعة.... فإنه كما سلف معلق بالمصلحة.

تأديب الزوجة في القرآن

تأديب الزوجة في القرآن المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز التاريخ 2/3/1425هـ السؤال لماذا يؤمر بضرب المرأة وهجرها في المضاجع حتى الموت لمجرد الخوف من نشوزها في (سورة النساء: 34) ، ولماذا تلعنها الملائكة إلى الصباح إذا أبت الجماع مع زوجها؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الله - وهو الحكيم- شرع للزوج إذا رأى عصياناً من زوجته، وتأكد منه أن يسلك طرقاً ثلاثة على الترتيب، لا على التخيير كما ذكر العلماء، فيبدأ بوعظ زوجته- أي تذكيرها- بحق الزوج عليها من الطاعة، وحسن العشرة، فإن لم تستقم فينتقل إلى الهجر في الفراش؛ لأنه أقوى أثراً، فإن لم ينفع فيباح له أن يضربها ضرباً غير مبرح -أي غير شديد وشاق - مع تقوى الله في ذلك. أما ما ذكرته السائلة من الضرب والهجر حتى الموت للزوجة الناشز فلا وجود له في الآية، ولعلها تعني حد الزنا الوارد في سورة النساء (15) ، من حبس الزانية حتى الموت، وكان هذا في أول الإسلام، ثم نسخ بقوله تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا.." [النور:2] . أما مسألة لعن الملائكة للمرأة التي تأبى إجابة دعوة زوجها فقد ذكر العلماء أن السبب في ذلك حاجة الرجل إلى زوجته، ولذلك قد يبيت غاضباً عليها، كما في رواية مسلم (1436) : "ما من رجل يدعو امرأته ... إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها"، وفي رواية: "فبات غضبان عليها ... "، فجعل الله ملائكته تلعن من أغضب عبده، منع شهوة من شهواته، وهذا يدل على فضل الزوج، وعظيم حقه على زوجته. والله أعلم.

هجر زوجته أربع سنين

هجر زوجته أربع سنين المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز التاريخ 1/3/1425هـ السؤال رجل متزوج وله أولاد كبار، حصل بينه وبين زوجته خلاف، فعزم في نفسه أن يطلقها، لكنه لم يطلق؛ خشية وقوع مشاكل وأن يمتد الطلاق في العائلة بحكم أن أخواته متزوجات مع إخوان زوجته، ولذا هو قرر أن يعيش مع زوجته دون أن يقربها في منزل واحد بعد أن انقطع عن البيت أكثر من أربع سنين؟ ما حكم هذا الفعل؟ وما حكم نفقتها؟. الجواب الحمد لله والصلاة على محمد وآله وصحبه. أخي الكريم. . . حلمك وتقديرك للمصالح والمفاسد أمر مشكور لك، وقدرتك على التحمل طوال هذه السنين يدل على مقدرتك بإذن الله أن تتجاوز هذه العقبة بالإصلاح. أما خروجك من البيت لأربع سنوات فهو أمر غير سائغ. وكذلك بقاؤك في البيت دون اجتماع مع زوجتك في مضجع واحد أمر غير سائغ هو الآخر؛ إلا إذا كانت الزوجة ناشزاً وهي التي تعصي زوجها فيما يجب عليها من حقوقه ففي هذه الحالة يجوز الهجر في المضجع. والشرع لم يجعل الهجران في المضجع إلا حالة استثنائية مؤقتة لا تستمر، يلجأ المرء إليها لمعالجة وضع راهن، أما أن يستمر عليها فهذا إخلال بالواجب على الزوج تجاه المرأة؛ ولذلك نص الفقهاء على وجوب المبيت عند الحرة ليلة من كل أربع ليال، إذا طلبت، ولم يكن عذر يمنعك من ذلك. وهذا يتضمن وجوب شيئين: أحدهما: الاجتماع في المنزل. ثانيهما: الاجتماع في المضجع، وقوله تعالى: "واهجروهن في المضاجع" [النساء:34] مع قوله صلى الله عليه وسلم عند أحمد (19511) وأبو داود (2142) وابن ماجة (1850) وغيرهم. وغيره بسند حسن:"ولا تهجر إلا في البيت" دليل على وجوب المبيت في المضجع، ودليل على أنه لا يهجر المنزل. ويلزم الزوج أن يطأ زوجته كل ثلث سنة مرة إن قدر على ذلك؛ لأن الله تعالى قدر ذلك في حق المولي فكذلك في حق غيره، قال تعالى "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" [البقرة:226-227] ، وهذا حق لها ومن تركه فهو مقصر فيما يجب عليه من حقوق. ومن ترك وطء زوجته إضراراً بها ولو بلا يمين أكثر من أربعة أشهر وهو غير معذور، فهو ملحق عند العلماء بالمولي، يأمره القاضي بطلب المرأة بالوطء أو الطلاق، فإن أبى من الأمرين طلق عليه القاضي. وأما النفقة فهي واجب على الزوج مع بقاء الزوجية بقوله تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته" [الطلاق:7] وقوله: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (1218) من حديث جابر - رضي الله عنه-. ولا تسقط النفقة عن الزوجة الباقية في عصمة الزوج إلا أن تكون ناشزاً، أو محبوسة عنه ممتنعة منه في بيت أهلها مثلاً، أو مسافرة عنه لحاجتها، ففي هذه المواضع تسقط النفقة أما غيرها فلا يجوز للزوج أن يحبس النفقة عن زوجته ومن فعل ذلك فهو ممسك عما يجب عليه. والله أسأل أن يجمع شمل أسرتكم ويوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى. وصلى الله على محمد وآله.

هل في كرهي للتعدد إساءة للشرع؟!

هل في كرهي للتعدد إساءة للشرع؟! المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز التاريخ 27/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أنا زوجة ثانية منذ أكثر من سنتين وقد اخترت ذلك رغبة مني؛ لأني أرى أنه لا يحق لي رفض زوج صالح لأنه متزوج، حيث إن التعدّد جائز في شرع الله، ولا يحق لي الاعتراض، ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت أشعر بغيرة قاتلة لأسباب أرى أنه من حقي هذا الشعور، وأصبحت أعيش في عذاب، وأدعو الله أن يفرّج همي، وبدأت أشعر بأن التعدّد لا يفرض على المرأة، وأن النساء يختلفن في تحمله. فهل يجوز لي النظر في التعدد على أنه لا يناسبني؟ وهل من دعاء يخفف من غيرتي؟ وهل أستطيع تخيير الزوج إما أنا أو زوجته الأخرى؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي السائلة: قد تضمن سؤالك طلب الجواب عن ثلاثة أمور: الأمر الأول: قولك هل يجوز لي النظر في التعدد على أنه لا يناسبني؟. وسوف أجيب على هذا السؤال من خلال النقطتين التاليتين: أولاً: لا شك أن التعدد مباح ومشروع للرجال بنص القرآن الكريم، قال تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم" [النساء: 3] ، ومن المعلوم أن إباحته للرجال مشروط بالعدل بينهن بنص الآية، وعلى المسلم والمسلمة أن يسلّم بهذه المقدمة، ولا ينازع فيها، قال تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36] . ثانياً: لا يفهم مما تقدم أن على المرأة أن تزيل ما في قلبها من شعور بالغيرة تجاه زوجها، إذا حصل ما يوجب ذلك؛ لأن هذه فطرة وغريزة قد لا تملك المرأة السيطرة عليها، ولا يفهم أيضاً أن على المرأة أن ترضى بالتعدد على نفسها، فلا تُلام على شعورها بذلك ما دامت لم تتجاوز حدودها التي رسمها لها الشارع، بحيث لا يحملها فرط غيرتها على ارتكاب ما يحرم عليها من سب وشتم للآخرين أو أذية للزوج. ولقد كانت الغيرة تندلع في قلوب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج من عندها ليلاً، قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: "مالك يا عائشة؟ أغرت؟ " فقلت: ومالي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أقد جاءك شيطانك"؟ الحديث أخرجه مسلم (2815) . وعن عائشة - رضي الله عنها- أيضاً قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله -عز وجل- "ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت" [الأحزاب: 51] ، قالت: ... والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك. أخرجه البخاري (4788) ومسلم (1464) .

كما تروي لنا عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أيضاً موقفاً من ضرتها صفية -رضي الله عنها- فتقول: ما رأيت صانعاً طعاماً مثل صفية، صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعاماً فبعثت به، فأخذني أَفْكَلٌ فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله ما كفارة ما صنعت؟ قال: "إناء مثل إناء وطعام مثل طعام". أخرجه أبو داود (3568) ، والنسائي (3957) ، وقال محقق جامع الأصول. إسناده حسن. وأَفْكَلٌ: الرعدة، والمراد أنها لما رأت حسن الطعام أصابتها رعشة من شدة الغيرة. وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أيضاً كانت تغار من خديجة-رضي الله عنها- لكثرة ما يذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه مسلم (2437) . ومما تقدم وغيره من النصوص وما تمليه الفطرة الإنسانية يظهر بأنه لا حرج من شعور المرأة أن التعدد لا يناسبها إذا كانت تؤمن بأنه شُرِعَ من الحكيم الخبير. الأمر الثاني: قولك: هل من دعاء يخفف غيرتي؟ فالجواب أني لم أقف على دعاء خاص لهذا الشأن. الأمر الثالث: هل أستطيع تخيير الزوج، إما أنا أو زوجته الأخرى؟ فالجواب: هذا الطلب حرام؛ لأن فيه إضرار بالغير من غير وجه حق، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح، فإن لها ما قدر لها" أخرجه البخاري (6601) . ولكن يجوز لها أن تشترط ألا يتزوج عليها قبل أن يعقد عليها، فإن نكث فيحق لها أن تطلب الفسخ لنكثه الشرط، كما يجوز لها أن تطلب منه أن يخالعها بعد أن ترد إليه مهره إذا خشيت ببقائها معه أن تضيع حدود الله -تعالى- بعصيان زوجها ... لفرط غيرتها أو كراهيتها له بدون أن تطلب طلاق ضرتها؛ لقول الله -تعالى-:"فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" [البقرة: 229] . وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس - رضي الله عنهما- أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتردين عليه حديقته"؟ فقالت: نعم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" رواه البخاري (5273) وغيره. ولكني أنصحها بألا تستعجل باتخاذ هذا القرار إلا بعد استخارة الله -تعالى- واستشارة العقلاء من أهلها واستنفاذ كافة السبل الممكنة لتخفيف غيرتها لعلها تعود إلى دائرة الاعتدال، وأنصحها بصدق الالتجاء إلى الله -تعالى- والإلحاح عليه أن يطمئن ما في قلبها، والله -سبحانه وتعالى- قريب مجيب، وأسأل الله -تعالى -لك التوفيق والسعادة في حياتك الأسرية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ـــــ الطلاق ـــــ

الطلاق

الطلاق السني والبدعي

طلاق الحيض المجيب سلمان بن عبد الله المهيني القاضي بوزارة العدل التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي التاريخ 3/2/1424هـ السؤال طلقت امرأتي وهي في فترة الحيض، فهل تعتبر طلقة؟ وهل يشترط شاهدان لرجعتها؟ مع العلم أنها لم تخرج من البيت حتى الآن وأنا أريدها، فما العمل؟ وما الحكم؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: يحرم على الزوج طلاق الحائض حال حيضها؛ لقوله تعالى:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" [الطلاق:1] ، أي في حالة يستقبلن بها عدة معلومة حين الطلاق، ولا يكون ذلك إلا إذا طلقها حاملاً أو طاهراً من غير جماع؛ لأنها إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة، حيث إن الحيضة التي طلقت فيها لا تحتسب من العدة، وإذا طلقت طاهراً بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة، حيث إنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع؟ فتعتد بالحمل، أو لم تحمل فتعتد بالحيض، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة؛ حُرِّم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر. فطلاق الحائض حال حيضها حرام للآية السابقة، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فأخبر عمر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فتغيظ عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال:"مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" البخاري (5252) ، ومسلم (1471) وعليه فلو طلق الرجل امرأته وهي حائض فهو آثم، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأما الطلاق فإنه لا يقع لأنه خلاف أمر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وقد جاء قوله -صلى الله عليه وسلم-:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" مسلم (1718) والطلاق في الحيض ليس عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود، والله أعلم.

طلاق النفساء

طلاق النفساء المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي التاريخ 15/11/1423هـ السؤال هل يقع طلاق على المرأة النفساء مع الدليل أو التعليل؟ أرجو الإسراع في الإجابة. الجواب الحمد لله وحده وبعد: فإن طلاق النفساء والحائض محرم وقد اختلف العلماء في وقوعه واحتسابه فذهب جمهور العلماء إلى وقوعه مع الإثم مستدلين بأدلة منها أن ابن عمر - رضي الله تعالى عنه - طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: "مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ومسلم (1471) قالوا: فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمراجعة وهي لم شعث النكاح وإنما شعثه وقوع الطلاق ... وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يقع مستدلين بما رواه أبو داود (2185) بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم وغيرهما من حديث ابن عمر السابق وفيه: فردها علي ولم يرها شيئاً، انظر تفصيل ذلك في المحلى (9/381) وزاد المعاد (5/218 - 241) والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

طلاق الحامل

طلاق الحامل المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي التاريخ 14/1/1424هـ السؤال طلق رجل زوجته، وهو بكامل قواه العقلية طلقة واحدة، وهي حامل في الشهر الأول، فما الحكم جزاكم الله خيراً؟ وهل لها عدة؟ وكم مدتها؟ وهل يجوز لها الخروج من المنزل إذا كانت معلمة؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: من طلق زوجته وهي حامل طلقة واحدة فطلاقه طلاق سنة، وعليها العدة الشرعية حتى تضع حملها، قال تعالى:"وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً" [الطلاق:4] ، وللزوج مراجعتها ما دامت في العدة إن كانت هذه الطلقة الأولى أو الثانية وكان الطلاق بدون عوض، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين وهي حامل فهو أحق برجعتها ما لم تضع حملها، وهو قوله:"ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر" [البقرة:228] رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (2/448) والبيهقي (7/367) ، ولا يجوز للمطلقة الرجعية الخروج من بيت زوجها، ولا يجوز إخراجها حتى تنتهي عدتها، لقوله تعالى:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً" [الطلاق:1] ، أما الخروج للحاجة فلا بأس به مع التزام الحجاب الشرعي والرجوع لمنزل الزوجية بعد انتهائها، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

التأديب بالطلاق

التأديب بالطلاق المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي التاريخ 7/4/1424هـ السؤال أنا شاب متزوج، ولي ولد وبنت من زوجتي، وحصلت مشادة كلامية عنيفة بيننا، وحاولت خلالها ضبط النفس ما أمكن، ولكن مع الإصرار الشديد والتكرار الملح في طلب الزوجة للطلاق، أردت بادئ ذي بدء أن أردعها بطلاق مشروط، كأن أقول لها إذا فعلت كذا فأنت طالق، ولكن تملكني الغضب إلى درجة أن ضربتها ورفعت صوتي عليها وقلت لها أنت طالق؛ -أي أنني لم أشترط-، والمشكلة أنني عندما تلفظت بالطلاق كنت أريد قول الشرط ولكن لم أقله. مع العلم أنني طلقتها في طهر بعد جماع بيننا، وأن هذه الطلقة الأولى. أفيدونا، ما الحكم أثابكم الله؟ الجواب الزواج رابطة مقدسة تقوم على أركان ثلاثة (السكن - المودة - الرحمة) ، ويتعين على كل من الزوجين المعاشرة بالمعروف، وبذل الجهد في حسن الصحبة، وإزالة ما يسبب الأذى وينغص العيش، ولا يحل للزوج إيذاء زوجته بلسانه أو بيده، وعليه أن يتقي الله فيها، ويتأسى بالمصطفى -عليه الصلاة والسلام-"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" الترمذي (3895) وابن ماجة (1977) ، وقوله -عليه الصلاة والسلام-:"استوصوا بالنساء خيراً" البخاري (5186) ومسلم (1468) وقوله -عليه الصلاة والسلام-:"لا يفرك مؤمن مؤمنة إن ساءه منها خلق سره منها آخر" مسلم (1469) ومعناه "لا يمقت ولا يسخر". وإذا عاملت الزوجة زوجها بالمعروف، وبذلت الجهد في حسن الصحبة فإن إيقاع الطلاق عليها يعتبر جناية، بل جريمة في حقها؛ لقوله -تعالى-:"فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً" [من 32سورة النساء] . يعتبر الطلاق في مثل هذه الحالة محظوراً، والمطلق آثماً، على أن الطلاق في العادة الشهرية أو في الطهر الذي حصل فيه اتصال جنسي يعتبر طلاقاً بدعياً، ويرى بعض العلماء أن الطلاق البدعي لا يقع، ولكن خروجاً من الخلاف فلك أن تراجع زوجتك ما دامت في العدة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يريد إرجاعها بعد الثلاث

يريد إرجاعها بعد الثلاث المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي التاريخ 14/10/1424هـ السؤال لقد قمت بتطليق زوجتي على ثلاث مراحل متفرقة، وذلك لاستحالة العيش بيننا، ولي منها بنتان صغيرتان وإليك تفصيل ذلك: في المرة الأولى قمت باللجوء إلى والدها، وقلت له إنني قد طلقت ابنته، ثم بعدها رجعت إلى البيت وأعلمتها بذلك -أنني طلقتها بحضرة والدها- ولم أتلفظ لها، بل أعلمتها فقط وتركتها بالبيت وغادرته أنا. في المرة الثانية وبعد ثلاثة أو أربعة أيام من الطلقة الأولى رجعت إلى المنزل وزاد الشجار بيننا، فتلفظت بكلمة الطلاق، ثم خرجت وأنا في غضب كبير. ثم بعدها في المرة الثالثة رجعت إلى المنزل لأحثها أن تلتزم بيت أهلها، فرفضت ورفضت حتى الطلاق، وكنت أقول لها وبالكلمة المؤكدة أن ما بيننا مستحيل وأنها طالق ولم أنو طلقة، ولكن تأكيداً للطلقات الأولى والثانية. لجأت بعدها للقضاء وتم التطليق عن طريق القاضي، وهي وإلى اليوم في البيت لم تغادره تعيش الإهمال هي وبنتاي الصغيراتان، أهملت تماما من طرف أهلها الذين رفضوا عودتها أو حتى السؤال عنها. وفرضت علي تعويضات خيالية جراء تطليقي لها، ولم أستطع تسديد ما ترتب عليّ من غرامات، وحرمت من العودة إلى بيتي إذ إنني خارجه ومضطر لذلك، والسؤال: هل أُعَد قد طلقتها ثلاث مرات؟ مع العلم أنني تلفظتها لوالدها أولا وأعلمتها بذلك، ثم تلفظت لها ثانياً: وبتصريح منها أنها كانت في فترة الحيض-، ثم تأكيداً بأنها مطلقة. ثالثا: كنت أنوي الطلقات الأولى والثانية. وماذا بعد أن طلقتها عن طريق القاضي، فهل أحتكم إلى القاضي أم إلى ما بدر مني من طلقات؟ أنتم أملنا والأمل في الله أولا وأخيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد ذكر الأخ السائل أن إحدى الطلقات وقعت على زوجته وهي حائض بإقرارها بذلك، فإن صدقها على ما ادعته فإن طلاق الحائض المدخول بها محرم، وقد اختلف العلماء في وقوعه، فذهب أكثر العلماء إلى وقوعه مع الإثم، مستدلين بأدلة منها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ومسلم (1471) قالوا: فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة والمراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق.

وذهب جمع من العلماء منهم ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وغيرهم رحمهم الله تعالى إلى أن الطلاق المحرم لا يقع ومنه طلاق الحائض، مستدلين بأدلة كثيرة منها ما رواه أبو داود (2185) بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم في الهدي (5/226) وغيرهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- المذكور أعلاه وفيه:"فردها علي ولم يرها شيئاً"، قال الشوكاني رحمه الله تعالى:"إسناد هذه الرواية صحيح، ولم يأت من تكلم عليها بطائل" أ. هـ (وبل الغمام 2/70) وقد سئل ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته وهي حائض فقال:"لا يعتد بذلك" رواه ابن حزم (10/163) بإسناده إليه، قال ابن القيم:"إسناده صحيح" زاد المعاد (5/236) ، كما صححه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في التلخيص الحبير (3/206) ، وعدم وقوع الطلاق على الحائض أفتى به شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-، انظر: الفتاوى (21/383) ، ومن تأمل الأدلة وجمع بينها تبين له قوة هذا القول والله تعالى أعلم، انظر: المحلى (10/163) زاد المعاد (5/218) وبل الغمام للشوكاني (2/69) الروضة الندية (2/105) جلاء العينين (268) . أما فيما يتعلق بطلاق الغضبان فالغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما ذكر العلماء: الأول: غضب يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع. الثاني: ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده فهذا يقع طلاقه. الثالث: أن يستحكم الغضب ويشتد به، فلا يزيل عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال قال ابن القيم:"وهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه" انظر: زاد المعاد (5/215) ورجحه شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله تعالى. الفتاوى (21/373) وذلك لما رواه أحمد (6/276) وأبو داود (2193) والحاكم (2/216) وصححه من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا طلاق ولا عتاق في إغلاق"، وفسر جمع من أهل العلم الإغلاق بالغضب، وما ذكره الأخ السائل من أنه أخبر مطلقته بأنها طالق ولم يُرد إيقاع الطلاق، ولكن أراد التأكيد فهذا يُقبل منه ديانة فيما بينه وبين الله تعالى، أما قضاء فلا يقبل، وقد ذكر الأخ السائل أنه طلب من مطلقته الخروج من البيت بعد طلاقه، لها وهذا لا يجوز لقوله تعالى:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" [الطلاق:1] ، فلا يجوز للرجل أن يخرج مطلقته الرجعية من بيته حتى تنتهي عدتها، وقد ذكر الأخ السائل أن القاضي قد طلق عليه، فإن كان القاضي يحكم بالشرع المطهر لا بالقوانين الوضعية فعليه مراجعته للنظر فيما ادعاه، فإن أمضى الثلاث عليه فقد لزمته لكون هذه المسائل المذكورة من المسائل الخلافية، وحكم القاضي الشرعي يرفع الخلاف، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

صفة طلاق السنة

صفة طلاق السنة المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي التاريخ 24/02/1426هـ السؤال إذا أراد الرجل أن يطلق زوجته، فما هي الشروط والإجراءات، وماذا عليه أن يفعل؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا أراد أن يطلق الإنسان زوجته فليطلقها طلقة واحدة، وهي طاهر في طهر لم يجامعها فيه، أو حاملاً قد تبين حملها، هذا إن كانت ممن يحيض، أما إن كانت ممن لا يحيض، أو كانت آيسة من الحيض، فيجوز طلاقها في أي وقت طلقة واحدة، ويجوز أن يطلق غير المدخول بها أيضاً في أي وقت، وكذلك المطلقة على عوض تطلق في أي وقت، لكن طلقة واحدة في الجميع. والصحيح أن الطلاق على عوض يعتبر خلعاً لا طلاقاً، ويجوز طلاق الحامل وإن كانت حائضاً على القول بأن الحامل قد تحيض؛ لأن عدتها بوضع الحمل. والله أعلم.

طلاق الحامل

طلاق الحامل المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي التاريخ 25/5/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. بعد زواجي وجدت معاملة سيئة من أهل الزوجة، وحلفت بالطلاق أنني لا أذهب إليهم، وللعلم أنا أوافق على أن تذهب زوجتي إلى عائلتها وهم يأتون في أي وقت، المشكلة أنني وجدت بعد الزواج عندها تعب لا يظهر إلا في الليل، فقلت لوالدتها على هذا المرض، فقالت: السبب في هذا المرض هو أنت، وذهبت إلى مجموعة من الأطباء، فقالوا لي إن المرض سوف يستغرق علاجه حوالي سنة إلى سنتين، وأنا ليست لي القدرة على هذه المصاريف، فماذا أفعل؟ سكت على هذا المرض لأنه مكلف جداً، وابنتهم الآن عندهم بحجة أنها مريضة، فبعثت والدتي لتأتي بها، فأهانوها وطردوها من البيت، وبعثت أكثر من واحد للإصلاح وهم لا يردون، وسبوني وسبوا العائلة كلها، أنا الآن قررت أن أطلقها، لا أريدها، وأريد أن أطلقها لأني كرهتها جداً، وهناك سبب آخر اكتشفت أن والديها يتعاملان بالربا منذ عشرين عاماً، وأن والدها سيئ جداً، وأنا أريد منك أن أعرف الآتي: لو أني طلقتها - مع العلم أنها حامل - فهل حرام علي؟ وجعلكم الله ذخراً للإسلام. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الذي أراه في مثل حالتك أن تحرص على أن تصلح ما بينك وبين زوجتك وأهلها، وأن تجلسوا جميعا وتزيلوا كل أسباب الخلاف، ولو كان ذلك بوساطة بعض قرابتك أو قراباتها، ولا تستعجل في اتخاذ قرار الطلاق حتى تستنفد وسائل الإصلاح، وإذا قدرأنها رجعت إليك فإن أمر علاجها من المرض يمكن تدبيره من قبل بعض المحسنين إذا كنت غير قادر على تكاليف العلاج، وأما تعامل والدها بالربا فيعالج بمناصحته وتذكيره بحرمة الربا وضرره لعله يكف عنه، وإن قدر أن كل مساعي الإصلاح لم تجد شيئاً، ولم تحقق استقامة الحياة الزوجية، فلك حينئذ أن تطلقها طلقة واحدة ولو كانت حاملاً، وتنقضي عدتها بوضع الحمل، وإن كان الأفضل أن تنتظر حتى تضع حملها وتطهر من نفاسها، إذ قد تتغير الأحوال بعد قدوم المولود الجديد، وتعدل عن قرار مفارقتها. والله أعلم.

الطلاق في فترة النفاس

الطلاق في فترة النفاس المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي التاريخ 18/07/1426هـ السؤال رجل طلق امرأته وهي في فترة النفاس وبضغط من أهله، وتحت ظروف نفسية سيئة، والآن يريد العودة إليها، فهل تكون العودة بعقد وصداق جديدين، أم ماذا؟. الجواب اختلف أهل العلم فيمن طلق امرأته وهي حائض، ومثلها إذا كانت نفساء، أو في طهر جامعها فيه هل يقع طلاقه أم لا؟ فذهب جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة -أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد- إلى وقوعه، مع أنه محرم ولا يجوز؛ احتجاجاً بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- لما طلق امرأته وهي حائض فتغيظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمره بالمراجعة. أخرجه البخاري (5252) ، ومسلم (1471) . قالوا: فلما أمره بالمراجعة دل على أن الطلقة وقعت. وذهب جمع آخر من أهل العلم إلى عدم وقوع هذا الطلاق؛ لأن المراجعة معناها الرد إلى عصمته وإلى بيته، ولا يلزم فيها المراجعة الشرعية بدليل أنه عليه الصلاة والسلام قال: " ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إذا شاء طلق وإذا شاء أمسك" فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر بتكرار الطلاق وتكثيره، وإنما أراد إيقاع الطلاق الذي أراده ابن عمر -رضي الله عنهما-. وأما الطلقة الأولى فهي لاغية؛ لكونها وقعت على غير الوجه الشرعي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال ذاك الكلام لابن عمر -رضي الله عنهما- قال بعد ذلك "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء". فالعدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء هي: كون المرأة طاهراً من غير الجماع. فإذا طلقها وهي حائض أو نفساء أو في طهر جامعها فيه لم يطلقها على أمر الله، فيكون مردوداً لقوله عليه السلام: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" يعني مردوداً. أخرجه مسلم (1718) . وقد سأل ابنَ عمر -رضي الله عنهما- عن ذلك رجلٌ فقال: يا أبا عبد الرحمن رجل طلق امرأته وهي حائض أيعتد بها؟ فقال له: "لا يعتد بها". وهو نفسه الذي وقعت عليه القضية، وجاء في رواية حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فردها علي ولم يعدها شيئاً، وقال: "إذا طهرت فأمسكها أو طلقها" وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من أهل العلم. وبناء على ما سبق فإن كانت هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية فيقع طلاقك، ولك مراجعتها ما دامت في العدة على القول الأول، وأما إن كانت الثالثة فقد بانت منك بينونة كبرى، لا تحل لك إلا من بعد أن تنكح زوجاً غيرك ويطأها ويفارقها. وعلى القول الثاني لا يقع هذا الطلاق مطلقاً؛ لكونه طلاقاً بدعياً على خلاف أمر الله وشرعه، فيكون لا غياً وغير معتبر. والله أعلم.

طلاق الحائض

طلاق الحائض المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي التاريخ 26/10/1426هـ السؤال قرأت أن طلاق المرأة وهي في الحيض لا يقع، فهل في حالة التلفظ بالطلاق في الحيض يحسب ذلك طلقة من الثلاث طلقات، برغم أن الطلاق لا يقع؟ والمرأة هي الأدرى بواقع الحيض وبدايته ونهايته في حقها، فهل يأخذ الرجل بقول المرأة في حيضها وقت تلفظه بالطلاق؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن طلاق الحائض غير المدخول بها لا بأس به؛ لعدم الضرر لأنه لا عدة عليها، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً" [الأحزاب:49] . أما طلاق الحائض المدخول بها فمحرم، وهو طلاق بدعي، قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى: "وأما المحظور فالطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه، أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريمه، ويسمى طلاق البدعة؛ لأن المطلق خالف السنة وترك أمر الله تعالى ورسوله". المغني (7/277) . وقد اختلف العلماء في وقوعه، فذهب أكثر العلماء إلى وقوعه مع الإثم، مستدلين بأدلة منها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمرُ -رضي الله عنه- رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ، ومسلم (1471) . قالوا: فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة، والمراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق. وقد ادعى بعضهم الإجماع على ذلك. وذهب جمع من العلماء، منهم ابن عمر -رضي الله عنهما- في أحد قوليه، وطاوس وخلاس بن عمرو وابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وغيرهم -رحمهم الله تعالى- إلى أن الطلاق المحرم لا يقع، ومنه طلاق الحائض، مستدلين بأدلة كثيرة، منها ما رواه أبو داود (2185) بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم في زاد المعاد (5/226) وغيرهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- المذكور أعلاه، وفيه: "فردها عليَّ ولم يرها شيئاً". قال الشوكاني -رحمه الله تعالى-: "إسناد هذه الرواية صحيح، ولم يأت من تكلم عليها بطائل" وبل الغمام (2/70) . وقد سئل ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته وهي حائض، فقال: "لا يعتد بذلك" رواه ابن حزم (10/163) بإسناده إليه، قال ابن القيم: "إسناد صحيح" زاد المعاد (5/236) ، كما صححه الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في التلخيص الحبير (3/206) . وعدم وقوع الطلاق على الحائض أفتى به شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- انظر الفتاوى (21/383) . وهو مقتضى قواعد الشريعة، فإن الطلاق لما كان منقسماً إلى حلال وحرام كان قياس قواعد الشرع أن حرامه باطل غير معتد به كالنكاح وسائر العقود التي تنقسم إلى حلال وحرام. أما دعوى الإجماع على الوقوع فمحل نظر، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "وتوهم من توهم أنا خالفنا الإجماع في هذه المسألة غلط؛ فإن الخلاف فيها أشهر من أن يجحد وأظهر من أن يستر" أ. هـ.

ومن تأمل الأدلة وجمع بينها تبين له قوة هذا القول والله تعالى أعلم. انظر: المحلى (10/163) ، زاد المعاد (5/218) ، وبل الغمام للشوكاني (2/69) ، الروضة الندية (2/105) ، جلاء العينين (268) . وأشير إلى أن طلاق السنة هو أن يطلق الرجل زوجته طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، أو يطلقها وهي حامل، قال ابن عباس -رضي الله عنهما: (الطلاق على أربعة وجوه: وجهان حلال ووجهان حرام، فأما الحلال: فأن يطلقها طاهراً من غير جماع، أو يطلقها حاملاً مستبيناً حملها، وأما الحرام: فأن يطلقها حائضاً أو يطلقها حين يجامعها لا يدري اشتمل الرحم على ولد أم لا) . رواه عبد الرزاق (6/307) ، والبيهقي (7/325) ، والدارقطني (4/5) . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الطلاق الرجعي والبائن

متى تحل المرأة البائن لزوجها؟ المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 5/7/1422 السؤال هل تحل المرأة البائن لزوجها الأول بالعقد أم بالجماع؟ الجواب المرأة البائن بالطلقة الثالثة لا تحل لزوجها الأول حتى تتزوج ويطأها زوجها الثاني وهو لا ينوي التحليل لقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة (.. لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) وإن كانت بائناً بفسخ ونحوه لا بالطلقة الثالثة فإنها تحل لزوجها الأول إذا عقد عليها ولو لم تتزوج غيره.

طلاق الزوجة طلقتين

طلاق الزوجة طلقتين المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 15/5/1422 السؤال لو طلق رجل زوجته طلقتين ثم بانت منه لانتهاء عدتها، ثم تزوجت غيره، ثم طلقها وبعد انتهاء عدّتها تزوجها الأول. فهل تحسب عليه الطلقتان السابقتان في العقد الأول؟ أم أنه ملك بالعقد الجديد ثلاث طلقات كاملات؟ الجواب الذي عليه أكثر أهل العلم، وهو قول جمهور الصحابة أنه لا يملك منها إلا واحدة. وتسمى هذه المسألة مسألة (الهدم) . إذ أن من أهل العلم من يقول بالاستئناف، كما لو طلقت ثلاثاً ثم تزوجت، ثم طُلقت فعادت للأول. واحتجوا بأن الزواج الثاني يهدم الثلاث فمن باب أولى أن يهدم ما دونها.

ما يكتب في ورقة الطلاق

ما يكتب في ورقة الطلاق المجيب سلمان بن عبد الله المهيني القاضي بوزارة العدل التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 23/10/1424هـ السؤال إذا قام الزوج بتطليق زوجته طلقة رجعية فهل يصح له إخراجها من البيت بحجج كثيرة؟ وإذا لم يرجعها إلى عصمته خلال فترة العدة التي هي ثلاث قروء (3 حيضات) طبعاً تعتبر طالقاً منه، إلا إذا رغبا بالعودة فمهر وعقد قران جديدين؟ سؤالي إذا قام الرجل بعدم إرجاع زوجته فهل يكتب (كتابه) في ورقة الطلاق أن المهر ليس من حقها، أو إذا كانت هناك أية شروط أو اتفاق أو إجبار للزوجة على أمور، فهل تكتب أو تذكر في ورقه الطلاق؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. يجب على المطلقة الرجعية أن تبقى في بيت الزوج مدة العدة، ويحرم عليها أن تخرج من البيت، كما يحرم على الزوج أن يخرجها منه بغير حق، وذلك أن للزوج- طوال مدة العدة- أن يراجعها ويردها إلى بيت الزوجية مرة أخرى- إذا كان هذا هو الطلاق الأول أو الثاني- وفي وجودها في البيت قريباً منه إثارة لعواطفه وتذكير له أن يفكر في الأمر مرة ومرة قبل أن يبلغ الكتاب أجله، وتنتهي أشهر العدة التي أمرت أن تتربصها استبراء للرحم، ورعاية لحق الزوج وحرمة الزوجية، والقلوب تتغير، والأفكار تتجدد، والغاضب قد يرضى، والثائر قد يهدأ، والكاره قد يحب. وفي ذلك يقول الله تعالى في شأن المطلقات: "واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" [الطلاق: 1] . وقال - صلى الله عليه وسلم-: "إنما السكنى والنفقة لمن يملك الرجعة" رواه الدارقطني في سننه (4/22) ، وفي لفظ آخر: "إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة" رواه النسائي (3403) . قال ابن القيم: وإسنادهما صحيح ا. هـ. (زاد المعاد) (5/226) . وقال الشوكاني - رحمه الله- ومع هذا كله فوجوب السكنى للرجعية مجمع عليه. ا. هـ. (السيل الجرار) (2/391) . وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن للمطلقة التي يملك زوجها الرجعة: السكنى والنفقة. ا. هـ. (الإجماع) (ص48) . وأما ما يتعلق بورقة الطلاق وما يتم كتابته فيها فهذا يختلف فيه الحال بما يكون عليه الطلاق من فدية خلع واتفاق على نفقة الأولاد، والأمر في إثباته وعدمه راجع للمحكمة المختصة. والله أعلم.

طلق زوجته ثلاثا ثم جامعها

طلق زوجته ثلاثاً ثم جامعها المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 17/8/1423هـ السؤال طلق رجل زوجته ثلاث طلقات في الوقت نفسه، وبعد الطلاق بخمسة أيام جامعها، مع أنها لم تترك البيت بعد الطلاق حتى الآن، فهل تعد طالقاً منه؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب إذا كان الواقع كما ذكر السائل فإن هذه التطليقات الثلاث تعد طلقة واحدة؛ لكون الزوج أوقعها جميعاً في نفس الوقت، أما بالنسبة للجماع فإن كان جامع بنية الرجعة أي إرجاع الزوجة إلى عصمته فهو جائز، ويعد هذا الجماع إرجاعاً فعلياً للزوجة مع النية -كما سبق-. أما إن كان جامع بدون نية الإرجاع فهو محرم، وعليه أن يراجع زوجته أولاً بقوله: راجعتك ثم إذا شاء جامعها، والله أعلم.

الطلاق الرجعي والبائن

الطلاق الرجعي والبائن المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 8/10/1424هـ السؤال تشاجر زوجان، وخلال نقاشهما للموضوع طلقها طلقة وهو غاضب، ثم خرج لمدة 15دقيقة، وعند عودته ناقشها في الموضوع مرة أخرى، وكان ما يزال غاضباً فطلقها طلقة أخرى، فهل يعد طلاقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى؟ وهل إذا طلقها طلقة أخرى لا تحل له إلا إذا تزوجت من غيره فطلقها أو مات عنها؟ الجواب الطلاق البائن هو الذي لا يملك فيه المطلق مراجعة المرأة، كما لو طلق زوجته قبل الدخول، أو إذا طلقها وانتهت عدتها فهذا طلاق بائن بينونة صغرى، لا تحل فيه المرأة لزوجها إلا بعقد ومهر جديدين. أما البينونة الكبرى فهو الطلاق الذي لا تحل فيه المرأة لمن طلقها إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره، وهو الطلاق الثلاث. فإذا كان الزوج طلّق الطلقتين المذكورتين في السؤال ولم يطلّق قبلها فإن له مراجعة زوجته في عدتها، فإن انتهت العدة فله أن يعقد عليها عقداً جديداً مستكملاً لشروطه، ويكون قد بقي له طلقة واحدة مما يملك. وإذا كان غضب الزوج عند تلفظه بالطلاق غضباً شديداً، حتى صار لا يفهم ولا يدري بماذا يتكلم فإن طلاقه لا يقع؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا طلاق في إغلاق" أخرجه أحمد (6/276) ، وأبو داود (2193) عن عائشة -رضي الله عنها- بإسناد حسن، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

الطلاق الرجعي وما يترتب عليه

الطلاق الرجعي وما يترتب عليه المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 8/9/1424هـ السؤال أنا متزوج امرأتين: الثانية منهما تزوجتها بعقد زواج عرفي، وفي ظروف نفسية غير مستقرة قلت لها اذهبي فأنت طالق مرة واحدة ولم أنطقها ثلاثاً، فهل هي طالق؟ أم يجب الكفارة فقط؟. الجواب قولك لها اذهبي فأنت طالق تعتبر طلقة واحدة، فإذا لم يكن سبق لك أن طلقتها قبل ذلك فإنك تراجعها ما دامت في العدة، أي قبل أن تحيض ثلاث حيض. وتعود زوجتك، والمراجعة تكون بقولك راجعتك أو بفعل يدل على المراجعة كالجماع مثلاً، وهناك أسئلة مؤثرة في الحكم يلزمك بيانها ليتضح لك الحكم بشكل دقيق منها: هل وقع الطلاق في فترة الحيض؟ وأنت تعلم بذلك؟ هل سبق أن طلقتها قبل هذه المرة؟ ما مقدار حالة الغضب؟ وهل هي بالقدر الذي يذهب العقل ويشل التفكير؟ وفقك الله.

طلق ثلاث مرات

طلق ثلاث مرات المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 17/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سئلت عن رجل طلق زوجته ثلاثاً في ثلاثة مجالس، وبين كل مجلسين سنة تقريباً، وطلاقه ليس بدعياً كما تبين من كلامه، والمشكلة أنه لا يعرف بنتيجة ذلك لجهله، وقد وجدت اختلافاً بين العلماء في هذه المسألة فنرجو أن تفيدونا بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده وبعد: إذا كان الحال كما ذكر الأخ السائل فإن المرأة قد بانت من زوجها بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره- نكاح رغبة لا تحليل- فإن طلقها زوجها وخرجت من العدة جاز للزوج الأول أن يتقدم للزواج بها، بعد توفر أركان النكاح، وشروطه، وانتفاء موانعه، قال الله تعالى: "الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" الآية، [البقرة: 229] إلى أن قال تعالى: "فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة:230] ولا أعلم خلافاً بين أهل العلم في ذلك. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

راجعها بعد ثلاثة أشهر من تطليقها

راجعها بعد ثلاثة أشهر من تطليقها المجيب عبد الله بن سليمان المخلف القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 7/10/1424هـ السؤال أنا أدرس في بريطانيا وتزوجت من بريطانية بعد أن أعلنت إسلامها والحمد لله، ولكني أعيش هذه الأيام في أزمة نفسية شديدة، والسبب في ذلك أنني منذ خمس سنوات تقريباً طلقتها طلقة واحدة في حالة ضعف وغضب والعياذ بالله، واستمر ذلك لمدة ثلاثة إلى أربعة شهور تقريباً، بعد ذلك اتفقنا على الرجوع مرة أخرى، ورزقنا بابن ولد والحمد لله، ولكن هي قد اعترفت لي من قبل أنها في فترة انفصالنا منذ خمس سنوات ولطبيعتها العاطفية والساذجه لحد ما كوَّنت علاقة مع رجل آخر، وكانت بينهم علاقة جنسية قصيرة، مع أنني في حالة نفسية سيئة كما ذكرت، ولكن لم أذكر لها أن هذا هو سبب حالتي لكي لا أتعبها نفسياً معي بدون فائدة من ذلك، خاصة أنها الآن تقوم بواجباتها كأم وزوجة مسلمة، ولكن هناك سؤالين يقلقاني منذ فترة طويلة لا أستطيع أن أتحدث مع أحد في هذا الموضوع؛ لأنه لم يعلم أحد من أهلي ما حصل. 1. هل رجوعي لها بدون مراجعة المركز الإسلامي كان شرعياً، مع أنني طلقتها طلقة واحدة فقط وانفصلنا لأكثر من ثلاثة شهور؟ أعني هل كان لابد ومن وجود شيخ وشهود مرة أخرى أو غير ذلك؟ أم أن نيتي بالرجوع تكفي؟ 2. هل بقائي معها -مع علمي بأنها زنت في فترة الانفصال- يعتبر غير شرعي أيضاً؟ إذا كان كذلك، ما الذي يجب علي عمله؟ أرجو أن تفيدونا يا فضيلة الشيخ بأسرع وقت ممكن، أثابكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء. الجواب أولاً: إذا كانت المراجعة للزوجة تمت قبل نهاية عدتها؛ والعدة هي وضع الحمل أو قبل أن تحيض ثلاث حيض وتطهر من الثالثة أو ثلاثة أشهر للصغيرة والآيسة، فإن كانت قبل ذلك فالرجعة صحيحة ولكن لابد من الإشهاد عليها، وإن كانت بعد نهايتها فهي أجنبية عنك وفعلك منكر عظيم ولا تحل لك إلا بعقد جديد بولي وشاهدين، وتحسب عليك الطلقة السابقة. ثانياً: ما دامت زوجتك لم تخبرك إلا بعد زمن طويل بما حصل فليس عليك شيء إن شاء الله، وتواصل معها بتذكيرها وتعليمها ما يجب عليها تجاه ربها وتجاه زوجها، وما يجب عليك أولاً: التوبة إلى الله من هذا الفعل بحسب حالك مما ذكر بعاليه. ثانياً: الواجب عليك أن تسأل أهل العلم والتقوى، ولا يحل لك التساهل في أمر الفروج ولن يؤتى الإنسان إلا من الجهل أو الهوى نعوذ بالله. ثالثاً: عليك سرعة الابتعاد عن المرأة وتجديد العقد، أو على الأصح إجراء العقد بكامل شروطه إن كنت راجعتها بعد مضي العدة. رابعاً: أنصحك أخي الكريم باجتناب مواضع الغضب، وإذا وقعت فيه فاستعذ بالله وتوضأ واجلس إن كنت واقفاً، واضطجع إن كنت جالساً، فإن ذلك يذهب الغضب. ولا تتصرف حال الغضب بقول ولا فعل تندم عليه، واحذر الطلاق فإنه لا يشرع إلا إذا تعذَّرت العشرة الزوجية كما في كتاب الله. خامساً: الولد ولدكما؛ لأن الأصل بقاء الزوجية إن شاء الله والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

طلقها ثم انقضت عدتها ولم يراجعها

طلقها ثم انقضت عدتها ولم يراجعها المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 07/09/1426هـ السؤال رجل تزوج زواج مسيار ثم طلق زوجته شفوياً، ولم يجتمعا في بيت واحد منذ ذلك اليوم، ومرت شهور العدة، ولم يسترجعها، فهل تعتبر محرمة عليه؟ وماذا يجب عليه أن يفعل؟ هل يذهب للمحكمة لاستخراج ورقة طلاق؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن طلاق هذا الرجل قد وقع، وما دام أنه لم يراجع زوجته حتى خرجت من العدة فقد بانت منه زوجته، فإن كان الطلاق رجعياً بأن كانت تلك الطلقة الأولى أو الثانية فإن البينونة هنا بينونة صغرى، له أن ينكح هذه المرأة بعقد نكاح جديد بوليها والشاهدين..إلخ. وأما إن كان طلاقه هذا آخر ثلاث تطليقات فقد بانت منه بينونة كبرى لا تحل له إلا من بعد أن تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويجامعها، ثم يطلقها الثاني وتبين منه بأن تخرج من العدة، ثم له بعد ذلك نكاحها. وأما استخراج صك الطلاق من المحكمة فليس باللازم، لكن إذا احتاجت الزوجة له وطلبته من الزوج لزم الزوج استخراجه من المحكمة؛ لتوقف بعض مصالح الزوجة عليه. والله تعالى أعلم.

أحكام عدة الطلاق الرجعي

أحكام عدة الطلاق الرجعي المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 6/7/1424هـ السؤال ما هو حكم من لا تلتزم بأحكام عدة الطلاق الرجعي؟ وشكراً لكم. الجواب اتفق أهل العلم على مشروعية العدة ووجوبها عند وجود سببها؛ لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ" [البقرة: من الآية228] ، ولا يجوز للمرأة عدم الالتزام بالعدة. وقد اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز لغير مطلق المطلقة الطلاق الرجعي نكاح المعتدة، وذلك لحفظ الأنساب وصونها من الاختلاط، فإن عقد النكاح على المعتدة في عدتها من أجنبي فرق بينها وبين من عقد عليها؛ لقوله تعالى: "وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ"، والمراد تمام العدة، والمعنى لا تعزموا على عقد النكاح في زمان العدة، وفي الموطأ أن طليحة الأسدية كانت زوجة رشيد الثقفي وطلقها فنكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها وفرق بينهما، ثم قال عمر: أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ثم إن شاء كان خاطباً من الخطاب، وإن كان دخل بها ففرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم اعتدت من الآخر ثم لا ينكحها أبداً.

راجعها وهو يجهل حكم الرجعة!

راجعها وهو يجهل حكم الرجعة! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 07/08/1426 السؤال رجل نطق بالطلاق على زوجته -وهي غائبة- في مكتب أحد المحامين، وأمام اثنين من الشهود ليخبروا الزوجة بالطلاق، وقامت الزوجة بالاتصال بالزوج وطلبت منه التراجع عن هذا الطلاق، وأعلمها أنه إذا كان الشرع يسمح بهذا الرجوع فإنه موافق. علماً أنه ما زال بعيداً عن الزوجة منذ أكثر من سنة، وهو يرسل لها مصروفها كالعادة، ويتعامل معها على أن الموضوع قد انتهى، ولكن ما الحكم الشرعي في مثل هذه الحالة، وهل الطلاق واقع أم لا؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا طلق الرجل -وهو بحالة معتبرة شرعاً- زوجته طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه وقع طلاقه، ولا يمكنه الرجوع فيه وحسبت عليه طلقة، فإن كانت هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية فله مراجعتها ما دامت في العدة، أما إذا خرجت من العدة قبل المراجعة فله مراجعتها بعقد جديد بعد توافر أركان النكاح وشروطه وانتفاء موانعه. أما إن كانت هذه الطلقة هي الثالثة فقد بانت منه مطلقته بينونة كبرى فلا يحل له مراجعتها حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل؛ لقوله تعالى: "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يُقيما حدود الله فإن خفتم ألا يُقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون" [البقرة: 229 - 230] ، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

طلاق الثلاث في مجلس واحد

طلاق الثلاث في مجلس واحد المجيب د. راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 7/11/1424هـ السؤال بالنسبة لحكم الطلاق المكرر ثلاثة مرات في مجلس واحد؛ أي مثلا (يا فلانة بنت فلان أنت طالق طالق طالق) ، إذا كان يرى من له حق الصلاحية من العلماء بالإفتاء في الطلاق بوقوع الطلاق البائن بهذا اللفظ، وعند مراجعة كبار العلماء في هذا قالوا بأن الشيخ هذا له رأي خاص في مثل هذه المواضيع، ولا يرغبون الدخول فيها، على الرغم من المرور على عدد كبير منهم ولعدة أيام مضت، فهل يجوز لي الأخذ برأي من خالف في هذا الرأي من الفقهاء؟ وقال بأن هذا التكرار يعد طلقة واحدة دونما الرجوع لأحد من العلماء الذين لم يفتوني، خاصة وإنني أرغب وزوجتي في الرجوع للحفاظ على طفلنا والطفل الذي هي حامل به حاليا إذا كتب الله له العمر، ولدينا رغبة في عدم العودة لمثل هذه المواقف، أوضحوا لي مأجورين ونفع الله المسلمين بعلمكم ونفعكم بما علمكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أولاً: إيقاع الطلاق بهذه الصفة محرم؛ لأنه طلاق بدعي، واجب فاعله التوبة والاستغفار. ثانياً: اللفظ محل خلاف كما ذكر السائل، ولكن لا يصح للعامي أن يتخير من أقوال العلماء، بل الواجب أن يستفتي من وثق بدينه وعلمه، ولا يجوز له تكرار السؤال حتى الوصول إلى مرغوبه من الفتاوى، وبإمكان السائل الكريم الرجوع إلى المحكمة أو مكاتب الدعوة لتسجيل واقعة الطلاق لديهم، ومن ثم رفعها للمفتي العام للمملكة، وسيجد مخرجاً بإذن الله إن اتقى الله -تعالى- "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" [الطلاق من الآية:2] وبالله التوفيق.

الرجعة عن طريق الهاتف

الرجعة عن طريق الهاتف المجيب حمد بن عبد الله الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 27/07/1425هـ السؤال تزوجت من فتاة في إحدى الدول الإسلامية زواجاً عرفياً بموافقة وليها، وبوجود شهود على هذا النكاح، وقبل عودتي إلى بلدي قمت بتطليقها طلقةً واحدة، والسؤال: هل يحق لي بأن أرجعها على ذمتي وبرضاها قبل انقضاء فترة العدة، وذلك عن طريق التلفون لصعوبة الذهاب إليها إلا بعد مرور ستة أشهر من وقوع الطلاق؛ وذلك لعدم وجود إجازة لي من العمل؟ أفيدونا؛ جزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: يجوز لك إرجاعها عن طريق الهاتف، ويستحب أن تشهد على إرجاعها رجلين، ويشترط أن يكون في وقت العدة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طلقها ثلاثا وتريده أن يرجعها

طلقها ثلاثاً وتريده أن يرجعها المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن التاريخ 01/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم رجل تزوج من امرأة أخرى على زوجته، وكان الاتفاق بينهما أن يأتيها مرة في الأسبوع تقريباً، وبعد أن دخل بها بأسبوع طلبت منه هذه الزوجة الطلاق؛ بحجة أنها لا تستطيع أن تستمر بهذا الوضع، فبعد إلحاح الزوجة طلقها الزوج، وبعد فترة زمنية عادت هذه المرأة وطلبت من نفس الرجل العودة إليها وهي موافقة على كل شروطه، فما كان من الرجل إلا وتزوجها من جديد، وبعد فترة زمنية ليست بالطويلة عادت وطلبت منه الطلاق، وتحت الإلحاح من الزوجة طلقها، وقبل انقضاء العدة أرجعها وبقيت معه فترة من الزمن، وفي العام الفائت أراد الزوج أن يذهب إلى الحج، فظنَّ أنه ظالم لزوجته الأولى بزواجه من الثانية، فما كان من الزوج إلا أن طلقها قبل ذهابه إلى الحج، وبعد الحج اتصلت به هذه الزوجة وطلبت منه أن يرجع لها، فقال لها إنها بانت منه بينونة كبرى ولا يصح أن ترجع له، فقالت الزوجة له إنها سألت من يدعى طلب العلم عندنا، فقال لها الطلقات الأولى والثانية لا تحسب بسبب إلحاح الزوجة عليه بطلب الطلاق، وأفتى لها بأن هذه الأمور موجودة في كتاب الله، وأن الإسلام دين يجمع ولا يفرق، فالمرجو منكم التكرم بشرح هذه القضية وتبيين الحكم الشرعي فيها، وهل من سبيل للزوج من إرجاع هذه الزوجة؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذه الزوجة الثانية قد بانت من زوجها بينونة كبرى؛ لأنه طلقها ثلاث تطليقات متفرقة، وكان أهل الجاهلية لا حد للطلاق عندهم، فجاء الإسلام بتحديد الطلاق ثلاث تطليقات، قال تعالى: "الطلاق مرتان" [البقرة: من الآية 228] ... ثم قال تعالى: "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره" [البقرة: من الآية 230] ... فهذه الطلقة هي الثالثة بعد الطلقتين الأوليين، وعلى هذا لا يجوز لهذا الزوج أن يرجع لزوجته التي طلقها آخر ثلاث تطليقات إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره، ويدخل بها، ويكون زواجه لها زواج رغبة لا زواج تحليل وخداع، وهذه الأحكام دل عليها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، فلا يجوز لنا حينئذ أن نعارضها بقول: إن الإسلام يجمع ولا يفرق. فهذا إيراد في غير موضعه، وكلام في غير محله، وهو كمثل من يقول: إن الإسلام دين يسر، ويستدل بذلك على إباحة المحرمات من الخمر والتبرج والربا، ونحوها. هذا هو جواب ما جاء في ظاهر كلام السائل، وقوله (هل من سبيل للزوج من إرجاع هذه الزوجة؟) ، أجيب لا بد من النظر في حال المرأة حين الطلاق ومناقشتها هي والزوج، ومناقشة الزوج متى أوقع الطلاق؟ وما اللفظ الذي تلفظ به؟ وبعد ذلك ينظر في وقوع الطلاق من عدمه، أما والحال ما ذكر في السؤال، فقد بانت منه بينونة كبرى. هذا والله أعلم.

طلاق الغضبان والسكران والمكره

الطلاق حال الغضب المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره التاريخ 19/11/1423هـ السؤال أقسمت على زوجتي يمين طلاق صريح فقلت لها:"أنت طالق" ثم راجعتها بالجماع قبل انقضاء العدة. وفي حالة غضب شديد تتطاولنا فيه على بعضنا فقلت لها:"أنت طالق" وبمجرد النطق باليمين سكن غضبي وسكت وانصرفت عنها وعادت الحياة بيننا في هدوء. وبعد مدة وقعت مشاجرة بيننا انتهت كسابقتها بيمين طلاق صريح "أنت طالق" وبمجرد النطق به سكن الغضب وعدت لسكوني وهدوئي. سألت بعض المشايخ فقالوا لي: يمكن اعتبار اليمينيين الأخريين يميناً واحداً نظراً لحالة الغضب الشديد. وقعت الخلافات بيننا مرة أخرى فذهبت إلى المأذون الشرعي وطلبت منه تحرير وثيقة طلاق لزوجتي ووقعت عليها بيدي دون أن أقسم باليمين. السؤال: ما هو حكم العلاقة بيني وبين زوجتي حالياً؟ وهل تحل لي أم لا؟ ملاحظة: في الفترة ما بين اليمين الثاني والثالث أشار علي أحد الأصدقاء بعرض زوجتي على شيخ ممن يعالجون بالقرآن الكريم وبالفعل عرضتها فتبين أن عليها جن مسيحي نطق في وجودي وقال:"أنا جعلته يطلقها مرتين ولا بد أن يطلقها الثالثة ولن يعيشا في راحة أبداً". أفيدونا، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أن الطلاق في الغضب على أقسام وكل قسم له حكم قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:"الغضب على ثلاثة أقسام أحدها: ما يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع. والثاني: ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وما يقصده فهذا يقع طلاقه بلا نزاع. والثالث: أن يستحكم ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال فهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوى متجّه" انتهى كلامه -رحمه الله-. قلت وبناءً على ما تقدم فإننا لا نعرف حال غضب السائل حين طلاقه حتى تتم الإجابة عن سؤاله، لكن على السائل أن يذهب إلى الحاكم الشرعي في بلاده أو المفتي فيعرض عليه القضية بتفاصيلها، والحاكم الشرعي سيبين له الحكم ويفتيه -إن شاء الله- وقد يتطلب الأمر حضور زوجته للنظر في ملابسات الأمر. هذا وما ذكره السائل في آخر سؤاله من أنه تبين أن على زوجته جني مسيحي وأنه هو الذي جعل الزوج يطلق....إلخ، أقول هذا من تلبيس الشيطان وعلى السائل ألا يلتفت إليه فهي دعوى خرافية على المسلم أن يرفضها ويتكل على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

طلاق الغضبان

طلاق الغضبان المجيب د. راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره التاريخ 4/11/1424هـ السؤال إثر خلاف حاد بيني وزوجتي فقدت التحكُّم في تصرفاتي فوجدت نفسي قائلاً: إذا لم يعجبك فأنت طالق بغير أن أقصد الطلاق نفسه، وأنا على الأقل اعتبرتها (زلة لسان) على عكس زوجتي التي أخذت الأمر جدياً أكثر من اللازم، والسؤال: هل يقع الطلاق أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الأخ الكريم علق طلاقه على شيء غير معروف، وهو رضا المرأة بما حصل من تصرفاته فهل رضيت أم لا؟ ثم إن الطلاق الصريح لا يرجع فيه إلى قصد المتلفظ، إلا إذا حفت به ظروف تغير دلالته، كأن يكون القصد الحث أو المنع عند التعليق. ثم هل المرأة حائض أم طاهر؟ فإن كان الثاني فهل هو طهر حصل فيه جماع أم لا؟ الحكم ينبني على معرفة ذلك، وأوصي الأخ الكريم بمراجعة أقرب محكمة لأخذ الجواب منها، ومن ثم إفادته بالحكم أو إرساله للإفتاء. وأنصح أخي الكريم ألا يتعود استخدام هذا اللفظ إلا عند الإرادة الجادة، وبعد تأن وترو في وضعه، والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، إنه سميع مجيب.

طلاق الغضبان

طلاق الغضبان المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره التاريخ 13/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. قبل أسبوعين طلقت زوجتي وهي حامل، وكان هذا الطلاق هو الثالث، نما إلى علمي مؤخراً أن هناك ثلاثة إشكالات فيما يخص الطلاق في حالة الغضب: الأول: الطلاق أثناء الغضب الذي يفقد الإنسان معه الإحساس بالكلية، وهذا الطلاق لا يقع حسب رأي الفقهاء. الثاني: الطلاق أثناء الغضب بدرجة أقل، لكنه غضب شديد، وفهمت منه وجود اختلاف في آراء الفقهاء في وقوعه، وأن الصحيح أنه لا يقع حسب ما رأى ابن باز وابن عثيمين وابن القيم وابن تيمية. والثالث: الطلاق بأقل درجات الغضب، واتفق الفقهاء أنه يقع. والذي حدث معي حين طلقت زوجتي أول مرة قبل سنتين هو بالتأكيد من النوع الثاني من الغضب، لكنني في ذلك الوقت لم أكن أعرف الحكم الشرعي في الطلاق أثناء الغضب، لذلك حسبته كطلاق أول. الآن وقد علمت ما علمت، هل يجوز لي اعتبار الطلاق الأول كأنه لم يقع، وعليه تكون زوجتي في الطلاق الثاني وليس الثالث؟ مع العلم أن كل شيء بخصوص الطلاق بخلاف ما ذكرت تم وفقاً للسنة ولم أطلقها، أي: طلاق بدعي. أعانكم الله على الجواب، وأنا أريد عودة زوجتي بالحلال. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فالغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما ذكر العلماء: الأول: غضب يزيل العقل، فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع. الثاني: ما يكون في مباديه، بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول، وقصده فهذا يقع طلاقه.

الثالث: أن يستحكم الغضب ويشتد به فلا يزول عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال. قال ابن القيم: (وهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه) . انظر: زاد المعاد (5/215) ، وقال: (هذا موضع الخلاف، ومحل النظر، والأدلة الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه) . انظر: إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان (39) ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- بقوله: (إن غيره الغضب ولم يزل عقله لم يقع الطلاق؛ لأنه ألجأه وحمله عليه فأوقعه، وهو يكرهه ليستريح منه فلم يبق له قصد صحيح فهو كالمكره، ولهذا لا يجاب دعاؤه على نفسه وماله، ولا يلزمه نذر الطاعة فيه) . انظر: المبدع (7/252) الفروع (5/282) ، الإنصاف (8/432) ، ورجحه شيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى-، الفتاوى (21/373) ، وذلك لما رواه أحمد (6/276) ، وأبو داود (2193) ، والحاكم (2/216) ، وصححه من حديث عائشة - رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق"، وفسر جمع من أهل العلم كأحمد وأبي داود وغيرهم الإغلاق بالغضب، وقد أفرد العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى- هذه المسألة بمصنف جمع فيه الأدلة من الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين، وذكر أن عدم الوقوع مقتضى القياس الصحيح والاعتبار وأصول الشريعة، وأجاب عن أدلة الموقعين، ومن قرأ ما كتبه اطمأن لقوله - رحمه الله تعالى-، لذا فإن كانت الطلقة الأولى أوقعتها وأنت غضبان غضب القسم الثالث وصدقتك زوجتك على ذلك، ولم يصدر حكم من قاض شرعي بوقوعه فإن الطلاق المذكور لم يقع، أما إن لم تصدقك زوجتك على ذلك أو صدر حكم من قاض شرعي بوقوعه فقد لزمتك؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الحلف بالطلاق

الحلف بالطلاق المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره التاريخ 13/9/1423هـ السؤال لدي مشكلة تتمثل في سرعة غضبي، وحلفي باليمين لزوجتي عندما تحدث مشكلة بيننا، ولكن ليس لديَّ أي رغبة في الطلاق، وإنما أود فرض كلمتي في البيت، وقد حدث الحنث مرتين، أفيدوني يرحمكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب إذا كان غرضك من الطلاق الحث أو المنع فهو - على الراجح من أقوال العلماء - يمين تكفرها بكفارة اليمين الواردة في آية المائدة، وهي قوله تعالى: " لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] . وأما قولك - أخي الكريم - إنني ألجأ لهذا من أجل فرض كلمتي، فإن هذا ليس بأسلوب شرعي، بل هو أسلوب يلجأ إليه من عجز عن ترويض زوجته، وتربيتها على طاعته واحترامه. إنه من السهل جداً - أخي الفاضل - أن يشهر الزوج هذا السلاح (سلاح الطلاق) في وجه زوجته كلما أراد فرض رأيه، ولكن هل هذا هو الأسلوب الصحيح؟ كلا ... وكم هو الفرق بين رجل هذه حاله، وبين رجل يفرض احترام زوجته له بحسن خلقه، وحسن معاشرتها بالمعروف، وتبادل الكلمات الطيبة التي تزيد المودة والمحبة بينه وبين زوجته. وتأمل - رعاك ربي - في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته، كيف كانت؟ مع أنه رسول رب العالمين! كانت غاية في الرحمة والشفقة، وحسن العشرة، وطيب الكلام، وتمام العدل بينهن.

طلاق السكران

طلاق السكران المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره التاريخ 9/6/1425هـ السؤال بسم الله. السلام عليكم. ابتليت برجل يشرب الخمر ولا يصلي، صبرت ولم يتغير، ولدينا أربعة أولاد، ليس لي في هذه الدنيا بعد الله سوى أولادي، لا أريد لهم الشتات، هذا الرجل طلقني منذ ثمان سنوات طلقة واحدة، واسترجعني، وبعد فترة حلف يميناً بألَّا يأكل من وليمة أقامها أحد الأقارب، ولم يأكل منها، وفي الغد تم تسخين باقي الطعام وأكل منه، وهو يعلم أنه نفس الطعام الذي حلف عليه وهو لا يقصد الطلاق، ولكن منع هذا الرجل من أن يكلف نفسه ثمن الخروف، ومنذ فترة كان سكران، وقال في غضب شديد: أنتِ طالق، وندم فوراً، وسألنا عن كفارة اليمين، فقالوا: إطعام، وأطعمنا، وسألت عن طلقة السكران، وقال لي شيخ: لا تحسب طلقة، وبعد فترة أخذ يحلف ويعلق الطلاق بأمور كثيرة يريد منعي من أن أعمل بها مثل (علي الطلاق ألا تذهبي إلى الدوام) ، وغيره، ولا أفعل ما حلف عليه، لكن كان يحلف كثيراً ولم أعد أحصي عددهم ولا مدى التزامي؛ لأنه يحلف على أشياء ضرورية، ومرات إذا حلف يتراجع وهو لا يقصد الطلاق، ولكن منعي من عمل هذا الأمر. قبل يومين سافر سفراته المعهودة، وغضبت، وحصل خصام، وأردت أن أعطيه درساً، وقلت له لن أغفر لك حتى تصلي أو تطلقني، فغضبت غضباً شديداً، وقال: أنتِ طالق، وبعد ساعات أنكر، وقال: لم أقل أنت طالق، بل قلت ما أنت طالق حتى تخافي، وكنت في العادة الشهرية. سؤالي: هذه الطلقة الأخيرة هل تعتبر طلقة إذا كان مصراً أنه لم يلفظها أنت طالق، وأنا غير متأكدة مما قال، وهل طلاق السكران يحسب طلقة؟ وهل طلقاته المعلقة تحسب؟ وكم بقي لي؟ أفيدوني هل أنا على ذمته أم لا؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب: أنه وقبل كل شيء لا يجوز لك البقاء معه، إذا كان لا يصلي أبداً بالكلية لا مع الجماعة، ولا لوحده في البيت، أو في أي مكان آخر؛ لأنه بتركه الصلاة يكفر؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621) ، والنسائي (463) ، وابن ماجة (1079) عن بريدة بن الحصيب-رضي الله عنه-، وبهذا يكون الزواج بينكما منفسخاً، ولا يحل لكما الاستمتاع ببعض، ويجب عليك في هذه الحال أن تذهبي إلى أهلك أو إلى أي مكان آخر آمن، وأن تحاولي التخلص منه بأي وسيلة مباحة، هذا إذا كان لا يصلي بالكلية، أما إذا كان يصلي أحياناً ويدع أحياناً أخرى فهذا لا يكفر على الصحيح، لكنه من أفسق الناس وعلى خطر عظيم. هذا أولاً. أما ثانياً: فإن الصحيح من أقوال أهل العلم أن طلاق السكران لا يقع، وكذلك طلاق الغضبان لا يقع إذا لم يستطع منع نفسه من الطلاق، بأن غضب غضباً شديداً وهذا ثالثاً. رابعاً: أن من حلف بالطلاق، أو علق طلاق زوجته على أمر يريد الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب فلا يقع طلاقه وإن كثر ذلك، وإنما عليه كفارة يمين إذا حنث في ذلك.

خامساً: أن طلاق الرجل لزوجته وهي حائض لا يقع؛ لأنه خلاف أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) واللفظ له من حديث عائشة -رضي الله عنها- وقد أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- بأن تطلق النساء لعدتهن: طاهرات من غير جماع، قال تعالى: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ... " [الطلاق: 1] ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-: "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ، ومسلم (1471) . سادساً: أن من تزوجت برجل لا يصلي أبداً ويترك الصلاة بالكلية فإن نكاحها باطل من الأصل، ولا بد من تجديد النكاح إذا تاب وبدأ يصلي، أما من تزوج وهو محافظ على الصلاة، ثم بعد ذلك ترك الصلاة بالكلية فهذا ينفسخ نكاحه، فإن صلى وهي لا زالت في العدة عادت إليه بلا تجديد نكاح، أما إن انتهت العدة ولم يصلِّ بعد فلا بد من تجديد النكاح إن أرادت الزواج منه. وهذا سابعاً. ثامناً: أن العدة الواجبة على من ارتد زوجها ثلاث حيض عند جمهور العلماء، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- أن العدة في جميع الفسوخ حيضة واحدة، ولعله الأقرب والأحوط هنا. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.

كثرة الطلاق حال الغضب

كثرة الطلاق حال الغضب المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره التاريخ 17/09/1425هـ السؤال إخواني الأعزاء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال هو: إن والدي- سامحه الله- سريع الغضب، ولكنه في الواقع ذو قلب رؤوف حنون، ولكنه عندما يغضب لا يدري ما يقول، ومنذ 15 عامًا كان بينه وبين والدتي مشاكل كانت تؤدي به دائمًا للغضب، ولربما كان يحلف أيمان طلاق عندما كان الغضب يتملكه تملكًا لا يعلم به إلا الله عز وجل، ولقد سبق أن حلف يمينًا بعدم مواطأة والدتي ومعاشرتها معاشرة الأزواج، وهما الآن وإن كانا في بيت واحد إلا أن أمي قد أبلغت زوجتي بأن العلاقة بينهما هي علاقة طعام وشراب، والخدمة التي تقوم أمي بها تجاه والدي من غسيلٍ وكيٍّ وخلافه، علمًا بأن أعمارهما تجاوزت الستين وما عاد في العمر أكثر مما مضى- والله تعالى أعلم. ولذلك فإنني أطلب منكم أن تبينوا رأي الشرع في موضوع تلك الأيمان، هل هي نافذة أم لا؟ وخصوصًا في ساعة الغضب التي أعلمها جيدًا في والدي والتي من خلالها يصبح لا يدري ما يقول، حتى إذا هدأ بدا على غير ذلك ... لقد سبق وأن سمعت من أحد المشايخ على الراديو بأن الطلاق في عصرنا هذا أصبح مقنَّنًا في المحاكم، وما دام لم يطلق في المحكمة فالطلاق غير ساري المفعول، وإلا عمت الفوضى، فهل في ذلك أثر شرعي؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن الغضبان لا يخلو من ثلاثة أحوال: الأولى: ألا يتغير عقله بالغضب، فحينئذ تنعقد يمينه ويقع طلاقه بالاتفاق. الثانية: أن يتغير عقله بالغضب حتى لا يعلم ما يقول، فحينئذ لا تنعقد يمينه ولا يقع طلاقه بالاتفاق. الثالثة: أن يتغير عقله بالغضب حتى لا يستطيع أن يملك نفسه، فحينئذ فانعقاد يمينه ووقوع طلاقه محل خلاف بين الفقهاء على قولين؛ أصحهما: عدم انعقاد يمينه وعدم وقوع طلاقه. وهو أحد الأقوال في مذهب المالكية، واختيار القاضي إسماعيل بن إسحاق، كما قاله ابن القيم- رحمه الله- في إغاثة اللهفان (ص 31) ، وقال ابن القيم: وقال بذلك جماعة من السلف والخلف، واختاره من لا يرتاب في إمامته وجلالته، وكان يقرن بالأئمة الكبار، إسماعيل بن إسحاق. إغاثة اللهفان (ص50) . وهو قول علي وابن عباس، رضي الله عنهم، وبه قال طاوس، واختاره ابن القيم حيث قال: والأدلة الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه وعتقه وعقوده التي يعتبر فيها الاختيار والرضا. إغاثة اللهفان (ص39) . ورجحه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين- رحمه الله- حيث قال: والقواعد تقتضي أنه إذا غضب غضبًا لا يملك نفسه، أو غضب غضبًا بحيث لا يدري ما يقول، فإنه ليس عليه كفارة؛ لأن يمينه في هذه الحال لم تنعقد. انتهى من تعليقه على صحيح البخاري. وقال ابن مفلح- رحمه الله- في الفروع (5/365) : والقياس على المكره يدل على أن يمينه لا تنعقد ويخص ظاهر الدليل بهذا. ا. هـ أما شيخ الإسلام ابن تيمية فقد اختار عدم وقوع طلاقه، ومقتضى ذلك أنه لا يرى انعقاد يمينه أيضًا.

والأدلة على عدم وقوع طلاقه وعدم انعقاد يمينه كثيرة؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم: "لا طَلاقَ ولا عَتَاقَ في إِغْلاقٍ". أخرجه أبو داود (2193) وابن ماجه (2046) ، فالإغلاق يتناول كل من انغلق عليه باب قصده، وعلمه وتصوره، كالمجنون والسكران والمكره والغضبان. قال الإمام أحمد- رحمه الله- في مسائل ابنه عبد الله: كل من كان صحيح العقل فزال عقله عن صحته فطلَّق فليس طلاقه بشيء. ا. هـ إغاثة اللهفان (ص 64) ، وهذا أولاً. ثانيًا: أن مثله من تغير عقله بسبب سحر أو وسوسة، أو مرض نفسي، أو شكوك وأوهام. ثالثًا: أن من حلف بالطلاق على نفسه أو على زوجته، أو على أي أحد- كما في سؤالك- ثم حنث فلا يلزمه طلاق، ولا يقع منه، وإنما عليه كفارة يمين؛ لأنه لم يرد الطلاق أو إيقاعه، بل هو أكره الأمرين إليه، وإنما يريد الحث والمنع، وهذا هو معنى اليمين، وقد سمَّى الله التحريم يمينًا لتضمُّنه معنى اليمين، وإلا فليس الحلف بالطلاق والتحريم ونحو ذلك يمينًا من حيث اللفظ، وإنما هو يمين من حيث المعنى، ولذلك فلا يدخل صاحبه في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن حلَف بغيرِ اللهِ فَقَد كَفَر أو أَشْرَك". أخرجه أبو داود (3251) والترمذي (1535) ؛ لأنه ليس بيمين من حيث الصيغة واللفظ، وإنما من حيث المعنى كما تقدم. رابعًا: أن القول بأن الطلاق لا يقع إلا في المحاكم باطل غير صحيح، مخالف لإجماع المسلمين، وهو قانون وضعي لا يعتد به لمخالفته الإجماع، فمتى طلق المرء مختارًا وقع طلاقه في أي مكان، مالم يوجد مانع من ذلك. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. المراجع: (1) إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان. (2) إعلام الموقعين (4/47-50) . (3) زاد المعاد (5/215) . (4) الفروع. (5) الإنصاف (8/432-433) . (6) تهذيب السنن (3/117-118) . (7) مختصر الفتاوى المصرية (ص696) . (8) تعليق الشيخ ابن عثيمين على كتاب الأيمان والنذور من صحيح البخاري شريط رقم (1) .

الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط

التخويف بالطلاق؟ المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 29/4/1422 السؤال متزوج ولي ثلاثة أطفال، تشاجرت مع زوجتي في السيارة ونحن ذاهبان إلى بيت أهلها فقلت لها: اخرجي واذهبي. ولكنها أصرت على العناد ومواصلة الشجار. فما كان مني إلا أن هددتها بالطلاق. فقلت لها بالحرف الواحد: إذا لم تنزلي الآن فأنت طالق. فاستمرت في عنادها وفي ذلك الوقت قمت من مكاني وأخرجتها بالقوة وليس في نيتي أن يتم الطلاق. هل يعد هذا طلاقاً؟ علماً بأنها المرة الأولى وجزاكم الله ألف خير. الجواب إن كنت تقصد تخويفها لكي تحملها على النزول من السيارة، فهو يمين باتفاق العلماء، وإن كنت تقصد أنها إن بقيت في السيارة فلا تصلح زوجةً لك فيجب أن تفارقها فهو طلاق، فعلى الأول يلزمك كفارة يمين، وعلى الثاني تطلق منك طلقةً واحدة ولك مراجعتها، لأنها في الحقيقة لم يحصل منها نزول، وإنما أنزلت قهراً، إلا أن تكون نويت مُطْلَق الخروج من السيارة فلا شيء عليك حينئذ، لأنها في واقع الأمر صارت خارج السيارة، وفقنا الله وإياكم للتبصر في دينه.

حلف إن خرجت ليطلقها

حلف إن خرجت ليطلقها المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 28/10/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما رأي فضيلتكم في رجل حلف على زوجته عند خروجه من المنزل بأنها لو خرجت بعد أن يخرج سوف تكون طالقاً، وبعد فترة من الوقت ظل الرجل خلالها داخل المنزل ثم بعد ذلك خرجا معاً، فما حكم حلف الطلاق هنا؟ وهل عليه شيء كحلف اليمين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فإذا قال الزوج لزوجته إن خرجت من المنزل بعدي فأنت طالق، فإن كان قصده تعليق الطلاق وإيقاعه بخروجها من بيته بعد ما يخرج منه، فإن خرجت بعده وقع الطلاق طلقة واحدة، فإن لم تخرج فلا يقع شيء. أما إن كان قد قصد بقوله ذلك منعها من الخروج وحملها على عدم الخروج من بيته إذا خرج هو، ثم خرجت بعد ذلك فإن حكمه حكم اليمين، فعلى الزوج كفارة اليمين في أصح قولي العلماء، حيث اختلف أهل العلم في مثل هذه المسألة، فمنهم من رأى أن المعلق يقع متى ما وقع الشرط، ولو كان المعلق أراد المنع كما في هذه المسألة، وكمن قال لزوجته: إن شربت الدخان فأنت طالق، أو إن كلمت فلانة أو ذهبت لبيت فلانة، أو أكلت عند فلانة فأنت طالق وقصد منعها وتخويفها فإنه يقع وهو قول الأكثرين. وذهب بعضهم إلى التفصيل كما سبق، فإن كان المعلق قصد منعها وتخوفيها وتحذيرها من هذا الفعل ولم يرد أن يوقع الطلاق فإنه لا يقع، ويكون حكمه حكم اليمين، وعليه كفارة اليمين إن فعلت زوجته ما منعها منه أو علق طلاقه لها عليه؛ لحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في الصحيحين قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ومسلم (1907) واللفظ له من حديث عمر - رضي الله عنه -، وهذا لم ينو طلاقاً وإنما نوى منعاً وتخويفاً وتحذيراً، وعليه فلا يقع الطلاق، وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر، أو أرز، أو بر، ونحو ذلك أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام. أما إذا قصد المعلق بهذا القول إيقاع الطلاق إذا فعلت زوجته ما نهاها عنه فإن الطلاق يقع حينئذ إذا فعلته؛ لأن المرد إلى نية المتكلم، والأحكام الشرعية تبنى على مراد المتكلم وقصده من كلامه كما سبق في الحديث، وقد وردت آثار عن الصحابة -رضي الله عنهم- في وقوع الطلاق في مثل هذه المسألة وآثار أخرى في عدم وقوعه، والأظهر هو حمل الآثار كلها على ما سبق تفصيله، وبه يعمل بها كلها وهو الراجح، وهو اختيار ابن القيم - رحمه الله- كما فصَّل القول فيه في إعلام الموقعين (4/73) ، وهي فتوى شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله- والله - تعالى - أعلم.

حلف بالطلاق فهل له أن يرجع عنه؟

حلف بالطلاق فهل له أن يرجع عنه؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 19/11/1424هـ السؤال حلفت على زوجتي بالطلاق إن رفعت صوتها عند المشاجرة وسمعه أحد، ثم بدا لي غير ذلك، أي أني تراجعت عن حلفي في قرار نفسي، السؤال هل مازلت ملزماً بهذا الحلف؟ وماذا لو أنها رفعت صوتها بعد أن تراجعت عن حلفي؟ أفيدوني مأجورين. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فإن كان الحال كما ذكره الأخ السائل وكان قصده منع زوجته من رفع صوتها لا إيقاع الطلاق فعليه إن رفعت زوجته صوتها عند المشاجرة وسمعه أحد كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] ، وتراجع السائل لا يمنع الكفارة عند الحنث، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" رواه مسلم (1650) ، والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه -.

هل الحلف بالطلاق حلف بغير الله؟

هل الحلف بالطلاق حلف بغير الله؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 28/5/1424هـ السؤال هل لفظ (عليَّ الطلاق) تعد من الحلف بغير الله -تعالى-؟ الجواب ليست من الحلف بغير الله الذي هو شرك؛ لأن هذا ليس مقصوده التعظيم، فالحلف الذي هو شرك هو الحلف الذي يقصد منه التعظيم، كالحلف بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وبشرف فلان وبالعزى واللات -كما يحلف المشركون-، ولكن هذا يسمى حلفاً من حيث المعنى؛ لأن المقصود من الحلف هو الحض والمنع، والذي يقول: عليّ الطلاق، أو إن فعلت كذا فعليّ الطلاق، أو عبيدي أحرار يقصد منع نفسه، كما يقول: والله لأفعلنّ كذا، أو لا أفعل كذا.

الحلف بالطلاق

الحلف بالطلاق المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 8/6/1423هـ السؤال زوجي سألني يوماً وحلف علي بالطلاق إن لم أجبه بالصدق أن أكون طالق، فسألني عدة أسئلة فأجبته بالصدق إلا على سؤال واحد، وهو: إن كان لي من علاقة برجل قبله فأجبته بالنفي، إذ ستر الله علي فلم أرد أن أفضح نفسي، وخاصة أنه لو علم بذلك لصارت حياتنا جحيماً، الآن أنا لا أعلم هل أنا الآن طالق منه؟ وإن كان كذلك ماذا أفعل؟ أفيدوني -يرحمكم الله-. الجواب إذا كان زوجكِ يريد حثك على الصدق ومنعك من الكذب فقط ولم يرد إيقاع الطلاق فعلاً فإنه لا يقع بمثل هذا طلاق، ويؤيد أن هذا قصده أنه حلف بالطلاق -كما تقولين في سؤالك-، أما إن كان يريد إيقاع الطلاق فعلاً إن لم تصدقيه فإن الطلاق يقع إذا لم تصدقيه. ويظهر لي أن مراد الزوج المعنى الأول؛ لأنه حلف به، أي: بالطلاق، وهذه الصيغة تستخدم عادة في الحث أو المنع دون إيقاع الطلاق، لكن لا بد من التأكد من الزوج حتى يبين نيته. وإن كان يصعب عليكِ سؤاله مباشرة، فعليك التلطف معه وسؤاله بطريقة أو بأخرى؛ لأن الحكم يتوقف على معرفة نيته، والله -تعالى- أعلم.

كفارة الحلف بالطلاق

كفارة الحلف بالطلاق المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 29/11/1424هـ السؤال المطلوب هو معرفة الحكم الشرعي وإن كان هناك كفارة أم لا لكن الأهم الحكم الشرعي، قال رجل: عليَّ الطلاق لا أركب سيارة فلان. وبعدها ركبها. ثم قال لزوجته: تحرمين علي مثل ظهر أمي، مع العلم أنه دفع بعد ذلك 36ديناراً قبل مضي شهر. وفي المرة الثالثة قال لها: والله لو ما بقي غيرك في هذه الدنيا لما أقربك، وتحرمين علي طول حياتي. فما هو الحكم الشرعي؟ الجواب أما قوله:"علي الطلاق لا أركب.. إلخ" فإن كان مراده التأكيد على عدم الركوب السيارة المذكورة، ولا يقصد إلا ذلك، ولا يرغب فراق امرأته فإن عليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يأكل هو وأهله، ومقداره خمسة عشر كيلو غراماً من الرز ويكفي أن يغديهم أو يعشيهم، أو كسوتهم لكل واحد ما يستره لصلاته، فإن لم يستطع فيصوم ثلاثة أيام لقوله -تعالى-: "فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام" [المائدة: 89] ، وليس بطلاق. وأما قوله لزوجته:"تحرمين علي مثل أمي" فهذا ظهار، والظهار كما وصفه الله منكراً وزوراً فعليه التوبة منه، وألا يقرب زوجته حتى يفعل ما أمره الله به (في أول سورة المجادلة 1-4) ، فعليه عتق رقبة، يعني أن يحرر عبداً مملوكاً من الرق، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا بعذر كسفر ومرض، فإذا لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً كما سبق في كفارة اليمين. وأما قوله:"والله لو ما بقي غيرك..إلخ" فإنه جمع بين يمين تعرف كفارتها مما سبق وبين تحريم، والتحريم إن قصد به الطلاق فهو طلقة، وإن قصد تحريم زوجته أو لم يقصد شيئاً فهو ظهار، فإن كان ظهاراً فتكفيه كفارة واحدة عنه وعن الظهار السابق، وأما الدنانير فليست من جنس الكفارة. والحاصل أن عليه كفارتي يمين وكفارة ظهار واحدة، مع التوبة إلى الله، وإن كان قصده في الأخير الطلاق فقد وقعت طلقة، وله مراجعة زوجته في عدتها، والله الموفق.

الحلف بالطلاق

الحلف بالطلاق المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 8/12/1422 السؤال حلفت لزوجتي أن أطلقها إذا ضربتها مرة أخرى، وبالفعل ضربتها فهل هي طالق؟ الجواب هذه المسألة فيها تفصيل، وبيان ذلك أن يقال إذا كان السائل ينوي الطلاق بقوله إذا ضربتك أنتِ طالق وقع عليه الطلاق باتفاق أهل العلم؛ لأن هذا اللفظ صريح في الطلاق وقد اقترنت به النية فتطلق زوجته بذلك، ويقع عليه طلقة واحدة، وله أن يراجعها إذا لم يتقدم طلاق آخر. أما إذا لم ينوِ بذلك الطلاق وإنما نوى بذلك منع نفسه من ضربها فلا يقع عليه الطلاق، فيجب عليه كفارة يمين؛ لأنه معنى اليمين كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الأرجح. والله أعلم.

حلف بالطلاق ولم يقصد إيقاعه

حلف بالطلاق ولم يقصد إيقاعه المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 19/7/1424هـ السؤال أنا حلفت على زوجتي إذا دخلت غرفة عند أهلها بقولي: "أنت حرام علي وطالق إن أنتِ دخلتِ هذه الغرفة"، وبعد ذلك ودون قصد منها دخلت الغرفة المقصودة ناسية، فما حكم ذلك؟ الجواب إذا كنت قلت لها: "أنتِ حرام علي وطالق ... ". تريد منعها من دخول تلك الغرفة، أي قلت هذا الكلام لمنعها من الدخول فهذا حكمه حكم اليمين، وإذا كانت زوجتك دخلت الغرفة ناسية كما تقول فلا شيء عليك؛ لأن من شروط وجوب كفارة اليمين فعل المحلوف على تركه ذاكراً، والله أعلم.

هل هذا طلاق أم يمين؟

هل هذا طلاق أم يمين؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 29/10/1424هـ السؤال أنا متزوج وحدث بيني وبين زوجتي خلاف، مما جعلها تذهب إلى أهلها، وبعد يومين اتصلت عليها لكي ترجع إلى بيتي فرفضت، فقلت لها: أنتِ طالق إذا لم تأت الليلة فلم تأتِ، وكانت في تلك الليلة حائضاً، مع العلم أنها أول طلقة، فما الحكم في ذلك؟ أرجو إفادتي. وهل تعد طلقة أم تكون يميناً؟ الجواب إن كان قصدك حثها على الرجوع للبيت دون إيقاع الطلاق فهو يمين، وعليك كفارة يمين. وإن كان قصدك إيقاع الطلاق، ففي طلاق الحائض خلاف بين الفقهاء، والأقرب أنها لا تطلق، وإن كان القول بوقوع الطلاق حال الحيض قول له وجاهته، لكن القول بعدم الوقوع أقوى، ويجب عليك أن تحذر من التسرع في الطلاق، لكي لا تقع في محذور لا مخرج لك منه، والله أعلم.

تعليق الطلاق بأمر

تعليق الطلاق بأمر المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 13/3/1424هـ السؤال رجل قال لزوجته: إن دخل أخوك البيت فأنت طالق بالثلاث، وكان ينوي الطلاق، وقد دخل أخوها البيت وبرضاها فما هو الحكم؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: بما أن الزوج ينوي إيقاع الطلاق فإن الطلاق قد وقع بدخول أخيها البيت، وهل يقع واحدة أو ثلاثاً؟ فجمهور أهل العلم من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة على وقوع الطلاق الثلاث ثلاثاً، وتبين منه زوجته بينونة كبرى، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل، وقد ذهب بعض أهل العلم كابن عباس -رضي الله عنهما- وطاووس وعكرمة وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم وغيرهم -رحمهم الله تعالى جميعاً- أنه يقع به واحدة لما رواه مسلم (1472) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر - رضي الله عنه - وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنه - طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناةٌُ فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، وقد بسط العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- في زاد المعاد (5/241-271) الأدلة على أن الطلاق الثلاث واحدة، ومن قرأها وأمعن النظر فيها تبين له قوة هذا القول، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

إن لم ترد المال فهي طالق

إن لم تردّ المال فهي طالق المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 25/1/1425هـ السؤال زوجان نشأ بينهما خلاف بسبب فقدان مبلغ من المال، اتهم الرجل زوجته وطالبها باسترداد المال وإلا طلقها، أنكرت الزوجة التهمة واعتبرها زوجها طالق. السؤال: هل هذا الطلاق صحيح؟.وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا طالب الزوج زوجته باسترداد المال المسروق وإلا فزوجته طالق ولم ترد الزوجة المال لإنكارها السرقة أصلاً ونوى الزوج بذلك طلاق زوجته؛ فإن طلاقه يقع حينئذ، أما لو قصد حثها على إعادة المال ولم يقصد إيقاع الطلاق ولم ترد إليه المال؛ فإن طلاقه لا يقع وإنما فيه كفارة يمين في أصح قولي العلماء لحديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - في الصحيحين البخاري (1) ومسلم (1907) قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهنا لم ينو الزوج طلاقاً وإنما نوى حثًا وتخويفاً، وعليه فلا يقع الطلاق وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة فإن لم يجد صام ثلاثة أيام. أما إذا قصد إيقاع الطلاق على ما علقه فإن طلاقه يقع بحصول الشيء المعلق، كما في هذا السؤال حيث اعتبر الزوج تعليق الطلاق بإعادة المال ولما لم تعد الزوجة المال قصد الطلاق وعليه فتقع طلقة واحدة. والله تعالى أعلم.

هل الحلف بالحرام ظهار؟

هل الحلف بالحرام ظهار؟ المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 17/01/1426هـ السؤال الإخوة الأعزاء: بعد التحية والسلام. دائماً ما أحلف بالحرام، كقولي: علي الحرام، وبعضها يتحقق وبعضها الآخر لا يتحقق، أو علي الطلاق، وفي مرة من المرات اختلفنا أنا وزوجتي، وقلت لها: الله يلعن اليوم الذي عرفتك فيه، فما الحكم وما الكفارة علي؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا السؤال تضمن أمرين: الأول: حلف الزوج بالطلاق والحرام، وهذا لا يجوز، وإذا حنث الزوج فيسأل عن مقصوده، فإن كان قصده إيقاع الطلاق أو التحريم وهو الظهار فيقع طلاقه وظهاره، وإن كان يقصد الحث أو المنع فهي يمين مكفرة، أي تجب فيها كفارة اليمين، ولا يقع طلاقه ولا ظهاره. الثاني: لعن اليوم الذي عرف فيه هذه الزوجة، وهذا لا يجوز لأنه داخل في سب الدهر المنهي عنه، فعليه تجاه ذلك التوبة وعدم تكرار مثل هذا القول البذيء، فالمؤمن ليس باللعان ولا الفاحش البذيء، وأن يستغفر الله منه. وبالله التوفيق.

الحلف بالطلاق: هل يقع به طلاق؟

الحلف بالطلاق: هل يقع به طلاق؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 26/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. زوجي من النوع العصبي جداً جداً وحلف علي عدة مرات بالطلاق، ودائماً كان يذهب للشيخ من أجل أن يفدي يمينه، وهذه المرة الثامنة التي يحلف علي يمين الطلاق بعدم الكلام والذهاب لعند والدتي، وعن كل مرة ألتزم ولا أحاول أن يقع اليمين فما الحكم في مثل سهولة الحلف عنده؟ مع أنني لا أستطيع الابتعاد عن والدتي، ولا يريدني أن أبرها، ودائماً ما يسبها مع أنها لا حول لها ولا قوة بأي مشكلة قد تقع بيننا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: من علَّق الطلاق على شرط أو التزمه لا يقصد بذلك إلا الحض أو المنع فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث؛ أي أن الزوج إن كان يقصد منع زوجته عن الكلام والذهاب بحلفه بالطلاق ولم يرد إيقاع الطلاق فعليه كفارة يمين في أصح قولي العلماء، وهي المذكورة في قوله تعالى:"لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون" [المائدة:89] ، أما إن أراد الجزاء بتعليقه طلاق زوجته إن تكلمت مع من منعها الكلام معها، أو ذهبت إليها بعد قوله ذلك طلقت زوجته كَرِهَ الشرط أو لا، وأشير هنا أنه لا يجوز للزوج منع زوجته من محادثة والدتها وصلتها، بل الواجب عليه إعانتها على برها، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الحلف بالطلاق

الحلف بالطلاق المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 20/6/1424هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي: حلفت يمين الطلاق أن أشتري جهاز استقبال فضائي، وأنا أتجنب شراءه بمعنى أنني حلفت أن أشتريه للاستعمال، هل في حالة عدم شرائي له يقع يمين الطلاق ولكم جزيل الشكر. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد.. فإن كان الأخ السائل أراد من حلفه بالطلاق حثّ نفسه على شراء جهاز الاستقبال الفضائي، ولم يقصد إيقاع الطلاق ولم يشتر الجهاز فعليه كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] ، وهذا مذهب ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة، وحفصة، - رضي الله عنهم- في العتق حكاه ابن القيم -رحمه الله تعالى- عنهم في إغاثة اللهفان (2/87) ، والطلاق كالعتق، قال رحمه الله: وهؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم- أفقه في دين الله، وأعلم من أن يفتوا في الكفارة في الحلف بالعتق، ويرونه يميناً ولا يرون الحلف بالطلاق يميناً، ويلزمون الحانث بوقوعه فإنه لا يجد فقيه شم رائحة العلم بين البابين والتعليقين فرقاً بوجه من الوجوه أ. هـ، وإني أنصح الأخ السائل بشراء جهاز من الأجهزة المستعملة رخيصة الثمن وإتلافه خروجاً من الخلاف، مع الإشارة إلى أنه لا يجوز اقتناء الأجهزة المذكورة، لرؤية ما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.

حلف بالطلاق لئن حملت فلن تحج

حلف بالطلاق لئن حملت فلن تحج المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 27/2/1425هـ السؤال قلت لزوجتي: إذا حصل حمل علي بالطلاق لن تحضري الحج، وسوف تسافرين إلى بلدك وذلك بشهادة شهود، ثم تدخلت الوالدة، وطلبت بقاءها إلى الحج، وهي حالياً حامل، وجالسة في انتظار الحج، ومقيمة معي بالمنزل، أرجو التوضيح، هل تعتبر طالقاً؟ وما مصير حجها؟ وكيف أعمل لإرجاعها؟ -بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً- الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن كنت تريد من تعليق الطلاق منع زوجتك من الحج بعد الحمل فإنه يجزئك كفارة يمين إن حنثتَ بأن حجت زوجتك بعد حملها في أصح قولي العلماء، وهذا إذا لم ترد إيقاع الطلاق، وكفارة اليمين هي المذكورة في قوله -تعالى-: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] . أما إن أردت الجزاء بتعليقك طلقت زوجتك إن حجت كرهت الشرط أو لا، فإن وقع الطلاق فهي طلقة واحدة، ولك مراجعتها ما دامت في العدة ما لم يكن قد سبق ذلك طلقتان، فإنها تحرم عليك حتى تنكح زوجاً غيرك نكاح رغبة لا تحليل. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

طلقها قبل الدخول ثلاثا

طلقها قبل الدخول ثلاثًا المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 07/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أبلغ من العمر 29 سنة، ولقد تعرفت إلى امرأة، وعقدت عليها عقدًا شرعيًّا، ولم يكن ذلك إلا لإعجابي بدينها وخلقها، ولكي نعف نفسينا، وقررنا الزواج في هذا الصيف، وقد صدمتني عندما قالت لي إنه لن يكون هنالك زواج بالصيف، وقد أخرته بعد الصيف، وأنا في بلاد الغربة أعاني الأمرين من غريزتي، وأخاف الله ولا أريد سوى مرضاته، وكنت أترقب يوم الزفاف بفارغ الصبر، فغضبت في نقاش معها في الهاتف وقلت لها وأنا متوتر وأريد تهديدها بذلك: إن كنت لم تنور- الزواج- فأنت طالق. ولم يكن ذلك إلا لأضغط عليها عساها تُبدِّل رأيها، وفي آخر اتصال اشتد النقاش كثيرًا وغضبت غضبًا شديدًا حتى أني لم أعد أدري ما أقول، فلم أجد أمامي آنذاك سوى كلام أسمعه دائمًا في البلاد، ولم أكن أنوي ما قلت، فقلت: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وقطعت المكالمة، وعندما رجعت إلى رشدي ندمت ندمًا شديدًا، وخاصة أني أحب زوجتي حبًّا شديدًا، وكنت أترقب اليوم الذي نكون فيه مع بعض، ولم أكن أقصد ما قلت، وأنا لم أرد فراقها أبدًا، بل أود الزواج بها، ونسيت أنها مريضة بالوسواس، وهذا الكلام كان لها صدمة كبيرة لقلبها، وبذلك قالت لي: يحرم أن تراني أو أن تكلمني. وأنا أحبها حبًّا شديدًا، وأريد البقاء معها، مع العلم أنها رافضة تمامًا الزواج بالصيف ومقتنعة بأن هذا الكلام الذي وقع هو فراق بيني وبينها، هذه معضلتي وأرجو منكم الجواب الشافي. وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإنه لم يقع منك طلاق في الحالين، أما الحال الأولى، فلأنك لم ترد الطلاق، لم ترد إلا حثها على تغيير رأيها، وهذا هو معنى اليمين، فيكون عليك فقط كفارة يمين. هذا أولاً. أما في الحال الثانية فلأنك لم تدر ما تقول، ومن هذه حاله لا يقع طلاقه بالاتفاق. وهذا ثانيًا. ومثل ذلك- على الصحيح- من غيَّر عقلَه الغضبُ حتى لم يعد يملك نفسه، فطلق بسبب الغضب، حتى وإن كان يعلم ما يقول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طَلاقَ ولا عَتَاقَ في إِغْلاقٍ". أخرجه أبو داود (2193) وابن ماجه (2046) وغيرهما. وهو صحيح. والإغلاق يشمل تناول كل من انغلق عليه باب قصده، كالمجنون والسكران، والمكره، والغضبان الذي يعلم ما يقول، لكن لم يعد يملك نفسه فطلق بسبب الغضب. وهذا ثالثًا. أما زوجتك فليس عليها إلا كفارة يمين فقط؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ... ) . ثم قال تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) [التحريم: 1-2] . فالتحريم الصادر من الزوجة حكمه حكم اليمين على كل حال. والله أعلم.

الحلف على المصحف بالطلاق

الحلف على المصحف بالطلاق المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 06/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. حلفت على كتاب الله نزولاً عند رغبة زوجتي بأني لو فعلت شيئاً ما دون علمها ودون إرادتها تعتبر طالقاً بالثلاث، سؤالي الآن: لو فعلت هذا الشيء برضاها وبعلمها، هل تعتبر طالقاً بالثلاث؟ وهل يختلف الحكم لو كان الموضوع يخالف أو لا يخالف شريعة الله؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا علَّق المرء طلاق زوجته على أمر يريد به الحث أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب، ثم خالفه فلا تطلق زوجته بهذا، وإنما عليه كفارة يمين، والذي يظهر من هذه الصيغة التي ذكرت أنك تريد هذا، تريد حث نفسك على إخبارها. أما إذا التزم المرء ولم يخالف ما علق الطلاق عليه، فلا طلاق ولا حنث، ولا كفارة بلا إشكال. وهنا ننبه إلى أن الحلف على القرآن لا أصل له، وإذا حلف عليه - أي القرآن- بأن يترك، أو يفعل، ثم رأى خيراً مما حلف عليه فبإمكانه أن يكفِّر كفارة يمين، وليس لحلفه على القرآن أي تأثير هنا، علماً بأن الفقهاء ذكروا مسألة الحلف على القرآن في باب تغليظ اليمين إذا رأى القاضي ذلك على خلاف فيه. والله أعلم.

هل هذا طلاق أم يمين؟

هل هذا طلاق أم يمين؟ المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط التاريخ 21/04/1426هـ السؤال أبي حلف على والدتي في مشاجرة بينهما، وقال لها: عليَّ الطلاق لن تذهب ابنتك إلى الكلية، فذهبت ابنتها للكلية، فما الحكم في الطلاق، وهل يعد طلاقاً أم يميناً؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: فإن الشارع الحكيم قد شرع الطلاق لحكم عظيمة ليس من بينها الحلف به، بل إن الحلف لا يجوز إلا باسم من أسماء الله أو صفة من صفاته، وعلى هذا فإن كان الزوج قال لزوجته هذا الكلام من باب التهديد، ولأجل منع البنت من الذهاب إلى الكلية، فهذا حكمه حكم اليمين عند جمع من المحققين من أهل العلم، كابن تيمية -رحمه الله- والعلامة ابن عثيمين، وغيرهما، فإذا ذهبت البنت وجب عليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ـــــ مسائل متفرقة ـــــ

الشكّ في عدد الطلقات المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 15/5/1422 السؤال شخص طلّق زوجته، ولكنه غير متأكد من عدد الطلقات هل هي مرتين أم ثلاث، فما الحكم؟ الجواب إذا شكّ الزوج في وقوع أصل الطلاق، أو شكّ في عدده، فليبن على اليقين. وعلى هذا إذا شكّ هل طلّق أم لا؟ فالأصل عدم وقوع الطلاق؛ لأن النكاح أمر متيقّن، والطلاق مشكوك فيه. ومن القواعد المقرّرة أن اليقين لا يزول بالشك. وإذا شكّ هل طلّق واحدة أو اثنتين فليجعلها واحدة؛ لأن هذا هو المتيقّن.

حديث الرجل مع مطلقته

حديث الرجل مع مطلقته المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 18/3/1424هـ السؤال رجل مسلم لا نتهمه في دينه طلق زوجته طلقتين صحيحتين، ثم انتهت عدتها، ثم أخبرها أنه يرغب في الزواج منها مرة أخرى، ولكنه لا يستطيع وعدها بذلك، ولكنه يترك ذلك لأقدار الله، هل يجوز له الاطمئنان عليها عبر الهاتف أو السؤال عنها حين مرضها عبر الهاتف؟ أيضا إذا كان يراعي حدود الله في مكالمته وهي كذلك، وهل يجوز له أن يشتري لها بعض حاجتها ويعطيها إياها ويسأل عن حالها من وراء حجاب؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: لا بأس بمحادثة الرجل مطلقته بعد خروجها من عدتها فيما أباحه الله -تعالى- والاطمئنان على صحتها عند مرضها، وكذا الإحسان إليها، ووصلها من غير خلوة بها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري (4935) ومسلم (1341) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان"، رواه أحمد (1/26) ، والترمذي (2165) ، وابن حبان (5586) ، من حديث عمر -رضي الله عنه-، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل يقع الطلاق بالفعل؟

هل يقع الطلاق بالفعل؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 23/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب متزوج وبيني وبين زوجتي مشاكل، وفي يوم ما حدث خلاف بيني وبينها حول طلبها لي تنفيذ أمر معين فرفضت تنفيذه، فخيرتني أن أطيعها في تنفيذ هذا الأمر أو أرسلها إلى بيت أهلها، فحاولت أن أحل الموضوع فلم أستطع، فأرسلتها إلى بيت أهلها بنية الطلاق، وفي الطريق سألتها متى تريد ورقة طلاقها؟ وكنت وقتها في حالة غضب، فلم ترد علي، فهل هذا يعتبر طلاقاً؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً، مع العلم أن زوجتي حامل وأريد مراجعتها الآن. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فقد ذهب جمع من أهل العلم كأبي عبد الله بن حامد، والقاضي أبي يعلى، وغيرهم إلى أن الفرقة لا تقع إلا بالكلام لأن الفرقة فسخ النكاح، والنكاح يفتقر إلى لفظ، فكذلك فسخه، فعلى ذلك إن كان الأخ السائل لما ذهب بزوجته إلى أهلها لم يتلفظ بقول يدل على الطلاق صريحاً، أو كناية فإن مجرد ذهابه بها لا يعتبر طلاقاً، والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.

جعل طلاق المرأة بيدها

جعل طلاق المرأة بيدها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 26/6/1424هـ السؤال إذا قال رجل لزوجته: أمرك بيدك، قالت: أنا طالق منك، فهل هي طالق؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: قول الرجل لزوجته: أمرك بيدك من كنايات الطلاق الظاهرة، وتملك الزوجة طلقة واحدة، ما لم ينو أكثر من ذلك، فإن طلقت نفسها قبل أن يطأها، أو يفسخ ما جعله لها وقع عليها طلقة واحدة فقط، وهو مذهب أمير المؤمنين عمر وابن مسعود وأحد قولي زيد بن ثابت - رضي الله عنهم-، فقد جاء رجل إلى ابن مسعود - رضي الله عنه- فقال: قلت لامرأتي: جعلت الأمر بيدك، قالت: أنا طالق ثلاثاً، فقال ابن مسعود: أراها واحدة، وأنت أحق بالرجعة، وسأل عمر؟ فقال: وأنا أرى ذلك. رواه عبد الرزاق (6/520) ، وسعيد بن منصور (1/418) ، والبيهقي (7/347) ، وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه- في رجل جعل أمر امرأته بيدها فطلقت نفسها ثلاثاً، قال هي واحدة، رواه عبد الرزاق (6/521) ، والبيهقي (7/348) ، والله تعالى أعلم، - وصلى الله وسلم- على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

كتابة الطلاق دون إرادته

كتابة الطلاق دون إرادته المجيب د. راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 4/1/1425هـ السؤال والدتي وإخوتي يقيمون ببلد أجنبي، ولرغبة والدتي الشديدة في أن أكون معهم قدمت لي أوراق هجرة؛ لألحق بهم، وبعد العديد من السنوات استلمت الأوراق الخاصة للقيام بإجراءات الهجرة، ولكني فوجئت بأني لا أستطيع استكمال أوراق الهجرة؛ لأني متزوج، وقد أشار أحد المحامين بتلك البلد على أمي بأن أقوم بتطليق زوجتي وردها مرة أخرى لأقدم هذه الأوراق، أنا مقيم بخارج الأردن الآن، وقد سألت المأذون الذي قام بعمل عقد الزواج لي، وقال لي بعد أن ألححت عليه بأنني لا أريد أن ألفظ لفظ الطلاق، وأريد أن يكون ذلك على الأوراق فقط، مع نيتي أنا وزوجتي -رعاها الله- بعدم النية أصلاً في الطلاق، وعدم الرغبة فيه وقد أجابني بعدم وقوع الطلاق بكتابة لفظه، فهل يحسب هذا طلاقاً علي؟ وإن حسب هل أستطيع استرجاع زوجتي في الحال بالتليفون؟ علماً بأنها سوف تلحق بي ببلد عملي الحالي بعد أسبوعين أفيدوني - حفظكم الله -، مع العلم بأني أحب زوجتي حباً جماً، وإنما أفعل ذلك فقط إرضاء لأمي وإرادة منى في أن أكون مع أهلي بالخارج. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: ذكر العلماء أنه فيما إذا كتب الإنسان الطلاق بلفظه فإنه يقع، ولا يخلو حال الأخ من أن يكون كتب لفظ الطلاق بقوله مثلاً: "زوجتي فلانة طالق" كتابة، فهذا اللفظ يقع معه الطلاق؛ لأن الكتابة كاللفظ، واللفظ الصريح لا يرجع للنية فيه، إلا إذا حفت به قرائن لا تدل على إرادته، وأما إذا كانت الكتابة بغير لفظ الطلاق أو بكنايته فحسب النية. وكون الأخ يفعل ما صدر منه، لا ملجئ له إلى ذلك فإذا صدر منه بلفظ الطلاق أو بكتابة الطلاق فيقع طلقة، وعليه مراجعة زوجته في الحال، وإن كان بلفظ آخر فعلى ما ذكرت من تفصيل في أول السؤال، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل إرسال الزوجة إلى أهلها يعد طلاقا؟

هل إرسال الزوجة إلى أهلها يعد طلاقاً؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 13/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. السؤال هو: أنا شاب متزوِّج منذ خمس سنوات، وفي مدة زواجي حصلت مشاكل كثيرة بيني وبين زوجتي، وفي يوم قالت لي أريدك أن تطلقني وأصرَّت على ذلك، فقلت لها أنتِ طالق، وأرجعتها بعد أربعة أيام إلى بيتي، وفي مرة أخرى قالت لي إذا كنت رجلاً حقاً خذني إلى بيت أهلي، فغضبت وأخذتها إلى بيت أهلها بنية الطلاق، وأرجعتها بعد ساعة من الوقت، وبقيت الحالة كما هي، وفي مرة أخرى كذلك تشاجرنا، فقالت لي خذني إلى بيت أهلي فأخذتها بنية الطلاق كذلك، وتركتها في بيت أهلها حوالي 15شهراً، وفي هذه المدة طلب مني أحد أهلها أن أرجعها فأقسمت بالله عدة مرات على ألا أرجعها أبداً، ومنذ شهرين ونصف فقط أي في المدة الأخيرة كذلك قالت لي أريدك أن تقول لي أنتِ طالق فقلتها لها، أي قلت لها أنتِ طالق، وحينما استفتيت عن هذا الأمر في بلدي قالوا لنا إنها أكثر من ثلاث طلقات، فلا رجوع بينكما حتى تنكح زوجاً آخر، فهل صحيح أنه لا رجوع بيننا؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد.. فقد تبيَّن لي بعد قراءة السؤال أن الأخ السائل قد طلَّق زوجته، بصريح الطلاق، وذلك بقوله لها أنت طالق مرة واحدة ثم راجعها، ثم ذهب بها إلى أهلها بناءً على طلبها بنية الطلاق، ثم راجعها، ثم ذهب بها مرة أخرى إلى أهلها بنية الطلاق بناءً على طلبها، وبعد سنة ونصف طلَّقها بصريح الطلاق، فأقول مستعيناً بالله تعالى: ذهب جمع من أهل العلم -كأبي عبد الله بن حامد والقاضي أبي يعلى، وغيرهم- إلى أن الفرقة لا تقع إلا بالكلام؛ لأن الفرقة فسخ النكاح، والنكاح يفتقر إلى لفظ فكذلك فسخه، فعلى ذلك إن كان الأخ السائل لما ذهب بزوجته إلى أهلها لم يتلفظ بقول يدل على الطلاق صريحاً، أو كناية فإن مجرد ذهابه بها لا يعتبر طلاقاً، وبناءً عليه فإنه يكون قد بقي للأخ السائل طلقة واحدة وله مراجعة زوجته، إن لم تكن خرجت من عدتها، فإن كانت قد خرجت من عدتها فله التقدُّم لخطبتها من جديد، فإن زوجوه فليعلم أنه لم يبق له إلا طلقة واحدة فقط. والله تعالى أعلم -وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.

رضا الزوجة بالمراجعة

رضا الزوجة بالمراجعة المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 18/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في الطلاق الرجعي، وقبل انتهاء عدة المرأة هل يشترط عند مراجعة الزوجة رضاها أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب فالجواب عن هذا السؤال على شقين، فالأول: أن الطلاق الرجعي لا يعتبر مبيناً للمرأة (للزوجة) بل هي تعتبر زوجة، وهي لا تزال في عصمته وفي ذمته ما لم تنته العدة الشرعية المحددة، إما بإنهاء ثلاث حيضات إن كانت تحيض، أو بوضع الحمل إن كانت حاملاً، أو ثلاثة أشهر للائي لم يحضن (الآيسات) ، فإن انتهت عدتها فقد بانت من زوجها بينونة صغرى، لا تحل له إلا بعقد جديد مستوف لشروطه وأركانه ورضاها. أما الثاني: وهو ما يتعلق بالسؤال الموضح أعلاه، هل يشترط رضاها أم لا؟ فالجواب: إنه لا يشترط رضاها، قال ابن قدامة -رحمه الله- في كتابه المغني (10/553) : (أجمع أهل العلم على أن الحر إذا طلق الحرة بعد دخوله بها أقل من ثلاث -أي ثلاث طلقات- بغير عوض ولا أمر يقتضي بينونتها، فله عليها الرجعة ما كانت في عدتها، وعلى أنه لا رجعة له عليها بعد قضاء عدتها) ، وقال أيضاً ابن قدامة -رحمه الله-: (ولا يعتبر في الرجعة رضا المرأة لقول الله تعالى:"وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً" [البقرة: 228] فجعل الحق لهم، وقال سبحانه:"فأمسكوهن بمعروف" [البقرة: 231] فخاطب الأزواج بالأمر ولم يجعل لهن اختياراً، ولأن الرجعة إمساك للمرأة بحكم الزوجية فلم يعتبر رضاها في ذلك كالتي في صلب نكاحه، وأجمع أهل العلم على هذا) ، وقال: (والرجعية زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه ولعانه ويرث أحدهما صاحبه بالإجماع) أ. هـ. وبهذا يتعين أن رضا الزوجة المطلقة طلاقاً رجعياً لا يشترط، لكن إذا كانت لا ترغب في العيش مع زوجها وساءت عشرتها معه، فلها أن تطلب الطلاق وتتظلم لدى القاضي، وحينها يفصل في طلبها بالوجه الشرعي، هذا والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

متى يجوز للمرأة طلب الطلاق

متى يجوز للمرأة طلب الطلاق المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 5/1/1424هـ السؤال ما هي الأسباب الشرعية التي يمكن أن تبيح للمرأة حق الطلاق والتي يحق للقاضي أن يطلق الزوجة بشكل شرعي؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الأسباب التي تُجيز للمرأة طلب فسخ النكاح كثيرة منها: (1) رفض الزوج الفيء بعد انتهاء مدة الإيلاء المحددة شرعاً في قوله تعالى:"للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم" [البقرة:226] . (2) إعسار الزوج عن دفع المهر. (3) إعسار الزوج عن النفقة. (4) عُنة الزوج، وهي: عدم قدرته على الجماع. (5) الغرر كأن يدعي الزوج أمراً يُرغب في تزويجه ثم يتبين كذبه. (6) تفريق الحكمين. (7) العيوب التي لم يُعلم بها إلا بعد الدخول كالجنون والجذام والبرص وبخر الفم وغيرها. وفي الجملة كل عيب لا يمكن معه تحقيق مقاصد النكاح فإنه عند ثبوته يكون سبباً لفسخ النكاح، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل طلقها أم لا؟

هل طلقها أم لا؟ المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 3/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أصحاب الفضيلة: نرجو منكم تزويدنا بالجواب عن قضية وقعت بشأن الطلاق، ولا يخفى علينا زحمة أعمالكم وكثرة الأسئلة الواردة عليكم، ولكن هذا السؤال بزعم سائله أن لا يحتمل التأخير: يقول الأخ في المرة الأولى قلت لزوجتي - بعد ما وقع شجار بيننا: اذهبي إلى بيت أمك، غير أني لا أتذكر ماذا كانت نيتي عند ذلك، لكن أمي تقول بأنها على يقين بأن ذلك كان مجرد إرسالها إلى بيتها، ولا علاقة لذلك بالطلاق، وأتذكر أني ذهبت إلى مكان دراستها، وقلت لها: إني لن أخرجك أو لن أطردك من البيت، في المرة الثانية تخاصمت معها، وأذكر أني كنت أريد طلاقها دون تردد، وفي المرة الثالثة قلت لها: الطلاق، هل تسمعين؟ الطلاق، بإعادة لفظ الطلاق مرتين، وكأن (المقصود التأكيد وليس التكرار) يقول الأخ: قبل المرة الثالثة كنت أعتقد أني قد طلقت زوجتي مرتين، لكن بعد تذكر ما مضى واستعادة ذلك في ذهني أمي وزوجتي تؤكدان لي أنني في المرة الأولى لم أطلقها، أصحاب الفضيلة: نعرف أن السؤال يشبه المهزلة أو لعب الأطفال، لكنه واقعة حال لشاب غرّ لم يعرف خطر الطلاق وما يترتب عليه، والآن قد استيقظ ضميره فهو بين الشدتين: إما أن يبقى معها لكن بدون النكاح، أو يفارقها لكن بدون وقوع الطلاق، فالرجاء إرشادنا إلى الصواب، وقد يشكل عليكم بعض الفقرات في السؤال، لكن هو أقصى ما يتذكره، فالجواب على قدر السؤال، وجزاكم الله خيراً، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب: أن قوله: اذهبي إلى بيت أهلك، لا يقع به طلاق، حتى ينوي به الطلاق، وعليه فقوله هذا لا يقع به الطلاق؛ لأنه لم ينوه. هذا أولاً. ثانياً: أنه حين تخاصم معها في المرة الثانية، وأراد طلاقها بدون أن يتلفظ بالطلاق أو ما يدل عليه، لا يقع طلاقه أيضاً، إلا إن كان قد تلفظ بالطلاق، أو ما يدل عليه مع نيته، فهذه تعتبر طلقة ما لم يوجد مانع - كما سيأتي-. ثالثاً: أن طلاقه في المرة الثالثة لا يقع إلا واحداً؛ لأن الصحيح من أقوال أهل العلم أن الطلاق بأي عدد كان لا يقع إلا واحدة، هذا إذا نوى التأسيس والتكرار، أما إن نوى التأكيد فهي واحدة بلا إشكال، وعليه فله مراجعتها ما دامت في العدة، فإن كان قد فعل فلا إشكال، وإن لم يفعل حتى انتهت العدة، فيلزمهما أن يعقدا من جديد بمهر جديد. وهذا رابعاً. خامساً: أن طلاقه هذا لا يقع إذا كان ثمة مانع، كأن تكون الزوجة حائضاً، أو تكون في طهر جامعها فيه، وقد اختاره شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، والشيخ محمد بن عثيمين. سادساً: أن الطلاق بأي عدد كان، سواء كان بكلمة، كقوله: أنت طالق ثلاثاً، أو بكلمات: أنت طالق، أنت طالق ... ، لا يقع إلا واحدة، وقد قال به أيضاً ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والشيخ ابن سعدي، وتلميذه الشيخ محمد بن عثيمين - رحمهم الله جميعاً-. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد.

تكرار الطلاق

تكرار الطلاق المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 30/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حصل بيني وبين زوجتي مشادة ليلة البارحة وكانت شديدة وحصل مني أن تلفظت بكلمة الطلاق وقلت لها أنت طالق طالق طالق عدة مرات ولست في حالة غضب وكانت أول مرة. فما الحكم بارك الله فيكم؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فجماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة على وقوع الطلاق الثلاث ثلاثاً وتبين منه زوجته بينونة كبرى ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل، وقد ذهب بعض أهل العلم كابن عباس -رضي الله عنهما- وطاووس وعكرمة وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم وغيرهم -رحمهم الله تعالى جميعاً- أنه يقع به واحدة لأدلة كثيرة بسطها ابن القيم -رحمه الله تعالى- في زاد المعاد (5/241-271) ومن قرأها وأمعن النظر فيها تبين له قوة هذا القول، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

مطالبة المطلقة بالنفقة لها وعيالها

مطالبة المطلقة بالنفقة لها وعيالها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 07/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. امرأة عاشت مع زوجها عشر سنوات، وله منها أولاد، هل من حقها أن تطالب من مال زوجها عند الطلاق ما يكفيها وأولادها للسكن؟ علما بأنها كانت تربي أولادهما ولم يكن لها كسب إلا نفقة زوجها. وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته, وبعد: الحمد لله وحده، وبعد: فالمطلقة الرجعية لها من الحقوق ما للزوجة، فإن فرغت المطلقة الرجعية من العدة قبل رجعته بانت وحرمت على مطلقها إلا بعقد جديد مستوفٍ للأركان والشروط، ولها أن تخرج بعد انتهائها، وهنا أشير إلى حقوق المطلقة بعد انقضاء العدة، فمنها المتعة لقوله تعالى: "وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ" [البقرة:241] ، ولحديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- أن حفص بن المغيرة -رضي الله عنه- طلق امرأته فاطمة -رضي الله عنه-، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لزوجها: "متعها"، قال: لا أجد ما أمتعها، قال: "فإنه لا بد من المتاع، متعها ولو نصف صاع من تمر"، رواه البيهقي (7/257) ، وقد قال بوجوب متعة المطلقة مطلقا البخاري وابن جرير الطبري، وابن تيمية، وابن حجر - رحمهم الله تعالى- وهو رواية عن أحمد والجديد عند الشافعي - رحمه الله تعالى- انظر: صحيح البخاري (1/112) ، وتفسير الطبري (2/532) والاختيارات (37) ، وفتح الباري (9/406) ، وتعتبر المتعة بحال الزوج لقوله -تعالى-: "وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ" [البقرة: من الآية236] . ثانياً: إن كانت المطلقة ترضع فلها أجرة الرضاع إن طلبته لقوله -تعالى-: "فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى" [الطلاق: من الآية6] . ثالثاً: وإن كان للمطلقة أولاد من المطلق واستحقت حضانتهم، فلها أجرة الحضانة إن طلبتها. رابعاً: إن كانت حاضنة أولادها منه فعليه نفقتهم، وأجرة سكنهم، وغير ذلك مما يجب عليه، قال تعالى: "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ" [الطلاق: من الآية6] . والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عرض الطلاق على المرأة

عرض الطلاق على المرأة المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 26/10/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: لله الحمد وله المنة، من الله علي بأن أعقد على أخت ملتزمة والحمد لله، وقد حدث من فترة مشاكل بيننا قد تؤدى إلى الانفصال، وكنت أعرض عليها أنه لا مانع عندي من الانفصال ما دام يريح الطرفين، مع العلم أنني من داخلي كنت مترددا فيها بعد ما حدثت هذه المشاكل وشعرت أن قلبي ليس مطمئناً لهذا الزواج، وصليت صلاة الاستخارة قبل الشروع في مسألة الزواج، والآن ولله الحمد والمنة شرح الله صدري لها، والله وحده يعلم الأسباب، والسؤال الآن هل عند هذه النية يعتبر الطلاق واقعا؟ عندما كنت أعرض عليها الطلاق لأرى رأيها في ذلك، أفيدونا جزاكم الله خيراً، وما هي حقوقي عليها؟ هل هي نفس حقوق الزوج الذي بنى بزوجته؟ مع العلم أنني عاقد عليها فقط. الجواب الحمد لله وحده وبعد فإني أرى أن هذا عرض للطلاق من قبلك وليس طلاقاً حتى تشك فيه، بل أرى أن هذا لا يعد أيضاً من كنايات الطلاق، والطلاق لا يقع إلا في حالين: الأول: أن يصدر من الزوج لفظ الطلاق صريحاً. الثاني: أن يصدر منه الطلاق كناية دون التصريح بالتطليق، وهنا لا يقع إلا إذا صاحبته نية الطلاق، وأسوأ الأحوال أن نعد هذا اللفظ كناية تفويض منك إليها بالطلاق، فالخلاصة أن الذي يظهر لي أن هذا لا يعد طلاقاً. أما عن حقوقك عليها فهي نفس حقوق الزوج على زوجته، فإن مجرد العقد موجب للحقوق بين الطرفين، إلا مسألة النفقة فلا تجب إذا كانت المرأة تمنعك من الاستمتاع بها، فإذا بذلت نفسها لك فقد وجبت عليك النفقة، والله أعلم.

حكم عقد الرجل الزاني على من زنى بها

حكم عقد الرجل الزاني على من زنى بها المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية التاريخ 8/9/1422 السؤال رجل محصن زنى بامرأة بكر، وبما أنه يعيش في بلد علماني فالحل عندهم هو الزواج بالمزني بها إذا كانت بكراً، وهذا ما ينوي فعله، فزوجته الأولى تسأل عن حكم علاقتها بهذا الزوج الزاني سواء إذا تزوج بهذه المرأة أو لم يتزوج بها. الجواب أما حكم علاقة الزوجة الأولى به فهو بقاء عقد الزوجية صحيحاً وهي في عصمته، ولها أن تطلب الطلاق إن لم يتب؛ لأن الزنى من سوء الخلق المجيز للمرأة طلب الطلاق، وهذا الحكم لا يختلف سواء تزوج بمن زنى بها أم لم يتزوج، وأما زواجه بمن زنى بها فهذا حسنُُ إصلاحاً لما أفسدا، لكن عليهما التوبة من الزنى لقوله - جل وعلا -: " وتوبوا إلى الله جميعاًأيهاالمؤمنون لعلكم تفلحون " " (النور: 31) وينبغي أن تكون التوبة قبل إبرام عقد الزواج، لأن طائفة من أهل العلم يشترطون على الزانيين التوبة ليصحّ زواجهما، لقوله - جل وعلا -: " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " (النور: 2) .

نية التطليق في المستقبل

نية التطليق في المستقبل المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 23/11/1423هـ السؤال لعدم استقرار حياتي الزوجية ووجود طفلتين لديّ، ورغبتي الجادة في تطليق زوجتي؛ لإحساسي بعدم كفاءتها في التربية التي أريد، ولكون بناتي ما زلن صغاراً، ولعدم كفاءة أسرة زوجتي في التربية التي أريد بعد الطلاق، فهل يجوز لي الاحتفاظ بزوجتي حتى يصل أبنائي سبع سنوات، لكي أترك البنات معي وقد يفوتها فرصة الزواج. الجواب تربية الأولاد أهم ما تكون في السبع سنوات الأولى، أما ما يتعلق بنيتك أن تطلق زوجتك بعد مدة فهذا لا حرج فيه، إلا أن كان قصدك بإبقائها الإضرار بها، فهذا لا يجوز، أما إبقاؤها لغرض معين مع نية تطليقها في المستقبل فلا حرج فيه فيما ظهر لي، والله أعلم.

هل لأهل الزوجة طلاقها؟

هل لأهل الزوجة طلاقها؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 15/3/1423 السؤال هل يجوز طلاق زوجتي من طرف أهلها دون أن أعرف السبب، علماً أنني مستعد أن أطلق في حالة معرفة السبب بحضور أهلي وأهل زوجتي، ولكن ما حصل قد بلغني والدها وأخوها عبر الهاتف بأنهم طلقوها مني، فهل يجوز هذا الطلاق دون أن أنطق كلمة الطلاق؟ الجواب الطلاق بيد الزوج فهو الذي يملكه، وهو الذي بيده عقد النكاح، قال -تعالى-: "إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" [البقرة:237] ، وقد روى عن غير واحد من السلف، منهم: علي بن أبي طالب، وجبير بن مطعم، ومجاهد، وعكرمة، وغيرهم أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، ويدل على ذلك أيضاً ما روى ابن ماجة (2081) مرفوعاً: "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق"، وقد حسنه بعض أهل العلم. وبناءً على ما تقدم فإنه لا يملك الطلاق غير الزوج أو وكيله إلا إذا كان هناك سبب شرعي من الزوج يستلزم الفراق والطلاق، فهنا يقوم القاضي الشرعي بذلك بأن يدعو الزوج ويأمره بأن يطلق فإن أبى طلق عليه لوجود السبب الشرعي الموجب للطلاق والذي لا يمكن تلافيه، والله أعلم.

الطلاق في المحاكم الأمريكية

الطلاق في المحاكم الأمريكية المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 29/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: هل يقع الطلاق الذي يتم في المحاكم الأمريكية؟ علماً أنني قد وقّعت على عقد طلاق وذلك مع العلم بالتالي: (1) لم أتلفظ بأي لفظ أو إشارة تفيد بأنني أريد طلاق زوجتي، ولكنني قبلت التوقيع لضمان جميع حقوقها المالية لعلها ترجع عما برأسها. (2) أفتاني شيخ بأن الطلاق في المحكمة الأمريكية لا يعتد به شرعاً. (3) كنت مهدداً ببلاغ إلى البوليس قدمته زوجتي يعرضني إلى مدة سجن تصل إلى عامين. (4) قبل التوقيع على الطلاق في المحكمة الأمريكية بأسبوع كنت قد رددتها من طلقة رجعية مما يعد قرينة على أنني لا أريد الطلاق. (5) في خلال مدة العدة من الطلقة الرجعية كنت قد مارست معها كل ما يجوز للزوج عدا الإيلاج، فهل يعد طلاق المحكمة الأمريكية طلاقاً شرعياً؟ علماً أن القاضي كانت سيدة، وإذا كان طلاق المحكمة الأمريكية شرعياً، فهل عليها من عدة تعتدها؟ أفيدونا يرحمكم الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله وحده، وبعد: فإذا كان السائل يعلم ما احتوته الوثيقة التي وقعها وأنها متضمنة إقراره بطلاق زوجته فإن ذلك يعد طلاقاً كما نص على ذلك أهل العلم من أن الطلاق قد يكون باللفظ أو الكتابة، فإن لم يستكمل الأخ ثلاث طلقات فله مراجعتها مادامت في العدة، هذا إذا كان الطلاق المذكور بدون عوض، أما إذا كان بعوض فليس له مراجعتها إلا بموافقتها هذا أولاً. وثانياً: إذا كان الأخ السائل لم يطلِّق لا لفظاً ولا كتابة، وإنما الذي تولى الطلاق المحكمة الأمريكية (القاضية) وهي التي طلقت عليه، وإنما وقّع على الوثيقة من باب العلم بالحكم لا الرضا به فإن هذا الطلاق غير واقع ولا يحسب عليه؛ لأن الذي يملك فسخ النكاح - في أحوال معينة - الحاكم الشرعي فقط، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

إلغاء صك طلاق ميز

إلغاء صك طلاق ميِّز المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 2/12/1423هـ السؤال هل يجوز إلغاء صك طلاق (بالخلع) صدر هذا الصك من المحكمة وميز من هيئة التمييز؟ ومضى عليه أكثر من أربعة أشهر. الجواب الحمد لله وحده وبعد. فإذا خالف الحكم دليلاً قطعياً من كتاب أو سنةٍ أو إجماع فإنه يجب نقضه سواء كان من حكم به مجتهداً أو مقلداً وهذا من الحكم بما أنزل الله. وقال - تعالى -:"فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ" الآية، [المائدة: 48] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) صحيح مسلم (1718) أمّا إذا لم يخالف دليلاً قاطعاً فإن كان القاضي مجتهداً صالحاً للقضاء فإنه لا يجوز نقض حكمه باتفاق، وإن كان ليس من أهل الاجتهاد وإنما أهل التقليد فقد قيل بجواز نقض كل أحكامه والصحيح أنه لا يجوز أن ينقض من أحكامه إلا ما كان الخطأ فيه ظاهراً وهو قول ابن قدامة (المغني 14/37) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية (الفروع لابن مفلح 6/407) . وترتيب مراحل تدقيق الحكم يختلف من بلد لآخر وهو على كل حال ترتيب مصلحي مرجعه أن لولي الأمر أن يجعل بعض القضاة مراجعاً لحكم بعض وعلى كل فإذا كان الحكم مخالفاً للقرآن والسنة أو الإجماع فإن نقضه واجب ولو صدق من التمييز وإذا لم يخالفها فالراجح أنه لا يجوز نقضه إلا إذا وجد فيه خطأ ظاهر وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه - وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

الطلاق عبر الإنترنت

الطلاق عبر الإنترنت المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 23/2/1423 السؤال ما حكم الطلاق عبر رسائل الجوال والإيميل والإنترنت (الشات) وبإرسال فاكس؟ أرجو الإجابة بالتفصيل مع ذكر الضوابط بكل نوع. الجواب لا خلاف أن الرجل إذا تلفظ بالطلاق قاصداً فقد وقع طلاقه سواء علمت المرأة أم لا، وبهذا يظهر أثر التلفظ بالطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة. أما كتابة الطلاق بالبريد الإلكتروني، أو الجوال، أو كتابته باليد أو الآلة وإرساله عبر الفاكس فكل هذا حكمه حكم كتابة الطلاق. فإن تلفظ به مع كتابته فلا إشكال في وقوعه -كما سبق-، وإن لم يتلفظ به، فإن نوى إيقاع الطلاق وقع الطلاق، وإن لم ينوِ إيقاع الطلاق، وإنما نوى غمَّ زوجته مثلاً أو غير ذلك ففيه خلاف بين أهل العلم تراجع فيه مبسوطات الفقه، والراجح أنه لا يقع إلا بالنية. لكن هنا مسألة، وهي أن على المرأة أن تتأكد أن الذي أوقع الطلاق الذي بلغها عبر هذه الطرق هو زوجها نفسه؛ لسهولة التزوير في تلك الوسائل، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

طلقها، فكيف يرجعها؟

طلقها، فكيف يرجعها؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 24/8/1424هـ السؤال لي صديق تزوج منذ فترة، وقد طلق زوجته طلقة أولى، لكنه تراجع ويريد أن يرجعها، مع العلم أن الطرفين راغبان في أن يرجع كلاهما للآخر، كيف يمكن أن يعيدها لعصمته؟ وما الحكم المترتب عليه؟ الجواب الحمد لله وحده وبعد: فمن طلق زوجته المدخول بها طلقة هي الأولى أو الثانية فإن كان الطلاق بدون عوض والمطلقة لم تخرج من عدتها فله مراجعتها بدون رضاها، بقوله: راجعت مطلقتي أو نحو ذلك مما يدل على الرجعة؛ لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة:228] ، أما إن كان الطلاق على عوض ولم تخرج من العدة فله مراجعتها ولكن لابد من رضاها، أما إن كان الطلاق قبل الدخول والخلوة، أو بعده وقد خرجت المطلقة من العدة فليس له مراجعتها، إلا بعقد جديد مستكمل الشروط والأركان. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

حقوق المطلقة الرجعية بعد انقضاء العدة

حقوق المطلقة الرجعية بعد انقضاء العدة المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 26/8/1424هـ السؤال لقد طلقت زوجتي طلقة واحدة فقط وذلك عند القاضي، وأخبرني بأن عدتها ثلاثة أشهر، حيث إنها كانت لا تحيض، وأخبرني القاضي أنه في حالة رغبتي في مراجعتها بعد انقضاء العدة فإنه يجب علي أن أعقد عليها، وأقيم زواجاً من جديد بمهر وعقد جديدين، ولكني لا أرغب في مراجعتها، فهل تعتبر أجنبية عني ويجوز لها أن تتزوج من شخص آخر بعد انقضاء عدتها؟ وهل لها عليَّ حقوق بعد ذلك؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فإن فرغت المطلقة الرجعية من عدتها قبل رجعتها بانت وحرمت على مطلقها قبل عقد جديد مستوفٍ للأركان والشروط، ولها أن تتزوج بعد انتهاء عدتها. أما حقوق المطلقة بعد انقضاء العدة فمنها: المتعة لقوله تعالى:"وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين" [البقرة:241] ، ولحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن حفص بن المغيرة لما طلق امرأته فاطمة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لزوجها:"متعها" قال: لا أجد ما أمتعها، قال:"فإنه لا بد من المتاع، متعها ولو نصف صاع من تمر" رواه البيهقي (7/257) ، وقد قال بوجوب متعة المطلقة مطلقاً البخاري وابن جرير الطبري وابن تيمية وابن حجر -رحمهم الله تعالى- وهو رواية عن أحمد والجديد عند الشافعي رحمهما الله تعالى، انظر: تفسير الطبري (2/549) والاختيارات (237) وفتح الباري (9/495-496) ، وتعتبر المتعة بحال الزوج لقوله تعالى:"ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين" [البقرة:236] . ثانياً: إن كانت المطلقة تُرضع فلها أجرة الرضاع إن طلبتها، لقوله تعالى:"فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى" [الطلاق: 6] . ثالثاً: إن كان له أولاد من المطلقة واستحقت حضانتهم فلها أجرة الحضانة إن طلبتها. رابعاً: إن كانت حضانة أولاده لمطلقته فعليه نفقتهم وأجرة سكنهم وعلاجهم وغير ذلك مما يجب للولد على والده، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

حديث النفس بالطلاق

حديث النفس بالطلاق المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 25/4/1424هـ السؤال أنا شاب متزوج ولدي طفلتان ولله الحمد والمنة، البيت لا يخلو من المشاكل الزوجية، وأنا عندما تحدث هذه المشاكل أخرج من البيت، في بعض الأحيان بسبب هذه المشاكل أحدث نفسي كأنني أجادل زوجتي، وأتلفظ بكلمة أنت طالق بصوت منخفض، هل يحدث الطلاق في هذه الحالة؟ وإذا كان يحدث فما الحكم؟ مع العلم أنني لا أذكر متى حدثت وكم مرة؟ أرجو إفادتي مأجورين. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به" متفق عليه عند البخاري (6664) ، ومسلم (127) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وقال الترمذي بعد إخراج هذا الحديث برقم (1183) ما لفظه: والعمل على هذا عند أهل العلم، أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيءٌُ حتى يتكلم به. انتهى، وانظر نيل الأوطار (6/290) ، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

مراجعة الزوجة أثناء عدتها بغير رضاها

مراجعة الزوجة أثناء عدتها بغير رضاها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 25/8/1424هـ السؤال طلق رجل زوجته وسكنت المرأة في بيت مستقل هي وولداها في هذا البلد، وهي لا ترغب أبداً في الرجوع إليه، فهل يصح رجوعها إليه أثناء فترة العدة إذا أشهد اثنين على أنه أرجع زوجته؟ مع عدم علمها بذلك، وهي مفصولة عنه حتى في السكن، وإذا كان هناك أقوال للعلماء، في هذا الباب الرجاء تبيينها؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فمن طلق زوجته المدخول بها طلقة هي الأولى أو الثانية فإن كان الطلاق بدون عوض والمطلقة لم تخرج من عدتها فله مراجعتها بدون رضاها، بقوله راجعت مطلقتي أو نحو ذلك مما يدل على الرجعة؛ لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة:228] . ويسن الإشهاد على ذلك، أما إن كان الطلاق على عوض ولم تخرج من العدة فله مراجعتها، ولكن لابد من رضاها وموافقتها، أما إن كان الطلاق قبل الدخول والخلوة أو بعده وقد خرجت المطلقة من العدة فليس له مراجعتها إلا بعقد جديد مستكمل الشروط والأركان، أما إن كان الزوج قد استكمل الطلقات الثلاث فليس له مراجعة مطلقته حتى تنكح زوجاً غيره؛ لقوله تعالى: "الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة:230] والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

طلاق المازح

طلاق المازح المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 21/6/1424هـ السؤال قلت لزوجتي أنت طالق، علماً بأنني كنت أمزح، ولم أعلم بأنه يقع، ولم أعلم عن الحديث الشريف: "ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد ... إلى آخر الحديث، ثم بعد مدة طويلة حصل خلاف بيني وزوجتي، وقلت لها إذا لم تحضري غداً فأنت طالق، "كانت خارج مدينة الرياض"، وقلتها وأنا في حالة غضب شديد ولم تحضر، علماً بأنني لم أع ما أقول، وندمت في تلك اللحظة، واستغفرت الله، وأنا متأكد بأنني لا أريد الطلاق، فما الحكم؟ وجزاكم الله خيراً. ما الحكم في قول الرجل لزوجته تحرمين علي؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أما الطلقة الأولى التي طلقتها زوجتك فقد وقعت واحدة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة" رواه أبو داود (2194) والترمذي (1184) وابن ماجة (2039) ، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم. وصححه الحاكم (2/216) . أما قولك لزوجتك إذا لم تحضري غداً فأنت طالق، فإن كنت أردت من حلفك بالطلاق حث الزوجة على العودة، ولم تقصد إيقاع الطلاق ولم تعد الزوجة فعليك كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] . وهذا مذهب ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وعائشة وحفصة - رضي الله عنهم - في العتق حكاه ابن القيم - رحمه الله تعالى عنهم في إغاثة اللهفان (2/87) ، والطلاق كالعتق، قال رحمه الله: (وهؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - أفقه في دين الله، وأعلم من أن يفتوا في الكفارة في الحلف بالعتق ويرونه يميناً، ولا يرون الحلف بالطلاق يمينا ويلزمون الحانث بوقوعه، فإنه لا يوجد فقيه شم رائحة العلم بين البابين والتعليقين فرقاً بوجه من الوجوه) أ. هـ، أما إن أردت الجزاء بتعليقك ولم تحضر الزوجة فإنه يقع عليها طلقة واحدة، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الجمع بين الزوجتين في مسكن واحد

الجمع بين الزوجتين في مسكن واحد المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 9/6/1425هـ السؤال هل يجب على الرجل الذي يريد أن يتزوج من ثانية أن يسكنها في بيت منفصل؟ وهل بجزئ عن البيت جناح منفصل في نفس المنزل (أي حجرة وحمام وصالة؟) وإذا أصرَّت الأولى على بيت منفصل تماماً ولم أستطع ذلك، هل أكون ظالماً لها إن طلقتها؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد نص العلماء على أنه يحرم أن يجمع الزوج بين زوجتيه في مسكن واحد بغير رضاهما؛ لأن عليهما ضرراً في ذلك، والضرر يزال، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد (1/313) ، وابن ماجة (2341) ، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، وللحديث طرق أخرى، والحديث صححه الحاكم (2/57) ، وحسنه ابن الصلاح كما في خلاصة البدر المنير (2/438) ، ولأن اجتماعهما يثير العداوة والغيرة وينشر الخصومة والمقاتلة فإن رضيتا جاز؛ لأن الحق لهما، فلهما حق المسامحة بتركه. انظر: (المبدع7/201) ، و (الروض المربع 549) ، ويجب على الزوج أن يُسكن زوجته في بيت صالح لمثلها، وما ذكرته في سؤالك فإن كانت المرافق مشتركة كالمطبخ والحمام وغيرهما فيحرم إلا برضاهما، أما إن أصرت الزوجة الأولى على بيت مستقل وجب عليك تأمينه لها، وغير المستطيع الأولى له ألا يتزوج ثانية حتى يستطيع تأمين سكن لكل واحدة منهما مع النفقة وغيرهما من مستلزمات العشرة بالمعروف، ولا أنصحك بتطليق زوجتك الأولى لعدم وجود ما يسوغ طلاقها، كما أنك لا تعلم هل توفَّق في زواجك الثاني أم لا. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

طلب الطلاق..والخلع

طلب الطلاق..والخلع المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 10/10/1425هـ السؤال هل يحل للمرأة طلب الطلاق من زوجها إذا لم تستطيع التكيف مع حياة زوجها المتزوج من قبل؟ وهل يحل للزوج طلب ما تم دفعه من مهر وخلافه في هذه الحالة؟ أفيدونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: لا يحل للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إذا لم يكن هناك سبب يبيح ذلك، أما إذا كرهت المرأة زوجها لخَلقِه أو خُلقه، أو دينه، أو خشيت ألا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالع زوجها، وذلك بعوض تدفعه إليه لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة: من الآية229] . والخلع أمر مجمع على جوازه، كما نقل ذلك ابن عبد البر في الاستذكار (17/175) ، فإذا طلبت المرأة ذلك من زوجها استحب له إجابتها، وقد ألزم بعض العلماء الزوج بذلك (الإنصاف22/6) ، ولا يجوز للزوج عضل الزوجة لتدفع له المهر، فإن ذلك من الظلم المحرم؛ لقوله تعالى: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) [البقرة: من الآية229] . فإذا اتفق الزوجان على الخلع استحب له أن يأخذ مهره ولا يزيد على ذلك، وهذا قول أكثر أهل العلم، كما نقله ابن قدامة في الشرح الكبير (22/45) . وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الطلاق والتخويف بالثلاث

الطلاق والتخويف بالثلاث المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 5/6/1424هـ السؤال اختلفت مع زوجتي وقررنا الانفصال، ولكن الطلاق لم يتم، وراجعتها بعد أن كفرت عن هذا، وبعد مدة طلقتها وقد أخبرتها، ومن باب التخويف فقط أن الطلاق سيكون بالثلاث، وهذا فقط من باب التخويف، هل يجوز لي الآن مراجعتها؟ هل يجب علي كفارة؟ ما حكم الشرع في هذا؟ شكراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد ذكر الأخ السائل أنه قرر هو وزوجته الانفصال، ولكنه لم يطلق وراجعها وكفر عن هذا! ولا أدري لماذا كفر؟ ثم طلقها وأخبرها من باب التخويف أن الطلاق سيكون بالثلاث فهل له مراجعتها؟ أقول إن كانت الزوجة لم تخرج من العدة وكان الطلاق بدون عوض ولم يسبق ذلك طلقتان فله مراجعتها ولو لم ترض الزوجة أو وليها، أما إن كانت الزوجة قد خرجت من عدتها أو كان الطلاق بعوض فليس له مراجعتها إلا بعقد جديد مستوف للشروط والأركان لأنها قد بانت منه بينونة صغرى، أما إن كان قد سبق ذلك طلقتان فتكون هذه الثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل لقوله تعالى: "الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة:229-230] ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

توعدها بأن يطلقها ثلاثا فهل تطلق؟!

توعدها بأن يطلقها ثلاثًا فهل تطلق؟! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 12/02/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كنت متزوجاً بامرأة، وحصلت بيننا خلافات حادة على إثرها قررنا الانفصال والطلاق، خلال هذه الفترة وقبل الطلاق توعّدت والديها أنني إن وصل الأمر إلى الطلاق فسيكون طلاقاً بالثلاث، وقد قلت هذا من باب التخويف فقط، وبعد سنتين من الفراق، قررنا الرجوع، فهل يقع الطلاق، وهل علي كفارة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فمجرد تصريح الزوج للمرأة أو لوالديها بأنه إن طلق فسيطلق ثلاثاً لا عبرة به، بل العبرة بما تلفظ به الزوج عند الطلاق، هل طلق واحدة أو ثلاثاً، فإن طلق واحدة في طهر لم يجامع فيه فهو طلاق سنة واقع بلا خلاف بين العلماء، أما إن طلق ثلاثاً في مجلس واحد، فقد اختلف العلماء في ذلك، فذهب جماهير العلماء كالأئمة الأربعة وغيرهم - رحمهم الله تعالى- إلى وقوع الثلاث، وذهب بعض أهل العلم كابن عباس - رضي الله عنهما- وطاووس وعكرمة، وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم، وشيخنا العلامة ابن عثيمين - رحمهم الله تعالى جمعياً- أنه يقع واحدة؛ لما رواه مسلم (1472) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر - رضي الله عنه- وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنه- طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: (إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم) ، وقد بسط العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى- في زاد المعاد (5/241-271) الأدلة على أن الطلاق الثلاث يقع واحدة، وهي أدلة قوية، وعلى هذا القول فللزوج مراجعة مطلقته المذكورة، فإن كانت خرجت من عدتها فبعقد جديد. والله -تعالى- أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل هذا من ألفاظ الطلاق؟

هل هذا من ألفاظ الطلاق؟ المجيب خالد بن صالح الموينع القاضي في المحكمة الكبرى بمكة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 22/03/1426هـ السؤال زوج يقول لامرأته: (أسألك بالله أن تخرجي من بيتي) ، (اذهبي لأهلك) ، فهل تعتبر هذه الألفاظ ألفاظ طلاق، مع أنه يعتذر بعد ذلك، ويقول: كنت أقصد من ذلك الإصلاح فقط؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن هذين اللفظين من ألفاظ الكنايات في الطلاق، وهي من قبيل الكناية الخفية، وجمهور العلماء أن الطلاق إن كان من هذا القبيل لا يقع إلا إذا نوى الزوج الطلاق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: (لا يقع الطلاق بالكناية إلا بنية مع قرينة إرادة الطلاق، فإذا قرن الكنايات بلفظ يدل على أحكام الكلام، مثل أن يقول: فسخت النكاح، وقطعت الزوجية، فإنه كالصريح) . ا. هـ. أما ما يتعلّق باعتذاره بأنه يقصد الإصلاح، فقد قال ابن قاسم في حاشيته: (وإذا صرف الزوج لفظه إلى ممكن يقبل قوله إن كان عدلاً) . ومما ينبغي التنبيه عليه أن قضايا الطلاق ينبغي فيها سماع قول الزوجين ومناقشتهما، فإن بعض الأزواج يخفي بعض الحقائق التي تؤدي إلى وقوع الطلاق، فلذا ينبغي للزوجين الذهاب إلى المحكمة الشرعية؛ لكي يناقشهما القاضي في واقعة الطلاق. والله أعلم.

الوسوسة في التطليق

الوسوسة في التطليق المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 24/10/1426هـ السؤال أخي يعاني من أحلام اليقظة، وعادة هذه الأحلام تكون على حسب ما يتأثر به من مواقف، وهو كما يخبرني أنه في تلك الحالة يأخذه الحلم ويتخيل مواقف تفصله عن عالم الواقع لا إراديًّا، وقد حاول أكثر من مرة مقاومة تلك الأحلام إلا أنه يرجع إليها لا إراديًّا، علماً أن هذه الأشياء تحدث له عندما يكون منفرداً، وقد أبرم عقد النكاح قريباً وانتهت هذه الأحلام فترة، ولكن رجعت إليه أحلام اليقظة مرة أخرى، وانتهى الحلم بتطليق زوجته، أقصد أن الحوادث المتخيلة في عقله تزاحمت وانتهت القصة في مخيلته بتطليق زوجته، وهو الآن يعاني، فهل وقع الطلاق أم لا؟ مع العلم أنه شاك في أن لفظ الطلاق جرى على لسانه أو في مخيلته. أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله -عز وجل- تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به" رواه البخاري (6664) ، ومسلم (127) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وقال الترمذي بعد إخراج هذا الحديث برقم (1183) : والعمل على هذا عند أهل العلم، أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيءٌُ حتى يتكلم به. انتهى، وانظر نيل الأوطار (6/290) . أما حالة أخيك فهي نوع من الوسواس، والواجب عليه عدم الالتفات إليه وإشغال نفسه بأمور تبعده عنه حتى لا يتطور إلى أمور لا تحمد عقباها. والوسوسة: هي حديث النفس والشيطان بما لا نفع فيه ولا خير. (القاموس/748) . والوسواس هو الشيطان، وقد أمرنا بالاستعاذة منه، قال تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ من شر الوسواس الخناس الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [الناس:1-6] . وسأذكر أهم وسائل علاج الوسوسة بأنواعها في الطلاق أو الطهارة أو الصلاة أو غيرها: أولا: قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب:21] ، فالحق في اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- قولا وفعلا وأن ما خالفه إنما هو من تسويل إبليس ووسوسته: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:6] . ثانيا: لنعلم أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما كان فيهم موسوس، فلو كانت الوسوسة فضيلة لما ادخرها الله عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، وهم خير الخلق وأفضلهم. ثالثا: ليعلم الموسوس أن عمله هذا من الغلو في الدين، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَق) [النساء:171] . وقال عليه الصلاة والسلام: "إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين"، رواه أحمد (1851) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- رابعا: بعض الناس يبرر ما يقع به من الوسوسة بأنه احتياط للعبادة.

وهذا القول مردود، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في رد شبه الموسوسين: (من ذلك قولهم: إن ما نفعله احتياط لا وسواس، قلنا سموه ما شئتم فنحن نسألكم: هل هو موافق لفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمره، وما كان عليه أصحابه أو مخالف؟ فإن زعمتم أنه موافق فبهت وكذب صريح، فإذن لابد من الإقرار بعدم موافقته وأنه مخالف له فلا ينفعكم تسمية ذلك احتياطا، وهذا نظير من ارتكب محظورا وسماه بغير اسمه، كما تسمى الخمر بغير اسمها والربا معاملة) . وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (الاحتياط حسن ما لم يفض بصاحبه إلى مخالفة السنة، فإذا أفضى إلى ذلك فالاحتياط ترك الاحتياط) . خامسا: وجوب الكف عن الاسترسال في الوسوسة, والانتهاء عنها بقطع حبالها ومتعلقاتها, مستعيناً لذلك بالاستعاذة بالله من شر الشيطان الرجيم، قال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [فصلت:36] وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنّ للشيطان لمَّة بابن آدم, وللمَلَك لمَّة, فأما لمَّة الشيطان, فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق, وأما لمَّة الملك, فإيعاد بالخير, وتصديق بالحق, فمن وجد ذلك, فليعلم أنه من الله, فليحمد الله, ومن وجد الأخرى, فليتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم", ثم قرأ: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء" رواه الترمذي (2988) ، وابن حبان (997) . وأنصح من ابتلي بشيء من ذلك بقراءة الفصل النفيس الذي أفرده ابن القيم في كتاب إغاثة اللهفان (1/126) ، وكتاب (ذم الموسوسين) لابن قدامة، وتلبيس إبليس لابن الجوزي. كما أنصح أخي بمراجعة طبيب نفسي للنظر في أمره. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

طلاق المسحور

طلاق المسحور المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 23/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. هل يقع طلاق المسحور؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالمسحور إذا كان السحر يفقده وعيه وإدراكه، ويجعله يتكلم بما لا يريد، فإن طلاقه غير واقع؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا طلاق في إغلاق" مسند الإمام أحمد (6/276) سنن أبي داود (2193) سنن ابن ماجة (2046) والحاكم (2/198) بإسناد حسن عن عائشة -رضي الله عنها- ورمز له السيوطي بالحسن (9905) ، والألباني في (إرواء الغليل 2047) . والإغلاق هو: انسداد باب الإرادة حتى يضيق صدره ويتعكر عليه تفكيره قال ابن القيم:"كل من أغلق عليه باب قصده وعلمه كالمجنون والسكران والغضبان فقد تكلم في الإغلاق" (إعلام الموقعين 3/94) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ومن سُحر فبلغ به السحر ألا يعلم ما يقول فلا طلاق له" مختصر الفتاوى المصرية (544) . أما إن كان سحره لا يغير عقله وإدراكه كمن يعقد عن الجماع فقط فهذا طلاقه واقع. وهذا إذا أثبت أنه مسحور فعلاً، إذ إثبات حصول السحر للمسحور ليس بالأمر السهل لارتباطه بأمور خفية غير مشاهدة، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله.

طلاق غير صريح

طلاق غير صريح المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 12/6/1424هـ السؤال حصل بيني وبين زوجتي خلاف على تنفيذها أمراً ما، ورفضت تنفيذه فغضبت منها، وهددتها بأن تطيعني في تنفيذ الأمر، أو تذهب إلى بيت أهلها فاختارت الذهاب إلى بيت أهلها، عند توصيلها إلى بيت أهلها في السيارة قلت لها متى تريدين ورقة طلاقك؟ وكنت في حالة غضب في تلك اللحظة، ولم تجبني، فهل يقع الطلاق في هذه الحالة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده وبعد.. ذكر العلماء من كنايات الطلاق الخفية قول الرجل لزوجته اذهبي لأهلك، وقالوا إن الطلاق لا يقع بذلك إلا بنية مقارنة للفظ، فإن لم ينوه لم يقع إلا حال خصومة أو غضب فيقع الطلاق حكماً، لا ديانة في هذا الحال، ولو لم ينوه للقرينة، هذا هو المذهب، وعن الإمام أحمد رواية أخرى أنه يقبل قوله إذا لم ينوه، لكون هذا الأمر لا يعلم إلا من طريقه، قال في الخلاصة: لم يقع في الأصح، والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.

الإشهاد في الرجعة

الإشهاد في الرجعة المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 8/11/1423هـ السؤال وقع مني طلاق لزوجتي، وراجعتها قبل انتهاء العدة، ولكن بدون شهود أو علم أحد هل هذا يصح؟ أرجو الإفادة مفصلاً. الجواب تصح رجعة الزوج لمطلقته الرجعية ما دامت في العدة ويكون هذا الرجوع إما بتلفظه بالرجعة بأن يقول: راجعت زوجتي ونحوه من الألفاظ المفيدة لمعنى الرجوع، وإما بالفعل والمراد به هنا الوطء، واشترط بعضهم لصحة المراجعة بالفعل نية الزوج الرجوع به، وهذان الأمران كافيان في حصول المراجعة. وأما الإشهاد على ذلك فهو مسنون كما هو قول أكثر أهل العلم ولا يجب. وما دمت مقيماً في مكة فإنني أنصحك بمراجعة المحكمة المختصة لديكم لتوثيق الطلاق والرجعة مصطحباً معك وثيقة عقد النكاح للتهميش عليها من قبل القاضي.

قال: "كل أمرأة أتزوجها فهي طالق" فهل يقع الطلاق؟

قال: "كل أمرأة أتزوجها فهي طالق" فهل يقع الطلاق؟ المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 22/8/1424هـ السؤال ما رأيكم في رجل قال لو فعلت هذا الفعل فكل امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثاً، وقد فعل ذلك ظناً منه أنه لن يقع بهذه الكلمات شيء، وهذا كله كان قبل الزواج؟ أريد الجواب حسب المذهب الشافعي. الجواب فالذي يظهر من خلال هذا السؤال أنه من باب اليمين يريد المنع أو الحث، وبناءً عليه فإن عليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، والإطعام نصف صاع لكل مسكين يقدر بكيلو ونصف من البر أو طعام أهل البلد، ولأن هذا القول الذي صدر منه قبل أن يكون له زوجة فإيقاع الطلاق بهذه الصفة كما لو قال أحدكم طلقت فلانة، وهي ليست زوجة له، وليس هو وكيلاً في الطلاق عن زوجها، هذا هو الأصح إن شاء الله تعالى، والمسألة مبسوطة في كتب أهل العلم، وأما طلبه أن يكون الجواب على حسب المذهب الشافعي فإن منهج السلف والأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى أنهم يتعبدون الله بما دلت عليه النصوص وبما دلت عليه قواعد الشرع وأصوله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى وصحبه وسلم.

الطلاق الصوري من أجل إعالة الدولة

الطلاق الصوري من أجل إعالة الدولة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 29/06/1425هـ السؤال شيخي الكريم: زوجان يعيشان في بلد غربي، وهما عربيان ومسلمان، ولأمر ما هم يحتاجون إلى إعالة من الدولة التي يعيشون فيها، ولا يستطيعون ذلك إلا إذا كانت الزوجة مطلقة وعندها أولاد، فقام الزوجان بإجراء طلاق صوري في ذلك البلد الكافر، - أي حبر على ورق -، مع العلم أن زواجهما كان في بلد إسلامي، وحسب الشريعة الإسلامية. السؤال: هل يؤثر ما فعلوه على صحة زواجهما؟ أرجو البيان والتوضيح، ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما فعلوه يشتمل على أمرين: الأمر الأول: ما يتعلق بالطلاق، هذا بُني على سبب غير صحيح، وإذا بُني الشيء على سبب ثم تبين انتفاؤه لا يقع، فمثل هذا الطلاق - فيما يظهر - أنه لا يقع؛ لأنه لم يقصده كما تقدم أنه بُني على سبب تبين انتفاؤه فلا يقع. الأمر الثاني: ما يتعلق بأخذ هذا المبلغ، هذا المبلغ بني على الكذب، وما بني على حرام فهو حرام، فلا يظهر لي أنه يجوز لهما أن يستحلا هذا المبلغ.

لا تدري كم طلقها؟

لا تدري كم طلقها؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 21/10/1424هـ السؤال أشك في عدد الطلقات التي طلقني إياها زوجي، هل هي اثنتان أم ثلاث، وأنا أشك في اثنتين، الأولى وهو كان في شدة الغضب لحد التكسير، والثانية وأنا في فترة النفاس، وبعد ذلك قام بتطليق مرة أخرى، ولكنه كان في شدة الغضب، وما كان ينوي الطلاق على حد كلامه، وبعد أسبوعين تبين أني حامل وتم الرجوع، وهذا بعد أن قال لي إنه قام بسؤال أحد المشايخ في بلادنا وعليه كفارة، وهي أن يدفع صدقة، وللعلم كان زوجي يشرب الخمر، وبعد أن يفيق يكون في شدة العصبية وبعد فترة تم سجنه لاستعماله مواد مخدرة، لهذا كان دائم العصبية والغضب الشديد معنا، ولكن بعد سجنه بسنة تاب إلى الله بعد أن وقفت معه أسانده وأنصحه، وبعدها اعترف لي بأنه لم يسأل شيخاً في الطلقة الأخيرة؛ لأنه كان غير راغب في الطلاق، ولكن غصباً عنه لما حدث بيننا من مشاكل ولأنه لا يريد الانفصال، وكان دائما يندم ولا ينوي الطلاق بحد ذاته، وللعلم فإن لدينا أطفالاً أرجو إفادتي. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد ذكرت السائلة أن إحدى الطلقات وقعت عليها وهي نفساء، وطلاق الحائض والنفساء المدخول بها محرم، وقد اختلف العلماء في وقوعه، فذهب أكثر العلماء إلى وقوعه مع الإثم، مستدلين بأدلة منها حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر- رضي الله عنه- رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ، ومسلم (1471) ، قالوا: فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة وهي لم شعث النكاح، وإنما شعثه وقوع الطلاق. وذهب جمع من العلماء منهم ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني - رحمهم الله- تعالى إلى أن الطلاق المحرم لا يقع، ومنه طلاق الحائض والنفساء، مستدلين بأدلة كثيرة منها ما رواه أبو داود (2185) ، بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم في الهدى (5/226) ، وغيرهما من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- المذكور أعلاه وفيه: "فردها علي ولم يرها شيئاً" قال الشوكاني - رحمه الله تعالى- إسناد هذه الرواية صحيح ولم يأت من تكلم عليها بطائل" اهـ. وبل الغمام (2/70) ، وقد سئل ابن عمر - رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته وهي حائض فقال: "لا يعتد بذلك"رواه ابن حزم (10/163) ، بإسناده إليه قال ابن القيم إسناد صحيح، زاد المعاد (5/236) ، كما صححه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في التلخيص الحبير (3/206) ، وعدم وقوع الطلاق على النفساء أفتى به شيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى- انظر: الفتاوى (21/285) ، ومن تأمل الأدلة وجمع بينها تبين له قوة هذا القول والله تعالى أعلم، انظر المحلى (10/163) ، زاد المعاد (5/218) ، وبل الغمام للشوكاني (2/69) ، الروضة الندية (2/105) ، جلاء العينين (268) .

أما فيما يتعلق بطلاق الغضبان فالغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما ذكر العلماء: الأول: غضب يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع، الثاني: ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده فهذا يقع طلاقه، الثالث: أن يستحكم الغضب ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال، قال ابن القيم: وهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه، انظر زاد المعاد (5/215) ، وذلك لما رواه أحمد (6/276) ، وأبو داود (2193) ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" وفسر جمع من أهل العلم الإغلاق بالغضب والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الطلاق في مرض الموت

الطلاق في مرض الموت المجيب عيسى بن عبد الله المطرودي القاضي بالمحكمة الكبرى في حائل التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 19/10/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: هل يجوز لي وأنا على فراش الموت أن أطلق زوجتي أو أوصيها أن لا تحبس نفسها فترة العدة؟ أم هذا حد من حدود الله؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: يرى بعض أهل العلم أن من طلقَّ في مرضه المخوف، لا يقع طلاقه، والمرأة عند الطلاق سوف تعتد عدة الطلاق، ولو توفي زوجها وهي في عدة الطلاق الرجعي فإنها تعتد عدة وفاة من تاريخ وفاته لا من تاريخ الطلاق، ولا يجوز للزوج أن يوصي زوجته بأن لا تحبس نفسها وقت العدة؛ لأن هذا مخالف لما شرعه الله. وعلى المسلم أن يسلم أمره لله، ويوصي زوجته بتقوى الله لا بما ذكر السائل، فيقال للأخ لا تطلق إذا دق ناقوس الخطر كما ذكرت، ولا توصي زوجتك بألا تحبس نفسها فترة العدة. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

طلاق غير المدخول بها

طلاق غير المدخول بها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 13/3/1425هـ السؤال هل المطلقة غير المدخول بها تحتاج إلى عدة أم لا؟ هذا إذا كان الزوجان قد اختليا لكن لم يحدث بينهما شيء، وما الدليل إذا كانت الإجابة بنعم؟ ونحن نعلم أن الآية صريحة في هذا: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها" [الأحزاب:49] ، فما هو الصحيح؟ أفيدونا نفع الله بعلمكم هذه الأمة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن من طلق زوجته بعد أن خلا بها فإن عليها العدة ووجب لها المهر كاملاً، وذهب الشافعي إلى أنه لا عدة عليها إلا بالجماع، قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى-: (في هذه المسألة ثلاثة فصول أحدها أن العدة تجب على كل من خلا بها زوجها، وإن لم يمسها ولا خلاف بين أهل العلم في وجوبها على المطلقة بعد المسيس فأما إن خلا بها ولم يصبها ثم طلقها فإن مذهب أحمد وجوب العدة عليها وروي ذلك عن الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر -رضي الله عنهم-، وبه قال عروة وعلي بن الحسين وعطاء والزهري والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي والشافعي في قديم قوليه وقال الشافعي في الجديد: لا عدة عليها لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها" [الأحزاب: 49] ، وهذا نص؛ ولأنها مطلقة لم تمس فأشبهت من لم يخل بها، ولنا إجماع الصحابة - رضي الله عنهم-، روى الإمام أحمد والأثرم بإسنادهما عن ابن أوفى قال قضى الخلفاء الراشدون -رضي الله عنهم- أن من أرخى ستراً أو أغلق باباً فقد وجب المهر ووجبت العدة ورواه الأثرم أيضاً عن الأحنف عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - وعن سعيد بن المسيب عن عمر وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما- وهذه قضايا اشتهرت فلم تنكر فصارت إجماعاً، وضعف أحمد ما روي في خلاف ذلك وقد ذكرناه في كتاب الصداق ولأنه عقد على المنافع فالتمكين فيه يجري مجرى الاستيفاء في الأحكام المتعلقة كعقد الإجارة، والآية مخصوصة بما ذكرناه ولا يصح القياس على من لم يخل بها لأنه لم يوجد منها التمكين، ا. هـ، المغني (8/80) ، وانظر: مصنف ابن أبي شيبة (3/519) ، ومصنف عبد الرزاق (6/288) ، أحكام القرآن للشافعي (1/251) ، اختلاف الحديث (1/284) ، الأم (5/215) بدائع الصنائع (2/291) (3/192) تفسير القرطبي (3/205) منار السبيل (2/250) تفسير ابن جرير (22/19) ، زاد المسير (6/402) ، عمدة الفقه (111) ، والكافي (3/206) ، فعلى الأخ السائل الرجوع لما ذكرناه من المراجع إن أحب التوسع في معرفة أقوال العلماء فيما ذكرناه. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

إخفاء الطلاق عن الزوجة

إخفاء الطلاق عن الزوجة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 8/9/1424هـ السؤال رجل تزوَّج من خارج المملكة، وقد كتب عليه في المؤخر ما يعادل 50000ريال، بالإضافة إلى قائمة أثاث تعادل بالريال 30000، وبعد الدخول بالمرأة بأسابيع طلب من زوجته أن تذهب معه للمملكة، حسب ما تم الاتفاق عليه قبل الزواج، فرفضت وتحججت بحجج واهية، فما كان من الرجل إلا أن عاد إلى بلده بدونها، واتصل بها عدة مرات أملاً في أن تغير رأيها، ولكنها أصرَّت على موقفها ورفعت قضية لدى المحكمة في بلدها تدَّعي الضرر، وتطلب الطلاق كي تحصل على المؤخر، وفي نفس الوقت أقام الرجل عليها دعوى في بلدها بالنشوز، ونظراً إلى أن القضايا تأخذ وقتاً طويلاً في ذلك البلد قد يصل إلى 3سنوات فقد قرر الرجل طلاقها بدون علمها؛ حتى لا تسقط دعواه بالنشوز فيثبت لها المؤخر، بالرغم من أنها هي التي أصرَّت على عدم الاستمرار، وبالرغم من أن الرجل بعد ما أقنعناه وافق على أن يعطيها ما كتب في العقد فقط، وهو 50000 دون قائمة الأثاث التي جرى العرف أن تحضرها الزوجة لبيت الزوجية، وتكون ملكها لو حصلت وفاة أو طلاق للزوج، إلا أن المرأة أصرَّت على المطالبة بالقائمة والنفقة، وقد أكد محامي الرجل أنها بنظام تلك الدولة لا تستحق شيئاً البتة لأنها ناشز، وقد نصح الرجل بعدم إعلان الطلاق، والأسئلة هي: ما حكم طلاقه الذي أشهد عليه اثنين عدول وكتب الطلاق بخطه ووقَّع عليه ووقَّع عليه الشهود، مفيدين بسماعهم لفظ الطلاق ثلاثاً، وهل يلزمه توثيق هذا الطلاق في جهة حكومية؟ ما حكم إخفاء الطلاق عن الزوجة خشية أن يقع الضرر على الزوج، بأن يصدر لها حكم بالمؤخر والنفقة والقائمة مما قد يصل إلى مبلغ يقارب 100000ريال؟ هل يأثم الرجل بعدم إعلامه للزوجة بالطلاق، بالرغم من نشوزها ومن فشل محاولاته العديدة في الصلح الجواب إذا تلفَّظ الزوج بلفظ الطلاق قاصداً معناه المعروف فهو طلاق نافذ واقع، ولو لم يكتبه ولم يُشهد عليه. وفائدة التوثيق لدى الجهات المختصة به أن يتأكد العاقد (المأذون) من طلاق المرأة وانتهاء عدتها متى أرادت الزواج بآخر، وحتى يزال اسم المرأة من سجل الزوج ونحو ذلك من المصالح. أمّا إخفاء الطلاق عن الزوجة فإذا كانت قد بانت منه فلا يجوز؛ إذ الطلاق مع أنه حق للزوج فإنه مع ذلك يترتب عليه حقوق للمرأة وعليها، فلا ضرر ولا ضرار. فلا بدَّ من إخبارها إذا كانت قد بانت منه وانتهت عدتها، وأما قبل انتهاء العدة فيمكنه كتمان الطلاق عنها للمصلحة. ولعلي أرشد السائل إلى مخرج شرعي لقضيته، وهو أن يستفتي في الطلاق الصادر منه، هل تبين به المرأة أم لا؟ فإن كانت لم تبن منه فيراجعها إن كانت في العدة ثم لا يطلقها -إن أراد- إلا بعد انتهاء القضية ولا يخبرها بما فعل، ويشهد شهوداًَ على المراجعة. وإن كان طلاقه بائناً أو انتهت العدة فليس له إلا إخبارها. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

إيقاع طلاق الجاهل بآثاره

إيقاع طلاق الجاهل بآثاره المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 08/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أصحاب الفضيلة: نرجو منكم إفادتنا في واقعة تقع كثيراً، وهي: أن كثيراً ممن أسلم حديثاً -أو من التزم في إسلامه- تقع منهم تصرفات (كالطلاق جهلاً) ، ولا ندري كيف نتصرّف تجاه شكواهم. فهل من قاعدة عامة تندرج تحتها فروع شتى من مسائل (متى يعذر الجاهل) . فمثلاً طلق أحد الشبان زوجته، وأطلق عبارات تفيد ذلك، والآن جاء يشتكي بأنه لم يعرف آثار تلك الكلمات، وإن كان لديه بعض المعلومات المشوهة حول هذه القضية؟. وآخر أفطر في نهار رمضان عن جهل، حيث كان يعتقد أن صيام هذا الشهر ليس فرضاً قاطعاً، بل يستطيع الإنسان أن يأخذ راحته أحياناً، بحيث يصوم يوما ويفطر يوماً، والآن بعدما بلغه الخبر اليقين فهو في حيرة: هل عليه كفارة أم يكفي التوبة؟ وهكذا. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجب على المسلمين والهيئات والمراكز الإسلامية في كل بلد في العالم يوجد فيه مسلمون جدد، أو حديثو عهد بالإسلام، يتعين على هؤلاء كلهم بذل كل ما يستطيعون في تعليم حدثاء العهد بالإسلام أحكام الإسلام الضرورية، كأداء الصلوات الخمس، وصوم رمضان بالإمساك عن الطعام والشراب، والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وتعليمه الأحكام الضرورية، والأمور التي عليه اجتنابها، كالزنا، وشرب الخمر، والربا، والظلم، وأكل الحرام، وألا يجمع الرجل في عصمته أكثر من أربع زوجات، ونحو ذلك من الأحكام الضرورية والظاهرة، وما يتعلّق بالعقيدة من مظاهر الشرك التي تخرج صاحبها من دائرة الإسلام ونحو ذلك من الأحكام، أما غير ذلك من الأحكام الجزئية، والمعاملات المالية، وبعض الأحوال الشخصية، فتعالج كل قضية أو مسألة بعينها في حينها، فمن أفطر في رمضان - كما في السؤال- أمر بالتوبة والاستغفار وبقضاء ما أفطره من أيام، وعدم العود لمثله. أما من طلق جاهلاً - كما في السؤال- فيعذر بالجهل؛ فلا ينفذ طلاقه مراعاة لجهله وحداثة دخوله في الإسلام؛ حفاظاً على الرابطة الأسرية ومراعاة لحاله، ويلزم تعليمه حكم الطلاق وآثاره ولوازمه؛ حتى لا يعود إليه مرة أخرى. والله أعلم.

(اعتبري نفسك زوجة في الظاهر)

(اعتبري نفسك زوجة في الظاهر) المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 29/2/1425هـ السؤال طلبتُ زوجتي ليلةً للجماع، فرفضت، فقلت لها: اعتبري نفسك من هذه اللحظة زوجتي أمام الناس فقط، ولست زوجتي بيني وبينك (الجماع) فهل يقع الطلاق وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب: لا، لا يقع الطلاق بمثل ذلك؛ لأنك لم تقصد الطلاق بقولك هذا، وإنما قصدت ترك الجماع، وهذا واضح بمجرد لفظك، فضلاً عن قصدك، هذا أولاً. ثانياً: أن لفظك هذا ليس مانعاً من جماع زوجتك إذا أردت ذلك. ثالثاً: أنه قد ثبت الوعيد الشديد لمن تأبى من فراش زوجها إذا دعاها إليه، ففي الصحيحين البخاري (3237) ومسلم (1436) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" وفي رواية لمسلم (1736) : "إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها" - يعني زوجها- لكن يستثنى من ذلك إذا كانت الزوجة معذورة بمرض أو نحوه، أو لسبب مقنع. رابعاً: أنه على الزوج أن يراعي حال زوجته وظروفها، ونفسيتها في مثل هذه الأمور، والله -تعالى- أعلم. وصلى الله نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

الشك في الطلاق

الشك في الطلاق المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 22/3/1425هـ السؤال أنا مبتلى بكثرة الحلف بيمين الطلاق، لكن بعد أن يكون قد طفح الكيل، على العموم: كنت أحاول أن أحصي عدد مرات الطلاق مع زوجتي لنعرف أين نحن من الشرع! قلت: أتذكرين بعد كتب الكتاب وقبل الزفاف (حفلة العرس) حدث بيني وبينك مشادة على الهاتف انتهت على ما أظن أني طلقتك، ثم أرجعك والدك على ما أظن عندما حضر معك لزيارتنا في اليوم التالي، قالت: لا، لم يحصل صدقني لكنك قلت كذا وقلت أنت لأمي كذا وأنا قلت كذا....إنني متأكدة أنه لم يحصل، والذي تتكلم عنه كان موضوعاً آخر ... ما حكم الشرع؟ أرجو الإفادة، الأمر حصل قبل 18سنة، ولكن يترتب على ذلك نصاب عدد الطلقات. وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله تعالى وحده، وبعد: جواباً على ما ذكره السائل، فإن الشك في حصول الطلاق أمر لا يلتفت إليه؛ لأن الأصل عدم ذلك، لكن ينبغي عليك التنبه بترك التلفظ بيمين الطلاق أو التهديد به، وترك الوساوس بذلك، أما الأول فلقوله تعالى: "ولا تتخذوا آيات الله هزواً" [البقرة:231] وهي آيات الله تعالى وحكمه في الطلاق، فيجب على المسلم أن يحفظ لسانه عن الطلاق المحرم، وأن يطلق الطلاق الشرعي إن رغب عن زوجته واستحالت الحياة بينهما، وأما الوساوس فلا يلتفت إليها من كونه حصل منه شيء من الطلاق أو لا، والله هو الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قال لزوجته إنها حرام

قال لزوجته إنها حرام المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 17/2/1425هـ السؤال رجل قال لامرأته أنتِ حرام علي إلى يوم القيامة، وكان بحالة غضب، وبعد يومين تراضيا وحصل جماع بينهما، فما الحكم؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: قال ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (وهذه المسألة فيها عشرون مذهباً للناس) زاد المعاد (5/302) ، وذكر الأقوال فيها، ومما ذكره منها: الفرق بين أن يوقع التحريم منجزاً أو معلقاً تعليقاً مقصوداً، وبين أن يخرجه مخرج اليمين، فالأول: ظهار بكل حال، ولو نوى به الطلاق، والثاني: يمين يلزمه به كفارة يمين، فإذا قال: أنت علي حرام، أو إذا دخل رمضان، فأنت علي حرام فظهار، وإذا قال: إن سافرت أو إن أكلت هذا الطعام، أو كلمت فلاناً فامرأتي علي حرام، فيمين مكفَّرة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية) زاد المعاد (5/306) ، وانظر: إعلام الموقعين (3/83-93) ؛ وعلى ذلك فيلزم الأخ السائل كفارة ظهار، وهي المذكورة في قوله -تعالى-: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4] . ويحرم عليه جماع زوجته حتى يُكفِّر، وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى-: (الصواب أن تحريمها على حسب نيته فإن نوى به الظهار فهو ظهار، وإن نوى به اليمين فيمين، وإن نوى به الطلاق فطلاق، وإن لم ينو شيئاً فالظاهر أنه يمين) حاشية الشيخ على الروض المربع (696) ، وما اختاره شيخنا - رحمه الله تعالى- هو مذهب الشافعي - رحمه الله تعالى- انظر: زاد المعاد (5/304) ، وهو قول قوي؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات" رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- ومما يدل على أن التحريم يكون يميناً مكفرة إن نواه ما رواه أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت له جارية يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة - رضي الله عنهما- حتى حرمها، فأنزل الله - عز وجل-: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ" [التحريم: من الآية1] إلى آخر الآية، رواه النسائي (3959) ، والضياء (1694) ، قال الحافظ: (النسائي بسند صحيح) الفتح (9/376) ، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل له إخراج مطلقته من بيته؟

هل له إخراج مطلقته من بيته؟ المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 8/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بارك الله في جهودكم، وجزاكم الله خيراً عن المسلمين جميعاً. هذا استفتاء وارد من إحدى جمهوريات روسيا: رجل طلق زوجته طلاقاً شرعياً لا رجعة فيه، لكن امرأته لا تعترف بهذا الطلاق، وتمتنع عن الخروج من البيت بحجة أن الطلاق الرسمي المعقود في المحاكم الروسية لا يزال على حاله، فهي في بيته ولكن في غرفة معتزلة، وبينهما بنت عمرها ثماني سنوات، فتحدث بينهما مشاكل بين حين وآخر لسبب من الأسباب، فالرجل في حيرة ويسأل: هل يجوز لي طرد هذه المرأة من البيت؟ وهل يجوز لي انتزاع بنتي منها؟ أم البنت حق للأم؟ وقد قيل له من قبل بعض القضاة: أن له كل ذلك بالقانون المحلي، ولكن الرجل يريد معرفة الحكم الشرعي للقضية؛ ليتصرف على ضوء تعليمات الإسلام. وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب: أنه لا يخلو أن يكون الطلاق رجعياً، أو بائناً، فإن كان رجعياً، وهو أن يطلقها للمرة الأولى، أو الثانية، فحينئذ لها النفقة والسكنى ما دامت في العدة، فإذا انتهت العدة فلا نفقة لها ولا سكنى؛ لأنها أصبحت أجنبية منك، وعليه فيجوز لك إخراجها والحالة هذه، وإن كنا لا نفضل ذلك بل ننصحك بالعودة إليها والصلح معها، أما إن كان الطلاق بائناً بأن تكون هذه هي الطلقة الثالثة، أو يكون الطلاق على عوض، أو نحو ذلك فحينئذ فلا نفقة لها ولا سكنى، إلا أن تكون حاملاً، فلها النفقة والسكنى في الحالين. أما حضانة هذه البنت فهي راجعة إلى الأصلح، فإن كان الأصلح أن تبقى عند أمها فهو الواجب، أما إن كان الأصلح أن تأخذها وترعاها رعاية طيبة فعليك ذلك، لكن عليك أن تسمح لوالدتها بزيارتها، أو الذهاب بها إليها، أما إن تساوى الأمران فمن العلماء من يرى أنها تبقى عند والدتها، ومنهم من يرى أن تكون عند الأب. والله أعلم.

هل طلاقها صحيح؟

هل طلاقها صحيح؟ المجيب حمد بن عبد الله الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 10/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. تزوجت رجلاً غربياً اعتنق الإسلام، ولم نبق معاً سوى ليلة واحدة، ثم ذهب للعيش مع زوجته القديمة (وهي ليست مسلمة) ، فطلبت منه الطلاق فطلقني في المقهى أمام أخي، ولفظ كلمة الطلاق بالعربية، فهل هذا الطلاق مشروع، أنا تزوجت الآن من رجل، آخر لكنني أخشى دائماً أن يكون طلاقي غير صحيح. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان الزوج يعرف معنى الكلمة ويعقل معناها، وأنها تعني مفارقة الزوج لزوجته فطلاقه واقع، وزواجك من الرجل الآخر صحيح، بشرط أن يكون الزواج حصل بعد انتهاء العدة الشرعية. والله أعلم.

هل أرفض طلاقها حتى ترد علي ما أخذت؟

هل أرفض طلاقها حتى ترد عليّ ما أخذت؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 14/7/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. حول حديث امرأة ثابت بن قيس، رضي الله عنهما- قال صلى الله عليه وسلم: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ ". قالت: نعم. فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "اقْبَلْ الحديقةَ وطَلِّقْها". معنى ذلك أن ثابت بن قيس، رضي الله عنهما، كان أعطى زوجته هذه الحديقة للزواج، أي كانت ملكها، ولكي تطلق كان لزامًا عليها أن ترجع الحديقة له، أنا الآن تزوجت امرأة منذ ثماني سنوات، وهي تصغرني بحوالي عشرين عامًا، وكتبت لها شقة وسيارة، ولكن ظروفي المالية تغيرت، وهي الآن تريد الطلاق، وأنا رافض، وقلت ارفعي خُلعًا عليَّ؛ لأنني حتى الآن أريدها زوجةً، ولكن هي مصممة على الخلع، هل علي ذنب إذا طلبت الشقة والسيارة؟ أنا كتبت كل حاجة باسمها؛ لأنني كنت أريد أن أؤمن المستقبل لها، ظنًّا مني أن الموت هو الذي يفرق بيننا فقط، وإذا كنت أعلم أنها في يوم من الأيام سوف تطلب الطلاق أو الخلع ما كنت لأكتب لها شيئًا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إنه لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها من غير ما بأس؛ لما رواه أحمد (22440) وأبوداود (2226) وابن ماجه (2055) والترمذي (1187) مرفوعًا: "أيُّمَا امْرأةٍ سأَلتْ زَوْجَها طَلاقَهَا في غَيرِ مَا بَأْسٍ فحَرَامٌ عَلَيْها رائِحَةُ الجنةِ". لكن لو طلبت الطلاق لسبب سائغ شرعًا، ولم يكن طلبها لسبب يعود إليك أيها الزوج من عضل أو تضييق أو منع لحقوقها من القَسْمِ والنفقة ونحو ذلك من حقوقها الشرعية، فإن ذلك جائز، ولك أن ترفض طلاقها حتى ترد إليك ما أصدقتها، ما دام السبب منها، وليس عليك في ذلك شيء؛ لما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: إنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ ". قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَة"ً.

هل يعد هذا طلاقا؟

هل يعد هذا طلاقاً؟ المجيب د. راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 29/3/1425هـ السؤال أنا امرأة يهودية دخلت حديثا في الإسلام وتزوجت من رجل عربي بالسر حيث لم يكن هناك طريقة أخرى للزواج والسلطة رفضت تزويجنا رسميا. تم زواجنا على أن نعيش منفصلين حتى نتمكن من الهجرة والزواج العلني. وقد استمر وضعنا على هذا النحو 4 سنوات وكنا نلتقي فيها مرارا ونجمع المال لغرض الهجرة. وقبل مدة حصل زوجي على عمل أفضل وقرر أن يطلقني. وهو يقول الآن إنه من الأفضل لي العيش بدونه ويقول إنه لا يمكن تحقيق ما كنا نريد. وهو لم يتلفظ بالطلاق لكنه قال لي: "أنت امرأة حرة ويمكنك الزواج بعد 3 أشهر" فهل يعتبر كلامه طلاقا؟ أنا أحبه كثيرا وهو كذلك، ولا أرغب في الطلاق منه. وأنا مستعدة للانتظار حتى يأذن الله أن نعيش سويا. لن أكون سعيدة بدونه وأبكي طوال الوقت. أحتاج مساعدتكم، وهل هناك شيء في القرآن الكريم يقنعه ألا يطلقني؟ أرجو المساعدة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أولاً: نحمد الله الذي هداك من الضلال إلى النور، ونأمل أن تكوني سفيرة لنشر هذا الدين فيمن تعرفين ومن لا تعرفين، مبينة لهم ما وجدتيه من راحة واطمئنان وانشراح صدر حتى تكوني ممن قال فيهم -صلى الله عليه وسلم - لعلي- رضي الله عنه-: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم" رواه البخاري (3009) ، ومسلم (2406) ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وأما عن سؤالك فقول زوجك لك: (أنت حرة ويمكنك الزواج ... ) ، فهذا من ألفاظ الكناية الظاهرة، ويقع به الطلاق إذا نواه الزوج، ولكن حاولي أن تذكريه بالعشرة الماضية، وقبولك به في أول الأمر، وتذكيره احتساب الأجر والثواب فيك، فإن رأيت منه نشوزاً أو إعراضاً فاعرضي عليه صلحاً كالتنازل عن بعض الحقوق كالسكنى، أو النفقة، ونحو ذلك. فإن رأيت أن ذلك لم يجد، فاستعيني بالله واصبري، وتذكري قول الله -تعالى-: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً" [النساء:130] ، فثقي أن الله سيجعل لك مخرجاً بإذن الله. أسأل الله -تعالى- لك حياة طيبة في الدنيا والآخرة، وأن ييسر لك أمرك، وأن يثبتك على هذا الدين إنه سميع مجيب.

طلاق المسحور

طلاق المسحور المجيب محمد بن عبد الله المجلي قاضي بالمحكمة العامة في محافظة دومة الجندل التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 29/07/1425هـ السؤال هل يقع طلاق المسحور؟ أنا تزوجت رجلاً على ضرة، واستمر زواجي أسبوعاً واحداً ثم طلقني بسبب السحر، والآن يحاول الرجوع ولكن أنا خائفة منه وهو يريد إرجاعي ولكن أهلي يرفضون ذلك، ماذا أفعل؟ وشكراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعه أما بعد: فيما يتعلق بطلاق المسحور: فإنه إن كان يعي ويعلم ما يقول وصدر منه الطلاق باختياره فإن طلاقه يقع، وإن كان المسحور لا يعي ولا يعلم ما يقول، أو أنه طلق بغير اختياره فإن طلاقه لا يقع؛ لأن العقل هو مناط التكليف، فإذا غاب العقل ارتفع التكليف، وأنصحك باستشارة والديك، واستشارة من تثقين في رأيه وحكمته ممن يعرف هذا الرجل الذي تزوجك معرفة جيدة، وأداء صلاة الاستخارة، وسؤال الله أن يختار لك خير الأمرين، وستوفقين إلى الخير إن شاء الله. والله تعالى أعلم.

هل تطلب الطلاق؟

هل تطلب الطلاق؟ المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 8/6/1425هـ السؤال أريد حكم الشرع في طلب الزوجة الطلاق من زوجها؛ لأنه: يضربها، ولا يصرف عليها؛ لأنها تشتغل وتصرف على نفسها، وأحياناً على أولادها وعلى المنزل. وأيضاً تزوج عليها ثانية؛ وقد قال لها: إني تزوجتك على (شور) وذوق أمي، وليس على (شوري) ولا ذوقي، وهو الآن تزوج على ذوقه وشوره. ملاحظة: هو إنسان بسيط جداً -يعني مادياً- لا يستطيع فتح منزلين، وهو الآن مديون وحالته تعبانة جداً، وأنا كرهته كثيراً، لكن متحملة من أجل الأولاد، والآن أريد حكم الشرع في طلبي للطلاق. الجواب الحمد لله -تعالى- وحده، وبعد: ما ذكرته - السائلة- من حال زوجها معها، وما بدر منه من تصرفات في حالها وزواجها عليه، وتريد إيضاح الشرع في طلبها الطلاق..إلخ. فأقول: إن عليها الصبر والاحتساب والإصلاح؛ لأن الصلح خير؛ وذلك لقول الله -تعالى-: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" [النساء: من الآية128] ، لكن إن تعذر الإصلاح، ورأيتِ أنكِ لا تستطيعين البقاء معه، وكرهت العيش فلا حرج في طلب الطلاق إذا خشيت ألا تقومي بحق الله -تعالى- فيه. والله هو الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

لا يعرف كم مرة طلق زوجته

لا يعرف كم مرة طلق زوجته المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 20/08/1425هـ السؤال عندي مشكلة، لا أدري كم مرة طلقت زوجتي الثانية: في شهر يناير (1) الماضي كتبت لها رسالة بالبريد الإلكتروني، قلت لها فيها أن تنساني. وقلت لها: (لا تتصلي بي بعد ذلك) . وأعتقد أنني قد طلقتها. ثم أرجعتها، وفي بداية شهر مارس (3) أخبرت زوجتي الأولى أنني سوف أطلق الثانية قائلا لها "في نظري نحن (أنا والزوجة الثانية) غير متزوجين منذ الآن". لكنني لم أرغب أن أخبرها بذلك، لأنها كانت على وشك الدخول في الإسلام، ثم في شهر أبريل (4) أخبرتها بالهاتف أنني طلقتها. الآن لم أعرف كم عدد الطلقات التي قمت بها. ولم أرها منذ شهر فبراير (2) لأنها تعيش في بلد آخر. لكننا نتكلم معًا على الهاتف. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: إذا شك المرء في عدد الطلاق بنى على اليقين، نص عليه الإمام أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي،؛ لأن ما زاد على القدر الذي تيقنه طلاق مشكوك فيه، فلم يلزمه؛ لأن النكاح ثابت بيقين، فلا يزول بالشك، وعليه فإنه تبقى أحكامه أحكام المطلق دون الثلاث، فيجوز له مراجعة زوجته، فمن تيقن واحدة وشك في الثانية فهي واحدة، ومن تيقَّن اثنتين وشك في الثالثة فهي اثنتان. ثانياً: أن من طلق زوجته طاهرة من غير جماع، أو حاملاً وقع طلاقه، وما لا فلا، يعني من طلق وهي حائض أو في طهر جامعها فيه فلا يقع طلاقه، كما اختاره شيخ الإسلام ابن يتمية، والأدلة على ذلك واضحة من الكتاب والسنة. ثالثاً: أن إخبار المرء لغيره بأنه طلق زوجته مجرد إخبار بما حصل ولو كاذباً غير منشئ للطلاق، وغير مريد لإيقاعه، - إخباره هكذا- لا يقع به الطلاق، وقد صرح بذلك غير واحد من العلماء المحققين. والله أعلم.

متى يجوز الطلاق؟

متى يجوز الطلاق؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 21/08/1425هـ السؤال متى يجوز للمرء طلاق زوجته من دون أن يخشى معصية الله؟ أي ما هي الأخطاء التي لا تغتفر للزوجة؟ وذلك من الناحية الحياتية والاجتماعية. الجواب الحمد لله وحده. وبعد: فالطلاق حق للزوج له إيقاعه متى شاء، لكن يكره أن يطلق إلا لداع؛ كسوء خلق الزوجة، أو حصول الضرر منها، أو عدم التوافق في الاستمتاع أو الشخصية، أو النفور النفسي (وهذا مختلف من شخص لآخر) ، وفي كل الأسباب فصبر الإنسان على امرأته -إذا لم يحصل عليه ضرر- أولى؛ لأن الزواج شرع في الأصل علاقة مستمرة حتى انقضاء حياتهما، بل هي مستمرة بعد موتهما؛ كما قال تعالى: "إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون" [يس: 55-56] ، ولأن التوافق التام لا يمكن حصوله، بل لكل إنسان طبيعته وشخصيته، وإذا كانت المرأة غير عفيفة فإنه يجب على الزوج طلاقها ويحرم عليه إمساكها؛ لأنه بذلك يكون ديوثاً متوعداً. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

هددها بالطلاق إن لم تجهض!

هددها بالطلاق إن لم تُجهِض! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 23/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا سيدة متزوجة منذ أشهر (زوجة ثانية) ، وحامل في الشهر الثالث، زوجي الآن يحاول إجباري على إجهاض الجنين؛ بدعوى أن الحمل مضر بصحتي، لكن كل الفحوصات أكدت أن صحتي بخير، والحمل يسير بشكل جيد، إلا أن زوجي مصر على الإسقاط، قائلاً: إن مجيء الطفل لا يتناسب مع مصلحتنا المشتركة، ولم نخطط لمجيئه، علماً أن زوجي لديه أولاد من زوجته الأولى، وهو الآن يهددني بالطلاق إن لم أفعل ما يطلبه مني، فهل يجيز له الشرع أن يحرمني من حقي في الأمومة؟ وهل يحق له أن يطلقني إن لم أطعه وأجهض طفلي؟ جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فإن كان الحال - كما ذكرت - في سؤالك فإنه لا يحل لك إسقاط الحمل، بل الواجب عليك المحافظة عليه، ولا طاعة لزوجك في ذلك، وقد جاء في قرار لهيئة كبار العلماء في السعودية أنه (لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً) ولا شك أن ما ذكره زوجك غير مسوغ ولا مبرر لإسقاط الحمل، ولا يحل له إلزامك بذلك، فإن كان العزل -وهو دون ذلك بكثير- قد نصّ العلماء على أنه لا يجوز إلا بإذن الزوجة؛ لحقها في الاستمتاع والحمل، فحقها في بقاء جنينها أولى. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل يأثم بتطليقها؟

هل يأثم بتطليقها؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 10/06/1426هـ السؤال أنا متزوج منذ ست سنوات، وزوجتي لا تنجب، وقمت بأخذها إلى الكثير من الأطباء، ولم أترك شيئاً إلا فعلته، حتى عملية أطفال الأنابيب لجأت إليها، ولكن دون جدوى، فهل علي إثم إن طلقتها وتزوجت بأخرى؟ علماً أني لا أستطيع أن أجمع بين زوجتين. الجواب إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يجمع بين زوجتين فإنه لا بأس أن يطلق زوجته ويتزوج بأخرى، فالطلاق عند وجود أسبابه ودواعيه مباح، والله -تعالى- شرعه لحل المشكلات عندما لا يتم الانسجام بين الأزواج: (وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته) [النساء: 130] فقد لا تكتب بينك وبينها ذرية، فإذا طلقتها وتزوجت غيرها رزقت أولاداً، وهي إذا تزوجت غيرك قد ترزق أولاداً، وهذا مشاهد وواقع في كثير من الحالات، أنه لا يوجد بين زوجين ذرية لعدة سنوات، فإذا افترقا وتزوجا رزقا أولاداً، والله يكتب لكما الخير والصلاح.

هل تطلق المرأة بزناها؟!

هل تطلق المرأة بزناها؟! المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 14/09/1426هـ السؤال إذا زنت الزوجة، فهل تحرم على زوجها، ويجب عليه طلاقها، وإذا كان له أولاد منها فماذا يفعل؟ وإذا ادعت التوبة، فهل له إبقاؤها على ذمته ومعاشرتها، وكيف يعرف أنها صادقة في توبتها، وإذا عاشرها بعد علمه بزناها فماذا عليه؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا زنت الزوجة فإنها لا تحرم على زوجها، ولا يجب عليه أن يطلقها؛ ويدل لهذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يبحث عن المرأة التي زنا بها ماعز، ولم يسأل عن زوجها ويأمره أن يفارقها، وكذلك أيضاً في قصة العسيف، لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- زوج تلك المرأة التي زنت أن يفارقها، وإنما قال صلى الله عليه وسلم: "أغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها". انظر صحيح البخاري (6633) ، وصحيح مسلم (1698) . فنقول: لا تطلق ولا تحرم عليه. وأما أولاده منها فهم ينسبون إليه شرعا، ً والزنا لا أثر له حكماً؛ لأن المحرم شرعاً كالمعدوم حساً، ويدل لهذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" أخرجه البخاري (2053) ، ومسلم (1457) . فالولد يكون للفراش، وأما الزاني فلا ينظر إلى دعواه. وإذا ادعت التوبة للزوج فله أن يبقيها على ذمته، وأن يعاشرها وأن يحفظها؛ لأن الله -عز وجل- يقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) [الزمر:53] ويقول سبحانه وتعالى في آخر سورة الفرقان: (ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً) [الفرقان:71] ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" أخرجه الترمذي (3537) ، وابن ماجة (4253) ، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل". أخرجه مسلم (2759) . ويعرف أنها صادقة في توبتها بالقرائن وحالات المرأة وسلوكياتها بعد ادعاء التوبة، فإذا رأى أنها امرأة صالحة، وأنها رجعت إلى الله -عز وجل- وأنها تحافظ على صلاتها وصيامها وحجابها، وأنها تكثر من النوافل، وأنها قد ندمت وتأسفت على ما مضى منها، فهذا دليل على أنها تابت ولله الحمد والمنة. وإذا عاشرها بعد العلم بزناها فلا شيء عليه؛ لأن الأصل الحل بين الزوجين؛ لقول الله عز وجل: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) [البقرة:223] لكن إذا كانت مصرة على فعل الفاحشة ولم تتب من ذلك فإنه لا يجوز لها أن يمسكها؛ لأن هذا من الدياثة، والله -عز وجل- يقول (الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) [النور:3] .

طاعة الوالد في تطليق الزوجة

طاعة الوالد في تطليق الزوجة المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة التاريخ 17/10/1426هـ السؤال هل أطيع والدي إذا أمرني أن أطلق زوجتي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن كان والدك قد ذكر أسباباً شرعية ثابتة للفراق فيلزمك طاعته، أما غير ذلك فلا يلزمك، وعليك بذل جهدك في كسب رضا والدك، وإفهامه بالتي هي أحسن أن طلبه طلاق زوجتك قد يترتب عليه أمور كثيرة قد لا تحمد عقباها، خاصة إن كان بينكما أولاد، وقد سأل رجلٌ الإمام أحمد رحمه الله تعالى: إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي، فقال له الإمام أحمد: لا تطلقها، قال: أليس النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر ابن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك؟ قال: وهل أبوك مثل عمر؟. الآداب الشرعية لابن مفلح (1/475) والحديث رواه أحمد (4711) ، وأبو داود (8138) ، والترمذي (1189) ، وابن حبان (427) ، والحاكم (2/205) وصححه. أي أن عمر -رضي الله عنه-لم يأمر ابنه بطلاقها إلا بعد أن ثبت لديه ما يستدعي طلاقها، وبهذا أفتى شيخنا العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الخلع واللعان

العوض في الخلع المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 5/5/1423 السؤال ما رأي فضيلتكم في مسألة الخلع، هل يعاد للرجل جميع ما أعطاه للمرأة؟ وهل المرأة لا تأخذ شيئاً منه حتى حق تمتعه بها؟ أفيدونا ببحث شامل في هذه المسألة، ولكم منا جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فقد اتفق جمهور السلف على جواز الخلع، وجواز أخذ الرجل عليه عوضاً أقل من المهر الذي دفعه لها؛ لقول الله -جل وعلا-:"فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" [البقرة:229] . واختلفوا في أخذ مقدار المهر، والراجح -الذي عليه أكثر أهل العلم من السلف والخلف- الجواز؛ لما أخرجه البخاري (5273) بسنده عن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنهم- أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله! ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق، ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة". واختلف القائلون بجواز أخذ مقدار المهر، هل له أخذ أكثر من المهر؟ فالأكثر قالوا بالجواز، مستدلين بالآية السابقة، فإنها أطلقت الفداء، ولم تحدده بقدر، وهو قول عثمان وابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم-، ولم يجز ذلك آخرون؛ لحديث امرأة ثابت بن قيس، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأذن لزوجها أن يأخذ أكثر مما أعطاها، كما جاء مصرحاً به في رواية ابن ماجة (2056) بسند حسن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر ثابتاً أن يأخذ منها حديقته ولا يزدد، وتوسط قوم بينهم، فقالوا بالجواز مع الكراهة، جمعاً بين الآية والحديث، فتكون الآية دالة على الجواز، والحديث دالاً على الكراهة، وهذا هو الأقرب. ولا شك أن مقتضى المروءة والخلق الكريم -كما قال الإمام مالك -رحمه الله- ألا يأخذ الرجل شيئاً، خاصة إن كان موسراً، فإن احتاج فلا يزد على المهر الذي دفعه، والله أعلم.

حق الزوج في الخلع

حق الزوج في الخلع المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 2/7/1423هـ السؤال السلام عليكم. هل أستطيع أن أطالب بالخلع لوجود مرض الشك والغَيْرة المرضيَّة في زوجي والعصبية لحد القذف وعدم السيطرة على النفس لدرجه أني بدأت أشك في تصرفاتي؟ مع العلم أني في بيت أهلي منذ مدة وحاولنا الإصلاح من غير جدوى وطلبت الطلاق، ولكن قال لي: أفضل أن أعلقك، أفدني جزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله، ما ذكرته الأخت السائلة من وجود مرض الشك في زوجها والغيرة المرضية التي وصلت لحد قذفها في عرضها وعدم سيطرته على نفسه وعصبيته، كل هذا من الخلق المكروه والطبع المرذول في الزوج، والذي أدى للشقاق بينه وبين زوجته، فاجتمع سوء الخلق ووقوع الشقاق، وهما الأمران اللذان نص أهل العلم على كونهما سببين من أسباب إباحة مطالبة الزوجة الخلع من زوجها. ودليل ذلك ما رواه البخاري (5273) وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنه- أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: يا رسول الله ثابت ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام -تعني كرهها له قد يحملها على الوقوع فيما نهى عنه الإسلام- فقال -صلى الله عليه وسلم-:"أتردِّين عليه حديقته؟ " قالت: نعم، فقال -صلى الله عليه وسلم-:"اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" فوجهها -صلى الله عليه وسلم- بالخلع من زوجها مع أنه لا نقص في دينه أو خلقه، ولكن لمجرد الكراهية، وحال السائلة -كما ذكرت- أبلغ من حال امرأة ثابت -رضي الله عنه- إذا دخل على حال زوج السائلة العيب في دينه؛ لقذفه لها وسوء خلقه، لشكه فيها وعدم سيطرته على نفسه، فجاز لها طلب الخلع، أما تعليق الزوج زوجته إذا كان لمجرد مضارتها حتى تطلب الخلع من غير بأس منها فهو من العضل المحرم قال -تعالى-:"ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن.." فعلى الزوجة ألا تقبل به بل تلجأ لطلب الخلع خصوصاً إذا كانت شابة كحال السائلة عسى أنهما إن تفرقا "يغن الله كلاً من سعته" [النساء:130] ، والله أعلم.

أحكام المختلعة الحامل

أحكام المختلعة الحامل المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 27/3/1425هـ السؤال ما هي أحكام العدة في الخلع خصوصاً إذا كانت المرأة حاملاً؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الخلع هو: (الفرقة بعوض يأخذه الزوج) (روضة الطالبين للنووي (ج5/680) ، وقال ابن حزم: (هو الافتداء إذا كرهت المرأة زوجها فخافت ألا توفيه حقه، أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها) المحلى لابن حزم (10/512) ، وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: (وجملة ذلك أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خُلقه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله -تعالى- في طاعته جاز لها أن تخالعه على عوض تفتدي به نفسها منه؛ لقول الله -تعالى-: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ" [البقرة: من الآية229] . أبرز أحكام المعتدة في الخلع: أولاً: الخلع فراق بين الزوجين فرقة بائنة على الصحيح من كلام أهل العلم (راجع خلاف العلماء في هذه المسألة مطولاً في الشرح الكبير (ج22، ص39) ، والمحلى (10/2) ، وبناء على هذه القاعدة فإنه يترتب عليها الأحكام الآتية: أ- سقوط النفقة والسكنى الواجبة على الزوج؛ لأنها صارت كالمرأة الأجنبية إلا أن تكون حاملاً فتستمر النفقة لها لأجل الحمل. ب- وجوب الحجاب عليها منه. ج- انقطاع التوارث بينهما فيما لو مات أو ماتت أثناء العدة. د- أنها لا ترجع إليه باختياره كما هو الحال في الطلاق الرجعي، بل لا بد من عقد جديد بمهر جديد بعد رضاها وموافقتها على ذلك. مسألة: وهل هذا الفراق طلاق تحسب به طلقة أم فسخ لا تحسب به طلقة؟ الواقع أن أهل العلم اختلفت وجهات نظرهم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال: القول الأول: أن الخلع طلاق تحسب به تطليقة بكل حال على خلاف بينهم هل هو رجعي أم بائن، والصحيح أنه بائن كما ذكرنا. قال ابن حزم في المحلى (ج9/516) ، طبعة دار الفكر: (وبهذا يقول الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح والشعبي وقبيصة بن ذؤيب ومجاهد وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وإبراهيم النخعي والزهري، ومكحول والأوزاعي، وأبو حنفية ومالك والشافعي، وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد (الإنصاف ج22/ص31) . القول الثاني: هو فسخ لا ينقص به عدد الطلاق إذا تحقق فيه شرطان: أ- ألا ينوي به الطلاق بل ينوي به مجرد الفسخ، فإن نوى الطلاق فهو طلاق بائن. ب- ألا يوقعه بصريح لفظ الطلاق فإن أوقعه بصريح الطلاق كان طلاقاً، وهذا القول هو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى-، وذكر صاحب الإنصاف (22/ص31) بأن هذه الرواية هي الرواية الصحيحة من المذهب وعليها جماهير أصحاب الإمام. القول الثالث: أن الخلع فسخ لا تحسب به تطليقة سواء نوى بذلك طلاقاً أم لا، وسواء صدر منه بلفظ الطلاق أو بلفظ غيره، وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، راجع الإنصاف (22/ص31) ، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فقال في مجموع الفتاوى (ج32/ص309) ما نصه، وهو القول الذي ذكرناه من أن الخلع فسخ تبين به المرأة بأي لفظ كان، وهو الصحيح الذي عليه النصوص والأصول.

والخلاف في هذه المسألة طويل، ولا نريد أن ندخل في تفاصيله، ومن أراد المزيد فليرجع إلى المصادر التالية: (المحلى لابن حزم (9/514) ، الشرح الكبير لابن قدامة (22/ص29) ، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (ج32/ص289) . أما سؤالك - يا أخي - عن عدة المرأة المختلعة فمن العلماء من يرى أن عدتها عدة المرأة المطلقة، فإذا كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل وإن كانت ذات قروء- أي تحيض فعدتها ثلاثة حيض، وإن كانت آيسة فعدتها ثلاثة أشهر، ومنهم من يرى بأن عدتها حيضة واحدة لاستبراء الرحم، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع (32/110) ، ولكن الأحوط والأبرأ للذمة هو القول الأول، قال ابن قدامة في المغني (9/78) وأكثر أهل العلم يقولون: (عدة المختلعة عدة المطلقة) ، منهم سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله، والزهري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وغيرهم) ا. هـ معناه. والله أعلم.

خالع زوجته ويريد إرجاعها

خالع زوجته ويريد إرجاعها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 2/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رجل طلق زوجته وأرجعها، ثم تزوج بأخرى، ثم طلق زوجته الأولى ثانية، ثم أرجعها ثم اختلعت ويريد إرجاعها الآن، هل يرجعها بعد العدة أم خلالها؟ بما أنه عليه أن يعقد عليها باعتبار أن الخلع فسخ, هل يقضي معها ثلاثة أيام على التوالي أم يقضي معها يوم يليه يوم عند ضرتها؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: من خالع زوجته فقد بانت منه بينونة صغرى، فليس له إرجاعها إلا برضاها ما دامت في العدة، أما إن خرجت من العدة، فليس له إرجاعها إلا بعقد جديد مستكمل الشروط والأركان، أما بالنسبة للمبيت عندها فإن أرجعها قبل أن تخرج من العدة فليس لها قسم خاص بها بسبب الرجعة؛ لكونها لم تخرج من العدة أما إن عقد عليها بعد أن خرجت من عدتها فيقسم لها ثلاثة أيام متتابعة، إلا إذا أسقطت حقها منه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - "للبكر سبعٌ وللثيب ثلاث" رواه مسلم (1460) من حديث أم سلمة رضي الله عنها، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

العقد على المختلعة في عدتها

العقد على المختلعة في عدتها المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 3/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. طلقت امرأة طلاقاً خلعياً، فهل يجوز العقد عليها قبل انقضاء العدة بخمسة وعشرين يوماً؟ وإذا حصل العقد ما الحل؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فقد أجمع أكثر العلماء على أن للرجل أن يتزوج المختلعة برضاها في عدتها، وبناء على ذلك يجوز لك العقد عليها بشرط رضاها قبل انقضاء العدة، واشترط العلماء رضاها؛ لأن الخلع كان بسبب وقوع الضرر عليها، فلا بد من زوال المانع عند إرادة العقد عليها ثانية. والله أعلم.

الإكراه على الخلع!

الإكراه على الخلع! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 28/10/1426هـ السؤال ما حكم طلاق الخلع إن كان بالإكراه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالإكراه ينقسم إلى قسمين: الأول: إكراه بحق، وهو الإكراه المشروع الذي لا ظلم فيه ولا إثم، كإكراه المدين القادر على تسديد الدين الحال للدائن، فعن عمرو بن الشريد، قال: حدثني أبي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته"، رواه أحمد (4/389) ، والنسائي في الكبرى (6288) ، قال الحافظ: "إسناده حسن" [فتح الباري (5/62) ] . فعقوبته أن يسجن حتى يدفع ما عليه. وكما في إكراه المولي على الطلاق بعد مضي أربعة أشهر على إيلائه ورفضه الفيء، قال تعالى: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهرٍ فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" [البقرة:226-227] . الثاني: الإكراه بغير حق، كإكراه الرجل على تطليق زوجته بلا حق وبلا سبب يوجب ذلك، فهنا إن كان الإكراه ملجئاً، كالإكراه على قتله أو إتلاف عضو منه أو نحو ذلك مما يلحقه بسببه ضرر بالغ لم يقع الطلاق، عن أبي قدامة بن إبراهيم، أن رجلاً على عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تدلى يشتار عسلاً، فأقبلت امرأته فجلست على الحبل فقالت: لتطلقني ثلاثاً وإلا قطعت الحبل، فذكرها الله والإسلام فأبت إلا ذلك، فطلقها ثلاثاً ثم خرج إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فذكر ذلك له، فقال: ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق. رواه سعيد بن منصور (1/313) ، والبيهقي (7/357) . وشروط الإكراه ثلاثة ذكرها ابن قدامة -رحمه الله تعالى- وهي: الأول: أن يكون من قادر بسلطان أو تغلب. الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه. الثالث: أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً، كالقتل والضرب الشديد والقيد والحبس الطويلين، فأما الشتم والسب فليس بإكراه رواية واحدة، وكذلك أخذ المال اليسير، فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به فليس بإكراه، وإن كان من ذوي المروءات على وجه يكون إخراقاً بصاحبه وغضا له وشهرة في حقه، فهو كالضرب الكثير في حق غيره، وإن توعد بتعذيب ولده فقد قيل ليس بإكراهٍ؛ لأن الضرر لاحق بغيره، والأولى أن يكون إكراهاً؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله، والوعيد بذلك إكراه فكذلك هذا. أ. هـ بتصرف يسير: [المغني (7/292] . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الخلع بغير المال

الخلع بغير المال المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 1/2/1425هـ السؤال من المعروف في الإسلام أنه في حال طلاق زوجين فإن الأولاد يعودون إلى المرأة، ومن ثم للأب، ولكن بالمجتمع الغربي إذا طلقت المرأة فالأطفال يعودون لها، سؤالي هو: امرأة طلبت الخلع من زوجها لسبب ما، وزوجها وافق على الخلع، ولكن بمقابل، ولم يكن المقابل المال أو المهر أو الشبكة بل كان أطفاله لأنه يعيش بدولة غربية، وامرأته ستحصل على أطفاله وهو يريد أطفاله لضمهم وتعليمهم الإسلام بسبب طيش زوجته. فما هو حكم الإسلام بهذا الأمر؟.وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده وبعد؛ فجمهور العلماء أن الخلع لا يصح إلا بعوض يصح أن يكون مهراً، وذهب بعض العلماء إلى جواز الخلع بدون عوض، ويقع طلاقاً انظر الكافي (3/141) ، قال ابن تيمة - رحمه الله تعالى- (وقد اختلف العلماء في صحة الخلع بغير عوض على قولين هما روايتان عن أحمد، أحدهما: كقول أبي حنيفة والشافعي وهي اختيار أكثر أصحابه- أي لا يصح- والثاني: يصح كالمشهور في مذهب مالك وهي اختيار الخرقي، وعلى هذا القول فلا بد أن ينوي بلفظ الخلع الطلاق ويقع به طلاق بائن لا يكون فسخاً على الروايتين نص على ذلك أحمد - رحمه الله- ا. هـ انظر مجموع الفتاوى (32/303) ، قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله تعالى- أما الخلع فكما قالوا لا بد أن يكون بعوض لأنه ركنه الذي ينبني عليه، وإذا خلا منه فليس بخلع بل يكون طلاقاً رجعيًّا إذا نوى به الطلاق. ا. هـ انظر الفتاوى السعدية (805) ، لذا فإن الأخ السائل إذا خالع زوجته مقابل تنازلها عن تربية أولادها صح، ولكن يقع طلاقاً رجعياً فتحسب عليه طلقة وعليها العدة الشرعية حسب حالها، وله مراجعتها ما دامت في العدة إن لم يسبق ذلك طلقتان، فإن سبقه طلقتان فإنها تبين منه بينونة كبرى وإن رغب الزوجان أن يوقعاه خلعاً لا طلاقاً فعليهما أن يضما لذلك مبلغاً من المال ولو يسيرًا كعشرة دولارات ونحوها تدفعها المرأة لزوجها. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تنازلت عن المؤخر ليطلقها

تنازلت عن المؤخر ليطلقها المجيب عيسى بن عبد الله المطرودي القاضي بالمحكمة الكبرى في حائل التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 8/2/1425هـ السؤال طلقت زوجتي بناء على رغبتها؛ لإصابتي بالعقم، وقمت بإعطائها كافة حقوقها من شَبْكَةٍ، ومنقولات، ومؤخر، وعند المأذون كان الطلاق على الإبراء، وحلف والدها الموكِّل عنها بأنها تطلب الطلاق، مع إبرائي من المؤخر، وأنا قبلت على ذلك، فهل هذا المؤخر يظل من حقها أم لا؟ وفي حالة أخذها له، هل هذا الطلاق صحيح أم لا؟ وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: المؤخر حق للزوجة، لا يملك أحد التنازل عنه إلا بإذنها، كأن تكون وكلت والدها بالتنازل، وطلب الطلاق؛ فإن كان كذلك فإن الطلاق مقابل التنازل عن المؤخر صحيح. أما إذا كان والدها تقوَّل عليها ولم تفوِّضه، وقد طلق الزوج بشرط تنازل الزوجة عن المؤخر، فهذا الطلاق علق على شرط، والشرط لم يتحقق، فلا يظهر لي وقوع الطلاق إذا لم توافق الزوجة عليه، وعلى الأخ السائل مساءلة زوجته: هل ترغب في الطلاق مقابل تنازلها عن المؤخر؟ فإن قالت: نعم، فالطلاق صحيح - والله أعلم-، ومن أهل العلم من يرى وقوع الطلاق، إذا أبرأ والد الزوجة الزوج، وإن كان الأب غرر بالزوج فإن الزوج يراجع والد الزوجة. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وصحبه.

هل التنازل عن الحضانة خلع؟

هل التنازل عن الحضانة خلع؟ المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 8/3/1425هـ السؤال السلام عليكم إذا قال رجل لزوجته: (إذا تنازلت لي عن حضانة الأولاد أوافق على طلاقك) هل يعتبر هذا خلعاً؟ علماً بأن ذلك لم يكن المهر والرجل لا يعرف ما هو الخلع، كذلك أفيدكم بأن هذا الزوج لا يصلي إلا في بعض الأحيان، والمرأة ترغب في الطلاق منه وهو لا يوافق على طلاقها إلا بالتنازل عن حضانة الأولاد، فهل يجوز لها التنازل له عن الأولاد وهو لا يصلي إلا أحياناً؟ وإذا اعتبر ما حصل خلعاً، هل تعتد خارج البيت؟ وإذا لم يكن جائزا لها أن تعتد خارج البيت هل تستثنى ويحل لها أن تعتد خارج البيت خوفاً من الضرب؟ حيث سبق لزوجها وأن ضربها، وكم مدة عدتها حسب أصح الأقوال؟ -بارك الله فيكم، وجزاكم خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فإن الصحيح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أنه لا يجوز ولا يصح أن يكون التنازل عن الحضانة عوضاً للخلع؛ لأن عوض الخلع لا بد أن يكون ماليًّا أو ما في معناه، وقد ذكر فقهاؤنا - رحمهم الله- ضابطاً لذلك، وهو أن ما صح مهراً من عين مالية أو منفعة مباحة أو دراهم صح الخلع به، لكن يتسامح في ذلك إذا كان هناك جهالة أو غرر، وهذا أولاً. ثانياً: أن إسقاط النفقة يصح أن يكون عوضاً للخلع؛ لدخوله فيما سبق، بخلاف الحضانة. ثالثاً: أنه لا يجوز التنازل بالحضانة للأب أو لغيره إذا كان فاسقاً مضيعاً لحدود الله -تعالى- سواء كان ذلك لخلع أو لغيره، وهذا مما يدل على صحة ما ذكرنا، ومما يدل على صحته أيضاً أن المراعى في الحضانة هو مصلحة المحضون، ولذلك فالحضانة تكون تارة حق على الأم، وتارة حق لهما، وتارة حق لها، والأحوال قد تتغير وتتبدل؛ فليس من مصلحة المحضون أن تبقى الحضانة على حالها مع تغير الأحوال.

رابعاً: أن بعض القضاة الذين يحكمون بصحة الخلع والحالة هذه، يرجعون فيحكمون للمختلعة بالحضانة إذا طالبت بها؛ لأنها حق متجدد، ويحكمون للزوج بعوض قدر مهر المثل، أو بقدر المهر الذي دفعه للزوجة، وفي ذلك نظر، لأن القول الصحيح أن الحضانة والنفقة تسقط بإسقاطهما، وليس للزوجة الرجوع في ذلك، كما قرره العلامة ابن القيم في زاد المعاد (5/514-515) ، وذكر حقوقاً متجددة عند الفقهاء، قالوا بسقوطها وعدم الرجوع فيها إذا أُسقطت، وفرق بين إسقاط الحق قبل انعقاد سببه بالكلية، وبين إسقاطه بعد إنعقاد سببه - فرحمه الله رحمة واسعة-، ويا ليت طلبة العلم قبل أن يرجحوا أو يحكموا أن يراجعوا كلام شيخ الإسلام، وتلميذه ابن القيم، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وتلميذه الشيخ محمد بن عثيمين - رحمهم الله- وماذا قالوا في المسألة، وذلك لتحقيقهم المسائل وتحريرها، وعدم أخذهم بقول أحد، إلا إذا وافق الكتاب والسنة، وكذلك لأن في كلامهم عدل وإنصاف، وتسهيل لما صعب، وتقريب لما بعد، وحل لمشكل قد يرد، وليس ذلك مني تعصباً لاختياراتهم، أو إلزاماً بالرجوع إلى كلامهم، وإنما هو لكون المرء على دراية بما عندهم، وعند غيرهم، وإن ترجح له خلاف رأيهم، وليكون متحرراً، وعلى بصيرة وقناعة بما يرجح، وهذا خامساً. سادساً: أن الشيخ الفقيه العلامة محمد بن عثيمين - رحمه الله- قد رجح عدم صحة الخلع إذا كان عوضه تنازلاً عن الحضانة، كما رجح أن المرأة إذا تنازلت عن حقها في الحضانة أو النفقة، فلا يمكنها الرجوع فيه بعد ذلك، وذلك حين سألته يوم الأربعاء 12/3/1420هـ. سابعاً: أنه إذا كان الأب فاسداً، أو طرأ عليه ذلك أخيراً، فللقاضي حينئذ أن يجتهد ويحكم بما يراه الأصلح للمحضون، من الحكم بها لهذه المرأة، وإن تنازلت بما سبق أو لغيرها عمن هو أهل لذلك. ثامناً: أنه لا يلزم المختلعة البقاء في بيت زوجها سابقاً، بل لها أن تذهب لمن شاءت من أقاربها وأهلها، كما أنه لا نفقة لها ولا سكنى، إلا أن تكون حاملاً، وهذا تاسعاً. عاشراً: أن المختلعة تعتد بحيضة واحدة على الصحيح، لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من أمره للمختلعة أن تتربص بحيضة، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام، وتلميذه العلامة ابن القيم، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وتلميذهما الشيخ محمد بن عثيمين - رحم الله الجميع- والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.

طلبت الخلع قبل الدخول بها

طلبت الخلع قبل الدخول بها المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 4/6/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجزاكم الله خيراً. فضيلة الشيخ -حفظه الله-: رجل خطب فتاة، وفي الخطبة عقدَ عقد زواج، وأحضر لها مهراً (أسوِرة من ذهب) واشترى لها ألبسة، وقبل الدخول بها لم تعجب الفتاة بالرجل وطلبت إنهاء الزواج بالخلع، فقال الرجل: تعطيني كل ما دفعته من حفلة وألبسة وثمن الذهب، وليس نفس الذهب؛ لأنه إذا أعاده للصائغ سوف ينقص ثمن الصياغة، ما الذي يجوز له أخذه، وما الذي لا يجوز له أخذه؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تصح مخالعة الزوج لزوجته بما أعطاها، وبأقل مما أعطاها من مهر؛ لما رواه البخاري في صحيحه (5273) أن امرأة ثابت بن قيس-رضي الله عنهما- قالت: يا رسول الله: ما أعيب عليه في دين ولا خلق، ولكن أكره الكفر في الإسلام (تعني كفران الزوج وعدم القيام بحقوقه والتقصير فيما يجب له بسبب شدة البغض له) فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم، فأمرها بردها وأمره بفراقها. وأما الهدايا التي أهداها له فلا ينبغي له الرجوع فيها أو المطالبة بها، فالهدية كالهبة ليس للواهب الرجوع فيما وهبه؛ لما ثبت في الصحيحين البخاري (2589) ومسلم (1622) عن ابن عباس - رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "العائد في هبته كالكلب يقئ ثم يعود في قيئه"، وعند أبي داود (3539) والترمذي (1299) ،"إلا الوالد فيما يعطي ولده" بسند صحيح، وبمعناه في الصحيحين البخاري (2623) ، ومسلم (1620) من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-، ولكن لو طابت نفس الزوجة بإرجاع الهدايا التي أهداها إياها زوجها إليه فله أخذها، كما يصح الخلع بأكثر مما أصدقها به من مهر إذا تراضيا على ذلك في قول جمهور أهل العلم، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي، وهو مذهب أحمد إلا أنه يكره عنده ويصح، ويروى عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم- أنهما قالا: لو اختلعت امرأة من زوجها بميراثها وعقاص رأسها كان ذلك جائزاً، ويدل على ذلك عموم قوله - تعالى -: "فلا جناح عليهما فيما افتدت به" [البقرة:229] وروى البيهقي في السنن الكبرى (7/450) وعبد الرزاق في مصنفه (11811 - 11812) عن الربيع بنت معوذ - رضي الله عنها- قالت: اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي فأجاز ذلك عثمان بن عفان - رضي الله عنه-، ومثل هذا يشتهر، فلم ينكر فيكون إجماعاً. وبناء عليه فللزوج مخالعة زوجته بأكثر من المهر الذي أعطاها، بأن يأخذ - مثلاً- ذهباً أو مالاً زائداً عن المهر، ونحو ذلك بحسب ما يتفقان عليه فلا بأس بذلك. والله -تعالى- أعلم.

هل يشترط رضا الزوج في الخلع؟!

هل يشترط رضا الزوج في الخلع؟! المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 05/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يشترط في الخلع أن يكون برضا الرجل أم ماذا؟ وهل إن تم هذا الخلع باتفاق الزوجين لسبب ما كأن لا يُحسَب بذلك على أنه طلقة, أو ليهرب الرجل من المهر كاملاً لو طلق هو امرأته فتُرجِع المرأة شيئاً من المال له، أو تتنازل عن بعض حقها من المهر؟ وهل يعتبر الخلع طلاقاً أم هو فسخٌ فلا يحتسب بذلك طلقةً؟ وهل يترتب على الخلع لكي يكون خلعاً أن يكون مقابل عِوَض أم لا يشترط ذلك؟ وجزاكم الله تعالى عني كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فالجواب أن من العلماء من يشترط رضا الزوج ومنهم من لا يراه، وألزم به الزوج، وقد ذكر ابن مفلح في (الفروع) أن بعض قضاة الحنابلة المقادسة ألزموا به، واختلف كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك، والصحيح أن للقاضي الإلزام به إذا رأى ذلك مناسباً، ورجحه الشيخ ابن عثيمين، والصحيح أن الخلع فسخ بأي لفظ كان ولو كان بلفظ الطلاق؛ لأن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ، وقد سماه الله افتداء فلا يحسب من الطلاق، ولا بد في الخلع من أن تدفع المرأة عوضاً مالياً، أو تتنازل عن حق مالي أو ما في معناه، وللزوج أن يتنازل عن هذا العوض الواجب له بعد ثبوته في ذمة الزوجة وبعد حصول الخلع، وبالإمكان مراجعة كتاب (زاد المعاد) لابن القيم الجزء الخامس طبعة دار الرسالة.

هل في الخلع رجعة؟

هل في الخلع رجعة؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 23/04/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم هل الخلع يمنع حق الزوج في مراجعة مطلقته خلال مدة العدة دون إذنها؟ جزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا خالع الرجل امرأته (أي اتفقا على أن تعطيه مالاً مقابل طلاقها، سواء أعطته أو أبرأته من باقي مهرها أو غير ذلك) ، فإن المرأة تبين منه، فلا تحل له إلا بعقد جديد مستوف لشروطه وأركانه الشرعية؛ وذلك لأنَّ المرأة خالعت زوجها للتخلص منه، فلو جُعل للزوج حق المراجعة لفاتت فائدة الخلع. والله أعلم.

المخالعة من غير بأس

المخالعة من غير بأس المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 22/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إذا لم يكن بالزوج بأس، فهل للزوجة أن تخلعه عنها إذا كانت لا تريده فقط بغير سبب إلا أنها لا تحبه؟ وكيف يمكن الجمع بين حديث: "أيما امرأة سألت الطلاق في غير ما بأس ... ". وبين حديث امرأة ثابت ابن قيس، رضي الله عنهما؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عدم محبة الزوجة للزوج، وكونها لا تطيقه هذا بحد ذاته سبب شرعي يجعل طلب الطلاق أو الخلع لا حرج فيه؛ لدليلين: الأول: حديث امرأة ثابت بن قيس، رضي الله عنهما، فقد طلبت الفراق لأنها لا تحبه. أخرجه البخاري (5273) . الثاني: حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَيُّمَا امرأةٍ سأَلَتْ زوجَها طَلاقًا مِن غيرِ بَأْسٍ فَحَرامٌ علَيها رائحةُ الجَنَّةِ". أخرجه أبو داود (2226) والترمذي (1187) . وعدم محبة الزوجة لزوجها من البأس؛ لأنه يؤدي بها إلى التقصير في حقه الواجب، فتقع في الإثم والعصيان، كما أشار إليه الحافظ في الفتح. والله أعلم.

زوجها غير عفيف، فهل تطلب الطلاق أم تصبر؟

زوجها غير عفيف، فهل تطلب الطلاق أم تصبر؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 12/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: إذا كان الزوج غير عفيف، فهل تكون الزوجة آثمة إذا لم تطالب بالطلاق منه؟ أي أنها تصبر على فعله وتحاول إصلاح حاله، أم يحق لها المطالبة بالطلاق منه كما في حالة تركه للصلاة، وأسأل الله أن يجزل لكم الأجر والمثوبة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان الزوج غير عفيف، أو فيه من أعمال وصفات الفساق، فإن زوجته لها أن تصبر مع نصحه وإرشاده، وهو الأولى، إن ظنَّت أنه ينتفع ويستقيم، ولها أن تطلب الطلاق لتغير حاله إلى الفسق، وهو الأولى، إن ظنت أنه قد يؤثر على سلوكها، وأنه لن يتوب، ولا يلزمها مفارقة الزوج بمجرد معصيته وفسقه وعدم عفته. والله الموفق.

الخلع بغير رضى الزوج!

الخلع بغير رضى الزوج! المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 13/05/1426هـ السؤال السلام عليكم طلقني زوجي قبل بضعة أسابيع ثم راجعني، وأرغب في طلب الخلع، ويقول لي: إنه لن يقع في نفس الأخطاء (يعني عدم الإنفاق علي، وعدم إسكاني وغير ذلك، لأنني أنا التي كنت أدفع لكل شيء) . لا أرغب في مواصلة المعيشة معه، وأريد أن أعرف إذا كان من حقه ألا يعطيني الخلع؟ الجواب إن الزوج عليه أن ينفق على زوجته، وإذا طلبت الخلع بعد أن أنفق عليها فإن للزوج أن يقبل أو لا يقبل، هذا مذهب جمهور العلماء، وهو أن الزوج ليس ملزماً بقبول طلب المرأة للخلع، لكنه يستحب له أن يقبل إذا طلبت منه ذلك، وأن لا يمسكها وهي كارهة، ثم إذا أصرَّت على طلب الخلع فعلى القاضي أن يتدخل للنظر في المتسبِّب في الشقاق من الزوج أو الزوجة، وأن يبعث حكمين للنظر في شأنهما، يقول الله سبحانه وتعالى: (فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما) [النساء: 35] . فمسألة الحكمين مسألة مهمة في الشريعة، فإذا ظهر أن الضرر ناشئ من قبل الزوج أوقعا الطلاق وإذا ظهر أن الضرر ناشئ من قبل الزوجة طلبا منها أن تلتزم بآداب الزوجية، فإذا لم يقع بينهما صلح فإن القاضي يطلب من الزوج أن يقبل خلعها. فمذهب جماهير العلماء أن قبول الخلع ليس واجباً على الزوج، وأن حديث ثابت بن قيس حينما أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بطلاق زوجته التي طلبت الخلع، وقال: "أتردين عليه حديقته؟ ". فقالت: نعم. فأمره أن يفارقها، صحيح البخاري (5273) ، إنما ذلك على سبيل الندب والاستحباب، وليس على سبيل الوجوب.

هل يقع الخلع الصوري؟

هل يقع الخلع الصوري؟ المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان التاريخ 15/07/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يعتبر الخلع نافذاً إذا قامت به امرأة عن طريق دفع رشوة لقاض، وبدون علم الزوج؟ فقد قامت امرأة بهذا الفعل، وحصلتْ على ورقة خلع مزور وعليها اعتماد القاضي موقعاً بخط يده؛ وذلك لحاجتها لها لتقديمها إلى سلطات الهجرة في إحدى الدول الأوربية، لأنها لا تستطيع الحصول على تأشيرة دخول لهذه الدولة بسبب مرض زوجها، والسلطات لن تمنحها تأشيرة الدخول بدون ورقة رسمية تثبت طلاقها أو انفصالها عن زوجها. فالمرأة ليست لها نية الطلاق أو الانفصال، وإنما فعلت ذلك للضرورة القصوى وحاجتها للتأشيرة. وكذلك فإن المرأة لم تحضر أمام القاضي، وإنما تم ذلك بدفع بعض المال. ولم يطلع الزوج على أي شيء مما حصل. والسؤال: هل زواج المرأة ما زال صالحاً، مع أن الورقة قد صدرت من المحكمة بحسب ما ذكر أعلاه (بالرشوة) والزوج لم يعلم بكل ما حصل؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فزواج المرأة المذكورة في السؤال ما زال على حاله، ولا يقع عليه هذا الخلع؛ لأنه خلع باطل من أوجه: أولاً: أنه لم يقع من الزوج، ومن شروط الخلع وقوعه من زوج يصح طلاقه. ثانياً: أن فسخ الحاكم للنكاح بدون رضا الزوج أو حضوره لا يكون إلا في أحوال مخصوصة، كالشقاق بين الزوجين أو إيلاء الزوج أو غيبته ونحو ذلك، وليس شيء من ذلك حاصلاً فيما ذكر في السؤال. ثالثاً: أنه مبني على الرشوة وهي محرمة وملعون صاحبها وباطلة، وما بني على باطل فهو باطل. رابعاً: أن العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، وهذا الخلع صوري لا تقصد حقيقته، فلا عبرة به، وقد نص جمع من الفقهاء أن الخلع إذا وقع حيلة لا يقع، وذلك عندما يريد به الخروج من الطلاق المعلق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "خلع الحيلة لا يصح على الأصح، كما لا يصح نكاح المحلل؛ لأنه ليس المقصود منه الفرقة وإنما يقصد به بقاء المرأة مع زوجها كما في نكاح المحلل والعقد لا يقصد به نقيض مقصوده" أهـ[الإنصاف (22/124) ] . وما ذكر في السؤال شبيه بذلك. هذا كله على ظاهر ما جاء في سؤال السائلة، وعلى أن القاضي مسلم يحكم بشريعة الله تعالى، فإن كان القاضي خلاف ذلك فالحكم كما سبق من باب أولى. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الإيلاء والظهار

الجماع بعد الظهار وقبل الكفارة المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار التاريخ 29/12/1423هـ السؤال ظاهرت امرأتي وقلت لها أنت محرمة علي مثل حرمة أمي ثم جامعتها واستمريت فترة شهرين وأنا أجامعها مع العلم أني أعرف أنها محرمة علي قبل الكفارة ثم ظاهرتها مرة أخرى، وبعد فترة جامعتها وأنا الآن التزمت بالصلاة وبديني وتوقفت عن مجامعة زوجتي، سؤالي: هل تلزمني كفارة واحدة أو كفارتين؟ وما حكم أيام العيد والتشريق إذا دخلت في أيام الكفارة (شهرين متتابعين) ؟ وما حكم مجامعتي لزوجتي هل علي كفارة؟ مع العلم أني تبت إلى الله وتوقفت حتى أنهي موضوع كفارة الظهار. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: يحرم على المظاهر الجماع ودواعيه قبل أن يكفر؛ لقوله -تعالى-:"والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير" [المجادلة:3] . وقوله -صلى الله عليه وسلم- للمظاهر:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به" رواه الترمذي (1199) والنسائي (3457) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، كما حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/433) ، لذا عليك التوبة من ذلك وعدم العود للجماع ودواعيه حتى تكفر وليس عليك سوى كفارة واحدة، وإن تخلل الصيام عيد وأيام تشريق ومرض مخوف لم ينقطع التتابع، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

حلف ألا يجامع زوجته

حلف ألا يجامع زوجته المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار التاريخ 28/5/1424هـ السؤال رجل أغضبته زوجته فأراد أن يؤدبها، فقال: (والله ما عاد أجيك) يعني: أجامعك، وهو لم يقصد الحلف، بل من الغضب حلف وهو لا يعلم، فما الحكم؟ هل يعد لغواً؟ وماذا يجب عليه إذا أراد الرجوع إليها إذا كان حلفاً، وهو أصلا يقصد أن يقول ما عاد أجيك؟ الجواب إذا حلف الزوج على ترك جماع زوجته فإنه يعد موالياً -من الإيلاء- والإيلاء محرم. فعليه الآن أن يجامع زوجته، ويكفر عن يمينه كفارة يمين؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير ويكفِّر عن يمينه" رواه مسلم (1650) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. والله أعلم.

يريد إعادتها بعد أن ظاهر وطلق

يريد إعادتها بعد أن ظاهر وطلَّق المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار التاريخ 4/8/1424هـ السؤال شخص ظاهر زوجته ولم يمسها ثم طلقها بعد أسبوع من المظاهرة، ثم أراد إعادتها لعصمته بعد انتهاء عدتها، فهل عليه كفارة الظهار أم لا؟ وهل كفارة الظهار على الترتيب أو التخيير؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فيجب على الأخ السائل كفارة الظهار بعد مراجعة زوجته، وقد نصَّ العلماء على أنه يحرم على المظاهر الوطء ودواعيه قبل الكفارة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- للمظاهر:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به" رواه الترمذي (1199) ، والنسائي (3457) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، كما حسَّنه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/433) ، وكفارة الظهار على الترتيب كما ذكره تعالى في كتابه:" وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4] ، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

حرم زوجته إن حضرت زواج أختها

حرم زوجته إن حضرت زواج أختها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار التاريخ 4/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم قول الزوج: (إذا ذهبت لهذا الزواج فأنت عليَّ حرام، ولا أجيز حضورك لزواج أختك) ، وكانا (أي الزوجين) في ساعة غضب ومشاجرة. فهل إذا ذهبت لزواج أختها تعتبر طالقاً؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فأنصح المرأة ألاَّ تذهب لزواج أختها خروجاً من الخلاف، فإن ذهبت فإن كان الأخ السائل قد أوقع التحريم فعليه كفارة الظهار، وهي المذكورة في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4] ، ويحرم عليه جماع زوجته حتى يكفِّر، وإن لم يوقع التحريم بل حلف به فقط كان يمينا مكفرة، لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" [التحريم:1-2] ، وكفارة اليمين هي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى، انظر إعلام الموقعين (3/83 - 93) ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قال لزوجته: (تحرمين علي إلى يوم الدين) فما كفارته؟

قال لزوجته: (تحرمين علي إلى يوم الدين) فما كفارته؟ المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار التاريخ 21/11/1424هـ السؤال ما كفارة حلف الزوج على زوجته: (تحرمي عليَّ ليوم الدين) ؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد: إذا قال الزوج لزوجته: أنت عليّ حرام أو زوجتي محرمة علي ليوم الدين، أو قال علي الحرام من زوجتي أو زوجتي كأمي أو أختي أو ابنتي، أو كظهر أمي أو كظهر أختي، وما أشبه هذه الألفاظ فهذا حكمه حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، عند الأطلاق؛ إذا الحال في مثل القول الذي سألت عنه السائلة لا يخلو من ثلاث حالات: الحال الأولى: إذا نوى الزوج بهذا القول التحريم أو أطلق هذا القول مجرداً فإن حكمه حينئذ حكم الظهار كما سبق، وهو محرم، ولا يجوز، ومنكر من القول وزور كما سماه الله - تعالى - بذلك في أول سورة المجادلة بقوله: "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" [المجادلة:2] ، فالواجب على الزوج أن يتوب إلى الله - تعالى - ويستغفره من هذا القول وارتكابه هذا المنكر، ولا يحل للزوج أن يقرب زوجته حتى يأتى بالكفارة التي أمره الله بها، ولا يحل لك أنت كذلك أن تمكنيه من نفسك حتى يفعل ما أمره الله - تعالى - به من الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة إن وجدها فإن لم يجدها صام شهرين متتابعين لا يقتطعها إلا بعذر شرعي كمرض وسفر ونحوهما فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو خطة أو نحو ذلك، قبل أن يمسها وقبل أن يقربها، وهذه الكفارة مذكورة بقوله - تعالى -: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة:3] ، وقال - تعالى -: "فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:4] .

الحالة الثانية: أن يقول زوجتي عليَّ حرام إن فعلت كذا أو هي محرمة علي ليوم الدين أن كلمت فلاناً، أو دخلت تلك الدار، أو ما يسافر للبلد الفلاني أو يزور أو تزور هي فلانة وما تذهب لأهلها وكون ذلك فهذا تحريم معلق، فإذا كان قصد منه منع نفسه من العمل الذي أراده أو منع زوجته مما ذكره من السفر أو الكلام أو الزيارة ونحوه وذلك للبحث أو للتصديق أو للتأكد فهذا يكون له حكم اليمين، ولا يكون له حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، وعليه كفارة اليمين، وهي المذكورة بقوله - تعالى -: "فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ" [المائدة: من الآية89] . الحالة الثالثة: إذا أراد بقوله ذلك الطلاق ولم يرد التحريم بأن قال - مثلاً - زوجتي على حرام أو محرمة علي ليوم الدين، وقصد بذلك طلاقها، فهذا يكون طلقة واحدة، وتحسب عليه، فإن كان قد طلقها قبلها طلقتين تمت الثلاث، وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، وإن لم يكن قد طلقها قبل هذا أو طلقها طلقة واحدة قبل أن يقول هذا القول فإن الطلاق يقع رجعياً بأن يكون له مراجعتها ما دامت في العدة، ويستحب أن يشهد على رجعتها شاهدين عدلين أن راجعها إذا كانت في العدة. والله - تعالى- أعلم.

قال لزوجته: أنت علي كأختي!

قال لزوجته: أنت علي كأختي! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار التاريخ 19/09/1426هـ السؤال قال صديقي لزوجته في ساعة غضب شديد: (أنت كأختي) ، وندم على هذه الكلمة بعد ذلك، فهل عليه شيء؟ وما وضع زوجته بالنسبة له؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن قال لزوجته: "أنت علي كأمي، أو أختي" -أو غيرهن ممن يحرمن عليه على التأبيد بنسب أو رضاع- فهو ظهار يجب فيه كفارة الظهار الواردة في قوله تعالى: "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعلمون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم". [المجادلة: 3-4] ، ولا يحل له أن يقرب زوجته حتى يُكفِّر؛ لنص الآية على ذلك والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تعليق الظهار على شرط بقصد المنع

تعليق الظهار على شرط بقصد المنع المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار التاريخ 17/10/1426هـ السؤال وقع خلاف بين زوجي وزوج أختي منذ فترة، وباءت محاولات الصلح بينهما بالفشل بسبب العناد من الطرفين، وكان والدي قد اعتاد على جمعنا في أول أيام شهر رمضان للإفطار عنده، وقبل الزوجان الدعوة على مضض، ولكن قام زوجي بإلقاء يمين عليَّ حيث قال: أنت علي كأمي أو أختي إذا رأيتِ فلاناً أو جلستِ معه أو تحدثت إليه، وقد أخبروني أن ما قام به زوجي هو الظهار الذي نهى الله عنه في سورة المجادلة، فهل هو كذلك؟ علماً أني لم أر زوج أختي، ولا أعرف إذا كان زوجي قد نوى بيمينه أثناء الدعوة أو إلى الأبد أو إلى أن يصطلحا؟ كما أن يمينه نص على ما لا أطيقه من ناحية الرؤية، فالمرء لا يمكن أن يتحكم فيما يمكن أن تقع عينه عليه، فماذا علينا؟ وما موقف الشرع من هذه اليمين؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقول الزوج لزوجته: "أنت علي كأمي أو أختي" ظهار، إلا أن يقصد به التشبيه في الإكرام، وليس مراداً في هذه الواقعة قطعاً، بل القرينة تدل على إرادة الظهار. ويقع الظهار معلقاً بشرط مثل اليمين، كقوله هنا: "إذا رأيت فلاناً أو جلست معه ... "إلخ. كما يصح الظهار مؤقتاً بزمن أو حالاَّ كاليمين أيضاً. وعلى ذلك فإن فعلت المرأة ما علق الزوج ظهاره عليه وقع الظهار، إلا أن يكون قصد مدة معينة فانقضت، فلا يحل للمظاهر وطء زوجته إلا بعد الكفارة المذكورة في صدر سورة المجادلة، هذا على قول الجمهور. وذهب بعض أهل العلم إلى أن تعليق الظهار على شرط يقصد منه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، لا يقع ظهاراً ولا طلاقاً، كما هو ظاهر الحال في هذه الواقعة، حيث أراد الزوج تأكيد منع زوجته مما ذكر، بسبب الخصومة بينه وبين زوج أختها، فحينئذ لا تحرم عليه زوجته، وعليه كفارة يمين. وأما إن لم تفعل الزوجة ما علق عليه الزوج ظهاره من الرؤية والجلوس والحديث، فإن الظهار لا يقع أصلاً، فإن وقع منها ما لا تطيق فينبغي ألا يقع الظهار حتى على قول الجمهور، والله تعالى أعلم.

العدة

أحكام العدّة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 15/5/1422 السؤال توفي زوجي قبل عدة أيام، وأنا أستفسر عن العدة؟ وهل يجوز الجلوس مع أهل الزوج بوجود إخوانه؟ وبالنسبة للتركة كيف تتوزع مع العلم بأن لي طفل واحد؟ وللزوج أربعة إخوان، وأربعة أخوات، وأبواه. الجواب بالنسبة لما سألت عنه حول العدة فقد أجاب عنه فضيلة الشيخ / عبد الرحمن العجلان _ المدرس في الحرم المكيّ _ فقال: المرأة إذا توفي عنها زوجها لزمتها العدّة وهي: 4 أشهر و 10 أيام ما لم تكن حاملاً، فعدّتها بوضع حملها، طالت المدّة أم قصرت. وعليها الحداد، وهو تجنُّب الزينة في اللباس والحليّ والطيب وكلّ ما يُرغِّب في نكاحها، وتلزم البيت الذي توفيّ زوجها وهي فيه، ما دامت تأمن على نفسها، حتى وإن كان في البيت إخوانٌ لزوجها، ما دام أنّ هذا البيت يليق بمثلها عادةً وعُرفاً، ولا تخرج منه إلا لضرورة. ولا تمنع العدّة من مخاطبة أهل زوجها وإخوانه، مع اجتنابها أنواع الزينة. والله أعلم. وبالنسبة لقسم التركة، فقد أجاب الشيخ ناصر الطريري على سؤالك، حيث تقسم التركة كالتالي: 1. لك (الزوجة) الثمن. 2. لوالده السدس. 3. لوالدته السدس. 4. لابنه كل الباقي. أما إخوته وأخواته فليس لهم شيء من ميراثه. وننبه إلى أن قسمة التركة تكون بعد سداد ما عليه من ديون، وبعد إخراج وصيته من الثلث إن كان أوصى. والله أعلم.

سفر المحادة إلى أهلها

سفر المحادة إلى أهلها المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 7/4/1422 السؤال زوجة توفي عنها زوجها وهي في بلد غير بلد أهلها وتريد أن تذهب إلى إخوتها من أجل أن تكمل العدة لأن إخوتها أحرص عليها من غيرهم. فما الحكم في ذلك؟ الجواب مثل هذه يجب عليها البقاء في بيت الزوج، ولا يجوز لها الرجوع إلى بيت أهلها، إلا لضرورة، كخوف على نفسها، أو أخرجت رغماً عنها، هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم والله أعلم.

تداخل عدة الطلاق والوفاة

تداخل عدَّة الطلاق والوفاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 13/11/1424هـ السؤال إذا طُلقت المرأة ومات طليقها وهي لا زالت في العدة فهل عليها عدَّة المطلقة أم عدَّة الأرملة؟ الجواب إذا كان الطلاق رجعياً وهي لا تزال في العدة فإنها ترث وتعتد بالوفاة، وإن كان الطلاق بائناً ولم يكن المطلق متهماً بقصد حرمانها من الميراث فإنها تستمر على عدة الطلاق ولا ترث، وإن كان متهماً بقصد حرمانها من الميراث فيرجع إلى القاضي للنظر في القضية والحكم بما يظهر له أنه الحق.

العدة بعد ردة الزوج

العدة بعد ردة الزوج المجيب د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 23/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قصتي طويلة ولدي أسئلة كثيرة وأهمها الآن هي أني تزوجت من ياباني بعد أن أسلم، ومر على زواجنا 19 سنة، ولظروف خاصة ونفسانية اتفقنا على الانفصال وأصبح يعيش لوحده زيادة عن ثلاث سنوات، ولقد أعلن ردته أمام ابننا وكان في حالة غضب، وبعد مضي أسبوع أردت أن أتأكد من هذا الأمر الهائل، فأعاد نفس الكلام ويقول إني السبب في كفره، المهم اتصلت بشيخ المسجد وأفتاني أني محرمة عليه، وبدأت أتحجب عنه، وبعد مرور 6 أشهر من ردته، تم الطلاق، مشكلتي هي: لقد كنت أظن أن عدتي انتهت قبل الطلاق يعني منذ الردة، ولقد طلبني إنسان آخر للزواج على سنة الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام- رجل عربي مسلم- وبعد مرور شهر فاجأني الشيخ لما قال إنه يجب علي عدة الطلاق، وأنا كنت متيقنة من أن عدتي انتهت، وبالأخص تيقنت من الأمر لما وجدت فتوى تشبه معضلتي، المشكلة أنه بعد الطلاق أرى زوجي يلعب بالدين فأمام عائلته يقول: إنه ترك الإسلام وأمام الشيخ وصديقي يقول إنه مسلم، وأنا أخاف الله وغضبه، فهل يجب علي عدة أم سأكون آثمة إذا تركتها؟ مع العلم أني تركت كل شيء يخص زواجاً آخر، أرجوكم أفتوني فأنا عانيت ومازلت أعاني من أزمة نفسانية حادة، وأعيش على المهدئات منذ أكثر من 14 سنة، أنا أتعذب يوميا وأخاف سخط الله وغضبه، ماذا يجب علي أن أقوم به اتجاه هذا الزوج الذي يلعب بالدين، مع العلم أنه لا يريد رؤيتي ولا التحدث إلي عبر الهاتف، بالله عليكم ما العمل؟ ولكم مني جزيل الشكر والامتنان. أرجوكم أن تفيدوني في أقرب وقت؛ لأن القلق يؤثر علي وضغطي يرتفع، أريد أن أخلص لله ولرمضان، وأثابكم الله، والسلام عليكم. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن كان الواقع كما ذكرت الأخت السائلة، من أن زوجها الياباني طلقها، ثم تزوجت بعده رجلاً عربياً مسلماً قبل إتمام عدتها من الأول، فإن الزواج الأخير يعتبر باطلاً؛ لأن الله - تعالى- يقول: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سراً إلا أن تقولوا قولاً معروفاً ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم". [البقرة: 235] فدلت الآية الكريمة على تحريم نكاح المرأة المعتدة من وجهين: الأول: أن الله تعالى حرم التصريح بخطبة المرأة المعتدة، فيكون العقد عليها محرماً من باب أولى، وإنما أباح التعريض والتلميح دون التصريح إذا كانت معتدة من طلاق بائن. أما إذا كانت مطلقة طلاقاً رجعياً، فإنه لا تجوز خطبتها لا تصريحاً ولا تلميحاً، لأنها لا تزال زوجة حتى تنتهي عدتها، ولها حق الزوجة على زوجها من النفقة والميراث ونحوهما، وبإمكان زوجها أن يراجعها متى شاء ما دامت في العدة.

الثاني: قوله- تعالى- "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" [البقرة: 256] صريح عن عقد النكاح على المعتدة حتى يبلغ الكتاب أجله، وهو نهاية عدتها. وهذه المسألة وهي بطلان نكاح المعتدة، محل إجماع بين العلماء. وعدة الطلاق هي: ثلاث حيض، فإن كانت آيسة من الحيض أو صغيرة لم تحض بعد، فعدتها ثلاثة أشهر، وإن كانت حاملاً، فعدتها وضع الحمل. فإذا انقضت عدتك من الأول، جاز لك الزواج بالرجل العربي المسلم أو غيره من المسلمين، ولكن بعقد جديد. لأن العقد الأول باطل كما بينت. وأما ما ذكرت من تذبذب زوجك الأول بين الإسلام والردة، وعدم تبين أمره، فالأصل فيه أنه مسلم، إلا أن يثبت كفره ببينة شرعية. وأما مجرد زعمك بأنه أعلن كفره لابنه ولك بعد ذلك، فهذه دعوى تحتاج إلى دليل، خصوصاً أنه يكذبك في هذا ويصر أمام صديقك المسلم وأمام شيخ المسجد بأنه لا يزال على الإسلام. ولقد أحسن الشيخ صنعاً حين أمرك بإتمام عدتك منه بعد الطلاق، وأن زواجك الثاني باطل؛ لأنه وقع في العدة، ولكنه لم يوفق في المرة الأولى حين أفتاك بأنك محرمة على زوجك ويجب عليك التحجب منه، لأن التكفير أمره خطير، فلا يفتي بكفره وحرمتك عليه حتى يثبت ذلك عنده ببينة شرعية ظاهرة. فإن كان قد تبين له ذلك، وأنه قد ارتد فعلاً عن الإسلام، فلماذا يبطل الزواج الثاني، وهو إنما حصل بعد ستة أشهر من ثبوت ردته عنده، أي بعد انتهاء العدة؟!! وما الحاجة كذلك إلى طلب الطلاق منه؟ والزواج باطل بمجرد ردته عن الإسلام. فالحقيقة أن هذا تناقض من إمام المسجد وفقه الله. وأرجو أن تعرضي هذا الجواب عليه، وتناقشيه فيه؛ لأنه قد يكون في الأمر شيء لم تذكريه، يتغير به الحكم، ويبرر للشيخ وفقه الله ما صدر منه. أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه وأن يرينا الحق حقاًُ ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، كما أسأله تعالى أن يهدي زوجك الأول ويثبته على الحق، وأن يعوضك خيراً مما فاتك، ويجبر مصابك، ويعظم أجرك، ويرزقك من اليقين ما يهون به عليك مصائب الدنيا، وأن يعافيك من كل داء وبلاء، ويكشف عنك السوء والضراء، إنه سميع مجيب الدعاء.

أين تعتد المتوفى عنها زوجها؟

أين تعتد المتوفى عنها زوجها؟ المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 20/3/1423 السؤال امرأة توفي زوجها وليس لديها أبناء وتسكن في شقة لوحدها، ويوجد بالعمارة عدد سبعة إخوان لزوجها المتوفى، وهي ما تزال في السبع والعشرين من عمرها، وترغب في ترك بيت زوجها والذهاب إلى منزل أهلها في مدينه أخرى، فهل يجوز أن تخرج إلى بيت أهلها الذي يبعد ما يقارب مسيرة ساعتين ونصف بالسيارة؟ مع العلم أنها لا تريد البقاء في منزل زوجها بعد وفاته، ولا يستطيع أحد من أهلها البقاء معها. الجواب لا شك أن الواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها البقاء في بيت الوفاة حتى انقضاء عدتها، لا سيما المبيت ليلاً لقصة فَرِيعَةٌ بنت مالك فقد سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن تبيت في غير بيت الوفاة فلم يأذن لها النبي -صلى الله عليه وسلم- الترمذي (1197) والنسائي (3529) وأبو داود (2300) وابن ماجة (2031) ، ولكن استثنى أهل العلم ما يلي: 1-يجوز للمرأة المعتدة الانتقال من بيت الوفاة إلى بيت آخر تعتد فيه للضرورة، كما لو خافت على نفسها من اللصوص، أو كان البيت مستأجراً ولم تتمكن من دفع الأجرة، أو رفض المالك التأجير، أو لم تجد المرأة من يسكن معها وهي لا تستطيع السكنى بمفردها، ففي هذه الحالة وما يشبهها يجوز لها الانتقال للضرورة. 2-أجاز أهل العلم للمرأة المعتدة الخروج من منزلها لقضاء حوائجها الخاصة التي لا بد منها إذا لم تجد من يقوم بها ولا تبيت إلا في بيت الوفاة إلا عند الضرورة، والذي يظهر لي في الجواب عن سؤال السائل جواز الانتقال عند الحاجة إلى أقرب منزل تقضي فيه عدتها إذا لم يكن قضاؤها في بيت الوفاة ممكناً، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ولدت ساعة وفاة زوجها فهل تغسله؟

ولدت ساعة وفاة زوجها فهل تغسله؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 23/1/1423 السؤال رجل توفي، وفي ساعة وفاته وضعت زوجته حملها مباشرة، السؤال: هل يجوز لزوجته أن تغسله أم هي أجنبية عنه؟ وهل تعتد أربعة أشهر وعشراً؟ وهل يجوز أن تتزوج بعد طهرها من النفاس؟ الجواب يجوز لزوجته أن تغسِّله، ولو خرجت من العدّة بوضع الحمل، ذكر ذلك ابن قدامة -رحمه الله- في كتابه المغني (3/460-461-462) . ويجوز لها أن تتزوج؛ لأنها خرجت من العدة بوضع الحمل.

عدة الوفاة لغير المدخول بها

عدة الوفاة لغير المدخول بها المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 5/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فتاة عقد عليها ولم يتم الدخول بها، ثم توفي العاقد عليها قبل أن يدخل بها، فهل عليها عدة أم لا؟ نرجو التوضيح، وبارك الله فيكم وفي علمكم. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أن المرأة التي عقد عليها وتوفي عنها زوجها لها حكم الزوجات بموجب العقد، فعليها العدة (عدة الوفاة) ؛ لدخولها في عموم قوله -تعالى-:"وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً" الآية، [البقرة:234] ولها الميراث أيضاً؛ لأنها زوجة، والله أعلم.

نظر المعتدة إلى صور الرجال

نظر المعتدة إلى صور الرجال المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 5/8/1424هـ السؤال هل يحرم على المرأة التي في عدة وفاة زوجها أن تنظر للرجال في الجرائد أو التلفاز ولو كان ذلك عابراً؟ والقصد هو الاستماع إلى الأخبار أو قراءة الجريدة، وهل يلزمها الاغتسال إذا نظرت إلى الرجال فيهما؟ الجواب يجوز للمرأة أن تنظر في صور الرجال في الجرائد وفي التلفزيون من دون تلذذ في هذا، ولا يجوز أن يكون في ذلك استمتاع، أما قولها: إذا نظرت إلى الرجال فهل يلزمها الاغتسال؟ نقول: لا يلزمها الاغتسال إلا إذا أنزلت، ولو أنها أنزلت فإنها يلزمها الاغتسال للإنزال، ولا يجوز لها أن تنظر للرجال نظرة تلذذ تدعوها إلى أن يحصل منها شيء من الإنزال.

معاملة المطلقة أثناء العدة

معاملة المطلقة أثناء العدة المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 6/3/1424هـ السؤال كيف يتعامل الرجل مع مطلقته أثناء العدة؟ علماً أنها باقية في بيته، وله منها أولاد بالغين معهم في البيت، وليس بينه وبينها أي نزاع، وماذا يحل له منها؟. الجواب المطلقة المعتدة على قسمين؛ مطلقة رجعية ومطلقة بائن، والمراد بالمطلقة الرجعية هي التي يجوز لزوجها مراجعتها قبل انقضاء عدتها، إذا كان الطلاق دون الثلاث، ولم يكن على عوض، وهذه حكمها حكم الزوجة غير المطلقة ما دامت في العدة، له أن يخلو بها ولها أن تتجمل له لأنها زوجته. القسم الثاني: المطلقة البائن وهي التي لا يجوز لزوجها مراجعتها وإن كانت في العدة، فليس له أن يخلو بها، لأنها في حكم الأجنبية. والله أعلم.

رفع الصوت بالقرآن قبل الجمعة

رفع الصوت بالقرآن قبل الجمعة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة التاريخ 6/3/1424هـ السؤال ما حكم قراءة القرآن في يوم الجمعة؟ هل له أصل في الشرع؟ وهل ورد أي حديث أو حتى آثار دلت على ذلك؟ فأنا أقصد تلك القراءة التي تقرأ بالسماعة في كل المساجد قبل الخطبة بفترة، (حيث يسمع كل الناس ولا ينصتون له) ، فإذا أمكنكم أن تعطوا حديثا أو أقوالاً لعلماء تدل على ذلك فهو مناسب. وجزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا العمل الذي أشار إليه السائل من رفع الصوت في السماعات قبل الخطبة لكي يستمع الناس إلخ.. بدعة، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، والسنة الواردة عن النبي - عليه الصلاة والسلام- هي تعظيم هذا اليوم بكثرة العبادة كالذكر، أو الصلاة أو القراءة، بأن يتقدم الإنسان إلى المسجد من بعد طلوع الشمس، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا حضر الإمام دخلت الملائكة تستمع الذكر" البخاري (881) ، ومسلم (850) . ويستحب للإنسان التقدم من بعد طلوع الشمس، وقال بعض أهل العلم: من بعد صلاة الفجر، لكي يتفرغ للذكر والقراءة والصلاة.. إلخ، فيفعل ما هو الأخشع لقلبه هذه هي السنة، وهذا هو الأفضل، وهذا هو هدي الصحابة - رضي الله عنهم-. وأما رفع الصوت بالقراءة التي قد يستمع بعض الناس لها وقد لا يستمعون إلخ، وقد تشوش عليهم، فهذا كله محدث ليس على هَدْي النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه -رضي الله عنهم-.

خروج المعتدة من الوفاة للزيارة

خروج المعتدة من الوفاة للزيارة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 15/9/1424هـ السؤال توفي والدي - رحمه الله - قبل فترة، ووالدتي الآن في فترة العدة، وقد قامت والدتي بزيارة قريبة لنا مريضة مصابة بداء السرطان وقانا الله وإياكم، وقال الأطباء بأنه في مراحل متقدمة؛ أي أنها لا يرجى برؤها منه، والله لطيف بعباده، ووالدتي لما زارتها طلبت منها السماح، فما حكم هذا الأمر؟ والله المستعان. الجواب يلزم المرأة الحداد على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، لقوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً" [البقرة: من الآية234] ، وحديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميت فوق ثلاثٍ إلا على زوجٍ أربعة أشهر وعشراً" رواه الشيخان البخاري (1281) ، ومسلم (1487) من حديث أم حبيبة -رضي الله عنها- وعلى هذا فيلزم المرأة أن تقضي عدة الوفاة في المنزل الذي مات زوجها وهي به، فلا يجوز أن تتحول عنه بلا عذر، وخروجها لعيادة المريض ليس عذراً شرعياً يبيح لها الخروج، فعليها الاستغفار والتوبة ولزوم المنزل حتى تنتهي عدتها.

المشاحنة بين الزوجين فترة العدة

المشاحنة بين الزوجين فترة العدة المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 5/12/1424هـ السؤال طلقني زوجي مؤخرا بسبب مشاكل أدخلها هو في حياتي (باعترافه) جراء علاقة قديمة له، وبالرغم من لزومي بيتي خلال فترة العدة إلا أن العلاقة كانت بيننا متوترة جداً؛ لما أشعر به من الألم والظلم والفشل، سؤالي هو: أعلم أن الله يغفر لكل المسلمين إلا المتشاحنين كل اثنين وخميس وليلة النصف من شعبان، وأكذب على نفسي إن قلت إن قلبي صاف من ناحيته بسبب كل ما حدث, فهل يعني هذا أن أعمالي معلقة وأنه لا يغفر لي؟ أنا أُسلم عليه ولست مقاطعة له، لكن يعلم الله بما أعاني منه من إحساس في قلبي، ولا أستطيع معاملته كأي إنسان عادي. فهل أعتبر مشاحنة أم هذا ينطبق فقط على المتقاطعين؟.وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله، وبعد: فالذي يظهر لي -إن شاء الله- أن المسلم لا يكلف أن يجعل قلبه وصدره كما لو لم يكن فيه شيء قال -سبحانه-: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] ، نعم هي منزلة فاضلة محمود من يدركها، كما قال: "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" [فصلت:35] ، ولكنها منزلة ليست واجبة، بل لعل الهجر الوارد في الحديث الذي رواه مسلم (2565) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- فلعله يزول بالسلام وبعض الكلام مع محاولة إزالة ما في الصدر، مع العلم أن الهجر إذا كان بسبب معصية فلا يدخل في الحديث، بشرط أن يكون الهجر لله -تعالى- وليس في باطنه انتقام للنفس وانتصار لها، هذا إذا كان الهجر يحقق مصلحة لردع العاصي أو رجوعه، ويكون بقدر محدود فإن لم يكن للهجر فائدة، أو كان يزيد الأمر سوءاً فلا ينبغي حينئذ اللجوء إليه. وفيما يختص بالمطلقة الرجعية ما دامت في العدة فإنها زوجة لها حكم الزوجات، فلزوجها أن يجلس معها ويخلو بها، ولها أن تتزين له، بل إن الزوج له أن يعاشرها، فإذا حصل منه الوطء فتعتبر رجعة منه حينئذ، مع أنه لا ينبغي له ذلك إلا بنية الرجعة، والأولى أن يراجع قبل ذلك باللفظ. وعلى الأخت السائلة ألا تمنع الرجل من حقه إذا أراد أو كان يرغب الرجعة، قال الله -سبحانه-: "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً" [البقرة: 228] ، فالزوج يملك حق الرجعة على امرأته، سواءٌ رضيت أم لم ترض، أو رضي أولياؤها أم لم يرضوا، وقد حكى ابن المنذر الإجماع على ذلك، ولكن يستثنى منه ما إذا كان الزوج قد وجد فيه مانع شرعي تملك به المرأة الفسخ. والله أعلم.

عدة المسلمة المفارقة لزوجها الكافر

عدة المسلمة المفارقة لزوجها الكافر المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 04/04/1425هـ السؤال السلام عليكم. هناك امرأة أسلمت قبل سنة، ولم تكن تعلم عدم جواز الزواج بغير المسلم، وقد تم توضيح الأمر لها، والسؤال: كم هي عدتها الآن إن كانت لها عدة؟ المعروف أن العدة ثلاث حيضات من تاريخ النطق بالشهادة، لكن في هذه الحالة المرأة لم تكن تعلم واستمرت في علاقتها الزوجية، وهي غير سعيدة عندما تفكر بأن عليها الانفصال عن زوجها. هل على هذه المرأة عدة؟ وإلى أي أجل؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعده: فإن كانت المرأة تزوجت بغير مسلم بعد إسلامها فالنكاح باطل، لقوله تعالى: "وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" [البقرة:221] ،وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا" [الممتحنة: من الآية10] .

أما إن كانت متزوجة به قبل الإسلام فإن لم يسلم زوجها أثناء عدتها فإن عقد النكاح ينفسخ وعدتها إن كانت من ذوات الأقراء - أي الحيض- ثلاثة قروء، وإن كانت لا تحيض فثلاثة أشهر على مذهب كثير من العلماء، واختار بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- أن عدتها حيضة واحدة فقط لاستبراء الرحم، وقال - رحمه الله -: (وقد تنازع العلماء في امرأة الكافر هل عليها عدة أم استبراء على قولين مشهورين ومذهب أبي حنيفة ومالك لا عدة عليها) ، ا. هـ مجموع الفتاوى (32/337) ، وهذا القول له حظ كبير من النظر لما صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "كان المشركون على منزلتين من النبي - صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين: كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، فكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حل لها النكاح، فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه"، الأثر رواه البخاري (5286) ، أما إن كانت حاملاً فلا تخرج من عدتها حتى تضع حملها، لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض حيضة" رواه أحمد (3/28) ، وأبو داود (2157) ، والدارمي (2295) ، والبيهقي (9/) والحاكم (2/212) ، وقال: صحيح على شرط مسلم (124) ، قال الحافظ ابن حجر إسناده حسن، التلخيص الحبير (1/171) ، وعلى كل حال فنظراً لكون المرأة قد أسلمت منذ سنة فعليها عدم تمكين زوجها قبل الإسلام منها وأن لا تخلو به بلا محرم وأن تستبرئ رحمها بحيضة واحدة، فإن طهرت فلها الزواج بمن شاءت من المسلمين، كما عليها دعوة زوجها السابق للإسلام لعل الله -تعالى - أن يهديه، فإن أسلم فله مراجعتها. والله -تعالى- أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قضت عدتها في بيت أهلها

قضت عدتها في بيت أهلها المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 11/01/1426هـ السؤال طلقت زوجتي طلاقا رجعياً، ومن المفترض أن تبقى عندي بالبيت، ولكن قضت العادات عندنا أن تذهب إلى بيت أهلها وتعطى مصروفاً يحدده القاضي بمثابة نفقة لها، فهل علينا إثم في ذلك؟ كذلك بعد الطلاق تبيَّن أنها حامل، فهل علي لزاماً أن أصرف عليها طول فترة الحمل، وإذا مرضت هل علي علاجها؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن الله -تعالى- قد شرع للزوجة المطلقة البقاء في بيت زوجها، كما في سورة الطلاق: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ... " الآية ... [الطلاق:1] وهذه الآية صريحة في الأمر بعدم إخراج المرأة المطلقة مدة العدة، كما أنها صريحة في نهي المرأة عن الخروج، أما نهيه سبحانه للأزواج بعدم إخراج أزواجهن لأن السكنى تجب عليهم للرجعية، ونهيه النساء عن الخروج حتى لا تضيع من الزوج، فإذا خالف المسلم هذه الأوامر فهو عرضة للإثم؛ لأن الأمر الأصل فيه الوجوب كما هو متقرر عند علماء الأصول، وأما العادات والأعراف إذا خالفت الكتاب والسنة فلا عبرة بها ولا يجوز العمل بها. أما المرأة الحامل فتجب لها النفقة؛ لقوله تعالى: "وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن" الآية ... [الطلاق:6] وإذا كان مرض الحامل ناتجاً عن الحمل ودواعيه، فإن القول بوجوب علاجها في هذه الحالة متوجه وذلك لمصلحة الحمل. والله -تعالى- الهادي إلى سواء السبيل.

خروج المعتدة من الوفاة

خروج المعتدة من الوفاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 15/6/1424هـ السؤال هل يجوز للمعتدة من الوفاة الخروج مع النساء لحضور المناسبات والعزائم دون اختلاط بالرجال؟ وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع. الجواب الحداد اجتناب الزينة وما يرغب فيها وفي النظر إليها من الطيب والتجمل والحناء والكحل، وعلى المرأة المعتدة في وفاة زوجها العدّة في بيتها الذي أتاها فيه نعي زوجها حتى تتم عدتها، لحديث فريعة بنت مالك - رضي الله عنها - وفيه: "أتاني نعي زوجي فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلت: إن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة ولم يدع نفقة وليس المسكن له، فلو تحولت لكان أرفق لي، قال: تحولي، فلما خرجت إلى المسجد دعاني، فقال: امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله" رواه النسائي (3528) وأبو داود (2300) وابن ماجة (2031) ، والترمذي (1204) ولها - المعتدة - الخروج لحاجتها نهاراً لا ليلاً، لما رواه البيهقي في السنن الكبرى (7/436) عن مجاهد قال: استشهد رجال يوم أحد فآم نساؤهم وكن متجاورات فجئن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلن يا رسول الله: إنا نستوحش في الليل فنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا تبدرنا إلى بيوتنا، فقال عليه الصلاة والسلام: "تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة منكن إلى بيتها" رواه أيضاً الشافعي في الأم (5/235) وعبد الرزاق في مصنفه (12077) ، وأخرج البيهقي في السنن الكبرى (7/436) عن ابن عمر - رضي الله عنهما -قال: المطلقة والمتوفى عنها زوجها تخرجان بالنهار ولا تبيتان إلا في بيوتهما"، وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (18862-18863) عن عمر - رضي الله عنه - أنه رخص للمتوفى عنها زوجها أن تأتي أهلها بياض يومها" وكذا جاء عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه.

عدة من لم تعلم بوفاة زوجها

عدة من لم تعلم بوفاة زوجها المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 27/4/1423 السؤال سؤالي: زوجة يعمل زوجها في دولة أجنبية، توفي الزوج ولم تعلم الزوجة بوفاته إلا بعد ستة أشهر من الوفاة، فهل على الزوجة أن تعتد في هذه الحالة؟ وما هو الدليل؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب عدة المتوفى عنها تعتبر من حين الوفاة حسب حالها، فإن كانت حاملاً فبوضع الحمل، وإن كانت غير حامل وهي حرة فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وإن كانت أمة فعدتها شهران وخمسة أيام، وإذا لم تعلم بوفاته إلا بعد ستة أشهر فقد انتهت عدتها قبل أن تعلم.

عدة الطلاق

عدة الطلاق المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 18/6/1424هـ السؤال ما هي عدة الطلاق؟ مع الشكر. الجواب تختلف عدد الطلاق (بكسر العين) باختلاف الأحوال، فالمرأة المطلقة قبل الدخول بها لا عدة عليها؛ لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً" [الأحزاب:49] . والمرأة المطلقة أثناء الحمل عدتها بوضع حملها لقوله تعالى: "وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ" [الطلاق: من الآية4] . وأما المرأة التي لا تحيض إما لكبر سنها أو لصغرها وتسمى الآيسة فإنها تعتد بثلاثة أشهر لقوله تعالى: "وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ" [الطلاق: من الآية4] . وأما المرأة التي تحيض وليست ذات حمل فعدتها ثلاث حيض لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ" [البقرة: من الآية228] ، وتنتهي عدتها بطهرها من الحيضة الثالثة، والله أعلم.

تطيب المعتدة من الطلاق

تطيب المعتدة من الطلاق المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 8/11/1424هـ السؤال هل يجوز للمرأة المطلقة (حديثة الطلاق) أن تبخر بيتها أو ثيابها؟ وهل يجوز للأولاد الأجانب تحت سن تسع سنوات أن يكشفوا على النساء؟ وجزاكم الله ألف خير على ما تقومون به من خدمة الإسلام والمسلمين. الجواب يجوز للمرأة أن تبخر بيتها وثيابها وإن كانت حديثة عهد بطلاق، وإنما التي لا يجوز لها التطيب المعتدة من عدة الوفاة، فيجب عليها الحداد وهو اجتناب الطيب والزينة، والأولاد دون سن التاسعة يعتبرون من الأطفال الذين لا تحتجب عنهم النساء الأجنبيات.

عدة المطلقة الحامل إذا أسقطت

عدة المطلقة الحامل إذا أسقطت المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة التاريخ 06/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. إذا طلقت زوجتي وهي حامل، ثم سقط حملها قبل الولادة، فهل تكون بانت من زوجها وتكون عدتها انتهت؟ وهل هناك فرق في الحكم إن كان سقط الحمل قبل نفخ الروح أو بعد نفخ الروح في الجنين؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا طلق الزوج زوجته وهي حامل فهذا طلاق سنة؛ لحديث ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال له لما طلق زوجته وهي حائض، قال: "فليطلقها طاهراً أو حاملاً" أخرجه البخاري (4908) ، ومسلم (1471) ، فنقول بأن طلاقه طلاق سنة وهو واقع، وأما بالنسبة للعدة وانتهائها إذا أسقطت الحمل فهذا فيه تفصيل. فإن كان الذي أسقطت تبين فيه خلق إنسان ولو خفي، كتخطيط يد أو رجل ونحو ذلك فإنه نفاس وتخرج بذلك من عدتها. وأما إن كان لم يتبين فيه خلق إنسان كأن يكون مضغة لم يتبين فيها خلق الإنسان أو علقة دم أو نطفة فهذا لا تخرج به من العدة؛ لأنه لا يكون نفاساً، وعليها أن تعتد عدتها الشرعية وهي ثلاث حيض. فالعبرة بتبين خلق الإنسان دون ما يتعلق بنفخ الروح. والله أعلم.

الإحداد

هل للمعتدة من الوفاة الخروج للزيارة؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإحداد التاريخ 02/05/1425هـ السؤال لي قريبة توفي زوجها وهي الآن في أشهر العدة، ولها أربعة من الأبناء أكبرهم يبلغ اثنتي عشرة سنة، السؤال: لقد بلغت سوء الحالة النفسية بها مبلغاً كبيراً خصوصاً لجلوسها مع أبنائها وحيدة في هذا الشهر الكريم (شهر رمضان) ، فهل يجوز لها أن تفعل التالي: (1) الذهاب إلى بيت والدها لمدة خمسة أيام أو أسبوع. (2) صلاة التراويح في المسجد. (3) أداء العمرة. هذه الأمور ستخفف عنها الكثير، أرجو منكم الإجابة، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فمن توفي زوجها وجبت عليها العدة لقوله تعالى: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا" [البقرة: 234] ، ويلزمها الإحداد عليه في مدة العدة بأن تلزم بيتها وتجتنب الزينة والحلي والطيب، ويجوز لها أن تخرج من بيتها لقضاء حوائجها في النهار دون الليل، ولا يجوز لها الخروج ليلاً ولا السفر ولا الانتقال من بيتها إلا لضرورة كأن تخشى على نفسها. ونقل مجاهد أن نساء شهداء أحد قلن للنبي -صلى الله عليه وسلم- نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا فقال: "تحدثن عند إحداكن ما بدا لكُنَّ حتى إذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة إلى بيتها" البيهقي في السنن الكبرى (7/436) ؛ عبد الرزاق في مصنفه (7/36) . فللمرأة إذا استوحشت أن تخرج للزيارة نهاراً، ولكن المرأة المذكورة في السؤال لديها أبناؤها يمنعون الوحشة عنها. وعليه فإن للأخت المذكورة الخروج لشراء حوائجها نهاراً، وليس لها السفر للعمرة ولا الخروج لصلاة التراويح ولا المبيت خارج بيتها. ويمكن أن يزورها أهلها وقرابتها، ولتؤمر بالصبر والاحتساب، وأن توقن أنها مأجورة على صبرها وامتثالها أوامر ربها، والله الموفق.

لبس المسلمة السواد حدادا على النصرانية

لبس المسلمة السواد حداداً على النصرانية المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإحداد التاريخ 07/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخت زوجتي (غير مسلمة) في حالة خطيرة، مغمى عليها بين الحياة والموت في المستشفى، وتريد زوجتي (مسلمة والحمد لله) ، استعدادًا لحالة الموت، شراء ثوب أسود تلبسه حدادًا عند حضور مراسيم الدفن مخافة أن يعيب عليها أهلها (نصارى) ، فهل يجوز لها ذلك؟ وفي أي حالة (عند موت أي الأقارب) يجوز لها ذلك؟ وهل مقرون ذلك شرعًا بثوب معين (في المغرب يلبسن الأبيض، بخلاف نساء المشرق الأسود) ؟ وهل اختلفت المذاهب في ذلك؟ وجزاك الله خير الجزاء. الجواب ما سألت عنه من لبس زوجتك السواد حدادًا عند مراسيم الدفن لموت قريبتها، فنقول لك: إن هذا مما لا يجوز؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم- عن الإحداد على ميت فوق ثلاث إلا للزوجة على زوجها. انظر ما رواه البخاري (1282) ومسلم (1486) ، من حديث أم حبيبة، رضي الله عنها- وقد مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، ومات غيره من قواد المسلمين، ومات ثلاث من بنات النبي صلى الله عليه وسلم- في حياته، ولم يحد على أحد منهم، ثم مات- بأبي هو وأمي- ولم يحد عليه الصحابة، رضي الله عنهم، مع عظم المصيبة بموته، وأما الحزن على الميت والبكاء عليه فليس من الإحداد، وهو جائز ما لم يتجاوز الحد المشروع، وهذا في حق من كان مسلمًا، فكيف بمن لم يكن مسلمًا؟ ولا يضير زوجتك لوم أهلها إن وقع، ولتشعرهم بأن هذا من الدين. وفقكم الله.

أحكام عدة الوفاة

أحكام عدة الوفاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإحداد التاريخ 10/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (1) زوجي توفي وكُفِّن، وأريد أن أتصدق بقيمة هذا الكفن لنفس المغسلة؛ حتى لا يكون صدقة عليه فكم أدفع لهم؟ (2) هل يجوز لي استخدام الحنة الحمراء في شعري أثناء الحداد؟ (3) هل يجوز لي الرد على الهاتف لتقبل تعازي أولاد عمي؟ (4) إخوان زوجي متزوجون ويدخلون المنزل للاطمئنان على أبنائي في حضوري مع التستر الكامل، فهل يجوز لي التحدث معهم، مع العلم أنهم لا يطيلون المكوث؟ (5) هل يجوز التثويب له بقراءة القرآن والاستغفار والتسبيح؟ (6) ما هو أجر من أصيبت بوفاة زوجها، وهل يقبل دعائي في هذه الفترة؟ وجزاك الله خيراً. الجواب (1) أهل المغسلة تبرعوا لزوجك بالكفن، ولكِ أن تتبرعي لهم بما شئت أكثر من قيمة الكفن أو أقل، لأن تبرعك ليس من باب المعاوضة والبيع، وإنما هو تبرع منك. (2) ليس لك استخدام الحناء في شعرك أثناء أيام العدة والحداد؛ لما روت أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حين توفي أبو سلمة - رضي الله عنه- وقد جعلت على عيني صَبْراً، فقال: ما هذا يا أم سلمة؟ قلت: إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب. قال: إنه يُشبٌّ الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعينه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضابُُ، قالت: قلت بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر تُغلّفين به رأسك" رواه أبو داود (2305) ، والنسائي (3537) . (3) نعم، لكِ الرد على الهاتف، ولكِ مخاطبة من كلمك بدون خضوع في القول. (4) نعم لك السلام عليهم، والتحدث معهم فيما فيه مصلحة لك أو لأولادك، مع الستر الكامل لجميع البدن. (5) يجوز الدعاء، وينفع بإذن الله تعالى، أما إهداء ثواب القراءة والتسبيح فهو محل خلاف بين العلماء -رحمهم الله-. 6) أجرها عظيم عند الله؛ إذا صبرت واحتسبت، قال الله تعالى:"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين" [البقرة: 155] ، وقال تعالى:"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" [الزمر: 10] ، وقال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين" [البقرة: 153] ، وغيرها من الآيات في جزاء الصابرين، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" رواه البخاري (6424) .

مكان إحداد الخادمة

مكان إحداد الخادمة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإحداد التاريخ 22/12/1423هـ السؤال أحد الإخوة توفي زوج خادمته المسلمة، فهل تحد عنده في غير بلادها أم يسفرها لتحد في بلادها؟ وكيف نعمل والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المرأة أن تمكث في البيت الذي توفي زوجها وهي فيه حتى يبلغ الكتاب أجله. الجواب تحد في بيت من هي مقيمة عنده، ولا تسافر لبلادها وتلزم البيت ولا تخرج إلاّ لضرورة، وتجتنب الزينة والطيب حتى تتم مدّة العدة أربعة أشهر وعشرة أيام إن لم تكن حاملاً، وإلاّ فالعدة بوضع الحمل، وتقوم بالعمل الذي تزاوله في البيت قبل العدّة.

النفقات

العدل بين الزوجات في النفقة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 7/2/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ حفظكم الله: والدي متزوج من امرأتين، الأولى لا تعمل والثانية متقاعدة عن التدريس ولها راتب لا يقل عن خمسة آلاف ريال. وسؤالي هل هناك ظلم لو أعطى الأولى مصروف 500 ريال، وترك الأخرى إذ لديها ما يغنيها وليست بالمحتاجة، خصوصاً في السابق وقبل مرحلة التقاعد للثانية لم يكن يعطي أيا منهما بحجة العدل، وكذلك بالمثل لأغراض المنزل وفق عدد العوائل، فالأولى كثيرة والثانية قليلة فهل يقسمها بالنصف؟ وإن كان لديكم توجيهات في العدل بين الزوجات والأخطاء الفادحة كذلك أفيدونا أثابكم الله. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فالجواب: أن العدل بين الزوجات مطلوب شرعاً والنفقة لهن على الزوج واجبة، وبناءً عليه فإنه لا يجوز إعطاء إحدى الزوجتين مصروفاً دون الأخرى بحجة أن لها راتباً تقاعدياً تستغنى به، ذلك أن راتبها مما يخصها، لكن لو عفت للزوج عن المصروف أو أذنت له بإعطاء شريكتها دونها فلا مانع من ذلك. أما كيفية العدل في المصروفات وأغراض المنزل فهو على قدر الحاجة، فإذا كانت إحدى الزوجتين -كما ذكر السائل- أولادها أكثر من أولاد الأخرى، فلا يلزمه أن يقسم تلك الأغراض بين العائلتين بالسوية لكل عائلة نصف، بل تكون على قدر الحاجة فيزاد لمن أولادها أكثر، والله أعلم.

النفقة الواجبة على الزوج

النفقة الواجبة على الزوج المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 6/10/1424هـ السؤال أنا أرتدي النقاب، وقد تزوجت الآن من رجل متزوج (أنا زوجته الثانية) ، وتحت ظل ظروفه، فإنه لا يستطيع أن يقوم علي بالإنفاق بشكل كامل، وإحدى الخيارات المطروحة أمامه أن يرسلني إلى بيت أهله كي أعيش معهم في بلاد ما وراء البحار، ووفقاً للشريعة الإسلامية، هل علي مع ذلك أن أعمل، حتى وإن قبلت بأن أعمل جزئياً؟ وهل يتحمل زوجي مسؤولية سداد ديوني حتى أذهب للحج إن كنت لا أستطيع العمل؟ وعندما أعمل ما هي النسبة التي تقترح أن أستقطعها كي أعمل على حساب توفير شخصي للحالات الطارئة مقابل سداد ديوني، أنا لا أزال أسدد بعض المبالغ المطلوبة، علي ديون مختلفة وقد تمكنت من الوفاء ببعض الديون الصغيرة، لكنني لم أتمكَّن من توفير أي مبلغ حتى الآن، وهذا وضع صعب لامرأة متزوجة تعيش في دولة أخرى بعيدة عن زوجها، وليس لها عائلة تعتمد على أفرادها، هل يجوز إسلامياً أن أتقدم بطلب أعلن فيه عن إفلاسي إذا كنت لا أستطيع سداد ديوني، لنقل مثلاً: أنا ذهبت إلى الخارج ولم أعمل، وهل يعد الله -سبحانه وتعالى- ذلك الفعل فيه إخلال مني بالأمانة؟. الجواب يلزم الزوج في الشريعة الإسلامية بالإنفاق على زوجته بالمعروف، وهذا من حقوق المرأة على زوجها، قال الله -تعالى-: "لينفق ذو سعة من سعته" [الطلاق:7] ، وقال -تعالى-: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة: 228] ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (128) من حديث جابر - رضي الله عنه-. والأصل في المرأة أن تقرّ في بيتها وتتفرغ لتربية أبنائها ورعاية زوجها وليست ملزمة بالخروج للعمل، والأفضل أن تكون المرأة بقرب زوجها لتنال حقوقها كاملة، ولكي تتحقق العشرة الطيبة بين الزوجين إلا إذا دعت الضرورة إلى بعد الزوجة عن زوجها، فحينئذ على الزوج أن يراعي زوجته ويبعث لها بالنفقة ولا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر، وإذا لم يستطع زوجك الإنفاق عليك، ورغبت في الاستمرار في عصمته، وعملت في بعض الأعمال التي تزيد في الدخل تطوعاً منك، فإن هذا جائز وتؤجرين عليه شريطة أن يكون الذي تقومين به خالياً من المحاذير الشرعية. وأما مسألة الديون السابقة فإن زوجك ليس ملزماً بسدادها إلا إذا رغب في ذلك تبرعاً منه، وإذا كنت لا تستطيعين سدادها فإنك تكونين معسرة، ويجوز أن تأخذي من الزكاة لسداد هذه الديون، ولا مانع من إظهار إعسارك لتأخذي المعونات والزكوات التي تعطى للمعسرين. وعليك أن تسعي في استقطاع جزء من دخلك لسداد هذه الديون، وتقدير النسبة مرجعها إليك، فأنت أدرى بحالك وما يناسبه، ولكن عليك بالتوازن، بحيث لا يؤثر المبلغ المستقطع في معيشتك وحاجاتك الضرورية. وأما الحج فإنه لا يجب عليك في هذا الوقت ما دمت لا تملكين المال الكافي للسفر، ونفقة الحج.

أخذ المرأة من مال زوجها

أخذ المرأة من مال زوجها المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 29/12/1422 السؤال هناك أب نوعاً ما بخيل على أسرته، قليل ما ينفق عليهم، والأم لها أولاد ستة وهي تقوم بأخذ مال معين للإنفاق على الأسرة، فهل هذا حرام أم لا؟ الجواب أخرج البخاري في صحيحه (كتاب النفقات، 5364) ، ومسلم في صحيحه (كتاب الأقضية، 1714) عن هند بنت عتبة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف "، والحديث صريح في جواز أخذ الزوجة من مال زوجها إذا كان بخيلاً يقصَّر في النفقة عليها وعلى أولاده مع غناه، على أن إباحة أخذ الزوجة من ماله من غير علمه مقيَّدة بحدود الحاجة وعلى قدر الكفاية بالمعروف (والمعروف، هو: القدر الذي عُرف بالعادة أنه كفاية) ، وعلى هذا فلا يجوز أن تأخذ الزوجة من مال زوجها الشحيح بغير علمه لتنفقه في الترفه، ولا أن تأخذ فوق الحاجة، أما إذا كان الزوج إنما يمنعها التوسع في الترف والأشياء الكمالية، فهذا ليس بشح يبيح الأخذ من ماله من غير إذنه.

تربية اللقيط

تربية اللقيط المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 22/8/1423هـ السؤال ما حكم تربية طفل لقيط؟ وهل أجره مثل أجر اليتيم؟ وما هو وضعه يوم القيامة؟ وهل يأخذ حقه؟ الجواب حال اللقيط مثل اليتيم، بل قد يكون اللقيط أشد ضرراً من اليتيم؛ لأن اللقيط فاقد لوالديه واليتيم لأحدهما، واللقيط مجهول النسب، فلا أقارب يرعونه، واليتيم عند أحد والديه وبين أقاربه، وأما عن وضع من ألقاه وتخلى عنه يوم القيامة؛ فهو عند حكم عدل قائل في محكم التنزيل: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ" [الزلزلة:7-8] ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته" كما في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - الذي رواه مسلم (996) ، هذا إن كان اللقيط من نكاح، فإن كان من سفاح فالإثم أعظم والجريرة أكبر، نسأل الله العافية.

العدل بين الأولاد

العدل بين الأولاد المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 26/10/1423هـ السؤال هل يجوز للوالدين أن يجهزا الصبيان بشقق الزواج، بينما يجهزا البنات بحوالي نصف القيمة تقريباً، وجميع الأبناء ليس لهم دخل، أم أن ذلك يعد من قبيل الهبة غير المتساوية؟ الجواب تجهيز الأولاد للزواج يعد من النفقة لا من الهبة، فيعطى كل واحد من الأولاد حسب حاجته للزواج، ولا يجب التساوي، بل حسب الحاجة، والله أعلم.

توفير المرأة من نفقة بيتها

توفير المرأة من نفقة بيتها المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 22/4/1424هـ السؤال أشكر موقع الإسلام اليوم على وجود هذه النافذة للفتاوى، السؤال هو إذا أعطى الرجل زوجته مصروف المنزل، ووفرت هي منه مائة ريال شهريا، ً واشتركت بها في جمعية مع أخواتها ثم تقوم بصرف المبلغ في بعض شؤون المنزل أو شؤونها الخاصة أو تصدقت منه بدون أن تخبر زوجها بذلك لأنها تخجل منه، وهو عنده زوجة أخرى ويدفع لها مصروفها هي وأبناؤها أيضاً، فما حكم هذا التصرف؟ ولكم مني الشكر الجزيل. الجواب أما كونها توفر هذا لا يخلو من أمرين: الأمر الأول: أن تقوم بالواجب في المنزل ولا تقصر فيه فهذا جائز. الأمر الثاني: أن تقصر في بعض شؤون المنزل لكي توفر، فهذا لا يجوز إلا بإذن الزوج.

هل يلزم المرأة الإنفاق على أبيها؟

هل يلزم المرأة الإنفاق على أبيها؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 02/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي عن راتب البنت في البيت، هل من الواجب أن تصرف في بيت أبيها؟ علمًا أن والدها له راتب كبير وأملاك كثيرة، والأم كذلك لديها راتب، فهل عليها ذنب إذا لم تصرف؟ أفيدونا يرحمكم الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن النفقة واجبة على من له حق القوامة، والذي له هذا الحق هو الأب والزوج، قال الله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ... " الآية ... [النساء:34] ، وليس على الزوجة أن تنفق في بيت زوجها من مالها، وكذلك البنت، وإنما الواجب على الزوج والأب أن ينفق على الزوجة والبنت وإن كن غنيات. ولكن لا مانع -من باب التعاون والبر- أن تساعد البنت أباها والزوجة زوجها ببعض مالها عن طيب نفس لا إكراهاً. والله تعالى أعلم.

هل يلزم الأب المطلق بنفقة ابنه؟

هل يلزم الأب المطلق بنفقة ابنه؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 01/09/1426هـ السؤال أنا امرأة تزوجت في سن صغيرة، ولم أوفق في زواجي -والحمد لله على كل حال- تم الطلاق وأنا في سن العشرين ولدي ولد من هذا الزواج، توليت تربيته والإنفاق عليه حيث طلب مني زوجي أن أتنازل عن مصاريفه والإنفاق عليه مقابل الطلاق، وبعد عشر سنوات رزقني الله بالرجل الصالح -والحمد لله- زوجي ملتزم ومتعلم وذو خلق ودين ووضعه المادي جيد، وقد وافقت عليه لأخلاقه، ورغبة مني في الستر, إلا أن زوجي متزوج وزوجته الأولى متعلمة، إلا أنني بعد الزواج تفاجأت بالسلوك غير الحميد من ناحيتها، وبالاتصال علي والتلفظ بما لا يليق، وإرسال الرسائل التي تتهمني فيها بغش زوجها واستدراجه للزواج منه، والله هو العالم أنني لم أفعل ذلك -والحمد لله- الذي مكنني من ضبط مشاعري وعدم الرد عليها، بل ومراعاة ظروفها ووضعها النفسي، كما أنني ألاحظ عدم العدل من قبل زوجي من ناحية المعاملة، فمثلاً أجده يراعي وضعها النفسي، ويشفق عليها ويتحمل منها ما لا يتحمل مني، ولا أجد القبول منه بل أجد الانتقاد. سؤالي الأول هو: هل يحق لزوجي السابق أن يشترط ألا ينفق على ابنه شرطاً للطلاق؟ وما الحل في هذا الموقف؟ السؤال الثاني: هل هناك حل شرعي لمن ترغب في الستر، سواء كانت أرملة أو مطلقة غير الزواج برجل متزوج. وإن كان العرف في هذا الزمن يعتبر الزواج من رجل متزوج جريمة وخراب ديار؟! ثالثا: ما الموقف الذي أتخذه مع زوجي وزوجته؟ أخيراً: أنا لا أجد حلاً لما أنا فيه سوى الدعاء، إلا أنني غالباً أفكر في طلب الطلاق، وأجد أن زوجي لن يمانع في ذلك، لأنه غير متمسك بي، وهو رجل فاضل، إلا أنني لا أرى أن لي مكاناً عنده. أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فنفقة الأولاد واجبة على والدهم بلا خلاف؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت"، رواه أحمد (6495) وأبو داود (1692) والنسائي في الكبرى (9177) ، من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-. ولكن لو طلق الرجل زوجته بناءً على طلبها مقابل تحملها نفقتهم صح ذلك، وعدَّه بعض العلماء خلعاً لا طلاقاً؛ لأن ركن الخلع أن يكون بعوض مالي والنفقة مال. ويلاحظ أن الأخت السائلة لم تسأل عن ذلك إلا بعد مرور عشر سنوات من الطلاق، ورضاها بذلك طيلة الفترة الماضية لكونها موظفة تستطيع أن تنفق على نفسها وعلى ولدها. والحل هنا إن كان يشق على الأخت السائلة النفقة أن توسط من تراه صالحاً من أهل العقل والدين لإقناع مطلقها بالنفقة على ولده منه وتذكيره بفضل هذه العبادة الجليلة، وفي حال عجز السائلة عن النفقة رجعت النفقة على والد الطفل حتماً حتى لا يتضرر. أما الحل الشرعي لمن ترغب في الستر فهو الزواج، سواء برجل متزوج أو غير متزوج، وليست المرأة مجبرة على الزواج برجل متزوج، ولكنه خير من بقائها بلا زوج، خاصة أن الأخت السائلة تثني على زوجها، وأنه متعلم وذو خلق وأنه فاضل، فهذا مكسب عظيم إذ يعز وجود مثل ذلك.

أما ما ذكرته السائلة من أن الزواج من رجل متزوج جريمة وخراب ديار فهذا غير صحيح؛ فكثير من النساء الأبكار صغيرات السن -فضلاً عن المطلقات والأرامل- قد تزوجن برجال معددين وعشن حياة سعيدة وطيبة، ولو أن الزواج برجل متزوج جريمة وخراب ديار لما أقدم الناس عليه بهذه الصورة، بل هو أمر جائز شرعاً ومقبول عرفاً وواقع حساً، أما نظرة البعض القاصرة تجاه التعدد فهي مما لا قيمة له لمخالفته الأدلة الشرعية. أما الموقف الذي تتخذينه مع زوجك فهو التقرب إليه والصبر على ما قد يصدر منه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن خير النساء؟ قال: "التي تطيع إذا أمر، وتسر إذا نظر، وتحفظه في نفسها وماله" رواه الطيالسي في مسنده (2325) ، والنسائي في الكبرى (8961) . وأنت موعودة بأجر عظيم، فعن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجا، قيل لها: أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد (1661) ، ورواه ابن حبان (4163) ، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- واعلمي أنك في بداية الطريق، والألفة والمحبة تنمو وتزداد مع مضي الوقت، خاصة مع تقربك إليه وعدم إشعاره بما ذكرتيه هنا، وابتعدي عن وساوس الشيطان الذي يتمنى أن يفرح بطلاقك عاجلاً غير آجل، ولا تكوني عوناً له في طلاقك. أما ما ذكرتيه من غيرة زوجته الأولى فهذا أمر طبعي لا يسلم منه أحد، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: "غارت أمكم" ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من التي هو في بيتها، فدفع الصحفة، الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت. رواه البخاري (4927) ، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

إسقاط الزوجة النفقة والسكن

إسقاط الزوجة النفقة والسكن المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 15/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أفيدونا جزاكم الله خيراً عن النفقة والسكنى للمرأة، هل هي من الحقوق الخاصة بها التي تستطيع أن تسقطها، أم هي ثابتة لها لا تسقط بإسقاطها؟ وهل يجوز للرجل أن يتزوج بالمرأة بشرط أن لا نفقة لها ولا سكني؟ لأنه تكثر في روسيا نساء يردن الزواج ولا يجدن من يتزوج بهن، وهن راغبات في الزواج وراضيات بإسقاط النفقة والسكن، وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم. الجواب السكن والنفقة والمبيت والمهر من حقوق المرأة الخاصة التي لها أن تسقطها أو تسقط بعضها ولا حرج في ذلك. قال الله عز وجل عن المهر: "فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً" [النساء:4] وقد أسقطت أم المؤمنين سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - حقها في المبيت ووهبته لعائشة - رضي الله عنها - انظر ما رواه البخاري (5212) ، ومسلم (2445) من حديث عائشة -رضي الله عنها- ومثله السكن والنفقة. إلا أن المرأة لها أن تعود فيما أسقطته، فلها مثلاً أن تطالب بالنفقة مستقبلاً بعد أن كانت قد أسقطتها، والله أعلم.

هل يلزمني علاج مطلقتي وقت العدة؟

هل يلزمني علاج مطلقتي وقت العدة؟ المجيب صالح بن راشد الغيث القاضي بالمحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 04/07/1426هـ السؤال هل أقوم بدفع مصاريف علاج وفترة إقامة مطلقتي عند أهلها، علماً أنها هي التي طلبت الطلاق وهي حامل؟ الجواب الحمد لله وحده وبعد: فإن كانت هذه المطلقة طُلِّقت طلاقاً رجعياً، ولا زالت في العدة، فإن لها النفقة بكل حال، لأنها كما قال تعالى: "وبُعُولتهنَّ أحق بردهن في ذلك" [البقرة:228] . وقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: "انظري يا بنت آل قيس، إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة، فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى". رواه أحمد (27100) ، وأصله في صحيح مسلم (1480) . ولأن هذه المرأة المطلقة حامل فإن لها النفقة ولو كان طلاقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى أو صغرى بإجماع أهل العلم، لقوله تعالى: "وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهنَّ حتى يضعن حملهنَّ" [الطلاق:6] . وقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس في إحدى الروايات: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً" رواه أبو داود (2284) . وأصله في صحيح مسلم (1480) . والنفقة واجبة من أجل الحمل؛ لوجوبها بوجوده وسقوطها بعدمه، ولأن الحمل ولدك فيلزمك الإنفاق عليه، ولا يمكنك الإنفاق عليه إلا بالإنفاق على مطلقتك [المغني (11/402) ] . والحكمة في ذلك أيضاً (أن الأصل التشارك في النفقة لأجل بقاء الحياتين، ولكن نفقتك على ما في بطنها واجبة على وجه الانفراد، وحملها للولد في بطنها، والمشقة الناشئة عن ذلك أوجب أن تكون كالأجرة لها وجبرًا لخاطرها، وأن لا يكون عليها فيها شيء، وهذا من تمام الحكمة والرحمة والعدل) كما قال ابن سعدي -رحمه الله تعالى- في الفتاوى (393) . وأما بالنسبة لمصاريف العلاج، فإذا كان العلاج لمصلحة الحمل، فهو داخل في النفقة الواجبة من أجل الحمل. أما إذا كان العلاج لمصلحة الزوجة أو المطلقة فإنه لا يلزمه ذلك. قال ابن قدامة -رحمه الله-: (ولا يجب عليه شراء الأدوية ولا أجرة الطبيب؛ لأنه يراد لإصلاح الجسم، فلا يلزمه كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار، وحفظ أصولها، وكذلك أجرة الحجَّام والفاصد) [المغني 11/354) ] . والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مقدار نفقة الزوجة

مقدار نفقة الزوجة المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 20/12/1424هـ السؤال ما هو مقدار النفقة للزوجة؟ وهل تكون كل سنة مرتين بالنسبة للكسوة؟ وخصوصاً أن الزوج لا يسأل في كسوة أهله؟ وهل للمرأة أن تطلب النفقة مالاً تنفقه كيفما تريد؟ وإذا كان الزوج لا يعترف بكسوة زوجته كل سنة ما الحكم؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم ليس للنفقة على الزوجة مقدار معين، وإنما يجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، فيطعمها، ويكسوها، ويسكنها بالمعروف، وليس للمرأة أن تطلب مالاً لتنفقه، وإنما ينفق عليها هو بالمعروف، ولا يجوز للزوج أن يمنع زوجته الكسوة، وإنما يجب عليه أن يكسوها بحسب ما تعارف عليه الناس، ولا يحدد ذلك بسنة أو أقل ولا أكثر، وإنما حسب العرف وحسب حال الزوج من فقر أو غنى.

أخذ المرأة من مال زوجها بغير علمه

أخذ المرأة من مال زوجها بغير علمه المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 06/09/1426هـ السؤال هل يحق للزوجة أن تأخذ مال زوجها بغير علمه؟ وهل يجوز لها أن تكذب عندما تحتاج المزيد من المال، إذا كان الزوج غير عادل، ولا يعطي زوجته ما يكفيها من المال؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فيحق للزوجة أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها بالمعروف بغير إذنه، إذا كان الزوج يقصر في نفقتها ونفقة أولادها؛ لما رواه البخاري (2211) ومسلم (1714) أن زوجة أبي سفيان -رضي الله عنها وعن زوجها- قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل عليَّ من جناح؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك". والله أعلم.

هل ينفق على ولده البالغ

هل ينفق على ولده البالغ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 15/1/1425هـ السؤال زوجي عنده ولدان من زوجة سابقة. كانا يعيشان معنا حتى فترة قريبة حيث قامت أمهما باختطافهما والهرب بهما. وهي ترفض حكم المحكمة التي قضت بحضانة زوجي للأولاد. والمحاكم عندنا تعمل وفق الدين النصراني. وهذه المرأة رفعت قضية علينا للنفقة على الأطفال مع أنها تتحدى قرار المحكمة في هذا الشأن. والمبلغ الذي تطلبه للأطفال فوق طاقتنا. لكن المحكمة ترى الأمور بطريقة مختلفة وسيجبرون زوجي على العمل في وظيفة ثانية للإنفاق على الأولاد. علماً بأن الولدين بالغين. هل لكم أن تقدموا توجيهاً لنا بهذا الخصوص. وهل يحرم على المرأة هذا المال الذي تطالب به؟ وهل يوجد سورة في القرآن يقرأها الشخص لينفرج ضيقه وهمه؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فأما الأولاد (أو الأبناء بمعنى أدق) إذا كانوا بالغين راشدين فإنه لا حضانة لأحد عليهم، ولهم الخيار في الإقامة عند من شاءوا من الأبوين، ولهم الانفراد بأنفسهم إذا شاءوا لاستغنائهم عنهما، كما صرح بذلك ابن قدامة في المغني (11/414) ، وغيره من العلماء، ولكن لا يجوز أن يقطعوا برهم بهما، وإذا احتاج أحدهما إلى الخدمة والرعاية فإنه يجب عليهم القيام بذلك قدر الاستطاعة؛ لوجوب برهما بمقتضى النصوص الشرعية الصريحة في هذا الشأن. أما بالنسبة للإنفاق على الأولاد البالغين، فإنه يجب على الأب إذا كان موسراً (لديه ما ينفق عليهم) ، وكانوا محتاجين للنفقة؛ لعموم قوله -تعالى-: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة: 223] . وأما إذا كان الأب معسراً، أو ليس لديه ما ينفق عليهم، فإنه لا تلزمه نفقتهم شرعاً، لا سيما وأن والدة الولدين قد انتزعتهم من منزل والدهما الذي كان مسكناً لهما، وكانا يشتركان فيه مع والدهم في المأكل والمشرب. وعلى هذا فلا يجوز للوالدة أن تطالب الوالد بالنفقة والحالة هذه، وإلزام المحكمة للوالد بالعمل في وظيفة أخرى لينفق على أولاده هو ضريبة من ضرائب الإقامة في بلاد الكفر، فنسأل الله -تعالى- أن يعينكم على ما أنتم فيه. وأوصيكم بحل هذه المشكلة عن طريق الصلح وإدخال طرف ثالث للتوفيق بين الزوج وأم أولاده، لأن هذا الصلح يقلل من حجم الخسائر المادية والمعنوية بين الطرفين.

وأما ما يفرج الهم ويزيل الضيق، فهو قراءة كتاب الله -تعالى-، وتدبره، والتعلق بالله -تعالى- عند نزول المصائب واستحضار المؤمن بأنه مبتلى في هذه الدنيا، وأنه مأجور عند الله -تعالى- إذا احتسب ذلك، ومن الأحاديث الواردة في إزالة الهم والحزن، ما رواه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حُزني، وذهاب هَمِّي، إلا أذهب الله -عز وجل- همه، وأبدله مكان حزنه فرحاً، قالوا: يا رسول الله: ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: "أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" قال المنذري في الترغيب والترهيب (2/383) ، رواه أحمد (4306) ، والبزار، وأبو يعلي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، كلهم عن أبي سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود - رضي الله عنه-، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن عن أبيه قال الحافظ: ولم يسلم" ا. هـ، ومن الأدعية المأثورة: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضَلَع الدين، وغلبة الرجال" أخرجه البخاري في صحيحه برقم (6369) عن أنس -رضي الله عنه-. ومما يزيل الهم، ويوسع على المؤمن، الهجرة من بلاد الشرك، كما أخبر بذلك ربنا -عز وجل-، حيث قال: "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة" [النساء من الآية: 100] قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية (5/242) : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: إن الله أخبر أن من هاجر في سبيله يجد في الأرض مضطرباً ومتسعاً، وقد يدخل في السعة، السعة في الرزق، والغنى من الفقر، ويدخل فيه السعة من ضيق الهم والكرب الذي كان فيه أهل الإيمان بالله من المشركين بمكة وغير ذلك من معاني السعة التي هي بمعنى الروح والفرج من مكروه ما كره الله للمؤمنين بمقامهم بين ظهري المشركين في سلطانهم.." ا. هـ والله -تعالى- أعلم.

ينفق على إخوته ويحرم أبناءه

ينفق على إخوته ويحرم أبناءه المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 23/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أبي يرسل ماله كله إلى أخته وإخوانه المتزوجين، ونحن الآن لا نملك حتى ثمن الخبز، وكل ما لدينا يأخذونه منا، وعندما نناقش والدي يقول: إخوتي وأمي قبلكم، مع العلم أنهم يشتغلون ومتزوجون، ولديهم الأولاد، إلا أخته غير متزوجة، ولكنها معيدة في الجامعة، ودخلها أكثر من دخلنا، فأستحلفكم بالله كيف لنا أن نعيش بدون المال، وكل ما لدينا في يدهم؟ وما الحل مع والدي الذي لا هم له في الدنيا سوى أهله؟ أما نحن فعلى الهامش، فمن يعولنا إن كان والدي هكذا؟. والسلام. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقد اشتمل سؤال الأخت السائلة على مسائل متفرقة منها: أولاً: حكم نفقة الزوجة والأولاد، وجوابها: أنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، كما يجب عليه أن ينفق على أولاده كذلك؛ لأدلة كثيرة منها ما رواه عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت" رواه أبو داود (1692) ، وأحمد (2/160) ، وصححه الحاكم (1/415) ، والنفقة عليهم من أجل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك" رواه مسلم (995) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وعن ثوبان - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله" رواه مسلم (994) . ثانياً: حكم النفقة على الوالدة والإخوة والأخوات: إن كانت الأم فقيرة ومحتاجة إلى النفقة وجب على أولادها أن ينفقوا عليها بالمعروف، والنفقة واجبة على القادر من الأولاد، فإن كانوا جميعهم قادرين وجبت عليهم بالتساوي. أما النفقة على الإخوة والأخوات: فنفقة القريب - عدا الوالدين وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا - لا تجب إلا بثلاثة شروط: الأول: أن يكون المنفق وارثاً لمن ينفق عليه؛ لقوله تعالى: "وعلى الوارث مثل ذلك" [البقرة: من الآية 233] . الثاني: فقر المنفق عليه وعجزه عن التكسب، فإن كان أحدهم قادراً على التكسب وتركه سقطت نفقته لكون التفريط منه. الثالث: غنى المنفق، فإن كان فقيراً فإنه لا تلزمه نفقتهم، ومن وجبت نفقته فالواجب قدر إرثه منهم، وباقي النفقة على باقي الورثة. ثالثاً: لا يجوز للوالد أن يقصر في نفقة أولاده وزوجته الواجبة عليه لأجل الإحسان إلى غيرهم ممن لا تجب نفقتهم عليه. رابعاً: يحرم على المرء أن يعتدي على مال غيره، وأن يأخذه بغير علم منه ورضا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه" رواه أحمد (5/72) ، وأبو يعلى (1570) ، والبيهقي في الخلافيات، وحسنه كما في (خلاصة البدر المنير2/88) .

خامساً: دعوى أن والدك مسحور تحتاج إلى تثبت وتبين بأن يُعرض على أحد طلبة العلم الشرعي ممن يعرف المسحور من غيره، ولا يجوز عرضه على كاهن أو ساحر، أو عراف، أو غيرهم ممن لا يحل الذهاب إليهم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً" رواه مسلم (2230) عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن ثبت أنه مسحور فعليكم علاجه بالرقية الشرعية. سادساً: لعل ما يصدر من والدكم نتيجة عكسية لأمر قد صدر منكم، سواء بعدم احترامه أو الإكثار عليه في الطلبات مما لا يجب عليه تأمينه أو عدم شكره والثناء على ما يقدمه لكم، لذا فإنه مع كل ما ذُكر يجب عليكم الإحسان إليه وبره، وعدم إظهار الضجر منه؛ لأن منزلة الوالدين عند الله -تعالى- عظيمة، قال -تعالى-: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء: 23] ، وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً" [الأحقاف: 15] ، ولا تجعلوا الدنيا سبباً لمعاداة والدكم؛ فعقوقكم له لا يقل إثماً عن تقصيره في النفقة عليكم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التسوية بين الأولاد في النفقة

التسوية بين الأولاد في النفقة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 19/5/1425هـ السؤال نحن خمسة إخوة متزوجون، كان والدنا -رحمه الله- قد أعطى في حياته لثلاثة منا مصاريف للعلاج، وكان يعطي لبعضنا مصاريف أخرى بسبب ظروفهم المادية السيئة، ولم يعترض أحد في هذا الأمر, وهذه المبالغ غير متساوية، كل واحد أخذ من الثلاثة حسب حاجته للعلاج، الخ، أما الباقي الاثنين فقالا لوالدنا: إنك أعطيت للثلاثة فماذا عنا الاثنين؟ فكان يقول: حاضر سأعطيكما، ومرت السنين ولكنه لم يعطهما، وعندما أصبح عاطلاً عن العمل، قال له الاثنين: الآن أنت محتاج للمبلغ عندما نحتاج سنأخذ منك, الآن وقد توفي والدنا، وتم احتساب الميراث حسب القسمة الشرعية، والسؤال هو: هل يجب علينا أن نخرج من الميراث ونعطي الاثنين الباقين؟ وإذا رفض أحد الإخوة أن نعطي للاثنين، فهل هذا سيكون ديناً على والدنا؟ وجزاكم الله ألف خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالجواب: أنه مما لا شك فيه وجوب عدل الوالد في عطيته لأولاده؛ لما جاء في الصحيحين البخاري (2587) ، ومسلم (1623) في قصة النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- حينما نحله أبوه غلاماً دون سائر إخوته، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا، قال - صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". لكن ما دام أن والدكم - رحمه الله - خص بعضكم لسبب شرعي؛ كما جاء في السؤال حيث أعطى البعض مصاريف للعلاج، وأعطى أيضاً بعضاً آخر لظروفهم المادية، ولم يعط الباقين لعدم حاجتهم إلى ذلك، فإن هذا جائز في قول كثير من أهل العلم، فهو قول لأبي حنيفة، ومذهب الشافعي، ورواية عن أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد جاء في الإنصاف للمرداوي (7/139) ما نصه: وقيل: إن أعطاه لمعنى فيه من حاجة أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو لاشتغاله بالعلم ونحوه، أو منع بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يعصي الله بما يأخذه ونحوه جاز التخصيص، واختاره المصنف، ثم ذكر أنه رواية عن أحمد، وأنه قوي جداً، وانظر إلى مجموع فتاوى ابن تيمية، تجميع ابن قاسم (31/295) . هذا وبناء على ما تقدم فإنه ليس على والدكم شيء، وكونه وعد الباقين بإعطائهم ولم يعطهم أيضاً لا يلزمه؛ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض. والله أعلم.

تقديم هدايا لإحدى الزوجتين

تقديم هدايا لإحدى الزوجتين المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 21/3/1425هـ السؤال رجل متزوج من امرأتين، إحداهما من بلدة والأخرى من بلد آخر وبطبيعة الحال يضطر الزوج أن يسافر برفقة زوجته الأخرى لزيارة أهلها، وكما هو معروف يتبع هذه الزيارة شراء هدايا ومصاريف أخرى للزوجة والرحلة، هل يحق للزوجة السعودية المطالبة بتلك المصاريف؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: العدل يكون بين الزوجات في أمور: الأول: في النفقة، وهذا يكون بحسب الحاجة، فهذه قد تكون زوجة لها أولاد فتحتاج إلى نفقة أكثر، وهذه قد لا يكون لها أحد فلا تحتاج إلى نفقة أكثر، أو هذه قد تلف ثوبها وتحتاج إلى ثوب، والأخرى لم يتلف ... إلخ.. المهم أن ضابط العدل في النفقة يكون على حسب الحاجة. الثاني: العدل في القسم، وذلك بأن يكون لكل واحدة ليلة، أو بحسب ما يتراضى الزوجان، أو الأزواج عليه، فإذا تراضوا على ليلتين وأكثر فإن هذا جائز، والسنة أن يكون كهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-. الثالث: العدل في الهبة، والعدل في الهبة هل هو واجب أو ليس بواجب، هذا موضع خلاف بين أهل العلم، والصواب ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- وأنه يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته، في الهبة، فإذا أعطى كل واحدة ما تحتاجه من الهبة، فإنه ليس له أن يزيد على ذلك هبة إلا أن يسوي بين الزوجات. ومثل ما يتعلق بحوائج السفر ... إلخ، داخل في القسم الأول، فمن كانت محتاجة إلى سفر وتحتاج إلى نفقة فيه، فإنه يعطيها بقدر حاجتها. القسم الرابع: العدل في المحبة، وميل القلب، وما يتبع ذلك من جماع واستمتاع، ونحو ذلك، فهذا لا يجب العدل فيه؛ لأن هذا أمر قلبي، ولا يتمكن منه الإنسان، والله - عز وجل- قال: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم"، وأيضاً النبي - عليه الصلاة والسلام- سُئل: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة"، وعائشة -رضي الله عنها- ذكرت أنها كانت أحظى زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- عنده؛ كما جاء ذلك في صحيح مسلم.

أخته موظفة، فهل تلزمه نفقتها؟

أخته موظفة، فهل تلزمه نفقتها؟ المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 17/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. والدي متوفى، وأختي تبلغ من العمر 27 سنة، وهي تعمل مُدرسة، ولها راتب يكفيها وزيادة، فهل أنا ملزم بإعالتها كشراء ملابس عيد لها أو غير ذلك؟ وهي تستلم راتباً يزيد عن حاجتها وتسكن في بيت الوالد. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يلزمك النفقة الشرعية على أختك المذكورة؛ لكونها مستغنية بوظيفتها، فمن شروط النفقة عليها وعلى أمثالها من الحواشي ألا يكون لديها مال تستغني به، وما دامت لديها وظيفة تستغني بها فلا تجب عليك نفقتها، ولكن لا شك أن إهداءها وصلتها بالمعروف بين الحين والآخر من المعروف المأجور عليه بين الأقارب، وهو من صلة الرحم، قال تعالى: "يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين ... " الآية ... [البقرة:215] والله -تعالى- أعلم.

هل للأب أخذ إعانة أولاده الحكومية؟

هل للأب أخذ إعانة أولاده الحكومية؟ المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 09/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخت مسلمة، تعيش في فرنسا وهي من أصل عربي، هذه الأخت متزوجة وعندها أربعة أولاد، وهي تحب أن تعرف هل يحق للزوج التصرف بالمساعدة النقدية التي تعطيها الدولة للأطفال ولها أيضاً؟ علما بأنه ليس بحاجة إلى هذا المبلغ من المال، وكذلك فهو يقوم بواجبه في الإنفاق على الأسرة، أفيدونا وبارك الله فيكم. وأرجو أن تأخذوا في الحسبان بأن أكثر المشاكل هنا وخاصة الطلاق بسبب استقلالية المرأة وخاصة من الناحية المادية. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن كان الأولاد المذكورون ليسوا أولاده، بل أولاد زوجته من زوج سابق، فلا يجوز لهذا الزوج أن يأخذ شيئاً من الإعانة التي تصرفها الدولة لهؤلاء الأولاد، لكونهم ليسوا من ذريته، أما إن كان الأولاد الأربعة أولاده من صلبه، فله أن يأخذ مما تعطيهم الدولة إعانة لهم بشرط ألا يكونوا محتاجين لهذه الإعانة بأن كانت فاضلة عن حوائجهم الأصلية، ولا تضر بهم، وكان الأب فقيراً محتاجاً لها، فحينئذ له أن يأخذ من هذه الإعانة؛ لما جاء عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن رجلاً شكا إليه أن أباه أخذ ماله، فقال عليه الصلاة والسلام: "أنت ومالك لأبيك". أخرجه أبو داود (3530) ، وابن ماجة (2292) . أما إن كان هو مستغنياً عنهم وليس بحاجة للمال، فلا يأخذ شيئاً من إعانتهم، لاسيما مع حاجتهم لها، وأما ما يصرف للزوجة من إعانة فلا يسوغ له بحال أن يأخذ منه شيئاً إلا بطيب نفس من زوجته، بل يجب عليه النفقة بالمعروف حسب حاله على زوجته ولو كانت غنية، وكذا تجب عليه النفقة على أولاده بالمعروف عند حاجتهم لها. والله -تعالى- أعلم.

اختار حضانة أمه فهل تسقط نفقته عن أبيه؟

اختار حضانة أمه فهل تسقط نفقته عن أبيه؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 11/03/1426هـ السؤال إذا افترق الزوجان، وكان لهما ابن عمره 15 عاماً واختار أمه، فهل للأم مطالبة والد ابنها -قضاءً- بفرض نفقة مستقبلية، أم يصرف النظر عن طلبها؟ علما أن الابن غير متكسب. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا افترق الزوجان، وتوَّلت الأم حضانة ابنها باختياره لها، أو قسراً بحكم مصلحة المحضون، فإنه يجب على الأب بذل نفقة ابنه؛ حتى يتمكن من الاكتساب والإنفاق على نفسه، ويغتني عن نفقة أبيه؛ لقوله تعالى: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة:233] . وعن عائشة -رضي الله عنها- أن هند بنت عتبة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال صلى الله عليه وسلم: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" أخرجه البخاري (5364) ، ومسلم (1714) . فإذا لم ينفق الأب على ابنه وكان الابن دون البلوغ فإن لأمه أن تطالب الأب بالنفقة عليه؛ لأنها حاضنته، وهي المتولية لرعايته وقبض نفقته لعدم تمكنه من تدبير شئونه. وأما من كان بعد البلوغ - بأن تجاوز الخامسة عشرة من عمره- فإنه ليس لأحد عليه حضانة؛ لبلوغه، ويمكنه أن يطالب والده بنفقته ما دام محتاجاً، وليس لأمه أو غيرها أن تطلب نفقته إلا بحكم الوكالة عنه؛ لأنه ببلوغه ورشده ليس لأحد عليه ولاية في تصرفه المالي، وليس لأحد أن يقبض عنه أو يبيع أو يشتري إلا بوكالة عنه، وهذا الأمر واضح جلي بحمد الله. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

نفقة المطلقة

نفقة المطلقة المجيب سالم بن ناصر الراكان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 23/03/1426هـ السؤال تركت زوجتي حاملاً في بلدي، وسافرت إلى بلد آخر، ولما رجعت مرة أخرى إلى بلدي طلقتها، ولم أقربها قبل الطلاق، فهل لها نفقة؟ أي للزوجة بعد الطلاق، ولأي مدة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: يختلف الحكم تبعاً لعدد الطلقات، فإن كانت هذه الطلقة هي الثالثة، والمرأة لا تزال حاملاً فتجب لها النفقة حتى تضع حملها، وإن كانت المرأة قد ولدت فليس لها سكنى ولا نفقة، وأما إن كان هذا الطلاق رجعياً أي غير بائن، فتجب لها النفقة والسكنى؛ لأنها لا تزال زوجة ما لم تنته العدة، فإذا انتهت عدتها، ولم يراجعها زوجها فإنها تبين منه، وتصبح أجنبية عنه، وليس لها -في هذه الحالة- حق في النفقة أو السكنى. والعلم عند الله تعالى.

اختلط مالها بمال أولادها الأيتام

اختلط مالها بمال أولادها الأيتام المجيب صالح بن راشد الغيث القاضي بالمحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 26/02/1426هـ السؤال أنا أرملة لزوج قد توفي منذ أشهر، وأمكث مع أهلي في منزلهم، ولي ولدان صغيران، ولزوجي راتب لم يصرف من عمله حتى الآن، ويأتي لأولادي مصروف بسيط من جدهم، لكن في حال صرف الراتب مثلا وكان قدره عشرة آلاف ريال، فهل لي نصيب منه؟ وكم نصيب أبنائي وجدهم وجدتهم، وفي حال كتب الله لي الزواج هل يستمر لي نصيب أم أتوقف عن ذلك؟ كذلك وجودنا في منزل أهلي كيف يكون طريقة صرفي والأمور مختلطة والتدقيق في المصاريف أمر صعب وهذا مال أيتام، فماذا عساي أن أفعل؟ كذلك جدهم رافض وصول الراتب إلى يدي بحجة أنه مسؤول عنهم، وأي مال يحتاجونه نطلبه ونخبره وهو يرسله، فهل لي أن أطلب نصيب أبنائي وأنا أتصرف به بحرية، أي هل هذا حق شرعي لي؟ وحضانة الولدان هل هي من حقي أم من حق جدهم، وفي حالة زواجي هل يختلف الأمر؟ وجزاكم الله خيراً، وسدد خطاكم، ونفع بكم الإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأجيب مستعيناً بالله تعالى بأن ما للمتوفى من أموال وحقوق ومستحقات، فهذه تقسَّم على الورثة حسب الميراث الشرعي، ولا أثر للزواج في ذلك. وأما الراتب التقاعدي فهذا إن كان على نظام المعاشات فلأولادها نصيب محدد ولها نصيب محدد أيضاً ما لم تتزوج. وبالنسبة لما ذكرته السائلة من الأمور مختلطة في بيت أهلها، فما دام - كما ذكرت- وأنها قد تحتاج لشيء من مصروف أولادها في أمورها الخاصة فلعله - والله تعالى أعلم- أنها إذا اجتهدت المرأة في مال أولادها الأيتام في إصلاحه وعدم قربانه إلا بالمعروف وبالتي هي أحسن، وهي - بإذن الله تعالى- لن تأخذ منه إلا قدر حاجتها، فنسأل الله ألا يكون فيه شيء، والله -تعالى- في كتابه العزيز يقول: "يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح" [البقرة: 220] ، وقال تعالى: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده" [الأنعام: 152] ، فعلى هذه المرأة الاجتهاد في حفظ مال أولادها الأيتام ما أمكن، وبذل الجهد في تنميته. أما بالنسبة للحضانة والولاية على الولدين فإن كان والدهما أوصى قبل وفاته، فالولاية تكون لوصي الأب إلا فالولاية مرجعها للقضاء والحاكم الشرعي يرى الأصلح في ذلك، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

نفقة المتوفى عنها زوجها

نفقة المتوفى عنها زوجها المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 13/09/1426هـ السؤال امرأة توفي زوجها بعد خمسة أشهر من زواجهما، وهي الزوجة الثانية، والزوجة الأولى ما زالت على ذمته، ولديه منها أولاد. وللزوج أملاك واستثمارات، وبالمقابل عليه ديون كثيرة، وقد تم تسديد الديون ببيع بعض الأملاك، وبعض هذه الاستثمارات عمارة تؤجر، وهي تمثل الدخل الأساسي للأسرة، وعند حصر التركة كان من الأشياء المتفق عليها أن يكون للزوجة الثانية نفقة، ولم تسلم هذه النفقة للزوجة الثانية حسب قولهم أنه لا نفقة للزوجة في عدتها، وعند انقضاء العدة سألت الزوجة عن النفقة، فأخبروها أنه لا نفقة للزوجة فهل هذا صحيح؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمتوفى عنها لا نفقة لها: لأن مال زوجها انتقل لورثته ولم يعد المال لزوجها، ولذا فليس لها أن تأخذ من تركته نفقة لها، سواء كان لها أولاد أو لا، وسواء كانت موظفة أو لا، وإنما لها نصيب من الإرث من مال زوجها. والحال لا يختلف بين الزوجة الأولى والثانية، فكلاهما ليس لها نفقة، وليس لها إلا نصيبها من الإرث، إلا إذا رضي بقية الورثة، لأن المال مالهم. والله الموفق.

النفقة على المطلقة طلاقا رجعيا

النفقة على المطلقة طلاقاً رجعياً المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات التاريخ 14/10/1426هـ السؤال هل الزوج ملزم بالنفقة على زوجته بعد أن يطلقها؟ وهل في المسألة فرق بين المطلقة طلاقاً رجعياً والمطلقة طلاقاً بائناً؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فالزوج ملزم بالنفقة على زوجته إذا كانت في عصمته، أو كانت مطلقة طلاقاً رجعياً، فإنها في هذه الحالة لها ما للزوجات من السكنى والنفقة، أما إذا كان طلاق المرأة طلاقاً بائناً فإنه ليس لها نفقة واجبة على الزوج؛ لأنها أصبحت أجنبية عنه ما لم تكن حاملاً فإن لها النفقة والسكنى؛ لقوله تعالى: "أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن" [الطلاق:6] ، وبالله التوفيق.

الحضانة

حق المطلق في حضانة ابنته المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة التاريخ 23/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي باختصار أنني مطلق زوجتي منذ سنتين، وقد حاولت عدة مرات مراجعتها وهي ترفض، وأخيراً قالت إنها سوف تفكر وتصلي الخيرة، وهذا منذ أربعة أشهر، وأنا إلى الآن منتظر. سؤالي هو إذا كان ردها الرفض، فهل من حقي حضانة ابنتي الوحيدة التي يبلغ عمرها خمس سنوات ونصف وذلك للأسباب التالية. (1) أن طليقتي تسكن في شقة لوحدها، مع العلم أن والدها وأخاها الأكبر يسكنان في نفس المدينة، وكذلك أخاه الأكبر. (2) أنها تعمل مدرسة. (3) تعمل في إدارة مشروع خاص بها مع إحدى صديقاتها. (4) تسافر معظم الإجازات، ولم أسمح بسفر ابنتي معها. (5) تسافر أحياناً لأسباب أخرى تجارة أو مراجعة لدوائر حكومية في دولة أخرى. أفيدوني جزاكم الله خيراً ولا تنسوني من الدعاء. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الجواب على ما ذكره السائل، والذي تضمن سؤاله أنه مطلق زوجته منذ سنتين، وأنه حاول عدة مرات مراجعتها وهي ترفض، وأخيراً ذكرت أنها سوف تفكر وتصلي الخيرة وهذا منذ أربعة أشهر وهو إلى الآن منتظر ... ويقول إذا كان ردها الرفض فهل من حقه حضانة ابنته الوحيدة التي يبلغ عمرها خمس سنوات ونصف السنة، وذكر الأسباب لذلك خمس نقاط، وجواباً على ذلك فإن الحضانة إنما هي حق للمحضونة، ولأجل مصلحتها بالرعاية والتربية، والاهتمام، والتنشئة الصالحة على النهج القويم، وهدي سيد المرسلين - عليه أتم الصلاة وأزكى التسليم -، فهذه قاعدة عظيمة، قد دلت عليها نصوص الشريعة، وبها تبين الحق والصواب في موضوع الحضانة، فمتى كان الحاضن غير صالح للحضانة فلا يُمكَّن من الحضانة، إذا ثبت عدم صلاحيته لهذه الحضانة، لكن الشرع جعل الحضانة من حق الأشفق الأقرب له وهي الأم في سن الحضانة، وهي فترة الطفولة في السبع سنوات الأولى، وهذا كما تقدم عند عدم وجود ما يرفع هذا الحق بأسباب شرعية تكون سبباً في عدم الصلاحية، وقد نص أهل العلم على هذا الأمر في باب الحضانة في الأحكام الفقهية، وما ذكره السائل من أمور حيال الأم (أم البنت المذكورة) ، فإن كانت تؤثر على الحضانة وتكون من أسباب تضييعها فإن الحضانة تكون من حق الأب حينها ليتولى رعاية ابنته، والرعاية لها الرعاية الصحيحة والتربية الإسلامية، وكذلك الحال بالنسبة للسفر. فإن المرأة إذا كانت تسافر أو كثيرة السفر فإن الأحق بالحضانة من كان مقيماً، وبهذا يتضح الأمر، وأذكر شيئاً من كلام أهل العلم في هذا الأمر، وهو ما أشارت إليه نصوص الشريعة، والتي تدل بعمومها أن يتخذ الحاضن جميع الأسباب لمصلحة المحضون. قال أهل العلم: (فإن كفالة الطفل وكذلك حضانته واجبة، لأنه يهلك بتركه فيجب حفظه من الهلاك. ولا تثبت الحضانة لطفل ولا معتوه ولا فاسق، لأنه غير موثوق به في أداء الواجب من الحضانة) .

وقالوا أيضاً (فإن لم تكن الأم من أهل الحضانة لفقدان الشروط، وبالنسبة للبنت ما دامت أنها لم تبلغ سن السابعة فتكون في حضانة والدتها حسبما ذكر، بأن تقوم لها بما يجب من حفظها ورعايتها والاهتمام بها، وصيانتها وغير ذلك من أسباب الحفظ) . ولكن في حال السفر فكما قال أهل العلم: (إذا أراد أحد الأبوين السفر لحاجة ثم يعود والآخر مقيم فالمقيم أولى بالحضانة؛ لأن في المسافرة به (أي بالولد ذكراً أو أنثى) إضراراً به، وإن كان منتقلاً إلى بلد ليقيم فيه، وكان الطريق أو البلد الذي ينتقل إليه مخوفاً فالمقيم أحق به، ولأن في السفر به خطراً عليه، ولو اختار الولد السفر في هذه الحال لم يجب إليه لأنه فيه تغريراً به، وإني أنصح السائل بالإصلاح في موضوع الحضانة، فإنه من أسباب حفظ الود للطرفين. والله الموفق.

أسئلة عن ولي الأيتام

أسئلة عن ولي الأيتام المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة التاريخ 26/8/1424هـ السؤال كيف يتم اختيار الولي للأيتام؟ ومن يقوم باختياره؟ وهل له حقُّ التصرف في جميع أموال المتوفى إذا تم ترشيحه من قبل الزوجة؟ وهل لوالدة المتوفى رأي يعادل رأي زوجته أم تعتبر وريثاً فقط؟ ومن هم الأولى بالولاية؟ أعمام الأيتام أم أخوالهم إذا كانوا كلهم صالحين؟. الجواب إن كان الأب قد عيَّن الولي على أيتامه قبل وفاته تعيَّن إن كان صالحاً، وإن لم يكن عيَّن الولي فالحاكم الشرعي ولي من لا ولي له، فيتولاهم أو يعيِّن من يتولاهم، والغالب أن القاضي يعين من يرشحه أقارب الأيتام من أم أو جدة أو إخوة ونحوهم، والأولى بالولاية هو الأصلح وإن كان أجنبياً.

حضانة الابن بعد زواج الأم

حضانة الابن بعد زواج الأم المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة التاريخ 14/5/1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا امرأة في تزوجت، وانتهى الأمر بالطلاق، وأنا أتقطع ألماً وحسرة على طفلي البريء، وكرَّست حياتي لهذه الضحية طوال سنوات الطلاق الست كنت أعيش في بيت أبى الذي أغدق علي وعلى ابني من حنانه ورعايته الشيء الكثير، توفي والدي منذ شهر, وها أنا أشعر بالوحدة والضيق، ولا أجد سنداً واحداً لي في الحياة بعد وفاة القلب الحنون (أبي) والحزن يقتلني، نصحني الكثيرون بالزواج وهم لا يعلمون ما نص صك الطلاق فلا يحق لي الزواج إلا إذا سلمت ابني الوحيد إلى أبيه، علماً أن أباه لم يسأل عنه طوال مدة الطلاق حتى النفقة لم يدفعها، إني أرغب في الزواج وفي الوقت نفسه البقاء على حضانة ابني البالغ من العمر ثمان سنوات، في أي سن يكون التخيير؟ أخشى على نفسي من الضياع. الجواب الأم ما لم تتزوج أحق بحضانة ولدها في المرحلة التي تسبق سن التخيير وهو سن السابعة؛ لما رواه أحمد (6707) وأبو داود (2276) والحاكم (2/573) واللفظ له، وصححه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن امرأة قالت: يا رسول الله: ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه عني! قال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"أنت أحق به ما لم تنكحي". وإذا بلغ الولد -ذكراً كان أم أثنى- سن السابعة خُيِّر بين أبيه وأمه فأيهما اختار كان معه؛ لما رواه الخمسة النسائي (3496) واللفظ له، وأبو داود (2277) ، وابن ماجة (2351) ، والترمذي (1357) ، وأحمد (7352) ، وصححه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:"إن امرأة جاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: فداك أبي وأمي، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد نفعني وسقاني من بئر أبي عنبة، فجاء زوجها، وقال: من يخاصمني في ابني؟ فقال رسول الله: يا غلام! هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت. فأخذ بيد أمه فانطلقت به". وإذا اختار التنقل بينهما فله ذلك؛ لأن الأمر راجع إلى ما يشتهي الولد، وهذا إذا كان كل من الوالدين أهلاً للولاية، فإن كان أحدهما ليس بأهل جُعِل مع الآخر بلا تخيير؛ لأن المقصود رعاية مصلحة الولد، ولا تحصل بجعله عند غير الأهل. ونصيحتي لك أن تتزوجي، ولو أدى ذلك إلى أن يأخذ زوجك ولدك؛ لما في ذلك من حفظك من الضياع الذي تخشينه على نفسك، وسيجعل الله لك فرجاً، فربما صعب على الأب رعاية ولده فيتركه لك، أو يرزقك الله من زوجك الثاني أولاداً يكون لك فيهم خير عوض، والله أعلم.

حضانة الأولاد قبل البلوغ

حضانة الأولاد قبل البلوغ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة التاريخ 20/06/1426هـ السؤال ما رأي الشرع في وضع الأطفال لأم مطلقة -عن بنتين عمر إحداهما ثمان سنين، والثانية ست سنين، وولد عمره أربع- ولم تتزوج، وكان طلاقها ظلماً وعدواناً، حيث إن الزوج ادعى عدم محبتها، وهو يرفض تماماً التحاكم إلى الشرع، وهي في حيرة وحالة نفسية متدهورة بسبب تهديدها بأخذ أبنائها. الجواب إذا طلقت المرأة ولها أولاد، فإما أن يكونوا أقل من سبع سنوات أو أكثر، فأما من كان دون سبع سنين، فإنّ أمّه هي التي تتولى حضانته، لأنه لا يستغني عنها غالباً. وفي سنن أبي داود (2276) بسند حسن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للمرأة المطلقة: "أنتِ أحق به ما لم تنكحي". وعلى هذا قضاء الخلفاء الراشدين. وقد قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: الأم ألطف وأعطف وأرحم وأحنى وأرأف، هي أحق بولدها ما لم تتزوّج. المصنف لعبد الرزاق: (12600) . فإن بلغ سبع سنين، فقد اختلف فيه أهل العلم، ومذهب الإمام أحمد أن الغلام يخيّر بين أمه وأبيه، فمن اختار منهما كان عنده، وأمّا البنت فإنها عند أبيها؛ لأنه أستر لها وهو الذي يزوّجها فيما بعد. واختار ابن القيم وغيره من المحققين -ونسبه للجمهور- أن الغلام يخيّر، وأمّا البنت فتكون عند أمها؛ لأنها محتاجة إلى تعلم ما يصلح للنساء. وجميع ما سبق فيما إذا تساوى الأبوان في الاهتمام بمصلحة الطفل، أما إذا كان أحدهما يهمله، كأن لا يتولى تدريسه أو العناية به، أو إبعاده عما يضر فإن هذا لا حضانة له؛ لأن الحضانة شرعت للعناية بالمحضون. هذا نظر فقهي. أمّا القضاء فإن القاضي يحكم باجتهاده بعد سماع ما يدلي به الطرفان لديه. وأنصح السائلة أن تترك أولادها لديها، وتقوم نحوهم بما يجب، وإن أراد أبوهم انتزاعهم فيمكنه التقدّم للقضاء، حيث يفصل الشرع بينهم. والله الموفق.

حضانة الولد بعد الطلاق

حضانة الولد بعد الطلاق المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة التاريخ 27/04/1426هـ السؤال قمت بطلاق زوجتي وهي حامل، وحاولت إرجاعها، لكن رفضت العودة، فمتى يحق لي أخذ طفلي منها، علماً أنها هي التي طلبت الطلاق؟. الجواب الحمد لله، وبعد: الأولى بحضانة الصغير -ذكراً أو أنثى- الأم ما لم تتزوج؛ لحديث: "أنت أحق به ما لم تنكحي" أخرجه أبوداود (2276) ، أو يكمل سبع سنين، فإن كان ذكراً، وبلغ سبع سنين خير بين أبويه، فكان مع من اختار منهما. وإن كانت أنثى فحضانتها بعد السبع لأبيها ما لم يلحقها ضرر ببقائها عنده، وكل ذلك إن كان الوالدان أهلاً للحضانة بالقيام بما يجب لمصلحة المحضون، ولم يكن المحضون معتوهاً، فإن أهمل أحدهما ما يجب عليه من حضانة الولد وأهمله عما يصلحه فإن ولايته تسقط ويتعين الآخر، وأما البنت الكبرى فحضانتها لأبيها، ما لم يلحقها ضرر من بقائها عند ضرة أمها. والله تعالى أعلم.

الأحق بالحضانة

الأحق بالحضانة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة التاريخ 27/11/1424هـ السؤال أختي وزوجها حصل لهم حادث، وتوفيا، وتركا أبناء أحياء أكبرهم 13سنة، وأصغرهم سنة واحدة، من أحق بالحضانة؟ مع العلم أن الجدتين للأبناء أحياء أم الأم، وأم الأب لكنهما كبيرتان في السن، فهل للخالة حق في الحضانة مع وجود الأعمام والعمات؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإنه إذا كانت كلا الجدتين عاجزتين عن الحضانة لكبر سنهما، وبقيت الخالة والعمة، فإنه قد وقع خلاف بين أهل العلم في أيهما أحق بالحضانة من الأخرى، على قولين: الأول: أن الخالة أولى بالحضانة من العمة للحديث الصحيح: "الخالة بمنزلة الأم" البخاري (2700) . والقول الثاني: أن العمة أولى من الخالة بالحضانة، وهذا القول هو الأصح دليلاً، حيث إن أصول الشرع وقواعده شاهدة بتقديم أقارب الأب في الميراث، وولاية النكاح، وولاية الموت، وغير ذلك، ولم يعهد في الشرع تقديم قرابة الأم على قرابة الأب في حكم من الأحكام، هذا إذا كانت الجهة في درجة واحدة أو كانت جهة الأب أقرب من جهة الأم، فإن كانت جهة الأم أقرب من جهة الأب، فإنها تقدم على الأرجح، ومثاله: أم الأم، وأم أب الأب، فتقدم جهة الأم، - وهي هنا أم الأم - على أم أب الأب، وذلك لأن الأقرب أقوى شفقة وحنواً على المحضون من الأبعد. وهذا القول الثاني هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (34/122) ، وابن القيم في زاد المعاد (5/439) وأجاب عن حديث "الخالة بمنزلة الأم" بأن الخالة لم يكن لها مزاحم من أقارب الأب تساويها في درجتها، كما يدل عليه سياق الحديث (زاد المعاد 5/441) ، وأما الخالة مع العم، فإنها تقدم عليه في الحضانة؛ لأن المرأة أعرف بتربية المحضون، وأقدر عليها، وأصبر وأفرغ لها، ولذلك قدمت الأم فيها على الأب في الحديث الذي رواه أحمد (6707) ، وأبو داود (2276) ، بلفظ: "أنت أحق به ما لم تنكحي"، وسنده حسن. هذا كله فيما إذا كان كل منهما أهلاً للحضانة فأما إذا كان أحدهما أهلا لها، والآخر ليس بأهل لها؛ لكونه معروفاًُ بالفساد والمجون أو بالتفريط والإهمال في القيام بمصالح المحضون ونحو ذلك، فإنه يسقط حقه في الحضانة، وينتقل الحق إلى الآخر ولو كان في جهة الأم؛ لأن المقصود من الحضانة هو القيام بمصالح المحضون ودفع المضار عنه، فلا تصلح عند من لا يقوم بهذا الواجب، وهذا القول رجحه جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (34/132) ، بل أشار إلى أن هذا القول محل اتفاق بين العلماء. هذا بالنسبة للمحضون الصغير إذا كان ابناً ولم يميز، أو كانت بنتاً ولم تبلغ.

فأما الابن المميز - وهو الغلام الذي بلغ سبع سنين - فإنه يخير بين الخالة والعمة والعم، كما يخير بين الأم والأب، ويدل لهذا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: أن امرأة قالت يا رسول الله: إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد نفعني، وسقاني من بئر أبي عنبة، فجاء زوجها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "يا غلام" هذا أبوك، وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت" رواه أحمد (2/246) ، وأبو داود (2277) ، وغيرهما، فإن اختار الغلام من لا يصلح للحضانة، لم يمكن من ذلك، ولذا قال ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد (5/475) ، (فإذا كانت الأم تتركه في المكتب، وتعلمه القرآن، والصبي يؤثر اللعب ومعاشرة أقرانه، وأبوه يمكنه من ذلك، فإنه أحق به بلا تخيير ولا قرعة، وكذلك العكس، ومتى أخل أحد الأبوين بأمر الله ورسوله في الصبي وعطله، والآخر مراع له، فهو أحق وأولى به) ا. هـ. والله - تعالى - أعلم.

رعاية الأطفال بعد الطلاق

رعاية الأطفال بعد الطلاق المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة التاريخ 22/08/1425هـ السؤال هل ورد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة حكم أو موضوع بخصوص رعاية الأطفال بعد طلاق الزوجين والانفصال؟ وهل تكون من حق الأب أو الأم؟ وجزى الله خيرًا من اجتهد وبحث في هذا الموضوع. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لقد جعل الشارع الحضانة من حق الأم ما لم تتزوج، فقال صلى الله عليه وسلم: "أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي". أخرجه أبو داود (2276) . فإذا تزوجت سقط حقها في الحضانة، لكن إن رضي زوجها الثاني بحضانتها لأولادها فلا تسقط على الصحيح من أقوال أهل العلم، لكن غالب العمل على خلافه، ثم بعد سن الحضانة يخير الغلام تخيير مصلحة بين والديه، وأما البنت ففيها خلاف قوي، وعلى كل حال فالمراعى في الحضانة والرعاية للأطفال هو الأصلح في كل حال، وهذا راجع إلى نظر القاضي. وصلى الله على نبينا محمد.

تبنى طفلة ونسبها لنفسه

تبنى طفلة ونسبها لنفسه المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة التاريخ 15/7/1425هـ السؤال تبنيت طفلة عمرها سنتين وأحبها كثيراً، وهي الآن في الخامسة من عمرها، ولغرض دفع الضرر عنها وتفاديا للوقوع في المشاكل لم أذكر اسم والدها الحقيقي في سجلات المدرسة، بل وضعت اسمي بدلا من ذلك؛ دفعاً للمشقة التي قد تحدث لها. هل ما قمت به جائز؟ نرجو التكرم بإيراد جواب يشمل جميع الاحتمالات ويراعي الظروف المحيطة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إن الإنسان لا يجوز له أن يتبنى غير أبنائه وبناته، يقول الله -تعالى-: "ادعوهم لآبائهم" [الأحزاب: 5] ، والواجب عليك أن تبين اسم والدها الحقيقي؛ لأن عدم ذكر اسمها يدخلها مع أولادك في الميراث وفي المحرمية، وهذا أمر محرم ولا يجوز، فيجب عليك أن تبين اسمها الحقيقي لئلا تختلط الأنساب، وأيضاً لئلا تكون من ورثتك وهي ليست من أولادك، وأيضاً لئلا يخلو بها أولادك، وينظرون إليها وهي ليست من محارمهم، فهذه كلها من المحاذير الشرعية التي يجب عليك أن تنتبه لها. ونسأل الله التوفيق للجميع.

من أحق بالحضانة؟

من أحق بالحضانة؟ المجيب أ. د. صلاح بن محمود العادلي أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة التاريخ 23/07/1426هـ السؤال هل الطفلة في حالة وفاة والدتها تؤول -شرعاً- للأب؟ أم لأم الأم وخالاتها؟ أو للأصلح لها ماديًّا ودينيًّا وتربويًّا، سواء مع أبيها أو خالاتها أو أهل أبيها؟ علماً أن عمرها أربعة أعوام، أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد عبد الله ورسوله، وبعد: فقد حرص الإسلام حرصاً بالغاً على الأطفال وحسن تربيتهم، وخص منهم من فقد أبويه أحدهما أو كليهما، فقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه سهل بن سعد -رضي الله عنه-: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا". وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً. أخرجه البخاري (5304) . وبالرغم من أن اليتيم عند الفقهاء هو من مات أبوه، غير أن فقد الأم -وهي مصدر الحنان الأول لطفلها- له شأنه في النظر في شأن رعايته والاهتمام به، وفي هذه الحال ينظر في الأمر باعتبار تحقق المصلحة لهذه الطفلة غذاءً وكساءً ودواءً وحسن تربية وتأديب، وكلام الفقهاء يدور حول هذا المعنى. وإليك -أخي الكريم- ما جاء في هذا عن أهل العلم، فهم فيمن هو أولى بالحضانة على قولين: الأول: أن الخالة أولى بالحضانة من العمة للحديث الصحيح: "الخالة بمنزلة الأم". أخرجه البخاري (2700) . والقول الثاني: أن العمة أولى من الخالة بالحضانة، وهذا القول هو الأصح دليلاً، حيث إن أصول الشرع وقواعده شاهدة بتقديم أقارب الأب في الميراث، وولاية النكاح، وولاية الموت، وغير ذلك، ولم يعهد في الشرع تقديم قرابة الأم على قرابة الأب في حكم من الأحكام، هذا إذا كانت الجهة في درجة واحدة، أو كانت جهة الأب أقرب من جهة الأم، فإن كانت جهة الأم أقرب من جهة الأب، فإنها تقدم على الأرجح، ومثاله: أم الأم، وأم أب الأب، فتقدم جهة الأم،- وهي هنا أم الأم- على أم أب الأب، وذلك لأن الأقرب أقوى شفقة وحنواً على المحضون من الأبعد. وهذا القول الثاني هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (34/122) ، وابن القيم في زاد المعاد (5/439) ، وأجاب عن حديث "الخالة بمنزلة الأم" بأن الخالة لم يكن لها مزاحم من أقارب الأب تساويها في درجتها، كما يدل عليه سياق الحديث [زاد المعاد (5/441) ] . وأما الخالة مع العم، فإنها تقدم عليه في الحضانة؛ لأن المرأة أعرف بتربية المحضون، وأقدر عليها، وأصبر وأفرغ لها، ولذلك قدمت الأم فيها على الأب في الحديث الذي رواه أحمد (6707) ، وأبو داود (2276) : "أنت أحق به ما لم تنكحي"، وسنده حسن.

هذا كله فيما إذا كان كل منهما أهلاً للحضانة، فأما إذا كان أحدهما أهلا لها، والآخر ليس بأهل لها؛ لكونه معروفاًُ بالفساد والمجون أو بالتفريط والإهمال في القيام بمصالح المحضون ونحو ذلك، فإنه يسقط حقه في الحضانة، وينتقل الحق إلى الآخر ولو كان في جهة الأم؛ لأن المقصود من الحضانة هو القيام بمصالح المحضون ودفع المضار عنه، فلا تصلح عند من لا يقوم بهذا الواجب، وهذا القول رجحه جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (34/132) ، بل أشار إلى أن هذا القول محل اتفاق بين العلماء. هذا بالنسبة للمحضون الصغير إذا كان ابناً ولم يميز، أو كانت بنتاً ولم تبلغ. فأما الابن المميز - وهو الغلام الذي بلغ سبع سنين - فإنه يخير بين الخالة والعمة والعم، كما يخير بين الأم والأب، ويدل لهذا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد نفعني، وسقاني من بئر أبي عنبة، فجاء زوجها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "يا غلام، هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت" رواه أحمد (2/246) ، وأبو داود (2277) ، وغيرهما. فإن اختار الغلام من لا يصلح للحضانة، لم يمكن من ذلك، ولذا قال ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد (5/475) : "فإذا كانت الأم تتركه في المكتب، وتعلمه القرآن، والصبي يؤثر اللعب ومعاشرة أقرانه، وأبوه يمكنه من ذلك، فإنه أحق به بلا تخيير ولا قرعة، وكذلك العكس، ومتى أخل أحد الأبوين بأمر الله ورسوله في الصبي وعطله، والآخر مراع له، فهو أحق وأولى به". ا. هـ. والله - تعالى - أعلم.

نفقة البنت في حضن أمها المطلقة

نفقة البنت في حضن أمها المطلقة المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة التاريخ 05/09/1426هـ السؤال لي طفلة من زوجتي المطلقة عمرها أربع سنوات، واتفقت مع أمها أن أعطيها مبلغاً معيناً نفقة شهرية، بالإضافة للملابس والعلاج واللعب والهدايا، ورفعت المبلغ بدون طلب أمها، وتطلب أمها ثلاثة أضعاف المبلغ المتفق عليه، وقامت برفع شكوى ضدي، فهل تستحق ابنتي زيادة النفقة بهذه الصورة؟ علماً أن أمها ترفض إدخالها المدرسة التي اخترتها لها، وهي مدرسة ممتازة، وتصمم على مَدرسة أخرى، وترفض أن أقوم برؤية ابنتي طيلة فترة إجازتي في بلدي، حيث أعمل بالخارج؛ وذلك بحجة أنني سأقوم باختطافها خارج بلدي، وتقوم بتحريض البنت على كراهيتي وكراهية أسرتي، فهل أنا آثم عن عدم سدادي سوى المبلغ المتفق عليه بخزينة المحكمة؟ وهل يلزمني أن أقوم بإعطاء أم البنت كل طلباتها بالرغم من الاتفاق المسبق؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وصحبه، وبعد: فمن المقرر شرعاً أن الأب ينفق على أولاده بالمعروف حتى يستغنوا ويرشدوا. فالنفقة مرد تحديدها إلى الكفاية وما تعارف عليه الناس، حسب يسار الأب وإعساره: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها" [الطلاق: 7] . هذا عند الاتفاق، أما عند الاختلاف فمرد التحديد إلى المحاكم الشرعية وأهل العلم والمعرفة. وعلى ذلك، فبخصوص حالتك. فالنفقة حسب الكفاية والمتعارف عليه هناك، والظاهر لنا أن ما اتفقتم عليه كاف وجيد، وإن زدت فمن فضلك، وليس أمر تحديدها يخضع للأم. كما أنه من حقك رؤية ابنتك وزيارتها، وليس للأم ولا لغيرها منعك فهذا من حقك الشرعي. وهكذا القوامة، ونظر مصلحة البنت وتزويجها كل ذلك راجع إليك وليس للأم، بما في ذلك اختيار المدرسة المناسبة لها وما يلحق بذلك. لكن ننصحك بروح التفاهم والإقناع والأسلوب الحسن، والله أعلم.

الرضاع

رضع من جدة زوجته المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 24/7/1422 السؤال تزوج رجلٌ من امرأةٍ كان قد رضع من جدّتها لأمها، فما الحكم في هذا الزواج؟ الجواب هذا الزواج باطل؛ لأن هذا الرجل خالٌ لتلك البنت، حيث رضع من جدتها، فأصبح أخاً لأمها من الرضاع، فهو خال هذه البنت من الرضاع، فالزواج باطلٌ، وعليه يجب التفريق بينهما بعد ثبوت الرضاع بخمس رضعات.

استفرغ بعد أن رضع، فهل رضاعه محرم؟

استفرغ بعد أن رضع، فهل رضاعه محرم؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 22/7/1422 السؤال رجل رضع من امرأة عدد خمس رضعات، فهل يسلِّم على بناتها؟ علماً أن الراضع استفرغ أثناء الرضاعة الجواب إذا أرضعت امرأة طفلاً خمس رضعات مُشْبِعة، فإن التحريم ينتشر إلى أصولها، وفروعها، وحواشيها دون فروعهم، وعلى هذا يجوز لهذا الراضع أن يسلّم على بنات المرضعة وإن نزلن، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النّسب)) متفق عليه. والرضاع ينشر التحريم إذا حصلت الرضعة ولو حصل استفراغ؛ لثبوت الحكم بمجرد حصول الرضعة، وبالله التوفيق.

استخدام جهاز لإدرار اللبن

استخدام جهاز لإدرار اللبن المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 3/12/1424هـ السؤال يوجد في بعض دور الأيتام أيتام لم يبلغوا الفطام، كما يوجد نساء عاقرات لم يُنجبن، وأيضاً يوجد جهاز يستخدم لتحفيز خلايا الثدي لدر اللبن كما تقوم بعض دور الأيتام باستخدام هذا الجهاز مع النساء العاقرات لدر اللبن، وبالتالي يرضعن الأطفال، وبذلك يصبح الطفل ابنها، سؤالي (أو أسئلتي لأن الموضوع مرتبط) : هل يجوز استخدام هذا الجهاز؟ وهل يصبح الطفل ابناً لتلك المرأة؟ وهل يصبح الطفل ابناً لذلك الرجل؟. إذا كانت طفلة، هل يجوز للرجل رؤيتها بعد البلوغ؟ وإذا كان طفلا، فهل يجوز له رؤية الأم بعد البلوغ؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أنه يرى بعض أهل العلم أن الرضاع الذي ينشر الحرمة هو ما ثاب عن حمل، وهو المشهور عند الحنابلة، فقد جاء في الروض المربع في كتاب الرضاع (ص614) أن الرضاع شرعاً هو مص من دون الحولين لبناً ثاب عن حمل، أو شربه ونحوه، انتهى. وذهب جمهور العلماء الحنفية والمالكية والشافعية، وهو أيضاً قول في مذهب أحمد إلى أن لبن المرأة ينشر الحرمة مطلقاً ولو من غير حملٍ بل ولو من غير وطء، وقد صوب هذا القول المرداوي في الإنصاف وصححه ابن قدامة في المغني، قال ابن قدامة في المغني ج11 ص324، ما نصه: فصل: وإذا ثاب لامرأة لبن من غير وطء فأرضعت به طفلاً نشر الحرمة في أظهر الروايتين وهو قول ابن حامد، ومذهب مالك والثوري والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي وكل من يحفظ عنه ابن المنذر لقوله تعالى: "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم" [النساء: 23] ، ولأنه لبن امرأة متعلق به التحريم كما لو ثاب بوطء، ولأن ألبان النساء خلقت لغذاء الأطفال، وإن كان هذا نادراً فجنسه معتاد. والرواية الثانية: لا ينشر الحرمة؛ لأنه نادر لم تجر العادة به لتغذية الأطفال، فأشبه لبن الرجال، والأول أصح، انتهى، قلت: وهو الراجح في نظري أعني القول الأول، وبناء عليه فما جاء في السؤال من استفسارات خمسة خلاصة جوابها: أنه يجوز استخدام الجهاز للبن، وإذا أرضعت المرأة طفلاً بهذا اللبن خمس رضعات على الأقل في مدة الرضاع في الحولين يصبح الطفل ابناً لتلك المرأة، وزوجها أباً له، وبناءً عليه فيجوز له رؤيتها بعد البلوغ، كما يجوز للطفل رؤية الأم بعد البلوغ؛ لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. والله أعلم.

حق الأم في أجر الرضاعة

حق الأم في أجر الرضاعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 24/11/1423هـ السؤال هل للمرأة أجر بسبب رضاعتها لأطفالها؟ وما حكم عدم التطبيق؟ الجواب نعم للمرأة أجر بإرضاعها أطفالها، وإذا لم ترضعهم فلا إثم عليها إلاّ إن كانوا مضطرين لذلك وحرمتهم فإنها تأثم لحاجتهم إلى ذلك.

ما ينشر الحرمة من الرضاعة

ما ينشر الحرمة من الرضاعة المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 10/11/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. امرأة انقطعت عنها الولادة لمدة سبع سنوات وكان آخر مولود لها قبل هذه السنوات ولم تلد بعد وكانت تقوم بملاعبة بنت ولدها بحيث تضع الثدي في فمها لكي تسكت ولم يكن يخرج أي شيء أثناء امتصاص البنت للثدي، ولكن بعد فترة قامت بعصر الثدي لتتأكد من أنه لا يخرج منه شيء، ولكن بعد أن قامت بعصره بشدة خرجت منه نقيطات بسيطة لا تكاد ترى وهي تسأل هل تصبح الآن أمها أم لا؟ مع العلم أن السائل إذا كان وصل لجوف البنت فهو مجرد قطرة؟ الجواب الرضاع الذي تنتشر به الحرمة ما كان خمس رضعات معلومات في الحولين كما في حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت:"أُنزل في القرآن: عشر رضعات معلومات يُحرمن فنسخ من ذلك خمس رضعات وصار إلى خمس رضعات معلومات يُحرِّمن فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأمر على ذلك" رواه مسلم (1452) ، وهذا من نسخ التلاوة دون الحكم. إذا تبين هذا فإن ما ذُكر في السؤال لا تنتشر به حُرمة، ولا تكون هذه الجدة أماً لولدها بعملها المذكور لأنه لم يرتضع منها شيئاً وإنما خرجت تلك القطرات بالعصر الشديد، ولو ارتضع دون خمس رضعات لم يكن له أثر فكيف به وهو لم يرتضع شيئاً والأصل عدم الحرمة حتى تثبت، والله تعالى أعلم.

حقوق الرضاع

حقوق الرضاع المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 2/11/1422 السؤال ما هي حقوق الأم والأخوات من الرضاع؟ هل آثم إن قاطعتهم؟ الجواب الحقوق التي تثبت بالرضاع أربعة: 1 - تحريم النكاح: قال تعالى في سياق المحرمات في النكاح:" وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم". [النساء: 23] . وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ". . . يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.." كما في الصحيحين، البخاري (2645) ومسلم (1447) واللفظ للبخاري، فلا يحل نكاح الأم من الرضاع ولا أخواتها ولا بناتها. 2- ثبوت المحرمية، فيعد المرضَع محرماً لمن أرضعته ولأخواتها وبناتها. 3- يجوز الخلوة بمن ذكر. 4- جواز النظر إليهن. وهذه الثلاثة الأخيرة تثبت إن لم يكن في ذلك فتنة، فإن وجدت فإنه يمنع، كأن تكون الأخت من الرضاعة شابة جميلة ويخشى الافتتان بها فإنه لا يحل شيء منها، وذلك أن الوازع في المحرمات من الرضاع ليس فيه قوة الوازع بالنسب والرحم. وأما الصلة فإنها لا تجب، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يترك الإحسان إليهن خاصة إذا كن محتاجات.

رضاع الكبير

رضاع الكبير المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 9/7/1423هـ السؤال ممكن تشرح الحديث؛ لأنه التبس عليَّ رضاع الكبير، حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت:"لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها". الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الحديث الذي يشير إليه السائل قد أخرجه ابن ماجة (1944) والدارقطني (4/181) وأحمد (36316) وأبو يعلى (8/64) ، وهو ضعيف؛ لأن إسناده يدور على محمد بن إسحاق وقد عنعن، كذلك الحديث في متنه نكارة؛ لأن ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- فيما رواه مسلم (1452) وغيره ليس فيه تخصيص الرضاعة بالكبير، فقد أخرج مسلم (1452) وغيره عنها أنها قالت:"كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ من القرآن" قال النووي -رحمه الله- يوضح المعنى:"وقولها: فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ" هو بضم الياء، ومعناه: أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جداً حتى أنه توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآناً متلواً لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلا" وعلى هذا فلا يشكل أن يكون الداجن -لو ثبت- قد أكل تلك الصحيفة؛ لأنها من القرآن المنسوخ تلاوته. والحديث فيه دلالة على أن رجم المحصن الزاني قد نزلت فيه آية من القرآن الكريم كانت تتلا، ومما يدل على نزولها ما أخرجه الشيخان البخاري (6830) ومسلم (1691) وغيرهما عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: إن الله قد بعث محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده" الحديث، ثم إن آية الرجم قد نسخت تلاوتها من المصحف وبقي العمل بما دلت عليه بإجماع الأمة، وإلى هذا المعنى يشير عمر -رضي الله عنه- في الأثر السابق. ودل الحديث -أيضاً- على أن رضاع الكبير يؤثر في نشر المحرمية كرضاع الصغير، وهو قول عائشة -رضي الله عنها- وعطاء بن أبي رباح والليث بن سعد، وأطال ابن حزم الكلام في نصرته، ومن أظهر أدلتهم ما أخرجه مسلم (1453) وغيره من قصة سالم مولى أبي حذيفة وقد كان تبناه وعده ولداً له، فلما نزل القرآن بتحريم التبني شق ذلك على أبي حذيفة وامرأته سهلة بنت سهيل، فجاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كما روى مسلم (1453) وغيره- فقالت: إن سالماً قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-:"أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة" فرجعت فقالت: إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة.

وقد ذهب جماهير الأمة من السلف والخلف إلى أن الرضاع المحرم ما كان في الصغر، ومن أدلتهم ما رواه الشيخان البخاري (2647) ومسلم (1455) عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال:"انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة"، قال ابن حجر:"وقوله:"من المجاعة" أي: الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحل بها الخلوة، هي حيث يكون الرضيع طفلاً لسد اللبن جوعته؛ لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن، وينبت لحمه فيصير كجزء من المرضعة" ا. هـ، ومن أدلتهم: حديث ابن مسعود عند أبي داود (2059) مرفوعاً وموقوفاً قال:"لا رضاع إلا ما شد العظم وأنبت اللحم"، ومنها: ما رواه الدارقطني (4/174) وغيره عن ابن عباس قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لا رضاع إلا ما كان في الحولين". وأصل الخلاف في قصة سالم وإرضاع سهلة بنت سهيل له، فجمهور أهل العلم قالوا: هي قضية عين لا تعارض الأحاديث الصريحة الدالة على أن الرضاع المؤثر ما كان في الصغر بحيث يؤثر في إنشاز العظم وإنبات اللحم مما يصير به الرضيع كجزء من المرضعة، ومن ثمَّ حملوا تلك الواقعة على الخصوص واستندوا في ذلك إلى فهم زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- عدا عائشة -رضي الله عنها-، فقد روى مسلم (1454) وغيره من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت:"أبا سائر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسالم خاصة فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا"، وأما الذين ذهبوا إلى القول بجواز رضاع الكبير وأنه مؤثر، فقد استدلوا بظاهر قصة سالم وعدم وجود ما يخصصها، وأيدوا قولهم بفهم عائشة -رضي الله عنها- وعملها بذلك حتى بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود (2061) وغيره، وفيه:"فبذلك كانت عائشة -رضي الله عنها- تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها". وقد سلك شيخ الإسلام ابن تيمية طريقة أخرى في التوفيق بين الأدلة، فقال: إن حديث سهلة -رضي الله عنها- رخصة لمن لا يستغنى عن دخوله على المرأة ويشق احتجابها عنه كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، وهو مسلك قد أشار إلى قريب منه ابن المواز من المالكية، والله أعلم.

صفة الرضاع المحرم

صفة الرضاع المحرم المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 27/12/1422 السؤال هناك أبوان لم يرزقا بشيء من الأولاد والحمد لله على كل حال. قبل اثنتي عشرة سنة قررا أن يذهبا إلى أحد ملاجئ الأطفال وأخذا بنتاً لتربيتها والأنس بها ومما سهل الله به أن أخت الرجل كانت مرضعاً فأرضعت البنت، وكذلك زوجة أخ المرأة، كانت مرضعاً فأرضعت البنت بذلك صار الرجل خالاً للبنت، وأصبحت المرأة عمة لها (حسب علمنا والله أعلم) ، وها هي البنت كبرت وصار عمرها اثنتي عشرة سنة والآن أراد نفس الأبوين أن يعيدا نفس التجربة الماضية (رغبة في الأجر وحباً في الأطفال) فذهبا إلى أحد الملاجئ أيضاً وأخذا ولداً ذكراً هذه المرة، ومما سهل الله به أن زوجة أخ المرأة مرضع أيضاً الآن، فطلبا منها أن ترضع الولد ليكون أخاً للبنت ويحرم على المرأة. الأبوان متأكدان أن زوجة الأخ أرضعت البنت أكثر من ثلاث مرات، ولكن غير متأكدين من العدد، هذه مسألة، والأمر الآخر أن زوجة الأخ الآن ليس عندها الكثير من اللبن للرضاعة، فهل يمكن أن يأخذا القدر المتاح عند الرضاعة ويمزجاه بحليب آخر (صناعي) مرات متعددة فيحصل بذلك التحريم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن ما فعلتموه من أخذ بعض الأطفال من الملاجئ ومن ثم تربيتهم والعناية بهم عمل صالح تؤجرون عليه - إن شاء الله تعالى - هذا والجواب عن المسألتين كالتالي: أما المسألة الأولى فنفيدكم أن الرضاع المُحرَّم هو خمس رضعات فصاعداً في الحولين، هذا وليعلم أن الرضعة هي أن يمتص الطفل الثدي ثم يطلقه فهذه رضعة ولو لم يشبع، فمتى امتص الثدي ثم قطعه لتنفس أو انتقال إلى ثدي آخر فرضعة، فإن عاد ولو قريباً فثنتان وهكذا. أما المسألة الثانية: فنفيدكم أن الأولى أن يباشر الطفل الرضاع من ثدي المرأة، لكن لو أخذتَ القدر المتاح من الثدي ومزجته بآخر صناعي مرات متعددة فإنه أيضاً يحصل به التحريم، فقد جاء في الروض المربع للبهوتي ما نصه: " والسعوط في أنف والوجور في فم محرم كالرضاع، وجاء في منار السبيل على مذهب الإمام أحمد ما نصه: والسعوط في الأنف والوجور في الفم وأكل ما جبُن أوخلط بالماء وصفاته باقية كالرضاع في الحرمة، والله أعلم.

إدرار الحليب بالأدوية هل ينشر الحرمة

إدرار الحليب بالأدوية هل ينشر الحرمة المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 22/12/1423هـ السؤال هل يجوز استخدام الأدوية التي تدر الحليب عند المرأة دون حمل وولادة؟ وإذا رضع الطفل من هذا الحليب هل يعتبر ابناً بالرضاعة؟ أفتوناً مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يبدو أن هناك مانعاً من اتخاذ وسائل لإدرار اللبان وإذا خرج من ثدي المرأة حليب مكتمل لعناصر الغذاء ويمكن أن ينبت اللحم وينشز العظم ثبت به التحريم، غير أن البحوث العلمية الطبية تثبت أن مثل هذا اللبن لا يحوي شيئاً من عناصر الغذاء وأن ما يخرج من ثدي المرأة لا يشتمل على عناصر الغذاء إلا إذا كان ناتجاً عن حمل وولادة فهذا هو الذي تثبت به الحرمة باتفاق العلماء؛ لقوله -تعالى-:"والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين" جزء من الآية (233) من سورة البقرة، وقال -تعالى-:"حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم....وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة" جزء من الآية (23) من سورة النساء، ويقول -عليه الصلاة والسلام-:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" البخاري (2645) ومسلم (1447) وقال تعالى:"فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن" جزء من آية (6) من سورة الطلاق، وهذا خطاب للأزواج الذين هم آباء للأطفال، فمتى رضع الطفل من امرأة خمس رضعات من لبان نتج عن اتصال جنسي نشأ عنه حمل وولادة كان هذا اللبن ينبت اللحم وينشز العظم ويثبت به التحريم، أما إذا كان ما خرج من ثدي المرأة نتيجة تداوي أو استعمال أي وسائل تتعلق بإثارة الغدد فإنه ليس بلبن حقيقي، بل رطوبة متولدة ولا يحوي شيئاً من عناصر الغذاء لأن اللبن ما أنشز العظم وأنبت اللحم وهذا اللبن الذي خرج من ثدي المرأة ليس كذلك، والعلم عند الله.

الإرضاع عن طريق الأنبوب

الإرضاع عن طريق الأنبوب المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 28/5/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: لقد رزقني الله بطفلة، وقد كانت ولادتها في الشهر السادس وهي الآن في المستشفى داخل الحضانة، وقد قضت الآن 45 يوماً، وقد بدأت تأخذ الحليب عن طريق أنبوب مع الأنف، وهي تأخذ في اليوم كما قال لي الطبيب أربع مل من الحليب كل ساعتين، أي: 48 مل في اليوم الواحد، وهذا الحليب نوفره للطفلة من امرأة أخرى غير الأم وقد أخبرني الطبيب أيضاً أنه ربما لم تعط الطفلة من الحليب الذي نحضره لهم في المستشفى من هذه المرأة سوى 12 مل في بعض الأيام حسب الظروف. وسؤالي يا فضيلة الشيخ: هل تجري أحكام الرضاعة على هذه الصورة؟ وما مقدار الرضعة المشبعة إذا كانت الطفلة تأخذ الحليب عن طريق الأنبوب -كما ذكرت-؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب نعم تأخذ هذه الصورة أحكام الرضاعة، فسواء رضع الطفل مباشرة أو عن طريق الشرب أو السعوط في الأنف ما دام يتغذى به، فإذا رضع خمس رضعات في الحولين أخذ أحكام الرضاعة المعروفة، والرضاعة المشبعة أو الرضعة المشبعة بهذه الصورة لا يمكن تحديدها إلا بطريق التجربة لاختلاف الأطفال في ذلك، ويمكن أن يعرف ذلك عن طريق الطبيب، لكن إذا كانت الطفلة المذكورة في تلك الأيام لا تتغذى إلا من حليب امرأة واحدة ولا تتغذى بغيره فلا شك أن ذلك كافٍ في نشر الحرمة، والله -تعالى- أعلم.

رضاع الكبير للحاجة!

رضاع الكبير للحاجة! المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 17/04/1425هـ السؤال السلام عليكم. أردت أن أسأل عن حكم إرضاع الكبير لحاجة، وهي كثرة دخوله البيت للضرورة، وهل يحصل بذلك حرمة الرضاع كما للصغير؟ - وجزاكم الله خيراً- الجواب الرضاع المحرم، مص من دون الحولين لبناً ثاب عن حمل خمس رضعات، وعلى هذا فلا يحرم من الرضاع إلا من كان في الحولين، لقوله -تعالى-: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة" [البقرة:233] ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام" رواه الترمذي (1152) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وغيرهم أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئاً، ا. هـ. وأما حديث أبي حذيفة -رضي الله عنه - حين تبنى غلاماً يسمى سالماً - رضي الله عنه - فلما صارت امرأته يشق عليها دخول هذا الغلام الذي كبر استفتت النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "أرضعيه تحرمي عليه" رواه البخاري (5088) ومسلم (1453) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، فهذا منسوخ بما تقدم، وقيل: إنه خاص بسالم - رضي الله عنه -، وقيل: إنه عام محكم، وعلى القول بأنه عام محكم، فإنه يكون فيمن يكون حاله كحال سالم - رضي الله عنه -، وهو أمر غير موجود قطعاً؛ لأن الشرع قد أبطل التبني، ولهذا لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إياكم والدخول على النساء" قالوا: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت" رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - ولو كان إرضاع الكبير مؤثراً لقال: الحمو ترضعه زوجة أخيه، فلما لم يوجه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا علم أن إرضاع الكبير بعد إبطال التبني لا يمكن أن يكون له أثر.

الحكمة في كون الرضاع في عامين

الحكمة في كون الرضاع في عامين المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 9/6/1425هـ السؤال ما الحكمة من شرع الله أن يكون الرضاع في عامين؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم.

الرضاع يكون في الحولين لقوله -تعالى-: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: من الآية233] ، فهذه ليست غاية مدة الرضاعة، ولكنها غاية لتمام الرضاعة، فقد يفطم الصغير قبل الحولين، وقد يفطم بعدهما، إلا أن الأفضل أن يكون فطامه بعد تمام الحولين؛ لظاهر الآية، كما أن الرضاع الذي ينشر الحرمة هو ما كان في الحولين، وكذا المسائل التي يذكرها الفقهاء - رحمهم الله- في أجرة الرضاع، وما يتعلَّق بها إنما هي في الحولين، فقط اشترط الفقهاء - رحمهم الله - للتحريم بالرضاع أن يكون في الحولين لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين"رواه مالك في الموطأ (1290) موقوفاً عن ابن مسعود -رضي الله عنه- والدارقطني في سننه (4/174) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، ولما رواه الترمذي (1152) عن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام"، ولعل الحكمة من ذلك - والله أعلم- أن الرضاع في الحولين له أثر على نمو الطفل، وخاصية في صلابة عظامه واشتداد لحمه، وكمال نموه ما لا يؤثر فيه غيره من أنواع الغذاء، وأن ما بعد الحولين يكون الحليب بالنسبة له كسائر الغذاء، ولعل هذا يستفاد مما سبق من الأحاديث، ولما رواه الشيخان البخاري (2647) ، ومسلم (1455) ، عن عائشة - رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها رجل قاعد فاشتد ذلك عليه، قالت: ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة"، قال ابن حجر - رحمه الله- في فتح الباري: وقوله: "من المجاعة" أي الرضاعة التي تثبت بها الحرمة، وتحل بها الخلوة هي حيث يكون الرضيع طفلاً لسد اللبن جوعته؛ لأن معدته ضعيفة، يكفيها اللبن وينبت بذلك لحمه فيصير كجزء من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها، فكأنه قال: لا رضاعة معتبرة إلا المغنية عن المجاعة أو المطعمة من المجاعة كقوله -تعالى-: "أطعمهم من جوع" [قريش: 4] ، ومن شواهده حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-: "لا رضاع إلا ما شد العظم، وأنبت اللحم ... " رواه أبو داود (2059) ، وأحمد (3905) ثم قال: واستدل به على أن الرضاعة إنما تعتبر في حال الصغر؛ لأنها الحال الذي يمكن طرد الجوع فيها باللبن بخلاف الكبر، وضابط ذلك تمام الحولين.. إلى أن قال: (قال القرطبي: في قوله - صلى الله عليه وسلم-: "فإنما الرضاعة من المجاعة" تثبيت قاعدة كلية صريحة في اعتبار الرضاع في المؤمن الذي يستغنى به الرضيع عن الطعام باللبن، ويعتضد بقوله -تعالى-: "لمن أراد أن يتم الرضاعة" [البقرة: 233] ، فإنه يدل على أن هذه المدة أقصى مدة الرضاع المحتاج إليه عادة المعتبر شرعاً، فمن زاد عليه لا يحتاج إليه عادة، فلا تغيير شرعاً إذ لا حكم للنادر. انتهى كلامه - رحمه الله-.

وقال الخطابي في معالم السنن في شرحه لحديث: "فإنما الرضاعة من المجاعة" معناه: أن الرضاعة التي بها يقع الحرمة ما كان في الصغر، والرضيع طفل يقويه اللبن ويسد جوعه، فأما ما كان منه بعد ذلك في الحال التي لا يسد جوعه اللبن ولا يشبعه إلا الخبز واللحم وما كان في معناهما فلا حرمة له) ا. هـ - أي الحليب أو الرضاع-. والله -تعالى- أعلم.

يزعمون أني خالها من الرضاع، فهل أتزوجها

يزعمون أني خالها من الرضاع، فهل أتزوجها المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 15/03/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أرجو من فضيلتكم التكرم بإرشادي: خطبت بنت عمتي، وقبل عقد الزواج بفترة قصيرة ظهر موضوع الرضاع، وأني رضعت من جدتي (أم الوالد) وكان بعض المشايخ أفتى بجواز الزواج وغيره قال: الأحوط عدمه، حيث إني رضعت من جدتي في فترة انقطاع اللبن؛ لأن بيني وبين عمتي التي قبلي ثلاث سنين، المهم أنهم حرموني من بنت عمتي، وأصبحت أنا الآن خالاً لها من الرضاعة، فهل يجوز لي مصافحتها، وهل يجوز لها أن تكشف رأسها أمامي، وهل يجوز أن نخرج مع بعض؟ بمعنى آخر: هل أصبح محرمًا لها بمعنى المحرم؟ أفيدوني مشكورين. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا ثبت وتأكدت بأنك رضعت من جدتك لأبيك خمس رضعات معلومات، يدخل في كل مرة ترضع منها لبناً إلى جوفك، وعمرك أقل من سنتين، فإنك -بلا شك- تكون خالاً لها من الرضاع؛ لما أخرجه مسلم (1452) عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ من القرآن. وأما إذا كان أقل من خمس رضعات، أو كان عدد ما دخل جوفك من اللبن منهن أقل من خمس، فإنها تبقى أجنبية عنك. والإشكال الذي يرد هنا هو أنه إذا ثبت أنك قد رضعت من جدتك أكثر من خمس مرات، وفي كل مرة يدخل إلى جوفك لبن، وكان عمرك حينها أكثر من سنتين، فهل ينتشر التحريم وأنت في هذا السن؟ فهذه مسألة اختلف فيها أهل العلم، والخلاف فيها قوي، والذي نراه ألا تتزوج بها، وأيضاً ألا تتعامل معها كمحرم، فلا تصافحها، ويجب أن تتحجب عنك؛ لإمكانية العمل بالدليلين في المسألة بدون مفسدة؛ قياساً على ما أمر به صلى الله عليه وسلم في قصة اختصام سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة في غلام، والمخرجة في صحيح البخاري (2218) وصحيح مسلم (1457) ، عندما قال صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه ياسودة بنت زمعة"، فلم يحكم بالولد لمن هو يشبهه، وأيضاً أمر بالاحتجاب عنه لوجود الشبه، فلم يعمله في النسب، وأعمله في الاحتجاب. والله تعالى أعلم.

هل تأثم إذا قطعت الرضاعة قبل تمام الحولين؟

هل تأثم إذا قطعت الرضاعة قبل تمام الحولين؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 20/06/1426هـ السؤال يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" فهل بذلك تصبح الرضاعة واجبة لمدة عام وتسعة أشهر على المرضع، ويكون عليها وزر إذا أرضعت أقل من هذه المدة بدون أسباب؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله، وبعد: مدة الرضاعة التامة سنتان كاملتان، وهذا التحديد ليس على سبيل الإلزام، فلو أرضعت أقل من ذلك جاز، ويدل عليه: قوله تعالى - بعد ذكر الحولين في آية الرضاع- "لمن أراد أن يتم الرضاعة" [البقرة: 233] . فلما علق الإتمام بإرادة المرضع دل هذا على أن الإتمام غير واجب. والغرض من تحديد مدة الرضاع بحولين كاملين هو قطع النزاع بين الزوجين في مدة الرضاع، فلا يجب على الزوج إعطاء الأجرة لأكثر من حولين، ويشترط لجواز نقص مدة الرضاعة عن الحولين شرطان: 1- اتفاق الوالدين. 2- عدم الإضرار بالرضيع.

رضاع البنت بعد الحولين لحضانتها

رضاع البنت بعد الحولين لحضانتها المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 20/10/1426هـ السؤال أخذت بنتاً من دار الحضانة الاجتماعية وعمرها عشر سنوات، فهل يمكن أن أرضعها الآن وتثبت المحرمية بهذه الرضاعة مثل الرضاعة في الحولين؛ نظراً للضرورة، وكذلك استناداً إلى قصة عائشة -رضي الله عنها- ومولاها؟ ولو أرضعتها فهل يكتفى بشرب الحليب بالكأس من غير التقام الثدي، وكم مرة يلزم أن أسقيها بالكأس؟ أفتوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالرضاع الشرعي الذي تثبت به المحرمية عند جمهور العلماء من السلف والخلف أن يكون في الصغر زمن الحولين؛ بدليل قوله تعالى: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: من الآية233] ، فنصت الآية على أن الحولين تمام الرضاعة، فلا حكم لما زاد على هذه المدة، فلا يتعلق بها تحريم. ويدل على هذا أيضاً حديث عائشة - رضي الله عنه - في الصحيحين: "يا عائشة انظري من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة" صحيح البخاري (5102) ، وصحيح مسلم (1455) ، وحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-عند أحمد (4114) ، وأبي داود (2059) : "لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم". ورضاع الكبير لا ينبت به لحم، ولا ينشز به عظم. أما قصة عائشة - رضي الله عنها - مع سالم مولى أبي حذيفة في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أرضعيه تحرمي عليه" أخرجه مسلم (1453) ، فكان رأياً لعائشة -رضي الله عنها- خالفها فيه عموم أمهات المؤمنين. تقول أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ما نصه: "أبى سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة، أي رضاعة الكبير، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا" أ. هـ من صحيح مسلم (1454) . أما شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله- فقد أجازا رضاع الكبير للحاجة؛ أخذاً بحديث عائشة -رضي الله عنها- المشار إليه، ولا أرى أن يؤخذ إلا بقول الجمهور، إذ لو أخذ بجواز رضاع الكبير في هذا العصر لعمت المشاكل وانتشرت في البيوت، لا سيما مع كثرة الخدم والسائقين من الكفار وضعف الوازع الديني لدى المسلمين من الطرفين، والله أعلم.

هل تصدق دعواها للرضاع؟

هل تصدق دعواها للرضاع؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع التاريخ 20/10/1426هـ السؤال تزوجت امرأة منذ عدة سنوات، حيث أخبرتني بأنه يوجد لها عدد من الأخوال من الرضاع، وأنها توقفت عن الكشف عندهم لخلافات اجتماعية، أو لانقطاع الصلة منهم عدا شخص يزعمون بأنه خال من الرضاع ويصل أهلها، وعندما سألتهم عن مدى ثبوت الرضاعة شرعاً أفادوا بعدم وجود ما يثبت ذلك، إلا أنهم سمعوا ذلك من جدة زوجتي المتوفاة وهي المرضعة، وأمام هذا الوضع أمرت زوجتي بالاحتجاب عنهم جميعاً، وحذرتها من الكشف عندهم، لأنني شديد الغيرة ولا أريد الأخذ بشبهة رضاع، إلا أنني تفاجأت بأنها كشفت أمام هذا الخال وقامت بتقبيله في وجهه وكأنه أحد محارمها، وأنا الآن في حيرة من أمري ماذا أعمل مع نشوز هذه الزوجة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقول جدة زوجتك: إنها أرضعته يكفي لإثبات الرضاع، ويجعله خالاً لزوجتك متى كان خمس رضعات فأكثر. وما دام خالاً لها فلها أن تكشف وجهها ورأسها له، ولها تقبيله في رأسه إن كانت العادة جارية بذلك، وكان مأموناً لا يخشى من شرّه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" أخرجه البخاري (2502) ، ومسلم (1445) ، والغيرة التي تكون تجاه المحارم غير محمودة إلا لسبب، كأن يكون غير مأمون عليها. وكونها كشفت له على خلاف ما أمرتها به يمكنك حله معها بالطرق المناسبة، مع إخبارها بأن الرضاع إنما يفيد الحرمة والمحرميّة، وليس كالنسب في حكم الصِلَة، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.

حقوق الوالدين والأقارب والأرحام

الزواج دون إذن الوالدين المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 2/2/1425هـ السؤال رجل يريد الزواج من امرأة جيدة من نواحٍ كثيرة، لكنَّ والديه يرفضانها، فما حكم زواجه منها؟ بحيث يعقد عقد الزواج في أمريكا ثم يبرم عقداً آخر أمام والديه عندما يقتنعان بهذه الزوجة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلا مانع من الزواج مع كتمان الزواج عن أقارب الزوج، إذا تحققت أركان النكاح وشروطه من وجود الولي، وحصول الإيجاب والقبول، وتحقق الرضا، ووجود الشهود، فإذا تم ذلك تم عقد النكاح بينهما، ثم إذا رغبا أن يُظهر عقد النكاح لأبويه بعد ذلك فلا مانع. لكني أنصح السائل أن يكون تصرفه واضحاً من البداية، فهو بذلك يمنع ضرراً قد يحصل فيما إذا عرف والداه بزواجه من هذه المرأة، ولذا فأحب للسائل أن يحاول مع والديه حتى يقتنعا ثم يعقد نكاحه بعد ذلك. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

هل تجب لها نفقة على إخوتها؟!

هل تجب لها نفقة على إخوتها؟! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 1/05/1425هـ السؤال والدي أنجب خمس بنات وولدين، أكبر الولدين ولد معاق عقلياً لا يستطيع مساعدة نفسه؛ لكونه لا يستطع الحركة، وأنا البنت الكبرى عند أهلي، مرض والدي وأنا في العشرين من عمري، فتحملت أنا مسؤولية البيت، وعملت لكي أعيل الأسرة، وعندما أصبحت في الثلاثين من عمري توفي والدي، فقمت بتعليم إخواني في الكليات، وأخيراً قمت بتعليم أختي الصغرى في الجامعة، حتى أصبحت مهندسة وتحضر لرسالة الماجستير، الحقيقة أن أخواتي قد تزوج منهن حتى الآن ثلاث، وذهبت كل واحدة في حال سبيلها، أما عن أخي الثاني فإنه لا يهتم إلا بنفسه، ولا يعطي أمي إلا نصيبه من المأكل والمشرب في المنزل، أنا أعطاني الله الكثير من الجمال، ولكنني الآن في التاسعة والثلاثين، الحقيقة لم يطرق بابي طارق زواج إلا ما ندر، وهي حكمة لا يعلمها إلا الله، وأجد نفسي بعد هذا العمر الطويل بكل ما حملته من تعب وكأنني لم أفعل شيئاً، ولا أزال أصرف على العائلة، ولم أخرج من الدنيا بشيء لا زوج ولا ولد ولا مال، ماذا أفعل؟ هل أنا ملزمة بوالدتي وأخي المعاق كونهم لا أحد لهم غيري؟ هل أستحق من أخواتي نفقة لكوني قمت بتعليمهم والاعتناء بهم طوال هذا العمر؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: النفقة على الأقارب تعتبر من البر والصلة لهم، وهي من القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى ونفقة القريب -عدا الوالدين وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا- لا تجب إلا بثلاثة شروط: الأول: أن يكون المنفق وارثاً لمن ينفق عليه، لقوله تعالى: "وعلى الوارث مثل ذلك" [البقرة من الآية: 233] ، فإن كان أحد إخوتك له أولاد فأنت لا ترثين منه شيئاً لو مات، فهنا لا تجب عليك نفقته. الثاني: فقر المنفق عليه وعجزه عن التكسب، فإن كان أحد إخوتك قادراً على التكسب وتركه، لا يلزمك نفقته؛ لكون التقصير صادراً بإرادته. الثالث: غنى المنفق، فإن كنت فقيرة فلا يلزمك نفقة إخوتك، بل يلزم الغني منهم أن ينفق عليك، ومن وجبت عليك نفقته من إخوانك فالواجب عليك قدر إرثك منه، وباقي النفقة على باقي الورثة. أما ما يتعلق بعدم تقدم أحد لخطبتك مع ما تتمتعين به من جمال فقد يكون بسبب خوف من يرغب الزواج بك عدم قبوله، لذا أرى أن توصي إخوتك وأعمامك وأخوالك ووالدتك أن يبحثوا لك عن زوج، وأن يعرضوا على من يروا فيه خيراً وصلاحاً أن يتزوجك، وهذا كان نهج السلف الصالح، فقد عرض أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- بنته حفصة على عثمان -رضي الله عنه- قبل أن يخطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، رواه ابن أبي شيبة (6/365) ، وكذا عرض سعيد بن المسيب ابنته على أحد تلاميذه وكانت من أجمل النساء، أسأل الله تعالى أن يرزقك زوجاً صالحاً يسعدك، وذرية مباركة تملأ حياتك براً وسعادة، والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تعلق المسلم ببعض طقوس النصارى وخرافاتهم!!

تعلق المسلم ببعض طقوس النصارى وخرافاتهم!! المجيب د. حسين بن محمد عبد المطلب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 4/11/1424هـ السؤال حصل زوجي على ماء مقدس كهدية من أمه النصرانية، وهو ماء فيه بركة من أحد القساوسة. ويقوم زوجي بنضح بعض الماء منه في البيت على فترات قبل أن يخرج، وعندما أخبرته أننا كمسلمين يجب ألا نعتقد بأي نفع لهذا الماء، أجابني بأننا والنصارى إخوة، ولن يضر شيء بمثل هذا النضح، وقال إن شيئاً مقروءاً عليه لا يمكن أن يحمل أي ضرر، أنا غير مقتنعة بما قال، وأظن أن هذا الماء بدعة نصرانية (حيث يباركون الماء ليجلب الحظ أو يوفر حماية لهم وما شابه ذلك) . أرجو بيان رأيكم بهذا الماء، وكيف أواجه زوجي إذا نضح الماء في البيت لأي غرض مثل الحماية وغير ذلك؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. أختي السائلة -زادك الله يقيناً- عن الماء الذي أخذه زوجك من أمه باعتباره ماء مقدساً في زعم النصارى، فأقول لك وبالله التوفيق: أولاً: حثَّ الإسلام على بر الوالدين وطاعتهما حتى ولو كانوا كفاراً، قال تعالى:" ... وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان:15] . ويجوز أن يأخذ منها الهدية وأن يهاديها، كما فعلت أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- مع أمها وهي كافرة، ما عدا ما يخالف شرعنا، أي من الأمور المحرمة كلحم الخنزير وغيره. ثانياً: إن نصارى اليوم كفرة وليسوا بإخواننا كما يزعم زوجك؛ لأنهم أشركوا مع الله عيسى ابن مريم عليه السلام، حيث قالوا: إن عيسى هو الله أو ابن الله تجسد اللاهوت في الناسوت فصاروا شيئاً واحداً، وعليه فهم كفرة، كما قال الله عنهم " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ... " [المائدة:17] . ثالثاً: إن هذا الماء ليس مقدساً، وإنما يفعله القساوسة ليتكسبوا من ورائه وهو من أسرار الكنيسة، وعليك أن تخبري زوجك بأننا كمسلمين لا يجوز لنا أن نفعل ذلك؛ لأن هذا من معتقدات النصارى، وأنه لا يجلب الحظ ولا يوفر الحماية، بل يجلب الشياطين ويطرد الملائكة، وهو كمسلم عليه أن يقرأ في بيته القرآن الكريم، فإنه يجلب البركة ويطرد الشياطين، هذا والله أعلم.

هل الأعمام من الآباء؟

هل الأعمام من الآباء؟ المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 12/6/1424هـ السؤال إني لا أفهم هذه الآية "أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ... "، لأنني أعلم أن إسماعيل عم يعقوب، اشرح لي هذا الأمر. الجواب الأب في اللغة يطلق حقيقة ومجازاً: فأما الحقيقي فيطلق على الوالد؛ لأنه يغذو ولده. وأما المجازي: فيطلق على كل من كان سببا في إيجاد شيء، أو صلاحه أو ظهوره، كما في قوله تعالى:"النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" [الأحزاب: 6] قرئ بزيادة: وهو أب لهم ومعناها صحيح، ويسمى العم مع الأب أبوان وكذلك الأم مع الأب، وكذلك الجد مع الأب، كما في الآية المسئول عنها، فإسماعيل لم يكن من آبائهم، وإنما كان عمهم حقيقة، وبعضهم يقول هنا: هذا الإطلاق على التغليب. وفي السنة قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عمه العباس لعمر -رضي الله عنهما-:"أماشعرت أن عم الرجل صنو أبيه" رواه البخاري (1468) ، ومسلم (983) ، واللفظ له من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقال:"الخالة بمنزلة الأم " متفق عليه عند البخاري (2699) ، ومسلم (1783) من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه-.ومن إطلاق الأب على الجد العالي قوله تعالى: " كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ " [الأعراف] ، وَهُمَا: آدَم وَحَوَّاءُ , ومن السنة: "ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا " رواه البخاري (2899) من حديث سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-. وفي القرآن يأتي الأب ويراد به أربعة معاني -حكاها ابن الجوزي في الوجوه والنظائر ص 111-112 - وهي: الأب الأصلي الأدنى: كما هو واضح في مثل قوله تعالى:"وورثه أبواه" [النساء: 11] ، وقوله تعالى: "وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر" [الأنعام: 74] على الصحيح، "وأبونا شيخ كبير" [القصص: 23] . ويطلق ويراد به الأب الأعلى: كما في قوله :"واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب" [يوسف38] ، وقوله تعالى: "ملة أبيكم إبراهيم" [الحج 78] ، ويطلق ويراد به العم: كما في الآية المسئول عنها. ويطلق ويراد به الخالة، ومثاله قوله تعالى عن يوسف: "ورفع أبويه على العرش" [يوسف100] ا. هـ. قلت: -إن صح الخبر في الرابع - ولكن الظاهر أن الأبوين حقيقة أمه وأبوه، والله أعلم.

حق التبرع بالكلى

حق التبرع بالكلى المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 27/3/1423 السؤال أنا إنسان أريد أن أتبرع بكليتي، وأنا على قيد الحياة، هل أستشير أهلي (أبي وأمي) في ذلك؟ وهل لهما الحق في ردي عن ذلك التبرع؟ وهل يجوز إذا كانا غير موافقين أن أتبرع من غير رضاهما؟ علماً أن علي ديناً، وأنا وأخي وأبي نسدده سوياً كل منا يدفع جزءاً من راتبه شهرياً، -وإن شاء الله- الدين سيسدد حتى إذا لم أكن موجوداً -إذا مت-، علماً أنني متزوج، وليس لدي أولاد. الجواب إن الله -عز وجل- أوجب الإحسان إلى الوالدين، فقال -عز وجل-: "وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" [الإسراء:43] ، ومن الإحسان إليهما طاعتهما فيما لا معصية لله فيه، ولما كان التبرع بالكلى أمر ليس بواجب ولا مندوب، وإنما هو أمر مختلف فيه ورخص به بعض أهل العلم، فينبغي طاعة والديك في نهيك عن التبرع بكليتك، والدليل على هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من أراد أن يجاهد تطوعاً بدون إذن والديه أن يرجع ويستأذنهما، مع أن الجهاد من أعظم الطاعات، فيظهر لي أنه ينبغي استئذانهما في التبرع بالكلى؛ لاحتمال الضرر في ذلك. وقد نص بعض أهل العلم على أنه ليس للولد أن يدخل في أمر قد يضر به كإطفاء حريق إلا بإذن والديه، والتبرع بالكلى مما قد يضر بالولد، والله -تعالى- أعلم.

طاعة الوالدين الكافرين بالمعروف

طاعة الوالدين الكافرين بالمعروف المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 7/4/1424هـ السؤال أنا رجل مسلم أبلغ من العمر أربعين عاماً من أسرة مسيحية الأصل، أحس بالإسلام في قلبي منذ أن كنت صغيراً، ولكنني لم أطبق تعاليمه إلا منذ أن دخلت امرأة مسلمة حياتي، فبدأت أصلي وأصوم وأزكي وتوقفت عن سماع الأغاني وأشياء كثيرة أخرى علمتني لها هذه المرأة جزاها الله خيراً، وأنا الآن أريد أن أتزوج بها ولكن أمي تعارض هذا الزواج بشدة؛ لأنه زواج بمسلمة وهي إلى الآن لا تعترف بي كمسلم، وإنما تقول لي: إن المسيحية هي ديني ودين أجدادي، أريد أن أعرف الآن ما حكم الإسلام في مثل هذا الموقف؟ هل رضا أمي المفروض يأتي أولاً بعد رضا الله وهي مسيحية وأنا مسلم؟ أم أن زواجي بامرأة مسلمة تعينني على ديني وتنشئ أبناءنا على الدين الإسلامي يأتي أولاً؟ خاصة أن لي ولداً من زوجتي القديمة وعمره 12 سنة، وأمي تأخذه إلى الكنيسة كل أحد، أرجو أن ترشدوني إلى الحل الصحيح الذي يجعل ربي راضياً عني، وأن تخبروني في أي الحدود من المفروض أن آخذ رضا الوالدة بما أنها من دين مختلف عن ديني، خاصة أننا نعيش سوياً؟ الجواب طاعة الوالدين فرض افترضه الله على الأبناء، وقرنه بحقه -سبحانه- في العبادة، قال -تعالى-: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ... " [الإسراء: 23] ، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، انظر ما رواه البخاري (2654) ، ومسلم (87) من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه- ولكن هذا الحق في الطاعة إنما هو في حدود الشرع، فلا طاعة لهما فيما يخالف شرع الله، كما قال الله -جل وعلا-: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان: 15] ، ويستفاد من هذا ثبوت حق البر حتى للوالدين الكافرين مالم يعارض الشرع، وإذا تأكد لك صلاح هذه المرأة ودينها فتزوج بها، ولا عليك من مخالفة أمّك النصرانية، لأنه ليس لها حق في منعك من هذا، ولا تلزمك طاعتها في شأن يخالف دينك الإسلامي. ومع ذلك عليك ببرها والإحسان إليها؛ لعل الله أن يشرح صدرها لدينه الذي ارتضاه لعباده.

حق الأب في إجبار أبنائه على العمل معه

حق الأب في إجبار أبنائه على العمل معه المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 14/11/1424هـ السؤال -هل للأب أن يجبر أولاده كلهم أو أحدهم على العمل معه؟ -هل للأب أن يحرم بنته أو ولده من الميراث لأي سبب كان؟ -ما مدى الحق للوالد في أن يأخذ مال ولده مع غناه عنه؟ هل للوالد أن يوصي لولده العامل معه، - ومالهما مشترك - بشيء من الميراث بعد وفاته ضماناً لحقه أم لا؟ وإذا لم يوص الأب فهل لهذا الولد العامل مع أبيه أن يطالب ببدل عمله مع والده أم لا؟ الجواب -إذا كان الأب عاقلاً رشيداً مستقيماً، ولديه الدراية بما يصلح به أمر ولده وتستقيم معه أحواله، ولم يأمر بسوء أو معصية أو فساد في الأرض، ولم يشغله عن طلب العلم أو الحصول على كسب الرزق الحلال، فلهذا الأب الراشد إلزام ولده بالعمل الذي يعود عليهما بالخير والنفع العميم. - الميراث حق مقرر شرعاً للولد إذا كان متفقاً مع والده في الدين، قال -تعالى-: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" [النساء:11] ، وعلى هذا فليس للأب حق في حرمان الولد من الميراث، إلا إذا اختلف الولد مع أبيه في الدين، أو إذا قتل الولد أباه. -يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم" الترمذي (1358) والنسائي (4449) وأبو داود (3528) وابن ماجة (2137) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، فالأب له أن يتصرف في مال ولده بشرط ألا يضر بالولد، وأن يأخذ الأب ما يحتاج إليه، وألاّ يأخذ من أحد أولاده لصالح آخر، وألاّ يأخذ آلة يكتسب بها الولد. وقال المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لمن قال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي؛ فقال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "أنت ومالك لأبيك" ابن ماجة (2291) من حديث جابر -رضي الله عنه-، وأحمد (6902) ، ولا يعني هذا أن الولد وماله ملك لأبيه مطلقاً، وإنما يريد -عليه السلام- التأكيد على الولد ببر أبيه وإكرامه، ولو كان مال الولد ملكاً لأبيه مطلقاً، لما جعل للأب نصيب مفروض في تركة الولد بالفرض حيناً، وبالتعصيب حيناً آخر، أو يجمع بينهما في أحوال أخرى. -إذا عمل الولد مع والده في التجارة كان الأولى أن يبين ذلك في دفاتر الشركة، ويعين نصيب الولد وحصته في الشركة؛ ليكون أقرب إلى العدل وأبعد عن الجور، وإذا أثبت الأب حصة ولده في الشركة فهذا بيان لنصيبه المتناسب مع جهده، ولا يكون هذا من باب الوصية بالميراث. أما إذا لم يبين الأب حصة ولده في الشركة، ولم يقدر جهده في العمل، فلا وصية لوارث إلا بموافقة بقية الورثة، ولكن لو توفي هذا الولد في حياة والده بعدما خلّف ذرية فأوصى الجد لأولاد ابنه بمقدار حصة أبيهم، على ألاّ تتجاوز الثلث، فإن هذا حق ثابت تنفيذاً لقوله -تعالى-: "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين" [البقرة:180] . قال فريق من أهل العلم نسخت آيات المواريث الوصية للوارث، وبقيت في حق من لم يرث، على ألاّ تزيد على الثلث، وتقسم على هؤلاء قسمة الميراث، ويرى بعض العلماء أن الوصية في مثل هذه الصورة تكون واجبة حتى لو لم يوصِ بها الجد.

عاهدت أمها ألا تقص شعرها

عاهدت أمها ألا تقص شعرها المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 29/8/1423هـ السؤال أنا متزوجة ومقيمة مع زوجي في الخارج بحكم الدراسة، وقد عاهدت أمي على أن لا أقص شعري، فهل يجب علي الالتزام بكلامها؟ أنا لا أريد معصيتها، ولكن أريد التجمل أمام زوجي، وخصوصاً أننا في بلد جميع النساء فيه متبرجات وفاتنات وذوات شعور قصيرة، وزوجي لم يطلب مني أن أقص شعري. الجواب تلزمك طاعة أمك في عدم قص شعرك، الذي عاهدتها عليه؛ لوجوب برها عليك، وطاعتها فيما ليست فيه معصية لله تعالى، ولحرمة عقوقها عليك، وليس من برها معصيتها فيما ليس في فعله معصية لله تعالى؛ لقوله -جل وعلا-: "وصاحبهما في الدنيا معروفا" [لقمان:15] ، وقوله: "وبالوالدين إحساناً" [الإسراء 43] ، إلا أن يأمرك زوجك بقص شعرك فلك القص حينئذ؛ لأن حق زوجك في ذلك مقدم على حق أمك، شرط ألاّ يصل القص إلى حد التشبه بالرجال؛ لحرمته.

سداد الأبناء ديون والدهم الميت

سداد الأبناء ديون والدهم الميت المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 9/1/1424هـ السؤال هل يلزم الأبناء سداد ديون والدهم بعد وفاته؟ علماً أن التركة لا تفي بمتطلبات الدائنين، والمبلغ لا يستطيع الأبناء دفعه لكبره، أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب أولاً: لا يجوز للورثة أن يأخذوا شيئاً من الميراث قبل سداد الديون التي على والدهم، الحقوق المتعلقة بالتركة أولها مؤنة التجهيز من قيمة الكفن وأجور الحفر للقبر والنقل ونحو ذلك، إذا كان لا أحد منهم يقوم به ثم يلي ذلك الديون التي على والدهم فإذا سددت الديون حينئذ ينظرون في الوصية والميراث. فالمال الذي خلفه والدهم عليهم أن يدفعوه للدائنين فإن بقي شيء من الدين بعد ذلك وأرادوا أن يحسنوا إلى والدهم فإنهم يسددون عنه الدين وهذا أمر من حق الوالد عليهم أن يسعوا في سداد دينه قدر استطاعتهم، وليس على سبيل الإيجاب لأن هذا دين على الوالد، وليس ديناً عليهم، لكنهم من إحسانهم وبرهم بوالدهم أن يفكوا أسره، لأن نفس المؤمن متعلقة بدينه حتى يقضى عنه، وأولى الناس بالبر هم الأولاد يبرون والدهم لأنه هو سبب وجودهم في هذه الحياة، والله سبحانه وتعالى يقول:"وبالوالدين إحساناً" [البقرة: 83] والإحسان كما أنه يكون في الحياة، يكون أيضاً بعد الممات، فعن جابر - رضي الله عنه- قال: توفي رجل، فغسلناه، وحنطناه، وكفناه، ثم أتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصلي عليه، فقلنا: نصلي عليه، فخطا خطى، ثم قال: أعليه دين؟ قلنا ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران عليّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أحق الغريم، وبرئ منهما الميت" قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟ فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الآن بردت عليه جلده" رواه أحمد (14536) والبيهقي (6/75) والحاكم في المستدرك (2393) . فمن المتعين على الأولاد أن يهتموا بهذا الأمر، ويحرصوا على سداد ديون والدهم وهذا من البر والإحسان به، والله يتولى الصالحين.

تسديد الأقساط عن الميت

تسديد الأقساط عن الميت المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 16/4/1424هـ السؤال مات والدي - رحمه الله - وعليه أقساط متأخرة للبنك حوالي (15 قسط) ، ونحن أبناؤه نريد أن نقوم بتسديد هذه الأقساط حسب الاستطاعة، فهل هذه الديون من الديون التي تؤخر دخول الجنة (نسأل الله لوالدي دخول الجنة) ؟ والحمد لله ليس على والدي من ديون سوى هذه الديون. وماذا علينا أن نفعل؟ ولضيق ذات اليد لا نستطيع تسديده مرة واحدة. أفتونا مأجورين. الجواب الديون التي على المتوفى يجب المبادرة بسدادها، والدين الذي به رهن هو أول هذه الديون والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين خطر تأخير سداد الديون، وقال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه"، رواه الترمذي (1078) ، وابن ماجة (2413) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- ولما ضمن أبو قتادة - رضي الله عنه- رجلاً عليه ديناران سأله النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد فترة: "ما فعل الديناران" فقال أبو قتادة - رضي الله عنه-: "قد قضيتهما"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الآن بَرَّدْتَ جلده"، رواه أحمد (14536) ، وغيره من حديث جابر - رضي الله عنه- فعليك وعلى بقية الورثة المبادرة بإنهاء ما على مورثكم من دين، وإذا كنتم تريدون أن تتحملوا هذا المبلغ فإنكم تنقلون الدين من ذمة مورثكم إلى ذمتكم أنتم لدى البنك ويكون مرتباً بما هو مرتبط به الآن من أن الرهن باق بحاله، لكن المالك اختلف بحيث يبرأ والدكم من التبعات المتعلقة بهذا الرهن.

إنفاق الفتاة على أهلها

إنفاق الفتاة على أهلها المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 18/4/1424هـ السؤال هل تكلف الفتاة شرعاً بالإنفاق على أسرتها؟ (الأسرة في حالة مادية جيدة، ولا تنطبق عليها أصناف الزكاة المذكورة في الآية القرآنية) وهل يأثم الأب في حال أخذ من ابنته مالاً وإعطائه لإخوتها الذكور (حتى ولو كانوا محتاجين) ؟. الحقيقة أن الفتاة تضرب من قبل أبيها، وتؤخذ منها أموالها قصراً، وتعطى للإخوة العاطلين عن العمل، والسؤال: هل الحديث "أنت ومالك لأبيك" تنويه للذكور والإناث معاً؟ وإذا كان الأب مقتدراً هل يعاقب أمام الله - عز وجل - لفعله هذا؟ وشكراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بالنسبة للقريب لا يجب عليه أن ينفق على قريبه، إلا إذا كان المنفَقُ عليه فقيراً، والمنفِق غنياً، فإذا كان المنفَقُ عليه غنياً؛ فإنه لا يجب أن ينفق عليه، وأما بالنسبة لتملك الوالد من مال ولده فجائز حتى وإن كان غير محتاج؛ لحديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنت ومالك لأبيك" رواه ابن حبان في صحيحه (410) وغيره، فيجوز للوالد أن يتملك من مال ولده سواء كان الوالد محتاجاً أو غير محتاج، لكن بشروط: الشرط الأول: ألا يتملك ما يحتاجه الولد، أو يلحقه ضرر بتملكه، فإذا كان هناك سيارة يستعملها الولد أو بيت يسكنه هو وعائلته فليس للأب أن يتملكه، أو ملابس يلبسها أو نحو ذلك، المهم ما تعلقت به حاجة الولد أو اضطر إليه فإنه لا يجوز للوالد أن يتملكه. الشرط الثاني: ألا يكون التملك في مرض الموت المخوف لأحدهما، فإذا كان في مرض الموت المخوف لا يجوز للوالد أن يتملك من مال ولده. الشرط الثالث: ألا يتملك من ماله ويعطيه ولداً آخر، أي: أحد إخوانه، فيأخذ من مال هذا الولد ويعطيه لولد آخر، فإن هذا غير جائز.

منع الوالد ابنه من الميراث

منع الوالد ابنه من الميراث المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 20/6/1424هـ السؤال أبي ترك الوالدة، وأنا عمري ثلاث سنوات، ومنذ هذا التاريخ قابلته عشر مرات فقط إلى الآن، ولم يصرف عليّ إلا ثلاث سنوات وأنا في المعهد، وبعد ذلك انفصل عني، وبعد سنوات قررت الزواج، وعند معرفته بهذا الأمر قال لي إما أن تتزوج الفتاة التي اخترتها لك، أو تُحرم من الميراث. السؤال هو: هل له الحق أن يحرمني؟ وهل له الحق أن يتبرع بنصيبي للجمعيات الخيرية ودار الأيتام، أم لا؟ أنا والله لم أفتر عليه في أي كلمة. وشكراً. الجواب لا يحق لمورث أن يحرم وارثه من الميراث، ولو فعل بوصية أو بنحوها فإنه لا يلتفت لها ولا يستجاب له، لأن مال المورث لا يكون ميراثاً إلا بوفاته، فإذا توفي أصبح مالاً للورثة وليس ماله هو، وبالتالي لا ينفذ في هذا المال من وصاياه إلا ما كان في الثلث وأقل، وما سوى ذلك فمال الورثة فلا يمكن أن يتبرع منه مثلاً للجمعيات الخيرية ولا غيرها. وإن كنت أوصيك بأن تصلح ما بينك وبين والدك وإن جار عليك، ولا تدع خلافه مع والدتك ينسحب عليك، وأسأل الله للجميع الهدى والتوفيق.

إنفاق الرجل على أخته

إنفاق الرجل على أخته المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 15/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. هل الأخ الشقيق ملزم بالنفقة على أخته الأرملة؟ والتي لها ولدان وليس لها ما يكفيها للإنفاق على إبنيها؟ ما حكم الدين في هذا؟ وبكل صراحة، وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الأخ الشقيق لا يلزمه الإنفاق على أخته الأرملة ما دام أن لها ولدين، لأنه في هذه الحالة لا يرثها، والله - تبارك وتعالى - لما ذكر الإنفاق قال: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ" [البقرة:233] ، فذكر تعالى النفقة على الوارث عند عدم الوالد، ومن باب صلة الرحم لا على سبيل الوجوب.

هل من العقوق الزواج بغير رضا الأم؟

هل من العقوق الزواج بغير رضا الأم؟ المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 02/02/1426هـ السؤال أنا فتاة، عمري 34 سنة، ولقد تقدم لي شاب عمره 38 سنة منذ مدة، وقد حصل الارتياح النفسي بيننا، وللعلم فأنا متدينة ومحجبة، ومن عائلة محترمة، والدة هذا الشاب تمنعه من الزواج؛ وذلك لأن له أختين أكبر منه، ولم يتزوجا حتى الآن، ولذلك فهي غير موافقة على زواجه مني أو من غيري، وهي لا تعيب علي أي شيء، وقد حاول ابنها استرضاءها طيلة المدة السابقة بكل الطرق لكي توافق على زواجنا، ولكن باءت كل محاولاته بالفشل، وأيضاً حاولت معها أنا ووالدتي ولكن دون فائدة، فهل إذا تزوجني دون رضا أمه يكون عقوقاً لها؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كان الأمر -كما ذكر- فينبغي للشاب أن يحرص على إرضاء أمه وإقناعها بالزواج حتى يكسب الأمرين، لكن إذا أصرت الأم على منع ابنها دون مستند ولا سبب شرعي، فلا يلزم ابنها طاعتها، ويحق له الزواج منك بهذه القيود ولو لم ترض، ولا يكون ذلك عقوقاً؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الطاعة بالمعروف" أخرجه البخاري (7145) ، ومسلم (1840) . وبالله التوفيق.

الحياء يمنعنا من قسمة التركة!

الحياء يمنعنا من قسمة التركة! المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 17/06/1426هـ السؤال توفي والدي -رحمه الله- وترك لنا إرثاً، وبيني وبين إخوتي وأخواتي من الحب والتقدير الشيء الكثير -والحمد لله- والمشكلة أننا نستحي من بعض حيال تقسيم التركة، ولا نرغب في تقسيمها حفاظاً على بقاء الألفة بيننا، إضافة إلى أن شقيقاتنا رفضن أخذ نصيبهن من التركة؛ بحجة أنهن لا يرغبن أن يعيرهنّ أحد أنهن اقتسمن مع إخوتهن، أرجو التوجيه، والله يحفظكم. الجواب أولاً: أسأل الله -تعالى- أن يديم بينكم المحبة والاجتماع. وثانياً: تأخير تقسيم التركة بينكم هو الذي قد يسبِّب الخلاف بينكم، لذلك أرى المبادرة إلى تقسيم الإرث، ويمكن أن توكِّلوا شخصاً تثقون به ليقوم بتقسيم الإرث بينكم. أما رفض شقيقاتكم أخذ نصيبهن حتى لا يعيرن فهذا خطأ؛ لأن هذا الأمر ليس فيه عيب - بحمد الله- بل هو حق قسمه الله لها وهو أعدل العادلين. وما زال المسلمون يقتسمون الإرث للذكر نصيبه وللأنثى نصيبها حسب شرع الله -تعالى-، ولم ير أحد أن أخذ الأنثى نصيبها فيه عيب أو خطأ، وإذا كان من العادة عندكم أن تُعيَّر المرأة بأخذها الإرث مع إخوتها فيجب عليكم المبادرة إلى تقسيم الإرث، وإعطاء الأخوات حقهن؛ لإبطال هذه العادة الجاهلية.

هل من شروط الزواج رضا والدي الزوج؟!

هل من شروط الزواج رضا والدي الزوج؟! المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 21/2/1425هـ السؤال أنا أعمل مهندساً في أحد المصانع، وفيها تعرفت على إحدى العاملات وأحببتها جداً، وأردت الزواج منها، خاصة وهي تحب الالتزام، ولكن مشكلتي تكمن في والداي فأمي ترفضها لأنها لم تكمل تعليمها، وأبي في البداية وافق وجاء معي كي نخطبها، ولكن بعد أسبوع قال إنه يرفض الزيجة؛ والسبب قال إنه عندما سأل عن والد الفتاة لم يستطع أن يحصل على أي معلومة عنه، فقال له أحد المشايخ على حد قوله قال له صلِّ صلاة الاستخارة، والذي تراه في المنام اعمل به، وقال أبي إنه حلم بحلم سيئ، لذا فنفسيته ليست مرتاحة لهذا الزواج، والذي فعلته أنا بعد ذلك ذهبت وأكملت الخطبة، خاصة بعد أن عرف الناس أنها خطيبتي، وأنا أيضاً أحبها، وخاصة بعد قراءتي لفتوى لشيخنا العثيمين تفيد أنه لا يلزم طاعة الوالد في هذا الأمر والآن أحاول كثيراً مع أمي وأبي، وأدخل الوسطاء لكن دون جدوى، فهل أكمل هذا الزواج، وإن لم يوافق أبواي؟ وماذا أفعل مع الفتاة إذا اشترطت موافقة أبواي لإتمام الزواج؟ أفتونا مأجورين إن شاء الله. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أرى - يا أخي الكريم - أن تواصل الجهود في محاولة إقناع والديك في زواجك بهذه الفتاة، وألا تيئس من ذلك، وتستخدم في هذا كافة الأساليب الحسنة والطرق الحكيمة. فالزواج إذا كان بموافقة الوالدين يحقق استقراراً أكبر بالنسبة لك ولزوجتك ولأولادك في المستقبل، ويجعل العلاقة بينكم أكثر سعادة وألفة إن شاء الله. فيا أخي: لا تأل جهداً في إقناعهما، خصوصاً إذا كنت تعلم من حالها أنها ذات خلق ودين، وأما من حيث الحكم الشرعي فإنه ليس للوالدين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، وقد عقد الفقيه المحدث أبي عبد الله محمد بن مفلح فصلاً في الآداب الشرعية في الجزء الثاني (ص77) بعنوان (فصل ليس للوالدين إلزام الولد بنكاح من لا يريد) ، ونقل عن شيخ الإسلام تقي الدين ما نصه: (أنه ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وأنه إذا امتنع لا يكون عاقاً، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى فإن أكل المكروه مرارة ساعة وعشرة المكروه من الزوجين على طول تؤذي صاحبها، ولا يمكنه فراقها) انتهى كلامه. وأما سؤالك عن اشتراطها موافقة والديك لإتمام الزواج فأرى أن هذا الشرط صحيح وملزم؛ لأن عدم موافقتهما قد يعود عليها بأضرار معنوية، وقد تدخل معهما في دوامة مشاكل لا نهاية لها، وقد يتعدى هذا الضرر على أولادها وتحرم بذلك السعادة الأسرية الكاملة، ونستغفر الله -تعالى- من كل زلل وخطأ. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

طلبت من والديها الخروج من بيتها، فهل هو عقوق؟!

طلبت من والديها الخروج من بيتها، فهل هو عقوق؟! المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 7/10/1424هـ السؤال ما رأي الدين في سيدة يعيش معها أبوها، وهي تطلب منه أن يكتري منزلاً ليعيش فيه هو وأمها؛ وذلك كي تعيش وحدها مع أبنائها؟ علما أن أبويها قادران مادياً أن يفعلا ذلك، هل يدخل هذا التصرف في باب عقوق الوالدين؟ أم أن لها الحق أن تفعل ذلك؟. والسلام عليكم. الجواب إن وجوب الإحسان إلى الولدين والبر بهما في حياتهما وبعد وفاتهما، من المعلوم من الدين بالضرورة؛ لكثرة النصوص في ذلك، قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً " [الإسراء:23] ، وقال تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" [النساء: من الآية36] ، وفي حديث أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث طويل: "رغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة" رواه مسلم. كما أن الإساءة إليهما وأذيتهما بأي نوع من الأذى من الموبقات وكبائر الذنوب، قال تعالى: "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً" [الإسراء: من الآية23] ، تأمل قوله تعالى: (عندك) الظرفية وهي تشمل الزمان والمكان، وقوله تعالى: (أف) ، فكيف بما هو أبلغ من ذلك وأشد إيلاماً، وقد عد النبي - صلى الله عليه وسلم - عقوق الوالدين من أكبر الكبائر. والمسلم يحرص على اغتنام جميع الفرص لرد بعض جميل والديه عليه، فكيف بمن أتيحت له فرصة إسكانهم معه في البيت ومن ثم القيام بخدمتهم والعناية بهم والإنفاق عليهم من خالص ماله؟ هذه نعمة ينبغي الحرص عليها، والعض عليها بالنواجذ وعدم التفريط فيها. ولا شك أن من طلب من والديه مغادرة بيته الخاص ليستقلوا بسكن لم يكن باراً بهم، اللهم إلا أن تكون هذه المرأة -موضع السؤال- تعيش في بيت زوجها، وزوجها غير مرتاح لبقاء والدي زوجته عنده في البيت، فيكون الطلب في هذه الحالة مشروعاً، أو أن تكون هناك ظروف أخرى لم تذكر، فهذه حالات خاصة لا يشملها الحكم العام، ولكل حادثة بتفاصيلها حديث، وأما الأمر العام فهو ما ذكر، والله أعلم.

كريم مع أقربائه شحيح مع أبنائه

كريم مع أقربائه شحيح مع أبنائه المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 12/11/1423هـ السؤال ما حكم الشرع في رجل غني يملك أموالاً طائلة، وهو سخي النفس على أقربائه الأبعدين غير الأقربين، فقد يبني لأبناء خاله عمائر فاخرة ويوقف لهم أموالاً وأراضي في حياته غير أنه لا يهتم بأولاده وأهله كثيراً فيعطيهم ما يسد حاجتهم ويبني لهم ما يمشي الحال من البيوت، فما حكم الإسلام في مثل هذا الرجل، فهل يعتبر أنه من المحسنين أو من المقصرين. أفتونا مأجورين في ضوء الأدلة من القرآن والحديث. الجواب الحمد لله وحده وبعد، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- " دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك" رواه مسلم برقم (995) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وروى من حديث ثوبان - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- " أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله "صحيح مسلم (994) . وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-" كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت" رواه أبو داود (1692) وأحمد (2/160) وصححه الحاكم (1/415) والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلىآله وصحبه.

من هم الأرحام؟

من هم الأرحام؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 28/12/1423هـ السؤال من هم الأرحام؟ وكيف تكون صلتهم من قبل امرأة تصغرهم بكثير أو قليل؟ وكيف تكون صلتهم أيضاً عندما تكون بعيدة عنهم؟ الجواب الأرحام هم الأقارب من جهة الأب أو من جهة الأم وصلتهم تحصل بمحبتهم والدعاء لهم، وصلة كل واحد منهم بحسبه القريب أولى من البعيد، والفقير صلته بمساعدته مالياً، ومنهم من صلته بالزيارة ومنهم من صلته بالسؤال عن حاله والاهتمام بشأنه، والمرأة تصل أرحامها بما تستطيعه ويستفيدون منه على ألا يكون عليها ضرر في هذا، لأن المرأة عليها أن تسعى جاهدة في إرضاء زوجها والزوج قد لا يسمح لها بما تريد نحو أقاربها، وعليها أن ترضيه والله -جل وعلا- يسامحها عما يتصل بأقاربها.

من هم أولوا الأرحام؟

من هم أولوا الأرحام؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 9/3/1425هـ السؤال هل معنى الرحم في الشريعة أو ذوو الأرحام شامل للأقارب من جهة الأبوين الأب والأم؟ أم أنه مختص بجهة الأب فقط؟ أي بكل قريب يشاركك في اللقب أو اسم العائلة، وهل هناك فرق في المدلول الشرعي بين الرحم والنسب؟ بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، وبعد: فالأرحام جمع رحم، والرحم في اللغة هو: بيت منبت الولد، ووعاؤه في البطن، كما في لسان العرب (12/232) ، ثم سميت القرابة من جهة الولادة رحماً. والأرحام، أو ذوو الأرحام، المراد بهم في باب البر والصلة: هم الأقارب من النسب من جهة الأبوين، هذا هو المراد بهم شرعاً، وهؤلاء هم: (1) الأب وإن علا (الأجداد) . (2) الأم وإن علت (الجدات) . (3) الإخوة والأخوات، وأولادهم وإن نزلوا. (4) الأعمام والعمات وإن علوا، وأولادهم وإن نزلوا. (5) الأخوال والخالات وإن علوا، وأولادهم وإن نزلوا. هؤلاء هم الأرحام بالقرابة وبالنسب، ولا فرق. ويلاحظ هنا أن الأحق بالصلة والبر هو الأقرب فالأقرب، فليس حق الأب كالأم، وليس حق الأخ كالأب، وليس حق العم كالأخ ... ، وهكذا، كما يدل لذلك الحديث الوارد في صحيح مسلم (4/1974، رقم 2548) ، أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: "من أحق الناس بحسن الصحبة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم-: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك". علماً بأن الفقهاء فرقوا في باب الفرائض وتوزيع التركات بين الأرحام وغيرهم، فأطلقوا ذوو الأرحام على كل قريب ليس بذي فرض ولا تعصيب، كالعمة والخالة، وابن البنت، وبنت الأخ ... إلخ.، كما صرح بذلك العيني في عمدة القاري (23/247) ، وغيره. وأما ذو النسب فأطلقوه على كل قريب وارث بالفرض أو التعصيب سوى الزوج والزوجة. والله أعلم.

هل لزوجة الأب حقوق؟!

هل لزوجة الأب حقوق؟! المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 22/10/1424هـ السؤال ما هي حقوق زوجة الأب؟ وما الفرق بينها وبين حقوق الأم؟ هل طاعتها واجبة حتى وإن كانت سيئة المعاملة؟ هل رعايتها وبذل المال عليها واجب، حتى وإن كان لها أبناء؟ هل يأثم كل من خالف هذا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أن حق الأم لا يقارن بحق زوجة الأب، ذلك أن حق الأم عظيم وكبير ويكفي فيه أن الله تبارك وتعالى قرن حقه مع حقها وحق الأب بقوله:"أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير" [لقمان:14] . أما زوجة الأب فلها حق من أجل أنها زوجة أبيك، فتجب طاعتها ورعايتها ونفقتها بالمعروف ولو كان لها أبناء إذا كانوا غير منفقين عليها، ذلك أن العناية بزوجة أبيك عناية بأبيك، وكما تجب عليك نفقة أبيك تجب عليك أيضاً نفقة زوجته؛ لأنها من حاجاته الضرورية، خاصة فيما إذا كان غير قادر على الإنفاق عليها، والله أعلم.

ما يجوز أن يظهر من المرأة عند أبي زوجها

ما يجوز أن يظهر من المرأة عند أبي زوجها المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 7/2/1425هـ السؤال والدي يسكن معي في نفس البيت الذي أسكن فيه، ويطلب من زوجتي أن تغطي رأسها أمامه، وكذلك ألا تلبس الملابس ذات الكم القصير، (أي اليدين) ، وزوجتي تنفذ له ما يريد، ولكن ذلك في سبيل إرضائي، وأنا واقع في حيرة كبيرة، والدي لا يعترف إلا بفتوى من شيخ له سمعته ومكانته الدينية، ولا يأخذ بأي فتوى أخرى، أرجو تبيين ما يجب عليّ أنا وزوجتي عمله، وما لوالدي على زوجتي من حقوق، وكذلك العكس، ولكم مني خالص الشكر والتقدير. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، أما بعد: فوالدك محرم لزوجتك والمرأة (لها أن تكشف لمحرمها عن الوجه، والرأس، والرقبة، والكفين، والذراعين، والقدمين، والساقين، وتستر ما سوى ذلك) ، وهذا الذي ذكرته بين القوسين، هو نص فتوى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله تعالى-، كما هو في فتاوى المرأة المسلمة، وقد ذكر جامع الفتاوى أن ذلك من رسالة للشيخ عليها توقيعه بتاريخ 22/12/1405هـ، هذا ما يتعلق بما يجوز كشفه للمحارم. أما كون والدك يريد زوجتك على صورة من الاحتشام، كما ذكرت في السؤال فهذا أمر يُشكر عليه، ولا يضير زوجتك أن تغطي رأسها، وتستر ذراعيها، وهي مأجورة على ذلك؛ لأن فيه طاعة للزوج، وفيه بر منك لوالدك، والشرع يحث على الحشمة، وما دام أبوك لم يأمرها بمعصية وإنما بما يوافق الشرع، ويعوِّد المرأة على الحشمة، فإن موافقته على ذلك فيها مصالح كثيرة، فأرى أن تستمر على ما كانت عليه. وبالله التوفيق.

طاعة الوالدين في الطلاق

طاعة الوالدين في الطلاق المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 23/2/1425هـ السؤال تزوجت من ابنة خالي المطلقة، وهي تكبرني بأربع سنين، رغم أني تزوجتها لدينها وليس معها من متاع الدنيا ما يطمع فيها أحد، ولكن والدي ووالدتي غضبا مني كثيراً وحرماني من رؤيتهما، ومن دخول البيت وقالا لي: (لا نسامحك على هذه الفعلة أبداً) فهل بذلك أكون آثماً وعاقاً لوالدي؟ وماذا أفعل رغم جميع محاولات الصلح بلا جدوى. أفيدوني أثابكم الله عز وجل. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالجواب: أن نقول لو كان سؤالك قبل تزوجك المرأة المذكورة لأمرناك بعدم تزوجها طاعة لوالديك، أما وقد تزوجت تلك المرأة وتزوجتها لدينها وكانت كذلك فإنه لا يلزمك طلاقها ما دام والداك لم يذكرا سبباً يعيبها في دينها أو خُلقها. هذا، ويظهر لي من خلال سؤالك أنهما إنما طلبا طلاقها من أجل أنها غير بكر، وأنها تكبرك بأربع سنوات، وهذا ليس بعيب ولا مسوغ لفراقها، وأيضاً ليس من البر بوالديك فراقها بغير مسوغ شرعي. فإن قيل أليس قد روى أحمد (4991) ، والترمذي (1189) ، وأبو داود (5138) ، وابن ماجة (2088) عن ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني أبي أن أطلقها فأبيت فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك". قلنا قد أجاب عنه الإمام أحمد رحمه الله، فقد جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح المقدسي (ج1 ص503) ما نصه: (فصل لا تجب طاعة الوالدين بطلاق امرأته) ، فإن أمره أبوه بطلاق امرأته لم يجب، ذكره أكثر الأصحاب، قال سندي: سأل رجل أبا عبد الله فقال: إن أبي يأمرني أن أطلق امرأتي قال: لا تطلقها، قال المعلق: يعني لا تطلقها بأمره حتى يصير مثل عمر-رضي الله عنه- في تحريه الحق والعدل، وعدم اتباع هواه في مثل هذا الأمر، هذا وفي المرجع نفسه قال: الشيخ تقي الدين: فمن تأمره أمّه بطلاق امرأته قال: لا يحل أن يطلقها، بل عليه أن يبرها، وليس تطليق امرأته من برها. انتهى، وجاء في كشاف القناع للبهوتي في (ج5 ص233) ما نصه: (ولا يجب الطلاق إذا أمره به أبوه فلا تلزمه طاعته في الطلاق؛ لأنه أمره بما لا يوافق الشرع، وإن أمرته به أمه، فقال الإمام أحمد: لا يعجبني طلاقه لعموم حديث "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" رواه أبو داود (2178) ، وابن ماجة (2018) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- انتهى. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل تجب على الرجل نفقة ربيبته؟

هل تجب على الرجل نفقة ربيبته؟ المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 26/5/1425هـ السؤال هل تجب على الزوج نفقة ابنة زوجته من زوجها السابق؟ مع العلم بأنها موظفة، وعندها دخل شهري. الجواب الحمد لله -تعالى- وحده، وبعد: فإن النفقة لا تجب على الزوج إلا لزوجته، ولأبنائه منها من بنين وبنات، وكذلك على من تلزمه نفقته من أبوين ونحوهما، الأقرب فالأقرب؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ابدأ بنفسك وبمن تعول، ثم الأقرب"، أما ما ذكره السائل هل يجب على الزوج نفقة على ابنة زوجته من زوجها السابق ... فظاهر أنه لا يجب عليه شيء من ذلك، ولا يلزمه لها نفقة، وإنما نفقتها على وليها (والدها أو وارثه) ؛ لقوله تعالى: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا" [البقرة: من الآية233] . والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد.

دين للبنك العقاري على أبيه

دين للبنك العقاري على أبيه المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 24/5/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخنا الفاضل: توفي والدي منذ سنتين، وعليه دين لصندوق التنمية العقاري بمبلغ 268000 ريال، والبيت من النوع الشعبي القديم، وهو شبه معدوم، وتقدمت للبنك العقاري، وشرحت لهم الظروف، ووصلني الرد أن أدفع مبلغ أربعين ألف ريال، ويتم تحويل المبلغ الباقي علي، وأنا أحوالي المادية لا تسمح بدفع المبلغ، ماذا أفعل. وهل إذا تركت البيت على اسم والدي أكون آثماً؟ بالله أفيدوني وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً أنصحك أن تقدم طلباً إلى الجهة المسؤولة تبين فيه أن والدك توفي، ولم يخلف تركة تسدد ديونه، وتطلب إسقاط هذا المبلغ الذي لصندوق التنمية عن ذمة والدك، فإن تم فالحمد لله، وإن لم يتم فلا إثم عليك؛ لأنك لا تجد ما تسدد به دين أبيك، ثم إن الدين ليس عليك، وإذا كان والدك أخذ القرض من البنك وفي نيته السداد فلا إثم عليه، أيضاً لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند البخاري (2387) : "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله"، ولا أظن أباك - رحمه الله- لا يريد رد هذا الدين، وأنت كذلك إن شاء الله سوف ييسر الله لك ما توفي به دين أبيك، وإن لم تستطع فلا شيء عليك إن شاء الله. وفقنا الله وإياك إلى ما يحبه ويرضاه.

وهبت أملاكها لابنها دون أخواته

وهبت أملاكها لابنها دون أخواته المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 9/6/1425هـ السؤال أبي وحيد، وله ثلاث أخوات، ولكنهن لا يبرَّن بأمهن إلا واحدة، فإنها تبرها؛ لأجل كلام الناس، وأما أبي فإنه ينفق على جدي وجدتي، ونحن نصلهم دائماً، فما كان من جدتي إلا أن سجلت كل أملاكها باسم والدي، ولقد رفض في البداية، ولكنها أصرَّت، وقيمة هذه الأملاك ما يقارب الثلاثين ألف دولار، وقد أعطاها أبي مقابل ذلك ذهبا بقيمة ألف دولار كهدية، فهل تسجيلها أملاكها باسم أبي جائز؟ وهل ما فعلوه جائز؟ أفيدونا جزاكم الله خبراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد: فإن الله -تعالى- أوجب الإحسان إلى الوالدين، وطاعتهما بالمعروف في كثير من نصوص الكتاب والسنة، وأجمع على ذلك علماء الملة، فقال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا" [الإسراء: 23-24] ، فقد أمر جل وعلا في هذه الآية الكريمة بإخلاص العبادة له وحده، وقرن بذلك الأمر بالإحسان إلى الوالدين، ومثل ذلك في آيات أخر، كقوله في سورة النساء: "وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ... " [النساء: من الآية 36] ، وقوله في سورة البقرة: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" [البقرة: من الآية 83] ، وقوله في سورة لقمان: "أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" [لقمان: 14] ، وبر الوالدين واجب في كل وقت، إلا أنه -سبحانه- قد خص في الآية الأولى حالة الكبر؛ لأنهما حينئذ أحوج إلى البر والقيام بحقوقهما لضعفهما، لا أن المقصود أن البر لا يكون إلا في هذا الوقت. ولتأكيد حق الوالدين فإن برهما لازم، حتى ولو كانا مشركين داعيين إلى شركهما، قال تعالى في سورة لقمان: "وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفاً" [لقمان: من الآية 15] ، فالإحسان إلى الوالدين معناه: أن لا يؤذيهما البتة، وأن يوصل إليهما من المنافع قدر ما يحتاجان إليه؛ ويدخل في ذلك دعوتهما إلى الإيمان إن كانا كافرين، وأمرهما بالمعروف على سبيل الرفق إن كانا فاسقين، كما يشمل الإحسان إلى الوالدين جميع وجوه الإحسان القولي والفعلي، فمن أنواع الإحسان القولي اصطفاء الكلام الطيب لهما، ومن أنواع الإحسان الفعلي الإنفاق عليهما.

وقد ذكر الله -تعالى- ثلة من الأنبياء والمرسلين في مقام المدح والتشريف، فذكر من صفاتهم البر بوالديهم، فقال عن يحيى -عليه السلام-: "يا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً وَحَنَانًا من لَّدُنَّا وَزَكَواةً وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً" [مريم: 12-14] ، وقال عن عيسى -عليه السلام-: "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً" [مريم: 30-32] ، ويقول ابن مسعود - رضي الله عنه-: (من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه فليقرأ: "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ*وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [الأنعام:151-153] رواه الترمذي (3070) وغيره، وقد جاءت عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم- في ذلك أحاديث كثيرة في هذا الشأن، فمن ذلك: ما جاء في الحديث عن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: (سألت النبي - صلى الله عليه وسلم-: أي العمل أحب إلى الله -عز وجل-؟ قال: "الصلاة على وقتها"، قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين"، قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" رواه البخاري (527) ، ومسلم (85) . وبين صلى الله عليه وسلم أن عقوق الوالدين من الكبائر، كما جاء في البخاري (5973) ، ومسلم (90) واللفظ له عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن من الكبائر شتم الرجل والديه"، قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: "نعم يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه". وعقوق الوالدين: مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أن برهما موافقتهما على أغراضهما. ويقول بعض السلف: (لا تجد أحداً عاقاً لوالديه إلا وجدته جباراً شقياً، ثم قرأ "وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً" [مريم: 32] .

أما تسجيل جدتك أملاكها باسم والدك، وتخصيصها له دون بقية بناتها اللواتي هن عماتك؛ لمعنى يختص به، وهو أنه بارٌ بها، فأقول: الأصل أنه يجب -على الصحيح من أقوال أهل العلم- تسوية الإنسان بين أولاده في العطية ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، اقتداء بقسمة الله -تعالى-، وقياساً لحال الحياة على حال الموت ـ وهذا كله إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل، كأن يكون أحد ولده محتاجاً للمال أكثر من الآخر، إما لمرضه، أو لفقره، أو لصلاحه وبرّه، ونحو ذلك. أما إن خص بعضهم بعطيته، أو فاضل بينهم فيها ـ والحالة أنه لم يوجد سبب يبيح التفضيل ـ أثم المعطي، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر، وهو مذهب الإمام أحمد، وصرح به البخاري، وبه قال ابن المبارك، وطاووس، والثوري، وإسحاق، وقال به بعض المالكية؛ لما روى النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- قال: (تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة-رضي الله عنها- لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فجاء أبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقته، فقال: "أكل ولدك أعطيت مثله؟ " قال: لا، قال صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة، وفي لفظ: قال: "فأرجعه"، وفي لفظ: قال: "فاردده"، وفي لفظ: "سوِّ بينهم" متفق عليه عند البخاري (2587) ، ومسلم (1623) فالحديث فيه دليل على التحريم؛ لأنه سماه جوراً، وأمر برده، وامتنع من الشهادة عليه، والجور حرام، والأمر يقتضي الوجوب، ولأن ذلك يورث بينهم العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم، فمنع منه، فإن خص المعطي بعض ولده لمعنى يقتضي تخصيصه مثل ما سبقت الإشارة إليه، أو صرف الوالد عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فقد روي عن الإمام أحمد ما يدل على جواز ذلك؛ لقوله في تخصيص بعض الولد بالوقف: لا بأس به، إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة، والعطية في معناه ـ أي: تأخذ حكم الوقف في هذا. لما رواه الإمام مالك في الموطأ (1474) بإسناد صحيح أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان أبو بكر - رضي الله عنه- نحلني جَادَّ عشرين وسقاً من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة جلس فاحتبي ثم تشهد ثم قال: أما بعد، أي بنية، ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله.

والذي أراه هنا ـ أخي السائل ـ أن على جدتك أن تعدل بين أولادها في العطية، أخذاً بالأصل في المسألة هنا، وأن عدم إنفاق عماتك على جدتك لا يعني أنهم عاقين لها، فالبر بابه واسع، وعدم الإنفاق قد يكون؛ لعدم وجود دخل مالي لهن، فإن وجد، أو كانوا فعلاً عاقين لجدتك، فإن عليها وعلى أخيهم ـ الذي هو أبوك ـ وعليك أنت أيضاً مناصحة عماتك، وتخويفهم من عقاب الله -تعالى-، بالحكمة، والموعظة الحسنة، ولعل في العدل في العطية ما يكون سبباً في رجوع المذنب، وهداية الضال، ولتلتمس بعد ذلك الأعذار لعماتك من كونهم مرتبطين بأزواج حقوقهم مقدَّمة على حقوق جدتك. والله أعلم.

هل تدخل النساء في هذا الوعيد، لا يدخل الجنة قاطع رحم؟

هل تدخل النساء في هذا الوعيد، لا يدخل الجنة قاطع رحم؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 05/07/1425هـ السؤال من المقصود بالحديث الشريف: "لا يدخل الجنة قاطع رحم" هل هم الرجال أم النساء أم الاثنان معاً، وما الدليل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (5984) ، ومسلم (2556) من حديث جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ. "

وقطيعة الرحم معناها: الإساءة إلى الأقارب بالقول أو الفعل، وترك الإحسان إليهم، فلا يقوم بزيارتهم، ولا السلام عليهم، ولا تفقد أحوالهم، ولا مشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، وقد حذر الله -سبحانه وتعالى- من قطيعة الرحم فقال سبحانه: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" [محمد:22] ، وقال الله -تعالى-: "وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" [الرعد:25] ، وورد الحث والترغيب في صلة الرحم، والإحسان إلى الأقارب، وَرُتِبَ على ذلك الأجر العظيم والثواب الجزيل، وسعادة الدنيا والآخرة، فصلة الرحم سبب في زيادة الرزق وطول الأجل، ففي صحيح البخاري (2067) ومسلم (2557) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"، وصلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر؛ ففي صحيح البخاري (6138) ، ومسلم (47) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"، وصلة الرحم تجلب صلة الله -سبحانه وتعالى- لعبده، ففي صحيح البخاري (5987) ، ومسلم (2554) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: َ" إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ: فَهُوَ لَكِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" [محمد: 22] ، وصلة الرحم سبب في دخول الجنة كما جاء في صحيح البخاري (1396) ، ومسلم (13) واللفظ له من حديث أَبِي أَيُّوبَ -رضي الله عنه- قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْنِينِي مِنْ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنْ النَّارِ قَال: "تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ ذَا رَحِمِك"َ فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنْ تَمَسَّكَ بِمَا أُمِرَ بِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ" وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ

"إِنْ تَمَسَّكَ بِهِ". والخطاب بالأمر بصلة الرحم والنهي عن القطيعة يشمل الذكور والإناث على السواء، ولكن كل بحسب قدرته واستطاعته، قال القاضي عياض: (ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبيرة، والأحاديث في الباب تشهد لهذا، ولكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، فلو وصل بعض الصلة، ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعاً، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له، لا يسمى واصلاً.... " شرح النووي (16/113-114) هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل لوالده حق في أخذ ماله؟!

هل لوالده حق في أخذ ماله؟! المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 27/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد قمت بمساعدة أخي في تسديد قرض سيارته بطلب من الوالد، وكان ذلك على أساس أن أخي سوف يقوم بسداد ما دفعته له بأقساط شهرية أو دفعة واحدة في حال بيع السيارة، وهذا ما حدث، حيث باع السيارة وعند مطالبتي بتسديد مالي رفض والدي إعطاءه لي بحجة أن علي أن أساهم في مسألة زواج أخي، مع العلم أن أخي يعمل ويتقاضى راتبًا شهريًّا، فهل ما قام به أبي جائز شرعًا؟ وما هي الوسيلة المشروعة لاسترداد مالي من أبي؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فليس للأخ أخذ مال أخيه، ذكرًا كان أو أنثى، إلا بطيب نفس منه، وما أخذه بغير ذلك فهو حرام عليه، أما الأب فإنه يجوز له الأخذ من مال ولده، ذكرًا كان أو أنثى، بشروط: 1- أن يكون الأب مسلمًا. 2- ألا يأخذ شيئًا يضر بابنه لحديث: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ". أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2340) . 3- ألا يأخذه الأب ويعطيه ولدًا آخر. 4- أن يأخذ الأب شيئًا موجودًا وليس معدومًا كالدين. فما فعله والدك لا يجوز له، وهو من الظلم الذي يقع فيه البعض، وهو مخالف لقوله عليه الصلاة والسلام: "اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ".أخرجه البخاري (2587) ومسلم (1623) . وأما الوسيلة المشروعة في استرداد المال، فهو إخبار الوالد بأن فعله محرم، فإن استجاب، وإلا فعليك بالصبر والاحتساب، إذ لا يليق بالمسلم أن يرافع والده لأجل حطام الدنيا، وأسأل الله العظيم أن يبدلك بذلك بركة وتوفيقًا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل تدخل الأم في قوله: أنت ومالك لأبيك

هل تدخل الأم في قوله: أنت ومالك لأبيك المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 01/08/1425هـ السؤال حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " أَنْتَ ومَالُكَ لأَبيكَ". هل يدخل في ذلك الأم؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فهذا الحديث إسناده حسن كما ذكر العلماء-رحمهم الله تعالى- وهو يدخل ضمن الأمر ببر الوالدين، حيث أتى أعرابي إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي؟ قال: "أَنْتَ ومَالُكَ لأَبِيكَ، إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِن كَسْبِكُمْ، وإنَّ أَمْوَالَ أَوْلادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوهُ هَنِيئًا". أخرجه أحمد (6678) وابن ماجه (2292) ، قال بعض أهل العلم: ليس المقصود من الحديث أن مال الابن يملكه الأب من غير طيب نفس من الابن، وإنما هو على أنه لا ينبغي للابن أن يخالف الأب في شيء من ذلك، وأن يجعل أمره فيه نافذًا كأمره فيما يملك. وعلى ذلك قال بعض العلماء إن الأم تدخل في ذلك إذا كانت رشيدة تحسن التصرف في المال؛ لأن لها حقًّا أعظم من حق الأب نظرًا لضعفها. والله أعلم.

هل له أن يسكن زوجة الثانية معنا؟!

هل له أن يسكن زوجة الثانية معنا؟! المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 07/09/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم تزوج والدي ثانية ولم نعلم بأمر زواجه إلا بعد مرور عامين, كيف نتصرف مع هذا الوالد؟ مع العلم أن له حالياً مسكنين منفصلين، وهو ينوي إسكانها معنا عنوة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله. أخي الكريم: بالنسبة لزواج والدك، فهذا حق من حقوقه، ليس لك أن تمنعه منه، سواء كان قد تزوج سراً أو علناً، وأما أنه يريد أن يسكن الزوجة معكم في بيت واحد، فهذا يخص الزوجات، فإن كانت تتأذى منه إحدى الزوجتين فلا يحق له أن يسكنهما في بيت واحد، بل لا بد أن تكون كل واحدة منهما في بيت مستقل بجميع منافعه ومرافقه، أما موقفكم من والدكم فهو أن تبروه وتتقوا الله -تعالى- فيه؛ لأن هذا واجب عليكم، ولا تسمعوا كلام الناس. والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل لوالده تسجيل البيت باسمه؟

هل لوالده تسجيل البيت باسمه؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 04/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب أسكن مع أبي وأمي وأختي - وهي مريضة- في منزل أهلي، والدتي تريد أن تسجل المنزل باسمي، ووالدي هو الذي اقترح الأمر، لدي إخوة وأخوات، كلهم متزوجون ولديهم بيوت، ما عدا أختي المريضة تعيش معنا، ونظرًا لثقة أهلي في بأني أستطيع العناية بأختي وإبقائها معي في البيت والمحافظة عليها حيث إنني الآن أساعد بمصروف المنزل، ووالدي ساعد كلاًّ من إخوتي الشباب نوعًا ما في حياتهم إلا أنا فإنه يريد تسجيل البيت باسمي، فما رأيكم في هذا الموضوع؟ هل هو جائز أم غير جائز؟ جزاكم الله خيرًا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز تخصيص أحد الأبناء بعطية دون أحد إخوته؛ لما جاء في الصحيحين في قصة النعمان بن بشير، رضي الله عنهما، أن أباه أراد تخصيصه بعطية، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ليشهده على ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ ". قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: "أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا". قَالَ: لَا. قَالَ: "فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ". صحيح البخاري (1650) وصحيح مسلم (1623) . وفي رواية عند مسلم قال: "أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي البِرِّ سَوَاءً؟ ". قال: بلى. قال: "فَلَا إِذًا". وعلى هذا فلا يجوز تخصيص هذا الابن بكتابة البيت باسمه دون بقية إخوته، ويلزم التسوية بينه وبين باقي إخوته، للذكر مثل حظ الأنثيين في العطية، فباقي الإخوة لهم مثل ماله، والبنت لها نصف ماله. والله أعلم.

هل للابن الأكبر حقوق خاصة؟

هل للابن الأكبر حقوق خاصة؟ المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 19/09/1425هـ السؤال هل للولد الأكبر ميزة شرعًا أو عرفًا على إخوته؟ وكيف يكون ذلك؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الأخ الأكبر كغيره من الإخوة، لا يوجد فارق معتبر بينه وبين غيره من الإخوة والأخوات، والواجب على الأب والأم العدل بين أولادهم وبناتهم، ولا يجوز تفضيل بعضهم على بعض، ويدل على هذا الحكم ما روى النعمان بن بشير، رضي الله عنهما، حيث قال: تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: "اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ". فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ. أخرجه البخاري (2587) ومسلم (1623) . وفي لفظ قال: "فَارْدُدْهُ". أخرجه مسلم (1623) . وفي لفظ قال: "لا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ". أخرجه البخاري (2650) ومسلم (1623) . وفي لفظ قال: "فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي". أخرجه مسلم (1623) . وفي لفظ قال: "سَوِّ بَيْنَهُمْ". أخرجه النسائي (3686) . وهو دليل على التحريم; لأنه سماه جورًا, وأمر بردِّه, وامتنع من الشهادة عليه, والجور حرام، والأمر يقتضي الوجوب، ولأن تفضيل بعضهم يورث بينهم العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم, فمُنِعَ منه. وهذا الحديث صريح في تحريم تفضيل بعض الأولاد على بعضٍ، فلا يجوز تمييز أحد الأولاد أو إحدى البنات بهدية أو عطية أو مال ونحو ذلك، إلا أن يكون أحد الأولاد متصفًا بصفةٍ لا توجد في غيره، كأن يكون أحدهم فقيرًا أو مريضًا أو ذا عيال أو نحو ذلك، ففي هذه الأحوال يجوز تفضيل من وجد فيه هذا الوصف؛ فيعطى المال من باب النفقة لا من باب الهبة والمنحة. وبهذا يتبين أن الولد الأكبر مثل غيره من الإخوة والأخوات، إلا أن الولد الأكبر غالبًا ما يكون مع الأب في عمله ومساعدته وخدمته، وإذا كان الأمر كذلك فإنه يجوز للوالد أن يكافئ ولده هذا على عمله ومساعدته على غيره، وهذا التفضيل ليس عائدًا إلى كونه أكبر الأولاد، وإنما لأنه يعمل مع والده ويساعده، ولا شك أن هذا النوع من العمل يستحق من يقوم به أن يأخذ أجرًا عليه. والولد الأكبر وإن كان مساويًا لبقية الإخوة، إلا أن له حقًّا على إخوته وأخواته، فيجب عليهم احترامه وتقديره وتوقيره؛ لأنه يشترك مع بقية الإخوة في رابطة الأخوَّة، ويزيد عليهم بتقدمه في السن، ولا شك أن الكبير في السن عمومًا يستحق التقدير والاحترام، فكيف إذا كان هذا الكبير أخًا. وفي المقابل يجب على الأخ الكبير أن يكون رحيمًا بإخوته الأصغر منه، مهتمًّا بشئونهم، حريصًا على مصلحتهم ومنفعتهم؛ ليكون جميع الإخوة متحابين متوادين متعاطفين متعاونين على البر والتقوى، وبهذا يتحقق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَن لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرنَا ويُوَقِّرْ كَبِيرَنَا". رواه الترمذي (1919) . والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قريبتي امرأة سوء فهل تجب صلتها

قريبتي امرأة سُوء فهل تجب صلتها المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 24/10/1426هـ السؤال لي خالة سيئة السمعة، ولها بنات يصحبن الأجانب، وعندها أولاد لا يهتمون لهذا الموضوع، ولدى زيارتي لمنزلهم دائماً أجد عندهم رجالاً غرباء لا أدري ما سبب زيارتهم؟ فهل تجب صلة الرحم لهذه الخالة؟ وهل في مقاطعتهم -نهائياً- شيء؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، وبعد: لا خلاف بين أهل العلم في وجوب صلة الرحم في الجملة، وأن قطعها معصية لله تعالى, وقد نقل الاتفاق على وجوبها جماعة من أهل العلم، كالقاضي عياض -رحمه الله- وغيره، وقال القرطبي رحمه الله: (اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة، وأن قطيعتها محرمة) . فقد أمر الله بالإحسان إلى ذوي القربى، والمقصود بهم ذوو الرحم الذين تجب صلتهم، فقال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) . [البقرة:83] وقال تعالى: (يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [البقرة:215] . وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90] . والآيات في هذا الباب كثيرة معلومة. كما وردت أحاديث كثيرة فيها الأمر بصلة الرحم وبيان ثواب وصلها، والنهي عن قطعها، ففي الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تعبد الله، ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم". صحيح البخاري (1396) ، وصحيح مسلم (13) . وفيهما من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". صحيح البخاري (5989) ، وصحيح مسلم (2555) . وعن أنس-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرحم شُجْنةُ متمِسكة بالعرش تكلم بلسان ذَلْق، اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني، فيقول -تبارك وتعالى-: أنا الرحمن الرحيم، وإني شققت للرحم من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن نكثها نكثته". أخرجه البزار في مسنده، وقال في مجمع الزوائد (8/150-151) . إسناده حسن. وعن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة قاطع"؟ أي: قاطع رحم، أخرجه البخاري (5984) ، ومسلم (2556) .

وما ذكره السائل من كون قراباته يظهر عليهم الفسق فهذا لا يمنع الصلة، بل يصلهم ويناصحهم ويبذل لهم جهده لعل الله أن يهديهم على يديه، ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على هداية عمه أبي طالب -مع كفره- حتى ساعة الاحتضار، ولم ييأس منه إلى أن نزل قول الله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببتَ ولكن الله يهدي من يشاء) [القصص:56] ، كما أن عليه أن يدعو لهم بالهداية بظهر الغيب، كما كان صلى الله عليه وسلم يدعو لقومه: (اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون) ؟ ونصيحتي لأخي السائل بتجنب القذف بالزنا فإنه أمر خطير، قال الله تعالى: (والَّذين يرمونَ المُحْصناتِ ثمَّ لم يأتوا بأربعةِ شهداءَ فاجلِدُوهم ثمانينَ جلدةً ولا تقْبَلوا لهم شهادةً أبداً وأولئك همُ الفاسقون، إلاَّ الَّذين تابوا من بعدِ ذلك وأصلحوا فإنَّ الله غفورٌ رحيم) [النور:4-5] ، فقد حمى الشرع الحكيم أعراض الناس وأحاطها بسياج كثيف من الزواجر الرادعة، وجعل أيَّ اعتداء عليها سبباً للعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: (إنَّ الَّذين يرمونَ المُحْصَناتِ الغافلاتِ المؤمناتِ لُعِنوا في الدُّنيا والآخرةِ ولهم عذابٌ عظيم) ، [النور:23] . ولا شك أن ترك الألسنة تنهش في أعراض الناس وشرفهم، دون دليل قاطع يُنذِرُ بتفشي حالة من الشكِّ بين أفراد الأسر ويهدِّد بانهيارها. وقد نهى رسولنا -صلى الله عليه وآله وسلم- عن تتبُّع العورات، فقال: "يا معشر من أسلم بلسانه ولم يُفْضِ الإيمان إلى قلبه! لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبَّعوا عوراتهم، فإنه من تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورته، ومن تتبَّع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" رواه الترمذي (2032) وغيره. وقال أيضاً: «من علم من أخيه سيئة فسترها ستره الله عز وجل بها يوم القيامة» رواه أحمد (16960) . واعلم أخي السائل -وفقك الله- أن هؤلاء قرابتك، وما يشينهم قد يضرك في تعرض الناس لكم، فعليك بالنصح والتوجيه، إما بشريط إسلامي، أو كتيب في الحث على الأخلاق الفاضلة، ودع عنك ترديد الإشاعات؛ فإن ضررها على الجميع وخيم. وفق الله السائل لما يحبه ويرضاه وأصلح له قرابته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أحكام المولود

حلق شعر المولود المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 27/6/1422 السؤال هل حلق الشعر للمولود مقصور على الذكر دون الأنثى؟ الجواب الذي يظهر -والله أعلم- أن الحلق عام للذكر والأنثى، كما هو ظاهر الأحاديث؛ ولأن العلّة المذكورة في الحديث -وهي وضع الأذى عن المولود- لا فرق فيها بين الذكر والأنثى، وهذا القول هو: مذهب المالكيّة، والشافعيّة، وقولٌ في مذهب الحنابلة -رحمهم الله تعالى-، والله أعلم.

تسمية المولود المتوفى والعقيقة عنه

تسمية المولود المتوفى والعقيقة عنه المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة التاريخ 10/8/1422 السؤال حملت زوجتي بتوأم - ولله الحمد -، وعند الوضع (بعد الولادة) ، وحسب تقرير المستشفى اتضح أن أحد الجنينين (ولد) متوفى قبل حوالي 24 ساعة من الولادة، والمولود الآخر سليم - ولله الحمد -، والسؤال: هل من السنة تسمية المولود المتوفى، وذبح عقيقته أم لا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أما التسمية فنعم فيسمى، وأما بالنسبة للعقيقة فلا يعق عن المولود الذي ولد ميتاً، وإنما يعقّ عن الحيّ.

أحاديث الأذان والإقامة في أذن المولود

أحاديث الأذان والإقامة في أذن المولود المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 1/6/1422 السؤال ما صحة أحاديث الأذان والإقامة في أذن المولود؟ الجواب قد ورد في هذا الباب أحاديث بعضها موضوع، وبعضها ضعيف، وأجود ما ورد في الباب -حسب علمي- حديث أبي رافع -رضي الله عنه- قال: ((رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة)) أخرجه أحمد 6/9، وأبو داود (5105) ، والترمذي (1514) وقال: حسن صحيح. ورواه غيرهم. ولكنه ضعيف الإسناد؛ لأن مداره على عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف الحديث. وقد أورد العلامة ابن القيم في الباب الرابع من كتابه (تحفة المودود بأحكام المولود) ثلاثة أحاديث في هذا الموضوع، أحسنها حديث أبي رافع على ضعفه، ثم ذكر الحكمة من استحباب بعض أهل العلم التأذين في أذنه أوّل ما يولد. والذي يظهر أنه إذا لم تثبت بذلك الأحاديث المرفوعة، ولا الآثار الموقوفة فلا ينبغي فعله، ومن استحبه من أهل العلم فالظاهر أنه لم يقف على ضعف الأحاديث الواردة في الباب، والله أعلم.

حكم تسمية المولود بـ (حكيم)

حكم تسمية المولود بـ (حكيم) المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 24/09/1425هـ السؤال هل يجوز تسمية المولود: حكيم (بدون أل التعريف) ؛ حيث إن الحكيم من أسماء الله الحسنى؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ومن اهتدى بهداه، وبعد. فإن الله تعالى- قد سمى نفسه في كتابه العزيز بأسماء، وسمى بعض خلقه بتلك الأسماء كالحي والعليم والسميع والبصير والرؤوف والرحيم وغيرها. والاتفاق بالاسم لا يدل على المماثلة والمشابهة في المسمى، فلله تعالى- المثل الأعلى والكمال المطلق من معاني تلك الأسماء، وللعبد ما يليق بضعفه وعجزه، وهناك أسماء لا تقبل الشركة فلا يجوز إطلاقها على غير الله تعالى- كالله والرحمن والخالق، ونحوها. واسم (حكيم) من الأسماء المشتركة التي هي من أسماء الله تعالى- ويجوز أن تطلق على العبد خاصة مع حذف أل التعريف الدالة على الاختصاص. وقد قال الله تعالى: (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) [البقرة:269] . وكل من أوتي الحكمة يسمى (حكيمًا) . ولا يلزم أن كل من سمي حكيمًا يكون كذلك، فقد يسمى عزيزًا وهو ذليل، ويسمى قويًّا وهو ضعيف، ويسمى عليمًا وهو جاهل ... إلخ. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

متى يختن المولود؟

متى يختن المولود؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 5/11/1424هـ السؤال متى يختن الطفل؟ هل في يومه السابع أو في أي يوم؟ وما الحكمة من حلق رأسه في اليوم السابع؟ وهل تحلق الطفلة أم ماذا؟ الجواب - لم يأت في السنة - حسب علمي - توقيت معين للختان، إلا أن بعض العلماء يكره أن يختن يوم سابعه، لأن في هذا تشبهاً باليهود. - لعل من حكم الحلق إماطة الأذى عن رأسه كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "أميطوا عنه الأذى " البخاري (5471) . ولعل من الحكم أيضاً أن يتصدق بوزن الشعر فضة شكراً لله. - ويحلق رأس المولود الذكر فقط دون الأنثى، والله أعلم.

حلق شعر المولود في اليوم الثامن

حلق شعر المولود في اليوم الثامن المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 11/02/1426هـ السؤال حلقت شعر ولدي في اليوم الثامن لظروف ما، فهل هذا يجزئ؟ ثم وزنت الشعر، فهل أتصدق بمثل وزنه ذهباً أم فضة؟ الجواب السنّة هي حلق شعر الابن في اليوم السابع من ولادته، ويتصدّق بمثل وزنه فضة، ويعقّ عنه، وبهذا يُحصّل هذه السنن، فإذا فات هذا اليوم صار في اليوم الثامن أو ما بعده، فالإنسان يجتهد في تحصيل ما يمكنه من السّنن، وإذا فاته شيء منها فلا شيء عليه، لأن تحديدها في السابع سنّة وفضيلة، فإذا لم يحصل ذلك فيكون في غيره، ويدرك بعض السنة، وبالنسبة للعقيقة فقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أنه إذا فات اليوم السابع يكون في الرابع عشر، وإذا فات فيكون في الحادي والعشرين، كما في المستدرك للحاكم (7669) . فإذا فات ففي أيّ يوم.

التسمي بدانيال

التسمي بدانيال المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 18/04/1425هـ السؤال ما حكم التسمية بـ (دانيال) موافقة لرغبة الزوجة النصرانية. الجواب لا بأس بتسمية المولود بالأسماء الجائزة والمشروعة، وإن كان فيه موافقته لرغبة الزوجة الكتابية (كالنصرانية) ، فإن موافقة الزوجة في رغبتها لأمر مباح أو مشروع ليس من التشبه في شيء، فإن النصارى بل واليهود يسمون بأسماء الأنبياء كإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويوسف، وبأسماء أبناء يعقوب كبنيامين، ويهوذا، وغير ذلك. والله أعلم.

تحديد النسل وتنظيمه

تحديد النسل وتنظيمه المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 21/2/1423 السؤال هل يجوز للفرد المسلم أن يقول: سأكتفي بطفلين فقط؛ لأنني لا أعتقد أنه بإمكاني أن أصرف على أكثر من اثنين لإيصالهما وتخرجهما من الجامعة؟ مع العلم أن حالته المادية تعد جيدة؟ فما رأيكم بمسألة تحديد النسل والتنظيم؟ الجواب لا يجوز تحديد النسل سواء أكان المقصود منه الخوف من عدم القدرة على الإنفاق أو غير ذلك، هذا ويجب على المسلم أن يعتقد اعتقاداً جازماً أن كل نفس خلقها الله فالله متكفل برزقها، قال -تعالى-: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" [هود:6] الآية، وقال -سبحانه-: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم" [الإسراء:31] الآية. فالرزق والأجل والعمل والشقاوة أو السعادة مكتوبة وهو في بطن أمه، ففي الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد" الحديث رواه البخاري (3208) ومسلم (2643) . هذا وأما تنظيم النسل للحاجة فلا بأس به كأن تكون الأم مريضة، أو الحمل يضر بصحتها، أو صعوبة ولادتها، ونحو ذلك، هذا وليعلم أن الإسلام يرغب في كثرة الإنجاب ويحث عليه، ففي الحديث الصحيح: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" أبو داود (2050) وأحمد (12613) والنسائي (3227) ، والله أعلم.

التسمية بـ (حسب الرسول)

التسمية بـ (حسب الرسول) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 17/5/1424هـ السؤال أخي يريد أن يسمي ابنه (حسب الرسول) هل هذا جائز؟ وما هو معناه؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، الحسب معناه الكافي، كما قال تعالى: "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ" أي: كافية والله - تعالى - هو حسب نبيه والمؤمنين، كما قال: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" [الأنفال: 64] أي: كافيك وكافي أتباعك، ولا أحد من الخلق يكون كافياً لغيره، فالكافي هو الله وحده، وعلى هذا فلا يجوز أن يسمى أحد (حسب الرسول) ، يعني: كافي الرسول، فالله هو حسب نبيه - صلى الله عليه وسلم - حياً وميتاً، كما قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ" [الأنفال: 64] وقال: صلى الله عليه وسلم لما قيل له: "إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم" قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل" [آل عمران: 173] كما أخبر سبحانه وتعالى بذلك في قوله: "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" [آل عمران:173] .

ولد الزنا

ولد الزنا المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 05/07/1425هـ السؤال ما حكم ولد الزنا؟ وما الواجب تجاه المسئول عن ذلك من الرجل والأنثى؟ وما النظر الصحيح لولد الزنا، وهل وردت أحاديث في ذمه؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. ابن الزنا لم يقترف ذنبا، وإنما اقترف الذنب أبواه؛ وكل نفس بما كسبت رهينة، وينبه إلى أن ما جاء من أحاديث في ذم ولد الزنا فإن أكثرها ضعيف لا يصح. وأما ما روى أبو داود في سننه (3963) ، وأحمد في مسنده (7751) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ولد الزنى شر الثلاثة " فقد وجه العلماء الحديث بعدة توجيهات، أشهرها: ما قاله سفيان الثوري: بأنه شرّ الثلاثة إذا عمل بعمل والديه. ويؤيده ما جاء عند الحاكم في المستدرك (4/112) من حديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: " ليس على ولد الزنى من وزر أبويه شيء "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الأنعام:164] . وقال بعض أهل العلم: الحديث محمول على أن غالب أولاد الزنا يكون فيهم شر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولد الزنا إن آمن وعمل صالحا دخل الجنة، وإلا جوزي بعمله كما يجازى غيره، والجزاء على الأعمال لا على النسب، وإنما يذم ولد الزنا؛ لأنه مظنة أن يعمل عملاً خبيثاً كما يقع كثيرا". والله أعلم.

سنن المولود

سنن المولود المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 5/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي هو ما هي السنن التي فعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمولود، بالأدلة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فجوابنا على السؤال المتضمن لبحث سنن المولود، فأقول وبالله التوفيق: إن من نعمة الله على عبده المؤمن أن يرزقه مولوداً يكون ريحانة له في صغره، وقرة عين في كبره، وذخراً له بعد وفاته، كما حكى الله عن أوليائه وأصفيائه إذ يقولون: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً"، وجاء في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم (1631) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ومن أجل شكر هذه النعمة لابد من أن يبذل الوالد شيئاً من العناية في ذلك المولود، فبعد ولادته وفي أيامه الأولى يسن في حق الوالد سبعة أمور وهي: (1) العقيقة. (2) تسميته واختيار أحسن الأسماء. (3) أن يحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره من الفضة أو ما يعادلها من القيمة. (4) أن يختنه، والختان في حق الذكر آكد منه في حق الأنثى. (5) تحنيكه. (6) تسميته بعبد الله أو عبد الرحمن. (7) أن يؤذن في أذنه اليمنى ويقيم في أذنه اليسرى، فعن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق ويسمى" الترمذي (1523) وصححه، والنسائي (4220) وأبو داود (2837) ، وابن ماجة (3165) ، واللفظ له من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- وهذا هو حديث العقيقة الذي اتفقوا على أنه سمعه الحسن من سمرة -رضي الله عنه-، وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان، وفي رواية: مكافئتان، وعن الجارية شاة رواه الترمذي (1513) وقال: حسن صحيح رواه ابن ماجة (3163) . وعن أبي رافع: أن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - لما وُلِدَ أرادت أمه فاطمة - رضي الله عنها - أن تعق عنه بكبشين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تعقي عنه ولكن احلقي شعر رأسه فتصدقي بوزنه من الورق" ثم ولد حسين -رضي الله عنه- فصنعت مثل ذلك، رواه أحمد (23877) .

قلت: فسنية العقيقة ثابتة بأدلة أخرى من فعله وقوله - صلى الله عليه وسلم - ولعل نهيه - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة -رضي الله عنها- لأنه عق عنه أو عق عنه أبوه علي -رضي الله عنه- وعن أنس - رضي الله عنه - أن أم سليم - رضي الله عنها- ولدت غلاماً، فقال لي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه به وأرسلت معه بتمرات، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها في فيّ الصبي وحنكه بها وسماه عبد الله متفق عليه عند البخاري (5470) ، ومسلم (2119) ، والتحنيك أن يمضغ المحنك التمر أو نحوه حتى يصير مائعاً بحيث يبتلع ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه ليدخل شيء منها في جوفه قال النووي: اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر، فإن تعذر فما في معناه أو قريب منه من الحلو قال: ويستحب أن يكون المحنك من الصالحين رجلاً كان أو امرأة فإن لم يكن حاضراً حمل إليه، واستحب بعضهم الأذان في أذن الصبي اليمنى والإقامة في اليسرى؛ لما روى ابن السني مرفوعاً من حديث الحسين بن علي - رضي الله عنهما -، من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى لم تضره أم الصبيان، وأم الصبيان هي التابعة من الجن، هكذا أورده الحافظ في التخليص (4/1502) ولم يتكلم عليه، وروى استحباب ذلك عن الحسن البصري -رحمه الله-، واحتج على الإقامة في اليسرى بفعل عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى-، وقد روى ذلك ابن المنذر عنه أنه كان إذا ولد له ولد أذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى قال: لم أره عنه مسنداً انتهى. وفيه استحباب التسمية بعبد الله وعبد الرحمن قاله النووي - رحمه الله - وإبراهيم وسائر الأنبياء والصالحين، والعمدة في مشروعية الختان حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتفق عليه عند البخاري (5889) ، ومسلم (257) ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الفطرة خمس: الختان والاستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر، وتفسير الختان ما قاله النووي؛ حيث قال في المجموع الواجب في ختان الرجل قطع الجلدة التي تغطي الحشفة بحيث تنكشف كلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي، ومن المرأة قطع ما ينطلق عليه الاسم من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول. هذا ما أمكن تحريره وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل دعاء الولد الذي لم يعق عنه لا ينفع والده

هل دعاء الولد الذي لم يعق عنه لا ينفع والده المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 3/8/1424هـ السؤال هل صحيح أن الدعاء من الأبناء لا يصل إلى الوالدين إذا لم يقوما بعمل العقيقة لهم؟ الجواب هذا ليس بصحيح، والعقيقة هي من حقوق الولد على الوالد، وهي من السنن المؤكدة، فإذا قصَّر الوالد في هذا الأمر فلا يجعل هناك انفصال بين الوالد والولد يحرم به الوالد من وصول ثواب دعاء ولده وإحسانه إليه، بل على الإنسان أن يدعو لوالده ويكثر من ذلك، ويعمل كل أسباب الخير التي يظن أنها تصل إلى والده، ومن أهمها وأعظمها الصدقة، وصلة الرحم التي توصل عن طريق الوالدين، والوالدان أحسنا إلى الولد في أعمال عظيمة جليلة هي أعلى وأسمى وأغلى من العقيقة، فقد ربياه وأنفقا عليه، وسهرا لراحته وتعبا، وأنفقا مدة طويلة، وكل هذا أعظم من العقيقة، فعلى الإنسان أن يجتهد في الدعاء لوالديه، والله - تعالى - يقول: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء: 23] ، أي إحساناً مستمراً غير محدود.

التسمية بـ: (ديماس)

التسمية بـ: (ديماس) المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 27/04/1425هـ السؤال ما حكم تسمية البنت باسم (ديماس؟) ، وما أصل هذا الاسم، هل هو عربي أم أعجمي؟ وهل فيه شخصية مسماة بهذا الاسم؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الديماس: الحمَّام، وقيل: الكِن، وقيل: السَّرب، - أي النفق المظلم- وكان سجن الحجاج بن يوسف يسمى (الديماس) ، فالذي يظهر من اشتقاقه (دمس) أنه عربي، كما يقال: ليل دامس، ولكن لا يليق من ناحية الذوق أن يتسمى به أحد؛ لأن معانيه المذكورة آنفاً غير مستحبة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب الأسماء الحسنة، ويغير الأسماء المستقبحة، ولا أعلم - بعد البحث - أحداً تسمى بهذا الاسم، فليجتنب، وفي الأسماء الحسنة الجميلة غنية عنه. والله أعلم.

التسمية بـ: (بسملة)

التسمية بـ: (بسملة) المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 30/4/1424هـ السؤال شيخنا الفاضل. أود أن أستفسر من حضراتكم فقد تمنيت أن يرزقني المولى بنتاً فأسميها بسملة، ولكن أردت أن أعرف هل يجوز اختصار بسم الله؟ حيث إني سمعت والعلم عند الله بأنه لا يجوز اختصار لفظ -صلى الله عليه وسلم- إلى (صلعم) مثلاً، فهل هذه غير تلك أم لا؟ أتمنى أن تساعدوني في معرفة الحكم الشرعي في ذلك، مع أنه بالفعل يوجد أناس كثيرون بهذا الاسم، وقد أعجبني كثيراً وتمنيت أن أسمي به ... فما جوابكم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فنسأل المولى -عز وجل- أن يحقق أمنيتك بأن يرزقك ذرية صالحة تقر بها عينك، ونوصيك أن تختار لها اسماً حسناً، ومن أحسن الأسماء أسماء أمهات المؤمنين زوجات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبناته والصحابيات - رضوان الله عليهن جميعاً-، وغيرها من الأسماء الحسنة، ولا نرى تسميتها (بسملة) ، خاصة وأنت تعني بها اختصار (بسم الله الرحمن الرحيم) ، وهذا يكثر عند الأعاجم فيسمون (ما شاء الله) و (تبارك الله) و (بسم الله) ونحوها لجهلهم بالعربية لغة القرآن الكريم، مع عاطفتهم للإسلام والقرآن، وهذه ليست من الأسماء في شيء، ولا ينبغي التسمي بها، أما اختصار (بسم الله الرحمن الرحيم) : إلى البسملة فهذا جائز لا بأس به، كاختصار (الحمد لله) إلى (الحمدله) ، و (لا حول ولا قوة إلا بالله) إلى (الحوقلة) وهكذا. أما الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فالصحيح أنه لا يجوز أن يرمز لها (صلعم) أو (ص) وإنما تكتب كاملة أو تترك كلها كتابة لا لفظاً، وقد نص على ذلك العلماء كالحافظ ابن كثير وغيره، وليست نحو البسملة وأخواتها والله أعلم.

التسمية بـ "نيروز"

التسمية بـ "نيروز" المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 6/6/1424هـ السؤال ما حكم تسمية المواليد باسم (نيروز) ، علماً بأن لي أختاً سماها أبي باسم نيروز، وكان مستشهداً بالبيت الشعري القائل: وقد نبه النيروز في غسق الدجى *** أوائل ورد كن بالأمس نُوّما وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الشريعة الإسلامية جاءت بتحسين الأسماء والأوصاف، لأن الأسماء قوالب المعاني ودالة عليها، ومن هنا جاء الاستحباب بتعبيد الأسماء (كعبد الله وعبد الرحمن) ونحوها، وكل اسم مباح يحمل معنى طيباً فلا بأس به، أما الأسماء المعبدة لغير الله تعالى، أو التسمية باسم من أسماء الله، أو التسمية بالأسماء الأعجمية الخاصة بالكافرين أو التسمي بأسماء الأصنام المعبودة أو أعياد ومواسم الكافرين فكل هذه ممنوعة شرعاً، واسم "نيروز" المعروف أنه عيد من أعياد الفرس قديماً، وأحياه حديثاً بعض الفرق كالرافضة، فلا أرى لك التسمي به، وفي غيره من الألفاظ العربية والمعاني الحسنة ما فيه غنية وكفاية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وفق الله الجميع لرضاه.

تسمية المولودة بـ"دانيال"

تسمية المولودة بـ"دانيال" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 26/8/1424هـ السؤال لدي مولودة وأريد أن أسميها (دانيال) ؛ وذلك نسبة للنبي (دانيال) ، فهل يجوز؟. الجواب الحمد لله، الأسماء التي يتسمَّى بها الناس، ويسمون بها أولادهم منها ما هو مستحب كتسمية المولود عبد الله، أو عبد الرحمن، وكذلك التسمية بأسماء الأنبياء فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن" رواه مسلم (2132) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما-. وصح عنه أنه قال: "تسموا بأسماء الأنبياء" رواه أبو داود (4950) ، والنسائي (3565) من حديث أبي وهب الجُشَمي -رضي الله عنه-. ومنها ما هو مكروه أو خلاف الأولى، كالتسمية بما يتضمن التزكية للمسمى مثل بر وبرة وإيمان وهدى ورباح، ومنها ما هو جائز كالتسمية بالأسماء المعروفة المشهورة مثل علي وعمر وعثمان، ومن أسماء النساء دعد وسعاد وزينب. ومن الأسماء ما هو محرم كالأسماء المعبدة لغير الله كعبد النبي، وعبد الحسين، وقد أجمع العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، ومن الأسماء الحسنة ما كان معبداً لاسم من أسماء الله كعبد العزيز وعبد الملك وعبد الرحيم وعبد الجبار، ومن أحسن الأسماء ما كان مطابقاً لواقع الإنسان كحارث وهمام، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الأسماء: "وأصدقها حارث وهمام" (سبق تخريجه) ومن الأسماء المستكرهة التسمية بالأسماء الدالة على معانٍ مكروهة مثل حرب ومرة، وأما ما سألت عنه من تسمية المولود أو المولودة باسم النبي دانيال فلا بأس به خصوصاً إذا كان المولود ذكراً، أما إذا كان أنثى فلا ينبغي أن تسمى دانيال؛ لأنه لا يليق أن تسمى الأنثى باسم نبي من الأنبياء، لأن الأنبياء كلهم رجال، كما لا يليق أن تسمى الأنثى بعمر وعثمان لأن هذه من أسماء الرجال، فلو سميت بها الأنثى لكان بذلك لبس وتوهيم للسامع، والله أعلم.

التسمية بـ (راما)

التسمية بـ (راما) المجيب د. حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 27/7/1424هـ السؤال هل يجوز تسمية البنت باسم: (راما) مجرد عن الهمزة والمد؟ فقد ذكر في بعض الكتب والقواميس أن راما اسم إله من آلهة الهنود، وذكر أنه مولود في مكان المسجد البابري الذي هدم في عام 1992م ليبنى مكانه معبد لهم. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن من الإحسان إلى الولد الاسم الحسن له، فإن الاسم له ارتباط في المسمى في الغالب كما نص على ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه تحفة المودود قال:"ويدل على ذلك وجوه أحدها قول سعيد بن المسيب: ما زالت فينا تلك الحزونه وهي التي حصلت من تسمية الجد بحزن، وقول عمر لجمرة بن شهاب: أدرك أهلك فقد احترقوا. وقد ذكر العلماء أن من حقوق الأولاد على الآباء اختيار الاسم الحسن، قال ابن القيم:"وبالجملة فالأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها، وأضدادها تستدعي أسماء تناسبها وكما أن ذلك ثابت في أسماء الأوصاف فهو كذلك في أسماء الأعلام ... إلى أن قال: ولهذا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتحسين الأسماء فقال:""إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم " رواه أبو داود (4948) وغيره من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - والحديث متكلم فيه فإن صاحب الاسم الحسن قد يستحي من اسمه، وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه وترك ما يضاده، ولهذا ترى أكثر السفل أسماؤهم تناسبهم وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم". أ. هـ. فيا أخي قرَّ الله عينك ببنتك وتقبلها قبولاً حسناًَ، فأحسن اسمها ولا تسمها بـ (راما) فهو التجسيد السابع للإله (فشنو) عند الهندوس، ويعتبر راما المثل الأعلى في الفروسية والفضيلة من خلال الملحمة الهندية (رامايا) . وقد نص العلماء على حرمة التسمية بأسماء الأصنام والشياطين، ورؤوس الكفر كفرعون، وفي تاريخنا وتراثنا من الأسماء اللامعة والمعبرة ذات الدلالة والمعنى الكثير والحمد لله، وفقك الله لما تحب وترضى، وصلى الله على سيدنا محمد.

أحكام ولد الزنى

أحكام ولد الزنى المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 6/7/1424هـ السؤال أرجو أن تتكرم بشرح واف عن أحكام ولد الزنا في الفقه الإسلامي، وذلك في النقاط الآتية: ثبوت النسب، النفقة، الحضانة، الولاية، الوراثة. الجواب فولد الزنا ليس له أب في الإسلام، فنسبه لأمه ونفقته عليها وعلى من يرثه، وأما الولاية ففيها خلاف قيل إنها لأمه، وقيل للحاكم، وهو يتولى بنفسه أو يقيم غيره، وهذا الراجح، وإرثه كغيره، وأما عصبته فقيل هم عصبة أمه، والصحيح أن أمه عصبة له أيضاً، وجميع هذه المسائل مبسوطة في أبوابها من كتب الفقه، والرجوع لها سهل، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

حق ولد الزنى على أبيه

حق ولد الزنى على أبيه المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 19/5/1423 السؤال زنيت بالخادمة وأنجبت طفلاً، السؤال: ما وضعي مع هذا الطفل؟ وماذا أعمل؟ وهل أنا مسؤول عنه وعن تربيته وكسوته؟ وهل له علي حقوق الطفل الشرعي كالميراث وغيره؟ أفيدونا بارك الله فيكم. الجواب أما الطفل فلا يجوز أنْ يُنسب إليك -ولو كان منك يقيناً- ولا يرثك، ولا ترثه؛ لأنه من سفاح لا من نكاح، ولكن كونه من مائك له أثر في تحريم النكاح، فلا يجوز أن يتزوج من بناتك، ولا أن يتزوج أبناؤك من بناته، فإنه قد ثبت في الصحيحين (البخاري (2053) ومسلم (1457) أنه لما اختصم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة بن الأسود في ابن وليدة زمعة، وكان عتبة بن أبي وقاص قد فجر بها في الجاهلية، وولدت منه ولداً، فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي عتبة عهد إلى أخي عتبة فيه إذا قدمت مكة انظر إلى ابن وليدة زمعة؛ فإنه ابني، ألا ترى يا رسول الله شبهه بعتبة؟ فقال عبد: يا رسول الله أخي وابن وليدة أبي; ولد على فراش أبي، فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- شبهاً بيناً بعتبة، فقال: هو لك يا عبد بن زمعة؛ الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة (وهي بنت زمعة) " فقد جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ابناً لزمعة؛ لأنه ولد على فراشه، وجعله أخاً لولده بقوله:"فهو لك يا عبد بن زمعة" وقد صارت سودة أخته يرثها وترثه; لأنه ابن أبيها زمعة ولد على فراشه، ومع ذلك أمرها -صلى الله عليه وسلم- أن تحتجب منه؛ لما رأى من شبهه البين بعتبة، أمّا كسوته ونفقته فلا تجب عليك؛ لأنك لا ترثه ولا يرثك، ووجوب النفقة واجبة باستحقاق الإرث، كما يدله قوله -تعالى-:"وعلى الوارث مثل ذلك" [البقرة:233] ، أي: مثل ما على المولود له (الأب) من النفقة الواجبة إذا مات الأب، وهذا مخرج على قاعدة الخراج بالضمان، والغرم بالغنم، فإذا كان يغنم من ولده ميراثه بعد مماته، وجب أن ينفق عليه في حياته. وإذا كان لا يرثه، لم يجب عليه نفقته. وهذا الطفل ينفق عليه من بيت مال المسلمين وتكفله الدولة وترعاه، وهي مسؤولة عن نفقته وكسوته، أما إذا أردت الإحسان والمعروف، فلا شك أن إنفاقك عليه وإحسانك إليه معدود من الصدقة، ولك في ذلك أجر، كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"في كل كبد رطبة أجر" البخاري (2363) مسلم (2244) . واعلم أن من علامات صدق التوبة أن يكون حال التائب بعد التوبة خيراً من حاله قبلها، فاكثر من عمل الصالحات والاستغفار والصدقة لعل الله أن يتوب عليك، فإن الله إذا رأى من عبده صدق توبته تاب عليه بل وبدَّل سيئاته حسنات، كما قال -سبحانه-:"إِلاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيما*وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً" [الفرقان:70-71] . أسأل الله أن يهدينا وإياك سبل السلام، وأن يخرجنا وإياك من الظلمات إلى النور، وأن يتوب علينا وعليك، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التسمي بـ (غرم الله)

التسمي بـ (غرم الله) المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 27/4/1423 السؤال يكثر في بلدنا التسمي باسم (غرم الله) ، فما معناه، وما حكم التسمي به؟ الجواب فالجواب -فيما يظهر لي- والعلم عند الله -عز وجل- أن هذا متوقف على تحديد معنى (غُرْم) وقد رجعت إلى لسان العرب ولم أقف على معنى يمكن أن يضاف إليه لفظ الجلالة (الله) . وهو اسم يكثر عند بعض أهل الجنوب من الجزيرة العربية وقد سبق أن سألت عنه بعض علمائهم فلم يفدني فيه بشيء. والغرم في لغة العرب يأتي بمعنى (الدَّين) ، ومنه قوله -تعالى-:"والغارمين وفي سبيل الله" [التوبة:60] والغارمون: هم الذين لزمهم الدَّين في الحمالة، ومنه في الحديث:"أعوذ بك من المأثم والمغرم" البخاري (833) ومسلم (589) ، وهو مصدر وضع موضع الاسم، وفي الحديث الآخر:"إن المسألة لا تصلح إلا لذي فقر مدقع أو لذي غُرم مفظع" الترمذي (653) أبو داود (1641) ابن ماجة (2198) واللفظ له، وأحمد (12134) أي: ذي حاجة لازمة من غرامة مثقلة. ويأتي الغرام بمعنى: اللازم من العذاب، والشر الدائم والبلاء والحب والعشق، ومنه قوله -تعالى-:"إن عذابها كان غراماً" [الفرقان:65] أي: مُلحاً دائماً ملازماً. وقد أغرم بالشيء أي: أولع به، يعني: فلان مغرم بكذا، أي: لازم له مولع به. ويأتي الغُرم في مقابل الغُنم كما في الحديث:"الرهن لمن رهنه، له غنمه وعليه غرمه" الحاكم في المستدرك (2/360) والدارقطني في السنن (2/32-33) ، أي: أداء ما رهن به وفكاكه. ولا يبعد أن يكون مرادهم بهذه التسمية أي: المولع بالله، أو المحب لله -تعالى-، ولا أنصح بالتسمية به، لكن لا أقول إنه يجب تغييره لمن سمي به؛ لأنه يحتمل أن يكونوا عنوا به معنى صحيحاً والعلم عند الله، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التسمية بـ: (تسنيم)

التسمية بـ: (تسنيم) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 22/11/1424هـ السؤال وأنا أبحث في القرآن عن اسم مؤنث أسمي به بنتي صادف وأن قرأت في سورة المطففين آية 27 لفظ " تسنيم". فهل يجوز اختيار هذا الاسم لابنتي؟. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، الأسماء يقصد بها الدلالة على المسمى، وهي أنواع منها ما هو حسن ومنها ما هو قبيح، ومنها ما هو عادي لا يوصف بحسن ولا قبيح، ومن الأسماء ما هو أخص بالذكور ومنها: ما هو أخص بالإناث، ومنها ما هو مشترك، أي إنه مما يسمى به الذكر والأنثى، وهذا يختلف باختلاف المجتمعات والعادات، وعلى هذا فأي لفظ يختاره الإنسان اسماً لابنه أو بنته مما لا يحمل معنى قبيحاً أو يتضمن أمراً محرماً في الشرع كالأسماء المعبدة لغير الله فإنه لا بأس به، وألفاظ القرآن ألفاظ عربية لها مدلول في اللغة العربية ولها مدلول في الشرع، والتسنيم الذي ذكره الله هو اسم لشراب من أشربة أهل الجنة، ولكن له معنى مفهوم عند العرب فإذا سمى الإنسان بهذا اللفظ فلا يجوز أن يريد بالتسمية الشراب الذي في الجنة وإنما يريد تسميتها بهذا اللفظ حسب مدلوله في اللغة العربية، وهو نوع من الأشربة كالماء واللبن والعسل وما أشبه ذلك، فالحاصل أنه لا بأس أن تسمي ابنتك تسنيماً مثل الشراب المعروف عند العرب، فإن أشربة الجنة وغيرها من أصناف النعيم ليست مثلما في الدنيا وإن كانت موافقة لها في الاسم، كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: "ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء"، يريد أن حقائق ما في الجنة ليست مثل حقائق ما في الدنيا، وإن كانت موافقة لها في الاسم، والمعنى العام وهو القدر المشترك بين المسميين فلا يلزم من الاتفاق في الاسم والقدر المشترك تماثل المسميين، فإن الله -تعالى- قد قال في الحديث القدسي:"أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" رواه البخاري (3244) ومسلم (2824) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والله أعلم.

اكتشفت الحقيقة بعد موت متبنيها

اكتشفت الحقيقة بعد موت متبنيها المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 16/8/1424هـ السؤال زوجتي اكتشفت أنها متبناة بعد زواجي منها، وهي أيضاً لم تكن تعلم إلا بعد مطالبتنا بحقها من إرث أبيها. هل لها حق في الإرث مع أنها مسجلة رسمياً؟ الجواب بالنسبة للسؤال عن التبني فإنه لا يجوز للإنسان أن يتبنى أحداً، بل يجب أن ينسب كل إنسان لأبيه الذي ولد من صلبه، وأيضاً فإنه ليس للابن المُتبَنىَّ حق في أن يرث من التركة شيْئاً، وذلك لأن التبني أولاً محرم ولا يجوز كما سبق، وثانياً لأنه ليس من الورثة.

التسمية بجوري

التسمية بجوري المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 22/3/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: أحببت أن أسأل عن اسم (جوري) ، وهو الورد الشديد الحمرة، هكذا وجدت معناه في الإنترنت، ولم أجده في لسان العرب، فهل يجوز أن أسمي ابنتي بهذا الاسم؟ ملاحظة: تسمية ابنتي متوقفة على جوابكم -حفظكم الله-. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلا يجوز للمسلم أن يسمي ولده ذكراً كان أو أنثى باسم أعجمي يخص الكفار إلا لحاجة، وتقليد الكفار في الأسماء دليل على ضعف الانتماء للإسلام ولغته التي أُمر المسلم بموافقتها إلا لحاجة، وهو دليل على افتتان الإنسان بأعدائه، وهذه علامة الخذلان، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أحمد (5114) وأبو داود (4031) بسند صحيح. و (جوري) اسم غير عربي، فيكون مشمولاً بالتحريم؛ لما فيه من التشبه بالكفار. وفقك الله، وأصلح لك الذرية، ورزقك برها.

التكني بأبي الأعلى

التكني بأبي الأعلى المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 18/06/1425هـ السؤال بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أحب التكني بهذه الكنية (أبو الأعلى) ، فما حكم الشرع في ذلك؟ وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين كل خير. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا بأس بالتكني بأبي الأعلى، فالمخلوقات منها العالي والسافل، والعالي منها بعضها أعلى من بعض، ويقال لما هو أعلى من غيره، هو أعلى، والأولى اجتناب التكني بأبي الأعلى؛ لأن الأعلى المطلق هو الله - سبحانه وتعالى- ولكن من يتكنى بهذه الكنية إنما يريد الأعلى من غيره من الناس. والله أعلم.

تسمية البنت بـ (آية)

تسمية البنت بـ (آية) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 27/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم رزقت بطفلة -ولله الحمد- وأريد تسميتها بـ (آية) ، فهل بهذا الاسم شبهة أو كره بالتسمية؟. -وجزاكم الله عنا كل خير-. الجواب الحمد لله، وبعد: لا بأس أن تسمي ابنتك بـ (آية) ، فهي من جملة مخلوقات الله التي هي آيات على قدرته - سبحانه وتعالى-،وعلمه، وحكمته. والله أعلم.

التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم

التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 27/04/1425هـ السؤال هل ورد حقاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي"، وما معنى ذلك؟ أي هل المقصود ألا نسمي أحداً أبا القاسم أم ماذا؟ جزاك الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي"، كما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (1/52) ، ومن حديث جابر رضي الله عنه (3/1301) . وكذا أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه (3/1682ح 2131) وفيه قصة. قال أنس: نادى رجل رجلاً بالبقيع يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لم أعنك إنما دعوت فلاناً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي". وأخرجه أيضاً من حديث جابر رضي الله عنه (3/1682ح 2133) ، وذكر فيه قصة أخرى، قال جابر رضي الله عنه (ولد لرجل منا غلام فسماه محمداً فقال له قومه لا ندعك تسمي باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق بابنه حامله على ظهره فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ولد لي غلام فسميته محمداً فقال لي قومي لا ندعك تسمي باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي فإنما أنا قاسم أقسم بينكم". حكم التكنية بأبي القاسم: اختلف العلماء في التكني بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب: المذهب الأول: المنع مطلقاً، سواء كان اسمه محمداً أم لا. ثبت ذلك عن الشافعي، وهو مذهب الظاهرية، ويستدل له بظاهر الأحاديث المتقدمة. المذهب الثاني: الجواز مطلقاً، ويختص النهي بحياته صلى الله عليه وسلم. أدلته: (1) رواية مسلم عن أنس ففيها الإشارة إلى سبب المنع، والقاضي بزوال الحكم عند زوال السبب. (2) واحتجوا أيضاً بما أخرجه البخاري في الأدب المفرد (843) وأبو داود (4967) والترمذي (2843) ، وصححه الحاكم من حديث علي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إنْ ولد لي من بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: (نعم) . فهذه رخصة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال عنها ابن حجر: (وسندها قوي) . (3) وورد ما يدل على أن الصحابة -رضي الله عنهم- فهموا تخصيص النهي بزمانه صلى الله عليه وسلم؛ لأن بعض الصحابة-رضي الله عنهم- سمى ابنه محمداً وكناه أبا القاسم وهو طلحة بن عبيد الله-رضي الله عنه-، وكذا يقال لكنية كل من المحمَدِين ابن أبي بكر، وابن سعد، وابن جعفر بن أبي طالب، وابن عبد الرحمن بن عوف، وابن حاطب بن أبي بلتعة، وابن الأشعث بن قيس أبو القاسم، وأن آباءهم كنوهم بذلك. قال القاضي عياض: وبه قال جمهور السلف والخلف وفقهاء الأمصار. المذهب الثالث: لا يجوز لمن اسمه محمد ويجوز لغيره، وهذا ارتضاه الرافعي، ووهاه النووي. وقد ورد ما يؤيد هذا المذهب، وذلك فيما أخرجه أحمد (8109) وأبو داود (496) وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان من طريق أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم "من تسمى باسمي فلا يكتنى بكنيتي، ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي". وأقرب الأقوال، وأوجههما الثاني والثالث، لأنها تتضمن صوارف معتبرة عن التحريم المطلق، والقول الأول: أبرأ للذمة وأعظم للحرمة. والله أعلم.

زميلاه لهما سابقة زنى

زميلاه لهما سابقة زنى المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 10/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي زميلان معي في المكتب يتوسمان في شخصي الخير، ويعتقدان بأني أملك الرد على أسئلتهما، والتي جعلتني في حيرة من أمري، لما وقع فيه كل منهما والعياذ بالله: أولهما كان قديماً ممن درس في دولة غربية، وتصادق حسب قوله مع امرأة، وحملت منه وأنجبت فتاة، وعمر ابنته غير الشرعية 19 سنة، ويسألني هل تجب عليه نفقة هذه البنت شرعاً، حيث إن والدتها لا زالت تراسله وتطالبه بالنفقة؟ وثانيهما: كان على علاقة بالعاملات لديه (الشغالات ولم يكن لهم أزواج) دون علم زوجته، وقد حملت منه اثنتان منهما، وأنجبتا ولداً وبنتاً بعد سفرهما إلى بلادهما، ويقول: هل يجب عليه نفقة هذا الولد وهذه البنت ومتابعتهما، وإن فقد أثرهما فهل عليه إثم؟ السؤال الأخير يتعلق بشخصي أنا: فماذا يجب عليَّ وقد أخبراني عن أمرهما، هل أنصحهما فقط؟ أم يجب عليَّ شرعاً إبلاغ السلطات عنهما؟، وكيف وأنا لا أملك أدلة سوى أقوالهما عن نفسيهما؟ أرجو الإجابة حفظكم الله ووفقكم لكل خير. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن النفقة لا تجب للولد غير الشرعي، فإذا اقترف الإنسان جريمة الزنا، ونتج عن ذلك ولد أو بنت، فإن هذا الولد أو البنت لا يجوز نسبتهما إلى الأب، ولا تجب لهما النفقة؛ لأن النفقة لا تجب إلا إذا ثبت النسب، والنسب لا يثبت بالزنا، ولذلك فإن ولد الزنا ينسب للأم فقط، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالإرث فإن الزاني لا يرث من ولده من الزنا، ولا يرث ولده من الزنا منه. ولكن بما أن الزاني هو الذي اقترف هذا الأمر، وبسبب فعله نتج هذا الولد، فإن عليه أن يساعد المرأة التي شاركته في هذا الإثم، ويتحملان معاً نتيجة معصيتهما، ولكن لا يكون هذا من باب النفقة الواجبة للأولاد، مع الاحتراز عن الأمور التي قد يتكرر بسببها هذا الفعل المحرم. أما ما يتعلق بموقفك أنت من هذه القضية، فإن الواجب عليك مناصحة هذين الشخصين الذين اقترفا هذه الفاحشة العظيمة، فإن تابا فالحمد لله، ولا يُشرع لك التبليغ عنهما؛ لأنهما قد تابا من هذا العمل كما يظهر؛ ولأن المشروع الستر عليهما، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله مع من يعترف عنده بالزنا كماعز والغامدية -رضي الله عنهما وأرضاهما-. انظر ما رواه مسلم (1695) من حديث بريدة-رضي الله عنه-. وإن أصرا على فعلهما فعليك الاستمرار في نصحهما وتوجيههما وإرشادهما، وتبين لهما الآيات والأحاديث الناهية عن الزنا، والمشتملة على الوعيد الشديد على هذا العمل الشنيع، كما توضح لهما أثره السيئ على الفرد والمجتمع من الناحية الدينية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية والصحية وما إلى ذلك. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

إلى من ينسب ابن الزنى؟

إلى من ينسب ابن الزنى؟ المجيب سلمان بن عبد الله المهيني القاضي بوزارة العدل التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 28/06/1425هـ السؤال تبني ولد الزنا الذي لا يعرف أبوه ولا أمه، وإنما أتى به شخص غريب إلى أسرة لتربيه كيف تصنع هذه الأسرة بنسبه هل تنسبه إليها؟ وكيف تصنع في شهادته المدرسية وأوراقه الرسمية؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن التبني كان جائزاً في أول الإسلام، ثم نزل تحريمه في قول الله -تعالى-: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم" [الأحزاب: 5] وعليه فلا يجوز لأحد من المسلمين أن ينسب لنفسه من ليس ولداً له، وأما ما يتعلق بدراسة المذكور فإن الجهات الحكومية لابد أن لديها من الأنظمة ما يعالج وضعه. والله أعلم.

لمن ينسب هذا الجنين؟!

لمن ينسب هذا الجنين؟! المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 25/5/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا متزوجة، ولكن زوجي لا يحبني، وهجرني فترة، وفي غيابه عشقت رجلاً غيره، وأصبح مثل زوجي، ينام معي! ولم يتزوجني، وبعد فترة عاد زوجي إلي، وبعدها اكتشفت أني حامل، ولا أعرف الحمل من زوجي أو من الآخر، أنا الآن نادمة بصدق، أريد أن أعرف مصير الجنين هل أقتله؟ ولمن ينسب؟ ولكم جزيل الشكر وعظيم الأجر والثواب. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالجواب: أن نقول لك - أيتها السائلة- إن اتخاذك خليلاً تمكنينه من نفسك كزوجك منكر عظيم، وجريمة كبيرة؛ يقول الله -تعالى-: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا" [الإسراء: 32] ، هذا ولو رفعت قضيتك إلى الحاكم الشرعي، وتم إقرارك بذلك لأقام عليك الحد الشرعي، لكن ما دمت لم ترفعي قضيتك نقول لك عليك أن تستتري بستر الله -تعالى- وتتوبي إلى الله عن فعلك، وأن تندمي على ذلك، وألا تعودي لمثله؛ لعل الله أن يتوب عليك. أما الجنين فلا تتعرضي له بإسقاط أو نحوه؛ لأن ذلك حرام، وجريمة عظيمة، وقتل لكائن حي. أما سؤالك لمن ينسب إليه؟ فالجواب أنه ينسب إلى زوجك الشرعي؛ فقد جاء في الصحيحين البخاري (2053) ، ومسلم (1457) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" أي: الولد للزوج، وللزاني الرجم. والله أعلم.

التسمية بـ: تبارك- تقوى..

التسمية بـ: تبارك- تقوى.. المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 03/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: سؤالي هو: ما حكم تسمية الإناث بأسماء كـ" تبارك، تقوى، رحمة، إيمان "، والأسماء المشابهة؟ بارك الله فيكم ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. معلوم أن المقصود من الأسماء التي يسمي بها الناس أولادهم هو الدلالة على أعيانهم، والأسماء ألفاظ، منها ألفاظ تدل في الغالب على معاني منها الحسن ومنها القبيح، فينبغي لمن ولد له مولود أن يختار له الاسم الحسن، لفظًا ومعنى-مع مراعاة ما يميز بين الذكر والأنثى؛ ليكون الاسم دالًّا على جنس المسمى مع تجنب ما فيه تزكية، مثل: برّة، وتقية، والألفاظ الواردة في السؤال منها ما لا يضاف إلا إلى الله، فلا يجوز التسمية به، وهو: تبارك. ومنها ما فيه مبالغة في التزكية وهو: تقوى وإيمان، مع ما في ذلك من ابتذال هذه المعاني الشرعية الجليلة، التقوى والإيمان، فينبغي عدم التسمية بهذين الاسمين. وأما رحمة فلا كراهة بالتسمية به؛ لأن المولود ذكرًا كان أو أنثى هو من رزق الله وعطائه، ويرجى أن يكون رحمة من الله لوالديه. والله أعلم.

انتساب التبني

انتساب التبني المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 09/04/1426هـ السؤال أخَوان تزوجا أختين، أحدهما أنجبت له زوجته أبناء، والثاني ليس له أبناء، فتبنى من الأول بنتًا وولدًا وكتبهما باسمه، وتوفي الزوج الذي ليس له أبناء. السؤال: ما حل هذه المشكلة؟ هل يرجع الأب بنته وولده باسمه؟ أم ماذا يعمل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: التبني، وهو نسبة أولاد الغير إلى نفسه، ويعاملهم معاملة الأولاد الحقيقيين، هذا من العادات الجاهلية التي جاء الإسلام بالنهي عنها وإبطالها، فقال الله عز وجل: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ) [الأحزاب: 5] . وجاءت الأحاديث الكثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنهي عن الانتساب إلى الغير، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-، في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، المتفق عليه: "لَا تَرْغَبُوا عَن آبَائِكُمْ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَن أَبِيه فَهُوَ كُفْرٌ". البخاري (6768) ومسلم (62) . وقال: "أَيُّمَا امْرَأةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ رَجُلاً لَيْسَ مِنْهم فَلَيْستْ مِن اللهِ في شَيْءٍ، ولَا يُدْخِلُهَا اللهُ جَنَّتَه، وأَيُّمَا رَجُلٍ جحَد ولَدَه، وهُو ينظُرُ إليه، احتَجَب اللهُ -عز وجل- مِنْهُ، وفضَحه عَلَى رُؤوسِ الأَوَّلين والآخِرين يومَ القِيامةِ". أخرجه أبو داود (2263) ، وابن ماجة (2743) ، والنسائي (3481) . والأحاديث في هذا كثيرة، والتبني باطل، ولا يجوز أن يعامل هؤلاء الذين حصل التبني لهم معاملة الأبناء الحقيقيين، فهم من الناحية الشرعية لا يرثون من هذا الذي تبناهم، وليسوا بمحارم لزوجته، ولا لأولاده، ولا يترتب على هذا التبني أي حكم شرعي، والواجب نسبة هؤلاء الأبناء إلى أبيهم الحقيقي، ولا يجوز لهؤلاء البقاء على هذا الوضع من انتسابهم إلى غير أبيهم. والله أعلم.

علاقة الأسماء بشخوص المسمين

علاقة الأسماء بشخوص المسمَّين المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 26/10/1425هـ السؤال ما حكم استخراج واستنباط معاني للأسماء وأن هذا الاسم صاحبه مثلاً اجتماعي أو ذو شخصية قوية أو يحب التحدي، ومن ذلك مثلاً اسم (حمزة) رمز القوة والإصرار متواصل اجتماعيًّا وينجح في العلاقات العامة. . . شخصية قوية ويفرض ما يراه على من حوله، عميق التفكير ولا يرتاح حتى يحقق ما يريد! هناك متجر يجعل هذه المعاني على أشياء ويبيعها، وكل شخص يطلب منه أن يجد له معنى لاسمه وهكذا، فما الحكم في ذلك؟ وهل قول الرسول عليه الصلاة والسلام- أن لكل شخص نصيبًا من اسمه، أو ما حدث بين عمر، رضي الله عنه، مع أحد الأعراب عندما سأله عن اسمه ومن أي القبائل هو، فقال أن اسمه شهاب وأنه من قبيلة لظى فقال له: الحق بأهلك فقد احترقوا. . . أرجو إجابة شافية كافية وافية. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: حث النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الاسم الحسن المشتمل على الصفات الحميدة والمعاني السامية، وأخبر أن الناس يُدعون يوم القيامة بأسمائهم، فقال: "إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ ". أخرجه أبو داود (4297) من حديث أبي الدرداء، رضي الله عنه. وندب إلى التسمي بأسماء الأنبياء، فقال: "تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ. . . . ". أخرجه أبو داود (4299) والنسائي (3565) من حديث أبي وهب الجشمي، وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تغيير الاسم القبيح بالاسم الحسن على وجه التفاؤل والتيمُّن؛ لأنه كان يعجبه الفأل الحسن، وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم العديد من الأسماء، مثل اسم (عاصية) إلى (جميلة) ، كما جاء في صحيح مسلم (2139) ، من حديث ابْنِ عُمَر، رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيَّرَ اسْمَ (عَاصِيَة) َ وَقَال: "أَنْتِ (جَمِيلَة) ُ". وغير اسم (بَرَّةَ) إلى (زينب) . وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا. فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ. أخرجه البخاري (6192) ، ومسلم (2141) . ومثل اسم (أصرم) إلى (زرعة) ، فعن أُسَامَةَ بْنِ أَخْدَرِيٍّ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَه: أَصْرَمُ. كَانَ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا اسْمُكَ؟ ". قَالَ: أَنَا أَصْرَمُ. قَالَ: "بَلْ أَنْتَ زُرْعَةُ". أخرجه أبو داود (4954) .

وأخرج الإمام أحمد في مسنده (769) من حديث عَلِيٍّ، رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: حَرْبًا. قَالَ: "بَلْ هُوَ حَسَنٌ". فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: حَرْبًا. قَالَ: "بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ". فَلَمَّا وُلِدَ الثَّالِثُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ ". قُلْتُ: حَرْبًا. قَالَ: "بَلْ هُوَ مُحَسِّنٌ". ثُمَّ قَالَ: "سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ شَبَّرُ وَشَبِيرُ وَمُشَبِّرٌ. . . . ". قال أبو داود: (وغيَّر النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب فسماه هشامًا، وسمى حربًا سلمًا، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضًا تسمى عفرة سماها خضرة، وشِعْبُ الضلالة سماه شعب الهدى، وبنو الزنية سماهم بني الرشدة، وسمى بني مغوية بني رشدة) . قال أبو داود: تركت أسانيدها للاختصار) . ينظر: سنن أبي داود (4956) . وفي تغيير هذه الأسماء ونحوها دليل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تغيير الأسماء القبيحة والمشتملة على التزكية أو الذم أو المدح أو المعاني غير اللائقة، وليس المقصود من ذلك أن معنى الاسم يكون صفةً لازمة في الشخص، لأن الأسماء للدلالة والتعريف، وقد يوجد شيء من تأثير الأسماء في مسمياتها، ونوع من الارتباط، ولكن هذا ليس بمطرد. قال الطبري رحمه الله: (لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى، ولا باسم يقتضي التزكية له، ولا باسم معناه السب، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص، ولا يقصد بها حقيقة الصفة. لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم، فيظن أنه صفة للمسمى، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحول الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه كان صدقًا) . ينظر: فتح الباري (10/577) . وقال: (وليس تغيير رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غير من الأسماء على وجه المنع للتسمي بها، بل ذلك على وجه الاختيار، لأن الأسماء لم يسم بها لوجود معانيها في المسمى بها، وإنما هي للتمييز، ولذلك أباح المسلمون أن يتسمى الرجل القبيح بحسن، والرجل الفاسد بصالح، ويدل على ذلك قول جد ابن المسيب للنبي صلى الله عليه وسلم حين قال له: "أنْتَ سَهْلٌ": لا أغير اسمًا سمَّانيه أبي. أخرجه البخاري (6190) . فلم يلزمه الانتقال عنه على كل حال، ولا جعله بثباته آثمًا بربه، ولو كان آثمًا بذلك لجبره على النقلة عنه إذ غير جائز في صفته عليه السلام أن يرى منكرًا وله إلى تغييره سبيل) . ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال 9/348.

ومن خلال ما سبق يعلم أن الأسماء هي أعلام للأشخاص، وليس من تسمى باسم معناه أن ما يحمله الاسم من صفة ومعنى موجودة فيه، فهذا خلاف الواقع، فإن هناك من تسمى بأسماء صالحة وحسنة وتكون أخلاقه وشمائله غير ذلك، والعكس أيضًا، وعلى هذا فمن الخطأ المبالغة في هذا الجانب، وأخذ صفات الأشخاص من أسمائهم والاستدلال بها على أخلاقهم وشمائلهم مثل ما ذكر السائل، وفقه الله، وأما ما جاء عن عمر، رضي الله عنه، فمن المعلوم أن عمر، رضي الله عنه، كان محدَّثًا مُلهَمًا، وقد انقدح في نفسه حينما سمع هذه الأسماء، وتنبأ بحصول احتراق مسكن الرجل، ومثله العابر الذي ينقدح في نفسه حينما يسمع الرؤيا فيأخذ من الأسماء ما يدل على تعبيرها وتأويلها مثل ما جاء في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ، فَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ، فَأَوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ". أخرجه مسلم (2270) . هذا والله أعلم. وأما ما جاء في السؤال من أن لكل شخص نصيبًا من اسمه، فهذا لا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من الأقوال السائرة المعروفة، وقصة عمر، رضي الله عنه، مع الرجل، أخرجها الإمام مالك في الموطأ (1541) عن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، قَالَ لِرَجُلٍ: مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: جَمْرَةُ. فَقَالَ: ابْنُ مَنْ؟ فَقَالَ: ابْنُ شِهَابٍ. قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: مِن الْحُرَقَةِ. قَالَ: أَيْنَ مَسْكَنُك؟ َ قَال: بِحَرَّةِ النَّارِ، قَال: بِأَيِّهَا؟ قَالَ: بِذَاتِ لَظًى. قَالَ عُمَرُ، رضي الله عنه: أَدْرِكْ أَهْلَكَ فَقَدْ احْتَرَقُوا. قَالَ: فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه. قال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار (8/514) معلقًا على هذا الأثر: (لا أدري ما أقول في هذا، إلا أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سَيَكُونُ بَعْدِي مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُنْ فَعُمَرُ ". انظر صحيح البخاري (3689) . وقد يوجد هذا في مَنْ دون عمر من الذكاء وحسن الظن حتى لا يكاد يخطئه ظنه، والله عز وجل أعلم، في احتراق أهل المخبر، وكأنه من نحو ما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: " البَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالْمَنْطِقِ". أخرجه القضاعي (227) . فصادف قوله قدرًا سبق في علم الله عز وجل) . هذا والله أعلم.

التسمية بـ (بسملة)

التسمية بـ (بسملة) المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 24/03/1426هـ السؤال رزقني الله بمولودة سميتها (بسملة) ، فهل في هذا الاسم شيء شرعاً، وهل يجوز هذا الاسم، أم يجب عليَّ تغييره؟ والله يحفظكم. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشر ف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن من حقوق الولد على أبيه أن يختار له اسماً حسناً دالاً على معنى حسن، لعلَّ الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل الولد حسناً كاسمه؛ لأن الأسماء لها أثر واضح على مسمياتها، والأسماء الحسنة كثيرة لا تكاد تُحصر، والأمر في ذلك واسع ولله الحمد. ولذلك فإن الواجب عليك أن تختار لابنتك اسماً حسناً من الأسماء العربية المعروفة، أما الاسم الذي ذكرته فلا أدري ما معناه، ولا المقصود من التسمية به، خصوصاً وأن التسمية به لم يثبت لها فضل في الشريعة، ولُيعلم أن ورود الاسم في القرآن الكريم ليس دالاً على فضل التسمي به كما يظن بعض الناس. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

مسح رأس المولود بالزعفران بعد حلقه

مسح رأس المولود بالزعفران بعد حلقه المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود التاريخ 01/08/1426هـ السؤال هل يشرع مسح رأس المولود بالزعفران بعد حلق رأسه يوم عقيقته؟ وهل هناك أي رواية صحيحة في ذلك؟ وكيف يكون المسح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم: يشرع مسح رأس المولود بالزعفران ونحوه من الطيب بعد حلق رأسه يوم عقيقته؛ فقد أخرج ابن حبان (5308) وغيره بسند صحيح عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي خضبوا قطنة بدم العقيقة، فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها على رأسه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "اجعلوا مكان الدم خلوقاً". وفي حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنه-: ".... فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة، ونحلق رأسه، ونلطخه بزعفران". أخرجه أبو داود (2843) ، والبيهقي (9/302) ، وغيرهما.

تربية الأولاد

الضرب لحفظ القرآن المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين - رحمه الله - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 20/3/1424هـ السؤال لي ابن سوف يكمل السابعة من عمره بعد شهر، وزوجتي تريد أن يحفظ القرآن كاملاً، وقد حفظ حتى الآن ثمانية أجزاء، وقد وصل لدرجة أنه أصبح يفضل الموت على الحفظ، حيث إن زوجتي تستنفذ معه كل الوسائل السلمية ثم تبدأ بضربه ضرباً مبرحاً حتى يحفظ، وبالرغم من أنها تضربه إلا أنه قد لا يحفظ آيتين بعد ساعتين من الضرب والتوبيخ، فهل يجوز ذلك، حيث إن زوجتي بدأت تشعر بالذنب لتكرار الضرب والتوبيخ؟ وأنا أشعر أنه قد يكره القرآن بالإضافة إلى أنه ليس من الرحمة أن نعامل الأطفال بهذه الطريقة. الجواب لا يجوز هذا العمل على الإطلاق لأسباب: (1) أن الطفل لا يزال صغيراً جداً. (2) أن الصحابة -رضي الله عنهم- وهم أصحاب خير الخلق- لم يكونوا كلهم حفاظاً، وكانوا في الحفظ لا يتجاوزون عشر آيات حتى يحفظوها ويعملوا بمقتضاها. (3) إذا كان الطفل لا يؤمر بالصلاة المفروضة إلا بعد إكمال سبع سنين من عمره، ولا يضرب عليها إلا بعد اكتمال العاشرة، فكيف بما لم يأت في الشرع بشأنه إلزام؟! ألا فليتق الله كل راع على رعيته.

تدريس الأطفال في مدارس النصارى

تدريس الأطفال في مدارس النصارى المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 21/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال: هل يجوز أن يدرس الأطفال في مدارس نصرانية؟ لما فيها من جودة تدريس وانضباط وأدب؟ حيث تقوم الراهبات بالإشراف وتدريس المواد، وتدرس مادة الديانة الإسلامية من قبل مدرسة مسلمة، وتوجد موجهة منتدبة مسلمة تقوم بالإشراف العام وأغلبية الطلاب من المسلمين، ولا تقوم الراهبات بأي نوع من أنواع العنصرية، أو تعليمهم أشياء نصرانية. أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله - والصلاة والسلام على رسول الله - وبعد: فإني قد تأملت هذه المسألة فرأيت أن أجيبك بحسب بلدك فما دمت في بلد مسلم فهذا يختلف عن شخص في بلد غير مسلم، لا سيما مع عدم وجود مدارس إسلامية، ولست أطلق الإباحة لمثل هذه الحال ولكن الجواب سيختلف قليلاً. أما جواب مسألتك لكونك في بلد مسلم يوجد به ولله الحمد مدارس إسلامية فإني لا أرى لك عذراً في تدريس أولادك في المدارس النصرانية، حتى وإن تفوقت على المدارس الإسلامية ببعض المزايا، ذلك أن قضية العقيدة وقضية الولاء والبراء والانتماء قضايا أكبر بكثير من مجرد إضافة معلومات أو جودة تدريس ونظام، وعليك أيها الأخ المسلم أن تكون هذه القضايا لديك أولى بالتقديم والنظر من غيرها، وإليك أخي الكريم بعض ما قد يترتب على تدريس الأولاد، ولا سيما الصغار منهم في مدارس نصرانية، فمن ذلك: (1) تنشئة الطالب على حب النصرانية، حتى وإن لم يكن هذا صريحاً من قبل المدرسة، ولكن من خلال المعاملة لا سيما وقد أشرت إلى أن للراهبات دوراً في الإشراف والتدريس. (2) إزالة الحواجز بين الدين الإسلامي وغيره، بحيث ينشأ الطالب لا يتميز بدينه ولا يعتز به بل تتميع لديه قضية الولاء والبراء، وكأنما قضية الدين لا تتعدى كونها قناعات شخصية فكرية لا غير، وهذا خطير جداً. وفي القرآن والسنة أدلة كثيرة ظاهرة من تقرير هذا الأصل، وهو الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين.

كقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الأِيمَانِ" [التوبة: من الآية23] ، وكقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ" [المائدة: من الآية51] ، وكقوله سبحانه: "لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" [المجادلة: من الآية22] ، وكذلك سورة الممتحنة التي خصصت لهذا الأصل العظيم؛ بل نفى الله تعالى بعض الولاية عمن لم يهاجر من المسلمين، كقوله تعالى: "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا" [الأنفال: من الآية72] ، والآيات في هذا كثيرة جداً، تأمر بالولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين ومفاصلتهم، حتى قال بعض أهل العلم إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم؛ أي الولاء والبراء بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده. وفي السنة أحاديث كثيرة أيضاً في معاملة الكفار بجميع أديانهم ومذاهبهم، وعدم التشبه بهم والأمر بمخالفتهم ونحو ذلك: كحديث جرير بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول الله لم؟ قال: "لا ترايا ناراهما" أخرجه أبو داود (2645) والترمذي (1604) من حديث جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- ورجحا إرساله، وحسنه الألباني، وحديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه-: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله" أخرجه أبو داود (2787) ، والترمذي (1605) وفي سنده مقال. (3) لا تؤمن المدارس النصرانية، ولا يؤمن النصراني، لا سيما الداعية إلى دينه كالراهب، والراهبة لا يؤمن هؤلاء ولا يستأمنون على أولاد المسلمين من وجوه عديدة، فمن أعظمها دعوتهم إلى النصرانية بالتدرج، وربما لا يشعر ذووهم بذلك. تنمية محبة النصارى والغرب في قلوبهم بوسائل متعددة، تنشئتهم على أخلاق النصارى، ولا شك أن منها أخلاقاً لا يقرها الإسلام؛ كاختلاط الجنسين وإباحة العلاقات بينهما، وتصويرها على أنها شيء عادي، وإباحة المنكر وغير ذلك. (4) في مشاركة المسلم بتدريس أولاده في مثل هذه المدارس دعم لها وتشجيع، مع أن وجودها أصلاً في بلاد المسلمين لا يجوز، فبدلاً من السعي لإزالتها نشارك في دعمها، هذا مما لا ينبغي للمسلم. الأولى لنا أن ندعم المدارس الإسلامية ونشجعها، وإذا كانت أقل من المستوى المطلوب، فإما أن نؤازرها لنرفع من مستواها، أو نسعى أيضاً لإنشاء مدارس على المستوى اللائق. وختاماً أسأل الله تعالى أن يبصرنا وإياك في ديننا، وأن يعيننا على القيام بما أمرنا الله به وإن خالف الهوى ومراد النفس - وصلى الله على نبينا محمد-.

ابنتي دينة، لكنها تتابع المسلسلات!

ابنتي دَيِّنة، لكنها تتابع المسلسلات! المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 10/9/1424هـ السؤال لدي ابنة في السادسة عشرة من عمرها، وهي - ولله الحمد- عاقلة ولا تسمع الأغاني ولا تلبس عباءة الكتف، ولبسها دائماً ساتر، ولكنها ممن ابتليت بمشاهدة المسلسلات الخليجية، وحينما أنصحها بعدم متابعتها تقول إنها تشاهدها للترفيه ليس إلا. أرجو إعطائي الأسلوب الأمثل لحل هذه المشكلة (لا تقل لي إبعاد التلفاز؛ لأن والدها لا يرضى بذلك) . الجواب نحمد الله على ما أوتيت ابنتك من عقل وهدى، وننصح الأم إذا كانت عاجزة عن إبعاد التلفزيون بأن تتخذ بعض التدابير المهمة، ومنها: أولا: أن يكون التلفزيون في مكان عام. ثانيا: أن تحرص على مجالسة ابنتها قدر الإمكان لا سيما وقت المشاهدة. ثالثاً: أن تختصر القنوات بإبعاد القنوات التي يغلب عليها الفساد. رابعاً: الحرص على مصاحبة الصالحات لابنتك. خامساً: إهداء الأشرطة والكتيبات المفيدة لها. وأخيراً: ليس كل ما يعرض في الفضائيات سيئ، فعليك بتوجيه ابنتك نحو الخير باتباع الحكمة والرفق، وأسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

ضرب الأب أبناءه

ضرب الأب أبناءه المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 8/4/1423 السؤال أرجو منكم أن تساعدوني وتجاوبوني بسرعة، والدي عندما يغضب من شيء خارج البيت فإنه يزجرنا وأحياناً يضربنا، في يوم كان غاضباً ومريضاً وكان يتجادل مع أختي وأنا جالسة على الأرض آكل التوت ولا دخل لي بهذا الجدال، وفجأة يركلني على رأسي، ثم على يدي، ثم على رأسي، علماً أني كبيرة وعمري عشرين، ولست صغيرة حتى ينفس غضبه فيّ، فهل هذا يجوز أم أنه ربما يكون ذلك مرضاً نفسياً؟ وأيضاً دكتاتوري وشكراً لكم. الجواب السلام عليكم ورحمة الله، أختي الكريمة قرأت رسالتك، وتألمت لما ذكرت، وإليك الجواب، أسأل الله أن يصلح حاله وحالكم: 1- الأبناء والبنات نعمة من نعم الله -سبحانه- في هذه الحياة، والآباء يحلمون أن أولادهم يكونون مصدر عون وشفقة ورحمة لهم، فمهمة الزوجة والأبناء مشاركة الأب همومه، وتخفيف معاناته، وتأجيل الطلبات إن كانت تقبل التأجيل، وجعل البيت أنساً وسكناً مريحاً تعود فيه للأب روحه وطمأنينته، فالحل لما ذكرت ترك الاحتجاج بما يجب عليه إلى ما يجب عليكم تجاهه، وعدم إثارته وذكر ما يكره مطلقاً، وتحين الفرص لذكر الطلبات والرغبات إذا ارتاح وهدأت نفسه، ومساعدته وخاصة في الأمور المالية. 2- محاولة أن يكون لكم سلوك طيب داخل المنزل من الحرص على الواجبات الشرعية والنوافل، فهي مما يسكن النفس، وينشر الطمأنينة، فعسى ما تفعلون يكون دافعاً لأبيكم على فعله فتنعمون بالهدوء والطمأنينة، فإن التقصير بالواجبات وارتكاب المحرمات مما يحزن النفس، ويفسد المزاج، ويفقد الصبر تجاه ما يلقاه في هذه الحياة من آلام، فمشاكل الحياة عامة لجميع الناس وهم يختلفون في المواقف بناء على اختلاف نفسياتهم وأخلاقهم وأهليتهم، فكونوا نعم الأبناء والبنات عله أن يكون نعم الأب، وعسى الله أن يقر عينه بكم وأعينكم به، ويجمع القلوب على الخير، والسلام عليكم ورحمة الله.

العدل بين الأبناء في العطية

العدل بين الأبناء في العطية المجيب د. علي الغامدي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 28/5/1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أنا رجل موظف على وشك التقاعد، لي تسعة أبناء أربعة أولاد وخمس بنات، وأمهم، لا يوجد لي ورثة آخرون لوفاة والدي ووالدتي. أعانني الله وله الحمد على تعليم الخمسة الكبار، ولد وأربع بنات تعليماً جامعياً، وأرغب في إعطاء نفس الحق للأربعة الآخرين ولدان وبنت في المرحلة الثانوية وولد عمره عشر سنوات، فهل هناك مانع شرعي على أن أفتح لكل واحد من الثلاثة حساباً خاصاً باسمه في بنك إسلامي بمبلغ يكفي لإكمال دراسته الجامعية على ألا أمكن أحداً منهم من حق السحب إلا بعد وفاتي؟ وهل موافقة من أكملوا تعليمهم ضرورية؟ أما الطفل الأخير فسأوصي إخوته الكبار به خيراً، ومقصدي من هذا كله هو المساواة بين الإخوة في العطاء، ولا اعتراض لأمهم على ذلك، أفيدونا بالرأي الشرعي حول هذا الأمر، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا يلزمك أن تفتح لمن ذكرت من أبنائك الثلاثة حساباً في البنك لإكمال تعليمهم وأنت مأجور على نية مساواتهم بمن سبقهم من إخوانهم وأخواتهم، ولا شك أنك وأنت حال حياتك قائم بمطالبهم كالسابقين فالمساواة حاصلة بالاستيفاء شيئاً فشيئاً، وليس هذا مما تجب فيه المساواة، إنما تجب المساواة فيما يوهب ويعطى فلا يجوز لك أن تخص ابناً أو بنتاً بمنزل أو أرض أو شيء مما يتملك على سبيل الدوام والاستمرار كمزرعة، أما الشيء الذي يستهلك كمصاريف الدراسة وحاجة أحدهم إلى سيارة تعينه على شرائها للضرورة فهذا غير مطلوب فيه تحقيق التسوية لعدم إمكانه وعموم بلوى الناس به، فلا أرى أن تحجز لأي من الثلاثة أي مبلغ، وإنما تصرف عليهم وتساعدهم حتى يتخرجوا، فإذا وافتك المنية فأمرهم إلى الله، ومن كان منهم صالحاً فالله يتولى الصالحين، والله أعلم.

نوم الأطفال في لحاف واحد

نوم الأطفال في لحاف واحد المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 18/4/1423 السؤال هل يجوز أن ينام الأولاد في فراش واحد؟ الجواب دون العاشرة يجوز، أمّا في العاشرة فلا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" أبو داود (496) أحمد (6698) فإذا كانوا في حدود العاشرة أو قريب من العاشرة فيجب أن يفصلوا، بحيث يكون كل واحد منهم له فراش مستقل؛ لأن الإنسان قد يبلغ في هذا الوقت فبنت التسع امرأة، وابن العشر رجل، فلا يجوز أن يتهاون في هذا الأمر، وإنما الواجب هو التفريق بينهم.

تعليم الأولاد اللغة العربية

تعليم الأولاد اللغة العربية المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 17/10/1423 السؤال ) : لست عربي اللسان ولا زوجتي, ولكني أحسن الكلام باللغة العربية, فهل يجب علي الكلام بها لأولادي الصغار وجوباً شرعياً وأنا مقيم في كندا؟ الجواب ينبغي للمسلم أن يعلم أولاده اللغة العربية لأجل أن يعرفوا كلام الله -تعالى-، ويؤدوا صلاتهم وعباداتهم على الوجه الصحيح، فحينئذ يلزمك أن تعلمهم الفاتحة وأركان الصلاة وواجباتها باللغة العربية هذا يجب عليك وجوباً متحتماً، وأما بقية الكلام الجاري بين الناس فليس بلازم عليك أن تكلمهم باللغة العربية، بل هذا أمر مندوب إليه ومستحسن؛ لأن هذا أنفع لهم في التعرف على أحكام دينهم في المستقبل، ولو تحدثت معهم بلغتك التي هي غير العربية فلا شيء في ذلك -إن شاء الله-.

الفرق بين النفقات والهبات

الفرق بين النفقات والهبات المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 5/5/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي حدود العدل بين الأبناء أثناء حياة الوالدين فيما يهبون لأبنائهم؟ هل بمساواة الأولاد والبنات في الهبة؟ أم باتباع قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين؟ أم بمراعاة ظروف كل منهم؟ وهل يجوز تخصيص مبلغ معين مثلا لنفقات زواج البنات دون تخصيص مبلغ مماثل للأولاد؟ وهل يضاف هذا المبلغ للميراث في حالة وفاة الوالد قبل زواج كل أو بعض البنات؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: اختلف أهل العلم حفظهم الله في كيفية العدل بين الأولاد، والأقرب للصواب أن للذكر مثل حظ الأنثيين، كما قسم الله تعالى المواريث، إذ لا أعدل من قسمة الله تعالى. أما قولك: بمراعاة ظروف كل منهم فاعلم أخي أن هناك فرقاً بين النفقات والهبات، ففي النفقات التي تعطى للأولاد لحاجتهم لها كالأكل والشرب واللباس ونفقات الدراسة والزواج ونحوها فهذه لا تجب المساواة فيها، بل يعطى كل حسب حاجته، أما الهبات وهي التي تعطى للأولاد بلا حاجة لها فهذه تجب فيها المساواة بين الأولاد، وعليه فالنفقات التي تصرف للزواج عن حاجة أحد الأولاد للزواج لا تجب المساواة فيها، بل كل ما احتاج أحدهم للزواج أنفق عليه، وفي حالة الوفاة لا يضاف مثل هذا المبلغ لميراث من توفي الوالد قبل حاجته للزواج.

تخصيص الولد المعوق بوقف

تخصيص الولد المعوق بوقف المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 1/8/1424هـ السؤال لدي ابن مريض معوَّق وهو أصغر أبنائي، لا يستطيع الاعتماد على نفسه في كسب عيشه، وإخوته الأكبر منه كالتالي: -بنت غير متزوجة في سن الخامسة والثلاثين من العمر، حاصلة على الدبلوم العالي بعد حصولها على شهادة بكالوريوس التجارة من الجامعة، وتعمل في وظيفة طبية بإحدى الشركات الكبرى. -ابن حاصل على بكالوريوس التجارة، ويعمل في وظيفة قيادية بإحدى الشركات الكبرى. وهكذا فإن كلاً من إخوته يستطيع كسب عيشه دون الاعتماد على أحد سوى الله -سبحانه وتعالى- وقد جال بخاطري ماذا يمكنني أن أترك لهذا الابن بعد وفاتي بخلاف حقه الشرعي في الميراث؟ فأوضح لي أحد الإخوة أنه يمكنني أن أخصص له مبلغاً من المال فيما يسمى بحق الرقبة، بحيث يوقف ريع هذا المبلغ للإنفاق على هذا الابن، فأردت مزيداً من المعرفة حول ذلك. الجواب يجوز للإنسان أن يوقف في حياته جزءاً من ماله ليصرف من ريعه في مصالح يراها: كنفقة على من يحتاج من أولاده للنفقة لمرض أو إعاقة أو عجز. ويصح أن يكون الوقف عقاراً أو جزءاً من عقار بلا خلاف. وصحح بعض أهل العلم وقف النقود أيضاً. وإجراء ذلك من اختصاص دوائر الأوقاف والوصايا باختلاف أسمائها، حسب التنظيمات المختلفة، وأنصح السائل ألاّ يخص ابنه المعاق، بل يجعل ذلك لكل من يحتاج من أولاده ليشمل غيره إذا حصل له عارض، أسأل الله -تعالى- أن يشفي مرضى المسلمين، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

هل يأمر ابنه الكفيف بالصلاة في المسجد؟

هل يأمر ابنه الكفيف بالصلاة في المسجد؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 23/3/1425هـ السؤال أحد أبنائي يبلغ من العمر 12سنة تقريباً، وهو كفيف، فهل يجب علي إلزامه في أداء الصلاة في المسجد بصفة مستمرة؟ حيث إنه يعاني من مضايقة بعض الأطفال له، كذلك وجود مياه في الطريق، منها نجس، ومنها مياه الأمطار، فمثل هذا الطفل هل يجوز لي أن أجعله يجمع بين الصلاتين إذا كان معي خارج المدينة في نزهة؛ وذلك للمشقة عليه وعلينا في عملية الطهارة والوضوء، أحياناً لا يستطيع الوضوء جيداً مثل غسل الوجه، والاستنشاق، ويبقى على قدميه أثر عدم وصول الماء إليهما، أحياناً أنبهه، وأحياناً أتركه، حيث يصل بي الأمر إلى تأنيبه وتوبيخه؛ لعدم تمكنه من إتمام الوضوء، فأتركه كي أتجنب تأنيبه؛ حتى لا يتأثر نفسيا. الجواب جاء من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مروا أولاكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أحمد (6756) ، وأبو داود (495) ، والحاكم (734) ، وغيرهم، والأمر للوجوب على الراجح من أقوال الأصوليين، وهو لفظ عام للبصير والأعمى، إذ القاعدة بين علماء الأصول يجب العمل بالعموم حتى يرد المخصص، ولا مخصص هنا، بل إن الوارد في الشرع عموم الحكم للأعمى أيضاً؛ لحديث ابن أم مكتوم - رضي الله عنه- وهو رجل أعمى يقول: "جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله: كنت ضريراً شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: أتسمع النداء؟ قلت: نعم، قال: ما أجد لك رخصة" رواه أحمد (15490) ، والنسائي (851) ، وغيرهما، فهذا أعمى بعيد الدار عن المسجد، ليس له قائد يناسبه، ومع ذلك لم يفرق النبي - صلى الله عليه وسلم- بينه وبين البصير، وعليه فالواجب عليك معاونته في الوضوء، وتحمله، وحسن توجيهه إلى صحة العبادة، والطهارة، والتلطف في تعليمه، ومراعاة حاله، وأمره بالصلاة جماعة إذا وجد قائد يقوده إلى المسجد، أو كان له قدرة إلى الوصول إليه بنفسه من غير خطر عليه من دهس، أو حصول ضرر عليه، كما يجب عليك أن تأمره أن يصلي الصلاة في وقتها، فلا يؤخرها عن وقتها. وأما الجمع فلا يجوز إلا أن يكون مريضاً يشق عليه، فيجوز له الجمع حال مرضه فحسب، أو يكون مسافراً، أو ثمة سبب شرعي يبيح الجمع، وأما خارج المدينة فإن كان خروجك لمكان يعد سفراً جاز لكما الجمع، وإلا وجب عليكما الصلاة في أوقاتها المحددة شرعاً، واعلم يا أخي أن تربية الأولاد تربية شرعية لا تخلو من مشقة، ومجاهدة، وقد أمر الله نبيه بالاصطبار عليها في قوله -تعالى-: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها" [طه:132] ، بل وأثنى الله بها على أحد أنبيائه ورسله، وهو إسماعيل - عليه السلام- بما يقوم به على أهله من الأمر بالعبادة، والخير، كما في قوله -تعالى- في معرض الثناء عليه: "وكان يأمر أهله بالصلاة" [مريم:55] . والله أعلم.

هل الحجب والمنع من أسس التربية؟

هل الحجب والمنع من أسس التربية؟ المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 29/11/1424هـ السؤال هل الحجب والمنع من أسس التربية الإسلامية؟ أم يربى الأبناء على التفريق بين الخير والشر، ويحضر لهم الدش والإنترنت؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: يقول الله -تعالى -:"ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك:14] ، فهو -سبحانه- خالق الإنسان والعالم بفطرته وطبيعته وما يصلحه وما يفسده، وقد فطر الله -تعالى- الخلق منذ خلق آدم -عليه السلام- على وجود الممنوع الذي يحذر منه، وتكون عاقبته وخيمة، والمطلوب الذي يرغب فيه وتكون ثمرته مفيدة، فالنفوس مفطورة على التأثر بالترغيب والترهيب الذي هو من أكثر أبواب التربية أهمية، فعندما خلق الله آدم قال له ولزوجه:"اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين" [البقرة:35] ، والمنع أساس في التكليف والاختبار، والآية واضحة في المنع بقوله -تعالى-:"ولا تقربا هذه الشجرة" ويمكن أن نرسم ملامح منهج المنع من خلال هذه الآية في النقاط التالية: (1) وجود ما يسد الحاجة، ويحقق رغبة النفس "اسكن أنت وزوجك الجنة". (2) اتساع دائرة المسموح وتنوعها "وكلا منها رغداً حيث شئتما". (3) محدودية دائرة الممنوع وضيقها "ولا تقربا هذه الشجرة". (4) بيان سوء عاقبة الوقوع في الممنوع "فتكونا من الظالمين"، وفي آية أخرى بيان أوسع في قوله تعالى:"فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما" [طه:121] . ومن هنا يمكننا القول بأن المنع أساس تربوي صحيح، بل هو على الحقيقة مما لا بد منه، ويدل على ذلك الآيات الكثيرة الواردة في النهي عن كثير من المحرمات في العقائد والعبادات والمعاملات وأنواع المطاعم والمشروبات، ويمكننا أن نلاحظ منهج المنع السالف ذكره في جملة هذه الآيات. ومن خلال التربية النبوية نلمح ذلك بصورة واضحة، فقد ورد في الصحيح أن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وهو طفل صغير مد يده ليأخذ تمراً من تمر الصدقة كان عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- فمنعه، وأخذ على يده وقال:"كخ كخ أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة" البخاري (1491) ومسلم (1069) . قال ابن حجر في الفتح: (وفي الحديث جواز إدخال الأطفال المساجد وتأديبهم بما ينفعهم، ومنعهم مما يضرهم، ومن تناول المحرمات، وإن كانوا غير مكلفين؛ ليتدربوا بذلك) ، ومن المعلوم أن العقول لا تستقل بالتفريق بين الخير والشر، ولا يمكن لها ذلك إلا بالاعتماد على الشرع من الخالق العالم بالإنسان وأحواله، ولئن كانت عقول الكبار تفرق بين ما يضر وما ينفع بحكم التجربة والخبرة ومعرفة المآلات والعواقب وما لديها من المعارف والعلوم فإن الصغار من الأبناء يعجزون عن ذلك، لعدم اكتمال قدراتهم العقلية، ومن ثم فإن منعهم من الشر وتحذيرهم منه وبيان مساوئه أمر لا بد منه، لكنه لا يكون استقلالاً بدون تعريفهم بالخير وترغيبهم فيه وتقريبهم له وتدريبهم عليه، حتى تشبع رغباتهم، ويحصل لهم الاستقرار النفسي.

ومن المهم أن ننبه على هذه الأمور التي يجب مراعاتها في هذا الباب: (1) أهمية القدوة الحسنة من الآباء والأمهات في ميدان العمل بالخير والاتصاف به. (2) توفير الجوانب الإيجابية والمجالات الخيرية المحتاج إليها بقدر كاف. (3) مشاركة الآباء والأمهات لأبنائهم في الممارسات الإيجابية. (4) التشجيع على الالتزام والمشاركة في الجوانب الإيجابية من خلال الحوافز المعنوية والمادية. (5) عدم الإسراف في توفير المباحات، وعدم المبالغة في التشجيع والمكافآت. وأما بالنسبة للمنع فننبه على ما يلي: 1. استحضار المنهج السالف ذكره بتحديد الممنوع والتحذير من عاقبته. 2. الخطاب العقلي والوجداني في المنع والتحذير. 3. الاستعانة بضرب الأمثلة الواقعية والنظرية المعقولة في بيان مخاطر الممنوع. 4. ربط المنع بالمعنى الديني والثواب والعقاب والصلة بالله. 5. تربية الشخصية المتميزة المراقبة لله والمحافظة على وعدها والتزامها حتى يكون الامتناع عن قناعة وقوة إرادة. 6. استخدام بعض أساليب العقاب المناسبة المشروعة عند وجود المخالفة. 7. عدم المبالغة في التحذير بما ليس صحيحاً ولا واقعياً. 8. عدم المبالغة في العقوبات والانفعال أثناءها بما يخرج عن حد المعقول. وهذا العصر كثرت فيه المفاسد، وانتشرت الملهيات، وتزينت المغريات، وأصبحت تلوث الأجواء بشكل عام، مما يجعل أهمية التفريق بين الخير والشر باستخدام أسلوب المنع أمراً بالغ الأهمية، فأطباق الاستقبال تجلب قنوات كثيرة تعرض كثيراً من المحظورات الدينية والخلقية والاجتماعية، ومثل ذلك شبكة الإنترنت، ولا يصلح المنع القاطع بدون إقناع وإشغال بالنافع المفيد؛ لأن ذلك يدفع إلى التماس هذا الممنوع من طرق أخرى، كما لا يصلح السماح المطلق بدون موانع ولا ضوابط بدعوى الاعتماد وبناء الثقة في الأبناء، أو بدعوى إتاحة الفرصة للتجربة حتى يكون الامتناع عن قناعة واقعية، فهذه كلها من أحابيل الشيطان، وخير الأمور ما كان محققاً لأعظم المصالح ودافعاً للمفاسد، والحمد لله رب العالمين، والله أعلم.

تبني الصبي أم كفالته

تبني الصبي أم كفالته المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 13/3/1425هـ السؤال أريد أن أناقش معكم مسألة شرعية: عمتي دفعت ابنتها وهي بعمر يومين؛ إلى زوجة أخيها والذين كانوا وما زالوا بلا أولاد غير هذه البنت المتبناة، هذه البنت وصلت سن البلوغ وهي الآن بحدود 15 سنة من عمرها، الآن عمتي وأبناؤها يريدون استعادة ابنتها (وأختهم) ، حيث أن الوالدين بالتبني (زوجة الأخ والأقارب) يسببون المشاكل ليس للفتاة ولكن لعمتي وأولادها، أعتقد أن الإسلام يربط جواز التبني (بدون الانتساب طبعا) بوجود الحاجة مثل تبني "اليتيم" ـ هل هذا صحيح؟ لكن كيف يمنح شخص ابنه لغيره؟ أعلم أن ذلك كان بإرادة حسنة، والآن تم تسجيل البنت بأنها تحت ولاية والديها بالتبني في الأوراق الرسمية، أريد توجيه ونصيحة منكم عن كيفية التعامل في هذه القضية، أرجو تبيين الحكم الشرعي لحل هذه القضية. وإن شاء الله تعود ابنتنا لنا. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإنه لا شك أن تبني الأدعياء من النسب محرم بنص القرآن، كما في الآية الكريمة: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ... " الآية [الأحزاب:5] ، فأمر الله برد أنساب الأدعياء إلى آبائهم؛ بل توعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفر من انتسب إلى غير أبيه، فقال: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر" أخرجاه في الصحيحين، صحيح البخاري (3317) ، ومسلم (61) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه- وهذه المسألة لا إشكال فيها لدى السائل كما يبدو من سؤاله. وأما التبني بغير النسب، كالتبني بالتربية والقيام على المصالح، فهو مندوب إليه للمحتاج، كاليتيم، وفي هذا يقول نبينا - صلى الله عليه وسلم-: "كافل اليتيم له - كجده وعمه- أو لغيره -يعني: أجنبياً عنه- أنا وهو كهاتين في الجنة" رواه مسلم (2983) قال النووي في شرح صحيح مسلم (18/113) ، كافل اليتيم: "القائم بأموره من نفقة، وكسوة، وتأديب، وتربية، وغير ذلك.." اهـ. وسواء كانت التربية والقيام على المصالح بالدعم المالي للجهات المختصة كالدعم للمؤسسات الخيرية القائمة على أمور اليتامى أو كانت بالمخالطة في المسكن والنفقة ونحو ذلك بالضوابط الشرعية، كل هذا مشروع، كما يدل على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة: "ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم" [البقرة:220] ، قال ابن كثير في تفسيره (1/455) ، تعليقاً على هذه الآية: "أي وإن خلطتم طعامكم بطعامهم، وشرابكم بشرابهم، فلا بأس عليكم، لأنهم إخوانكم في الدين، ولهذا قال تعالى: "والله يعلم المفسد من المصلح" [البقرة:220] أي: يعلم من قصده ونيته الإفساد، أو الإصلاح" ا. هـ، هذا إن كان في المخالطة والقيام بالتربية مصالح راجحة للطفل أو اليتيم. فإن تساوت المفاسد أو رجحت على المصالح، فإن درء المفاسد عنه مقدم على جلب المصالح له أو لغيره، ومن ذلك ما قامت به تلك الأم أو العمة حيث نظرت إلى مصلحة أخيها العقيم، أو زوجته العاقر، وغفلت عن مصلحة ابنتها، حيث حرمتها من حنان الأم، ورمت بها في حضن امرأة أجنبية عنها، فأرجو أن لا تكون الرحمة قد نزعت من قلب تلك الأم، والواجب أن تعاد تلك البنت فوراً إلى أمها، عسى الله أن يتجاوز عنا وعنها، إنه سميع مجيب. والله -تعالى- أعلم.

هل يكفي في تفريق المضاجع تفريق الفرش؟!

هل يكفي في تفريق المضاجع تفريق الفُرُش؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد التاريخ 10/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عندي أولاد أعمارهم 14 و 15، وبنتان أعمارهن 7 و 11 سنة، وأريد أن أجعل للأولاد غرفة مستقلة عن البنات، هم مراهقون وأخاف من الوقوع في المحذور، وزوجي يرفض، ويدعي أن التفرقة في المضاجع جعل سرير مستقل لكل واحد في غرفة واحدة، علما أننا نسكن في شقة مستأجرة، فيها خمس غرف من غير المطبخ، واحدة منها مكتبة، هل الأولى المكتبة أم غرفة الأولاد؟ أفتوني مأجورين ماذا أفعل لأن الوضع يتوقف على فتواكم وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أمر بالتفريق بين الأولاد في المضاجع أمر بذلك وهم أبناء (عشر) ، لا أبناء (خمس عشرة) حيث قال: "واضربوهم عليها - أي الصلاة- وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" أخرجه أبو داود (495) . لا شك أن التفريق بينهم في المضاجع لا يلزم منه أن يكون كل واحد منهم في غرفة بل يكفي أن تفرَّق فرشهم، وهذا يكون وهم أبناء عشر، فكيف إذا كان بعضهم بلغ الخامسة عشرة، ولا شك أن نوم هذا البالغ مع أخواته -من بنات العشر وما فوق- قد يؤدي إلى المحذور ووقوع المفسدة، فهو مراهق، ويعيش زمن الفتن والإغواء، وإذا كانت البنات ممن يتكشَّفن أثناء النوم فتبدو عوراتهن فليلبسن سراويل طويلة، وما دام في الإمكان جعل الأبناء في غرفة مستقلة، فهو أولى سداً للفتنة ودرءاً للمفسدة. والله أعلم.

ـــــ عشرة النساء ـــــ

عشرة النساء

استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع

المعاشرة الزوجية في دورة المياه المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع التاريخ 13/8/1422 السؤال ما حكم أن يجامع الرجل زوجته في دورة المياه - أجلّك الله - فإن البعض يستحم مع زوجته فيفتن بها فما هو الجواب؟ الجواب أخي السائل وفقك الله للخير وأغناك بما أحل لك عما حرم عليك، ما ذكرته في سؤالك يجاب عنه بملاحظة ما يلي: 1. دورات المياه في وضعها الحالي في البيوت الحديثة كما في بلدك تختلف اختلافاً كبيراً عن أماكن قضاء الحاجة في السابق والتي تسمى الكنف والحشوش والتي كانت مجمعاً للنجاسات والهوام والنتن، أما الدورات الحالية فليس فيها من ذلك شيء، وإنما يحافظ عليها طاهرة نظيفة وليس فيها شيء من أعيان النجاسات. وبالتالي فإن لها حالاً أخرى غير حال أماكن قضاء الحاجة في السابق، وبينهما من الفروق ما لا يخفى عند أول نظر، وعليه فلا يظهر وجود مانع معتبر يمنع من قضاء الوطر فيها عند الحاجة إلى ذلك من نحو ما ذكرته. 2. قضاء الإنسان وطره من أهله يكون في أحيان كثيرة استجابة لحالة انفعالية نتيجة رؤية أو ملامسة أو نحو ذلك، ولذا فإن إطفاء الشهوة عند ثورانها في هذه الحال سبيل للعفاف وغض البصر، وكف جموح الشهوة، وقد أرشد إلى ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه مسلم (1403) عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة فأتى امرأته زينب، وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه فقال: " إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه " وأخرج أحمد (19403) واللفظ له، وابن ماجة (1853) وابن حبان في صحيحه (4171) عن عبد الله بن أبي أوفى قال: ((لا تؤدي المرأة حق الله - عز وجل - عليها كله حتى تؤدي حق زوجها عليها كله، لو سألها نفسها وهي على ظهر قتب لأعطته إياه)) . 3. ومع ذلك فينبغي ألا يذهل المسلم مع ثوران شهوته عن استحضار نية العفاف والاستمتاع بالطيب المباح، فإن عمله بذلك يكون صدقة وبراً كما قال -صلى الله عليه وسلم-: ((وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا: يارسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) أخرجه مسلم (1006) من حديث أبي ذر. وعليه أن يذكر المأثور من الذكر في هذه الحال كما قال -صلى الله عليه وسلم-: " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً " أخرجه البخاري (6388) ، ومسلم (1434) من حديث عبد الله بن عباس وفقك الله وبارك فيك وبارك لك.

المزاح بين الزوجين

المزاح بين الزوجين المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع التاريخ 28/12/1423هـ السؤال أنا يا شيخ أمزح مع زوجتي باليد فتتأذى وأحياناً تقول الله لا يسامحك وهي تعلم أني مازح وبعد ما يزول الألم تستغفر، هل أنا آثم؟ وهل دعاؤها دعاء مظلوم؟ وأحيانا أمزح معها بالقول فتنقهر؟ الجواب السلام عليكم. أشكرك على سؤالك وحرصك على أمور دينك، ثم أما بعد: فلا شك في مشروعية المزاح فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يمازح الصحابة -رضي الله عنهم- ويداعبهم، كما ثبت ذلك في الصحيح وغيره، ومن ذلك مداعبته لنسائه وتسليته لهن بالحديث تارة كما في حديث أم زرع انظر: (5189) ومسلم (2448) ، وبالجري كما جاء في الصحيح تارة أخرى وغير ذلك، وقد عقد الإمام الترمذي بابا في الشمائل المحمدية أورد ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في أمر المزاح، وهذا لا إشكال فيه، ولكن الأمر الذي يحتاج زيادة بيان ضوابط المزاح وأظهرها: -ألا يكون فيه كذب. -ألا يكون فيه ضرر على الآخر أو أذى. -ألا يستغرق فيه حتى لا يعرف عنه إلا ذلك. -وأن يدخل به السرور على المقابل. فهو مزاح صدق وبقصد مع فرح وانشراح صدر فأنت مشكور على حسن معاشرتك لزوجتك وإدخالك السرور عليها بالمزاح، ولكن ليس بالشكل الذي صنعته فإن من أصول المزاح الذي فهم عن رسول الله ألا يكون فيه أذى ولا ضرر ولا مبالغة فطالما شعرت أن الضرب ولو كنت مازحاً يؤثر فيها وتشعر بجرح في شعورها فأعرض عنه والواقع أن بعض الناس لا يتحمل هذا النوع من المزاح خاصة المرأة، ثم كان المفترض منك أن تترك هذا النوع من المزاح بعدما ظهر لك كره زوجتك له، والمرأة تحب المزاح الذي يحافظ على شعورها وأنوثتها، وليس الضرب ولا الكلام الجارح من ذلك في شيء، ثم إن دعاءها يظهر لك مقدار غضبها وحنقها من نوعية المزاح الذي تمارسه معها، فأقترح عليك بارك الله فيك أن تعرض عن هذا النوع من المزاح وتقبل على غيره من الكلام الذي ليس فيه ما تكرهه زوجتك، بل تفرح بسماعه وتحب أن تراه منك وأنت أخبر بذلك في زوجتك من غيرك، جعل الله السرور والسعادة دائماً وأبداً ترفرف على بيتكما وعلى حياتكما، والسلام عليكم.

معاشرة الزوجة وهي كارهة

معاشرة الزوجة وهي كارهة المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع التاريخ 18/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. هل للرجل الحق في معاشرة الزوجة رغماً عنها؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، وبعد: * حق الزوج على زوجته عظيم يقول -صلى الله عليه وسلم-:"لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها" الترمذي (1159) وابن ماجة (1852) وأحمد (12614) . * وامتناع الزوجة عن فراش زوجها لا يجوز ما لم يكن عليها ضرر كمرض ونحوه، لكن يجب أن يعلم أن الجماع لذة وما لم تكن الأسباب متهيئة لا يحصل المقصود فعلى الزوجين أن يتبادلا الحب والشوق ويحركا المشاعر بهدية وابتسامة وقبلة ونظرة.... وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إشهار دم البكارة

إشهار دم البكارة المجيب د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع التاريخ 1/11/1423هـ السؤال جرت العادة عند بعض الأسر أنه أثناء ليلة الزفاف -الدخلة- الأولى وبعد فض غشاء البكارة وخروج بعض الدم على قميص المزفوفة لكي تريه لأمها وأم الزوج كدليل على عذريتها، هل هذا جائز أم حرام؟ وهل هو داخل في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوارد في النهي نشر ما يكون بين الرجل والمرأة للناس؟ بارك الله فيكم. الجواب فهذه العادات قبيحة ولا يجوز إظهار شيء من هذا للناس، فالزوج مؤتمن على حفظ أسرار زوجته بأن لا يتكلم بما يكون بينه وبينها من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من أمور خاصة من قول أو فعل ونحوه، فهو من أعظم الأمانة التي يجب على الزوج أن يحفظها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة، الرجل يُفضي إلى امرأته وتُفضي إليه ثم ينشر سرها" وفي رواية عن ابن نمير "إن أعظم" وفي رواية "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" رواه مسلم برقم (1437) . فالأزواج الذين ينشرون أسرار نسائهم، أولئك شرار الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة، والله أعلم.

جماع الحامل

جماع الحامل المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع التاريخ 11/3/1424هـ السؤال ما حكم الجماع أثناء الحمل؟ الجواب سئل فضيلة الشيخ: عبد الله بن منيع -حفظه الله- عن جماع الحامل فقال: الحمد لله، ليس في الشريعة الإسلامية نهي عن جماع الرجل زوجته الحامل، وإنما النهي خاص بجماع المرأة الحائض أو النفساء، وأما إذا قرر الأطباء لامرأة معينة لظروفها الصحية أن جماع زوجها يضر بها، فهذه حالة خاصة لا يقاس عليها، والله أعلم. [مجموع فتاوى وبحوث لفضيلة الشيخ: عبد الله بن منيع (4/228) ] .

جماع المعقود عليها قبل الدخلة

جماع المعقود عليها قبل الدخلة المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع التاريخ 14/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم هل يجوز شرعاً لمن سبق له أن عقد على امرأة عقداً شرعياً ولم يدخل بها إذ إنه لم يتمكن من توفير مستلزمات حفل الزواج والسكن بعد، هل يجوز إذ أمكن من الخلوة بها أو السفر معها أن يجامعها؟ أرجو الجواب بشيء من التفصيل لتعم الفائدة، إذ إن هذا الأمر عادة ما يحدث، وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله. إن مجرد العقد الشرعي الصحيح من الرجل على المرأة يبيح له الدخول بها متى شاء، وإن ذلك متوقف على طلبه هو. إلا أن الذي جرى عليه العمل في بلاد المسلمين وتعارفوا عليه أن الدخول لا يكون إلا بعد إشهار النكاح عن طريق العرس غالباً، وهو الذي ينبغي مراعاته، إذ إن العرف معتبر ما لم يخالف نصاً صريحاً، ولم يجر العرف في أي بقعة من بلاد المسلمين بخروج المرأة مع بعلها قبل دخوله بها الدخول المعروف دون ضابط، فضلاً عن السفر معها والخلوة بها ومن ثم مجامعتها، أما إذا وقع ذلك أي خرج معها وربما واقع زوجته فيه فإنه لا إثم عليه، ولكن يترتب على هذا الوقاع أمور، منها: أن المرأة تستحق مهرها كاملاً، لأنها بالعقد تستحق نصف المهر، وبالخلوة بها تستحق النصف الآخر، وقد حصل، فلو قدر وطلقها قبل العرس فإنها تستحق المهر كاملاً. أنه تجب عليه نفقتها؛ لأن النفقة تستحق بالتمكين، وقد مكنته من نفسها وهي زوجة له، فتجب عليه. أن ما جاءت به من ولد فهو منه، إن جاءت به بعد ستة أشهر من الوقاع الأول؛ لأنها أصبحت له فراشاً. هذه أبرز التبعات التي يتحملها الزوج، والله - تعالى- أعلم.

اشترطت عدم المباضعة

اشترطت عدم المباضعة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع التاريخ 11/11/1424هـ السؤال طلقت من زوجي، وبعد ضغط شديد وافقت على الزواج منه مرة أخرى، على أن أكون مربية لأولادي فقط، بدون أن يكون لزوجي حق في العشرة، هل يجوز اشتراط هذا الشرط في العقد؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا تزوج شخص امرأة واشترط أحدهما عدم العشرة، أو عدم النفقة، أو ألا تسلم نفسها، ونحو ذلك من الحقوق التي يقتضيها عقد النكاح. فإن هذه الشروط لا تصح، ولكن عقد النكاح يبقى صحيحاً، فلكل واحد منهما بعد العقد أن يطالب الآخر بما اشترط إسقاطه. وإن تراضيا بعد العقد على إسقاط شيء من الحقوق فلا مانع من ذلك؛ لأن الحق لا يعدوهما، لكن لأي منهما بعد إسقاطه أن يرجع فيطالب بأدائه. وعليه فإن العقد المذكور في السؤال عقد صحيح، لكن يمكن لأي من الزوجين بعد إتمامه أن يطالب بحقه في العشرة، فإن تراضيا بعد إتمام العقد على أن يسقطا حق المعاشرة فلا مانع. فقد روى البخاري (5212) ومسلم (1463) أن سودة بنت زمعة - رضي الله عنها- وهبت يومها وليلتها لعائشة -رضي الله عنها- زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تبتغي بذلك رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تصوير المعاشرة الزوجية بالفيديو

تصوير المعاشرة الزوجية بالفيديو المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع التاريخ 14/10/1424هـ السؤال ما حكم تصوير المعاشرة الزوجية بالفيديو؟ وقد كنت أستحي من طرح هذا السؤال، ولكني قرأت فتوى في مجلة (الفرحة) أنه لا حرج في ذلك، لذا أرجو الإفادة. الجواب تصويرها بالفيديو إذا كان من نوع الكاميرا الثابتة، والتي يتم التصوير فيها بطريقة آلية، ثم لا يطلع عليه بعد ذلك إلا الزوجان فإن هذا مثل فعل الجماع أمام المرآة، هذا عندما نصف الفعل مجرداً، ولذا فإن من أفتى بذلك نظر إليه من هذا الجانب. بقي أن نعرف أنه لابد من ملاحظة تداعيات الحال وأخذها في الاعتبار في مثل هذه الأمور، فإن الصورة والحال هذه صور عورات مستورة، وحال خاصة، وسر مستأمن عليه كل من الزوجين، فوضعه بهذه الطريقة تعريض لهذا السر للفضح، والستر للكشف، والمتضرر ليس الزوجان فقط، بل وأسرتاهما، وأبناؤهما، وربما مات الأحياء وبقيت العورات مكشوفة. أيها الأخ الكريم: ثم إننا لسنا بحاجة لتلقف كل صرعات الغرب الجنسية، والذي لا يراعي من الحرمات ما نراعيه، ولا يستحي مما نستحي منه، إنهم قوم لا خلاق لهم، إنهم لا يرجون لله وقاراً، ولذا فإن الحذر من هذا الفعل مطلوب، وحماية العورات والأعراض من الضرورات التي لا بد من حمايتها وصيانتها والبعد عن أسباب افتضاحها.

الاستمتاع بالزوجة قبل ليلة الزفاف

الاستمتاع بالزوجة قبل ليلة الزفاف المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع التاريخ 08/04/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: لقد عقدت نكاحي على بنت الحلال، لكن أهلها لا يسمحون بالاتصال والزيارات قبل ليلة الزفاف؛ وذلك لعاداتهم وتقاليدهم، الآن وقد بقي على ليلة الزفاف أقل من شهرين، وعدم معرفتي بجوانب شخصية زوجتي سيؤثر على حياتي في المستقبل، فهل الحب بعد الدخول أفضل من الحب أيام الخطوبة وقبل الدخول أم مثله؟ جزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: إذا كنت قد عقدت عليها عقد النكاح فهي زوجتك، وهي حِلٌّ لك كما أنك حل لها، ويجوز لك الخلوة بها ووطؤها، لكن أرى من الأصلح لكما والأرفق بها أن تراعي عادة أهلها من رفضهم لزيارتك لها أو الاتصال بها. لكن لكي تزول الرهبة بينكما، ويذهب عنها الخجل وتتعارفا أكثر، أرى أن يكون بينكما تواصل عبر الهاتف الجوال -بغير علم والدها-، والأولى أن يكون بعلم أحد إخوتها؛ حتى لا تجلب عليها الشبه والريبة، أو عبر البريد الإلكتروني أو الماسنجر؛ فلعل في هذا عوضاً لكما عما مُنعتما منه مما أحله الله لكما. وأما ما تسأل عنه من أمر الحب بعد الزواج، هل هو مثل الحب قبله أو أفضل منه؟ فهذا يختلف باختلاف الناس، وحسب ما يكتبه الله بين الزوجين من التوفيق. لكن لتعلم أن لكل جديد لذة، فأول الزواج هي أيام لا تنسى؛ ففيها أحلى الذكريات، وأحسن العلاقات، وهي مليئة بالفرح والأنس واللذة، يذوقان فيها لذة التعرف والاكتشاف، ولم يظهر بعد ما يعكر صفاءها من الخلافات أو المشكلات. ومع مرور الأيام تذهب لذة الجدة ومتعة البداية وحلاوة الاكتشاف للعالم الآخر المكنون، ولكن تنمو شجرة الحب وتقوى بينهما الصلة والرابطة، وكلما مر يوم زاد كل منهما تعلقاً بالآخر، وهذا إذا وفق الله بينهما، ويزداد حباً على حب ومودة إلى مودة وأنساً إلى أنس، ولا ينفي هذا أو يكذبه ما قد يحصل من رتابة الحياة مع مرور الأيام، فهذه هي طبيعة اللقاءات وسنة الحياة، وليس يذهبها وجود الحب أو زيادته، إنما يذهبها التجديد والتغيير والتطوير ورحلات الاستجمام ... إلخ. أما ما يزعمه المتحررون من دعاوى الحب قبل الزواج، وأعني قبل أن يكتبا عقد النكاح، فقد يحدث شيء من هذا، ولكنه حب مشوب بما يعكر صفوه من الادعاءات الكاذبة من أجل تحقيق مصالح شخصية، أو أغراض دنيئة، وما أكثر من يدعي الحب وهو كاذب، ويخدع المرأة بالألفاظ المنمقة الساحرة والعبارات الجميلة، وهو لا يقصد من وراء هذا إلا شهواته ونزواته، ويجعل المرأة مطمعاً لذلك. فمن أراد أن يعيش عالم الحب بكل صدق فليأخذ برباطه المقدس - رباط الزواج- ثم ليمارس الحب كما يهوى على ما أباح الله وأذن به. والله الموفق.

هل من حق الزوج إجبار زوجته على المضاجعة

هل من حق الزوج إجبار زوجته على المضاجعة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع التاريخ 26/11/1424هـ السؤال هناك قضية تثير جدالاً عنيفاً في جاليتنا في ميونخ، ونحتاج فيها إلى جواب واضح صريح مدعوم بالأدلة، إذا رفضت الزوجة الجماع مع زوجها بدون سبب أو بقصد إضراره فهل يجوز له أن يجبرها على الجماع بقوة؟ نرجو منكم جواباً صريحاً مدعوماً بالأدلة يوضح الحكم الشرعي: هل يجوز أم لا يجوز؟ وشكراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالحديث الذي يتوعد المرأة بأن تلعنها الملائكة حتى تصبح إذا هي هجرت فراش زوجها ليس على إطلاقه كما يتوهم بعضهم، بل هو مخصوص بمن لا عذر لها في ذلك، ومجرد عدم رغبتها لا يعد عذراً يبيح لها الرفض. أما فإن كانت الزوجة معذورة بعذر شرعي كحيض أو صوم قضاءٍ ضاق وقته، أو بعذر حسي كمرضٍ ونحوه، أو معنوي كشدة غم وحزن، أو مرض نفسي، وما إلى ذلك من الأعذار التي تمنعها من أن يستمتع بها زوجها - فلا يجوز له أن يكرهها عليه بالقوة؛ لما في ذلك من الإضرار بها، وفي الحديث:"لا ضرر ولا ضرار" ابن ماجة (2340) وأحمد (2862) ومالك (1461) وصححه الألباني وقال - تعالى -:"ولا تضاروهن" [الطلاق:6] وقال أيضاً:"وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19] وليس من المعاشرة بالمعروف أن يكرهها على حاجته إذا كانت تضرها. وإذا هجرت فراش زوجها بغير عذر فهي ناشز يباح له تأديبها، ويبدأ بالوعظ فإن لم ينفع هجرها فإن لم يُجْدِ ضربها ضرباً غير مبرح، كما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح" أخرجه مسلم (1218) . وهنا لا بد من بيان المقصود بالضرب غير المبرح: هو الضرب غير الشديد، يقول ابن عباس - رضي الله عنهما- لما سئل عنه:"هو بالسواك ونحوه" وأما الضرب المبرح فلا يجوز بحال، كما لا يجوز الضرب في الوجه والمواضع المخوفة كالرأس والبطن ونحو ذلك. على أن الضرب إنما هو رخصة وليس بمستحب، وذهب عامة أهل العلم على أن تركه أفضل مطلقاً، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما تروي عائشة -رضي الله عنها- "ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً قط بيده ولا امرأة، ولا خادماً" أخرجه مسلم (2328) . ويجب أن يكون الضرب بقصد الإصلاح لا بقصد الانتقام والإهانة، وعلى الزوج ألا يلجأ إلى الضرب إذا غلب على ظنه أنه لا يصلحها، فإن من النساء من لا يزيدها الضرب إلا عناداً ونفوراً، ولو كان ضرباً غير مبرح، وعليه أن يحلم عليها، ويطيلَ معها أسلوب الوعظ والتذكير، فوعْظُها وهي في لحظة غضبٍ لا ينفع غالباً، وكثيراً ما تأخذها العزةُ بالإثم، ولا يكون لموعظتِه في تلك اللحظة موضعُ قبولٍ في نفسها، فعليه أن يتوخى وقتاً مناسباً يراها فيه هادئةَ النفس مستقرةَ الحال....في لحظة لا يساورها فيها غضب يغطي عقلها، ولا حزن ولا قلق يشغل بالها ونفسها.

وله في حال نشوزها أن يمنعها النفقة؛ لأنها قد منعته حق الاستمتاع بها، ومعلوم أن المهر يقابل استمتاعه بها "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ... " [النساء من الآية:24] . قال ابن تيمية (مجموع الفتاوى 32/275) (فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة، وكان ذلك يبيح له ضربها كما قال - تعالى -:"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ... " [النساء من الآية: 34] انتهى. أما ما سألت عنه وهو قسرها على الوطء بالقوة، فليس في الحديث ما يشير إليه، فهو في حكم المسكوت عنه، والأظهر أن له ذلك؛ لأنه إذا كان له أن يضربها ضرباً غير مبرح عند نشوزها بهجر فراشه، فيسوغ له من باب أولى أن يُكرهَها على الجماع بلا ضرب مبرح. ويتأكد ذلك إذا طال هجرُها لفراشه، وخاف على نفسه العنتَ والوقوعَ في الحرام. على أنه ينبغي للزوج ألاّ يبدأ به بمجرد رفضها دعوتَه لها للفراش، بل عليه أن يعظها ويخوفَها بالله، ويتوددَ لها بالكلمة الطيبة والمعاملةِ الحسنة، وليجرِّبْ أن يقدم لها هديةً تشفع له عندها ولو غير ثمينة، فالهدايا تفعل في النفوس فعلها العجيب، وليتزيَّن لها وليتطيب وليهيئ لرغبته جوَّها المناسب؛ حتى تستجيبَ زوجتُه عن رغبةٍ صادقة. ولا ينبغي للزوج أن يأخذ بأغلظ الطرق وهو يجد سبيلاً إلى الهين اللين، ويكفي أن صورة إتيانها بالقوة والإكراه تُشاكلُ صورةَ الاغتصاب، ولربما زاد هذا الأسلوبُ من عنادِها ونفورها، فاجعلْه آخر أسلوب تنتهجه معها، كما أن آخر الدواء الكي. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الوطء في الحيض والنفاس وفي الدبر

معاشرة المرأة الحائض المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/الوطء في الحيض والنفاس وفي الدبر التاريخ 30/10/1422 السؤال ما حدود ما يجوز للرجل من امرأته الحائض؟ وهل له الاستمتاع بها في دبرها؟ الجواب ليعلم أن المرأة الحائض يجوز لزوجها أن يستمتع بها في كل شيء ماعدا الوطء في الفرج، قال تعالى:" ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض" [البقرة:222] أي اعتزلوا مكان الحيض والدم، وقد بين ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم- بقوله وفعله، فأما قوله فما رواه مسلم في صحيحه عن أنس -رضي الله عنه- قال: كانت اليهود إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" اصنعوا كل شيء إلا النكاح" أي الوطء. وأما فعله فما رواه البخاري (300) ومسلم (293) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض". والإزار يكون من السرة إلى الركبة، ولكن هذا ليس على سبيل الوجوب وإنما هو من باب التنزه وحتى لا يرى الرجل من امرأته ما يكره، لعموم الحديث السابق والآية، ولأنه مجرد فعل والفعل لا يدل على الوجوب، وقد ذكر العلماء أنه يجوز أن يستمتع بما بين فخذي المرأة كذلك، ولكن هذا الجواز (في كل ما سبق) مقيد بأمرين: 1- ألا يجره ذلك إلى الوطء في الفرج فإن كان يخشى على نفسه من ذلك لم يحل له. 2- أن تتحفظ المرأة حتى لا يمس الدم، لأن النجاسة لا تجوز ملامستها إلا لحاجة، ودم الحيض نجس. كما يجوز للرجل أن يستمتع بامرأته بدبرها، ما عدا الوطء فإنه محرم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" ملعون من أتى امرأة في دبرها". رواه أبو داود (2162) والنسائي في السنن الكبرى (8966) وهو حديث حسن بشواهده. والله أعلم.

معاشرة الحائض باستخدام العازل

معاشرة الحائض باستخدام العازل المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/الوطء في الحيض والنفاس وفي الدبر التاريخ 20/3/1425هـ السؤال لقد قرأت في إحدى صفحات الإنترنت أنه يجوز للزوج أن يعاشر زوجته وهي في وقت الدورة الشهرية باستخدام العازل الذكري فهل هذا صحيح؟ وما حكم من فعل ذلك بناء على هذا الكلام؟ للعلم كان هذا الموقع إسلامياً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: جماع الزوجة أثناء الحيض لا يجوز؛ لقوله تعالى: "وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ" الآية، [البقرة:222] ، ولا يختلف هذا الحكم باستخدام العازل الذكري، فإن العازل الذكري لا يغير من أحكام الجماع شيئاً فوجوده كعدمه، فيجب الغسل ويحصل دخول الرجل على زوجته وغير ذلك من أحكام الجماع سواء وجد العازل أو لم يوجد. والله أعلم.

العزل والإجهاض وتحديد النسل

حكم إنزال الجنين المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 8/7/1422 السؤال ما حكم إنزال الجنين الذي لم ينفخ فيه الروح، نرجو التفصيل الكامل في ذلك، وما ضرورات ذلك؟ الجواب بحث مجمع الفقه الإسلامي هذه المسألة، وخرج بنتائج، وهي: أن الجنين إذا نفَخ فيه الروح، فقد أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز إسقاطه، وأن إسقاطه محرّم، وفيه غرة عبد أو وليدة، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((أن امرأة ضربت امرأة، وهي حامل في بطنها وألقته، فقضى النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن دية الحمل غرة عبد أو وليدة)) ، أمّا إذا لم يُنفخ فيه الروح، وهو أن يكون أقل من مئة وعشرين يوماً، فقد اختلف الفقهاء، وجمهور أهل العلم على التحريم، وهذا الأصل، والدليل على هذا قوله تعالى: ((ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)) ، وعموم الأحاديث في ذلك، وقالوا: ولا يجوز إسقاط الجنين إذا لم ينفخ فيه الروح ولم يتخلّقَ، فالمسألة في ثلاث صور، الصورة الأولى: لم يتخلّق بعدُ (نطفة) ، الصورة الثانية: تخلّقَ، ولكن لم ينفخ فيه الروح، الصورة الثالثة: نفخ فيه الروح، فالثالثة: محرّم _ مطلقاً _ لا إشكال فيه، الثانية: وهي الذي تخلق، وعرف أنه حَمْل، ولكن لم تنفخ فيه الروح، فجمهور أهل العلم على التحريم، والصورة الأولى: هي النطفة، ولم يتخلق بعد، فهذه يقول العلماء، - أيضاً - لا يجوز إلا إذا أثبت الأطباء المؤتمنون أن هذا الحمل يؤدي إلى إضرار بالأم، ولا يكفي ثقة واحداً أو اثنين، إذ لا بدّ أن يتفق الأطباء؛ لأن الطبيب ربما يقول هذا ويخالفه الرأي طبيب آخر، ولهذا ينبغي الاحتياط في هذا الأمر، وعلى هذا لا يجوز إسقاط النطفة إلا إذا تحققت المضرة، والله أعلم.

الإجهاض بعد خمسة أشهر

الإجهاض بعد خمسة أشهر المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 7/6/1424هـ السؤال سؤالي هو: أن زوجتي كانت حاملاً في شهرها الخامس، وتعرضت إلى سقطة -الله يكرمكم- في الحمام، ترتب عليها بعد يومين نزيف متقطع ويومي، وبعد مراجعة الطبيب أفاد بأن الجنين في حالة غير طبيعية، وربما يتشوه، وعند سؤال الدكتور عن مقدرته لعمل عملية إجهاض لتفادي الموقف رفض الطبيب المعالج عمل ذلك، وتم إجراء عملية الإجهاض في مكان آخر، وأسباب رفض الطبيب مع تأكيده بأن الجنين في حالة غير سوية، إلا أنه رفض بقوله: إن الإجهاض حرام لأن الجنين في الشهر الخامس، أرجو من سعادتكم الإفادة جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام - على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أنه لا يجوز إجهاض الجنين في أي طور من أطواره، وإجهاضه بعد أربعة أشهر، أو أكثر تعتبر جناية عليه، لأنه قد تم نفخ الروح فيه، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، انظر مثلاً ما رواه البخاري (3208) ، ومسلم (2643) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- هذا وما قاله الطبيب بتحريم الإجهاض، لا سيما وأن الجنين في الشهر الخامس، وامتناعه عن الإجهاض هو عين الحق وفقه الله. هذا وعلى الجاني على الجنين بالإجهاض، أو المتسبب لذلك التوبة إلى الله تعالى، والندم على ما فات وعدم العودة لمثل هذا، وعليه أيضاً دية الجنين ذكراً كان أو أنثى، وهي غرة عبد أو أمة أي ما يساوي عشر دية أمة؛ خمس من الإبل، تقارب قيمتها ستة آلاف ريال سعودي، تدفع لورثة الجنين، ولا يرث منها الجاني ولا المتسبب شيئاً إن كانا من ورثته، والله أعلم.

إجهاض حوامل الكفار

إجهاض حوامل الكفار المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 7/5/1424هـ السؤال أنا طبيب توليد، أعمل في بريطانيا، جاءتنا أم حامل بطفل مشوه، وهي تعاني من أمراض وتحتاج إجراء ولادة لها، وقد اختارت فقدان الحمل وقتله، ذهبت لمشاهدة الأمر مع الاستشاري، وكان عندي انطباع أن الطفل سيموت بعد الولادة على أي حال، طلب مني الاستشاري إعداد الدواء الذي سيوقف قلب الطفل، ثم طلب مني حقن ذلك الدواء، وللأسف لا أستطيع أن أرفض، حيث كانت الإبرة داخلة في بطن المريضة في ذلك الوقت، وللتخفيف من شدة الأمر عليّ قلت إن هؤلاء ليسوا مسلمين وهم يقتلون أطفالنا، في فلسطين، فهل يعتبر هذا قتل عمد؟ عرفت بعد ذلك أن هناك خمس حالات في بريطانيا مثل هذه الحالة. أفيدوني مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن كان الحمل المذكور الذي حقنته الدواء دون أربعة أشهر، يعني لم يتم الحمل مائة وعشرين يوماً فلا شيء في فعلك. وإن كان قد تجاوز هذه المدة فلا يخلو إما أن يكون بقاء الحمل مؤثراًَ على حياة الأم وبقاؤه يؤدي لموتها فكذلك عملك مباح، وأما إن كان قد تجاوز تلك المدة وبقاؤه لا يؤثر على حياة الأم، وإنما أرادت التخلص منه لكونه مشوهاً ففعلك حرام. إذ الحمل بعد هذه المدة يكون آدمياً منفوخاً فيه الروح، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح" رواه البخاري (3208) ومسلم (2643) . قال ابن رجب (نفخ الروح روي صريحاً عن الصحابة - رضي الله عنهم - أنه إنما ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر) جامع العلوم والحكم ص (51) . ونقل النووي وابن حجر اتفاق العلماء على ذلك، فتح الباري (11/490) ولا يجوز الاعتداء عليه، وحيث إن عملك عندهم معاهدة معهم، والعهد يمنع الاعتداء عليهم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة" رواه البخاري (3166) . والمسلم مأمور بأداء الأمانة إلى من ائتمنه. ولذا فإن عليك التوبة والاستغفار من فعلك، وليس عليك كفارة، لأن العهد لا كفارة فيه، والله أعلم.

الإجهاض ومرض التلاسيميا

الإجهاض ومرض التلاسيميا المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 18/3/1424هـ السؤال أنا رجل متزوج وعندي طفلان أحدهما يعاني من مرض التلاسيميا، والآخر حامل له، الطفل المصاب بهذا المرض يحدث له انخفاض في نسبة الدم ناتج عن تكسر كريات الدم الحمراء، مما يضطر الطفل المريض أن يأخذ وحدة دم كل 3 أسابيع لتعويض النقص، ونتيجة لأخذ الدم المتكرر يحدث ارتفاع في نسبة الحديد في الدم، فيحتاج المريض إلى أخذ إبرة تحت الجلد يومياً لتذويب الحديد تبقى هذه الإبرة مركبة لمدة ست ساعات يومياً على جهاز خاص، والمصاب بهذا المرض يبقى على هذه الحالة إلى ما شاء الله فليس هناك علاج لهذه الحالة، ولتجنب حدوث ولادة طفل مصاب بهذا المرض يجرى فحص أثناء الحمل تظهر نتيجته بعد80 يوماً من الحمل، السؤال هو: هل يجوز الإجهاض بعد 80 يوماً إذا تبين أن الجنين مصاب بهذا المرض؟ وهل علي من إثم إذا ما منعت زوجتي من الحمل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: أما السؤال الأول: فنقول اتفق علماء الأمة الإسلامية على تحريم الإسقاط بعد نفخ الروح، إلا بضرورة قصوى كخوف هلاك الأم، كما اتفقوا على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر من الحمل، أما الإسقاط قبل نفخ الروح فمحل خلاف بين أهل العلم، والراجح في نظري عدم جوازه في جميع أطوار الجنين، ما لم يكن هناك سبب قوي يقتضي إسقاطه، هذا وأرى جواز الإسقاط قبل أربعة أشهر أي: قبل نفخ الروح إذا تبين أن الجنين مصاب بالمرض المذكور في السؤال أو نحوه إذا وافقت الأم على ذلك وذلك للحاجة الملحة، لا سيما وأن من العلماء من أجاز الإسقاط مطلقاً قبل نفخ الروح وهم جمهور الحنفية "ينظر حاشية ابن عابدين ج3 ص176"، لكنني كما سبق أرى عدم جواز الإسقاط في كل مراحل الجنين بدون سبب قوي، وإنما رأيت الجواز للسبب الذي ذكره السائل لا مطلقاً، أما الجواب عن السؤال الثاني وهو: هل علي من إثم إذا منعت زوجتي من الحمل؟ فنقول: يجوز استعمال ما يمنع الحمل لا ما يقطعه، لا سيما مع السبب الذي ذكر في السؤال الأول، وقد أجاز جمهور العلماء من الصحابة -رضي الله عنهم- ومن بعدهم العزل، وهو النزع بعد الإيلاج أثناء مجامعة الرجل للمرأة قرب الإنزال، مستدلين بما جاء في الصحيحين عند البخاري (5209) ، ومسلم (1440) ، عن جابر - رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والقرآن ينزل"، ولما رواه مسلم وغيره عن جابر -رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبلغ ذلك نبي الله فلم ينهنا، والله أعلم.

حكم ربط الرحم

حكم ربط الرحم المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 14/6/1424هـ السؤال لي أم عمرها 49سنة، وقبل عشر سنوات وضعت الابن التاسع والأخير بعملية قيصرية، فطلب أبي من الطبيب إجراء عملية ربط الرحم أثناء تلك العملية القيصرية، خوفاً عليها من الحمل مرة أخرى، علماً أنها وضعت أولادها الثمانية السابقين وضعاً طبيعياً، وكل هذا لجهل أمي وأبي بحكم ذلك قطعاً، والآن وبعد عشر سنوات من إجراء العملية تبين لنا حرمة قطع النسل، فماذا نفعل الآن؟ علماً أن لدى أمي التهابات الكلى، والمسالك، ونخشى من ضرر فك الرحم عليها ثانية، أفيدونا جزاكم الله بالفقه في الدين، وأكرمكم بالجنة. الجواب كان يجب على أبيك وعلى أمك أن يسألا عن الحكم الشرعي لربط الأرحام، وكذلك الأمر بالنسبة للطبيب المعالج. وكل من قصر في ذلك فهو آثم، وأما الآن فإن كان يترتب على فك الأرحام مضاعفات مرضية يخشى منها على صحة الأم إما بهلاكها أو التسبب في آلام شديدة لها، فلا يلزمها فك الأرحام ثانية، والمرجع في تقدير الضرر وعدمه هو الطبيب الثقة. والله أعلم.

تخفيض الأجنة

تخفيض الأجنة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 22/4/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: لقد أجريت عملية طفل الأنابيب منذ حوالي شهرين، وتم -بحمد الله- الحمل بأربعة أجنة, ولكن الأطباء والإحصاءات العلمية تشير إلى خطورة الحمل بأكثر من جنينين، وبازدياد نسب الولادة المبكرة جداً التي قد تؤدي إلى التشوه الدائم أو سقوط الحمل في حوالي الخمسة أشهر, أو وجود خطورة على الأم، وإمكانية التسمم الحملي, ولذلك نصحني الطبيب بضروروة التخفيض لجنينين، مع العلم أن التخفيض سيتم قبل تمام (120) يوماً من بدء الحمل, فهل هناك حرمة في ذلك؟ وهل أعد بفعلي هذا مزهقة للروح؟ أفيدوني أفادكم الله، فأنا وزوجي في حيرة وقلق شديدين، ويجب أن نتخذ القرار عاجلاً. جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أنه ما دام أن الحمل بأربعة أجنة يشكل خطراً على الأم، وإمكانية التسمم الحملي، -كما ورد في السؤال-، وأن تخفيض الحمل ضرورة كما قرره الطبيب، وأن هذا التخفيض (أي: الإسقاط لبعض الحمل) سيتم قبل تمام (120) يوماً أي: قبل نفخ الروح في الجنين أو الأجنة؛ لأن الجنين تنفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر من الحمل، إذا كان الأمر كذلك بالتفصيل الذي ذكرته والذي جاء في السؤال فإسقاط بعض الحمل جائز شرعاً ضرورة، فالضرورات تبيح المحظورات، والله أعلم.

وسائل منع الحمل

وسائل منع الحمل المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 14/7/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز استخدام وسائل منع الحمل بمختلف أنواعها على الرغم من الأضرار التي تسببها للمرأة؟ وما الأسباب التي يباح فيها استخدامها؟ وما الوسائل البديلة عنها؟ وهل يجوز لي السماح لزوجتي بعمل عملية جراحية من أجل التوقف عن الإنجاب؟ على الرغم أن لدي من الأولاد ثمانية -والحمد لله- وذلك من أجل المحافظة على صحتها أفيدونا أفادكم الله. الجواب استخدام وسائل منع الحمل يرجع إلى أمرين: الأمر الأول: ينظر في سبب استعمالها فإن كان ذلك لضرورة أو لحاجة ملحة فلا بأس به مثل أن يشير الأطباء الثقات بذلك مراعاة لصحة المرأة مثلاً، فإذا استردت عافيتها تركت هذه الموانع لتعاود الحمل. ومثل أن تكون ولاداتها متعاقبة بحيث إنها تحمل قبل فطام طفلها السابق فإن العلماء ذكروا أنه لا حرج في استعمال موانع الحمل حينئذ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - همّ أن ينهى عن الغيلة - وهي: وطء المرضع - وذلك لئلا يتضرر الرضيع، انظر: مسلم (1442) وبعضهم حد هذه المدة بسنتين وهي مدة الرضاع لمن أراد أن يتم الرضاعة. وأما إذا كان استعمال موانع الحمل لغير حاجة فلا يجوز. الأمر الثاني: ينظر في أثر هذه الموانع فلا يجوز استعمال موانع تضر بالمرأة من حيث صحتها العامة، ومن حيث سلامتها التناسلية، فإن بعض هذه الوسائل تؤدي إلى العقم ويمكن مراجعة الطبيب الثقة حال الحاجة ليعين المانع المناسب، وأما البدائل المناسبة فالأطباء هم الأعلم بها، لكن منها تجنب الجماع زمن إخصاب المرأة، والله تعالى أعلم. أما السؤال الثاني: فجوابه أنه لا يجوز السماح لزوجتك بعمل عملية جراحية من أجل التوقف نهائياً عن الإنجاب مثل استئصال الرحم ونحوه، إلا لضرورة لا مناص منها، فقد صرح العلماء بحرمة قطع النسل نهائياً وذلك لما فيه من المضادة لما يريده النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمته فقد قال - صلى الله عليه وسلم-:" تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم" قال ذلك لما استأذنه رجل في أن يتزوج امرأة عقيماً لا يولد لها انظر: النسائي (3227) ، أبو داود (2050) ، وأحمد (12613) ، فما بالك بقطع سبب الحمل من امرأة ولود؟ لكن الضرورة لها أحكام وهي تقدر بقدرها مثل أن تكون المرأة مصابة بمرض في رحمها يخشى أن يسري إلى سائر جسدها فيهلكها كسرطان الرحم -عافانا الله وإياكم- أو أن يخشى بناء على تقرير الأطباء على المرأة أن تموت إذا حملت، وماعدا حال الضرورة فلا يجوز، وكم رأى الناس عبراً من رجل اكتفى هو وامرأته بما عندهما من أولاد فعمدا إلى استئصال الرحم فحصلت حادثة أودت بأولادهما جميعاً، وبقيا بدون أولاد يعضان أصبع الندامة حيث لا ينفع الندم.

التوقف عن الانجاب لنصيحة الأطباء!

التوقف عن الانجاب لنصيحة الأطباء! المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 14/2/1425هـ السؤال أنا متزوج ولي من الأبناء 3 أولاد وبنتان والحمد لله، وزوجتي هي ابنة عمي وقدر الله لنا بمرض أحد الأبناء وعمره الآن 13 عاماً وهو تخلف عقلي، وحسب التقارير الطبية أكد لي الأطباء أن المشكلة هي وراثية، ونصحوني وزوجتي بالتوقف عن إنجاب أطفال جدد؛ وإلا لابد من تكرر الإصابة بطفل مريض آخر، فامتنعنا لفترة ليست بالقصيرة ويقدر الله وتحمل زوجتي وتنجب لنا ابنة مصابة بنفس مشكلة أخوها والحمد لله على كل حال. سؤالي: هل مجرد التفكير في نصيحة الأطباء بالامتناع عن الحمل معارض للقضاء والقدر؟ وإذا كان الجواب لا فما رأيكم في إنجاب المزيد من الأطفال المعاقين وخصوصاً أن من لديه أطفال معاقون يعاني بما يعانيه الطفل المعاق، ويجد نفسه لا يستطيع عمل شيء؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فالجواب أن ما ذكرته عن تقرير الأطباء من أن ما حصل لك مشكلة وراثية؛ فنقول قد تكون الوراثة سبباً - بإذن الله تعالى - وقد لا تكون، ويدل على ذلك أن أكثر أولادك والحمد لله ولدوا بحالة عقلية جيدة، وقد روي "اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس"، انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (3401) ، وروي أيضاً: "إياكم وخضراء الدمن" انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (14) . هذا ولا يظهر لي أن التفكير في نصيحة الأطباء بالإقلاع عن الحمل فيه معارضة للقضاء والقدر، ذلك أنه يجوز لك الامتناع عن الحمل بالعزل ونحوه، ولو لم يحصل لك شيء مما ذكرت في سؤالك؛ فقد روى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ينزل، زاد إسحاق قال سفيان - أحد رواة الحديث -: "لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن". رواه البخاري (5209) ومسلم (1440) وروى مسلم في صحيحه (1439) عن جابر - رضي الله عنه - أن رجلاً أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي جارية وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل؛ فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها فليست الرجل ثم أتاه فقال إن الجارية قد حبلت قال: قد أخبرتك: أنه سيأيتها ما قدر لها. هذا العزل هو النزع والإنزال خارج الفرج، أقول وبناءً على هذا فإنه يجوز لك الامتناع عن الإنجاب بالعزل أو نحوه مما هو معلوم، لا سيما وحالتك ما ذكرت، ولك أن تتزوج أخرى غير قريبة إن شئت، وعليك الإيمان بالله تبارك وتعالى وبقضائه وقدره وبأنه لا يرد حذر من قدر وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والله أعلم.

كفارة الإجهاض

كفارة الإجهاض المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 16/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ لدي سؤال أود طرحه وهو أنني، قبل عدة شهور أسقطت الحمل بناء على رغبة مني ولكنني تبت إلى الله واستغفرت لذنبي وبعد شهور أخذت تراودني أحلام أنه يخرج من بطني خرز ملون، وشرائح لحم وخيوط وأنا الآن خائفة من هذه الأحلام فما رأي فضيلتكم هل هذه الأحلام قد تكون سحراً أو لأنني أسقطت الجنين أفتوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فالاعتداء على الجنين جريمة عظيمة أدخلها بعض أهل العلم في الوأد الذي قال الله فيه "وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت" [التكوير: 8-9] . وعلى كل فالسائلة عرفت والحمد لله أن هذا لا يجوز وقد ذكرت أنها تابت من ذنبها واستغفرت وهذا شيء طيب تشكر عليه. لكن ليعلم أنه لا تكفي التوبة في هذا بل لابد من دفع دية الجنين وهي يسيرة والحمد لله فهي غرة عبد أو أمة لما روى البخاري (5758) في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو أمة، والغرة قيمتها خمس من الإبل روى ذلك عن عمر وزيد - رضي الله عنهما - فعلى الأم التي أسقطت جنينها بل ولو تسببت كشرب دواء ونحوه فعليها دفع تلك الدية التي هي خمس من الإبل لورثته ما عداها فلا ترث هي منها شيئاً وقد جاء في منار السبيل في شرح الدليل ما نصه (وإن شربت الحامل دواءً فألقت جنينا فعليها غرة لا ترث منها بلا خلاف قاله في الشرح. هذا وما ذكرته السائلة من وجود أحلام مزعجة هذه ليست سحراً وستذهب إن شاء الله تعالى بعد دفع الدية المذكورة والتوبة إلى الله تعالى وعدم العودة لمثل هذا والندم على ما فات والتوكل على الله، فالله سبحانه مع التوبة الصادقة يغفر الذنوب جميعاً. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تنظيم النسل

تنظيم النسل المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 25/08/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أبدأ سؤالي بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم -:"رحم الله امرأ عرف قدر نفسه فوقف عنده"، وأنا مقدِّر نفسي ألا أستطيع إعالة وتربية تربية إسلامية صحيحة، ومتابعة كل صغيرة وكبيرة في أبنائي، إذا زادوا عن أربعة أولاد، مع وجود فترات تباعد بينهم ربما تزيد عن خمس سنوات، فمثلاً لدي الآن بنتان وأرغب الفرق بينهما سنة واحدة، وأرغب بعد أن يصبح عمر الكبرى سبع سنوات سأحاول إنجاب اثنين آخرين وهكذا، وبهذه الحالة سيصبح المجموع بعد إرادة الله ستة أطفال في أحسن الأحوال، وأعتقد في حالة الزيادة عن وجود طفلين سوف يتشتت جهدي وجهد الأم بينهم، مما يؤثر -بلا شاع- على تربية الولد من جميع النواحي. والسؤال هنا هل ما أقوم به جائز؟ علماً بأن زوجتي تعارض هذا الشيء، وهل لي أن أجبرها؟ الجواب بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي السائل الكريم: لقد تضمن سؤالك رغبتك في تنظيم نسلك على صورة معينة، وأن زوجتك تعارض ذلك. من حيث المبدأ فإن العمل على التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، جائز إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً؛ كالرغبة في حسن التربية، أو الوضع الصحي للزوجة، بشروط من أهمها: 1 - أن تكون الوسيلة مشروعة. 2 - ألا يترتب على ذلك ضرر. 3 - ألا يكون فيه عدوان على حملٍ قائم. 4 - موافقة كل من الزوجين. وعليه فليس من حقك أن تجبر الزوجة على منع الحمل؛ لأن طلب الولد من أهم مقاصد الزواج، ولكني أنصحك أن تسعى لإقناعها بالتي هي أحسن، وأن تبحثا عن حل يرضي كلاً من الطرفين، وألا يكون ذلك سببًا للنزاع، وفساد الود بينكما، وتنافر القلوب أو كثرة المشكلات، والله تعالى يقول: "إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما". والله أعلم وأحكم.

حبوب إنجاب التوائم

حبوب إنجاب التوائم المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 30/1/1424هـ السؤال هل يجوز أخذ حبوب إنجاب التوائم؟ الجواب لا يظهر لي مانع من أخذ هذه الحبوب، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر على المرأة، ويتم تحديد الضرر بواسطة الطبيبة المختصة أو الطبيب عند الحاجة، وذلك لأن حصول التوائم مظنة الضرر، فيحتاج إلى معرفة رأي الطبيب في حصول الضرر وعدمه، ولو رضيت المرأة بما يقسم الله لها من ولد أو أكثر، كان ذلك أولى. والله أعلم.

منع الزوج امرأته من الحمل

منع الزوج امرأته من الحمل المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 15/12/1423هـ السؤال ما حكم منع الحمل من قبل الزوج بدون سبب شرعي أو صحي لكلا الطرفين والرغبة من الزوج؟ علماً أني الزوجة الثانية ولديه من الأطفال ستة بنين وبنات وحالته المادية ممتازة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز له أن يمنعك من الحمل والحال كما ذكرت، ِ والإنجاب حق للمرأة كما هو حق للرجل، وإذن المرأة في تأخير الإنجاب معتبر ولذا قال العلماء: "لا بعزل عن الحرة إلا بإذنها" وعليك التفاهم مع زوجك بالحسنى وتذكيره بحقك الشرعي، والاتفاق على مدة محددة للتوقف عن الإنجاب يعدك بعدها بترك الموانع. والله يوفقك.

عزمت على الطلاق فهل يجوز لها الإجهاض؟!

عزمت على الطلاق فهل يجوز لها الإجهاض؟! المجيب د. راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 25/11/1424هـ السؤال أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات، من رجل ظننته صالحاً وتقياً، كنت أحسبه كذلك، وفي يوم فوجئت بوجود محادثات جنسية بين زوجي وبين فتيات كافرات أوروبيات على النت! وكانت مفاجأتي كبيرة لما رأيت ... ، وحيث إني كنت متغيبة عن البلد (أي بعيدة عنه) لمدة شهر ونصف، لا أعلم لأي حدٍّ امتدت هذه العلاقات، ولكني قد طلبت الطلاق، وأثناء تدخل الأهل لإصلاح البين، فوجئت بأني حامل، كما فوجئت بأن زوجي لم يترك أو يقطع هذه العلاقات بعد! سؤالي: ما حكم طلبي للطلاق هنا؟ وهل يعتبر طلب طلاق بدون سبب؟ حيث إني أشعر بأني لا أحترمه، وأصبحت أنظر إليه باحتقار شديد، وسؤالي الثاني: ما حكم الإجهاض في هذه الحالة؟ علما بأن عمر الجنين 3 أسابيع فقط، أفيدوني في أقرب وقت؛ لحاجتي الشديدة لمعرفة الإجابة في أقرب وقت ممكن - جزاكم الله عنا كل الخير - والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، وبعد.. أما جواب السؤال الأول فإذا كان كره المرأة زوجها لما رأت منه، وطلبها الطلاق لأجل هذا السبب، فإن طلب الطلاق جائز في هذه الحالة، ولكن أفضل منه نصحه، ووعظه ودعاء الله له بالهداية؛ علَّ الله أن يرحمهما بتوبة هذا الرجل، ولا ينطبق عليها قوله - صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" رواه أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان -رضي الله عنه-. أما جواب السؤال الثاني: فلا يجوز الإجهاض في هذه الحالة، وتستعين بالله، وتحاول استصلاح زوجها، أسأل الله أن يصلح حالهما، ولتعلم الأخت الكريمة أن النساء فتنة، وأن عليها إعانة زوجها وإبعاده عن مواطن الريب، ووسائل الإثارة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، إنه سميع مجيب.

أجهضت بسبب رائحة المبيدات فما الحكم؟

أجهضت بسبب رائحة المبيدات فما الحكم؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 25/4/1424هـ السؤال زوجتي كانت حاملاً، وفي يوم قامت برش المنزل بمبيد الحشرات، اليوم التالي أصابها التعب ونقلت إلى المستشفى بسبب تعرضها المباشر لرائحة المبيد، تطور الأمر وحدث نزيف ونزل الجنين، وبعد يومين ظهر جنين آخر ونزل نزيف ثان، وفي النهاية نزل الجنين الثاني حسب رواية الطبيب، عمر الجنين لم يتعد ثلاثة أشهر، للمعلومية كان هناك عدم استقرار للجنين منذ البداية، وقد تعرضت زوجتي للتعب وراجعت الطبيبة قبل هذا الحادث. السؤال هل زوجتي عليها ذنب فيما حدث؟ وإذا كان كذلك فماذا عليها أن تفعل؟ وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إذا كان الأمر على ما ذكر في السؤال فليس على زوجتك أي شيء والحمد لله، لأنه لم يحصل منها قصد أو تسبب للإسقاط، وعليها مستقبلاً أن تتجنب كل ما يؤثر عليها أو على جنينها، وفق الله الجميع لكل خير، والله أعلم.

استخدام لصقة لمنع الحمل

استخدام لصقة لمنع الحمل المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 17/2/1425هـ السؤال ظهر في الأسواق الآن شيء يستخدم لمنع الحمل، وهو عبارة عن لصقة صغيرة أصغر من راحة الكف، توضع في أي مكان بالجسم، وتترك شهراً كاملاً ثم تستبدل، وهي ضد الماء، ولا تتحرك من مكانها إلا إذا أردنا، وأنا أود استخدامها؛ لأنها سهلة، فهل يجوز ذلك لأنها قد تمنع وصول الماء إلى البشرة أثناء الغسل؟.- وجزاكم الله خيراً-. الجواب لا بد من إزالة هذه اللصقة إذا كانت في مواضع الوضوء؛ حتى يصل الماء إلى العضو المراد غسله، وكذلك لو كانت في غير مواضع الوضوء، واحتاجت المرأة إلى الغسل الواجب فلا بد من إزالة هذه اللصقة، ولا يظهر لي إلحاقها بالجبيرة ليمسح فوقها؛ لأن الجبيرة إنما توضع حماية لما تحتها؛ خشية وصول الماء إليها؛ لأنه يحصل الضرر بذلك، بينما الغاية من وضع اللصقة الواردة في السؤال هو منع الحمل، أو تنظيمه على الصحيح، وهذا أمر يتم باللصقة وبغيرها من موانع الحمل، فلا بد من إزالتها عندما يُحتاج إلى غسل ما تحتها، ولا يكفى المسح فوقها، لكن لو وصف لها الطبيب الثقة هذه اللصقة وأخبرها بأنه لا بد لها من منع الحمل في هذه الفترة أو كان فعلاً يشق عليها الحمل في فترة مؤقتة، وأخبرها الطبيب أنه لا يقوم مقام هذه اللصقة غيرها من الأدوية، فيجوز استخدامها في هذه الحالة فقط، وفي الختام أشير إلى أن منع الحمل بالكلية، والسعي إلى قطع النسل لا يجوز؛ لعموم الأحاديث التي تحث على تكثير النسل، كقوله - صلى الله عليه وسلم-: "تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم"، وفي حديث آخر: "تزوجوا؛ فإني مكاثر بكم الأمم" الحديثان عند أبي داود (2050) ، والنسائي (3227) ، وابن ماجة (1846) عن معقل بن يسار وأبي هريرة - رضي الله عنهما - وانظر صحيح الجامع (2940-2941-جـ/ص 566) ، وكذلك أحاديث النهي عن التبتل والاختصاء؛ أما تنظيم النسل بالتوقف عن الإنجاب لفترة مؤقتة كسنة أو سنتين، ولغرض صحيح، كإراحة الأم من تعب الحمل المتواصل، فلا حرج في ذلك شرعاً. والله أعلم.

امتناع المرأة عن الحمل بغير رضا زوجها

امتناع المرأة عن الحمل بغير رضا زوجها المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 17/04/1426هـ السؤال أنا متزوج وعندي ولد، وزوجتي لا ترغب في الإنجاب؛ لأنها تحب أن تأخذ قسطاً من الراحة بعد الولادة العسيرة لابننا الأول، وقد أعطتها السلطات الصحية حبوب منع حمل لمدة سنة، والآن يجب أن ندفع ثمن حبوب منع الحمل، أسئلتي: 1. هل يجب علي شراء حبوب منع الحمل من مالي الخاص، مع أنه ليس هناك خطر على حياتها من الحمل؟. 2. هل يحق لزوجتي أن تغضب إذا رفضت شراء الحبوب من مالي، وهي قادرة على توفيرها بسهولة؟. 3. هل لزوجتي الحق في الامتناع عن الحمل بدون إذن مني، وحتى لو اشترت حبوب منع الحمل من مالها هل تستمر في أخذها بدون إذن مني؟. 4. ما هي أفضل طريقة للتواصل والتفاهم بيننا؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: لا يجوز للزوج أن يعزل دون رضا زوجته، ولا يجوز للزوجة أن تستعين بشيء من موانع الحمل بلا رضا زوجها، إلا إذا قرر طبيبان ثقتان أن الحمل يضر بها، ففي هذه الحال يجوز لها أن تستعين بشيء من موانع الحمل، ولو بغير رضا الزوج، ويظهر لي في الحالة التي ذكرتها أنه لا يجب عليك شراء حبوب منع الحمل؛ لأنها ليست من النفقة الواجبة، لاسيما وأن الحمل لا يضر بصحتها أصلاً، وترتيباً عليه لا وجه لأن تغضب هي منك إن أنت امتنعت عن شراء الحبوب، وأرى أن مثل هذا الأمر لا يحل بالشجار والخصام والمشادات الكلامية؛ إنما بالتفاهم والتفهم، وشيء من التنازل والصبر والحلم. والله الموفق.

الفرق بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل

الفرق بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 19/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ، لي سؤال بسيط قد حيرني كثيراً، وهو: ما الفرق بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل وما حكم الشرع فيهما، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فتحديد النسل يراد به وضع حد أعلى لعدد الأولاد الذين ينجبهم الزوجان، فإن كان هذا التحديد بقرار عام من جهة رسمية فلا يجوز؛ لأنه يعارض توجيه الإسلام إلى تكثير النسل؛ ولأنه في الغالب يبنى على مقاصد اقتصادية، وأن كثرة النسل تؤثر على المستوى الاقتصادي للبلاد، وأن الموارد لا تكفي إلا لعدد محدود، وهذا مخالف لحسن الظن بالله والتوكل عليه، وأنه ما من نفس منفوسة إلا على الله رزقها. أما إن كان القرار خاصا بزوجين معينين فينظر سببه، فإن كان السبب طبيا كتضرر المرأة من الحمل وخطره عليها، وثبت ذلك من قبل طبيب حاذق أمين أو من لجنة طبية موثوقة فلا بأس بذلك، وأما إذا لم توجد حاجة حقيقية ولا ضرورة، وإنما قصد الزوجان الاكتفاء بعدد محدد من الأولاد وكان هذا عن تراض منهما فهذا لا يخلو من كراهة شديدة؛ لمخالفته مقصد من أهم مقاصد الزواج، لكن لا أقول بتحريمه؛ لأن ترك الزواج وإيثار العزوبة ليس بمحرم، فلأن لا يحرم عليه الإنجاب بعد الزواج من باب الأولى. أما تنظيم النسل فيقصد به المباعدة بين فترات الحمل، والأخذ بأسباب منع الحمل حتى لا يكون الإنجاب متتابعا، وقد يرى الزوجان في ذلك مصلحة كراحة الأم من أتعاب الحمل مدة قبل أن تحمل بآخر، أو لمزيد من التفرغ للعناية بالطفل قبل أن يأتي له أخ جديد، فلا بأس بذلك، وقد كان العزل معروفا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول جابر رضي الله عنه: (كنا نعزل والقرآن ينزل) والعزل سبب من أسباب منع الحمل. والله أعلم وأحكم. وأنقل لك قرارهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وقرار مجمع الفقه الإسلامي بهذ الشأن: أولا: قرار هيئة كبار العلماء رقم 42 وتاريخ 13/4/1396هـ:

نظراً لأن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومِنة عظيمة منَّ الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثه المعد للهيئة والمقدم إليها، ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب تعالى لعبادة، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة؛ حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وربطها، لذلك كله فإن المجلس قرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية إملاق؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها، أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضار معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره، عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة وما روي عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل، وتمشياً مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب دواء لإلغاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. ثانيا: قرارمجمع الفقه الإسلامي رقم: 39 (1/5) : إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تنظيم النسل، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبناءً على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب، والحفاظ على النوع الإنساني، وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد، لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به، باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها قرر ما يلي: أولاً: لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب. ثانياً: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية. ثالثاً: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم. والله أعلم قرار رقم: 39 (1/5) ، بشأن تنظيم النسل. انظر: مجلة المجمع (ع 4، ج1 ص 73) .

حامل بطفلة مشوهة

حامل بطفلة مشوهة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 25/4/1423 السؤال أنا أم لأربعة أطفال، وقد حملت بطفلة خامسة، وقد ذكر لي الطبيب أنها مريضة أثناء الحمل وأنا في الشهر السادس ومرضها يعرف باسم سندراروم يعني: عدد الكروموسومات غير مكتمل (5x45) أي: ينقصها كروموسوم واحد، ونتيجة ذلك أن هذه البنت تخرج وشكلها غير طبيعي قصيرة جداً ووجهها ورقبتها متورمة ولا يمكن أن تحيض، أي: لا يمكن أن تحمل أبداً، وأيضاً عندها مرض في القلب، وسببت لي زيادة في المويات مما أتعبني وزاد من نبضات قلبي وأضعف عضلات قلبي، مع أن الدكتور يرجح عدم استمرار الحمل أو موتها بعد خروجها بزمن قصير. أرجو التأكد من مثل هذه الحالة. الجواب اعلمي أنه إذا بلغ الجنين في بطن أمه أربعة أشهر تنفخ فيه الروح كما جاء ذلك في الحديث الصحيح: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح...." الحديث البخاري (3208) ومسلم (2643) . فالجنين بعد الأربعة الأشهر يكون إنساناً قد كمل خلقه فالاعتداء عليه اعتداء على نفس كاملة الخلق، وبناء على ذلك فلا يجوز إسقاطه أو التسبب لإسقاطه ولو كان المقصود منه التخلص من الطفل المشوه -كما ورد في السؤال-. وإنما يجوز إسقاطه في حالة واحدة، وهي: ما إذا قرر جمع من الأطباء الموثوقين المختصين أن بقاء الجنين في بطن أمه يشكل خطراً عليها وبعد استنفاذ كافة الوسائل الأخرى لإنقاذ حياتها فهنا يتوجه القول بالجواز دفعاً لأعظم الضررين وجلباً لعظمى المصلحتين. هذا وأوصي السائلة بتقوى الله والتثبت في الأمر إذ ليس كل ما قاله الطبيب أو قرره يكون صحيحاً لاسيما إذا كان واحداً، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

هل يجوز الإجهاض في هذه الحالة؟

هل يجوز الإجهاض في هذه الحالة؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 01/04/1426هـ السؤال حملت زوجتي بولدنا الأول بعد فترة وجيزة من الزواج, وبعد ستة أشهر من هذا الحمل تبين أن الجنين يعاني من استسقاء في الدماغ: أي أن حجم قشرة الدماغ صغيرة جداً، مقارنة بحجم تجويف الجمجمة، وباقي الجمجمة مليئة بالسائل الدماغي الشوكي، وجاء المولود -والحمد لله- كما هو متوقع طبياً يعاني من المشكلة، بالإضافة إلى صغر في الحجم، إذ إن عمره الآن ثلاث سنوات، ووزنه 4كيلو ونصف، وكذلك يعاني من شلل رباعي، ولا يملك التحكم في العضلات الإرادية أبداً، حتى إنه لا يملك أن يجلس أو أن يسند رأسه ولو لثوانٍ، وكذلك تأتيه التشنجات باستمرار، فهو بحاجة إلى المهدئات باستمرار، علاوة على أن التطور العقلي معدوم طبعاً، وقد أخبرنا الأطباء عند ولادته -حسب ما يتوفر لهم من معلومات، بعد فحص الطفل وفحصي ووالدته- أن الأمر لن يتكرر في الأحمال اللاحقة بإذن الله، وبالفعل جاء الولد الثاني بدون مشاكل والحمد لله. والآن زوجتي حامل -من فضل الله- في شهرها الخامس، وعند الفحص الدوري لها تبين أن المولود القادم لديه نفس مشكلة الولد الأول، بالرغم من أن الفحوصات الأولية لم يكن بها أية مشكلة. والسؤال هو أولاً: هل يجوز الإجهاض في هذه الحالة، علماً أن الجنين في شهره الخامس، ولا يشكل أي خطر على حياة زوجتي؟. ثانياً: هل يجوز أن نتوقف عن الإنجاب، أم في هذا معصية لله والعياذ بالله؟. علماً أني وزوجتي نطرح هذه التساؤلات طلباً في معرفة ما يرضي الله -تبارك وتعالى- ليس تذمراً أو اعتراضاً على حكمه تبارك وتعالى. وجزاكم الله خيراً، ولا تنسونا من الدعاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أرى عدم جواز إجهاض الجنين في الحالة التي ذكرها السائل، ما دام أنه في شهره الخامس؛ لأنه قد نفخ فيه الروح، فالاعتداء عليه اعتداء على نفس كائنة حية لها حرمتها، ولا يجوز -في قول جمهور العلماء- إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه إلا في حالة كونه يشكل خطراً على حياة أمه، وقد ذكر السائل أنه لا يشكل أي خطر على حياة أمه، وبناءً على هذا فإنني أنصح بعدم التعرض للجنين، خاصة بعد نفخ الروح فيه مهما كانت البواعث والدوافع للإسقاط، ما عدا الحالة السابقة الذكر، وهو كونه يشكل خطراً على الأم، هذا وقد يخرج سليماً، وقد يشفيه الله -تعالى- بعد ولادته، ومن يتوكل رعايته والعناية به له أجر عظيم عند الله تعالى إذا احتسب ذلك. أما السؤال عن حكم التوقف عن الإنجاب فنقول: الشرع الحكيم قد حث على الإنجاب، فقد روى ابن حبان في صحيحه (4028) ، وأحمد (12613) ، والطبراني (5099) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة". وبناءً على هذا فلا ينبغي لكما التوقف عن الإنجاب مطلقاً، لكن يجوز تنظيم النسل باستعمال دواء أو مانع للحمل لفترة، كسنة أو سنين أو حسب ما تقتضيه الحاجة. وفق الله الجميع لكل خير، والله أعلم.

تحديد النسل

تحديد النسل المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 13/11/1424هـ السؤال ما حكم تحديد النسل - بالنسبة لي أنا كأب - لأسرتي، كأن أحدِّد عدد الأبناء إلى خمسة؟ أفيدونا. جزاكم الله خيراً. الجواب تحديد النسل لا يجوز بحال من الأحوال وهو محرم، واعتراض على إرادة الله سبحانه وتعالى، مع أن الله -سبحانه وتعالى-في حكمه، وفي إرادته لا يستطيع أي أحد أن يقف أمام إرادة الله، لكن هذا سوء أدب مع رب العالمين، وفي نفس الأمر نحن نقول بأن الموضوع بحث في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وفي نفس الأمر حينما بحث الموضوع قسموا الموضوع إلى قسمين: تحديد النسل، وتنظيم النسل، أما تحديد النسل بأن يقول: والله أنا أكتفي بولدين، بثلاثة أولاد، بأربعة أولاد، وفي نفس الأمر يكفيني هذا الشيء فهذا محرم ولا يجوز، وقد كاد إجماع فقهاء المسلمين أن يقع على تحريم ذلك، وأنه لا يجوز. وأما تنظيم النسل بحيث إنه يقول: أريد أن يكون النسل بعد سنتين، أو ثلاث سنوات حتى يكون للمرأة قوة على أن تستعيد صحتها، ويكون لها كذلك مجال وفرصة لتربية ولدها، (رضيعها الصغير) ، فنقول: هذا لا بأس به، وهيئة كبار العلماء أخذت بجواز ذلك، وأصدرت قراراً بجواز تنظيم النسل للحاجة، وبتحريم تحديد النسل مطلقاً. والله أعلم.

أجهضت في الشهر الأول فهل يلزمها شيء غير التوبة؟

أجهضت في الشهر الأول فهل يلزمها شيء غير التوبة؟ المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 13/06/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أنا متزوجة، وأعترف بأنني ارتكبت جرماً كبيراً في حياتي بسبب عملية الإجهاض، أرجوكم ساعدوني كيف أكفِّر عن ذنبي؟ فالإجهاض كان في الشهر الأول من الحمل، ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالراجح من أقوال أهل العلم هو تحريم الإجهاض منذ اللحظة الأولى، وأن تحريم الإجهاض يتدرج بتدرج الجنين في مراحل الحمل، فتحريمه في المراحل الأولى أخف، وما دام أن الأمر قد وقع فالحكم يتجه إلى ما يترتب على الفعل، فأما الكفارة فلا تجب إلا فيما نفخت فيه الروح، وهذا لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، وأما الغرة فإن الراجح وجوبها فيما تبين فيه شيء ظاهر من خلق الإنسان، وفي الشهر الأول، وإن كان التخطيط قد بدأ إلا أنه خفي فلا يترتب عليه شيء. يتلخص من هذا أنه لا يجب بما أقدمت عليه سوى التوبة والاستغفار، والندم على ما حصل، وإن تصدقت بشيء من باب التقرب إلى الله فهو من تمام التوبة. والله أعلم.

الإجهاض لإعاقة الجنين

الإجهاض لإعاقة الجنين المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 07/10/1425هـ السؤال عندما كنت حاملاً في الشهر الخامس، أخبرني الأطباء الأمريكيون أن علي التخلص من المولود؛ بسبب أنه مصاب بمشاكل عقلية، وسيكون معاقًا، ولن يعيش طويلاً، أنا لم أقبل ذلك، لكن زوجي وافق، ولم أكن أعرف أن علي استشارة طبيب مسلم، لكن لم يكن هناك أي طبيب مسلم، ماذا علي بعد أن تم إسقاط الجنين؟ علمًا بأن الأطباء كانوا متيقنين تمامًا من وجوب إخراج الجنين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما حدث لا يمكن لتسويغه؛ لأن التشوهات العقلية والبدنية التي تصيب الأجنة لا يمكن الجزم بها إلا بعد مرور مدة ينفخ فيها الروح في الجنين، فيكون هنا فوق اعتبار الضرورة، ثم إن الأمر لا يصل إلى حد القطع واليقين، بل كما اتفق الأطباء لا يعدو أن تكون تخمينات وتوقعات بناء على مؤشرات أو مقدمات، وكم من الوقائع التي أخبر الأطباء بمثل هذا الأمر، وصبرت الأم، ولم تلتفت إلى ذلك، فكان جنينًا سليمًا معافى. وثمة أمر ثالث وهو أنه مع تطور التقنية الحديثة أمكن معالجة بعض أنواع التشوهات، في بطن الأم بعد أن تم اكتشافها، ويبقى أن في إجهاض الأجنة المشوهة اعتراضًا على قدر الله وحكمه، وهذا الحكم هو ما توصل إليه المجمع الفقهي، كما في قرارات المجمع رقم: (123) ، وعليه فإن ما أقدمت عليه الأخت خطأ عظيم، ولا يؤثر في الحكم استشارة أطباء مسلمين؛ لأن الحكم فيها كما سبق، وما دام الأمر قد تم، فإن الواجب في الجنين دية كاملة إذا ثبتت حياة الجنين حال إجهاضه، ويختلف فيها الذكر عن الأنثى، وتقع مسؤوليتها على الأب لموافقته على ذلك، وإن كانت الموافقة صحبها شيء من الضغوط أو الإكراه، فهي مسؤولية كاملة عليه، وإلا فتشاركه الأم، وإن كان الجنين لم تثبت حياته حين الإجهاض فيجب فيه غرة، تقدر بعشر دية الأم، أو نصف عشر دية الأب. والله أعلم.

نسي أنه طلق طلاقا معلقا

نسي أنه طلق طلاقاً معلقاً المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 28/10/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أنا رجل، متزوج وعصبي المزاج، وفي السنين الأولى من الزواج طلقت زوجتي طلقتين، وذات يوم قلت لها: (لو ذهبت إلى بيت أبيك فأنت طالق) ، وكنا آنذاك نعيش في نقاشات حادة ومشاكل عديدة وشجارات متواصلة، ومضى الآن على هذا الطلاق (المعلق) حوالي 20 سنة، وكنت طيلة الوقت أريد التحلل منه وكنت أجهل كيف، وفي كل مرة أعجز عن سؤال العلماء حتى نسيته أو تشاغلت عنه (ولم تخرج زوجتي) حتى عام 1997، إذ كان لدي سفر طويل لمدة ستة أشهر، فأذنت لها بالذهاب في غيابي إلى أبيها، متناسيا أو ناسياً تلك الصيغة (أنها معلقة) ، ظاناً أني تحللت منه بإذني لها بالخروج، وخرجت هي في مدة سفري إلى بيت أبيها بإذني، ثم قفلت راجعاً من السفر وعدنا كما كنا، لكن في هذا العام جرى بيننا شجار، وفي أثناء ذلك قالت لي: إني لست زوجتك، قلت لها: كيف؟ قالت: لقد قلت لي إن خرجت من البيت فأنت طالق..وقد خرجت، فقلت لها متسائلاً: متى كان هذا الكلام وكيف قلته؟ قالت: قبل ستة أشهر فقط قلته، ووقعت في حيرة وأقسم بالله إني لا أتذكر أني قلت هذا الكلام، فقلت لها: وكيف قلته؟ قالت: ذات يوم وأنت تضربني ... ولم أستطع تصديقها ولا تكذيبها، فربما قلته حقيقة في حالة غضب ولم أشعر (المهم أني لا أذكر أني قلته) ، ولأني عصبي سريع الغضب (ربما قلته دون شعور) ، ولما اعتقدت أنها حيلة لتتخلص مني وتعتبر طالقاً سألتها قائلا: يا امرأة لعلك تريدين أن يتفرق شملنا؟ فأجابت: لا، وهي تصر على أني قلت لها ذلك، وأنا لا أتذكره، وهي الآن نادمة على خروجها الذي تسبب في طلاقها، ونحن في حالة طلاق بناء على قولها، السؤال: هل تحللت من الطلاق الأول، هل الطلاق الأخير يقع رغم أني لا أذكره كما ذكرت؟. وفي الأخير بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

من علق الطلاق على شرط أو إلتزمه لا يقصد بذلك إلا الحض أو المنع، فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث، أي: أن الزوج إن كان يقصد منع زوجته من الذهاب لأبيها بحلفه بالطلاق، ولم يرد إيقاع الطلاق، فعليه كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله -تعالى-: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] ، أما إن أراد الجزاء بتعليقه طلقت زوجته أحب الشرط أو لا، أما ما يتعلق بخلاف الزوجين في وقوع الطلاق من عدمه فالقول قول من له بينة تدل على صحة قوله، فإن لم يكن لهما بينة فالقول قول الزوج، قال البهوتي - رحمه الله تعالى-، وإذا ادعت أن زوجها طلقها فأنكرها فقوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح، انظر: كشاف القناع (5/337) ، وهل يحلف على أنه لم يطلق؟ اختلف العلماء في ذلك، والمذهب عند الحنابلة والمالكية أنه لا يحلف، انظر: المبدع (10/283) ، التاج والإكليل (6/196) ، القوانين الفقهية (153) . والرواية الثانية: أنه يستحلف، وصححه ابن قدامة - رحمه الله- في المغني (7/387) ، وعلى كل حال فلو قيل بالوقوع فالسائل لم يطلق سوى مرتين، فيكون قد بقي له طلقة واحدة ما لم يكن قد صدر منه طلقة ثالثة، أما إن كانت هذه هي الطلقة الثالثة فعلى القول بالوقوع، وأنكر الزوج ذلك فلا يحل للزوجة البقاء معه، قال المرداوي - رحمه الله تعالى-: فإن علمت صحة ما أقرت به لم يحل لها مساكنته ولا تمكينه من وطئها، وعليها أن تفر منه وتفتدي نفسها، كما قلنا في التي علمت أن زوجها طلقها ثلاثاً وأنكر" انظر: الإنصاف (9/349) ، والمغني (7/387) ، أما ما يتعلق بطلاق الغضبان ففيه تفصيل ذكره العلماء، وقد ذكرناه في عدة فتاوى في هذا الموقع فعلى الأخ السائل الرجوع إليها، وأوصيه بتجنب الغضب ما استطاع فإن لم يتمكن فعليه عند غضبه الخروج من البيت حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه، والله -تعالى- أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

السقط بعد أربعة أسابيع

السقط بعد أربعة أسابيع المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 7/3/1425هـ السؤال انقطعتْ عني الدورة في شهر 12، وتم التحليل في نهاية شهر واحد، وظهر موجباً، أي أني حامل، عندها منعتني الطبيبة من الجماع؛ وقاية من الإجهاض، فعند ذهابي إلى البيت طلب مني زوجي مجامعته، رضخت لكلامه مع الحرص بعدم الحركة حتى لا يكون الضرر، ولكن بمجرد الانتهاء زاد الدم، زادت كمية العلاج والإبر، وألزمتني براحة، بعدها تم الكشف مرة أخرى، فُوجِدَ الكيس لم يكبر وأخذ بالانكماش، فقالت: إما أن يكون مات أو سقط أثناء نزول الدم، علماً بأنه لم يتجاوز عمره أربعة أسابيع، والوقت من آخر دورة حتى نزوله ثلاثة أشهر. هل أكون قد تعمدت إنزاله أنا وزوجي وعليَّ صيام شهرين أم ماذا؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا كان الإجهاض قبل مرور أربعة أشهر على الحمل فلا يكون إسقاطه قتلاً تجب فيه الكفارة؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح، كما فهم ذلك أهل العلم؛ إذ نقل النووي وابن حجر اتفاق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، فتح الباري (11/490) ، وروى ذلك صريحاً عن الصحابة - رضي الله عنهم- كما قاله ابن رجب في جامع العلوم والحكم" (ص51) ، ويدل له حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- المرفوع: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح" متفق عليه عند البخاري (3208) ، ومسلم (2643) . وحيث إنه سقط خلال الأربعين يوماً الأولى فهو في طور النطفة، وهي يجوز إلقاؤها عند الجماع بالعزل، ولذا فإنه ليس عليك ولا على زوجك كفارة. والله الموفق والهادي.

زوجها يأتي الفواحش ويعاقر الخمر، فهل لها أن تمتنع من الإنجاب؟

زوجها يأتي الفواحش ويعاقر الخمر، فهل لها أن تمتنع من الإنجاب؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل التاريخ 23/3/1425هـ السؤال متزوجة منذ ست سنوات من زوج عاصٍ يزني ويشرب الخمر، ويأتي جميع المعاصي, صابرة عليه، عسى الله أن يغير حاله من حال المعصية إلى حال الإيمان، لي منه ابنتين، أنجبت الأولى قبل معرفتي بحال معصيته، والثانية حملت بها كوسيلة لإصلاحه، ولكن دون جدوى ... فقررت عدم الإنجاب منه في الفترة الحالية إلى أن يصلح حاله ويتوب، ولكنه مصرّ على إنجاب المزيد على الرغم من أنه لا ينفق عليهم ولا يتحمل مسئوليتهم، وأنا أتكفل بهذه الأمور ... ا لسؤال: هل يجوز لي الامتناع عن الإنجاب مع العلم أني أحب الأطفال؟ لا تحرموني دعاؤكم لزوجي بالهداية، جزاكم الله عنا خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أنه إذا كان حال زوجك ما ذكرتِ في سؤالك من أنه يزني ويشرب الخمر، ويأتي جميع المعاصي، فلك الامتناع عنه وعن الإنجاب، كما جاء في سؤالك إلى أن يتوب. وإذا لم يتب فالأولى لك مفارقته، بل ذهب جمع من أهل العلم إلى عدم جواز نكاح العفيف للزانية، ونكاح العفيفة للزاني؛ لقوله تعالى: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور: 3] ، هذا وجاء في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للعلامة محمد الأمين الشنقيطي في (ج6 ص72) ، ما نصه: (اعلم أن العلماء اختلفوا في جواز نكاح العفيف الزانية ونكاح العفيفة الزاني، فذهب جماعة من أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة إلى جواز نكاح الزانية مع الكراهة التنزيهية عند مالك وأصحابه ومن وافقهم) ، ثم ذكر الأدلة إلى أن قال: (وقال جماعة أخرى من أهل العلم: لا يجوز تزويج الزاني لعفيفة، ولا عكسه، وهو مذهب الإمام أحمد، وقد روى عن الحسن وقتادة) ، ثم ذكر الأدلة. هذا ولا أقول لك بأن ما فعله من المعاصي والتي منها الزنا يستوجب فسخ النكاح بينكما إلا أنني أرى أن الأولى عدم البقاء معه حتى يتوب، وعليك قبل ذلك بمناصحته وعمل كل الأسباب لإصلاحه؛ لعله يهتدي. نسأل الله له ولضال المسلمين الهداية، إنه على كل شيء قدير وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها

حق الزوجة في بقاء الزوج في البيت المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 8/10/1424هـ السؤال هل للزوجة حق شرعي في منع زوجها من الذهاب إلى أصدقائه، فإنني أذهب في الأسبوع مرة أو مرتين، لأننا في الغربة، والذين أزورهم من أبناء بلدي، وعملي لفترة واحدة، وفي المساء أكون مع عائلتي، وعندما أقرر الذهاب خارج البيت تقول زوجتي هذا الوقت من حقنا، وتشعرني هذه الكلمة بأنني قصَّرت معها، فأذهب وفي داخلي ضيق شديد، لا أعرف هل لها حق في كل وقتي؟ أم من حقي الذهاب إلى أصدقائي، ما هو قول الشرع في هذه الحالة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.. فيا أخي محمد، إذا أردت حكم الشرع في هذه المسألة، فإنه ليس للمرأة أن تمنع زوجها من الذهاب إلى أصدقائه، سيما إذا كان جلوسه معهم على غير معصية الله تعالى، لأن القوامة للرجل، قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء" [النساء: 34] ، لكن أوصيك يا أخي الحبيب بمرافقة أهلك، سيما وأنتم في أرض الغربة، فإنهم يحسون بالوحشة والبعد عن أهلهم، فلا تكثر من الخروج إلا للضرورة، وإذا خرجت فلا تتأخر عليهم، لأنه ربما يحدث لهم شيء في غيابك، واعلم أن حرص زوجتك عليك نابع من شدة حبها لك، ورغبتها أن تكون بقربك دائماً، وفقك الله لكل خير.

أخذ الزوجة من مال زوجها

أخذ الزوجة من مال زوجها المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 26/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع، وبعد.. فهل يجوز أخذ المال من الأم إذا كانت تسرقه من أبي؟ وهل يجوز أخذه من أبي إذا كان لا يعدل بيني وبين إخوتي؟ رغم أنه يعطي بعضهم أكثر مما يعطيني، ويعطي البعض الآخر أقل من ذلك. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.. فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد: لا يجوز للزوجة أن تسرق من مال زوجها شيئاً، وفعلها محرم إلا إذا كان الزوج موسراً، أو لأنه بخيل شحيح، لا يسد حاجة زوجته وأولادها، فلها أن تأخذ من ماله من غير علمه بقدر الضرورة الشرعية وسد الحاجة، استدلالاً بحادثة زوجة أبي سفيان -رضي الله عنهما- إذ جاءت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم- وقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح فهل لي أن آخذ من ماله ما يكفيني وأولادي فقال - صلى الله عليه وسلم-:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" رواه البخاري (5364) ، ومسلم (1714) من حديث عائشة -رضي الله عنها- أما أخذك من مال أبيك من غير علمه فلا يجوز، وإن ظهر لك أنه لم يعدل بين أبنائه، فإن كان كما تقول فعليه وزر ذلك، لكن هذا لا يسوغ لك أخذ المال من غير معرفته وعلمه، وعليك أن تكلمه بالحسنى والرفق والأدب، وتفهم منه لماذا يفرق بينكم في النفقة، هذا والله أعلم بالصواب.

هل أقيل زوجتي من عملها؟

هل أقيل زوجتي من عملها؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 29/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز لي أن أقدم استقالة زوجتي إلى عملها مكتوبة باسمي؟ وذلك لأن تلك الوظيفة وراتبها سبب بيني وبين زوجتي مشكلة وسببت تلك الوظيفة تفرقة بيننا في كثير من الأيام وكذلك أنا محتاج بأن تكون زوجتي بالقرب من أولادي لتقوم بشؤونهم وشؤون زوجها. فأرجو إفادتي هل يحق لي أن أقدم استقالة زوجتي من تلك الوظيفة مكتوبة باسمي وذلك لظروفي التي أوضحتها؟ رعاكم الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: أخي الكريم إن كنت تزوجتها وهي تعمل، أو شرطت العمل عند عقد النكاح فليس لك التعرض لعملها ومضايقتها فيه فإن هذا من المضارة المحرمة، وقد دخلت في الأمر على بصيرة فليس لك المزايدة بعد ذلك على راتبها أو عملها، كما أنه ليس للزوج أن يقدم هو استقالتها بغير إذنها، لأن الوظيفة وظيفتها وهي تامة الأهلية، وإني أرى للسائل الكريم - من باب النصح له - ألا يسلك مثل هذه الطرق في حل مشاكله الزوجية، بل عليه بالرفق واستعمال الحكمة، لأن الشدة والعنف - في غالب الأحوال - لا تحمد عواقبها، ولو تم لك إقالتها من عملها على نحو ما ذكرت، فمن المرجح ألا تحل مشاكلكم، بل يغلب على الظن أن تزيد وتتعقد، ولا تنس مقولة نبيك - صلى الله عليه وسلم - لزوجه أم المؤمنين - فيما أخرجه مسلم (2594) وغيره (يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطى على ما سواه) وفي لفظ (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه) فاستعمل أخي الكريم الرفق والتسديد والمقاربة، ولو أن تتنازل عن بعض حقوقك، أسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشداً، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

حقوق الزوجة غير المسلمة عند الطلاق

حقوق الزوجة غير المسلمة عند الطلاق المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 5/1/1424هـ السؤال هل صحيح أن المسلم إذا تزوج كتابية (نصرانية) وبقيت على دينها وكتب في العقد أن ديانتها المسيحية فليس لها حقوق مادية إذا طلقها كما أخبرنا القاضي الشرعي في المحكمة الأردنية أثناء عقد الزواج؟ وإذا كان هذا غير صحيح شرعاً، فهل يجوز استخدامه من قبل المحكمة الشرعية لدفع النصرانيات إلى الإسلام؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب أقول وبالله التوفيق: يَشْترط الإسلام لصحة الزواج من الكتابية نصرانية أو يهودية أن تكون محصنة بمعنى أن تكون عفيفة "محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان" قال الله تعالى في الآية (5) من سورة المائدة:"اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان" [النساء:25] وإذن فعقد الزواج يرتب للزوجة حقوقاً منها الصداق والنفقة والمعاشرة بالمعروف والعدل بينها وبين غيرها إن كانت له زوجة أخرى وإذا كان عقد الزواج يرتب حقوقاً للمرأة فإن الطلاق أيضاً يرتب لها حقوقاً أخرى وهذه الحقوق هي: (1) مؤخر الصداق. (2) نفقة العدة. (3) أجرة الرضاع إن كانت ترضع ولداً. (4) أجرة الحضانة. (5) متعة الطلاق. ومتعة الطلاق مفصلة من حيث مقدارها وأحكامها في كتب الفقه وفي بحث لنا بعنوان (متعة المطلقة في الفقه الإسلامي) مجلة أضواء الشريعة العدد (9) جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الزوجة الموظفة، هل تجب لها النفقة؟

الزوجة الموظفة، هل تجب لها النفقة؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 14/10/1422 السؤال ما حق الزوج في راتب زوجته الموظفة، خصوصاً إذا كان متزوجاً من زوجة ثانية ويصرف عليها، وعندما أطلب منه المال يقول: أنتِ موظفة يجب أن تصرفي على نفسك وتساهمي معي أيضاً في المصاريف الأخرى؟ الجواب لا حق للزوج في راتب زوجته؛ لأنه مالها، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، وعلى الزوج نفقة زوجته وسكناها بالمعروف ولو كانت من أغنى الناس، وهذا بإجماع العلماء لقوله - تعالى -: " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " الآية [الطلاق: 7] ، ولقوله - تعالى -: " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " [النساء: 34] ولما رواه مسلم (1218) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ". هذا وعلى زوجك أن يتقي الله - تعالى - ويؤدي ما وجب عليه تجاهك، ولا يطلب ما ليس له فيه حق إلا ما أعطيته عن رضا منك وطيب نفس، والله أعلم.

تحريم الزوجة لزوجها

تحريم الزوجة لزوجها المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 13/2/1425هـ السؤال ما كفارة حلفان الزوجة لزوجها (تحرم عليّ ليوم الدين) ؟. الجواب الحمد لله تعالى وحده، وبعد: فإن المرأة السائلة تسأل عن كفارة حلفان الزوجة لزوجها: تحرم علي ليوم الدين، وهذا اللفظ صادر منها لزوجها، فأقول إن ذلك من باب التحريم لما أحل الله وكفارته كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام على هذا الترتيب، الاثنتان الأوليان على التخيير وذلك للآية في سورة المائدة، وكذلك لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" [التحريم:1-2] ، وأنصح السائلة بترك مثل هذه الألفاظ حتى لا توقع زوجها في الحرج. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الحب بين الزوجين

الحب بين الزوجين المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 9/1/1423 السؤال كيف هو الحب بين الزوجين في الإسلام وما هي صفته؟ وهل من ذلك أن يحقق الزوج الطلبات الكمالية؟ وهل من معناه أن تهب عينيك عند الطلب إذا احتاج الأمر كتعبير عن حقيقة المحبة؟ الجواب الحمد لله وبعد، فإن الحب بين الزوجين في الإسلام مطلب مقصود للشارع الحكيم، إذ به تقوى أواصر المودة والتلاحم بين الزوجين، وهي ضرورية لقيام كيان الأسرة واستقرارها وعمل أساسي في بقاء وديمومة الحياة الماتعة الفاعلة لبيت الزوجية، كما هي بالغة الأثر في صياغة شخصية الأبناء والذرية ومدى صلاحهم الديني والاجتماعي والنفسي، والأصل في كل هذا قوله -تعالى-:" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ... " الآية [الروم:21] وكان -عليه السلام- يحب نسائه ويبادلنه الحب، ففي الصحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها- قوله -عليه السلام- لابنته فاطمة -رضي الله عنها- "أي بنية ألست تحبين ما أحب"؟ فقالت: بلى قال:" فأحبي هذه" يعني عائشة -رضي الله عنها- والحديث رواه البخاري (2581) ومسلم (2442) ، وفي الصحيح كذلك من حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال "عائشة ... " الحديث رواه البخاري (3662) ومسلم (2384) ، وروى مسلم (2435) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ما غرت على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا على خديجة، وإني لم أدركها، قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذبح شاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة، قالت: فأغضبته يوماً فقلت: خديجة؟ فقال: إني قد رزقت حُبها" والمقصود أن الحب القائم على اللطف والشفقة والمودة والرحمة بين الزوجين مطلب محمود، وغرض مقصود -كما تقدم- إلا أن من المهم جداً في هذه القضية أن يكون الحب المتبادل بين الزوجين تابعاً لحب الله -تعالى- وحب رسوله -عليه السلام- بمعنى أن تُقَّدم محاب الله ومحاب رسوله على محاب الزوج، وأن يظل هذا الأخير في حدود السائغ المشروع، وألا يتجاوز النطاق المأذون به شرعاً خشية أن يتحول الحب إلى عامل هدم يقوض بناء الأسرة ويجعلها في مهب الريح، ولا عجب فبقاء الأسرة وسعادة الزوجين مرهون بمدى التزامهما بأمر الله وسنة رسوله الكريم -عليه السلام- ألا إن من علامات صدق الحب بين الزوجين أن يحرص كل واحد منهما على ما ينفع الآخر في دينه ودنياه، فيتبادلان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وأن يُبصّر كلُّ واحد منها الآخر بعيوبه بالكلمة الطيبة، والقول الجميل، وفي قالب من التقدير والاحترام والرفق والتبجيل.

كما أن مما يحقق المطلوب حسن الملاطفة والعشرة بالمعروف والقيام بحق الطرف الآخر المتقرر له شرعاً، كقيام الزوج بواجب النفقة والسكنى وتلبية متطلبات الحياة المعيشية في حدود قدرته المادية:" لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها " [الطلاق:7] وإن لبّى بعض متطلباتها الكمالية من غير إسراف ولا تبذير فحسن، مع الحذر التام من متطلبات محظورة شرعاً كأجهزة اللهو والفساد كالدشوش والمجلات الهابطة ونحوها، كما أن من واجب الزوج صيانة زوجه من التبرج والسفور وذرع الأسواق جيئة وذهاباً دون حاجة ملحة أو بدون محرم، وليثق أخونا السائل وغيره أن ما ذكرته هو الحب الشرعي الحقيقي، لا ما تروجه وسائل الإعلام وتفرضه المشاهد والأفلام، وتصوره الروايات الهابطة والكتابات الساقطة، والتي تدور معظمها على أساس تجسيد مبدأ الحب قبل الزواج، وتجعله عامل النجاح الأول للحياة الزوجية المستقبلية!! ناهيك عن مكر ودهاء بالغين توهم من خلاله المتابع والمتلقي أن ممارسات وتصرفات معينة يقوم بها الطرفان كفيلة بإضفاء السعادة والحيوية في عش الزوجين الجديدين أبرزها تبادل الزيارات المختلطة مع الأقارب والأصحاب، وملاحقة أحدث ما تقذف به بيوت الأزياء العالمية من ثياب الخلاعة والمجون -والعياذ بالله-. والله أسأل أن يرزقنا حبه وحب ما يحبه، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ويجعلنا للمتقين إماماً، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

طلب الطلاق من العقيم

طلب الطلاق من العقيم المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 1/8/1423هـ السؤال إحدى قريباتي متزوجة منذ ثلاث سنوات، واتضح بعد سنتين من الزواج، وبعد عدة تحاليل -لا تدع مجالاً للشك- أن زوجها عقيم، السؤال: هل يلحقنا أي إثم حال طلبها للطلاق؟ حيث إنها غير راضية إطلاقاً أن تعيش دون أولاد، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلا شك أن من حكم مشروعية الزواج إنجاب الأولاد فهم من زينة الحياة الدنيا، وعقم الزوج يبيح للزوجة أن تطلب منه الطلاق أو الخلع، فإن لم يجبها فلها التقدم للمحكمة الشرعية لطلب فسخ النكاح -هذا إن لم تصبر وتحتسب-، ولكن قد يترتب على الفراق بعض الأمور المادية إن لم يرضَ الزوج بفراق زوجته دون عوض، وذلك لكون طلب الفرقة بناء على رغبة الزوجة، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فتردين عليه حديقته"؟ فقالت: نعم، فردت عليه، وأمره ففارقها" رواه البخاري (5276) ، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

مدة الغيبة عن الزوجة

مدة الغَيبة عن الزوجة المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 8/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب ظروفي المعيشية صعبة، لكن - الحمد لله - على كل حال، وجدت عملاً شريفاً بإحدى الدول الأوروبية، لكن هناك من قال لي إن الشرع لا يبيح لي ترك زوجتي أكثر من ستة أشهر لتجنب الفتنة، مع العلم أني عاقد العزم على إلحاق زوجتي وابني بي حالما تتيسر الظروف بإذن الله، أرجو إجابتي في أسرع وقت، وجزاكم الله كل خير. الجواب أخي السائل حفظك الله ورعاك، اعلم أن بعض أهل العلم وقتوا للرجل أن يغيب عن زوجته ستة أشهر، لما في حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، "حين سأل ابنته: يا بنية؛ كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله! مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر؛ يسيرون شهرا، ويقيمون أربعة أشهر ويرجعون في شهر" انظر: مصنف عبد الرزاق (7/151 - 152) ، والبيهقي (9/29) وموسوعة فقه عمر (236) . وسئل أحمد كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال يروى ستة أشهر، وقد يغيب أكثر من ذلك لأمر لا بد له منه. ويلحق بذلك الحج، وطلب رزق محتاج إليه، نص عليه إن لم يكن عذر؛ يعني: إذا كان له عذر لا يلزمه القدوم، لأن صاحب العذر يعذر من أجل عذره. والأولى لك أيها السائل أن تأتي إليها بين حين وآخر، إن كان ذلك لا يشق عليك.

زوجتي تغلبني

زوجتي تغلبني المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 11/08/1425هـ السؤال أنا متزوج، هل كلمة "واطية على رأسه" فيها عيب؟ أقصد زوجتي، وهل هي من معايب الرجال؟ وهل الرجل يكون آثمًا عندما تتسلط الزوجة الحبيبة؟ أرجو الإفادة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: يقول صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ" أخرجه الترمذي (3895) ، وابن ماجه (1977) . وقال صلى الله عليه وسلم: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" أخرجه البخاري (5186) ، ومسلم (1468) . وقال صلى الله عليه وسلم: "اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ" أخرجه مسلم (1218) . وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم، أنه لم يضرب في حياته كلها خادمًا ولا أحدًا من أهله (أزواجه) . انظر صحيح مسلم (2328) ، وسنن النسائي الكبرى (9163) . وكان صلى الله عليه وسلم يحلم عليهن، ويصبر على ما يبدر منهن من أخطاء؛ مراعاة لطبيعتهن. فإذا أحسن الزوج معاشرة زوجته ورفق بها ولم يقصر في حقوقها فلا عليه ولا يضيره أن يقول الناس فيه ما يقولون، مثل قولهم: (فلان زوجته واطية على رأسه) . ونحو ذلك من العبارات، فنظر الناس إلى الأمور كثيرًا ما يخالف الشرع، وليس على نظرهم المُعْتَمَدُ في تمييز الحق من الباطل، والصحيح من عدمه، فليقولوا عنه ما شاؤوا ما دام أنه قد التزم وصية النبي صلى الله عليه وسلم، واجتهد في أداء الحقوق، لكن ينبغي ألا يبلغ به التودد والإحسان إلى الزوجة أن يتعدى حدود الله، ويطيع ويطيعها في معصية الله، ويسكت عن تقصيرها، أو تجاوزها لحدود الشريعة، فهذا هو الذي يعاب به الزوج، ويدل حقًّا على ضعفه وقصوره. والتسلط على الزوجة ليس من شيم الرجال الكرام، فضلاً عن أنه يخالف وصية النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه تسلط على جنس ضعيف، شبهه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأسير في ضعفه، وقلة حيلته، وليس من الشجاعة التسلط عليه وقهره وظلمه، فقال صلى الله عليه وسلم: "اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ". أخرجه الترمذي (1163) ، وابن ماجه (1851) ، والنسائي في الكبرى (6169) . والعاني هو الأسير، والأسير معلوم ضعفه وعجزه، وعلى الرجل أن يترفع عن التسلط وقهر هذا الجنس اللطيف الضعيف، وخير الحلم ما كان مع القدرة، كما أن خير العفو ما كان عند المقدرة. والله أعلم.

زوجان يعيشان عدة سنوات دون أي علاقة

زوجان يعيشان عدة سنوات دون أي علاقة المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 6/9/1424هـ السؤال يعيش رجل وزوجته في بيت واحد دون مودة ولا محبة ولا جماع، وكل منهم ينفق على نفسه من ماله الخاص، وفضّلا هذا الوضع على الطلاق من أجل أطفالهما واستمر هذا أكثر من عشر سنوات، في ظل هذا كله هل الزواج لازال شرعيا؟ وهل يمكن بالتالي أن يعود لمعاشرتها؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله تعالى وحده، وبعد: فإنه ما دام أنها لا تزال في عصمتك ولم يصل طلاق البتة فإنه مهما كان من طول الفرقة من عدم نفقة أو محبة أو جماع ولو عشرات أو مئات السنين فهي زوجة لك تحل لك في كل حين، ولا مانع من العودة إليها ومعاشرتها، وأسأل الله عز وجل أن يصلح حالكما وأن يجمع بينكما على الخير، وأوصيك بتقوى الله في السر والعلانية والمحافظة على الصلوات وأداء الواجبات وفعل الخير، فإن الله تعالى وعد المتقين فقال سبحانه: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: 2-3] ، ويقول تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" [النحل: من الآية97] ، فمن أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله تعالى له ما بينه وبين الناس جميعاً والله هو الموفق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زوجتي لا ترغب المعاشرة الزوجية

زوجتي لا ترغب المعاشرة الزوجية المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 21/5/1424هـ السؤال أنا رجل متزوج، وأمتلك طاقة قوية للجماع، ولكن المشكلة أن زوجتي لا ترغب في المعاشرة الزوجية بكثرة، ودائماً يثار بيننا الجدل حول هذا الموضوع، وتقول بأنني أنا المعيب حيث إن شهوتي قوية. فما نصيحتكم لها، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين: وبعد فالجواب عن السؤال بعاليه كالتالي: زواجك ثانية إلى أربع مباح شرعاً إذا علمت من نفسك أو غلب على ظنك أنك ستعدل - إن شاء الله - قال - تعالى -: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" [النساء: 3] وما ذكرت من مشكلتك مع زوجتك بخصوص رغبتك في كثرة الجماع وعدم رغبتها فالواجب على كل منكما معاشرة الآخر بالمعروف، قال - تعالى -: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] . وقال - سبحانه -: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228] هذا وللزوج الاستمتاع بزوجته في القبل ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، ولهذا نهيت المرأة أن تصوم صوم تطوع وزوجها حاضر إلا بإذنه فيما رواه البخاري (5192) ومسلم (1026) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. هذا وجاء في كشاف القناع للبهوتي (ج5، ص 188) ما نصه: (فإن زاد الزوج عليها في الجماع صولح على شيءٍ منه لأنه غير مقدر ... قال الشيخ تقي الدين (يعني ابن تيمية) فإن تنازعا فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة وكوطئه إذا زاد، وجعل عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- لرجل أربعاً بالليل وأربعاً بالنهار، وصالح أنس -رضي الله عنه- رجلاً استعدى على امرأته على ستة) . انتهى محل الغرض منه. هذا ونصيحتي للزوج أن يراعي ظروف امرأته فإذا كانت تكره الجماع أو يضر بها فينبغي ألا يكثر منه، كما أن على الزوجة أن تراعي ظروف زوجها ما دام يرغب في الجماع بل وقد يخشى على نفسه، هذا ونقول للزوجة: علمتِ ما جعله ابن الزبير -رضي الله عنه- وما صالح عليه أنس -رضي الله عنه-، وزوجك كما جاء في السؤال يكتفي بالمرة الواحدة في اليوم والليلة وهذا ليس فيه ضرر عليك. والواجب عليك الصلح معه فهو أفضل لك من أن يتزوج عليك أخرى، والله أعلم.

خدمة المرأة والدي زوجها

خدمة المرأة والدَي زوجها المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 18/7/1424هـ السؤال هل خدمة الزوجة لوالدي الزوج واجبةٌ؟ أم تقوم بها من منطلق إرضاء الله تعالى، وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب ليس على الزوجة خدمة والدي زوجها، ولكنه المعروف والإحسان وإكرام الزوج، وكل ما تفعله الزوجة في معاملة أقارب زوجها هو دين يسدده زوجات أبنائها في وقت تكون في أمس الحاجة له.

اشتراط إذن الزوج للخروج

اشتراط إذن الزوج للخروج المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 12/6/1424هـ السؤال عندما تريد أمي الخروج من المنزل لزيارة الأقارب أو غيرهم، تستأذن من الوالد ولكنه يرفض بدون سبب، وإذا خرجت إلى أي مكان ولم تخبره لا يبدو عليه زعل ولا يناقشها في عدم استئذانها وكأن شيئاً لم يكن، يعني: "إذا استأذنت يرفض، وإذا لم تستأذن وخرجت لم يقل لها شيئاً) ، أرجو تبيين الأمر، وماذا أفعل مع أبي وأمي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل أن الزوجة لا تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها؛ لقول الله - عز وجل -: "وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ" [يوسف: من الآية25] ، فسمى الله - عز وجل - الزوج سيداً، والمسود تحت إمرة سيده، وأيضاً قول الله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ" [النساء: من الآية34] ، ومقتضى القوامة الاستئذان، وأيضاً ما ثبت في الصحيح أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أردن الاعتكاف استأذنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على أنه لا بد من الإذن انظر ما رواه البخاري (2033) ، ومسلم (1173) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وأيضاً يدل لهذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنهن عوان عندكم" يعني: أسيرات، والحديث رواه الترمذي (1163) ، وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص. وإذا كان كذلك فإنه لابد من الاستئذان، وهذا هو الأحوط، وأما قوله: إذا كان لا يأذن.. فأما إذا كان عدم إذنه ليس جاداً وإنما يعرف من القرائن أنه يرضى بذلك، وأنه لا يكرهه ولكنه يأذن إذناًًٍُُ لم يرض عنه تمام الرضا، فإذا كان يفهم من القرائن أنه لا يُكرهه ذلك ولا يُضيقه وأنه يأذن بذلك فإنه لا بأس، والأحوط مع ذلك هو الاستئذان.

لم يف بالشرط فهل ينفسخ النكاح؟

لم يف بالشرط فهل ينفسخ النكاح؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 20/11/1425هـ السؤال هل يجوز لي طلب الانفصال في حالة عدم وفاء الزوج بوعوده التي قام عليها الزواج من توفير المسكن المستقل؟ علمًا بأني الزوجة الثانية. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: العقد شريعة المتعاقدين، "والمُسْلمون عَلَى شُرُوطِهم"- كما جاء في حديث عوف المزني- رواه الترمذي (1352) والحاكم 4/113، وغيرهما، وتوفير المسكن المستقل للزوجة واجب على الزوج بمجرد الدخول، ولو لم تشترطه الزوجة في العقد، والذي أنصحك به التعامل مع الزوج بشيء من التسامح والمراعاة، واستعمال شعرة معاوية إن شد فأرخي، وأما إذا قامت الحياة الزوجية على المطالبة بالحقوق والمشادة في ذلك فإن الحياة سرعان ما تنتهي بالفرقة بين الزوجين، فاصبري وتحملي، واعلمي أن مع العسر يسرًا، وأن الصبر مفتاح الفرج، والصابرون يوفون أجورهم بغير حساب. والله أعلم.

هل طاعة الوالدين مقدمة على طاعة الزوج؟

هل طاعة الوالدين مقدمة على طاعة الزوج؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 9/10/1424هـ السؤال

هل طاعة الزوج أهم من طاعة الوالدين؟ علماً أن طاعة الوالدين ثابتة بالقرآن الكريم وطاعة الزوج ثابتة فقط بالحديث الكريم، فهل الحديث ينسخ القران؟ وهل طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَالإِحْسَانُ إلَيْهِمَا فَرْضٌ عَلَى الْوَلَدِ، قَالَ تَعَالَى:"وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا، إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا: أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا". قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَجَعَلَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ مَقْرُونًا بِذَلِكَ كَمَا قَرَنَ شُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ فَقَالَ: "وَقَضَى رَبُّك أَلا تَعْبُدُوا إلا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا" وَقَالَ: "أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلَيَّ الْمَصِيرُ". وَقَالَ الْجَصَّاصُ: وَقَضَى رَبُّك مَعْنَاهُ: أَمَرَ رَبُّك، وَأَمَرَ بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: وَأَوْصَى بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، لأَنَّ الْوَصِيَّةَ أَمْرٌ، وَقَدْ أَوْصَى اللَّهُ تَعَالَى بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ وَقَالَ "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إحْسَانًا" قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَضَى هَاهُنَا إلا أَمَرَ. وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ". وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله تَعَالَى: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ": لا تَمْنَعْهُمَا شَيْئًا يُرِيدَانِهِ. وَحَقُّ الطَّاعَةِ لِلْوَالِدَيْنِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، بَلْ هُوَ مَكْفُولٌ - أَيْضًا - لِلْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ، قَالَ الْجَصَّاصُ فِي قَوْله تَعَالَى "أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلَيَّ الْمَصِيرُ، وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا". أَمَرَ بِمُصَاحَبَةِ الْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ مَعَ النَّهْيِ عَنْ طَاعَتِهِمَا فِي الشِّرْكِ، لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي قَوْله تَعَالَى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا، وَإِنْ جَاهَدَاكَ على أن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا" اقْتَضَتْ الآيَةُ الْوَصِيَّةَ بِالْوَالِدَيْنِ وَالأَمْرَ بِطَاعَتِهِمَا وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ، إلا إذَا أَمَرَا بِالشِّرْكِ

فَتَجِبُ مَعْصِيَتُهُمَا فِي ذَلِكَ وطَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ". قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قِيَامُ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ هُوَ أَنْ يَقُومَ بِتَدْبِيرِهَا وَتَأْدِيبِهَا، وَإِمْسَاكِهَا فِي بَيْتِهَا وَمَنْعِهَا مِنْ الْبُرُوزِ (أَيْ الْخُرُوجِ) ، وَأَنَّ عَلَيْهَا طَاعَتَهُ وَقَبُولَ أَمْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً. وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه -"أَنَّ رَجُلا انْطَلَقَ غَازِيًا وَأَوْصَى امْرَأَتَهُ: أَنْ لَا تَنْزِلَ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ، وَكَانَ وَالِدُهَا فِي أَسْفَلِ الْبَيْتِ، فَاشْتَكَى أَبُوهَا، فَأَرْسَلَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخْبِرُهُ وَتَسْتَأْمِرُهُ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا: اتَّقِي اللَّهَ وَأَطِيعِي زَوْجَك ثُمَّ إنَّ وَالِدَهَا تُوُفِّيَ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَأْمِرُهُ، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا مِثْلَ ذَلِكَ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْسَلَ إلَيْهَا: إنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَك بِطَوَاعِيَتِك لِزَوْجِك". وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: طَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ: قَالَ أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ: طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا، إلا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا. أرجو طرح الموضوع للنقاش.. الجواب الأخ الكريم: السلام عليكم. وبعد: فنشكر لك مراسلتك ومواصلتك معنا على موقع الإسلام اليوم.

أما عن جواب سؤالك وقد أخضعته للحوار والبحث المفتوح فأقول برأيي الذي أفهمه من نصوص الشرع أن طاعة الزوج مقدَّمة على طاعة الوالدين، طالما أن الزوجة باقية ولايتها في ذمة زوجها، وذلك لأن نصوص طاعة الوالدين لا تتعارض مع نصوص طاعة الزوج، وإنما كل بحسب الحال وهو ما يسمى عند العلماء بالتخصيص، فطاعة الوالدين ثابتة طالما ولاية المرأة تحت والديها، فإذا انتقلت ولايتها إلى زوجها صارت الطاعة لازمة في حقها لزوجها، فهو انتقال حكم من طرف إلى آخر، وأما عن سؤالك هل الحديث ينسخ القرآن؟ فهذه مسألة فيها نزاع بين العلماء، وبيان ذلك أن الحديث النبوي نوعان: آحاد ومتواتر. الأول: نسخ القرآن بالسنة الأحادية، والجمهور على عدم جوازه، وذلك لأن القرآن متواتر يفيد اليقين، والآحاد مظنون ولا يصح رفع المعلوم بالمظنون، والثاني: نسخ القرآن بالسنة المتواترة وقد أجازه أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية عنه لأن الكل وحي، والله يقول: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: 3-4] ، وقال تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" [النحل:44] ، والنسخ نوع من البيان، ومنعه الشافعي وأهل الظاهر وأحمد في الرواية الأخرى لقوله تعالى: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها" [البقرة: 106] ، والسنة ليست خيراً من القرآن ولا مثله، ولكن هل حكم طاعة الزوج وتقديمه على طاعة الوالدين وثبوته بالسنة يعني أن ذلك نسخ لما في القرآن؟ في ذلك نظر، وذلك أن من شروط صحة النسخ - ألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيداً بوقت معين فإذا زال زال الحكم، وفي مسألتنا أن المرأة تقدم طاعة الزوج على والديها طالما أنها باقية في ذمته، وبمجرد حدوث الطلاق البائن أو الموت أو الخلع تعود ولايتها لوالديها وتكون طاعتهما لازمة في حقها، ولذلك لا تعد هذه المسألة من صور النسخ، ولعل ما أوردته في سؤالك من نصوص أغناني عن ذكرها والتي تدل على وجوب الطاعة للزوج، والله الموفق والهادي لسواء السبيل، وهو أعلم وأحكم سبحانه.

عمل المرأة بغير إذن زوجها

عمل المرأة بغير إذن زوجها المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 20/02/1426هـ السؤال زوجتي تصر على العمل بمطعم أوروبي منظفة مؤقتة لثلاثة أشهر، وأخشى إن رفضت طلبها أن تهدم أسرتي (ثلاثة أولاد) ، خاصة أنها هددتني بطلب الطلاق، والقانون في أوروبا في صالح المرأة، وهي طلبت أن تسمع إجابة شرعية من علماء خارج أوروبا في نظرها، فالمرجو إفادتنا: هل عمل المرأة بدون إذن زوجها حلال، خاصة أني أعطيها مبلغاً محترماً عدا نفقتها الشرعية، فهي غير محتاجة للعمل وإنما ضغوط أهلها وهوى النفس والصديقات، وهي مصيبة نعانيها في إيطاليا مع زوجاتنا وخاصة القادمات من البادية، ثم هل يجوز العمل في مقهى إيطالي مع شبهة وجود الخمر به وسندويتشات لحم الخنزير، مع العلم أنها حجت بيت الله هذا العام، وجزيت خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فطاعة الزوج واجبة إلا إذا أمر بمعصية أو بشيء لا معنى له مما يدخل في العبث ومجرد فرض الرأي، وعليه: فلا يجوز لها العمل إلا بإذن زوجها، اللهم إلا إذا اشترطت عند عقد الزواج أن تعمل، فلها ما اشترطت، ولكن يجب ألا يكون في عملها مخالفات شرعية من اختلاط أو تبرج منها أو إعانة على إثم ونحو ذلك. فلا يجوز لها أن تبقى في عملها إذا لم يأذن لها زوجها، ولم تشترط عند العقد أن تعمل، والنصوص الشرعية في وجوب طاعة الزوجة زوجها كثيرة، مستفيضة في أحاديث السنة. وأرى أيها الفاضل أن تترفق في نصحها؛ حتى لا تأخذها العزة بالإثم، ولا تعمد إلى الإغلاظ في القول، فقد يدفعها ذلك إلى العناد والنفور، وعليك بالنصح، والصبر، ولا تيأس وتودد إليها بالهدايا، والعطايا وأحسن إليها تملك قلبها، وأحضر لها الكتب الدينية والأشرطة النافعة؛ عسى أن تتعظ، وترجع إلى بيتها. والله أعلم.

إيصال الزوجة النصرانية إلى الكنيسة

إيصال الزوجة النصرانية إلى الكنيسة المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 12/04/1425هـ السؤال هل يجوز إيصال الزوجة الكتابية إلى الكنيسة بقصد التعبد؟ وهل في ذلك شركٌ؟.-جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالذي ينبغي أن يُعلم أن من الحكم الظاهرة في جواز تزوج المسلم بالكتابية هو ما في ذلك من الأسباب المؤدية إلى إنقاذها من ظلمة الكفر، والضلال وهدايتها إلى نور الإسلام وعدله؛ ليتحقق لها بذلك سعادة الدارين، وبحكم قوامة الرجل على المرأة فإن الغالب أن يكون له تأثير واضح في هدايتها، وكثيراً ما يسلم العديد من الكتابيات اللواتي يتزوجن من مسلمين، والذي ننصح لك به ألا تعينها على إقامة شعائر دينها الذي تعلم يقيناً نسخه وبطلان العمل به، ولا أقل من أن تشعرها بأن هذا ليس من حقوقها عليك مع مداومة الدعاء لها، ودعوتها إلى الإسلام. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

إذا امتنع الزوج عن المعاشرة، فهل تلعنه الملائكة؟!

إذا امتنع الزوج عن المعاشرة، فهل تلعنه الملائكة؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 14/2/1425هـ السؤال كنت قد تناقشت أنا وإحدى الأخوات المسلمات في إحدى ساحات الحوار عن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما معناه: إن الملائكة تلعن الزوجة التي تمتنع عن معاشرة زوجها جنسيًّا من دون سبب وجيه، فهذه الأخت ترى أن الإسلام لم ينصف المرأة؛ حيث إنه لا يوجد حديث يقول بلعن الرجل الذي يمتنع عن معاشرة زوجته دون سبب وجيه، فأنا أريد أن أعرف هل هناك نص شرعي من قرآن أو سنة يبين ما هي عقوبة هذا الزوج في هذه الحالة؟ بمعنى هل هناك تحذير له من الله -تعالى- مثل لعن الملائكة أو أن يتوعده الله بعقوبة في الآخرة نتيجة امتناعه عن زوجته؟ فإذا تكرمتم أرجو الإجابة عليَّ سريعاً لو كنتم تستطيعون اليوم، حيث إن النقاش بيننا لم ينته بعد وهي تنتظر، ولا أريد أن أتأخر عليها أكثر من ذلك، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالحديث الذي تعنينه هو قوله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح"، والحديث متفق عليه، عند البخاري (3237) ، ومسلم (1436) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. ومعناه ظاهر، ولكن ليس على إطلاقه كما يتوهم بعض الرجال، فليس كلما امتنعت المرأة وأبت دعوة زوجها إلى فراشه فقد حقَّت عليها لعنة الملائكة، بل الوعيد مقيَّدٌ- كما قرر ذلك أهل العلم - بحالة عدم وجود العذر الشرعي. فإذا كانت المرأة معذورة شرعاً فلا حرج عليها أن تأبى دعوة زوجها لها إلى الفراش، كما لو كانت في صوم قضاء، أو كانت مريضة والجماع يؤلمها، أو يزيد من مرضها، أو كانت في حالة نفسية سيئة لا تحتمل معها أن يواقعها زوجها. والمقصود أنه متى كان الجماع يسبب للزوجة ضرراً بيناً لم يكن عليها من حرج أن تأبى دعوة زوجها إلى الفراش، بل يجب عليها الامتناع عندئذ. على أنه مع ذلك لا يجوز للمرأة أن تتمنع عن الوطء لمجرد عدم رغبتها فيه، فهي ـ في عدم وجود العذر الشرعي ـ مأمورة أن تستجيب لرغبة زوجها، فإن أبت حقَّ عليها وعيدُ الحديث. وإنما ورد هذا الوعيد في شأن الزوجة دون الزوج؛ لأن الرجل - في الغالب - هو الطالب، والمرأة هي المطلوبة، والرفض لا يُتصور إلا من المطلوب، والغالب أن الرجل هو الذي يدعوها للفراش، وقليلٌ ما تدعوه هي لذلك، وإذا دعته فقليل ما يأبى الزوج دعوتها، ولذا كان الزجر أغلظ على الطرف الذي يتصَّور منه التمنع أكثر؛ لكونه مطلوباً، وهو المرأة. وورد هذا الوعيد في شأن الزوجة دون الزوج لأن الرجل ـ أيضاً ـ لا يتصوَّر منه حصول الوطء إلاّ بانتشار آلته (عضوه) ، وبدون ظهور رغبته لا جدوى غالباً من دعوته، بخلاف المرأة؛ فهي محل قابل للوطء والاستمتاع، سواء رغِبت أم لم ترغب، تحرَّكت شهوتها أم لم تتحرَّك.

وكذلك لأن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، كما أنه أسرع منها استجابةً للمثيرات والمرغبات. ومنعُه من قضاء وطره وإتيان شهوته أشدُّ ضرراً وأعظمُ مفسدةً من منع المرأة من ذلك، فإن المرأة تصبر، والرجل لا يصبر. ويشبه هذه المراعاة لحاجة الزوج في الوطء ما جاء في الشرع من كثرة التذكير بحقوق الوالدين، ومن تكرار النهي عن عقوقهما، وتكرار التذكير بالوعيد الشديد على ذلك، فأنت تجد من ذلك ما لا تجد مثله في التذكير بحقوق الأولاد؛ لأن تقصير الناس في حق الوالدين أعظم من تقصيرهم في حقوق الأولاد، ولأن في فطرتهم من دواعي مراعاة حقوق الأولاد والحدب عليهم والرأفة بهم ما لا يحتاجون معه إلى التأكيد على حقوقهم، فلم تكن الحاجة داعية إلى التأكيد على ذلك كما كانت الحاجة داعيةً إلى التأكيد على حقوق الوالدين. إن النظرة القاصرة التي لا تتجاوز ظاهر الحديث - وهو لعن المرأة التي تأبى دعوة زوجها إلى الفراش- قد لا ترى في الحديث إلا مراعاة مصلحة الرجل فحسب. بيد أنَّ النظرة العميقة الفاحصة - التي لا تقف عند ظاهر لفظ الحديث ودلالة منطوقه - ترى في هذا الحديث مراعاةً لمصلحة الزوجين جميعاً، لا لمصلحة أحدهما دون الآخر، فالحديث وإن كان ظاهره مراعاة مصلحة الرجل وحاجته، إلا أن مآله فيه مصلحةُ الزوجين كليهما. وبيان ذلك: أن المرأة العاقلة لا ترضى أن يفرغ زوجها شهوته في غيرها بالحرام، وهي تغار أشدَّ الغيرة لو همَّ زوجها بذلك، فكيف لو وقع؟!. غير أنه لا يتناسب مع هذه الرغبة والغيرة رفضُها لدعوته إياها لفراشه، فهذا الرفض دافعٌ قوي - وبخاصة إذا تكرر- إلى أن يبحث زوجها عن موضعٍ آخر (غيرها) يضع فيه شهوته ويمارس معه المتعة. وكلما تمنعت المرأة من زوجها عظُمَ في نفسه الدافعُ إلى قضاء وطره في غيرها، وقد يفضي به الأمر إلى أن تخرج من قلبه، وتصبح العلاقة بينهما سطحية رتيبة؛ كعلاقة الرجل بزميله في العمل، وهذا - قطعاً - لا يضر الزوج وحده، بل يضر الزوجة معه. إنَّ تفهُّم الزوجة لحاجة زوجها الجنسية وتقبلَها لدعوته- بما لا يضر بها وإن كثُر- يجعله راغباً فيها لا راغباً عنها، منصرفاً إليها لا منصرفاً إلى غيرها. كما أنه يقطع الطريق على وساوس الشيطان أن تتسلل إلى قلبه، فتوسوس له وتزين له الفاحشة، وتجعل من رفض زوجته لإشباع رغبته عذراً له أن يقع في المحظور. ومن هنا يظهر لنا جلياً أن الحديث يأمر المرأة بما هو مصلحة لها في مآله لو تأمّلت أبعاد هذا الأمر في دلالة الحديث. على أنه ليس في هذا الحديث - لا من مفهومه ولا من منطوقه- حث الزوج على أن يلح على زوجته في الاستجابة لرغبته، فيقسرها ويكرهها على الجماع، وليس فيه - كذلك- أن له أن يحقِّق رغبته ويقضي وطره كلما عَنَّ له ذلك. كما أنه ليس من منهج العدل والإنصاف في شيء عند استظهار نظرة الشرع للمرأة أن تؤخذ نصوص من الشرع مجتزأةً تُجعل أصلاً يحكم على الإسلام به، وتنسى أدلة أخرى كثيرة مستفيضة تؤكد للرجال حقوق النساء، وتأمرهم بمراعاتها، وتزجرهم عن التهاون فيها أشد الزجر. فلا بد - إذاً - أن تستقرأ جميع النصوص الواردة في شأن علاقة الرجل بالمرأة، وفي شأن حقوقها عليه، وحقوقه عليها، ومن استقرأها أدرك بيقين لا يزعزعه شك أن الإسلام أنصف المرأة كما أنصف الرجل، وأعطاها بقدر ما لها من الحق، ولم يأخذ منها إلا بقدر ما عليها.

صلة أقارب الزوجة

صلة أقارب الزوجة المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 2/1/1425هـ السؤال أنا رجل متزوج، وأفهم أن لي أرحاما تجب عليَّ صلتهم وزيارتهم. فما حكم صلتي لرحم زوجتي، بمعنى هل يجب علي زيارة أهلها؛ إخوتها وأخواتها وأعمامها وأخوالها؟ أو بصورة أخرى هل تجب على الأنثى صلة رحمها من الذكور؟ أم أنه واجب عليهم هم زيارتها مثلا الجواب أولى الإسلام صلة الرحم أهمية كبيرة؛ لأن البعد الإنساني والعلاقات الاجتماعية ذات أثر كبير في حياة البشر، والإسلام دين شامل، عني بكل ما يحتاجه الإنسان من حوائج حياته ومعاشه، ومن متطلبات فطرته وغريزته، وقد جعل الله - عز وجل - لصلة الرحم أهمية كبرى، ورعاها رعاية عظمى، وكما جاء في قول الله - عز وجل- "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" [النساء:1] وهذه الآية قرن فيها الله عز وجل بين صلة الرحم والتقوى ومراعاة أمر الله -سبحانه وتعالى-. ومعلوم أن من النصوص التي وردت في صلة الرحم قول الله -سبحانه وتعالى-: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم" [محمد:22] ، وهذا على سبيل الذم، فيكون سمة الإسلام المدح في صلة الرحم لا في قطيعتها. وكذلك نجد أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - تدل على ذلك، كما في حديثه في الحديث القدسي "إن الله -عز وجل- قال خلقت الرحم، وشققت لها اسماً من اسمي، وجعلت لها أن أصلَّ من وصلها، وأقطع من قطعها" الترمذي (1907) وأحمد (1662) ، وقال الترمذي: صحيح، كما صححه الألباني. وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - عظيم أثر صلة الرحم كما في الصحيحين البخاري (5986) ومسلم (2557) أنه عليه -الصلاة والسلام- قال: "من أراد أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" وغير ذلك من الأحاديث. والسائل يسأل عن علاقته بأهل زوجته وبوصفهم كذلك من أهل رحمه، ولا شك أن صلته وبره وإحسانه وحسن معاملته لوالد زوجته ووالدتها وذوي قرابتها في الجملة، لا شك أنه من إكرام زوجته ومن حسن عشرتها؛ لأن ذلك يدخل السرور على قلب الزوجة. ومن جهة أخرى إن كانوا مسلمين فينبغي صلتهم كذلك باعتبار الإسلام وباعتبار قرابة الزوجة، أما الوجوب بمعنى الفرض اللازم، فهذا ليس عليه دليل بحد وقدر معين، كأن يجب أن يزورهم في الأسبوع مرة أو نحو ذلك، فلا دليل يوجبها بالجملة، والحاجة في مثل هذه الأمور غالباً لا ينظر إليها بهذه النظرة الضيقة التي ربما تعتمد على المكافأة، أو بمعنى أن يزورهم مرة في كل كذا ليزوره في كل كذا! كلا هذه قائمة على حسن الصلة والمودة والسماحة (وما لم يدرك كله لا يترك جله) ، فإن تعذرت الزيارة لأمر أو لآخر فهناك وسائل الاتصال الهاتفي أو الكتابة مما يحقق الغرض المنشود، من وجود التقدير والاحترام والعناية والاهتمام ونحو ذلك.

أما الزوجة فالذي يجب عليها من البر بر أبويها وبر محارمها وصلة محارمها من أعمامها وأخوالها، لكن دون أن يكون ذلك مؤثراً على طاعة زوجها، ودون أن يكون ذلك مؤثراً على واجبها اتجاه أسرتها، أو معارضا لها في طاعة زوجها، والأصل العناية بالأهم فالمهم، فالوالدان هما الأهم، وهو واجب عليها، وعلى زوجها واجب أن يعينها على بر والديها؛ لأنه إعانة على واجب شرعي. وأما ما وراء ذلك فإن هذه الأمور بحسب العرف، فإن كان لهذه الأسر لقاء أسري جامع في المناسبات مثل الأعياد وغيرها، فحسن أن تتاح للزوجة الفرصة للزيارة؛ لترى جميع محارمها من الرجال وقرابتها من النساء، وتكون على صلة بهم. أما إذا كانت زيارة الزوجة لأهلها - ضمن قياس الشرع وليس بالمقياس الشخصي للزوج كأن تترتب عليها مفاسد في دينها، حيث يكون أهلها مثلاً ليسوا حريصين على التزام الإسلام، وقد يحثونها على ارتكاب المعاصي ونحو ذلك، فهذا له أن يمنعها إذا كان هناك سبب شرعي حقيقي، وله أثر غالب في الفساد، وإن كانت صلة الرحم في الأصل ينبغي أن يحرص عليها، حتى مع وجود ذلك؛ بما يعمل على تغيير ذلك الفساد، فقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بصلة الأم مع كفرها، انظر البخاري (2620) ومسلم (1003) وهذا هو الواقع في آيات القرآن الكريم كما نعلمه: "وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان:15] والله أعلم.

هل يلزم الزوج إحضار خادمة لزوجته؟

هل يلزم الزوج إحضار خادمة لزوجته؟ المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 27/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم ذكر بعض طلبة العلم أنه يجب على الرجل إحضار خادمة لزوجته فهل هذا صحيح؟! الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: إن المرجع في ذلك إلى العرف، فإذا كانت الزوجة ممن يخدم مثلها، إما لكبرها، أو لضعفها، أو لشرفها، فإنه يلزم الزوج ذلك على الصحيح، هذا أولاً. ثانياً: أن مراد الفقهاء بالخادم: المرأة الخادمة. ثالثاً: أن من الفقهاء من قال: إنه يلزمه أكثر من خادم لها حسب حالها، وهو قوي. رابعاً: أنه يراعى حال الزوج في ذلك، فيفرق بين الفقير والغني، والمتوسط بينهما، لكن هل المعتبر حاله أم حالها أم حالهما؟ الصحيح الأول: أن المعتبر حاله، وهو مذهب الشافعي - رحمه الله - لقوله تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً" [الطلاق: 7] . خامساً: أننا قلنا: إن المرجع في ذلك إلى العرف؛ لقوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة: 228] . والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

أسباب تعظيم حق الزوج

أسباب تعظيم حق الزوج المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 12/3/1425هـ السؤال قرأت في الكتب عن عظم حق الزوج على زوجته وبأن عليها أن تلعق جراحه بما فيها من دم وصديد، إضافة لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، لعظم حقه عليها"، وتنتابني الحيرة عن سبب تعظيم حق الزوج فإن كانت المرأة لا تستطيع العيش بدون رجل فالعكس أيضاً صحيح، وإن كان الرجل يكتسب فالمرأة أيضاً قادرة على الاكتساب. أرجو بيان السبب وراء تعظيم حق الزوج على زوجته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فأما ما يروى عنه - صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تتبجّس- أي تتفجَّر - بالقيح والصديد، ثم استقبلته تلحسه، ما أدّت حقه" فقد أخرجه أحمد في مسنده رقم: (12614) ، لكنه حديث ضعيف لا يحتج به. وأما سبب تعظيم الشرع لحق الزوج على زوجته فلعظيم منَّته عليها، ولعظم واجباته ومسؤولياته التي يضطلع بها تجاهها، فقد أوجب الشرع عليه ما لم يوجبه على المرأة حتى على نفسها، فأوجب لها عليه مهراً، وأن ينفق عليها، وأعفاها من النفقة على نفسها، وأن يؤمن لها السكن والكسوة، حتى ولو كانت غنِّية، أو كان لها مورد مالي يكفيها، أو يزيد على حاجتها. كما أوجب عليه نفقة أولاده منها، فإن طلقها في مدة الحمل وجب عليه أن ينفق عليها حتى تضع حملها، فإذا وضعت حملها فلها أن تأخذ أجرةً على إرضاع ولدها منه. أفلا يعظم حقه عليها مقابل ما كُلِّف به من واجبات تجاهها؟!. وأنا أسأل: لماذا جعل الله حقّ الأم على ولدها- سواء كان ذكراً أو أنثى- أعظم من حق الأب؟ كما في الحديث المشهور: "يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك" رواه البخاري (5971) ومسلم (2548) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه. أليس تعظيم الشرع لحق الأم على حق الأب هو لأجل ما تحتمله من مشاق في حمل الولد وولادته وحضانته وتربيته وتغذيته؟!. بلى، إنه لكذلك، فكذلك الزوج، عظم حقه على زوجه لعظيم فضله ومنته عليها. وأكد النبي - صلى الله عليه وسلم- على فضل الزوج على زوجته، ونبَّه إلى عظيم حقه عليها حتى يكون ذلك أدعى لها أن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما فيه معصية الله. إن البيوت لا تصلح بلا رب يسوس الرعية، كما لا يصلح البلد بلا حاكم، ولا السفينة بلا ربان. على أنه يجب أن تدرك الزوجة أن تعظيم حق الزوج عليها لا يعني هضم منزلتها، ولا بخسها شيئاً من حقوقها، ولا يلزم منه احتقارها وإذلالها. وعليها أن تدرك أن ما أعطي للرجل لم يؤخذ من المرأة، ولم يكن في ذاته سلباً لكرامتها، ولا بخساً لقدرها.

على أن إيجاب الطاعة للزوج على زوجته لا يمنحه حق الاستبداد والتعسف، ومن فهم ذلك فقد جار على الشريعة، وأساء الظن بها، فالاستبداد داء خطير، لا يدخل مملكة ولا إمارةً إلا أفسدها وأذل أهلها، وأفضى إلى كراهية الرعية لراعيها.. الزوجة لزوجها، والأولاد لوالدهم، والمحكومين لحاكمهم. لقد منح الشرع الحاكم والأمير والزوج حق الطاعة على أهل مملكته أو بيته، لكنه أوجب لهم عليهم حق الشورى وحرّم عليهم الاستبداد بالرأي، كما قال تعالى: "وشاورهم في الأمر.." [آل عمران:159] "وأمرهم شورى بينهم.." [الشورى:38] . أختي الفاضلة: ما أنصف أحد المرأة..زوجةً وأماً وبنتاً وأختاً كما أنصفها الإسلام، ففي مقابل ما أوجبه عليها من حق الطاعة لزوجها، أوجب الشرع لها على الزوج حقوقاً لم توجبها القوانين الوضعية، فأوجب عليه الرفق بزوجته، وأمره بمعاشرتها بالمعروف، حتى ولو كرهها، "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:19] . وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوصي في خطبة الوداع بالنساء خيراً، فيقول: "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ... " الحديث رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -. وقال - صلى الله عليه وسلم-: "إني أحرج عليكم حق الضعيفين: اليتيم والمرأة" أخرجه أحمد (2/439) ، وابن ماجة (3678) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في الصحيحة (1015) . وقال - صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"،رواه الترمذي (3895) وأبو داود (4899) من حديث عائشة - رضي الله عنها - وكان يغضب من ضرب بعض الأزواج لزوجاتهم، فوعظهم في النساء، وقال: "علام يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد، ثم يضاجعها من آخر الليل"؟!!. وقولك: ((تنتابني الحيرة عن سبب تعظيم حق الزوج، فإن كانت المرأة لا تستطيع العيش بدون رجل، فالعكس أيضاً صحيح. وإن كان الرجل يكتسب، فالمرأة أيضاً قادرة على الاكتساب)) هو قول خاطئ؛ فليست المسألة مسألة عيش ولا اكتساب، نعم تستطيع المرأة أن تعيش وتكتسب بلا رجل، لكنها لا تستطيع أن تصبح أماً بلا زوج!، ولا تستطيع أن تشبع رغباتها من طريق الحلال بلا زوج، كما أن الزوج هو الآخر لا يستطيع أن يصبح أباً بلا زوجة، ولا أن يشبع رغباته بالحلال بلا زوجة. إن الله أوجب على المرأة طاعة زوجها بالمعروف؛ لأن القوامة له، "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" [النساء:34] . وإنما جعل القوامة بيد الرجل؛ لأنه أقدر من المرأة جسداً وعقلاً، ولذا جعل الله النبوة والرسالة والرئاسة والإمارة في الرجال ولم يجعلها في النساء، وكلفهم بالجهاد وأسقطه عن النساء، لكن ليس في جعل القوامة بيد الرجل ما يوحي بتفضيل منزلته ولا بكرامته عند الله، فليس أحد أكرم عند الله من أحد إلا بالتقوى، فالأتقى هو الأكرم، رجلاً كان أو امرأة، عربياً كان أو عجمياً. وفقك الله لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

غيبة الزوج الطويلة وحقوق زوجته وأولاده

غيبة الزوج الطويلة وحقوق زوجته وأولاده المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 26/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. مشكلتي بدأت عندما تزوجت بإنسان يحب المال أكثر من عائلته! فقد سافر بعد زواجنا بعشر سنوات إلى بلد عربي، وتركنا أنا والأولاد خمس سنوات، وكان عمري 33 سنة، وبعد أن التقينا معه واستقرينا أربع سنوات جاءت الهجرة إلى كندا، وقبل أن نقدم على الهجرة قال لي بأنه سيبقى معنا في كندا، ولكن الذي حصل أنه رجع إلى البلد العربي الذي كنا نعيش فيه بحجة أن العمل في كندا قليل، وفي السفرة الأولى وعدني بأنه سيرسل بطلبنا ولم يرسل إلا بعد خمس سنوات، وهذه المرة يقول سآتي بعد أشهر ولن أطوِّل الغيبة، ماذا أفعل؟ هل أتركه يخطط حياتنا بهذه الطريقة أم أضع له حداً لهذه التصرفات؟ وخصوصاً أنه لدينا ثلاثة أولاد في عمر المراهقة ويحتاجون إلى أب يكون قريباً منهم، وكذلك أنا محتاجة له، وحسب الشرع لا يجوز ترك المرأة أكثر من ثلاثة أشهر. أفيدوني جزاكم الله ألف خير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقد اشتمل هذا السؤال على عدة نقاط: الأول: حكم الهجرة إلى بلاد الكفر والإقامة فيها: والجواب: الأصل أنه لا يجوز للمسلم السفر والإقامة في غير بلاد المسلمين من غير حاجة وضرورة، وقد ذكر شيخنا العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى- أنه لا يجوز السفر إلى بلاد غير المسلمين إلا بشروط: 1- أن يكون عند المسافر علم يدفع به الشبهات. 2- أن يكون عنده ورع يدفع به الشهوات. 3- الحاجة إلى ذلك. وما ذكرته الأخت السائلة من أنهم هاجروا إلى بلد غير مسلم، فهذا لا يسمى هجرة شرعية، فالهجرة الشرعية هي الانتقال من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، لا العكس. هذا هو الأصل، ولكن نظراً إلى أن جملة من المسلمين لا يستطيعون إظهار شعائر دينهم في بلادهم بسبب كثرة المضايقات من حكوماتهم، بل بعض الدول تحاكم وتعاقب من يظهر شيئاً من ذلك، فإن كان الحال كذلك ولم يجد هذا المسلم بلداً إسلامياً يقيم فيه بعد بذل وسعه وطاقته فأرجو ألا حرج عليه في السفر إلى بعض بلاد غير المسلمين ممن تسمح أنظمتهم للمسلمين بإظهار شعائر الدين وأداء الواجبات الشرعية من غير مضايقة، وعلى أن يحرص عند ذهابه إليها على الإقامة بين جالية إسلامية تعينه على الطاعة وتنهاه عن المعصية، ومتى ما تحسنت الأمور في بلده أو وجد بلداً إسلامياً يسمح له بالإقامة فيه وجب عليه السفر إليه؛ لأن الإقامة في بلاد الكفر مشروطة بالحاجة ومتى زالت وجبت عليه الهجرة منها، أما إن كان المسلم لا يستطيع إظهار شعائر دينه لا في بلده، ولم يجد إلا بلداً غير مسلم لا تسمح قوانينه للمسلمين بإظهار شعائر دينهم فهنا تستوي الكفتان ويبقى الترجيح في ذلك بين ما سيترتب عليه وعلى أهله من مفاسد قد تكون في بلاد الكفر أكثر منها في بلاد المسلمين، فبقاؤه على هذه الحال في بلاد المسلمين خير له من سفره إلى بلاد غير المسلمين. المسألة الثانية: وهي غيبة الزوج عن زوجته وأولاده:

فهنا إن كانت غيبة الزوج بسبب طلبه للعلم أو بحثه عن الرزق فله ذلك، ولكن بشرط ألا تتجاوز أربعة أشهر، وهي المدة التي ذكرها الله -تعالى- في الإيلاء؛ قال تعالى: "لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [البقرة:226-227] . وذهب بعض الصحابة - رضي الله عنهم- إلى أن يمهل في الغيبة ستة أشهر، إلا بإذن الزوجة، فإن أذنت له فله أن يغيب ما شاء، أما إن لم تأذن له فليس له تجاوز تلك المدة، فإن تجاوزها وطلبت زوجته رجوعه ولم يرجع فللمرأة التقدم إلى المحكمة الشرعية للنظر في فسخ نكاحها منه إن طلبت ذلك. المسألة الثالثة: وهي تربية الأولاد: فلا شك أن تربية الأولاد مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الوالدين منذ ولادتهم، وتتفاوت الواجبات على كل واحد من الوالدين بقدر ما يحتاجه الولد من التربية، فهو يحتاج إلى أمه في فترات أكثر من حاجته لأبيه، وفي فترة أخرى يحتاج إلى والده أكثر من حاجته لأمه، والإهمال في تربية الأولاد عواقبه وخيمة وسيئة على الولد والوالدين والمجتمع، فالولد يضل وينتكس، والوالدان يجنيان ثمرة إهمالهما عقوقاً وإساءة، والمجتمع دماراً وانهياراً؛ قال عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم ... " الحديث رواه البخاري (2416) ، ومسلم (1829) ، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-، وقد كتب العلماء قديماً وحديثاً عن أهمية تربية الأولاد وبينوا الآثار السلبية الناتجة بسبب التقصير في التربية. وأخيراً أوصي - أختي السائلة- بالصبر على ما ذكرته قدر المستطاع، ولتحرص على إقناع زوجها بالتي هي أحسن بأهمية ما ذكرته وإن استدعى الأمر تدخل بعض الحكماء من الأقارب أو غيرهم، كما أوصي - السائلة - أن تقلل من الطلبات التي تطلبها كثير من النساء مما يتسبب في تعب الزوج في البحث عن زيادة في الدخل ليحقق لزوجته ما تريده. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والله -تعالى- أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

لا ينفق عليها بحجة أنها موظفة

لا ينفق عليها بحجة أنها موظفة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 06/06/1426هـ السؤال ما الحكم إذا كان الزوج لا ينفق على زوجته الموظَّفة، ويجبرها على أن تتحمَّل الديون من أجله، وإلا فإنه يهينها، ويرفض طلاقها؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيجب على الزوج أن يقوم بحق زوجته من النفقة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، وأيضاً حديث هند -رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجلٌ شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". أخرجه البخاري (5364) ، ومسلم (1714) . وحتى لو كانت المرأة غنية بعمل أو تجارة، أو ميراث، أو نحو ذلك، فإنه يجب على الزوج أن ينفق عليها من الطعام والكسوة. وأما إهانتها إذا لم تعطه مالاً، أو تتحمل الدين من أجله، فهذا محرم ولا يجوز، وهو أكل لمال الناس بالباطل، وقد قال الله - عز وجل-: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [البقرة: 188] ، والإهانة - بذاتها- محرمة، ولا تجوز. فيجب على كل من الزوجين أن يقوم بحق الآخر، وألا يكلِّفه ما لا يطيقه، وألا يعنفه أو يخطئ عليه، بل يصبر ويحتسب. والله أعلم.

هل للزوج حق في مال زوجته الموظفة؟

هل للزوج حق في مال زوجته الموظفة؟ المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 08/11/1426هـ السؤال هل للزوج حق في مال زوجته التي تعمل بإذنه؟ وهل لها التوقف عن إعطائه ما تم الاتفاق عليه نتيجة عملها خارج البيت، إذا علمت أنه تزوج ثانية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فليس للزوج حق في مال زوجته التي تعمل بإذنه، إلا أن يكون قد أذن لها بشرط أن تدفع له جزءاً من كسبها مقابل التقصير في القيام بالعشرة ولزوم البيت، وله أن يمنعها من العمل، إلا أن تكون قد اشترطت عليه ذلك، ولها أن تدع العمل وتلزم بيتها فلا يصله منها شيء. وأما زواجه بثانية فلا علاقة له بحكم المسألة؛ لأن ذلك من خالص حقه، والله أعلم.

حدود قوامة الرجل على المرأة

حدود قوامة الرجل على المرأة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 01/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال: ما هي حدود قوامة الرجل على المرأة؟ الجواب الحمد لله حده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قوامة الرجل ثابتة بنص القرآن: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ... ) الآية [النساء:34] . وأعظم واجبات القوامة النفقةُ على الزوجة بالمعروف، بحيث يكفيها التكسب ويضمن لها النفقة، فلا تحتاج لغيره، ولا إلى أن تعمل؛ لتنفق على نفسها، ومن أعظم واجبات القوامة حماية العرض والغيرة عليه، وضمان الكسوة والسكنى، وله عليها مقابل هذا أن تطيعه بالمعروف، وأن تحفظ عرضه في غيبته، وأن تقوم بشؤون البيت، كما قال صلى الله عليه وسلم: " ... والمرأةُ رَاعِيَةٌ في بيتِ زَوْجِها ومَسؤولةٌ عَن رَعِيَّتِهَا". أخرجه البخاري (893) ومسلم (1829) . وليس من القوامة أن يستبدّ برأيه ويظلمها، ويشق عليها، ويقتصد في نفتقها، ويمنعها مما أباحه الله لها، ويحرمها من طيبات ما أحل الله لها، وليس من معنى القوامة أن يضربها ضربًا مبرحًا، كما يضرب السيد عبدَه، أو يضربها من غير سبب، ولو بالضرب غير المبرح. وليس من معنى القوامة أن يصادر رأيها، ويحقرها، ويحجر على عقلها، فالإسلام بريء من كل هذا، ولا يعني منح القوامة للرجل أن يكون هو الأفضل مطلقًا عند الله، بل الأفضل والأكرم الأتقى، كما جاء في الآية المشهورة. والله أعلم.

حق الزوجة في سكن مستقل

حق الزوجة في سكن مستقل المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 12/04/1425هـ السؤال أنا فتاة متزوجة منذ عامين ونصف، وأنا أسكن مع أهل زوجي، سؤالي هو هل من حقي طلب العيش في بيت لوحدي؟ علماً أني أعيش في غرفة وصالة صغيرة داخل فيلا بجانب غرفة أخ زوجي، وأنا في ضيق بسبب هذا الأمر، وخاصة عندما تصدف الأمور بأني أقابل أخا زوجي، فنحن في بيت واحد، فبديهي أن يراني، وطلبت هذا الشيء من زوجي، وهو أولا كان يتحجج بأن ليس لديه الإمكانية المالية، لكن بعد ذلك اكتشفت أنه يستطيع أن يبني قصراً لا ملحقاً كما كنت أطلب منه، فهل لي حق في المطالبة بسكن مستقل. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أنه إذا كانت حالكِ ما ذكرتِ من حصول الضرر عليك في سكناك مع أهل زوجك، وبجانب غرفة أخيه، فلك الحق في مطالبة زوجك بمسكن خاص، لا سيما مع ما ذكرت من قدرته المالية، أو على الأقل يسكنك بجهة من بيت أهله منعزلة عن غرفة أخيه، وعن من يحصل لك منه ضرر، وعليك إن لم يوافق أيضاً أن تصطلحي معه بأي وسيلة تدفع عنك الضرر، لا سيما وأن زوجك طيب كما ذكرت، وإذا لم يوافق، وكان عليك ضرر، فلك أن ترفعي أمرك للمحاكم الشرعية لديكم للنظر في القضية، ومن ثم إزالة الضرر. نسأل الله -تعالى- أن يوفق الجميع لكل خير. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل يجب عليه توفير سكن لكل واحدة منهما؟

هل يجب عليه توفير سكن لكل واحدة منهما؟ المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 05/08/1425هـ السؤال هل يجب على الرجل المتزوج من زوجتين أن يسكن كل واحدة في بيت منفصل، وقد وافقتا في البداية على السكنى مجتمعتين؟ وهل بجزئ عن البيت جناح منفصل في نفس المنزل (أي حجرة وحمام وصالة؟) منفصلتين تماماً، وإذا أصرَّت الأولى أو الثانية على بيت منفصل تماماً ولم أستطع ذلك، هل أكون ظالماً لها؟. وهل يجوز لي طلاق من تطلب مني ذلك؛ لكوني غير مقتدر ولكونهما وافقتا على السكنى مجتمعتين في منزل واحد مشترك، فضلاً عن كون الثانية في جناح منفصل تماماً عن الأولى، ولكن مدخلها ومخرجها عن طريق صالة الزوجة الأولى، وأنا الآن معتزلهما، أرشدوني مأجورين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وبعد: أخي الكريم: إذا ثبت أن الزوجتين قد وافقتا على السكنى في بيت واحد، كل واحدة منهما في حجرة منفصلة، فليس على الزوج أن يسكنهما في بيت مستقل، وليس لهن الرجوع عن ذلك إلا إذا ثبت أن هناك ضرراً عليهما من غير الزوج، لكن الأفضل - لوجود الغيرة بينهما- أن يكون لكل واحدة منهما دار مستقلة. أما ما ذكرت من وجود جناح منفصل لكل واحدة منهما فهذا كاف، ولا يحق لهما المطالبة بأكثر من ذلك، ولا تكون ظالماً لهما بهذا المسكن - إن شاء الله تعالى-. أما الطلاق فلا تفكر فيه ما دام الحل موجوداً، والأمر سهل، وعليك أن تكون حكيماً في الكلام معهما، فقد تسمع المرأة من غيرها ما يثيرها، ولكن كلمة ود منك تبدِّد ما تسمعه، فعليك أن تكلم كلاً منهما على حدة بكلام لطيف رقيق، ولا تعتزلهما في المجلس؛ بل عليك أن تكون معهما في سرائهما وضرائهما، المهم ألا يستولي عليك الغضب، والنبي - صلى الله عليه وسلم- عاش مع تسع نساء باللطف والحنو. والله أعلم.

حقوق الزوجة على الزوج

حقوق الزوجة على الزوج المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها التاريخ 26/10/1426هـ السؤال ما حقوق الزوجة على الزوج؟ وهل يجب عليّ توفير خادمة لزوجتي؟ وأحياناً تطلب مني أن أشتري لها بعض الأغراض وأرفض لغلائها، فما حكم ذلك؟ أرشدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فمن حق الزوجة على زوجها: أن ينفق عليها بالمعروف، فيوفر لها المسكن الصالح، الذي تصان فيه حرمة المرأة وكرامتها، واللباس الصالح الذي يصونها من الابتذال وأذى الحر والبرد، وتعتاده مثيلاتها من قريباتها، والطعام الصالح بالمعروف الذي يأكله الناس عادة من غير سرف ولا تقتير، وذلك في حدود قدرته المالية، قال الله تعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة:286] ، وقال سبحانه: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة:233] . كما أن من الواجبات المنوطة بالزوج: أن يعلِّم زوجه واجباتها الدينية، ويرشدها إلى ما تحتاج إلى معرفته من دين أو خلق كريم.. فقد جعل الله وقاية الزوجة من النار أمانة في عنق الزوج، فقال سبحانه وتعالى: "يأيها الذين آمنو قوا أنفسكم وأهليكم نارًا" [التحريم:6] . كما أن عليه أن يحافظ على عرض زوجه، فلا يعرضها للشبهة، ولا يتساهل معها في ذلك، لئلا يعرض سكن أسرته لألسنة السوء وطمع من في قلبه مرض، فإن التساهل في هذا قبيح، ولا يعد من مكارم الأخلاق، ولا من إكرام المرأة أو احترامها؛ لما يجره من شقاءٍ لها ولزوجها وأولادها، قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني". رواه البخاري (6846) ، ومسلم (1499) . وعلى الزوج الصالح أن يحسن خلقه مع زوجه فيكلمها برفق، ويتجاوز عن بعض ما يصدر منها من هفوات وتقصير، ويقدم لها النصح بلين تبدو فيه المودة والرحمة والشفقة والحرص على سلامة عش الزوجية، لا بتسلط ونفور، فإن الله تعالى قال لنبيه، وهو النبي المرسل الواجب الاتباع: "بما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم" [آل عمران:159] ، وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن خياركم أحاسنكم أخلاقاً". أخرجه البخاري (6035) ، ومسلم (2321) . وقال صلى الله عليه وسلم: "إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً". رواه الترمذي (2018) . وفي رواية أخرى: "إن أحبكم إليّ أحاسنكم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون" رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وانظر صحيح الترغيب والترهيب (2658) .

فإذا كان حسن الخلق مع الناس كلهم أمراً مطلوباً من قبل الشرع، وهو دليل القرب من الله تعالى، فكيف بحسن الخلق مع الزوجة، وهي ألصق الناس بزوجها، وأشدهم حاجة إلى مودته وحسن معاملته، فلا مانع من أن ينبسط الزوج مع زوجه في البيت، ويستمتع بحديثها، ويمازحها ويداعبها تطييباً لقلبها، وإيناساً لها في وحدتها، وإشعاراً لها بمكانتها من قلبه، فقد قال نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وآله وسلم "إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله". وفق الله السائل لما يحبه ويرضاه، وأصلح له زوجه وولده، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تعدد الزوجات

العدل بين الزوجات في السفر المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 20/11/1424هـ السؤال أنا لدي زوجتان، وبالنسبة للعدل بينهما من ناحية السفر - حيث إن الأولى لها أولاد ووظيفة، والثانية ليس لها شيء من ذلك - فهل هما في السفر سواء؟ هل أعدل في السفر إذا كان يوماً وليلة فقط؟ وما هي أفضل الكتب في العدل بين النساء في المسائل المعاصرة؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الله -سبحانه وتعالى- أمر بالعدل في الأمور كلها، قال تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" [النحل:90] ، وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- بأن الله حرَّم الظلم على نفسه وجعله على عباده محرماً، انظر ما رواه مسلم (2577) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-، ولذلك فإن الواجب على الإنسان أن يتحرى العدل في كل شؤونه، مع نفسه وولده وزوجه وخادمه، وغيرهم. ومما يجب توخي العدل فيه ما يتعلق بالزواج والتعامل مع الزوجات، فإذا كان الإنسان لديه زوجتان فإنه يجب عليه أن يكون عادلاً بينهما في القسم والمبيت والنفقة والسفر وما إلى ذلك من الأمور الظاهرة، ولا يجوز له أن يفضل إحدى زوجاته على غيرها بشيء ما إلا برضا الزوجات الأخر، فإذا تنازلت إحدى الزوجات عن شيء من حقوقها فإنه يجوز لها ذلك، ويشهد لهذا ما فعلته سودة - رضي الله عنها- زوج النبي - صلى الله عليه وسلم- فإنها تنازلت عن حقها في المبيت لعائشة - رضي الله عنها-، وقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا التنازل، انظر ما رواه البخاري (5212) ومسلم (2445) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، مما يدل على جوازه ومشروعيته، وإذا أراد الزوج أن يسافر ويصطحب معه إحدى نسائه فإنه يقرع بينهن أولاً، فمن جاءت القرعة لها يسافر بها أولاً، ثم يسافر بالأخرى في السفرة الثانية، وهكذا، إلا أن تسمح إحداهن للأخرى فيجوز كما سبق ذكره، وإذا كان الأمر كما تذكر من أن إحدى زوجتيك موظفة ولديها أولاد والأخرى ليست كذلك، فإنه يمكن أن تحقق العدل بينهما، حيث تجعل السفر بالزوجة الموظفة وأولادها في أوقات الإجازة، وذلك من أجل المحافظة على وظيفة الزوجة ودراسة الأولاد.

على أني أنبه إلى أن الزوجة الموظفة إذا امتنعت من السفر لأجل وظيفتها الخاصة بها فإنه يجوز للزوج السفر مع الزوجة الأخرى؛ لأن الزوجة الموظفة هي التي تنازلت عن حقها في السفر فسقط عنها، أما إذا امتنعت عن السفر من أجل دراسة الأولاد فإن امتناعها له سبب معتبر، ولذلك يحسن بك أن تعوضهم بالسفر في أوقات الإجازة، وكما يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته في عدد مرات السفر، فإنه يجب عليه أن يكون عادلاً بينهم في مدة السفر ونوعه، فلا يجوز له أن يخص إحدى زوجاته بالسفر الطويل والأخرى بالسفر القصير، أو يخص إحدى زوجاته بالسفر المريح والأخرى بالسفر الشاق ونحو ذلك، إلا إن حصل هذا الأمر من غير قصد، ومما يحسن التنبيه إليه أن الزوج إذا كان يحسن التعامل مع زوجاته، ولا يظلم واحدة منهن فإنه يستطيع تدبير أموره وتسييرها بالرضا والتفاهم بين جميع الأطراف، ومن نقص شيئاً من حقوقها فإنه يجتهد في تعويضه في جوانب أخرى، أما ما يتعلق بالكتب التي تتحدث عن العدل بين الزوجات، فإن أنفع شيء في هذا المجال ما ورد في كتب السنة من تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته، مع الاطلاع على ما كتبه أهل العلم شرحاً وتعليقاً على هذه الأحاديث، إضافة إلى فتاوى أهل العلم المعاصرين خصوصاً في المسائل المعاصرة، وكيف يحقق الزوج العدل فيها. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

العدل بين الزوجات في تبعات الزفاف؟

العدل بين الزوجات في تبعات الزفاف؟ المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 19/11/1424هـ السؤال أنا متزوج من ثلاث، وزوجتي الثالثة من عائلة لهم عادات بعد الزواج وهي الكسوة، علما بأني لما دفعت المهر اتفقت مع أبيها بأن يجعل المهر مع الكسوة، وقد أعطيته 60ألف ريال كما طلب، ولكن الزوجة تطلب مني أن أكسو أهلها بعشرة آلاف ريال، السؤال: هل يلزمني إذا أعطيتها المبلغ أن أعطي كل زوجاتي عشرة آلاف ريال؟ وهل الهدية التي تعطى للزوجة يشترط فيها العدل بين الزوجات؟ الجواب جاء في حديث عمرو بن عوف المزني - رضي الله عنه - مرفوعاً: "والمسلمون على شروطهم" رواه الترمذي (1352) ، وابن ماجة (2353) ويقول - عليه السلام -: "إن أحق الشروط أن يوفي به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري (2721) ، ومسلم (1418) من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -، وقال الخليفة عمر - رضي الله عنه -: "مقاطع الحقوق عند الشروط" رواه البخاري تعليقاً كتاب: الشروط. باب: الشروط في المهر عند عقدة النكاح، ومن القواعد الشرعية: الشرط العرفي كالشرط اللفظي، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وعلى الرجل أن يفي بما جرت عليه أعراف القبيلة ما دام أنه لا يحل حراماً، ولا يحرم حلالاً، ولا يسقط واجباً، ولا يوجب ساقطاً. غير أن الاتفاق مع أبيها بدخول الكسوة ضمن المهر لا يبقي لهم حقاً في المطالبة بما زاد على الاتفاق، إن كان هذا الاتفاق مكتوباً أو اعترف به أبوها. والمهر حق للزوجة هو وما يتبعه، ولا يلزم الزوج أن يدفع لزوجاته السابقات نظير هذا المهر أو نظير ما جرى به العرف، وإذا أهدى لزوجته بمناسبة خروجها من النفاس أو إنجازها عملاً تفردت به مما يعود عليه وعليها بالخير فلا يلزمه أن يساوي بينها وبين زوجاته الأخر، والعلم عند الله.

طلب الطلاق إذا تزوج الزوج

طلب الطلاق إذا تزوج الزوج المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 25/3/1424هـ السؤال هل الزواج بالمرأة الثانية يبيح للأولى طلب الطلاق أو الفسخ؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد.. يجوز أن يتزوج الرجل زوجة ثانية، وثالثة، ورابعة، وجواز التعدد مشروط بالقدرة على العدل بين الزوجات، قال الله تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" [النساء: 3] ، لذا ذهب بعض العلماء إلى أن الأصل التعدد، وليس زواج الزوج بزوجة ثانية مما يبيح للزوجة الأولى أن تطلب الطلاق، إلا إذا لم يعدل زوجها بينهما، وقد جاء الوعيد للزوج الظالم، حيث قال - صلى الله عليه وسلم- "من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل" رواه النسائي (3942) والبيهقي في الشعب (8713) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، هذا إذا كانت المرأة لم تشترط عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإن كانت قد اشترطت عليه ألا يتزوج عليها فتزوج فلها الفسخ في أصح قولي العلماء؛ لحديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"، رواه البخاري (2572) ومسلم (1418) والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.

حق النفساء في المبيت

حق النفساء في المبيت المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 6/4/1423 السؤال إذا كان للرجل زوجتان، وولدت إحداهما، فهل يلزم الزوج العدل في المبيت أم يسقط حق من ولدت في المبيت؟ الجواب المراد من المبيت عند الزوجة الأنس والسكن في الدرجة الأولى، وليس المراد منه الاتصال الجنسي لا غير، وإن كان هذا الأمر مقصداً من مقاصد النكاح، قال الله -تعالى-:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] . وقد أجمع أهل العلم على عدم وجوب الجماع على الزوج في ليلة المرأة المقسوم لها مع إجماعهم على وجوب المبيت عليه، والقسم لها من النفقة والسكنى والكسوة، وعليه يجب على الزوج المبيت عند الزوجة النفساء إلا أن تتنازل عن حقها في المبيت أو يكون العرف جارياً بينهما على عدم المبيت في حال النفاس، ويكون هذا الأمر معلوماً عند الزوجين أو الزوجات؛ لأن المقصود العدل والنفاس جارٍ على كل واحدة على حد سواء.

أردت الزواج من ثانية فغضبت زوجتي!

أردت الزواج من ثانية فغضبت زوجتي! المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 7/9/1424هـ السؤال أنا رجل لا تكفيني زوجة واحدة وقد تهيأ لي الزواج بأخرى، وقد صارحت زوجتي بنيتي في الزواج فقالت لي: طلقني. فقلت لها: اذهبي إلى أهلك أسبوعاً أو أسبوعين، وفكِّري جيداً في الموضوع، واعلمي أني سأقدم على الزواج مهما كلَّف الثمن. فهل يلحقني إثم بسبب أطفالي إذا طلقتها؟ أم أنها هي الآثمة وليس علي إثم إن شاء الله؟. الجواب أولاً: أحب أن تعلم أيها الأخ الكريم أن غضب زوجتك دليل على حبها لك، وغيرتها عليك، وهذا ما يجب أن يرفع رصيدها عندك. ثانياً: المرأة التي لا تغار على زوجها ولا تشح به لا خير فيها له، فبادل امرأتك حبا بحب. ثالثاً: لم يعجبني تصرفك مع زوجتك وقولك لها إني سأقدم على الزواج مهما كلَّف الثمن، فهذا إظهار لعدم أهميتها لك، وكنت تستطيع أن تفهمها موقفك بطريقة أكثر لطفاً ولباقة. رابعا: أرى أن تشرح لها ظروفك بلطف وتفهُّم، وأن تخبرها أن خيارك هو فيما أحل الله لك، وأن لك سبباً مقنعاً وهو عدم حصول العفاف بزوجة واحدة، وأن زواجك بثانية هو بقصد إحصان نفسك وغض بصرك، وليس زهداً فيها، ولا بسبب تقصير منها، وأنك ستكون وفياً لها ما بقيت، مجتهداً في إسعادها ما حييت، وأن تذكر لها سابقتها معك، وتضحيتها من أجلك بعين التقدير. وأنا متأكد أن امرأتك مسلمة صالحة، لن تحول بينك وبين ما أحل الله لك، ولن تدفعك بسلوكها إلى الحرام، ولن تكون عوناً للشيطان عليك. ولكن أحسن التعامل وبالغ في البر ولا تنسوا الفضل بينكم.

تعدد الزوجات

تعدد الزوجات المجيب عبد الله بن عبد الوهاب بن سردار خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 1/6/1423 السؤال ما حكم تعدد الزوجات بالتفصيل؟ الجواب تعدد الزوجات عمل مستحب؛ لقول الله -تعالى-:"وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" [النساء:3] . فاختار الله -عز وجل- التزوج بأكثر من واحدة، فإن خاف عدم العدل تزوج بواحدة فقط، ثم إن التعدد هو السنة وعمل نبينا -صلى الله عليه وسلم- والله -عز وجل- يقول:" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" [الأحزاب:21] وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-:"إن خير هذه الأمة أكثرها نساءً" رواه البخاري (5069) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم. وينبغي على العبد الذي يريد تطبيق هذه السنة أن يطبقها مع الالتزام بالضابط الشرعي حتى يكون التعدد رحمة ونعمة كما أراده الشرع، أما إذا تخلى عن الضوابط الشرعية وترك تقوى الله -عز وجل- في شأن التعدد فإنه يقع في المحاذير الشرعية والمشكلات الاجتماعية. وأهم ضابط شرعي هو أن يعرف من نفسه أنه يعدل بين الزوجات، كما ينبغي أن يراعي أن يكون قادراً القدرة المالية على الإنفاق على زوجتين أو أكثر، ويكون قادراً القدرة البدنية على إعفاف الزوجات، ويكون قادراً القدرة الإدارية الاجتماعية بحيث يحسن عشرة الزوجات ويربي الأبناء والبنات، والله أعلم.

كيف أقسم بين زوجتي

كيف أقسم بين زوجتي المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 5/11/1423هـ السؤال أنا رجل متزوج من اثنتين والحمد الله وقد رزقني الله من واحدة ذرية ومن الأخرى لم يرزقني فهي لا تُنجب والحمد لله على نعمته وهو مقسم الأرزاق وبفضل الله أحاول بقدر استطاعتي أن أعدل بينهما وأسأل الله لي التوفيق والثبات. ولكن الآن أولادي كبروا شيئاً ما فأنا أجلس في بيتهم أكثر مما أجلس في بيت الزوجة التي لا تُنجب ولكني أبيت في بيت كل زوجة ليلة وأعدل بينهما في ذلك والحمد لله ولكني الآن أفكر أن أعطي زوجتي التي لا تنجب يوماً أبيت فيها عندها وعند بيتي الآخر يومين. ووالله لا أفعل ذلك إلا من أجل الأولاد فقط وأنا متزوج منذ حوالي تسع سنوات وأعدل بينهما في كل شيء والحمد لله حسب ما أستطيع ولكن الآن والأولاد يحتاجونني أكثر من ذي قبل وأنا أعمل طيلة اليوم وأذهب في المساء إليهم، لذلك فكرت أن أبيت في بيت أولادي يومين وفي البيت الآخر يوماً واحدا، فما حكم هذا العمل بارك الله فيك. الجواب الحمد لله وبعد فإن العدل بين الزوجات في المبيت واجب باتفاق أهل العلم ولا يسقط إلا بإسقاط الزوجة برضاها عن طيب نفس أو بنشوزها وهو عصيانها لزوجها وخروجها عن طاعته. وإذا علم هذا فإن ما ذكر في السؤال ليس مبرراً لترك العدل، فلكل امرأة ليلة سواء كان لديها أولاد أم لا؟ . وأما حاجة الأولاد إليك فيمكن تداركها بالمرور عليهم في النهار والنظر فيما يحتاجون، وأما المبيت والمستقر فيكون في بيت من لها القسم تلك الليلة، والله أعلم.

طلب الطلاق من الزوج عند التعدد

طلب الطلاق من الزوج عند التعدد المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 29/11/1423هـ السؤال السلام عليكم. أنا امرأة ملتزمة ومنتقبة ومتزوجة منذ سبع سنين ولي طفلان من زوجي وأعيش حياة سعيدة جداً مع زوجي، ومنذ أسابيع قليلة فاجئني زوجي بأنه يريد أن يتزوج امرأة أخرى وطلبت الطلاق فأخبرني أن هذا لا يجوز لي لأنه لم يفعل إلا السنة كما أنه لم يقبل ذلك؛ لأنه لا يريد لأولاده أن يتربوا بعيداً عن أبويهم. والسؤال: هل يحق لي أن أطلب الطلاق منه؟ وهل يعد ذلك طلباً للطلاق بغير بأس؟ وإذا دعوت الله ألا يرزقه مالاً حتى لا يتزوج هل أكون آثمة؟ وما نصيحتكم لي ولزوجي؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فقد أكرم الله تعالى الأخت السائلة بأمور منها الحجاب والالتزام والزواج والأطفال والسعادة الزوجية فهذه نعم عظيمة حُرمها كثير من النساء؛ لذا يجب على الأخت السائلة أن تحمد الله تعالى وتشكره على تلك النعم وتسأله الثبات ولا بد أن تعلم الأخت السائلة أنه يجوز لزوجها وغيره أن يتزوج زوجة ثانية إذا لم تكن المرأة قد اشترطت عليه قبل العقد ألا يتزوج عليها، وجواز التعدد مشروط بالقدرة على العدل بين الزوجات قال الله تعالى:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" [النساء:3] لذا ذهب جملة من العلماء إلى أن الأصل التعدد، وليس زواج الزوج بزوجة ثانية مما يبيح للزوجة الأولى أن تطلب الطلاق إلا إذا لم يعدل زوجها بينهما وقد جاء الوعيد للزوج الظالم حيث قال -صلى الله عليه وسلم-:"من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل" رواه النسائي (3942) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. أما الدعاء فإن الله تعالى يستجيب دعاء عبده ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم كما في صحيح مسلم (2735) لذا فإن كانت الأخت السائلة داعية فلتسأل الله تعالى أن يقنع زوجها بها ويكفيه بها ونحو ذلك، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

كتمان الرجل زواجه الثاني عن زوجته الأولى

كتمان الرجل زواجه الثاني عن زوجته الأولى المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 2/5/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، هل يحلّ شرعاً للرجل أن يبقي أمر زواجه الثاني سراً عن زوجته الأولى التي تشك في هذا الأمر وتطلب معرفة الحقيقة؟ وما هو الدليل الشرعي؟ جزاكم الله عني كل خير. الجواب يجوز للرجل أن يبقي زواجه الثاني سراً من زوجته الأولى التي تشك في هذا الأمر، ولو طالبت بمعرفة الحقيقة لعدم وجود الدليل المانع من ذلك، والأصل أن معاملات الناس مبنية على الإباحة إلا ما حرمه الشارع، ولا أعلم دليلاً يوجب على الزوج أن يخبر زوجته الأولى بزواجه من الثانية. وإذا طالبت الأولى بمعرفة حقيقة الأمر ولم يشأ الزوج أن يخبرها لاعتقاده أن المصلحة في عدم إخبارها فله ذلك، وقد رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكذب للإصلاح وفي أحاديث الزوجين مع بعضهما فيما من شأنه أن يعين على استمرار الحياة الزوجية على أحسن حال. انظر ما رواه الترمذي (1939) من حديث أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها-.

هل الأصل في الزواج التعدد؟

هل الأصل في الزواج التعدد؟ المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 10/8/1424هـ السؤال هل الأصل في الزواج التعدد؟ وهل الزواج بأخرى ينبغي أن يكون بعذر. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن الأصل في الزواج التعدد؛ لقوله تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا" [النساء:3] ، فدلت الآية على أن الأصل هو التعدد، وهذه القضية ثابتة شرعاً وعقلاً، فإن عدد النساء أكثر من عدد الرجال، سيما إذا حدثت حروب وغيرها، وليس شرطاً أنه لا يعدد إلا من كان له عذر في ذلك؛ لأن التعدد أبيح بدون شروط إلا شرط العدل، والعدل المقصود في الآية هو في الأمور الظاهرة المقدور عليها كالقسم في المبيت، والعدل في النفقة والتعامل، وأما الميل القلبي فلا يشترط فيه ذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك". رواه أبو داود (2134) ، والترمذي (1140) ، والنسائي (3943) ، وابن ماجة (1971) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. أما إذا كان الإنسان متيقناً أنه سيظلم إحدى زوجاته ويضر بها ولا يعطيها حقوقها؛ فإن التعدد يكون في حقه حراماً؛ لقوله تعالى: " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" [النساء: 3] . وأما إذا كان الإنسان يخشى على نفسه الوقوع في الفاحشة لمرض زوجته الأولى، أو عدم قيامها بحقه، أو كبرها أو غير ذلك؛ فإن التعدد يكون في حقه فرضاً واجباً والله أعلم.

التعدد في بلد لا يجيزه

التعدد في بلد لا يجيزه المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 10/9/1424هـ السؤال أنا أعيش في إحدى الدول الغربية وأريد أن أتزوج زوجة ثانية، لكن المرأة الثانية تخشى أن يكون زواجنا فيه مخالفة شرعية؛ لأنه مخالف لأنظمة الدولة التي تحظر تعدد الزوجات، وتقول إن الأئمة الأربعة أشاروا إلى وجوب اتباع أنظمة مكان إقامة الشخص. فما الحكم الشرعي الصحيح في هذه الحالة؟ وهل يجوز أن نتزوج؟ مع العلم أن هناك كثيرين معددين هنا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: نعم! المسلم المقيم في بلاد الكفار مأمور ألا يخالف أنظمتها، إلا إذا أمرتْ بمعصية، أو نهتْ عن طاعة واجبة، فحينئذ لا نقول: تجوز مخالفته فحسب، بل تجب مخالفته ولا يجوز اتباعه إلا في حال الاضطرار والإكراه، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأما ما لا يمنع من واجب، ولا يأمر بمعصية، ولكنه يحرم الإنسان من رخصة شرعية - كالتعدد مثلاً- فيجوز له مخالفة نظامهم والتحايل عليه، بشرط أن تكون المصلحة فيه راجحة، ولا يترتب عليه إضرار بالآخرين، ولا تعريض للنفس إلى المخاطرة والعقوبة التي قد لا يحتملها الإنسان. فزواج المسلم بزوجة ثانية في ذلك البلد الكافر الذي يعج بمظاهر الفتنة والفواحش فيه مصلحة راجحة ولا شك، وهي تحصين فرجه وإعفاف نفسه عن الحرام، وليس في تحقيق هذه المصلحة الراجحة مفسدةٌ ولا مضرةٌ على الآخرين. وما كان من قبيل هذه الصورة - أعني ما فيه مصلحة دينية راجحة لا يترتب على تحقيقها أي مفسدة أو مضرة للآخرين- فلا يلزم المسلم التزام النظام الذي يمنعه ما دام أن الشرع قد رخَّص فيه. بيد أنى أنصح الأخ أن يتأمل الأمر جيداً ويقدِّر العواقب، فلا يقبل عليه إلا إقبال المتأمل المتبصِّر، لا المتعجل غير المبالي، فمسألة نسبة أولاده إليه من الثانية في السجل المدني في ذلك البلد كيف ستكون؟! وهل تحايله على النظام بنسبتهم إليه من زوجته الأولى لا تترتب عليه إشكالات في مستقبل أولاده أولئك؟! الأمر يحتاج إلى تأني وتأمل، اللهم إلا إذا كانت زوجته الثانية عاقراً لا تلد، فالأمر عندئذٍ أهون. وفقك الله لكل خير، وأعانك على إعفاف نفسك وتحصين فرجك. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل يلزم العدل بين الزوجات في نفقات السفر وتوابعه؟

هل يلزم العدل بين الزوجات في نفقات السفر وتوابعه؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 04/04/1425هـ السؤال رجل متزوج من امرأتين، لأولى من بلده والأخرى من بلد آخر، وبطبيعة الحال يضطر الزوج أن يسافر برفقة زوجته الأخرى لزيارة أهلها، وكما هو معروف يتبع هذه الزيارة شراء هدايا ومصاريف أخرى للزوجة والرحلة، هل يحق للزوجة الأولى المطالبة بمثل تلك النفقات؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: العدل يكون بين الزوجات في أمور: الأول: في النفقة، وهذا يكون بحسب الحاجة، فهذه قد تكون زوجة لها أولاد فتحتاج إلى نفقة أكثر، وهذه قد لا يكون لها أحد فلا تحتاج إلى نفقة أكثر، أو هذه قد تلف ثوبها وتحتاج إلى ثوب، والأخرى لم يتلف ... إلخ.. المهم أن ضابط العدل في النفقة يكون على حسب الحاجة. الثاني: العدل في القسم، وذلك بأن يكون لكل واحدة ليلة، أو بحسب ما يتراضى الزوجان، أو الأزواج عليه، فإذا تراضوا على ليلتين وأكثر فإن هذا جائز، والسنة أن يكون كهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-. الثالث: العدل في الهبة، والعدل في الهبة هل هو واجب أو ليس بواجب، هذا موضع خلاف بين أهل العلم، والصواب ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- وأنه يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته، في الهبة، فإذا أعطى كل واحدة ما تحتاجه من الهبة، فإنه ليس له أن يزيد على ذلك هبة إلا أن يسوي بين الزوجات. ومثل ما يتعلق بحوائج السفر ... إلخ، داخل في القسم الأول، فمن كانت محتاجة إلى سفر وتحتاج إلى نفقة فيه، فإنه يعطيها بقدر حاجتها. القسم الرابع: العدل في المحبة، وميل القلب، وما يتبع ذلك من جماع واستمتاع، ونحو ذلك، فهذا لا يجب العدل فيه؛ لأن هذا أمر قلبي، ولا يتمكن منه الإنسان، والله - عز وجل- قال: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" [النساء: 129] ، وأيضاً النبي - عليه الصلاة والسلام- سُئل: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة" رواه البخاري (3662) ، ومسلم (2384) من حديث عمرو بن العاص- رضي الله عنه-، وعائشة -رضي الله عنها- ذكرت أنها كانت أحظى زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- عنده؛ كما جاء ذلك في صحيح مسلم (1423) .

هل يجب إخبار الزوجة الأولى بالزواج الثاني؟

هل يجب إخبار الزوجة الأولى بالزواج الثاني؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 9/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاه مخطوبة، ولكن يوجد ما يقلقني من الزواج، وهو خوفي من أن يتزوج عليَّ بأخرى، ماذا لو كانت الزوجة تعمل كل ما يرضي الزوج, هل أكون آثمة لو منعته من ذلك؟. وهل لو عاهدته على ذلك قبل الزواج يكون واجباً عليه أن يفي بوعده؟ وهل صحيح أن الرجل لا يجب أن يتزوج إلا بعد إبلاغ زوجته الأولى. وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن تعدد الزوجات من الأمور المباحة التي أجازها الشارع، قال الله -تعالى-: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ... " [النساء: 3] ، وقد عدد صلى الله عليه وسلم وعدد أصحابه- رضي الله عنهم- بين يديه، ولا أعلم أحداً من أهل العلم قال بعدم جواز التعدد لا قديماً ولا حديثاً، وأشد ما قيل في ذلك أن التعدد تعتريه الأحكام الخمسة، كما قيل في أصل الزواج. وقد اختلف العلماء في الأصل هل هو التعدد أو الزواج بواحدة؛ لاختلافهم في المفهوم من قول الله -تعالى-: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم" [النساء: 3] . فمن رأى أن التعدد هو الأصل قال هو الأفضل إلا لمن خشي الحيف، ومن رأى أن الزواج بواحدة هو الأصل قال هو لأفضل إلا لمن خشي العنت أو أمن الحيف. ومسألة الخوف من أن يقوم الزوج بنكاح امرأة ثانية مسألة ظن وتخمين، لا تعطل مقاصد الشرع بسببها، فلا يجوز للمرأة أن تحبس نفسها عن الزواج لأجل هذا السبب الذي قد يتحقق وقد لا يتحقق، وعلى المرأة بعد الزواج أن تبذل في التحبب إليه، وإشباع رغبته، وتحقيق احتياجاته؛ فإن هذا هو ما يقنع الرجل بزوجته ويصرفه عن التفكير في الزواج بأخرى. ولا يجب على الزوج إذا رغب في نكاح ثانية أن يخبر زوجته الأولى، ولكن ذلك من حسن العشرة بينهما، ولو شرطت عليه ذلك قبل النكاح لكان عليه أن يفي بالشرط، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم" رواه الترمذي (1352) ، وغيره من حديث عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه-، ولو خالف لكان لها أن ترفع للقاضي لينظر في ذلك. والله أعلم.

أمور في العدل بين الزوجات

أمور في العدل بين الزوجات المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 17/4/1425هـ السؤال أنا رجل متزوج بزوجتين، وأخاف من عدم العدل بينهما، وهناك أمور أفعلها، ولا أدري هل هي من الجور أم لا؟ وهي: (1) إحدى زوجتيَّ أحياناً عند دخولي البيت أجدها ذات وجه عابس، وعند قدوم أحد من أقاربي أو بقاء والديّ عندها مدة طويلة أو عند حضور ضيوف في بيتها يحدث منها هذا التكشير والعبوس، مما يضطرني إلى الذهاب إلى المنزل الآخر؛ حتى أجد الراحة لي ولأقاربي وضيوفي، بل أصبح أقاربي يذهبون إلى البيت الثاني مباشرة ثم ينادونني. (2) أيضاً لي أبنائي في المدرسة يحتاجون إلى المذاكرة والتدريس، وعند حضورهم لا تريدهم زوجتي يبقون عندها مما يضطرني إلى الذهاب إليهم وتدريسهم. (3) أمي وأبى قد يكونان في أحد المنزلين إما الأول وإما الثاني، ولا بد من المرور عليهم والسلام عليهم، والحديث معهم، حتى ولو كان يومي في البيت الآخر، وقد يكون جلوسهم في أحد البيوت أكثر من البيت الآخر. (4) قد يحضر أقارب إحدى الزوجتين في بيتها ويومي في البيت الآخر فيضطرني للذهاب إليهم والجلوس معهم، وأضيفهم حتى ينصرفوا. (5) بعض البيوت استهلاكه في بعض الأشياء أكثر من البيت الآخر إما لكثرة الزوار فيه من الأقارب، أو لكثرة الأولاد فيه، وأنا أقوم بالتوفير حسب الحاجة بحيث يكون المطلوب متوفراً في كل بيت دون تبذير. (6) في المعاشرة أجد رغبة ونشاط عند إحداهما دون الأخرى، أرجو إرشادي إلى الصواب. وهل علي إثم فيما سبق؟. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فقد نص العلماء على أنه يحرم على الزوج أن يدخل على الزوجة في غير ليلتها، إلا لضرورة، وفي نهارها إلا لحاجة، فإن لبث أو جامع لزمه القضاء، انظر: الروض المربع

(550) ، فإن كان ذهابك لبيت الزوجة الثانية بسبب وجود ضيوف، والأمر يستدعي حضورك فلا بأس، كما يجوز لك زيارة والديك والجلوس معهما إن كانا في أحد البيتين، وهذا من البر بهما والإحسان إليهما، ويجوز لك تدريس أولادك في بيت الثانية إن كانت الزوجة الأخرى لا ترغب أن تدرسهم في بيتها، ولم يكف يوم والدتهم في تدريسهم، وهذا يعتبر موافقة منها على ذلك، وهذا كله جائز إن كنت تفعل ذلك من غير قصد للتهرب من الزوجة الأخرى، فبعض الأزواج - هداهم الله - يختلقون الأعذار للتهرب من إحدى الزوجات إلى الأخرى، والأمور بمقاصدها، فمن فعل ذلك تهرباً أثم وعليه القضاء، ويشترط أن ترجع إلى الأخرى في تلك الليلة، أما إن انقضت الليلة قبل رجوعك لزمك القضاء؛ لأن حقها فات بغيبتك عنها، انظر: الكافي (3/131) ، وأنصحك ببيان ذلك لزوجتك العابسة، وأن خروجك من البيت بسبب ذلك؛ لعلها تصلح حالها، والنفقة تكون بالمعروف، فتنفق على كل بيت بقدر حاجته، قال عليه - الصلاة والسلام-: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف"، رواه مسلم (1218) من حديث جابر - رضي الله عنه-، أما ما يتعلق بالجماع فلا يجب التسوية فيه بين الزوجات، بل ذلك سنة حكاه في المبدع إجماعاً (7/205) ، قال تعالى: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" [النساء: 129] قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: "في الحب والجماع" منار السبيل (2/201) ، مجموع الفتاوى (32/269) ، وأنصح الأخ السائل أن يستسمح من زوجته؛ تطييباً لخاطرها وإبراءً لذمته. والله - تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل للفقير أن يعدد؟

هل للفقير أن يعدد؟ المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 29/2/1425هـ السؤال أنا شاب أريد التزوج بثانية لحاجتي لذلك ... قال الله -تعالى-: "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله"، وقد أورد الإمام البخاري حديثاً تحت باب (جواز تزويج الفقير) فهل إقدامي على الزواج وأنا فقير مبتغيا الرزق من الله ينافي التوكل؟ وهل فعل ذلك مع عدم رغبة الوالدين واسترضائهما فيما بعد يوقعني في الإثم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده: أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. معنى الآية لا تمتنعوا عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [النور:32] وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله واعتصاماً من معاصيه، قاله القرطبي قال ابن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح وتلا هذه الآية، وقال عمر رضي الله عنه: عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح، قال القرطبي 12/160 المراد غنى النفس، وقيل المعنى: يغنيهم الله من فضله إن شاء، وقيل المعنى: إن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله بالحلال ليتعففوا عن الزنا، والأخبار في أن النكاح سبب الغنى كثيرة قال في روح المعاني: ولغنى الفقير إذا تزوج سبب عادي وهو مزيد اهتمامه في الكسب، والجد التام في السعي، حيث ابتلي بمن تلزمه نفقتها شرعا وعرفا وينضم إلى ذلك مساعدة المرأة له وإعانتها إياه على أمر دنياه..... وعلى أي حال نأمل أن تكون زوجتك التي تزوجت هي سبب غناك. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وهبت ليلتها لضرتها

وهبت ليلتها لضرتها المجيب عبد الله بن سليمان المخلف القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 23/12/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: إذا تزوج زوج على زوجته، فطلبت الزوجة الأولى منه إعطاء ليلتها إلى الزوجة الثانية مع بقاء زوجها مع أبنائه في النهار، وهى صغيرة في السن، وفعلت ما فعلت بدافع الغيرة الشديدة جداً، وهي تعلم جيداً أنها لو بقيت مع زوجها فستكون حياتهما جحيماً، أو أنها طلبت الطلاق، فأي الحلين أفضل؟ وما شرعيتهما في الإسلام؟ أفيدوني أفادكم الله، وفتح عليكم أبواب رحمته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. للمرأة أن تتبرع بليلتها لجارتها إذا رأت أنه لا قدرة لها على المعاشرة بالمعروف، وخشيت من الوقوع بالإثم، ولكني أنصحها بأن تلح على الله بالدعاء أن يخفف غيرتها، وأن ترضى بقضاء الله وقدره، لتسعد في دينها ودنياها، وحتى لا يغويها الشيطان في الوقوع بالمحرم، وربما إذا صبرت وأحسنت إلى زوجها كسبته ونالت رضاه، وهو من أبواب الجنة لها حيث قال - صلى الله عليه وسلم-:" فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك" رواه أحمد (19003) من حديث الحصين بن محصن -رضي الله عنه- وقال - صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد (1661) من حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- فاتقي الله، وجاهدي نفسك على طاعة الله، وتعاوني مع زوجك على تربية الأبناء على منهج النبوة واقرئي سير نساء الصحابة وأمهات المؤمنين - رضي الله عنهن-، ومن بعدهم لتكون لك قدوة وأسوة بالخير. والله أعلم.

تزوج الثانية رغم معارضة والديه

تزوج الثانية رغم معارضة والديه المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 07/09/1425هـ السؤال هل إذا تزوج الرجل امرأة ثانية رغم معارضة والديه يعتبر عاقًّا لهما؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يباح للرجل أن يتزوج إلى أربع نساء إذا كان يقدر على ذلك ويستطيع أن يقوم بالعدل الذي أوجبه الله تعالى، قال الله تعالى: (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ) [النساء:3] . والرجل مأمور بأن يحسن إلى والديه ويبرهما ويرفق بهما، وإذا كان اعتراضهما على زواجه لمسوغ شرعي كعدم صلاحية المرأة التي يريد الزواج منها، أو عدم توافر الشروط المعتبرة للتعدد فإن اعتراضهما في محله وعليه أن يطيعهما في هذا ولا يخالفهما. وإذا كان لا يوجد سبب للاعتراض فعليه أن يجتهد في إقناعهما والحرص على رضاهما مع التودد والإحسان إليهما. والله أعلم.

منع المرأة زوجها من التعدد!

منع المرأة زوجها من التعدد! المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 17/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. سؤالي: هل يصح شرعاً أن تمنع المرأة زوجها من أن يتزوج من امرأة ثانية؟ مع العلم أنها لا تقوم معه بواجباتها الزوجية؛ وذلك لإصابتها بمرض مزمن يحول دون ذلك، بل تفضل أن يزني هذا الزوج المسكين على أن يتزوج ويأتي بامرأة أخرى تشاركها الزوج والإرث. وجزاكم الله خيراً عنا، والله المستعان. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز للمرأة أن تمنع زوجها من الزواج بثانية ما لم يكن ذلك شرطاً بينهما في عقد النكاح، فإن كان شرطاً فالمسلمون على شروطهم، كما قال عليه الصلاة والسلام. أخرجه أبو داود (3594) وغيره. وإذا تزوج بثانية مع أنه مشروط بينهما، فإن للمرأة الخيار بين البقاء وبين الفسخ، أما أن تمنع المرأة زوجها من الزواج وأن ترضى بأن يزني، فهذا من أعظم الجرم وأكثر الإثم، ومن انتكاس الفطرة والمشابهة للكافرين - عياذاً بالله-. وصلى الله على نبينا محمد.

إتيان الزوجة في غير ليلتها

إتيان الزوجة في غير ليلتها المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات التاريخ 15/09/1426هـ السؤال مَنْ عنده زوجتان، وأراد وطئ إحداهما في غير ليلتها مع كونه يقسم يومياً بينهما، لكنه يريد مواقعة من يحب في غير ليلتها، فهل يجوز له ذلك؟ أرجو الإفادة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا لا يجوز؛ لأنه لا يجوز الدخول على الزوجة في يوم الأخرى إلا لحاجة مهمة هذه ليست منها، ولا بأس أن يطأ إحدى زوجتيه أكثر من الأخرى، فهذا لا حرج فيه، لكن في ليلتها، جاء في فتاوى ابن تيميّة في الفقه (32/269) ، باب القسم بين الزوجات، سئل -رحمه الله تعالى- عن رجل متزوج بامرأتين إحداهما يحبها ويكسوها ويعطيها ويجتمع بها أكثر من صاحبتها؟ فأجاب: يجب عليه العدل بين الزوجين باتفاق المسلمين، وفي السنن الأربعة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل"، فعليه أن يعدل في القسم، فإذا بات عندها ليلة أو ليلتين أو ثلاثاً؛ بات عند الأخرى بقدر ذلك، ولا يفضل إحداهما في القسم، لكن إن كان يحبها أكثر، ويطأ أكثر؛ فهذا لا حرج عليه فيه، وفيه أنزل الله تعالى: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" أي في الحب والجماع. وفي السنن الأربعة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسم ويعدل؛ فيقول: "هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"، يعني القلب. انتهى. وفي متن أبي شجاع (ص:168) "التسوية في القسم بين الزوجات واجبة، ولا يدخل على غير المقسوم لها لغير حاجة". والله أعلم.

مسائل متفرقة في عشرة النساء

يأمرها بإطالة أظفارها فهل تطيعه؟! المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء التاريخ 22/2/1425هـ السؤال زوج يطلب من زوجته إطالة أظافرها، وهي ترفض ذلك، وتحاول أن تقنعه بأن قص الأظافر من سنن الفطرة، ولكنه يقول إن هذه سنة ولا تأثمي بتركها، وللعلم فهو يرد كثيراً من السنن، بحجة أنها سنة لا نأثم بتركها، أو بفعل المنهي عنه، ماذا أفعل لكي أقنعه؟ وهو يسبب لي مشكلة نتيجة قص أظافري، أرجو منكم الرد. الجواب ليس للزوج أن يأمر زوجته بما يخالف الشرع المطهر، وليس للزوجة طاعته في ذلك، فإن كان أمر الزوج لها بفعل شيء محرم، فإنه يحرم عليها طاعته، فإن ألزمها بعقابها على ذلك، كان الإثم عليه. وإن كان هذا الفعل لا يصل إلى حد المحرم؛ كترك قص الأظفار، فالأولى للزوجة أن تحاول إقناع الزوج بأن ما يأمر به من إطالة الأظفار مما يخالف السنة بل سنن المرسلين، وهو أيضاً يخالف الفطرة، كما جاء في الحديث، وربما يكون سبباً لاجتماع الأوساخ التي تنتج عنها الأمراض، وربما يمنع من وصول ماء الطهارة إلى ما تحتها، وقد تبقى فيها بعض النجاسات، ولذا جاء في الحديث الصحيح عند مسلم (258) وغيره عن أنس - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم-:"وقت في تقليم الأظفار، أن لا تترك أكثر من أربعين يوماً". قال أهل العلم: (وذلك هو نهاية ما تترك إليه، لا أنها تترك كل ذلك الوقت) ، على أن إطالة الأظفار قد تكون ممنوعة إذا كانت إطالتها تؤدي إلى التشبه بالكافرات للنهي عن ذلك، والذي ينبغي للسائلة أن تلتزم بالسنة في نفسها، وتحرص على هداية زوجها، وتعليقه بالسنة وترغيبه فيها بأسلوب مقبول، مع الاجتهاد والدعاء لها ولزوجها بالهداية والصلاح.

التلقيح بمني الزوج دون علمه

التلقيح بمني الزوج دون علمه المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء التاريخ 12/2/1424هـ السؤال لم أنجب منذ تزوجت وحملت مرة واحدة وسقط الجنين وزوجي يرفض قيامي بتلقيح صناعي ويدعوني للصبر وأنا كبرت وأصبح عمري 29 سنة، وأنا أصلي وأصوم وأزكي وأدفع الصدقات وأكفل الأيتام لعل الله أن يكشف بها الضر عني، سؤالي: لو أني قمت بالتلقيح الصناعي بأخذ الحيوانات المنوية من زوجي على اعتبار الفحص، وطلبت من الدكتورة تلقيحي بها، هل يعتبر ذلك حراماً؟ علماً أنها ستتم دون علمه. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: هو أنني لا أرى أنه يحق لك أن تقومي بما ذكرت من التلقيح الصناعي بدون علم زوجك، بل عليك أن تستأذنيه في ذلك، فإن رفض فعليك أن تبعثي شفيعاً (وسيطاً) من قرابته يشير عليه ويرغبه بما ذكرت ويُبين له أن المصلحة تعود على الطرفين مستقبلاً بمشيئة الله تعالى، وأن لكل منكما حقاً في الإنجاب وفعل الأسباب المؤدية إليه، هذا وإذا تمت موافقته فعليكما أن تعلما أنه يلزم ما يأتي: (1) أن يقوم بهذا التلقيح امرأة طبيبة مسلمة ثقة فإن لم يحصل فلو غير مسلمة ثقة فإن لم يتيسر فطبيب ثقة مسلم فإن لم يتيسر فلو غير مسلم ثقة. (2) يلزم أخذ الاحتياطات اللازمة لعدم اختلاط النطف وعدم الاحتفاظ بالمني في الثلاجات بل إجراء التلقيح فور أخذه من الزوج وإعطائه للزوجة. هذا ما قرره علماء الشريعة الإسلامية، وأنصحكما بالاطلاع على مؤلف للدكتور: محمد علي البار والموسوم بـ (أخلاقيات التلقيح الصناعي) ، فقد نقل كلام علماء الشريعة حول التلقيح الصناعي ما يجوز منه وما لا يجوز، والله أعلم.

هل تكون العصمة بيد المرأة ?

هل تكون العصمة بيد المرأة ? المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء التاريخ 16/10/1422 السؤال السؤال: هل يجوز أن تكون العصمة بيد المرأة (النساء) ؟ الجواب العصمة بيد الرجل فيما بين الزوجين، فهو الذي بيده عقدة النكاح وبيده الطلاق وهو القيمِّ على المرأة وليس بيد المرأة شيء من ذلك، قال - تعالى -:" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " [النساء: 34] وقال تعال: " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " [البقرة: 277] . وقد جاء في الحديث أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، انظر ما رواه الدارقطني في سننه (3/279) والبيهقي في السنن الكبرى (7/251) وقال ابن كثير: الذي بيده عقدة النكاح حقيقةً الزوج فإن بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها. انتهى هذا وإن كان السائل يقصد بسؤاله الولاية للنساء فقد جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " أخرجه البخاري (4425) . والله أعلم.

الاحتفاظ بالأجنة المجمدة

الاحتفاظ بالأجنة المجمدة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء التاريخ 14/4/1424هـ السؤال قد منَّ الله علي بعد عشر سنين من الزواج بطفلة رزقني إياها عن طريق عملية طفل الأنابيب، وحينها أشار علي بعض الإخوان بتجميد ما تبقى لدينا من أجنة؛ وذلك لما نلاقيه من تكاليف تكرار عملية طفل الأنابيب مادياً وصحياً، حيث تضطر الزوجة لأخذ كميات كبيرة من الإبر لإجراء عملية لسحب البويضات، ولكن علمت فيما بعد أن مجمع الفقه الإسلامي لم يجز تجميد الأجنة؟! فهل هذا صحيح؟ وما السبب في ذلك؟ وماذا علينا الآن وقد احتفظنا ببعض الأجنة المجمدة في المستشفى؟ هل نتخلص منها أم نزرعها أم ماذا؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً. الجواب لإجراء عملية طفل الأنابيب لابد من توفر الضوابط الشرعية لإجرائها، وذلك بأن تجرى تحت أيدي الأطباء العدول الثقات، وضمن إجراءات طبية مشددة تمنع اختلاط النطف، وتكون بين الزوجين في أثناء الحياة الزوجية فإن هذه العملية جائزة، ومن الشروط الاقتصار على محل الضرورة، وذلك بأن تستخدم هذه البويضات وهذه النطف في إجراء هذه العملية، والقاعدة: أن ما جاز لعذر يبطل بزوال هذا العذر، كما أن تجميد هذه النطف سواء كانت بويضات أو حيوانات منوية، أو بويضة ملقحة لا يجوز، لأن ذلك يؤدي إلى اختلاطها بغيرها مع الوقت، ولأنه لا توجد أي رقابة مشددة على هذه المراكز، وقد تختلط بغيرها إما على سبيل الخطأ وإما على سبيل العمد، ولأنه قد ثبت في حوادث متكررة حصول اختلاط هذه النطف بغيرها، وما ذكرته السائلة من وجود الحاجة الملحة إلى ذلك، يجاب عنه: أن الضرر المترتب على تجميد هذه النطف أعظم من الضرر المترتب على عدم التجميد، فيقدم الضرر الأعلى وذلك بإتلافها، والواجب بعد الانتهاء من هذه العملية إتلاف ما زاد على ذلك، ولا يجوز الاحتفاظ بشيء منها بعد ذلك، وعلى هذا خرجت فتوى مجمع الفقه الإسلامي، وكذلك المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وغيرها من الفتاوى، وهذا القول هو الذي دلت عليه الأدلة، ومن ذلك قاعدة سد الذرائع، حيث يترتب على تجميد هذه النطف مفاسد عظيمة فتدرأ هذه المفاسد بمنع تجميدها، وكذلك الأصل أن هذه العملية جائزة للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، والأمر الآخر: أن الاحتفاظ بها يؤدي إلى اختلاطها بغيرها، إما على سبيل الخطأ أو العكس.

التلقيح المجهري

التلقيح المجهري المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء التاريخ 14/10/1423هـ السؤال متزوج منذ تسع سنوات ولم أرزق بالذرية، وبعد المراجعات العديدة والكشوفات ذكر الأطباء أنه لا يوجد علاج من أجل الإنجاب إلا التلقيح المجهري -بإذن الله تعالى-، ووجدنا دكتورة متخصصة في هذا المجال لتراجعها زوجتي وتقوم بالعملية، ولكن غرفة العمليات لا تخلو من رجال، حيث يكون هناك طاقم طبي من نساء ورجال للقيام بالعملية، فهل يجوز من ناحية شرعية القيام بهذه العملية؟ حيث يتم فيها كشف العورة والوجه، هل يكون لنا حكم المضطرين؟ أفيدونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أنه إذا دعت الحاجة إلى التلقيح فليعلم أنه يجب أن يكون التلقيح بماء الزوج وأن كل وسيلة تستخدم للإنجاب خارج نطاق الزوجية أو ملك اليمين باطلة ولاغية شرعاً. فاستعمال أي طرف ثالث في وسائل الإنجاب يعد باطلاً وغير شرعي، والمقصود بالطرف الثالث ما يلي: (أ) نطفة ذكرية من شخص غير الزوج. (ب) بويضات (نطف أنثوية) من غير الزوجة. (ج) لقيحة جاهزة من نطفة رجل غريب وامرأة غريبة. (د) استخدام رحم امرأة لحمل اللقيحة المكونة من نطفة الزوج ونطفة الزوجة (البويضة) ، وإذا كانت المعالجَة امرأة فالذي يقوم بالعلاج متخصصات من النساء دون الرجال؛ لأن في هذه العملية كشف العورة، وإذا دعت الضرورة إلى اشتراك الرجال معهن -كما ورد في السؤال- فلا مانع شرعاً، والله أعلم.

المعاشرة بالمعروف

المعاشرة بالمعروف المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء التاريخ 29/10/1424هـ السؤال ما هو المعروف الذي أمر الله سبحانه وتعالى الأزواج به في الآية الكريمة "وعاشروهن بالمعروف"؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب المعروف كل ما عُرف في الشرع حسنه، والمنكر كل ما عُرف في الشرع قبحه، وهذا بالنسبة للزوجة يشمل المعاشرة القولية والفعلية وحسن المعاملة، والقيام بما أوجب الله -جل وعلا- من النفقة بالمعروف على حسب حال كل منهما، وبحسب العرف السائد في الزمان والمكان اللذين هما فيهما.

حق المبيت لمن تقيم في غير بلد زوجها

حق المبيت لمن تُقيم في غير بلد زوجها المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء التاريخ 06/09/1426هـ السؤال أنا متزوجة من رجل متزوج بأخرى، وأنا أقيم في بلد، وزوجي يقيم في بلد آخر ومعه زوجته، وعندما يأتي لزيارتي لمدة يومين أو ثلاثة تقوم زوجته بإزعاجنا، وتطالبه بالرجوع إليها، فهل يحق لها ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فذكر أهل العلم -رحمهم الله-كابن قدامة وغيره -أن الرجل إذا كان له زوجتان كل واحدة في بلد وجب عليه العدل بينهما؛ لأنه اختار المباعدة بينهما، فلا يسقط حقهما عنه بذلك، فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها، وإما أن يقدمها إليه، ويجمع بينهما في بلد واحد، فإن امتنعت عن القدوم -مع الإمكان- سقط حقها لنشوزها، وإن أحب القسم بينهما في بلديهما، لم يمكن أن يقسم ليلة وليلة، فيجعل المدة بحسب ما يمكن، كشهر وشهر أو أكثر على حسب ما يمكنه. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ـــــ استشارات اجتماعية ـــــ

استشارات اجتماعية

مشكلات أسرية

والدتي أقسمت علي ألا أكلم زوجة أبي المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية التاريخ 25/11/1424هـ السؤال والدي متزوج على أمي، ولكنه عادل بينهما، ولا يفرق في حق أحد من الطرفين، ولكن أمي غير متقبلة للوضع، وقد أقسمت علينا ألاّ نكلم زوجة أبي، ولكني أكلمها صلة للرحم، فهل هذا التصرف صحيح أم خاطئ؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز لأمك أن تقسم مثل هذا القسم؛ لأن مثل هذا القسم لا يرضي الوالد، وعليها أن تتحلل من هذا القسم بأداء كفارة اليمين؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير، وتحللتها" رواه البخاري (3133) ومسلم (1649) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-.

علاقة الزوجة بأهل الزوج

علاقة الزوجة بأهل الزوج المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية التاريخ 28/7/1423هـ السؤال هل يحق لزوجي أن يجبرني على السفر لزيارة أهله؟ مع ما يلحقني من ضرر قد يكون في الدين أحياناً، حيث إن أهله ليسوا من أهل الالتزام ويكثر بينهم ترك الحجاب والاختلاط والغيبة وغير ذلك من المنكرات، مع العلم أننا لا نستطيع تغيير شيء من المنكر، وقد يتأثر أولادنا وبناتنا بشيء من ذلك. وهل لأهل الزوج حق شرعي على زوجة ابنهم؟ أم يحق لها هجرهم إذا لقيت منهم الأذى؟ الجواب بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فجواباً عن سؤال السائلة المذكورة: نقول وبالله التوفيق: لا شك أن للزوج على زوجته حق الطاعة بالمعروف، لما رواه أبو داود (2140) وغيره عن جمع من الصحابة - رضوان الله عليهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن، لما جعل الله لهم عليهن من الحق". وطاعة الزوج على زوجته واجبة ما لم يأمر بمعصية، لما روته عائشة - رضي الله عنها -: أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها، فقال: لا، إنه قد لعن الموصلات" أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب النكاح باب لا تطيع المرأة زوجها في معصية ص:304، رقم الحديث (5205) ، فتح الباري، ومسلم (2123) . أو فيما لا يلحق بها ضرراً في بدنها أو دينها أو مالها أو ولدها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع من الصحابة - رضي الله عنهم - وصححه الألباني في إرواء الغليل المجلد الثالث، ص: 408، رقم الحديث: 896، فإن لحقها ضرر في بدنها، أو نقص في دينها، أو أخلاقها، فلا تلزم طاعته. ولكن لتعلم السائلة أن بر والدي زوجها مما يدخل على زوجها السرور، فيكون براً به ومن العشرة بالمعروف، والزوجان مطلوب من كل واحد منهما أن يعاشر الآخر ويتعامل معه بما يقوي أواصر المودة والرحمة، فإن استطاعت الزوجة أن تبر بأهل زوجها دون أن يلحقها ما ورد في سؤالها فحسن، وإن كان كما ذكرت فلا يلزمها السفر إليهم، ولا الاجتماع بهم؛ لأنهم ليس لهم حق واجب عليها، ومالهم من البر والإحسان سقط بحصول المفاسد المترتبة الواردة في السؤال، وإن آنست من نفسها القدرة على التأثير عليهم بإزالة المنكر أو لديها - على الأقل - القدرة أو الحصانة على عدم التأثر بهم وأولادها، فالأولى السفر إليهم؛ لما في ذلك من صلة الرحم وربط الأولاد بأهلهم، وإدخال السرور على الزوج، وكل ذلك أمر محمود دعا إليه الإسلام وحضَّ عليه، قال تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ " الآية، [المائدة: 2] وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

منع الزوجة من زيارة أهلها

منع الزوجة من زيارة أهلها المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية التاريخ 09/05/1425هـ السؤال هل يجوز للزوج شرعاً أن يمنع زوجته من زيارة أهلها وأقاربها من الأرحام؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فما هو الدليل الشرعي على ذلك؟ وإن كانت الإجابة لا فما حكم هذا الفعل من قبل الزوج وعقوبته عند الله عز وجل؟ وهل يلحق الإثم بالزوج؟ أفيدونا أفادكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالجواب أنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة أهلها وأقاربها مطلقاً، لكن يجوز له أن ينظم وقت الزيارة، وأن يمنعها في وقت دون آخر حسب ما تقتضيه مصلحته من غير إضرار، هذا وإذا منعها من الزيارة مطلقاً فهو آثم؛ لأن في ذلك إعانة على قطيعة الرحم التي أمر الله بأن توصل، كما أن فيه إعانة على الإثم والعدوان، والله تبارك وتعالى يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] ، ثم إن منعها من الزيارة ينافي مقتضى العشرة بالمعروف الذي أمر الله به الأزواج لزوجاتهم، بقوله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] . والله أعلم.

منع إخوته من صلة والدهم

منع إخوته من صلة والدهم المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية التاريخ 25/5/1425هـ السؤال ما الحكم في من منع اخوته من زيارة والدهم الذي يسكن عنده؛ بسبب خلاف عائلي بينه وبين إخوته، علماً بأنه الابن الأكبر؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم هذا العمل لا يجوز، وهو من قطيعة الرحم المحرمة، فيجب على الإخوة فيما بينهم التواصل وعدم المقاطعة، هذا فضلاً عن وجوب برهم بأبيهم وصلته، فيجب على هذا الأخ أن يتقي الله - سبحانه وتعالى- ولا ينساق مع الشيطان وكيده، وأيضاً يجب على الإخوة إذا كان صدر منهم ما يوجب غضب أخيهم الأكبر وإثارته أن يبادروا إلى إزالة أسباب الخلاف، هذا مع أن صلتهم لأخيهم هي أيضاً من البر بأبيهم؛ لأن الأب لا شك أنه لا يرضى أن يكون بين أبنائه مثل هذا الخلاف والقطيعة، وقد قال الله -تعالى-: "وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" [النساء: من الآية1] . والله أعلم.

تزوج دون رضى أمه

تزوج دون رضى أمه المجيب سلمان بن عبد الله المهيني القاضي بوزارة العدل التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية التاريخ 16/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. تزوج أخي دون رضا أمي! وأصرت أمي على عدم استقبال زوجته في منزلها، بحيث في الأعياد والمناسبات عندما نجتمع ونحن -ما شاء الله- أسرة كبيرة، لا تحضر زوجة أخي هذه المناسبات، مما يخلق جواً من التوتر والانزعاج والإحراج، وخاصة أن أخي هذا طيب جداً، ومهذب كثيراً مع الجميع. السؤال: هل تصرف أمي في عدم استقبال هذه الزوجة حلال أم حرام؟ ولكم كل الفضل والشكر، وجزاكم الله خيراً عن جميع المسلمين. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الواجب على الوالدة أن تفرح بزواج ابنها ما دامت هذه الزوجة غير سيئة، ولسنا نقول إن الأم يلزمها استقبال زوجة ابنها، ولكن الذي ينبغي -وهو من مكارم الأخلاق- أن تتلطف معها وتكرمها، فهي زوجة ولدها وأم أحفادها، والذي يحرم في هذه الحال هو حصول الهجر غير المشروع أكثر من ثلاثة أيام، فمتى تكرر ذلك من الأم أكثر مما ورد به الشرع فالأم تعتبر بذلك آثمة، فعن أبي أيوب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" رواه البخاري (6077) ومسلم (2560) . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئًا إلا امرءاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا" رواه مسلم (2565) .. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار" رواه أبو داود (4914) بإسناد على شرط البخاري ومسلم كما قال الإمام النووي. وعن أبي خراش -رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه" رواه أبو داود (4915) بإسناد صحيح كما قاله الإمام النووي في رياض الصالحين (ص 611) . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمناً فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه، فإن ردَّ عليه السلام فقد اشتركا في الأجر وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم" زاد أحمد السرخسي أحد رواه الحديث: وخرج المسلِّمُ من الهجرة. رواه أبو داود (4912) بإسناد حسن، كما قال الإمام النووي في المصدر السابق. فيؤخذ من هذه الأحاديث أنه يحرم على المسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ليال، فإذا حصلت مشاحنة بين مسلمين فيجوز الهجر أقل من ثلاث ليال، ويحرم أكثر من ذلك، وهذا الهجر يكون لحق الإنسان، وأما هجر المسلم للمسلم لارتكابه معصية من المعاصي وهو الهجر لحق الله فهو جائز ومشروع ثلاث ليال، وأكثر، حتى يرجع المهجور عن المعصية ويتوب إلى الله -سبحانه وتعالى-. فالواجب نصيحة أم الزوجة لترك ذلك ومحاولة الصلح في هذا الأمر. والله أعلم.

مشعوذ ادعى لها سحر أم زوجها لها

مشعوذ ادعى لها سحر أم زوجها لها المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية التاريخ 01/08/1425هـ السؤال حصلت بيني وبين زوجتي مشكلة بسبب خلافها مع أهلي، وأخذتها إلى بيت أهلها ثم أحسست بالذنب والتقصير في حق زوجتي، وعرضت عليها أن أفتح بيتاً لنا، لكن أهلها طلبوا بيتاً مكتملاً، وأنا إمكانياتي بسيطة ومع هذا قررت أن أنفذها؛ لأني أشعر بأن هذا من حقها؛ لكن زوجتي وأهلها رفضوا ذلك مطلقاً، وأخبرتني زوجتي أنها لا تريدني مع العلم أني لبَّيتُ لها جميع طلباتها، وهي الآن تطلب الطلاق، ولم أعرف سبب طلبها لكني عرفت من شخصٍ هم أرسلوه وكيلاً لكي يفاتحني بأمر الطلاق، وبحسب قوله إنه لا يسعى إلى الطلاق لكن يسعى إلى الصلح، أخبرني أن والدة زوجتي وزوجتي ذهبتا إلى رجل (ليقرأ على زوجتي، وأخبرهم بأن زوجتي بها سحر، وأن من عمل لها السحر هي والدتي، وقد أخذ منهم مبلغ خمسين ألف ريال) ، وهذا السبب الرئيسي لطلب زوجتي الطلاق، مع العلم أنها حامل وفي شهرها الخامس، وأنا والله لا أريد طلاقها حباً فيها، وفي الطفل الذي في بطنها، لكنها مصرة على الطلاق، مع العلم أن أمي إنسانة مستقيمة وتقية. سؤالي: (1) ما حكم الشرع في مشكلتي؟. (2) ما حكم طلب زوجتي شرعاً؟ هل علي تنفيذ طلبها؟ وما حكم الذي في بطنها شرعاً من ناحية الحضانة، وإن كانت هي التي طلبت الطلاق. (3) ما الأحكام الشرعية في الدين في هذه المسألة؟. (4) هل أطلقها؟. (5) أو هل أدعها معلقة كما نصحني أكثر من شخص؟ (6) وما رأيكم في الرجل الذي ذهبت إليه بتحريض من أمها؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم (1) حكم الشرع في مشكلتك بحسب ما اشتملت عليه من أمور فليس الحكم فيها واحد، وهي كأي مشكلة اجتماعية لا غرابة في حدوثها، ولكن التعامل معها هو الذي يحتاج إلى حديث. (2) حكم طلب زوجتك الطلاق شرعاً جائز، لكن يحق لك طلب ما دفعت من المهر. (3) موضوع الحضانة: المسألة يرجع فيها إلى المحاكم الشرعية، ولا يحسم الأمر فيها فتوى عامة. (4) لا تدعها معلقة بل اعمل جهدك في إرجاعها وإمساكها بالمعروف، أو فارقها بالمعروف. (5) ذهابهم إلى الساحر أو الكاهن -وإن سمي بالراقي-، وهو قد أخبرهم بأن والدتك سحرتها محرم، وكلامه كذب وإفساد، ولا يجوز الالتفات إليه ولا تصديقه، ولا العمل بموجب كلامه. (6) الرأي في مسألتكم إذا كنت ترغب في زوجتك وهي ترغب فيك، فيجب إبعاد الأطراف التي تدخلت في القضية، والتفاهم على قدر الحياة التي في وسعك تحقيقها من حيث السكن والنفقة، والتعايش حسب الظروف الممكنة، فهذا أنفع لكم ولأولادكم، وإذا تعذر الإرجاع والتفاهم فعليك الصبر، والاحتساب، والمطالبة بحقك الذي دفعت، مع دوام التواصل بين الأسرة بالخلق الحسن لما بينكم من الذرية، وتجنب صور الانتقام التي تتضرر بها المرأة. والله -تعالى- يغني كلاً من سعته، والله أعلم.

مشكلات زوجية

امرأتي تشك فيّ المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات زوجية التاريخ 25/12/1422 السؤال تشاجرت مع زوجتي بسبب أنها تتهمني بأنني على صلة مع سيدة أخرى لا علاقة لي بها، إضافة إلى أننا دائماً ما نتشاجر في إطار مواضيع الغيرة والنساء، وحيث إن الأمور وصلت إلى أبواب مقفلة مع زوجتي لإقناعها ببعدي عما تتهمني به، أو تحس به، أو لغيرتها المتناهية، أو غير ذلك مما هو في طبيعة النساء، وإزاء ذلك ولدرء المشاكل، وإقفال بابها الذي دائماً ما يفتح لأتفه الأسباب أقسمت عليها، وذكرت لها إن أعادت تلك المواضيع التي ستهدم بيتي وأسرتي فإنني فعلاً سأقوم بارتكاب المعاصي (الزنا تحديداً) ، وعلانية أمام عينها، أو أثبت لها ذلك فعلاً - والعياذ بالله- قد نويت ذلك جاداً، وتقريباً قلت لها ما يلي: ليكن في علمك وأقسم بالله العظيم أنك لو أعدت فتح هذه المواضيع مرة أخرى، وبالطلاق من رقبتك ثلاثاً سأقوم بفعل ما تفكرين به وتثيرين المشاكل من أجله، أي بما معناه أنني هددتها طلاقاً بالثلاث لو أنها أعادت تلك المشاكل بأنني سأرتكب الفاحشة. أرجو الإفادة في ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الجواب يتخلص فيما يلي: أولاً: اتهام زوجتك بالتهم التي ذكرت من المحرم والبهتان والافتراء. ثانياً: عليك أن تبتعد عن مواطن الريب، وأن تكون صريحاً مع زوجتك، وتسعى في إعادة ثقتها بك. ثالثاً: حلفك بأن تواقع الحرام كفاحشة الزنا - والعياذ بالله - حرام، وعليك التوبة، ولزمك كفارة اليمين على القول المختار وإن لم تفعل ما حلفت عليه، بل لا يجوز لك فعله قال - صلى الله عليه وسلم -: " ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " البخاري (6696) والنسائي (3807) والترمذي (1526) وابن ماجه (2126) وأبو داود (3289) واللفظ لأصحاب السنن. رابعاً: طلاقك على الصيغة التي ذكرت لا يقع على الصحيح، بل هو يمين تجب فيه الكفارة، ويكفي في هذا والذي قبله كفارة واحدة، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام. خامساً: اعلم أن الحياة السعيدة لا تقوم إلا على الحب، ولذا فإن عليك أن تتفقد منابع الحب التي جفت، وتحاول بعثها، وإنك واجد في زوجك خيراً كثيراً، واستشر من يضعك على أول الطريق، فكل مشكلة ولها حل.

يجوز طلب الطلاق

يجوز طلب الطلاق المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات زوجية التاريخ 27/1/1423 السؤال إنني امرأة ملتزمة قارة في بيتي لا أغادره إطلاقاً إلا للضرورة المطلقة، متزوجة ولدي ستة أولاد وأعيش في بلاد الغرب فوق إرادتي، وقد فتح زوجي محلاً لبيع اللحم الحلال، وإني أعاني جداً من هذا الأمر؛ لأن غالبية الزبائن من النساء المتبرجات والكافرات اللواتي لا خلاق لهن ولا حياء، كما أن أغلبهن متبرجات وشبه عاريات خاصة في الصيف، ويخضعن بالقول كثيراً لفتنة الرجال، حتى أصبحت أتشاجر مع زوجي دوماً، وازداد بغضي له لتهاونه في مقابلة هؤلاء الزبائن وحديثه معهن حتى اعتاد على ذلك، وكانت النتيجة أن ضعف إيمانه كثيراً وأصبح لا يصلي في المسجد إلا يوم الجمعة، وإن قلت إن هذا نتيجة المعاصي والمخالفات التي يرتكبها لغرض الاستغناء، وأنه لا يجوز له التجارة في شيء يجره إلى الاختلاط بالنساء لأنه فتنة، وأنه من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه قال لي ألا أتدخل في هذه الأمور لأنني لا أفهم شيئاً، وأن التجارة حلال، وحتى الصحابة كانوا يتاجرون مع النساء، ولكنه نسي - أو تناسى - أن يقول إن نساء الصحابة لم يكن على الحال التي عليها نساء اليوم، والله المستعان. والمشكلة الآن أنني أصبحت أبغض زوجي كثيراً، إضافة إلى تقصيره الدائم في تربية الأولاد، وانتهاجه منهج الضرب والعقوبة على الرفق والحنان، وأود الطلاق لتقصيري في حقوقه بعد أن ضيع هو كل حقوقي وحقوق أولادي، حتى أصبحت أكره طاعته وخدمته، فهل طلاقي منه خير لي ولأولادي أم ماذا أفعل أرشدوني؟ الجواب

الذي أنصحك به هو أن تبقي معه وتستمري في نصحه وإرشاده، ولاسيما أنك في بلد غربة، وفراقك له ربما يزيد في مصاعبك ومعاناتك، وعليك أن تجتهدي في تذكيره وتخويفه بالله، بنفسك أو بواسطة غيرك ممن يرجى أن يكون لكلامه تأثير على زوجك، وفيما يتعلق بالعمل يمكن أن يستمر فيه مع اتخاذ الوسائل والأسباب التي تحول بينه وبين التمادي مع النساء، وذلك بالاقتصار على الحديث الضروري الذي تتطلبه عملية البيع والشراء دون الاسترسال فيما وراء ذلك، مع غض البصر ومراقبة الله - تعالى - في تصرفه، وإذا لم يقدر على ذلك فيمكن أن يتجنب الأوقات التي تحضر فيها النساء، ويوكل مهمة البيع في هذه الأوقات إلى غيره، وأما مسألة الصلاة فإن كان المقصود أنه لا يصلي بالكلية إلا صلاة الجمعة فهو على خطر عظيم ربما أوقعه في الكفر في رأي بعض أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " (رواه الترمذي (2621) ، وابن ماجة (1079) ، والنسائي (463) ، وابن حبان (1454) ، والحاكم في المستدرك (11) ، والدارقطني (2/52) ، وغيرهم) ، وإن كان المقصود أنه لا يصلي جماعة إلا صلاة الجمعة، فإن كان المسجد قريباً منه بحيث يستطيع أن يسمع الأذان فيجب عليه أن يصلي جماعة، وإن كان بعيداً عنه فلا تجب عليه الجماعة ولكن يجب عليه أن يصلي الصلاة في وقتها، وعليك مع كل ذلك أن تحرصي على إعانته وتذكيره بشأن الصلاة، وأما تربية الأولاد فيقع عليك جهد كبير في سد النقص الذي وقع فيه زوجك، وربما كان انشغاله بعمله التجاري يحول بينه وبين متابعة أبنائه، فعليك أن تبذلي جهدك وتحرصي على تربيتهم التربية الإيمانية السليمة، وأن تبعديهم عن الفساد وأسبابه، مع الحرص على إلحاقهم بالمدارس العربية، وإحضارهم إلى المركز الإسلامي، ومتابعة أنشطته وبرامجه، واحرصي - مع كل ما سبق- على التضرع إلى الله - سبحانه وتعالى- في أوقات إجابة الدعوات، كوقت السحر، ودبر الصلوات المكتوبة أن يهدي الله زوجك وأن يصلح أولادك، ونسأل الله - تعالى - لك التوفيق لما يحبه ويرضاه.

مشكلات الأبناء

أولاده من مطلقته النصرانية، مشكلة تبحث عن حلول المجيب يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات الأبناء التاريخ 14/2/1425هـ السؤال أنا رجل مطلق من امرأة غربية، ولي منها ثلاثة أولاد بنت عمرها 16 سنة، وولد عمره 14سنة، وولد عمره 12سنة، وكلهم لا يعرفون أي شيء عن ديننا، وكلما حاولت أن أكلمهم في أمور ديننا قاطعوني، ولم يأتوا لرؤيتي، علماً أنهم يعيشون مع أمهم التي تعيش وصاحبها، وهي نصرانية الديانة، ولا يريدون أن يروني، وأنا مع زوجتي المسلمة المحجبة؛ بحجة أنهم يتحرجون من ثيابها أمام أصحابهم، فماذا أفعل معهم؟ وما هي الطريقة المثلى لتعليمهم القليل عن ديننا؟ وهل يجوز لي الاستمرار في الإنفاق عليهم رغم أنهم لا يدينون بديني؟ وهل أنا آثم بذلك؟ مع العلم أنا الآن لا أترك فرضاً وأقرأ القرآن؛ لعل ذلك يكفر عن ذنبي الكبير في تربية أولادي، أرشدوني -هدانا الله وهداكم-، وهل يجوز أن أسايرهم في أمر زوجتي؟ أنهم لا يريدون أن يظهروا معها في أي مكان عام، بسبب ارتدائها الزي الشرعي؟ مع العلم أنهم لم يأتوا لزيارتي والإقامة في بيتي من شهر حزيران، ماذا أفعل؟ أنا بانتظار ردكم وإرشاداتكم، والاستفادة من آرائكم اهتداء بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وشكراً، وهناك شيء آخر هو أن البنت سميتها باسم أجنبي، والولد الصغير، والولد الكبير فقط هو اسمه أحمد، ويفكر عندما يصبح عمره 18 عاماً أن يغيره لاسم أجنبي ما الحل؟. الجواب الأخ السائل: لا أدري بأي قضية أبدأ، ولا بأي إشكالية أجتهد في حلها، حيث تراكمت وتشابكت، وتعقدت فالله المستعان، والسؤال المهم ليس ماذا يجب عليك أن تفعل، ولكن ماذا تقدر أن تفعل؟ فأنت في كندا تحت سلطة الدولة، وقوانينها التي صُنعت للنساء، ولا حق للرجال لا في الحضانة، ولا في غيرها، فأنت ملزم بدفع النفقة إلى سن الـ 18 سنة، مهما كان وضع الأولاد ديناً أو خلقاً، وقد سئل الشيخ الألباني في بريطانيا عن مثل هذه القضية فأجاب بالمثل الشامي: (من بات في المقبرة وداهمته الكوابيس فلا يلومن إلا نفسه) . نعم يا أخي، ما من مسلم يعيش في هذه البلاد غير الإسلامية إلا صادفته مشاكل سواء في زوجه أو أولاده أو رزقه - والله المستعان-. والمقطوع به أن حلول العنف أو الشدة لا تأتي بخير؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم (2594) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، فكن رفيقاً سهلاً، ليناً في غير معصية لله.

حالتك وحالات كثير من المسلمين تذكرني بقصة ذلك الأعرابي الذي أساء الأدب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهمَّ الصحابة - رضي الله عنهم- أن يبطشوا به، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم- عطاء حتى رضي، ثم قال لأصحابه- رضي الله عنهم- "إنما مثلي ومثلكم ومثل هذا الأعرابي كرجل كانت له دابة، فنفرت منه، فذهب يطاردها، فجاء الناس كلهم وراءه يطاردون، فما ازدادت الدابة إلا نفاراً وشراداً، فقال: دعوني ودابتي أنا أعلم بدابتي، فأخذ من خشاش الأرض، ولوح به لهذه الدابة، فما كان منها إلا أن انساقت إليه، وجاءت إليه فأمسك بها" رواه الهيثمي في مجمع الزوائد (9/16) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. إن أولادك قد ندوا وابتعدوا عنك مؤقتاً، ولكن هذا لا يعني أنهم ابتعدوا عن الإسلام بالكلية، فكن معهم مثل الأعرابي ودابته، فإنه لا سبيل لك عليهم، وليس عندك إلا وسيلة واحدة هي وسيلة اللين والرفق. لا تجعل لقاءك بهم عبارة عن دروس دينية؛ فإن هذا الأسلوب سينفرهم منك، بل لو خرجت معهم سواء مع زوجتك الحالية المحجبة، أو بدونها للتنزه في غابة، أو رحلة، أو سياحة نافعة، وجعلتهم بالعطف والحنان والمناقشة البسيطة الهادفة يلتصقون ويتعلقون بك ويحبون رؤيتك ولقياك؛ لكانت هذه بداية العود المحمود، والحل المنشود. ثم انظر بعد ذلك في حل عملي سيحسم القضية بالكامل، واللبيب بالإشارة يفهم، ولأن يعيش الإنسان فقيراً في أرض الله، خير من أن يعيش غنياً تحت غضبه، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، والأرض كل الأرض للمسلم مسجداً وطهورا. كما عليك أولاً أو أخيراً أن تجتهد في طاعة الله، فإن الله قد حفظ مال اليتيمين بفضله، ثم بطاعة والدهما قال -تعالى-: "وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك" [الكهف:82] . كما عليك أن تجتهد في الدعاء والابتهال إلى الله أن يرد إليك أولادك بالطريقة التي ترضي ربك وتقر بها عينك. فعسى الله - سبحانه وتعالى- ألا يخزيك في ذريتك، ويجنبهم موارد الهلاك، آمين، وصلى الله على نبينا محمد.

زوجه أبوه دون إخوته

زوّجه أبوه دون إخوته المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات الأبناء التاريخ 29/2/1425هـ السؤال أنا شاب قد زوجني أبي لمقدرته على ذلك، وبمساعدة يسيرة مني، ما حكم هذه المساعدة؟ وهل على أبي ذنب في ذلك؟ علماً بأن لي أخاً من أبي، قد تزوج قبلي، ولم يعنه أبي على زواجه؛ لعدم مقدرته كذلك، ولي أخوان يكبراني، ولم يتزوجا بعد؛ لأنهما لا يريدان ذلك، ما الحكم في هذه المساعدة؟ علماً بأن أبي أخذ الموافقة من جميع إخوتي على المساعدة في تزويجي. أفيدوني، جزاكم الله خيراً. الجواب الأب مأمور أن يسوي بين أولاده في العطية إذا كانت العطية لغير حاجة، أما إذا أعطى أحد أولاده لحاجته كأن يحتاج للزواج فيزوجه فلا بأس أن يعطيه، ولا يعطي الآخرين حتى يبلغوا ويحتاجوا للزواج فيعطيهم مثل الأول، ومثل ذلك مصاريف الدراسة، وشراء السيارة التي يحتاج إليها للتنقل.. ونحو ذلك، ومثل هذا لا يحتاج فيه إلى أخذ إذن الأولاد الباقين على الراجح. والله أعلم.

العدل في النفقة بين الأولاد

العدل في النفقة بين الأولاد المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/قلق التاريخ 2/3/1424هـ السؤال لي أخ من عدة إخوة أنا أصغرهم، وشاء أخي أن يتزوج ورغب إلى الوالد بذلك وهو في المرحلة الجامعية وهذه السنة الرابعة له، ووالدي متكفل بنفقته وعياله الثلاثة، وهو -ولله الحمد- قادر ومستطيع، ولكنني سمعت منه مرة قوله: أين أذهب من الله؟ وماذا أقول له إذا سألني عن نفقتي على فلان لم أعدل بينه وبين إخوته؟ مع العلم أن إخوتي بعضهم درس في الخارج -أمريكا- وعاشوا معيشة أغلب الشباب، وكان الوالد ينفق عليهم، مع العلم أن أخي أحرز أعلى نسبة نجاح في الثانوية من بين إخوته، فهل قلق الوالد هذا في محله؟ وما الذي ينبغي عليه فعله؛ لتلافي الظلم والتمييز إن كان محقاً؟ الجواب تزويج الأب لابنه ونفقته عليه بعد ذلك هو وأولاده يعد من باب النفقة لا من باب العطية، والنفقة لا تجب فيها المساواة بل يعطى كل واحد من الأبناء حسب حاجته، وإن كان ما يعطى لهذا السبب أكثر من الآخرين وبناءً على ذلك إذا كان أبوك زوَّج أخاك في المرحلة الجامعية وأنفق عليه - لأن الابن لا يستطيع أن ينفق على نفسه - فلا حرج في ذلك ولا يعد من الإخلال بالعدل كما أنه أنفق على أخيك الذي درس في الخارج وهكذا ينفق على كل واحد من الأبناء حسب حاجته، والله ولي التوفيق.

الدش.. وضبط الأطفال أنفسهم

الدش.. وضبط الأطفال أنفسهم المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات الأبناء التاريخ 26/6/1424هـ السؤال لي زميل ملتزم، قد اقتنى جهاز الدش في منزله، ويدعي أنه لا بد من تربية الأولاد على أن يضبطوا أنفسهم بأنفسهم، أرجو منكم أن تبينوا لي وله بعضاً من الآيات والقصص التي تسد الذريعة إلى المعاصي، وإلى خطوات الشيطان. مشكورين مأجورين. الجواب شكراً على مراسلتك وسؤالك وحرصك، وأرجو الله لك التوفيق، أما الجواب على سؤالك: فمن الضروري أن يفهم صاحبك قاعدة عظيمة جاءت في الإسلام، ودل عليها الكتاب والسنة، وهي لمن فهمها حماية من كثير من الشرور والمفاسد، ألا وهي قاعدة سد الذرائع، ومما جاء في الكتاب عنها قوله -سبحانه-:"ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلا" [الإسراء: 32] ، وقوله -سبحانه-:"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام: 108] ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن هذه القاعدة:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) ، والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، وغير ذلك من النصوص الصريحة، ولذلك جعلها العلماء من القواعد الأساسية في فهم الشريعة، فقل لصاحبك: أن نُعَرِّض أبناءنا للخطر بحجة أنهم يجب أن يضبطوا أنفسهم هذا غير صحيح؛ لأن هذا فيه دعوة للسباحة لمن لا يعرف السباحة؛ كأنه يلقيهم باليم ويقول: تصرفوا، وما أحسن قول القائل: ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء هذا لا يكون أبداً، بل الواجب حمايتهم من كل فتنة يمكن أن تكون سبباً في ضلالهم، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:" من سمع بالدجال فلينأ عنه فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتَّبِعه مما يبعث به من الشبهات"، أخرجه أبو داود (4319) وأحمد في مسنده (19875) من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - بسند صحيح، فهذه وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لكل مسلم يريد السلامة من أي فتنة خطيرة. وهل يشك مسلم اليوم بخطورة القنوات الفضائية بما تبثه من شهوات وشبهات، وما فعلته بكثير من العقول من الانحراف عن الحق والتقصير في أداء الواجب، ألا فليتق الله صاحبك في أبنائه، وليقم بما أوجب الله عليه بنصحهم وتذكيرهم بالواجب امتثالاً لأمر الله في قوله: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة" [التحريم: 6] ، فهل وقاهم من النار وطريقها بفعله هذا؟!. أسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق.

منع الولي موليته من الزواج

منع الولي موليته من الزواج المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات الأبناء التاريخ 18/7/1424هـ السؤال ما حكم الأب يمنع زواج ابنته من شاب تقدَّم لطلبها، علماً أن الأب ليس له أي سبب شرعي لمنع الزواج، وهل تلجأ الفتاة إلى القاضي في هذه الحالة؟ جزاكم الله عنا خيراً. الجواب لا يجوز للولي منع موليته من الزواج ممن هو كفو لها، وإذا حصل منه ذلك فإنه ظلم وعضل، وفي هذه الحالة يجب مناصحة هذا الولي وتخويفه من عاقبة الظلم، وتوسيط أهل الخير، فإن لم ينفع معه ذلك، فتلجأ البنت إلى القاضي، والذي يُجري الوجه الشرعي حيال المشكلة، وليس في تقدم البنت بدعوى ضد والدها العاضل عقوقٌ إطلاقاً ما دامت ملتزمة بأدب الدعوى، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أخرى

القانون يُلزمه بتسديد فائدة الربا فماذا يفعل؟ المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى التاريخ 28/10/1424هـ السؤال تحملت عن امرأة ديناً عليها، أخذته عن طريق الربا وصورته: (أنها أخذت من امرأة ذهباً بقيمة 350 ألف ريال يمني إلى أجل، على أن ترده مع الزيادة، وأنا الآن أسدد عنها الدين مع الزيادة، لكونها فقيرة ولا تقدر على التسديد، وقد تتعرض لمشاكل عظيمة، فما حكم ذلك؟ أفتونا مأجورين. الجواب إذا كان السائل والمرأة المدينة يستطيعون أن يكتفوا بسداد رأس المال فقط فنقول ينبغي لهم ذلك، أما إذا كان هناك إجبار، وهناك قوة تمثيلية تأخذ منهم الحق، سواء أكان ذلك بحق مشروع أو غير مشروع فينبغي أن يسدد عنها، وأن تبعد عن أسباب إهانتها وإجبارها على أمور لا تستطيع ردها.

هل لها أن تهجر أختها؟

هل لها أن تهجر أختها؟ المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى التاريخ 20/08/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخت تسأل هل يجوز لها مقاطعة أختها التي تسبب لها المشاكل مع زوجها، فهو تتدخل في أمورهم الشخصية، وتسبب إيذاء زوجها لها، كما أن هذه الأخت تتكلم معه، وتتسبب لها في المشاكل، فهل يجوز لها مقاطعتها أو قصر العلاقة معها على مجرد السلام والسؤال عن الحال دون أن تدخلها بيتها؟ علماً بأن هذه الأخت ليست محجبة، وتُقبل زوج أختها عندما تلقاه. جزاك الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه الزوجة يجب عليها أن تمنع أختها من دخول البيت؛ وذلك لما يسببه دخول أختها من فتنة ومنكرات، فهي غير محجبة، وتُقبِّل زوج أختها، وهذا أمر منكر، ومن أعظم أسباب الفتنة، فعلى هذه الزوجة أن تمنع أختها من دخول بيتها، وأيضاً عليها أن تبذل لها النصح والدعوة إلى الخير، وتبين لها أن ما تفعله منكر لا يرضاه الله، وإذا كانت هذه الأخت تسبب لها المشاكل مع زوجها فهذا أيضاً يؤكد ما سبق، وهو عدوان على أختها، ويكفي هذه الزوجة أن تصل أختها بالسلام عليها وتفقد أحوالها. والله أعلم.

ـــــ قضايا المرأة ـــــ

قضايا المرأة

مكانة المرأة ووظيفتها في المجتمع الإسلامي

هل الرجل أفضل من المرأة؟! المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مكانة المرأة ووظيفتها في المجتمع الإسلامي التاريخ 10/9/1424هـ السؤال هل صحيح أن الرجل أفضل من المرأة من حيث الأصل والخلقة؟ (حيث إن لي زميلاً متديناً في العمل يقول بذلك) ، أرجو التفصيل في ذلك بالتوسع في الأدلة التي تؤكد أو تنفي ذلك. وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن القرآن الكريم لم يميز بين الرجل والمرأة من حيث أصل الخلقة والتكوين، "يا أيُّها النَّاس اتقوا ربَّكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها" [النساء: 1] . ولم يفرق في شيء من نصوص الكتاب والسنة بين الرجل والمرأة من هذه الناحية، اللهم إلاّ تلك الاختلافات التي تتعلق بالجوانب العضوية والنفسية، وهذا شيء لا فضل فيه للرجل على المرأة، لأن الله تعالى خلق كلاً منهما لوظيفة معينة، ووهبه الخصائص التي تساعده على أداء مهمته. كما فرق في ذلك بين جميع مخلوقاته ممن جعل فيهم زوجين. والتفريق بينهما من هذه الناحية هو ما كرسته الكتب السماوية المحرفة. وقد ساوى بينهما القرآن من حيث التكريم قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم" [الإسراء: 70] ، ومن حيث أصل التكليف، وإن اختلفا في بعض التكاليف الشرعية لحكم قدرها العزيز الحكيم. وفُضِّل جنس الرجال على جنس النساء في الجملة، إذ جعل الله في الرجال النبوة والإمامة والولاية والقوامة والنفقة والجهاد دون النساء، وهذا لا يعني أن كل رجل هو أفضل من كل امرأة، فرب امرأة هي أفضل من صاحب الإمامة والولاية، ولا يقطع في هذا الباب على التعيين إلا بتقديم الأنبياء لمقام النبوة، والخلفاء لإجماع أهل السنة على ذلك، وهذا من باب أن جنس الملائكة أفضل من جنس البشر على أحد القولين، وهو لا يعني أن كل ملك أفضل من كل إنسان. والله أعلم.

معنى: " ناقصة عقل ودين ... "

معنى: " ناقصة عقل ودين ... " المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مكانة المرأة ووظيفتها في المجتمع الإسلامي التاريخ 09/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..وبعد: أنا رجل أعمل في مجال الإغاثة بأفغانستان بعد الحرب الأخيرة هناك، وبحسب طبيعة عملي يكون هناك اجتماعات مع المنظمات الإغاثية المسلمة وغير المسلمة، فقد واجهت امرأة تبحث عن تفسير لقول النبي عليه الصلاة والسلام إن المرأة ناقصة عقل ودين، وهل تستطيع المرأة المسلمة أن تدرس الطب؟ حيث إنها تبحث في ذلك عن دليل من القرآن والسنة النبوية، وهل هي -أي المرأة- تستطيع أن ترشح نفسها لمنصب الوزارة في الإسلام؟ كما أنها تسأل: هل الإسلام دستور شامل للسياسة أم أنه مجرد دين ليس له دخل بالسياسة؟ أفتونا مأجورين، جعلها الله في ميزان حسناتكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما تفسير أن المرأة ناقصة عقل ودين، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم- حين سئل عن ذلك- قال: "أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ ". قُلْنَ: بَلَى. فقال صلى الله عليه وسلم: "فَذَلِكَ مِن نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أليسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ؟ ". قُلْنَ: بَلَى. فقال: "فَذَلِكَ مِن نُقْصَانِ دِينِهَا" أخرجه البخاري (304) ، ومسلم (8) . فبين أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها في الأمور التي يشهدها الرجال، ولا تختص بالنساء؛ لأنها ليست من اهتمامها، فقد تزيد في الشهادة وقد تنقص، وقد تنسى، وأما نقصان دينها فلأنها في حال الحيض تدع الصلاة والصوم، ثم تقضي الصوم. للمرأة أن تدرس الطب وغيره من العلوم النافعة بشرط أن تلتزم بالحجاب، وأن تبتعد عن مزاحمة الرجال، والخلوة بالأجنبي، وأن يكون سيماها العفاف والحياء والحشمة، فالعلوم النافعة ليست حكرًا على الرجال، بل هي علوم مشتركة مشاعة للجنسين. نعم، الإسلام دستور شامل للسياسات، والاقتصاد، والاجتماع، والإعلام، وكل مناحي الحياة، فهو منهجُ حياةٍ وشريعةُ دولةٍ، وكل أفعال الناس وتصرفاتهم ومشاعرهم، وأفكارهم يجب ن تخضع لحكم الإسلام، فلا يجوز أن يخالفه منها شيء؛ (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ) ] الأنعام:162-163 [. ليس للمرأة أن تُرشَّح لمنصب رئاسة الدولة، أو القضاء، أو غير ذلك من الولايات العامة، ولها الولاية على بنات جنسها كمديرة مدرسة نسائية، أو قسم نسائي، أو إدارة نسائية، ونحو ذلك. وقد ذهب عامة أهل العلم إلى هذا، إلا ما حُكي من الأقوال الضعيفة عن آحادهم في هذا، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً" أخرجه البخاري (4425) . ولم يُعْهَد أن النبي صلى الله عليه وسلم ولَّى في عهده امرأةً على

لباس المرأة وحجابها وعورتها

شخص مصاب بالتوحّد، فهل أحتجب عنه؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 4/7/1422 السؤال لدي ابن عم في الثامنة عشرة من عمره مصاب بمرض " التَّوحُّد " وأنا لا أحتجب عنه.. ما رأي فضيلتكم مأجورين الجواب تختلف حالات الإصابة بالتوحُّد، فإذا كانت الإصابة شديدة فإنه يكون من غير أولي الإربة، ولا يكون لديه تفاعل مع من حوله بما في ذلك النساء. فحينئذ لا يجب الحجاب عنه لقوله تعالى: ((والتابعين غير أولي الإربة من الرجال)) قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: هو المغفّل الذي لا شهوة له. وقال مجاهد: هو الأبله. وكذلك قال غير واحد من السلف. وأما الإصابة الخفيفة فإنه يكون بوضع الرجل الطبيعي من حيث الشهوة والإدراك، وبالتالي فإن الأصل البقاء على الحكم العام وهو الاحتجاب عن الرجال الأجانب، وهو منهم، ما لم يتضح أن إصابته من النوع الشديد الذي يُفْقِدهُ الإربة في النساء والتفاعل مع من حوله، والله أعلم.

رؤية صورة المرأة

رؤية صورة المرأة المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 27/6/1422 السؤال هل يجوز للمرأة أن تكشف صورها للرجل الأجنبي، وفي الصورة صورتها وهي صغيرة قبل سن البلوغ؟ الجواب أما صورها بعد البلوغ فلا يجوز لأجنبي أن يراها، ولا يجوز لها أن تمكنه من ذلك، إلا لحاجة معتبرة شرعاً، كرؤية في خطبة زواج، أو للتحقق من الهوية ممن له هذا الحق. ويجب أن تكون الصورة تُظهر المرأة وهي محتشمة لا يبدو منها إلا وجهها فقط؛ لأن ترك الحجاب في الصورة كان للحاجة، والحاجة تقدر بقدرها، وقدرها كشف الوجه فحسب دون الشعر، والنحر، وسائر أجزاء الجسم. ومن المعلوم ثبوت الأدلة الموجبة للحجاب، ومنه حجاب الوجه ومنها قوله -جل وعلا-: ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن)) وقد فسر ابن عباس -رضي الله عنهما- الإدناء بتغطية الرأس، والوجه، والنحر، ويقول الله -جل وعلا- ((ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن)) . هذا إن كانت الصورة تبدي المرأة وهي غير محتجبة، فإن كانت تبديها محتجبة فلا أعلم في ذلك حرجاً. وأما صورها قبل البلوغ، فيجوز للأجنبي النظر إليها؛ لأنه يجوز النظر إلى صاحبة الصورة مباشرة، فجوازه لصورتها أولى، وذلك لعدم وجوب الحجاب على غير البالغة، ولأن عورتها ما بين السرة والركبة، فهذه العورة هي التي لا يجوز النظر إليها لا مباشرة ولا في صورة. والله أعلم.

عورة المرأة أمام المرأة

عورة المرأة أمام المرأة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 6/5/1422 السؤال أريد أن أذهب إلى طبيبة نساء فهل يجوز أن تكشف على بطني مثلا وماهي حدود عورة المرأة مع المرأة الجواب الجواب: حدود عورة المرأة للمرأة عند الحاجة ما بين السرة إلى الركبة، إلا أنه من باب التمسك بالآداب والأخلاق الفاضلة، أن لا تكشف المرأة أمام النساء الأخريات عن شيء من جسمها، الذي لم تجرِ العادة بكشفه. وهناك فرق بين كشف المرأة شيئاً من جسمها أمام امرأة للتداوي أو للولادة أو لحاجة ما، وبين أن تكشف المرأة عن ذلك اختياراً بلا حاجة ولا ضرورة؛ فيجوز في حال الضرورة؛ وينهى عنه لغير ذلك. والله أعلم.

لبس المرأة للبنطال

لبس المرأة للبنطال المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 15/5/1422 السؤال ما حكم لبس بنطلون الـ (جينز) وملابس الـ (تي شيرت) للمرأة والفتيات، وما يجسّد العورة وإن كان بين النساء؟ فإن ذلك قد أدى إلى ظهور الفتن، وإثارة الغرائز. الجواب لا يجوز للمرأة لبس ما يصف جسمها لضيقه، أو رقّته؛ لما في ذلك من الفتنة للرجال، والقدوة السيئة للنساء ا. هـ. وينبّه على أن بنطلون (الجينز) ، و (التي شيرت) من ملابس الإثارة والإغراء، لأنها تحدد حجم الأعضاء، وتستر ما فيها من عيوب؛ ولذا لا يجوز للمرأة لبسها إلا على سبيل الإغراء والإرضاء لزوجها فقط. وليس لها أن تبدو بها أمام الرجال أو النساء، لما في ذلك التبرج والفتنة، وهتك الحياء. والله أعلم.

لبس التنورة المفتوحة بين النساء

لبس التنورة المفتوحة بين النساء المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 18/4/1424هـ السؤال ما حكم لبس المرأة التنورة المفتوحة من جهة الساق حيث يظهر نصف الساق أو أعلى من نصفه بقليل وذلك عند النساء؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب من حيث العورة لا يعتبر هذا عورة بالنسبة للمرأة بين النساء، لكن ينبغي للمرأة ألا تتزين بزي الفساق، ولا بزي الأجانب من الغربيين ونحوهم، ينبغي للمرأة أن تكون ملابسها ملابس ساترة، وألا يجرها حب محاكاة الآخرين إلى أن تعرض نفسها للفتنة، فإن المرأة إذا تعودت أن تلبس ملابس فيها شيء من إبداء الزينة عند النساء؛ ربما يجرها ذلك إلى أن تبديها عند الرجال الأجانب، وهذا منزلق خطير يقع فيه كثير من النساء في هذا الزمن، خاصة في حفلات الأفراح ونحوها، فإن الملاحظ أن بعض النساء ترتدي ملابس تكون فيها متبرجة، وتظهر بمظهر لا تصلح أن تكون فيه إلا أمام زوجها، فيجب على المرأة أن تعتد بما هي عليه من أخلاق إسلامية، وتحافظ على تقاليدها وكرامتها، والله الهادي إلى سواء السبيل.

الحجاب الكامل

الحجاب الكامل المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 5/2/1424هـ السؤال أنا فتاة كنت مغنية، وسمعت عن وجوب الحجاب الكامل للمرأة حتى كفيها وعينيها، ولكن صديقاتي أخبرنني أن العلماء اختلفوا، أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وبعد: الله - سبحانه وتعالى- نهى عن التبرج فقال: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" [الأحزاب: من الآية33] ، قيل التبرج هو: (1) التبختر والتكسر (2) إظهار الزينة وإبراز المرأة محاسنها للرجال. ومما يفسر المراد بالتبرج قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"، أخرجه مسلم (2128) . وأمر الله - سبحانه- بالحجاب فقال: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59] ، فما هو الجلباب؟ قال ابن كثير: الجلباب بمنزلة الإزار اليوم، وقال القرطبي: الثوب الذي يستر جميع البدن. وفي صحيح مسلم (890) عن أم عطية قالت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: "لتلبسها أختها من جلبابها"، إذن الجلباب - الإزار - الثوب، والجلباب بالمعنى اللغوي: ما يغطى به ما دون الرأس، وأما ما يغطى به الرأس والصدر والنحر فهو: (الخمار) وقد قال الله تعالى في سورة النور "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" [النور: من الآية31] ، خمرهن: جمع خمار وهو غطاء الرأس، جيوبهن: جمع جيب وهو فتحة العنق. وما المراد بـ (الإدناء) قال مجاهد: هو الشد على الجباه، وبنحوه قال سعيد بن جبير وعكرمة وغيرهم. وأما عن إبداء الزينة: فقد قال الله تعالى: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور: من الآية31] ، وقد اختلف أهل العلم في الزينة الظاهرة على أقوال: (1) هي الثياب الظاهرة، يروى عن ابن مسعود - رضي الله عنه-. (2) هي الوجه والكحل والخاتم والسواران، يروى عن ابن عباس، وعائشة - رضي الله عنهم-, ومن التابعين سعيد ومجاهد وعطاء. (3) هي الوجه والثياب، يروى عن الحسن البصري، فصارت الأقوال إلى قولين: الثياب والوجه والكفان. والقول الثاني هو المشهور عند الجمهور كما يقول ابن كثير، قال ابن جرير: (وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: عني بذلك الوجه والكفان، قال: المرداوي في الإنصاف

(8/27) وهذا الذي لا يسع الناس غيره، خصوصاً للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم) ، ولكل من القولين استدلالات ليس هذا موضع بسطها، لكن الذي أريد قوله أن الخلاف في هذه المسألة قديم ومعروف ولا يجوز تجاهله، وهو من مسائل الاجتهاد لا من مسائل القطع، كما لا يجوز أن تكون هذه المسألة سبباً للتفرق والخلاف المذموم والحط والتنقص من أقدار العلماء، كما أنبه على أن صواب القول ورجحانه لا يكتسب ذلك من موافقته للعادات والتقاليد، بقي أن نعلم: أنه وحتى على قول القائلين بجواز كشف الوجه واليدين فيجب سترهما عند الفتنة خوفاً أو تحققاً، حيث يكون الستر لأمر خارج وهو الفتنة، كما أن الفقهاء القائلين بوجوب ستر الوجه واليدين يقولون بتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان، والأحوال والأشخاص، وبالتالي فإذا كانت المرأة في بلد أو زمن أو حال لا تستطيع ستر وجهها وكفيها لأسباب اجتماعية، أو سياسية، أو أمنية، وتتعرض لأذى أو تفوتها مصلحة أعظم جاز لها كشف الوجه واليدين، وكذلك حال التي ابتليت ووقعت بالسفور والخلاعة و.. تريد أن تتوب ويكون إلزامها بستر وجهها وكفيها مما يعوقها عن التوبة فلا يجوز والحالة هذه إلزامها بذلك، ومن ألزمها بذلك فقد غلط، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- (ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق) ، وليعلم أن التضييق والتعسير ليس من الفقه في شيء، وما أوقع الناس في الحيل والمحرمات إلا التضييق، ألا ترى أن بعض النساء في بعض المجتمعات تلجأ إلى إظهار العينين الفاتنتين ممن لو رأيت وجهها لوليت مدبراً ولم تعقب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (لقد تأملت غالب ما أوقع الناس في الحيل فوجدته شيئين: إما ذنوب جوزوا عليها بتضييق في أمورهم فلم يستطيعوا دفع هذا الضيق إلا بالحيل فلم تزدهم الحيل إلا بلاء..وإما مبالغة في التشديد لما اعتقدوه من تحريم الشارع فاضطرهم هذا الاعتقاد إلى الاستحلال بالحيل، وهذا من خطأ الاجتهاد) ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

صلاة المرأة في البنطال الفضفاض

صلاة المرأة في البنطال الفضفاض المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 19/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي لا ترتدي إلاالقميص والبنطال الفضفاض؟ الجواب الواجب على المرأة المسلمة ارتداء اللباس الضافي في كل وقت لأن المرأة الحرة كلها عورة ويجب عليها الحجاب لقوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن" [الأحزاب: 59] وقوله تعالى: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" [النور:31] . والمرأة المسلمة إذا سترت جميع بدنها وشعرها في الصلاة ولم تظهر إلا وجهها وكفيها صحت صلاتها، وإذا ظهر شيء من بدنها غير الوجه والكفين لم تجزئ صلاتها، وكون المرأة تصلي في قميص وبنطال فضفاض إذا كان ساتراً لجميع بدنها فصلاتها صحيحة، ولا ينبغي للمرأة المسلمة أن تصلي في مثل هذا اللباس إلا أن يكون عليها لباس خارجي كالشرشف والعباءة ونحو ذلك، ويلاحظ هنا أن ستر شعر المرأة واجب عليها سواء كانت في الصلاة أوغيرها، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

عورة الأمة

عورة الأمة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 3/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل عورة الأمة من السرة إلى الركبتين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فتختلف العورة في مسألة النظر عن العورة في الصلاة، وذلك أن الموضع المعين من البدن قد يكون عورة في الصلاة ولا يكون عورة خارجها؛ كرأس المرأة الذي يجب عليها ستره في الصلاة ولا يجب خارج الصلاة أمام محارمها، وكوجه المرأة الذي تستره أمام الأجانب وتكشفه في صلاتها. والمرأة لا تصلي إلا مستورة جميع البدن عدا الوجه، ولو لم يكن عندها إلا زوجها لأن ستر الصلاة لحق الله، وستر العورة خارجها لمنع الفتنة والفساد. والأمة في الصلاة - عند عامة أهل العلم- يجوز لها أن تصلي مكشوفة الرأس. وقيل عورتها في الصلاة كعورة الرجل من السرة إلى الركبة، وهو قول مشهور في مذهب الإمام أحمد والشافعي (المغني 2/332) . وإنما حجتهم الحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً:"إذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته، فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة" سنن أبي داود (496) سنن الدارقطني (1/230) بإسناد حسن. وهذا ضعيف في الدلالة؛ لأنه في النظر لا في الصلاة، ثم الظاهر أن المراد منه أن من زوج أمته التي يباح له وطؤها؛ فليس له أن ينظر إلى تلك العورة؛ لئلا تباح لرجلين. فإن الحديث علق عدم الرؤية على الزواج فمفهومه الإذن له بالرؤية قبله فتأمل، وقد حمله البيهقي على عورة الرجل مع طعنه في صحته (السنن الكبرى 2/83) ، والظاهر أن عورة الأمة ما دون رأسها وذراعيها وساقيها مما يظهر غالباً. لأن الأمر بالحجاب أمر عام والأصل في التشريع أنه عام، لا يختص إلا بدليل، وقد ورد أن عمر كان ينهى الإماء عن التقنع (وهو تغطية الرأس) ويقول: إنما القناع للحرائر، وضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة، وقال: اكشفي رأسك ولا تشبهي بالحرائر. (سنن البيهقي 3305) وصححه. وهذا اشتهر في الصحابة ولم ينكر، كما أن ذلك يظهر عادة عن الخدمة والتقليب للشراء، وأما في خارج الصلاة فإن خشيت الفتنة بهن كالإماء الحسان؛ فيجب عليهن ستر جميع بدنهن فإن المقصود من الحجاب هو ستر ما يخاف منه الفتنة بخلاف الصلاة. وإن لم تخش الفتنة كما كان الإماء في الصدر الأول، وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فليس عليهن حجاب كحجاب الحرائر، وهن كالقواعد من النساء قال تعالى فيهن:"ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة" [النور:60] ، هذا هو الظاهر لي، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

الخلاف في الحجاب

الخلاف في الحجاب المجيب سليمان بن عبد الله الماجد القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 23/10/1422 السؤال السؤال: أرجو إفادتي في أمر النقاب. هل هو فرض أم فضل، ولم اختلف الأئمة في هذا الأمر، وقد قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم" ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاقٍ بعيد" صدق الله العظيم. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده أما بعد: أصح أقوال أهل العلم أن تغطية الوجه واجبة على جميع النساء، فهي فرض، وفضل، وليست فضلاً فقط. وهناك من أهل العلم من يقول: إن هذا مستحب وليس واجباً، ولكل فريق دليله، والصحيح ما ذكرناه من وجوب تغطية الوجه. وأما الاختلاف المذكور في الآية فليس كما ظنت الأخت السائلة أن المقصود به اختلاف الفهم بين الفقهاء في المسائل الاجتهادية كمسألة الحجاب، وهذا الاختلاف المذموم الوارد في الآية يحتمل عند المفسرين احتمالات منها: 1-أن هذا الاختلاف هو حال من يأخذ ببعض الكتاب ولا يأخذ ببعضه الآخر. 2-أن المقصود بهذا الاختلاف هو اختلاف مشركي مكة في القرآن؛ فمنهم من يقول: هو سحر، ومنهم من يقول: هو شعر، ومنهم من يقول: هو كهانة، ومنهم من يقول: هو أساطير الأولين. 3-أنه اختلاف اليهود والنصارى في ورود صفة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- في كتبهم؛ فمنهم من يقول: وردت، ومنهم من يقول: لم ترد؛ فهذا اختلافهم في الكتاب. فليس المقصود بالاختلاف في الآية خلاف الفقهاء في المسائل الاجتهادية. وأما سبب خلاف الفقهاء في هذه المسائل وأمثالها فله أسباب منها: 1-عدم اطلاع العالم على دليل العالم الآخر. 2-عدم معرفته بصحة دليل الآخر. 3-تفاوت درجات الفهم بين العلماء. 4-غلبة التقليد ومتابعة المألوف عند البعض. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل من حق الزوجة ألا ينظر زوجها إلى الأجنبيات

هل من حق الزوجة ألا ينظر زوجها إلى الأجنبيات المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 26/9/1422 السؤال هل من حق الزوجة على زوجها ألا يشاهد النساء إذا كان نظر الزوج للنساء يؤذي الزوجة نفسياً؟ هل نظره للنساء يعني أنه أخطأ في حقها، وبالتالي تتقاضى منه يوم القيامة؟ علماً أنها تقول له دائماً: أنا لا أسامحك على النظر؟ الجواب الحمد لله وبعد: لا يجوز للزوج ولا غيره من الرجال النظر إلى النساء الأجنبيات سواء كان النظر في صورة أو حقيقة، ولأجل ذلك جاءت النصوص الشرعية الكثيرة في إيجاب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب - أي غير المحارم - ومن ذلك قوله - تعالى -:" يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً " [الأحزاب: 59] . وقال - تعالى -: " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن....." [الأحزاب: 53] وقال - تعالى -: " وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... " الآية بطولها من سورة [النور:31] " والخمار في الآية هو ما تجعله المرأة على رأسها فينحدر على وجهها وجيبها، ويراد به: نحرها، فالجيوب هي: النحور والصدور، فإذا وضعت المرأة خمارها على رأسها، وسترت به نحرها وصدرها استلزم ذلك ستر الوجه؛ لأنه بين الرأس والنحر، ومن الأدلة الصحيحة الواردة في السنة ما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عائشة - رضي الله عنها - في قصة الإفك حين أقبل إليها صفوان بن المعطل السلمي - رضي الله عنه - قالت: " فخمرت وجهي ... " أخرجه البخاري (4141) ، ومسلم (2770) ومنها ما في الصحيحين من حديث عائشة في نظرها إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد يوم العيد ... " فأقامني وراءه خدي على خده " أخرجه البخاري (2907) ، ومسلم (892) فكان يسترها خلفه - عليه الصلاة والسلام - وهي تنظر ولا ينظرون إليها. ومنها ما في البخاري (1838) :" لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين " فدل مع احتجابها بالنقاب - إن احتاجت إليه - في غير حال الإحرام، وبالإضافة إلى ما ذكرنا من الأدلة - على وجه الاختصار - فإن النظر الصحيح يدل على تحريم النظر إلى النساء الأجنبيات، ووجه ذلك أن النظر سبب الزنى، فإن مَنْ أكثر النظر إلى جمال امرأة مثلاً قد يتمكن بسببه حبها من قلبه تمكناً يكون سبب هلاكه - والعياذ بالله -. قال الوليد بن مسلم الأنصاري: كسبتْ لقلبي نظرةً لتسرّهُ عيني فكانت شقوة ووبالا ما مر بي شيٌء أشد من الهوى سبحان من خلق الهوى وتعالى

وخلاصة الأمر أن الزوج وغيره من الرجال ممنوعون من النظر إلى النساء الأجنبيات حتى لو رضيت الزوجة ولم تمانع أن ينظر زوجها إليهن، ذلك أن تحريم النظر المذكور هو تشريع إلهي محض، وحكم رباني خالص، وهدي نبوي صارم، وليس مجرد حق شخصي للزوجة أو غيرها من النساء، ومع ذلك نقول: إنَّ نظر الزوج إلى المرأة الأجنبية فيه إيذاء بلا ريب لزوجته، وإساءة لعشرتها، وجرح لمشاعرها يعرضه لعقوبة الله وسخطه - عياذاً بالله - قال الله - جل شأنه -: " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ... ". [الأحزاب: 58] . ومما يجدر ذكره في هذا المقام أنَّ على الزوجة أن تجتهد في إعفاف زوجها بحسن التبعل له، وإطابة العشرة معه، وإدامة التزين والتجمل بحضرته حتى تقر عينه، وتسعد نفسه، ويهنأ قلبه، ويعف فرجه عن الحرام وأسبابه. وعلى الزوجة كذلك أن تجتهد في تطهير بيتها من أسباب الفتنة ووسائل الإفساد من الدشوش والمجلات ونحوها ولو بالتدريج، وسياسة الخطوة خطوة ... ، حتى ينعم الزوجان ببيت خالٍ من أسباب الشر ومزالق الفتنة. أما أن ترضى الزوجة بوجود التلفاز في كل حجرة من البيت، والمجلة الهابطة في كل زاوية من زواياه، وتظل الساعات الطوال قابعة أمام القنوات العارضات لكل قبيح ورديء وفاحش، ثم تنقم على زوجها أن يشاركها الإثم، ويقاسمها الخطيئة فهذا عجيب ومريب. فاحرصن معاشر الزوجات على إرضاء خالقكن، والتزام أوامره - سبحانه - في كل صغيرة وكبيرة من حياتكن، حينها ستجدن أثر الطاعة ونتيجة الاستجابة في أخلاق أزواجكن وسائر أموركن، قال - جل شأنه-:" من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " [النحل: 97] والله المسؤول أن يصلح مجتمعات المسلمين وبيوتهم ورجالهم ونسائهم وذرياتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

لباس المرأة الشرعي

لباس المرأة الشرعي المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 6/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعدما رأيت من مخالفات شرعية لنساء يعددن أنفسهن من نساء الحركة الإسلامية، وهن لاجئات من أجل ذلك، أوجه لكم السؤال التالي (من شقين) : (1) ما شروط وصفات اللباس الشرعي؟ (2) هل هو قطعتان أم قطعة واحدة؟ وما هو الجلباب؟ وشكراً جزيلاً. الجواب الحمد لله وبعد، وعليكم السلام ورحمة الله وبعد: أخي في الله يشترط في الحجاب الشرعي: 1. أن يكون ساتراً للجسد كله. 2. أن يكون واسعاً، لا يجسد بدن المرأة، أو يظهر تقاسيم جسمها. 3. ألاً يكون زينة في ذاته، بمعنى أن يخلو من الألوان والأشكال والزخارف المثيرة. 4. ألا يكون مُعطراً أو مبخراً. 5. أن يكون ملائماً للعرف السائد في البلد من حيث لونه وشكله. وأما هل يكون قطعة أو قطعتين؟ فالأمر في هذا واسع، فإن كانت عادة نساء البلد لبس قطعة واحدة فلا بأس، وإن كانت عادتهن لبس قطعتين فلا بأس، شريطة التقيد بالشروط المذكورة أعلاه، والله أعلم.

لباس المرأة في الصلاة

لباس المرأة في الصلاة المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 11/4/1423 السؤال هل يجوز للمرأة أن تصلي بالبنطلون الفضفاض أو الضيق أو السراويل الضيقة، أو ما يسمونه في مجتمعنا (الفيزون) ؟ وأرجو من فضيلتكم بيان الزي الواجب على المرأة في الصلاة مع ذكر الأدلة؟ وهل ما روي عن أمهات المؤمنين والصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين -رحمهم الله- من ذكر الدرع والخمار هو أقل الزي المجزئ في الصلاة؟ الجواب اللباس الواجب على المرأة في الصلاة هو اللباس الساتر لجميع بدنها ما عدا الوجه والكفين إلا إذا كانت تصلي بحضرة رجل أجنبي فيجب عليها حينئذ أن تستر وجهها وكفيها أيضاً؛ لأنه صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" رواه أحمد (25167) وأصحاب السنن (الترمذي (377) أبو داود (641) ابن ماجة (655) إلا النسائي. والمراد بالحائض: البالغة؛ ولأن المرأة عورة، كما في الحديث: "المرأة عورة" (رواه الترمذي وابن حبان) . وقد سألت أم سلمة -رضي الله عنها- النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المرأة تصلي في درع وخمار بغير إزار، فقال: "إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها" رواه أبو داود (640) مرفوعاً، وصحح الأئمة وقفه على أم سلمة، كما ذكره ابن حجر في بلوغ المرام) . وينبغي أن يكون اللباس ساتراً وواسعاً غير شفاف ولا ضيق؛ لما ثبت في (صحيح مسلم 2128) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما -وذكر منهما- ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ... " قال العلماء: الكاسية العارية، هي: التي تلبس ثياباً تصف الجسم ولا تستر. وإذا صلت المرأة وقد ظهر شيء من عورتها كالساق، أو الذراع، أو الرأس، أو النحر، أو كان اللباس شفافاً لم تصح صلاتها. فينبغي على الرجال وعلى النساء وأولياء أمورهن الحرص على أداء الصلاة والعناية بشروطها، والحذر مما يبطلها، فإن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين. أما لبس المرأة البنطلون، فقد قال العلماء: إنه لا يجوز؛ لأن فيه تشبهاً بالرجال وتشبه النساء بالرجال منهي عنه؛ لما ثبت من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال ... " رواه أحمد (3151) ، وأبو داود (4097) ، والترمذي (2784) ، وابن ماجة (1904) . وأنصح الأخ السائل بالرجوع إلى ما كتبه العلماء في لباس المرأة وهو كثير، وفق الله جميع المسلمين إلى الفقه في الدين.

لبس القفاز والجورب للمصلية

لبس القفاز والجورب للمصلية المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 26/10/1423هـ السؤال هل يجوز أن تصلي المرأة في بيتها بدون قفازين وجوارب وفي المسجد أيضاً؟ الجواب يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها وقدميها في الصلاة إذا لم تكن في حضرة أجانب، إذ ليس لمن قال بوجوب تغطية الكفين والقدمين دليل واضح على ما يذكره، وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية.

حجاب الحرة والأمة

حجاب الحرة والأمة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 11/7/1423هـ السؤال في مساجلة مع أحد المشككين في حجاب المرأة وأنه فرض من الله -سبحانه وتعالى-، أرجع فرضه إلى التمييز بين الحرائر والإماء، واستدل من ذلك على أنه حيث لا توجد الآن إماء فلا داعي للحجاب وإرسال الجلابيب. كان ردي عليه عبر الإنترنت الآتي: أن المرجع في حالة التنازع كما وجهنا الإسلام هو إلى الله -سبحانه وتعالى- ورسوله - عليه الصلاة والسلام - فقط، "وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ... " ولا توجد آية واحدة أو حديث واحد من قول الرسول -عليه الصلاة والسلام- يربط الحجاب بالحرائر والإماء، والآية لم تفرق بين الحرائر والإماء، فهل من المعقول أن يكون هناك تمييز لتعرف الحرائر فلا يؤذين وتعرف الإماء فيؤذين؟ وهل هي دعوة للمنافقين ليفعلوا بالإماء ما يشاؤون؟ وهل هذه هي روح الإسلام ومفاهيمه؟ إذا كان هناك من فهم هذا فهو شيء خاص به، وليس حجة على الإسلام. أما موضوع فلا يؤذين، فقد أشرت إلى بقية الآيات التالية، وهي واضحة أنه قد صارت دولة لها كيانها في المدينة لها تشريعاتها وقوانينها الرادعة لحماية نسائها سواء كن حرائر أم إماء، من المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً*لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً*مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً"، غير أني صعقت حينما أخذت أقلب في التفاسير وفي بعض الأحاديث، حيث وجدت إصراراً على ذكر هذا المعنى الذي لم ينطق به الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولا يوجد حديث واحد من قوله -عليه الصلاة والسلام-، والأحاديث الموجودة هي فهم من الصحابة، فهل من المعقول أن تميز الإماء وهن من نساء المؤمنين ليكن عرضة للإيذاء؟ والله أنا في أشد الحيرة من أمري، أفيدوني، جزاكم الله خيراً. الجواب أعانك الله على مجاهدة أعدائه، وثبتنا وإياك على طاعته، وزادنا وإياك بصيرةً في دينه. ليس صحيحاً أن علّة إيجاب الحجاب هي لأجل التفريق بين الحرة والأمة، ولكن يمكن اعتبار هذا التفريق الحاصل بين الحرائر والإماء فائدة من فوائد الحجاب، فإن الحجاب مختص بالحرائر دون الإماء. وإنما علة إيجاب الحجاب هو خشية أن يفتتن الرجال بهن ودرءاً لذرائع الفاحشة، ويدل لذلك الأمور التالية: أولاً: يدل لهذا قوله -تعالى-:"وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب" [الأحزاب: 53] ، ثم قال:- تعليلاً لهذا الأمر-:"ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب: 53] .

ثانياً: كما يدل على أن علة إيجاب الحجاب هو هذا أمرُه -سبحانه- للمؤمنين أن "يغضوا من أبصارهم" [النور: 30] وأمرُه للنساء بقوله:"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... " [النور: 31] ثم قال:"ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن" [النور: 31] ، فإذا نُهيت المرأة عن ضرب رجلها لئلا يُعلم ما تخفي من زينتها، فكيف يسوغ لها أن تبدي مفاتنها مما أمر بستره عن الرجال؟ ثالثاً: ترخيصه عز وجل للقواعد من النساء أن يضعن ثيابهن، كما في قوله -تعالى-:"والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة" [النور: 60] . والمقصود بالثياب التي رخص الله لهن أن يضعنها الجلباب والرداء، كما فسّر ذلك ابن عباس وابن عمر ومجاهد وابن جبير والنخعي والحسن البصري وقتادة والزهري والأوزاعي وغيرهم، فدل على أن غير العجائز مأمورات بالحجاب؛ لتحقق الفتنة بهن. ثم لو كان الحجاب لأجل التمييز بين الحرة والأمة فحسب، فما معنى أن يُرخَّص للعجائز أن يضعن ثيابهن؟ رابعاً: إجماع الأمة من لدن عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا على أن الحجاب واجب على كل بالغة من النساء الحرائر، ولم ينقل عن أحدٍ القول بأن العلة هي تمييز الحرة من الأمة. خامساً: أن الأَمَةَ إذا خيفت الفتنة بها كان عليها أن تحتجب كالحرة، لأنه تتحقق من عدم احتجابها المفسدة ذاتها التي خافها الشرع من تكشّف الحرائر؛ فإذا استُثنيت القواعد من النساء من وجوب الحجاب لزوال المفسدة الموجودة في غيرهن، فمن باب أولى أن تستثنى بعض الإماء من الترخيص بإباحة كشف الرأس والوجه واليدين إلى إيجاب الحجاب عليها درءاً للفتنة بذلك. سادساً: الذي يظهر أن المقصود بقوله -تعالى-:"ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين" [الأحزاب: 59] أي يُعرفن بالعفة والحياء والحشمة والستر؛ فلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، بخلاف السافرات المتبرجات المتبذِّلات، وهذا ما يشهد له الواقع، فإن المرأة إذا خرجت متسترة متحجبة الحجاب الشرعي الكامل ولم تصدر منها حركة ريبة كانت في مأمنٍ -غالباً- من أذية ومضايقة أهل الأهواء والشهوات، إما إذا خرجت متبرجة متزينة -ولو لم تقصد بذلك الفاحشة أو إغواء الرجال- فإنها تكون عُرضةً لأذية ومضايقة أصحاب القلوب المريضة، ويكون طمعهم فيها أشد، ورجاؤهم في استجابتها لهم أقوى وأقرب، والله المستعان.

لباس المرأة أمام محارمها

لباس المرأة أمام محارمها المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 1/12/1422 السؤال هل للمرأة أن تلبس الملابس القصيرة, والتي تبدي ذراعيها وكتفيها وأجزاء من صدرها وظهرها أمام إخوانها ومحارمها؟ الجواب اللباس مشروع للتجمل، كما أنه مشروع أيضاً لستر العورات، وهذا هو المقصد الأعظم منه، ولذلك قدّمه الله - تبارك وتعالى - على غيره بأن ذكره أولاً، حيث قال - جل ذكره -: " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ... " الآية [الأعراف:16] وستر العورات فيه مصلحة للإنسان المستتر نفسه؛ لأنه يأمن به من اطلاع غيره على عورته، وفيه أيضاً جانب آخر في غاية الأهمية، وهو درء المفسدة التي تثور بانكشاف العورات المؤدي إلى تحريك الشهوات، والوقوع في الفواحش، وقد أمر الله النساء المسلمات -على وجه الخصوص- بالحجاب الذي يستر زينتهن، وعلل ذلك بدفع الأذى عنهن من أصحاب السوء، فقال مخاطباً نبيه - عليه الصلاة والسلام -: " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً" [الأحزاب:59] ومع ذلك فإن هذه الشريعة المطهرة شريعة واقعية تراعي رفع الحرج ودفع العنت عن المكلفين في أحكامها "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج:78] ولهذا خففتْ حكم الحجاب بالنسبة للمرأة مع محارمها؛ نظراً لكثرة المخالطة وحرمة النكاح، والأمن من الفتنة غالباً، فلا حرج عليها في إبداء وجهها وكفيها ورأسها ورقبتها وقدميها وبعض ساقيها للحاجة للحركة والخدمة، وما في حكمها، وهذا كافٍ في رفع الحرج ودفع المشقة. قال - تعالى -:"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ... " الآية [النور:31] . أما صدر المرأة وظهرها وبطنها وفخذها ونحوه، فهذا لا يجوز كشفه إلا للزوج أو في حال التداوي بشرطه. وجواز إبداء الزينة لمن ذكر مشروط بالأمن من الفتنة، إذ الغالب على الإنسان السوي ألا ينظر إلى محرمته نظر الريبة والشهوة، فإذا لم تؤمن الفتنة حرم على المرأة أن تبدي هذه الزينة للمحرم، وعلى المرأة المسلمة أن تتجمل بالحياء والستر في كل حال؛ لأنه أبعد عن الشبه والريب، حتى في الأحوال التي يباح لها فيها كشف بعض زينتها، ولنتأمل ما في التوجيه الإلهي للنساء الكبيرات اللاتي لا رغبة لهن في النكاح ولا يرغب فيهن الرجال، فإنه من أقوى الأدلة على أهمية الاحتشام، يقول الحق - تبارك وتعالى -: " والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خيرٌ لهن والله سميع عليم " [النور:60] .

الاحتشام وكشف الوجه

الاحتشام وكشف الوجه المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 21/2/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فقد كثر الكلام في موضوع الحجاب، وهل تغطية الوجه سنة أم واجبة؟ وهذا الكلام يدور بين من تربت في الجزيرة العربية وبين أهل الشام ومصر والعجم، والقضية تدور حول الاجتهاد الفقهي في هذه المسألة، فالمصلحات ممن تربين خارج بلاد الحرمين أثبتن للعوام والمتبرجات بأن تغطية الوجه سنة، وأن العلماء اتفقوا على تغطية القدمين وسائر البدن بلبس فضفاض خال من الزينة، ولكن بما أن تغطية الوجه مختلف فيها، والراجح عندهم أنها سنة، فلا يعتبر كشف الوجه من التبرج، وإحدى المصلحات اطلعت على أدلة المبيحين وأدلة المحرمين في مصر، فغلبت أدلة المبيحين على أدلة المحرمين لكشف الوجه، والشاهد يحفظك الله، أني أريد جواباً كافياً شافياً لهذه المسألة من كل الجهات، لأني أخاطب قوماً حجتهم قوية، وبعضهم عنده داء الجاهلية والعصبية لبعض شيوخهم، وأنا حجتي ضعيفة وغريبة في وسطهم، فهم كثير في ديار الغربة، ولا أجد من أهل العلم من يساعدني في هذا البلد، لا من العرب ولا العجم، وهناك بعض النقاط أتمنى توضيحها؛ وهي: هل حقا هناك خلاف في مسألة الحجاب بين ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهم -؟ ثم هل كان مجرد خلاف نظري بين الأئمة الأربعة إلى أن قامت الثورة في مصر؟ وما حكم الاستناد إلى حديث عائشة - رضي الله عنها - في قصة دخول أسماء - رضي الله عنها - على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بثياب شفافة؟ ويا ليتك عرضت لهم أدلة المبيحين والمحرمين بالتفصيل؛ لأن هنا من لا يقتنع بسهولة لغلبة المتفلسفين في هذا الموضوع، أما المتبرجات بالكلية ممن يرتدين البناطيل ويلبسن المسفع تهاونا وقلة دين فيا ليتكم تبعثون إليهن بموعظة تهز قلوبهن وتخوفهن من الله - سبحانه-، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. الجواب الحمد لله، وبعد: أخي في الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فإن مسألة الحجاب - بحمد لله - من المسائل التي قد وضحت في مشروعيتها الحجج والأدلة، وظهرت أحكامها، وتبينت عللها. وخلاصة الأمر أن العلماء متفقون على وجوب تغطية المرأة لسائر جسدها، إلا أنهم اختلفوا في الوجه والكفين وعند التحقيق تبين لكل منصف كثرة أدلة القائلين بوجوب تغطية المرأة وجهها وكفيها ورحجانها، وهذه بعض أدلتهم: أولاً: من القرآن الكريم: (1) قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59] . (2) قوله تعالى: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" الآية، [الأحزاب: 53] .

(3) قوله تعالى: "وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللآتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [النور:60] . ووجه الدلالة من الدليل الأول: أن الله تعالى قد أمر نبيه عليه السلام أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين بالحجاب الشرعي الذي هو تغطية الوجه، لأن ما عداه من الشعر والذراعين والساقين وغيرها لم يكن من عادتهن كشفه أصلاً، فلا وجه لحمل الآية على شيء مما ذكر إلا على الوجه الذي كان من عادتهن كشفه وإظهاره قبل نزول الحجاب. وجه الدلالة من الدليل الثاني: أن الله أمر عباده المؤمنين من صحابة نبيه الكريم - عليه السلام- ألا يسألوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من وراء حجاب، وبين علة التوجيه بأنه لضمان بقاء قلوب الجميع على الطهر والصفاء والبعد عن الريبة والشهوة، ومعلوم أن أقصر طريق لحدوث الفتنة، ووقوع القلب في شرك العشق والشهوة هو تبادل النظرات بين الجنسين، وتأمل العيون والخدود والشفاه والثغور - نسأل الله العافية - فلا مناص عن حمل الآية على الوجه مكمن الزينة ومحل الفتنة. وأما وجه الاستدلال من الآية الثالثة: فإن الله أباح للقواعد من النساء وهن العجائز الكبيرات اللائي قعدن عن النكاح والولد - أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، ومعلوم أن الثياب المباح وضعها في الآية هي ما يستر بها الوجه، إذ لا أحد يزعم أن المراد وضع الثياب عن الذراعين أو الساقين أو النحر أو شعر الرأس أو غيرها، فوجب حمل الآية على ثياب الوجه ومع ذلك اشترط الله عليهن ألا يتبرجن بزينة، وأرشدهن إلى أن الاستعفاف والإبقاء على غطاء الوجه خير لهن. وأما الأدلة من السنة فكثيرة جداً منها: (1) حديث عائشة - رضي الله عنها - المتفق عليه في البخاري (4141) ، ومسلم (2770) ، في قصة الإفك، وهو حديث طويل والشاهد منه قولها حين قدم عليها صفوان بن المعطل - رضي الله عنه- قالت: "فخمرت وجهي بجلبابي" وهذا صريح في تغطية الوجه. (2) جاء في صحيح البخاري (1838) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- قوله - عليه السلام-: "ولا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفازين" فدل على أن غير المحرمة يلزمها ذلك، وأن ذلك من عادتهن. (3) ما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - بسند صحيح عند ابن خزيمة في صحيحه (2691) ، والدارقطني في سننه (2/294) ، وغيرهما أنها قالت: "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ونحن محرمات، فإذا مر بنا الركب سدلنا الثوب على وجوهنا سدلاً". قلت: وذلك في الحج، فكن يكشفن عن وجوههن إذا كن خاليات بعيدات عن الرجال، لأن المحرمة لا تغطي وجهها، فإذا مر بهن الرجال غطين وجوههن. وأما أدلة القائلين بكشف الوجه فأبرزها حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي ذكرته السائلة وهو حديث ضعيف سنداً منكر متناً، وضعفه أبو داود نفسه في روايته له برقم (4104) . ففي سنده سعيد بن بشر وهو ضعيف، وقتادة وهو مدلس وقد عنعن الحديث، وخالد بن دريك وهو لم يدرك عائشة - رضي الله عنها- فالسند بينهما منقطع.

وباقي ما استدلوا به، إما منسوخ بأدلة الحجاب، أو غير صريح في جواز كشف الوجه، كحديث الخثعمية الذي رواه البخاري (1854) ، ومسلم (1334) ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أو مؤول، كحديث سفعاء الخدين الذي رواه البخاري (978) ، ومسلم (885) ، واللفظ له عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- والله أعلم. وبناء على ما تقدم يجب على كل منصف أن يتبع الحق، ويتخلى عن التقليد الأعمى، ويتجنب دواعي الهوى، وعلى كل امرأة أن تتقي الله في نفسها، فتدع التبرج والسفور، وتقليد الفاسقات والكافرات ممن استحوذ عليهن الشيطان فأوقعهن في مستنقع التقليد الأعمى، لبسن الضيق من الملابس والشفاف، أو البناطيل المجسدة للعورات، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله على محمد.

صالونات التجميل

صالونات التجميل المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 8/9/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخنا الفاضل: سجلت امرأتي في مدرسة للتجميل النسائي، وبعد تخرجها اشتريت لها محلاً جعلته صالونا للتجميل، وندمت على كل هذا. حيث تكونت لدي مجموعة من التساؤلات؛ منها: ما هو الراجح في عورة المرأة مع المرأة؟ وما هو حكم تدليك المرأة للمرأة؟ وما هو حكم أجرة التدليك؟ وما هو الراجح في النمص؟ وما هو حكم الأجرة المأخوذة عليه؟ وهل عمل المجملة جائز أصلاً في شرعنا الحنيف؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أما عورة المرأة أمام المرأة المسلمة فهي من السرة إلى الركبة، ويجوز لها أن تنظر إلى ما عدا ذلك، ولها أن تدلكه لها كذلك. لكن ليس للمرأة أن تكشف في مجتمع النساء العام إلا ما جرت العادة بكشفه مثل الشعر والنحر والساق والعضد ونحو ذلك، سداً لذريعة الفتنة، ولمنافاته للحياء والحشمة التي تمتاز بها المؤمنات العفيفات الغافلات، ولما في ذلك من التشبه بالكافرات، وكشف مثل هذه المواطن من البدن - وإن لم تكن عورة - قد يكون فيه تشبه بصنف من نساء أهل النار، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - "صنفان من أهل النار لم أرهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) أخرجه مسلم (2128) . وتدليك غير العورة يجوز ما لم يكن فيه إثارة للفتنة، وأما تدليك العورة فلا يجوز حتى ولو من وراء حائل؛ لأن العورة لا يجوز مسها ولا النظر إليها، والدلك لها أشد إثماً من النظر، وامتهان هذا العمل لا يجوز لما فيه من الاطلاع على العورات التي يجب سترها وصيانتها. أما إذا تقرر عند الأطباء الثقات ضرورة التدليك لعلاج مرض من الأمراض فحينئذ يجوز التدليك، ولكن الحاجة والضرورة تقدر بقدرها، فإذا تأتى التدليك من وراء حائل فلا يجوز أن تكشف العورة، وإذا كانت الحاجة تقتضي التدليك مباشرة من غير حائل فلا يجوز أن يكشف من العورة إلا ما تقتضيه الحاجة والضرورة. والراجح في مسألة النمص أنها خاصة بشعر الحاجبين، وأما نتف ما عداه من شعر الجسم فلا يعمه الوعيد الوارد في الحديث؛ لأن النمص في اللغة خاص بنزع شعر الحاجب، فيبقى ما عداه على الأصل وهو الإباحة. والوعيد عام لمن قامت بعمل النتف، ولمن طلبت من غيرها أن تنتف لها حاجبها، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله النامصة - وهي التي تنتف شعر الحاجب سواء كان حاجبها هي أو غيرها - والمتنمصة - وهي التي تطلب من غيرها نتف حاجبها، انظر: البخاري (4886) ، ومسلم (2125) . وعلى هذا، فالمال الذي تأخذه النامصة على النمص حرام، فإن كانت جاهلة بالحكم فلا يلزمها أن تتخلص مما كسبته بهذا العمل في السابق؛ لقوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة: 275] . أما عملها في تجميل النساء فالأصل فيه الجواز، لكن إن كان يغلب على ظنها أو كان الغالب على النساء الخروج بزينتهن متبرجات، أو يقصدن بهذا التجمل حضور الحفلات المختلطة، فالأظهر أنه لا يجوز لما فيه من الإعانة على الإثم. أما إذا غلب على ظن المجملة أن طالبة التجميل إنما تطلبه لأجل التجمل لزوجها أو لحضور الحفلات النسائية الخاصة فلا بأس بذلك. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أريد الحجاب والدستور يمنعني

أريد الحجاب والدستور يمنعني المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 30/1/1423 السؤال أنا فتاة أريد التحجب، لكن البلاد التي أقطن فيها تمنع منعاً باتاً ارتداء الحجاب، وهو بند من بنود دستور دولتي، ومن لا يطبق هذا البند جزاؤه التشريد والطرد، وأنا أريد بكل ما أوتيت من إيمان أن أرتدي الحجاب، ولكن لا أخاف من مصيري بل من مصير أبي وأمي وكل عائلتي. الجواب ارتداء المسلمة للحجاب أمر واجب عليها؛ لقوله -تعالى-: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ... الآية" [الأحزاب:59] ، وقوله:" وليضربن بخمرهن على جيوبهن.."الآية [النور:31] ، وما أمر به المسلم في الشريعة يجب عليه الإتيان به على قدر استطاعته؛ لقوله -عليه السلام-:"ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وإذا كانت السائلة تخشى من مفسدة محققة عليها أو على أسرتها، فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولكن الضرورة تقدر بقدرها، ولا يجوز فعل ما لا تدعو إليه الضرورة أو ترهق له الحاجة الشديدة، والواجب في هذه الحال الصبر، والإنكار بالقلب، ودعاء الله وسؤاله، أن يفرج عن المسلمين.

لباس المرأة أمام المرأة

لباس المرأة أمام المرأة المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 14/2/1423 السؤال ما حكم لبس المرأة الملابس الضيقة والبناطيل القصيرة إلى نصف الساق وبيجامات النوم الضيقة أمام الخادمة، مع العلم بأن الخادمة مسلمة؟ الجواب لبس المرأة الملابس الضيقة أو البناطيل أو الملابس الشفافة التي تصف الزينة الداخلية أمام النساء محرّم والأدلة في هذا كثيرة وعليه فلا يجوز للمرأة أن تلبس أمام نسائها أو محارمها إلا الملابس التي لا تصف عظامها ولا عجيزتها وصفاً ظاهراً وكذا الملابس التي تخرج عضدي المرأة بما يسميه النساء (الكتَّ) ومن الأدلة على ذلك: 01 قوله تعالى: " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت إيمانهن ... الآية " [النور رقم: 30] . قال ابن عباس في تفسيره لهذه الآية:" الزينة التي تبديها لهؤلاء قرطها وقلادها وسوارها - فأما خلخالها وعضدها ونحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها، فهذا يدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تُظْهر من زينتها إلا ما يظهر غالباً حين عملها وطبخها. 02 وقد روى الإمام أحمد (21786) وابن سعد في الطبقات (4/64-65) والضياء المقدسي في المختارة (1366) وابن أبي شيبة (كما في إتحاف الخيرة (4022)) وغيرهم من طريق عبد الله بن عقيل عن ابن أسامه بن زيد عن أبيه أسامه - رضي الله عنه - قال: " كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُبْطيّة كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مالك لم تلبس القبطية؟ قلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي فقال - صلى الله عليه وسلم-:" مُرها فلتجعل تحتها غِلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها" والحديث حسن - إن شاء الله - ولا عتب فيه إلا حال عبد الله بن عقيل وهو حسن الحديث ما لم يخالف أو أتى بما ينكر وقد جاء عند البيهقي (2/234-235) عن عبد الله بن أبي سلمة أن عمر - رضي الله عنه - كسا الناس القباطي ثم قال: لا تدرعها نساؤكم، فقال رجل: يا أمير المؤمنين ألبستها امرأتي فأقبلت في البيت وأدبرت فلم أره يشفُّ فقال عمر: إن لم يكن يشفُّ فإنه يصف " والحديث إسناده إلى عبد الله بن أبي سلمة حسن وعبد الله ثقة غير أنه لم يدرك عمر فهو مرسل صحيح وهو شاهد لحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، فالآية والحديث الآن يفيدان أنه لا يجوز للمرأة لبس الملابس الضيقة أو الشفافة أو القصيرة أمام النساء بما في ذلك الخدم والمحارم إلا للزوج خاصة، والله أعلم.

لبس المرأة للبنطال

لبس المرأة للبنطال المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 20/8/1423هـ السؤال ما الحكم التفصيلي في لبس البنطلون للنساء؟ الجواب اللباس مشروع في الإسلام لحكم عظيمة، أهمها: الستر، والزينة، وقد امتن الله على بني آدم بما خلقه لهم من اللباس، فقال - جل ذكره -: "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير" [الأعراف:26] وأمر به في قوله: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" ... الآية [الأعراف:31] أي ما يستركم ... ولم تشترط الشريعة لباساً معيناً، ولكنها وضعت له شروطاً عامة متى تحققت فيه كان الملبوس جائزاً في الشرع، أهمها: أن يكون طاهراً، غير مغصوب، ساتراً لما يجب ستره من البدن، وألا يكون شفافاً رقيقاً يظهر ما تحته، ولا ضيقاً بحيث يصف ويبرز حجم العورة، وألا يكون ذهباً أو حريراً بالنسبة للرجال خاصة، إضافة إلى شرط عام في اللباس وفي غيره، وهو ألا يكون فيه تشبه من الرجال بالنساء أو العكس، أو بأهل الفسق والكفر.. لقوله - عليه الصلاة والسلام - "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" رواه البخاري (5885) ، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقوله - صلى الله عليه وسلم - "من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) ، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وبناءً على ما تقدم فإن البنطلون يسري عليه ما يسري على أنواع اللباس الأخرى من الحل أو الحرمة بحسب وصف، وبالله التوفيق.

عورة المرأة أمام أطفالها

عورة المرأة أمام أطفالها المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 13/3/1424هـ السؤال عندي طفل عمره 11 شهراً، وأحياناً أبدل ملابسي أمامه، فهل يجوز ذلك؟ وكم يجب أن يكون عمر الطفل الذي لا يجوز أن أخلع ملابسي أمامه؟ وكذلك لبس القصير في البيت مع زوجي أمامه، أفيدوني أفادكم الله. الجواب الطفل إذا كان يعقل العورة، فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف عورتها أمامه، أما إذا كان لا يعقل لصغره، فإن هذا جائز، ويظهر لي أن من عمره أحد عشر شهراً لا يعقل، لكن الطفل إذا كان له أربع سنوات أو خمس سنوات فإنه قد يعقل هذه المعاني، فالمهم أن العبرة في ذلك أنه إذا كان يعقل ويستقر في ذهنه مثل هذه الأعمال فلا يجوز للمرأة أن تكشف العورة المغلظة أمامه.

عورة زوجة الرجل أمام أبنائه

عورة زوجة الرجل أمام أبنائه المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 30/4/1424هـ السؤال ما هي عورة زوجة الأب أمام أبناء زوجها الشباب؟ الجواب ينبغي للمرأة المسلمة أن تلبس لغير الزوج من المحارم الملابس الساترة لجميع جسدها سوى الوجه واليدين والرجلين، بحيث لا تبدي مفاتنها بكشف، أو تلبس ملابس ضيقة تحجم عورتها، وكثيراً ما يقع التساهل في هذا الأمر، وتقع الفتنة والبلاء والشر، وفي الجملة إن كانت زوجة الأب أو غيرها من المحارم كبيرة السن، فلا بأس بخروج نحو ساق أو ذراع أو بعض الصدر إن كانت ترضع، وإن كانت شابة أو مراهقة فالأمر كما ذكر أولاً من التحفظ وتجنب كل ما يوجب الافتتان بها، وعدم التساهل، فكم جرَّ التساهل من مصائب ومحن في كثير من البيوت كان أهلها في غنى عن ذلك.

الهوية وكشف المرأة وجهها

الهوية وكشف المرأة وجهها المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 4/8/1424هـ السؤال للحصول على بطاقة تعريف وجواز سفر يجب على المرأة أن تصور وهي بادية الوجه يطَّلع عليها المصوَّر وأعوان الأمن، وعند أخذ البصمات تقع عملية مسك اليد من طرف العون فما حكم ذلك؟ هل يسقط عنها الحج والعمرة في هذه الظروف؟ أفادكم الله وجزاكم عنَّا كل خير. الجواب الحمد لله، وبعد: إن ما وقع عليه السؤال مما ابتلي به المؤمنون في كثير من بلاد المسلمين، حيث تشترط بعض الدول على من يرغب في الحصول على وثيقة رسمية - مهما كان نوعها ودرجة أهميتها - أن يضع صورة شخصية تبرز معالم الرأس من الوجه والشعر والأذنين، دون تفريق بين الرجال والنساء، ودون اعتبار لمدى الحاجة إلى مثل هذه القرارات وما تؤدي إليه من حمل الناس على ارتكاب المحظور. ولا شك أن من يحمل الناس على مثل هذا الفعل فهو آثم، وأن عمله هذا باطل منكر محاسب عليه عند الله تعالى، وأن من استطاع تجنُّب ذلك فهو أولى؛ لأن العلماء لم يختلفوا في أن شعر المرأة من جملة الواجب عليها ستره من بدنها. ومع ذلك أقول إن كان هذا الأمر عاماً وهو مما ابتلي به الناس في بلد ما، ومصالحهم مرتبطة به، بحيث لا تستطيع المرأة الدراسة مثلاً أو العلاج أو العمل في حق من احتاجت إليه، أو السفر إلا بمثل هذه الوثائق فإنه لا حرج عليها، لأن هذا ينزل منزلة الحاجات التي ترتبط بها مصالح الناس الدينية والدنيوية، والقاعدة الفقهية تقول: (الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة) ، وعلى المرأة أن تحرص على أخذ الصورة في مكان تعمل فيه النساء إن استطاعت، وأن يكون معها محرمها إن لم تجد ذلك إلا عند رجل، ومثله إذا دخلت الجهة المعنية بالبصمات، فإن النساء يشغلن مناصب في مراكز الشرطة وغيرها في الدول التي تفرض مثل هذه القيود على الناس، ولتفعل ذلك وهي له كارهة. وأما من لم تطب نفسها للرخصة، وامتنعت من استخراج هذه الوثائق، وأدَّى ذلك إلى منعها من السفر لأداء فريضة الحج مع قدرتها المادية، فأرجو ألاَّ يكون عليها حرج في ذلك، وهي في حكم المحصور أو المقيد، والشرع قد أسقط الحج عن المرأة المقتدرة إذا لم تجد محرماً، والله أعلم.

الملابس الضيقة للمرأة

الملابس الضيقة للمرأة المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 5/5/1424هـ السؤال ما حكم الشرع في الملابس الضيقة الخاصة بالأخوات، وما حكم الناهي عنها إذا لم يستطع إقناع من يعولهن بالتخلي عنها؟ الجواب الملابس الضيقة التي تستعملها بعض النساء لا يخلو حالها من أحد أمرين؛ أحدهما أن يكون ذلك مع النساء كما في سؤال السائل، وهذا لا بأس به، لأن المرأة مع جنسها يختلف حالها مع الرجال، لكن ينبغي للمرأة المسلمة أن تلبس ملابس ساترة لا تصف مقاطع الجسم حتى مع النساء سداً لذريعة المفسدة. الأمر الثاني: أن يكون لبس المرأة للملابس الضيقة بحضرة الرجال الأجانب، وهذا غير جائز، لأنها مأمورة بالستر والحشمة، وهذا اللباس ينافي ذلك. ومعلوم أن الولي المسؤول عن النساء في هذا الباب عليه البيان والتوجيه؛ لأن ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا شك أن مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التغيير باليد، فإن لم يستطع فباللسان، فإن لم يستطع فبالقلب، فإذا تعذر ذلك كله فالله يعذره، والله الموفق.

تمثيل المرأة أمام الرجال

تمثيل المرأة أمام الرجال المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 1/2/1425هـ السؤال نحن في بلدة ريفية أقيم عندنا حفل تكريمي لدعم الفقراء والمعوزين في المديرية تبنته مدرسة للبنات في ظل معرض خيري للمشغولات اليدوية النسائية دعما للأيتام والمحتاجين، وقد تخلل هذا الحفل بعض المسرحيات الهادفة إلى التعريف بحال اليتيم، الأمر الذي أدى إلى تعاطف الحاضرين وتفاعلهم، وقاموا بالدعم السخي والغير متوقع لولا مثل تلكم المسرحيات الهادفة، لكن هذه المسرحيات قامت بها فتيات واحدة منهن بعمر الخامسة عشر أمام الجمع من الحاضرين من المسؤولين والمواطنين، وقد قامت هذه الفتاة بدور الأم مرتدية الزي الإسلامي الساتر لجميع بدنها، أضيف إلى ذلك أنها كانت ترتدي فوق الزي الإسلامي عباءة فضفاضة تبين أنها أم كبيرة في السن، فما الحكم الشرعي في قيام الفتيات بالتمثيل أمام الناس؟ كما نود أن توجهوا نصيحة إلى القائمات على مثل هذه الأعمال؟ وبالمناسبة لم نذكر كل هذه التفاصيل إلا لأن الأمر قد أشكل على بعض الإخوة مما حدا بهم إلى الهجوم الشديد على مثل هذه الأعمال مما جعل الأمر في أخذ ورد. أفيدونا جزاكم الله خيراً، وبارك الله في علمكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلا شك أن كل مخلص غيور يفرح بحصول الخير وإقبال الدعم على المشاريع الخيرية، ويجب كل عمل يكون سبيلاً لهذا، لكن المسلم يربأ عن مشابهة من يجعل الغاية تبرر الوسيلة؛ بل يضبط كل وسيلة بالضوابط الشرعية. فمتى كانت الوسيلة التي توصل للمطلوب الحسن مخالفة للأدلة الشرعية أو القواعد الكلية، فإنها تكون ممنوعة غير مباحة، وليس نبل المقصد وحسن الهدف مسوغاً لمعصية الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، ومخالفة قواعد الشريعة، فإن ما خالفها ضرر ولا يترتب عليه مصلحة: "ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبيناً" [الأحزاب: 36] . وفي السنن بسند صحيح أنه لما كثر الناس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- أرادوا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يجمعهم لها، فقالوا: لو اتخذنا ناقوساً فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ذاك للنصارى، فقالوا: لو اتخذنا بوقاً، قال - صلى الله عليه وسلم- ذاك لليهود، ثم أمر المسلمون بالنداء بالأذان" سنن أبي داود (499) ، الترمذي (189) ، وصححه من حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه -. فتأمل أن النبي عليه الصلاة والسلام كره استعمال الناقوس للإعلام بدخول وقت الصلاة لما فيه من مشابهة النصارى مع كون الهدف هو الدعوة إلى العبادة والاجتماع لها. وإذا قامت الفتيات البالغات بالتمثيل أمام الناس فإنهن يكن قد خالفن أمراً شرعيًّا وهو الأصل في المسلمات، وذلك هو القرار في البيوت والابتعاد عن التعرض للرجال، وما دام الأمر تمثيلاً فيمكن أن يقوم به غير الفتيات البالغات. وإذا مثلت الفتاة انفتح باب من الفساد أمر الله تعالى بسده طهارة للقلوب كما قال: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب:52] . ونظر الرجال إليها حال تمثيلها مخالفة لأمر الشرع بغض البصر: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم" [النور:30] . ولذا فإنه لا يظهر لي جواز قيام الفتيات البالغات بالتمثيل أمام الرجال، أما الصغيرات من البنات فالأمر فيهن أيسر. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

لبس القفازين

لبس القفازين المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 9/3/1424هـ السؤال حكم لبس القفازين؟ الجواب لبس القفازين اللذين يستران اليدين والجوارب الساترة للقدمين أمر واجب؛ لما يسببه ظهورهما من فتنة وفساد معلوم كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59] ، وقال تعالى: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور: 31] فلا يجوز إظهار شيء من البدن إلا ما ظهر من الزينة، والمقصود بها ما لا بد من ظهوره كالرداء الخارجي، وبناءً عليه فلا يجوز إظهار اليدين والقدمين. إلا أنه لا يجوز لبس القفازين في إحرام الحج والعمرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" رواه البخاري (1838) . والله أعلم.

هل قدم المرأة عورة؟

هل قدم المرأة عورة؟ المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 1/11/1423هـ السؤال هل قدم المرأة في الصلاة عورة؟ هل يجوز للمرأة أن تصلي بالبنطلون والبلوزة مع تغطية الشعر وليس هناك ساتر على البنطلون؟ الجواب بسم الله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فأقول وبالله التوفيق: إن ستر قدمي المرأة في الصلاة واجب تبطل صلاتها إذا صلت وهما مكشوفان وهو مذهب أحمد ومالك والشافعي وخالفهم في ذلك أبو حنيفة -رحمه الله- وقال: سترهما ليس بواجب فلا تبطل صلاتها لو صلت وهما مكشوفان واحتج بقياسهما على الكفين ولأنهما يغسلان في الوضوء ويظهران غالباً، واحتج أحمد ومالك والشافعي بحديث أم سلمة الذي أخرجه أبو داود باب: كم تصلي المرأة من كتاب الصلاة سنن أبي داود (640) المجلد الأول صـ (149) ونصه قالت أم سلمة: يا رسول الله أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ فقال: نعم إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها" وبما روى ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا ينظر الله لمن جر ثوبه خيلاء" فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال:"يرخين شبراً" فقالت: إذاً تتكشف أقدامهن، قال:"فيرخين ذراعاً لا يزدن عليه" رواه الترمذي (1731) في باب ما جاء في جر ذيول النساء من أبواب اللباس، قلت: ومن خلال هذين الحديثين يتجلى أن الصواب مع من قال بوجوب سترهما وأنهما عورة في الصلاة وخارجها وأما ما احتج به أبو حنيفة فالدلالة به على المراد غير ظاهرة لأن قياس القدمين على الكفين قياس على شيء غير متفق عليه، فالقول إن الكفين ليسا من العورة قول انفرد به ابن عباس -رضي الله عنهما-، خالف في ذلك جمهور الصحابة منهم ابن مسعود -رضي الله عنه- وكذا جمهور المفسرين وكذا فقهاء أهل الحديث وأما القول بأنهما يغسلان في الوضوء فيقال ليس كل ما يغسل في الوضوء يجوز كشفه في الصلاة وهو منقوض بأن الذراعين يغسلان ويمسح الرأس في الوضوء ولم يقل أحد بجواز كشفهما بل يجب ستر ذلك بالإجماع. أما الجواب حول حكم صلاة المرأة بالبنطلون مع البلوزة مع تغطية الشعر فأقول لا يجوز للمرأة أن تصلي بالكساء المذكور لأنه لا يستر المرأة ستراً ضافياً حيث يبدو منها تقاطيع جسمها وذراعيها وعضداها وقد سبق لنا الجواب على السؤال الأول أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف سوى وجهها في الصلاة بالإضافة إلى أنه ليس كساء حشمة وهو أيضاً كساء غربي وتشبه بمن لا خلاق لهن، فينبغي أن تتنزه المرأة عنه في صلاتها فتختار لصلاتها كساء فضفاضاً ساتراً أو تلف على نفسها رداء يحيط بجسمها يستر ذلك اللباس المذكور أو عباءة واسعة ضافية يضفي عليها الهيبة والوقار، ينعكس من ورائها الخشوع والتذلل لله عز وجل. ولعل فيما ذكرته من الأدلة على السؤال الأول ما يكون مؤكداً لما قلته هنا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أناشيد بصوت امرأة

أناشيد بصوت امرأة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 13/9/1424هـ السؤال توجد في الأسواق أشرطة خاصة بالنساء أصدرتها بعض التسجيلات وبصوت امرأة، وقد صغِّر صوتها ليكون صوت طفلة مصحوباً بالدف والتصفيق، وكلماتها عادية وليست مما يتداوله المغنون والمغنيات فما الحكم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا كان صوت المرأة بعد التصغير يصبح كصوت طفلة صغيرة، بحيث تذهب عنه رخامة الصوت الأنثوي وإغراؤه فلا أرى حرجاً أن تباع الأناشيد المسجلة بهذه الطريقة ولو كان مصحوباً بالدف؛ لأنه يباع غالباً بقصد إذاعته في حفلات الزواج النسائية. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ضوابط خروج المرأة من بيتها

ضوابط خروج المرأة من بيتها المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 5/7/1424هـ السؤال ما هي حدود خروج المرأة من البيت؟ وهل هناك استثناءات مثل خروجها لشراء متطلبات منزلية لمسافة قريبة جداً من البيت؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل أن المرأة لا تخرج من البيت إلا بإذن زوجها؛ لقول الله - عز وجل -: "وألفيا سيدها لدى الباب" [يوسف:25] فسمى الزوج سيداً، وأيضاً قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإنما هن عوانٌ عندكم" رواه الترمذي (1163) وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص - رضي الله عنه - يعني: أسيرات، فلا تخرج المرأة إلا بإذن زوجها، إلا إذا كان هناك إذن لفظي أو إذن عرفي؛ يعني تعارف الناس أن المرأة لها أن تخرج إلى الأشياء القريبة ونحو ذلك والزوج يرضى بذلك فهذا لا بأس به، أما إذا لم يكن هناك إذن لفظي ولا إذن عرفي فإنه لا يجوز للمرأة أن تخرج إلا بإذن زوجها، ويدل لهذا أيضاً حديث عائشة - رضي الله عنها - في استئذان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف انظر ما رواه البخاري (2033) ،ومسلم (1173) . فهذا يدل على أن المرأة لا تخرج إلا بإذن زوجها.

هل كف المرأة عورة؟

هل كف المرأة عورة؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 23/1/1425هـ السؤال سؤالي: إن كانت تغطية الكفين واجبةً حقّاً، فكيف عرف الرسول -صلى الله عليه وسلم- حقيقة إحدى الصحابيات من الحناء في يدها (أي ميزها عن الرجل؟) . الجواب إن الحديث الذي تشير إليه السائلة هو حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: مدت امرأة من وراء الستر بيدها كتاباً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقبض النبي - صلى الله عليه وسلم- يده وقال: ما أدري أيد رجل أو يد امرأة؟ فقالت: بل امرأة فقال: "لو كنت امرأة غيرت أظفارك بالحناء" روى هذا أبو داود (4166) ، والنسائي في السنن الصغرى (5089) ، والطبراني في الأوسط (6706) ، والبيهقي في شعب الإيمان (6419) والإمام أحمد في مسنده (25726) ، وهو ضعيف عند هؤلاء كلهم، فإن في سنده (مطيع بن ميمون) ضعيف لا يحتج به لضعفه وجهالة حاله. نص على ذلك الذهبي في الكاشف والميزان، والحافظ ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب، وذكر هذا الحديث العقيلي في كتابه "الضعفاء"، ثم لو فرض أنه صحيح لا يمنع من تفسير الحجاب للمرأة بتغطية الوجه واليدين عند من يقول بذلك من السلف والخلف، فيحمل على أنه قبل الأمر بالحجاب ولا أعرف أحداً من العلماء القائلين بجواز كشف الوجه واليدين استدل بهذا الحديث وإنما استدلوا بأحاديث أخرى كحديث عائشة - رضي الله عنها- عند أبي داود (4104) واعتمدوا عليه: لما دخلت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا، وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه وهذا الحديث ضعيف من أربعة أوجه: الأول: أن في إسناده انقطاع؛ فإن خالد بن دريك لم يدرك عائشة - رضي الله عنها-. والثاني: خالد بن دريك هذا مجهول الحال. والثالث: في إسناده أيضاً (سعيد بن بشير البصري) ، ضعيف منكر الحديث ضعفه النسائي وأبو زرعة، وقال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء. الرابع: في إسناده اضطراب فمرة يُروى عن عائشة -رضي الله عنها- ومرة عن أم سلمة -رضي الله عنها- ثم هذا الحديث على فرض صحته تعارضه النصوص الصحيحة من القرآن والسنة الدالة على وجوب ستر الوجه والكفين، ثم أيضاً القائلون بجواز كشف الوجه واليدين من علماء السلف والخلف يجمعون على أن الجواز عند أمن الفتنة، فهل الفتنة مأمونة في هذا العصر؟! لا. ثم إن وجه المرأة أجمل ما فيها بل فيه جماع محاسنها، وليس المقام مقام ترجيح قول على قول، وإنما هو بيان ضعف استدلال بحديث لم يصح. وفق الله الجميع إلى كل خير.

فستان الزفاف ذو الذيل الطويل

فستان الزفاف ذو الذيل الطويل المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 26/09/1426هـ السؤال ما حكم لبس الفستان الذي به ذيل طويل من الخلف؟ وهل تدخل من تلبسه في الحديث: "من جر ثوبه خيلاء ... " مع العلم أنه منتشر بين النساء في الأعراس؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فلا بأس بلبس المرأة للفستان الذي به ذيل، والذي يستعمل غالباً في الأعراس، لكن بشروط، أهمها: الشرط الأول: عدم التشبه بالكافرات والفاسقات، فيجب مخالفتهن في ألبستهن. الشرط الثاني: ألا تلبس أو تتزين بما تريد أن تشتهر به، فقد روى أحمد (5664) وأبو داود (4029) وابن ماجة (3607) وغيرهم بإسناد حسن عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً: "من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً"، والحديث عام للرجال والنساء، وفي العرس وغيره. الشرط الثالث: عدم إطالة الثوب والفستان، فالسنة أن اللباس لا يزيد عن الذراع لأجل الستر فقد روى النسائي (5336) والترمذي (1731) وصححه عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كم تجر المرأة من ذيلها؟ قال: "يرخين شبراً"، فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن؟ قال: "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه". الشرط الرابع: ألا يصحبها في هيئتها الكبر والعجب، فيحرم على العروس وغيرها ذلك، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء" صحيح البخاري (5783) ، وصحيح مسلم (2085) . وهنا يأتي الجواب عما جاء في آخر السؤال، وهو: هل تدخل من تلبسه في الحديث "من جر ثوبه خيلاء"؟ فنقول: نعم تدخل؛ فقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12/270) على هذا الحديث فـ (مَنْ) يتناول الرجال والنساء في الوعيد المذكور على هذا الفعل المخصوص، وقد فهمت ذلك أم سلمة -رضي الله عنها- ثم ذكر الحديث المذكور آنفاً في الشرط الثالث، والذي رواه النسائي والترمذي. وإنني بهذه المناسبة أقول: عرس المرأة لا يعني عدم التزامها بشريعة الله في زينتها، وعليها شكر هذه النعمة بامتثال طاعته في لباسها ومظهرها. والله أعلم.

لبس العباءة ذات الأكمام

لبس العباءة ذات الأكمام المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 13/10/1426هـ السؤال ما حكم لبس الجلباب الواسع الذي له أكمام بغير زينة؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فأرى أنه لا مانع من لبس المرأة للجلباب المذكور بشروط، وهي: 1- أن يكون ساتراً. 2- أن يكون غير مُبَيِّنٍ لتقاطيع الجسم. 3- ألا يكون مشابهاً للباس الرجال. 4- أن يكون بغير زينة. والله أعلم.

حدود غض البصر

حدود غض البصر المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 25/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل من غض البصر ألا أنظر إلى زميلاتي في العمل في أثناء الحديث معهن وجهًا لوجه، وكذا الحال مع النساء من غض أبصارهن ألا ينظرن وجهًا لوجه مع الرجال الذين يعملون معهن في نفس المكان؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وجه المرأة عورة يحرم النظر إليه، وقد قال الله عز وجل: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِم) ْ [النور: 30] . وجاء في حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، عند الترمذي (1173) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرأةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَت اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ". فقوله صلى الله عليه وسلم: "المرأةُ عورةٌ". يشمل الوجه، والوجه هو محل الزينة والفتنة عند المرأة، ولذا جاءت النصوص بأمر النساء بتغطية الوجه، فقال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ( [الأحزاب:59] . وكذلك يحرم الخلوة بالمرأة في العمل وفي غيره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامْرَأَةٍ إلَّا كان الشَّيطانُ ثَالِثَهُمَا". أخرجه أحمد (115) والترمذي (2165) ، ولأن الخلوة بالمرأة ذريعة إلى حصول مفاسد عظيمة، فالواجب عند العمل أن يكون الرجال في مكان والنساء في مكان آخر، وألا يكون هناك اختلاط بينهم؛ لما يترتب على هذا الاختلاط من مفاسد عظيمة، وللأسف فإن هذا الأمر قد عمت به البلوى في كثير من أقطار المسلمين، ولذا كثر الفساد بينهم وصار الرجال يعملون مع النساء، وهذا مخالف لأحكام الشريعة. والله أعلم.

هل يكفي في الحجاب البنطال الطويل مع الخمار؟

هل يكفي في الحجاب البنطال الطويل مع الخمار؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 12/08/1425هـ السؤال هل لبس سروال ليست ضيقة مع معطف أو قميص طويل وخمار يعتبر لباس (حجاب) شرعي? الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الخمار هو بعض الحجاب لا كله، فهو لا يكفي، إذ يشترط معه لبس الجلباب الذي يستر الجسد كله، وأن يكون فضفاضاً واسعاً، لا ضيقاً ولا شفافاً، ودليل وجوب لباس الجلباب قوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" [الأحزاب: من الآية 59] ، والجلباب ثوب أو عباءة تشتمل به المرأة، يكون ساتراً للجسد، ويدل أيضاً لوجوب لباسه عند الأجانب حديث أم عطية - رضي الله عنها- في الصحيحين قالت: (أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر والأضحى؛ العواتق -وهن الشَّوابُّ-، والحُيّض، وذوات الخُدُور، فأمَّا الحُيَّض فَيَعْتَزِلْنَ الصلاةَ، ويَشْهَدنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين، قلت: يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلبابٌ! فقال صلى الله عليه وسلم: "لِتُلبِسْهَا أختُهَا من جِلْبَابها" انظر صحيح البخاري (324) ، وصحيح مسلم (890) ، قال ابن حجر (فتح الباري1/424) ، وفيه امتناع خروج المرأة بغير جلباب. وعلى ما تقدم من الأدلة الموجبة للجلباب، فإن الاقتصار على الخمار، ولبس البنطال الواسع مع معطف أو قميص طويل لا يكفي ولا تكتمل به صورة الحجاب الشرعي. والله أعلم.

لبس البنطال تحت الحجاب

لبس البنطال تحت الحجاب المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 28/12/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم سؤالي عن لبس البنطال وفوقه الحجاب، نحن في إحدى دول الغرب سألنا الإمام عن لبس البنطال، وقال يجوز بشرط ألا يكون ضيقاً ولا شفافاً؛ لأننا هنا نضطر إلى لبس تلك الملابس إذا ما كنا نعمل، وقالوا يجوز لبسه؛ لأنه في هذا البلد لبس البنطال شيء عادي ولا تنظر الناس إلينا نظرة غريبة أو نظرة نقص. أعلمونا جزاكم الله كل الخير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فجواباً على السؤال ما دام أن الواقع ما ذكر، فإنه يجوز لبس البنطال، ولكن بالشروط والضوابط الآتية: أولاً: أن يكون فضفاضاً، لا يبيِّن حجم العضو. ثانياً: أن يكون صفيقاً لا يشف، بمعنى ألا يصف لون البشرة. ثالثاً: أن يكون طويلاً سابغاً بحيث لا ترى العورة، ولا تعرِّ ض غيرها للفتنة. رابعاً: ألا يكون من نوع البنطال الذي يلبسه الرجال، فراراً من التشبه. فإذا اجتمعت هذه الضوابط، فإنه يجوز لها أن تلبسه بحضرة النساء، أو في الطريق إذا كان فوقه الحجاب، بحيث لا ينكشف عند المشي، وإلا فيحرم لما في ذلك من التعريض بالفتنة. والله -تعالى- أعلم.

لبس المرأة لباس زوجها

لبس المرأة لباس زوجها المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 18/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: ما حكم لبس المرأة ملابس زوجها من فروة، أو كوت، أو بجامة، إلى غير ذلك من ملابسه؟ وإذا كانت المرأة أحياناً تضطر أن تشتري من السوق ملابس ذات مقاس كبير ولا تجد إلا ملابس رجالية، فما حكم لبسها؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فقد اتفق أهل العلم على تحريم تشبه الرجل بالمرأة والعكس، فيما هو من خصائص أحدهما لباساً كان أو هيئة أو شكلاً أو فعلاً، وأن ذلك من الكبائر، إلا ما كان من جبلة الإنسان ككلامه مثلاً، والأدلة على ذلك كثيرة، منها: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" أخرجه البخاري (5885) . قال الحافظ ابن حجر نقلاً عن الطبري: المعنى: (لا يجوز للرجل التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا ... العكس) ا. هـ. فإذا عُلم وتعارف الناس على لباس أنه مخصص للرجال فحينئذ لا يجوز للمرأة لبسه والعكس صحيح، وهذا يختلف بالطبع من بلد إلى بلد آخر، كما هو معلوم. كما أن حال السعة يختلف عن حال الضرورة بمعنى أن المرأة التي تخشى على نفسها الضرر إذا لم تلبس ما يقيها عن البرد إلا لباس الرجل لفترة محدودة ليست كمن تلبس لباس الرجل مختارة وبدون حاجة. وليحذر الجميع من مخالفة أمر الله -تعالى-، فقد جاء الوعيد على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه أبو داود (4098) ، وصححه ابن حبان (5751) ، والحاكم 4/215، والألباني، قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل". والله الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

زينة المرأة

قص شعر الحاجب المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 22/7/1422 السؤال ما حكم قصِّ شعر الحواجب وليس نتفها؛ وذلك لكثافة الحواجب؟ الجواب لا يجوز أخذ شيء من الحواجب، لا بقصًّ ولا نتفٍ ولا حفٍّ؛ لأن هذا من النّمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فَعَلتْه، فهو من الكبائر. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم فتاوى اللجنة الدائمة (الجزء السابع عشر صـ 132) .

حلاقة شعر المرأة على سبيل التداوي

حلاقة شعر المرأة على سبيل التداوي المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 21/08/1425هـ السؤال ما حكم حلاقة شعر الرأس بالموسى للمرأة؟ علماً بأن الشعر يتساقط بشكل مخيف، وبدأت ملامح الصلع تظهر أجزاء من فروة الرأس، وقد وصفت طبيبة مسلمة حلاقة الشعر بالموسى كحل ناجع للمشكلة. أفتونا مأجورين. الجواب إذا كانت حلاقة الشعر للمرأة نوعاً من العلاج المحتاج إليه، وقد وصفته الطبيبة الثقة فلا حرج فيه إن شاء الله، وحلق الرأس هنا ليس فيه تشبه بالرجال، بل هو على سبيل العلاج والتداوي، والله أعلم.

ذهاب المرأة للأندية الصحية النسائية

ذهاب المرأة للأندية الصحية النسائية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 9/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز للزوجة أن تذهب إلى الأندية الصحية غير المختلطة للمحافظة على جمال جسدها، وإزالة الترهلات المصاحبة لها بعد الولادة؟ والقصد من ذلك هو التجمل للزوج فقط. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فيجوز لزوجتك أن تذهب إلى تلك الأندية الصحية غير المختلطة لأجل محافظتها على جمال جسدها ... إلخ. بل هي مأجورة -إن شاء الله- إذا احتسبت في ذلك النية، فقصدتْ التزين لك، وإعفافك عن الحرام بترغيبك فيما أحل الله لك. ولكن يجب عليها الحذر من كشف عورتها ولو بحجة التزين والتجمل، وأن تحافظ على إقامة الصلاة في وقتها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إزالة نقطة الخال للتجميل

إزالة نقطة الخال للتجميل المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 14/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. فضيلة الشيخ ما حكم ذهاب المرأة إلى طبيب الجلدية لإزالة خال- مثل النقطة- في أنفها من أجل التجميل أفيدونا مشكورين. الجواب إذا كان وجود هذا الخال يسبب تشوهاً لها أو أذى نفسياً فلا مانع من إزالته، لأنه ضرر والضرر يزال، كما ورد في النص الشرعي، ويجب عليها أن تتعالج عند طبيبة لا طبيب إن أمكن، فإن لم يمكن جاز ذهابها للطبيب مع محرمها، على نحو ما تقدم، لكن لا يكشف من بدنها إلا ما يحتاج إلى كشفه، لأن ما جاز للضرورة أو الحاجة أبيح بقدرها، والله أعلم.

صبغ المرأة شعرها بالسواد

صبغ المرأة شعرها بالسواد المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 5/1/1424هـ السؤال السلام عليكم. أنا دائماً ألون شعري وهو في الأصل أسود وليس به شيب والآن أريد أن أعيده إلى الأسود وعلمت كراهة الصبغ بالأسود لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- لتغطية الشيب، فما الحكم؟ علماً أني محجبة ومتزوجة ولله الحمد. الجواب لا بأس بالصبغ بالسواد للمرأة، وأما النهي الوارد فهو في حق الرجال خاصة، حيث أن المرأة مطلوب منها الترين للرجل، وهذا من الزينة، ولذلك شرع لها الزينة بجعل الحناء في اليدين والرجلين ولبس الحلي وغير ذلك، وهذا أمر ممنوع منه الرجل، ثم أيضاً في النهي الوارد للصبغ بالسواد للرجال في هذا النهي مقال من جهة السند ولذلك ذهب بعض المحققين من أهل العلم إلى جواز الصبغ بالسواد للرجال، والله تعالى أعلم.

حكم تشقير الشعر الزائد بين الحاجبين

حكم تشقير الشعر الزائد بين الحاجبين المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 2/11/1422 السؤال هل يجوز تشقير الشعر الزائد بين الحاجبين لاخفاءه بدل ازالته؟ الجواب تشقير الحواجب جائز، ورسمها كذلك جائز إذا لم يصاحبه نتف شيء منها، وهو النمص.

وصل الشعر بالخيوط

وصل الشعر بالخيوط المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 26/10/1423هـ السؤال هل يجوز للمرأة أن تصل شعر رأسها بخيط مستعار -ليس من الشعر- وذلك من أجل التجمل؟ وهو عبارة عن خيط عادي تماماً مما يستخدم في خياطة الأحذية الجلدية. الجواب وصل الشعر بخيط للربط والتجميل لا بأس به، وذلك لأن النهي في قوله -صلى الله عليه وسلم-:"لعن الله الواصلة والموصولة" رواه البخاري (5941) واللفظ له، ومسلم (2122) ، وفي رواية:"الواصلة والمستوصلة" المراد به -والله أعلم-: الواصلة التي تصل شعرها بشعر غيره، كما فسر ذلك الإمام النووي -رحمه الله تعالى-.

الكحل السائل

الكحل السائل المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 15/8/1423هـ السؤال ما حكم الكحل السائل الذي يوضع على رموش العين؟ وهل يمنع وصول الماء إلى الشعر؟ وإذا منع وصول الماء إلى الشعر، فما حكمه؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: أقول وبالله التوفيق والسداد: يسن الاكتحال وتراً في كل عين قبل النوم، والوتر ثلاثة في العين اليمنى وثلاثة في اليسرى، وذلك لرواية ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنه كان يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام، وكان يكتحل في كل عين ثلاثة أميال" الترمذي (2048) . أما الاكتحال بالسائل الذي يوضع على رموش العين فهو على خلاف السنة، كما أنه يمنع وصول الماء إلى الشعر عند الوضوء، فيلزم تجنبه، والله أعلم بالصواب.

وشم غير دائم

وشم غير دائم المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 20/4/1423 السؤال الرجاء الإفادة عن حكم الوشم غير الدائم، وهو ما يبقى لمدة عامين ويذهب، وهو عبارة عن لون يوضع في الشفتين أو في العينين لمدة سنتين ويزول بعد ذلك، هل حكمه حكم الوشم الدائم، الرجاء الإجابة ولكم جزيل الشكر وفقكم الله؟ الجواب هذا من الأمور المحرمة التي نهت عنها الشريعة، ولعنت فاعلها كما جاء في الحديث الصحيح: "لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة" أخرجه البخاري (5933) ومسلم (2127) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والمذكور في السؤال داخل في المنهي عنه؛ لأن النهي لم يرد فيه تفصيلُ بين ما يبقى أبداً، وما يزول بعد سنة أو سنتين، ويستوى في ذلك الرجال والنساء، وإنما ورد اللعن للنساء؛ لأنّ الغالب حصول الوشم والنمص والوصل للشعر من النساء.

قص الشعر مدرجا

قص الشعر مدرجاً المجيب د. زيد بن سعد الغنام عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 30/4/1424هـ السؤال ما حكم قص الشعر مدرجاً (ما يسمى بالشلال) ، وهل يدخل ضمن القزع؟ علما ًبأن القصة طويلة إلى الكتفين أو أطول. وجزاكم الله خيراً. الجواب يجوز ذلك بشرط ألا يكون تشبهاً بالكافرات أو يصل إلى درجة التشبه بالرجال، وليس ذلك من القزع المنهي عنه؛ لأن القزع حلق بعض الرأس وترك بعضه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لبس الذهب الذي يحمل رسوما

لبس الذهب الذي يحمل رسوماً المجيب د. سليمان بن صالح الغيث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 15/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم أنا لدي ذهب وعليه رسوم مثل وجه امرأة وأسد وأشياء من هذا القبيل، فهل يجوز لي لبسه أم لا؟ وجزاكم عني الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: ما ذكرته السائلة من وجود رسوم على ذهب لديها مثل وجه امرأة أو أسد فهذا الذهب لا يجوز لبسه ولا اقتناؤه ولا بيعه ولا شراؤه، حيث إنه داخل في باب التصوير، وقد شدد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب فقد روى البخاري (5347) من حديث أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: "لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الواشمة ... ولعن المصورين" وقال -صلى الله عليه وسلم-: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله" كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي رواه البخاري (5954) ، ومسلم (2107) ، ومعنى يضاهئون: أي يشابهون. كما ورد أن المصور يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في نار جهنم ... الخ، ما ورد من الوعيد الشديد للمصورين والمصورات والذي أنصح به السائل وأرشدها إليه هو ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لأبي الهياج الأسدي - رحمه الله - حيث قال له: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته رواه مسلم (969) . فعلى السائلة الكريمة وفقنا الله وإياها لكل خير أن تذهب لصائغ ليطمس هذه الرسوم التي في تلك القطع التي لديها، وعليها أن تتقي الله ولا تشتر مثل هذه القطع التي عليها صور، فقد ورد في الحديث: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة" رواه البخاري (3225) ، ومسلم (2106) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.

استعمال زيت الحشيش

استعمال زيت الحشيش المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 11/9/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: لقد كثر في الأونة الأخيرة استعمال النساء لزيت الحشيشة في غسل شعر الرأس، فما حكم ذلك؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: ما يعرف بـ (الحشيش) هو نبات القِنَّب، ومن قمته النامية (الزهرة أو الثمرة) تستخرج مادة (الراتنج) المخدِّرة بالترشيح أو الطحن أو التقطير. فالحشيش في أصله نبات طاهر، ولا يكون مخدراً إلا بعد المعالجة. كذا الزيت، فهو في نفسه طاهر مستخرج من مادةٍ طاهرةٍ، وهو غير مخدِّر ولا مفترٍ، فيجوز اقتناؤه وغسل الشعر به، ما لم يضف إليه مسكرٌ أو مفتِّر. ومتى ما ثبت أن تناول هذا الزيت بوجه ما يُسكر أو يفتر، فإنه لا يجوز اقناؤه ولو بغرض غسل الشعر به؛ لأن ذلك ذريعة للسكر به. وللتوضيح أكثر؛ فإن الزيت المستخرج من نبات الحشيش نوعان: النوع الأول: زيت الحشيش المستخرج بواسطة التقطير عدة مرات للراتنج الموجود على الازهار المؤنثة وكذلك القنابات او الوريقات المحيطة بالازهار. وهذا الزيت يتميز بلزوجته ولونه الذي يميل الى السواد، وهو غال جداً (الـ 100مل تقدر قيمتها بـ 10000 ريال) ؛ لانه يحتوي على كمية كبيرة من المادة المهلوسة او المهيجة الخاصة بالحشيش. النوع الثاني: الزيت المستخرج من بذور ثمار الحشيش بطريق العصر وليس بطريقة التقطير، ولا يحتوي على المادة الراتنجية المهيجة. وهذا النوع من زيت بذرة الحشيش غنيٌ جداً بالاحماض الدهنية، ويدخل هذا الزيت في صناعة مستحضرات التجميل ودهان الشعر، ولا يحتوي زيت بذر الحشيش على أي مادة من المواد المهيجة الموجودة في رايتنج الازهار المؤنثة للحشيش. ويقترح بعضهم أن يكون اسم زيت الحشيش المستخرج من بذور نبات الحشيش ـ والمتداول بين الناس الآن ـ "زيت بذر الحشيش". وهذا الاسم هو المعروف في الدول الاوروبية حيث يسمونه "Cannabis See Oil" أو Hemp Seed Oill وكلمة Hemp تعني الحشيش. (وللاستزادة في هذا ينظر: جريدة الرياض، الثلاثاء 2/9/1424هـ، العدد 12912) . على أنه تقتضينا النصيحة لعامة المسلمين أن ننبه إلى أن زيت الحشيش المنتشر في الأسواق يكثر فيه الغش والتدليس، وقد مُنع استيراده للمملكة مؤخراً لأسباب أمنية. وقد صرحت لجريدة الرياض (العدد 12871، والتاريخ 20/7/1424هـ) ريئسة قسم النباتية والبحوث في المختبر المركزي للأدوية والأغذية في وزارة الصحة بالسعودية الصيدلانية هيا الجوهر: بأن الزيت المباع في الأسواق المحلية تحت اسم زيت الحشيش هو نوع من الغش والتدليس والاستغلال لما عرف عن زيت بذرة الحشيش من فوائد بالنسبة للجلد والشعر، وذلك لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين (25-30%) ، مشيرةً الى ان المختبر المركزي للأدوية والأغذية قام بتحليل عينات من هذا الزيت (المعروض في الأسواق على أنه زيت لبذرة الحشيش) ، وثبت خلوه من اي اثر لفوائد وبروتينات ـ أي أنه مغشوش؛ لأنه لو كان ـ فعلاً ـ هو زيت بذرة الحشيش لما ثبت خلوه من البروتين. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تحديد الرموش

تحديد الرموش المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 28/6/1424هـ السؤال ما حكم تحديد الرموش للنساء وتخفيفها؟ وهل هو من النمص؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله التوفيق والسداد، الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان فأحسن خلقه ومظهره، وكرمه بهذا الحسن على سائر المخلوقات، فلا يجوز شرعاً تغيير هذا الخلق؛ لأنه تغيير لخلق الله تعالى، وكأنه بهذا التغيير غير راضٍ عن خلق الله له، لذا لا يجوز للمسلم والمسلمة تغيير خلق الله تعالى من زيادة الرموش للنساء على أهداب العيون إطالة أو تقصيراً أو تفريقاً، فهو محرم شرعاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة" رواه البخاري (5937) ، ومسلم (2124) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، وحالة الرموش أقرب للوصل من النمص وكلاهما محرم، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة إلا من داء" أخرجه بهذا اللفظ أحمد في مسنده (3945) ، وغيره. لذا لا يجوز تغيير خلق الله تعالى، إلا إذا أصاب الإنسان حادث أو مرض فأدى ذلك إلى تشوه فيجوز عندئذ معالجة هذا التشوه، هذا والله أعلم بالصواب.

الرموش الصناعية للمرأة

الرموش الصناعية للمرأة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 11/7/1424هـ السؤال ما حكم لبس الرموش الصناعية بقصد التجمل للزوج؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا يظهر ما يقتضي تحريم التزين بالرموش الصناعية عند الزوج؛ وليس هذا التزين من التدليس في شيء. وليست هي في معنى وصل الشعر الذي نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمرق رأسها وزوجها يستحثني بها أفأصل رأسها فسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة. رواه البخاري (5935) ومسلم (2122) ؛ فالممنوع وصله هو شعر الرأس. وليست هي من قبيل تغيير خلق الله؛ لأن تغيير خلق الله المنهي عنه هو أن يعمل في الجسد عملاً يُغير من خلقته تغييراً باقياً، كالوشم وتفليج الأسنان ووشرها، حكى هذا الضابط القرطبي في تفسيره (5/393) عند تفسير آية النساء (119) . وأما التغيير الذي لا يكون باقياً، كالكحل والخضاب وصبغ الشعر، فلا يدخل في النهي. ولكن قد يُنهى عنه لمعنى آخر غير (تغيير خلق الله) كالتدليس مثلاً، وهو ظاهرٌ في مسألة وصل الشعر. والتزين بالرموش الصناعية فيه شيء من التدليس، فلا أرى أن تلبسه لغير زوجها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

معالجة الشعر بما يكون عليه طبقة عازلة

معالجة الشعر بما يكوِّن عليه طبقةً عازلة المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 17/9/1424هـ السؤال يستخدم النساء الأفريقيات كريماً لتلميس الشعر وجعله ناعماً، حيث يقال إن هذا الكريم يقوم بحرق أو كي الشعر، فهل يجوز استخدام هذا الكريم، حيث إننا لا ندري ما إذا كان يكوي الشعر فقط أم أنه يغلفه بمادة عازلة كما يفعل الميش؟ مع العلم أنه قد انتشر استعماله في المجتمع السعودي بين النساء خاصة. الجواب إذا كان هذا الكريم يمد الشعر ويجعله ناعماً فقط، ولا يغلفه بمادة عازلة تمنع من وصول الماء إليه جاز استخدامه، وإن كان يكون طبقة عازلة بحيث تمنع وصول الماء عند مسح الرأس أو غسله لم يجز استعماله لهذه العلة. فإذا كان الإنسان لا يعلم حال هذا الكريم فإنه يتوقف عن استعماله حتى يتأكد من حاله، والله أعلم.

اقتناء قلادة عليها صليب

اقتناء قلادة عليها صليب المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 3/2/1425هـ السؤال صديقة لي أهدت إلي قلادة عليها صليب عندما عادت من روما، وقامت بغمس هذه القلادة للبركة في الماء المقدس في الفاتيكان، وهو صليب صغير الحجم عليه المسيح، وأنا في حيرة من أمري أيحل لي الاحتفاظ به أم لا؟ أنا مسلمة ملتزمة، ولن ألبسه، لكنني أريد أن أعرف هل يجوز الاحتفاظ به كهدية أو أعطيه لشخص نصراني؟ أثابكم الله. الجواب أولاً: يجب العلم أنه ليس على وجه الأرض ماء فيه بركة مدركة إلا ماء زمزم، لما ثبت فيه من الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-،ولا يجوز اعتقاد بركة هذا الماء المزعوم قدسيته، إضافة إلى أنه من شعائر دين النصارى. وهذه القلادة يجوز استعمالها والاحتفاظ بها بشرطين: الأول: عدم اعتقاد بركتها أو قدسيتها، وإنما اعتبارها مجرد حلية وهدية. الثاني: طمس هذا الصليب الذي فيها بحكه وإزالته؛ لأن الصليب من شعائر النصارى، وقد جاء شرعنا بمخالفتهم وتكذيب باطلهم في دعواهم صلب عيسى بن مريم -عليه السلام-، قال تعالى: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ... " [النساء:157] ويدل على وجوب نقض وطمس كل علامة صليب ما جاء في البخاري (5952) وأبي داود (4151) ، والإمام أحمد (23740) من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لم يكن يترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه"، وفي رواية: "تصليب"، وعند أبي داود: "قضبه" بالقاف والضاد، أي: "قطعه وأزاله". والله أعلم.

زراعة شعر الحواجب

زراعة شعر الحواجب المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 30/1/1425هـ السؤال هل من الحرام زرع شعر الحواجب؟ لأن شعرها مشتت وقليل، ويوجد فواصل كثيرة بين الشعرة والأخرى. الجواب إذا كان شعر الحواجب قليلاً ومتناثراً، وكان ذلك يسبب حرجاً وأذى لصاحبه، فلا بأس بزرع بعض الشعر في الحاجب، حتى يعود الشعر إلى حجمه الطبيعي، وتكون هذه الزراعة جائزة من باب العلاج لدفع الأذى الحاصل لها بقلة الشعر، وليس من باب تغيير الخلقة، والله أعلم.

تشقير الحواجب

تشقير الحواجب المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 04/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. ما حكم تشقير الحواجب؟ ما حكم قص شعر الحواجب نفسها؟ وما حكم الذهاب إلى الملاهي، مع العلم بوجود منكرات وهي لبس البنطلون، ولبس التنُّورات الشانيل، وقصدي بالملاهي المخصصة للنساء فقط، والتي لا يوجد بها اختلاط. نفع الله بعلمكم وجعله في موازين أعمالكم. الجواب الحمد لله حده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تشقير الحواجب جائز -فيما يظهر لي- لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح وتعليل صريح قوي يوجب الانتقال من هذا الأصل، ولم أجد عند من حرَّم التشقير دليلاً يصح التعويل عليه في التحريم، وغاية ما استدلوا به أن التشقير تغيير لخلق الله، كالنمص وتفليج الأسنان، وفي هذا نظر، فالتشقير إنما هو صبغ لشعر الحواجب بلون الجلد بحيث يبدو محددًا مرسومًا، وليس في هذا تغيير لخلق الله المنهي عنه، وإنما هو كتغيير شيب اللحية بالخضاب ونحوه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم به. انظر صحيح البخاري (3462) وصحيح مسلم (2103) . وكتغيير لون شعر الرأس من لون الشيب إلى غيره، فدل هذا الترخيص على أن صبغ الشعر وتخضيبه ليس من قبيل تغير خلق الله فما يقال في شعر الرأس يقال في شعر الحواجب، لا فرق بينهما، لكن لا يجوز تشقير الحواجب للخاطب لما فيه من الغش والتدليس، ويجوز لأجل أفراح النساء لافتقار هذه العلة، ويجوز قص شعر الحواجب إذا كانت تؤذي العين أو كانت خارجة عن الحد المألوف، بحيث تكون ملفتة للأنظار ومحرجة للمرأة، وأما الذهاب للملاهي الخاصة بالنساء فهو جائز أيضًا بشرط أن تلتزم المرأة باللباس الذي يليق الخروج به عند مجتمع النساء، ولا يضر في ذلك كون بعض مرتادات الملاهي يلبسن ما لا يجوز لبسه، أو يبدين ما لا يجوز إبداؤه، فأنت لم تذهبي إلى الملاهي لتشاهدي هذه المنكرات، وليس لك فيها إعانة ولا مشاركة، لكن عليك واجب إنكار المنكر بالرفق واللين، والموعظة الحسنة، وغض البصر عن العورات. والله أعلم.

لبس الشعر المستعار (الباروكة)

لبس الشعر المستعار (الباروكة) المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 07/01/1426هـ السؤال هل يجوز للمرأة لبس الشعر المستعار (الباروكة) عند الجماع لزوجها للتزين له؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا يظهر جواز لبس هذا الشعر المستعار (الباروكة) ، على أي حال للتزين للزوج أو لغير ذلك؛ لعموم الأحاديث في النهي عن وصل الشعر، ومنها ما جاء في البخاري (5941) ، ومسلم (2122) ، عن أسماء -رضي الله عنها-قالت: (سألت امرأة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة، فتمرّق شعرها، وإني زوجتها، أفأصل فيه؟ فقال: "لعن الله الواصلة والموصولة". والله أعلم.

عمل المرأة

عمل المرأة في المحاماة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 4/12/1423هـ السؤال ما حكم العمل في سلك المحاماة وخاصة بالنسبة للنساء؟ الجواب الحمد لله وحده وبعد: فيجوز للمسلم أن يعمل في سلك المحاماة إذا التزم بشرائع الإسلام في هذا العمل وعلى هذا جماهير أهل العلم المعاصرين، ويمكن أن يستشهد على ذلك بقوله تعالى عن موسى: "قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ" الآية [القصص:33 - 35] . فموسى - عليه السلام - طلب من ربه أن يشد عضده بأخيه، لأنه أفصح لساناً، وأكثر قدرة على استعمال الحجج والبراهين، وفي قوله - تعالى - (والعاملين عليها) الآية، [التوبة: 60] . دليل على جواز الوكالة عن المستحقين في تحصيل حقوقهم، وهذا من عمل المحامي، وهو داخل في التعاون على البر والتقوى؛ إذ فيه تحصيل للحقوق وحفظ لها، وقد وكل النبي - صلى الله عليه وسلم - في قضاء الدين واستيفاء الحقوق وحفظ الزكاة وغيرها، والمحاماة نوع من الوكالة. وقد وكّل علي بن أبي طالب عقيلاً ثم عبد الله بن جعفر - رضي الله عنهم - وقال: ما قضي لهم فلي، وما قضي عليهم فعلي [الأم للشافعي 3/237] ، والبيهقي في سننه وعلى جوازها مضى الأمر بين المسلمين قديماً وحديثاً، قال السرخسي: (قد جرى الرسم على التوكيل على أبواب القضاة من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا من غير نكر منكر ولا زجر زاجز) . المبسوط (19/4) .

ضوابط حق البنت في العمل

ضوابط حق البنت في العمل المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 28/11/1424هـ السؤال ما مدى حق البنت التي تسكن مع أبيها في العمل، وما ضوابط ذلك؟ الجواب نفقة البنت على أبيها الغني القادر على الإنفاق، ولكن من حقها أن تعمل في المنزل عملاً يدوياً أو فكرياً من غزل، أو نسيج، أو صناعة، أو رسم، أو تحرير الأوراق وكتابة الأبحاث، ولها العمل خارج المنزل أيضاً على أن يتفق هذا العمل مع طبيعتها وأنوثتها، ويتلاءم مع قدراتها، ولا يترتب عليه اختلاط بالرجال، أو تعريض لحيائها وعفافها، وأن يكون هذا العمل نهاراً لا ليلاً.

العمل دون إذن الزوج

العمل دون إذن الزوج المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 10/8/1424هـ السؤال خطبت فتاة منذ سنوات وعقدت عليها، ولكن لم نتزوج إلى الآن، ولا زالت في بيت أبيها، سافرت أنا إلى خارج بلدي، وسوف أرجع - إن شاء الله - قريباً حيث إني أتعافى من عملية جراحية، زوجتي طلبت مني أن تبدأ في العمل وأبوها سمح لها بذلك، وأنا أقسمت لها بالله إن ذهبت فإن كل شيء بيننا سينتهي، وقررت الذهاب وذهبت فعلاً، ولكن لغرض وضع ملف للتعيين، وأنا حلفت لها على العمل فما حكم يميني، وهل يعتبر الآن طلاقاً؟ ثانياً: هل من حق أبيها أن يأمرها بالذهاب للعمل، أم أن كل شيء بيدي أنا؟ وهل هي آثمة إن أخذت بأمر أبيها وتركت أمري، علماً أني أصرف عليها؟ ثالثاً: هل يجوز لها أن تخرج من بيتهم إلى أي مكان، دون علمي حتى وأنا بعيد؟ رابعاً: هل يجوز لها أن تخبر أمها وقريباتها بكل ما يدور بيننا من كلام حتى عبر الهاتف وهل تأثم على ذلك؟ وأخيراً أريد منك نصيحة لنا أنا وهي، وجزاكم الله ألف خير. الجواب تقوم الزوجية بإبرام عقد الزواج المستوفي للشروط والأركان، فإذا تم هذا العقد أصبحت المرأة زوجة لها حقوق الزوجية، وأصبح الرجل زوجاً له حقوق الزوج، فلا يسوغ التعبير بعد حصول الزواج بعدم إبرام العقد، وتترتب على عقد الزواج حقوق للزوجة وحقوق للزوج وحقوق مشتركة؛ فحقوق الزوجة في المهر والنفقة وحسن المعاملة أي العشرة بالمعروف، والحق في العدل. وحقوق الزوج في الانتقال بها إلى بيته، والسفر معه، وله عليها حق الطاعة، والقرار في المنزل، فلا تخرج إلا بإذنه أو للحاجة أو الضرورة، ولا تأذن بدخول أحد بيته دون موافقته، ولا تنفق من ماله إلا برضاه، وعقد الزواج يرتب حقوقاً مشتركة بين الزوجين وهي: (1) حق الاستمتاع (ممارسة الحياة الزوجية) . (2) حق التوارث (أي كل منهما يرث الآخر إذا سبقه إلى الوفاة) . (3) حرمة المصاهرة، حيث يحرم عليه الزواج من أمهاتها والزواج من بناتها، كما يحرم على الزوجة الزواج من أبيه أو من أبنائه. (4) حق المعاشرة بالمعروف، لقوله تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة: من الآية228] . ومن حق الزوج منع زوجته من العمل، إلا إذا كانت قد اشترطت عليه ذلك، وكان عملاً لا يخل بالشرف، ولا يتنافى مع الآداب العامة، ويمينك هذا لا يعد طلاقاً وعليك كفارة اليمين. وليس لها ولا لأبيها ممارسة عمل يتنافى مع حقوق الزوجية أو ينقصها، إلا إذا كان هناك شرط عند العقد. ويتعين على الزوجة عدم الخروج من البيت إلا بإذن زوجها إلا للحاجة أو الضرورة، ويجب على كل من الزوجين المحافظة على سر الآخر، وعدم التحدث بما يجري بينهما فيما هو من شؤونهما الخاصة.

وأنصح كلاً منكما أن يتقي الله في الآخر، وأن يبذل قصارى جهده في القيام بحقوق الزوجية والصدق والأمانة، ويعمل على تحقيق قول الله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] ، فالزواج في الخلق آية، وهو من الله نعمة، ويفتح أبواب الرزق، ويحفظ الله به نصف الدين، وعقده ميثاق غليظ، وهو يحفظ الشرف ويمنع ابتذال الجنس، ويحقق المصالح لكل من الرجل والمرأة من غض البصر وتحصين الفرج وسرور النفس وراحة البال وحفظ الصحة ووجود الذرية: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ... " الحديث رواه البخاري (5066) ، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وأرجو لكما التوفيق.

عمل المرأة سكرتيرة في فندق

عمل المرأة سكرتيرة في فندق المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 28/10/1424هـ السؤال هل العمل في وظيفة سكرتيرة (في مكتب مبيعات فندق) حرام؟ مع الأخذ في الاعتبار بأنني ملتزمة جداً في لبسي (عباءة وطرحة طويلة) ، ولا أضع المكياج، وهل هذا العمل يؤثر على الأعمال التي أقوم بها للتقرب إلى الله من صلاة وقراءة قرآن؟ أرجو الإفادة. الجواب الأخت الفاضلة: سلمها الله السلام عليكم، وبعد: فنشكر لك مواصلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله لك الثبات على الحق وما يرضي الله عز وجل، ثم اعلمي أن من أفضل الأعمال وأشرفها وأعلاها عند الله تعالى في الإسلام أن تعمل المرأة في تربية أولادها تربية صالحة، فتجعل منهم رجالاً ونساء صالحين يبنون لهذا الأمة مجدها، وفي إعداد أسرة دافئة صالحة مستقرة لأبيهم ولهم حتى ينشأوا نشأة صحية تحميهم من الانحراف والضياع، قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" [الروم:21] ، ومعلوم أن سكن الزوج إلى الزوجة إنما يتحقق بأن تؤدي الزوجة وظيفتها الفطرية في توفير البيت الدافئ المستقر وهذا هو معنى السكن، أما إذا قضت نهارها في العمل وليلها في الراحة من عناء العمل وزوجها وأولادها في ضياع فلم تحقق كونها سكنا لزوجها وأولادها، بل هي من أسباب شقائهم وهذا معلوم للعيان لا يحتاج إلى دليل وبرهان؛ لأن الأسرة قد تحتاج أحيانا لعمل المرأة أن تكون غير متزوجة، غير أن الإسلام لا يحرم عمل المرأة خارج بيتها، ولكن يشترط لذلك شروطاً:- الأول: أن يكون عملها مما يباح للمرأة أن تعمل فيه، فلا يجوز أن تعمل في السينما أو الغناء على سبيل المثال. الثاني: ألاَّ يكون عملها في وسط مثير للفتنة، فلا يجوز أن تعمل بين الرجال الأجانب في جو مختلط مخالف لآداب الإسلام. الثالث: أن تكون بكامل حجابها الساتر لجميع جسدها ومواطن الفتنة فيها. الرابع: أن يتناسب العمل مع طبيعتها كامرأة ويتوافق مع فطرتها. الخامس: أن لا يترتب على عملها تضييع لأولادها وحقوق زوجها. وتذكري قول الله: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا" [الطلاق:2] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من ترك شيئا لله عوَّضه الله خيرا منه" أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/196) وعنه الديلمي (4/27) الغرائب الملتقطة، وقال الألباني: إن إسناده موضوع، انظر الضعيفة (1/61/ح5) ، واجعلي ثقتك في الله عظيمة، والله أسال أن يحفظك وأن يوفقك في حياتك العلمية والعملية، والله أعلم.

إدارة المرأة للرجال

إدارة المرأة للرجال المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 19/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يوجد لدينا مدرسة إسلامية في أحد المساجد، قام الإمام المسؤول عن المسجد، والمركز الإسلامي بتعيين إحدى الأخوات كمديرة للمدرسة, علماً أن هنالك معلمين ومعلمات، رجالاً ونساء في المدرسة, قام بعض الإخوة الكرام بتبليغ إدارة المدرسة بأن ذلك لا يجوز شرعاً، ولقد وافقت الأخت التي قد عينت كمديرة للمدرسة أن تترك الوظيفة إذا تم إثبات أن هذا لا يصح شرعاً بفتوى شرعية، ما حكم تعيين المرأة كمديرة للمدرسة؟ وما حكم المدرسين الذين يعملون تحت المديرة إذا بقي الوضع على حاله؟ وهل يوجد دليل من القرآن أو السنة؟ أفيدونا، وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم المرأة في الإسلام شقيقة الرجل، وعامة التكاليف والأحكام الشرعية هي والرجل سواء، إلا ما دل الدليل على اختصاصها به، فكل خطاب في القرآن أو السنة بيا أيها الناس، أو يا أيها الذين آمنوا، فالمرأة مخاطبة به تماماً كالرجل، إلا ما اقتضته الفطرة بالتمييز بينها وبينه، وقد ورد عن أم سلمة - رضي الله عنها- سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "أيها الناس"، وكانت في شغل فتركته وأسرعت ملبية للنداء، فاستغرب من كان عندها، فقالت لهم: أنا من الناس، والمرأة عليها مسؤولية في تقويم المجتمع وإصلاحه عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الاستطاعة قال تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"

[التوبة:71] ، فالرجل والمرأة في دين الإسلام هما سواء في الولاية بعضهم على بعض إلا ما خصه الدليل، وما قد يتمسّك به بعض الناس في منع ولاية المرأة عن الرجل قوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا" [النساء: 34] فالقوامة في الآية معللة بعلتين، الأولى تفضيل جنس الرجال على جنس النساء أي دون تخصيص رجل معين، على امرأة بعينها، والثانية كون الرجل هو المطالب بالنفقة على المرأة، كما في قوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" [البقرة: 228] فالدرجة إذاً إحدى علتي القوامة، وهي النفقة، وأيضاً قد يتمسك أولئك بالحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" رواه البخاري (4425) ، والمراد به الولاية العامة للدولة أي لا تكون رئيسة ولا ملكة، ولا أميرة للمؤمنين، وهذا ما يفيده لفظ (أمرهم) في الحديث، أما ولاية بعض النساء على بعض الرجال فليس هناك نصوص شرعية من القرآن أو السنة تمنع منها، بل أجاز بعض العلماء -كأبي حنيفة وابن جرير الطبري وابن حزم-، أن تتولى المرأة القضاء في الفصل بين الناس في غير الحدود والقصاص، والقضاء أشبه بالولاية العامة، وعليه فلا بأس أن تتولى المرأة إدارة المدرسة في مركزكم الإسلامي، وعليها أن تلتزم بالحجاب الشرعي وعدم الخلوة بأحد من الرجال الأجانب، وأن تحسن الخطاب وتأمر بالخير، وتنهي عن الشر، ولا تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وهذا الجواب إذا لم يترتب على تعيين هذه المرأة مديرة المدرسة شقاق ونزاع يلزم منه الفرقة والخلاف، فإن لزم حصول هذا تعين اختيار الرجل لإدارة المدرسة؛ ليزول به الشقاق والنزاع. والله أعلم.

عمل المرأة مضيفة

عمل المرأة مضيفة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 28/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: لدي صديق مسلم من إحدى الدول الإسلامية، وكانت إحدى بناته -وهي شابة- تود العمل كمضيفة طيران في إحدى شركات الطيران، ولقد شرحت له جاهدًا أن هذا العمل غير مباح، لأمور منها الاختلاط مع الغير, والسفر بلا محرم، والإقامة خارج منزلها، وما هو أسوأ أن هذه الشركة تقدم الخمور في رحلاتها، أود من فضيلتكم أن تبينوا هذا الأمر لعدم تفهم العديد من الإخوة المسلمين له، وما مدى قبوله شرعياً؟. والله يحفظكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فجزاك الله أخي الغيور على أخواتك المسلمات خير ما جزى الله عباده الصالحين، وجعلك مباركاً أينما كنت، وسددك وأيدك، ولا تزال الأمة بخير ما بقي فيها غيورون ناصحون من أمثالك. ورجاؤنا أن تستمر في نصحك لأبي الفتاة، ولا تيأس من هدايته، وأقترح عليك أن تدل على الفتاة إحدى الداعيات الصالحات، ممن تجيد أسلوب النصح، وتملك مهارات التأثير، وينبغي أن ينوع معها أسلوب الدعوة والنصح، فقد لا يجدي الاقتصار على الأسلوب المباشر، كما قد يحتاج الأمر إلى صحبة غير قصيرة، حتى تتقبل الفتاة النصائح، وتستقيم على طريق الرشاد. وأما نحن فنقول لهذه الفتاة ولأبيها: إن الله لم يرسل رسوله - صلى الله عليه وسلم- إلا ليطاع ويتبع، "وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله" الآية [النساء: 64] ، وطاعته - صلى الله عليه وسلم- واجبة بإطلاق، لا يجوز في ذلك التردد ولا التأني، بل طاعته واجبة في المنشط والمكره، وفي العسر واليسر، وفيما نحب وفيما نكره. ولا يجوز بحال أن نقف من أوامر الله ورسوله موقف المتخير المنتقي، "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً" [الأحزاب: 36] . والانتقاء في تحكيم شرع الله في أنفسنا وحياتنا معدود من صفات المنافقين، فهم يعرضون عن حكم الله إذا لم يوافق أهواءهم، وإذا وافقها أتوا إليه مذعنين طائعين، كما قال - جل جلاله-: "ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون" [النور: 47-51] . إن من يتأمل عمل الفتاة مضيفة في الخطوط الجوية -ولو بأدنى تأمل- يلحظ فيه ثلاثة محاذير: الأول: مداومة السفر بلا محرم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري (1088) ، ومسلم (1339) ، واللفظ له من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-.

الثاني: ما يقتضيه عملها من كثرة الاختلاط بالرجال العاملين ومرافقتهم الوقت الكثير، فتتحول العلاقة بينها وبين المضيفين جراء ذلك إلى علاقة صداقة، تفتح أبواباً من الشر والفساد. الثالث: حمل الخمر (ما يسمى بالمشروبات الروحية) إلى شاربيها، وفي هذا إعانة على المنكر، وفاعله مستحق للعنة الرسول - صلى الله عليه وسلم-، كما في الحديث الصحيح، لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: "عاصرها ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له"، أخرجه الترمذي (1295) وابن ماجة (3381) عن أنس -رضي الله عنه- بإسناد صحيح. فعمل المرأة مضيفة في الخطوط الجوية ليس فيه منكر واحد، بل مجموعة منكرات، والمسلمة التي تخشى عذاب ربها وترجو رحمته تنأى بنفسها عن هذا العمل بلا تردد؛ لأن من منهجها في الحياة- ذلك المنهج الذي علمها الإسلام- أن إصلاح دنياها لا يكون أبداً بإفساد آخرتها. ولتتذكر أختنا الفاضلة قوله تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حق المرأة في راتبها

حق المرأة في راتبها المجيب أحمد بن موسى السهلي رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 1/8/1424هـ السؤال أنا موظفة براتب مرتفع، وزوجي يعتبر هذا الراتب من حقه وليس لي حرية التصرف به، وعندما أخبره أنه من حقي يغضب جداً ويقول لا تعملي، مع العلم إنه لا يمكننا أن نعيش براتبه وحده؛ لأنه يعطيه كله لأهله، وأنا المسؤولة عن البيت ومصروفه أيضا، أريد أن أعرف ما رأي الشرع في هذا الوضع؟. جزاكم الله خيراً. الجواب الشريعة الإسلامية قامت على العدل والإنصاف في كل شيء، ومن ذلك الحقوق الزوجية، ولا سيما الحقوق المالية فإنها بنيت على المشاحة والمطالبة في الدنيا والآخرة، فقد جعلت نفقة الزوجة المطيعة لزوجها واجبة على الزوج، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، وهي مقدرة شرعاً حسب يسر الزوج وإعساره، قال تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا" [الطلاق: 7] . وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" أخرجه مسلم (1218) من حديث جابر - رضي الله عنه -. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم" أخرجه الترمذي (1163) . وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- لهند بنت عتبة: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" رواه الجماعة على اختلاف في الألفاظ انظر صحيح البخاري (2211) ، وصحيح مسلم (1714) . وقوله تعالى: "أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى" [الطلاق: 6] ، أي على قدر ما يجد أحدكم. وعلى هذا يجب على زوجك أن ينفق عليك بشرط أن تتفرغي لمتعته والقيام بحقوقه الزوجية، وعدم خروجك للعمل ما لم تشترطي عليه في العقد. وإذا لم يحصل بينك وبينه شرط للخروج للعمل، فهذا لا يعني أن سكوته ملزم له، لأن النفقة على الزوجة بشرط حبسها نفسها على متعته وخدمته، والحديث يقول: "الخراج بالضمان" انظر مسند الطيالسي (1567) ، وجامع الترمذي (1285) ، أما كون المرأة تعمل في النهار وتفوت على زوجها حقوقه فلا يلزم بالنفقة عليها ما لم تكن اشترطت عليه عند عقد الزواج أن تعمل، ووافق على الشرط ورضي به، فلا يجوز له أن يمنعها من العمل شريطة أن يكون عملها ملتزماً بالضوابط الشرعية من حجاب وعدم اختلاط بالرجال..إلخ. أما أنه ملزم بالنفقة عليك فلما ذكر من النصوص السابقة الذكر، ولقول الله تعالى" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيرا" [النساء: 34] .

وعلى كل لا تجب النفقة عليك، بل يجب عليه هو أن ينفق عليك إذا أنت قمت بالحقوق الزوجية، لكن أقول لك: من باب التعاون مع الزوج، وقد أذن لك في العمل، إن كنت اشترطت عليه فحبذا لو كان هناك شيء من المساعدة تقديراً لموقفه وتعاونه معك. أما إذا كان الزوج شرط عليك عند العقد أن يسمح لك بالعمل خارج المنزل بشرط أن تعطيه مثلاً ربع الراتب أو ثلثه، أو أن تدفعي راتب الخادمة وما شابه ذلك من أجل تفويتك عليه شيء من حقوق الاستمتاع في النهار والقيام بأعمال المنزل، ورضيت بذلك الشرط، فالمسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالاً، وهذا الشرط ليس من ذلك في شيء، كما أنه يجب على الزوج أن يتقي الله ولا يضايق زوجته ويسيء عشرتها من أجل أن تنفق عليه أو تعطيه راتبها أو شيئاً منه، فهذه خسة في الطبع، ودناءة في الخلق، فليس ذلك من خلق المسلم الحقيقي الإسلام؛ بل يجب عليه أن يترفع عن ذلك. هذا والله أعلم. وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عمل المرأة مع غير المسلمات

عمل المرأة مع غير المسلمات المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 22/10/1424هـ السؤال أنا طالبة في الجامعة، وأود الاستفسار عن مشروعية العمل في مجموعة واحدة لا سيما في المشاريع مع بنات غير مسلمات، سواء كتابيات أو غير ذلك. أفيدوني أفادكم الله. الجواب إذا كان هذا العمل لا تترتب عليه موالاة ومودة فلا بأس به، خاصة إذا كان هذا مما يفيد في العملية التعليمية، والطالبة مع زميلاتها يستدعي العمل أن تشاركهن في مشروع تعليمي ونحو ذلك، أما إذا كان هناك غيرهن من المسلمات فالأولى أن تكون معهن، وينبغي إذا لم تجد غير هؤلاء الكافرات أن تعمل معهن من منطلق التعاون على التحصيل العلمي دون أن تترتب على ذلك موالاة ولا مودة، لأن الله جل وعلا يقول:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم" [المائدة:51] هذا ونسأل الله جل وعلا للجميع التوفيق والهداية، والله أعلم.

هل له منع زوجته من العمل؟

هل له منع زوجته من العمل؟ المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 21/3/1425هـ السؤال هل يحق للرجل أن يمنع زوجته من العمل، مع العلم بأنه وافق على الزواج منها وهو على علم بأنها تعمل مدرِّسة، ما هو حكم ذلك في المذهب المالكي إن أمكن، أو على رأي أهل السنة والجماعة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: نقول للسائل إن مذهب المالكية ليس خارج أهل السنة والجماعة، فالإمام مالك من أهل السنة والجماعة، بل من قمة أهل السنة والجماعة، فلا يوجد رأيان رأي مالك ورأي أهل السنة والجماعة. وبالنسبة لقضية عمل الزوجة، فالأصل أن الزوج له قوامة على المرأة، لكن بشرط أن يوفر لها النفقة، ويوفر لها احتياجاتها، ولهذا فعند مالك والشافعي وهم من أهل السنة والجماعة أنه إذا لم يوفر لها ذلك فلا تكون القوامة تامة، وبالتالي يجوز لها أن تطلب الطلاق، خلافاً لأبي حنيفة الذي يرى أنه يبقى ديناً في ذمة الزوج. فإذا منع الزوج زوجته من العمل، قد يمنعها إذا كان يوفر لها ما تحتاج إليه. ولكن الذي يظهر لي - وأنا إن شاء الله من أهل السنة والجماعة- أن المسألة ترجع إلى العادة وإلى الأفراد، فهناك بعض المناطق إذا منعت فيها المرأة من العمل فقد يكون ذلك سبباً لخلل كبير في البيت، فلو بقيت في البيت لكان ذلك سبباً إلى خلل، ولأدى إلى مفاسد أكثر، وبالتالي فإن المسألة توزن بميزان المصالح والمفاسد، فقد كانت الصحابيات يعملن، فهذه أسماء وهي زوجة الزبير - رضي الله عنهما - كانت تعمل فكانت تعلّف ناضحاً للزبير - رضي الله عنه - كما ورد في الحديث الصحيح انظر البخاري (5224) ومسلم (2182) ، وتلك المرأة التي قيل لها أن تترك العمل في نخل لها فقال لها النبي-صلى الله عليه وسلم- اذهبي إلى نخلك وكانت معتدة فقال لها:"جدّي نخلك" وهو حديث صحيح انظر: مصنف عبد الرزاق (7/25) . فعمل المرأة ليس شيئاً اخترع اليوم، بل هو معروف في الإسلام، ولأجل هذا يجب أن تتسع الصدور لهذه المسألة، صحيح أن الزوج يقوم على المرأة، أي أنه رئيس البيت، لأن عندنا في الشريعة الإسلامية ضبط للأمور " لا يذهب ثلاثة إلا ولهم أمير" انظر البيهقي (9/359) ومصنف عبد الرزاق (4/58) يعني: حتى يوجد شيء من الانضباط، فهذا البيت -العائلة- فيه أمير هو الزوج، لكن ليس معناه أنه يفعل ما يشاء، ويقول ما يشاء ويضرب يميناً ويساراً، بل هم يعيشون في البيت بمشورته، والله -سبحانه وتعالى- يأمر بالتشاور فيما بينهم في الانفصال "فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور" [البقرة:233] بين الزوج والزوجة، فكيف بأمورها التي تخصها؟. وباختصار إذا أمرها بشيء لا يخالف الشرع فعليها أن تطيع أمره، لكنه لا يجوز له أن يأمرها بشيء يؤدي إلى مفسدة، أو يفوت عليها مصلحة، فإذا كان العمل يؤدي إلى اختلاط أو إلى مفاسد فهذا شيء آخر، فله أن يأمر وعليها أن تطيعه، فهذا هو الجواب وهو مذهب مالك ومذهب جمهور العلماء.

عمل المرأة مذيعة إعلامية

عمل المرأة مذيعة إعلامية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 16/05/1425هـ السؤال ما حكم عمل المرأة مذيعة وإعلامية وهي محجبة ومحتشمة، ودورها إخباري ثقافي وليس خلاعي ودورها هام للغاية أمام سيطرة المذيعات الخلاعيات، وما حكم التأثيرات الصوتية التي تظهر مثلاً أثناء نشرات الأخبار. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما يتعلق بحجاب الوجه فالخلاف فيه مشهور بين أهل العلم مع ضرورة النظر إلى ثلاثة اجماعات عند العلماء في مسألة الحجاب: الأول: الإجماع على وجوب الحجاب كمبدأ صرحت به نصوص القرآن والسنة لعموم المؤمنات إلا ما يخص القواعد في استثناء له ضوابطه. الثاني: الإجماع على مشروعية حجاب الوجه إما على سبيل الوجوب كما هو عند طائفة من أهل العلم والاستحباب عند البقية. الثالث: الإجماع على عدم تعريض المرأة للفتنة أو لفتنة غيرها وقد أمر الله القواعد من النساء -وهن القواعد- عندما استثناهم قال: غير متبرجات بزينة. لذا يوجد اتفاق بين أهل العلم حتى عند من قال باستحباب غطاء الوجه بوجوب تغطيته حال الفتنة. ونحن نحترم آراء العلماء القائلين بوجوب تغطية الوجه والقائلين باستحبابه. ونقدر أخواتنا المحجبات في وسائل الإعلام وننصح أخواتنا المسلمات التاركات للحجاب في وسائل الإعلام بالاستجابة لنداء القرآن "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً" [سورة الأحزاب، آية59] . ومع ذلك فلا ننصح أخواتنا بالعمل كمعذيعات لعدة أسباب: الأول: أن هذا من أعمال الرجال التي تبتذل فيها المرأة وتخرج أشبه ما يكون بالسلعة، لذا تجد اشتراطات الجمال والقبول وما ذاك إلا تقليداً للغرب وترويجاً للبرامج عبر جمال المرأة. الثاني: أن المرأة حتى مع الحجاب فهي تخرج متزينة ومخالفة لإجماع أهل العلم وعلى مشهد من الملايين ولا يخفى أن في ذلك فتنة الرجال ويكفي النظر المحرم بإجماع العلماء، إذ أن من أجاز لها الكشف لم يُجِزْ للرجال استدامةَ النظر إليها لقوله سبحانه: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" [سورة النور، آية30] ، ويقول عليه الصلاة والسلام لعلي -رضي الله عنه-: "لا تتبع النظر النظرة فإن لك الأولى" أي التي بغير قصد، ومعلوم أن خروج النساء سافرات أمام الآلاف من المشاهدين لا يخلو من استدامة نظر الرجال لهن، وهو محرم بالإجماع. نسأل الله -تعالى- لإخواننا كل خير وأن يوفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

هل تطيعها في هذا؟

هل تطيعها في هذا؟ المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 4/6/1425هـ السؤال أنا متزوجة وأمي منعتني من ممارسة الخياطة والتفصيل بقولها: أغضب عليك إن قمت بخياطة أي شيء مهما صغر، فكيف يجب أن أتعامل مع هذا الأمر، وخاصة أنني أسكن مع والدة زوجي، وهي تطلب مني أن أخيط لها ولابنتها البالغه20 عاماً، وهي تعلم أني أتقن الخياطة بشكل ممتاز، وهل يحق لأمي أن تمنعني بحجة أنها تخاف علي من المرض؛ لأنها عانت الكثير من ممارستها الخياطة، وأيضا تخاف أن أظلم من أهل زوجي، وأنا مدرسة، وتكفيني هذه المهنة في حال احتياجي في المستقبل لا قدر الله، أفيدوني أكرمكم الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: حاولي إقناع أمك بأنه لا ضرر عليك من ممارسة الخياطة، وبأن فيها نفعاً لك ولأهل زوجك، فعسى أن تكسبي رضاها فتجمعي الحسنين؛ لأن طاعة الأم -في غير المعصية- واجبة، لكن لو أصرت أمك على الامتناع، وكان لا ضرر عليك فلا حرج عليك -إن شاء الله - في ممارسة الخياطة، ولا تأثمي بذلك؛ لأن الطاعة بالمعروف، وفقك الله وأعانك.

تدرس في مدرسة طالباتها نصرانيات

تدرس في مدرسة طالباتها نصرانيات المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة التاريخ 10/11/1425هـ السؤال أنا أعمل مدرسة لغة عربية وتربية إسلامية في مدرسة كلها نصرانيات ولا يوجد غيري مسلمة. فهل عملي معهم حرام؟ مع العلم بأنني لم أقم بتدريس التربية الإسلامية لأنه لا يوجد أطفال مسلمون، ولكن قد يحدث أنه قد يتقدم للمدرسة أطفال مسلمون في أي وقت. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كان لا يترتب على تدريسك هؤلاء الأطفال محذور أو محظور، فلا أرى حرجًا في تدريس هؤلاء الأطفال اللغة العربية، فالمحذور مثل أن تخافي على نفسك الفتنة في دينك أو عرضك، والمحظور مثل أن يستلزم عملك هذا الاختلاط بالرجال، أو الإخلال بأمر من أمور الشرع، فإذا لم يكن شيء من ذلك، فلا حرج، إن شاء الله، مع أن الأَوْلَى بك أن تبحثي عن مدرسة للمسلمين وتعلمي أطفال المسلمين. والله تعالى أعلم.

سفر المرأة

سفر المرأة مع أولادها الصغار المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة التاريخ 06/08/1425هـ السؤال هل يجوز لي السفر برفقه أولادي الصغار إلى بلد غربي بهدف الحصول على الجنسية، وذلك لمدة لا تتجاوز السنتين -بإذن الله-، وبحيث يبقى زوجي هنا لكيلا نفقد إقامتنا، وبحيث يأتي زوجي إلينا كل بضعة أشهر، وشكراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: يظهر لي من سؤالك أنكم مقيمون بالسعودية، وأن بكم حاجة للحصول على الجنسية الكندية، وأن تحصيلها يتطلب إقامتكم في كندا لمدة عامين، وأن زوجك يجب أن يبقى في السعودية حتى لا تُلغى تأشيرة الإقامة. وعلى ضوء هذا الواقع فإن إقامتكم بكندا (بلد الكفار) جائزة للحاجة، ولأنها إقامة مؤقتة لا يُقصد بها الاستيطان لبلد الكفار، ولكن يشترط لذلك أن يكون المسلم المقيم هناك قادراً على إظهار شعائر دينه. فإذا كنت لا تستطيعين أن تلتزمي الحجاب الشرعي في بلاد الكفار فإنه لا يجوز لك الإقامة فيها؛ لأن لك في بلاد المسلمين مندوحة عن الإقامة في بلاد الكفر؛ ولأن حاجتك إلى الإقامة في بلادهم إنما هي للتوسعة في المعيشة، وهي لا تصل إلى حد الضرورة، بخلاف المضطهد ـ مثلاً. أما مسألة السفر ففيها تفصيل: فإن كان أحد أبنائك بالغاً عاقلاً فهو محرمٌ لك؛ يغنيك عن رفقة زوجك في السفر. أما إن كانوا كلهم صغاراً فلا يجوز أن تسافري مثل هذا السفر الطويل من غير محرم؛ لصريح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم" متفق عليه، عند البخاري (1088) ، ومسلم (1339) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. فيجب أن يسافر معك زوجك أو غيره من محارمك (من البالغين) ، فإذا استقر بكم المقام هناك، فله أن يرجع وتبقي برفقة أولادك ولو كانوا صغاراً، لكن يتأكد عليك في بلاد الغربة والفتنة مجاورة العائلات المسلمة، وتوثيق الصلة والزيارات للمراكز الإسلامية، فهو أحوط لدينك ولعرضك، وأسلم لأولادك من الفتنة والفساد. ينبغي أن تستشعري خطورة إقامتك في بلاد الكفر، لا سيما وأنت تقدمين إليها من بلد إسلامي لا تزال فيه كثير من القيم الإسلامية الفاضلة، وهذا يستوجب عليك صبراً وحرصاً أكثر على تحصين نفسك وأولادك من أسباب الفساد وعلى مجاهدتها في ذلك. وأذكّرك بأمانة الله التي حملكِ إياها في أولادك، فاتقي الله فيهم، وأحسني تربيتهم وتعاهديهم بالرعاية والرقابة والمتابعة، يقول - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأب راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم" متفق عليه، عند البخاري (893) ، ومسلم (1829) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. أسأل الله أن يثبتنا وإياكِ على طاعته، وأن يهب لنا من أولادنا قرة أعين، وأن يجعلهم صالحين مصلحين، وأن يجنبنا وإياهم الأهواء والفتن ما ظهر منها وما بطن. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سفر المرأة للعمرة بلا محرم

سفر المرأة للعمرة بلا محرم المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة التاريخ 14/5/1423 السؤال تريد زوجة أخي ومجموعة من قريباتها النساء المقيمات معها في جدة الذهاب للعمرة معاً، دون أن يكون معهن محرم، حيث سبق وأن سمعت بجواز ذلك من قبل، علماً أنها تعودت أن تذهب مع السائق عادة لقضاء حاجيات بيتها من السوق ودون أن يكون هناك محرم، وذلك لانشغال زوجها في عمله ولكن بعلمه، فتود أن تعلم هل ما تعودت فعله جائز؟ وهل لها الذهاب مع مجموعة النساء لأداء العمرة معاً ودون محرم لأي منهن؟ نرجو من فضيلتكم الإفادة، وجزاكم الله خيراً. الجواب السفر لا بّد له من محرم بالنسبة للمرأة حتى ولو كان لعبادة، وليست المرأة محرماً لامرأة أخرى؛ لأن المحرم هو الرجل، فلا بدَّ في مثل هذا الحال من محرم، وركوب النساء في داخل المدن مع السائقين من الأمور التي كثرت وابتلي بها كثير من الناس، والواجب على المرأة المسلمة أن تبتعد عن مواطن الشبه باصطحاب محرم، وعدم الإكثار من ارتياد الأسواق إلا لحاجة، وإذا لم تجد محرماً فلتكن مع السائق زوجته.

سفر المرأة بدون محرم

سفر المرأة بدون محرم المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة التاريخ 16/1/1425هـ السؤال أردت إيصال عمتي إلى بلدها الذي يبعد عن بلدي سبعمائة كيلو متراً على سيارتي، ولكن المشكلة أن برفقتها حفيدتها، وحفيدتها هذه تبلغ من العمر حوالي عشرين عاماً، وعمتي تبلغ من العمر ستين عاماً، وأنا محرج أمام عمتي، وذلك لأني إذا لم أوصلها، فسوف تذهب بالطائرة هي وحفيدتها بدون محرم، أفتوني ماذا أفعل؟. الجواب الأصل أن المرأة لا يجوز لها أن تسافر إلا ومعها ذو محرم (ومحرم المرأة هو كل من تحرم عليه المرأة على التأبيد بسبب مباح لحرمتها: كالأب، والابن، والأخ، وابن الأخ، وابن الأخت، والعم، والخال) ، والأدلة في ذلك صريحة وصحيحة، فعنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري في صحيحه (1862) ، ومسلم (1341) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وقال - صلى الله عليه وسلم-: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها" رواه البخاري (1088) ، ومسلم (1319) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وللحديث روايات أخرى كثيرة متقاربة. وعلى هذا فلا يجوز لحفيدة عمتك أن تسافر معك بلا محرم، ولو بصحبة جدتها؛ لأن المسافة مسافة قصر قطعاً، وأنت لست محرماً لها إجماعاً.

سفر المرأة بدون محرم

سفر المرأة بدون محرم المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة التاريخ 4/1/1423 السؤال سؤالي يتمثل في إمكانية سفر المرأة للخارج لاستكمال دراستها العليا لبلد أجنبي.. وعدم قدرتها على اصطحاب أحد محارمها.. وهي غير متزوجة. الجواب السفر حتى وإن كان للدراسة إلا أنه لا يخلو عن مصاعب ومشاق تلحق بالمسافرة منها: مفارقة الأهل والأحباب، والشعور بالغربة، ومنها ما قد يتعرض له الإنسان من أذى ومضايقة في نفسه أو أهله أو دينه، وهذا الدين الذي كرمنا الله به -دين الإكرام- حرص على صيانة كرامة المسلمين رجالاً ونساءً ودفع الأذى عنهم، حتى أنه أوجب على المسلم الذي لا يستطيع إقامة شعائر دينه، أو لا يأمن من استذلال أعداء الله له وفتنته أن يغادر الدار التي يعيش فيها إلى دار يأمن فيها على نفسه وعلى دينه وهذا ما يعرف بالهجرة، وتوعده الله بالعذاب الأليم إن لم يفعل وهو قادر على ذلك فقال جل ذكره:" إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً " [النساء:97-99] . والمرأة مصونة مكرمة في هذا الدين في حلّها وترحالها، بزوجها إن كانت متزوجة، وبأقاربها المسلمين، وبولي أمر المسلمين، وبإخوانها المسلمين في ديار الإسلام، يدفعون عنها الغوائل ويحافظون على كرامتها وحيائها. أما في السفر - وعلى الأخص إلى ديار الكفر- فإن المرأة حتى وإن كانت صالحة في نفسها - عرضة للفتنة والضعف -، وعرضة للإيذاء والاعتداء ممن لا خلاق لهم، ولذلك أوجب الشرع أن يكون سفرها مع محرم أو زوج، حتى ولو كان السفر لعبادة كأداء فريضة الحج، لأنها قد تحتاج، وقد تمرض ولا بد لها من طبيب يعالجها وقد يعتدى عليها، فلا بد من المحرم لصيانتها، لا تعسفاً أو احتقاراً لها وإنما لمصلحتها الدينية والدنيوية. ولهذا أيها الأخت الكريمة فإنه لا يجوز لك السفر إلى الديار البعيدة بمفردك حتى ولو بقصد الدراسة، نعم إذا كانت الدراسة والسكن في بيئة نسائية مأمونة، لا اختلاط فيها بالرجال، ولا يخشى فيها الفتنة، ولم يكن هناك بديل عن السفر فلا بأس في هذه الحال بشرط أن يصحب الولي المرأة إلى مقر دراستها هذه حتى يطمئن عليها ويأتي لمرافقتها إلى بلدها عند العودة، ولكن مثل هذا نادر لا يكاد يوجد. وبالله التوفيق

لم تلتزم باصطحاب محرمها

لم تلتزم باصطحاب محرمها المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة التاريخ 9/7/1424هـ السؤال أنا معلمة في منطقة تبعد عن أهلي حوالي خمس ساعات براً، وأحضرت معي ابن أختي البالغ من العمر 16 أو 17 سنة، وعندما قدمت أوراقي وقَّعت على إقرار مني بوجود محرم معي، ولم ألتزم به في السنة الأولى، أما السنة الثانية فقد أحضرت ابن أختي كما ذكرت آنفاً، المشكلة أني أريد إرجاع ابن أختي إلى أهلي؛ لأني أخشى عليه من رفقاء السوء، وقد أصبح يتأخر أحياناً إلى 12 ليلاً؟ فهل علي ذنب إذا أرسلته لأهلي علماً بأني أسكن مع رفقة طيبة - إن شاء الله - من منطقتي، وهل علي ذنب في السنة التي مكثتها من غير محرم؟ هل يعتبر مالي حراما؛ لأني لم ألتزم بشرط وإقرار العقد عندما داومت؟ وهل أعتبر من الذين ينقضون الميثاق؟ فأنا موسوسة من سنتين حتى إني أصبت بالقولون العصبي من كثرة التفكير في هذا الموضوع، وفكرت جدياً في ترك عملي، فماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: في انتقال المرأة من مكان إلى مكان آخر إذا كان يعد سفراً فإنه يشترط فيه أن يكون معها محرم، وأما بقاؤها في مكان معين في بلد معين فلا يشترط أن يكون معها محرم، وإنما أن تكون آمنة في هذا المكان تأمن على نفسها، فإذا كانت لا تأمن على نفسها فلا يجوز لها البقاء في هذا المكان، وبالنسبة لإرسالها لابن أختها إلى أهله هذا جائز بل قد يكون واجباً إذا كان في بقائه في هذا المكان يخشى عليه من مفاسد، ولا يشترط لوجودها هي في هذا المكان أن يكون معها محرم، وإنما الشرط أن يؤمن عليها من الفساد، والواجب عليها التوبة إلى الله - عز وجل - فيما وقع منها من تفريط بالنسبة لسفرها من مكان إلى مكان بدون محرم، لأنه جاء في الصحيحين البخاري (1088) ، ومسلم (1339) واللفظ له من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم"، وبالنسبة للمال الذي تقاضته على هذا العمل فهو مال مباح لأنه من باب الأجرة على ما قامت به من التدريس.

سفر المرأة لطلب العلم

سفر المرأة لطلب العلم المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة التاريخ 9/3/1424هـ السؤال شيخنا الجليل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نرجو منكم الإجابة على السؤال الآتي للأهمية الشديدة وهو: نحن معهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من المسلمين، ومعهدنا في إحدى الدول العربية، ويأتي إلينا طالبات يدرسن على مدرسات عندنا، وهؤلاء الطالبات بعضهن يأتين من بلاد بعيدة من أوروبا وغيرها من غير محرم، فهل يجوز لهن ذلك لطلب العلم الغير موجود في بلادهن؟ وإذا كان لا يجوز فهل يجوز لنا قبول الطالبات اللاتي أتين وحدهن دون استقدام منا والبحث لهن عن مسكن وقبولهن في المعهد؟ وإذا كان المحرم شرطاً لسفرهن فهل تشترط استدامته، أم يكفي أن يوصلهن إلى البلد فقط؟ وأخيراً فهل يجوز قبول الطالبات الكافرات اللاتي أتين بدون محرم؟ نرجو منكم الإجابة على هذه التساؤلات بالتفصيل مع سرد الأدلة، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا يجوز للمرأة أن تسافر مسافة قصر بلا مَحْرَم؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول - وهو يخطب -: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" فقام رجل فقال: إن امرأتي خرجتْ حاجّة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: "انطلق فحج مع امرأتك" متفق عليه. البخاري (3006) ، ومسلم (1341) . واشتراط المحرم إنما هو في أثناء السفر، فإذا وصلت المرأة إلى البلد فلها أن تسكن مع نساء ثقات، تأمن بسكنها معهن من الفتنة. وإذا سافرت المرأة من غير محرم فإنما الإثم عليها، وليس على المسؤولين في المعهد إثم فيما فعلته (من سفرها بغير محرم) ولا بقبولها في المعهد، وقد قال سبحانه: "ولا تزِر وازرة وزر أخرى" [الإسراء: 15] ، بل إن المصلحة في قبولها وإسكانها مع نساء ثقات في مجمعٍ يُشرف المعهد على مراقبته وحفظه؛ لأن المنكر (وهو سفرها من غير محرم) قد وقع وانتهى، وفي رفض المعهد لقبولها مفسدة أكبر، فقد تسكن المرأة في سكن مختلط لا يتوفر فيه ما يتوفر في سكن المعهد من الرقابة والحفظ والصيانة. أما إذا كانت المرأة لا تجد لها محرماً يسافر بها، أو وجدته ولكنه لا يستطيع السفر معها، مع مسيس حاجتها إلى تعلم اللغة العربية التي لا يتوافر لها تعلمها إلا في ذلك البلد البعيد، فأرجو ألاّ بأس أن تسافر بغير محرم، ولكن بشرط أن تكون برفقة نساء ثقات، وأن يكون زمن رحلة السفر لا يبلغ يوماً وليلة، كما هو شأن السفر بالطائرات. ويتوجّه الأخذ بهذا القول للمرأة التي تقيم في بلاد كافرة، فليس سفرها من غير محرم ـ لا سيما بالطائرة ـ بأخطر عليها من إقامتها في مجتمع يعج بالاختلاط ومظاهر الفتنة والفاحشة، فالمرأة التي تستطيع أن تتعفف عن الفاحشة والاختلاط والتبرج في ذلك المجتمع الجاهلي الكافر مع عدم مرافقة محرمها لها، لهي أقدر على التعفف وصيانة عرضها وكرامتها في جو السماء ساعات معدودات تحت نظر الناس وسمعهم وفي رفقتهم.

وعلى القائمين على المعهد أن يتعاهدوا أخواتهم المؤمنات المغتربات بالحفظ وصيانة أعراضهن، وأن يمنعوا عنهن ذرائع الفتنة ودواعي الفاحشة، وأن يغتنموا إقامتهن بتعليمهن أحكام دينهن ووعظهن، وتربيتهن على أخلاق الإسلام وآدابه؛ فإنهن أمانة في أعناقهم. وقد استرعاهم الله عليهن، وقد جاء في الحديث "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ... ". رواه البخاري (5200) ، ومسلم (1829) . والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سفر المرأة للسياحة بلا محرم

سفر المرأة للسياحة بلا محرم المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة التاريخ 9/10/1424هـ السؤال أنا فتاة أسافر إلى أوروبا خلال الصيف بنية الاصطياف والاستجمام وبدون محرم، (ولكن مع صحبة ثقات) ، فهل يجوز لي الجمع والقصر في الصلاة؟ علما أنني أقضي الإجازة في أكثر من بلد، بحيث تتعدى فترة إقامتي في كل بلد سبعة أيام متواصلة. وما الحكم لو سافرت بدون محرم أو صحبة ثقات مع أنني أحافظ على نفسي ولله الحمد؟ وجزاكم الله خيرا. الجواب أمر الشارع الحكيم المرأة إذا أرادت أن تسافر أن يكون معها محرمها، فقد روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها". متفق عليه البخاري (1088) ، ومسلم (1338) . وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه البخاري (3006) ، ومسلم (1341) . وفي وجود المحرم مع المرأة مصالح كثيرة فهو يدفع عنها كثيراً من الشرور ويرد عنها ذئاب البشر، ويحفظها بإذن الله من أخطار الطريق، ولا ينبغي للمرأة أن تتعلل بوجود صحبة ثقات، أو وجود الأمن في وسائل السفر الحديثة؛ لأن هذه الأمور ليست مطردة، فقد يحصل للمرأة من العوارض ما تحتاج معه إلى من يرعاها ويكون قريباً منها ويعتني بها، ثم إن المرأة إذا لم يكن معها محرم يطمع بها أهل الشر، وتكون وسائل السفر الآمنة أمثل وسيلة للقرب منها والتحرش بها، وبخاصة في مثل هذه الأسفار الطويلة إلى غير البلاد الإسلامية. وهنا أمر آخر وهو أن السائلة تقول: (أسافر إلى أوروبا خلال الصيف بنية الاصطياف والاستجمام) .

فهي تذكر أن الغرض من سفرها هو الاصطياف والاستجام، ومن المعلوم أن السفر إلى غير البلاد الإسلامية لا يجوز إلا عند الضرورة أو الحاجة التي تدعو إلى ذلك، كأن يطلب علاجاً أو يدرس علماً لا يوجد في بلاد المسلمين، أو يدعو إلى الله تعالى، أو يشتغل بالتجارة ونحو ذلك، مع اشتراط وجود علم يعصمه من الوقوع في الشبهات، ودين يعصمه من الوقوع في الشهوات، وعلى هذا فليس الاصطياف والاستجمام من الأمور الضرورية أو الحاجية التي تسوغ الذهاب إلى هذه البلاد، بل إن السفر لهذا الغرض يوقع في كثير من المفاسد، ليس أقلها التهاون بالحجاب واعتياد رؤية المنكرات وغشيان منتديات الفساد وإضاعة الأوقات، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن المسافر سفر معصية لا يجوز له أن يترخص برخص السفر ومنها القصر والجمع، لأن سفر المعصية لا تستباح به الرخص، وهذا الرأي وإن كان له وجاهته إلا أن الأرجح فيما يظهر لي هو خلاف هذا، فيجوز للمسافر سفر معصية أن يترخص برخص السفر مع تحمله لإثم هذا السفر المحرم، وبناء على هذا فإذا كانت السائلة تمكث في البلد مدة أربعة أيام فأقل فيجوز لها القصر، وكذلك الجمع عند الحاجة إليه، وأما إذا كانت الإقامة أكثر من أربعة أيام فليس لها القصر أو الجمع لدخولها في حد الإقامة حينئذ، مع نصيحتي للسائلة أن تستعيض عن السفر إلى بلاد الكفر بالسفر إلى البلاد الإسلامية البعيدة عن الفساد مع التزام الضوابط الشرعية لسفر المرأة، ومن أهم ذلك وجود المحرم معها، وأن تحفظ وقتها فيما ينفعها في الدار الآخرة. وهذا هو مقتضى شكر نعمة الله والصحة والفراغ.

الاستدلال على جواز سفر المرأة بدون محرم

الاستدلال على جواز سفر المرأة بدون محرم المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة التاريخ 16/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرغب في السؤال عن حكم القول بالجواز أو التحريم في مسألة بالاستدلال بشيء سيقع في المستقبل، كما هو في مسألة جواز أن تسافر المرأة دون محرم استناداً لإخبار النبي- صلى الله عليه وسلم- لعدي-رضي الله عنه- أن الظعينة ستخرج بمفردها لا تخاف على نفسها ... إلخ....وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا الذي تذكرينه استدل به بعض أهل العلم على أن النهي عن سفر المرأة بغير محرم مخصص بالطريق المخوف، فإذا كان آمناً تأمن فيه المرأة على نفسها وعرضها أن يغتصبها مغتصب أو يغصب مالها ونحو ذلك فإنه يجوز لها أن تخرج بلا محرم، لكن مع نساء ثقات واستدلوا بهذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أخبر عدي بن حاتم - رضي الله عنه-: "يا عدي: هل رأيت الحيرة؟ ". قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: "فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله" يقول عدي: قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دعَّار طيء، ... فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله. أخرجه البخاري (3595) ، فكون هذا يقع ولا يظهر إنكاره من علماء المسلمين وعامتهم دليلٌ على أن النهي منوط بالخوف على نفس المرأة وعرضها، ومالها أن يعتدى عليه معتدٍ، ولو كان فعلها هذا حراماً لما ساقه النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديثه إخباراً عن تمام النعمة بظهور منارات الإسلام واستتباب الأمن، فإن المنكر لا يناسب أن يُساق في هذا الباب، فالذين استدلوا بهذا الحديث لم يستدلوا به؛ لأنه إخبار مجرد، بل كان استدلالهم بما يُشعر به هذا الخبر من جواز هذا الذي سيقع؛ لأنه مسوق في سياق الإخبار عن تمام النعمة باستتباب الأمن وظهور منارات الإسلام في أراضيه الواسعة، وقد أجاب عن الاستدلال بهذا الحديث القائلون بعموم النهي عن سفر المرأة بدون محرم بأن هذا إخبار لا بيان حكم، ويجاب عن هذا بأنه وإن كان خبراً لكنه يحمل معنى جواز ما سيقع؛ لأنه في سياق التذكير بنعمة الله بشيوع الأمن بعد الخوف وظهور راية الإسلام في الأرض المتباعدة. والله أعلم.

الاختلاط والمصافحة

تتسوّق مع أختها بدون محرم المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /الاختلاط والمصافحة التاريخ 3/8/1422 السؤال ما الحكم لو نزلت المرأة مع أختها فقط إلى السوق لشراء بعض الأغراض وهي قد وصلت إلى السوق عن طريق زوجها أو أخيها؟ الجواب لا بأس بذلك على أن تحرص على الحجاب الشرعي، وتلتزم بآداب الخروج.

هل زوج المرأة محرم لبناتها من غيره؟

هل زوج المرأة محرم لبناتها من غيره؟ المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات التاريخ 10/8/1422 السؤال إذا تزوج رجل بامرأة مطلقة ولها بنات بالغات فهل يعتبر محرماً لهن، وهل يجوز لهم السكن مع والدتهم وزوجها في نفس البيت؟ الجواب إذا تزوج الرجل امرأة ودخل بها ولها بنات من غيره فهو محرم لهنّ؛ لأنهن محرمات عليه بسبب زواج أمهن، ولهن في هذه الحال السفر معه والسكن في بيته.

صفات المحرم

صفات المَحرم المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /محرم المرأة التاريخ 15/5/1422 السؤال هل يُعدُّ ولدي البالغ من العمر عشر سنوات ونصف مَحْرماً؟ الجواب المحرم الشرعي هو من جَمَع صفاتٍ هي: الذكورة، والبلوغ، والأمانة، والقوة على حفظ المرأة؛ لقوله تعالى: ((إنَّ خيرَ من استأجرتَ القويُّ الأمين)) . وغير البالغ بحاجة إلى من ينظر له، فلا ينظر لغيره، وفاقد الشيء لا يعطيه. وليُعلمْ أنَّ المحْرم شرطٌ حالَ السفر فقط؛ لحديث ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)) فاشتراط المحرم إنما ورد في السفر فقط. أما في غير السفر فيشترط عدم خلوِّ الرجل بالمرأة الأجنبية.

السفر الذي تلزم المرأة فيه بمحرم

السفر الذي تُلزم المرأة فيه بمحرم المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /محرم المرأة التاريخ 24/09/1425هـ السؤال الجامعة تبعد عن منزلي 95 كلم، وأنا أنتقل مع زميلاتي في حافلة، فهل يعتبر ذلك سفرًا بدون محرم؟ أو بمعنى آخر: هل السفر بدون محرم له مسافة معينة أم لا؟ وما موقفنا من وجود الغناء في الحافلات والاختلاط في الجامعة؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإذا كانت هذه المسافة (95كم) داخل البلد، أو أغلبها كذلك، فإنها لا تعد سفرًا، أما إذا كانت هذه المسافة كلها، أو ما يزيد على (89 كلم) هي حاصل المسافة من نهاية بنيان المدينة وحتى مبنى الجامعة، فهو يعد سفرًا، على قول جمهور أهل العلم، ويجب فيه المحرم حينئذ. أما بالنسبة لوجود الغناء في الحافلة، فأنكري ذلك قدر استطاعتك إن أمكن بلسانك، وإلا فبقلبك، وذلك أضعف الإيمان، وأما الاختلاط في الجامعة فلا شك في خطره على الذكور والإناث، وإذا كانت النساء في عصر النبوة يتلقين العلم بمعزل عن الرجال مع قلة أسباب الفتنة، فما الظن بهذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وتعددت فيه أنواع الإغراء، وقلَّ فيه الوازع الديني؟! فعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلَبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك. فوعَدَهن يومًا لقيهن فيه، فوعَظهن وأمَرهن. رواه البخاري (101) ومسلم (2633) . هكذا كان حرصهن، رضي الله عنهن، على تحصيل العلم، وعلى البعد عن أسباب الفتنة. ولا ريب أن واقع الجامعات المختلطة في البلاد العربية والإسلامية، واقع يندى له الجبين، ولا عجب في الحقيقة من هذا الواقع؛ لأنه نتيجة طبيعية لجوٍ أصبح مشحونًا بالمغريات والفتن، ولا ريب أنه لا يجوز الالتحاق بالجامعات المختلطة مع وجود جامعات تخلو من هذا النوع من الاختلاط، أما مع عدم وجود جامعات محافظة فإنه ربما أدى القول بمنع الالتحاق بتلك الجامعات إلى إقصاء أهل الخير والدين عن مراكز التوجيه في المجتمع، ولهذا فقد اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة على قولين: الأول: أنه لا يجوز الالتحاق بها؛ لما فيها من الاختلاط المحرم، ولما فيه من التعرُّض للفتنة. والثاني: يرى جواز ذلك، ولكن بالضوابط الشرعية، بحيث يجتنب كل جنس مخالطة الآخر قدر الإمكان، وأن يهيئ كل جنس جلساء صالحين له من جنسه ما أمكن، وأن تحافظ المرأة على حجابها وحشمتها وحيائها داخل أروقة الجامعة وخارجها، وأن تجتنب الزينة والطيب عند ذهابها، وأن يستحضر الملتحق بهذه الجامعة النية الصالحة للدراسة، بأن تكون نيته تحصيل العلم، واكتساب المعارف، ونفع المسلمين ... إلخ، فإذا التزمت المرأة بهذه الضوابط جاز التحاقها، مع أمن الفتنة، أما إذا خشيت على نفسها من الفتنة أو خشيها الطالب على نفسه، فلا يجوز حينئذ، وبكل حال، فإنه إذا أمنت الفتنة، فالمسألة- كما تقدم- فيها رأيان للمعاصرين، ولكل حظ من النظر، وكل مسلم بصير بنفسه. والله تعالى نسأل أن يعيذنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يثبتنا على دينه.. آمين. والله تعالى أعلم.

السفر بالخادمة

السفر بالخادمة المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /محرم المرأة التاريخ 10/2/1424هـ السؤال والدتي كبيرة في السن ولديها خادمة، وترغب الصيام بمكة المكرمة فهل يجوز الذهاب بوالدتي وبصحبتها الخادمة؟ وهل هناك فرق في السفر بهما بين الطائرة والسيارة؟ الجواب أخي بارك الله فيك، الواجب أنها لا تسافر من بلدها إلا بمحرم، وإذا كان محرم الخادمة موجود فلا يجوز أن تسافر إلا معه، أما إذا لم يكن لها محرم فتعتبر أمانة عند كفيلها؛ فيجب عليه أن يحافظ عليها، كما يحافظ على أهله وبناته. وهذه الخادمة - المسؤول عن السفر بها إلى مكة- انظر ما هو الأحفظ لها، وفي ظني أن والدتك بحاجة إلى خدمتها في مكة، والسفر عبادة، فلا مانع من السفر بها مع والدتك إلى مكة، سواء بالسيارة أو الطائرة، والله أعلم.

هل أصافح زوجة خالي؟

هل أصافح زوجة خالي؟ المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /محرم المرأة التاريخ 26/12/1424هـ السؤال لي خال وله زوجة تبلغ من العمر ستين سنة أو أكثر - للأسف- أني كل ما ذهبت لزيارة خالي أو جدتي؛ لأنها تسكن معه دخلت زوجة خالي عندما أكون جالساً معهما، وبعض الأحيان تصافحني، فهل أقطع زيارة جدتي وخالي؟ علماً أني لو امتنعت عن مصافحتها والدخول عليها لحصلت مشكلة كبيرة، وعلماً أنها لا تملك جمالاً يجعلني افتتن بها، وأثر كبر السن يظهر عليها، أفتوني في هذه المشكلة التي أصبحت تؤرقني وتجعلني أمتنع عن زيارة جدتي وخالي، وأخشى أن أصبح قاطع رحم. الجواب الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وسلم. أما بعد: فإن امتناعك عن مصافحة المرأة الأجنبية ومن لست محرماً لها هو الحق، وهو المطلوب من كل مسلم. وأنت إذا أخلصت النية، وقصدت امتثال حكم الله في امتناعك عن مصافحتها، كفاك الله ما يصدر منها أو من حاشيتها؛ لأنه - سبحانه- مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، ومن كان الله معه فإنه سيكفيه مؤنة من يكيد له، أو يمكر به، أو يؤذيه. ثم يجب أن تستعمل الحكمة في الكف عن مد يدك للمصافحة، كأن تسأل عن صحة أهل البيت، أو تصطحب معك هدية، أو تفعل شيئاً مما يسرون به، فإن هذا التصرف -بعد الاستعانة بالله - سبحانه- والتوكل عليه، مع صدق العبد فيما يفعل- إذا وافق كفك عن المصافحة، هوّن وقع ذلك في قلبها، والله - سبحانه- ولي التوفيق.

سؤال عن المحارم

سؤال عن المحارم المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /محرم المرأة التاريخ 28/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: تزوجت من امرأة وهذه المرأة لها أولاد كبار متزوجون، ولها بنت متزوجة، فهل أنا محرم لبنت زوجتي؟ الجواب أما بنت الزوجة - وتسمى الربيبة - فتحرم على زوج أمها ولو لم تتربَّ في حجره، في قول الأئمة الأربعة والفقهاء والسبعة وجماهير السلف والخلف، ولم يشذ عن ذلك إلا الظاهرية فيمن لم تترب في الحجر، وأما زوجة ابن الزوجة فلا تحرم، لأنها ليست ممن ذُكر في قول الله تعالى: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم" إلى قوله: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم" [النساء: 23] . وعلى ذلك فأنت محرم لبنت زوجتك، ولست محرماً لزوجة ابن زوجتك, والله تعالى أعلم.

تعليم المرأة

هجرها زوجها، فهل تخرج بغير إذنه المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /تعليم المرأة التاريخ 18/8/1424هـ السؤال زوجي هجر البيت، وهو لا يرد على مكالماتي الهاتفية، علماً بأنني أسكن مع أهلي، فهل يجوز الخروج من المنزل كالذهاب إلى مجالس الذكر أو زيارة أحد الأقارب، علماً بأن والدتي اتصلت تستأذنه في خروجي، فقال بالحرف الواحد (بكيفها ما عليَّ منها) أفيدوني جزاكم الله كل الخير. ملاحظة: أنا الزوجة الثانية له، وأعاني من تسلُّط وظلم شديد، حتى إنه حرمني الإنجاب والوظيفة وأموراً أخرى. الجواب الحمد لله تعالى وحده، وبعد: ما دام أن السائلة ذكرت أن والدتها استأذنت زوجها في الخروج فكان جوابه يفهم منه الإذن وعدم الممانعة فلا حرج عليها في الذهاب إلى مجالس الذكر أو زيارة الأقارب، وذلك وفق الضوابط الشرعية من الحجاب والاحتشام وعدم الخلوة أو الاختلاط بالأجانب، وكذلك ذهابها إلى المسجد أو حلق العلم أو المحاضرات وغير ذلك مما فيه نفع يعود عليها في أمر دينها ودنياها. وعلى كل فيما ذكرته السائلة من الظلم الواقع عليها من زوجها فإن عليها الصبر والاحتساب ومناصحة الزوج بالعدل والقيام بحقوق الزوجة كما أمر الله تعالى: "ولهن من مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة: 228] وقوله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] وهذه الآية عظيمة في معناها وما دلت عليه من حق الزوجة على زوجها بالمعروف. والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد.

دراسة المرأة في المعاهد الأمريكية

دراسة المرأة في المعاهد الأمريكية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /تعليم المرأة التاريخ 25/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل تجوز لي الدراسة في المعاهد الأمريكية لتعلم اللغة؟ لأنني أعيش فيها حاليا وأمنيتي أن أدعو للإسلام، لكن لغتي لا تساعدني، خاصة وأنني ولله الحمد متنقبة، فهل يمكنني ذلك؟ علما أن من يقوم بالتدريس امرأة، والرجال عموماً لا يقبلون كثيراً على مثل تلك المعاهد، أي أن الأغلبية نساء، والله تعالى يحفظكم. الجواب تعلُّم اللغة الأجنبية من الأمور المباحة في الشرع، لا سيما والهدف من تعلمها استخدامها في الدعوة إلى الله، ونشر دينه وتبليغه للناس، ولا بأس في الدراسة في هذا المعهد، الذي يعلم اللغة الإنجليزية ما دام أغلب الدارسين نساء، والمدرسة امرأة كما تقولين، وعليك أن تلتزمي بالحجاب الشرعي، وأن تغضي الطرف من النظر إلى الرجال الأجانب، والتزمي بالحشمة ومكارم الأخلاق في المظهر، والمخبر، ولا سيما وأنت في هذه البلاد التي لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً، وفقك الله وحماك من كل سوء، آمين.

مشاركة الفتيات في المخيمات

مشاركة الفتيات في المخيمات المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /تعليم المرأة التاريخ 13/8/1423هـ السؤال ما حكم المشاركة في مخيمات تحفيظ القرآن الكريم للفتيات إذا استوجب ذلك السفر مع المشاركات في هذه المخيمات، من المربيات والمشرفات حيث إننا نقيم مثل هذا النشاط في فصول الصيف، ونبذل كل ما نقدر عليه لتأمين المكان كأن يوجد بعض المشرفات مع أزواجهن؟ الجواب الحمد لله، وبعد: العناية بالفتيات وتحفيظهن القرآن الكريم، وتعليمهن ما يحتجن إليه من أمور دينهم ودنياهم من أفضل القربات عند الله -تعالى-، وإقامة المخيمات والمناشط الصيفية ونحوها لهذه الأغراض أمر محمود مشكور متى ضبطت هذه المخيمات إعداداً وإشرافاً وأداءً بالضوابط الشرعية، ومنها: 1. أن تخلو المخيمات من الاختلاط والتبرج والسفور، وأن تُعود الفتيات على الالتزام بالحجاب الشرعي، والحشمة والحياء. 2. أن تكون أماكن المخيمات بعيدة عن مواقع الفتن من الشواطئ المختلطة، والملاهي الماجنة. 3. أن يتولى تدريس الفتيات وتعليمهن وتحفيظهن المدرسات الملتزمات الموثوقات. 4. إذا كانت مواقع المخيمات تبعد عن مقر الطالبة أو المُدرسة مسافة قصر وجب أن يصحبها محرمها، ولا يحل لها السفر بلا محرم مهما كان الغرض نبيلاً، والمقصد سامياً. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، ولا حرمنا الله وإياكم فضله وعظيم ثوابه، وحفظ لنا فتياتنا وأبناءنا من كل سوء إنه سميع قريب، والسلام عليكم.

الخلوة مع غير المحرم

هل يعد هذا خلوة؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /الخلوة مع غير المحرم التاريخ 28/5/1424هـ السؤال طبيب يعمل بالمستشفي بالعيادة الخارجية ومعه ممرضة، ويغلقان عليهما الباب ولكن بدون مفتاح، بحيث لو حضر مريض فيمكن أن يدفع الباب ويدخل أو أي مسؤول بالمستشفي أو عامل، فهل هذه هي الخلوة التي حذر منها رسول الله -صلي الله عليه وسلم-؟ وإذا كانت خلوة فما الحل؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالمقصود بالخلوة المنهي عنها في الحديث المشهور هي أن يخلو الرجل بالمرأة بحيث تحتجب أشخاصهما عن الناس ولو لم يُغلقا الباب، فضلاً عن أن يقفل بالمفتاح. فاختلاء الطبيب بالمريضة أو الممرضة بحيث لا يراهما الناس يعد خلوة محرمة ولو كان الباب مفتوحاً. وإغلاق الباب عليهما خلوة محرمة من باب أولى ... ولو لم يقفل بالمفتاح. فليست العبرة ألا يدخل عليهما أحد، إنما العبرة ألا يراهما أحد. فعلى الطبيب إذا دخلت امرأة أجنبية عيادته أن يترك الباب مفتوحاً، وأن يكون في عيادته بحيث يراه الناس، أي قبالة الباب، فإن شق عليه ذلك، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والأمر ـ كما قرَّر الفقهاء ـ إذا ضاق اتسع، والمشقة تجلب التيسير. ولأن الخلوة حرّمت لكونها ذريعة إلى الفتنة والفاحشة، وما حرم سداً للذريعة فإنه يباح عند المصلحة الراجحة، ولكن الحاجة تقدر بقدرها. وأرجو ألا تفهم من هذا تسويغ التساهل والتوسع من غير حاجة مُلحّة. إنما قصدتُ أنك إذا لم تستطع أن تتحاشى الخلوة بالممرضة كليةً، فعليك أن تضيقها في أضيق نطاق "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] . وعليك أن تدرأ عن نفسك هذه الخلوة المحرمة قدر الإمكان. وفقك الله وسددك، واحتسب الأجر على الله؛ فأنت على ثغر، وفي عملك مصلحة عامة، وقضاء لحوائج الناس. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الخلوة مع السائق

الخلوة مع السائق المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /الاختلاط والمصافحة التاريخ 3/8/1422 السؤال أنا معلمة لا يوجد من يوصلني للمدرسة سوى سائق سعودي برفقة زميلاتي، ولكن تحدث خلوة لمدة خمس دقائق؛ وذلك لأنني آخر مدرّسة تنزل، فما حكم ذلك؟ الجواب إذا كان السائق كبيراً في السن، مأموناً، وكانت المسافة قريبة، وفي داخل العمران، وكان الجلوس في الخلف فلا بأس. وإذا كان السائق ليس كبيراً فعليكن بالاتفاق مع سائق تكون معه زوجته، أو إحدى محارمه، أو وضع حاجز فاصل بينكم وبينه كالخشب، أو الزجاج السميك ونحوه.

مسائل متفرقة

انتساب الزوجة إلى أسرة زوجها المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 5/12/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: هل يجوز للمرأة إن تزوجت أن تأخذ اسم عشيرة الزوج؟ مع العلم أن القانون الألماني يخيرك: إما أن تبقى المرأة على اسم عشيرتها، أو تأخذ اسم عشيرة الرجل, علماً أن الوضع يكون أسهل وبدون مشاكل إذا أخذت الزوجة اسم عشيرة زوجها, ففي بعض الأحيان يتصور الموظفون في الدوائر الحكومية أننا غير متزوجين حتى نريهم عقد الزواج. فما هو الصواب؟. وجزاكم الله كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز للمرأة أن تنتسب لأسرة زوجها بعد الزواج؛ وذلك للأمور التالية: الأول: ما ثبت في البخاري (3508) ، ومسلم (61) عن أبي ذر - رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم (في بعض النسخ له فيهم نسب) فليتبوأ مقعده من النار"، وغيره من الأحاديث الدالة على تحريم الانتساب لغير الأب، أو العشيرة، أو الموالي. الثاني: أن في ذلك مشابهة للكفار فيما هو من خصائصهم، وفي الحديث: "من تشبه بقوم فهو منهم. الثالث: أن في هذا الفعل إسقاط لحق من حقوق المرأة، فمن حقوقها: الانتساب لأبيها وعشيرتها لا إلى عشيرة الزوج، كما أن فيه إسقاط لحق الأب والعشيرة في انتساب المرأة لهم لا لغيرهم، وكنت - وما زلت- أعجب من رضا كثير من الغربيات بذلك. الرابع: أن مثل هذه الأفعال تؤدي إلى إذابة الهوية الإسلامية على المدى القريب والبعيد، ومن المعلوم أن من خصائص الهوية الإسلامية في قضايا الأسرة أن انتساب الزوجة يكون إلى أبيها لا إلى غيره، ومن المفترض أن يتمسَّك المسلم بهذا الأمر، ويعتزَّ به، وينشر ويبين للناس أنه من حفاظ الإسلام على حقوق المرأة، أما ما ورد في السؤال من كون هذا الأمر يؤدي إلى بعض المشاكل، فهذه مشقة يسيرة، لا يُترك من أجلها الحكم الشرعي. ملحوظة: الكفر الوارد في الحديث لا يراد به الكفر المخرج من الملة، بل هو كفر أصغر، أو كفر النعمة، أو أن هذا الكفر لمن استحلَّ هذا الفعل مع علمه بتحريمه، أو يقال: إنه من نصوص الوعيد التي تمر، كما جاءت، ولكننا لا نكفر أحداً من أهل القبلة بفعله للكبيرة، وبسط ذلك في غير هذا الموضع. وفقني الله وإياك إلى كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المرأة.. والعادة السرية

المرأة.. والعادة السرية المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 19/7/1424هـ السؤال أنا أمارس العادة السرية، ولكن عندما علمت بحرمتها نويت التوبة، وأصبحت أشعر بالإثارة من أي شيء حتى وأنا أصلي، وعلى الدوام، فهل يجب عليَّ الغسل لكل صلاة؟ مع العلم أن الغسل يتعبني كثيراً، وفيه حرج كبير علي ويضرني لأن شعري بدأ يتساقط بكثرة، فماذا يجب أن أفعل؟. الجواب الأخت الكريمة شكراً على هذا العزم وحسن المآب، أسأل الله لك الثبات، اعلمي - وفقك الله - أنك أثرت أعضائك فيما مضى، فأصبحت تستجيب لأقل مثير، فقومي بتثبيط عنصر الاستثارة في نفسك وأعصابك، وذلك بالتمرين على أن المثير متى ما وقع امتنع ترك الاستجابة له، سواء كان ذلك المثير جاء مصادفة بدون قصد منك، أو أنك عملت له استدعاء من أجل تمرين نفسك على ترك الاستجابة، وهذا التثبيط للمشاعر والغريزة يتكون بالتدريب. أما بخصوص السؤال فإن الحكم مرتبط بالإنزال، فمتى حصل وجب الغسل، فالإثارة بدون الرعشة التي تدل على الإنزال عند بعض النساء، وعند أخريات يكون الإنزال خارج الفرج وهذا واضح فالغسل واجب، أما مجرد حصول اللذة فلا يوجب الغسل، واسألي نفسك هل يمكن أن تعفيها بالزواج بعد أن تتجاوزي مجموعة من الأوهام يسميها البعض ظروفاً وأسباباً وعادات لبعض المجتمعات، فإذا قوبلت بالصراحة والوضوح وحسن التأمل لم تتجاوز أسباباً بسيطة يمكن حلها أو تجاوزها أو تأجيلها. أعانك الله على العفاف وحسن الانتظار فهو أعظم وسام تتوشح به المرأة، وليكن لك في الصالحات الصابرات من المؤمنات القدوة والأسوة؛ مريم بنت عمران، فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم- وغيرهن ممن أمضين شبابهن في صبر وتحد عظيم لجميع المغريات وحماهن الله من السقوط، والإعجاب بالساقطات، واحرصي على المباعدة عن أسباب الإثارة بالكلمة والصورة وغيرها، وحاولي مسح ما في ذاكرتك من المواقف التي تضعف من توبتك، واعلمي أن من سقطن في أتون الشهوة كثر، ومن صابر وصبر فاز باللذة فيما بعد، فقد أصبح للمؤمنين إماماً، واكتسب قوة نفسية لا يعدلها مال ولا شهوة عابرة، وتلك والله الدرجات التي يتفاوت فيها الخلق في الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد.

نظر المرأة إلى الرجال

نظر المرأة إلى الرجال المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 22/3/1423 السؤال أفيدوني -رفع الله قدركم- عن نظر المرأة إلى بعض البرامج الإسلامية التي يكون فيها رجال، جعلكم الله من حماة دينه وحراس عقيدته؟ الجواب نظر المرأة إلى الرجال الأجانب ليس ممنوعاً في كل حال، بل يباح في أحوال كثيرة، كرؤية المصلين، ورؤية الحجاج في عرفة ... وغير ذلك، وقد كان الحبشة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلعبون بحرابهم في المسجد وأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تنظر إليهم، انظر ما أخرجه البخاري (454) ، ومسلم (892) ، ومثل هذا نظر المرأة إلى البرامج المفيدة، والممنوع إنما هو اختلاطها بالرجال، واطلاعها على المناظر الخليعة التي تخدش الحياء، وتثير الشهوات في البرامج الإعلامية أو غيرها.

ضوابط معالجة الطبيب للمرأة

ضوابط معالجة الطبيب للمرأة المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 08/10/1425هـ السؤال هل هناك أسانيد من القرآن والسنة تؤكد وتحض المسلمات على الذهاب إلى طبيبات من النساء، وليس من الرجال، للولادة ما وجدت النساء؟ أرجوكم أريد إرسال هذه الأحاديث أو الآيات لي، وجزاكم الله خيرًا، أفيدونا. الجواب الحمد لله، وبعد: إن قضية تعامل المرأة مع الرجل الأجنبي في الشريعة الإسلامية واضحة محسومة ودلائلها كثيرة، ولكون السؤال هو عن معالجة الرجل للمرأة، سواء للتوليد أو لغيره، فإننا نقول إن معاملة الطبيب للمرأة هي تعامل رجل أجنبي لامرأة أجنبية منه، ولذا فإننا سنذكِّر بالأدلة التي تمنع اختلاط الرجل بالمرأة ومسه إياها وخلوته بها ونحو ذلك: فمن القرآن آيات منها: قوله تعالى في سورة النور: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ) [النور: من الآية31] . وفي آخرها قال سبحانه: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) [النور: من الآية31] . وقوله سبحانه في شأن نساء النبي عليه السلام: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) [الأحزاب: من الآية32-33] . وقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) [الأحزاب: من الآية59] . وأما من السنة: فمن ذلك ما في الصحيحين البخاري (3006) ومسلم (1341) ، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلاَّ ومعَها ذُو مَحْرَمٍ ... "الحديث. ومنها حديث عقبة بن عامر، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إيَّاكم والدُّخولَ على النساءِ". فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحَمو؟ قال: "الحَمُو المَوْتُ". متفق عليه: عند البخاري (5232) ومسلم (2172) . والحمو هو: قريب الزوج كأخي الزوج وعمه وابن عمه. ومنها حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المَرأةُ عَوْرَةٌ فإذا خرَجتِ اسْتَشْرَفَها الشَّيطانُ". أخرجه الترمذي (1173) وحسنه، كما أخرجه ابن حبان في صحيحه (5598) وابن خزيمة في صحيحه (1685) ، وصححه الألباني والأرناؤوط. ومن هذه الآيات والأحاديث نستطيع أن نتبين القواعد والأحكام التي على وفقها يكون تعامل الرجل مع المرأة الأجنبية منه والعكس:

(1) الأصل في المرأة ألا تبدي من زينتها إلا ما ظهر منها، وهي الثياب الظاهرة والعباءة ونحو ذلك، مما لا يمكن ستره، وعلى القول الآخر أنه الوجه والكفان، فلا يجوز لها أن تبدي أكثر من ذلك من شعر أو نحر، أو ذراع، أو ساقين، وإن كان الأرجح هو القول الأول. (2) أن الأصل في المرأة أن جميع بدنها عورة، كما في حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، السابق؛ ولذا فلا يجوز أن يبدو منها إلا ما استثني للنساء وللمحارم. (3) أن الله تعالى أمر بالحجاب والجلباب وهما ما تختمر به المرأة، ومعنى هذا أن المرأة لا تكون عند رجل ليس محرمًا منها بغير ذلك. (4) أن الله تعالى نهى المرأة أن تضرب برجلها الأرض حتى لا يسمع صوت الخلخال (وهو الحلي من القدم) ، وهذا يدل على أن المرأة يجب أن تبتعد عن الرجل مخافة تأثره بها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ويدل عليه حديث: "مَا ترَكتُ بعدي فتنةً أضَرَّ عَلَى الرِّجالِ مِن النِّساءِ". رواه البخاري (5096) ومسلم (2740) ، من حديث أسامة بن زيد، رضي الله عنهما. (5) أن خلوة الرجل بالمرأة لا تجوز، فكيف بمماسَّته إياها؟ وعلم من هذا كله أن معالجة الطبيب الرجل للمرأة في الأصل لا تجوز أبدًا إذا تضمنت ما نهى الله عنه مما تقدم، ولإيضاح ذلك فيما يتعلق بالطبيب فأشير إلى أمثلة: (1) خلوة الطبيب بالمرأة سواء من العيادة في الغرفة وحدهما دون وجود محرم، أو على أقل الأحوال امرأة أخرى كالممرضة (المأمونة) ، أو كان ذلك في غرف التنويم إذا كانت المرأة في غرفة منفردة. (2) حرمة مس الرجل للمرأة بأي سبب وفي أي موضع، ويفحش ويغلظ تحريمه كلما كان في موضع أكثر فتنة وأغلظ في العورة. (3) حرمة نظر الطبيب إلى المرأة فيما يحرم عليه النظر إليه، كجميع بدن المرأة، أو عند بعضهم جميع البدن ما عدا الوجه والكفين، كنظره إلى رقبتها، أو صدرها، أو ظهرها، أو بطنها, فهو محرم، وإن لم يتضمن مُمَاسَّة. (4) توليد الرجل للمرأة، وهذا أغلظ ما يمكن تصوره؛ لأنه نظر إلى العورة المغلظة جدًّا، بل ومس لها. (5) مثل ذلك إجراء العمليات للنساء من قبل الرجال. إذًا فهذا هو الأصل في معاملة الطبيب للمرأة؛ أنه يحرم عليه ما يحرم على غيره من الرجال وفق الأدلة السابقة. وليس في الأدلة ما يخص رجلاً دون غيره إلا الزوج لزوجته، والسيد لأمته التي تسرَّى بها، فكل منهما يرى من امرأته كل شيء كما لا يخفى. وكذلك مما استثني من المحارم، وإنما يجوز لهم ما يظهر غالبًا كالوجه، والشعر، والنحر، وأطراف الذراعين، والساقين، دون ما فوق ذلك على الصحيح من أقوال أهل العلم، كما هو ظاهر آية سورة النور، وأما الطبيب فإنه لم يستثن، ولكن الطبيب إنما نأخذ حكمه من قواعد الضرورة والحاجة التي ذكرها الفقهاء، وهي قواعد مستندة إلى أدلة شرعية ومنها ما يلي: (1) قاعدة: الضرورات تبيح المحظورات. (2) قاعدة: الضرورة تقدر بقدرها.

فإذًا متى يجوز للطبيب أن يرتكب شيئًا من المحظورات التي أشرنا إليها؟ الجواب: عند الضرورة فقط أو الحاجة الشديدة التي تنزل منزلة الضرورة، وهذا لا يتحقق أبدًا مع وجود طبيبة من النساء، إذ لا ضرورة إلى الرجل في هذه الحالة، فإذا وجدت طبيبة مسلمة فهي التي يجب أن تعالج المسلمات، فإذا لم توجد فيجوز أن نقدم بذلك المرأة غير المسلمة المأمونة، فإذا لم توجد امرأة مسلمة ولا غير مسلمة فحينئذ نلجأ إلى الطبيب الرجل بشرط كونه مسلمًا، فإذا لم يوجد مسلم جاز حينئذ أن نولي علاج المرأة طبيبًا كافرًا للضرورة، فعلم من هذا أن توليد الرجل للمرأة لا يجوز إلا حين تعذر وجود النساء مطلقًا، وأن يكون بعدم وجود المرأة في تلك الساعة فقد لا يعد عذرًا إلا إذا لم يمكن تأجيل العملية، أو نقل المرأة إلى مستشفى آخر، وإذا طلب الولي- من زوج أو أب أو غيرهما- إذا طلب أن يكون توليد موليته من امرأة فإن ذلك حق له وحق للمرأة والأصل ألا يرد، وحين يكون ذلك مطلبًا اجتماعيًّا، أو كما يقال شعبيًّا، فإن هذه المستشفيات ستوفر طاقمًا نسائيًّا للتوليد. وأما القاعدة الثانية فإننا نعمل بها حين نلجأ لمعالجة الرجل للمرأة للضرورة فنقول: إن الضرورة تقدر بقدرها. فنظر الطبيب لا ينبغي أن يتعدى موضع الحاجة، وكذلك مسه للمرأة ونحو ذلك، فلا داعي للطبيب حين نضطر لكونه يجري عملية لامرأة في رقبتها مثلاً أن يرى جميع جسمها أو أن يرى طبيب العيون جميع وجهها وهو يستطيع الكشف عن عينها فقط، أو يضع الطبيب مثلاً جهاز الأشعة على بطنها مع إمكانية أن تضعه الممرضة..وهكذا. وفي الختام لعل من المناسب أن ننقل فتوى لسماحة الشيخ محمد إبراهيم- رحمه الله- مفتي الديار السعودية سابقًا حيث سئل عن كشف الأطباء على عورات النساء للعلاج وخلوتهن بهن، فأجاب- رحمه الله: أولاً: أن المرأة عورة، ومحل مطمع للرجال بكل حال، فلهذا لا ينبغي لها أن تمكن الرجال من الكشف عليها أو معالجتها. ثانيًا: إذا لم يوجد الطبيبة المطلوبة فلا بأس بمعالجة الرجل لها، وهذا أشبه بحال الضرورة، ولكنه يتقيد بقيود معروفة؛ ولهذا يقول الفقهاء: الضرورة تقدر بقدرها؛ فلا يحل للطبيب أن يرى منها أو يمس ما لا تدعو الحاجة إلى رؤيته أو مسه، ويجب عليها ستر كل ما لا حاجة إلى كشفه عند العلاج. ثالثًا: مع كون المرأة عورة، فإن العورة تختلف؛ فمنها عورة مغلظة، ومنها ما هو أخف من ذلك، كما أن المرض الذي تعالج منه المرأة قد يكون من الأمراض الخطرة التي لا ينبغي تأخر علاجها، وقد يكون من العوارض البسيطة التي لا ضرر في تأخر علاجها حتى يحضر محرمها ولا خطر، كما أن النساء يختلفن، فمنهن القواعد من النساء، ومنهن الشابة الحسناء، ومنهن ما بين ذلك، ومنهن من تأتي وقد أنهكها المرض، ومنهن من تأتي إلى المستشفى من دون أن يظهر عليها أثر المرض، ومنهن من يعمل لها بنج موضعي أو كلي، ومنهن من يكتفي بإعطائها حبوبًا ونحوها، ولكل واحدة من هؤلاء حكمها.

وعلى كلٍّ فالخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة شرعًا، ولو للطبيب الذي يعالجها؛ لحديث: "مَا خَلَا رجلٌ بامرأةٍ إلَّا كان الشَّيطانُ ثَالِثَهما". انظر ما رواه الترمذي (2165) وابن ماجة (2363) ، من حديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فلابد من حضور أحد معها سواء كان زوجها أو أحد محارمها الرجال، فإن لم يتهيأ، فلو من أقاربها النساء، فإن لم يوجد أحد ممن ذكر وكان المرض خطيرًا لا يمكن تأخيره فلا أقل من حضور الممرضة ونحوها تفاديًا من الخلوة المنهي عنها. انتهى كلامه رحمه [فتاوى محمد بن إبراهيم (9/12-13) ] .

إلقاء الرجل السلام على المرأة

إلقاء الرجل السلام على المرأة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 18/3/1424هـ السؤال ما حكم السلام على النساء المسلمات بالصوت فقط؟ وهل هو مستحب بهدف إفشاء السلام كما في الحديث الوارد؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الأصل أن السلام من السنة، وإفشاؤه من الدين، غير أن وقوعه من الشاب ونحوه على النساء، أو العكس في الأسواق، والطرقات، والأماكن العامة مما هو مظنة للفتنة، يمنع والحالة هذه درءاً لوقوع مفسدة، ودرء المفاسد في الشريعة مقدم على جلب المصالح، لكن وقوعه من الكبير، وما لا فتنة فيه أو كان له سبب كاتصال بالهاتف لأمر يقتضيه فالظاهر أن لا بأس والحالة هذه.

إقامة المرأة خارج بلادها بدون محرم

إقامة المرأة خارج بلادها بدون محرم المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 8/11/1424هـ السؤال ما حكم سفر الفتاة خارج الدولة (إيرلندا) أو ما شابهها، علماً بأن الذي سوف يسافر معها محرم لإيصالها فقط، وأنه يوجد هناك مبنى توجد فيه فتيات وتحت مسؤولية سفارتنا بتلك الدولة؟. الجواب النهي إنما جاء عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم- عن سفر المرأة بدون محرم، أما بقاؤها بدون محرم فإني أرى أنه لا ينبغي، لأن بقاء المرأة بعيدة عن محارمها وبلدها فيه خطر عظيم؛ لأن المحرم إنما شرع لصيانتها وحفظها. هذا ولا شك أن الأمر أخف إذا كانت بين فتيات وتحت مسؤولية السفارة، لكنني مع ذلك أكره بقاءها وحدها لما تقدَّم.

حكم مزاولة المرأة السباحة

حكم مزاولة المرأة السباحة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 16/1/1423 السؤال ما حكم السباحة للنساء ولبس ثوب السباحة؟ الجواب سباحة المرأة إمّا أن تكون مع الرجال، وإما أن تكون مع النساء، فإن كانت مع الرجال فلا تجوز؛ لما في ذلك من الاختلاط، وانكشاف ما لا يجوز كشفه من جسدها أمام الرجال الأجانب، وإن كانت سباحتها مع نساء فلا حرج عليها فيها إذا كانت ملابسها ساترة شرعاً لما يجب ستره عن النساء، وعلى المسلمة أن تبتعد عن مخالطة النساء اللاتي لا يلقين بالاً للدين والخلق، فتسبح إحداهن وهي شبه عارية ومبرزة لمفاتنها، وما أوجب الله ستره منها. وبالله التوفيق.

متزوجة زنت فلمن حملها؟

متزوجة زنت فلمن حملها؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 21/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أريد أن أسأل إذا كانت المرأة حاملاً وهي متزوجة، ولكنها زنت وليست متأكدة من الطفل أنه ابن زوجها، فهل إذا أجهضت يكون حراماً؟ أما إذا بقيت على الحمل وهي لا تعرف ممن فهل هذا إثم أكبر؟. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أن الإجهاض لا يجوز بأي حال من الأحوال ولو كان الحمل من الزنا، هذا والولد يلحق بالزوج، لما جاء في الصحيحين البخاري (6818) ، ومسلم (1458) ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، أي الولد للزوج وللزاني الرجم. هذا وليعلم أن المسألة ليست مقتصرة على ما نصت عليه السائلة من حكم الإجهاض، إذ على كل من الزاني والزانية إذا ثبت زناهما بشهادة أو إقرار حد الزنا، الذي هو للمتزوج الرجم حتى الموت، وللبكر غير المتزوج جلد مائة وتغريب عام، ثم إن على زوج هذه المرأة التي لا تمتنع عن الزنا أن يفارقها، قال تعالى: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [النور:3] ، والله أعلم.

نظر المرأة للرجال

نظر المرأة للرجال المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 27/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم النظر للرجال في التلفاز إذا كانت العورة مستورة؟ وهل هناك علماء أحلوا ذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب النظر للرجال من قبل المرأة لا بأس به ما لم تكن فيه فتنة، أو تحريك شهوة، فإذا أدى إلى شيء من ذلك فإنه يجب عليها أن تغض بصرها؛ لقول الله -عز وجل-:"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن" [النور:31] .

ضوابط تعامل الطبيب مع النساء

ضوابط تعامل الطبيب مع النساء المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 12/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: أنا طبيب أسنان تخرجت منذ سنة تقريبا، وأريد أن أعرف شرعية التعامل مع المرضى من النساء؛ مثلا: من تود من أهلي التعالج عندي، ماذا أفعل معها؟ علما بأني ولله الحمد متفوق في عملي (بفضل الله عز وجل) ، فإذا لم أعالجها عالجها غيري من الرجال الذين قد لا يتقنون التعامل بمقاييس شرعية، وقد يتعاملون مع المرضى وكأنهم يتاجرون فيهم، فأريد وضع ضوابط للتعامل مع النساء في عملنا، (خصوصا أنه ليس من السهل أن يتعامل المرء مع طبيب ثم يكتشف أنه لا يتقن المهنة، فهو قد يعرض نفسه وبدنه للأذى) .. أرجو التفصيل في الجواب..شاكراً لكم حسن تعاونكم. الجواب الأصل في التطبيب أن يعالج كل جنس جنسه، فالنساء يعالجن النساء، والرجال يعالجون الرجال، ويجب على أهل الشأن وكل من لديه قدرة على تغيير الواقع أن يسعى إلى ذلك. فإن لم يمكن وجود المثيل من الجنس جاز التداوي عند الجنس الآخر بشروط أهمها. (1) أن يكون التداوي بالنسبة للمرأة بوجود محرم لها، أو امرأة ثقة، والمقصود عدم الخلوة عموماً، بالنسبة للرجال أو النساء. (2) الاقتصار من النظر على القدر اللازم. (3) الأمن من الفتنة. وبالنسبة لك كطبيب أسنان، فإذا كانت المرأة التي تريد العلاج من محارمك ويباح لك النظر لها والخلوة بها، فتداويها عندك باعتبارك محرماً لها وهذا هو الصحيح، وكذلك لم يوجد غيرك من محارمها، بشرط أن تكون صاحب كفاءة في أمر المعالجة المقصودة، والله أعلم.

سكن المرأة لوحدها

سكن المرأة لوحدها المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 4/8/1424هـ السؤال كنت قد طرحت سؤالاً بخصوص زوجتي وأريد أن أستشيركم في شيء آخر، أعيش الآن في كندا، وزوجتي في بلاد المغرب وهي تقطن مع محارمها، غير أنها تريد أن تشتري بيتاً وحدها؛ لتعيش فيه لحين عودتي العام القادم إن شاء الله، وذلك لأنها لم تعد تحتمل بقاءها مع عائلتها بعد زواجنا لظروف نفسية خاصة بها، هل آذن لها بذلك؟ أم أن الشرع يوجب العكس؟ وبهذا أرفض هذا الطلب الذي تلح عليه بكثرة، فهل أسمح لها أن تسكن وحدها إلى حين عودتي؟. الجواب الحمد لله تعالى وحده، وبعد: فقد ذكر السائل رغبة زوجته في السكن المستقل، وذلك لكونها لم تعد تتحمل بقاءها مع عائلتها بعد زواجها لظروف نفسية خاصة، وهل يأذن لها بذلك أم لا؟ وأقول ينبغي أن تراعي بين المصالح والمفاسد، فإن طلبها السكن المستقل لا مانع فيه، ولكن ينبغي أن تنظر إن كان ليس هناك عليها أي مضرة في دينها أو غير ذلك، وإن كان ذلك لا تحصل معه أي مشاكل أو إيذاء أو تعرض من أهل الفساد والريب، وإن كان سكنها سبباً في استقرارها واستقرار راحتها النفسية؛ فهذا طيب وخير لك ولها إن شاء الله، وأما إذا كان في سكناها لوحدها مفاسد كثيرة فلا، واجتهد في إفهامها بذلك بالتي هي أحسن، واستعمل الحكمة والرفق، فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

شهادة المرأة في النكاح

شهادة المرأة في النكاح المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 5/7/1424هـ السؤال هل يجب أن يكون الشهود رجالاً في حالة الشهادة على عقد النكاح؟ وهل يجوز أن تكون المرأة شاهدة؟ وهل يجوز للرجل في حالة إذا أراد التعدد أن يشترط على زوجته الثانية أنه لن يجلس معها إلا ثلاثة أشهر في السنة مثلا؟ أو أنه لا يريد أن يعلم أهله بموضوع زواجه؟ وإذا علموا فأنه سوف يطلقها، هل يجوز له أن يشترط مثل هذه الشروط؟ أم أن هذه الأمور تكون من عدم العدل ويأثم عليها؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: أخي السائل تضمن سؤالك أربع فقرات: فأما ما يخص الفقرة الأولى والثانية فنقول مستعينين بالله: أن المشهود به ينقسم إلى أربعة أقسام: القسم الأول: الحدود: فهنا اشترط جمهور العلماء كون الشاهد ذكراً، لأن الحدود مما يحتاط لدرئه وإسقاطه، ولهذا تدرء الحدود بالشبهات، ولأن الحاجة لا تدعو إلى إثباته كحقوق الآدميين (فكأنهم غلبوا مصلحة الجاني) . القسم الثاني: المشهود به ليس مالاً ولا يقصد به المال، ويطَّلع عليه الرجال في غالب الأحوال "كالنكاح - والطلاق - والرجعة"، فالراجح عندي قبول شهادة المرأة مع ملاحظة أن شهادتها على النصف من شهادة الرجل، لأن هذا المشهود به هنا لا يسقط بالشبهة. القسم الثالث: إذا كان المشهود به مالاً أو يقصد به المال كالبيع والرهن وغير ذلك. فتقبل في هذه الحالة شهادة النساء مع ملاحظة أن شهادتها على النصف من شهادة الرجل. القسم الرابع: ما لا يطَّلع عليه الرجال - كعيوب النساء تحت الثياب والرضاع والاستهلال والبكارة - تقبل هنا شهادة امرأة واحدة ثقة. وكل موضع قلنا فيه إن شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل فهذا بناء على الأصل في شهادتها، وللقاضي جعل شهادتها بشهادة رجل عندما يثق بشهادتها، لأن العلة في ذلك قوله تعالى: "أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" [البقرة: من الآية282] ، والحكم يدور مع علته وجوداً أو عدماً، فلو أمن القاضي خطأها فله أن يقبل شهادتها، خصوصاً إذا احتفت مع شهادتها قرائن تشهد بصحة ما تقول، أو وجدت حاجة لقبول شهادتها، ولهذا قال المرداوي في الإنصاف (فائدة: ومما يقبل فيه امرأة واحدة الجراحة وغيرها في الحمام والعرس ونحوهما مما لا يحضره رجال) (30/35) طبعة هجر.

أما الفقرة الثالثة والرابعة من السؤال والتي تضمنت السؤال عن حكم اشتراط الزوج على زوجته بقاءه معها مدة معينة في السنة فقط أو غير ذلك فلا أرى في ذلك حرجاً إن وافقت المرأة على هذا الشرط، لأنها رضيت بإسقاط حقها، والرضا يرفع الظلم، وقد ثبت في البخاري (5212) ، ومسلم (1463) من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن سودة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهبت يومها لعائشة - رضي الله عنها - وعند أبي داود (2135) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ما يدل على أنها فعلت ذلك عندما شعرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سيطلقها، والعكس أخي السائل صحيح، فللمرأة أيضاً أن تشترط ما شاءت من الشروط على الخاطب، مع ملاحظة ألا تتضمن هذه الشروط على الخاطب فعل محرم أو ترك واجب أو مناقضة أصل عقد الزوجية، كاشتراط الرجل أو المرأة عدم الجماع ونحوه.

إعراض الفتاه عن الزواج

إعراض الفتاه عن الزواج المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 28/6/1424هـ السؤال توجد الآن ظاهرة بين الفتيات في سن الزواج، وحتى بين المنتقبات الملتزمات، هذه الظاهرة هي رفض الزواج بحجة أن الحياة هكذا أفضل، أو حتى أتعلم ديني أكثر، أما الأغرب في الرفض لأن العريس مثلاً لباسه به إسبال قليلاً فترفض؛ لأن هذا الشاب وإن كان متديناً أو يحاول لن يساعدها في دينها، وهكذا تقول ويمضي العمر، ويصبح الطرفان بدون زواج، وأنا كأم لشاب مستقيم، ويخشى الله، ولكن يحاول يرتقي في دينه ولكن الهوينى، حزينة فعلاً؛ لأننا كلما أردنا التقدم لفتاة ويكون أهلها موافقين تعتذر هذه الفتاة أو تلك، حتى قبل رؤية ابني بحجة أنها لا تريد الزواج، وللعلم منهم المتنقبة وقريبة لنا، وتقسم أن ابني ليس به عيب، ولكنها تفضل عدم الزواج. أرجو توجيه كلمة لمثل هذا النوع من الفتيات. الجواب لقد جاء الدين الحنيف شاملاً كاملاً لا نقص فيه بوجه من الوجوه، ففيه الخير للرجل والمرأة والصغير والكبير، ومن خيرية هذا الدين عنايته بالمرأة المسلمة متزوجة كانت أو غير متزوجة، ومن عنايته بالفتاة المسلمة غير المتزوجة ما جاء في وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوليها يقول: " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " أخرجه الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، واللفظ له. فهذا أمر من النبي الكريم لأولياء الفتاة بالمبادرة إلى تزويجها إذا تقدم لهم الكفء صاحب الخلق والدين، وتحذير منه - صلى الله عليه وسلم- من الإعراض عن ذلك بالفتنة التي تلحق بالرجال والنساء إذا أعرض الناس عن العمل بهذا الحديث، فقد قال بعض أهل العلم: " إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه ربما يبقى أكثر نسائكم بلا أزواج، وأكثر رجالكم بلا نساء، فيكثر الافتتان بالزنا، وربما يلحق الأولياء عار، فتهيج الفتن والفساد، ويترتب عليه قطع النسب، وقلة الصلاح والعفة "، وقال آخر: " إن تعظيم الجاه والمال وإيثاره على الدين يؤدي إلى الفتنة ". وهذا الأمر النبوي الكريم ليس خاصاً بولي المرأة فحسب، بل هو موجه لها أيضاً؛ لأن لها حقاً في قبول الزوج أو رفضه، فيجب عليها أن تكون معينة لولي أمرها على تنفيذ هذا الأمر النبوي الكريم، وإلا فإنها هي المعرضة للفتنة أكثر من غيرها. إن اعتذار بعض الفتيات بتأخير الزواج بحجة الدراسة، أو العمل، أو غير ذلك فإنه من أسباب الفتنة ومن تلاعب الشيطان بهن - نسأل الله العافية لهن -، وكم من الفتيات حصل منهن ذلك فندمن على هذا أشد الندم، فهذه إحداهن تصرخ، وتقول:" خذوا شهاداتي، وأعطوني زوجاً " فإن المرأة يمكن أن تعيش سعيدة بدون شهادات ولا عمل، وما أكثرهن، ولكن كيف تعيش سعيدة بدون زواج؟ وكذا فإن المرأة التي تطلب زوجاً لا عيب فيه ستبقى من دون زوج؛ لأنها لن تجد من المتقدمين لها من لا عيب فيه. لذا فعلى المرأة أن تتقي الله في نفسها، وعلى وليها أن يتقي الله - سبحانه وتعالى - فيها، فلا يمنعها من الزواج لمصلحة دنيوية له أو لها، وليعلم الولي، ولتعلم المرأة أيضاً أن زواجها حسب المعيار الذي حدده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك في إعانة للمرأة على تحقيق ما ينفعها في الدنيا والآخرة.

أحذية نسائية تشبه أحذية الرجال

أحذية نسائية تشبه أحذية الرجال المجيب د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 1/1/1425هـ السؤال انتشرت في السنوات الأخيرة أحذية نسائية - أكرمكم الله - تشبه في تفصيلها أحذية الرجال، أي أن إصبع الإبهام له مكان مخصص، وإن اختلفت الموديلات والأشكال، بحيث يتم إضفاء شيء من الأنوثة عليها، ولكننا اعتدنا أن هذا الشكل خاص بأحذية الرجال، فهل لبس المرأة لها يعتبر تشبهاً؟ وهل تأثم الأم إذا قامت بشرائها لبناتها الصغيرات؟ جزاكم الله خيراً. الجواب لا شك أن من المحرمات تشبه النساء بالرجال، والمراد بذلك فعل النساء لفعل يختص به الرجال، ولا يظهر أن وضع مكان مخصص للإبهام في الحذاء من خصائص الرجال، ولذلك فلا يظهر المنع من الأحذية المذكورة ما دام قد أضفيَ عليها شيء من الأنوثة.

حدود حرية المرأة في التصرف في مالها

حدود حرية المرأة في التصرف في مالها المجيب سالم بن ناصر الراكان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 15/08/1425هـ السؤال ما حرية المرأة في التصرف في مالها؟ يعني: هل لها الحرية في شراء شقة في مدينة أخرى تبعد عن المدينة التي تسكن فيها بمقدار 200 كلم، بصرف النظر عن موافقة زوجها من عدمها، مع العلم أن هذه المدينة ليس لهم بها أية صلة؛ لا أقارب ولا معارف، ولكن لكي تبعد زوجه عن أهله، وتقول: إنها حرة في التصرف في مالها، ووالدها يوافقها في ذلك. فهل للزوج الاعتراض أو المنع أو ماذا يفعل؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: المرأة إذا كانت عاقلة رشيدة فلها التصرف في مالها بما شاءت، شأنها في ذلك شأن الرجل، فيجوز لها أن تبيع وأن تشتري وتتصدق وتهدي وترهن، إلى غير ذلك من عقود الإنشاء المالية. وأما الحديث المروي في سنن أبي داود (3547) وابن ماجه (6643) والنسائي (2540) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا". فإنه من مناكير عمرو بن شعيب، والجمهور على خلافه، والحاصل أنه لا يجوز لزوجها أن يمنعها من التصرف في مالها ما دامت رشيدة، سواء كان عقارًا أو غيره، وأما أن يكون غرضها إبعاد الزوج عن أهله، فعلى الزوج نصيحتها وعدم الاستجابة لمطلبها بمقاطعة الأهل. والله أعلم.

قيادة المرأة للسيارة في البلاد الغربية

قيادة المرأة للسيارة في البلاد الغربية المجيب يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 25/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. نحن هنا في بلاد الغربة، زوجي مشغول عنا، كل وقته للعمل والدراسة، وبعض الوقت للأصدقاء، المشكلة أنه يدفعني إلى قيادة السيارة بحجة أنه مشغول، وأنا لا أطيعه في هذا الأمر؛ لمعرفتي بحكم قيادة السيارة، ماذا أفعل؟ فهو يقول: إذا أردت أي شيء تعلمي قيادة السيارة، واذهبي إلى أي مكان، وأيضاً هناك مشكلة اللغة حيث إن كل التعليم مختلط، وزوجي يقول نحن في حاجة إلى التعليم هل هذا صحيح؟ أفيدوني أرجوكم بالتفصيل، وشكراً. الجواب الأخت السائلة: - زادك الله حرصاً على دينك- وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. القيادة أمر مباح ولكنه إذا أفضى أو سيفضي إلى محرم؛ فإنه سيحرم للسبب المفضي إليه، وعليه فإذا ما تيسر لك أن تتعلمي القيادة في مدرسة بدون اختلاط، وفي جو محترم، وحبذا برفقة أخت مسلمة، ثم بعد الحصول على الرخصة استعملت السيارة لما ينفعك وينفع الأسرة؛ فأرى أنه لا مانع من ذلك، وعلى الزوج الكريم أن يساعدك في الوقت المتيسر في تعلم قيادة السيارة، وعليه كذلك أن يخصص بعض الوقت لك وللبيت، والأولاد، فإن الله سائله عنكم أحفظ أم ضيع.

لماذا شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين

لماذا شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 26/7/1424هـ السؤال هل هناك ما يسوغ كون شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين من النساء؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد فقد جعل الله تعالى شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد، قال تعالى: "فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" [البقرة: من الآية282] . ففي هذه الآية أن شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد، وما أمر الله تعالى به وشرعه ففيه الحكمة العظيمة، فهو سبحانه خالق البشر فهو أعلم بما يصلحهم، كما قال تعالى: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك:14] ، وأعظم مبرر لهذه الحكم أنه اتباع لأمر الله تعالى. وقد نصَّت الآية على تعليل لهذا الحكم، وهو أن المرأة الواحدة قد تنسى فتذكرها الأخرى، خاصة أن الغالب عدم عناية النساء بضبط الشهادات وحفظ الأحداث. وفي الدراسات المستجدة وجد مصداق ذلك، إذ توصَّل علماء الطب إلى أن الدماغ البشري ينقسم إلى قسم أيمن وقسم أيسر، فالقسم الأيمن أقوى لدى الرجل منه لدى المرأة، والشطر الأيمن من الدماغ تتركز فيه المناطق الخاصة بالإحساس السمعي وفهم الرسوم وشمول الرؤية، فهذا التشريع ينسجم مع وظيفة عقل المرأة، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

زيارة النساء لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم

زيارة النساء لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 23/04/1426هـ السؤال السلام عليكم نحن نعلم أنه لا يجوز للنساء زيارة القبور، وسؤالي عن زيارة شهداء أحد، وكذلك أسأل عن زيارة النساء لقبر النبي -صلى الله عليه وسلم- حين يكون مقصد النساء الأصلي زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه. نرجو توضيح الحكم، مع ذكر الأدلة عليه. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: عموم النصوص الواردة في نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء عن زيارة القبور عامة في جميع القبور، سواء كانت قبور الصحابة -رضي الله عنهم- أو قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فكل هذا داخل في عموم النصوص، فقد جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "لَعَنَ زَوَّارَاتِ القُبُورِ". رواه الترمذي (1056) وابن ماجة (1576) . وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "لَعَنَ زائراتِ القُبورِ والمُتَّخِذينَ عَلَيهَا المَسَاجِدَ والسُّرُجَ". أخرجه أبو داود (3236) ، والترمذي (320) ، والنسائي (2043) ، وفي سنن ابن ماجة (1574) من حديث حسان بن ثابت، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم "لَعَنَ زَوَّاراتِ القبورِ". والقاعدة أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال، فلما لم يفصل النبي -صلى الله عليه وسلم- دل هذا على أن هذا الحكم عام في جميع القبور، لا يستثنى منها شيء. والله أعلم.

خروج المرأة من غير إذن زوجها

خروج المرأة من غير إذن زوجها المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 25/11/1424هـ السؤال ما حكم خروج الزوجة مع أخيها أو أمها إلى أقاربها بدون علم الزوج ثلاث مرات وبضغط من أمها أو أخيها؛ كي لا تغضبهم، وبعدها تدعي أنها اتصلت وهي لم تتصل؟ علماً أنها تكون عند أهلها طوال هذه الثلاث مرات. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: الأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها ولو إلى بيت أبيها أو عيادته في المستشفى إلا بإذن الزوج، فإن منعها من الخروج لم يجز لها أن تخرج، فإن خرجت فهي آثمة. وإذا أطلق الزوج لها الإذن بالخروج مع أهلها إلى حيث يشاؤون، فلها أن تخرج معهم ولو بغير علمه؛ لأنه قد أطلق لها الإذن، ولا حاجة إلى أن تستأذنه ـ بعد ذلك ـ في كل خروج ما دام قد أعطاها الإذن المطلق. وإذا كان قد أذن لها بالخروج إلى أهلها، أو أوصلها إليهم، فهذا لا يعني أنه قد أذن لها أن تخرج معهم، فإذنه بالخروج إلى أهلها ليس إذناً بالخروج إلى غيرهم، فلا يجوز لها أن تخرج معهم من بيتهم حتى تستأذنه، فإن أذن لها وإلا فلا. على أنه ينبغي للزوج ألا يمنع زوجته من الخروج إلى أهلها، وألا يمنعها من الخروج معهم إلى ما فيه قضاء مصالحها والتنفيس عليها، ومن المحزن أن يمنع بعض الأزواج زوجاتهم من الخروج لغير سبب سوى التضييق عليها، ومضارتها وإغاظتها، مع أنه يعلم أنها ملتزمة بالحجاب الشرعي متخلقة بآداب الإسلام في الخروج، فليس هذا من أخلاق الكرام، والرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: "خيركم خيركم لأهله". والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ماء المرأة وشبه الولد

ماء المرأة وشبه الولد المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 20/11/1424هـ السؤال قرأت عبارة في كتاب يستند على صحيح الإمام مسلم يبدو أنها تخالف العلم وهي: عن أنس - رضي الله عنه- أن أم سلمة - رضي الله عنها- حدثت أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم- عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأت المرأة فلتغتسل، فقالت أم سلمة - رضي الله عنها-: واستحييت من ذلك، قالت: وهل يكون هذا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: نعم، فمن أين يكون الشبه؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه". وأنا لا أعرف أن المرأة تنزل ماءً مثل الرجل، وكذلك فمن المعلوم أن شبه الولد لأبيه أو أمه يكون بناء على التركيب الجيني، وليس على الزوج أو الزوجة أيهما أنزل ماءه أولاً. أرجو توضيح المسألة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالسؤال هام ويحتاج إلى التفصيل، فنقول وبالله التوفيق السؤال يشتمل على فقرتين: الفقرة الأولى قول السائل: إنه لا يعرف أن المرأة تنزل ماءً مثل الرجل، والجواب عن هذا أن نقول إذا صح الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإنه حق يجب قبوله، فقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي ذكره السائل، والذي رواه مسلم (311) وغيره أن للمرأة ماء وأنه رقيق أصفر، وهو - صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، قال تعالى: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم:3-4] قال الدكتور محمد علي البار في كتابه (خلق الإنسان بين الطب والقرآن) ص (149) ما نصه (هل للمرأة ماء) وقع النزاع قديماً حول هذه النقطة، كما يقول الفخر الرازي في كتابه الممتع (المباحث الشرقية) ، وقد نفى أرسطو أن يكون للمرأة مني. وجالينوس (أشهر أطباء اليونان القديمة) قد أكثر من التشنيع عليه في ذلك، وأثبت أن للمرأة منياً وإن كان يختلف عن مني الرجل في طبيعته، وأنه لا ينقذف ولا يندفع، وإنما يسيل على العضو المخصوص، وأنه رطوبة بيضاء ... إلى أن قال: "وقد جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء" أخرجه البخاري (130) ومسلم (313) . وخروج الماء من فرج المرأة أمر طبيعي عند الجماع أو الاحتلام، وهو موجب للغسل، إلى أن قال: وعند الجماع يختلط هذا الماء بمني الرجل ... إلخ، هذا وذكر الدكتور محمد البار في ص (150) أن للمرأة نوعين من الماء، أولهما: ماء لزج يسيل ولا يتدفق، وهو ماء المهبل، وليس له علاقة في تكوين الجنين. وثانيهما: ماء يتدفق وهو يخرج مرة واحدة من حويصلة جراف بالمبيض عندما تقترب هذه الحويصلة المليئة بالماء الأصفر، وفي صحيح مسلم من حديث ثوبان: (أن ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر) .

أما الفقرة الثانية من السؤال فهي عن شبه الجنين بأبيه أو أمه....إلخ، فالجواب أن الشبه جاءت به الأحاديث النبوية أيضاً، فقد يشبه الولد أباه، وقد يشبه أمه أو أخواله، وقد يشبه أحد أجداده، وقد لا يشبه أياً من آبائه، قال الدكتور محمد البار في المرجع السباق ص (164) والخلاصة: أن عوامل الشبه لأحد الوالدين أو للأسلاف، أو بظهور صفات جديدة كما حدث للفزاري الذي جاءته امرأته بولد أسود دون أن يكون أحد والديه أسود، أمر بالغ التعقيد، وتعمل فيه الجينات بصورة خفية ومعقدة، وبعضها يتبع قوانين مندل حسب الصفة: سائدة (DOMINANL) ، أو منتحية (RECESSIVE) ، وبعضها يتبعها وحتى تلك التي تعتبر خاضعة لقوانين الوراثة قد تتختلف عن تلك القوانين، ويعتبر الجنين عندئذ كامل التعبير أو ناقص التعبير.. ولا يزال العلم الحديث يجهل الكثير الكثير من الحقائق التي تحدد الشبه في الولد، ولا ندري إلى الآن ما هو دور السبق في ماء الرجل أو ماء المرأة في الشبه من الناحية العلمية، وحتى يتسع مدى العلم في هذا الباب فإننا نقبل الحديث الشريف بقلوب مطمئنة واثقة بصدق المصطفى صلوات الله عليه الذي لا ينطق عن الهوى، والذي لا يقول إلا حقاً، وينبغي أن يحفز ذلك العلماء المختصين في هذا الباب لدراسته، فقد تنفتح لهم أبواب وتكشف لهم كشوفات، وهذا معلم من معالم البحث التي ينبغي أن يدرسها العلماء المسلمون المختصون في هذا الفرع من العلم، انتهى محل الغرض منه، هذا وقد نقلت للسائل والمطلع على هذا السؤال والإجابة عليه كلام الدكتور محمد البار لعظيم فائدته وكونه في نظري كافياً في الإجابة عن استشكالات السائل، وعلينا جميعاً التسليم بما جاء عن الله، وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم- والإيمان بأنه الحق لأنه من عند الحكيم العليم، وصدق الله حيث يقول: "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً" [الإسراء: من الآية85] . والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

هل للزوجة الخروج وحدها؟

هل للزوجة الخروج وحدها؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 23/7/1425هـ السؤال هل يجوز لي أن أطلب من زوجي الخروج بمفردي بحجة الترويح عن النفس، أو زيارة الصديقات، أو زيارة والدتي؟ مع العلم أن زوجي يرفض ذلك، ويقول لي إنه لا بد أن يكون هو معي في كل خروج من المنزل، وأنه سيوصلني إلى والدتي، وأنه سيخرج معي للترويح عن النفس، فهل أنا مخطئة فيما أطلبه منه؟ أفيدوني أفادكم الله؟ وهل يعتبر ذلك عدم ثقة من زوجي فيَّ؟! الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا خرجت المرأة وحدها فإنه يشترط لها أن تكون متقيدة بالحجاب الشرعي، والشرط الثاني: ألا يكون هناك محذور شرعي من خلوة برجل أجنبي، أو مزاحمة رجال، أو تعرض الرجال لها، فإن هذا جائز ولا بأس به، وكونها تخرج مع زوجها فهذا أحسن وأكمل، وأما كونها تخرج من غير إذنه منفردة، فلا يجوز، فيجب عليها أن تطيع زوجها، وما دام أن زوجك يرفض ذلك فلا يجوز لك أن تخرجي إلا بإذن زوجك؛ لأن الأصل أن المرأة يجب عليها أن تقرّ في البيت؛ لقول الله - عز وجل-: "وقرن في بيوتكن" [الأحزاب: 33] وقول الله - عز وجل-: "وألفيا سيدها لدى الباب" [يوسف: 25] ، فالزوج سيد، والمرأة مسودة، وأيضاً قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنهن عوان عندكم" أي: أسيرات، الحديث رواه الترمذي (3087) ، وابن ماجة (3055) عن عمرو بن الأحوص-رضي الله عنه- فهذه الأدلة تدل على أن المرأة ليس لها أن تخرج إلا بإذن زوجها، وأيضاً قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" رواه البخاري (900) ، ومسلم (442) من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما-، فدل ذلك على أن الرجل له أن يمنع لكن نهى الشرع أن يمنعها من المسجد فقط. والله أعلم.

صوت المرأة!

صوت المرأة! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة التاريخ 09/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. يتبادر إلى ذهني سؤال، وهو كالآتي: بما أن صوت المرأة ليس عورة مطلقًا، ألا يجوز أن تقدم المرأة المسلمة برنامجًا إذاعياً جاداً؟ إذا كنا نسمع أصوات النساء في الإذاعة يسألن المشايخ ويستفتين، فما الفرق بين هذه وتلك؟ وعلى الجانب المرئي هل يجوز أن تخرج المرأة المسلمة بحجابها الشرعي مع كوادر نسائية داخل الأستديو؛ حتى لا نقع في محظور الاختلاط وتقدم برنامجًا جاداً؟ في الحقيقة لدينا شيخات ونساء فاضلات ذوات علم في مجالات متعددة، يمثلن الوجه المشرق لنا في هذا الزمان، لماذا لا يراهن العالم؟ لماذا لا تستفيد منهن البشرية؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: صوت المرأة يجوز سماعه عند الحاجة وأمن الفتنة، فقد كانت المرأة تستفتي النبي -صلى الله عليه وسلم- وتسأله عما تحتاج إليه من الأحكام والقضايا ويكون ذلك بحضور الصحابة، وقد حصل هذا في وقائع عديدة منها: ما أخرجه البخاري (306) ، ومسلم (333) عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي". -صلى الله عليه وسلم- قال الحافظ ابن حجر: "وفيه جواز استفتاء المرأة بنفسها ومشافهتها للرجل فيما يتعلق بأحوال النساء، وجواز سماع صوتها للحاجة " [ينظر: فتح البار ي (1/410) ] . وأخرج البخاري (1855) ، ومسلم (1334) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَر، ِ فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ". وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. قال الحافظ ابن حجر: "ويؤخذ منه جواز كلام المرأة وسماع صوتها للأجانب عند الضرورة، كالاستفتاء عن العلم والترافع في الحكم والمعاملة " [فتح الباري (4/70) ] . وأخرج البخاري (5364) ، ومسلم (1714) عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ ".

قال الحافظ ابن حجر: " استدل بهذا الحديث على جواز سماع كلام الأجنبية عند الحكم والافتاء "، [فتح الباري (9/509) ] . وأخرج البخاري (7214) ، ومسلم (1866) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالْكَلَامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ: "لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا". قَالَتْ: وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَ امْرَأَةٍ إِلَّا امْرَأَةً يَمْلِكُهَا ". قال الحافظ ابن حجر: " في الحديث أن كلام الأجنبية مباح سماعه، وأن صوتها ليس بعورة، ومنع لمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة لذلك. " [فتح الباري (13/204) ] . وكان للمرأة إسهام كبير ودور فاعل في حمل العلم ونشره، وهذا ظاهر عند التأمل في تراجم أعلام النساء في كتب التراجم، فالمرأة التي امتنَّ الله عليها بالعلم والفقه في الدين عليها أن تسعى في تبليغه ونشره من خلال المجالات المناسبة، ومن ذلك المشاركة في الدروس والمحاضرات والندوات التي تقام للنساء، وتأليف الكتب المفيدة، والمقالات النافعة ونحو ذلك. أما المشاركة في وسائل الإعلام مع المحافظة على الضوابط الشرعية الممكنة فهذا يحتاج إلى دراسة وافية ينظر فيه إلى ما يترتب على ذلك من المصالح، وما قد يحصل من المفاسد والمحاذير. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الشك في عدد الطلقات

الشك في عدد الطلقات المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 2/5/1422 السؤال ما الحكم في الشخص غير المتأكد هل طلق زوجته مرتين أو ثلاث فماذا عليه أن يعمل في هذه الحال؟ الجواب إذا شك الزوج في وقوع أصل الطلاق أو شك في عدده فليبن على اليقين وعلى هذا إذا شك هل طلق أولا، فالاصل عدم وقوع الطلاق لأن النكاح أمر متيقن والطلاق مشكوك فيه ومن القواعد المقررة: أن اليقين لا يزول بالشك وإذا شك هل طلق واحدة أو اثنتين فليجعلها واحدة لأن هذا هو المتيقن.

زوجتي متصوفة، فكيف أدعوها؟

زوجتي متصوفة، فكيف أدعوها؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 11/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: تعلمت العلم في السعودية وأتبع أقوال أهل العلم هناك، وفي بلدنا تختلف الفتاوى، وفيه كثير من البدع، وزوجتي صوفية ومعجبة بمشايخ الصوفية، وهي دائماً تنكر انتقادي للصوفية (الذين لا يوجد عندهم شطحات على حد زعمها) وهي تقول: لا يوجد في الأعمال بدع مثل الذكر الجماعي وحلقات الذكر، كما أنها لا تقتنع بفتاوى السعوديين وتصفهم بالمتشددين رغم بياني بالأدلة أن هذا ليس تشدداً وإنما عض على السنة بالنواجذ، وهي تنكر تكفير ابن عربي وهي تقول عنه إنه من أهل التقوى وهي مقتنعة بأن الصوفيين لديهم أدلتهم من الكتاب والسنة، وقد جاءت لي بكتاب عن حقائق التصوف وفيه أن السلف كانوا صوفيين، وأن الحاسدين دسوا في الصوفية ما ليس منها، وأن الصوفية منهج لحب الله وتوحيده. هل أتركها على رأيها أم ماذا أفعل (وهي ترتدي الجلباب على الكتف ولا تقتنع بالعباءة على الرأس لأنهم في بلدنا لا يلبسونها وهي من لباس أهل الخليج فهل أتركها حيث إن بعضاً من لباسها على الموضة الرائجة في بلادنا؟ وقصة شعرها فيها تشبه بالكفار وبالرجال وهي لا تقصد التشبه، وهي تضع الخمار على وجهها ويرى كامل عينيها مع شيء من الجبين، وكذلك فإن المعطف الذي تلبسه مرتفع 5 سم عن الأرض حتى تستطيع السير به، ويظهر من تحته الحذاء وهي تعلق الشنطة على الكتف وقد قرأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأمر النساء بإرخاء الجلباب شبراً حتى لا تنكشف القدمان. وهي تعتقد أن تلك الأمور معقودة على النية فليست في نيتها الفعل ونيتها حسنة، وهي تتبع المذهب الشافعي ولا تأخذ بغيره. وكذلك فأنا راع ومسؤول أمام الله عنها وأريد أن أطبق على بيتنا العلم الذي تعلمته في السعودية. فما العمل؟ هل الواجب على المرأة أن تتبع مذهب زوجها؟ وهل يجوز لي أن آخذ من كتب الصوفية ما كان فيه دليل صحيح أم الأفضل عدم قراءة كتب المبتدعة لمن علمه قليل؟ أطلب من زوجتي أن تغض النظر عن الرجال وعن التلفاز، ولكنها تقول إن النظر بدون شهوة، فهناك من يبيح النظر من الرجال للنساء والنساء للرجال إذا لم يكن هناك شهوة. وقد قرأت حديثاً فيه أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تشاهد ما يفعله الحبشة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يسترها. وقرأت حديثاً آخر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بعض أزواجه بغض النظر عن الأعمى فقال:" أعمياوان أنتما أفلا تريانه". فما الصواب؟ أحياناً أذهب لحضور مجلس علم مع زوجتي لأحد المشايخ وهو صوفي ولكننا لا نسمع منه شيئاً عن الطرق الصوفية، بل يذكر الدليل من الكتاب والسنة، فهل نتابع حضور المجلس؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فاعلم أن قِوام الدعوة والإصلاح: الصبرُ والحلمُ والأناة وحسن الخلق، وأن أسرع وأشد ما ينفّر من الداعية ويبعث على الاستيحاش منه أو معاندته لهو سوء الخلق والغلظة والفظاظة، وإليك جملة من النصوص التي يجب علينا جميعاً أن نتحلى بها في دعوتنا:

"فبما رحمةٍ من الله لنتَ لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" [آل عمران: 159] . "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125] . "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظٍ عظيم" [فصلت: 33-35] . وقال -صلى الله عليه وسلم-:"ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه" مسلم (2594) . أخي: لا بد أن تدرك جيداً أن هذا الخطأ الذي تراه في زوجتك ليس وليد يومٍ أو ساعة حتى تظن أن التغيير والإصلاح يتحقق في أقصر وقت، كلا! يجب أن تُدرك أن الأمر يحتاج صبراً جميلاً وحلماً واسعاً وحكمةً وتعقلاً. إنّ هذه المظاهر الصوفية التي تراها في زوجتك هي نتاج نشأة طويلة في بيئةٍ تعزّزت فيها مظاهر الصوفية وطرقها، ومن ثَمَّ فلا عجب أن ترى في زوجتك بعض مظاهرها، وأن تجد منها محبةً وعصبيةً لها. لا أقول هذا تسويغاً لواقعها ولا تهويناً لخطئها، كلا! ولكن حتى تكون واقعياً في دعوتها، ومن الواقعية: أن تأخذ المسألة بظروفها وأسبابها وما يحتفّ بها من مؤثرات ودعوات. وهذه الواقعية تقتضي مراعاة الأمور التالية: أولاً: اعلم أنه لا مندوحة لك عن التدرج في إصلاحها، فابدأ بالأهم فالأهم، فلا تُشغلك مسألة صغرى عن عظمى، فمثلاً: بدعة الذكر الجماعي ليست كبدعة المولد وما يلقى فيه من قصائد شركية، وتحلّ بالصبر والحلم والأناة، فالنجاح في التغيير مرهون بذلك. ثانياً: اجتنب وأنت في بداية دعوتك لها مجابهتَها بسبِّ الصوفية - وإن كنا نعتقد ضلالها ونتعبد الله ببغضها-؛ ولكن على غرار قوله -تعالى-:"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام: 108] . فزوجتك متعلقة بها محبِةٌ لها، والإنسان يتعصب بداهةً لما نشأ عليه، فهو ابن بيئته، وهو عدوٌ لما جهل، واجتناب سب الصوفية في هذه المرحلة ليس ضرباً من السكوت عن الباطل أو مهادنته، وإنما لأجل ترويض نفسها على قبول الحق والانصياع إليه. وأعرِضْ عن مسألة التكفير؛ فتغيير واقع زوجتك وإصلاح حالها لا يتوقف على تكفير الجماعات الضالة، وجنوحك إلى مثل هذه الأفعال في البداية يقطع عليك طريق هدايتها والتأثير فيها، بل ربما دفعها إلى معاندتك والإصرار على ما هي عليه. ولا تشتغل بقضية التفضيل بين رموز الصوفية وعلماء السنة؛ فهذا يجعلها تراك خصماً لا حكماً، ومعارضاً لا مصلحاً، ويجعلها تراك واقعاً فيما حذَّرْتها منه، وهو التعصب للشيوخ والرموز، وفي ذلك مجلبة للضغينة والمشاتمة، ومشغلة بالحواشي عن الأصول والقشور عن اللباب. ولتعلم أن التدرج في تربيتها على أصول السنة ومنهجها ضمين لك أن يجعل منها امرأة صالحة قادرة على تمييز الخبيث من الطيب، والسنة من البدعة، والحق من الضلال. ثالثاً: ثمَّة أرض مشتركة بينكما ينبغي لك أن تستثمرها لاستمالة قلبها وتهيئتها لقبول ما لديك من الحق، ومن الخطأ أن تتجاوزها بحجة الاتفاق عليها والتسليم بها، فأنت في ساحة دعوة ولست في أرض معركة، ولا في مقارعة خصم.

من جملة هذه القضايا مثلاً: محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتوقيره وتعظيم سنته، والحرص على التأسي به، وفضل ذكر الله سبحانه واستغفاره. وأنت بإثارتك لمثل هذه القضايا المسلَّمَة تستطيع أن تستميل قلبها إليك، وأن تنفي عنك تلك التهمة الملفّقة على الوهابية والسلفية، وهي: الجفاء في حق المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وإهمال الجانب الروحي، والغفلة عن الأذكار والأوراد ... إلخ فأَعْظِمْ في قلبها محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوقير سنته والتمسك بها. اعلِمْها أن حب النبي لا ينحصر في همهمات الصلاة عليه إذا ذُكِرَ فحسب، وأن ذكر الله ليست فضيلته في كثرة لهج اللسان به، ما لم يكن صحيح المعنى، موافقاً لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبقلب حاضر خاشع. رابعاً: اعلِمْها أن من مقتضى محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم الغيرةَ على سنته، ومن الغيرة على سنَّته ألاّ يُنسب إليه حديثٌ إلا بعد التثبت من صحته، وهذا يستدعيك إشعارَها بأنه بكثرة الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فليس كل ما يُروى عنه يعتبر صحيحاً، وكم من حديث يعمل به كثيرون ولا يُعرف له أصل. إن أخذها على هذا المنهج، وتربيتها على هذا التوثق والتبين فيما يروى عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتنبيهَها إلى كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة سوف يُغنيك ـ بإذن الله ـ عن أن تحتجَّ بفتاوى علماءٍ لم يعد في قلبها محل لقبول فتاويهم. خامساً: عليك أن تربي أهلك على المسارعة إلى الرد لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- عند الاختلاف عملاً بقوله -جل جلاله-:"فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً" [النساء: 59] . ولا أرى من الحكمة في شيء أن تدعوها تحت غطاء الوهابية أو السلفية مثلاً، أو بنقل فتاوى علماء السعودية، فالأفضل والأبلغ والأدعى لقبولها أن تنقل لها فحوى تلك الفتاوى وما تضمنته من آيات بينات وأحاديث صحاح؛ فأنت بذلك تجعلها أمام أدلة شرعية صريحة صحيحة تحتم عليها الإذعان والتسليم، لا أمام فتاوى علماء لا تجد حرجاً أن تقدح في علمهم ومنهجهم. وذكِّرْها بأن العصمة لا تكون إلا لله ولكتابه ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن غيرهم يخطئ ويصيب. وأنت من خلال هذا تستطيع أن تزعزع في قلبها ثقتها العمياء بعلماء الصوفية ـ الذين تكن لهم عظيم التوقير والإجلال ـ دون أن تجابهها بسبهم أو لمزهم بالبدعة والضلالة (وهو حق لو قلته، ولكن من الحكمة السكوت عن بعض الأخطاء حتى تتهيَّأ فرصتها) ، فأنت ما زلت في أول طريق دعوتها وتصحيح منهجها. ولك أن تتودد إلى قلبها بالقراءة عليها من صحيح سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وأحسب ذلك كفيلاً بأن يرفع ما قد يكون في نفسها من الوحشة والريبة فيما أتيتها به من منهجٍ متّهمٍ بعدم توقير النبي صلى الله عليه وسلم التوقير الواجب..منهجٍ سمعَتْ عنه أباطيل كثيرة شوَّهت صورته ونفَّرتْ عنه. سادساً: بالنسبة لحجابها، لا أرى وجهاً لإلزامها بلبس العباءة على الرأس، ما دامت تضع على رأسها خماراً يستر وجهها ورأسها ونحرها، ويغطي منطقة الصدر الذي تحجِّمه عباءة الكتف. فإذا كان حجابها على هذا النحو فلا بأس.

وأما كون حجابها لا يغطي قدميها، فلا بأس أيضاً بشرط أن تسترهما بالخفين أو الجوربين. وأما تنقبها فجائز بلا شك، ولكن ينبغي ألاّ يزيد عن قدر الحاجة، وهو إظهار العينين، أما الجبين فيجب ستره على القول الراجح. وأما مسألة قص الشعر فلا بأس به إذا كانت تقصد به التزين للزوج ما لم يصل إلى درجة الحلق أو التشبه بالرجال. وعليك في كل مخالفة تراها فيها: أن تنكر عليها بالرفق واللين وسياسة النفس الطويل والصبر الجميل. سابعاً: لا يجب عليها غض بصرها عن الرجال إلا إذا خشيت الفتنة بهم، وتقدير هذا راجع إليها هي، لا إلى ظنونك التي قد تسرع إليها الاحتمالات السيئة، ويدل للجواز حديث عائشة الذي ذكرته، وكذلك أحاديث كثيرة غيره. أما حديث (أفعمياوان أنتما) فهو ضعيف لا تقوم بمثله حجة. ثامناً: أما سؤالك عن القراءة في كتب الصوفية، فلا أرى من حاجة داعية إلى ذلك، حتى ولو كان فيها حق كثير؛ فما في كتب أهل السنة من السلف الصالح وتابعيهم ما يغنيك عن كتب أولئك، لا سيما أن فيها من المزالق والضلالات ما قد تحسبه خيراً وسنة، فما أغناك عنها، وما أحوجك إلى كتب أهل السنة. تاسعاً: بالنسبة لحضورك مجلس عالم من علماء الصوفية، فلا أستطيع أن أعطيك فيه جواباً قاطعاً؛ لأن التصوف دركات، والمنتسبون أو المنسوبون إليها مختلفون في تصوفهم متفاوتون. ومجرد كونه لا يخرج عن أدلة الكتاب والسنة لا يكفي؛ لأنه قد يستدل بدليل من الكتاب بتأويل وتعسُّف لا يحتمله لفظ الآية، وقد يستدل بأحاديث واهية أو ضعيفة، حتى ولو أسندها؛ لأن كثيراً من الأحاديث مسندة مروية، ومع ذلك فمنها الواهي والمنكر والضعيف، ولكن القاعدة في ذلك أن يُتثبَّت من صحة تلك الأحاديث ومعرفة من خرَّجها من أهل السنن والآثار المعتبرين من جملة السلف الصالح. وفقك الله لكل خير، وأعانك على إصلاح حالك وإصلاح زوجك، وأسأله أن يهب لك من زوجك وذريتك قرة أعين، وأن يجعلك للمتقين إماماً. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

متى يكون للمرأة نصف ماللرجل؟

متى يكون للمرأة نصف ماللرجل؟ المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 22/9/1423هـ السؤال ما الأشياء التي تكون المرأة فيها بنصف الرجل؟ ولماذا خصصت هذه الأشياء فقط؟ الجواب الأمور التي يكون للمرأة فيها نصف ما للرجل ثلاثة: 1- بعض حالات الإرث. 2- الشهادة. 3- الدية. (1) الإرث: أعطى الإسلام المرأة حق الإرث ولم يحرمها كما هو الحال عند بعض الأمم والشعوب قبله، بل أثبت حقها ونصيبها في أحوالها المختلفة أماً وأختاً وبنتاً وزوجة، فهي في بعض الحالات قد تأخذ أكثر من نصيب الرجل كما لو مات رجل عن بنت وزوجة وأم وأب، فالبنت ترث النصف، والأم السدس، والزوجة الثمن، وللأب السدس والباقي، والمسألة من أربعة وعشرين للبنت اثنا عشر، والأم أربعة، وللزوجة ثلاثة، وللأب خمسة. الحالة التي ترث فيها المرأة نصف ميراث الرجل، فهي البنت وبنت الابن مع إخوانها الذكور، وكذلك الأخت الشقيقة والأخت لأب مع إخوانها الذكور، فهي ترث في هذه الحالة نصف ما يرث الذكر، قال -تعالى-:"وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين" [النساء:176] والله -عز وجل- حينما شرع ذلك وفرضه بعلمه وعدله حقق به العدل بين الرجل والمرأة وأعطاها ما يتناسب مع ما شرعه لها من حقوق أخرى حيث كلف الرجل بالإنفاق عليها بنتاً كانت أو زوجة. فالرجل هو الذي يدفع المهر عند الزواج، وهو الذي يؤسس بيت الزوجية شراء أو إيجاراً أو بناءً ثم تأثيثاً وتجهيزاً، وهو المكلف بالإنفاق على الزوجة والأبناء. أما المرأة فهي التي تأخذ المهر، ولا تنفق على نفسها وأولادها ولو كانت غنية، فلا يجب عليها ذلك. فقد أكرمها الله أيما كرامة حينما أعفاها من الإنفاق وأوجبه على الرجل وأعطاها نصف إرث الرجل أيضاً. (2) الشهادة:

شهادة المرأة في عقد المداينة والتعامل المالي على النصف من شهادة الرجل، وقد جاء بيان السبب مذكوراً في الآية التي بينت الحكم وهي آية المداينة أو الدين، قال -تعالى-:" وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" [البقرة:282] فالسبب هو: أن تضل إحداهما، ومعنى أن تضل: أنَّ الضلال ينشأ من أسباب كثيرة، فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد مما يجعلها لا تستوعب كل دقائقه وملابساته، ومن ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه شهادة دقيقة عند الاقتضاء، فتذكرها الأخرى بالتعاون معها على تذكر ملابسات الموضوع كله، وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية، فإن وظيفة الأمومة العضوية البيولوجية تستدعي مقابلاً نفسياً في المرأة حتماً، إذ تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانية الانفعالية لتلبية مطالب نفسها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء، وذلك من فضل الله على المرأة وعلى الطفولة، وهذه الطبيعة لا تتجزأ، فالمرأة شخصية موحدة هذا طابعها حين تكون امرأة سوية، بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلى تجرد كبير من الانفعال، ووقوف عند الوقائع بلا تأثر ولا إيحاء، ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى إذا انحرفت مع أي انفعال فتتذكر وتفيء إلى الوقائع المجردة. (3) الدية. دية المرأة على النصف من دية الرجل في حال ما إذا قُتلت خطأ أو عمداً وقبل ورثتها الدية، حيث إنه إذا قَتل رجلٌ امرأةً عمداً ولم يقبل ورثتها الدية فَيقُتل الرجل قصاصاً، وقد اتفق الفقهاء على ذلك عدا النادر منهم، على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل عملاً بالمنقول من الأحاديث النبوية، ومنها: ما أخرجه البيهقي (8/95) عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- مرفوعاً قال:"دية المرأة نصف دية الرجل" لماذا أو ما الحكمة؟ يقال في ذلك: إن القتل الخطأ يوجب التعويض المالي ويجب أن يراعى في التعويض المالي مقدار الخسارة المالية وتفاوتها عند الأسرة إذا فقدت الرجل أو المرأة. فإن الأولاد الذين قُتل أبوهم خطأ، والزوجة التي قُتل زوجها خطأ فقدوا معيلهم الذي كان ينفق عليهم ويسعى لأجلهم، أما الأولاد الذين قتلت أمهم خطأ والزوج الذي قُتلت زوجته خطأ إنما فقدوا الناحية النفسية والمعنوية التي لا يمكن أن يكون المال تعويضاً عنها، فالدية في الإسلام ليست تقديراً لقيمة الإنسانية في القتيل، لكنها تقدير لقيمة الخسارة المادية التي لحقت أسرته بفقده، وإلا فإن قتل المرأة باعتبارها نفساً كأنه قتل للناس جميعاً، "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" [المائدة:32] .

المساواة في الهبة بين الأولاد

المساواة في الهبة بين الأولاد المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 16/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. قام والدي بشراء قطعة أرض ومنحها لي ولأخي دون أخت لي متزوجة وأخرى متخلفة عقلياً، وقد سبق وأن قام أبي بتوزيع جزء كبير من أمواله علينا للمساهمة في تكاليف زواجنا جميعاً مع تمييز الذكور نظراً للتكاليف المطالبين بها التي تفوق كثيراً الإناث. كما منح أبي أمي بعضاً من هذه الأموال، والسؤال: أختي تطالب بنصيبها من ثمن بيع الأرض التي بيعت منذ ثلاث سنوات وقرر أبي أن نعطيها حصة عبارة عن سبع قيمة الأرض على أساس أن الأموال تقسم على 7 حصص (2 ذكور + 2 إناث + أمي) وللذكر مثل حظ الأنثيين. فهل هذا يجوز؟ أم يجب التسوية بين الأبناء في العطية؟ علماً بأن شقيقتنا متزوجة من رجل ثري وليست مطالبة بتحمل تكاليف الحياة مثلنا؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فللزوج أن يهب زوجته من ماله ما شاء، ولا يلزمه إذا أعطاها شيئاً أن يهب لغيرها من ورثته. أما الأولاد فإنه يلزم العدل بينهم في العطية بقدر إرثهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن فضل بعضهم فأعطاه ومنع غيره أو أعطاه أكثر وجب عليه أن يرجع أو يزيد المفضول ليحصل العدل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" البخاري (2587) ومسلم (1623) متفق عليه وعليه فإن الظاهر أن ما قرره والدكم هو الواجب، فتقسم قيمة الأرض، أما نفقة زواجكم فإن كان ذلك لعجزكم عن تحملها فلا يجب عليه أن يعطي أختكم مثل ما أعطاكم لأن ذلك من النفقة الواجبة عليه، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

إعطاء الأم مالها لأحد أبنائها

إعطاء الأم مالها لأحد أبنائها المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 7/4/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد أعطت جدتي لأمي جميع مالها وهي على قيد الحياة، وكانت أمي تنوي أن تعطي إخوتها أسهمهم من هذا المال بعد وفاة أمها، لكن أمي توفيت قبل جدتي وورثتُ المال من أمي مع إخوتي. وفي ذلك الوقت عرضنا على إخوة أمي أن نعطيهم من المال لكنهم رفضوه. والآن بعد ثماني سنوات من وفاة أمي يطلبون المال. ما حكم طلبهم هذا في شريعة الإسلام؟ هل تتحمل أمي مسؤولية خطأ جدتي؟ هل ينبغي أن نعطي إخوة أمي سهمهم من المال الآن؟ الجواب الحمد لله وبعد: فقد ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير في قصته؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، وفي بعض الروايات لما أراد والد النعمان أن يشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعطيته للنعمان دون سائر ولده قال: "لا تشهدني على جور"، فسماه جوراً وظلماً، وقد ألحق كثير من العلماء الأم بالأب في وجوب العدل ومنع التفضيل بينهم، لأن العلة واحدة. فالجدة قد ارتكبت خطأً حين خصت أمك بهذا المال دون غيرها من أولادها. وإذا كان الذي أعطته من المال هو جميع ما تملك فهذا أشد في الخطأ. وكان على أمك ألا تقبل اختصاصها بذلك، أو تعطي بقية إخوتها من المال. وقد أحسنتم حين عرضتم على إخوتها حقهم، ولكن إذا ثبت حقاً أنهم قد تنازلوا كلهم عن هذا المال فقد سقط حقهم، وليس لهم الرجوع مرة أخرى فيما تنازلوا عنه. ولكن لابد من التأكد من حقيقة تنازلهم، وكذلك من تنازل منهم ممن لم يتنازل فيقبض حقه. وهذا كله فيما يلزم شرعاً وقضاءً، وأما من حيث الإحسان فلا شك أن تطييب خواطرهم بما يتيسر أولى؛ وهو من صلة الرحم التي لا يخفى فضلها وثوابها. وفق الله الجميع وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

خدمات تنسيق الزواج عبر الوسطاء

خدمات تنسيق الزواج عبر الوسطاء المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 11/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: كما تعلمون- أحسن الله إليكم- أنه قد انتشرت في الآونة الأخيرة خدمات تنسيق الزواج، سواء عبر أشخاص (وسطاء) أو عن طريق مواقع على الإنترنت. والسؤال: ما حكم ذلك- أثابكم الله؟ مع العلم أنه يتم الاتفاق المبدئي بين طرفي الزواج (الشاب والفتاة) ، إما مباشرة من خلال المواقع وإما عن طريق وسطاء، ولا أعلم إن كان مثل هذا الاتفاق يكون بعلم ولي الفتاة أم لا، وبعد الاتفاق المبدئي يقوم الشاب بالتقدم لخطبة الفتاة. ملاحظة: العذر المتعارف في استخدام مثل هذه الطرق هو تعذر استخدام الطريقة التقليدية في الزواج لما فيها من رسميات، وكون هذه الوسيلة أسهل في إذابة عقبات الزواج التي تواجه كلاًّ من الفتيات والشباب. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فأفضّل أن يقوم بهذه الخطبة وهذا الزواج رجال مؤتمنون على دينهم ودين من يتعاملون معه، أما هذا الزواج ففيه محاذير كثيرة، خاصة إذا كان الاتصال بين الشاب والفتاة عن طريق الشبكة؛ فكل منهما يرى صاحبه، والعواقب غير مضمونة، فقد تغتر الفتاة بالشاب ووسامته وماله، ثم تخرج معه من باب التعرّف واحد منهما على الآخر، كما يشاع الآن، فيقع المحظور، فالواجب أن يكون كل شيء واضحًا أمام ولي أمر الفتاة، وإذا كان الولي على علم بهذا الزواج وحضر الشهود وأجري العقد كما أمر الله تعالى- فلا أرى بأسًا- إن شاء الله تعالى- والزواج صحيح. والله أعلم.

ظهور مرض معد بأحد الزوجين

ظهور مرض معدٍ بأحد الزوجين المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 7/3/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: زوجان مسلمان يعيشان مع بعضهما فترة من الزمان، ثم ظهر في أحدهما مرض من الأمراض المعدية المهلكة، مثل إيدز وما شابهه، فما الحل بينهما؟ هل يلزمهما الفراق؟ أو يحق للمرأة طلب الفراق؟ وإذا بقيا مع البعض، هل يأثمان أم لا؟ أفتونا -مأجورين، وجزاكم الله خيراً-، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الأمراض المعدية التي تظهر بأحد الزوجين بعد أن عاشا مع بعض فترة من الزمن لا يخلو من أحد حالين: الحالة الأولى: أن يكون ذلك المرض من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بأخذ التطعيمات التي تقي - بإذن الله عز وجل- من ذلك المرض، فهذا النوع لا تأثير له، ويمكن أن يعيش الزوجان معاً، ويستمتع كل منهما بالآخر، كما كانا قبل ذلك المرض. الحالة الثانية: أن يكون من الأمراض التي لا يمكن الوقاية منه، وتنتقل عن طريق المعاشرة الزوجية كالإيدز - عافانا الله، وإخواننا المسلمين- فهذا النوع لا يحل لأحد الزوجين كتمانه عن الآخر؛ لأن ذلك يفضي إلى الإضرار بالآخر، بل لو تعمد أحدهما نقله إلى الآخر كان هذا جريمة قتل عمد، ولو أنه لا يقتل في الحال لكنه يفضي به إلى الهلاك، ولا يحل للزوجة إذا كان الزوج هو المصاب أن تمكنه من نفسها، وكذا الحال بالنسبة للزوج؛ لأنه لا يحل لأحد أن يلحق الضرر بنفسه، ولا بغيره، وقد قال -تعالى-: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة من الآية: 195] ، وقال - عز وجل-: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" [النساء من الآية: 29] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار". والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ألا يستحب الطلاق في هذه الحالة؟

ألا يستحب الطلاق في هذه الحالة؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 22/08/1425هـ السؤال زوجان تزوجا منذ (50 سنة تقريبًا) ، وقريباً سيصبحان جدين ملتزمين بواجباتهم الشرعية، حياتهما بدأت بالمشاكل وانتهت بمشاكل، فكروا كثيرًا بالطلاق (ولكن قدَّر الله وما شاء فعل) ، لا يربطهما إلا الأبناء والعقد الشرعي، كبر الأبناء ولم يتبق إلا الطفل الأخير عمره 11 سنة (طفل حسَّاس جدًا وحزين) ؛ لأنه ترعرع في جو كله مشاكل، السؤال: هل يجوز للزوج والزوجة أن يستمرا على هذا الحال، حفاظًا على مشاعر الابن الأصغر؟ أم الأفضل أن يفترقا؟ مع العلم أن الطرفين مستغنيان عن جميع حقوقهما الشرعية -أي برضاهما -، والزوج لم يعد يسكن مع الزوجة والأبناء (متزوج) ، يعني هاجر البيت هجرة تامة، والزوجة موافقة، وليس لديها مانع، لكنه لا يقصر معهم بأي شيء، ودائم السؤال عنهم وعن احتياجاتهم العاطفية والمادية، وكل من الزوجين له حياته، وناجحان فيها بتفوق، في الوقت الحالي متخاصمان، الزوجة تظهر وتدخل، لا تستأذن من الزوج، وما له حقوق عندها، وهو أيضاً لا يعدل بينها وبين باقي زوجاته، وإن كان يجوز بقاؤهما على هذا الحال ولكن بشروط فاذكروهما لنا بالتفصيل، فهذين الزوجين من أقاربي. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

فمن ثمرات الزواج المعاشرة بالمعروف؛ قال تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً" [النساء: من الآية19] ، وقال تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" [البقرة: من الآية228] ، أي ولهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن لهم من الطاعة فيما أوجب الله -تعالى- ذكره له عليها، انظر: تفسير الطبري (2/453) ، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما-: (إني أحب أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله -تعالى- يقول: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف") رواه ابن أبي حاتم (2/417) ، وابن جرير في التفسير (2/453) ، وعن جابر - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته في حجة الوداع: "فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (1218) ، وفي حديث حكيم بن معاوية عن أبيه - رضي الله عنه- أنه قال: (يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" رواه أحمد (5/3) ، وأبو داود (2140) ، والنسائي في الكبرى (9171) ، وصححه الدارقطني، التلخيص الحبير (4/7) ، وقد نص الفقهاء في كتب الفقه على حقوق الزوجين، والتي يجدها من يرجع إليها، ومع ذلك فلكل واحد من الزوجين أن يسقط حقه تجاه الآخر برضاه؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (خشيت سودة أن يطلقها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله: لا تطلقني، واجعل يومي لعائشة، ففعل، ونزلت هذه الآية: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً") [النساء: من الآية128] ، قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: (فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز) رواه الترمذي (3040) ، والطيالسي (2683) ، والبيهقي (7/297) ، وحسّنه الترمذي، وأخرج أبو داود (2135) ، والبيهقي (7/74) ، عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا، وكان يطوف علينا يومياً من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة- رضي الله عنها- حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: يا رسول الله: يومي هو لعائشة، فقبل ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت عائشة - رضي الله عنها-: فأنزل الله في ذلك: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً") [النساء: من الآية128] ، وإن تمكنتِ - أختي السائلة- في محاولة الجمع بينهما فأنت على خير كثير؛ عن أبي الدرداء - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ " قالوا: بلى، قال: "إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة") رواه أحمد (6/444) وأبو داود (4919) ، والترمذي (2509) ، وقال: حديث صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: "أفضل الصدقة إصلاح ذات البين" رواه عبد بن حميد (335) ، من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما-، وحسّنه المنذري في الترغيب (3/321) . والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حملت من غير زوجها!

حملت من غير زوجها! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 03/03/1426هـ السؤال ما حكم امرأة حملت من رجل غير زوجها؟ وكيف التعامل معها من طرف زوجها أو أهل الزوج؟ مع العلم أن الزوج يعلم أن الابن ليس ابنه لكنه صامت، ولا ندري لماذا، ربما سُحِرَ، ماذا نفعل؟ وجزاكم الله ألف خير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن الحمل لصاحب الفراش وهو الزوج ما لم ينفه؛ لما روته عائشة - رضي الله عنها- قالت: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ. قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَالَ: ابْنُ أَخِي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى -النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي كَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ". ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ". رواه البخاري (2053) ، ومسلم (1457) . أما إن نفاه الزوج وأنكرت الزوجة فيسقط عنه الحد باللعان، فإن لاعنها لم ينسب إليه الولد؛ قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ" [النور:6-9] . وروى سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه- أن عويمرا العجلاني قال: "يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِك، َ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا". قَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ. رواه البخاري (5259) ، ومسلم (1492) . قال ابْنُ شِهَابٍ: "فَكَانَتْ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَكَانَتْ حَامِلًا، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لِأُمِّهِ، قَالَ: ثُمَّ جَرَتْ السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ" انظر صحيح البخاري (5309) ، ومسلم (1492) . وأوصي - أخي السائل- وغيره ألا يتعجل في قذف المرأة؛ فالقذف -كما لا يخفى- كبيرة من كبائر الذنوب، قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور:4] ، وقال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [النور:23] ، وبما أن صاحب الشأن -وهو الزوج- ساكت، فقد يكون سكوته لعدم ثبوت ذلك عنده، كما يجب عليكم نصح الزوجة بالابتعاد عن مواطن الشبهات، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تسجيل الأب جزءا من ماله لأحد أبنائه

تسجيل الأب جزءاً من ماله لأحد أبنائه المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 3/6/1425هـ السؤال هل يجوز لأبي أن يسجل جزءاً من أمواله لأحد أبنائه تفادياً لحدوث مشاكل؟. الجواب بسم لله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: تسجيل جزء من المال لأحد الأبناء يعتبر عطية أو هبة، وتفضيل أحد الأولاد بهبة لا يجوز، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن هذا، فعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- قال: أعطاني أبي عطية؛ فقالت أمي: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أعطيت ابني عطية، وأريد أن أشهدك يا رسول الله، قال: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ " قال: لا قال: " فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم "، قال: فرجع أبي فرد عطيته. وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " فأشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور " ثم قال: " أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء " قال: بلى، قال: " فلا إذا ". أخرجه البخاري (2586) ومسلم (1623) . فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث أن تفضيل أحد الأولاد بهبة جور أي ظلم، وقال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". والأولاد يشمل الذكور والإناث، وبيَّن أن العدل في الهبة سبب في أن يكونوا في بر أبيهم سواء؛ لأنه ليس في قلوبهم حقد على أبيهم بسب تفضيل بعضهم على بعض، ونص العلماء على أنه لا يجوز التفضيل لأحد الأولاد بهبة، ولو كانت بمبلغ زهيد كدرهم ونحوه. وقول السائل إن هذا التسجيل خوفاً من حدوث مشاكل، ولم يبين ما هذه المشاكل، فإن كان يقصد أن الابن الكبير يأخذ ميراث الصغير فلا شك أن هذا قد يقع في بعض الأماكن والله المستعان، ولكن الحل ليس في تفضيل الصغير من الأولاد بهبة؛ فهذا هو الذي يسبب المشاكل، ويوغر صدور بعضهم على بعض، ولكن إذا كان يخاف وقوع مثل هذا الشيء فالحل في نظري أحد أمرين: إما أن يسجل لهم جميعاً ويسوي بينهم، ويجعل للذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث. وإما أن يعين وصيَّاً يثق به على تركته بعد موته، وهذا الوصي يقوم بقسمة التركة بينهم وتحت نظر المحكمة. وننبه هنا إلى أن المراد (بالعطية) التبرع المحض وليس النفقة؛ فالنفقة من الأب، وعليه أن يعطي كل ولد من أولاده ما يحتاج، فلو قدرنا أن له ابناً يدرس في كلية، ويحتاج إلى كتب ومراجع، وله ابن آخر لا يدرس، فلا بأس إذا أعطى الأول ما يحتاج ولم يعطِ الثاني، وكذا لو مرض أحدهم واحتاج إلى دواء، فيعطيه دون الآخرين. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

حد اليتم

حد اليتم المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 20/08/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدينا جمعية خيرية تهتم بالأيتام وتقدم لهم الغذاء والكساء، ونريد من فضيلتكم الإجابة على بعض الأسئلة. أولاً: ما السن التي ينتهي بها حد اليتم ويرفع عنه اسم اليتيم؟ ثانياً: حددنا سلة غذائية لكل يتيم تصل إليه عن طريق مندوبنا قيمتها ثمانون ريالاً، ثم تبين لنا أن الغذاء كثير جداً عندما يكون في البيت الواحد عدة أيتام، وسؤالي هل نصرف مصروفات بعض الأيتام في هذا البيت غذاء، والبعض الآخر يصرف في أشياء أخرى مثل أدوات التنظيف؛ بحيث يستفيد جميع الأيتام؟ وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ينتهي اليتم بالبلوغ، وعلامات البلوغ عند الذكر والأنثى نبات الشعر الخشن حول القُبل، والاحتلام، وبلوغ خمس عشرة سنة، وتزيد البنت بالحيض، فهذه علامات البلوغ ولا يلزم صرف ما حددت بالنسبة للسلة، فقد تكون السلة لليتيم الواحد مناسبة، وإذا اجتمع مجموعة من الأيتام في بيت واحد فقد يكفي الخمسة ما حدد للثلاثة ونحو ذلك. والله أعلم.

تفضيل أحد الأولاد مكافأة لمعروفه

تفضيل أحد الأولاد مكافأة لمعروفه المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 04/08/1425هـ السؤال شخص مسلم، لديه ثروة يريد أن يميز أحد الأبناء في حياته؛ وذلك لأن الولد ساعده في زيادة ثروته، هل يجوز ذلك شرعًا، في حياته أو بعد مماته؟ وشكرًا. الجواب الحمد لله، وبعد: أما العطية في حال الحياة لبعض الأولاد دون بعض، فإنها مكروهة بلا خلاف، كما في المغني (8/258) ، واختلف العلماء في التحريم، فذهب الجمهور إلى الكراهة، وذهب الإمام أحمد إلى التحريم - وهو الأصح من القولين بلا ريب؛ للنصوص الصحيحة الصريحة في هذا، ومنها حديث النعمان بن بشير، رضي الله عنه، قال: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: "فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ". قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ ... أخرجه البخاري (2587) ، ومسلم (1623) ، واللفظ للبخاري، وفي لفظ لمسلم (1623) : قال- يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "أَيَسُرُّكَ أنْ يَكُونُوا إليكَ في البِرِّ سَوَاءً؟ ".قال: بلى. قال: "فَلاَ إِذًا". هذا إذا كان تخصيص بعض الأولاد دون مسوغ شرعي، أما لو خص الأب بعض أولاده بالعطية لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بمرض لا يقوى معه على العمل، أو كثرة عائلة لم يقدر على كفايتها، فإنه يشرع له ذلك، وبهذا صرح غير واحد من أهل العلم، ومنهم ابن قدامة في المغني (8/258) استدلالاً بقصة أبي بكر مع عائشة، رضي الله عنهما، ولأن اختصاص البعض كان بسبب معنى يقتضي العطية، فاختص بها دون غيره. وبناءً عليه، فإذا كان ذلك الولد، الذي ساعد والده في ثروته، قد فعل ذلك من باب البر والإحسان غير ناوٍ المعاوضة من والده، فإنه لا يستحق شيئًا يختص به دون إخوته، وأجره على الله تعالى. أما لو كان قد قام بذلك العمل بنية المعاوضة، وقصد والده مكافأته لذلك، دون محاباة، ولا قصد تفضيله على إخوته، فإنه يجوز له ذلك، والأمر راجع إلى الذمة، وما يعلمه الوالد من نفسه، هذا بالنسبة للعطية في حال الحياة. أما الوصية لما بعد الممات، فقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (31/308-309) ، أنه لا يجوز الوصية لبعض الأولاد دون بعض بإجماع العلماء، وإذا فعل، فلا يجوز تنفيذها بدون إجازة بقية الورثة. والله تعالى أعلم.

هل دية المرأة على النصف من دية الرجل

هل دية المرأة على النصف من دية الرجل المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 30/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشايخنا الفضلاء هل صحيح ما ذكره الدكتور / يوسف القرضاوي من أن دية المرأة المسلمة في القتل الخطأ ليست على النصف من الرجل وهي مسالة اجتهادية وينبغي أن تكون كدية الرجل تماما وهذا هو الذي يتفق مع تكريم المرأة نرجو التوضيح وجزاكم الله خيرا. الجواب ما نفاه فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي في حديثه عن دية المرأة المسلمة في الخطأ، وأنها ليست على النصف من الرجل، مسألة مستندها جملة (دية المرأة نصف دية الرجل) تنسب إلى حديث عمرو بن حزم الأنصاري في كتاب كتبه له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بعثه إلى نجران - والحديث في أسانيده كلها نظر- قال الحافظ ابن كثير في التفسير: (وهذه وجادة جيدة قد قرأها الزهري وغيره، ولا ينبغي الأخذ بها، وقد أسنده الدارقطني عن عمرو بن حزم وعبد الله بن عمر وعثمان بن أبي العاص وفي إسناد كل منها نظر) ، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير على جملة (دية المرأة نصف دية الرجل) (هذه الجملة ليست في حديث عمرو بن حزم الطويل، وإنما أخرجها البيهقي في السنن الكبرى من حديث معاذ بن جبل، وقال إسناده لا يثبت مثله) ، وقد تتبعت طرق وأسانيد حديث عمرو بن حزم المشار إليه في كتب السنة، ولم أجده مسندًا مرفوعًا إلى رسول الله بطريق صحيح، فضلاً عن أن الجملة المذكورة لا توجد في الحديث، مع أن (الوجادة) أضعف طرق تحمل الرواية عند المحدثين. والغريب أن ابن قدامة في كتابه (المغني) حكى عن ابن المنذر وابن عبد البر الإجماع على أن دية المرأة على النصف من الرجل، واستند إلى هذه الجملة التي لا توجد في حديث عمرو بن حزم، في حين رد على بعض المخالفين في تنصيف الدية، ووصف رأيهم بالشذوذ مع استدلالهم بجملة في حديث عمرو بن حزم موجودة في كل رواياته تقريبًا وهي (في النفس المؤمنة مائة من الإبل) فقد استدل لرأيه من الحديث بجملة مفقودة وحكم بشذوذ رأي مخالفيه باستدلالهم بجملة من الحديث موجودة، مع أن الحديث في صحة ثبوته نظر فضلاً عن الجملة موضع الخلاف حيث لا توجد في الحديث أصلاً، وما حكاه ابن المنذر وابن عبد البر من الإجماع عن النصف في دية المرأة إجماع لا يحتج به؛ لأنه إجماع في المذهب الواحد، وقد نبّه شيخ الإسلام ابن تيمية عن إجماعات ابن المنذر وابن عبد البر والنووي، حيث يذكرون الإجماع ثم يعقبونه بذكر الخلاف مما يدل على أنهم إنما يقصدون الإجماع داخل المذهب لا غير. والقرآن الكريم ليس فيه دليل على تنصيف الدية بين الرجل والمرأة، ولم يثبت في ذلك حديث صحيح، وكل ما فيه حديث عمرو بن حزم.

أما ثبوت أصل الدية -وأنها مائة من الإبل مختلفة الأسنان، وتقوّم أثمانها بالنقد والأعيان من زمن إلى آخر- فلا شك في هذا، بل إن جملة (في النفس المؤمنة مائة من الإبل) في حديث عمرو بن حزم ما يوصي بمساواة دية المرأة بدية الرجل؛ لأن كلاً منها نفس مؤمنة، وأيضًا ثبوت القصاص بين الرجل والمرأة دليل قوي بالمساواة بالدية عند عدم القصاص كقتل الخطأ وشبه العمد، وقياس الجمهور دية المرأة على تنصيف الميراث مع الرجل قياس مع الفارق والعبادات والمقدرات لا يدخلها القياس. ومع هذا فإن ظواهر الأدلة مع ما يقوله الشيخ يوسف القرضاوي، ولكن حقيقة الأمر والصواب فيما يظهر لي -والله أعلم- مع القول بأن دية المرأة المسلمة في قتل الخطأ على النصف من الرجل لأمور منها: 1- إجماع الصحابة على هذا الأمر -أي التنصيف- حيث لم ينقل عن أحد منهم قال بخلافه، ثم اتفاق الأئمة الأربعة على هذا بمثابة الإجماع أيضًا، والإجماع عند العلماء أقوى من النص، فهو ينسخ ولا يُنسخ؛ لأنه لا يكون إجماعًا إلا وهو مستند على نص شرعي، سواء علمنا هذا النص أو جهلناه. 2- يوجد بعض أحاديث لم تصح نسبتها إلى الرسول، بل لم يوجد لها إسناد أصلاً، وقد اعتمدها العلماء كحديث (لا وصية لوارث) مع أنه لا يوجد له إسناد، ومع ذلك قالوا: إنه نسخ آية "كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ" [البقرة:180] . فحديث عمرو بن حزم وإن ضعف إسناده فقد تلقاه العلماء بالقبول فيجب الأخذ به -سواء وجدت هذه الجملة أو لم توجد- (دية المرأة نصف دية الرجل) وربما يوجد كتاب عمرو بن حزم كاملاً في المستقبل وفيه هذه الجملة موضوع البحث فيرتفع الخلاف حينئذ. 3- قال العلماء المحققون كابن تيمية والسبكي وابن عبد السلام (إن شهرة الحديث تغني عن إسناده) فاخذوا بأحاديث في أسانيدها نظر، كحديث (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) ، وحديث (ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن) ، وحديث (اختلاف أمتي رحمة) ولا يوجد له إسناد البتة، وحديث معاذ لما أرسله الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن قاضيًا (بم تحكم قال بكتاب الله ... الحديث) بل جعله العلماء دليلاً ومستندًا (للقياس) أحد أركان التشريع الأربعة مع ضعف إسناده. 4- إذا كان الناس عملوا بعمل -زمنا أو أزماناً- وهذا العمل لا يخالف نصًا صريحًا من القرآن أو السنة فإن نقلهم عنه أو الإنكار عليهم لا يجوز، وهذا يسمى عند العلماء (عمل الناس) والمراد بالناس العلماء، حيث هم قادة الأمة، ولهذا كثيراً ما يقول العلماء في كتبهم مثل هذا، فالإمام الترمذي مثلاً يذكر الحديث في سنته ويبين ضعفه أحياناً ثم يقول:"ولكن عمل الناس عليه". وقال في كتابه (العلل) كل ما في كتابي (السنن) ثابت يعمل به ما عدا أربعة أحاديث وذكرها. والمالكية جعلوا (عمل أهل المدينة) أصلاً من أصول التشريع بعد القرآن والسنة وقدموه على الإجماع والقياس. والخلاصة في الأمر أن ظواهر الأدلة مع الشيخ يوسف القرضاوي ومن وافقه ولكن لا أرى مصلحة في إثارتها في الوقت الحاضر، وعدم الخروج على ما أجمعت عليه الأمة عملياً منذ قرون خير من رأي يشوش على الناس ويهدم ولا يبني، والله أعلم.

حق المرأة في الفسخ إذا طالت غيبة الزوج

حق المرأة في الفسخ إذا طالت غيبة الزوج المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 28/05/1426هـ السؤال زوجي مختف منذ خمسة عشر عاماً، وأولادي متزوجون ومشغولون عني، والوحدة تقتلني، ولكنني لا أرغب في الزواج لتعقيد ظروفي. ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا غاب الزوج وطالت غيبته، ولم يعلم مكانه، فلزوجته طلب الفسخ عند القاضي. وما دمتِ لا ترغبين في الزواج فلا حاجة بكِ إلى طلب الفسخ. وأما الوحدة فينبغي لك أن تشتغلي بطاعة الله -عز وجل- وتلاوة القرآن وكثرة ذكر الله، فبذلك يطمئن قلبك وتنشرح نفسك وتحصلين على خير عظيم، قال الله تعالى: " ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد: 28] ، وقال تعالى: " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" [الإسراء: 82] ، وقال تعالى: " ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" [النحل: 97] ، ويمكن لك أن تنظمي وقتك وتشغليه بما سبق، وبأمورك وحاجاتك الخاصّة، وبصِلة الأقارب بزيارات لا تثقلين عليهم فيها بين وقت وآخر. ويجب على أولادك البِرُّ بك وصلتُك والتناوبُ على زيارتك، ثم تحديد وقت يجتمعون فيه جميعاً معك، وعليك بالدعاء والتوجه إلى الله -تعالى- بالسؤال أن يوفقك لعمل الخير، وأن يشرح صدرك. وفقك الله، ويسَّر أمورك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بقاء الزوجة في عصمة مدمن الخمر!

بقاء الزوجة في عصمة مدمن الخمر! المجيب سليمان بن عبد الله الماجد القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة التاريخ 27/10/1426هـ السؤال أنا متزوجة برجل مدمن خمر، وأضطر في بعض الأحيان إلى مجالسته -وكذا معاشرته- وهو في حالة سكر، لأني متأكدة من أني إذا رفضت سأتعرض للضرب. هل يعتبر بقائي مع زوج مدمن للخمر حراماً؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن حيث الأصل ليس هناك ما يمنع بقاء المرأة في ذمة زوج يشرب الخمر، وأن تجالسه وتعاشره. ولكن عليك -مع هذه الحال- الحرص على هداية زوجك من خلال التلطف وحسن التبعل، فإذا أحبك قدرتِ على التأثير عليه لتغيير عادته المحرمة. والله أعلم.

ـــــ المواريث ـــــ

أحكام العدّة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 15/5/1422 السؤال توفي زوجي قبل عدة أيام، وأنا أستفسر عن العدة؟ وهل يجوز الجلوس مع أهل الزوج بوجود إخوانه؟ وبالنسبة للتركة كيف تتوزع مع العلم بأن لي طفل واحد؟ وللزوج أربعة إخوان، وأربعة أخوات، وأبواه. الجواب بالنسبة لما سألت عنه حول العدة فقد أجاب عنه فضيلة الشيخ / عبد الرحمن العجلان _ المدرس في الحرم المكيّ _ فقال: المرأة إذا توفي عنها زوجها لزمتها العدّة وهي: 4 أشهر و 10 أيام ما لم تكن حاملاً، فعدّتها بوضع حملها، طالت المدّة أم قصرت. وعليها الحداد، وهو تجنُّب الزينة في اللباس والحليّ والطيب وكلّ ما يُرغِّب في نكاحها، وتلزم البيت الذي توفيّ زوجها وهي فيه، ما دامت تأمن على نفسها، حتى وإن كان في البيت إخوانٌ لزوجها، ما دام أنّ هذا البيت يليق بمثلها عادةً وعُرفاً، ولا تخرج منه إلا لضرورة. ولا تمنع العدّة من مخاطبة أهل زوجها وإخوانه، مع اجتنابها أنواع الزينة. والله أعلم. وبالنسبة لقسم التركة، فقد أجاب الشيخ ناصر الطريري على سؤالك، حيث تقسم التركة كالتالي: 1. لك (الزوجة) الثمن. 2. لوالده السدس. 3. لوالدته السدس. 4. لابنه كل الباقي. أما إخوته وأخواته فليس لهم شيء من ميراثه. وننبه إلى أن قسمة التركة تكون بعد سداد ما عليه من ديون، وبعد إخراج وصيته من الثلث إن كان أوصى. والله أعلم.

استثمار التركة وتوزيعها

استثمار التركة وتوزيعها المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 22/11/1424هـ السؤال لدينا مال عن طريق الإرث، وآخر عن طريق استثمار هذا الإرث بمعرفتنا لمجموعة كبيرة من الأشخاص ورثة أصحاب الأموال، مع العلم نحن لسنا من الورثة، فقط قمنا باستثمار الإرث. كيف يتم تسليم هذه المبالغ لأصحابها خاصة أنهم في عدة دول خارج المملكة؟ وما هي الضوابط عند تسليمهم الأموال لضمان عدم إنكارهم بعد مدة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: (1) بالنسبة لتسليم هذه المبالغ لأصحابها من الورثة فلا بد من التحري والبحث والاجتهاد في ذلك، والاستعانة بعد الله ببعض الورثة للدلالة على باقي الورثة والاحتساب في ذلك، فإن كان بعض الورثة قد توفي فيدفع نصيبهم إلى ورثتهم وهكذا. (2) بالنسبة للضوابط فيمكن تسليمهم الأموال عن طريق المحكمة أو كتابة العدل، أو عن طريق الكتابة مع شهادة شاهدي عدل، والأمر فيه سعة ووسائل عديدة. والله -تعالى- أعلم.

ميراث المسلمة من أبيها الكافر

ميراث المسلمة من أبيها الكافر المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 9/10/1424هـ السؤال والدتي بلجيكية، وقد اعتنقت الإسلام منذ سنوات، ولله الحمد، وهي تعيش في الجزائر، ووالدها أي جدي كافر، وتريد أن تعرف ماذا تفعل بميراثها؟ الجواب جاء في صحيحي البخاري (6764) ، ومسلم (1614) : "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم"، فيما رواه أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأجمع أهل العلم على عدم توريث الكافر من الميت المسلم. واختلفوا في العكس بأن يرث المسلم من الكافر الميت، فمنعه أكثر أهل العلم. وقال معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ومعاوية بن أبي سفيان والحسن بن علي ومحمد بن علي بن الحسين ومسروق - رضي الله عنهم - بتوريث المسلم من الكافر، واستدلوا بحديث الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وقالوا من العلو توريث المسلم من كافر. وكان معاذ - رضي الله عنه - يقضي بهذا لما ولي القضاء، واستحسنه بعض أهل العلم، وقاسوه على جواز نكاح المسلم من الكتابية، وليس العكس. ورده جمهور أهل العلم، وقالوا إنه قياس واستحسان في مقابل نص صريح من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنع توريث المسلم من قريبه الكافر، والله أعلم.

قضاء الولد ديون أبيه

قضاء الولد ديون أبيه المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 4/6/1424هـ السؤال توفي أبي منذ ثلاث سنوات تقريباً وترك ديناً ثقيلاً، وعندما استلمت زمام الأمور لم يكن هنالك سيولة لتوزيعها على أصحاب المال وإيفاء الدين، وعرضت جميع ممتلكاته للبيع إلا أنها عبارة عن أراضٍ زراعية، ولم أتمكن إلى الآن من بيعها، فهل آثم؟ على عدم إيفاء الدين من راتبي؟ علماً أن لأبي -رحمه الله- زوجة ثانية وأولاداً، فماذا يجب علي أن أفعل؟ وهل أنتظر حتى تباع إحدى ممتلكاته؟ علماً أنني قد تعهدت أمام الناس بأنني سأعمل على وفاء دينه ليسقط عنه الحمل كما قال لي البعض، وكل الناس يعرفون أن لا وفاء للديون إلا ببيع الأرض، أفيدوني - يرحمكم الله-،هذا -وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً-. الجواب الواجب عليك يا أخي أن تبدأ أولاً بسداد دين والدك من تركته ثم بعد ذلك تقسم التركة، ويمكن أن تعرض بعض هذه العقارات بأقل من سعرها قليلاً من أجل المسارعة في قضاء دين والدك، أما في شأن وفاء الدين من راتبك فلا يلزمك شرعاً، لكن إن كنت قادراً على ذلك فالأولى لك المبادرة بقضاء دين والدك، ثم تعود بعد ذلك فتأخذ ما دفعته من التركة، لحديث جابر -رضي الله عنه- في الرجل الذي مات وعليه ديناران فتخلف الرسول - صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة عليه حتى قال له أبو قتادة -رضي الله عنه-: هما عليّ، فلما قضاهما أبو قتادة -رضي الله عنه- قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: الآن بردت عليه جلدته، رواه أحمد (14536) ، والحاكم (2/58) ، فإن لم تكن قادراً على الوفاء من راتبك فينبغي أن تتحلل من أصحاب الدين عن والدك، فيجعلوه عليك حتى تبرأ ذمته ويبرد عليه جلده.

إرث المسلم من زوجته الكافرة

إرث المسلم من زوجته الكافرة المجيب د. جمال الدين محمد عطوة عضو هيئة التدريس بكلية التربية للبنات بجدة التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 27/3/1425هـ السؤال ما حكم إرث المسلم للزوجة غير المسلمة؟ الجواب ذهب الصحابة -رضوان الله عليهم- والأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء إلى عدم التوارث بين المسلم والكافر فلو مات مسلم وله زوجة كافرة أو أقارب كفار فلا يرثونه، وكذلك لو ماتت الزوجة الكافرة أو القريب الكافر فلا توارث بينهما وبين القريب المسلم. والدليل على ذلك حديث -أسامة بن زيد رضي الله عنهما- عن النبي -صلي الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم". متفق عليه عند البخاري (6764) ، ومسلم (1614) . دل الحديث صراحة على منع التوارث بين المسلم والكافر. وهناك رأي آخر مروي عن معاذ بن جبل ومعاوية -رضي الله عنهما- يجيز أن يرث المسلم قريبه الكافر. وحجة هذا الرأي ما روي عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال" الإسلام يعلو ولا يعلى عليه" رواه الدارقطني في سننه (3161) وانظر صحيح الجامع (2778) وروى أبو داود (2912) : كان معاذ بن جبل باليمن فارتفعوا في يهودي مات وترك أخاه مسلما فقال معاذ: سمعت رسول الله يقول: الإسلام يزيد ولا ينقص فورِّثْه" ولكن إسناده ضعيف. ولعلو الإسلام يصح أن يرث المسلم من قريبه الكافر، وإرث المسلم من الكافر يؤكد زيادة الإسلام وعدم نقصانه وأنه يعلو ولا يعلى عليه. وبالتأمل في هذين الحديثين لا نجد فيهما ما يدل صراحة على جواز أن يرث المسلم من الكافر والصحيح في هذه المسألة عدم جريان الإرث بين المسلم والكافر؛ لموافقته لسنة النبي صلي الله عليه وسلم. وعلى هذا فلا يرث الزوج المسلم زوجته الكافرة ولا ترثه، وكذلك إن ماتت الزوجة الكافرة وأولادها مسلمون أو العكس فلا توارث بينهم، ويذهب مال الكافر لأهله من الكفار؛ لأنهم أولى به لقوله تعالى: "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض" [الأنفال:73] .

هل الأثاث ضمن البيت الموصى به

هل الأثاث ضمن البيت الموصى به المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 20/8/1423هـ السؤال توفي والدي رحمه الله، وكتب البيت الذي نسكنه وقفاً له ولوالديه، السؤال: في البيت أثاث كامل من أدوات كهربائية وغيرها، هل هذه الأدوات تدخل في الإرث أم أنها تابعة للوقف؟ علماً أن والدي لم ينص على شيء من ذلك في وصيته، وأنا ناظر الوقف وقد بيع بعض من أثاث البيت ولا زلت محتفظاً بالقيمة. الجواب إذا لم ينص والدك على تبعية الأثاث للوقف فالأصل أن الأثاث يورث، ويكون ملكاً للورثة كلهم حسب ميراثهم الشرعي، وإن كان الوالد قد أوصى بجزء مشاع من ماله كالربع، أو الخمس، أو الثلث فللوصية نصيب من هذا الأثاث.

توفي وله معاشات تقاعد

توفي وله معاشات تقاعد المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 25/2/1423 السؤال لمن يعود راتب الزوج المتوفى وأيضاً منحة الوفاة، علماً أنه ترك من وراءه أرملة مع بنات وبنين، كلهم -والحمد لله- عاملون يتقاضون رواتب شهرية، ما عدا البنت الصغرى البالغ عمرها 16سنة، والتي ما زالت تزاول دراستها وفي حالة تعدد المستفيدين نرجو منكم إفادتنا بكيفية القسمة شرعاً (نصيب كل وراث) . الجواب إذا مات الموظف وله مستحقات في مصلحة معاشات التقاعد فيستخرج صك من المحكمة بحصر الورثة، وتراجع به المصلحة أو البنك الذي يصرف المستحقات، وهم يوزعون الاستحقاق حسب النظام هذا إذا كان له معاش تقاعد. أما إن كانت المبالغ المستحقة رواتب متأخرة أو منحة وفاة أو مصاريف سنوية فإنها تقسم قسمة شرعية على ما جاء في كتاب الله، للزوجة الثمن وللبنين والبنات الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين.

هل ترث النصرانية زوجها المسلم

هل ترث النصرانية زوجها المسلم المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 16/3/1424هـ السؤال هل ترث الزوجة المسيحية زوجها المسلم في الدول العربية؟ الجواب اختلاف الدين من موانع الإرث، فلا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (6764) ، ومسلم (1614) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما- وليس للزوجة النصرانية حقاً في إرث زوجها المسلم، كما أن المسلم لا يرث من زوجته النصرانية (المسيحية) ، حيث إن اختلاف الدين من موانع الإرث، وليعلم أن الزوجة النصرانية (المسيحية) لها كافة الحقوق (المهر، النفقة بأقسامها من سكن، وملبس، وغذاء، ودواء، ولها الأجرة على الرضاع، والأجرة على الحضانة إذا تولت الحضانة، ولها متعة المطلقة) والله أعلم.

إخراج الوارث زكاة مورثه

إخراج الوارث زكاة مورِّثه المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 9/7/1424هـ السؤال أحد معارفي توفي والده وترك له ميراثاً كبيراً، وهذا الوارث يشك أن والده كان من مخرجي الزكاة، السؤال: أ. هل إخراج الزكاة الآن يجوز نيابة عن والده؟ ب. عن كم عام يخرج الزكاة، إذا كان يجب عليه إخراج ما لم يخرجه والده؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أولاً: على هذا الولد أن يتقي الله تعالى، ويعلم أن الزكاة من الديون الواجبة في المال، وأنه يجب إخراجها من مال المورث قبل قسمة التركة، وإذا كان يعلم أن والده لم يكن يخرج الزكاة، فعليه أن يسارع بإخراجها وليس له حق في أخذ شيء من التركة قبل إخراج الزكاة، لأنها دين واجب لله - تعالى -، أما إذا كان لا يعلم وإنما يشك مجرد شك وهو يريد أن يحتاط ليبرئ ذمة والده فهذا من الإحسان للوالد والبر به، "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -، وكونه يزيل هذه الشبهة وينوي بها إخراج الزكاة عن والده فإن لم تكن زكاة بحيث إن والده كان قد أخرجها فإنها تكون من صدقة التطوع، وحينئذ فيخرجها من باب الاحتياط وهو على أجر كبير وخير عظيم إن شاء الله، لأنه بهذا يبرئ ذمة والده ويطمئن نفسه على سلامة المال الذي في يده، ويخرج من الزكاة ما يظن أو يغلب على ظنه أن والده لم يخرجه سواء كان عن عام أو عامين أو ثلاثة أو أكثر، الأعوام التي يظن أو يشك أن والده لم يخرجها فإنه يخرجها عنه، وبالله التوفيق.

هبة المال للأولاد دون سائر الورثة

هبة المال للأولاد دون سائر الورثة المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 23/03/1426هـ السؤال اشتريت قطعة أرض من حر مالي، وبنيت عليها منزلاً من طابقين، واستضفت أمي وأخواتي في الطابق الأول، وأنا الآن أريد أن أهب هذا البيت لأولادي وزوجتي التي كافحت معي على مدار 25 عاماً. فهل يجوز ذلك؟ مع العلم أن أمي ما زالت على قيد الحياة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الذي أراه أن الهبة إذا كانت منجزة غير معلقة بموتك فلا حرج في ذلك - إن شاء الله تعالى- بشرط أن تتساوى نسب الأولاد، فلا يجوز تفضيل أحدهم على الآخر، ولكني أنصحك بأن تطيب خاطر أمك بهدية مماثلة أو مقاربة؛ لأن حقها عليك أكبر، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك". صحيح البخاري (5971) ، وصحيح مسلم (2548) . كما أني أنصحك إذا عزمت على هبته لزوجتك وأبنائك أن تشترط ألا يقوم أحد منهم بإخراج أمك مطلقاً، أو أحد أخواتك إذا لم يكن لها مسكن آخر. والله أعلم.

قسمة الميراث على القصر

قسمة الميراث على القصر المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 9/7/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أريد منكم إعطائي جواباً لهذه المسألة، وهي: نحن إخوة عددنا ثمانية عشر فرداً، توفي والدنا -يرحمه الله- منذ سنة ونصف، وترك بيننا إخوة لنا صغاراً لم يبلغوا سن الرشد من أم ثانية، وأعطينا أخينا الأكبر وكالة لإبراء ذمة والدنا يرحمه الله من بعض المستلزمات، وتم والحمد لله إبراء ذمة والدنا إن شاء الله من هذه المستلزمات، وترك لنا إرثاً سيارات ومعدات وعمارتين وأراضي، فطلبنا من أخي أن نذهب إلى فضيلة قاضي المحكمة حتى تتم القسمة، ولكنه رفض بحجة أن إخواننا صغار وهو الآن يتصرف في بعض الأمور مثل بيع السيارات دون أخذ استشارة أي أحد منا، مع العلم أننا نثق فيه وهو إن شاء الله أمين عليها ولا نزكيه على الله وهو حريص على تسجيل كل شيء، ولكن بعض إخوتي وأنا واحد منهم لم يعجبنا ذلك لأننا نعرف أن بعضاً من هذه الأراضي والسيارات معرض للتلف في حال إصراره على توزيع التركة حتى يكبر القصر، سؤالي هو: هل توزع التركة الآن أم يبقى توزيعها حتى يكبر الأطفال؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فلا مانع من قسمة التركة بين الورثة ولو كان فيهم قاصر عن سن الرشد، ويحفظ نصيبه عند وليه لينميه له وينفق عليه منه حتى يبلغ فيسلمه له. وقسمة العقارات المملوكة بصكوك شرعية يفتقر إثبات قسمتها إلى إذن الحاكم الشرعي بعد أن يتحقق من الغبطة للقاصر فيها، وأرى للسائل أن يتفق مع أخيه ويتفاهم معه بالأسلوب الحسن، فإن قسمة التركة وإن كانت من حقه إلا أن حفظ الود والاستعلاء على الدنيا صلة للرحم مقام شريف يحسن به التطلع إليه هذا وليعلم السائل أنه عند موت الشخص فإن جميع أمواله تصير مملوكة لورثته، وليس لأحد منهم أن يستأثر بالتصرف إلا بولاية أو وكالة وإلا فللورثة الطعن في تصرفه وطلب نقضه فيما جاوز نصيبه. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

إرث المسلمة من النصراني

إرث المسلمة من النصراني المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 28/1/1424هـ السؤال ما حكم إرث البنت المسلمة من أب مسيحي؟ علماً أني المسلمة الوحيدة بين إخوتي، بل وعائلتي كلها، والحمد لله، أرجو الإجابة، وجزاكم الله خيراً. الجواب النبي - عليه الصلاة والسلام- قال: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم" البخاري (1588) ،ومسلم (1614) ، فليس هناك توارث بين المسلم والمسيحي، وإذا كنت مسلمة فإنك تحتسبين الأجر عند الله - عز وجل-.

المال الموروث من التأمين

المال الموروث من التأمين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 4/1/1425هـ السؤال الشركة التي أعمل فيها تؤمن على حياة الموظفين في شركة تأمين تقليدية غير إسلامية، فعند وفاة الموظف تدفع شركة التأمين مبلغاً كبيراً من المال، وهذا المبلغ إذا كانت الوفاة بسبب حادث يضاعف لورثة الموظف المتوفى, السؤال: هل يحل هذا المال لورثة المتوفى؟ أفيدونا -جزاكم الله خيراً-. الجواب التأمين على الحياة حرام، لا يجوز؛ لما فيه من الضرر والجهالة، وما فيه من الربا فهو أكل لأموال الناس بالباطل، والله يقول: " يا أيها الذين آمنوا َلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:188] ، فالمؤمن يدفع أموالاً هي الأقساط الشهرية، ولا يدري كم ستعوضه الشركة مقابلها، ثم إنه قد يدفع قسطاً أو قسطين فقط فتعوضه شركة التأمين. أي تدفعها لورثته أموالاً أكثر مما دفع، وقد يكون العكس فيسدد الأقساط كلها فينتهي العقد ويموت فلا تعوضه الشركة شيئاً، فأكل المال بالباطل محقق في عقد التأمين ولكل من الطرفين فقد يكون من قبل الشركة أو من قبل المؤمن، فننصح بعدم الدخول في عقد التأمين، وخاصة ما يسمى بالتأمين على الحياة، وما ذكر في السؤال نقول: يجوز لورثة المؤمن على حياته أن يأخذوا من التأمين قدر ما دفع مورثهم لا غير، وما زاد فلا يحل لهم أكله، وننصح بأخذ الزائد من الشركة والتصدق به على نية التخلص منه لا غير، لأن بقاءه في صندوق الشركة تقوية لها وإعانة لها على الباطل وهو حرام، والله يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] وفق الله الجميع إلى كل خير.

قسم التركة في حياته

قسم التركة في حياته المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 27/04/1426هـ السؤال والدي يبلغ من العمر 80 سنة، له أكثر من زوجة وعدد من الأولاد (ما بين ذكر وأنثى) ، وخوفاً من مشاكل تقسيم التركة بعد وفاته قام -بعد مشاورتي وأخوين آخرين- بالتنازل عن ممتلكاته لزوجاته وأبنائه كوصية قانونية يتم تنفيذها بعد موته. وأسئلتي هي: 1- هل يشرع التخلي عن الممتلكات لصالح الورثة؟ 2- ما هي الشروط التي يجب توافرها لنعتبر هذا التخلي بمثابة تقسيم التركة بعد وفاة الوالد؟ 3- ليكون التقسيم أكثر عدلاً، هل يمكن تخل بين المستفيدين توافقياً؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: أنه في حالة رغبة والدكم بالتخلي عن أملاكه لصالح أولاده وزوجاته يُخَير بين حالتين: ـ الأولى: أن يعطي في حالة حياته من ماله ما شاء لأولاده وزوجاته كعطية منجزة، مراعياً العدل في ذلك، وقسمة الله تعالى للذكر سهمان وللأنثى سهم، ويعدل بين زوجاته فيما يعطيه لهن من غير تحديد لما يعطيه لهن. هذا ولا مانع من تَّخلي بعض المستفيدين عن حقه أو بعض حقه برضاه وهذا في العطية. الحالة الثانية: أن يوصي بتقسيم تركته بعد مماته حسب تعاليم دين الإسلام إن كان هناك جهة مختصة في بلدكم لتنفيذ ذلك، أما إذا لم يكن فلا مانع من أن تُقسم التركة حسب تعاليم الإسلام، فيقول والدكم: يُقسم مالي بعد وفاتي بين زوجاتي وأولادي: للزوجات ثُمن وللأولاد سبعة أثمان ما خلفته، للذكر سهمان وللأنثى سهم. وهذه القسمة الشرعية لتركته، فكأنه أوصى بأن تُقسم تركته حسب قسمة الله: ذلك أن لا وصية لوارث؛ لأن الله قد أعطى كل ذي حق حقه. هذا ويجوز له أن يجمع بين الحالتين، فيعطي بعض ماله في حال حياته بالتفصيل السابق في الحالة الأولى، ويقسم باقي ماله بالتفصيل. والله أعلم.

الاختصاصات في التركة

الاختصاصات في التركة المجيب محمد بن عبد المحسن المطلق مدرس العلوم الإسلامية بثانوية صقلية التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 20/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فسؤالي يتعلق بمادة علوم الفرائض والمواريث، من المعروف أن علم موضوع علم الفرائض هو تركة الميت، والتركة هي ما يخلفه الميت من أموال وحقوق واختصاصات من حيث تقسيمها وبيان نصيب كل وارث منها، والاختصاصات هي ما يجوز امتلاكه، ولا يجوز بيعه، ومن الأمثلة على الاختصاصات السرجي، والسرجي معناه الروث، والروث يباع ويشترى، فكيف يكون من الاختصاصات التي تمتلك ولا تباع، ونرجو منكم التكرم بطرح بعض الأمثلة على الاختصاصات، وشرح معنى الكلمة. وجزاكم الله خيراً، وجعله في موازين أعمالكم، وشكرا ً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد فإن مقصودهم بالاختصاص: هو ما يجوز تملكه ولا يجوز بيعه، كالكلب فإنه يقتنى للصيد وللزرع وللحراسة وللرعي، كما دل الدليل على ذلك، لكن لا يجوز بيعه، فتملكه فيما ورد الانتفاع به جائز، لكن لا يجوز بيعه للحديث الصحيح: " نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب" رواه البخاري (2237) ومسلم (1567) من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه -، فكلب الزرع يورث لكن لا يباع، ومثل الكلب السرجين النجس فإنه ينتفع به لكن لا يباع عند من يرى تحريم بيعه. والله أعلم، وصلى الله عليه وسلم.

لماذا يرث الزوج من زوجته ضعف ما ترثه منه؟

لماذا يرث الزوج من زوجته ضعف ما ترثه منه؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 15/10/1424هـ السؤال سمعت أن الزوج يرث من الزوجة نصف ما تملك، في حين أن الزوجة ترث من الزوج ثمن ما يملك، سؤالي: ما حكم الشرع في ذلك ولماذا؟ وما تفسير ذلك؟ الجواب إن الله جل وعلا جعل للزوج أن يرث نصف ما لزوجته إذا ماتت وليس لها أولاد، وإذا كان لها أولاد فإنه يرث الربع من مالها، وجعل للزوجة أن ترث ربع مال زوجها إذا لم يكن له أولاد، فإن كان له أولاد فإنها ترث الثمن، هذه هي قسمة الله جل وعلا كما جاء في سورة النساء لقوله تعالى:"ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أودين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أودين" [النساء:13] ، والله جل وعلا هو الحكيم العليم الخبير، وهو الذي يعلم ما لكل من الرجل والمرأة من الاستحقاق، ولهذا جعل ميراث الرجل ضعف ميراث المرأة؛ لأن الرجل عليه القوامة وعليه مسؤولية رعاية الزوجة ورعاية المرأة، فإذا كانوا أبناء فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كانوا إخوة فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كان بين الأزواج فكما سمعت وسألت عنه وأجبنا بالآية التي ذكرناها قبل قليل، والله جل وعلا لم يجعل قسمة المواريث إلى الناس، وإنما هو الذي تكفل بها وقسمها قسمة تفصيلية، ونحن نعلم علم اليقين أن الله الذي خلقنا جل وعلا أنه هو الحكيم في خلقه وهو الحكيم في أمره وأحكامه وتدبيره، ومن ذلك قسمته للميراث. والله أعلم وأحكم.

ورثت من زوجها مالا حراما

ورثت من زوجها مالاً حراماً المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 12/8/1424هـ السؤال أنا ورثت من زوجي مالاً حراماً، وتنازلت عنه لأبنائي هل علي ذنب وماذا أفعل؟ وشكراً. الجواب أنت لا ذنب عليك حيث إن الإرث انتقل قهراً، والذي جمع المال الحرام هو زوجك، لكن إذا كنت تعلمين أنه مال حرام، وأن هذا المال الذي أخذتينه أصله مال حرام، فكل لحم نبت من حرام فالنار أولى به، فعليك أن تتخلصي منه في المحقرات، ولا تغذي به نفسك ولا أولادك، كأن تنفقيه على حمامات أو طرق أو نحوها من المحقرات، ولا تأكليه وتغذي بدنك به ما دام أنك تعرفين أن مصدره طريق حرام، وإذا كنت تعرفين أصحاب هذا المال الذين أخذ منهم إذا كان أخذ عن طريق سرقة أو عن طريق رشوة ونحو ذلك فعليك أن تردي المال إلى أصحابه، وأما إذا كنت لا تعلمين من هم أهله، وإنما تعرفين أنه من طريق محرم جلب، فعليك أن تتخلصي منه كما ذكرنا في المحقرات ونحوها، والله الهادي إلى سواء السبيل.

دفع حصة شريكه إلى أحد ورثته، فهل يكون مفرطا؟

دفع حصة شريكه إلى أحد ورثته، فهل يكون مفرطاً؟ المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 22/2/1425هـ السؤال شريكان في عمل ما، سافر أحدهما وتوفاه الله في ذلك السفر، فجاء أحد أبناء الشريك المتوفى، وطلب حصة أبيه فأعطاه جزءاً من الحق، ثم أخذ الشريك الأول الشك في عدم وصول هذه المبالغ لجميع الورثة، فهل يطلب مستنداً يفيد بأن هذا الابن هو الوصي الشرعي ويتحقق من ذلك؟ علما بأن هذا الأمر قد يتأخر أو يتعذر، والشريك الأول يريد أن يخلي ذمته من مال صاحبه، فماذا يفعل هل يعطي باقي المال لهذا الابن أو ينتظر حتى يحضر الوصي الشرعي أفيدوني أفادكم الله. والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. طالما أن الشراكة قائمة بين الشريكين، وأن أحدهما قد توفي، فلا شك أن الشراكة تنتهي وتنفسخ بوفاة أحد الشريكين، وعلى الشريك الحي أن يقوم بتصفية ما بينهما، ثم يشهد ورثة شريكه المتوفى بأنه تم تصفية الشركة، وأن نصيب شريكه المتوفى هو مقدار كذا وكذا، ثم بعد ذلك يطلب منهم من يأتي ممن يحمل مسوغاً شرعياً لقبض مستحقات والدهم أو مورثهم، إن طلبوا كذلك الاطلاع على طريقة تصفية الشركة وما يتعلق بها، فهذا من حقهم، وكون هذا الشريك يسلم مبلغاً لأحد الورثة والحال أنه لا يحمل تفويضاً بذلك فهذا يعتبر تفريطاً منه، فلو جاء الورثة بعد ذلك فقالوا: إننا لم نوكله ولم نفوضه في تسلم نصيبنا، فلا شك أن هذا الشريك يضمن ما سلمه لأحدهم من غير حق، ومن غير تفويض، وبناء على هذا فالذي ينبغي لهذا الشريك الحي أن يصفي الشركة، وفي نفس الأمر يطلب من ورثة شريكه المتوفى أن يأتوا، أو يأتي من يحمل توكيلاً وتفويضاً عنهم جميعاً، ثم بعد ذلك يطلعه على طريقة تصفية الشركة، والأمر يعطى ما يستحقه الشريك المتوفى، والذي هو جزء من تركته. والله المستعان.

الوصية لوارث

الوصية لوارث المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 27/2/1425هـ السؤال هل يجوز أن ينذر الرجل- نذراً معلقاً بموته- جزءاً من بيته لأحد أبنائه أو بعضهم دون الآخرين؟ وهل يجوز النذر المعلق لوارث حتى على أساس التعويض له؟. الجواب أولاً: أنصح السائل وغيره بعدم النذر؛ لأن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل، والإنسان إذا أراد أن يحسن فيتقرب إلى الله بدون إلزام نفسه بشيء، أما تعليق إخراج المال بموته، فإن هذا يتعلق به حقوق الورثة، وهذا محذور، فالإنسان له أن يوصي بأن يخرج من ماله بحدود الثلث لغير الوارث، وأما الوارث فلا وصية له؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا وصية لوارث" رواه النسائي (3641) ، والترمذي (2121) وابن ماجة (2712) من حديث عمرو بن خارجة - رضي الله عنه - وعند أبي داود (3565) من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، وأما كونه يخصص أحد أبنائه، فهذا عمل محرم؛ لأن هذا من الجور، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما أتاه رجل يشهده على إعطاء أحد أولاده عطية، قال: "أكل ولدك ولدك أعطيته هذا" قال: لا، قال: "لا تشهدني على جور" رواه البخاري (2650) ، ومسلم (1623) من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - والجور محرم، فلا يجوز للإنسان أن يخصص أحد أبنائه بشيء من المال دون البقية، والواجب على الإنسان أن يعدل بين أولاده، سواء كان في الحياة، أو بعد الممات، وحينئذ ليس له أن يوصي لأحدهم دون الآخرين، وعلى هذا فما سماه نذراً فهو يعتبر وصية، ولكنه يعتبر أمراً محرماً، ولا يجوز له أن يستمر فيه، بل يلزمه أن يرجع فيه، ويسوي بين أولاده في العطية والوصية، كما أود أن أنبه إلى أن الوارث لا يجوز الوصية له، ولا تنفذ إلا إذا أقرها بقية الورثة. والله ولي التوفيق.

حق المطلقة في التركة

حق المطلقة في التركة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 19/5/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل المرأة المطلقة التي توفي زوجها وهي بعدة الطلاق ترثه؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ميراث المرأة المطلقة فيه تفصيل: فإن كان الطلاق رجعياً فعليها أن تنتقل إلى عدة الوفاة وترث، وإن كان الطلاق بائناً، وهو متهم بقصد حرمانها من الميراث فإنها ترث معاملة له بنقيض قصده، وإن لم يكن متهماً بقصد حرمانها من الميراث والطلاق بائن لا تسوغ فيه الرجعة إلا بعقد ومهر جديد، فإنها في هذه الحال لا ترث. والله أعلم.

ميراث المفقود

ميراث المفقود المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 15/3/1425هـ السؤال ما هو علم الميراث؟ وما هو ميراث المفقود؟ وما هي مصطلحاته لغة واصطلاحاً؟. الجواب علم المواريث هو: علم يعرف به من يرث، ومن لا يرث، ومقدار ما لكل وارث. أو هو: العلم بقسمة الميراث فقهاً وحساباً. ويستفاد من هذا العلم: إيصال الحقوق إلى أهلها؛ لأنه يميز لنا الورثة من غيرهم، ثم يبين ما لكل من واحد من الورثة من النصيب. وأما مصطلحات علم الميراث فهي ثلاثة: 1- المورِّث: وهو من انتقلت التركة منه، وهو (الميت أو الملحق بالأموات حكماً كالمفقود) . 2- الوارث: وهو من انتقلت التركة إليه، وهو: (الحي، أو الملحق بالأحياء حكماً) . 3- الحق الموروث: وهو التركة التي يخلفها الميت. وأما المفقود فهو: من انقطع خبره فلم يعلم له حياة ولا موت. وله حالان: إحداهما: أن ينقطع خبره على وجه ظاهره السلامة، كمن فقد في سفر تجارة آمن، ونحوه. الحال الثانية: أن ينقطع خبره على وجه ظاهره الهلاك كمن فقد في غرق سفينة، أو سقوط طائرة ونحو ذلك. وفي كلا الحالين ينتظر مدة يجتهد في تقديرها الحاكم أو من ينوب عنه من القضاة، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص، والأحوال، والأماكن، والحكومات، فيقدر مدةً للبحث عنه بحيث يغلب على الظن تبين حياته لو كان موجوداً، ثم يحكم بموته بعد انتهائها. ولنا في المفقود نظران: أحدهما في إرثه، والثاني في الإرث منه. فأما إرثه: فإنه متى مات مورثه قبل الحكم بموته ورثه المفقود؛ فيوقف له نصيبه كاملاً، ويعامل بقية الورثة باليقين، فمن كان محجوباً لم يعط شيئاً، ومن كان ينقصه أعطي الأقل، ومن كان لا ينقصه أعطي إرثه كاملاً. وأما الإرث منه: فلا يورث ما دامت مدة الانتظار باقية؛ لأن الأصل بقاء حياته، فإذا انقضت مدة الانتظار حكمنا بموته وقسمنا تركته على من كان وارثاً منه حين انقضائها.

شبهة حول المواريث

شبهة حول المواريث المجيب ناصر بن عبد الله الطريري المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 17/2/1425هـ السؤال سألني شخص -اعتنق الإسلام حديثاً- سؤالاً فيه شبهة يراها تتعارض مع القرآن الكريم، وأعتقد أنه يحصل على هذه الأفكار من مواقع ضد الإسلام، وأسأل الله -عز وجل- أن ييسر له أموره، وأرجو التكرم بإعطاء جواب موضح على هذا التساؤل، حتى أستطيع شرحه لهذا الأخ. أحدهم أشار إلى حساب المواريث كونه غير صحيح رياضياً: فالزوجة تحصل على ربع، والأم تحصل على ثلث، والشقيقتان تحصلان على الثلثين، وثلاث أخوات من الأم يحصلن على ثلث لهن جميعاً. والآن نأخذ المقام المشترك الأصغر، وهو (12) ، ونعدل البسط لتصبح الكسور متكافئة لقيمها الأصلية، فتصبح المعادلة الآن (3+4+8+4) /12=17/12، فكيف أخطأ مؤلف الشبهة؟ لقد جاء برقم أكبر من المجموع، وجزاكم الله خيراً. الجواب ليس في الموضوع المسؤول عنه شبهة ولا خطأ في حساب المواريث، وإنما هو قصور في الاستدلال وسوء فهم للآية، فإن السائل لم يقرأ بقية الآية رقم (11) من سورة النساء، وذلك قوله -تعالى-: "فإن كان له إخوة فلأمه السدس"، وكلمة (إخوة) تشمل كل جمع من الإخوة، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، فالأم في المثال المذكور تستحق السدس ولا تأخذ الثلث لوجود الجمع من الأخوات، وحسابها كما يلي: للزوجة الربع، وللأم السدس، وللأختين الشقيقتين الثلثان، وللأخوات لأم الثلث، والمضاعف المشترك الأصغر للكسور هو (12) كما في الجدول أدناه، ولكن فروض الورثة تتزاحم، فيعود النقص على جميع الورثة بنسب متساوية، فتعول (12) إلى (17) ، وباب العول معروف في علم الفرائض، ولهذه المسألة نظائر كثيرة، ومسائل مشهورة في علم المواريث فلا شبهة في ذلك -بحمد الله-، وحساب المسألة في الجدول كما يلي: 12 17 زوجة 4/1 3 3 للزوجة 3 من 17 بدلاً من 3 من 12 أم 6/1 2 2 للأم 2 من 17 بدلاً من 2 من 12 أختان شقيقتان 3/2 8 8 للأختين 8 من 17 بدلاً من 8 من 12 ثلاث أخوات لأم 3/1 4 4 للأخوات لأم 4 من 17 بدلاً من 4 من 12 تزاحمت فروض الورثة فعاد النقص على الجميع بنسبٍ متساوية، فعالت المسألة من (12) إلى (17) . ومن لم يدرس علم المواريث تكون هذه المسألة وأشباهها غريبة عليه، فيقع في حيرة من أمره، وفق الله الجميع للخير، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حصة القصر من التركة

حصة القُصَّر من التركة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 05/07/1426هـ السؤال امرأة ماتت وتملك مجموعة من السيارات، ليست مسجلة باسمها، فهل تعتبر تركة تقسَّم على من بعدها؟. كما أنها أعطت أحد أبنائها سيارة، وطلبت منه ألا يقودها أحد غيره أبداً، وعمل بذلك، ولكن هل يجوز له -الآن بعد وفاتها- أن يعطيها أحد إخوانه أو معارفه ليقودها؟.علماً أن الورثة هم اثنان من الأولاد صغار واثنان كبار، فكيف بالنسبة للصغار إذا أرادوا تقسيم التركة؟ وهل يجوز استثمار قسمتهم حتى يكبروا؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فمن مات وفي ملكه مال -سواء كان مسجلاً باسمه أو لا- فإنه ينتقل إلى ورثته بحكم الإرث، ويقسم بين ورثته حسب الأنصبة الشرعية. وطريقة القسمة أن تقدر قيمة السيارات المذكورة، ثم تقسم بينهم بحسب قيمتها أو تباع وتوزع القيمة بين الورثة، ويمكن قسمة كل سيارة بين الورثة وتوزع منافع السيارات بينهم على حسب أنصبتهم الشرعية. وإذا كان بين الورثة قُصَّر فإن وليهم يقبض جميع ما يخصهم من تركة مورثهم، ويقوم بحفظه وتنميته واستثماره في الاستثمارات التي يعتقد أنها مربحة لهم، وينفق عليهم من أموالهم حتى يبلغوا فيسلمهم أموالهم. وبالنسبة للسيارة التي أعطتها المرأة المذكورة لابنها، فإن كانت أعطته بقصد أن يملك السيارة فإن السيارة الآن ملكه، له أن يعطيها من شاء، أمّا إن أعطته السيارة ليستعملها دون أن يتملّكها فإن عليه أن يعيدها للورثة لتقسم بينهم كبقيّة السيارات إلا إذا تنازلوا عنها، فإنها تكون من ملكه. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

هل له الحق في التركة أكثر من نصيبه جراء عمله؟

هل له الحق في التركة أكثر من نصيبه جراء عمله؟ المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 28/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. توفي رجل وله أرض استصلحها أحد أبنائه، وغرس بها العديد من الأشجار، ثم توفي والدهم، فهل لهذا الابن القائم على الأرض حق فيها أكثر من نصيب الورثة؟ أفيدونا أفادكم الله ولكم منا الدعاء. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن المال سواء كان ثابتاً أو منقولاً ينتقل مباشرة إلى الأحياء من الورثة بمجرد تحقق موت مورثهم، ويكون هذا المال مشاعاً بين الورثة، فهذه الأرض المذكورة في السؤال يملكها جميع الورثة ملكاً مشاعاً بينهم حسب أنصبتهم التي فرضها الله -تعالى- في كتابه، فبناء عليه فإن هذا الملك يبقى مشاعاً حتى يقسمه الورثة، ولا يحق لأحد من الورثة أن يأخذ أكثر مما فرضه الله -تعالى-له، وإن كان هو الوحيد الذي يقوم باستصلاح الأرض وإثمارها، وقيام بعض الورثة دون غيره بأعمال الأرض وإصلاحها له أحوال: 1- أن يقوم بذلك بنية التبرع، بحيث لا ينوي الرجوع بأجرة عمله على بقية الورثة، فإنه -والحال هذه- لا يجوز له أخذ شيء من الأرض أو الريع أو غيره، ويحفظ لهم حقهم ويسلمه إياهم. 2- أن يقوم بذلك بنية الرجوع عليهم، فإن ريع الأرض -والحال هذه- يكون مشاعاً بين الورثة جميعاً؛ لأنه فرع عن الأصل (الأرض) والأصل مشاع، والفرع يأخذ حكم الأصل، إلا أن له الحق في أن يحسم من هذا الريع أجرة أتعابه التي تكلفها حتى تحقق هذا الريع، وهذه الأجرة تقدر من قبل أهل الخبرة الذين تتوفر فيهم العدالة والأمانة والمعرفة. هذا ما لزم الإجابة عنه، وصلى الله على نبينا محمد وسلم، والله أعلم.

هل يرث الأحفاد مع وجود الأبناء

هل يرث الأحفاد مع وجود الأبناء المجيب ناصر بن عبد الله الطريري المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 11/08/1425هـ السؤال توفي رجل عن ابنين وبنتين، وله ابنة توفيت قبله، هذه الابنة لها أبناء، فما هو نصيب كل منهم في الميراث؟ وهل لهؤلاء الأحفاد نصيب من الميراث؟ أم يمكن أن يعطى لهم من الوصية؟ وما هو مقدار ما يعطى لهم من الوصية؟ لم يوصِ المتوفى لهم بشيء، وهل الوصية واجبة أم مستحبة؟ وما هو الدليل على ذلك؟ وما هو موقف الورثة إذا لم يوصِ المتوفى بشيء؟ أفتونا مأجورين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم المال يقسم بين أولاد المتوفى: الذكران والأنثيان؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، أما البنت التي توفيت قبل أبيها فلا حظ لأولادها في الميراث؛ لأنهم من ذوي الأرحام، فإن كان الأب أوصى لهم بشيء قبل وفاته فالوصية تصح، وإن كان لم يوص لهم بشيء فلا حظ لهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بأَهْلِهَا، فمَا بَقِي فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ". البخاري (6737) ومسلم (1615) , وأولاد البنت ليسوا من أهل الفروض، ولا من أهل التعصيب، فلا حق لهم والحالة هذه، وما يسمى بالوصية الواجبة لا دليل عليه من القرآن ولا من السنة، فهو اقتطاع حق من صاحبه بغير وجه شرعي. والله أعلم.

توفي والدنا فكيف نقسم عقاره؟

توفي والدنا فكيف نقسم عقاره؟ المجيب بندر بن محمد الرباح عضو الدعوة والإرشاد بالقصيم التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 15/6/1425هـ السؤال نحن أربعة إخوة ذكور متزوجون، وبنت متزوجة, نعيش نحن الذكور في بيتٍ عبارة عن أربعة طوابق، بنى والدنا منه طابقين بخالص ماله, أعيش أنا الآن ومعي أمي في أحد الطابقين اللذين بناهما أبي بخالص ماله، وأخي الأكبر في الطابق الآخر, والطابقان الآخران بناهما اثنان من إخوتي بمساعدة من والدنا قبل وفاته, كل له طابق منفصل به, ولما توفي والدي حاولنا تقسيم ما تركه كما فرض الله. والسؤال: ما حق أختنا في هذا المنزل والوضع كما سبق بيانه؟ مع العلم بأنه يصعب أن نبني لها طابقًا معنا نخصصه لها في المنزل. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نصيب أختكم (بنت الميت) مثل نصف نصيب الواحد منكم، وليس ذلك من العِمارة فقط بل من جميع ما خلفه والدكم من عقار وغيره، بعد أن يعطى أصحاب الفروض حقهم إن وجد أحد منهم من أب أو أم أو زوجة، ثم يقسم الباقي بينكم للذكر مثل حظ الأنثيين. أما ما كان لوالدكم من عقار وأردتم قسمته وهو لا يقبل الانقسام عليكم، فإنكم تقومونه بقيمته، ثم يشتريه أحدكم، فإن حصل خصومة فتحل عن طريق المحكمة الشرعية، وإذا لم يرغب أحد منكم في شرائه فيباع في السوق، وتقسم قيمته على الورثة كما سبق، ولا يجب على الورثة أن يبنوا لأحد منهم، ولا يكلفون ذلك، بل الواجب قسمته بينهم كما ذكرنا. ولكن يبقى النظر في المال الذي دفعه والدكم إلى اثنين منكم، هل هو قرض أو مساعدة، وكذلك ينظر في الطابقين للإخوة إن كانا لهما وليس لوالدهما فيهما نصيب، فيجب النظر في أصل الأرض هل هي للأب وحده فتكون جميعها من الميراث، فحينئذ يجب أن يدفع الأخوان جزءاً من قيمة الأرض بمقدار نسبة ملكهما من هذا العقار، ولذلك فإن الأحسن لكم مراجعة المحكمة؛ حتى تستطيع النظر في أصل الأرض، وكذلك في حقيقة المال الذي دفعه والدكم لاثنين من أبنائه، وإن لم تستطيعوا مراجعة المحكمة الشرعية فتبينون الأمر كاملاً لأحد طلاب العلم القريبين منكم، أو تبينوه لنا. نسأل الله للجميع التوفيق والسداد.

هل تقدم قسمة التركة على قضاء ديون الميت؟

هل تقدم قسمة التركة على قضاء ديون الميت؟ المجيب بندر بن محمد الرباح عضو الدعوة والإرشاد بالقصيم التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 27/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. توفي زوجي وترك لنا إرثاً وهو مائة ألف ريال، وله خمسة أولاد وبنتان ووالدة، وأنا زوجته، ولكن عليه ديون كثيرة، حيث تبرع أهل الخير بسدادها، إلا أننا لم نوزع الإرث خوفاً من أن يطالبنا أحد بعد ذلك بأي دين، وبالفعل بعد سنة من وفاته جاءنا اثنان كانا قد كفلاه في شراء سيارتين، فهل يتم توزيع الإرث على الورثة أو سداد الدين من هذا المال الموروث؟ حيث إن والدة المتوفي لا تعي شيئاً، وبناتها يطالبن بنصيب والدتهن؟ والآن توفيت الوالدة وتركت إرثاً ورفضن بناتها إعطاء أولادي نصيبهم من إرث جدتهم؛ لقولهن إن نصيبهم هو نفس المبلغ الذي لوالدتنا من إرث المتوفي والد أولادي، فهل يجوز لهن ذلك؟ أرجو إفادتي في هذين السؤالين. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجب عليكم أولاً قضاء الدين الثابت على الميت، ثم تنفيذ الوصية بالثلث فأقل لأجنبي إن كان الميت قد أوصى، ثم بعد الدين والوصية تقسم التركة -إن بقي منها شيء- على الورثة، ويكون نصيب والدة الميت السدس في هذه المسألة، فتعطاه إن كانت على قيد الحياة، وإن كانت ميتة فإنه يجعل مع تركتها، ثم يقسم على ورثتها كلاً حسب فرضه الشرعي، ولا يحق لأحد من ورثة الميت الثاني منع أحد من الورثة من حقه، بحجة أن هذا مقابل حق الميت الثاني من الميت الأول هكذا جزافًا، بل يجب قسمة تركة الميتين على ورثتهما قسمة شرعية، ويأخذ كل واحد من الورثة حقه الشرعي، علما أن أولاد الابن ليس لهم شيء من الميراث في حالة وجود أبناء - ذكور-أحياء للميت. والله أعلم.

التنازل من الميراث ببعض العوض

التنازل من الميراث ببعض العوض المجيب بندر بن محمد الرباح عضو الدعوة والإرشاد بالقصيم التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 28/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. هل يوجد في الشرع شيء اسمه المراضاة في الميراث؟ أي هل يجوز لي أن أدفع لأختي مبلغاً من المال عوضًا عن الأرض مثلاً، علمًا أن هذا المبلغ لا يصل إلى نصف ثمن حصتها من الأرض أو حتى أقل من ذلك، ولكنها قد قبلت بهذا، وأنا أعلم أنها قبلت درءاً لفتنة بيني وبين أبنائها. بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز لك أن تأخذ شيئاً من حق أختك في الميراث ولو كان شيئًا يسيرًا إلا برضاها، أما إن كان بغير رضاها فإن ذلك من الظلم، وهو داخلُ في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "الظلم ظلمات يوم القيامة" رواه البخاري (2447) ، ومسلم (2579) من حديث ابن عمر -رضي الله عنه-، ولو كان ذلك يسيرا كما نبه على ذلك أهل العلم، واحذر أن تمنعها حقها حتى تتنازل لك عن جزء منه، ثم تقول هي أعطتني برضاها، فإن ذلك لا يجوز لك وهو من الظلم كما سبق، بل يجب عليك أن تبين لأختك مقدار نصيبها الشرعي ثم تجعله تحت تصرفها ما دام أنها حرة رشيدة، ثم بعد ذلك لها أن تعطيك ما شاءت من حقها قل أو كثر من غير إكراه لها، وليس لأحد منعها من أن تعطيك أو أن تتنازل لك عن شيء من حقها إذا رغبت ذلك. والله أعلم.

هل من المشروع معاقبة المدمن بحرمانه من الميراث

هل من المشروع معاقبة المدمن بحرمانه من الميراث المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 14/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. فتاة تزوجت رغم أنف أبيها من شاب يتعاطى المخدرات، وفضلته على أهلها، وجعلت الأب يوافق خشية الفضيحة، وقال لها أبوها: لو تزوجت من هذا الشاب لن أدخل بيتك. فوافقت، وقالت: هو أفضل منكم. والآن وبعد مرور أكثر من عشر سنوات لديها ثلاثة أطفال، وزوجها لا يعمل وما زال يتعاطى المخدرات. فهل لأبيها أن يحرمها من الميراث؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يمكن لأبيها أن يحرمها من الميراث؛ لأن الله يقول: (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) [النساء:11] . ويدخل في ذلك الابن البار والعاق على السواء، ولا يستثنى من ذلك إلا الأسباب التي استثناها الدليل، وهي: الرق، والقتل، واختلاف الدين. ومن حكمة الله سبحانه أنه لم يكل توزيع المواريث إلى الناس بل قسمها سبحانه في كتابه، وذلك قطعًا لدابر الشقاق والنزاع والاحتيال والظلم. ومع ذلك فإني أوصي هذه المرأة بأمرين: الأمر الأول: أن ترجع إلى أبيها وأهلها وتصالحهم؛ وذلك لأن عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام من كبائر الذنوب، فالله يقول: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [الإسراء:23] . وقال عز من قائل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد: 22،23] . فعلى هذه الأخت أن تصلح ما فسد، وتحاول أن تطيب خاطر أبيها بكل طريقة ممكنة، ولعل ما أصابها من الابتلاء بهذا الرجل الذي لا يعمل من شؤم هذه المعصية الخطيرة. الأمر الثاني: أن تنصح زوجها بترك هذه السموم، وتعاود معه الكَرَّة مرة بعد أخرى. أسأل الله العلي العظيم أن يؤلف بين قلوبكم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مات قبل الدخول بها فهل تستحق الصداق؟

مات قبل الدخول بها فهل تستحق الصداق؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 26/10/1425هـ السؤال توفي أخي بعد عقد قرانه على امرأة ولم يدخل بها، وقد شُرط عليه مهر عبارة عن قلائد ذهب ومشتريات لم تحدد قيمتها، وأيضًا عشرين ألف ريال من فوت أو موت. هل يحق لها المطالبة بالمهر وكيف يحدد قيمته؟ وهل لها حق في الإرث؟ وجزاك الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أن المتوفى عنها زوجها وإن لم يدخل بها زوجها تستحق كامل المهر إن كان قد فرض لها، وإن لم يفرض لها فلها مهر المثل، ولها الميراث أيضًا وعليها العدة، فقد روى أبو داود (2114) والترمذي (1145) والنسائي (3354) وابن ماجة (1891) ، عن معقل بن سنان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قضى في بروع بنت واشق- وكان زوجها مات ولم يدخل بها، ولم يفرض لها صداقًا- فجعل لها مهر نسائها، لا وَكْسَ ولا شَطَطَ. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. هذا وبناءً على ما سبق نقول: خلاصة الجواب أنه يحق لهذه المرأة المطالبة بالمهر المحدد، وما لم تحدد قيمته من ذهب ومشتريات، كما جاء في السؤال يرجع في تحديده إلى العرف والعادة لما يوضع لمثلها من مثله، هذا ولها الميراث وعليها عدة الوفاة، كما تقدم. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

تنازلت عن نصيبها من الميراث بطيب نفس

تنازلت عن نصيبها من الميراث بطيب نفس المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 30/04/1426هـ السؤال امرأة مات زوجها، وترك أولاداً، وترك لهم بعض المال، وتزوجها عم الأولاد, وتنازلت الجدة عن حقها من ميراث ابنها بطيب خاطر، فهل يجوز للأرملة أن تعطي الجدة شيئاً من هذا المال عرفاناً بجميلها؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. على كل حال الجدة إذا أسقطت نصيبها من الميراث فهذا النصيب يعاد إلى جميع الورثة، فيقسم بينهم حسب ميراث كل واحد منهم إلى الميت، والسائلة لها أن تتبرع للجدة من نصيبها فقط، وليس من نصيب باقي الورثة. والله أعلم.

يمنع إخوته ميراثهم من أبيهم

يمنع إخوته ميراثهم من أبيهم المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 10/03/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: سؤالي: توفي والدنا قبل ثلاثة عشر عامًا، وخلف -رحمه الله- ثروة كبيرة من نقد وعقار، وقد قمنا بتوكيل الأخ الأكبر لجمع الديون وبيع العقار، وطلب نسبة 5% على جمع الدين ووافقنا على ذلك، وقام بتوزيع النقد، أما العقار فحتى الآن يرفض بيعه؛ بحجة أنه أعرف منا، وأن العقار تزداد قيمته بمرور الأيام. رغم إلحاحنا عليه. آمل من فضيلتكم أن تبين لنا الحكم في ذلك. حفظكم الله. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الميت إذا مات فإن ماله ينتقل لورثته، وللورثة كامل التصرف في أموالهم ما داموا راشدين بالغين عاقلين يحسنون التصرف في أموالهم، ولا يجوز لأحد أن يحجر عليهم بأن يمنعهم من التصرف في أموالهم أو بيعها والاستفادة منها، ومثل هذا العمل من هذا الأخ محرم، فلا يجوز له أن يمنع إخوانه حقوقهم من مال مورثهم، ويجب عليه أن يقسم المال بينهم وكل يتصرف في حقه بالبيع أو التوفير أو غير ذلك حسب ما يريد، ومنعه إياهم هذا ظلم والظلم محرم والله -عز وجل- يقول في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا". أخرجه مسلم (2577) . والأدلة على تحريم الظلم كثيرة، فالواجب -كما تقدم- أن يقسم بينهم وكل يتصرف في حقه، وما لا يمكن قسمته فإنه يباع، وتقسم الدراهم فيما بينهم.

تقسيم الأواني عند قسمة التركة

تقسيم الأواني عند قسمة التركة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 08/11/1425هـ السؤال هل يجب عند تقسيم إرث الوالدين أن تقسم الأواني النحاسية والمواد المنزلية الأخرى على الجميع ذكورًا وإناثًا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يجب أن تقسم التركة كلها على الورثة جميعًا، ولا يجوز أن يستأثر أحد منهم بشيء منها ما لم يرض لبقيه، ومثل هذه الأواني لا يمكن قسمتها على الورثة؛ لأنه لا يتأتى ذلك إلا بتكسيرها وفي ذلك إتلاف لها، والطريقة الصحيحة أنه تقوّم ثم يشتريها أحدهم بسعر السوق، أو تباع، ويقسم الثمن على الورثة، وإن تراضوا أن يأخذ كل واحد ما يختاره منها فلا بأس أيضًا. والله أعلم.

قسم ماله على بناته قبل وفاته

قسَّم ماله على بناته قبل وفاته المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 15/05/1426هـ السؤال توفى والدي -رحمه الله- قبل عدة أشهر، ونحن ست بنات، ووالدتي، وليس لنا أخ، وكان والدي قد كتب لي ولأخواتي جزءاً كبيراً مما يملك قبل وفاته بعدة سنوات، وكان في صحَّة جيدة، ولم يُصَب طوال حياته بأي مرض يؤثر على حالته العقلية، فهل يدخل ما كتبه من أملاك في القسمة الشرعية للميراث؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإذا كان الأمر كما وُصِف في السؤال من أن والدكم قد وهبكم جزءاً مما يملك وهو في صحة جيدة وأنجزه، بمعنى أنه لم يجعل التملك وصية بعد الموت، وقبضتم تلك الهبة في حياته فإنه لا يدخل في القسمة الشرعية، ولا يكون ميراثاً؛ لأنه حال وفاته ملك لكم قد استقرّ. وبناءً على ما ذُكر يأتي التفصيل الآتي: (1) لو كان وهب لكم ذلك في مرض موته فيعتبر وصية، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" أخرجه أبو داود (2870) ، والترمذي (2120) ، وابن ماجة (2713) . وقال العلماء -بياناً للحديث-: إنه لا يجوز الوصية للوارث إلا برضا بقية الورثة. ومثل هذا لو كان كتب هذه الأملاك لكم، وجعل ملككم لها بعد موته فهذه هي الوصية، ولا يجوز للوارث إلا برضا الورثة، كما تقدَّم. (2) إذا كان قد وهب لكم ذلك في حال صحته -كما وصفتِ- وأنجز الهبة لكن لم تقبضوا تلك الهبة في حال حياته، فلا تكون حقاً لكم؛ لأن الهبة لا تملك إلا بالقبض، فعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن أبا بكر -رضي الله عنه- نحلها جاذ عشرين وسقاً من مال له بالعالية، فلما مرِض قال: يا بنية ما أحدٌ أحبّ إليّ غنىً بعدي منكِ، ولا أحد أعزّ علىَّ فقراً منكِ وكنت نحلتُك جذاذ عشرين وسقاً، وودت أنك حزتيه أو قبضتيه وهو اليوم مال الوارث أخواك وأختاك، فاقتِسمو على كتاب الله عز وجل" أخرجه الإمام مالك في الموطأ، باب ما لا يجوز من النِّحل من كتاب الأقضية (2/752) ، والبيهقي، في باب شرط القبض في الهبة من السنن الكبرى (6/170/171) . فأما إن كنتم قبضتم ما كتب لكم في حال حياته فهو حينئذٍ ملك لكم، كما تقدم في أول الجواب. والله تعالى أعلم.

توريث الجد مع الإخوة

توريث الجد مع الإخوة المجيب ناصر بن عبد الله الطريري المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 29/03/1426هـ السؤال ما القول الراجح في توريث الجد مع الإخوة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الخلاف في توريث الإخوة مع الجد قديم لعدم ورود نصّ قاطع في هذه المسألة، وللسلف في ذلك قولان: أحدهما: توريث الإخوة مع الجد؛ لأن كلاً منهما يدلي بالأب، وهو قول علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم- وهو مذهب الإمام مالك، والإمام الشافعي- رحمهما الله تعالى- والمشهور عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-. الثاني: جعله أباً فيسقط الإخوة، وهو قول بضعة عشر من الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- منهم أبو بكر الصديق، وابنته عائشة أم المؤمنين، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبو موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وجماعة من التابعين، وهو قول أبي حنيفة وإسحاق بن راهوية والمزني وابن سريج وابن المنذر، وهو رواية عن الإمام أحمد أخذ بها بعض أصحابه، وهو الراجح - إن شاء الله- لأدلة كثيرة لا يتسع المجال هنا لبسطها. والله أعلم، وصلى الله على محمد.

تزوجها ولم يدخل بها فهل ترثه؟

تزوجها ولم يدخل بها فهل ترثه؟ المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 04/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو إحدى قريباتي تسأل عن ورث ابنتها، تزوجت ابنتها من شاب غدر بها، وعلم الأهل بذلك بعد اختفاء البنت، وتمّ الزواج بعدها ولكن ما زالت البنت في بيت أمها ولم ترحل لبيت زوجها بحجة الزوج أنه لا يمكن أخذها لبيت أبيه وأهله، وله زوجة ثانية، والزوج يصرف على زوجته بنفقة شهرية، ولكن لا يختلي بها ولا يراها أبداً، وهو يفضِّل ذلك، مات الزوج بحادث سيارة، وترك خلفه بعض المال وبيتاً. السؤال: هل على الزوجة الثانية عدة وإرث من زوجها؟ مع العلم بأنها لا تسكن معه ولم تعاشره بعد عقد القران وهي مقيمة في بيت أمهاً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان العقد (عقد النكاح) وقع صحيحاً ومستوفياً لأركان وشروط النكاح، فهو عقد صحيح يترتب عليه إرث الزوجة ولا يشترط الدخول أو الخلوة بها؛ فهي زوجة كسائر الزوجات، عليها عدة الوفاة ومراعاة أحكام الإحداد من ترك الزينة والطيب والحلي، وعدم الخروج من بيت أهلها إلا لحاجة ماسة، ولها الصداق كاملاً، ولها الميراث، فتشترك مع زوجته الأولى في الثُمن (ثمن ماله) إن كان له أولاد، وإن لم يكن له أولاد اشتركت مع زوجته في الربع؛ لقوله تعالى: "ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم" [النساء:12] ، والقول بميراثها واستقرار كامل الصداق لها، ووجوب الإحداد والعدة، وإن لم يدخل بها قضاء، قضاه ابن مسعود - رضي الله عنه-وهو الذي وافق فيه قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم- في بروع بنت واشق - رضي الله عنها- أخرجه أبو داود (2114) ، والترمذي (1145) ، وابن ماجه (1891) ، والنسائي (3355) ، فهذا حكم الشرع. والله الموفق، والله أعلم.

قسموا للأنثى مثل حظ الذكر

قسموا للأنثى مثل حظ الذكر المجيب ناصر بن عبد الله الطريري المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 22/03/1426هـ السؤال بالنسبة لتقسيم التركة بعد وفاة الأب، هل يصح للإخوة الذكور القسمة بالتساوي مع الإناث بتراضٍ منهم؟ أم عليهم الالتزام بالقرآن، وإعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأصل في قسمة التركات أن للذكر مثل حظ الأنثيين، أي أن الأنثى تأخذ نصف ميراث الذكر العاصب، لكن في مثل هذه المسألة إذا رضي الذكور بأن يكون للأنثى مثل ميراث الذكر فلا مانع من ذلك؛ لأنه يعتبر تنازلاً من الذكور عن شيء مما يرثونه لأخواتهم، فهو كالهبة، ولا يلزم الالتزام بما ذكر في القرآن؛ لأن هذا نوع تبرع، ولا يمنع في مثل هذه المسألة أن يتنازل الشخص بشيء من نصيبه لأخته؛ لأنه تبرع منه كما ذكر. والله أعلم.

تأخير بعض الورثة قسمة التركة

تأخير بعض الورثة قسمة التركة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 30/07/1426هـ السؤال ما حكم من يؤخر توزيع الميراث على الورثة -وهو واحد منهم- بمعارضته للبيع (قطعة أرض) وذلك لأنه غير محتاج للمال بعكس الآخرين، مع العلم أن الميراث استحق منذ سنوات، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا مات شخص فإن أمواله تنتقل لورثته بمجرد موته، ويشترك الورثة في استحقاق ماله، ومن منع بعض الورثة من حقّه من مال مورثه فهو ظالم غاصب آثم بفعله، عليه أن يتوب من فعله ويبادر إلى إعطاء كل ذي حقّ حقه. قال عليه الصلاة والسلام: "من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوّقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين" أخرجه البخاري (3198) ، ومسلم (1610) . وليس عدم احتياج أحد الورثة للمال عذراً في منع المستحق إذا طالب بحقّه، ويمكن لأي أحد من الورثة أن يتقدَّم للقضاء بطلب بيع عقارات مورثه إن كانت مما لا يمكن قسمته، أو طلب قسمتها إن كانت مما يمكن قسمته كالأراضي الواسعة، وهذا حق له يملك المطالبة به، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

الوصية لغير وارث

الوصية لغير وارث المجيب ناصر بن عبد الله الطريري المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 15/04/1426هـ السؤال هل يجوز أن يوصي الشخص بماله كله لشخص غير وارث؟ وإذا كانت تجوز الوصية فبكم يوصي له؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم إذا كان الشخص له ورثة فلا يصح له أن يوصي بأكثر من الثلث لغير وارث، فإن أوصى بأكثر من الثلث وله ورثة لم تصح، إلا إذا أجاز الورثة الوصية. فإن لم يكن له ورثة فالأمر في هذا واسع، فيوصي بما شاء؛ لعدم المحذور في ذلك. والله أعلم.

معاقبة بعض الأبناء بالحرمان من الميراث!

معاقبة بعض الأبناء بالحرمان من الميراث! المجيب ناصر بن عبد الله الطريري المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً التصنيف الفهرسة/المواريث التاريخ 21/09/1426هـ السؤال أعرف شخصاً حرم بعض أبنائه من الإرث، فأتمنى لو تدلوني على آيات وأحاديث شريفة رادعة لأقرأها عليه لعل الله يهديه. وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فكون الشخص يوصي بحرمان بعض أبنائه من إرثه فلا عبرة بذلك؛ لأن هذا التحريم والمنع صدر من الأب وهو على قيد الحياة، وهذا استباق للأحداث، وما دام الأب والابن كلاهما على قيد الحياة فلا ينفذ ذلك؛ فقد يموت الابن قبل أبيه. وإن مات الأب قبل ابنه فوصيته باطلة لا تنفذ؛ لأنه اعتداء على ما شرعه الله، ولا يملك منعه من الإرث بل يرث، ولو أوصى بمنعه فلا عبرة بوصيته ولاتنفذ؛ لقول الله تعالى: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" [النساء:11] . لكن ينبغي الانتباه إلى الأمر الذي سبَّب الجفوة بين الابن وأبيه، فينبغي التفاهم مع الطرفين والسعي في الإصلاح فيما بينهما من قبل الأقارب والأصدقاء؛ لعل المياه تعود إلى مجاريها، وتزول الجفوة بين الأب وابنه. وفق الله الجميع للخير، وصلى الله على محمد.

ـــــ الدعوة الإسلامية ـــــ

الدعوة الإسلامية

شمول رسالة الإسلام وعمومها

الإسلام والتمييز العرقي المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/شمول رسالة الإسلام وعمومها التاريخ 16/12/1424هـ السؤال شيخنا الكريم: يستشكل البعض الجمع بين ما هو معروف عن الدين الإسلامي من أن الناس سواسية، وأن الإسلام قد أزال وحارب الفرقات العرقية التي يتمايز بها الناس، ولكنه في ذات الوقت يكرس هذا المفهوم في بعض أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك كقوله: "اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة" أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - فهو في هذا الحديث يبين أن مستوى العبد الأسود أقل من مستوى بقية الناس، بدليل قوله وإن تأمر، والذي يدل على استبعاد احتمالية إمارة ذلك العبد الأسود، وأنه ولو تأمر فإن الناس تأنف من إمارته، لذلك حثهم النبي - صلى الله عليه وسلم- على الطاعة، وكذلك وصفه بـ (كأن رأسه زبيبة) يرى فيه بعض الناس أن فيه تعييراً لأصحاب البشرة السوداء، آمل التلطف بإزالة الإشكال. مع دعائي لكم بدوام التوفيق والسداد. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم أقول وبالله التوفيق: لقد جاء تقرير المساواة بين الشعوب والأعراق في قواطع نصوص الكتاب والسنة على أجلى وجه، كما في قوله -تعالى-: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" [الحجرات: 13] وكما في قوله - صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع وفي خطبة أيام التشريق: "يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى". أخرجه الإمام أحمد (22978) بإسناد صحيح. ثم هذه نصوص الكتاب والسنة كلها، لا يوجد فيها تفريق بين الناس في الفروض من الأوامر والنواهي، ولا تمييز بين الشعوب بتحريم حلال أو تحليل حرام على شعب دون شعب، ولم يأت في شيء من نصوص الوحيين أيضاً ما يحكم بالنجاة من عذاب الله -تعالى- لمجرد الانتماء العرقي أو النسبي أو اللوني. بل النصوص واضحة كل الوضوح أن النجاة من عذاب الله والفوز بالجنة لا يكون بغير الإسلام والإيمان، وأن الكافر مخلد في النار ولو كان أعرب العرب، وأقرب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-،وما خبر أبي لهب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن كل مسلم ببعيد، فقد نزلت فيه سورة تذكر مصيره في العذاب المخلد في نار جهنم. أما حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبه"، أخرجه البخاري (7142) من حديث أنس -رضي الله عنه-. فإنه لم يخرج عن المعنى المذكور آنفاً، بل جاء في سياقه نفسه. حيث إنه أمر بترك النعرة الجاهلية التي كان العرب معها يأنفون من أن يتولى الإمرة عليهم عبد من إفريقيا أسود اللون. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم- بطاعته وعدم الخروج عن أمره، وأن يميتوا تلك المعاني الجاهلية في نفوسهم.

فهذا الحديث جاء ليستبدل بالمعنى الجاهلي معنى إسلامياً، فقد جاء ليقضي على التمييز العنصري بناءً على اللون أو العرق الذي كان متأصلاً في قلوب العرب قبل الإسلام. وهو بذلك أبعد ما يكون عما فهمه السائل منه، بظنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- يستخف بالعبد الحبشي، ولذلك ضرب به المثل. هذا الفهم بعيد عن مراده - صلى الله عليه وسلم- كل البعد فهو - صلى الله عليه وسلم- إنما ضرب المثل بمن كان العرب في الجاهلية يتخذونهم رقيقاً مملوكين، لينفي بذلك كل معنى للعنصرية المقيتة بناءً على اللون أو العرق. هذا هو جواب الإشكال الذي وقع في نفس السائل. ومما ينبغي أن يذكر في هذا السياق، مما لا بد من بيانه، ليصح التصور الإسلامي في هذه المسألة على وجه أتم أن ما سبق كله لا ينفي أن للعرب المسلمين فضلاً ثابتاً في النصوص، من جهة خصائص في طباعهم جبلهم الله -تعالى- عليها، ومن جهة أن النبي - صلى الله عليه وسلم- منهم، وأن القرآن نزل بلغتهم، وأنهم أول من حمل راية الإسلام، وأن قبلة المسلمين والحرمين الشريفين في بلادهم، وغير ذلك من الفضائل التي اتفق أهل السنة والجماعة على الإيمان بها والاعتراف بها للعرب المسلمين. ولم يخالف في ذلك إلا الشعوبية، وهم الذين أنكروا فضل العرب، إما لجهلهم بالنصوص الواردة في ذلك، أو حسداً على هذا الفضل الذي خص الله به العرب، دون ظلم لمن سواهم، كما فضل بعض الناس على بعض في الرزق وقوة الأبدان وجمال الصور وطول العمر والذكاء والعقل، وغير ذلك من أقدار الله -تعالى- وعطاياه سبحانه: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم" [الجمعة: 40] . وأعود وأذكر أن هذا لا يعارض ما سبق بأن المنزلة عند الله -تعالى- إنما تنال بالتقوى والعمل الصالح، فلا ينفع العربي نسبه إذا كان كافراً، ولمؤمن غير عربي أحب وأقرب عند الله -تعالى- من عربي فاجر أو كافر أما الفضل الذي خص به العرب السابق ذكره، فهو كسعة الرزق وقوة البدن ونحوها من النعم، التي تكون عوناً على التقوى لمن وفقه الله -تعالى- إلى ذلك، وقد تكون وبالاً على صاحبها إذا كان كافراً أو فاجراً. فذلك الفضل لا ينفع بمجرده، إنما ينفع مع الإسلام والإيمان والعمل الصالح، كما ينتفع المؤمن الغني بماله في الصدقة، وكما ينتفع المؤمن القوي البدن بقوته في الجهاد في سبيل الله -تعالى-. والإيمان بهذا الفضل للعرب الذين جاءت به النصوص من الإيمان بالقضاء والقدر، الذي يستلزم من عبد الله الرضا بالقضاء والتسليم لحكم الله -تعالى-، كما رضي بتفاوت الناس في الأرزاق والأبدان والعقول والأعمار، وخضع في ذلك لخالقه الحكيم العليم -سبحانه وتعالى-. ملأ الله -تعالى- قلوبنا إيماناً به وحباً له ورضا بقضائه. والله أعلم. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

لماذا تفوق الغرب علينا؟

لماذا تفوق الغرب علينا؟ المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/شمول رسالة الإسلام وعمومها التاريخ 1/3/1425هـ السؤال ما سبب تفوق الغرب علينا نحن المسلمين في جميع المجالات من دون استثناء، ونحن نملك القرآن الكريم، وما يحتويه من كنوز لا تعد, هل التقصير منا في فهم القرآن؟ ولماذا نكتفي بالكلام الجميل؛ فباستطاعتنا أن نحلل ونستدل، ونفند، ولكن هل باستطاعتنا أن نجاري الغرب وتطوره في جميع المجالات؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الله - سبحانه وتعالى- جعل سنناً في الكون، ويقول - سبحانه وتعالى-: "من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد" [الإسراء:18] وقال - سبحانه وتعالى-: "من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها" [الشورى:20] فبلاد الغرب أخذت بهذه السنن، سنن الجد والعمل، والعمل الدؤوب، والوسائل العقلانية فاستعملت سنن العمارة الكونية، والعمارة الكونية تقوم على إثارة الأرض؛ كما قال -سبحانه وتعالى-: "وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها" [الروم:9] فإثارة الأرض بالبناء وإثارة الأرض بالتفتيش عن المعادن، بالتفتيش عن المياه، فالعمارة التي تسبقها الإثارة إخراج كنوز الأرض، وكل هذه سنن من قام بهذه السنن يجد نتائجها. المسألة ليست في كون القرآن عندنا، وليست في عدم فهمنا، ولكن في تقصيرنا في العمل بما في القرآن، نحن لا نعمل بما في القرآن، القرآن أمرنا بالعمل؛ "وقل اعملوا" [التوبة:105] ، أمرنا بترك الكسل، أمرنا بإعداد القوة؛ "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" [الأنفال:60] ، فالأوامر القرآنية نحن قصرنا في امتثالها، قصرنا في تطبيقها. فالمسألة واضحة هي مسألة قصور وتقصير، فمن لم يزرع فإنه لا ينتظر الحصاد، لا يمكن أن تنتظر نتيجة بدون مقدمات هذه سنن من سنن الله - تعالى- ومراغمة السنن ليست ممكنة بل هي مستحيلة فهناك أوامر الخالق وسنن الخلق، وهناك سنن الخُلق. صحيح أن الغرب مهمل ومقصر فيما يتعلق بسنن الخُلق، أي في إجابة الدعوة، إذ أنه لا يستجيب لدعوة الله - سبحانه وتعالى- في تعامله وفي معاملاته في علاقته بربه، لكنه في سنن الخلق أي ما يتعلق بجناح العمارة أخذ بها؛ لأن الخلافة الراشدة تقوم على جناحين جناح العمارة الكونية التي تقوم على إثارة الأرض وجناح العمارة الخُلقية التي تقوم على "وجاءتهم رسلهم بالبينات" [الروم:9] ، وهذا كله في آية الروم، "وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات" [الروم:9] فهم لم يؤمنوا بما جاءت به الرسل- عليهم الصلاة والسلام- ولكنهم أثاروا الأرض وعمروها، فالسبب واضح جداً، لا بد من شيء من الجد، لا بد من النظام والانتظام، لا بد من عمل دؤوب، لا بد من حركة إبداعية، وليست بدعية في التعامل مع هذا الكون وبدون هذا لا يمكن أن نعمر الأرض عمارة كاملة، وعمارة راشدة. والله أعلم.

هل الربا ضرورة اقتصادية؟

هل الربا ضرورة اقتصادية؟ المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/شمول رسالة الإسلام وعمومها التاريخ 29/3/1425هـ السؤال أنا طالب مقيم في دولة غربية، وخلال إقامتي ناقشت بعض المسلمين الذين يجعلون العقل هو الحكم في قبول أدلة الشرع، فأخذوا يناقشوني في حرمة الربا وأن الحال الآن في العالم من العولمة والبورصة العالمية تستلزم التعامل بالفوائد، ولقد حاولت تبيين عظم حرمة الربا، ولكن للأسف من غير فائدة، أرجو من سماحتكم توجيهي في طريقة مناقشتهم والكتب التي تنصح في قراءتها لمناقشة مثل هذا الصنف من الناس. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فمن الممكن مناقشة هؤلاء من خلال عدة محاور: الأول: بيان ما يجب على المسلم تجاه النصوص الشرعية من التسليم والانقياد لحكم الله، وأن المؤمن لا يكون مؤمناً حقاً حتى يحكم النصوص الشرعية سواء وافقت عقله القاصر وهواه أو لم توافقه، وأن من مقتضى الإيمان بالله أن يستسلم العبد لحكمه، يقول سبحانه: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما " [النساء:65] . الثاني: على العبد أن يوقن دوماً أن حكم الله فيه غاية المصلحة والخير الدنيوي والأخروي للعباد، وأن العبد إذا ظهر له خلاف ذلك فإنما هو لقصوره البشري؛ لأن الله تعالى هو واضع هذه الأحكام، وهو أدرى بمصالح العباد من أنفسهم، يقول تعالى: "ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون " [المائدة:50] . الثالث: وأما كون النظام السائد في الأسواق العالمية هو نظام الفائدة فهذا لا يعني أنه أفضل من النظام الاقتصادي الإسلامي، لأن انتشار نظام الفائدة كان له أسبابه ومبرراته، ومنها الدعم الكبير الذي حظي به هذا النظام من قبل المؤسسات الرأسمالية وأصحاب النفوذ والسلطة، وهم المستفيد الأول منه، وصاحب ذلك ضعف سياسي عند المسلمين نتج عنه غياب أو انحسار البدائل الشرعية المناسبة، وكون الدول الرأسمالية قد حققت قدراً أكبر من الرفاهية مقارنة بالدول الأخرى لا يرجع ذلك بالضرورة إلى نجاح نظامها الاقتصادي، فثمة عدة عوامل ساعدت على ذلك من أهمها: الاستقرار السياسي، وبناء مؤسسات المجتمع المدني من سلطة تشريعية وقضائية وتنفيذية على نحو تفوقت فيه على كثير من الدول، والأهم من ذلك هو ابتزازها لخيرات الشعوب الأخرى، وتسخيرها لكافة إمكانياتها العسكرية والسياسية والاستخباراتية، لدعم نظامها الاقتصادي، تحت مسميات متعددة، فتارة باسم الاستعمار، وتارة بالضغوط الخارجية، وأحياناً بالحصار الاقتصادي، ومكافحة الإرهاب، وأحياناً بدعوى الإصلاح الإداري..، وقل ما شئت من المسميات التي لا تنطلي على عاقل، ويدرك اللبيب أن المقصود منها هو التضييق على بقية الدول وامتصاص خيراتها وإجهاض أي محاولة لمنافسة الدول الاستعمارية.

الرابع: ولا يخفى على الناظر بتمعن ما سببه النظام الرأسمالي من ويلات ونكبات على الشعوب والمجتمعات، حيث نجد دولاً برمتها تنهار اقتصادياتها في أيام معدودة بسبب الجو الملائم لمثل ذلك الذي أوجده هذا النظام، كما يكفي أن نعرف أن أكثر من نصف سكان الأرض - في ظل النظام الرأسمالي - يعيشون تحت خط الفقر، وأن 5% فقط من العالم تعادل ثروتهم ثروة بقية العالم، بل نجد المؤشرات الاقتصادية داخل الدول الرأسمالية نفسها تشير إلى أن كفة الأغنياء في تصاعد مستمر على حساب الفقراء، ومرد ذلك إلى الآلية التي يسير عليها النظام الرأسمالي والتي من شأنها أن تزيد الغني غنىً والفقير فقرا، فكيف يؤمل بعد ذلك أن يعم الرخاء بسيادة هذا النظام في العالم. الخامس: وقد ظهرت بعض البدائل المتفقة مع االشريعة الإسلامية في العقدين الماضيين في البلدان الغربية نفسها، فظهر ما يعرف ب (صناديق الاستثمار) (Investment funds) وهي في الحقيقة مبنية على نظام المشاركة في الربح والخسارة الذي عرفه الإسلام قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، وقد حققت تلك الصناديق نجاحاً منقطع النظير على حساب نظام الفائدة، مما حدا بكثير من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا إلى أن تجعلها من ضمن الأعمال الأساسية التي تمارسها البنوك التجارية، بعد أن كان مترسخاً في الأذهان لقرون متعددة أن دور المصارف يقتصر على الإقراض بالفوائد، ويكفي أن نعرف أن القيمة السوقية لصناديق الاستثمار في أمريكا وحدها تزيد عن ثلاثة ترليونات دولار، وفي اعتقادي أن صناديق الاستثمار خطوة في الاتجاه الصحيح للتخلص من نظام الفائدة والاعتماد على الاستثمار بنظام الربح المبني على عقد المشاركة. السادس: وإتماماً للفائدة أشير إلى مقارنة سريعة بين نظام الربح المبني على المشاركة، ونظام الفائدة المبني على عقد القرض، فقد جاء تحريم الفائدة الربوية وإباحة الربح في الشريعة الإسلامية، لتحقيق مقاصد عظيمة، ومصالح كبيرة تعود بالخير على البشرية جمعاء، دفعاً للظلم عنهم، وتحقيقاً للعدل بينهم، إلا أن الإنسان ذلك الظلوم الجهول بما يعتري فطرته من الانتكاس والغفلة، لا يتوانى عن الخضوع ذليلاً لكل ما يشرعه أهل الأرض بما تحمله تلك التشريعات من ظلم وجور وطغيان. فالإسلام حين حرم الفائدة فإنما حرمها لما تنطوي عليه من الظلم والفساد بين العباد، وحين أباح الربح فلما فيه من العدل والإصلاح بين الناس، ولنتأمل في بعض الآثار الاقتصادية لكل منهما: 1- فالربح يحقق الأهداف التنموية للبلاد على عكس ما تؤديه الفائدة، ذلك أنه من المعروف أنه فيما عدا بعض القروض التنموية الممنوحة من هيئات متخصصة فإن سوق القروض يعد سوقاً قصير الأجل بمعنى أن المقرضين في الغالب يتحاشون الإقراض طويل الأجل خوفاً من تقلب أسعار الفائدة أو تدني القوة الشرائية للنقود أو التغير في معدلات الصرف. لذلك يبدو التعارض قائماً بين أهداف المقرضين وسلوكهم وبين الحاجة للاستثمار طويل الأجل في معظم المجالات الاقتصادية الحيوية، والتي لا تتحقق إلا باعتبار الربح معياراً للإنتاج.

2- ونظام الربح يضمن تحول رأس المال في المجتمع إلى رأس مال منتج يساهم في المشروعات الصناعية والزراعية وغير ذلك، بينما في نظام الفائدة يودع الناس فائض أموالهم النقدية في البنوك مقابل فائدة منخفضة السعر يقررها البنك لودائعهم، ثم يقوم بتحويل هذه الأموال إلى خارج البلاد واقتضاء فوائد مضمونة عليها، دون أن تشارك هذه الأموال في التنمية الاقتصادية. 3- الربح عامل توزيع للموارد الاقتصادية بخلاف الفائدة التي تعتبر أداة رديئة ومضللة في تخصيص الموارد، وذلك لأن آلية الربح تشجع على توجيه الأموال إلى الاستثمارات الأعلى جدوى والأكثر إدراراً للعائد، بينما تتحيز الفائدة بصفة رئيسية للمشروعات الكبيرة التي تحصل بحجة ملاءتها على قروض أكبر بسعر فائدة أقل، بصرف النظر عن إنتاجيتها، مما يساعد على تركيز الثروات في أيدي قلة قليلة من المرابين. 4- ولأن الربح ناتج عن ارتباط المال بالعمل فالتدفقات النقدية التي تتحقق وفقاً لهذا النظام مرتبطة بتدفقات مقابلة من السلع والخدمات الضرورية للمجتمع، وذلك بخلاف نظام الفائدة حيث تنطوي عمليات منح الائتمان في المصارف التقليدية على زيادة كمية النقود المعروضة بما يسمح بمزيد من الضغوط التضخميه. 5 - أن البنوك في استغلالها للودائع بنظام الفائدة إنما تخلق نقوداً مصطنعة هي ما يسمونه بالائتمان التجاري، وهي بهذا تغتصب وظيفة الدولة المشروعة في خلق النقود بما يحف هذه الوظيفة من مسئوليات، ولا ينفرد بهذا الرأي علماء المسلمين بل قد أجمع كثير من علماء الاقتصاد في الغرب على أن الائتمان الذي تقدمه البنوك سواء كان في قروض الاستهلاك أو الانتاج من شأنه أن يزعزع النظام الاقتصادي لأن التعامل في البلاد الرأسمالية لم يعد بالذهب أو بالفضة أو بأوراق النقد إلا في القليل النادر، أما أكثر التعامل فيجرى بالشيكات، والثابت بحكم الواقع أن البنوك تميل في أوقات الرخاء إلى التوسع في الإقراض بفتح الاعتمادات التي تربو على رصيدها أضعافاً مضاعفه، وميلها في أوقات الركود إلى الإحجام عنه وإرغام المقترضين على السداد، فهذا البسط والقبض الذي تتحكم فيه إرادة القائمين على المصارف الربوية هو من أهم العوامل التي تهز الكيان الاقتصادي ويفضي إلى تتابع الأزمات. 6- ولا ينقضي عجب الإنسان حين نعلم أن من علماء المسلمين المتقدمين من تحدث عن الأضرار الاقتصادية للربا وكأنما هو يصف حالة التخبط التي يعيشها العالم الاقتصادي اليوم: فيقول الإمام الغزالي رحمه الله: (إنما حرم الربا من حيث إنه يمنع الناس من الاشتغال بالمكاسب وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة الربا من تحصيل درهم زائد نقداً أو آجلاً خف عليه اكتساب المعيشة فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعة وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والصناعة والإعمار) .

ويتحدث ابن القيم - رحمه الله - عن الضرر الناشئ عند الاسترباح بالنقود وحكمة تحريم ربا الفضل فيقول: (والثمن هو المعيار الذي يعرف به تقويم الأموال، فيجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات بل الجميع سلع، وحاجة الناس إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة، وذلك لا يمكن إلا بسعر تعرف به القيمة وذلك لا يكون إلا بثمن تقوم به الأشياء ويستمر على حالة واحدة، ولا يقوم هو بغيره إذ يصير سلعة يرتفع، وينخفض فتفسد معاملات الناس، ويقع الحلف ويشتد الضرر كما رأيت حد فساد معاملاتهم، والضرر اللاحق بهم حين اتخذت الفلوس سلعة تعد للربح فعم الضرر وحصل الظلم، فالأثمان لا تقصد لأعيانها بل يقصد منها التوصل إلى السلع، فإذا صارت في نفسها سلعة تقصد لأعيانها فسد أمر الناس) . وفي تفسير المنار: (وثم وجه آخر لتحريم الربا من دون البيع، وهو أن النقدين إنما وضعا ليكونا ميزاناً لتقدير قيم الأشياء التي ينتفع بها الناس في معايشهم فإذا تحول هذا وصار النقد مقصوداً بالاستغلال فإن هذا يؤدي إلى انتزاع الثروة من أيدي أكثر الناس، وحصرها في أيدي الذين يجعلون أعمالهم قاصرة على استغلال المال بالمال) . وختاماً فهذه بعض أسماء الكتب المفيدة في الموضوع: 1- نحو نظام نقدي عادل، للدكتور: محمد عمر شبابرا، وهو من مطبوعات المعهد العالمي للفكر الإسلامي، وهذا المعهد موجود عندكم في أمريكا، وعنوانه على الشبكة العالمية هو: http://www.iiit.org 2- موسوعة الاقتصاد الإسلامي للدكتور / محمد عبد المنعم جمال 3- بالإضافة إلى عدد من المطبوعات لدى معهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا، وهو موجود في ولاية فرجينيا، وعنوانه على الشبكة العالمية: www.iiasa.org وبإمكانك الاتصال بهم على الرقم: 7032073901 وسيقومون بإذن الله بتزويدك بما تحتاج إليه من كتب.

دعوة المسلمين ومنع غيرهم

دعوة المسلمين ومنع غيرهم المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/شمول رسالة الإسلام وعمومها التاريخ 18/01/1426هـ السؤال لماذا يمنع أهل الأديان الأخرى من الدعوة إلى دينهم في البلدان الإسلامية, بينما يسمح للمسلمين بالدعوة إلى الإسلام في البلاد الغربية؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الإسلام لا يدعو إلى اتباع فرد بعينه، بل يدعو الناس جميعاً إلى الإيمان بخالق هذا الكون، واتباع تعاليمه التي جاء بها محمد عليه الصلاة السلام، ويوجب على أتباعه أن يؤمنوا بموسى وعيسى وسائر الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام-، مع وجوب إيمانهم بالتوراة والإنجيل الموحى بهما إلى موسى وعيسى عليهما السلام. وأما غير المسلمين فإن أساس دعوتهم الكفر بعيسى ومحمد-صلى الله عليه وسلم- إن كان الداعي يهودياً، والكفر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وتكذيبه، وإنكار كتابه إن كان الداعي نصرانياً. علماً بأن الإسلام أثبت لموسى وعيسى -عليهما السلام- كل فضل وصفة محمودة، وخلق كريم، ونفى عنهما كل مذمة أو عيب، بينما يلصق اليهود بعيسى ومحمد-صلى الله عليه وسلم- كل نقيصة ومثلبة، ويلصق النصارى بمحمد -عليه الصلاة والسلام- كل مذمة، فكيف نأذن بنشر الفساد العقدي في ديار الإسلام، إن لكل دولة قانون سيادة، وإن قانون السيادة في الدولة الإسلامية توحيد الله والإيمان بسائر الرسل، والتسليم بأصول الكتب السابقة وبهيمنة القرآن عليها؛ فاتباع غير المسلم للإسلام فيه إضافة وتصحيح عقدي له، واتباع المسلم لغير الإسلام فيه كفر بدينه واتباع لعقائد فاسدة وباطلة. والله أعلم.

أهمية الدعوة وفضلها

الإشراف على الحلقات أم تعلم العلم؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/أهمية الدعوة وفضلها التاريخ 13/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا- ولله الحمد- مشرف على حلقات قرآن ومجموعة الشباب بالمرحلة المتوسطة والثانوية، وفي الواقع أن هذا العمل يأخذ كل وقتي، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل الأفضل أن أتفرغ لطلب العلم وللتحصيل العلمي، أم أن أستمر على وضعي هذا؟ علمًا بأنه من الصعب التوفيق بينهما. والله ولي التوفيق. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم: أُهنئك من أعماق قلبي على جهودك الدعوية المخلصة، واحتضانك النبيل لأولئك البراعم الشابة من طلاب المدارس المتوسطة والثانوية، ولا ريب أنَّ عملك المبارك هو اقتداء شريف، وامتداد عظيم لأفعال الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- فقد كانوا دعاة إلى الله، وأنفقوا أعمارهم، واستنفدوا أوقاتهم كلها في دعوة الناس وتربيتهم، أليس نوح- عليه السلام- يقول: (رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا) ؟ [نوح:5] . ألم تكن هذه حاله طيلة عشرة قرون من الزمان إلا قليلاً؛ (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا) [العنكبوت:14] . وأنت يا أخي، لا تستكثر على هؤلاء الشباب ما تبذله من جهد، وما تنفقه من وقت؛ فـ "لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً واحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ". فكيف إذا اهتدى على يديك العشرات والمئات؟ ثم لمن تترك هؤلاء الشباب؟ أتتركهم لقرناء السوء، أم للقنوات والدشوش، أم للمقاهي والأسواق؟! وإنها والله لمكيدة شيطانية، ووسوسة إبليسية تلك التي من خلالها يحاول اللعين إيقاعك بها، واستدراجك إليها، فقد رأى إبليس الخبيث أثر نعمة الله عليك، وأثر دعوتك على شباب الحلق فغاظه ذلك وكدّره، فأراد صرفك عنهم، والحيلولة بينك وبينهم تحت غطاء طلب العلم، فاحذر كيده- يرحمك الله- واعلم بأن طِلاَبَ العلم مع الدعوة والتوجيه ممكن ميسور متى نظَّمت وقتك، وجعلت ضمن برنامج توجيه طُلاَّب الحلق مدارسة لبعض الكتب، وسماع بعض الأشرطة، أو حضور درس لدى شيخ عالم عامل، ودعوى استحالة الجمع بين العلم والدعوة لا حظ لها من الموضوعية والواقعية، فبالجد والتصميم والمثابرة تنال الآمال الكبار. وفقك ربي وأعانك.

وسائل الدعوة وأهدافها

وسائل لمحاربة الإعلام الفاسد المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 10/8/1422 السؤال لدي بعض الخطط الخاصة والتكتيكات للمناورة مع الإعلام المسلط وبحث خفاياه وتوريطه بأسلوب خاص، وخصوصاً الجرائد والمجلات: مثل خضراء الدمن والممات، فما هي أفضل وسيلة لاستخدام مثل هذا؟ الجواب جواباً على الأخت السائلة التي تكرمت بعدة أسئلة في مجال الإعلام مما يدل على اهتمامها وفقنا الله وإياها لكل خير. ورد في سؤالها ما نصه: لدي بعض الخطط الخاصة والتكتيكات للمناورة مع الإعلام المسلّط وبحث خفاياه وتوريطه بأسلوب خاص وخصوصاً الجرائد والمجلات. . . فما هي أفضل وسيلة لاستخدام مثل هذا؟ والجواب: إن الأولى السؤال عن جدوى الخطط والتكتيكات والمناورات والتوريط وهل هذا مقبول أم لا؟ أعتقد أن باعث السائلة على تلك الوسائل فضح بعض وسائل الإعلام المغرضة، وتحذير الناس منها، وهذا هدف نبيل نبه القرآن الكريم عليه في قوله - تعالى -: ((وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين)) [الأنعام: 55] . ولكن نبل الهدف لا يسوّغ الوسائل الموصلة إليه، ومن الممكن تحقيقه بغير التوريط والمناورة. . , وإذا كان التكتيك والمبادرة والتوريط قد يحقق هذا الهدف ولكنه يفوت هدفاً أهم وهو التأثير الإيجابي على العاملين في تلك الوسائل، سواء بإقامة الحجة عليهم أو هدايتهم للحق. وأفضل وسيلة لتحقيق تلك الأهداف من إظهار الحق وبيان ضلال تلك الوسائل وتحيزها هو الدراسة الموضوعية لعدة أعداد (سنة مثلاً) دراسة استقرائية تحليلية لما ورد فيها، وبالإمكان أخذ قضايا معينة، مثل قضايا الجهاد أو قضية فلسطين أو الحجاب أو المرأة أو غير ذلك. وتلك الدراسة تحتاج إلى باحث موضوعي منصف، فكما أنه يظهر الزيف والباطل في تلك الصحيفة فعليه أن يكون مستعداً لإبداء الأمور الإيجابية، وهذا من العدل الذي أمر الله به (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) [المائدة:8] . وعندئذ سيقبل كلامه وسيؤثر على الآخرين ويبين الحقيقة، كما سيوجب على تلك الوسائل تعديل طريقتها ومراجعة أمرها خوفاً من فقد جمهورها وانكشاف حالها. ونأمل من السائلة أن تكون قادرة على ذلك ونشكرها على سؤالها، سائلين الله - عز وجل - لنا ولها التوفيق والسداد.

وسائل هداية النصارى

وسائل هداية النصارى المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 3/1/1425هـ السؤال ما هي الوسائل لهداية النصارى للإسلام؟ وذلك لأن جامعتي فيها الكثير من النصارى، وتعرفت على بعض منهم. الجواب من المناسب عند دعوة فئة أو شخص أو مجتمع أن يعرف الداعي إلى الله أقرب الطرق الموصلة إلى هداية الأقوام، وهي بمثابة المفاتيح التي يدخل من خلالها الداعية إلى قلوب الآخرين، ومن ذلك أن النصارى فيهم ميل إلى اللطف، والرقة، والحب، والتسامح، والعدل، والإحسان، وخاصة بعض أهل التدين، وعلى الخصوص الذين لم يتأثروا باليهود ممن عرفوا أخيراً بالنصارى المتصهينيين. وعلى كل حال فيمكن لكل مسلم داع إلى الله أن يبين لهؤلاء سماحة الإسلام، وعدله، وإحسانه، وشمولية تعليماته للجانب الروحي والنفسي، والعقلي، والعملي للإنسان، وتحقيق أحكامه للمصالح والمنافع والملذات الدنيوية والأخروية. كما يمكن استعمال وسيلة الإقناع العقلي، والإشباع العاطفي، مع شيء من الممارسات العملية كالهدايا، والزيارات، والمواساة، ونحو ذلك من الأعمال المشروعة، التي يهدف الداعي من خلالها إلى هداية الآخرين وإرشادهم إلى ما فيه نجاتهم في الدنيا والآخرة.

دعوة غير المسلمين إلى الإسلام

دعوة غير المسلمين إلى الإسلام المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 24/1/1424هـ السؤال ما كيفية دعوة الغير إلى الإسلام؟ أو بمعنى آخر: ما هي النقاط الأولية لدعوة الغير للإسلام خاصة؟ وإن كان من غير أهل الكتاب (هندوسي) . الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: الدعوة إلى الإسلام يحتاج فيها إلى عدة أمور: أولاً: المعرفة بالعقيدة الإسلامية من الإيمان بالله وما يتضمنه ذلك من توحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، والإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر. ومن ثم الدعوة إلى هذه العقيدة العظيمة، وهي عقيدة فطرية بسيطة لا لبس فيها ولا تعقيد. وهي ما دعا إليه جميع الأنبياء والرسل من عبادة الله وحده لا شريك له، دون وسائط، وأن الله بعث محمداً رحمة للعالمين. ثانياً: معرفة حال المدعو وما لديه من عقائد وأفكار، حيث تفرز تلك العقائد إلى قسمين: قسم موافق للإسلام فيتعين عليه، وقسم مخالف فيتعين بطلانه بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، ومعرفة ما يميل إليه فيحبب إليه الإيمان بكل طريق. ويجب في الدعوة مراعاة حال المدعوين، حيث تختلف الدعوة وتتنوع بحسب ثقافة المخاطب، فبعضهم يحتاج معه إلى شرح وبيان، والبعض الآخر يكفي مع شرح أصول الإيمان، والإجابة على من عنده أفكار، وتفنيد الباطل في ديانته كالتناسخ والطبقية في الهندوسية. والبعض الآخر يحتاج إلى الإسلام وبيان محاسنه، وأنه دين الله إلى العالم، وأنه دين المساواة والعدل والمحبة والسلام، وأنه دين الرحمة والإحسان إلى الخلق، وأنه يأمر بكل معروف وينهى عن كل منكر. ولا يحتاج معه إلى غيره. وأفضل مؤلف في ذلك كتاب (مبادئ الإسلام) لأبي الأعلى المودودي رحمه الله، وهو مترجم إلى الهندية، وإذا كان السائل لديه رغبة في الاطلاع على أديان الهند لا سيما الهندوسية فإن أفضل مؤلف في ذلك كتاب (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة) للبيروني، وهناك كتب حديثة أخرى (كأديان الهند) لأحمد شلبي، و (الموسوعة الميسرة للأديان والمذاهب المعاصرة) للندوة العالمية للشباب الإسلامي، وهي موسوعة مهمة لكل داعية. وفق الله السائل لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على نبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التعامل مع الكفار أثناء العمل

التعامل مع الكفار أثناء العمل المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين - رحمه الله - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 7/7/1423هـ السؤال أنا أعمل في مستشفى، ويعمل معنا كفار من نصارى وهندوس، ما الطريقة المثلى لدعوتهم إلى الإسلام؟ وهل آثم إذا تبسمت في وجوههم ورديت عليهم السلام؟ وكذلك يعمل معنا نساء متبرجات كيف أنصحهن وأنكر عليهن؟ وجزاكم الله خيرا. الجواب أولاً: الطريقة المثلى تندرج تحت قوله -تعالى-:"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" [العنكبوت: 69] ، "إن عليك إلا البلاغ" [الشورى: 48] ، "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" [البقرة: 272] . ثانياً: التعريف بالإسلام عن طريق الكتب المترجمة للغاتهم. ثالثاً: القدوة الحسنة في التعامل. رابعاً: الدعاء لهم بظهر الغيب بأن يهديهم الله. خامساً: عدم البدء بلفظ السلام، وإذا سلم أحدكم فيرد عليه بقول: وعليكم، أو تبدأ معهم بقولك لهم: كيف أصبحتم؟ كيف حالكم؟ سادساً: البدء بالأولويات وهي العقيدة أولاً، حيث ينبغي تقريبها لأذهانهم قبل مسألة التبرج.

قراءة القرآن والدعاء لأمريكا

قراءة القرآن والدعاء لأمريكا المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 3/8/1424هـ السؤال أنا شاب عربي مسلم أعيش بولاية تكساس الأمريكية، وسؤالي هو كالتالي: لقد ذهب مسؤولو المنطقة التي أعيش فيها لحضور حفل افتتاح البرلمان المحلي لولاية تكساس، وقام أحد الزملاء بقراءة آيات من القرآن وبعض الأدعية للدولة الأمريكية، فكالعادة اعترض البعض وأيد البعض هذا التصرف، فما رأي الشرع بهذه المسألة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب قراءة القرآن مشروعة، وإسماعه لمن يظن به الإفادة منه كذلك، وقد كان النبي - عليه الصلاة والسلام -يقرؤه على المشركين، ومن ذلك قراءته -عليه السلام- لسورة فصلت على عتبة بن ربيعة وكان مشركاً. انظر ما رواه أبو يعلي في مسنده (1818) ، والدعاء للكافر لا بأس به، ولكن يدعى له بما يناسبه، فلا يدعى له بالنصر والتمكين، أو بالدرجات العلى من الجنة، وإنما يدعى له بالهداية، والصلاح، ونحو ذلك. وعلى هذا فإن كانت قراءة القرآن من هذا القبيل، ووجد من ينتفع بها من المسلمين فلا بأس بذلك، أما إن كانت القراءة لمجرد طقوس الاحتفال أو ما يسمى بـ (البروتوكول) من غير أن يوجد من ينتفع بها من المسلمين ومن غيرهم من الحضور فإنها لا تجوز، وكذلك الدعاء على ما تقدم.

إقناع من يرى تعارضا في النصوص

إقناع من يرى تعارضاً في النصوص المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 30/4/1424هـ السؤال كيف أرد على من يقول: صحيح أن النقل مقدم على العقل ولكن ليس كل تفسير للنقل هو المقصود، ويقول على سبيل المثال أثبت لي أن المقصود بلهو الحديث في القرآن معناه عند الله الغناء، وقلت إن ابن مسعود - رضي الله عنه- أقسم أنه الغناء، قال كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويرى أننا لو أخذنا بكل ما يقول العلماء واستسلمنا له كتحريم إدخال الدش للبيت فإننا سنعود للوراء، ولا يمكن أن يقتنع بحرمة السفر للدول الكافرة من أجل السياحة، وإذا استشهدت بحديث "أنا بريء ممن يعيش بين ظهراني المشركين" قال: أكيد أن له مناسبة خاصة ولا أعتقد أن تفسيره يعني تحريم السفر لبلادهم، ويرى التسهيل وعدم التشدد، ولا يقتنع أحياناً بحرمة بعض الأشياء التي انغمس الناس فيها وأصبحت عادة، ولا سيما إذا كان المجتمع عنده أن الأمر عادي وليس بمحرم، ودائماً يكرر قد يكون هناك أقوال أخرى للعلماء وتفسيرات أخرى للأدلة فلا تجبرونا على الأخذ بما يرويه علماؤنا في السعودية فقط، كالحجاب وقيادة المرأة للسيارة، والاحتفال بمولد الرسول - صلى الله عليه وسلم -مع أنه لا يفعل ذلك ولا يحبه، وعلى هذا قس الرجل محب للخير يتضايق عندما يهاجم الصالحون عبر وسائل الإعلام، يؤمن بأن النقل يجب أن يقدم على العقل، ذكي وعقليته فذة، مجتهد، ومخلص في أداء عمله، صاحب خلق عال. الرجل يقبل الحوار، وعجزت أن أقنعه فأرجو الإجابة الشافية. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: أولاً: من الأمور المسلمة عند أهل العلم أنه لا يمكن ولا يتصور أن يتعارض النقل الصحيح مع العقل الصريح؛ لأن العقول الراجحة تؤيد ما جاء في الشريعة من أحكام، وتنقاد لها مسلمة راضية بذلك، كما أن من المقرر عندهم كذلك أنه إذا حصل عند الإنسان تعارض بينهما أن هذا التعارض في نظر الإنسان وليس في نفس الأمر وحقيقته، وإذا حصل عند الإنسان هذا التعارض فإن النقل مقدم على العقل؛ لأن النقل لا يعتريه ما يعتري العقل من الأهواء والآفات والأمراض.

ثانياً: كثير من الأدلة الشرعية الواردة في الكتاب والسنة لم تأتِ لبيان وقائع محددة تبين حكمها من جميع الجوانب، وإنما جاءت متصفةً بالعموم والإطلاق؛ ليدخل تحتها ما لا يحصى من الوقائع والحوادث - ما كان منها موجوداً وقت نزول الوحي، وما استجد منها بعد ذلك - وهذه الأدلة لا يتيسر لكل الناس تحديد المراد منها، ولا معرفة ما يدخل فيها من الحوادث وما يخرج عنها؛ لأن هذه الأدلة -كما سبق ذكره- متصفة بالعموم والإطلاق وما إلى ذلك، وإنما يفهم المراد منها وما يدخل تحتها وما يخرج عنها أهل العلم الذين أخذوا منه بحظٍ وافر، ولو جعل الأمر لأفهام الناس عموماً لحصل التناقض والتضاد في شريعة رب العالمين؛ لأن كل إنسان يفسر النصوص حسب فهمه القاصر، وبناءً على إدراكه الناقص، وهذا باطل؛ لأن ذلك قدح في شرع الله، وقد نزه الله شرعه عن أن يكون كذلك.

ثالثاً: إذا تقرر أن أهل العلم هم الذين يبينون المراد بالأدلة الشرعية التي تحتاج إلى تفسير وإيضاح وبيان، فيجب على الناس قبول قولهم، ولا يجوز لهم العدول عنه إلا إذا كان الإنسان أهلاً للاجتهاد، فيأخذ بالقول الذي أداه إليه اجتهاده، أما من لم يكن من أهل الاجتهاد والنظر فإنه يحرم عليه الانفراد برأيه، ويجب عليه سؤال أهل العلم، استجابةً لقوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" [النحل: 43] . ولذلك فإن الواجب علينا أن نفهم النصوص الشرعية كما فهمها سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - ومن سار على طريقتهم، ومن ذلك تفسير ابن مسعود -رضي الله عنه- لقوله تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله" [لقمان: 6] حيث قال -رضي الله عنه-: إن لهو الحديث هو الغناء، فتكون هذه الآية دالةً على تحريم الغناء. وليس من الصحيح أن يأتي إنسان ليس من أهل العلم ويقول: لا نأخذ بكلام ابن مسعود - رضي الله عنه- لأن كل الناس يؤخذ من كلامه ويرد إلا الرسول -صلى الله عليه وسلم -؛ لأن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن المقرر عند أهل العلم أن لقول الصحابي حظه من الحجية على اختلاف بينهم، لكن قول الصحابي فيما لا مدخل للرأي فيه كتفسير ابن مسعود - رضي الله عنه- للهو الحديث معتبر عند أكثر العلماء؛ لأنهم يعطونه حكم الرفع، فالصحابي لم يتكلم في مسألة لا مدخل للرأي فيها إلا لكونه سمع ما قاله من الرسول - صلى الله عليه وسلم - ; أما الاستدلال بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه أبو داود (2645) والترمذي (1604) والنسائي (4780) "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين " على تحريم السفر إلى بلاد الكفر من أجل السياحة فهو استدلالٌ قوي؛ لأن تبرؤ الرسول- صلى الله عليه وسلم - من أي فعل يدل على تحريمه، أما ما تنقله عن صاحبك من قوله:" أكيد أن له مناسبة خاصة ولا أعتقد أن تفسيره يعني تحريم السفر لبلادهم"، فهذا كلام باطلٌ، وهو صادرٌ من إنسان جاهل؛ لأن هذا الكلام خطير قد يؤدي إلى إبطال جميع الأدلة الشرعية بحجة أنه قد يكون المقصود منها خلاف ما هو ظاهر منها، والكلام في الأدلة الشرعية لا يكون مبنياً على الاحتمالات والأوهام - كما هو فعل صاحبك - وإنما يكون مبنياً على العلم المسبق والمعرفة المتيقنة أو المظنونة ظناً غالباً. رابعاً: المرجع في بيان الأحكام الشرعية هو الأدلة الشرعية المعتبرة من الكتاب والسنة وما يُلحق بذلك كالإجماع والقياس وقول الصحابي ……إلخ، أما كون ذلك الحكم يساير العصر أو يوافق ما عليه حال الناس والمجتمعات فهذا لا أثر له ولا اعتبار له البتة، بل ما دلت عليه الأدلة الشرعية هو المعتبر سواءً وافق العصر وسايره أم خالفه، ولو كان الحاكم في هذا الأمر هو حياة الناس فما وافقها أخذنا به وما خالفها رددناه لما كان هناك تكليفُ ولا ابتلاء ولا امتحان، والله - سبحانه وتعالى- قد كلفنا بهذه الأحكام وابتلانا ليعلم المؤمن المتبع من الكافر المعاند.

خامساً: هذه الشريعة مبنية على التيسير والتسهيل في أحكامها وتشريعاتها، قال تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج: 78] وقال تعالى: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة: 185] ، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -;:" إن الدين يسرٌ ولن يشادّ الدين أحدٌ إلا غلبه" رواه البخاري (39) ومسلم (2816) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-.وليس المقصود من هذه النصوص وأمثالها أن جميع الأحكام والتكاليف الشرعية يجب أن تكون يسيرة وسهلة في نظر الإنسان، وإنما المقصود أن تكاليف هذا الدين كلها في حدود قدرة المكلف، ولا يترتب على أدائها ضررٌ في نفسه أو ماله، أو مشقةٌ فادحة تعود على الإنسان بكراهية ما أُمر به أو بالانقطاع عنه وعدم العودة إليه. سادساً: من رحمة الله بعباده أن جعل منهم علماء يبينون للناس ما يحتاجون إليه من أمور دينهم، ويوضحون لهم ما أشكل عليهم فهمه من النصوص الشرعية، وتعبد الله الناس عموماً بالرجوع إلى العلماء، وأوجب على من لم يكن من أهل العلم أن يسأل العلماء أينما كانوا وحيثما وجدوا، سواءٌ أكان العلماء في هذا البلد أم في غيره من البلاد، ولكن المهم جداً أن يثبت أن هذا الإنسان عالمٌ بأحكام الشرع، فإذا ثبت ذلك أصبح من أهل العلم الذين يرجع الناس إليهم ويعملون بفتواهم، ولا يتحدد ذلك بزمن محدد أو مكان معين. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الدعوة عبر الإنترنت

الدعوة عبر الإنترنت المجيب د. صالح بن حسن المبعوث عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى وعميد شؤون الطلاب بالجامعة التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 9/5/1424هـ السؤال أنا أدير ساحة حوار لغير المسلمين على الإنترنت، وبفضل الله أسلم عن طريقها عشرات، ولكن يمر علي أناس من غير المسلمين لأول مرة يسمعون عن الإسلام ويقبلون المعلومات الأساسية للإسلام، فأنطقهم بالشهادة وأعطيهم بريد الموقع وآخذ البريد لمراسلتهم ضمن المجموعة، فهل تنفعهم هذه الشهادة التي قالوها؟ وهل فعلي صحيح من عرض الشهادة عليهم بدون سؤالهم الدخول في الإسلام؟ نظراً لأن ذلك فيه صعوبة، وصدمة من البداية لإنسان لا يعرف شيئاً عن الإسلام. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: هذا العمل الذي يقوم به السائل هو أسلوب من أساليب الدعوة الحديثة التي اقتضاها العصر، ونفعه عظيم بإذن الله، وفاعله له من الأجر مثل أي داعية في أي مجال آخر، ويكفيه فخراً قول الله تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [فصلت:33] ، وفعل السائل مع أولئك القوم من عرضه الإسلام عليهم فعلٌُ صحيح، ولا أرى أن فيه صعوبة ولا صدمة كما توجس السائل، بل فيه رحمة بهم وإحسان إليهم، لكون السائل حرص على إنقاذهم من النار، ومن عبادة غير الله إلى عبادة الله وحده، أما كون نطق الشهادة ينفعهم إذا نطقوها فجوابه نعم ينفعهم إذا فهموا معناها، يدل على ذلك قصة الكافر الذي كان يقاتل أهل الإسلام في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أدرك أنه يمكن أن يقتل قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فقتله أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - بعد أن قالها، فأنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: "أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله"، وقال أسامة: إنما قالها تعوذاً، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرر مع أسامة -رضي الله عنه- إنكاره لذلك الفعل حتى شعر أسامة رضي الله عنه- بالندم فقال: حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. رواه البخاري (4269) ، ومسلم (96) من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- فهذا يدل على أن الشهادة تنفع قائلها، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لعمه: "يا عم قل: لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله"، فلم يقلها رواه البخاري (1360) ، ومسلم (24) من حديث المسيب بن حزن -رضي الله عنه-، وبالله التوفيق.

اتخاذ أمير في الاعتكاف

اتخاذ أمير في الاعتكاف المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 1/9/1424هـ السؤال اعتدنا أثناء اعتكافنا في شهر رمضان الكريم في العشر الأواخر منه أن ننتخب أميراً لنا، ينظم لنا برنامجاً معينا للاستغلال الأمثل لهذه العشر الأواخر، حيث يتضمن البرنامج القرآن الكريم وصلاة التهجد ودروساً ومحاضرات. والسؤال هو: ما حكم الشرع في اتخاذ أمير وبرنامج محدد للاعتكاف؟ الجواب ليس في هذا حرج إذا كان مقصودكم هو مجرد تنظيم الوقت واستثماره فيما ينفع ويفيد، واستقطاب أهل العلم لإلقاء الدروس والمحاضرات، وتعويد الشباب على كيفية الاستفادة من أوقاتهم، ومرادكم بالأمير هو من يشرف على هذا البرنامج، ويرتب لكم الدروس والمحاضرات، فهذا يدخل في قول الله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى" [المائدة: من الآية2] ، على أنه يجب أن يكون هذا منضبطاً بالوجه الشرعي الذي لا يتضمن بدعة كالذكر الجماعي، ونحو ذلك مما يفعله بعض المبتدعة.

التبرع لجمعيات غير إسلامية

التبرع لجمعيات غير إسلامية المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 01/08/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: نحن طلبة مبتعثون إلى إحدى الدول الغربية، وقائمون على جمعية إسلامية في الجامعة التي ندرس بها، ويتوفر لدى عدد من المسلمين الموجودين في المدينة (عددهم محدود) ملابس وحاجيات مختلفة للتبرع، ولا يوجد في مدينتنا من هو مستحق لها من المسلمين، وقد اتصلنا بعدد من الجمعيات الإسلامية في المدن الأخرى، ولم يتمكنوا من الحضور إلينا، وأيضًا من تجربة سابقة فإن إرسال هذه الملابس والحاجيات إلى المدن التي فيها تجمعات إسلامية مكلف جدًّا، ولاتوفي بقيمتها المادية، والإخوة هنا يسألون فضيلتكم: هل يجوز التبرع بها للجمعيات غير الإسلامية، وبالأخص جمعية مرض السرطان بالمدينة؟ وذلك لتعذر توصيلها لمن هو يستحقها من المسلمين. أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يجوز أن تدفع هذه الأشياء إلى من يحتاجها من غير المسلمين؛ فقد جاء في الحديث: "في كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". أخرجه البخاري (2466) ومسلم (2244) . والأجر في كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًاوَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) ] الإنسان:8 [. ومعلوم أن الأسير في هذه الآية هو الأسير غير المسلم، ومع ذلك فالله سبحانه وتعالى امتدح هؤلاء بأنهم يطعمون الأسير، حتى وإن كان غير مسلم، وقد قال أبو حنيفة -رحمه الله تعالى: (إن الزكاة تجوز على غير المسلمين) . طبعًا في عهد المسلمين وذمتهم، فالصدقة على غير المسلمين من المحتاجين والمرضى هي صدقة مقبولة - إن شاء الله سبحانه وتعالى- ولا مانع منها، وجاء في الحديث الصحيح أن أسماء، رضي الله عنها، قد جاءتها أمها - والكلام هنا عن أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما- قدمت عليها أمها، وكانت مشركة، فقالت أسماء، رضي الله عنها، للنبي صلى الله عليه وسلم: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي راغِبةٌ، أَفَأَصِلُهَا؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ". أخرجه البخاري (2620) ومسلم (1003) . فأمرها بصلتها مع أنها كافرة، فالكفر ليس مانعًا من الصدقة على الناس المحتاجين والمرضى، فإذا كان الأمر على ما ذكر السائل من أنهم لا يستطيعون إيصالها، ولا يستطيعون بيعها لإيصال مالها إلى المحتاجين المستحقين، فإنهم يعطونها إلى هذه الجمعيات، وذلك أمر حسن مرغوب فيه، وأيضًا من شأنه أن يصلح العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وأن يظهر للناس سماحة الإسلام وفضله، وأن المسلمين يواسون كل المحتاجين، حتى ولو كانوا غير مسلمين. والله أعلم.

معرضون عن النصيحة

معرضون عن النصيحة المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 21/5/1423 السؤال عندما أدعو بعض العصاة، وأقوم بإعطائهم بعض الكتيبات يقولون لي: إننا لا نريد أن نقرأها حتى لا تكون حجة علينا، وحتى لا نكون ممّنْ قالوا: سمعنا وعصينا. فأريد من فضيلتكم رداً شافياً لهؤلاء المساكين. علماً أنني سأطبعه مباشرة وأعطيهم إياه، وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، وبعد: فأولاً: أشكر الأخ السائل على غيرته الدينية، وقيامه بواجبه الدعوي تجاه إخوانه، ممن لا زالوا متلبسين ببعض الذنوب والمعاصي، عجَّل الله بتوبتهم، ومنَّ بهدايتهم، آمين. وثانياً: اعلم -حفظك الله- أن من سلك طريق الدعوة إلى الله فلا بد أن تقف في طريقه العقبات، وتصادفه المعوقات والمثبطات، ولا مناص من الحلم والصبر والاحتساب سيما في هذا الزمان الذي تكاثرت فيه الفتن، وتشعبت الأهواء، وغلب على الناس حب الدنيا وتفضيلها على الآخرة ولا حول ولا قوة إلا بالله. أخي الكريم، لقد أحسنت كثيراً حين حاولت إهداء هؤلاء الإخوة بعض الكتيبات والأشرطة؛ لينتفعوا بها، ويتركوا ما هم فيه من الذنوب والمعاصي، إلا أن الذي يظهر لي أنهم بحاجة إلى الحوار المباشر؛ لإزالة الشبهة التي أشرت إليها في معرض سؤالك. ولا بد أن يدرك إخواننا هؤلاء أن امتناعهم عن قراءة الكتيبات المفيدة حتى لا تقوم عليهم الحجة، وهمٌ وخداع للنفس، وتلبيس من الشيطان أراد من خلاله تفويت فرصة الهداية والاستقامة عليهم. قال الله عن ذلك العدو اللئيم "فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين" [ص:82-83] وقال -سبحانه- محذراً من عداوته "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً" [فاطر:6] أفيليق بالمسلم بعد هذا أن يكون دمية في يد الشيطان يتلاعب به كيف يشاء، ويقذف في قلبه الشبهة تلو الشبهة؟ اللهم لا. ثم ليكن هؤلاء الإخوة على يقين بأن الحجة قد قامت عليهم قرؤوا الكتيبات أم لم يقرؤوها، فهم يعلمون أن بعض ما يفعلونه هو ضرب من المعاصي المحرمة، وأن إخلالهم بشيء من الواجبات هو نوع من الذنوب المهلكة، فالعلم الشرعي -بحمد الله- منتشر، والدعاة والعلماء متوافرون، وأعلام الدين ظاهرة، فالكل يعرف تحريم الكذب والغش والخديعة والربا والزنى والفواحش والتبرج وغيرها، والكل يعرف وجوب صلاة الجماعة، ووجوب الزكاة والصيام والحج وبر الوالدين وصلة الرحم وغيرها، فما الحجة إذاً التي يخشون قيامها عليهم؟

وأما دعواهم أنهم لا يريدون قراءة الكتيبات حتى لا يكونوا كالذين قالوا سمعنا وعصينا، فهي كسابقتها مكيدة إبليسية، لن تغني عنهم من الله شيئاً ويؤسفني أن أقول لهم بكل صدق لقد وقعتم فيما فررتم منه، فقد سمعتم أخاكم الداعية يدعوكم إلى قراءة النافع المفيد فأبيتم وعصيتم لعلمكم بما فيها من الدلائل البينات والحجج الواضحات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما أشد خوفي أن يكون هؤلاء مشابهين في وجه من الوجوه لحال الذين ذكرهم الله من قوم نوح على لسان نبيهم -عليه السلام- "وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً" [نوح:7] ، نسأل الله لنا ولهم العافية والسلامة. وأما أنت أيها الأخ الكريم فلا تيأس من استجابتهم واستجابة غيرهم من الناس، واستعن بالله وسله التثبيت والسداد، وأبشر بكل خير وتوفيق، وحسبك منه قوله -جل وعز-:"ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين" [فصلت:33] ، وفقك الله، وأعانك، والسلام عليك.

فرقة غنائية إسلامية!

فرقة غنائية إسلامية! المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 5/10/1424هـ السؤال سمعت بفرقة غنائية مسلمة، نعم مسلمة، تغني عن القضايا الإسلامية بالأسلوب المعروف بالراب والهب هوب) أطلقت هذه الفرقة على نفسها اسم (جنود الله) ، وصرحوا في بداية أحد أقراصهم أنهم يعلمون أن الإسلام له موقف متشدد من الغناء والموسيقى وخصوصاً بهذا الأسلوب، ولكنهم رأوا أن معظم الشباب هذه الأيام منجذبون إلى هذا النوع من الموسيقى، فرأوا أن الدعوة بهذا الأسلوب ستوفر بديلاً للشباب المسلمين، وفي نفس الوقت تحمسهم للاهتمام بقضايا أمتهم، وأنا في الواقع حين سمعت أغانيهم أحسست أنها أناشيد إسلامية بالإنجليزية مع موسيقى، ومن الأمور التي يركِّزون عليها في أغانيهم أن المسلمين عددهم كبير ولكن خلافاتهم تحد دون اتحادهم، ويركزون على قضايا المسلمين في فلسطين وكشمير والبوسنة، وعلى موضوع الخلافة الإسلامية، وعلى علماء السلاطين وعلى سياسة الدول الإسلامية تجاه الغرب، وغير ذلك. أرجو من سعادتكم التكرم بإبداء رأيكم في هذا الموضوع. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: ليس لديَّ تصور كافٍ حول تلك الفرقة وفوائدها ومضارها، حيث لا يكفي الاطلاع على الوضع المذكور نظراً للحاجة إلى معرفة فوائد تلك الفرقة على المدعوين وحالهم، وعليه فلا أستطيع الحكم عليها خصوصاً، وعموماً فيجب النظر إلى أمرين: الأول: الغناء والموسيقى في الإسلام محرم، والدعوة إلى الإسلام لا تكون بالحرام، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-:" ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" البخاري (5590) وقد أفتى أكثر من صحابي أنه لغو الحديث الذي ذكره الله بقوله: " ومن الناس من يشتري لهو الحديث" [لقمان: 6] ، أما الأناشيد المباحة وهي ما خلت من أدوات الموسيقى وحوتْ كلاماً مباحاً أو مفيداً فلا بأس، وهي من قبيل الشعر والحداء. الثاني: أن أي طائفة تجمع بين إثم ونفع فإنه لا يجوز الفتوى باتباعها أو الصد عنها حتى يتبين أن الإثم أكثر، وأن يتحمل الضرر اليسير من أجل النفع الكثير. وعليه فإذا كنا لا نستطيع إيضاح الحق لهذه الطائفة وتبصيرهم بأساليب الدعوة فلا يجوز تشويههم أو الصد عنهم ممن يستفيد منهم؛ لأنه ربما أفادوا بعض الجهلة أو نفعوا العوام كمرحلة أولى لا سيما الشباب كما أفاد السائل. أما إذا كان نشاطهم لا فائدة منه أو احتوى ضرراً، أكبر أو كان بالإمكان صرف جمهورهم إلى المراكز الإسلامية المعروفة فالواجب في هذا المجال توجيه الشباب عنهم وإظهار خطئهم، وإذا لم يكن الأمر كذلك فلا يجوز تشويههم أو الصد عنهم إلا ببرهان، وبحسب سؤال السائل فإنه يظهر أن لديهم كثيراً من الخير، فالواجب دخول بعض المحتسبين معهم وطلبة العلم والتواصل معهم بغرض استكمال الفوائد وتخفيف المضار، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

إنشاء مدرسة لتعليم الإنجليزية

إنشاء مدرسة لتعليم الإنجليزية المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 27/12/1424هـ السؤال ما حكم فتح معهد لتعليم اللغة الإنجليزية، ليس للربح المادي فقط ولكن للمشاركة قدر المستطاع في إعداد جيل مسلم متحصن بعقيدته ومعتزاً بثقافة أمته، يحمل هم نشر دينه، ويدعو إليه باللغة الإنجليزية، ويواجه عصر العولمة مع وجود عقبات كثيرة مثل المناهج أحاول حلها مع مرور الزمن بتكوين لجان لتعديلها والاستفادة منها؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب تعليم اللغات الأجنبية أمر لا بأس به، وليس حراماً ولا مكروهاً، إلا إذا وقع عارض أو لسبب آخر غير تعلم اللغة، بل قد يكون مندوباً وقد يكون واجباً، فقد جاء في الحديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن يتعلم كتاب اليهود ومعنى كتاب: (لغة) ، وهذا الحديث رواه البخاري تعليقاً كتاب: الأحكام، باب: ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحدٌ، وهذا أصل في تعلم اللغات؛ لأن تعلم اللغة كما يقول السائل قد يساعد الأجيال على الدعوة، وعلى الوقوف أمام الشبهات التي يثيرها الأعداء، وعلى التعرف على آرائهم وتوجهاتهم الفكرية، وعلى مخططاتهم أيضاً وما ينوونه للأمة الإسلامية، وعلى العلوم النافعة التي قد تكون عند هؤلاء فلا مانع من ذلك إن شاء الله -تعالى-، وفيه الأجر إذا خلصت النية وصلح العمل.

المخيمات الدعوية هل هي بدعة

المخيمات الدعوية هل هي بدعة المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 23/1/1425هـ السؤال ما حكم المخيمات الجماعية؟ والتي يجلس فيها الشباب للذكر، والقيام، والمحاضرات، وفيها تعالج بعض قضايا الفكر والتربية، علماً أنها قد تكون من أهم الوسائل الدعوية التي يستعان بها في تربية الإخوة والشباب، وليس فيها شيء من البدع، ثم ماذا عمن يريد منا تأصيلاً شرعيًّا لها؟ ماذا نقول له؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما يقوم به بعض الشباب من مخيمات دعوية، ورحلات علمية تهدف إلى العلم والدعوة، والعمل الصالح دلت عليه النصوص الكثيرة في كتاب الله من فضل العلم والعمل والدعوة، ومن شكك فيها أو نهى عنها هو المطالب بالدليل؛ علماً أن العلم والدعوة، والتربية والجهاد هي مطالب شرعية، وكل وسيلة متاحة محققة للمطلب هي وسيلة مشروعة، ولا يحتاج معها إلى دليل مخصوص، ففتح المدارس والجامعات، وما فيها من تنظيمات وشهادات وامتحانات، وكذلك الدورات الشرعية، والرحلات العلمية والمخيمات الدعوية، وأخذ العلم عن الكتب، والمكتبات، والإذاعة، والإنترنت، كل ذلك داخل في قوله - عليه الصلاة والسلام-: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة" رواه مسلم (2699) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والبعض لا يفرق بين العبادات التي تحتاج إلى دليل خاص بها، وإلا كانت بدعة، وبين وسائل العلم، ومثلها وسائل الجهاد، ووسائل الحج التي تفتقر إلى دليل بل يكفيها عموم الأدلة. نسأل الله -تعالى- أن يوفق الجميع لكل خير.

وسائل الدعوة الحديثة

وسائل الدعوة الحديثة المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 13/7/1425هـ السؤال أريد توضيح القول في وسائل الدعوة الحديثة ومدى شرعيتها. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: أشكر الأخ السائل على سؤاله الذي يوحي بأنه يحمل هم الدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى-، وأسأل الله لنا وله التوفيق لكل خير، وأبشره ببشرى الله للدعاة بقوله: "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين". أما ما يتعلق بوسائل الدعوة الحديثة ومدى شرعيتها فأقول -وبالله التوفيق- إن الإسلام لم يجعل وسائل الدعوة أمراً محدداً لا يمكن تجاوزه، بل جاء بالإطار العام لمنهج الدعوة ووسائلها بقوله سبحانه وتعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، فالمطلوب في الدعوة هو الحكمة، ومنها الحكمة في استخدام الوسيلة المناسبة، ومن المعلوم أن الزمن يتغير، والوسائل تتنوع، فعلى سبيل المثال بينما كانت الكتب قديماً تنسخ باليد على الجلود أو أوراق الشجر، ولا ينتج من ذلك إلا نسخ قليلة، أصبحت بعد ذلك تطبع بالمطابع على الورق، وينتج منها الكثير جداً ليصل للمستفيدين، ثم تطور الأمر إلى أن ظهرت الكتب على الأقراص المدمجة، ومثل ذلك يقال في شأن المراسلات والاتصالات ووسائل المواصلات. ووسائل الدعوة شأنها كذلك، بينما كان الداعية لا يصل بدعوته إلا إلى أناس محدودين، وربما في بقعة واحدة، أصبح اليوم أفضل -بفضل الله سبحانه وتعالى- بإمكانه أن يصل إلى الآلاف من البشر وربما الملايين لما ظهرت هذه الوسائل الحديثة، والتي ظهرت واخترعت ليس من أجل الدعوة، ولكن لمصالح أخرى حسب نوايا مصنعيها، وربما يكون بعضها ظهر أصلاً لمعارضة الدعوة. فأقول: إن الجدير بالدعاة ألا يقفوا جامدين إزاء هذه الوسائل، فهي سلاح ذو حدين، فللأسف أن أهل الشر يستفيدون منها أكثر في نشر باطلهم، لذا فإن على الدعاة أن ينتفعوا من هذه الوسائل العالمية التي أصبحت في هذا الزمان هي وسيلة الاتصال بين العالم. والوسائل الدعوية الحديثة كثيرة جداً لا تحصر، ولقد ذكرت بعض المواقع التي تهتم بالدعوة على الإنترنت المئات منها، فأحيل السائل إليها لمعرفة تفاصيل هذه الوسائل، ومن هذه المواقع على سبيل المثال: (صيد الفوائد - أفكار دعوية) .

وهناك كثير من الوسائل الدعوية الحديثة، والتي لا حرج فيها من الناحية الشرعية، ومنها على سبيل المثال رسائل الجوال، وهناك الكثير من الوسائل الدعوية المبتكرة التي ظهرت في معرض (كن داعياً) المقام في المدينة المنورة، ولعل ما يشغل السائل هو استخدام بعض الوسائل الدعوية الحديثة التي لا تخلو من المحاذير مثل الإنترنت بجميع استخداماته، وكذلك التلفاز أو القنوات الفضائية، أقول إن الأمر في ذلك لا يمنع على إطلاقه، ولا يباح على إطلاقه، بل إن الداعية يستفيد من هذه الوسائل ليبث الدعوة إلى الناس، ولكن لا يكون ذلك سبباً للتسويق لبعض القنوات أو البرامج بحجة أن الشيخ الفلاني أو الداعية الفلاني ظهر في هذه القناة أو تلك، أو شارك في ذلك البرنامج أو ذاك. أما المدعو أو المتلقي فالسلامة له من تلك القنوات هو المتعين؛ لأن شرها أكثر من خيرها، فإن كان ولا بد فهناك قنوات خيرة، وهي رائدة في المجال الدعوي كقناة المجد الفضائية بقناتيها للكبار والصغار ففيها خير كثير، وهي نافعة - بإذن الله- للأسرة بجميع مستوياتها، جزى الله القائمين عليها كل خير. كما أن الإنترنت يقال فيه ما يقال في القنوات الفضائية، ففيه الخير والشر، فالداعية يستفيد منه لبث الدعوة والحذر من شره، والمدعو أو المتلقي يستفيد مما فيه من العلم من القرآن والسنة والمحاضرات وغير ذلك من البرامج النافعة، مع الحذر مما فيه من الخبث. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

دخول غرف البالتوك للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم

دخول غرف البالتوك للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها التاريخ 21/05/1426هـ السؤال هنالك غرف في (البالتوك) تسب الرسول -صلى الله عليه وسلم-. هل يجوز دخول هذه الغرف؛ بقصد الدفاع عن رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-؟. الجواب لا أنصحك بدخول هذه الغرف، فعدد من يدخلها محدود جدًّا، والأولى والأنفع للإسلام أن تبذل وسعك في نصح الناس والأمر بالمعروف والدعوة إلى الله على بصيرة، وهذا يتطلب منك سعياً جاداً في طلب العلم والتفقه في دين الله، وما أكثر الذين يسبون الإسلام والنبي -صلى الله عليه وسلم- في أمثال هذه الغرف، ولو تتبعناهم في منتدياتهم وغرف محادثاتهم لاستغرق ذلك أعمارنا ولكُنَّا قد اشتغلنا بمفضول عن فاضل، وبدَّدنا جهودنا وطاقاتنا في أمور لا تكاد تنتهي. لكن لو سبَّ رجل النبي - صلى الله عليه وسلم- علانيةً في ملأ من الناس أو في صحيفة سيّارة أو في قناة مشهورة وليس في غرفٍ متوارية، فيجب على من حضر أن ينكر، ويذب عنه صلى الله عليه وسلم, ويجب على المسلمين وجوباً كفائياً أن يدحضوا شُبه أولئك الشانئين بحملة عالمية تعرِّف الناس بنبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- وتجيب عن أقاويل المبغضين ودعاوى المناوئين. والله الموفق.

صفات الداعي ووظائفه

مناصحة الرجل للنساء المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 7/5/1423 السؤال ما رأيكم فيمن ينصح النساء ويأمرهن بالمعروف دون الرجال, وهو رجل شاب يخشى عليه وعليهن الفتنة، وخصوصاً أنهن غالباً ما يكنَّ لابسات البناطيل الضيقة، وسافرات، ومتبرجات، وفوق هذا غير متزوجات وفي أوج الصبا؟ وإذا قيل له: لم لا تنصح الشباب الذين معهن كما نصحتهن وتهدي لهم أشرطة وكتيبات كما أهديت البنات، قال: إن الفتنة والخطر من البنات أكبر، فإذا اهتدين صلحت كثير من الأمور، وأنه قد يحادث الشباب فيما بعد. وأخيراً ينوي عمل درس أسبوعي للشباب والبنات معاً أو قد يكونون منفصلين يعظهم فيه, فهل هذا جائز؟ ما حدود الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من الرجال للنساء أو العكس؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: لا يجوز للشاب الذي يخشى على نفسه الفتنة مناصحة الفتيات سيما المتبرجات منهن والسافرات؛ لأن القاعدة الأصولية عند أهل العلم تنص على أن "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول كما في الصحيح:"ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء" رواه مسلم (2741) من حديث أسامة بن زيد، وسعيد بن زيد -رضي الله عنهم-. وأما من كان ذا علم وبصيرة، ومعرفة بأساليب الدعوة، ومناهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمن على نفسه الفتنة فيجوز، بل قد يجب عليه أمر النساء بالمعروف ونهيهن عن المنكر في الأسواق والمجامع العامة، كما يجوز أن يعقد لهن درساً أو محاضرة من غير اختلاط بهن، بل يكن معزولات في مكان خاص بهن، ويحدثهن عن مكبر الصوت مثلاً، ويجيب على أسئلتهن بما يعلم في جو من الحشمة والوقار والأدب. والأصل في هذا ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يعقد للنساء مجالس خاصة بهن يعظهن ويناصحهن ويفتيهن، فقد جاء في الصحيح أن النساء قلن: يا رسول الله غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا من نفسك يوماً فواعدهن يوماً فوعظهن وذكرهن.. الحديث انظر البخاري (102) ومسلم (2633) . ولعل الجواب اتضح الآن عما إذا كان يجوز عقد درس للنساء أو لا يجوز، وأما الدروس المختلطة بين الرجال والنساء فلا تجوز بتاتاً لما للاختلاط من آثار مباشرة في إشاعة الفواحش وجرائم الأخلاق والأعراض. وبهذه المناسبة أود التنبيه بأن الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تقتصر على الوعظ المباشر، والاحتكاك الظاهر، ولكنها تتيسر عبر وسائل عديدة، منها: شراء الأشرطة والكتيبات، وإهداؤها للمراكز الدعوية وأئمة المساجد ونحوهم ليقوموا بدورهم بإيصالها لمستحقيها، ومنها دعوة الدعاة والوعاظ إلى أماكن تجمعات الناس من مساجد ومراكز صيفية ومدارس ودور تحفيظ لإلقاء المحاضرات والدروس، وبهذا يأمن الشاب على نفسه الفتنة، ويقوم في الوقت نفسه بدور أكثر إيجابية وأظهر فاعلية. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

أدعو في معهد مختلط

أدعو في معهد مختلط المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 7/10/1424هـ السؤال أنا فتاة مسلمة ومتمسكة بديني ولله الحمد، وأعيش في بلد كافر مع زوجي لغرض بعثة زوجي إلى هذا البلد ولفترة تزيد عن سبع سنوات، ولقد التحقت بأحد المعاهد ويوجد فيه اختلاط، وبدأتُ الدراسة لغرض تعلم اللغة لكي أعلّم بعض إخوتي في الله بعض أمور دينهم في أحد المراكز الإسلامية، علماً أني أذهب وأنا أغطي جميع بدني ووجهي، لاأظهر إلا عينّي، ولا أختلط مع الرجال ولا أتحدث إليهم، ووضحت لكثير منهم بعضاً من الأمور الخاطئة التي تنشر عن الإسلام ومنهم من يستجيب، فنود من فضيلتكم أن تفتوني مأجورين في عملي هذا، وما حكم تعليمي لأطفال المسلمين المقيمين في بلاد الكفر؟ الجواب زادك الله حرصاً على الخير يا أخيّة ونفعك، ونفع بك، إذا كان الحال كما ذكرت من دراستك في هذا المعهد المختلط، وأنت ملتزمة بالحجاب الشرعي وبالحشمة، فلا حرج عليك في ذلك بإذن الله، ما دام أنه لا يترتب على ذلك ضرر في دينك ولا خلقك، وما تقومين به من توضيح بعض الأمور الخاطئة التي تنتشر زوراً وبهتاناً عن الإسلام، وما تقومين به من تعليم أطفال المسلمين في تلك الديار عمل مبرور أرجو أن يثيبك الله عليه أجزل الثواب، وأن ينفع بعملك، وأسأل الله لك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد.

التشدد في الأحكام الشرعية (قضية الحجاب)

التشدد في الأحكام الشرعية (قضية الحجاب) المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 9/9/1424هـ السؤال شيخي الفاضل أنا أكره بعض المشايخ الذين يتشددون في بعض المسائل، مع أن بعض المذاهب لا يرون ذلك، ولنضرب مثلاً في المملكة قضية النقاب، والتي أحدثت خللاً في نفسي، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا بلغت المرأة لم ير منها إلا هذا وهذا (يعني وجهها وكفيها) فنجد بعض المشايخ - هداهم الله - يحرمون النقاب!!. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الحبيب سلَّمك الله، التشدِّد فيما لم يشدد فيه الشرع مذموم كله، وديننا إنما جاء بالحنفية السمحة، وما كان الرفق في شيء إلا زانة. أما المثال الذي ذكرته فليس دقيقاً، فأنت تتبنى فيه رأياً تضيق بمن يخالف، وبهذا رجعنا إلى ما كنّا نحذر، ومسألة الحجاب فيها أدلة لكلا القولين، وجواب من كل فريق على الآخر. والحديث الذي ذكرته ضعيف لا يصلح الاستدلال به، والقائلون بتحريم كشف الوجه لهم أدلة لا يمكن تجاهلها، منها حديث عائشة الصحيح عن قصة الإفك، وفيه قولها عن صفوان (وكان يعرفني قبل أن ينزل الحجاب) ، فدل على أنه لو لم يعرفها قبل الحجاب لما كان من الممكن أن يعرفها بعده. وبكل حال، فرأيي لك مزيد القراءة المفيدة النافعة، بعيداً عن التوتر واتخاذ المواقف الحادة. وأبشر بالخير من الله، والله يوفقك ويسددك ويبارك فيك ولك.

يمارس الدعوة سرا بغير اسمه

يمارس الدعوة سراً بغير اسمه المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 16/4/1424هـ السؤال هل أنا كاذب؟ لقد بدأت منذ سنوات طويلة العمل بدعوة إلى الله بسرية كاملة لدرجة لا أحد يعلم إلا اثنان أو ثلاثة فقط. وكنت أوزع الأعمال في جميع مناطق البلاد باسم معين لا أريد أن أذكره، اشتهر هذا الاسم وبدأ يسطع، ولضيق الحالة المادية كنت أعمل أعمالاً دينية لبعض المراكز والجمعيات الإسلامية. اعتقد البعض أن هناك مجموعة من الدعاة تعمل بهذا الاسم الذي قد يكون كمركز إسلامي صغير، ولكن في الحقيقة لا يوجد إلا أنا وحدي يعمل هذه الأعمال الدينية ويفكر ويخطط، ولكن عندما يسألني البعض من هم هؤلاء الذين يعملون هذه الأعمال؟ أقول: مجموعة شباب ويصر البعض، وأنا أقول مجموعة شباب. ثم أسمي أسماء مثل أحمد وغيره من الأسماء. من يجمع المال؟ أقول: فلان وهكذا. أين تجتمعون؟ أقول: في بيت أحد الشباب. وكثير من الأسئلة مثل ذلك تدور من شخص إلى شخص. فهل أنا كاذب؟ وهل أقول الحقيقة أم أسكت؟ الجواب السلام عليكم وبعد: شكراً لك على مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله لك التوفيق والسداد، كما نسأل الله أن يكتب لك أجر جهدك في الدعوة إلى الله، ويجعل ذلك في موازين حسناتك، ويصيرك مفتاحاً للخير دائماً وأبداً، ومثلك تحتاج الأمة إلى أمثاله كثير، فواصل في الدعوة، وأر الله من نفسك خيراً. أما ما سألت عنه فهذا يرجع إلى مقدار الضرر بذكرك لمن يقوم بتلك الأعمال على وجه الحقيقة، فإن كان هناك ضرر عظيم سيحصل من جراء ذلك؛ ففي المعاريض مندوحة، كأن تقول: فعله عبد الله أو عبد الرحمن أو عبد اللطيف وأمثالها من الأسماء التي في عبد، لأنك داخل فيها لا محالة، ولو كان اسمك الحقيقي غير هذا، وبهذا تدفع ما خفت منه من الرياء أو الضر عن الآخرين، أما إذا كنت لا تخاف على نفسك من الرياء ولا من الآخرين فلا حاجة لمثل هذا، لأن الله يقول "إن تبدوا الصدقات فنعما هي" [البقرة: 271] ، فقد يكون من المصلحة ذكر الفاعل للاقتداء ونشر الفضيلة، أما إذا كنت تخاف على نفسك من الرياء وتريد العمل يكون أخلص فقد تكون في غنية أن تتكلم أصلا، ولو فرضنا من سأل، فبإمكانك أن توري كما أشرت آنفا، وبالتالي لا يحل لك الكذب في مثل هذه الأحوال. والله يوفقك ويفتح عليك والسلام عليكم.

من له الحق في التحذير من المبتدعة؟

من له الحق في التحذير من المبتدعة؟ المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 22/4/1424هـ السؤال قال البربهاري كما في شرح السنة: "وآخر عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين، حقيق على من يعرفه أن يحذر الناس منه ويبين قصته"،. هل العموم المستفاد من قول هذا الإمام في قوله: "من يعرفه" أي (مَنْ الموصولة) يدخل فيه العالم وطالب العلم وغيرهم من عوام المسلمين ممن عرف حال المبتدع عن طريق العلماء؟ أفيجوز له أن يحذر منه أم هذا خاص بالعلماء؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن هذا الكلام من البربهاري وما يشبهه من كلام العلماء كلام مجمل، ويظهر أنه يقصد به المخالف للسنة المعاند في أصول الاعتقاد وأمور الدين الكبرى، الذي يخرج عن منهج السنة والجماعة في القطعيات لا الاجتهاديات ومسائل النزاع الخلافية. والتحذير ليس له ضابط معين، لكنه محكوم بقواعد الدين وقواعد الإنكار، وهي تختلف من شخص إلى آخر ومن زمان لآخر، ومن حال لأخرى، ومن مكان لآخر، وهذه الأمور ليست لصغار طلاب العلم ولا العامة، فالراسخون في العلم في كل زمان وكل مكان هم المرجع في تقدير المناهج العلمية والعملية، في التعامل مع المخالف حسب الظروف والأحوال وتحقيق المصالح ودرء المفاسد، أو مناهج العلماء هي المعتبرة في ذلك كله، وليس كل ما يقال ويعمل في زمن أو مكان ما يصلح تطبيقه في كل حال، والله أعلم.

الموظف الداعية والأعمال الخاصة

الموظف الداعية والأعمال الخاصة المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 2/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، داعية يذهب للدعوة في بعض المناطق ويأخذ تكاليف السفر من الأموال الدعوية، فهل يجوز له أن يؤدي بعض الأعمال الخاصة به في بعض المناطق التي يذهب للدعوة فيها، والتي ذهب إليها على نفقة الدعوة؟ وسؤال آخر: هل إذا أخذ الداعية أو طالب العلم أجرة السفر إلى البلد التي يذهب للدعوة أو التعليم فيها، هل يعتبر بذلك يأخذ أجراً على الدعوة أو على تعليم العلم الشرعي أم لا؟. جزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. (1) يجوز له إذا ذهب إلى تلك المناطق وأخذ تكاليف السفر من مكاتب الدعوة في النفقة وأجرة الإركاب وأجر السكن هناك، ولا مانع من أن يؤدي بعض الأعمال الخاصة به في تلك المناطق، كشراء سلع لنفسه، وقبض حقوق له، واستيفاء دين عند غرمائه، ولو كان سفره على نفقة مكتب الدعوة إذا لم تشغله الأعمال الخاصة عن مهمة الدعوة وأداء ما كلف به من مزاولة إلقاء الكلمات والنصائح، وتفريق الأشرطة والرسائل، وبذل النصيحة وإلقاء المحاضرات والخطب ونحو ذلك من أنشطة الدعوة. (2) له أجر على نيته وعلى ما يقوم به من الدعوة، ولا يعتبر آخذا أجراً على الدعوة أو على العلم الشرعي الذي يبذله، كما يحصل للمدرسين والخطباء ونحوهم، فإنه قد يكون عاجزاً عن السفر من ماله أو مشتغلاً بالتكسب لعياله، فإذا بذلت له هذه الأجرة استعان بها على القيام بالدعوة وأخذ ما يبلغه، ولعل ذلك لا ينقص أجره بفضل الله، والله أعلم.

قلة القدوة المؤثرة

قلة القدوة المؤثرة المجيب د. أحمد بن عبد العزيز الحليبي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 17/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال أنس -رضي الله عنه-:"ما رأيت يوماً قط أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, وما رأيت يوماً أظلم من يوم مات فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". إن الناظر في الأوساط التربوية اليوم ليلحظ فقدان القدوة المؤثرة في الوسط، السؤال: ما السبب في قلة القدوة المؤثرة إيجابياً في الوسط التربوي في نظركم؟ حبذا أن تكون الإجابة مختصرة. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن الشكوى عن فقدان أثر القدوة في الوسط التربوي في الوقت الحاضر في ظلال حديث أنس -رضي الله عنه- يمكن استيضاحه فيما يلي:- أولاً- الحديث رواه الحاكم رقم (4281) عن أنس -رضي الله عنه- بلفظ قال:"شهدت يوم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة فلم أر يوماً أحسن ولا أضوأ منه"، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه، ورواه أحمد (3/287) عن أنس -رضي الله عنه- قال: فشهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه، وشهدته يوم مات فما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه -صلى الله عليه وسلم-، ورواه الدارمي رقم (89) عن أنس -رضي الله عنه-:"شهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يوماً قط كأن أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وشهدته يوم موته فما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". ثانياً - الحديث يدل على حب أنس -رضي الله عنه- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد فرح بقدومه -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وعدّ يوم قدومه أحسن يوم في حياته وأضوأه، وحزن لوفاته -صلى الله عليه وسلم-، وعد يوم موته أقبح يوم على نفسه وأشده ظلمة. ثالثاً: مشاعر أنس -رضي الله عنه- كانت مشاعر صادقة؛ لأن محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصل من أصول الإيمان الذي لا يتم إلا به، قال -صلى الله عليه وسلم-:"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" رواه البخاري (15) . رابعاً: مشاعر الفرح والحزن عند أنس -رضي الله عنه- كانت جزءاً من مشاعر مشتركة غمرت نفوس الصحابة -رضي الله عنهم-، وفاضت شوقاً إلى لقياه في حياته وحزناً على فراقه، فيوم دخوله المدينة خرج أهلها لاستقباله فرحاً بقدومه وشوقاً إلى رؤيته، حتى العواتق كن يتراءينه من فوق البيوت، يقول أنس -رضي الله عنه-:"فما رأينا منظراً شبيهاً به" رواه

أحمد (13318) ، ويقول البراء بن عازب -رضي الله عنه-:" قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جعل الإماء يقلن: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" رواه البيهقي (9/10) ، ويوم وفاته كان مظلماً في نفوسهم حتى إنه لم يكد أحدهم يصدق النبأ من شدة حبهم له، وعظم مصاب فراقه -صلى الله عليه وسلم- على نفوسهم التي امتلأت حباً له؛ حتى إن عمر -رضي الله عنه- وهو من أعظم الصحابة -رضي الله عنه- إيماناً وأشدهم بأساً أول ما بلغه الخبر أنكر على من قال: مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". خامساً: وراء مشاعر الفرح والحزن عند أصحاب رسول -صلى الله عليه وسلم- حب صادق لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حملهم على التأسي به واتباع أمره واجتناب نهيه رغبة في صحبته ومرافقته في الجنة، قال -تعالى-:"ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً" [النساء:69] وفي الحديث "المرء مع من أحب" رواه البخاري (6168) . سادساً: شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- في إيمانه وعبادته وخلقه وتعامله مع غيره وفي جميع أحواله كانت شخصية مثالية في الواقع، ومؤثرة في النفوس؛ لأنها شخصية اجتمعت فيها صفات الكمال وإيحاءات التأثير البشري، واقترن فيها القول بالعمل؛ ولا ريب أن الإيحاء العملي أقوى تأثيراً في النفوس من الاقتصار على الإيحاء النظري؛ لهذه العلة أرسل الله الرسل ليخالطهم الناس ويقتدوا بهداهم، وأرسل الله الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليكون للناس أسوة حسنة يقتدون به، ويتأسون بسيرته، قال -تعالى-:"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم والآخر وذكر الله كثيراًَ" [الأحزاب:21] ، وقد أمرهم -صلى الله عليه وسلم- بالتأسي به فقال:"صلوا كما رأيتموني أصلي" البخاري (631) ومسلم (674) ، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"لتأخذوا مناسككم" مسلم (1297) . سابعاً: شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت شخصية حية أمام أصحابه في حياته وأمام أتباعه بعد وفاته، وكانت نموذجاً بشرياً متكاملاً في جميع المراحل وفي جميع جوانب الحياة العملية، ونموذجاً عملياً في صياغة الإسلام إلى واقع مشاهد يعرف من خلال أقواله وأفعاله وسيرته فيتبع؛ لذا اصطفى -الله العليم بدواخل النفوس التي خلقها- رسوله محمداً -صلى الله عليه وسلم- ليسهل على الناس امتثال أوامره والعمل بشرعه، وجعل اتِّبَاعَه دليلا على صدق محبته -سبحانه-، قال -تعالى-:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" [آل عمران:31] . ثامناً: شخصية الصحابة والصالحين والعلماء والدعاة وأهل الفضل والتقى على مر العصور خلفت شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته في عطائها وإيحائها وتأثيرها؛ لأنهم ورثة الأنبياء، يقتدي بهم الناس في اتباع هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- والعمل بسنته، وبقيت سيرهم بعد وفاتهم نبراساً يضيء طريق محبيهم إلى الخير، ويرغبهم في السير على منهج الحق والهدى.

تاسعاً: هذه الشخصيات اختفت عن العيون إلا أن سيرها العطرة المدونة لا تزال بقراءتها تفوح مسكاً وطيباً، وتؤثر في صياغة النفوس واستقامتها على الهدى والصلاح. عاشراً: القدوة لا تزال مؤثرة وستبقى مؤثرة في النفس الإنسانية، وهي من أقوى الوسائل التربوية تأثيراً في النفس الإنسانية وإيحاء لها لأمرين: 1- لأن النفس الإنسانية مشغوفة بالإعجاب بمن هو أعلى منها كمالاً، ومهيأة للتأثر بشخصيته واستهواء فكره وسلوكه ومحاولة محاكاته. 2- لأنها تمنح الآخرين قناعة بأن التكاليف والفضائل ممكنة التطبيق، وأنها في قدرة الإنسان، وأن لها عائداً عليه في الدنيا والآخرة، ولا ريب أن شاهد الحال أقوى من شاهد المقال. الحادي عشر: القدوة الصالحة المؤثرة في المجتمعات الإسلامية في الوقت الحاضر قليلة رغم كثرة أهل العلم والتقوى والصلاح، وهذا يعود إلى الأمور التالية:- 1- عدم توافر جميع الصفات التالية في كثير من الأشخاص الذين هم محل للاقتداء:- أ- الاستعداد الذاتي المتمثل في طهارة القلب وسلامة العقل واستقامة الجوارح؛ ذلك أن الإنسان لا يكون قدوة لغيره إلا إذا كانت نفسه طاهرة من الآثام، مهيأة لفعل الخير، حريصة عليه، وسلوكه مستقيماً لا يعرف عند أحد بباطل ولا كذب، ويدل مظهره عليه. ب- التكامل في الشخصية أو في جانب منها بحيث يكون الشخص محلاً للإعجاب وتقدير الآخرين ورضاهم، مع سلامة في الدين وحسن الخلق. ت- حب الخير للآخرين والشفقة عليهم والحرص على بذل المعروف وفعله والدعوة إليه، فمن كان على هذه الصفة أحبه الناس وقدروه وتأسوا به، ومن فقد هذه الصفة لم يلتفتوا إليه. 2- عدم تسديد النقص أو القصور الذي قد يعتري من هم محل للاقتداء كالآباء والمعلمين وأهل العلم في صفة من تلك الصفات مما يصرف الناس عن التأسي بهم، وهذا يرجع إلى عدم إدراك هؤلاء للواجب، أو عدم تصورهم لأثر القدوة في التربية والإصلاح، أو لضعف شخصي ناتج عن استجابة لضغط المجتمع المشوب، أو لسلبية عندهم نحو المشاركة في تربية الناشئة وإصلاح أفراد المجتمع. 3- مزاحمة القدوات المزيفة المصطنعة للتلبيس على الناس وإضلالهم عن الهدى وتزيين السوء في أعينهم، وصرفهم عن أهل الخير وخاصة الله، فقد أسهم الإعلام المنحرف والمشوب في صناعة قدوات فاسدة أو تافهة، وسلط عليها الأضواء ومنحها من الألقاب والصفات والمكانة الاجتماعية ما جعلها تستهوي البسطاء من الناس أو ضعاف النفوس والذين في قلوبهم مرض، وتوحي بزخرف القول الذي يزين لهؤلاء تقليدهم ومحاكاتهم، هذا والله أعلم.

تدريس المبتعث للقرآن

تدريس المبتعث للقرآن المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 17/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم شخص مبتعث لأحد رأى زميلاً له مبتعثاً يقرأ القرآن، ويُدرسه في المركز الإسلامي بالمدينة التي نقطن بها فأقسم عليه بأنه آثم في فعلته هذه لأن الدولة (بيت مال المسلمين) قد ابتعثته للدراسة وليس لتدريس القرآن لأولاد المبتعثين, علماً أن هذا الشخص لم يتغيب عن محاضراته من أجل تدريس القرآن، فهو يؤدي ما هو مطلوب منه من مشرفيه؛ بل يأتي تعليم القرآن في وقت فراغه, بينما القائل بتلك المقولة يحتج أن المبتعث لو كان لديه وقت فراغ زائد عن دراسته فعليه أن يصرفه لتحسين لغته الإنجليزية، فهي من الضرورات التي ابتعث من أجلها, نأمل التكرم بالإفادة. الجواب هذا الكلام الذي ذكره لك صاحبك غير صحيح، ويدل على جهل قائله؛ بل إن من الفضل والمعروف العمل الذي تقوم به من تدريس القرآن، وأنصحك بالاستمرار في ذلك فإن فيه الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله -جل وعلا-، وهو خير لك مما ذكره لك هذا الشخص من تحسين لغتك.

أدرس في معهد مختلط

أدرس في معهد مختلط المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 19/6/1424هـ السؤال أنا فتاة مسلمة ومتمسكة بديني ولله الحمد، وأعيش في بلد كافر مع زوجي لغرض بعثة زوجي إلى هذا البلد ولفترة تزيد عن سبع سنوات، ولقد دخلت في أحد المعاهد ويوجد فيه اختلاط، وبدأتُ الدراسة لغرض تعلم اللغة لكي أعلّم بعض إخوتي في الله بعض أمور دينهم في أحد المراكز الإسلامية، علماً أني أذهب وأنا أغطي جميع بدني ووجهي، لا أظهر إلا عينّي، ولا أختلط مع الرجال ولا أتحدث إليهم، ووضحت لكثير منهم بعضاً من الأمور الخاطئة التي تنشر عن الإسلام ومنهم من يستجيب، فنود من فضيلتكم أن تفتوني مأجورين في عملي هذا، وما حكم تعليم أطفال المسلمين المقيمين في بلاد الكفر؟. الجواب زادك الله حرصاً على الخير يا أخيّة ونفعك، ونفع بك، إذا كان الحال كما ذكرت من دراستك في هذا المعهد المختلط، وأنت ملتزمة بالحجاب الشرعي وبالحشمة، فلا حرج عليك في ذلك بإذن الله، ما دام أنه لا يترتب على ذلك ضرر في دينك ولا خلقك، وما تقومين به من توضيح بعض الأمور الخاطئة التي تنتشر زوراً وبهتاناً عن الإسلام، وما تقومين به من تعليم أطفال المسلمين في تلك الديار عمل مبرور أرجو أن يثيبك الله عليه أجزل الثواب، وأن ينفع بعملك، وأسأل الله لك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد.

يعمل مفتشا، فهل يشرع له تمزيق كتب النصارى

يعمل مفتشاً، فهل يشرع له تمزيق كتب النصارى المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 24/2/1425هـ السؤال أعمل في ميناء، وأثناء تفتيشي على النصارى أجد معهم كتيبات تخص دينهم وصور يزعمون أنها لعيسى ومريم، وأقوم بتمزيقها، ويقول المسئولون اتركهم فهذا دينهم، فهل يعتبر هذا منكر أثاب بتغييره أم أن أتركهم وشأنهم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: الإجابة عن سؤال الأخ الكريم فما يتعلق بأنه أحد موظفي الجمارك، وأن بعض الأجانب من أهل الكتاب من النصارى أو اليهود أو غيرهم يأتون لعمل أو لاقتضاء تقتضيه مصلحتهم، أو مصلحة بلادنا في مجيئهم، وهم قد جاءوا بطريقة مشروعة من حيث التأشيرة ونحو ذلك، ثم يكون معهم ما يكون من كتب تتعلق بدينهم أو صور تتعلق بطقوسهم، والذي يعمله الأخ السائل أنه يتصرف بهذه الكتب وهذه الصور بتمزيقها أو نحو ذلك، وقد اعترض عليه بعض المسؤولين على اعتبار أن هذا عمل غير سائغ، ونحو ذلك، ويسأل الأخ الكريم عن هذا: هل يجوز له هذا التصرف أو لا يجوز له؟ والجواب على هذا طالما أنهم على غير ديننا، وهم يحملون كتباً تتعلق بدينهم وما يتعلق بمستنداتهم وأوراقهم، ونحو ذلك، فالذي يظهر لي أن التعرض لهذه الكتب أو لهذه المستندات التي معهم فيما يختصون به في دينهم أنه لا يجوز، فهم قد دخلوا بأمن وثقة، وبأمر مشروع من ولي الأمر، حيث يحملون التأشيرة على دخولهم، وكذلك ما يتعلق بأحوالهم الشخصية لا يجوز لنا أن نتعرض لهم، نعم يمكن أن ندعوهم، يمكن أن نبين لهم ما هم فيه من ضلال ونحو ذلك، لكن كوننا نتعرض لكتبهم ومستنداتهم، ووثائقهم، وأحوالهم الشخصية، وأمورهم التي لا علاقة لها بمجيئهم، وإنما هي محفوظة لديهم في حقائبهم ونحو ذلك، الذي يظهر لي أن هذا غير جائز، وأن تصرف الأخ الكريم - جزاه الله خيراً- وإن كان نتيجة غيرة ونتيجة اجتهاده -نسأل الله تعالى أن يثيبه عليها-، ولكنه اجتهاد في غير محله، وما ذكره إخوانه الذين هم مرجعه في اعتراضهم على تصرفه هو الذي أرى وجاهته، وبالنسبة له فلا ينبغي له أن يتعرض لأمور هؤلاء الخاصة، نعم إذا كان في حقائبهم صور خليعة أو أمور تتنافى مع أخلاق هذه البلاد مما يظن أنه يريد ترويجها ونشرها، فالموقف منها موقف المعترض والمنكر والتصرف بإتلافها، ونحو ذلك، موقف صحيح، أما ما يتعلق بكتبهم ككتب التوراة أو الإنجيل أو نحو ذلك فينبغي عدم التعرض لذلك، وهذا هو الذي أراه. والله المستعان.

يدعو لهم أم عليهم؟

يدعو لهم أم عليهم؟ المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه التاريخ 22/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال: بعض الشباب يلعنون أصحاب المعاصي في الطريق، وخصوصاً النساء المتبرجات وقد يسمعوهنّ ذلك اللعن, البعض الآخر يدعو للعصاة بالهداية سراً، فأي العملين هو الموافق للكتاب والسنة؟ وجزاكم الله خيراً عنا وعن جميع المسلمين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإني أوجه - أخي السائل حفظه الله- ومن يطلع على جوابي هذا إلى أن الأصل في الدعاة إلى الله أن لهم قلوباً مملوءة بالشفقة والرحمة نحو الآخرين، ومنهم العصاة الذين وقعوا في بعض المخالفات، ولهذا فالدعاء لهم بالهداية سراً وعلانية، وتقديم النصح لهم، والاجتهاد في تبصيرهم بالحق، وبيان ما هم عليه من المنكرات التي توردهم الموارد، هذا هو الأمر الموافق لعموم نصوص الكتاب والسنة، وفيه الاقتداء بسيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم، الذي كان غاية في الرحمة والشفقة بالآخرين، ولقد جاء في صحيح البخاري (6780) عن عمر -رضي الله عنه- أن رجلاً تكرر منه شرب الخمر وجلده على ذلك، فلعنه بعض الصحابة - رضي الله عنهم- فقال صلى الله عليه وسلم-: "لا تلعنوه؛ فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله"، وقال أيضاً: "لعن المؤمن كقتله" رواه البخاري (6653) ، ومسلم (110) ، هذا هو الأصل في الأمر، وأما ما ورد من النصوص التي تفيد جواز لعن أصحاب المعاصي فهي تدل على جواز لعن غير المعينين المعروفين؛ كقوله تعالى: "ألا لعنة الله على الظالمين" [هود: 18] "لعنة الله على الكاذبين" [آل عمران: 61] ، وكقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله آكل الربا ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه" رواه مسلم (1598) من حديث جابر-رضي الله عنه-، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة، والمستوشمة" رواه البخاري (5942) ، ومسلم (2124) من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما-، ولهذا فإني أحذر من لعن صاحب المعصية بعينه، وأوجه إلى دعوته ونصحه والدعاء له. والله الموفق.

فقه الدعوة

انتكس بعد صلاح، فكيف أتعامل معه؟ المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 5/7/1422 السؤال لي قريب شاب كانت تظهر عليه معالم الصلاح، وكان له صحبة طيبة، وفجأة انتكس الحال، وحلق اللحية، وترك الأخيار، وأبدلهم بغيرهم، ولاأقول: إنهم أشرار، ولكن عيشهم سبهلل. أصبح الولد يهتم بمظهره كثيراً، حاولت بشتى الوسائل أن يرجع إلى الصحبة الصالحة، لكن دون جدوى، ويطول شرح معاناتي معه، علماً أنه محافظ على الصلاة، ولكن بثقل. ما الطريقة التي أتعامل بها معه، والسبل التي ترده -إن شاء الله- إلى الصحبة، وجزاكم الله خيراً. الجواب كيف تتعامل مع قريبك؟ إليك بعض الخطوات: 1/ حاول أن تعرف أسباب انتكاسته. 2/ تعامل معه على أنه باق على صلاحه. 3/ ادع الله له بالهداية. 4/ أوعز إلى بعض الصالحين بمصاحبته والاتصال به، ولاسيما ممن يحبهم. 5/ حمّله بعض المسؤوليات، وشاوره كثيراً، وسافر معه.

السيرة النبوية في فيلم سينمائي؟

السيرة النبوية في فيلم سينمائي؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 22/7/1422 السؤال أكملت إحدى شركات الإنتاج السينمائي العربية فيلماً بالرسوم المتحركة عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيعرض الفيلم الذي يصدر بعنوان " محمد خاتم الأنبياء " في دور السينما ويقولون إن الفيلم سيساعد على تصحيح الأفكار الخاطئة عن الإسلام. السؤال / هل يجوز استخدام مثل هذه الآلية في مجال الدعوة؟ أفيدونا جزاكم الله خير. الجواب صدرت فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم / 4923وبتاريخ 11/7/1402هـ برئاسة الشيخ / عبد العزيز بن باز _رحمه الله _ وعضوية الشيخ / عبد الرزاق عفيفي رحمه الله والشيخ / عبد الله بن غديان والشيخ / عبد الله بن قعود. كما صدر قرار برقم 13عن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية تمنع أن يقوم ممثلون بتمثيل أدوار الصحابة رضي الله عنهم، ونرى أنها تنطبق من باب الأولى على سؤالك. وإليك خلاصة قرار هيئة كبار العلماء: 1- إن الله سبحانه وتعالى أثنى على الصحابة وبين منزلتهم العالية ومكانتهم الرفيعة وفي إخراج حياة أي واحد منهم على شكل مسرحية أو فيلم سينمائي منافاة لهذا الثناء الذي أثنى الله عليهم به، وتنزيل لهم من المكانة العالية التي جعلها الله تعالى لهم وأكرمهم بها. 2- أن تمثيل أي واحد منهم سيكون موضعاً للسخرية والاستهزاء به ويتولاه أناس غالباً ليس للصلاح والتقوى والأخلاق الإسلامية مكان في حياتهم العامة، مع ما يقصده أرباب المسارح من جعل ذلك وسيلة للكسب المادي، وأنه مهما حصل من التحفظ فسيشتمل على الكذب والغيبة، كما يضع تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم بأنفس الناس وضعاً مزرياً، فتتزعزع الثقة بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وتخف الهيبة التي في نفوس المسلمين من المشاهدين وينفتح باب التشكيك على المسلمين في دينهم والجدل والمناقشة في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم 3- ما يقال من وجوه المصلحة وهي إظهار مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب، مع التحري للحقيقة، وضبط السيرة وعدم الإخلال بشيء من ذلك بوجه من الوجوه رغبة في العبرة والاتعاظ، فهذا مجرد فرض وتقدير، فإن من عرف حال الممثلين وما يهدفون إليه عرف أن هذا النوع من التمثيل يأباه واقع الممثلين، ورواد التمثيل وما هو شأنهم في حياتهم وأعمالهم 4- من القواعد المقررة في الشريعة أن ما كان مفسدة محضة أو راجحة فإنه محرم، وتمثيل الصحابة على تقدير وجود مصلحة فيه فمفسدته راجحة فرعاية للمصلحة وسداً للذريعة وحفاظاً على كرامة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يجب منع ذلك.

أخطاء في المساجد الغربية

أخطاء في المساجد الغربية المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 17/1/1425هـ السؤال أعيش حالياً في إحدى المدن الغربية، ويوجد لدينا - والحمد لله - مسجدان في هذه المدينة، أحدهما أقرب إلى بيتي من المسجد الآخر، وفيه أشياء تثير غضب أي مسلم غيور على دينه وعلى حرمات الله، من اختلاط بين الرجال والنساء، ودخول النساء الكافرات إلى المسجد بدون حجاب إسلامي، تحدثت مع بعض الإخوة في المسجد، ووجدت أن الكثير منهم ليسوا راضين عن هذا الاختلاط، لكن البعض من يتزعمون الخطابة في هذا المسجد بحكم أنهم قد عاشوا في هذه المدينة أكثر من الآخرين، أو لأنهم ممن يكثرون الجدل - وأحياناً المشاكل- مع الناس تعصباً لآرائهم الباطلة، يسيطرون بآرائهم الخاطئة سؤالي هو: ما الواجب عليّ فعله في هذه الحالة؟ هل أهجر المسجد وأذهب إلى المسجد الآخر الذي لا أظن أن به اختلاطاً؟ لكني رأيت نساء كافرات مع امرأة مسلمة يدخلن المسجد (المسجد الآخر) بدون أي معارضة من إمام المسجد، بل هو الذي أحضرهن إلى المسجد ليتعلموا عن الإسلام، الخيار الآخر لدي هو أن أصلي في مسجد النور طالما أن ليس هناك اختلاط في ذلك الوقت؛ لأن دعاة الاختلاط هؤلاء ليسوا مداومين على الصلاة في المسجد، ولذلك فإن مثل هذه الأشياء لا تحدث إلا من وقت لآخر أو في يوم الأحد الذي تقام فيه مدرسة لتعليم أبناء المسلمين ويصير هناك اختلاط. الحل الثالث وهو الحل الذي أميل إليه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولحديث " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " ... الحديث هو محاولة تصحيح الوضع شيئاً فشيئاً وقد بدأت فعلاً محاولة فعل هذا، تحدثت مع بعض الإخوة الطيبين في المسجد، ثم ذهبت وتحدثت مع واحد من الذين يدعمون الاختلاط في المسجد، ودخلنا في نقاش قصير، بعد التحدث مع هؤلاء الإخوة ومع هذا الشخص أصبح عندي فكرة جيدة عن الموضوع: الأشخاص المتعصبون لفكرة الاختلاط يحتجون بأشياء مثل: أن النساء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنّ يصلين خلف الرجال وبدون حاجز بينهم، وهذا ردهم إذا قلنا للنساء أن ينزلن إلى الدور الأسفل الذي هو أصلاً مصمم للنساء. المشكلة -يا شيخي العزيز- أن معظم النساء في المسجد لا يلتزمن بالحجاب الشرعي الصحيح فالبعض منهن يضعن المكياج على وجهوهن، ويلبسن البنطلونات الضيقة وما إلى ذلك، يقولون أيضاً: إن الدور السفلي أحياناً يكون ضيقاً ونظام الصوت والتدفئة هناك فيه مشاكل أحياناً، وأحياناً تحتج النساء بأنهن يردن تعلم الصلاة من الرجال عندما يصلين خلفهم. يقول ذلك الشخص الذي تحدثت معه: إنه ليس من العدل أن نضع حاجزاً بيننا وبينهن فقط؛ لأننا رجال ضعاف وقد يشغلننا في المسجد، كذلك يقول: إنه لا يريد أن تظلم النساء بتضييع حقهن إذا وضعنا الحاجز، وكذلك يتحجج أن علينا ألا ننفر الناس من المسجد بتشددنا، وأنه يجب أن نتساهل في بعض الأمور، خاصة أن البعض من الرجال والنساء حديثو العهد بالإسلام أو بالصلاة والأسئلة التي لدي هي:

(1) هل يجب علي هجر هذا المسجد أم محاولة تصحيح هذه الأخطاء الكبيرة التي أراها؟ الأسئلة الأخرى التي لدي هي على افتراض أن الإجابة على السؤال الأول أنه من الأفضل أن أحاول تصحيح الأمر، (2) ما حكم وضع الحاجز في المسجد بين النساء والرجال، وهل هو واجب في ظل الظروف المذكورة آنفاً أم أن الأولى أن يصلين في الدور الأسفل؟ (3) أعلم أنه ستكون هناك معارضة من بعض الإخوة والأخوات، فكيف يكون الرد على الأخوات إذا لم يكن وليها موجوداً في المسجد، أو موجوداً ولا يردها، حيث إن البعض منهن قد يرفضن اتباع ما قد يتقرر من وجوب لزومهن الصلاة في الدور الأسفل أو أي أمر من الأمور التي قد تتقرر في المسجد؟ (4) ما حكم النزاع في المسجد إذا حدث هناك شجار ومد بعضهم يده على البعض ظلماً وعدواناً لأنه خالفهم الرأي، وهل يجوز للواحد منا الدفاع عن نفسه داخل المسجد إذا حصل موقف كهذا الذي قد حدث من قبل لبعض الإخوة؟ (5) ما دليل وجوب إلزام المرأة الكافرة الالتزام بالحجاب الشرعي إن أرادت دخول المسجد؟. (6) ما حكم الكلام بين الرجل والمرأة الأجنبية (المسلمين) بدون حجاب بينهما من حائط أو نحوه في أمور كأمور الدين، أو أمور جدية من أمور الدنيا، وكيف الرد على من يستدل بأن النساء في عهد الصحابة تحدثن معهم في أمور الدنيا؟ (7) ماذا كان يجب علي عندما رأيت بعض الصور تعلق في جدار المسجد من الخارج بجوار الباب، وهي صور فوتوغرافية البعض منها لبعض الإخوة والبعض الآخر للأطفال، وصور أخرى للأخوات. أعلم أن بعض العلماء أباحوا استخدام مثل هذه الصور حتى لغير ضرورة باعتبارها انعكاساً كالمرآة، فقمت فقط بقلب صور النساء (المحجبات كاشفات الوجوه) من باب أن هذا يخالف ما أمرنا به القرآن من غض البصر. هل كان من الأفضل تمزيق هذه الصور وهو الشيء الذي كنت أنوي فعله في البداية، لكني خفت أن يقول البعض إني أخذت صور نسائهم، علماً بأني كنت أنوي أن أعطي الصور لزوجتي التي كانت معي في السيارة لكي تقوم هي بتمزيقها. (8) ما حكم من قال: إنه يجب علينا ألا نعمم الكلام عندما نسب اليهود ونذكر ما فعلوه عبر التاريخ وصفاتهم المذكورة في القرآن، وقال إنه يجب أن نستخدم كلمات مثل الصهاينة واليهود المتطرفين بدلاً من استخدام كلمة " يهود " بشكل عام، علماً أن هذا الشخص ذكر هذا في خطبة الجمعة، وهل يجوز الرد على مثل هذا أثناء الخطبة؟ الجواب

الذي أراه في الحال التي وصفت أن تصبر على ما تراه من أخطاء ولا تهجر هذا المسجد، بل تجتهد في معالجة هذه الأخطاء وتعمل على تصحيحها بقدر الاستطاعة؛ لأنك بذلك تكون قد أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، ولعلك بذلك تكون من المصلحين الذين أثنى الله - تعالى - عليهم، وتتشبه بالرسل والصالحين الذين يقومون بالإصلاح ودفع الفساد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" رواه أحمد (5002) ، والترمذي (2507) ، وابن ماجة (4032) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- ولا سيما أن جماعة المسجد الذي تذكره ليسوا مُطْبقين على هذه الأخطاء، بل منهم - وعلى رأسهم إمام المسجد - من ينكرها ولا يقرها، وهذا يجعل سعيكم في إصلاح هذه الأخطاء ميسراً إذا سلكتم الطريقة المثلى التي ذكرها الله - تعالى - في كتابه بقوله: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125] ، ويكون ذلك باستخدام أسلوب الوعظ والتأدب في الخطاب، والبعد عن التشنج والتعصب للرأي، والحرص على أن يكون ذلك في وقت مناسب يرجى فيه أن تلقى قبولاً من الطرف المقابل، ولا تنتظر أن يتم التغيير والإصلاح في يوم وليلة، بل عليك أن تجتهد وتبذل ما تستطيع أنت ومن معك من الأشخاص في محاولة علاج هذه الأمور ولو على سبيل التدرج، ولا تستعجل النتائج، وعليك بالثناء على ما يطاوعونك فيه من تصحيح لبعض الأخطاء؛ حتى تكسب قلوبهم وتقوي المحبة بينكم، وتتوصل بذلك إلى مطاوعتهم لك في إزالة باقي هذه الأخطاء. وبخصوص ما ذكرته من بقية الأسئلة فالجواب كما يلي: (2) وضع الحاجز في المسجد بين النساء والرجال هو وسيلة إلى بُعد النساء عن الرجال ويحقق مصلحة في خلوة النساء بأنفسهن وأمنهن من نظر الرجال إليهن، وبخاصة فيما لو احتاجت المرأة إلى نزع غطاء الوجه مثلاً، وهو كذلك يحقق مصلحة في أمن الرجال من أن تقع أبصارهم على النساء، وبخاصة مع انتشار التبرج وتساهل كثير من النساء في الحجاب وهو ليس بواجب إذا التزمت النساء بالحجاب وكنّ في آخر المسجد، وفي الحال التي ذكرها السائل فإنه إذا كان قد أعد للنساء موضع في أسفل المسجد وهو مهيأ لهذا فإن الأوْلى أن يصلين في هذا المكان، فإذا لم يتيسر هذا فإنه يوضع حاجز بين الرجال والنساء، ويصلي النساء في آخر المسجد من وراء الحاجز، وإذا لم يتيسر هذا فيمكن للنساء أن يصلين خلف الرجال في آخر المسجد بعيداً عنهم، مع التأكيد عليهن بالتزام الحجاب الشرعي الكامل وعدم التساهل في ذلك، ولا بأس من وضع امرأة تشرف على تطبيق هذا بين النساء، وعليكم أن تذكّروا النساء أنهن إنما أتين للصلاة في المسجد طاعة لله، فعليهن أن يطعن الله أيضاً في الالتزام بالحجاب، وإذا كانت صلاة المرأة في بيتها خيراً لها من المسجد وهي ملتزمة بالحجاب، فكيف الشأن إذا كانت تتساهل فيه؟ لا ريب أن مكثها في منزلها وصلاتها فيه خير لها وأحفظ لها من الإثم.

(3) فيما يتعلق بمخاطبة النساء في هذا الأمر فإنه يوكل إلى القائمين على المسجد من الإمام أو مجلس الأمناء، فهؤلاء كلامهم يكون أبلغ وأوقع في النفس؛ لأنه ينطلق ممن له صلاحية التنظيم في المسجد، ويمكن على سبيل المثال أن يتم ذلك بإلقاء كلمة على النساء في وقت اجتماعهن، أو توضع تعليمات يقرؤها النساء، ومن لا يلتزم منهن بهذه التعليمات فإنها تناصح بالحكمة من قبل النساء المشرفات أو من قبل المسؤولين عن المسجد، ويمكن مخاطبة ولي أمرها إذا اقتضى الأمر ذلك. (4) لا يجوز الوصول في سبيل سعيكم إلى إصلاح أوضاع المسجد إلى مرحلة الصراع والتعدي بالأيدي، وبخاصة في المسجد الذي بني للذكر والصلاة وتلاوة القرآن، والتعدي على هذا النحو ليس من هدي المصلحين، وهو تصرف صبياني يدل على الحمق والعجلة ولا يأتي بخير، بل هو يقطع صلة المودة وهو مذموم في كل حال، فكيف إذا كان في المسجد؟! والله - تعالى - أرشد إلى أن تكون الدعوة باللين والحكمة فقال - تعالى-: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125] ، وبخاصة أنكم مغتربون، وأنتم بأمس الحاجة إلى الوحدة والتكاتف بدلاً عن الخصومة والتنافر، ولو فرض أن أحد السفهاء تعدى على أحدكم بشيء من ذلك فعليكم ألا تجاروه في سلوكه، بل تنصرفوا عنه التزاماً بقول الله - تعالى - " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً" [الفرقان: 63] ، ولعل هذا التصرف منكم يخفف من غلواء الشحناء في قلوبهم، فيحمدوا لكم هذا الموقف فيما بعد، مما يزيد في ميلهم إلى دعوتكم، مع التأكيد على أنه لا ينبغي الاستمرار في النزاع والجدال إلى الحد الذي يوصل إلى هذه الحال حرصاً على تقليل الشحناء في النفوس إلى أقل حد ممكن.

(5) وأما دخول الكفار إلى المسجد فهو محل خلاف بين العلماء، والذي يترجح في المسألة هو جواز دخولهم للمسجد إذا دعت الحاجة إلى ذلك وبإذن المسلمين، والدليل على ذلك هو ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال له: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد " متفق عليه عند البخاري (462) ، ومسلم (1764) ، ووجه الدلالة أن ثمامة أدخل المسجد وربط بسارية من سواريه وهو مشرك، وما رواه عثمان ابن أبي العاص-رضي الله عنه- أن وفد ثقيف قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزلهم المسجد حتى يكون أرق لقلوبهم " رواه ابن خزيمة (601) ، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بينما نحن جلوس مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد دخل رجلٌ على جمل، فأناخه في المسجد، ثم عقله، ثم قال لهم: أيكم محمد؟ والنبي -صلى الله عليه وسلم- بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ...." الحديث رواه البخاري (63) ، ومسلم (12) ، وما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -قال: إن اليهود أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد في أصحابه- رضي الله عنهم-، فقالوا: يا أبا القاسم في رجل وامرأة زنيا منهم " رواه أبو داود (488) . ومن الأغراض التي تسوّغ دخول الكافر للمسجد أن يدخل لغرض نافع كسماع قرآن أو علم، أو يرجى إسلامه وما أشبه ذلك، ولكن يشترط لدخولهم أن يؤمن منهم الضرر، وألا يلوثوا المسجد بنجاسة أو كلام منكر، وإذا كان الداخل امرأة فعليها أن تتستر ولا تتبرج، لأنه إذا كان هذا شرطاً في حق المرأة المسلمة لدخول المسجد فهو في حق الكافرة من باب أولى، ولأن دخولها مع التبرج والسفور يؤدي إلى الضرر بالمصلين وفتنتهم، ومن شروط دخول الكافر للمسجد ألا يتضرر بدخوله أحد من المصلين. كما أن المساجد بيوت الله، وعلى الداخل إليها أن يحترمها بالتزام الأدب واحترام دين الإسلام، وإذا كنا نلزم الكفار في بلاد الإسلام باحترام مشاعر المسلمين بعدم إظهار شعائرهم الكفرية المخالفة للإسلام، فإن أشد ما ينبغي أن يكون هذا الإلزام هو في المساجد التي هي أطهر الأماكن وأحبها إلى الله - تعالى-. (6) وأما الكلام بين الرجل والمرأة الأجنبية فلا بأس به إذا كان فيما تدعو الحاجة إليه من أمور الدين أو الدنيا، ولم يكن فيه خضوع بالقول من قبل المرأة، مع التزامها بالحجاب الشرعي، ولم يكن هناك خلوة، ولا يشترط أن يكون هناك حاجز من حائط ونحوه، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحادث النساء وكذلك أصحابه-رضي الله عنهم- من بعده -صلى الله عليه وسلم-، وينبغي الحذر من الاسترسال في الحديث الذي لا داعي له؛ لأنه قد يجر إلى مفاسد كثيرة. (7) ما ذكرت من الصور المعلقة في خارج المسجد فعليك أن تعالج أمرها مع المسؤولين عن المسجد، وتحاول أن تقنعهم بخطأ تعليقها ووضعها في هذا المكان، وبخاصة أن منها صوراً لنساء سافرات، ولا تقم بنفسك بإزالتها إذا كان سيترتب على إزالتها مفسدة أكبر من مصلحة إزالتها، ويستحسن أن تجعل إمام المسجد يتولى هذا الأمر بنفسه؛ لأنه يملك شيئاً من المسؤولية.

ذم اليهود باستخدام هذا الاسم مطلقاً عن التقييد لست أرى فيه بأساً، بل هو الوارد في كتاب الله - تعالى - قال الله - تعالى -: " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا " [المائدة: 64] ، وقال - تعالى-: " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا" [المائدة: 82] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" رواه البخاري (1330) ، ومسلم (531) من حديث عائشة -رضي الله عنها- ومن المعلوم من حيث الواقع أن اليهود اليوم كلهم متطرفون وضلاّل، فهم يوالون دولة إسرائيل موالاة معنوية وحسية، ويوجهون الإعلام العالمي ضد كل ما هو إسلامي، فهم ليسوا بحاجة إلى أن يقيدوا بوصف التطرف أو العنصرية، ولكن لا ينبغي الرد على صاحب هذا الرأي في أثناء خطبة الجمعة، بل يكون ذلك بعد انقضاء الخطبة والصلاة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كيف أدعو معلمتي؟

كيف أدعو معلمتي؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 22/4/1423 السؤال ليس لدي سؤال بل فكرة أرجو منكم مساعدتي على تحقيقها، وهي: حث إحدى الأخوات على ارتداء الحجاب، هذه الفكرة كانت تراودني منذ سنوات، لكنني ترددت في المضي فيها؛ لأنها كانت مدرّستي وبصراحة كنت خائفة من ردة فعلها وتغيرها عليَّ وخسارتها؛ لأنني كنت ومازلت أحبها في الله، وهذه الخسارة ستمنعني من الاستمرار فيما أفكر فيه، لست أنا الوحيدة التي كانت تتمنى لها ذلك بل كل الطالبات؛ لأنها كانت طيبة معنا جداً جداً، وتعرف الله جيداً، فكرت بأن أرسل لها إيميلات تتحدث عن الدين الإسلامي، لكن قبل ذلك فكرت بأن أبعث لها رسالة خاصة أشرح لها ما يدور في ذهني وما شجعني عليه رب العالمين، لكن بدون ذكر اسمي أو أي شيء يدل عليَّ، حتى أنني قررت أن أفتح عنواناً جديداً يكون مخصصاً لمراسلتها فقط، وطلبي هو أن تساعدوني في إيجاد الطريقة المناسبة التي أبدأ فيها الموضوع والأسلوب الذي أتبعه دون مضايقتها؛ لأنني أخاف أن يكون أسلوبي منفراً لها، وكذلك أريد منكم بعض عناوين المواقع التي تتحدث عن الحجاب وتشجع على ارتدائه. الجواب أختي الكريمة أشكر لك دعواتك للموقع، وأدعوك وزميلاتك إلى الاستفادة من نوافذه المفيدة -بإذن الله تعالى-. ثم لك الشكر ثانياً لقاء غيرتك الدينية، وهمومك الدعوية تجاه أخواتك المسلمات، فلقد سرتنا كثيراً مشاعرك الطيبة، وحرصك المستمر إزاء مدرستك -هداها الله- إلى الطريق القويم. أختي في الله، يحسن بك أن تعلمي أن الكثيرات من أخواتنا المسلمات يمتلكن جوانب خيرة، واستعدادات طيبة لقبول الدعوة المخلصة، والكلمة الصادقة، والنصيحة المؤثرة، وأظن معلمتك من هذا الصنف -إن شاء الله تعالى-. فما عليك -بارك الله في جهودك- إلى أن تبدئي حوارك معها برفق وأناة مستخدمة أكثر من وسيلة، طارقة أكثر من باب وستنجحين -بإذن الله-. وأقترح أن تعقدي مجلس ذكر، وتستضيفي فيه إحدى الداعيات، ويكون موضوع الدرس عن الحجاب وحكمه وشروطه، وبالطبع ينتظر أن تكون معلمتك إحدى الحاضرات المهمات لدى الجميع. ومن المفضل كذلك إهداؤها بعض الكتيبات والأشرطة ذات العلاقة بالموضوع، ومن أصغرها حجماً، وأيسرها أسلوباً، وأبغلها تأثيراً -في نظري-، (رسالة الحجاب) لابن عثيمين -رحمه الله-. ولا مانع من مراسلتها عبر البريد الإلكتروني بأسلوب حسن مهذب، ونقاش هادئ مفيد، ولا أرى مبرراً إلى الكتابة إليها باسم مستعار أو نحوه، بل أحسب مفاتحتها باسمك الصريح أقرب لتحقيق النجاح، والظفر بالمأمول. كما أن الجلوس معها وجهاً لوجه، ومصارحتها بمشاعرك الفياضة نحوها، وإعجابك الشديد بطيبتها وحسن تعاملها، قبيل الإفصاح لها عن آمالك العريضة بانتشالها من السفور إلى جماعة المؤمنات الملتزمات بالحجاب الشرعي النبيل. أظن أمراً كهذا سيختصر الزمن، ويوفر بعضاً من الجهود. وعليك -بارك الله فيك- ألا تلتفتي إلى تخذيل الشيطان، ووسوسته، وتخويفه إياك بقرب خسارة هذه المعلمة، وفقدها فالأقدار بيد الله يصرفها كيف يشاء. ثم لا بد أن تتحلي بالصبر وطول النفس وأنت تقومين بواجب الدعوة تجاه معلمتك أو غيرها ولا تستعجلي النتائج، فلربما مر وقت طويل دون أن تتحقق آمال الدعاة، فلا ينبغي أن يصرفهم ذلك عن مواصلة المسير. وقبل ذلك ومعه وبعده الدعاء الحار، والابتهالات الصادقة سيما في أوقات الإجابة، تصبح أحلامناً واقعاً ملموساً -بإذن الله-، والله المستعان وعليه التكلان.

الدعوة في المنتديات

الدعوة في المنتديات المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 26/11/1422 السؤال قمت بزيارة موقع أجنبي وذلك للدعوة وبيان حقيقة الإسلام، ففوجئت بمفاهيم خاطئة عن الإسلام قمت بتصحيحها وبيان حقيقة الإسلام والرد على مزاعمهم، وعندما لا يستطيعون الاستمرار في النقاش يبدؤون في سب الله والإسلام والرسول - صلى الله عليه وسلم - قاتلهم الله - فأرد عليهم ولكن دون استخدام أسلوب السباب. فهل يجوز لي الاستمرار في دعوتهم أم أتجنب ذلك حتى لا يتمادوا في سب الإسلام؟ علماً أن هذا الموقع يوجد فيه منتدى للنصارى وآخر لليهود، وعندما شعروا بوجود مسلم يحاول الدعوة للإسلام فتحوا منتدى خاصاً بالمسلمين، فاحترمت رغبتهم والتزمت بالمنتدى الإسلامي، ولكنهم يتكالبون عليّ ويبدؤون في السباب. الجواب جواباً على سؤالك أقول: إن غيرتك على دينك وحرصك على دعوة الناس إليه أمر طيب وشعور بالمسؤولية، أسأل الله - تعالى - أن يجزل لك المثوبة ويضاعف لك الأجر. ولا يخفى - أخي الكريم - أن من أول ما يُطلب من الداعية أن يكون عالماً بما يدعو إليه، فقيهاً بما يأمر به، ويتأكد هذا الشرط في مثل هذه المنتديات التي ذكرتها؛ لأن الداعية يواجه أعداداً كثيرة من بيئات مختلفة، وثقافات متباينة وأهواء شتى، فإذا لم يكن الداعية متسلحاً بالعلم مستبطناً الفهم الصحيح لحقائق الدين ومقاصد الشريعة، أوشك أن يكون ضره أقرب من نفعه، ولا سيما أن غالب من ذكرت قد تغشتهم شبه كثيرة عن هذا الدين ربما لبّسوا بها على غير الراسخين في العلم. وأما ما أشرت إليه في سؤالك من سبهم وشتمهم لهذا الدين، فإن الله - تعالى - قد نهى نبيّه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين عن الجلوس إلى الذين يخوضون في آيات الله وأمر بالإعراض عنهم حتى ينتهوا عن ذلك، يقول - تعالى -:" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين" [الأنعام:68] ويقول - تعالى-: " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم " [النساء:140] فهذا هو الأصل الذي يجب أن يعامل به كل من خاض في آيات الله حتى من المسلمين، ويستثنى من هذا ظهور مصلحة راجحة في الجلوس إليهم كالإنكار عليهم، والجواب عن شبههم، وبيان الحق لهم ودعوتهم إليه، يقول الشيخ ابن سعدي - رحمه الله - في تعليقه على الآية الأولى: هذا النهي والتحريم لمن جلس معهم ولم يستعمل تقوى الله، بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم أو يسكت عنهم وعن الإنكار، فإن استعمل تقوى الله - تعالى - بأن كان يأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم فيترتب على ذلك زواله وتخفيفه فهذا ليس عليه حرج ولا إثم ولهذا قال: " وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون " [الأنعام:69] انتهى كلامه - رحمه الله -. والمقصود - أخي الكريم - أنك متى آنست من نفسك القدرة على الدعوة إلى الله بعلم وفهم صحيح، وترجح عندك أن المصلحة في الجلوس معهم ومجادلتهم وبيان الحق لهم فلا حرج عليك بل أنت مثاب مأجور إن شاء الله -تعالى -، والله المسؤول أن ينفعك وينفع بك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

فقه الواقع..ومراعاة الأولويات

فقه الواقع..ومراعاة الأولويات المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 4/11/1424هـ السؤال السؤال هو: إلى أي مدى يؤثر فقه مراتب الأعمال وفقه الواقع في نجاح مسيرة الدعوة إلى الله تعالى؟ الجواب أما فقه مراتب الأعمال فإنه مهم جداً للدعوة، حتى يعرف الفرد والمجموعة التمييز بين الفرض والواجب، والمستحب، والمحرم، والمكروه، ومعرفة الأصل من الفرع، ومعرفة المجمع عليه عند أهل السنة من المختلف فيه الذي يسوع فيه الاجتهاد ولا يثرب فيه على المخالف، وكذلك معرفة الراجح بدليله من المرجوح، وإدراك فقه الاختلاف ووجوب الرد على المخالف، مع احترام أدب الخلاف وهذا باب يطول، وانظر كتاب (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- وكذلك معرفة الضروريات من الحاجيات من التحسينات والكماليات. وأما فقه الواقع فكذلك هو مهم جداً بالنسبة للدعوة لمعرفة الواقع؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وتنزيل الأحكام على الواقع المعروف ليس مثل تنزيلها على الواقع الذي لا يعرف، وانظر رسالة الشيخ ناصر العمر (فقه الواقع) ، ومسيرة الدعوة تحتاج إلى فقه للواقع للتعامل معه بإيجابية وحذر واتزان، والله من وراء القصد.

حضور مناسبات الفرق المنحرفة

حضور مناسبات الفرق المنحرفة المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 2/7/1424هـ السؤال أعيش في بلد تختلف فيه المذاهب والطوائف، وسؤالي هو: هل يجوز حضور أفراح ومآتم ودعوات أبناء الطوائف مثل الإغاخانية وغيرهم، إذا كانوا جيراناً أو معارف؟ الجواب يظهر لي والله أعلم أن هذه الفئات من الفرق الإسلامية أو غير الإسلامية إذا كانوا جيراناً أو معارف من المسلمين، ولا يحدث في اجتماعاتهم وأفراحهم شركيات ومنكرات كبيرة فلا حرج من إجابة دعوتهم، مع قصد دعوتهم للإسلام وترغيبهم فيه، أما إذا كانت اجتماعاتهم فيها شركيات ومنكرات كبيرة، أو كانت اجتماعات بدعية المنشأ كالموالد والأعياد البدعية فلا يجوز حضورها، والله أعلم.

دعوة التقارب بين السنة والشيعة

دعوة التقارب بين السنة والشيعة المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 4/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: ما رأي فضيلتكم بما بدأ يظهر على السطح من الدعوة إلى التقارب بين السنة والشيعة؟ وما أثر ذلك على الأمة؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل: (1) دعوة التقريب القائمة والتي بدأت منذ زمن غير مجدية، ويقصد بها تنازل أهل السنة عن المسلمات وأصول الحق الثابتة بالقرآن والسنة لصالح بدع الشيعة، وهذا باطل. (2) قد يقصد البعض بالتقريب دعوة الشيعة وتقريبهم إلى الحق، وهذا مقصد مشروع، بل مطلوب بالحوار الجاد والمجادلة بالحسنى. (3) يجب ألا يتصدى للحوار مع الشيعة إلا العلماء وطلاب العلم المتمكنون من ذوي الخبرة بمذهب الشيعة وأصولهم العقدية وشبهاتهم واستدلالاتهم المنحرفة. وعلى هذا فلا يجوز ما يفعله بعض الشباب من الدخول في هذه المهاترات دون جدارة وعلم، بل بمجرد العاطفة والحماس، وهم بهذا يظهر عجزهم ويخذلون السنة، ويحسب عجزهم على الحق وأهله، والله حسبنا ونعم الوكيل.

نصيحة لمن يقتني الدش

نصيحة لمن يقتني الدش المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 18/4/1424هـ السؤال ما الواجب عليّ القيام به في حالة أن عدداً من أقاربي يمتلكون الأطباق الفضائية (الدش) ، وقد نصحتهم مراراً وتكراراً ويجيبون بالاطلاع على الأخبار العالمية، فما هو الواجب القيام به مع العلم أن أقاربي أكبر مني سناً؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن مما جد في حياة الناس اليوم أمر القنوات الفضائية وتكاثرها في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة، ففي دراسة علمية أعدها اتحاد إذاعات الدول العربية نشرت في ربيع الأول 1423هـ حيث ذكرت هذه الدراسة أن عدد القنوات الفضائية العربية العاملة حتى ذلك التاريخ يربو على (196) قناة حكومية وخاصة، منها (57) قناة متنوعة البرامج، (65) قناة متخصصة على النحو التالي: (13) قناة تخصصت في البرامج التعليمية والثقافية، (12) قناة تخصصت في البرامج الإخبارية والأعمال الدرامية، (12) قناة تقدم كل ما يتعلق بالسينما، (11) قناة تقدم الموسيقى والأغاني، (6) قنوات تهتم ببرامج الأطفال والرياضة، وجاء في الإحصائية أن (78) قناة تبث على نظام البث المفتوح، في حين يصل عدد القنوات التي تعتمد البث المشفر إلى (59) . ومن فوائد القنوات الفضائية ما توفره من المتابعة الإخبارية الفورية للأحداث في كل وقت، وفي كل مكان، وكذلك ما تقدمه بعض هذه القنوات من برامج شرعية كالدروس واللقاءات مع بعض العلماء، وما تقدمه أيضاً من برامج علمية متنوعة وتاريخية وثقافية وتعليمية دراسية، وغير ذلك من البرامج المفيدة. ولكن هناك أيضاً سلبيات كبيرة في إدخال هذه القنوات الفضائية على المسلم وعلى أسرته وأبنائه ومن أهم هذه الأضرار: (1) الاستماع إلى شبهات متعلقة بدين الله تعالى في مجال الاعتقاد أو التشريع أو المنهج الأخلاقي، أو في شخص الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو في نقلة سنته من الصحابة -رضي الله عنهم - وغير ذلك، حيث يتاح المجال في كثير من هذه القنوات لغير المسلمين من اليهود والنصارى، وكذلك للعلمانيين والمبتدعة من رافضة وصوفية وغيرهم، والعقلانيين والمنحرفين والمنتكسين وغير هؤلاء ليقولوا ما شاؤوا. والتعلق في هذا السياق بالانفتاح ومبدأ ضرورة الحوار، ونحو ذلك مقبول حين يكون الإطار العام الذي تعرض من خلاله الأفكار في دائرة ثوابت الإسلام وأصول السنة. (2) الدعوة إلى التشبه بالكفرة وأهل الفسق والانحراف من خلال تقديمهم في صورة احتفالية تشف بالانبهار والإعجاب بهم، ووضعهم في موضع القدوات، وإظهارهم لذلك في كثير من البرامج والتغطيات، بل وحتى في الإعلانات الدعائية، ولعل من المعلوم أن كثيراً من برامج هذه القنوات أجنبي المنشأ أصلاً، حتى أوصل بعضهم نسبة الأجنبي من هذه البرامج إلى نسبة 75% من مجمل البرامج. (3) نشر الحرام وترويجه من العري والتفسخ، والتفنن في تصوير العلاقات المحرمة وهدم قيم الحياء والعفاف والطهر، ولا تكاد تسلم قناة من ذلك.

وقد أظهر استطلاع أجرته جريدة المدينة في عددها (14552) من خلال مجموعة كبيرة ممن يقتنون أجهزة استقبال للقنوات أن: 62% منهم يرى أن القنوات الفضائية تعتمد على المرأة بشكل أساسي وذلك لجذب المشاهدين، وقال 89% منهم أن أكثر ما تقدمه هذه القنوات يتعارض مع قيمنا وعاداتنا، وطالب 95% منهم بفرض رقابة على ما تبثه هذه القنوات لخطره. (4) تقديمها للجريمة والعنف والإجرام في صورة مثيرة ومحفزة للاقتداء، ومغرية للصغار وضعاف العقول بمحاكاتها. (5) ذهاب الأوقات الثمينة في أمور لا فائدة فيها وقد تكون مضرتها غالبة، والعبد مسؤول عن عمره فيما قضاه. (6) التأثير على العلاقة بالأسرة من خلال شغل الأوقات المنزلية. (7) التعويد على السهر وتأخر النوم. (8) إشاعة الثقافة الاستهلاكية. (9) الأضرار وخصوصاً على الأطفال؛ كضعف البصر، والانحناء وذلك مع طول الجلوس. ومما سبق يظهر أن المفاسد أكثر وأكبر، وخاصة على الأسرة من الزوجة والأبناء الذين يعظم تأثرهم بالفضائيات؛ بسبب كثرة وإدمان مشاهدتها، فضلاً عن ما هو مقطوع به من حرمة ما تعرضه أكثر القنوات من كشف العورات وعرض المحرمات. وأنصح الأخ السائل بما يلي: (1) تكرار النصيحة لأقاربه مع عرضه للمخاطر والمفاسد المترتبة على هذه القنوات بالأسلوب المناسب، والتركيز على آثارها على الأبناء على وجه الخصوص. (2) الوعظ والتحذير بالعقوبات الربانية في الدنيا، والعذاب في الآخرة. (3) العمل على جذبهم، وإشغالهم ببعض الأعمال والأنشطة النافعة؛ ليكون ذلك حلاً عملياً، يضع الحسن موضع القبيح، ويحل الحق مكان الباطل. (4) محاولة إعطائهم مواد مرئية إسلامية ممتعة وهادفة، وتكون مشاهدتها صارفة عن مشاهدة الباطل. (5) العمل على التأثير عليهم من خلال إعطائهم أشرطة وكتيبات عن مخاطر الفضائيات. (6) توجيههم وإعلامهم بالقنوات التي تقدم برامج إسلامية هادفة، ومحاولة التأثير عليهم؛ ليقتصروا في مشاهدتهم عليها، وإن أمكن إقناعهم أو التأثير عليهم بمنع سواها عن طريق التشفير والإلغاء لغيرها. (7) من باب درء المفسدة الأكبر؛ يتم التركيز على أهمية وضرورة إلغاء بعض القنوات التي فيها أكبر تجاوز وتحلل، كقنوات الأفلام وبعض القنوات الغربية، حتى يكون الشر والضرر أخف وأهون. (8) الاستعانة بمن له عندهم مكانة، أو له عليهم ولاية؛ لكي يذكرهم ويعظهم، وربما يحذرهم ويزجرهم. (9) إن كان في هجره لهم تأثير عليهم فربما استخدم الهجر لفترات مناسبة؛ إشعاراً لهم بالإنكار عليهم، وبياناً بعدم الرضا بفعلهم. (10) الدعاء لهم وسؤال الله أن يصرف عنهم هذه الشرور، وليحذر هو من الانجراف معهم بحجة المخالطة للمناصحة. هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

التعاون الدعوي مع أهل البدع

التعاون الدعوي مع أهل البدع المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 5/8/1424هـ السؤال الإخوة الأفاضل: لدي سؤالان: أرجو التكرم بإجابة شافية عليهما: (1) هل يجوز التعاون مع من يتهمون بالابتداع، أو مع الشيعة فيما يمكن الاتفاق عليه معهم سواء في الأنشطة الدعوية أو في التعاطي مع قضايا الأمة؟ (2) ما هي الأمور التي يمكن لأهل السنة والجماعة أن يتفقوا فيها مع المبتدعة أو مع الشيعة، سواء في الأمور العقدية أو الفقهية أو غيرهما؟ هل لي أن أحصل على إجابة أكثر من عالم؛ حتى أتمكَّن من المقارنة بين هذه الآراء؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أهم وأوكد مسائل التعاون مع الشيعة أو غيرهم هو دعوتهم إلى الحق، ومحاورتهم ومناظرتهم للعودة إلى أصل الإسلام ورسالته، وذلك بتحكيم القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية، مع الحرص على هدايتهم والرفق بهم، وإرادة الخير لهم، ولا مانع مع ذلك وبعده من الاتفاق مع عقلائهم الموثوقين منهم على بعض القضايا التي تهم مثلاً أهل البلد الواحد أو المجتمع الواحد كالاتفاق على أمور شرعية: مثل: محاربة الظلم وإنصاف المظلوم وحماية المسلمين من اعتداء غيرهم عليهم، أو على أمور اجتماعية كمحاربة أسباب الفساد ومكافحة الجريمة والمخدرات والعناية بالفقراء، ونحو ذلك.

الدعوة بين إعراض العامي ومؤاخذته

الدعوة بين إعراض العامي ومؤاخذته المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 16/10/1424هـ السؤال قرأت في فتوى سابقة في الموقع ما يلي: العامي الذي تربى على عقيدة فاسدة ولم يجد من يصحح له عقيدته فلا مؤاخذة عليه، وإنما المؤاخذة على من أتاه الحق فرده. فأنا كداعية إذا وجدت في بيئة جاهلة قد تغلبت عليها البدع والشركيات، وأنا أعلم أنني لو دعوتهم فسيردون الحق ويتمسكون بما نشأوا عليه، أفلا يكون من الأرحم لهم (حسب الفتوى السابقة) أن أدعهم على ما هم عليه؛ لكي لا تقع عليهم المؤاخذة؟ الرجاء التوضيح، وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: هذه الدعوى لا تصح من وجوه: أحدها: ربما يكون ما وقع فيه من أخطاء من ضروريات العقيدة التي تضيق فيها دائرة العذر بالجهل، وبالتالي لا يعذر على ما هو عليه. الثاني: أن هذه الحال لو تحققت في بعضهم فبأي حجة تترك دعوة الأكثرين الذين تنكبوا الصراط المستقيم وأعرضوا عن تحقيق التوحيد. ثالثاً: أنت واجبك الدعوة إلى الله وتبليغ الدين والقيام بمهمة الرسل الذين دعوا أقوامهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى:"ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" [النحل:36] ، وأنت من أتباعهم إن شاء الله، وقد جاء وصفهم بقوله تعالى:"قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله ... " [يوسف:108] . رابعاً: أن مهمة البلاغ والإنذار وإقامة الحجة على العباد لا تلزم منها الاستجابة، فواجبك الدعوة وواجبهم القبول والاستجابة وترك أحدهما لواجبه لا يسوغ ترك الواجب للآخر، قال تعالى:"إن عليك إلا البلاغ" [الشورى من الآية:48] ، فعليك أخي بالمبادرة إلى هذا الواجب العظيم مهما قل المعين، والله تعالى نعم المولى ونعم النصير.

دعوة الزملاء غير المسلمين

دعوة الزملاء غير المسلمين المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 06/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أنا موظف في شركة كبيرة، ولدي معرفة بكثير من الأشخاص، ومن ديانات وطوائف مختلفة (شيعة، نصارى ... ) ، وتربطني معهم علاقة عمل محترمة وجيدة، وأنا مقبل على الزواج، وسؤالي ما حكم دعوتي لهم لحفل الزواج؟ وهل فيه موالاة لهم؟ وأريد مخرجاً لهذه المشكلة المحرجة بما يتوافق مع الشريعة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بالنسبة لوليمة الزواج، هل يجوز له أن يدعو من يعتبرهم زائغين عن الحق، أو من ليسوا على دين الإسلام؟ الأمر واسع - إن شاء الله- إذا وجدت حاجة وضرورة تدعو إلى دعوة هؤلاء لمثل عدم القطيعة، وعدم البغضاء والتباغض، وجلب المحبة التي من شأنها أن تصلح الحال، وأن تقوم الأمور، والدليل على ذلك ما ذكره ابن هشام وابن سعد وغيرهما من علماء السيرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في عمرة القضية لما انتهت ثلاثة الأيام التي أقام بها في مكة حسب الاتفاق مع قريش أتاه رجال من قريش يستعجلونه في السفر عنهم، ويطلبون منه أن يخرج حسب الاتفاق، (ابن عامر، وابن عبد العزى) فلما جاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: "وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم فصنعت لكم طعاماً فحضرتموه" رواه الحاكم في المستدرك (6796) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهذا يعتبر دعوة من النبي -صلى الله عليه وسلم- لمشركي قريش للوليمة التي كان يعدها لميمونة - رضي الله عنها-، فهذا أصل إذا وجدت مصلحة ووجدت حاجة أن يتعامل الإنسان مع غير المسلمين تعامله مع المسلمين، أو مع جهات إسلامية قد يكون له رأيه فيها أو موقفه منها. فأقول: إن الأمر واسع - إن شاء الله- والمستند ما ذكرناه، وهو الرواية الثالثة عن أحمد بجواز التهنئة والتعزية للكفار، وجواز العيادة؛ لأن الإمام أحمد روى روى عنه ثلاث روايات ذكرها في الإنصاف، والرواية الثالثة هي التي اختارها تقي الدين ابن تيمية للمصلحة، وهي التعزية والتهنئة وعيادة المرضى للمصلحة، فالمصلحة إذا قامت فمن شأن ذلك أن يسهل هذه الأمور ويجيز له ويبيح له أن يدعو هؤلاء إلى وليمة النكاح بلا حرج - إن شاء الله-. والله أعلم.

كيف أخرج الدش من بيتنا

كيف أخرج الدش من بيتنا المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 29/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فإذا كان عندنا دش، ولم أستطع إقناع أهلي بالتخلي عنه فما موقفي من هذا الشيء؟ وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد، أختي في الله، لا يخفى عليك ما للدش من الآثار الوخيمة على العقائد، والأخلاق، وأنت - بارك الله فيك - مأمورة بقدر الاستطاعة بمناصحة أهلك - أصلحهم الله - بتجنب هذا البلاء المستطير وإخراجه من البيت، فالكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة تفعل الأعاجيب بإذن الله تعالى، خصوصاً حين يصاحبها طول النفس، والبعد عن اليأس، وأياً ما كان الأمر فاحرصي أنت شخصياً - حرسك الله - على تجنب الجلوس معهم حال نظرهم إلى ما تعرضه الفضائيات، ولا تلتفتي إلى ما قد يظهرونه لك من الامتعاض أو نحوه، فالسلامة لا يعدلها شيء، ورضا الرب تعالى لا مساومة عليه، وفقك الله والسلام عليكم.

الكلمات الوعظية بعد الفريضة

الكلمات الوعظية بعد الفريضة المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 8/10/1424هـ السؤال ما الحكم في إلقاء الموعظة بعد تسليم الإمام مباشرة؟ وهل ورد ذلك في السنة؟ مع العلم أن ذلك يقطع الخشوع المطلوب للمصلين الذين يكملون الصلاة، خاصة إذا كان صوت الواعظ جهورياً وجزاكم الله خيراً. الجواب بالنسبة للموعظة بعد الصلاة، فإنها تختلف باختلاف الأحوال، فإذا كانت حالة تنبيه صدرت من بعض المصلين، أو تهم عامتهم، فلا بأس أن تنبه عليها على الفور، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فيلقيها على الفور، قبل انصراف المصلين لتعين الفائدة وليعم نفعها الجميع. وإذا كانت من الدروس اليومية أو الأسبوعية، أو غيرها من المتعارف عليه بين المصلين، فالأفضل للواعظ أو الإمام أن يترك مجالاً للمسبوق أن يتم صلاته، ولأن إتمامها فرض، لأن ما لا يتم الفرض إلا به فهو فرض. فالمستحب إن لم يكن هو المتعين في حق الإمام أو الواعظ، أن يعطي فرصة للمسبوقين أن يتموا صلاتهم، وللمسبحين أن يأتوا بتسبيحاتهم من جهة، ومن جهة أخرى أن يتجنب ما جاء في بعض النصوص من النهي عن التشويش على المصلين، فالأمر يختلف باختلاف الأحوال، والضرورات تقدر بقدرها. لكن تحقيق المصلحة واجتناب ما يفوِّت على المصلين خشوعهم أمر مهم ينبغي أن يلاحظه أئمة المساجد والوعاظ. وبالله التوفيق.

الموقف من (شهود يهوه)

الموقف من (شهود يهوه) المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 23/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. نحن نعيش في بلد غربي، وهناك مجموعه تطلق على نفسها (شهود يهوه) يوزعون منشورات دعائية بجميع اللغات من بينها العربية تحتوي على آيات قرآنية غير كاملة في محاولة للتضليل، فأفيدونا جزاكم الله خيراً كيف نتعامل مع هذه الفئة الكافرة التي تثير الشكوك.? الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تتعاملون بتوعية المسلمين وتحذيرهم من الاغترار بما يقول هؤلاء، وبيان أن الصراع بين الحق والباطل سنة كونية، وأن هذا من طبع الكفار، وخاصة أهل الكتاب كما في الآيات الكثيرة من القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون" [الصف: 8] ، وقوله تعالى: "ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق" [البقرة: 109] ، فيقال لهم: إما أن تؤمنوا بالآيات القرآنية كلها وتستدلوا بها كلها، وبما دلت عليه وإلا فلا تحتجوا ببعض دون بعض كما قال الله -تعالى-: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون" [البقرة: 85] . كما يدعى المسلمون إلى حفظ كتاب الله وتدبر معانيه من خلال كلام أهل العلم من السلف الصالح والعلماء الأخيار في هذا العصر حتى لا يتأثروا بهذه الضلالات، ولا غرابة في عمل هؤلاء وغيرهم وتضليلهم للناس فإن هذا في كل عصر حتى في أيام الأنبياء عليهم السلام، ولكن الغرابة في أن يتأثر المسلم الذي أكرمه الله بهذا الدين، وبحفظ القرآن الكريم إلى قيام الساعة، فلا بد أن ينظر المسلم عمن يأخذ دينه ولا يسمع لما يثيره أهل الغواية والضلال من شبهات أو قلب للحقائق. والله الهادي إلى سواء السبيل.

النظرة الشرعية للحوار بين الأديان

النظرة الشرعية للحوار بين الأديان المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 25/12/1425هـ السؤال ما حكم الإسلام في الحوار بين الأديان الذي أقيم في أحد البلدان العربية؟ وكما هو معلوم أن المِلل تحارب الإسلام؟. الجواب هذه القضية لم تزل تتكرر منذ قرابة نصف قرن، حين أطلق المجمع الفاتيكاني الثاني المنعقد في الفاتيكان في الفترة 1962-1965 الدعوة للتقارب بين الأديان، وتلته مئات المؤتمرات والملتقيات والندوات تحت اسم (التقارب الإسلامي المسيحي) في حقبة السبعينيات والثمانينيات الميلادية، ثم (الحوار الإسلامي المسيحي) ، وبعد اتفاقية (أوسلو) والسعي للتطبيع مع اليهود سميت (حوار الأديان الإبراهيمية) ، ثم في ظل العولمة وسع المدلول فقيل (حوار الأديان) أو (حوار الحضارات) ليتم إدراج الديانات الوثنية من هندوسية وبوذية وكونفوشية، وغيرها. وأياً كان الأمر فالعبرة بالمضمون، فإن كان المقصود من الحوار امتثال أمر الله تعالى في قوله: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله"، فنحن أسعد الناس بالحوار، بل يجب أن نكون أصحاب المبادرة بالدعوة إليه، كما يدل قوله: "تعالوا" وقد حاور النبي صلى الله عليه وسلم اليهود في المدينة، وحاور نصارى نجران، وكتب إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام، وكذلك فعل أصحابه من بعده رضي الله عنهم، وسار على هذا النهج القرآني النبوي علماء الأمة في مناظراتهم ومحاجتهم لمخالفيهم بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن. فهذا اللون من الحوار هو حوار الدعوة) الذي جاء به المرسلون وهو وظيفة الأمة، وأما الحوار الذي يتحاشى الدعوة إلى توحيد الله ونبذ الشرك واتخاذ الناس بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله فهو حوار باطل، يتضمن التلبيس على الناس في أمر دينهم فيظن السذج والجهال أن الأديان سواء، وأنه يسوغ لأي أحد أن يتدين بما شاء، وأن جميع الأديان موصلة إلى الله، كما يقول بذلك زنادقة الصوفية، أو أن يشتغل المتحاورون بضروب من المجاملات والمداهنات تحت ستار البحث عن أوجه الاتفاق وإقصاء أوجه الافتراق!! فهذا ما لم يسلكه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ولا أهل الإسلام على مر القرون، ولا ينتج دعوة إلى اعتناق الإسلام، بل إن بعض هؤلاء المتحاورين يعتبر الدعوة الصريحة إلى اعتناق الإسلام في هذه المؤتمرات خيانة لأدب الحوار!! خلاف مضمون الكلمة السواء التي بينتها الآية السابقة.

وأما الحوار المتعلق بالمصالح السياسية، والاقتصادية، ونحوها فهذا يلتحق بباب السياسة الشرعية للأمة كتوقيع العقود والاتفاقيات، فهذا تفرضه طبيعة التعايش بين البشر، وتقاطع المصالح، ولا يلتبس بأمر الاعتقاد والدين، والولاء والبراء. ومن المؤسف أن معظم المؤتمرات المعقودة بين ممثلي الأديان لا يسلك المتحدثون باسم المسلمين فيها المسلك النبوي الصريح في الدعوة، بل يشتغلون في أمور جانبية هامشية، وسط تغطيات إعلامية تبرز الهدف المبيت لغير المسلمين من الظهور بمظهر (الزمالة) و (التآخي) مما يفقد دين الله الحق تميزه، وجاذبيته بحشره جنباً إلى جنب مع اليهود والنصارى والذين لا يعلمون. وقد رصدت في كتابي (دعوة التقريب بين الأديان) أكثر من ثلاثمائة مؤتمر على مدى أكثر من أربعة عقود لا تنحى المنحى الشرعي في الحوار والله المستعان.

النصح للسلطان بين الإسرار والإعلان

النصح للسلطان بين الإسرار والإعلان المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 05/02/1426هـ السؤال هل النصح للسلطان من خلال عريضة أو صحيفة أو أي وسيلة من وسائل الإعلام، أو من خلال برلمان الدولة إذا كان بقصد الإخلاص في النصح ولفت انتباهه للمعروف، وتحذيره من المنكر- خطأٌ، وأنه لابد أن يكون بالسر كما قال صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن ينصح لسلطان فليأخذ بيده فيخلو به ... إلخ" الحديث.. هناك من الناس من يقول إن الجهر للسلطان بالنصح والأمر بالمعروف من سبيل أهل الأهواء. فالمرجو بيان: هل المسألة خاضعة للاجتهاد والعرف السياسي؟ وهل الحديث المذكور حجة في ذلك؟ وما مدى صحة الحديث؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد: النصيحة بمفهومها الشامل هي الدين، وتتسع مجالاتها فتشمل النصيحة لله، ولكتابه ورسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ووردت أحاديث بالأمر بالنصح لولاة الأمر خاصة، ففي مسند الإمام أحمد (8799) ، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ ... ". وفي المسند (13350) ، من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه، وغيرِه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ صَدْرُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُنَاصَحَةُ أُولِي الْأَمْرِ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ". قال الحافظ ابن رجب: وأما النصيحة لأئمة المسلمين: فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم، وحب اجتماع الأمة عليهم، وكراهة افتراق الأمة عليهم، والتدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل، والبغض لمن رأى الخروج عليهم، وحب إعزازهم في طاعة الله عز وجل. وقال: والنصيحة لأئمة المسلمين معاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وتذكيرهم به، وتنبيههم في رفق ولطف، ومجانبة الوثوب عليهم، والدعاء لهم بالتوفيق. وقال القرطبي: والنصح لأئمة المسلمين: ترك الخروج عليهم، وإرشادُهم إلى الحق، وتنبيههم فيما أغفلوه من أمور المسلمين، ولزوم طاعتهم والقيام بواجب حقهم. ومن أدب نصيحة ولاة الأمور أن تكون سرًّا مع الرفق واللين؛ لأن هذا أدعى لقبول الحق والانقياد له، وأجدر في درء المفاسد والفتن، وتحقيق المصالح، ففي الصحيحين- البخاري (3267) ومسلم (2989) - من حديث أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِأُسَامَةَ: لَوْ أَتَيْتَ فُلَانًا فَكَلَّمْتَهُ. قَالَ: إِنَّكُمْ لَتُرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ، إِنِّي أُكَلِّمُهُ فِي السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ.

والرجل المذكور هو عثمان رضي الله عنه، قال القاضي عياض: مراد أسامة أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام؛ لما يخشى من عاقبة ذلك، بل يتلطف به وينصحه سرًّا فذلك أجدر بالقبول.... وفي المسند (15333) ، من حديث عِيَاضِ بْنِ غَنْم، أنه سمع الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ". قال الحافظ ابن رجب: كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سرًّا. حتى قال بعضهم: من وعظ أخاه فيما بينه وبينه، فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه. وقال الفضيل: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير. وسئل ابن عباس، رضي الله عنهما، عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر؟ فقال: إن كنت فاعلاً ولا بُدّ ففيما بينك وبينه. وقد يجتهد العالم المتأهل للأمر والنهي في بعض الأحوال فيرى الإنكار على ولاة الأمر علانيةً، وذلك لظهور المصلحة مع أمن الفتنة، أو حدوث مفسدة أكبر، وربما كان ذلك بسبب خشية فوات الأمر، أو من أجل إظهار الحق، فقد يكون خافيًا على الناس، وقد أنكر عدد من الصحابة، رضي الله عنهم- على بعض الأمراء علانية، ومن ذلك: إنكار عبادة بن الصامت على معاوية، رضي الله عنهما، ففي صحيح مسلم (1587) ، من حديث أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، فَجَاءَ أَبُو الْأَشْعَثِ. قَالَ: قَالُوا: أَبُو الْأَشْعَثِ أَبُو الْأَشْعَثِ. فَجَلَسَ، فَقُلْتُ لَهُ: حَدِّثْ أَخَانَا حَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. قَالَ: نَعَمْ، غَزَوْنَا غَزَاةً، وَعَلَى النَّاسِ مُعَاوِيَةُ، فَغَنِمْنَا غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَكَانَ فِيمَا غَنِمْنَا آنِيَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَهَا فِي أَعْطِيَاتِ النَّاسِ، فَتَسَارَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَبَلَغَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، رضي الله عنه، فَقَامَ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى. فَرَدَّ النَّاسُ مَا أَخَذُوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: أَلَا مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أَحَادِيثَ قَدْ كُنَّا نَشْهَدُهُ وَنَصْحَبُهُ فَلَمْ نَسْمَعْهَا مِنْهُ! فَقَامَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَأَعَادَ الْقِصَّةَ، ثُمَّ قَالَ: لَنُحَدِّثَنَّ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَرِهَ مُعَاوِيَةُ- أَوْ قَالَ: وَإِنْ رَغِمَ- مَا أُبَالِي أَلَّا أَصْحَبَهُ فِي جُنْدِهِ لَيْلَةً سَوْدَاءَ.

ومثل موقف عبادة في الإنكار، ما حصل لأبي سعيد الخدري مع مروان بن الحكم حينما قدم الخطبة على الصلاة يوم العيد، ففي صحيح البخاري (956) ، من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِي، فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ لَهُ: غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ. فَقَالَ: أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ. فَقُلْتُ: مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لَا أَعْلَمُ. فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ. قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث إنكار العلماء على الأمراء إذا صنعوا ما يخالف السنة. وقال: وفي الحديث إنكار العالم على الحاكم ما يغيره من أمر الدين والموعظة بلطف وتدرج. ومن الأمثلة أيضًا إنكار أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي على عمرو بن سعيد والي يزيد على المدينة، ففي الصحيحين- البخاري (104) ، ومسلم (1354) ، من حديث أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً ... " الحديث. قال الحافظ ابن حجر: قوله: ائذن لي. فيه حسن التطلف في الإنكار على أمراء الجور ليكون أدعى لقبولهم.

ومن الأمثلة أيضًا ما أخرجه البخاري (522) ومسلم (611) ، من حديث ابن شهاب أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا وَهُوَ بِالْعِرَاقِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ..... الحديث. قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث من الفوائد: دخول العلماء على الأمراء وإنكارهم عليهم ما يخالف السنة.... وفي صحيح مسلم (1830) أن عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ". فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ. فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَال: َ وَهَلْ كَانَتْ لَهُمْ نُخَالَةٌ! إِنَّمَا كَانَتْ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ وَفِي غَيْرِهِمْ، هذا والله أعلم.

الهجر مع انتفاء المصلحة

الهجر مع انتفاء المصلحة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 24/09/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ، هل الهجر والعقوبة بترك الكلام والمجالسة والمناكحة للمخالفين لمنهج الحق- وهو منهج السلف- يدور مع علل لأجلها شرعت هذه العقوبات والأحكام؛ وبحيث في حالة عدم تحقق هذه العلل ينتفي الحكم، هل هذا صحيح؟ وما العلل التي بموجبها شرعت هذه العقوبات، وعند تخلفها تتخلف هذه العقوبات والأحكام؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالهجر للمبتدع إنما شرع زجرًا له عن بدعته ولغيره من سلوك طريقه، وهكذا كل العقوبات الشرعية، إنما شرعت لهذه الحكمة، ولذا فقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم- كعب بن مالك ومُرارة بن الربيع وهلال بن أمية، رضي الله عنهم، لما كان في هجرهم زجرًا وتأديبًا، ولم يهجر المنافقين المعتذرين عن جهادهم مع ارتكابهم لذات الفعل؛ وذلك لعدم تحقق الزجر، ولذا فمتى اجتهد الإنسان وغلب على ظنه أنه بهجره لصاحب بدعة أنه يتوب ويتأدب ويتعظ غيره، فإنه يهجره سواء في المجالسة والمصاحبة والمحادثة، أو حتى في الرواية والأخذ عنه، كما قرر ابن تيمية أن عدم رواية الإمام أحمد عن بعض من نسب للبدع كان نوع تأديب لهم، وإذا غلب على ظنه أن هجره لا يجدي فليس الهجر واجبًا في حقه، بل عليه فعل ما يظنه أصوب وأقرب إلى تحقيق المقصود. والله الموفق.

هل يتركا الإمامة والأذان؟

هل يتركا الإمامة والأذان؟ المجيب د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 07/08/1425هـ السؤال لقد منَّ الله علي -وأنا أعمل إمام مسجد- وعلى مؤذني بالهداية من العقيدة الصوفية إلى عقيدة السلف الصالح، وقررنا ترك المسجد؛ لأننا نرغم على فعل بعض البدع الصغيرة كالدعاء الجماعي بعد الصلاة، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم- بعد الأذان، علماً بأنه لا يعمل مثل عملنا إلا المبتدعة، ومن رفض ممارسة البدع رفع أمره إلى المباحث، ويعرض للإجهاد الشديد بعد طرده من عمله، كما أنه أشار علينا بعض أهل العلم بأن نبقى في عملنا مع ما نرغم على فعله من البدع درءاً للمفاسد المترتبة علينا وعلى الدعوة السلفية في بلدنا، لأن من سيوضع في مكاننا من مؤذن أو إمام سيعمل على نشر البدع، وسيعمل على هدم لما حققناه من إبطال لبعض البدع وإحياء بعض السنن، كما أننا نحاول من خلال مكاننا في المسجد نشر العقيدة الصحيحة وإحياء السنة، ولكن بالتدرج والحكمة. نرجوا إفتائنا في التصرف الصحيح، هل نبقى في المسجد أم نتركه؟ كما نرجو وبشدة الإسراع في الجواب؛ لما يترتب على تأخيره من مفاسد لأننا في حالة حرجة، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، وبعد: فحال المضطر والمكره ليس كحال الخالي من هذه الأعذار. فإذا كان ترك المسجد يفضي إلى شر كبير، واضطهاد، يضر بكم وبالدعوة، وتلك البدع صغيرة كما ذكرتم، وليست شركًا، وقصدكم التدرج في الإصلاح بالحكمة، وإحياء السنة، وعلماؤكم البررة، ممن هم أعرف بحالكم، أفتوكم بالصبر، درءًا للمفسدة المترتبة على الدعوة، وما يترتب عليه من تولية الإمامة من يحب نشر البدع.. فكل هذه الأعذار نرجو أن تكون سببًا شرعيًا في بقائكم على إمامتكم للمسجد، مع الجد والحرص على توضيح السنة للناس، برفق، وصبر، وحكمة، وعدم تأخير البيان.. حتى يجعل الله لكم فرجًا. وإليكم جواب سؤال سابق عن ضابط مجالسة المبتدعة، لعله يكون معينًا لكم: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، وبعد: فالمبتدع هو من تبنى منهجًا بدعيًا، وليس من وقع في البدعة فحسب، إذ الواقع في البدعة قد يكون متأولاً، أو مخطئا، أو ذاهلا، أو مكرها.. إلى غيرها من الأعذار.. وقد عذر الشارع من وقع في الخطأ مجتهدًا. فالمتبني منهجًا بدعيًا، هو الذي يصح إطلاق وصف الابتداع عليه، لإصراره، ولأنه يؤسس طريقة مخالفة للهدي النبوي، يبني عليها مخالفات لا تحصى، كمن تبنى المنهج العقلي، وقدمه على النص الشرعي، ومن تبنى المنهج الذوقي والكشفي، وقدمه على النص الشرعي، وكذا من تبنى منهج رد السنة جملة. إذا علم هذا: فلا بد من التفريق بين قوم وقعوا في أمور مبتدعة، وبين آخرين أصحاب منهج بدعي، فليست مجالسة هؤلاء كهؤلاء. وبعد هذا التعريف يقال في ضابط المجالسة ما يلي: المجالسة إما أن تكون لقوم فيهم بدعة، وليسوا مبتدعة، أو قوم مبتدعة، أصحاب منهج بدعي. وفي كلا الحالتين: إما أن تكون المجالسة حال تلبسهم بالبدعة، أو بدون تلبس.. فهذه أربع أحوال:

-الحالة الأولى: مجالسة قوم فيهم بدعة، حال تلبس بالبدعة: وهذا لا يجوز إلا بشرط: أن يكون منكرًا عليهم، أو داعيًا، وناصحا لهم، ومعلمًا.. فإن كان مكرهًا، أو مضطرًا، يخشى من مفسدة أكبر حال امتناعه من الجلوس، كما إذا كانوا من أهله، يخشى تقطع الصلات، ويأمل أن يكون في جلوسه خيرًا، ولو لاحقًا، في دعوتهم وإصلاحهم، فلا بأس إن كان الجلوس بهذه النية. - الحالة الثانية: مجالسة أولئك، حال خلوهم من البدعة، فلا بأس من ذلك، ويكون بنية دعوتهم، وإصلاحهم. - الحالة الثالثة: مجالسة أصحاب منهج بدعي، حال تلبسهم: وهذا لا يجوز إلا بالشرط السابق، وللإكراه والاضطرار حكمه الخاص، كما تقدم، مع ملاحظة: أن دعوتهم، وإصلاحهم هو مهمة العالم، ومن عنده حظ من الفقه والدراية، ومن ليس عنده شيء من هذا، فيخاف عليه. - الحالة الرابعة: مجالسة هؤلاء حال خلوهم من البدعة: فلا بأس من ذلك، ويكون بنية دعوتهم، وإصلاحهم، وهذا لأهل العلم والدعوة، أما العامي فيحذر، فإن المتبني منهجًا بدعيًا، هو في حال استعداد للدعوة. إذن المجالسة المحرمة هي: التي يكون فيها الرضا بالمنكر، أو السكوت مع القدرة على الإنكار، أو المفارقة. أما المجالسة مع قصد الدعوة، والإصلاح، فهذا خير وبر، وكذا من أكره، أو ترجحت عنده المصلحة الشرعية. هذا وليعلم أن الإعراض وهجر المبتدعة كليا، إنما يكون في زمن هيمنة سلطان الشريعة والسنة، لأنه حينئذ يفيد في زجره، أما في زمن الضعف. فلا يفيد.

التشهير بأهل الضلال

التشهير بأهل الضلال المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 26/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. يا شيخ تعرف ما يسببه العلمانيون من أفكارهم الهدامة، وخاصة في الصحف -والحمد لله- رزقني الحكمة والرد عليهم في المنتديات وفضحهم، لكن يا شيخ هل يجوز أن أذكرهم بأسمائهم أو بالتلميح عنهم أم هذا يعتبر غيبة أو عدم ذكر أسمائهم؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان الشخص صاحب بدعة أو ضلالة يدعو إليها ويفتن بها، فيجب التحذير منه ودحض شبهاته وفضح مكره وخبثه، والرد على فِكرِه، وليس هذا من الغيبة في شيء، فإن التشهير باسمه صريحاً فيه مصلحة راجحة وفيه درء لمفسدة في الدين عظيمة، لا يتأتى درؤها إلا بهذا، فكان من الواجب أن يُحذِّر منه الناس ليحذروه ويجتنبوا مجالسته ويأمنوا من الاغترار بمفترياته وتلبيساته. لكن من الواجب أيضاً قبل أن يُتخذ معه هذا الطريق أن يُتثبت مما يُنسب إليه؛ فربما كان مزوَّراً عليه أو محرفاً كلامه أو مبتوراً من سياقه، فلا بد من التثبت من نسبة القول إليه، ثم لا بد من التثبت، ثانياً من أن ما يقوله ضلالة من الضلالات تعارض نصاً صريحاً أو تتضمن استهزاءً ولمزاً، ولا بد - ضمانة لذلك- من التأني في قراءة كلامه فقد يستعجل الإنسان القراءة فيسيء الفهم ويحكم بالباطل ويظلم بريئاً، وعليك اجتناب التكفير والسخرية والسب بفاحش القول، وأن تتوجه بجهودك إلى إبطال أقواله وكشف مفترياته ثم التحذير منه تحذيراً عاماً سالماً من التكفير الذي قد لا يكون وصفاً صادقاً عليه فتحور الكلمة على قائلها. والله أعلم.

مداهنة أم حكمة؟

مداهنة أم حكمة؟ المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 17/06/1426هـ السؤال لي صديق عمه شيخ طريقة صوفية ولدى صديقي الرغبة في أن يكون داعية لله، وهو لا يقتنع بمعتقداتهم ولا يجاريهم في طقوسها، إلا أنه يحتك بهم ويجاملهم، ويحاول تجميع مادة إسلامية من منهج أهل السنة والجماعة، وينشرها من خلال عمه وزاويته؛ لأنه يتردَّد عليها الكثير، وله قريب يحرضه على أن يتركهم نهائياً، وأن عمله الدعوي هذا بالرغم من أن مادته من منهج أهل السنة والجماعة إلا أنه لا يجوز أن ينشر من خلالهم، ولا يجوز التعامل معهم ومجاملتهم حتى وإن سبب ذلك حساسيات مع عمه بالرغم من أن صديقي له قرابة عشرين سنة ولم يتأثر بمنهج الصوفية ولله الحمد، بل خلال هذه الفترة -وبفضل الله- استطاع أن يؤثر في بعضهم من خلال هذا المنهج، وبدون أن يخلق حساسيات ومحاربة له. وأخيراً: هل يجب على صديقي ترك الاحتكاك بهم والدعوة من خلالهم، علماً أن مَنْ يحاول الدعوة من غير طريقهم سيحارب من الدولة؛ لأنه في بلد -للأسف- تحارب الدعاة من أهل السنة والجماعة. الجواب صديقك هذا إن كان يداهن إلى حد يلبس الحق بالباطل، ويرتكب البدع أو يؤيدها دون ضرورة معتبرة شرعاً، فأرى أن يبتعد عن ذلك ويدعه بحكمة. وإن كان ما يفعله لا يوقعه في شيء من ذلك (وهو الظاهر من السؤال) فعمله مناسب، والمجاملة والمداراة في ذلك -ما دام يحقق مصلحة- لا حرج فيها، ولعل هذا نوع من الحكمة والتسديد والمقاربة كما هي القاعدة التي نص عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "سدِّدوا وقاربوا" أخرجه البخاري (39) ، ومسلم (2818) . والرفق بقوله -صلى الله عليه وسلم-: " ما كان الرفق في شيء إلا زانة ... " أخرجه أحمد (13530) . وفَّق الله الجميع لكل خير.

كيف ندعو الكفار وقد لعنهم الله؟!

كيف ندعو الكفار وقد لعنهم الله؟! المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 19/09/1426هـ السؤال ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: "إن الله لعن الكافرين"، فكيف ندعوهم إلى الإسلام وقد أخبرنا الله باستحالة استجابتهم، حيث أخبر عنهم أنهم لن يهتدوا؟ فلا أرى سبباً لدعوتهم للدخول في الإسلام. فما قولكم فيما ذهبت إليه؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيجب الاستمرار في دعوة غير المسلمين للإسلام إلى أن تقوم الساعة بأمر الله تعالى، فالله تعالى يقول: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125] ، وقال سبحانه مخاطباً رسوله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني" [يوسف: 108] ، وقال -صلى الله عليه وسلم- "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم". أخرجه البخاري (2942) ، ومسلم (2406) . ثم إن الكافر إذا أسلم خرج من الوعيد المذكور واللعن، والخبر في استحالة استجابتهم إنما هو فيمن علم الله أنهم لا يهتدون وماتوا على الكفر، ونحن لا نعلم من هم، ولا يعلم ذلك إلا علاَّم الغيوب سبحانه وتعالى، ولذلك أمرنا ببذل الأسباب في الدعوة للإسلام، والنتائج على الله. فالكافرون الذين لعنهم الله هم الذين أصرُّوا على الكفر وماتوا على ذلك، أما من كان حياً منهم فيجب علينا دعوته؛ لعل الله أن يهديه وينقذه من اللعنة والعذاب، وقد توافرت النصوص وتواترت على ذلك، ولذا يجب أن نرد النصوص إلى بعضها، ونفسِّر بعضها بالآخر، وبسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة وأئمة الدين الراسخين، وألا نستدل بهذه الطريقة المبْتورة والانتقائية.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ضوابط في إنكار المنكر المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 5/7/1422 السؤال ما الضابط في إنكار المنكر؟ الجواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أفضل الأعمال الصالحة وأجلها وأحبها قال تعالى " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " قال شيخ الإسلام في رسالته (الحسبة في الإسلام) طبعة الإفتاء الأولى ص73: " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لايجب على كل أحد بعينه بل هو على الكفاية، كما دل عليه القرآن ولما كان الجهاد من تمام ذلك كان الجهاد ـ أيضاً ـ كذلك فإذا لم يقم به من يقوم بواجبه أثِمَ كلُّ قادر بحسب قدرته؛ إذ هو واجب على كل إنسان بحسب قدرته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيَّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم. وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضوابط منها: 1ـ أن يكون فقيهاً فيما يأمر به فقيهاً فيما ينهى عنه، أي: عالماً بأنَّ ما يأمر به هو من دين محمد صلى الله عليه وسلم، وأنَّ ما ينهي عنه هو مما نص الله ورسوله عنه. 2ـ أن يكون رفيقاً فيما يأمر به رفيقاً فيما ينهى عنه. 3ـ أن يكون صبوراً حليماً فيما يأمر به وينهى عنه. قال شيخ الإسلام في رسالته نفسها ص84 " فلا بد من هذه الثلاثة: العلم والرفق والصبر، العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كلٌ من الثلاثة مستصحباً في هذه الأحوال " ا. هـ. 4ـ ألاّ يترتب على أمره ونهيه منكر أعظم منه. 5ـ أن يكون الإنكار باليد فيمن هم تحت سلطته من نساء وأبناء ونحوهم. وأما عامة الناس فالإنكار باليد للسلطان أو نائبه، والله أعلم.

إصلاح ذات البين من غير إذن المتخاصمين

إصلاح ذات البين من غير إذن المتخاصمين المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 24/11/1425هـ السؤال هل يجوز لدخيل اقتحام غرفة إصلاح ذات البين دون إذن صاحب الدعوى والتحيز للطرف الآخر؟ وهل يجوز اعتماد بصمة إنسان يقع تحت أزمة قلبية أو نائم أساسًا لإصدار حكم؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإصلاح ذات البين لا يشترط له إذن الطرفين، بل هو داخل في عموم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من أنواع النصيحة، ولكن هذا إذا تم وفق الضوابط الشرعية، أما إذا مال الداخل إلى أحد الطرفين ظلمًا فهو بحاجة إلى من يناصحه لخروجه عن الغاية النبيلة، وهي الصلح، إلى الظلم؛ فعن أبي الدرداء، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ؟ ". قَالُوا: بَلَى. قَالَ: "إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ". أخرجه أحمد (27508) ، وأبو داود (4919) ، والترمذي (2509) وصححه. أما ما يتعلق بحكم الاعتماد على بصمة إنسان نائم أو واقع تحت أزمة قلبية: فالبصمة قرينة قوية على صحة الدعوى، ولكن إذا ثبت عند القاضي أنها تمت في أثناء نوم صاحبها أو وقوعه تحت أزمة قلبية فلن يعتمد عليها أبدًا، وهذا مما لا خلاف فيه، ولكن إذا لم يثبت ذلك فالعبرة بالظاهر، والنبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسَبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي لَهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا". رواه البخاري (2458) ، ومسلم (1713) من حديث أم سلمة، رضي الله عنها،، فحكم القاضي يرفع النزاع في الدنيا ولا يحل حرامًا، قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله تعالى، في شرحه للحديث السابق: (وفيه أن من احتال لأمر باطل بوجه من وجوه الحيل حتى يصير حقًّا في الظاهر، ويحكم له به أنه لا يحل له تناوله في الباطن، ولا يرتفع عنه الإثم بالحكم، وفيه أن المجتهد قد يخطئ، فيرد به على من زعم أن كل مجتهد مصيب، وفيه أن المجتهد إذا أخطأ لا يلحقه إثم، بل يؤجر كما سيأتي، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي بالاجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه شيء، وقد عدا في ذلك قوم، وهذا الحديث من أصرح ما يحتج به عليهم، وفيه أنه ربما أداه اجتهاده إلى أمر فيحكم به ويكون في الباطن بخلاف ذلك) ا. هـ، فتح الباري (13/174) . ولو فُتح هذا الباب، وهو باب عدم أهلية المدان في أثناء توقيع المستندات من شيكات وغيرها لضاعت الحقوق؛ إذ كل من ثبت عليه شيء ادّعى أنه وقَّع ذلك تحت تأثير المخدر أو في أثناء التنويم المغناطيسي، أو غير ذلك من الدوافع. وفق الله، تعالى، الجميع لما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مؤاكلة من لا يصلي في الجماعة

مؤاكلة من لا يصلي في الجماعة المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 16/9/1424هـ السؤال أخي لا يصلي معنا في المسجد منذ فترة، ولا يستجيب لكل محاولاتنا، ويقول: أنا مريض وقد أصابتني عين وغيره، السؤال هو أنني أريد ما يرضي الله، فهل آكل من طعامه؟ وهل أرسل له طعاما؟ ما هو المأثور عن أهل السنة والجماعة في مثل هذه الحالات؟ ما يجوز ومالا يجوز، وجزاكم الله خيراً. الجواب عليك أخي السائل من صلتك أخيك بما يحتاجه من المباحات إن كنت تستطيع ذلك، ولعل صلتك إياه تشعره بحرصك عليه. وأما دعوى أن المانع ما يدعيه من عين أو غيرها فتلك من خواطر الشيطان يدفعها الله بالطاعة، وأهم الطاعات بعد التوحيد الصلوات، وصلاة الخمس في المساجد شرعها الله فيها وذكر تحصينها للمصلي بالحديث الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فيدركه فيكبه في نار جنهم". أخرجه مسلم (657) من حديث جندب -رضي الله عنه-. على كل حال احرص على نصحه دون ملل أو كلل وصلة للرحم التي بينكما، وفي رواية عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عند أبي الشيخ في أخبار أصبهان (3/107) : "من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا تخفروا الله في جواره، حتى يمسي، ومن صلى المغرب فهو في ذمة الله حتى يصبح، فلا تخفروا الله في ذمته". (كما عليك أخي كذلك بمحاولة ربطه بالصحبة الصالحة التي تأخذه برفق إلى الرغبة في الطاعات، ويبتعد بها عن المعاصي وخواطر الشيطان) . وصلى الله وسلم على سيدنا وإمامنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

تطبيق حد الرجم في ديار الكفر

تطبيق حد الرجم في ديار الكفر المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 9/9/1424هـ السؤال إذا زنى رجل متزوج بامرأة متزوجة في ديار الكفر، وكان هناك عدداً كافياً من الشهود مستعدين للإدلاء بشهادتهم، ولكن لا يوجد قاض لإصدار الحكم، فهل يطبق عليهما حد الرجم بدون وجود قاضٍ؟ وماذا يجب على المسلمين في هذه المنطقة أن يفعلوا؟ هل يتغيَّر الوضع في حال وجود قاضٍ؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإقامة الحدود مثل رجم الزاني وقطع يد السارق وجلد شارب الخمر يقيمها من له ولاية كالقاضي؛ لأنها تحتاج لإثبات وحكم بموجبها، ولو لم توكل للقضاة لصار في ذلك فوضى عامة وضرر كبير. والواجب على المسلمين المقيمين في بلاد غير إسلامية أن يسعوا لدى الحكومات في إقامة قاضٍ يحكم بالشريعة بينهم، فإن أمكن فهذا المطلوب، وإلا فإن الواجب عليهم بذل النصيحة والتذكير والإرشاد لبعضهم، وإن أمكن أن يعاقب بما يردعه من مثل الهجر الجماعي حتى يظهر التوبة مثلاً فهذا حسن أيضاً. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

مواقع الدردشة على الإنترنت

مواقع الدردشة على الإنترنت المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 14/10/1422 السؤال هل يجوز الدخول في مواقع الدردشة بما فيها من غيبة وكلام غير لائق في المجتمع الإسلامي؟ أرجو توضيح الحكم الشرعي بذلك، وإذا كان فقط مشاهدة ما يكتب فيها دون المشاركة، فما الحكم؟ الجواب المسلم مسؤول عن وقته، وإذا لم يقضه في طاعة فيجب صيانته عن المعاصي وحضور مجالس الغيبة سواء كانت بالهاتف أو الإنترنت أو غير ذلك، ومشاهدة ما يكتب للاطلاع لقتل الوقت، فلا يجوز لما فيه من حضور المنكر وإفساد القلب، أمّا إذا كان المشاهد قادراً على الدعوة عبر الدردشة، وإنكار المنكر بعلم وبرفق وحلم؛ فهو في دعوة وعمل صالح.

عبارة "لا حياء في الدين"

عبارة "لا حياء في الدين" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 26/1/1424هـ السؤال شخص أراد أن يسأل طالب علم فقدم لسؤاله - كالمعتاد عند الناس بقوله: "لا حياء في الدين" فصاح به شخص آخر قائلا: أعوذ بالله، تب إلى الله، وأنكر عليه ذلك بشدة واختلفوا في هذه المسألة وتجادلوا. السؤال: هل الإنكار على قائل هذه العبارة بهذا الأسلوب يعد في محله؟ أم إنه يحمل على الغالب من مراده ومراد من يتلفظون بهذه العبارة؟ حيث إنهم يريدون" لا حياء في السؤال عن الدين"؟ وبمعنى آخر: هل يحرم التلفظ بهذه العبارة مطلقا؟ أم يجوز مطلقاً؟ أم يكره كراهة تنزيه؟ أم ينظر لقصد قائلها؟ وماذا يجب على طالب العلم إذا سمع أحداً يتلفظ بها؟ أرجو التفصيل الكافي الشافي، سدد الله خطاكم وهداكم للصواب من القول والعمل. الجواب الحمد لله، هذا الإنكار ليس في محله، وهذه التقدمة تشعر بأن السؤال مما يستحيا منه، فهو كالاعتذار عن التقدم بهذا السؤال، وقد قدمت أم سليم بسؤالها عن حكم احتلام المرأة بقولها: إن الله لا يستحي من الحق، فلو استعيض عن قول القائل: لا حياء في الدين بما قدمت به أم سليم لكان أولى، ولعل الحامل لهذا المنكر هو أن قول القائل: لا حياء في الدين، لفظ مجمل يحتمل حقاً وباطلاً، ولكن المعلوم من قصد القائل أنه لا يشرع الحياء في معرفة الدين، ولا ينبغي أن يكون مانعاً من السؤال عما يحتاج إليه الإنسان في دينه إذ لا حرج عليه في ذلك، وأما الاحتمال الآخر فهو بعيد، وهو اتهامه أنه يقصد أن الحياء ليس من الدين، فهذا ليس صحيحاً، بل الحياء شعبة من الإيمان، لكن الذي يقدم لسؤاله بقوله: لا حياء في الدين، لا يريد نفي كون الحياء من شعب الإيمان، بل يريد أن الحياء لا يمنع من السؤال عما يستحيا من ذكره إذا كان يتعلق بالدين، فإن المسلم مأمور بمعرفة دينه والسؤال عنه، فيسأل عما يحتاج إليه إما بنفسه أو بغيره؛ إذا كان لا يتيسر له ذلك بسبب الحياء، كما فعل علي - رضي الله عنه - قال: كنت رجلاً مذاءً فكنت أستحي أن أسال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته مني، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: -عليه الصلاة والسلام-: "توضأ واغسل ذكرك"، رواه البخاري (269) ، ومسلم (303) ، وفي لفظ لمسلم: "توضأ وانضح فرجك" وقالت عائشة - رضي الله عنها -: "نِعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن تتفقهن في الدين" رواه مسلم (332) والخلاصة أنه لا وجه لما كان من الإنكار مع وضوح مقصود السائل، والله أعلم.

معنى لا إكراه في الدين

معنى لا إكراه في الدين المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 30/1/1423 السؤال أخذ بعض الناس هذه الأيام ينشر قوله تعالى:" لا إكراه في الدين " بين الناس زاعمين أن هذه الآية دليل على عدم صحة القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما تقوم بعض الدول الإسلامية، وأنه ينبغي لهذه الدول أن تكفَّ عن إجبار الناس على الذهاب إلى المسجد وإجبار النساء على لبس الحجاب. هل يصح رأيهم؟ وإلا ما الدليل على خطئهم لنرشدهم إلى الصواب؟ الجواب الشبه التي ذكرها السائل يتذرع بها بعض الناس داعين لتعطيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحق أن الآية لا دلالة فيها على ما ذكروا؛ إذ جاءت نهياً عن إكراه أحد من الناس على الدخول في الإسلام ابتداءً، وهو معنى:" لا إكراه في الدين" [البقرة:256] والمراد بالدين - هنا- الملة والعقيدة، فإذا دخل المرء في الإيمان وأعلن استسلامه لله - تعالى- جرت عليه أحكام الشريعة، ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذ هو من مقتضيات الإيمان، ومما فضل الله به هذه الأمة على الأمم قبلها، يقول تعالى:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" [آل عمران:110] وقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تضمنت أشد التحذير من التهاون في هذه الفريضة، حتى إن العقوبة لتعم الأمة بأجمعها إن هي أخلَّت بها، منها ما رواه أحمد في مسنده والترمذي في جامعه -وصححه- من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" والذي نفسي بيده لتأمُرنَّ بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده، ثم لتَدْعُنَّه فلا يستجيب لكم" وكذا ما رواه أبو داود في سننه (4339) بسند صحيح من حديث جرير بن عبد الله- رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيروا عليه فلا يغيروا إلا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يموتوا" فهذه النصوص وغيرها دلالتها ظاهرة على فرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يستوي في ذلك المسلمون جميعاً كل بحسبه. وبالله التوفيق.

صديقي على علاقة بفتاة

صديقي على علاقة بفتاة المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 9/2/1423 السؤال أنا طالب في إحدى الجامعات، ولي صديق عزيز يمتلك الأخلاق الأساسية للشباب المسلم، ولكن عنده مشكلة، وهي أنه على علاقة صداقة مع فتاة، فكيف أساعده من غير تنفير من الدين في حل هذه المشكلة؟ الجواب أخي السائل -جزاك الله خيراً- على حرصك على دعوة أصدقائك، وأعلم أولاً أن ما ذكرته من الأخلاق الأساسية للشباب لا بد أن تكون موافقة لكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أما ما خالفهما فليس من الأخلاق المحمودة، لا للشباب ولا لغيرهم. وفيما يتعلق بنصيحة صديقك لا بد أن تبين له أن هذا الأمر محرم شرعاً، فلا يجوز للشاب أن يصادق فتاة أجنبية عنه، وذكره أن هذه الصداقة تجر إلى محرمات كثيرة من النظر، والحديث، والخلوة، والوقوع في الفاحشة -عافانا الله وإياك وجميع المسلمين-. وذكره أيضاً أنه ربما اتخذ شباب آخرون أخواته، أو قريباته صديقات لهم، فهل يرضى بذلك؟ وإذا كان لا يرضاه لنفسه، فكيف يرضاه لبنات الناس، وعليك أن تكرر النصح له من غير يأس، وتجتهد له بالدعاء، وتذكره بالأحاديث والآيات التي تدل على خطورة هذا الفعل، وفقك الله، وسدد خطاك.

مناصحة النساء في الأسواق

مناصحة النساء في الأسواق المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 18/2/1423 السؤال لدي محل تجاري وتواجهني مشكلة في التعامل مع النساء، هل يجب علي أن أنكر على كل امرأة تدخل محلي إذا كانت كاشفة الوجه، أو متنقبة، أو لابسة عباءة ملفتة للنظر؟ مع العلم أن مثل هذا الأمر يحرجني كثيراً في التعامل مع النساء لا سيما في وجود خلاف في قضية الحجاب. الجواب أولاً: -جزاك الله خيراً- على غيرتك على أعراض المسلمين، وحرصك على إبراء ذمتك من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فسددك الله، وزادك حرصاً وتقى، وثبتنا وإياك على دينه القويم. ثانياً: أما النقاب إذا لم يكن واسعاً فلا ينبغي إنكاره؛ لأنه قد وردت به الرخصة، كما يدل لذلك حديث: "لا تنتقب المرأة المحرمة" أخرجه البخاري (1838) ، ولو كان النقاب محرماً لما خص -عليه الصلاة والسلام- المحرمة بالنهي عنه. ثالثاً: وأما العباءة الضيقة التي تصف مفاتن المرأة كالعباءة المخصرة، فلم يقل أحد من أهل العلم بجواز لبسها حتى يصح لقائل أن يحتج بمقولة: (لا إنكار في مسائل الخلاف) ؛ لأن من الشروط المتفق عليها بين العلماء أن يكون الحجاب واسعاً لا يصف المفاتن. وإذا تقرر أن مثل هذه العباءات مما اتفق أهل العلم على تحريمه، وجب الإنكار على من لبسته. وكذلك الشأن في كل حجاب يكون زينة في نفسه، يجب الإنكار على من لبسته، ولا يسوغ أن يعتذر على الإنكار في هذه الأمثلة بقاعدة (لا إنكار في مسائل الخلاف) ؛ لأن أهل العلم متفقون على اشتراط ألا يكون الحجاب زينة في نفسه، والمقاصد التي راعاها الشرع في فرض الحجاب تدل عليه دلالة ظاهرة، وإن خالف في هذا مخالف عد خلافه شذوذاً لا يتابع عليه ولا يعتد به. رابعاً: مسألة كشف الوجه الخلاف فيها مشهور، ليس هذا مقام بسطه، ولا النظر في أدلته. ولكن مخالفة النساء اليوم لم تقتصر على كشف الوجه فحسب، فغالب من تتساهل في كشف وجهها لا يخلو حالها من إبداء الزينة إما في الوجه أو غيره، أو بكشف الشعر، أو العنق ... إلخ وخلاف العلماء إنما هو في الوجه والكفين. فإذا كان الواقع هو هذا، لم يكن بد من الإنكار عليهن، فليس في مثل هذا خلاف، ولا هو من موارد الاجتهاد. خامساً: طريقة الإنكار على تلك المتبرجات تقع حسب الوسع، وتُمْليها وتصرفها الجدوى من الإنكار، فإذا كان الإنكار عليهن علانية باللسان لا يجدي شيئاً، وإنما يجلب لك شيئاً من أذيتهن وسلاطة ألسنتهن ونحو ذلك، فجرب طريقة أخرى تؤدي المقصود، وتقيم الحجة، وتبرئ الذمة، وتعتذر بها إلى الله، كإهداء شريط، أو كتاب، أو نحو ذلك، مما يساق فيه الإنكار مساق موعظة تذكرها بالله، وتخوفها عقابه، وتحذرها مغبة المعصية وشؤمها. إن عاطفة المرأة -أخي- هو خير ما يستجديه الناصح؛ لتقع موعظته موقعها من قلبها، ولذا فمن الحكمة أن يمزج خطاب الموعظة بكلمات الثناء التي لا يظهر فيها كذب ولا تكلف، ولن تعدم في قلبها بقية من إيمان، وخوف من الله -سبحانه-، وحب له ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- تثني بها عليها؛ لتستعطفها لموعظتك.

ومن الحكمة في الموعظة والإنكار مجانبة اتهامها بالفسق أو عدم الغيرة، ولو كان حالها كذلك، فإن هذا كما أنه لا ينفع فهو يضر، وربما حملها ذلك إلى أن تأخذها العزة بالإثم، فتعرض عن الاستماع للنصح وقبوله. سادساً: لا يسعك أبداً أن يخلو قلبك من إنكار تلك المنكرات الظاهرة، مهما اعتادها بصرك، ومهما كثرت المبتليات بها. ولهذا فاعلم أن من أشد ما يناقض هذا الإنكار القلبي لتلك المنكرات من إبداء الزينة، أو التبرج والسفور والتساهل بمد عينك إليها، أو التحدث إليها في غير ما تقتضيه حاجة الشراء، فضلاً عن المضاحكة، أو الخضوع بالقول. ولا يسعك إلا غض بصرك عنها، وكف لسانك عن الاسترسال في الحديث معها، وتجنب الخلوة بها. سابعاً: اعلم أن قاعدة (لا إنكار في مسائل الخلاف) ليست على إطلاقها، فلا يصح أن تحمل ما لا تحتمل، ولا أن تورد في غير مواردها. والأخذ بهذه القاعدة بإطلاق خلاف لإجماع أئمة السلف، فحدود هذه القاعدة قاصرة على تلك المسائل الاجتهادية التي وقع الخلاف فيها قوياً، ولكل قول فيها حظٌّ من النظر، أما الخلاف الضعيف الذي ليس له حظٌّ من النظر والاعتبار، ويخالف ظاهر النصوص ومقتضى القياس الصحيح، ولا يعرف له مستند صحيح من كتاب أو سنة، فمثل هذا لا عبرة به ولا ترد عليه هذه القاعدة، بل يجب الإنكار عليه والرد على صاحبه. ولو أخذنا بهذه القاعدة على العموم لأفضى ذلك إلى سقوط شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فما أكثر المسائل التي وقع فيها الخلاف، ولكن العبرة بما وافق الكتاب والسنة. وأحيلك -للاستزادة في هذا الموضوع- إلى مليء، ومن أحال على مليء فقد أتبع ... إلى كتاب (إعلام الموقعين) لابن القيم (3/332) . أعاننا الله وإياك على لزوم جادة التقوى، والعمل على ما يحب ويرضى، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مناصحة النساء المتبرجات

مناصحة النساء المتبرجات المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 14/10/1423هـ السؤال جارتي تخرج من بيتها كاشفة وجهها وجزءاً من شعرها، فما الأسلوب الذي أتبعه معها لنصحها؟ مع توضيح الأدلة الشرعية التي أستند إليها. الجواب لا يجوز للمرأة أن تبدي شيئاً من بدنها ولا من شعرها للرجال الأجانب، والواجب عليها أن تغطي جميع بدنها؛ لقوله -تعالى-: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... " الآية [النور:31] . فالزينة التي يجوز للمرأة أن تبديها هي التي تعجز عن سترها كالطول والبدانة مع لبسها للملابس الواسعة الساترة غير الشفافة، ولهذا قال: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن" [النور:31] ، للآباء والأزواج والإخوة والأبناء ونحوهم من المحارم، وعائشة -رضي الله عنها- تقول واصفة الموقف في حجة الوداع: "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من فوق رأسها، فإذا جاوزونا كشفناه" رواه أبو داود (1833) ، أحمد (24021) ، وهي أم المؤمنين، وأنصح هذه السائلة أن تقرأ رسالة في الحجاب لفضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-، وكذلك رسالة الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- وغيرهما مما كتب في هذا المجال، وعليها أن تتبع مع صاحبتها وصديقتها وجارتها النصح وأن تظهر لها أنها تريد لها الخير، وتبين لها الحكم الشرعي بدليله، وتخوفها من هذا؛ لأن الله -تعالى- يقول: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب: 53] فالمرأة إذا أبدت شيئاً من محاسنها تكون عرضة لما لا تحمد عقباه، والله تعالى أعلم.

يأمر غيره بما لا يفعل

يأمر غيره بما لا يفعل المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 19/5/1424هـ السؤال أنصح أحياناً إخواني بأشياء لا أفعلها، ولكن ليس بقصد التفاخر أو الرياء، ولكن يحدث هذا رغماً عني، فشهوتي كثيراً تغلبني فأفعل ذنباً، نصحت غيري بتركه، ويحدث هذا الأمر كثيراً حتى إني أشعر بالنفاق، فما رأيكم؟ الجواب السلام عليكم، وبعد: النصح للمسلمين واجب وهو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد ثبت في الصحيح أن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال:"بايعت النبي -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة، فلقنني: فيما استطعت والنصح لكل مسلم" البخاري (7204) ، ومسلم (56) ، ولا شك أن الواجب على الناصح أن يكون عاملاً بما ينصح به غيره من فعل الخير أو ترك الشر والمعصية، وقد جاءت نصوص كثيرة تحذر من عاقبة مخالفة الآمر لما يأمر به أو ينهى عنه. وجاءت أخبار تنبئ بشدة العقاب في ذلك، ولكن هذا لا يعني أن يترك الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر لمخالفة العبد لما يأمر به أو ينهى عنه، ولو فعل الناس ذلك لما وعظ الناس أحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-. والواجب على العبد أن يجاهد نفسه في العمل بما يدعو إليه، وإن خانته نفسه فلا يجوز له أن يترك الدعوة والنصح، بل الواجب أن يستمر ولو قصر هو من جهته، لأنه لو ترك الدعوة والنصح لتقصيره ارتكب ذنبين، الأول وقوعه في الذنب الذي يريد أن ينهى عنه مثلاً، والثاني تركه للنصح والدعوة. فيا أخي بارك الله فيك اجتهد في معالجة تقصيرك، وأكثر الاستعانة بالله على نفسك واصحب الأخيار والدعاة الجادين منهم على وجه الخصوص، وإياك أن تترك النصح للسبب المذكور، بل استمر واجعله حجة عليك لتكون أكثر حرصاً على تطبيق ما تدعو إليه، ونرجو الله لك التوفيق والسداد. والسلام عليكم.

مجالسة المقيم على المعصية

مجالسة المقيم على المعصية المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 15/9/1424هـ السؤال أنا موظفة في أحد القطاعات الحكومية وبعض زميلاتي التي أجالسهن عندهن بعض المعاصي الكبيرة مثل نمص الحواجب والتهاون في الصلاة ولبس الملابس الغير محتشمة وقد قمت بمناصحتهن على إستحياء ولم يكن له أي تأثير يذكر عليهن هذا وهن يعلمن حرمة ما يفعلنه هل علي أثم بمجالستهن والأكل معهن وماذا أفعل هل أنا ممن قال الله تعالى فيهم "كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" الجواب الحمد لله، وبعد: إن كنت تعلمين أنك إذا بقيت معهن - خلال العمل فقط - سوف يكون لك تأثير عليهن، بالنصيحة وإهداء الأشرطة النافعة والكتب الموجهة للدعوة، فاستمري على حذر شديد من أن يؤثرن عليك، فليس هناك أحد معصوم من الفتنة من الأحياء وإن كنت تعلمين ألا سبيل إلى ذلك؛ لمانع الحياء الذي تذكرين، أو غيره، فإنه لا يجوز أن يجالس الإنسان أهل المنكر بعد أن يأمرهم وينهاههم، ثم لا يأتمرون ولا يتناهون، فإن جلوسك معهم ربما فهموا منه إقراراك له وربما ضعف تأثيرك عليهم لكونهم يرون أنهم استمروا في معاصيهم، ومع ذلك فلم يغير ذلك من الأمر شيء تجاه صداقتهم معك احرصي على أن تشعريهم أن عدم مجالستك لهم لاستمرارهم على المنكر وحسب، وإلا فإنك لا تكرهينهن لأشخاصهن، وإنما لعملهن فقط.. وأظهري لهن حب الخير لهن، وحرصك عليهن بل صارحيهن بأنك تتألمين كثيراً حين ترينهن على هذه الحال، وأكثري لهن من الدعاء لعل الله أن يكتب هدايتهن على يديك، وفقك الله وسددك وثبتنا وإياك على هداه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.

صداقة المسلم للنصراني

صداقة المسلم للنصراني المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 30/07/1426هـ السؤال ما رأي الشرع في صداقة المسلم للنصراني؟ مع العلم أنها من غير موالاة وليست في معصية الله. كما أني دائمة الحديث عن الإسلام، فتتجاوب وتتأثر صديقتي النصرانية، لكن لا أعتقد أن إسلامها سيكون سهلاً، والله وحده أعلم. الجواب الحمد لله، وبعد: لا بأس بذلك إن شاء الله، فالله -سبحانه وتعالى- يقول: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) [الممتحنة:8] ، وهذه الآية -كما صححه جمهور العلماء- آية محكمة غير منسوخة، وبالتالي فإن من البر تقديم البر والقسط والإقساط، كل هذا يدل على أنه تجوز الصداقة إذا لم تكن هذه الصداقة في العقيدة، بمعنى أن الإنسان يحبهم من أجل عقيدتهم. أما المعاشرة في الدنيا فالله -سبحانه وتعالى- يقول في بر الوالدين الكافرين: (وصاحبهما في الدنيا معروفا) [لقمان:15] . وفي الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأسماء لما قدمت عليها أمها وهي كافرة، قال لها: "صلي أمك". أخرجه البخاري (2620) ، ومسلم (1003) . فالعلاقة والصداقة إذا لم تكن من باب العقيدة فإنها ليست من الموالاة التي نهى الله -سبحانه وتعالى- عنها، فالأمر -إن شاء الله- لا بأس به على أن تنوي خيراً، وتحاولي أن تهديها وتساعدهيا على الهداية بالقدوة الحسنة وبالخلق، وذلك -إن شاء الله- من باب الدعوة إلى الإسلام، والله أعلم.

ضوابط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ضوابط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 29/10/1424هـ السؤال ماذا يمكن للمسلم الغيور على دينه أن يفعل وهو يرى إخوانه يأكلهم الانحراف بمختلف أنواعه، في زمن أصبح فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جريمة تعاقب عليها القوانين، وجزاكم الله خيراً والسلام. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة في الإسلام، بل هي الشعيرة المميزة للأمة المسلمة، كما قال الله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" [آل عمران:110] ، وهي الشعيرة الفارقة بين المؤمنين والمنافقين "المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف" [التوبة:67] وقال:"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" [التوبة:71] وهي شعيرة معدودة في أسباب النجاة من العذاب " فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون" [الأعراف:165] ، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بالأثر الخطير لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال: "لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لكم" الترمذي (2169) وأبو داود (4336) وضعفه الألباني، كما أنه أوضح أن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنهم تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال:" فكان أحدهم يرى صاحبه على المنكر فيقول: يا هذا إنه لا يحل لك، ثم لا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم لعنهم، وتلا قول الله عز وجل "لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون" الترمذي (3048) وأبو داود (4336) وابن ماجة (4006) وضعفه الألباني. ومع هذه الأهمية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثره في الأمة فلابد من معرفة جملة من الأمور المهمة. شروط إنكار المنكر: وضع الفقهاء عدة شروط لإنكار المنكر متى تم استيفاؤها لزم الإنكار أو التغيير، وأهم هذه الشروط خمسة: (1) وجود منكر. (2) أن يكون المنكر موجوداً في الحال. (3) أن يكون المنكر ظاهراً دون تجسس (4) أن يكون المنكر معلوماً بغير اجتهاد. (5) أن يدفع المنكر بأيسر ما يندفع به. الشرط الأول: وجود منكر: ونعني به كل معصية حرمتها أو كرهتها الشريعة: الشرط الثاني: أن يكون المنكر موجوداً في الحال:

والمعنى أن يكون مقارف المنكر مباشراً له في الحال أي وقت النهي أو التغيير، فليس هناك نهي على من باشر المنكر وانتهى منه، فذلك أمره إلى السلطات العامة لتوقيع العقاب عليه، وأيضاً ليس هناك نهي على المنكرات المستقبلية، كأن يعرف الناهي بقرينة الحال أن الشخص قد عزم على الشراب في ليلة فليس له إلا وعظه، وإن أنكر عزمه على ذلك لم يجز وعظه؛ لأن في ذلك إساءة ظن بالمسلم. الشرط الثالث: أن يكون المنكر ظاهراً دون تجسس: أن يكون المنكر ظاهراً بغير تجسس أو تفتيش، فإذا توقف إظهار المنكر على إيهام لم يجز الإنكار لتحريم التجسس كتاباً وسنة، فالله يقول: "ولا تجسسوا ... " [الحجرات:12] وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمعاوية: "إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم" أبو داود (4888) وأحمد (1081) وصححه الألباني، وقوله - صلى الله عليه وسلم -:" يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته" الترمذي (2032) وأبو داود (4880) وقال الألباني: حسن صحيح، ولكن ذلك مقيد بعدم ظهور آثار لذلك المنكر. الشرط الرابع: أن يكون المنكر معلوماً بغير اجتهاد: فكل أمر محل اجتهاد لا نهي فيه، وليس للمجتهد أن يتعرض بالردع والزجر على مجتهد آخر في موضع الخلاف. الشرط الخامس: أن يدفع المنكر بأيسر ما يندفع به: ويشترط في دفع المنكر أن يدفع بما دفعه وبأيسر ما يدفعه، فلا يجوز أن يدفع المنكر بأقل مما يدفعه ما دام الدافع قادراً على دفعه بالأكثر، ولا يجوز أن يدفع بأكثر مما يدفعه لأن ما زاد على الحاجة يعتبر جريمة، ولكن يجوز دفع المنكر بأقل مما يدفعه في حال عدم القدرة كالدفع بالقلب لمن لا يستطيع الإنكار باليد أو اللسان ... ، وإذا كان المقصود بالأمر بالمعروف إيقاع المعروف والنهي عن المنكر فإذا ارتفع الغرض بالأمر السهل لم يجز العدول عنه إلى الأمر الصعب، وهذا مما يعلم عقلاً وشرعاً. شروط القائم بالأمر والنهي: (1) الإسلام. (2) التكليف. (3) العلم. (4) القدرة. الشرط الأول: الإسلام وليس على غير المسلم التزام بمثل هذا الواجب؛ لأن معنى إلزامه به هو إلزام بالدعوة إلى غير ما يعتقده ويؤمن به، وذلك يدخل في باب الإكراه المنهي عنه في الإسلام في قوله تعالى "لا إكراه في الدين" [البقرة:256] فضلاً عن أن ذلك معارض من وجهين:1- أن الاحتساب واجب ديني، وثانيهما أنه سلطة وولاية، وليس لغير المسلم ولاية على المسلم. الشرط الثاني: التكليف: ويشترط في من يمارس الرقابة أن يكون مكلفاً أي بالغاً عاقلاً لا يحول دون تكليفه حائل، وهذا الشرط شرط للوجوب وليس شرطاً للأداء، أي أن الرقابة باعتبارها واجباً لا يثبت إلا في حق المكلف فقط ويسأل عن تركها، بعكس غير المكلف الذي لا يلزم بأدائها ولا يسأل عن تركها.

الشرط الثالث: العلم: ولا يكون العمل صالحاً إن لم يكن بعلم وفقه، كما قال عمر بن عبد العزيز: من عبد الله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح، ولابد أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عالماً بحكم الشرع فيما يأمر به وينهى عنه.. فإن الحسن ما حسَّنه الشرع والقبيح ما قبحه. الشرط الرابع: القدرة: ولها أربع أحوال: الحالة الأولى: أن يعلم أنه لا ينفع كلامه ويضر به إذا تكلم، فلا تجب عليه الحسبة، بل ربما تحرم في بعض المواضع، ولكن يلزمه عدم حضور مواضع المنكر والاعتزال في بيته، وعدم الخروج إلا لحاجة ملحة أو واجب، وعليه الهجرة إذا أرهق على الفساد وكان قادراً عليها. الحالة الثانية: يعلم بأن المنكر يزول بقوله وفعله ولا يسبب له مكروهاً، فيجب الإنكار وهذه هي القدرة المطلقة. الحالة الثالثة: أن يعلم أنه لا يفيد إنكاره لكنه لا يخاف مكروهاً، فلا تجب عليه الحسبة لعدم فائدتها، ولكن تستحب، لإظهار شعائر الإسلام وتذكير الناس بأمر الدين. الحالة الرابعة: وهو أنه يعلم أنه سيصاب بمكروه ولكن يبطل المنكر بفعله، كأن يريق الخمر من يد الفاسق ولكن يعلم أنه يرجع إليه فيضرب رأسه، فهذا ليس بواجب وليس بحرام بل هو مستحب. وقد قال الحسن البصري رحمه الله: (إنما يكلم مؤمن يرجى أو جاهل يعلم فأما من وضع سيفه أو سوطه فقال: اتقني اتقني فما لك وله؟) وقد روى ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: يا رسول الله وما إذلاله لنفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يقوم به" الترمذي (2254) وابن ماجة (4016) وحسنه الألباني. قال ابن حجر: (وقال: بعضهم: يجب إنكار المنكر شريطة ألا يلحق بالمنكر بلاء لا قبل له به من قتل ونحوه) . وقال آخرون: ينكر بقلبه لحديث أم سلمة -رضي الله عنها- مرفوعاً: "يستعمل أمراء بعدي فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع" مسلم (1854) . وقال: والصواب اعتبار الشرط المذكور ويدل عليه حديث: "لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه" (سبق تخريجه) : ثم فسره بأن يتعرض من البلاء لما لا يطيق، وقال غير الطبري: (يجب الأمر بالمعروف لمن قدر عليه ولم يخف على نفسه ضرراً) . معيار الموازنة عند كل من ابن قيم الجوزية وابن تيمية: أ. عند ابن قيم الجوزية: يرى أن الموازنة بين إنكار المنكر ونتيجته تتمثل في أربع حالات. 1. أن يزول المنكر ويخلفه ضده. 2. أن يقل المنكر وإن لم يزل بجملته. 3. أن يخلف المنكر ما هو مثله. 4. أن يخلف المنكر ما هو شر منه. فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة. حدود القدرة والاستطاعة:

إن أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أوضحت لنا - بلا أدنى شك - حدود الاستطاعة البشرية في الإنكار ... والعبرة هو حديث مسلم (49) الذي رواه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان وفي رواية "وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل"، ويكتمل المعنى في هذا الحديث بحديثين آخرين يوضحان حد القدرة التي يقف عندها كل مسلم في إنكاره ... وأولهما قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" البخاري (7288) ومسلم (1337) وثانيهما: هو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"لا يحل لمؤمن أن يذل نفسه" قالوا: يا رسول الله وما إذلاله لنفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يقوم به؟ (سبق تخريجه) . مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أ. الإنكار القلبي (المقاومة السلمية) : قال تعالى: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار، وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون" [هود:113] . ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "سيكون أمراء تعرفون وتنكرون، فمن نابذهم نجا، ومن اعتزلهم سلم، ومن خالطهم هلك" (سبق تخريجه) . وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لكعب بن عجرة: "أعاذك الله يا كعب بن عجرة من إمارة السفهاء"، قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: "أمراء يكونون بعدي، لا يهتدون بهديي، ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردوا علي حوضي" أحمد (14441) والترمذي (614) وإسناده قوي. ب. الإنكار القولي: وللإنكار القولي درجات ومراحل منها: 1. التعريف: فقد يقدم المكلف على اقتراف المنكر جهلاً منه بكونه منكراً، حتى إذا وجد من يرده إلى طريق الحق اهتدى، فيلزم التعريف أولاً بأسلوب هادئ رقيق، وينبه الإمام الغزالي إلى آفة خطيرة، وهي أن يدل العالم على مقترف المنكر بعلمه، فيكون هدفه إثبات تفوقه عليه، فإن كان الباعث هذا فهذا منكر أقبح في نفسه من المنكر الذي يعترض عليه. 2. النهي بالوعظ، والنصح والتخويف بالله تعالى، ويكون فيمن يقدم على الأمر وهو عالم بكونه منكراً، أو فيمن أصر عليه بعد أن عرف كونه منكراً، ويباشر المحتسب النصح في هذا المقام من غير عنف ولا غضب. 3. السب والتعنيف بالقول الخشن: ويكون ذلك عند العجز عن منعه باللطف، وظهور مبادئ الإصرار والاستهزاء بالوعظ والنصح، وليس المقصود بالسب أن يرميه بهجر القول والفاحشة، بل يقتصر على السب الخفيف الذي يصدق على واقع الحال، كأن يقول له: يا من لا يتقي الله، يا فاسق يا جاهل ... إلخ، وهنا ينبغي مراعاة ما يلي: أ. أن لا يقدم على التعنيف إلا عند الضورة والعجز بالطريقة الأولى. ب. أن لا ينطق إلا بصدق، ولا يسرف في الكلام، بل يقتصر على قدر الحاجة. 4. التهديد والتخويف: وشرط ذلك أن لا يهدده بوعيد لا يجوز له تحقيقه، كقوله: لأنهبن دارك، أو لأسبين زوجتك، وما يجري مجراه فهذا حرام إن قصد فعله، وكذب إن لم يقصد إليه. ج. الإنكار الفعلي: وهو نوعان:

(أ) الإنكار باليد فيما دون استخدام السلاح (ب) الإنكار باليد بالخروج والسلاح. وأقول للسائل وغيره وأمثاله إن الأمر والنهي دين وشرع وليس مشاعر خاصة ولا حماسة طارئة ولا رد فعل عارض، فلابد من الانضباط الشرعي، ومراعاة المصالح والمفاسد على أساس شرعي، مع اليقين التام والتسليم الكامل بأن ما في الشرع هو المحقق للمصالح الدنيوية والأخروية، وهو الأجدى، والأنفع للفرد والمجتمع، وألخص وصيتي في هذه النقاط: أ. الإنكار القلبي إنكار تغييري بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"فليغيره" ثم ذكر وسائل التغيير "بقلبه" وفيه فوائد: * إبقاء جذوة الإيمان متقدة. * التفريق بين المؤمن والمنافق فكلاهما لم يغير باليد، لكن الأول كاره والثاني راض. المحاصرة النفسية والعملية لفاعل المنكر؛ حتى لا يجد من يعينه أو يهون عليه المنكر، بل يرى نفسه مهجوراً مذموماً. ب. الإنكار القولي: وهو جهاد الدعوة ومداه واسع وأثره كبير وفوائده عديدة ووسائله متنوعة والتقصير فيه كبير، ويمكن أن يكون تأثيره كبيراً في تغيير كثير من المنكرات. ج. الإنكار باليد يمكن ممارسته في دائرة الولاية داخل الأسرة أو داخل العمل الذي يملكه الإنسان ويتصرف فيه، ولكن لابد من مراعاة المراتب والتدرج وكذلك الأسلوب. أما الإنكار العام فإن كان يؤدي إلى منكرات أكبر أو اضطراب في الأحوال وخلل في الأوضاع وحتى ضرر مؤكد أو غالب على الإنسان فتركه صحيح، وأما الخروج فضرره أكبر وخطره أعظم في الجملة، والبعد عنه والتحذير منه مهم لدفع مفاسده، والله أعلم.

الانكار في مسائل الخلاف

الانكار في مسائل الخلاف المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 06/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. أرجو الإجابة عن سؤال كثر حوله الجدل وهو: هل الخلاف الفقهي في الفروع يجوز فيه النكير على المخالف وتبديعه وتجريحه؟ أرجو الإجابة مع نقل أقوال أهل السنة في ذلك. والسلام عليكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الإنكار على المخالف في المسائل الشرعية يختلف باختلاف المسائل المُختلف فيها، فإذا كانت المسألة من المسائل المجمع عليها فإن الخلاف فيها لا يجوز؛ لأن الإجماع يجب العمل به والمصير إلى حكمه ولا تجوز مخالفته، بل وذهب بعض أهل العلم إلى تكفير من أنكر حكم الإجماع، كما نقله الزركشي (البحر المحيط6/496) ، وحينئذٍ يكون الإنكار على من خالف حكم الإجماع واجبًا؛ لأن الخلاف فيه لا يسوغ. أما إذا كانت المسألة من المسائل المُختلف فيها بين أهل العلم فإنه لا يُنكر فيها على المخالف؛ لأن الخلاف في هذه المسائل سائغٌ، وسبب كون الخلاف في مسائل الخلاف سائغًا لأن هذه المسائل تكثُر فيها الأدلة وتتعارض أحكامها، وكل فريق من المتخالفين يأخذ بالدليل الأقوى في نظره، وهمهم جميعًا العمل بما دلت عليه الأدلة الشرعية، وإذا كان الحال ما ذُكِرَ فإن من قال بأيٍّ من القولين لم يفعل ما يوجب الإنكار عليه، بل فعل الواجب عليه، وقد شملت القواعد الفقهية هذا الحكم، قال السيوطي: (لا يُنكر المختلف فيه إنما يُنكر المجمع عليه) (الأشباه والنظائر158) . وعمومًا فإن الواجب على المسلم إذا كان عنده علمٌ أن يُنكر على من خالف المسائل المجمع عليها، ويبين له أن الإجماع قد انعقد على حكمها، كما لو قال أحدٌ بعدم وجوب الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج، أو قال بجواز الرِّبا أو الزِّنا أو شرب الخمر، فيجب الإنكار عليه؛ لأن أهل العلم قاطبةً مجمعون على أحكام هذه المسائل. أما من قال بقولٍ في مسألة خلافية فالواجب مناقشة صاحب هذا القول وبيان الأدلة الدالة على خلاف قوله، فإذا بُينت له الأدلة وكان باحثًا عن الحق فالغالب أنه يرجع إلى مقتضى هذه الأدلة، وذلك كمسألة حلق اللحية، فإذا قال قائل بجواز حلق اللحية فالواجب بيان الأدلة التي يأمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم; بإعفاء اللحية وعدم حلقها، فإذا ذُكِرَت له هذه الأدلة فالغالب رجوعه إلى الحق؛ لصراحة هذه الأدلة ووضوحها ولعدم وجود أدلة تبيح حلق اللحية، ويمكن أن يُقال إن الإنكار مشروعٌ على المخالف في مثل هذه المسألة لصراحة الأدلة فيها ووضوحها.

أما إذا كانت الأدلة في المسألة متكافئة أو متعارضة فإنه لا حرج على المختلفين فيها ولا يجوز الإنكار فيها، وذلك كمسألة زكاة الحلي المعد للاستخدام والزينة، فمن أوجبه استدل بعددٍ من الأدلة الدالة على الوجوب، ومن لم يوجبه استدل بعددٍ من الأدلة الدالة على عدم الوجوب، ولأجل هذا فإن الإنكار على المخالف في مثل هذه المسائل لا يُشرع أبدًا؛ لأن الأدلة فيها متكافئة ومتعارضة في نظرنا. وعلى كلٍّ فإن الواجب على طلبة العلم عمومًا أن يكون هدفهم البحث عن الحق والوصول إليه، وإذا حصل بينهم خلافٌ في شيءٍ من ذلك وكان الخلاف سائغًا يقوم كلٌّ منهم بواجب الأخوة وهو النصح والإرشاد والبيان، ولا يكون هدفه في ذلك الانتصار لنفسه أو لمنهجه أو لمذهبه وما إلى ذلك، وليكن ذلك بلينٍ ورفقٍ؛ فإنه أقرب إلى بيان الحق وقبوله. أما ما يتعلق بالتبديع والتجريم فهو بابٌ عظيمٌ، والأصل في المسلم البعد عن مثل هذه الأبواب؛ لخطورتها وشدة أثرها على المسلمين عمومًا، إلا إذا اقترف أحدٌ ما يوجب تبديعه وتفسيقه كأن يُنكر شيئًا من الأدلة أو يخالف حكمًا انعقد الإجماع عليه، وليكن الحكم بالتبديع والتجريم لأهل العلم الراسخين دون غيرهم من عامة الناس. على أنه ينبغي التنبيه إلى أن الذي لا يُنكر عليه في المسائل الخلافية هو العالم الذي يعرف الأحكام وله أهلية النظر في الأدلة، أما العامي إذا تكلم في الأحكام الشرعية المختلف فيها فإنه يُنكر عليه على كل حال، لا لأنه خالف في هذه المسألة، ولكن لأنه تكلم فيما ليس له به علمٌ، ولذلك قال أهل العلم إن فرض العامي سؤال أهل العلم؛ تحقيقًا لقوله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النحل:43] . والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

حضور حفل زفاف به منكر

حضور حفل زفاف به منكر المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 28/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم حضور حفل زواج أحد الأقارب الذي فيه منكر؟ مع العلم أنه باستطاعتي أن أحضر الحفل وأكون بعيداً (معزولاً) عن المنكر، بحيث لا أسمع المنكر، ولا أراه. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. حضور الحفل الذي فيه منكر ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: منكر يستطيع الإنسان أن ينكره، فهذا يجب عليه أن يحضر لأمرين: الأمر الأول: لإجابة الدعوة. الأمر الثاني: لإنكار المنكر. القسم الثاني: ألا يتمكن وألا يستطيع إنكار المنكر، لا بيده، ولا بلسانه، ولا بقلبه، أي: بمفارقة المنكر، فهذا لا يجوز له أن يحضر، اللهم إلا إذا كان قريباً يخشى من قطيعة الرحم فإنه يحضر، ثم بعد ذلك يخرج ردعاً وتعزيراً لهم وتأديباً لهم على منكرهم. والله أعلم.

مصافحة المرأة في بلاد الغرب

مصافحة المرأة في بلاد الغرب المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التاريخ 16/7/1425هـ السؤال السلام عليكم. المعمول به في طريقة التعامل في الغرب أن الناس يتصافحون عندما يتقابلون رجالاً ونساءً، ونحن نعلم أن هذا غير جائز في الإسلام، فما هي أفضل طريقة لتبيين ذلك للآخرين؟ كيف نبين أنه لا يجوز مصافحة المرأة؟ وقد يكون هذا أول لقاء لها مع المسلمين، ونريد أن نقدم انطباعاً حسناً عنا دون مخالفة ديننا. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإنه لا تجوز مصافحة النساء غير المحارم مطلقاً؛ لما في ذلك من خطر الفتنة على الرجل والمرأة، وقد صحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إني لا أصافح النساء"، وقالت عائشة - رضي الله عنها -: "والله ما مسَّت يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يد امرأة قط، غير أنه بايعهن بالكلام" رواه البخاري (5288) ، ومسلم (1866) ، وإذا كان رسول -صلى الله عليه وسلم- قد امتنع عن هذا العمل، وهو أطهر الخلق وأتقاهم وأخشاهم، فكيف بنا نحن المقصرين المذنبين. وإذا تعرض المسلم لمثل هذا الأمر فإن الواجب عليه الامتناع من المصافحة، كما ينبغي عليه ألا يشعر بالحرج والضيق في عدم المصافحة إذا مدّت إليه امرأة أجنبية يدها لمصافحته، أو المدرّسة أو الطّالبة التي معه في الدراسة أو الموظّفة معه في العمل أو في الاجتماعات والمنتديات العامة أو في اللقاءات التجارية وما إلى ذلك، وليس في هذا عذر مقبول لمخالفة ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والواجب على المسلم أن يتغلّب على نفسه وشيطانه، وأن يكون قوياً في دينه، ولا يستحي مما شرعه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، والله لا يستحيي من الحقّ. ويمكن للمسلم أن يعتذر بلباقة، وأن يبيّن السّبب في عدم المصافحة، وأنّه لا يقصد الإهانة ولا الاحتقار، وإنما هو ينفذ أحكام دينه، وهذا سيُكسبه - في الغالب - احترام الآخرين، ولا بأس من استغرابهم في البداية، ومما يساعد على تفادي مثل هذه المواقف المحرجة أن يتجنب الإنسان الاجتماعات التي يحصل فيها مثل هذا الاختلاط، وأن يخبر الناس عموماً بأن دينه يمنع من مثل هذه العادات، أو يخبر تلك المرأة الأجنبية بهذا الأمر بأسلوب حسن؛ لئلا يتعرَّض لمثل هذا مستقبلاً، وأسأل الله لكم الإعانة والتوفيق والسداد. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الصحوة الإسلامية

واقع الأمة يؤرقني فما العمل؟ المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ الصحوة الإسلامية /المستقبل والمبشرات التاريخ 15/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد سئمت الحياة، خاصة بعد أن تظاهر اليهود والنصارى على قتل كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولعل ما يحدث في العراق وفلسطين خير دليل، فلقد سئمنا الشجب والاستنكار والوقوف مكتوفي الأيدي، ما أريده هو هل من طريق إلى تلك البلاد؛ لأني أخشى الذهاب والوقوع في أيدٍ غير أمينة؟ فهل من سبيل، والدال على الخير له أجر فاعله، أم ماذا نفعل؟ ولكم منا جزيل الشكر والامتنان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم، إن الأمة الإسلامية تعيش اليوم في حال من الفرقة والذل والهوان والضيق لا تحسد عليها، لكن مع ذلك لا يجوز اليأس ولا فقدان الأمل؛ فإن الله وعد بأن لا يهلك الأمة بعامة، وألا يستأصل العدو وجودها، وأن الإسلام سيبقى ظاهراً بطائفة السنة والجماعة، "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ... " الحديث رواه مسلم (1920) عن ثوبان -رضي الله عنه-، وقد واجه المسلمون منذ بدايات عهد النبوة وفي بعض فترات التاريخ كما في عهد صلاح الدين، وعهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية ما هو قريب مما نواجه اليوم، فكلما اشتد الخطب قرب الفرج - بإذن الله تعالى-، لكن لا بد من ترسم خطى النبي -صلى الله عليه وسلم- والدعاة المصلحين في الخروج من المحنة، فأول خطوة يجب أن نسعى فيها إلى تحقيق العزة والنصر تحقيق تقوى الله؛ قال تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" [الطلاق: 2] ، "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [الطلاق: 3] ،وقوله تعالى: "ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا"، وتتحقق تقوى الله بفعل أسبابها، ومنها: 1- الاستمساك بالسنة والاجتماع عليها، وترك البدع والمحدثات والفرقة والأهواء؛ لأنها أول سبب للفشل؛ قال تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" [الأنفال: 46] ، قوله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا". 2- إقامة الفرائض والواجبات وترك الآثام والمعاصي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والرفق. 3- التفقه في دين الله "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" رواه البخاري (71) ، ومسلم (1037) من حديث معاوية -رضي الله عنه- والنفقة على الدين يكون على نهج السلف الصالح. 4- الالتفاف حول العلماء الراسخين الربانيين، ولا يمكن أن يخلو منهم الزمان فهم ورثة الأنبياء. 5- أن يبدأ الفرد بإصلاح نفسه ثم من حوله. 6- التواصي بالحق والتواصي بالصبر. 7- التأني والتشاور والبعد عن الانفعالات والتسرع والحدة والغلو؛ فإنها مهلكة وشتات وضيعة.

8- أخذ أصول الإصلاح بالتدرج والأناة والصبر والحلم والمداراة والتسديد والمقاربة "سددوا وقاربوا" رواه البخاري (6464) ، ومسلم (2818) من حديث عائشة-رضي الله عنها-، فإن العدو مستفيد ويقوى بالتصرفات المتسرعة والعنف وتزيد الأمة وهناً بالعنف وضعفاً، واعلم "أن الرفق لا يكون في شيء" إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم (2594) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. 9- الحذر من كل ما يؤدي إلى الفرقة، أو يخل بالأمن بين المسلمين فإن ذلك لا يزيد الأمة إلا شتاتاً ووهناً وفوضى يفقد الناس بها دينهم ودنياهم. والله ناصر دينه بحوله وقوته، لكن بالعلم والفقه والصبر والجماعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

التشهير بالعلماء

التشهير بالعلماء المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ الصحوة الإسلامية /المعوقات والأخطار التاريخ 08/10/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم. إلى المشايخ العلماء: لقد كثرت فتنة التشهير بين الشباب، فما من عالم أو طالب علم إلا انتقصوه وتكلموا فيه، ثم هم يدعون السلفية, كيف التعامل مع هؤلاء الأدعياء الذين تلبسوا بمرط من السلفية ينسبونه ظلمًا وعدوانًا لها؟ ثم هل هناك تعريف شامل لمعنى السلفية؟ وما رأيكم في منهج الموازنات؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. السؤال يشتمل على عدة شعب أو فروع، وقد يكون من المناسب أن نتكلم عن كل واحدة منها: الشعبة الأولى: هي تشهير الشباب بالعلماء، وهذا كما هو معروف لا يجوز، والعلماء من المؤمنين والعلماء العاملون هم قمة المؤمنين، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) [الأحزاب:58] . فهم مؤمنون لا يجوز إيذاؤهم، ولا يجوز قذفهم، وهو من باب البهتان والإثم العظيم، والإثم المبين، فهذا التشهير في غير محله، وبخاصة إذا كان صادرًا عن صغار السن، قليلي العلم، ضعيفي المعرفة، فحري بهؤلاء ألا يشهروا بالعلماء، وأن يتبعوا العلماء في أقوالهم وأفعالهم؛ حتى يصلوا إلى درجة من العلم والتبصر تسمح لهم بتمييز الطيب من الخبيث، والغث من السمين، والصحيح من السقيم، والتعامل مع هؤلاء هو تبصيرهم، وأن نطلب منهم أن يدرسوا الفقه، أن يتعلموا، أن يتفقهوا؛ لأن الإنسان إذا لم يتفقه فهو أعمى يخبط خبط عشواء، ويخبط في ليلة ظلماء، فالذي أوصي به جميع إخواننا وشبابنا أن يتعلموا؛ لأن العلم لا بديل عنه، فإنك إذا تعلمت عرفت الحق، وكما قال أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه: (اعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال) . حينما قال له رجل: أتظن أن طلحة والزبير، رضي الله عنهما، كانا على باطل؟ قال له: (إنك رجل ملبوس عليك) . فهذا سببه هو الجهل، فعلى الإنسان أن يتعلم الكتاب والسنة، واختلاف العلماء وأقوالهم، ومواضع الخلاف ومواضع الإجماع، وحينئذ سيكون متبصرًا، وبالتالي يستطيع أن يعرف صدق القائل أو كذبه، أو أن كل الأقوال هي أقوال مقبولة، وكثير من الأقوال في الشريعة، وكثير من الاختلاف بين العلماء هو اختلاف حميد كما يقول الشيخ العلامة ابن القيم- رحمه الله تعالى، فالاختلاف سنة من سنن الحياة، يعني لابد أن نوسع صدورهم للاختلاف، ولابد أن نعلمهم الفقه، أن يتفقهوا، فإذا عرفوا الفقه وعرفوا اختلاف العلماء ومواضع الاختلاف ومواضع الإجماع، وأسباب اختلاف العلماء فعسى أن يكونوا على بصيرة، وأن يعالج جهلهم وغلوهم، وتنطعهم في بعض الأحيان.

الشعبة الثانية: وهي ما يتعلق بالسلفية، السلفية هي نسبة إلى السلف، وطبعًا لا يوجد تعريف على الأقل بالنسبة لي كامل شامل متفق عليه، ومجمع عليه، بل يمكن أن نقول: إن السلفية توجه فكري، أو مدرسة فكرية عقدية، ترى الالتزام بما كان عليه السلف من عدم التأويل في الصفات، والوقوف مع نصوص القرآن والسنة، مع الاحتراز والابتعاد من البدع، هذه تقريبًا الخطوط العريضة للسلفية دون دخول في تفاصيل قد تؤدي إلى شيء من الأمور المختلف فيها، فالسلفي يتميز بالابتعاد من البدعة، طبعًا بعدم القول بانقسام البدعة إلى حسنة وقبيحة، بل يستقبح كل البدع، وتقول بعدم التأويل فيما ورد في القرآن والسنة من الصفات، طبعًا في أصلها تمنع الخوض، تمرها كما هي، كما جاء عن الإمام أحمد- رحمه الله تعالى- مع تفاوت في هذه المدرسة بين من يتشدقون بالتمسك بالظواهر وبين من يكون دون ذلك، المهم هذه الخطوط العريضة في ذلك. الشعبة الثالثة: الموازنة أصل في كتاب الله، يقول الله سبحانه وتعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) [البقرة:219] . هذا أصل في التوازن بين المصالح والمفاسد، بين الإثم والنفع، فالتوازن أصل وبنى العلماء على قاعدة التوازن بين الشرين فيرتكب أخف الشرين، وأخف الضررين، وأخف الحرامين، وأخف المكروهين، كما يقول ابن تيمية في منهجه: أخف المكروهين أو أخف الضرين إن لم يكن بد من الضرين قُدِّم.

فهذه قاعدة شرعية اتفق عليها العلماء، وكذلك شرحها ابن القيم شرحًا طويلاً، وكذلك الشاطبي في الموافقات، وهي قاعدة لا يختلف العلماء في أصلها، ولو اختلفوا في تفاصيلها وفي أمثلتها، ولهذا لابد من معرفة المصالح والمفاسد، وما من مسألة، وما من قضية في هذه الدنيا، أو عمل في هذه الدنيا إلا وفيه مصلحة ومفسدة، كما يقول الشاطبي: لا توجد مصلحة عَرِيَّةٌ عن المفسدة في هذه الدنيا. يعني: المصالح العارية عن المفاسد في الحياة، في حياة الناس، ما يسمى بالعادات والمعاملات، ولا توجد مفسدة عارية عن مصلحة، ولكن العبرة بالغالب من المصلحة أو المفسدة، من الإثم أو النفع، كما جاء في الآية الكريمة، فالموازنات لها قيمتها ولا يكون الفقيه فقيهًا إلا بمعرفة أن المحرمات ليست على وزان واحد، وهي عبارة الشاطبي- يرحمه الله تعالى- والواجبات- أيضًا- ليست على وزان واحد، فقد تترك بعض الواجبات لمصلحة، وقد تترك بعض المحرمات لمصلحة أخرى، وهذا أمثلته كثيرة، عدم الخروج على ولاة الأمور حتى لو اتسموا بالجور والظلم، وهذا مذهب أهل السنة- رحمهم الله تعالى- لماذا؟ لما يؤدي إليه من المفسدة، فلا يمكن أن ننظر إلى مصلحة قد تكون المفسدة في الأمر أرجح من المصلحة، ونعتبر أن هذه المصلحة، هناك ما يسمى بالمصالح الملغاة؛ لأن المصالح إما أن تكون معتبرة وإما أن تكون ملغاة، والاعتبار في المصالح متفاوت، فهناك المناسب المعتبر بالنص، وهذا يسمى بالمناسب المؤثر، وهناك المناسب الملائم، وهناك المناسب المرسل، الذي لم يشهد له الشرع باعتبار ولا إلغاء، فهذه توازنات فيما يسمى بالمناسب، وهو يقوم على المصلحة، وهو الحكم الذي إذا رتب على الوصف نشأت عقبه مصلحة من نوع المصالح التي يهتم الشارع بجلبها، أو درئت من نوع المفاسد التي يهتم الشارع بدرئها، وهو أمر طويل في أصول الفقه، على صاحبه أن يراجع ما كتبه العلماء، وما كتبناه أيضًا في بحث عن المصلحة المرسلة. والله أعلم.

الحركات الإسلامية

جماعة التبليغ ما لها وما عليها المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ الحركات الإسلامية/مناهج الحركات الإسلامية التاريخ 29/1/1425هـ السؤال أريد أن أعرف من فضيلتكم عن جماعة التبليغ والدعوة، حيث إنهم منتشرون بكثرة في الحي الذي أقطن فيه، وأرى أن ما يفعلونه من الخروج في سبيل الله وخلافه شيء جميل، وهل يتبعون منهج أهل السنة والجماعة؟ الجواب جماعة التبليغ من الجماعات الإسلامية الكبيرة اليوم، ولها جهود في الدعوة واسعة وكبيرة كذلك، وذلك على مستوى العالم كله. ولجهودها أثر طيب ومشكور في مجالات استصلاح الضالين من المسلمين، ودعوة الكفار إلى الإسلام، والدعوة إلى إصلاح القلوب والأعمال والتربية على الأخلاق الحسنة، والرفق والزهد في الدنيا. لكنَّ عليها كثيراً من المآخذ في منهج الدعوة، وفيها بعض البدع، فمنهجها فيما يسمى بالخروج والتزام ذلك المنهج وإلزام الأتباع به لا أصل له في الدين. والتزام ما يسمى عندهم بالأصول الستة لا أصل له في الدين، وعزوفها عن طلب العلم الشرعي وعن التفقه في الدين خلاف السنة. كما أن الجماعة في أصولها بدع كثيرة في التصوف وفي العقيدة وغيرها، لكنها لا تدعو إلى هذه البدع، ولا تلزم عامة أتباعها بها، وهذا مما يحمد لها. والجماعة كذلك لا تهتم بالدعوة إلى عقيدة السلف الصالح، ولا إلى تصحيح عقائد المسلمين، ولا تنكر البدع بل تسكت عليها، فهم في ذلك ليسوا على منهج السنة والجماعة. وعلى هذا فالأولى بالمسلم أن يسلك طريق السنة الصافية، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك، ويعتصم بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- الناصح الأمين القائل: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين"، الحديث صحيح. رواه الترمذي (2676) ، وأبو داود (4607) ، وابن ماجة (42) .

التخصيص بالسلام

التخصيص بالسلام المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ الحركات الإسلامية/مناهج الحركات الإسلامية التاريخ 16/12/1423هـ السؤال في بلدنا جماعة من أهل السنة يلقون السلام على كل ملتزم بالسنة أما الباقي فلا يسلمون عليه فبماذا تنصحونهم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذا المنهج الذي ذكر عن البعض ناتج عن مفاهيم مغلوطة وهو مظهر من مظاهر النهج المخالف للحق في هذا الباب فتحية الإسلام حق للمسلم مع أخيه المسلم ولو لم يكن موافقاً له، أو كان عاصياً أو مبتدعاً، وما يسلكه هؤلاء الإخوة خطأ مبني على ظنهم بأن المسلم المخالف لا يصح التعامل معه أو إعطاؤه شيئاً من الحقوق الشرعية وهذا خلاف المنهج النبوي الكريم حيث حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على حسن معاملة المسلم بصفة عامة ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" رواه مسلم (54) ، ويلاحظ في النص العموم في مخاطبة المؤمنين جميعاً بهذا الخطاب، وإثبات هذا الحق لهم جميعاً ولم يستثن عاصياً أو مبتدعاً، ثم إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - زار غلاماً يهودياً كان يخدمه، ودعاه إلى الإسلام فأسلم في قصة معروفة وردت في صحيح البخاري برقم (679) ص9 في المختصر، فأين المفر؟ وكيف بأخيك المسلم، نسأل الله أن يهدي الجميع لما يحب ويرضى.

حزب التحرير

حزب التحرير المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ الحركات الإسلامية/مناهج الحركات الإسلامية التاريخ 28/2/1425هـ السؤال لدي صديق من حزب التحرير، ما فتئ يحكي لي عن الحزب وميزاته، وأفكاره التي لا نظير لها، وأنهم الحق والباقي هم الباطل، أود أن أعرف هل لدى هذه المنظمة أو الحزب من أخطاء فادحة في العقيدة، أم أنهم بالفعل الأفضل على الإطلاق؟ أرجو الجواب الشافي، خاصة أن الوضع أصبح خطيراً، حيث إنه نشر هذا الفكر الذي طالما شككت بفاعليته ومنهجيته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: حزب التحرير فرقة عقلانية مفارقة للسنة والجماعة، تقوم كثير من عقائدهم على أصول المعتزلة، ويركز الحزب على الجانب الثقافي والفكري أكثر من الأمور الأخرى، ويتبنى طريق الانقلابات والثورة في تحقيق قيام الدولة الإسلامية ثم الخلافة، وله فتاوى منحرفة وشاذة، مثل: إباحة النظر للصور العارية، وتقبيل المرأة الأجنبية، وإسقاط الصلاة عن رجل القضاء المسلم، وعن سكان القطبين، وتحريم كنز المال، ولو أخرجت زكاته، ونحو ذلك. وتقوم عقيدة الحزب على تقديم العقل على النص والتوسع في الرأي، وكثرة الجدل والإنهماك في السياسة، وإنكار بعض الشخصيات كالدجال وعذاب القبر تبعاً لمنهج المعتزلة العقلاني، وهذا مجمل مذهبهم وليسوا كلهم كذلك. والله أعلم.

معيار تقييم الجماعات الإسلامية

معيار تقييم الجماعات الإسلامية المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ الحركات الإسلامية/مناهج الحركات الإسلامية التاريخ 23/7/1425هـ السؤال ما هو معيار تقييم الأحزاب الجماعات الدعوية الإسلامية؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإني أسأل الله - سبحانه وتعالى- لي وللسائل كل توفيق وسداد، وأقول وبالله التوفيق: الأصل في الجماعات الدعوية أنها جماعة واحدة تدعو إلى عبادة الله - سبحانه وتعالى- وحده لا شريك له، وهذا هو مسلك الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام-، فكل نبي يدعو قومه قائلاً: "اعبدوا الله ما لكم من إله غيره"، وتسلك في دعوتها منهج الحكمة تحقيقاً لقوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"، ولكن بعد أن انتشر الإسلام وكثر المسلمون، وتعددت أوطانهم واختلطوا مع غيرهم، ظهرت بعض الجماعات الدعوية بأسماء مختلفة، ويعود الاسم إلى صفتها أو موطنها، أو إلى منهجها، وهذه الأسماء لا حرج فيها إذا لم تكن أسماء تدل على منهج مخالف للشريعة. أما من حيث النظر إليها وتقويمها، فإن ذلك يقوم على كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-، حيث جاءت فيهما القواعد والضوابط للدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى-، وهذه الجماعات لا تخلو في مناهجها من الصحيح الموافق للشرع، وغير الصحيح المخالف له، فما وجد في مناهجها صحيحاً قبل وأثني عليهم فيه، وما وجد غير صحيح نوصحوا فيه، وحذروا منه، وبين لهم وجه الصواب فيه. فعلى سبيل المثال ينظر إلى أهداف تلك الجماعات، فإذا كانت الأهداف متفقة مع الدعوة إلى عبادة الله وحده، وما فيه الخير للبشرية فهذا أمر جيد، أما إذا كانت هناك دعوة إلى شركيات أو بدع، فهذا مردود عليهم أياً كانت الجماعة، ومهما كان اسمها، وكذلك ينظر في منهجها، فإذا كان منطبقاً مع الضوابط الشرعية فهو المقبول، أما إذا خالفها فهو مردود عليهم، كمن تنتهج العنف المسلح للدعوة إلى الله، أو نجد الطرف الآخر المتساهل في الدعوة إلى درجة المشاركة مع المدعوين في معاصيهم بحجة دعوتهم، وكذلك من المعايير النظر إلى رؤساء هذه الجماعات والقائمين عليها، فإذا كانوا من أهل العلم الشرعي والتقوى والصلاح فهذا أمر حسن، أما إذا كانوا من أهل البدع والخرافات والجهل بالعلم الشرعي فذلك دليل على فساد هذه الجماعات، كما ينظر أيضاً إلى دعاة هذه الجماعة، إذا كانوا يعتمدون في دعوتهم على الكتاب والسنة، ومنهج أئمة السلف الصالح- رضي الله عنهم- فهذا أمر حسن، أما إذا كانوا يجاوزون كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- إلى أقوال شيوخهم ورجالهم المخالفة لما ورد به الشرع فهم مخطئون، ودعوتهم دعوة فاسدة. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

منهج (روجيه جارودي)

منهج (روجيه جارودي) المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ الحركات الإسلامية/شخصيات ومواقف من الحركات الإسلامية التاريخ 24/3/1423 السؤال ما رأيكم في روجيه جارودي، وما منهجه، وهل تنصحون بقراءة كتبه؟ الجواب روجيه جارودي فيلسوف فرنسي نشأ في بيئة مسيحية، ثم تحول إلى الماركسية بل أصبح من فلاسفتها، وله كتاب (ماركسية القرن العشرين) ، و (النظرية المادية في المعرفة) ، وغيرها، ثم هداه الله إلى الإسلام ونحسبه حسن النية راغباً في الحق مجاهداً لأجل الوصول إليه، وبعد إعلان إسلامه تخصص في نقد الصهيونية، وأعد دراسة كاملة فضح بها الصهيونية سماها ملف إسرائيل، وبسبب ذلك هوجم وحوكم وحاول الصهاينة تشويه سيرته، ولكنه أصر على موقفه، وظهر في وسائل الإعلام في فرنسا فاضحاً لهم حتى اتهموه بمعاداة السامية وهي تهمة لكل من حاول فضح الصهيونية. هذا هو الوجه المشرق من جارودي. أما الوجه الآخر فإنه لم يتفقه في الإسلام، بل ثقافته خليط من المذاهب العقلانية المفسرة للقرآن بالأهواء، والمنكرة لكثير من السنة النبوية، وخلط ذلك بفلسفات وآراء المتصوفة. كما أن له نشاطاً في الحوار بين أتباع الديانات باسم الإبراهيمية، وله مقصد حسن، فيها وعليه مؤاخذات كثيرة. ألف بعد إسلامه بعض الكتب، مثل: كتاب (ما يَعِدُ به الإسلام) ، وهو أشهر كتبه بعد ملف إسرائيل، و (الإسلام يسكن مستقبلنا) ، والواجب علينا تجاه جارودي العدل الذي أمر الله به، واتباع الوسطية التي هي دين الإسلام حيث نحب الرجل ونواليه لأجل إسلامه وتفهم البيئة التي نشأ بها، وتقدير إخلاصه وتفانيه وما يتعرض له بسبب محاربة الصهيونية، ومع ذلك فإن ذلك لا يصحح انحرافاته وأخطائه، بل نحذر منها ولا نتبعه فيها، ولا أنصح من حيث العموم بقراءة كتبه إلا للمتخصصين. نسأل الله له مزيداً من الهداية، ونكل أمره إلى الله - سبحانه -، والله أعلم.

سيد قطب مرة أخرى

سيد قطب مرة أخرى المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ الحركات الإسلامية/شخصيات ومواقف من الحركات الإسلامية التاريخ 16/2/1423 السؤال قرأت في أحد المنتديات نقداً للأستاذ سيد قطب -رحمه الله- يتهمه فيها بالطعن في الصحابة وتكفيرهم، وحيث إني من محبي سيد قطب، ومن المكثرين لقراءة كتبه إلا أني لم أعلم ذلك عنه -رحمه الله-، فهل يصح نسبة هذا القول إليه؟ أرجو توضيح الأمر؛ لأنه يسبب لي الحيرة والإشكال. الجواب سيد قطب -رحمه الله تعالى- مفكر إسلامي أصيل وأديب كبير، حيث فتح الله عليه بإشراقات رائعة في (ظلال القرآن) ، وألف جملة من المؤلفات الفكرية الرصينة التي تستحق القراءة والانتفاع، وما ذكره السائل من تلك الدعوى العريضة تجاه سيد فتحتاج إلى بينة، بل إن ما قرره سيد في (جيل قرآني فريد) في كتابه النفيس (المعالم) ينقض هذه الدعوى، وإن كان سيد قد ابتلي بمن غلا فيه، إلا أن خصومه وشانئيه قد بالغوا في ذمه والافتراء عليه -فرحمه الله تعالى-، وعند الله تجتمع الخصوم، والمتعين ألا نحكم في مسألة أو على شخص إلا بعلم ودليل وعدل وإنصاف، والله أعلم.

تعدد الجماعات الإسلامية

تعدد الجماعات الإسلامية المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ الحركات الإسلامية/مسائل متفرقة في الحركات الإسلامية التاريخ 7/11/1424هـ السؤال بالنسبة للجماعات الإسلامية هل هي وحدة السلفية أو أهل السنة والجماعة؟ وأين اسم أهل السنة والجماعة؟ نرى الإخوان والتبليغ لماذا لا تكون واحدة؟ وما الحكمة من تعدادها؟ الجواب أهل السنة والجماعة هم المتبعون ظاهراًَ وباطناً لما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضي الله عنهم- وسلف هذه الأمة من القرون المفضلة في الاعتقاد والعمل، والمتمسكون بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم-:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ" أخرجه أبو داود (4607) والترمذي (2676) من حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه-، ويعلمون كذلك أن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويقدمونهما على قول كل قائل، ولهذا سموا أهل السنة، وعلى هذا الأصل كان اجتماعهم، ولذا سموا الجماعة. فمن كان محققاً لهذا الأصل عاملاً به متحاكماً إليه عند الاختلاف والتنازع فهو من أهل السنة والجماعة، وإن لم يتسمّ باسم السنة أو السلف؛ ذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يجعل الألقاب والأسماء التي اشتهرت بها الطوائف المنتسبة إلى الإسلام سمات تعرف بها، بل جعل أمارتها موافقة الكتاب والسنة وإجماع الخلفاء الراشدين ومن سلف من القرون المفضلة، ومن جعل هذا الأمر هو ميزانه في الحكم على تلك الجماعات عدل في حكمه، وأصاب في قوله، وعلم أن هذه الجماعات درجات متفاوتة، ومنازل مختلفة، فمنهم من هو أحرص على اتباع السنة، ومنهم من دون ذلك، ومنهم من يجتهد في إصابة الحق فيوفق، ومنهم من يجتهد ولا يصيب الحق، وهم في هذا كله لا يخرجون عن مسمى الإسلام، ويشملهم قوله -تعالى-:" إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء:48] وقوله -تعالى-:" وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم" [التوبة:102] . وأما الاختلاف الحاصل بين تلك الجماعات فإنه لا يضر إذا كان ذلك من باب التنوع في العمل والدعوة إلى الله -تعالى-، بشرط أن يكون الرد عند الاختلاف والتنازع بينهم إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وما كان عليه سلف هذه الأمة وخيارها، وعليه فلا بأس من الدخول معهم في منتدياتهم ونحوها؛ لتعلم العلم والانتفاع بما عندهم من خير، والتعاون معهم على البر والتقوى مع تجنب خطئهم، وسؤال أهل العلم إن أشكل عليك شيء من أمرهم. بقي - أخي الكريم - أن أحذرك من بعض المواقع والمنتديات الموجودة على الشبكة العالمية، ممن تعلن انتسابها إلى الإسلام وهم منه براء، فإن خطرهم عظيم، وتلبيسهم على الناس كبير، والله المسؤول أن يهديك سواء السبيل.

مسائل متفرقة في الدعوة الإسلامية

أعمل بعض المنكرات فهل أقوم بعملٍ دعويّ المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 6/5/1422 السؤال أنا أحاول إعداد بحث حول الحجاب، والأدلة على فرضيته، وأمور تتعلق بالنساء. والهدف من عملي دعويّ. لي سؤالان: أولاً: ما الكتب التي تتكلم عن هذا الموضوع؟ ثانياً: أنا أعمل بعض المنكرات فهل يجوز لي أن أمارس هذا العمل الدعوي، وخاصة القضايا المتعلقة بدعوة النساء؟ وهل يقع عليّ الوعيد ((أتأمرون الناس بالبرّ وتنسون أنفسكم)) ؟ أم هذا الوعيد له تأويل آخر؟ أرجو الاهتمام. الجواب من الكتب المفيدة في موضوع الحجاب: 1- الحجاب وأدلته. لمحمد إسماعيل. 2- المرأة في عصر الرسالة. لأبي سنة. 3- الحجاب بين الأفراط والتفريط. لمحمد المتولي. 4- رسالة الحجاب. للشيخ محمد بن عثيمين. علماً أن هذا الموضوع قد كثر طرقه. فلو تحوّل جهدكم إلى أمر آخر عسى أن يكون أعمّ نفعاً. جواب السؤال الثاني: الواجب هو ترك المنكرات. ومما يعين على ذلك فعل الطاعات، بل إن الوقوع في المنكرات كان بسبب ترك الطاعات، فهما ذنبان: أ - ترك الطاعات ب- فعل المنكرات والتوبة من الأول مقدمة على التوبة من الثاني، قال تعالى: ((إن الحسنات يذهبن السيئات)) . وعلى هذا ففاعل المنكر يجب عليه فعل الطاعة والدعوة إليها، حتى ولو قصّر فيها. وفاعل المنكر يجب أن ينكره وإن كان واقعاً فيه. وقد ذم الله بني إسرائيل، ولعنهم لأنهم ((كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه)) . وعليك أن تأخذ بالأسباب التي تعينك على التوبة من الأمرين ومن أهمها: 1- ذكر الله تعالى كثيراً، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. 2- تنظيم الوقت واغتنامه. 3- مصاحبة الصالحين والجلوس إليهم. والقراءة في سير الصالحين. 4- تذكر الدار الآخرة، ومحاسبة النفس. 5- زيادة الهمّ الدعوي.

دخلت الإسلام ولم تستطع إظهاره

دخلت الإسلام ولم تستطع إظهاره المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/مسائل متفرقة في الدعوة الإسلامية التاريخ 09/07/1426هـ السؤال السلام عليكم دخلت الإسلام، وتزوجت مسلماً، وعائلتي نصارى متعصبون، وقد أبقيت خبر إسلامي سراً، لكن هذا السر يقلقني، فأنا أعيش مع زوجي في بيت يملكه أهلي، ولا يمكننا الخروج منه نظراً لظروفنا المالية. وأنا الآن في حيرة: كيف أخبر أهلي بإسلامي، وقد حاولت التلميح لهم فرأيت منهم غضباً شديدًا، وهم يكرهون الإسلام. وقد هددوني -تعقيباً على تلميحي بالإسلام- بأنهم سيطردوني من البيت. أرجو إرشادي في أمري، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: أسأل الله تعالى أن يثبتك على دينك، وأن يجعل لك بعد همك فرجاً ومخرجاً. ثم عليك أن تكوني حكيمة في التعامل مع أهلك إن كانوا على الصفة التي ذكرت، وأن تحافظي على صلة القرابة التي بينكم، واحرصي على كتمان إيمانك عنهم في هذه المرحلة إن كان ذلك يسبب لك الأذى، وأكثري من الدعاء، واعتصمي بالله -تعالى- فإنه كفيل بكفايتك. وحاولي مع أقرب الناس إليك من أهلك بتسريب بعض الأخبار، كإعجابك بالإسلام ورغبتك في اعتناقه، وتحسسي رد فعل العائلة، إلى أن يفتح الله بينك وبينهم، وهو خير الفاتحين. ثم عليك بالتفكير أنت وزوجك في حل لما أنتما فيه، إما الهجرة من البلد الذي أنتما فيه، أو بتغيير المدينة التي تعيشان فيها، واستعينا بالله -تعالى- وخذا بالأسباب، والله الموفق والهادي إلى الصواب.

ـــــ استشارات دعوية ـــــ

استشارات دعوية

أفكار دعوية

كيف أقنع النصرانية بالإسلام المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/أفكار دعوية التاريخ 6/3/1424هـ السؤال أنا أعيش في بريطانيا، ولي جارة بولندية، وعندما تحدثني عن أمور دينها, فأنا أعرف أنها تقول كلاماً غير صحيح عن الله، وعن سيدنا عيسى -عليه السلام-، فأحاول أن أصلح لها المعلومة، ولكنها لا تفهم سوى ما تربت عليه, فلا أدري ماذا أقول لها؟ أو هل أصلح لها أم لا؟ فأنا لا أريد أن تشعر بكره لديننا إذا قلت لها إن ديننا يخالف ما تقول, فما هي الطريقة التي أدخل بها إلى هذه النصرانية المتمسكة بدينها (كاثوليك) حتى أقنعها بديننا؟ وجزاكم الله خيرا. الجواب هذه الديانات إلى الإرث أقرب منها إلى الاقتناع، وذلك في غير الإسلام، والدين الإسلامي اقتناع أكثر منه إرثاً، وهو ما يفسر سبب تمسك هذه الكاثوليكية بدينها، وقبل أن تناقشيها في دينها وتعرضي عليها الإسلام عليك بالآتي: أولاً: العلم التام بدين الإسلام حتى تستطيعي أن تعرضيه عرضاً صحيحاً. ثانياً: التركيز على أسماء الله وصفاته في الإسلام، وعلى ما ورد بحق عيسى -عليه السلام- وأمه في سورة آل عمران، وسورة مريم بخاصة. ثالثا: قراءة بعض ما كتبه علماء الأديان حول التثليت والصلب. رابعاً: اعرضي عليها موقف الإسلام من الرسالات الأخرى، ومنها النصرانية، وأخبريها أن اعتناق الإسلام يوجب الإيمان بموسى وعيسى -عليهما السلام- وبكتابيهما. خامساً: أخبريها أن عيسى جاء ليكمل رسالة موسى، بالنص الوارد عندهم:"ما جئت لأنقض بل لأكمل"، وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم- جاء ليكمل لا لينقض، إلا ما حرمه الله على بني إسرائيل تأديباً لهم، وقد بشر به المسيح قائلاً: "وأما متى جاء روح القدس تزول عني تلك الوصمة" وقوله: "خير لكم أن أنطلق حتى يأتي المعزي". والله الموفق.

كيف أقنع النصراني بالإسلام

كيف أقنع النصراني بالإسلام المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/أفكار دعوية التاريخ 15/5/1424هـ السؤال لقد حاولت أن أدعو رجلاً من الجنسية الإسبانية إلى الإسلام، وكان من ضمن الحوار طلبت منه أن يجاوب مَنْ خلق الشمس؟ ومَنْ المتحكم أثناء الشروق والغروب؟ فقال: الطبيعة التي تتحكم، والبخار المتصاعد أثناء النهار هو الذي يحجب ضوء الشمس ويصبح ليلاً، فقلت له: من خلق الأجنة في الأرحام؟ ومن كتب الأجل والرزق؟ وجعل فيه الداء والدواء؟ كذلك اختلاف الشكل، واللون، واللهجة والبعث بعد الموت، والحساب، والجنة والنار، فقال: أنتم لو خلقتم هناك لكنتم كذلك، فقلت له: هناك من جنسيتك ومن هو مسلم. هل من الممكن المساعدة على إقناعه؟ وهل من كتب محددة أستطيع أن أهديها له؟ علماً أن ديانته كاثولكية. الجواب أخي السائل.. أسأل الله - سبحانه وتعالى - لك التوفيق والسداد في دعوتك، وأذكرك بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من أن يكون لك حمر النعم" رواه البخاري (3009) ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-، واعلم أن أجر الدعوة لا يتوقف على استجابة المدعوين، بل الأجر الحاصل -إن شاء الله- حتى ولو لم يستجب أحد، وهناك من الأنبياء المؤيدين بالوحي من لم يستجب له أحد من الناس، كما ورد في حديث "عرضت عليَّ الأمم" رواه البخاري (3410) ومسلم (220) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. فالذي أوصيك به أن تواصل دعوتك مع هذا وغيره، وأن تنوع معه الحوار، فإذا لم يقتنع بمسألة معينة فافتح معه حواراً آخر. ثم إذا كان ذلك الرجل يقول بأن الذي خلق الشمس والقمر، ويتحكم بالأشياء هي الطبيعة، فاسأله ما هي الطبيعة؟ صفها لي؟ ثم اسأله أيضاً عن هذه الطبيعة، هل ورد ذكرها في التوراة والإنجيل، وأنها هي الخالقة؟ والحقيقة أنها لم ترد فيهما ولا في غيرهما من الكتب السماوية، واعتقاده أن الطبيعة خالقة -على حد زعمه- هو اعتقاد بأنها شيء عظيم، ولو صح هذا الزعم لذكرت الطبيعة في الكتب السماوية لعظمتها. ثم إنّ اعتقاد ذلك الشخص المذكور يتفق معك على أن الشمس والقمر وغيرهما لها خالق، وأن هذا الخالق هو المتحكم بهذا الكون، ولكن الرجل ضل عن معرفة هذا الخالق، والاعتقاد الحق أن هذا الخالق هو أعظم من هذا الكون كله، وهو الله - سبحانه وتعالى-. أما الكتب فإنك لم تذكر لغة هذا المدعو، ولكن أفضل شيء له هو القرآن الكريم المترجم بلغته، فهناك كثير من الكفار الذين أسلموا بعد قراءة ترجمة القرآن الكريم إلى لغاتهم، وهناك أيضاً كتاب اسمه: (حوار مع نصراني) تأليف خالد بن عبد الله القاسم.

رسالة في المنتديات

رسالة في المنتديات المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/أفكار دعوية التاريخ 24/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: كثرت هذه الرسالة في المنتديات وقمت بالرد عليها وبيان عدم صحة هذا الأسلوب مع الله سبحانه تعالى، لكن الكثير لم يقتنع، فنريد منكم جزاكم الله خيرًا بيان القول الصحيح في هذه الرسالة: (وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى الكثير منا يستعصيه أمر في هذه الدنيا، والكثير منا يبحث عن واسطة إما لوظيفة أو لاجتياز اختبار أو معاملة في إحدى الدوائر الحكومية أو ما شابه ذلك. ويسعدني أن أساعدكم في الحصول على الواسطة لتيسير أمركم. فقط اتصل على هذا الرقم، فهذا الرقم الخاص بالملك. الرقم هو: 222 فقط وبدون مفتاح للدولة وبدون مفتاح للمدينة! هل تريد معرفة كيفية الاتصال؟ إذًا تفضل معي لنبدأ الاتصال معًا! الرقم الأول (2) يعني الساعة (2) بعد منتصف الليل. الرقم الثاني: (2) يعني ركعتين. الرقم الثالث (2) يعني دمعتين. ومعناها ركعتين الساعة (2) في آخر الليل مع دمعتين. اطلب ملك الملوك.. اطلب الله عز وجل- في هذا الوقت، وبإذن الله ستُيسر أمورك، وسوف تحصل على ما تريد. فالله عز وجل الملك القهار ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ويقول: هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ فوالله لو اجتمع الإنس والجن على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. الكثير منا فضل أهل الوساطات على الله عز وجل، وبدأ يبحث عن واسطة قبل أن يلجأ بالدعاء إلى الله. الله عز وجل يقول في كتابه العزيز: "ادعوني أستجب لكم". لا تنسونا من صالح دعائكم، عند اتصالكم. ومن ساهم بنشرها أسأل الله لي ولكم القبول) الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: هذه النشرة وأمثالها يضعها الجهلة بحسن نية أحيانًا، ولكن ذلك لا يعفيهم من مغبة هذه البدعيات، بل ربما كانت هذه النشرات من قبل اتخاذ آيات الله هزوًا فكيف يجعل رب الأرباب الملك الوهاب محلاًّ لهذه الأقوال الركيكة ويعين له رقم هاتف؟ تعالى الله وتقدس عن ذلك علوًا كبيرًا. وأنا أنصح إخواني الراغبين في نفع الناس ودلالتهم على الخير أن يلجوا البيوت من أبوابها ويتتبعوا منهج أسلافهم في الدعوة والتعليم، وألا يُقدموا على أمر ما إلا بعد التأكد من شرعيته وسلامة طريقته وفي الدعوة بالآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة غنية وكفاية. والله الموفق.

الدرس في المسجد قبل الجمعة

الدرس في المسجد قبل الجمعة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/أفكار دعوية التاريخ 28/4/1424هـ السؤال يحتاج إخواننا الكوسفيون لمن يفقههم في الدين، حيث إنهم يجتمعون بكثرة في صلاة الجمعة، فهل يجوز أن تلقى عليهم كلمة قبل صلاة الجمعة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالأصل عدم التحلق قبل خطبة الجمعة، لا لدرس ولا لموعظة؛ حتى تنشط النفوس للإنصات للخطبة، ولذا (نهى - صلى الله عليه وسلم - عن التحلق قبل الجمعة) أخرجه أبو داود (911) ، والترمذي (296) ، والنسائي (707) ، وسنده - إن شاء الله - حسن من أجل عمرو بن شعيب. ولكن إذا كان عادة الناس عندكم أنهم لا ينتهزون انتظارهم للخطبة في قراءة القرآن والتنفل بالصلاة فلا بأس أن يوظف هذا الاجتماع بإلقاء الدرس عليهم، وتفقيههم في الدين؛ مراعاةً للمصلحة، وانتهازاً لاجتماعهم؛ فقد كان أبو هريرة - رضي الله عنه - يحدث قبل خطبة الجمعة، رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (1/468) . ويحمل النهي على ما إذا كان في إلقاء الموعظة والدروس قبل خطبة الجمعة أذية وتشويش على المتنفلين بالصلاة والمشتغلين بقراءة القرآن، ولا شك أن ما قبل خطبة الجمعة وقت يندب فيه الإكثار من التنفل، والاشتغال به أولى من الوعظ، أو الاستماع للموعظة، فإن لم يشغل الناس وقتهم في انتظار خطبة الجمعة بالتنفل وقراءة القرآن، فالأولى أن يشغلوا بما يفقههم في دينهم ويرقق قلوبهم لطاعة الله. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الانضمام لمنظمة العفو الدولية

الانضمام لمنظمة العفو الدولية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/أفكار دعوية التاريخ 9/3/1424هـ السؤال أرغب في الانضمام إلى عضوية منظمة العفو الدولية، غير أني متردد في ذلك بسبب أن المنظمة تعارض عقوبة الإعدام وهي عقوبة شرعية في الإسلام وعقوبات شرعية أخرى كقطع يد السارق، كما أنها تدافع عن الحق في ممارسة سلوكيات تعتبر محرمة في الدين كممارسة الشذوذ الجنسي. فهل يجوز لي كمسلم الانضمام إلى هذه المنظمة من باب التعاون على الدفاع عن المظلومين؟ الجواب نعم يجوز لك الدخول في منظمة العفو الدولية - إذا كنت قادراً ومتمكناً من الدفاع لرفع الظلم عن المظلومين مسلمين كانوا أو غير مسلمين، لأن الظلم حرام على الخلق جميعاً وعواقبه عظيمة في الدنيا والآخرة، ومن شدة تحريمه أن الله حرمه على نفسه، مع أنه سبحانه حكم عدل لا يظلم أحداً "وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ" [ق: 29] ، فقال في الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" رواه مسلم (2577) ، وفي الحديث الآخر الذي أوصى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل - رضي الله عنه - لما أرسله إلى اليمن، وكان فيهم أهل كتاب قال له: "واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" رواه البخاري (2448-4347) ، ومسلم (19) . ولا شك أن منظمة العفو الدولية يشتمل نظامها على مخالفات صريحة لبعض أحكام الشريعة الإسلامية، ولكنها مع هذا منظمة إنسانية انتفع بها كثير من آحاد الناس، والمظلومين مسلمين كانوا أو كفاراً، وعمل المسلم ودخوله في مثل هذه المنظمة قد يتنازعه من الناحية الشرعية لأول وهلة أمران: (1) مفسدة في الدخول في منظمة في بعض نظامها ما يخالف الشرع. (2) مصلحة الدخول من أجل رفع الأذى ودفع الظلم عن المظلوم وإعادة الحقوق الشرعية إلى أصحابها، وإذا تعارضت مصلحة ومفسدة قدمت المصلحة على المفسدة، لا سيما إذا كانت المصلحة واقعة والمفسدة مظنونة، فإن المصلحة حينئذ ترفع المفسدة أو تخفف منها، وهذا ما تقرره القواعد الشرعية المبنية على الكتاب والسنة كقاعدة "ارتكاب أخف الضررين"، و"تقديم أدنى المفسدتين دفعا لأعلاهما"، هذا كله لو قيل إن المفسدتين حاصلتان بالفعل، ولعل مرجحات دخولك في هذه المنظمة إذا كنت مؤهلاً قادراً هو أن المسلم مطالب بتحقيق العدل ورفع الظلم عن المظلومين لا سيما المسلمين منهم، فالأقربون أولى بالمعروف، ودخولك في هذه المنظمة هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإنكار باللسان والقلم أوسط درجات إنكار المنكر كما هو معلوم لكل مسلم، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

يريد أن يسلم، ولم يقتنع ببعض الأحكام الشرعية

يريد أن يسلم، ولم يقتنع ببعض الأحكام الشرعية المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/أفكار دعوية التاريخ 26/7/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ/ شخص هولندي غير مسلم، درس الإسلام واقتنع بالمبادئ العامة للإسلام وهو مصمم على اعتناقه، لكنه يجد صعوبة في تقبل بعض الأحكام الشرعية الجزئية، بالضبط الأحكام المتعلقة بالحدود الشرعية، مثل قطع يد السارق ورجم الزاني مثلاً، كذلك يصعب عليه تفهُّم أن الزوج يجوز له الشرع أن يضرب زوجته أحياناً فهو يقول إنه في حيرة من أمره، فإذا نطق بالشهادتين فسيكون في رأيه منافقاً لأنه لا يقبل أحكام الحدود، وهذا لا يريده لنفسه، وفي الوقت نفسه فإنه يريد أن يشهر إسلامه في أقرب وقت، شاورني في هذا الأمر، إلا أنني لا أجد نفسي في مستوى الإجابة على هذا السؤال، لهذا قررت أن أضعه بين أيديكم، فأفيدونا حفظكم الله في أسرع وقت ممكن، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب ينبغي أن تشير على هذا الشخص بالمبادرة إلى اعتناق الإسلام حتى ولو وجد في نفسه نوع مضض وكرهاً لبعض المسائل، فإن الكاره ليس كالمكره وهو إذا دخل في الإسلام وصلى ودعا وعمل الصالحات زاد إيمانه، وشرح الله صدره لفهم مقاصد الشريعة، وزال عنه ما يجد من التردد وعدم التقبل إن شاء الله. وأما قوله أنه لو أشهر إسلامه مع هذا الحرج الذي يجد في صدره فإنه يكون منافقاً، فغير دقيق، إذ المنافق هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وهذا الشخص قد اقتنع بأصول الإسلام، ولكن بحكم حداثته بالكفر لم يتفهم بعض المسائل، ويعزم على مزيد التدبر والنظر الذي سيوصله بإذن الله إلى القناعة والقبول والرضا ولو ترك هكذا، دون إسلام، فربما يسبق إليه الموت فيموت على الكفر الصراح، قبل أن يتحقق مما أشكل عليه، فلأن يموت ناقص الإيمان خير من أن يموت كافراً، والله أعلم.

مشكلات دعوية

هل أنتخب نائباً كافراً؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/مشكلات دعوية التاريخ 16/1/1424هـ السؤال هل يكفر من انتخب نائباً كافراً لأجل مصلحة ما؟ الجواب إن كان هذا المسلم انتخب ذلك الكافر نائباً عنه في (البرلمان) لما يظنه فيه من قدرة على التمثيل لمن انتخبوه، والدفاع عن حقوقهم فهذا جائز، ومباح لا سيما إذا كان المسلمون أقلية، فنصرة الكافر للمسلم جائزة ولا إثم على المسلم فيها إذا لم يكن في ذلك مساس لأصل عقيدته، فإن الكافر قد تدفعه حميته من نسب، أو قبيلة، أو بلد أو حزب إلى الدفاع عن المسلم لهذه الأسباب، أو غيرها، وقد احتمى نبي الله شعيب - عليه السلام- بقبيلته الكافرة فحمته من الأعداء قال تعالى: "وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ"، وبالمناسبة فقد علق الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله- في تفسيره على هذه الآية تعليقاً لطيفاً أنقله لك: ( ... إن هذه الروابط التي يحصل بها الدفع عن الإسلام لا بأس بالسعي فيها، بل ربما تعين ذلك، لأن الإصلاح مطلوب، على حسب القدرة والإمكان، فعلى هذا لو سعى المسلمون الذين تحت ولاية الكفار وعملوا على جعل الولاية جمهورية، يتمكن فيها الأفراد والشعوب من حقوقهم الدينية والدنيوية لكان أولى من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم الدينية والدنيوية، وتحرص على إبادتهم وجعلهم عمالة وخدماً، نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين وهم الحكام فهو متعين، ولكن لعدم إمكان هذه الرتبة؛ فالرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا مقدمة والله أعلم. أ. هـ. وإن كان انتخاب هذا النائب الكافر يحقق للمسلم مصلحة دنيوية أيضاً فهو جائز إن شاء الله، وإن كان انتخابه محبة لدينه وما هو عليه من الكفر فهذا ردة وخروج عن الإسلام يكفر بها المسلم، أعاذنا الله من ذلك، والله أعلم.

نبش القبور البدعية

نبش القبور البدعية المجيب د. حسن بن صالح الحميد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/مشكلات دعوية التاريخ 22/12/1423هـ السؤال بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد: إخواننا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. س/ إننا كمسلمين في كردستان العراق لدينا أربع جماعات إسلامية ثلاثة جهادية وأخرى إخوانية ولدينا مقرات ومراكز إسلامية مفتوحة في كثير من المدن وتحت سلطة طالباني وبرزاني. وفي بداية العام الحالي انفصل بعض الشباب المتحمس وأعلنوا جماعة باسم خاص، وفي بداية ظهورهم أعلنوا الجهاد ضد سلطة طالباني وبرزاني وانحصروا في منطقة صغيرة. وبعد ثمانية أشهر لم يحققوا أي نصر على الأحزاب العلمانية وبالعكس فأعمالهم تضر أعمالاً ونشاطات وعملية الدعوة الإسلامية الأخرى وفي الشهر المنصرم إنهم قاموا بعمل ضد القبور ونبش لقبور بعض شيوخ نقشبندية ونبش قبورهم هل هذا جائز أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد..

فإن تعظيم القبور واتخاذها مزارات والطواف حولها وسؤال الموتى وتقديم القرابين لهما.. وما جرى مجرى ذلك من الأعمال المنكرة، والبدع المحدثة.. هذه الأفعال قديمة في الأمم. وقد حذر منها الأنبياء - نوح فمن بعده عليهم الصلاة والسلام- وهذا أمر معروف فساده لمن سلمت فطرته، وأسلم وجهه وقلبه لخالقه على الحقيقة قال تعالى:"قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين" وقد ثبت النهي عن تعظيم القبور واتخاذها مساجد وسؤال الأموات في نصوص كثيرة.. وليس الغرض هو إثبات ذلك. ولكن الغرض هو في فقه التعامل مع هذا المنكر العظيم والشرك الوبيل. وتعلمون وفقكم الله أن المقصد الأعظم من الدعوة وإنكار المنكرات هو إزالتها أو تقليلها قدر الإمكان بحيث يكون حال الناس بعد الإنكار والدعوة أحسن من حالهم قبل ذلك. وحول هذا القصد يدور الحكم وتتنزل مراتب الإنكار من الوجوب المتعين، إلى التحريم والامتناع.. وما بين ذلك، وقد علم بالتجربة والمشاهدة شدة تعلق عامة الجهلة من المسلمين بهذه البدع، واعتقادهم أن ما يفعلونه هو مما يقربهم إلى الله زلفى، تماماً كما كان المشركون يظنون ذلك. وهذا كله بفعل دعاة السوء ممن ينتسب إلى العلم ويدعيه، فهم سنّوا للجهلة هذه الأباطيل وزينوها في أنفسهم، وفعلوها وأفتوا بجوازها بل بمشروعيتها وجعلوا لها الأوراد والأوقات، يتكسبون بذلك ويأكلون أموال الناس بالباطل، ويشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، حتى تلقى الناس عنهم هذا المنكر بالقبول، وجعلوا من علماء السوء حجة لهم وواسطة يخاصمون أهل الحق بهم، يقولون: لو كان هذا الفعل باطلاً أو شركاً لم يفعله فلان وفلان، وهم أعلم منكم وأعرف بالحلال والحرام - يظنون ذلك - والشيطان يوقع على ألسنتهم ويؤزهم لنصرة هذه البدع والدفاع عنها.. وبسبب ذلك اختلط الأمر على عامة المسلمين الذين حيل بينهم وبين معرفة التوحيد الحق فزهدوا فيه وأعرضوا عنه وأقبلوا على الشرك وعظموه وقدّسوا دعاة الباطل ونصروهم، واستوحشوا من دعاة الحق وحاربوهم، وهذا في كثير من بلاد المسلمين، وفي قديم الدهر وحديثه.. ولم يزل دعاة الحق من أهل السنة والجماعة يبينون للناس الحق بالدليل والبرهان، وبالإقناع وبالصبر والمصابرة والحكمة، ولم يعرف عن علماء المسلمين وأهل الفقه والبصيرة منهم أنهم تجاهلوا واقع الناس من الجهل والغوغائية فأقدموا على أعمال تثير عامة الناس كهدم القباب ونبش القبور وهدم المساجد المبنية عليها إلا بتحقق شروط وانتفاء موانع. منها:- أولا:- أن يكون لأهل السنة سلطة وقوة يستطيعون بها التنفيذ، ويمتنعون بها من الأذى، وهذا لا يتحقق غالباً إلا إذا كانوا هم أهل السلطة وبيدهم الحكم، فإن إزالة هذه المنكرات ليس بالأمر الهين، وهو من الإنكار باليد في أمر عام وهذا لا يتيسر عادة إلا في ظل سلطة وقوة.

ثانياً:- أن يغلب على الظن أنه لا يترتب على إزالة هذا المنكر - وهو هنا نبش القبور أو هدم القباب - ألا يترتب على إزالته منكر أكبر كالاعتداء على أهل السنة وعلى ممتلكاتهم، ومساجدهم ودعاتهم، واستغلال هذا الفعل واتخاذه ذريعة لإثارة الرأي العام ضدهم وضعفهم بما ينفر العامة منهم، وطردهم، أو مقاتلتهم.. أو نحو ذلك مما يحول بينهم وبين دعوة الناس وبيان الحق لهم وقبولهم والأخذ عنهم، كأن يمنعوا من الخطابة والتدريس والوعظ ... فينقطع الخير الواصل منهم إلى الناس، وينفر الناس منهم، فتخفى معالم الحق وتندرس آثاره، ويعود الناس إلى تعظيم الباطل أضعافاً مضاعفة ويستوحشون من دعاة الحق لسنوات طويلة. ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبادر إلى تكسير الأصنام الموجودة في جوف الكعبة وهو في مكة ولا حين اعتمر بعدما هاجر إلى المدينة، بل تركها حتى دخل فاتحاً منصوراً ذا قوة ومنعة وترك البيت على بناء قريش ولم يعد بناءه على قواعد إبراهيم لأن قومه حديثو عهد بجاهلية ولم يقتل عبد الله بن أبي بن سلول رأس النفاق مع علمه صلى الله عليه وسلم بحاله، وقال:- "لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه" البخاري (3518) ومسلم (2548) . ونهى الله سبحانه المسلمين أن يسبوا آلهة المشركين حتى لا يكون ذلك ذريعة إلى سب الله تعالى، قال تعالى "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام: 108] . ونوح عليه الصلاة والسلام دعا قومه زمناً طويلاً ولم يعرف عنه ولا عن أحد من أتباعه أنهم أقدموا على تحطيم الآلهة المتبعة ولا قاموا بنبش القبور المعظمة من دون الله، لأنهم كانوا قلة مستضعفين في قومهم. قال سبحانه:- "....وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا ... " [نوح: 23-24] . وقد تعاقب العلماء والمصلحون في هذه الأمة، وكانوا يحذرون من هذه البدع وينالهم بسبب ذلك الأذى، لكن لما كانوا على علم بحال الناس وأن الملوك والسلاطين ليس فيهم من الشجاعة والعلم بفساد هذه المسالك الموجب لطمسها والحيلولة بين الناس وبينها، بل كان كثير من السلاطين يرون أن تثبيت ملكهم وكون العامة إلى جانبهم آثر لديهم من القيام بواجب إزالة هذه المنكرات، إن لم يكونوا هم من جملة من يعظمها. أقول: قد كان العلماء والمصلحون يرون ذلك فيرون من تعارض المفاسد والمصالح ما جعلهم يتوقفون عن الإقدام على إزالة هذه المشاهد لترجح حدوث مفاسد أعظم لو أقدموا على إزالتها.

ولا شك أنهم مع توقفهم عن الإزالة وأخطاء معالم هذه المنكرات كانوا أعلم منا بخطورة ما يفعله الناس، ولهم من الحظوة والمنعة أكثر مما لنا في الناس اليوم خاصة في كردستان العراق التي تعمل جهات عديدة على استئصال شأفة الإسلام ودعاته منها، وأن الدعوة إلى الله ما تزال غضة ناشئة، وما يزال الناس في جهل وانحراف في العقائد والسلوك والعبادة ... فالواجب عليكم أن تفقهوا طبيعة هذه المرحلة، وألاّ تغترّوا بهامش الحرية الذي تتمتعون به، أو القوة المحدودة التي كسبتموها فانتم كبش الفداء لأي تغيير قادم، أيا كان وضع كردستان، فلا تستعدوا الناس عليكم، ولا تجعلوا للمتربصين حجة وذريعة لإبعادكم عن المجتمع ومواقع التأثير. أنتم بحاجة إلى أن تقنعوا عامة الناس بأنكم دعاة حق، وأن لديكم مشروعاً إصلاحياً يحل مشاكل الناس ويخفف معاناتهم اليومية، علموهم أحكام الإسلام بحكمة، اجعلوهم يكرهون الشرك ويوحدون الخالق، ويعبدونه ويصلون له، ثم حدثوهم عن أن غير الله لا ينفع ولا يضر، اذكروا لهم قصة قوم نوح فمن بعدهم، اجعلوهم يكرهون هذه المشاهد وهذه القبور نظرياً أولاً ويهجرونها وهي قائمة، حاولوا أن تكثروا أنصاركم من الموحدين ولا تستعجلوا إثارة الناس ضدكم بمواجهتكم في معتقداتهم الفاسدة، قبل أن تتألفوا قلوبهم فإن هذا من استعجال الثمرة واختزال المراحل الدعوية، وتجاهل الظروف المحيطة، والاستهانة بعواطف الناس، ومواجهة سدنة الباطل والمتربصين بكم قبل أن تستكملوا العدة. وفي هذا خطر عظيم على الدعوة وضعف في الفقه لا نرضاه لكم، ونناشدكم ألا تستعدوا على أهل السنة خصومهم في وقت مبكر، ليتكم تشتغلون بدعوة عامة الناس ممن لا يزورون هذه القبور وهم كثير وتجعلونهم في صفكم، وليتكم تهتمون بحاجات الناس التي تكسبون بها قلوبهم حتى يقبلوا منكم الحق الذي هو الغاية من دعوتكم. فالنصح والدعوة وتصحيح العقائد والعبادات نظرياً مقدم على غيره وهو من إقامة الحجة ومن البلاغ الذي لم تفرغوا منه بعد، ولم توفوه حقه فإن لدى الناس من الشبهات شيء كثير. والخلاصة أنه لا ينبغي الإقدام على هدم القباب ولا يجوز لكم نبش القبور بحجة إخفاء معالمها وصدّ الناس عنها في هذه الظروف فإن هذا من إزالة المنكر بمنكر أعظم منه، فهو من المصالح الملغاة وبخصوص نبش القبور فإن هذا لا يعرف من فعل المسلمين.

اللهم إلا إذا كان القبر أدخل إلى المسجد بعد بنائه، فهذا ينبش ويخرج، لكن وفق ما ذكرنا من تحقق المصالح وانتفاء المفاسد. وما سوى ذالك فالأصل ترك القبور وعدم نبشها. وإذا حصل ونبش قبر من هذه القبور فإن الغرض هو إخفاء معالمه حتى لا يعبد ويعظم فإن كان في إخفائه عن ورثته مصلحة فهذا أولى وإن كان يتوقع حصول مفسدة منهم باعتداء ونحوه بسبب عدم تمكينهم منه فينبغي أن يمكنوا منه بتسليمهم رفاته وعظامه درءاً للمفسدة. وهذا يشهد لما ذكرنا من وجوب الكف عن هذه الأفعال والاشتغال بما لا ينفر الناس حتى يأتي الوقت المناسب لإزالة هذه المنكرات بعد أن يتهيأ الناس نفسياً وعلمياً. ويلتحق بما ذكرنا مسألة تطبيق حكم الشرع في قرية أو محلة لم تستوف الشروط اللازمة لإمكان تطبيق أحكام الشرع بما يكفل مصالح الناس، ويدرأ عنهم المفاسد المتوقعة، وأحكام الشرع التي يتعذر تطبيقها هي: الأحكام التي تحتاج إلى سلطة وقوة في تنفيذها وهي الحدود من القطع والرجم، فإنها تحتاج - كما أسلفنا - إلى قوة ومنعة وإلى سيادة حقيقية على الأرض، وإلى بيعة وحاكم مطاع. وهذه لا تتأتى لأهل قرية في كردستان ونحوها. لكن عليهم أن يجتهدوا في التعاون على فعل الخير ومقاومة الفساد والمنكرات والحفاظ على الأمن بحيث يصبح صاحب المنكر غريباً مبغوضاً لا مكان له بينهم وعليهم أن يتعاونوا في تأمين حاجات الناس من التعليم والصحة وغيرها، وأن يستقلوا بذلك عن العلمانيين الذين يجعلون من تأمين هذه الحاجات وسيلة إلى السيطرة ومحاربة المصلحين. وإن من الغفلة والخطأ أن تتركوا لأهل الباطل قلوب الناس ودنياهم، فلا يرون فيكم سوى وعاظ لا برنامج لديهم ولا طموح، فلا يرون فيكم بديلاً مناسباً، بل اجمعوا للناس بين الدين والدنيا، وهذه فرصتكم، ولا تظهروا لخصومكم أنكم تنزعون نحو الانفصال ولا تقبلون التعايش مع مجتمعكم، بل ادعوا واغلبوا أهل الفساد والباطل بوسائل مكافئة ومحققة للأهداف، ولا تستعجلوا الخطوات فتعاقبوا بعثرات مبكرة ومواجهات لا تخدم مستقبل الدعوة، واعلموا أن أهل الباطل في الداخل والخارج لن يتركوكم وما تريدون، واعتبروا بدول ذات سيادة حوصروا وحوربوا حتى اضطروا إلى التنازل والتراجع فكيف بقرية محصورة وعدد قليل. فاحذروا الحماس واستعجال النتائج، نحن معكم في الطموح والرغبة الصادقة في تحقيق الخير للناس وحكمهم بشرع الله، ونتمنى أن تكون بلاد المسلمين كلها كذلك، ولكن لسنا معكم في هذا التوقيت وهذا التبسيط ونرى أن العاقل من وعظ بغيره واعتبر بمن سبقه. فيا ليت إخواننا من أهل السنة في كردستان العراق يحققون قدراً أكبر من التعاون والتشاور فيما بينهم، وينظرون إلى العواقب بعين واعية ويغلبون المصالح العامة على الاجتهادات الخاصة، ويحذرون الاستعجال ويستشيرون في الأمور الكبيرة التي تؤثر على مستقبلهم. وفقكم الله وجمع على الحق كلمتكم.،،،

العقاب الإيماني

العقاب الإيماني المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/مشكلات دعوية التاريخ 1/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن جماعة إسلامية تعنى بتربية الشباب، وتستخدم وسائل عديدة لتنمية الجانب الإيماني، فلديها محاضن تربوية وغيرها. ويشكل علينا يا شيخنا المبارك مسألة العقاب الإيماني ... أي إذا ارتكب أحد الأفراد خطأ فمسؤول المحضن يعاقبه عقاباً إيمانياً ... كمثل قراءة جزء قرآن أو تهجد أو أذكار وغيرها من الأمور الإيمانية، فما حكم ذلك؟ حفظكم الله. الجواب أولاً: يجب عليكم أن تحمدوا الله أن جعلكم ممن تعلم القرآن وعلمه فهم خير الناس كما في الحديث النبوي الشريف. ثانياً: أسال الله لنا ولكم ولكل متعلم لديكم أن يرزقنا العمل بالقرآن الكريم والسنة المطهرة. ثالثاً: ما تقومون به لإصلاح المخطئ فأرى أن يكون زيادة اهتمام به وإشعار له بذلك لأنه يحتاج إلى زيادة تربية وعناية بحفظ القرآن وإصلاح قلبه بالصلاة والتهجد، وأن لا يسمى ذلك عقاباً لأن مسمى العقاب ثقيل على النفس وفيه نوع تعيير، فيكون العقاب بالقراءة أو الصلاة أو الأذكار غير محبوب للنفس، أما أن يكون إشعاراً له بالاهتمام بالقرآن والذكر والصلاة حتى تتهذب نفسه الأمارة بالسوء فهذا هو المطلوب، والله أعلم. رابعاً: أوصي إخوتي في هذا العمل المبارك وكل طلاب العلم وأهل الدعوة العمل على الوحدة الإسلامية مهما كانت الظروف فيجب وخاصة في هذه الظروف الحرجة على المسلمين التوحد على منهج واحد وعدم التمييز بمسمى مستقل عن بقية طلاب العلم أو أفراد الدعاة أو جماعتهم وإن اختلفت وجهات النظر فإن العمل على الوحدة فرض واجب على المسلمين جميعهم حتى يكون المسلمون جماعة واحدة. والله الموفق للجميع.

ـــــ الآداب والسلوك والتربية ـــــ

الآداب والسلوك والتربية

الأخلاق

أخذ الأم من مال أبنائها خلسة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 16/4/1424هـ السؤال تقول أخت في الله، ما حكم المرأة التي تأخذ من أولادها بعض النقود وبعض الأمور اللازمة للمنزل خفية عنهم؟ هل يعتبر هذا سرقة؟ فهي تقول لديهم محل للمواد الغذائية في المنزل الذي يقطنون فيه، معها تقول هم ثلاثة يعملون في هدا المحل ويقطنون معها، وغير متزوجين، كل شيء عليها؛ الأكل والغسيل، وعندما تطلب منهم شيئاً أحياناً قليلة جداً يقبلون، ومعظم الوقت يرفضون، وللأمانة تقول زوجي حي، ولكن دخله غير كافٍ، لأن المعيشة صعبة في بلادنا، كما أنها تقول إنها تأخذ بعض الأمور لبناتها، خصوصاً الصغيرة لأنها كثيرة الاشتهاء، وليس لهم غير دخل أبيهم، وهم لا يعطونهم دون النقود، وتطلب الإفادة وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإنه يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده الشحيح بماله -بغير إذنه- (ولو كان على سبيل الخفية) ، ولكن بشرطين: الأول: تحقق حاجة الوالد إلى هذا المال، بحيث لا يكون عنده من المال ما يكفي لشراء حاجات المنزل الهامة، سواء كانت ضرورية أو حاجية. والثاني: أن يكون عند الولد مال زائد عن حاجته، وحينئذ يجوز له أن يأخذ من ماله ما يكفيه، ولو بغير إذنه -إذا كان شحيحاً-، ويدل لذلك ما يلي: أولاً: النصوص الدالة على أن الولد وكسبه لوالده، ومنها: قوله -صلى الله عليه وسلم- لذلك الولد الذي جاء يستدعي والده:"أنت ومالك لأبيك"، رواه ابن ماجة (2292) ، وأحمد (2902) ، من حديث عمرو بن شعيب، وهو حديث قوي بمجموع طرقه، كما قاله الحافظ ابن حجر في الفتح (5/211) . وكذا قوله -صلى الله عليه وسلم-:"إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه"، رواه الترمذي (1358) ، والنسائي (4449) ، وأبو داود (3528) ، وابن ماجة (2137) وغيرهم، قال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (2/1) :"رواه أحمد والأربعة وابن حبان والبيهقي من رواية عائشة - رضي الله عنها-" قال الترمذي: حسن. وقال أبو حاتم الرازي:"صحيح.." وقد روي هذا الحديث في بعض طرقه ضمن حديث "أنت ومالك لأبيك" (سبق تخريجه) . ثانياً: حديث عائشة -رضي الله عنها- الوارد في صحيح البخاري (5364) ومسلم (1714) :"أن هند بنت عتبة -امرأة أبي سفيان- دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني، إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك". فهذا الحديث الصحيح قد استنبط منه أهل العلم، وشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (30/372) بأن ما كان سبب الاستحقاق فيه ظاهراً لا يحتاج إلى إثبات فإنه يجوز للمستحق أن يأخذ ممن عليه الحق بدون إذنه -إذا لم يستطع أخذ حقه بإذنه- وذلك مثل: استحقاق المرأة النفقة على زوجها، ومثل استحقاق الولد أن ينفق عليه والده، ومثل استحقاق الوالد أن ينفق عليه ولده -إذا كان محتاجاً- ومثل استحقاق الضيف الضيافة على من نزل به، والله تعالى أعلم.

الفرق بين عدالة الشاهد، وعدالة الراوي

الفرق بين عدالة الشاهد، وعدالة الراوي المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 18/7/1424هـ السؤال ما الفرق بين عدالة الشاهد وعدالة الراوي؟ وبم تثبت عدالة كل منهما وبخاصة في زمن الفتن والمنكرات المعلنة، وهل شرب الدخان مسقط للعدالة؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالعدالة المطلوبة في الشاهد والراوي شيء واحد وهو الاستقامة واعتدال الأقوال والأفعال، وتعتبر بأمرين: الصلاح في الدين، وذلك بأداء الفرائض واجتناب المحارم، بأن لا يفعل كبيرة ولا يصر على صغيرة، واستعمال المروءة وهو فعل الجميل واجتناب ما يدل على دناءة الهمة. وتثبت عدالة الشاهد باستفاضة ذلك كأهل الصلاح والدين المشتهرين به، وبشهادة عدلين على ذلك أو أنه مرضي الشهادة، وهذه المسألة مما يحكم فيها القاضي بعلمه اتفاقاً. وتثبت عدالة الراوي بما تثبت به عدالة الشاهد إضافة إلى الحكم بشهادته، فإذا حكم حاكم عدل بشهادة الراوي، دل على أن هذا الراوي عدل عنده. وشرب الدخان لا شك معصية من أصر عليها وأكثر من استعمالها فهو ممن ترد شهادته إلا في المجتمعات التي تكثر تعاطيه، حتى لا يكاد يوجد من لا يتعاطاه فمثل هذا تقبل شهادته؛ لأنها لو ردت لتضرر الناس وفاتت حقوقهم، وكذلك إذا شهد على من يتعاطاه لاشتراكهما فيه، والغالب أن مجالس الفساق ونحوهم لا يحضرها غيرهم، إذا لم يكن متهماً بالكذب في لهجته. وكذلك إذا كان من يتعاطاه يعمل بفتوى من يبيح شرب الدخان، أما في غير ما ذكر فإن شارب الدخان غير مقبول الشهادة، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

تسمية الكفار بـ "محمد"

تسمية الكفار بـ "محمد" المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 23/7/1423هـ السؤال ما حكم مناداة غير المسلمين باسم محمد؟ هذه الظاهرة منتشرة بصورة كبيرة عند الكبار والصغار، أفيدونا - يرحمكم الله -. الجواب الحمد لله، وبعد: الذي يظهر من السؤال هو أن الشائع لدى كثير من الناس حين ينادي شخصاً لا يعرف اسمه أن يقول: يا محمد ... يا محمد، وكأن هذا من أجل أن اسم محمد كثير في المسلمين، ولأنه اسم محبوب للنفوس. لكن حين يكون المنادى غير مسلم فلا شك أن الأدب مع اسم نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ومقتضى تشريفه ألا نبتذله، لا سيما في مناداة غير المسلم، ولكن لا يظهر لي أن ذلك حرام إذا سلم من الاستهانة بهذا الاسم أو ابتذاله، بدليل أن الكافر له أن يسمي نفسه أو ولده محمداً ونناديه بذلك من غير حرج، والله أعلم.

بناء المراحيض لجهة القبلة

بناء المراحيض لجهة القبلة المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 5/1/1425هـ السؤال ما حكم جعل اتجاه المرحاض اتجاه القبلة للضرورة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين.. وبعد: فقد ثبت النهي عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة بحديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- في الصحيحين البخاري (394) ومسلم (264) ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط، ولكن شرقوا أو غربوا"، ولكن هذا النهي مخصوص منه ما كان في بنيان في قول كثير من العلماء كالأئمة الأربعة وغيرهم، أما الاستدبار في البنيان فمخصوص بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- في الصحيحين البخاري (145) ومسلم (266) ، قال:" لقد ارتقيت يوماً على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على لبنتين مستقبلاً بيت المقدس لحاجته". وأما الاستقبال في البنيان فمخصوص بحديث جابر -رضي الله عنه-:"نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يُقبض بعام يستقبلها" رواه الترمذي (9) وأبو داود (13) وابن ماجة (325) وإسناده صحيح، وأما من ضعفه لعنعنة ابن إسحاق فقوله مردود بأن رواية أحمد فيها تصريحه بالحديث. وإنما حُمل الحديثان على ما كان في البينان؛ لأن الظاهر من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يفعل ذلك في بنيان؛ لشدة مبالغته في التستر. وعلى ذلك فالأولى اجتناب استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة سواء كان ذلك في بنيان أو في العراء، مع أن الاستقبال والاستدبار جائزان في البنيان، فمتى بنيت المراحيض على غير القبلة كان ذلك أولى، ومتى بنيته إلى القبلة كان ذلك جائزا، ً ولا سيما حال الضرورة أو الحاجة، والله أعلم.

استخدام الدمى لإفراغ الشهوة

استخدام الدمى لإفراغ الشهوة المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 12/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب أدرس حالياً في الولايات المتحدة وأعاني من الفتن التي أواجهها وعملت ما في استطاعتي لأتزوج ولكن لم استطع لظروف خاصة، سؤالي يا شيخ هنالك بعض الدمى تشبه جسد المرأة وتباع في المحلات هل لي أن أشتري هذه الدمية لأفرغ شهوتي حال ثورانها فوالله الحال مرير يا شيخ وأشهد الله أني لا أريد الزنى وما جربته مطلقاً. أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد فقد قرأت سؤالك، واستمعت إلى شكواك ولا والله - لا ألومك- ولكني أرجو الله - تعالى - أن يعينك على طاعته وأن يثبتك على دينه، أخي الكريم، من يستعفف يعفه الله والحل هو الزواج الشرعي، فإن لم تستطع فعليك بالصوم كما في الحديث الذي تعرفه، وإذا بلغت بك الحال إلى أن تفرغ الشهوة إما بالزنا أو بالعادة السرية، فالأخيرة أولى مع حرمتها في حال عدم الوصول إلى حال الضرورة واحذر من الدمى فإنها طريق إلى الزنا، والعياذ بالله، وليس بعد جريمة الزنا إلا خزي الدنيا بالأمراض والفضائح وخزي الآخرة بالعذاب الشديد. ثبتك الله.

الفرق بين الحسد والعين

الفرق بين الحسد والعين المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 23/1/1423 السؤال ما الفرق بين الحسد والعين؟ الجواب الحسد هو: كراهة حصول نعمةٍ لأحد من الخلق في نفسه أو أهله أو ماله، وتمني زوالها عن صاحبها. أما العين: فهي قوة نفسية تؤثر في الأبدان والنفوس ويقال لصاحبها عائن، وكثيراً ما كان الحسد سبباً لتسلط العائن على صاحب النعمة فيضره بهذه القوة النفسية، قال ابن القيم رحمه الله: (الحسد أصل الإصابة بالعين) وبهذا يظهر أن بينهما عموماً وخصوصاً، فيقال: كل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناً، وبالله التوفيق.

حكم النثار

حكم النثار المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 26/6/1424هـ السؤال لقد قرأت مرة أن أفعالاً كانت مكروهة في الجاهلية، وجاءت موافقة للخلق الإسلامي، ومنها (النثار) الذي ينثر بقايا الأكل من يده في الصحن، أو الذي يتكلم ورذاذ فمه يأتي على الطعام، وكذلك والأهم أولئك الذين يمسكون لحاهم (الذقن) ، ويلعبون بها، أو يشمونها، أو يدخلونها في أفواههم، وما يترتب على ذلك معروف، السؤال هو: ما حكم ما تقدم من ذلك في ديننا الكامل؟. الجواب لا شك أن ديننا الإسلامي ما ترك خيراً إلا دلنا عليه، ولا شراً إلا حذَّرنا منه، والمتتبع لسنة الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يجد الأمر في ذلك واضحاً جلياً، حيث أقر من أمور الجاهلية ما كان حسناً، وأبطل منها ما كان باطلاً، وقد أمر عليه -الصلاة والسلام- بمحاسن العادات ومكارم الأخلاق. ومن المعلوم أن الشريعة نظمت كل ما يحتاج إليه الناس، في شتى شئون الحياة، سواءٌ أكان ذلك خاصاً بالإنسان، أم مشتركاً بينه وبين غيره من الناس، ومن نظر في أحكامها يجد أنها أمرت بالعدل والإحسان في كل شيء، قال تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" [النحل: 90] ، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء " رواه مسلم (1955) من حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه-. أما جواب ما سألت عنه، فهو كالآتي: النثار الذي كرهه بعض العلماء المقصود منه: ما يُنثر على الناس في العرس من الجوز واللوز ونحوهما، فيلتقطه الناس ويتجاذبونه، وكره بعض العلماء هذا الأمر؛ لأنه يشعر بالدناءة وعدم المروءة في التقاطه، والله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها، وقد يأخذه من غيره أحوج إليه، أو غيره أحب إلى صاحب المال منه. أما الذي ينثر بقايا الأكل من يده في الصحن، أو الذي يتكلم ويخرج من فمه شيءٌ من الطعام فيسقط على الأكل، فهو مكروه؛ لأن هذا مما يستقذره الناس، ولا يرضونه، والمسلم يجب عليه مراعاة حال رفقائه دائماً، وهو مخالف للآداب الشرعية للطعام، والرسول صلى- الله عليه وسلم- أرشدنا إلى آداب الطعام، ومن ذلك ما رواه عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه- أنه قال: كنت غلاماً في حجر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك" متفق عليه عند البخاري (5376) ، ومسلم

(2022) فإذا كان الإنسان منهياً أن يأكل من غير المكان الذي يليه، فالنهي عن نثر ما في يده أو ما في فمه في الصحن من باب أولى. أما ما ذكرته من أن بعض الناس يمسكون لحاهم (الذقن) ويلعبون بها، أو يشمونها، أو يدخلونها في أفواههم ونحو ذلك، فهذا من العادات التي اعتاد عليها بعض الناس والأمر في ذلك واسع؛ لأن العادات كما يذكر أهل العلم: الأصل فيها العفو، فلا حرج في شيءٍ من العادات التي لا تخالف النصوص الشرعية، ولكن ينبغي على المسلم أن يظهر بالمظهر اللائق دائماً، ويحرص على ألّا يبدو منه أي تصرف مشين، أو هيئة لا تناسب حال الإنسان المسلم، كما يندب له أن يكون مراعياً لشعور الآخرين، فلا يعمل ما يؤذيهم وإن كان مباحاً. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التنعت بصاحب العظمة والجلالة

التنعت بصاحب العظمة والجلالة المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 23/4/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي يتعلق ببعض النعوت كصاحب الجلالة صاحب العظمة أو أسماء الله الحسنى، هل يجوز أن ينعت بها غير الله أجيبونا يرحمكم الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا شك أن الاقتصاد في المدح والوصف للمخلوقين هو الأوفق والأليق، وعبارات التفخيم والتعظيم حادثة على قاموس الأمة المسلمة، مستجلبة من أعاجم الفرس والروم في تعظيمهم لملوكهم، وبالنسبة للسؤال فإن كان لهذا المخلوق الموصوف جلالة تناسبه فلا يظهر بأس في وصفه بجلالة الملك، أو صاحب الجلالة الملكية، ويكون مقيداً، أما الإطلاق هكذا: صاحب الجلالة وصاحب العظمة فهذه جلالة وعظمة مطلقة لا يستحقها المخلوق أياً كان، والشريعة تحمي جناب التوحيد، وتسد الذرائع المفضية إلى تعظيم المخلوق المفضي إلى الشرك، ومن ذلك ما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له: أنت سيدنا فقال: "السيد الله" رواه أبو داود (4806) من حديث عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه- وسنده جيد، مع أنه له سيادة - صلى الله عليه وسلم - على أمته، ومثله قوله: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله" أخرجه البخاري (3445) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، ووفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- ناس فقالوا له: يا خيرنا وابن خيرنا ... فقال: "يا أيها الناس عليكم بتقواكم لا يستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبد الله عبد الله ورسوله والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله -عز وجل-" رواه النسائي في الكبرى (10007) وأحمد (12551) من حديث أنس - رضي الله عنه- بسند صحيح. فإذا كان هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعصوم المغفور له ما تقدم من ذنبه الذي له نصيب من كل ما ذكر يغلق هذا الباب؛ باب تعظيم المخلوق ورفعه فوق منزلته فكيف بغيره؟! ولهذا يتبين لنا أن عامة الشرك في الأفعال وفي التأله هو من باب التعظيم والغلو في الأشخاص. وأما أسماء الله الحسنى فلا يجوز أن يوصف أو يسمى بها المخلوق؛ لأن ذلك نوع من الإلحاد في أسماء الله، وهو من أنواع التشبيه، وهو تشبيه المخلوق بالخالق، وخاصة في الأسماء التي لا يصح أن تطلق إلا على الله كالجبار، والحكم، والمتكبر، ونحوها، فلا يجوز إطلاقها على غير الله. أما مجرد الوصفية دون العَلَمية لمعنى موجود في المخلوق يناسبه، كوصفه بأنه عزيز وحكيم وسميع وبصير ورحيم فأمر جائز؛ وقد جاء في التنزيل "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً" [الإنسان: 2] ، وقوله تعالى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" [التوبة: 128] .

القزع والصلاة

القزع والصلاة المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 25/8/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم هل ينقص (القزع) أو غيرها من القصات الغربية من أجر المصلي؟ ثم ما الأسلوب الأمثل - مع الدليل - لمناصحة الشباب في ذلك؟. الجواب الأخ الكريم: وفقه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: القزع منهي عنه، ومن فعله فهو آثم، وأجر الصلاة لا ينقص بفعل القزع أو غيره من الذنوب، ولكن الصلاة لو كانت تامة بخشوعها وشروطها وواجباتها وأركانها، لنهت صاحبها عن الفواحش والمنكرات. أما الأسلوب الأمثل لنصح الشباب عن القصات الغربية، فإنه يكون بغرس روح العزة في قلب المسلم، وتميزه بأخلاقه وسلوكه وفكره واعتقاده، لأن الله يقول:"ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين" ويقول:"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين" وبقدر ما يتمسك العبد بدينه بقدر ما يعظم ربه، ويقوي إيمانه، ويعتز بإسلامه، وإذا كان كذلك فإنه يحقق الولاء والبراء، الولاء للمؤمنين بمحبتهم واتباع سبيلهم ونصرتهم، والبراء من الكفار والمنافقين وبغضهم وجهادهم ومفارقة سبيلهم، وعدم التشبه بهم، فمن قلد الكفار وأعجب بزيهم وأخلاقهم فأين حبه لدينه وولاؤه لله ولرسوله -عليه الصلاة والسلام- وللمؤمنين؟ والله يحفظكم.

استئجار عصابات المافيا والانتماء إليها

استئجار عصابات المافيا والانتماء إليها المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 14/4/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: أفدنا جزاك الله خيراً، ما حكم دفع المال للمافيات الذين يحموننا، علماً بأنهم يستعملونها في شراء الخمر وشربه وليس لنا غنى عنهم. وما حكم انتماء المسلم للمافية ومشاركته في أعمالهم من غصب الأموال وإخراجها من الناس بطرق -تعتبر في قوانين روسيا- غير شرعية. الجواب دفع المال لمن يحميك أو يدفع عنك الأذى والظلم جائز سواء كان المدفوع له هذا المال - مسلماً أو كافراً، فإن الدخول مع الكفار في عقود إجارة أو معاوضة ونحوها جائز شرعاً، فقد استأجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر الصديق - في الهجرة من مكة إلى المدينة- (عبد الله بن أريقط) ليدلهم على الطريق ويحميهم من عيون قريش، انظر ما رواه البخاري (2263) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها- ولا شيء على المسلم لو استعمل هذا الكافر أو الظالم كعضو (المافيا) المال في الحرام كالمخدرات ونحوها. أما انتماء المسلم إلى منظمة (المافيا) أو عصاباتها فحرام لا يجوز، لأن في ذلك مشاركة في الظلم والتعدي على الناس وانتهاك حرماتهم وأكل أموالهم بغير حق، والله يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ" [النساء: من الآية29] ، ويقول الله في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجلعته بينكم محرماً فلا تظالموا"، رواه مسلم (2577) ، من حديث أبي ذر - رضي الله عنه- وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه". رواه الترمذي (2416-2417) وغيره.

جماع المخطوبة

جماع المخطوبة المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 7/5/1424هـ السؤال ممارسة الزنا بعد الخطوبة، أو بصفة أدق بعد قراءة الفاتحة، هل هي كبيرة؟ وما حكمه في الشريعة؟ حيث إنني لا أستطيع الزواج هذا العام، ولا أستطيع الابتعاد عن هذا المرض، مع العلم أنني أصلي جميع الأوقات. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فجواباً على ما ذكره السائل فإن ممارسة الزنا والعياذ بالله لا شك أنه محرم وكبيرة من كبائر الذنوب سواء كان ذلك بعد الخطوبة أو قبلها أو أياً كان، وقد ورد في ذلك نصوص كثيرة في كتاب الله - تعالى -، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومما ورد في السنة قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" رواه البخاري (2475) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ولذلك فأنصحك أخي بالمبادرة بالزواج وإتمام الدخول بكل الوسائل المشروعة؛ لأن في ذلك تحصين لك من هذا المنكر العظيم، وهذا المرض الذي ابتليت به نسأل الله لنا ولك الهداية والصلاح والعصمة من الذنوب والمعاصي والمنكرات كبيرها وصغيرها، وقولك إنك لا تستطيع الزواج هذا العام هذا ليس بعذر في ما ذكرته، فابذل الأسباب المشروعة لإعفاف نفسك بالحلال، ومن يتق الله تعالى يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، وأيضاً قولك إنك تصلي جميع الأوقات فهذا أمر طيب لكن يجب عليك أن تتذكر قوله تعالى: "إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ" [العنكبوت: من الآية45] ، فلتكن هذه الصلاة مانعة لك من هذا المنكر، وتذكر وقوفك بين يدي الله تعالى وسؤاله، وتذكر بما تجيب به ربك ومولاك وقد جعل الله لك في الحلال غنية من الحرام جميعاً، واستعن بربك في تفريج الكرب وتيسير الأمور، فلا فرج ولا تيسير إلا من الله تعالى فهو تعالى نعم المولى ونعم النصير، وهو المستعان وعليه التكلان في جميع الأمور عظيمها وصغيرها. وأنبه أيضاً على أنه لا يحل لك الخلوة بالمخطوبة ولا التحدث معها في خلوة لأنها أجنبية منك لا تحل لك حتى تعقد عليها العقد الشرعي الصحيح، وقبل ذلك فإتيانها فاحشة من الزنا والله تعالى أسأله أن يهدينا للحق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل الفخذ عورة

هل الفخذ عورة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 16/7/1424هـ السؤال هل الفخذ عورة؟ وإذا كان كذلك فما جوابكم عن كشف الرسول-صلى الله عليه وسلم- فخذه عند أبي بكر وعمر، وأيضاً انكشاف فخذه- صلى الله عليه وسلم- وهو يحفر الخندق. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الفخذ عورة ويدل على ذلك حديث جرهد ومحمد بن جحش وابن عباس - رضي الله عنهم -:"الفخذ عورة" انظر مسند أحمد (2493، 15926، 22494) وسنن أبي داود (4014) وجامع الترمذي (2796) ، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:"ما تحت السرة إلى الركبة من العورة" أخرجه أحمد (6756) وأبو داود (496) ، والدارقطني (1/230) . فهذه تدل على أن الفخذ عورة، وأما بالنسبة لما حصل من انكشاف فخذ النبي -عليه الصلاة والسلام-فيجاب عنه من وجوه: أولاً: أنه عارض وليس دائماً، وثانياً: أن الذي انكشف هو أوائل الفخذ يعني الركبة، وما بعد الركبة من أوائلها، وثالثاً: فإن العلماء حملوا هذا الانكشاف بالنسبة للشيخ الكبير الذي لا يتعلق بانكشاف فخذه فتنة، فهذه ثلاثة أجوبة عن هذا الحديث.

إجهاض جنين الدابة لتلقيحها من فحل أطيب

إجهاض جنين الدابة لتلقيحها من فحل أطيب المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 14/10/1424هـ السؤال هل يجوز لمالك الدابة أن يسقط حملها طلبا لتلقيحها بفحل أطيب من الفحل الذي لقحت منه الدابة ابتداء بقصد تحسين النتاج؟ وهل يفرق بين ما إذا كان الحمل في بدايته وبعد التخلق؟ علماً أن إسقاط الحمل يكون بإبر طبية بلا ضرر على الدابة - بإذن الله -. الجواب بالنسبة لإسقاط الحمل في الحيوان لا يأخذ أحكام إسقاط الجنين بالنسبة للإنسان، لا من ناحية الحكم ولا من ناحية المدة التي يجوز فيها الإسقاط، فالحيوان خلقه الله - عز وجل- لمصلحة الإنسان وأباح له الانتفاع به، فإذا رأى الشخص وجهاً ما في تحقيق هذه المصلحة جاز له فعله، بشرط عدم تعذيب هذا الحيوان، وألا يكون القصد من ذلك هو العبث بهذا الحيوان، ولذا لم يذكر أحد من أهل العلم عدم جواز إسقاط أجنة الحيوانات، فالحكم هو الجواز، وإذا قيل بالجواز فلا ينظر في تحديد مدة الحمل، وهذا بشرط أن يكون القصد من هذا الفعل هو تحصيل مصلحة معتبرة.

دلالة حديث تكفير الوضوء الخطايا

دلالة حديث تكفير الوضوء الخطايا المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 12/01/1426هـ السؤال هناك شخص يقول إنه لو نظر إلى النساء المتبرجات فترة طويلة ثم قام فتوضأ فإن ذنوبه تخرج مع قطر الماء؟ هل هذا صحيح؟ وما معنى حديث تكفير الوضوء للخطايا؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد: الوضوء من الأعمال الصالحة التي يكفر الله بها السيئات والذنوب، وقد دل على هذا أحاديث، منها حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ- أَوْ الْمُؤْمِنُ- فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ- أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ- فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ- أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ- فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ- أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ- حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنْ الذُّنُوبِ". أخرجه مسلم (244) . وحديث عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ". أخرجه مسلم (245) . والذي عليه جمهور العلماء أن الأعمال الصالحة مثل: الوضوء والصلاة والصيام والحج والعمرة وغيرها تكفر الصغائر دون الكبائر، لقوله تبارك وتعالى: (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) [النساء: 31] . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ". أخرجه مسلم (233) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه. قال النووي: (معناه أن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر فإنها لا تغفر، وليس المراد أن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة) . فإن كان لا يغفر شيء من الصغائر، فإن هذا وإن كان محتملًا فسياق الأحاديث يأباه، قال القاضي عياض: (هذا المذكور في الحديث من غفران الذنوب ما لم تؤت كبيرة هو مذهب أهل السنة، وأن الكبائر إنما تكفرها التوبة أو رحمة الله تعالى وفضله. والله أعلم) . ومن العلماء من يرى أن الأعمال الصالحة تكفر الصغائر فقط وبشرط عدم ارتكاب كبيرة لقوله تعالى: (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) [النساء: 31] .

وأما ما ذكره السائل عن الشخص الذي يقول: إنه لو نظر إلى النساء المتبرجات فترة طويلة ثم قام فتوضأ فإن ذنوبه تخرج مع الماء. فهذا الكلام من إيحاءات الشيطان، نسأل الله السلامة والعافية، فالشيطان حريص على إضلال بني آدم وإيقاعهم في المحرمات، ويدخل عليهم من مداخل وطرق كثيرة؛ كما قال سبحانه عن الشيطان: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الأعراف: 16، 17] . وقال سبحانه: (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ* إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 168، 169] . والله سبحانه وتعالى أمر عباده بطاعته واجتناب معصيته، وأمرهم بغض البصر وحفظ الفرج، قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور: 30] . ودعا عباده إلى الاستجابة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال: 24] . وحذر سبحانه الذين لا يستجيبون لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، من أن يحال بينهم وبين قلوبهم؛ بمعنى يعاقبون بسبب ذنوبهم ومعاصيهم وعدم استجابتهم لأوامر الله، فلا يستطيعون الرجوع إلى الطاعة، وقد تخرمهم المنية وهم مقيمون على المعصية، أفلا يخشى من يقول هذا الكلام أن يحال بينه وبين قلبه، وألّا يوفّق لعمل صالح مقبول يكون مكفرًا لذنوبه، ثم إن إطالة النظر في النساء المتبرجات والإصرار على هذا يجعل المعصية كبيرة ويوقع الإنسان في الفتنة التي تجره إلى ما هو أعظم، ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم، أمته من فتنة النساء، فقال صلى الله عليه وسلم: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ". أخرجه البخاري (5096) ، ومسلم (2740) من حديث أسامة بن زيد، رضي الله عنه، وقال أيضًا: "إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ". أخرجه مسلم (2742) من حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

احترام الحروف العربية

احترام الحروف العربية المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 5/6/1424هـ السؤال ذكر بعض الحنفية وبعض المالكية أن الحروف المكتوبة محترمة وسواء كانت بالعربية أو بغيرها، ورتبوا عليه عدم جواز الاستجمار بأي ورقة فيها كتابة عربية أو غير عربية، فهل هذه الفتوى دقيقة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: ما ذهب إليه بعض الحنفية، وبعض المالكية - كما ذكرت - وكذا بعض الشافعية، ومنهم تقي الدين السبكي في فتاواه (2/563 - 565) لا وجه له من جهة الدليل الشرعي، حيث استندوا في هذا القول إلى تعليلات لا تنهض دليلاً على الحكم بالتحريم، ومن ذلك قولهم إن هذه الحروف ينتظم منها كلام رب العالمين، وكلام سيد المرسلين وكلام الملائكة ... إلخ. وهذا تعليل عليل؛ لأن الحروف ينتظم منها أيضاً كلام شر الخلق كإبليس، والشياطين، والكفار، والمنافقين.. فليس لهذه الحروف حرمة بذاتها، وإنما الحرمة لكلام رب العالمين الذي قال الله تعالى فيه "لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" [الواقعة:79] ، يعني: القرآن الكريم، ولذا لا يجوز الاستجمار بورق فيه كلام الله تعالى ولا كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أيضاً من الوحي ولما في ذلك من الامتهان المحرم، والله تعالى أعلم.

تحية مدرب ألعاب القوى

تحية مدرب ألعاب القوى المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 25/7/1424هـ السؤال ما رأي فضيلتكم بمن يقوم بالتحية للمدرب من دون انحناء؟ وذلك بأن يضم يده اليمنى ويضربها في يده اليسرى المفتوحة، علما أن هذه التحية تعطى لكل من يحمل حزاماً أسود، سواء كان كافراً أو مسلماً، ولو كنا في التمرين نقطعه ونقوم له من أجل إعطائه هذه التحية، مع العلم أننا لا نجد من يحسن إعطاءنا مثل هذه اللعبة إلا عنده، وهو يطالبنا بذلك من أجل أنها من لوازم اللعبة؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد فلا أحب لأخي السائل أن يؤدي التحية المذكورة، لأن المصافحة عبادة يؤجر فاعلها، فعن حذيفة - رضي الله عنه - مرفوعاً "إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر" أخرجه الطبراني في الأوسط (245) بسند جيد، وعن البراء - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا" أخرجه أبو داود (5212) والترمذي (2727) وحسنه، فاستبدالها بتحية أخرى غير طيب كما هو ظاهر. مع أنها مأخوذة من غير المسلمين، فتكون محرمة أو مكروهة، فإن التشبه بالكفار نهي عنه، ومخالفتهم مشروعة سواء قصد الفاعل التشبه بهم أو لم يقصد، فقد نهي المسلم عن ترك بياض الشعر وطول الشارب، وهذه لا تقصد فيها المشابهة، ومع ذلك كانت مشمولة بالنهي عن التشبه بالكفار، وأعمال الكفار المأخوذة من دينهم أو ما اخترعوه من العبادات أو العادات كلها قد نهي المسلم عن مشابهتهم فيها، قال شيخ الإسلام: (ما أحدثوه (يعني الكفار) من العبادات أو العادات أو كليهما فهو أقبح، فإنه لو أحدثه المسلمون لقد كان قبيحاً، فكيف إذا كان مما لم يشرعه نبي قط بل أحدثه الكافرون، فالموافقة فيه ظاهرة القبح) اقتضاء الصراط المستقيم (1/423) . والغالب أن تلك التحية من بقايا الديانات الشرقية الوثنية. وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم - "من تشبه بقوم فهو منهم" أبو داود (4031) ، وأحمد (2/50) عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - بسند حسن، فالتحذير شديد من التشبه. ثم في تقديم التحية لغير المسلم وجه كراهة ثالث، فقد سئل الإمام أحمد عن مصافحة أهل الذمة فقال لا يعجبني. (غذاء الألباب 1/ 325) . ومن جميع ما سبق تبين أن القيام بالتحية المذكورة غير مستحسن ولا مرغوب فيه، ولعل الله تعالى أن ييسر من يعلم هذه الرياضة من غير التحية المذكورة، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

مشاهدة الأفلام الجنسية مع الزوج

مشاهدة الأفلام الجنسية مع الزوج المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 13/7/1424هـ السؤال هل مشاهدة الأفلام الجنسية حرام، فأنا أشاهدها مع زوجي؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: سأجيب على سؤالك كما لو لم يكن في المسألة أي محذور شرعي. وأبدأ الجواب بسؤالٍ يكشف جوانب من الجواب: لماذا تشاهدانِ هذه الأفلام الجنسية؟! ولا أحسبُ رضاك بمشاهدة زوجك لتلك الأفلام بحضرتك، ورضاه هو بمشاهدتك لها بحضرته، إلا وله أسبابٌ تستدعي منكما هذا الرضا، وتسوِّغ لكما هذا الاجتماع! والذي يعنينا الآن قبل الجواب هو استقراء هذه الأسباب وتأملها بعين فاحصة ونظرة عميقة، فقد تكون تلك الأسباب في حقيقتها مشكلاتٍ تتطلب علاجاً يجتث المشكلة من جذورها، لا مُخدِّراً يزول أثره سريعاً كسرعة الاستجابة له! وأول ما يبدر إلى أذهاننا من هذه الأسباب المحتملة ـ عند إحسان الظن ـ هو ما قد يعانيه الزوجان في علاقتهما الجنسية من الفتور وضعف الرغبة، وقد يكون ضعف الرغبة إنما هو في الطرف الآخر ذاته، لا في ممارسة العملية الجنسية نفسها، وهنا يهرع الزوجان إلى الاستعانة بمؤثراتٍ خارجيةٍ (خارج نطاق العلاقة الزوجية) تُهيِّج لهما الشهوة وتحرِّك فيهما الرغبة، فيجدان أحد هذه المؤثرات في مشاهدة الأفلام الجنسية! وكما ألمحتُ قبلُ: فإنَّ هذه المشكلة (برود العلاقة الجنسية) أعمقُ بكثير من أن يكون حلها في هذا العلاج الآني ـ إن صح أن يسمى علاجاً ـ الذي قد لا تصبح له جدوى مع مرور الوقت؛ فكثرة المساس تُذهب الإحساس! فالأجدى أن يلتمس الزوجان أسباب ذلك في طبيعة العلاقة بينهما، وفي طريقتِهما في المعاشرة. 1- فربما تكمن الأسباب في رتابة العلاقة بينهما وجفافها: إمِّا بسبب إهمال أحدهما التجمل لصاحبه، فلا يبالي أن يظهر له بأي مظهر، ولو بالمظهر الذي يُزهِّد ولا يرغِّب. وإمّا بسبب طبيعة تعامل الزوج مع زوجه، فبعض الأزواج يظهر أمام زوجته في بِزّته المهابة التي يظهر بها أمام الناس، فتصبح علاقته بها ـ بسبب ذلك ـ كعلاقة الرئيس مع المرؤوس، والمخدوم مع الخادم ... علاقة تغلب عليها شارة العظمة ولغة الاستعلاء، تُلقي في رُوعها الشعور بمهابة الزوج، فلا تكون بين يديه حين يدعوها لحاجته إلا كما يكون المريد بين يدي شيخه، أو كالآلة التي تُطاوِع ولا تملك فعل المبادرة!. وإما بسبب عدمِ تعاهد الزوجة لما أودع الله فيها من جمال وزينةٍ بالعناية والرعاية، وهذا في النساء كثير، فتحسب إحداهن أن حقوق الزوج لا تزيد على طهي طعامه وغسل ثيابه، لا يحق له أن يسألها حقاً غير هذا. وإما بسبب انشغال أحدهما أو تشاغله عن صاحبه بأعماله الخاصة، بسبب ما يغلب طبيعته من الأثرة والأنانية، (وهذا في الرجال كثير) ، فلا يلقى زوجته إلا وهو مشغول البال مكدود البدن. 2- وربما يكون السبب هو الجهل بطرق الإثارة ومواطنها، وبرغبات الطرف الآخر، وإهمالُ المقدمات الممهِّدات التي تُهيئ الجو المناسب، والذي يفضي بهما ـ بطبيعته ـ إلى المباشرة ... تدفعهما إليها الرغبة الصادقة، وليس المجاملة الكاذبة.

وهكذا تستفحل هذه المشكلة، وتغشى البيتَ في صمت وبطء لا يشعران به، فتضفي عليه جو الرتابة والعلاقة الجافة، ثم تطول بالزوجين هذه الحياة الرتيبة، فيظنان كل الظن أن التغيير لن يتأتَّى إلا بمؤثراتٍ خارجية، وكأنهما قد جُرِّدا من مؤهلات التأثير ومهاراتِ الإغراء. كلا! ـ أختي الفاضلة ـ إن حل المشكلة يكمن في الداخل.... داخل ذواتكما، ولستما بحاجة إلى استيراده من الخارج. فليس من العيب إطلاقاً وليس من المحظور على المرأة أن تتعلَّم ما تحتاجه في علاقتها مع زوجها، حتى فيما يخص العلاقة الجنسية الصريحة، فهي لباس له كما هو لباس لها، بل من الأصلح أن تتعلَّم كل ما ينميِّ هذه العلاقة، ولو من خلال تعلم مهارات الإغراء والإثارة؛ فذلك أدنى أن يعينها وزوجها ـ إن شاء الله ـ على إعفاف الفرج وغضّ البصر وصيانة العرض. وكما أن المرأة بحاجة إلى أن يتفهم الزوج طبيعتها ومشاعرها، فهو أيضاً بحاجة إلى أن تتعرف رغباتِه وحاجاتِه التي ينشدها فيها، ولذا فإن المرأة محتاجة إلى ثقافة جنسية تفتح لها آفاقاً جديدة من صور التفنن في إشباع رغبات الزوج وإشباع رغباتها كذلك، ولكن بالسبل المباحة فحسب، أما الحرام فلم يجعلِ الله فيه شفاءً. ومن السبل المباحة في هذا الصدد: قراءةُ الكتب التي تُعنى بهذا الشأن بأسلوبها الجادّ، والتي تهدف إلى التثقيف في هذا الجانب دون إثارة الغرائز ونشر صور الرذيلة. والكتابات في هذا كثيرة، وفيها مَغنىً عن السبل المحرمة، فلا ضرورة إذاً لمشاهدة الصور أو الأفلام الجنسية مطلقاً. وأما إهمال الزوجة للتجمّل وتقصيرُها في تبعلها لزوجها فليس قَدَرَاً مسلطاً لا فكاك لها منه، بل هو من صنيعها ونتيجة تقصيرها، ولا يرفعه إلا عزيمةٌ صادقةٌ تسوقها إلى أن تبذل غاية جهدها في إضفاء مسحة الجمال على أخلاقها وفِعالها وجسدها. وإذا وُجِدَتْ منها هذه العزيمة الصادقة والثقافة الواسعة، فلن تني في اهتمامها في هذا الجانب: بالتطيب، والتزين، وحسن الأدب، واللين في المعاملة، والتفنن في أساليب المداعبة والمزاح، ومخاطبة زوجها بأرق الكلام وأعذبه وأهذبه.... وكل هذه كفيلة ـ ولا شك ـ بطرد السآمة والرتابة عن الحياة الزوجية، وخلقِ جو الحب والمودة الذي ينمي العلاقة ويقوي الصلة. إن هذا الجمال الذي أودعه الله في جسد المرأة لم يُخلق عبثاً، ولكنه نعمةٌ، فعليها أن ترعاه بالعناية، وأن توظِّفه في إعفاف زوجها وترغيبه فيها، فهو المنفرد من بين سائر الناس بالاستمتاع به، وبيته هو محله، وليس محله محافل النساء. وأما مشاهدة الأفلام الجنسية بذريعة تهييج الشهوة الكامنة وتنشيط الرغبة الفاترة، أو بذريعة تعلُّم طرق جديدة للمباشرة، فقد تجدي مشاهدتها في هذا الباب بعضَ الجدوى، وقد يجدا فيها شيئاً من الفوائد، ولكنه حتماً سيجلب عليهما، أو على الزوجة على وجه الخصوص مفاسدَ أعظم، قد لا تنكشف آثارها إلا بعد زمان طويل، أو طول تأمل! والآن أستعرض لك ما يحضرني من مفاسد مشاهدة الأفلام الجنسية:

لا يخفى عليك ما لمنتجي هذه الأفلام من العناية الشديدة في انتقاء أجمل النساء لتسويق أفلامهم، فلا تكاد تظهر امرأةٌ في هذه الأفلام إلا وقد مرَّت بمراحل التجميل، زيادةً على ما وهبها الله من الجمال الطبيعي؛ ليضفي ذلك عليها جمالاً فوق جمال. ومن الطبيعي حينئذ أن تخسر الزوجة الرهان في هذه المقارنة، ليس لأنهن أجمل منها من حيث الجمال الطبيعي، فهذا قد تساميهن فيه الزوجة أو تربو عليهن، ولكن لما يضفيه عليهن براعة التصوير ومسحات التجميل من جمال أخّاذ، فتبدو أمام المشاهد في غاية الفتنة وأشد صور الإغراء. ومن ثمَّ ينخدع الزوج بهذا الإخراج والتزويق! ويزهد في صاحبته، فلا يأتيها إلا بمؤثرٍ خارجي يسمى (أفلاماً جنسية) ، بل ربما تغشاها وفي خياله صورة امرأةٍ أخرى، فتصبح الزوجة مجرد آلة يُجسدُ فيها خيالَه؛ ليفرغ فيها شهوته إفراغاً مجرداً من مشاعر الحب والعاطفة الصادقة. فإياكِ إياكِ أن تداويه بالتي كانت هي الداء! ولا تعينيه على تسريح طرفه في المتبرجات العاريات، فالمفسدة في هذا تطالكما جميعاً. هذا هو الجواب كما لو لم يكن للدين أي علاقة بالمسألة! وهذه هي آثار المشاهدة، كما تبدو ظاهرةُ المفسدة. فكيف إذا كان الشرع قد حسم فيها رأيه، فتحريم النظر إلى العورات وإلى النساء المتبرجات معلوم من دين الإسلام، ومشاهدة هذه الأفلام الجنسية داخل في هذا الباب، فلا شك في حرمته، ولو للتنشيط للوطء، "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... " الآية [النور: 30، 31] . ولو كان في هذه المحرمات مصالحُ عاجلة أو آجله لأباحها الشرع، ولكنها مفاسد تنتج مفاسد، وشر يفضي إلى شر، والله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها. أسأل الله أن يجعلك قرة عين لزوجك، وأن يحببك إليه ويحببه إليك، وأن يرزقك وإياه العفاف والكفاف، ويسعدكما بذرية صالحةٍ. -وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.

إلقاء السلام على الكافر

إلقاء السلام على الكافر المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 17/11/1423هـ السؤال هل يجوز إلقاء السلام على زميلي الكافر في العمل؟ وهل يجوز زيارته؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أولاً: لا بد من معرفة التحية الإسلامية ودلالتها (السلام عليكم) السلام: اسم من أسماء الله الحسنى، بمعنى السلامة، والله جل وعلا هو السلام لأنه سالم من كل عيب ونقص، وله الكمال المطلق من كل وجه، فالسلام سبحانه وتعالى سلمت أفعاله من مخالفة الحكمة، وسلمت صفاته من مشابهة صفات المخلوقين، وسلمت حياته من نقص الموت والسنة والنوم، وسلمت قدرته من قصور التعب والإعياء والعجز، وعلى العموم فهو السالم من كل ما ينافي الكمال بأي وجه من الوجوه. وقول المسلم (السلام عليكم) له عدة معان متقاربة، فمنها أن السلام إخبار المسلم لأخيه المسلم بأنه سيكون سالماً من كل أذى أو مكروه يناله منه، فهو إعلان للمسالمة والموادعة. ومنها: أن السلام تذكير بالله السلام الذي سلم من المكروهات، وأمن من المحذورات، وأعطى الخيرات. ومنها: أن السلام بشارة والمعنى أن المسلمين يبشر بعضهم بعضاً بالسلامة من الشرور وحصول الخير. ومن المعلوم أن التحية والسلام من خصائص الأمم والشعوب، فلكل أمة تحيتها القولية والفعلية، وهذه تحية المسلمين وهي جزء من هويتهم ومزيتهم التي يتميزون بها عن غيرهم. وبالنسبة للسلام مع غير المسلمين فهناك حالات: الأولى: ابتداء المسلم غير المسلمين بالسلام، وهذا ورد النهي عنه في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام" رواه مسلم (2167) . والثانية: رد السلام إذا كان الابتداء من غير المسلم، وهذا ورد فيه حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في الصحيحين البخاري (6257) ومسلم (2164) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم، السام عليك فقل: عليك" والمراد بالسام عليك: أي الموت لك، ولذا يكتفي بالجواب بذلك، وفي رواية عائشة قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: السام عليك، ففهمتها فقالت: وعليكم السام واللعنة، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"مهلاً يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله، فقالت: ألم تسمع ما قالوا، فقال لها: قد قلت لهم وعليك" متفق عليه البخاري (2935) ومسلم (2165) .

وفي حالة التأكد أن التحية التي قيلت هي السلام عليكم بلا شك فقد قال ابن القيم:"الذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل والله يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال تعالى:"وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" [النساء:86] فندب إلى الفضل وأوجب العدل ولا ينافي هذا شيئاً من الأحاديث فإنه -صلى الله عليه وسلم- إنما أمر بالاقتصار على قول الراد: وعليكم. بناء على السبب المذكور الذي كانوا يتعمدونه في تحيتهم" فإذا زال السبب وقال الكتابي: السلام عليكم ورحمة الله فالعدل في التحية يقتضي أن يرد عليه نظير سلامه". وأما الزيارة ففيها تفصيل يمكن إيجازها في هذه الحالات: الأولى: إن كان المقصود من الزيارة دعوته للإسلام ويرجو استجابته فلا مانع بل يؤجر على ذلك، وقد ثبت عن البخاري في صحيحه (1356) من حديث أنس -رضي الله عنه- أنه قال:"كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فمرض فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- فعاده، فقعد عند رأسه فقال له أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له:"أطع أبا القاسم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم-وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار". الثاني: إن كان هناك سبب معتاد متعارف عليه للزيارة فلا مانع، فإن كان قريبه نصرانياً فله حق القرابة، ويدخل فيها الزيارة وكذا الجار فعموم الأمر بالإحسان إلى الجار تدخل فيه الزيارة، ونحو ذلك من الأسباب المألوفة، ويحسن أن ينوي دائماً أن تكون زيارته دعوة للإسلام ولو غير مباشرة وذلك بإظهار محاسن الإسلام وأخلاق المسلمين وحسن الصلة والتعامل، ويحسن مع ذلك أن تكون الزيارة بقدر الحاجة، وبما لا يقع فيه محرم أو تأثير سلبي برؤية المنكر وعدم الإنكار. الثالثة: إن كانت الزيارة على سبيل التعظيم له وفيها إظهار منزلة له أرفع من المسلم، وأنه صاحب الفضل والمنة، وكان إلى ذلك خشية الافتتان به والتأثر بأقواله وأفعاله، فهذه الزيارة ممنوعة لمخالفتها القواعد الشرعية التي فيها فضيلة المسلم ورفعة مقامه، وما ورد من النهي عن تهنئتهم في أعيادهم وغير ذلك مما يتضمن الإقرار بالباطل أو الافتتان به. وبالجملة ما كان فيه مصلحة والمفسدة فيه مأمونة فلا بأس بقدر ما تقع به المصلحة، ويكون فيه إظهار حسن تعامل المسلمين ووفائهم بالحقوق والواجبات الإنسانية ولا يخالطه تعظيم أو ترخص في الخلطة التي تؤدي إلى الوقوع في ارتكاب المحرمات.

هل السحاق شذوذ محرم

هل السحاق شذوذ محرم المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 21/10/1423هـ السؤال أحب صديقة لي حباً شديداً وحدث بيني وبينها سحاق ولا أدري ماذا أفعل لنترك هذه العادة؟ وهل نعد شواذ؟ مع العلم أننا نحافظ على صلاتنا وأننا محجبات، ولكننا لا نستطيع التخلي عن هذه العادة فهل هذا حرام؟ وكيف سيعاقبنا الله عز وجل؟ وهل حبنا هذا حرام؟ الرجاء الرد لأنني في حالة شديدة من الخوف من الله عز وجل! الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن ما يسمى بالسحاق من المحرمات وقد عده ابن حجر من الكبائر، فقال: الكبيرة الثانية والستون، مساحقة النساء وهو: أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل؛ لحديث واثلة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"سحاق النساء بينهن زنا" رواه الطبراني (في الكبير رقم 153 ج: 22، ص: 63) ، وأبو يعلى في مسنده (4/1806) ، وقال الهيثمي (6/256) : رجاله ثقات، وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال:"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تباشر المرأة المرأة في ثوب واحد.."الحديث، حديث ابن مسعود في البخاري (5241) وليست فيه زيادة في ثوب واحد ولكنها في الترمذي (2793) والحديث عند مسلم (338) من طريق أبي سعيد الخدري وعند أحمد عن طريق جابر (14836) . وقد اتفق جمهور العلماء على حرمة هذا العمل كابن حزم وابن مفلح وابن تيمية وغيرهم ولم ينص أحد منهم على إباحته، وعليك أختي في الله أن تتوبي إلى الله تعالى لأن هذا العمل محرم، ويعد من الشذوذ، وفقكن الله لما يحب ويرضى، وهذا الحب يظهر والله أعلم أنه ليس حباً من أجل الله تعالى بل حب لشهوة، وعليه فإني أخشى أن تدخلن في قوله تعالى:"الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" [الزخرف:67] والله أعلم.

سماع الغناء

سماع الغناء المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 11/7/1424هـ السؤال ما حكم سماع الغناء؟ الجواب الغناء المسؤول عنه - حرام بالكتاب والسنة الصحيحة، وعليه الأئمة الأربعة وأتباعهم، فأما الكتاب فآيات منها: (1) قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" [لقمان:6-7] . قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في تفسير لهو الحديث، والله الذي لا إله غيره هو الغناء يرددها ثلاث مرات. قال الواحدي وغيره: أكثر المفسرين: على أن المراد بلهو الحديث: الغناء. (2) قوله تبارك وتعالى: "وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً" [الإسراء:64] . قال مجاهد - رحمه الله -: صوته: الغناء والباطل. (3) قوله سبحانه وتعالى: "وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً" [الفرقان:72] . قال محمد بن الحنفية: الزور هاهنا الغناء. وأما السنة فعدة أحاديث منها: (1) ما رواه البخاري في صحيحه (5590) عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف". والمعازف جمع معزفة وهي كل آلة طرب ولهو. وقوله: يستحلون أي يجعلون الحرام حلالاً بفعلهم، وهذا صريح في تحريم المعازف. (2) ما رواه الترمذي في سننه (1005) والحاكم في المستدرك (6908) والبيهقي في السنن الكبرى (4/69) واللفظ له عن جابر - رضي الله عنه - في قصة موت إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لم أنه عن البكاء وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب مزامير شيطان، وصوت عند مصيبة، خمش وجوه، وشق جيوب، ورنة". قال الترمذي حديث حسن وصححه ابن القيم وغيره. وأما ما جاء عن السلف فكثير من ذلك: قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع. وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: إني لأبغض الغناء. وسئل عنه الإمام مالك فقال: إنما يفعله الفساق عندنا. وقال الإمام الشافعي: وصحاب الجارية إذا جمع الناس لسماعها، فهو سفيه ترد شهادته، وقال: هو دياثة، فمن فعل ذلك كان ديوثاً. وقال الإمام أحمد: الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني، ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله الفساق عندنا. وقال الفضيل بن عياض - رحمه الله -: الغناء رقية الزنا.

هذا كلام الأئمة والسلف في الغناء في وقتهم، فكيف لو رأوا غناء أهل هذا الزمان!! الذي إن لم يتضمن مجوناً وعشقاً تضمن شركاً وكفراً!! وأقل أحواله أن تصاحبه آلات العزف المحرمة وأداؤه من نساء أجنبيات قد كشفن عن عوراتهن وتزين بكل زينة مع تكسر في الحركات وخضوع بالقول وترنم في العبارات، فكيف يجرؤ عاقلاً على إباحته، قال العلام ابن القيم - رحمه الله -: ومن مكايد عدو الله ومصايده - أي الشيطان - سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة، الذي يصد القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان، فهو قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رقية اللواط والزنا، وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى. وقال: رحمه الله وأكثر ما يورث عشق الصور، واستحسان الفواحش، وإدمانه يثقل القرآن على القلب، ويكرهه إلى سماعه. فإذا كان كذلك فلا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماع الغناء، كما يجنبهن أسباب الريب، ومن طرق أهله إلى سماع رقية الزنا فهو أعلم بالإثم الذي يستحقه. وبهذا يعلم حرمة الغناء ولو لم يكن فيه إلا هذه المفاسد لحكم العاقل بتحريمه، فكيف وقد جاءت النصوص بذلك. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، هذا ما تيسَّر نقله ومن طلب الزيادة فعليه بكتاب إغاثة اللهفان لابن القيم.

اقتناء الثعابين

اقتناء الثعابين المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 23/12/1424هـ السؤال ما حكم اقتناء الثعابين في مكان محكم الإغلاق (لتجنيب الناس خطرها) لغرض مشاهدة الناس لها ومن ثم الكسب المادي؟ لأنني سمعت أن الثعابين تقتل في الحل والحرم. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل الحيات في أحاديث كثيرة، منها ما رواه مسلم (1198) عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال:"خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحُدَيَّا "، وما رواه مسلم (1200) وغيره أن رجلاً سأل ابن عمر- رضي الله عنهما-: ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم؟ قال حدثتني إحدى نسوة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور، والفأرة، والعقرب، والحديا، والغراب والحية، قال: وفي الصلاة أيضاً، وما رواه أبو داود (921) والترمذي (390) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- " أمر بقتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب". وفي هذه الأحاديث يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتل الحيات، والأصل في الأوامر أنها للوجوب، ولذلك فإنه يجب على كل من رأى هذه الحيات أن يقتلها إن استطاع ذلك، اتقاءً لشرها ودفعاً لضررها عن الناس، إذ لو تركها لربما أصابت إنساناً فألحقت به الأذى، أو تعرضت لحيوان فأهلكته، ونحو ذلك. وبهذا يتبين المقصود من أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- من قتل الحيات، وهو: دفع ضررها وخطرها وأذاها عن الناس. ومن المعلوم أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، ولذلك فإنه يجوز ترك الحيات وإبقاؤها إذا أمن الناس من شرها وأذاها، كما لو كانت محفوظةً في مكان مغلق لا تستطيع الخروج منه، خصوصاً إذا كان تركها لأجل أمر مطلوب، كأن يطلع الطبيب عليها ويتعرف على سمها، ومن ثم يحاول الوصول إلى طريقة علاجه. وكذلك الأمر بالنسبة لك، فإنه يجوز لك تركها في مكان مغلق؛ ليتمكن الناس من رؤيتها، ويحصل لهم بذلك التفكر في مخلوقات الله -سبحانه وتعالى-، وليتعرفوا على هذا المخلوق العجيب؛ ليحترسوا منه ويأمنوا من شره، فإن الإنسان إذا عرف الأمر على حقيقته أمن من شره. ومما ينبغي التنبيه عليه أنه لا يجوز لك أن تتخذ هذه الحيات من أجل أغراضٍ فاسدة: كأن يكون المقصود من ذلك إلحاق الأذى بالآخرين، أو تخويفهم بها، أو تسليط بعض هذه الثعابين على بعض، ونحو ذلك من الأمور التي لا يقرها ديننا الحنيف والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حكم التصفير

حكم التصفير المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 03/05/1425هـ السؤال ما حكم الصفير بالفم؟ وهل يدخل في قوله: "وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية"؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالصفير موضع خلاف بين العلماء - رحمهم الله تعالى- فمن العلماء من كره الصفير واستدل - كما ذكر السائل - بالآية بقول الله - عز وجل-: "وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ... " [الأنفال: 35] ، فقالوا: بأن هذه الآية دليل على النهي عن التصفير والتصفيق، وذهب بعض العلماء إلى أن هذا جائز بناء على أنه من قبيل العادات، وإذا كان كذلك فإنه جائز، وخرّجوا الآية على أنها في حال العبادة فقط، والأقرب أن الإنسان لا يصفر، فإنه ورد عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قول الله - عز وجل-: "وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ... " [الأنفال:35] ،قال: (كانت قريش تطوف في البيت عراة تصفر وتصفق، والمكاء: التصفير، والتصدية: التصفيق، وكذلك أيضاً ورد ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهما- ومجاهد ومحمد بن كعب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، والضحاك وقتادة في جمع من السلف، فابن عمر- رضي الله عنهما- كما ذكر ابن جرير قال: المكاء الصفير، والتصدية: التصفيق، وذكر ابن عمر - رضي الله عنهما- أنهم كانوا يضعون خدودهم على الأرض ويصفقون ويصفرون، وكذلك كما أسلفت ورد عن مجاهد ومحمد بن كعب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ... إلخ، فالأقرب لذلك أن الإنسان لا يصفر.

حكم تزكية الآخرين

حكم تزكية الآخرين المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 19/7/1424هـ السؤال ما هي التزكية؟ وهل تجوز تزكية الآخرين؟. الجواب تزكية النفوس مسلمة إلى الرسل، وإنما بعثهم الله لهذه التزكية وولاهم إياها، وجعلها على أيديهم دعوة وتعليماً وبياناً وإرشاداً، لا خلقاً ولا إلهاماً، فهم المبعوثون لعلاج نفوس الأمم، قال الله - تعالى -: "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" [الجمعة: 2] ، وقال - تعالى -: "كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" [البقرة: 151] ، وتزكية النفوس: أصعب من علاج الأبدان وأشد، فمن زكى نفسه بالرياضة والمجاهدة والخلوة التي لم يجيء بها الرسل فهو كالمريض الذي يعالج نفسه برأيه، وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب، فالرسل أطباء القلوب، فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم، وعلى أيديهم وبمحض الانقياد والتسليم لهم، والله المستعان. والمقصود: أن زكاة القلب موقوفة على طهارته، كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة الفاسدة، قال - تعالى -: "ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم" [النور: 21] ، ذكر ذلك سبحانه عقب تحريم الزنا والقذف ونكاح الزانية، فدل على أن التزكي هو باجتناب ذلك، وكذلك قوله - تعالى - في الاستئذان على أهل البيوت: "وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم" [النور: 28] ، فإنهم إذا أمروا بالرجوع لئلا يطلعوا على عورة لا يحب صاحب المنزل أن يطلع عليها كان ذلك أزكى لهم، كما أن رد البصر وغضه أزكى لصاحبه، وقال-تعالى-: "قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى" [الأعلى:14-15] ، وقال - تعالى - عن موسى - عليه السلام- في خطابه لفرعون: "هل لك إلى أن تزكى" [النازعات:18] .

والتوحيد: هو أصل كل زكاة ونماء، فإن التزكي وإن كان أصله النماء والزيادة والبركة، فإنه إنما يحصل بإزالة الشر، فلهذا صار التزكي ينتظم الأمرين جميعاً، فأصل ما تزكو به القلوب والأرواح: هو التوحيد، والتزكية جعل الشيء زكياً، إما في ذاته وإما في الاعتقاد والخبر عنه، كما يقال: عدلته وفسقته، إذا جعلته كذلك في الخارج أو في الاعتقاد والخبر، وعلى هذا فقوله - تعالى-: "فلا تزكوا أنفسكم" [النجم: 32] ، هو على غير معنى قوله - تعالى -: "قد أفلح من زكاها" [الشمس: 9] ، أي لا تخبروا بزكاتها، وتقولوا: نحن زاكون صالحون متقون، ولهذا قال عقب ذلك: "هو أعلم بمن اتقى" [النجم:32] ، وكان اسم زينب برة فقال - صلى الله عليه وسلم -: "تزكي نفسها" فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- زينب" رواه البخاري (6192) ومسلم (2141) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وقال في الحديث الآخر: "الله أعلم بأهل البر منكم"رواه مسلم (2142) ، من حديث زينب بنت أم سلمة - رضي الله عنها -، وكذلك قوله - تعالى - "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم"؛ أي يعتقدون زكاءها، ويخبرون به كما يزكي المزكي الشاهد، فيقول عن نفسه ما يقول المزكي فيه، ثم قال الله تعالى: "بل الله يزكي من يشاء" [النساء: 49] ، أي: هو الذي يجعله زاكياً، ومثله قوله -تعالى-: "قد أفلح من تزكى" [الأعلى: 14] ، ومنه ما رواه أحمد في مسنده (25757) وغيره من حديث عائشة - رضي الله عنها- أنها فقدت النبي - صلى الله عليه وسلم - من مضجعه، فلمسته بيدها، فوقعت عليه وهو ساجدٌ، وهو يقول: رب أعط نفسي تقواها زكِّها أنت خير من زكَّاها، أنت وليها ومولاها" وعند مسلم (2722) ، من حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكِّها أنت خير مَنْ زكَّاها أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها"، فهذا الدعاء كالتفسير لهذه الآية، وأن الله - تعالى - هو الذي يزكي النفوس، فتصير زاكية، فالله هو المزكي، والعبد هو المتزكي، وتزكية الآخرين بالثناء عليهم، أو الإخبار بتقواهم إذا لم يخف عليهم فتنة بإعجاب ونحوه جائزة، والله أعلم.

تقبيل الأخت

تقبيل الأخت المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 27/04/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: زوجي يحب أخته بجنون، ويقبلها بجنون، وفي بعض الأحيان ينام معها، هل هذا جائز أم لا؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن تقبيل ذات المحارم من بنات وأخوات جائز إذا أمن على نفسه الشهوة، فقد سئل الإمام أحمد - رحمه الله تعالى- هل يُقبِّل الرجل ذات محرم منه؟ قال: إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه، والأصل في هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قدم من الغزو قبَّل فاطمة - رضي الله عنها-، رواه أبو داود والترمذي. وفي صحيح مسلم من حديث البراء - رضي الله عنه- قال: دخلت مع أبي بكر - رضي الله عنه- على أهله فإذا عائشة - رضي الله عنها- ابنته مضطجعة قد أصابتها حُمى فرأيت أباها يُقبِّل خدها، وقال: كيف أنت يا بنية؟ وقد قَبَّل خالد بن الوليد - رضي الله عنه- أخته، لكن اشترط العلماء لذلك شروطاً: 1- أن يكون للرحمة. 2- ألا يكون على الفم، بل على الجبهة أو الرأس، أو الخد أحياناً. 3- أن يكون لسبب كسفر أو مرض. 4- ألا يخاف على نفسه، فإن خاف على نفسه ترك ذلك. أما بالنسبة للنوم معها فإن كان على سرير واحد فلا يجوز شرعاً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "....وفرقوا بينهم في المضاجع"، وأما إن كان في غرفة كل على سرير فهذا جائز؛ لأنه محرم لها، ولا حرج في ذلك. والله أعلم.

التعري لأجل الفحص الطبي

التعري لأجل الفحص الطبي المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 21/10/1424هـ السؤال لغرض الالتحاق بالخدمة العسكرية يلزم التجرد التام من جميع الملابس لعمل فحص طبي، فهل هذا جائز؟. الجواب إذا دعت الضرورة أو الحاجة الملحة إلى التعري، فإن الضرورات تقدر بقدرها، لقوله تعالى: "فمن اضطر غير باع ولا عاد فلا إثم عليه" [البقرة:173] ، لكن يقتصر على الوقت والقدر الذي تدعو إليه الضرورة، فكما يتعرى عند اغتساله وتغوطه للضرورة، أو الحاجة، أو عند إجراء عملية جراحية لهذا الموضع، أي مكان العورة، فإنه يجوز للطبيب أن يجريها وينظر إلى العورة التي في الأصل لا يجوز النظر إليها، ولكن للضرورة أبيح له ذلك، فلعل ما ذكرته من هذا القبيل. وبالله التوفيق.

معاملة الشاذ جنسيا

معاملة الشاذ جنسياً المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 28/3/1425هـ السؤال ما حكم الإسلام في الشواذ جنسياً؟ وكيف نتعامل معهم إذا علمت أن أحد أقاربي الذكور هو شاذ جنسياً؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد أجمع أهل العلم على تحريم الشذوذ الجنسي وهو مذموم في كتاب الله؛ قال -تعالى-: "ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون" [الأعراف:80-81] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله من عَمِلَ عَمل قوم لوط" انظر ما رواه الترمذي (1456) والنسائي في السنن الكبرى (7337) ، وأحمد في مسنده (1/309) . وكذلك فإن مباشرة المرأة للمرأة حرام بالإجماع، وقد روى ذم ذلك في سنن البيهقي الكبرى (8/233) ، والشرع نظم الممارسة الجنسية فلم يأذن بممارستها مع غير الزوجة أو ملك اليمين، قال تعالى واصفاً أهل الإيمان: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" [المعارج: 29-31] . والواجب نحو الشاذ جنسياً أولاً: نصحه وتذكيره؛ فإن الدين النصيحة ببيان الحكم وأثر هذا الفعل على السلوك والنفسية وعواقبه الشرعية والصحية. ثانياً: منعه من هذه الممارسة بالقوة إن كان تحت الولاية والقدرة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" أخرجه مسلم (49) من حديث أبو سعيد - رضي الله عنه -. ثالثاً: السعي إلى علاجه من هذا المرض نفسياً أو بدنياً إن أمكن بطريق العمليات الجراحية. رابعاً: السعي عند ولاة الأمر إلى تنفيذ حكم الشرع فيه إن لم يمكن علاجه ونصحه، فإن ذلك كفارة له في الدنيا وردع له عن فعله وزجر لغيره عن هذه الممارسة. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

حرمة الحشيش أشد أم الخمر؟

حرمة الحشيش أشد أم الخمر؟ المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 12/01/1426هـ السؤال سؤالي عن مدى تحريم الحشيش، وهل هو أكثر حرمة من الكحول؟ ولماذا؟ وشكرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: الحشيش مسكر، وهو محرم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ". أخرجه مسلم (2003) . ولم يفرق بين مسكر ومسكر، ولا فرق بين أن يكون مأكولًا أو مشروبًا أو جامدًا، وهذا يتناول الحشيشة أيضًا؛ لأنها تسكر آكلها حتى يبقى (سكرانا) ، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنها أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج، حتى يصير في الرجل تخنث ودياثة، وغير ذلك من الفساد، والخمر أخبث من جهة أنها تفضي إلى المخاصمة والمقاتلة، وكلاهما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة. [ (مجموع الفتاوى (28/339) ] . والله أعلم.

مصافحة الأجنبيات في بلاد الغرب

مصافحة الأجنبيات في بلاد الغرب المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 28/06/1425هـ السؤال أنا أعمل في إحدى شركات الاتصالات، وأنا من الشباب الملتزمين -ولله الحمد-، ومرة طُلِب مني السفر للخارج لأخذ دورة متخصصة في مجال عملي، وعند وصولي إلى الدولة الغربية حصلت أمور كثيرة أحصرها فيما يلي، وأود إجابتكم عنها واحدة واحدة مشكورين مأجورين، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الدورة متخصصة جدًا، ولا يوجد لها مثيل في الدول العربية جميعاً، وكذلك سافرت برفقة مجموعة من الزملاء: 1-عند دخولنا المعهد المخصص قابلتنا امرأة كبيرة في السن، واستقبلتنا استقبالاً حاراً، وكل واحد منا تسلم عليه مصافحة وتسأله عن اسمه الخ ... فأنا عملت كما عمل أصحابي، وسلمت عليها محرجاً منها. 2- بعض المحاضرات تقدمها نسوة متبرجات فما العمل؟. 3- عند مقابلتنا لمسؤولات، أو عندما نريد أن نسألهن لا بد أن تضع وجهك ونظرك إلى وجهها، وتتحدث معها، فهل هناك محظور شرعي؟. 4- ونحن في شوارع تلك الدولة نرى نساء شبه عاريات، مع حرصنا الشديد على تجنب ذلك. سؤالي يا شيخ في هذه الحالة، هل علينا إثم؟ وماذا نعمل؟ أرجو إجابة عن سؤالي من منظور التسامح والرفق في الدين، وكذلك تزويدي بأكثر من رأي لعلمائنا الأجلاء؛ لكي تتم الفائدة. الجواب لا يجوز للرجل أن يصافح امرأة أجنبية منه، ولو كانت كبيرة في السن، لعموم النصوص الواردة في تحريم ذلك، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لا أصافح النساء " رواه النسائي (4181) وابن ماجة (2874) ، ولما رواه البخاري (4891) وغيره عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "والله ما مست يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام ".ولما رواه معقل بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لاتحل له " أخرجه الطبراني في الكبير (20/210) والرويائي في مسنده (227/2) ، وقال المنذري: ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح " وحسن الحديث الألباني في غاية المرام [196] والصحيحة [226] . ويمكن لمن ابتلي بامرأة أجنبية تمد يدها لتصافحه أن يعتذر عن ذلك برفق، ويبين أن سبب امتناعه هو سبب شرعي يلزمه به دينه، وليس القصد منه تنقص المرأة أو الترفع عنها، وغالباً ما يحصل الاقتناع إذا أحسن الشخص تفسير موقفه بالامتناع من المصافحة، وقد يكون هذا الموقف أحيانا وسيلة إلى جذب انتباه الطرف الآخر إلى أحكام الإسلام ومبادئه، وربما أدى به ذلك في النهاية إلى الإسلام.

ولكن إذا تيقَّن الإنسان في بعض الحالات أن امتناعه عن المصافحة سيجر عليه مفسدة أكبر، أو يفوت عليه مصلحة أعظم من مفسدة المصافحة، كعدم القبول للعمل أو الدراسة، وهو محتاج إليهما حاجة شديدة، ولا يجد بديلاً عن ذلك، فيرى بعض العلماء أنه لو صافح المرأة في مثل هذه الحال فلا حرج عليه، لأن كثيراً من أحكام المسلمين في بلاد الغرب ينطبق عليها حكم الضرورة أو الحاجة التي تقرب منها، لكن لا يجوز أن يتساهل في هذا الأمر ويجعله قاعدة عامة، بل هو وضع استثنائي، وحالة خاصة تقدر بقدرها، ومثل ذلك يقال في المحاضرات التي تقدمها نسوة متبرجات، والنظر إلى النساء، فهذا لا يجوز، وعلى المسلم أن يختار المحاضرات التي يتولاها الرجال، ويغض بصره عن النظر إلى النساء، مادام ذلك ممكناً، وأما إذا اضطر إلى حضور مثل هذه المحاضرات؛ نظراً لعدم وجود الرجال، ولا يستطيع أن يحصل على هذه الدورة أو الشهادة إلا عبر المرور بهذه المحاضرات، وهذا التخصص مهم يحتاجه المجتمع المسلم ولا يستغني عنه، فعليه إذا حضر هذه المحاضرات أن يقتصر على الحد الأدنى منها، مع الحرص على غض البصر، والبعد عن مجتمع النساء داخل القاعة الدراسية، فيكون جلوسه وحديثه ومشاركته مع الرجال دون النساء. والله أعلم.

الشمة السوداء (النشوق)

الشمة السوداء (النشوق) المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 17/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: انتشرت ظاهرة بين المراهقين وهي ظاهرة (النشوق) أو ما يطلق عليه الشمة السوداء، فما الحكم فيها؟ أثابكم الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. النشوق أو ما يسمى (بالشمة) إن كان المقصود بها الشمة المعروفة، والتي تؤخذ من نبات التبغ، ويضاف لها بعض المواد، فهي داخلة في حكم التبغ، ومثلها مثل شرب الدخان، بل علها أكثر ضرراً، والحكم في استنشاق التبغ (كالدخان والشمة) أنه محرم؛ لما فيه من الأضرار المؤكدة التي تهلك الجسم وتورثه الأمراض الكثيرة، فيكون ممنوعاً لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار" صحيح الجامع (2/1250) ، ولقوله -تعالى-: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" [النساء: 29] . والله أعلم.

القات: حكمه وعقوبته

القات: حكمه وعقوبته المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 8/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم القات الذي يتناوله الناس في شرق أفريقيا وجنوب الجزيرة العربية، هل هو محرم؟ وما هي عقوبة من يفعله؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. القات من أصناف المفترات، وقد ورد النهي عن المسكرات والمفترات في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كل مسكر ومفتر" رواه أبو داود وسكت عنه، وصححه الهيثمي في الفتاوى الكبرى (4/229) ، وكذا صححه العراقي والشوكاني. فالقات يؤول في النهاية إلى تفتير الجسم وتخديره، بالإضافة إلى ما يورثه تناول القات من الأضرار اللاحقة بالجسم والعقل والنفس، والمال، والأسرة، والمجتمع، حيث تصرف فيه الأوقات والأموال، وتضيع الواجبات من أجل مجالس القات، ولا ينكر هذا الأمر أحد ممن فيه إنصاف، ومن أجل ما سبق فإن حكم القات هو التحريم لاحتوائه على الأمور السابقة، أما عقوبته فيظهر لي أنها عقوبة تعزيرية تعود إلى تقدير الإمام بما يحقق المصلحة، ويدرأ هذه المفسدة عن المجتمع. والله أعلم.

الاستمناء

الاستمناء المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الأخلاق التاريخ 21/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم هل روي أن أحد الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الاستمناء، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم- افعل ما شئت؟ أو هل هناك ما يشبه هذا الحديث؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإنه لم يرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث بهذا اللفظ، ولا بنحوه فيما أعلم، بعد استقراء ما تيسر من كتب السنة، وإنما روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- في هذا حديثان ضعيفان، وقد أوردهما ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/633) ، أما الأول فساقه من طريق مسلمة بن جعفر، عن حسان بن حميد، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يجمعهم مع العالمين، يدخلهم النار أول الداخلين إلا أن يتوبوا: الناكح يده ... " الحديث ... ثم قال ابن الجوزي: (هذا حديث لا يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا حسان يعرف، ولا مسلمة) ا. هـ، ثم ساق ابن الجوزي الحديث الآخر من طريق إسماعيل البصري عن أبي جناب الكلبي عن الخلال بن عمير عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أهلك الله - عز وجل- أمة كانوا يعبثون بذكورهم"، ثم قال ابن الجوزي: (وهذا ليس بشيء، إسماعيل البصري مجهول، وأبو جناب ضعيف) ا. هـ. وبهذا يتبين لك أنه لم يثبت في هذا الباب شيء على سبيل النص (يعني: بدلالة المنطوق) . أما على سبيل الاستدلال بالمفهوم، فقد استدل المالكية على تحريم الاستمناء بحديث ابن مسعود - رضي الله عنه- قال: (سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء") متفق عليه، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/112) : واستدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء؛ لأنه أرشد عند العجز عن التزويج إلى الصوم الذي يقطع الشهوة، فلو كان الاستمناء مباحاً لأرشد إليه لأنه أسهل، ويعتضد هذا الاستدلال باستدلال الشافعي - رحمه الله - على التحريم بقوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"، حيث استدل على التحريم بأنه - أي الاستمناء- ليس من الوجهين الذين أباحهما الله - عز وجل-،كما صرح به في الأم (5/94-145) ، وهذا القول -وهو التحريم- هو مذهب جمهور أهل العلم، كما حكاه عنهم ابن العربي في أحكام القرآن (3/315) ، حيث قال: (وعامة العلماء على تحريمه، وهو الحق الذي لا ينبغي أن يدان الله إلا به ... ولو قام الدليل على جوازها -يعني عادة الاستمناء- لكان ذو المروءة يعرض عنها لدنائها" ا. هـ.

ولما سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الاستمناء أجاب في مجموع الفتاوى (34-229) ، بقوله: (أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء، وهو أصح القولين في مذهب أحمد، وكذلك يعزر من فعله) ، وفي القول الآخر: (هو مكروه غير محرم، وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت، ولا غيره، ونقل عن طائفة من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين أنهم رخصوا فيه للضرورة، مثل أن يخشى الزنى، فلا يعصم منه إلا به، ومثل أن يخاف إن لم يفعله أن يمرض، وهذا قول أحمد وغيره، وأما بدون الضرورة فلا علمت أحداً رخص فيه، والله أعلم) ا. هـ. هذا ولا يخفى ما يترتب على هذا العمل القبيح من أضرار نفسية، وعضوية، واجتماعية، حذَّر منها بعض المختصين، ومنهم الدكتور/ أحمد محمد كنعان في كتابه القيم: (الموسوعة

حقوق المسلم وواجباته

واجبنا تجاه إخواننا في أفغانستان المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 2/2/1422 السؤال : لقد رأينا مما حدث لإخواننا في أفغانستان ما يحزن القلوب المؤمنة، ويعتصرها ألماً، وإننا نسأل؛ ما هو واجبنا تجاههم؟ وما الذي يمكن عمله لنصرتهم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وبعد: الصبر أمره عظيم وثوابه كبير، وهو خلق الأنبياء والمرسلين وخلق عباد الله المؤمنين الصالحين. بل كل خير في الدنيا والآخرة فهو بالصبر منوط ومتصل. قال تعالى " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " وقال الله تعالى: " ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور " وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" الصبر ضياء ". وقال الصديق أبو بكر: " الصبر نصف الإيمان ". فوجب على كل مسلم التحلي والتخلق بالصبر ويتأكد الأمر بالصبر عند نزول المصائب وحلول الكوارث إيماناً بقضاء الله وصبراً على أقداره ورضاً به تعالى وبحكمه، مع انتظار الفرج ورجائه منه جل وعلا. قال تعالى: " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ". أما الشعور بالحزن في القلب من جراء المصيبة والمحنة وبكاء العين فهذا لا حرج فيه، ولا ينافي - بحمد الله - الصبر والرضا، بل هو من آثار رقة قلب المؤمن والرحمة التي في قلبه، وقد حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبكى عند وفاة ابنه إبراهيم كما في حديث أنس في صحيح البخاري، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلاّ ما يرضي الرب ". وحزن كذلك وبكى لما بلغه قتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة وهم قادة جيش المسلمين في غزوة مؤتة، ونعاهم - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وهو يبكي وعيناه تذرفان وغير ذلك. بشرط ألا يجزع المسلم ولا يسيء بربه الظن، وبشرط ألا يصدر منه كلام ينافي التوكل أو يظهر الجزع بالصراخ والعويل ولطم الخدود ونشر الشعور وشق الثياب. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله لا يؤاخذ بحزن القلب ولا بدمع العين ولكن يؤاخذ بهذا وأشار إلى لسانه أو يعفو ". فرج الله عنا وعن هذه السائلة وعن إخواننا المسلمين في الأفغان وفلسطين وغيرها كل نائبة وجبر مصابنا وستر أحوالنا بمنه وكرمه والحمد لله رب العالمين.

مناصرة إخواننا في أفغانستان

مناصرة إخواننا في أفغانستان المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 10/8/1422 السؤال لقد رأينا مما يحدث لإخواننا في أفغانستان ما يحزن القلوب المؤمنة، ويعتصرها ألماً، وإننا نسأل ما هو واجبنا تجاههم؟ وما الذي يمكن عمله لنصرتهم؟ الجواب المسلم له حقّ النصرة على إخوانه المسلمين كلٌ بحسب طاقته، والمسلمون في أفغانستان حلّت بهم نازلة عظيمة توجب على إخوانهم المسلمين في كل بقاع الأرض إعانتهم، كل بحسب طاقته، وإنّ من أهم ذلك ما يلي: 1. استشعار الأخوة الإيمانية التي تربط بينهم وبين كل مسلم، فإن هذا الأمر أعظم ما يدفع الإنسان لنصرة إخوانه المسلمين، وبدون وجوده فإنّه لا يتصور منه الاهتمام والسعي للعون، ولا يُرجى منه خير. 2. بذل المستطاع من المال لمساعدتهم في هذه المحنة التي أوذوا فيها وشردوا، وأصبحوا في حاجة كل شيء. 3. تعريف المسلمين على وجه العموم، والمحسنين منهم على وجه الخصوص بقضيّتهم، وحثّهم على البذل والإنفاق لإخوانهم. 4. الابتهال والتضرّع إلى الله آناء الليل، وأطراف النهار، وفي الصلوات أن يزيل كربتهم، ويكشف ما بهم؛ فإن الدعاء سلاح عظيم في كل الأوقات، وعلى الأخصّ في أوقات الكرب والشدّة، وقد وعد الله بإجابة دعاء السائلين الصادقين، ووعْده حقّ، حيث قال - عزّ من قائل -: ((وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)) وقال: ((أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السّوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون)) . والله في عون العبد ما دام في عون أخيه.

السلام على الفاسق ورده عليه

السلام على الفاسق ورده عليه المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 10/8/1422 السؤال هناك بعض الناس تكون نواياهم سيئة، أو فساقاً، أو قد يلقي السلام ليس لقصد السلام بل لمقاصد أخرى، فهل يجب السلام ورد السلام عليهم؟ الجواب إلقاء السلام من حق المسلم على أخيه حتى لو كان فاسقاً ورده واجب، ولا علاقة للمسلم بما في قلوب المسلمين، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يرد السلام على اليهود مع علمه بيهوديتهم وتحريف سلامهم، فقد كانوا يقولون: [السام عليك] أي الموت، وكان يجيبهم - صلى الله عليه وسلم - بقول: [وعليكم] انظر ما رواه البخاري (2935) ، ومسلم (2165) ولم يزد. وإنشاء السلام من شعائر الإسلام والله أعلم.

العلاقات الدولية وحقوق الإنسان

العلاقات الدولية وحقوق الإنسان المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 29/4/1422 السؤال ماذا يقدم الإسلام فيما يتعلق بالعلاقات الدولية وحقوق الإنسان، في بعض الأحوال المعينة؟ الجواب جاء الإسلام بالحث على الأخوة الدينية بين المُسلمين لقول الله تعالى: "فأصحبتم بنعمته إخواناً" ولقوله: "إنما المؤمنون إخوة" فلذلك يجب على المُسلمين أن يتعاونوا فيما بينهم، ويوالي بعضهم بعضاً، ويحصل بينهم التناصر والتعاون على البر والتقوى، وعليهم أداء ما يجب عليهم من الحقوق الإسلامية من بعضهم لبعض، وكذلك أجاز الإسلام عقد المواثيق والمُعاهدات مع الكُفار إذا كان في ذلك مصلحة لقول الله تعالى: "وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق" وقوله تعالى: "إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق" وقوله تعالى: "وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها" وكل ذلك يدل على أن الإسلام يحرص على الأمن والاطمئنان وإصلاح العلاقات الدولية بين الأمم إذا كان فيه مصلحة، مع وجوب الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله إذا توافرت الشروط وانتفت الموانع، والله أعلم.

إنابة الزوجة في التحضير المدرسي

إنابة الزوجة في التحضير المدرسي المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 27/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا مدرس في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم، وأقوم بعملي داخل المدرسة، إلا أنني لا أقوم بالتحضير للدروس، وزوجتي متخرجة وجالسة في المنزل ولا تعمل، فأترك التحضير لها، فهي التي تقوم به، هل هذا العمل يجوز لي أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. علماً بأني وإياها متفاهمان والحمد لله. الجواب إذا كانت زوجتك تملك الكفاءة في ذلك وأنت لا تلقي الدرس إلا بعد استيعابه جيداً والإحاطة به فلا أرى حرجاً في ذلك، لا سيما إذا كنت مضطراً إلى ذلك، لكن إن كان هناك تساهل وتفريط وإجازة لتحضيرها وهو غير كاف وهي لا تملك الأداة الكاملة للقيام بذلك فلا يجوز، ولا ينبغي أن يكون ذلك إلا في حدود الحاجة، هذا إذا كانت قادرة، والله تعالى أعلم.

الإضراب عن الطعام

الإضراب عن الطعام المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 10/2/1424هـ السؤال ما حكم الإضراب عن الطعام؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: فالإضراب عن الطعام إذا كان يضر به بحيث يضعف البدن عن القيام بالواجبات الشرعية، أو يفضي به إلى الهلاك فهو محرم، ولا يحل لعموم قول الله - عز وجل -: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة: 195] . وعموم قوله - عز وجل - "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" [النساء: 29] ، والله أعلم.

حقوق ولد الزنى وأمه على الزاني

حقوق ولد الزنى وأمه على الزاني المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 23/7/1423هـ السؤال السلام عليكم. أرجو الإجابة على سؤالي. لقد كنت على علاقة غير شرعية مع امرأة، فأثمرت تلك العلاقة عن حملها سفاحاً، ثم هددتني بالفضيحة فتزوجت منها مكرهاً، ثم طلقتها بعد أن أنجبت طفلاً ذكراً (سفاحاً مني) ، أما أنا فقد عزمت على التوبة. هل لهذه المرأة وولدها بعد طلاقها حق النفقة؟ وهل للولد حق الميراث؟ أفتوني - وفقكم الله -. الجواب الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وبعد: لا شك أن علاقتك مع المرأة ومعاشرتك لها يعد زنا والعياذ بالله، والزنى عقوبته إذا كان الزوج محصناً، - وهو: كل مكلف مسلم وطئ بنكاح صحيح - هو الرجم حتى الموت، وإن كان غير محصن فهو الجلد مائة جلدة، إذا ثبت زناه، والواجب عليك التوبة والابتعاد عن مواقع الريبة، مع المواظبة على العمل الصالح، قال - تعالى -: " وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً" [الفرقان:71] ، وقال - تعالى -:" إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [آل عمران:89] . ثم إن زواجك من هذه المرأة بعد زناك بها فيه مخالفة شرعية من وجهين: الوجه الأول: أنه لا يجوز نكاح الزانية، ولا الزاني إلا بعد التوبة والإقلاع والصلاح، كما قال - تعالى -: " الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [النور:3] . الوجه الثاني: أنه لا يجوز الزواج من الزانية بعد توبتها إلا بعد استبراء رحمها ووضع جنينها؛ لأن الولد لا ينسب إليك، إنما ينسب إلى أمه، ولست أباه في الشرع، وأما المرأة فليس لها نفقة بعد طلاقها إلا إذا كانت حاملاً أو مرضعاً ترضع ولدك، وإذا كان هذا الولد ليس ولدك شرعاً، فلا تجب عليك نفقة، ولكن من باب الإحسان والرفق، والعطف، لك أن تنفق على الولد وتحسن إليه حتى يشب ويترعرع؛ لأنه لا ذنب له، والإثم عليك وعلى أمه، ولا يجوز أن ينسب إليك، والعلم عند الله - تعالى -، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

سرق من أبيه، فكيف يتوب؟

سرق من أبيه، فكيف يتوب؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 24/8/1424هـ السؤال قبل فترة أخذت مالاً من والدي من غير علمه، وندمت ندماً شديداً بعد صرفه، فتبت إلى الله ولم أستطع أن أرجعه أو أقابله وأخبره، والآن والدي توفي ولا أعلم ماذا أفعل؟ هل أتصدق عنه بقدر المال؟ الجواب عليك أن تعيد المبلغ لورثة أبيك، ولا يلزم أن تخبرهم بأنك أخذته من والدك بالخفاء، وإنما ممكن أن تقول سلمني إياه شخص يقول هذا لوالدك، ويقتسمونه على حسب الإرث الشرعي وأنت واحد منهم.

الحلف على القطيعة

الحلف على القطيعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 14/2/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. لقد سبق مني أن أقسمت بالله العظيم ألا أدخل منزل أحد الأقارب وذلك لشجار ما حصل بيننا وتلفظت باللعن علي إن دخلت منزله، وجرت الأيام بيننا وتم الصلح ودعاني لزيارته في منزله وتناول الطعام معه فما الحكم في ذلك؟ وهل اللعن وجب علي إن دخلت منزله؟ وما الكفارة؟ وأسأل الله لكم التوفيق والسداد، وأن يجعل ذلك في موازين حسناتكم. الجواب لا يجوز للمسلم أن يلعن نفسه ولا يلعن من لا يستحق اللعن، وعليك التوبة والاستغفار عن اللعن، ويحسن أن تكفِّر عن يمينك وتدخل دار قريبك وتأكل من طعامه لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"إني والله إن شاء الله ما حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها" رواه البخاري (5518) ، ومسلم (1649) .

كيف أكفل يتيما

كيف أكفل يتيماً المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 3/4/1424هـ السؤال سؤال عن أحكام كفالة اليتيم. بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: إذا أراد شخص كفالة يتيم يستوجب عليه أن يعيش معه في المنزل أم يكتفي بدفع مبلغ الكفالة لدار الأيتام؟ وهل الكفالة تكون مرة واحدة أو يتم دفع المبلغ حتى بلوغ اليتيم؟ آمل منكم الإفادة العاجلة، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله -تعالى- وبعد: لا شك أن فضل كفالة اليتيم جاءت به السنة، وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً" رواه البخاري (5304) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه- وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه" رواه مسلم (2631) من حديث أنس - رضي الله عنه-، وهناك أحاديث صحيحة في هذا الموضوع مما يدل على فضل ذلك وأهميته، لأنه من التكافل والمواساة التي أمرت بها الشريعة ودعا إليها نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وكذلك جاءت في كتاب الله -تعالى- قصة أم مريم بنت عمران، مما يدل على فضل كفالة اليتيم. وبالنسبة لما ذكره السائل: هل كفالة اليتيم تستوجب عليه أن يعيش معه في المنزل أم لا؟ أم يكتفي بوضع مبلغ لدار الأيتام، وهل يدفع المبلغ مرة واحدة أم ينتظر حتى يبلغ؟ والجواب على هذه الفقرة: أن كونه يعيش معه في المنزل فإنه لا حرج في ذلك، ولكن ليس بواجب ولا يعتبر شرطاً حتى يتحقق معنى الكفالة، وقد دل على ذلك قوله تعالى: "فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة:220] وهذا خير، لكن ما دام أن هناك دوراً خاصة للأيتام تتولى المتابعة والإشراف والقيام بما يلزم لليتيم على الوجه الأكمل، والتربية الشرعية، فلعل هذا يكون أفضل، لما لديهم من القدرات والكفالات والاستعدادات لأجل هذا الأمر، لكن يجب أن تكون دوراً موثوقة سليمة المنهج والطريقة، ولك إن شاء الله -تعالى- أجر الكفالة، وفضل الله واسع، ما دام أنك ساهمت بمالك، وينبغي أن يعلم أن الاستمرار في دفع مبلغ الكفالة حتى بلوغ اليتيم أعظم في الأجر، وكذلك ينبغي بين الفترة والأخرى زيارة اليتيم الذي قمت بكفالته لتتحقق من قيامهم بالواجب تجاه ما أنفقته من مالك إن تيسر لك ذلك، وأسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا وإياك لما فيه رضاه، وأن لا يحرمنا وإياك الأجر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الامتناع من الاقراض

الامتناع من الاقراض المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 11/7/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ الكريم، هل يأثم من يملك مبلغاً معيناً من المال، وهو ليس بحاجة له بصورة مباشرة وإنما يدخره لحالات الطوارئ؟ وقد جاءه شخص يعرفه، ويعرف صلاحه، ويعرف أنه بحاجة ماسة لهذه النقود طالباً الدين، ولم يقبل إعطاءه هذا المبلغ، فبماذا تنصح هذا الشخص مستنداً إلى روح الإسلام؟ وبارك الله فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب لقد رغَّب الإسلام في القرض الحسن ابتغاء الأجر من الله تعالى، حتى جعل قرض المال مرتين كالصدقة به، لكن لا يجب على من عنده مال زائد عن حاجته أن يقرضه، وإنما يستحب له ذلك.

إغاثة العراق بكل طوائفه

إغاثة العراق بكل طوائفه المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 27/2/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ.. تجري في هذه الأيام حملة واسعة لجمع الصدقات لشعب العراق المنكوب، فما رأي فضيلتكم في التبرع لهم؟ مع أن فيهم طوائف مبتدعة ضالة وأخرى كافرة، والغالب أن التبرعات تصلهم كما تصل أهل السنة؛ فالقائمون على توزيعها لا يفرقون بين أهل السنة وغيرهم. وقد يكون في التبرع في هذه الحملة تقويةٌ لشوكة الطوائف الضالة وإظهارٌ لها. أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن الإحسان بابٌ واسع، والصدقة لا ينحصر أجرها في المسلمين، بل في كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌ، كما نص على ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"في كل كبد رطبة أجر"، وهو يعم كل حيٍّ من إنسان أو حيوان. كما يدل على ذلك قوله تعالى:"ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً" قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كان أُسراؤهم يومئذ من المشركين". وكذلك حديث الرجل الذي وجد كلباً يلهث يأكل الثرى من العطش....فسقاه فشكر الله له رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لهما: "أن بغيِّاً من بغايا بني إسرائيل وجدت كلباً يكاد يقتله العطش فسقته الماء فغفر الله لها، فقالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجراً؟! فقال: "في كل كبدٍ رطبة أجر". فأي حرجٍ ـ إذاً ـ في دفع الصدقات لشعب العراق الذي نهكته الحرب والفقر والمرض وتتابعت عليه المصائب والكروب ـ ما دامت الصدقة مشروعة حتى للكافر الحربي والسبع الضاري؟ أما التخوف من أن يكون التصدقُ عليهم يقوي شوكةَ الطوائف الضالة والكافرة على أهل السنة، فقد يكون له اعتبارٌ وحظٌ من النظر لو أن أموال الصدقة تؤول إلى أسلحةٍ توزّع عليهم ليتواجهوا. ولكن أموال الصدقة توؤل عند تفريقها إلى أغذيةٍ أو أدويةٍ وما شابه ذلك، وما علمنا أن مثل هذا يقوي شوكة، إنما يعالج مرضاً، أو يسد جوعةً. إن أهل السنة في العراق يعيشون في مواجهة عدوان خارجي أمريكي غاشم، وليس من المصلحة في شيء أن نحرِّك كوامن عداوة داخلية أخرى من هذه الطوائف على أهل السنة. ولا نشك أن المصلحة الشرعية تقتضي المسالمة بين هؤلاء، فلديهم مواجهة مشتركة مع العدو الخارجي. لقد كنا ولا نزالُ نخاف على إخواننا المسلمين الجوعى الملهوفين تلك الحملات التنصيرية التي تغزوهم متدثِّرةً بدثار الإغاثة مستترةً بستار الإعانات الطبية، ولم نكن نخاف منها هذه البرامج الإغاثية ـ والتي هي نوع من الإحسان في ظاهرها ـ إلا لأنها تستميل قلوب أولئك الجوعى وتؤثر فيهم؛ ولأجل هذا فنحن نعده من أقوى أسلحة هؤلاء في تنصير المسلمين. فلماذا لا نأخذ بهذا السلاح نفسه ـ سلاح الإغاثة والإحسان ـ لأجل استمالة قلوب تلك الطوائف الضالة للحق، أو ـ على أقل تقدير ـ دفع غوائلهم عن أهل السنة؟! إن من الأوهام التي غطّت على عقولنا زمناً طويلاً حتى أصبحت وكأنها من القضايا المسلَّمة: أن الرافضي لا يترك مذهبه لمذهب أهل السنة أبداً، وأن هدايته تستعصي على كل حجة، وعلى كل وسيلة.

وهذا الوهم صار سدّاً يحجزنا ـ زمناً طويلاً ـ عن التواصل معهم وبذل أي محاولةٍ لدعوتهم إلى مذهب أهل السنة والجماعة، واضطرنا هذا الوهم ـ أيضاً ـ إلى ركوب جادة الإغلاظ والمسابة والاستفزاز في مخاطبتهم. وكم كنا في غنىً عن كل ذلك. إن باب معاملة الناس بالحسنى والعدل واللين في الخطاب....إلخ هو من أوسع أبواب الدعوة إلى الله، بل هو أوّلها وأولاها، ولكننا جعلناه أضيقها وآخرها ـ إن بقي لنا نَفَسٌ إلى آخرها، وكم نجيد عند المناظرات والمحاجّة لغةَ الاستفزاز والسخرية التي يجيدها كل أحد، والتي كثيراً ما تدفع بالخصم إلى المعاندة والاستكبار. ومن عباءة هذا الوهم وذلك التخوف من أن تقوى ـ بصدقاتنا ـ شوكةُ الطوائف الضالة على أهل السنة ـ خرجت هذه الشبهة التي حملها السؤال (كيف نتصدق على شعب العراق وفيهم الطوائف الضالة والكافرة؟!) . والمقصود أنني لا أرى حرجاً في التصدق على شعب العراق، ولو كانت بعض الصدقة تصل إلى غير أهل السنة، بل وإلى غير المسلمين. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الأكل مع الأيتام

الأكل مع الأيتام المجيب د. سليمان بن صالح الغيث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 9/4/1424هـ السؤال أختي أم لطفلين يتيمين توفي والدهما، وأصغرهما عمره خمسة أشهر، والآن تعيش معي في بيتين قريبين جداً، ولكننا نختلط في المأكل والمشرب والسكن..، لكن هناك من يحرم علينا أكلهم، حتى الماء الذي نشربه حرموه بحجة أنهم أيتام ولا يجوز أكل ما يأكلون.. ما هو رأي فضيلتكم في ذلك؟ وجزيتم خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: لا يظهر أن فيما ذكرته السائلة بأس، وليس هذا داخلاً في أكل مال اليتيم، والنهي الوارد عن أكل مال اليتيم إنما يكون في التسلط على ماله واستغلاله وصرفه في غير مصلحته، أو جحده ونحو ذلك. أما ما ذكرته السائلة فهو مما تعارف الناس عليه؛ إذ لو قيل بحرمة ذلك لتوقف الناس عن زيارة الأيتام في بيوتهم خشية إضاءة مصباح كهربائي أو تشغيل مكيف، بل ربما يعيش الأيتام في عزلة بسبب ذلك، ومعلوم ما في هذا من الحرج، والدين يسر، ولن يشاد أحد هذا الدين إلا غلبه، وما يريد الله ليجعل علينا في الدين من حرج. لكن أيضاً ينبغي لمن وسع الله في رزقه عند زيارته للأيتام أن يحمل معه ما يتحفهم به، ويلاطفهم به، ويعوضهم شيئاً من الحنان الذي افتقدوه. كما أؤكد على أن الأعمال بالنيات، فمن كان في نيته من زيارة الأيتام فقط مجرد الأكل من طعامهم وأن هؤلاء أيتام يأكل في بيتهم ما يشاء دون حسيب أو رقيب فهذا يدخل في أكل أموال اليتامى. أما إن كانت النية من الزيارة هي ملاطفتهم وتأنيسهم وإدخال الفرح والسرور لهم بهذه الزيارة ما أمكن فهذا نسأل الله - جل وعلا - أن يجزيه على أجر نيته، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

يتسمى بغير اسمه، وينتسب إلى غير أبيه

يتسمّى بغير اسمه، وينتسب إلى غير أبيه المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 16/9/1424هـ السؤال هل يجوز للمرء أن يأخذ جنسية دولة أخرى غير دولته؟ وباسم غير اسمه الأصلي، وإذا كان هذا جائز فهل يعتبر من الانتساب لغير الأب؟ علما أن هذا الشيء لمصلحة فقط ولفترة مؤقتة. والسلام عليكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: أما بالنسبة لمسألة التجنس فقد سبق أن نشر الموقع جوابا للشيخ د. خالد الماجد فلتراجعه. أما بالنسبة لمسألة التسمي بغير الاسم الحقيقي ففيه تفصيل: فإذا كان يتسمى لأجل أن يتهرب مما وجب عليه من تبعات التسمي بالاسم الحقيقي فلا يجوز قطعاً؛ فهو تنصل من ملاحقة الدائنين. أما إذا كان يتسمى بغير اسمه، أو ينتسب إلى غير اسم أبيه (انتساباً إلى اسم صوري لا إلى شخصٍ بعينه) من أجل الخلاص من ظلم يتهدّده فلا بأس في ذلك، لا سيما إذا كان مؤقتاً؛ كما هو شأن بعض المضطهدين في بعض البلاد الإسلامية، فيخرج من بلده مُكرهاً؛ ليستنقذ دينه ونفسه. ولكن هذا مشروط بألا يفضي إلى تضييع حقوق الناس. وهذا الفعل يباح للحاجة ولضرورة الحال، ولا يدخل في الوعيد الوارد في الانتساب إلى غير الأب، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام" أخرجه البخاري (3508-4326-4327) ، ومسلم (61-63) من حديث أبي بكرة وسعد بن أبي وقاص، وغيرهما -رضي الله عنهم- وفي رواية واثلة بن الأسقع عند البخاري (3509) : "إن من أعظم الفرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه". قال أبو العباس القرطبي في المفهم 1/254: (أي انتسب لغير أبيه رغبةً عنه مع علمه به، وهذا إنما يفعله أهل الجفاء والجهل والكبر؛ لخسة منصب الأب، ودناءته، فيرى الانتساب إليه عاراً، ونقصاً في حقه، ولا شك أن هذا محرم معلوم التحريم) أهـ. وقال النووي في شرح مسلم (9/144) : (هذا صريح في غلظ تحريم انتماء الإنسان إلى غير أبيه; لما فيه من كفر النعمة، وتضييع حقوق الإرث والولاء والعقل وغير ذلك, مع ما فيه من قطيعة الرحم والعقوق) أهـ بتصرف يسير. أما انتسابك أنت لغير أبيك فهو صوري ظاهري تدعو إليه الحاجة، لا يتجاوز أوراق الوثائق النظامية، وليس فيه تضييع لحقوق الإرث، ولا قطيعة رحم، ولا عقوقٌ.. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الأعضاء الآدمية المقطوعة

الأعضاء الآدمية المقطوعة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 14/6/1424هـ السؤال يحدث أن بعض المرضى يقطع منهم عضو بسبب مرض معين، فما حكم هذا العضو المقطوع؟ علماً أن هذا الأمر شائع في المستشفيات، وبعد فترة تقوم المستشفى بتسليم هذه الأعضاء إلى شركات النفايات الطبية, وتقوم الأخيرة بدفنها؟ فما حكم ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجميعين، وبعد: إذا قطع من إنسان حي عضو بسبب مرض معين كالآكلة ونحوها فإن المطلوب هو الاهتمام بذلك العضو، وذلك بدفنه وعدم رميه في النفايات. وقد ذكرتم أن الشركات الطبية تقوم بدفن تلك الأعضاء، وهذا هو المطلوب فعله بتلك الأعضاء، والله أعلم.

قتل الكلاب

قتل الكلاب المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 8/6/1424هـ السؤال لنا جار لا يصلي وهو مع ذلك لا يعرف حق الجوار، هذا الجار يتاجر في الكلاب، ويضع بعض هذه الكلاب في الشقة التي هي أمامنا، وهذا يسبب إزعاجاً شديداً ورائحة كريهة، فهل لنا أن نتسبب في قتل هذه الكلاب بإلقاء قطعة من اللحم مسمومة لها ونرتاح من هذا الأذى؟ مع العلم أن هذه الكلاب ليست للصيد ولا للحراسة، وجزاكم الله خيراً. الجواب يجوز ذلك، ولكن قبل هذا احرصوا على إبعاده، أو شكايته لمن يحكم عليه بالفراق والانتقال، وإذا لم يتيسر لكم، فإنه يجوز قتل الكلاب التي يحصل منها إزعاج شديد ورائحة خائسة، وذلك تخلصاً من الأذى، ولأن بيع الكلاب وكذلك تأجيرها حرام، فإن ثمن الكلب خبيث، كما قال صلى الله عليه وسلم. انظر صحيح مسلم (1567) . والله أعلم.

دفع الكفارات لشخص واحد

دفع الكفارات لشخص واحد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 10/8/1424هـ السؤال كم درهماً تعادل كفارة إطعام مسكين؟ وهل يجوز وضعها في صندوق التبرعات على أن تكون النية هي وضعها على أساس أنها كفارة، لكن من دون توضيح أنها كفارة، هل تبرأ الذمة بذلك؟ وهل يصح مثلاً إعطاء الكفارة إذا كانت أكثر من واحدة (عدة كفارات) نفس الأشخاص في نفس الوقت؟ مثلاً إذا كان على شخص كفارة لتأخره عن صيام قضاء مثلاً خمسة أيام، فإنه يجب عليه إخراج خمس كفارات عن كل يوم، والسؤال هو: هل يجوز إعطاء هذه الكفارات الخمس لشخص واحد فقط في نفس الوقت؟ وجزاكم الله خيراً وشكراً على إجابتكم على سؤالي السابق ... الجواب الكفارات يجب أن تعطى كما وردت إذا كانت إطعام مسكين فتكون إطعاماً من قوت البلد تعطى للمسكين، ولا يجوز صرفها نقداً، ولا وضعها في هذه الصناديق (صناديق التبرعات) ، والأولى إذا كانت لعشرة مساكين مثلاً أن تعطى عشرة، ويجوز إذا كانت عن كفارات متعددة أن تعطى لنفس الأشخاص الذين أعطيت لهم الكفارة الأولى في وقت واحد.

القول بأن الوقت ليس كله للدين

القول بأن الوقت ليس كله للدين المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 17/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله، بعض المسلمين يقولون: ليس الوقت كاملا للدين، ولكن يجب أن نعطي للدنيا حقها..، والأمر هنا يتعلق بمشاهدة المسلسلات وغير ذلك من اللهو وتضييع الوقت ... الخ، فلإقناع هؤلاء الإخوة: ما هو موقف الإسلام أمام هذه الدعايات؟ أفيدوني جزاكم الله عني خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن دين الإسلام دين الاعتدال دين الوسطية، والمسلم يعلم أنه إنما خلق لعبادة الله تعالى، وليعمر الأرض بطاعة الله، والعبادات منها ما هو واجبات ومنها ما هو تطوع لتكميل ما نقص في أداء الواجبات، وللتقرب لله تعالى وطلب رفعة الدرجة، والواجبات معروفة، وبالنظر إلى ما تستغرقه من الوقت فإنها لا تستغرق وقتاً كثيراً، فانظر مثلاً الصلوات الخمس كم تستغرق من الوقت، والحج كذلك، والصيام، مع أن الإنسان قد يكون في عبادة ويمارس أعمالاً دنيوية، كأن يكون صائماً أو حاجاً ونحو ذلك، وأما التطوع فهو اختياري حث عليه الشرع ولم يلزم به، وأمر بالاقتصاد فيه، بحيث لا يشق العبد على نفسه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لن يَمَلَّ حتى تملُّوا"، وكان يقول: أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل" رواه البخاري (1970) ، ومسلم (782) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وقال: -صلى الله عليه وسلم- "ليصل أحدكم نشاطه" رواه البخاري (1150) ومسلم (784) من حديث أنس -رضي الله عنه- وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دخلت عليَّ خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية وكانت عند عثمان بن مظعون - رضي الله عنه - قالت فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذاذة هيئتها، فقال لي: يا عائشة ما أبذَّ هيئة خويلة، قالت فقلت: يا رسول الله امرأةٌُ لا زوج لها، يصوم النهار، ويقوم الليل فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها، قالت: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن مظعون فجاءه، فقال: يا عثمان أرغبةً عن سنتي؟ فقال: لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب قال: فإني أنام وأصلِّي وأصوم وأفطر وأنكح النساء فاتق الله يا عثمان فإن لأهلك عليك حقاً وإن لضيفك عليك حقاً وإن لنفسك عليك حقاً فصم وأفطر وصَلِّ ونم" أخرجه أبو داود (1369) والإمام أحمد في المسند (6/8) ونحو ذلك قاله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- فيما رواه مسلم (1159) . فإذاً الفرائض لا تستغرق وقتاً كثيراً، والنوافل لا بد من الموازنة فيها، فلا تطغى على بقية الحقوق، ولا تكون بإشقاق على النفس.

لكن وقت المسلم كله لله؛ بمعنى أنه يصرفه في مرضاة الله، فلا يستعين بهذه النعمة نعمة الوقت ونعمة العافية ونعمة السمع والبصر وغيرها على معصية الله، بل إن الأعمال التي هي عادات أو طلب رزق تتحول إلى عبادة وقربة بالنية الصالحة، فطلب الرزق الحلال ابتغاء الاستغناء عن الحرام وعمّا ما في أيدي الناس قربة وطاعة، والتزوج اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ورغبة في العفاف قربة وطاعة وهكذا، وبهذا يتحقق قوله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " [الأنعام:162-163] . أما إضاعة الوقت في المسلسلات وفي اللهو الذي يكسل عن الطاعة ويثقلها فليس من الدين ولا من الدنيا، بل الغالب عليه أنه اشتغال بالمعاصي البصرية والسمعية، وهو ليس من إعطاء الدنيا حقها، وسيسأل الإنسان عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه، انظر ما رواه الترمذي (2417) من حديث أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- فواجب على المسلم أن يربي نفسه وأن يطلب معالي الأمور، وإذا أراد الراحة والاستجمام فليكن ذلك بالمباحات، وليستعن بالله ويسأله التوفيق.

الشفاعة في القصاص

الشفاعة في القصاص المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 01/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم الشفاعة عند أهل المقتول بعد صدور حكم القصاص في القاتل؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يقول تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَل النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) . وصح، من حديث أبي موسى، قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، ويَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ" أخرجه مسلم (2627) . وعلى ذلك، فإن الشفاعة عند أهل المقتول من مقاصد الشرع الحنيف، ومن أعظم القرب عند الله إذ يقع به عتق رقبة مؤمن من القتل، وصون لنفسه من التلف، وعون لأهل المقتول باحتساب الأجر والثواب عند الله بالعفو، وهذا عين تحقيق قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة: من الآية2] . والله أعلم.

التحية بـ"سلملم"

التحية بـ"سلملم" المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 6/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: عظم الله لكم الأجر والمثوبة، ما رأي فضيلتكم فيمن يقول سلملم؟ وهي كلمة انتشرت في الآونة الأخيرة بين الشباب، (يقصد أنه يختصر السلام عليكم) وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد: الإسلام علمنا آداب السلام وصيغته وكيفيته، فصيغة السلام في الإسلام هي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأما آدابه فهي أن تستعمل هذه الصيغة كما علمنا إياها الرسول - صلى الله عليه وسلم - والذي علمنا إياه هو أن نقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والدليل على ذلك قول الله تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" [النساء:86] ، أما كيفيته فيكون إلقاء السلام بود ورقة ولين، لا بخشونة وجفاء، لذا لا يجوز للمسلم أن يغير في صيغة السلام المشروعة في الإسلام، كأن يقول بدلاً عنها في الصباح صباح الخير وفي المساء مساء الخير وغير ذلك، والله أعلم بالصواب.

التوديع بكلمة باي (Bye)

التوديع بكلمة باي (Bye) المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 03/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود أن أسأل عن حقيقة معنى كلمة (باي) والتي وردت في أحد المواقع بأن معناها هو: (في حفظ البابا) . الرجاء إرسال الرد بسرعة لتعميم الفائدة على الناس. وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحدة، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. كلمة (باي) تستخدم عند الوداع. وبغض النظر عن أصل اشتقاقها فهي تعني باللغة الإنجليزية (إلى اللقاء) أو نحو ذلك. وهذا هو معناها المعروف والدارج، والذي لأجله تستخدم هذه الكلمة. ولذا لا يمكن القول بتجريم استخدامها وعَدُّه كبيرة من الكبائر، فالأمر يسير والخطب سهل، ولا شك أن الأولى والأحرى بالمسلم ألا يستبدل بتحية الإسلام تحية أخرى، وينبغي للمسلم أن يعود لسانه أن يحيي المسلمين بتحية الإسلام: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) . وللفائدة، فإن اشتقاق الكلمة الإنجليزية (goodbye) - وهي كلمة تستخدم في الوداع - على النحو التالي: الأصل القديم لهذه الكلمة عبارة تعني "رافَقَك الله" وهو دعاء مجرد يستخدم إلى يومنا هذا في الوداع: (God be with you) . وإذا نظرنا إلى النطق القديم لهذه العبارة تظهر لنا المشابهة بينها وبين (goodbye) : God be wy you god b'w'y godbwye god buy' ye good-b'wy ثم تم إبدال كلمة (God) وهي بمعنى "الله" بكلمة (good) وهي بمعنى "الخير"، وتم هذا بطريقة القياس على عبارة أخرى: (good day) وهي بمعنى "صباحُ الخير". أما كلمة (bye) فإنما هي اختصار لـ (goodbye) . وهي للمخاطبة الشفوية وغير الرسمية فقط. وأما (bye-bye) فإنما تأتي بطريقة تكرار (bye) . وهي دون (bye) في مستوى الاحترام وغالبا تستخدم مع الأطفال. فليس في أصل كلمة (goodbye) ولا كلمة (bye-bye) صبغة كنسية أو عقيدة دينية مخصصة. والله أعلم.

يسمع التسليم من المذياع فهل يرد؟

يسمع التسليم من المذياع فهل يرد؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 17/8/1424هـ السؤال هل يرد السلام على الشخص إذا سلَّم وهو في المذياع، أو التلفاز أو في رسالة خطِّية؟. الجواب نعم يرد السلام على الإنسان إذا سلَّم في خطاب بواسطة مذياع، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكتب في رسائله محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فلان ثم يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. انظر ما رواه البخاري (4424) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، فالإنسان إذا أرسل رسالة يبدأ بالسلام، وإذا ردَّ عليه أحد فإنه يرد عليه السلام، وكذا يقال في الإذاعة ونحوها إذا كان مذيعاً أو متحدثاً يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والله ولي التوفيق.

الموقف من أعمال السلب والنهب في العراق

الموقف من أعمال السلب والنهب في العراق المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 6/9/1424هـ السؤال ما قول السادة العلماء الأجلاء في أعمال السلب والنهب التي وقعت في العراق مؤخرا؟ هل يجوز لأصحاب الممتلكات الدفاع عن ممتلكاتهم وأروحهم أم لا؟ فإن قلتم: نعم. فما قولكم في الحديث الصحيح الذي يأمر بترك المقاتلة حال الفتنة من عدم وجود نظام حاكم وكثرة الهرج والمرج وغير ذلك؟ وهل هذا عام في كل ناهب سواء كان مسلما أولا؟ وإن قلتم: لا. فما قولكم في الحديث الصحيح أيضا: من قتل دون ماله فهو شهيد؟ وكيف نوفق بين الحديثين؟ جزاكم الله خيرا. الجواب حرمة مال المسلم ثابتة في القرآن والسنة، قال تعالى: "وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:188] ، وقال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، في شهركم هذا ". أخرجه البخاري (4406) ، ومسلم (1679) من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه-، ومن رعاية الإسلام للمال أنه قدمه الله في أكثر من آية على الأنفس، كقوله تعالى: "فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى" [النساء: من الآية95] ، وقدمه على الأولاد في مواضع كثيرة؛ منها: قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" [آل عمران:116] ، وأوجب في السرقة من المال النصاب المقدر لقطع اليد، وما حصل في العراق من نهب للأموال والممتلكات حرام لا يجوز، وعلى صاحب المال أن يحفظ ماله ويدافع عنه، وإن قتل دونه فهو شهيد؛ لحديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما-: "من قتل دون ماله فهو شهيد" أخرجه البخاري (2480) ، ومسلم (141) ، وما جاء في النهي عن المقاتلة في زمن الفتنة فهو محمول عند العلماء على ما إذا كانت المقاتلة بغير تأويل سائغ، ووقوع الظلم على المسلم أو غيره بنهب ماله مسوغ شرعي للدفاع عنه، ولا شك أن أكثر ما وقع من الحروب ولا زال يقع بين المسلمين إنما هو بسبب الأموال والممتلكات بالاعتداء عليها من أحد الطرفين، ومع ذلك سماهم الله مؤمنين وأمر بقتال الطائفة المعتدية: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الحجرات:9] ، وغير المسلم إذا اعتدي على ماله وجب عليه الدفاع عنه غير أنه إن قتل لا يسمى شهيداً، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

مات وهو عاجز عن قضاء دينه

مات وهو عاجز عن قضاء دينه المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 24/12/1424هـ السؤال هل من يعجز عن سداد دينه حيث إنه لا يملك المبلغ الذي يسدد به دينه إنما يملك ما يكفيه للعيش هو وأسرته هل يكون رهين دينه بعد موته؟. إن كان يملك مبلغاً ولكنه بحاجة إلى بيت يأويه هو وأسرته فهل يحق له أن يشتري هذا البيت أم لا يحق له حتى يسدد الدين؟. هل يحق له إنكار هذا الدين مخافة الضرر من الدائنين حيث إنهم لا يملكون أي دليل ضده ولكنه يقر لهم بالدين أمام الجميع، ولا يكتب لهم ورقة خشية السجن والمحاكمة فهل يحق له ذلك مع أنه يقر بالدَّين ولا ينكره أبدا ويسعى لسداده ولكنه لا يستطيع؟. أرجو الإفادة حيث إن ضرر الدين كبير على النفس، ولكم من الله الأجر، وأسأله -سبحانه- أن يسدد خطاكم، ويجعل ذلك في ميزان حسناتكم. الجواب ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" رواه أحمد (9387) والترمذي (1078) وابن ماجة (2413) والدارمي (2591) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وصحح إسناده الألباني، وهذا يدل على عظم شأن الدين وضرورة أدائه إلى صاحبه، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- في أول الأمر يترك الصلاة على من مات وعليه دين حتى يؤدى عنه، فلما توافرت لديه الأموال أخذ يقضي عن الناس ديونهم، ويصلي عليهم، ولهذا يجب على المسلم أن يقوم بسداد ديون غرمائه إذا كان يقدر على ذلك، ولا تجوز له المماطلة أو إنكار الدين الثابت عليه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "مطل الغني ظلم" متفق عليه، عند البخاري (2287) ، ومسلم (1564) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ويمكن للحاكم أن يعاتبه على امتناعه بالحبس والتعزير، قال - صلى الله عليه وسلم-: "لي الواجد ظلم يُحِل عِرضه وعقوبته" رواه أحمد (18962) وأبو داود (3628) وغيرهما من حديث الشريد بن سويد -رضي الله عنه-، وعرضه شكواه، وعقوبته: حبسه، فالمماطل يستحق العقوبة بالحبس والتعزير وإن أصرّ على المماطلة فإن للحاكم أن يبيع ماله ويسدد ديونه. وللحاكم أن يحجر عليه إذا كانت لديه أموال لا تكفي لسداد ديونه، ويترك له ما يحتاج إليه من مسكن ومؤونة ونحو ذلك؛ لأن هذه من الأمور التي يحتاجها الإنسان، ولا يستغني عنها. وأما إذا كان لا يقدر على وفاء شيء من دينه فإنه معسر فلا يطالب به، ويجب انظاره وإمهاله؛ لقول الله -تعالى-: "وإن كان ذو عسرة فنظرةٌ إلى ميسرة" [البقرة: 280] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لغرماء الذي كثر دينه: "خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك"رواه مسلم (1556) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، ولكن عليه أن يجتهد في سداد هذه الديون حالما يقدر على ذلك بلا تهاون، ويمكنه أن يصطلح مع غرمائه أن يسقطوا عنه بعض هذه الديون إذا كان لا يقدر على سدادها كلها؛ حتى تبرأ ذمته منها. والله أعلم.

كيفية النطق بالشهادة للدخول في الإسلام

كيفية النطق بالشهادة للدخول في الإسلام المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 7/10/1424هـ السؤال السلام عليكم. ما هي طريقة النطق بالشهادة لغير المسلم الذي ينوي الدخول في الإسلام؟ هل يحتاج ذلك لتواجد شهود؟ ووجود أحد العلماء؟ وهل يختلف الحال بين الذكور والإناث؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يتلفظ من أراد الدخول في الإسلام بالشهادتين باللغة العربية بعد تعريفه بمعناهما، ولا يشترط وجود أحد العلماء، ولا وجود شهود لثبوت الإسلام، لكن يحسن إعلان ذلك ليحصل العلم من قبل إخوانه المسلمين، كما ينبغي أن يسأل أهل العلم عما يحتاج إلى معرفته بعد اعتناقه الإسلام، ولا يختلف الحال بين الذكور والإناث في هذه المسألة والله أعلم.

متى تجوز السرقة؟

متى تجوز السرقة؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 17/1/1425هـ السؤال متى تجوز السرقة؟ وهل يطبق الحد في وقت الجوع، وعند الاضطرار؟ وهل يجوز سرقة مال الأخ، والأخت، والأب، والأم؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد حرم الله -تعالى- السرقة، ورتب عليها عقوبة شديدة، قال -تعالى-: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم" [المائدة: 38] ؛ وذلك ليأمن الإنسان على ماله من التعدي، فإنه لا يحل مال مسلم إلا بطيب نفس منه، وكل مال يؤخذ بغير رضا صاحبه فهو حرام، ولكن الشرع جعل عقوبة السرقة خاصة بنوع من أنواع أخذ المال بغير حق، واشترط لقطع اليد شروطاً مفصلة في كتب الفقه. ولا فرق في السرقة بين القريب والبعيد، ومن شروط قطع اليد في السرقة ألا يكون السارق مضطراً إلى المال المسروق كالجائع الذي لا يجد ما يأكله مثلاً، ومن شروط القطع ألا يكون للسارق شبهة كسرقة الإنسان من مال أبيه، لكن يجوز للإنسان أن يأخذ حقاً له ثابتاً ثبوتاً ظاهراً ممن هو عليه على وجه التخفي، ولا يكون هذا سرقة؛ لأنه أخذ حقاً له، ولم يأخذ حقاً لغيره، مثل أخذ المرأة نفقتها الشرعية من زوجها الشحيح، وقد قالت امرأة أبي سفيان: إنه رجل شحيح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" متفق عليه عند البخاري (5364) ، ومسلم (1714) من حديث عائشة -رضي الله عنها- والله الموفق.

هل يستغفر للقاتل؟

هل يستغفر للقاتل؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 25/04/1425هـ السؤال لدي صديق قُتل في مشاجرة، وسمعنا حديث: "القاتل والمقتول في النار", سؤالي: هل هذا الحديث ينطبق على صديقي هذا أم لا؟ وهل يجوز لي أن استغفر له؟ أرجو منكم التفصيل، وشرح الحديث المذكور. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النار"، قالوا: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه" رواه البخاري (31) ، وهذا الحديث من أحاديث الوعيد، وقد نص العلماء على أن أحاديث الوعيد تُمر كما جاءت قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى- (أول مسألة تنازعت فيها الأمة من مسائل الأصول الكبار وهي مسألة الوعيد) الفتاوى (3/230) ، وقال - رحمه الله-: (وأحاديث الوعيد يذكر فيها السبب، وقد يتخلف موجبه لموانع تدفع ذلك إما بتوبة مقبولة، وإما بحسنات ماحية، وإما بمصائب مكفرة، وإما بشفاعة شفيع مطاع، وإما بفضل الله ورحمته، ومغفرته؛ فإنه لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وما يحصل للمؤمن في الدنيا والبرزخ والقيامة من الألم التي هي عذاب، فإن ذلك يكفر الله به خطاياه) (24/375) . وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى- بعد ذكره أقوال الفرق في نصوص الوعيد: (والصواب ... أن هذه الأفعال سبب لما علق عليها من الوعيد، والسبب قد يتخلف عن مسببه لفوات شرط أو وجود مانع، والموانع متعددة منها ما هو متفق عليه بين الأمة كالتوبة النصوح، ومنها الحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، وما يلحق العبد بعد موته من ثواب تسبب إلى تحصيله، أو دعاء، أو استغفار له، أو صدقة عنه، ومنها شفاعةٌ - بإذن الله- فيها لمن أراد أن يشفع فيه، ومنها رحمة تدركه من أرحم الراحمين يترك بها حقه قِبَلَهُ، ويعفو عنه) الصواعق المرسلة (3/691) . أما معنى الحديث فقد قال الخطابي - رحمه الله تعالى-: (هذا الوعيد لمن قاتل على عداوة دنيوية أو طلب ملكاً مثلاً، فأما من قاتل أهل البغي أو دفع الصائل فَقُتِل فلا يدخل في هذا الوعيد؛ لأنه مأذون له في القتال شرعاً) فتح الباري (12/197) ، وقال القرطبي - رحمه الله تعالى-: (فبيِّن هذا الحديث أن القتال إذا كان على جهل من طلب الدنيا، أو اتباع هوى فهو الذي أريد بقوله القاتل والمقتول في النار) انظر: فتح الباري (13/34) ، وقال النووي - رحمه الله تعالى-: (وهو إذا التقى المسلمان بسيفيهما في المقاتلة المحرمة كالقتال عصبيةً ونحو ذلك فالقاتل والمقتول في النار) شرح مسلم (11/174) .

وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى-: (قال العلماء: معنى كونهما في النار أنهما يستحقان ذلك، ولكن أمرهما إلى الله -تعالى- إن شاء عاقبهما ثم أخرجهما من النار كسائر الموحدين، وإن شاء عفا عنهما، فلم يعاقبهما أصلاً، وقيل: هو محمول على من استحل ذلك ولا حجة فيه للخوارج، ومن قال من المعتزلة بأن أهل المعاصي مخلدون في النار؛ لأنه لا يلزم من قوله (فهما في النار) استمرار بقائهما فيها) الفتح (13/32) ، وأهل السنة والجماعة يعتقدون أنه لا يخلد في النار أحد من أهل التوحيد؛ لأدلة كثيرة منها قوله -تعالى-: "إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً" [النساء:48] . ويجوز لك أن تستغفر لصاحبك، وتدعو له بالمغفرة؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: "ما زلنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من نبينا - صلى الله عليه وسلم- يقول: " إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ" [النساء:49] ، وأنه قال: "إني ادخرت دعوتي شفاعة لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة" قال: فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا، ونطقنا به، ورجوناه" رواه أبو يعلى (5813) ، وابن أبي عاصم في السنة (830) ، والطبراني في الأوسط (5942) ، والبيهقي في الاعتقاد (1/108) ، وصححه السيوطي في الدر المنثور (2/557) ، والله -تعالى- أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كانت شيعية فتسننت، فهل تخفي ذلك؟

كانت شيعيةً فتسنّنتْ، فهل تخفي ذلك؟ المجيب د. علي بن بخيت الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 29/2/1425هـ السؤال كنت قبل فترة بسيطة أحمل مذهب الضلال (شيعية) ولكن -الحمد لله- قد هُديت بفضل منه ورضوان إلى الدين القويم فالحمد لله على نعمة الإسلام، وأصبحت أحمل مذهب أهل السنة والجماعة، وأحب أن أوجه إليك سؤالاً: هل يجوز أن أخفي مذهبي خوفاً على والديَّ، وخصوصاً أنهما يعانيان من المرض؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فنحمد الله - عز وجل- على أن هداك - أيتها السائلة- ونسأله سبحانه أن يثبتك على الحق المبين. وبخصوص السؤال فإن السائلة مأمورة ببر والديها والإحسان إليهما حتى لو كانا مشركين يأمرانها بالشرك، ويجاهدانها على ذلك؛ قال تعالى: "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً" [لقمان: من الآية15] ، كما أنها مأمورة أيضاً بنصيحة والديها والتلطف والتأدب في النصيحة خصوصاً إذا قام والداها أو أحدهما بعمل شركي كالاستغاثة بعلي أو بالحسين - رضي الله عنهما- أو قول قبيح منكر، كسب الشيخين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما-، فلتجتهد مأجورة في التلطف في بيان الحق لوالديها، وليس بالضرورة أن تعلن لهما أنها تركت مذهبها، المهم أنها تأمر وتنصح وتبين، وتجتهد في نصيحة والديها، ولتعلم هذه السائلة أن الرحمة الحقيقية تقتضي رحمة والديها من أن يموتا على ضلاله. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الوساطة في الإسلام

الوساطة في الإسلام المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 18/12/1424هـ السؤال ما حكم الوساطة في الإسلام؟ علماً بأني في الثانوية العامة، ويمكن أن أحصل على الواسطة من خلال سفارة الدولة التي أنتمي لها، وذلك لعدد معين من الطلبة حسب المعدلات المرتفعة، أي أني لن أحصل على هذه الواسطة إلا ببذل مجهود في الدراسة..وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن السعي في قضاء حاجات الناس الدينية والدنيوية أمر مطلوب شرعاً، وقد ثبت الترغيب فيه والحث عليه في أدلة عديدة، منها: قوله -تعالى-: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" [النساء: 85] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "اشفعوا تؤجروا" رواه البخاري (1432) ، ومسلم (2585) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه- وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" رواه البخاري (2442) ، ومسلم (2580) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وغير ذلك من النصوص الدالة على مشروعية مساعدة الناس في تلبية حاجاتهم وطلباتهم المشروعة، وتنقسم الشفاعة إلى قسمين: محمودة، ومذمومة فالشفاعة المحمودة هي: مساعدة الإنسان في الحصول على حقه الشرعي من غير أن يصاحب ذلك ظلم لغيره من الناس، كأن يكون لشخص ما حق عند غيره من الناس فتساعده من أجل الحصول على حقه، ولا يترتب على ذلك إضرار بأحد من الناس، وهذه الشفاعة مطلوبة شرعاً ويثاب عليها فاعلها، وهي من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله -تعالى-: "وتعاونوا على البر والتقوى" [المائدة: 2] ، أما الشفاعة المذمومة فهي: مساعدة الإنسان في الحصول على شيء ليس له الحق فيه، كأن تساعد إنساناً في الحصول على وظيفة أو مال، وهو غير مستحق لهذه الوظيفة أو هذا المال، أو مساعدة الإنسان في تقديمه على من هو أحق منه، كأن يتقدم اثنان لوظيفة أو دراسة أو نحوهما وأحدهما أفضل وأحق من الآخر، فتساعد المفضول وتقدمه على الفاضل، فهذه الشفاعة شفاعة سيئة مذمومة لا يجوز القيام بها، لأنها إعانة على الباطل، والله يقول: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] ، ويمكنك أن تعرف حكم الوساطة التي تسأل عنها من خلال عرضها على القسمين السابقين، فإن كانت عبارة عن مساعدتك في الحصول على حق من حقوقك المشروعة، ولا يترتب على ذلك إضرار بأحد من الناس فهي من القسم الأول، وهي جائزة ومشروعة، وإن كانت من قبيل تقديمك على من هو أفضل منك وأحق منك بهذه المنحة فهي من القسم الثاني، وهي محرمة وممنوعة، والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

سحب الجنسية بسبب الزواج من الأجنبي

سحب الجنسية بسبب الزواج من الأجنبي المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 23/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تقوم بعض الدول بسحب جواز وجنسية الفتاة وإسقاط حقوقها كالمواطنة حين تتزوج شاباً مسلماً يختلف عن جنسيتها، بحجة أن المرأة تتبع الرجل. فما حكم الإسلام في ذلك؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. منح الجنسية أو إسقاطها بين الحكومات وشعوبها اصطلاح حادث وجديد على المسلمين فجنسية كل المسلمين واحدة هي الإسلام لا غير مهما اختلفت لغاتهم، وتعددت أجناسهم كما قال الشاعر: أبي الإسلام لا أب لي سواه...... إذا افتخروا بقيس أو تميم وإذا كان الزواج شرعياً قد توفرت فيه أركان العقد وشروطه فلا يجوز لأحد إبطاله كائناً من كان، فاختلاف الجنسية اليوم بين الزوجين لا يبطل العقد، كما أن اتحاد الجنسية بينهما لا يعتبر شرطاً في النكاح، نعم يجوز لولي الأمر في الدولة منع رعيته التزوج من غير بنات البلد من أجل المصلحة، وخوفاً من العنوسة التي تنتج البطالة بين الشباب والشابات، ولا تجوز مخالفته ابتداء لا غير، وهذا المنع من باب السياسة الشرعية العامة فقط، وإن جاز لولي الأمر هذا فإنه لا يجوز له بحال من الأحوال إبطال العقد بعد تمامه ولا معاقبة فاعله لأنه لم يرتكب منكراً في الشرع، وإسقاط الجنسية اليوم على مثل هذا الفعل حرام لا يجوز، حيث هذا أعظم عقوبة يمكن إنزالها بأحد أفراد الشعب، أما كون المرأة تتبع زوجا فتنتسب إليه بدل أبيها وأسرتها، فهذه عادة أجنبية قبيحة تخالف الشرع والعقل، قال تعالى: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله"، وفي الحديث: "ليس من رجلٍ ادعى -انتسب - لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادَّعى قوماً ليس فيهم، فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري (3508) ، ومسلم (61) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-، وهذا التقليد الغربي المقيت جاءنا من النصارى حيث ينتسبون إلى أمهاتهم دون آبائهم تأسياً واتباعاً بزعمهم لنبي الله عيسى عليه السلام حيث ينسب إلى أمه، ولكنه هو وأولئك جهلوا أن عيسى ليس له أب حتى ينسب إليه؛ لأن الله خلقه بكلمة منه. فهو مخلوق من أم بلا أب. والله أعلم.

هل لصاحب الحق استخلاص حقه بهذه الطريقة؟

هل لصاحب الحق استخلاص حقه بهذه الطريقة؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 03/10/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم. وبعد: شاب يعمل في إحدى الدول، وهي دولة غنية، ولم يتقاض راتبه من الدولة لمدة 17 شهرًا، وأمه كانت تعمل في الدولة وتتقاضى مرتبًا وماتت، فأصبح يأخذ مرتبًا من صندوق الضمان الاجتماعي، وفي عام 2001 تزوجت أخته التي كانت السبب في استحقاق المعاش من الضمان الاجتماعي، ولكنه لم يبلغ الضمان بهذا، وأصبح يزوِّر ورقة تدل على أن أخته لم تتزوج كي يصبح المرتب الضماني مستمرًّا، فهل يجوز له هذا أم لا؟ علما بأن والد هذا الشاب قامت الدولة بأخذ مشروعه الذي يقدر بـ 280 ألف دينار بدون أي وجه حق ظلمًا وبهتانًا ولم تعطه أي تعويض فيه، وكذلك أخذت من جدي عمارة ثلاث طوابق تقدر بـ150 ألف دينار بقانون البيت لساكنه، وقدمت تعويضًا بـ56 ألف دينار، ولم يكن أبي أو جدي موافقين على التعويض، وفرض عليهم فرضًا، فهل أخذي لهذا الراتب من الضمان الذي يقدر بـ240 دينارًا حلال أم حرام؟ وإذا كان حرامًا ماذا أفعل في الأموال السابقة التي أخذتها من الضمان الاجتماعي؟ والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ثبت في الصحيحين: البخاري (3603) ومسلم (1843) ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها". قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: "تُؤَدُّونَ الحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ، وتَسْألُونَ اللهَ الذي لَكُمْ". فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم- أنه سيكون من الولاة والحكام من يظلم ويأكل الناس بغير حق، ومع ذلك أمرهم النبي عليه السلام- بأداء الحقوق التي عليهم، وأن يسألوا الله الحقوق التي أخذت منهم. وهذا صريح في أنه لا يجوز للمسلم أن يقابل ظلم الولاة بظلم آخر، ولا يقابل استئثارهم بأثرة منه. قال الطيبي: لا تكافئوا استئثارهم باستئثاركم، بل وفروا إليهم حقهم من السمع والطاعة وحقوق الدين، وسلوا الله من فضله أن يوصل إليكم حقكم. فلا يجوز للسائل أن يأخذ مالاً بغير حق، كما لا يجوز له أن يزوِّر؛ لأن هذا من الكذب والتدليس المحرم شرعًا. وأما ما قبضه سابقًا فإن كان يستطيع رده دون أن يصيبه ضرر أو أذى فيجب عليه رده، وإلا تصدَّق بقدر ما أخذ إن كان مقتدرًا. وإذا كان فقيرًا محتاجًا فيصبر حتى يفتح الله عليه ليتصدق بقدر ما أخذ بغير حق. وفي جميع الأحوال يجب عليه التوبة والندم والاستغفار مما مضى. والله الهادي إلى سواء السبيل.

هل يدعو لجميع المسلمين بالجنة؟!

هل يدعو لجميع المسلمين بالجنة؟! المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 28/3/1425هـ السؤال شخص يدعو الله تعالى بأن يدخل جميع المسلمين الجنة، فهل هناك غلو في دعائه؛ لأن من المسلمين من يدخل النار يعذب فيها بقدر ذنوبه، وهل هناك فرق بين الدعاء للمسلمين والمؤمنين؟. الجواب كل من مات على الإسلام أي لم يأت بناقض اعتقادي قولي أو عملي فهو من أهل الجنة وإن دخل النار بسبب الكبائر التي مات ولم يتب منها ولم تنفعه موانع إنفاذ الوعيد، وعلى ذلك فالدعاء بالجنة لكل المسلمين صحيح، وليس من الغلو أو الاعتداء في الدعاء، والأفضل الدعاء والاستغفار لهم؛ لقوله ابن عباس - رضي الله عنهما -: " لا تصلوا صلاة على أحد إلا على النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن يُدْعَى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار" رواه إسماعيل بن إسحاق في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وصححه الألباني - رحمه الله - وإذا أطلق لفظ المسلمين والمسلمات فيشمل المؤمنين والمؤمنات، أما إذا جاء في الدعاء أو غيره لفظ المسلمين والمؤمنين فإن المراد بالمسلمين أولئك الذين أتوا بأعمال الإسلام الظاهرة كالصلاة والصيام، وإن كان إيمانهم القلبي فيه ضعف، أما المؤمن فهو الذي جمع بين حسن العمل الظاهر وصدق العمل الباطن عمل القلب؛ كما قال الله -تعالى-: "قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ" [الحجرات: من الآية14] ، فعندما نقول المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، فإن المراد جميع طبقات أهل الملة من السابقين المقربين والمقتصدين والظالمين أنفسهم. والله أعلم.

الانتساب لغير الأب

الانتساب لغير الأب المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 20/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. أبي يدعى باسم والده الذي تربى معه، ولا يطلق عليه اسم والده الحقيقي، حاولت إقناعه وذلك بكتابة اسم والده الحقيقي، لكن رفض بحجة أنه لم يعرفه! حيث مات وهو صغير، ما حكم الشرع فيها؟ وهل يحق لي أي وسيلة ضغط عليه؟ لينتسب إلى اسم والده الحقيقي؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز للمسلم أن ينسب نفسه لغير والده الحقيقي؛ قال تعالى: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله"، وقد جاء الوعيد الشديد في السنة على الانتساب إلى غير الوالد، كما رواه الدارمي وغير بسنده، عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيما رجل ادعى إلى غير والده أو مواليه الذين أعتقوه فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إلى يوم القيامة، لا يقبل منه صرف ولا عدل"، وعليه فالانتساب إلى غير الوالد كبيرة من كبائر الذنوب التي تغمس صاحبها في جهنم- والعياذ بالله-. والله أعلم.

زوجته متبناة من عائلة أخرى

زوجته متبناة من عائلة أخرى المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 07/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي هو أن زوجتي متبناة من عائلة أخرى، ربوها أحسن تربية وعلموها، وأخبروها بعائلتها الحقيقية منذ الصغر، وهي تذهب عندهم إلى يومنا هذا، وأنا كنت أعلم بالخبر حين ذهاب العائلة لخطبتها فهمتهم ماذا أقصد، فما هو وضعي في هذه الحالة؟ وما قول الشرع في هذا؟ أي أن الفتاة أخذتها عائلة أخرى، وغيرت لها اسمها وتبنتها. وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. التبني حرام، وقد كان موجودًا في الجاهلية وحرمه الإسلام، أما وضعك الآن فإذا كان تغيير الاسم فقط من فاطمة إلى عائشة - مثلاً- فهذا لا يضر، وإن كان تغير معه اسم الوالد والوالدة ولقب العائلة، فهذا لا يجوز، ولا بد من إرجاع اسم أبيها الأول واسم أمها الأول، واسم العائلة أو لقب العائلة الأول، قال تعالى: "ادعوهم لآبائهم"، ومن نعم الله -تعالى- عليك أنك تعلم أهلها الأولين، والسبب في هذا هو لأنها لا ترث عائلتها الثانية، ولا يصح أن تختلط بالذكور من عائلتها الثانية، فلا أبوها الذي تبناها أبوها، ولا إخوانها من هذا التبني إخوانها، فهي أجنبية عن عائلتها الثانية بكل ما تحمله هذه الكلمة من أحكام، وهي بنت عائلتها الأولى، أولادهم إخوانها، وأبوهم أبوها، وأمهم أمها، وهكذا.. وترث من عائلتها الأولى ... إلخ، والأفضل أن تزورهم بين الحين والحين ردًا للجميل، أما وضعك أنت كزوج فوضعك معها وضع سليم لا غبار عليه، ما دام قد جرى حسب الشريعة الإسلامية. وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.

التبني والجالية المسلمة في بريطانيا

التبني والجالية المسلمة في بريطانيا المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 07/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. تواجه جاليتنا الإسلامية في بريطانيا مشكلة بخصوص التبني، حيث تقوم بعض الهيئات غير الإسلامية بإحضار أطفال مسلمين للتبني من ذكور وإناث، ويعرضون على جاليتنا تبني هؤلاء الأطفال، لكن الجالية محتارة، كيف تواجه مشكلة المحرمية، حيث سينشأ الطفل عند العائلة المسلمة مع أطفالهم، وعندما يبلغ الطفل يكون بين أفراد عائلة غير محارم له أو لها إن كانت أنثى، وفي نفس الوقت يحرص المسلمون على مساعدة هؤلاء الأطفال لكي يحفظوا لهم دينهم، ولكن في نفس الوقت يريدون أن يحفظوا أهاليهم من المشقة القائمة عندما يسكن بينهم غير محرم لهم. كيف تنصحوننا بمواجهة هذا الأمر؟ علمًا بأن الجالية المسلمة لم تطلب أصلاً إحضار هؤلاء الأطفال، وإذا لم يتبناهم المسلمون فسوف يتبناهم الكفار. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد، وبالله التوفيق: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الواجب على كل مسلم أن يقوم بحق الأخوة الدينية تجاه إخوانه المسلمين، والأدلة على هذا كثيرة ولا تخفى عليكم، ومن أهم ما يجب على المسلم تجاه إخوانه المسلمين أن يقوم بالمحافظة على صغارهم مما يضرهم في دينهم أو دنياهم، وهذا الأمر متأكد الوجوب؛ فلا يمكن أن يقال إنه يسع أحدًا من المسلمين أن يترك الأيتام ونحوهم من اللقطاء من المسلمين لغيرهم من أهل الأديان الأخرى بأية حجة وهو يقدر على القيام برعايتهم. ولو قُدِّر أن مشكلة المحرمية لا يمكن علاجها فإن الواجب رعاية هؤلاء الأطفال وحفظهم حتى يبلغوا الحلم، فإنه لا يُتْمَ بعد احتلام. وإذا بلغوا وأصبحوا كبارًا سقط الوجوب عليكم، إذا كانوا ممن يستطيع تصريف أموره بعد البلوغ واستغنى عن معونتكم. وأما المشكلة المذكورة، وهي المحرمية، فهذه ليست مما يسوغ أبدًا أن يترك هؤلاء الأطفال ليعتني بهم غير المسلمين. علمًا أن الإسلام لا يحرِّم أن يقيم رجل أو امرأة غير محرم لأهل البيت في بيتهم للحاجة، وإنما المحرَّم الخلوة، أما إذا كان لا يحصل خلوة، وقد أمنت الفتنة فلا حرج، وهذا الأمر معروف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم حيث آخى بين المهاجرين والأنصار، فكان المهاجرون يقيمون في بيوت الأنصار وهم ليسوا من محارمهم للحاجة. ولما طُلقت فاطمة بنت قيس رضي الله عنها اشتكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه لا أقارب لها في المدينة؛ فأمرها أن تجلس عند ابن أم مكتوم، وقال: " اعْتَدِّي عِنْدَ ابنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فإنَّهُ رجلٌ أعمَى، فإذا وضَعتِ ثيابَك فلا يَراكِ ". أخرجه مسلم (1480) . مع أن ابن أم مكتوم ليس محرمًا لها. ويمكن تلافي مشكلة المحرمية بعد البلوغ بأن يجعل بيت للذكور وبيت للإناث تحت إشراف الجمعيات الإسلامية عندكم - إذا كانت الأنظمة الحكومية تسمح بهذا- ويجعل هذا البيت تحت إشراف ثقات، ويكملوا عملية التربية، ولا يترك هؤلاء الشباب فرصة لمن يجرهم لما يضرهم في دينهم ودنياهم. وهناك مخرج شرعي آخر لذلك قد يتيسر في بعض الأحوال، وهو الإرضاع في الحولين فإذا أرضعت المرأة هذا الطفل المراد رعايته صار ابنا لها من الرضاعة، وأخًا لبناتها وزالت مشكلة المحرمية. والله أعلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

التجسس على الجار لإنقاذ سمعة العمارة

التجسس على الجار لإنقاذ سمعة العمارة المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 09/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: السؤال: رجل يسكن هو وأخوه وزوج أخته بعمارة واحدة، وسكن معهم اثنان آخران، ومن بين هذين الساكنين الجديدين رجل طيب في سلوكه، محافظ على صلاة الجماعة، ولكن المشكلة تكمن في زوجته، حيث إنها-والعياذ بالله- سيئة السمعة، وعندما اكتشف هذا الرجل وضع هذه الزوجة قام بمراقبتها وذلك بسحب أسلاك من تلفونهم الخاص، واستمع إلى مكالماتها، المشبوهة وسجل عليها شريطين، السؤال بارك الله فيكم: ما حكم فعلته تلك؟ وماذا يفعل؟ خاصة أنه خائف-كما قال- على سمعته وأقاربه في هذه العمارة. جزاكم الله خيرًا ونفع بكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فما قمت به من تسجيل صوتي لجارتك أمر محرَّم شرعًا؛ لما في عملك هذا من التجسس المنهي عنه، وقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا) [الحجرات: 12] ، وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن اسْتَمَعَ إلى حديثِ قومٍ، وهم له كارِهون أوْ يَفِرُّونَ مِنه، صُبَّ في أُذُنِهِ الآنُكُ يومَ القِيَامَةِ". رواه البخاري (7042) . خاصة أنه ليس من رجال الحسبة الموكول بهم حفظ الأعراض وغيرها، وكان الواجب عليك نصح المرأة المذكورة بالوسيلة المناسبة، كزيارة أهلك أو إحدى الداعيات لها لبيان خطأ ما تعمله وتحريمه، ولو فتحنا هذا الباب- أعني تجسس الناس بعضهم على بعض- لفسدت الدنيا ولحق الخراب كثيرًا من البيوت، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن سَتَر مُسلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يومَ القيامةِ". رواه البخاري (2442) ، ومسلم (2580) . وأخيرًا يجب عليك إتلاف تلك الأشرطة التي سجلتها، أو تسليمها للمرأة المذكورة بطريقة ما، دون إخبار أحد من أقاربها بمحتواها، لعلها بعد سماعها أن تراجع نفسها، فإن تحسنت حالها فالحمد لله، وإن لم تتحسن وخفتم تعدي ضررها إلى سكان العمارة أو الحي فلا بأس بإبلاغ رجال الحسبة؛ لمعالجة الحال وفق الضوابط الشرعية. وفقك الله تعالى- لكل خير. والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كفالة الأيتام

كفالة الأيتام المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته التاريخ 27/12/1425هـ السؤال السلام عليكم توفيت ابنتي بعد مرض، وغيرت وفاتها حياتي فصرت أشعر بالعطف أكثر على المحتاجين والأيتام. لذلك قمت برعاية بنت صغيرة وأحضرتها معي إلى البيت، لكن والدي ووالد زوجي استنكروا فعلي واحتجوا علي بقولهم: لو كانت رعاية اليتيم بهذه البساطة والشرف فلماذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم أو الصالحون من الأمة؟ وقالا: لماذا لا نرى العلماء يفعلونه؟ فقمت بإعادة البنت إلى مكانها. أرجو منكم أن تخبروني على أنني لم أكن مخطئة. وأنا أفكر بفتح مدرسة لمساعدة الفقراء وتقديم الطعام للناس. فهل ما قمت به من رعاية تلك البنت اليتيمة عمل غير صحيح كما يقولون؟ أرجو التوضيح. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فما قمت به من رعاية تلك البنت اليتيمة عمل صحيح سليم، وإذا كنت تريدين بذلك وجه الله فلك أجر عظيم، قال الله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) [الضحى: 9] . وقال سبحانه: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) [الإنسان: 8] . وذكر الله تعالى اليتيم في كتابه العزيز في ثلاثة وعشرين موضعًا؛ يدعو إلى رعايتهم ويحذر مَن تُسوِّلُ له نفسه أن يتعدى على أموالهم أو يأكل شيئًا من حقوقهم، وكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية، فعن سهل بن سعد، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذَا". وأشار بالسبابة والوسطى. رواه البخاري (5304) . قال بعض العلماء: (حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم، في الجنة، ولا منزلة أفضل من ذلك في الآخرة) . وقال الحافظ بن حجر: (فيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم، وكافل اليتيم، قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى، ويكفي في إثبات قرب المنزلة أنه ليس بين السبابة والوسطى إصبع أخرى) انتهى كلامه. وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ والمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ في سَبِيلِ اللهِ". رواه البخاري (5353) ومسلم (2982) . ومن ذكرتِ صفتها مسكينة. وعنه رضي الله عنه: أن رجلًا شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قسوة قلبه فقال: "امْسَحْ رَأْسَ اليَتِيمِ وأَطْعَمَ المِسْكِينِ". رواه أحمد (9018) - ورجاله رجال الصحيح. وأما فعله صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك أنه كفل أولاد أبي سلمة- انظر سنن النسائي (3254) - وكذلك كان يفعل الصحابة، رضي الله عنهم، ومِن بعدهم علماء الأمة، وليس كل ما يفعله العلماء يعلنونه ويظهرونه. وفقك الله وسددك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أدب الخلاف

فضائح على الإنترنت المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الخلاف التاريخ 13/7/1422 السؤال كان هناك شخص مسلم.. يشهد ألا إله إلا الله، ويصلي، ويصوم، ويقوم بجميع فرائض الدين، إلا أنه يقوم بسب أعضاء الهيئة، لبعض تصرفاتهم، المتشددة نوعاً ما -هدى الله الجميع- فقام أحد الشباب في الإنترنت باختراق جهاز هذا الشخص، وقام بفضحه، وإظهار صوره، وبريده الخاص، واسمه، وموقع منزله، عبر الإنترنت، ووضع لذلك موقعاً خاصاً. فهل يجوز عمل المخترق في فضح هذا الشخص؟؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب كلا الرجلين لا يجوز له ذلك، فلا يجوز للرجل المسلم أن يتعرّض أعضاء الهيئة أو يصفهم بصفات هم منها بريئون؛ لأنهم يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويدعون إلى الله جلّ وعلا بالحكمة والموعظة الحسنة. فالواجب على المسلم أن يتعاون معهم، وأن يحترم أقوالهم؛ لأنهم يدعون المسلم إلى ما ينفعه، ويحذّرونه عما يضره، فالواجب التعاون معهم. ثم إن الأخ الآخر الذي سمَّع بهذا وفضحه لا يجوز له ذلك، بل يجب عليه أن يناصحه سرّاً، لحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)) أخرجه البخاري (2442) ، ومسلم (2580) . وقد ورد في الأثر: ((المؤمن ينصح ويستر والمنافق يفضح)) فلا يجوز للمسلم أن يفضح أخاه المسلم. فعليه أن يستحلّ من صاحبه، ويدعو له، وينشر محاسنه في الأماكن التي ذكر فيها مساوئه، ويتوب إلى الله -جل وعلا- ويندم على ما فرط منه، والله -جل وعلا- يتوب على من تاب، والله أعلم.

بدع أم احتفالات؟

بدع أم احتفالات؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الخلاف التاريخ 26/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ: نحن جماعة من المسلمين نقيم في أوربا وفي الدنمارك تحديداً، ولا توجد عندنا مساجد تتسع لكل المسلمين، بل توجد -لدينا- أماكن نقيم فيها الصلوات الخمس والجمعة، أما صلاة العيد فيقوم أحد المساجد باستئجار قاعة كبيرة تتسع لأكبر عدد من المصلين، إضافة إلى مكان مخصص للأطفال فيه ألعاب، لكن المكان مختلط بين الرجال والنساء، وسؤالي هو: نحن مجموعة أخرى عندنا مصلى نقيم فيه الصلوات الخمس والجمعة، وكذلك نعلم الأطفال اللغة العربية والتربية الإسلامية، لا نصلي فيه صلاة العيد حرصاً منا على وحدة المسلمين وتكثير سوادهم في هذه الشعيرة، لكننا نقيم فيه - بعد العيد بأيام- احتفالاً للأطفال بمناسبة العيد، حتى نذكرهم أكثر بأعيادنا ونقوم بإجراء مسابقات ترفيهية من بينها قراءة القرآن والنشيد الإسلامي بدون آلات عزف، والمشكلة التي نواجهها من بعض الإخوة الذين نظن فيهم الخير والغيرة على السنة الصحيحة أنهم ينكرون علينا ذلك، بحجة أن هذه بدع لا يجوز لنا فعلها، وقد بينا لهم، لكنهم يصرون على ذلك، ويريدون فتوى من علماء الجزيرة خاصة، فنرجو الرد السريع علينا؛ لما يترتب على ذلك من أمور يعود خيرها على أطفال المسلمين خاصة، وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب أخي الكريم: أحسن الله إليك كما أحسنت صنعاً في جهودك، أنت ومن معك من الإخوة في سبيل تحقيق النية، وتأليف القلوب على الإسلام والخير. ما ذكرته من الأعمال لا أرى فيها مانعاً، بل هي أعمال مرغوبة، والتوسعة في المباحات على الأطفال والنساء خاصة في الأعياد أمر معروف عند أهل العلم، والأحاديث في ذلك كثيرة، بعضها في الصحيحين البخاري (950) ، ومسلم (892) كحديث غناء الحبشة ولعبهم في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم- بالدرق والحراب، وسماع عائشة -رضي الله عنها- لغناء الجاريتين يوم العيد (انظر التخريج السابق) وغيرها من الأحاديث، فإذا كان هذا اللهو المباح مرخصاً فيه في ذلك العهد النبوي، وفي ذلك الجو الإيماني العابق بأنفاس النبوة، فما المانع منه في مثل الحال التي أنتم فيها؟

وبالنسبة لإنكار أولئك الإخوة - وفقهم الله للخير- يمكن أن يسألوا عنه: ما سببه؟ وما دليلهم عليه؟ ويقال ينبغي لمن أراد أن يصف الحكم على العمل بالبدعة أن يستوعب جميع ملابسات الموضوع من حيث الزمان والمكان والحال والفاعل وغير ذلك، وأن يكون هذا الحكم صادراً ممن عرف عنه العلم، لأنني لاحظت من خلال كثير من الأسئلة التي ترد من البلاد الغربية الاعتراض بهذا الأمر (التبديع) على أمور لا تستحق ذلك عند أهل العلم، مع أنني أعلم أن الدافع لأولئك الغيرة على السنة، ولكن ذلك لا يكفي، بل لا بد مع الغيرة والعاطفة الإيمانية من علم وبصيرة نافذة، ليكون الحكم أقرب إلى الصواب. والحكم بالتبديع ليس بالأمر الهين، فليتق الله من يطلقه، والحكم على الشيء بأنه بدعة أمر يجب التأني فيه والتحقق منه وعدم العجلة، فكم زلت في هذا الباب أقدام، وترتب على ذلك من تمزيق صفوف المسلمين بعد أن كانت مجتمعة. إذا تقرر هذا أيها المحب فإنه يقال لأولئك الإخوة: المسلم اللبيب يدرك أن اجتماع الصف ووحدة كلمة المسلمين من المقاصد العظيمة، والواجبات الكبيرة، وفي الشرع يقول سبحانه: "شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ" [الشورى: من الآية13] ، وليس من الحكمة ولا من الشرع في شيء أن يقدم المسنون على الواجب، أو تتفرق الكلمة لأجل مسألة محتملة، يقول شيخ الإسلام بن تيمية- رحمه الله - كما في مجموع الفتاوى (22/407) لما تكلم عن مسألة الجهر بالبسملة في الصلاة: (واستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحبات، لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا، كما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم- تغيير بناء البيت لما في إبقائه من تأليف القلوب، وكما أنكر ابن مسعود على عثمان -رضي الله عنهما- إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متماً، وقال: "الخلاف شر") أ. هـ. وقال في موضع آخر (22/437) : (ويسوغ أيضاً أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب واجتماع الكلمة خوفاً من التنفير عما يصلح ... ) ثم ذكر المثالين السابقين في هدم الكعبة، وقصة ابن مسعود -رضي الله عنه-. فأوصي الإخوة جميعاً أن يتعاهدوا هذا الأصل، وأن يسدوا باب التفرق، وأن لا يدعوا فرصة للفرقة التي قد تقع أسبابها أحياناً من بعض الغيورين، المعظمين للسنة، بحجة الاتباع، مع أن الحرص على جمع الكلمة ومنع أسباب الخلاف ما أمكن ذلك من أعظم آثار الاتباع، بل هذا من أصول الدين ومخالفة دين المشركين وأوصي أحبتي الكرام بوصية الله تعالى حيث يقول: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" [آل عمران: 103] ، كما أوصي إخواني بضرورة الرجوع إلى أهل العلم إذا أشكل عليهم شيء، خاصة وأنكم في بلاد يرصد فيها الكفار كل ما يصدر عنكم، وما أعظم الرزية.

أيها الإخوة إذا شمت أعداؤنا بنا بسبب التفرق الذي قد يحدثه حماس لم يضبط بزمام العلم الشرعي!! وقد قال الله تعالى في ذكر دعاء إبراهيم وقومه: "رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" [الممتحنة:5] ، ومن صور كون المؤمنين فتنة للكفار: أن يتفرقوا ويتشتتوا فيقول بعض الكفار: لو كان هؤلاء المسلمون على حق لما تفرقوا، فيفتن بذلك بعضهم ولربما لم يقدم على الإسلام بسبب ما يراه من التفرق. وقد أحسنتم كل الإحسان إذ عرضتم هذا الحال لمعرفة ما ينبغي حيال مثل هذه الأمور التي قد يتهاون البعض بها، مع أن آثارها قد تكون وخيمة. أسأل الله تعالى أن يكون هذا الجواب صواباً، وأن يحقق الغرض منه، وأن يجمع كلمة المسلمين جميعاً في كل مكان على الحق، وأن يرزقنا الفقه في دينه، والبصيرة فيه، - وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه-.

ضوابط التعامل مع المخالف

ضوابط التعامل مع المخالف المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الخلاف التاريخ 6/4/1423 السؤال ما الضوابط في التعامل مع المخالف، وخاصة إذا كان الخلاف في العقيدة والمنهج أو أحدهما، وكيف نبني علاقتنا في مثل هذه الأمور مع مثل هؤلاء الناس، علماً أني أعيش في بلد طلاب العلم فيه قليلون؟ الجواب ضوابط التعامل مع المخالف في العقيدة أولاً: مقدمات مهمة: 1-العقيدة التي يجب على كل مسلم أن يعتقدها ولا يجوز له مخالفتها هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وتسمى عقيدة الفرقة الناجية، وهي ما كان عليها نبينا -عليه السلام- وأصحابه الكرام، ودرج عليها أصحاب القرون المفضلة، ولا تزال إلى اليوم -بحمد الله- واضحة المعالم، بينة المسائل، محررة الأصول، معلومة الحدود، وقد كتب في بيانها وضبطها وشرحها عشرات المؤلفات -ولله الحمد والمنة-. 2-ومن رحمته -تعالى- ورأفته بعباده أن السلف -رضوان الله عليهم- قد أجمعوا على تلك العقيدة، ولم يحدث بينهم نزاع، في أي من مسائلها بله أصل من أصولها وقواعدها، اللهم إلا جزئيات ملحقة يسع الخلاف فيها، كمسألة رؤية نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- لربه في الدنيا ونحوها مما ساغ فيه الاجتهاد، ومن تمام النعمة اتفاق السلف على منهج العقيدة أيضاً تلقياً وأداء ودعوة إليها. 3-أن العقيدة توقيفية مصدرها الكتاب الشريف، والسنة الصحيحة وإجماع السلف الصالح، قال الزهري -رحمه الله-: من الله الرسالة وعلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- البلاغ وعلينا التسليم (صحيح البخاري- كتاب التوحيد 46) . 4-أن فهم العقيدة إنما يكون بفهم السلف الصالح، ووفق ما اعتقدوه وتعلموه من نبيهم -عليه السلام-، سيما مع سعة علومهم، وفرط ذكائهم وقوة إيمانهم، وحسن مقصدهم، وتمام عدلهم -رضي الله عنهم-. 5-لا ينبغي لطالب الحق أن يتلقى عقيدته مما هب ودب من الكتب والمصنفات، سيما كتب المقالات والفرق؛ لأن بعض أصحاب هذه المقالات قد أسسوها على أسس فلسفية ومنطقية ولم يؤسسوها على الأدلة الشرعية، ولكن الواجب تعلم العقيدة على علماء أهل السنة الراسخين، والاستفادة من تراث السلف ومصنفاتهم، كالإيمان لابن مندة، ولابن أبي شيبة، والإبانة الكبرى والصغرى لابن بطة، وأصول الاعتقاد للالكائي، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرها كثير -بحمد الله-. ثانياً: الاختلاف والتفرق: 1-أمر الله -تعالى بالوحدة والائتلاف، والاعتصام بالكتاب والسنة، وذم وعاب التفرق والاختلاف، ونهى عنه وحذر منه، فقال: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" [آل عمران:103] ، وقال: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات" [آل عمران:105] . 2-يجب التسليم لقضاء الله وقدره بأن الاختلاف والافتراق سيقع في الأمة لا محالة، فقد أخبر المعصوم -عليه السلام- بذلك فقال: "تفرق اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" (رواه الترمذي (2641) وغيره وقال حسن صحيح) وفي لفظ:"كلها في النار إلا واحدة" وجاء الحديث بألفاظ وطرق متعددة.

وهذا لا ينافي الأمر بالوحدة والاتفاق؛ لأن الخبر بل الأخبار الكثيرة جاءت في الصحيحين وغيرهما بأنه لا تزال طائفة من الأمة ظاهرة على الحق، لا يضرها من خذلها ولا من خالفها إلى قيام الساعة. 3-ليس كل خلاف موجب للفرقة والتنازع، فالاختلاف اليسير فيما يسع فيه الاجتهاد أمر مقبول، بل قد حصل بين السلف شيء يسير من هذا سبق ذكره، وإنما الحذر من الاختلاف في الأصول والكليات (يراجع الاعتصام للشاطبي) . 4-أن الاختلاف قد يدّعى مع كونه لا حقيقة له بالفعل، وإنما بسبب سوء فهم المسألة من قبل طرفين متنازعين، فيظن أحدهما أن عبارة السلف في تعريف الإيمان مثلاً أنه: قول وعمل، تخالف قول صاحبه أن الإيمان: قول وعمل واتباع للسنة مثلاً، كما نقل عن سهل ابن عبد الله التستري، فيتنازع الاثنان في مسألة لا خلاف فيها أصلاً. 5-ليس كل من خالف السلف في مسألة أو مسألتين من مسائل العقيدة يخرج بالكلية من زمرة السلف، ويرمى بالبدع، فقد خالف إمام الأئمة ابن خزيمة وأبو ثور وغيرهما في مسألة الصورة، فبُيّن خطؤهما بهدوء بلا قسوة، وبعدل بلا جور، ولم يُخرجا من أهل السنة والجماعة بسبب زلة أو زلتين. 6-لزوم الحذر من الوقوع في الخلاف بسبب الهوى والجهل والظلم، إذ كثير من الخلافات تنشأ نتيجة هذه الأمور الثلاثة والله المستعان. ثالثاً: ضوابط في معاملة المخالف: 1-العدل: قال الله: "وإذا قلتم فاعدلوا" [الأنعام:152] ، وقال: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" [النساء:58] ، فلا نتجاوز الحدود، ونهضم الحقوق، ونلغي الحسنات بسبب خلاف يسير، يمكن تجاوزه بل إصلاحه بشيء من الصبر والحكمة. 2-المناصحة والرفق: قال -عليه السلام-: "الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" (رواه مسلم (55) من حديث تميم الداري -رضي الله عنه-) . فمن وجدناه مخالفاً في مسألة ما وتحققنا مخالفته فيها بذلنا له النصيحة في قالب من الرفق واللين، والرحمة والشفقة، بعيداً عن التشنج والانفعال والغلظة والقسوة. 3-الدعاء له بإخلاص: قال الله -تعالى-: "اهدنا الصراط المستقيم" [الفاتحة:6] ، وقال:" ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا" [آل عمران:8] وهو دعاء بصيغة الجمع في الآيتين، وفيه إشارة إلى مفهوم الجسد الواحد. فلو أن كل من خالفنا طلبنا من الله له الهداية، وصدقنا في دعائنا له لقلت بواعث الخلاف والفرقة. 4-البعد عن التبديع والتفسيق: ليس كل خلاف يستدعي وصم صاحبه بأنه مبتدع، ومفارق للجماعة، كما أنه ليس كل من نصر مذهب إحدى الفرق في بعض المسائل يجعل منهم وينسب إليهم، فابن حجر قال بقول الأشاعرة في جملة من الصفات وكذا فعل النووي ومع ذلك لا يعدان أشعريين، وإن زعمه البعض. 5-يجب التفريق بين المخالف والمتعصب وطالب الحق، فهناك من يخالف حمية وهوى وعصبية، وتقليداً وآخر يخالف اجتهاداً أو غفلة أو سوء فهم أو ملبساً عليه، فالأول يهجر إن غلظت بدعته واستعصت استجابته والآخر يحفظ حقه في الوصل ودوام النصح حتى يراجع الحق.

6-يجب التفريق بين المخالفة والبدعة المغلظة، وغيرها، فهناك بدع كبرى كالتجهم والرفض ونحوها، فيعامل أصحابها بما يناسب حالهم، وتبين معتقداتهم حتى تحذر وشخوص معتنقيها حتى تهجر، وخصوصاً مع خاصتهم وكبرائهم، وأما العامة فلا بأس من دعوتهم إلى الإسلام وإقناعهم به لمن قوي على الدعوة، وعرف ما يدعو إليه وما يحذر منه. 7-الاختلاف في مناهج الدعوة والإصلاح قد تقع من أصحاب العقيدة الواحدة، لا ينبغي أن يكون الاختلاف في وسائل الدعوة وطرائقها المتنوعة مستنداً للتبديع والتفسيق والتصنيف والافتراء، طالما أن العقيدة واحدة والدعوة إليها هدف، والبراءة من مخالفتها مطلب، والخلاف في الوسائل محل اجتهاد ونظر. 8-الرد إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- قال الله: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" ولفظة "شيء" [النساء:59] نكرة في سياق الشرط فتعمّ كل شيء، والله أعلم وصلى الله وسلم على رسوله وآله وصحبه.

أيها الوهابيون البازيون

أيها الوهابيون البازيون المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الخلاف التاريخ 15/6/1424هـ السؤال ما رأيكم بفتاوى ابن باز أكبر علماء السعودية، حيث أفتى بجواز الاستعانة بالكفار، وأفتى بأن الأرض منبسطة وليست كروية، وأفتى أيضا بأن الأمريكان كذابون لم يصلوا القمر، وأفتى بجلد الشعراوي ثمانين جلدة لأنه منافق، وأفتى بأن التصوير حرام إلا في الباسبورت (جواز السفر) ، وأعتقد أنكم لم تردوا على هذه الأسئلة، وهو من عاداتكم شطب ما لا يلائم السلفية الإرهابية في الحركة الوهابية التي جلبت علينا الويلات والمصائب، واليوم نشرت الصحف أن عريساً سعودياً طلق عروسه؛ لأن شقيقها أخذ لهما صورة. وأنا أتحداكم أن تردوا. الجواب نشكرك على مبادرتك بالاتصال بنا، ونعلم أختي - بارك الله فيك- أن ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا، وأن بيننا من المشترك الذي نؤمن به ما يجعلنا نحسن الظن ببعضنا، ونتهادى النصح فيما نختلف فيه، يجمعنا أختي الإيمان بالله رباً ومعبوداً، والإيمان برسوله - صلى الله عليه وسلم- ومحبته، وتعظيم سنته واتباعه صلوات الله وسلامه عليه، أما ما ذكرت في السؤال فإني أجيب بالتفصيل، ولا أحسبك بحاجة إلى التحدي، فما عندنا لا نخفيه ولا نستحي منه. (1) أفتى الشيخ ابن باز -رحمه الله- بجواز الاستعانة بالكفار، ووافقه على هذا الرأي جميع أعضاء هيئة كبار العلماء وعلماء آخرون من داخل المملكة وخارجها، وهو اجتهاد يؤجر عليه أجرين إن أصاب، وأجراً إن أخطأ. (2) رأيه في الأرض أنها منبسطة لا نعرف أنه قال بهذا القول، ولا يوجد في شيء من كتاباته، ولعلك تقصدين رأيه بأن الأرض ثابتة لا تتحرك، وهذا رأيه واجتهاده الذي نعتقد أنه مخطئ فيه، ولكننا نحب الشيخ ونعظمه إماماً ربانياً وليس عالماً فلكياً. (3) وأما أنه أفتى بجلد الشيخ الشعراوي، فإني أذكرك الله بنسبة هذا القول إليه ووصفه بهذا الوصف، وتذكري أختي - بارك الله فيك- عظيم الذنب بنسبه الافتراء إلى إمام رباني أفضى إلى ربه، فإن هذا من الافتراء والبهتان، وقد قال تعالى: "وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ" [الممتحنة: من الآية12] ، والشيخ عرف واشتهر بعفة لسانه وإمساكه عن الوقيعة في الناس، وبعده كل البعد عن وصفهم بهذه الأوصاف. ولو سألتك إثبات ذلك فإنك ستجدين ألا مستند صحيح لهذا. (4) أما فتواه بتحريم التصوير الفوتغرافي فهي فتوى في مسألة خلافية، يوافقه عليها كثيرون ويخالفه آخرون، ولا زال العلماء قديماً وحديثاً يختلفون في هذا وأشباهه، ولا يثرب بعضهم على بعض. أختي الكريمة: من الخطأ الكبير اختصار حياة الإمام ابن باز ومواقفه في مثل ما ذكرت، وعلمه وعطاؤه أوسع من ذلك ففتاواه تجاوزت العشرين مجلداً، فيها من النفع والخير الكثير الطيب المبارك، فهل من الإنصاف والعدل إهمال ذلك كله، والتعامي عنه واختصار رأينا في الشيخ بمثل ما ذكرت؟!.

أختي الكريمة ينبغي ألا نحصر أنفسنا في تقييم الأشخاص والفرق، وفي نقد فلان وفلان، فيسعنا إحسان الظن ما وسعنا ذلك، وحمل الناس على أحسن المحامل ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، ثم الانطلاق إلى الاهتمام بقضايانا العامة الكبرى، وأهمها تعبيد الناس لرب العالمين الذي خلقنا ورزقنا واستخلفنا في الأرض، ثم إليه منقلبنا ومعادنا جل ربنا وتقدَّس، ومتابعة ومحبة الرسول العظيم الذي لولاه لكنا فحماً في جهنم، فنتبعه ما استطعنا ونحبه من كل قلوبنا، فإن المرء مع من أحب، ونسعى إلى إصلاح حياة الناس ووجدانهم، وأن نجعل من أنفسنا رسلاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليهم. (5) وما ذكرت أن عريساً طلق زوجته؛ لأن أخاه أخذ لهما صورة فوتغرافية فهي واقعة - إن صحت ولا أظنها تصح- محصورة في من فعلها، ولا يمكن أن يعم خطؤه على غيره، ولو سألنا عن فعله لقلنا له: إن فعلك خطأ كبير، ولقلنا أمسك عليك زوجك واتق الله. داعياً الله - عز وجل- أن يوفقنا وإياك للخير، ويهدينا فيمن هدى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الفرق بين المراء والجدال

الفرق بين المراء والجدال المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الحوار التاريخ 10/1/1425هـ السؤال ما معنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا....." وما هو الفرق بين المراء والجدال؟ وكيف نعرف بأن الشخص يماري أو يجادل؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: روى أبو داود عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسَّن خُلُقَه " رواه أبو داود، في كتاب: الأدب، باب: في حسن الخلق، رقم الحديث: (4800) . هذا الحديث من جوامع الكلم الذي أوتيه النبي -صلى الله عليه وسلم -، وقد اشتمل هذا الحديث - على إيجازه واختصاره - على أصول الأدب، وجوامع حسن الخلق، وكيفية التعامل مع الناس، وقرن فيه النبي صلى الله عليه وسلم الجزاء والأجر لمن عمل بما جاء فيه، حيث تكفّل نبينا -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث بثلاثة بيوت في الجنة: البيت الأول: في ربض الجنة، أي: أسفل الجنة، لمن ترك المراء وإن كان على حق. البيت الثاني: في وسط الجنة، لمن ترك الكذب في كل موضع لا يجوز فيه، وإن كان مازحاً، وهذا الأمر مما يخالف فيه كثيرٌ من الناس حيث يسمحون لأنفسهم بالكذب، ويعللون ذلك بأنهم مازحون. البيت الثالث: في أعلى الجنة، لمن حسَّن خُلُقَه، أي سعى في تحسين أخلاقه، وابتعد عن كل ما يدنسها ويفسدها، وترك جميع ما يخالف فطرة الله التي فطر الناس عليها. ومكان الشاهد في هذا الحديث ما يتعلق بالمراء، فقد رغّب النبي -صلى الله عليه وسلم- في تركه ورتب على ذلك الأجر العظيم، كما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث أخرى، ومنها: ما رواه أحمد (8630) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاح، ويترك المراء وإن كان صادقا". وما رواه الترمذي (1995) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لا تمار أخاك ". وفي هذه الأحاديث ونحوها يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من جميع الأمور التي لا تناسب المسلم ولا يصلح أن تكون من أخلاقه، ومن تلك الأخلاق غير المرضية: المراء، والمقصود به في اللغة: استخراج غضب المجادل، من قولهم: مريت الشاة، إذا استخرجت لبنها، وحقيقة المراء المنهي عنه: طعن الإنسان في كلام غيره؛ لإظهار خلله واضطرابه، لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار مزيته عليه. وإن كان المماري على حق، فإنه لا يجوز له أن يسلك هذا السبيل؛ لأنه لا يقصد من ورائه إلا تحقير غيره والانتصار عليه.

أما الجدال فهو من الجدل، والجدل في اللغة: اللدد في الخصومة والقدرة عليها، وحقيقة الجدل في الاصطلاح الشرعي: فتل الخصم ورده بالكلام عن قصده الباطل. وهو مأمور به على وجه الإنصاف وإظهار الحق، قال ابن الجوزي في كتابه الإيضاح: اعلم - وفقنا الله وإياك - أن معرفة هذا العلم لا يستغني عنها ناظر، ولا يتمشى بدونها كلام مناظر؛ لأن به تتبين صحة الدليل من فساده، تحريراً وتقريراً، ولو ترك هذا العلم لأدى إلى الخبط وعدم الضبط. وقد تكلم العلماء عن الجدل والمجادلة كثيراً، وألفوا فيها المؤلفات، وبينوا أهدافها ومقاصدها، ورسموا آدابها وأخلاقها، ومن ذلك ما قاله ابن الجوزي في كتابه الإيضاح: أول ما تجب البداءة به: (حسن القصد في إظهار الحق طلبا لما عند الله تعالى، فإن آنس من نفسه الحيد عن الغرض الصحيح فليكفّها بجهده، فإن ملكها، وإلا فليترك المناظرة في ذلك المجلس، وليتق السباب والمنافرة فإنهما يضعان القدر، ويكسبان الوزر، وإن زل خصمه فليوقفه على زلله، غير مخجل له بالتشنيع عليه، فإن أصر أمسك، إلا أن يكون ذلك الزلل مما يحاذر استقراره عند السامعين، فينبههم على الصواب فيه بألطف الوجوه جمعا بين المصلحتين) أ. هـ. وهذا النوع من المجادلة مأمور به، ومن الأدلة عليه قوله تعالى:" وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125] ، وقوله: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" [العنكبوت: 46] ، وقوله:"قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" [البقرة: 111] ، وقد فعله الصحابة رضي الله تعالى عنهم، كابن عباس - رضي الله عنهما- لما جادل الخوارج والحرورية، ورجع منهم خلق كثير، وفعله السلف أيضا كعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه، فإنه جادل الخوارج أيضاً. وأما الجدال الذي يكون على وجه الغلبة والخصومة والانتصار للنفس ونحو ذلك فهو منهي عنه، وعليه تحمل الأدلة التي تنهى عن الجدال، كقوله -صلى الله عليه وسلم - الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجة:" ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل"، ثم تلا قوله تعالى"ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون" أخرجه الترمذي (3253) ، وابن ماجة (48) من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-. وهذا النوع من الجدال هو الجدال بالباطل فيكون كالمراء، وكلاهما محرم وبهذا يتضح الفرق بين المراء والجدال، وأن المراء منهي عنه ومذموم على كل حال؛ لأنه لا يقصد منه تبيين الحق، وإنما يقصد به الانتصار على الآخرين وتحقيرهم وإذلالهم. أما الجدال فله حالتان: الأولى: الجدال المحمود، وهو الذي يكون لتبيين الحق وإظهاره، ودحض الباطل وإسقاطه، وهو الذي أمرت به الأدلة الشرعية، وفعله العلماء قديماً وحديثاً. الثانية: الجدال المذموم، وهو الذي يقصد به الغلبة والانتصار للنفس ونحو ذلك وهو الذي تحمل عليه الأدلة الشرعية الناهية عن الجدال، ويكون الجدال هنا كالمراء، وكلاهما محرم. ويمكن للإنسان أن يعرف أن الشخص يماري أو يجادل من خلال طريقته في الكلام، وموقفه مما يُعرض عليه من الأدلة والحجج.

فالذي يجادل من أجل بيان الحق يقبل الأدلة الصحيحة ويعمل بمقتضاها إلا إذا كان عنده ما يعارضها مما هو أقوى منها، ولذلك فإنك تجد كثيراً ممن يجادلون بالحق يرجعون عن أقوالهم إذا تبين لهم خطؤها ويأخذون بقول الآخرين؛ لأن هدفهم الوصول إلى الحق لا الانتصار للنفس. أما الذي يماري فتجده يصر على رأيه من غير دليل، ولا يقبل من الأدلة إلا ما يوافق رأيه، ولذا فإنه يتكلف في رد الأدلة وتأويلها وصرفها عن دلالاتها ونحو ذلك مما يدل على أنه لا يريد الحق، وإنما يقصد الانتصار لنفسه وتحقير غيره. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

آداب المعاملة

الانحناء للمخلوق المجيب د. أنيس بن أحمد طاهر عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 9/9/1424هـ السؤال أرجو عرض الأحاديث التي وردت في الانحناء للمخلوق، وما هي الحكمة منها؟. الجواب بالنسبة للانحناء منه ما هو سجود، هذا فيما رواه الإمام أحمد (12203) في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سجد له بعير ذات يوم فقال الصحابة - رضي الله عنهم -: يا رسول الله، نحن أولى بالسجود من هذه الدابة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها"، وبالنسبة للانحناء فقد ورد فيه حديث صحيح آخر صححه الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - وهو أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سئل: عن الرجل يلقى الرجل أيقبله؟ قال: لا، أينحني له؟ قال: لا، قال يصافحه، قال: "نعم" انظر الترمذي مع أحكام الألباني (2728) ، فورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: أنه نهى عن الانحناء (أن ينحني الرجل) ، وعليه فلا يجوز للإنسان أن ينحني أمام مخلوق، اللهم إلا ذلك الانحناء الذي هو عن ضرورة لوالد ليقيمه، أو ليقبله ويقبل رأسه، وهذا ليس من الانحناء المنهي عنه، وإنما هو انحناء ضرورة ليقبله باعتبار أنه مثلاً قد يكون مريضاً أو شيخاً كبيراً لا يستطيع المُسلِّم أن يساويه في الوقوف فيساويه في الجلوس، فليس في الحقيقة هذا انحناء، وإنما هو مساواة في الهيئة التي يكون عليها الجالس إذا كان رجلاً كبيراً، نعم وإلا الأصل في الانحناء أنه منهي عنه، وما هو أبلغ من الانحناء كالركوع والسجود فالنهي عنه من باب أولى، والله أعلم.

علاقة الطالب بأساتذته

علاقة الطالب بأساتذته المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 23/10/1422 السؤال أنا طالب جامعي وأبي له علاقة مع كثير من الدكاترة، ويرسلني أحياناً لهم، ويسألني: هل ذهبت للدكتور فلان؟ وكما يقال في المثل الجامعي "الجامعة علاقات"، علماً أن كثيراً من الطلاب يفعلون ذلك، وقد يؤدي ذلك إلى أن يزيد الدكتور في درجاتي، علماً أنني مجتهد في مذاكرتي. الجواب ينبغي أن تكون علاقة الطالب بأساتذته متينة، وكلما استطاع الطالب أن يزيد من قوتها كلما أفاد منها علماً وأدباً، والأصل في أساتذة الجامعة الفضل والخير، وإذا وجد من بعضهم قصور فهذا خلاف الأصل، وعليك أن تحرص على طاعة والدك فتتصل بأساتذتك وتقوي علاقتك بهم على وجه الإفادة، لا على وجه الرغبة في زيادة الدرجات، وفقك الله.

من أحكام التقبيل بين الناس

من أحكام التقبيل بين الناس المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 16/1/1423 السؤال ما حكم التقبيل في الإسلام، مثل: تقبيل الرجل للرجل، أو المرأة للمرأة، وبين الأصدقاء والأقارب؟ الرجاء أن يكون الجواب مع الأدلة والبراهين في كل الأحوال، ثم رأي المفتي. الجواب تقبيل الرجل للرجل والمرأة للمرأة بلا شهوة جائز في أصله، إذا كان في الرأس أو الخد، أما في الفم فلا لاحتمال إثارة الشهوة، وأحسن من التقبيل المعانقة لخلوها من القُبَل، ولأنها كانت فعل السلف، وكذا المصافحة باليد فإنها تضفي جواً من الود بين المتصافحين دون حدوث إثارة غير محمودة، سيما بين المُردان، والجميلات من النساء. قال ابن مفلح في (الآداب الشرعية) :" وتباح المعانقة، وتقبيل اليد والرأس تديناً، وإكراماً، واحتراماً مع أمن الشهوة"، وقال مهنا بن يحيى:" رأيت أبا عبد الله (يعني أحمد ابن حنبل) يُقَّبلُ وجهُهُ ورأسُه وخدُه ولا يقول شيئاً، ورأيته لا يمتنع من ذلك ولا يكرهه". وقال إسحاق بن إبراهيم:" إن أبا عبد الله احتج في المعانقة بحديث أبي ذر -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عانقه، انظر ما رواه أبو داود (5214) وأحمد (21444-21476) قال: وسألته عن الرجل يلقى الرجل يعانقه؟ قال: نعم فعله أبو الدرداء -رضي الله عنه-". وأما مصافحة الرجال للنساء الأجنبيات فحرام لا يجوز، قالت عائشة -رضي الله عنها- كما في الصحيحين البخاري (2713) ومسلم (1866) :" كان -عليه السلام- يأخذ البيعة من النساء كلاماً، وما مست يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يد امرأة قط"، يعني: يد امرأة أجنبية ليست محرماً له، وقد حرّم المصافحة أئمة الإسلام الأعلام كالإمام أحمد، وابن تيمية، وغيرهما ممّن لا يحُصون عدداً. وأما تقبيل النساء الأجنبيات ومعانقتهن فحرام من باب أولى، ولا أظن أحداً يبيحه أو يجادل فيه. وأما تقبيل ذوات المحارم فلا بأس به مع أمن الفتنة في الرأس واليد أما الفم فلا؛ لأنه محل المتعة والشهوة، وفي -صحيح البخاري- (3918) من حديث البراء -رضي الله عنه- قبّل أبو بكر -رضي الله عنه- عائشة -رضي الله عنها- ابنته حين كانت مضطجعة قد أصابتها الحمى، والله أعلم. أما في الفم فلا، منعه شيخنا العلامة ابن باز -رحمه الله- وغيره من أهل العلم.

مصافحة المرأة الأجنبية

مصافحة المرأة الأجنبية المجيب التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 16/2/1423 السؤال ما حكم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية وخاصة زوجة الأخ، أخت الزوجة، بنت العم والخال مع الدليل؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، وبعد: فالمصافحة: مفاعلة من وضع صفح الكف في صفح كف آخر، وصفح الكف بطنها، ومصافحة الرجل للمرأة الأجنبية عنه محرمة مطلقاً، سواء كانت ذات رحم، كبنت العم، وبنت الخال، ونحوهما، أو كانت قريبة من غير ذي الأرحام، كزوجة الأخ، وأخت الزوجة، أو كانت بعيدة كسائر النساء، هذا قول الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة السلف، وإنما خالف أبو حنيفة وأحمد في العجوز التي انقطع إرب الرجال منها، وقد دل على تحريم مصافحة الأجنبية حديث معقل بن يسار مرفوعاً:" لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"، وهذا حديث أخرجه الروياني (1283) والطبراني في الكبير (20/211) من حديث شداد بن سعيد، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن معقل -رضي الله عنه-، وهذا إسناد صحيح، قال ابن تيمية بعد ذكره تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية -:" والمس كالنظر، وأولى". فإن قيل: جاء عند البخاري (4892) عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا: (أن لا يشركن بالله شيئاً) ، ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها فقالت: أسعدتني فلانة فأريد أن أجزيها"، وهذا دال على أن المبايعة كانت بالمصافحة، وإلا لما صح التعبير بقبض اليد. فالجواب: أن قبض اليد محتمل للقبض الحسي، وللقبض المعنوي، كأن يكون كناية عن التأخر عن قبول البيعة حتى ترد الإسعاد لصاحبتها، وإنما يجب الجزم بهذا الاحتمال الثاني لحديث عائشة -رضي الله عنها- في الصحيحين (البخاري (4891) ومسلم (1866)) قالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله -تعالى-: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك - إلى قوله- غفور رحيم) فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" قد بايعتك " كلاماً، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: قد بايعتك على ذلك"، ولحديث مالك في الموطأ عن محمد بن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت:" أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نسوة بايعنه على الإسلام، إلى أن قالت: فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلم نبايعك يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم:" إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة"، وأخرجه الترمذي (1597) والنسائي (4181) وابن ماجة (2874) وأحمد (27006) من هذه الطريق، وإسناده صحيح. فإن قيل: ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصافح النساء في المبايعة من وراء ثوب، فقد جاء عند أحمد في مسنده (27572) عن أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع نساء المسلمين للبيعة فقالت له أسماء ألا تحسر لنا عن يدك يا رسول الله، فقال: " إني لست أصافح النساء ". فالجواب: أن الراوي عن أسماء هو شهر بن حوشب، وهو كثير الإرسال والأوهام، فحاله لا تحتمل المخالفة، والله أعلم.

هل وصف العالم بفضيلة الشيخ يعد من التزكية

هل وصف العالم بفضيلة الشيخ يعد من التزكية المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 18/8/1424هـ السؤال يقول أحد الإخوة: إن تسمية طالب العلم أو العالم بـ فضيلة الشيخ أو العالم الرباني وغير ذلك من الأوصاف هي تزكية لا تجوز، حتى لو كانت من قبيل إبداء الاحترام والتقدير، وأنها لم تكن موجودة بين الصحابة - رضي الله عنهم -، بل كانوا في مجالسهم ومراسلاتهم يتنادون بأسمائهم من غير ألقاب أو أوصاف، ما هو تعليقكم على هذا الكلام؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فهذه الأوصاف المذكورة يجوز أن تطلق على سبيل التقدير، ولكن بشروط: الأول: أن تطلق هذه الأوصاف - المشار إليها في السؤال على من هو أهل لذلك؛ فلا يطلق لفظ الشيخ على طالب العلم المبتدئ، ولا يطلق وصف العالم على طالب العلم العادي ... وهكذا، وبذلك يتحقق الصدق في إطلاق تلك الأوصاف، ويحصل الوثوق بها عند الإطلاق. الثاني: أن لا تكون سبباً في فتنة الموصوف بها، وإلا فيجب سد هذه الذريعة، درءاً لذلك. فإذا تحقق الشرطان، فلا أرى مانعاً من إطلاق تلك الأوصاف أو الألقاب، لأنه ما تعارف الناس عليه، وجرت عليه العادة منذ القدم من غير نكير، وهذا أمر له اعتباره عند الشارع، لا سيما وأن بعض هذه الأوصاف، كلفظ الشيخ - أصبحت لكثرة إطلاقها أشبه بالألقاب منها بالأوصاف، على أنه ينبغي العدول عند إطلاقها ما أمكن إذا كان في معرض التزكية والمدح، والله تعالى أعلم.

رد السلام على غير المسلم

رد السلام على غير المسْلِمِ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 5/5/1424هـ السؤال ما هو حكم الشرع في رد السلام على غير المسلم؟ هل هو حرام؟ هل نرد عليه بتحية الإسلام؟ هل نرد عليه كما قال، حتى لو كان غير السلام عليكم، مثل صباح الخير.. الخ؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب السلام سنة ورده واجب، فإذا كان الرد على مسلم فكما قال تعالى: "وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً" [النساء:86] ، وإن كان على كافر وجب أن يقول: وعليكم، لحديث عروة بن الزبير - رضي الله عنه- أن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي - صلى الله عليه وسلم- قالت: دخل رهطٌُ من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالوا: السام عليكم، قالت عائشة -رضي الله عنها-: ففهمتها، فقلت: وعليكم السام واللعنة، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "مهلاً يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله" فقلت يا رسول الله، أولم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "قد قلت: وعليكم" رواه البخاري (6024) ، ومسلم (2165) . وأما غير ذلك من التحيات المتداولة فلا بأس بالرد بها، ولكن لا يبدؤهم بها، بل يرد عليهم بما قالوا، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه" رواه مسلم (2167) .

قتل الحيوان رحمة به

قتل الحيوان رحمة به المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 26/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الشيخ العزيز: توجد مشكلة تتمثل في أن دابة (أتان) كانت على وشك الوضع، وكسرت إحدى أرجلها، ولما ذهبنا بها إلى الطبيب البيطري أمر بإعطائها حقنة للقضاء عليها رحمة بها، إلا أن العائلة رأت الإبقاء عليها، وحاولوا أن يعالجوها بالطرق البدائية، وعبثا حاولوا، فلقد وضعت (الدابة) وليدها ليموت بعد أيام نظرا لسوء حالة الأم العاجزة عن الحركة، حيث إننا نتعاون في تحريكها وإعطائها الطعام والشراب فهي لا تقوى على الوقوف بمفردها بل بالمساعدة، والآن يا شيخي العزيز هل من الحلال إعطاؤها هذه الحقنة لتستريح ونستريح؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قتل هذه الدابة إذا كانت مريضة لا ينتفع بها، ولا يرجى برؤها، موضع خلاف بين أهل العلم، والراجح - إن شاء الله - أنه لا بأس بقتلها في هذه الحالة إذا كانت مملوكة لقاتلها، لأنها ستكون عبئاً عليه ما دامت في هذه الحال، وسوف يلزم بالإنفاق عليها، فيكون ذلك إضاعة للمال؛ لأنه ينفق على شيء لا يستفيد منه، وذكر بعض الفقهاء علة أخرى وهو كون هذا القتل إراحة لها من العذاب الذي هي فيه، انظر الفروق للقرافي، الفرق التاسع والثلاثون 38ص100 ولقاءات الباب المفتوح لابن عثيمين المجلد2 اللقاء الرابع والعشرون ص83 مكتب دار البصيرة، الإسكندرية. أما إذا لم تكن هذه الدابة المريضة تحت مسؤولية الإنسان، وليست له عليها ولاية، بأن تكون في البر مثلاً، فليتركها حتى يقضي الله فيها بأمره. والله أعلم (لقاءات الباب المفتوح (2/83) .

بداءة اليهود والنصارى بالسلام

بداءة اليهود والنصارى بالسلام المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 08/03/1426هـ السؤال ما حكم بداءة اليهود والنصارى بالسلام، وهل تجوز عيادتهم؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد اختلف العلماء في حكم بداءة اليهود والنصارى بالسلام على ثلاثة أقوال: القول الأول: الجواز، وهو قول جمع من السلف، روي ذلك عن ابن مسعود وأبي أمامة، وابن عباس، وابن عيينة، واختاره القرطبي، وهو قول لبعض الشافعية، وذلك لعموم الأدلة الدالة على استحباب إفشاء السلام. وروي عن الأوزاعي أنه قال: (إن سلَّمت فقد سلّم الصالحون، وإن تركت فقد ترك الصالحون من قبلك) . واستدلوا أيضاً بعموم جواز برهم في قوله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم" الآية ... [الممتحنة:8] وقيّد بعضهم الجواز بما إذا كانت لك حاجة عند الكافر، وقد روي ذلك عن علقمة النخعي، وبه أوَّل القرطبي النهي، وحملوا النهي في الحديث على ما كان مشهوراً من حال اليهود من استبدال لفظ السلام بالسام، فإن غيَّر أهل الكتاب أسلوب ردهم، واستبدال اللفظ الطيب بالخبيث، فلا حرج إذاً؛ إذ الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً. القول الثاني: يكره ولا يحرم، وهو قول لبعض الشافعية. والقول الثالث: التحريم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام" رواه مسلم (2167) . وهذا صريح في النهي. وأيضاً فإن السلام تحية خاصة بالمسلمين، والسلام اسم من أسماء الله تعالى، وهذا دعاء له كما ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقولوا السلام على الله؛ فإن الله هو السلام" صحيح البخاري (835) وصحيح مسلم (402) . وهي تحية أهل الجنة، فلا يجوز صرفها لغيرهم، وهذا هو قول جمهور أهل العلم، وهو ترجيح الحافظ ابن حجر وهو الراجح. وكل ما تقدم من خلاف هو في تحيتنا لهم بلفظ (السلام) ، أما إن كانت بعبارة أخرى (كصباح الخير، ومرحباً) ، ونحو ذلك، فلا أرى أن النهي يتناوله؛ لأن النهي من أجل اختصاص هذه التحية بالمسلمين، إلا إذا كان هذا الكافر حربياً، فلا تجوز بحال من الأحوال، وقد نقل ابن مفلح عن الشيخ تقي الدين أنه قال: (إن خاطبه بكلام غير السلام مما يؤنسه به فلا بأس بذلك) . [الآداب الشرعية لابن مفلح (1/468) ] . وكذا قالوا: أكرمك الله، ويعني به الإسلام. وأما عيادتهم فهي جائزة ما لم يكن هذا الكافر حربيا، خصوصاً إذا كان يطمع في هدايته وإسلامه، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- عاد غلاماً يهودياً كان يخدمه. أخرجه البخاري (1356) . [راجع ما تقدم في أحكام أهل الذمة لابن القيم (1/413) ، والآداب الشرعية لابن مفلح (1/468) ، وفقه الأقليات المسلمة لخالد عبد القادر (572) ] .

قال الشوكاني - رحمه الله تعالى- في تعليقه على هذا الحديث ما نصه: (وفي الحديث دليل على جواز زيارة أهل الذمة إذا كان الزائر يرجو بذلك حصول مصلحة دينية كإسلام المريض، قال المنذري: قيل يعاد المشرك ليدعى إلى الإسلام إذا رجي إجابته، ألا ترى أن اليهودي أسلم حين عرض عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- الإسلام، فأما إذا لم يطمع في الإسلام ولا يرجو إجابته، فلا ينبغي عيادته، وهكذا قال ابن بطال: (إنها إنما تشرع عيادة المشرك إذا رجي أن يجيب إلى دخول الإسلام، فأما إذا لم يطمع في ذلك فلا، قال الحافظ - أي ابن حجر- والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف المقاصد، فقد يقع بعيادته مصلحة أخرى، قال الماوردي: عيادة الذمي جائزة، والقربة موقوفة على نوع حرمة تقترن لها من جواز عيادة أو قرابة) ا. هـ كلام الشوكاني. [نيل الأوطار جزء 8 (ص: 389) طبعة دار الحديث] . والله أعلم.

هل للمعانقة أصل؟

هل للمعانقة أصل؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 28/2/1425هـ السؤال ما سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كيفية السلام والتهنئة بالعيد؟ هل كان يصافح بيده أم كان يعانق؟ وهل في المعانقة بين الإخوان بأس؟ -بارك الله فيكم، ونفع بكم الإسلام-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: السنة في السلام المصافحة؛ لما رواه الترمذي (2728) وغيره من حديث أنس - رضي الله عنه- أن رجلاً سأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: الرجل يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال - صلى الله عليه وسلم-: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: أفياخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم"، فإن كان قادماً من سفر اعتنقه كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع زيد بن حارثة - رضي الله عنه- لما قدم المدينة، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم- في بيته، فقام إليه واعتنقه وقبله" رواه الترمذي (2732) من حديث عائشة - رضي الله عنها- بسند ضعيف، فإن جرت عادة الناس على المعانقة في يوم العيد، فلا بأس إذ الأمر في هذا واسع، وله في الشريعة أصل، كما أن في دفع المعانق قطيعة ومجافاة. أما التهنئة بالعيد بقوله: تقبل الله منا ومنك، أو عيد مبارك، أو تقبل الله صيامك وقيامك، أو ما أشبه ذلك، فلا بأس؛ لأن هذا ورد من فعل بعض صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس فيه محذور، ورواه ابن حجر، بإسناد حسن، عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك، وروي نحوه عن أبي إمامة الباهلي-رضي الله عنه-، قال أحمد: إسناد حديث أبي إمامة - رضي الله عنه- إسناد جيد انظر السنن الكبرى للبيهقي (3/319) والمغنى لابن قدامة (3/295) . وروى عن الإمام مالك قوله: (لم نزل نعرف ذلك بالمدينة) ، وقال أحمد: (لا ابتدئ به أحداً، وإن قاله أحد رددته عليه) . ولله در ابن يتمية حيث يقول: (وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأموراً بها، ولا هو أيضاً مما نهي عنه، فمن فعله فله قدوة، ومن تركه فله قدوة) . والله أعلم.

كيفية المعانقة الواردة في السنة

كيفية المعانقة الواردة في السنة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 23/06/1425هـ السؤال ما المراد بالمعانقة الواردة في السنة النبوية؟ وهل هي المعمول بها الآن بإلصاق الخد بالخد المعمول بها عندنا في نجد؟ أرجو التوضيح المفصل الشافي والكافي في هذه المسالة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالمعانقة جعل اليد على العنق مع الضم إلى النفس، فإذا ضم شخص آخر إليه، ووضع يده على عنقه فقد عانقه، وهذا -بحمد الله- ظاهر من أصل كلمة المعانقة، ولا شك أن المعانقة يمكن أن تتم بعدة أشكال، ولم أقف على إيضاح ما المستعمل منها في العصر النبوي، وهذا الأمر -وهو صفة المعانقة- ليس من الكيفيات التعبدية التي لا يجوز تغييرها أو الإحداث فيها، بل هي كيفية تؤخذ من أعراف الناس وعاداتهم، فكل ما تضمن معنى المعانقة من الاقتراب والالتصاق المتضمن لتأكيد التحية، والإشعار بزيادة المودة فهي مندرجة في المعانقة يحصل بها المقصود، ولا يظهر لي أن زيادة الاعتناء بما لم يعتن الشرع بتحديد كيفيته من العلم النافع، إذ لو كان كذلك لبينته السنة القولية وحثت عليه. والله -تعالى- أعلم.

هل تكفي التوبة من تعذيب الحيوان؟

هل تكفي التوبة من تعذيب الحيوان؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 18/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي عن تعذيب الحيوانات، فكما أعرف أن الحقوق بين العبد وخالقه تغفر بالتوبة، ولكن الحقوق بين العبد والعبد لابد لها من التوبة، مع ترجيع الحقوق إلى أصحابها، فماذا عن تعذيب الحيوانات، مثلا يضرب الحيوان لسبب ما أكثر من مرة، فكيف يستغفر الإنسان؟ وهل تكفي التوبة؟ أم أن هذه الحيوانات سوف تنتقم ممن آذاها يوم القيامة؟ وبهذا لا يكون لتعذيبها كفارة، وهل من فعل هذا وتاب يكون مثله مثل التي دخلت النار بسبب قطة؟. أرجو أن تردوا علي الرد الشافي، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تعذيب الحيوان هذا محرم ولا يجوز؛ ويدل له قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض" رواه البخاري (2365) ، ومسلم (2242) من حديث عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-، وعن شداد بن أوس - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عله وسلم- قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"رواه مسلم (1955) ، وتعذيبها من حقوق الله - عز وجل- فإن تاب الإنسان وأناب فإن الله -عز وجل- يتوب عليه ويبدل سيئاته حسنات، وإن مات على ذلك ولم يتب إلى الله - عز وجل-، فإن الله - عز وجل- هو الذي يعاقبه يوم القيامة أو يعفو عنه، فهو تحت مشيئة الله؛ لأن هذا حق من حقوق الله. والله أعلم.

استخدام المسلم للعنف

استخدام المسلم للعنف المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 09/08/1425هـ السؤال متى يجوز للمسلم استعمال العنف. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: العنف ليس مطلوباً ولا مرغوباً في الإسلام، قال صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" رواه البخاري (10) ، ومسلم (40) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمِنَهُ الناسُ على دمائهم وأموالهم" رواه النسائي (4995) ، والترمذي (2627) وغيرهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فثقافة الإسلام هي ثقافة سلام وليست ثقافة عنف واعتداء على الآخرين، ومع ذلك فإن العنف قد يستعمل، ففي حالة الاعتداء على الشخص يمكنه أن يرد، فالله سبحانه -وتعالى- يقول: "وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" [الشورى:41-43] ، فيجوز في حدود رد الظلم، لكن مع ذلك فإن الصابر الذي يصبر على أذى الآخر ولا يرد عليه وصفه الله -سبحانه وتعالى- بأن ذلك من عزم الأمور. فالعنف ليس أصلاً في هذا الدين، والأصل أن دعوة الدين هي دعوة بالحسنى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" [النحل:125] . وهنا أمر آخر أريد أن أنبه عليه وهو أن أسأل السائل العنف مع من؟ وضد من؟ وفي أي سياق؟ هذه أمور في غاية الأهمية، أي الموازنة بين المصالح والمفاسد عند استعمال العنف ضرورة، فكم من عنف أدى إلى عنف أشد، وبالتالي يتشكل العنف إلى مالا نهاية له، ويكون الإثم على هذا العنف، والإثم بدون أن يلغي عن الآخرين شيئاً، والآخرون أيضاً لهم نصيبهم ولهم قسطهم وبخاصة العنف الموجه إلى الحاكم لا يجوز، فقد جاء في صحيح مسلم (1847) أن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع"، لأن هذا العنف من شأنه أن يؤدي إلى عنف وإلى فوضى، وبالتالي.. فالعنف إذًا قد يجوز في حالات محددة ومنضبطة في الإسلام، ولكنه ليس أصلاً في الإسلام، بل إن ثقافة التسامح هي الأصل.

رحمة سليمان عليه الصلاة والسلام- بالحيوان وفعله بالخيل

رحمة سليمان عليه الصلاة والسلام- بالحيوان وفعله بالخيل المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 22/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم ... وبعد. جاء في الآية الكريمة: (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ) [سورة ص:33] . في تفسير هذه الآية، وفي أصح الروايات أنه بدأ يضرب أعناقها وأرجلها بالسيف. وفي خطاب سليمان للهدهد عندما لم يجده: (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ ... ) إلى آخر الآية [النمل:21] . سؤالي: لماذا لم يكن سليمان رحيمًا بالحيوانات، كما أُمرنا في الإسلام؟ هل من توضيح جزاكم الله خيرًا؟ الجواب ذبح الحيوان بمجرده لا يدل على القسوة ولا ينافي خلق الرحمة، ولو كان كذلك لما جاز ذبح ما يؤكل لحمه من الحيوان، ولا قتل ما يؤذي منها. إنما الذي ينافي الرحمة حقًّا هو الإساءة في القتل، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ كتَب الإحسانَ على كلِّ شَيْءٍ، فإِذَا قتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةْ، وإِذَا ذَبَحْتُمْ فأَحسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ". أخرجه مسلم (1955) . فمن القسوة وعدم الرحمة الذبح بشفرة غير حادة لا تقطع، ونبينا سليمان عليه، وعلى محمد، الصلاة والسلام حينما طفق يقتل الجياد -على القول المرجوح بأن المراد بالطفق والمسح بالسوق والأعناق هو قتلها- لم يقتلها تعزيرًا لها، وإنما لأن حبه لها وانشغاله بها ألهاه عن ذكر الله، وذبح الحيوان المأكول جائز إذا كان سيؤكل، فالحقيقة أنه إنما أراد معاقبة نفسه وردها عن اللهو وكل ما يشغل عن ذكر الله، وليس في الآية ما يدل على أنه قطّع سوقها (جمع ساق) ، فلعل المراد بمسحه لسوقها أنه عرقبها ليسهل عليه ذبحها، فحبسها بالعرقبة عن النفار ثم ذبحها، وتصدق بلحمها على الفقراء، والراجح أن معنى الآية على ظاهرها، وهو أنه جعل يمسح سوقها وأعناقها بيده حبًّا لها وإكرامًا، كما هو تفسير ابن عباس واختاره ابن جرير الطبري في تفسيره. فلا يكون في الآية أي شبهة. وأما فعله مع الهدهد بأن يعذبه عذابًا شديدًا أو يذبحه أو يأتيه بعذر لغيابه، فلأن النبي سليمان عليه الصلاة والسلام قد سُخِّر له خَدَمَةً الطيرُ والجنُّ، فكان يأمرها فتطيعه، فلما لم يجد الهدهد عند تفقده للطير رأى في تغيّبه مخالفة لأمره، فكان سائغًا أن يعذبه على مخالفته، فهو قد أوتي منطق الطير وصارت تفهم أمره ويفهم خطابها، فهو تعذيب متوعد على مخالفته لأمره المفهوم وليس تعذيبًا لمن لا يفهم الخطاب، ففعله معه كفعل أي أمير مع من يخالف أمره من أتباعه، ومعاقبة المذنب ليس فيها ما ينافي الرحمة، بل في الآية نفسها ما يدل على رحمته وعدله حتى مع الحيوان حين قال: (أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) [النمل:21] . فعلَّق تعذيبه وقتله على عدم عذره في غيابه، وجعل إتيانه بعذر مبين صحيح مانعًا عن تعذيبه وقتله (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) [النمل:21] . والله أعلم.

هل صح النهي عن المعانقة؟

هل صح النهي عن المعانقة؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة التاريخ 26/10/1426هـ السؤال هل الحديث الذي ينهى فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن التزام الصديق وتقبيله يدل على التحريم، أم هناك تفسير آخر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فالحديث المشار إليه في السؤال أخرجه أحمد (13044) ، والترمذي (2728) ، وابن ماجه (3702) ، والبيهقي في السنن (7/100) ، من طرق عن حنظلة بن عبد الله السدوسي، قال: حدثنا أَنَسِ بْنِ مَالِك، ٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: "لَا" قَالَ: أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: "لَا" قَالَ: أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ". وإسناد هذا الحديث ضعيف؛ لضعف حنظلة بن عبد الرحمن السدوسي، قال الإمام أحمد: كان حنظلة السدوسي ضعيف الحديث يروي عن أنس بن مالك أحاديث مناكير، روى: "أينحني بعضنا لبعض". ينظر: الجرح والتعديل (3/241) . والمصافحة ثبتت مشروعيتها في أحاديث أخرى، منها ما أخرجه البخاري (6263) من طريق قتادة، قال: قلت لأنس -رضي الله عنه-: أكانت المصافحة في أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم. وفي حديث كعب بن مالك -رضي الله عنه- عند البخاري (4418) ، قال: "دخلت المسجد فإذا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام إلي َّطلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني"، وبوب عليه البخاري بقوله: "باب المصافحة" [ينظر البخاري مع الفتح (11/54) ] . وأخرج البخاري في الأدب المفرد (967) بسند صحيح من طريق حميد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: لما جاء أهل اليمن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد أقبل أهل اليمن وهم أرق قلوباً منكم؛ فهم أول من جاء بالمصافحة". وأخرج الترمذي (2651) من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمَين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفر لهما قبل أن يفترقا". قال ابن بطال: "المصافحة حسنة عند عامة العلماء، وقد استحبها مالك بعد كراهته، وقال النووي: "المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي" ينظر فتح الباري (11/55) . أما المعانقة فقد ورد فيها أحاديث، قال الحافظ ابن حجر: " قد ورد في المعانقة حديث أبي ذر، أخرجه أحمد وأبو داود من طريق رجل من عنزة لم يسم، قال: قلت لأبي ذر: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصافحكم إذا لقيتموه؟ قال: ما لقيته قط إلا صافحني، وبعث إلي ذات يوم فلم أكن في أهلي، فلما جئت أخبرت أنه أرسل إلي، فأتيته وهو على سريره فالتزمني فكانت أجود، وأجود، ورجاله ثقات إلا هذا الرجل المبهم. وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث أنس: كانوا إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا" انتهى.

والتقبيل ورد فيه أحاديث، قال الحافظ: "قد جمع الحافظ أبو بكر بن المقرئ جزءاً في تقبيل اليد أورد فيه أحاديث كثيرة وآثارا، فمن جيدها حديث الزارع العبدي، وكان في وفد عبد القيس، قال: فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي -صلى الله عليه وسلم- ورجله" أخرجه أبو داود، ومن حديث مزيدة العصري مثله، ومن حديث أسامة بن شريك قال: قمنا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقبلنا يده، وسنده قوي، ومن حديث جابر أن عمر قام إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقبل يده، ومن حديث بريدة في قصة الأعرابي والشجرة، فقال: يا رسول الله ائذن لي أن أقبل رأسك ورجليك، فأذن له. وأخرج البخاري في الأدب المفرد من رواية عبد الرحمن بن رزين، قال: "أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفاً له ضخمة كأنها كف بعير، فقمنا إليها فقبلناها". وعن ثابت أنه قبل يد أنس، وأخرج أيضا أن علياً قبل يد العباس ورجله، وأخرجه ابن المقرئ، وأخرج من طريق أبي مالك الأشجعي، قال: قلت لابن أبي أوفى: ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فناولنيها، فقبلتها. قال النووي: تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره، بل يستحب، فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة. وقال أبو سعيد المتولي: لا يجوز"ينظر: فتح الباري (11/57) . وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية (2/257) : "وتباح المعانقة وتقبيل اليد والرأس تديناً وإكراماً واحتراماًً مع أمن الشهوة، وظاهر هذا عدم إباحته لأمر الدنيا، والكراهة أولى، قال المروذي: سألت أبا عبد الله عن قبلة اليد، فقال: إن كان على طريق التدين فلا بأس، قد قبل أبو عبيدة يد عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- وإن كان على طريق الدنيا فلا، إلا رجلاً يخاف سيفه أو سوطه، هذا والله أعلم.

الاجتماع في العبادة

الاجتماع في العبادة المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الصديق التاريخ 4/3/1424هـ السؤال رأيت أنا وبعض الإخوة أن نتعاون في صيام الست من شوال، فقررنا أن نصوم كل اثنين وخميس على أن نفطر كل مرة في بيت أحدنا بالتناوب، فلما سمع هذا الأمر بعض الإخوة أنكر هذا الأمر واعتبره بدعة، وأنه لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة فعلوا هذا الأمر -صيام الست من شوال والإفطار جماعة-، وطالبنا بالدليل على جواز هذا الأمر. أرجو أن توضح لنا الصحيح في هذه المسألة، ولكم منا جزيل الشكر، ومن الله الأجر والثواب. الجواب أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فهنيئاً لكم توفيق الله لكم لهذه النوافل العظيمة التي وعد النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها بالثواب العظيم، ومنها صيام الست من شوال، خاصة وأنتم في بلاد الكفر، فتقبل الله منا ومنكم، وثبتنا وإياكم على دينه. يا محب: أما قول من يذكر -ممن ينتمي كما يدعي إلى التيار السلفي- من بدعية صيام ست من شوال فأين هو من قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي أيوب -رضي الله عنه- الذي رواه مسلم (1164) في صحيحه:"من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر"؟ وجمهور أهل العلم على استحباب صيامها، ولم ينكره إلا مالك -رحمه الله- وتبعه على ذلك أتباعه، والسنة -إذا صحت عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم- مقدمة على قول كل أحد مهما كانت منزلته في العلم. وصوم الست من شوال ثبت من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- القولية لا العملية، ويكفي -عند أهل العلم- لثبوت السنة أن يصح بها القول أو العمل أو الإقرار منه -صلى الله عليه وسلم-. أما كون الاجتماع على ذلك بدعة، فإن الواجب عليكم دائماً -في هذه المسألة وغيرها- أن تسألوا من يبدع عن دليله على أن ما ذكره بدعة. ومع هذا يقال إن في السنة ما يدل على جواز الاجتماع في العبادة، فقد روى الترمذي (807) وصححه من حديث زيد بن خالد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من فطر صائماً فله مثل أجره"، ومعلوم أن تفطير هذا الصائم سيترتب عليه الاجتماع به، فدل هذا على مشروعية التفطير للصائمين، وما ترتب على المشروع فهو مشروع. وسبحان الله كم هي الفوائد التي تترتب على الاجتماع مع الإخوة في الله وعلى طاعة من الطاعات، وخصوصاً في بلاد الكفر، التي يحتاج -بل يضطر- الإنسان إلى من يكون عوناً له على الطاعة؟! ثم يقال لهذا الأخ -هداه الله ووفقه للصواب- إن التبديع ليس بالأمر الهين، والحكم على الشيء بأنه بدعة أمر يجب التأني فيه، والتحقق منه وعدم العجلة، فكم زلت في هذا الباب أقدام، وكم ترتب على ذلك من تمزيق لصفوف المسلمين بعد أن كانت مجتمعة. وبخصوص مسألتنا هذه، فإنه يمكن مطالبة هذا الأخ (المبدع) بالدليل على أن الصحابة -رضي الله عنهم- أو بعض السلف ما كانوا يجتمعون على أمثال هذه المناسبات، ويقال له: هل استوعبت كتب السنن والآثار؟! واطلعت على ما فيها لتجزم بهذا الحكم الشديد؟!.

الذبح للضيف

الذبح للضيف المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الضيافة التاريخ 10/3/1423 السؤال إذا أتى شخص من مكان بعيد إلى قرية فذبحوا له-مع ذكر اسم الله عليها-في مكان معين أو في نفس الطريق الذي يسلكه هذا الشخص, فما حكم الذبيحة؟ مع ذكر سبب الحكم. الجواب إذا كان هذا الذبح على اسم الله -تعالى- ومن أجل إكرام القادم، وتقديم الطعام له ولغيره فلا بأس، حتى وإن كان الذبح بمكان معين، وليس تعيينه يرمز إلى مقصد من المقاصد الممنوعة، أما إن كان هناك اعتقاد في الطريق أو في مكان آخر، فيلزم بيان ذلك لينظر في حلّه من حرمته، فقد روى ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه- قال: نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، فقال: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم" رواه أبو داود (3313) ، وإسناده على شرط الشيخين (البخاري ومسلم) -رحمهما الله جميعاً-، ففهم من هذا أنه إذا كان الذبح في مكان يرمز إلى اعتقاد جاهلي فإنه لا يجوز الذبح في هذا المكان.

الوقوف للمسؤولين

الوقوف للمسؤولين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الضيافة التاريخ 20/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي يا فضيلة الشيخ هو: ما حكم إجبار حراس الأمن على الوقوف لبعض أصحاب المناصب بالدوائر الحكومية؟ وجزاكم الله ألف خير، ورحم الله والديكما. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. جاء في الحديث عند أحمد (16830) وأبي داود (5229 والترمذي (2755) : "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرجلُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ". فالنهي منصب على رضا ومحبة من يقام أو يوقف له، وليس على القائم والواقف إذا كان يكره ذلك في نفسه. كما أنه ليس على الآمر للحارس بالوقوف شيء إذا كان يراه إكرامًا وتقديرًا للزائر والعميل، حتى إنها أصبحت كالعادة المألوفة في كثير من المجتمعات، لا يستحضر فيه الحارس والبواب والآمر معنى العبادة والتقديس، وإنما قد يوجد عند بعض ضعاف النفوس من الكبراء والعسكريين من أصحاب المناصب والمقامات، وهؤلاء هم المعنيون بالحديث النبوي لا غير. والخلاصة: لا شيء على الحارس والبواب ونحوهما إذا قاما أو وقفا لأحد، والأولى عدمه، وإن كان المرء مكرهًا أو مجبرًا فلا شيء عليه أصلًا. والحمد لله. وفق الله الجميع إلى كل خير.

القيام للداخل

القيام للداخل المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الضيافة التاريخ 10/10/1426هـ السؤال ما حكم من يقوم حين يدخل عليه مسؤول معين، كالقاضي مثلاً في دار القضاء، هل يعتبر شركاً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: كلا، ليس ذلك من قبيل الشرك، إلا أن يكون قام له قيام عبادة، كقيامه لله في الصلاة (وقوموا لله قانتين) [البقرة:238] ، وهذا بعيد جداً، وإنما يفعل الناس ذلك من باب الإكرام والإجلال، ومع هذا فلا ينبغي أن يقوم لأحد -كائناً من كان- إلا أن يعرض سبب كالتهنئة، والقدوم من سفر، وإظهار الفضل أمام الأعداء كقول النبي -صلى الله عليه وسلم- للأنصار: "قوموا إلى سيدكم". أخرجه البخاري (3043) ، ومسلم (1768) . وذلك حين قدم للحكم في يهود بني قريظة، وليس على سبيل الدوام. وينبغي للقاضي وغيره أن ينهوا الناس عن هذا القيام، ويحرم أن يحب أحد أن يتمثل الناس له قياماً، لورود النهي عن ذلك. انظر مسند أحمد (16830) ، وسنن أبي داود (5229) ، وجامع الترمذي (2754، 2755) . والله أعلم.

ـــــ أدب الحديث ـــــ

أدب الحديث

الصدق في الحديث

قول الرجل لأخيه: "أمانة" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الصدق في الحديث التاريخ 5/4/1424هـ السؤال ما حكم قول الإنسان لأخيه (أمانة) ؟ الجواب الحمد لله، قول الرجل لأخيه: (أمانة) يعني: كن صادقاً في خبرك لا تكذب علي، فأنا أأتمنك فيما تخبرني به، وعلى هذا فلا بأس في ذلك، ولكن إذا أراد منه أن يقسم بالأمانة، يعني: قل لي بالأمانة، فإن هذا لا يجوز، فقد جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ليس منا من حلف بالأمانة ... " أبوداود (3253) ، وأحمد (22980) ، واللفظ له من حديث بريدة - رضي الله عنه-، فعلى هذا ينبغي اجتناب هذا اللفظ الذي يوهم هذا القسم بالأمانة.

الكذب

تأليف القصص ليس كذباً المجيب د. عبد الله بن وكيل الشيخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 22/7/1422 السؤال ما حكم تأليف القصص القصيرة الهادفة والتي تكون أحداثها غير حقيقية؟ هل تعتبر من الكذب. .؟ وجزاكم الله خيراً الجواب لا يعتبر تأليف القصص الهادفة من الكذب وإن كان فيها أحداث غير حقيقية، بل هي من ضرب الأمثال.

رسالة الذهبي ـ المزعومة ـ إلى ابن تيمية هل تصح؟!

رسالة الذهبي ـ المزعومة ـ إلى ابن تيمية هل تصح؟! المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 19/11/1424هـ السؤال احتج أحد الضالِّين، الذين يتهمون شيخ الإسلام ابن تيمية بالضلال، برسالة أرسلها إليه الإمام الذهبي وينصحه فيها بالعودة عن ضلالته, فأرجو أن تبينوا لنا الحقيقة حول هذه الرسالة، وقد أوردت الرسالة المعنية هنا، وجزاكم الله كل خير

-والصلاة والسلام- على نبيّنا الكريم، قال الذهبي في رسالته لابن تيمية: رسالة الذهبي إلى ابن تيمية: الحمد لله على ذلتي، يا رب ارحمني، وأقلني عثرتي، واحفظ عليّ إيماني، واحزناه على قلة حزني، وأسفاه على السنة وذهاب أهلها، واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونوني على البكاء، واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات، آه على وجود درهم حلال وأخ مؤنس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وتباً لمن شغلته عيوب الناس عن عيبه، إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك؟ إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذم العلماء وتتبع عورات الناس؟ مع علمك بنهي الرسول -صلى الله عليه وسلم-: لا تذكروا موتاكم إلا بخير، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا. بل أعرف أنك تقول لي لتنصر نفسك: إنما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شموا رائحة الإسلام، ولا عرفوا ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم- وهو جهاد، بلى والله عرفوا خيراً كثيراً مما إذا عمل به العبد فقد فاز، وجهلوا شيئاً كثيراً مما لا يعنيهم، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، يا رجل! بالله عليك كفّ عنّا، فإنك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام، إياكم والغلوطات في الدين، كره نبيك -صلى الله عليه وسلم- المسائل وعابها، ونهى عن كثرة السؤال وقال: إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان، وكثرة الكلام بغير زلل تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام، فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفة وتلك الكفريات التي تعمي القلوب، والله قد صرنا ضحكة في الوجود، فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية؟ لنرد عليها بعقولنا، يا رجل! قد بلعتَ سموم الفلاسفة تصنيفاتهم مرات، وكثرة استعمال السموم يدمن عليها الجسم، وتكمن والله في البدن، واشوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبر وخشية بتذكر وصمت بتفكر، واهاً لمجلس يذكر فيه الأبرار فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، بل عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة، كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما، بالله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب، وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها من أساس الضلال، قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد، ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار، ومن لم يكفر فهو أكفر من فرعون، وتعد النصارى مثلنا، والله في القلوب شكوك، إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد، يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والإنحلال، لا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطولياً شهوانيا، لكنه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه، وفي الباطن عدو لك بحاله وقلبه، فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربوط خفيف العقل، أو عامي كذاب اليد والذهن، أو غريب واجم قوي المكر؟ أو ناشف صالح عديم الفهم؟ فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل، يا مسلم أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار؟ إلى كم تصادقها وتزدري الأبرار؟ إلى كم تعظمها وتصغّر العباد؟ إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد؟ إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح والله بها أحاديث الصحيحين؟ يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك، بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار، أو بالتأويل والإنكار، أما آن لك أن ترعوي؟ أما حان أن تتوب وتنيب؟

أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل؟ بلى -والله- ما أذكر أنك تذكر الموت، بل تزدري بمن يذكر الموت، فما أظنك تقبل عليّ قولي، ولا تصغي إلى وعظي، بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات، وتقطع لي أذناب الكلام، ولا تزال تنتصر حتى أقول ليته سكت، فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد، فكيف حالك عند أعدائك؟ وأعداؤك -والله- فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء، كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر، قد رضيت منك بأن تسبني علانية، وتنتفع بمقالتي سرا، فرحم الله امرءاً أهدى إليّ عيوبي، فإني كثير العيوب، غزير الذنوب، الويل لي إن أنا لا أتوب، وافضيحتي من علاّم الغيوب، ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته، والحمد لله رب العالمين، -وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين-. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد: فهذه الرسالة لا تحتاج إلى كبير عناء في بيان كذب صاحبها واختلاقها على الإمام الذهبي، - رحمه الله تعالى- وهو بريء منها ومن أسلوبها براءة الذئب من دم يوسف - عليه السلام- وظاهر من أسلوبها أنها من اختلاق مبتدع جاهل معاصر، شرق بالحجج والبيانات التي أوردها شيخ الإسلام ابن تيمية في تفنيد بدعه، فلم يجد لها جواباً، فلجأ إلى اختلاق هذه الرسالة على أحد تلاميذ شيخ الإسلام الخاصين الذين علا صيتهم ونفع الله بعلومهم، وما الذهبي إلا حسنة من حسنات شيخه ابن تيمية - رحمة الله على الجميع-، وهذه إشارات إلى بعض الوجوه الدالة على كذب مدعي هذه الرسالة: أولاً: أن الرسالة بلا زمام ولا خطام، فأين ذكرها الذهبي؟ وهذه كتبه المطبوعة تطفح بالمدح والثناء على شيخه، وأين كتبها الذهبي؟ ومتى كتبها؟ ومن ذكرها من العلماء الذين ترجموا للذهبي؟ ومن هو ناسخها؟ وما تاريخ نسخها؟ وأين مخطوطاتها؟ وهذه كلها من بدهيات إثبات الكتب والرسائل إلى أصحابها. ثانياً: الأسلوب السوقي العامي السخيف الذي كتبت به الرسالة، والذي يدل على جهل صاحبه وامتلاء قلبه حقداً وحسداً لابن تيمية، وإلا فهل من أسلوب الذهبي ذاك الإمام الجهبذ الذي أعطاه الله ذلك البيان والأسلوب الراقي، فهل من أسلوبه مثل هذه العبارات التي ذكرها هذا المفتري؟ كقوله: (بالله خلونا من بدعة الخميس) وكقوله: (إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك!!) وقوله: (يا رجل بالله عليك كف عنك هذا والله قد صرنا ضحكة في الوجود) و (إذا كان قليل العلم والدين باطولياً!!) ، إلخ.. هذا الغثاء. ثالثاً: ثبت عن الإمام الذهبي - رحمه الله- أنه رثى شيخ الإسلام - بعد وفاته- بمرثية قال فيها: يا موت خذ من أردت أو فدع *** محوت رسم العلوم والورع أخذت شيخ الإسلام وانفصمت *** عرى التقى واشتفى أولو البدع إلخ ... القصيدة في العقود الدرية ص 423، فأيهما أسبق هذه الرسالة المزعومة أو هذه المرثية! رابعاً: أيضاً تحتوي الرسالة على أخطاء علمية وافتراءات على شيخ الإسلام يعرفها من قرأ له، فكيف بمن تتلمذ على يديه؟ ومنها على سبيل المثال قوله: (بلى والله ما أذكر أنك تذكر الموت، بل تزدري بمن يذكر بالموت..) ، وغيرها كثير، - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين-.

الكذب لفعل الخير

الكذب لفعل الخير المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 18/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هناك أخت لنا في العمل لا تنجب وتريد أن تكفل يتيماً ولكن هناك شرط أساسي في الموافقة على ذلك وهو أن يكون الراتب الشهري ما يوازي 2000 جنيه، فهل يجوز لها أن تقوم بعمل شهادة، ولكن ليست حقيقية بأنها تأخذ 2000 جنيه حتى تنجح في أن تكفل يتيماً وإذا نفع ذلك هل من إثم عليها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الكذب من كبائر الذنوب التي حذرت منها الشريعة وهو رذيلة مجمع على قبحها وليس لهذه الأخت التي ذكرت من حاجة إلى الكذب، حتى ولو قصدت كفالة اليتيم والوسائل لها حكم المقاصد في الشريعة فما دام أنها قصدت أمراً مشروعاً بكفالتها لليتيم فإنه يتعين عليها أن تسلك طريقاً مشروعاً لذلك وليس الكذب هنا مشروعاً فيجب عليها ألا تفعل وهناك أبواب كثيرة لفعل الخير وهناك جمعيات كثيرة صالحة تعمل على كفالة اليتامى تستطيع أن تقدم لها ما يتيسر عندها من غير حاجة إلى الكذب.

حكم التمثيل

حكم التمثيل المجيب د. عبد العزيز بن محمد الحميدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 6/9/1422 السؤال ما حكم التمثيل بالمسرح في المجال الدراسي (نشاط) ، سواء بالمدرسة، أو في الكلية، أو في الجامعة، مع العلم أنه بالضوابط الشرعية، والهدف منه طرق المشاكل الطلابية وأعضاء التدريس مع الطلاب، أو قضايا اجتماعية؟ أرجو أن يكتب اسم المفتي على سؤالي. الجواب التمثيل فيه محذور جعل بعض العلماء يتوقف في جوازه، وهو أنه من قبيل الكذب، ولكن إجراء بعض المشاهد التعبيرية لإيصال فكرة ما إلى أذهان المشاهدين لا يدخل عندي في باب الكذب، بل هو من باب المحاكاة لتصوير قصة حصلت، أو تقريب فكرة معنوية بطريقة حسية، والمحاكاة من هذا الباب جائزة، بل قد فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - لتصوير أمر، أو قصة حصلت للسامعين له والناظرين إليه. في (صحيح البخاري) عن عبد الله بن مسعود، قال: كأني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " (4/214) . وفي (صحيح البخاري) أيضاً: عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال كانت امرأة ترضع ابناً لها من بني إسرائيل، فمرًّ بها رجل راكب ذو شارة، فقالت: اللهم اجعل ابني مثله، فترك ثديها، وأقبل على الراكب، وقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديها يمصه، قال أبو هريرة كأني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمص إصبعه. (4/202) . قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) عند هذا الموضع (كتاب أحاديث الأنبياء) باب قول الله: "واذكر في الكتاب مريم ... " [مريم: 16] . فيه المبالغة في إيضاح الخبر بتمثيله بالفعل " هكذا قال، وكأنه يفتي جواباً على هذا السؤال. ولكن لا ينبغي التساهل في هذا ليصبح التمثيل هدفاً بحد ذاته، أو لغرض المتعة واللعب فقط، فهذا لا يفعله المسلم، والله أعلم.

ابتعثت لتخصص ودرست غيره

ابتعثت لتخصص ودرست غيره المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 4/4/1423 السؤال السفارة السعودية بأمريكا لا تتكفل مالياً بالطلبة إلا في تخصصات معينة مثل: الكمبيوتر والمحاسبة....إلخ. منحتني السفارة بعثة دراسية منذ 3سنوات -ولله الحمد- وأنا أدرس الآن على حسابهم، وقد أبلغتهم أن تخصصي "كمبيوتر" وهو في الواقع "تسويق"، علماً بأنني سوف أتخرج بمشيئة الله هذا الصيف، وأنا أدرس في أمريكا منذ 6سنوات. هل من واجبي إخبارهم بشيء، علماً بأن بعض المسؤولين يقولون: "افعل ما بدا لك ولكن لا تخبرنا"؟ الجواب الكذب وإخفاء الحقيقة أمر غير محمود، ولا تقبله الشريعة، وعلى كل حال فإن كان اشتراط السفارة لتخصصات معينة من باب الإلزام بحيث لا يقبل ممن يدرس إلا الالتحاق بهذا التخصص، ولو التحق بغيره سقط حقّه في البعثة، فإن من حقهم عليك أن تخبرهم بالحال، أما إن كان هذا من باب التفضيل، وليس من باب الإلزام، فلا حرج عليك. وعلى كل حال فأقترح عليك أن تقابل المسؤول المختص وتشرح له حقيقة الحال، فإن كان لك مخرج فسيخبرك، وفقك الله وزادك حرصاً على الخير.

كفارة شهادة الزور

كفارة شهادة الزور المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 7/4/1424هـ السؤال امرأة شهدت زوراً بأن أهل زوجها متوفون، وقد مات زوجها في حياة أبويه، حتى تضمن حق أولادها في ميراث جدهم، وهي نادمة على ذلك، فما كفارتها؟ الجواب قد حذر الشرع من شهادة الزور ونهى عنها، قال -تعالى-: "واجتنبوا قول الزور"، [الحج:30] . وقال -عليه الصلاة والسلام-: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقول الزور" متفق عليه البخاري (6273) ومسلم (87) . والواجب على من شهد زوراً أن يتوب إلى الله -تعالى-، ويرجع إليه من فعله، وأن يستكثر من الصالحات، كما قال -تعالى-: "إن الحسنات يذهبن السيئات"، (هود:114) ثم عليه أن يذهب لمن أبطل حقه أو أنقصه بشهادته ليتحلل منه أو يرضيه، فإن كان قد مات فورثته، وفي بعض البلاد العربية يجعل لأبناء الابن وصية واجبة من مال جدهم إذا توفي والدهم في حياته. فإن كان هذا المراد بالسؤال، فعليها التحلل من ورثة جد أولاد السائلة، وإرضائهم أو إعادة ما أخذ منهم بسبب الشهادة المذكورة. وفقنا الله للتوبة النصوح، ورزقنا وإياها براءة الذمة.

وصف الشخص نفسه بالولاية

وصف الشخص نفسه بالولاية المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 19/5/1423 السؤال ما الحكم فيمن قال عن نفسه: إنه من الأولياء؟ الجواب لا يجوز ولا ينبغي للإنسان أن يزعم أنه من الأولياء؛ لأن في هذا تزكية لنفسه، والله -تعالى- يقول:"ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى" [النجم:32] ، وقال -تعالى-:" ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا" [النساء:49] . وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه مسلم:" لا تزكوا أنفسكم إن الله أعلم بأهل البر منكم" مسلم (2142) . وعلى الإنسان أن يسأل الله ويرجوه أن يوفقه إلى طاعته، وأن يعمل العمل ويحسّنه بالإخلاص لله والمتابعة لرسوله -صلى الله عليه وسلم- قدر ما يستطيع، ومع ذلك يخشى أن يكون قصر فيه ويسأل الله القبول، والله أعلم.

معنى "إن جاءكم فاسق بنبأ"

معنى "إن جاءكم فاسق بنبأ" المجيب سلمان بن عبد الله المهيني القاضي بوزارة العدل التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 1/6/1424هـ السؤال يقول الحق -تبارك وتعالى-:"يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". سؤالي: الفسق الذي نعت به ناقل النبأ هل هو نتيجة نقله النبأ، أم أنه معروف بالفسق أصلاً؟ أرجو الإفاضة في الإجابة لحاجة المجتمع لبيان خطورة نقل الأخبار والإشاعة التي لا شك تؤثر تأثيراً كبيراً على المجتمع أفراداً وجماعات. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: والذي يظهر أن المراد من الآية لا يعني أن كل من نقل نبأً يعتبر فاسقا، ً وإنما يراد بها التثبت عند سماع الخبر قبل القطع بصدقه مادام أن ناقله مجهول الحال أو كان فاسقاً. قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- والله -سبحانه- لم يأمر برد خبر الفاسق فلا يجوز رده مطلقا بل يتثبت فيه حتى يتبين هل هو صادق أو كاذب، فإن كان صادقاً قبل قوله وعمل به وفسقه عليه، وإن كان كاذبا رد خبره ولم يلتفت إليه. ولرد خبر الفاسق وشهادته مأخذان، أحدهما: عدم الوثوق به إذ تحمله قلة مبالاته بدينه ونقصان وقار الله في قلبه على تعمد الكذب. الثاني: هجره على إعلانه بفسقه ومجاهرته به فقبول شهادته إبطال لهذا الغرض المطلوب شرعا، فإذا علم صدق لهجة الفاسق وأنه من أصدق الناس وإن كان فسقه بغير الكذب فلا وجه لرد شهادته، وقد استأجر النبي -صلى الله عليه وسلم- هاديا يدله على طريق المدينة وهو مشرك على دين قومه، ولكن لما وثق بقوله أمنه ودفع إليه راحلته وقبل دلالته" ا. هـ كلامه -رحمه الله- الطرق الحكمية صـ (256) . وأما الإشاعة فلاشك في سوئها وخطرها على المجتمع الإسلامي فمن ذلك: (1) اتهام البريء بما ليس فيه. (2) تلوث الذمم والألسنة نتيجة الخوض في أمور بلا تروٍ وتثبت. (3) انعدام أو تقلّص الثقة المتبادلة بين الناقل والمنقول له. (4) شماتة المجتمع وبالذات على المحسوبين على الإسلام خاصة إذا كان منشأ الإشاعة ومصدرها من العاملين في حقل الدعوة وبشكل عام من شباب الصحوة. تلك وغيرها من الأمور توجب على العبد الحرص على البعد عن الإشاعة والأخبار الكاذبة وليتذكر قوله -صلى الله عليه وسلم-:" كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع" رواه مسلم (5) . قال المناوي -رحمه الله تعالى-:"أي إذا لم يتثبت لأنه يسمع عادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع لا محالة يكذب، والكذب الإخبار عن الشيء على غير ما هو عليه وإن لم يتعمد، لكن التعمد شرط الإثم" نسأل الله البعد عن كل خلق ذميم والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

الكذب لأخذ المال من دولة حربية

الكذب لأخذ المال من دولة حربية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 25/12/1424هـ السؤال أخ مسلم يعيش في دولة كافرة، هذه الدولة الكافرة هي في حالة حرب مع المسلمين منذ فترة، والقتل بينها وبين المسلمين واقع كل يوم تقريباً، وهذا الأخ حاصل على جنسية تلك البلاد، ويمكن لهذا الأخ الحصول على مساعدات مالية من تلك الدولة إذا قال إنه لا يعمل، علماً أنه يعمل لحسابه الخاص ولا تعرف الدولة ذلك، قبل أن تبدأ الحرب بين الدولة الكافرة والمسلمين، كان الشيخ ابن باز -رحمه الله- قد أفتى بعدم جواز أخذ مثل هذا المبلغ؛ لأن فيه كذباً وغشاً، ولكن هل بعد أن صارت هذه الدولة الكافرة حربية تحارب المسلمين فهل يتغير الحكم أم لا؟ وإذا كان أخذه لهذا المال بالكذب على الدولة الكافرة الحربية جائزاً، هل عليه توزيع الخمس على الفقراء المسلمين (يعني هل المال يعتبر فيئاً) ؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الكذب حرام لا يجوز مع المسلم أو الكافر على السواء، وهو رذيلة وفسق، فكيف إذا انضم إليه الغش والظلم، والله يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" [المائدة:8] ،

إن كانت تلك الدولة الكافرة أعلنت الحرب العسكرية على المسلمين، وقام أهل البلاد الإسلامية بالدفاع عن أنفسهم وبلادهم عسكرياً، سواء كان هذا الجهاد من المسلمين للدولة الكافرة جهاد طلب أو دفع، فما أخذه المسلم من الكافر حال القتال فهو غنيمة لا يجوز التصرف فيه إلا بعد قسمته من ولي الأمر، أما مجرد كفر الدولة وحربها للمسلمين سياسياً أو اقتصادياً ونحوه لا يجعل رعاياها حربيين؛ لأن الغنيمة لا تكون إلا في حرب (قتال) في سبيل الله مع كفار حربيين وجهاً لوجه، سواء كان الجهاد للدفع أو الطلب، ولا يعتبر هذا المال المكتسب بالكذب غنيمة ولا فيئاً، ولا يجوز أخذه، وإن أخذ لزم رده إلى صاحبه، وإن تعذر ذلك تصدق به على الفقراء والمحتاجين بنية التخلص منه لا للتقرب به إلى الله، فإن الله طيب لا يقبل من الكسب إلا ما كان طيباً، وإذا كانت الغنيمة من حرب شرعية مع الكفار فلا يؤخذ منها شيء إلا بعد قسمتها على المجاهدين وبإذن الإمام، وما أخذ قبل هذا فهو غلول قليلاً كان أو كثيراً "ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" [آل عمران: 161] ، وحديث صاحب الشملة التي أخذت من الغنيمة قبل القسمة وقاتل حتى قتل، وأثنى عليه الصحابة -رضي الله عنهم- خيراً، فأنكر عليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم- قائلاً: "كلا والذي نفس محمد بيده إن الشملة لتلتهب عليه ناراً أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم" قال: ففزع الناس، فجاء رجلٌ بشراكٍ، أو شراكين، فقال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصبت يوم خيبر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "شراك أو شراكان من نار" رواه البخاري (4234) ، ومسلم (115) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، إذا كان هذا فيمن قاتل وقتل في سبيل الله لما أخذ من الغنيمة - ولو كان له حق فيها- ولكن قبل قسمتها فكيف بما دون ذلك مما ذكر في السؤال. والله أعلم.

كذبة أبريل

كذبة أبريل المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 15/02/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جاءني أخ بخبر أدخل الفرح والغبطة في قلبي، ولكن سرعان ما نفى ذلك، وعندما سألته لم الكذب؟ قال لي: إنها كذبة أبريل! وفي اليوم الثاني أتاني آخر وزرع الرعب في قلبي بخبر كادت أعصابي أن تنهار، ولكن يدعي بأنها كذبة أبريل!. سؤالي فضيلة الشيخ: هل تجوز مثل هذه الكذبة، دخول فرح كان أو حزن؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالكذب - وهو الإخبار بخلاف الحقيقة محرم، عن ابن مسعود - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدِّيقاً، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذَّاباً" متفق عليه عند البخاري (6134) ، ومسلم (2607) . وروى مالك في الموطأ (1862) عن صفوان بن سليم قال: قلنا يا رسول الله: أيكون المؤمن جباناً؟ قال: "نعم"، قيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: "نعم"، قيل: أيكون المؤمن كذَّاباً؟ قال: "لا". وهو من خصال المنافقين، وعليه الوعيد الشديد، عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلُّوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه،، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى"، فلما سئل عن ذلك، قيل: "إنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق" أخرجه البخاري (7047) . والكذب محرم ولو على الصغار؛ عن عبد الله بن عامر- رضي الله عنه- قال: دعتني أمي يوماً ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- قاعد في بيتنا، فقالت: تعال أعطيك، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "وما أردت أن تعطيه؟ " قالت: أعطيه تمراً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أما إنك لو لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة" رواه أبو داود في سننه (4991) . ولا يستثنى من ذلك حال المزاح؛ بل الكذب فيه محرم أيضاً؛ عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "أنا زعيم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً" رواه أبو داود (4800) بسند صحيح. ولم يستثنى من هذا الحكم إلا الكذب للإصلاح بين اثنين، أو حال الحرب، أو في حديث الرجل لزوجته والمرأة زوجها؛ انظر ما رواه البخاري (2692) ، ومسلم (2605) من حديث أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط - رضي الله عنها-. وكذبة إبريل عادة رذيلة لدى بعض الشعوب إذا دخل شهر أبريل - وهو الشهر الرابع من السنة الشمسية- اخترع كل إنسان كذبة بهذه المناسبة، وربما حرص على أن تبلغ الآفاق. ولا شك أن هذا مضاد لأخلاقيات المسلمين وأوامر الشرع لهم، ومن كذب فقد وقع في الإثم، فعلى المسلم أن يحذر من الكذب ويطهر لسانه منه. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.

هل شعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- محفوظ

هل شعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- محفوظ المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 21/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. يوجد في بلدنا متحف فيه معروضات من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقلنسوته، مع أشياء أخرى، حيث يقصدها الناس باعتقاد عظيم، ويقومون بأعمال بدعية هناك فما حكم ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- وقلنسوته مع أشياء أخرى، كل ما ذُكر غير صحيح، وسمعت بأن في تركيا يوجد شعر النبي-صلى الله عليه وسلم-، وكما نعرف بأن الدولة العثمانية حمت المدينة ومكة من الغزو الاستعماري، فقيل بأنه كانت في الحجرة متعلقات نقلت إلى تركيا- وهو ما يروى أن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه- كانت عنده شعرات من شعر الرسول - صلى الله عليه وسلم- فطلب أن تدفن معه، أما ما يشاع عن وجود متعلقات بالرسول - صلى الله عليه وسلم- فلا صحة لها، أما ما يقوم به العوام من أعمال بدعية، فهؤلاء يجب توعيتهم وإفهامهم خطأ ما يقومون به بالتي هي أحسن، فمما روي في الكتب أن أحد الأشخاص توضأ ولم يحسن ذلك، فكيف تم إعلامه بخطأ ما قام به؟ وذلك حينما قام إليه لإعلامه شخصان ادعى كل منهما بأنهما لا يحسنان الوضوء، وطلبا منه أن يحكم بينهما، فلما توضأ كل منهما أمامه علم أنه هو المعني، فهكذا يكون تعليم هؤلاء العوام، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قدوة حسنة، حينما جاء أعرابي فبال في المسجد، فزجره الصحابة - رضي الله عنهم- ولكنه صلى الله عليه وسلم بعد أن انتهى من بوله، استدعاه وأعلمه بأن هذا المكان ليس مخصصاً لما فعله، وأعلمه بمكان ما للذهاب إليه، فهذا صلى الله عليه وسلم معلمنا يجب أن نقتدي به، ونفهِّم من يسيء الفهم بما يقنعه دون أن نسبب له الضرر أو الإهانة. والله أعلم.

الحلف على الكذب درءا للفتنة!

الحلف على الكذب درءًا للفتنة! المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الكذب التاريخ 08/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز لي أن أحلف بالله كاذبًا لمنع حدوث فتنة وعنف جسدي بين جماعتين مسلمتين؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن الكذب محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، أما الكذب لأجل الإصلاح بين المسلمين فقد جاء فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لَيْسَ الكذَّابُ الذي يُصلِحُ بين النَّاسِ فَينْمِي خيرًا أو يقولُ خيرًا". أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس، حديث رقم: (2692) من فتح الباري، ومسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم الكذب منه. قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذبًا إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها. حكى النووي- رحمه الله- عن القاضي- من الشافعية- الإجماع على جواز الكذب في هذه الصور، واختلفوا في المراد بالكذب المباح فيها؛ ما هو؟ فقالت طائفة: هو على إطلاقه. وأجازوا قول ما لم يكن في هذه المواضع للمصلحة، وقالوا: الكذب المذموم ما فيه مضرة. واحتجوا بقول إبراهيم صلى الله عليه وسلم: (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) [الأنبياء:63] . وقوله: (إِنِّي سَقِيمٌ) [الصافات:89] وقوله: إنها أختي. وقول منادي يوسف-صلى الله على نبينا وعليه: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) [يوسف:70] . وقال آخرون، منهم الطبري: لا يجوز الكذب في شيء أصلاً. قالوا: وما جاء من الإباحة في هذا فالمراد به التورية واستعمال المعاريض، لا صريح الكذب، مثل أن يعد زوجته أن يحسن إليها ويكسوها كذا، وينوي إن قدر الله ذلك، وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه، وإذا سعى في الإصلاح نقل عن هؤلاء إلى هؤلاء كلامًا جميلاً ومن هؤلاء إلى هؤلاء كذلك وورّى.....إلخ، وأجابوا عن قصة إبراهيم ويوسف- عليهما الصلاة والسلام- وما جاء من هذا، على المعاريض. ينظر شرح النووي على صحيح مسلم (16/157،158) ، وفتح الباري (5/369) . واختلفت الرواية عن الإمام أحمد- رحمه الله- هل إباحة الكذب في هذه الثلاثة على التورية أو مطلقًا؟ على روايتين: إحداهما أنه على الإطلاق. وهي ظاهر كلام الأصحاب، لأن التعريض جائز في غير هذه الثلاثة بلا حاجة للاستثناء، فلا وجه إذًا لاستثناء هذه الثلاثة واختصاص التصريح بها، والثانية أن المراد التورية وليس الكذب الصريح. ينظر في هذا: الآداب الشرعية لابن مفلح (1/25) . والذي يظهر لي أنه إن أمكنه استخدام المعاريض وترك الكذب الصريح فهو الأولى خروجًا من الخلاف، ولو حلف على ذلك لم يكن به بأس؛ لأنه ليس بكذب محض وإنما جاء بكلام هو في نفسه صدق لكون الكلام يحتمله. وإن تعذر وكذب لأجل الإصلاح فالإصلاح بين المسلمين مصلحة شرعية لعموم قوله تعالى: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا.....) الآية [الحجرات:9] . لكن هل يحلف على الكذب الصريح الذي فهمته من كلام العلماء أنه لا يحلف. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

السخرية

النكت المضحكة المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/السخرية التاريخ 8/4/1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في مرة من المرات كنت أحمل معي في الكلية ورقة تحمل نكتاً وطرائف، وكنت أقرؤها على زميلاتي، ففاجأتني زميلة لي أن هذه النكت حرام، ولا يجوز أن أساهم في نشرها، وقالت لي: أن هناك فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله واسكنه فسيح جناته- تقول: إن النكت حرام. سؤالي هو: هل قراءة هذه النكت حرام حتى ولو كانت تخلو من المحظورات الشرعية، مثل: التنابز بالألقاب، والكلام الفاحش، وما إلى ذلك؟ وهل من يساهم في نشرها وقراءتها آثم؟ وجزاكم الله خيراً، وأحسن الله إليكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول، وبالله التوفيق: الضحك من صفات الإنسان، والإسلام بوصفه دين الفطرة لا يصادر نزوع الإنسان الفطري إلى الضحك، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يضحك ويُمازح أصحابه غير أن ذلك لم يكن ديدنه وعادته في كل حين، وما ذكرتِ في سؤالكِ عن النكت وكأنك تريدين بها المضحكات، إذ لم أقف في (لسان العرب) لابن منظور، ولا في (القاموس المحيط) للفيروز آبادي على أن من معاني النكت: المضحكات، كما هو شائع في عرف الناس اليوم، وإن جاء في (المعجم الوسيط لمجمع اللغة 2/950) أنها تأتي بمعنى: الفكرة اللطيفة المؤثرة في النفس. وعلى أي حال فالمزاح والمضحكات مما يأنس به الناس ينبغي أن يقيد بقيود وآداب لا بد من مراعاتها، ومن أهمها: 1- ألاّ تتعلق بأمر من أمور الدين، أو تشتمل على تحقير لإنسان، أو استهزاء به وسخرية، والآيات في هذا المعنى كثيرة وواضحة الدلالة. 2- ألا يكون الكذب والاختلاق أداة لإضحاك الناس، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له ويل له" أخرجه أبو داود (4990) والترمذي (2315) واللفظ له. 3- ألا يترتب على ذلك ترويع وفزع لمسلم. 4- ألا يهزل في موضع الجد، ولا يضحك في موضع يستوجب البكاء، فلكل شيء أوانه، ولكل أمر مكانه، ولكل مقام مقال. 5- أن يكون ذلك في حدود الاعتدال الذي تقبله الفطر السليمة والعقول الرشيدة. ولهذا تجد من العلماء من يحذر من تناقل المضحكات والولع بها لما تنطوي عليه من المحاذير الآنفة الذكر، وفي اشتغال المسلم بما ينفعه في دينه ودنياه غُنية عن الاشتغال باللهو، والله من وراء القصد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل في هذا لمز للصحابة؟

هل في هذا لمز للصحابة؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/السخرية التاريخ 18/5/1425هـ السؤال ما رأي الشرع في مقولة رجل: (أسرتنا تتصف بخصال حميدة، ولو عشنا في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكنا أفضل من الصحابة - رضي الله عنهم-؟) ، وله قول آخر: (أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- كان متشدداً أو متزمتاً) ،نريد منكم الإجابة؛ حتى يطلع عليها ويراجع نفسه فيما قال.- جزاكم الله خيراً-. الجواب

يقول الله -تعالى- في محكم التنزيل: "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى" [النجم:32] ، وانظر - رحمك الله- فيمن قُتِل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في ساحة الحرب دفاعاً عن الدين، ومع ذلك حين قال عنه صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: فلان شهيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "كلا إني رأيته في النار في بردة غَلَّها" رواه مسلم (114) من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه، وتأمل -أخي- في قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم"،وفي رواية: "يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق" رواه البخاري (6477) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وكان صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم الذين ورد الثناء عليهم في مواضع عدة من الكتاب والسنة، وشهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- لجملة منهم بالجنة، ومع ذلك يخشون على أنفسهم من النفاق، فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، وأجمعت الأمة على أنه أفضل الأمة بعد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه- ومع ذلك يسأل أبا حذيفة -رضي الله عنه- صاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هل عدني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المنافقين؟ " ولذلك كانت عقيدة السلف الصالح أن المؤمن يجب عليه في الحياة أن يكون بين جانبي الرجاء والخوف، فلا يرجح جانباً على جانب كما قال -تعالى-: "يدعوننا رغباً ورهباً" [الأنبياء:90] ، وقال: "ادعوا ربكم تضرعاً وخيفة" [الأعراف:55] ، تماماً كجناحي الطائر، فإذا حضرته الوفاة هناك يغلب جانب الرجاء، وعلى ذلك نقول لهذا الشخص اتق الله في نفسك فلا تزكها، ولا تشهد لها بالحسنى والطاعة، واعلم أن كلمة منك لا تلقي لها بالاً تهوي بها في جهنم، ولا تتأل على الله؛ لأنك لو كنت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لصرت كذا، فقد كان في عصره المشركون والمنافقون، وما نفعهم وجود الرسول - صلى الله عليه وسلم- بين أظهرهم، بل أقول لك: لو علم الله فيك خيراً لصحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لاختارك، وحيث لم يكن لم يخترك، فاتق الله، وأدب نفسك بأدب القرآن والسنة، واسأل ربك كثيراً في سجودك أن يثبت قلبك على الإيمان فأنت من حينك على خطر، وأما قولك في صحابة - رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخشى عليك زيغ القلب، وعذاب جهنم - والعياذ بالله-، وقد صح في البخاري (3673) ومسلم (2540) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تسبوا أصحابي؛ فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه" واعلم أن الشيطان لا يزال بك حتى يوصلك إلى درجة الاستهزاء بهم، والسخرية منهم، وهنا تخرج من دينك، وتكفر بملتك، كما حصل للمنافقين الذين قالوا في إحدى المغازي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رأينا أكبر بطوناً، ولا أجبن عند اللقاء مثل هؤلاء، يقصدون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته - رضي الله عنهم- فأنزل الحق - سبحانه- في محكم التنزيل: "قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم" [التوبة:65] .

السب والفحش

والده يسب العلماء فماذا يفعل المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/السب والفحش التاريخ 1/8/1424هـ السؤال إن أبي لا يحب العلماء ويسبهم دائماً، ويتهمهم بأكل الأموال وغير ذلك من الألفاظ التي تحرقني، ويلمز الشباب الصالحين ويبغضهم، وحاولت عدة مرات أن أبين له لكن دون جدوى. هل أكون آثماً إذا نافحت عنهم بأسلوب أبين فيه تقصيره؟ وهل أنا آثم إذا قمت من المجلس إذا تكلم بمثل هذا الكلام؟. الجواب لا شك أن ما ذكرته من فعل والدك -هداه الله- أمر لا يجوز، فإن الله قد حرَّم الاستطالة في أعراض المسلمين فكيف بأهل العلم فيهم؟ وما ذكرته من مناصحته وبيان خطئه بالحجة والإقناع، فاعلم أن مثل هذا يقع من عوام الناس ولا سيما بعض كبار السن، ولذا فإني لا أنصحك بالقيام من مجلسه ولا التغليظ في مخاطبته، ولا تنس أن حق الوالد عظيم فاحذر أن يستجرك الشيطان إلى عقوقه، ثم اعلم أن من المنتسبين إلى العلم وأهله فئة يصدق فيهم ما ذكره والدك، وهم بحمد الله قليل، وفيهم وفي أمثالهم نزل قول الله تعالى: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) غير أن هذا لا يجيز الوقيعة في أهل العلم كلهم، ولا في أهل الصلاة والاستقامة، بل يخص كل امرئ بجريرته وذنبه. والمقصود أخي الكريم أن تأخذ في مناصحة والدك سبيل الرفق واللين، وأن ترشده إلى آثار أهل العلم والصلاح على عباد الله وعظيم نفعهم للخلق، إذ يكفي من فضلهم أنهم هم الهداة إلى الحق وإلى دين الله تعالى، وبهم يعرف ما يحبه الله فيؤتى وما يبغضه فيتجنب. وبالله التوفيق.

سرعة الغضب وكثرة اللعن

سرعة الغضب وكثرة اللعن المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/السب والفحش التاريخ 11/12/1422 السؤال أنا شخص أصبت بحالة من الاكتئاب في السنوات الخمس الماضية - والحمد لله - بدأ بالزوال بعد معالجة ذلك بالأدوية والرقية الشرعية فخف ذلك الأمر، لكن فيه بقية، ونتيجة لذلك أصبحت سريع الغضب من أشياء بديهية، وحينما أغضب أجد نفسي ألعن لعناً شديداً لمن تسبب في إغضابي، ويكون ذلك اللعن خفياً يعني بيني وبين نفسي من دون أن يسمعه أحد، وقد حاولت ولا زلت أجتهد في الابتعاد عن اللعن بقدر ما أستطيع، ولكن أحياناً أجد ذلك يخرج من غير إرادة، هل في ذلك اللعن إثم إذا كان غير مسموع، وإنما هو داخلي؟ الجواب الحمد لله، وبعد: فيا أيها الأخ الكريم أرجو أن يكون ما أُصبت به كفارة لذنوبك وسيئاتك، فقد صحَّ عنه - عليه السلام - من حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما - أنهما سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن، حتى الهم يهمه إلا كُفَّر به من سيئاته " أخرجه مسلم (2573) ، وفيه كذلك (2574) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قوله - عليه السلام -: " قاربوا وسددوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة يُنكبها أو الشوكة يُشاكها "، وعند مسلم كذلك (2572) من حديث عائشة - رضي الله عنها - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ما من مسلم يُشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة". فاحمد الله على قضائه وقدره، واشكره على ما منّ به عليك من الشفاء واقتراب الفرج، وداوم على الرقية الشرعية، والأوراد القرآنية، والأدعية النبوية، وادع الله - تعالى - دوماً أن يفرَّج همك، ويشفي صدرك، ويزيل سقمك فإنه قريب مجيب.

وأما بخصوص ما سألت عنه من سرعة الغضب وكثرة اللعن، فاعلم أن الغضب من الشيطان وعلاجه سهل -بحمد الله- فدونك ما في البخاري (3282) ومسلم (2610) من حديث سليمان بن صُرد - رضي الله عنه - قال: استبّ رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل أحدهما يغضب ويحمّر وجهه، فنظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " الحديث ... فينبغي لك أن تُروض نفسك على الحلم والأناة وتجتنب الانفعال والغضب بالإكثار من الدعاء ومداومة الذكر والاستعاذة من الشيطان، وأما اللعن فلا ريب أنه من عظائم الذنوب وكبارها، ففي الصحيح من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال -عليه الصلاة والسلام-: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " متفق عليه عند البخاري (48) ومسلم (64) ، وكونك تخفض صوتك باللعن وتخفيه بحيث تسمع نفسك فقط ولا تسمع الآخرين، فهذا لا يعفيك من تبعة هذا الإثم العظيم، وأما إن كان اللعن لا يتجاوز حديث النفس ولم يترتب عليه لفظ أو فعل، فهذا داخل في نطاق العفو الذي وردت فيه الآيات الثلاث الأخيرة من سورة البقرة وفق ما جاء في تفسيرها على لسان النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - انظر ما رواه مسلم (125) ، وكذا ما رواه ابن ماجة (2043) والبيهقي في السنن الكبرى (7/356) من قوله - عليه السلام -: " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " قال النووي: حديث حسن، قلت: وله شواهد تدل على صحته. والمقصود أنه ينبغي لك أن تجتهد في الابتعاد عن اللعن وتحذر أسبابه، وتسأل الله العافية كل حين علّه - تعالى - أن يعافيك ويعيذك، وينزل الطمأنينة قلبك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

هل هذا القول مخرج من الملة؟

هل هذا القول مخرج من الملة؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/السب والفحش التاريخ 6/9/1424هـ السؤال أحد أقاربي حصل معه هذا الموقف، ويسأل عن الحكم، وماذا يفعل: بينما كان ينظر إلى التلفاز ومعه زوجه وأبناؤه، جاء الحديث عن مسائل الخلع، فبدأت تتحدث الزوجة في أن الرجل كيف يكون من حقه أن يطلق المرأة متى شاء، والمرأة لا يجوز لها أن تطلب الطلاق إلا إذا دفعت مالاً؟ فحاول الابن أن يبلغها بأن الرجل محاسب على إيقاع الطلاق بغير عذر، فقالت: لا، هذا ظلم من الإسلام لحقوق المرأة. فقال لها ابنها: إن هذا القول كفر، فأبت وأصرت عليه، فثنى زوجها فأصرت، فغادر المجلس غاضباً يرتعد مما سمع. والسؤال: ما هو حكم هذه المرأة، وكيف يتعامل معها أبناؤها وزوجها؟ علماً بأنه لم يطلقها، وهل تعد كلمتها هذه خروجاً عن الملة؟ وإذا كانت كذلك، فهل لرجوعها شروط؟ وهل لزوجها أن يراجعها؟ وكيف يكون ذلك؟ علماً أن هذه المرأة مصلية، محافظة على صلاتها، بل وبعض النوافل كقراءة القرآن. الجواب ما دام أن هذه المرأة على الحال التي تذكر، فإن هذا يدل على أنها لم تقصد تنقص الشارع، ولا وصف الإسلام بالظلم، ولكنه كلام تطلقه دون معرفة بمدى معناه، ولذا فلا أرى أنها بهذا خرجت عن الملة، ويستمر زوجها وأبناؤها معها على حال حسنة، وكان على أبنائها إفهامها بأن المرأة مصانة الحق، وأن الله قد جعل لها مخرجاً، فالرجل إذا أراد الطلاق ليس له أن يسترد شيئاً من مهره، بل كل ما دفعه هو للمرأة، وعليه أيضاً دفع متعة الطلاق، وهو مبلغ مال يعطى للمرأة عند طلاقها جبراً لمصابها، وهو غير مؤخر الصداق، أما إذا كان الرجل قائماً بحقوقه ولكن المرأة كرهته، فإنها ترد عليه مهره الذي دفعه لها؛ لأن طلب الفصل جاء من قبلها، وهذا الرجل لا ذنب له في أن هذه المرأة لم تحبه فترد عليه مهره ليتزوج بأخرى، وسيجعل الله لكل منهما فرجاً ومخرجاً، وعليكم الدعوة بالحسنى والمجادلة بالتي هي أحسن، وفق الله الجميع للخير.

"الوهابية" والاستهزاء

"الوهابية" والاستهزاء المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/السب والفحش التاريخ 6/9/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ, كما تعرف أن هناك من أهل البدع والضلال من يقول لنا "وهابي" أو "وهابية", ويحاولون تفرقتنا بقولهم إنه يوجد مذهب اسمه وهابي, وطبعا لا يوجد فرق بين الوهابي والسني. وأيضا كما تعلم أن كلمة "وهابية" جاءت من أحد أسماء وصفات الله سبحانه وتعالى "الوهاب". ألا تظن أن هؤلاء الناس يستهزئون باسم الله (الوهاب) ؟! فهم يستعملون هذا الاسم على وجه التشنيع والتحقير ولا يحترمون هذا الاسم الكريم الذي هو من صفات الله عز وجل. فأرجو منك أن تكتب لي حكم من يقول "وهابي", أو حكم من يستهزئ بأي من أسماء الله تعالى. وهل هناك أحاديث تدل على تحريم الاستهزاء بأسماء الله سبحانه؟ وإذا وجدت أرجو كتابتها..بارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير.. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: أخي في الله "الوهابية" هو لفظ أطلقه البعض - هداهم الله - على كل من استجاب لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - إمام الدعوة في البلاد النجدية المتوفى سنة 1206هـ. ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - كما تفضلت ليس بينها وبين مذهب أهل السنة والجماعة أي فرق أو اختلاف بحمد الله، وما هي إلا تجديد وإحياء لدعوة سلفنا الصالح وفق كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ومن ظن أن الوهابية مذهب جديد مخالف لمذهب السلف فقد وهم وأخطأ، وهذه كتب الشيخ ومؤلفاته متوافرة وموجودة لا تحيد عن مذهب السلف قيد أنملة، لكن خصوم الشيخ - غفر الله لنا ولهم - اخترعوا هذا المصطلح أعني "الوهابية" وألقوه على أنصار الدعوة والمستجيبين لها. وقد اغتر بكلام هؤلاء الخصوم وتشويههم لدعوة الشيخ - رحمه الله - كثير من العامة والسذج إلى يومنا هذا، الأمر الذي يستدعي تضافر الجهود لإيضاح حقيقة الأمر ودفع الإلباس ورفعه. وقد وهمت أخي في الله حين ظننت "الوهابية" نسبة إلى اسم الله "الوهاب". وأما حكم من يستهزئ بأسماء الله فقد ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام - عياذاً بالله - من ذلك، فإن الله يقول: "وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ" [التوبة:65-66] .

عبارة: (فلان فسقان)

عبارة: (فلان فسقان) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/السب والفحش التاريخ 29/8/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. انتشر بين بعض الناس قول (فلان فسقان) ؛ لأنه أسرف في بعض الأمور، فهل يكون معناها الفسق والعياذ بالله؟. الجواب الحمد لله، هذه كلمة عامية يطلقها بعض الناس على من ترفَّع عن بعض المطاعم والمشارب التي لا يشتهيها طلباً لما هو أفضل، وكأنها تساوي شبعان، ولا شك أن الوصف بالفسق لمن ترك ما لا يشتهيه لا عن تكبر من قبيح القول، فلا حرج على الإنسان أن يختار من الطعام والشراب وسائر المباحات ما يلائمه ويلذ له دون احتقار لنعم الله، والرديء مما يحتاجه الناس من المطاعم والمشارب والملابس لا يجوز تعمد التصدق به، كما قال تعالى: "وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ" [البقرة: من الآية267] . فإذا كان الأمر كذلك فلا يذم من رغبت نفسه عن لبس الرديء أو أكل الرديء، بل من وسع الله عليه وأنعم عليه بالرزق الوفير فينبغي أن يظهر أثر نعمة الله عليه إظهاراً لأثر نعمته سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث: "إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته عليه"، وعلى كل حال هذه كلمة عامية تتضمن الوصف بالفسق لمن لا يجوز وصفه به؛ لأن الوصف بالفسق إنما يستحقه من أظهر شيئاً من معاصي الله من كبائر الذنوب أو صغائرها مع الاستخفاف بها والإدمان لها، وأما إذا أريد بهذه الكلمة خلاف المعنى الشرعي وهو الفسق في الدين وهو الخروج عن طاعة الله، وإنما أريد التعبير عن أنه في نعمة وأنه شبعان فهذا اصطلاح عامي، ومع ذلك فينبغي تجنب هذه الكلمة لما فيها من الإيهام والذم لما لا يوجب ذماً ولا عقاباً، وقد قال سبحانه وتعالى: "بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" [الحجرات: من الآية11] .

وأما ما ورد في السؤال من وصف من أسرف في بعض الأمور بأنه "فسقان" أي: فاسق، فالإسراف إن أريد به التوسع في المباحات من المطاعم والمشارب والملابس والمراكب، فهذا التوسع لا يوجب الوصف بالفسق ما دام أنه لم يؤد إلى فعل محرم أو ترك واجب فهذا لا يسمى في الشرع إسرافاً، بل الإسراف الذي نهى الله عنه قريب من معناه التبذير وهو تجاوز حدود ما أباح الله إلى ما حرم، في الأكل والشرب واللباس والإنفاق بل الواجب على المسلم التوسط في ذلك، كما قال تعالى: "َكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" [الأعراف: من الآية31] ، وقال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً" [الفرقان:67] ، وقال: "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً" [الإسراء:26] . فإنفاق المال في الحرام إسراف وتبذير وإن كان قليلاً، ولا إسراف في الخير وفيما أباح الله، وعلى هذا فالإسراف الذي نهى الله عنه وأخير أنه لا يحب أهله لا شك أنه خروج عن طاعة الله فيستحق من وقع منه أن يوصف بالفسق لأنه عاص لله، بل الواجب على المسلم أن يتقي الله في كسب المال وفي إنفاقه وفي طريقة الانتفاع به؛ ليكون من الذين أثنى الله عليهم بقوله: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً" [الفرقان:67] . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والله أعلم.

أحاديث النهي عن الشتم

أحاديث النهي عن الشتم المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/السب والفحش التاريخ 14/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل هناك أحاديث أو أقوال من الصحابة -رضي الله عنهم- تنهى عن الشتم باستخدام ألفاظ نابية؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ورد في النهي عن الشتم والسباب أحاديث كثيرة، ومن ذلك ما يأتي: 1- أخرج البخاري (48) ، ومسلم (64) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ "قَوْله: (سِبَاب) هُوَ بِكَسْرِ السِّين وَتَخْفِيف الْمُوَحَّدَة, وَهُوَ مَصْدَر يُقَال: سَبَّ يَسُبّ سَبًّا وَسِبَابًا، والسِّبَاب أَشَدّ مِنْ السَّبّ, وَهُوَ أَنْ يَقُول الرَّجُل مَا فِي الرجل وَمَا لَيْسَ فِيهِ يُرِيد بِذَلِكَ عَيْبه. قَوْله: (فُسُوق) : الْفِسْق فِي اللُّغَة الْخُرُوج, وَفِي الشَّرْع: الْخُرُوج عَنْ طَاعَة اللَّه وَرَسُوله, وَهُوَ فِي عُرْف الشَّرْع أَشَدّ مِنْ الْعِصْيَان, قَالَ اللَّه تَعَالَى "وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْر وَالْفُسُوق وَالْعِصْيَان", فَفِي الْحَدِيث تَعْظِيم حَقّ الْمُسْلِم وَالْحُكْم عَلَى مَنْ سَبَّهُ بِغَيْرِ حَقّ بِالْفِسْقِ. 2- وفي الصحيحين البخاري (30) ، ومسلم (1661) من حديث الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ - رضي الله عنه - فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ........ " قَوْله: (سَابَبْت) فِي رِوَايَة " شَاتَمْت " وَفِي أخرى " كَانَ بَيْنِي وَبَيْن رَجُل كَلَام " وَزَادَ مُسْلِم " مِنْ إِخْوَانِي " وَقِيلَ: إِنَّ الرَّجُل الْمَذْكُور هُوَ بِلَال الْمُؤَذِّن مَوْلَى أَبِي بَكْر رضي الله عنهما, وَمَعْنَى "سَابَبْت" وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنه سِبَاب بِالتَّخْفِيفِ قَوْله: (فَعَيَّرْته بِأُمِّهِ) أَيْ: نَسَبْته إِلَى الْعَار , وفِي رواية: " وَكَانَتْ أُمّه أَعْجَمِيَّة فَنِلْت مِنْهَا " وَفِي رِوَايَة أخرى: " قُلْت لَهُ يَا اِبْن السَّوْدَاء "قَولَه: " إِنَّك اِمْرُؤٌ فِيك جَاهِلِيَّة" أَيْ: خَصْلَة مِنْ خِصَال الْجَاهِلِيَّة. 3- وأخرج البخاري (6031) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبَّابًا وَلَا فَحَّاشًا وَلَا لَعَّانًا ... "

4- وأخرج الترمذي (1900) من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ "قَوْلُهُ: (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ) أَيْ الْكَامِلُ (بِالطَّعَّانِ) أَيْ عَيَّابًا النَّاسَ (وَلَا الْفَاحِشِ) أَيْ فَاعِلِ الْفُحْشِ أَوْ قَائِلِهِ، ويدخل في ذلك الشتم القبيح الذي يقبح ذكره (وَلَا الْبَذِيِّ) : وَهُوَ الَّذِي لَا حَيَاء لَهُ. 5- وأخرجه مسلم (2581) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: أَتَدْرُونَ من الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيَقْعُدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ". 6- ما أخرجه مسلم (2587) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ "قَوْله: "الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُوم" مَعْنَاهُ أَنَّ إِثْم السِّبَاب الْوَاقِع مِنْ اِثْنَيْنِ مُخْتَصّ بِالْبَادِئِ مِنْهُمَا كُلّه إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَز الثَّانِي قَدْر الِانْتِصَار , فَيَقُول لِلْبَادِئِ أَكْثَر مِمَّا قَالَ لَهُ. 7- وأخرج الإمام أحمد (17572) من حديث أَبُي جَبِيرَةَ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ: فِينَا نَزَلَتْ فِي بَنِي سَلِمَةَ "وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" [الحجرات:11] قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إِلَّا وَلَهُ اسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَكَانَ إِذَا دُعِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِاسْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَغْضَبُ مِنْ هَذَا قَالَ فَنَزَلَتْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ورجال إسناد الإمام أحمد ثقات، لكن اختلف في أبي جبيرة بن الضحاك هل له صحبة، أوليس له صحبة. ووردت آثار في النهي عن السب والشتم والتنابز بالألقاب ومن ذلك ما يأتي: 1- أخرج ابن جرير في تفسيره (29295) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - "وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" [الحجرات:11] قال: التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب منها وراجع الحق فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله.

2- وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه "وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" قال: أن يقول إذا كان الرجل يهودياً فأسلم يا يهودي يا نصراني يا مجوسي ويقول للرجل المسلم يا فاسق. 3- أخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله تعالى: "وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" [الحجرات:11] قال: أن يسميه بغير اسم الإسلام، يا خنزير، يا حمار، يا كلب. 4- وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة "وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" قال: لا تقل لأخيك المسلم يا فاسق يا منافق. [ينظر: الدر المنثور (7/564) ] هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ...

كيف تثبت براءتها من الزنى؟

كيف تثبت براءتها من الزنى؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/السب والفحش التاريخ 24/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا امرأة متزوجة ولدي ثلاثة أطفال، وأقيم في دولة عربية، قبل مدة من الزمن اقتحم أحد الجيران بيتي، وأغلق الباب خلفه، وزوجي غير موجود، وكنت أصرخ عليه للخروج، وفي ذلك الوقت جاء زوجي وأساء الظن بي بأنني وقعت في فاحشة الزنا مع ذلك الرجل، وزوجي كل يوم بدون استثناء يضربني بشدة ويتهمني بالزنى. وأنا بريئة. كيف أستطيع إثبات براءتي؟ أرجو تقديم التوجيه الشرعي لمثل هذا الأمر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقذف المحصنات من كبائر الذنوب؛ قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور:4] ، وقال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [النور:23] ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجتنبوا السبع الموبقات" قيل يا رسول الله وما هن؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" رواه البخاري (2615) ، ومسلم (89) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، وبناء على ذلك فإنه لا يحل القذف إلا بعد ثبوت الزنا، ولا يثبت إلا بإقرار المقذوف، أو أن يشهد عليه أربعة رجال مسلمين عدول، لذا فعلى الزوج أن يتقي الله -تعالى- ولا يقذف زوجته حتى يتحقق وقوع الزنا منها، فإن تحقق ذلك جاز له قذفها، فإن قذفها ثم لاعنها سقط الحد عنه، وإن لم يلاعنها جُلد حد القذف وهو المذكور في الآية الكريمة أعلاه، ولا يحل له تكرار ضرب زوجته على أمر لم يثبت عنده، فإن ثبت زناها فإقامة الحد منوط بالجهة المختصة- وهي المحكمة الشرعية- لا بالزوج، وللزوجة في حال تكرار الزوج ضربها وشتمها التقدم إلى المحكمة الشرعية للنظر في ذلك. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الغيبة والنميمة

هل التظلم من الغيبة؟ المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الغيبة والنميمة التاريخ 29/12/1423هـ السؤال هل يعتبر الإسلام التحدث عمَّا فعله شخص ظلمني غيبة؟ وهل أعاقب عليها؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على عبدك ونبيك محمد وعلى آله ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فمن ابتلي بمن يؤذيه أو أوذي وظلم من بعض الناس، فالأولى أن يصبر ولا يشكوه لأحد من الخلق، وشكواه لغير الله لن تعود عليه بنفع وهو مناف للصبر الذي يؤجر عليه المرء، فإن الشكوى إلى مخلوق كالاستنجاد بالغريق، هذا مع أن المشكو إليه يتأذى بالشكوى، وأما إذا كانت الشكوى لمن ينصفك كإمام وحاكم فليس ما تقوله فيه إن كان بحق غيبة أو ظلم، والله أعلم.

التوبة من الغيبة

التوبة من الغيبة المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الغيبة والنميمة التاريخ 8/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اغتبت أناساً كثيرين كلما غضبت من أحد ذهبت واشتكيت، وأنا الآن نادمة وأريد التوبة، وقد سمعت أنني لكي أتوب من الغيبة يجب أن أستسمح من الذين اغتبتهم، وهذه مشكلة، فعلاقتي بأكثرهم جيدة وكثيرون نسيت من هم، فما العمل؟ أريد أن أتطهر من هذا الذنب، وأريد نصيحتكم عندما أغضب وأريد أن أفضفض، فماذا أعمل حتى لا أقع في الغيبة ثانية؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: أختي السائلة، وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته، أشكرك -بارك الله فيكِ- على إحساسك بالندم، ورغبتك الجادة في التوبة، والتخلص من تبعة اغتيابك للآخرين. فلا ريب أن الغيبة من قبائح الذنوب، وآفات اللسان، ومن العدوان والظلم المبين، فإن استطعت أن تعتذري لمن اغتبتيهم من الناس خاصة إذا كان بلغهم خبر غيبتك لهم. وإن غلب على ظنك أن مصارحة أولئك بحقيقة الأمر سيؤدي إلى الهيجان والغضب والقطيعة والهجر فاكتفي بالدعاء لهم والثناء عليهم بما يستحقون خصوصاً أمام الناس الذين اغتبتيهم عندهم، ومن نسيتهِ منهم فادعي لهم دعاء عاماً، وأكثري مع هذا وذاك من الاستغفار والعمل الصالح، وألحي على الله -تعالى- أن يقبل توبتك، ويغسل حوبتك. وأما نصيحتي لك في حالة الغضب فهي أن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم كما في صحيح البخاري (3282) وصحيح مسلم (2610) من حديث سليمان بن صُرد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلين يستبان وقد غضب أحدهما حتى احمرت عيناه وانتفخت أوداجه، فقال:"إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ذا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" الحديث. وكذلك عودي نفسك على الصبر وكتم الغيظ، قال الله في معرض حديثه عن صفات أهل الجنة:"الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" [آل عمران:134] . وتذكري ما جاء في الحديث الصحيح الذي خرجه مسلم (2881) وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال -عليه السلام-:"أتدرون من المفلس؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال:"إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار". أتحبين أن يتقاسم الآخرون حسناتك في وقت أنت بأمس الحاجة إليها؟! فاتقي الله، واحذري من الغيبة فالتنفيس عمّا في الصدر لا يكون على حساب أعراض الآخرين، وفقك الله وأعانك وحفظك من كل سوء، والسلام عليكِ.

هل الغيبة من الكبائر، وما علاجها؟

هل الغيبة من الكبائر، وما علاجها؟ المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الغيبة والنميمة التاريخ 20/1/1423 السؤال أريد أن أعرف هل تنحصر كبائر الذنوب في ما ذكره الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث السبع الموبقات أم يشمل غيرها؟ وإن كان نعم، فمثل ماذا؟ وهل الغيبة من كبائر الذنوب؟ أنا أعاني من هذا الداء - للأسف- حتى حين أحاول الابتعاد عنه، من حولي لا يعينونني على ذلك -كما تعرفون - هو داء منتشر بين معشر النساء، ماذا تنصحونني؟ الجواب كبائر الذنوب لا تنحصر في السبع الموبقات المذكورة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " اجتنبوا السبع الموبقات " بل تشمل غيرها كما جاء في صحيح البخاري (6675) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس، وفي الصحيحين (البخاري (5976) ومسلم (87)) واللفظ للبخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا: بلى يا رسول الله، قال: " الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس، فقال: " ألا وقول الزور وشهادة الزور ألا وقول الزور وشهادة الزور" فما يزال يقولها حتى قلت: لا يسكت، وعنه - صلى الله عليه وسلم -:" إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق ... " رواه أبو داود (4877) . وأما الغيبة فإنها من كبائر الذنوب بل قد قال القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) إنه لا خلاف في أن الغيبة من الكبائر، فكبائر الذنوب هي كل معصية فيها حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة من عذاب، أو غضب، أو نحو ذلك، وأما النصيحة لمن بلي بهذا الداء فهي كالتالي: أولاً: تذكر عظم هذا الذنب ومغبته في الدنيا والآخرة. ثانياً: أن يستحضر العبد عند نطقه بكلمة لا ترضي الله مراقبة الله - تعالى - له، وأن يتذكر أن عليه ملائكة يكتبون ما يلفظ من قول، وأن على كل امرئ حافظين كرام كاتبين فليستح منهم. ثالثاً: البعد عن مجالس السوء، وليصحب المؤمن من يعينه على طاعة الله، ومن يذكره بالله رؤيته. رابعاً: إن الاشتغال بالنافع المفيد، وملء المجالس بالخير والهدى من طلب العلم الشرعي والدعوة إلى الله. خامساً: تعويد اللسان الصمت عن كل مالا ينفع وليجعل المؤمن كلامه ذكراً، وصمته فكراً، والله - تعالى - أعلم.

تعليق العمل على المشيئة

تعليق العمل على المشيئة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الغيبة والنميمة التاريخ 14/10/1423هـ السؤال ما حكم قوله: "إن شاء الله" وهو ينوي عدم القيام بالعمل؟ الجواب الأولى تركه؛ لأن السامع غالباً يعد ذلك وعداً، وينسب إلى صاحبه الكذب إن لم يفعل، فينبغي للمسلم أن يحفظ عرضه من غيبة الناس له، وطوبى لمن كف الغيبة عن نفسه.

الغيبة والرسم الكاريكاتيري

الغيبة والرسم الكاريكاتيري المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الغيبة والنميمة التاريخ 14/5/1424هـ السؤال هل الرسم الكاريكاتيري لأشخاص معروفين، أو برامج التقليد التلفزيونية المضحكة تعتبر من الغيبة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: الاستهزاء بالآخرين سواء بحضرتهم أو في غيبتهم لا يجوز إلا برضاهم، وهو داخل في قول المولى -سبحانه-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" [الحجرات:11] وفي قوله تعالى: "ولا يغتب بعضكم بعضاً" [الحجرات: 12] ، إذا كان في غيبته. هذا هو الأصل، أما انتقاد جهات عامة أو أشخاص يمثلونها فهذا يقدر بالمصلحة العامة، أما انتقادهم في ذواتهم فلا يجوز. أما الفسقة فلا بأس بانتقادهم بما يحذر منهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في صحبة رجل: "بئس أخو العشيرة". رواه البخاري (6032) ، ومسلم (2591) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. أما الاستهزاء المحض الذي يغلب عليه التشهير ولإضحاك القوم فهذا لا يجوز ولا يليق بالمؤمنين. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اتهام العلماء وتجريحهم

اتهام العلماء وتجريحهم المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الغيبة والنميمة التاريخ 3/9/1424هـ السؤال لقد كثر الكلام حول بعض الأحكام الشرعية، وكثر الكتاب الذين لا يتورعون عن التشكيك في ذمة العلماء الأحياء أو الأموات؟ فأتمنى منكم أن توضحوا الحكم الشرعي في من يقول هذا الكلام، وما هي مفاسده؟ وقد يدعى البعض أنه ينكر على الشيخ وأنه أخطأ في فتواه وأنه يحابي ولي الأمر في ذلك. ولكن لكل عالم سقطات ولا أحد ينكر ذلك. ولكن هل يجوز ذلك الفعل؟ وهل يستباح الكلام في المشايخ بسبب ذلك؟ الجواب الحمد لله، وبعد: حرم الإسلام الغيبة وحذر منها، فقال الله تعالى: "وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ" [الحجرات: من الآية12] . ويتأكد التحريم ويشتد الإثم حين تكون الغيبة في حق العلماء وأهل الفضل. والعلماء ليسوا معصومين ولا مقدسين فهم يصيبون ويخطئون، ويقولون حقاً وباطلاً. والواجب أخذ الصواب والحق من أقوالهم ورد الخطأ والباطل منها دون خوض في النيات أو تتبع وتشهير للزلات. بيان خطأ العالم لا شيء فيه إذا كان على سبيل النصيحة للأمة وبيان الحق لها. وما زال العلماء قديماً وحديثاً يرد بعضهم على بعض ويبين بعضهم خطأ بعض دون نكير، طالما بقي الأمر في دائرة النصح وإظهار الحق وإشهاره. وما عدا ذلك فممنوع شرعاً، وعواقبه على الفرد والجماعة كثيرة ومتعددة والله المستعان. وفق الله الجميع لكل خير وحفظ لنا علماءنا العاملين ووقاهم كل سوء.

مجالس الغيبة

مجالس الغيبة المجيب عيسى بن عبد الله المطرودي القاضي بالمحكمة الكبرى في حائل التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الغيبة والنميمة التاريخ 12/1/1425هـ السؤال أجلس مع أناس لا هم لهم إلا السب والشتم، ويخصون الصالحين والمجاهدين، ما حكم جلوسي معهم؟ بحيث أني أنكر عليهم ولا يستجيبون ويردون (أنت لا تحكم مجالسنا وغير آبهين بالإنكار) وهل يجوز هجرهم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين: فإن حكم الغيبة كبيرة من كبائر الذنوب، ويجب علينا إنكارها وفق الاستطاعة تمشياً مع حديث النبي - صلى الله عليه وسلم-: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم (49) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. فلا بد أن ندرك أن التغيير بالقلب يقتضي بغض المنكر وفاعل المنكر ومغادرة المكان الذي فيه المنكر. ثم إنني أوصي السائل بأن يكون التغيير بالحكمة والموعظة الحسنة، ولعل من الأشياء التي تغير هذا المنكر وأمثاله أن ينظر الراغب في تغيير المنكر إلى اهتمام الحضور في هذا المجلس، ثم يعطيهم ما يهتمون به مما أباح الله عز وجل. فإذا كان اهتمام الحضور بالشعر مثلاً أو بمعرفة الفصول السنوية فيتعرف على الفصول السنوية ويعطيهم شيئاً منها حتى يأخذهم من الاهتمام الذي يهتمون به، ثم تتحول بهم تدريجياً إلى الأشياء النافعة، وبهذه الطريقة تستطيع بإذن الله -عز وجل- إنكار هذا المنكر.

الغيبة والاستهزاء

الغيبة والاستهزاء المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الغيبة والنميمة التاريخ 17/7/1424هـ السؤال ما حكم من يستهزئ بشخص معين في طريقة كلامه؟ وما نصيحتكم له؟ ولكم جزيل الشكر، والسلام. الجواب الاستهزاء بالأشخاص عمل محرم، وإذا كان الإنسان فيه تلك العيوب فهذا يعتبر غيبة، وإذا لم تكن فيه فإنها تعتبر بهتاناً، والله - تعالى - يقول: "ويل لكل همزة لمزة" ويقول - جل وعلا -: "ولا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ" [الحجرات: من الآية12] ، فالغيبة من كبائر الذنوب، والاستهزاء بالناس هو ضرب من ضروب الغيبة، والواجب على الإنسان أن يستحي من الله وأن يصون لسانه عن الاستهزاء بالناس، ولما قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: حسبك من صفية، تعني أنها قصيرة، قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمُزِج" أخرجه احمد والترمذي وأبو داود. وهي ما قالت إلا أنها قصيرة، فكيف بمن يتطاول بالكلام على غيره بأمور أكبر من هذا؟ فنسأل الله الهداية للجميع.

الاغتياب من أجل الاتعاظ!

الاغتياب من أجل الاتعاظ! المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/الغيبة والنميمة التاريخ 18/05/1426هـ السؤال هل علي إثم لو أني نصحت أحد أقاربي بألاَّ يقترف ذنبًا، وضربت له مثالا لأحد المعروفين لنا أنه وقع في نفس هذا الذنب، فقصَّر في حقوق الله وحقوق أهله، وما قصدت إلا أن يتَّعظ بهذا المثل، فهل هذه غيبة وجزاكم الله خيرًا؟ الجواب لا يجوز ذكر الإنسان بما يكره، إلا إذا قصد الإنسان التحذير من ذلك الإنسان المتَّصف بهذه الصفة، لكن يمكن ضرب المثال بالعموم فيمن يتَّصف بمعصية الله -تعالى- من الأمم السالفة والحاضرة، ويذكر بعقوبة من عصى الله -تعالى- ولم يتب من ذلك، وتحذير الإنسان من الوقوع في الذنب، فقد يختم له بذلك، وبالله التوفيق.

مسائل متفرقة في أدب الحديث

لا بأس بهذه العبارات المجيب د. ناصر بن عبد الرحمن الجديع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 24/7/1422 السؤال عندما تطلب من أحد أن يعطيك حاجة، فإنه يرد عليك أحياناً فيقول على سبيل التيئيس والتعجيز: (نجوم السماء أقرب لك) وقد يعوض عنها فيقول: (اطلب الله) أو: (اطلب ربك) حتى صارت هاتان العبارتان تأتيان على سبيل التيئيس، والله -جل جلاله- أقرب، وأفضل، وأجزل، وأسرع من سئل، فماحكم هذا العمل علما أنه دارج على ألسنة الكثير؟ الجواب العبارة الأولى: (نجوم السماء أقرب لك) تدل على المبالغة في عدم تحقيق الحاجة، وهي تقال على سبيل التيئيس والتعجيز كما ذكرت، ولا أرى فيها بأساً. وأما عبارة: (اطلب الله) أو: (اطلب ربك) فلعل المراد بذلك التنبيه على عدم تحقيق المطلوب، وأن على المخاطب أن يبتعد عن هذا الشخص المسؤول، ويسعى في أرض الله تعالى، وليس المراد الأمر بدعاء الله -تعالى- حقيقة. وبناء على ذلك فلا يظهر في ذلك بأس. وقد تقال هذه العبارة عندما يطلب سائل شيئاً من المال كناية عن عدم إعطائه، وأن عليه أن يسأل ربه -تبارك وتعالى- الذي بيده كل شيء، ولا شيء في هذه الإجابة، بل تُعدّ من باب التلطّف والأدب، بدل الرد المجرد، والله -تعالى- أعلم.

في ذمة الله هل تقال عن المتوفى

في ذمة الله هل تقال عن المتوفى المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 2/5/1422 السؤال هل يجوز أن يقال للمتوفى فلان في ذمة الله؟ وما معنى في ذمة الله؟ الجواب هذا التعبير في حق المتوفى لا أعلم له أصلاً فلا ينبغي استعماله وإنما ورد في حق من عمل بعض الصالحات كصلاة الفجر في جماعة ففي صحيح مسلم عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من صلى الصبح فهو في ذمة الله) ومعنى في ذمة الله هنا الضمان وقيل الأمان. والله أعلم

ألفاظ شائعة بين العوام

ألفاظ شائعة بين العوام المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 18/1/1425هـ السؤال أود أن أسأل فضيلتكم عن ألفاظ شائعة بين العوام، ومن الأمثلة على هذه الألفاظ: (1) شرف الله - وشرف الله (2) حل عن ربي (3) يسعد الله (4) الله فوق وفلان تحت (5) الله يظلم اللي ظلمني (6) هو الله داري عنك؟. (7) لو يحط أيده بيد ربنا ما يفعل كذا وكذا. (8) فلان الله ما بيطيقه. (9) لو ينزل ربنا ما يفعل كذا وكذا. (14) يلعن اليوم اللي خلقت فيه. (21) الله بيعطي الرزقة للي ما بيستاهلها. (22) الله ما بيسمع من ساكت (. (24) لا حول الله يا رب. (25) وغير ذلك الكثير من الألفاظ -والله المستعان-. ومن الأخطاء أيضاً أنه لا يجوز شتم إبليس أو الشيطان الرجيم؛ لأنه يتعاظم بذلك، وإنما يجب التعوذ منه كما أخبرنا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-. نرجو إرسال الجواب في أسرع وقت ممكن, وأن ترسلوا أيضاً حديثاً نبوياً شريفاً بالنسبة لشتم إبليس أو الشيطان بشكل عام, -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فأود بادئ ذي بدء أن أنبه إلى أمور مهمة: أولها: أن تعلم - بارك الله فيك - أن من الضروري التثبت عند إطلاق الأحكام والأوصاف الشرعية على الأشخاص، وذلك لأن الكفر والفسق أحكام شرعية ليست من الأحكام التي يستقل بها العقل، فالكافر من جعله الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- كافراً، والفاسق من جعله الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- فاسقاً، كما أن المؤمن والمسلم من جعله الله ورسوله مؤمناً ومسلماً، والعدل من جعله الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- عدلاً، والمعصوم الدم من جعله الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- معصوم الدم، ولهذا ينبغي التنبه إلى خطورة الحكم على معين بكفر أو فسق أو نحوها من غير تثبت، كما نبه على ذلك العلماء، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في غير موضع، ومنها ما ذكره من ذلك في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (5/92) . وثانياً: أن يعلم أن الحكم المعلق بالوصف لا ينطبق على الشخص إلا إذا توفرت شروط انطباقه وانتفت موانعه، وثمرة هذا أن تعلم أن كثيراً ممن تندرج على ألسنتهم عبارات مخالفة لا ينطبق على أشخاصهم الحكم المترتب على القول أو الفعل؛ لعدم توفر شروط انطباقه عليهم، أو لوجود موانع، وهؤلاء في الغالب إنما يحتاجون إلى دعوة وتبصير، وبيان للمحاذير المترتبة على أقوالهم وأفعالهم بحكمة؛ إذ الغرض هو هداية الناس واستصلاحهم، ودلالاتهم على الخير وبيان الحق؛ حتى لا يقعوا في شيء من المحاذير والمخالفات.

وثالثاً: هناك بعض الألفاظ التي وردت في سؤالك يتوقف الحكم فيها على معرفة مراد القائل؛ ليحكم عليها بما يناسبها، ومن الألفاظ التي أوردتها قول القائل: (الله فوق وفلان تحت) ، وذكرت أن ذلك شرك أكبر، وهنا يقال: إن كان مراد القائل: إثبات الفوقية لله بذاته وقدره وقهره فما المحظور في ذلك؟ إذ أن ذلك هو الثابت الذي نصت عليه الأدلة الشرعية والعقلية، ومن المعلوم أن سائر المخلوقات تحت الله ودونه ذاتاً وقدراً، وقولك إن ذلك شرك أكبر غير صحيح. ورابعاً: أنصح لك يا أخي باقتناء كتاب: (معجم المناهي اللفظية) لفضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -حفظه الله- فقد أورد فيه نحواً من ألف وخمسمائة لفظ مبينة بأحكامها وما قيل فيها، وهو نافع جيداً في بابه. وأما الحديث الذي سألت عن لفظه المتضمن نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شتم إبليس فهو حديث خرجه أبو داود في سننه كتاب الأدب باب رقم (85) ، حديث (4982) جـ (5/260) ، بسنده عن رجل قال: كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- فعثرت دابته فقلت: تعس الشيطان فقال: "لا تقل تعس الشيطان؛ فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت، ويقول: بقوتي، ولكن قل: بسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب" وخرجه الإمام أحمد في مسنده جـ (5/79-71-365) قال ابن القيم - رحمه الله- بعد أن أورده وفي حديث آخر: "إن العبد إذا لعن الشيطان يقول: إنك لتلعن ملعناً"، ثم قال: "ومثل هذا قول القائل: أخزى الله الشيطان، وقبَّح الله الشيطان فإن ذلك كله يفرحه ويقول: علم ابن آدم أني نلته بقوتي، وذلك مما يعينه على إغوائه، ولا يفيده شيئاً، فأرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله - تعالى- ويذكر اسمه، ويستعيذ بالله منه؛ فإن ذلك أنفع له، وأغيظ للشيطان) انظر زاد المعاد جـ (2/355-356) . والله الموفق.

حكم هذه العبارات

حكم هذه العبارات المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 23/11/1422 السؤال السؤال: ما حكم قول: 1- حرام عليك تفعل هذا. 2- ثالث الحرمين الشريفين. 3- ما تستاهل هذا. الجواب الحمد لله، هذه كلمات تجري على ألسنة كثير من الناس، يقول أحدهم منكراً على غيره: حرام عليك هذا الفعل حرام عليك، أو هذا القول حرام عليك، فإذا كان هذا الفعل أو القول حراماً في الدين؛ يعني ممَّا حرَّمه الله ورسوله، فإنكاره حقّ ووصفه بالتحريم حقّ، وإن لم يكن ممَّا حرّم الله ورسوله، فلا يجوز إطلاق التحريم عليه فالذين يقولون مثل هذا، تارة يقولونه فيما هو حرام حقيقة وقد يطلقونه على ما ليس بحرام، بل مكروه أو غير لائق فإن قصدوا التحريم الشرعي فهذا لا يجوز وهو من القول على الله بغير علم، يقول -تعالى-:" ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ... الآية" [النحل: 116] ، وإن لم يريدوا أنه حرام في الشرع، إنما يريدون بذلك أن هذا ممَّا لا يصلح ولا يليق فهذا من الخطأ في التعبير والأولى اجتنابه؛ لأن فيه لبساً، والألفاظ الموهمة ينبغي تجنبها حتى لا يقع المسلم في المحذور وهو لا يشعر، وليحصل الالتزام بالمصطلحات الشرعيَّة فلا تطلق على غيرها، ولا يشبّه بها ما سواها، ممَّا يؤدي إلى الاشتباه، والله أعلم. وأمَّا قول القائل: ثالث الحرمين الشريفين، يريد به المسجد الأقصى، فهذا تعبير فيه خطأ، وهو يوهم أن المسجد الأقصى حرم، فتكون المساجد المحرَّمة ثلاثة وليس كذلك، فما ثمَّ إلا حرمان مكة والمدينة، كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-:" بأن الله حرَّم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة " (انظر البخاري 1834، ومسام1353) ، وأخبر: بأن ابراهيم -عليه السلام - حرَّم مكة وأنه - صلى الله عليه وسلم- حرَّم المدينة (انظر البخاري 2129، ومسلم 1360) ، ومعنى تحريمها أي: أن الله حرَّم فيهما مالا يحرم في غيرهما، كقطع الشجر، وقتل الصيد، وأمَّا المسجد الأقصى فليس فيه تحريم خاص، لكنه من المساجد الثلاثة المفضلة التي قال فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم-:" لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم-، ومسجد الأقصى" (البخاري 1189 ومسلم 1397 واللفظ للبخاري) ، فليتنبه إلى الفرق بين هذه المساجد، فللمسجد الحرام ومسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- خصوصيَّة ليست لغيرهما من المساجد، والله أعلم.

وأمَّا قول القائل: ما تستاهل هذا، أو فلان ما يستاهل، يقال في الخير والشر بأن يقال لمن أعطاه الله حظاً من مال وأهل وولد وغير ذلك، فلان ما يستاهل ذلك، أو من ابتلى بمرض أو مصيبة فلان ما يستاهل ما ابتلي به، فإطلاق هذه العبارة على هذا الوجه اعتراض على تدبير الله وتقديره الحكيم، وعلى هذا فيحرم إطلاق هذه الكلمة؛ لاشتمالها على هذا المعنى المنكر، فإنه يجب على العبد أن يرضى بقضائه -سبحانه وتعالى- ويؤمن بأن الله حكيم عليم بتدبيره لأمر عباده، فإنه يعطي ويمنع لحكمة بالغة وعلم تام، فيجب الإيمان بحكمته وعدله، واطراح الاعتراض على أقداره فإن هذا من وساوس الشيطان، نسأل الله أن يعيذنا من شر الشيطان ومكره، إنه -سبحانه وتعالى- هو العاصم من شرِّ هذا العدو المبين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

حكم كتابة وقراءة واستماع شعر الغزل

حكم كتابة وقراءة واستماع شعر الغزل المجيب د. عبد الله بن وكيل الشيخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 9/1/1423 السؤال ما حكم كتابة وقراءة والاستماع إلى شعر الغزل؟ الجواب مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - شيئاً من الشعر نظراً إلى ما اشتمل عليه من الخير والصدق فقال - صلى الله عليه وسلم -:" إن من الشعر حكمة " رواه البخاري (6145) من حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه- واستمع - صلى الله عليه وسلم - إلى الشعر وأذن به في المسجد، وكان يضع لحسان بن ثابت -رضي الله عنه- منبراً يقوم عليه فيهجو المشركين كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة، انظر ما رواه مسلم (2490) والترمذي (2846) وأبو داود (5015) من حديث عائشة -رضي الله عنها- والشعر كالكلام حسنه كحسنه وقبيحه كقبيحه كما قال ابن قدامة -رحمه الله - أما شعر الغزل فإنه يذم في حالين: الأولى: أن يكون في امرأة بعينها بالإفراط في وصفها وكشف أمرها في الناس، وهذا محرم لما فيه من الأذية للمؤمنة بغير حق، حيث يتداول الناس الشعر فيها، وقد قال الله - تعالى -:" والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً". [الأحزاب:58] . الثانية: ألا يكون في امرأة بعينها ولكنه من الشعر الفاضح المسرف في ذكر أجزاء البدن وتقاطيع الجسم، مما يثير الغرائز ويحرك الشهوات وهذا محرم لما فيه من الإفضاء إلى الفحش والرذيلة وسوقه السفهاء إلى المحرمات الظاهرة من مطالعة النساء وشهوة الزنا ونحو ذلك. وفي نظم هذا الشعر إشاعة للفحشاء والمنكر، وقد قال الله - تعالى -:" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ". [النور:19] . وهذا الحكم في حق ناظم هذا النوع من الشعر وقارئه والمستمع إليه، ولا يستثنى من ذلك إلا ما تدعو إليه الحاجة كما في بعض أشعار المغازي التي تدعو الحاجة إلى روايتها، وفيها بعض الأشعار التي ينطبق عليها الوصف الماضي. وللتوسع في هذا البحث يراجع (المغني لابن قدامة 14/162) وما بعدها، الالتزام الإسلامي في الشعر للدكتور ناصر بن عبد الرحمن الخنين (ص 105 - 151) وهو بحث ماتع مفيد) .

عبارة: (فتح الله عليك)

عبارة: (فتح الله عليك) المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 19/6/1424هـ السؤال أسمع كثيراً من فئة من الملتزمين عبارة (فتح الله عليك) ، أو (استطعت إنجاز هذا العمل بفتح من الله) و (اسألي الله الفتح) ، ما معنى ذلك، وهل له أصل شرعي؟ بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، وبعد: فالمسلم الصادق إذا عبد الله بما شرع فتح الله عليه أنوار الهداية في مدة قريبة، فالمهتدون من مشايخ العباد والزهاد يوصون باتباع العلم المشروع. وقد فتح الله - سبحانه وتعالى - من أبواب فضله ونعمته وخزائن جوده ورحمته، ما لم يكن بالبال ولا يدور في الخيال، وهذه يعرف بعضها بالذوق من له نصيب من معرفة الله وتوحيده وحقائق الإيمان، وما هو مطلوب الأولين والآخرين من العلم والإيمان. ويفتح الله على طالب العلم والداعي إلى الحق من حيث لا يحتسب فيحمد الله تعالى. وإذا تبين معنى آية تبين معاني نظائرها، وقال قد فتح الله علي في هذه المرة من معاني القرآن ومن أصول العلم بأشياء كان كثير من العلماء يتمنونها. ويقال: قد فتح الله من أبواب الخير والرحمة والهداية والبركة ما لم يكن يخطر بالبال ولا يدور في الخيال، وعلى هذا يجوز أن يدعو المسلم لأخيه - خاصة إذا فعل المشروع والحسن - دعاءً وشكراً له على حسن فعله أو فهمه أو نحو ذلك، والدعاء للمسلم بمثل المعاني السابقة أمر طيب، وهو مثل قولك في آخر سؤالك: بارك الله فيكم. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

استخدام كلمة (تعميد)

استخدام كلمة (تعميد) المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 21/9/1424هـ السؤال هل يجوز استخدام كلمة تعميد في الخطابات، مع أن لها مدلولاً نصرانياً وجزاكم الله خيراً؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: الألفاظ لا تعطى آحادها المدلول الواحد الشامل، ولكن بحسب ما تدل عليه من المعنى، ولذا فلا حرج في استعمالها السائد بين أهل المتاجرات والتمويل ونحوهم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.

التحدث في دورة المياه

التحدث في دورة المياه المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 15/8/1424هـ السؤال ما حكم التحدث في دورة المياه؟. الجواب التحدث في دورات المياه ليس من الآداب الإسلامية، وكرهه النبي - صلى الله عليه وسلم - ونهى عنه، انظر ما رواه أو داود (15) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وإذا كان الكلام مشتملاً على ذكر الله - تعالى - فإنه يصير محرماً، لأن ذكر الله - تعالى لا يجوز أن يكون في دورات المياه ونحوها تنزيها لله - جل وعلا -، والله ولي التوفيق.

هل تجوز هذه العبارة (نفسي فداك) ؟

هل تجوز هذه العبارة (نفسي فداك) ؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 28/09/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ.. يطلق بعض الناس كلمات قد تقدح في عقيدته، مثل قولهم: وقتي فداك، وروحي فداك، ومثل هذه الكلمات. وقد سمعت الشيخ أحد المشايخ ينهى عن ذلك. وهذا جهل بالعقيدة، فلا يكون الإنسان فداء إلا لله ورسوله في حياته، أو كما قال -رحمه الله- أرجو الإفادة، وبارك الله فيكم، علمًا أن أكثر من يقول هذه الكلمات هم الأزواج، وربما تكون عن حسن نية ومحبة للزوج. الجواب الحمد لله، قول الرجل: نفسي فداك، أو وقتي فداؤك. هو كقول الرجل: فداك أبي وأمي. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم- لبعض أصحابه، رضي الله عنهم: "فداك أبي وأمي". وهذه من عبارات التعبير عن التقدير، والحب، والتشجيع على فعل ما يرضاه المفديُّ ويعجبه، فإن كان التشجيع على فعل مرضي لله كان هذا حسنًا، وإن كان على فعل محرم، كان هذا التشجيع حرامًا، وإن كان على أمر عادي، ليس له أهمية، وليس فيه كبير مصلحة، فلا ينبغي المبالغة في المدح والتشجيع، فمثل هذه العبارة: فداك نفسي، فداك أبي وأمي. لا يليق إلا أن تكون تشجيعًا على الأعمال المجيدة المرضية النافعة لا على الأعمال التافهة، فضلاً عن الأعمال القبيحة، أو المنكرة، وللناس في هذا مشارب ومذاهب، فينبغي للمسلم أن يكون معينًا على أفعال الخير ناهيًا عما لا خير فيه، نَعَمْ النفس لا تبذل إلا لله سبحانه وتعالى- جهادًا في سبيله، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى- في كتابه على المجاهدين في سبيله الذين باعوا أموالهم وأنفسهم لله: (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:111] . والله أعلم.

حكم هذه العبارات ...

حكم هذه العبارات ... المجيب د. محمد بن سليمان الفوزان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 10/9/1424هـ السؤال ما حكم قول هذه الألفاظ: (شاءت الصدفة أن ألتقيك) . (هذا فلان الغني عن التعريف) . (فلان يوارى في مثواه الأخير) . (إن هذا الطعام سيئ الطعم) . مع بيان الدلي الجواب هذه العبارات في المقاصد منها عدة احتمالات، والحكم فيها على التالي: (شاءت الصدفة أن ألتقي بك) : الأولى تركها؛ إذ نسبة المشيئة إلى الصدفة نسبة في غير موضعها إذ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فهذا الكون جميعه لا يتحرك إلا بمشيئة الله وإرادته، كما أن هناك فرقاً بين هذه العبارة وقول المرء: قابلتك مصادفة يريد من غير موعد ولا تحرٍ. (هذا فلان الغني عن التعريف) : الذي يظهر لي أنه لا شيء فيها إلا في حالتين: الأولى أن تقال بحضرة المعرّف به، ويخشى عليه الاغترار بذلك. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحثى في وجوه المداحين التراب فيما رواه مسلم (3002) من حديث المقداد بن عمرو -رضي الله عنه-. وقال - صلى الله عليه وسلم- لآخر: "ويلك قطعت عنق صاحبك" رواه البخاري (2662) ، ومسلم (3000) من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه-. والحالة الثانية إذا قيلت في حق من ليس بذاك، ممن يحتاج إلى التعريف، إلا عند شرذمة من الناس فهذا من الكذب. (فلان يوارى في مثواه الأخير) : هذه العبارة الأولى تجنبها إذ القبر ليس هو المثوى الأخير، ففيه وبعده من الأهوال ما الله به عليم، أما إن كان غالب من يقولها يريد عمن قيلت عنه أنها تمت أيام دنياه فهذا صحيح. (هذا الطعام سيئ الطعم) : إن قيل ذلك على سبيل الإخبار فهذا لا شيء فيه، وإن قيل على سبيل العيب والتنقّص، وازدراء النعم فهذا لا ينبغي؛ فما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، كما في الحديث الذي رواه البخاري (3563) ، ومسلم (2064) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

ما مشروعية الوصف بملتزم

ما مشروعية الوصف بملتزم المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 19/5/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أريد أن أسأل عن بعض التسميات المنتشرة في كثير من المجتمعات، هل لها من أصل وهل تنصحون بها؟ وهي أمثال: فلان ملتزم وفلان غير ملتزم، فهل لها أصل في الكتاب والسنة.. الذي أعلم أن التسميات التي أقرها الله في كتابه أو رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنته هي المعروفة - المؤمن والفاسق والمسلم والمنافق والكافر - وغيرها مما لا يحضرني الآن. أريد أن أبين يا فضيلة الشيخ أن أمثال هذه التسميات جنت على كثير من الناس، حيث إن بعضهم تجدهم يحجمون عن الدعوة إلى الله، وعن عمل بعض الأعمال الصالحة بحجة أنه غير ملتزم، والبعض الآخر لربما استحى أن ينكر منكرا - وهو من الواجب على كل مسلم - بحجة أنه غير (مطوع) ، واعذرني على تجاوزي، ولكن هذا هو الواقع وللأسف..! أرجو بيان أصل مثل هذه الكلمات، وهل تنصحون بإطلاقها على عمومها؟ ثم هل لنا نحن أن نحكم على الناس بالاستقامة؟ وهل الشكل الخارجي - الثوب، اللحية - تكفي لإطلاق حكم عام على الشخص؟ .. ولكم خالص تقديري وفائق احترامي. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: ما تسأل عنه جدير أن يسأل عنه، لتصحيح ما شاع بين الناس من تقسيمات غير فاحصة، وتسميات لم ترد في الشرع، اعتمد -وللأسف الشديد- على ما يبدو من الشعائر الظاهرة كاللحية وتشمير الثياب ونحو ذلك. ولا أعلم أن الشرع قد جاء بهذه التسميات (ملتزم، غير ملتزم) ولا أنه صنّف الناس تعويلاً على بعض الشعائر الظاهرة كاللحية والثوب القصير، إنما الذي جاء في الشرع هو الوصف بمؤمن، كافر، صالح، فاسق، فكل من ظهر للناس عدالته، وعفته، ولم يعرف عنه إصرار على معصية فهو صالح، ومن عرف عنه تساهل في أداء حقوق الناس، أو إصرار على معصية، أو غلب شره على خيره فهو فاسق، ولو رئي عليه بعض الشعائر الظاهرة كإرخاء اللحية أو تقصير الثياب. والمهم هو أن نؤلف بين المسلمين لا أن نبحث عما يفرقهم، فثم قاعدة مشتركة بين الصالح؛ ومن هو دونه تجمعهم جميعاً؛ ألا وهي قاعدة التوحيد والإيمان وهي متحققة في المسلمين الموحدين، ولابد أن نثني على ما في الإنسان من خير وإن ظهر عليه بعض التقصير لكي نشعره بأن له دوراً في خدمة الإسلام، والدفاع عن قضاياه، والدعوة إليه ونصرته فهو مؤهل لذلك بقدرما فيه من الخير والصلاح. أما التقسيمات فمؤداها أن تظل فئة واسعة من الناس خارج حدود العمل لهذا الدين، منهمكة في قضاياها الشخصية لا يعنيها غيرها؛ لأنهم شعروا أو أشعروا أنهم ليسوا أهلاً للدعوة، وليس لهم من الأمر شيء، إنما الأمر مسؤولية من يطلق عليهم وصف (الملتزمين) . والله أعلم.

عبارة: "أنا واثق بنفسي" هل تنافي التوكل؟!

عبارة: "أنا واثق بنفسي" هل تنافي التوكل؟! المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 30/1/1425هـ السؤال ما حكم قول: أنا واثق بنفسي؟ خصوصا أنه ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وهل تدخل العبارة تحت عدم التوكل على الله؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إن كان الأمر يرجع إلى اطمئنان الإنسان لما يملكه من خبرات وقدرات علمية، أو إدارية، أو مهنية، وبسبب خبرته، وطول دربته بحيث يملك مثلاً الجرأة في التحدث، أو القيام بعمل معين يتقنه، فهذه ونظائرها لا يظهر فيها بأس. أما الممنوع فهو تزكية الإنسان نفسه واعتقاد ثقته بإيمانه وعمله، وأنه آمِنٌ وواثق من الفتنة، أو زيغ القلب؛ فهذه المعاني وأمثالها لا تتفق والأدلة الشرعية الدالة على المنع من التزكية "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى" [النجم:32] ، وحال النبي -صلى الله عليه وسلم-ودعاؤه بالثبات حيث كان أكثر دعائه صلى الله عليه وسلم "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" رواه الترمذي (2140) ، وابن ماجة (3834) من حديث أنس - رضي الله عنه - وعلى هذا سار السلف في اتهام النفس، والحط عليها والإزراء بها خوفاً من التعاظم والعجب والغرور. والله أعلم.

المدح المذموم والمشروع

المدح المذموم والمشروع المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 3/2/1425هـ السؤال قرأت في كتاب: أن مدح الأصدقاء بما فيهم من صفات جميلة من أهم أسباب زيادة المحبة بينهم ثم سمعت عن أحاديث للنبي - صلى الله عليه وسلم- تنهى عن مدح الشخص أمامه وربما حتى من خلفه؟ فما هو المدح المحرم وما الأدلة الواردة؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: الجواب: مدح الإنسان لأخيه المسلم له أربعة أحوال: الحال الأول: أن يمدحه بما فيه من خير، ويكون في مدحه تشجيع له على التمسك بما يتصف به من خير وخلق حسن. الحال الثاني: أن يمدحه بما فيه من خير ليبين فضله على الناس. فهذان الحالان يجوز فيهما المدح؛ ويدل عليهما مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر - رضي الله عنه - في أحاديث متعددة، ومنها ما رواه البخاري (1897) ، ومسلم (1027) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر - رضي الله عنه -: "أرجو أن تكون منهم" أي من الذين يدعون من جميع أبوب الجنة. وروى البخاري (6085) ومسلم (2397) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر - رضي الله عنه -: " ما لقيك الشيطان سالكاً فجَّاً إلا سلك فجاً غير فجِّك ". الحال الثالثة: أن يمدحه بما فيه لكن يخشى أن الممدوح يغتر بنفسه ويزهو ويترفع على غيره. الحال الرابعة: أن يمدح غيره ويغلو في إطرائه ويصفه بما لا يستحق، فهذان الحالان محرمان لما فيهما من الضرر على الممدوح، في الحال الرابعة زيادة على ذلك أنه كذب وخداع. ويدل على التحريم حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ويلك قطعت عنق صاحبك قطعت عنق صاحبك مرارا، ثم قال: من كان منكم مادحا أخاه لا محالة فليقل: أحسب فلانا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا، أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه " رواه البخاري (2662) ومسلم (3000) . وحديث همام بن الحارث أن رجلا جعل يمدح عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، فعمد المقداد - رضي الله عنه - فجثا على ركبتيه فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان - رضي الله عنه -: ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رأيتم المدَّاحين فاحثوا في وجوههم التراب " رواه مسلم (3002) . وقوله:" المدَّاحين" صيغة مبالغة من المدح، أي من يكثر من المدح ويبالغ فيه، أو يكون ممن يمدح دائما وبلا حاجة. والله أعلم، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عبارة (علشان خاطر ربنا)

عبارة (علشان خاطر ربنا) المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 02/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. هذا القول هل يجوز: (علشان خاطر ربنا؟) وما حكم قائله؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإنه لا يجوز أن تضاف بعض الكلمات إلى الله -تعالى-، وهي توهم معنى فاسداً، أو فيها سوء أدب مع الله - عز وجل-، وهذه العبارة المذكورة أعلاه هي من العبارات العامية الدارجة، والتي يصح أن تطلق على المخلوق لا على الخالق، وإن كان المتلفظ بها أراد معنى صحيحاً؛ تأدباً مع الله، وهنا ينبغي أن يقول المسلم بدلاً عن هذه العبارة: عمل هذا الأمر لله -تعالى-، أو نحو ذلك، وموقف المسلم تجاه من يتكلم بمثل تلك العبارات أن ينبه أخاه إلى هذا الخطأ، وأن يرشده إلى العبارات المناسبة بأسلوب حسن. والله -تعالى أعلم.

عبارة: "السلام على من اتبع الهدى"

عبارة: "السلام على من اتبع الهدى" المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 19/04/1425هـ السؤال كتبت في أحد المنتديات مقالاً وفي آخره عبارة (السلام على من اتبع الهدى) فأثار البعض زوبعة واتهموني باتهامهم بغير الإسلام، وأنا يشهد ربي أنني لم أقصد شيئاً من ذلك. فسؤالي: هل في مقولتي شيء من الخطأ أو المحرم؟ وإذا كان كذلك فماذا علي أن أفعل؟ أفيدونني بدليلٍ -جزاكم الله خيراً- أحاج به لنفسي عند إخواني. وجزاكم الله عني وعن المسلمين خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالسلام على الناس بصيغة: السلام على من اتبع الهدى، لا تقال إلا في حق الكفار، أو إذا اجتمع في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والكفار، أما المسلم فلا يسلم عليه بقول: السلام على من اتبع الهدى، لأن المسلم من المتبعين للهدى بإسلامه، وهذه الصيغة ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يستعملها إلا في حق الكفار، أو إذا مرّ بمجلس فيه أخلاط من المسلمين واليهود والمشركين، وعلى كل حال إذا وقع هذا من شخص فإنه يعلّم ويرشد إلى الصيغة الصحيحة في السلام على المسلمين، ولا ينبغي أن تُحمّل الأمور أكثر مما تحتمل كما ذكر هذا السائل.

عبارة (باسم الشعب)

عبارة (باسم الشعب) المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 23/10/1425هـ السؤال ما حكم تصدير العقود الرسمية بعبارة (باسم الشعب) ؟ حيث إن القانون في بلادنا يتطلب إصدار الأحكام والعقود الرسمية، وافتتاح جلسات المحاكم، وإصدار الصيغ التنفيذية للأحكام والسندات التنفيذية باسم الشعب. أولاً: استبعاد أي معنى للتبرك بمثل هذه العبارة مما يقصد من تسمية الله تعالى- عند ابتداء الأمور ذات البال. ثانيًا: إن من المعاني التي قصدها القانون بمثل هذه العبارة هي إعلان أن مُصدر هذه الأحكام أو العقود هو مخوَّل من قبل صاحب السلطة (الملك أو الشعب حسب النظام) بإصدارها. فهل تجوز مثل هذه العبارة؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فشكر الله للسائل حرصه واجتهاده، وتحريه ومحاولته الوصول للصواب، وقول الإنسان باسم الله معناه يتضح بمعرفة متعلق الجار والمجرور، فقد يكون باسم الله أذبح أو آكل، أو أحكم، وكذلك إذا قال: باسم الشعب أو باسم الطلاب. فالمعنى: أتكلم باسمهم وأطلب باسمهم. يعني نيابةً عنهم، وعليه فإن كان الفعل مما يجوز أن يتولاه من يتكلم باسمه، فالأمر في هذا واسع، وإن كان مما لا يجوز لغير الله، كالحكم (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ) [الأنعام:57] . (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة:44] . فهذا لا يقال فيه: باسم الشعب. كما لا يقال: باسم الشعب تحكم بالإلزام. إذ الحكم حق محض لله، وأما أن الحاكم يحكم بمذهب معين فهو يحكم بما يعتقده حكمًا لله في القضية وإن خالفه غيره، ولا يحكم باسمه هو، وكذلك الإنزال على حكمه يعني اجتهاده في حكم الله، بهذا يتضح المعنى والمراد، مع أني أحب للمسلم أن يربأ عن التشبه بمن يتمتم بالشعارات التي قد لا تصدق دائمًا. والله الموفق.

هل هذه العادة بدعة؟

هل هذه العادة بدعة؟ المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 12/01/1426هـ السؤال رأيت كثيراً بعض الناس يقول عقب الصلاة الفريضة: "تقبل الله". فيجيب الآخر: "منا ومنكم صالح الأعمال". هل هذه العادة سنة؟ هل ورد حديث يقول فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا بعد الصلوات الخمس؟ إذا كانت الإجابة: نعم، الرجاء أرسلوا لي هذا الحديث لو سمحتم. إذا كانت الإجابة: لا، أليس هذا الفعل يعتبر بدعة لقوله عليه الصلاة والسلام: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"؟ علماً بأني رجل هندي أعمل في السعودية. لم أر هذه العادة عندنا في الهند. أفيدوني أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذه اللفظة - تقبَّل الله- ليست سنة وليست بدعة، بل إذا قالها المسلم لأخيه لا على سبيل التعبد المستمر، بمعنى ألا يستمر بعد كل صلاة فلا حرج، ولكن الممنوع أن يداوم عليها؛ لأنه لا ينبغي التعبد لله إلا بما شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لقوله عليه الصلاة والسلام: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أخرجه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" أخرجه أبو داود (4607) ، والترمذي (2676) ، وابن ماجه (42) . فهنا - يا أخي الكريم- فرق بين قولها دعوة للشخص مرة أو مرتين أو ثلاثاً، لكن ليس مستمراً بعد كل صلاة، فهذا دعاء عادي لا حرج فيه؛ لأن الأصل في الدعاء المشروعية، وبين أن يحافظ عليها الشخص بعد كل صلاة ويدعو بها تعبداً لله وكأنها جزء مما يقال بعد كل صلاة، وهذا هو الممنوع، وينبغي أن تعلم - بارك الله فيك- أن بعض الأمور التي يفعلها الناس هنا مثل التحية بعد الصلاة أن ذلك من قبيل العادات وليس من قبيل العبادات، زادك الله حرصاً، ووفقك الله للهدى والصواب، ورزقنا وإياك العلم النافع، والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

نظم الشعر

نظم الشعر المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 11/03/1426هـ السؤال أنا أحب كتابة الأغاني كهواية لنفسي وليس أكثر، فما الحكم في ذلك؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما تقصده هو كتابة الشعر، والشعر كبقية الكلام، ولا يختلف عن النثر، فحسنه حسن، وسيئه سيئ، وإذا خلا من فاحش القول ومنكر الكلام، وانضبط بضوابط الشرع، فلا بأس، بشرط ألا يكون مضيعاً لوقت الإنسان، صاداً عن ذكر الله وعن الصلاة، والله يقول عن الشعراء: "والشعراء يتبعهم الغاوون ... " [الشعراء:224] ، ثم قال: "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا" [الشعراء:227] ، فاستثنى من تحققت فيهم هذه الصفات، ومنها من ذكر الله كثيراً، عمل الصالحات، فاحذر أن يلهيك نظم الشعر عن ذكر الله وطاعته. والله أعلم.

زوجها يمنعها من الرد على الهاتف

زوجها يمنعها من الرد على الهاتف المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث التاريخ 12/06/1426هـ السؤال زوجي غيور جداً، وفي بعض الأحيان يبالغ كثيراً، فيمنعني من الرد على الهاتف إلا إذا كان هو المتّصل. فهل هو على صواب؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذه غيرة مفرطة، فإجابة المرأة على الهاتف ليست محرمة في ذاتها، إلا إذا خضعت المرأة في حديثها بالقول، ثم كيف يعلم أن المتصل رجل وليس امرأة؟! أليس في منعه إياك من الرد فتنة له حين يكون المتصل امرأة؟ ما موقفه إذا ردَّ هو على الهاتف فحادثته امرأة؟ ألا يخشى أن تثور غيرتك عليه كما ثارت غيرته عليك؟! فينبغي لزوجك أن يعلم أن النساء في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كن يحادثن الرجال عند الحاجة، وكن يحادثن النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة من حوله يسمعونهن، ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يأمرهن ألا يحادثنه إلا سراً حيث لا يسمعهن أحد. فلو كان مجرد سماع الرجال لصوت المرأة حراماً لكان النبي - صلى الله عليه وسلم- ينهى النساء أن يسألنه بحضرة أحد من غير محارمهن. فلما لم يصح في ذلك نهي دل ذلك على أن رد المرأة على المتصل ليس بحرام، مالم تتعدَّ المرأةُ حدود الشرع بمضاحكة أو خضوع بالقول. والله أعلم.

هموم الشباب

حكم العادة السرية للضرورة المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/هموم الشباب التاريخ 27/3/1422 السؤال أنا طالب في كلية الطب، وفي بلادنا لا توجد كليات غير مختلطة. فبحكم دراستي، وبرغم غض البصر، إلا أن الشاب منا يرى المتبرجات المتزينات بغير قصد ولا إرادة، ثم إن هذه الصور تتراكم في الذهن وأدفعها قدر الإمكان، لكني أحياناً أجد فوراناً للشهوة حتى ربما استمر معي الأمر يومان أو ثلاثة يصحب ذلك تغير في المزاج، وضيق. وإذا كان الاستمناء محرماً، وهذا ما أدين الله به، فهل يجوز في هذه الحالة من باب الضرورة؟ وأفيدكم يا شيخ أني راجعت التفاسير وعلمت أن المفسرين يقولون في قوله تعالى ((فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)) أن الاستمناء من هذا. فأنا يا شيخ في حيرة، ولا أدري ماذا أفعل، وأسألك يا شيخ أن ترشدني أيضاً للمصادر التي ذكرت هذه المسألة بتوسع. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وجزاكم الله خيراً. الجواب الاستمناء كثر السؤال عنه في هذا الزمن الذي كثر فيه داعي الفساد، وتنوعت فيه وسائل الإغراء، فوجب التفصيل فيه. ذلك أن مريده إما أن يكون أراده لضرورة، وإما أن يكون لغير ضرورة، فإن كان لضرورة كما لو خاف الزنا، أو خاف مرضاً إن لم يفعله فهو مباح له بإجماع الأئمة، لأنه أخف المفسدتين. ونقلت طائفةٌ إجماع العلماء عليه، إلا أن بعضهم يشترط عدم قدرته على الزواج أو التسرّي. وإن كان أراده لحاجة، كما لو أراده للتلذّذ؛ فقد قال بتحريمه جماهير العلماء، أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأصحابهم، وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وأجازه في الرواية الأخرى مع الكراهية. والتجويز منقول عن ابن عمر وابن عباس، والحسن، ومجاهد وعمرو بن دينار، وبه قال ابن حزم. وقد تمسك من قال بتحريمه بخمسة أمور: أحدها: قول الله تعالى: ((والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)) ، فإن الله أباح أولاً الزوجة والأمة، ثم حرم ما عداها بقوله: ((فمن ابتغى وراء ذلك)) . والجواب: أن الله تعالى ذكر المباح وهو الزواج والتسري، وذكر المحرم من جنس ما أباحه هنا، (وهو النساء بلا زواج أو تسرٍّ) . وهذا التفسير وإن لم يغلب على الظن عند تأمل هذه الآيات، فهو تفسير محتمل، وحينئذ فالتفسير الأول واحد من احتمالين، فلا يكون قاطعاً. الثاني: حديث عبد الله بن مسعود في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) ، فلو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه العاجز عن الزواج، لأنه أسهل من الصوم. والجواب: أنه لا يلزم الإرشاد إليه لما فيه من الوضاعة.

الثالث: حديث أنس مرفوعاً: ((ملعون من نكح يده)) وفي لفظ: ((سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيمة ولا يجمعهم مع العالمين، ويدخلهم النار أول الداخلين إلا أن يتوبوا: الناكح يده..)) . والجواب: أن هذا حديث أخرجه الحسن بن عرفة في جزئه، ومن طريق ابن الجوزي، من طريق مسلمة بن جعفر، عن حسان بن حميد، عن أنس مرفوعاً. ومسلمة وشيخه مجهولان. وأخرجه أبو الشيخ وغيره من طرق عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً، والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث. الرابع: حديث أبي سعيد مرفوعاً: ((أهلك الله عز وجل أمة كانوا يعبثون بذكورهم)) . والجواب: أن هذا حديث أخرجه ابن الجوزي في (العلل المتناهية) بإسناد فيه مجاهيل، فلا حجة فيه. الخامس: أن المستمني يُعد فاعلاً بنفسه، ولهذا لجأ بعض من جوّزه إلى تقييده بأن يكون بشيء منفصل عن اليدين، كالقماش والعجين ونحو ذلك، حتى لا يكون من فعل هذا ناكحاً نفسه. الجواب: أن هذا تعليل مروي عن ابن عمر، وليس عليه دليل، بل الدليل والحس على خلافه، فإنه لا يسمى في الشرع ولا في اللغة نكاحاً، وقد أجمع العلماء على أن من فعل مثل ذلك بيد أجنبية أنه لا حدّ عليه. والمروي عن ابن عمر إن صح فإنما أراد به التنفير. فعُلم بذلك أنه ليس في المسألة دليل يمكن الاعتماد عليه في التحريم، إلا أنه عمل لا تقبله النفوس الكريمة، ولا يقدم عليه امرؤ ذو مروءة وشيمة. قال القرطبي: لو قام الدليل على جوازه كان ذو المروءة يعرض عنه لدناءته، وقال ابن حزم - وهو يرى الإباحة مطلقاً -: وليس في الأدلة ما يحرم تعمد الإنزال، فقد قال تعالى: ((وقد فصّل لكم ما حرم عليكم)) . وليس هذا مما فصل، فهو حلال، إلا أننا نكرهه، لأنه ليس من مكارم الأخلاق ولا من الفضائل، والله تعالى أعلم.

فعلت العادة السرية وأنا صائم

فعلت العادة السرية وأنا صائم المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/هموم الشباب التاريخ 17/09/1425هـ السؤال فعلت العادة السرية في نهار رمضان ناسياً أني صائم. فلما انتهيت تذكّرت أني صائم، فماذا عليّ؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: يحرم على المسلم استعمال العادة السرية في رمضان وفي غيره؛ لقوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون". والذي يعمل العادة السرية ابتغى وراء ذلك فهو عادٍ، وإذا فعلها المرء في أي وقت فإن عليه التوبة، وذلك بالإقلاع والندم على ما فرط منه، والعزم على أن لا يعود. والله تعالى يتوب على من تاب. وإذا كان فعله هذا في نهار رمضان وهو صائم فعليه مع التوبة قضاء ذلك اليوم، ولا يلزمه سوى ذلك، فلا يلزمه كفارة لهذا الفعل؛ لأن الكفارة تلزم بالجماع الذي يحصل به إيلاج.

أضرار العادة السرية ووسائل علاجها

أضرار العادة السرية ووسائل علاجها المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/هموم الشباب التاريخ 7/2/1423 السؤال أنا شاب أبلغ من العمر تسع عشرة سنة، وكنت أمارس العادة السرية منذ أن بلغت، ولم أكن أعلم بحرمتها ولا مضارها إلا منذ زمن قريب، وبعد ذلك حاولت التخلص منها بشتى الوسائل، ولكن دون جدوى، فكرت في الزواج، ولكن حالتي المادية لم تسمح بذلك فأنا أمتلك القوة الجسمية أما المالية فلا. بدأت أبحث عن المواقع الإباحية في الإنترنت، وكلما خرجت منها أو استخدمت العادة السرية بكيت ودعوت الله بالمغفرة، ولكن سرعان ما أرجع إليها في اليوم التالي، مستواي الدراسي انخفض وآثار العادة بدأت تظهر علىَّ، وأملي فيك كبير بعد الله أن تخلصني من هذه المشكلة -وجزاك الله خيراً. الجواب أخي الكريم قرأت رسالتك، وآلمني ما أصابك، واعتصر قلبي وأنا أقرأ حزنك من وقع الكلمات -أعانك الله وربط على قلبك-، وقد أدركت معاناتك، وإليك الجواب: أولاً: أن تعلم أن ما أصابك من الذنوب هو مقدر عليك، ولعل ذلك بسبب تقصيرك في أمر ربك، وذلك أن تكون عقوبات لذنوب سبقت أو لتقصير في حمل النفس على الطاعات. ثانياً: أنت على خير -إن شاء الله- في محاولاتك، وحزنك، وتألمك على ما حصل منك، وهذا يدل على إيمانك ورجائك لما عند الله، وخوفك من عقابه. ثالثاً: أنت قادر وتملك جميع الوسائل لإصلاح نفسك، وإياك أن تعتقد أن محاولاتك السابقة الفاشلة أفقدتك القدرة، فإن الشيطان يريد منك أن تصل إلى مرحلة اليأس من صلاح حالك، وعند ذلك تفرح عدوك على نفسك. رابعاً: منهج التغيير أنت وصلت إلى هذا المنحدر بالتدرج، فالصعود إلى القمة سيكون بالتدرج أيضاً، أغمض عينيك واسترخِ في مكان خالٍ، وقل في قرارة نفسك أنا قادر على إصلاح نفسي، أنا رجل، ولدي القدرة على النجاح (عشرين مرة) يستوطن في عقلك الباطن قدرة تخرج عقدة الفشل، وغير حالك ونظامك في جميع ساعات الاستيقاظ، ابتعد عن الإنترنت، وقل:"سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِيْ الْجَاهِلِيْنَ" [القصص:55] ارتبط بعمل يشغل وقت فراغك سواء في أمر دين أو دنيا، صارح نفسك، وخاطب عقلك كم مرة فعلت هذه الفعلة، وكانت البداية شهوة فأصبحت عادة مالكة لك تقوم بها بلا لذة، فأصبحت عبداً لها، فهل يفعل العاقل ما يضره ولا ينفعه؟ كنت تمارسها وأنت ثائر تغالبك الشهوة، واليوم عادة تسيرك فتمارسها فتدفعك إلى مثلها، وهكذا تدور في حلقة مفرغة، تذكر اللذَّات الماضيات، هل تسعدك الآن أم تشقيك؟ فهل من العقل والحكمة أن يفعل ما يندم المسلم عليه في الدنيا قبل الآخرة، فالصبر عن الشهوة أيسر من الحزن ومعالجة التوبة.

أخي أراك تسكب الزيت على النار، وتقول: لماذا تشتعل هذه النار، كيف تقوم باستدعاء المواقف والصور من خيالك وأرشيف عقلك وتتلذذ بذلك فيعظم سلطان الشهوة ويثور بركان الرغبة لهذه الفعلة -سبحان الله- ما هكذا يكون العلاج إذا مر بخاطرك مشهد يؤثر عليك فاقطع حبل الخيال، وقم واخرج من المكان، واعمل ما يصرفك كأن تتصل بالهاتف أو تخرج بالسيارة، وأما مشاهدتك للصور عبر الإنترنت فهذا يحتاج إلى استئصال، غض بصرك عن النظر إلى من تحب، ولا تغشى المواقف التي تستثار فيها شهوتك كالأسواق، وأمام المدارس، أو في مدرستك، أو في المناسبات، احرص على قراءة القرآن، وطول المكث في المسجد، والمبادرة إلى الصلاة، وكثرة زيارة المقابر وتشييع الموتى، وحاول أن تربط نفسك بالصالحين من عباد الله الذين تجد في أخلاقهم حُسْناً، أكثر من ذكر الله في خلوتك، وصل على محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأكثر من ذلك. وهناك وسائل خاصة جداً: لا تأوِ إلى الفراش إلا إذا غلبك النوم، لا تنم وحدك، ولا تجلس في الحمام إلا بقدر الحاجة، وادخل وأنت خائف، فإذا خرجت وسلمت فافرح، واحمد ربك، ولا تلبس من السراويل ما فيه فتحة من الأمام، ولا تنم إلا على طهارة وعلى جنبك الأيمن، ولا تنم على بطنك، والبس من السراويل ما هو واسع، وإياك والضيق والقصير، وابتعد عن جميع الكتب والمجلات والصور والمحالّ التي تذكر بما فيك، وإياك والتحدث للآخرين عن عملك، واستتر يستر الله عليك. وإني أختم رسالتي إليك بآية من كتاب الله، وحديث من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال الله -تعالى-: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِيْنَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوْا مِنْ رَحْمَةِ اللَهْ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيْعَاَ" [الزمر:53] ، بل يبدلها لك حسنات -إن صدقت توبتك-، "وَالَّذِينَ لا يَدْعُوْنَ مَعَ اللهِ إِلهاً آَخَرَ وَلا يَقْتُلُوْنَ النَّفْسَ الَّتِيْ حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحقِّ ولا يَزْنُونَ ومَنْ يَفْعَل ذلِكَ يَلْقَ أَثَاماً" إلى قوله "إلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صَالحِاً فَأُولئِكَ يُبِدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِم حَسَنَاتٍ وكَانَ اللهُ غفُوْرَاً رَحِيْماً" [الفرقان:68-70] . وأما الحديث فهو بشرى لك ما دمت تجاهد نفسك. ولفظه: "أذنب عبد ذنباً، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي ربِ اغفر لي ذنبي، فقال الله -سبحانه-: عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربِ اغفر لي ذنبي، فقال الله: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت، فقد غفرت لك" أخرجه مسلم (2758) . والله أسأل أن يحفظك من نفسك والشيطان، ويقر عينك بالاستقامة على الصراط المستقيم. ملاحظة: في حكم استعمال العادة السرية خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إنها مباحة، وقال آخرون: إنها مكروهة، وقال جمع: إنها محرمة، والراجح أنها مكروهة وعند الاضطرار إليها، فهي في حكم المباح، لكن الإدمان عليها له عواقب سيئة جداً.

المختبر يسمع بداية الإجابة

المختبر يسمع بداية الإجابة المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/هموم الشباب التاريخ 18/4/1424هـ السؤال في بعض الاختبارات يكون الطالب عارفاً للمعلومة بجميع تفاصيلها، ولكنه لا يتذكرها إلا إذا سمع بداية الجواب، فهل إذا سمع أحد الطلبة يعطي لآخر الإجابة، وبذلك يكون قد تذكر بداية الجواب، وبه يستطيع أن يكمله؛ فهل يكتب الجواب أم يترك السؤال دون إجابة، علماً أنه يعرفه ولكنه نسي مقدمته؟ والجواب يجب أن يكون متكاملاً بتفاصيله وإلا كانت الإجابة خاطئة، فالسؤال مترابط بعضه مع بعض. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه وبعد: فالجواب: طالما لم يكن لك سبب في أخذ المدخل إلى جوابك، وأن ما سمعته لا يعدو أن يكون جملة بسيطة مثلا، وأن السائل على علم بها لكنه نسي هذه الجملة، طالما الأمر كذلك؛ لا أرى من حرج من هذه الاستفادة من التذكير بها على نحو السؤال والله أعلم. وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

استلام وإرسال الصور الخليعة

استلام وإرسال الصور الخليعة المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/هموم الشباب التاريخ 15/10/1423 السؤال 1) ما هو الحكم الشرعي في استلام وإرسال الصور الخليعة أو المواضيع الساقطة؟ 2) هل يجوز إعادة إرسال البريد المستلم إلى غيرك من الشباب من غير قراءته؟ 3) ما هو حكم نشر ونقل عناوين لمواقع مفيدة ولكنها تحتوي في نفس الوقت على عناوين لمواقع إباحية؟ وما هو الضابط في نشر العناوين؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: (1) لا يجوز استلام وإرسال الصور الخليعة أو المواضيع الساقطة، وكذلك جميع المواضيع المشتملة على أمور محرمة من شبهات وشهوات، ومن فعل ذلك فهو شريك في الإثم وقد قال -سبحانه-:"ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] . (2) إعادة إرسال البريد في الأصل جائز إذ الأصل حسن الظن بالآخرين ولا يضر إذا كان البعض يستخدمه استخداماً سيئاً، إلا إذا علم أن الأغلب هو كذلك، أما قراءته فلا تجوز إلا بإذن صاحبه، والأصل في البريد الخصوصية وقراءته والحال كذلك هي من قبيل التجسس المنهي عنه في قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا" [الحجرات: 12] . (3) الضابط في كل ذلك هو غلبة المصالح على المفاسد فإذا تم ذلك وتعينت المصلحة وكانت المفسدة مظنونة أو أقل تُحُمِّلت المفسدة الدنيا لأجل المصلحة العليا، فيكون الأمر مباحاً، فإذا كانت الدلالة على المواقع الخيرة هي الأصل فإن ذلك داخل في قوله -عليه السلام-:"الدال على الخير كفاعله" رواه الإمام أحمد (22360) ، والترمذي (2670) ، وتحمل الضرر اليسير لأجل النفع الكثير، إذا لم يمكن فصلهما، أما في حال غلبة المفسدة فلا يجوز وهو من الدلالة على الضلالة الداخل في قوله -عليه السلام-:"ومن دل على ضلالة كان عليه إثم من تبعها" مسلم (2674) أما إذا اشتبه الأمر فالأولى تركه لأن منع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

حقوق الوالدين والأقارب والأرحام

ما يستفيد منه الميت من عمل الحي المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 16/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي: ما هو الشيء الذي أقوله أو أعمله، ويستفيد منه والدي المتوفى -رحمه الله-؟ أرجو منكم إرسال أمثلة عن بعض تلك الأمور. ولكم جزيل الشكر. الجواب أهم شيء يعمله الإنسان، أو يقوله هو: الدعاء له، "رب اغفر لي ولوالدي" [نوح: 28] ، "رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" [الإسراء: 24] ، وما شابه ذلك من الأدعية، وأما العمل فما ورد فيه الدليل هو الحج والعمرة، والصدقة، وصلة الرحم التي توصل عن طريقهما، وإكرام صديقهما، هذه هي الأعمال التي يقوم بها الولد براً بوالده أو والدته، والله أعلم.

حقوق المحرم من الرضاعة

حقوق المحرم من الرضاعة المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 26/1/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. هل زيارة المحرم من الرضاع واجبة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فأقول وبالله التوفيق: ليست زيارة المحرم من الرضاع واجبة بل هي مستحبة، كغيره من الأقارب غير الرحم، أما إن كان المرضع من ذوي الرحم فصلته وزيارته واجبة، لكونه من ذوي الأرحام حيث جاء التأكيد على صلة الرحم والذم على قطيعتها قال تعالى:"والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل" [الرعد: 21] ، وقال تعالى:"وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض" [الأحزاب: 6] ، وكما جاء في الحديث:"إن الله قال للرحم لما عاذت به أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك" البخاري (4832) ، ومسلم (2554) ، وقال الله تعالى في ذم القطيعة: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" [محمد: 21] ، أما إذا كان المرضع ليس من ذوي المحارم فزيارته مستحبة، وكذا صلته وبره بما له على الرضيع من الفضل والإنعام إذا كان متبرعاً، أما إذا كانت الظئر وزوجها يأخذان أجراً مقابل إرضاعهما فنعمتهما وفضلهما أقل، ولكن تثبت لهما بذلك المحرمية إذا كان الرضاع في الحولين وبلغ خمس رضعات، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تمنع أبناءها من زيارة إخوانهم

تمنع أبناءها من زيارة إخوانهم المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 27/3/1425هـ السؤال أنا امرأة متزوجة من 21 سنة، وزوجي لديه زوجة أخرى من بلد آخر، ولدي أبناء، وكذلك زوجته الثانية، ولكن مع الأسف أن أولادي لا يلتقون بإخوانهم من أبيهم؛ وذلك بسبب أن زوجة أبيهم تمنع أولادها من زيارتنا، وكذلك لا يريد أبنائي زيارتهم، في السابق كان أولادي يذهبون بين الحين والآخر. مع العلم أنها هي أيضا لا تزور أهل زوجي ومنقطعة عن جميع الناس. ودائما تظن أن الجميع يريد أن يؤذيها، مع أننا -والله العالم- عندما كانوا يأتون لزيارتنا سابقا كنا نكرمهم ونهديهم الهدايا ونعاملهم أحسن معاملة. فهل يجوز لها منع الإخوان من رؤية بعضهم؟ وهل يأثم زوجي بالرضوخ لها؟ وهل يعتبر هذا قطع رحم؟ مع العلم أن أولادي بعضهم أكبر من أولادها. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فإن صلة الرحم واجبة، - كما دلت على ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية-؛ قال الله -تعالى-: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" [محمد:22] ، وفي الصحيحين البخاري (4832) ، ومسلم (2554) ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله - عز وجل- خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة؟ قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك" ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقرؤا إن شئتم: " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" [محمد:22-24] ، وفي الصحيحين البخاري (5984) ومسلم (2556) عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل الجنة قاطع"، قال ابن أبي عمر: قال سفيان: يعني قاطع رحم، فالواجب عليك وعلى الزوجة الثانية أن تسعيا بما يعين أولادكما على صلة بعضهم لبعض، وألا يتهاجروا أو يتدابروا أو يتقاطعوا، فمهما طال الزمان أو قصر فهم إخوة من الأب، كما أنه يجب على الزوج أن يأمر أولاده بأن يصل بعضهم بعضا، ويسلم بعضهم على بعض، ويتصاحبوا ويتزاوروا ولا يتقاطعوا، فإن حصل من بعضهم ذلك فهو منكر يجب على الأب أن يغيره ما استطاع وبحسب طاقته، وألا يسكت عليه ولا يقره، بل ينصح أولاده، ويأمرهم بالصلة ويحملهم على ذلك، كما أنه لا يجوز للزوجة الثانية أن تمنع أولادها من زيارة أولادك والاختلاط بهم، ولكن لعل في ذهنها شيء أو في قلبها عليك شيء، ولعلك تذهبينه بإهدائها والإحسان إليها والتودد لها، فإن الهدية تذهب غل الصدور، وتزيل وحشة القلوب، وتقرب النفوس، وتزيد المحبة، وتعظم الألفة؛ كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم- حين قال: "تهادوا تحابوا" رواه مالك (1685) والبخاري في الأدب المفرد (463) . وفقك الله وزوجك وذريتكما لكل خير، وجمع قلوبكم على طاعته ومرضاته؛ إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل أصل أقاربي وعندهم القنوات الفضائية؟

هل أصل أقاربي وعندهم القنوات الفضائية؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 9/11/1422 السؤال مشكلتي أن معظم أقاربي لديهم الدش، وأنا أخاف على أبنائي، وأخاف على علاقتي بأهلي، والزيارات عادة تكون طويلة، فكيف العمل؟ هل أمتنع عن زيارتهم حيث المناصحة لم تنفع؟ الجواب عليك أن تزور أقاربك وتصل رحمك وتنصحهم عما يشاهدونه من قنوات لتلتزم بآداب الإسلام وأخلاقه، وتكون زيارتك ليست في الأوقات التي يكون فيها أقاربك يطالعون هذه الدشوش، ويعرّضون أهلك أو أولادك لمطالعتها، فتزورهم في الأوقات التي لا يكون فيها مثل عرض تلك الأفلام والقنوات التي لا تتفق مع أحكام الإسلام، واحرص على نصيحتهم ودعوتهم إلى الخير.

صلة الرحم غير المحارم

صلة الرحم غير المحارم المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 24/1/1424هـ السؤال كيف تكون صلة الرحم بين الرجل وبنات عمه، حيث أنه ليس محرماً لهن؟ الجواب نعم ابن العم، وابن الخال ليسا من المحارم وإن كانا من أولي الأرحام ومن الأقارب، ويعتبران أقارب للإنسان ويجتمع الإنسان مع قريبه برحم من الأجداد، وصلة الرحم لا تستدعي أن الإنسان يختلط ويخلو بمن ليست من محارمه كبنت العم، فإنها وإن كان بينها وبينه رحم وتجب صلتها؛ إلا أن هذا لا يبيح له أن يخلو بها، أو أن ينظر إلى شيء من بدنها فإنها أجنبية منه من حيث العورة لكن يصل رحمه بمثل هؤلاء النساء بالإحسان إليهن وبزيارة بناته وزوجته لهن، وإذا كان عنده هدايا أو أشياء ونحوها أو مناسبات فإنه يدعوهن لحضور مناسباته في منزله للاجتماع مع نسائه، لا أن يجتمع هو معهن، ولا بأس أن يسلم عليهن من وراء حجاب من دون اختلاط بهن، أو أن يُسلّم بالهاتف أو غيره للاطمئنان على صحتهن ونحو ذلك.

صلة زوجة الأخ

صلة زوجة الأخ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 19/6/1424هـ السؤال هل زوجة الأخ تعتبر من الرحم؟ أي هل هي من صلة الرحم التي يجب عليّ أن أصلها، حيث إنه حدثت مشكلة بيني وبين زوجة أخي، وأنا الآن لا أكلمها هل هذا يعني أني قاطع رحم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب نقول: زوجة الأخ ليست من ذوات الأرحام، فذوو الأرحام الذين تجتمع أنت وإياهم برحم واحدة من أب، أو أم أو جد، أو جدة، لكن أولادها هم أولاد أخيك، فهم من ذوي رحمك، وأما زوجة أخيك فليست من ذوي الأرحام. وأحب أن أنبه في هذه المناسبة أن الإنسان ينبغي له أن يبتعد عن الخلوة بزوجة الأخ، وأخت الزوجة ونحوهم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إياكم والدخول على النساء" فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو، والحمو هو: قريب الزوج-، قال:"الحمو الموت" رواه البخاري (5232) ، ومسلم (2172) ، من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- فينبغي للإنسان أن ينتبه لهذا، فلا يكون حديثه مع زوجة أخيه، أو يخلو بها أو شيء من هذا، ليس له الحق في شيء من ذلك، ولا يجوز له، أما إذا كان حديثاً من وراء حجاب بالهاتف أو من وراء حائل أو بحضور محرمها بدون ابتذال وكلام يحتاج إليه لتوضيح أمر، أو كلام ونحوه من دون خضوع من المرأة بالقول ونحوه فلا بأس، والله أعلم.

بر الوالدين بتسمية الأحفاد عليهما

بر الوالدين بتسمية الأحفاد عليهما المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 22/5/1424هـ السؤال هل تسمية المولود أو المولودة باسم الأب أو الأم خاصة وأنهما قد توفاهما الله إلى رحمته (يعتبر براً بالوالدين) ؟ الجواب هذا لم يرد فيه شيء في الشرع ولا في السنة النبوية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن لا شك أن كون الإنسان يسمي باسم والده أو والدته قد يكون ذلك أدعى إلى أن يتذكر والديه وأن يقوم بالدعاء لهما، فإن كانت تترتب عليه هذه المصلحة فالأولى أن يسمي باسميهما، والله أعلم.

تسمية الأولاد وبر الوالدين

تسمية الأولاد وبر الوالدين المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 15/5/1424هـ السؤال هل من بر الوالدين أن يسمي الابن ولده على اسمهما؟ وهل يعتبر عصيانا لهما أن لا يمتثل لطلبهما؟ الجواب الوالد والوالدة يجب برهما، ومن البر بهما أن يستجيب الولد لمطالبهما في غير معصية الله. فإذا كان الوالد يرغب أن يسمي ابنك باسمه فهذا من البر به، لأنك أطعته وجبرت خاطره وطيبت نفسه، وكذلك الوالدة إذا كانت ترغب في تسمية البنت باسمها فاستجبت لطلبها فهذا من البر بها والإحسان، والله ولي التوفيق.

صلة الأصدقاء الطيبين

صلة الأصدقاء الطيبين المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 11/6/1424هـ السؤال السلام عليكم، هل يدخل في صلة الرحم صلة الأصدقاء الطيبين؟ حيث إنهم من أهل القرآن والصلاح، وقد انشغلت عنهم، فهل يأثم تارك صحبتهم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب صلة الأصدقاء الطيبين لا تدخل في صلة الرحم، وإنما تدخل في باب الحب في الله والبغض في الله، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله" أخرجه الطيالسي (783) ، وأحمد (18524) ، وغيرهما من حديث البراء -رضي الله عنه-. بأن تحب المرء لأنه مطيع لله وتكره الآخر لأنه عاص لله، وصلة أصدقاء الوالدين بعد موتهما من باب بر الوالدين، بل من أبر البر كما روى عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخرجه مسلم (2552) وغيره.

صلة الأم المخطئة

صلة الأم المخطئة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 5/7/1424هـ السؤال والدتي يا شيخ تركتنا منذ ثلاث أو أربع سنوات، وذهبت إلى منزل أهلها، في منطقة تبعد عن مدينتنا أكثر من 800كيلو، ورغم محاولات والدي الجادة لإرجاعها لكنها رفضت بشدة، وبعد عدة محاولات وافقت أن ترجع إلى البيت بعد مدة دامت أكثر من سنتين، وجلست تختلق المشاكل في البيت حتى عجز والدي عن تحمُّل ذلك وحصل الطلاق بعد رجوعها إلى البيت لمدة شهرين، ولم نجد منها أي بر منذ ولادتنا، ونحن خمسة أولاد وبنات، ونحن نذهب إليها ولا نجد استقبال الأم لأبنائها، ولا نجد أي سؤال منها، فما الواجب علينا فعله؟ وهل يكفى مكالمتها هاتفياً فقط أم يجب زيارتها؟ مع العلم أنها الآن في المدينة التي نسكن فيها، نريد جواباً شافياً وبأسرع وقت. جعل الله ذلك في موازين حسناتك. الجواب إن أمكم قد حملتكم في بطنها تسعة أشهر، كل واحد منكم بقي في بطنها تسعة أشهر، وهي تحملكم في داخل أحشائها تتحمل ما ينالها من آلام ثم جاء الطلق ولسان حالها يقول: ياليتني مت قبل هذا، وعندما خرجتم من بطنها ثم تحملت أذاكم وأوساخكم وقامت بنظافتكم وتغذيتكم والحنان عليكم، وبعد أن وصلتم إلى هذا السن صرتم تسألون: هل يكفي مكالمتها؟ هذا نوع من قطيعة الرحم، وحق الأم حق عظيم، فالوالدان كلاهما لهما حق عظيم، والأم أولى بالبر من الأب، فالواجب عليكم أن تحسنوا إليها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين" رواه البخاري في الأدب المفرد (2) والترمذي (1899) والحاكم في المستدرك (7331) والبيهقي في الجامع لشعب الإيمان (7445) واللفظ له من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- وقال عليه الصلاة والسلام: " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات" رواه البخاري (2408) ، ومسلم (593) من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: "لا يدخل الجنة قاطع" يعني: قاطع رحم. والحديث رواه البخاري (5984) ، ومسلم (2556) من جبير بن مطعم - رضي الله عنه -.

والله تعالى يقول: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمي أبصارهم" [محمد: 22 - 23] ، فالواجب عليكم أن تحسنوا إلى أمكم بكل ما تستطيعون من الزيارة وتقديم الهدايا، والتلطف معها بالكلام، وحسن الأدب، ولا تملوا ولو كانت هي لا تسأل عن حالكم ولا تلقي لكم بالاً، فقد أدت دورها وبقي دوركم أنتم، فقوموا بما يجب عليكم واستحوا من الله حق الحياء، والله - تعالى - يقول: "أن اشكر لي ولوالديك" [لقمان:14] ويقول: "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً" [الإسراء:24] فلا بد أن تتأدبوا مع أمكم ومع أبيكم وأن تكونوا ممن يرد الإحسان بالإحسان، ولن تجزوا أمكم حقها مهما عملتم لكن من أحسن فإن الله - جل وعلا - يحفظ له حقه ورحمة الله واسعة، والله تعالى يقول: "وبالوالدين إحسانا" [البقرة:83] بلا حد ولا حجز، فالإحسان مستمر بكل أنواعه نسأل الله - تعالى - للجميع الهداية والصلاح والفلاح.

أنشأ موقعا على الأنترنت لأهل قريته، ويطلب التوجيه

أنشأ موقعاً على الأنترنت لأهل قريته، ويطلب التوجيه المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 9/8/1424هـ السؤال بماذا تنصحون من افتتح موقعا على الشبكة لأهل قريته؛ للتواصل بينهم والتشاور في الصالح العام. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن إنشاء مثل هذه المواقع لأجل التواصل هو مما أمر الله به وجعله من سيما المؤمنين كما قال سبحانه: "والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل" [الرعد: 21] . كما أن فيها إعانة لصلة الأرحام، وقد قال- صلى الله عليه وسلم -: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه" رواه البخاري (6138) ، ومسلم (47) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- كما أن فيها بذل المعروف والتعاون على البر والتقوى والدلالة على الخير والتحذير من الشر، والأقربون هم أولى الناس بذلك، وقد قال سبحانه لنبيه - صلى الله عليه وسلم - "وأنذر عشيرتك الأقربين" [الشعراء: 214] وقال عليه الصلاة والسلام: "الأقربون أولى بالمعروف". فإذا أسست هذه المواقع لهذه الأهداف الخيرية، وقصد بها وجه الله تعالى فلا شك أنه عمل صالح يتقرب به إلى الله تعالى، فمن خلال هذا المنبر الإعلامي يتواصل أهل القرية الواحدة والأسرة الواحدة، وتحصل معرفة بعضهم ببعض، فتحصل التهاني والتعازي والصلاة على الموتى والدعاء لهم، وكذلك معرفة المرضى وزيارتهم، وكذلك اجتماعات الأسرة والقرية، كما يحصل الحث على إعانة المحتاجين ونصيحة الغافلين والتسابق إلى الخيرات. وإني أهيب بالإخوة الخيرين الذين أنعم الله عليهم بالقدرة على إنشاء تلك المواقع أن يأخذوا بزمام المبادرة، وقد قال عليه الصلاة والسلام "ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة". هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تساؤل حول الصندوق التعاوني للقبيلة

تساؤل حول الصندوق التعاوني للقبيلة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 10/05/1425هـ السؤال نحن أبناء قبيلة تضم حوالي ثلاثة آلاف عائلة، اجتمعنا لإنشاء صندوق للتكافل الاجتماعي، حيث تدفع كل عائلة سنوياً مبلغاً محدداً من المال، حتى تستفيد من خدمات الصندوق، والتي منها دفع نصف دية القتل الخطأ، والتعويض على حرائق البيوت، وإعانة مرضى الفشل الكلوي، والأفراح الجماعية، ونحو ذلك، إلا أن هناك بعض البنود الخاصة تحتاج إلى رأي الشارع فيها، وهي أنه في حالة أخذ العائلة المشتركة في الصندوق للدية من قبيلة أخرى فإن للصندوق أن يخصم نسبة خمسة وعشرين في المائة منها لصالح الصندوق؛ حتى يتمكن من تأدية نصف الدية إذا طلبت من القبيلة؛ لأنها ستعامل بالمثل من القبائل الأخرى. وكذلك الحكم في التعويضات التي تأخذها العائلة من القبائل الأخرى. ثم إن هذا الصندوق يستفيد منه المنتسبون إليه دون غيرهم، فهل هذا جائز أم لا؟ أفتونا مأجورين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. كل تحالف على خير وبر وتقوى وتكافل اجتماعي فإن الإسلام يؤيده ويحث عليه، وفي هذا ومثله يقول الحق -سبحانه وتعالى-:"وتعاونوا على البر والتقوى" [المائدة: 2] ، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حلف الفضول الذي وقع بين بني هاشم وتيم وزهرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ للمظلوم من الظالم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"شهدت حلفاً في دار جدعان بنو هاشم وزهرة وتيم وأنا فيهم ولو دعيت فيه لأجبت، وما أحب أن لي به حُمر النعم" رواه الطحاوي في مشكل الآثار (5216) ، والبيهقي في السنن الكبرى (12251) . بيد أن هناك بنداً يحتاج إلى نظرٍ وتفصيلٍ، وهو خصم نسبة خمسة وعشرين في المائة من الديات والتعويضات التي تأخذها العائلة من القبائل الأخرى، وخلاصة ذلك أن الدية تدخل في حكم الإرث، فإن كان الورثة قُصّر، أو فيهم من هو من القُصّر لم يحز الأخذ من حقهم، وإن كانوا راشدين فلا بأس والحالة هذه، وكذلك يدخل في الحكم التعويضات إذا كان لها حكم الإرث.

هل يسدد الدين عن جده؟

هل يسدد الدين عن جده؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 1/07/1425هـ السؤال السؤال هو أن جدي توفي -عليه رحمة الله-، وترك ابنين وبنتين هما عماتي، وكان عليه ديون لبنك التنمية في بلدنا، وتم تقسيم الدين على الأولاد، منهم والدي، فهل أسدد الدين عن جدي -بارك الله فيك-، خاصة وأن صاحب الدين موقوف. جزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: لا يجب على الأولاد من بنين وبنات تسديد دين والدهم، إلا إذا ترك مالاً، فلا يجوز لهم أن يقتسموا منه شيئاً حتى يسددوا الدين، وإذا تبرع الأولاد أو الأحفاد -وأنت منهم- بتسديد الدين فذاك من البر بالمُتوَّفى،، ويشكرون عليه، وسواء سددوه جماعياً بالتساوي بينهم، أو بالتفاوت، أو سدده واحد منهم كما إذا سددته وحدك. والله أعلم.

هل يحجرون على والدهم؟

هل يحجرون على والدهم؟ المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 26/3/1425هـ السؤال أعيش أنا وإخوتي ووالدتي مع أبينا، وهو شخصية ظالمة, دكتاتوري في جميع تصرفاته, يصر على اختلاق المشاكل معنا دائما، ولا يكتفي بذلك فقط، ولكنه يعمد إلى الفضائح ولا يراعي مشاعرنا، ويصر على إقحام الناس في هذه المشاكل، ومن يحضر ويشاهد مشاكلنا التي يصل فيها إلى الضرب المبرح يقسم على أنه شخص مختل، ولكنهم يخافون مواجهته وإخباره بذلك، مع العلم أننا نحن أبناءه -ولله الحمد- كل من يرانا أو يصاحبنا يحبنا، وقد وصلنا رغم ذلك لمراتب جيدة جداً في دراستنا، فأنا أدرس الطب، وأخي الكبير طبيب، والآخر مهندس، ولكن كل هذا لا يعجبه. سؤالي: هل يحق لنا بأن نرفع عليه قضية حجر أو سفه, خصوصا أنه مؤخراً سبب لنا الكثير من الفضائح والألم النفسي أمام الناس، ويوجد الكثير من الشهود على تصرفاته المشينة معنا، والتي دائما تكون من غير سبب معروف، وإذا كان يصح لنا أن نرفع عليه قضية لمن يجب أن نذهب؟! وماذا علينا أن نفعل؟ أفيدوني وأنقذوني، وجزاكم الله كل الخير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الواجب على الأولاد أن يبروا آباءهم وأمهاتهم، وأن يحسنوا إليهما، ويبذلوا المعروف لهما، فإن حق الوالدين على أولادهما كبير كما لا يخفى، قال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف: من الآية15] ، وقال أيضاً: "وَوَصَّيْنَا الْإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [لقمان:14-15] ، فهذا في حالة ما لو أرادا من أولادهما الشرك بالله، وجاهداهم على ذلك، فإنهم لا يطيعونهما، ولكن يجب عليهم في هذه الحالة أن يصاحبوهما في الدنيا معروفاً، فكيف لو أصاب الولد من والديه أذى بدنياً أو نفسياً أو اجتماعياً، وليس بديني، فالصبر عليه أولى، ومصاحبة الوالدين معه معروف أوجب، فإن الوالدين هما سبب وجود الولد، ورضا الله من رضا الوالدين ...

فاحذر -يا أخي أنت وإخوانك- من عقوق والدكم، ولا يسوغ لك أن تصف أباك بهذه الأوصاف السيئة، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وشهادة الزور ... " الحديث رواه البخاري (5976) ومسلم (87) من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-، بل إن الله حرم أن يقول الولد لأحد والديه كلمة "أُفٍّ"، فكيف أن يقول أو يفعل بهما أو بأحدهما أعظم من ذلك، قال عز وجل: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً" [الإسراء:24-25] ، هذا هو أدب القرآن، وهذه تربية الإسلام، وتلك حقوق الوالدين فارعها حق رعايتها، وقم بأدائها حق قيام؛ تجد خيراً تفوز به في الدنيا والآخرة، وإن كان ما ذكره السائل عن والديه صحيحاً فقد يكون سبب تصرفات الأب المذكورة هو الأولاد، فقد تكون معاملتكم لوالدكم سيئة، أو أنكم تقصرون في حقه، أو لا تعطونه ما يحتاج من نفقة، أو لا تحسنون معاملته، أو لا تحترمونه وتجلونه وتقدرونه، ولذلك أصبح يعاملكم تلك المعاملة القاسية لسوء صنيعكم به، ولهذا فإني أنصحك - أيها الأخ السائل وفقك الله- أن تحسن لوالدك، وتقابل إساءته لك - إن صدرت منه- بالإحسان، والدعاء له بالمغفرة، والعفو والرحمة، ولا تنس أن تهديه بين الفينة والأخرى؛ فالهدية تقرب القلوب، وتذهب الشحناء، وتزيل البغضاء من النفوس، وقم بخدمته وقضاء حوائجه بطيب نفس وطلاقة وجه، وقبِّل رأسه، وقدمه في المجلس ولا تتقدم عليه في دخول أو خروج، أو أكل أو شرب، وشاوره فيما تقدم عليه من أمورك الخاصة، وسوف تجد محبة والدك لك - إن شاء الله- ولإخوتك، وتذهب تلك السلوكيات التي تتضايق أنت وإخوانك منها. أما إن كانت تصرفات والدك لا تصدر من العقلاء بمعنى أنها تصرفات ناقصي العقل أو فاقديه، فيجب عليك أنت وإخوتك الذهاب بوالدكم لإحدى المستشفيات النفسية أو المصحات العقلية لعلاجه ... وبناء على ما يتقرر لدى الأطباء المختصين يمكن اتخاذ ما يلزم من قبلكم حيال طلب الحجر عليه أم لا ... علماً بأن طلب الحجر على أبيكم من اختصاص المحكمة الشرعية. وفقك الله وإخوتك لبر والديكم ورزقكم الصبر والاحتساب، وهداكم صراطه المستقيم، وتاب علينا وعليكم إنه هو التواب الرحيم، والله أعلم، وصل الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

ذوو الأرحام الذين تجب صلتهم

ذوو الأرحام الذين تجب صلتهم المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 25/5/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من المعلوم في ديننا أهمية صلة الرحم، فمن هم أقاربي الذين يجب عليَّ صلتهم بالتفصيل؟ هل يشمل ذلك العمات والخالات وأولادهن، وإلى أي مدى؟ وهل يلزم أولادي ما يلزمني تجاه أقاربي؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالجواب: أن القريب الذي تجب صلته هو كل قريب وإن بعد، ولكن كلما كان أقرب كانت صلته أوجب وآكد. هذا أولاً. ثانياً: أن وجوب الصلة كغيره من الواجبات مشروط بالاستطاعة، قال تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] وقال -صلى الله عليه وسلم-: "وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" رواه البخاري (7288) ، ومسلم (1337) . ثالثاً: أن صلة الأرحام يرجع فيها إلى العرف، وإلى ما اتبعه الناس في ذلك، فكل ما اعتبر صلة في العرف فهو من الصلة الواجبة، وهي تختلف من شخص لآخر حسب القرب والبعد. وقد قلنا: إن المرجع فيها إلى العرف، لأنها لم تبين في الكتاب والسنة، فلم يبين جنسها، ولا نوعها، ولا مقدارها، ولم تحد بشيء معين، لكن قد ثبت في السنة أن الإحسان إلى صديقي الوالدين بعد موتهما من برهما، ونحو ذلك، وهذا رابعاً. خامساً: أن من العلماء من حد القريب الذي تجب صلته بكل قريب يلتقي مع الشخص في الجد الرابع، سواء كان من جهة أبيه أو أمه. وعلى كل فالواجب على الإنسان الصلة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً بكل ما يسمى صلة، إذا كان مما أباحه الله. والله أعلم.

الانحناء للوالدين

الانحناء للوالدين المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 11/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. ماذا تقولون في الانحناء أمام الوالدين للمس أقدامهما بقصد طلب البركة منهما؟ هل يعتبر هذا من الشرك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: لا شك أن هذا العمل فيه جملة من المحرمات: الأول: طلب البركة، والبركة لا تطلب إلا من الله -عز وجل- ووضع اليد على الوالدين ليس سبباً لجلب البركة، والبركة إنما تطلب من الله -عز وجل-. الثاني: كذلك في التحية لا يجوز الانحناء في دين الإسلام، فجاء في سنن الترمذي (2728) من حديث أنس - رضي الله عنه- أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "الرجل منا يلقى أخاه أينحني له؟ قال: لا، قال: فيقبله ويلزمه؟ قال: لا، قال: أيصافحه ويأخذ بيده؟ قال: نعم". هذه التحية في دين الإسلام وهي المصافحة والأخذ باليد، وماعدا ذلك فلا يجوز كالانحناء وغيره. الثالث: أن في هذا الأمر تذللاً على هذا الصفة لا يجوز إلا أن يكون لله -عز وجل-.

الصبر

هل الحزن والألم ينافي الصبر؟ المجيب د. عبد العزيز بن محمد الحميدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الصبر التاريخ 10/8/1422 السؤال إذا كان الإنسان يعيش في محنة وهو راضٍ بما كتب الله له وينتظر الفرج، إلا أنه يحس بالألم أحياناً أو الحزن وقد تذرف عيناه الدموع، خاصة وأن من كان سبباً في هذه المحنة يعيش معه في نفس المكان إلا أنه يعامله معاملة حسنة ولا يصدر منه ما يسيء لهذا الإنسان لا بكلام ولا بتصرف. السؤال: هل يعتبر هذا الإنسان صابراً، وهل ما يحس به من ألم أو حزن يتنافى مع الصبر؟ وجزاكم الله خيراً وأحسن إليكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وبعد: الصبر أمره عظيم وثوابه كبير، وهو خلق الأنبياء والمرسلين وخلق عباد الله المؤمنين الصالحين. بل كل خير في الدنيا والآخرة فهو بالصبر منوط ومتصل. قال تعالى " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " وقال الله تعالى: " ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور " وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" الصبر ضياء ". وقال الصديق أبو بكر: " الصبر نصف الإيمان ". فوجب على كل مسلم التحلي والتخلق بالصبر ويتأكد الأمر بالصبر عند نزول المصائب وحلول الكوارث إيماناً بقضاء الله وصبراً على أقداره ورضاً به تعالى وبحكمه، مع انتظار الفرج ورجائه منه جل وعلا. قال تعالى: " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ". أما الشعور بالحزن في القلب من جراء المصيبة والمحنة وبكاء العين فهذا لا حرج فيه، ولا ينافي - بحمد الله - الصبر والرضا، بل هو من آثار رقة قلب المؤمن والرحمة التي في قلبه، وقد حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبكى عند وفاة ابنه إبراهيم كما في حديث أنس في صحيح البخاري، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلاّ ما يرضي الرب ". وحزن كذلك وبكى لما بلغه قتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة وهم قادة جيش المسلمين في غزوة مؤتة، ونعاهم - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وهو يبكي وعيناه تذرفان وغير ذلك. بشرط ألا يجزع المسلم ولا يسيء بربه الظن، وبشرط ألا يصدر منه كلام ينافي التوكل أو يظهر الجزع بالصراخ والعويل ولطم الخدود ونشر الشعور وشق الثياب. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله لا يؤاخذ بحزن القلب ولا بدمع العين ولكن يؤاخذ بهذا وأشار إلى لسانه أو يعفو ". فرج الله عنا وعن هذه السائلة وعن إخواننا المسلمين في الأفغان وفلسطين وغيرها كل نائبة وجبر مصابنا وستر أحوالنا بمنه وكرمه والحمد لله رب العالمين.

دعاء رفع البلاء

دعاء رفع البلاء المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الصبر التاريخ 28/11/1422 السؤال في حال وقوع الظلم أو الابتلاء بمصيبة ماذا يفعل الإنسان؟ بمعنى ما هي الأحاديث الصحيحة حول ماذا يفعل المسلم عند وقوع الظلم عليه من حاكم أو سلطة، وهو غير قادر على رد الظلم غير اللجوء إلى الله - جل جلاله - وكذلك ما الأدعية المعروفة في ذلك؟ الجواب قبل الإجابة عن السؤال أذكر أخي السائل بأمرين: 01 أن ما يقع للإنسان في هذه الدنيا من مصائب وظلم ونحو ذلك مما ورد في السؤال، أقول قد يكون بسبب من الإنسان نفسه، كما قال الله - عز وجل -:" وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفُ عن كثير " [الشورى:30] ، ويقول أحد السلف: إني لأجد أثر الذنب في خُلق امرأتي ودابتي. فعلى الإنسان أن يراجع نفسه وأفعاله، فقد تكون هذه المصيبة تذكيراً وواعظاً له. 02 أن الابتلاء بظلم أو مصيبة قد أصاب الأنبياء والصالحين وخير الخلق، وكان هذا رفعة لهم في الدنيا والآخرة، كما جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أحب الله قوماً ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع " أخرجه الإمام أحمد [23623] بإسناد صحيح. وعلى الإنسان الذي لم يرَ في حياته شيئاً من الابتلاء أن يراجع نفسه ويحذر عسى ألا يكون ذلك استدراجاً، فما من أحد إلا وقد ابتلي على قدر إيمانه، كما ورد في الحديث عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أي الناس أشد بلاء؟ قال: " الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة" أخرجه الترمذي (2398) والنسائي في السنن الكبرى (7439) ،وصححه الترمذي وابن حبان في صحيحه (2901.2900) والحاكم في المستدرك (128.127) . أما الإجابة عن سؤاله ماذا يفعل الإنسان حال وقوع الظلم أو الابتلاء بمصيبة؟ فقد بيّن الله - عز وجل - ذلك في قوله -تعالى-: " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون". يقول سعيد بن جبير: ما أعطي أحد ما أعطيت هذه الأمة، ثم ذكر الآية السابقة وقال: ولو أعطيها أحدٌ لأُعطيها يعقوب، ألم تسمع إلى قوله: " يا أسفى على يوسف ". وعلى الإنسان أن يصبر ويحاول أن يصبّر نفسه ومن حوله وألا يجزع، ويتذكر ما أعد الله -عز وجل - للصابرين كما قال - تعالى-:" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" ونحوها من الآيات.

وأما الأحاديث التي يسأل عنها مما جاء في الصبر فهي كثيرة جداً. فمن ذلك ما ورد في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:" عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ". وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر ". وفي الصحيحين أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه ". وعليه أن يتذكر الحديث الصحيح عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله -تعالى-:" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها ". قالت أم سلمة: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة! ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم" - أخرجه مسلم. وأما ما ذكره من وقوع الظلم عليه من حاكم أو سلطة فالجواب عليه داخل في ما تقدم ذكره، وهو نوع من المصائب التي عرضت لخير الناس وأفضلهم من الأنبياء والصالحين كما هو معلوم، فعليه أن يلجأ إلى الله - عز وجل - في دفع ما قد وقع به، وأن يسأله أن يكون ذلك خيراً له في الدنيا والآخرة، وليتذكر قول الله - عز وجل-:" وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً "، والله أعلم.

هل الشكوى تنافي الصبر؟

هل الشكوى تنافي الصبر؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الصبر التاريخ 18/2/1423 السؤال منذ حوالي 20 سنة وأنا أصاب بابتلاءات متتالية، بعضها خفيف وبعضها قوي -والحمد لله على كل حال- وأنا راضية بقضاء الله وقدره، وأرغب في أن أحصل على أجر الصبر كاملاً ولا أريد التحدث عما يصيبني، ولكن أنا أعيش في مجتمع يكثر فيه الحسد، ولقد أصبت بالعين أكثر من مرة، فهل يجوز في هذه الحالة أن أتحدث عن معاناتي حتى لا يعتقد الناس أنني لا أعاني من شيء؟ خاصة أن معاناتي لا تبين للناس، ومن جهة أخرى حتى يعذرونني لو قصرت معهم أحياناً. الجواب أقول: إن الإنسان إذا ابتلي ببعض المصائب فإن هذا يرجى له الخير، والإنسان لا يصاب بمصيبة فيحتسب إلا كان له بذلك أجر، وتكفير لذنوبه، وتطهير له، وإعلاء لمنزلته عند الله -تبارك وتعالى-، فالله -سبحانه وتعالى- يقول: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" [البقرة: 155-156-157] ، ولا ينافي الصبر الإخبار عما يعانيه الإنسان من غير تشك، إنما الممنوع هو الشكوى بجزع وتسخط، وأما كون الإنسان يخبر عن حاله بأنه يحس بألم كذا على سبيل الإخبار لا على سبيل الشكوى فهذا لا شيء فيه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" إني أوعك كما يوعك رجلان منكم" أخرجه البخاري (5648) ومسلم (2571) ، ومن ناحية أخرى أنها تقول لو قصرت معهم في زيارة حتى يزوروها، فأقول: هذا متعين، تخبر عن المانع لها، وسبب عدم ذهابها إليهم، ونحو ذلك من الأمور، نسأل الله لنا ولها ولجميع المسلمين العافية من كل سوء.

أعياه مهر الثانية

أعياه مهر الثانية المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين - رحمه الله - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الصبر التاريخ 19/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخنا الفاضل: أنا شاب متزوج وعندي طفل وأرغب في الزواج من امرأة ثانية، ولكن مشكلتي عدم وجود المهر، علما بأني أستطيع أن أقترض من البنك، لكني أخاف الله، ولا أريد أن يكون زواجي من مال فيه ربا ... ، ولا بد لي من الزواج، أرشدوني إلى الطريق الصحيح، وادعو الله لي أن يرزقني بالمال الحلال لأتزوج، جزاكم الله خيرا. الجواب أسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك وييسر أمرك. ومادام الأمر كذلك وعندك زوجة فاصبر حتى تجمع شيئاً من المال يكفيك للمهر الجديد أو ابحث عن من يقرضك قرضاً حسناً بلا فوائد. واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. واعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة على الله عونهم - المجاهد في سبيل الله، والمكاتب يريد الأداء، والناكح يريد العفاف" والله يتولاك بعونه.

هل له أن يصلي الصلاة النصرانية؛ ليخفف عنه مدة السجن

هل له أن يصلي الصلاة النصرانية؛ لُيخفَّف عنه مدة السجن المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الصبر التاريخ 23/3/1425هـ السؤال شيخنا الفاضل: -أثابكم الله- نحن مجموعة من الأسرى المسلمين في أمريكا، هناك نظام في السجن يحدد مدة السجن بحد أدنى وحد أعلى مثل من 10 -20 سنة من 15 - 30 سنة وهكذا، والذي يريد أن ينال الحد الأدنى لا بد أن يوافق على الانخراط في برامج السجن الإصلاحية ومنها الحديث عن تجربة الشخص السابقة بالتفصيل، والتي قادته لدخول السجن مثل المخدرات أو الكحول ... إلخ، ثم يؤدي الجميع صلاة جماعية نصرانية ويطلبون من كل شخص أن ينوي الصلاة لربه، ولكن الجميع ينطقون نفس الكلمات الذي يرفض هذا البرنامج يتأخر خروجه من السجن إلى الحد الأقصى للمحكومية، نرجو جواباً توضيحياً مفصلاً، ماذا نفعل لحماية مصلحتنا والمحافظة على ديننا؟ أرجو التكرم بتوضيح كل مسألة على حدة، وإثم الصلاة الجماعية مع الكفار ولكي يصبح الأمر واضحاً تماماً لنا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، وبعد: فندعو الله أن يفرج أسركم، ويعظم أجركم، ويثبتكم على الحق وجميع إخوانكم المأسورين والمضطهدين، وعن سؤالكم أقول: 1- إن كان بكم قوة، ولديكم عزيمة تقدرون بها على تحمل الشدائد، ورغبتم ذلك، فاثبتوا ولا تستجيبوا لمطالب أعدائكم، وإن ضوعفت عليكم مدة السجن، وسيضاعف الله لكم الأجر، وربما يسر الله لكم الفرج من حيث لم تحتسبوا أو تلقوا ربكم على أطيب حال وأحسن خاتمة، ولكم من سلف الأمة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والدعاة المصلحين أسوة وقدوة؛ كما حصل لرسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من مسيلمة الكذاب عندما سأله مسيلمة: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، وقال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: أشهد أنك كذاب، فقتله وقطعه إرباً إربا، وما حصل لبلال بن رباح - رضي الله عنه- مع المشركين وقد أصرّ على أن يسمعهم ما يكرهون: "أحد.. أحد.."، وما حصل لعبد الله بن حذافة - رضي الله عنه- مع ملك الروم، وما حصل للإمام أحمد بن حنبل مع الخليفة المأمون والواثق، وما حصل لسيد قطب مع جمال عبد الناصر.

2- وإن كنتم أو أحدكم لا تجدون في أنفسكم قوة وجلداً وتحملاً فقد جعل الله لكم رخصة تخرجون بها مما أنتم فيه، وهذه الحال أقل من سابقتها إلا أن الله أجازها في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم" [النحل:106] نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر - رضي الله عنه- لما فتنه المشركون وعذبوه، ولم يتركوه حتى سمعوا منه ما يرضيهم في ذات الرسول - صلى الله عليه وسلم- (فجاء عمار شاكياً للرسول - صلى الله عليه وسلم- حاله، فقال له صلى الله عليه وسلم: "كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان، فقال له: إن عادوا فعد") ، وعلى هذا أجمع العلماء، فمن تلفظ بكلمة الكفر مكرهاً لا يكفر؛ لأن الإكراه قرينة ظاهرة على أن كفره تقية ومصانعة محمودة يدفع بها الأذى عن نفسه، وهذه رخصة من الله لعباده رفقاً ورحمة بمن لا يقوى على الأخذ بالعزيمة والصبر على البلاء، وجمهور العلماء يجيز للمكره قول الكفر بلسانه أو فعله كالسجود للصنم، وقال بعض العلماء: إن فعل الكفر لا يجوز بالإكراه مطلقاً وإنما يجوز بالتلفظ باللسان فقط، وقول الجمهور أظهر وأرجح؛ لأن الآية لم تتعرض لغير حق الله تعالى، وهو حق محض، - أعني قول الشرك وفعله مكرهاً- وحقوق الله مبنية على التسامح عكس حقوق العباد حيث هي مبنية على المشاحة، وإذا كان الإكراه موجباً للرخصة في إظهار الكفر القولي أو العملي فما دونه من المعاصي أولى كشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، ونحوهما، أما الإكراه على ذكر السوابق إن كانت محرمة فبالإمكان أن تذكر بنية أن الإنسان قد تاب منها، ومثلها الصلاة الجماعية على الطريقة النصرانية فليست بأعظم من النطق بكلمة الكفر أو السجود للصنم ما دام القلب مطمئناً بالإيمان، وكونهم يطلبون من كل شخص في هذه الصلاة الجماعية النصرانية أن ينوي الصلاة لربه، هذا أخف مما سبق. والخلاصة: يجوز لكم الأخذ بالرخصة التي رخص الله لكم بشرط أساسي وهو أن يكون القلب مطمئناً بالإيمان بخلاف ما تنطق به الجوارح، على أني أظن أنكم لو طالبتم إدارة السجن بأن تحتسب لكم الصلاة التي تصلونها وهي الصلوات الخمس المفروضة وبينتم لهم أنكم على دين يعظم الصلاة لله وأن هذه الصلاة لها صفتها وأثرها وأنها هي الصلاة الحقيقية التي تعتقدونها فإني أرجو أن يستجيبوا لكم ويتحقق لكم بذلك خير الدنيا والآخرة. ثبتكم الله وأعانكم، وفرج كربتكم. آمين. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

شيخ قبيلتنا ظالم فماذا أعمل

شيخ قبيلتنا ظالم فماذا أعمل المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الصبر التاريخ 8/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا رجل مسلم من قبيلة مسلمة تقيم في تشاد، ونحن أهل هذه القبيلة نعاني من مشكلة وهي أن شيخ هذه القبيلة رجل ظالم يتحكم بأمور القبيلة كيفما يشاء، ولا يطيع أحداً، ونحن بعيدون عن سيطرة الحكومة التشادية، حيث إن لقبيلتنا حكماً مستقلاً تقريباً، ونحن -المتعلمون في هذه القبيلة- حاولنا نصح هذا الشيخ، ولكن لم نفلح، فما العمل مع هذا الشيخ، حيث إنه يقوم أحياناً بأخذ أموال البعض غصباً؟ أفيدونا، وشكراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان خروجك عن طاعة شيخ القبيلة قد يُحدث من الفوضى ما يفوق ضرر حكم شيخ القبيلة فلا تفعل؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والأولى لك أن تحسن علاقتك مع هذا الشيخ حتى تستطيع التأثير فيه فتصده عما يفعل، فلعل الله أن يهديه بك فتهدي به القبيلة. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

يستعين بالربا على الزواج لكيلا يزني

يستعين بالربا على الزواج لكيلا يزني المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/الصبر التاريخ 22/04/1426هـ السؤال بلغ بي الكبت مبلغه، وإني على وشك الزنا العاجل؛ لأني لم أصبر أطيق يومًا واحدًا، وليس لي القدرة المادية على الزواج، فهل يحل لي الربا، وإلا أسقط في الفاحشة؟ وشكرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا يحل لك الربا ولا الزنا، وعليك بالصبر؛ فما خُلقتَ إلا لتبتلى وتُمتحن، والدنيا دار بلاء وامتحان؛ (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك: 2] . وهي حرث للآخرة، فلا تفسد آجلًا دائمًا بعاجلٍ زائلٍ، واتق الله ربك، ولا تنهزم لوسوسة الشيطان، ولا تتبع الهوى، واحرص على اجتناب مواطن الفتنة، ولك أن تسأل الزكاة لأجل الزواج إنْ كنت فقيرًا، وإياك أن تطلب الحرام لتنال به الحلال؛ فالله يقول: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا) - أي لا يجدون ما يدفعونه من مهر ليتزوجوا- (حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) [النور:33] . فإذا خشيت الوقوع في الزنا قريبًا، فقد رخص لك أهل العلم أن تستمني ارتكابًا للمفسدة الصغرى لدرء مفسدةٍ كبرى. والله أعلم.

ـــــ استشارات نفسية وتربوية ـــــ

استشارات نفسية وتربوية

اكتئاب

مللت الحياة..فما الحل؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/اكتئاب التاريخ 7/5/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لا يوجد شيء يشدّني في هذه الحياة، لا مال ولا زواج ولا أي شيء، حتى مللت كل شيء، فما الحل قبل أن يفوتني كل شيء؟ والسلام. الجواب الأخ الكريم سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبارك فيك، وشرح قلبك، وأنار فؤادك بما يسعدك. قرأت شكواك، فقلت في نفسي كيف يبلغ اليأس في مسلم تلك الدرجة؟ أخي إن الحزن والكبد جزء من سمات هذه الحياة فلن تجد إلا مكتئباً وحزيناً، ولكن تحمُّل النفوس له مختلف ودرجاته متفاوتة فنظرتك للحياة تحتاج إلى تغيير، فأكثر من تذكر ما جرى لك مما يفرح ويسر وكثِّر من تخيله فسوف يحدث لك توازن في عقلك الباطن الذي حفظ مواقف كثيرة سلبية، ثم هل من كان بلا زوجة ومال هل فقد الحياة؟ وأن يكون ناجحاً موفقاً، إن حصول ما يأمل الإنسان نجاح، ولكن هل هناك نجاح بلا خطة عمل وألم وتذكر لما سوف تكون عليه الحياة. أخي العزيز إن سعادة الإنسان ليس فيما يملك، لكن في شعوره بما يملك، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"ليس الغنى بكثرة العرض، لكن الغنى غنى النفس" البخاري (6446) ومسلم (1051) ، نعم، أيها المبارك إن كثرة العرض غنى، فإن لم يجتمع معه شعور بالغنى وتلذذ به فليس صاحبه بالغني، فصار شعور المرء هو مصدر سعادته أو قلقه وعذابه، واعلم أن السعادة تكون من داخل النفس فتنعكس على الخارج وليس العكس، فلا تعول على الأشياء التي لم تحصل عليها وتظن أنها سوف تسعدك، أيها المتلهف على الطمأنينة تأكد أن فراغ النفس من العمل والبدن من الطاقة مؤلم للشعور فاشغل نفسك وبدنك بما ينفعك، وإياك والفراغ السلبي الباعث على الشعور المهلك، وقلل من خلوتك بنفسك مدة حتى تستقر، واستعن بالله -سبحانه- وأدم ذكره، والقيام بأعظم حقوقه وهي عبادته وأداء فرائضه الواجبة والنافلة، وبعد ذلك شارك في تفريج هم ونصرة مظلوم ورعاية يتيم ومساعدة محتاج، ولو كنت محتاجاً، فإن أثر الإحسان على النفس عظيم فكن واسطة خير بين الأغنياء والفقراء، وقم بزيارة للمرضى وأخرى للسجناء، فتتذكر كم هي نعم الله عليك، وفقك الله لطمأنينة النفس وراحة البال، وأعطاك فوق ما تتمناه من خير الدنيا والآخرة، وكن مقتنياً لبعض الكتب حول موضوعك علها أن تسعفك، ولك التحية وعليك السلام.

وساوس قهرية

الوسوسة في الطهارة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/وساوس قهرية التاريخ 26/12/1425هـ السؤال لي أختان أكبر منى سنًّا، ولهما تصرفات مزعجة بعض الشيء، حيث يبالغان في أمر النظافة، فمثلاً إذا توضآ يقومان بغسل أقدامهما جيدًا بالصابون، ويرتديان أردية خاصة يقومان بغسلها أيضًا بالصابون والماء الساخن، ولا ينزعانها إلا عند موضع الصلاة الذي هو أيضًا موضع خاص، كما أنهما حين تجلسان معنا على الفرش ثم ينزعاه عندما يذهبا إلى فراشهما الخاص، كل هذا لأن أبي يذهب إلى المسجد يصلي ويقول بأن الفئران تجرى بالمسجد، وأيضًا لأن حذاءه يأتي فيه بعض تراب الشارع، حيث إن الطرق عندنا غير مرصوفة، ويمشي على السجاد دون غسل قدمه كما أنهما ليس لديهما ثقة في أي شيء، فإذا خرجت أمي من الحمام، وهى امرأة كبيرة، ولم تصل قدمها إلى الحذاء الخاص بالحمام ولامست البلاط المجاور للحذاء تقوم الدنيا ولا تقعد، وغير ذلك مما يطول شرحه، فما نصيحتكم لهما ولأمثالهما من الموسوسين؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

فما تقوم به الأختان الكريمتان اللتان هما أكبر سنّاً منك، هو من التنطع المذموم الذي جاءت النصوص الشرعية بالتحذير منه، ومن مغبة الوقوع في شركه، ومنها قول نبينا - صلى الله عليه ونسلم-: "هلك المتنطعون هلك المتنطعون، هلك المتنطعون" أخرجه مسلم في صحيحه (2670) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-، قال النووي في شرح صحيح مسلم (16/220) ، تعليقاً على هذا الحديث: "أي: المتعمقون، الغالون، المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم" ا. هـ، ولا شك أن ما تقوم به هاتان الأختان هو من التنطع في الأفعال، وهو من الوسواس الذي ابتُلى به كثير من الناس، ومما قيل في تفسير التنطع الوارد في الحديث المتقدم ما ذكره المناوي في فيض القدير (6/355) ، حيث قال: "الغالون في عبادتهم، بحيث تخرج عن قوانين الشريعة، ويسترسل مع الشيطان في الوسوسة" ا. هـ. فالمبالغة في التنظف والتحرز من النجاسة على هذا النحو الذي تقومان به في البيت من الوسواس المذموم، ولو كانت الوسوسة فضيلة لما ادخرها الله عن رسوله - صلى الله عليه وسلم- وصحابته - رضي الله عنهم-، وهم خير الخلق وأفضلهم، ولذا قال العلامة ابن القيم في إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان (1/136) ، ما نصه: "ولو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الموسوسين لمقتهم ولو أدركهم عمر - رضي الله عنه- لضربهم وأدبهم ولو أدركهم الصحابة- رضي الله عنهم- لبدعوهم". ثم ذكر ابن القيم - رحمه الله- بعضاً من هدى النبي - صلى الله عليه وسلم- وصحابته - رضي الله عنهم- فيما يتعلق بالتحرز من النجاسة والنظافة من الأقذار، خلافاً لما عليه المتشددون وأهل الوسوسة، فقال في إغاثة اللهفان (1/144-159) : "ومن ذلك أشياء سهَّل فيها المبعوث بالحنيفية السمحة، فشدد فيها هؤلاء، فمن ذلك المشي حافياً في الطرقات، ثم يصلي ولا يغسل رجليه، فقد روى أبو داود في سننه عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِدِ مُنْتِنَةً - من النتن أي ذات نجاسة- فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا؟ قَالَ: أَلَيْسَ بَعْدَه طَرِيقٌ هِيَ أَطْيَبُ - أي أطهر- مِنْهَا؟ ". قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: "فَهَذِهِ بِهَذِهِ". وقال حفص: أقبلت مع عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- عامدين إلى المسجد فلما انتهينا عدلت إلى المطهرة لأغسل قدمي من شيء أصابها، فقال عبد الله - رضي الله عنه-: لا تفعل، فإنك تطأ الموطيء الرديء - يعني النجس- ثم تطأ بعده الموطئ الطيب- يعني الطاهر - أو قال: النظيف، فيكون ذلك طهوراً، فدخلنا المسجد جميعاً فصلينا"، وقال أبو الشعثاء: "كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يمشي بمنى في الفروث والدماء اليابسة حافياً، ثم يدخل المسجد فيصلي فيه، ولا يغسل قدميه"، ا. هـ، ثم ذكر ابن القيم مثالاً آخر فقال: "ومن ذلك أن الخف والحذاء إذا أصابت النجاسة أسفله أجزأ دلكه بالأرض، وجازت الصلاة فيه - يعني في الحذاء- بالسنة الثابتة؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور". وفي لفظ: "إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب"، رواهما أبو

داود. ثم ذكر ابن القيم مثالاً آخر فقال: "وكذلك ذيل المرأة على الصحيح، وقالت امرأة لأم سلمة - رضي الله عنها- إني أطيل ذيلي - يعني ذيل العباءة أو الثوب- وأمشي في المكان القذر، فقالت- رضي الله عنها- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يطهره ما بعده" رواه أحمد وأبو داود، وقد رخص النبي - عليه الصلاة والسلام- للمرأة أن ترخي ذيلها ذراعاً. ومعلوم أنه يصيبه القذر، ولم يأمرها بغسل ذلك، بل أفتاهن بأنه تطهره الأرض"، ثم ذكر مثالاً آخر فقال: "ومن ذلك أن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الصلاة حيث كان، وفي أي مكان اتفق، سوى ما نهى عنه من المقبرة والحمام، وأعطان الإبل، فصح عنه - عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فحيثما أدركت رجلاً من أمتي الصلاة فليصل". وكان - عليه الصلاة والسلام- يصلي في مرابض الغنم، وأمر بذلك، ولم يشترط حائلاً - يعني سترة بين المصلي وبين الأرض ... "، فأين هذا الهدي من فعل من لا يصلي إلا على سجادة تفرش فوق البساط، فوق الحصير، ويضع عليها المنديل، ولا يمشي على الحصير ولا على البساط، بل يمشي عليها نقراً كالعصفور، فما أحق هؤلاء بقول ابن مسعود - رضي الله عنه-: "لأنتم أهدى من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- أو أنتم على شعبة ضلالة! ". وقد صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- على حصير قد اسود من طول ما لبس، فنضحه بالماء، وصلى عليه، ولم يفرش فوقه سجادة ولا منديل، وكان يسجد على التراب تارة، وعلى الحصى تارة، وفي الطين تارة، حتى يرى أثره على جبهته وأنفه، وقال ابن عمر - رضي الله عنهما-: " كَانَتْ الْكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ وتَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، ولَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ" رواه البخاري ... ثم ذكر - رحمه الله - مثالاً آخر فقال: "ومن ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وهو حامل أمامة بنت ابنته زينب -رضي الله عنها-، فإذا ركع وضعها، وإذا قام حملها"متفق عليه، وهو دليل على جواز الصلاة في ثياب المربية، والمرضع، والحائض، والصبي ما لم يتحقق نجاستها" ا. هـ، هذا غيض من فيض، مما ذكره الإمام ابن القيم في كتابه القيم إغاثة اللهفان، وهو -كاسمه- يغيث اللهفان عن مصائد الشيطان وحبائله. وبكل حال، فعلى الأخت السائلة أن تناصح أختيها الكريمتين بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن توضح لهما بأن الله - عز وجل- غني عن هذا التشديد الذي ما أنزل الله به من سلطان، وبأن الدين - ولله الحمد- يسر، لا عسر فيه ولا حرج، لا في باب الطهارة وإزالة النجاسة، ولا في غيره من الأبواب، وهذا واضح جلي للعامة فضلاً عن خاصة أهل العلم، ولكن عدو الله - إبليس- لم يزل ولا يزال يوسوس على كل بحسبه، فإذا لم يستطع أن يوقع الرجل أو المرأة في الشرك أو في المعاصي الظاهرة، فإنه يفسد عليه عمله الصالح بالغلو فيه أو في كثرة الشكوك، ونحو ذلك، كما قال بعض السلف: "ما أمر الله - تعالى- بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر" قال ابن القيم في الإغاثة (1/116) : "وقد اقتطع أكثر الناس إلا أقل القليل في هذين الواديين؛ وادي التقصير، ووادي المجاوزة والتعدي، والقليل منهم جداً الثابت على الصراط الذي كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -وأصحابه - رضي الله عنهم- فقوم قصَّر بهم عن الإتيان بواجبات الطهارة، وقوم تجاوز بهم إلى مجاوزة الحد بالوسواس.." ا. هـ، فاللهم، اجعلنا من أقل القليل ممن هديتهم - بفضلك - إلى صراطك المستقيم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

وساوس تفتنه في دينه

وساوس تفتنه في دينه المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/وساوس قهرية التاريخ 5/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا شاب عائد لله -تعالى- بعد طول غياب، وقد انتصرت على شيطاني في كثير من المواقف, فلقد حججت البيت، واعتمرت أكثر من مرة, أحافظ على صلواتي في المسجد, إلا أن الشيطان ما زال له مدخل علي، فكثيراً ما توسوس لي نفسي أنه ما من ذنب يستحق العذاب الخالد في النار، ولا حتى الشرك بالله ليس أكبر الذنوب، فما ذنب الشخص الذي ولد وأبواه كافران فجاء كافراً؟ أو الولد الذي ولد لأبوين لا يأمرانه بالصلاة، فما ذنبه بأن لا يصلي؟ وأن المشركين إنما أشركوا لقلة عقولهم، فهل هذا الذنب يستحق الخلود في النار؟ وأنه من الإجحاف أن نقول: إن من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، ونحن نعلم أن كثيراً من الكفار لا يستطيعون أن يفعلوا من الآثام كما يفعله أهل لا إله إلا الله، وإذا كان المسلمون فقط هم أهل الجنة, فإن عددهم قليل، هذه مداخل الشيطان إليَّ. أنجدوني قبل أن أفتن في ديني -وجزاكم الله خيراً-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: أسأل الله أن يثبتك على الحق، وأن يعصمك من الشيطان الرجيم، وأوصيك بكثرة الاستعاذة من شره فإنه: "ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون" [النحل: 98-99] . أولاً: اعلم أخي -وفقك الله- علم اليقين أن الله -تعالى- حكمٌ عدلٌ" لا يظلم الناس شيئاً" [يونس من الآية: 44] ، "إن الله لا يظلم مثقال ذرة" [النساء من الآية: 40] ، "وما ربك بظلام للعبيد" [فصلت: 46] فلا يمكن أن يعذب أحداً في النار أو يخلده فيها إلا وهو مستحق لذلك، حيث قامت عليه الحجة التي قال الله -تعالى- عنها: "لئلا يكون للناس على الله حجةٌ بعد الرسل" [النساء: 165] ، فالولد الذي أبواه كافران ونشأ على نشأتهما هو في أحكام الدنيا من جملة الكافرين، أما هل هو مستحق للعذاب فيخلد أم لا؟ فهذا مما لا يعمله إلا الله -تعالى-؛ لأن ذلك متوقف على بلوغه دين الإسلام أو عدمه، وتمكنه من الإسلام أو عدمه، وهكذا في غيره مما هو في الدنيا له حكمٌ واعتبارٌ، وأما في الآخرة فحكمه لا يعلمه إلا الله، فلربما أسلم في اللحظات الأخيرة، أو ربما لم تبلغه الحجة الرسالية، وينبغي أن تدرك أنه لا تلازم بين الحكم الدنيوي بالكفر مثلاً وبين القطع بالخلود في النار في حق الشخص المعين، أما من حيث الحكم العام فإننا نقول: سائر المشركين هم كفار بالله -تعالى- وجميع الكفار مخلدون في نار جهنم، هذا من حيث الحكم العام، أما من حيث الحكم الخاص فمتى علمنا أنه بلغه دين الإسلام ولم يسلم ومات على غير الإسلام فلا مانع من الحكم عليه بالنار، ومن لم نعلم ذلك عنه فلا نقطع له بالنار، وما جاء في بعض الأحاديث مما يفيد الحكم عليه أو تبشيره بالنار، فمحمول على أنه قد علم عنهم بلوغهم الرسالة وإعراضهم عنها، ثم إن الذي أخبر بذلك هو من لا ينطق عن الهوى، حيث أخبره ربه بذلك، وليس لأحد بعد انقطاع الوحي معرفة ذلك إلا بإقرار المرء بنفسه بإسلام أو كفر.

فاعلم- بارك الله فيك- أن الله لا يعذب أحداً حتى تبلغه الرسالة، وتقوم عليه الحجة، قال -تعالى-: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" [الإسراء من الآية: 15] ، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين البخاري (7416) ، ومسلم (1499) من حديث المغيرة - رضي الله عنه-: "ليس أحد أحب إليه العذر من الله -تعالى-، ومن أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين"، وفي لفظ لمسلم: " ... من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل" رواه مسلم (2760) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-. أما الجزء الأخير من السؤال: وهو أن من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة وإن كان مسرفاً في المعاصي: فلتعلم - بارك الله فيك- أن الذي عليه إجماع أهل السنة أنهم لا يقطعون لمسلم معين بأنه في الجنة إلا من شهد له الرسول - صلى الله عليه وسلم- بذلك. ثانياً: أن مجرد لفظة الشهادة بدون عمل واعتقاد لا يكفي، ولهذا لم تنفع المنافقين، وهم يقولونها عند النبي - صلى الله عليه وسلم- بألسنتهم، وكلمة الشهادتين قد قيدت بقيود وشروط من أتى بها وكان عارفاً بمعناها عاملاً بما دلت عليه صار من أهل الجنة، وهذه الذنوب والمعاصي التي يقترفها أهل الإسلام إن لم يتوبوا منها في الدنيا فهم في الآخرة إلى الله إن شاء غفر لهم، وإن شاء عذبهم في النار على قدر ذنوبهم؛ لأنهم مستحقون للعذاب ثم يخرجون منها بعد ذلك ... وأهل الجنة هم المسلمون من أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن سائر أتباع الرسل والأنبياء، ممن آمنوا بهم واتبعوهم في زمن نبوتهم وبقاء رسالتهم، والجنة والنار كلاهما سيمتلئان يوم القيامة كما في الصحيح أن الله -تعالى- يقول: " ... ولكليكما علي ملؤها"، أخرجه مسلم (2847) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. والله أعلم.

تكثر الاستغفار وتشعر بعدم القبول

تكثر الاستغفار وتشعر بعدم القبول المجيب د. هشام بن محمد البناني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/وساوس قهرية التاريخ 21/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. فضيلة الشيخ: أنا أستغفر الله كثيراً وأتوب إليه من الذنوب والمعاصي، ودائما يأتيني شعور أن الله لن يغفر لي، ولن يوفقني في حياتي، خصوصاً مع تكرار الذنب، ماذا أفعل كي يرضى الله عني ويغفر لي؟ وكيف أعرف أن الله قبل توبتي؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فإن هذا الذي يأتيكِ من الشعور بأن الله لن يغفر لكِ، إنما هو من وساوس الشيطان لكي يجعلكِ تكفين عن الاستغفار والتوبة، فلا تلتفتي إليه، واستمري في الاستغفار والتوبة، واعلمي أن الله - تبارك وتعالى- يغفر للعبد ما دام العبد يستغفره مهما بلغت ذنوبه كثرة، ما دام العبد صادقاً في الندم على ما فعل من ذنوب، راجياً عفو ربه، مقبلاً عليه غير معرض عنه، وتعلمين أن الله قد قبل توبتك بأن يوفقك لمزيد من التوبة والاستغفار والعمل الصالح، وسوف تزول تلك الوساوس بعد فترة، وسرعة زوالها منوطة بمدى ثقتك بالله - عز وجل- فكلما كانت ثقتك أكبر زالت تلك الوساوس أسرع. والله يعصمنا وإياكم من وساس الشياطين، إنه سميع مجيب، والحكم لله رب العالمين.

قلق

العدل في النفقة بين الأولاد المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/قلق التاريخ 2/3/1424هـ السؤال لي أخ من عدة إخوة أنا أصغرهم، وشاء أخي أن يتزوج ورغب إلى الوالد بذلك وهو في المرحلة الجامعية وهذه السنة الرابعة له، ووالدي متكفل بنفقته وعياله الثلاثة، وهو -ولله الحمد- قادر ومستطيع، ولكنني سمعت منه مرة قوله: أين أذهب من الله؟ وماذا أقول له إذا سألني عن نفقتي على فلان لم أعدل بينه وبين إخوته؟ مع العلم أن إخوتي بعضهم درس في الخارج -أمريكا- وعاشوا معيشة أغلب الشباب، وكان الوالد ينفق عليهم، مع العلم أن أخي أحرز أعلى نسبة نجاح في الثانوية من بين إخوته، فهل قلق الوالد هذا في محله؟ وما الذي ينبغي عليه فعله؛ لتلافي الظلم والتمييز إن كان محقاً؟ الجواب تزويج الأب لابنه ونفقته عليه بعد ذلك هو وأولاده يعد من باب النفقة لا من باب العطية، والنفقة لا تجب فيها المساواة بل يعطى كل واحد من الأبناء حسب حاجته، وإن كان ما يعطى لهذا السبب أكثر من الآخرين وبناءً على ذلك إذا كان أبوك زوَّج أخاك في المرحلة الجامعية وأنفق عليه - لأن الابن لا يستطيع أن ينفق على نفسه - فلا حرج في ذلك ولا يعد من الإخلال بالعدل كما أنه أنفق على أخيك الذي درس في الخارج وهكذا ينفق على كل واحد من الأبناء حسب حاجته، والله ولي التوفيق.

أخرى

رغبتُ عن الزواج، فهل علي إثم؟! المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/أخرى التاريخ 22/1/1425هـ السؤال بعيداً عن منافع النكاح؛ فقد كرهت الزواج وقررت عدم الزواج حتى أقضي نحبي فهل أصبح منافقاً، إذ يقول تعالى "ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم"، والزواج مما شرع الله؟ وهل يحبط عملي وأخرج من الملة، إذ يقول رسولنا عليه الصلاة والسلام ما معناه: الزواج من سنتي "ومن رغب عن سنتي فليس مني"، علماً بأنه لا عذر لي في ذلك سوى المقت؟ أرجو فقط أن يجاب عن سؤالي. وجزاكم الله خيراً ... الجواب الحمد لله، وحده، وبعد: فجواباً على السؤال، أقول: الذي يظهر من سؤال السائل الكريم أنه لم يكره الزواج تديناً ورهبانية، ولا كرهه لكونه سنة نبوية أو لكونه من الدين الحنيف، وإنما كره الإقدام عليه لواقع اجتماعي معين، يعيشه في بيته أو في مجتمعه، وهذا الواقع المر - كما يبدو - كان سبباً في ردة فعل غاضبة، جعلته يتخذ هذا القرار، وهو عدم الزواج مدى الحياة، ولو فوت منافع النكاح كما أشار إليه - وهذا التصرف كما يظهر، لا يعد نفاقاً ما دام أن القلب مطمئن بالإيمان، وما دام أنه يحب الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام-، وما جاء عن الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام-. وأما الآية الكريمة: "ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله ... " [محمد: 9] ، فقد جاءت في ذم الكفار الذين يبغضون ما أنزل الله تعالى، وهكذا كل من أبغض كتاب الله أو ما جاء به كتاب الله - عز وجل فهو كافر ولو ادعى الإيمان، كما قرر ذلك غير واحد من أهل العلم، لهذه الآية الكريمة وغيرها. وذلك بشرط أن تتوفر شروط التكفير، وتنتفي موانعه. ولذا لا ينبغي للسائل أن يقول أبغض الزواج وأمقته، وإنما يقول: لا أريد الزواج أو أكره الإقدام عليه، تأدباً في اللفظ؛ لأن هذا هو مراد السائل كما يبدو، ولأن المؤمن يحب كل ما جاء عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولو فرط في بعض ذلك. وأما الحديث المشهور المشار إليه في السؤال ".. ومن رغب عن سنتي فليس مني" رواه أحمد (22963) فالمراد بقوله: "فليس مني" يعني: ليس على طريقتي، كحال هذا السائل الذي قرر ترك هذه السنة المحمدية، فهو مخالف لطريقة محمد - صلى الله عليه وسلم - وسنته، كما صرح بهذا المعنى الحافظ ابن حجر في الفتح (9/106) ثم أشار إلى أن هذا الحديث يحتمل معنى آخر، وهو أن الرغبة عن هذه السنة إذا كانت من باب الإعراض والتنطع المفضي إلى ترجيح وتفضيل غيرها عليها؛ فإن المعنى يكون لهذا الحديث "فليس مني" أي: ليس على ملتي؛ ولذا فلا أرى أن هذه النصوص تتناول حال السائل لأنه لا يريد الزواج لعدم مناسبته لنفسيته وظروفه - فيما يُظن - وليس لأمر آخر، وهذا ليس من كارهية ما جاء به الدين ولا من الرغبة في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -. بقي أن أنصح الأخ السائل بمحاولة معالجة وضعه وذلك بمراجعة طبيب نفسي إن كان السبب نفسيًّا أو طبيب مختص إن كان السبب عضويًّا، وعدم تفويت هذه السنة النبوية وما فيها من منافع كبيرة اقتضتها حكمة الله الذي شرعها لعباده وجعلها من آياته، وفعلها وحض عليها رسله وأنبياؤه. والله تعالى أعلم.

هل القلم مرفوع عن الممسوس

هل القلم مرفوع عن الممسوس المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/أخرى التاريخ 13/08/1425هـ السؤال هل الممسوس مجنون؟ وهل إذا كان الممسوس مجنونًا يرفع عنه القلم، فلا يعاقب ولو كانت الجناية قتلاً؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فليس كل ممسوس مجنونا، وإنما يكون الممسوس مجنونا إذا كان ذلك يغلب على عقله، فلا يعي معه ما يأتي وما يذر، سواء كان مسًّا مطبقًا أو متقطعًا، ففي هذه الحالة يرفع عنه القلم ما دام لا يعقل، فإذا عاد إليه عقله ترتبت عليه الأحكام. أما تصرفاته حال جنونه فتختلف، إذ منها ما هو حق لله تعالى، ومنها ما هو حق للآدمي، ومنها ما هو مشترك، فحقوق الله تعالى عفو، وأما حقوق الآدميين فإن كانت جناية فلا يقضى عليه بالقود، ولكن يقضى عليه في ماله إن كان له مال، أو على عاقلته، أو في بيت المال، حتى لا تهدر دماء المسلمين. والمسألة فيها تفاصيل كثيرة يرجع فيها إلى كتب الفروع. والخلاصة: أن الممسوس مسّا مطبقا أو متقطعا إذا ارتكب جناية حال جنونه لم يقد منه، لأنه لا قصد له، فلا يتصور منه التعمد، ويتعلق الحكم بماله أو عاقلته. والله أعلم.

مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية

هل المنكر والفاحشة والذنب بمعنى واحد؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 2/7/1422 السؤال هل تجد اختلافاً من حيث المعنى بين هذه الكلمات (المنكر، الفاحشة، الذنب، الإثم) ؟ الجواب هذه الكلمات كلها تدلّ على الأمر المنهي عنه، أي: كل ما نهى الله عنه ورسوله، فهو إثم، وهو منكر، وهو ذنب. وهذه الكلمات متواردة على معنى واحد، وهو الأمر المنهي عنه؛ ولذا تعبّر معاجم اللغة وقواميسها عن هذه الكلمات بعضها ببعض، فبمراجعتك للسان العرب ونحوه تجد تفسير الإثم بالذنب، والذنب بالإثم، والمنكر ضد المعروف، ولكن الفاحشة أخصّ من ذلك، فتطلق في اللغة على ما جاوز قدره، أما من الذنوب فالفاحشة تختصّ بما كان كبيرة، وما كان مستفحشاً في العقول والفِطَرْ، فهي أخصّ من بقية هذه الأسماء فكل فاحشة ذنب، ومنكر، وإثم، وليس كل منكر فاحشة. فالنظرة إلى ما لا يحلّ هي ذنب، ومنكر، وإثم، ولا تُسمى فاحشة. والزنا فاحشة، ومنكر، وذنب، وأما المنكر، والذنب، والإثم فكلها متلازمة، وكلها تُطلق على الشيء الواحد، فكل منكر هو إثم وذنب، وبالعكس، إلا أنّ لكل منهنّ دلالة، فالذنب يُسمى منكراً، لأنه مما تُنكره العقول، والفِطَرْ المستقيمة، وينكره الشرع والعقل، ويُسمى العمل المنهي عنه ذنباً، لأنه يدلّ على تأخره، وأنه عمل مؤخر كالذنب للبهيمة، فهو لفظ يدلّ على الانحطاط والتأخر. والإثم يدلّ على أنه مذموم ومكروه عند الله، قد جمع الله بين أنواعٍ من ذلك في آيةٍ واحدة، وهي قوله تعالى: ((قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تُشركوا بالله ما لم يُنزّل به سُلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)) .

متى يجب غض البصر؟

متى يجب غض البصر؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 13/7/1422 السؤال أريد التفصيل في مسألة غضَّ البصر، ومتى يكون واجباً، ومتى يكون مباحاً؟ الجواب يجب على المسلم والمسلمة أن يغضَّا من أبصارهما؛ امتثالاً لقوله تعالى: ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ... الآية)) وقوله ((وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن.. الآية)) ويجب غضّ البصر من الرجل عن كل امرأة أجنبية عنه، فلا يباح له النظر إلاّ لنسائه وذوات محارمه، ولكن يعفى عن نظر الفجاءة للأجنبية، لحديث جرير بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري)) أخرجه مسلم (2159) . وكذلك المرأة لا يحل لها النظر إلى الرجال الأجانب بشهوة بالإجماع، وفي نظرها لهم بغير شهوة خلاف مشهور، والصواب: إباحته، والله أعلم.

النوم على البطن

النوم على البطن المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 1/6/1422 السؤال ما حكم النوم على البطن؟ أي هل نأثم إذا نمنا على بطوننا؟ وماذا علينا إذا كنا لا نستطيع النوم إلا على بطوننا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب ورد في الباب عدة أحاديث عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- وأجود ما وقفت عليه ثلاثة أحاديث. الأول: حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- وقد أخرجه ابن ماجة (3725) ، والبخاري في الأدب المفرد (1188) من طريق الوليد بن جميل، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة. والوليد بن جميل لم يوثقه كبير أحد، وفي روايته عن القاسم ضعف، فقد قال أبو حاتم الرازي عنه: ((شيخ يروي عن القاسم أحاديث منكرة)) كما في (الجرح) 9/ترجمة 7. والقاسم بن عبد الرحمن ليس بالقوي أيضاً، كما يتبين من ترجمته في تهذيب الكمال للمزي 23/383. الثاني: حديث طخفة بن قيس الغفاري، أخرجه أحمد في مواضع منها 3/9، 430 وأبو داود رقم 5040 وابن ماجة رقم 3724 وغيرهم، وفي الحديث اختلاف على يحيى بن أبي كثير، وهو طويل عريض كما قال المزي في تهذيبه 13/375 وخلاصة القول فيه: أنه ضعيف الإسناد لاضطرابه، ولجهالة ابن طخفة الغفاري الذي اختلف في اسمه كثيراً. الثالث: حديث الشريد بن سويد -رضي الله عنه- أخرجه أحمد 4/388 من طريق ابن جريج، قال أخبرني إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد، أنه سمعه يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ... الحديث. والحديث مرسل الإسناد، فعمرو بن الشريد تابعي كما في التقريب (5049) . وخلاصة القول: إن الأحاديث الواردة في الباب لا تخلو من ضعف، وأحسنها مرسل عمرو بن الشريد، فإن رواته ثقات عن آخرهم. ولحال هذه الأحاديث فلا يمكن القول بثبوت تحريم هذه الهيئة في الاضطجاع، ولكن إذا كان الإنسان بمرأى من الناس فينبغي مراعاة العرف الذي له اعتباره في مثل هذه الأمور والله أعلم.

الأكل بالأصابع الخمس!

الأكل بالأصابع الخمس! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 07/06/1426هـ السؤال بالنسبة لسنن الطعام فكلنا يعلم أن الأكل باليد من السنة، وقد جاءت صفة ذلك في السنة بأنه بثلاث أصابع، وقرر ابن القيم -رحمه الله- أن هذا هو أشرف ما يكون، وقال: "فإن المتكبر يأكل بإصبع واحدة، والجشع الحريص يأكل بالخمس ويدفع بالراحة". الزاد (1/148) ، فبعض الناس في بلدي يأكل بأصابعه كلها، بل بيده كلها، وكثيراً ما ينكر على غيره الأكل بالملعقة، ويقول: السنة الأكل باليد. وهو لا يعلم أن المراد باليد ليس كما يفعل هو، فطريقته مشمئزة، حيث إنه يأخذ ما يريد أكله بيده كلها، ثم يضغط عليه بجميع أصابعه ويده، ثم يلقفه إلى فمه، وأكثره يقع على الأرض ولا يأكله، وعليه فقد ترك سنة أخرى، وبعضهم يضع باقي ما تعلَّق بيده في الصحن مرة أخرى! فهل من نصيحة لهؤلاء، أم أنا المخطئ في فهمي للسنة؟ أرشدونا مأجورين. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد ثبت من حديث كعب بن مالك- رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يأكل بثلاث أصابع. أخرجه مسلم (2032) ، وغيره. وهديه أكمل هدي، وسنته خير سنة، ولكن الأمر لا يعدو عن كونه سنة من أخذ بها فهو أفضل، ومن لم يأخذ بها فلا حرج ولا تثريب. فمن شاء أن يأكل بالملعقة فلا حرج، بشرط أن يأكل بيمينه، وكذا من شاء أن يأكل بخمس، والأمر في ذلك واسع. وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يأكل بخمس، رواه سعيد بن منصور في سننه. قال ابن حجر (فتح الباري9/491) : "فيجمع بينه وبين الحديث كعب باختلاف الحال" اهـ. وتطبيق السنة بالأكل بالثلاث قد لا يتأتى في أكل بعض الأطعمة، إذ طبيعتها قد تحوج الإنسان إلى أن يأكل بخمسه - كما في الأرز مثلاً- وقد يحاول أن يأكل بالثلاث- عملاً بالسنة - فيشق عليه، فلا ينبغي التثريب عليه حينئذ، فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك، ولا يلزم من الأكل بالخمس تكبير اللقمة، ولا أن يكون دليلاً على الشره وسوء الأدب، خاصة إذا علمنا أنه قد روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه كان يفعله أحياناً. قال القاضي عياض- كما نقله عنه ابن حجر في فتح الباري (9/491) -: "فإن اضطر إلى ذلك - أي إلى الأكل بأكثر من الثلاث- لخفة الطعام وعدم تلفيفه بالثلاث، فيدعمه بالرابعة أو الخامسة" اهـ. وأما ردُّ الآكل بعض اللقمة من فيه إلى صحفة الطعام، وتكبيره للقمة بحيث يضطر إلى أن يفغر فاه بطريقة قبيحة تثير الاشمئزاز، ويتساقط بعض اللقمة على السفرة، لتكون طعاماً للشيطان، فلا شك أنه مخالف لآداب الأكل، وفيه بعد عن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن السبب لا يرجع إلى كونه يأكل بخمسة، بل إلى كونه لم يُعوَّد آداب الأكل منذ صغره، ولم يُعلَّم هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- في أكله. وفقك الله لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التهنئة بالعام الهجري

التهنئة بالعام الهجري المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 28/12/1424هـ السؤال ما حكم المباركة بمناسبة العام الهجري؟ بذكر: (كل عام وأنت بخير، كل سنة وأنتم طيبون، أو غيرها من العبارات) . أفتونا مأجورين. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد.. فلا يظهر المنع من إيراد هذه الألفاظ على سبيل الدعاء، وتكون من باب الدعاء، إذا نصب فيها لفظ "كل"، وقد ذكر الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه (معجم المناهى اللفظية) ص (459) أن رفع "كل" في كل عام وأنتم بخير" لحن لا يتأدَّى به المعنى المراد من إنشاء الدعاء للمخاطب، وإنما يتأدى به الدعاء إذا فُتحت اللام من "كل"، ولذا فعلى الداعي به عدم اللحن- والله أعلم- انتهى. وذكر الشيخ: ابن عثيمين - رحمه الله - في المجموع الثمين (2/226) : أن قول "كل عام وأنتم بخير" جائز إذا قُصِدَ به الدعاء بالخير، - وصلى الله علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.

الجزع والنواح والندب

الجزع والنواح والندب المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 25/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما تعريف الجزع؟ وهل يعذب الميت بذلك؟ هل البكاء دون صوت عال يعتبر من الجزع؟ مع العلم أن البكاء كان بسبب ألم الفراق أو ألم لعدم التمكن من رؤية الميت قبل وفاته ولم يكن اعتراضاً على قضاء الله. ما هو تعريف النواح والندب؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الجزع: هو عدم الصبر على البلاء. الميت يعذب ببكاء أهله معناه أحد أمرين: الأول: أنه يتألم عندما يسمعهم ينوحون ويندبونه لأنه معصية لله عز وجل والتألم نوع من العذاب. الثاني: أنه يعذب إذا كان أمرهم بذلك أو عرف منهم ذلك ولم ينههم في حياته فيكون العذاب بسبب أمره أو رضاه. وأما إذا لم يرض ولم يأمر فإنه لا عذاب عليه كما قال تعالى:"أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى" [النجم: 36-38] . أما البكاء العادي فليس من الجزع، والنوح: هو رفع الصوت بالبكاء، والندب: أن يعدد محاسن الميت.

صديقي يشرب الخمر

صديقي يشرب الخمر المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 21/10/1422 السؤال سافرت برفقة صديق إلى بلد أوروبي وكان يذهب للبار ليشرب الخمر ويقوم في الصباح ويصلي الصباح فقلت له: يا أخي إن حد علمي أن الله لا يقبل الدعاء من شارب الخمر حتى تمر 45 يوماً وهي الفترة التي يذهب بها الخمر من دم الإنسان، هذا ما كنت اعتقد إني سمعته من إحدى الإذاعات ولكن صديقي بعد فترة قال لي: إنه سأل أهل العلم وقالوا له: إن هذا الكلام لا صحة له، أرجو منكم إفادتي عن هذا الموضوع؛ لأبلغ بها صديقي هذا. الجواب الحديث الذي تشير إليه هو ما أخرجه الترمذي (1862) وغيره عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً " وقال الترمذي: " هذا حديث حسن "، وقد روى معناه عن عبد الله بن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واعلم - بارك الله فيك - أن معنى عدم القبول في هذا الحديث وما أشبهه عدم الثواب، لمقارفة هذه المعصية، فالصلاة المقبولة يحصل لصاحبها الثواب وتبرأ ذمته، ومع نفي القبول تبرأ ذمته بمعنى أنه لا يجب عليه إعادتها، ولكن لا يثاب عليها الثواب المضاعف كما بين ذلك العلماء في شرح الحديث، وبهذا يتبين لك أن شارب الخمر مطالب بأداء الصلاة، ويجب عليه أداؤها في أوقاتها، فإذا أداها برئت ذمته ولكن يحرم من الثواب الذي يكتب لغيره ممن لم يشرب الخمر، وحال من شرب الخمر وصلى خير ممن يشرب الخمر ولا يصلي، ولعل صلاته أن تنهاه عن هذا المنكر، وأنصحك بأن تحرص على نصح صديقك وتحذيره من هذا المنكر وتذكر له الأحاديث الواردة في التحذير من شرب الخمر،- وسأرسلها لك مع هذا الجواب- وأن تحثه على أداء الصلاة ولا تنهاه عنها، وأن تجتهد بربطه برفقة صالحة يعينونه على الخير "ولئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم". والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هواية التفحيط بالسيارات

هواية التفحيط بالسيارات المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 4/1/1423 السؤال ما حكم النظر إلى التفحيط عَرَضاً أو عمداً، وهل ينكر على من ينظر إليهم أم لا؟ الجواب الحمد لله وبعد: فقبل الجواب عن حكم النظر إلى (التفحيط) يحسن الكلام عن حكم التفحيط نفسه، فأقول وبالله التوفيق: لست أشك طرفة عين أنّ (التفحيط) هواية محرمة، وممارسة سيئة منكرة وذلك للأسباب التالية: 1 - أنّ ممارسة (التفحيط) ممارسة خطرة تعرّض صاحبها إلى هلاك محقق، فقد يفقد حياته - وهذا كثيراً ما يحدث - وقد يصاب بإصابات شديدة تلازمه مدى الحياة كالشلل أو فقد بعض الأطراف، أو حدوث بعض العاهات المستديمة - نسأل الله العافية -. 2 - في التفحيط إيذاء وإزعاج للآخرين وتعريض حياتهم للخطر، إذ من المعلوم أنّ بعض هواة (التفحيط) لا تحلو لهم هوايتهم تلك إلا في الأحياء السكنية المأهولة، والشوارع المطروقة لينالوا أكبر عدد من المشاهدين والمعجبين. ولا ريب أنّ إيذاء الناس أمر محرم كما قال الله: " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً" [الأحزاب:58] . وحتى لو كان (التفحيط) في الأماكن الخالية خارج نطاق البنيان فسيظل الأمر محرماً لبقاء عامل الإيذاء قائماً، ذلك أن أولئك الممارسين (للتفحيط) سيستدرجون أبناء المسلمين ومراهقيهم إلى أماكنهم، وتشجيعهم على ممارسة هذه الهوايات السخيفة، وفي هذا أعظم الإفساد لهم، وأكبر الأذية لأهليهم. 3 - لا يماري عاقل أنّ في (التفحيط) إتلافاً للسيارة وتدميراً لها وتبذيراً للمال الذي دفع لشرائها، وقد قال الله: " إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين " [الإسراء:27] . وهذه السيارات نعمٌ من -الله تعالى- سخرها لعباده لقضاء حوائجهم عليها، فكيف يليق بالمسلم أن يكفر بنعمة الله ويسخرها في تصرفات طائشة، وممارسات منحرفة تدل على بطره وأشره والعياذ بالله؟ وإذا عرفنا حكم (التفحيط) بان لنا حكم النظر إليه فأقول والله الموفق: لا ريب كذلك أنّ النظر إلى (التفحيط) أو غيره من المنكرات والمحرمات على سبيل الاستمتاع به والتلذذ بمطالعته حرام لا مرية فيه، إذ إنّ في ذلك إعجاباً بالمنكر وإقراراً لوجوده ورضاً به والعياذ بالله، ونبينا -عليه الصلاة والسلام- علّمنا إنكار المنكر إذا رأيناه لا متابعته ومطالعته والتلذذ بمشاهدته، فقال -عليه السلام- في الحديث الصحيح: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ... "رواه مسلم (49) وغيره من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. وقد امتدح الله -تعالى- المعرضين عن المنكرات فقال -سبحانه-:" والذين هم عن اللغو معرضون " [المؤمنون:3] ، وقال: " وإذا مرّوا باللغو مرّوا كراماً " [الفرقان:72] ، وقال:" وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين " [القصص:55] . وأخيراً فقول السائل هل ينكر على من ينظر إليهم؟ فأقول: نعم، وهذا واضح من خلال ما تقدم، والله المسؤول أن يصلح شباب المسلمين ويوفقهم إلى معرفة حقيقة دورهم في هذه الحياة فيترفعوا عن سفاسف الأمور، ويضطلعوا بمسؤولياتهم تجاه دينهم وأمتهم والله أعلم.

السنة عند التثاؤب

السنة عند التثاؤب المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 6/1/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، وضع اليد على الفم والاستعاذة من الشيطان بدعة أم سنة؟ وما الدليل؟ وجزاكم الله خير. الجواب أما وضع اليد على الفم عند التثاؤب فقد أمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث صحيح أخرجه مسلم (2995) في لفظ البخاري (3289) " فليرده ما استطاع". أما الاستعاذة فلم تذكر في الأحاديث الصحيحة فيما أعلم، فالسنة ألا تقال بل تترك.

كيف أكون ملتزما؟

كيف أكون ملتزماً؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 30/1/1423 السؤال يا شيخ أود الالتزام، كيف ذلك؟ الجواب أخي الكريم، الحمد لله الذي تفضل عليك، وأحسن إليك حين جعلك تفكر في الالتزام والعودة إليه -سبحانه-. وأبشر بالسعادة الحقيقية، والحياة الهانئة في كنف الله ورعايته، أبشر بالسعادة التي طالما بحثت عنها، هاهي تقترب منك فاقترب منها وعجل وأسرع قبل فوات الأوان. إن الالتزام -بارك الله في عمرك- سهل ميسور، وليس معضلة شائكة، أو ضريبة باهظة. إن الالتزام يعني باختصار مفيد، حياة هانئة، وسعادة دائمة، وراحة تامة، الالتزام نفس مطمئنة، وبال مستقر، وضمير آمن. وسترى أخي الكريم أن الالتزام لن يكلفك سوى أدائك واجبات ميسورة من محافظة على الصلوات مع الجماعة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، وإحسان الخلق. وهو كذلك كف للأذى، وبعد عن الحرام من الظلم والبغي والعدوان واجتناب للفواحش ابتداء من النظر المحرم، ومروراً بالاختلاط الآثم، وانتهاءً بما تعلم -وقانا الله وإياك مضلات الفتن-. فبادر أخي وأسرع واقتنص هذه الفرصة، واغتنم هذا الإقبال الذي تجده من نفسك قبل فوات الأوان، وكن معنا على اتصال دائم. اجتهد -بارك الله فيك- في إرضاء الرب -جل وعلا-، والمحافظة على الصلوات، وبر الوالدين، وترك الغناء والموسيقى، واستبدال ذلك بحفظ القرآن على قدر استطاعتك، ومطالعة الكتب النافعة والأشرطة الإسلامية المفيدة، وبذلك تسعد حياتك، ويهنأ بالك، ويرتاح ضميرك، وفقك الله وأعانك والسلام.

النظر المحرم

النظر المحرم المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 14/2/1423 السؤال يذكر أهل العلم النظر المحرم كمثال عند ذكر الذنوب الصغائر التي يكفرها الوضوء، والصلوات الخمس، والصيام، وغيرها من الأعمال، كما ورد في (تفسير ابن كثير) في معنى اللمم، وذكره أيضاً الإمام ابن القيم في (مدارج السالكين) عند الكلام عن أنواع الذنوب وأقسامها. والسؤال: هل النظر المحرم سواء في الحكم؟ بمعنى: هل النظر إلى امرأة في السوق وغيره من الأماكن العامة كالنظر إلى الصور العارية والخليعة في التلفاز والإنترنت؟ وإذا كان الحكم يختلف، فهل النظر إلى الصور الخليعة والعارية من الكبائر؟ الجواب إن الله -سبحانه وتعالى- جعل العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته، وإذا أطلق العبد بصره أطلق القلب شهوته، فالنظرة تزرع في القلب الشهوة، لذلك أمر الله -سبحانه وتعالى- بغض الأبصار قبل حفظ الفروج، فقال -تعالى-: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" [النور:30] ، "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ... " الآية [النور:31] . فالنظر هو الباب الأكبر للقلب، والنظر المحرم بريد الزنا، ورائد الفجور، وداعية الفساد. وكنت إذا أرسلت طرفك رائداً ... لقلبك يوماً أتعبتك المناظر رأيت الذي لا كله أنت قادر ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر وغض البصر وحفظه من أعظم الأدوية لعلاج أمراض القلب، وفيه حسم لمادة المرض قبل حصوله، فإن النظر سهم مسموم من سهام إبليس، ومن أطلق لحظاته دامت حسراته. كل الحوادث مبداها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرة فتكت في قلب صاحبها ... فتك السهام بلا قوس ولا وتر فحفظ البصر وغضه واجب على المسلم بصريح أمر القرآن، والتساهل في غض البصر وإطلاق العنان للنظر المحرم لا يجوز "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً" [الإسراء:36] ، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- كلاماً جميلاً مفيداً في فوائد غض البصر في (الجواب الشافي وفي روضة المحبين) ، كما ذكر جماعة من المفسرين فوائد أخرى (راجعها عند تفسير آية النور المتقدمة) . والذي ينبغي أن يعلمه السائل وغيره أن الحكم في النظر يختلف بحسب ما يترتب عليه من الآثار وما يجر إليه من المفاسد، فليست النظرة العابرة مثل مداومة النظر وتكراره والتلذذ به والحرص عليه، لذلك قال الحسن بن الفضل في تفسير (اللمم) الوارد في قوله -سبحانه-: "الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم.." [النجم:32] قال: اللمم: النظر من غير تعمد فهو مغفور، فإن أعاد النظر فليس بلمم، وهو ذنب.

وقد اختلف أهل العلم في تفسير (اللمم) ، الوارد في الآية فاختار جماعة من السلف أنه الإلمام بالذنب مرة ثم لا يعود إليه وإن كان كبيراً، والجمهور على أن اللمم ما دون الكبائر، قال الشيخ/عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-، في تفسيره عن هذه الآية:" الصغائر، التي لا يصر صاحبها عليها، أو التي يلم بها العبد المرة بعد المرة على وجه الندرة والقلة" فانتبه -حفظك الله- إلى قوله: "لا يصر صاحبها عليها"، فإن الصغيرة لا تكون صغيرة مع الإصرار، كما أن لا كبيرة مع الاستغفار. وكما اختلف أهل العلم في المراد باللمم اختلفوا في الكبائر، ما هي؟ واختلافهم ليس اختلاف تباين وتضاد بل أقوالهم متقاربة، والصواب في ذلك -إن شاء الله- أن المراد بالكبائر: الذنوب العظيمة كالزنا، وأكل الربا، والقتل، وأنه ليس لها عدد محصور، وقد يصح ضبطها، بما قاله بعض السلف: إنها ما تعلق به حد في الدنيا، أو عذاب، أو وعيد في الآخرة، وأنقل هنا للأخ السائل -وفقه الله- وغيره كلاماً نفيساً لابن القيم -رحمه الله- بعد أن ذكر آراء العلماء في المراد بالكبائر، قال: "وهاهنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف، والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر، وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء وعدم المبالاة، وترك الخوف، والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى رتبها. وهذا أمر مرجعه إلى ما يقوم بالقلب، وهو قدر زائد على مجرد الفعل، والإنسان يعرف ذلك من نفسه ومن غيره" اهـ. وهذا الكلام واضح ومفيد لكل من نور الله بصيرته. وعلى هذا فإن النظر إلى الصور الخليعة الماجنة، العارية وشبه العارية، سواء كان ذلك في التلفاز أو الإنترنت أو غيرهما مع ما يصحب ذلك من قلة الحياء، وعدم المبالاة، وضعف الدين، وعدم الخوف من الله، والاستهانة بهذه المعاصي لا شك أن ذلك يلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى رتبها، وإن كان النظر المجرد في أصله ليس كبيرة، نسأل الله أن يعصمنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يهدي قلوبنا ويصلح أعمالنا وأحوالنا، وأن يجعل أمرنا إلى خير إنه سميع قريب مجيب، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الهجر والعلاقة في المعصية

الهجر والعلاقة في المعصية المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 5/7/1424هـ السؤال يوجد لدي صديق مقرب جداً، لكن علاقتنا مع بعض تؤدي إلى ارتكاب بعض المعاصي والعياذ بالله، فهل يجوز لي هجره؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فكيف نوفِّق بينه وبين ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم- لا يجوز للمسلم هجر أخيه المسلم فوق ثلاث ليال، أو كما قال. أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد.. تذكر أن لك صديقاً مقرباً وعلاقتك به تؤدي إلى ارتكاب المعاصي، والجواب اعلم أخي الكريم أن الاجتماع إذا كان على المعاصي فإن الاجتماع لا يجوز، لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان، وأما الهجر فإذا كان لله ويؤدي بالمهجور إلى المصلحة وردعه فإن ذلك يجوز، وليس لذلك وقت محدد، وأما قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" رواه البخاري (6237) ، ومسلم (2560) من حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -، فهذا في الهجر لأمر شخصي، فلا يجوز أكثر من ثلاثة أيام، وأما الهجر لوجه الله فيجوز إذا كان يحقق مصلحة، وأما صديقك فيمكن أن لا تجتمع به، ويمكن أن لا تهجره فتلقاه مع الناس وتسلم عليه، في المناسبات العامة، من دون هجران، وبالله التوفيق.

الطباع هل هي جبلية أم مكتسبة؟

الطباع هل هي جبلية أم مكتسبة؟ المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 22/7/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أود أن أسأل عن شخصية الإنسان، هل هي شيء خلقه الله فيه، أم أنها شيء مكتسب يحاسب العبد عليه؟ أقصد بذلك أن يكون الإنسان كريماً أو طيب القلب، أو خفيف الظل، أو عصبي المزاج، وما إلى ذلك. أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: الصفات التي توجد في الإنسان ليست واحدة بل صفات مختلفة، وهي على أنواع: 1- نوع هو مما خلق عليه الإنسان، كحدة الطبع وشدَّة الانفعال، أو سعة الصدر وبطء الانفعال. 2- ونوع مما نشأ مع الإنسان بسبب التربية والأحوال الاجتماعية، وقد يكون حدة الطبع وسرعة الانفعال سببه التربية كذلك. 3- ونوع مما هو وراثي أو خلقي أو جبلي، أي أنه ولد معه. والإنسان مطالب بتهذيب نفسه وتطبيعها بالأخلاق الفاضلة، والتخلق بالأخلاق المشروعة، وكلما عانى من تربية نفسه كلما تضاعف له الأجر، وإذا غلب من بعض الطباع أحياناً يغفر الله له، ألا ترى إلى موسى- عليه السلام- كيف ألقى الألواح من يده لشعوره بالغضب، وفيها كلام الله - عز وجل- ولم يعاقبه الله؛ لأنه بدون اختياره. والله الموفق.

الاستعاذة عند التثاؤب

الاستعاذة عند التثاؤب المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 06/05/1426هـ السؤال ما حكم الاستعاذة بالله من الشيطان بعد التثاؤب؟. الجواب هذا لم يثبت فيه شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، والذي ثبت عن النبي - عليه الصلاة والسلام- أن الإنسان يكظم ما استطاع، بحيث إنه لا يفتح فمه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الشيطان يضحك، أو أن الشيطان يدخل ... إلخ، صحيح البخاري (3289) ، وصحيح مسلم (2994، 2995) . فإن غلبه التثاؤب فإنه يضع ظهر يده على فمه كالراد للثتاؤب.

تربية اليتيم واللقيط

تربية اليتيم واللقيط المجيب خالد بن عبد الرحمن الخضر القاضي بمحكمة بريدة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 19/1/1424هـ السؤال تزوجت منذ 15 سنة ولم أرزق بأولاد، ومنذ عامين أصيبت زوجتي بورم خبيث بالثدي استؤصل الثدي على أثره مما زاد من نقص فرصة الإنجاب بشكل كبير جداً كما قال الأطباء (مسلمون ثقة) ، وسؤالي هل يجوز لي أخذ طفل أو طفلة (لا أسرة له أولها) من أحد دور رعاية الأيتام وأقوم برعايتها وتربيتها مع احتفاظها بنسبها؟ مع العلم بأني والحمد لله ميسور الحال وأبغي وجه الله والثواب من ذلك بجانب إشباع رغبة الأبوة والأمومة لي ولزوجتي أفيدونا أفادكم الله وجزاكم عنا كل خير (لم أرزق ببنين ولا بنات) . الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فيجوز للسائل أخذ طفل أو طفلة وتربيتها تربية إسلامية، ولا يخفى عظم الأجر في ذلك لا سيما كفالة الأيتام ولكن يعلم السائل أن هذا الطفل لا يعتبر ابنا شرعياً ولا يرث ولا يكون محرماً إلا إذا تم إرضاعه حسب القواعد الشرعية المفصلة لذلك والسلام.

السنة في الجلوس وقت الإفطار

السنة في الجلوس وقت الإفطار المجيب د. أنيس بن أحمد طاهر عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 4/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. هل يعتبر الجلوس على الأرض للإفطار بعد الصيام من السنة أم من العادات فقط الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأمر في ذلك واسع، ولم يرد شيء في استحباب أكل الطعام والإنسان جالس، ولكن إن كان الجلوس أيسر عليه فليجلس، وإن كان الأيسر عليه الجلوس على كرسي ومائدة فليجلس عليها، فلم يرد شيء من الحديث يدل على استحباب الجلوس على الأرض دون الجلوس على الكراسي والموائد.

قتل النمل للتداوي!

قتل النمل للتداوي! المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 25/10/1425هـ السؤال هل يجوز قتل النمل، وذلك لأنه قد قيل إن حمض النمل يقتل بصيلات الشعر، فبعد دهن الجسد بالنمل المقتول، يزول الشعر ولا يخرج مرة أخرى؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لعلي أفصّل قليلاً في هذه المسألة على النحو التالي: (1) إذا كان النمل مؤذيًا جاز قتله؛ لعموم حديث: " خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ؛ الْحَيَّةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْحُدَيَّا". أخرجه البخاري (3314) ومسلم (1198) . ويلحق بهذه الخمس كل مؤذٍ من الحشرات وغيرها. (2) إذا لم يكن النمل مؤذيًا فلا يقتل، وقتله إما محرَّم وإما مكروه على خلاف بين العلماء في ذلك، لحديث: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصُّرد. أخرجه أبو داود (5267) وابن ماجه (3224) . ولأنه لا ينتفع بقتله في هذه الحالة. (3) إذا احتيج إلى قتل النمل من أجل استعماله في التداوي، ولم يكن هناك ما يقوم مقامه، فالذي يظهر لي جواز قتله والانتفاع به كدواء، لوجود الحاجة الداعية لذلك. والله أعلم.

تربية الحمام

تربية الحَمَام المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 13/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال عليه الصلاة والسلام لما رأى رجلاً يتبع حمامة: "شيطان يتبع شيطانة"، وذكر ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: أن اللعب بالحمام من خوارم المروءة، فما حكم تربية الحمام وبيعه؟ وهل يجوز اللعب به إذا لم يله عن الصلاة؟ وإذا صاد حمامي من حمام الجيران فهل يجوز أخذه؟ أفتونا مأجورين. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فخوارم المروءة ليست فعل المحرمات، وإنما هي ما يترفع عن فعله أهل الذوق التام، والوقار والرزانة، ولا شك أن اللعب بالحمام من خوارم المروءة بهذا الاعتبار، وقد يكون حراماً إذا تضمن الاطلاع على عورات المسلمين أو إيذائهم. وأما من اتخذ الحمام يقصد تكاثر فراخها ليبيعها، أو ليأنس بها، أو لمصلحة أخرى، فلا مانع منه، ولا يكون من خوارم المروءة، واللّعب بالحمام إذا لم يتضمن محرمًا فليس بحرام في نفسه، وإن كان أهل الوقار يترفعون عنه. ومتى اصطاد حمامك حمامًا مملوكًا وجب عليك رده لصاحبه إن عرفته، أو إطلاقه ليعود بنفسه لصاحبه، ولا يسوغ لك حبسه عندك، أو إعطاؤه ما يمتنع بسببه من العودة لمالكه؛ لأن هذا من أخذ المال بغير حق. وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

الذبح لقطع شجرة السدر

الذبح لقطع شجرة السدر المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 17/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في بيتنا شجرة سدر، وهذه الشجرة تضايقني وأريد قطعها، ولكن أهلي لا يقبلون بذلك؛ لأن هناك معتقد شائع عندنا في العراق وهو أن شجرة السدر إذا قطعت دون أن يذبح لها الشخص ذبيحة فإن مكروها سيحصل لأهل بيت الذي قطعها، فهل شجرة السدر لها مكانة خاصة، بحيث لا يجوز قطعها بدون ذبح فداء، أم أن هذا مجرد خرافات؟ وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يكره أن يعبث الإنسان فيقطع السدرة التي يستفاد بظلها أو ثمرها أو ورقها، لما ورد عند أبي داود (5239) والنسائي في الكبرى (8611) ، وغيرهما من حديث عبد الله بن حبشي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار". وأما إذا كانت في مكان يحتاجه الإنسان لزراعة أو بناء بيت، أو وضع طريق، أو احتاج عودها - ساقها وفروعها- في عمل أبواب أو خلايا نحل، أو تسقيف سطح، أو آذته في البيت بشوكها، أو نحو ذلك، فإنه يباح له قطعها لتلك الأغراض. أما الذبح لها فهذا شرك لا يجوز فعله ولا اعتقاده؛ لأنه ينافي التوحيد، فلا يذبح إلا لله، في الأغراض التي أمر بها الشرع أو حث عليها، أو أباحها مثل الهدي للحاج، والأضحية، وعقيقة المولود، وإكرام الضيف. أما الذبح للأشجار أو الأحجار، أو الأماكن، أو لأي مخلوق آخر، لتقديسه أو التقرب إليه بذلك أو لجلب نفع لا يغفره الله لصاحبه، لقوله تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء:116،48] فعلِّمي أهلكِ الصواب، وخوفيهم بالله؛ ليزول الجهل الذي هم فيه، وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة. والله الهادي إلى سواء السبيل.

هل هذا من التشبه؟

هل هذا من التشبه؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 10/06/1426هـ السؤال انتشر في الإنترنت استخدام الرجال لأسماء نساء، واستخدام النساء لأسماء رجال في الحوار بالمنتديات، وبعض النساء تتحجّج بأن ذلك يحميها من تحرش الرجال بها، فهل يعد هذا من التشبه المنهي عنه؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: لا يعد هذا من التشبه المنهي عنه، فالتشبه المحرم هو أن تتشبَّه المرأة بالرجال في شيء من صفاتهم وخصائصهم، كاللبس والمشية، وتقليد الرجال في مظاهرهم وأصواتهم والعكس صحيح، أما مجرد الاسم فلا يظهر فيه تشبه، وقد تحتاج المرأة أن تشارك في المنتدى باسم رجل حتى تسلم من عبث العابثين وتحرش السفهاء، وليس هذا بمذموم، أما تسمّي الرجل باسم المرأة في المنتديات فعمل لا يليق بالعفيف؛ لأنه قد تظنه النساء المشاركات امرأة انخداعاً بالاسم، فيتجاسرن بمراسلته ومد الصلة معه وتوثيقها، فيقعن في محاذير كُنّ في الأصل حاذرات لها. والله أعلم.

اكتشفت أنها غير بكر.. فهل أستر عليها؟

اكتشفت أنها غير بكر.. فهل أستر عليها؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 26/06/1426هـ السؤال عمري فوق الأربعين، طلقت زوجتي ولي منها أولاد، فدلني أهل الخير على أخت فاضلة يعرفون عنها كل خير، وتساعد الفقراء وتكفل الأيتام، لم يسبق لها الزواج، وعمرها فوق الثلاثين، فنصحوني أن أخطبها مخافة عليها، وبعد الدخول وجدتها ثيباً، فأخذتها إلى الطبيبة فتأكدت من ذلك، فخشيت أن أفضحها لو أفشيت الأمر لأحد، فالمرأة محمودة السيرة عند الناس وسمعتها حسنة، لها معي سنة تقريباً، فماذا أعمل، ضميري يؤنبني: هل أستر عليها؟ أخشى أن يكون هذا من الستر على امرأة مستحقة لحد من حدود الله، هي تعاملني معاملة جيدة، وأنا سعيد بها، وهي تعلم أني سترت عليها هذه الفضيحة، أفيدوني أفادكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:- لا تُفشِ الموضوع لأحد، وعليك أن تستر عليها، فمن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، ولا مصلحة في إفشاء أمرها وفضحها، فالأمر قد وقع وانتهى، هذا إذا كانت -فعلاً- قد فقدت بكارتها بفاحشة، ثم إن الأصلح لها الآن هو الستر والصبر عليها، واستصلاحها وإشعارها بأن باب التوبة ما زال مفتوحاً أمامها، وأن خطأ الأمس يصلحه صلاح اليوم، وأن من رحمة الله بها أن رزقها من يستر عليها فينبغي أن تقابل هذه النعمة الربانية والمنحة الإلهية بالشكر والحمد والتوبة من الفواحش، ثبتنا الله وإياها على الحق. ولتعلم أن حد الزنا لا تجب إقامته إلا بإقرار الفاعل عند القاضي، أو ثبوت زناه بشهادة أربعة شهود عدول، ولا يجب على كل من زنى إذا أراد التوبة من الزنا أن يقرّ بزناه عند القاضي، بل يكفيه أن يصدق توبته، وأن يحسن فيما بقي، فمن أحسن فيما بقي، غفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وما بقي. وفقك الله وستر عليك في الدنيا والآخرة.

الاسترجاع عند المصيبة

الاسترجاع عند المصيبة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 29/05/1426هـ السؤال السلام عليكم هل ثبت في السنة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنا لله وإنا إليه راجعون" عندما سمع عن وفاة أحد؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استرجع لما مات عبد الله بن ثابت -رضي الله عنه- فقد أخرج مالك في الموطأ (552) ، ومن طريقه أبو داود (3111) ، والنسائي (1846) عن جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ، فَصَاحَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُجِبْهُ فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ". فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ، فَجَعَلَ ابْنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "دَعْهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ". وفي صحيح مسلم (918) من حديث أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا. إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا". قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَة، َ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَت: ْ أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ فَقُلْت: ُ إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ فَقَال: َ" أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ". هذا والله أعلم.

المرأة بين القرار في البيت وإجابة الدعوة

المرأة بين القرار في البيت وإجابة الدعوة المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/مسائل متفرقة في الآداب والسلوك والتربية التاريخ 23/09/1426هـ السؤال كيف تجمع المرأة بين أمر الله لها بالقرار في البيت، وبين إجابة الدعوة وزيارة الأقارب والجيران والصديقات، علماً أن كل تلك الدعوات ضرورية، كما أنها لا تحصل فيها منكرات -بإذن الله- وإنما اجتماع فقط، وإذا كانت العائلة تخرج في أيام الإجازات وفصل الربيع للمخيمات في البر، وتكون النساء بمعزل عن الرجال، فما حكم عدم خروج إحدى نساء العائلة، وتعذرها بالقرار في البيت كما أمرت علماً أنها تخرج يومياً للعمل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا بأس أن تخرج المرأة إلى حاجتها من زيارة وصلة رحم وعيادة مريض ونحو ذلك من الأمور المستحبة أو المباحة، غير متبرجة بزينة، ولا تضرب برجلها ليعلم ما تخفي من زينتها، وما شابه ذلك من الأفعال والأقوال التي تطمع من في قلبه مرض، وهذا لا ينافي الأمر بالقرار، إذ المقصود أن لا تكون خرّاجة ولّاجة، فالأصل القرار والخروج لضرورة أو حاجة استثناء. أما امتناع امرأة عن الخروج إلى المخيمات البرية، فإن كان بسبب منكر علمته أو غلب على ظنها وقوعه فهو المتعين، وإن لم يكن لذلك فلا ينكر عليها لأن الأصل القرار، ويمكن أن تحصل الصلة في غير البراري، والله أعلم.

ـــــ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل ـــــ

وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل

وسائل الإعلام

العمل في القنوات الفضائية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال التاريخ 3/8/1422 السؤال هل العمل في المحطات التلفزيونية، أو العمل في المجال الاعلامي يجوز، حيث أعمل بوظيفة محاسب في إحدى القنوات العربية المشفرة، فما موقف الشرع من هذا العمل، خاصة في هذه الأيام بالرغم من أن المحطة تبث برامج منوعة منها ما هو ديني، وما هو تعليمي ورياضي وموسيقي إلخ، أفيدوني أفادكم الله؟ الجواب أولاً: نشكر السائل الكريم الذي ينم سؤاله عن حرصه على دينه وعلى تقوى الله - عز وجل - وأكل الحلال. ثانياً: لا يخفى على كل ذي لبّ تأثير وسائل الإعلام المتنوعة لا سيما القنوات الفضائية على الأسر لا سيما الشباب والفتيات، ولما في كثير منها فساد وشرور، وتحبيب للفاحشة، ومن عروض للمناظر المحرمة، والموسيقي والأغاني الماجنة، ولما فيها عموماً من صدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، وهي بهذه الصورة عظيمة الخطر؛ لتعدى شرورها إلى بلدان واسعة ومدن كثيرة، فضلاً عن المنازل والأسر. ثالثاً: فيما يظهر من سؤال السائل أن القناة التي يعمل فيها هي من هذا القبيل، أو قناة يغلب عليها ذلك، أو على الأقل يغلب ما فيها من الفساد على ما بها الصلاح، وهذا هو واقع أغلب القنوات التجارية، فإننا لا نرى جواز العمل فيها حتى لو لم يكن مباشراً للفساد؛ لأنه معين عليه، وخادم له، وضابط لحساباته التي هي قوام عمله، وقد قال - سبحانه -:" ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ". وننصحه بترك العمل فيها، والبحث عن عمل آخر يكون خيراً له وأتقى لله، وليعلم أن الأرزاق بيد الله، وهي مقدرة سلفاً، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. رابعاً: ننصح جميع المسلمين العاملين في تلك القنوات أن يدركوا خطورة ما هم فيه واشتراكهم في كل إثم تبثه القناة، وكل فساد حصل بسبب ذلك، وليذكروا سؤال الله لهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، ويستثنى من ذلك من كان عمله في القناة في الإصلاح، وفي برامج مفيدة دون غيرها، أو من كان ساعياً لزيادة الصلاح، وتقليل الفساد فلا بأس ببقائه ما دام الأمر كذلك، والله أعلم.

وسائل لمحاربة الإعلام الفاسد

وسائل لمحاربة الإعلام الفاسد المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 10/8/1422 السؤال لدي بعض الخطط الخاصة والتكتيكات للمناورة مع الإعلام المسلط وبحث خفاياه وتوريطه بأسلوب خاص، وخصوصاً الجرائد والمجلات: مثل خضراء الدمن والممات، فما هي أفضل وسيلة لاستخدام مثل هذا؟ الجواب جواباً على الأخت السائلة التي تكرمت بعدة أسئلة في مجال الإعلام مما يدل على اهتمامها وفقنا الله وإياها لكل خير. ورد في سؤالها ما نصه: لدي بعض الخطط الخاصة والتكتيكات للمناورة مع الإعلام المسلّط وبحث خفاياه وتوريطه بأسلوب خاص وخصوصاً الجرائد والمجلات. . . فما هي أفضل وسيلة لاستخدام مثل هذا؟ والجواب: إن الأولى السؤال عن جدوى الخطط والتكتيكات والمناورات والتوريط وهل هذا مقبول أم لا؟ أعتقد أن باعث السائلة على تلك الوسائل فضح بعض وسائل الإعلام المغرضة، وتحذير الناس منها، وهذا هدف نبيل نبه القرآن الكريم عليه في قوله - تعالى -: ((وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين)) [الأنعام: 55] . ولكن نبل الهدف لا يسوّغ الوسائل الموصلة إليه، ومن الممكن تحقيقه بغير التوريط والمناورة. . , وإذا كان التكتيك والمبادرة والتوريط قد يحقق هذا الهدف ولكنه يفوت هدفاً أهم وهو التأثير الإيجابي على العاملين في تلك الوسائل، سواء بإقامة الحجة عليهم أو هدايتهم للحق. وأفضل وسيلة لتحقيق تلك الأهداف من إظهار الحق وبيان ضلال تلك الوسائل وتحيزها هو الدراسة الموضوعية لعدة أعداد (سنة مثلاً) دراسة استقرائية تحليلية لما ورد فيها، وبالإمكان أخذ قضايا معينة، مثل قضايا الجهاد أو قضية فلسطين أو الحجاب أو المرأة أو غير ذلك. وتلك الدراسة تحتاج إلى باحث موضوعي منصف، فكما أنه يظهر الزيف والباطل في تلك الصحيفة فعليه أن يكون مستعداً لإبداء الأمور الإيجابية، وهذا من العدل الذي أمر الله به (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) [المائدة:8] . وعندئذ سيقبل كلامه وسيؤثر على الآخرين ويبين الحقيقة، كما سيوجب على تلك الوسائل تعديل طريقتها ومراجعة أمرها خوفاً من فقد جمهورها وانكشاف حالها. ونأمل من السائلة أن تكون قادرة على ذلك ونشكرها على سؤالها، سائلين الله - عز وجل - لنا ولها التوفيق والسداد.

السيرة النبوية في فيلم سينمائي؟

السيرة النبوية في فيلم سينمائي؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة التاريخ 22/7/1422 السؤال أكملت إحدى شركات الإنتاج السينمائي العربية فيلماً بالرسوم المتحركة عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيعرض الفيلم الذي يصدر بعنوان " محمد خاتم الأنبياء " في دور السينما ويقولون إن الفيلم سيساعد على تصحيح الأفكار الخاطئة عن الإسلام. السؤال / هل يجوز استخدام مثل هذه الآلية في مجال الدعوة؟ أفيدونا جزاكم الله خير. الجواب صدرت فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم / 4923وبتاريخ 11/7/1402هـ برئاسة الشيخ / عبد العزيز بن باز _رحمه الله _ وعضوية الشيخ / عبد الرزاق عفيفي رحمه الله والشيخ / عبد الله بن غديان والشيخ / عبد الله بن قعود. كما صدر قرار برقم 13عن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية تمنع أن يقوم ممثلون بتمثيل أدوار الصحابة رضي الله عنهم، ونرى أنها تنطبق من باب الأولى على سؤالك. وإليك خلاصة قرار هيئة كبار العلماء: 1- إن الله سبحانه وتعالى أثنى على الصحابة وبين منزلتهم العالية ومكانتهم الرفيعة وفي إخراج حياة أي واحد منهم على شكل مسرحية أو فيلم سينمائي منافاة لهذا الثناء الذي أثنى الله عليهم به، وتنزيل لهم من المكانة العالية التي جعلها الله تعالى لهم وأكرمهم بها. 2- أن تمثيل أي واحد منهم سيكون موضعاً للسخرية والاستهزاء به ويتولاه أناس غالباً ليس للصلاح والتقوى والأخلاق الإسلامية مكان في حياتهم العامة، مع ما يقصده أرباب المسارح من جعل ذلك وسيلة للكسب المادي، وأنه مهما حصل من التحفظ فسيشتمل على الكذب والغيبة، كما يضع تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم بأنفس الناس وضعاً مزرياً، فتتزعزع الثقة بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وتخف الهيبة التي في نفوس المسلمين من المشاهدين وينفتح باب التشكيك على المسلمين في دينهم والجدل والمناقشة في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم 3- ما يقال من وجوه المصلحة وهي إظهار مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب، مع التحري للحقيقة، وضبط السيرة وعدم الإخلال بشيء من ذلك بوجه من الوجوه رغبة في العبرة والاتعاظ، فهذا مجرد فرض وتقدير، فإن من عرف حال الممثلين وما يهدفون إليه عرف أن هذا النوع من التمثيل يأباه واقع الممثلين، ورواد التمثيل وما هو شأنهم في حياتهم وأعمالهم 4- من القواعد المقررة في الشريعة أن ما كان مفسدة محضة أو راجحة فإنه محرم، وتمثيل الصحابة على تقدير وجود مصلحة فيه فمفسدته راجحة فرعاية للمصلحة وسداً للذريعة وحفاظاً على كرامة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يجب منع ذلك.

قناة المجد في الميزان

قناة المجد في الميزان المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 20/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد ظهرت في هذه الفترة الأخيرة قناة (المجد) وقد وثّقَها كثير من أهل العلم البارزين، مما جعل الناس يقبلون عليها بكل ثقة وأمان. وهذا رائع وجميل، وسأقف معها وقفات أرجو فهْم مرادي وبيان الحكم: • وصفها بأنها إسلامية 100% فيه نظر، لأن أغلب ما فيها بعيد كل البعد عن الإسلام كما تعلّمنا. • تربية الأطفال عليها، وأنها وما تحمله خير يجب اتباعه والالتزام بمنهجه، وذلك إذا سأل الطفل أحد والديه عنها قالوا: تابعها فإنها إسلامية، فينشأ في ذهنه أن كل ما فيها حق لا يرد. • التساهل في كثير من الأمور التي تكلَّم فيها العلماء الأفاضل. فماذا بعد الحق إلا الضلال. • الإكثار من الحركات الفكاهية والألعاب، حتى ينشأ عن ذلك أخذ صورة بأن الإسلام دين مرح ولعب. أسألك بالله، هل حال أمتنا الآن يجعلنا نربّي أطفالنا على هذا؟ • اتخاذ الأناشيد شعارًا لكل برنامج، حتى الأخبار ما سلمت من هذا. فوالله إنها تذكرني بالقنوات الفضائية الأخرى؛ حيث لا بد من النغمات الموسيقية. أما الآن فأريد أن أعرض لك بعض ما رأيته فيها، وأنت احكم بما آتاك الله من علم ودراية وخبرة: • بعض المذيعين -ممن نحسبهم من الصالحين- لا يهتم في لباسه، فترى فيه الإسبال. • بعض المذيعين- ممن نحسبهم من الصالحين- يكثر من المزاح حتى أساء الناس النظر إلى الصالحين. • إن بعض الأناشيد أقسم بالله العظيم ثلاثا إنها شبيهة بالأغاني! ولا تختلف عنها إلا في الكلمات. • وبعد هذا قل لي بربك ما الحكم الشرعي في هذا؟ وهل ينبغي لنا السكوت، أم ماذا نعمل؟ أنا لست محاربا لهذه الأعمال الدعوية ولكن بشروط موافقة للشرع الحنيف, أليس كذلك؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد.. نشكر السائل الكريم على ثقته وحسن ظنه ومحبته، ونسأل الله -تعالى- أن يبلِّغنا بفضله وجوده وكرمه ما ذكره السائل من الإخلاص والتوفيق والثبات، كما نسأل الله للسائل أن يوفقه لقصد الحق واتباعه والدعوة إليه. فإن الكلام عن قناة المجد وما ذكره السائل من أطروحات فالكلام عليه من وجوه: الأول: ليس هناك قناة إسلامية صائبة 100%،بل ولا مجلة إسلامية، بل ولا كتاب من تأليف البشر كذلك. ووصف البعض بأنها إسلامية له معنى صحيح، وذلك لما فيها من تحري الخير وغلبته، والابتعاد عن الحرام قدر الإمكان، ولا يعني هذا الوصف خلوها من الأخطاء؛ إذ وصف الكتاب بأنه إسلامي لا يعني خلوه من الأخطاء، ووصف الدولة بإنها إسلامية لا يعني أيضًا أنها كذلك 100%. فإن قناة المجد عمل بشري كسائر الأعمال البشرية التي يكتنفها الخطأ، ولا تدعي لنفسها العصمة، والمعول في الشرع على الخير الغالب، وهي وإن كان يحدث فيها بعض الأخطاء التي قد تنسب إلى بعض الأفراد، فلا يصح أن يبنى عليه حكم عام.

وقول السائل إن أغلب ما فيها بعيد كل البعد عن الإسلام قولٌ مجافٍ للعدل والإنصاف؛ إذ إن هذا الوصف لا ينطبق حتى على بعض القنوات الأخرى. الثاني: أتفق مع السائل بوجود بعض الأناشيد بالقناة والتي فيها خلاف بين أهل العلم، حيث إن عامة العلماء يرون حرمة ذلك إذا اقترن بآلات اللهو (الموسيقى) ، والذي فيه أدلة صريحة، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَيَكُونَنَّ مِن أُمَّتي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ والخَمْرَ والمَعَازِفَ". رواه البخاري (5590) . أو اشتمل على دعوة إلى الفاحشة والفجور، كما هو موجود في عامة القنوات الأخرى، أو اشتمل على الصد عن سبيل الله، كما يفعل المشركون، أو كان على سبيل التعبُّد، كما يفعل الصوفية، وأما ما في القناة فلا أعلم اقتران النشيد بشيء من ذلك، غاية ما هنالك اجتهاد من بعض العلماء يقابله اجتهاد آخر، فالمسألة اجتهادية ليس فيها نص صريح يوجب المقاطعة والإنكار، وهي لا تختلف عن الأغاني في الكلمات، كما ذكر السائل، فحسب، وهو فرق مهم، ولكن في مصاحبة آلات اللهو أيضًا، وهي أقرب ما يكون للحداء الموجود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم لأنجشة: "يا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ سَوْقًا بالقَوَارِيرِ". أخرجه البخاري (6149) ومسلم (2323) . ومع ذلك فإنني أوافق السائل في مراجعة القناة لنفسها لتخفيف تلك الأناشيد، والتي يقترب بعضها من الألحان والتي آذت كثيرًا من المؤمنين. الثالث: ما يتعلق بالإكثار من الحركات الفكاهية والألعاب، فأنا أتفق مع السائل بأن ذلك يزداد في فصل الصيف، ويتفق معنا عدد من المشاهدين بتفضيل البرامج الجادة والمفيدة التي تمتلئ بها القناة، ولكن الإشكال: هل جميع المشاهدين هم كذلك؟ أم أن تلك البرامج (الفكاهية والألعاب) لها جمهورها الذين يريدون الترويح بين البرامج المفيدة الجادة ببرامج مباحة، والذين كثير منهم إن لم توجد هذه البرامج ربما انصرفوا إلى القنوات الأخرى التي تمتلئ بشر من ذلك، فما دام ما يعرض ليس بمحرم فالأمر فيه سعة, والحمد لله. الرابع: أتفق مع السائل بوجود بعض المنكرات على بعض المذيعين وبعض المشاهد في القناة، والتقصير وارد، والدين النصيحة، ولكنني أعذر القائمين على القناة في كثير من ذلك، بل لا يحرم على القناة الاستفادة من الكفار لتحقق أهدافها الخيرة، فضلًا عن عصاة المسلمين، وذلك لندرة المتخصصين من الصالحين في المجالات الإعلامية مما تدعو الحاجة الماسة للاستعانة بمن هم دونهم، وقد استعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد المشركين للدلالة على الطريق في الهجرة للمدينة- انظر طبقات ابن سعد 1/229.

بل وفي أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل- صحيح البخاري- روايات أحاديث نبوية من بعض الخوراج المشهورين كعمران بن حطان، كما روى غيره من أهل السنن عن أبي حسان الأعرج، كما ذكر أبو داود في سؤالات الآجري الذي يعلم أهل الشأن أن المصلحة متحققة في الرواية عنهم ولانتفاء الكذب عنهم. وليس لأحد أن يقول إن هذا توثيق من كل جهة وتصحيح لمذهبهم، فاستضافة القناة لبعض من يستفاد منه من أطباء ومتخصصين -ولو كان لديه بعض المنكرات الخاصة به- هو ظاهر في غلبة المصلحة، والحكمة ضالة المؤمن. كما أنني أنصح نفسي والإخوة الصالحين -لا سيما الذين يظهرون في وسائل الإعلام ويقتدى بهم- أن يتحروا مرضاة الله تعالى، وإظهار شعائر الإسلام والالتزام بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. الخامس: أنني أدعو السائل إلى تقدير العمل الإسلامي والمشاريع الخيرة، ولا شك أنه فرق بين القنوات التي تبث دون قيود وتنقل كل شيء من هنا وهناك دون جهود، بل وحتى دون أهداف خيرة، بل وأهداف سيئة أحيانًا، وبين هذه القناة وأمثالها التي تستحق الشكر والدعاء. وقول السائل: هل ينبغي لنا السكوت؟ فالجواب عليه من وجهين: الأول: بل ينبغي الإشادة بالمشاريع الخيرة أمثال هذه القناة، ولا يمنع هذا من مناصحة القائمين عليها والتواصل معهم في أي خطأ والدين النصيحة. والثاني: لماذا يسعنا السكوت عن مئات القنوات الأخرى التي تمتلئ بالفجور والسفور؟ والشيطان يزين محاربة هذه الأعمال بحجة الأخطاء، وقد قال بعض السلف لمن اشتغل بعيوب إخوانه والتشهير بهم: (سلم منك اليهود والنصارى ولم يسلم منك إخوانك) . إن من الحكمة والعقل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قاعدة عظيمة، ذكرها العلماء -رحمهم الله تعالى- في قاعدة الصلاح والأصلح، أن يتحمل بعض الفساد الأقل في سبيل تحصيل الخير الأكبر، وقد فعل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في ترك قتل المنافقين؛ حتى لا يقال إن محمدًا يقتل أصحابه- انظر صحيح البخاري (3518) ومسلم (2584) - وفي عدم إعادة بناء الكعبة- انظر صحيح البخاري (1585) ومسلم (1333) . ولا شك أن محاربة بعض المشاريع الخيرة من البعض والتشهير بها داخل في الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف والصد عن سبيل الله وصارف للناس عن هذه القناة وأمثالها إلى شر منها- إذا سلمنا بوجود شر كثير فيها- وأن كل من له أدنى بصيرة ونظر واطلاع إلى ما في القنوات يعلم الفرق الكبير بين هذه القناة وبين غيرها. وللأسف أن يسلط بعض الأخيار على هذه القناة بالتشهير وإبراز العيوب ووأد المحاسن. السادس: اعلم أن لتلك القناة هيئة شرعية معلنة من كبار العلماء، كفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء، والشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين، وغيرهم، وهذا دليل تحريهم الخير وحرصهم عليه، وأوصي أن يقوم بواجب النصيحة تجاههم وإبداء ما يراه من ملاحظات ويحتسب الأجر في ذلك على الله تعالى. السابع: ما ذكره السائل من توثيق أهل العلم البارزين ممن لا يحصون كثرة لهذه القناة- صواب، وهذا دليل على قبول تلك القناة إجمالًا من أهل الخير.

الثامن: علينا أن نحسن الظن بإخواننا الباذلين العاملين وأن نشجعهم، وأن نبذل لهم النصيحة والعون في هذا البحر المتلاطم من الوسائل الإعلامية التي تمتلئ بالسفور والمجون بل وحتى الفاحشة والفجور. كما أنني أشكر السائل على إثارة هذا الموضوع وعلى غيرته الطيبة التي أرجو أن يرشدها إلى ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين. وفقنا الله وإياك لكل خير. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

صليب في جوال النوكيا!

صليب في جوال النوكيا! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 21/10/1424هـ السؤال سؤالي عن الصليب الموجود في شاشة جوال النوكيا في أسفل الشاشة على اليسار، وهو صغير ومغطى بقوس من فوقه للتمويه، هل نحمله في جيوبنا، وهل ندخل به في المساجد؟ ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فمن المعلوم أن لبس الصليب، ولبس ما يحتوي على الصليب لا يجوز، ولا شك في هذا، ولكن من المهم أن نعرف ما هو الصليب الذي لا يجوز لبسه ولا حمله. إن من الناس من يشدد في هذه المسألة تشديداً يفضي إلى العنت والمشقة والحرج، فكل خطين متقاطعين هو عنده من قبيل الصليب الذي يجب طمسه ولا يجوز حمله ولا لبس ما يحويه، وهذا تشديد ما أنزل الله به من سلطان، وتعنيت لم يرده الإسلام. هذه الخطوط المتقاطعة والأشكال المزخرفة والعلامات التي ترمز إلى مصطلحات معينة أو أوامر، أو دلالات ليس من قبيل الصلبان المنهي عن لبسها أو حملها. ولو أخذنا بهذه النظرة لوقعنا في حرج عظيم وانشغالٍ بالطمس والتغيير يستغرق أوقاتنا عما هو أهم وأجدى، مثلاً حرف الـ (t) ، وعلامة (+) يظهر فيها شكل الصليب بشكل واضح، لكن يجوز قطعاً استخدامها والكتابة بها؛ لأنها تكتب على أنها حروف وعلامات، لا يقصد منها شعار الصليب ولا حتى الرمز له. وما أشرت إليه من العلامة الموضوعة في أسفل شاشة جوال النوكيا في الزاوية اليسرى السفلية، والتي وضعت رمزاً إلى مدى قوة الإرسال ليس صليباً واضحاً، بل هو يحكي صورة أبراج الشبكة، وهو إلى صورتها أقرب منه إلى صورة الصليب المعروفة، فلا يهولنك مثل هذا، واشتغل بما ينفعك، ولا تضيق أمراً لك فيه سعة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وضع الدش والتحكم فيه

وضع الدش والتحكم فيه المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 12/6/1424هـ السؤال أود شراء الطبق وأخاف جداً، ولكني أنوي تشفير كل القنوات غير الهادفة، وأترك لي ولأولادي قناة المجد وكل الهادف إن شاء الله، وأحفِّظ أولادي القرآن، وأحضر لهم من يعلمهم أمور دينهم من الأخوات، ولكنهم يشعرون أنهم في حاجة إلى الترفيه بمشاهدة أفلام الكرتون، وسوف أربي فيهم الضمير أكثر وأكثر -والله المستعان-، فما رأيكم في شرائه لهذه الأهداف، وسماع دروس العلم منكم أيضاً؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد كانت الأطباق الفضائية (الدشوش) في أول وقت ظهورها سلاحاً يحتكره المفسدون ليبثوا سمومهم ويروّجوا أفكارهم ويفسدوا على الناس دينهم، وكان اقتناؤه في البيوت في تلك الفترة يُعد تفريطاً في رعاية الأمانة، إن لم يكن صورةً صارخة للخيانة! وأي خيانة أعظم من خيانة أمانة الله في الأهل والولد. ومرَّت السنون، ووجد الأخيار أن محاربة تلك القنوات الهابطة المفلسة لن تُجدي جدواها المنشودة إلا بمنافسة ما فيها من الخبيث المفسد بالطيب المفيد. وأيقن الأخيار أيضاً أن الانخذال عن تقديم البديل الهادف إنما هو هزيمة واضحة في ميدان مدافعة الباطل بالحق ومجابهة الشر بالخير. كما أدركوا أن تحذير الناس من اقتناء الأطباق الفضائية لن يجدي وحده في رد الناس عن مشاهدة تلك القنوات الساقطة. فكان لابدّ أن يُطوّعوا هذه التقنية ويوظفوها في الإصلاح والتربية على الفضائل والأخذ بأيدي الناس وملء فراغهم بكل ما ينفعهم في معاشهم أو معادهم. وقناة المجد شامة بين تلك القنوات، وظهر لنا من برامجها أنها قناة لا تقصد الربح على حساب المبادئ والأخلاق، ولا تستدر الأموال من خلال إثارة الغرائز. ولكنها قناة ذات رسالة سامية ومقاصد جليلة. فكانت جديرة بالاقتناء. فلا حرج إذن أن تقتنوا الدش، ولكن بشرط أن تحجبوا كل القنوات الفاسدة، والتي يصعب إحكام الرقابة على ما فيها من المخالفات بسبب كثرتها ودخولها في أكثر برامجها، وربما تفجؤك في غير مظانها، فالسلامة أن تحجب القناة التي هي على هذه الشاكلة كلّها. ولتبقى المشاهدة متاحة للقنوات النافعة التي تخلو أو تكاد تخلو من المنكرات، كقناة المجد، وبعض القنوات الإخبارية المعروفة التي تتيسر مراقبة برامجها. إن الزمان قد تغير، وما يصلح في العصر الماضي قد لا يصلح في هذا العصر، ولا بد من الأخذ في كل عصرٍ بأدواته وتطويعها للصالح المفيد، الذي يجمع بين التسلية والإفادة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مقاهي الإنترنت

مقاهي الإنترنت المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 29/11/1423هـ السؤال السلام عليكم وبعد: أنا شاب أملك (café cyber) الإنترنت. وأود معرفة الحكم الشرعي، هل هذه المهنة حلال أم حرام؟ الجواب إذا كان المقصود ما يعرف بمقاهي الإنترنت فالذي يظهر لي - والله أعلم - هو جواز ذلك إذا تحققت فيه الضوابط التالية: وهي استخدام المرشحات القوية للمنع من تصفح المواقع المحظورة، مع ضرورة قطع الاتصال بالشبكة متى ما تعطلت هذه المرشحات. وأن تكون الأجهزة مكشوفة حتى يسهل مراقبتها، فكم وجد من الطوام والفظائع في الغرف المغلقة. وتفقّد الأجهزة كل حين؛ لتنظيفها من كل ما قد يحفظ فيها من الصور أو المواقع المحرمة ونحو ذلك مما يستعان به للوصول إليها. هذا مع ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسؤولية صاحب المقهى أو من يقوم مقامه في ذلك أعظم من غيره، فله في محله سلطان كسلطان الأب في بيته. وبعد، فإن الأخذ بهذه الضوابط واجب حتم لكل من أراد الاستثمار في هذا المجال، ولكن المأمول من الأخ السائل فوق ذلك بكثير، وليس يقنعنا منه مجرد تطهير محله من أن يكون وكراً للفساد، بل إننا ننتظر منه أن تكون له سابقة في استثمار المقهى في دعوة الشباب وشغل أوقاتهم بالنافع المفيد. إن في جملة الشباب المترددين على هذه المقاهي من المهارات والطاقات ما يحتم علينا استثمارها وتوظيفها في سبل الخير، ونجاح هذا مرهون بقوة التأثير والاجتذاب التي لا تتحقق غالباً إلا من خلال التجديد والابتكار واستغلال تقنيات هذا العصر. إنني أدعو هذا السائل وغيره من الأخيار الصالحين الذين يرغبون الاستثمار في هذا المجال إلى الأخذ بهذه الوسائل والاجتهاد في استغلالها، حتى يجعلوا من هذه المقاهي موطناً للهداية والإفادة، وحتى يعلم الناس أن المقاهي ما هي إلا أداة تصلح أن تكون نواة للخير، وليست حكراً على الفساد، وأرى أن تطرح هذا المشروع في منتديات الإنترنت، فلعلك أن تحظى ببعض الأفكار في هذا، ولن يعدم المجتهد وسيلة مؤثرة في دعوة الشباب وإفادتهم. جعلنا الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لمرضاته ويستعملنا في طاعته والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الزواج عبر الإنترنت

الزواج عبر الإنترنت المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 20/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أحببت أن أسأل فضيلتكم عن حكم تصرَّف صديقتي، فهي قامت بإعلان في أحد مواقع الزواج، تراسلت مع أحدهم وتلتقي معه في مواقع التشات؛ حتى تتعرف على شخصيته، فهي أخبرتني أن ذلك هو السبيل الوحيد لمعرفته بوضوح، دون اللجوء للمكالمات الهاتفية المحرمة، بحكم أن كثيراً من الناس تزوجوا عن طريق مواقع الزواج والتشات، فهل دخول مواقع التشات دون استخدامها استخداماً سيئاً جائز؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد انتشرت في شبكة الإنترنت مواقع كثيرة تسهل للراغب في الزواج إعلان رغبته، وتتيح له فرصة عرض نفسه للطرف الآخر، وفرصةَ البحث عمن تتحقق فيه الصفات التي يرغبها. وهي بهذا الهدف النبيل تُقدم خدمة جليلة ما لم تستغل في تحقيق مآرب أخرى فتصبح مطية لنوايا خسيسة، وستاراً خدّاعاً يستجرُّ الغافلات للعلاقات الآثمة. فليست المشكلة في إنشاء هذه المواقع، وليس التخوف في حقيقة الأمر من وجودها، بل ولا ينبغي أن يكون الأمر كذلك، ولكن المشكلة كل المشكلة تكمن في نوايا رُوّادِها من دخول هذه المواقع، ومدى صدقهم فيما يحكون من صفاتهم وطبائعهم ... إلخ. فقد يكون من هؤلاء من يقصد بدخول هذه المواقع إقامة العلاقات الآثمة مع الطرف الآخر، والتي غالباً ما تصبح شَرَكاً للفاحشة والرذيلة. غير أن هذه الفئة قد لا يُعرف خُبثُ طويتها في بادئ الأمر، فيحتاج الطرف الآخر - حتى يستوثق من سلامة قصده وصدق عزيمته - إلى مشوار طويل في الحديث معه وتوثيق العلاقة به إما محادثة أو مكاتبة. وقد يكون من رواد هذه المواقع من هو صادق النية جادّ الرغبة، ولكن يمارس الكذب والتدليس؛ ليُظهر نفسه في شخصيةٍ جذّابةٍ تتزاحم عليها رغبات الجنس الآخر. ومثل هذا التدليس الخفي قد لا يظهر عواره ولا ينكشف كذبه إلا بالتجربة ـ أعني تجربة الزواج ـ ولات حين مندم!. فنحن - إذاً - أمام خدمة جليلة يُساء استخدامها كما يُساء استخدام أي وسيلةٍ. وليس الحل - فيما يظهر لي - أنْ نتنادى بالتحذير من هذه المواقع، ولا أن نجابهها بالنكير، ومن ثَمَّ ندرجها في قائمة المواقع المحظورة!!! ونسقط كل اعتبار لمحاسنها ودورها ـ مع أن الموقع في ذاته ليس فيه أي محظورـ. وهذا لا نراه إلا من فرض الوصاية على عقول الناس، وأخذ الجميع بجريرة البعض، وتضييق المباحات عليهم واضطرارهم إلى المحرمات كالخلوة بالمخطوبة، وخروجها مع خطيبها بحجة حاجة كل منهما في التعرف على شخصية الآخر. والحل الذي يمكن أن يدرأ هذه المفاسد، أو يخفف منها، هو توعية روّاد هذه المواقع، لا سيما النساء؛ لأنهن غالباً يقعن ضحيةً لهذا التدليس والاستغفال ثم الاستجرار إلى غاياتٍ دنيئة.

ودور التوعية والتحذير تُناط أول ما تناط بالمشرفين على تلك المواقع قبل غيرهم، بأن يلحّوا في تحذير الفتيات من مغبة الاسترسال ـ الذي لا تستدعيه الحاجة ـ في مراسلة من يدعي الرغبة في خِطبتهن، وأن مثل هذا كافٍ في الدلالة على أن الشاب الذي يماطل في التقدم لخِطبة الفتاة ليس جادّاً في مسألة الزواج، وأن المسألة لا تعدو لديه أن تكون مجرد تسلية أو تشهٍ! كما أرى للمشرفين على تلك المواقع دوراً آخر لا يقل أهمية عن سابقهِ، وهو أن تكون رقابتهم صارمة على الإعلانات، وكما يقال في المثل الدارج (الكتاب يُعرف من عنوانه) ، فبعض الإعلانات التي تنشر في تلك المواقع يظهر من أسلوبها عدم جدية صاحبها في مسألة الزواج، كالتي تُكتب بأسلوب ساخر، ومثل هذه الإعلانات يتعين على المشرفين حذفها وحرمان صاحبها من الإعلان مرة أخرى. أما بشأن سؤالك عن مراسلة الشاب للتعرف على شخصيته بتفصيل أوسع مما هو معلن في الموقع، فلا أرى ما يمنع ذلك، بل نرى فيه بديلاً آمناً عن العلاقات الآثمة، والتي هي مخالفة صريحة لنصوص الشريعة، ولعله أن يكون من الحلال الذي يغني عن الحرام. ولكن قبل ذلك لا بد من أن نقف بك على جملة من الحقائق والنصائح، والتي إن أخذتِ بها فأحسبها مانعة ـ بإذن الله ـ لهذه المراسلة أن تكون ذريعةً إلى الحرام. أولاً: تذكري حين يراسلك من يبدي لك الرغبة في خِطبتك أنه ليس بالضرورة أن يكون صادقاً، وأن الكذب والتدليس أمرٌ واردٌ في كلامه، بل احتمال ذلك قد لا يقل عن احتمال صدقه، فما شيء يمنعه منه! فإياك أن تنخدعي بمعسول الكلام، ولا بجميل الخصال التي يزعمها لنفسه، فتتعلقي به تعلُّق المعجب المحب، ولتكن نفسك متهيِّئةً لهذا الاحتمال ـ أعني احتمال كذبه وتدليسه ـ. ولذا، فلا تحرصي عليه إن رأيته مقبلاً عليك، ولا تبدي أسفاً عليه إن رأيته مدبراً عنك، حتى تتحققي من صدق دعواه، والتحقق من صدقه مهمة لا يضطلع بها إلا وليّك، بالسؤال عنه والتحقق من أخلاقه وتدينه....إلخ. ثانياً: اعلمي أن المقصود من مخاطبته هو التعرف على شخصيته وما يرغبه هو في مطلوبته من الصفات والطبائع....إلخ، وهذا المقصود حاصلٌ بالمراسلة وكفى، ولذا لا أرى من ضرورةٍ لمكالمته، سواء بالهاتف أو بواسطة برامج المحادثة الصوتية عبر الإنترنت، فهذه خطوة ليس لها ما يسوِّغها، ولا الحاجة تدعو لها، وأخشى أن تُفضي إلى مزالق وخيمة، والأذن تعشق قبل العين أحياناً! فإياك إياك أن يصل بك الأمر إلى هذه الخطوة، التي أحسبها أول خطوة من خطوات الشيطان الذي لا يني في الأمر بالفحشاء والمنكر. فإن وجدتِ من صاحبك إلحاحاً في طلب سماع صوتك ومكالمتك، فاعلمي أن هذه الرغبة والإلحاح قرينة ظاهرة على أن في نيته دخن وفي صدقه نظر، ولا أقترح عليك أن ترفضي طلبه هذا، ولكن ارفضي الطلب وطالبَه، واقطعي كل صِلة به. ثالثاً: اجعلي مراسلتك له محصورة فيما يتعلق بموضوع الخِطبة وما يخدم موضوعها، وإياك أن تسترسلي معه في حديث غير هذا؛ وتذكري أن مراسلته إنما ساغت لأجل مصلحة الخِطبة فحسب. فإن طال زمن مراسلته لك ولم يتقدم لخطبتك ولم يخطُ أولى خُطواتها، فاعلمي أن هذا الرجل إما كاذب، أو غير راغب، وكلاهما لست في حاجة بعدها للاسترسال في الحديث معه. وفقك الله لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مشاركة المرأة في التمثيليات الإسلامية

مشاركة المرأة في التمثيليات الإسلامية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 07/08/1425هـ السؤال ما حكم مشاركة المرأة في التمثيليات الإسلامية مثل ما ظهر في فلم عمر المختار وغيره؟، أريد بالأدلة إن أمكن أو دلوني على كتاب أو موقع يفيدني، فأنا باحث أحتاج إلى هذه المعلومات. ولك الشكر والتقدير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فإن الوسائل الإعلامية، ومنها التمثيليات، لها دور كبير في إيضاح الحقائق ونشر المعلومات المفيدة، كما هو الحال في فلم عمر المختار، ولها دور كبير جدًّا أيضًا في الفساد. فالحكم على تلك الوسائل وما يبث فيها ومنها مشاركة المرأة ليس حكمًا واحدًا، وإنما يختلف ذلك بحسب ما يعرض، ويعود إلى أمرين: الأول: عدم مخالفة النصوص الشرعية التي حرمت ظهور المرأة سافرة فاتنة مظهرة محاسنها أو خاضعة بالقول، أو ما يصاحب ذلك من سفر النساء بلا محرم أو خلوة بالأجانب، أو بث الأغاني والموسيقى وغير ذلك مما حرمه الله تعالى، كما دلت عليه النصوص، كقوله تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة النور: 31] . وقوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [سورة لقمان: 6] . وقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ وامرأةٌ إلَّا كان الشيطانُ ثالثَهما". أخرجه أحمد (115) والترمذي (2165) . وقوله صلى الله عليه وسلم: " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ". أخرجه مسلم (1339) . وقوله عليه السلام: " لَيَكُونَنَّ مِن أمَّتي أقوامٌ يَسْتَحِلُّون الحِرَ والحَريرَ والخمرَ والمَعَازِفَ". أخرجه البخاري (5590) . الثاني: ما تؤدي إليه هذه التمثيليات من آثار حميدة أو سيئة، فما دلت عليه من آثار حميدة ونتائج طيبة من وعي للأمة ونشر للمعلومات وحل للمشاكل الاجتماعية وغيره وأمر بالخير وحث عليه فإن الشرع يأمر به.

وما كان فيها من نتائج سيئة من إثارة الشهوات والفساد والصد عن ذكر الله وعن الصلاة فإن ذلك منهي عنه. وهذا يظهر من عموم النصوص الشرعية، فإن الدين يأمر بما فيه خير وصلاح وينهى عما فيه شر وفساد، كما في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ اللهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء) [الأعراف: 28] . وقوله تعالى: (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) [الأعراف: 29] . وقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2] . وقوله سبحانه: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهَِ) [آل عمران: 110] . وأن الواجب على أهل الخير من عمل في تلك الوسائل أن تسخرها لخدمة الأمة وأن يجاهد في سبيل ذلك وألا يدعها لأهل الشر والفساد، فإن أولى ما تسخَّر فيه تلك الوسائل الدعوة إلى الله ونشر الفضيلة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو على الأقل ألا تؤدي إلى الهدم واستباحة الفضيلة. وفقنا الله وإياك لكل خير. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تصميم موقع لإرسال نغمات الجوال

تصميم موقع لإرسال نغمات الجوال المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 7/4/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل في شركة لتصميم مواقع الإنترنت، وقد طلب مني تصميم أحد المواقع التي تحتوي على أقسام لإرسال نغمات الجوال، سؤالي هو: ما حكم قيامي بتنفيذ هذا الموقع الذي يحتوي على نغمات؟ ملاحظة: ذكر لي البعض حرمة نغمات الجوال بسبب إزعاج المصلين في المسجد، لكن هذا السبب غير كاف للتحريم، فحتى الرنات العادية ستسبب الإزعاج، إذاً فأعتقد أن الخطأ هنا يقع على صاحب الإزعاج وليس على نوع النغمة. وقد بحثت حول هذا الموضوع فوجدت من يحلله ومن يحرمه؛ لذا فأرجو منكم إفادتي وفقكم الله وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالذي أعلمه أن الذي يحرم نغمات الجوال الموسيقية والتي تحاكي نغمات الأغاني لا يحرمها لأنها تزعج المصلين في المساجد، كلا! ولكن لأنها نغمات موسيقية فحسب. وأما إزعاج المصلين فموضوع آخر لا تنحصر صورته ولا الحرمة فيه على النغمات الموسيقية وحدها، بل تتعداها حتى الجُشاء ورفع الصوت بالتلاوة والذكر! وأما بشأن تصميم مواقع تشتمل على خدمة إرسال نغمات للجوال، فلا أرى فيه بأساً؛ لأن عملك ليس مختصاً بتصميم هذه الخدمة مباشرةً ولا محصوراً فيها أيضاً. بل وحتى نغمات الجوال ليست كلها موسيقية، بل منها هذه ومنها غير هذه. وحتى تُبرئ ذمتك فعليك أن تناصح صاحب الموقع أن يحذف النغمات الموسيقية من موقعه. وإن تورعت من تصميم هذه المواقع فهو أولى وأسلم لدينك وأبرأ لذمتك والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اقتناء الدشوش

اقتناء الدشوش المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 26/11/1424هـ السؤال لقد عقدت النية على تركيب دش في منزلي لمتابعة الأخبار. هل هناك محظور شرعي؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى وآله وصحبه وسلم، وبعد: نعم، هناك محظور شرعي إذا غلب إثمه على نفعه، وهذا هو الواقع - للأسف- لدى كثير من الناس، وإن لم يكن هذا واقع رب المنزل، فهو واقع غالب من في المنزل من بنين أو بنات. ولا يختلف اثنان بأن ما يعرض عبر الفضائيات فيه المفيد من الأخبار والمعلومات والترفيه البريء، وفيه الضار من المناظر المحرمة، والموسيقى والأغاني الماجنة، والمسلسلات والأفلام الهابطة، وقد يلهي عن الصلاة وعن ذكر الله، كما أنه قد يفسد القلوب، ويشغل عن الواجبات، كما أن فيه من المعلومات النافعة. لذا فالحكم يعود على مستخدم هذا الجهاز. ونحن ننصح كل أخ كريم لا يستطيع السيطرة عليه لا سيما مع وجود أسرة كبيرة ومراهقين ومراهقات بألا لا يدخله بيته؛ لما له من تأثير كبير على الدين والتربية والأخلاق، وقد أكدت البحوث التربوية على ضرر التلفزيون على الأطفال والمراهقين، وأن المناظر المخلة تؤثر فيهم تأثيراً سلبياً، كما أنه من أسباب العنف والإجرام، إضافة إلى سلبه للأوقات، وشغله عن الواجبات، كما أنه يعودهم على السلبية وعدم المبادرة. أما إذا كان صاحب البيت يستطيع السيطرة عليه بتلافي مضاره والاستفادة مما فيه، فإنه لا حرج عليه مع نصيحتنا له باختيار القنوات التي يغلب عليها الفائدة، وحجب ما يغلب عليها الفساد وعدم وضع أجهزة في الغرف الخاصة بالأولاد، وأن يتقي الله -تعالى- في أسرته؛ فإنه مسؤول عنهم كما قال - سبحانه -:"يا أيها الذين آمنوا قووا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة" [التحريم:6] ، وقال - صلى الله عليه وسلم -:"كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته" البخاري (893) ومسلم (1829) وعلى ذلك فإذا رجح لديك أن منافعه تفوق مضاره فعليك بتقوى الله ومراجعة هذا الأمر بين حين وآخر، ومتى ما غلبت مضرته فيتعين عليك إخراجه، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل الإنترنت حلال؟

هل الإنترنت حلال؟ المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 27/9/1422 السؤال هل الإنترنت حرام، أم حلال؟ الرجاء أن يكون الجواب حاسم وقاطع ليس فيه مجال للاجتهاد، شاكر لكم على هذا الموقع الرائع. الجواب الأصل في الإنترنت أنه حلال كسائر الأجهزة التي تستعمل لأمور نافعة، أو على الأقل غير ضارة، وربما يكون استخدامه مشروعاً ومستحباً لأجل الدعوة إلى الله أو الفائدة العلمية، وربما يكون مباحاً إذا كان لأغراض مباحة كتصفح الصحف والمواقع، وربما يكون مكروهاً إذا أشغل عن المستحبات والنوافل، وربما يكون محرماً إذا أشغل عن الواجبات الشرعية أو كان استعماله لمشاهدة أو سماع ما لا يجوز.

مقاهي الإنترنت

مقاهي الإنترنت المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 4/3/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أفتح مقهى إنترنت في إحدى المدن، علماً أن المحل سيحتوي على بعض الألعاب الترفيهية، مثل: (البلياردو) والأشياء الأخرى، وسيحتوي على قسم للقهوة وسيتضمن الكمبيوتر والإنترنت، أي: أن المقهى سيكون ضمن الأشياء المباحة، أما بخصوص المواقع الإباحية فسأنزل برنامج يقوم بإغلاق هذه المواقع، لكن سؤالي: هل يجب عليّ منع الزوار من التدخين؟ وهل يجب عليّ وضع لافتة مثل: (ممنوع التدخين) أم أنه لا ذنب عليّ إن دخنوا في محلي؟ علماً أني إذا منعتهم سيذهبون للمقاهي الأخرى التي لا تبعد عنا الكثير، وبذلك سيفر الزبائن، وستترتب عليّ خسائر في الأموال. أتمنى أن تعطوني الجواب الكافي الشافي -بإذن الله-. الجواب إذا كان المقصود ما يعرف بمقاهي الإنترنت فالذي يظهر لي -والله أعلم- هو جواز ذلك إذا تحققت فيه الضوابط التالية: وهي استخدام المرشحات القوية للمنع من تصفح المواقع المحظورة، مع ضرورة قطع الاتصال بالشبكة متى ما تعطلت هذه المرشحات. وأنْ تكون الأجهزة مكشوفة حتى يسهل مراقبتها، فكم وجد من الطوام والفظائع في الغرف المغلقة. وتفقّد الأجهزة كل حين؛ لتنظيفها من كل ما قد يُحفظ فيها من الصور أو المواقع المحرَّمة ونحو ذلك مما يستعان به للوصول إليها. هذا مع ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسؤولية صاحب المقهى أو من يقوم مقامه في ذلك أعظم من غيره، فله في محله سلطان كسلطان الأب في بيته. وبعد، فإنَّ الأخذَ بهذه الضوابط واجبٌ على كلِّ من أراد الاستثمار في هذا المجال، ولكن المأمول من الأخ السائل فوق ذلك بكثير، وليس يقنعنا منه مجرد تطهير محله من أن يكون وكراً للفساد، بل إننا ننتظر منه أن تكون له سابقةٌ في استثمار المقهى في دعوة الشباب وشغل أوقاتهم بالنافع المفيد. إنَّ في جملة الشباب المترددين على هذه المقاهي من المهارات والطاقات ما يحتم علينا استثمارها وتوظيفها في سبل الخير، ونجاح هذا مرهونٌ بقوة التأثير والاجتذاب التي لا تتحقق غالباً إلا من خلال التجديد والابتكار واستغلال تقنيات هذا العصر. إنني أدعو هذا السائل وغيره من الأخيار الصالحين الذين يرغبون الاستثمار في هذا المجال إلى الأخذ بهذه الوسائل والاجتهاد في استغلالها، حتى يجعلوا من هذه المقاهي موطناً للهداية والإفادة، وحتى يعلم الناس أن المقاهي ما هي إلاَّ أداةٌ تصلح أن تكون نواة للخير، وليست حكراً على الفساد. وأرى أن تطرح هذا المشروع في منتديات الإنترنت، علّك أن تحظى ببعض الأفكار في هذا، ولن يعدَمَ المجتهد وسيلةً مؤثِّرة في دعوة الشباب وإفادتهم. جعلنا الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لمرضاته ويستعملنا في طاعته. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إدخال القنوات الفضائية لأجل الأخبار

إدخال القنوات الفضائية لأجل الأخبار المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 28/11/1422 السؤال هل يجوز إدخال الدش في المنزل، مع الحرص على اختيار القنوات الإخبارية، وكذلك الحرص على عدم وضع الجهاز في متناول الجميع بل في مكان خاص مثل ملحق الرجال أم لا؟ الجواب لا ينبغي للمسلم الذي سلمه الله من الفتن أن يدخل نفسه فيها طواعية؛ لأن السلامة نعمة من الله، والدش وإن كان آلة صمّاء يمكن استعمالها فيما ينفع وفيما يضر، إلا أن الغالب على ما يلتقط بواسطتها مما تعمل القنوات الفضائية المختلفة على بثه على مدار الساعة ضار في الدين والدنيا، وسيدفع الفضول من يقتنيه إلى استكشاف ما في بقية القنوات من برامج اللهو والمجون والعبث من باب الاطلاع، ثم لا يلبث ذلك أن يصبح إدماناً يستهوي صاحبه لصرف الساعات الطويلة في المتابعة، والتلذذ بالمشاهدة. ولا يخفاك أن وجود هذا الجهاز في زاوية من زوايا البيت حتى مع المحافظة، وحتى مع الضبط لما يشاهد، لا يمنع من اطلاع بقية أهل البيت على كل ما يبث فيه بوسيلة أو بأخرى، ولو في بعض الأحوال أثناء الدوام، وفي حال سفرك، أو حال نومك أو غير ذلك. وعليك يا أخي أن تضع هذه الأمور كلها في اعتبارك، وأمام ناظريك وأنت تفكر في اقتناء هذا الجهاز، وتذكر قول الله: " بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره" نعم قد يتيسّر في المستقبل القريب التقاط البث الفضائي بواسطة التلفزيون بدون حاجة إلى هذا الطبق، فيقول بعض من يقول: لا حاجة بنا إلى هذا السؤال، ولا لزوم للمنع والتشديد! ولكن عليك أن تعلم يا أخي أن هذه مرحلة لمّا تأت بعد، ولكل حادث حديث، فانأ بنفسك وبأهلك عن الفتنة ما استطعت، ومن عوفي فليحمد الله، والله يتولانا وإياك.

حكم الأفلام الكرتونية

حكم الأفلام الكرتونية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 29/12/1422 السؤال ما حكم مشاهدة الأفلام الكرتونية التي تعرض في التلفاز؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: التحريم والتحليل حكم شرعي، وهو قول على الله - سبحانه وتعالى - ينبغي فيه التثبت، حيث إن القول على الله بغير علم من أشد المحرمات فضلاً عن القول عليه بالباطل، ولنتأمل الآية الكريمة التي رتبت المحرمات بادئة بأخفها ضرراً، قال - سبحانه وتعالى -:" قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" [الأعراف:33] ولا بد في ذلك من معرفة حكم الله في الوقائع المنبني على معرفة الشريعة وقواعدها ومقاصدها المنبنية على نصوص الكتاب والسنة، وهذا لا يكفي وحده بل لا بد مع ذلك من معرفة الواقعة المطلوب حكمها، حيث إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وعلى هذا قبل الاستعجال في الحكم على الأمور المستجدة فلا بد من بحثها ومعرفة واقعها مع الخبرة بالشرع ومقاصده. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن كثيراً مما يعرض في وسائل الإعلام -لا سيما مما يستورد من غير المسلمين- فيه ما يعارض ديننا وقيمنا وأخلاقنا، ويزداد الأمر خطورة إذا كان يوجه للأطفال، وعلى القائمين على كل وسائل الإعلام مسؤولية عظيمة في ذلك. والجواب العام في ذلك أن ما يعرض إذا كان فيه إخلال بالعقيدة أو الأخلاق فيجب الحذر منه واستبداله بغيره، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين. والواجب عرض هذا الأمر على المجامع الفقهية وهيئات العلماء ولا تكفي الفتوى الفردية نظراً لعموم البلوى به.

مسؤولية المنتديات

مسؤولية المنتديات المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 2/7/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تنتشر في هذه الأيام المنتديات العربية في الإنترنت التي أعطت الفرصة للناس لكتابة آرائهم بحريه. (1) هل المنتدى مسؤول عن الأعضاء وكتاباتهم؟ أو بالأصح هل الأعضاء رعيه وأصحاب المنتدى مسؤولون أمام الله عن كتابات الأعضاء؟ (2) جميع الأعضاء يستخدمون أسماء مستعارة، ولكن بعضهم يستخدم أسماء كافرة، فما ردكم؟ شاكرين لكم جهدكم ووفقكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: نشكر الأخ طلال على حرصه على السلامة في دينه، ونسأل الله التوفيق والسداد. وجواباً على سؤاله عن مسؤولية المنتدى عن كتابات الأعضاء، الجواب ما يلي: صاحب المنتدى هو راع لكل ما يكتب فيه، فهو الذي أسسه ويملك إغلاقه، كما أنه الذي يضع النظم الخاصة به، وهو قادر على نشر ما يريد وحجب ما يريد، وعليه فهو مسؤول عمَّا ينشر فيه، وهو داخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-:"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" البخاري (893) ومسلم (1829) . وليس معنى هذا حجب الحرية في المنتديات أو أن ما ينشر يمثل صاحب المنتدى، فالحرية المفيدة يجب أن تتاح، وكثير من سبل الإصلاح والدعوة يحتاج فيها الأمر إلى بعض الحرية للرد على الشبهات والأخطاء. فلا مانع من نشر الأعضاء شيئاً من ذلك ليرد عليها من يملك العلم، ولكن على صاحب المنتدى أن يملك زمام الأمور بتوظيف أهل العلم؛ لبيان ما يتم بيانه في المنتدى أو الرد على ما لم يتيسر له رد مناسب، وهو في هذه الحالة قد رفع الحرج عن نفسه. وأما ترك الأمور للأعضاء ليقولوا ما يشاؤون، وينشر ذلك على الملأ مع ترك الحبل على الغارب فلا يجوز. ونمثل بمثال لصاحب المنتدى، هل يسمح بسب رئيس الدولة ووزرائها في المنتدى؟ هل سيعفى من المسؤولية؟ أم أن مسؤوليته ترتفع إذا حجب ذلك أو رد عليه رداً مناسباً؟ فحرمات الله أعظم، و"الله أحق أن تخشاه" [الأحزاب:37] ، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-:"إن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه" البخاري (52) ومسلم (1599) وعليه فالحرية لا شك مفيدة في جلب الرواد للمنتدى ومشاركتهم فيه، ونحن نحسن الظن بالعموم وهذا هو الأصل، ولكن مع الأخذ في الاعتبار ما ذكر سابقاً، ويجب أن يتحمل بعض الضرر في سبيل تحصيل المنفعة الأعلى، كما تفوت المنفعة الصغرى في سبيل دفع الضرر الأكبر، وهذا ما جاءت به الشريعة الإسلامية في قاعدة المصالح والمفاسد. وعلى أصحاب المواقع أن يضعوا تقوى الله -عز وجل- قبل كل شيء، فالمسؤولية عظيمة والخطر جسيم لا سيما لما ينشر على الملأ في تلك المواقع المتاحة للجميع، فإن " من سنَّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها" كما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. مسلم (1017)

وليبشر أصحاب المواقع الخيرة بالخير في الدنيا والآخرة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً" [الأحزاب:70-71] . وكل خير حاصل بسبب ذلك فلهم منه نصيب كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"الدال على الخير كفاعله" أحمد (22360) والترمذي (2670) . أما ما يتعلق بالتسمي بأسماء مستعارة كافرة فلا يجوز التسمي بأسماء الكفار، سواء كان مستعاراً أو حقيقياً بل يجب البعد عنها، فإن ذلك دليل على محبتهم، بل يجب التسمي بأسماء المسلمين، وقد قال -سبحانه-:"هو سماكم المسلمين من قبل" [الحج:78] ، وعلى أصحاب المواقع التنبيه على ذلك، نسأل المولى -عز وجل- التوفيق للجميع، والله أعلم.

الاستخدام الخاص لجوال الشركة

الاستخدام الخاص لجوال الشركة المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 30/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إنني أعمل في شركة وسلموني شريحة جوال مصلحي من ستة أرقام فقط وحددوا لي مبلغ (400) أربعمائة ريال كل شهرين عدا الاشتراك الشهري على أن يخصم ما زاد عن المبلغ من راتبي وقد وقعنا أوراقاً بذلك ويوجد جهاز جوال بالسوق يجعل هذه الشريحة تعمل كالشريحة المفتوحة هل يجوز لي استخدام مثل هذا الجهاز؟ الجواب إذا كانت الشريحة ذات الأرقام الستة لا تمكنك من الاتصال إلا فيما يخدم العمل فقط، ومع ذلك حددوا لك مبلغ أربعمائة ريال: فمعنى ذلك أنهم يمنعون استخدامها خارج نطاق العمل من باب أولى. وبكل حال: فالمرجع في ذلك جهة عملك التي سلمتك هذه الشريحة، فلابد من استئذانها فإن أذنت لك في استخدامه استخداماً مفتوحاً جاز لك ذلك، وإلا فلا.

الأفلام الكرتونية الإسلامية

الأفلام الكرتونية الإسلامية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 9/2/1423 السؤال ما حكم ما يسمى بالأفلام الكرتونية الإسلامية، حيث سمعت بعض أهل العلم يحرم إنتاجها وبيعها وشراءها ومشاهدتها؛ لأنها صور ورسومات، وهي داخلة في النهي عن التصوير، وبعضهم قال: إنه يحرم إنتاجها وتجوز مشاهدتها والإثم يكون على المنتج، أما المشاهد فلا إثم عليه، وبعضهم قال: إنه يجوز إنتاجها واستعمالها؛ لأنها للأطفال، وأحكام الأطفال يتساهل فيها ما لا يتساهل في أحكام الكبار؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- كان عندها بنات تلعب بهن، وعندها حصان ذو أجنحة ولم ينكر ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، بينوا لنا الحكم بالتفصيل؛ لأن هذا الأمر قد انتشر في المجتمع، وحصل فيها الاختلاف -كما سبق-. الجواب الأفلام الكرتونية ظاهرة جديدة لم تكن معروفة عند الفقهاء، وإن كان في بعض عباراتهم إشارات قد تدل عليها، وقبل الجواب عن حكمها لا بد من معرفة الحكم في التصوير وأنواعه، فأقول باختصار: العلماء في حكم التصوير لذوات الأرواح طرفان ووسط. الأول: قسم أجاز التصوير بأنواعه مجسماً وغير مجسم، وأولوا النصوص التي جاءت بالتحريم بأن قالوا: هذا في أول الإسلام زمن قرب العهد بالجاهلية وعبادة الأصنام، أما في هذه العصر فليس هناك عبادة للأصنام!!، كما تمسكوا بما وجدوه في بعض كتب التاريخ عن صور وتماثيل قبل الإسلام في بلاد الفرس والروم، ولما فتحها المسلمون لم يغيروها. الثاني: قسم من العلماء حرم جميع أنواع التصوير كلها مجسمة وغير مجسمة، واستدلوا بظواهر النصوص المحرمة لذلك، كحديث عائشة في الصحيحين (البخاري (5954) ومسلم (2107)) :" أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله"، وحديث ابن عباس المتفق عليه: "كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفساً فتعذبه بها في جهنم" أخرجه البخاري (2225) ومسلم (2110) واللفظ له، وحديث أبي طلحة عند البخاري (3225) ومسلم (2106) واللفظ للبخاري:"لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة تماثيل". الثالث والقسم الثالث: وسط بين الطرفين حرموا التصوير المجسم (التماثيل) ، وحملوا عليها أحاديث: "كل مصور في النار ... " (البخاري (2225) ومسلم (2110) واللفظ له) ، وقالوا: هذا النوع من التصوير هو الذي تتحقق فيه المضاهاة لخلق الله، وهو مظنة الشرك بالله وعبادة هذه الصورة من دون الله -سبحانه-. واستدلوا بالجواز بحديث زيد بن خالد الجهني المتفق عليه: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة إلا رقماً في ثوب" أخرجه البخاري (3226) ومسلم (2106) ، فقالوا: إن الصورة المرقومة على القماش ونحوه كالورق، والحائط، والأرض لا بأس بها. والذي يظهر لي رجحان القول الثالث هذا؛ لأمور منها:

-إن المضاهاة بخلق الله عمل قصدي يتعلق بالقلب، وهو كفر بالله -سبحانه- حتى لو صور ما لا روح فيه كالأحجار والأشجار والجبال والأنهار والبحار، وهذه هي المضاهاة لخلق الله التي علل بها النهي في الأحاديث، وهي الموجبة للعن المصورين ويبين هذه العلة الحديث الآخر: "قال الله -عز وجل-: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو شعيرة" أخرجه الشيخان (البخاري (7559) ومسلم (2111) واللفظ للبخاري) . فإذا كانت علة التحريم هي المضاهاة فلا فرق بين ماله روح وما ليسه له روح. -أما حكم التماثيل (الصور) المجسمة فهي حرام؛ لأنها ما صورت إلا لعظم منزلتها عند أهلها، والتعظيم مظنة العبادة، ومثلها الصور غير المجسمة كالصور الشمسية للعظماء والرؤساء، خاصة إذا رفعت في مكان عالٍ احتراماً وتعظيماً لصاحبها، فحرمتها قطعية حينئذٍ، وقصة قوم نوح وتصوير الصالحين منهم لغرض تذكرهم دليل واضح جلي في مثل هذه الصور، ونحن نعلم ونرى في هذا العصر صوراً وتماثيل لعدد من طواغيت البشر تنتصب أو ترفع في الميادين العامة وأماكن تجمع الناس. إن لفظ العموم في مثل حديث: "كل مصور في النار" (البخاري (2225) ومسلم (2110) واللفظ له) لا يكون حقيقة إلا على جرم عظيم وكبير هو المضاهاة لخلق الله عن قصد وإرادة ولفظة: (كل) ، هي أقوى صيغ العموم وإذا أضيفت لنكرة، فهي لشمول أفراده، كقوله -تعالى-: "كل نفس ذائقة الموت" [آل عمران:185] والمضاهاة في اللغة: المشاكلة والمماثلة، كقوله -تعالى-: "يضاهئون قول الذين كفروا من قبل" [التوبة:30] ، أي: يشاكلونهم، فيقولون مثل قولهم، كما تطلق المضاهاة أيضاً على المعارضة كما في الحديث في ذم المصورين: "يضاهون بخلق الله" البخاري (5954) ومسلم (2107) ، أي: يصورون الصور قاصدين المشابهة لخلق الله والمعارضة له، وأنّى لأحد ذلك حيث يقال لهم يوم القيامة:" ... أحيوا ما خلقتم" أخرجه البخاري (5951) ومسلم (2108) ، وصدق الله:" وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون" "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" [البقرة:111] . وعلى هذا يتعين حمل معنى حديث: "كل مصور في النار" (البخاري (2225) ومسلم (2110) واللفظ له) ، وما يشابهه على معنى المضاهاة؛ لأننا نجد كثيراً من كبائر الذنوب كقتل النفس، والزنا، والربا، وعقوق الوالدين ... إلخ هي أعظم من التصوير ولم يحكم على أهلها بالنار، كما في هذا الحديث، فظهر أن التصوير بغير قصد المضاهاة -كما فسرناها- لا يدخل في عموم هذا الحديث، وإنما هو لعموم المضاهين بتصويرهم لخلق الله -سبحانه-. -والنصوص التي وردت عن السلف من الصحابة والتابعين في النهي عن تصوير ماله روح تدل على أنهم فهموا الأحاديث النبوية على أنها من ألفاظ الوعيد لا غير، بدليل قول عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- لما جاء رجل يستفتيه، وكانت مهنته التصوير، قال له: "إن كنت لا بد فاعلاً فاصنع الشجر وما لا نفس له" رواه البخاري (2225) ومسلم (2110) واللفظ له، ووجه ذلك أنه لم يغلظ عليه القول، بل لم يزد على قوله هذا، وعامة ما روي عنهم هو من باب الورع واتقاء الشبهات.

-إن كثيراً من أنواع التصوير في الوقت الحاضر تستعمل في التعليم والتوجيه كوسائل إيضاح لا يكاد يستغنى عنها، فالصورة الواحدة أحياناً تختصر أو تكفي عن مئة عبارة أو أكثر، وحديث عائشة ولعبها بالبنات وهي صور مجسمه (لها ظل) جائزة بالنص، وعلل العلماء ذلك الجواز لغرض التعليم والتربية، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإذا جاز التصوير المجسم للصغار لهذا الغرض فهو للكبار من باب أولى، والرجال به أولى من النساء؛ لأنهم مطالبون بتعلم أنواع كثيرة من العلوم قد لا يطلب بعضها من النساء. ثم إن التصوير اليوم -خاصة ما ليس له ظل- لا يستغنى عنه في ضرورات الناس وحاجاتهم، فالقول بحله وجوازه يتفق مع يسر الدين وسماحته، كقوله -تعالى-:" ... يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ... " [البقرة:185] ، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق" رواه أحمد (13025) " ... ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ... " أخرجه البخاري في صحيحه (39) ، وقوله:" يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا". -جمهور العلماء يقولون بجواز الصورة إذا قطعت وبقي من أجزائها ما لا تحل فيه الحياة عادة كصورة الرأس بلا صدر، أو البدن بلا رأس، أو كانت الصورة ممتهنة كأن تكون على فراش يوطأ أو مخدة يتكأ عليها، أو منشفة يستحم بها ... إلخ، وقد ورد في بعض كتب الفقه إشارات إلى مثل هذه الأفلام الكرتونية أو الكاريكاتورية، يقول ابن قدامة في (المغني) في حكم إجابة الدعوة لوليمة العرس إذا كان في المكان منكر كالصورة:" فإن قطع رأس الصور ذهبت الكراهة، وكذلك إذا كان في صورة بدن بلا رأس، أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان لم يدخل في النهي؛ لأن ذلك ليس بصورة حيوان" انتهى. وقال محمد الرملي الشافعي في كتابه (نهاية المحتاج) في مبحث وليمة العرس على قول صاحب المنهاج "ويحرم تصوير حيوان" قال الرملي:" وإن لم يكن له نظير كبقرة لها منقار أو فرس له جناحان أو صورة من طين أو حلاوة للوعيد الشديد على ذلك" وفي حاشية محمد المغربي المطبوعة مع (نهاية المحتاج) :"ويظهر أن خرق بطنه -يعني: الصورة- لا يجوز استدامته، وإن كان بحيث لا تبقى الحياة في الحيوان؛ لأن ذلك لا يخرجه عن المحاكاة" انتهى. فقول ابن قدامة: "أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير الحيوان ... "، وقول الرملي: "وإن لم يكن لهم نظير كبقر له منقار. . . . . "، وقول المغربي: "ويظهر أن خرق بطنه لا يجوز استدامته ... " فهذه الأقوال وإن اختلفت في الحكم الشرعي بناء على تصوير الحيوان الذي لا نظير له هل هو جائز أم لا؟ أقول: إن فيها إشارات - وإن لم تكن صريحة - إلى الصور الكرتونية والكاريكاتورية كصورة إنسان له جناحان، أو رجل رأسه كالكرة الأرضية، أو رجل أنفه أكبر من جسمه، أو حيوان يخطب بلسان إنسان ونحو ذلك، فإن مثل هذه الصور لا نظير لها في الواقع فليست حيواناً ولا إنساناً من كل وجه، بل أخذت من هذا صفة ومن تلك أخرى.

وبعد هذا البيان ألخص جواب السؤال، فأقول: إن الأفلام الكرتونية الإسلامية نوع من أنواع التصوير الجائز -فيما يظهر لي-، والله أعلم، وعليه فإن إنتاجها وبيعها وشراءها ومشاهدتها جائز كله ما دامت منضبطة بالضوابط الشرعية كسلامة القصد وصحته، وألاّ تشتمل على عبارات شركية، أو بدعية، أو مخلة بالآداب والأخلاق الإسلامية، وحينئذٍ يكون إنتاجها ونشرها قربة إلى الله -سبحانه-، ولا أراني مجانباً للصواب إذا قلت: إن هذا العمل يدخل في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله -عز وجل- يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله ... " رواه أبو داود (2513) والترمذي (1637) والنسائي (3578) وابن ماجة (2811) وأحمد (17321) ، اللهم علمنا ما جهلنا، ووفقنا للصواب حيثما كنا، آمين.

امتهان أوراق الصحف

امتهان أوراق الصحف المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 21/2/1423 السؤال سمعت من أحد طلاب العلم أن رمي الآيات أو الأحاديث على الأرض أو تلطيخها أو من رآها فلم يرفعها مع قدرته فإنه يكفر. سؤالي: هل للجرائد نفس الحكم لأنها مليئة بالآيات والأحاديث ونجدها منثورة بالشوارع بحيث يشق رفعها وهل لفظ الجلالة مثل عبد الله وعبد العزيز له نفس الحكم حيث يوجد كثيراً في الجرائد أو الأكياس الخاصة بالمحلات التجارية كشارع الملك عبد العزيز مثلاً؟ وكذلك هل للصور كصورة الكعبة نفس الحكم، وشكراً، آمل إجابتي لأني أخاف أن يلحقني خطر من هذا الأمر؟ الجواب تعريض المكتوب الذي فيه آيات وأحاديث ونحوها للإهانة والابتذال أمر لا يجوز شرعاً فإن كان بقصد وتعمّد لإهانة هذه الآيات التي هي كلام رب العالمين، أو الأحاديث التي هي من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففاعل ذلك كافر، أما من لم يرفعها مع قدرته على ذلك فهو آثم، ولكنه لا يصل إلى درجة الفاعل، وصورة الكعبة ليست مثل آيات القرآن وأحاديث الرسول وأسماء الله، وصفاته، لكن من تعمّد إهانتها باعتبارها قبلة المسلمين وهو يعلم ذلك، وليست له شبهة، فقد يصل به فعله هذا إلى الكفر. وعلى كل حال فإن البلوى قد عمّت بما يلقى من المطبوعات التي تحمل مالا يجوز امتهانه في الطرقات، وفي بعض أوجه الاستعمال، والواجب على المسلم أن يحترز ويحتاط لهذا الأمر على قدر استطاعته، كما أنه يجب عليه عدم المجازفة بإطلاق ألفاظ الكفر والفسق ونحوها، بل عليه أن يتثبت ويسأل أهل العلم، وبالله التوفيق.

هل أضع في موقعي دردشة كتابية؟

هل أضع في موقعي دردشة كتابية؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 6/3/1423 السؤال أنا صاحب موقع إنترنت، هل يجوز أن أضع في موقعي دردشة كتابية مباشرة؟ الجواب الأصل في الأشياء الإباحة، وهذا من يسر الشريعة، ولا يظهر لي فيما سألت ما يقتضي تحريمه؛ لأنه من الوسائل التي تقضى من خلالها الحاجات المباحة. ولكن إذا رأيت أن ما وضعته في موقعك من خاصية المحادثة الكتابية تستخدم غالباً في المحرمات، والتي كثيراً ما تستخدم لأجلها بعض برامج المحادثات، فأرى أن تحذف هذه الخاصية من موقعك؛ لأن الغالب حينئذ هو استخدامها في الحرام، ومن القواعد المتقررة عند أهل العلم أن الحكم للأغلب. كما أن من القواعد المتقررة أن للوسائل أحكام المقاصد، فإذا كان المقصد حراماً كانت كل وسيلة إليه حراماً كذلك، وإن كانت مباحة في نفسها. وإذا كان المقصود أمراً مباحاً كان كل ما يفضي إليه من الوسائل حلالاً، بشرط أن يكون هو حلالاً في نفسه، وكذلك القول في المقاصد الواجبة والمندوبة والمكروهة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

استئجار استديو غنائي لإنتاج إسلامي

استئجار استديو غنائي لإنتاج إسلامي المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 5/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز استئجار استديو غنائي من أجل تسجيل مواد إسلامية كالقرآن الكريم والأناشيد الإسلامية؟ مع العلم أنه يوجد استديوهات إسلامية، ولكنها لا تحتوي على الإمكانات المطلوبة لإنتاج عمل إسلامي مؤثر، وجزاكم الله خيراً. الجواب الاستديو بما فيه من أجهزة يمكن أن يستخدم في الأمور المشروعة وفي غيرها، فإذا كان الراغب في الاستئجار يقصد عملاً مشروعاً كتسجيل المواد الإسلامية ونحوها، وهذا الاستديو توجد فيه إمكانات وتجهيزات لا توجد في غيره، فأرجو ألا يكون في ذلك حرج إن شاء الله، مع الحرص على أن يكون وقت التسجيل ومكانه خاص بتسجيل الأشرطة الإسلامية، وبالله التوفيق.

العمل في الشؤون المالية لقناة ماجنة

العمل في الشؤون المالية لقناة ماجنة المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 5/4/1424هـ السؤال لدي صديق يعمل في الشؤون المالية والإدارية بإحدى المحطات الفضائية، وهذه القناة تتضمن برامجها (90%) ، (الأغاني ـ الأفلام العربية والأجنبية التي لا تخلو من الإثارة، - المسرحيات - المسلسلات ... الخ) ، وظهور المذيعات كمقدمات للبرامج، وتبث لتلك القناة أيضاً شيئاً يسيراً من القرآن الكريم والأذان، وبعض البرامج الدينية (10%) ، هل يجوز العمل في مثل هذه القناة الفضائية؟ وما هو حكم الراتب الذي يتقاضاه الموظف؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فإن الوسائل الإعلامية لا سيما القنوات الفضائية لها أثر كبير على الناس، وإن المصلحين يتحتم عليهم خوض هذه الوسائل الفعالة المؤثرة لإبلاغ الرسالة، وإصلاح الأحوال، أو في أقل الأحوال تخفيف المفاسد وزيادة المصالح، فهم أحق الناس باستخدامها، أما إن لم يكن الهدف الإصلاح أو لم يكن للعامل فيها دور إصلاحي مفيد فإن الأمر يختلف باختلاف القنوات، فإن القنوات التي يغلب عليها المنفعة فلا بأس بالعمل فيها، بشرط ألا يخدم في البرامج الفاسدة، وإن غلبت المضرة فيشترط للعامل أن يعمل في الأمور المفيدة، وأن يكون ساعياً للإصلاح قدر الإمكان، أما إن لم يكن له تأثير إيجابي، أو لا يتاح له ذلك؛ فلا يجوز له البقاء في تلك القنوات الفاسدة، بل هو من التعاون على الإثم والعدوان وقد قال -سبحانه-: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] ، ومن الفساد المنهي عنه العمل في هذه القنوات، وقد قال سبحانه "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها" [الأعراف: 56] . وإذا جاز له العمل حل له الراتب، وإذا حرم عليه العمل حرم عليه الراتب. فإن كان العمل في هذه القنوات فيه فتنة للعاملين أو فساد في دينهم وأخلاقهم؛ فلا يطلب منهم نفع غيرهم بضرر أنفسهم، وسيجعل الله لهم بديلاً صالحاً، ومن استطاع الإصلاح أو حافظ على دينه وتجنب الفساد؛ فهو في باب عظيم من الجهاد؛ فلا يدع هذه الثغرة للمفسدين. نسأل الله للجميع التوفيق والثبات، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

ظهور المرأة في الإعلانات التلفزيونية

ظهور المرأة في الإعلانات التلفزيونية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 26/5/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هناك أحد طلاب العلم في حوار له في إحدى الجرائد يقول: (إنه لا يوجد أي محظور شرعي ما دامت المرأة تشارك في مثل هذه الإعلانات بحجابها الشرعي، والكلمات الهادفة والبناءة، مشيراً إلى أن المرأة تعتبر أكثر تأثيرًا في النساء من الرجال) فما رأيكم بهذا الكلام؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله، إن أعظم فتنة من فتن الشهوات هي فتنة النساء، وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- بذلك، وحذّر من فتنة النساء بقوله: "فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"رواه مسلم (2742) من حديث أبي سعيد الخدري، وقال - صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" رواه البخاري (5096) ، ومسلم (2740) من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه-، ولم يزل الشيطان يستغل الكافرات والفاسقات من النساء في فتنة الرجال؛ وذلك بتعرضها للرجال متبرجة وسافرة، ومتعطرة، وقد عظمت فتنة المرأة في هذا العصر؛ لما وفرته الحضارة من وسائل البث، والعرض، والإغراء، فاستعملت المرأة ذاتها، وصورتها لترويج التجارة، وأنواع السلع، فاستعملت عارضة أزياء، وسمسارة في المحلات، وخادمة في الطائرات والفنادق، كما استعملت في ترويج الصحف، ومن ذلك استعمالها في الإعلانات التلفزيونية، وفي الإعلانات الصحفية، ومن المعلوم أنه لا بد فيمن تستعمل في هذه الأغراض ذاتها، أو صورتها لا بد أن تكون جميلة، وأنيقة، ومغرية بكلامها، وحركاتها، وزيِّها، فاستعمال صورة المرأة أو ذاتها في وسائل الإعلان ليس الغرض منه مخاطبة النساء، بل الغرض منه إمتاع الرجال، وإغراء الرجال، وشد أنظارهم، وأسماعهم، ولا ترضى مسلمة عفيفة بأن تكون أداة لترويج السلع، ولو كانت السلع مباحة فضلاً عن أن تكون محرمة، ويشترك في إثم هذه الأعمال المرأة المصورة، ومَنْ صورها، وَمنْ نشر صورتها ومن أعان على ذلك بأي قدر من الإعانة القولية، والفعلية أو المالية، "ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" [الزلزلة: 8] ، "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] ، وعلى كل هؤلاء نصيبهم من آثام من كانوا سبباً في فتنته، ومعصيته لربه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً، وعلى من أفتى بحل استعمال المرأة، أو صورتها في الإعلانات نصيبه من الإثم كذلك، فكم من العيون ترمق وجه هذه المرأة الفاتنة، وتنظر إليها بشهوة عارمة، وكم تكون هذه المشاهد سبباً في وقوع كثير من الناظرين فيما حرم الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والله عز وجل يقول: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن" إلى قوله -تعالى-: "ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون" [النور: 30-31] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "العين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها الاستماع ... " رواه البخاري (6243) ، ومسلم (2657) من حديث ابن عباس، ومما لا شك فيه أن استعمال المرأة ذاتها أو صورتها في هذه المجالات هي دعوة للفجور فهي حرام، وقد أثمرت ثمراتها الخبيثة في مجتمعات المسلمين فتدنست وتنجست بعد الطيب والطهر، وهذا مطلب لأعداء الإسلام من اليهود والنصارى، والمنافقين، ومن شابههم من فسقة المسلمين، كما قال -تعالى-: "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً" [النساء: 27] . والله أعلم.

مندوب دعاية وإعلان لمجلة نسائية

مندوب دعاية وإعلان لمجلة نسائية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 5/6/1424هـ السؤال تحصلت على وظيفية مندوب دعاية وإعلانات في مجلة عربية، وهي مجلة تهتم بالنساء خاصة، والمجلة تحتوي على أبواب أخبار محلية، أخبار الممثلات والأزياء، والفنانات والأفلام وقصات وتسريحات شعر، والجمال، فهل عملي هذا جائز، أفتونا مأجورين. الجواب نقول وبالله التوفيق، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وبعد: الدعاية والإعلان دخل أساسي للمطبوعات، ورافد مهم لاستمرارها، ولزيادة أعداد نسخها، وعليه فإنه يمثل عوناً كبيراً للمطبوعة، وإذا كانت المطبوعة تغلب عليها المفسدة، وذلك حال غالب المجلات الاجتماعية لا سيما النسائية والأسرية، وذلك لاهتمامها بأراذل المجتمع وتسويق الرذيلة ونشر صور النساء سافرات، وإبراز نموذج ما يسمى بالفنانات، ويقصد بهن المغنيات والممثلات، وعليه فإن دعم هذا النوع من المطبوعات لا يجوز سواء بتسويق دعايته أو نشره، وقد قال سبحانه وتعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] وإن وسائل الإعلام المفسدة لها دور خطير في التأثير، ويشترك في الإثم كل من أعان على ذلك، وعليه فإننا ننصحك ألا تباشر هذا العمل وتبحث عن خير منه، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، والله أعلم.

توزيع باقات القنوات الماجنة

توزيع باقات القنوات الماجنة المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 13/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أعمل موزعا لباقة قنوات فضائية، وأتقاضى نسبة من حجم مبيعاتي. فما حكم هذا العمل؟ وما هي الضوابط الشرعية التي يجب أن يلتزم بها العاملون في هذه الأعمال؟ وشكراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وسلم تسليماً، أما بعد: نشكرك على حرصك على الضوابط الشرعية في عملك ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وما يتعلق بالسؤال فلا يخفى عليك ما تبثه هذه القنوات وأمثالها من أمور محرمة في الأفلام والمسلسلات من غناء ورقص وموسيقى مما لا يجوز سماعه، ولا النظر إليه، ولا خلاف بين أهل العلم في حرمة بعض ما تبثه هذه القنوات كرقص النساء وظهورهن من غير حجاب ولا حياء، فضلاً عما في هذه الأفلام من خدش للحياء ومخالفة للفضيلة. وعليه فالتسويق لتلك القنوات هو من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال سبحانه وتعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] ، وهو الدعوة إلى الشر والضلال، لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: "ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً". فهذا العمل محرم، والكسب منه خبيث، فيجب عليك ترك هذا العمل مرضاة لله تعالى، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] ، والبحث عن عمل طيب وتسويق مواد نافعة خيرة تسعد بها في الدنيا والآخرة، أو على الأقل مباحة. ونسأل الله تعالى لك البديل الصالح والرزق الحلال الوفير، ومقاومة الهوى والنفس والشيطان، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وضع المصممين أسماءهم على اللوحات

وضع المصممين أسماءهم على اللوحات المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 21/9/1424هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم وضع المصممين للمحاضرات والبوسترات الدعوية أسماءهم وهواتفهم على الإعلان؟ علماً بأن هذه الملصقات توضع داخل المساجد. الجواب الحمد لله، وبعد: فالذي يظهر أنه لا حرج في ذلك، ما دام أن وضع اسم المصمم أو الناشر يعد تابعاً وليس أصلياً أو مستقلاً، والعلماء قالوا: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في القائم بذاته، هذا ما يتعلق بالحكم حين يوضع الإعلان داخل المسجد. أما أصل ذلك فلا بأس به، بمعنى وضع المصمم اسمه في الإعلان، إذ لا مانع من قصده التجاري في ذلك، وإنما الإشكال في وضعه في المسجد، وقد بينت أنه لا حرج فيه، كما أنه لا إشكال أيضاً حين يوضع الإعلان خارج المسجد وليس داخله، والله أعلم.

خدمة الرقم الهاتفي (700)

خدمة الرقم الهاتفي (700) المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 26/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقدم أحد الأندية هذه الأيام خدمة هاتفية عن طريق الاتصال بالرقم 700 مقابل الحصول على معلومات عن النادي وآخر الأخبار والمستجدات الرياضية، علماً أن هذه الخدمة تخلو نهائياً من المسابقات، وإنما مجرد معرفة أخبار فقط لمن يقوم بالاتصال، نريد جواباً شافياً عن حكم تقديم هذه الخدمة وحكم الاتصال بها من قِبل الجمهور، بارك الله فيكم ووفقكم لما يحب ويرضى. الجواب إذا كانت الخدمة التي تقدم عن طريق الاتصال بالرقم (700) كما ذكرت في سؤالك فلا شيء فيها، فهي من المباحات كما يقدمها هاتفهم العادي، أو رجال النجدة والمرور عن الاستشارة عن نتيجة المباريات، ولكن ينبغي للمتصل أن لا يطيل الكلام عن الحديث حتى لا يتحمل نقوداً أكثر من اللازم؛ فيدخل في الإسراف والتبذير المحرمين قال تعالى: "ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" [الأنعام:141] وقوله: "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً" [الإسراء: 27] وحديث رسول الله "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه" رواه الترمذي (2417) وغيره من حديث أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - وخلاصة القول إن تعاقدكم مع الشركة التي تقدم خدمة الاتصال بهذا الرقم من حيث المبدأ جائز شرعاً، وإن كان خلاف الأولى؛ لأن هذه الشركة حسبما يظهر لي أنها تقدم لغيركم خدمات أخرى سيئة تفسد الأخلاق، أو تقدم مسابقات فيها الغرر والقمار المحرم، فإن استطعتم ألا تتعاقدوا معها وحالتها هذه فحسن جداً؛ حتى لا تشاركوا في التشجيع على الإثم والعدوان، أما الأمر من حيث صحة العقد كما ذكرتم في سؤالكم فهو صحيح إن شاء الله، وفقنا الله وإياكم إلى كل خير.

تسجيل الحضور في المنتديات

تسجيل الحضور في المنتديات المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 05/07/1426هـ السؤال انتشر في العديد من المنتديات مواضيع تدعو الأعضاء إلى أن يسجل كل عضو حضوره بالتسبيح والتحميد والتكبير، وبعضها تدعو إلى أن يذكر كل عضو اسمًا من أسماء الله الحسنى، وبعضها تدعو إلى الدخول من أجل الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما حكم الشرع في مثل هذه المواضيع؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإنَّ العمل المذكور في السؤال، وهو جمع عدد معين من الصلوات على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خلال الدخول على مواقع معينة على الإنترنت أمرٌ حادثٌ، لم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أحدٌ من أهل القرون المفضلة من الصحابة والتابعين، الذين كانوا في غاية الحرص على الخير والعبادة. ولم يُنقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه عقد هذه الحِلَق أو أمر الناس بإقامتها، كما لم يُنقل عن أحد من أصحابه أنهم أقاموا الحِلَق أو أمروا بإقامتها من أجل هذا العمل مع أنهم كانوا أشد الناس حباً له وطاعةً لأمره واجتناباً لنهيه. وعلى كل حالٍ فإن اجتماع هؤلاء في بعض مواقع الإنترنت من أجل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر مبتدع ليس له أصل في الدين، سواء أكان من قبيل الذكر الجماعي إذا كانوا يجتمعون في وقت واحد، أم لم يكن كذلك بأن كانوا يجتمعون في أوقات متفرقة. ومن زعم أن هذا النوع من الذكر شرعي فيقال له: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- إما أن يكون عالماً بأنه من الشرع وكتمه عن الناس، وإما أن يكون جاهلاً به وعلمه هؤلاء الذين يقيمونه اليوم. وكلا الأمرين باطلٌ قطعاً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بلَّغ كلَّ ما أمر به ولم يكتم من ذلك شيئاً، كما أنه أعلم الناس بالله وبشرعه. وبهذا يتضح أن هذا العمل ليس من الشرع، وهو من الأمور المحدثات التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة". أخرجه أبو داود (4607) والنسائي (1578) . وقد تكلم كثيرٌ من أهل العلم عن حكم الذكر، وبينوا المشروع منه والممنوع منه، ومن ذلك ما أشار إليه الأخ السائل من فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين -رحمهما الله تعالى-. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وضع القنوات الفضائية في الشقق المفروشة

وضع القنوات الفضائية في الشقق المفروشة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 4/6/1424هـ السؤال لديّ بعض الشقق المفروشة للإيجار اليومي، وفي بعض الأحيان يطلب المستأجرون وجود جهاز تلفاز بحجة النظر للمباريات، فهل يجوز لي أن أضع التلفاز في الشقق؛ وذلك ترغيباً للمستأجرين؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم - والصلاة والسلام- على رسول الله. وبعد: وضع جهاز التلفاز في مثل هذه الشقق لا يجوز، وأعظم منه وضع جهاز استقبال القنوات الفضائية، هذا كله محرم ولا يجوز، لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان، وقد قال الله - عز وجل-: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ، والله - عز وجل- إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، فمثل هذا غير جائز، حتى ولو كان ذلك لمشاهدة المباريات؛ لأن مثل هذه المباريات فيها محاذير شرعية كثيرة، منها كشف العورات، ومنها أيضاً الاستجابة لمخططات اليهود والنصارى، ومنها تضييع الأوقات، ومن ذلك أيضاً ملء القلب بمثل هذه الأشياء التوافه، والإعراض عن الجاد والمفيد في الحياة، وغير ذلك من الأشياء الكثيرة، ومن ذلك أيضاً ما تولده هذه التحزبات من فرقة، وخلاف وشحناء، وحسد إلخ..: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً" [الطلاق: من الآية2] وكونك تكتسب درهماً من حلال خير من أن تكتسب ألف درهم من حرام، والله أعلم.

العمل في القنوات الفضائية المختلطة

العمل في القنوات الفضائية المختلطة المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 22/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. تعلمون ما للقنوات الفضائية من تأثير على الرأي العام، وقد ظهرت قنوات فعالة في العالم العربي والإسلامي. وسؤالي: هل يجوز العمل في تلك القنوات؟ مع العلم أن تلك القنوات يعمل فيها نساء متبرجات، أي بعبارة أخرى يوجد فيها اختلاط فاضح، وربما تحتوي هذه القنوات على إعلانات ودعايات فيها مواد إعلانية فاضحة أمثال صور نساء غير لائقة، وبالتالي فهذا يسبب إشكالية استحلال الراتب الذي يتقاضاه الموظف في تلك القنوات، مع العلم أنني محافظ على ديني ولله الحمد والمنة، ولدي أفكار إبداعية، وقدرات خطابية جيدة، أرجو من فضيلتكم الإجابة تفصيلياً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فإن الوسائل الإعلامية لا سيما القنوات الفضائية لها أثر كبير على الناس، وإن المصلحين يتحتم عليهم خوض هذه الوسائل الفعالة المؤثرة لإبلاغ الرسالة، وإصلاح الأحوال، أو في أقل الأحوال تخفيف المفاسد وزيادة المصالح، فهم أحق الناس باستخدامها، أما إن لم يكن الهدف الإصلاح أو لم يكن للعامل فيها دور إصلاحي مفيد فإن الأمر يختلف باختلاف القنوات، فإن القنوات التي يغلب عليها المنفعة فلا بأس بالعمل فيها، بشرط ألا يخدم في البرامج الفاسدة، وإن غلبت المضرة فيشترط للعامل أن يعمل في الأمور المفيدة، وأن يكون ساعياً للإصلاح قدر الإمكان، أما إن لم يكن له تأثير إيجابي أو لا يتاح له ذلك فلا يجوز له البقاء في تلك القنوات الفاسدة، بل هو من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال سبحانه:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] ويصير العمل من المفاسد المنهي عنها، وقد قال سبحانه:"ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها" [الأعراف: 56] . وإذا جاز له العمل حل له الراتب، وإذا حرم عليه العمل حرم عليه الراتب. أما ما يتعلق بالاختلاط فإنه يحرم إذا ترتبت عليه مفسدة، وليس حرام بحد ذاته، وإنما يجب على العاملين في تلك القنوات وغيرها تجنب الخلوة بالنساء، فإنها محرمة لقوله -عليه السلام-:"لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" رواه الترمذي (2165) ، وابن ماجة (2363) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، وتجنب تعمد النظر إليهن لقوله سبحانه:"وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" [النور: 30] ، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-:"لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة" رواه الترمذي (2777) ، وأبو داود (2149) من حديث بريدة -رضي الله عنه-، كما أن عليهم تجنب كل ما يسيء إلى دينهم أو أخلاقهم. فإن كان العمل في هذه القنوات فيه فتنة للعاملين أو فساد في دينهم أو أخلاقهم، فلا يطلب منهم نفع غيرهم بضرر أنفسهم، وسيجعل الله لهم بديلاً صالحاً، ومن استطاع الإصلاح أو حافظ على دينه وتجنب الفساد فهو في باب عظيم من الجهاد، فلا يدع هذه الثغرة للمفسدين، نسأل الله للجميع التوفيق والثبات، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

إنشاء المواقع على الإنترنت

إنشاء المواقع على الإنترنت المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 19/2/1424 السؤال الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أعمل في إنشاء المواقع على الإنترنت، ويطلب مني عمل مواقع إسلامية فأفرح بذلك لنشر العلم الشرعي والدعوة، ولكن إذا طلب مني عمل مواقع مباحة كموقع مدرسة على الإنترنت وما شابهها من مواقع تجارية بمعنى ليست دعوية وليست إباحية فهل بعملي في إنشاء المواقع المباحة أو التجارية أكون قد ساعدت في نشر الإنترنت بين أوساط المجتمع وقد يكون ذلك مدعاة لدخول عدد من غير الملتزمين للإنترنت وتعرفهم عليها، حيث إن موقع المدرسة مثلاً يقدم خدمات لأولياء أمور الطلاب فيتعرفون على الإنترنت بسببي، ثم يبدأون بعد ذلك في دخول مواقع سيئة وما حكم عملي كموظف في إنشاء مثل هذه المواقع التي ليست مواقع دعوية؟ وجزاكم الله خيراً على التفصيل في هذا الأمر. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فإن عمل مواقع إسلامية على الإنترنت أو مواقع تجارية مباح لا شيء فيه، وأنت مسؤول عن المواقع التي تنشئها، ولست مسؤولاً عن غيرها، بل وإنشاؤك لهذه المواقع خير من تركها لغيرك فربما يكون لك تأثير إيجابي فيها. والمواقع بحسب مقاصدها، فقد تكون مستحبة كعمل المواقع الإسلامية ومباحة كالمواقع التجارية التي لا تحتوي على محاذير شرعية، وقد تكون محرمة إذا تضمنت محظوراً شرعياً.

مسابقات عبر الهاتف

مسابقات عبر الهاتف المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 5/11/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أريد منكم فتوى لهذا السؤال وهو: أنا عضو بموقع وقد قام هذا الموقع أخيرا بإعداد مسابقة مليونية عبر الإنترنت ويمكنني المشاركة فيها بشكل مجاني وعشر مرات يوميا هل إذا ربحت منها شيئا من المال يكون حلالا علي أم أنه ربا؟ وللعلم فإن المسابقة أيضا عبر الهاتف لمن ليس عضواً في الموقع. الجواب لا يظهر ما يمنع شرعاً في هذه المسابقة بشرط أن يكون سعر الاتصال الهاتفي الذي يدفعه المتصل هو السعر المعتاد، فإن كان أعلى منه فلا يسوغ ذلك؛ لأنه يدخل في هذه الحالة ضمن الميسر، وهو أن الشخص يدفع مبلغاً -وهو المبلغ الزائد عن قيمة الاتصال المعتاد- وقد يخسره وقد يربح قيمة الجائزة، وهذا من الميسر المحرم، والله أعلم.

دخول المواقع للمتعة

دخول المواقع للمتعة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 3/11/1423هـ السؤال السلام عليكم. أنا فتاة عمري حوالي 16 عاماً متدينة وأواظب على حفظ القرآن وغيره من تطبيق للشريعة, ولكني دخلت موقعاً إسلامياً به حلول لمشاكل الشباب وكنت سعيدة للتفاعل مع إخوة الإسلام, ولكني وجدت شباباً يكتبون عن مشاكلهم الجنسية وعرفت أشياء لم أعرفها من قبل وبسبب ذلك أحسست بشهوة قوية لدرجة أصبحت أفكر أني أتزوج لأمارس الجنس مع زوجي وأصبحت أدخل هذا الموقع لمشاهدة المشاكل للمتعة، فهل هذا حرام وكيف أتخلص من هذا؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا يجوز لك دخول هذا الموقع إذا كان يهيج في نفسك الشهوة، وقد لا تدركين مغبة تصفح هذا الموقع إلا بعد أيام طوال، وللشيطان نفس طويل في إغواء العبد وإغرائه وجره إلى موطن الفاحشة والفتنة. وهذا الحكم ليس خاصاً بك، ولكنه عام لكل من تتأجج في نفسه كوامن الشهوة بسبب تصفح هذا الموقع. وعليك أن تُشغلي نفسك بتصفح المواقع الإسلامية الأخرى النافعة والمشاركة فيها؛ فإنك إن لم تُشغلي نفسك بالخير شغلتك بالشر. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل مراقبة المواقع تجسس

هل مراقبة المواقع تجسُّس المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 2/8/1424هـ السؤال أنا عامل بصالة للإنترنت، وحرصاً منَّا على تقديم الخدمات اللازمة للزبون, ارتأينا وضع برنامج على الجهاز الموزع الرئيسي للصالة اسمه (وين بروكسي) بحيث نستطيع به مراقبة جميع الأجهزة الموجودة أي التجسُّس على أي موقع يدخله الزبون ومن ثم إغلاق المواقع الجنسية بطريقة آلية وبدون أن يشعر الزبون, ومن مزاياه كذلك التحكم في التوزيع الجيد للإنترنت على جميع الحواسب بطريقة ثابتة، كذلك التقليل من احتمال الإصابة بالفيروس وذلك بملئه بالمواقع الجنسية في ذاكرته أي إن طلب موقع جنسي موجود نفس اسمه في ذاكرة هذا البرنامج فإنه يغلق بطريقة آلية وسريعة جداً، وبه لا يستطيع الزبون الدخول إلى ذلك الموقع إلا بترخيص منا نحن المشرفين على الصالة، وهذا لن يكون بطبيعة الحال. فهل هذا العمل تجسس؟ مع العلم أن فائدة هذا البرنامج أكبر من مجرد التجسس على الزبائن. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فكم أبهجني وأعجبني ما لمسته في رسالتكم من غيرتكم على إخوانكم، وشعوركم تجاههم بالمسؤولية ورغبتكم في النصح لهم. أخي! ما تفعلونه ليس تجسُّساً ولا تحسُّساً ولا تتبعاً لعورة، فأنتم لا تعلمون ماذا يكتب وماذا يقرأ ولا تسمعون حديثه، ولم تطَّلعوا على رسائله، ولم تقتحموا شيئاً من خصوصياته، وغاية ما تعلمون هو نوع الموقع الذي يتصفَّحه ـ أي كونه موقعاً جنسياً أو غير ذلك. ثم إن عملكم هذا إنما هو لأجل مصلحته هو. ولكن ـ مع ذلك ـ يجب عليكم أن تستروا عليه إن وجدتموه يرتاد شيئاً من هذه المواقع، ولكم أن تناصحوه، ولكن لا تُشيعوا خبره ولا تفضحوا سريرته ما دام مستتراً بستر الله لم يجاهر بمعصيته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين" أخرجه البخاري (6069) ، ومسلم (2990) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. على أنه ينبغي كذلك ـ زيادة على ما تبذلونه في سبيل حجب المواقع السيئة عن رواد مقهاكم ـ أنْ تكون الأجهزة مكشوفة حتى يسهل مراقبتها، فكم وجد من الطوام والفظائع في الغرف المغلقة. وأن تتفقّد الأجهزة كل حين؛ لتنظيفها من كل ما قد يُحفظ فيها من الصور أو المواقع المحرَّمة ونحو ذلك مما يستعان به للوصول إليها. هذا، مع ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمسئولية صاحب المقهى أو من يقوم مقامه في ذلك أعظم من غيره، فله في محله سلطان كسلطان الأب في بيته. وبعد، فإنَّ المأمول من الأخ السائل فوق ذلك بكثير، وينبغي ألا يقنع بمجرد تطهير محله من أن يكون عوناً على الفساد، بل المنتظر منه أن تكون له سابقة في استثمار المقهى في دعوة الشباب إلى الخير وشغل أوقاتهم بالنافع المفيد. إنَّ في جملة الشباب المترددين على هذه المقاهي من المهارات والطاقات ما يحتم علينا استثمارها وتوظيفها في سبل الخير، ونجاح هذا مرهونٌ بقوة التأثير والاجتذاب التي لا تتحقق غالباً إلا من خلال التجديد والابتكار واستغلال تقنيات هذا العصر. إنني أدعو هذا السائل وغيره من الأخيار الصالحين الذين يرغبون الاستثمار في هذا المجال ـ إلى الأخذ بهذه الوسائل والاجتهاد في استغلالها، حتى يجعلوا من هذه المقاهي موطناً للهداية والإفادة، وحتى يعلم الناس أن المقاهي ما هي إلاَّ أداةٌ تصلح أن تكون نواة للخير، وليست حكراً على الفساد. جعلنا الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لمرضاته ويستعملَنا في طاعته. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

العمل في مجال تصميم المواقع

العمل في مجال تصميم المواقع المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 17/7/1424هـ السؤال أنا صاحب موقع لتصميم المواقع والدعاية، والإعلان وأسأل عن بعض الأحكام الشرعية فيما يلي: 1- يأتيني بعض الزبائن ويطلبون أن أصمم لهم موقعاً، وبعد أن أنتهي من تصميم موقعه يظهر لي أنه موقع رومانسي، يضع فيه شات للمحادثة، وكروت أغانٍ، علما أننا لم نقم إلا بتصميم شكل الموقع وإرشاده إلى مستضيف لموقعه، وليست لنا أي علاقة بما يحويه موقعه، فهل علينا شيء؟ 2- نقوم نحن بتركيب البرامج على المواقع، مثل برنامج (منتدى) و (سباق مواقع) بأُجْرة، ولكن بعضهم بعد ذلك يضع به إعلانات تحتوي على صور نسائية، فهل علينا شيء؟ علما أننا لا علاقة لنا بموقعه، وإنما علينا التركيب وهو من يضع به مثل هذه الإعلانات. 3- ما حكم تركيب برنامج (زوجتي) وهو برنامج يقدم خدمة الزواج على الإنترنت، فما حكم تركيبنا لمثل هذا البرنامج؟ مع العلم أننا لا علاقة لنا بالموقع وصاحبه. 4- بعض الزبائن لهم موقع على الإنترنت يحتوي على ملفات غنائية وكروت غزلية، فيطلبون منا أن نصمم لهم شكلاً جديداً لموقعهم فهل يجوز ذلك؟ علماً أن من شروط التعامل معنا عدم تصميم إعلانات وصور نسائية، أقصد أننا نغير شكل الموقع دون تصميم صور نسائية. أرجو الرد عليها وبالتفصيل لما لهذه الأسئلة من أهمية لعملي الذي أعمل به ... وشكراً لك. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: أما الأول والثاني والثالث فعمل مباحٌ لا يلحقك إثم بما يُضاف إليه من أمور محرمة؛ فإنما مثلك كمثل بنَّاءٍ يبني بيتاً لآخر، ثم يُدخل صاحبه فيه بعض المنكرات، أو كمن يبيع سيارةً على آخر، فيستعملها في الحرام. غير أن هذا لا يعفيك من مسؤولية النصح لهم متى رأيت منهم ارتكاباً لمحذور، فالمؤمنون كما قال علي - رضي الله عنه -: (قوم نَصَحةٌ بعضهم لبعض. والمنافقون قوم غششة بعضهم لبعض) . وأما الرابع: فالأظهر أنه لا يجوز لك التعاون معهم على تحديث موقعهم؛ لأنه قد استبان لك أنه موقعٌ يشتمل على منكراتٍ، يغري الناس بها ويعينهم عليها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مشاهدة التلفاز

مشاهدة التلفاز المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 23/9/1424هـ السؤال ما حكم النظر إلى التلفاز مع أنه خالٍ من القنوات الفضائية الجواب التلفاز وسيلة من الوسائل الإعلامية المتعددة مثل: الراديو والصحف والمجلات وغيرها، ولا يحكم عليه لذاته؛ لأنه آلة صالحة للخير والشر، مثل السكين تستخدم للحاجات المشروعة فتكون حلالاً، وتستخدم للقتل والاعتداء فيحرم استخدامها لذلك، والذي يحكم بالحلّ أو الحرمة على التلفاز الاستخدام، فإن استخدم فيما ينفع بما هو مباح شرعاً أصبح استخدامه مباحاً، وإن استخدم في غير ذلك أصبح له حكم ما استخدم فيه.

إنشاء موقع دعوي بالإنجليزية

إنشاء موقع دعوي بالإنجليزية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 16/2/1425هـ السؤال فكرت مع عدد من الشباب في بناء موقع يقوم على الدعوة باللغة الإنجليزية، ومن أجل جذب القراء سواء من يقرأ باللغة العربية أو الإنجليزية قررنا أن يكون المنتدى متعدد المجالات، فيتم ترجمة المواضيع الثقافية المختلفة والمواضيع العامة إلى اللغتين، أي أنه لن يختص بالدعوة، ولن نعلن أنه خاص بها؛ بل إنه سيكون ظاهريًّا منتدى للتبادل الثقافي والعلمي في مختلف المجالات؛ لكي يتواجد أكثر عدد من قراء كلتا اللغتين، وأن تكون الدعوة على شكل مواضيع عامة، ونفكر بإدخال برنامج التشات الصوتي من أجل إقامة محاضرات للدعاة بكلتا اللغتين، بالإضافة إلى المعلومات العامة التي تأتي عن طريق المسابقات، ولكن نخشى أن تكون مكاناً للمعاكسات أثناء غياب المراقب. فهل ما نقوم به عمل جائز أم يدخله شيء من التحريم؟. حفظكم الله ورعاكم، وجعلكم ذخراً لأبناء الأمة الإسلامية. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: إذا كانت المصلحة غالبة والمواضيع المترجمة والمختارة بالجملة نافعة، فلا يعكر عليها وجود بعض المواضيع الأخرى التي تهدف إلى طرح الآراء المختلفة، ولو كانت منحرفة بشرط ألا تروج للكفر والإلحاد، وهذا إذا كان الموقع نخبوياً للمثقفين، ليتبين في النهاية الآراء الصائبة من الخاطئة، أما إذا كان يستهدف عوام الناس فلا بد من الاحتياط حتى لا يتأثر الناس بالآراء المنحرفة، وذلك أشبه بالكتب في المكتبة التي يقرؤها المثقفون، والذين لديهم حصانة كافية وقدرة على تمييز الآراء، أما نقل الأدلة المنحرفة والشبهات الفاسدة لمجرد الإثارة وجلب المزيد من القراء؛ فهذا لا يجوز حتى لا يكون الموقع وسيلة لنشر الفساد والشبه وترويجها، وهذه الأمور تقدر بالمصلحة، فما غلبت مصلحته والانتفاع به جاز وتحمل ضرره القليل في جنب المصلحة الغالبة، وما غلبت مضرته على منفعته فإنه تفوت تلك المنفعة لدرء تلك المضرة، والإسلام جاء لتحصيل المنافع ودرء المفاسد قدر الإمكان، قال - سبحانه - عن نبيه - صلى الله عليه وسلم-: "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث" [الأعراف: 157] . وإذا اشتبه الأمر فإن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وبالنسبة للموقع المشار إليه فلا تكفي هذه الفتوى العامة، بل لا بد من مقابلة أهل العلم لاستقصاء الأمر وشرح المسألة. هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاستماع للبرامج النصرانية

الاستماع للبرامج النصرانية المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 19/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما حكم استماع الراديو على القنوات النصرانية التي تظهر التعبد لغير الله -تعالى-.. لو كان بغرض المتعة فقط ... والضحك من تصرفاتهم الغريبة؟ مع عدم التشبه بهم -إن شاء الله تعالى -؟!. -جزاكم الله خيراً-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: أيتها الأخت المباركة: هذا العمل والاستماع لا يليق بك من عدة وجوه: - أن الله أمرنا أن نعرض عن الخائنين المستهزئين قال -تعالى-: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم.." [النساء: 140] ،والاستماع إليهم نوع من مشاركتهم التي حذرت منه آية الأنعام: "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا ... " [الأنعام: 68] . - ثانياً: أن تكرار سماع الشبهات يؤثر ويؤدي إلى استقرارها في النفوس، وقد أُمِرْنا بالابتعاد عن ذلك، فقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "من سمع بالدجال فلينأ عنه فإن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه بما يبعث عليه من الشبهات" رواه أبو داود (4319) بسند صحيح. من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه-. - ثالثاً: أن وقت المسلم أثمن من أن يزجيه ويضيعه في مثل ذلك، بل الواجب بذله وصرفه في العبادات وفي الدعوة إلى الله ونشر الخير ومراسلة هؤلاء وأمثالهم لدعوتهم إلى الله والاستقامة على أمره والدخول في دين الله وبيان محاسن الشريعة ومكارمها. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

إنشاء مواقع للدعوة وكسب المال

إنشاء مواقع للدعوة وكسب المال المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 8/1/1425هـ السؤال ما رأيكم في فتح بعض القنوات والثغرات الدعوية المعاصرة لدعوة الناس إلى الخير كالمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت التي تدعو إلى الدين والتمسك به، ويكون قصد القائمين على هذه المواقع أمرين: أولاً: الدعوة إلى الله، وثانيا: ً التكسب من موارد هذه المواقع عن طريق الإعلانات المبوبة على الموقع، أو تبرعات المحسنين الداعمين لهذه المواقع، علماً أن هذه الأعمال تأخذ جهداً كبيراً ووقتاً ثميناً ومتابعة مستمرة وتفرغاً، في الوقت الذي أخذ أهل الباطل ينشرون فسادهم وخرابهم ونتن أفكارهم وسلوكهم عبر هذه المنافذ الإعلامية الحديثة. أفتونا: أ- ما حكم العمل والحالة هذه؟. ب- ما حكم أخذ المال الوارد كأجرة عمل في الموقع؟. ج- هل يكون هذا العمل مثاباً عليه صاحبه عند الله في الآخرة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: لتوضيح ما أشكل على السائل من عدة وجوه. الأول: فتح القنوات الدعوية سواء في المواقع الإلكترونية أو أي وسيلة إعلامية أخرى هو أمر خير وفي سبيل الله -تعالى-، وعلى القائمين على تلك الوسائل الاجتهاد في دعوة الناس إلى الخير، واستخدام الوسائل المؤثرة وتقوى الله. فإن هذه الوسائل مؤثرة ومتاحة لعموم الناس، فينبغي الاجتهاد في بذل الهدى وتحري الحق وهم على ثغرة عظيمة. الثاني: هذه المواقع الدعوية المؤثرة هي من وسائل نشر الهدى والدعوة، فلا بأس أن تكون وقفاً لله -تعالى-، ومن ثم أخذ تبرعات المحسنين للإنفاق عليها بشرط تقوى الله في أموال المحسنين، وعدم الإسراف فيها وإنفاقها لغير ما بذلت له، ولا بأس بصرف مكافآت للعاملين على الموقع ومنهم القائمون عليه، على أن يكون بمكافأة المثل، وإن تعففوا عنه فهو خير لهم. وما يأتي عن طريق الإعلان فيجب أن يأخذ حكم موارد الموقع، حيث إذا قبلت التبرعات في الموقع فإنه يعتبر موقعاً دعوياً ليس ملكاً لصاحبه، وإنما هم قائمون عليه مأجورين على ذلك، وهو في سبيل الله ولا بأس بأخذ المكافآت المعتادة. أما إذا اقتصروا على الدخل الذاتي للموقع، ولم يأخذوا تبرعات من أحد، فالأمر واسع لمن قام عليه، حيث لا حرج عليه في أخذ ما شاء منه، وهو أيضاً مثاب إذا أراد منه نشر الحق والهدى. نسأل الله للمسلمين أن يكونوا هداة مهتدين نافعين مؤثرين. والله الموفق إلى سواء السبيل.

العمل في محطة إذاعية بها غناء

العمل في محطة إذاعية بها غناء المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 16/8/1424هـ السؤال أعمل في محطة إذاعة، وفي هذه المحطة توجد أغانٍ وعروض مصاحبة للأفلام يكون فيها مغنون، لكن القسم الذي أعمل به هو قسم الكمبيوتر ولا يتصل مع الإذاعة مباشرة، والذي نقوم به هو عمل التعريف بالإذاعة عبر الإنترنت. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخ الكريم نشكرك على حرصك على السلامة في دينك، وما يتعلق بالسؤال فإن ما تقوم به وإن كان ليس مباشراً للإذاعة، إلا أنك في الحقيقة تقوم بالدعاية لها والتعريف بها وجلب أعداد أخرى من المستمعين، وهو دعاية إلى مواد الإذاعة التي ذكرت أن فيها أغاني وعروض مصاحبة للأفلام، وهذا من باب التعاون على الإثم، وقد قال سبحانه: "وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ"، ومن الدلالة إلى الشر، وقد قال عليه الصلاة والسلام "ومن دعا إلى ضلالة كان عليه آثام من تبعه"، فكل من دللت على الإذاعة بؤت بإثمه، وأنصحك بترك هذا العمل إلى عمل أتقى لله منه، فإن ما تقوم به من عمل محرم، وما تأخذه عليه من مال هو سحت حرام، نسأل الله لك البديل الصالح، وفقك الله لكل خير. هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

رسائل التهنئة على الرقم (700)

رسائل التهنئة على الرقم (700) المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 2/2/1425هـ السؤال هل يجوز إرسال رسائل تهنئة (بالمواليد - الزواج - الوظيفة..إلخ) عن طريق الهاتف (700) ، وهذا الرقم خاص بالتهاني الإسلامية (أناشيد-أشعار-نثر) ، ويتضح عليه الطابع الإسلامي، علماً أنه لا تقوم عليه مسابقات أبداً بشتى أنواعها وصورها ... وقيمة المكالمة للدقيقة ريالان فقط ... أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم، يجوز ذلك، وأما ما تدفعه من قيمة المكالمة فهو وإن كان بأكثر من سعره المعهود إلا أن الزيادة فيه تُقابل الخدمة التي تقدم من خلاله. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.

برنامج ستار أكاديمي

برنامج ستار أكاديمي المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 12/1/1425هـ السؤال يا شيخ: انتشر مؤخراً في القنوات الداعرة مثل (LBC) برامج خليعة قاتلة للعفة والرجولة، مثل (ستار أكاديمي) ، ولا يخفى ما يصاحب البرنامج والدراسة الباطلة من علاقات آثمة، نريد توجيه كلمة لمشاهدي هذه البرامج، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه البرامج برامج فاجرة، تحسّن الرذيلة وتنشرها، وتغري بالفتنة، وتهيج الغرائز، وفيها هتك لستر المحارم والحرمات والعورات، وتحريضٌ للشباب والشابات على التمرد على الفضائل والأخلاق، والحياء، والعفة، زيادة على ما فيها وفي متابعتها من تضييع الأوقات في السخافات. ولذا؛ فلا يشك مسلم في تحريم المشاركة فيها، ومشاهدتها، والاتصال للتصويت؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم، وتقوية شوكة أهل الباطل والفجور. ولا يكفي أن نكف عن مشاهدة هذه البرامج الفاجرة، فعلينا واجب النصح لمن نعلمه قد ابُتلى بمشاهدتها أو الاتصال بها للتصويت أو حتى التشاغل بالحديث عنها، وأن نأخذ على أيدي أولادنا وإخوتنا فنصرفهم من هذه الساخافات والمنكرات إلى ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم. والله أعلم، صلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.

الاشتراك المفتوح بالإنترنت

الاشتراك المفتوح بالإنترنت المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 3/6/1425هـ السؤال ما حكم الاشتراك المفتوح الساعات بالإنترنت؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الاشتراك المفتوح لا بأس به، والجهالة الموجودة فيه لا تؤدي إلى التنازع؛ ففي هذا العقد الشركة تسمح لك أن تستخدم الاشتراك في هذه الأيام كلها ـ وإن كانت من خلال دراستها تقدِّر متوسطاً للاستخدام ـ وأما أنت فإما أن تستخدم تلك الساعات، فتكون قد استوفيت المنفعة، وإما ألا تستخدمها أو تستخدم بعضها فتكون قد فوّت تلك المنفعة باختيارك، مع أن الشركة قد هيّأت لك الانتفاع بالاشتراك، ولكنك لم تفعل ذلك، ويكون ذلك كما لو استأجرت بيتاً ثم لم تسكنه، أو سكنت فيه بعض الأيام دون بعض، وعلى ذلك فهذه الجهالة لا تؤدي إلى التحريم، والعقد جائز. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مشروع توكيل لباقة من القنوات

مشروع توكيل لباقة من القنوات المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام التاريخ 20/12/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ: نرجو منك الإفادة في المسألة التالية: قمت أنا ومجموعة من أصدقائي بفتح مشروع جديد عبارة عن توكيل لباقة من القنوات الفضائية، وكانت النية متجهة إلى نفع الناس بالقنوات الدينية والقنوات الأخرى المفيدة، ويشهد الله على ذلك، وكنا نعتزم عدم الترويج لأي قنوات أخرى غير التي ذكرتها من قبل، ونحن نقدم لكل مشترك ديكودر (جهاز استقبال) ولن يعمل جهاز الديكودر إلا مع بطاقة تحتوي على مجموعة قنوات، وهي (قناة للأفلام، وقناة للأطفال، وقناة للطرب، وقناة للرياضة) ، وحيث إن القنوات الأخرى (وهي قنوات النايل سات التي تحتوي على القنوات الدينية، والأخبارية، وقنوات تعليمية، وقنوات أخرى) لن تعمل إلا بوجود تلك البطاقة، ونحن لا نملك فصل هذه البطاقة عن الديكودر؛ حيث إن الشركة الأم تقوم بتشفيره، ولن يعمل إلا بوضع تلك البطاقة. وجزاكم الله كل الخير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نشكر السائل على حرصه على ما ينفع الناس، ونسأل الله له التوفيق، وما ذكره السائل هو في الحقيقة أيضًا ترويج لقناة الطرب، وقنوات الأفلام في (النايل سات) ، والمعلومة للجميع، وهو يخالف ما يهدف إليه من نفع الناس، بل أرى أن الفساد المتحقق أكثر من الصلاح المؤمَّل، والسلامة لا تعدلها شيء، لاسيما في المشاريع الإعلامية التي يتأثر بها الآلاف من الناس، حيث إنه في تلك الحالة شريك في الإثم فيما يعرض فيها، وعليه فإنني أنصح الأخ الكريم- بعدم المضي بهذه القنوات بهذه الصورة، ولكنني أطلب من السائل ومن معه عدم إيقاف المشروع الواعد، وإنما بذل جهود مضاعفة لأجل استمراره ولكن دون قنوات الطرب والأفلام؛ طلبًا لمرضاة الله سبحانه؛ (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) [الطلاق:2] . وعليه التوكل على المولى سبحانه وتعالى- في تحصيل ذلك؛ (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق:3] . نسأل الله للسائل ولنا جميعًا التوفيق فيما يرضيه سبحانه.

الترفيه والألعاب

حكم سماع الدف المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 10/8/1422 السؤال ما حكم سماع الدف؟ مع أنه يشكل عليّ سماع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصغيرات، وأيضاً استقبال المسلمين له - صلى الله عليه وسلم - بعد رجوعه من تبوك. الجواب الحمد لله، وبعد: فيا أيها المحب، لا إشكال فيما تذكر - بحمد الله تعالى - لأن العلماء يفرقون بين السماع والاستماع، فالاستماع في هذا المقام - وهو المنهي عنه - هو أن يصغي له إصغاء المتلذذ والمستطرب له فهذا إنما يجوز لمن أُذن له فيه كالنساء والصبيان في الأعراس أو عند قدوم الغائب ونحو ذلك مما جاءت الشريعة بالترخيص فيه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في "الاستقامة" (1/275) : "يرخص للنساء في الغناء والضرب بالدف في الأفراح، مثل قدوم الغائب، وأيام الأعياد، بل يؤمرون بذلك في العرسات ... " أ. هـ. بينما السماع الذي يعرض للإنسان، بحيث يسمع أناساً أُذِنَ لهم في الغناء - كالنساء والصبيان، في العرس مثلاً - ثم يصل صوته للشخص الذي لم يؤذن له بالسماع - كالرجال - فإن الإنسان يؤمر بعدم الإصغاء والتلذذ بذلك، وأما مجرد وصول الصوت، فلا يؤمر الرجل بسدِّ أذنيه، أو مغادرة مكان حفل العرس - مثلاً - لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذِن لعائشة - رضي الله عنها - أن ترقى على ظهره لتستمع إلى غناء الحبشة، انظر ما رواه البخاري (454) ، ومسلم (892) ، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمع له، ولكن لم يكن يستمع له، ولهذا لم يقر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على إنكاره على وصول هذا الصوت إلى بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل قال: "دعهما يا أبا بكر: إن لكل قوم عيداً، انظر ما رواه البخاري (3931) ، ومسلم (892) وهذا عيدنا ". ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - كما في مجموع الفتاوى (11/565) : " وليس في حديث الجاريتين أن النبي - صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع، كما في الرؤية، فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار، وكذلك في اشتمام الطيب، إنما ينهى المحرم عن قصد الشم، فأما إذا شم ما لم يقصده فإنه لا شيء عليه، وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس من السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس، إنما يتعلق الامر والنهي من ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل، وأما ما يحصل بغير اختياره فلا أمر فيه ولا نهي، وهذا مما وجه به الحديث الذي في السنن عن ابن عمر أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت زمارة راع فعدل عن الطريق، وقال: هل تسمع؟ هل تسمع؟ حتى انقطع الصوت انظر ما رواه أبو داود (4924) ، وأحمد (4535) فإن من الناس من يقول - بتقدير صحة هذا الحديث - لم يأمر ابن عمر بسد أذنيه. فيجاب بأنه كان صغيراً، أو يجاب بأنه لم يكن يستمع وإنما كان يسمع، وهذا لا إثم فيه وإنما النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك طلباً للأفضل والأكمل، كمن اجتاز بطريق فسمع قوماً يتكلمون بكلام محرم فسد أذنيه كيلا يسمعه فهذا حسن، ولو لم يسد أذنيه لم يأثم بذلك، اللهم إلا أن يكون في سماعه ضرر ديني لا يندفع إلا بالسد" أ. هـ. وقال في موضع آخر (29/522) : "غناء الإماء الذي يسمعه الرجل قد كان الصحابة يسمعونه في العرسات". وبما سبق يتبين للأخ السائل الجواب عما أورده، والله تعالى أعلم.

الأناشيد المصحوبة بالمعازف

الأناشيد المصحوبة بالمعازف المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 10/8/1422 السؤال هناك أناشيد هادفة للأطفال مصحوبة بصوت الدف الصادر عن آلة الأورغ الموسيقية وليس عن الدف نفسه، فهل في استماعها حرج، وجزاكم الله خيراً؟ الجواب آله الأورغ من المعازف، وهي محرمة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" رواه البخاري (5590) والاستحلال لا يكون إلاّ للحرام، وقد ذكر النبي عليه السلام هذا من علامات آخر الزمان، وعلى هذا فعلى المسلم الابتعاد عن استماع هذه الأناشيد بسبب ما يصاحبها من المعازف، ولا شك أن المسلم الحريص لو بحث لوجد أناشيد هادفة بدون هذه المعازف.

الألعاب بين الحلال والحرام

الألعاب بين الحلال والحرام المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 15/5/1422 السؤال قرأت الحديث القائل: "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمِهِ" وقرأت _ في معناه _ بأن اللعب بالزهر (النرد) حرام. وحضرني تساؤل هام، وهو: هل كل أنواع الألعاب _ حتى ولو كانت مفيدة، خاصة وأن هناك ألعاباً إسلامية تعتمد على النرد _، هل كل هذه الألعاب محرمة؟ أم أن التحريم مقيد ببعض الألعاب الخاصة؟ الرجاء التفصيل في شرح تلك القضية _ وجزاكم الله خيراً _. الجواب الألعاب قسمان: القسم الأول: ألعاب مُعِيْنة على الجهاد في سبيل الله، سواء أكان جهاداً باليد (القتال) ، أو جهاداً باللسان (العلم) ، مثل: السباحة، والرمي، وركوب الخيل، وألعاب مشتملة على تنمية القدرات والمعارف العلمية الشرعية، وما يلحق بالشرعية. فهذه الألعاب مستحبّة ويؤجر عليها اللاعب متى حَسُنت نيَّته؛ فأراد بها نصرة الدين، يقول صلى الله عليه وسلم: ((ارموا بني عدنان فإن أباكم كان رامياً)) . فيقاس على الرمي ما كان بمعناه. القسم الثاني: ألعاب لا تُعين على الجهاد، فهي نوعان: النوع الأول: ألعاب ورد النص بالنهي عنها، كلعبة (النردشير) الواردة في السؤال فهذه ينبغي على المسلم اجتنابها. النوع الثاني: ألعاب لم يرد النص فيها بأمر ولا نهي، فهذه ضربان: الضرب الأول: ألعاب مشتملة على محرّم، كالألعاب المشتملة على تماثيل أو صور لذوات الأرواح، أو تصحبها الموسيقى، أو ألعاب عهد الناس عنها أنها تؤدي إلى الشجار والنزاع، والوقوع في رذائل القول والفعل، فهذه تدخل في ضمن المنهي عنه؛ لملازمة المحرم لها، أو لكونها ذريعة إليه. والشيء إذا كان ذريعة إلى محرّم في الغالب لزم تركه. الضرب الثاني: ألعاب غير مشتملة على محرّم، ولا تؤدي في الغالب إليه، كأكثر ما نشاهده من الألعاب مثل كرة القدم، الطائرة، تنس الطاولة، وغيرها. فهذه تجوز بالقيود الآتية: الشرط الأول: خلوُّها من القمار، وهو الرهان بين اللاعبين. الشرط الثاني: ألا تكون صادَّةً عن ذكر الله الواجب، وعن الصلاة، أو أي طاعة واجبة، مثل برّ الوالدين. الشرط الثالث: ألا تستغرق كثيراً من وقت اللاعب، فضلاً عن أن تستغرق وقته كلّه، أو يُعرف بين الناس بها، أو تكون وظيفته؛ لأنه يخشى أن يصدق على صاحبها قوله -جل وعلا-: ((الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرّتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم)) . والشرط الأخير ليس له قدر محدود، ولكن الأمر متروك إلى عرف المسلمين، فما عدُّوه كثيراً فهذا الممنوع. ويمكن للإنسان أن يضع لذلك حداً بنسبة وقت لعبه، إلى وقت جده، فإن كان النصف أو الثلث أو الربع فهو كثير. والله سبحانه أعلم.

الدليل على حرمة الغناء

الدليل على حرمة الغناء المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 22/7/1422 السؤال توجد بعض زميلات الدراسة بالجامعة يقولون أنهم سمعوا فتوى تجيز سماع الأغاني إذا كانت لا تحمل كلام الغزل والكلام الذي على شاكلته، وأريد أن أسمع فتواكم مع الدليل الشرعي من القرآن الكريم أو السنة الشريفة؟ الجواب الغناء محرم في الكتاب العزيز والسنّة المطهرة، يقول تعالى: ((ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم)) ، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:" إنه الغناء والله الذي لا إله غيره "، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الغناء مزمار الشيطان وقد كان السلف رحمة الله عليهم إذا مر بعضهم بمكان يسمع فيه صوت الغناء وضع في أذنيه القطن حتى لا يسمع، والله تعالى يقول: ((إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)) فلا يجوز للمسلم ولا المسلمة أن يستمع للمحرم من غناء وغيبة ونميمة وقول زور ونحوها والله أعلم.

ممارسة رياضة التايكندو

ممارسة رياضة التايكندو المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 25/1/1425هـ السؤال أنا شاب يحب ممارسة الرياضة، ولكن في حدود الشرع إن شاء الله، فالرياضة التي أريد أن أسأل عنها هي رياضة التايكندو، وهي رياضة لا تستخدم الملاكمة لكنها تستخدم فيها الأرجل، وقد تصل الضربات إلى الوجه مع وجود القناع الواقي للصدمات، وهذه الرياضة فيها فائز وخاسر وهذا كله في سبيل الله طبعاً. وجزاكم الله خيراً. الجواب ممارسة الرياضة التي تهتم بالدفاع عن النفس على نحو لا يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة لا بأس بها، وخاصة إذا أراد بها الأجر وأن يتقوى بها على الطاعة والخير. وقد حث الشرع الكريم على كل ما فيه قوة للمسلم وإعداده إعداداً جيداً، قال تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل" [الأنفال:60] ،وحديث عقبة الجهني: "كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رمي الرجل بقوسه أو تأديبه فرسه أو مداعبته امرأته، فإنهن من الحق" رواه البيهقي (10/218) . على أنه ينبغي للمسلم أن يتجنب الوجه بالضرب لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: "إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" رواه مسلم (2612) ، وفي رواية له: "إذا قاتل أحدكم أخاه فلا يلطمن الوجه" نفس الحديث السابق.

لم حرم الغناء؟!

لِمَ حُرِّم الغناء؟! المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 16/9/1424هـ السؤال لماذا حُرم الموسيقى والغناء؟ وهل هناك أدلة مقنعة؟ الموسيقى أنواع وهناك آلات متنوعة، ومنها: موسيقى أيضاً بكلام، ومنها: البدون، والكلام قد يصنفه البعض إلى كلام مؤثر وغير مؤثر سؤالي، هو: ما حكم كل ما سبق بالتفصيل مع الأدلة إذا أمكن؟ الجواب الحمد لله وبعد: فقبل الإجابة على هذا السؤال أود التذكير بمسألة مهمة تتلخص بكوننا معاشر المؤمنين ملزمين بالتسليم والانقياد لأمر الله ورسوله في كل شأن من شوؤننا، وفي كل صغيرة وكبيرة من شريعة ربنا - جل في علاه - معتقدين بيقين تام أنه ما من أمر يأمرنا به - سبحانه -، أو نهي ينهانا عنه إلا وهو وفق الحكمة التامة والمشيئة العادلة علمها من علمها، وجهلها من جهلها. والمسلم الحق مأمور بالاستجابة والامتثال على الفور دون تردد أو مراجعة، فإن بانت له الحكمة وظهرت له أسرار التشريع فنور على نور يهدي الله لنوره من يشاء، وإن لم يتضح له الحكمة من وراء الأمر والنهي فلا مناص من الامتثال، ولا معدل عن التسلم والانقياد. ولذا فإن الأَوْلى في حق المسلم أن يسأل عن الحكم أولاً، ثم لا بأس أن يسأل عن الحكمة ثانياً لا العكس، وسؤاله عن الحكمة ينبغي أن يكون في حدود الاستكثار من الفائدة لتحقيق مزيد من الامتثال، والاستجابة لأمر الشارع الحكيم، لا على وجه التعنت والجدل العقيم. وبناءً على ما سبق كان الأجدر بالسائل أن يقول أولاً: ما حكم الموسيقى والغناء؟ لا لماذا تم تحريم الموسيقى والغناء؟ ثم يسأل ثانياً - إن بدا له - عن الحكمة في تحريمهما؟ أما الجواب فيتلخص فيما يلي: فلسنا نشك في حرمة الموسيقى والغناء؛ لأدلة من الكتاب والسنة وآثار الصحابة - رضوان الله عليهم - وكلام المحققين من أهل العلم وللنظر الصحيح في هذه المسألة، فأما أدلة التحريم من الكتاب المبين، فمنها: (1) قوله - تعالى -:" ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين " [لقمان: 6] . قال الواحدي وغيره: أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث: الغناء، وهو قول ابن عباس، وابن مسعود، وجابر بن عبد الله، ومجاهد، وعكرمة، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وقتادة، وإبراهيم النخعي، ومكحول، وعمرو بن شعيب، وعطاء، وغيرهم. وكان ابن مسعود يقسم ثلاثاً أن " لهو الحديث " في الآية هو الغناء، رواه عنه ابن جرير الطبري بإسناد صحيح. وقال القرطبي: " إن أولى ما قيل في هذا الباب: هو تفسير " لهو الحديث " بالغناء، وهو قول الصحابة والتابعين. ومن الأدلة كذلك: قوله - تعالى -: " واستفزز من استطعت منهم بصوتك " [الإسراء: 64] ذكر ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عباس في تفسير الآية، قال: " كل داع إلى معصية "، قال ابن القيم: " ومن المعلوم أن الغناء من أعظم الدواعي إلى المعصية، ولهذا فسر صوت الشيطان به ".

وكذلك روى ابن جرير بإسناده عن مجاهد - رحمه الله - في قوله: "واستفزز من استطعت منهم بصوتك " قال: باللهو والغناء. ومن الأدلة أيضاً قوله - تعالى -:" والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً " [الفرقان: 72] . قال ثعلب: " الزور: مجالس اللهو "، وقال الزجاج: " الزور: مجالس الغناء " وهو قول محمد الحنفية، وغيرهم من أهل العلم. وقال ابن القيم:" المعنى: لا يحضرون مجالس الباطل، ويدخل في هذا أعياد المشركين - كما فسرها به السلف - والغناء وأنواع الباطل كلها. وأما من السنة الشريفة فدونك ما رواه البخاري "5590" في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف.. الحديث"، وقد رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم إلا أن ابن حجر العسقلاني قد ذكر في شرحه على الحديث أن جماعة من الحفاظ قد رووه موصولاً منهم: الإسماعيلي في مستخرجه، وأبو نعيم كذلك في مستخرجه على البخاري، والطبراني في معجمه، وابن حبان في صحيحه، وقد ذكر هذه الروايات كلها في (فتح الباري) . كما ذكر الحافظ ابن رجب أن البيهقي أخرج الحديث موصولاً من طريقه الحسن ابن سفيان، حدثنا هشام بن عمار، فذكره قال ابن رجب: " فالحديث صحيح محفوظ عن هشام بن عمار " وكذا قال ابن القيم: إن هذا حديث صحيح ثم استطرد في الجواب الحسن الفائق مع كل من رد الحديث بدعوى الانقطاع كابن حزم وغيره. قلت: والمعازف في الحديث، هي: آلات الطرب والغناء ومزامير الشيطان والخنا، سيما ما أحدث في هذا العصر من آلات ومزامير وأبواق وأعواد وأوتار تورث سامعيها السكرة، وتجلب لهم الخزي والعار، وتسبب الدياثة وذهاب الغيرة واستيلاء العهد والفجور. من الأدلة ما رواه أحمد " 8851 "، ومسلم " 2114"، وأبو داود "2556"، والنسائي في السنن الكبرى " 8761"، وابن خزيمة " 2554" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" الجرس مزامير الشيطان ". قال العلامة حمود بن عبد الله التويجري في فصل الخطاب:" وإذا كان الجرس من مزامير الشيطان فما الظن بما هو " أحسن " منه نغمة وأشد إطراباً من أنواع المعازف والمزامير والموسيقى التي قد ظهرت في زماننا واستحلها كثير من السفهاء؟ أ. هـ. قلت: وقد اتفق الأئمة الأربعة على تحريم الملاهي التي هي آلات اللهو كالعود، ونحوه ... وقال شيخ الإسلام - رحمه الله -: والمقصود هنا أن آلات اللهو محرمة عند الأئمة الأربعة، ولم يحك عنهم نزاع في ذلك، وأما الغناء المجرد الخالي من آلات الطرب فمحرم عند أبي حنيفة ومالك ورواية عن الشافعي وأحمد، والرواية الأخرى عنهما الكراهة، إلا أن الكراهة المروية عنهما محمولة على أشعار الزهد الملحنة بصوت الشاعر، وإليه أشار ابن القيم في (مدارج السالكين) - فليراجع.

قال العلامة حمود التويجري - رحمه الله -: وقد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على تحريم الغناء والمنع من استماعه واستماع آلات اللهو كلها، وبعضهم أطلق الكراهة، والمراد بها كراهة التحريم، وأبلغ من ذلك ما نقله صاحب الفروع عن القاضي عياض أنه ذكر الإجماع على كفر مستحله يعني الغناء، كما ذكر الإجماع على كفر من قال بأن القرآن مخلوق، وقال الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه (المسألة الكافية) : المسألة الثامنة والخمسون: حرمة الغناء، وأخذ الأجرة عليه معلومة في دين الإسلام، فمن استباح ذلك يكفر لاستباحته ما حرم شرعاً. ا. هـ. من فصل الخطاب، ومنه استقيت جل نقولات هذا الجواب. وأما قول السائل: الموسيقى أنواع، وهناك آلات متنوعة، فقوله حق، ولكنها كلها محرمة، وقد تقدم ذكر كلام الأئمة في شأن آلات اللهو والغناء، وأنها محرمة كلها مع كونها آلات بدائية لا تداني ولا تقارب ما أحدثت في هذا الزمن من الآلات والأبواق والمزامير التي لا يشك من له أدنى مسكة عقل - فضلاً عن خلق ودين - أنها وسائل إفساد وفتنة وأسباب ضلال وسفه ومجون. وأما سؤاله عن الكلام المصاحب للموسيقى، وأن البعض يصنفه إلى كلام مؤثر وغير مؤثر، فالجواب: أن الغناء والطرب كله حرام، فالتأثير أمر نسبي يختلف من شخص لآخر، فعبث هؤلاء المسمين بالمغنين والمغنيات وتفانيهم في الصد عن سبيل الله، واستماتتهم في كسب الجماهير والمعجبين - خصوصاً - في هذه الأزمة المتأخرة لا يمكن أن يبقى معها قلب بلا تأثر. فالحذر الحذر من مصائد الشيطان ومكائده، ووسوسة النفس وعنادها فهيهات أن يجتمع في قلب امرئ حب القرآن، وحب صوت الشيطان وألحانه ومزاميره ... ، وبنحو ما ذكرت قال ابن القيم الإمام العلم البصير بأمراض القلوب وأسباب علاجها:" فإنه ما اجتمع في قلب عبد قط محبة الغناء ومحبة القرآن إلا طردت إحداهما الأخرى، وقد شاهدنا نحن وغيرنا ثقل القرآن على أهل الغناء وسماعه، وتبرمهم به، وصياحهم بالقارئ إذا طول عليهم، وعدم انتفاع قلوبهم بما يقرأه فلا تتحرك ولا تطرب، ولا تهيج منها بواعث الطلب. ا. هـ، من (مدارج السالكين) .

وختاماً ليعلم المسلم الراغب فيما عند الله والدار الآخرة أن المسلم الحق، هو: ذلك الرجل الجاد الذي يعرف تماماً ويدرك حقاً أنه صاحب رسالة وداعية عقيدة ورائد منهج وسط، له دور محدد، وواجب معين، وخط مرسوم، وصراط مستقيم ... إنه دور تحقيق العبودية الخالصة للرب الجليل، واستكمال شعب الإيمان في نفسه وقلبه وجوارحه ما استطاع، ومن ثم الانطلاق في طريق الإصلاح، ومسيرة الدعوة إلى الله العلي الأعلى، ومحاولة استنقاذ جموع الناكبين والتائهين في فيافي الغرور والإعراض. وأنى لكائن أن يقوم ببعض هذا، وهو عاشق للألحان، مفتون بالمزامير والأوتار، وأنى لمسلم أن يقوم بواجب الريادة والقيادة لجموع الغافلين والمعرضين، وهو ثمل بآهات المغنيين والمغنيات، والفاسقين والفاسقات، ألا فلنتَّقِ الله ولنبادرْ بالتوبة النصوح من هذا البلاء المبين والشر المستطير قبل فوات الأوان، وانقطاع الأمال، وانصرام الآجال. وفق الله الجميع لفعل الخيرات، واجتناب المنكرات، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

المباراة على جائزة شارك فيها الجميع

المباراة على جائزة شارك فيها الجميع المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 23/4/1424هـ السؤال نحن شباب نمارس كرة القدم، ونقوم بجمع مبالغ من كل فريق لشراء كأس لنلعب عليه، أو أي شيء يقوم مقام الكأس؛ ككرتون بيبسي أو ما شابه ذلك، وبعد فوز أحد الفريقين يأخذ الفريق الفائز الجائزة التي دفع فيها جميع أعضاء الفريقين, فما الحكم في ذلك؟ الجواب هذا العمل لا يجوز، وهو داخل في قوله تعالى: "إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة: من الآية90] ، لأن هذا العمل من الميسر المحرم، وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا سبق إلا في نصلٍ أو خُفٍّ أو حافِرٍ"، رواه الترمذي (1700) ، وأبو داود (2574) ، وابن ماجة (2878) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- والسبق: العوض المعد للفائز، فهو لا يجوز إلا في هذه الأشياء المذكورة في الحديث، لكونها مما يعين على الجهاد في سبيل الله. والله أعلم.

تطوير لعبة الدوري الياباني

تطوير لعبة الدوري الياباني المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 28/5/1424هـ السؤال أنا ولله الحمد محترف كمبيوتر، وأعطاني الله القدرة على التعديل على معظم الألعاب، وسؤالي هنا أنني استطعت التعديل على لعبة كرة الدوري الياباني لجهاز البلي ستيشن، واستطعت تحويلها من دوري ياباني إلى دوري سعودي، وقمت بتعريب بعض أجزائها من لغة يابانية إلى إنجليزية، وأخرى إلى عربية، وقد أزلت جميع الأغاني في اللعبة، بحيث لا يوجد ملف موسيقى إلا وأزلته ... ، وأنا أتقاضى على هذه اللعبة نتيجة بيعها أكثر من ثلاثين ألف ريال ولله الحمد، السؤال هنا: هل هذا المبلغ الذي أتقاضاه حرام أم لا؟ أرجو الإجابة لأني في حيرة من أمري. ملاحظة أن النسخ تكون كوبي copy. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فإن حقوق المؤلفين والمبرمجين وكافة الأمور الإبداعية هي حق لهم، ولا يجوز نسخها والاستفادة منها إلا بإذنهم، أو بشراء النسخ الأصلية المأذون بها، فضلاً عن نسخها وبيعها، والإسلام أكثر الشرائع محافظة على الحقوق، وهو يشجع على العمل والإبداع، لا التقليد والسطو على عمل الآخرين، وما يتعلق بسؤال السائل فإنه يحتاج إلى إذن من أصحاب الحق في الاستفادة والتعديل على هذه البرامج، أو التوصل مع أصحابها إلى تفاهم، فإن لم يأذنوا له فإنه لا يجوز له بيعها حتى مع التعديل، وعليه فإن المبلغ المستفاد من العملية غير مباح. وننصحه في هذه الحالة أن يبدع لعمل جديد يتلافى فيه سلبيات الدوري الياباني وإزالة المحاذير الشرعية، ويكون بديلاً مناسباً. والله أعلم، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

محل لتأجير الألعاب الرياضية

محل لتأجير الألعاب الرياضية المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 24/11/1423هـ السؤال ما حكم اللعب بتنس الطاولة والبلياردو وكرة القدم المجسمة على طاولة؟ وما حكم فتح محل تجاري لهذه الألعاب لغرض تأجيرها للهواة بالساعة للكسب التجاري؟ الجواب اللعب بهذه الألعاب إذا لم يترتب عليه محذور شرعي من ارتكاب محرم كقمار أو ألفاظ بذيئة، أو ترك واجب من صلاة وبر والدين، وكذلك لم يترتب عليه إضاعة وقت المسلم بأن كان يسيراً ونحو ذلك فأرجو ألا حرج، وأما فتح محل لذلك فأنصحك بالابتعاد عن ذلك؛ لما يحصل في هذه المحلات من العدوان والصد عن ذكر الله، وبذل المال فيما لا نفع فيه فأقل أحواله أن يكون من المشتبه، رزقك الله الكسب الحلال.

السفر للسياحة

السفر للسياحة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 25/3/1424هـ السؤال يا شيخ: حفظكم الله، وزادكم علما وورعا، ما حكم السفر إلى مدينة الأقصر للترفيه؟ وهى مدينة مصرية مليئة بالآثار الفرعونية، وأيضا ما حكم السفر لمدينة مثل شرم الشيخ للترفيه؟ مع العلم أنها مدن سياحية مليئة بالأجانب والكاسيات العاريات، وجزاكم الله خيراً. الجواب السفر إلى الأماكن الأثرية لمجرد السياحة والاستطلاع الأصل فيه الإباحة، ما لم يباشر المسافر في سفره إليها أو عندها منكراً من المنكرات، وعليه أن يقصد في سفره هذا الاتعاظ والاعتبار، كما قال تعالى: "أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" [الروم:9] ، وقوله: "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" [الحج:46] ، والسفر لغرض الترفيه مباح جائز ما لم يشتمل على منكر من المنكرات، وإذا كان الغرض من السفر إلى المدن الترفيهية هو الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، صار مندوباً، أما إذا كان سفر المرء لمجرد الترفيه والسياحة ومشاهدة ومخالطة المنكرات وأصحابها، دون نكير فهذا حرام لا يجوز، والله أعلم.

استخدام الألعاب النارية ليلة رأس السنة

استخدام الألعاب النارية ليلة رأس السنة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 8/10/1422 السؤال هل يجوز استخدام الألعاب النارية في رأس السنة الميلادية؟ علماً أنه لا يسمح بتلك الألعاب إلا في ذلك اليوم. الجواب عيد رأس السنة الميلادية من أعياد النصارى، بل هو عيدهم الأكبر. واستخدام الألعاب النارية في هذا العيد هو من باب إظهار الفرح والمشاركة والابتهاج به، ولا يجوز للمسلم أن يشارك هؤلاء في أعيادهم. فابتعد عن هذا العمل في عيد رأس السنة الميلادية، وفقك الله.

الأناشيد المصحوبة بالموسيقى

الأناشيد المصحوبة بالموسيقى المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 15/12/1423هـ السؤال أريد أن أسأل عن الأناشيد التي فيها موسيقى. الجواب الحمد لله وحده وبعد: فيحرم استماع الموسيقى، عن أبي عامر الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) صحيح البخاري (5590) . فكل نشيد رافقه استعمال لآلة موسيقية صار محرماً بدليل هذا الحديث، وفَّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين.

ضرب الدفوف للأطفال

ضرب الدفوف للأطفال المجيب التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 8/4/1423 السؤال برنامج مواهب وأفكار الذي يعرض في التلفزيون خاص بالأطفال، وهو جيد ومفيد، ولكن فيه بعض الأناشيد التي يضرب فيها الدف ومعها المؤثرات الصوتية فنتحرج من سماعها أو تسجيلها للأطفال، أرجو أن تفتونا في جواز سماعها وتسجيلها للأطفال أم لا؟ بارك الله فيكم. الجواب أرى جواز استخدام الدف في هذه البرامج؛ لأن الأطفال يسمح لهم ما لا يسمح لغيرهم، ولأن هذا عمل خيري فيغتفر بالنظر إلى الفائدة الحاصلة، لأن في هذا تشجيعاً، وتقريباً للخير لعامة الناس، فيمكن هذا للأطفال وللنساء ولغيرهم أيضاً، وأصل الدف للمناسبات مباح، وللزواج مستحب.

رقص الرجال وغناؤهم في الأعراس

رقص الرجال وغناؤهم في الأعراس المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 19/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في أعراس مجتمعنا الكردي يقوم الرجال بشبك أيديهم والقيام بحركات متناسقة جداً موروثة من الآباء إلى الأبناء تسمى (دوات) مع الغناء، فهل هذا مباح في الإسلام؟ جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد جاء الشرع بتحريم سماع المعازف بجميع أنواعها، عن أبي عامر الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليكوننّ أقوام من أمتي يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف" صحيح البخاري (5590) . ولم يرخص في شيء منها إلا في ضرب الدف وهو آلة دائرية مختومة من وجه واحد بجلد رقيق ليس فيه أجراس فهذا مرخص باستعماله في الأعراس ونحوها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح" النسائي (3369) وهذا لفظه، الترمذي (1088) ، ابن ماجة (1896) ، وحسنه الألباني في (إرواء الغليل 1994) . أما الرقص فإنه وإن كان خلاف الوقار المأمول في الرجال فإن الأصل فيه الإباحة، عن عائشة -رضي الله عنها- أنها سمعت لغطاً وصوتاً فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا حبشية تزفن -أي ترقص- فقال:" يا عائشة تعالي فانظري" النسائي (1594) وأصله في الصحيحين البخاري (949) ، ولفظ مسلم (892) "جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد"، ولأحمد وابن حبان "أن الحبشة كانت تزفن بين يدي النبي" وانظر الروايات في (فتح الباري 2/515) . فإذا خلت تلك الحركات من اختلاط الرجال بالنساء أو سماع الغناء المحرم ونحوها من المحرمات فأرجو أن لا بأس بها (إذا كان مما اعتاده الناس وألفوه في وقته وصفته) ، والله -تعالى أعلم.

علة تحريم المعازف

علة تحريم المعازف المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 5/6/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل العبرة في الآلات الموسيقية هي الصوت المسموع أم الأداة المستخدمة؟ أو بعبارة أخرى إذا استطعنا أن نقلد صوت آلة موسيقية بالصوت البشري لوحده فهل يجوز استخدام هذا النتاج؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فكل المعازف سواء كانت وترية أو هوائية أو جوفية أو غيرها فهي محرمة على الصحيح من أقوال أهل العلم باستثناء الدف في الأعراس والأعياد ونحوها. فإذا قلد إنسان أو حاكى صوت آلة موسيقية بترنمه بلسانه أو ترديد للهواء في جوفه أو نحو ذلك فليس هذا استعمالاً لشيء من المعازف فلا يحرم، وإن كان سيئاً أن يتشبه المسلم بما نهى الشرع عنه. أما لو أُخذ صوت آدمي فوضع في الأجهزة الصوتية المغيرة له فأخرجتْ صوتاً موسيقياً فلا ريب أن هذا الناتج صوت معازف لا صوت آدمي. وأحب أن أنبه إلى أن من أهل العلم من منع الأناشيد الملحنة التي تحرك الطباع وتجري على وفق ألحان الأغاني ووفق القوانين الموسيقية، والتي يكون مقصود سامعها اللحن والطرب بالذات لما في استماعها من إغراق في اللهو وإلهاء للقلوب عن تدبر كلام الله، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

التغني بالأشعار

التغني بالأشعار المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 21/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاكم الله عنا خير الجزاء - إخوتي في الله - عن كل ما تقدمون من نصح وإرشاد جعله الله في موازين حسناتكم. لدي اليوم سؤال مهم جداً جداً، وأتمنى الإفادة منكم جزاكم الله خيراً: انتشر في الآونة الأخيرة في إحدى الدول أسلوب فني جديد يسمى بالشلات، وهذا الفن - كما يسمونه - عبارة عن أحد الشعراء يلحن الكلمات الشعرية بأسلوب معين، ويغلب عليه أسلوب الحزن، ومن دون استخدام أي آلات موسيقية؛ أي مجرد الصوت الملحن من ذلك الشخص، ولقد انتشر هذا الشيء بين الشباب والشابات في الآونة الأخيرة، وطبعا تختلف القصائد بين الغزلية والإرشادية والمدح، ولكن الأسلوب في الأداء واحد، وهو - مثلما ذكرت لكم مسبقاً - (تلحين الصوت) ، حاولت البحث عن إجابة لهذا السؤال فلم أجد، وهداني قلبي إليكم فأتمنى منكم الإفادة. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالأصل أنه يجوز التغني بالشعر بدون آلاتٍ موسيقية، واستماعه كذلك. عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه دخل على أخيه البراء، وهو مستلق واضعاً إحدى رجليه على الأخرى يتغنى. الحديث أخرجه الحاكم (3/291) ، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وقال عبد الله بن الزبير: أي رجل من المهاجرين لم أسمعه يتغنى النصب. عبد الرازق (19741) ؛ البيهقي (10/230) ، بسند صحيح. والنصب ضرب من أغاني العرب وهو يشبه الحداء. إلا أن هذا مشروط بشروط لا يباح بدونها وهي: (1) ألا يرافق ذلك آلة موسيقية؛ فإن المعازف محرمة، عن أبي عامر الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) صحيح البخاري (5590) . (2) أن يكون ذلك في بعض المناسبات فلا يتخذ مهنة، قال البيهقي: (الرجل لا ينسب نفسه إلى الغناء، ولا يؤتي لذلك ولا يأتي عليه، وإنما يعرف بأنه يطرب في الحال فيترنم فيها) (10/223) . (3) ألا يقترن به اضطراب وتثن ونحو ذلك. (4) ألا يكون فيه تلحين على وفق صنائع الموسيقى وإطرابها، قال الشاطبي: (العرب لم يكن لها من تحسين النغمات ما يجرى مجرى ما الناس عليه اليوم، بل كانوا ينشدون الشعر مطلقاً، ومن غير أن يتعلموا هذه الترجيعات التي حدثت بعدهم، بل كانوا يرققون الصوت ويمططونه على وجه يليق بأمية العرب الذين لم يعرفوا صنائع الموسيقى، فلم يكن فيه إلذاذ ولا إطراب يلهي) الاعتصام (1/368) . (5) ألا تتضمن معنى محرماً كدعوة إلى حرام أو ترغيب في منكر أو تحسين لمعصية. (6) ألا تستعمل لقصد التعبد لسماعها أو أدائها، فإن العبادات توقيفية، والأسلوب المذكور في السؤال لا أعرفه، ومن راعى ما سبق عرف الحكم من خلاله، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

أغاني المدائح النبوية

أغاني المدائح النبوية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 9/1/1423 السؤال ما حكم غناء واستماع الأغاني التي تشيد بالرسول وأهل بيته وصحابته ومكارم الأخلاق، فهي تطرب الروح وتسمو بها ولا تثير الغرائز؟ الجواب

لقد دلَّ الكتاب والسنة على تحريم الغناء، والغناء الذي ورد النهي عنه هو إنشاد الشعر بالألحان ولا سيما مع آلات العزف، وقد جاء عن الصحابة- رضي الله عنهم- تفسير الزور في قوله:" والذين لا يشهدون الزور" [الفرقان:72] وتفسير لهو الحديث في قوله - تعالى-:" ومن الناس من يشتري لهو الحديث" [لقمان:6] وتفسير صوت الشيطان في قوله - تعالى -:" واستفزز من استطعت منهم بصوتك" [الإسراء:64] وتفسير اللغو في قوله - تعالى -:" وإذا مروا باللغو" [الفرقان:72] جاء عن السلف تفسير هذا كله بالغناء، وجاء عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال:" الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل" رواه أبو داود (4927) مرفوعاً بسند ضعيف، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (10/223) موقوفاً، وانظر تلخيص الحبير (2113) . وجاء عن السلف قولهم:" الغناء رقية الزنى" ولا ريب أن الشعر المُلحن مع الآلات يُطرب، ومصدر الطرب هو الأصوات والأنغام، بقطع النظر عن المعاني، ولكن لا ريب أن الغناء أنواع فبعضه شر من بعض، فالغناء الذي يثير غرائز الجنس ويهيّج على فعل الحرام من الزنى أو الظلم والعدوان، أو يُحبب ما يبغضه الله ورسوله من الأقوال والأفعال أنه أقبح من الغناء الذي يسميه أهله غناءً دينياً، ويضمنونه معاني صحيحة، وقد يضمنونه مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأهل البيت، وهذا المدح تارة يكون مشوباً بالغلو، وحينئذ فإنه مع ما يورثه من الطرب واللهو فإنه يغرس في القلب الغلو في الدين ومنه الغلو في الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والغلو في أهل بيته، وأهل بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - أغنياء بما أكرمهم الله به من الفضائل عن الغلو في إطرائهم، فالواجب اجتناب الغناء كله، والإقبال على سماع القرآن والحديث، ولا بأس بقراءة الشعر غير ملحن وغير مقرون بالآلات، وهو الشعر النظيف المشتمل على الترغيب بالفضائل ومكارم الأخلاق، أو مدح من يستحق المدح بحق وباعتدال دون إفراط وتجاوز للحدود، ودون توسع في ذلك، فإن التوسع في المباح لا بد أن يكون على حساب الأعمال الصالحة الجليلة، والعاقل الحازم هو من يؤثر الأعلى على الأدنى، ويقدم الأفضل على الفاضل، فأوصي السائل وكل من يقرأ هذا الجواب ألا يغتر بهذه الأشعار التي هي مما يعتني به المتصوفة الذين يتدينون ويعبدون الله بسماع القصائد، ويستغنون بها عن سماع القرآن، ويظنون أنهم بذلك محسنون، فهم مبتدعون ومسيؤون من حيث يشعرون أولا يشعرون، وقد تكون هذه الأشعار الدينية الصوفية أقبح من الأشعار التي تثير الغرائز، من جهة ما يخشى منها من غرس البدع الاعتقادية، ومن التدين بما لم يشرعه الله، فأصحاب هذا السماع يقبلون عليه ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً، بينما المفتونون بالأغاني الخليعة يعترفون بأنهم عاصون في ذلك، ويهمون بالتوبة، ويجاهدون أنفسهم في ذلك، بينما لا يفكر بذلك أصحاب السماع المبتدع؛ لأنهم يظنونه ديناً وهو من دين الشيطان " أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً " [فاطر:8] فينبغي للسائل وغيره أن يقرأ ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في هذا الشأن سيما كتابه في تحريم السماع وهو مطبوع مشهور.

ذهاب المرأة إلى السينما

ذهاب المرأة إلى السينما المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 18/3/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تحية طيبة وبعد: سؤالي -أثابكم الله- عن ذهاب الفتاة إلى السينما لمشاهدة الأفلام، وصالة السينما هذه مختلطة فيها الرجال والنساء، والكراسي الموجودة فيها متقاربة إلى حد ما. سؤالي هو: هل يجوز ذهاب الفتاة إلى هذه الأماكن حتى لو كانت ملتزمة باللباس الشرعي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز الذهاب إلى هذه الأماكن؛ لأنها من الزور الذي مدح الله -تعالى- المؤمنين باجتنابه بقوله:"والذين لا يشهدون الزور.." [الفرقان: 72] ولما فيها من المنكرات فيما يعرض من أفلام، ويتغلظ التحريم بالنسبة للمرأة لما في ذلك من الاختلاط مع غير المحارم، والله أعلم.

سماع الغناء والاستماع إليه

سماع الغناء والاستماع إليه المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 23/1/1423 السؤال هل هناك فرق بين سماع الغناء والاستماع إليه من حيث المعنى أولاً؟ ثم من حيث الحكم الشرعي في كل منهما، وما الحكم في سماع الموسيقى المصاحبة لنشرات الأخبار، أو التي تكون في محلات عامة كالأسواق أو المطاعم ونحوها، مع ذكر الدليل الناقل من حكم الإباحة الأصلية إلى الحرمة؟ الجواب أما من حيث المعنى فالاستماع أقوى من السماع؛ للقاعدة اللغوية: "الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى"، فالسماع: قد يطلق على ما يسمعه المرء، وإن لم يقصد سماعه، ولم يصغ إليه. بينما الاستماع لا يكون إلا مع مصاحبة القصد إلى سماعه، والإصغاء إليه. وأما من حيث الحكم فمختلف، فإن مجرد السماع، من دون قصد، ولا إصغاء، ولا قدرة على الإنكار،، لا إثم فيه على من أرغم عليه؛ لأنه ليس من كسبه، والله -عز وجل- يقول: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" [النجم:39] فكذلك ليس عليه إلا ما سعى. بينما الاستماع غير جائز؛ للأدلة القوية، الكثيرة، من الكتاب، والسنة، وكلام سلف الأمة الذامة للغناء، والناهية عنه، وسوقها يطول، ولكن راجعها في كتاب (تلبيس إبليس) لابن الجوزي، وكتاب (إغاثة اللهفان) لابن القيم -رحمهما الله-، فقد أوفيا القول في حكم الغناء والمعازف، وفي أدلته، وفي الرد على من قال بإباحتهما. وأما سماع الموسيقى المصاحبة لنشرات الأخبار، أو التي تكون في المحلات، أو الأسواق واستماعها فحكمهما لا يختلف عن حكمهما المذكور سابقاً بالتفصيل؛ لأمرين: الأول: أن النهي عن آلات اللهو، وهي المعازف، كالموسيقى ثابت بالأدلة الصحيحة، سواء أكانت مصاحبة للغناء أم لا، ومنها ما رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم (كتاب الأشربة، باب: ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه) ، ووصله أبو داود في سننه (4039) ، من حديث أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف" فقوله: "يستحلّون" دلالة على تحريمها؛ لأنها لو كانت حلالاً ما ساغ وصف ملابستهم لها استحلالاً، ولما ذمهم على ذلك، والمراد بالمعازف آلات اللهو كلها، بإجماع أهل اللغة، وثمة أدلة أخر راجعها في الكتابين. الثاني: أن كثيراً من المقطوعات الموسيقية المصاحبة لنشرات الأخبار مستلة من مقطوعات غنائية، لها وقع عند مستمعي الأغاني، فالطرب بها حاصل. وإذا أرغم المسلم على سماعها، ولم يكن له حيلة في وقفها فعليه -إن أمكنه- أن يغادر المكان؛ لقوله -جل وعلا-: "والذين لا يشهدون الزور" [الفرقان:72] فسّره محمد بن الحنيفة بأنه الغناء، والمعنى: لا يحضرون الغناء، وقوله: " وإذا مروا باللغو مروا كراماً" [الفرقان:72] ، فسره الزجّاج فقال: "مروا مرور الكرام، الذي لا يرضون باللغو؛ لأنهم يكرمون أنفسهم عن الدخول فيه، والاختلاط بأهله"، انتهى. فإن لم تمكنه المغادرة فلا يرهف له سمعه، وليشتغل بذكر الله عنه، أو بالكلام المباح، ثم لا يضره ما وقع في سمعه بعد ذلك، والله أعلم.

حكم الملاكمة

حكم الملاكمة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 27/1/1423 السؤال سؤالي عن الملاكمة هل هي حرام؟ وإذا اكتسب شخص مالاً من الملاكمة ثم استخدمه لبناء مدارس إسلامية، وإعطاء قروض لإخوة مسلمين لشراء منازل، فهل يعد هذا عملاً صالحاً؟ الجواب الملاكمة كما هو متعارف عليه عملٌ ضار، قد يؤدي إلى الموت أو الضرر البالغ، ومثل هذا العمل محرّم شرعاً؛ لقول الله -تبارك وتعالى-: " ... ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ... " [البقرة: 195] ، ولقوله: " ... ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" [النساء: 29] . وقد ثبت في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: "لا ضرر ولا ضرار ... " رواه الدارقطني في السنن (3/77) والبيهقي في السنن الكبرى (6/69) والحاكم في المستدرك (2392) وهذا نهي للإنسان عن أن يضر نفسه، أو يدخل الضرر على غيره؛ وهو بهذا يشمل عمل الملاكمة؛ لأنها ضرر بالنفس، وإضرار بالغير. وبناء على هذا فالمال الذي يكتسب عن طريقها مال محرم؛ لأنه كالثمن، أو الأجرة التي يأخذها الملاكم على عمله، فإذا كان عمله محرماً كان كسبه محرماً كذلك، إذ من المعلوم أن الشريعة إذا حرمت شيئاً حرمت ثمنه، كالخمر، والخنزير، ونحوها. أما بالنسبة للمال الذي حصّلته من الملاكمة فيما مضى فاصرفه في مصالح المسلمين وتخلص منه، ولا تأكل منه شيئاً، وبالله التوفيق.

التكسب من الرياضة

التكسب من الرياضة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 12/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم التكسب من الرياضة (العدو الريفي) ؟ الجواب الرياضة أصناف منها المباح ومنها غيره، وغير المباح قد يكون المنع منه لأنه ضار كالملاكمة ونحوها، وقد يمنع إذا كان فيه كشف للعورات، أو وقوع في المحرمات ونحو ذلك. أما المباح فمثل السباحة، والرمي، والعدو، وركوب الخيل والألعاب المماثلة التي يحصل منها فوائد قوة الجسم وصحته، واكتساب المهارات النافعة فلا حرج في تعلمها، مع مراعاة الشروط الشرعية في اللباس والابتعاد عن المحرمات، وللإنسان أن يسعى لتحصيل الجوائز الحلال المرصودة لبعض أنواع هذه الرياضات، وله أن يعمل في تدريب غيره عليها وأخذ مقابل على ذلك، وبالله التوفيق.

الأناشيد ... والموسيقى

الأناشيد ... والموسيقى المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 16/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ مم انتشر في ساحة الأناشيد الإسلامية في هذه الأيام أمور أريد أن أعرف حكمها شرعاً. أولاً: ما يسمى بالمكسات والمكس هو إدخال أصوات إما بشرية أو أصوات موسيقية على الأناشيد ويتم إدخال هذه الأصوات بجهد شخصي، حيث يأخذ الفرد الأنشودة التي تعجبه ويدخل عليها ما يسميها بالمكس. ثانياً: الأناشيد المصحوبة بالموسيقى، والتي تأتي من المنشد أو الفرقة، وتصحبها الموسيقى الكاملة فما حكمها؟ أفيدونا، جزاكم الله خيراً. الجواب أخي الكريم: أشكرك على حرصك واجتهادك في البحث عن الحكم الشرعي ممن تثق به، وأحب أن أذكر لك قاعدة تنفعك في سؤالك هذا وغيره، فيقال: القاعدة في هذا: أن الموسيقى محرمة سواء أدخلت بالمكسات أو بغيرها، وسواء دخلت على ما يزعم أنه أناشيد إسلامية أو غيرها فهي محرمة، ولا أدري كيف يستسيغ الشخص تسميتها بأناشيد إسلامية وقد دخلت عليها الموسيقى؟ إذن ماذا بقى للأغاني المعروفة، أم نسميها أغاني إسلامية!. والعبرة - أخي الكريم - بالحقائق لا بالأسماء والألفاظ، فمتى ما وجدت الموسيقى حرم ما معها ولو كانت المعاني جيدة، فإن كانت المعاني محرمة صار الإثم أشد. وأما إدخال الأصوات الأخرى البشرية، وغيرها فحكمها تبع لها، فما كان مباحاً فحكمه الإباحة وهكذا، والله أعلم.

الاحتراف الرياضي

الاحتراف الرياضي المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 21/1/1424هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم الدين في ممارسة لعبة كرة القدم؟ وما الحكم في الأموال المكتسبة منها؟ أرجو أن تفيدونا بالأدلة الشرعية وبالتفصيل، وجزاكم الله خيراً. الجواب الأصل في الرياضة في الإسلام الحل والجواز؛ لأنها تقوية للجسم وإعداد للقوة في سبيل الله قال -صلى الله عليه وسلم-:"لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر" ابن ماجة (2878) ، والنسائي (3585) ، وأحمد (10138) ، وسابق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أم المؤمنين عائشة مرتين مرة وهي خفيفة شابة سبقته ومرة وهي ثقيلة بعد أن أثقلها اللحم فسبقها فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"يا عائشة هذه بتلك" انظر الإرواء

(1502) وصارع ركانة الأعرابي فصرعه فأسلم انظر الإرواء (1503) ، ومن أنواع الرياضة كرة القدم وهي جائزة شرعاً؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد دليل الحظر سواء كان لعبها عفوياً تقليدياً أو كان منتظماً مقنناً، غير أن الناظر في لعبة كرة القدم اليوم يلاحظ أنها تشتمل عل محظورات ومخالفات شرعية مثل كشف الفخذين وهما عورة -وهي بين الشباب أشد- وذلك لحديث "يا علي غط فخذك فإن الفخذ عورة" انظر الإرواء (269) ، ومنها إثارة الفرقة والشحناء والتحزبات المقيتة التي قد تصل إلى القطيعة بين الشباب المسلم بل ربما بين الإخوة الأشقاء في البيت الواحد. وقد يتعدى ذلك إلى الاعتداء الجسدي والأخلاقي، وأخطر من ذلك كله أن هذه اللعبة -كرة القدم- قد شغلت الناس وألهتهم عن ذكر الله وعن الصلاة وكل ما ينفعهم، وقد فطن اليهود إلى هذه المعاني السيئة والخطيرة فعملوا على نشرها وشغل الناس بها ففي أحد بروتكولات حكماء صهيون (يجب أن نشغل الأميين _وهم ما عدا اليهود- بالرياضة والفن) فانتشرت بين الناس أنواع القنوات الهابطة ورياضة كرة القدم التي سلبت عقول الكثيرين حتى أصبحت غاية وهدفاً يجتمع الناس ويتفرقون عليها ولعل من التنبيه إلى أن تقوية الجسم بكرة القدم لا يستفيد منها غير اللاعبين في الميدان والذين لا يتجاوز عددهم (12) لاعباً أما الآلاف المؤلفة من المشاهدين والمشجعين فلا يستفيدون شيئاً بل يخسرون كثيراً، وإن تقوت أجسام أولئك اللاعبين واتسمت بالخفة والرشاقة لكنهم لم يتحملوا شيئاً من التعب في غيرها، وإن قل وما ذكره بعض السلف كشيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى من "أن لعب الكرة فيه تدريب على الجهاد والكر والفر" فلا أعتقد بحال إن هذا ينطبق على لعب كرة القدم اليوم لا من بعيد ولا من قريب وذلك لأن مفهوم الجهاد في قوانين كرة القدم غائب ومغيب علاوة على أن وسائل الجهاد لا تعتمد على الأقدام والأسلحة التقليدية، ولو قيل إن لعب كرة القدم ومشاهدتها نوع من التسلية المباحة لقلنا نعم ولكن التسلية تكون بقدر محدود في حياة المسلم وأوقاته فهي أي التسلية أشبه بالملح مع الطعام في الكم. أما أن تطغى التسلية على الواجبات والوسيلة على الهدف فكما لو طغى الملح على الطعام وهذا غير مقبول في الشرع والعقل على السواء. أما ما ينفق على لعب كرة القدم من أموال تعطى للفريق الفائز فهي جائزة شرعاً إن كيفت وخرجت على باب الجعالة في الفقه كأنه قيل: من فاز من الفريقين فله كذا وكذا من المال.

كما يقول الفقهاء من دلني على طبيب مختص يعالج مرضي فله عندي كذا ومن وجد سيارتي المفقودة فله عندي كذا، أو تخرج على باب المسابقة على الأقدام فيجوز أخذ العوض حينئذ وإن كان في أخذ مثل هذا خلاف بين العلماء غير أن الراجح جوازه كما حققه ابن القيم الجوزية في كتابه (الفروسية) وهو مذهب الإمام الشافعي ورواية لأحمد ويخرج الحديث السابق "لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر" سبق تخريجه، يأتي بحمل النفي فيه على نفي الكمال لا الحقيقة كحديث "لا ربا إلا في النسيئة" البخاري (2179) ، ومسلم (1596) ، أي لا ربا تام كامل إلا في النسيئة بدليل وجود ربا الفضل المحرم، وكحديث "لا صلاة وهو يدافعه الأخبثان" مسلم (560) ، أي لا صلاة تامة إذ من المعلوم أن صلاة من هذه حاله صحيحة جائزة وإن نقص أجرها لعدم الخشوع التام.

إقامة محل للألعاب

إقامة محل للألعاب المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 19/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: إني عازم بحول الله أن أعمل محلاً للألعاب، ولكن متخصص في (البلاي إستيشن) وقبل الشروع في العمل أريد أن أعرف رأي الدين في هذا الموضوع. وبارك الله فيكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فأشكر الأخ السائل الكريم على حرصه على معرفة الحكم الشرعي قبل شروعه في العمل. وأظن أن السائل يقصد أنه سيعمل محلاً للألعاب الإلكترونية عبر الأجهزة العارضة لها بواسطة الأقراص، والتي عرفت باسم (playstation) ، وهي ألعاب مرسومة عبر الكمبيوتر لتكون ثلاثية الأبعاد غالباً يقوم اللاعب بتحريكها عبر جهاز موصل بها. محاولاً التغلب على خصم أو أكثر (وقد يكون خصمه هو الجهاز نفسه) ، إما على هيئة سباق بينهم أو مصارعة أو نحو ذلك، ومن خصائص هذه اللعبة: (1) اشتمالها غالباً على الموسيقى. (2) اشتمالها على الصور المرسومة المتحركة. (3) إمكان المنافسة فيها بين لاعبين أو لاعب واحد. (4) اشتمالها أحياناً على صور فاضحة، وأفكار سيئة ومقاصد غير مقبولة. والحكم على ما سأل عنه الأخ يتضح في النقاط التالية: أولاً: ضوابط الألعاب في الشرع: للألعاب والرياضات ضوابط عديدة، وأهم ما يعنينا هنا هو هذه الضوابط: (1) عدم اشتمالها على المحرمات ككشف العورات وتضييع الواجبات. قال ابن قدامة:"وسائر اللعب إذا لم يتضمن ضرراً ولا شغلاً عن فرض فالأصل إباحته" (المغني 14/157) . (2) ألا تلحق بصاحبها ولا غيره ضرراً في نفسه أو ماله، فإن الضرر يزال وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لا ضرر ولا ضرار". الحاكم (2/57) والبيهقي (6/69) والدارقطني (522) وصححه الحاكم وقواه النووي في الأربعين، وحسنه ابن الصلاح وصححه الألباني في الصحيحة (250) وروى عن غير أبي سعيد. (3) ألا تشتمل على قمار. قال ابن قدامة:"كل لعب فيه قمار فهو محرم، أي لعب كان وهو من الميسر الذي أمر الله تعالى باجتنابه، وما خلا من القمار وهو اللعب الذي لا عوض فيه من الجانبين ولا من أحدهما فمنه المحرم ومنه المباح" (المغني 14/154) ، فأي لعب سوى السباق بالخيل والإبل والرمي بالسهام دفع اللاعب فيه عوضاً ليشارك ويأخذ الفائز عوضاً فهذا قمار قال تعالى:"إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان" [المائدة:90] . ثانياً: حكم بيع ما يستعمل في الحرام والحلال: إذا حرم الله تعالى أن ينتفع بشيء فإنه لا يجوز أخذ مال في مقابلة هذا الشيء المحرم، أو المنفعة المحرمة لا ببيع وشراء ولا استئجار ولا غيرها. وما يحرم الانتفاع به نوعان: أحدهما: يحرم الانتفاع به مطلقاً في جميع الحالات أو أغلبها فلا يجوز أخذ ثمن في مقابله مطلقاً كالأصنام والخمر. الثاني: ما يحرم الانتفاع به في حال دون حال، فهذا يجوز أخذ الثمن في مقابلة المنفعة المباحة دون المحرمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ما أبيح الانتفاع به من وجه دون وجه كالحُمُر ونحوها فإنه يجوز بيعها لمنفعة الظهر المباحة لا لمنفعة اللحم المحرم" إقامة الدليل على بطلان التحليل (6/36) . فمتى علم البائع أو غلب على ظنه أن مشتريه سوف يستعمله في الحرام لم يجز بيعه وإلا جاز بيعه كما لو علم أنه سيستعمله في المباح. الحكم الشرعي للسؤال: بناء على ما تقدم فإن الحكم المسؤول عنه يتلخص فيما يلي: أولاً: يجوز بيع أجهزة اللعب الإلكترونية المذكورة، وبيع ما لا يشتمل على مفسد للأخلاق من أشرطتها المدمجة وبرامجها، إذا لم يعلم البائع أن المشتري سيستعملها في محرم. ثانياً: كل ما اشتمل على أفكار هدامة وصور سيئة فإنه يحرم بيعه وشراؤه. ثالثاً: إعداد محل لممارسة اللعب باللعبة المذكورة جائز بشرط ألا يكون في اللعب قمار ولا يتاح سماع الموسيقى الصادرة عنها، وأن لا يسمح بإضاعة الصلاة ولا أن تكون وسيلة لتحصيل مقصد سيئ كما يحصل في بعض أماكن اللعب، فإذا انعدم شرط منها فإنه لا يظهر لي إباحة هذا العمل. هذا هو ما ظهر لي ولو تورع السائل عنها لكونها من قبيل اللهو الذي يترفع عنه كل إنسان جاد لكان أولى به، والله أعلم وأحكم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

حكم العمل في التحكيم الرياضي

حكم العمل في التحكيم الرياضي المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 12/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أنا أعمل حكماً في لعبة بناء الأجسام وهي تقتضي النظر إلى اللاعبين وهم يرتدون سراويل لا تغطي سوى القبل والدبر (المحاشم) بمعنى أن الفخذين مكشوفين بالكامل، وأحياناً يظهر جزء من الألية، والسؤال هو ما حكم هذا العمل؟ وما حكم الراتب؟ وبارك الله فيكم. الجواب يجب على المسلم أن يحفظ عورته فلا يكشفها لمن لا يجوز له أن ينظر إليها، كما يجب على المسلم أيضاً أن يغض بصره عن النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه من العورات فقد قال الله تعالى:"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم" {النور:30} وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاوية بن حيدة القشيري:"احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك، قال قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض، قال: إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها، قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان أحدنا خالياً، قال: فالله أحق أن يستحيا منه من الناس" أخرجه أبو داود (4017) والنسائي في الكبرى (8923) والترمذي (2769) وحسنه. وبناء على هذا فعليك أن تحرص على منع اللاعبين من إظهار عوراتهم وذلك بإرشادهم إلى لبس السراويل الساترة، وحينئذ لا تقع في المحذور وهو: النظر إلى العورات وإقرار إظهارها من قبل اللاعبين وعدم الإنكار عليهم. وإذا لم تتمكن من منع اللاعبين من إبداء عوراتهم، ولم يستجب المسؤولون عن هذه اللعبة لمطلبك، فعليك أن تترك العمل في هذا المجال، وتبحث عن عمل غيره ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وذلك لأن بقاءك في هذا العمل ينشأ عنه مفاسد كثيرة، منها الوقوع في النظر الحرام، وما قد يجره ذلك من الافتتان والتساهل، ومنها مفسدة إقرار المنكر وعدم إنكاره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:"وعليه أن يأمر المكشوف (أي مكشوف العورة) بالاستتار، فإن هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يجب على الناس" مجموع الفتاوى (21/337) .

الفرق بين السماع والاستماع

الفرق بين السماع والاستماع المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 20/3/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: لماذا نفرق بين السماع والاستماع؟ هل هناك دليل على ذلك؟ فالمتبادر للذهن أن النبي - صلى الله عليه وسلم- استمع للدف، وهل نفينا للاستماع لاعتبار أنه تنقص بالنبي - صلى الله عليه وسلم- من دون دليل أم ماذا؟ فالأصل أن السماع هو الاستماع، جعلنا الله وإياكم والقائمين على هذا الموقع وخاصة فضيلة الشيخ العلامة سلمان العودة من العلماء الربانيين. الجواب إن سؤالك أخي الكريم تضمن مسألتين تداخلتا عندك - فيما يبدو لي-، ففي السؤال الأول: الفرق بين السماع والاستماع، وفي الثاني: مسألة سماع النبي - صلى الله عليه وسلم- للدف، فيقال يا محب، لا إشكال فيما تذكر- بحمد الله تعالى- فأما المسألة الأولى: فإن طائفة من العلماء يفرقون بين السماع والاستماع، فالاستماع في هذا المقام وهو المنهي عنه هو أن يصغي له إصغاء المتلذذ والمستطرب له، فهذا إنما يجوز عند طائفة من العلماء لمن أذن له فيه كالنساء والصبيان في الأعراس، أو عند قدوم الغائب ونحو ذلك مما جاءت الشريعة بالترخيص فيه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في "الاستقامة" (1/275) : (يرخص للنساء في الغناء والضرب بالدف في الأفراح، مثل قدوم الغائب، وأيام الأعياد، بل يؤمرون بذلك في العرسات ... ) . أهـ.

بينما السماع الذي يعرض للإنسان بحيث يسمع أناساً أذن لهم في الغناء، كالنساء والصبيان في عرس مثلاً، ثم يصل صوته للشخص الذي لم يؤذن له بالسماع، كالرجال فإن الإنسان يؤمر بعدم الإصغاء والتلذذ بذلك، وأما مجرد وصول الصوت، فلا يؤمر الرجل بسد أذنيه، أو مغادرة مكان حفل العرس مثلاً؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أذن لعائشة - رضي الله عنها- أن ترقى على ظهره لتستمع إلى غناء الحبشة انظر: ما رواه البخاري (950) ، ومسلم (892) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها- ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم-، كان يسمع له، ولكن لم يكن يستمع له، ولهذا لم يقر النبي - صلى الله عليه وسلم- أبا بكر - رضي الله عنه- على إنكاره على وصول هذا الصوت إلى بيت النبي - صلى الله عليه وسلم- بل قال: "دعهما يا أبا بكر: إن لكل قوم عيداً، وإن عيدنا هذا اليوم" رواه البخاري (3931) ، ومسلم (892) من حديث عائشة - رضي الله عنها-، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى 11/565: (وليس في حديث الجاريتين أن النبي - صلى الله عليه وسلم-استمع إلى ذلك، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع، كما في الرؤية، فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار، وكذلك في اشتمام الطيب، إنما ينهى المحرم عن قصد الشم، فأما إذا شم ما لم يقصده فإنه لا شيء عليه، وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس من السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس، إنما يتعلق الأمر والنهي من ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل، وأما ما يحصل بغير اختياره فلا أمر فيه ولا نهي، وهذا مما وجه به الحديث الذي في السنن عن ابن عمر - رضي الله عنهما- أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم- فسمع صوت زمارة راع فعدل عن الطريق، وقال: هل تسمع؟ حتى انقطع الصوت، انظر ما رواه أبوداود (4924) ، وابن ماجة (1901) ، وأحمد في مسنده (4535) فإن من الناس من يقول بتقدير صحة هذا الحديث، لم يأمر ابن عمر - رضي الله عنهما- بسد أذنيه، فيجاب بأنه كان صغيراً، أو يجاب بأنه لم يكن يستمع وإنما كان يسمع، وهذا لا إثم فيه، وإنما النبي - صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك طلباً للأفضل والأكمل، كمن اجتاز بطريق فسمع قوماً يتكلمون بكلام محرم فسد أذنيه؛ كيلا يسمعه فهذا حسن، ولو لم يسد أذنيه لم يأثم بذلك، اللهم إلا أن يكون في سماعه ضرر ديني لا يندفع إلا بالسد) . اهـ. وقال في موضع آخر 29/552: (غناء الإماء الذي يسمعه الرجل، قد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يسمعونه في العرسات ويقول الإمام مالك: إذا دعي إلى وليمة فوجد فيها دفاً، فلا أرى أن يرجع (فتح الباري لابن رجب 8/437) ، وقال ابن رجب في فتح الباري (8/434) ، فكذلك الغناء يرخص فيه للنساء في أيام السرور، وإن سمع ذلك الرجال تبعاً) . أهـ. والذي يظهر لي من خلال السنة، أن ضرب الدف حتى للرجال فيه شيء من السعة إذا وجدت مناسبة، كقدوم غائب ونحوه، كما في حديث الناذرة الذي أشرت له في سؤالك، وبهذا التفصيل أرجو أن تكون المسألة الثانية اتضحت، والله أعلم.

أفلام الرسوم المتحركة

أفلام الرسوم المتحركة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 7/9/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ سلمان قرأت رأي فضيلتكم في جواز أفلام الرسوم المتحركة الهادفة، وكنت أتساءل عن هذه النوعية من الأفلام (الرسوم المتحركة) ولكن الأجنبية منها، حيث إنها تجذب الأطفال بشكل أكبر لجودة وإتقان صناعتها التي تتفوق بشكل ملحوظ - وللأسف - عن مثيلتها من الأفلام العربية، ولكن تحتوي بالطبع في كثير من الأحيان على معان تخالف الإسلام، مثل الحب بين أبطال الفيلم، حتى ولو كانت شخصيات غير آدمية، كما أنها تحتوي على موسيقى وأغانٍ، فما رأى فضيلتكم؟. الجواب إذا تضمنت أفلام الرسوم المتحركة الكرتونية ترسيخ معانٍ تخالف الشرع، كالتربية على الحب وترغيب الأطفال على الأغاني والموسيقى المحرمة، أو على شرب الدخان أو الحلف بغير الله، أو السرقة ووسائل الإجرام ونحو ذلك. فإن هذه الأفلام حينئذ غير هادفة، وحرام لا يجوز استعمالها ولا صناعتها، لأنها أصبحت وسيلة من وسائل الهدم لا البناء، وإن اشتمل الفلم الكرتوني على ما يحمد في الشرع وما ينكر نُظِر إلى أغلب الأمرين، فإذا غلب فيه الخير على الشر جاز استعماله، وإن كان العكس حرم استعماله لأنه حينئذ غير هادف، وإن كانت نسبة الخير والشر متساوية ترك من باب الاحتياط لا من باب التحريم البيّن، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" الترمذي (2518) ، والنسائي (5711) و"استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك" انظر المشكاة (2774) وقوله - صلى الله عليه وسلم- في حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه-: "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" البخاري (52) ، ومسلم (1599) ،وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح. آمين.

الأناشيد المصحوبة بالدف

الأناشيد المصحوبة بالدف المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 14/04/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. (1) ما حكم الأناشيد الإسلامية التي تحتوي على الدف فقط؟ (2) هل الخلاف الدائر بين العلماء على الدف أم على الموسيقى؟ (3) هل صحيح أن الخلاف على الموسيقى في الماضي بين العلماء في ما سلف أم على الموسيقى؟ (4) ما موقفنا من العلماء الذين يحلون الموسيقى؟ وهل يجوز الطعن فيهم؟ وعلى ماذا استند هؤلاء؟ (5) وكيف يجب أن يكون موقفي من الشباب المستقيمين الذين يؤمنون بحل الموسيقى؟ وهل تجوز مقاطعتهم؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فكثيراً جداً من المسائل والأحكام الفقهية فيها خلاف بين أهل العلم، بل المسائل التي هي محل اتفاق أو مورد إجماع قليلة جداً بالنسبة لمسائل الخلاف. والواجب في مسائل الخلاف هو ما أمر الله به "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا"، [النساء: 59] . فأهل العلم والاجتهاد ينظرون في سبب الخلاف ودليل كل قول ثم يختارون الراجح (بالمرجحات الشرعية) ، ويفتون به، ويكون هو الواجب اتباعه عليهم وعلى من يقلد قولهم، ومن لم يصل لرتبة الاجتهاد والنظر فإنه يسأل أهل الفتوى المعتبرين، وما أفتوه به وجب عليه إتباعه والعمل به، كما قال تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" [النحل: 43، الأنبياء: 7] . وليس معنى وجود الخلاف أو تعدد الأقوال في مسألة من المسائل: أنها مباحة كما يفهمه بعض الناس، بل العبرة بما يختاره المحققون، أو يفتي به المقلدون كما سبق، قال ابن عبد البر: "والصواب مما اختلف فيه وتدافع وجه واحد، ولو كان الصواب في وجهين متدافعين لما خطأ السلف بعضهم بعضاً في اجتهادهم وقضائهم وفتواهم" جامع بيان العلم وفضله (2/88) . ولا يصح إذا وقع خلاف في مسألة أن يختار الإنسان قولاً منها ويتبعه، بل يتبع الصواب إن كان أهلاً للنظر، وإلا قلد أوثق من يراه علماً وديناً، قال تعالى: "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون" [الجاثية: 18] . قال ابن القيم: "لا يجوز العمل بما شاء من الأقوال والوجوه من غير نظر في الترجيح، فإذا اكتفى في العمل بمجرد كون ذلك قولاً قاله إمام أو ذهب إليه جماعة فهذا حرام باتفاق الأمة"، إعلام الموقعين (4/211) باختصار.

وأما أجوبة الأسئلة المذكورة: استعمال الدف مندوب في ولائم الأعراس، ومباح في الأعياد ونحوها، للرجال والنساء، حرام فيما عدا ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف"، صحيح البخاري (5590) ، وهذا يعم جميع المعازف الوترية؛ كالعود، والرباب، والقانون، والهوائية؛ كالناي والمزمار، والجوفية؛ كالطبول، لكن جاءت نصوص تدل على استثناء الدف في الأعراس والأعياد، نحو قوله - صلى الله عليه وسلم- "إن فصل ما بين الحلال والحرام الصوت بالدف" رواه النسائي (3371) ، والترمذي (1088) ، وابن ماجه (1896) ، وأحمد (3/418) ، وسنده صحيح، ولغناء الجاريتين وضربهما بالدف عند النبي -صلى الله عليه وسلم- أيام العيد، انظر ما رواه البخاري (988) ، ومسلم (892) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وعليه فإن سمعت الأناشيد المشتملة على الدف في الأعراس والأعياد فلا مانع منها، وفي غير ذلك لا يجوز سماعها. واختلف أهل العلم في الدف هل يباح في غير الأعراس أم لا، كما اختلفوا في الموسيقى هل تباح أم لا؟ والصحيح في المعازف كلها التحريم لما قدمناه، إلا الدف في الأعراس والأعياد. والخلاف في المعازف ضعيف، ولا شك عندي في ذلك؛ لصحة حديث أبي عامر الأشعري -رضي الله عنه- المذكور سابقاً، والذي أخرجه البخاري، والقائل بحل المعازف قلة قليلة من أهل العلم. من أباح المعازف بعد نظره في الأدلة وكان أهلاً للاجتهاد، ورعاً في دينه فلا يجوز الطعن فيه؛ لأن هذا ما أداه إليه اجتهاده، ولا يكلف بغيره، لكن يرد عليه، ويبين له الصواب، ومن أباح المعازف ضعَّف حديث أبي عامر- رضي الله عنه-، مع أن على حرمة المعازف أدلة أخرى، وهو قول الأئمة الأربعة. وأما الشباب المستقيم المعتقد حل الموسيقى فإن كان بذلك مقلداً لعالم يراه الأوثق في علمه ودينه من بين علماء الأمة فلا تثريب عليه، لأنه أدى ما وجب عليه، وإن كان بذلك متبعاً لهواه ورأيه المجرد فهو آثم فاسق. وهجره تراعى فيه المصلحة، فإن رآه ينزجر به هجره، وإلا لم يهجره. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه - وصلى الله على محمد - وآله وصحبه وسلم.

حضور الملتقيات الأدبية

حضور الملتقيات الأدبية المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 9/8/1424هـ السؤال ما حكم من يعمل في مجال يقوم فيه بالإشراف وحضور الملتقيات والندوات الأدبية التي يلقى ويقرض فيها الشعر بكل أنواعه (الديني، والوطني. والسياسي. والاجتماعي. والحب. والغناء العاطفي) هل عمله حرام؟ الجواب الحكم على هذا العمل وغيره ينبني على معرفة حقيقته وما يدور فيه، وما تتضمنه الأشعار مما يدور في هذه الملتقيات، فإن كان ما يدور فيها لا يخرج عن المعاني النبيلة والشريفة، أو ما جرت العادة به في التغزل العفيف الذي يتداول مثله العلماء والشرفاء، ولا يدعى فيها إلى الباطل أو لمنكر، أو كان ذلك هو الأغلب على هذه المنتديات، فالأصل الجواز والإباحة، وإن كان يدور فيها - كله أو أغلبه - ويدعو إلى ذلك أو يقره، أو فيه فحش في الكلام لا يقبل فلا يجوز، والشعر - كما هو معلوم - كلام، حسنه حسن، وقبيحه قبيح، وليس في ذات الشعر محذور، فقد كان أتقى الناس لربه - صلى الله عليه وسلم - يستمع إلى الشعر، ويعجب بجيده، بل وله من الشعراء من كانوا ينافحون عن الإسلام بشعرهم، كحسان، وابن أبي رواحة وغيرهم - رضي الله عنهم - وما زال للشعر مجالاً عند أهل العلم فقد نظموه في التصنيف والرد على المخالف، والله أعلم.

زيارة البحر الميت

زيارة البحر الميت المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 02/05/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أستفسر عن أمر مهم جداً لبعض المسلمين في فلسطين والأردن: ما هو حكم زيارة البحر الميت الذي هو مكان قوم لوط الذين خسف الله بهم؟ وهل يجوز الذهاب للتداوي فيه؟ وهل تجوز الصلاة هناك؟ وهل يجوز المبيت ليلاً أو نهاراً في منطقة البحر الميت؟ وهل كل البحر الميت منطقة ملعونة أم جزءاً منها؟ وما عدد قرى قوم لوط؟ علماً أن سدوم هي المنطقة المخسوفة. وهل تجوز السياحة والترفيه في منطقة البحر الميت؟ لأن بعض المسلمين يذهبون للهو والأكل والبذخ والشوي والشرب والسباحة دون أن يكون لهم مرض أو غيره، إلا فقط السياحة والترفيه عن النفس؟ الأمر جداً ضروري، لأن فترة الصيف قد بدأت والنزول للبحر الميت يشد كثيراً من الشباب. أرجو الحكم الشرعي لهذا الموضوع، ولكم من الله كل الجزاء والخير، وبارك الله فيكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: لا يظهر لي مانع من زيارة البحر الميت للتداوي أو السياحة والنزهة، ولا مانع من المبيت عنده والصلاة، وذلك لأمور: الأول: أنه لم يرد في الشرع نهي عن زيارته أو قصده أو الجلوس حوله، فيبقى على الأصل العام في كل المواضع والبحار. الثاني: أنه لم يثبت بدليل قطعي أنه هو موضع قوم لوط ومكان قراهم، وإذا لم يثبت ذلك بيقين بقينا على الأصل، فإن اليقين لا يزول بالشك. الثالث: أن الله تعالى أخبر أن تلك البلاد "لبسبيل مقيم" [الحجر: 76] أي: بطريق مسلوك إلى الآن؛ كما قال: "وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون" [الصافات: 137-138] ، فأخبر أنهم يمرون بها وهي على طريقهم، ولم يحذرهم أو يمنعهم من قربانها. الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما مر بالحجر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم ما أصابهم" ثم تقنع بردائه وهو على الرَّحل. وفي لفظ: ثم زجر فأسرع حتى خَلَّفَهَا" رواه البخاري (3380) ، ومسلم (2980) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وفي لفظٍ آخر: "لا تدخلوا على هؤلاء المعذَّبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم" عند البخاري (433) ، ومسلم (2980) ، ومعلوم أنه لم تبق بيوت لقوم لوط يمكن دخولها فلا يتساوى الحال. إذ النهي عن الدخول عليهم وقد أهلك الله قوم لوط وجعل عالي بلادهم سافلها فلم يبق لها أثر يدخله أحد، بل الموجود أرض جديدة. ومع ذلك فإن تورع أحد عن زيارته قاصداً تمام البعد عن كل موضع ظن أنه حل به عقاب من الله متأولاً قوله تعالى: "وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ" [إبراهيم:45] فأرجو أن لا يكون في فعله بأس. وإنما الحذر كل الحذر مما يحصل في السياحة من تعرٍ واختلاط الرجال والنساء وتساهل في الحرمات وتعاطي للمحرمات، ونحوها من أنواع المعاصي، فهذه هي المواضع التي يتجنبها كل عاقل حريص على سلامته، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

ضوابط ضرب الوجه

ضوابط ضرب الوجه المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 19/5/1424هـ السؤال ما هي ضوابط الضرب في الوجه عند التدريب بالرياضة، أو عند اللقاء مع من يهجم عليك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد: الإسلام كرم الإنسان ودعاه للمحافظة على خَلْقه وخُلْقه، وألا يعرض أعضاء البدن إلى التشويه والتغيير المخل بأصلها، ومن أهم هذه الأعضاء الوجه، لذا نجد بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى الزوج أن يضرب زوجته على وجهها ضرباً مبرحاً"، وهو الذي يترك أثراً على الوجه، لذا يجب على المسلم أن يلتزم بأحكام الإسلام، وألا يضرب غيره ضرباً مبرحاً مخلاً بالخلقة، وخاصة المحسوس المشاهد من الأعضاء، ومن أهمها الوجه، والرياضة ينبغي أن تكون قواعدها وشروطها موافقة لأحكام الإسلام، أما عند الهجوم فالهجوم إما أن يكون من عدو صائل أو في لعبة رياضية، فإذا كان من عدو يريد أن يعتدي عليك أو على ما تملك فلك أن ترده بأي وسيلة ميسورة أنت قادر على الرد بها، لأنه معتد ظالم، أما إذا كان الهجوم في لعبة رياضية فلا بد من أن تكون لها قواعد وضوابط، ومن هذه القواعد حماية أعضاء الإنسان من التلف أو التشويه أو التعطيل، ومن أهم هذه الأعضاء الوجه، لأن الإسلام دعانا للمحافظة على خلق الله - عز وجل -، هذا والله أعلم بالصواب.

العمل في الفرق الموسيقية

العمل في الفرق الموسيقية المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 28/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخي العزيز.. زوجي يعمل في إحدى الفرق الموسيقية التي تحيي الأفراح في شوارع مصر ونواديها، ويعتبر مكسبنا ومطعمنا من هذا الربح، ويعلم الله أننا لا نصرف هذا المال فيما يغضب رب العزة، فهل صحيح أنه لا تقبل لنا صلاة ولا عمرة ولا زكاة ولا عقيقة ولا أضحية من هذا المال؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أما بالنسبة لقبول الصلاة فإن الصلاة والصيام وغير ذلك من الأعمال البدنية هذه مقبولة عند الله عز وجل، وأما بالنسبة لطعامكم من هذا المال المحرم فإن هذا لا بأس به، وإثمه على الكاسب وهو زوجك، وأما بالنسبة لتصدق زوجك من هذا المال فإنه غير مقبول، لأن الله عز وجل لا يقبل إلا طيباً كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي أخرجه مسلم (1015) : "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً"، فعليك مناصحة زوجك بالتي هي أحسن، وبيان أضرار الكسب المحرم وإثمه عند الله عز وجل، وكثرة الدعاء واللجوء إلى الله عز وجل بأن يهيئ له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، وأما بالنسبة لصدقتك أنت من مال الزوج فإنها مقبولة عند الله -عز وجل-.

مشاركة الشيعة في المسابقات الرمضانية

مشاركة الشيعة في المسابقات الرمضانية المجيب يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 20/12/1424هـ السؤال لدينا في مدينتنا مركز إسلامي, يقوم عليه جمع من أهل السنة السلفيين بعضهم ممن طلب العلم عند الشيخ ابن باز -رحمه الله- أقاموا في المدينة مسابقة رمضانية رصدوا لها جوائز قيمة (حج وعمرة....) قيمة هذه الجوائز جمعت من المحلات التجارية في المدينة المملوكة لمسلمين، مقابل وضع إعلان لهم في كتيب هذه المسابقة، فكانت نسبة المعلنين كالتالي (90% سنّة مقابل 10% شيعة) مع العلم أن أغلب المحلات العربية في المدينة يمتلكها شيعة رفض بعض المسلمين في المدينة المشاركة في المسابقة أو توزيعها أو الترويج لها أو حتى بيعها؛ بحجة أن هناك إعلانات للشيعة بها (إعلانين لمطعمين فقط) هل مثل هذا الموقف ينبغي؟ ما رأي فضيلتكم إذا اتخذ مثل هذا الموقف بعض القائمين على المراكز الإسلامية؟. الجواب الدلالة على المشروع مشروع، والدلالة على الممنوع ممنوع. فإذا كانت هذه المطاعم تقدم أكلاً شرعياً وخالياً من الخمور وسهرات الموسيقى وغيرها من الممنوعات الشرعية مثل الترويج لمذهبهم الرافضي، أو توزيع منشوراتهم فلا أرى مانعاً، قال - عليه الصلاة والسلام -: "الدال على الخير كفاعله" صححه الألباني في السلسلة رقم: (1660) ، وقال كذلك: "من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله" رواه مسلم (1893) من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه-. فما دام يجوز أكل ذبائح أهل الكتاب في مطاعمهم فمن باب أولى عند هؤلاء، كما أن مساهمتهم في هذا المشروع ضئيلة لا تزيد عن عشرة في المائة، فأرى أن الشبهة القليلة تتلاشى وسط الخير المشروع. أما إذا كانوا يستعملون هذه الأماكن للدعاية لمذهبهم بأي وسيلة من الوسائل فلا يجوز. وعلى الإخوة في المستقبل أن يجنبوا أنفسهم الشبهات وسوء ظن إخوانهم بهم، فقد بني دين الإسلام على بضعة أحاديث منها قوله - صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي - رضي الله عنهما - وعلى حديث: "الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثيرُ من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -.

ألعاب الدفاع عن النفس

ألعاب الدفاع عن النفس المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 26/1/1425هـ السؤال أخبرني أحد الإخوة بأن مدرب (الكونغ فو) يجعلهم ينحنون بشكل يشبه إلى حد ما الركوع عند سماع الأذان، ويعتبر هذا من تعظيم تلك الشعيرة، ومن ثم يتابع معهم التدريب، ما رأيكم في ألعاب الدفاع عن النفس؟ وهل لها أصول دينية عند الصينيين أو غيرهم؟ ومدى شرعية مزاولتها والاشتراك في المسابقات الخاصة بها؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فتعظيم الأذان بالركوع بدعة، وإنما تعظيمه بترديده مع المؤذن امتثالاً لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن" متفق عليه البخاري (611) ، ومسلم (383) . والتدرب على ألعاب الدفاع عن النفس عمل مشروع، لما فيه من بناء الجسم البناء السليم، والمؤمن القوي في جسده داخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم (2664) وغيره: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير". ومتى ما احتسب تدربه في مرضاة الله، ونوى أن يتقوى بها على طاعته فهو مأجور على ذلك إن شاء الله. وإن نوى بذلك أن يتقوى على ما يسخط الله من الاعتداء والظلم فهو مأزور، وإنما الأعمال بالنيات. ولا أدري هل لهذه الألعاب أصول دينية عند الصينيين أم لا. والاشتراك في مسابقاتها مشروع، بشرط ألا يؤخذ من المتسابق مالً (رسوم اشتراك في المسابقة) ، لأن الجائزة حينئذ تكون من أموال المتسابقين، وهذا صريح القمار، لأن كل متسابق يدفع أجر الاشتراك ومآله متردد بين احتمالين لا ثالث لهما: إما أن يغنم أموال غيره، وإما أن يغرم ما دفعه. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

لعبة الطاولة عبر الإنترنت

لعبة الطاولة عبر الإنترنت المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 15/5/1424هـ السؤال ما حكم لعبة الطاولة عبر الإنترنت ولعبة الشطرنج؟ الجواب الحمد لله، وبعد: فالمعروف أن لعبة الطاولة هي النرد الذي ورد فيه التحريم، كما في صحيح مسلم عن بريدة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه" رواه مسلم (2260) من حديث بريدة -رضي الله عنه-، والنردشير هو النرد وهو لعبة الطاولة، وثم أحاديث أخرى في النهي عنه، وقد نص كثير من العلماء على تحريمه. وأما الشطرنج فكذلك أكثر أهل العلم على تحريم اللعب بها، وقد روى البيهقي في السنن الكبرى (10/212) عن علي -رضي الله عنه- أنه مر على قوم يلعبون بالشطرنج فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون. وهذا الحكم أعني التحريم عند أكثر أهل العلم هو إذا خلت كل من النرد والشطرنج من المخالفات الشرعية، ومن أعظمها أن تكون على عوض فتكون قماراً فهي محرمة بالإجماع كما نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذلك لو اشتملت على ترك الصلاة وسوء ذات البين. كما أن هذا الحكم لا يختلف بكون الشطرنج والطاولة على الحقيقة أو على جهاز الحاسب أو عبر الإنترنت، والمسلم مأمور أن يحفظ وقته من الضياع، وكما قال الفاروق -رضي الله عنه-: إذا لهوتم فالهوا بالرمي، وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض. رواه البيهقي في السنن الكبرى (6/209) وغيره. فإذا أراد المسلم أن يروح عن نفسه فليكن بما فيه فائدة من مسابقات ثقافية أو مسابقة على الأقدام أو بالرماية أو على الخيل أو نحو ذلك مما له فائدة للجسم أو العقل. ومن ادعى أن الشطرنج لها فائدة عقلية فغير مسلّم، إذ لا حقيقة لها بل هي تبني الخيال، والله أعلم.

هدف النشيد الإسلامي

هدف النشيد الإسلامي المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 2/7/1423هـ السؤال ما الهدف من النشيد الإسلامي؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن النشيد ضرب من ضروب الترويح ويعشق هذا اللون من الترويح الصغار والنساء، وهو -ما لم يُلهِ عن واجب ولم يأكل الوقت- مباح، وغيره أنفع منه، لكن مشارب الناس مختلفة، وكل ميسر لما خلق له، والله -سبحانه- أورث الكتاب ثلاثة أصناف فالمقصر مورَث للكتاب وكذلك الظالم لنفسه أيضاً، فعلى المسلم الاعتدال والإنصاف والإعذار لمن خالفه كما هو نهج أتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وألا يجعل من هذه القضايا تصنيفاً للفاعل، ومجالاً للصخب وقطعاً للحق الثابت ومنع المخالف حق الأخوة، والله أسأل أن يصلح القلوب والبواطن ويحمي من الهوى والردى، كما أني أذكر أخي بالانشغال بهموم الأمة الكبار وإعطاء مثل هذه المسائل ما تستحق، والله أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد.

ممارسة الرياضة للمرأة

ممارسة الرياضة للمرأة المجيب عبد الله بن عبد الوهاب بن سردار خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 29/4/1423 السؤال أريد أن أعرف هل ممارسة الرياضة بالنسبة للسيدات حرام، خاصة لعبة التنس؟ مع العلم أنه يتم التدريب مع مدرب رجل وفي مكان مفتوح. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي المسلمة: كم هو جميل أن تحرص المسلمة على السؤال عن الحكم الشرعي لكل ما هو موجود في واقعها حتى تعيش حياتها بطريقة ترضي ربها وخالقها. جعلك الله من الصالحات الناجحات في جميع المجالات. الجواب: إن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- سابقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسبقته مرة وسبقها مرة أخرى انظر: أحمد (24118) وابن ماجة (1979) وابن حبان (4691) وأبو داود (2578) ، وهذا يدل على أن الرياضة في أصلها مباحة للنساء. فلو أن المرأة مارست الرياضة دون حصول أي ممنوعات شرعية لكان فعلها جائزاً مثل: أن تمارس التمرينات في بيتها؛ لتقوية بدنها دون وجود محاذير شرعية. لكن الواقع الآن أن كثيراً من النساء يمارسن الرياضة مع حصول عدد من الممنوعات الشرعية فتكون الرياضة في مثل هذه الحالة غير جائزة، أي أنها تكون حراماً، فممارسة الرياضة بالشكل الموجود اليوم يؤدي إلى التكشف المحرم شرعاً، فالشريعة تأمر بالتستر عن الرجال الذين ليسوا محارم لها، كما أن الرياضة الموجودة اليوم تؤدي إلى الاختلاط المحرم بين الرجال والنساء سواءً أكانوا من اللاعبين أو المدرب أو الإداريين أو المشجعين، والله أعلم.

زيارة مدائن صالح

زيارة مدائن صالح المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 01/05/1424هـ السؤال ما حكم زيارة مدائن صالح بالتفصيل، والدليل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: لما مر النبي - صلى الله عليه وسلم- بالحجر قال لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين، ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي" فهذا الحديث فيه دلالة على النهي عن دخول ديار الأمم المعذبة إلا على حال من الخوف والوجل والتفكير المورث رقة القلب والاعتبار بحالهم وما حل بهم لما خالفوا أمر ربهم، قال ابن حجر في الفتح: " وفي الحديث ... الزجر عن السكنى في ديار المعذبين، والإسراع عند المرور بها وقد أشير إلى ذلك في قوله تعالى (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم) أ. هـ وقد كان الإمام أحمد رحمه الله يكره الصلاة في مواضع الخسف والعذاب. وعليه فلا يجوز دخول ديار الأمم التي حل بها العذاب بقصد النزهة والسياحة ونحوه لما في ذلك من مخالفة نهي النبي - صلى الله عليه وسلم- كما تقدم، بل ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- النهي حتى عن مجرد الانتفاع بمائها كما جاء في بعض الروايات أن الصحابة - رضوان الله عليهم - أخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم- أنهم قد استقوا من مائها وعجنوا منه، فأمرهم أن يهريقوا ذلك الماء، ففي الحديث الذي أخرجه الشيخان من طريق ابن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها فقالوا قد عجنا واستقينا فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهريقوا ذلك الماء) هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

إقامة مرفأ سياحي على شاطئ تظهر فيه المحرمات

إقامة مرفأ سياحي على شاطئ تظهر فيه المحرمات المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 10/7/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، اشترى رجل - قبل أن يلتزم بدين الله عز وجل - أرضاً بشاطئ البحر في ألبانيا بسعر السوق يومئذ، ولم يبن عليهاِ شيئاً، لأن الشاطئ لم يقصد من الزوار لأسباب متعددة منها النظافة والبناء والأسعار والاقتصاد الضعيف في البلد وغير ذلك من الأسباب. ولكن اليوم أصبح يقصد المصطافون الساحل المذكور لقضاء الأيام الصيفية الحارة ويستريحون فيه، وبدأ البناء والعِمارة فيه بكثافة. ومن المعلوم اليوم كيف يجلس المصطافون في السواحل ويقضون أيامهم تلك حتى في البلاد العربية، وخاصة أن الأغلبية في البلد (في ألبانيا حيث الساحل المعهود) لا يلتزمون بقوانين الشريعة الإسلامية في اللباس والمشي والاختلاط وغير ذلك رغم انتماء الأكثرين إلى الإسلام، بل ولا يبالون بكثير من المعاصي مثل الموسيقى والرقص والتجرد من الثياب (كشف العورة عند النساء خاصة) وشرب الخمور إلخ ما يرتكبون من المعاصي، لكن لو يبني صاحب الأرض المشتراة في شاطئ البحر فندقا أو مطعما أو فندقا ومطعما في نفس الحين لحصل على أرباح وفيرة. فمصلحته المادية المستمرة تكون في تطوير الأرض والبناء عليها ليربح سنويا، وليست مصلحته في بيع الأرض والتخلي عنها. والسؤال: هل يجوز له أن يبني فندقا ومطعما في الساحل خاليا من المحرمات؟ بل مخصِّصا غرفة للصلاة لتقوم مقام المسجد في الساحل بغض النظر عن قصد الزبائن والزوار وفي هيئاتهم الشكلية خلال جلوسهم والسكن في الفندق، أو يعدّ ذلك من باب التعاون على الإثم والعدوان باعتبار معاصي المصطافين التي يرتكبونها خارج الفندق والمطعم خلال موسم الصيف. إن كان لا يجوز البناء عليها والربح منها فهل يجوز بيعها (أي بيع الأرض) عندئذ؟ علما بأن من يشتريها يفعل ذلك لأجل البناء عليها والربح منها. أفيدونا بما فيه المصلحة في الدنيا والآخرة، وجزاكم الله عنا خيرا. الجواب يجوز أن يبني صاحب هذه الأرض عليها فندقاً أو مطعماً خالياً من المحرمات، بل يبيع الحلال من مطعم ومشرب وبعض الكتيبات وأشرطة الكاسيت ونحوهما مما تدعو إلى الفضيلة، وما يرتكبه الناس خارج الفندق أو المطعم من المحرمات لا يلحقه بسببه إثم، لأن الله يقول: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الأنعام: 164] ، ويقول: "كل نفس بما كسبت رهينة" [المدثر: 38] ، ومعاملة الكافر بالبيع والشراء جائزة لا شيء فيها، فالعاصي والفاسق جواز معاملته من باب أولى، وعليك يا أخي أن تحرص على نفع الزبائن ودعوتهم إلى الإسلام وأخلاقه بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالأسلوب المناسب مع هؤلاء الناس، وأحب لهم ما تحبه لنفسك، إذا فعلت هذا وفقك الله ورزقك من حيث لا تحتسب، وفق الله الجميع إلى كل خير.

حكم لعبة (البلاي ستيشن)

حكم لعبة (البلاي ستيشن) المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 9/9/1424هـ السؤال أريد جواباً واضحاً ومفصلاً عن حكم لعبة انتشرت انتشاراً كبيراً وهي ما يسمى السوني بلاي ستيشن؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إن هذه اللعبة مثلها مثل التلفاز، لكنها لا فائدة فيها، ولكن الضرر مختلف، وهي تستهدف الأطفال، فإذا كانت طبيعة الألعاب أن بها ما يخالف الإسلام من شركيات أو ما يخالف العقيدة الإسلامية أو الأخلاق الإسلامية، فهي لا تجوز، أما إذا كانت لا تحتوي على شيء من ذلك فأقل عيوبها هو إضاعة الوقت، حيث إن كثيراً ممن يستخدمونها -كما هو مشاهد- تصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، وعن الواجبات الشرعية الأخرى من بر الوالدين وصلة الرحم والقيام بمصالحهم الدنيوية والأخروية، وعليه فلو خلت من محرم فإن الحكم يعود على طبيعة الاستخدام، فإن صَرَفَتْ عن الواجب أصبحت محرمة، وإن صرفت عن مستحب فهي مكروه، وإن خلت من كل ذلك فهي مباحة ,والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الموسيقى في العروض العسكرية

الموسيقى في العروض العسكرية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 6/12/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: سؤالي هو: جندي في القوات المسلحة يقول نقوم بين فترة وأخرى بعروض عسكرية، ولا تخلو هذه العروض من الموسيقى، فما حكم المشاركة في هذه العروض؟ مع العلم أنها إجبارية، ومن يتأخر فإنه عرضة للجزاء الرادع. وجزاكم الله خيراً ونفع بكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الموسيقى التي تستخدم عادة بالعروض العسكرية ليست كغيرها من أنواع الموسيقى الأخرى من حيث رقة الصوت الداعي إلى اللهو والفحش والرذيلة، بعكس الموسيقى العسكرية المتسمة بالجد والخشونة والرهبة، وإن كانت الموسيقى بأنواعها كلها داخلة في معنى المعازف والمزامير التي جاءت النصوص الشرعية بالنهي عنها، غير أن الموسيقى العسكرية تختلف عن غيرها من حيث الهدف والقصد والتأثير على السامعين، ولا أعرف أحداً من العلماء نص على تحريمها بعينها مع قدم ظهورها في عصرنا الحاضر في المملكة العربية السعودية، حيث عرفت في عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله- مما يقرب من مائة سنة، علم بها العلماء والمشايخ وربما شهدها بعضهم مع الملك، ولم ينقل عن أحد منهم فيها شيء مع حرصهم على النصيحة والإنكار لما هو أقل من شهرتها، ولو أنكروها لنقل ذلك، ولعل سكوتهم عنها حمل لها على طبول الحرب، المتعارف عليها بالجواز عند المسلمين في جميع الأقطار، وقد سألت سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله- عن حكم الموسيقى العسكرية، وهل نقل عن أحد من العلماء في عهد الملك عبد العزيز شيء فيها؟ فقال: لا أعلم في ذلك شيئاً، وأقول: ما دمت كارهاً لها فجزاك الله خيراً ولا شيء عليك إن شاء الله؛ لأنك مجبر عليها بحكم عملك. والله أعلم.

صناعة ألعاب الكمبيوتر

صناعة ألعاب الكمبيوتر المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 25/7/1424هـ السؤال أعمل في صناعة ألعاب الكمبيوتر، وعملي يتطلب مني اختلاق صور شخصيات تشبه البشر، فما هو حكم الشرع في مثل عملي هذا؟ أرجو الإحاطة فإنني أمارس هذا العمل منذ مدة طويلة، فأقوم بتصميم صورة وشخصيات لألعاب الكمبيوتر، وهذا هو المجال الوحيد الذي أتقنه، أرجو تبيين الحكم، لأن ذلك يقلقني منذ مدة طويلة، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: نشكر اهتمامك وحرصك على أن تكون أعمالك موافقة للشرع، وما يتعلق بالتصوير فقد جاء النهي عنه في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة، والوعيد الشديد لمن فعله كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون" رواه البخاري (5950) ، ومسلم (2109) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وجاء تعليل النهي بمضاهاة خلق الله تعالى أو بتعظيم الصور وتقديسها؛ ولذا أجاز عليه الصلاة والسلام إبقاء الصور مهانة على الفرش، كما صح في حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - فيما رواه البخاري (5954) ، ومسلم (2107) لأنها ليست معظمة، وأجاز كثير من أهل العلم الصور الفوتوغرافية إذا لم تكن معظمة، لأنها حبس للظل وليس فيها مضاهاة لخلق الله، وأما الصور المرسومة التي تحاكي صور البشر فأغلب العلماء على أنها داخل النهي المحرم؛ لأنه إنشاء للصورة، وعليه فهي داخلة في الوعيد، أما الصور الكرتونية التي ليست على هيئة أحياء أو مقطوعة الرأس أو دون تفاصيلها فلا حرج فيها، أما إذا كانت رسماً ومشابهة للأحياء فإن المتعين ترك ذلك مرضاة لله تعالى، والتحول إلى رسومات لغير الأحياء، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] ، نسأل الله تعالى لك التقوى والتوفيق والله أعلم.

المشاركة في المباريات بمكة المكرمة

المشاركة في المباريات بمكة المكرمة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 23/10/1424هـ السؤال هل يجوز للاعب كرة القدم أن يشارك بمباراة كرة قدم تقام في مكة المكرمة؟ وما هي الحدود المسموح له فيها؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب يجوز للاعب الكرة أن يشارك في المباريات التي تقام بمكة بشرط أن يكون مسلماً، إلا إذا كان الملعب خارج حدود الحرم فلا يشترط ذلك. ويجب على اللاعب أن يستر عورته، والفخذ عورة لا يجوز إبداؤها لأحد إلا للزوجة، حيث لا عورة بينها وبين زوجها، ويجب عليه أن يحافظ على الصلوات في أوقاتها، وأن يؤديها جماعة حيث أمر الله. واعلم أن احتراف لعبة من الألعاب بحيث يصبح جل وقت الإنسان مصروفاً في التدرب على تلك اللعبة لا يجوز، لما فيه من تضييع الأوقات فيما لا منفعة فيه في الآخرة، بل فيه الضرر البين في الدين، وحال المحترفين للعب شاهدة بهذا. ولا يجوز له أن يشترك في المباريات التي تكون جوائزها من أموال اللاعبين، بحيث يدفع كل لاعب أو كل فريق رسوماً للاشتراك في الدوري، فهذا من القمار المحرم وهو داخل في الميسر الذي أمرنا الله باجتنابه في قوله: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" [المائدة:90] . وفقك الله لكل خير وجنبك سبل الشيطان واستعن بالله واشغل وقتك بما يفيدك في دينك أو دنياك، ولا يلهيك عن ذكر الله لعب ولا لهو، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل يجوز لي التجارة بهذه اللعبة؟

هل يجوز لي التجارة بهذه اللعبة؟ المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 10/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. أعمل في مجال (برمجة - تصميم) الألعاب، وأستخدم شخصيات (ثلاثية الأبعاد) صنعها غيري فما الحكم هنا؟ مع العلم أن اللعبة تحتوي على نصائح ومواضيع دينية، وأنها لا تحتوي على أي نوع من الأغاني والموسيقى، وأضيف أنني المعد والمخرج للعبة بشكل كامل، بما يعني حرية التغيير كيفما أشاء، وأضيف أيضاً أن الشخصيات لم ترسم بشكل متقن فلم توضع إلا لتجسيد القصة لا أكثر، فهل يجوز لي التجارة بهذه اللعبة علماً بأن الشخصيات مجانية فأحصل أنا على كامل الربح، - جزاكم الله خيراً-. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن سعود الحليبي (وكيل عام جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالإحساء) . الجواب: أخي الكريم: سلام الله عليك.. أما بعد: فكم نحن اليوم محتاجون إلى اختصاصك هذا، فإن أطفال المسلمين لا يزالون مشدوهين من الألعاب التي تصمم لهم من الشرق والغرب، ولاسيما الألعاب الأمريكية التي تمجد الرجل الأمريكي، وتعده المنقذ لهذا الكون، أو اليابانية التي تبشر بأن الرجل الياباني هو الذي يستحق الاحترام، وأنه هو رجل المستقبل في العالم، كما أن العنف، والعري، والاستهتار بالقيم، والعبثية هي التي اكتنفت أهداف تلك الألعاب، بل إن الألعاب ثلاثية الأبعاد أصبحت في أمريكا الآن فرصة لتعليم أطفالهم مهارات إدارية وقيادية مبهرة، وإن المفيد منها لا يصدَّر إلينا، بينما يصدِّرون لنا ما كان سلبي الغاية والوسيلة، ولي في هذا بحث مرتبط بأفلام الكارتون، أرجو أن يرى النور قريبا، ً فينفع الله به المسلمين، فلذلك كله فإني أشد على يدك أن تستمر في برنامجك، وقد لمست من سؤالك أنك تراعى الله -تعالى-، وتتقيه فيما تصنع، وتجهز من ألعاب، "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب"، وإن التقنية الحديثة لتتيح لك أن تتنبه للضوابط الشرعية التي أشرت إلى عدد منها، ولا يخفى عليك أيضا أن تحرص على ألا تبقي ذا روح إلا جعلت في تصميمه ما لا يمكن أن يعيش معه لو كان حقيقة، كفصل الرقبة بطريقة فنية ذكية، أو نحو ذلك، ولكن يبقى أن تتنبه للمضمون بأن يكون بناء صالحاً مصلحاً، مثيراً للعبقرية والذكاء والإبداع. وفقك الله لكل ما فيه الخير لأمتك.

رياضة كمال الأجسام

رياضة كمال الأجسام المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 5/11/1424هـ السؤال أريد استفساراً حول حكم لعبة كمال الأجسام؛ لأني أملك قاعة لذلك، مع العلم أن فيها موسيقى وصوراً، فهل الأموال التي أتحصل عليها حلال أم حرام؟ وشكراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الإسلام يحث على كل ما فيه كمال للعقول والأجسام؛ لما في ذلك من المصالح الدينية والدنيوية، وما يتعلق بما يسمى لعب كمال الأجسام وما يصاحبها من أمور، فالكلام عليه كما يلي: أولاً: ما في هذه اللعبة من رياضة وقوة وصحة ولياقة ونشاط هو أمر مطلوب، بل يؤجر عليه إذا أحسن القصد، وهو نافع لمصالح الدنيا ولمصالح الآخرة، إذا استفيد منه لعبادة الله -تعالى- ونصرة دينه، أو للتقوي على منافع الدنيا المباحة. ثانياً: لا ينبغي للمسلم أن يمارس هذه اللعبة كما يفعل الآخرون للعرض والمباهاة وصرف أنظار الناس إليه، بل يحرم ذلك إذا تضمن كشف العورات، وإثارة الفتن، لا سيما أن بعض ما يعرض يكون عاماً للنساء والرجال. ثالثاً: إذا تضمنت اللعبة ما يضر بالأبدان من تمارين شاقة لمجرد نمو العضلات فإن الإسلام يحرم كل ما فيه ضرر للأبدان. رابعاً: ما يتعلق بما يصاحبها من موسيقى وصور فإن الموسيقى لا تجوز، وقد قال الله -تعالى-: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث" [لقمان:6] ، قال كثير من المفسرين ومنهم الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أنه الغناء، وروى البخاري (5590) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف"، أما الصور فإذا وضعت معظمة ومعلقة فإن ذلك منهي عنه، أو تضمنت كشف العورات أو ما يثير الفتنة. خامساً: إذا حرم أمر حرم أخذ ثمنه، وإننا نشكر السائل على حرصه على الحلال، وننصحه بتقوى الله تعالى، واستخدام تلك القاعة بما يرضي الله سبحانه وتعالى، وما أباحه الله فيه سعة ولله الحمد، ولا مانع من بقائها للرياضة إذا خلت مما حرم الله. هذا والله أعلى وأعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الألعاب الشعبية (الفلكلورية)

الألعاب الشعبية (الفلكلورية) المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 10/05/1425هـ السؤال ما حكم إقامة الألعاب الشعبية (الفلكلورات) في المدارس عند عدم وجود الآلات الموسيقية أو الدف؟ وهل يصح الاستدلال بما فعله الأحباش في المسجد عندما نسأل هذا السؤال؟. الجواب يجوز إقامة الألعاب الشعبية (الفلكلورات) في المدارس، وفي غيرها؛ استدلالاً بلعب الأحباش بالحراب في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بشرط أن تخلو من المحرمات؛ كالموسيقى، والتشبه بالنساء، وتعريض النفس للتهلكة، (وأكثر ما يكون هذا في الألعاب البهلوانية) ، وألا تلهي عن ذكر الله وعن الصلاة. والله أعلم.

احتراف كرة القدم

احتراف كرة القدم المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 01/05/1426هـ السؤال ما مدى جواز الاستفادة من لعب الكرة من حيث التعاقد والمكافآت عن الفوز؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: أما احتراف لعبة من اللعب الرياضية -ككرة القدم ونحوها- فلا يجوز؛ لأمرين: أولاً: اللعب وسيلة ترفيه وتسلية، واحترافها يجعلها غاية تستغرق أكثر وقت المسلم، فهو مظنة صده عن ذكر الله وعن الصلاة. ومن المعلوم من واقع المحترفين للعب أنهم يقضون جل وقتهم في التدريب واللعب، ووقت المسلم أشرف من أن يضيع في مثل هذا. ثانياً: أن الشرع يحض على العمل وعمارة الأرض، وينهى المسلم عن أن يكون غالب وقته اللعب واللهو. واحترافه بأن يجعل اللعب وظيفة يسترزق منها يخالف هذا أتم المخالفة، فليس هو من كسب اليد، ولا من عمارة الأرض، ولا في صالح المسلمين، وإنما هو أكل المال باللهو واللعب. وأما أخذ الجوائز عند الفوز، ففيه تفصيل: فإن كانت الجوائز مقدمة من جهة خارجية غير المتسابقين (سواء كان المتسابقون أنديةً أو أفراداً) فيجوز أخذها. وإن كانت الجوائز مجموعةً من أموال المتسابقين (سواء كانوا أنديةً أو أفراداً) فلا يجوز أخذها، ولا المشاركة في المسابقة أصلاً؛ لأنها قمار. وللتوضيح أكثر، إذا دخل المتشاركون في المسابقة والمباريات بالمجان، أي من غير أن يدفعوا رسوماً، أو يغرموا قيمة الجوائز -لو خسروا- فالمسابقة جائزة، وإلا فلا. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.

عرائس الأطفال

عرائس الأطفال المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 15/3/1425هـ السؤال ما الحكم في تصنيع عرائس لمسرح أطفال بغرض توجيه الأطفال وإيصال دروس تربوية وإسلامية؟ مع العلم بأن العرائس بسيطة ومن القماش، وليست دقيقة الصنع ولا الملامح. الجواب الحمد لله: تصنيع هذه العرائس وبيعها مبني على حكم هذه (العرائس) هل هي جائزة أم لا؟ وقد وردت جملة من الأحاديث في الصحيحين وغيرهما فيها المنع من التصوير ولعن المصوّر، والأمر بطمس الصور، والإخبار بتعذيب المصورين، وغيرها من الأدلة التي ورد فيها التغليظ في التصوير. وقد اختلف أهل العلم قديماً وحديثاً في المراد بالتصوير الوارد في هذه الأحاديث، هل المراد بالأحاديث تصوير ذوات الأرواح مطلقاً؛ أم أن المراد به تصوير المجسمات ذوات الظل فقط؟ كما اختلفوا أيضاً فيما يستثنى من أحاديث النهي عن التحريم، ومما اختلفوا فيه لعب الأطفال هل هي داخلة في هذا النهي أم أنها مستثناة من النهي؟ والذي يظهر لي ـ والله أعلم ـ أنها مستثناة من هذا النهي؛ للأدلة التالية: ما رواه البخاري (4130) أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تلعب بالبنات عند النبي - صلى الله عليه وسلم-. وعند أبي داود (4932) وغيره عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك أو خيبر.. وذكرت أنه رأى بناتاً لها وفي وسطهن فرس له جناحان. وفي الصحيحين البخاري (1960) ، ومسلم (1136) عن الرُّبيّع بنت معوذ أنهم كانوا يصوّمون صبيانهم يوم عاشوراء ويجعلون لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطي تلك اللعبة. وقد يقال: إن حديث الربيع ليس فيه دليل على أن تلك اللعب كانت من ذوات الأرواح، لكن يبقى حديث عائشة نص في ذلك، لأنها -رضي الله عنها- ذكرت أن تلك اللعب كانت بناتاً وفرساً، ولو لم تكن صوراً فكيف يعلم أنها بنت أو فرس. كما أن أمثال تلك اللعب تساعد على تربية الأولاد ـ خاصة البنات ـ وتعوّدهن على تربية الأولاد منذ الصغر، والمشاهد أن البنت إذا كان لها لعبة من هذه اللعب تتخذها كالبنت لها، وتحافظ عليها وتعتني بها، وفي هذا الأمر مسلك تربوي مهم، وهو تعويد تلك الفتيات على تربية الأبناء منذ الصغر، إلى غير ذلك من الفوائد التربوية لهذه اللعب. والقول باستثنائها من أحاديث النهي عن التصوير هو رأي الجمهور. وقد اختلف العلماء المعاصرون ـ أيضاً ـ في هذه (العرائس) الحديثة هل هي داخلة في الأحاديث الدالة على الجواز أم لا؟ وسبب استشكالهم دخولها في أحاديث الجواز: هو أن التصنيع الحديث لهذه اللعب يكون فيه التصوير دقيقاً حتى قد يخيّل للناظر من أول وهلة أن هذه الدمية حية. ولكن الذي أراه - والعلم عند الله - أن دقة التصوير لا أثر له في الحكم، والعلماء الذين استثنوا هذه الدمى من النهي عن التصوير إنما استثنوها. لأنها صور، ولو لم تكن صورة لم تكن داخلة في النهي حتى يمنع منها، ولهذا فإن هذه الدمى لو لم تكن للأطفال كانت محرمة، وعلى ذلك فدقة التصنيع لا أثر له في الحكم. ولكن لا بد من استثناء ما لو كانت هذه الدمى تتضمن أمراً محرماً كما لو كان فيها نغمات موسيقية، أو كان تصويرها على وضع مخلٍّ بالأخلاق، ونحو ذلك. وإذا تقرر ما سبق فإن الحكم بالنسبة لك الجواز، خاصة وأنك قد ذكرت أن تلك (العرائس) ليست دقيقة الصنع. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

اللعب بالدومينو

اللعب بالدومينو المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 9/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم اللعب (بالدومينو) للتسلية؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن النفس البشرية بطبيعتها تحتاج إلى الراحة بعد التعب، وتحتاج إلى الترفيه واللهو المباح لتستجمّ به وتنشط إلى أداء أعمالها، وقد روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال:" إني لأستجم نفسي بشيء من الباطل غير المحرم فيكون أقوى لها على الحق ". (قضايا اللهو والترفيه - مادون رشيد ص132) . والدين الإسلامي العظيم الشامل لجميع جوانب الحياة، الملبي لجميع احتياجات النفس البشرية اشتمل على ما يحقق للنفس فوائد الترفيه واللهو المباح، ففي قصة يوسف عليه السلام ورد على لسان إخوته قوله تعالى: "أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [يوسف:12] ، وقال القاضي أبوبكر بن العربي:" اعلم وفقك الله أنه ليس في ذلك اللعب كبير مأخذ، فإن الرجل يلعب بفرسه وبأهله وبأسهمه حسبما ورد في الخبر، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجابر حين تزوج ثيباً:" هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك" البخاري (2097) ، ومسلم (715) .. ولعب الإخوة إنما كان على وجهين: إما مسابقة على الأرجل وإما مسابقة بأسهم، لقوله تعالى:"إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ" [يوسف:17] وليس في ذلك مأخذ بحال" ((نقلاً عن قضايا اللهو والترفيه - مادون رشيد ص72)) . وفي السنة النبوية عن عائشة رضي الله عنها قالت:" والله لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو "رواه البخاري (5190) ومسلم (892) (التربية الروحية في الإسلام -أحمد عبد العزيز أبوسمك ص 43-44) ، وفي رواية المسند ورد قول النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث:" لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وإني أرسلت بالحنيفية السمحة". وقال ابن حجر في الفتح:" وأخرج النسائي من طريق عامر بن سعد، عن قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاريين قال:" إنه رُخِّص لنا في اللهو عند العرس" وصححه الحاكم. (9/226) . وقد ثبتت في السنة ألوان من الترفيه واللهو المباح كالمسابقة بالأقدام والخيول والمصارعة والرمي بالسهام والمداعبة والممازحة ونحو ذلك مما هو معلوم، ونستحضر هنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم العظيم الذي يشمل التوازن في جوانب الحياة كلها في قول سلمان لأبي الدرداء:" إن لنفسك عليك حقاً، وإن لربك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً، فاعط كل ذي حق حقه " فأقره النبي صلى الله عليه وسلم وقال:" صدق سلمان" رواه البخاري (1968) والترمذي (2413) .

وقد نص علماء المسلمين على أهمية جانب الترويح المباح وفائدته في التربية، فقد أشار الغزالي إلى ذلك بقوله:" وينبغي أن يؤذن له - أي الصبي - بعد الانصراف من الكُتّاب أن يلعب لعباً جميلاً يستريح إليه من تعب الكتب بحيث لا يتعب في اللعب، فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه إلى التعلم دائماً، يميت قلبه، ويُبطل ذكاءه، وينغّص عليه العيش حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه رأساً ". وقال ابن مسكويه:" وينبغي أن يؤذن له - أي الصبي - في بعض الأوقات أن يلعب لعباً جميلاً، ليستريح إليه من تعب الأدب ولا يكون في لعبه ألم ولا تعب شديد". وقال ابن جماعة:" ولا بأس أن يريح نفسه - أي المتعلم - وقلبه وذهنه وبصره إذا أكل شيئاً من ذلك أو ضعف، بتنزه وتفرج في المتنزهات بحيث يعود إلى حاله ولا يضيّع عليه زمانه، ولا بأس بمعاناة المشي ورياضة البدن به، فقد قيل إنه ينعش الحرارة ويذيب فضول الأخلاط وينشّط البدن "، (التربية الروحية في الإسلام -أحمدعبد العزيزأبوسمك ص 44-46) . ومع بيان أصل الحل والمشروعية في الترفيه واللهو المباح فإنه ينبغي معرفة جملة من الأمور وهي: 1- أهمية الوقت والعمر: إن العمر قصير، والوقت ثمين، والإسلام يجلي أهمية الوقت، ولزوم اغتنامه، ويحدد وجوه الانتفاع به، فالله تعالى يقول: "وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً" [الفرقان:62] ، وإذن فالحياة والعمر ينبغي أن يشغل بالذكر والشكر، والله سبحانه وتعالى يقول: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات:56] فهذه غاية الحياة التي ينبغي أن يستغل فيها الوقت ويستثمر، والمصطفى صلى الله عليه وسلم يكشف عن الخسارة الفادحة في تضييع الوقت بقوله:" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ" رواه البخاري (6412) ويأتي التذكير والتحذير منه فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أعذر الله إلى امرئ أخّر عمره حتى يبلغ الستين" البخاري (6419) ، وكلنا يعلم أننا بين يدي الله موقوفون، وعن أوقاتنا وأعمالنا مسئولون كما قال صلى الله عليه وسلم:" لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن علمه ما عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه"رواه الترمذي (2417) ، فالوقت إذن أثمن من أن يضيع في غير ما ينفع.

2- أهمية الجد والعمل: والإسلام يحث على العمل فالحق جل وعلا يقول:"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" [التوبة:105] ، ويبين أثر العمل في الجزاء بقوله:" هل تجزون إلا ما كنتم تعملون" [النمل:90] وقوله:"هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" [الرحمن:60] ، وما أكثر الآيات التي تقرن بين الإيمان والعمل الصالح، ويضاف إلى ذلك أن الجد في العمل وتحمل المسؤولية أمر مهم فالله جل وعلا يقول: "يايحيى خذ الكتاب بقوة" [مريم:12] ويقول:"خذوا ما آتيناكم بقوة" [البقرة:63] ، والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"رواه مسلم (2664) ، ويحث على الجدية والاتقان فيقول:" إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" رواه البيهقي في شعب الإيمان (4/334) ، ويبين استمرارية العمل إلى آخر لحظة في العمر فيقول:" إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم إلا أن يغرسها فليغرسها " رواه البخاري في الأدب الفرد (479) وأحمد (12902) ، فالمسلم منقلب بين عمل دينه ودنياه في جد وعزم لأن الله جل وعلا يقول: "فإذا فرغت فانصب" [الشرح:7] . 3- أهمية النفع والإنتاج: المفهوم الإسلامي يوضح أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأنها ممر والآخرة مقر، وأن المسلم عليه أن يعمل لأخراه، وأن يحقق النفع في دنياه، وأن يحسن عمارة الدنيا وقيادة الحياة:"وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه" [الجاثية:13] ، "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" [الملك:15] ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحث على النفع العام فيقول:" ما من مسلم يغرس غرساً " البخاري (2320) ، ومسلم (1552) فأمتنا الإسلامية اليوم متأخرة عن غيرها في العلم والعمل والإنتاج، لتفريطها في اغتنام الأوقات، والجد في الأعمال، فحري بكل مسلم أن لا يضيع وقته، أو يقصر في عمله، أو يقلل من إنتاجه. وفي ضوء ما سبق فإن الترفيه واللهو إن كان مباحاً فينبغي أن يراعى فيه ما يلي: 1- أن لا يشغل عن عبادة وطاعة واجبة بتضييعها أو تأخيرها. 2- أن لا يستغرق أوقاتاً طويلة تضيع سدى دون فائدة. 3- أن لا يتخذ ديدناً وعادة يفرغ لها وقت دائم ومنتظم. 4- أن لا يشغل عما هو أولى منه وأكثر أهمية في تحقيق المصالح الدينية والدنيوية. 5- أن لا يصاحبه محرمات كالرهان والقمار أو السباب والخصام ونحو ذلك. وأما بالنسبة للسؤال عن الدومينو فإن كان المقصود بها اللعبة المشهورة باسم (الضومنة أو الدومنة) التي فيها قطع بيضاء كل واحدة مقسومة إلى قسمين فيها نقاط سوداء تبدأ من الصفر وتنتهي إلى ستة فهذه اللعبة على الطريقة المعتادة فيها ليست محرمة، وفيها بعض الذكاء للوصول إلى الفوز، كما أن فيها مع الذكاء التعاون للوصول إلى الفوز، في حالة لعب أربعة أشخاص كل اثنين منهم فريق. وإما إن كان المقصود بالدومينو اللعبة التي فيها مربعات وقطع محددة ذات لونين لكل لاعب لون وتتحرك هذه القطع في مسار قطري يكون الفوز لصاحب القطع التي تأكل أو تخرج القطع الأخرى شيئاً فشيئاً حتى تخرجها جميعاً ففي هذه اللعبة ذكاء وتيقظ والذي يظهر أنه لا حرمة فيها.

وأما إذا اقترن باللعبة - على كلا المعنيين السابقين - رهان كأن يقال المهزوم يدفع كذا وكذا من المال فهذا حرام، أو تفرض أمور غير لائقة أو فيها ضرر كأن يقال المهزوم يخلع ثيابه أو يبقى واقفاً ونحو ذلك فهذا يدخل في دائرة المكروه لاشتماله على إيذاء المسلم أو إهانته، وكذلك إذا اشتملت اللعبة دائماً على نزاع وخصام وسب وشتم ونحو ذلك فالمنع لأجل هذه الأمور. وعلى العموم فالمسلم صاحب الرسالة وحامل الأمانة ومبلغ الدعوة لا ينبغي أن ينشغل بهذه الألعاب ولا أن يضيع وقته فيها وعليه - إن كان ولا بد - أن يقتصر على أقل ما يمكن ليحصل له الترفيه ويقبل على العمل والجد والانشغال بمعالي الأمور وحمل همّ الأمة والحماس لإصلاح الأحوال. وأخيراً نذكر بأن أعداءنا والمتأثرين بهم من أبنائنا قد بالغوا في الترفيه واللهو بتنويع وسائله وتكثير برامجه وتطويل أوقاته فضلاً عن اشتماله - في الغالب - على المحرمات الكثيرة، وأصبحت صناعة الترفيه - وخاصة في القنوات الفضائية - مالئة الدنيا وشاغلة الناس، فضيعت أوقاتهم وأفسدت أخلاقهم وبددت طاقاتهم، وقد تزايدت هذه الوسائل وتفننت في الإغراء والإغواء والابتكار الذي يجذب إليها ويشغل بها، والمسلم ينبغي له أن يجتنب كل محرم ويترفع على كل تافه من الأمور والاهتمامات. والحمد لله رب العالمين ونسأل الله جل وعلا أن يهدي الجميع إلى سواء السبيل.

المشاركة في الألعاب الأولمبية

المشاركة في الألعاب الأولمبية المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 1/3/1425هـ السؤال ما حكم المشاركة في الألعاب الأولمبية من جهة أن أصل الألعاب عيد يوناني كما قرأت في مجلة البيان، وأتمني أن يكون الجواب مدعوماً بقاعدة أقيس عليها ما شابهها. ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالمشاركة في الألعاب الأولمبية لا يظهر لي جوازه؛ لأوجه: الأول: أن الأولمبياد في الأصل وحدة لفترة زمنية في اليونان القديمة مدتها أربع سنوات، تبدأ كل وحدة منها بالألعاب المذكورة، وهي تتضمن تكريم الآلهة والأبطال المزعومين، (الموسوعة العربية الميسرة ص271) ، وهذه الألعاب عادت للظهور منذ عام 1896م في أثينا بعد دعوة البارون الفرنسي (بيمر كويرتان) ، وهي تشبثه بتلك الاحتفالات المبنية على العقائد الفاسدة من حيث طريقة الاحتفال وإيقاد النار إلى غير ذلك. الثاني: أن كل عيد لم يرد الشرع به فلا يسوغ للمسلم الاحتفال به، والعيد هو اسم لما يتكرر من الاجتماع على وجه معتاد فيشمل هذه الاحتفالات الأولمبية، قال -تعالى-: "والذين لا يشهدون الزور" [الفرقان:72] قال بعض السلف الزور أعياد المشركين والكفار، ولما وجد النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل المدينة يحتفلون بأعياد، قال إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر" سنن أبي داود (1134) ، بسند صحيح، فالأعياد مهما كان مبررها من شرع الله، لا يجوز الزيادة فيها ولا النقص. الثالث: أن في مثل هذه الألعاب من المنكرات الظاهرة والمفاسد الكبيرة التي لا تخفى من كشف العورات وظهور النساء، وحصول التعصبات، وانشغال القلوب عن المراد الأعظم ونحوها من المفاسد. ولذا فإنه لا يظهر لي جواز المشاركة فيها، والله الموفق، والهادي لا إله إلا هو.

النشيد الوطني في مدرسة إسلامية

النشيد الوطني في مدرسة إسلامية المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 25/1/1425هـ السؤال السلام عليكم. جاء مدير جديد لمدرسة خاصة بالمسلمين هنا في كندا، وقد أعلن عن عزمه تقديم النشيد الكندي الوطني، وهو شيء غير موجود حتى في المدارس الحكومية الكندية، وقد اعترض بعض الآباء على ذلك مستغربين أن يكون ذلك في مدرسة إسلامية فقط، وقد تحدى هذا المدير المسلمين بأن يقدموا دليلاً على تحريم إنشاد النشيد الوطني في المدرسة الإسلامية. أرجو بيان حكم هذا الفعل. وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فإذا كان النشيد الوطني المذكور لا ترافقه آلات موسيقية، ولم يتضمن معنى محرماً، وأنشده الكنديون، فإنه لا يظهر لي وجه لتحريمه، وذلك لأنه شعار للبلد، ومحبة البلد والعناية بشعارها ليس محرماً، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- عن مكة: "إنك لأحب بلاد الله إلى الله ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت" الترمذي (3926) ، وأحمد (18242) وصححه الألباني، وهذا بشرط ألا يحمل على عصبية أو غلو. كما أن التشبه بالكفار الذي قد يكون في تقديم هذا النشيد لا يظهر لي أنه مقتض للتحريم، إذ إن المقيم ببلاد الكفار لا يؤمر بمخالفة المشركين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لو أن المسلم بدار الحرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر" اقتضاء الصراط المستقيم (176) . ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم- في أول الأمر يخالف الكفار؛ بل لم يشرع ذلك إلا بعد ظهور الدين وعلوه. وبعدما سبق فإني أنبه إلى أن هذا النشيد وإن لم يظهر لي أنه محرم فإني لا أحب ما فعله المدير المذكور، وذلك أن فعله يدل على المهانة والاستضعاف المخالفين للحال المطلوبة من المسلم من الاعتزاز بالدين، إلا إذا كان الحامل له خوفه من حصول ضرر بالمدرسة. وفق الله الجميع لهداه. وصلى الله على محمد وآله.

قصيدة البوصيري (البردة)

قصيدة البوصيري (البردة) المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 25/06/1425هـ السؤال ما حكم حفظ قصيدة البوصيري؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قصيدة البوصيري فيها خطأ وفيها صواب، فإذا أٌدرك الخطأ من الصواب وميز بينهما، فلا بأس بحفظها، وأما إذا اعتقد بأن حفظها عبادة لله وقربة، فلا يجوز حفظها حينئذ؛ لما فيها من الغلو في حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والتجاوز الذي لا يرضاه الله -تعالى- ولا رسوله- صلى الله عليه وسلم- كقوله: يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به *** سواك عند حدوث الحادث العمم. فهذه مجازفة، ولا يجوز مثل هذا الكلام؛ لأن هذا يدخل في الشرك. والله أعلم.

الشعر العامي ... وصوت المرأة

الشعر العامي ... وصوت المرأة المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 27/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. من المعلوم أن اللغة العربية والتكلُّم بها من شعار الدين، وينتشر في بلادنا الكثير من شعراء العامية يتناول شعرهم أغراضاً مختلفة، وتجد لأشعارهم قبولاً كبيراً في أوساط الناس، ترى ما هو الموقف الشرعي الذي يجب اتخاذه من هذه الظاهرة؟ بمعنى هل يجوز للمسلم أن يشجِّع مثل هذا اللون من الشعر العامي، أو يسعى لنشره بين الناس، أو يقول هو الشعر العامي بغرض استخدامه وسيلة دعوية لمخاطبة الناس بلهجتهم، أم لا يجوز بحجة أن في ذلك إضعافاً لمكانة اللغة العربية، وحداً من تعزيزها في ألسنة الناس حتى يتكلموا بها؟.. أفتونا مأجورين. تقام في الأوساط النسائية لدينا فعاليات دعوية كالحفلات واللقاءات العامة، وتخلل برامج تلك الفعاليات قراءة القرآن الكريم والأنشودة المعبرة، والمشهد المسرحي، والمسابقة والكلمة التوجيهية، مع العلم أن كل هذا يتم بواسطة استخدام مكبر الصوت (الميكرفون) وحينها تسمع أصوات النساء إلى مسافة بعيدة، ويحتج من يقوم على هذه الفعاليات على عمله بأن عدد النساء كبير، ولا بد من استخدام مكبر الصوت؟ ما هو قول الشارع فيما سبق ذكره؟ نرجو الإجابة بالتفصيل مع إيراد الأدلة الشرعية وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نشكر السائل على ما تفضل به من أسئلة دالة على غيرته على دينه ولغته، وقد أجاب بنفسه حيث إن الواجب تشجيع اللغة العربية وهي لغة القرآن الكريم "إنا أنزلناه قرآناً عربياً" [يونس: 2] وبدونها لا يفهم الوحي المنزل، ولا كلام المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بل ولا التراث العربي الإسلامي من أقوال الصحابة الكرام والعلماء الأجلاء. ويسعى المستشرقون والأعداء لإحياء اللهجات المحلية، وإضعاف اللغة العربية في مسعى لإضعاف مصادر الدين الإسلامي وتفريق المسلمين. والشعر العامي إنما يستخدم في أضيق الحدود وداخل بيئاته، لاسيما إذا كان يحقق وسائل دعوية من نشر الفضيلة ومكارم الأخلاق. وما يتعلق بحفلات النساء فالمرجع في ذلك تحقيق المصلحة التي جاء بها الإسلام "يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر" [الأعراف: 157] ، فإذا كان في تلك الحفلات خير وهداية وغلب عليها المعروف - كما أشار السائل- فلا بأس باستخدام مكبرات الصوت لإيصال الصوت دون تجاوز ذلك إلى إيذاء الناس بالمكبرات، يقول تعالى: "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثما مبيناً" [الأحزاب: 58] ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" رواه ابن ماجة (2341) ، وأحمد (2719) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، ودون فتنة الرجال بأصوات النساء، وقد أمر الله المؤمنات بالحياء وعدم الخضوع بالقول إذا سمعهن الرجال "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض" [الأحزاب: 32] ؛ كل ذلك حفظاً لطهارة القلوب ودرءاً للمفاسد. نسأل الله -تعالى- لإخواننا كل خير، وأن يوفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

الموقف الشرعي من الشعر النبطي

الموقف الشرعي من الشعر النبطي المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 14/7/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من المعلوم أن اللغة العربية والتكلم بها من شعار الدين، وينتشر في بلادنا الكثير من شعراء العامية، يتناول شعرهم أغراضًا مختلفة، وتجد أشعارهم قبولاً كبيرًا في أوساط الناس، ترى ما الموقف الشرعي الذي يجب اتخاذه من هذه الظاهرة؟ بمعنى: هل يجوز للمسلم أن يشجع مثل هذا اللون من الشعر العامي، أو يسعى لنشره بين الناس، أو يقول هو الشعر العامي بغرض استخدامه وسيلة دعوية لمخاطبة الناس بلهجتهم؟ أم لا يجوز بحجة أن في ذلك إضعافًا لمكانة اللغة العربية، وحدًّا من تعزيزها في ألسنة الناس حتى يتكلموا بها. أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالقاعدة التي يرجع إليها حكم الشرع في الشعر كله، فصيحه وعاميه، أن حكمه حكم سائر الكلام، فما كان حقًّا أو موصلاً لحق أو نفع فهو حسن، وما كان بضد ذلك فهو قبيح حرام، قال تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ) ] الإسراء: من الآية53 [. وذم الله تعالى- الشعراء إذا اتصفوا بقول غير الحق فقال: (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ* أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ *وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ *إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا) ] الشعراء: 224-226 [. ولقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم شعراء ينافحون عنه، ويذبون عن عرضه، كحسان بن ثابت وكعب بن مالك، رضي الله عنهما- بل أنشدوا الشعر بين يديه وفي مسجده، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم لحسان رضي الله عنه، أن يكون روح القدس معه إذا هجا الكفار. أخرجه البخاري (3531) ومسلم (2490) . ولا شك أن للشعر تأثيرًا في النفس يمكن استغلاله في دعوة الناس للخير والمعروف، ولكن نشر الشعر العامي (غير الفصيح) ليس بمحبب إذا أمكن الاستغناء عنه؛ لأن المحافظة على اللغة العربية ونشرها مطلب شرعي، وقد كان السلف يؤدبون أولادهم على اللحن، وقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بتحريم الزجل، وهو ضرب من الشعر العامي غير الفصيح؛ لما فيه من إفساد اللسان العربي، وأما إذا لم يمكن الاستغناء عنه فلا حرج في هذا اللون من الشعر، وقد جاء الشرع بتبليغ معاني الدين ومعاني كلام الله بترجمتها لغير العربية لمن لا يحسنها، والمهم هو إيصال الخير بالطريقة المناسبة غير المحرمة في نفسها، والخلاصة أنه لا مانع من إنشاء الشعر غير الفصيح واستماعه لمن لا يحسن الفصحى مما فيه نفع وفائدة. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

نظم القصائد النبطية

نظم القصائد النبطية المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 17/04/1425هـ السؤال أنا شاب مستقيم -ولله الحمد-، ولي جدولي في حفظ القرآن الكريم، وطلب العلم، ومجتهد في ذلك، ومن المنتظر أن أصبح -بإذن الله- مفتي لقريتي الصغيرة، بعد طلب العلم، إلا أنني أجد في نفسي موهبة كبيرة في قرض الشعر، خصوصاً ما كان يؤدى منه بالأصوات (الشعر الجنوبي) ، وأحاول أن أنظم قصائد دينيةً، واجتماعية هادفة، وكذلك نتسلى به مع بعض الإخوان في بعض المجالس في حدود المباح، إلا أنني أحياناً أحس بأن ما أجده وأفعله لا يليق بطالب العلم، وأحس أنني يجب أن أجتنبه, المهم أنني في حيرة منه، أريد منكم الرأي والمشورة، وشكر الله سعيكم على هذا الموقع الطيب. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فموهبة نظم الشعر العربي نعمة، يستغلها الموفق في الخير، كما كان بعض الصحابة- رضي الله عنهم- وأئمة الإسلام الأعلام إذا لم يشغله عن ذكر الله، وقراءة القرآن، أما إذا أشغله فهو مذموم، عن ابن عمر - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً" متفق عليه البخاري (4155) ومسلم (2257) . قال الحافظ ابن حجر: (مناسبة هذه المبالغة في ذم الشعر أن الذين خوطبوا بذلك كانوا في غاية الإقبال عليه والاشتغال به، فزجرهم عنه؛ ليقبلوا على القرآن، وعلى ذكر الله -تعالى- وعبادته ممن أخذ من ذلك ما أمر به لم يضره ما بقي عنده من سوى ذلك) انتهى انظر الفتح (10/566) ، أما إذا استعمل في المغالبات التي توقع في العداوة والبغضاء، أو كان فيه ترغيب في الفواحش، أو تهييج لها كان محرماً. وأما الشعر النبطي المؤدى باللسان العامي المغير لما عرفه العرب، وهو الذي يسميه الفقهاء بالأزجال فهو مكروه؛ لأن فيه إفساداً للسان العربي، وتغييراً لما أمر بإصلاحه من التخاطب بالعربية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: (كان السلف يؤدبون أولادهم على اللحن، فنحن مأمورون أمر إيجاب أو أمر استحباب أن نحفظ القانون العربي، ونصلح الألسن المائلة عنه، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنة، والاقتداء بالعرب في خطابها) ، وقال عن الأزجال: (هذا الكلام الموزون فاسد مركباً أو مفرداً؛ لأنهم غيروا فيه كلام العرب وبدلوه..) مجموع الفتاوى (32/252) . وعليه فأرى -لأخي السائل- تجنب النظم العامي إلا لحاجة والاكتفاء بالفصيح في الأغراض الطيبة ما دام طالباً للعلم حريصاً عليه، وليكن في مسائل العلم شغل له عن غيرها. والله الموفق.

قراءة الزوجين للقصص الجنسية

قراءة الزوجين للقصص الجنسية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 25/10/1425هـ السؤال هل يجوز لي ولزوجتي أن نقرأ معًا قراءة أو تصفح القصص الجنسية بدون الصور وذلك على سبيل الإثارة والتسلية؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا أرى هذا، فعماد القصص الجنسية على الوصف والتخييل، وقد تقرأ من أوصاف النساء في القصة التي تعجبك وتثيرك ما لا تجده في زوجتك، فيحملك على الزهد فيها أو التشرُّف لغيرها، أو يشغل عقلك وتفكيرك ما قرأته من صفات النساء في القصة أو الرواية، كما أن هذه القصص والروايات تصور العلاقات المحرمة على أنها علاقات عاطفية (رومانسية) ، ولقاءات حب عذري راق، وتجعل من الحرام حلالاً، وأمرًا بدهيًّا طبعيًّا، فتبدو هذه العلاقات المحرمة والتي هي طريق الزنا في عين القارئ في أبهى صورة وأجمل حلة، وتزين في عينه، ويتشوفها قلبه، وقد يقع هذا للمرأة كما وقع للرجل، ولا تنس أن الكاتب (القاص) أو (الروائي) يصور المرأة في قصصه وروايته في أشد الصور إثارة وأكثرها إغراء مما يرغبه الرجال من الصفات في المرأة. زيادة على ما في هذه القصص والروايات من تضييع الأوقات التي أنت مسؤول عنها يوم القيامة، وإذا كان قصدكما من قراءتها الإثارة والتسلية والمتعة فلماذا لا تكون الإثارة ذاتية تتبادلانها متشخصة في ذواتكما، فيقصد كل منكما إثارة صاحبه بالتزين له باللباس المثير، والحركات المغرية، والكلمات المهيجة، والمفاجآت الجميلة، وما الذي يمنع زوجتك أن تفعل عندك ما تفعله عند النساء في الأعراس فتشبع رغبتك، وترضي نفسها وميولها، فليست النساء في الأعراس بأولى منك بذلك. أخي الفاضل: إن لديكما من سبل الإثارة الكثير الكثير، والأمر لا يحتاج سوى أن تجددا طرق الإثارة بينكما وتبتكرا وسائل أخرى نابعة من ذواتكما، وتجرِّبا طرقًا لم تطرقاها من قبل، فذلك أحرى أن يؤدم بينكما وأن تستعفا عن الحرام. وفقك الله وجعل زوجتك قرة عين لك، ورزقكما الذرية الصالحة، وأغناكما بحلاله عن حرامه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الرياضة البدنية والإنفاق عليها

الرياضة البدنية والإنفاق عليها المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 26/10/1425هـ السؤال أود أن أعرف حكم الرياضة البدنية وممارستها وإنفاق الدول مبالغ كبيرة لتدريب لاعبيها ليصبحوا محترفين، ودخول هؤلاء اللاعبين مسابقات دولية مع باقي أقرانهم في دول العالم للتنافس فيما بينهم, ما التنظيم والحكم الشرعي لمثل هذه الأمور في الإسلام؟ وهل هناك رياضات إسلامية أخرى يجوز ممارستها؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، وبعد: فقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم- على المؤمن القوي، وأخبر أنه خير من المؤمن الضعيف. انظر صحيح مسلم (2664) . ويدخل في هذا القوي في بدنه، ومن هنا يقال إن ممارسة الرياضة البدنية قصدًا لتقوية البدن مستحبة ما لم تُلْهِ عن ذكر الله وعن الصلاة، وإنفاق الدولة على إنشاء أماكن مخصصة للرياضة البدنية جائز في الأصل، ولكنه اليوم انحرف عن أهدافه الصحيحة الفاضلة، وأصبحت الألعاب الرياضية موقعًا للتشاحن والتباغض، وسببًا ملهيًا عن ذكر الله وعن الصلاة، وصارت آثامها أكبر من منافعها، وجعلت الأندية الرياضية معقدًا للولاء والبراء يناقض ويزاحم الولاء والبراء الشرعي، وحال الأندية الرياضية اليوم من السوء بحيث لا يخفى، وأصبح إنفاق الدول عليها إنفاقًا في إذكاء العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، كما أن احتراف اللاعبين في لعبة من الألعاب تكسُّب للمال غير مشروع؛ فاللهو واللعب ليس محلاًّ للتكسب في الإسلام.

أما الرياضات التي يجوز ممارستها: فالقاعدة أن الأصل في الأشياء الحل حتى ترد الحرمة ويرد الحظر، ولن أحصي عدَّ الرياضات المباحة؛ لأن إعمال هذا الأصل يقتضي أن كل رياضة مباحة ما لم يداخلها أمر محرم، أو كانت منهيًا عنها لذاتها. فمثلًا: الملاكمة رياضة محرمة لما فيها من الإضرار بالآخرين، ولأنها تعتمد غالبًا لَكْمَ الوجه، والرسول صلى الله عليه وسلم- نهى عن ضرب الوجه، وقال- كما في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه: "إذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبْ الوَجْهَ". أخرجه البخاري (2560) ومسلم (2612) ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم. ولما في هذه الرياضة من العنف والإيذاء والإضرار، وكذلك: مصارعة الثيران، والتي اشتهرت بها إسبانيا، فهي محرمة؛ لما فيها من إيذاء الحيوان وتعذيبه- وقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ". أخرجه مسلم (1955) - وإلقاء النفس إلى التهلكة. وكذلك سباق السيارات المحموم - إن كنت تعده من الرياضات- والذي لا يخلو غالبًا من حوادث خطيرة في ميدان السباق، ويعتمد السرعة الشديدة مما يؤذن بتحريم الدخول فيها؛ لما فيه من تعريض النفس للهلكة. وكذلك تحرم كل مسابقة رياضية أو غيرها إذا كانت الجائزة من أموال المشتركين؛ لما فيه من القمار، وضابطه أن يخرج المتسابق من المسابقة إما غارمًا- أي خاسرًا- لما دفع من رسوم الاشتراك في المسابقة وإما غانمًا لمال غيره من المشتركين في حالة فوزه بالجائزة.

حضور المسلم على الشاطئ العام

حضور المسلم على الشاطئ العام المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 09/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا مسلم جديد وأحب كثيرًا الذهاب إلى شاطئ البحر للاستجمام مع عائلتي، لكنني لم أذهب هناك منذ أن اعتنقت الإسلام، هل يجوز لي الذهاب لمثل هذا المكان ما دمت أرتدي ملابس محتشمة؟ (علما بأن شاطئ البحر فيه أناس يرتدون ملابس السباحة وهو مكان عام للجميع) . الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما الشواطئ التي تنكشف فيها عورات الرجال والنساء فلا يجوز لك إتيانها ولو باللباس المحتشم الساتر؛ لما في ذلك من الفتنة بالنساء والاطلاع على العورات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "اتَّقُوا النِّساءَ؛ فإنَّ أوَّلَ فِتْنةَ بني إِسْرائِيلَ كانتْ في النِّساءِ". أخرجه مسلم (2742) ، وأما الشواطئ التي لا ترى فيها هذه المناظر المخلة فلا شك في جواز قصدها والسياحة فيها. والله أعلم.

الأجراس المعلقة بالأبواب

الأجراس المعلقة بالأبواب المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 16/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. هناك قطعة حديدية تباع في الأسواق تعلق عند باب البيت مثلاً، ولها سلاسل وقطع حديد صغيرة معلقة فيها، وعندما يهب الريح عليها تتحرك القطع الصغيرة وتحدث أصواتًا جميلة لها نغمات، هل يجوز استخدامها، أم أنها مثل أجراس لدعوة الشياطين؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن كانت على هيئة وصفة المزامير ذات الإيقاعات، ووضعت بطريقة فنية لهذا الغرض فهي نوع من المعازف، والحكم على المقاصد، ولا عبرة بالوسائل والآليات، وإن كانت لغرض طرد الشياطين أو جلبهم أو التوقي منهم فهي من الوسائل الشركية، وباختلاف قصد الفاعل يختلف حكمها من شرك أصغر أو شرك أكبر، أو وسيلة إليهما، وإن خلت من هذه الأمور كلها وسلمت من تلك المقاصد فلا يظهر لي بها بأس- إن شاء الله. والله أعلم.

إنشاد المدائح النبوية في الأعراس

إنشاد المدائح النبوية في الأعراس المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب التاريخ 04/11/1426هـ السؤال شاع عندنا في الأعراس إنشاد ما يُسمى بالأهازيج الدينية من المدائح النبوية، وهناك من يقول: إنها حرام، فما ردكم على هذا الموضوع؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالغناء في الأعراس والفرح بها محمود، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حثَّ على ذلك، لكن الدف فقط، ولا يمنع أن تكون القصائد مدحاً للنبي -صلى الله عليه وسلم- أو بياناً لفضائل الأخلاق. ففي حديث تزويج اليتيمة التي في حجر عائشة، -رضي الله عنها- وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني قالت: تقول ماذا؟ قال: "تقول: أتيناكم أتيناكم *** فحيونا نحييكم لولا الذهب الأحمر *** ما حلت بواديكم ولولا الحبة السمراء *** ما سمنت عذاريكم". وعلل لذلك بقوله: "فإن الأنصار يعجبهم اللهو". أخرجه الطبراني في الأوسط (3265) ، وأصله في صحيح البخاري (5162) ، وانظر فتح الباري (9/225-226) . وأخرج النسائي (3383) من طريق عامر بن سعد عن قرظة بن كعب، وأبي مسعود الأنصاريين، قال: (رخص لنا في اللهو عند العرس) . والحديث صححه الحاكم (2805) ، بنحوه. وأخرج الترمذي (1088) ، والنسائي (3369) من حديث محمد بن حاطب -رضي الله عنه- مرفوعاً: "فصل ما بين الحلال والحرام الضرب بالدف". والله أعلم.

التصوير والتمثيل

أنواع التصوير المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 27/6/1422 السؤال كثيراً ما نسمع، ونقرأ أسئلة حول حكم الصور الفوتوغرافية، ولكن لم أجد إجابة شافية حول استخدام الصور في غير الحاجة، وغير المجسمات من كراهية، أو تحريم، أو إباحة. الجواب حكم الصور والتصوير يحتاج إلى تفصيل نلخصه في التالي: 1- الرسم اليدوي لذوات الأرواح كالإنسان، والحيوان، والطيور محرم بأدلة صحيحة صريحة، منها: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من صوّر صورة في الدنيا، كلّف بأن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ)) متفق عليه. وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)) متفق عليه، وغيرها من الأدلة. 2- صنع التماثيل المجسمة لذوات الأرواح داخل من باب الأولى في التصوير، وله حكمه في التحريم واستحقاق الوعيد. 3- الصور التي يلعب بها الأطفال، ويتعلمون بها جائزة؛ للحديث الصحيح في لعب عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((كنت العب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي ... الحديث)) أخرجه البخاري (6130) ومسلم (2440) ؛ ولأنها وسيلة إيضاح وتعليم، ثم هي ممتهنة في أيدي الأطفال، غير معظمة ولا مصانة. 4- أما التصوير الفوتوغرافي فقد اختلف فيه فقهاء العصر بين مجيز ومانع، ولعل الأقرب أنه غير داخل في التصوير المنهي عنه؛ لأنه لا ينطبق عليه وصفه، وبينهما من الفروق ما لا يخفى على متأمل، ولذا فالراجح جوازه؛ لأن معنى المضاهاة فيه غير موجود، وإنما هو حبس للظل كانعكاس الصورة على المرآة. ومثل ذلك أيضاً التصوير بآلة التصوير الفلمي (الفيديو) . ويراجع لبسط أكثر كتاب (أحكام التصوير في الفقه الإسلامي) لـ: محمد بن أحمد علي واصل. والله أعلم.

التمثيل في التلفزيون

التمثيل في التلفزيون المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 5/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم التمثيل في التلفزيون في دور قصير وهامشي؟ أي مجرد أن يظهر هذا الشخص في الصورة أو أن يمشي أو يقول جملة واحدة، وكذلك في الدعايات الإعلانية بالنسبة للشاب المسلم الذي يعيش في بلد أجنبي، وما حكم المال المقبوض لقاء ذلك؟ هل هو حلال أم حرام؟ أرشدوني وساعدوني ساعدكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد.. بالنسبة للتمثيل ففيه خلاف بين أهل العلم، فمن منعه فإنما بناء على ما فيه من الكذب والخديعة بالمشاهد، لا سيما الإعلانات التي يسأل عنها السائل، كما أن واقع أكثر التمثيليات لا تخلو من أمور محرمة؛ كظهور النساء بغير حجاب، والذي أمر الله به النساء أمام أفراد الرجال، فضلاً عن الظهور أمام عشرات الآلاف، ومن مصاحبة الغناء المحرم؛ فضلاً عما تهدف إليه بعض التمثيليات مما جاء الشرع بخلافه؛ من دعوة للرذيلة والفاحشة ونبذ للحياء. ولا شك أن هذا الأمر لا ينبغي أن يكون فيه خلاف بين العلماء، فما كان كذلك فلا يجوز فيه التمثيل. أما التمثيل المجرد الذي يخلو من المحرمات فهو والله أعلم مباح، وليس من قبيل الكذب، ولا يتضمن خديعة للمشاهد، بل هو مثل ما يصوره الشعراء، وما يحكيه الرواة، وما يتمثل به في الأمثال، وقد تمثل النبي - صلى الله عليه وسلم- بالطفل الرضيع الذي يمص ثدي أمه بمص إصبعه عليه السلام، انظر: البخاري (3436) ، ومسلم (2550) ، كما تمثل بأحد الأنبياء الذي رفع يديه بعد أن آذاه قومه وقال:" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" انظر: البخاري (3477) ، ومسلم (1792) . فما كان كذلك وخلا من المحرمات فهو مباح، وكذلك الحال بالنسبة للدعاية إذا لم يكن فيها كذب أو تغرير. وإن كان التمثيل فيه حق وعلم ودعوة إلى الخير وإلى الفضيلة وتأثير إيجابي على المشاهد فهو مطلوب مرغوب، بل هو من وسائل الدعوة إلى الخير. أما الظهور على التلفزيون فأكثر أهل العلم على أنه لا يدخل في التصوير المحرم، كالنحت والرسم؛ لأنه ليس من قبيل مضاهاة خلق الله، وهي علة التحريم، بل هو انعكاس لحقيقة الصورة كانعكاسها على الماء أو المرآة، وبالله التوفيق.

التعليم عن طريق الصور المحرمة

التعليم عن طريق الصور المحرمة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 19/1/1424هـ السؤال أدرس اللغة الإنجليزية في معهد أمريكي وهو من أقوى المعاهد إن لم يكن أقواها، ومن ضمن مناهج تدريسه الفيديو حيث يعرضون بعض الأفلام التعليمية والتي تحتوي على نساء متبرجات وأحياناً متفسخات، فهل يجوز لي النظر في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الدراسة في المؤسسات التعليمية القوية في مجالها أمر يحرص عليه ويتمناه كل من يرغب في الاستزادة العلمية، وتوسيع أفقه المعرفي، والتعليم حق كفلته الشريعة الإسلامية وسبقت غيرها إليه، ولكن شرف العناية يقتضي شرف الوسيلة، أيضاً فلا يجوز في ديننا التوسل لتحصيل الغايات النبيلة بالوسائل الخسيسة، وقد استقر عند علماء المسلمين اعتماداً على أدلة الشرع ومقاصده أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولما كان النظر إلى أمثال هذه المناظر من المفاسد المحققة لمخالفته للشرع "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً" [الإسراء: 36] ، ولا ضر أضر بالإنسان في دنياه بشغل ذهنه بالتفكير فيما يراه من صور، وربما قاده ذلك إلى ما لا تحمد عقباه، فإن حضور هذه الدروس التي تعرض الصور الفاحشة محرم شرعاً، وإذا استطعت الإفادة من الدراسة بدون حضور هذه المادة فلا بأس وإلا فإنه يتعين عليك البحث عن بديل صالح حتى ولو كان أقل من جودة المعهد الذي ذكرته، وسيعوضك الله خيراً.

حكم التمثيل

حكم التمثيل المجيب د. عبد العزيز بن محمد الحميدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 6/9/1422 السؤال ما حكم التمثيل بالمسرح في المجال الدراسي (نشاط) ، سواء بالمدرسة، أو في الكلية، أو في الجامعة، مع العلم أنه بالضوابط الشرعية، والهدف منه طرق المشاكل الطلابية وأعضاء التدريس مع الطلاب، أو قضايا اجتماعية؟ أرجو أن يكتب اسم المفتي على سؤالي. الجواب التمثيل فيه محذور جعل بعض العلماء يتوقف في جوازه، وهو أنه من قبيل الكذب، ولكن إجراء بعض المشاهد التعبيرية لإيصال فكرة ما إلى أذهان المشاهدين لا يدخل عندي في باب الكذب، بل هو من باب المحاكاة لتصوير قصة حصلت، أو تقريب فكرة معنوية بطريقة حسية، والمحاكاة من هذا الباب جائزة، بل قد فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - لتصوير أمر، أو قصة حصلت للسامعين له والناظرين إليه. في (صحيح البخاري) عن عبد الله بن مسعود، قال: كأني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " (4/214) . وفي (صحيح البخاري) أيضاً: عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال كانت امرأة ترضع ابناً لها من بني إسرائيل، فمرًّ بها رجل راكب ذو شارة، فقالت: اللهم اجعل ابني مثله، فترك ثديها، وأقبل على الراكب، وقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديها يمصه، قال أبو هريرة كأني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمص إصبعه. (4/202) . قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) عند هذا الموضع (كتاب أحاديث الأنبياء) باب قول الله: "واذكر في الكتاب مريم ... " [مريم: 16] . فيه المبالغة في إيضاح الخبر بتمثيله بالفعل " هكذا قال، وكأنه يفتي جواباً على هذا السؤال. ولكن لا ينبغي التساهل في هذا ليصبح التمثيل هدفاً بحد ذاته، أو لغرض المتعة واللعب فقط، فهذا لا يفعله المسلم، والله أعلم.

معالجة الصور العارية

معالجة الصور العارية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 29/3/1423 السؤال أنا طالب جامعي اقترح علي الأستاذ المشرف على مشروع تخرجي مشروعاً يتطلب معالجة صور عارية لأغراض منعها من الظهور على الحواسيب المتضمنة البرنامج الذي أنوي عمله. السؤال: ما الحكم في رؤيتي لتلك الصور إذا كان هذا المشروع جائزاً أصلاً؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: نشكر السائل على حرصه على السلامة في دينه -كما هو ظاهر من سؤاله-، وهذا المشروع مفيد -كما هو ظاهر-، ويترتب عليه فائدة عامة، وهذا ما نرجوه، بل هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعليه فإنه يتحمل المفاسد التي يتضمنها في حال غلبة المصالح، وهذا ما أتت به الشريعة من تحصيل المصالح ودرء المفاسد وتحمل المفاسد القليلة في سبيل تحصيل المنافع الكثيرة، وتحمل أدنى المفاسد في سبيل تجنب أعلاها، وهذا ما يظهر من هذا المشروع. أما إذا كان المشروع لا يترتب عليه أي فائدة عامة إلا تخرج الطالب فإن ذلك لا يجيز له النظر إلى تلك الصور، بل عليه أن يسعى إلى البدائل الأخرى من المشاريع المفيدة المتاحة التي لا تتضمن تلك المفاسد. أما إذا كان النظر إلى تلك الصورة مضرة بالطالب في دينه وقد تسبب له تعلقاً بها أو فساداً في القلب فإن الإنسان لا يطالب بالسعي إلى إصلاح الغير بما يضر نفسه. شاكرين للطالب حرصه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى تفكيره في هذه المشاريع المفيدة، ونسأل الله له التوفيق والسداد، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الفن الإسلامي

الفن الإسلامي المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 12/6/1423هـ السؤال أنا شاب مهتم بقضايا الفن الإسلامي من تمثيل وإنشاد وقصائد وبرامج أطفال، أريد أن أسأل فضيلتكم بعض الأسئلة عن مجال اهتماماتي بجانب اهتمامات أخرى من حفظ للقرآن ومدارسة السنة، وأرجو يا شيخنا الحبيب على قدر استطاعتكم الإسهاب في الإجابة إذا احتيج للإسهاب؛ لأني أريد أن أنطلق من منطلقات واضحة، ولأن هناك من يخطّئني أحياناً، وأنا في الأصل لا أنظر لنظر الناس، ولكن أنظر بنظر أهل العلم والبصيرة وهو ما أدين الله به. ما رأي فضيلتكم في المهرجانات الإنشادية والتمثيلية خالية من المحظورات الشرعية مثل الآلات الموسيقية أو اختلاط الجنسين الرجال والنساء، أو الكلمات البذيئة من الحب والغرام، والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: إنشاد الشعر والحداء باللحن موجود على زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أن هناك ضوابط يجب الالتزام بها: أولاً: ألا يصاحبها آلات موسيقية؛ لقوله -عليه السلام-:"ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" رواه البخاري (5590) . ثانياً: ألا يشتمل على كلمات تدعو إلى الفجور والزنى فإن ذلك محرم بإجماع العلماء. ثالثاً: ألا يغلب على الإنسان، فإن في ذلك صداً عن ذكر الله، وقد قال الله -تعالى-:"وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ" [لقمان:6] وقد فسّره ابن مسعود وابن عباس بالغناء، وقد قال -عليه السلام-:"لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً يريه خير من أن يمتلئ شعراً"رواه البخاري (6155) ومسلم (2257) . رابعاً: ألا يتخذ ذلك كله رجاء التقرب إلى الله كما يفعله الصوفية في تجمعاتهم وموالدهم. خامساً: ألا يصاحبه أي منكر آخر كاختلاط الرجال بالنساء أو إظهار النساء لمفاتنهنّ أو أصواتهنّ الفاتنة. أما إنشاد الشعر الخالي من كل منكر فلا شيء فيه. وقد يكون مندوباً إذا شجع على مكارم الأخلاق والأعمال الصالحة وعلى الجهاد في سبيل الله، وكان حسان بن ثابت ينشد الشعر بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي مسجده، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشجعه على ذلك، انظر: البخاري (453) ومسلم (2485) . وما يتعلق بالمهرجانات الإنشادية فيفضل أن يكون فيها ذكر لله -تعالى- من قراءة القرآن وموعظة نافعة أو يصاحبها فقرات علمية نافعة، وألا تكون مهرجانات للإنشاد والتمثيل خالصة، والله الموفق لكل خير.

الصورة الفوتوغرافية للأجنبية

الصورة الفوتوغرافية للأجنبية المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 26/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: كثر الجدل حول رؤية الرجل للمرأة ما يجوز منه وما لا يجوز، فبعضهم يحرم النظر إلى المرأة مطلقاً، وبعضهم يفصّل في ذلك، والبعض يقول: إن النظر المحرم هو المشاهدة الحية في التلفاز أو الشارع، أما الصور الفوتوغرافية فلا شيء فيها إذا أمن الفتنة على نفسه؛ لأن القاعدة في ذلك الفتنة والشهوة، أما إذا لم تكن فتنة ولا شهوة فلا بأس، كما أنه لا دليل على حرمة النظر في الصور -هكذا يقولون-. ونريد من فضيلتكم تبيين الحكم بالتفصيل عن حكم مشاهدة مثل هذه الصور سواء حية أو مصورة، خاصة في القنوات والإنترنت والمجلات، كما أرجو من فضيلتكم توضيح الأمر إذا كان النظر لمجرد حب الاستطلاع ليس إلا، وكذلك ما حكم مشاهدة الصور الكاريكاتورية -المرسومة باليد- خاصة الصور النسائية سواء عارية أم غير ذلك؟ وفقكم الله وسدد خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب يحرم على الرجل تعمد النظر إلى المرأة الأجنبية أو إلى صورتها سواء كانت الصورة تعرض حية على الشاشات من خلال محطات التلفزيون أو القنوات أو الإنترنت أو غير ذلك، أو كانت الصور ثابتة في المجلات والجرائد والإنترنت والصور (الفوتوغرافية) وغيرها، ويدخل في ذلك الصور المرسومة باليد؛ لقوله -تعالى-:"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ... " [النور:30] ؛ ولأن ذلك النظر يسبب الفتنة ويجر إلى الفاحشة. وقد بدأ الله -سبحانه وتعالى- في الآية السابقة بالأمر بغض البصر قبل الأمر بحفظ الفرج؛ لأن مبدأ الفاحشة من قِبل البصر فإن النظر المحرم من دواعي الزنى، وقد نهى الله عن مقاربة الزنى ومخالطة أسبابه ودواعيه فقال -تعالى-:"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً ... " [الإسراء:32] . والنظر المحرم كذلك من خطوات الشيطان، وقد نهى الله عن اتباع خطوات الشيطان فقال -تعالى-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ" [النور:21] . والواجب على المسلم أن يغض بصره بقدر ما يستطيع؛ للآية السابقة "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم"؛ ولما ثبت في الصحيحين البخاري (2465) ومسلم (2121) مرفوعاً "إياكم والجلوس على الطرقات فإن أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها: غض البصر وكف الأذى" وفي الحديث الآخر "يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليس لك الآخرة" رواه أحمد (22991) وأبو داود (2149) والترمذي (2777) بسند حسن، ويستثنى من تحريم النظر إلى الأجنبية ما رُخص فيه كنظر الفجأة ونظر الخاطب إلى مخطوبته، وما دعت الضرورة إليه مثل العلاج الطبي إذا تعذر من يقوم به من النساء، أو في حالة الإنقاذ من غرق أو حريق أو نحو ذلك.

وقد اُبتلي بعض الناس بتعمد تتبع صور النساء في الإنترنت وغيرها، ولا شك أن النظر إلى تلك الصور وسيلة إلى التلذذ بها ومعرفة ذات الصورة وجمالها وهو يسبب الفتنة بها. فالحاجة ماسة إلى تذكيرهم بتقوى الله -عز وجل- وجهاد النفس في ترك تلك المعصية وحفظ أبصارهم، فإن حفظ البصر هو أصل حفظ الفرج، وحبس البصر أيسر من دوام الحسرات كما ذكره ابن القيم في كتابه: (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) الذي بين فيه آثار المعاصي وعقوباتها المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة، وهو جدير بالقراءة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

التمثيل والأناشيد المصحوبة بالدف

التمثيل والأناشيد المصحوبة بالدف المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 19/11/1423هـ السؤال نحن مجموعة نعمل في مجال المسرح للأطفال ونقدم برنامجاً هادفاً يحضر لدينا في المنتزه أو موقع لمسرح الأطفال مع ذويهم الأب والأم ونعمل على فصل الرجال عن النساء وتقديم الأطفال في الكراسي الأمامية ويلبس بعض الشباب ملابس تنكرية (دمى) على شكل ثعلب أو دب أو خيارة أو برتقالة- والسؤال: هل التمثيل ولبس مثل هذه الملابس جائز؟ وهل مصاحبة الدف للأناشيد جائز؟ نرجو الإجابة وفقكم الله لكل خير. الجواب إذا كان ما تقومون به في المسرح برنامجاً هادفاً يستفيد منه الأطفال، وليس في هذا المكان اختلاط بين الرجال والنساء، فليس في هذا العمل بأس، غير أن التشبه بالحيوانات لا ينبغي أن يقع من المسلم لما فيه من إهانة للنفس التي كرمها الله تعالى بالعقل، ومحاكاة البهائم والحيوانات لم ترد في القرآن والسنة إلا في مقام الذم، وإذا كانت دمى هذه الحيوانات مجسمة فإنها لا تجوز لأنها تدخل في التصوير الذي جاءت النصوص بتحريمه، وأما دمى الجمادات فلا بأس بلبسها واستخدامها، وأما مصاحبة الدف للأناشيد فلا يجوز بل يكتفي بأصوات المنشدين، ويمكن أن يضفي عليها بعض المؤثرات الصوتية من غير الموسيقى، والدف جاء جوازه في وليمة النكاح؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح" رواه النسائي (3369) وأحمد (15451) والترمذي (1088) وحسنه فيقتصر على ما جاء به النص.

عرض زفة العروسين بواسطة (البروجكتور)

عرض زفة العروسين بواسطة (البروجكتور) المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 24/8/1424هـ السؤال أنا أعرف أن دخول العريس بين جموع النساء حرام، فهل أيضاً يحرم عرض زفة العروسين بجهاز عرض (البروجكتور) عند صالة النساء؟ (مع العلم أن المصورة وهي امرأة محجبة أو تكون كتابية (نصرانية) هي من تقوم بنقل صورة العروسين بواسطة كاميرا التصوير الفيديو على (البروجيكتور) ؟ الجواب الحمد لله وبعد: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، أود الجواب عن سؤالك من خلال الأوجه التالية: أولاً: أوافقك بعدم جواز دخول العريس بين جموع النساء في العرس أو غيره، وأن ذلك حرام لقوله عليه السلام في الحديث الصحيح "إياكم والدخول على النساء ... الحديث". ثانياً: ينبغي أن نعلم أن ما يسمى بالزفة أي زفة العريس والعروس أمر منكر ومحدث، وتقليد لفعل الكفرة وأذنابهم من الفجرة الفسقة. فالسنة في العرس إدخال الزوج على عروسه، ومن ثم الانتقال بها إلى بيته من غير حاجة إلى هذه التقاليد والعادات الدخيلة. لكن لا مانع أن يدخل العريس (الزوج) على الرجال ويبقى معهم، وتدخل العروس (الزوجة) على النساء وتبقى معهن للسلام والتبريك، ثم يدخل الزوج على زوجته بلا اختلاط كما أسلفت. ثالثاً:: لقد اتضح مما سبق أن الزفة محرمة فلا يزيد عرضها بـ (البروجكتور) أو تصويرها بالفيديو إلا تحريماً، ولإمكانية تسريب الأشرطة بين الناس مما لا تخفى عواقبه. رابعاً: قولك قد تكون المصورة نصرانية لا يقلل من خطورة الموقف، إذ لا يجوز للرجل (العريس) النظر إليها لحرمة نظر الرجال إلى النساء، كما هو مقرر في الشريعة، بالإضافة للمحاذير السابقة. خامساً: الواجب أن يشكر الزوج والزوجة ربهما تعالى أن أتم عليهما النعمة بهذا الزواج، لا أن يقابلاها بالمعصية من اختلاط وتصوير وتقليد للكفار. وفقك الله وأعانك والسلام.

أنشأ موقعا لأفلام السينما ثم مات

أنشأ موقعاً لأفلام السينما ثم مات المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 16/9/1424هـ السؤال أحد الأشخاص أنشأ موقعا على الإنترنت يتعلق بالأفلام السينمائية وما يتعلق بأخبار السينما، وقد توفي الآن، فما هو الأفضل؟ لو تم حذف جميع مواضيعه هل يكفي؟ أو لو تم بيع الموقع لشخص آخر وتم تشغيله مرة أخرى هل يسقط عنه الوزر (أي المتوفى) ؟ وذلك بعد حذف كافة مواضيعه؟ وإذا لم يكن ذلك أو ذاك فما هو الأفضل برأيكم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا يكفي حذف جميع مواضيعه، ولا يكفي بيعه لشخص آخر إذا كان الشخص الآخر يستعمله في الغرض نفسه، أرأيت لو أن إنسانا ألف كتاباً يحتوي على ما يشجع على الانحراف والصد عن سبيل الله، أيكفي أن تتلف الطبعة التي طبعها المؤلف مع بقاء أصل الكتاب في مخطوطة أو على أقراص الحاسب؟ أو هل يكفي أن تتلف تلك الطبعة وتباع حقوق الكتاب لشخص آخر؟ الذي أرى أن يحول نشاط الموقع إلى عمل إيجابي فيه دعوة إلى الله أو نفع للمجتمع، فليكن متعلقاً بالكتب الشرعية والمجلات والمواقع الإسلامية وأخبارها، أو لتتبع ما يكتب عن الإسلام ونشر الجديد منه والدلالة عليه، والسعي في السرد على المبطل منه، أو ما كان في هذا السبيل، "ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا" [الطلاق: 4] ، وجزاكم الله خيراً على نصحكم لميتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الصور في المواقع الإسلامية

الصور في المواقع الإسلامية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 15/9/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: انتشرت المواقع والمنتديات على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) ، وفي كل من هذه المنتديات نجد قسماً للمواضيع الإسلامية وجزى الله القائمين عليها خيراً.. ولكن نجد كثيراً من المواضيع والنصائح التي تطرح تكون مقرونة بصور ذوات الأرواح، فهناك من يضع صورته الشخصية وهناك من يضع صورة لفنانة أو مغنية أو مذيعة، والبعض يختم رسالته الدعوية بتوقيع لسافرة متبرجة ذات جمال.. وعندما أنكرنا عليهم وطالبناهم بحذف الصور، وقمت بتوضيح ما جاء في تحريم ذلك نعتوني بأني نظرت إلى القشور ولم أهتم باللب، ولست أعرف أن في شريعتنا قشوراً ولباً، والبعض قال إنها حرية شخصية، مع العلم أنه صار لزاماً علينا إن أردنا قراءة تلكم المواضيع النظر إلى تلك الصور مرغمين..، ودائما ما نكون ملزمين بالقراءة، وذلك لأن هناك من يقوم بالنسخ واللصق لأي موضوع دون التأكد من صحة الأحاديث فيه، أو نقل البدع المحرمة، فيساعد على نشرها دون علم، فهل من توضيح لفضيلتكم - حفظكم الله - على تلك الصور التي تقرن بمواضيع يكتب فيها قول الله تعالى، وأحاديث نبيينا صلى الله عليه وسلم.. وهل يعدّ ذلك من الاستهزاء بدين الله ممن يقوم بهذا العمل؟ لا سيما وإنا ذكرناهم بقول الله تعالى "أتأمرون الناس بالبرّ وتنسون أنفسكم"، وما هو حكم ذلك، سواء على القائمين على مثل هذه الأقسام أو المواقع؟. الجواب نقول وبالله التوفيق، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد: نشكر غيرتك الإسلامية وحرصك على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نسأل الله لك العون والتوفيق. أولاً: القشور ترمى، وليس في عقائد وشرائع الإسلام قشور، نعم فيه مهم وأهم، وسنن وواجبات، وليس أموره بدرجة واحدة في الأهمية، بل هي متفاوتة. ثانياً: موضوع الصور الفوتوغرافية فيه خلاف مشهور بين أهل العلم، وهو موضوع اجتهادي، والنظر في الصور ليس بحرام بإطلاقه. وأما نشر صور السافرات فلا يجوز، والنظر لهن محرم مهما كان حكم التصوير، ولا يبرر هذا العمل أي مصلحة دعوية، بل هو من العبث المحرم. ثالثاً: على المؤمن غض البصر قدر المستطاع، وله النظرة الأولى التي لا يقصدها، ولا له تعمد النظر، وإذا كانت قراءته لتلك المواضيع ستجبره إلى النظر إلى الصور المحرمة التي تؤثر عليه فعليه تركها، والاستعاضة عنها بغيرها. رابعاً: لا نستطيع الحكم أن ذلك من نوع الاستهزاء، والمهم مواصلة النصيحة برفق ولين، والله الهادي إلى سواء السبيل.

تعليق صور الشهداء

تعليق صور الشهداء المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 10/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: إخوتي في الله أريد منكم -لو سمحتم- الإفادة بهذا الأمر الذي أصبح موضوع جدل واسع عندنا هنا في فلسطين، ألا وهو: صور الشهداء. أريد منكم فتوى تبين حكم تعليق صور الشهداء في المنازل والغرف، خاصة أن أخي شهيد وله عدة صور معلقة في منزلنا. جزاكم الله خيراً. الجواب أما تعليق الصور فهو تعظيم لا يجوز، وقد كانت بداية انحراف قوم نوح أنهم صوَّروا عبادهم في المعابد فإذا رأوهم نشطوا في العبادة، فلما هلك الجيل الذي صور تماثيل الصالحين وظهر الجيل الذي بعده أوحى الشيطان لهم أن من سبقوكم كانوا يعبدونهم، فبدأت عبادة الأصنام وهذا قول ابن عباس، كما رواه البخاري (4920) ، وإذا قرأت آخر سورة نوح وجدت ذلك ظاهراً، وأما مجرد التصوير الفوتغرافي والاحتفاظ بالصور فإنه -والله أعلم- مباح إذا كانت الصورة مباحة ليس فيها عري ولا تشتمل على مُحرَّم.

التمثيل الإسلامي

التمثيل الإسلامي المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 08/11/1426هـ السؤال ما حكم التمثيل الإسلامي الذي تفعله بعض الجماعات الإسلامية؟ وهل المبيح له مخالف للشرع؟ وهل يستلزم معاداة المبيح بعد قيام الحجة عليه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالتمثيل الذي تفعله بعض الجماعات الإسلامية منع منه بعض المعاصرين؛ بناءً على أنه من الكذب، وأجازه بعضهم، لما فيه من مصالح دعوية، وتأثير في نفوس المدعوين، وقد وضعوا لهذا الجواز شروطاً، أهمها أن يخلو من المنكرات الشرعية المحرمة، كالمعازف والاختلاط بالنساء ومحاكاة الكافرين. وهذا الخلاف الواقع في حكم التمثيل يدخل تحت المسائل الاجتهادية التي يطلب فيها اتباع الدليل الراجح، ومن خالف فلا تثريب عليه، ولا يستلزم شيئاً من المعاداة؛ لأن كِلا القولين في الاجتهادات يحتمل الخطأ والصواب. والواجب إيضاح الحجة، وبيان الدليل بالعلم والعدل، والله الموفق.

الرسوم الكرتونية

الرسوم الكرتونية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 11/6/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إن لدي سؤالاً كان يحيرني دائماً، عن فن الرسم، إذ إنني رسَّامة ماهرة، لكن على الطريقة الكرتونية التي ترسم أشخاصاً يشبهون (سالي) و (هايدي) ، وليس على طريقة تقليد الخلقة الحقيقية للفتيات، سمعت بعض الفتاوى أباحت هذه الرسومات، وسمعت أخرى حرَّمتها، لكن المشكلة أنني لا أستطيع تركها؛ لأنني إنسانة كتومة لا تروي ما بداخلها لأحد، وليس لها طريقة للتنفيس عن أفكارها ومشاعرها إلا عن طريق الرسم، الذي تخط فيه الشخصية التي تعجبها، وترسم في عينيها النظرة التي تريدها، ثم تجلس لتتأملها، وهي تشعر بأن بينهما علاقة قوية منذ زمن، بهذه الطريقة فقط أُنفِّس عن أفكاري ومشاعري، ولكنها لا تؤدي بي إلى المبالغة والتصرفات الغريبة التي تشعر الناس بأن صاحبها مصاب بحالة من الفصام أو الذهان، أو أي من هذه الأسماء النفسية. ولذا أحب أن أسأل إن كان في الرسم شيء، فإن لم يكن فيه شيء فالحمد لله، وهذه نعمة أخرى أن يسر لي هواية أستطيع ممارستها متى شئت، فما شروط الجواز؟ وإن كانت حراماً كلها، فكيف أتخلص من هذه العادة؟ وهل أترك هوايتي التي يتمنى الكثيرون أن يرزقهم الله إياها؟ وتقبلوا عظيم شكري وامتناني. والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن الرسم فن من الفنون الجميلة، تظهر فيها براعة الإنسان ومهارته، ويستطيع خلاله أن يعبر عن مشاعره، ويجسد على الورق خيالاته، وكم من رسام اختزل في رسوماته من المعاني ما لو أراد التعبير عنها بالكلام لاحتاج إلى مداد وأوراق، وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن الذي يمارس هذا الفن لديه - بلا امتراء - تذوق للجمال. قد لا يكون لي تذوق لهذا الفن، ولا دراية به، ومع ذلك فلا يسوغ لي ولا لغيري أن نجعل من جهلنا بهذا الفن وعدم تذوقنا له مدعاة لزجرك عنه، وتنفيرك منه، حتى تتركيه جملة وتفصيلاً بدعوى أنه لا جدوى منه، أو أنه تضييع للوقت لا ينفع الإسلام ولا المسلمين في شيء. وكثيراً ما يكون الاستخفاف بهذا الجمال الفني سببه الجهل وعدم التذوق. إن الإسلام لا يحرم الإنسان هذا التذوق للفن الجميل، ولا يحرم عليه شيئاً منه إلا ما عساه أن يحرمه لذة أعظم وأجدى، أو يجلب عليه مفسدة في دينه هي أعظم من معرة حرمانه من هذا الفن. فليس بصحيح - كما يدعيه بعضهم- أن الإسلام يحارب الفنون الجميلة ومظاهر الحضارة الراقية، وليس بصحيح أيضاً أن الإسلام لا شأن له بهذه الفنون، لا بتحليل ولا بتحريم، وأن شأنه محصور بحدود العبادات. وإنما الصحيح أن الإسلام لم يطلق للرغبات العنان، بل قد ضبط حدود هذه الممارسة للفن وهذا التذوق لجماله، حتى لا تعارض مقصداً شرعياً، ولا تهدم منه أصلاً، وحتى لا تفتح على الإنسان باباً إلى الفساد والفتنة. ويتحصل من هذا أن ممارستك لفن الرسم لا شيء فيه من حيث أصله، ولكنه مقيد بقيود ومشروط بشروط.

فلا يجوز أن يصل بك تذوق هذا الفن ومزاولته إلى حد الاستغراق، فلا يبقى من وقتك لعبادة ربك وذكره إلا نزر يسير لا يسع للطمأنينة والتدبر والخشوع، وهذا غاية ما يريده الشيطان من العبد "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" [المائدة:91] . كما أن حبك لهذا الفن وتذوقك لجماله وتعبيرك عن أفكارك من خلاله لا يبيح لك- مهما عظم- أن تتقحمي ما حرمه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فَترضِي نفسك وتشبعي رغباتها بما يغضب الله سبحانه. والآن إليك التفصيل في رسم المخلوقات: فكل ما ليس فيه روح فيجوز رسمه مطلقاً، كالجبال والشجر والشمس ... إلخ، ويدل لذلك ما أخرجه البخاري (2073) عن سعيد بن أبي الحسن، قال: كنت عند ابن عباس -رضي الله عنهما- إذ أتاه رجل، فقال: يا ابن عباس، إنما معيشتي من صنعة يدي، وأنا أصنع هذه التصاوير، فقال ابن عباس- رضي الله عنه- لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "من صور صورة، فإن الله معذبه عليها يوم القيامة، حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ أبداً"، قال: فربا الرجل ربوة شديدة- أي ذعر وامتلأ خوفاً-، واصفر وجهه، فقال ابن عباس: ويحك إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بالشجر، وكل شيء ليس فيه روح". كما يدل على ذلك أيضاً حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وسيأتي قريباً. وأما ما فيه روح - وهو الإنسان والحيوان- ففيه تفصيل: فرسمه بلا رأس جائز؛ لأنه بدون الرأس لا حياة له، فصير كهيئة ما لا روح فيه، كالشجر وغيره، ويدل لذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن، ومر بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أخرجه أحمد (8032) ، والترمذي (2806) ، وأبو داود (4158) . والشاهد قوله: "فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة" وهو يدل على أن رسم كل ذي روح بلا رأس جائز؛ لأنه يصير بلا روح، كهيئة الشجر. وكذلك لو رسم رأس إنسان أو حيوان بلا جسد فلا بأس به على الأظهر؛ لأن الرأس بلا جسد لا روح فيه، فهو كالجسد بلا رأس. قال ابن قدامة في المغني (10/199) : (وإن قُطع منه ما لا يبقى الحيوان بعد ذهابه؛ كصدره أو بطنه، أو جُعل له رأس منفصل عن بدنه، لم يدخل تحت النهي؛ لأن الصورة لا تبقى بعد ذهابه، فهو كقطع الرأس، وإن كان الذاهب يبقى الحيوان بعده؛ كالعين واليد والرجل، فهو صورة داخلة تحت النهي، وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس، أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان، لم يدخل في النهي؛ لأن ذلك ليس بصورة حيوان) اهـ.

وأما رسم إنسان أو حيوان بأعضائه التي لا تبقى له حياة بذهابها- كالصدر والبطن والرأس ونحو ذلك- فهو داخل في المنهي عنه قطعاً، حتى ولو استوحى الراسم ملامح الصورة من خياله ولم يقصد رسم شخص بعينه، فيكفي أن تكون الصورة التي يرسمها بادية على هيئة مخلوق ذي روح من جنس الإنسان أو الحيوان، فهو حرام؛ لأن فيه مضاهاة ظاهرة لخلق الله، وقد جاء في الحديث الصحيح: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي" رواه البخاري (5953) ، ومسلم (2111) ، وبهذا يتضح لك أن رسم الشخصية الكرتونية كشخصية (سالي وهايدي) داخلة في المنهي عنه من التصوير إذا رسمتها برأسها وبما لا تحيا بدونه من جسدها؛ كالصدر والبطن، حتى ولو لم تكن لها شبيه من الفتيات في الواقع، إذ المضاهاة لخلق الله تتحقق بمجرد رسم شيء على هيئة الإنسان أو الحيوان. واجتهدي أن تجعلي من إبداعك في هذا المجال باباً تلجين خلاله إلى خدمة الإسلام ونصرة قضايا المسلمين بما يستجيش العواطف، ويلهب المشاعر، ويوقظ الضمير نحو النصرة وحمل الهم. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

والداها يصران على تكسبها من رسم الشخصيات الكرتونية

والداها يصران على تكسبها من رسم الشخصيات الكرتونية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 22/10/1424هـ السؤال السلام عليكم. سألتكم قبل مدة عن حكم الرسم والتصوير، وأفتيتموني بحرمة ذلك. وأنا أرسم الشخصيات الكرتونية. وقد أخبرت والدي بالفتوى، وبينت لهم قول الله سبحانه وتعالى:"ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" لكنهما رفضا بالقول إنهم فقراء وبحاجة ماسة للمال الذي أحصل عليه من هذه المهنة، وأنا لا أتقن أي مهنة أخرى. أنا الآن في حيرة أشعر أنني واقع في معصية، لكن لا أحب مخالفة والدي، وكذلك أعرف وضعي المالي الصعب، فماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: اسأل الله أن يجعل لك من كل هم فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كلِّ بلاءٍ عافية. إليك التفصيل في رسم المخلوقات: فكل ما ليس فيه روح فيجوز رسمه مطلقاً، كالجبال والشجر والشمس والقمر ... إلخ، ويدل لذلك ما أخرجه البخاري (2073) عن سعيد بن أبي الحسن , قال: كنت عند ابن عباس -رضي الله عنهما-, إذ أتاه رجل , فقال: يا ابن عباس , إنما معيشتي من صنعة يدي , وأنا أصنع هذه التصاوير. فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من صور صورة , فإن الله معذبه عليها يوم القيامة , حتى ينفخ فيها الروح , وليس بنافخ أبداً ". قال: فربا الرجل ربوة شديدة ـ أي ذعر وامتلأ خوفاً ـ , واصفر وجهه فقال ابن عباس " ويحك , إن أبيت إلا أن تصنع , فعليك بالشجر , وكل شيء ليس فيه روح". كما يدل على ذلك أيضاً حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وسيأتي قريباً. وأما ما فيه روح ـ وهو الإنسان والحيوان ـ ففيه تفصيل: فرسمه بلا رأس جائز؛ لأنه بدون الرأس لا حياة له، فيصير كهيئة ما لا روح فيه، كالشجر وغيره. ويدل لذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أتاني جبريل عليه السلام فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب. فمُرْ برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن، ومر بالكلب فليُخرج ففعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه أحمد (8032) ، والترمذي (2806) ، وأبو داود (4158) . والشاهد قوله: (فمُرْ برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة) وهو يدل على أن رسم كل ذي روح بلا رأس جائز؛ لأنه يصير بلا روح، كهيئة الشجر. وكذلك لو رسم رأس إنسانٍ أو حيوانٍ بلا جسد فلا بأس به على الأظهر؛ لأن الرأس بلا جسد لا روح فيه، فهو كالجسد بلا رأس.

قال ابن قدامة في المغني (10/199) : (وإن قطع منه ما لا يبقي الحيوان بعد ذهابه , كصدره أو بطنه, أو جعل له رأس منفصل عن بدنه, لم يدخل تحت النهي, لأن الصورة لا تبقى بعد ذهابه, فهو كقطع الرأس. وإن كان الذاهب يبقى الحيوان بعده, كالعين واليد والرجل, فهو صورة داخلة تحت النهي. وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس , أو رأس بلا بدن , أو جعل له رأساً وسائر بدنه صورة غير حيوان , لم يدخل في النهي ; لأن ذلك ليس بصورة حيوان"أهـ. وأما رسم إنسان أو حيوانٍ بأعضائه التي لا تبقى له حياة بذهابها ـ كالصدر والبطن والرأس ونحو ذلك ـ فهو داخلٌ في المنهي عنه قطعاً، حتى ولو استوحى الراسم ملامح الصورة من خياله ولم يقصد رسمَ شخصٍ بعينه، فيكفي أن تكون الصورة التي يرسمها باديةً على هيئة مخلوقٍ ذي روح من جنس الإنسان أو الحيوان، وإذا كان كذلك فهو حرامٌ؛ لأن فيه مضاهاة ظاهرةً لخلْقِ الله، وقد جاء في الحديث الصحيح:"ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي" البخاري (5953) ومسلم (2111) . وبهذا يتضح لكِ أن رسم الشخصيات الكرتونية؛ كشخصية (سالي) و (هايدي) داخلة في المنهي عنه من التصوير إذا رسمتيها برأسها وما لا تحيا بدونه من جسدها، كالصدر والبطن، حتى ولو لم تكن لها شبيه من الفتيات في الواقع. إذ المضاهاة لخلق الله تتحقق بمجرد رسم شيءٍ على هيئة الإنسان أو الحيوان. واجتهدي أن تجعلي من إبداعك في هذا المجال باباً تلجين من خلاله إلى خدمة الإسلام ونصرة قضايا المسلمين بما يستجيش العواطف، ويلهب المشاعر، ويوقظ الضمير نحو النصرة وحمل الهم. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قراءة القصص ذات الرسوم الكرتونية

قراءة القصص ذات الرسوم الكرتونية المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 5/11/1424هـ السؤال هل يجوز قراءة مجلات قصص مصورة كرتونية، وكذلك الاحتفاظ بها الجواب أرجو ألا يكون في ذلك حرج إذا كان المضمون الذي تعالجه تلك القصص نافعاً ومفيداً، ومثل هذه الصورة موضع امتهان، فلا حرج في الاحتفاظ بها إن شاء الله، والله الموفق.

منزل به صور لحيوانات

منزل به صور لحيوانات المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 17/1/1425هـ السؤال أنا أسكن في منزل حكومي، ويوجد في غرفه مرايا وزجاج أبواب وشبابيك مرسوم عليها حيوانات وصور نساء لابسات ملابس، وبعض الصور ليس لها ملمس وأخرى لها ملمس، كما أن بعض الأثاث محفور عليه صور حيوانات، ولا يمكنني إزالة هذه الصور، والأثاث عهدة للدولة استلمتها ببيانات، كما لا يمكنني السكن بغير هذا البيت بسبب منصبي الرسمي، فأرجو نصحي ماذا أعمل؟ وهل تجوز الصلاة في هذه الغرف لي ولأهلي؟ وكيف يكون ذلك؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الرسوم والتماثيل لذوات الأرواح محرمة لا تجوز؛ لشدة الوعيد الوارد فيها، ووجودها في البيت مؤذن بعدم دخول الملائكة، وحصول السكينة كما جاء في الحديث: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة" رواه البخاري (3225) ، ومسلم (2106) من حديث أبي طلحة الأنصاري -رضي الله عنه-،وإذا استطعت أن تنتقل عن هذا المسكن إلى مسكن آخر لا يوجد فيه مثل هذه الأشياء فهو الواجب عليك، وإن لم تستطع فحاول أن تغير هذا الأثاث وأن تطمس هذه الصور، فإن لم تستطع ذلك فاحرص على مكان صلاتكم إما بتخليته من هذا الأثاث أو تغطيته بما يمنع ظهور هذه الصور. كان الله في عونك.

مشاهدة فيلم (آلام المسيح)

مشاهدة فيلم (آلام المسيح) المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 3/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم مشاهدة فيلم (آلام المسيح) ، علماً بأنني شاهدته -مع أخواتي- بقصد المعرفة، حيث إنني أحب قراءة ومعرفة الأديان الأخرى (السماوية وغير السماوية) بقصد الدعوة وحب المعرفة، وكنت أشرح لأختي الصغيرة الفرق بين ما نؤمن به، وبين ما يؤمنون به؛ لأن صديقاتي خوفنني بأنه غير جائز مشاهدة الفيلم؛ لأنه تمثيل لنبي. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا أرى إطلاقاً القول بتحريم مشاهدة هذا الفيلم لجميع الناس على اختلاف ثقافتهم وحصانتهم الفكرية والعقدية ... إلخ، لأجل أنه يعرض سيرة المسيح - عليه الصلاة والسلام- بصورة مشوهة محرفة، كما لا يسوغ إطلاق القول بإباحة مشاهدته اعتباراً بالحصانة العقدية والفكرية لدى بعض الناس، والتي تمنعهم أن يصدقوا بما ورد في الفيلم من الأباطيل والتشويه، والأمر يقتضي التفريق والتفصيل، فمن كانت لديه ثقافة وحصانة عقدية هشَّة؛ بحيث يمكن أن يتأثر بما يرى من الأباطيل في الفيلم، وتشوش عليه إيمانه وتصديقه السابق بخبر القرآن عن سيدنا المسيح - عليه السلام-، وبحيث يمكن أن يتشرَّب فكره بأفكار الفيلم المسمومة، فهذا قطعاً لا تجوز له مشاهدة الفيلم، أما من تشبعوا بحصانة فكرية عقدية ثقافية، بحيث لا تشوش عليهم مشاهدة الفيلم، ولا تزعزع إيمانهم بالحقائق الواردة في القرآن بشأن المسيح - عليه السلام- وما يتعلق بذلك، فلا يحرم عليه مشاهدة الفيلم من هذا الوجه- أعني لأجل ما في الفيلم من أفكار مخالفة لأخبار القرآن والسنة-، غير أنه يحرم مشاهدة الفيلم على الجميع فيما إذا كان قد تضمَّن مشاهد خلاعية. والله أعلم.

حكم الصور الممتهنة

حكم الصور الممتهنة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /التصوير والتمثيل التاريخ 03/06/1426هـ السؤال قرأت عن الصور الجائزة في الإسلام. رُوي عن سالم بن عبد الله أنه أوضح طبيعة الصور المحرمة، وهو ما نقله الإمام أحمد عن ليث، أنه زار مرة سالم بن عبد الله، فقال: عندما دخلت عليه رأيته متكئاً على وسادة عليها تصاوير طيور وسباع، فسألته: أليست هذه التصاوير مكروهة في الإسلام؟ فقال: لا، إنما يكره من الصور ما علِّق. أرجو التعليق على صحة هذا الحديث وفقهه. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الأثر المشار إليه في السؤال أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (25287) ، قال: حدثنا ابن فضيل عن ليث، قال: رأيت سالم بن عبد الله متكئاً على وسادة حمراء فيها تماثيل، فقلت له، فقال: إنما يكره هذا لمن ينصبه ويصنعه. وأخرج ابن أبي شيبة أيضاً (25302) ، قال: حدثنا الحسن بن موسى، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد الله، قال: كانوا لا يرون بما وطئ من التصاوير بأساً. وقد ساق ابن أبي شيبة عدداً من الآثار الدالة على أن الصورة إذا كانت مما يمتهن ويوطأ ويتكأ عليه من الفرش والوسائد فإنها جائزة. وبوَّب البخاري في صحيحه: باب ما وطئ من التصاوير [البخاري مع الفتح (10/386) ] ، وذكر حديث عائشة -رضي الله عنها- (5954) قالت: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لِي عَلَى سَهْوَةٍ لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَتَكَهُ، وَقَالَ: "أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ". قَالَتْ: فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ. وهذا القول أحد الأقوال في المسألة، وهناك أقوال أخرى: 1- فمن العلماء من ذهب إلى أن الصورة إذا كانت لا ظل لها -أي ليست مجسَّمة- فلا تدخل في التصوير المنهي عنه، ويدل على ذلك حديث بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ حَدَّثَهُ- وَمَعَ بُسْرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ الْخَوْلَانِيُّ، رَبِيبُ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ زيد بن سهل حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ". قَالَ بُسْرٌ: فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، فَعُدْنَاهُ فَإِذَا نَحْنُ فِي بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ: أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِي التَّصَاوِيرِ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ: "إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ". أَلَمْ تَسْمَعْهُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: بَلَى قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ. أخرجه البخاري (5958) ، ومسلم (2106) ، والرقم: النقش في الثوب. 2- ومن العلماء من ذهب إلى المنع مطلقاً؛ أخذاً بعموم الأحاديث الدالة على تحريم التصوير. 3- ومن العلماء من ذهب إلى أن الصورة إذا كانت باقية الهيئة، قائمة الشكل حُرِّمت، وإن قطع الرأس أو تفرَّقت الأجزاء جاز، ويدل على هذا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَال: َ إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُصَيَّرْ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ يُوطَآَن، ِ وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ". فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرجه الترمذي (2806) ، وقال: حسن صحيح. والله أعلم.

ـــــ السيرة والتاريخ والتراجم ـــــ

السيرة والتاريخ والتراجم

السيرة النبوية

هل دُوِّنت خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 12/3/1425هـ السؤال أين خطب الرسول - صلى الله عليه وسلم- لكل يوم جمعة؟ لماذا لم تدوَّن كأحاديثه وسيرته، وحركاته، وصفاته، ومجالسه؟ إن كان هناك الكثير من أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله قد نقلت إلينا صغيرة وحتى كبيرة. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: كان العرب قبل الإسلام يعتمدون على الحفظ في نقل أشعارهم وتاريخهم، وأيامهم ومآثرهم، وأنسابهم، واشتهروا بقوة الذاكرة وسرعة الحفظ، ووصفهم الله -عز وجل- بالأميين، قال -تعالى-: " هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ " [الجمعة:2] ، وكان الكتاب فيهم ندرة، ثم جاء الإسلام، وحثّ على العلم والكتابة، ووجد كُتاب في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقاموا بتدوين القرآن الكريم، ولكنهم لم يقوموا بجمع حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكتابته بشمول واستقصاء، بل اعتمدوا على الحفظ والذاكرة في أغلبه، ولم يأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-بذلك، ولعله أراد المحافظة على ملكة الحفظ عندهم لاسيما وأن الحديث تجوز روايته بالمعنى، ولا يقصد بألفاظه التعبد والإعجاز بخلاف القرآن الذي هو معجز بلفظه ومعناه، ومتعبد به، ثم كان هناك خشية في أول الإسلام أن يحدث إلتباس عند عامة المسلمين، فيخلطوا القرآن بالحديث إذا حصل كتابة القرآن، والحديث في صحيفة واحدة، أو أن تخلط الصحف التي يكتب فيها الحديث بالصحف التي يكتب فيها القرآن، وكذلك خشية انشغال المسلمين بالحديث عن القرآن وهم حديثو عهد به، ولهذا جاء في حديث أبي سعيد-رضي الله عنه- النهي عن كتابة الحديث، فعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ" أخرجه مسلم (3004) .

قال الرامهرمزي: " وحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، فأحسبه أنه كان محفوظاً في أول الهجرة، وحين كان لا يؤمن الاشتغال به عن القرآن " (المحدث الفاصل 71) ، وقال الخطابي - عن الحديث -: " وجهه - والله أعلم - أن يكون إنما كره أن يكتب شيء من القرآن في صحيفة واحدة، أو يجمع بينهما في موضع واحد؛ تعظيماً للقرآن وتنزيهاً له أن يسوى بينه وبين كلام غيره " (غريب الحديث 1/632) ، وقد اعتنى الصحابة -رضي الله عنهم- بحفظ السنة، وبلغوها إلى من بعدهم، ثم دونت في المعاجم، والمصنفات والمسانيد كما هو معلوم، وخطب النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحصل تدوينها وكتابتها في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكنها توجد في الغالب مفرقة فيما نقله الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد لا ينص على أن هذا الكلام قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة، ثم إن الصحابة -رضي الله عنهم- قد ينقل بعضهم أول كلامه -صلى الله عليه وسلم -في الخطبة، وينقل صحابي آخر آخرها أو وسطها، ولهذا جاء في حديث أبي زيد عمرو بن أخطب -رضي الله عنه- أنه قال: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفَجْرَ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الْعَصْرُ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِن، ٌ فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا " أخرجه مسلم (2892) ، وقد يحصل النص في بعض الأحاديث أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاله في خطبة الجمعة ومن ذلك على سبيل المثال: - ما رواه مسلم (867) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاه، ُ وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقُولُ: "صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ "، وَيَقُولُ: " بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ"، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: " أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " ثُمَّ يَقُولُ: " أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ " وفي لفظ: كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْجُمُعَةِ: يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْه، ِ ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِك، َ وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ.

- ومما حفظ من خطبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه كان يكثر أن يخطب بالقرآن وسورة (ق) كما جاء في صحيح مسلم (873) عن أم هشام بنت الحارث بْنِ النُّعْمَانِ - رضي الله عنها- قَالَتْ: " مَا حَفِظْتُ ق إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ". - وكما جاء في مسند الإمام أحمد (20325) من حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: "بَرَاءَةٌ "وَهُوَ قَائِمٌ يُذَكِّرُ بِأَيَّامِ اللَّهِ...." - وفي رواية عند ابن ماجة (1101) من حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَبَارَكَ وَهُوَ قَائِمٌ فَذَكَّرَنَا بِأَيَّامِ اللَّهِ.. " - ومما حفظ من خطبته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيضاً ما أخرجه ابن ماجة (1071) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا، وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا، وَصِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ، وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ الْجُمُعَةَ فِي مَقَامِي هَذَا، فِي يَوْمِي هَذَا، فِي شَهْرِي هَذَا، مِنْ عَامِي هَذَا، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدِي وَلَهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ اسْتِخْفَافًا بِهَا، أَوْ جُحُودًا لَهَا فَلَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ شَمْلَهُ، وَلَا بَارَكَ لَهُ فِي أَمْرِهِ، أَلَا وَلَا صَلَاةَ لَه، ُ وَلَا زَكَاةَ لَهُ، وَلَا حَجَّ لَه، ُ وَلَا صَوْمَ لَهُ، وَلَا بِرَّ لَهُ، حَتَّى يَتُوبَ فَمَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، أَلَا لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا، وَلَا يَؤُمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا، وَلَا يَؤُمَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا إِلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَيْفَهُ وَسَوْطَهُ " وفي إسناد هذا الحديث علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.

- وحفظ من خطبته أيضاً ما أخرجه أبو داود (925) من حديث ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا تَشَهَّدَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُه، ُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَه، ُ وَمَنْ يُضْلِل، ْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَة، ِ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَه، ُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا" - ومن خطبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيضاً ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7/360) عن الحسن البصري قال: طلبت خُطَبَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الجمعة فأعيتني فلزمت رجلاً من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسألته عن ذلك، فقال: كان يقول في خطبته يوم الجمعة -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يا أيها الناس إن لكم علماً فانتهوا إلى علمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، فإن المؤمن بين مخافتين: بين أجل قد مضى لا يدري كيف صنع الله فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري كيف الله بصانع فيه، فليتزود المرء لنفسه ومن دنياه لآخرته، ومن الشباب قبل الهرم، ومن الصحة قبل السقم، فإنكم خلقتم للآخرة، والدنيا خلقت لكم، والذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدنيا دار إلا الجنة والنار، وأستغفر الله لي ولكم." وكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعلم أصحابه - رضي الله عنهم- في خطبته قواعد الإسلام، وشرائعه، ويأمرهم، وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي كما جاء في صحيح البخاري (930) ، ومسلم (875) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: "قُمْ فَارْكَعْ". ونهى المتخطي رقاب الناس عن ذلك، وأمره بالجلوس، كما جاء فيما رواه أبو داود

(923) من حديث عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ -رضي الله عنه- قال: جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ، وربما قطع خطبته للحاجة تعرض، أو السؤال من أحد من أصحابه -رضي الله عنهم- فيجيبه ثم يعود إلى خطبته فيتمها، وكان ربما نزل عن المنبر للحاجة ثم يعود، فيتمها كما جاء في سنن أبي داود (935) من حديث بُرَيْدَةَ - رضي الله عنه- قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ ثُمَّ قَال: صَدَقَ اللَّهُ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ، وكان يدعو الرجل في خطبته تعال يا فلان، اجلس يا فلان، صل يا فلان، وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته فإذا رأى منهم ذا فاقة وحاجة أمرهم بالصدقة وحضهم عليها، كما جاء في صحيح مسلم (1017) من حديث جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَدْرِ النَّهَارِ قَالَ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوْ الْعَبَاءِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلَالًا - رضي الله عنه- فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى آخِرِ...." الحديث. وكان يستسقي بهم إذا قحط المطر في خطبته، كما جاء في صحيح البخاري (933) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: أَصَابَتْ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه: ِ هَلَكَ الْمَال، ُ وَجَاعَ الْعِيَال، ُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-....." وقد حفظت بعض كتب التاريخ نصاً كاملاً لبعض خطبه -صلى الله عليه وسلم- مثل ما جاء في تاريخ الطبري (2/394 - 396) ، قال ابن جرير: حدثني يونس بن عبد الأعلى

أخبرنا ابن وهب عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي أنه بلغه عن خطبة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أول جمعة صلاها بالمدينة في بني سالم بن عمرو بن عوف -رضي الله عنهم-: " الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأستغفره وأستهديه، وأؤمن به ولا أكفره، وأعادي من يكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى، ودين الحق والنور والموعظة على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى وفرط، وضل ضلالاً بعيداً، وأوصيكم بتقوى الله فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة وأن يأمره بتقوى الله فاحذروا ما حذركم الله من نفسه، ولا أفضل من ذلك نصيحة، ولا أفضل من ذلك ذكرى، وإنه تقوى لمن عمل به على وجل، ومخافة، وعون، صدق ما تبتغون من أمر الآخرة، ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمر السر والعلانية لا ينوي بذلك إلا وجه الله، يكن له ذكراً في عاجل أمره، وذخراً فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم، وما كان من سوى ذلك يود لو أن بينه وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد والذي صدق قوله وأنجز وعده لا خُلْفَ لذلك فإنه يقول -تعالى-: " مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ "، واتقوا الله في عاجل أمركم وآجله، في السر والعلانية، فإنه من يتق الله فقد فاز فوزاً عظيماً، وإن تقوى الله توقي مقته، وتوقي عقوبته، وتوقي سخطه، وإن تقوى الله تبيض الوجه، وترضي الرب، وترفع الدرجة، خذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله، قد علمكم الله كتابه ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا وليعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وسماكم المسلمين؛ ليهلك من هلك عن بينة، ويحي من حي عن بينة، ولا قوة إلا بالله، فأكثروا ذكر الله، واعملوا لما بعد الموت، فإنه من أصلح ما بينه وبين الله، يكفه ما بينه وبين الناس، وذلك بأن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس ولا يملكون منه، الله أكبر، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "

وقال البيهقي: (دلائل النبوة 2/523- 525) : باب أول خطبة خطبها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قدم المدينة أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس الأصم حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني المغيرة بن عثمان بن محمد بن عثمان، والأخنس بن شريق، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: كانت أول خطبة خطبها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمدينة أن قام فيها فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: " أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم، تعلمن والله ليصعقن أحدكم، ثم ليدعن غنمه ليس لها راعٍ ثم ليقولن له ربه - ليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه-: ألم يأتك رسولي فبلغك، وآتيتك مالاً، وأفضلت عليك، فما قدمت لنفسك؟ فينظر يميناً وشمالاً فلا يرى شيئاً، ثم ينظر قدامه فلا يرى غير جهنم، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيبة، فإن بها تجزئ الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسلام على رسول الله ورحمة الله وبركاته"، ثم خطب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرة أخرى فقال: " إن الحمد لله أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إن أحسن الحديث كتاب الله، قد أفلح من زينه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس إنه أحسن الحديث وأبلغه، أحبوا من أحب الله أحبوا الله من كل قلوبكم ولا تملوا كلام الله وذكره، ولا تقس عنه قلوبكم، فإنه من يختار الله ويصطفي فقد سماه خيرته من الأعمال، وخيرته من العباد، والصالح من الحديث، ومن كل ما أوتي الناس من الحلال والحرام، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، واتقوه حق تقاته، واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح الله بينكم، إن الله يغضب أن ينكث عهده، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ". وفي إسناد ابن جرير والبيهقي إرسال، قال ابن كثير بعد أن ذكر أن طريق ابن جرير والبيهقي فيهما إرسال قال: إلا أنها - أي رواية البيهقي - مقوية بما قبلها وإن اختلفت الألفاظ (البداية والنهاية (4/528) . ويستدل بما نقل من خطبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على طريقته في الخطبة وهديه فيها فمن ذلك: يقول ابن القيم - رحمه الله -: كانت خطبته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما هي تقرير لأصول الإيمان من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، ولقائه، وذكر الجنة والنار، وما أعد الله لأوليائه، وأهل طاعته، وما أعد لأعدائه وأهل معصيته، فيملأ القلوب من خطبته إيماناً وتوحيداً ومعرفة الله وأيامه.

وقال: " ومن تأمل خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجدها كفيلة ببيان الهدى، والتوحيد، وذكر صفات الرب -جل جلاله-، وأصول الإيمان الكلية، والدعوة إلى الله، وذكر آلائه -تعالى- التي تحببه إلى خلقه، وأيامه التي تخوفهم من بأسه، والأمر بذكره، وشكره الذي يحببهم إليه، فيذكرون من عظمة الله وصفاته، وأسمائه، ما يحببه إلى خلقه، ويأمرون من طاعته، وشكره، وذكره ما يحببهم إليه." زاد المعاد (1/ 423) . وهناك من المؤلفين من اعتنى بتتبع خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفردها بالتصنيف مثل: 1- خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لـ علي بن محمد المدائني (ت 215 هـ9) . 2-خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لـ / أبي الشيخ محمد بن جعفر ابن حيان الأصبهاني (ت 369 هـ) . 3- خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لـ / أبي العباس جعفر بن محمد المستغفري (ت433 هـ) . 4- أربعون خطبة للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع شرحها، لـ / ابن ودعان محمد بن علي (ت 494 هـ) ، وهذه الكتب حسب إطلاعي لم تصل إلينا. هذا؛ والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يحب حفصة

هل كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يحب حفصة المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 24/11/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: روى الإمام مسلم في صحيحه (كتاب الطلاق - باب الإيلاء) حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في اعتزال النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه، قال عمر لابنته حفصة: "والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحبك، ولولا أنا لطلقك". فما معنى هذا الحديث؟ وكيف نرد على الرافضة في احتجاجهم بهذا الحديث على حفصة - رضي الله عنها-؟ أفتونا مأجورين فنحن في حيرة، وجزاكم الله خيراً. الجواب مقالة عمر الفاروق - رضي الله عنه - لها مناسبتها وملابساتها فقد قالها لما اعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه، وظن المسلمون أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - طلَّق نساءه، ولما قال عمر - رضي الله عنه - مقالته المذكورة، بكت حفصة أشد البكاء، لما اجتمع عندها من الحزن على فراق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولما تتوقعه من شدة غضب أبيها عليها، كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/286) . ولعل باعث الفاروق من تلك المقالة - والله أعلم - أمران: محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والاهتمام بأحواله من جهة، والنصح والإشفاق والتأديب لابنته من جهة أخرى. بل إن في روايات الحديث ما يدل على بطلان قول الرافضة، فلا يمكن لمبتدع أن يستدل بدليل صحيح لبدعته إلا كان هذا الدليل عند التحقيق حجة عليه، فقد جاء في روايات في صحيح مسلم ما يقطع بمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحفصة - رضي الله عنها -، فإن عمر - رضي الله عنه - قال بعد ذلك: "يا رسول الله قد دخلت على حفصة فقلت لا يغرنك أن كانت جارتك، أي عائشة - رضي الله عنها - هي أوسم منك وأحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتبسم - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبر عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب حفصة، لكن محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة أعظم من محبته لحفصة، وأقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وأمر آخر أن العبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية، فأم المؤمنين حفصة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة، وقد جاء في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أتاني جبريل فقال: راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وأنها زوجتك في الجنة" ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد (9/245) وقال رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. ومن العجب الذي لاينقضي أن يحتج الرافضة بمقالة لعمر - رضي الله عنه - في لمز حفصة - رضي الله عنها - وهم في الوقت نفسه قد أشربوا بغض عمر وتضليله ورد مروياته وأحاديثه، وصدق الله - تعالى - إذ يقول: "وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" [النور:48 - 50] .

زواج الرسول -صلى الله عليه وسلم-

زواج الرسول -صلى الله عليه وسلم- المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 18/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حدثني أحد الأصدقاء الثقات أنه دخل على إحدى غرف الدردشة الصوتية ووجد فيها مسلمين ونصارى يتناقشون عن الديانتين ولاحظ أن أكثر موضوع كان يحرج المسلمين هو زواج الرسول -صلى الله عليه وسلم- من تسع نساء، وسؤالي هو: هل يمكن أن أجد لديكم شرحاً مفصلاً لهذه الزيجات وظروفها والحكمة منها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: أخي السائل: إن تعدد الزوجات معروف في الرسالات السابقة كما هو معروف في رسالة الإسلام وحياة الرسول -عليه الصلاة والسلام-. وإذا كنت تناقش نصرانياً أو تريد أن تناقشه فإليك الآتي: (1) إن إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود وسليمان وغيرهم قد عددوا الزوجات ووصل الأمر بهم إلى الزواج من مئة مثل داود الذي لم يكتف بتسع وتسعين حتى تزوج تمام المئة بعد موت زوجها، وسليمان كانت له ثلاثمائة زوجة وأربعمائة جارية كما في العهد القديم مصدر التشريع الأول عند النصارى (ما جئت لأنقص بل لأكمل) . (2) كافة نصوص العهد القديم تأذن بالتعدد وتبيحه للأفراد رسلاً أو بشراً. (3) لم يرد نص واحد يحرم التعدد في النصرانية وقد تأثر النصارى بالبلاد التي نشروا فيها النصرانية، ففي أفريقيا يأذنون بالتعدد ويبيحون الزواج للقساوسة، وفي أوروبا يحرمون التعدد ويحرمون الزواج على القساوسة ويبيحون الصداقة. (4) النص الذي يستشهد به النصارى على تحريم التعدد هو (أما علمتم أن الخالق منذ البدء جعلهما ذكراً وأنثى وقال لهذا يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فما جمعه الله لا يفرقه إنسان) . فجعلوا من ضمير الإفراد في قوله:"امرأته" أن الرجل لا يتزوج إلا بامرأة واحدة. والنص قد فهم على غير وجهه، فالمسيح حين سئل "أيحل لأحدنا أن يطلق امرأته لأي علة كانت ... " كانت إجابته كما سبق. (5) أن الإجابة لا صلة لها بالتعدد بل بالنهي عن الطلاق لا التزوج. (6) المسيحية تأذن بالتعدد بالتتابع ولكنها ترفضه بالجمع وينتهي التعدد عند الرابعة متتابعاً حتى لا يكون الإنسان غاوياً، وتسمح بالخلة والصديقة بدون حد ولا عد. (7) كان العرب يجمعون بين أربعين امرأة في وقت واحد كدليل على الرجولة وطلب للولد. (8) بالنسبة لتعدد زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإنه يرجع إلى أسباب اجتماعية وتشريعية وسياسية يمكن بيانها -والله أعلم- على النحو التالي: أولاً: الأسباب الاجتماعية: (أ) زواجه من خديجة -رضي الله عنها- وهذا أمر اجتماعي أن يتزوج البالغ العاقل الرشيد وكان -عليه الصلاة والسلام- في سن الخامسة والعشرين وظلت معه وحدها حتى توفيت وهو في سن الخمسين. (ب) تزوج بعدها بالسيدة سودة بنت زمعة وكانت أرملة لحاجة بناته الأربع إلى أم بديلة ترعاهن وتبصرهن بما تبصر به كل أم بناتها. (ج) حفصة بنت عمر بن الخطاب تزوجها بعد وفاة زوجها إكراماً لأبيها سـ3هـ. (هـ) زينب بنت خزيمة استشهد زوجها في أحد فتزوجها سـ 4هـ. (و) أم سلمة هند بنت أمية توفى زوجها ولها أولاد فتزوجها سـ4هـ.

خامساً: الأسباب التشريعية: - زواجه من عائشة -رضي الله عنها- فلقد كان بوحي، حيث رآها في المنام ورؤيا الأنبياء وحي. - زينب بنت جحش زوجة زيد بن حارثة الذي كان يدعى زيد بن محمد بالتبني فنزل قول الله تعالى:"وما جعل أدعياءكم أبناءكم" [الأحزاب: 4] "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" [الأحزاب: 5] وبعد خلاف مع زوجها طلقت منه وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يتزوجها لإقامة الدليل العملي على بطلان التبني، وذلك سنة خمسة للهجرة. ثالثاً: الأسباب السياسية: كان لبعض زيجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعداً سياسياً من حيث ائتلاف القلوب والحد من العداوة وإطلاق الأسرى ... إلخ، ومن هن: (1) جويرية بنت الحارث سيد بني المصطلق من خزاعة وقعت في الأسر، تزوجها سنة 6 هـ. (2) أما حبيبة رملة بنت أبي سفيان، تنصر زوجها وبقيت على إسلامها، وكان للزواج منها كبير الأثر في كسر حدة أبي سفيان في العداء للإسلام، حتى هداه الله. (3) صفية بنت حيي بن أخطب كانت من سبي خيبر أعتقها الرسول وتزوجها سـ7هـ. (4) ميمونة بنت الحارث تزوجها سـ 7هـ. مات من هؤلاء اثنتان في حياة الرسول وهما خديجة وزينب بنت خزيمة وتوفى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن تسع. وأما الجواري فهما مارية القبطية التي ولدت إبراهيم وتوفى صغيراً، وريحانة بنت زيد القرطية. إذن التعدد بدأ في سن الثالثة والخمسين من عمره فهل هذا دليل الشهوة، ومن يشته هل يتزوج الثيبات وأمهات الأولاد والأرامل، كيف وقد عرض عليه خيرة بنات قريش فأبى! إن التعدد كله لحكم منها -فضلا عما سبق- بيان كل ما يقع في بيت النبوة من أحكام عملاً بقوله تعالى:"واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة" [الأحزاب: 34] وإذا كان الحكم الشرعي لا يثبت بخبر الواحد غالباً فإن للتعدد أثره في إثبات الأحكام بالتواتر، كما أن زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم- اختلفت أحوالهن بين غنى وفقرٍ وحسب ونسب وبساطة لكل من يتزوج بأي صورة من هذه الصور قدوة في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع زوجته التي تطابق حال زوجه وتعددهن فيه بيان لكل ما يمكن أن يقع من النساء داخل البيت كالغيرة والصبر والتآمر وطلب الدنيا؟ والتواضع ونشر العلم والرضى ... إلخ. إن بسط الكلام في هذا الأمر متعذر في هذه العجالة واقرأ زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- لبنت الشاطئ. تعدد الزوجات لأحمد عبد الوهاب. الرحيق المختوم (الجزء الثاني) للمباركفوري.

وجود بعض آثار الرسول صلى الله عليه وسلم

وجود بعض آثار الرسول صلى الله عليه وسلم المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 18/5/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل صحيح أنه يوجد بعض الآثار من شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو بردته في بعض المتاحف؟ وهل إن وجدت يجوز التبرك بها؟ أو التبرك ببعض تراب من حول قبر الرسول- صلى الله عليه وسلم-؟ أفيدونا -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا يوجد شيء من آثار النبي - صلى الله عليه وسلم- وكل من يدعي شيئاً من ذلك فهو كاذب يريد أن يخدع أتباعه، وآثاره - صلى الله عليه وسلم- التي مست جسده الشريف يجوز التبرك بها، ولكنها لا توجد اليوم، أما تراب قبره فلا يجوز أخذ شيء منه، ولو جاز وأخذ منه كل مسلم أو عشر المسلمين لانكشف القبر وظهر جسده الشريف - صلى الله عليه وسلم- وهذا إيذاء له - صلى الله عليه وسلم- وليس تبركاً. والله الموفق.

خاتم الرسول -صلى الله عليه وسلم-

خاتم الرسول -صلى الله عليه وسلم- المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 7/5/1424هـ السؤال هل فعلاً ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يرتدي خاتماً مكتوب عليه اسمه، وأنه كان يغطيه بشكل ما عند دخوله الخلاء؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد.. فأقول وبالله التوفيق والسداد: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: "أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يكتب إلى بعض الأعاجم، فقيل له: إنهم لا يقرؤون كتاباً إلا بخاتم فاتخذ خاتماً من فضة، ونقش فيه: محمد رسول الله" وفي رواية فكان في يده حتى قبض، وفي يد أبي بكر - رضي الله عنه- حتى قبض، وفي يد عمر - رضي الله عنه- حتى قبض، وفي يد عثمان - رضي الله عنه- فبينما هو عند بئر إذ سقط في البئر فأمر بها فنزحت، فلم يقدر عليه. وقد روى ابن عدي في الكامل (6/101) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتختم في خنصره الأيمن، فإذا دخل الخلاء جعل الكتابة مما يلي كفيه، وإسناده ضعيف، وقال ابن عدي: هذا المتن غريب بهذا الإسناد. وروى أبو داود (19) ، عن أنس - رضي الله عنه- قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء وضع خاتمه" قال أبو داود: هذا حديث منكر، وقال النسائي: هذا حديث غير محفوظ.

هل هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم؟

هل هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 17/06/1426هـ السؤال هل كل ما خرج من النبي -صلى الله عليه وسلم- طاهر، وهل يشمل ذلك البول وغيره، وإذا كان طاهراً فهل يجوز التبرك به! الذي أعلمه أن بعض الصحابة كانوا يمسحون ببعض ما يخرج من فيه على أجسادهم. أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله، الأصل أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشرٌ تجري عليه أحكام البشرية الكونيةُ القدريةُ والشرعيةُ، لكن الله اختصه بأن جعله خاتم النبيين، ورسول الله إلى جميع العالمين، قال تعالى: "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي" [الكهف: 110] . ومن آثار ما أكرمه الله به من النبوة والرسالة أن جعله على خلق عظيم، وجعله مباركاً أينما كان، ومن ذلك ما جعل في جسده من البركة؛ ولهذا كان الصحابة يتبركون بآثاره كثيابه وبُصاقه وشعره - صلى الله عليه وسلم- وكان - صلى الله عليه وسلم- يقرهم على ذلك، وربما حلق شعره وقَسَمَهُ على أَصحابه. والمقدرُ عند الفقهاء أن عرق الآدمي ولعابه وشعره طاهر، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أولى بذلك، ولكنه اخْتَصَ بما جعله الله فيه من البركة حتى كان الصحابة يتنافسون على فَضْلِ وضوئه، وما قدروا عليه من فَضَلات بدنه الطاهرة. أما البول والغائط فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يتطهر منهما بالأحجار وبالماء، وما كان أحد من الصحابة يطلب شيئاً من ذلك، فمن زعم أن البول والغائط منه -صلى الله عليه وسلم- يختلف عن غيره من الناس فزعمهُ باطلٌ ولا مستندَ له إلا الجهلُ والغلو بالنبي - صلى الله عليه وسلم- فحكم البول والغائط من النبي - صلى الله عليه وسلم- راجع إلى بشريته التي هو فيها مثل سائر البشر، "قل إنما أنا بشر مثلكم" [الكهف: 110] ، فهو - صلى الله عليه وسلم- كغيره من البشر، فيجب الفرق بين ما يختص به -صلى الله عليه وسلم- مما فُضِّل به على غيره، وما هو فيه كغيره من الناس، ولا تجوز دعوى الخصوصية بأمر من الأمور إلا بمستند من كتاب الله، أو من سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فبهما الهدى والفرقان "والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم".

لم يزوج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة لصغرها وتزوج عائشة وهي صغيرة

لم يزوج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة لصغرها وتزوج عائشة وهي صغيرة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 8/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. أريد من فضيلتكم أن توضحوا لي لماذا لم يقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتزويج بنته فاطمة من أبي بكر أو عمر -رضي الله عنهما-، وعلَّل ذلك بصغر سن فاطمة -رضي الله عنها- وفي المقابل تزوَّج عائشة -رضي الله عنها-، وهي لم تبلغ بعد العاشرة. وما أردت بهذا السؤال إلا رفع الحرج الذي وقع في نفسي، ولمعرفة الرد السوي على شبهات المستشرقين على نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم-. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه النسائي في سننه (6/62) ، وابن حبان في صحيحه (6948) والحاكم في المستدرك (2/167) ، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي (6948) من طرق عن الحسين بن واقد عن ابن بريدة عن أبيه قال: خطب أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما- فاطمة- رضي الله عنها-، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إنها صغيرة" فخطبها علي-رضي الله عنه- فزوجها منه، وهذا إسناد صحيح، وبوَّب النسائي على الحديث بقوله: تزويج المرأة مثلها في السن، ويؤخذ من الحديث أن الموافقة بين الزوجين في السن أو المقاربة تراعى عند الزواج؛ لكونها أقرب إلى الائتلاف بين الزوجين، وأدعى لاستمرار الزواج وحسن العشرة، ولكن قد يترك مراعاة ذلك لمصلحة أعلى وأكبر كما في زواج النبي - صلى الله عليه وسلم- من عائشة - رضي الله عنها- فقد دلت الأحاديث أن زواجها كان عن طريق الرؤيا، ورؤيا الأنبياء حق، فهو أمر أراده الله وقدره وهو العليم الحكيم، ففي الصحيحين البخاري (3895) ، ومسلم (2438) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أريتك في المنام ثلاث ليال: جاءني بك الملك في سرقة من حرير- أي قطعة من حرير- فيقول: هذه امرأتك، فاكشف عن وجهك، فإذا أنت هي، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه، وهذا لفظ مسلم، وقد حصل في هذا الزواج المبارك خير عظيم للأمة إلى قيام الساعة، فقد اختار الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم- الصديقة بنت الصديق التي كانت آية في الذكاء والحفظ والفصاحة والفهم، والنبوغ المبكر، فحفظت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- كثيراً من أقواله وأفعاله، وأحواله، لا سيما تفاصيل ودقائق ما يتعلق بحياته الزوجية التي لا يطَّلع عليها إلا نساؤه، وبلغت ذلك للأمة أتم البلاغ وأكمله، فرضي الله عنها وأرضاها. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

تعدد زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -

تعدد زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 17/04/1425هـ السؤال سبق لي أن بعثت بعدد من الأسئلة، وقد تم الجواب عنها من قبل المشايخ الأفاضل على أحسن ما يكون، أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يبارك في جهودكم، وأن ينفع بها المسلمين، واليوم فإني أيضا سأضطر إلى حشد الأسئلة؛ للضرورة المذكورة، فلا تؤاخذوني، كثيراً ما يذكر عند ترجمة أمهات المؤمنين أن النبي- صلى الله عليه وسلم-دخل بإحداهن في سنة كذا وكذا، فما الحكمة من ذكر ذلك؟ وماذا نستفيد منه؟ لا سيما وأن بعض المستشرقين يعرّضون في هذا، فما الجواب عن هذا الإشكال. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وبعد: ليس هناك استشكال فيما ذكر بل هو من مميزات سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم- حيث حفظت بتفاصيلها ودقائقها، وذكر تاريخ دخوله - صلى الله عليه وسلم - في زوجاته جزء من سيرته - صلى الله عليه وسلم-، ويحتاج إليه في نقد الروايات وترجيح بعضها على بعض عند التعارض، فعلى سبيل المثال إذا جاء في بعض الروايات ذكر لبعض زوجاته - صلى الله عليه وسلم- ثم علمنا أنه لم يدخل بها في ذلك الوقت أدركنا أن الرواية حصل فيها وهم أو خطأ.

وأما ما يثيره المستشرقون من شبهات وأباطيل حول تعدد زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويعتمدون على روايات باطلة وواهية لاسيما ما جاء في قصة زواجه - صلى الله عليه وسلم- بزينب بنت جحش - رضي الله عنها- والمستشرقون وأبواقهم يقصدون من وراء ذلك النيل من كرامة النبي - صلى الله عليه وسلم- والطعن في رسالته، وتشكيك المؤمنين في دينهم ورسولهم، "يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" [الصف:8] ، ولنعلم أن تعدد زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم- سنة من سنن المرسلين الذين كانوا قبله، كما قال سبحانه وتعالى: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً" [الرعد: من الآية38] ، ولتعدد زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم- حكم ومقاصد سامية لا تخفى على من نظر بعين الإنصاف، وتجرد من الهوى والمقاصد السيئة، ولنعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لم يعدد إلا بعد بلوغه سن الشيخوخة أي بعد أن جاوز من العمر الخمسين، ثم إن جميع زوجاته الطاهرات ثيبات (أرامل) ، ما عدا عائشة - رضي الله عنها- فهي بكر، ولعل من أظهر الحكم لتعدد زوجاته أنه - صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء والمرسلين، ودينه خاتم الأديان، وشريعته عامة لكل البشر في كل زمان ومكان، وكان حريصاً غاية الحرص على أن تبلغ عقائد هذا الدين وشرائعه، وآدابه وأخلاقه إلى جميع البشر، وقد كان لزوجاته الطاهرات دور عظيم في تبليغ الشريعة ونشر السنة لا سيما ما يتعلق بحياة النبي - صلى الله عليه وسلم- الزوجية والبيتية مثل الأحكام المتعلقة بالمعاشرة الزوجية، وكيفية الاغتسال من الجنابة والقبلة أثناء الصوم ونحو ذلك، وقد قال الله -تعالى- مخاطباً أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -"وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ" [الأحزاب: من الآية34] ، وقد قمنا بهذه المهمة خير قيام، ومن يطلع على كتب السنة يجدها زاخرة بالأحاديث التي جاءت عن طريقهن ولو نظرنا على وجه التفصيل لوجدنا أن هناك مقاصد سامية لاختيار تلك الزوجات الطاهرات أمهات المؤمنين، وهذا عرض موجز لزوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- يتضح من خلاله وجوه متعددة من الحكم والمقاصد. (1) خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها -: وهي أول أزواجه عليه السلام، تزوجها الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكريم قبل البعثة وهو ابن خمس وعشرين سنة، وهي ثيب بنت أربعين، وكانت امرأة عاقلة ذات رأي وحكمة وسداد وقد وقفت بكل صدق وإيمان إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما جاءه الملك في غار حراء، فقد رجع إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يرجف فؤاده، وهو يقول زملوني زملوني، حتى ذهب عنه الروع، فحدَّث خديجة بالخبر، وقال لها: "لقد خشيت على نفسي، فقالت له: أبشر، كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق ... "، والحديث في الصحيحين البخاري (4) ومسلم (160) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

(2) سودة بنت زمعة - رضي الله عنها -: تزوجها الرسول - صلى الله عليه وسلم- بعد وفاة خديجة - رضي الله عنها-، والحكمة في اختيارها مع أنها أكبر سناً من الرسول - صلى الله عليه وسلم- أنها كانت من المؤمنات المهاجرات توفي عنها زوجها بعد الرجوع من هجرة الحبشة الثانية فكفلها النبي - صلى الله عليه وسلم- بزواجه منها. (3) عائشة بنت أبي بكر - رضي الله عنهما-: تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم- بعد أن جاءه الملك بصورتها في المنام، وأخبره بأنها امرأته كما في الصحيحين البخاري (3895) ومسلم (2438) وغيرهما من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وكانت آية في الذكاء والحفظ والفهم، وقد بلغت كثيراً من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم-، وكان الصحابة - رضي الله عنهم- يرجعون إليها في مسائل العلم. قال أبو موسى الأشعري- رضي الله عنه-: "ما أشكل علينا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حديث قط، فسألنا عائشة - رضي الله عنها- إلا وجدنا عندها منه علماً" رواه الترمذي (3883) . . وقال مسروق: "رأيت مشيخة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الأكابر يسألونها عن الفرائض". وقال عروة بن الزبير - رضي الله عنه-: "ما رأيت امرأة أعلم بطب، ولا فقه، ولا شعر من عائشة -رضي الله عنها-". (4) حفصة بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما-: تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تأيمت من زوجها خنيس بن حذافة، وكان شهد بدراً، وتوفي بالمدينة، وقد عرضها عمر على عثمان، وعلى أبي بكر - رضي الله عنهم-، ثم تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان في ذلك تكريم لعمر - رضي الله عنه- انظر ما رواه البخاري (4005) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -. (5) زينب بنت خزيمة - رضي الله عنها-: تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد حفصة بنت عمر - رضي الله عنهما- بعد استشهاد زوجها عبيدة بن الحارث - رضي الله عنه- وكانت تلقب بأم المساكين لكثرة تصدقها عليهم وبرها بهم، وكان في زواج النبي - صلى الله عليه وسلم- بها تكريم لها، وكانت امرأة حين تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم- كبيرة السن، ولم تبق عند النبي - صلى الله عليه وسلم- سوى عامين ثم توفاها الله. (6) زينب بنت جحش - رضي الله عنها-: تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن طلقها زيد بن حارثة رضي الله عنه-، ومن الحكم التشريعية في زواج النبي - صلى الله عليه وسلم- بها إبطال عادة التبني كما جاء في القرآن الكريم.

(7) أم سلمة - رضي الله عنها-: تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن توفي زوجها عبد الله بن عبد الأسد أبو سلمة - رضي الله عنه -، وقد جبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كسرها بعد أن فقدت زوجها، فأخرج الإمام مسلم في صحيحه (918) عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: "إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا اخلف الله له خيراً منها، قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قالت: أرسل إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حاطب ابن أبي بلتعة يخطبني له ... الحديث. (8) أم حبيبة، رملة بنت أبي سفيان - رضي الله عنها-: تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم- بعد أن تنصر زوجها عبيد الله بن جحش ومات بأرض الحبشة، وثبتت على إيمانها، فكان في زواج النبي - صلى الله عليه وسلم- بها تكريماً لها، وقد عقد عليها النبي - صلى الله عليه وسلم- وهي بأرض الحبشة، ولم يدخل بها إلا بعد فتح خيبر سنة 7هـ. (9) جويرية بنت الحارث - رضي الله عنها-: تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم- بعد قتل زوجها مسافع بن صفوان الذي كان من ألد أعداء الإسلام، وقد أُسرت مع قومها وعشيرتها، فعرض عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم- أن يدفع عنها الفداء، وأن يتزوجها فقبلت ذلك، فتزوجها الرسول - صلى الله عليه وسلم-، وأعتق المسلمون جميع الأسرى الذين كانوا تحت أيديهم من قومها، فلما رأى قومها ذلك أسلموا جميعاً، فكان زواجه - صلى الله عليه وسلم- بها بركة عليها وعلى قومها، وكانت أيمن امرأة على قومها، كما جاء في صحيح البخاري (2541) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-. (10) صفية بنت حُييِّ بن أخطب - رضي الله عنها-: تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم- بعد أن أُسرت وقتل زوجها في غزوة خيبر، وهي سيدة بني قريظة، ووقعت في سهم بعض المسلمين، فقال أهل الرأي والمشورة هذه سيدة بني قريظة لا تصلح إلا للرسول - صلى الله عليه وسلم-، فدعاها النبي -صلى الله عليه وسلم- وخيرها بين أن يعتقها ويتزوجها، أو يطلق سراحها فتلحق بأهلها فاختارت أن تكون زوجاً له - صلى الله عليه وسلم-، وقد أسلم بإسلامها عدد من قومها. (11) ميمونة بنت الحارث- رضي الله عنها-: وهي آخر أزواجه - صلى الله عليه وسلم-، وقد قالت فيها عائشة - رضي الله عنها-: "أما إنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم"،وقد وثق النبي عليه الصلاة والسلام بالزواج منها ما بينه وبين قبيلة من أشرف قبائل العرب، وقد ورد أن العباس - رضي الله عنه- هو الذي رغبه فيها، وكانت أختها أم الفضل تحت العباس - رضي الله عنه- انظر ما رواه أحمد (2437) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل الرسول من العرب المستعربة؟

هل الرسول من العرب المستعربة؟ المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 02/05/1425هـ السؤال هل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عربي أم مستعرب؟ وللعلم بأن الرسول- صلى الله عليه وسلم- ترجع أصوله لسيدنا إبراهيم -عليه السلام-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد وردفي صحيح مسلم (2276) من طريق واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم" خرجه في كتاب: الفضائل من صحيحه، باب: فضل نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- برقم: (2276) ، (4/1782) . وأورد البخاري - رحمه الله - نسب النبي - صلى الله عليه وسلم- في ترجمته باب: مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- من كتاب مناقب الأنصار في صحيحه بشرحه الفتح (7/162) ، فقال: "محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان". وهذا القدر من نسبه متفق عليه عند أهل السير والأنساب، حيث يذكر المؤرخون أن نسب النبي - صلى الله عليه وسلم- ينقسم إلى ثلاثة أجزاء: الأول: جزء اتفق عليه كافة أهل السير والأنساب، وهو الجزء الذي يبدأ منه - صلى الله عليه وسلم- وينتهي إلى عدنان. الثاني: جزء كثر فيه الاختلاف حتى جاوز حد الائتلاف، وهو الجزء الذي يبدأ بعد عدنان وينتهي إلى إبراهيم - عليه السلام-. الثالث: ويبدأ بعد إبراهيم - عليه السلام- وينتهي إلى آدم - عليه السلام- وجُلّ الاعتماد فيه على أهل الكتاب. والنبي - صلى الله عليه وسلم- على هذا من العرب المستعربة، وهم العرب المنحدرة من صلب إسماعيل - عليه السلام- وتسمى بالعرب العدنانية، وذلك أن المؤرخين يقسمون العرب إلى ثلاثة أقسام بحسب السلالات التي يتحدرون منها، وهم: (1) العرب البائدة، وهم القدامى من الذين انقرضوا تماماً كعاد وثمود، وطسم وجديس وحضرموت، وغيرهم. (2) العرب العاربة، وهم المنحدرون من صلب يشجب بن يعرب بن قحطان، ويسمون بالعرب القحطانية. (3) العرب المستعربة كما تقدم، ومنهم النبي -صلى الله عليه وسلم-. والله الموفق.

مفاداة الأسرى في بدر

مفاداة الأسرى في بدر المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 20/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. في غزوة بدر علمنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وافق أبا بكر - رضي الله عنه- بإطلاق الأسرى مقابل تعليم 10 من المسلمين، ولم يوافق على اقتراح عمر -رضي الله عنه- بقتلهم عن طريق أقارب المسلمين المقتولين، وقد ذكر العلماء أن الله ما أحب فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وفضل اقتراح عمر -رضي الله عنه-، فهل صح هذا القول عن بعض العلماء؟ وإذا صح فلماذا لم يتم قتل الأسرى الكفار مقابل المسلمين بعد ذلك؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لما أخذ المسلمون الفداء من المشركين الأسرى بعد غزوة بدر ولم يقتلوهم، نزل القرآن الكريم ليبين أن قتلهم كان أفضل من إطلاقهم فقال - تعالى -: "مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ" [الأنفال: من الآية67] ؛ وذلك لأن غزوة بدر كانت أول غزوة جمعت الرسول - صلى الله عليه وسلم- مع المشركين، فكان في قتل الأسرى إضعافاً لقوة المشركين وزرعاً للهيبة في قلوبهم، وإنما اختار الرسول - صلى الله عليه وسلم- مفاداة المشركين اجتهاداً منه؛ لأنه لما شاور المسلمين كان أغلبهم يختار هذا الرأي، مع ما في قلبه - صلى الله عليه وسلم- من الرحمة وحب التيسير، وإنما لم يقتل الأسرى بعد ذلك؛ لأنه قد صدر الرأي والأمر بإطلاقهم، فلا يجوز الرجوع فيه، بل قد يكون قد تم إطلاق بعضهم. والله أعلم.

هل أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود من الجزيرة؟

هل أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود من الجزيرة؟ المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 21/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. دار نقاش بيني وبين بعض الإخوان حول: هل النبي -صلى الله عليه وسلم- أخرج اليهود بعد فتح مكة من جزيرة العرب جميعاً حتى جاره صلى الله عليه وسلم اليهودي؟ أرجو ذكر الدليل.....وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا صلة بين فتح مكة وإخراج النبي -صلى الله عليه وسلم- اليهود من المدينة لا من الناحية العقدية، ولا من الناحية التاريخية، وقد كان في المدينة حيث هاجر إليها الرسول - صلى الله عليه وسلم- ثلاث قبائل يهودية، وهم: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، فعاقدهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عقداً (مدنياً) ، يتعايشون بموجبه في المدينة، ويدفعون عنها، ويتحملون ديات من يقتل من أحد من الأطراف ... إلخ.. فكان أن غدرت يهود، ونقضت العهد قبيلة تلو الأخرى، فأجلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بني قينقاع ثم بني النضير، وقتل بني قريظة، في تفاصيل تاريخية مبسوطة في كتب السير والمغازي، وبقي بقية من يهود في خيبر، لما فتحها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه عاملهم بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، متفق عليه البخاري (2286) ، ومسلم (1551) ، وفي رواية لهما: "فسألوه أن يقرهم بها على أن يكفوه عملها، ولهم نصف التمر، فقال لهم رسول الله -صلى الله وسلم-: "نقركم بها على ذلك ما شئنا"، وفي لفظ: "نقركم ما أقركم الله" رواه البخاري (2338) ، فقروا بها، حتى أجلاهم عمر - رضي الله عنه-. وإخراجهم من جزيرة العرب له سببان: - سبب خاص: وهو ما جرى منهم من الغدر والخيانة، ومحاولات اغتيال النبي -صلى الله عليه وسلم- المتكررة، وتأليب المشركين على المسلمين، ومعاونتهم على ذلك ... إلخ.. - سبب عام: وهو أن تكون الجزيرة العربية قاعدة للإسلام، ففي صحيح مسلم (1767) : عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما"، وفي مسند أحمد: عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: "كان آخر ما عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يترك بجزيرة العرب دينان" (6/275) . وأما جاره اليهودي، فقضية خاصة، وقد كان صلى الله عليه سلم- يعوده إذا مرض، ويدعوه إلى الإسلام، كما يدعو سائر اليهود، وحكمه حكم قومه ما دام باقياً على دينه، ولا نعلم تحديداً ما جرى له، هل أسلم، أو مات، أو انتقل عن مكانه، ولا يترتب على ذلك شيء. والله أعلم.

أمية الرسول صلى الله عليه وسلم

أمية الرسول صلى الله عليه وسلم المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 17/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. هل كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمياً بعد نزول الوحي وبدء دعوته؟ وهل يأثم من يظن خلاف ذلك؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. النبي - صلى الله عليه وسلم- كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، قال الله -تعالى-: "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون" [العنكبوت: 48] ، ولقوله تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم" [الجمعة: 2] ، وقال صلى الله عليه وسلم بعد ما بعثه الله: "إنا أمة أمية لا نكتب" رواه البخاري (1913) ، ومسلم (1080) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، فأما النصوص الصريحة الصحيحة الواضحة فينبغي للمسلم أن يقبلها على الحقيقة، ويؤمن بها، وكون النبي -صلى الله عليه وسلم- أمياً لا يقرأ ولا يكتب له دلالة واضحة على أن هذا القرآن منزل من عند الله، ولو كان عليه السلام يقرأ أو يكتب لقال قائل لعله تعلمه من غيره، كما قال تعالى: "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون" [العنكبوت: 48] ، فهذا الاحتمال ينقطع إذا علم أنه -صلى الله عليه وسلم- كان أمياً، وإذا كان الأصل فيه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان أمياً فلا يزول هذا الأصل إلا بدليل قطعي. والله أعلم.

مارية القبطية رضي الله عنها

مارية القبطية رضي الله عنها المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 25/08/1425هـ السؤال ما هي صفة مارية القبطية في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد إنجابها لابنه إبراهيم منها؟ ولماذا تخلو كتب السيرة النبوية من الحديث عن حياتها أثناء حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكذلك مصيرها بعد وفاته؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أما سراريه صلى الله عليه وسلم فأربع - وقيل ثلاث- مارية القبطية، واسمها مارية بنت شمعون، من بلدة حفنة (حفن) قرية بصعيد مصر، أم ولده إبراهيم- عليه السلام-، وريحانة بنت زيد (يزيد) من بني النضير، وقيل من بني قريظة، وجميلة، وجارية وهبتها له صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، أما كتب السيرة والحديث فهي مليئة بأخبار عن زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأولاده وسراريه، ويمكن أن نجد في كتب التراجم أخبار عن مارية في ترجمة إبراهيم بن محمد - صلى الله عليه وسلم-، وفي كتب السنن والصحاح، والآثار، فنجد روايات وأحاديث كثيرة في باب الجنائز، وفي فرض الصلاة على الطفل، وفي رحمته بالصبيان والصلاة عليهم، أما مصيرها بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، فإنها قد بقيت بالمدينة وبها توفيت في سنة 16هـ، في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-، ودفنت بالبقيع، وكانت تسكن بالعالية التي يقال لها مشربة أم إبراهيم- الآن المشربة في الجنوب الشرقي عن المسجد النبوي، وتبعد عنه بنحو ثلاثة كيلو مترات-، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يختلف إليها، فضرب عليها الحجاب، وكان يطؤها بملك اليمين، وأن مارية لما توفي صلى الله عليه وسلم اعتدت ثلاث حيض، وعاشت بقية حياتها مكرمة معززة في خلافة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما- وصلى عليها جمع غفير من الصحابة - رضي الله عنهم- ودفنت بالبقيع مع أمهات المؤمنين وجمع من الصحابة - رضي الله عنهم-. والله أعلم.

وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- كما وصفته أم معبد رضي الله عنها

وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- كما وصفته أم معبد رضي الله عنها المجيب عقيل بن محمد بن زيد المقطري رئيس اللجنة العلمية بجمعية الحكمة اليمانية الخيرية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 14/08/1425هـ السؤال ما هو الوصف الكامل للنبي صلى الله عليه وسلم، كما وصفته به أم معبد التي رأته ووصفته بدقة. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فإن الوصف الكامل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما وصفته أم معبد، كما جاء في حديث حبيش بن خالد، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- حين خرج من مكة مهاجرًا إلى المدينة، مرَّ- عليه الصلاة والسلام- على خيمة أم معبد، رضي الله عنها، ورأت من كراماته صلى الله عليه وآله وسلم، ثم بايعها على الإسلام، وانطلق، ولما رجع زوجها ووجد لبنًا أعجبه ذلك وقال: من أين لك هذا يا أم معبد والشاء عازب حائل ولا حلوب في البيت؟ قالت: لا والله إلا أنه مرّ بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا. قال: صِفِيه لي يا أم معبد. قالت: رأيتُ رَجُلاً ظاهِرَ الوَضَاءَةِ أَبْلَجَ الوَجْهِ، حَسَنَ الخَلْقِ؛ لَمْ تَعِبْهُ تَجِلَّةٌ، ولَمْ تُزْرِيهِ صعلةٌ، وَسِيمٌ، قَسِيمٌ، في عَيْنِهِ دَعَجٌ، وفي أَشْفَارِهِ وَطفٌ، وفي صوتِه صَهلٌ، وفي عُنقِه سَطعٌ، وفي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ، أَزَجُّ أَقْرَنُ، إن صمَتَ فَعَلَيه الوَقَارُ، وإنْ تَكَلَّم سماه وعَلَاهُ البَهَاءُ، أَجْمَلُ النَّاسِ وأَبْهَاهُ مِن بَعيدٍ، وأَحْسَنُه وأجملُه مِن قَريبٍ، حُلْوُ المًنْطِقِ، فَصْلاً لا نَزْرَ ولا هَذْرَ، كأنَّ منطقَه خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ، رَبْعَةٌ، لا تَشْنَؤهُ مِن طولٍ، ولا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِن قِصَرٍ، غُصنٌ بينَ غُصنَين، فهو أَنْضَرُ الثلاثةِ مَنْظَرًا، وأحسنُهم قَدْرًا، له رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ، إنْ قال سَمِعُوا لِقَوْلِه، وإنْ أمَر تَبَادَرُوا إلى أمْرِه، مَحْفُودٌ، مَحْشُودٌ، لا عَابِسٌ ولا مُقْتَصِدٌ. الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (3605) ، والحاكم في المستدرك (3/9-10) ، وأبو نعيم في دلائل النبوة (282-287) ، واللالكائي في اعتقاد أهل السنة (1434-1437) . وله شاهد من حديث جابر كما عند البزار (كشف الاستار: 1742) . وشاهد آخر من حديث أبي معبد الخزاعي، رواه ابن سعد في الطبقات (1/230-232) . وله شاهد أيضاً عند البيهقي في دلائل النبوة (2/491) . والحديث: بمجموع طرقه يرتقى إلى درجة الحسن. والله الموفق. (*)

______ (*) شرح معاني بعض الكلمات: الوَضَاءَةِ: حسن الوجه. أَبْلَجَ الوَجْهِ: مشرق الوجه. التَجِلَّةٌ: عظم البطن. الصعلة: صغر الرأس. الوَسِيمٌ: الجميل الخلقة. الدعج: شدة سواد العينين. الوطف: طول أشفار العيون. الصهل: حدَّه الصوت وصلابته. سطع: إشراف وطول. كثاثة: دقة نبات شعر اللحية مع استدارة. أَزَجُّ أَقْرَنُ: دقة شعر الحاجبين مع طول فيهما واتصال ما بينهما من شعر. البهاء: حسن المظهر. لا نَزْرَ ولا هَذْرَ: كلامه بَيِّن واضح ليس كثيراً وليس قليلاً. لا تَشْنَؤهُ مِن طولٍ: ليس طويلاً طولاً مفرطاً. ولا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِن قِصَرٍ: لا يحتقر لقصره الشديد. له رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ: يحيطون به. المَحْفُودٌ: المخدوم.

هل إسراء النبي -صلى الله عليه وسلم- منام؟

هل إسراء النبي -صلى الله عليه وسلم- منام؟ المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 13/09/1426هـ السؤال في حادثة الإسراء والمعراج، هل كان ذلك في منام رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- أم أنه ذهب بجسده؟ أرجو ذكر الأدلة على ذلك. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالإسراء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به كان حقيقة ً لا مناماً، لقول الله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، لنريه من آياتنا". [الإسراء:1] والأحاديث كثيرة منها: ما رواه البيهقي في دلائل النبوة (2/390) ، وابن جرير في تفسيره (15/11) ، عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال له أصحابه: يا رسول الله أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها، قال: قال الله عز وجل: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ... " قال: فأخبرهم: فقال: "بينا أنا نائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آتٍ، فأيقظني، فاستيقظت فلم أر شيئاً، وإذا أنا بدابةٍ ادنى شبهاً بدوابكم هذه ... ) فذكر قصة الإسراء بطولها. وروى البيهقي أيضاً في الدلائل (2/359) ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن ناساً جاءوا إلى أبي بكر - رضي الله عنه- فقالوا: هل لك في صاحبك، يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس، ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة! فقال أبوبكر -رضي الله عنه-: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: فأشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا: فتصدقه بأن يأتي الشام في ليلة واحدة، ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح؟ قال: نعم، إني أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء. قال أبو سلمة: فبها سمي: أبو بكر بالصديق. وفي صحيح مسلم، في كتاب الإيمان (278) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربةً ما كربت مثله قط، فرفعه الله لي أنظر إليه، ما سألوني إلا أنبأتهم به ... " الحديث، وغير ذلك من عشرات الأحاديث في الصحيحين وغيرهما. وقد ساق ابن كثير -رحمه الله- جملة من هذه الأحاديث على آية الإسراء "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله.." ثم قال رحمه الله بعد ذلك (8/431) : "والحق أنه عليه السلام أسري به يقظةً لا مناماً، من مكة إلى بيت المقدس". وقال أيضاً (8/432) : "اختلف الناس: هل كان الإسراء ببدنه -عليه السلام- وروحه، أو بروحه فقط؟ على قولين: فالأكثرون من العلماء على أنه أسري ببدنه وروحه يقظة لا مناماً".

زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- وسراريه

زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- وسراريه المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية التاريخ 17/09/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- إماء عند وفاته؟ أم أنه تزوجهن جميعاً؟ وإذا كان عنده إماء، فهل كان له أولاد منهن؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- المدخول بهن اثنتا عشرة امرأة، وهن: (1) خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها- تزوجها بمكة، وأنجب منها عبد الله والطاهر، والقاسم، وبه كان يكنى، وماتوا بمكة قبل الهجرة، وبناته زينب وأم كلثوم ورقية متْت في حياته، وفاطمة ماتت بعده بستة أشهر - رضي الله عنهن-. (2) سودة بنت زمعة -رضي الله عنها-. (3) عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة- رضي الله عنهم- البكر الوحيدة التي تزوجها صلى الله عليه وسلم. (4) حفصة بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما-. (5) زينب بنت خزيمة - رضي الله عنها-. (6) أم سلمة، واسمها هند بنت أبي أمية- رضي الله عنها-. (7) زينب بنت جحش - رضي الله عنها-. (8) أم حبيبة، واسمها رملة وقيل هند بنت أبي سفيان- رضي الله عنها-. (9) جويرية، واسمها برة بنت الحارث - رضي الله عنها-. (10) صفية بنت حُيي بن أخطب النضري - رضي الله عنها-. (11) ميمونة بنت الحارث- رضي الله عنها-. (12) ريحانة بنت يزيد من بني النضير، ومات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن التسع من نسائه، وهن: عائشة وحفصة، وسودة، وأم حبيبة، وأم سلمة، وزينب، وجويرية، وميمونة، وصفية - رضي الله عنهن-، وكان عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ملك يمينه ريحانة ابنة عمرو بن حذافة، فلم يصب منها ولداً حتى مات، ومارية أم إبراهيم القبطية - أهداها المقوقس حاكم مصر- ولدت له ابنه إبراهيم مات وعمره 18 شهراً، وجارية وهبتها له صلى الله عليه وسلم زينب بنت حجش، وزليخة القرظية. والله أعلم.

الصحابة الكرام

عصمة فاطمة -رضي الله عنها- المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 18/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أورد بعض الرافضة إشكالاً وهو القول بعصمة فاطمة - رضي الله عنها- مستدلاً بقوله - صلى الله عليه وسلم- "فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني"، فقال إن فاطمة - رضي الله عنها- بما أن غضبها من غضب رسول الله، وغضب رسول الله -عليه الصلاة والسلام- من غضب الله فلذلك فاطمة - رضي الله عنها- لا تغضب لباطل أي أنها معصومة فكيف يجاب عن هذا الإشكال؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فلا دليل فيه على عصمة فاطمة - رضي الله تعالى عنها- ويدل على المراد من الحديث قصة وروده، وذلك لما أراد علي - رضي الله تعالى عنه- أن يتزوج على فاطمة - رضي الله عنها- فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم- لغضب فاطمة- رضي الله عنها-، وقال هذا الحديث، والمراد ما يغضبها من الزواج عليها. والرافضة يقولون بعصمة علي - رضي الله عنه- أيضاً، وهو الذي أغضبها - رضي الله عنهما- حينما هم بالزواج عليها، وشكت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- حتى قال ما قال - عليه الصلاة والسلام-، فعدل عمّا عزم عليه، إرضاء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- انظر ما رواه البخاري (3729) ، ومسلم (2449) من حديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه-، وكيف تكون فاطمة - رضي الله تعالى عنها- معصومة والنبي - صلى الله عليه وسلم- قد خاطبها قائلاً: "يا فاطمة بنت محمدٍ: سليني من مالي لا أغني عنك من الله شيئاً" رواه البخاري (2753) ، ومسلم (204) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أغنى عنك من الله شيئاً " إذا كانت معصومة!.

الصحابة ودخول النار

الصحابة ودخول النار المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 25/3/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: نحن نعلم أن من عقيدة أهل السنة والجماعة الترضي على الصحابة -رضوان الله عليهم- وأنهم جميعاً قد رضي الله عنهم وأن لهم الحسنى، فهل من عقيدة أهل السنة والجماعة عدم دخول جميع الصحابة النار بتاتاً إلا المرور على الصراط؟، وأن ذنوبهم جميعها مغفورة؟ أرجو توضيح ذلك. الجواب يعتقد أهل السنة والجماعة، أن الصحابة -رضي الله عنهم- جميعهم عدول، وأن الله أنزل في حقهم "رضي الله عنهم ورضوا عنه" [البينة: 8] ، والصحابة -رضي الله عنهم- متفاوتون في الدرجة والمنزلة، فلا يعتبر من أسلم بعد الفتح كمن أسلم قبل الفتح وقاتل، وبهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: لخالد بن الوليد - رضي الله عنه-: "لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه" أخرجه البخاري (3637) ، ومسلم (2541) ، من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه، ولا يعتقد أهل السنة والجماعة في الصحابة العصمة لا من الكبائر، ولا من الصغائر، فيجوز أن يقعوا في الكبائر وقد أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- في عهده الحد في مرتكبي الزنا والسرقة، وإذا جاز في حقهم ارتكاب الكبيرة فإن أهل السنة والجماعة لا يجزمون أن من ارتكب الكبيرة محرزاً من وقوع العذاب عليه فضلاً عن الخلود في النار، فمرتكب الكبيرة تحت مشيئة الله إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له، وإن عذبه لا يخلد في النار، ولا يسلب عنه مسمى الإيمان، قال تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء: 48] ، وهناك أسباب كثيرة لتكفير السيئات منها الحسنات، وفيها المصائب، ومنها التوبة ومنها دعاء المؤمنين ومنها الشفاعة، وعليه فلا يستطيع أحد أن يجزم لمعين ارتكب كبيرة باستحقاقه العذاب أو النجاة، والله أعلم.

قصة الحسن ومعاوية والمغيرة وعمرو -رضي الله عنهم أجمعين-

قصة الحسن ومعاوية والمغيرة وعمرو -رضي الله عنهم أجمعين- المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 11/7/1424هـ السؤال يا شيخنا الفاضل، لقد أثارت الشيعة هذه الرواية، ونحن لا نستطيع أن نرد عليهم، وأتمنى منكم أن تبينوا لنا ما مدى صحة أو ضعف هذه الرواية، وجزاكم الله خيراً. عن أبي مجلز قال: قال عمرو والمغيرة بن شعبة لمعاوية: إن الحسن بن علي رجل عيي وإن له كلاماً ورأياً وإنا قد علمنا كلامه فيتكلم كلاماً فلا يجد كلاماً. قال: لا تفعلوا. فأبوا عليه فصعد عمرو المنبر فذكر علياً ووقع فيه، ثم صعد المغيرة بن شعبة فحمد الله وأثنى عليه ثم وقع في علي ثم قيل للحسن بن علي: اصعد فقال: لا أصعد ولا أتكلم حتى تعطوني إن قلت حقاً أن تصدقوني وإن قلت باطلاً أن تكذبوني. فأعطوه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال: أنشدكما بالله يا عمرو ويا مغيرة أتعلمان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: " لعن الله السابق والراكب ". أحدهما فلان؟ قالا: اللهم بلى قال: أنشدك بالله يا معاوية ويا مغيرة أتعلمان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن عمراً بكل قافية قالها لعنة؟ قالا: اللهم بلى قال: أنشدك بالله يا عمرو ويا معاوية بن أبي سفيان أتعلمان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن قوم هذا؟ قالا: بلى. قال الحسن: فإني أحمد الله الذي وقعتم فيمن تبرأ من هذا. قال وذكر الحديث. رواه الطبراني عن شيخه زكريا بن يحيى الساجي قال الذهبي: أحد الأثبات ما علمت فيه جرحاً أصلاً، وقال ابن القطان: مختلف فيه في الحديث وثقه قوم وضعفه آخرون، وبقية رجاله رجال الصحيح. الجواب هذا الحديث الذي سألت عنه رواه الطبراني في الكبير (3/71) قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، ثنا محمد بن بشار، ثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي، ثنا عمران بن حدير، أظنه عن أبي مجلز، قال: قال عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة.. فذكر الحديث الذي سألت عنه. والجواب عن هذا الحديث من أربعة أوجه: الأول: أن الراوي -وهو عبد الملك بن الصباح- قال في روايته:"وأظنه" فهذا شك منه في اسم الراوي، والشك من أسباب ضعف الخبر عند أهل العلم، إذ يحتمل أن يكون الراوي الذي حدثه هو ذلك الثقة، ويحتمل أن يكون الراوي من الضعفاء. الثاني: أن عبد الملك بن الصباح -الراوي عن عمران- صدوق، كما قال أبو حاتم، والذهبي في الميزان (2/657) ووثقه غيرهما كما في تهذيب الكمال (18/332) ، ومن كانت هذه حاله فيحتمل أنه لم يضبط حديثه، خاصة وأن في هذا الحديث قرينة على عدم ضبطه، وهو شكه في شيخ شيخه. الثالث: هذا الحديث فيه إرسال لأن أبا مجلز قال: قال عمرو ... إلخ، وهذه الصيغة عند المحدثين لا تفيد السماع، بل هي تدل على أن الراوي لم يسمع القصة، بل حكاها حكاية، وهذا معنى الإرسال عندهم، أي أنه لم يقل: سمعت، أو حدثنا أو عن بشرط أن يكون غير مشهور بالتدليس حينما يقول: عن.

وقد راجعت أحاديث أبي مجلز عن معاوية في الكتب التسعة ومسند الشافعي وأبي عوانة ومصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة ومنتقى ابن الجارود وصحيح ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم وسنن الدارقطني وغيرها كثير، فلم أجد رواية واحدة تصرِّح بسماعه من معاوية -رضي الله عنه-، ولم أقف له عن معاوية إلا على خمسة أحاديث: أحدها: حديث "من سره أن يتمثل له الرجال قياماً، فليتبوأ مقعده من النار"أخرجه أحمد (4/100) وغيره، والثاني: عند الطبراني في الكبير (19/352) :"إن تسوية القبور من السنة، وقد رفعت اليهود والنصارى فلا تتشبهوا بهما" والثالث: عند ابن حبان في المجروحين (3/159) ، والرابع: عند ابن عدي في الكامل (2/109) وكلاهما منكر، والخامس: عند ابن أبي عاصم في الزهد موقوفاً عليه (113) ، ولم أقف في جميع هذه الطرق على ما يدل على سماع أبي مجلز من معاوية -رضي الله عنه-، وعليه فلا يحكم لهذا الحديث بالاتصال مع عدم ثبوت دليل واضح على سماعه منه. الرابع: أنه على فرض صحته فقد ثبت في الصحيحين البخاري (6000) ومسلم (2601) واللفظ لمسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"اللهم إني أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر، فأي المؤمنين آذيته، شتمته لعنته، جلدته، فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة". وفي صحيح مسلم (4/2007) ح (2600) من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلان، فكلماه بشيء لا أدري ما هو! فأغضباه فلعنهما وسبهما فلما خرجا، قلت: يا رسول الله من أصاب من الخبر شيئاً ما أصابه هذان! قال: وما ذاك؟ قالت: قلت لعنتهما وسببتهما، قال:"أو ما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قال:"اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجراً". وجاء نحوه من حديث جابر وأنس -رضي الله عنهما-. ولهذا كان من فقه الإمام مسلم -رحمه الله- أنه أورد في صحيحه ح (2604) حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال:"كنت ألعب مع الصبيان، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتواريت خلف باب، قال: فجاء فحطأني حطأة، وقال:"اذهب وادع لي معاوية"، قال: فجئت فقلت: هو يأكل، قال: ثم قال لي: اذهب فادع لي معاوية، قال: فجئت، فقلت: هو يأكل، فقال:"لا أشبع الله بطنه" أورد مسلم هذا الحديث بعد حديث عائشة وأبي هريرة -رضي الله عنهما- وغيرهما ليبين أن هذه الدعوة التي لحقت معاوية -رضي الله عنه- صارت بذلك الشرط الذي اشترطه النبي -صلى الله عليه وسلم- منقبة له -رضي الله عنه-، فقد تحولت هذه الدعوة إلى كونها زكاة ورحمة، وقربة يتقرب بها يوم القيامة، ولهذا يعد أهل السنة هذا الحديث وأمثاله في مناقب معاوية -رضي الله عنه-، والله أعلم.

قول الصحابي إذا خالف صحابة آخرين

قول الصحابي إذا خالف صحابة آخرين المجيب د. صالح بن عبد العزيز المنصور عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام سابقاً التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 15/8/1423هـ السؤال هل مذهب الصحابي الذي خالفه صحابة آخرون جدير بالاتباع أم لا؟ الجواب الجواب وبالله التوفيق: إذا قال الصحابي قولاً وخالفه صحابي غيره فإنه يجب على المجتهد أن يسلك مسلك الترجيح بين هذه الأقوال، فيأخذ ما أيده الدليل من كتاب الله أو سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو قياس صحيح أو أثر صحيح، أو نظر صحيح، أو مقصد من مقاصد الشريعة أو غير ذلك من وسائل الترجيح، فإن لم يجد ما يؤيد أحد هذه الأقوال على غيرها قدَّم قول الخلفاء الراشدين الأربعة على قول غيرهم إن اجتمعوا، فإن لم يجتمعوا قدَّم قول أبي بكر وعمر، ثم عمر على قول غيره، ثم من ذكرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بصفة من صفات المدح في العلم، فإن لم يجد ما يرجح به قول أحدهم على الآخر بوجه من وجوه الترجيح حكى الخلاف في المسألة ولم يجزم بصحة قول أحد منهم. قال الإمام ابن قيم الجوزية -رحمه الله- حينما ذكر أصول مذهب الإمام أحمد، وذلك في كتابه (إعلام الموقعين صـ21/1) :"الأصل الثالث من أصوله: إذا اختلف الصحابة - رضوان الله عليهم - تخيّر من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة، ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال حكى الخلاف فيها ولم يجزم بقولٍ".

قلت: وهذا بالنسبة للعلماء المجتهدين، أما بالنسبة للمقلد وعوام الناس فإنه يقلد في ذلك الخلاف العلماء المجتهدين، وأعني بالعلماء المجتهدين: علماء السلف الصالح المتبعين لأدلة الكتاب والسنة وإجماع الأمة والأدلة الشرعية، دون أئمة البدع الذين يُعرضون عن أدلة الشرع ويقدمون القياس والعقل على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وعمل الصحابة، بل يقعون في أعراضهم، فمثل هؤلاء الذين يخالفون أدلة الشرع يجب على المسلم أن يحذرهم ولا يثق بأقوالهم، وقد قال السلف الصالح في مثل هؤلاء: إذا رأيتم الرجل صاحب هوى ويسب الصحابة والسلف الصالح فاعلموا أنه صاحب بدعة، ولا شك أن قول الصحابي أو مذهبه أولى من غيره مع عدم الدليل؛ لأن الصحابة -رضوان الله عليهم- أعدل الناس وأبرُّ الناس وأتقاهم، وقد بلغوا الذروة في التقوى، ومن كان كذلك فقد وعده الله العلم، ووعْدُه -تعالى- حق، ومن أصدق من الله قيلاً، يقول الله -عز شأنه-:"واتقوا الله ويعلمكم الله"، ثم إن الصحابة -رضوان الله عليهم- لديهم من الصفات والوسائل ما يجعلهم جديرين بأن يكون قولهم صواباً يجب تقديمه على قول غيرهم لملازمتهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يجعلهم يعرفون مراده في إشاراته وكلامه ونغمات ونبرات صوته وما يظهر على وجهه من سرور وفرح، أو كراهة وبغض، وحضروا نزول القرآن وعرفوا أسباب نزول الآيات ومناسبات نزولها، ووقتها وما يراد منها، وعرفوا الناسخ والمنسوخ، والمنطوق، والمفهوم، والمطلق والمقيد، والعام والخاص، كيف لا وهم أرباب الفصاحة والبيان، لم تخالطهم عجمة ولم يتأثروا بمجتمعات أخرى غير المجتمع الذي نزل فيهم القرآن، إنك لو أتيت برجل أعجمي وجعلته ملازماً لك يخدمك أو يقوم بعمل لديك لوجدته أعرف الناس بكلامك وإشاراتك، ومرادك من غيره حتى من العرب، فكيف بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

إن الكلام الذي تتكلم به وأنت واحد فيفهم من سمعه منك من المعاني غير ما سمعه شخص آخر ممن نقله عنك، وربما تكلم طفلاً بكلام فيضحك، وربما تكلمه بنفس الكلام مرة أخرى فينفر منك أو يبكي، وذلك لما صاحب الكلام من انفعال وحدّة وغضب، ومثل هذا المعنى الذي يوجد في نبرات الصوت وقسمات الوجه لا يدركها إلا من سمع من المتكلم مباشرة، لذا قلنا إن قول الصحابي الذي سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقدم على قول غيره لهذه الاعتبارات التي ذكرناها وغيرها، فهل يليق بمسلم يؤمن بالله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يقدم قول غيره في شرع الله مع عدم الدليل؟ وإنما يسوغ ترك قول الصحابي إذا كان مخالفاً للدليل، أما إذا لم يكن هناك دليل فلا وألف لا، كيف نترك قول الصحابة وهم الذين عدلهم الله -تعالى- وزكاهم وجعلهم حملةً لرسالة نبيه ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بعده إلى من بعدهم؟ فالقدح فيهم قدح في الله -تعالى- وعلمه، ووصف له -سبحانه وتعالى- بالجهل، حيث يختار لصحبة نبيه - عليه الصلاة والسلام - وحمل رسالته أناساً جهالاً، أو خونة كما يقوله بعض الطوائف المبتدعة -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً-، أرأيتم لو أن ملكاً من ملوك الدنيا أراد أن يختار رجلاً لمنصب ولاية ويحمله مسؤولية كبيرة، وأمانة عظيمة وأراد أن يرسل معه أنصاراً وأعواناً وأصحاباً لمساندته فما ظنكم فيمن يختار له من الأنصار والأصحاب؟ أيختار له جهالاً أو خونة أو منافقين؟ كلا، ولئن حصل اختيار غير مناسب في بعضهم فهذا راجع لقصور علم هذا الملك، ولو علم ذلك منه لما اختاره، هذا مثل يقرب لنا اختيار الله للصحابة -رضوان الله عليهم- ولله المثل الأعلى، فاتهام الصحابة أو القدح فيهم قدح في علم الله وذات الله -تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علواً كبيراً، وقد أجمع التابعون على اتباع الصحابة فيما ورد عنهم والأخذ بقولهم والفتيا به من غير نكير من أحد منهم وكانوا من أهل الاجتهاد، قال العلائي - في كتابه (الإصابة في أقوال الصحابة صـ67) -:"ومن أمعن النظر في كتب الآثار وجد التابعين لا يختلفون في الرجوع إلى أقوال الصحابة فيما ليس فيه كتاب ولا سنة ولا إجماع" انتهى كلام العلائي. وما ذكرته هنا هو مذهب الإمام مالك وأصحابه، وهو قول إسحاق بن راهويه وأبي عبيد وهو منصوص الإمام أحمد بن حنبل في غير موضع عنه، واختيار جمهور أصحابه، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة، صرح به محمد بن الحسن وذُكر عن أبي حنيفة نصاً، وهو مذهب جمهور الحنفية، وهو ما نص عليه الشافعي في القديم، وكذلك الجديد، ذكر ذلك الإمام ابن قيم الجوزية -رحمه الله-. وقد بسطت واستطردت في جواب هذا السؤال لأهميته وشدة الحاجة إلى معرفته؛ لما رأيناه وسمعناه في وسائل الإعلام المرئية والسمعية من قدح في الصحابة - رضوان الله عليهم - وأقوالهم من أصحاب النوايا السيئة، ومن أهل البدع، نسأل الله أن يرد شارد المسلمين ويهدي الضالين إلى الصراط المستقيم، ويجمع كلمة عباده المؤمنين، إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

فهم السلف للنصوص

فهم السلف للنصوص المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 23/12/1424هـ السؤال من المؤكد أن فهم السلف أحكم وأعلم من فهم الخلف، ويتبين ذلك في فهم الصحابة للنصوص، كما في حديث عائشة - رضي الله عنها- أنها عندما روت حديث: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" قالت: "يحذر ما صنعوا"، وابن مسعود -رضي الله عنه- عندما روى قصة الحبر الذي سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الله يضع السماوات على إصبع..الخ، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "فضحك النبي تصديقاً لما يقول"، وقد خالف في هذا بعض مخالفي الخلف بتأويل فهم الصحابة -رضي الله عنهم- إلى ما يريدون فهلاّ ذكرتم لنا مشكورين أمثلة يتبين فيها تفسير الصحابة -رضي الله عنهم- لأقوال الرسول وأفعاله وفق هذا المنهج القويم؟ الجواب أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- هم الذين اختارهم الله لهذه المنزلة، التي لا يلحقهم فيها غيرهم. فقد تلقوا عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم- ما جاء به من الهدى، ودين الحق، وما أنزل الله عليه من الكتاب والحكمة، سمعوا من الرسول -رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقواله وشهدوا منه أفعاله، كانوا حملة هذا الدين لكل من جاء بعدهم، فلا بدّ أن يكون فهمهم لكلام الله وكلام رسوله أصحّ من فهم غيرهم وأقوم وأتم، بما أكرمهم الله به من صحة الإيمان والاستقامة على الدين، وفهم دلالة اللسان العربي، لأن الله أنزل الكتاب بلسان عربي مبين على الرسول الكريم الذي هو أعلم الناس وأفصح الناس وأنصح الناس، وكل فهم يخالف فهمهم فهو مردود، ولا يمتنع أن يفتح الله على من بعدهم ممن يشاء بفهم لكتاب الله، كما قال علي -رضي الله عنه- لما سئل: هل خصكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشيء، قال: لا، إلاّ ما في هذه الصحيفة أو فهماً يؤتيه الله عبداًٍ في القرآن، انظر ما رواه مسلم (1978) من حديث أبي الطفيل -رضي الله عنه- ولكن شرط ذلك ألاّ يخالف ما فهمه أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كلام الله وكلام رسوله، ومن المعلوم أن أصحاب كل إمام في شأن من الشؤون لا بد أن يكونوا أعمل بمراده، وأفهم لمدلول كلامه، فالصحابة -رضي الله عنهم- والذين اتبعوهم بإحسان من أئمة الدين من أهل السنة والجماعة هم أعمل بمراد الله ومراد رسوله -صلى الله عليه وسلم- والذين طعنوا في فهم عائشة -رضي الله عنها- أو ابن مسعود -رضي الله عنه- إنما حملهم على ذلك أصولهم الفاسدة، فلما تأصل عندهم الابتداع في الدين من بناء المساجد على القبور، أو نفي صفات الرب -سبحانه وتعالى- مما جاء صريحاً في القرآن وفي سننه -عليه الصلاة والسلام- لما تأصّل هذا الباطل عندهم، لم يجدوا إلاّ أن يدفعوا ما يخالف مذهبهم، إلا بالطعن في فهم الصحابة -رضي الله عنهم-، وطعنهم هذا يضاف إلى ما ابتدعوه، فيزدادون بذلك ضلالاً وجهلاً ولبئس ما نهجوه في ردّ السنن لحماية البدع والمحدثات المضلة وكل بدعة ضلالة.

هل أجمع الصحابة على كفر مانعي الزكاة

هل أجمع الصحابة على كفر مانعي الزكاة المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 24/2/1424هـ السؤال هل هناك إجماع من الصحابة -رضي الله عنهم- في تكفير مانعي الزكاة في وقتهم؟ بحيث إنهم قاتلوهم قتال ردة ولم يفرقوا بينهم؟ وأرجو التنبيه بأن السؤال في الصحابة وعن تكفيرهم لمانعي الزكاة لا عن قتالهم لهم خصوصاً لا من بعدهم، وإذا كان إجماعاً فمن نقله؟ وإذا كان خلافاً فمن خالف من الصحابة؟ وما سبب مناط التكفير؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: بداية أود أن أشكر الأخ الكريم على حرصه على البحث عن كلام أئمة السنة في مثل هذه المسائل الكبار، والسؤال ينبئ عن سائله، ففيه من الدقة ما يدل على خير، أسأل الله لي وله العلم النافع والعمل الصالح، وبعد: يا محب، فاعلم أن هذه المسألة التي سألت عنها من المسائل الكبار التي اختلف فيها كلام الأئمة، ونصوص المتقدمين في هذه المسألة -مسألة كفر تاركي الزكاة- ليست كثيرة، بخلاف كلام المتأخرين فهو مفصل، وأكثر من وقفت على كلامه عنها -حسب علمي- إمامان: الأول: الخطابي (ت:388هـ) -رحمه الله-والذي تتابع على نقله جمع من الشراح المتأخرين كالنووي في شرحه على مسلم (1/202) ، وابن حجر في الفتح (12/277) ، وغيرهم. الثاني: شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، ولكن كلامه متفرق ففي بعضه إشارات إلى أنهم -أعني مانعي الزكاة الذين قاتلهم الصحابة- كفار، وفي مواضع من كلامه ليس كذلك، وسأذكر لك بعض المواضع بعد قليل. ونظراً لتشعب المسألة وطول تفاريعها، أذكر لك خلاصة ما وقفت عليه في هذا المقام: (1) يوجد طوائف من الذين قاتلهم الصديق والصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-، لا شك في كفرهم، كبني حنيفة الذين آمنوا بنبوة مسيلمة. (2) أجمع الصحابة -رضي الله عنهم- على وجوب قتال مانعي الزكاة بعد الشبهة التي عرضت للفاروق -رضي الله عنه-، ثم أزالها الصديق -رضي الله عنه-. (3) أن أهل السير والتاريخ اختلفوا في حال مانعي الزكاة، وصفة قتالهم، وبسبب ذلك اختلف أهل العلم، هل وقع إجماع على كفرهم أم لا؟: فالمشهور عند كثير من أهل العلم أنه لم يقع إجماع على كفرهم، وأنهم غير كفار. وذهب آخرون إلى أن إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- واقع أيضاً على كفرهم، وأشهر من ينتصر لهذا الرأي: أئمة الدعوة النجدية. يوجد في كلام أبي عبيد في (الإيمان) كلام في كفرهم على منع الزكاة، ولكنه يحتمل التأويل. للاستزادة: النبوات لابن تيمية (ص:140) منهاج السنة (7/217) (6/348) (4/494) (8/324-327) مجموع الفتاوى لابن تيمية (28/556-530) الفتاوى الكبرى (4/259) مصباح الظلام للشيخ: عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن (359) [وهنا نقل عن ابن تيمية في هذه المسألة هو أصرح ما نقل عنه في تكفير مانعي الزكاة] الدرر السنية (10/40-104-178-180-311) ، والله أعلم.

قصة في الرجم لا تصح عن عثمان

قصة في الرجم لا تصح عن عثمان المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 15/5/1424هـ السؤال ما صحة قصة رجم عثمان بن عفان للمرأة التي ولدت بعد ستة أشهر من زواجها؟ وهي في تفسير ابن كثير والموطأ ومصنف عبد الرزاق، وكم أحب أن تكون ضعيفة، فقد ساءني رجم بريئة هكذا من طرف خليفة راشد، لقد أعياني البحث ولم أستطع أن أحكم بشيء بعد جمع الروايات، فعندي بعض العلم بمصطلح الحديث، لكن ليس بدرجة القدرة على الحكم على الأحاديث، ولكن خيل لي أن هناك اضطراباً وضعفاً في تلك الروايات. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالقصة التي ذكرها الأخ السائل وفقه الله أن امرأة ولدت بعد نكاحها بستة أشهر فذكر ذلك زوجها لعثمان بن عفان -رضي الله عنه- فأمر بها أن ترجم فراجعه فيها عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- بأن الله تعالى يقول في كتابه:"وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" [الأحقاف:15] وقال:"وفصاله في عامين" [لقمان:14] فلا يبقى للحمل سوى ستة أشهر فبعث إليها عمر فردت. القصة بهذا السياق صحيحة الإسناد أخرجها عبد الرزاق في مصنفه (13445) عن معمر عن الزهري عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن ابن عوف قال:"رفعت امرأة لعثمان ... " القصة وهذا إسناد صحيح وأبو عبيد هو سعيد بن عبيد ثقة. ورويت القصة على أن المراجع لعثمان هو علي كما عند ابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم من طريق يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب حدثني ابن أبي ذئب عن أبي قسيط عن بعجة بن زيد الجهني به وهذا الإسناد ظاهره الصحة، ورجاله كلهم ثقات من رجال التقريب إلا أن بعجة توفي على رأس المئة، ومات عثمان سنة خمس وثلاثين فلا يقرب إدراكه له. ورويت بمثل هذا مع زيادة أن عثمان أمر بها أن تُرد فوجدها قد رجمت، وهي في الموطأ بلاغ بلا إسناد (1561) وعند البيهقي في السنن الكبرى (15967) ورويت موصولة عند ابن جرير إلا أن في إسنادها محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه. ورويت القصة على أنها وقعت لعمر وراجعه علي كما في سنن البيهقي (15965-15966) وليس فيها حصول الرجم للمرأة إلا أن إسنادها مرسل فهو من طريق أبي حرب ابن أبي الأسود عن عمر وأبو حرب مات سنة 109هـ ولم يدرك عمر -رضي الله عنه-. كما أن فيها عنعنة قتادة، وأخرجها سعيد بن منصور (2074) من طريق الحسن عن عمر وقاوله علي والحسن لم يدرك عمر وأخرجها عبد الرزاق (13443) من طريق قتادة عن عمر ولم يدركه ومن طريق أبي الأسود (13444) وفي إسنادها عثمان بن مطر الشيباني وهو ضعيف. ورواها سعيد في سننه (2075) أنها وقعت لعثمان وقاوله ابن عباس فردها عثمان وخلى سبيلها إلا أنها من طريق قائد لابن عباس وهو مجهول، إلا أنه يشهد له إسناد عبد الرزاق الذي صدرنا به الجواب. وبعد فبيان ما سبق: (1) فالقصة ثابتة عن عثمان وراجعه ابن عباس فيها فخلى سبيلها. (2) وأما الرجم فلم يرد بإسناد صحيح. (3) وقد رويت عن عمر كما روي أن المقاول علي، وكل ذلك بإسناد لا يخلو من مقال.

وبعد ذلك فإنه لو ثبت خطأ عثمان -رضي الله عنه- في اجتهاده فلا يضيره ذلك إذا أمر العالم والحاكم بالاجتهاد ورفع عنه إثم الخطأ وجعل له أجر على اجتهاده، ولو لم يحالفه الصواب، وقد حكم داود عليه السلام بما فهمه ابنه سليمان كما قال تعالى:"وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً" [الأنبياء:78-79] ، قال الحسن: لولا هذه الآية لرأيت القضاة قد هلكوا، ولكنه تعالى أثنى على سليمان بصوابه وعذر داود باجتهاده، انتهى. ولولا مثل هذه الأخبار لما استطاع أحد أن يجتهد في حكم، ولخشي أن يلج النار إذا أخطأ إلا أن في مثل هذه الأخبار عزاء لمن بذل وسعه واستفرغ طاقته في الاجتهاد ثم أخطأ. أسأل الله تعالى أن يلطف بنا وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.

الخوض فيما جرى بين الصحابة

الخوض فيما جرى بين الصحابة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 19/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم التحدث والكلام في ما وقع بين الصحابة - رضوان الله عليهم - من فتنة تسببت في مقتل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما -؟ الجواب لا يجوز الخوض في ذلك لمجرد قضاء الوقت وشغل المجالس به، فإن من منهج أهل السنة والجماعة الإمساك عما شجر بين الصحابة، ولكن إذا دعت الحاجة إلى الكلام في ذلك فيجب أن يبين ما يجب لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام من الاحترام، ويبين أن ما يروى في التاريخ ليس كله صحيحاً، بل منه ما هو كذب، ومنه ما زيد فيه ونقص وغٌيِّر عن وجهه، وما صح من ذلك فإنه محمول على أنهم فيه مجتهدون إما مصيبون أو مخطئون فهم على كل حال مأجورون على اجتهادهم وعلى الصواب، فمن اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر، كما جاء عن النبي - عليه الصلاة والسلام - في شأن الحكام، كما في صحيح البخاري (7352) ، ومسلم (1716) ، وأما الخوض في ذلك لمجرد التسلي بالحكايات والروايات كما فعل بعض المؤرخين وسردوا كثيراً من هذه الأحداث وسجلوها وروجوها فهذا غلط من المؤرخ ومن سجل له وروج ذلك، فإن كثيراً من الناس إذا سمع هذه الأخبار يتغير شعوره نحو الصحابة - رضي الله عنهم - بسبب جهله، وكذلك أصحاب الأهواء الذين يبغضون الصحابة فإنهم يفرحون بمثل هذا. والله أعلم.

هل رجم عثمان من وضعت لستة أشهر

هل رجم عثمان من وضعت لستة أشهر المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 17/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجدت في تفسير ابن كثير، والطبري، ومصنف عبد الرزاق، والموطأ قصة رجم عثمان ابن عفان -رضي الله عنه- لامرأة ولدت بعد ستة أشهر من زواجها، فرماها زوجها بالزنى، ثم تبينت براءتها، فما صحة هذه القصة؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فهذه القصة بهذا السياق لم تثبت بطريق صحيح في الكتب المذكورة، ولا في غيرها، وبيان ذلك كالآتي: (1) ففي تفسير ابن كثير (6/281) ساقها الحافظ من رواية ابن أبي حاتم -بنحو المعنى الذي ذكره السائل- من طريق محمد بن إسحاق بن يسار، وهو مدلس كما في التقريب (صـ546، برقم 5725) ولم يصرح بالتحديث، فيكون السند منقطعاً. (2) وفي تفسير الطبري (25/102) رواها الإمام الطبري بإسناد ظاهره الصحة، وكذا نقله من طريقه الحافظ ابن كثير من موضع آخر من تفسيره (6/241) إلا أنه لم يرد في هذا الأثر تنفيذ حد الرجم، وهو محل الإشكال لدى السائل -كما يظهر- وعليه فلا يستدل به على هذه القصة المذكورة أعلاه. (3) وفي مصنف عبد الرزاق (7/349-352 برقم 13443-13449) جاءت الآثار على نحوين: الأول: أن المرأة قد درئ عنها الحد بفتوى علي -رضي الله عنه- لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كما في المصنف (7/350-352 برقم 13444-134485) وبفتوى ابن عباس -رضي الله عنهما- لعثمان -رضي الله عنه- كما في المصنف (7/351 برقم 13447) وستأتي الإشارة إليهما. الثاني: إيراد الأثر بدون إثبات إيقاع الحد كما في المصنف (7/349-351-352 برقم 13443-13446-13449) وعليه فتحمل هذه الآثار المجملة على تلك الآثار المبين فيها درء الحد، مع ما في بعض تلك الآثار التي أوردها المصنف عبد الرزاق من ضعف. (4) وفي الموطأ مع شرح الزرقاني (4/179) رواها الإمام مالك بلاغاً عن عثمان -رضي الله عنه-، وهذه الرواية بلا إسناد، فلا تصح، وفي آخر هذا الأثر المذكور في الموطأ "فبعث عثمان بن عفان في أثرها، فوجدها قد رجمت" وعليه فتكون هذه الزيادة ضعيفة. وقد روى ابن عبد البر في الاستذكار (24/73-74) هذا الأثر موصولاً، ولكن بدون هذه الزيادة، ثم رواها بإسناد آخر عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال:"رفعت إلى عثمان -رضي الله عنه- امرأة ولدت لستة أشهر، فقال: إنها رُفعت إلي امرأة لا أراها إلا جاءت بشر، ولدت لستة أشهر، فقال له ابن عباس -رضي الله عنهما-: إذا أتمت الرضاع كان الحمل ستة أشهر، قال: وتلا ابن عباس "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" فإذا أتمت الرضاع كان الحمل ستة أشهر" ثم قال ابن عبد البر:" وهذا الإسناد لا مدفع فيه من رواية أهل المدينة"أ. هـ. وهذا الأثر كما ترى بغير تلك الزيادة. وبناء على ما تقدم فيكون أصل الرواية صحيحاً من دون الزيادة المذكورة وهي (وقوع الحد على تلك المرأة) ويشهد لهذا سوى ما تقدم ما يلي: أولاً: أن القصة جاءت بدون إيقاع الحد من طريق آخر صحيح، من رواية ابن وهب، كما قاله الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (3/219) .

ثانياً: أنه جاء في أثر ضعيف ما يدل على أن عثمان -رضي الله عنه- درأ عنها الحد، كما في الرواية التي أخرجها عبد الرزاق في مصنفه (7/351 برقم 13447) عن أبي الضحى عن قائد لابن عباس -رضي الله عنهما- قال:"كنت معه فأتي عثمان بامرأة وضعت لستة أشهر، فأمر برجمها فقال له ابن عباس -رضي الله عنهما-: إن خاصمتكم بكتاب الله خصمتكم، قال الله عز وجل:"وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" والحمل ستة أشهر، والرضاع سنتان، قال: فدرأ عنها الحد". قال أبو عمر ابن عبد البر في الاستذكار (24/74) :"يختلف أهل المدينة في رواية هذه القصة: فمنهم من يرويها لعثمان مع علي ... -رضي الله عنهما- ومنهم من يرويها عن عثمان عن ابن عباس -رضي الله عنهم-. وأما أهل البصرة فيرونها لعمر بن الخطاب مع علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- ... " ثم روى هذا الأثر في الاستذكار (24/74) وفي آخره:"فخلى عمر سبيلها". وهذه الرواية في مصنف عبد الرزاق (7/350 برقم 13444) . ثالثاً: أن الصحابة ولا سيما الخلفاء الراشدون قد تواتر في سيرهم ما يدل على تورعهم فيما هو أقل من هذا بكثير، فكيف تظن بهم المسارعة إلى إقامة حد لم تثبت بينته؟ هذا مما لا يمكن، وقد جاءت الآثار بما ينفي هذا الأمر، والله تعالى أعلم.

حديث الغدير وخلافة علي رضي الله عنه

حديث الغدير وخلافة علي رضي الله عنه المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 26/06/1426هـ السؤال ما قولكم في من يقول: إن حديث الغدير هو الحديث الذي ولّى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأن الخلافة كان يجب أن تكون له، وليس لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه-. الجواب حديث الغدير ليس فيه نص على الخلافة لعلي -رضي الله عنه- إنما ذكر منقبة من مناقبه، وحقًا من حقوقه، في حين أن النصوص الأخرى نصَّت على خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح: "يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" أخرجه البخاري (5666) ، ومسلم (2387) . وغيره من النصوص. وكما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم - مناقب علي -رضي الله عنه- فقد ذكر أكثر منها في مناقب أبي بكر، ثم في مناقب عمر ثم عثمان -رضي الله عنهم أجمعين.

علماء الصحابة

علماء الصحابة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 16/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو أني اختلفت أنا وأخي في من هو الأكثر علماً بأحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم، وعملاً وتمسكاً بسنته عليه الصلاة والسلام، هل هم الخلفاء الراشدون الأربعة - رضي الله عنهم- وخاصة أبو بكر -رضي الله عنه- أو العبادلة وهم معروفون؟ وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الصحابة رضي الله عنهم هم سادة الأمة علماً وفقهاً وفهماً وفضلاً، قال ابن مسعود-رضي الله عنه-: من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة، وأولئك أصحاب محمد، أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لإقامة دينه وصحبة نبيه فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم. وقال مجاهد: " العلماء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم" وقال سعيد عن مجاهد في قوله تعالى: "وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ" [سبأ: 6] ، قال: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. ويأتي في مقدمة الصحابة-رضي الله عنهم- الخلفاء الراشدون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فلهم مناقب وفضائل وخصائص تميزوا بها ولا يتسع المقام لبسطها. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم، ففي سنن الترمذي (2600) من حديث الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رجل إن هذه موعظة مُوَدِّع، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن عَبْدٌ حبشي، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ "، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وخص عليه الصلاة والسلام أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بالاقتداء بهما، كما جاء في سنن الترمذي (3595) من حديث حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ " قال الترمذي: هذا حديث حسن.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية- بعد أن ذكر الحديث السابق -: (ولم يجعل هذا لغيرهما، بل ثبت عنه أنه قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة فأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين وهذا يتناول الأئمة الأربعة وخص أبا بكر وعمر-رضي الله عنهما- بالاقتداء بهما، ومرتبة المقتدى به في أفعاله وفيما سنه للمسلمين فوق سنة المتبع فيما سنه فقط) وقال ابن تيمية أيضاً: (أهل العلم متفقون على أن أبا بكر وعمر-رضي الله عنهما- أعلم من سائر الصحابة-رضي الله عنهم- وأعظم طاعة) الفتاوى الكبرى (4/270) ، وإذا كان العبادلة-رضي الله عنهم- أو غيرهم من الصحابة-رضي الله عنهم- نقل عنهم من الحديث ما لم ينقل عن الخلفاء الراشدين فإن ذلك بسبب تأخر وفاتهم، واحتياج الناس إلى ما عندهم في زمانهم، ولا يدل هذا على تقديمهم على الخلفاء الراشدين في الإمامة والعلم. قال ابن تيمية: (الذين تأخرت حياتهم من الصحابة-رضي الله عنهم-، واحتاج الناس إلى علمهم، نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة لم ينقلها الخلفاء الأربعة ولا أكابر الصحابة-رضي الله عنهم-، لأن أولئك كانوا مستغنين عن نقلها؛ لأن الذين عندهم قد علموها كما علموها، ولهذا يروى لابن عمر وابن عباس وعائشة وأنس وجابر وأبي سعيد ونحوهم من الصحابة-رضي الله عنهم- من الحديث ما لا يروى عن غيرهم ممن هو أعلم من هؤلاء كلهم، لكن هؤلاء احتاج الناس إليهم، لكونهم تأخرت وفاتهم وأدركهم من لم يدرك أولئك السابقين، فاحتاجوا أن يسألوهم واحتاج أولئك أن يعلموهم ويحدثوهم) . منهاج السنة (8/57) وذكر ابن تيمية في موضع آخر أن أبا هريرة رضي الله عنه أكثر رواية، وابن عباس-رضي الله عنهما- أكثر فتيا، والخلفاء أعلم منهما، وهذا نص كلامه: (فابن عباس -رضي الله عنهما- كان أكثر فتيا منه - أي علي-رضي الله عنه وأبو هريرة-رضي الله عنه- أكثر رواية منه وعلي-رضي الله عنه- أعلم منهما، كما أن أبا بكر وعمر وعثمان أعلم منهما أيضا، فإن الخلفاء الراشدين-رضي الله عنهم- قاموا من تبليغ العلم العام بما كان الناس أحوج إليه مما بلغه من بلغ بعض العلم الخاص " ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (4/ 398 - 412) هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

لماذا لا يعد عبد الله بن الزبيرخارجيا وقد خرج على الخليفة في زمنه

لماذا لا يعد عبد الله بن الزبيرخارجياً وقد خرج على الخليفة في زمنه المجيب د. عبد العزيز بن عمر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 20/7/1424هـ السؤال لماذا لم يعد العلماء المتقدمون عبد الله بن الزبير خارجياً، مع أنه خرج على خليفة المسلمين في وقته، وتسبَّب في نشوب حرب بين المسلمين؟. الجواب لم يعد العلماء أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - خارجياً لأنه بويع بالخلافة من أكثر الناس، والذي اعتبر من الخوارج هو عبد الملك بن مروان الذي نازعه الخلافة، لا عبد الله بن الزبير كما قال شيخ الإسلام وغيره، (وأما مروان وابن الزبير فلم يكن لواحد منهما ولاية عامة بل كان زمنه زمن فتنة لم يحصل فيها من عز الإسلام وجهاد أعدائه ... ) (منهاج السنة 8/243) وقال: "ابن الزبير ادعى الخلافة بعد مقتل الحسين - رضي الله عنه - وبايعه أكثر الناس وحاربه يزيد حتى مات وجيشه محاربون له بعد وقعة الحرة، ثم لما تولَّى عبد الملك غلبه على العراق مع الشام ثم بعث إليه الحجاج بن يوسف فحاصره الحصار المعروف حتى قتل ثم صلبه ثم سلمه إلى أمه ... ) (الفتاوى 27/482) ، وقال: (ثم إن ابن الزبير لما جرى بينه وبين يزيد ما جرى من الفتنة واتبعه من اتبعه من أهل مكة والحجاز وغيرهما وكان إظهاره طلب الأمر لنفسه بعد موت يزيد فإنه حينئذ تسمى بأمير المؤمنين، وبايعه عامة أهل الأمصار إلا أهل الشام، ولهذا إنما تعد ولايته من بعد موت يزيد وأما في حياة يزيد فإنه امتنع عن مبايعته أولاً، ثم بذل المبايعة له فلم يرض يزيد إلا بأن يأتيه أسيراً فجرت بينهما فتنة وأرسل إليه يزيد من حاصره بمكة فمات يزيد وهو محصور، فلما مات يزيد بايع ابن الزبير طائفة من أهل الشام والعراق وغيرهم وتولى بعد يزيد ابنه معاوية بن يزيد ولم تطل أيامه، بل أقام أربعين يوماً أو نحوها وكان فيه صلاح وزهد ولم يستخلف أحداً فتأمر بعده مروان بن الحكم على الشام، ولم تطل أيامه ثم تأمر بعده ابنه عبد الملك وسار إلى مصعب بن الزبير نائب أخيه على العراق فقتله حتى ملك العراق، وأرسل الحجاج إلى ابن الزبير فحاصره وقاتله حتى قتل ابن الزبير واستوثق الأمر بعبد الملك ثم لأولاده من بعده ... (منهاج السنة 4/522-523) .

مبايعة فاطمة لأبي بكر

مبايعة فاطمة لأبي بكر المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 22/3/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم هل صحيح بأن فاطمة الزهراء رضي الله عنها لم تبايع أبا بكر -رضي الله عنه- وبايعت علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فإذا صحت بيعتها لعلي -رضي الله عنه- فكيف تمت البيعة لرجلين اثنين في وقت واحد؟ ففي هذا معارضة صريحة لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث إنه قال فيما معناه إذا بويع رجلان فاقتلوا أحدهما فمن كان يجب أن يقتل في هذه الحالة؟ والله ما أوردت هذا السؤال لضعف إيمان أوشك في نفسي، ولكن لتطاول وتحدي أحد الرافضة لنا معاشر أهل السنة والجماعة بعد أن قال إن فاطمة الزهراء - رضي الله عنها- لا يمكن أن تموت ميتة جاهلية ولم تبايع. جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: دلت الروايات الصحيحة أن البيعة قد تمت لأبي بكر رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة حيث بايعه الصحابة رضي الله عنهم المجتمعون في السقيفة ثم تمت له البيعة العامة في المسجد، ففي صحيح البخاري ح (7219) من حديث أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الْآخِرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَذَلِكَ الْغَدَ مِنْ يَوْمٍ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَشَهَّدَ وَأَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ، قَالَ: كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يَدْبُرَنَا - يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ - فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ مَاتَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَانِيَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ أَوْلَى الْمُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ، وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ اصْعَدْ الْمِنْبَرَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً. وأما من زعم بأن فاطمة -رضي الله عنها- بايعت علياً فهذا من الكذب والافتراء، ويجاب عنه بما يلي: 1- كيف ينسب إلى فاطمة -رضي الله عنها- هذا الزعم الباطل، فهي أفقه وأعلم من أن تبايع علياً وهي تعلم أن المسلمين أجمعوا على بيعة أبي بكر -رضي الله عنه-، ثم إن البيعة من شأن أهل الحل والعقد، والنساء تبع لهم.

2- أن علياً -رضي الله عنه- قد بايع أبا بكر -رضي الله عنه- فكيف يقال بأن فاطمة قد بايعته، فقد دلت الروايات أن علياً قد بايع أبا بكر في أول الأمر، كما دل على هذا حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وفيه: أن أبا بكر لما قعد على المنبر نظر في وجوه الناس فلم ير علياً، فدعا بعلي بن أبي طالب فجاء، فقال: قلت: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه أردت أن تشق عصا المسلمين؟، قال: لا تثريب يا خليفة رسول الله، فبايعه" [سنن البيهقي (8/143) ] ، ثم بايعه بعد وفاة فاطمة تأكيداً للبيعة الأولى وإزالةٍ لما حدث من جفوة بسبب الاختلاف حول الميراث الذي طالبت به فاطمة -رضي الله عنها- أبا بكر رضي الله عنه فذكر لها أبو بكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركنا صدقة "، ففي صحيح البخاري ح (4241) من حديث عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام بِنْتَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَالِ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلًا وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الْأَشْهُرَ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ ائْتِنَا وَلَا يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ لَا وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَقَالَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالْأَمْرِ وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّم- نَصِيبًا حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنْ الْخَيْرِ وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنْ الْبَيْعَةِ وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ نَصِيبًا فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا أَصَبْتَ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ. وما جاء في هذه الرواية من بيعة علي رضي الله عنه لأبي بكر محمولة على تجديد البيعة، قال الحافظ ابن كثير - بعد أن ذكر حديث أبي سعيد المتضمن لبيعة علي لأبي بكر أول الأمر - قال: "وهذا إسناد صحيح محفوظ من حديث أبي نَضْرَة المنذر بن مالك بن قِطْعةَ، عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري، وفيه فائدة جليلة، وهي مبايعة علي بن أبي طالب أما في أول يوم أو في اليوم الثاني من الوفاة. وهذا حق؛ فإن علي بن أبي طالب لم يفارق الصِّدِّيق في وقت من الأوقات، ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه، وخرج معه إلى ذي القَصَّةِ لما خرج الصديق شاهراً سيفه يريد قتال أهل الرِّدَّةِ، ولكن لما حصل من فاطمة رضي الله عنها عَتْبٌ على الصديق بسبب ما كانت مُتَوَهِّمةً من أنها تستحق ميراث رسول الله ولم تعلم بما أخبرها به الصديق رضي الله عنه أنه قال: " لا نورث ما تركنا فهو صدقة " فحجبها وغيرها من أزواجه وعمه عن الميراث بهذا النص الصريح، فسألته أن ينظر علي زوجها في صدقة الأرض التي بخيبر وفدك فلم يجبها إلى ذلك؛ لأنه رأى أن حقاً عليه أن يقوم في جميع ما كان يتولاه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وهو الصادق البار الراشد التابع للحق رضي الله عنه، فحصل لها - وهي امرأة من البشر ليست بواجبة العصمة - عتب وتَغَضُّبٌ ولم تكلم الصديق حتى ماتت رضي الله عنها، واحتاج علي أن يراعي خاطرها بعض الشيء، فلما ماتت بعد ستة أشهر من وفاة أبيها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-رأى علي أن يجدد البيعة مع أبي بكر رضي الله عنه " [البداية والنهاية (8/ 92) ] . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل ترتيب الصحابة في الأفضلية كترتيبهم في الخلافة؟!

هل ترتيب الصحابة في الأفضلية كترتيبهم في الخلافة؟! المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 21/04/1425هـ السؤال هل يوجد نص على ترتيب الصحابة -رضي الله عنهم- في الأفضلية على النحو التالي أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين ... مع أننا نجد مثلاً أن بعض المُؤخَّرين سبق إسلامه بعض المُقدَّمين، وأن بعض المؤخرين شهد من المشاهد ما لم يشهده بعض المقدمين، وهكذا، وهل كونهم استخلفوا على هذا الترتيب يجعل أفضليتهم على نفس الترتيب؟ مع أننا نعلم أن الخلافة تجوز وتتحقق بالكفاية ولا تقتضي الأفضلية، وقد أمَّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد -رضي الله عنه-على جيش فيه شيوخ المهاجرين والأنصار، وما حكم من يخالف هذا الترتيب في الأفضلية مع الحب والتوقير والاقتداء بالجميع، كأن يرى مثلاً أن أبا بكر وعلياً بمرتبة واحدة، يليهما عمر ثم عثمان - رضي الله عنهم-، حيث إنه باستعراض أحاديث الفضائل نجد أن كلاً من أبي بكر وعلي - رضي الله عنهما- يكادان يكونان متساويين، وما من حديث في فضل أحدهما إلا ويقابله حديث لا يقل عنه في فضل الآخر (ولا مجال هنا لاستعراض هذه الأحاديث) أتمنى أن أحصل على إجابة مفصّلة تشفي الغليل. وجزاكم الله خيراً ووفقكم لكل خير. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: أقول وبالله التوفيق: لقد استقرّ قول أهل السنة والجماعة في التفضيل بين أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، على أنهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة: فأفضلهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي- رضي الله عنهم أجمعين-. ويدل على هذا المعتقد أمور، منها حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-، قال: (كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنُخيَّر أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان - رضي الله عنهم-) أخرجه البخاري (3655-3698) . وهذا الحديث وإن كان من كلام ابن عمر - رضي الله عنهما-، لكنه في حكم المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه حكاية لما كانوا يقولون في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- دون إنكار من النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم. وقد جاء التصريح بإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك، وأنه كان يبلغه هذا التفضيل فلا ينكره، كما في السنة لابن أبي عاصم (1227) ، والسنة للخلال (577) . وكذلك جاء التصريح بإقرار أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم عدد وفير في حياته صلى الله عليه وسلم لذلك، كما في مسند الإمام أحمد (4626) . وعن محمد بن الحنفية - والحنفية هي أمه-، وهو ابن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-، قال: "قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان، قلت ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين". أخرجه البخاري (3671) .

وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-: "إنا اجتمعنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم-، فلم نأل عن خيرنا ذي فوق، فبايعنا أمير المؤمنين عثمان". أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة بإسناد صحيح (391-731-759) ، ومعنى "ذي فوق": أي إنه خيرنا سهماً تاماً في الإسلام والسابقة والفضل. (غريب الحديث لأبي عبيد4/82) . وهذا إجماع من الصحابة - رضي الله عنهم- على أن عثمان - رضي الله عنه- أفضل الصحابة بعد عمر - رضي الله عنه-. وهذه نصوص واضحة الدلالة في ترتيب الفضيلة، وخاصة أن أحدها صادر من رابعهم وهو علي - رضي الله عنه-. وأما التربيع في الفضيلة بعلي - رضي الله عنه-، فيدل عليه أنه رابع الخلفاء الراشدين، وماله من المناقب الكثيرة التي تقطع بعظيم مكانته، مما لم يثبت مثله ولا قريب منه لأحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- سواه، إلا ما كان من أبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم-، كما سبق ذكر بعضه. ولا أظن أننا محتاجون لإيراد فضائل علي - رضي الله عنه-، إذ لا خلاف في تقديمه رضي الله عنه. وإنما خولف أهل السنة في تفضيله رضي الله عنه- على أبي بكر وعمر، أو على عثمان - رضي الله عنهم-. ولذلك إنما نستدل على بيان تقديم أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم- على علي - رضي الله عنه-، وأما أنه تاليهم في الفضيلة، فلا يخالف في ذلك أهل السنة، إنما يخالف فيه الآن النواصب، وهم في غلو البغض لعلي - رضي الله عنه- كغلو المحبة عند الرافضة، كلاهما غلو مبتدع مذموم. والله أعلم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

هل في القرآن ما يدل على خلافة أبي بكر رضي الله عنه

هل في القرآن ما يدل على خلافة أبي بكر رضي الله عنه المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 29/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل يوجد في القرآن ما يثبت أن أبا بكر - رضي الله- هو الخليفة الأول؟ هل يذكر القرآن الكريم أي شيء عنه؟ . الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، وبعد: فقد ذهب بعض علماء أهل السنة إلى أن خلافة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -قد ثبتت بنص صريح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يدل على تعيينه للخلافة، وقال بعضهم إن هناك نصوصًا غير صريحة في ذلك. كما في قوله- صلى الله عليه وسلم - للمرأة التي أمرها أن ترجع إليه في مسألة، فقالت: فإن لم أجدك؟ قال: "إن لم تجديني فأتي أبا بكر - رضي الله عنه-" رواه البخاري (3659) ومسلم (2386) من حديث جبير بن مطعم وفي الصحيحين البخاري (5666) ومسلم (2387) ، أنه قال لعائشة رضي الله عنها: "ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتاباً"، وكذلك أحاديث تقديمه في الصلاة، وقوله عليه السلام: "مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس" رواه البخاري (664) ومسلم (418) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، ونحوها من النصوص النبوية. ولم يستدل أحد منهم على ذلك بآية من القرآن الكريم. وهذه الأحاديث والوقائع ليس فيها نص صحيح صريح، أو غير صريح على خلافته- ولا على خلافة غيره - وإنما تشير إلى فضيلة أبي بكر ومكانته، ولو كانت تدل على ذلك لما اختلف الصحابة - رضي الله عنهم - بشأن اختيار الخليفة في اجتماع السقيفة بعد وفاة النبي-صلى الله عليه وسلم- ولكنها تدل على صحة خلافته بالاختيار من الصحابة - رضي الله عنهم - لهذه الإشارات إلى تقديمه على غيره، وأنه أول الخلفاء الراشدين المهديين - رضي الله عنهم- لما استجمع من الصفات والمميزات التي تجعل الكل يتجه إليه بالاختيار والتقديم للخلافة، وبذلك كان أول الخلفاء الراشدين المهديين الذين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- بالتمسك بسنتهم. وقد ذكر المفسرون أن عدداً من الآيات القرآنية الكريمة أنزلت في مدحه أو تصديقه، أو في أمر من شأنه، كالآية (40) من سورة التوبة , وهي قوله تعالى: "ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا" وأول سورة الليل، وفي سورة الزمر "والذي جاء بالصدق وصدّق به" [الزمر:33] ، وكذلك قوله -تعالى-: "وشاورهم في الأمر" [آل عمران:159] ، وقوله: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" [الرحمن:46] ، وغيرها من الآيات الكريمة. قالوا: المقصود بهذه الآيات الكريمة هو أبو بكر رضي الله عنه، وقد نقل ذلك السيوطي - رحمه الله في كتابه (تاريخ الخلفاء) . وذكر أيضا ما قاله العلماء من أن أبا بكر رضي الله عنه هو أول من أسلم إطلاقاً. وهو المشهور المستفيض في كتب السيرة والتاريخ. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، ورضي عن صحابته أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

زيجات علي والحسن والمغيرة

زيجات علي والحسن والمغيرة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 25/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. يقال إن علياً -رضي الله عنه- تزوج من 100 إلى 400 امرأة، والمغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- تزوج 400 امرأة، هل هذا صحيح وكيف يكون مثل هذا الزواج؟ أرجو التوجيه لنكون على علم من ديننا والتفقه فيه، وهل صحيح ما قيل أن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- تزوج من النساء ما بين 200 - 400 امرأة؟ أم أن ذلك يشمل ملك اليمين؟ رضي الله عن سيد شباب أهل الجنة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحسن هو: الحسن بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، أبو محمد المدني، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا، وأحد سيدي شباب أهل الجنة. ولد في النصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة. واشتهر بكثرة الزواج، ومعنى هذا أنه يتزوج ويطلق، بحيث إن المرأة لا تبقى معه مدة طويلة، فعن جعفر بن محمد عن أبيه، قال علي: "يا أهل العراق لا تزوجوا الحسن بن علي فإنه رجل مطلاق، فقال رجل من همدان: والله لنزوجنه، فما رضي أمسك وما كره طلق"؛ وعن ابن سيرين قال: "خطب الحسن بن علي إلى منظور بن زبان بن سيار الفزاري ابنته فقال: والله إني لأنكحك، وإني لأعلم أنك غِلْقٌ طِلْقٌ مِلْقٌ غير أنك أكرم العرب بيتاً وأكرمهم نسباً"، والملق: هو الذي ينفق ماله حتى يفتقر، وعن علي بن حسين قال: "كان حسن بن علي مطلاقاً للنساء وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه". "وعن عبد الله بن حسن قال: " كان حسن بن علي قل ما تفارقه أربع حرائر، وكان صاحب ضرائر......."، وقد اختلفت الروايات في عدد النساء اللاتي تزوج بهن، قال المدائني: "وكان الحسن أحصن تسعين امرأة "ينظر: تهذيب الكمال (6/ 220- 257) ، وسير أعلام النبلاء (3/245) . أما المغيرة فهو: المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود أبو محمد الثقفي-رضي الله عنه-، أسلم عام الخندق، وأول مشاهده الحديبية، مات سنة خمسين بالكوفة. وكان المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- كثير الزواج، نكاحاً للنساء، وكان يقول: صاحب الواحدة إن مرضت مرض معها، وإن حاضت حاض معها، وصاحب المرأتين بين نارين يشتعلان، وكان ينكح أربعاً جميعاً ويطلقهن جميعاً. وقد اختلفت الروايات في عدد النساء اللاتي تزوج بهن، فحكى المغيرة عن نفسه أنه أحصن ثمانين امرأة، وقال في أخرى: ولقد تزوجت سبعين امرأة أو بضعاً وسبعين امرأة، وعن عبد السلام بن نافع الصائغ قال: أحصن المغيرة بن شعبة ثلاث مائة امرأة في الإسلام. ينظر: تهذيب الكمال (28/369 - 375) ، وسير أعلام النبلاء (3/21) . وأما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فلا يعرف عنه كثرة الزواج، وقد ذكر له المترجمون أنه تزوج بما يقرب من عشر نسوة ما بين امرأة وملك يمين، فمن أزواجه: فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة، ليلى بنت مسعود بن خالد، أم البنين بنت حزام بن خالد، أسماء بنت عميس الخثعمية، أمامة بنت أبي العاص بن الربيع، أم سعيد بنت عروة بن مسعود. ينظر: طبقات ابن سعد (3 / 19 - 22) . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

محمد بن أبي بكر ومقتل عثمان رضي الله عنهم

محمد بن أبي بكر ومقتل عثمان رضي الله عنهم المجيب د. سليمان بن حمد العوده أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 29/07/1425هـ السؤال ماذا كان دور محمد بن أبي بكر في مقتل عثمان بن عفان، رضي الله عنهم؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: للإجابة عن هذا السؤال أشير إلى عدة أمور: (1) كانت ولادة محمد بن أبي بكر في حجة الوداع، كما ثبت في صحيح مسلم (1218) ، وقد نشأ في حجر علي، رضي الله عنه؛ لأنه كان زوج أمه (أسماء بنت عميس) ، رضي الله عنها، وكان علي، رضي الله عنه، يثني عليه ويُفضّله، وكانت له عبادة واجتهاد، ولما بلغ عائشة، رضي الله عنها، قَتْلُهُ حزنت عليه جدًّا، كما ذكر ابن حجر (الإصابة 9/208) . (2) سئل الحسن البصري، رحمه الله، أكان فيمن قتل عثمان، رضي الله عنه، أحد من المهاجرين والأنصار؟ قال: كانوا أعلاجًا من أهل مصر. (تاريخ خليفة بن خياط ص176) . وقال ابن تيمية- رحمه الله: ولا أحد من السابقين الأولين دخل في قتل عثمان، رضي الله عنه. (منهاج السنة 8/313) . وهذه النصوص وأمثالها تبرئ ساحة الصحابة من دم عثمان، رضي الله عنهم أجمعين. (3) ذكر الذهبي أن محمد بن أبي بكر سار لحصار عثمان، رضي الله عنه، وفعل أمرًا كبيرًا، فكان أحد من توثب على عثمان حتى قُتل. (سير أعلام النبلاء 3/482) . (4) وقال ابن عبد البر: وقيل إن محمدًا شارك في دم عثمان، رضي الله عنه، وقد نفى جماعة من أهل العلم والخير أنه شارك في دمه، وأنه لما قال عثمان، رضي الله عنه: (لو رآك أبوك لم يرض هذا المقام منك) . فخرج عنه وتركه، ثم دخل عليه من قتله، كما نقل عن كنانة مولى صفية بنت حيي، رضي الله عنها، وكان ممن شهد يوم الدار- أنه لم ينل محمد بن أبي بكر من دم عثمان، رضي الله عنه، بشيء.. (الاستيعاب بهامش الإصابة 10/21) . والله أعلم.

أين دفن الإمام علي -رضي الله عنه-؟!

أين دفن الإمام علي -رضي الله عنه-؟! المجيب د. سليمان بن حمد العوده أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 12/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. أرغب في معرفة مكان وكيفية وفاة الخليفة علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-، والمكان الذي دفن فيه. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم كيف وأين قُتل ودفن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ كان مقتل الخليفة علي واستشهاده- رضي الله عنه-، على أثر وقعة (النهروان) تلك التي التقى فيها علي - رضي الله عنه- مع (الخوارج) فهزمهم، وقتل عدداً منهم، وكسر شوكتهم، وعلى إثر هذه الوقعة، اجتمع ثلاثة من الخوارج، وتشاوروا واتفقوا على قتل كل من علي ومعاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهم أجمعين- وتبيتهم في ليلة واحدة، وكان المسؤول عن قتل علي - رضي الله عنه- عبد الرحمن بن ملجم المرادي (أحد الخوارج) ، الذي شحذ سيفه وسمّه، ثم ترصد لعلي - رضي الله عنه- حين خروجه لصلاة (الغداة) في مسجد الكوفة، فلما خرج ضربه بالسيف، فكانت الضربة استشهاداً لعلي -رضي الله عنه-، وذلك في رمضان عام أربعين للهجرة، أما المكان الذي دُفن فيه علي -رضي الله عنه-، فقد اُختلف فيه، ومع أن ابن الجوزي - رحمه الله- ذكر عددًا من الروايات في ذلك، فقد قال: (والله أعلم أي الأقوال أصح) (المنتظم 5/178) ، ومما ينبغي أن يعلم أن طائفة من أهل العلم أنكروا أن يكون المشهد الذي بـ (النجف) مكان قبر علي -رضي الله عنه-، وممن أنكر ذلك شريك النخعي (قاضي الكوفة) والمتوفى في سنة 178هـ، ومحمد بن سليمان الحضرمي، المتوفى سنة 297هـ (الصلابي/ علي بن أبي طالب/ 903) ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما المشهد الذي بالنجف، فأهل المعرفة يتفقون على أنه ليس بقبر علي، بل قيل: إنه قبر المغيرة بن شعبة، وإنما أتُّخذ هذا المشهد في دولة بني بويه (وهم من الرافضة) ، وذلك بعد نحو من ثلاثمائة سنة من موت علي -رضي الله عنه-". [الفتاوى (4/446-502) ] . والله أعلم.

تفضيل عثمان على علي -رضي الله عنهما-

تفضيل عثمان على علي -رضي الله عنهما- المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 07/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. شيخنا الفاضل: لماذا نفضل أبا بكر وعمر وعثمان على علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم أجمعين-؟ مع الدليل إن وجد، ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: ذهب جمهور أهل السنة إلى أن ترتيب الخلفاء الراشدين في الفضل كترتيبهم في الخلافة، فأفضل الأمة -بعد نبيها عليه الصلاة والسلام- أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، -رضي الله عنهم أجمعين-، ويدل على ذلك أدلة منها: 1- الآثار الواردة في ذلك، ومنها قول ابن عمر رضي الله عنهما: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ" أخرجه البخاري (3655) . وفي رواية للبخاري (3697) : " كنا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم عثمان". وفي رواية عند أبي داود (4628) : " كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيٌّ: أَفْضَلُ أُمَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ". قال الحافظ ابن حجر في الفتح (7/ 16) : "وفي الحديث تقديم عثمان بعد أبي بكر وعمر كما هو مشهور عند أهل السنة ". وأخرج الإمام أحمد (833) عن ابن حبيش عن أبي جحيفة قال: سمعت علياً يقول: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها؟ أبو بكر، ثم قال: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبي بكر؟ عمر. 2- إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- على تقديم عثمان في البيعة، قال عبد الرحمن بن عوف لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: " إني قد نظرت في أمر الناس، فلم أرهم يعدلون بعثمان" أخرجه البخاري (7207) . فهذا يدل على تقديم عثمان -رضي الله عنه-، لأنهم قدموه باختيارهم بعد تشاورهم، وكان علي -رضي الله عنه- من جملة من بايعه، وكان يقيم الحدود بين يديه. قال الشافعي: " أجمع الصحابة وأتباعهم على أفضلية أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي". وقال الدارقطني: " من لم يقدم عثمان على علي فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار ". ينظر: فتح المغيث (3/ 126) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي " ينظر: العقيدة الواسطية ص (26) . وقد ذهب بعض السلف إلى تقديم علي على عثمان، وممن قال به سفيان الثوري، ويقال إنه رجع عنه، وقال به ابن خزيمة وطائفة، وقيل لا يفضل أحدهما على الآخر، قاله الإمام مالك، وتبعه جماعة منهم يحيى القطان وابن حزم. ينظر: فتح الباري (7/ 16) .

ومسألة تفضل علي على عثمان مسألة خلافية بين السلف، فلا يضلل من فضل علياً على عثمان، وإن كان خلاف الراجح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يذكر معتقد أهل السنة والجماعة: " ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ويثلثون بعثمان، ويربعون بعلي رضي الله عنهم، كما دلت عليه الآثار، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي -رضي الله عنهما- بعد اتفاقهم على تقديمهم أبي بكر وعمر أيهما أفضل، فقدم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي، وقدم قوم علياً، وقوم توقفوا، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان، ثم علي، وإن كانت هذه المسألة - مسألة عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، ولكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة؛ وذلك لأنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ". ينظر العقيدة الواسطية ص (26) . وقال الإمام الصابوني (ت 449 هـ) في عقيدة السلف وأصحاب الحديث: " ويشهدون ويعتقدون أن أفضل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، وأنهم الخلفاء الراشدون الذين ذكر صلى الله عليه وسلم خلافتهم بقوله، فيما رواه سعد بن نبهان عن سفينة: " الخلافة بعدي ثلاثون سنة " أخرجه أبو داود (4647) ، وابن حبان (6943) ، وبعد انقضاء أيامهم عاد الأمر إلى الملك العضوض على ما أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم. ويثبت أصحاب الحديث خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- باختيار الصحابة واتفاقهم عليه، ثم خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- باستخلاف أبي بكر -رضي الله عنه- إياه، واتفاق الصحابة عليه بعده، ثم خلافة عثمان -رضي الله عنه- بإجماع أهل الشورى، وإجماع الأصحاب كافة ورضاهم به، حتى جعل الأمر إليه، ثم خلافة علي -رضي الله عنه- ببيعة الصحابة إياه ". ينظر: مجموعة الرسائل المنيرية (1/ 128) ، هذا والله أعلم.

عدالة أبي بكرة رضي الله عنه

عدالة أبي بكرة رضي الله عنه المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام التاريخ 25/06/1426هـ السؤال السلام عليكم سمعت أن أبا بكرة -رضي الله عنه- جُلد بسبب رميه شخصاً بالزنى دون إحضار شهود على ادعائه، وذلك في عهد عمر رضي الله عنه. وقد سمعت أنه بسبب ذلك فإن الحديث الذي رواه في صحيح البخاري، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" لا يمكن الوثوق به، أو على الأقل جرى نزاع بين الأئمة في صحته. وقد سمعت أن هذا الحديث احتجّ به في وقت الفتنة بين علي وعائشة، واختلاف الصحابة في الجهة التي يقفون معها، أو الحياد كما فعل أبو موسى الأشعري. أفتونا مأجورين. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: قصة أبي بكرة الثقفي - رضي الله عنه - المشار إليها في السؤال قصة مشهورة أخرجها البخاري تعليقاً في كتاب الشهادات، باب شهادة القاذف والسارق والزاني [ينظر: البخاري مع الفتح (5/255) ] ، قال البخاري -رحمه الله-: "وَجَلَدَ عُمَرُ أَبَا بَكْرَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعًا بِقَذْفِ الْمُغِيرَةِ ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ ... "، ورواها عبد الرزاق في مصنفه (13564، 13565) ، وابن جرير في التفسير (18/76) من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ضرب أبا بكرة وشبل بن معبد ونافع بن الحارث بن كلدة حدهم، وقال لهم: من أكذب نفسه أجزت شهادته فيما استقبل، ومن لم يفعل لم أجز شهادته. فأكذب شبل نفسه ونافع، وأبى أبو بكرة أن يفعل. وأبو بكرة - رضي الله عنه - اتفق الأئمة على الاحتجاج به، وأخرجوا حديثه في مصنفاتهم وكتبهم، ومنهم البخاري، فقد أخرج له في مواضع من صحيحه، واتفق أئمة الحديث على أن الصحابة كلهم عدول فلا يسأل عن عدالتهم. ويجاب عن كون أبي بكرة لم يتب من قذف المغيرة بما يأتي: - أن أبا بكرة كان يعلم صدق نفسه، فلذلك لم يكذب نفسه، وقد ذهب بعض السلف إلى أن إكذاب القاذف نفسه ليس بشرط في قبول توبته، لجواز أن يكون صادقاً في نفس الأمر، قال الإمام مالك: "إذا ازداد خيراً كفاه"، وإلى هذا مال البخاري، قال المهلب: " إكذاب القاذف نفسه ليس شرطاً في قبول توبته، لأن أبا بكرة لم يكذب نفسه، ومع ذلك فقد قبل المسلمون روايته وعملوا بها". - أن هناك فرقاً بين الشهادة والرواية، فالشهادة يطلب فيها مزيد تثبت مما لا يطلب في الرواية كالعدد والحرية وغير ذلك، وقد أجاب بهذا الإسماعيلي. وحديث: "لن يفلح قوم ... " أخرجه البخاري (4425) قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَال: َ لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَال: َ لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً". والحديث لا يعرف عن أحد من الأئمة أنه ضعفه، وقد استدل به جمهور العلماء على أن المرأة لا تتولى الإمامة العظمى والقضاء.

التاريخ: حوادث وعبر

زيارة مدائن صالح المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 4/12/1423هـ السؤال ما حكم زيارة مدائن صالح بالتفصيل، والدليل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (4419) ومسلم (2980) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: لما مر النبي - صلى الله عليه وسلم- بالحجر قال لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين، ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي" فهذا الحديث فيه دلالة على النهي عن دخول ديار الأمم المعذبة إلا على حال من الخوف والوجل والتفكير المورث رقة القلب والاعتبار بحالهم وما حل بهم لما خالفوا أمر ربهم، قال ابن حجر في الفتح: " وفي الحديث ... الزجر عن السكنى في ديار المعذبين، والإسراع عند المرور بها وقد أشير إلى ذلك في قوله تعالى (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم) [إبراهيم:45] أ. هـ وقد كان الإمام أحمد رحمه الله يكره الصلاة في مواضع الخسف والعذاب. وعليه فلا يجوز دخول ديار الأمم التي حل بها العذاب بقصد النزهة والسياحة ونحوه لما في ذلك من مخالفة نهي النبي - صلى الله عليه وسلم- كما تقدم، بل ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- النهي حتى عن مجرد الانتفاع بمائها كما جاء في بعض الروايات أن الصحابة - رضوان الله عليهم - أخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم- أنهم قد استقوا من مائها وعجنوا منه، فأمرهم أن يهريقوا ذلك الماء، ففي الحديث الذي أخرجه الشيخان البخاري (3378) مسلم (2981) من طريق ابن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها فقالوا قد عجنا واستقينا فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهريقوا ذلك الماء) هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

حكم منتجات البحر الميت

حكم منتجات البحر الميت المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 30/3/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما حكم بيع منتجات البحر الميت للتجميل؟ علماً أني صاحب صيدلية وعندي كميات هائلة من المستحضرات وسمعت من يقول: إنه لا يجوز استخدامها لخسف قوم لوط فيه وللأحاديث الواردة في ذلك، وإذا كانت لا تجوز فماذا أعمل فيما عندي من تلك المستحضرات؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب تسمية هذا البحر بالميت ليس لها أصل في الشرع، وتسميته ببحر (لوط) إنما ذكرها أهل التاريخ فقط، ولم أجد أحداً من علماء التفسير أو الحديث والفقه حدد مكان عقوبة قوم لوط بهذا البحر؛ بل ذكر بعضهم أسماء قرى قوم لوط - عليه السلام- بأسمائهم كـ (سدوم) و (دوما) ونحوها، وقوم لوط -عليه السلام- لم يخسف بهم، وإنما ذكر في بعض الآثار أن جبريل -عليه السلام- اقتلع قرى قوم لوط - عليه السلام- بجناحه حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ونباح كلابهم فقلبها وأتبعهم الله بحجارة من سجيل منضود، كما قال -تعالى- فيهم:"فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد" [هود: 82-83] وعليه فإن قوم لوط - عليه السلام- لم يخسف بهم، وإنما ذكر الخسف في القرآن في حق (قارون) قال تعالى:"فخسفنا به وبداره الأرض" [القصص: 81] فمنتجات البحر الميت كمنتجات سائر البحار في الجواز والحل، وقد امتن الله بفضله على بني آدم بما يستخرج منها، قال تعالى:"وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها" [النحل: 14] ، وهذا الامتنان دليل صريح على الحل والإباحة، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

زوال إسرائيل عام 2022 م

زوال إسرائيل عام 2022 م المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 8/8/1423هـ السؤال ألف أحد الأشخاص كتابا بعنوان (زوال إسرائيل عام 2022 حقيقة أم تنبؤات) استناداً إلى: 1. حسابات رقمية لبعض سور القرآن الكريم، وكذا بعض آياته، وكذلك بعض الكلمات والأحرف فيه من عدد آيات وأرقام كلمات وأحرف، وتكرار الكلمات وما شابه ذلك. 2. بعض الأحاديث الشريفة المتعلقة بآخر الزمان. 3. ما ذكر بشأن نهاية الزمان في الإنجيل والتوراة. 4. بعض القصص والأساطير اليهودية. 5. صاحب الكتاب لديه مركز يدعى مركز نون للدراسات القرآنية ww.noon.com لديهم إصدارات أخرى جميعها تبنى على العدد الرقمي في القرآن. السؤال: حول مشروعية هذا النوع من التفسير للقرآن الكريم؟ وما الفائدة المرجوة من مثل هذه التفاسير؟ في حال كونها أمراً مباحا.. وحكم الإسلام في استخدام آيات القرآن وكلماته للوصول لغيبيات معينة؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أخي الكريم: من المعلوم: أن من أظهر الوسائل المتبعة في ترويج الأفكار في هذا الزمن العجيب الإثارة وتتبع غرائب الأمور، ولهذا تجد كثيراً من مروجي الأفكار يأتون بأعاجيب وأكاذيب، وقد تمزج بشيء من الحق تلبيساً على المتلقي، وتعظم خطورة الأمر عندما تكون هذه الأغاليط مادة لتفسير القرآن الكريم، ولا شك أن هذا النوع من التفسير المستند على حسابات رقمية لبعض سور القرآن الكريم وآياته وكلماته وحروفه نوع من الرجم بالغيب لا يتفق مع ما ذكره العلماء المحققون من الشروط والآداب المتعلقة بتفسير القرآن الكريم، والأمور الغيبية لا سبيل إلى معرفتها بمثل هذه التنبؤات والأساليب المتكلفة، نسأل الله الهدى والتوفيق والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عوامل سقوط الخلافة

عوامل سقوط الخلافة المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 6/3/1423 السؤال نرجو تسليط الضوء على العوامل التي ساعدت على هدم دولة الخلافة الإسلامية، وكذلك الظروف والأجواء التي من خلالها يمكن لهذه الدولة أن تعود إلى واقع الحياة؛ لما لها من أهمية قصوى في حياة أي مسلم. الجواب هناك عدة عوامل داخلية وخارجية أدت إلى سقوط الدولة العثمانية بعد أن بسطت نفوذها على مساحة كبيرة جداً من المعمورة، ومن أهم هذه العوامل: 1-أن الدولة العثمانية منذ نشأتها كانت دولة عسكرية أولاً، ذات عاطفة إسلامية ثانياً ولم تكن دولة عقدية بالمعنى الصحيح فلم تؤسس في بداية أمرها على أساس متين من العقيدة الصحيحة الصافية، كما لم يكن لهم جهود في نشر العقيدة الصحيحة بل على العكس من ذلك، فقد تبنت ما كان سائداً من خرافات صوفية، وتقديس للقبور وبناء عليها، وتبنت الطرق الصوفية التي كانت منتشرة في تلك الفترة، ولعل السبب في ذلك هو قلة العلم الشرعي والاهتمام به. كذلك لم تهتم بالدعوة إلى الله -تعالى- وتعليم الناس أمور دينهم في البلاد التي خضعت لحكمهم من البلاد الأوروبية وغيرها، وما وصل إلى تلك البلاد من تعاليم للإسلام فإنما هو بسبب الاحتكاك والاختلاط وبسبب الجهود الفردية لبعض الدعاة. 2-تدخل الأجانب من اليهود والنصارى ومنحهم الامتيازات الأجنبية التي فاقت ما كان ممنوحاً لأبناء البلد من المسلمين وقد استغلها الأعداء استغلالاً حتى استولوا على الصحافة، وعلى التجارة واقتصاد البلاد، وعلى التعليم، وغيرها من المؤسسات الحيوية، وأخضعوا كل ذلك لتحقيق أهدافهم البعيدة للإطاحة بهذه الدولة ومحاربة دينها الإسلامي. وكان السلاطين في غفلة من هذا كله، بل سلموهم زمام رسم الخطط وتنفيذها، وقلدوهم أعلى المناصب التنفيذية الحساسة، وقد نشأت في هذه الفترة كثير من التنظيمات السرية التي كانت تنخر في الجسد الهش على حين غفلة من أهله. 3-إغفال العثمانيين الأخذ بأسباب المدنية المعاصرة من علوم تطبيقية واكتشافات عصرية، إضافة إلى اتساع رقعة البلاد، بحيث صعب على الولاة ضبط أطرافها. 4-نشاط الصليبية الأوروبية التي ما فتئت تحرض على البلاد وتخطط للإطاحة بها، وقد استغلت التسامح المفرط من قبل الدولة العثمانية ومنح الامتيازات الأجنبية التي ذكرناها آنفاً، فكانت الصليبية الأوروبية تحارب هذه الدولة من الداخل ومن الخارج. 5-قيام الدولة الصفوية -الرافضية الاثني عشرية- على يد إسماعيل الصفوي سنة (905هـ،1500م) ، فقد فتحت جبهات خطيرة جداً على أمن الدولة وعاقتها عن كثير من الفتوحات باتجاه أوروبا خاصة. 6-إضافة إلى الترف الذي عاشه السلاطين وبطانتهم وكثرة زواجهم من الأجنبيات من يهود وغيرهم، وتسليم القيادات إلى غير الأكفاء، وانشغالهم بملذاتهم ولهوهم عن كيد الأعداء الذي يحاك لهم وهم لا يشعرون.

ولن يعود لهذه الأمة عزها ورفعتها إلا أن تعود إلى دين ربها وتستمسك بالكتاب والسنة علماً وعملاً، تربية وسلوكاً، عقيدة وشريعة، وتربية الأمة على ذلك ونزع فتيل الخلاف الحزبي والعنصري بينهم والاتحاد على كلمة التوحيد، والحذر من الأعداء من يهود، ونصارى، وعلمانيين، وروافض، أو غيرهم، وعملائهم في الداخل والخارج والحذر من الفرق وانتشارها بين المسلمين والاعتماد على أمناء الأمة، وبذل قصارى الوسع في إعداد العدة، واتخاذ عناصر القوة العقدية والمادية في كافة المجالات، وإقامة علم الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، إذا حققت الأمة ذلك أتاها لا محالة موعود الله -تبارك وتعالى- الذي لا يخلف، قال الله -تعالى-: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً" [النور:55] . والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

هل هذه أماكن عذاب؟

هل هذه أماكن عذاب؟ المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 28/5/1424هـ السؤال أنا شاب أقطن أمام المكان الذي وقعت به مصيبة الجزائر العام الماضي، وهي ذلك الطوفان الذي ابتلانا به الله -عز وجل- وأودى بحياة الكثير نسأل الله أن يرحمهم، حيث مررت يوماً بذلك المكان أنا وأحد الإخوة، وطلب مني أن أسرع عملاً بحادثة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم مر على ديار ثمود وأمر الصحابة بالإسراع خشية أن يصيبهم ما أصابهم، فهل ما فعله كان موافقاً لذلك؟ مع أن الذين توفوا صلينا عليهم، ولا أحد يشك في إسلامهم. الجواب الحمد لله، وبعد: ما فعلتما من الإسراع في المكان الذي غرق فيه إخوانكم المسلمون الذين تشهدون لهم بالإيمان، وصليتم عليهم ودفنتموهم في مقابر المسلمين ليس صحيحاً؛ لأنه ليس من مواضع عذاب الكافرين، والإسراع في مواضع هلاك الكافرين مستحب، وبعض العلماء يقول: لا حرج ألا يسرع من مر بوادي محسر، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

الثعبان شعارا للصيدليات

الثعبان شعاراً للصيدليات المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 2/5/1424هـ السؤال سمعنا أن شعار الثعبان الموجود على الصيدليات هو إله الشفاء عند الإغريق، فأرجو توضيح الأمر، وبيان الجواب بالمراجع الموثقة، والله يحفظكم. الجواب الحمد لله، نعم إن الشعار الذي يوضع على معظم الصيدليات والمراكز الطبية في العالم هو رمز لإله الطب عند الإغريق، وهو المعروف عندهم باسم (اسكليبيوس) ، وهو ينحدر من عائلة تعاطت الطب في زمنهم، وجده على ما قالوا هو الإله (أبولو) ، وهو أيضاً من آلهة الطب، وزوجته أو ابنته على الخلاف بين مؤرخيهم هي إلهة الصحة واسمها (هيجيا) . ومما ذكروه عنه أن شيرون علمت اسكليبيوس أسرار الطب بالأعشاب، وتعاطي هذه المهنة حتى تفوق فيها، ولكنه خالف تعليمات من علموه فحاول إحياء الموتى ببعض الأعشاب، وذكروا أنه وفق في ذلك، وهذا ما يفسر تجني بعض الغربيين ممن قالوا بأن عيسى -عليه السلام- أخذ علم إحياء الموتى من كتب الإغريق وأنه وفق للنبتة التي ضل عنها كثير من الناس وأن ذلك ليس معجزة من الله. ويرمزون لهذا الإله بصورة رجل يحمل بيمينه عصا يلتف حولها ثعبان، والرجل هو (اسكليبيوس) ، والعصا شعار المسافر الذي لا يقر له قرار، والثعبان دليل المعرفة، فهو الذي عرف اسكليبيوس بنبتة الحياة، ولهم في ذلك قصة، وهي أن اسكليبيوس هذا كان مسافراً، وفي أحد الأيام برز له ثعبان وهو في الفلاة، فمد عصاه إلى الثعبان ولما التف حولها رفعه إلى أعلى وضربه على الأرض، فمات الثعبان، وبينما هو ينظر إليه إذ خرج ثعبان آخر يحمل في فيه نبتة حتى وضعها في فم الثعبان الميت، وما هي إلا لحظات حتى عادت الحياة إلى الثعبان الأول، فعلم اسكليبيوس بسر هذه النبتة وأصبح يستخدمها في إحياء الموتى. والملاحظ أن معظم الصيدليات لا تضع صورة اسكليبيوس وإنما صورة العصا والثعبان، وأحياناً الثعبان يلتف حول كأس، وإن كان ذلك موجوداً في بعض البلدان الغربية، وللكأس أيضاً قصة عندهم، وأحيل السائل إذا أراد الاستزادة حول الموضوع بالرجوع إلى الموسوعات العالمية العربية وغيرها في المصطلحات التالية: (اسكليبيوس) للباحث في الموسوعات العربية مثل الموسوعة العربية العالمية، الموسوعة الميسرة: (asclepius) للباحث في الموسوعات الإنجليزية. (Esculape) للباحث في الموسوعات الفرنسية. (Asklepios) أو (Asclepios) للباحث في الموسوعات الإيطالية والإسبانية. يمكن البحث في الشبكة العالمية لمن لا يتيسر له الرجوع للموسوعات بالكلمات السابقة. والأولى بالمسلمين أن يتركوا هذا الشعار ويتجنبوه، وإن كان أكثرهم لا يعرف مدلوله، ويستبدلوه بشعار آخر كما فعلوا في المنظمات الإغاثية، إذ استبدلوا شعار الصليب بالهلال، وهذا أمر ميسور والحمد لله، خاصة وأن المسلمين لهم قدم السبق في علم الصيدلة وهذا ما يقر به الغربيون أنفسهم.

الحكمة من خلق الخنزير

الحكمة من خلق الخنزير المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 9/5/1424هـ السؤال لقد سمعت قصة عن خلق الخنزير، وشرحتها لمن حولي هنا كثيراً كدلالة على حكمة تحريم أكل لحمه، ولكني الآن نسيت ممن سمعتها، وأخاف من المسئولية أمام الله إذا كانت القصة خاطئة، وهي في سفينة سيدنا نوح - عليه السلام - حينما خاف من الأمراض بسبب وجود الحيوانات، وإخراجهم والسفينة مغلقة، فدعا الله تعالى فاستجاب الله له، وخلق الخنزير أي أن مهمته وطعامه الرئيس هي القمامة، فهل هذا صحيح؟ الجواب الجواب عن سؤالك - يا أختي السائلة - له جانبان: الجانب الأول: وهو الذي يتعلق بصحة القصة، فيقال: هذه القصة التي ذكرتيها أشار إليها الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله - في تفسيره لسورة هود عند الآيتين (38-39) ، ولكن هذه القصة لا تثبت، ولا تصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هي - والله أعلم - مما تناقله الناس عن بني إسرائيل، وفي سياق القصة من النكارة والغرابة ما يجزم الناظر معها أنها باطلة. الجانب الثاني: وهو الذي يتعلق ببيان الحكمة من الأحكام الشرعية، فيقال: لا يختلف العلماء أن جميع ما أمر الله تعالى به من أحكام، وجميع ما نهى الله عنه لابد فيه من الحكمة، ولكن هذه الحكمة قد ينص عليها الشرع ويذكرها، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيحين البخاري (162) ، ومسلم (278) : "إذا استيقظ أحدكم من النوم فلا يغمس يده في الإناء، فإنه لا يدري أين باتت يده" فهنا نص النبي - صلى الله عليه وسلم - على العلة. وهناك أحكام قد لا يعرف الحكمة منها أحد من البشر، مثل الحكمة من كون صلاة الفجر ركعتين، والظهر والعصر والعشاء أربع، والمغرب ثلاث، ولعل السبب في خفاء ذلك على الناس حتى يستسلم الناس لأمر ربهم، ويظهر تحقيق العبودية عندهم، فإن العبد - ولله المثل الأعلى - لا يسأل سيده لماذا أمره بكذا أو نهاه عن كذا، وهكذا فإن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون. إذا تبين هذا - أختي السائلة - فعليك إذا أردت أن تبيني حكمة من الحكم لأمر من الأوامر أو نهي من النواهي، فاسألي أهل الذكر، فإن لم تجدي شيئاً فقولي للناس إنه لا يلزم أن نعرف حكمة أي أمر شرعي، لكن يكفي أن نعلم أن هذا أمر الله أو أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - حتى نعمل به، ونقول كما قال الرسول والمؤمنون الأولون: "سمعنا وأطعنا" [البقرة:285ٍ] . وفيما يخص الخنزير، وسبب تحريمه، فلا حاجة لذكر مثل تلك القصة الباطلة، بل يكفي أن تذكري - مع الدليل الشرعي - ما أثبته الطب الحديث من خبث لحمه، ولما يسببه من المضار الصحية والنفسية، وقد كتب في هذا الموضوع كتابات وبحوث كثيرة، يمكنك مطالعتها عبر الكتب أو الإنترنت، وفقك الله للخير، وجعلك مباركة أينما كنت.

خروج السلفيين على الدولة

خروج السلفيين على الدولة المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 08/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. بخصوص قيام الوهابيين على الخلافة، وقد احتجوا في خروجهم بأقوال عدد من المشايخ في الجزيرة بأن علينا أن نطيع أولي الأمر منا، فلماذا قام السلفيون على الدولة مع أن ذلك مخالف لمبادئ السلفية؟ وإذا لم يكن ذلك غير مشروع، فهل من الخطأ الخروج على الأنظمة الفاسدة؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- يقرر وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله تعالى، كما أن نجدًا لم تكن تحت سيطرة الخلافة العثمانية، وبعض أئمة الدعوة كانوا يرون كفر العساكر التركية، كما هو واضح في رسائل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، والشيخ حمد بن عتيق ونحوهما، وكان هذا التكفير منطلقًا من أصول شرعية وقواعد سنية، فإن كان ثمة إشكال في تحقيق المناط وتنزيل هذا الحكم على أولئك الأشخاص أو تلك الدول والأنظمة الفاسدة إذ بلغ بها الفساد، إلى حد الخروج عن الملة والتلبس بالكفر البواح الذي لا شبهة فيه، فيجوز الخروج عليها إذا كان أهل الإسلام لديهم قدرة على ذلك. والله أعلم.

هل كان المنافقون معروفين بأسمائهم في العهد النبوي؟!

هل كان المنافقون معروفين بأسمائهم في العهد النبوي؟! المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 27/09/1426هـ السؤال لماذا لا يذكر علماء السيرة عدداً -ولو تقديريًّا- للمنافقين الذين كانوا في المدينة أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكيف كان تأثيرهم بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلا يعقل أن يختفوا فجأة بعد وفاته؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقبل أن أجيب عن سبب عدم اهتمام علماء السير والمحدثين -رحمهم الله- بالتتبع الدقيق لأسماء المنافقين، وعدهم -ولو تقديريًّا-؛ فيجب أن يعلم أن الحديث هنا عن المنافقين نفاقاً اعتقاديًّا، أي: النفاق المخرج من الملة، كمن يقع في قلوبهم بغض للدين، أو بعض شعائره، أو بغض للنبي -صلى الله عليه وسلم- أو تولي الكفار، وغير ذلك من صور النفاق الاعتقادي -نعوذ بالله من النفاق كله-. إذا علم هذا، فإن العلماء لم يهتموا بذلك لأسباب، من أهمها ما يلي: أولاً: أن أسماء بعض المنافقين كانت تخفى على النبي -صلى الله عليه وسلم- فضلاً عمن دونه كحذيفة -رضي الله عنه- صاحب السر -فكيف ببقية الصحابة -رضي الله عنهم- وقد أثبت القرآن هذا، فقال تعالى: "وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ". [التوبة:101] . ولكن ليعلم أن خفاء أسمائهم لا يعني خفاء علاماتهم، وصفاتهم، بل هم معروفون للصحابة، فضلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إما بأعيانهم، وإلا فبعلاماتهم. قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: "ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول" [محمد: 30] . يقول عز وجل: ولو نشاء يا محمد لأريناك أشخاصهم فعرفتهم عياناً، ولكن لم يفعل تعالى ذلك في جميع المنافقين، ستراً منه على خلقه، وحملاً للأمور على ظاهر السلامة، وردًّا للسرائر إلى عالمها، "ولتعرفنهم في لحن القول"، أي: فيما يبدو من كلامهم، الدال على مقاصدهم، يفهم المتكلم من أي الحزبين هو، بمعاني كلامه، وفحواه وهو المراد من لحن القول". وقال في تفسير قوله تعالى: "لا تعلمهم نحن نعلمهم": لا ينافي قوله تعالى: "ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول"؛ لأن هذا من باب التوسم فيهم بصفاتٍ يُعْرفون بها، لا أنه يعرف جميع من عنده من أهل النفاق والريب على التعيين، وقد كان يعلم أن في بعض من يخالطه من أهل المدينة نفاقاً، وإن كان يراه صباحاً ومساءً". وقال العلامة السعدي في تفسير هذه الآية: " (لا تعلمهم) بأعيانهم فتعاقبهم، أو تعاملهم بمقتضى نفاقهم، لما لله في ذلك من الحكمة الباهرة".

وقد وقع في السيرة ما يوضح ذلك عمليًّا، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "المنهاج" (8/429) : "ولهذا لما جاءه المخلفون عام تبوك، فجعلوا يحلفون، ويعتذرون، كان يقبل علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله، لا يصدق أحداً منهم، فلما جاء كعب، وأخبره بحقيقة أمره، قال:"أما هذا فقد صدق" أو قال: "صدقكم". ثم إن الصحابة -رضي الله عنهم- وإن لم يعلموا بعض المنافقين بأعيانهم، إلا أنهم كانوا يعرفونهم بصفاتهم، وهذا متيقن. وفي السنة أمثلة كثيرة تدل على علم الصحابة بصفاتهم، وعلاماتهم، أكتفي منها بثلاثة أمثلة: (1) قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه -وهو يتحدث عن صلاة الجماعة- كما في صحيح مسلم (654) : (ولقد رأيتنا، وما يتخلف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق) . (2) قول كعب بن مالك رضي الله عنه -وهو يحكي قصة تخلفه عن غزوة تبوك-: (فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه النفاق، أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء) . صحيح البخاري (4418) ، وصحيح مسلم (2769) . (3) ما رواه البخاري في صحيحه (4668) ، ومسلم في صحيحه (1018) عن أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- قال: أمرنا بالصدقة، قال: كنا نُحامل، قال: فتصدق أبو عقيل بنصف صاع، قال: وجاء إنسان بشيء أكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياء ... الحديث. والشاهد منه قوله: فقال المنافقون، فإنه ظاهر في معرفة الصحابة لهؤلاء المنافقين بصفاتهم، ومواقفهم، ولحن قولهم. ثانياً -من أسباب عدم تتبع أسمائهم-: أن خطورتهم الكبرى على الدعوة الإسلامية كانت تتمثل في العهد النبوي -إبان حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أكثر من غيرها، ولما مات النبي -صلى الله عليه وسلم- ذهب بعض الخطورة، وإلا فإنهم -كما قال الله عنهم-: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ) [المنافقون:4] . وليس كما قال السائل: اختفوا فجأة! بل هم موجودون، ولكنهم قلة، وذليلة -أيضاً-. ثالثاً -من أسباب عدم تتبع أسمائهم-: أن أعدادهم بدأت بالتناقص في أواخر العهد النبوي، فضلاً عن عهد الخلفاء الراشدين ـ رضوان الله عليهم ـ ولذلك أسباب أهمها -في نظري- أمران: الأمر الأول: موت كبارهم، ورؤسائهم كابن أُبيّ وأضرابه. الأمر الثاني: فضحهم بالآيات التي كشفت دسائسهم، وبينت خباياهم. قال الله تعالى: "يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ". [التوبة:64] . قال ابن عباس رضي الله عنهما -كما في الصحيحين-: "التوبة هي الفاضحة، ما زالت تنزل (ومنهم، ومنهم) ، حتى ظنوا أنها لن تبقي أحداً منهم إلا ذكر فيها". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "المنهاج" (8/474) : "وينبغي أن يعرف أن المنافقين كانوا قليلين بالنسبة إلى المؤمنين، وأكثرهم انكشف حاله لما نزل فيهم القرآن، وغير ذلك".

ومما يدل على قلتهم في أواخر العهد النبوي، بل وفي أواخر عهد الخلفاء الثلاثة -أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- ما رواه البخاري في صحيحه (4658) في كتاب التفسير، باب: فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم، من طريق زيد بن وهب، قال: كنا عند حذيفة -رضي الله عنه-، فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية -أي التي بوب عليها البخاري- إلا ثلاثة، ولا من المنافقين إلا أربعة، فقال أعرابي: إنكم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- تخبروننا، فلا ندري، فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا، ويسرقون أعلاقنا؟ قال: أولئك الفساق، أجل لم يبق منهم إلا أربعة، أحدهم شيخ كبير، لو شرب الماء البارد لما وجد برده. وحذيفة -رضي الله عنه توفي- بعد عثمان -رضي الله عنه- بأربعين ليلة، كما يقول الذهبي في "السير" (2/364) . رابعاً: أن تعيينهم يعني الحكم على أعيانهم بالكفر الأكبر، وهذا فيه خطورة كبيرة؛ للأدلة الكثيرة في التحذير من تكفير المسلم بغير برهان ظاهر، وتأكدٍ من انتفاء الموانع التي توجب الحكم عليه بالكفر. والحذر يكون أكثر خصوصاً في باب النفاق -الذي يخفى أمره على أكثر الناس- من جهة أن المنافقين معدودون في جملة المسلمين، وتجرى عليهم أحكام الإسلام في الظاهر، كما هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك. خامساً: أن لهؤلاء العلماء -رحمهم الله- أسوة وقدوة في المنهج الإلهي الذي سلك سبيل التحذير منهم بأوصافهم، وعلاماتهم، لا بأسمائهم. وإذا كان الله تعالى -وهو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء-لم يعينهم بأسمائهم، فكيف يطالب المخلوق -ولله المثل الأعلى- الذي يقصر علمه، وفهمه، وتتنازعه أنواع من الضعف البشري بحصرهم، وذكر أسمائهم؟ وهذا من تمام حكمة الله، إذ لو عينوا لظن غيرهم أنهم ليسوا كذلك، بل بقي الأمر مربوطاً بصفات، وعلامات حتى يحذرها المؤمن، ويخافها، والله تعالى أعلم وأحكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

الدولة العثمانية ومجازر الأرمن

الدولة العثمانية ومجازر الأرمن المجيب د. عبد الله السيف عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 27/11/1424هـ السؤال ما هي صحة المجازر التي قامت بها الدولة العثمانية في حق الإرمن أو الإرمنيين؟ وهل الذي قام بتلك المجازر هو السلطان عبد الحميد أم أتاتورك؟ الجواب لقد بولغ في حجم المجازر التي ارتكبت في أواخر الدولة العثمانية (مطلع القرن العشرين الميلادي) ضد الإرمن في الوقت الذي تجاهلت فيه هذه المصادر ما ارتكبه الإرمن أنفسهم ضد الدولة العثمانية، وذلك بالتعاون مع روسيا وبتحريض من الإنكليز وبصفة خاصة من مبشريهم وقناصلهم في شرق الأناضول، كما أن تلك المجازر لم تكن مخططة من مركز الدولة، فكثيراً ما ارتكبت مثل هذه المجازر من قبل القادة العسكريين في تلك المناطق التي ينتشر فيها الإرمن دون توجيه من السلطة، أما الفترة التي تتحدث عن تلك المجازر فقد تمت خلال الحرب العالمية الأولى على يد جماعة الاتحاد والرقي التي سبق وأن أطاحت بالسلطان عبد الحميد، والله الموفق.

اقتناء التحف والآثار

اقتناء التحف والآثار المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 28/1/1424هـ السؤال ما حكم الشرع في اقتناء تحفة أثرية متمثلة في خنجر بقيمة 15000بحجة قيمته التاريخية؟ وما ضوابط الاهتمام بعلم الآثار. الجواب الحمد لله وحده، وبعد فاقتناء التحف الأثرية لا مانع منه ولو كانت ثمينة غالية القيمة، لأن الله تعالى أمر عباده بالنظر في حال من سبقنا من أمم غابرة ماضية، قال تعالى:"فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيد أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ" [الحج:45-46] ، أي فينظروا ما حل بالأمة السابقة المكذبة من النكال، ولما جاء عن التابعين من احتفاظهم بآثار بعض الصحابة، لكن ذلك مشروط بما يلي: (1) ألا يعتقد فيها معنى شرعياً كالتبرك بها، أو تقديسها، ولما طلب بعض الصحابة من النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يجعل لهم شجرة يتبركون بها قال: "قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنوا إسرائيل لموسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة" الترمذي (2180) بسند صحيح. (2) ألا يورث اقتناؤها والعناية بها معنى محذوراً من عصبية لفئة معينة أو حمية لدعوى جاهلية. (3) ألا تشتمل في نفسها على محذور كأن تكون على شكل تصوير لحيوان مثلاً لما روي مسلم (969) ، عن علي مرفوعاً "لا تدع صورة إلا طمستها". (4) ألا تكون شعاراً للكفر أو للكفار، فإن من تشبه بقوم فهو منهم، وهذه الضوابط واردة على الاهتمام بعلم الآثار، إضافة إلى التزام الهدي النبوي في خاصة بعض الأمور نحو ما ورد من عدم الشرب من آبار ثمود سوى بئر الناقة، وعدم دخول ديار الظالمين إلا باكين والله الموفق.

متى أذن بالقتال

متى أُذِنَ بالقتال المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 4/11/1424هـ السؤال متى أبيح القتال في الإسلام؟ وشكراً. الجواب من المتفق عليه بين أهل العلم أن القتال كان ممنوعاً قبل الهجرة، وأن حياة المسلمين في مكة كانت حياةَ تأسيسٍ للعقيدةِ وتوجيهٍ ودعوةٍ وصبرٍ على الأذى؛ كما قال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن" [المؤمنون:96] وقوله: "فاعف عنهم واصفح" [المائدة:13] وقوله: "واهجرهم هجراً جميلا" [المزمل:10] . وبعد هجرة المسلمين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة شرع القتال. وأكثر المفسرين على أن أول آية نزلت في الأمر بالقتال هي قوله تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" [من سورة البقرة: 190] ، وقيل: أن أول آية نزلت في القتال هي قوله تعالى في سورة الحج: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" [الحج:39] . والحكمة من أن القتال لم يشرع في مكة لأن المسلمين في مكة كانوا أفراداً في بيوت، والشهامة والنخوة والغيرة متأصلة في العرب، ولو شرع القتال آنذاك لأدى ذلك إلى وجود القتال في معظم بيوت مكة، الأمر الذي ينتج عنه بأن يوصم الإسلام بأنه دين يفرق ويدعو إلى تمزيق أواصر الرحم والقرابات، وهذا ما لم يرده الإسلام، ولما استقل أمرهم في المدينة، وأصبح لهم كيان ودولة ينطلقون من خلالها، أمروا بمقاتلة المشركين والكافرين، وأذن لهم بأن ينتصروا لدينهم ولأنفسهم حيث إنهم ظلموا، ففي مكة أمروا بالصبر على ما يلحق بهم من أذى، وفي المدينة دولة المسلمين الأولى شرع لهم القتال، وأمروا به دفاعاً عن العقيدة والشريعة وحقوقهم. وبالله التوفيق.

تفضيل يعقوب ليوسف

تفضيل يعقوب ليوسف المجيب د. عبد العزيز بن علي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 14/04/1425هـ السؤال البعض يقولون إن سيدنا يوسف -عليه السلام- تلقى تميزاً من قبل والده، وهذا ليس بعدل من قبل والده، ونحن نعلم أن والده نبي، فكيف يتفق هذا؟. الجواب على هذا السؤال جوابان: أحدهماً: أن العدل في التفصيل والتمييز بين الأبناء مما لا يجب في شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا ليس شرعاً لنا، فإن الله يقول: "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً" [المائدة: من الآية48] . الثاني: أن العدل بين الأبناء واجب في العطية ونحوها، فإذا أعطى الوالد واحداً من الأولاد عطية وجب عليه أن يعطي سائرهم مثلما أعطاه، كما يدل على ذلك مقتضيات الحديث النبوي الذي رواه البخاري (2586) ، ومسلم (1623) عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، وأما ما يتعلق بالمحبة والعناية لمعنى من المعاني فلا يجب فيه العدل، كأن يكون أحد الأولاد متميزاً بعقله وذكائه فيوليه الوالد عناية خاصة تيسر له ذلك، ولو صرفها في إخوته لضاعت هدرا، ولهذا يؤمر الوالد أن يعنى بكل واحد من ولده بحسب ما يسر له، وأما العطية فلا يجوز له أن يميز أحداً من أحد، ولو تميز بعضهم في الصلاح أو الخلق، أو العلم والعقل، وغير ذلك، وليس في قصص يوسف- عليه السلام- أن أباه يعقوب-عليه السلام- منحه شيئاً من الدنيا، بل كان يحبه حباً له أسباب عظيمة عرف إخوته بعد ذلك أسرارها فعذروا أباهم وعرفوا منزلة أخيهم، وقد يكون للمحبة أسباب تجعل المحب يذهل أحياناً عن العدل فيما يجب العدل فيه من غير عزم ولا إرادة جازمة فيعذر. والله أعلم.

آية تطرد الحيات!

آية تطرد الحيات! المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 6/3/1425هـ السؤال الشيخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل هناك آية من القرآن تلاها عقبة بن نافع -رضي الله عنه- على الأفاعي والثعابين عندما نزل بجيش المسلمين بالوادي في فتح الأندلس لكي تختفي الأفاعي والثعابين من طريق المسلمين؟ وما هي تلك الآية؟ مشكورين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فلم يثبت ـ فيما أعلم ـ أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في تخصيص آية أو سورة بعينها تبعد الأفاعي وتطردها، وخبر عقبة بن نافع - رضي الله عنه - الذي أشار إليه السائل الكريم، خبر مشهور لكن ليس فيه أنه تلا آية من القرآن الكريم، وإنما فيه ـ كما ذكر أهل السير والتاريخ ـ أنه لما أراد أن يختط مدينة القيروان كان موضعها بمكان كثير الأشجار والهوام والسباع والحيات، فلما ذكر له من معه من أصحابه هذا وكان -رحمه الله -فيما ذكروا مجاب الدعوة، جمع من كان في عسكره من الصحابة - رضي الله عنهم- وكانوا ثمانية عشر ونادى: أيتها الحشرات والسباع نحن أصحاب رسول الله فارحلوا عنا فإنا نازلون، فمن وجدناه بعد قتلناه، فنظر الناس يومئذ إلى أمر هائل كان السبع يحمل أشباله والذئب يحمل أجراءه، والحية تحمل أولادها، وهم خارجون أسراباً أسرابا، فحمل ذلك كثيراً من البربر - سكان تلك البقاع - على الإسلام.. وقد أورد ابن حجر في الإصابة في ترجمة عقبة بن نافع -رضي الله عنه- نحو هذا الخبر وحسن سنده، فهذا الخبر كما رأيت ليس فيه أنه قرأ آية من كتاب الله وإنما فيه أنه دعا وسأل تلك الهوام والسباع والحيات الخروج. بقي أن أذكر للسائل الكريم أنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- بعض الأدعية التي يتحصن بها المؤمن من كل شر سواء من الحيات أو غيرها، فقد ثبت عند أحمد (476) ، والترمذي (3388) ، وأبو داود (5088) وابن ماجة (3869) من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من قال في أول يومه أو أول ليلته: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم ثلاث مرات، لم يضره شيء في ذلك اليوم أو في تلك الليلة". كذلك يشرع لمن نزل مكانا أن يقول أول نزوله فيه: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"، فقد أخرج مسلم (2708) وغيره من حديث خولة بنت حكيم -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "من نزل منزلا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك". مسلم (2709) من حديث أبي هريرة أن رجلا من أسلم نام فلدغته عقرب، فذكر ذلك للنبي- صلى الله عليه وسلم- فقال له: "أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك".

كما ثبت أن قراءة سورة الفاتحة مما يرقى به اللديغ فقد أخرج البخاري (5749) ، ومسلم (2201) عن أبي سعيد أن رهطا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- انطلقوا في سفرة سافروها حتى نزلوا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين قد نزلوا بكم لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ فسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء فهل عند أحد منكم شيء فقال بعضهم: نعم والله إني لراق ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق فجعل يتفل ويقرأ الحمد لله رب العالمين حتى لكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي ما به قلبة ... " الحديث. فهذه الأدعية وغيرها مما يشرع للمؤمن أن يتعوذ بها ويتحصن من شر كل ذي شر، والله أسأل أن يحفظنا وجميع المسلمين من كل سوء، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

استقلال الأكراد عن العراق

استقلال الأكراد عن العراق المجيب أ. د. نعمان عبد الرزاق السامرائي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود سابقاً التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 21/08/1425هـ السؤال كنا في مجلس ضم بعض الإخوة، وكان الكلام على الفدرالية والاستقلال لأكراد العراق، فمنهم من مال إلى أنه لا شيء في أي منهما، قياساً للفدرالية على الولايات في دولة الخلافة، وقياساً للاستقلال على الدول العربية والإسلامية الموجودة، واحتجاجاً بأن ذلك لدفع الضرر عن الشعب الكردي، وبأن التفرق بين الأمة حاصل لا يحدثه إنشاء دولة كردية، ومنهم من مال إلى عدم الجواز؛ لما في ذلك من الفرقة، وتمكن العدو من استخدام الأكراد لمصالحه، ونشوء الدولة على أساس قومي لا على أساس ديني، ويكون الحكم فيها بغير الشرع. فنرجو الجواب على هذا الموضوع بالتفصيل مع الدليل والتعليل والتعليق على ما يمكن التعليق عليه من فقرات السؤال. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم انتشرت الحركة القومية في أواخر العهد العثماني، وتحرك الأكراد وقاموا بأكثر من ثورة مطالبين بدولة لهم تجمع شتاتهم، وهم يجادلون بأن لكل قومية دولة أو دول إلا الأكراد -وهذه حقيقة يصعب تجاهلها أو المجادلة فيها-، ولكن لم يكن للعرب يد فيها. والنظام الفدرالي معروف في العالم من الهند إلى نيجريا حتى الولايات المتحدة. المشكلة الأساسية ليست في النظام، ولكن في الأساس الذي تقوم عليه الفدرالية، فيمكن أن يقوم النظام الفدرالي على أساس قومي، فيكون مقدمة للانفصال، ويمكن أن يقوم على أساس جغرافي فلا يؤدي للانفصال. في قضية العراق قد انفصل الشمال الكردي وأقام دولة، لا سلطة لغير الأكراد فيها حتى اليوم، فإذا أقيمت الفدرالية على الأساس القومي فسينفصل الأكراد اليوم أو غداً، أما إذا طبقت الفدرالية على أساس الأرض، كأن تدخل "الموصل" العربية وبعض المناطق العربية مع المحافظات الكردية فلا إشكال. والنقطة الأكثر إثارة وحساسية هي "كركوك"، ففيها نفط جيد، وفيها عرب وأكراد وتركمان، ووضعها تحت يد أي طرف يثير أكبر نزاع، ويفجر أكبر المشاكل. تركيا مستعدة للحرب؛ كي لا تقوم دولة كردية على حدودها، فيصعب عندها ضبط الأكراد في تركيا، كذلك لا تسمح بأن تكون (كركوك) تحت الولاية الكردية أيضاً. إيران وسوريا لا ترضى بقيام دولة كردية، لما تمثله من خطر على الدولتين، نظراً لوجود ملايين من الأكراد فيهما. فإذا كان ولا بد من (فدرالية) فلتكن على أساس الأرض لا القومية، وإلا كانت مقدمة للانفصال، وستكون الدولة الكردية متحالفة مع أمريكا وإسرائيل، وستكون بؤرة تجسس وتخريب إسرائيلية أمريكية، ومن هنا يأتي الخطر على المنطقة وأهلها.

حوت موسى عليه السلام

حوت موسى عليه السلام المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 06/07/1425هـ السؤال أعجب عندما يجمع المفسرون على أن حوت موسى في سورة الكهف هو سمكة مملحة، مع أن النص وسياقه يرفضان مثل هذه الأقوال، والأولى أن يقال: إن حوت موسى هو سفينة في شكل الحوت؛ لأن المعجزة هنا مرفوضة في هذا المكان وهذا التوقيت، حيث إن أول وأهم شرط للمعجزة هو: وجود الجمهور، ولا يوجد جمهور في قصة موسى - عليه السلام- والفتى، فهل يوجد من المفسرين في هذا الموقع من يتفق معي؟ وشكراً لكم. الجواب الحمد لله وبعد فما قاله الأخ في تفسير الآية غير صحيح؛ وذلك أن القرآن نزل بلسان عربي مبين، والحوت في لغة العرب كلمة معروفة تطلق على السمك ولا تطلق على المراكب والسفن، ولا يجوز تفسير القرآن إلا بما ورد عن الله -تعالى- وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة -رضي الله عنهم- أو بما يتفق مع لغة العرب، ومما يشهد لهذا التفسير -وهو أن الحوت بمعنى السمكة - ما جاء في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم حين ذكر قصة موسى -عليه السلام - مع الخضر وفيه أن موسى -عليه السلام - أخذ حوتاً وجعله في مكتل انظر ما رواه البخاري (122) ، ومسلم (2380) من حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه-، والمكتل هو الزنبيل، فهذا نص صريح أن الحوت هو المعروف في لغة العرب, وهل يمكن أن يجعل المركب في مكتل؟ ثم إن هذه الآية جعلها الله لموسى -عليه السلام- وليس من شرطها - كما ذكر الأخ الفاضل - أن يوجد الجمهور إذا كانت الآية مسوقة لإثبات النبوة، وصدق الرسول وإقامة الحجة على الأقوام. والله أعلم.

لماذا قطع عمر شجرة البيعة

لماذا قطع عمر شجرة البيعة المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 07/04/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل صحيح أن الخليفة عمر -رضي الله عنه- قطع الشجرة التي كانت البيعة عندها لما رأى الناس يحضرون عندها تبركاً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؟ يقول بعض الناس: إن ذلك يدل على أن الصحابة - رضي الله عنهم- لم يكونوا يرون جواز التبرك بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم قطع عمر - رضي الله عنه- الشجرة، لكنه لم يقطعها بسبب عدم جواز التبرك بالنبي - صلى الله عليه وسلم-،ولكن خوفاً أن تتخذ مكاناً للتعبد المفضي إلى البدعة ثم إلى الشرك، وأما التبرك به صلى الله عليه وسلم فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم- يتبركون بشعره وريقه ووضوئه، وملابسه، ودعائه صلى الله عليه وسلم، وأما الأماكن فلم يكن الصحابة - رضي الله عنهم- يتبركون بها؛ لما قد تفضي إليه من الشرك. والله الموفق.

هل أحرق الإمام علي بعض الخوارج؟

هل أحرق الإمام علي بعض الخوارج؟ المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 27/04/1425هـ السؤال قرأت في أحد المواقع على الشبكة أن علياً بن أبي طالب -رضي الله عنه- أحرق بعض الخارجين عليه أثناء فترة خلافته، وهذا الشيء سبب لي حيرة بسبب الحديث الذي نعرفه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التعذيب بالنار؛ لأنه شرك، فكيف يفعل علي -رضي الله عنه- ذلك؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا الأثر ذكره الإمام البخاري (6922) عن عكرمة قال: أتى علي - رضي الله عنه - بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس - رضي الله عنهما - فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم، لنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تعذبوا بعذاب الله" ولقتلتهم، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من بدل دينه فاقتلوه". فأمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- لما ضل فيه الضُّلَّال السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ اليهودي واعتقدوا فيه - والعياذ بالله - الربوبية وشيئاً من هذا القبيل أشعل ناراً، وقال في ذلك: لما رأيت الأمر أمراً منكراً *** أوقدت ناري ودعوت قنبرا إضافة إلى أن هذه المسألة تعتبر من قضايا الأعيان التي لا عموم لها كما يقول الشاطبي، والحديث عموماً توجد اختلافات كثيرة في تأويله هل حرقهم بعد أن قتلهم أو هل همّ بحرقهم ولم يفعل.. وأياً كان الأمر فهو اجتهاد صحابي لا علاقة له بالشرك، وحرق الإنسان لا يجوز شرعاً، لكنه ليس شركاً، الشرك هو أن تعبد مع الله إلهاً آخر، أو أن تعتقد آلهة مع الله - سبحانه وتعالى- نعم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن الحرق فقال: "إن النار لا يعذب بها إلا الله.." الحديث رواه البخاري (3016) ، وليس معنى ذلك أن من أحرق بالنار فهو مشرك، لكن معناه أن هذه العقوبة هي عقوبة أخروية وليست عقوبة دنيوية، هذا الذي يجب أن نعتقده، فالمسألة ليست من باب الشرك، وكما سبق قد لا يثبت هذا التأويل حيث يحتمل أنه هم بتحريقهم ولم يفعل أو أراد تحريقهم بعد قتلهم، وإذا ما ثبت أنه حرقهم فيكون من اجتهاد الصحابي - رضي الله عنه - الذي يخالف نصاً، والمآل إلى نص الشارع، وليس إلى اجتهاد أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خالفت اجتهاداتهم نصوصاً في الشرع مع اعتقاد أنهم -رضي الله عنهم- مجتهدون، وأنهم كانوا يتصرفون طبقاً لهذا الاجتهاد، وأنهم كانوا هداة.

المراد بـ (السامية)

المراد بـ (السامية) المجيب د. حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 07/09/1425هـ السؤال أود أن أسأل عن تعريف أو بيان لمصطلح (السامية) نسبة إلى ما يطرح عن (سام) ونحو ذلك. ولكم جزيل تحياتي. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: مصطلح السامية ينسب إلى (سام) ؛ أحد أبناء نوح الثلاثة: (سام) و (حام) و (يافث) . والشعوب السامية هي الشعوب التي سكنت فلسطين مثل الكنعانيين والعموريين والمؤابيين، ولذلك يطلق هذا المصطلح على شعوب مختلفة الجنس، كما أنه يطلق على لغات تلك الأمم والشعوب، لكن اليهود يحاولون إبقاء هذا المصطلح خاصًّا بهم؛ لأنهم يرفضون الذوبان في الأمم الأخرى، بيد أن الواقع المعاصر الحديث يرفض هذا التعصب اليهودي، فاليهود يندمجون في أكبر تجمع لهم، وهو الولايات المتحدة الأمريكية، في الشعوب الأخرى، لاسيما بعدما أصبح الزواج المدني مباحًا وقانونيًّا، وهذا أمر لا يقبله اليهود؛ لأنه سيسقط فكرة الاضطهاد التي رسموها في عقول الآخرين، وهذا هو الدافع من وراء اتهام المنظمات اليهودية لكل ما تراه معارضًا لصالحها فتفسره بأنه معاداة للسامية، كما فعل (إبراهام فوكسمان) المدير العام لرابطة مناهضة تشويه السمعة، عندما احتج على خطاب رئيس وزراء ماليزيا (محمد مهاتير) بقوله: إن خطاب مهاتير دعوة 1.3بليون مسلم إلى حرب عالمية ضد اليهود، إنها معاداة بشعة للسامية على نطاق عالمي. والله أعلم.

أيهما بني أولا: المسجد الأقصى أم قبة الصخرة؟

أيهما بُني أولاً: المسجد الأقصى أم قبة الصخرة؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 08/09/1426هـ السؤال أيهما بني أولاً مسجد قبة الصخرة أم المسجد الأقصى؟ ومن بنى كل منهما؟ وما هي أهميتهما الدينية في الإسلام؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فالمسجد الأقصى بني قبل مسجد قبة الصخرة بزمن طويل، ففي حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله أي مسجدٍ وضع في الأرض أول؟ قال: "المسجد الحرام"، قال: قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنةً ... " أخرجه البخاري (3366) ، ومسلم (520) . وهذا الحديث يدل على تقدم بناء المسجد الأقصى، وقد ذكر ابن كثير وغيره أن أول من بناه يعقوب عليه السلام، ثم جُدِّد بناؤه في زمن سليمان عليه السلام، وقد بناه سليمان على قاعدة سداسية الشكل، ويقال إن هذا هو أصل اتخاذ اليهود للنجمة السداسية شعاراً لهم. والمعروف تاريخياً أن ذلك المعبد قد دمر مرتين، المرة الأولى على يد الملك البابلي "بختنصر" عام (587 قبل الميلاد) ، والمرة الثانية عام (70ميلادي) على يد الإمبراطور الروماني "طيطس"، حيث دمره تدميراً كاملاً، ولم يبق منه إلا جزء من السور في الجهة الجنوبية الغربية لساحة المعبد، وقد جاء ذكر التدميرين (الأول والثاني) في القرآن الكريم في أول سورة الإسراء. وظل مكان الهيكل فضاءً خالياً من أي بناء بقية عهد الرومان النصاري. وقد حدث الإسراء والمعراج بالنبي صلى -الله عليه وسلم- في عهد الحاكم الروماني "هرقل" عام (621ميلادي) وكان المكان ما زال خالياً من أي بناء، إلا أنه محاط بسور، وهو الذي رُبط فيه (البراق) في ليلة الإسراء والمعراج، وهو نفسه السور الذي تسميه اليهود اليوم بـ (حائط المبكى) ، وفيه أبواب داخله ساحات واسعة هي المقصودة بالمسجد الأقصى في قوله -تعالى-: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" [الإسراء:1] . وقد ظل المكان معروفاً مقدساً في داخله الصخرة رغم زوال الآثار. ثم جاء الفتح الإسلامي لبيت المقدس صلحاً في عهد عمر -رضي الله عنه- سنة (16هـ/ 637) ، وطلب عمر -رضي الله عنه- من أحد بطريرك القدس أن يدله على مسجد داود (يعني المسجد الأقصى) ، فانطلق به حتى انتهى إلى مكان الباب، وقد انحدر الزبل على درج الباب، فتجشم عمر -رضي الله عنه- حتى دخل ونظر، فقال: الله أكبر، هذا والذي نفسي بيده مسجد داود الذي أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أسري به إليه، ثم أخذ عمر -رضي الله عنه- والمسلمون يكنسون الزبل عن الصخرة حتى ظهرت كلها ... ففي مسند الأمام أحمد (261) بسند حسن أن عمر -رضي الله عنه- قال لكعب -رضي الله عنه- بعد فتح بيت المقدس: أين أصلي؟ قال: إن أخذت عني صليت خلف الصخرة، فكانت القدس كلها بين يديك، فقال: عمر: ضاهيت اليهودية، لا ولكن أصلي حيث صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتقدم إلى القبلة فصلى، ثم جاء فبسط رداءه، وكنس الكناسة في ردائه وكنس الناس.

وبقي المسجد الأقصى على حالته بعد الفتح الإسلامي، إلى أن جاء الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان فبدأ بناء المسجد الأقصى سنة (66هـ) على صورته القائمة اليوم. وأما الصخرة فأول من بنى فوقها مسجداً في العصر الإسلامي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/684-705م) ، حيث بدأ العمل في بنائها سنة (66هـ/ 685م) ، وتم الفراغ منها سنة (72هـ/691م) ، وصرف على بنائها خراج مصر لسبع سنين، وهذه القبة مبنية على الصخرة المشرفة التي عرج عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ليلة الإسراء والمعراج، وهذا المسجد معروف بمسجد الصخرة، والمشهور بقبته الذهبية على المبنى المثمن. وتعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية. والمسجد الأقصى كما هو معلوم له فضائل، فهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، وهو الذي أُسري بالنبي -صلى الله عليه وسلم- منه، وورد في حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- مرفوعاً، بإسناد صحيح: "إن سليمان بن داود -عليهما السلام- سأل الله ثلاثاً أعطاه اثنتين، ونحن نرجو أن تكون له الثلاثة: فسأله حكماً يصادف حكمه، فأعطاه الله إياه، وسأله ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده، فأعطاه إياه، وسأله أيما رجلٍ خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، فنحن نرجو أن يكون الله عز وجل قد أعطاه إياه". أخرجه أحمد (6357) هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

تحول الخلافة إلى ملكية

تحول الخلافة إلى ملكية المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 16/6/1425هـ السؤال عندي سؤال مهم عن طريقة الحكم في الإسلام: كيف تحوَّلت الخلافة إلى ملكية؟. الجواب الحمد لله، وبعد: فهذا السؤال يحتاج جوابه إلى شرح يطول لفهم مقدمات في هذا الشأن لا بد منها، ولكن لا بأس بإيجاز بعض ما ينبغي معرفته في جواب هذا السؤال: 1- طريقة الحكم في الإسلام تكلم عنها العلماء، إما ضمن مؤلفات العقيدة أو في مؤلفات مستقلة كالأحكام السلطانية للماوردي وغيره، وليس من اليسير شرح ذلك في مثل هذا الجواب. 2- تحول الخلافة إلى ملكية -على حد قول السائل - لا علاقة له بطريقة الحكم في الإسلام، وإنما هو حدث تاريخي له أسبابه وملابساته. 3- جواباً على سؤال كيف تحولت الخلافة إلى ملكية؟ أقول: بأن ذلك مبني على الفرق بين الخلافة والملكية، ويظهر لي أن السائل يعني بالخلافة أن يتم نصب الخليفة عن طريق الاختيار أو الترشح، والانتخابات من قبل أهل الحل والعقد، وأما الملكية فهي أن يكون الملك وراثياً من عائلة واحدة. وإذا كان جواب مثل هذا السؤال -كما أشرت من قبل - هو على اعتباره حدثاً تاريخياً فينبغي الرجوع فيه إلى أهل التخصص في التاريخ الإسلامي، ومع ذلك فينبغي مراعاة النقاط التالية. 4- قد يجترئ البعض على الصحابة - رضي الله عنهم- عند حديثه عن مثل هذه الموضوعات، وهذا لا يليق بالمسلم الذي يجب عليه اعتقاد عدالة الصحابة - رضي الله عنهم-، وأن يحمل ما صدر عنهم على الاجتهاد الذي لا يخرج عن الأجر أو الأجرين، ولذا إذا كان مثل هذا السؤال أو غيره لا فائدة منه ولا يترتب عليه كبير عمل، فلا حاجة له. 5- في مقدمة ابن خلدون (ص202) قال الفصل الثامن والعشرون في انقلاب الخلافة إلى الملك، فلعلك أن ترجع إليه؛ فلربما كان فيه بيان لبعض ما تريد، ومما قال ابن خلدون في هذا الفصل: ( ... وكذلك عهد معاوية -رضي الله عنه- إلى يزيد خوفاً من افتراق الكلمة بما كانت بنو أمية لم يرضوا تسليم الأمر إلى من سواهم، فلو قد عهد إلى غيره اختلفوا عليه، مع أن ظنهم كان به صالحاً، ولا يرتاب أحد في ذلك، ولا يظن بمعاوية -رضي الله عنه- غيره، فلم يكن ليعهد إليه وهو يعتقد ما كان عليه من الفسق حاشا لله لمعاوية من ذلك) ا. هـ. 6- جاء في سنن أبي داود (4646) والترمذي (2226) ، وغيرهما عن سفينة -رضي الله عنه- مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك أو ملكه من يشاء"، وهذا الحديث مختلف. والله أعلم.

هرمجدون في عقائد يهود

هَرْمجدّون في عقائد يهود المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 04/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما الهَرْمجدّون؟ وهل جرت أحداثها أم أنها ستجري في المستقبل؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: (هَرْمجدّون) كلمة مكوّنة من (هَرْ) العبرية، وتعني الجبل أو التلّ، و (مجدّو) الكنعانية، بمعنى موضع الجيوش ومخيّمها، وهو تلّ معروف بفلسطين، يقال له اليوم تلّ المتسلِّم، على بعد 30 ميلاً شرقي ساحل البحر الأبيض المتوسط. وهي أفضل ممر يربط مصر بسوريا والشمال، ولذلك كانت موضع غزوات كثيرة قديمًا. وهي اليوم خراب، وتبعد عن تلّ أبيت 55 ميلاً، وليس لهذا الاسم ذكر في نصوص الكتاب والسنّة، وليس عند المسلمين اعتقاد خاص بهذا الموضع على التحديد. لكن لهذا الموضع عند النصارى تصوّرٌ مستمدّ من كتابهم المقدّس عندهم، ومن رؤيا يوحنّا، التي تبشر بمذبحةٍ عظيمةٍ لأهل الأرض، تقع في آخر الزمان، في هذا المكان المسمّى بهرمجدون (انظر: رؤيا يوحنّا، وبالأخص الأصحاح: 16/12-16) . ولهذا التصوّر النصراني استمداد من تصور يهودي، يخبر أيضًا عن معركة حاسمة في آخر الزمان، يموت فيها ثلثا أهل الأرض، بزعمهم. (انظر: سفر حزقيال: الأصحاح: 38،39، وسفر زكريا: الأصحاح: 12) . وكلّ من اليهود والنصارى يزعم أن هذه المعركة ستكون عاقبتها انتصار أبناء ديانتهم، فاليهود يزعمون أن مسيحهم سينزل ويقيم دولتهم، والنصارى يزعمون أن المسيح (الذي ادّعوه إلهًا لهم) سينزل مرة أخرى، لينصرهم على جميع أمم الأرض. وبعد أن نشأت الفرقة النصرانية المعروفة بالبروتستانتية، على يد مؤسسها مارتن لوثر (ت 953 هـ-1546م) ، تغلغلت المبادئ والعقائد اليهودية في قلوب النصارى البروتستانت، وانتعشت روح صداقة بين الديانتين، مع أن اليهود هم أعدى أعداء النصارى، وهم زعموا صلب المسيح!! وفي هذه الأجواء نشأت الأصولية النصرانية، وذلك سنة (1313هـ - 1895م) والتي أحيت فكرة المجيء الثاني للمسيح، وربطت ربطًا عقائديًّا بين هذه العودة للمسيح وبقاء دولة إسرائيل في فلسطين؛ لأنها بحسب رأيهم تمهيد لمعركة هرمجدون الحاسمة, التي يعتقدون أنها لن تنتهي إلا بنزول المسيح، وتشيع هذه العقائد كثيرًا في الولايات المتحدة الأمريكية، ولها وجود قويّ في البيت الأبيض الأمريكي، وتحدّد كثيرًا من ملامح السياسة الأمريكية الخارجية، وبخاصة فيما يتعلق بالقضايا الإسلامية، وقضية فلسطين والاحتلال اليهودي بالأخص. ولذلك فقد أصبح ذكر معركة هرمجدون كثيرًا ما يتردّد في وسائل الإعلام العالمية، بل في المحافل السياسية!! ولم يَعُد أمر هذه المعركة المتنبّأ بها ممّا يصحّ تجاهله، بعد أن أصبحت العقائد المرتبطة بها تسطّر حروفًا بارزةً في التاريخ الحاضر.

أمّا نحن المسلمين: فنؤمن أنه ستقع معركة عظيمة في بلاد الشام، بيننا وبين الروم، وهم الغرب: أوربا وأبناء أوربا الأمريكيون، وأننا بعد معركة شرسة سنخرج منتصرين. هذا ما لا نشك فيه، لثبوته عن نبينا صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري (3176) ، عن عوف بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا". وبنو الأصفر: هم الروم. والغاية: هي الراية. وفي صحيح مسلم (2897) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ، أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتْ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا. فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمْ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ؛ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ". الأعماق ودابق: موضعان بالشام.

وفي صحيح مسلم (2899) : عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلَّا: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، جَاءَتْ السَّاعَةُ. قَالَ: فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ. فَقَالَ: عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ. قُلْتُ: الرُّومَ تَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمْ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمْ اللَّيْلُ فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ، فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً- إِمَّا قَالَ: لَا يُرَى مِثْلُهَا. وَإِمَّا قَالَ: لَمْ يُرَ مِثْلُهَا- حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا، فَيَتَعَادُّ بَنُو الْأَبِ كَانُوا مِائَةً فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ. فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمْ الصَّرِيخُ أنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ". أَوْ: "مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ". والدّبرة: أي الهزيمة. إلى غير ذلك من الأحاديث. ونحن لا نشك أن هذا هو الوعد الحق، وما سواه فمفترى. ومع ذلك فعلى المسلمين أن يعملوا على نصرة قضاياهم بالجهاد والعلم والدعوة والإصلاح، لا أن يناموا في انتظار معجزة، أو في انتظار موعودٍ حق؛ لكن لا يعلم متى وقته إلا الله تعالى.

ومن ذلك أن يدافعوا عن دينهم وأوطانهم وأعراضهم وثرواتهم ودمائهم المستباحة في كل مكان، وأن يكونوا على مستوى الخطر الداهم الذي يحيق بهم هذه الأيام، والذي يهدّدهم في دينهم ووجودهم، والذي يراهن على استئصالهم وإبادتهم باسم الحرب على الإرهاب. فهذا الغرب الذي آمن بهرمجدون، لم يَنَمْ في انتظارها، بل هاهوذا يسعى عمليًّا لتحقيقها، ويرسم خططه المستقبلية بناءً على تصوّره ومعتقداته فيها. أمّا أكثر المسلمين: فبين لاهٍ لاعب، ويائسٍ عاجز، ومتعلق بالخوارق والمعجزات؛ إلا فئامًا من المسلمين، يعملون ويجاهدون (بجميع أنواع الجهاد) لنصرة أمتهم، والدفاع عن دينها وكيانها. وفق الله الجميع لمراضيه، وجعل أعمالنا خالصة فيه. والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

هم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإعادة بناء الكعبة

همُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإعادة بناء الكعبة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 15/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة، رضي الله عنها: "لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة، ثم أعدتُ بناءها، وجعلتُ بابها مسوى بالأرض، ثم جعلت لها بابين بابًا يدخل الناس منه، وبابًا يخرجون منه". فما معنى هذا الحديث؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (1586) ومسلم (1333) من حديث عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: "يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثوُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَأَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ..".

الكعبة المشرفة جدد بناؤها في الجاهلية قبل بعثة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد حضر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا البناء، لكن قريشًا قصرت بها النفقة فلم تتم بناءها على قواعد إبراهيم، وأخرجوا الحجر منها، وجعلوا لها بابًا واحدًا. انظر صحيح البخاري (1584) وصحيح مسلم (1333) . فأراد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يهدم الكعبة- شرفها الله- ثم يتم بناءها على قواعد إبراهيم عليه السلام -أي يرد ما كان منها على غير قواعد إبراهيم إلى قواعده- ولهذا لم يكن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمسح الركن الشامي والركن الغربي. انظر صحيح البخاري (1583) وصحيح مسلم (1333) - وهمّ أن يجعل لها بابين، ويدخل الحجر في الكعبة؛ لأنه في الأصل منها، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- ترك ما هو أولى لأجل تأليف القلوب والخشية من الفتنة ونفور الناس بسبب قرب عهدهم بالشرك والكفر، قال النووي -رحمه الله- إذا تعارضت المصالح، أو تعارضت مصلحة ومفسدة، وتعذر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة، بدئ بالأهم، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر أن نقض الكعبة وردها إلى ما كانت عليه من قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم مصلحة، ولكن تعارضه مفسدة أعظم منه، وهي خوف فتنة بعض من أسلم قريبًا، وذلك لما كانوا يعتقدونه من فضل الكعبة، فيرون تغييرها عظيمًا، فتركها صلى الله عليه وسلم ... [النووي على صحيح مسلم (9/89) ] . وقد أعاد بناءها عبد الله بن الزبير، رضي الله عنهما- حين احترقت زمن يزيد بن معاوية لما غزاها أهل الشام- على الصفة التي أرادها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ففي صحيح مسلم (1333) ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَمَّا احْتَرَقَ الْبَيْتُ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، حِينَ غَزَاهَا أَهْلُ الشَّامِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، تَرَكَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَدِمَ النَّاسُ الْمَوْسِمَ يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّئَهُمْ أَوْ يُحَرِّبَهُمْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْكَعْبَةِ، أَنْقُضُهَا ثُمَّ أَبْنِي بِنَاءَهَا أَوْ أُصْلِحُ مَا وَهَى مِنْهَا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنِّي قَدْ فُرِقَ لِي رَأْيٌ فِيهَا، أَرَى أَنْ تُصْلِحَ مَا وَهَى مِنْهَا، وَتَدَعَ بَيْتًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَأَحْجَارًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا، وَبُعِثَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَوْ كَانَ أَحَدُكُمْ احْتَرَقَ بَيْتُهُ مَا رَضِيَ حَتَّى يُجِدَّهُ، فَكَيْفَ بَيْتُ رَبِّكُمْ! إِنِّي مُسْتَخِيرٌ رَبِّي ثَلَاثًا، ثُمَّ عَازِمٌ عَلَى أَمْرِي. فَلَمَّا مَضَى الثَّلَاثُ أَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا، فَتَحَامَاهُ النَّاسُ أَنْ يَنْزِلَ بِأَوَّلِ النَّاسِ يَصْعَدُ فِيهِ أَمْرٌ مِنْ السَّمَاءِ حَتَّى صَعِدَهُ رَجُلٌ فَأَلْقَى مِنْهُ حِجَارَةً، فَلَمَّا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ أَصَابَهُ شَيْءٌ تَتَابَعُوا فَنَقَضُوهُ، حَتَّى بَلَغُوا بِهِ الْأَرْضَ فَجَعَلَ ابْنُ

الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً فَسَتَّرَ عَلَيْهَا السُّتُورَ، حَتَّى ارْتَفَعَ بِنَاؤُهُ، وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنِّي سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْلَا أَنَّ النَّاسَ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ، وَلَيْسَ عِنْدِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يُقَوِّي عَلَى بِنَائِهِ لَكُنْتُ أَدْخَلْتُ فِيهِ مِنْ الْحِجْرِ خَمْسَ أَذْرُعٍ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ". قَالَ: فَأَنَا الْيَوْمَ أَجِدُ مَا أُنْفِقُ، وَلَسْتُ أَخَافُ النَّاسَ. قَالَ: فَزَادَ فِيهِ خَمْسَ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ حَتَّى أَبْدَى أُسًّا نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَبَنَى عَلَيْهِ الْبِنَاءَ، وَكَانَ طُولُ الْكَعْبَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا زَادَ فِيهِ اسْتَقْصَرَهُ فَزَادَ فِي طُولِهِ عَشْرَ أَذْرُعٍ، وَجَعَلَ لَهُ بَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُدْخَلُ مِنْهُ، وَالْآخَرُ يُخْرَجُ مِنْهُ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، وَيُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ وَضَعَ الْبِنَاءَ عَلَى أُسٍّ نَظَرَ إِلَيْهِ الْعُدُولُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّا لَسْنَا مِنْ تَلْطِيخِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي شَيْءٍ، أَمَّا مَا زَادَ فِي طُولِهِ فَأَقِرَّهُ، وَأَمَّا مَا زَادَ فِيهِ مِنْ الْحِجْرِ فَرُدَّهُ إِلَى بِنَائِهِ، وَسُدَّ الْبَابَ الَّذِي فَتَحَهُ. فَنَقَضَهُ وَأَعَادَهُ إِلَى بِنَائِهِ. وأخرج مسلم (1333) ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَيْثُ يَكْذِبُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ: سَمِعْتُهَا تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ حَتَّى أَزِيدَ فِيهِ مِنْ الْحِجْرِ، فَإِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرُوا فِي الْبِنَاءِ". فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: لَا تَقُلْ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنَا سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُحَدِّثُ هَذَا. قَالَ: لَوْ كُنْتُ سَمِعْتُهُ قَبْلَ أَنْ أَهْدِمَهُ لَتَرَكْتُهُ عَلَى مَا بَنَى ابْنُ الزُّبَيْرِ. قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله: فدل هذا على صواب ما فعله ابن الزبير، فلو ترك لكان جيدًا، ولكن بعدما رجع الأمر إلى هذا الحال فقد كره بعض العلماء أن يغير عن حاله، كما ذكر عن أمير المؤمنين هارون الرشيد، أو أبيه المهدي، أنه سأل الإمام مالكًا عن هدم الكعبة وردها إلى ما فعله بن الزبير، فقال له مالك: يا أمير المؤمنين، لا تجعل كعبة الله ملعبة للملوك؛ لا يشاء أحد أن يهدمها إلا هدمها. فترك ذلك الرشيد. [تفسير ابن كثير (1/184) ] قال ابن حجر-بعد أن أورد كلام الإمام مالك-: "وهذا بعينه خشيه جدهم الأعلى عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما- فأشار على ابن الزبير لما أراد أن يهدم الكعبة ويجدد بناءها بأن يرم ما وَهَى منها، ولا يتعرض لها بزيادة ولا نقص، وقال له: لا آمن أن يجيء من بعدك أمير فيغير الذي صنعت". ينظر: فتح الباري (3/448) . والله أعلم.

خروج الحسين على يزيد

خروج الحسين على يزيد المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 09/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. أفيدونا هل كان الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- خارجياً عندما خرج على يزيد؟ وكذلك محمد بن سعود عندما خرج على الخلفاء العثمانيين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا ندري ماذا كان سيفعل الحسين -رضي الله عنه- تماماً، ومع ذلك فهو اجتهد فأخطأ، وقد خالفه علماء الصحابة الآخرون كابن عباس، ونصحوه بألا يفعل، وعلى أية حال فقد كان متأولاً، وما حصل من زلة رجل صالح كان هو ضحيتها قبل غيره، لكنها لا تنقص من فضله وقدره، ولا تعد منهجاً للسلف، بل كانت من أعظم العظات والدروس والعبر. أما محمد بن سعود فكانت إمارته لسد فراغ في السلطة في نجد، حيث لم تكن للدولة العثمانية عليها سلطة مباشرة. وكان قيام إمارة شرعية -تقيم شعائر الدين، وتحفظ الأمن، وتجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى والسنة- ضرورة شرعية وأمنية، لا سيما وأن إمارة محمد بن سعود كانت قد انطلقت من أسس شرعية تقوم على راية السنة التي رفعها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب على التوحيد والعدل والعلم. ولم يعلن الخروج على الدولة العثمانية، ولا تمرد عليها، حتى نابذه المتنفذون باسمها في البلاد المجاورة. وقد فصَّلت هذا في كتابي (إسلامية لا وهابية) فليراجع ص (298) . والله أعلم.

هل عارض دعوة محمد بن عبد الوهاب أبوه وأخوه؟

هل عارض دعوة محمد بن عبد الوهاب أبوه وأخوه؟ المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين - رحمه الله - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 07/08/1426هـ السؤال سمعتُ أن محمد بن عبد الوهّاب كان أبوه وأخوه يعارضان دعوته. هل هذا صحيح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالإجابة على هذا السؤال تحتاج بسطاً وشرحاً واسعاً، لكن الاختصار مطلوب، فأقول وبالله التوفيق. أولاً: شكر الله للأخ السائل حرصه على معرفة موضوع السؤال الذي طرحه، ويدل سؤاله على العقل والإنصاف الذي يتمتع به، وهو ينطلق من منهج القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات: 6] . ثانياً: وإجابة السؤال تتضمن الحكم على الأشخاص، والحكم لا يصدر إلا ممن هومحيط بخلفية علمية عن المسؤول عنهم، فهؤلاء الذين أثاروا قضية مخالفة والد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومخالفة أخيه هل عندهم خلفية علمية عن سعة علم والد الشيخ، وخلفية علمية عن سعة علم أخيه حتى يكون خلافهما للشيخ محمد حكماً على خطئه؟ أم أن أصل المسألة هو معاداتهم للشيخ من قبلهم، قبل أن يعرفوا موقف الوالد والأخ, وأنهم لما سمعوا هذا الخلاف جعلوه حكماً على خطأ الشيخ دون أن يعرفوا الخلفية العلمية لوالد الشيخ وأخيه؟ وهذا هو الذي يظهر لي في المسألة. ثالثاً: وأما ما سمعته -يا أخي- من معارضة والد الشيخ لابنه محمد فهو على النقيض من فهم الخصوم. لقد حدث أن منع والد الشيخ ولده محمد من مزاولة الإنكار المباشر؛ وذلك من أجل الخوف على الابن، والخوف كذلك من مشكلات اجتماعية لا يستطيع الأب أن يتحملها كسائر علماء عصره، والحق في هذه المسألة أن والد الشيخ قد ربى ولده تربية صالحة، وفتح له باب طلب العلم والسفر من أجله، واعترف الأب بأنه استفاد من ابنه محمد في بعض مسائل الفقه. وأما مخالفة الأخ لأخيه فليست حكماً على الشيخ، فكم من الأنبياء خالفهم آباؤهم، مثل إبراهيم -عليه السلام- وخالفهم أبناؤهم، مثل نوح -عليه السلام- وخالفهم بعض أعمامهم، مثل ما حصل لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- من مخالفة عميه له أبي لهب وأبي طالب، وكم من الدعاة الصالحين خالفهم أقاربهم لأي ظرف من الظروف الاجتماعية أو النفسية أو السياسية أو غير ذلك، ولم يقدح ذلك في صحة منهج الدعاة المخلصين، ولم يفت في عضدهم. والله أعلم, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل هذه صورة قبر الرسول؟

هل هذه صورة قبر الرسول؟ المجيب د. عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ عميد كلية القرآن في الجامعة الإسلامية سابقا التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر التاريخ 12/10/1426هـ السؤال انتشرت في الآونة الأخيرة في المنتديات وعلى البريد الإلكتروني صورة مزعومة لقبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأغضبني جداً ما رأيت، وأخذت أبحث في الإنترنت لموقع معروف لكي أرد عليهم بطريقة صحيحة، وعند بحثي فوجئت بالكثير من المنتديات التي طرحت الصورة والأعضاء يصدقون أنها صحيحة، ومنهم من قال: إنه أول مرة يراها، وأنا أعلم أنها ليست لقبر الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- فما حكمكم على ذلك؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد: فإن هذه الصورة -المزعومة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم- لا صلة لها بالواقع، وكذبها واضح للعيان يراه كل من قام بزيارة لمسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة النبوية؛ فقد دُفِن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أبو بكر الصديق، ثم الفاروق عمر -رضي الله عنهما وأرضاهما- في حجرة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-. وبيت عائشة -رضي الله عنها- كانت مساحته من الحجرة إلى الباب نحواً من ستة أذرع أو سبعة، وعرضه بين الثمانية والتسعة، وارتفاع سقفه بقدر قامة الإنسان، وكان بابه جهة المسجد، أي غربي الحجرة. وروي أن هذا البيت الذي فيه القبور الشريفة مربع مبني بحجارة سُودٍ وقَصَّةٍ (أي جص) ، الذي يلي القبلة منه أطول، والشرقي والغربي سواء، والشمالي أنقصها، وله باب في جهته الشمالية، وهو مسدود بحجارة سود وقصة. ثم بنى عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- سنة ست وثمانين جداراً مُخَمَّساً حول الحجرة، الضلع الشمالي منه على شكل مثلث، وأحاط الحجرة به، ولم يجعل له باباً حماية للقبر النبوي الشريف. وصفة القبور الشريفة داخل الحجرة: قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمامها إلى القبلة مُقدَّماً، ثم قبر أبي بكر حِذَاءَ منكبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قبر عمر -رضي الله عنه- حذاء منكبي أبي بكر -رضي الله عنه-. وكانت مُسَنَّمةً، أي مرتفعة عن الأرض بمقدار شبر (فقط) ، مبطوحة ببطحاء العَرْصَة الحمراء، أي مفروشة بحصى من بطحاء (العَرْصَة) وهي المكان الذي يقع غربيَّ وادي العقيق في سفوح "جَمَّاءِ أُمِّ خالد" الشمالية، حيث تقع اليوم "الجامعة الإسلامية"، وكانت بطحاؤها نظيفة حمراء. وورد أنهم غسلوا ما جلبوه منها قبل أن يفرشوه على القبور الثلاثة الشريفة [انتهى ملخصاً من وفاء الوفا للسمهودي] .

التراجم والسير

عقيدة ابن حجر والنووي المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 5/7/1422 السؤال سمعت بعض طلاب العلم يصف ابن حجر والنووي بأنهما أشاعرة، ونحن نعلم أن لديهم تأويل في بعض الأسماء والصفات، لكن هل يستقيم بأن ينسبون إلى الأشاعرة على الإطلاق، أفيدونا أحسن الله إليكم؟ الجواب فإن الإمام النووي -رحمه الله- من الأئمة الكبار والعلماء الربانيين، وقد كتب الله لمؤلفاته القبول والانتشار، ولم يكن الإمام النووي -رحمه الله- أشعرياً محضاً، فإنه وإن وافق الأشاعرة في تأويل جملة من صفات الله -تعالى- أو تفويضها، إلا أن اشتغاله بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حفظه عن الوقوع في كثير من مزالق الأشاعرة. وكذا الحافظ ابن حجر، فإنه من الأئمة الأعلام، والجهابذة المحققين، وقد وافق الأشاعرة في تأويل صفات ٍ لله -تعالى- أو تفويضها، لكن نقد الأشاعرة في جملة من عقائدهم كمسألة الإيمان وأول واجب على المكلف. ونوصي السائل وسائر إخواننا بالاشتغال بما ينفع، والاهتمام بكتب هذين الإمامين لاسيما (رياض الصالحين) و (الأذكار) و (شرح صحيح مسلم للنووي) ، (وفتح الباري) لابن حجر، وأن لا يحكم على الأشخاص إلا بعلم وعدل، وبالله التوفيق.

الأصل في نجمة داود السداسية

الأصل في نجمة داود السداسية المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 22/3/1423 السؤال ما أصل نجمة داود (النجمة السداسية) ؟ الجواب أود الإشارة إلى أن الغموض يحيط بكثير مما يتعلق بالتاريخ اليهودي، ولا سيما ما يتصل بالطقوس الدينية، خاصة مع حرص اليهود الشديد على السرية، وانغلاقهم على أنفسهم، ومن ذلك الشكل السداسي الأضلاع أو ما يعرف بنجمة داود، التي اتخذها اليهود أحد أبرز شعاراتهم المميزة لهم، وهذه النجمة لم ترد في كتبهم المقدسة ولا شروحها، وهي تسمى في العبرية -كما تشير المصادر التي بحثت في الطقوس والرموز اليهودية- (ماجن دافيد) ، وترجمتها الحرفية (درع داود) ، وقد استخدم الاصطلاح في أول الأمر -على ما ذكروا- بقصد الإشارة إلى الخالق، ثم استخدم بعد هذا للإشارة للنجمة السداسية، وقد وجدت رسوم لهذا الشكل الهندسي على بعض المعابد اليهودية يرجع بعضها إلى القرن الثالث الميلادي ومع هذا فقد كانت موجودة في المعابد الرومانية قبل هذا الوقت بكثير، هذا والله أعلم.

هل طبعت هذه الكتب لابن تيمية

هل طبعت هذه الكتب لابن تيمية المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 15/6/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: هناك كتب ومؤلفات لشيخ الإسلام ابن تيمية، منها المطبوعة، ومنها المخطوطة، وخلال البحث عثرت على أسماء بعض الكتب، إلا أنني لم أوفق في معرفة هل هي مطبوعة أم ما زالت مخطوطة؟ والكتب هي: (1) قاعدة في أن جامع الحسنات العدل والسيئات الظلم ومراتب الذنوب في الدنيا. (2) رسالة في وجوب العدل على كل أحد في كل حال. وبارك الله في جهودكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: لم أقف -بعد البحث- على أن هذين الكتابين قد طبعا من قبل، كما لا أعرف عن وجودهما في شيء من المكتبات المشهورة بالمخطوطات، وهذا لا ينفي وجودهما، فلربما كان لدى بعض المختصين بمؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية زيادة علم خفيت علينا. ويحسن التنبيه هنا على أن شيخ الإسلام -رحمه الله- قد تطرق في عدد من مؤلفاته إلى أن جامع الحسنات هو العدل، وأن جامع السيئات هو الظلم، انظر (مجموع الفتاوى 20/79-82) ، (1/86) ، (28/184) . كما أشار في عدد من المواضع إلى وجوب العدل على كل أحد في كل حال، انظر الصفدية (2/327) والرد على المنطقيين صـ (422) ، ومنهاج السنة (5/126) ، ومجموع الفتاوى (30/339) ، والله أعلم.

أهل البيت في إيران

أهل البيت في إيران المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 13/4/1423 السؤال هل يوجد أحد من أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في عربستان في الجنوب من دولة إيران؟ علماً أني أنسب إليهم, ولكن الظروف حالت دون معرفتي بأصولي وقد حاولت كثيراً, ولعدم علمي بمؤرخي أهل البيت, فإذا لم يكن لديكم جواب فهلا دللتموني على أحد مؤرخي أهل البيت كي أتأكد منه، وجزيتم خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أقول وبالله التوفيق: فإن آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذرية الحسن والحسين -رضي الله عنهما- أنسابهم محفوظة معلومة، ولا يوجد على وجه الأرض أوثق من أنسابهم صحة ووضوحاً، وتوثيقاً بالكتب والمشجرات. ولولا أن ذلك كذلك لما كانت أهم علامات المهدي المنتظر، التي جعلها الشارع دليلاً عليه أنه من عترة النبي -صلى الله عليه وسلم- من ولد ابنته فاطمة -رضي الله عنها-، فلو أن أنساب آل البيت ستضيع أو لو كان فيها خفاء أو شكّ لما كان الشارع الحكيم ليجعلها علامة ظاهرة للمهدي. ومع شرف هذا النسب، ولما يتعلق به من أحكام شرعية، فقد قيض له علماء يحفظونه ويجمعونه ويؤلفون فيه، قديماً وحديثاً، يبينون صحيح النسب من دخيله، ويسلسلون الأنساب المتصلة إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وينبهون إلى الأنساب المنقطعة، وإلى الدعاوى المشكوك فيها أو المجزوم بكذبها. علماً أن آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- انتشروا في العالم الإسلامي كغيرهم من القبائل العربية، وفي إيران منهم قوم صحيحو النسب، ومنهم أدعياء، كغير إيران من البلاد الإسلامية. والطريقة الصحيحة للتثبت من النسب أن يرسل السائل ما يعرفه من أسماء سلسلة نسبه، لتُطابق على المشجرات المحفوظة والكتب الموثوقة، للتأكد من صحتها، ولإصلاح ما قد ينتابها من خلل وخطأ أو لبيان عدم صحة النسبة، والتي قد لا يكون للسائل دور في دعواها، وإنما تكون دعوى قديمة، تلقاها الأحفاد عن الأجداد، وهي غير ثابتة. هذا مع أن ثبوت النسبة أو عدم ثبوتها ليس بُمغنٍ عن العمل الصالح وصحة المعتقد "ومن بطّأ به عمله لم يُسرع به نسبه" مسلم (2699) كما قال -صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم، والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حده.

عقيدة الشيخ الشعراوي

عقيدة الشيخ الشعراوي المجيب د. فهد بن عبد الرحمن الرومي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 21/11/1422 السؤال قد تناقش مجموعة من الشباب حول عقيدة الشيخ المفسر المتوفى محمد متولي الشعراوي، فناس يقولون: أشعري وآخرون يقولون: لا، فما رأيكم فيه؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، يتميز تفسير الشعراوي -رحمه الله تعالى- بميزتين:- الأولى: عنايته بالتفسير اللغوي والبلاغي، ودقة استنباطاته للمعاني الخفية. الثانية: قدرته على تبسيط معاني الآيات حتى يستوي في فهمها العامة والعلماء، ولذا حظي بمكانة كبيرة، وكان له تأثير محمود. أما أشعريته فإني أراه يتحاشى الخوض في المسائل العقدية في الأسماء والصفات؛ لأنه يخاطب العامة، فيكتفي بالعموم والإجمال. وإن ظهرت أشعريته أو لم تظهر فإني أقول للسائل: ليس هناك تفسير مطبوع ليس فيه خطأ في العقيدة، أقول في العقيدة على تفاوت شديد بين المفسرين، والشعراوي كغيره من المفسرين أصاب وأخطأ وليس بمعصوم، والخطأ الأكبر ممن تصدى لتتبع هفوات العلماء ويستطير بها فرحاً، والله المستعان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الفقهاء السبعة

الفقهاء السبعة المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 20/7/1424هـ السؤال يورد الأصوليون في كتبهم مصطلحات (متفق عليها) عندهم مثل قولهم "الفقهاء السبعة"و"الأئمة الأربعة"، فمن هم الفقهاء السبعة المقصودون غير ابن عباس -رضي الله عنهم-؟. الجواب الفقهاء السبعة هم من التابعين وليس فيهم ابن عباس، وإن كان من كبار الفقهاء ولكنه ليس من السبعة المعروفين. والفقهاء السبعة هم: 1-سعيد بن المسيب المتوفى سنة:94هـ. 2-عروة بن الزبير المتوفى سنة:94هـ أيضاً. 3-أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي القرشي المتوفى سنة:94هـ 4-عبد الله بن عبد الله بن عتيبة بن مسعود المتوفى سنة:98هـ 5-خارجة بن زيد بن ثابت توفى سنة:99هـ 6-القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق المتوفى سنة:107هـ 7-سليمان بن يسار المتوفى سنة:107هـ أيضاً -رحمهم الله جميعاً-. وهم الذين قيل فيهم: إذا قيل من في العلم سبعة أبحر *** روايتهم عن العلم ليست خارجة فقل هم عبيد الله عروة قاسم *** سعيد أبو بكر سليمان خارجة والله أعلم.

كتاب (تنبيه الغافلين)

كتاب (تنبيه الغافلين) المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 22/12/1422 السؤال أحد جيراننا يقرأ كتاباً اسمه (تنبيه الغافلين في بستان العارفين) لشيخ يدعى نصر بن محمد إبراهيم السمرقندي، سألته عما يحويه هذا الكتاب، فقال: 01 إن هذا الكتاب كتاب جيد، حيث يذكر الكتاب أن وجود العنكبوت في البيت يجلب الفقر. 02 إن فصوص العقيق تجلب الرزق. فقلت: يا أخي اتق الله، فالله بيده الرزق والغنى والفقر، وهناك الكثير من الخزعبلات التي لم يذكرها لي، فهل من كلمة يوجهها فضيلة الشيخ لعلّي أوصلها له، فيعود إلى رشده؟ الجواب كتاب (تنبيه الغافلين) صنّفه أبو الليث السمرقندي، قال عنه الذهبي في (السير 16/322) :" الإمام الفقيه المحدث الزاهد، أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي، الحنفي. صاحب كتاب (تنبيه الغافلين) وله كتاب (الفتاوى) ، وتروج عليه الأحاديث الموضوعة. ت 375هـ". ا. هـ وقال في (تاريخ الإسلام حوادث 351-380) :" وفي كتاب (تنبيه الغافلين) موضوعات كثيرة " يعني: أحاديث قلت: وهو صاحب التفسير المعروف والمشهور باسمه، وله كتب كثيرة ذكرها البغدادي في (هدية العارفين 6/490 طبعة دار الفكر) "، وقال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في (ردِّه على البكري ص 15) ضمن كلامه عن جمهور مصنفي السير والأخبار: " فهؤلاء لا يعرفون الصحيح من السقيم ولا لهم خبرة بالنَّقلة (أي: الرواة) ، بل يجمعون فيما يروون بين الصحيح والضعيف ولا يميزون بينها" ا. هـ. والكتاب المذكور لم أقف عليه، لكن قد ذكره أبو الفضل الغماري في (الحاوي 3/4) ، فقال: " وكتاب (تنبيه الغافلين) يشتمل على أحاديث ضعيفة وموضوعة فلا ينبغي قراءته للعامة"، وانظر: (كتب حذر منها العلماء) لمشهور بن حسن، و (تحذير الخواص) للسيوطي فإنهما نافعان في هذا الباب، أعني: في باب بيان خطورة بعض المؤلفات، وتخبطات كثير من المؤلفين والقُصَّاص. وأنصحك أيها الأخ الكريم أن تدعو صاحبك بالحكمة واللين، وتبين له أن العلم - طلباً وأداءً - أمانة، وأن ترويج الشركيات والبدع والخرافات والأباطيل غش وخيانة للنفس والناس، وأن تدله على البديل النافع لهذا الكتاب وهي الكتب المفيدة الموثوقة مثل: رياض الصالحين للنووي، والوابل الصيب، والجواب الكافي لابن القيم، ومختصر البخاري للزبيدي، ومختصر مسلم للمنذري ونحوها، فإن استجاب -فالحمد لله-، وإلا فقد أعذرت إلى الله، والله يحفظك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عقيدة الشيخ عبد القادر الجيلاني

عقيدة الشيخ عبد القادر الجيلاني المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 4/2/1423 السؤال أرجو بيان رأيكم بالشيخ عبد القادر الجيلاني? الجواب الشيخ عبد القادر الجيلاني من أئمة الصوفية المعتدلين، وعقيدته عقيدة السلف، ويقرر وجوب الاتباع وعدم الابتداع في الدين، وقد أثنى عليه ابن تيمية في غير موضع. ولكن يؤخذ عليه وقوعه في بعض البدع العملية، واعتماده على أحاديث ضعيفة، واستخدام بعض أساليب المتصوفة في الوعظ، من تلك البدع: 1-قوله بالسفر لزيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-. 2-السؤال بحق النبي -صلى الله عليه وسلم-. 3-تخصيص رجب ببعض العبادات، وكذلك النصف من شعبان. 4-تخصيص بعض الأيام أو الليالي بصلوات معينة. 5-تحديد أجر من صام عاشوراء بما لم يرد في الشرع، وقد نسب إليه كرامات لا تصح. وهناك رسالة علمية للدكتور الشيخ/ سعيد بن مسفر القحطاني حصل بها على درجة الدكتوراة من جامعة أم القرى عن الشيخ عبد القادر مطبوعة بعنوان:" الشيخ عبد القادر الجيلاني ... "، والله الموفق.

حقيقه بولس الرسول

حقيقه بولس الرسول المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 19/2/1424هـ السؤال السلام عليكم. هناك شبهة أرجو أن أجد جواباً عنها: ورد في الأحاديث المحمدية فقرات منقولة عن الكتاب المقدس، من أمثال ذلك ما ورد في كتاب مشكاة المصابيح صـ (487) من طبعة سنة 1297هـ، الباب الأول والفصل الأول في كلامه عن وصف الجنة وأهلها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" فلا يشك أحد أن هذا الحديث منقول من الرسالة الأولى لبولس الرسول إلى أهل كورنثوس2/9 ومما هو جدير بالملاحظة هنا أنه بينما يقرر محمد أن هذا الوصف من كلام الله ينكر كثيرون من علماء الإسلام أن بولس رسول؟ وأن رسائله موحى بها من الله. الجواب وعليك السلام، وبعد: إنك تعلم أن بولس كان يهودياً مثقفاً فيلسوفاً مستنيراً قبل أن يعتنق النصرانية، وقد مكنته ثقافته اليهودية من العلم ببعض النصوص الدينية الباقية من دعوة موسى ورسل بني إسرائيل، فلما ادعى اعتناقه للنصرانية كان ينطق ببعض النصوص التي حفظها من العهد القديم، لا على أنها وحي أوحي إليه، بل تراث ديني ورثه عن الأقدمين، وجاء نص الحديث قريباً منه في معناه. ولم يدع بولس النبوة ولا الرسالة بمعناها الشرعي -تنزل الوحي عليه- بل الرسالة بمعناها اللغوي، وكل من يحمل دعوة يريد إيصالها إلى الغير يسمى رسولاً في اللغة، وإذا كان النص يقارب في دلالته معنى الحديث الشريف، فإن الإسلام لم يقل ببطلان كل ما في التوراة والإنجيل، ولكن قال بوقوع تحريف فيهما، وذلك يعني أن الحق قد اختلط بالباطل، فبقيت بقية من حق مثل الوصايا العشر وتوحيد الإله في العهد القديم، وكثر الباطل مثل شرب نوح للخمرة وتجارة إبراهيم بعرض زوجته وكذب يعقوب على أبيه وزنا لوط بابنتيه وزنا داود بامرأة أوريا الحث وقتله وعبادة الأوثان في بيت سليمان وكذب أيوب، وفي العهد الجديد تسلط الشيطان على المسيح، وتحويل المسيح الماء خمراً في عرس قانا الجليل وشرب الخمر وسقي أتباعه في العشاء الأخير وأُخذ إلى الحاكم وعُلِّق على الصليب -وهو الإله- وبصق على وجهه وضرب على رأسه وصلب رغم أنفه ودفن في قبره وقام من موته، كل ذلك وهو الله كما يعتقد النصارى أو ابن الله أو ثالث ثلاثة. إن بولس (شارل) دخل النصرانية ليهدمها، فقد نقلها من التوحيد إلى التثليث وأحل الخمر وأباح الخنزير ودعا إلى التبتل ونقل المسيحية من المحلية كما قال عيسى:"اذهبي يا امرأة فإني لم أرسل إلا إلى الخراف الضالة من بني إسرائيل" إلى العالمية، كما في قوله:"إن المسيح مات من أجل خطايانا نحن البشر". وهذا شأن اليهود إذا عجزوا عن مواجهة دين من الأديان ادعوا اتباعه، ليكون الهدم من خلال الاتباع بعد تضليل الأتباع، وقد حفظ الله القرآن من صنيعهم هذا حين تعهد بحفظه بنفسه "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر: 9] . لمزيد من البيان راجع: رسالة في اللاهوت (سبينوزا) . محاضرات في النصرانية (محمد أبو زهرة) . الإنجيل والصليب (عبد الأحد داود) .

المقصود بأهل الفترة

المقصود بأهل الفترة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 22/9/1424هـ السؤال نسأل المشايخ الكرام عن أهل الفترة من هم؟ والذين يعبدون غير الله ولم تصلهم رسالة الإسلام ما حكمهم؟ الجواب الحمد لله، المراد بأهل الفترة الذين يذكرهم العلماء هم الذين نشأوا بين رسالتين، فلم تبلغهم الرسالة الأولى يعني رسالة الرسول السابق، ولم يدركوا الرسول الآخر، مثل: أكثر البشرية قبل بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -. فهؤلاء قد ورد أنهم يوم القيامة يمتحنون فيتبين المطيع من العاصي، يتبين من لو جاءه رسول الله عليه الصلاة والسلام لآمن به واتبعه، ومن لو جاءه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكذبه وعصاه، فيظهر الله حقائقهم بما شاء سبحانه وتعالى، ويجزيهم بحسب ذلك، وهو الحكيم العليم العدل الرحيم، والله أعلم.

محمد بن عبد الوهاب والدولة العثمانية

محمد بن عبد الوهاب والدولة العثمانية المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 13/5/1424هـ السؤال السلام عليكم. عندما أتكلم مع بعض الناس عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، وعن أثرها في إرجاع الناس إلى التوحيد الخالص، الذي هو منهج أهل السنة والجماعة، يعترض البعض بأن الإمام محمد بن عبد الوهاب قد قام على الخليفة العثماني مع من تحالف معهم من أمراء آل سعود وهذا يخالف منهج أهل السنة والجماعة، الرجاء بيان مدى صحة ما قالوا، فإن كان زوراً فما الدليل على بطلان مزاعمهم؟ وفقكم الله. الجواب إن الناظر إلى مصنفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - يدرك جلياً أن هذا الإمام مجدد لما اندرس من معالم الدين، وأنه على طريقة أهل السنة والجماعة أتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قرر الشيخ وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله - انظر مجموعة مؤلفات الشيخ (5/11) . وأما دعوى الخروج على دولة الخلافة العثمانية فليس الأمر كذلك، فإن نجداًلم تكن تحت سيطرة العثمانيين كما حرر ذلك جمع من العلماء والباحثين المعاصرين كالشيخ ابن باز رحمه الله في محاضرة بعنوان "ندوة تجديد الفكر الإسلامي"، والدكتور صالح العبود في كتابه (عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب) ، والأستاذ أمين سعيد في كتابه (تاريخ الدولة السعودية) ، ونحوهم.

هل صح خبر تخفيف العذاب عن أبي لهب

هل صحّ خبر تخفيف العذاب عن أبي لهب المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 25/11/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: تحية واحتراماً. وبعد: قال تعالى في سورة يونس: "حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ"، أظن بأن المقصود في الآية فرعون موسى، ما أفهمه من الآية أن فرعون خشي على نفسه من الموت، سؤالي هل صحيح بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: بأن فرعونه أبا جهل أشد كفراً من فرعون سيدنا موسى؟ وذلك عندما قُتل أبو جهل في معركة ما، لا أدري من الصحابي الذي قام بقتله، ولكن طلب من الصحابي بأن يقتله شخصاً غيره، فسأله الصحابي لماذا؟ فقال له أبو جهل: حتى لا يتحدث التاريخ بأن أبا جهل قتله راعي أغنام، هل هذا صحيح؟ وهل صحيح أن أبا جهل يخفف عنه العذاب كل يوم اثنين، وذلك لأنه فرح عند مولد المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؟. أرجو الشرح والتفصيل والتدقيق. وجزاكم الله ألف خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول وبالله التوفيق: قصة مقتل أبي جهل وردت في كتب السير وغيرها من كتب السنن، ومن ذلك ما ورد في سنن البيهقي الكبرى ج (9/92) ، الأثر رقم: (116،173) ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال عن أبي جهل: "هذا فرعون هذه الأمة" وانظر سيرة ابن هشام ج (2/636) ، وفيها أن أبا جهل قال لابن مسعود - رضي الله عنه-: "لقد ارتقيت مرتقى صعباً يا رويعي الغنم". وأما ما ذكرتيه في سؤالك من تخفيف العذاب عن أبي جهل كل يوم اثنين، لفرحه بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم- فالمعروف أن هذا كان في حق أبي لهب، فقد جاء في صحيح البخاري حديث رقم: (5101) ج (9/140) ، من طريق عروة بن الزبير أن زينب ابنة أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها أنها قالت: "يا رسول الله، أنكح أختي بنت أبي سفيان....وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن، قال عروة: وثويبة مولاة لأبي لهب، وكان أبو لهب اعتقها، فأرضعت النبي - صلى الله عليه وسلم-، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم، غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة". قال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث على قوله: (لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه) ، ووقع في رواية عبد الرزاق المذكور، وأشار بيده إلى النقرة التي تحت إبهامه، وفي رواية الإسماعيلي المذكورة وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع، انظر فتح الباري (9/145) . ومعنى قوله (شرحيبة) أي شر حالة.

وجاء في الاكتفاء بما تضمنه من مغازي المصطفى (2/39) ، أن العباس قال: مكثت حولاً بعد موت أبي لهب لا أراه في نوم، ثم رأيته في شر حال، فقال: ما لقيت بعدكم راحة إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولد يوم الاثنين، فبشرت أبا لهب بمولده ثويبة مولاته، فقالت له: أشعرت أن آمنة ولدت غلاماً لأخيك عبد الله فقال: اذهبي، فأنت حرة، فنفعه ذلك، وهو في النار، وانظر مثله في الروض الأنف (3/99) . وهنا يجب التنبيه إلى أن هناك من يتعلل بهذا الأثر للاستدلال به على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي، وجعله عيداً، كما ذكر ذلك السيوطي في حسن المقصد في عمل المولد دراسة وتحقيق مصطفى عبد الخالق ص65-66، والواقع أنه لا يصح الاحتجاج به على ذلك؛ لأمور منها: (1) أن السند منقطع بين عروة وثويبة، فقد أورده البخاري معلقاً من كلام عروة، ولهذا قال ابن حجر في الفتح (9/145) ، بأن الخبر مرسل، أرسله عروة، ولم يذكر من حدثه به. (2) أن الخبر رؤيا منام، والشرع - كما هو معلوم - لا يثبت فيه التكليف بالرؤيا المنامية إلا أن تكن رؤيا نبي من الأنبياء، فرؤيا الأنبياء حق، أو رؤيا بنى عليها النبي - صلى الله عليه وسلم- حكماً كرؤيا الأذان، قال ابن حجر: (وعلى تقدير أن يكون موصولاً فالذي في الخبر رؤيا منام، فلا حجة فيه) . (3) أن صاحب الرؤيا هو العباس بن عبد المطلب - رضي الله - رآها حال كونه كافراً، ورؤيا الكافر لا يحتج بها إجماعاً. والله الموفق.

التسمية بـ"سام" و "سيرين"

التسمية بـ"سام" و "سيرين" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 16/10/1424هـ السؤال أرجو أن تفيدوني وتزودوني ببعض المعلومات على هذا الاسم سام SAM مرات عديدة في حياتي أسمع عن هذا الاسم أنه كان لأحد أبناء سيدنا نوح عليه السلام، لكني لم أقرأ ولم أجد شيئاً مكتوباً في قصة ما أو كتاب، فهل هذا صحيح؟ وإن كان كذلك فهل كان من أبنائه الصالحين؟ وهل يمكن ويجوز تسمية المولود بهذا الاسم؟ وكذلك اسم سيرين SIRIN هل هو من أصل عربي؟ وهل يجوز تسميته للمولودة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، (سام) اسم أحد أبناء نوح عليه السلام اللذين نجوا معه وهم: حام، وسام، ويافث وهم الذين نسلت منهم البشرية، فإن جميع البشرية بعد الطوفان كلهم من ذرية نوح عليه السلام، لقوله تعالى:"وجعلنا ذريته هم الباقين" [الصافات:77] ، وتسمية أبناء نوح عليه السلام إنما عُلم بخبر المؤرخين ليس فيه نص يجب التسليم له، فليس في الكتاب ولا في السنة تسمية أحد من أولاد نوح، لكن هذا يكاد أن يكون إجماعاً بين المؤرخين أن البشرية تعود إلى هؤلاء الثلاثة وأسماؤهم كما ذكر، ولهذا يسمي المؤرخون الأمم المتناسلة من سام يسمونهم الأمم السامية وللمؤرخين أقوال في ذرية هؤلاء، والله أعلم بالغيب وهذا من العلم الذي لا يضر الجهل به، المهم ما أخبر الله به من أن ذرية نوح عليه السلام هم الذين بقوا بعد هلاك قومه، قال سبحانه وتعالى:"ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون*ونجيناه وأهله من الكرب العظيم*وجعلنا ذريته هم الباقين*وتركنا عليه في الآخرين*سلام على نوح في العالمين*إنا كذلك نجزي المحسنين*إنه من عبادنا المؤمنين*ثم أغرقنا الآخرين" [الصافات:75-82] . فنوح عليه السلام هو أبو البشرية الثاني، والله أعلم.

ومما تقدم يُعلم أن (سام) ممن نجا مع أبيه، فهو من أصحاب السفينة وهو من المؤمنين، فإن الذين كفروا بنوح من أهله زوجته وأحد أبنائه ويسميه المؤرخون (كنعان) ، واسمه في التاريخ (كنعان) ، كما قال تعالى:"ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين" [هود:42] إلى قوله سبحانه:"ونادى نوح ربه فقال إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح" [هود:45-46] ، وأما امرأته فذكر الله حالها ومآلها بقوله:"ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين" [التحريم:10] ، ولهذا قال سبحانه:"حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول" [هود:40] وفي الآية الأخرى قال:"إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون" [المؤمنون:27] ، وأما التسمية بـ (سام) فلا بأس بها، وكذلك باسم (سيرين) وسيرين اسم أعجمي، وهو اسم لأحد ممن سبي في جهاد المسلمين للكفار في عهد التابعين، وهو والد محمد بن سيرين وأنس بن سيرين وحفصة بنت سيرين وكلهم من الصالحين، رحمنا الله وإياهم أجمعين، والله أعلم.

مصطلح: الأبدال، والأقانيم، والإمبريالية

مصطلح: الأبدال، والأقانيم، والإمبريالية المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 14/2/1425هـ السؤال سؤالي: أرجو من فضيلتكم تعريف: الأبدال- الأقانيم- الإمبريالية - الديالكتيك. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: (1) الأبدال: لفظة صوفية، تعني الطبقة الرابعة من الأولياء بعد الأقطاب والأئمة والأوتاد، ويزعمون أن لهم قدرة على ضبط نظام الكون، لذا يتجهون إليهم ويستغيثون بهم، وهذا من الشرك الأكبر، نسأل الله السلامة. (2) الأقانيم: جمع أقنوم، كلمة سريانية تعني شخصاً، والأقانيم عند النصارى هي الأب والابن والروح القدس، وهي مكونات الإله عندهم، والنصارى مختلفون في تفسير الأقانيم؛ فمنهم من قال إنها ثلاثة أشخاص اجتمعت فأصبحت إلهاً واحداً متعدد الأقانيم كالكاثوليك، ومنهم من قال إنها مراحل تقلب فيها الإله إلى إنسان كالأرثوذوكس، وأقوال عديدة وآراء متضاربة، وغموض في تفسيرها، حتى قيل إن النصارى لا يجتمعون على قول في تفسيرها، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المائدة:73] ،وقال سبحانه: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً" [النساء:171] ، والأقانيم مما دخل على النصرانية من الفلسفة اليونانية. (3) الإمبريالية: مصطلح أطلق على المستعمرين الأوربيين والمستعبدين والمستعلين على غيرهم، وعمم ليشمل الهيمنة الغربية في مقدرات الشعوب الأخرى، وقد استخدم بكثرة من قبل الشيوعيين والاشتراكيين في ذم الغرب. (4) الديالكتيك: طريقة في الجدل والاستدلال عند الفلاسفة للوصول إلى الحقائق، وتختلف هذه الطريقة بحسب المدارس الفلسفية، فالمدارس المشككة تعتمد على السفسطة (التشكيك) ، وقد استخدمها (هيجل) لتفسير التاريخ القائم على النتائج بين المتناقضات (ردات الأفعال) ، كما استخدمها (ماركس) محاولة للتدليل على نظريته المادية الإلحادية. واستخدم العلماء المسلمون الجدل للدعوة إلى الله بالحسنى كما أمر سبحانه: "وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125] ، وقوله سبحانه: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" [العنكبوت: 46] ، فالجدل يجب أن يكون له هدف خير، وأن يمارس بآدابه وقواعده المبسوطة في مواضعها. هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب (الحكم العطائية) !

كتاب (الحكم العطائية) ! المجيب د. علي بن بخيت الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 9/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: كل عام وأنتم بخير، شيخنا الفاضل: ما رأيكم بـ (الحِكَم العطائية) ؟ وهل هو صحيح بأنه لو صحَّت الصلاة بغير القرآن لصحت بهذا الحكم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع هداه وبعد: فـ (الحِكَم العطائية) كتيب لتاج الدين أحمد بن محمد بن عطاء الله الإسكندري المتوفى في القاهرة سنة (709) هـ، من كبار المتصوِّفة في عصره، وكان ممن قام على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتسبب مع جماعة من الصوفية في حبسه ظلماً بمصر سنة (707) هـ، حيث ادعى عليه أشياء لم يثبت منها شيء (البداية والنهاية 14/47) . وأما الكتاب فهو مؤلف في توحيد الصوفية، وبيان أحوالهم ومسالكهم ... وقد احتفل به الصوفية بالشرح والتعقيب، وأشهر شروحه: شرح ابن عبَّاد النفزي الرندي، المسمى: غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية. والكتاب في الجملة يدور على عقائد المتصوفة الفاسدة، وفيه كلام يكاد يصرِّح فيه مؤلفة بما تظافر المتصوفة على تسميتها بالحقيقة، وهي عقيدة وحدة الوجود التي ترى أن كل موجود هو الله، ولا وجود لسواه على الحقيقة، وفيها من الكفر ما هو أكفر من عقائد اليهود والنصارى، كما صرح بذلك علماء أهل السنة والجماعة.. ومن ذلك قوله:" ما حجبك عن الله وجود موجود، ولكن حجبك عنه توهم موجود معه". وقال شارحه ابن عباد:" تقدم أن لا موجود سوى الله تعالى على التحقيق، وأن وجود ما سواه إنما هو وهم مجرد". وقوله:" سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور البشرية..". قال شارحه ابن عباد:" سر الخصوصية هو: حقيقة المعرفة التي اختص بها أهل ولاية الله -تعالى- بحيث لا يبقى معها وجود لغير ولا كون، فمن لطيف حكمة الله تعالى أن ستر ذلك بما أظهره من البشرية التي من لوازمها وجود الغير والكون، ولولا هذا الستر لكان سر الله مبتذلاً غير مضمون". وفيه -عدا ماتقدم- عبارات هي محل نظر كقوله:" طلبك منه (أي من الله) اتهام له.." يقوله شارحه:" فطلبه من الله تهمة له؛ إذ لو وثق في إيصال منافعه إليه من غير سؤال لما طلب منه شيئاً..". فسؤال العبد الله ربه ودعاؤه له مذموم عند هؤلاء الصوفية؛ لأنه بزعمهم صادر عن عدم ثقة بالله، مع أن أنبياء الله ورسله -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- قد سألوا ربهم وطلبوا منه أموراً، والكتاب العزيز مليء بذلك.. وكذلك بعض العبارات التي حملها الشارح على ذم التمتع بالطيبات من الرزق الحلال، وترك الزواج والنسل، والتشنيع على من يأخذ بالأسباب، وغير ذلك مما لا شك أنه على خلاف سنة سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم-. ومع ذلك فالكتاب لا يخلو من حكم نافعة ووصايا جامعة، ولكن يفسد ذلك أمران: الأول: اشتماله على عبارات باطلة، وكلمات موهمة.. الثاني: إفساد النافع منه من قبل من تولى شرحه من المتصوفة بإغراقه في لجج خرافات الصوفية، وأحوالهم غير الشرعية..

وأما شرح البوطي فلم أطلع عليه، والبوطي كما هو معروف من أشد المتصوفة في هذا العصر تعصباً على الدعوة السلفية، وأكثرهم تمجيداً للصوفية ودعوة لها.. والعبارة المذكورة عبارة منكرة لا يحل التكلم بها، ولا يقولها إلا جاهل، أو أحد من غلاة المتصوفة، وبمثل هذه الكلمة الجائرة التي يفوح منها رائحة الغلو والفساد فضلت هذه الحكم والعبارات على سنة سيد الأنبياء والمرسلين.. فلم يقل أحد مثل ذلك عن حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أوتي جوامع الكلم، أيقال ذلك عن كلام غيره من البشر.. سبحانك هذا بهتان عظيم.. نسأل الله -عز وجل- أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه سميع مجيب.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

آراء ابن تيمية رحمه الله تعالى

آراء ابن تيمية رحمه الله تعالى المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 14/7/1425هـ السؤال ما رأي فضيلتكم في آراء ابن تيمية بصفة عامة، وخاصة في حكم صلاة الجماعة؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بين عبد السلام ابن تيمية الحرَّاني من أئمة الهدى، ومن المشهود لهم بالعلم والورع والتقى، نصر الله به الحق، وأعلى به السنة، وقمع به البدعة، وعلى كلٍّ فإن إمامة شيخ الإسلام ابن تيمية من الأمور الواضحة التي لا تحتاج إلى إثبات، وإن كنا لا ندعي العصمة لأحدٍ من البشر بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان موفقًا في غالب أقواله واجتهاداته، كيف لا وهو ممن جعل الحق هدفه والدليل من الكتاب والسنة قائده، ومن أراد الاطلاع على سيرة هذا الإمام فعليه بكتب السير والتراجم التي تحدثت عن هذا العالم الجليل، ومن أوسعها: كتاب الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية، من تأليف: محمد عزير شمس وعلي بن محمد العمران، حيث جمع مؤلفا هذا الكتاب أغلب ما كُتِب عن شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن أراد الاطلاع على منهج هذا الإمام في فقهه واجتهاده فعليه بالكتب والرسائل المؤلفة في هذا الجانب، ومن أهمها: كتاب منهج ابن تيمية في الفقه، من تأليف: د. سعود بن صالح العطيشان. أما ما يتعلق بحكم صلاة الجماعة، فقد اختلف أهل العلم في حكمها بعد اتفاقهم على مشروعيتها وفضلها، ويمكن حصر اختلافهم فيها على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنها واجبة على الأعيان، وليست شرطًا لصحة الصلاة، ومن تركها بغير عذر فصلاته صحيحة مع الإثم. وقال بهذا القول الحنفية (وسموها سنةً مؤكدة، والسنة المؤكدة عند الحنفية كالواجب، كما قاله الكاساني من علماء الحنفية) والحنابلة، وبعض الشافعية. القول الثاني: أنها سنة يُستحب فعلها، ولا يعاقب من تركها. وقال بهذا القول المالكية، وبعض الشافعية. القول الثالث: أنها واجبة على الأعيان، وهي شرط لصحة الصلاة، ومن تركها من غير عذر فصلاته باطلة. وقال بهذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية. ولكل قول من هذه الأقوال أدلته، والمقام لا يسمح بذكرها وبسطها، إلا أن القول الذي يرجحه المحققون من أهل العلم هو القول الأول، وهو أن صلاة الجماعة واجبة على الرجال وجوبًا عينيًّا، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، استدلالاً بقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ سمِع النداءَ فلمْ يأتِ فلا صلاةَ له، إلَّا مِن عُذرٍ» . أخرجه ابن ماجه (793) والدارقطني 1/420 وابن حبان (2046) والحاكم 1/373،بسند صحيح. وفد سُئل ابن عباس رضي الله عنهما- عن العذر فقال: خوف أو مرض. والأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة كثيرة جدًّا، ومن أراد الاطلاع عليها فليرجع إلى ما كتبه العلماء في كتاب الصلاة من كتب الفقه. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

نسبة كتاب الروح لابن القيم

نسبة كتاب الروح لابن القيم المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 25/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: هل كتاب الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة هو لابن القيم? وإذا كان له فما حكم بعض الجزئيات العجيبة فيه?. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم هذا الكتاب هو للإمام ابن القيم -رحمه الله-، وقد أثبت ذلك جمع من العلماء، وقد تم دراسة الكتاب وتحقيقه في رسالة دكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قام بها د. بسام علي سلامة العموش، وطبع عام 1410هـ، وأثبت أن الكتاب لابن القيم، ودرس بعض المسائل المهمة في الكتاب، كتلقين الميت وسماع الأموات، ووصول ثواب القرب إلى الميت، وعلى كل حال فإن ابن القيم -رحمه الله تعالى- أحد أئمة السنة ومن أرباب المدرسة السلفية، فهو يعتمد على الأدلة من الكتاب والسنة مقدماً لهما على غيرهما معظماً لهما على ما سواهما. وفي هذا الكتاب ربما اعتمد في بعض المسائل على بعض الآثار والمرويات الضعيفة، وبعض الرؤى والمنامات من باب الاستشهاد والاستئناس بها، وأي كتاب أو مؤلف لا يضيره أن يكون فيه مسألة أو مسائل يخالفها الدليل ما دام صاحبه قد اجتهد في الوصول إلى الحق والعبرة بكثرة الفضائل والكمالات، والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث من ذا الذي ترضى سجاياه كلها *** فكى المرء نبلاً أن تعد معايبه. وطالب العلم الباحث يقرأ بدراية وانتقاء، فما وجد في هذا الكتاب أو في غيره قضية لا توافق الدليل أو ربما خالفت نصاً أو إجماعاً فليردها ممن كانت، ويستغفر لصاحبها ويحفظ له محله ومكانته من العلم والدين، ولا عصمة إلا لكتاب الله -تعالى-، ورسله المبلغين في بلاغهم. والله الهادي إلى سواء السبيل.

تكفير ابن عربي

تكفير ابن عربي المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 19/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز تكفير ابن عربي والقول عنه إنه كافر مشرك؟ علماً أن هناك كفراً صراحاً في كتبه وخاصة كتاب الفصوص، أرجو تبيين الحكم -بارك الله فيكم - جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول -وبالله التوفيق-: ابن عربي هو أبو بكر محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي المعروف بابن عربي والملقب عند الصوفية بالشيخ الأكبر والكبريت الأحمر، صاحب كتاب الفصوص، والفتوحات المكية، هلك سنة 638هـ عداده في غلاة الصوفية من أهل وحدة الوجود الذين تقوم بدعتهم على القول بالوحدة الذاتية لجميع الأشياء مع تعدد صورها في الظاهر، فالعالم بما فيه إنما هو التجلي الإلهي الدائم الذي كان ولا يزال، فالموجود واحد وهو الله واجب الوجود الأزلي عين المخلوقات، فكل شيء هو الله، واختلاف الموجودات هو اختلاف في الصور والصفات مع توحد في الذات، ومن أخطر ما تصل إليه هذه العقيدة القول بوحدة الأديان وإسقاط التكاليف والقول بعقيدة النور المحمدي والحقيقة المحمدية والإنسان الكامل. وحقيقة قولهم فيه مضاهاة لقول الدهرية الطبيعية الذين لا يقرون بواجب أبدع الممكن، وهو قول فرعون، ولهذا كانوا معظمين لفرعون، ثم إنهم جعلوا أهل النار يتنعمون في النار كما يتنعم أهل الجنة في الجنة، وكفروا بحقيقة اليوم الآخر ثم ادّعوا أن الولاية أفضل من النبوة وأن خاتم الأولياء - وهو شيء لا حقيقة له - زعموا أنه أفضل من خاتم الأنبياء بل ومن جميع الأنبياء، وأنهم كلهم يستفيدون من مشكاته العلم بالله. وقد نقل غير واحد من المحققين من العلماء القول بضلال ابن عربي وفساد معتقده وإليك جملة من القول في ذلك: قال الحافظ الذهبي رحمه الله: (من أمعن النظر في فصوص الحكم أو أمعن التأمل لاح له العجب، فإن الذكي إذا تأمل من تلك الأقوال والنظائر والأشباه فهو أحد رجلين، إما من الاتحادية في الباطن، وإما من المؤمنين بالله الذين يعدون أن هذه النحلة من أكفر الكفر، نسأل الله العفو، وأن يكتب الإيمان في قلوبنا، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فوالله لأن يعيش المسلم جاهلاً خلف البقر لا يعرف من العلم شيئاً سوى سور من القرآن يصلي بها الصلوات ويؤمن بالله وباليوم الآخر خير له بكثير من هذا العرفان وهذه الحقائق ولو قرأ مائة كتاب أو عمل مائة خلوة) ، انظر ميزان الاعتدال للذهبي (3/660) .

وقال مفتي المالكية بمصر والشام القاضي شرف الدين عيسى بن مسعود الزوادي المالكي (ت743هـ) شارح صحيح مسلم: وأما ما تضمنه هذا التصنيف من الهذيان والكفر والبهتان فهو كله تلبيس وضلال، وتحريف وتبديل، فمن صدق بذلك واعتقد صحته كان كافراً ملحداً، صادّاً عن سبيل الله، مخالفاً لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ملحداً في آيات الله مبدلاً لكلماته فإن أظهر ذلك وناظر عليه كان كافراً يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وإن أخفى ذلك وأسرّه كان زنديقاً فيقتل متى ظهر عليه، ولا تقبل توبته إن تاب؛ لأن توبته لا تعرف فقد كان قبل أن يظهر عليه يقول بخلاف ما يبطن، فعلم بالظهور عليه خبث باطنه، وهؤلاء قوم يسمون بالباطنية لم يزالوا من قديم الزمان ضلالاً في الأمة، معروفين بالخروج من الملة يقتلون من ظهر عليهم وينفون من الأرض وعادتهم التمصلح والتدين وادعاء التحقيق، وهم على أسوأ طريق، فالحذر كل الحذر منهم فإنهم أعداء الله وشر من اليهود والنصارى؛ لأنهم قوم لا دين لهم يتبعونه ولا رب يعبدونه وواجب على كل من ظهر على أحد منهم أن ينهي أمره إلى ولاة المسلمين؛ ليحكموا فيه بحكم الله تعالى، ويجب على من ولي الأمر إذا سمع بهذا التصنيف البحث عنه وجمع نسخه حيث وجدها وإحراقها، وأدب من اتهم بهذا المذهب أو نسب إليه أو عرف به على قدر قوة التهمة عليه حتى يعرفه الناس ويحذروه) . وقال ابن خلدون - رحمه الله-: (ومن هؤلاء المتصوفة ابن عربي وابن سبعين وابن برجان وأتباعهم ممن سلك سبيلهم ودان بنحلتهم، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها مشحونة بصريح الكفر ومستهجن البدع، وتأويل الظاهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها مما يستغرب الناظر فيها نسبتها إلى الملة أو عدها في الشريعة، وليس ثناء أحد على هؤلاء حجة ولو بلغ المثني ما عسى أن يبلغ من الفضل لأن الكتاب والسنة أبلغ فضلاً أو شهادة من كل أحد، وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة وما يوجد من نسخها بأيدي الناس مثل الفصوص، والفتوحات المكية لابن عربي والبد لابن سبعين، وخلع النعلين لابن قسي، وعين اليقين لابن برجان وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض والعفيف التلمساني وأمثالهما أن يلحق بهذه الكتب، وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض، فالحكم في هذه الكتب وأمثالها إذهاب أعيانها متى وجدت بالتحريق بالنار والغسل بالماء حتى ينمحي أثر الكتاب لما في ذلك من المصلحة العامة في الدين بمحو العقائد المختلفة) . وقال بدر الدين بن جماعة ت733هـ: (وأما إنكاره - يعني ابن عربي - ما ورد في الكتاب والسنة من الوعيد فهو كافر به عند علماء التوحيد، وكذلك قوله في نوح وهود -عليهما السلام- قول لغو باطل مردود) .

ونقل السخاوي عن الشيخ سراج الدين أبي حفص عمر بن رسلان البلقيني الشافعي ت805هـ قوله: (لم يكن هذا الفاجر المذكور - يعني ابن عربي- على الكتاب والسنة بل كان مخالفاً ولا يحل اعتقاد عقيدته ولا العمل بما أتى به من الباطل وليس كلامه ومعتقده الفاسد تأويلاً يقتضي موافقة الكتاب والسنة، ومن اعتقد عقد الباطل أو تمسك به فليس على طريق الحق بل هو على طريق الباطل، فيلزم من اعتقد ذلك أو تمسك به أن يتوب إلى الله -تعالى- من كفره وإلحاده وزندقته فإن تاب وإلا ضربت عنقه لزندقته، وقد كتبت على ذلك كراريس بالقاهرة ودمشق وبينت فيها أنه أتى بأنواع من الكفر والإلحاد والزندقة ولم يأت بها غيره فنعوذ بالله من طريقة هذا الشيطان ومن طريقة من اتبعه، وأن يجنبنا ما ابتدعه والحال ما ذكر والله أعلم بالصواب) . وقال الصفدي في تاريخه: (سمعت أبا الفتح ابن سيد الناس يقول سمعت ابن دقيق العيد يقول: سألت ابن عبد السلام عن ابن عربي فقال: هو شيخ سوء كذاب يقول بقدم العالم ولا يحرِّم فرجاً) . وممن كشف عواره وألف في بيان كفره وأمثاله الشيخ برهان الدين البقاعي الشافعي المحدث والمفسر والمؤرخ المتوفى سنة 885هـ بدمشق في مصنف له بعنوان: (مصرع التصوف أو تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي) ، انظر منه الصفحات: 150-174. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل يعد أبو حنيفة من التابعين؟

هل يعد أبو حنيفة من التابعين؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 6/11/1424هـ السؤال لقد سمعت آراء مختلفة فيما إذا كان الإمام أبو حنيفة روى أي حديث عن صحابي، ومَن مِن الصحابة رآه أبو حنيفة فعلاً يعد تابعياً، فهل روى أبو حنيفة أي أثر مباشر عن الصحابة - رضي الله عنهم-؟ ومن رأى منهم في حياته؟ وهل كان من هؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم- من قاتل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ مع رجاء ذكر اسم المعركة أو المبايعة تحت الشجرة، سواء الذي رآه يعتبر تابعياً، أو روى، أو تعلَّم حديثاً منه. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وبعد: أبو حنيفة هو: النعمان بن ثابت التيمي الكوفي، الإمام، فقيه الملة، عالم العراق، ولد سنة ثمانين في حياة صغار الصحابة، حيث أدرك زمن أربعة منهم، وهم أنس بن مالك بالبصرة وعبد الله بن أبي أوفى بالكوفة. وسهل بن سعد الساعدي في المدينة، وأبو الطفيل عامر بن وائلة في مكة. واختلف هل رأى أحداً منهم أم لا؟، فذكر الذهبي نقلاً عن الخطيب في تاريخ بغداد أنه رأى أنس بن مالك لما قدم عليهم الكوفة، قال الذهبي: ولم يثبت له حرف عن أحد منهم - أي من الصحابة رضي الله عنهم-سير أعلام النبلاء (6 /390) ، وادعى بعض أصحاب أبي حنيفة أنه لقي عدداً من الصحابة فيكون تابعياً، ولكن هذا لم يتحقق ثبوته. والراجح أنه لم يلق أحداً من الصحابة، فهو بهذا من أتباع التابعين. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

مرويات أبي حنيفة رحمه الله؟!

مرويّات أبي حنيفة رحمه الله؟! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 15/11/1424هـ السؤال هل كان للإمام أبي حنيفة سلسلة معينة أو سلسلة رواة يأخذ عنها؟ سمعت أنه كان للإمام مالك ما يسمى (سلسلة ذهبية) ، وكانت عبارة عن سلسلة من أدق الرواة، فهل كان للإمام أبي حنيفة سلسلة رواة متميزين بالصدق التام؟ وما هي؟ أرجو تقديم أمثلة. سمعت أن الإمام استنبط أحكاماً كثيرة من أحاديث الصحابي عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-، فمن كان من الرواة بين هذا الصحابي - رضي الله عنه- والإمام أبو حنيفة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وبعد: للإمام أبي حنيفة - رحمه الله - مرويات حديثية رواها عنه محمد بن الحسن في كتاب الآثار، ويوجد له مرويات أخرى مبثوثة في تصانيف محمد بن الحسن، وأبي يوسف - رحمهما الله -، وقد اعتنى بعض العلماء بجمع حديثه منهم: (1) محمد بن محمود الخوارزمي المتوفى سنة 665هـ، ذكر ذلك صاحب كشف الظنون، وطبع المسند الذي جمعه بمصر سنة 1326هـ. (2) الحافظ أبو محمد الحارثي، فقد اعتنى بحديث أبي حنيفة فجمعه في مجلدة ورتبه على شيوخ أبي حنيفة. وخرج المرفوع منه الحافظ أبو بكر بن المقري، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في مقدمة تعجيل المنفعة. (3) الحسين بن محمد بن خسرو المتوفى سنة 522 هـ، وقال الحافظ الذهبي في ترجمته المحدث العالم جامع مسند أبي حنيفة. سير أعلام النبلاء (19 / 592) ، ولا يعرف للإمام سلسلة إسنادية موصوفة بأصح الأسانيد، كما يوجد للإمام مالك - رحمه الله- وروايته عن ابن مسعود - رضي الله عنه- هي من طريق حماد بن أبي سليمان، عن النخعي، عن ابن مسعود - رضي الله عنه- وفي بعضها عن النخعي، عن علقمة، عن ابن مسعود- رضي الله عنه-.ورواية النخعي عن ابن مسعود - رضي الله عنه-، وإن كانت مرسلة أي منقطعة، وذلك أن النخعي لا يصح له سماع عن أحدٍ من الصحابة - رضي الله عنهم- إلا أن العلماء صححوا مراسيله عن ابن مسعود- رضي الله عنه-، وقد اعتنى الحسيني بتراجم رجال أبي حنيفة ضمن كتابه: التذكرة برجال العشرة. واعتمد في رجال أبي حنيفة على المسند الذي جمعه ابن خسرو، ثم أفرد الحافظ ابن حجر رجال الأربعة ممن ليس له رواية في تهذيب الكمال في كتابه: تعجيل المنفعة. والأربعة هم: أبو حنيفة، مالك، الشافعي، أحمد بن حنبل. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

صحة قول منسوب لرابعة العدوية

صحة قول منسوب لرابعة العدوية المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 23/06/1425هـ السؤال قالت رابعة العدوية فيما معناه: (يا رب إذا كنت أسلمت طمعاً في جنتك فاحرمني منها، وإذا كنت أسلمت خوفاً من نارك فأدخلني فيها، وإذا أسلمت طمعاً في رؤية وجهك الكريم فلا تحرمني منه) ، أريد دليلاً من الكتاب على صحة قولها هذا. الجواب الحمد لله. رابعة العدوية عابدة مشهورة، وهي من أعلام الصوفية المتقدمين الذين لديهم اجتهاد في العبادة، مع جهل بحقيقة ما توجبه الشريعة في باب السلوك والسير إلى الله من أحوال القلوب وأعمال الجوارح، وقد أفضى بهم الجهل إلى الغلو والتنطع في العبادة مما انحرفوا به عن الصراط المستقيم، ومن ذلك غلوهم في المحبة، حتى زعموا أنهم لا يعبدون الله خوفاً ولا رجاءً، وإنما يعبدونه بالمحبة، وهذا مخالف لطريق الأنبياء والرسل - عليهم الصلاة والسلام- الذين يدعونه سبحانه وتعالى رغباً ورهباً مع حبهم له سبحانه، وابتغائهم إليه الوسيلة، وتقربهم إليه بمحابه ومسارعتهم في ذلك، كما قال تعالى: "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" [الأنبياء: من الآية90] ، وقال تعالى: "أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً" [الإسراء:57] . وهذه المقولة المنسوبة لرابعة مقالة منكرة تتضمن الزهد في الجنة والاستخفاف بعذاب النار، وأما رؤية الله فإنها أعلى نعيم الجنة، فمن دخل الجنة فاز بالنظر إلى وجه الله الكريم، وسماع كلامه، قال تعالى: "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ" [يونس: من الآية26] ، فالحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله، ويروى معنى هذه المقولة عن رابعة أو غيرها بلفظ: إني لا أعبده خوفاً من ناره، ولا طمعاً في جنته، بل أعبده حباً له. ولهذا قال بعض أهل العلم: من عبدَ الله بالخوف وحده فهو حروري، -أي: من الخوارج-، ومن عبده بالرجاء فهو مُرجئ، ومن عبده بالحب فهو زنديق، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد، وأسماء الله وصفاته تقتضي محبته وخوفه ورجاءه، فالله -تعالى- ذو الجمال، والجلال والإكرام، وغافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، وكل اسم من أسمائه الحسنى، وصفة من صفاته، تقتضي عبودية خاصة، فمن كان بأسمائه وصفاته أعلم كان له أعبد، وعلى صراطه أقوم. والله أعلم.

البربهاري

البربهاري المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 17/1/1425هـ السؤال من هو الإمام البربهاري؟. الجواب البربهاري هو: الحسن بن علي بن خلف أبو محمد البربهاري: شيخ الحنابلة في وقته ومتقدمها في الإنكار على أهل البدع والمباينة لهم باليد واللسان، وكان له صيت عند السلطان، وقدم عند الأصحاب، وكان أحد الأئمة العارفين والحفاظ للأصول المتقنين والثقات المؤمنين، صحب جماعة من أصحاب الإمام أحمد منهم المروذي، وصحب سهل التستري، وصنَّف البربهاري مصنفات منها شرح كتاب السنة. وكانت للبربهاري مجاهدات ومقامات في الدين كثيرة، وكان المخالفون يغيظون قلب السلطان عليه، ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في خلافة القاهر ووزيره ابن مقلة تقدم بالقبض على البربهاري، فاستتر وقبض على جماعة من كبار أصحابه، وحملوا إلى البصرة وعاقب الله -تعالى- ابن مقلة على فعله ذلك بأن أسخط عليه القاهر، وهرب ابن مقلة وعزله القاهر عن وزارته، وطرح في داره النار فقبض عليه القاهر بالله يوم الأربعاء لست من شهر جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وحبس وخلع وسملت عيناه في هذا اليوم حتى سالتا جمعاً فعمى ثم تفضل الله -تعالى- وأعاد البربهاري إلى حشمته وزادت، حتى أنه لما توفي أبو عبد الله بن عرفة المعروف بنفطويه وحضر جنازته أماثل أبناء الدنيا والدين كان المقدم على جماعتهم في الإمامة البربهاري وذلك في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وفي هذه السنة ازدادت حشمة البربهاري، وعلت كلمته وظهر أصحابه وانتشروا في الإنكار على المبتدعة، فاجتاز بالجانب الغربي فعطس فشمته أصحابه فارتفعت ضجتهم حتى سمعها الخليفة وهو في روشنه فسأل عن الحال فأخبر بها فاستهولها ولم تزل المبتدعة ينقلون قلب الراضي على البربهاري فتقدم الراضي إلى بدر الحرسي صاحب الشرطة بالركوب والنداء ببغداد أن لا يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان، فاستتر وكان ينزل بالجانب الغربي بباب محول فانتقل إلى الجانب الشرقي مستتراً فتوفي في الاستتار في رجب سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمته للبربهاري: شيخ الحنابلة القدوة الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري الفقيه كان قوالاً للحق، داعية إلى الأثر، لا يخاف في الله لومة لائم، صحب المروذي، وصحب ابن عبد الله التستري، فقيل إن الأشعري لما قدم بغداد جاء إلى أبي محمد البربهاري فجعل يقول: رددت على الجبائي رددت على المجوس وعلى النصارى، فقال أبو محمد: لا أدري ما تقول، ولا نعرف إلا ما قاله الإمام أحمد فخرج وصنف الإبانة فلم يقبل منه.

قال أبو الحسين بن الفراء كان للبربهاري مجاهدات ومقامات في الدين وكان المخالفون يغلظون قلب السلطان عليه، ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة أرادوا حبسه فاختفى وأخذ كبار أصحابه وحملوا إلى البصرة فعاقب الله الوزير ابن مقلة وأعاد الله البربهاري إلى حشمته وزادت، وكثر أصحابه فبلغنا أنه اجتاز بالجانب الغربي فعطس فشمته أصحابه فارتفعت ضجتهم حتى سمعها الخليفة، فأخبر بالحال فاستهولها، ثم لم تزل المبتدعة توحش قلب الراضي حتى نودي في بغداد لا يجتمع اثنان من أصحاب البربهاري، فاختفى وتوفي مستتراً في رجب سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فدفن بدار أخت توزون فقيل إنه لما كفن وعنده الخادم صلى عليه وحده فنظرت هي من الروشن فرأت البيت ملآن رجالاً في ثياب بيض يصلون عليه فخافت وطلبت الخادم، فحلف أن لم يفتح وقيل إنه ترك ميراث أبيه تورعاً وكان سبعين ألفاً، في ثلاث وعشرين وثلاثمائة أوقع بأصحاب البربهاري فاستتر وتتبع أصحابه ونهبت منازلهم وعاش سبعاً وسبعين سنة، وكان في آخر عمره قد تزوج بجارية.

أقوال للشافعي في التصوف

أقوال للشافعي في التصوف المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 26/1/1425هـ السؤال أرجو التكرم بشرح قولي الإمام الشافعي التاليين: لا يكون أحداً صوفيًّا في الصباح حتى يصبح أخرق في الظهر. القول الثاني المذكور في ديوانه: كن فقيهًا وصوفيًّا في نفس الوقت. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول ومن الله أستمد العون والتوفيق: أما القول الأول فلم أقف عليه منسوباً إلى الإمام الشافعي رحمه الله رغم بحثي عنه. وأما الثاني فقد وقفت على الديوان المنسوب إليه إعداد وتعليق محمد إبراهيم سليم صـ (46) وفيه هذان البيتان: فقيهًا وصوفيًّا فكن ليس واحداً *** فإني وحق الله إياك أنصح فذلك قاسٍ لم يذق قلبه تقى *** وهذا جهول كيف ذو الجهل يصلح وهذان البيتان في نفسي شيء من صحة نسبتهما إلى الإمام الشافعي - رحمه الله-، إذ ليس كل ما نسب إليه من الشعر ثابتاً عنه، ولما تضمنه البيت الثاني من الغلو في الحكم على الفقهاء فضلاً عن البون الظاهر بين هذين البيتين، وبين ما اشتهر نسبته إلى الإمام الشافعي من شعر رصين جزل الألفاظ عظيم الدلالات، وعلى أي حال فهذان القولان إن ثبتت نسبتهما إليه فمحمولان على أن المراد ذم ما عليه أهل التصوف في الجملة؛ لأن التصوف وإن كان في بداياته زهداً وإيثاراً للعزلة وعدم الاختلاط بالناس طلباً للسلامة في الدين إلا أنه لم يلبث أن حاد عن المنهج الحق الذي دعا إليه الإسلام من الزهد المقترن بالعلم والعمل والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونفع الأمة ونشر الدين، ثم زاد هذا الانحراف عندما اختلط التصوف بالفلسفات الهندية واليونانية والرهبانية النصرانية في العصور المتأخرة. وقد ظهر في بعض متقدميهم الذين عاصرهم الشافعي أو سبقوه بقليل مجانبة للحق والفقه في الدين من تعذيب النفس بترك الطعام، وتحريم تناول اللحوم، والسياحة في البراري والصحاري، وترك الزواج حتى قال بعضهم: "لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة ويؤي إلى مزابل الكلاب" انظر حلية الأولياء (2/359، 6/194) وسير أعلام النبلاء (8/174) ، وهذا ونحوه مما يحمل الشافعي على الإنكار عليهم لعدم فقههم في الدين، إذ لو فقهوا في الدين ما فعلوا أو دعوا إلى مثل هذا وأمثاله مما يخالف منهج القرآن والسنة وهدي الصحابة - رضي الله عنهم- وسلف الأمة، ومن تأمل الكثير مما يدعونه مقامات وأحوالاً يجد عجباً من المخاريق والشطح والانحراف وعدم البصيرة في الدين يدرك ذلك من كان له أدنى تأمل وبصيرة، نسأل الله أن يعصمنا بطواعيته وطواعية رسوله - صلى الله عليه وسلم-، كما أن الفقيه مطالب بالعمل بمقتضى الفقه في الدين من الزهد والتواضع وحسن الخلق ولين الجانب ورقة القلب والبعد عما ينافي هذه الأخلاق الحميدة ليكون جامعاً بين العلم والعمل، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ابن مسعود والمذهب الحنفي

ابن مسعود والمذهب الحنفي المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 16/05/1425هـ السؤال نعيش بإحباط في منطقتنا بأمريكا، فهناك بعض من يتلفظ بالسوء على ابن مسعود - رضي الله عنه- لأجل إظهار ضعف الفقه الحنفي، لأن مدرسة عبد الله بن مسعود هي مدرسة أهل الطرق فماذا نقول لهم عندما يتلفظون بذلك؟ وما هي نصيحتكم لي؛ كي تزيد ثقتي في اتباع المذهب الحنفي بينما الآخرون يهاجمونه؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- هم خير الناس بعد الرسل والأنبياء، وبهم نصر الله دينه، وحفظ شرعه، قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- فيما رواه القرطبي في تفسيره (1/60) وغيره: "من كان متأسياً فليتأس بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقهاً علماً، وأقلها تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوا آثارهم؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم"، ولذلك فإن الواجب على المسلمين محبة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وتوقيرهم، ومعرفة قدرهم، والقيام بحقهم، والترضي عنهم؛ امتثالاً لما اشتملت عليه النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، كقوله تعالى: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه" [التوبة: 100] ، وفي الجملة فإن عدالة الصحابة - رضي الله عنهم- ومحبتهم والترضي عنهم مما هو معلوم من الدين بالضرورة.

ولذلك حذر أهل العلم من انتقاص الصحابة - رضي الله عنهم- أو سبهم أو الاستهزاء بهم، وعدوا ذلك مخالفة صريحة لمعتقد أهل السنة والجماعة، وجعل العلماء سب الصحابة - رضي الله عنهم- وانتقاص قدرهم قدحاً في الشريعة؛ لأن الشريعة لم تصل إلينا إلا عن طريقهم، فهم كتبة الوحي ونقلة السنة، ومن جملة الصحابة المشهود لهم بالعدالة والفضل: عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي- رضي الله عنه- فهو من أكابر الصحابة - رضي الله عنهم- فضلاً وعلماً وعقلاً، ومن السابقين إلى الإسلام، وأول من جهر بالقرآن بمكة المكرمة، ويشهد لفضله أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال عنه لما ضحك الصحابة - رضي الله عنهم- من تمايل الريح به: "لهو أثقل عند الله يوم القيامة ميزاناً من أُحد" أخرجه الإمام أحمد (920) ، وابن أبي شيبة (12/114) ، وقال عنه عمر -رضي الله عنه-: "وعاء مليء علماً"، كما كان ابن مسعود - رضي الله عنه- من فقهاء الصحابة - رضي الله عنهم-، ومن المشتهرين منهم باستنباط الأحكام والعمل بالرأي المحمود في المسائل التي لم يرد فيها نص، ولذلك فإن مدرسة عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- في العراق تعد النواة الأولى لمدرسة أهل الرأي التي ينسب مذهب الإمام أبي حنيفة إليها، وغير ذلك مما ثبت لعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- من الفضائل، وبعد هذا كيف يجرؤ أحد على انتقاصه أو التلفظ عليه بسوء إلا من كان زائغ القلب فاسد السيرة والسريرة. ونصيحتي لك فيما يتعلق باتباع مذهب معين: أن الواجب على المسلم عموماً التمسك بالكتاب والسنة، والعمل بما تقتضيه النصوص الشرعية، والوقوف عند حدودها؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- تعبدنا باتباع ما شرعه هو أو رسوله - صلى الله عليه وسلم-، ولم يتعبدنا باتباع الأشخاص مهما بلغوا في العلم والدين، وإنما جاز للعامي اتباع مذهب معين من المذاهب المعتبرة عند أهل العلم؛ لأنه عاجز عن النظر في الأدلة واستنباط الأحكام منها، ولكن ينبغي أن يكون هذا الاتباع متجرداً عن التعصب للمذهب والموالاة والمعاداة فيه، كما أنه لا يجوز لأحد من الناس أن ينتقص مذاهب الأئمة المعتبرة عند أهل العلم كالمذاهب الأربعة المشهود لها: (الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي) ؛ لأن هذه المذاهب اعتبرها العلماء قديماً وحديثاً وشهدوا لأئمتها بالعلم والفضل، ولا يعني هذا أن هذه المذاهب معصومة عن الخطأ أو أن كل ما فيها صحيح وحق، بل فيها الصحيح وغيره، ولكن الذي لا شك فيه أن هؤلاء الأئمة مجتهدون، فإن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. والموالد

الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. والموالد المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 25/06/1425هـ السؤال لماذا جاز للسعودية أن تحتفل بذكر محمد بن عبد الوهاب في مؤتمر أنفقت عليه مئات الآلاف، ولا يجوز لنا أن نحتفل بذكرى مولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ ومن أولى بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أم محمد بن عبد الوهاب؟ سؤال يردده بعض أهل العلم في مدينة دمشق. نرجو منكم الإجابة عليه. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما كان أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلا مجرد مؤتمر علمي أقيم سنة 1400هـ تحت إشراف جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، حيث تضمن هذا المؤتمر جملة من الأبحاث المتعددة فيما يتعلق بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من جهة نشأتها وآثارها، والشبهات التي أثيرت حولها مع الجواب عنها، كما قد طبعت مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد جمعها وترتيبها وتحقيقها. والفرق بين ذلك المؤتمر العلمي وبين الاحتفال بالمولد النبوي ظاهر جلي، فإن أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب على أنه عبادة بذاته إنما قصد به بيان هذه الدعوة وإنصاف مجددها، كما أن أسبوع الشيخ لا يتكرر ولا يعود، كما هو حال الذين يحتفلون بالمولد النبوي، ويتعاهدون ذلك كل عام، فهذا الأسبوع أقيم منذ ربع قرن وانتهى الأمر.

كتاب (شوارق الأنوار)

كتاب (شوارق الأنوار) المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 11/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو من فضيلتكم إفتائي بكتاب قد أحضرته لي إحدى صديقاتي اسمه: (شوارق الأنوار من أدعية السادة الأخيار) . فقد رأيت في هذا الكتاب ما أرابني به، فقد شككت بأمره؛ فالكتاب كله أدعية، لكنها أدعية طويلة ولأول مرة أقرؤها. إليكم بعض ما جاء من عناوين الأدعية في الفهرس: (الورد اللطيف) للحبيب عبد الله الحداد، (العشرات والمسبعات) حزب النووي، (ورد الإمام علي بن أبي بكر السكران) ، (ورد الإمام أبي بكر بن سالم العلوي) ، (دعاء جامع للإمام الحسين بن الشيخ أبي بكر السالم) ، (صلاة الفاتح) ، (صلاة السرور) . وقد لاحظت أنهم يحددون عدة مرات من القراءة، مثلاً: اقرأ دعاء البسملة (786 مرة) ، وقل: يا الله 66 مرة. وقد ورد في بعض الأدعية دعاؤهم بجاه محمد صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألك بجاه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم) . أفتوني جزاكم الله خيرًا، فقد تم نشر هذا الكتاب بنسخ كثيرة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يا أختي: هذا الكتاب واحد من المؤلفات الصوفية الكثيرة التي لها طرائق متعددة كالرفاعية والأحمدية، والشاذلية، وغيرها، وقد ملؤوا كتبهم هذه بـ: 1- أدعية وأوراد مأثورة مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى أحد الصحابة، رضي الله عنهم، بعضها صحيح وبعضها ضعيف أو موضوع، وهذا قليل في هذه الكتب. 2- أدعية وأوراد مبتكرة منسوبة إلى من يسمون بالأولياء والأقطاب والأوتاد من الصوفية، بل لا يكاد ولي أو صاحب طريقة، إلا وقد اخترع لله ذكرًا ووردًا ألزم به أتباعه ومريديه. 3- تحديد عدد مرات القراءة للآيات أو للأذكار بأرقام طويلة جدًّا أحيانًا تزيد على الألف وكثير منها بالمئات، وهذه كلها بدع ومحدثات ما أنزل الله بها من سلطان. فأنصحكِ بترك هذه الكتب ومناصحة من يوزعها وينشرها، واستبدلي بذلك الأذكار الشرعية على الطريقة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وتجدين ذلك في صحيح البخاري وصحيح مسلم، وكتب السنن، وكتب الأذكار المصنفة في هذا المجال مثل: كتاب الأذكار للنووي، والكلم الطيب لشيخ الإسلام وصحيحه للألباني، والوابل الصيب لابن القيم، وحصن المسلم، وغيرها مما هو موجود ومؤلف من علماء أهل السنة. وفق الله الجميع لرضاه.

خولة بنت الأزور: حقيقة أم أسطورة

خولة بنت الأزور: حقيقة أم أسطورة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 29/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت مقالة يحاول فيها الكاتب إثبات أن شخصية الصحابية خولة بنت الأزور، شقيقة الصحابي ضرار بن الأزور- رضي الله عنه- هي شخصية خيالية وليس لها وجود، فقد قال: إن ذكرها جاء في كتاب واحد هو (فتوح الشام) المنسوب للواقدي، وبناء على ذلك نفى الكاتب حقيقة تلك الشخصية، في الحقيقة لم تتضمن المقالة أي مراجع أو توثيقات يعتمد عليها، ولم تذكر من هو القائل، فقد وصلني النص فقط، لذلك رأيت أن أسألكم حول صحة هذا الكلام، وهل شخصية الصحابية خولة بنت الأزور، شقيقة الصحابي ضرار بن الأزور، شخصية حقيقية أم خيالية؟ وجزاكم الله عنا كل الخير. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. خولة بنت الأزور: لا وجود لها في كتب معرفة الصحابة، ولا في كتب التاريخ والتراجم، وإنما ذكرت في كتاب (فتوح الشام) المتداول بين الناس، والمنسوب للواقدي ولا تصح نسبته للواقدي، وهذا أمر معروف عند الباحثين، ثم إن المعروف في حروب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه- رضي الله عنهم- أن المرأة لا تشارك الرجال في القتال، وإنما تقوم بمداواة الجرحى وسقي الغزاة ومساعدتهم، ولم تكن تباشر القتال، ثم إن الصحابي الجليل ضرار بن الأزور -رضي الله عنه- لم يذكر في ترجمته أن له أختاً تسمى خولة، ولو كانت مشهورة معروفة لناسب ذكرها، والذي يظهر أن خولة بنت الأزور شخصية أسطورية، لا وجود لها، والله أعلم. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل لورقة بن نوفل صحبة؟

هل لورقة بن نوفل صحبة؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 05/01/1426هـ السؤال هل تصح الصحبة لورقة بن نوفل، وقد قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا) . وقال الذهبي [في السير ترجمة سعيد بن زيد] : مر ورقة بن نوفل على بلال وهو يعذَّب، يلصق ظهره بالرمضاء وهو يقول: أحد أحد. فقال ورقة: أحد أحد يا بلال، صبرًا يا بلال، لم تعذبونه؟ فوالذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانًا- يقول: لأتمسحن به- هذا مرسل. وورقة لو أدرك هذا لعد من الصحابة، رضي الله عنهم، وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة، كما في الصحيح، أرجو إفادتنا بالقول الفصل في صحبة ورقة. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:

ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي ابن عم خديجة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ذكره الطبري وابن قانع وابن السكن، وغيرهم في الصحابة، وقال الحافظ العراقي: " ينبغي أن يقال: إن أول من آمن من الرجال ورقة بن نوفل، لحديث الصحيحين في بدء الوحي " [ينظر: تدريب الراوي (2 / 229) ] ، وقد ثبت في الصحيحين [البخاري ح (4) ، ومسلم ح (160) ] من حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: " فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ "، قال الحافظ ابن كثير: " وقوله: ثم لم ينشب ورقة أن توفي أي توفي بعد هذه القصة بقليل رحمه الله ورضي عنه فإن مثل هذا الذي صدر عنه تصديق بما وجد، وإيمان بما حصل من الوحي ونية صالحة للمستقبل " [ينظر: البداية والنهاية (3/9) ] ، وقال ابن حجر: " فهذا ظاهره أنه أقر بنبوته ولكنه مات قبل أن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام " وأخرج الإمام أحمد في المسند ح (23231) من حديث عائشة - رضي الله عنها-: أَنَّ خَدِيجَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فَقَالَ: " قَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابُ بَيَاضٍ فَأَحْسِبُهُ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثِيَابَ بَيَاضٍ "، قال ابن كثير: " وهذا إسناد حسن، لكن رواه الزهري وهشام عن عروة مرسلاً "، وفي زيادات المغازي من رواية يونس بن بكير عن بن إسحاق قال يونس بن بكير عن يونس بن عمرو وهو بن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه عن جده عن أبي ميسرة - واسمه عمرو بن شرحبيل - وهو من كبار التابعين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء فقد والله خشيت على نفسي فقالت معاذ الله ما كان الله ليفعل بك فوالله انك لتؤدي الأمانة الحديث فقال له ورقة أبشر ثم أبشر فأنا أشهد أنك الذي بشر به ابن مريم وأنك على مثل ناموس موسى وأنك نبي مرسل وانك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا وان يدركني ذلك لأجاهدن

معك فلما توفي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني، وفي هذا الإسناد انقطاع، ويعتضد بما أخرجه الزبير بن بكار عن عثمان عن الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عروة بن الزبير قال: كان بلال لجارية من بني جمح وكانوا يعذبونه برمضاء مكة يلصقون ظهره بالرمضاء لكي يشرك فيقول: أحد أحد فيمر به ورقة وهو على تلك الحال فيقول أحد أحد يا بلال والله لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا، قال الحافظ ابن حجر: " وهذا مرسل جيد يدل على أن ورقة عاش إلى أن دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام حتى أسلم بلال ". [الإصابة في تمييز الصحابة (6/607) ] ويمكن أن يسلك مسلكان بين الرواية التي تدل على تأخر ورقة حتى دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وما جاء في الصحيح أنه توفي قبل ذلك، أحدهما: أن يرجح ما في الصحيح لأن ما في الصحيح أصح، ويقال: يكفي في إيمانه وتصديقه ما جاء في الصحيح كما تقدم عن الحافظين ابن كثير وابن حجر. ثانيهما: أن يقال بالجمع بين ما جاء في الصحيح وما ورد من تأخر ورقة، وذلك أن يقال: قوله وفتر الوحي ليست للترتيب، قال الحافظ ابن حجر: " فلعل الراوي لم يحفظ لورقة ذكراً بعد ذلك في أمر من الأمور فجعل هذه القصة انتهاء أمره بالنسبة إلى علمه لا إلى ما هو الواقع " [ينظر: فتح الباري (1/27) ] ، وقد ألف أبو الحسن برهان الدين إبراهيم البقاعي الشافعي تأليفاً في إيمان ورقة بالنبي وصحبته له، قال البغدادي في خزانة الأدب (3/391) : " ولقد أجاد في جمعه وشدد الإنكار على من أنكر صحبته، وجمع فيه الأخبار التي نقلت عن ورقة - رضي الله عنه - بالتصريح بإيمانه بالنبي صلى الله عليه وسلم، وسروره بنبوته، والأخبار الشاهدة له بأنه في الجنة ... " ثم قال البغدادي: " وحاصل ما ذكره البقاعي في شأن ورقة بن نوفل: أنه ممن وحد الله في الجاهلية، فخالف قريشاً وسائر العرب في عبادة الأوثان وسائر أنواع الإشراك، وعرف بعقله الصحيح أنهم أخطئوا دين أبيهم إبراهيم الخليل عليه السلام، ووحد الله تعالى واجتهد في تطلب الحنيفية دين إبراهيم ليعرف أحب الوجوه إلى الله تعالى في العبادة، فلم يكتف بما هداه إليه عقله، بل ضرب في الأرض ليأخذ عن علمه عن أهل العلم بكتب الله المنزلة من عنده، الضابطة للأديان، فأداه سؤاله أهل الذكر الذين أمر الله بسؤالهم إلى أن اتبع الدين الذي أوجبه الله في ذلك الزمان، وهو الناسخ لشريعة موسى عليه السلام: دين النصرانية، ولم يتبعهم في التبديل، بل في التوحيد، وصار يبحث عن النبي صلى الله عليه وسلم، الذي بشر به موسى وعيسى عليهما السلام، فلما أخبرته ابنة عمه الصديقة الكبرى خديجة رضوان الله عليها بما رأت وأخبرت به في شأن النبي صلى الله عليه وسلم، من المخايل: بإضلال الغمام ونحوها ترجى أن يكون هو المبشر به، وقال في ذلك أشعاراً يتشوق فيها غاية التشوق إلى إنجاز الأمر الموعود، لينخلع من النصرانية إلى دينه، لأنه كان قال لزيد بن عمرو بن نفيل - لما قال لهم العلماء: إن أحب الدين إلى الله دين هذا المبشر به -: أنا أستمر على نصرانيتي إلى أن يأتي هذا النبي، فلما حقق الله الأمر

وأوقع الأرهاصات: بالسلام من الأشجار والأحجار على النبي صلى الله عليه وسلم، وبمناداة إسرافيل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم مع الاستتار منه، وخاف النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فاشتد خوفه، فنقل ذلك إلى ورقة - رضي الله عنه -، اشتد سروره بذلك وثبته، وشد قلبه وشجعه، فلما بدا له الأمر بفراغ نوبة إسرافيل وأتاه جبريل عليه السلام وفعل ما أمره الله به شق صدره الشريف، وغسل قلبه وإيداعه الحكمة والرحمة وما شاء الله، وتبدى له جبريل، وأنزل عليه بعض القرآن وأخبره به، قف شعر ورقة وسبح الله وقدسه وعظم سروره بذلك، وشهد أنه الذي أنزل عليه كلام الله، وشهد أنه نبي هذه الأمة، وتمنى أن يعيش إلى أن يجاهد معه، هذا مع ما له بالنبي صلى الله عليه وسلم وزوجه الصديقة خديجة من عظم القرب والإنتساب الموجب للحب، رضي الله عنه وأرضاه. " [ينظر: خزانة الأدب للبغدادي (3/391 - 395) ] .

إسلام عبد المطلب

إسلام عبد المطلب المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 14/04/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم سمعت داعية في إحدى القنوات الفضائية يقول عن عبد المطلب جد نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-: إنه رجل مؤمن حنفي، وذلك خلال شرحه لقصة عبد المطلب مع أصحاب الفيل عندما قال: إن للبيت ربًّا يحميه. وقد قال بالضبط: إن هذا هو التوحيد بعينه. سؤالي: هل فعلاً عبد المطلب كما ذُكِر؟ وهل نعتبره مسلمًا يجوز الترحم عليه؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: عبد المطلب جد النبي -صلى الله عليه وسلم- مات قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو من أهل الفترة، ولا يصح أن يعتبر مسلمًا، وأما قوله: أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه. فهذا اعتراف بتوحيد الربوبية، وغالب كفار قريش يعترفون بتوحيد الربوبية، ولم يدخلهم ذلك في الإسلام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاتل كفار قريش مطالبًا إياهم بالإيمان بتوحيد الألوهية، وهو أن يعبد الله وحده، وكذا عمه أبو طالب أدرك الإسلام، وأبى أن يسلم، ومات على ملة عبد المطلب، والدليل على أن كثيرًا من كفار قريش وغيرهم من الكفار كانوا يعترفون بتوحيد الربوبية قول الله جل وعلا: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) [العنكبوت:61] . وقوله جل وعلا: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) [العنكبوت:63] . والآيات في مثل هذا كثيرة في كتاب الله. وقد قاتل النبي -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء مريدًا منهم أن يخلصوا العبادة لله وحده، فإيمان المرء بتوحيد الربوبية لا يدخله في الإسلام، وإنما يدخله في الإسلام الإيمانُ بتوحيد الربوبية، والإيمان بتوحيد الألوهية، وهو ألا يعبد إلا الله، والإيمان بتوحيد الأسماء والصفات. والله أعلم.

الهجوم على المذهب الحنفي

الهجوم على المذهب الحنفي المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 29/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. كما تعلمون كان المذهب الحنفي مذهباً شرعياً قوياً، أخذ به أعظم السلاطين كتشريع في دولهم، وما تجرأ أحد أن يتكلم فيه منذ نشأ في سنة 95هـ، لكن الملاحظ منذ نحو عشرين سنة بدأ التهجم على هذا المذهب بأنه قائم على الرأي، ويتهمون الإمام أبا حنيفة بعدم معرفة الحديث النبوي. بماذا تعللون السبب في هذا التهجُّم الشرس الذي ظهر في هذه الأيام؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن المذهب الحنفي من المذاهب المعتبرة والمعتمدة عند أهل العلم، وهو أول المذاهب الأربعة من حيث السبق الزمني، ومؤسس هذا المذهب هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت المولود سنة 80هـ، المتوفى سنة 150هـ، وهو إمام من أئمة الإسلام مشهود له بالعلم والتقوى والورع، بلغ في الفقه منزلة عالية، قال عنه الإمام الشافعي: (الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة) ، وما زال علماء هذا المذهب وأئمته يتعاقبون على تقريره ونشره ورفع رايته، وتدريس كتبه ومصنفاته على اختلاف العصور والأزمان إلى يومنا هذا، ومع شهادة العلماء لهذا المذهب وأئمته بالعلم والصلاح، إلا أن بعض أهل العلم قد انتقد هذا المذهب، ونسب إليه عدم الاهتمام بالحديث والاعتماد على الرأي، وهذا الانتقاد لم يكن وليد العصر الحاضر- كما يشير السائل- بل كان من مئات السنين، ومن ذلك ما قاله عياض (ت: 544هـ) في حق الإمام أبي حنيفة: وهو ممن سلم له حسن الاعتبار وتدقيق النظر والقياس، وجودة الفقه والإمامة فيه، لكن ليس له إمامة في الحديث، ولا استقلال بعلمه، ولا يوجد له في أكثر المصنفات الحديثية ذكر، ولا أخرج له أهل الصحيحين منه ولو حرفاً، وأكثر ما ينتقده المنتقدون على الإمام أبي حنيفة عدم أخذه بالحديث واستناده إلى الرأي، بل إن بعضهم نسب إليه أنه كان يرد الأحاديث الصحيحة كما نقله الخطيب البغدادي (ت: 463هـ) ، إلا أن هذه الانتقادات قد تصدى لها بعض الباحثين وبينوا عدم صحتها، وقرروا أن الإمام أبا حنيفة كان يأخذ بالحديث إذا صح عنده، واستدلوا على ذلك بروايات منقولة عن الإمام أبي حنيفة، ومنها قوله عن نفسه: (إذا جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لم نحل عنه إلى غيره، وأخذنا به) ، وقوله عندما سئل عما يلبس المحرم إذا لم يجد الإزار، حيث قيل له: أتخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: لعن الله من يخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم- به أكرمنا الله، وبه استنقذنا، ومما يدل على أن الإمام أبا حنيفة كان يأخذ بالحديث إذا صح عنده ما قاله تلميذه زفر: (لا تلتفتوا إلى كلام المخالفين، فإن أبا حنيفة وأصحابنا لم يقولوا في مسألة إلا من الكتاب والسنة والأقاويل الصحيحة، ثم قاسوا بعد عليها) ، وما قاله أبو يوسف أكبر أصحاب الإمام أبي حنيفة: (ما رأيت أحداً أعلم بتفسير الحديث ومواضع النكت التي فيه من أبي حنيفة، وكان أبصر بالحديث الصحيح مني) ، وعموماً فإن الإمام أبا حنيفة كغيره من أئمة الإسلام كان يأخذ بالحديث إذا رآه صالحاً للاحتجاج به، ولا يتصور أنه كان يتركه إلى غيره ويعرض عنه، وإذا رأينا أن الإمام أبا حنيفة أو غيره من الأئمة قال قولاً يخالف حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإننا نعتذر له بأنه لم يطلع على الحديث، أو لم يبلغه أو نحو ذلك، لا سيما وأن السنة لم تدون في عصر الإمام أبي حنيفة كما دونت في عصر من بعده.

وأختم الجواب بكلام جميل يتعلق بالموضوع ذكره ابن خلدون، حيث قال وحاشاه - يعني أبا حنيفة- أن يكون جاهلاً بالسنة، وكيف يتصور جهله بها مع إمامته المسلمة في الفقه، وكيف يأخذ عنه جمهور من الأمة؟ وإنما الذي نفاه عياض - يعني المتقدم -: الإمامة والتبرز فيه، حتى يكون مثل مالك وابن حنبل مثلاً، فالقوم أحق الناس بالظن الجميل، والتماس المخارج الصحيحة لهم، والله سبحانه وتعالى أعلم بما في حقائق الأمور. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل الخلافة العثمانية شرعية

هل الخلافة العثمانية شرعية المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 11/08/1425هـ السؤال ما رأي العلماء في الخلافة العثمانية؟ وكيف تكون شرعية وهي ليست من قريش؟ ألا تكون قد خالفت كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فأولاً: سلاطين آل عثمان لم يسموا أنفسهم خلفاء، وإنما سموا أنفسهم سلاطين، وهذه التسمية صحيحة. ثانيًا: يشترط في الإمام أن يكون قرشيًّا في حال اختيار الإمام من أهل الحل والعقد، أما الإمام المتغلب على الحكم بالقوة فلا يشترط فيه القرشية، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعُوا وأَطِيعوا ولَو اسْتُعمِل عَلَيكُم عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ". أخرجه البخاري (7142) ، فالإمام المسلم المتغلب تجب طاعته، ولو لم يكن عربيًّا، فضلاً عن القرشي - كما هو ظاهر هذا الحديث والأحاديث الأخرى. والله تعالى أعلم.

ما يقال عن حسن البنا

ما يقال عن حسن البنا المجيب د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 17/09/1425هـ السؤال هل كان الإمام حسن البنا داعية منحرفًا؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فإن مما ينبغي للمسلم أن يعلمه ويلتزمه تجاه إخوانه المسلمين جملة من الأمور منها: 1- أن يكف عنهم شروره وأذاه، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب:58] . ووصف الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلم بقوله: "المُسْلِمُ مَن سَلِم المُسْلِمونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ". أخرجه البخاري (10) ومسلم (40) . 2- أن يحسن الظن بهم، ويجتنب الظنون السيئة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) [الحجرات:12] . وقال -صلى الله عليه وسلم-:"إيَّاكُم والظَّنَّ فإنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَديثِ". أخرجه البخاري (5144) ومسلم (5263) . 3- أن يحب لهم ما يحب لنفسه، وذلك مقتضى الأخوة؛ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات: 10] . وهو من أسباب كمال الإيمان، كما قال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "لا يُؤْمِنُ أحَدُكُم حتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ". أخرجه البخاري (13) ومسلم (45) . 4- أن يقدم لهم العون والمساعدة، ويدخل عليهم السرور، ويقوم بأداء حق المسلم على أخيه المسلم، وينتصر لهم إذا ظلموا، ويدافع عنهم إذا اتُّهِموا. وأما في الحالات التي يبلغ المسلم عن بعض إخوانه شيء من السوء أو التهم بالفساد ونحو ذلك فإن على المسلم- إضافة إلى ما سبق- أن يتبع المنهج الشرعي تجاه ذلك. وهذا موجز من القول في هذا الباب:

(أ) التثبت والتحقق، وعدم التساهل والتعجل قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات:6] . قال الشوكاني: المراد من التبيُّن التعرف والتفحص، ومن التثبت الأناة وعدم العجلة والتبصر في الأمر والخبر الوارد حتى يتضح أمره. وفي حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجْلِ: زَعَمُوا". أخرجه أحمد (17076) وأبو داود (4972) . وكثير من التهم تكون باطلة، وكثير من المثالب لا أساس لها من الصحة، فلا ينبغي أن تقبل الأقاويل والأباطيل دون البينة والدليل، ومن آكد ما ينتبه له معرفة المصدر وتحديد القائل، فكم من تهمة لا يُعرف مُطْلِقُها، وفِريةٍ لا يُكشف مصدرها، وربما إذا عرف القائل وكان من الكفار أو الفجار، أو كان من ذوي الأهواء والخصومات ونحو ذلك، فلا اعتبار لمثل قوله، وأهل العلم بالجرح والتعديل يؤكدون أنه (ليس بمجروح قول إنه ليس لمجروح قول) ، ويبينون أن كلام الأقران في بعضهم البعض يطوى ولا يروى، ويكشفون أن دوافع الذم والنقد إن كانت منافسة وحسدًا، أو مخالفة وبغضًا فإنها لا تقبل على علاتها وبدون نقد وتمحيص، ورحم الله ابن جرير حين قال: لو كان كل من ادعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما دعي به، وسقطت عدالته، وبطلت شهادته بذلك لزم ترك أكثر محدثي الأمصار. (ب) أن يلتمس لهم الأعذار استحضارًا لحسن الظن وأن يحمل أقوالهم وأفعالهم على أحسن المحامل، وقد ورد في الحديث الصحيح قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ولا أحدٌ أحَبُّ إليه العُذْرُ مِن اللهِ، ومِن أَجْلِ ذلك بعَث المُبَشِّرين والمنذِرِين". أخرجه البخاري (7416) ومسلم (1499) . ومن سياق شرح الحديث نقل القرطبي ما يلي: إذا كان الله مع كونه أشد غيرة منك- المقصود سعد بن عبادة- يحب الإعذار، ولا يؤاخذ إلا بعد الحجة. ورحم الله أبا قلابة الجرمي حيث قال: إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له العذر جَهْدَكَ، فإن لَمْ تَجِدْ لَه عُذْرًا فقُلْ في نفسك: لعلَّ لأخي عُذرًا لا أعلمه. أخرجه أبو نعيم 2/285. (ج) النصح وحسن التوجيه بالأسلوب الحكيم والطريقة المؤثرة فالدين النصيحة، والخطأ وارد وليس هناك معصوم إلا المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وينبغي أن يكون قصد الناصح إرادة الحق وإيثار الصواب ومحبة المنصوح، والأصل أن تكون النصيحة في السر بين الناصح والمنصوح وإلا صارت فضيحة. (د) الستر وعدم التشهير والغيبة، لأن الله تعالى قال: ٍ (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النور:19] . قال ابن كثير: هذا تأديب لمن سمع شيئًا من الكلام السيئ، فقام في ذهنه شيء منه فلا يشيعه ويذيعه. وليستحضر المسلم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سَتَر مًسْلِمًا سَتَرَه اللهُ يومَ القيامةِ". أخرجه البخاري (2442) ومسلم (2580) .

(هـ) العدل والإنصاف والتوازن والاعتدال والنظر إلى حال المرء من جميع الجوانب وعدم التركيز على الخطأ القليل وترك الصواب الكثير، والإنسان يوصف بما غلب عليه لا بما ندر من أحواله، وحاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- فعل أمرًا عظيمًا يوم فتح مكة، لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عفا عنه وقال: "لعلَّ اللهَ اطَّلَع على أهلِ بدرٍ فقال: اعمَلُوا ما شِئْتُم فقَد غَفَرتُ لكُم". أخرجه البخاري (3007) ومسلم (2494) . ومن هنا قال ابن القيم: فوقعت تلك السقطة العظيمة مُغتفَرَةً في جنب ماله من الحسنات. والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه- كما قال ابن رجب- وإنما العبرة بكثرة المحاسن- كما قرر ذلك الذهبي، وزاده إيضاحًا بقوله: ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر ذلك ولا نُضلِّله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم لا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك. ا. هـ والختام هنا قاعدة جليلة لابن القيم: لو كان كل من أخطأ أو غلط ترك بالجملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات وتعطلت معالمها. وبعد ما سبق نأتي على مقصود السائل، لأن الإجابات إنما تفهم في ضوء القواعد الكلية والآداب المرعية، والمقاصد الشرعية لتكون أصلاً يرجع إليه، ونموذجًا يقاس عليه، وقبل ذلك تكون الكليات مُعِينة على رشد العقل، ومذكرة بحسن القصد وموصلة إلى صواب المنهج. وأما الرجل المسؤول عنه فإنه ولد ونشأ في أسرة متعلمة، وكان والده الشيخ احمد عبد الرحمن من علماء الحديث الأفذاذ- وهو مؤلف كتاب (الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام احمد بن حنبل) - وتلقى علومه في مدارس مصر وتخرج من دار العلوم في القاهرة، كما تتلمذ على الشيخ محمد رشيد رضا وتأثر به، وشارك في إنشاء عدد من الجمعيات التي تدعو إلى الفضيلة والأخلاق وتحارب المنكرات إلى أن أسهم في تأسيس جمعية الشبان المسلمين عام 1927 وخلص منها إلى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مدينة الإسماعيلية في مارس 1928، وأتبعها لاحقًا بقسم (الأخوات المسلمات) في أبريل 1933. وكان له نشاط كبير في الدعوة إلى الجهاد لتحرير فلسطين، وأرسل أعدادًا كبيرة من الإخوان المسلمين ليشاركوا في تحرير فلسطين فأبلوا بلاء حسنًا ونحن لم نر الإمام حسن البنا لكن الثقات من الدعاة والعلماء الأجلاء أثنوا عليه خيرًا وشهدوا له بالإمامة والورع والتقوى واعتبره عدد غير قليل منهم مجدد القرن الرابع عشر، رحمه الله تعالى.

قال عنه الشيخ أبو الحسن الندوي: (إن كل من عرف الإمام حسن البنا عن كثب لا عن كتب، وعاش متصلاً به، عرف فضل هذه الشخصية التي قفزت إلى الوجود، وفاجأت مصر ثم العالم العربي والإسلامي كله بدعوتها وتربيتها وجهادها وقوتها الفذة التي جمع الله فيها مواهب وطاقات قد تبدو متناقضة في عين كثير من علماء النفس والأخلاق، ومن المؤرخين والناقدين هي: العقل الهائل النير، والفهم المشرق الواسع، والعاطفية القوية الجياشة، والقلب المبارك الفياض، والروح المشبوبة النضرة، واللسان الذرب البليغ، والزهد والقناعة في الحياة الفردية، والحرص وبعد الهمة- دون كلل- في نشر الدعوة والمبدأ، والنفس الولوعة الطموح والهمة السامقة الوثابة، والنظر النافذ البعيد، والإباء والغيرة على الدعوة، والتواضع في كل ما يخص النفس، تواضعًا يكاد يجمع على الشهادة به عارفوه، حتى لكأنه (كما حدثنا كثير منهم) مثل رفيف الضياء: لا ثقل، ولا ظل، ولا غشاوة. وقد تعاونت هذه الصفات والمواهب في تكوين قيادة دينية اجتماعية، لم يعرف العالم العربي وما وراءه قيادة دينية سياسية أقوى وأعمق تأثيرًا وأكثر إنتاجًا منها منذ قرون، وفي تكوين حركة إسلامية يندر أن تجد حركة أوسع نطاقًا وأعظم نشاطًا وأكبر نفوذًا، وأعظم تغلغلاً في أحشاء المجتمع، وأكثر استحواذًا على النفوس منها. ولقد تجلت عبقرية الداعي مع كثرة جوانب هذه العبقرية ومجالاتها في ناحيتين خاصتين لا يشاركه فيهما إلا القليل النادر من الدعاة والمربين والزعماء والمصلحين: أولها- شغفه بدعوته وإيمانه واقتناعه بها وتفانيه فيها وانقطاعه إليها بجميع مواهبه وطاقاته ووسائله، وذلك هو الشرط الأساسي والسمة الرئيسية للدعاة والقادة الذين يجري على أيديهم الخير الكثير. وثانيها- تأثيره العميق في نفوس أصحابه وتلاميذه ونجاحه المدهش في التربية والإنتاج، فقد كان منشئ جيل، ومربي شعب، وصاحب مدرسة علمية فكرية خلقية، وقد أثر في ميول من اتصل به من المعلمين والعاملين، وفي أذواقهم وفي مناهج تفكيرهم وأساليب بيانهم ولغتهم وخطاباتهم تأثيرًا بقي على مرّ السنين والأحداث، ولا يزال شعارًا وسمة يعرفون بها على اختلاف المكان والزمان) () .

وقال عنه محب الدين الخطيب: (إن الأستاذ حسن البنا أمة وحده، وقوة كنت أنشدها في نفس مؤمن فلم أجدها إلا يوم عرفته ... وكنت (ابن صنعة) يوم اكتشفت بيني وبين نفسي حاجة الاسلام إلى هذا الداعية القوي، الصابر المثابر، الذي يعطي الدعوة من ذات نفسه ماهي في حاجة إليه من قوة ومرونة ولين وجلد وصبر وثبات إلى النهاية ... وكثيرًا ما كنت أفكر في هذا الجيش اللجب من الإخوان المسلمين ومالهم من مئات الشُّعَب وكيف استطاع رجل واحد أن يحقق ذلك بعد أن كان أملاً بعيدًا لكل غيور على الإسلام) () . ويقول صاحب مجلة الرسالة الأستاذ أحمد حسن الزيات في حسن البنا: (دعا إلى إصلاح الدين والدنيا، وتهذيب الفرد والمجتمع، وتنظيم السياسة والحكم، فكان أول مصلح ديني فهم الإسلام على حقيقته، وأمضى الإصلاح على وجهه. لم يفهم الإسلام الذي طهر الأرض وحرر الخلق وقرر الحق على أنه عبادة تؤدى، وأذكار تقام، وأوراد تتلى، وإنما فهمه كما فهمه محمد صلى الله عليه وسلم وعمر وخالد: نورًا للبصر والبصيرة، ودستورًا للقضاء والإدارة، وجهادًا للنفس والعدو) . وقد كتب عنه الكاتب الأمريكي روبرت جاكسون كلمات يقول فيها: (هكذا الشرق لا يستطيع أن يحتفظ طويلاً بالكنز الذي يقع في يده.. إنه رجل لا ضريب له في هذا العصر. لقد مرّ في تاريخ مصر مرور الطيف العابر الذي لا يتكرر. كان لابد أن يموت هذا الرجل- الذي صنع التاريخ وحوّل مجرى الطريق- شهيدًا كما مات عمر وعلي والحسين. كان لابد أن يموت باكرًا، فقد كان غريبًا عن طبيعة المجتمع.. يبدو كأنه الكلمة التي سبقت وقتها، أولم يأت وقتها بعد.. وعلى الرغم من أنني كنت أسمع في القاهرة أن الرجل لم يعمل شيئًا حتى الآن وأنه لم يزد على جمع مجموعات ضخمة من الشباب حوله، غير أن معركة فلسطين، ومعركة التحرير الأخيرة في القناة، قد أثبتتا بوضوح أن الرجل صنع بطولات خارقة قَلَّ أن تجد لها مثيلاً، إلا في تاريخ العهد الأول للدعوة الإسلامية.. وكان الرجل عجيبًا في معاملة خصومه وأنصاره على السواء، كان لا يهاجم خصومه ولا يصارعهم بقدر ما يحاول إقناعهم وكسبهم إلى صفه، وكان يرى أن الصراع بين هيئتين لا يأتي بالنتائج المرجوة، وكان يؤمن بالخصومة الفكرية، ولا يحولها إلى خصومة شخصية..) ولا يزال الحديث لروبير جاكسون- إذ يقول: (وعاش الرجل كل لحظة من حياته بعد أن عجزت كل وسائل الإغراء في تحويله عن نقاء الفكرة وسلامة الهدف. لم يحن رأسه، ولم يتراجع ولم يتردد أمام المثبطات ولا المهددات.. وكان الرجل قذى في عيون بعض الناس، وحاول الكثيرون أن يفيدوا من القوة التي يسيطر عليها، فقال لهم إن أنصاره ليسوا عصا في يد أحد، وإنهم لله وحده. وحاول البعض أن يضموه إليهم أو يطووه، فكان أصلب عودًا من أن يُخدع أو ينطوي..) . ويستمر قائلاً: (وأفاد الرجل من تجارب من سبقوه، ومن تاريخ القادة والمفكرين والزعماء.. الذين حملوا لواء دعوة الإسلام، ولم يقنع بأن يكون مثلهم.. ولكنه ذهب آخر الشوط، فأراد أن يستمد من عمر وخالد وأبي بكر.. فأخذ من أبي بكر السماحة، ومن عمر التقشف، ومن خالد عبقرية التنظيم) () .

(ولقد كان النهج الذي قبسه (البنا) من القرآن وعززه بالعلم، ونشره بالبيان وأيده بالمعاملة، كان من الجد والصدق والعزيمة بحيث زلزل أقدام المستعمر، وأقض مضاجع الطاغية، وخيب آمال المستغل، فتناصرت قوى الشر على الدعوة العظمى وهي تتجدد في كل مصر، كما تناصرت قوى الشرك عليها، وهي تولد في الحجاز، ولما كان حسن البنا فكرة لا صورة، ومبدأ لا شخصًا، فإن الفكرة الصالحة تنمو نماء النبت، والمبدأ الحق يبقى بقاء الحق) () . وأما دعوة البنا وفكرته فقد أوضحها في رسائله، ومن أبرزها رسالة التعاليم التي أوضح فيها فهم الإسلام في عشرين أصلاً، وكذلك في مواطن أخرى. وقد انتقد البنا عددٌ من الكتاب، وجملة الاعتراضات تتركز في ثلاثة جوانب؛ الأول الجانب العقدي؛ اتهم فيه بالتفويض في الأسماء والصفات، وبعدم التحرير في موضوع التوسل، كما اتهم بالتصوف. وانتقد في سياسة الحرص على جمع الناس والترخص في ما قد يكونون عليه من تفريط وتقصير عقدي أو سلوكي. وقد انتقدت سياسته التي عبر عنها بقوله: (نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه) . كما انتقدت صور من ممارسات جماعته بعد وفاته، وتعرض بهذه المسائل بتوضيحها وبيان القول فيها عددٌ من الكتّاب من أتباعه ومؤيديه مثل د. عصام البشير في كتابه (أضواء على الأصول العشرين) ، ود. جاسم مهلهل الياسين في كتابه (للدعاة فقط) . كما كتب كثيرون عن شخصيته وعن جماعته ودورها وآثارها. وبالرجوع إلى ما سبق من قواعد فإن البنا رجل يخطئ ويصيب ويؤخذ من قوله ويرد، وفي الوقت نفسه فإن المنصف يرى أن حسناته أكثر بكثير من أخطائه وأن الأثر الذي تركه من بعده نما وترعرع وشمل البلاد الإسلامية كلها تقريبًا وعمّ بها النفع، وحسبه أنه بذل ولم يمنع وعمل ولم يكسل وتحرك ولم يسكن وأقضّ مضاجع الأعداء حتى تآمروا عليه وقتلوه رحمه الله.

جلال الدين الرومي

جلال الدين الرومي المجيب د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 14/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. أرجو أن أعرف موقفكم من العالم الشاعر: جلال الدين الرومي، الناس هنا في بريطانيا يقرؤون كتبه المترجمة، لكنني سمعت عنه خيرًا وغير ذلك مما سبب لي حيرة فيه. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. جلال الدين الرومي من أئمة التصوف المتأخرين، وهو من الغلاة، وله المثنوي، كتب شعرًا بالفارسية، تضمن كثيرًا من الأفكار الصوفية الغالية، مثل الحلول، والاتحاد، ووحدة الوجود، وكذا وحدة الأديان. من كلامه: (مسلم أنا، لكني نصراني، وبرهمي، وزرادشتي) . وقد جمع أخباره وأفكاره، وأقواله المؤلف التركي المعاصر: محمد القونوي، في كتاب حمل عنوان: (أخبار جلال الدين الرومي) ، ذكر فيه عنه مستبشعات من الأقوال والأفعال والأفكار فليراجع. والله أعلم.

أين دفن عثمان وعلي رضي الله عنهما؟

أين دفن عثمان وعلي رضي الله عنهما؟ المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير التاريخ 24/02/1426هـ السؤال أين دفن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-؟ ولكم خالص التحايا. الجواب دفن عثمان - رضي الله عنه- في حش كوكب (بستان) في شمال شرقي البقيع، وسماها النبي - صلى الله عليه وسلم- بالروحاء، وأدخل بنو أمية حش كوكب في البقيع والغرقد، والبقيع يقع في الجهة الجنوبية الشرقية للمسجد النبوي، وقبر عثمان - رضي الله عنه- الآن في آخر البقيع على بعد (1.35) مترًا من قبور شهداء الحرة. أما علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- فقد خفي موضوع قبره والله أعلم، ومما قيل أنه دفن بالكوفة عند مسجد الجماعة، وقيل بالكوفة عند قصر الإمارة عند المسجد الجامع ليلاً، وعُمي موضع قبره، وقيل نقله ابنه الحسن إلى المدينة ودفن بالبقيع، وقيل في أثناء نقله نفر فرسه وصار إلى بلاد طئ فدفن بها، وهذه الأخيرة غير موثوق بها. أما مشهد علي بالنجف إنما كان أيام بني بويه في عهد الدولة العباسية، وأهل المعرفة متفقون أنه ليس بقبر علي -رضي الله عنه- بل قيل هو قبر المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه-.

مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم

الآثار النبوية المجيب د. ناصر بن عبد الرحمن الجديع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 5/7/1422 السؤال أثناء زيارتي لتركيا رأيت في متحف (طوب قابي سراي) في اسطنبول قاعة للأمانات المقدسة، تضم آثاراً نبوية؛ شعرات للرسول صلى الله عليه وسلم، ورسالته للمقوقس، وبردته، وأشياء أخرى، ولم ألاحظ ما يدل على ثبوت ذلك تاريخياً. فما حقيقة هذه الآثار، وهل يصح أنها نبوية؟ الجواب ليس هنالك ما يدل على ثبوت صحة نسبة هذه الآثار ونحوها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. قال صاحب كتاب (الآثار النبوية) المحقق أحمد تيمور باشا ص 78 بعد أن سرد الآثار المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقسطنطينية (اسطنبول) : (لا يخفى أن بعض هذه الآثار محتمل الصحة، غير أنا لم نر أحداً من الثقات ذكرها بإثبات أو نفي، فالله سبحانه أعلم بها، وبعضها لا يسعنا أن نكتم ما يخامر النفس فيها من الريب ويتنازعها من الشكوك) الخ. ولا شك في مشروعية التبرك بآثار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته، ولكن الشأن في حقيقة وجود شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر. وإن مما يضعف هذه الحقيقة ما جاء في صحيح البخاري (3/186) عن عمرو بن الحارث رضي الله عنه أنه قال: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهماً ولا ديناراً، ولا عبداً ولا أمة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضاً جعلها صدقة) فهذا يدل على قلّة ما خلَّفه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته من أدواته الخاصة. وأيضاً فقد ثبت فقدان الكثير من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم على مدى الأيام والقرون؛ بسبب الضياع، أو الحروب، والفتن ونحو ذلك. ومن الأمثلة على ذلك فقدان البردة في آخر الدولة العباسية، حيث أحرقها التتارعند غزوهم لبغداد سنة 656هـ، وذهاب نعلين ينسبان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في فتنة تيمورلنك بدمشق سنة 803هـ. ويلاحظ كثرة ادعاء وجود وامتلاك شعرات منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من البلدان الإسلامية في العصور المتأخرة، حتى قيل إن في القسطنطينية وحدها ثلاثاً وأربعين شعرة سنة 1327هـ، ثم أهدي منها خمس وعشرون، وبقي ثماني عشرة. ولذا قال مؤلف كتاب (الآثار النبوية) ص82 بعد أن ذكر أخبار التبرك بشعرات الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أصحابه رضي الله عنهم: (فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد بذلك فإنما وصل إليهم مما قُسم بين الأصحاب رضي الله عنهم، غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها) .

ومن خلال ما تقدم فإن ما يُدّعى الآن من وجود بعض الآثار النبوية في تركيا أو غيرها سواءً عند بعض الجهات، أو عند بعض الأشخاص موضع شك، يحتاج في إثبات صحة نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى برهان قاطع، يزيل الشك الوارد، ولكن أين ذلك؟ ولاسيما مع مرور أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان على وجود تلك الآثار النبوية، ومع إمكان الكذب في ادعاء نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للحصول على بعض الأغراض، كما وُضعت الأحاديث ونسبت إليه صلى الله عليه وسلم كذباً وزوراً. وعلى أي حال فإن التبرك الأسمى والأعلى بالرسول -صلى الله عليه وسلم- هو اتباع ما أثر عنه من قول أو فعل، والإقتداء به، والسير على منهاجه ظاهراً وباطناً.

تطور الأحياء (النشوء والارتقاء)

تطور الأحياء (النشوء والارتقاء) المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 4/4/1423 السؤال ما هو رأي الإسلام في تطور الأحياء؟ وهل كل الأحياء نشأت من أصل واحد حقيقة؟ لقد شاهدت شريطاً للعالم/ عبد المجيد الزنداني، وقد عارض فيه تلك الفكرة، ولكنه وافق على تطور الأحياء من حيث الحجم، حيث إن ذلك منصوص عليه في أحاديث كثيرة، وشكراً. الجواب الحمد لله الذي خلق الإنسان من عدم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: من الأمور القطعية في الإسلام أن آدم هو أبو البشر جميعاً، وأنه بداية الجنس البشري الذي يعيش في الأرض، وأمر الخلق وما حدث في أول خلق آدم وحواء مفصل في القرآن الكريم في آيات كثيرة، منها: قوله -تعالى-:"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ" [البقرة:30] إلى قوله -تعالى-:"ولا هم يحزنون" الآيات [البقرة:30-38] ، وقوله -تعالى-:"إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" [آل عمران:59] . والأديان السماوية كلها على هذا الاعتقاد ولم يخالف فيه أحد، حتى جاء دارون، ووضع ما يسمى نظرية التطور والارتقاء، فأخذ بها الغربيون الذين كانوا في حاجة إلى أي مساندة تقوض سلطان الكنيسة الطاغي، وتحطم هيمنة رجال الدين، وتساند توجههم المادي، ثم اتضح أن هذه النظرية ساقطة علمياً ومنهجياً، ولكنها بقيت ذات تأثير في عقول وقلوب بعض المسلمين الذين تأثروا بالدراسات الغربية مع جهل بدينهم، وهزيمة نفسية أمام ما يسمى الحضارة الغربية، وهم في الوقت ذاته لم يواكبوا تطور المعرفة، فيعلموا أن هذه النظرية قد نقضت عند جملة من كبار العلماء التجريبيين الغربيين، فظن هؤلاء المستلبون أن هذه النظرية لا تخالف الإسلام، وذهبوا يستدلون للنظرية الباطلة بآيات وأحاديث يستلونها من سياقها ويفردونها عن نظائرها، كمن يستدل منهم بقول الله -تعالى-:"وقد خلقكم أطواراً" [نوح:14] ، وحاول بعضهم أن يوجد مسوغاً يلائم به بين النظرية المتهافتة والنصوص الشرعية المناقضة لها، فاحتال ببعض الحيل الخادعة، فقال: آدم أبو الإنسان، أما البشر فقد كانوا من قبل ونشأوا وارتقوا ثم انقرضوا، وكل ذلك من ضعف العلم وضعف النفسية أمام سطوة الآلة الدعائية الغربية والهيمنة بشتى صورها.

بدأت فكرة النشوء والارتقاء عندما قدم دارون نظريته سنة (1859) في كتابه (أصل الأنواع) ، فظهرت هذه الفكرة وشاع معها القول بالتولد الذاتي المستقى من فلسفة أرسطو اليونانية، وأضحت هذه الفكرة محوراً لمعتقدات كثير من الغربيين، ليس في الحقل التجريبي فحسب، بل في الفكر والفلسفة والعلوم الإنسانية -أيضاً-، وملخص نظرية دارون: أن أصل الحياة خلية كانت في مستنقع أو بحر قبل ملايين السنين، ثم تطورت هذه الخلية ومرت بمراحل، منها: مرحلة القرد الذي تطور هو بدوره ليكون منه هذا الإنسان، وهذه العملية كلها من فعل الطبيعة، وهو ما عبر عنه دارون بقوله:"الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق". وهذه النظرية من الناحية العلمية والعقلية منقوضة، ذلك بأنها افترضت أن الطبيعة ذات إرادة وقدرة شاملة وتحكم ونظام ذاتي، بحيث تنتخب الأفضل والأقوى ثم تزعم النظرية في الوقت نفسه أن الطبيعة تعطي وتحرم بدون خطة مرسومة بل بعشوائية، وترسم النظرية خط التطور ذاته وهو متعرج مضطرب لا يسير على قاعدة منطقية مطردة، وتزعم النظرية -بدون تقديم أي دليل- أن هذه المخلوقات متسلسلة وراثياً ينتج بعضها عن بعض بطريقة التعاقب خلال عملية التطور البطيئة الطويلة، وهذا الأصل لم يتمكنوا من إيجاد أي دليل عليه، وذلك لوجود حلقات مفقودة في سلسلة التطور التي يزعمونها. وقد بين جليان هكسلي أحد أتباع هذه النظرية نقاط ضعفها والثغرات العلمية فيها. وكذلك آرثر كيت الدارويني المتعصب الذي أفاد بأن هذه النظرية بدون براهين، وذلك في قوله "إن نظرية النشوء والارتقاء لا زالت بدون براهين وستظل كذلك، والسبب الوحيد في أننا نؤمن بها هو أن البديل الوحيد الممكن لها هو الإيمان بالخلق المباشر، وهذا غير وارد على الإطلاق". وتزعزعت النظرية بشكل كبير عند علماء الطبيعيات الغربيين بعد ظهور قانون مندل الوراثي، واكتشاف وحدات الوراثة (الجينات) بوصفها الشفرة السرية للخلق، واعتبار أن الكرموزومات تحمل صفات الإنسان الكاملة، وتحفظ الشبه الكامل للنوع، أما التشابه بين الكائنات الحية فهو دليل ضد نظرية دارون؛ لأن هذا التشابه يدل على وحدانية الخالق، ولا يدل على وحدة الأصل، بحيث تفرعت من الأصل كل الأنواع كما يزعم أصحاب نظرية النشوء والارتقاء، والنظرية إضافة إلى ذلك بل قبل ذلك كله هي من الناحية الدينية باطلة مناقضة للإسلام، فالإسلام وكافة الأديان السماوية تؤمن بوجود الله -تعالى- الذي خلق كل شيء وأحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم نفخ فيه الروح، ثم جعله يتناسل من نطفة تنتقل إلى طور العلقة، فطور المضغة إلى أن يكتمل، ثم انتقل من طور الجنين إلى طور الطفل إلى طور الشباب، وهكذا. والإنسان يبقى إنساناً بشكله وعقله وصفاته منذ خلق الله آدم -عليه السلام-، وإن حصل فيه تقاصر في خلقته وضعف في بنيته.

والكائنات الأخرى خلقها الله -تعالى- كل نوع منها مستقل في الخلقة عن الآخر، وإن وجدت في مراحل تاريخية متدرجة أو حصل لها نوع من التغير أو الانتقال من طور إلى طور بسبب التلاقح والتزاوج والتأثير البيئي ونحو ذلك، وكل ذلك بقدر الله وتدبيره، وكلها في أصلها وتدرجها من خلق الله وحده، كما قال -سبحانه-:"ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ" [الأنعام:102] ، وقوله:"قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ" [الرعد:16] ، وقوله -جل وعلا-:"اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ" [الزمر:62] ، وقوله -سبحانه-:"ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ" [غافر:62] . ملحوظة/ جاء في السؤال: ما رأي الإسلام؟ وهذا تعبير غير صحيح، والصحيح أن يقال ما حكم الإسلام؛ لأن ما يضاف للدين ذاته ليس برأي، إذ الرأي هو العقل أو إعمال العقل، ويصح أن يقال: ما رأي علماء الإسلام في كذا ... ؟

الأديان في الجزيرة قبل الإسلام

الأديان في الجزيرة قبل الإسلام المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 15/4/1423 السؤال الإخوة مشرفو موقع (الإسلام اليوم) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي سؤال أبحث عن الإجابة الشافية له، وأرجو أن أجدها عندكم: ما الأديان التي مرت على الجزيرة العربية وبلاد فارس قبل خمس مئة سنة من ظهور الإسلام؟ الجواب الأديان التي مرت على الجزيرة العربية وبلاد فارس قبل خمس مئة سنة من ظهور الإسلام: أما في الجزيرة العربية، ففي الحجاز (مكة وما جاورها) فقد كانت الحنيفية ملة إبراهيم -عليه السلام- وإسماعيل بن إبراهيم -عليه السلام- حتى جاء عمرو بن لحي -عليه من الله ما يستحق- بالصنم هبل، ووضعه في مكة، فعبد الناس الأوثان، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم -عليه السلام- يتمسكون بها من تعظيم البيت، والطواف به، والحج والعمرة، والوقوف على عرفات والمزدلفة، وهدي البدن، والإهلال بالحج والعمرة، مع إدخالهم فيه ما ليس منه، فكانت كنانة وقريش إذا هلوا قالوا:"لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك" انظر مسلم (1185) ، فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم، ويجعلون ملكها بيده، ولذلك قال الله عنهم:"وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" [يوسف:106] . وشمال الجزيرة قد تأثر بالنصرانية، وخيبر وما حولها باليهودية. وأما بلاد فارس وما جاورها فكانت تدين بالزردشتية (عبادة النار) ، وكانت هناك المانوية والثانوية، وقد يكون للبوذية أثر في شرق وجنوب فارس. وأما شمال بلاد فارس والعراق وشماله فالصابئة والشمانية من ديانات تلك البلدان، والله أعلم. وأنصح الأخ السائل بمراجعة كتب التاريخ، مثل: (البداية والنهاية) لابن كثير، و (تاريخ الطبري) ، و (تاريخ ابن خلدون) ، وكتب الملل والنحل، مثل: (الملل والنحل) للشهرستاني، و (الفصل) لابن حزم، فلعله يجد توضيحاً أكثر مما ذكرت.

نشأة الخلافة ومستوطنها

نشأة الخلافة ومستوطنها المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 14/2/1423 السؤال كيف نشأت الخلافة؟ وكيف انتهت؟ وما مهام الخليفة؟ الجواب نشأت الخلافة الإسلامية بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- مباشرة وانتقاله إلى الرفيق الأعلى -بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم-، فاجتمع المسلمون من المهاجرين والأنصار الذين كانوا بالمدينة حينذاك، وتشاوروا في سقيفة بني ساعدة، وطرحت عدة آراء ومناقشات حتى كان الاجتماع على اختيار أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- خليفة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم استمرت خلافة النبوة (الخلافة الراشدة) ثلاثين سنة، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق -عليه الصلاة والسلام-، ثم كانت خلافة ملكية في عهد الأمويين ثم العباسيين، وهي في هذه الأثناء بين مدّ وجزر، فأحياناً تضمحل ولا يبقى للخليفة إلا اسمه، وأحياناً تقوى ويشتد عودها، وهكذا إلى أن وصلت إلى الدولة العثمانية وسلاطينها الذين حكموا عدة قرون حتى انتهى حكمهم بإلغاء السلطنة في (نوفمبر 1922م) ، ثم إلغاء الخلافة في عهد السلطان عبد الحميد في (الثالث من مارس 1942م 1361هـ) على يد مصطفى كمال أتاتورك وشرذمته من يهود الدونمة الذين قدموا إلى بلاد المسلمين هرباً من اضطهاد الأسبان لهم، فآواهم المسلمون وأكرموهم فكان جزاؤهم أن حاكوا المؤامرات والدسائس حتى أطاحوا بعرش دولتهم تحقيقاً لأهداف الاستعمار. أما مهام الخليفة فقد حصرها الفقهاء في كلمة قصيرة بليغة، وهي: "حراسة الدين وسياسة الدنيا به"، وبسط ما يندرج تحت هذه العبارة من مهام يطول، لكن من أراد البسط فعليه أن يرجع إلى كتب الأحكام السلطانية، والولايات الدينية، أو كتب الإمامة العظمى والخلافة الإسلامية.

أسانيد الأخبار والآثار

أسانيد الأخبار والآثار المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 11/2/1423 السؤال ما هو الأولى والأفضل في دراسة أسانيد القصص والأخبار التاريخية الواردة في كتب الأدب والتاريخ؟ الجواب لقد كثرت في الدراسات الحديثة في علم السيرة والتاريخ والتراجم المطالبات بتصفيتها وتنقيتها، وجاءت هذه المطالبات على مناح شتى وتوجهات مختلفة. فكانت أصفى تلك المناحي، وأخلصها نيّة، وأصدقها سريرة، وآمنها على هذه العلوم المطالبة بتطبيق منهج المحدثين عليها، بدراسة أسانيدها وقبول ما قبلته الصنعة الحديثية، ورد ما ردته. وظهرت ثمرات هذه المطالبة في بحوث ومؤلفات عديدة، وكانت جهوداً مباركة، وفيها خير كثير، صوبت كثيراً من الأخطاء العلمية، ونقت بعض أهم المصادر مما كنا في حاجة إلى تنقيته فعلاً. لكن تبقى تلك الجهود جهوداً بشرية، معرضة للخطأ. والخطأ الجزئي فيها أمره يسير، وتداركه هين، لكنه إذا كان منهجيّاً، فإن أمره سيكون فيه خطورة، واستدراك نتائجه صعب. وهنا أنبه أن المحدثين قد دلت أقوالهم وتصرفاتهم أنهم كانوا يفرقون بين ما يضاف من الأخبار إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وما يضاف إلى غيره، وما يضاف إلى غيره مما له علاقة بالدين وما لا علاقة له بالدين، بل لقد بلغ كمال علمهم إلى درجة التفريق بين ما يضاف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضه عن بعض، فلأحاديث الأحكام والعقائد منهج فيه اختلاف عن منهج التعامل مع أحاديث الفضائل والرقائق ونحوها، بل أحاديث الأحكام نفسها لهم منهج في التعامل مع الحديث الذي يكون أصلاً في بابه، والحديث الذي يعتبر من شواهد الباب، ولهم في جميع ذلك إبداعات تخضع لها العقول، ونفحات إلهام تشهد بأن علمهم علم مؤيد من الباري -سبحانه-. فمن عيوب بعض الدراسات التي نوهت ببعضها آنفاً أنها كانت بحوثاً من غير المتخصصين في علم الحديث (ولا أقصد بذلك الشهادات والألقاب وإنما أقصد الحقائق) ، فجاءت في بعض الأحيان غير مراعية لتلك الفروق في منهج التعامل التي كان المحدثون يراعونها، فخالفوا بذلك منهج الذين أرادوا تطبيق منهجهم! ومن أصرح العبارات التي تدل على ذلك المنهج الحديثي، الباب الذي عقده الخطيب البغدادي في كتابه (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/316-320) بعنوان: (ما لا يفتقر كتبه إلى إسناد) وقول الخطيب: (وأما أخبار الصالحين وحكايات الزهاد والمتعبدين، ومواعظ البلغاء، وحكم الأدباء فالأسانيد زينة لها، وليست شرطاً في تأديتها) . ثم أسند الخطيب إلى يوسف الرازي أنه قال: "إسناد الحكمة وجودها". وأسند عن ابن المبارك أنه سئل: "نجد المواعظ في الكتب، فننظر فيها؟ قال: لا بأس، وإن وجدت على الحائط موعظة فانظر فيها تتعظ، قيل له: فالفقه؟ قال: لا يستقيم إلا بسماع".

ثم أسند الخطيب قصة رجل خرساني كان يجلس عند يزيد بن هارون فيكتب الكلام ولا يكتب الإسناد، فلما لاموه على ذلك قال: "أنا للبيت أريده لا للسوق"، فعلق الخطيب على ذلك بقوله: "إن كان الذي كتبه الخرساني من أخبار الزهد والرقائق وحكايات الترغيب والمواعظ فلا بأس بما فعل، وإن كان من أحاديث الأحكام وله تعلق بالحلال والحرام فقد أخطأ في إسقاط إسناده؛ لأنها هي الطريق إلى تثبته، فكان يلزمه السؤال عن أمره والبحث عن صحته". وفي هذا السياق أشير إلى قضية مهمة، ربما غفل عنها كثيرون، وهي أن لعلماء كل علم طريقتهم الخاصة في نقد علمهم، وفي الفحص عن صحة منقولهم ومعقولهم. ومن الخطأ الفادح أن نخلط بين معايير النقد المختلفة بين كل علم وآخر؛ لأن ذلك سيؤدي إلى هدم كل تلك العلوم! وأضرب على ذلك مثلاً: لو جئنا إلى الشعر الجاهلي وشعر صدر الإسلام، بل عموم دواوين الشعراء، خاصة في عصر الاحتجاج اللغوي، وأردنا أن نطبق عليها منهج المحدثين في نقد السنة هل سنزيد إلا أن نهدم لغة العرب، بأعظم مما أراد أن يهدمها به طه حسين! ذلك أن لأئمة اللغة معاييرهم الصحيحة الكافية لنقد علمهم، ولهم طرائقهم لفحص المنقول من اللغة، وقد بذلوا في ذلك جهوداً عظيمةً، أدّوا بها الأمانة العظمى الملقاة على عواتقهم، خدمة للغة القرآن والسنة. وفي هذا المجال أذكّر بضرورة تعظيم أئمة كل علم في علمهم، واحترام تخصصات أصحاب التخصصات، فلا نزاحمهم ما دمنا لسنا من أصحاب ذلك العلم، وخاصة أولئك الأعلام، ومن علماء علوم الإسلام، على اختلاف فنونها. أقصد من ذلك كلّه أن أبين: أن منهج المحدثين لئن كان هو المنهج الوحيد الذي يصح به نقد المنقول المتعلق بالدين، فإنه لا يلزم أن يصح في نقد بقية العلوم، وإن شابهته من جهة إبراز أسانيد لبعض منقولاته، فليس كل إسناد نراه يعني أنه وسيلة نقد ذلك المنقول بتطبيق منهج المحدثين الذي ينقدون به أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الإسناد كان سمة من سمات علوم الإسلام كلها، فإبرازه لم يكن دائماً لأجل الاعتماد الكلّي عليه في نقد ذلك المنقول. وبناء على ما سبق ذكر، من أن المحدثين قد فرقوا بين منهج نقد السنة ومنهج نقد الأخبار، فإني أجد هذه مناسبة حسنة للتأكيد على معنى معين يعين على معرفة الصواب في هذه المسألة المنهجية، وهو: أن منهج المحدثين في نقد السنة تميز بشدة الاحتياط والمبالغة في التحرّي والريبة من كل شيء ولولا أن عناية الأمة في تلك الحقبة بالسنة من جهة نقلها وتعلمها وتعليمها وحفظها وكتابتها كانت عناية عظيمة تفوق الوصف، حيث كانت هي همّهم الأكبر وشغلهم الشاغل لكان ذلك المنهج المتشدد المبالغ المرتاب سبباً لإخراج شيء من صحيح السنة منها، لكن تلك العناية البالغة بالنقل وفرت للمحدثين فرصة ذلك التشديد في النقد، دون أن يضيّع ذلك شيئاً من السنة. وتلك حكمة بالغة!

ومن هذا الملحظ تعلم أن تطبيق هذا المنهج المتشدّد على غير السنّة فيه جور على ذلك العلم المنتقد به؛ لأن التثبت من صحة المنقول فيه لا يحتاج إلى كل ذلك التشديد في النقد، ولن نجد من عناية الأمة بمنقول ذلك العلم ما يُكوِّن رصيداً كبيراً صالحاً لذلك التشديد دون أن يؤدّي ذلك إلى تضييع بعض الثابت من ذلك المنقول. وأقصد من ذلك كله بيان أن التخفف من نقد المنقولات من غير السنة لا يعني أننا سنثبت بذلك غير الثابت، ولكن يعني أنّنا سنضع كل منقول في ميزانه الكافي لتمييز ثابته من غير الثابت منه. ولكي أنزل من هذا التنظير الجاف، إلى التمثيل الحيّ القريب إلى كلّ ذهن؛ أقول: هب أنك سمعت أحد أجلّه العلماء ممن تعظّمهم النفوس تقوىً وعلماً يحكي لك خبراً عن أحد أشهر شيوخ شيوخه وأعلمهم، يتضمن هذا الخبر أمراً غير مستنكر عن علم ذلك الشيخ، ويقول في ذكره لهذا الخبر: سمعت جماعة من شيوخي يحكونه عن ذلك الشيخ، هل ستشك في صحة هذا الخبر، بحجّة الجهالة بحال شيوخ هذا العالم الذي سمعته؟! وزيادة في التقريب: لو سمعت الشيخ ابن باز -عليه رحمة الله- يقول: سمعت جماعة من شيوخي يقولون: إن العالم الفلاني كان كذا وكذا، هل سنجد في نفوسنا ريبة من ذلك الخبر؟! فما بالنا لمّا قال ابن عدي -وهو الإمام الفحل-: "سمعت عدّة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله- قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها ... " إلى آخر الخبر المشهور، انبرى أحد المعاصرين لنقد هذه القصّة، بحجة الجهالة بحال شيوخ ابن عدي! والحال أن علم البخاري أعظم من هذه القصة، وأن ابن عدي يروي عن جماعة من تلامذة البخاري! ولو أراد ابن عدي -وهو الحافظ المسند- أن يسند هذا الخبر عن بعضهم لفعل، لكنه كان يظن أن مثل هذا السياق: "سمعت عدّة مشايخ يحكون" أقوى ثبوتاً لمثل هذا الخبر من مثل أن يسنده عن واحد أو آحاد منهم؛ لأن منهج نقده غير منهج نقد السنة! وبعد هذا البيان كلّه، أصل إلى بيان الضابط الذي يمكن من خلاله التشديد في نقد الأخبار والقصص بمنهج المحدثين، أو عدم التشديد والاكتفاء بمناهج نقد أخرى تكفي في مثلها للتوثّق والتحرّي. فالضابط هو: كل خبر سأبني عليه -مباشرة أو بغير مباشرة- حكماً دينياً، فالأصل فيه أنه لا يقبل إلا بذلك المنهج المتشدّد للمحدثين، الذي ينقدون به السنة ومالا فلا. وشرح هذا الضابط قد يطول، لكني سأكتفي بأمثلة تبين بعض جوانبه: إذا جئت للسيرة النبوية، أجد أن أخبارها منها ما يمكن أن يستنبط منه حكم شرعي: فهذا من السنة التي تنتقد بذلك المنهج المحتاط لها، ومنها ما لا يستنبط منه حكم شرعي، كتاريخ سريّة من السرايا، وعدد من كان فيها، وتحديد موقعها بدقّة، ونحو ذلك: فهذه لا نطبق عليها منهج المحدثين؛ إلا إن كان بعض ذلك له علاقة غير مباشرة باستنباط حكم، كمعرفة تقدم خبر أو تأخره ليفيدنا ذلك في الناسخ والمنسوخ، أو غير ذلك: فيمكن حينها أن أعود إلى احتياط المحدثين مع السنة في نقدي لهذا الخبر. وإذا جئت للآثار الموقوفة على الصحابة -رضي الله عنهم-:

-فإن منها ما يكون له علاقة بالأحكام كفتواهم وأقضيتهم، فإذا كنت سأعتمد على قول صحابي في مسألة لا نص فيها -على سبيل المثال-: فسأحتاط في نقدها وفق منهج نقد أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا بد من ذلك فيها، أما إذا كانت المسألة فيها نصٌ صحيح، فإن إيراد أقوال الصحابة بعد ذلك يكون استئناساً وتأكيداً لصحة فهمنا لذلك النص، فإن نقدنا ذلك الخبر بالاحتياط المذكور آنفاً فهو حسن، وإن لم نفعل ذلك فالأمر واسع، ولن نضر المسألة العلمية شيئاً، لورود النص فيها. ومنها ما يكون من باب الأخبار التاريخية: كأخبار الفتوح والغزوات ونحوها، وهذه حكمهما حكم السيرة النبوية، فإذا جئنا لأخبار ما وقع بينهم في الفتنة، فواجب حينها أن تنقد بالاحتياط المذكور لأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز غير ذلك، وذلك اتّساقاً مع الضابط الكلّي الذي وضعناه آنفاً، وليس استثناءً -خارجاً عن القانون-، حيث إن أخبار الفتنة ليست أخباراً مجربةً لا ينبني عليها أحكام على أشخاص، بل هي أخبار إذا ذكرت لا بد أن تترك في النفوس أحكاماً على الأشخاص بالصواب أو الخطأ وربما بالعدالة أو الفسق عند بعض الأقوام، وهؤلاء الأشخاص الذين ستصدر عليهم تلك الأحكام هم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم أجمعين-، وهم من سبق لهم من الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- الثناء والحكم بالعدالة، فلا بد من تمحيص تلك الأخبار، خاصة أنها أيضاً كانت مجالاً رحباً لأصحاب الأهواء وأمراض النفوس من أهل الغلّ والحقد على دين الله -تعالى-، وعلى أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- للتقوّل والافتراء. على أنه يمكن أن نعامل الأخبار المتعلقة بالفتنة أو ما كان بنحوها بمنهج وسط، وهو أنه إذا ثبت عندنا بالمنهج الحديثي المحتاط أصل خبر من الأخبار أن نتمّم جوانب هذا الخبر بتفاصيل من بقية الأخبار، بشرط أن لا يكون في تفاصيل تلك الأخبار شيء يعارض الحكم الثابت لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من الخيرية والعدالة والفضل، وأن لا يعارض أصل الخبر الثابت أيضاً. والمثال الواقعي لذلك: أنني كنت من سنوات كثيرة قد درست الأخبار الواردة في قصة خالد بن الوليد -رضي الله عنه- مع مالك بن نويرة في حروب الردّة، وهي قصة شهيرة، نسج عليها الأفّاكون وأذنابهم من المستشرقين قصصاً شنيعة، فوجدت أن أحد الباحثين ردّ القصة بالكلية، وخرج بنتيجة، وهي: أن مالك بن نويرة كان مرتداً كافراً، وأنه قتل بسيف الشرع، مع أن مالك بن نويرة -رضي الله عنه- لم يتخلف أحد عن ذكره في الصحابة، وهذا هو الظاهر من شأنه. وبعد دراسة أسانيد الخبر، تبين لي أنه لا يصح منها إلا إسناد واحد، أخرجه خليفة ابن خياط في تاريخه (105) ، يقول فيه ابن عمر -رضي الله عنهما-: "قدم أبو قتادة على أبي بكر، فأخبره بمقتل مالك وأصحابه، فجزع من ذلك جزعاً شديداً، فكتب أبو بكر إلى خالد، فقدم عليه، فقال أبو بكر: هل يزيد خالد على أن يكون تأوّل فأخطأ؟ وردّ أبو بكر خالداً، وودى مالك بن نويرة، وردّ السبي والمال".

فهذا الخبر على وجازته: أثبت أصل القصّة ووضع كل أمر في نصابه، واعتذر لخالد -رضي الله عنه- ونفى تلك التهمة القبيحة عن مالك بن نويرة بدفع أبي بكر ديته إلى أوليائه. يبقى أن في بقية الأخبار تفاصيل أخرى لا يمكن أن نفهم الخبر السابق بغير الاطلاع عليها، فما العمل تجاهها؟ فالعمل، هو: أن نأخذ من تلك الأخبار ما يوافق هذا الخبر الثابت من جهة، وما لا يقدح في عدالة الصحابة الثابتة بالنصوص القطعيّة من جهة أخرى؛ لأنها أخبار لا تثبت أسانيدها أولاً، وثانياً: لأن ما عارض تلك الثوابت سيعد منها منكراً، ليس من العدل والإنصاف أن نجعله متساوياً لتلك الثوابت، فضلاً عن أن نعتمده، فنكون قد قدّمنا ما حقه الإبعاد، ونستحق بذلك -عياذاً بالله- أن نعد من أهل الهوى والظلم في الأحكام. فإذا جئنا لأخبار تاريخية بعد ذلك، مما وقع في القرن الهجري الثاني أو الثالث، فالأصل فيها إمرارها والاستفادة منها دون نقد حديثي محتاط، إلا إذا أراد أحد أن يصدر حكماً دينياً على شخص من الأشخاص له حرمة دينية، وهو أن يكون مسلماً -كبعض الملوك والسلاطين- فإننا لا نقبل ذلك إلا بنقد يثبت بمثله الحكم الديني، هذا إن كان لمثل هذا البحث ثمرة علمية، أما إن لم يكن له ثمرة، أو كان له ثمرة خبيثة؛ فينهى عن مثل هذا البحث، وعن إضاعة الوقت فيه. وإذا جئنا إلى سير العلماء وأخبارهم، فالضابط الكلي سائر على تراجمهم، فإن ما يرد في تراجمهم إذا كان سيصدر عنه حكم ديني، وضعناه في معياره المحتاط، وأوضح صور هذا الحكم الديني عبارات الجرح والتعديل في رواة السنة، وإن كان بخلاف ذلك، كقصة البخاري السابقة، أو كعبارات في الوعظ والحكمة، أو كذكر مؤلفاتهم، أو وصف مكتباتهم، ونحو ذلك من الأخبار، فهذه لا تنقد بذلك النقد المحتاط، ولكن تنقد لمعايير أخرى، تراعي المعقول وغير المعقول، والثقة بناقل الخبر أي: المصدر ومؤلفه، وغير ذلك من القرائن المحتفّة بكل خبر منها، وللمصلحة الحاصلة من نقده أيضاً. هذا ملخّص ما ترجح لدي في شأن نقد القصص والأخبار التاريخيّة، والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

جيش من أهل الحجاز هم خيار المؤمنين

جيش من أهل الحجاز هم خيار المؤمنين المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 2/7/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ حفظه الله. جاء بالحديث عن الرسول الكريم -صلى الله علية وسلم- في مواضع الملاحم أن جيشاً سيكون من أهل الحجاز وهم خيار المؤمنين في الأرض آنذاك، السؤال هل يدل هذا الحديث على أن أهل الحجاز هم المخصوصون وهم أفضل المؤمنين، وما هو شأن المؤمنين في غير الحجاز؟ حبذا لو تكلمت عن هذا وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وبعد: فقد جاء في كتاب الفضائل من دواوين السنة المختلفة فضائل لبعض البلاد ولبعض القبائل، وليست تلك الفضائل محصورة في بلد معين، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما في فضل الحجاز أحاديث، وفي فضل الشام وفي فضل اليمن، كما جاء أيضاً في غيرها من البلاد بعض إشارات. والحاصل أن ورود الفضل في بلد ما لا ينفي الفضل عن غيره، لا سيما مع ورود أحاديث في البلاد الأخرى، وينبغي أن تؤخذ هذه الفضائل باعتدال وفقه عام لها، فلا يلزم أن تكون في كل زمان وحال، كما أنها لا تعني قطعاً كل فرد بعينه، وغير ذلك مما ينبغي التنبيه له، ويمكن الرجوع إلى شروح السنة في باب الفضائل ليتفقه المسلم فيه أكثر.

هل في هذا ما يقتضي تفضيل عيسى على محمد عليهما الصلاة والسلام؟!

هل في هذا ما يقتضي تفضيل عيسى على محمد عليهما الصلاة والسلام؟! المجيب د. هشام بن إسماعيل الصيني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 29/08/1426هـ السؤال هناك شبهة يعرضها النصارى حول الحديث الذي في صحيح البخاري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلا وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا". ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: وَاقْرَأوا إِنْ شِئْتُمْ: "وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". فهل معنى هذا الحديث أن رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء مسهم الشيطان إلا عيسى -عليه السلام-؟ وهل هذا الحديث يثبت أن عيسى -عليه السلام- هو الأفضل بين الأنبياء؟ وإلا فلماذا استثني من بين الأنبياء في هذه الفضيلة؟ فالنصارى يقولون: إن هذا يدل على أنه ليس له أي ذنب، لكن النبي محمداً -صلى الله عليه وسلم- مأمور أن يتوب، كما ورد في قوله تعالى: "فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك".

وفي حديث آخر في صحيح البخاري، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ: لَوْ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّنَا. فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ. وَيَقُولُ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ لَسْتُ هُنَاكُمْ. وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ. فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ. ائْتُوا عِيسَى. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ ائْتُوا مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِي، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، حَتَّى مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ". وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ عِنْدَ هَذَا: أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُود. ُ ويحتج المبشرون النصارى بهذا الحديث ذاكرين بأن عيسى -عليه السلام- هو الوحيد الذي لم يكن له أي ذنب، ويقولون: إنه حتى محمد -صلى الله عليه وسلم- كان عنده ذنوب. وبناء عليه يقولون: إنه إذا كان لنبي الحق في الشفاعة فلن يكون محمداً -صلى الله عليه وسلم- بل المخّلص الذي ليس له ذنوب: المنجّي عيسى -عليه السلام-. أرجو الرد على هذه الادعاءات. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد ولد آدم محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالجواب عن هذه الشبهات من وجهين: الوجه الأول: نقول للنصارى: إذا كنتم تؤمنون بما جاء في شرعنا أنه حجة صحيحة، فإنه يجب عليكم الإيمان بشرعنا والدخول في الإسلام؛ لأن هذا مقتضى الإيمان بحجية شرعنا وما ورد فيه. وإذا كنتم لا تؤمنون بأنه حجة صحيحة فكيف تحتجون به؟ وأما إذا قلتم: إنه حجة علينا فقط.

فالجواب: نحن نؤمن بكل ما ثبت عندنا في الكتاب والسنة الصحيحة، ومما ثبت عندنا أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- هو أحبّ الخلق إلى الله وأفضلهم، وجميع الأنبياء تحت لوائه يوم القيامة، وهو النبي الوحيد الذي يشفع عند الله ليفصل بين العباد، وهذا هو المقام المحمود الذي بسببه يُحمده الخلائق كلهم، وجميع الأنبياء صلوا خلفه يوم الإسراء، بل جميع الأنبياء مأمورون باتباعه إذا بُعث وهم أحياء، ويجب عليهم ترك شريعتهم واتباع شريعة محمد -صلى الله عليهم وسلم- والأدلة على هذا المعنى كثيرة جداً. الوجه الثاني: إن اختصاص أي نبي بفضيلة دون غيره لا يعني أنه أفضل من بقية الأنبياء، فقد خص الله -سبحانه وتعالى- بعض الأنبياء ببعض الفضائل، فخصَّ موسى -عليه السلام- بأن كلمه بدون واسطة ملك وموسى في الأرض، وخصّ سليمان -عليه السلام- بجنوده من الجن والطير، وأتاه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وغير ذلك من الخصائص المذكورة للأنبياء، ومن ذلك ما خصّ الله به مريم بنت عمران وعيسى عليه السلام من سلامتهما من مسَّ الشيطان لهما عند الولادة. وتفرّد الشخص بفضيلة دون غيره لا يعني أنه أفضل من الجميع وإلا لزم أن يكون موسى أفضل الأنبياء بما خصّه الله، وأن يكون سليمان أفضل الأنبياء بما خصّه الله، وهذا تناقض غير مقبول، ولذلك الصواب أن الإنسان تتبيّن منزلته بمجموع فضائله لا بفضيلة واحدة. وهذا حتى في حق عامة الناس، أرأيت لو أن شخصاً في قرية لا يكذب أبداً ولا يُعرف عنه إلا الصدق، وما من أحد في القرية إلا قد وقع منه كذب، لكن هذا الشخص الذي لم يكذب قط، يظلم، ويسرق، ويقتل، وأهل القرية لا يفعلون ذلك أفتكون هذه الفضيلة كافية لجعله خير أهل القرية؟ أم لابد من النظر في مجموع ما للإنسان من فضائل وحسنات؟ وقد ثبت لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- من الفضائل ما تفرّد به عن غيره من الأنبياء وقد مرَّ ذكر بعضها. وإن من فضائل محمد -صلى الله عليه وسلم- أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ وذلك لعظم منزلته عند الله. وما ذُكر في حديث الشفاعة من أن عيسى لم يذكر خطيئة لا يعني عدم وقوع شيء من ذلك منه، بل جاء في بعض طرق الحديث أن عيسى -عليه السلام- يقول: "إني عُبدت من دون الله"، وقع ذلك في رواية الترمذي من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد، وفي رواية أحمد والنسائي من حديث ابن عباس: "إني اُتخذت إلهاً من دون الله"، وفي رواية ثابت عند سعيد بن منصور نحوه، وزاد: "وإن يغفر لي اليوم حسبي" [فتح الباري (11/435) ] . وهذا يُبيّن سبب اعتذار عيسى -عليه السلام- من الشفاعة. كما أن في الحديث حجة على النصارى المحتجين به، لأن عيسى -عليه السلام- اعتذر عن الشفاعة، وأنه لا يستطيعها بقوله: "لست هناكم، ائتوا محمداً -صلى الله عليه وسلم-". وهذا دليل بيّن واضح على أن عيسى -عليه السلام- يعتقد أن محمدا أفضل منه، ولذلك أشار على الناس بالذهاب إليه. والله أعلم.

مؤلف كتاب مدارج السالكين

مؤلف كتاب مدارج السالكين المجيب د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 6/12/1424هـ السؤال سؤالي عن كتاب مدارج السالكين، ما هو ومن مؤلفه؟ وهل هو كتاب للمتصوفة فعلاً؟. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كتاب: (منازل السائرين) لأبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي ت481هـ، فقد قسم - الهروي- طريق سير المؤمن إلى الله -تعالى- إلى مائة منزلة، والهروي - رحمه الله تعالى- من أجل أئمة السلف، وربما وقع في أخطاء بسبب مشربه الصوفي، رغم اتباعه لعقيدة وفقه الإمام أحمد على وجه الإجمال، فقام ابن قيم الجوزية (ت751هـ) برد هذه الأخطاء، وشرحه في كتاب: (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين) ، فأوضح الأوهام، وساق الأدلة الشرعية، وجمع الأقوال المأثورة في كل منزلة، إلا أن ردوده على الهروي وتوضيحاته لبعض الألفاظ الصوفية المشكلة أوقعته في مزلة التكرار للخطاب الصوفي الغامض الذي يعتمد على الذوق والكشف والأنوار القلبية، ومن أحب الإيجاز والابتعاد عن الاستطرادات فيمكنه الرجوع إلى كتاب تهذيب مدارج السالكين لعبد المنعم صالح العلي العزي، وللإفادة أقترح القراءة والإفادة المتقنة في موسوعة نضرة النعيم في أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم-. والله أعلم.

معنى السجود الوارد في قصص الأنبياء

معنى السجود الوارد في قصص الأنبياء المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 1/1/1425هـ السؤال وجدت شيئاً في كتاب قصص الأنبياء لابن كثير، أرجو توضيحاً له عندكم: وقد قيل أيضاً: إن مريم - عليها السلام- ذهبت يوماً وهي حامل إلى خالتها التي أخبرت أنها تحس كما لو كانت حاملاً، فقالت مريم: إنها تخشى أيضاً أن تكون حاملاً، فقالت خالتها: "أرى أن الذي في بطني يسجد لمن في بطنك"، والذي يحيرني أن المسلمين لا يسجدون إلا لله!. أرجو التوضيح -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إن ما وقع عليه السؤال ذكره ابن كثير في قصص الأنبياء، ولفظه: وذكر السدي بإسناده عن الصحابة -رضي الله عنهم- أن مريم - عليها السلام- دخلت يوماً على أختها، فقالت لها أختها: "أشعرت أني حبلى؟ فقالت مريم - عليها السلام-: وشعرت أيضاً أني حبلى؟ فاعتنقتها وقالت لها أم يحي: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك". وليس في هذا ما يدل على جواز سجود المخلوق للمخلوق؛ لأمور: أولاً: أن القصة مما بلغنا من طريق أهل الكتاب، ولم يأت في الكتاب والسنة ما يثبت ذلك، فلا نصدقه ولا نكذبه ما لم يعارض أصلاً في شرعنا فنرده عندئذ. ثانياً: أن هذه رؤيا رأتها أم يحي، والرؤى لا تثبت بها الأحكام. ثالثاً: لو صح ما سبق لأمكن حمل لفظ السجود على غير معناه المتبادر، وكلام ابن كثير في بيان معنى السجود واضح جلي، إذ قال بعد إيراده القصة: (ومعنى السجود هاهنا الخضوع والتعظيم، كالسجود عند المواجهة للسلام، كما كان في شرع من قبلنا، وكما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم) . وقد ذكر تأويل الإمام مالك لرؤيا أم يحي إذ قال مالك: (أرى ذلك لتفضيل عيسى - عليه السلام-؛ لأن الله -تعالى- جعله يُحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص) . هذا -والله أعلم - إن صحت القصة فهي من قبيل رؤيا يوسف - عليه السلام- حين قال لأبيه: "يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ" [يوسف: من الآية4] . والله -تعالى- أعلم.

المؤلفات قبل الموطأ

المؤلفات قبل الموطأ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 24/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. أرجو التكرم بذكر المصادر الإسلامية المكتوبة (من حديث ومواد فقهية غير القرآن الكريم) متوفرة الآن، وكانت موجودة قبل موطأ الإمام مالك. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

كان الصحابة، رضي الله عنهم، يتلقون عن النبي صلى الله عليه وسلم- أقواله وأفعاله، ويتداولونها بينهم حفظًا ورواية، وكان بعض الصحابة، رضي الله عنهم، يكتب في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، ولهذا وجد بعض الصحف المكتوبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: صحيفة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، وفيها فرائض الصدقة، وصحيفة علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وفيها أسنان الإبل، وشيء من الجراحات، وصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، المعروفة بالصحيفة الصادقة، ودرج على ذلك التابعون، فكانوا يعتمدون على الحفظ والتلقي، ودوَّن بعضهم بعض السنة، ولهذا وجد عدد من النسخ أو الصحف الحديثية، ومن أمثلة هذه الصحف: صحيفة أو صحف سعيد بن جبير تلميذ ابن عباس، رضي الله عنهما، وصحيفة مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس، رضي الله عنهما، وصحيفة بشير بن نهيك كتبها عن أبي هريرة، رضي الله عنه، وصحيفة أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدريس المكي تلميذ جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، يروي نسخة عنه وعن غيره أيضًا، وصحيفة هشام بن عروة بن الزبير، وغير ذلك من الصحف الكثيرة التي رويت عن التابعين، والتي كانت هي الأساس الثاني بعد صحائف الصحابة، رضي الله عنهم، لما أُلِّف وصنف بعد ذلك، ثم إنه على رأس المائة الأولى من الهجرة بدأ التدوين الذي اتصف بالشمول، وذلك خوفًا من ضياع السنة، وكان من أوائل من قام بهذا العمل أبو بكر بن محمد بن حزم (ت 120هـ) ، وابن شهاب الزهري (ت 124 هـ) ، ثم إنه في عصر تابعي التابعين بدأ التصنيف في السنة حيث جمع طائفة من أهل العلم كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة، رضي الله عنهم، فألف أبو محمد عبد الملك بن جريج (ت 150 هـ) بمكة، ومعمر بن راشد باليمن (ت 153 هـ) ، وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي (ت 156 هـ) بالشام، وسعيد بن أبي عروبة (ت 156 هـ) ، والربيع بن صُبيح (ت 160 هـ) ، وحماد بن سلمة (ت 176 هـ) بالبصرة، ومحمد بن إسحاق (ت 151) ، وسفيان الثوري (ت 161) بالكوفة، والليث بن سعد (ت 175 هـ) بمصر وغيرهم، وهذه المصنفات أغلبها لم يصل إلينا، لكن ما تضمنته من أحاديث وآثار دخلت في المصنفات التي جاءت بعدها مثل مصنف عبد الرزاق الصنعاني (ت 211 هـ) ، ومسند الإمام أحمد (ت 241هـ) ، ومصنف ابن أبي شيبة (ت 235 هـ) ، وغيرها من كتب الحديث، ويعد الموطأ من أوائل المصنفات الحديثية التي وصلت إلينا، وهو نموذج للمصنفات في تلك الفترة حيث جمعت الأحاديث مقرونة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، وقد وصل إلينا بعض النسخ والكتب التي كتبت في عصر التابعين ومن بعدهم، وبعضها من موارد الإمام مالك في الموطأ، وهي مازالت مخطوطة، ومنها ما حُقِّق مثل: - أحاديث الأعمش (ت 148 هـ) برواية وكيع عنه. - كتاب المناسك لابن أبي عرابة (ت 156 هـ) . - جزء من سيرة ابن إسحاق (ت 151 هـ) . -أحاديث ابن جريج (150 هـ) ، جزء منه. - نسخة ابن طهمان (168 هـ) ، جزء منه. - نسخة جويرية عن نافع مولى ابن عمر (117 هـ) . - نسخة عبيد الله بن عمر عن نافع مولى ابن عمر (117 هـ) . -نسخة سهيل بن أبي صالح (ت 138 هـ) .

- الجزء الأول مما أسند سفيان الثوري (ت 161 هـ) . - نسخة الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب (ت 128 هـ) . - نسخة شعيب بن أبي حمزة عن الزهري (ت 124 هـ) . ينظر: دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، للدكتور: محمد مصطفى الأعظمي (2/471- 483) ، ومعرفة النسخ والصحف الحديثية، تأليف: بكر بن عبد الله أبو زيد، تاريخ التراث العربي تأليف فؤاد سزكين (1/ 117) . وأما الكتب الفقهية المصنفة قبل الموطأ، فمن المعلوم أن بداية الفقه هو فتاوى الصحابة والتابعين مثل الفقهاء السبعة وغيرهم، وهذه الفتاوى توجد في كتب السنة وكتب التفسير في الغالب، وتضمن الموطأ قدرًا منها، وقد وجد بعض الرسائل والكتب الصغيرة مثل: كتاب الفرائض لزيد بن ثابت، رضي الله عنه، وتفسيره لأبي الزناد (ت 131 هـ) . وينظر ما كتبه فؤاد سزكين في تاريخ التراث العربي (3/ 15- 16) . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل للأنبياء قوة بدنية خاصة؟!

هل للأنبياء قوة بدنية خاصة؟! المجيب د. رفعت فوزي عبد المطلب رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 14/03/1426هـ السؤال هل كان للرسل والأنبياء قوة جسمية خاصة، أم أنهم كانوا أناسًا عاديين؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: أولاً: اعلم ـ أخي الكريم ـ أن الأنبياء صلوات الله عليهم ـ وإن كانوا بشراً من البشر ـ يأكلون ويشربون، ويصحون ويمرضون، وينكحون النساء، ويمشون في الأسواق، وتعتريهم العوارض التي تمر على البشر من ضعف وشيخوخة وموت.. إلا أنهم يمتازون بخصائص، ويتصفون بأوصاف عظيمة جليلة، هي بالنسبة لهم من ألزم اللوازم، ومن أهم الضروريات، وهذه الصفات هي كما يلي: 1. الصدق. 2. التبليغ. 3. الأمانة. 4. الفطانة. 5. السلامة من العيوب المنفرة. 6. العصمة. والصفة الخامسة على وجه الخصوص هي من خصائص الأنبياء الكرام، فإنه لا يمكن أن تكون فيهم عيوب خَلْقية أو خُلُقية، تنفر الناس من الاجتماع بهم، أو اتباعهم والسماع لدعوتهم، كما أن الأمراض المنفرة -كالبرص والجذام، والتشويه الجسدي- لا تكون في أحد من الأنبياء. ثانياً: وردت إشارات قرآنية تدل على قوة الأنبياء البدنية، مثل سيدنا سليمان وسيدنا داود الذي هزم جالوت بجبروته وقوته ما يدل على قوة داود الجسمية، وكما ذكرت إحدى بنات شعيب، وهي تطلب من أبيها استئجار موسى {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} [القصص:26] ، وقوله تعالى في قصة موسى مع الرجل الذي استغاثه من عدوه {فوكزه موسى فقضى عليه} [القصص:15] ، وقوله عن سيدنا إبراهيم في تكسيره للأصنام {فراغ عليهم ضرباً باليمين} [الصافات:93] ، وقوله ـ كذلك ـ عن إبراهيم وإسماعيل {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} [البقرة: 127] مما يدل على قوتهما البدنية ـ عليهما السلام، والأمثلة في ذلك عديدة. كما وردت أحاديث تدل على بسطة في الجسم وقوة للأنبياء، منها ما أخرج البخاري (6227) ومسلم (2841) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً. وزاد أحمد (8524) من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً: في سبعة أذرع عرضاً، قال: فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم. فقالوا السلام عليك ورحمة الله، قال: فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن.

أما نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد كان أكمل الناس خَلقاً وخُلقاً، وقد اختصه الله تعالى بقوة بدنية من ما كونه ـ عليه الصلاة والسلام ـ رحمة للعالمين، ومن ذلك ما رواه أبو بكر الشافعي بإسناد جيد والخطيب في المؤتلف -كما في الإصابة 6/656- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن يزيد بن ركانة صارع النبي -صلى الله عليه وسلم- فصرعه النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات كل مرة على مائة من الغنم، فلما كان في الثالثة قال: يا محمد ما وضع جنبي في الأرض أحد قبلك، وما كان أحد أبغض إلي منك، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فقام عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وردَّ عليه غنمه. وكذلك ما رواه البخاري في صحيحه (268) قال حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، قال: حدثنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة. قال: قلت لأنس: أو كان يطيقه! قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين. والله تعالى أعلم.

هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم في هيكل سليمان؟

هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم في هيكل سليمان؟ المجيب د. رفعت فوزي عبد المطلب رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/مسائل متفرقة في السيرة والتاريخ والتراجم التاريخ 08/07/1426هـ السؤال كيف يمكن أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صلى في هيكل سليمان أثناء الإسراء والمعراج، ومعلوم أن الهيكل دمَّره الإمبراطور تيتوس قبل الميلاد بسبعين سنة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فبنص القرآن الكريم كان الإسراء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حيث قال الله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير". [الإسراء: 1] ، وكذلك ثبتت إمامته ـ عليه الصلاة والسلام ـ الانبياء به، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي. (الحديث) ، وفيه: "فحانت الصلاة فأممتهم" صحيح مسلم (259) (263) (264) ، وما بعده. وزاد المعاد بالهامش (ج3 ص31) . أما قصة هيكل سليمان وتوابعها فهي أسطورة صهيونية لها أهداف خفية وعلنية، فهناك أدلة عديدة على دحضها وبيان كذبها؛ فاللجنة الدولية التي جاءت إلى القدس سنة 1930م -والتي عرفت بلجنة "شو"، وكانت مهمتها الفصل في ملكية حائط المبكى -قررت أن حق ملكية الحائط وحق التصرف فيه وما جاوره من الأماكن عائد إلى المسلمين، ذلك لأن الحائط نفسه هو ملك للمسلمين؛ لأنه جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف، فالهيكل لا أثر له حالياً، فقد هدم تماماً وفقد أثره، ومهما بكى اليهود وقطعوا شعورهم حزناً على هيكل سليمان فلن يجدوه؛ فنصوص التوراة تبين الآتي: أولاً: أن الأرض التي بني عليها الهيكل أرض عربية، كانت بيدراً لأرونة اليبوسي اشتراها منه داود -عليه السلام- وكما يقول العهد القديم: إن أرونة اليبوسي هذا قد عرض بيدره هبة منه لداود -عليه السلام- ولكن داود أصر على دفع ثمنه، وهنا نلاحظ أن كتّاب العهد القديم يصرون دائما على أن يثبتوا أنهم كانوا يدفعون ثمن الأرض كما هنا، وكما في رواية غارة المكفيلية. ثانياً: إن تصميم الهيكل على هيئة تصميمات الهياكل العربية، يقول ول ديورانت: إن طراز الهيكل هو الطراز الذي أخذه الفنيقيون عن مصر، وأضافوا إليه ما أخذوه من الآشوريين والبابليين من ضروب التزيين. ثالثاً: إن المواد الخام المستعملة في بناء الهيكل لم تكن يهودية بل كانت عربية، كما يذكر العهد القديم أن الملك حيرام ملك صور أمد سليمان بخشب الأرز وخشب السرو الذي كان موجوداً في لبنان. رابعاً: إن الذين قاموا بالإشراف على الهيكل وبنائه هم العرب، فقد جلبهم سليمان -عليه السلام- من حليفه الملك حيرام، إذ كان اليهود لا يعرفون الهندسة والعمارة، وكانوا كذلك يجهلون ألوان الفنون الأخرى لبداوتهم، ولأن موسى -عليه السلام- حرم عليهم التصوير والنحت حتى لا يخلقوا أشياء تناظر ما خلقه الله ثم يعبدونها.

ويرى غوستان لوبون أن وصف الهيكل وقصور سليمان مبالغ فيه، وأن هذه الأبنية تمت على كل حال بأيدي الأجانب، ثم يقول: لا ينبغي لنا أن نتحدث عن وجود شيء من فن النحت أو التصوير لدى بني إسرائيل، وقل مثل هذا عن فن البناء عندهم، فانظروا إلى هيكلهم المشهور (هيكل سليمان) -الذي نشر حوله كثير من الأبحاث المملة- تجده بناءً أقيم على الطراز الآشوري المصري من قبل بنائين من الأجانب كما تدل عليه التوراة، ولم تكن قصور ذلك الملك غير نسخ دنيئة عن القصور المصرية أو الآشورية. فماذا بقي لليهود من الهيكل يتباكون عليه، ويقطعون شعورهم ندماً عليه؟ وخلاصة المسألة أن علاقة اليهود بالهيكل لا تتجاوز علاقة أي عابد بمعبده الذي يتعبد فيه، وأن الهيكل لم يكن لليهود وإنما كان لسليمان وحده، ولما مات سليمان أخذه الوثنيون، فأين اليهود في ذلك الوقت ليدفعوا عن الهيكل وثنية الوثنيين؟

ـــــ الرقائق والأذكار ـــــ

الرقائق والأذكار

التوبة

سلّم نفسك لله المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 3/8/1422 السؤال إذا ارتكب الرجل جريمة الزنا وأراد أن يتوب توبة صادقة، وهو يعيش في بلد غير إسلامي، فكيف يقام عليه الحدّ، هل يمكن أن يأتي إلى عالم من العلماء أو مؤسسة إسلامية ليقام عليه الحدّ، أو يسافر إلى بلد إسلامي ليفعل ذلك، أو لمن يسلّم نفسه؟ الجواب الأخ / ع. أ. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فإني أسأل الله -عز وجل- أن يغفر ذنبك، ويصلح قلبك، ويستر عيبك، ويهديك بهداه. ثم اعلم - بارك الله فيك - أن من جنح إلى خطيئة، أو وقع في فاحشة ليس فيها حق إلا لله - عز وجل - فإنه إذا استغفر وتاب وأناب، فقد استعتب رباً رحيماً كريماً هو أرأف به من أمه التي ولدته، وأنه -جل وعزّ- أكرم من أن يرده وقد أقبل عليه، أو يخيبه وقد صدق في رجائه، وليس بينه وبين المغفرة إلا أن يخلص التوبة، وربك يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وعليه أن يستتر بستر الله عليه ولا يفضح نفسه، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: ((من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)) أخرجه البخاري (2442) ومسلم (2580) . فإذا كان المرء يؤجر بالستر على غيره فستره على نفسه كذلك أفضل، والذي يلزمه في ذلك التوبة والإنابة والندم على ما صنع فإن ذلك محو للذنب إن شاء الله. وأخرج مالك في موطئه مرسلاً (2/825) ، والحاكم في المستدرك (8219) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام بعد أن رجم الأسلمي فقال: ((اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها، فمن ألمّ فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله -عز وجل-)) قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه. قال العلماء: إذا تمحّض حق الله فهو أكرم الأكرمين، ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة. وقد ورد في ذلك حديث -وإن كان فيه ضعف- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أصاب حدّاً فعُجِّل عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن يثنيّ على عبده العقوبة في الآخرة، ومن أصاب حدّاً فستره الله عليه، وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود إلى شيء قد عفا عنه) أخرجه الترمذي (2626) وقال: حسن غريب. ويشهد لمعنى هذا الحديث ما أخرجه البخاري (2441) ومسلم (2768) عن ابن عمر قال سمعت رسول الله يقول في النجوى: ((يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه -أي ستره- فيقول عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقرّره، ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا، فأنا أغفرها لك اليوم)) . ولذلك كله فإن على من ابتلي بشيء من هذه الفواحش أن يصدق التوبة، ويعظم في الله الرجاء؛ فإنه أكرم الأكرمين، يفرح بتوبة عبده إذا تاب، فيغفر ذنبه، ويجبر كسره، ويمحو ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر. ولكن لا بدّ مع ذلك من سلوك الطريق الصحيح التي تعين على الاستقامة وصلاح الحال بعد التوبة ومنها:

01 الإقبال على الله - عز وجل - جملة وذلك بأداء الفرائض، وأعظمها الصلوات الخمس مع جماعة المسلمين. 02 إشغال النفس بالعمل النافع المفيد الذي يستفرغ الطاقة، ويعمل العقل، ويبعد الأفكار الشهوانية التي يصنعها الفراغ، والنفس لا تقعد فارغة، فإن لم تشغلها بما ينفعك شغلتك بما يضرك. 03 تغيير نمط الحياة والبيئة التي كانت سبباً للوقوع في الفاحشة، ومن أهم ذلك البعد عن رفقاء السوء الذي يُغرون بالفاحشة ويُجرِّئون عليها، واستبدالهم بصحبة أخبار يدلون على الخير، ويعينون عليه. وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قول العالم للرجل الذي قتل مائة نفس ثم تاب: (أخرج من بلدك فإنها أرض سوء، والحق بأرض كذا فإن فيها قوماً صالحين يعبدون الله فاعبد الله معهم) . فأرشده إلى تغيير البيئة بالهجرة من بلده، وتغيير البيئة لا يلزم من هجر البلد دائماً، بل تغيير نمط الحياة وتغيير نوعية العلاقات هو المؤثر الأكبر في ذلك. 04 مجاهدة النفس بكبح جموحها وقر شهواتها وقد قال الله: ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)) . وإنك واجد -بعون الله- من لذة النصر على شهوات النفس ما هو أعظم من نيل تلك الشهوات. ومن أعظم ما يعينك في هذه المجاهدة معرفة عاقبة السوء للمعاصي، وعليك بقراءة كتاب (الجواب الكافي) لابن القيم ففيه ما يبصرك بذلك. 05إعفاف النفس بالحلال الطيب وذلك بالزواج، كما أوصى بذلك نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه اغضّ للبصر، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)) أخرجه البخاري (5066) ومسلم (1400) . 06 القراءة في كتب الأئمة الربانيين التي تزكي النفوس وتقوي الإيمان، ومنها: (تهذيب مدارج السالكين) وبخاصة فصل التوبة منه، فإنك واجد ثمة كلاماً نورانياً يرفع عن القلب حجب الشهوات، ويصل النفس بخالقها -جل جلاله-. 07 المحافظة على أذكار اليوم والليلة فإنها حصن المسلم وقوته وزاده، ومنعة له من شياطين الجن والإنس، وعليك بكتاب (الوابل الصيب من الكلم الطيب) لابن القيم، فإنك واجد فيه من فوائد الذكر ووظائفه الكثير الطيب المبارك. 08يفيدك جداً قراءة كتب توسع ثقافتك، وترفع همتك، وتشغل وقتك، ومنها في مسألة التوبة كتاب (أريد أن أتوب ولكن) للشيخ محمد المنجد، و (التوبة وظيفة العمر) للشيخ محمد الحمد ونحوها. وأودعك وأنا أدعو الله لك أن يتولاك بما تولى به الصالحين من عباده، وأن يوفقك لفعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب الصالحين، وأن يهدينا وإياك سواء السبيل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أتوب ولكني أعود

أتوب ولكني أعود المجيب محمد بن إبراهيم الحمد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 27/6/1422 السؤال أنا أؤدي جميع فرائض ربي، التي فرضها عليّ، إلا أني ابتُليت منذ زمن، وحتى الآن بالمعاشرة المحرمة، ولكن لا يصل إلى ما يصل إليه الرجل من زوجته، وكلما أقول -إن شاء الله- لا أرجع لهذا، وأندم على ما فعلت، وأفعل بعض النوافل لكي أُكفر ما فعلت. إلا أنها كثيرة مني هذه الفعلة، وأخاف ألا تقبل مني العبادة. أفيدوني -جزاكم الله خيراً-. الجواب لا ريب أن العمل الذي قمت به، مخالفٌ للشرع من عدة وجوه. أولاً: أنّك خلوت بأولئك النسوة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)) . ثانياً: أنّك اقتربت من الزنا، والله _ عزّ وجل _ يقول: ((ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلا)) . ثالثاً: أنّك بهذا الصنيع دخلت في زمرة العادين، والله يقول في وصف المؤمنين: ((والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)) . والذي يجب عليك أيها الأخ، أن تتوب إلى الله _ عز وجل _، وأن تندم على فعلك هذا، وأن تُقلع عنه، وتعزم على عدم العودة إليه. واعلم بأن الله سيعينك، وسيوفقك إذا صدقت في توبتك معه، خصوصاً وأنك تندم على فعلك، وتحافظ على الفرائض، وتقوم بأداء بعض النوافل؛ فهذا دليل على حياة قلبك، وخوفك من ربك. ولا ريب أن المؤمن من سرَّته حسنته، وساءته خطيئته، وإن مما يُعينك على التوبة النَّصوح: أن تُجاهد نفسك، وأن تقوّي إرادتك، وأن تنظر في العواقب، وأن تعلم أن المعصية سبب للشقاء، والضنك، والضيق، وأن تُدرك أن من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه، والعِوض من الله أنواع مختلفة، وأجلُّ ما تعوض به: أن تُرزق محبة الله، وطمأنينة القلب بذكره، وأن تنزل عليك السعادة الحقّة، لا تلك السعادة الوهمية المشوبة بالكدر والأنكاد، والخوف. ومما يُعينك _ أيضاً _ على الإقلاع من هذا الذنب، أن تستحضر بأن الله مُطّلِع عليك، رقيب على كل عمل تقوم به، فهل يرضيك أن يكون ربك أهون الناظرين إليك؟!

ثم اعلم بأن الله يمهل ولا يهمل؛ فربما سترك الله؛ لأجل أن تراجع نفسك، وتقلع عن فعلتك؛ فإذا أصررت عليها فربما كشف الله أمرك، وفضحك، وهتك سترك. ومما يُعينك على الاستمرار على التوبة أن تُحافظ على الصلوات، وان تُقيمها على الوجه الأكمل؛ فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. ومما يُعينك _ أيضاً _ أن تُحافظ على الأوراد المأثورة عن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ كأذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، ونحوها من الأذكار المطلقة والمقيدة. وكذلك أكْثِرْ من قول: (لا حول ولا قوّة إلا بالله) ، فإنها كما قال شيخ الإسلام _ ابن تيمية _: تُكابد بها الأهوال، وتحمل الأثقال، وينال رفيع الأحوال. ومما يُعينك _ أيضاً _ أن تُلازم الدعاء، وتتحرّى مواضع الإجابة. ومما يعينك أن تُصاحب الأخيار، وتجانب الأشرار، وتبتعد عن الفراغ ما استطعت، وتُشغل نفسك بما يعود عليك بالنفع في دينك ودنياك. وعليك _ أخيراً _ أن تجتنب المثيرات، وتبتعد عن مواطن الفتن. أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلى أن يكتب في قلبك الإيمان، ويثبتك على صراطه المستقيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

توبة المسرفين

توبة المسرفين المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 13/7/1422 السؤال إذا أسرف العبد على نفسه بالمعاصي الكبير منها والصغير، ومن ثم تاب إلا أن هناك زلات لاتزال في حياته، وهو غير راضٍ عنها.. فهل يعاقبه الله بأن يفضحه بالذنوب التي تاب منها، ولايستر عليه؟ وهل الشيطان يدخل على الإنسان من هذا الباب؟ الجواب إن من أجلّ نعم الله على العباد أن فتح لهم باب التوبة على مصراعيه، وأمرهم بها ورغّبهم فيها، ووعدهم عليها قال -جل وعلا- " قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " وقال: " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " وفي صحيح مسلم (2702) من حديث أبي بردة عن الأغر -وكان من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال لابن عمر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة) . كما أن من نعمة الله على العباد إمهالهم، والصبر عليهم، وعدم معاجلتهم بالعقوبة علّهم يتوبون ويرجعون، ويستدركون بقية أعمارهم بتوبة نصوح وعمل صالح. فعلى العبد أن يجتهد في التخلص من ذنوبه على الفور والتقلل من سيئاته وخطاياه؛ لأنه لا يدري متى يحال بينه وبين ما يشتهي من التوبة بالموت، ونهاية الأجل، وانقضاء المهلة. ثم ليثق العبد أنه متى صدق في توبته، وأحسن في رجوعه وعودته إلى ربه أن الله تعالى سيفرح بتوبته، وسيغفر ذنوبه وزلاته مهما عظمت وكبرت برحمة منه وفضل، ومتى تاب العبد وأناب إلى ربه استحب له الإكثار من نوافل العبادات، والمسارعة إلى فعل الطاعات والقربات؛ حتى يضمن رجحان ميزان حسناته، ويعمر صحيفته بما يفرحه ويسعده عند لقاء ربه، ثم ليكن العبد على يقين بأن الله سبحانه وتعالى أجلّ وأكرم من أن يفضح عبده التائب ويخزيه بين العباد حتى وإن ألمّ بذنوب أخر، إذ ليس معصوماً إلا من عصمه الله. وأما الشيطان فهو حريص كل الحرص على الكيد لابن آدم، والدخول عليه من كل باب سواء قبل التوبة أو بعدها، فقبل التوبة يزيّن له تسويفها، ويقنطه من إمكانية قبولها، وبعد التوبة لا يزال يذكّره بسالف ذنوبه، ويحسن له معاودتها، ويزين له مواقعتها. والخلاص من كيد هذا اللعين يكون بحسن التوكل على الله، وصدق اللجأ إليه -سبحانه- وكثرة الاستعاذة به -جل وعلا- من وسوسة الشيطان ومكره. ويحسن في هذا المقام التنبيه إلى أهمية مطالعة كتابين عظيمين في هذا الموضوع الخطير وهما: (تلبيس إبليس) لابن الجوزي، و (إغاثة اللهفان) لابن قيم الجوزية؛ فهما -في نظري- من أجود ما كتب في هذا الباب. والله أسأل أن يوفقنا جميعاً إلى توبة نصوح وأن يعيذنا من وسوسة الشياطين ومضلات الفتن.

هل تصح التوبة في مرض الموت؟

هل تصح التوبة في مرض الموت؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 17/8/1424هـ السؤال هل تجوز التوبة من إنسان أصابه مرض يؤدي به إلى الموت؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله، وبعد: أخي في الله، الجواب عن سؤالك سيكون من وجهين: أولهما: ينبغي أن تعلم أن الذي قدَّر المرض هو الله، وأن القادر على شفاء المريض هو الله سبحانه، كما ينبغي أن تكون على يقين بأنه ما من مرض إلا وله دواء عرفه من عرفه، وجهله من جهله، إلا الهرم، وهذا صح فيه أكثر من حديث عن النبي المعصوم - صلى الله عليه وسلم-، ولذا لا يجوز لأحد يؤمن بصحيح خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يصاب باليأس والقنوط من رحمة الله تعالى، فبالدعاء وكثرة التضرع إلى الله - عز وجل- مع تعاطي الرقية الشرعية، يكون الشفاء بحول الله وقوته. ثانيهما: باب التوبة مفتوح على مصراعيه لكل تائب صادق، وإن كان على فراش الموت، ما لم تبلغ الروح الحلقوم، فلنبادر أخي في الله بالتوبة النصوح، ولنكن على يقين بسعة رحمة الله تعالى، وفرحه بتوبة عبده من أي ذنب كان. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى والسلام عليك.

أريد أن أتوب من ترك الصلاة، ولكن!

أريد أن أتوب من ترك الصلاة، ولكن! المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 29/1/1424 السؤال كنت محافظاً على الصلاة حتى انتهاء مرحلة الثانوية العامة، وما إن انتهيت منذ عام ونصف تقريباً وأنا لا أصلي، بل وأرتكب العديد من المعاصي، مثل شرب الخمر، والحشيش، ولكن كثيراً ما يؤلمني ضميري، ولكن عزيمتي ضعيفة جدا، فكلما أتذكر أن كل الصلوات التي فاتتني يجب أن أقضيها، انتابني شعور رهيب بالكسل، ومخيف من المعاصي، التي ارتكبتها، وإني لأشعر بفضل الله علي في دراستي، وحياتي، رغم معصيتي له -عز وجل-، وهذا ما يجعلني أحتقر نفسي أكثر وأكثر، ولا أدري ماذا أفعل الآن بعد هذه المعاصي، وكيف أكفر عنها، وعن الصلوات التي فاتتني؟. الجواب الحمد لله، وبعد.. اعلم وفقك الله لطاعته، أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأن أبواب التوبة مفتوحة بحمد الله، وأن الله تعالى يفرح بتوبة عبده، وقال الله تعالى: "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين". فما عليك إلا أن تبادر إلى التوبة بصدق وتصميم على الثبات، ومن ثم أبشر بما يسرك بحول الله وإذنه، وأما الصلوات الفائتة فلا يلزمك قضاؤها، لأن تارك الصلاة كافر على الصحيح من أقوال أهل العلم، والكافر لا يطالب بقضاء الفوائت، وفقك الله وأعانك والسلام عليك.

التوبة من ترك الصوم والصلاة

التوبة من ترك الصوم والصلاة المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 21/2/1424هـ السؤال كنت عاصياً لله عز وجل حيث كنت أفعل جميع ما تتخيل من المعاصي والذنوب والكبائر المهم أنني تبت الآن، سؤالي عن الصلاة وصيام رمضان حيث أني كنت متهاوناً جداً في الصلاة حيث تمر السنتان أو أكثر لا أصلي فيها إلا مرة ومثله كنت لا أصوم من رمضان إلا يوماً أو يومين وبدون صلاة. فهل علي كفارة؟ مع العلم أنني التزمت بكل الفروض وبالنوافل والحمد لله، كما أسألكم الدعاء لي بالثبات، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: فأبارك لك هذه التوبة وأسأل الله لي ولك الثبات على طاعته. ثم إذا كان الواقع كما ذكرت من تركك للصلاة والصيام في السنين السابقة فإنه لا يجب عليك قضاء شيء من الصلاة أو الصيام؛ لأنك تعتبر بتوبتك أسلمت لأن تارك الصلاة تهاوناً كافر كما دلت عليه النصوص الصحيحة. وعليك الآن أن تستقبل أمرك بالإكثار من النوافل والصدقات ما استطعت، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

أدعية مأثورة تعين على الثبات

أدعية مأثورة تُعين على الثبات المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 9/9/1422 السؤال عندي ذنوب كثيرة وأدعو الله كل يوم أن يغفر لي ولكن الدنيا تأخذني ولا أعلم ماذا أفعل، أحاول ولكن أرجع، فإذا تفضلتم أعطوني الدعاء الذي أدعوه ليثبت قلبي على الإيمان وطاعة الرحمن؟ الجواب إن شعور الإنسان بكثرة ذنوبه، وخوفه منها، ورغبته في التخلص من تبعتها علامة حياة القلب ونبضه بالإيمان، وعلاج مَنْ هذا شأنه سهلٌ وميسر بحمد الله - إذ إنَّ أولى خطوات تصحيح المسار، واستدراك الفائت الاعتراف بوجود الخطأ والشعور بوخز الضمير، والإقبال الذاتي إلى مدارج الصالحين والتائبين. ومعاودة الوقوع بالذنوب بعد التوبة منها لا تعطي فرصة لليأس ليستولي على النفوس، أو يفسح مجالاً للقنوط يحول بين العبد وتجديد الاستغفار والندم مما حدث وكان. وحَسَنُُ من السائلة أن تطلب تذكيرها ببعض الأدعية التي تعينها على الثبات ولزوم الاستقامة، إذ إن الدعاء خير وسيلة يُستعان بها في خضم هذا الزمن المتلاطم فتناً ومحناً، كيف وهو سلاح الصفوة المرسلين من الأنبياء وأتباعهم. ألا إنَّ من أفضل الأدعية في هذا المقام ما ورد في الكتاب العزيز، وما صحّ من سُنة إمام المتوكلين، وسيد الخاشعين المتضرعين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ومن ذلك: قوله - تعالى -: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) آل عمران: 8 - وقوله: (ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين) البقرة: 250. وصحّ عنه - عليه السلام - من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - " اللهم مصّرف القلوب، صرَّف قلوبنا على طاعتك " أخرجه مسلم (2654) وغيره، وأخرج كذلك من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: " اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون " رواه مسلم (2717) وأمثلة هذه الأدعية لا تحصى كثرة بحمد الله، وصنفت فيها كتب كثيرة وأفردها الأئمة بأبواب مستقلة من الصحاح والسنن ولخصها آخرون في مصنفات مفردة، ومن أفضلها الكلم الطيب لابن تيمية والوابل الصيّب لابن القيم وحصن المسلم للقحطاني من المعاصرين، والله أعلم"

توبة مرتكب الحد

توبة مرتكب الحد المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 11/5/1423 السؤال يقول السائل: إنه قرأ في كتب الشافعية في باب الشهادات ما مفاده: أن من ارتكب معصية توجب الحد ثم أظهرها أو اشتهر بها بين الناس تتوقف توبته من هذه المعصية على التمكين من نفسه لإقامة هذا الحد، فهل هذا الكلام صحيح؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الصحيح أن ترك الإقرار أولى؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- عرض للمقِرِّ عنده بالرجوع عن الإقرار، فعرض لماعز -رضي الله عنه- لما أقر بالزنى كما رواه البخاري (12/135) مع اشتهاره عنه -رضي الله عنه-، وكذلك عرَّض للمقر عنده بالسرقة كما رواه أبو داود (4380) ، ولم يرد الأمر بالإقرار ولا الحث عليه في كتاب ولا سنة -فيما أعلم- وإنما ورد الشرع بالستر، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لهزال -الذي أمر ماعزاً بالإقرار-:"يا هزال لو سترته بثوبك لكان خيراً لك" رواه النسائي في (السنن الكبرى 4/306) والحاكم (4/403) ، وصححه، وفي الجملة الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والله - تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تاب من السرقة ويريد الحج

تاب من السرقة ويريد الحج المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 17/2/1425هـ السؤال أنا شاب كان ماضيَّ مليء بالمعاصي الكثيرة التي تصل إلى بعض الكبائر والتي أسأل الله أن يتجاوز عنها. ومن ضمن المنكرات التي ارتكبتها أنني كنت أسطو على سائقي اللموزينات وأنهب ما لديهم بعد أن أقوم بضربهم أنا شباب أخرون معي. واستمرت تلك الحالة إلى درجة أنني لا أكاد أحصي تلك الأموال لكثرتها، وكذلك أموال أخرى غيرها. وقد ندمت على ما فات من عمري في تلك الجاهلية. وأريد أن أحج هذا العام من مال يقدمه لي والدي حيث إنني طالب بالمرحلة الثانوية ولا أملك من المال ما أحج به. فهل يمكنني الحج أم عليّ أن أرجع الأموال التي نهبتها إلى أصحابها مع العلم أن منهم من لا أعرفه ولا أعرف مقدار ماله. ومنهم من أعرفه وأعرف مقدار ما أخذته منه ولكني لا أملك من المال شيء. يا شيخ أريد أن أتوب وأقلع عن كل ما كان من أمور لا ترضي الله فماذا أصنع؟ الجواب أرجو الله أن يوفقك للتوبة النصوح وأن يغفر لنا ولك سيئ الأعمال. اعلم يا أخي أن التوبة الصادقة تمحو جميع الذنوب والسيئات مهما عظمت، قال تعالى:" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " [الزمر:53] وفي الحديث الصحيح " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ... يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة" انظر مسند أحمد (21472) ، ومسند الدارمي (2830) ، وصحيح مسلم (2687) ، وجامع الترمذي (3540) وقراب الأرض يعني ملؤها أو ما يقارب ملأها. وأنت تعلم أن حج الفريضة أحد أركان الإسلام الخمسة ويجب أداء حقوق الآخرين قبل الحج؛ كالأموال التي أخذت منهم بدون حق بسرقة أو اختلاس أو نصب وسائر أنواع الحقوق من ديون أو مظالم. ويجب عليك أن ترد الأموال إلى أصحابها وأن تستسمحهم عن ما حصل منك إن كنت تعرف أهلها. وإن لم تكن تعرفهم فادع لهم بظهر الغيب، وإذا أغناك الله مستقبلاً فادفع هذا المال إليهم. وإن كنت لا تعرفهم فأنفق هذا المال صدقة في سبيل الله على الفقراء والمساكين، وادع لهم بظهر الغيب في صلاتك ودعائك ولا شيء عليك بعد هذا - إن شاء الله - وحجك من مال أبيك جائز ولا شيء فيه، فبادر إلى الحج لعل الله أن يجعله فاتحة خير لك في دينك ودنياك. وعليك- يا أخي - بالمداومة على الصلاة مع الجماعة، والإكثار من تلاوة القرآن والدعاء في صلاتك وخارجها في ليل ونهار وعليك بالابتعاد عن جلساء السوء أمثال الذين كنت معهم وأوقعوك فيم وقعت فيه وانظر لك رفقاء وزملاء صالحين من أهل الخير والدعوة إلى الله. أدعو الله لك أن تعود من حجك سالماً معافى وقد خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك. آمين وفق الله الجميع إلى كل خير.

هموم تائبة

هموم تائبة المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 9/11/1422 السؤال أنا امرأة أفعل المعاصي، لكنني كثيرة التوبة والرجوع إلى الله، حيث إنني على سبيل المثال: كنت أستمع للأغاني، ثم أعود تائبة إلى الله متوعدة نفسي بعدم الرجوع إليها، لكن الشيطان يعود لإغوائي فأعود للاستماع لها، وهكذا تكررت مرات كثيرة حتى جاء يوم، وقالت لي إحدى صديقاتي: إنك امرأة ليست لك شخصية، وكل يوم لك حال! حددي موقفك واستمري عليه، فضاقت نفسي جداً جداً، وبدأت تنتابني التساؤلات: هل الله لن يقبل توبتي، وأنا أتوب ثم أعود للذنب مرة أخرى، أم أن هذه هي حال المسلم بين ذنب وتوبة؟ ومن هم التوابون الذين يحبهم الله؟ وما النفس اللوامة، ولمَ أقسم الله بها في سورة القيامة؟ وهل يجب علي ألاّ أنهى عن المنكر وأنا على هذه الحال؟ وهل آثم إن لم أنه عن المنكر وأنا أراه؛ لعدم جراءتي على ذلك، وقلة علمي بأمور الدين؟ أجيبوني بأسرع وقت ممكن؛ لحاجتي الماسة لذلك، مستشهدين لي بالأدلة من القرآن والسنة؟ الجواب الحمد لله، وبعد. الأخت الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد قرأت رسالتك مراراً، وتوقفت عند قولك: "أجيبوني بأسرع وقت ممكن لحاجتي الماسة لذلك مستشهدين لي بالأدلة من القرآن والسنة " فأحببت أن تكون هذه الجملة هي محور الجواب وركيزته الأساس قبل أن أتناول أسئلتك الخمسة بالرد المفصل، فأقول، وبالله التوفيق. إن من يظن أن سعادته تتحقق في إشباع غرائزه، وإرضاء نزواته، وتلبية رغبات نفسه الأمارة بالسوء، فهو يعيش وهماً كبيراً، ويطارد سراباً يستحيل أن يظفر منه بقطرة تروي ظمأه إلى السعادة الحقيقية، والبهجة الأبدية. إن حاجتك الماسة إلى الإجابة على تساؤلاتك فيدل بكل تأكيد أن جميع ما استمعت إليه من أغان، وما شاهدته من أفلام ومسلسلات وبرامج، وكل ما طالعته من صحف ومجلات وغير ذلك لم يشبع حاجتك إلى الاستقرار النفسي والاطمئنان الروحي، وما ذلك إلا بسبب ابتعادك - وللأسف - عن المنهج القويم، والمسلك الآمن الموصل إلى سعادة الدنيا ونعيم الآخرة. ولحسن الحظ فأشعر أن الله - تعالى - أراد بك خيراً حيث بدأت تتخذين خطوات عملية في تغيير واقعك إلى الأفضل، وتصححين مسارك إلى الاتجاه الصحيح - فحمداً لله أن لطف وستر -. أختنا الكريمة، أما بخصوص سؤالك الأول فأبشري بأن الله - تعالى - واسع المغفرة يقبل التوبة ويفرح بها، قال الله - تعالى -: " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون " [الشورى:25] ولا يضرك وقوع الذنب منك أكثر من مرة إن لم يكن هناك استهتار أو استخفاف في إحداث التوبة ثم نقضها، إلا أنني أنصحك أن تكوني أكثر جدية مع نفسك، وأمضى حزماً في معالجة دوافع نفسك وكبح جماحها حين تحدثك بمعاودة الذنب مرة أخرى.

ومما يعينك في الثبات على التوبة تذكري مراراً الندم عقب الفراغ الكئيب من ممارسة الخطأ، ومعاقرة الذنب، يضاف قبل هذا ومعه وبعده صدق الملجأ إلى الله - عز وجل -، وطلب العون والمدد منه - سبحانه - أن يأخذ بيدك إلى التوبة النصوح. أما السؤال الثاني: فالتوابون الذين يحبهم الله - تعالى - كما في قوله الكريم: " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " [البقرة:222] فهم الذين يصدقون في توبتهم، ويبادرون إليها، ويتفانون في الحفاظ عليها مهما كانت نوازع النفس ودوافع الهوى، وحتى تكوني منهم أيتها الأخت الفاضلة، ينبغي أن تتمسكي بتوبتك حتى الممات، وأن تحافظي عليها حفاظك على روحك التي بين جنبيك بل أشد، وكم ستشعرين بالبهجة والفخر يوم تكونين واحدة من أولئك المحظوظين الذين شملتهم محبة الله. فحذار - يرحمك الله - أن تستبدلي الذي هو أدنى بالذي هو خير فتفرطي بمحبة الله من أجل أغنية هابطة أو مشهد خليع!! وأما السؤال الثالث: فالنفس اللوامة هي التي تلوم صاحبها حين لا ينفعها اللوم، فهي النفس المذمومة، وهذا المعنى نقله ابن الجوزي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقيل: هي النفس المؤمنة قاله الحسن البصري - رحمه الله -، وقال: (لا يُرى المؤمن إلا يلوم نفسه على كل حال) . والأظهر - والله أعلم - صحة القولين كليهما - فإن لوم النفس أحياناً لصاحبها لا ينفع حين يتعذر استدراك الفائت، كما أن المؤمن الحق لا يزال لائماً لنفسه إن عمل خيراً قال: هلاّ زدت، وإن عمل شراً قال: ليتني لم أفعل. وأما لِمَ أقسم الله بها؟ فذلك - والله أعلم - لبيان فضل النفس التي تلوم صاحبها عند وقوع التقصير منها إما بارتكاب ذنب أو تفويت فضيلة، ولا ريب أن نفساً كهذه جديرة بأن يقسم الرب - تعالى شأنه- بها إذ هي دائمة السعي في البحث عن سعادتها في كنف الله وقربه. أما السؤال الرابع: فلا ريب أن الكمال أن تأمري بالمعروف وأنت أول الفاعلين له، وأن تنهي عن المنكر وأنت أول المبتعدين عنه، فإن زلت بك القدم وارتكبت مخالفة ما فحذار أن تحجبك مخالفتك تلك عن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مبادرة في الوقت نفسه إلى سرعة التخلص من مغبة المخالفة وإعلان التوبة من جديد بالكيفية التي أشرت إليها سلفاً. وأما السؤال الخامس: فكل من يمتنع عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو قادر على إنكاره بيده، أو بلسانه، أو بقلبه فهو واقع في دائرة الذم، ومعرض نفسه، بل وغيره إلى مغبة تعطيل هذه الفريضة الجليلة، خصوصاً في زمننا هذا الذي كثرت فيه المنكرات، وانتشرت فيه المخالفات، وقلََّ المنكرون لها. وختاماً أسأل الله - تعالى - أن يوفقك للتوبة النصوح التي لا رجعة بعدها، وأنصحك بأن تكثري من قراءة القرآن، ومطالعة تفسير ابن كثير وابن سعدي، (وإغاثة اللهفان من مصائد الشيطان) لابن القيم و (تلبيس إبليس) لابن الجوزي ونحوها من الكتب المفيدة، كما أدعوك إلى تكوين صحبة طيبة من الزميلات الملتزمات الحريصات على اقتفاء سبيل الصحابيات الكريمات إرضاء لفاطر الأرض والسماوات - سبحانه -. كما أوصيك بالابتعاد عن مطالعة الفضائيات ونحوها ولو بالتدريج، واستبدال ذلك بتصفح المواقع النافعة عبر الإنترنت لشغل الفراغ بالمفيد، واحرصي- حماك الله - على أداء الفرائض والواجبات، وقراءة كتب السير والوعظ والرقائق علَّ الله أن يُلين لك قلبك ويشرح صدرك، والله يحفظك والسلام.

عاهدت ربي ثم نكثت بعهدي

عاهدت ربي ثم نكثت بعهدي المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 25/12/1422 السؤال أنا شاب ملتزم في ديني قطعت عهداً مع الله ألا أرتكب إثماً بعينه، أغواني الشيطان بعد مدة فنكثت عهدي مع الله، قلبي يكابد ألماً، وحياتي أصبحت إحساساً رهيباً بالذنب، والخوف من غضب الله. أرجوكم كيف يمكنني أن أكفر عن نكثي بعهدي مع الله، أريد التوبة ومغفرة الله، أنا أعرف أن الله غفور رحيم، ولكن أريد أن أفعل أي شيء طلباً للمغفرة، فهل أقوم الليل، أم أتصدق؟ هل أعاقب نفسي بحبسها؟ إن خوفي من الله يدفعني حتى للتضحية بنفسي إن كان ذلك مرضاة لله. الجواب الحمد لله وبعد: أخي الكريم لا شك أن الوفاء بالعهود حتم لازم على كل مؤمن بالله واليوم الآخر، ويتأكد الأمر حين يكون العهد مع الله - جل جلاله - قال -سبحانه-: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ... " [المائدة:10] ، وقال:" وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون " [النحل:91] ، وقال:" ... وبعهد الله أوفوا ... " [الأنعام:152] ، والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة حسبك منها ما قرأت، ومن هنا يحق لنا أن نقول: إن نقضك لعهدك مع الله - تعالى - تصرف لا يليق بأمثالك من الشباب الملتزم الواعد الذي نعلق عليه - بعد الله - آمالنا في بعث نهضة الأمة وإحياء مجدها من جديد، وها أنت ترى - حفظك الله - شؤم المعصية وأثرها الكئيب في أعماق نفسك وظاهر مُحياك، ووخز الضمير الذي يلاحقك آناء الليل وأطراف النهار، أليس كذلك؟؟ إنها إرادة الله وحكمه العادل وقضاؤه النافذ الذي - من خلاله- قضى بالعزة والسعادة لمن أطاعه، والذلة والشقاوة لمن عصاه، ويخطئ من يظن غير ذلك، وكل الذين قبلوا التحدي واختاروا المعصية وتوهموا أن السعادة في محادة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - باءوا بالفشل الذريع، وانقلبوا بالحسرة والندامة، وتجرعوا مرارة الضنك والشقاء، وارتدوا على أدبارهم لم ينالوا خيراً. ألم يقل الله - تعالى -:" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى " [طه:124] ؟ بلى والله، وصدق الله. أخي، كم أنا وأنت والآخرون بحاجة إلى قراءة هذه الأسطر بعناية تامة حتى لا تزل بنا الأقدام مرة بعد مرة مغترين بإمهال الله لنا وستره إيانا، وحتى لا تطغى فرحتنا بباب التوبة المفتوح فننسى هادم اللذات المتربص بنا في كل حين، ودركات جهنم المشرعة الأبواب. أخي الكريم - حمداً لله - أن هداك إلى الحق، ومنَّ عليك بصدق الرغبة إلى حسن التوبة وتجديد العهد مع الله، وأبشر بما يسُرك إن أنت وفيّت بالعهد ونفّذت الوعد، واحذر من اليأس والقنوط، فربك واسع المغفرة، دائم العفو كثير الهبات يفرح بتوبة عبده ويقبلها، ويتجاوز عن السيئة ويغفرها.

واعلم - حرسك الله - أنه يشرع لك مع صدق التوبة الإكثار من الحسنات والمبادرة إلى الواجبات، والمسابقة إلى نوافل العبادات والقربات، وما ذكرته من الصدقة وقيام الليل فأنعم بهما وأكرم من طاعتين عظيمتين، وقربتين جليلتين، فتصدق ما استطعت وابدأ بنفسك وأهلك وذي قرابتكم، وكن من أولئك الذين " ... إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً " [الفرقان:67] ، وأما قيام الليل فخذ منه ما تستطيع، فأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، وأكثر من الدعاء والتضرع بين يدي الله - تعالى - أن يجنبك كيد الشيطان ومكره وهوى النفس وأطماعها حتى لا تزل بك القدم ثانية. وفقك الله لما يحب ويرضى، وأخذ بنواصينا وناصيتك إلى البر والتقوى، ونتركك في حفظ الله ورعايته آملين أن يتجدد اتصالك بنا على خير، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

الطريق إلى التوبة وتقوية الإيمان

الطريق إلى التوبة وتقوية الإيمان المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 18/12/1422 السؤال أريد أن أتوب وأقوي إيماني، كيف؟ الجواب إن مما يبعث على التوبة والإنابة إلى الله - تعالى - الأخذ بالأسباب المعينة على ذلك ومن أعظمها أ- إن أول طريق التوبة شعور المؤمن بذنبه، وإحساسه بتفريطه في جنب الله - تعالى - فهذا الشعور والإحساس هو الباعث الأول على التوبة، كالمريض إذا لم يشعر بمرضه لم يسع ولم يجتهد في طلب الدواء. ب- معرفة الله - تعالى - بما له من صفات الجلال والجمال، فإن المؤمن كلما ازداد بالله معرفة ازداد له خشية، يقول - تعالى-: " إنما يخشى الله من عبادة العلماء " [فاطر: 28] ولذا فكل ذنب يقع من العبد إنما كان باعثه على الحقيقة الجهل بالله - تعالى -، وهذا معنى قوله -تعالى-: " إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب " [النساء:17] . ج- معرفة شؤم المعصية وعاقبتها على دين المرء ودنياه، فمع ما يترتب على المعاصي من عقوبات في الدنيا والآخرة، فإن المعاصي لا يزال يرقق بعضها بعضاً حتى تجتمع على العبد فتذهب بدنياه وتوبق دينه. د- البعد عما يدعو إلى المعاصي كالأماكن المزينة لها أو الرفقة الداعية لها. هـ- حسن الظن بالله - تعالى - وعدم القنوط من رحمته فهو - تعالى - البر الكريم الغفور الرحيم، لا يتعاظمه ذنب ألا يغفره، يقول - تعالى -: " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً " [الزمر:53] . ثم إذا صح عزمك على التوبة فاعلم أن من شرطها الإقلاع عن الذنب مع الندم على ما كان وعقد العزم على عدم العود إليه، ثم إن كان ذلك الذنب حقاً من حقوق الخلق فيجب التحلل منه ما أمكن ذلك. وأما تقوية الإيمان فيكون بفعل الأسباب التي تقويه وترك ما يضعفه، ومن أعظم الأسباب التي تقوي الإيمان وتزيده: 01 معرفة الله - تعالى - بأسمائه وصفاته، فله - تعالى - الجلال المطلق والكمال الذي لا يعتريه نقص، ومما يزيد من معرفة الله - تعالى - التأمل في دلائل وآثار أسمائه وصفاته، ومن ذلك التفكير في خلقه، وبديع صنعه، يقول - تعالى -: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " [فصلت:53] . 02 طاعة الله - تعالى - والمداومة على مرضاته. 03 ومنها الإكثار من ذكر الله - تعالى - وهو من أعظم ما يصل المخلوق بخالقه. 04 قراءة سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والوقوف على أحواله وشمائله - صلى الله عليه وسلم - وكذلك القراءة في أحوال وسير سلف هذه الأمة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان. 05 مجالسة أهل التقى وصحبة أهل الصلاح، ممن صفتهم الإعانة على الطاعة والتذكير عند الغفلة، وبقدر ما ينقص من هذه الأسباب يضعف إيمان العبد، والله أعلم.

افترى على أخيه المسلم كذبا، فكيف يتوب؟

افترى على أخيه المسلم كذباً، فكيف يتوب؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 25/11/1424هـ السؤال إذا افترى مسلم على أخيه كذباً، وحدَّث بهذا الكذب أشخاصاً آخرين وصدقوا كذبه، ثم أراد أن يتوب فماذا يلزمه كي تكتمل توبته؟. الجواب لقد حرم الإسلام الكذب، وجعله من صفات المنافقين كما في الصحيحين البخاري (34) ومسلم (58) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر". ويشتد الكذب خطورة حين يترتب عليه إيذاء للآخرين، أو امتهان لهم، أو خوض في أعراضهم، ويزداد الأمر سوء حين يروج الكذب على الآخرين، وينتشر أثر الأكذوبة في أوساط الناس، فتسوء سمعة المكذوب عليه، ويتأذى بذلك أيما إيذاء. وأنت - يا أخي - قد أخطأت في حقّ أخيك المسلم بافترائك عليه، فعليك الاعتذار منه، وطلب العفو والصفح الجميل إن غلب على ظنك حسن استجابته، وكريم مسامحته، وإلا فأكثر له من الاستغفار، والدعاء بظهر الغيب. ويلزمك كذلك بيان حقيقة الأمر للأشخاص الآخرين الذين حدثتهم بتلك الأكذوبة حتى تبرأ ذمتك. وأنصحك بالتوبة النصوح من كل ذنب، وخاصة الكذب، وللتوبة شروط وهي: 1- الإخلاص والصدق لله -تعالى- في التوبة. 2- المبادرة بها الآن قبل فوات الوقت. 3- الإقلاع عن الذنوب إلى غير رجعة. 4- الندم على ما جرى منك من تلك الذنوب. 5- العزم على عدم العودة إليها مستقبلاً. 6- أن ترد الحقوق لأهلها إن كانت الذنوب تتعلق بالناس، ومثاله كذبك على إخوانك المسلمين، أو سبهم، أو أخذ أموالهم، فتعيد الحقوق لأصحابها؛ عسى الله -تعالى- أن يقبلها منك، هذا وأسأل الله لي ولك توبة نصوحاً ولسائر المسلمين والله أعلم.

هددها بالفضيحة فهل تطاوعه على الزنى؟

هدّدها بالفضيحة فهل تطاوعه على الزنى؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 1/9/1424هـ السؤال إذا حدث ووقعت المرأة في خطيئة الزنى (وهي غير متزوجة) ومارستها لعدد من السنين ومع عدة رجال، وكان الدافع العاطفي هو السبب، ثم اهتدت وأرادت التوبة وقامت بها، لكن -للأسف- خافت من تهديد واحد منهم فرضخت لرغبته أكثر من مرة بعد توبتها الأولى، ثم عادت وجددت توبتها، ثم رضخت له مجبرة، وهي في كرب شديد من ذلك، ولا تجد مخرجاً خاصة أنها ذات مركز وتخاف أهلها وسمعتهم. أرجو الإفادة، كما أرجو معرفة الطريق الأمثل للتوبة من هذه الكبيرة الشنعاء، وهل الحج لازم لمحوها؟ الجواب أعتقد أنه بالإمكان حلّ مشكلتك، والتخلص من هذه المحنة متى ما توفر لديك عامل الخوف من الله -تعالى-، والإصرار الراسخ المتين بوضع حد أبدي ونهائي لابتزاز ذلك المجرم الآثم، من خلال الرفض القاطع والحاسم لمساوماته وتهديداته. إنّ من الواجب أن تعلمي وتدركي بوضوح أن الزنى كبيرة مخيفة تحرمها الأديان السماوية كلها، وتأباها الفطر السوية، ويغضب لها الرب -جل جلاله-. ولذا فليس من الجائز شرعاً، أو المقبول عقلاًَ، أو المستساغ ذوقاً أن تظلي ممارسة للفاحشة مع ذلك الوغد اللئيم بحجة الخوف من الأهل، والهيبة من خسارتك لمركزك الاجتماعي، أو شيء من هذا القبيل. فالله -جل ذكره- أحق أن تخافيه وتهابيه، قال -سبحانه-: "فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين" [آل عمران: 175] ثم لتكوني على يقين بأن الله متى رأى منك صدق التوبة، وحسن التوكل عليه كفاك ما أهمك، وجعل لك من هذه المحنة وغيرها مخرجاً، قال -سبحانه-: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا" [الطلاق: 2] وقال: "أليس الله بكافٍ عبده ويخوفونك بالذين من دونه" [الإسراء: 36] . ولتسألي نفسك هذا السؤال: إلى متى ترضخين لتهديد ذلك الوحش البغيض؟ وهل تأمنين أن يتحرك في أحشائك طفل بالحرام -لا سمح الله-؟ عندئذ ستكون الكارثة لا حدود لها والمصيبة فوق الوصف -والعياذ بالله-. فاتقي الله أيتها المسلمة، وأسلمي أمرك لله، وأحسني التوكل عليه، وأكثري من دعائه والتضرع بين يديه حتى يفرج لك همك، ويريح بالك ويطمئن قلبك، ولا تكترثي بتهديد أحد مهما طغى وتجبَّر وهدَّد وتوعَّد، وثقي بوعد الله وعونه لكِ، وحتى لو قدِّر إصابتك بشيء من الأذى فكوني على يقين بأن ذلك تكفير لذنوبك، ورفع لدرجاتك، وكوني على علم تام بأنه مهما بلغ بك الأذى فلن يعادل لفحة من لفحات جهنم -والعياذ بالله-.

وأنصحك بالمواظبة على الصلوات الخمس في وقتها، والإكثار من نوافل العبادات كصلاة الليل والوتر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وقراءة القرآن بتدبر وخشوع، وكذلك أداء فريضة الحج والعمرة حتى يزداد إيمانك، وتقوى قناعتك بأهمية الاستقامة على الدين القويم، واحرصي على الزواج بمن يتقدم إليك من أهل الخير والعفة والمروءة، مع الحذر التام من الخلوة به قبل الزواج، أو الخروج معه بدعوى التعارف أو نحوه، كما أدعوك بصدق ونصح نابع من القلب أن تلتزمي الحجاب الشرعي، وتتركي الاختلاط بالرجال، وتخلصي من قرينات السوء، وتمتنعي من مشاهدة الأفلام والمجلات الهابطة، وستجدين -بإذن الله- ثمرة هذه النصيحة وأثرها في حياة مستقرة هانئة. والله أسأل أن يسامحكِ ويغفر لكِ ويفرج همكِ وغمكِ، ويكفيكِ شر الأشرار، وكيد الفجار، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاهدة المواقع الجنسية

مشاهدة المواقع الجنسية المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 21/5/1423 السؤال أنا شاب ملتزم، ولكن في يوم ما غلبني الشيطان وشهوتي، ولم أستطع المقاومة، وقمت بفتح مواقع جنسية، وشاهدت ما بها من صور مع علمي التام بحرمة ما أفعله، وعلمي بكافة الأحاديث والآيات الدالة على حرمة ما فعلت، فهل أنا فقدت ديني بما فعلت؟ وهل هناك حد يجب إقامته علي؟ وماذا يجب علي لأكفر عما فعلت، وهناك سؤال مهم جداً أرجو إجابته بوضوح، وهو: هل هناك حديث يفيد بأن من يرى عورة الآخرين من نساء ورجال لا تقبل صلاته أربعين يوماً؟ ولو كان صحيحاً، فهل أقوم بإعادة الصلاة للفروض الخمس بعد انتهاء الأربعين يوماً أم ماذا أفعل؟ الجواب ترسل إليك فتاوى سابقة -إن شاء الله- تتعلق بهذا الأمر، وأما ما سألت عنه، هل أنت فقدت دينك فكلا يا بني فأنت على دينك - ثبتك الله على الحق - ولو أن كل معصية فعلناها خرجنا بها من الدين لمحقنا وحق علينا الهلاك، ولكن الله -عز وجل- فتح لنا أبواب التوبة، وأكثر لنا العبادات المكفرة "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود:114] . أما سؤالك عن الحد الذي يقام عليك فإن ما فعلته تكفره التوبة والندم، ولا يترتب عليه حد يقام عليك، واستتر بستر الله -عز وجل-. (1) عليك التوبة والاستغفار. (2) اشغال وقتك بالأنشطة المفيدة كأنواع من الرياضة، والقراءة النافعة، والأعمال الدعوية وملء وقتك بعمل يعود عليك بالخير في دينك أو دنياك. (3) الارتباط بصحبة صالحة يدلونك على الخير ويعينونك عليه، والحديث الذي ذكرت غير صحيح وصلاتك صحيحة -إن شاء الله-، والحديث الذي ذكرته ورد في شرب الخمر ولم يرد في النظر إلى العورات. لكن النظر إلى العورات ذنب يستتبع ذنوباً، ويجر إلى خطايا وآثام أكبر من مجرد النظر، خصوصاً عندما يقع من الشاب العزب الذي لا مصرف لطاقته الجنسية. واعلم يا بني -وفقك الله- أني أحس من كلماتك مرارة الندم، واستعظام الذنب، وهو شعور نبيل يدل على تقوى وإيمان تغبط عليه، ولذا فإنا نوصيك بتعاهد هذا الخير الذي جعله الله في قلبك، وأن تبقى على توهج إيمانك - زادك الله إيماناً ويقيناًِ وبراً وتقى - والسلام عيكم ورحمة الله وبركاته.

التوبة من السرقة

التوبة من السرقة المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 21/10/1423هـ السؤال أنا في الماضي كنت أسرق النقود من أناس أعرفهم، وكنت عندما يتركني أبي في المحل التجاري أخون الأمانة وأسرق النقود، واليوم أريد أن أتوب إلى الله، وأريد إرجاع النقود كاملة، وسؤالي هو: هل أستطيع التصدق بها على المساكين إن كنت لا أتذكر كم أخذت؟ وماذا أفعل لو أنني لم أتذكر كل ما أخذته من عند الناس؟ الجواب إذا كان يمكن بدون حصول ضرر أو مفسدة أن يخبر هؤلاء الذين أخذ من عندهم النقود، ويعتذر منهم، ويطلب منهم مسامحته، أو يعطيهم ما يرضيهم فهو أولى، وعلى العموم ما دام يعرف أصحاب الحق فعليه أن يرده إلى أصحابه بأي طريقة مناسبة توصله إليهم ولا يكفيه أن يتصدق به في هذه الحالة، وعليه أن يجتهد في تقديره إذا لم يستطع معرفة مقداره.

التوبة من إسقاط الحمل

التوبة من إسقاط الحمل المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 21/1/1424هـ السؤال مشكلتي أنني أعيش منذ سنتين في دوامة، لأنني ارتكبت نوعا ما جريمة؛ وهي أنني كنت مخطوبة ولم تتم الدخلة وحملت قبل الزواج، وقد اضطررت أن اسقط الحمل، وأسقطته قبل أن يتم أربعين يوما، وبعد ذلك تزوجنا ثم حملت، لكن لم ينجح الحمل وسقط الجنين في الشهر الثالث، وبعد بضعة أشهر حملت مرة أخرى، وسقط الجنين في الشهر السادس والنصف، ومند ذلك الوقت تأكدت أن الله عز وجل أراد أن يعاقبني، فلذلك أريد أن أعرف ماذا يجب أن أفعل لكي يتوب عليَّ سبحانه وتعالى؟ إنني جاهزة لأي شيء، المهم أن أنال رضا الله تعالى، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: قبل الإجابة عن السؤال المتعلق بإسقاط الجنين، يجب أن يعلم أن المعتبر في النكاح الصحيح المبيح للمباشرة هو العقد الشرعي ولو لم يتم الدخول (الدخلة) ، هذا ومسألتك مع هذا الخاطب لا تخلو من حالتين: الحالة الأولى: أن تكون مباشرتك لهذا الخاطب قبل حصول العقد الشرعي، فهذا حرام له حكم الزنا ويترتب عليه آثاره، وإذا كان الأمر كذلك فعلى السائلة إن شاءت أن تتصل بالمفتي الشرعي في بلادها ويبين لها الحكم المترتب على ذلك. الحالة الثانية: ولعلها المقصودة إن شاء الله في هذا السؤال أن تكون المباشرة بعد العقد الشرعي لكنها قبل الدخول (الدخلة) ، فالزواج هنا زواج شرعي والمباشرة كذلك، ولم يبق سوى الإجابة عن محل السؤال وهو إسقاط الجنين فنقول: القول الراجح من أقوال العلماء في نظري أنه لا يجوز إسقاط الجنين في أي مرحلة أو طور من أطواره، لكن لكون الأمر قد وقع فقد أجاز بعض أهل العلم إسقاطه قبل الأربعين كما هو محل السؤال، فقد جاء في الروض المربع للبهوتي ما نصه (ويباح للمرأة إلقاء النطفة قبل أربعين يوماً بدواء مباح) انتهى وبناءً على هذا فإنه لا يترتب على إسقاطه شيء، وقد ذكر كثير من أهل العلم أنه لا يجب في إسقاطه شيء من الدية ما دام في طور النطفة، لكنني أرى أن الراجح تحريم الإسقاط كما تقدم، وبناء عليه فإن على هذه المرأة التوبة إلى الله والاستغفار وعدم العودة لمثل هذا، وأما ما ذكرته من تكرر الإسقاط فأنصحها مع دعاء الله تعالى أن تراجع علماء الطب؛ أهل الاختصاص فلعل لهذا علاجاً. والله أعلم.

توبة من وقع في الكفر

توبة من وقع في الكفر المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 23/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من تردد بين الهداية والغواية، وهبطت به سيئاته إلى مستوى شتم الباري - عز وجل - وظل يتنقل بين الالتزام والنكوص، يغوص في الرذيلة إلى أذنيه ثم يتوب، وما يلبث أن ينزغ به شيطانه ثم يعود، فهل ما زال مسلماً؟ وهل وقع في الكفر؟ وهل كفره إعراض أم نفاق؟ وهل تنفعه الشهادتان؟ وهل أضله الله بعد أن قامت عليه الحجة؟ وهل الإنسان مخير في تحصل الهداية؟ وهل لابد للتوبة من توفيق الله - تعالى -؟ وهل الإعراض عن فتاوى مطابقة للسنة والأخذ بغيرها زندقة؟ الجواب الحمد لله وبعد، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أخي في الله - لا شك أنك ارتكبت الكثير من الذنوب الخطيرة، وأخطرها تطاولك على الذات الإلهية وشتمك للرب جل جلاله، وهذا ناقض من نواقض الإسلام بالإجماع، تهون عنده بقية ذنوبك مع فداحتها. ومع ذلك فإنَّ أبواب التوبة لا زالت مفتوحة بحمد الله، فأسرع قبل فوات الأوان، ولن تسعد بالتوبة أو تحظى ببركتها إلاَّ بالندم الشديد على ما حصل منك تجاه الخالق العظيم الذي أوجدك من عدم، وأسبغ عليك النعم، ولم يعاجلك بالعقوبة فابك على خطيئتك، وقل ربي إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً "وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين"، ثم أقلع عن ذنوبك جميعاً وعاهد ربك بصدق على ألاََّ تعود ثانية، وتذكَّر بأن الفرص قد لا تدوم. وأما ضعف الصلوات وهجر القرآن والذكر وبغض الصالحين، وحب الصور والشذوذ وغير ذلك، فاتق الله وتخلص من هذه الورطات والسوءات الأخلاقية، واحمد ربك أنك في غني عن الحرام بما رزقك الله من الزوجة العفيفة، وأما الجواب عن أسئلتك الثمانية فهاك الجواب ملخصاً إلا (1) إنَّ سبّ الذات الإلهية ردة عن الإسلام بالإجماع، فعليك بالتوبة الصادقة لما تقدم، لعل الله يتجاوز عنك برحمته وفضله، وإذا تبت من جميع ذنوبك تخلصت - بإذن الله - من النفاق الاعتقادي والعملي ومن أفتاك - أو قرأت له - بأن النفاق العملي يؤدي إلى النفاق الاعتقادي فقد أصاب بحمد الله. (2) تقدم الجواب. (3) نعم، وقعتَ في أنواع غليظة من الكفر، لكن لا تيأس فالتوبة تجب ما قبلها. (4) لا تنفعك الشهادتان إلا بالإقلاع العاجل عن الذنوب والكفريات، والمبادرة إلى التوبة الصادقة والنصوح وعليك أن تبادر إلى متابعة نبيك محمد - عليه الصلاة والسلام - في كل ما أمر به أو نهى عنه. (5) دع عنك هذه الوساوس والأفكار وأحسن الظن بربك، واحذر من اليأس وافعل ما ذكرت لك تسعد - بعون الله - في الدنيا والآخرة. (6) على الإنسان أن يبذل الجهد لسلوك مسلك الهداية، ويفعل الأسباب الموصلة إليها وإلى الاستقامة. (7) لابد أن تبادر أنت إلى التوبة أولاً، ومع هذا تأكد بأنَّ الله - جلّ وعز - إذا أراد شيئاً هيأ أسبابه، ولعل كتابتك إلينا نعمة ساقها الله إليك تظفر من خلالها باهتمام وعناية إخوة لك في العقيدة الصادقة، متى كنت تّواباً منيباً. (8) اتباع الرخص وشذوذات الفقهاء ضرب من الزندقة فاحذرها، واتبع الحق بدليله أنى كان، وفقك الله وأعانك وثبت قلبك وأعلى ذكرك، ويسَّر أمرك.

التوبة والشعور بعدم الندم

التوبة والشعور بعدم الندم المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 26/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اقترفت كثيرا من الذنوب وعاهدت الله أن لا أعود إليها، ولكنني لا أجد في نفسي ندماً شديداً على ما فعلت، فهل هذا مناف لمقتضى التوبة، وهل لا تقبل توبتي, فإن كان كذلك فأرشدوني جزاكم الله خيراً. أخوكم في الله. الجواب أخي الكريم محمد سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد: فإن ما أشرت إليه عرض لمرض، فاحرص على التركيز على الأمراض بدل الأعراض، فضعف التدين وقلة الأعمال الصالحة اليومية جعلتك تألف المخالفات ولا تجد ألماً لمقارفتها، ومن ثم لم يكن ندمك شديداً، فاحرص على تغيير نفسك ويومك، وأدخل أعمالاً صالحة في برنامجك اليومي؛ من قراءة للقرآن وحرص على المبادرة إلى الصلوات وعناية بالأذكار الصباحية والمسائية، فلا بد من رفع معدل التدين لديك حتى تقاوم عاديات المعاصي، ويعظم في نفسك أمر ربك، ولديك من الوسائل الاستماع للمحاضرات مباشرة أو بواسطة التسجيل وليكن ذلك مقصوداً لك لا تزجية للوقت، بل اجلس جلسة خاصة للاستماع وحضر قلبك، واحرص على الأشرطة التي موضوعاتها ترقق القلب وتذكر بالرب والدار الآخرة، وأكثر من الدعاء وزيارة القبور والمرضى زادك الله توفيقاً وجعلك للمؤمنين إماماً ووقاك شر نفسك والشيطان.

ماذا يجب للتوبة من السرقة

ماذا يجب للتوبة من السرقة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 11/7/1424هـ السؤال سؤالي عن السرقة، فقد كانت عندي هذه العادة السيئة عندما كان عمري اثني عشر عاماً، أريد أن أعرف كفارتها وكيفية التوبة منها إذا كنت تبت من هذه العادة، مع العلم أني قد نسيت كثيراً ممن سرقتهم، وبعضهم قد ترك مكانه، ولا أعلم مكانه الجديد، أرجو الإفادة. الجواب فيما بينك وبين الله - عز وجل - الواجب عليك التوبة إلى الله توبة نصوحاً، وفيما بينك وبين العباد الذين سرقت منهم هذه الأشياء الواجب عليك إعادة هذه المسروقات إن كنت تعرفينهم، فتعيدي هذه الأموال إلى أصحابها إذا كنت قادرة على ذلك، أما إذا لم تكوني قادرة على ذلك نظراً لعدم معرفتك بهؤلاء، أو لعدم القدرة على الوصول إليهم فإنك تتصدقي بما سرقت منهم عنهم، تتصدقي بهذه الأموال وتنوين أن تكون عن أصحابها، وإذا وجدت أحداً من هؤلاء بعد التصدق تخبريه بحقيقة الحال، فإن رضي بذلك وإلا فالواجب عليك إعادة هذا المال إليه.

إذا كانت الصغائر تكفر فلم التوبة منها؟

إذا كانت الصغائر تكفّر فلِمَ التوبة منها؟ المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 14/11/1424هـ السؤال عرفت أن اللمم هي صغائر الذنوب، مثل: النظرة، والقبلة، واللمسة، وهذه الذنوب يغفرها الله ما اجتنبت الكبائر، فهل معنى ذلك أنه لا يعاقب العبد على فعل هذه الذنوب - حتى في الدنيا - إذا تاب منها ثم رجع لها مرة أخرى؟ وهكذا يتوب ويرجع ولا يجد العبد أي عقاب من الله على فعل هذه الذنوب؟ الجواب تضافرت النصوص وتواترت من الكتاب والسنة في الدلالة على كون الأعمال الصالحة مكفرة للذنوب، مطهرة من المعاصي، قال تعالى: "إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ" [النساء: من الآية31] ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط" رواه مسلم (251) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتبت الكبائر" مسلم (233) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ودلت النصوص أيضاً أن ما يحصل للمسلم من الهموم والأحزان، والمصائب، والأمراض، والبلايا، ونقص الأموال، والأنفس والثمرات، تارة تكون رفعة للدرجات، وتارة تكون عقوبات على المعاصي الظاهرة، قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ" [الشورى:30] . وعلى كل حال فالتوبة الصادقة المجتمعة لشروطها مع الاستغفار يمنع الله بها العقوبة عن الفرد وعن الأمة، قال تعالى: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" [الأنفال:33] .

هل يشترط إقامة الحد لقبول التوبة؟

هل يشترط إقامة الحد لقبول التوبة؟ المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 02/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: لدي سؤال بخصوص الكبائر، شخص قام بعمل كبيرة وحدها (القتل) ، وبعد ذلك تاب عنها، فهل يشترط إقامة الحد عليه لتقبل توبته وليتوب الله عليه؛ كما فعل الصحابي -رضي الله عنه- الذي زنى وطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم- أن يقيم عليه الحد، وما علاقة ذلك بقبول توبته؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فإن الخطأ والزلل معرض له كل أحد كما قال عليه الصلاة والسلام: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" أخرجه الترمذي (2499) ، وابن ماجه (4251) . ومن رحمته سبحانه بعباده أنه يقبل التوبة من التائبين إذا تابوا التوبة النصوح الجامعة للشروط، وحقيقة التوبة كما قال العلامة ابن القيم في مدارج السالكين هي: الندم على ما سلف منه في الماضي، والإقلاع عنه في الحال، والعزم على ألا يعاوده في المستقبل. كما أن من رحمته أن شرع سبحانه إقامة الحدود كحد الزنا والقذف وشرب المسكر، ونحو ذلك، وقصد بها تطهير عباده وردعهم عن اقتراف هذه الآثام. أما إذا تاب العبد من المعصية ولو كانت كبيرة قبل القدرة عليه، فإن توبته صحيحة ولا يلزم إقامة الحد عليه، والدليل أن الصحابي - رضي الله عنه- الذي ذكره السائل وهو ماعز - رضي الله عنه- لما جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- طالباً إقامة الحد صرف وجهه عليه السلام عنه عدة مرات، ثم لما أصر وأقيم عليه الحد وهرب من شدة الرجم، قال عليه السلام: "هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه ... ". الحديث أخرجه أبو داود (4419) . فإذا ستر الله العبد وهو على معصية فلا ينبغي له أن يفضح نفسه وقد تاب. كما أنه ينبغي لمن وقع في شيء من المعاصي الصغيرة أو الكبيرة المسارعة في التوبة قبل نزول الموت والإكثار من الطاعات؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات، والتوبة تهدم ما كان قبلها. وفق الله الجميع لمرضاته، والسلام.

تاب من الكسب الحرام فهل يلزمه إخراج ما اكتسبه من ذلك؟

تاب من الكسب الحرام فهل يلزمه إخراج ما اكتسبه من ذلك؟ المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 3/11/1425هـ السؤال أعمل محاسبًا بشركة، وعلمت خلال مدة عملي بأنه حرام؛ لأنني أقوم بإثبات القيود بين الشركة والبنك، حيث إن الشركة تقترض من البنك (سحب على المكشوف - تسهيلات) ولدي مال متوفر من عملي هذا، وأريد أن أعود لبلدي لأبدأ حياتي مع أولادي من جديد بعيدًا عن الربا الذي أقلق راحتي منذ أن علمت بحكم عملي، ولكن ليس لدي أي رأس مال أو مصدر رزق غير هذا المال المتوفر والمدخر من عملي هذا. فماذا أفعل الآن ولدي زوجة و3 بنات؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يقول الله تعالى: (فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) [البقرة:275] . فمن تعامل بالربا ثم انتهى عن ذلك وتركه لله تعالى فقد أثبت القرآن له ملكية ما قبضه من المال بقوله تعالى: (فَلَهُ مَا سَلَفَ) . أي ما قبضه قبل أن ينتهي عن التعامل بالربا. وهذا ترغيب من الله تعالى- للعبد في التوبة والانتهاء عن العمل المحرم. فلا حرج- إن شاء الله- في أن ينتفع الأخ السائل بماله ولو كان من عمل يشوبه الربا بعد أن انتهى عن هذا العمل وتركه تجنبًا للشبهات ورغبة فيما عند الله. ونسأل الله تعالى- أن يعوض الأخ خيرًا مما ترك، وأن يفتح له من أبواب الحلال ما يغنيه عن الحرام، وأن يوفقه وإيانا وسائر المسلمين إلى ما يحبه الله ويرضاه.

هل ينذر لمنع نفسه من المعصية؟

هل ينذر لمنع نفسه من المعصية؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 03/11/1425هـ السؤال أحد الأشخاص لا يستطيع أن يتخلص من معصية ما، يريد أن ينذر لله أنه إن عاد إليها فسيفعل كذا وكذا، فهل يجوز له أن ينذر نذرًا لترك المعصية؟ وهل تنصحه بذلك؟ أحسن الله إليكم ونفع بكم المسلمين، وأسألكم أن تدعو لي الله أن يعينني على ترك المعاصي ما ظهر منها وبطن. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قول السائل: إنه مدمن على معصية لا يستطيع التخلص منها، هذا كلام خطأ، فالمعصية يمكن للعبد أن يتوب إلى الله عز وجل- منها متى ما وجد في قلبه الإيمان القوي، والصدق مع الله عز وجل، والإرادة الجازمة، والاستعانة برب العالمين، والتوكل عليه في دفع هذه المعصية، فنظرة السائل نظرة تشاؤمية، وفيها شيء من سوء الظن بالله عز وجل، والغالب أن المعصية التي لا يمكن للعبد أن يتخلص منها هي من قبيل الفواحش، إما من قبيل الوقوع في الفاحشة، أو من قبيل الوسائل الموصلة للفاحشة، ولا شك أن الفواحش من أعظم ما عُصي الله عز وجل- به، فالواجب على العبد هو إدمان الدعاء في الثلث الأخير من الليل، وفي أدبار الصلوات المكتوبة، وفي السجود، وأن يستعين بالله عز وجل- في رفع هذه المعصية عنه، ولا أنصح هذا السائل بالنذر؛ لأن الأصل في النذر أنه منهي عنه، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم- نهى عن النذر، وقال: "إنَّه لا يأتي بخيرٍ، وإنَّما يُستخرَجُ به مِن البَخيلِ". صحيح البخاري (6692) وصحيح مسلم (1639) . ويمكن التوبة إلى الله عز وجل- من هذه المعصية دون الحاجة إلى النذر، ولا يمكن أن يتوب العبد إلى الله عز وجل- من هذه المعصية وهو قريب منها، مُواقع لأسبابها ولوسائلها، فقد جاء في الحديث: "مَن سمِع بالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عنه". أخرجه أبو داود (4319) . فإذا كان العبد صادقًا في توبته، فالواجب عليه الابتعاد عن الوسائل والذرائع التي تقوي حب هذه المعصية في قلبه، فإذا كانت المعصية من قبيل الفواحش فالواجب على العبد كف البصر عن النظر إلى النساء، وكذلك الواجب كف البصر عن النظر للفواحش، والغالب أن القلوب لا تتعلق بشيء من الفواحش إلا إذا كانت فارغة من محبة الله عز وجل، وخشيته، وذكره، كما قال القائل: أتاني هواها قبلَ أنْ أعرفَ الهوى فصادف قلبًا خاليًا فتمكَّنا فالعبد يشغل نفسه بالطاعات والأعمال الصالحة أيضًا، ويحسن الظن بالله عز وجل، فإذا فعل ذلك كانت له العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة. والله أعلم.

غش في الدراسة وتوظف بشهادتها!

غش في الدراسة وتوظف بشهادتها! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 20/08/1425هـ السؤال تخرجت في أحد المعاهد الأهلية، حيث إن هذه المعاهد تجارية فهي ليست خاضعة لأي مراقبة من الجهات المختصة؛ فيحصل فيها الغش وبتغاضي من المدرسين، وقد حصل لي أن غشيت في الامتحانات في جميع المستويات الأربعة؛ فهل إذا توظفت يكون راتبي حرامًا؟ وهل توجد كفارة لذلك؟ علما بأن مواد التخصص -وهي مادتان- تكون في آخر مستوى، وهي لب هذا الدبلوم قد نجحت فيهما، بدون غش ولله الحمد، أما المواد الثانية؛ فهي مواد مكملة أو مساعدة للدبلوم، وليس لها أي علاقة فيما لو توظفت في مجال تخصصي.. أفيدوني جزاكم الله خيرًا. الجواب عليك التوبة من الغش، والندم على ما فعلت، والعزم على عدم العود، وأما الشهادة فيجوز لك أن تتوظف بها، ولو كان اجتيازك لبعض المواد قد حصل بالغش، بشرط أن تكون متقنًا لما يوكل إليك من الأعمال خبيرًا بها، وألا يكون للغش السابق أثر في أدائك للعمل، وتقويم هذا إنما يصح من المشرفين عليك في العمل، وأما تقديمك لا رأيك فمحل تهمة. على أن من الواجب عليك -ولعل أن يكون مما يكفر خطيئتك من الغش- أن تنصح للمسلمين ومجتمعك، فتبلغ المسؤولين بأن المعهد الفلاني- والذي قد درست فيه وتخرجت فيه - يمارس الغش ويخون الأمانة عسى الله أن يكفر عنك وعنا سيئاتنا ويغفر لنا خطايانا. والله أعلم.

الاعتماد على الطاعة للعجز عن ترك المعصية

الاعتماد على الطاعة للعجز عن ترك المعصية المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 21/07/1425هـ السؤال شيخي الفاضل: أنا شاب بفضل الله أحافظ على الصلاة في المسجد، وأحفظ من القرآن الكثير، ولكن ابتليت بشيء من الذنوب الصغائر، وأحاول التوبة منها، ولكن أشعر بالضعف أمامها، فهل يجوز الاعتماد على الأعمال الصالحة في حالة العجز عن ترك المعصية، مع الإصرار والدعاء إلى الله بالتوفيق على ترك هذه المعاصي. وجزاك الله خيرًا عن الإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله. وبعد: لا بد من التوبة من الذنوب صغيرها وكبيرها، كثيرها وقليلها، وقد كان سيد ولد آدم أفضل الخلق، أعبد المؤمنين لله وأخوفهم من عذابه، أتقى الخلق وأعلمهم بالله - عز وجل-، وأكرمهم إلى الله يتوب إلى الله في اليوم ويستغفره أكثر من سبعين مرة، انظر ما رواه البخاري (6307) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وفي الرواية الأخرى مائة مرة، انظر ما رواه أحمد (22829) من حديث حذيفة -رضي الله عنه-، والأعمال الصالحة من الصلاة وغيرها ترفع المؤمن عند الله، والصلاة الصحيحة تنهى صاحبها -والحمد لله- عن الفحشاء والمنكر، وتقويه على ترك المعصية، والرغبة إلى الله، والالتجاء إليه في كل حين، ودوام ذكره يدفع المؤمن عن المعاصي، ويرغبه في التوبة والإنابة إلى الله، والأعمال السيئة -وإن كانت من الصغائر- ذنوب محصاة يحاسب عليها العبد مع حسناته فإن رجحت حسناته، على سيئاته كان من الفائزين، وإن رجحت سيئاته على حسناته فقد خسر، وهو تحت مشيئة الله، إن شاء عذَّبه، وإن شاء غفر له إلا الشرك، لكن المؤمن ينبغي له الحرص والابتعاد عن المعاصي وإن كانت صغائر، وإذا وقع في الذنب يستغفر ويتوب، والاستغفار والتوبة عبادة هي في حد ذاتها؛ لما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- في الحديث: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء الله بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم" رواه مسلم (2749) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

اشترى جهازا بقرض ربوي

اشترى جهازاً بقرض ربوي المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 11/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. اقترضت قرضاً ربوياً واشتريت به كمبيوتر، وندمت على هذا الشيء. السؤال: ماذا أفعل بالكمبيوتر، هل أبيعه؟ وإذا بعته، ما حكم فلوسه أو أتخلص منه بتحطيمه؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فعليك بالتوبة والاستغفار، ولا تعود لمثل ذلك، وبادر بالتسديد، وإن استطعت أن تسدّد حالاً وتتخلص من الزيادة التي وضعوها عليك، فهذا هو الواجب عليك، وإن لم تستطع فعليك بالتوبة وكثرة الاستغفار، والعمل الصالح، والندم على ما حصل منك، ولا حرج عليك في استخدام الكمبيوتر وبقائه عندك. وفقك الله لكل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل يلزم التخلص من أرباح السهم الربوي عند التوبة؟!

هل يلزم التخلص من أرباح السهم الربوي عند التوبة؟! المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 09/03/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: لدى والدتي أسهم في البنك الأمريكي، اشترتها وهي لا تعرف بحرمتها، وتود الآن بيعها، فما حكم أرباح هذه الأسهم الناتجة من البيع؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يجب المبادرة ببيع الأسهم الربوية المشار إليها، وما تجمع من الربح فيرجى أن يكون معفواً عنه بشرط عدم التعامل بأسهم ربوية في المستقبل؛ لقوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] ، والتصدق بالربح المتحقّق في هذه الحالة فضيلة، لكن الأقرب أنه غير واجب؛ لقوله تعالى: "فله ما سلف"، فعفى عن امتلاك ما سلف من الربا إذا انتهى الشخص عن التعامل به، لكن يجب المبادرة بالبيع بأي سعر كان للتخلص من هذه الأسهم، ولا ينتظر ارتفاع السعر؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم في الأَمة الزانية: "بيعوها ولو بضفير" أخرجه البخاري (2154) ومسلم (1704) ، ففيه الأمر بالمبادرة بالبيع ولا يتربص الزيادة، كما قال الشراح، ولا حرج - إن شاء الله- في صرف الربح المتحقق من البيع في المصارف المذكورة في السؤال، والواجب على المسلم أن يتبيَّن ويتثبَّت في الشركات التي يستثمر فيها؛ حتى لا يقع في الحرام. والله الهادي إلى سواء السبيل.

ادخرت رواتب عملها في بنك ربوي ثم تابت

ادخرت رواتب عملها في بنك ربوي ثم تابت المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 21/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أطلب فتوى من فضيلتكم وجزاكم الله عني خيرًا. أنا امرأة مطلقة، ولي بنتان، أعيش في بيت والدي ومع والدي وإخوتي، ولا عمل لدي، هذه هي حالتي الاجتماعية. يا شيخ جزاك الله خيرًا، أريد فتوى في هذه المسألة: كنت أعمل في الربا (البنك) حوالي 15 سنة، وبعد أن منَّ الله عليَّ بالهداية خرجت من البنك وتركت هذه الأمور لله؛ فهو خير معين وخير معوِّض، فمن ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا منه، والموضوع على أربع حالات: 1- كان عندي ذهب وبعته واشتريت به أرضًا، علمًا بأن نقود الذهب من راتبي في البنك. ما حكم هذا المال؟ 2- بعت الأرض واشتريت بها سيارة حتى يزيد المبلغ وأشتري منزلًا، والآن بعت السيارة، ما حكم هذا المال؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: المال الذي قبضتيه سابقًا جائز ويجب عليك فقط التوبة إلى الله عز وجل. وعليه فالذهب والأرض والسيارة التي عندك وغير ذلك مما تملكتيه بهذا المال لا بأس به عليك بشرط التوبة من العمل السابق في البنك ومن التعامل بالربا. وكذلك يجوز لك أن تأخذي المستحقات السابقة وذلك لأنك تركت هذا العمل وتبت إلى الله عز وجل. والتوبة تجب ما قبلها، والقاعدة في ذلك أن الأموال التي قبضت بعقود فاسدة إذا تاب الإنسان منها فإنها تكون مباحة بالنسبة له ولا يلزمه التخلص منها. وإن أرادت الأخت التبرع بشيء من مالها صدقة فرحًا بمنة الله عليها بالتوبة فهذا حسن ولا يلزمها ذلك. ولها أن تدفع المال لإخوتها سواء كان على سبيل الصدقة أو الزكاة فكل هذا جائز؛ لأنه لا يلزمها الإنفاق عليهم. والله تعالى أعلم.

درجات التوبة من الكسب الحرام

درجات التوبة من الكسب الحرام المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 25/02/1426هـ السؤال أود أن أسأل عن الفتوى الواردة بعنوان: (تاب من الكسب الحرام فهل يلزمه إخراج ما اكتسبه من ذلك؟) . أليس الله -سبحانه وتعالى- يقول: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون"؟ كيف إذن يكون للمرء الحق بأن يستمتع بما كسبه عن طريق الربا، مع أنه زائد عن رأس ماله؟ أرجو منكم الإفادة، والله ولي التوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: الأمر بترك الربا في القرآن جاء فيه آيتان، كلتاهما في سورة البقرة: الأولى قوله جل شأنه: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] . الثانية قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون" [البقرة:278] . وللجمع بين الآيتين وجهان: الأول: أن قوله تعالى: "فله ما سلف" أي مما قبضه من الربا فيما مضى، وأما قوله تعالى: "فلكم رؤوس أموالكم" أي فيما بقي لكم في ذمم الناس من الديون. ولا إشكال أن المنهي عنه بالنص هو ما بقي من الربا، لصريح قوله تعالى: "وذروا ما بقي من الربا"، فالنهي منصب على ما بقي لا ما سبق. فإذا كان قوله تعالى "فلكم رؤوس أموالكم" يحتمل ما بقي ويحتمل ما بقي وما ما مضى، فالآيات السابقة صريحة في النهي عما بقي، فيحمل المجمل على المبين، والمحتمل على الصريح. فيكون قوله تعالى "فلكم رؤوس أموالكم" أي مما بقي دون ما مضى. الثاني: أن التوبة درجات وليست درجة واحدة. فأدنى الدرجات هو مجرد الانتهاء عن الذنب وعدم العودة إليه. فهذا يغفر الله به الذنب السابق، كما قال تعالى: "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف" [الأنفال:38] . فمجرد الانتهاء عن الكفر والدخول في الإسلام يجبّ ما سبق من الذنوب، كما قال صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يجبّ ما قبله" أخرجه مسلم (121) . وإذا كان هذا في الكفر الذي هو أعظم الذنوب، فما دونه من الكبائر من باب أولى. لكن مجرد الانتهاء لا يضمن لصاحبه عدم المؤاخذة على الذنب السابق إذا عاد إليه مرة أخرى. ولذلك صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِر". صحيح البخاري (6921) وصحيح مسلم (120) . وأعلى الدرجات هو التوبة النصوح، التي تتضمن الانتهاء عن الذنب والندم عليه والعزم على ألا يعود إليه مرة أخرى، مع التحلل من المظالم. فمن تاب هذه التوبة ثم وقع في الذنب مرة أخرى فلا يؤاخذ على ما سبق، لتوبته منه.

الورع

التورع عن ذبائح أهل الكتاب المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الورع التاريخ 6/7/1424هـ السؤال د. الشريف حمزة الفعر السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أدرس في دولة كافرة وامتنعت مؤخرا عن أكل اللحوم في كل المطاعم الموجودة فيها، وذلك للأسباب التالية: كيف أضمن أن اللحوم قد ذبحت بطريقة أهل الكتاب؟ فصحيح أن الغالب من الناس أنهم نصارى، ولكنهم لا يطبقون تعاليم الله تعالى في كثير من الأمور ومنها طريقة الذبح. فالشركات المخصصة بالذبح شركات تجارية ولا أظنها تهتم بالتسمية على الذبيحة أو بطريقة الذبح الكتابي. في هذه البلدان يستخدمون نفس الآلات والمكائن والسكاكين وغيرها في فرم وقطع اللحوم التي قطعوا وفرموا بها لحم الخنزير وهذا لا يضيرهم في شيء. في المطاعم أيضا فالطباخون قد يستخدمون نفس الشواية أو الزيت أو القدور التي طبخوا بها لحم الخنزير في طبخ لحوم البقر والدجاج. فيجب أن ينتبه المسلم لذلك. فالمسألة يجب أن يكون فيها تحر وتدقيق. والأسلم للمسلم أن يجنب نفسه هذه الأمور فأصحاب المحلات والمطاعم ومن يطبخ بها تجار، فهم يستخدمون نفس الزيوت والسكاكين والقدور لطبخ العديد من الوجبات؛ ومنها اللحوم المحرمة كالخنزير. ومثال على ذلك: فعند قطع شرائح اللحم إلى شرائح رقيقة لعمل السندوتشات فإنهم يقطعون لحوم الديك الرومي والبقر ولحم الخنزير بنفس القطاعة وبدون تنظيف. فما رأيكم حفظكم الله وجزاكم الله تعالى كل خير بهذا الأمر؟ الجواب الأخ الكريم: السلام عليكم ورحمة الله. لا شك أن الورع حصن حصين في الدين، ولكن أمور الفتوى العامة، لا تبنى على التورع، إذا لم يكن هناك ما يدل على التحريم، ويبقى العمل بالتورع في حق من قويت نفسه على العمل به وله أجره، وما ذكرته من أن الذبح تقوم به شركات تجارية ... إلخ، فهذا لا يغير من الحكم، لكن هل تذبح هذه المواشي بما يقطع الحلقوم والمريء والأوداج أو لا؟ فإن تم ذلك بآلة حادة في بلد كتابي فسم الله وكل، وإن كان الذبح بالصعق الكهربائي ونحوه فهذه لا تجوز، وأما بالنسبة لاستخدام السكاكين، والأواني فيما يحل وما يحرم فإن هذا الأمر كان موجوداً، حتى على عهد نزول الوحي، وقد جاء الحكم الشرعي بحل الأكل في آنية المشركين، وشرب النبي - عليه السلام- من مزادة مشركة انظر ما رواه البخاري (344) ، ومسلم (682) من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - وأمر آخر أيضاً هو أن ما يشق الاحتراز عنه من النجاسات معفو عنه، والقدر الذي يكون في السكين ونحوها شيء يسير جداً، فهو معفو عنه إن شاء الله. أما الزيوت التي تستخدم للقلي فيها فإن كان يغلب على الظن استخدامها في اللحوم المحرمة فإنه لا يجوز أكل اللحوم الحلال التي تقلى في هذه الزيوت، لأنها تشبع بمادة الزيت التي اختطلت بالحرام، ويمكن ترك أكل اللحوم المقلية هذه، والاستعاضة عنها بالمشويات أو المطبوخة من اللحوم المذبوحة، وبالله التوفيق.

ترك وظيفة براتب مغر خوفا من الفتنة

ترك وظيفة براتب مغرٍ خوفاً من الفتنة المجيب د. قيس بن محمد آل الشيخ مبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الورع التاريخ 10/8/1424هـ السؤال أنا شاب صحفي وملتزم بأوامر الله سبحانه وتعالى، ولدي عمل طيب ولكن راتبه قليل, ومؤخراً حصلت على فرصة وظيفة أحسن وبراتب أعلى بكثير، ولكن فيها أشياء لا تريحني بتاتاً. فمثلاً هي صحيفة نسائية ورياضية وأنتم تعلمون ما رسالة هؤلاء، هذا إضافة إلى أن الفتنة كبيرة جداً من الانحلال الخلقي داخل هذه الصحيفة، وأيضا تعمل في هذه الصحيفة زوجة أخي وهي غير متحجبة، وتلبس لباسا غير محتشم، وتدخن السجائر، وهذا أمر لا أتحمل رؤيته بتاتا....أنا رفضت الوظيفة، ومازلت في وظيفتي القديمة رغم راتبها القليل. فهل أنا مخطئ في قراري هذا.. الجواب وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فلا أثر في كون الصحيفة رياضية أو نسائية في الحل والحرمة، فالصحيفة إن كانت الغالب على عملها المنكرات فإن العمل فيها محرم، وذلك كالصحف التي شأنها واختصاصها نشر صور الفنانات وأخبارهن، فاحذر أن يراك مولاك حيث نهاك، وأما إن كان عملها مباحاً، غير أنها تقع في بعض المحرمات كما هو حال أغلب الصحف، فالمشهور من أقوال أهل العلم أن العمل فيها غير محرم، ما دام العمل المباح هو الغالب، ثم ليكن يقينك في الله قوياً فإن الرزق بيد الله وحده.

المنهج الصحيح تجاه المشتبهات والشبهات

المنهج الصحيح تجاه المشتبهات والشبهات المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الورع التاريخ 21/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد ناقشت أحد زملائي الشيعة الإمامية في الأمور المذهبية، وقد تجنبت الحديث معه، وفي مرة من المرات أثار لي شبهة عظيمة ما زال أثرها باقياً في نفسي، وهذه الشبهة تتلخص في حديث رزية الخميس الذي رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - في البخاري، وقصة تهجم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال عمر - رضي الله عنه - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "دعوه فإنه يهجر"، وقد أثار هذه الشبهة لي عن طريق إرسال رسالة لي، وأنا لم أتثبت الأمر فساعدوني في كشف هذه الشبه. وجزاكم الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فجواباً على السؤال أقول، وبالله التوفيق: قبل الجواب عن الإشكال الذي ذكره السائل، والذي أوقع في قلبه حرجاً شديداً، ويريد ما يفرج عنه هذا الحرج، فإني أنصح السائل بمنهج صحيح تجاه المشتبهات والشبهات، وهو أن يستحضر في علمه وقلبه المحكمات والأدلة الواضحات القاطعات المشتهرات، ثم ليعرض تلك الشُّبه عليها، فإنه سيجد أن هذه الشبه قد سقطت على جدار حصون المحكمات، وسيراها قد احترقت تحت ضوء شمس الأدلة الباهرات وتصبح تلك الشبه - حتى ولو لم يجد لها جواباً - كحفنة تراب ألقاها عدو حاقد على جدار حصن عظيم، هل تؤثر فيه شيئاً؟! أما أن يجعل المرء قلباً خلواً من تحصينات المحكمات، فإنه سيكون قلبه حينها مستودعاً للمتناقضات، ولن يدوم على عقيدة إلا وقد تحول عنها إلى غيرها، حقاً كانت أو باطلاً، وكأن قلبه حينها قطعة من قطن، تمتص كل ما لامسها، أصفواً كان أو كدراً، وطيباً كان أو خبيثاً. وبناء على هذا المنهج الشافي، فإني أقدم الجواب بأنه عليك يا أخي أن تتذكر بعض ما جاء في مناقب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجا إلا سلك فجا غير فجك" أخرجه الشيخان البخاري (3683) ، ومسلم (2396) من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-. ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بينما أنا نائم، رأيت الناس يعرضون، وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، ومر عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره"، قالوا: ماذا أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: "الدين". متفق عليه البخاري (23) ، ومسلم (2390) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بينما أنا نائم، إذ رأيت قدحاً أتيت به، فيه لبن فشربت منه حتى أني لأرى الري يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب". قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: "العلم" متفق عليه البخاري (82) ، ومسلم (2391) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.

ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - "دخلت الجنة، فرأيت فيها داراً أو قصراً، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخل، فذكرت غيرتك" فبكى عمر، وقال: أي رسول الله! أو عليك يُغار. أخرجه الشيخان البخاري (5226) ، ومسلم (2394) من حديث جابر -رضي الله عنه-. ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد كان يكون في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي منهم أحد، فإن عمر بن الخطاب منهم" أخرجه البخاري (3469) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وأخرجه مسلم (2398) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وانظر فتح الباري (7/50) . أوليس هو الفاروق؟ أليس هو أحد العشرة المبشرين بالجنة؟ وهذا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يعلن حبه وإجلاله وتعظيمه لعمر - رضي الله عنه -. فعن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: "وضع عمر بن الخطاب على سريره، فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه، قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفت إليه، فإذا هو علي، فترحم على عمر، وقال: ما خلفت أحداً أحب إلي أن ألقي الله بمثل عمله منك، وأيم الله، إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وذاك أني كنت أكَثِّرُ أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر" متفق عليه البخاري (3677) ، ومسلم (2389) . وقال محمد بن الحنفية (وهو ابن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه) : قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال أبو بكر قلت ثم من؟ قال: ثم عمر" أخرجه البخاري (3671) . وقال علي بن أبي طالب: "ما نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر" أخرجه الإمام أحمد (834) بإسناد صحيح. وإني إذ أعرض هذه النصوص لألوم نفسي إذ إني تعرضت لأمر عظيم، قد صنف العلماء فيه كتباً ومصنفات. فمن يجهل مكانة الفاروق في الإسلام؟ ومن ينسى سيرته وعدله وعبادته وزهده ونصره للإسلام والمسلمين؟

وما أحسن قول الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة رحمه الله تعالى عندما سأله هارون الرشيد: يا مالك، كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: يا أمير المؤمنين، قربهما منه في حياته، كقرب مضجعهما من مضجعه بعد وفاته، فقال هارون: شفيتني يا مالك، شفيتني يا مالك. أخرجه الزبير بن بكار في جمهرة نسب قريش (2/584) ، والآجري في الشريعة (1849) ، وغيرهما بإسناد صحيح، فإذا اطمأن القلب بتلك النصوص والأدلة والشواهد المحكمة الواضحة، فأعرض على قلبك بعدها تلك الشبهة، هل يبقى لها أثر؟ ومع ذلك فقد أجاب العلماء عن ذلك الحديث، وبينوا حقيقته، ومن أحسن الأجوبة: هو أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الطلب، الذي فيه معنى دنو الأجل واقتراب ساعة الوفاة من النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابته دهشة وحيرة في ذلك المقام العظيم والمصاب الجسيم، كما أصابه ذلك بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يكذب من يقول بوفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويتوعده بالقتل، من عظيم حبه وتعلقه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فحملته تلك الحيرة والدهشة، مع علمه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بشر، يعتريه ما يعتري البشر من المرض والحمى وآثارهما، إلى أن يظن أن هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - كلام من أثر مرضه وأثناء غيبوبته من الحمى. وانظر أجوبة أخرى في (المُعْلِم) للمازري (2/234) ، وإكمال المعلم للقاضي عياض (5/379 - 382) ، والمفهم للقرطبي (4/559 - 560) ، وفتح الباري لابن حجر (7/739 - 740) . ثم إننا لا نشك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة على الوجه الأكمل، فلو لم يكن فيما بلغه لأمته كفاية لها، ولو لم يكن ما أراد ذكره وكتابته ساعة وفاته قد سبق منه ما يدل عليه، ولو كانت دلالته فيها شيء من الخفاء، لولا ذلك كله لما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - البلاغ والبيان لمجرد ذلك التنازع الذي حصل بمحضره - صلى الله عليه وسلم - وإلا فقد وقع بين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبمحضره اختلافات عدّة أثناء حياته - صلى الله عليه وسلم -، فلم يمنع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - من البيان والبلاغ، لما كان البلاغ والبيان مما لا غنية للمسلمين عنه من شؤون دينهم. وعلى هذا، فإن ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - للكتابة بعد استفاقته من غيبوبته، يدل على أن ما أراد كتابته موجود في كتاب الله تعالى وسنته - صلى الله عليه وسلم - ولو على وجه يحتاج إلى اجتهاد واستنباط للوصول إليه. وبهذا يتبين أنه لم يقع من عمر - رضي الله عنه - أمر يحتاج إلى طول اعتذار، ولا هناك شبهة قوية تقدح في مكانة الفاروق - رضي الله عنه - بل لم يزل - رضي الله عنه- ولا يزال خير هذه الأمة بعد نبينا - صلى الله عليه وسلم - وبعد أبي بكر، كما قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه. والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن ولاه.

هل يتفاوت الناس في الإخلاص والورع؟

هل يتفاوت الناس في الإخلاص والورع؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الورع التاريخ 28/10/1424هـ السؤال هل الإخلاص مراتب (أي يقال مثلاً هذا الرجل أشد إخلاصاً من ذاك) ؟ أم هو مرتبة واحدة؟ وكذلك الورع هل هو مراتب؟ الجواب الحمد لله، الإخلاص هو أن يقصد العبد بعمله وجه الله وحده لا شريك له، فلا يريد عرضاً من الدنيا ولا مدحاً من الناس، بل يبتغي مرضاة الله وثوابه، قال تعالى:"وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ... " [البينة:5] وقال:"ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" [النساء:114] وقال عن عباده:"إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً" [الإنسان:9] ، وأما الورع فقال العلماء: إنه ترك ما يضر في الآخرة، فيتناول ذلك ترك المحرمات والمشتبهات، وكل أنواع العبادات يتفاوت فيها الناس فالإخلاص يتفاضل، فبعض الناس أكمل إخلاصاً من بعض وأكمل ورعاً، فيتفاوت الناس في الإخلاص قوة وضعفاً، ويتفاوتون كذلك بالنسبة لما يخلصون فيه من الأعمال وما لا يخلصون فيه، وكذلك الورع فقد يكون عند الإنسان ورع في أشياء دون أشياء، فعلى المسلم أن يجتهد أن يكون مخلصاً في جميع أعماله، وأن يكون مجتنباً لكل ما حرم الله مجتنباً للمشتبهات كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ... " البخاري (52) ومسلم (1599) ، والله أعلم.

الفرق بين الورع والتكلف المذموم!

الفرق بين الورع والتكلف المذموم! المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الورع التاريخ 02/11/1426هـ السؤال ما الفرق بين الورع والتكلف المذموم شرعاً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالورع: هو اجتناب الشبهات خوفاً من الوقوع في المحرمات، وقيل: هو ملازمة الأعمال الجميلة، وقيل: ترك ما لا بأس به حذراً مما به بأس، وأصله قوله -صلى الله عليه وسلم-: " إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" أخرجه البخاري (52) ، ومسلم (1599) . وهو مندوب إليه، ومنه الخروج من خلاف العلماء بحسب الإمكان، فإن اختلف العلماء في فعل هل هو مباح أم حرام فالورع الترك. وإن اختلفوا هل هو مباح أو واجب فالورع الفعل مع اعتقاد الوجوب، وإن اختلفوا هل هو مندوب أو حرام فالورع الترك، وإن اختلفوا هل هو مكروه أو واجب فالورع الفعل.. وعلى هذا المنوال. وأما إذا اختلفوا بالوجوب والتحريم فلا ورع، أو الندب والكراهة فلا ورع؛ لتساوي الإقدام والإحجام. أما التكلف فهو تجاوز الحد في الورع، وذلك بترك أمر مباح لم تتطرق إليه شبهة تحريم أو نحوه، وذلك خوفاً من ورود الشبهة فيه، أو حصول الإثم به، أما إذا ترك المباح من غير اعتقاد شبهة أو خوف إثم فهذا من الزهد الممدوح أيضاً، فهناك فرق بين الورع والزهد والتكلف، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. والله أعلم.

وبناء على ذلك فالتوبة عن الربا لها مرتبتان: أدناهما مجرد الانتهاء عن الربا، وهي التي وردت في قوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى"، ولم يقل: تاب. فهذا الانتهاء يغفر به الله ما مضى، كما سبقت الإشارة إليه، لكن هذه المغفرة مشروطة بعدم الوقوع في الربا مرة أخرى. ولهذا قال تعالى في الآية: "وأمره إلى الله" أي والله أعلم: أمره مرهون بعدم رجوعه للربا مرة أخرى. فإن ثبت على الانتهاء ثبتت المغفرة، وإن عاد أخذ بالأول والآخر كما جاء بذلك الحديث. والمرتبة العليا هي التوبة النصوح، وهذه تتضمن فوق الانتهاء الاقتصار على رأس المال وعدم الاحتفاظ بالزيادة. لكن هذه المرتبة ليست واجبة ولذلك لم يرد الأمر بها، بل اقتصر على التنويه بها في قوله تعالى: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم"، لكن لم يأمر بذلك، بل اقتصر على الأمر بترك ما بقي. وعلى ذلك فالاقتصار على رأس المال فضيلة لكنه ليس واجباً إذا تحقق الانتهاء، والحد الأدنى من التوبة الذي أمرت به النصوص صراحة هو ترك ما بقي. وعلى كلا القولين في الجمع بين الآيتين فإن ما بقي من الربا محرم ولا يجوز أخذه، وأما ما مضى فلا يحرم الاحتفاظ به بعد الانتهاء. وإنما الكلام هل يستحب له التخلص مما زاد عن ذلك.

الخوف والرجاء

البرق والرعد بشير أم نذير؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الخوف والرجاء التاريخ 18/1/1423 السؤال هل البرق والرعد بشير خير أم نذير وتخويف وترهيب؟ الجواب الواقع أن البرق والرعد آيتان كونيتان دالتان على بديع صنع البارئ - سبحانه-، وعظيم قدرته وتدبيره، ويجوز أن البرق والرعد بشير خير أو نذير شر وعقوبة وتخويف، قال الله - تعالى -: " هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً " [الرعد:12] قال بعض المفسرين: أي تخافونه لما يترتب عليه أحياناً من نزول الصواعق، وحرق المحاصيل، وحدوث الغرق، ونحوه، أو تطمعون بما قد يترتب عليه من نزول الأمطار ونبات الزروع، وخروج الثمار، وعموم البركة. وعلى كل حال فإن نبينا - عليه السلام - كما صح عنه عند البخاري (3206) ومسلم (899) من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا عصفت الريح قال:" اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به" قالت: وإذا تخيلت السماء، تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرِّي عنه، فعرفت ذلك في وجهه، قالت عائشة -رضي الله عنها-: فسألته، فقال:" لعله يا عائشة كما قال قوم عاد:" فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا" [الأحقاف:24] فالواجب الحذر من أسباب غضب الله بهجرة الذنوب والمعاصي تجنباً لنقمة الله وانتقامه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يتغير حاله ويتلون وجهه حين رؤية الغيوم في زمنه المبارك وبلده الطاهر، فكيف بنا في هذه الأزمان العجيبة وهذه الأحوال المريبة؟! والله المستعان.

اكتساب المال بواسطة المواقع والمنتديات

اكتساب المال بواسطة المواقع والمنتديات المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الخوف والرجاء التاريخ 17/5/1424هـ السؤال هل اكتساب المال من خلال عمل مواقع ومنتديات في الإنترنت حلال؟ علماً أن هذه المواقع قد تتضمن أغاني وتنجيماً، وقد يكون هذا المكسب من وراء الإعلانات التي تنشر من خلالها. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فإن الأغاني المتضمنة للموسيقى أو الكلمات الساقطة محرمة، وشر منها التنجيم فإنه محرم باتفاق أهل العلم، وقد يصل إلى الكفر، وعليه فلا تجوز إعانة تلك المواقع بأي شكل من أشكال الإعانة، ليس فقط لأن المال المكتسب محرم، بل لأن هذا العمل لا يجوز، لأنه تعاون على الإثم والعدوان "، وقد قال تعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . فلا يجوز عمل مواقع تتضمن هذه المنكرات، والساعي فيها شريك في الإثم ما دام الإثم موجودا، فالأمر جد خطير نسأل الله تعالى لإخواننا المسلمين الهداية والتوفيق، وعليك القيام بنصيحة أصحاب تلك المواقع. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الجمع بين حسن الظن بالله والخوف والرجاء

الجمع بين حسن الظن بالله والخوف والرجاء المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الخوف والرجاء التاريخ 23/1/1425هـ السؤال كيف نوفق بين الحديث القدسي الذي يقول: "أنا عند حسن ظن عبدي بي ... "، وبين: "منزلة الرجاء والخوف..؟ " نرجو الإفادة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالحديث الذي ذكرته خرجه مسلم في صحيحه كتاب: (الجنة وصفة نعيمها) ، باب الأمر بحسن الظن بالله، حديث رقم: (2877) جـ (4/2205) عن جابر - رضي الله عنه- قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته بثلاث يقول: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن". وفي لفظ آخر عند مسلم برقم: (2675) ، جـ (4/2061) ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني.." الحديث. قال ابن القيم - رحمه الله- "يعني ما كان في ظنه فأنا فاعله به" انظر الجواب الكافي (1/3) ، ولا تعارض بين حسن الظن بالله وبين منزلة الرجاء، إذ إن حسن الظن بالله رجاء، قال ابن القيم - رحمه الله-: "وحسن الظن هو الرجاء؛ فمن كان رجاؤه جاذباً له على الطاعة زاجراً له عن المعصية فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاء ورجاؤه بطالة وتفريطاً فهو المغرور" انظر الجواب الكافي (1/24) . والعبد -يا أخي- مطالب بتحقيق الخوف والرجاء إذ هما من ركائز العبودية الصحيحة، والمؤمن حاله بين الخوف والرجاء يرجو رحمة الله ويحسن الظن بربه، ويخشى عذابه واستدراجه، وبذلك يستقيم أمره وتنتظم أحواله، على أنه ينبغي أن يعلم أن الرجاء حادٍ يحدو القلوب إلى الله والرجاء لا يكون رجاءً صحيحاً إلا إذا كان معه عمل، وحسن الظن يكون مع الإحسان فالمحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده ويقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، انظر الجواب الكافي (1/3) . والفرق بين الرجاء والأماني وبين الرجاء والغرور واضح لمن تأمله، قال ابن القيم - رحمه الله-: "والفرق بينه وبين التمني أن التمني يكون مع الكسل، ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد، والرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل"، وبَيَّن في موضع آخر الفرق بين حسن الظن والغرور "فحسن الظن إن حمل على العمل وحث عليه وساعده وساق إليه فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور"، انظر الجواب الكافي (1/24) . وقال أيضاً: "المؤمن يجمع بين الإحسان مع الخوف وسوء الظن بنفسه، والمغرور حسن الظن بنفسه مع إساءته" انظر مدارج السالكين (2/95) . فاجمع يا أخي بين الخوف والرجاء، وأحسن ظنك بربك يستقم أمرك وتنتظم حياتك، واعلم أن الخوف والرجاء كما قال بعضهم كجناحي طائر إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه وإن نقص أحدهما وقع فيه النقص وإذا ذهبا صار الطائر في حدّ الموت. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الخوف أم الرجاء..

الخوف أم الرجاء.. المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الخوف والرجاء التاريخ 26/3/1425هـ السؤال كيف يجمع الإنسان في قلبه ما بين حسن الظن بالله (خاصة حين يأتي بمعصية) وعدم الأمن من مكر الله (خاصة حين يكرمه الله بحسنة) .وجزاكم الله عنا خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اعلم - رحمك الله- أن على العبد أن يحسن الظن بربه؛ فإن هذا من الواجبات الدينية؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى" خرجه مسلم (2877) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، ولنهيه - جل وعلا- ووعيده لمن أساء به الظن قال تعالى: "الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً" [الفتح: من الآية6] ، والمؤمن في الوقت نفسه لا يأمن مكر الله؛ لأن الله -تعالى- يقول: "أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ" [الأعراف:99] ، ومكر الله هو استدراج العصاة بتوالي النعم عليهم مع إصرارهم على المعاصي. وحاصل الأمر أن على العبد إذا أذنب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يحسن الظن بربه باعتقاده أن الله يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، ولا ييأس من روح الله، وكلما كان العبد حسن الظن بالله حسن الرجاء صادق التوكل عليه، فإن الله لا يخيب أمله، والمؤمن يجمع إحساناً في مخافة وسوء ظن بنفسه، والمغرور حسن الظن بنفسه مع إساءته، وعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه، ولذلك فسر بعضهم التوكل بحسن الظن بالله، يقول ابن القيم - رحمه الله -: (والتحقيق أن حسن الظن بالله يدعوه إلى التوكل عليه، إذ لا يتصور التوكل على من ساء ظنك به، ولا التوكل على من لا ترجوه والله أعلم) ، انظر مدارج السالكين (2/121) . ويقول ابن تيمية - رحمه الله-: (وينبغي للمؤمن أن يكون خوفه ورجاؤه واحداً فأيهما غلب هلك صاحبه، ونص عليه الإمام أحمد؛ لأن من غلب خوفه وقع في نوع من اليأس، ومن غلب رجاؤه وقع في نوع من الأمن من مكر الله) ، انظر الفتاوى الكبرى (4/443) ، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

فعل الخير إرضاء لله لا طلبا للثواب

فعل الخير إرضاء لله لا طلباً للثواب المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الخوف والرجاء التاريخ 2/1/1425هـ السؤال بعض الصوفية يقولون إنهم يفعلون الخير إرضاء لله فقط وليس طلباً للثواب، ويدعون أن الهدف من أعمالهم ليس خوفهم من النار، وليس حباً في الجنة، ثم يدعون أن ذلك هو أسمى الإخلاص، أرجو التكرم بالتعليق على كلامهم، فهذا يتناقض مع وعد الله -سبحانه- بالأجر الكبير، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يحث المسلمين على فعل الخيرات ويذكر الأجر على ذلك. أرجو توضيح الحق في هذه المسألة. الجواب

الحمد لله، لقد أمر الله عباده بما أوحى به إلى رسله، أمرهم أن يعبدوه وأن يطيعوه وأرشدهم سبحانه وتعالى- إلى كل بر، ونهاهم عن كل إثم، ورتب على ذلك الجزاء في الدنيا والآخرة، فوعد المؤمنين بالأجر العظيم والثواب في الدنيا والآخرة، قال -تعالى-: "من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة [النساء:134] ، وتوعد من كفر به - سبحانه وتعالى- وعصى أمره بالعقاب في الدنيا والآخرة، كما أرشد عباده إلى خوفه ورجائه وأثنى على الذين يرجونه ويرغبون إليه، ويرهبون منه، كما قال -سبحانه وتعالى-: "إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهبا وكانوا لنا خاشعين" [الأنبياء:90] ، وقال الله - سبحانه وتعالى- "أولئك الذي يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا" [الإسراء:57] ، وعباد الرحمن الصادقون يعبدونه حباً وإجلالاً وخوفاً ورجاءً، وهذا هو موجب الإيمان بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، فإنه -سبحانه- بر رحيم وغفار للذنوب، وهو مع ذلك شديد العقاب وسريع العقاب قال -سبحانه-: "نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم" [الحجر:49-50]] ، وقال: "اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم" [المائدة:98] ، فأسماؤه وصفاته توجب محبته وإجلاله، وخوفه ورجاءه، وأما ما تدعيه جهلة الصوفية من أنهم يعبدون الله لا خوفاً من ناره، ولا طمعاً في جنته، وإنما يعبدونه حباً له ولذاته فهذا مما لبس به الشيطان عليهم، وأوهمهم أن هذه الطريقة هي أفضل الطرق في عبادة الله، وهذا يلزم منه تنقص الرسل، وتنقص الكمل من أتباعهم، وهذه الدعوى تتضمن احتقار ثواب الله، والاستهانة بعذابه وهذا خلاف ما أراده الله من عباده، فالله إنما أخبر عن الجنة والنار ليرغب إليه المؤمنون بالنجاة من النار، والفوز بالجنة، والخوف والرجاء مقامان من مقامات الإيمان، وقد أثنى الله بهما على رسله وأوليائه، فمن ادعى أنه لا يعبد الله خوفاً ولا رجاءً فقد فاته القيام بهذا الواجب، واجب الخوف والرجاء، وفاته الأجر والثواب والثناء من الله، والصوفية بهذه الدعوى يخالفون موجب الفطرة، والله فطر العباد على محبة ما يلائمهم وكراهة ما يضرهم، ولقد أخبر الله عن عباده بأنهم يضرعون إليه بأن يصرف عنهم عذاب جهنم، وأن يأتيهم ما وعدهم على ألسنة رسله كما قال -تعالى-: "والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما" [الفرقان:65] ، وقال -تعالى-: "ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" [البقرة:201] ومن جملة دعاء الذاكرين المتفكرين أولي الألباب: "ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد" [آل عمران:194] ، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا تشهد أحدكم فليستعذ من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر.." البخاري (1377) ومسلم (588) إلى آخر الدعاء المعروف، والذين يدَّعون أنهم يعبدون الله لا خوفاً ولا رجاءً، يلزمهم ألا يدعوا بشيء من هذه الدعوات فيفوتهم أجر التعبد بذلك، ويحرمون من الآثار المرجوة بهذه الدعوات التي يحب الله من عباده أن يدعوه بها، والحاصل أن هذه الدعوى بدعة في الدين وهي مع ذلك منافية للفطرة، فالواجب عدم الاغترار بها وبأصحابها، وأن الهدى والفلاح باتباع الرسل والسير على الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وهذا ما أمر الله به عباده، أن يسألوه في كل ركعة من الصلوات: "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" [الفاتحة:6-7] . والله أعلم.

بين الاقتصاد في الطاعة والمسارعة إلى الخيرات

بين الاقتصاد في الطاعة والمسارعة إلى الخيرات المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الخوف والرجاء التاريخ 17/06/1425هـ السؤال لدي سؤالين: 1- بوَّب العلماء في كتبهم باب الاقتصاد في العبادة، وذكروا أدلة وأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مفادها أن يقتصر المسلم في عبادته، فكيف نوفِّق بين هذا، وبين المسارعة في الخيرات، وأيضاً فعل بعض السلف من الصلاة أكثر من 200 ركعة في اليوم؟ وكيف نفهم هذه السنة، أقصد سنة الاقتصاد؟. 2- كيف أكون ربانياً؟ وكيف أكون عالماً ربانياً؟ وهل يشترط -لكي أكون ربانياً- أن أكون عالماً من العلماء؟ أرجو الإرشاد. وأسأل الله العظيم الكريم أن يجزيكم خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: دين الإسلام الذي بعث الله به محمداً - صلى الله عليه وسلم- هو دين العدل والاعتدال، والوسطية بين الإفراط والتفريط في كل شرائعه. وهذه الوسطية تتحقق بالوقوف عند حدود الله "تلك حدود الله فلا تعتدوها" [البقرة:229] ، وهي شرائعه من واجبات ومستحبات ومباحات، وتجاوزها وتعديها يكون بالزيادة عليها، فإن الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، والدين ما شرعه الله، فمن ابتدع في الدين عبادة أو عقيدة، أو حرَّم حلالاً فقد تعدَّى حدود الله، قال الله -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ" [المائدة:87-88] . وقال سبحانه وتعالى في الإنفاق: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً" [الفرقان:67] ، فمن أنفق في غير ما شرع الله وأباح كان من المسرفين، ومن بخل بما أنعم الله عليه بما أوجب كان من المفرطين. والاقتصاد في العبادة هو التوسُّط فيها؛ وذلك بالوقوف عند ما أمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم-، وما سنه الرسول - صلى الله عليه وسلم- في قوله أو فعله، فمن أراد أن يتعبد لله فوق ما سنه الرسول - صلى الله عليه وسلم- لعدم اقتناعه بهديه -صلى الله عليه وسلم- كالذين قالوا ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم- من الصيام والقيام والتفرغ للعبادة، وقالوا: أين نحن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فقال بعضهم: أنا أصوم ولا أفطر، وقال بعضهم: أقوم ولا أنام الليل، وقال بعضهم: أنا لا أتزوج النساء، فعلم النبي - صلى الله عليه وسلم- بخبرهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري (5063) ، ومسلم (1401) من حديث أنس -رضي الله عنه-.

وما جاء عن بعض السلف من مواصلة الصيام على الدوام ومواصلة القيام كان ذلك باجتهاد منهم، وأكثر ما وقع ذلك من بعض العباد، وهو بكل حال خطأ؛ لأنه خلاف هديه عليه الصلاة والسلام، وخلاف ما أرشد إليه -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "يسروا ولا تعسروا" رواه البخاري (6125) ، ومسلم (1734) من حديث أنس-رضي الله عنه-،وفي قوله -صلى الله عليه وسلم-: "سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيءٌ من الدُّلجة، والقصد القصد تبلغوا" رواه البخاري (6463) ، ومسلم (2816) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-، ومعلوم أن خير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم-، والاقتصاد في العبادة هو لزوم هديه عليه الصلاة والسلام المشتمل على التيسير البريء من الإفراط والتفريط. وأما قولك: كيف أكون عالماً ربانياً؟ فنقول: سل الله من فضله، وخذ بأسباب ذلك حسب استطاعتك، والله - سبحانه وتعالى- يؤتي فضله من يشاء، ولا يوصف بالربانية إلا من كان عالماً، عاملاً معلماً، ومن طلب فضل الله واتقى الله جعل له من أمره يسراً، ولو لم تظفر إلا بالنية الصالحة والعزيمة الصادقة فالله يثيبك على ذلك، ويبلغك من ذلك ما قدر لك، وهو سبحانه وتعالى أعلم حيث يجعل فضله، والله ذو الفضل العظيم. والله أعلم.

التوكل

اتخاذ الأسباب والاعتماد عليها المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوكل التاريخ 27/6/1422 السؤال المسلم مطالب باتخاذ الأسباب في حياته، فما الضابط في اتخاذ هذه الأسباب؟ حيث نشاهد البعض يستميت في بذلها إلى درجة أن يقال: أن هذا الشخص معتمد على السبب وليس على المسبب؛ وهو الله سبحانه. الجواب الضابط اتباع ما يأتي: 1- اعتقاد فاعل السبب أن هذا السبب لا يحقق النتيجة إلا بمشيئة الله، الذي إن شاء جعله موصلاً لها، وإن شاء لم يجعله. ولذا فعليه أن يجعل من الأسباب التي يأخذ بها الاستعانة بالله. 2- فعل المباح من الأسباب دون المحرم. 3- ألا يؤدي اجتهاده في الأخذ بالسبب المباح إلى فعل محرم؛ لأن ما أدى إلى محرم فهو محرم. 4- ألا يلوم نفسه إذا لم تحصل النتيجة، بل يرضى ويسلم. فمن التزم في أخذه بالأسباب هذه الأمور، فهو غير معتمد عليها مهما اجتهد في بذلها، وقد دلنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هذه الضوابط، بقوله: ((احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)) ففي هذا أمر بالأخذ بالأسباب، ومنها الاستعانة بالله التي تفيد تعلق القلب به، واعتقاد كون الأمر بيده سبحانه، ثم قال: ((وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان)) أخرجه مسلم (2664) وهذا إشارة إلى التسليم بعد القضاء.

طلب الرزق والتوكل

طلب الرزق والتوكل المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوكل التاريخ 24/3/1423 السؤال الإلحاح في طلب الرزق وزيادة الدخل الشخصي للمسلم، هل ينافي التوكل والرضا بالقضاء والقدر؟ الجواب إن السعي في طلب الرزق والحرص عليه، وفعل الأسباب الموصلة إليه لا ينافي القدر؛ لأن الله -تعالى- قدر الأقدار، وأمر بالأسباب وكل ميسر لما خلق له، وقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة، قال الله -تعالى-: "فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون" [الجمعة:9] ، وقال -سبحانه-: "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" [الملك:15] ، وقال -سبحانه-: "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى" [البقرة:197] ، وهذه آيات صريحة في الأمر بطلب الرزق والكسب والتجارة المباحة، والاستغناء عن المخلوقين، مع عدم نسيان ذكر الله وما عنده من الأجر العظيم والنعيم المقيم. وجاء في الحديث الصحيح أنه قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "أرأيت ما يعمل الناس فيه ويكدحون فيما جفت به الأقلام وطويت به الصحف؟ لما قيل له: أفلا نتكل على الكتاب؟ قال: "لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له" البخاري (4949) مسلم (2647) . قال شيخ الإسلام: وجماع هذا أن الله خلق الأمور بأسباب، فالالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب المأمور بها قدح في الشرع" (انظر قاعدة في الرد على الغزالي في التوكل، تحقيق الشيخ علي الشبل، وهي مفيدة في هذا الباب) . لكن الذي ينبغي أن يعلمه السائل أن الإلحاح في طلب الرزق أو الحرص الزائد والشره مما يذم عليه المسلم، وربما أفسد عليه دينه جاء في الحديث الصحيح: "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه" الترمذي (2376) أحمد (15784) .

هل الاهتمام بالصحة مناف للتوكل؟

هل الاهتمام بالصحة مناف للتوكل؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوكل التاريخ 1/07/1425هـ السؤال هل المبالغة في تتبع الأوامر والنصائح الطبية كما يقولون: (درهم وقاية خير من قنطار علاج) مخالف للأمر بالتوكل على الله تعالى؟ حتى أصبح كثير من الناس شغلهم الشاغل هو المحافظة على صحة البدن، حتى أشغلهم ذلك عن المحافظة على صحة الروح؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد:

لقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله" مسلم (2664) ، وقال الله سبحانه وتعالى: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" [الأعراف: 31] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "تداووا يا عباد الله ولا تداووا بحرام" أبو داود (3874) ، والصحة نعمة من نعم الله التي يجب شكرها والاستعانة بها على طاعته سبحانه، فإذا اهتم الإنسان بالمحافظة على صحته، وذلك بتناول الأغذية النافعة، وتجنب أسباب الإصابة بالأمراض وتعاطي أسباب الحمية، وكذلك أسباب الشفاء من الأدواء، ونوى بذلك أن يكون قادراً على القيام بأنواع الطاعات، وقادراً على أداء الواجبات، كان مأجوراً باهتمامه بصحته والمحافظة عليها، وإن أراد بهذا الاهتمام والمحافظة على الصحة مجرد التمتع بذلك والتمتع بما يترتب على الصحة من أنواع اللذات المباحة فلا حرج عليه في هذا، لأن ذلك مما أباحه الله، ولكن لا تنبغي المبالغة بالمحافظة على الصحة، وذلك بالحرص على توفير أنواع الأغذية، وكذلك المبالغة في اتقاء الأدواء، فإن ذلك يورث خوفاً وقلقاً وأوهاماً، فخير الأمور أوسطها، فلا إفراط ولا تفريط، ولا ينبغي للمسلم أن يعرض نفسه لما يضر بصحته، وأقبح ذلك ما حرمه الله على عباده من المطاعم والمشارب، بل وكذلك لا يجوز التداوي بما حرمه الله لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها" رواه البخاري تعليقاً في كتاب الأشربة باب شراب الحلواء والعسل، وصححه ابن حجر، انظر الفتح (85/65) كما لا ينبغي للمسلم أن يفرط بالاهتمام بصحة بدنه، وما يظن أنه محقق لذلك من أنواع الأغذية والأدوية، ووسائل الحمية، ولا ريب أنه ينبغي للمسلم أن يهتم بصحة قلبه وروحه، وذلك بتحصيل العلم النافع والعمل الصالح، وتجنب الأسباب المضعفة للإيمان، والموجبة للتقصير بالواجبات، ونوافل الطاعات، أو المؤدية إلى الوقوع في المحرمات، فإن سلامة الدين يجب أن تكون أهم لدى المسلم من سلامة البدن، لأن الإنسان في هذه الحياة لم يخلق ليأكل ويشرب ويتمتع كالبهائم، وإنما خلقه الله لعبادته، فسعادته موقوفة على القيام بعبوديته الله، ولهذا وصف الله الكفار المعرضين عما خلقوا له بأن حالهم كحال البهائم، قال تعالى: "والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم" [محمد: 12] ، وقال تعالى: "ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون" [الحجر: 3] ، ومن سلامة الدين وأخلاق المؤمنين التوكل على الله في جلب المنافع، ودفع المضار، وتحصيل خيري الدنيا والآخرة، مع فعل الأسباب المشروعة والمباحة من غير اعتماد عليها، إيماناً بأن الأمر كله لله وأن الخير بيده، وأنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وأما أهل الإيمان فإنهم يستعينون بنعم الله على طاعته بما أعطاهم الله من الحلال وما يمدهم به من الصحة على الأعمال الصالحة، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون" [البقرة: 172] ، وقال تعالى: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم" [المؤمنون: 51] . نسأل الله أن يستعملنا في طاعته، وأن يوفقنا لشكر نعمه، والاستعانة بها على محابه إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه. والله أعلم.

المراقبة والمحاسبة

طرق الثبات على التوبة المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة التاريخ 5/6/1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أرجو منكم أن تعطوني طرقاً للتمسك بالدين (الالتزام) ؛ لأني قد تعبت من الانتكاس فأنا أتوب ثم أرجع وهكذا، فما الحل؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أخي الكريم، إنني متفهم جداً لمشكلتك، وأقدر حجم معاناتك، لكنني أشعر بتفاؤل كبير بقرب الفرج، وحصول ما تأمله من صدق التوبة وجدية الرجوع إلى الله، ذلك أن بحثك عن حل لمشكلتك هو في حد ذاته نصر كبير يسجل لك على عدوك اللعين إبليس ونفسك الأمارة بالسوء. وأبشر -حرسك الله- بأن أسباب وطرق الثبات على التوبة كثيرة منها: 1- صدق التضرع إلى الله بأن يعينك على إتمام التوبة والخلاص من كيد الشيطان ووسوسته، وخداع النفس وطمعها. 2- أن تتذكر دائماً مراقبة الله لك، وإحاطته بك وأنه قد يفاجئك بالعقوبة والانتقام. 3- أن تجعل نصب عينيك غصص الموت الذي قد يباغتك في ساعة المعصية، فلا ينفع ندم، ولا تجدي توبة. 4- تذكر وخز الضمير، وحسرة القلب بعد الفراغ من المعصية وأنها تفوق بمراحل لذة الشهوة ومتعة الذنب. 5- تذكر ما أعده الله للصابرين المبتعدين عن حرمات الله من الدرجات العلا والثواب العظيم. 6- تذكر بأن الوسيلة التي ستنال بها المعصية، أعني: عينيك وأذنيك وحواسك وجوارحك هي منحة من الله، فهل من عرفان الجميل أن تستغلها في سخطه؟ والله يقول:"هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" [الرحمن:60] ، وختاماً أدعو الله أن يجنبني وإياك مضلات الفتن، والسلام عليكم.

الهدف من الحياة

الهدف من الحياة المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة التاريخ 20/1/1423 السؤال ما الهدف من الحياة؟ الجواب لا يخفى على كل إنسان أن لكل شيء في الوجود غاية ووظيفة في الحياة، فالطائرة للنقل الجوي، والسفينة للنقل البحري، والملابس لتغطية الجسد وتزيينه، والساعة لضبط الوقت وهكذا. والإنسان له دور ووظيفة أعلى وأعظم لأنه أهم المخلوقات في هذه الأرض، وأهميته تنبع من كونه قد أعطي قوى وإمكانيات عظيمة منها السمع والبصر وأجهزة الحس الأخرى التي هي بمثابة لواقط يجمع بها الإنسان المعلومات من حوله، وترسل للعقل -العضو الأهم- والذي يمارس عملية الإدراك والتمييز والاختيار، ومن خلاله يستطيع معرفة غاية وجوده في الحياة، وهذه هي الخطوة الأولى لبناء هدف الحياة في داخل هذا الكائن المتميز. وعند التأمل في الحياة وما يتعلق بها وما يدور فيها من متغيرات وأحداث نجد أنها تشير بوضوح إلى حكمة في مسارها، وغاية في وجودها وأحداثها، وأن حياة الإنسان بوصفه مخلوقاً متميزاً في حياة لا تسير بعشوائية، بل لا بد أن تكون ذات هدف ويتحدد هذا الهدف من النقطة الأولى، أو من السؤال الأول: "مَنْ الذي أوجدنا في هذه الحياة؟ ولماذا أوجدنا؟ ". ومن المعروف عقلياً ووجدانياً عند الإنسان ذي العقل الواعي والقلب المستيقظ أن الله -تعالى- هو الخالق، وأنه خلقنا لنكون سعداء بعبادته ولنؤدي واجب الشكر له، ونرتقي إلى درجة المحبة له والتعظيم له، من خلال اتباع منهاجه الذي أرسل به رسله ومنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -صلوات الله وسلامه عليه-. هذا هو الهدف الجوهري في الحياة، إذا استطاع الإنسان أن يحققه فيها فإنه سيخرج من دوائر الإهمال والشتات، ويدخل دائرة القصد والوحدة، وبذلك تتمهد له الأهداف العقلية والشعورية والعملية في هذه الحياة، وتنتظم في سلك واحد متجانس غير متشاكس. أما إذا فقد الإنسان هذا الهدف الأولي وهذا المقصد الجوهري من وجوده فإن حياة التناقض والحسرة والتعب سوف تحيط به من كل جانب. ولذلك يمكن أن يقال لكل عاقل يريد أن يصل إلى هذه الصورة الرائعة، ويستمتع بصوت الضمير الهادئ، ويستشعر طعم السعادة والطمأنينة: هاهو الطريق يبدأ منك، استخدم قدراتك بطريقة عظيمة، امتلك الحكمة الكافية للتمييز بين ما هو صحيح وما هو خطأ، وامتلك الإرادة الجيدة لتحقيق الرغبة في أداء الأشياء الصحيحة فقط، وامتلك القوة الكافية لتنفيذ الأشياء الصحيحة. والمبتدأ هو في الإجابة الحقيقية على الأسئلة الكبرى: "من أين جئت؟ ولماذا أنا في الحياة؟ وماذا بعد هذه الحياة"؟ ومن الحقائق المعروفة أنه إذا كان الإنسان لا يدري أين يريد فإن أي طريق سوف يوصل إلى لا شيء، وإذا كان هذا المخلوق المكرم يسير بلا هدف لوجوده وحياته فإنه بذلك يسير على خطة الأمس الكئيب، وفي الغد سوف يصل إلى اليوم الحزين، أما إذا اغتنم الإنسان فرص العقل المدرك، والقلب المستشعر، والروح المتوهجة، والطاقات الهائلة لديه ووجهها لشكر خالقه بالعبادة فإنه بذلك يغتنم نقاط القوة لديه، ليصل إلى الاستقرار والسعادة والسلام الداخلي.

البريد الإلكتروني والصور الخليعة

البريد الإلكتروني والصور الخليعة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة التاريخ 18/4/1424هـ السؤال تأتي إليّ في البريد مناظر مخلة وصور خليعة، وحاولت الامتناع، ولكنه الشيطان ... !؛ فأرجو النصيحة، والدعاء، وشكراً وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإنَّ النظرة المحرّمة سهم من سهام إبليس، إذا نفذ إلى القلب بسمومه، فَتَنه، وحرك كوامن الشهوة فيه، فيكون أول من يصلى سعيرها. فعلى المسلم أن يغض بصره عن الحرام، ولا يتبع النظرة النظرة "يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليس لك الأخرى" رواه أحمد (5/353) ، والترمذي (2777) ، وأبو داود (2149) ، وهو حسن بشواهده. تبدو لأحدنا النظرةُ إلى الصور الفاتنة صغيرةً من الصغائر، ولمماً يمحوه الاستغفار، وهي كذلك في الشرع؛ لا تعدو أن تكون صغيرة من الصغائر، ولكن من الخطأ أن نقيس خطورة النظرة إلى الصور الفاتنة بهذه الطريقة البسيطة، والتي تقيس خطورتها هكذا مجردةً عن علائقها وآثارها ومآلاتها إنما تقاس خطورة النظر باعتبار المآل والآثار، فالنظرة قد تستدعي أختها، وهكذا يُستدرج الناظر في هذا المهيع، فيقع في دوامة الإدمان، والإصرار على الصغائر كبيرةٌ. وقد يصل به الأمر إلى عشق الصور وصاحباتها، وقد يقوده هذا إلى مقارفة الفاحشة، والعياذُ بالله. فاحزمْ الأمر، وخذ العزم، وعاهد نفسك على أن لا تعود لمثلها مرةً أخرى، فهذه الصور المحرمة التي تُرسل إلى بريدك الإلكتروني ينبغي أن تواجهها بالحزم والعزم من البداية، وفي ظني أن كثيراً من مواقع البريد المجاني تمنح المشترك خاصية حجب ما يشاء من العناوين البريدية المزعجة، وكذلك خاصية حذفها، فبادر بحجب هذه العناوين البريدية وحذفِها؛ لأن تركها قد يغريك بالنظر مرة أخرى، ومن ثم تصبح أسيراً للصور الفاتنة، ويصعب عليك الفكاك منها. يا أخي! كلنا خطّاؤون، ولكن خيرنا من يتوب. فعليك أن تتبع السيئة الحسنة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "وأتبع السيئة الحسنة تمحها"، رواه الترمذي (1987) ، من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-، وأن تكثر من الاستغفار وفعل الحسنات، فإن الحسنات يُذهبن السيئات. وفقك الله، وهداك، وثبتك، وحماك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

هل من رجحت حسناته على سيئاته يدخل الجنة من أول وهلة؟

هل من رجحت حسناته على سيئاته يدخل الجنة من أول وهلة؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة التاريخ 8/10/1424هـ السؤال سمعت أن من طغت حسناته على سيئاته دخل الجنة، ومن طغت سيئاته على حسناته دخل النار، كيف يكون ذلك والمؤمن وإن كانت سيئاته أمثال الجبال يدخل الجنة؟ أرجو التوضيح ... وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، لا يقال: من طغت حسناته على سيئاته، أو سيئاته على حسناته، بل يقال: من رجحت حسناته، أو رجحت سيئاته؛ لأن هذا المعنى يتعلق بوزن الأعمال، كما قال سبحانه: "وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ" [الأعراف:8-9] ، ودلت النصوص على أن من رجحت حسناته على سيئاته دخل الجنة من أول وهلة، وأما من كان له سيئات ترجح على حسناته فإن كان من أهل التوحيد فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه، ثم يخرجه من النار، ويدخله الجنة، ومن لم يكن من أهل التوحيد فإنه لا يعتد له بشيء من الحسنات، فإن سيئة الكفر والشرك تحبط جميع الأعمال كما قال تعالى: "وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [الزمر:65] ، فالمؤمن الموحد إن كانت له ذنوب قد يعذب في النار، ثم يخرج منها، ولا يخلد في النار أحد من أهل التوحيد كما تواترت بذلك السنة، ومهما كانت الذنوب التي دون الشرك عظيمة وكثيرة فإنها لا تبطل حسنة التوحيد ولا توجب الخلود في النار، بل ولا يلزم منها دخول النار، لأنها تحت مشيئة الله، فمن شاء الله أن يغفر له لم يدخل النار ومن شاء أن يعذبه من أهل التوحيد لم يخلده في النار؛ بل يخرجه منها بشفاعة الشافعين من الملائكة والأنبياء والصالحين، وأعظم ذلك شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم- لأمته ويخرج الله أقواماً من أهل التوحيد من النار بمحض رحمته وهو أرحم الراحمين. وأما من مات على الشرك والكفر فإنه مخلد في النار، كما قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ" [البينة:6] ، فهؤلاء هم أهل النار الذين لا يموتون فيها ولا يحيون، نعوذ بالله من النار ومن حال أهل النار، والله أعلم.

المسارعة في الخيرات

المسارعة في الخيرات المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة التاريخ 10/8/1424هـ السؤال لدي عدة الأسئلة وأرجو أن أجد الإجابة عندكم. (1) في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث وذكر منها صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهذه الأيام حسب علمي هي الأيام البيض الوسطى في الشهر، وسؤالي إذا أنا كنت ممن يداوم على صيام الاثنين والخميس فهل هذا يكفي عن صيام الأيام البيض؟. (2) لقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى 12 ركعة غير الفريضة بنى الله له بيتا في الجنة، وورد عنه أيضا أنه قال من قرأ قل هو الله أحد 10 مرات بنى الله له قصراً في الجنة والسؤال هل هناك فرق بين البيت في الجنة والقصر؟ (3) ما هي الأعمال التي يثاب فاعلها ببيوت الجنة أو قصورها أو نخيلها و.... إلخ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب أما صيام الإثنين والخميس، فهو أكثر أجراً من صيام الأيام البيض، لأن الذي يصوم الاثنين والخميس، فهو يصوم ثمانية أيام في الشهر على الأقل، وهي تحقق الغرض المقصود - والله أعلم -؛ لأن الأحاديث الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التي جاءت بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يبالي في أي الشهر صام، والتي جاءت في صيامه ليوم الاثنين أقوى من الأحاديث التي جاءت في صيام الأيام البيض، ولكن ذكر العلماء - وأكد صحة ذلك الأطباء - أن صيام الأيام البيض له ميزة من ناحية شرعية وصحية أيضاً: فأما الشرعية فللأحاديث التي وردت بها؛ ولأن الكسوف غالباً لا يقع إلا فيها، وقد ورد الأمر بمزيد العبادة فيها، فإن اتفق الكسوف مع الصيام تهيأ له - مع الصلاة والصدقة - نوع من العبادة آخر، خلاف من لم يصمها. وأما الصحية، فلأن هذا الوقت وقت يتهيج فيه الدم، والصوم يضيق مجاري الدم. بالنسبة للحديثين اللذين ذكرتهما، فبيانهما كما يلي: أما الحديث الأول: وهو "من قرأ قل هو الله أحد حتى يختمها عشر مرات بنى الله له بها قصراً في الجنة". فهو حديث منكر؛ لأنه من رواية زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ، وهي سلسلة منكرة، كما نص على ذلك ابن حبان وغيره. وأما الحديث الثاني: فهو ثابت في صحيح مسلم (728) : من حديث أم حبيبة - رضي الله عنها- زوج النبي - صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة غير فريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة أو إلا بِنُي له بيت في الجنة". أما سؤالك عن الأعمال التي يثاب فاعلها ببيت في الجنة ... الخ، فقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة، لكن الذي يثبت منها قليل بالنسبة لما ورد، ومن ذلك حديث عثمان - رضي الله عنه - الذي رواه البخاري (450) ، ومسلم (533) ، واللفظ له: "من بنى مسجداً لله تعالى - قال الراوي: حسبت أنه قال: يبتغي به وجه الله - بنى الله له بيتاً في الجنة".

واعلم أخي زادك الله حرصاً - أن الإنسان إذا دخل الجنة، فإنه سيرى نعيماً لم يخطر على قلبه قط، ولم تره عينه من قبل، ولا سمعت به أذنه، فليكن حرصك بارك الله فيك على أي عمل صالح، فكل الأعمال الصالحة تقود إلى الجنة ولابد، وعلى رأسها الفرائض، فإنه ما تقرب العبد إلى ربه بأعظم ولا أحب له منها، وإذا دخلت الجنة، فلن تيأس ولن تحزن ولن تهرم، وما ظنك إذا كنت داخلاً في رحمة أرحم الراحمين سبحانه؟ الأمر لا يوصف. فاحرص بارك الله فيك على الأعمال الصالحة كلها، وليكن اهتمامك بأوامر الله - عموماً - كبيراً، وبفرائضه أكبر، ولا بأس من البحث عن الفضائل والثواب الخاص الذي ورد في العمل، لكن لا يكن هذا هو همك الأكبر، بحيث إذا لم تجد للعمل الصالح فضلاً خاصاً زهدت في العمل! فإن أي عمل ثبت مشروعيته فهو محبوب لله قطعاً، ويكفي هذا حادياً للمؤمن ودافعاً لكي يعمل هذا العمل، وفقك الله.

هل هذا من الرياء؟

هل هذا من الرياء؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة التاريخ 23/3/1424هـ السؤال السلام عليكم. إني أفضل ألا يذكر أمام الناس أني أعرف أو عندي شيء من ذلك العلم، ولكن إذا ذكر غيري ولم أذكر أنا أحس بشيء في نفسي، هل هذا رياء؟ وما العلاج -أثابك الله-؟ وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: الرياء، هو: عمل الإنسان للأعمال الصالحة من أجل نيل ثناء الناس وإعجابهم غير مخلص لله أو راجٍ ما عنده من الثواب. ويظهر لي أنك تجاهد نفسك في توخي الإخلاص، وتكره الوقوع في هاوية العجب والرياء وحب الظهور، لكن مع ذلك لا زالت لديك بقية رغبة في الظهور والتصدر وهذه آفة، كثيراً ما يقع في شَرَكِها بعض طلاب العلم، فاحذر من الاستجابة لدواعي النفس ونوازع الهوى، وجاهد نفسك في طلب ما عند الله، وأنصحك بقراءة قصة أويس القرني الواردة في صحيح مسلم (2542) من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وغيرها من قصص السلف في هذا المجال، والله يوفقك، والسلام.

هل تذم إطالة البنيان بإطلاق

هل تذم إطالة البنيان بإطلاق المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة التاريخ 29/1/1425هـ السؤال هل تطويل البناء مذموم شرعاً؟ قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قد ورد في ذم تطويل البناء صريحاً ما أخرج ابن أبي الدنيا من رواية عمارة بن عامر "إذا رفع الرجل بناء فوق سبعة أذرع نودي يا فاسق إلى أين؟ "، وفي سنده ضعف مع كونه موقوفاً، فهل صحّ في هذا الباب شيء؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فإن التطاول في البنيان مذموم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى يتطاول الناس في البنيان" رواه البخاري في كتاب الفتن رقم: (7121) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. وكذلك ما جاء في حديث جبريل - عليه السلام - في الإيمان، فإن فيه: "وإذا تطاول رعاة الإبل البُهْم في البنيان" رواه البخاري (50) ومسلم (9) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولم يقصد بهذا الوصف إلا ذم فاعله، والتطاول يقتضي فعلاً يدور بين اثنين أو أكثر لأن فاعل وتفاعل لا يكون إلا في مشاركة أو انفعال، والحديث يشير إلى أن الناس في آخر الزمان يتباهون بإطالة البنيان ويتفاخرون بها، وما كان مذموماً فهو معاقب عليه سيما إذا صرفت فيه الأموال فإن الله - تبارك وتعالى- سائله عنها؛ كما روى خباب بن الأرت: "كل نفقة يؤجر عليها المرء إلا ما كان في التراب"، وكما جاء في حديث واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه-: "كل بنيان وبال على صاحبه إلا ما كان هكذا" وأشار بكفه. رواه الطبراني في الكبير (22/131) . وأما سؤال السائل: فهل صح في هذا الباب شيء؟ فإن عنى به قدر الوعيد أو نوعه أو كيفيته فما أشرنا إليه كاف - إن شاء الله - في المقصود، وإن عنى بذلك أن ما تجاوز مقداره سبعة أذرع، أو بيان حد الطول الذي يلحقه الذم فلا أعلم في ذلك حديثاً يثبت. والله أعلم.

هل معاقبة النفس عند المعصية بالتصدق بدعة؟!

هل معاقبة النفس عند المعصية بالتصدق بدعة؟! المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة التاريخ 27/3/1425هـ السؤال نحن أربعة أصدقاء ملتزمون حديثاً، لكن يصيبنا الفتور بسرعة، ونحن نعد من الملتزمين مع ما نراه في أنفسنا من التقصير الشديد، وحيث إنه لا يوجد لدينا الشيخ المربّي (فنحن في صعيد مصر والمشايخ ممنوعون من الذهاب له) اتفقنا على أن نعاقب أنفسنا إذا قصرنا في الطاعات، واتفقنا على ذلك بأن كل تغير في أمر معين نتصدق بمبلغ حددناه، بحيث نجمع المبلغ آخر الأسبوع ونتصدق به، ونعين بعضنا على الطاعات، لكن بعد أيام من هذا الاتفاق هناك من قال لنا إن هذا لا يجوز، وأنه بدعة، حيث لم يثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم- أو السلف -رضوان الله عليهم- هذا الأمر، وهو نوع العقاب، وأن هذا يجعلنا نعمل للمال وليس لله -عز وجل-. أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا شك أن الذي حثت عليه النصوص الشرعية في مواطن كثيرة عند اقتراف الذنوب إنما هو التوبة والاستغفار وعمل الصالحات، يقول الله -سبحانه وتعالى-: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" [آل عمران:135] ، وقال تعالى: "للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار" [آل عمران:15-17] وقال تعالى: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" [الأنفال:33] ، وقال تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود:114] . وعن علي -رضي الله عنه- قال: (إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني به وإذا حدثني رجل من أصحابه - رضي الله عنهم- استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر - رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ثم قرأ هذه الآية: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" [آل عمران:135] . أخرجه أحمد (2) والترمذي (406) وأبو داود (1521) وابن ماجة (395) وصححه ابن حبان. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: قال الله -تعالى-: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالى، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي, يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" رواه الترمذي (3540) .

وعن أبى سعيد الخدرى -رضي الله عنه- أن رسول الله قال: "إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم, فقال الرب تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني"، أخرجه أحمد (10851) وأبو يعلى في مسنده (1399) والحاكم في المستدرك (7672) وقال: صحيح الإسناد. وأخرج الإمام أحمد (13081) عن أنس -رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: "والذي نفسي بيده أو قال والذي نفس محمد بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله -عز وجل- لغفر لكم والذي نفس محمد بيده أو والذي نفسي بيده لو لم تخطئوا لجاء الله -عز وجل- بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم". وقال حذيفة -رضي الله عنه-: "كنت رجلا ذرب اللسان على أهلي قلت يا رسول الله قد خشيت أن يدخلني لساني النار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأين أنت من الاستغفار؟ إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة"؛ رواه أحمد (22829) ، وابن ماجة (3817) . والنصوص في تقرير هذا أكثر من أن تحصر. أما ما ذكره السائل من عقوبة المسلم نفسه لمنعها من اقتراف السيئات أو التكفير عنها فلا يظهر المنع منه؛ فإن جنسه وارد عن بعض السلف , لكن بشرط أن يكون بأمر مباح، أو مشروع في الجملة، وغير مطرد في كل الأحوال حتى لا يزهد في ما دعت إليه النصوص السابقة، وذلك لأن بعض الأنفس تحتاج أحيانا إلى تأديب كما يؤدب الصبيان ونحوهم. ولعل مما يمكن أن يستأنس به في هذا المقام ما يأتي:

1- ما جاء في صلح الحديبية عندما ناقش عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - النبي -صلى الله عليه وسلم - عن الصلح، وفيه قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: فأتيت نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: ألست نبي الله حقا قال: "بلى" قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى" قلت: فلم نعطي الدنية في دينناإذاً؟ قال: "إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري" قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بلى فأخبرتك أنا نأتيه العام" قال قلت: لا قال: "فإنك آتيه ومطوف به" قال: فأتيت أبا بكر - رضي الله عنه - فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا؟ قال: بلى قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام قلت: لا قال: فإنك آتيه ومطوف به قال الزهري: قال عمر - رضي الله عنه -: فعملت لذلك أعمالا ... أخرجه البخاري (2731 -2732) ،، وموطن الشاهد منه قوله رضي الله عنه: (فعملت لذلك أعمالا) ، قال الحافظ ابن حجر:" المراد به الأعمال الصالحة ليكفر عنه ما مضى من التوقف في الامتثال ابتداء، وقد ورد عن عمر - رضي الله عنه - التصريح بمراده بقوله: أعمالا، ففي رواية ابن إسحاق وكان عمر- رضي الله عنه- يقول: (ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به) ، وعند الواقدي من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: عمر- رضي الله عنه- لقد أعتقت بسبب ذلك رقابا وصمت دهرا" فتح الباري (5/346) . 2- ما جاء في صحيح البخاري (6075) وغيره من حديث عائشة -رضي الله عنها- لما خاصمت عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - فنذرت أنها لا تكلمه أبدا، ثم إنه دخل عليها بعد ذلك وطفق يناشدها ويبكي، وطفقت تبكي وتقول: إني نذرت والنذر شديد، فلم يزل بها حتى كلمته، ثم أعتقت عن نذرها ذلك أربعين رقبة، ثم كانت تذكر نذرها ذلك بعدما أعتقت أربعين رقبة فتبكي حتى تبل دموعها خمارها. فهنا رأت عائشة -رضي الله عنها- التكفير بهذا القدر مع أن الواجب في هذه الحال كفارة يمين. 3- ما جاء في الأوسط للطبراني (2/335) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اشتغل فأخر المغرب حتى طلع نجمان، فأعتق رقبتين لتأخيره المغرب حتى طلع النجمان. 4- ما جاء في سير أعلام النبلاء (9/223-228) عن ابن أبي حاتم قال حدثنا أبي حدثنا حرملة سمعت ابن وهب يقول نذرت أني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما فأجهدني فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم فمن حب الدراهم تركت الغيبة. قال الذهبي هكذا والله كان العلماء، وهذا هو ثمرة العلم النافع "وقد قال الذهبي في أول ترجمته: "عبد الله بن وهب بن مسلم الإمام شيخ الإسلام أبو محمد الفهري مولاهم المصري الحافظ. فهنا نجد الإمام الذهبي على جلالة قدره لم ينكر هذا الفعل على ابن وهب، مع أنه نص في محل سؤال السائل، بل عده من فضائله وحسناته.

5- وفي سير أعلام النبلاء (6/366) : عن ابن عون أن أمه نادته فأجابها فعلا صوته صوتها، فأعتق رقبتين. وقال عنه الذهبي: عبد الله بن عون بن أرطبان الإمام القدوة عالم البصرة أبو عون المزني مولاهم البصري الحافظ. 6- وفي الزهد لعبد الله بن المبارك: عن ابن أبي ربيعة القرشي أنه فاتته الركعتان قبل الفجر فأعتق رقبة. 7-وفي مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة المقدسي -رحمه الله-: ذكر في باب المحاسبة والمراقبة أن ذلك يتم بالمشارطة، ثم المراقبة، ثم بالمحاسبة، ثم بالمعاقبة، ثم بالمجاهدة، ثم بالمعاتبة، فكانت ست مقامات، وأصلها المحاسبة، ولكن كل حساب يكون بعد مشارطة ومراقبة، ويتبعه عند الخسران المعاتبة والمعاقبة. ثم ذكر تحت مقام المعاقبة ما يأتي:" اعلم: أن المريد إذا حاسب نفسه فرأى منها تقصيراً، أو فعلت شيئاً من المعاصي فلا ينبغي أن يمهلها، فإنه يسهل عليه حينئذ مقارفة الذنوب ويعسر عليه فطامها، بل ينبغي أن يعاقبها عقوبة مباحة كما يعاقب أهله وولده. وكما روي عن عمر -رضى الله عنه-: أنه خرج إلى حائط له، ثم رجع وقد صلى الناس العصر، فقال: إنما خرجت إلى حائطي، ورجعت وقد صلى الناس العصر، حائطي صدقة على المساكين. قال الليث: إنما فاتته الجماعة وروينا عنه أنه شغله أمر عن المغرب حتى طلع نجمان، فلما صلاها أعتق رقبتين. وحكى أن تميم الداري -رضى الله عنه- نام ليلة لم يقم يتهجد فيها حتى أصبح، فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع. ومرّ حسان بن سنان بغرفة فقال: متى بنيت هذه؟ ثم أقبل على نفسه فقال: تسألين عما لا يعنيك! لأعاقبنك بصوم سنة، فصامها، فأما العقوبات بغير ذلك مما لا يحل، فيحرم عليه فعله، مثال ذلك: ما حكى أن رجلاً من بنى إسرائيل، وضع يده على فخذ امرأة، فوضعها في النار حتى شلت، وأن آخر حوّل رجله لينزل إلى امرأة، ففكر وقال: ماذا أردت أن أصنع؟ فلما أراد أن يعيد رجله قال: هيهات رجل خرجت إلى معصية الله لا ترجع معي، فتركها حتى تقطعت بالمطر والرياح، وأن آخر نظر إلى امرأة فقلع عينيه، فهذا كله محرم، وإنما كان جائزاً في شريعتهم، وقد سلك نحو ذلك خلق من أهل ملتنا، حملهم على ذلك الجهل بالعلم، كما حكى عن غزوان الزاهد: أنه نظر إلى امرأة، فلطم عينه حتى نفرت والله ولي التوفيق.".

غض البصر في بلاد الغرب

غض البصر في بلاد الغرب المجيب يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة التاريخ 9/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. كيف يمكن للشاب المسلم غض البصر في بلد مثل كندا? وبخاصة في فصول الدراسة، حيث البنات مع البنين، وغالباً ما تكون الطالبة متبرجة تبرجاً سافراً تبدو معه البطن أو الفخذ، ماذا نفعل في مثل هذه الأوضاع، لاسيما أن إغماض العين طيلة الحصة متعسّر جداً. أرجوكم أرشدوني. الجواب أخي الفاضل: أسأل الله أن يقيك موارد السوء. قضية غض البصر من أكبر مصائب الإقامة في بلاد الغرب، بل في العالم كله، إلا البلاد التي منَّ الله عليها بتطبيق الإسلام، لا يخفى عليك أيها الأخ أن ربنا -سبحانه وتعالى- أمرنا بغض البصر أمام المرأة الأجنبية، قال تعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" [سورة النور:30] . أما إذا ما ابتلاك الله بالنظرة الأولى الخاطفة فلا إثم عليك -إن شاء الله- وهي التي تسمى بنظرة الفجأة، فعليك حينها أن تصرف نظرك بسرعة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه-: "يا علي: لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة" رواه الترمذي (2777) ، وأبو داود (2149) من حديث بريدة. اختر مكاناً في الفصل يكون أقل شراً من الصفوف المباشرة للمعلمة، واجعل بصرك متجها دائماً إلى السبورة وليس إلى المعلمة، أما إغماض العين فلم يأمرنا الله به، واعلم أنك كلما صارعت المنكر وسط الفتن والمحن أثابك الله على صبرك أجراً عظيماً؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "العبادة في الهرج كهجرةٍ إلي" رواه مسلم (2948) من حديث معقل بن يسار -رضي الله عنه-.

هل هذا من وسوسة الشيطان أم من النفس؟!

هل هذا من وسوسة الشيطان أم من النفس؟! المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة التاريخ 03/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أضع بين أيديكم مشكلتي راجيا أن تجيبوني؛ لأنها مشكلة تؤرقني كثيراً حتى أني فكرت أن أضع حداً لحياتي بسببها؛ أنا شاب تبت منذ عدة أسابيع، وأقوم بالفرائض -والحمد لله-، المشكلة هي أنني كل مرة أصلي فيها أو أقرأ القرآن أو أذكر الله أشعر أن نفسي بداخلي تنكر علي ما أفعل، مثلا أقرأ القرآن، وعندما أصل إلى آية مثل: "إن الله عليم خبير"، أحس نفسي تتكلم بداخلي، وتقول: إن الله لا يعلم شيئًا، مثال آخر: عندما أدعو الله، وأقول: اللهم اغفر لي، تقول نفسي بداخلها: لا يهم، سواء أراد الله أن يغفر أم لا، وأمثلة كثيرة من هذا النوع، أستعيذ كثيرًا بالله من الشيطان ظنًا مني أنها وسوسة الشيطان، ولكن لا شيء يتغير، حتى أني أحيانًا أستعيذ بالله من نفسي ولاشيء يتغير أيضًا، فما العمل؟ فكرت أن أترك العبادة؛ لأنه لا يمكنني القيام بشيء أحس أن نفسي تنكره علي، ثم فكرت في الانتحار؛ لأنني لا أقبل أن تجرح نفسي وتنكر على خالقي، فما العمل؟ هل هذا فعلاً من وسواس الشيطان، أم أنني إنسان غير طبيعي ومريض؟ أم أنّ الله غاضب علي؟ ساعدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: أنصح السائل أن يتقي الله -تعالى- في كل أموره، وأن يشكر ربه الذي فتح عليه بالتوبة والاستقامة. ثانياً: أن يعلم أن الشيطان عدو له، وأنه توعَّد آدم أن يلعب على ذريته، فقال: "لأحتنكن ذريته إلا قليلاً" [الإسراء: 62] ، كما ذكر الله -تعالى- عنه، وكما حكى الله -تعالى- عنه أنه قال: "لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين" [الأعراف: 17] ، هذه الآيات يجب على الأخ السائل أن يضعها نصب عينيه، وإذا عرض له الشيطان فينفث عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان، ويشغل ذهنه وفكره بذكر الله، والاستغفار والتكبير والتهليل والتحميد والتسبيح، ولا يترك عنده فراغاً يدخل عليه الشيطان منه، ولا يثق فيه؛ لأن الشيطان عدو له، والله -تعالى- حذَّرنا من وساوس الشيطان بقوله تعالى: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ" [فاطر:6] .

ولهذا فإن الشيطان -كما ذكر السائل في سؤاله- يوسوس له، حتى أنه فكر أن ينتحر، وهذا هو المطلب المهم للشيطان؛ لأن الإنسان إذا انتحر انقطع عمله الصالح، وختم له بالخاتمة السيئة، ومآله إلى عذاب النار، ويستحق اللعنة والغضب من الله وله عذاب عظيم، وهذا هو غاية ما يريد الشيطان، فعليك أن تدرك هذا الأمر، وأن تتعامل مع الشيطان معاملة العدو للعدو، ولا تصغِ إليه ولا تثق فيه، وينبغي أن تنظر إلى وساوسه على أنها توجيهات جديدة من إبليس، فلا بد من المدافعة، ولا بد من التصدي لهذا العدو في الاستقامة على الحق، ومجالسة الأخيار، والاشتغال بذكر الله قبل ذلك، واجتهد في الأذكار الشرعية، واجعل لسانك دائماً رطباً بذكر الله، ولا تتح مجالاً للشيطان ينفذ منه إليك بهذه الوساوس، فإن فتح المجال للشيطان يدل على الثقة به، وهو عدو لك كيف تثق به وأنت تعلم أنه عدو. أسأل الله -تعالى- لي وللسائل ولجميع المسلمين أن يعصمنا من كل زلل، وأن يعيذنا من الشيطان وحزبه. والله ولي التوفيق.

الحب في الله والبغض في الله

التهادي في الله بين الرئيس والمرؤوس المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الحب في الله والبغض في الله التاريخ 21/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أنا موظفة في مدرسة خاصة، وعلاقتي مع المديرة علاقة أخوة في الله، فهل يجوز لي تبادل الهدايا معها؟ علماً أن الرواتب مقدرة من صاحب المدرسة ولا يوجد تقييم خاص. الجواب إذا كان الحال كما ذكرت فلا حرج عليك من تقديم هدايا إلى المديرة، والأعمال بالنيات، وفقك الله.

درجات الأخوة في الله

درجات الأخوة في الله المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الحب في الله والبغض في الله التاريخ 3/12/1424هـ السؤال لدي عدد من الأخوات في الله جمعني بهن حب الإسلام، إلا أن مستوى علاقتي بهن مختلف، فهناك من كان بيننا عمل دعوي مشترك، وهناك من قدمن لي خدمات ومساعدات، وهناك من جمعتني بهن الغربة، رغم أن الجميع كانت أخوتنا بهن في الله (كما أحسب والله حسيبنا) ، واليوم كثرت المسئوليات، فلا أعرف كيف أؤدي حقوقهن وأريد أن أسأل مَن مِن هؤلاء أولى حتى أرتب على ذلك أدائي لحقوقهن؟ وهل يجتمع المتآخون في الله يوم القيامة وإن اختلفت درجاتهم؟ وهل تعد أخوة في الله إذا انقطعت الأخت عن أختها مدة عامين لظروف حتى ماتت إحداهما وهي لم ترها بعد؟ أعتذر لتعدد الأسئلة، وذلك لأنها حول محور واحد. وجزاكم الله خيراً مع طلبنا منكم الدعاء لنا ولجميع أخواتنا في الله. الجواب إلى الأخت الكريمة:- وفقها الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: (1) كل من كانت من الأخوات أكثر عليك فضلاً فصلتها أولى، ومن تتيسر صلتها فالأمر من باب الفضائل، ومن لا تتيسر صلتها فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ومن عجزت عن صلتها فلك أجر النية إن شاء الله. (2) ظاهر النصوص أن المتحابين في الله يجتمعون ولو اختلفت درجاتهم، وهم على مثل منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء انظر ما رواه الترمذي (2390) ، وأبو داود (3527) من حديث عمر ومعاذ -رضي الله عنهما-والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "أنت مع من أحببت" رواه البخاري (3688) ، ومسلم (2639) من حديث أنس -رضي الله عنه-. والله أعلم. (3) إذا انقطعت الأخت أو الأخ عن أختها أو أخيه لظروف مانعة حتى مات أحدهما، وهي في نيتها وصلها فهي بنيتها -إن شاء الله- ولها ما نوت؛ لأن فضل الله عظيم. وختاماً: أسأل الله لك الثبات، وأن تكون الأخوة في الله خالصة لوجهه الكريم، وأن تكوني وجميع الأخوات من أنصار دينه اللهم آمين.

فضائل الذكر وفوائده

حديث ... هل أنشره في الإنترنت؟! المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها التاريخ 24/7/1422 السؤال ما صحة هذا الحديث؟ وهل تنصحوني بنشره إذا كان صحيحاً في المنتديات؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: " من قال حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شئ قدير " عشر مرات كتب الله بكل واحدة قالها عشر حسنات، وحط الله عنه عشر سيئات، ورفعه الله بها عشر درجات، وكن له كعشر رقاب، وكن له مسلحة من أول النهار إلى آخره ولم يعمل يومئذ يقهرهن"، وحين يمسي له مثل ذلك. الجواب السلام عليك ورحمته وبركاته، وبعد، فبين يدي جواب سؤالك، فإني أحمد لك أمرين دلت عليهما مسألتك: أولهما: حرصك على نشر الخير، ودلالة إخوانك المسلمين عليه، من خلال نشر هذا الحديث في المنتديات التي طفحت بفضول القول ومكرور الكلام. وثانيهما: تثبتك في عملك، وسؤالك عن صحة الخبر قبل نشره، وخيراً صنعت إذ سألت، وقد أحسن من انتهى إلى ما علم. زادك الله بصيرة وهدى، وجعلك من مفاتيح الخير ودعاة الحق، ثم إني أختصر لك الجواب اختصاراً في نقاط: الأولى: هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه أحمد في (المسند 23568) من حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من قال حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير (عشر مرات) كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات، وحط عنه بها عشر سيئات، ورفعه الله بها عشر درجات، وكن له كعشر رقاب، وكنّ له مسلحة من أول النهار إلى آخره، ولم يعمل يومئذ عملاً يقهرهنّ، فإن قال حين يمسي فمثل ذلك " وهو حديث صحيح. وهو عند البخاري (6404) مختصراً، بمعناه، وفيه " كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل "، وعند مسلم (2693) بمعناه مختصراً، وقال:" كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل ". ثانياً: جاء معنى الحديث عن جمع من الصحابة منهم: أبو هريرة، ومعاذ بن جبل، وأبو أمامة، وعبد الرحمن بن غنم، وأبو عياش، وغيرهم. وانظرها في (الترغيب والترهيب) ، باب (الترغيب في أذكار يقولها بعد صلاة الصبح) و (سلسلة الأحاديث الصحيحة) رقم (2563) . ثالثاً: اختلفت الروايات في عدد الرقاب التي تعدل هذا الذكر، قال الحافظ في (الفتح) : " واختلاف هذه الروايات مع اتحاد المخرج يقتضي الترجيح بينها، فالأكثر على ذكر أربعة ". رابعاً: ظاهر إطلاق الحديث أن الأجر يحصل لمن قال هذا التهليل في اليوم متوالياً أو متفرقاً في مجلس، أو مجالس في أول النهار أو آخره، لكن الأفضل أن يأتي به أول النهار متوالياً، ليكون له حرزاً جميع نهاره، وكذا في أول الليل ليكون له حرزاً في جميع ليله.

خامساً: ترتب هذا الثواب العظيم على هذا الذكر دليل على شرفه، وفضله، وعظيم ما احتواه من المعاني، ففيه توحيد الله - جل جلاله - بقوله: (لا إله إلا الله) ، وتأكيد هذا التوحيد بقوله: (لا شريك له) ، وتمجيده - جل وعلا - بقوله: (له الملك) ، وحمده -سبحانه وتعالى - بقوله: (له الحمد) ، والثناء عليه وتعظيمه - سبحانه - بقوله: (وهو على كل شيء قدير) . فمن قال هذا الذكر فقد وحد ربه، ومجّده، وحمده، وعظّمه، وأثنى عليه، وهو - سبحانه - أهل الثناء والمجد، جل ربنا وتعالى وتقدس. سادساً: ما ذكر في هذا الحديث من ثواب هذا الذكر ليس حصراً للثواب، وإنما ذكر لبعضه، وللذكر فوائد وثمرات طيبة مباركة من أجلّها: ذكر المولى - جل وتقدس - لعباده الذين يذكرونه: "فاذكروني أذكركم " فهل ثمة شرف لهذا المخلوق الضعيف أعظم من أن يذكره مالك الملك في الملأ الأعلى؟ كما في الحديث القدسي " وإن ذكرني في ملإٍ ذكرته في ملأ خير منهم ". أخرجه البخاري (7405) . وارجع - زادك الله توفيقاً وهدى - إلى مقدمة (الوابل الصيّب) للإمام الرباني ابن القيم، فإنه سيوقفك على فوائد مجتناة في فضل الذكر يفصلها لك بِنَفَس العالم المتألّه الذي عرف فوصف، وذاق طعم المناجاة والذكر، فأخبر عنها خبر العارفين. سابعاً: في هذا الحديث مشهد من مشاهد كرم الله وجوده، وسعة فضله، حيث يعطي هذا العطاء الغامر ثواباً لعمل يسير لا يأخذ من جهدك ووقتك إلا أقل القليل، ولكنه عطاء الكريم الغني، كما أن فيه دلالة على باب من أبواب الخير، وطريق من طرق كسب الثواب، وكان من فضل الله - جل جلاله - أن نوّع طرق الخير ويسرها، حتى يجد كل ما يناسبه ويقدر عليه، وقد بوب النووي ـ رحمه الله ـ في كتابه الماتع (رياض الصالحين) باب في كثرة طرق الخير، وألف الحافظ الدمياطي كتابه الحفيل (المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح) فجمع فيه فأوعى من الأحاديث الدالة على أنواع من أعمال الخير مثاب عليها بعظائم الأجور، وهو لك مفيد إذا رجعت إليه مع التثبت من صحة الأحاديث المذكورة فيه. جعلنا الله وإياك من المسارعين إلى الخيرات، ورزقنا إخلاص القصد، وصدق القول، وصلاح العمل، والله أعلم.

الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة

الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة المجيب د. عبد العزيز بن محمد الحميدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 10/8/1422 السؤال ما حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والتعوذ وقول لا حول ولا قوة إلا بالله في الخطبة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد. الصلاة على رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام أمرها عظيم وفضلها كبير، وهي من فضائل الأعمال المقربة إلى الله تعالى. وتكون واجبة في بعض الحالات ومستحبة في حالات أخرى. أما حالات وجوبها. 1. ففي نهاية كل صلاة في التشهد الأخير يجب الصلاة والسلام على رسول الله بالصيغة الإبراهيمية التي علمها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ثم بعد ذلك يدعو المصلي بما شاء. 2. عند ذكر اسمه عليه الصلاة والسلام فإذا ذكر وجب على المستمعين الصلاة والسلام عليه، لما دل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -:"رغم أنف امرئ ذكرت عنده ثم لم يصلّ عليّ ". ولقوله - صلى الله عليه وسلم -:" البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصلّ عليّ ". 3. وكذلك في خطبة الجمعة والعيدين على الصحيح من أقوال العلماء وأنها ركن في الخطبة، أما الاستحباب ففي كل وقت، ويتأكد ذلك يوم الجمعة وليلة الجمعة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن من خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا فيه من الصلاة عليّ فإن من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً " ومن أراد المزيد في الموضوع فعليه بكتاب " جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام " للإمام ابن قيّم الجوزية - رحمه الله - أما التعوذ وقول لا حول ولا قوة إلا بالله فلا أعلم أنه واجب في الخطبة، ولكن التعوذ يكون عند الغضب وعند تلاوة القرآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة فينبغي قولها دائماً، وخصوصاً عند قول المؤذن حي على الصلاة وحي على الفلاح. والله أعلم.

ما صحة هذا الذكر؟

ما صحة هذا الذكر؟ المجيب د. محمد بن تركي التركي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/فضائل الذكر وفوائده التاريخ 1/8/1424هـ السؤال هل صحيح أن من قال: "لا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، أستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هو الأول والآخر والظاهر والباطن يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير"، هل من قال ذلك يحصل على سبعة أشياء؟، وهي: -يحرس من إبليس. -يعطى قنطاراً من الأجر. -يحضره اثنا عشر ألف ملك. -ترفع له درجه. -يزوجه الله من الحور العين. -يكون له من الأجر كمن قرأ القرآن والإنجيل والزبور. -وله أيضاً الأجر كمن حج أو اعتمر فقبلت منه حجته أو عمرته، فإن مات من ليلته مات شهيداً؟. الجواب الحديث الذي أشارت إليه السائلة هو ما ورد عن ابن عمر أن عثمان بن عفان سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قوله -تعالى-: "له مقاليد السماوات والأرض"، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما سألني عنها أحد قبلك يا عثمان. تفسيرها: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده ... " إلى آخر ما ذكرته السائلة في الحديث. وهذا الحديث أخرجه أبو يعلى في المسند الكبير (كما في المقصد العلي 3/4226، رقم 1647، وفي المطالب العالية 4/149، رقم 3713) ، وعن أبي يعلى أخرجه ابن السني في (عمل اليوم والليلة، رقم 73) ، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (كما في تفسير ابن كثير 7/112) ، والعقيلي في (الضعفاء 1/118,117، وفي 4/232،231) ، وابن الجوزي في (الموضوعات 1/214، رقم 301) ، والبيهقي في (الأسماء والصفات 1/40) ، وابن المنذر في تفسيره، وابن أبي عاصم، وابن مردويه في تفسيره، وأبو الحسن القطان في المطولات (كما في اللالئ المصنوعة 1/88) . من طرق عن الأغلب بن تميم، حدثنا مخلد أبو هذيل، عن عبد الرحمن المدني، عن ابن عمر، نحوه. وقال الإمام النسائي: "لا يعرف هذا من وجه يصح، وما أشبهه بالوضع" (لسان الميزان 6/10) . وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، وقال: "وهذا الحديث من الموضوعات النادرة التي لا تليق بمنصب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه منزه عن الكلام الركيك والمعنى البعيد". وقال ابن كثير في تفسيره: "وهو غريب وفيه نكارة شديدة". وقال الذهبي في (الميزان 4/85) ، في ترجمة مخلد: "هذا موضوع فيما أرى". وقال السيوطي في (اللالئ 1/87) : "موضوع، الأغلب ليس بشيء، ومخلد منكر الحديث، وشيخه ضعيف". وللحديث طريق أخرى عن ابن عمر، ومع اختلاف في ألفاظه أوردها السيوطي في اللالئ، وهي شديدة الضعف. وخلاصة ما تقدم: أن الحديث بهذه الألفاظ لا يثبت، وحكم عليه غير واحد من الأئمة بالوضع. ولكن فيما ورد في فضل الذكر عموماً، وفي بعض الأذكار خصوصاً أحاديث كثيرة جداً، وكثير منها صحيح، وفيها غنية عن مثل هذه الأحاديث، وهي موجودة في كتب الأذكار والأدعية، والله أعلم.

التسبيح عند غروب الشمس

التسبيح عند غروب الشمس المجيب د. محمد بن سريّع السريّع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/فضائل الذكر وفوائده التاريخ 17/10/1423هـ السؤال هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسبح عند غروب الشمس؟ أقصد بالتسبيح الذكر وليس صلاة المغرب. الجواب ورد الأمر بالتسبيح قبل غروب الشمس في كتاب الله تعالى كقوله تعالى: "وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ" الآية [قّ: 39] وقال: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال ... "، وقال: "واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا"، وقد حث النبي عليه السلام أمته على كثير من الأذكار في الصباح والمساء يدخل فيه ما كان قبل الغروب، والله أعلم.

الأذكار المطلقة

الأذكار المطلقة المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/فضائل الذكر وفوائده التاريخ 19/10/1424هـ السؤال لقد عودت نفسي على قول بعض الأذكار وتخصيصها في بعض الأماكن والأوقات، فمثلا: أقول "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" عشر مرات عندما أركب السيارة. أقول "أستغفر الله وأتوب أليه" في ذهابي وعودتي من المسجد، أقول "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم "خمسين مرة قبل أن أنام، فهل قيامي بهذا العمل يعتبر ابتداعاً وبدعة في الدين؟ مع أنني أعلم أنه لم يرد في الدين ما يدل على تخصيص هذه الأماكن بهذه الأذكار. وإنما هنالك أذكار خاصة بهذه الأماكن وأقولها أنا في بعض الأحيان. وأفيدكم بأن قيامي بهذا العمل ليس بديلا عن الأذكار الخاصة بهذه الأماكن، وإنما أقولها لكي أذكِّر نفسي وأعودها على كثرة ذكر الله سبحانه وتعالى. ولأنني إن لم أقم بهذا العمل قد يمر علي يوم كامل دون أن أذكر الله. الجواب لقد أحسنت في هذه الأعمال الخيرية وفي هذا الذكر، حيث عودت نفسك على ذلك، وهذه من الأذكار الطيبة، جاء في الحديث بأنها هي الباقيات الصالحات، سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر هي الباقيات الصالحات، انظر المسند (11316) والموطأ (489) سواء قلتها عند ركوبك للسيارة، أو عند قيامك من النوم أو في طريقك أو في أي مكان، فإذا عودت نفسك عند ركوب السيارة، أن تأتي بهذه الأذكار فإن لك أجرها، وكذلك أيضاًَ الاستغفار مأمور به في كل الحالات، أن يقول الإنسان استغفر الله وأتوب إليه في ذهابه وفي ركوبه ونزوله، ونحو ذلك. كل هذا من العمل الصالح، لأن الاستغفار مأمور به، قال تعالى: "واستغفره إنه كان توابا" [النصر:3] ، ونحو ذلك، وهكذا أيضاً سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، هما: "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان على الميزان، حبيبتان إلى الرحمن" البخاري (6406) ومسلم (2694) ، فإذا كررها الإنسان خمسين مرة قبل النوم على الفراش، أو أكثر أو أقل، أو في سيره، أو في ركوبه، فكل ذلك من الأعمال الصالحة، ولا يقول قائل إنها بدعة، وقد جاءت الأدلة بشرعيتها وبالإكثار منها، ولو قيل: إنه لم يرد في الدين ما يدل على ذلك؛ أي ما يدل على تخصيص هذه الأماكن نقول: إنها جاءت مطلقة والأحاديث المطلقة يعمل بها في كل الحالات، وقيامك بهذه الأعمال ما دام أنك لا تستثني الأذكار الخاصة بهذه الأماكن وإنما تقولها زيادة ولتذكر نفسك، فأنتعلى خير، ولك أجر على هذه الأعمال إن شاء الله.

كيف أعوذ أبنائي

كيف أعوذ أبنائي المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/فضائل الذكر وفوائده التاريخ 8/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ حفيديه الحسن والحسين من الشيطان؟ عندما كان يقول أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، هل كان يضع يده اليمنى على رأسيهما ويقول هذا الدعاء؟ ومتى نعوذ أبناءنا به؟ وأين بالضبط؟ جزاكم الله كل خيراً. الجواب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين بقوله: "أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة" رواه البخاري (3371) ، وأهل السنن عن ابن عباس - رضي الله عنهما - هذا هو الوارد فحسب، ومن قرأ ورده بنية أن يكون عنه وعن أهله كفاه ذلك.

التسمية عند سكب الماء

التسمية عند سكب الماء المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/فضائل الذكر وفوائده التاريخ 9/7/1423هـ السؤال هل وردت التسمية عندما يسكب الإنسان ماء حاراً أو عند سقوط طفل أو شيء ما؟ أفيدونا مأجورين. الجواب لا أذكر أنه ورد الندب في التسمية في خصوص ما ذُكر، لكن ذكرك لله من الأسباب التي دلت النصوص أنه يطرد الشياطين ويمنع من شرهم، كما شُرعت التسمية عند الاضطجاع وعند دخول المنزل، وعند الخروج، وعند دخول المسجد، وعند الخروج منه، وكذلك عند دخول الخلاء، فأرجو أن ما يفعله الناس في مثل هذه الأحوال التي أُشير إليها في السؤال أرجو أنه حسن؛ لأن صب الماء الحار ولا سيما في بعض المواضع التي يمكن أن تكون مسكناً للجن يخشى أن يكون له أثر انتقامي، فإذا ذكر الإنسان اسم الله فقال: باسم الله، كان ذلك سبباً في طرد ما يخشى من شر الشياطين، وكذلك إذا سقط الإنسان أو سقط الطفل، وذُكر اسم الله عليه رُجي أن يكون سبباً في سلامته من اعتداء بعض الشياطين، فالحاصل أن ذكر اسم الله فيه خير وهو أعظم أسباب السلامة من الشرور الظاهرة والباطنة، والله أعلم.

ماذا يقول عند دخول بيته الجديد؟

ماذا يقول عند دخول بيته الجديد؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/فضائل الذكر وفوائده التاريخ 26/7/1424هـ السؤال ماذا يفعل من يدخل بيته الجديد لأول مرة؟. الجواب يستحب أن يقول: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"، لما روى مسلم في صحيحه (2708) عن خولة بنت حكيم - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك".

معنى ذكر الله -تعالى-

معنى ذكر الله -تعالى- المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/فضائل الذكر وفوائده التاريخ 29/06/1425هـ السؤال ما المعنى الدقيق لذكر الله -تعالى- وهل لي ببعض الأذكار المفيدة تعينني في مذاكرتي. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فذكر الله -تعالى- يكون بالقلب واللسان والجوارح، فذكره بالقلب تعظيمه وتوقيره وتعليق القلب به ودوام اللجوء إليه والافتقار بين يديه، وما يتعلق بذلك من سائر الأعمال القلبية فهي كلها من ذكر الله. وذكره بالجوارح يعني فعل الطاعات من الواجبات، والنوافل كالصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والإحسان إلى الناس وصلة الأرحام، وكذا ترك المحرمات والمنهيات. وذكره باللسان: يشمل النطق بالشهادتين، وكذا قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، ويشمل أيضاً نشر العلم وقراءته والدعوة إلى الله وقول المعروف والأمر به والنهي عن المنكر، وهناك أذكار مقيدة بأحوال أو أزمان أو أماكن معينة، وأنصحك باقتناء كتاب الأذكار للإمام النووي، وكذا صحيح الكلم الطيب للألباني وغيرها، وستجد فيها بغيتك -إن شاء الله تعالى-.

إذا خشي أن يصيب الآخرين بعين

إذا خشي أن يصيب الآخرين بعين المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/فضائل الذكر وفوائده التاريخ 06/11/1425هـ السؤال ماذا يفعل من يخشى أن يصيب أحدًا بعين؟ وخاصة إذا كان أحيانًا ينسى ذكر الله تعالى؟ وهل هناك ذكر وقائي يذكره المرء كل يوم يقي من العين؟ الجواب الحمد لله، وبعد: فمن خشي أن يصيب أحدًا بالعين فإنه يجب عليه ذكر الله على ما يعجبه مما تقع عليه عينه أو يسمع بخبره، لقوله تعالى: (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ... ) [الكهف: 39] . ولحديث: "إذَا رأَى أحدُكم مِن نَفْسِهِ أوْ مَالِه أوْ أَخِيه شيئًا يُعْجِبُه فَلْيَدْعُ بالبَرَكَةِ فَإِنَّ العَيْنِ حَقٌّ". أخرجه النسائي في الكبرى (10872) . وكذلك عليه أن يتذكر نعم الله عليه لئلا يستكثر نعم الله على خلقه، أما من يخشى أن يصاب بالعين فإن الأوراد الشرعية سبب من أسباب الوقاية من الأضرار، مثل آية الكرسي والمعوذات، وأن يقول: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ مِن شَرِّ مَا خَلَق ... ". ومثل ذلك يتجنب المظاهر اللافتة للانتباه، وألا يعرض نفسه أو ولده على سبيل المغايرة والتفاخر، وأن يقوي إيمانه وتوكله على الله لئلا يكون مهيأً نفسيًّا للإصابة ولو توهمًا. والله أعلم.

آداب الذكر

هل أعدّ الأذكار؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 1/6/1422 السؤال أحرص على الوصول إلى عدد معين في الأذكار، مثلاً: أسبِّح أو أكبّر أو أحوقل..الخ مائة مرة في أوقات متفرقة بأصابعي، فهل تحديد عدد معين في الذكر بدعة؟ حيث قرأت أن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أنكر على قوم كانوا يذكرون الله سبحانه بالحصى فقال لهم: (هلاَّ عددتم سيئاتكم) . ومن جانب آخر كيف نعرف أننا وصلنا الأعداد المطلوبة في بعض الأحاديث مثل قول: (سبحان الله العظيم) مائة مرة؟ الجواب يستحب للمسلم الإكثار من ذكر الله تعالى؛ لأن الله عز وجل يقول ((يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبِّحوه بكرة وأصيلاً)) . والآيات في هذا كثيرة كما أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)) إلا أنه لا يحسن التقيد بعدد معيّن سوى ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيان عدده فيحسن التقيّد به، كالأذكار أدبار الصلاة، وكقول (سبحان الله وبحمده) مائة مرة، وقول (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) في اليوم مائة مرة. هذه ونحوها يستحب التقيد بالعدد الوارد، ويعدّه المسلم بأصابع يده. أما ما لم يرد تحديد عدده فينبغي للمسلم أن يكثر الذكر ولا يعدّه، لا بحصى، ولا بسبحة، ولا بالأنامل.

الذكر الجماعي

الذكر الجماعي المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 15/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد اطلعت على الفتاوى بشأن الذكر الجماعي، وعلمت أنها بدعة، ولكن سؤالي: كيف يكون تفسير حديث البخاري:"يسبحونك ويحمدونك ويسألونك ... "؟ فهذا يدل على جوازه، أجيبونا بارك الله فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب هذا الحديث لا يختص بالأذكار التعبدية كالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وإن كان الحديث في هذا أظهر، لكن لا يلزم للاجتماع على الذكر أن يكون الذكر جماعياً بالمعنى المعروف وهو أن يكون بصوت واحد، بل إذا جلس المسلمون في المسجد كل منهم يذكر ربه ويسبحه ويحمده ويكبّره صدق عليهم أنهم اجتمعوا على ذكر الله، كما إذا اجتمع أيضاً بعض المسلمين في بيت من بيوت الله يتدارسون القرآن هذا يقرأ وهذا يستمع، ولا يلزم أن تكون قراءتهم للقرآن بصوت واحد كما يحصل في التعليم، فالحديث المذكور في شأن الملائكة الذين يستمعون الذكر لا يدل على أن أولئك القوم كانوا يسبّحون ويحمدون ويكبرون بصوت واحد، كما يفعله من يفعله من أهل التصوف ومن شاكلهم، ولم ينقل لنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام - رضوان الله عليهم كانوا يؤدون الذكر الجماعي على هذه الصورة، فالواجب اتباع هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهدي صحابته - رضوان الله عليهم - في جميع أمور الدين القولية والعملية والاعتقادية، والله أعلم.

الأذكار الجماعية

الأذكار الجماعية المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 2/7/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما رأيكم في مشاركتي في جلسة (الأذكار الجماعية) التي يقوم بها الإخوة الدعاة في لياليهم التربوية؟ مع العلم أن مقاطعتها قد تؤثر في وحدة صفنا. الجواب الحمد لله، وبعد: فإن تلاوة الذكر بصوت واحد من الجماعة لم يكن من هدي سلف الأمة، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجلس في المسجد كثيراً ولم يُنقل أنه كان يذكر الله مع أصحابه فينطق ويرددون، بل ثبت عنه في أحد أسفاره أنهم لما رفعوا أصواتهم بالذكر قال لهم:" اربعوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصمّ ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً قريبا وهو معكم". البخاري (2992) ، مسلم (2704) واللفظ له. فإن كان هؤلاء الذين تجلس معهم يكثر فيهم أمثال هذه البدع فلا حاجة في الجلوس معهم والخير في الانفراد عنهم، وأما إن كانوا يغلب عليهم السنة وقد يخطئون في أشياء يسيرة كمثل ما ذكرت فعليك بمناصحتهم وتعليمهم والبيان لهم بالأسلوب المناسب، وشاركهم فيما كان من السنة ولا تشاركهم فيما ترتاب فيه، وليس في هذا تفريق صف -إن شاء الله-، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" [الطلاق: 2] وتوكل على الله "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [الطلاق:3] ، واصدق في مطلوبك ولا يكن لنفسك حظ في ذلك، وسيقبلون منك -بإذن الله-، والسلام.

البكاء عند تلاوة القرآن

البكاء عند تلاوة القرآن المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 21/2/1423 السؤال هل هناك حديث صحيح يحث على البكاء أو التباكي عند قراءة القرآن؟ الجواب جاء في الحث على البكاء عند تلاوة القرآن ما رواه سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به فمن لم يتغن به فليس منا" الحديث أخرجه ابن ماجة في سننه (1337) ، والبيهقي في السنن الكبرى (10/231) ، وأبو يعلى في مسنده (689) ، من طريق عبد الرحمن السائب، عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، بسند ضعيف، لكن قد جاء في الكتاب والسنة ما يدل على أن من شأن تالي القرآن الكريم أن يخشع عند تلاوته ويرق قلبه، فإن الله -تعالى- قد أخبر أن هذا القرآن الكريم لو أنزل على جبل وهو حجر أصم لخشع منه فكيف بابن آدم وهو يعقل معانيه؟ يقول -تعالى-: "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً" [الحشر:21] ، وقال -جل وعلا-:" وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً* قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً* ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا* ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً" [الإسراء:106-109] وكان من شأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبكي عند تلاوة القرآن الكريم وتسيل دموعه، ففي الحديث الذي أخرجه الشيخان (البخاري (4582) ومسلم (800)) وغيرهما عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قرأ على النبي -صلى الله عليه وسلم-:" فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً"، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حسبك فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان"، وكذا كان حال السلف -رضي الله عنهم- مما يطول الكلام بذكره، والمقصود أن البكاء عند تلاوة القرآن الكريم أمر مشروع، وهو من كمال التدبر والفهم لمعانيه قال أبو حامد الغزالي -رحمه الله-: "البكاء مستحب مع القراءة وعندها"، قال: "وطريقة تحصيله أن يحضر في قلبه الحزن بأن يتأمل تقصيره في ذلك، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر الخواص، فليبك على فقد ذلك فإنه من أعظم المصائب"اهـ، والله المسؤول أن يرزقنا قلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً، وبالله التوفيق.

دخول الحمام بالكتيبات الدينية

دخول الحمام بالكتيبات الدينية المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 17/5/1424هـ السؤال ظهرت في الأيام الأخيرة كتيبات دينيه إرشادية للجيب؛ أي يسهل حملها في الجيب لصغر حجمها، وفيها آيات قرآنية وأحاديث نبوية، وهي عرضة للدخول بها في الحمامات (دورات المياه) فما قولكم في ذلك؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الكتب الدينية التي تحتوي على آي كتاب الله وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينبغي للمسلم أن يصونها عن إدخالها لبيت الخلاء، لما تضمنته من كلام الله وكلام رسوله - عليه الصلاة والسلام -، إلا أن يحتاج لذلك، بأن يخشى عليها من السرقة، ولم يجد من يمسكها حتى يخرج من الخلاء، فلا بأس أن يدخل بها والحالة هذه.

صفة التسبيح بالأصابع

صفة التسبيح بالأصابع المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 22/08/1425هـ السؤال هل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسبح على كل إصبع ثلاث مرات أم مرة واحدة بثني الإصبع؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: عليك - أخي- أن تكثر من التسبيح وغيره من الذكر، ولا تعد إلا ما ورد الأمر بعده، وسواء عددت بالإصبع ثلاثاً أو واحدة، فالأفضل أن تعد بالأنامل ويجوز أن تعد بغيرها، وإنما الأنامل أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم للنساء: "واعْقِدْنَ بالأَنَامِلِ فإنَّهُنَّ مَسْتنطقاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ" أخرجه أبو داود (1501) ، والترمذي (3583) . والله أعلم.

صفة عقد التسبيح باليد

صفة عقد التسبيح باليد المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 11/11/1424هـ السؤال كيف يكون العد في التسبيح؟ هل بالنقر على السلاميات أم على رؤوس الأصابع؟. الجواب الحمد لله. جاء في التسبيح بالأنامل حديث يُسَيرة الصحابية المهاجرة - رضي الله عنها-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أمرهن بالتكبير، والتقديس، (وهو التسبيح) ، والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات" أخرجه أبو داود (1501) ، والترمذي (3583) ، وقال عنه النووي في الأذكار ص (51) ، إسناده حسن. أي تسأل يوم القيامة لتشهد لصاحبها بما اكتسب بهن، ومصداق ذلك قوله -تعالى-: "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون" [النور: 24] .

وقت أذكار المساء

وقت أذكار المساء المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 23/1/1425هـ السؤال سؤالي هو: أذكار المساء.. هل تكون بعد العصر، أم بعد المغرب؟ أجيبوني جزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم أذكار المساء تكون بعد المغرب، لأن المساء يبدأ وقته من غروب الشمس، والصباح يبدأ وقته من طلوع الفجر الصادق، يدل له ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1772) والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الكبير (10596) ، والحاكم في المستدرك (3594) ، وصححه عن أبي رزين قال: "جاء نافع بن الأزرق إلى ابن عباس - رضي الله عنهما- فقال: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال: نعم، فقرأ "فسبحان الله حين تمسون" قال: صلاة المغرب، "وحين تصبحون" قال: صلاة الصبح، و"عشيًّا" صلاة العصر، "وحين تظهرون" [الروم: 17-18] صلاة الظهر، وقرأ: "ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم". انتهى، فهذا تفسير الصحابي -رضي الله عنه-اللغوي للصباح والمساء، ومثله عن مجاهد، فالمساء لا يكون إلا من بعد غروب الشمس، وأذكاره تبدأ من ذلك الوقت، نحو: أمسينا وأمسى الملك لله ... إلخ. وبالله التوفيق.

وقت أذكار الصباح والمساء

وقت أذكار الصباح والمساء المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 18/12/1424هـ السؤال ما هو الوقت المفضل لذكر أذكار الصباح والمساء؟ بالنسبة لأذكار الصباح هل هي بعد صلاة الصبح أم أنها تجوز بعد الشروق؟ وكذلك بالنسبة لأذكار المساء هل تقال بعد العصر أم بعد المغرب؟. الجواب الوقت المفضل لأذكار الصباح والمساء بعد صلاة الفجر وقبل غروب الشمس، والوقت واسع لذلك، فالصباح يبدأ بطلوع الفجر الثاني، ويستمر الوقت إلى الضحى، وكذلك المساء يبدأ بعد صلاة الظهر ويستمر إلى صلاة العشاء، وقد أمر الله -تعالى- بذكره في كل وقت وعلى كل حال.

اختلاف روايات الأذكار

اختلاف روايات الأذكار المجيب د. سمير بن سليمان العمران مدير عام التربية والتعليم للبنات بالمنطقة الشرقية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 2/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. توجد في بعض الأدعية والأذكار روايتان، يكون الاختلاف بينهما لفظة واحدة، مثل ذكر الصباح والمساء، والنوم الذي علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق- رضي الله عنه- "اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أعوذ بك من شر الشيطان وشِرْكه-بكسر الشين، وإسكان الراء -، وفي رواية أخرى بفتح الشين والراء معاً..) وفي حديث آخر أيضاً علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق - رضي الله عنه- عندما طلب منه دعاء عقب السلام "اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كبيراً - وفي رواية كثيراً-.....) وفي حديث الاستخارة عندما ذكر راوي الحديث لفظي تخيير عندما قال (..خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبه أمري أو عاجل أمري وآجله، سؤالي هو: هل يجوز الجمع بين الروايتين كقولنا من شر الشيطان وشركه- بكسر الشين وإسكان الراء- وشركه بفتح الشين والراء معاً) ، وكذا في الاستخارة بجمع لفظي التخيير فيستبدل "أو" بـ "و" جمعاً للروايتين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الصواب -والله أعلم- أن تقول إحدى الروايتين فقط في كل مرة؛ لأن الجمع بينهما في دعاء واحد خلاف السنة، وأما أي الروايتين تأخذ فلا يخلو ذلك من أن تكون بنفس الدرجة من حيث الصحة، أو بينهما فرق فإن كان الثاني فيؤخذ الأعلى والأصح؛ لأنه الأقرب لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وإن كان الأول فينوع بينهما شريطة عدم الجمع بينهما في مرة واحدة كالحال بالنسبة لأدعية افتتاح الصلاة وغيرها.

مراعاة العدد في الأذكار

مراعاة العدد في الأذكار المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 28/3/1425هـ السؤال أيهما أفضل: أن أقول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) ألف مرة في اليوم، أو أقول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) مائه مرة في اليوم؟ وقد ورد في الحديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما معناه من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، هل المقصود من قالها مائة مرة في اليوم فقط أو المقصود أن يقولها الإنسان كل يوم صباحاً ومساءاً. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم: أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياك من الذاكرين الله كثيراً، وأن يجعلني وإياك ممن إذا ذكر الله وجلت قلوبهم. يا محب: في باب الأذكار بعض الضوابط التي يعين الالتزام بها على الانتفاع بها - إن شاء الله- أذكر منها ما يناسب هذا المقام، وهي: الضابط الأول: أن يراعي المسلم العدد، واللفظ الشرعي الذي جاءت به السنة في كل ذكر؛ لأن ذلك أفضل بالاتفاق، ومن أهل العلم من يرى أن من زاد على العدد، فإنه يقع في محذورين: الأول: الوقوع في البدعة؛ لأن في ذلك نوع استدراك على صاحب الشرع. الثاني: أنه يخشى عليه ألا يتحقق له الأجر أو الفائدة المرجوة من ذلك الذكر، قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله- في (الفتح 2/384) عند شرحه ح (844) : "واستنبط من هذا أن مراعاة العدد المخصوص في الأذكار معتبرة" ا. هـ. وقال - أيضاً- في الفتح (11/116) (6312) : "ألفاظ الأذكار توقيفية، ولها خصائص وأسرار، لا يدخلها القياس، فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به، وهذا اختيار المازري، قال: فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف" ا. هـ. الضابط الثاني: أن المفاضلة بين الأذكار تحتاج إلى نص يطمئن إليه الإنسان في التفضيل، ومن المتفق عليه بين أهل العلم - فيما أعلم- أن القرآن أفضل الذكر؛ لأنه كلام الله -تعالى-، أما بقية الأذكار فيقع فيها النزاع بين أهل العلم - رحمهم الله تعالى-، وثمة ضوابط أخرى يطول الجواب بذكرها، وفيما مضى كفاية في الإشارة إلى المقصود، إذا تقرر هذا - يا محب- فما سألت عنه: أيهما أفضل: أن أقول: "سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" ألف مرة في اليوم، أم أقول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته" مائة مرة في اليوم؟ الجواب عنه يستفاد مما مضى، ويمكن تلخيصه في أمور: الأول: أن تحديد العدد في الذكرين يحتاج إلى دليل، ولا أعلم في الأذكار حديثاً صحيحاً استحب فيه الذكر ألف مرة، وأقصى ما صحت به الآثار هو المائة. الثاني: المفاضلة بينهما على فرض ثبوت العدد وتحديده تحتاج إلى دليل واضح.

الثالث: أن الحديث الأول الذي أشرت إليه، ثبت في صحيح مسلم (3/1685) (2137) من حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه- بلفظ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أحب الكلام إلى الله أربع: سبحانه الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت". وثبت - أيضاً- في صحيح مسلم (4/2072) (2695) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- مرفوعاً بلفظ: "لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس". وأما الذكر الثاني: فقد ثبت في صحيح مسلم (4/2091) (2726) من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- عن جويرية - رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال: "ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ " قالت: نعم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته". فأنت ترى أن الذكر الأول لم يحدد بعدد، فهو مشروع بإطلاق، وأفضل ما يكون الذكر حينما يتواطأ القلب واللسان على الذكر. وأما الذكر الثاني: فالنبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات" فلو قلت هذا يكون الذكر أكثر من مرة ثلاث مرار من غير التزام لعدد معين، فقد أصبت - إن شاء الله- بحيث يكون الوقوف في كل مرة من قولك، لهذا الذكر ثلاث مرات. واعلم أن من أسباب تفضيل هذه الأذكار، كونها اشتملت على صفات الكمال، ونعوت الجلال، لله الكبير المتعال -سبحانه وتعالى -. وأما الأجر المترتب على قول: "سبحان الله وبحمده مائة مرة، وغفران ذنوبه ولو كانت كزبد البحر فهذا يتحقق بقول الإنسان هذا الذكر مرة واحدة في اليوم مائة مرة ولا يلزم أن يقال صباحاً ومساءاً وهذا نص حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة خطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" رواه البخاري (6405) ومسلم (2691) واللفظ للبخاري والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل هذا الدعاء مأثور؟

هل هذا الدعاء مأثور؟ المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 14/07/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم لقد قرأت هذا الدعاء في أحد الكتب، والذي أخبر بأنه دعاء مأثور، ولا أدري ما مدى صحته، يقول الدعاء: (اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك من مظالم كثيرة لعبادك قِبَلي، فأيما عبد من عبادك أو أَمَة من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتُها إياه من مال أو بدن أو عرض، علِمتُها أو لم أعلمها، ولم أستطع أن أتحللها، فأسألك أن ترضى عني بما شئت وكيف شئت، ثم تهبها لي من لدنك، إنك واسع المغفرة ولديك الخير كله يا رب) . فما مدى صحة هذا الحديث؟ وهل يجوز الدعاء به؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب بسم لله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالجواب: لم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ، وهناك حديثان لفظهما قريب من لفظ هذا الحديث، أحدهما: ضعيف - وهو الأقرب لفظاً - والثاني: صحيح. أما الحديث الضعيف فهو ما أخرجه ابن الجوزي في (العلل المتناهية 2/ 845) بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: "كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ دخل غلام فدعا بهذه الدعوات، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: لقد دعوت بدعوات ما دعا بهن أحد إلا استجيب له، وهو أن يقول: إني استغفرت وأسألك التوبة من مظالم كثيرة لعبادك قبلي، اللهم إنا خلق من خلقك، فمن كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه في ماله، أو بدنه، أو عرضه، أو دمه، قد غاب، أو مات، نسيت أو حفظت عمدًا أو خطأ، قديماً أو حديثاً لا أستطيع أداءها إليه.."، وقال ابن الجوزي عقب هذا الحديث: (فذكر حديثاً طويلاً. وهذا الحديث ليس بصحيح) . وأما الحديث الصحيح فهو ما جاء عن أبي هريرة وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " اللهم إني أتخذ عندك عهدا لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر، فأي المؤمنين آذيته شتمته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة ". أخرجه مسلم ح (2601) . وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أو ما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهم إنما أنا بشر، فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة") . أخرجه مسلم (2600) . عن سلمان- رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب، فقال: "أيما رجل من أمتي سببته سبة أو لعنته لعنة في غضبي؛ فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون وإنما بعثني رحمة للعالمين فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة ". أخرجه أبو داود (4659) . وعن عائشة-رضي الله عنها- قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه، يدعو حتى إني لأسأم له مما يرفعهما يدعو: اللهم فإنما أنا بشر، فلا تعذبني بشتم رجل شتمته أو آذيته". أخرجه أحمد (6/ 225) . وفي سنده ضعف. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

عبارة (لا حول الله)

عبارة (لا حول الله) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 04/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أطال الله في عمركم وجزاكم الله خيرًا وأثابكم، سؤالي هو: كثير من الناس يقول الكلمة هذه: (لا حول الله) . أو يقول: (لا حول) . هل يجوز قولها أم لا؟ مع التفصيل إذا أمكن، أفيدونا جزاكم الله ألف خير. الجواب الحمد لله، وبعد: اللفظ الوارد في الأحاديث: لا حول ولا قوة إلا بالله. وهي كلمة عظيمة مقصودها الاستعانة بالله وبراءة الإنسان من حوله وقوته، فمعناها: لا تَحَوَّلَ مِن حالٍ إلى حال، ولا قوةَ على شيء إلا بالله سبحانه وتعالى. فالعبد لا يقدر على شيء يريد حصوله أو دفعه، ولا يتحول من حال إلى حال، أو من مكان إلى مكان إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى، وإقداره، ويدل لفضل هذه الكلمة وعظم شأنها قوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى، رضي الله عنه: "أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ- أَوْ قَالَ: عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ ". فَقُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ". أخرجه البخاري (4205) ومسلم (2704) . وقول بعض الناس: (لا حَوْلِ الله) أو: (لا حول) . يريد: لا حول ولا قوة إلا بالله. لكنه يختصرها اختصارًا مخلًّا بمقصودها، فينبغي لمن سمعه أن يُعلمه ويرشده ليأتي بهذا الذكر بلفظه الشرعي تامًّا غير منقوص، فهذا القائل نيته صالحة لكنه أخطأ بحذفه لأكثر الجملة، وسببُ ذلك الجهلُ، وقد يقول هذه العبارة: لا حول ولا قوة إلا بالله. من لا يدري عن مقصودها أصلًا، وإنما تجري على لسانه عادة، وعلى كل حال فلا حرج على من جرت على لسانه، لكن ينبغي أن يعُلَّم اللفظ الشرعي ويبين له معناه ليذكر الله به، ويتعبد الله به. والله أعلم.

أيهما الأفضل بعد صلاة الفجر التلاوة أم الأذكار؟

أيهما الأفضل بعد صلاة الفجر التلاوة أم الأذكار؟ المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 09/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. أيهما أفضل بعد الانصراف من صلاة الفجر الشروع في تلاوة القرآن أم البدء بأذكار الصباح؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد: فإن هذه المسألة ونحوها الكلام فيها مبني على أصلين: الأصل الأول: أن جنس تلاوة القرآن أفضل من جنس الأذكار، كما أن جنس الذكر أفضل من جنس الدعاء، كما في الحديث الذي في مسند أحمد (20126) وصحيح مسلم (2137) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: أربع من أطيب الكلام، وهن من القرآن، لا يضرك بأيهن بدأت، سبحان الله، والحمد لله، ولا اله إلا الله، والله أكبر. وفى سنن الدارمي (3356) والترمذي (2926) عن أبي سعيد: من شغله قراءة القرآن عن مسألتي وذكري أعطيته أفضل ثواب السائلين. وكما في الحديث الذي في سنن أبي داود (832) والنسائي (924) في الذي سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-; فقال إني لا أستطيع أن آخذ شيئًا من القرآن، فعلمني شيئا يجزئني من القرآن فقال: قل سبحان الله، والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولهذا كانت القراءة في الصلاة واجبة، فإن الأئمة لا تعدل عنها إلى الذكر إلا عند العجز والبدل دون المبدل منه. وأيضا فالقراءة تشترط لها الطهارة الكبرى دون الذكر والدعاء، وما لم يشرع إلا على الحال الأكمل فهو أفضل. الأصل الثاني: وهو أن العمل المفضول قد يقترن به ما يصيره أفضل من ذلك، وهو نوعان: أحدهما: ما هو مشروع لجميع الناس. والثاني: ما يختلف باختلاف أحوال الناس. أما الأول ـ ما هو مشروع لجميع الناس ـ فمثل أن يقترن إما بزمان أو بمكان أو عمل يكون أفضل، مثل ما بعد الفجر والعصر ونحوهما من أوقات النهي عن الصلاة، فإن القراءة والذكر والدعاء أفضل في هذا الزمان، وكذلك الأمكنة التي نهي عن الصلاة فيها كأعطان الإبل والمقبرة، انظر صحيح مسلم (360) وسنن أبي داود (492) ، فالذكر والدعاء فيها أفضل، وكذلك الذكر في حق الجنب أفضل، وكذلك المحدث، فإن القراءة والذكر في حقه أفضل، فإذا كره الأفضل في حال حصول مفسدة كان المفضول هناك أفضل بل هو المشروع، وكذلك حال الركوع والسجود فإنه قد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-; أنه قال: "نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" أخرجه مسلم (479) . وما بعد التشهد يكون الدعاء المشروع بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-; وأمره انظر صحيح مسلم (588) ، والدعاء فيه أفضل، بل هو المشروع دون القراءة والذكر، وكذلك الطواف، وبعرفة ومزدلفة وعند رمي الجمار المشروع هناك هو الذكر والدعاء.

والنوع الثاني - ما يختلف باختلاف أحوال الناس - كأن يكون العبد عاجزًا عن العمل الأفضل، إما عاجزًا عن أصله، كمن لا يحفظ القرآن، ولا يستطيع حفظه، أو عاجزًا عن فعله على وجه الكمال مع قدرته على فعل المفضول على وجه الكمال، ومن هنا قال من قال: إن الذكر أفضل من القرآن، فإن الواحد من هؤلاء قد يخبر عن حاله، فالواحد من هؤلاء يجد في الذكر من اجتماع قلبه، وقوة إيمانه، واندفاع الوسواس عنه، ومزيد السكينة، والنور، والهدى ما لا يجده في قراءة القرآن، بل إذا قرأ القرآن لا يفهمه أو لا يحضر قلبه وفهمه، ويلعب عليه الوسواس والفكر، كما أن من الناس من يجتمع قلبه في قراءة القرآن وفهمه وتدبره، ما لا يجتمع في الصلاة، بل يكون في الصلاة بخلاف ذلك، وليس كل ما كان أفضل يشرع لكل أحد، بل كل واحد يشرع له أن يفعل ما هو أفضل له، فمن الناس من تكون الصدقة أفضل له من الصيام، وبالعكس، وإن كان جنس الصدقة أفضل، ومن الناس من يكون الحج أفضل له من الجهاد، كالنساء، وكمن يعجز عن الجهاد، وإن كان جنس الجهاد أفضل، ونظائر هذا متعددة. إذا عرف هذان الأصلان عرف بهما جواب هذه المسألة وغيرها مما يتعلق بقاعدة التفضيل، وبناءً عليه يقال: إن الأذكار المشروعة في أوقات معينة -مثل ما يقال عند جواب المؤذن- أفضل من القراءة في تلك الحال، وكذلك ما سنه النبي -صلى الله عليه وسلم-; فيما يقال عند الصباح والمساء، وإتيان المضجع هو مقدم على غيره، وأما إذا قام من الليل فالقراءة له أفضل إن أطاقها، وإلا فليعمل ما يطيق. والله أعلم.

قراءة أذكار المساء بعد صلاة العصر

قراءة أذكار المساء بعد صلاة العصر المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/آداب الذكر التاريخ 06/10/1426هـ السؤال اعتدت أن آتي بأذكار المساء بعد صلاة العصر مباشرة، فهل أصبت السنة أم أن وقتها بعد المغرب؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم أصبت السنة؛ لأن الغدو والبكرة ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس، والآصال والعشي ما بين صلاة العصر وغروب الشمس، والله أعلم.

الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -

الصلاة على أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - التاريخ 28/7/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. دخلت المسجد يوماً، فكان الشيخ في مقدمة الدرس، يكرر الدعاء بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم بالصلاة على أعضاء جسده - صلى الله عليه وسلم - كيده وعينه ورأسه ولسانه وقدمه وشعره ... و ... فما الحكم في هذا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد: فمما لا شك فيه أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أفضل الذكر وأجل القربات، كيف وقد أمر الله - تعالى - بذلك في كتابه العزيز انظر: [الأحزاب: 56] ، ووعد هو من صلى عليه صلاة واحدة أن يصلي الله عليه بها عشراً انظر: مسلم (384) . وأفضل الصيغ وأتمها وأسلمها ما علمناه من النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - المخرج في الصحيحين انظر: البخاري (3370) ، ومسلم (406) ، والسنن انظر: النسائي (1289) وأبو داود (976) وابن ماجة (904) والبيهقي (2/148) وابن حبان (912) والدارمي (1316) ... ، والمسانيد انظر: أحمد (18104) أبو عوانة (2/212) عبد بن حميد (368) ... ، حيث قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: "اللهم صلِ على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد". ووردت روايات كثيرة بصيغ متقاربة نحو زيادة: "إبراهيم" إضافة إلى "آل إبراهيم" ومثل: "اللهم صلِ على محمد وأزواجه وذريته " - سبق تخريجه - وكلها صحيحة متقاربة المعنى، وقد بلغ عدد من روى هذه الصيغ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنين وأربعين صحابياً. ولم يرد فيها تخصيص أعضاء جسده بالصلاة عليها كما في السؤال، فدلَّ ذلك على بدعيتها ونكارتها. نسأل الله أن يهدي جميع المسلمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحكمة في الصلاة على آل محمد

الحكمة في الصلاة على آل محمد المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - التاريخ 15/7/1425هـ السؤال السلام عليكم. تساؤلي عن لفظة "وآل محمد" في التشهد، لماذا نصلي عليهم ونسلم بالخصوص؟ وسبب التساؤل هو أن منهم الصالح ومنهم غير ذلك، ولو كان الدعاء للصالحين منهم على الخصوص، لما كان هناك معنى للنسبة، فإن ذلك مشعر بأن السبب هو كونهم من آل البيت. وقد يقال إن الآل هنا مقصود بها كل مسلم، غير أن روايات الحديث الأخرى تأبى ذلك، وكون الآل هم ذرية النبي -صلى الله عليه وسلم- وآل بيته وهو ما مال إليه ابن القيم على ما أذكر. وحيث إن الحب في الله إنما يرتبط بعمل الشخص وقربه من الله، فقد أشكل علي الدعاء لهم لمجرد النسب، وقد فسرت ذلك بأحد أمرين: الأول: أن ذلك إكرام للنبي - صلى الله عليه وسلم-، فالذي يحبه النبي- صلى الله عليه وسلم- يحبه الله ونحبه نحن لحب النبي - صلى الله عليه وسلم- له. الثاني: أن ذلك الدعاء مخصوص بالصالحين منهم، بيد أن ربط الدعاء لهم بكونهم من الآل يعكر عليه. الثالث: وهو ربما لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أراد ألا يهضم حقهم؛ لأنه علم أنهم ستهضم حقوقهم في المستقبل، وهذا ما حدث، فلم يتولوا خلافة عامة منذ البعثة إلى الآن، بل حال الخلفاء مع العلويين وتضييقهم عليهم معروف لخوفهم منهم - أقصد بالعلويين آل البيت-. فما سبب تخصيصهم بالدعاء؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. في سؤالك جواب، وبالجملة أقول لك إن من إكرامك للرجل إكرامك لأهل بيته، فإن ادعيت محبة رجل وعاديت أهله كنت بذلك متناقضاً، فكيف إذاً بحبك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي ورد الشرع بأن المؤمن لا يؤمن حتى يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحب إليه من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين، ومن لازم هذا الحب أن تحب من أحب وتكره من كره، ولذلك صح من وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أهل بيته قوله فيما رواه مسلم (2408) وغيره من حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي"، وأهل بيته من حرمت الصدقة عليهم وهم: آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، وعليه فإن الدعاء لهم هو إكرام لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومزيد تشريف وتكريم لقربهم وصلتهم بالنسب الشريف وقد صح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- فيما رواه الشيخان البخاري (3353) ، ومسلم (2378) قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" ويمكنك لمزيد الاستزادة مراجعة كتاب جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام لابن القيم والقول البديع في الصلاة والسلام على الحبيب الشفيع للسخاوي والله أعلم.

ـــــ الدعاء ـــــ

الدعاء

فضل الدعاء

أدعية تقوي الإيمان المجيب عبد الله بن عبد الوهاب بن سردار خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/فضل الدعاء التاريخ 18/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي الأدعية التي تقوي الإيمان وتزيد الحسنات وتقرب العبد إلى ربه؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: كل دعاء يدعو به المسلم ربه عز وجل فهو يقوي إيمانه ويزيد من حسناته ويقربه إلى ربه عز وجل لذلك أرشدك إلى كتيب (حصن المسلم) للشيخ: سعيد بن علي القحطاني، وكذلك كتيب (الدعاء) للشيخ نفسه ففيهما خير كثير. أدعية وأذكار حول قوة الإيمان والثبات على الدين: (1) "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا" [آل عمران: 8] . (2) "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا" الترمذي (3502) . (3) "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" النسائي (1303) وأبو داود (1522) . (4) "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" الترمذي (2140) وابن ماجة (3834) . (5) "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى" مسلم (2721) . (6) "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري...." مسلم (2720) . أدعية وأذكار ثوابها حسنات كثيرة وفضائل عظيمة: (1) (سبحان الله وبحمده) من قالها مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. رواه البخاري (6405) . (2) (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن. رواه البخاري (6406) ومسلم (2694) . (3) قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة، فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مئة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة" رواه مسلم (2698) . (4) أحب الكلام إلى الله أربع: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) لا يضرك بأيهن بدأت. رواه مسلم (2137) . (5) قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"يا عبد الله بن قيس ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت: بلى يا رسول الله. قال: قل لا حول ولا قوة إلا بالله" رواه البخاري (6409) ومسلم (2704) . (6) عن جويرية -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال:"ما زلت على الحال التي فارقتك عليها" قالت: نعم. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته" رواه مسلم (2726) . (7) عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة" رواه الطبراني وهو حديث حسن انظر: صحيح الجامع وزياداته للشيخ الألباني الحديث رقم: (6026) وقد عزاه لمجمع الزوائد (10/210) . ثبتك الله على الطاعة والاستقامة. أخي الكريم: أرجو أن أكون قد فهمت سؤالك وإلا فالمعذرة.

الدعاء أم الصبر

الدعاء أم الصبر المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/فضل الدعاء التاريخ 26/11/1423هـ السؤال رجل يشكو من شكوى مرضية معينة وبالفحص لدى الأطباء لم يثبت أن لديه مرض عضوي، هل يتوجه إلى الله بالدعاء فقط أم هناك رقى معينة يستعين بها؟ أم يذهب لمن يعالجون بالقرآن؟ أم يذهب لعبد صالح ليدعوا له؟ أم الصدقات قد يكون فيها علاج! وكيف يكون الصبر في هذه الحالات وهل الصبر يتعارض مع الدعاء لله بكشف الضر، وما بال القول: "يا رب إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي". الجواب الحمد لله، لقد أمر الله عباده بدعائه قال - سبحانه -: "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية" [الأعراف: 55] ، وقال - سبحانه -: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم" [غافر: 60] ، وأخبر عن دعوات الأنبياء كإبراهيم، وإسماعيل، ونوح، وأيوب، وذي النون، وزكريا، كلهم أخبر الله عن دعواتهم، فالدعاء من أعظم الأسباب في جلب المنافع ودفع المضار فإن الخير كله بيده سبحانه، ولا يأتي بالحسنات إلاّ هو، ولا يدفع السيئات إلاّ هو، فهو الذي يدفع السيئات ويكشف السوء، ويكشفه عمن شاء سبحانه، قال - تعالى -: "أمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ"الآية، [النمل: 62] ، فمن ابتلي بمرض فعليه أن يصبر ويحتسب، ولا يتسخط قضاء الله، ولا يجزع بل عليه أن يصبر ويحتسب الأجر من ربه، ولا ينافي ذلك دعاءه، فإن أيوب عليه السلام قد ابتلي ببلاء عظيم وهو الضر، فدعا ربه فاستجاب له، قال - تعالى -: "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ" [الأنبياء:83- 84] ، فالحاصل أن الدعاء لا ينافي الصبر، وهو حبس النفس عن التسخط والجزع، والدعاء توجه إلى الله وتعلق بما عنده وهو يتضمن حسن الظن بالله فإن الداعي ما دعى ربه إلاّ لأنه يؤمن بأنه كريم، رحيم سميع، قدير، غني، وهذه كلها من المعاني التي يجب اعتقادها والإيمان بها، فالداعي متوكل على الله وراج وخائف يدعو ربه تضرعاً وخفية ويدعوه خوفاً وطمعاً وإذا اجتمع للإنسان هذان المقامان الصبر والتوكل كانت المصيبة في حقه نعمة، وفي الحديث: "إذا أرد الله بعبده خيراً عجل له العقوبة في الدنيا" الترمذي (2396) أحمد (16806) وفي الحديث الآخر: "إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم" الترمذي (2396) ابن ماجة (4031) وأحمد (23623) أحمد (16806) وجمع الله بين هذين المقامين في قوله "الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" [النحل:42] ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الدعاء على الظالم

الدعاء على الظالم المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/فضل الدعاء التاريخ 25/4/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو من فضيلتكم أن تدلوني على طريق يريح نفسي وقلبي من الظلم، فقد تعرضت لظلم معنوي شديد، وقد أثر هذا الظلم في نفسي إلى حد بعيد جداً، فهل لي أن أسأل الله أن يريني يوماً في هذا الظالم؟ ليس للشماتة -والعياذ بالله-، ولكن لأعلم أن الله قد اقتص منه، وهل لي أن أدعو بحسبي الله ونعم الوكيل وسوف يرد لي حقي؟ وهل فعلاً أن الجزاء من جنس العمل؟ وما مصدر هذه المقولة "الجزاء من جنس العمل"؟ أفيدوني يرحمكم الله. الجواب

الحمد لله، مما يبتلى به الإنسان في هذه الحياة الظلم، بأن يعتدي عليه بعض الناس بغير حق في نفسه أو ماله أو عرضه، والواجب على المسلم في المصائب كلها أن يصبر ويؤمن بأن ذلك بقدر الله وعليه أن يحاسب نفسه لعل ما وقع عليه من الظلم بسبب ذنوب اقترفها على حد قوله -تعالى-:"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم" [الشورى:30] ، فإن الله قد يسلط على العبد من يؤذيه بسبب ما اقترف من السيئات ويبتليه بالمصائب في ماله ونفسه وغير ذلك، ليكون ذلك تمحيصاً لذنوبه، من صبر كسب، على حد قوله -صلى الله عليه وسلم-:"ما يصيب المسلم من نَصَب ولا وَصَب ولا همّ ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه"، صبره على الظلم من حيث إنه بقدر الله لا يمنع من مطالبته بحقه الذي يوجبه الشرع، كما قال -تعالى-:"ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" [الشورى:41-42] ، وعليك أيتها السائلة أن تصبري وتحتسبي الأجر من الله على ما وقع عليك من ظلم، وقد يرى الإنسان أحياناً أنه مظلوم من جهة فلان أو فلان وليس بظلوم، فعليه أن يتثبت في هذا الأمر، ولا يدعي الظلم على من لم يظلمه، فإن من الناس من إذا اُدعي عليه بحق وحُوكم في ذلك يرى أنه مظلوم وليس هو بمظلوم، ومن انتصار المظلوم لنفسه أن يدعو على الظالم من غير أن يعتدي، يدعو عليه بأن الله ينصفه منه، يقول: اللهم أنصفني منه، اللهم انصرني عليه، ولا يدعو عليه كما يشاء بأن يفعل الله به كذا وكذا، بأن يهلكه أو يدمره، أن يجعله في جهنم كما يفعل بعض الجهلة، وله أن يقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فبهذا تفويض للأمر إلى الله "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [الطلاق:3] ، وقال -سبحانه وتعالى-:"الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" [آل عمران:173] ، وأما أن الجزاء من جنس العمل فهذه سنة الله في شرعه وقدره، ولكن هذا لا يقال إنه مطرد في كل شيء، لكن هذا هو الغالب أن الجزاء يكون من جنس العمل كما قال -تعالى-:" ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون" [النمل:50] ، وقال -سبحانه وتعالى-:"وجزاء سيئة سيئة مثلها" [الشورى:40] ، وقال -تعالى-:"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" [البقرة:194] وكذلك في الإحسان من عفا عفا الله عنه، ومن أحسن أحسن الله إليه، قال -تعالى-:"هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" [الرحمن:60] ، وهذه الآيات هي الأصل في هذه المقولة أن الجزاء من جنس العمل وشواهدها كثيرة، والله أعلم.

ساعة ميلاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - هل هي ساعة استجابة؟

ساعة ميلاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - هل هي ساعة استجابة؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/فضل الدعاء التاريخ 2/9/1424هـ السؤال أريد التأكد من مدى صحة الكلام الآتي: ساعة الاستجابة هي الساعة التي ولد فيها النبي - صلى الله علية وسلم -، وهي الساعة التي يجتمع فيها أهل الديوان - والديوان يكون بغار حراء الذي كان يتعبَّد فيه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -وهذه الساعة تكون في الثلث الأخير من الليل، وهي التي وردت فيها الأحاديث الشريفة: "ينزل ربنا كل ليلة عندما يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول من يدعوني فاستجيب له". كتب سيدي أحمد بن المبارك في ص 328 من كتاب (الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز الدباغ) رضي الله تعالى عنه: (من أراد أن يظفر بهذه الساعة فليقرأ عند إرادة النوم: الآيات من 107 إلى آخر سورة الكهف، ويطلب من الله أن يوقظه في الساعة المذكورة فإنه يفيق بإذن الله. من كتاب مفاتيح الخير لترويح القلوب. أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الدعاء عبادة من العبادات التي شرعها الله تعالى، قال تعالى: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم" [غافر: 60] ، وقال: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون" [البقرة: 186] ، وشرط له شروطاً يجب تحقيقها لقبوله، وحد له حدوداً لا يجوز تعديها وإلا رد على صاحبه، وقد خصَّ الله تعالى بعض الأمكنة والأزمنة بمزية فضل، فجعل الدعاء فيها أو عندها مظنة الإجابة، وساعات الإجابة أخفاها الله تعالى عن العباد كما أخفى ليلة القدر واسمه الأعظم والساعة التي في يوم الجمعة، والحكمة في ذلك والله أعلم حث العباد على الاجتهاد في الطلب واستيعاب الوقت بالعبادة، بخلاف ما لو تحقق الأمر في شيء من ذلك لكان مقتضيا الاقتصار عليه وإهمال ما عداه.

ولم يرد في نصوص الشرع ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في الثلث الأخير من الليل ولا في أوله، وثلث الليل كله فاضل من كل يوم، وإنما كان كذلك لنزول الرب تبارك وتعالى فيه إلى السماء الدنيا وندبه عباده إلى مناجاته ودعائه واستغفاره في ذلك الوقت، وما ورد من تخصيص فهو ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند الترمذي (3570) وغيره أنه بينما هو جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه علي بن أبي طالب فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله تفلت هذا القرآن من صدري فما أجدني أقدر عليه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يا أبا الحسن أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع بهن من علمته ويثبت ما علمته في صدرك قال: أجل يا رسول الله فعلمني قال: إذا كانت ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة والدعاء فيها مستجاب وهي قول أخي يعقوب لبنيه سوف أستغفر لكم ربي حتى تأتي ليلة الجمعة فإن لم تستطع فقم في وسطها فإن لم تستطع فقم في أولها" الحديث، وهذا يشكل على ما ورد في السؤال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين، وما جاء في الحديث خاص بليلة الجمعة. فتحديد ساعة الإجابة بأنها الساعة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دليل عليه، بل هو من محدثات الصوفية ومخترعاتهم، وكل ما بني على شيء محدث لا أصل له في الدين فهو باطل. أما اجتماع أهل الديوان في غار حراء في تلك الساعة!! فأولاً: لا أدري ما المقصود بأهل الديوان؟ أهم أهل واحد من الأقسام الثلاثة الذين وردوا في حديث عائشة رضي الله عنها: "الدواوين عند الله ثلاثة" أحمد (26031) ، والحاكم (4/575) ، والبيهقي في الشعب (7473-7474) ..وضعف الألباني سنده، فهذا ما لا يدرك إلا بالشرع لأنه من الغيب، ولا دليل على ذلك. ولا يدرك بالكشف ولا بالذوق. اللهم لا تجعلنا ممن قلت فيهم: "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" [الكهف: 103-104] .

لماذا الدعاء؟

لماذا الدعاء؟ المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/فضل الدعاء التاريخ 14/9/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: تحية واحتراماً. وبعد: تأتيني حالات أدعو الله كثيراً وبشدة، بأن يجعل لي من أمري رشدا، وأن يعطيني من فضله، وتارة أخرى أقول: طالما أن الإنسان عمره محسوب، ورزقه مقسوم لا يصله أي كائن من كان، والرزق حتى للمشرك معروف منذ الطفولة، وسواء صبرت أو جزعت فالأمر سيان والرزق آت، فلماذا الدعاء؟ أم الدعاء يعجِّل بالرزق؟ عفواً هذا ليس يأساً ولا قنوطاً مني. ختاماً تقَّبل فائق احترامي وتقديري. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فالذي ينبغي أن يعلم أن الدعاء من أجل ما يتقرَّب به العبد إلى ربه - عز وجل- وقد ورد الأمر به في كثير من نصوص الكتاب والسنة، قال تعالى: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" [غافر:60] ، وفي الحديث "الدعاء هو العبادة" خرجه الإمام أحمد (17888) ، والترمذي (3247) ، وابن ماجة (3828) ، ومن المعلوم أن الدعاء على قسمين: دعاء عبادة، ويشمل جميع ما يتقرب به العبد إلى ربه من أنواع العبادة، ودعاء مسألة يطلب فيه السائل أمراً خاصاً. وكلاهما مطلوب من العبد فعله، ولا يلزم من الإجابة تحقق عين المطلوب، بل قد يحصل له خير مما طلب، ففي الحديث عن جابر - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من عبد مسلم يدعو بدعاء، إلا آتاه الله ما سأل، أو ادخر له في الآخرة خيراً منه، أو كف عنه من السوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم" خرجه الترمذي (3381) .

وسؤالك هذا يدور حول علاقة الدعاء بالقضاء؟ وهل يرد الدعاء القضاء؟ وهي مسألة أجاب عنها الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله- بقوله: (الدعاء من الأسباب التي يحصل بها المدعو وهو في الواقع يرد القضاء، ولا يرد القضاء إلا الدعاء، يعني له جهتان، فمثلاً: هذا المريض قد يدعو الله تعالى بالشفاء فيشفى، فهنا لولا هذا الدعاء لبقي مريضاً، لكن بالدعاء شُفي، إلا أنا نقول: إن الله سبحانه وتعالى قد قضى بأن هذا المرض يشفى منه المريض بواسطة الدعاء، فهذا هو المكتوب. يظن أنه لولا الدعاء لبقي المرض، ولكنه في الحقيقة لا يرد القضاء، لأن الأصل أن الدعاء مكتوب، وأن الشفاء سيكون بهذا الدعاء، هذا هو القدر الأصلي الذي كتب في الأزل، وهكذا كل شيء مقرون بسبب، فإن هذا السبب جعله تعالى سبباً يحصل به الشيء، وقد كتب ذلك في الأزل قبل أن يحدث، انظر المجموع الثمين من فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج 1/157، والحاصل أيتها السائلة أن علم الله السابق بما كان وما سيكون وكتابته مقادير الخلائق أزلاً أمر يجب اعتقاده والتسليم به، لكنه لا يكون حجة للعبد في ترك ما أمر الله وشرع من فعل الأسباب والأخذ بها طاعة لله واستجابة لأمره وطلباً لمرضاته، ومن أهم ما أمر الله به ودعا الناس إلى فعله، وجعله من أهم الأسباب المعينة على تحقيق المطالب الدعاء، فادعي الله وألحي في الدعاء، واخلصي في التوجه إلى الله، ولا تبطئي الإجابة واشغلي نفسك بذكر الله وطاعته وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ولا تشغلي نفسك بسؤال الله عما يفعل ولم يفعل، ربنا كذا وكذا، فإنه - جل وعلا- "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون" [الأنبياء:23] والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

دعاء قضاء الديون

دعاء قضاء الديون المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/فضل الدعاء التاريخ 9/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. سمعت أن هناك دعاء يرد به الله الدَّين عن الإنسان، ما هو هذا الدعاء؟ وهل يشمل رد الديون الخاصة بالناس؟. الجواب الدعاء له فضل عظيم على وجه العموم، وهو من أهم أسباب قضاء الحاجات، ومنها الديون التي في الذمة، وقد جاءت أحاديث تبين أنه - صلى الله عليه وسلم- كان يدعو الله أن يقضي عنه دينه، حتى جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يدعو بذلك كل ليلة قبل أن ينام ومن ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد أن ينام يقول: "اللهم رب السماوات ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر" أخرجه مسلم (2713) ، وأبو داود (5501) ، والترمذي (3400) ، وابن ماجة (3873) . ومن الأدعية التي علمها النبي - صلى الله عليه وسلم- بعض من عليهم دين ما يلي: (1) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل يقال له أبو أمامة، فقال: "يا أبا أمامة مالي أراك خالياً في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله همك، وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: فقلت ذلك، فأذهب الله همي، وقضى عني ديني"، أخرجه أبو داود (1555) ، وقال: هذا حديث غريب. (2) وعن علي - رضي الله عنه- أن مكاتباً جاءه فقال: إني عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لو كان عليك مثل جبل صبير ديناً أداه الله عنك؟ قال: "قل اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك" أخرجه الترمذي (3563) ، وقال: حسن غريب، وأخرجه البزار (2/185) ، والحاكم (1/721) . وهذا الحديث ضعيف لكن لا بأس بالعمل به أحياناً، لأن ضعفه ليس شديداً، وهو في باب الأذكار وفضائل الأعمال، وهناك أدعية أخرى ذكرها الحافظ المنذري في كتابه: (الترغيب والترهيب) وغيره، لكن أحاديثها ضعيفة جداً لا تصح فلذا تركت إيرادها مكتفياً بما هو أقوى منها، والله أعلم. وقد جاءت أحاديث أخرى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- مبينة أنه كان يكثر الاستعاذة من الدين وهذا يشمل: استعاذته - صلى الله عليه وسلم- قبل أن يستدين حتى لا يضطر إلى الدين، أو يكون استعاذ بعد الاستدانة ويسأل ربه السلامة من غوائل الدين وشره، وأن يعينه الله على قضائه، فلذا ينبغي على المسلم الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم- بالإكثار من الاستعاذة من الدين، ومن الأحاديث التي جاءت في هذا الباب ما يلي:

(1) عن عائشة - رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يدعو في الصلاة: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ يا رسول الله من المغرم؟ قال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعود فأخلف، أخرجه البخاري (2397) ، ومسلم (589) ، وأبو داود (880) ، والنسائي (1308) ، وأحمد (6/88) ، وقوله: المأثم المراد الإثم، والمغرم المراد الغرامة، وهي ما يلزم الشخص أداؤه كالدين. (2) وعن أنس - رضي الله عنه- قال: كنت أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال" أخرجه البخاري (6363) ، والنسائي (5465) ، والترمذي (3484) وضلع الدين: المراد ثقل الدين وشدته، كأن ثقله يصل إلى أضلاعه. والدين يشمل كل ما في ذمة الإنسان سواء أكان ديناً لله ككفارة ونحوها، أو ديناً لآدمي كسائر الديون، والله أعلم.

أدعية الكرب

أدعية الكَرْب المجيب د. رفعت فوزي عبد المطلب رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/فضل الدعاء التاريخ 25/03/1426هـ السؤال ما هي أعظم أدعية الكرب التي وردت بعدة صيغ؟ هل أضمنها بدعاء، أم أنها وحدها تكفي كاستغاثة؟ وما هو الأقرب للسنة؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام النبيين محمد الصادق الوعد الأمين، وبعد: فأهلاً بك ـ أختنا الكريمة ـ ونشكر لك مرورك بموقع "الإسلام اليوم"، سائلين الله -تعالى- لك النفع والفائدة، ثم لتعلمي ـ أيتها الفاضلة ـ أن الدعاء هو من أعظم العبادات، إذ إن الله أمر عباده بدعائه، قال تعالى: ?وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين? [غافر/60] . وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء" رواه البخاري في الأدب المفرد (712) ، والترمذي (3370) ، وابن ماجة (3829) ، وابن حبان (870) ، والحاكم (1/666) وصححه، ووافقه الذهبي. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: "أفضل العبادة الدعاء" رواه الحاكم (1/667) ، وصححه، ووافقه الذهبي. وقد سنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لكل شأن من شئون المسلم ذكراً أو دعاء، ومن ذلك ما ورد من أدعية عند نزول الكرب والهم والضيق بالمسلم، فمن ذلك: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيمُ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض، ورب العرش الكريم" صحيح البخاري (6346) ، وصحيح مسلم (2730) ، وكان السلف الصالح يسمونه دعاء الكرب. ومنها: "دعوات المكروب: اللهم رحمتَك أرجو فلا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفة عين، وأَصْلِح لي شأني كله، لا إله إلا أنت". رواه أبو داود (5090) ، والحديث حسن. أما تضمين دعاء الكرب المأثور بدعاء آخر من عندك؛ فالأفضل والأقرب للسنة ـ أختاه ـ الالتزام بما ورد من صحيح رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ـ عليه الصلاة والسلام ـ خير ما دعا ربه وبأحب الدعاء إليه، وقد ورد في ذلك، عن البراء بن عازب قال: قال لي رسول صلى الله عليه وآله: ما تقول يا براء إذا أويت إلى فراشك؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال صلى الله عليه وسلم: إذا أويت إلى فراشك طاهراً، فتوسد يمينك، ثم قل: "اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت". قال البراء: فقلت كما قال، إلا أني قلت: وبرسولك الذي أرسلت. فوضع يده في صدري، وقال: "ونبيك الذي أرسلت". ثم قال: "من قالها من ليلته ثم مات، مات على الفطرة".

أورده البخاري في صحيحه في مواضع: كتاب الوضوء 1 308 (247) ، وكتاب الدعوات 11 93 و97 و98 (6311،6315،6313) ، وكتاب التوحيد 13 388 (7488) ، ومسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء 4 2081 (2710) ، وأبو داود في السنن، أبواب النوم 4 425 (5046) ؛ وابن ماجه في السنن (3876) ، كتاب الدعاء 2 1275، والترمذي في الجامع، أبواب الدعوات 2 245 (3574) ، والنسائي في الكبرى (10619) واللفظ له، وأحمد في المسند 4 285 (18515) و290 (18561) و292 (18588،18587) و296 (18617) و299 (18651) و300 (18654-18656) و301 -302 (18680) . وتدور الأدعية حول التوحيد لأنه لا يفرجها إلا الله، فحتى الكافر عندما يكون في ضيق يلجأ إلى الله. - قال تعالى: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون" [سورة النمل: 62] . -وقال تعالى: "هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين} [يونس:22] . - والكرب هو الضيق، وهو من الأشياء التي لا يحبها الإنسان.. والابتلاء يؤدي إلى الضيق، فالابتلاء أعم، وقد يكون مقدمة للكرب، وهو أخص من البلاء. وأما شروط قبول دعاء المكروب والدعاء عموماً فهي: 1- الإخلاص: قال تعالى: "فَادْعُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَا?فِرُونَ" [غافر: 14] . وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله". رواه أحمد (2669) ، والترمذي (2516) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7957) . 2- الصبر وعدم الاستعجال، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي". رواه البخاري في الدعوات (6340) ، ومسلم في الذكر والدعاء (2735) . 3- التوبة من المعاصي: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح. 4- المطعم والكسب الحلال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس: إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم" [المؤمنون: 51] . وقال: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" [البقرة: 172] . ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام! ومشربه حرام! وملبسه حرام! وغذي بالحرام! فأنى يستجاب لذلك؟! " رواه مسلم (1015) والترمذي (2989) . وقال الإمام ابن رجب -رحمة الله-: فأكل الحلال، وشربه، ولبسه، والتغذي به سبب موجب لإجابة الدعاء. 5- حسن الظن بالله تعالى، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه". أخرجه الترمذي (3479) ، والحاكم (1/670) ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (245) .

6- حضور القلب، وتدبر معاني ما يقول، لقوله صلى الله عليه وسلم: "واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه". 7- عدم الاعتداء في الدعاء، والاعتداء هو كل سؤال يناقض حكمة الله، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به، قال الله تعالى: "فادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" [الأعراف:55] ، فمن ذلك: ألا يشغله الدعاء عن أمر واجب أو فريضة حاضرة، كإكرام ضيف، أو إغاثة ملهوف، أو نصرة مظلوم، أو صلاة، أو غير ذلك. 8- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، فتدعونه فلا يستجاب لكم". رواه الترمذي في الفتن (2169) وحسنه، وأحمد (23301) ، والبغوي في شرح السنة (4514) ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (7070) . والله تعالى أعلم.

شروط وآداب الدعاء

لعن الشياطين المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 3/5/1423 السؤال هل يجوز لعن الشياطين، كقول الله يلعن إبليسك؟ الجواب الحمد لله، ليس هذا بمشروع ولا أقول إنه لا يجوز، ليس من الأمور التعبدية التي يتعبد بها بعض الناس فقد يتعبد بلعن إبليس والمشروع هو الاستعاذة بالله من شر الشياطين شياطين الإنس والجن، هذا هو المشروع، "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم" [فصلت:36] ، "وقل ربِّ أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربِّ أن يحضرون" [المؤمنون:97-98] ، فإذا آذاه أحد نقول له: استعذ بالله من شيطانه، استعذ بالله من الشيطان، كما قال -عليه الصلاة والسلام- للرجل الذي غضب واشتد غضبه قال -عليه الصلاة والسلام-:"إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قالها أعوذ بالله من الشيطان" البخاري (6115) واللفظ له، مسلم (2610) أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-.

رفع اليدين عند الدعاء

رفع اليدين عند الدعاء المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 23/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. أرجو إرشادي على أي هيئة أجعل يديّ عندما أرفعهما للدعاء، أرجو تقديم حديث صحيح لذلك. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. رفع اليدين في الدعاء سنة، وقد ورد في ذلك ما يقارب من مائة حديث في رفع اليدين عند الدعاء، أما صفة رفع اليدين عند الدعاء، فيجعل بطون اليدين تلقاء وجهه، هذه الصفة الأولى، وورد أيضاً أنه يجعل بطون اليدين تجاه السماء، وقد وردت الصفة الأولى وكذلك الثانية عن النبي - صلى الله عليه وسلم- انظر ما رواه الترمذي (557) ، وأبو داود (1168) من حديث أبي اللحم - رضي الله عنه-، وما رواه مسلم (896) .

الدعاء أثناء قراءة القرآن

الدعاء أثناء قراءة القرآن المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 18/1/1423 السؤال إذا بدأت قراءة القرآن في الصلاة أو غير الصلاة، وتأثرت ودخلت جو الخشوع والبكاء، فهل يجوز الدعاء في وسط الآيات والقراءة مثلاً عند آيات العذاب والنار اللهم أجرنا من النار، وفي آيات الجنة والرحمة أقول وأنا في وسط الآيات: اللهم إنا نسألك الجنة؟ وهل ذلك في الصلاة وخارج الصلاة ينطبق على حكم واحد؟ الجواب يجوز للقارئ القرآن أن يدعو أثناء الآيات، فيسأل عند آيات الرحمة، ويستعيذ عند آيات النار خارج الصلاة وفي الصلاة إذا كانت نافلة، أما الفريضة فإن ظاهر السنة عدم فعل ذلك.

عبارة "لا أسألك رد القضاء ولكن اللطف فيه"

عبارة "لا أسألك رد القضاء ولكن اللطف فيه" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 19/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قد وصلني بريد إلكتروني ينهى عن بعض الأقوال والأدعية، أرفق لكم أدناه قولين منها، وأرجو منكم توضيح ما إذا كان النهي صحيحا؟ وجزاكم الله خيراً. "اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه" سبب النهي: فيه سوء أدب مع الله تعالى لأن فيه نوعاً من التحدي فكأنه يقول" يا رب افعل ما شئت ولكن الطف فيه، وأيضاً فيه منافاة للحديث: "لا يرد القضاء إلا الدعاء". قول "الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه" سبب النهي: سوء أدب مع الله يتضمن إعلانا تاماً أنك تكره ما قضى الله، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا أصابه مكروه يقول "الحمد لله رب العالمين على كل حال". الجواب الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فأما قول القائل: "اللهم إني لا أسألك رد القدر وإنما أسألك اللطف فيه". فهذا دعاء لا أصل له، ومعناه غير صحيح، فكل من دعا الله ليدفع عنه مكروهاً - عدواً أو خطراً أو أن يكشف عنه شدة - فإنه يطلب بذلك رد القدر، والله - تعالى - قد أمر عباده بالدعاء، والداعي يطلب جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ثم إذا دعا العبد وسأل ربه حاجته فالله - تعالى - يفعل ما يشاء وهو الحكيم العليم، والله - تعالى - قد قدر الأسباب والمسببات، وكلها بقدر الله، وجعل هذه الأقدار تتدافع، فالجوع قدر، والعطش قدر، والمرض قدر، وقد جعل الله لرفع هذه الأقدار أسباباً فيدفع قدر الجوع بالأكل، والعطش بالشرب، والمرض بالدواء، وقدر البرد بالثياب والاستدفاء، وما أشبه ذلك، ويفر الإنسان من المكان الذي يخاف فيه، أو لا يجد فيه ما يحتاجه إلى المكان الذي يأمن فيه ويجد فيه ما يحتاجه من المنافع، ولهذا لما رجع عمر - رضي الله عنه - بالمسلمين ولم يدخل بهم الشام لأنه قد حدث فيه الطاعون قيل له: أتفر من قدر الله، قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله، فعلى الداعي أن يدعو ربه ويسأله حاجته؛ فيسأله النصر والرزق والشفاء من المرض وحصول الولد وسائر المطالب، ويسأل ربه أن يدفع عنه المكاره، ويسأل مع ذلك ربه أن يلطف به في جميع أحواله، أما قول القائل: إني لا أسألك رد القدر فهذا كلام لا يصح، وليس له اعتبار ولا أصل له في النقل فهو دعاء مبتدع. وأما قول القائل: "الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه" فكذلك ليس هو من الحمد المشروع، بل الحمد ينبغي أن يكون مطلقاً فيقول: المسلم: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على كل حال، الحمد لله على السراء والضراء. ثم قوله: إنه تعالى لا يحمد على مكروه سواه ليس بمستقيم، فإن الذي يؤدب ولده بالضرب ونحوه يحمد على ذلك وإن كان الضرب مكروهاً بموجب الجبلة فالولد يحمد والده على تأديبه، وكذلك من يفعل ما يوجب حداً أو تعزيراً إذا أقيم عليه الحد الذي يردعه، فإن الذي يفعل ذلك يحمد وإن كان إقامة الحد والتعزير موجع ومؤلم، ولكن الذي فعل هذا المكروه يحمد على ذلك لأنه محسن ومصلح وفاعل لما أمر به، والحاصل أن كلاً من العبارتين لا ينبغي ذكرها في الدعاء أو الحمد، بل يدعو الإنسان ربه ويحمده بالصيغ الشرعية المأثورة، وعلى الوجه المشروع، والله أعلم.

تعليق الدعاء بالمشيئة

تعليق الدعاء بالمشيئة المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 17/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: سمعنا أيام العيد بعض التهاني ومنها تقبل الله منا ومنكم إن شاء الله، أو غفر الله لنا ولكم إن شاء الله، السؤال: ما حكم قول إن شاء الله في مثل هذا؟ وهل هو داخل في النهي (اللهم اغفر لي إن شئت) أم لا؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فلا شك أن قول:"تقبل الله منا ومنكم" و"غفر الله لنا ولكم" وإن كان ظاهره الخير إلا أن المراد منه الدعاء. وقد ورد النهي الصريح في تعليق الدعاء بالمشيئة لما ورد في حديث أبي هريرة المخرج في الصحيحين البخاري (6339) ، ومسلم (2679) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له" ولمسلم"وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه". وفي رواية لأنس عند البخاري (6338) :"إذا دعوتم الله فاعزموا في الدعاء، ولا يقل أحدكم: إن شئت فأعطني، فإن الله لا مستكره له". لكن ثبت في البخاري أيضاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للأعرابي الذي زاره في مرضه:"لا بأس عليك طهور إن شاء الله" قال الحافظ في الفتح:"وقوله: إن شاء الله، يدل على أن قوله:"دعاء لا خبر" (الفتح 10/111) ، بينما قال الشيخ ابن عثيمين في (المجموع الثمين 1/121) :"لا يظهر أنه ليس من باب الدعاء، وإنما هو من باب الخبر والرجاء ليس دعاء" وعليه فهذه الصيغة "تقبل الله ... " تحتمل أن تكون للرجاء أيضاً. فالذي يظهر -والله تعالى أعلم- أنه لا ينبغي تعليق مثل هذه الصيغة بالمشيئة، ولا نخطئ من علقها لأن له وجهاً قوياً خاصة إذا حمل على معنى الرجاء، والله تعالى أعلم.

الدعاء.. وسؤال الدنيا

الدعاء.. وسؤال الدنيا المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 9/8/1424هـ السؤال كثيراً ما أدعو، الله أن يرزقني مبلغاً كبيراً من المال، فهل يعتبر ذلك من حب الدنيا وزخرفها؟ الجواب لماذا لا تدعو بدعاء شرعي، مثل: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" [البقرة: 201] النبي - صلى الله عليه وسلم - رغب في جوامع الدعاء، أما أن يكون همه هو تحصيل المال الكثير، فإن المال الكثير قد يكون سبب شقاء للإنسان، وصرف له عن الطاعة، ولكنك إذا سألت الله تعالى فاسأله خيري الدنيا والآخرة، واسأله العون على طاعة الله، والتوفيق في أمورك، وأن يستعملك في طاعته، واطلب ما يسعدك في الدنيا والآخرة. أما أن تطلب كذا من المال، ثم إن تحديده بهذه الطريقة قد لا يكون خيراً، ظاهره قد يكون خيراً لكنه قد يكون غير ذلك، والواقع خير شاهد لذلك، فكثير ممن عندهم أموال كثيرة لم تسعدهم ولم يجدوا فيها راحتهم، وإنما صاروا عبيداً لها، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش" رواه البخاري (2887) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- فالواجب على المسلم أن يجتهد في الدعاء أن يوفقه الله - تعالى - لخير الأمور في الدنيا والآخرة، أسأل الله - جل وعلا - أن يوفق الجميع لما يحب ويرضاه. والله أعلم.

رفع اليدين للدعاء بعد الفريضة

رفع اليدين للدعاء بعد الفريضة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 6/10/1424هـ السؤال ما حكم الشرع في رفع اليدين للدعاء بعد كل صلاة مفروضة؟ وإذا تخلَّف المرء عن صلاة الجماعة لعدم سماعه الأذان، فهل يجب عليه الأذان عند إقامته للصلاة؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالمحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا انصرف من الصلاة اشتغل بالتسبيح والتكبير والتحميد يذكر كل واحدة منها ثلاثاً وثلاثين مرّة ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يرفع يديه بالدعاء بعد الفراغ من الصلاة، ولهذا فهذا العمل غير مشروع، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن رفع اليدين بالدعاء بعد الفراغ من الصلاة بدعة، والمأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدَّم هو الاشتغال بالأذكار. وبالنسبة للشق الثاني من السؤال: إذا كان داخل البلد يجب عليه أداء الفرائض مع جماعة المسلمين في المساجد، فصلاة الجماعة واجبة يأثم إذا تخلَّف بلا عذر في أرجح أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وإذا حصل أنه تخلَّف عن صلاة الجماعة ثم أراد أن يصلي فلا حاجة للأذان، نظراً لأن الأذان حصل بأذان المؤذن في المسجد الذي بقربه، أما لو فرض أنه في مكان أشبه ما يكون ببرية ولا يوجد فيه مساجد فإنه حينئذ يؤذن.

قول: جزاك الله (ألف) خير

قول: جزاك الله (ألف) خير المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 14/5/1424هـ السؤال ما حكم قول جزاك الله ألف خير؟ حيث سمعنا أنك عندما تضيف كلمة ألف والتي هي عدد فأنت تحدد مقدار العطاء الذي تدعو المولى أن يرزقه أخاك الذي دعوت له ... ، ولكن عندما تقول جزاك الله خيراً دون تحديد فقد يقابلها من الله خير يهبه المولى - سبحانه وتعالى - لذلك المدعو له، وقد يتعدى الخير ألف خير فلم التحديد؟ وهناك من يقول إن القصد التكثير فقط، ولا يقصد تحديد مقدار العطاء الذي تدعو المولى أن يرزقه أخاك الذي دعوت له ... ، أرجو التوضيح وجزاكم الله خيراً. الجواب بعد حمد الله: الوارد في النصوص قول: جزاك الله خيراً كما في صحيح البخاري (336) ، ومسلم (367) : عن عائشة - رضي الله عنها - أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماءٌُ فصلوا فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله آية التيمم، فقال أسيد بن حضير لعائشة - جزاك الله خيراً، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيراً. وكما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: قال حضرت أبي حين أصيب، فأثنوا عليه، وقالوا: جزاك الله خيراً، فقال: راغب وراهب، قالوا: استخلف، فقال: أتحمل أمركم حياً وميتاً؟ لوددت أن حَظِّي منها الكفاف لا عليَّ ولا لي، فإن أستخلف فقد استخلف مَنْ هو خير مني - يعني أبا بكر - رضي الله عنه - وإن أترككم فقد ترككم مَنْ هو خير مني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال عبد الله -رضي الله عنه- فعرفت أنه حين ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير مستخلف أخرجه مسلم (1823) . وفي مسند الحميدي (1160) ومسند عبد بن حميد (1418) والدعاء للطبراني (1929 - 1931) والمعجم الصغير للطبراني (1184) في الحديث الحسن الجيد الغريب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء" وعند الترمذي (2035) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -: "من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء". قال القاري في المرقاة (6/213) : وفي نسخة - يعني من المشكاة - معروفاً بالنصب أي: أعطي عطاء "فقال لفاعله" أي: بعد عجزه عن إثابته أو مطلقاً جزاك الله خيراً أي: خير الجزاء أو أعطاك خيراً من خيري الدنيا والأخرى، "فقد أبلغ في الثناء" أي: بالغ في أداء شكره وذلك أنه اعترف بالتقصير وأنه ممن عجز عن جزائه وثنائه، ففوض جزاءه إلى الله ليجزيه الجزاء الأوفى. أ. هـ. وأتى المسور عمر - رضي الله عنهما - فقال يا أمير المؤمنين إني احتكرت طعاماً كثيراً فرأيت سحاباً قد نشأ فكرهته فتأليت أني لا أربح فيه شيئاً فقال عمر -جزاك الله خيراً. انظر الورع للإمام أحمد (ص73) .

وفي مسند أبي يعلي (945) عن أسيد بن حضير قال: أتاني أهل بيتين من قومي، فقالوا كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم لنا أو يعطينا، أو نحو من هذا فكلمته فقال: "نعم أَقْسِمُ لكل أهل بيت منهم شطراً فإن عاد الله علينا عدنا عليهم" قال: قلت: جزاك الله خيراً يا رسول الله قال "وأنتم فجزاكم الله خيراً فإنكم - ما علمتكم- أعِفَّةٌُ صُبُرٌ ". وأبلغ دعاء للصحابة -رضي الله عنهم - لعمر - رضي الله عنه - لما طعنه أبو لؤلؤة، كما في المعجم الكبير للطبراني (10/266) : عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال لما طعن عمر - رضي الله عنه - قال له ابن عباس - رضي الله عنهما - يا أمير المؤمنين جزاك الله خيراً أبشر قد دعا لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعز الله بك الدين. فهذا الدعاء الذي ورد في السنة وعلى ألسنة السلف الصالح، وهو أبلغ من قول جزاك الله ألف خير، والتحديد بألف ليس أبلغ، ولا يحدد مقدار الثواب والجزاء في الدعاء بعدد لأن الله يضاعف لمن يشاء إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ولأن هذا التقدير أو التحديد بعدد لم يرد في السنة ولا عند السلف -رحمهم الله- ولأن هذا ليس من التكثير كما يظنه البعض، فعفو الله وخيره وثوابه أكثر، وفضله لا يعد ولا يحصى، والتحديد بعدد فيه تقليل لا تكثير، فلا يبخل المسلم على أخيه وهو يظن أنه قد أراد التكثير، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.

قلب اليدين عند الدعاء

قلب اليدين عند الدعاء المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 12/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال: ما حكم الذي يدعو ويقلب يديه أي كفيه، بحيث تصبح إلى وجه الأرض؟ نرجو الجواب من الكتاب والسنة يرحمكم الله. الجواب إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وأما بعد: فقد روى أبو داود بإسناد حسن عن مالك بن يسار مرفوعاً "إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها" باب الوتر (1481) . وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الاستسقاء من حديث أنس أنه أشار بظهر كفيه إلى السماء رواه أحمد في المسند (20/25) رقم (12554) ، وقد استنبط من حديث أنس بعض الفقهاء أنه من السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء ويسمى الابتهال ويسمى دعاء الرهبة، فالابتهال أن تمد يديك جميعاً وترفعهما حتى يرى بياض إبطيك وتجعل ظهورهما مما يلي الوجه. والذي اختاره بعض أهل العلم ومنهم ابن تيمية - رحمه الله أن بطون الكفين إنما صار إلى السماء لشدة الرفع لا قصدا، ولو قصده فخلاف هذه الصفة أكثر وأشهر، والله أعلم.

ترتيل الدعاء

ترتيل الدعاء المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 26/1/1424هـ السؤال هل نجد فتوى عن حكم ترتيل الدعاء في الوتر من أحد العلماء؟ وذلك بأن يكون الدعاء كترتيل قراءة القرآن؟ الجواب الأصل في الدعاء أداؤه بإخبات وخضوع وتضرع لله عز وجل، وأن يكون العبد في حال انكسار وافتقار؛ يراعي فيها عظمة من يدعو وكمال غناه وفضله عز وجل، وهذه الحال لابد أن تكون بعيدة عن التصنع والتكلف والتلحين والترتيل الذي يتكلفه بعض الناس الآن، ونحن نعلم أن صيغة أداء الدعاء لم تنقل لنا بطريقة توقيفية كما نقل إلينا ترتيل القرآن وتلاوته، ولذلك فإن التزام ما لم يرد الشرع بالإلزام به من التكلف، والأصل أن يؤدي الإنسان دعاءه على الحال التي ذكرت من الخضوع والانكسار، ولمزيد من الفائدة انظر: رسالة دعاء القنوت للشيخ بكر أبو زيد.

وضع الأيدي أثناء الدعاء

وضع الأيدي أثناء الدعاء المجيب محمد بن ناصر السلمي القاضي في وزارة العدل التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 19/1/1425هـ السؤال ورد في صحيح مسلم عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء " قال النووي -رحمه الله-: "قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه، ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء احتجوا بهذا الحديث "، فالسؤال هو: هل التفريق بين الكيفيتين وارد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم -؟ وهل المفهوم الصحيح لكيفية الرفع المذكورة في الحديث (وهو.. استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء) هكذا كما ذكره النووي رحمه الله؟ وهل يتأتى التفريق بين الكيفيتين في كل دعاء - فيه السؤال للخير ودفع البلاء - أي يعمل بكل منهما في كل دعاء أو هو خاص بالاستسقاء؟ ما هو الوارد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الدعاء وكيفيته؟ والله يجزيكم عني خيرا. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم ما ذكره النووي - رحمه الله- عن جماعة من أصحابه من أن السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه ويجعل ظاهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء، قد قال به جماعة من الأئمة كمالك وأصحاب الشافعي، وبعض أصحاب أحمد، استدلالاً بظاهر حديث أنس -رضي الله عنه- في صحيح الإمام مسلم (896) ، بل جاء عند أبي داود (1164) ، من حديث عفان بن مسلم، قال حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت، عن أنس - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يستسقي هكذا يعني: ومد يديه، وجعل بطونهما مما يلي الأرض، حتى رأيت بياض إبطيه.

وقد ورد في الباب أحاديث وآثار تدل على هذا المراد إلا أن في أسانيدها مقال، وذكر بعض أصحاب أحمد، كابن حمدان وغيره وجهاً آخر وهو أن دعاء الاستسقاء كغيره، في كونه يجعل بطون كفيه نحو السماء، وهذا هو الظاهر في كلام كثير من أصحاب أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-،وقال: صار كفاه نحو السماء لشدة الرفع، لا قصداً له؛ لأنه إذا رفع رفعاً شديداً صار ظهورهما نحو السماء وهذا قول قوي. وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أن الحكمة في الإشارة بظهر الكفين نحو السماء في الاستسقاء دون غيره التفاؤل بتقلب الحال كما قيل ذلك في تحويل الرداء. والله أعلم. والوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في رفع اليدين في الدعاء، هو أن يرفع الداعي يديه إلى منكبيه، أو نحوهما ضاماً لهما غير مفرقتين باسطاً بطونهما نحو السماء، وظهورها نحو الأرض، وإن شاء قنع بهما وجهه وظهورهما نحو القبلة. والسنة في الاستسقاء وفي حال الشدة والرهبة كحال الجدب، والنازلة بتسلط العدو، ونحو ذلك من مقامات الرهب، أن يبالغ في رفع اليدين حتى ترى عفرة إبطيه، أي بياضهما. وعليه يحمل حديث أنس -رضي الله عنه-: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم- لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وإنه ليرفع حتى يرى بياض إبطيه" متفق عليه عند البخاري (1031) ، ومسلم (895) من حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس -رضي الله عنه-، أي لم يكن يبالغ في الرفع، إلا في مقام الرهب حال الجدب في الاستسقاء، لا أن يريد نفي الرفع في غير هذا الموضع، لتواتر أحاديث الرفع حال المسألة والدعاء في رواية جمع كثير من الصحابة - رضي الله عنهم-.

تعليق الدعاء بعد إن شاء الله

تعليق الدعاء بعد إن شاء الله المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 08/11/1426هـ السؤال أريد توضيحاً في مسألة الدعاء، هل يجوز أن أقول لشخص: الله يغفر لك -إن شاء الله-؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا يجوز الاستثناء في الدعاء، وقول (إن شاء الله) نوع من الاستثناء، وهو مخالف للمراد من الدعاء، فكأن القائل يقول: الله يغفر لك إذا شاء الله أن يغفر لك، وهو بهذا المعنى لا يصبح دعاء بل مجرد إخبار، وإن كان أكثر الناس لا يفطنون لهذا المعنى، ولم يخطر في قلوبهم الاستثناء ولم يريدوه، ولكن الصحيح أن الإنسان يدعو ولا يستثني، أي لا يقول: إن شاء الله. ففي صحيح البخاري، باب ليعزم المسألة، فإنه لا مكره له، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له". وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإنه لا مكره له" (صحيح البخاري ح: 5979، 5980) . والله أعلم.

الدعاء الجماعي عند ختم درس التلاوة

الدعاء الجماعي عند ختم درس التلاوة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 13/10/1424هـ السؤال هل يجوز الدعاء الجماعي بعد الفراغ من حلقات تعلُّم القرآن؟ البعض يقول الدعاء بعد تلاوة القرآن أو تفسيره من دواعي الإجابة. أرجو بيان الحكم الصحيح في ذلك على ضوء الكتاب والسنة. الجواب الدعاء عمل مشروع للإنسان في كل أحواله، وله آداب وكيفيات ينبغي للإنسان أن يلتزم بها؛ لعل الله جل وعلا أن يجيب دعاءه، والدعاء الجماعي الذي ذكره السائل يفهم منه أن الكل يردد بصوت واحد، وهذا لم يكن معروفاً على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإنما كان يدعو الداع ويؤمن من حضره على دعائه، واتخاذ الدعاء بعد الانتهاء من حلقات تعلم القرآن عادة لم يكن معروفاً، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعلِّم أصحابه ولم يرد أنهم كانوا بعد تعليمه إياهم يدعو، ولهذا ورد عن الإمام مالك رحمه الله أنه سُئل في قوم يستمعون لقراءة القرآن، فقال: لا بأس أن يجتمعوا، ويكره الدعاء بعد فراغهم أخذاً من أن هذا لم يكن من عادة النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن كون الإنسان إذا رأى من نفسه نشاطاً على الدعاء، أو رغب في أن يؤمن الحضور على دعائه بمناسبة من المناسبات الدعائية ونحو ذلك فهذا قد يكون حسناً، لكن لا يتَّخذ عادة، والله الموفق.

الدعاء بالمحو والكتابة

الدعاء بالمحو والكتابة المجيب محمد بن إبراهيم الحمد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 9/1/1425هـ السؤال ورد عن عمر -رضي الله عنه- هذا الدعاء:"اللهم، إن كنت كتبتني عندك من الأشقياء، فأسألك بقدرتك أن تمحو ذلك، وتكتبني من السعداء"، اعتقاد أهل السنة (1206-1207) ، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (8/540) ، وابن القيم في شفاء العليل (1/90) ، فهل يجوز مثل هذا الدعاء أن يطلب من الله المحو والكتابة؟. الجواب أن القدر قدران: أحدهما: القدر المثبت، أو المطلق، أو المبرم: وهو ما في أم الكتاب - اللوح المحفوظ- فهذا ثابت لا يتغير، ولا يتبدل. وثانيهما: القدر المعلق، أو المقيد: وهو ما في كتب الملائكة؛ فهذا هو الذي يقع فيه المحو والإثبات، والزيادة، والنقص. وهذا معنى قوله -تعالى-: "يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ" [الرعد:39] ، ومن هذا الباب - أعني الثاني- قول عمر - رضي الله عنه-: "اللهم، إن كنت كتبتني شقياً فامحني، واكتبني سعيداً؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت". ومن هذا الباب قوله - تعالى- عن نوح - عليه السلام-: "أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً" [نوح: 3-4] ، وكذلك عُمْرُ داود - عليه السلام- زاد ستين سنة، فجعله الله مائة بعد أن كان أربعين، وشواهد ذلك كثيرة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: (والأجل أجلان: أجل مطلق يعلمه الله، وأجل مقيد، وبهذا يتبيَّن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم-: "من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره - فليصل رحمه" رواه البخاري (2067) ، ومسلم (2557) ، عن أنس -رضي الله عنه-. فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلاً، وقال: (إن وصل رحمه زدته كذا وكذا، والملك لا يعلم أيزداد أم لا لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر، فإذا جاء الأجل لا يتقدم ولا يتأخر) مجموع الفتاوى (8/517) وقال في موطن آخر عندما سئل عن الرزق هل يزيد وينقص؟! الرزق نوعان أحدهما ما علمه الله أن يرزقه فهذا لا يتغير، والثاني ما كتبه وأعلم به الملائكة هذا يزيد وينقص بحسب الأسباب. مجموع الفتاوى (8/517) قال ابن حجر- رحمه الله -: (كأن يقال للمَلَكِ مثلاً - إن عُمْرَ فلان مائة عامٍ- مثلاً- إن وصل رحمه، وستون إن قطعها، وقد سبق في علم الله أنه يصل أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر، والذي في علم الملك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقص، وإليه الإشارة بقوله: "يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ" [الرعد:39] ،فالمحو والإثبات بالنسبة لما في علم الملك. (وما في أم الكتاب هو الذي في علم الله - تعالى- فلا محو فيه البتة، ويقال له: القضاء المبرم، ويقال للأول: القضاء المعلق) فتح الباري (10/430) .

ثم إن الأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدره الله وكتبه، فإذا كان قد تقدم، بأن يرزق العبد بسعيه، واكتسابه ألهمه السعي، والاكتساب، وذلك الذي قدره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب، وما قدره له بغير اكتساب، كموت مورثه يأتيه بغير اكتساب. فلا مخالفة في ذلك لسبق العلم، بل فيه تقييد المسببات بأسبابها، كما قدر الشبع والروي، بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، فهل يقول عاقل بأن ربط هذه المسببات بأسبابها يقتضي علم خلاف العلم السابق، أو ينافيه بوجه من الوجوه. وبهذا يتبين صحة دعاء عمر - رضي الله عنه-، وإذا أردت مزيد بيان لهذه المسألة فارجع إلى تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص89) ، وإلى شرح صحيح مسلم للنووي (16/114) ، وإلى مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (8/540-541) ، وعلى إفادة الخبر بنصه في زيادة العمر، ونقصه للسيوطي، وإلى تنبيه الأفاضل على ما ورد في زيادة العمر ونقصانه من الدلائل للشوكاني، وإلى أقوال المفسرين في قوله - تعالى-: "يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ" [الرعد:39] .

هل لها الدعاء بغير المأثور؟

هل لها الدعاء بغير المأثور؟ المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 14/7/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا فتاة مسحورة، وسمعت من شيخ دعاء لإبطال السحر، ولكنه ليس مأثوراً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو نص الدعاء: "اللهم إنك قد أقدرت بعض خلقك على السحر والشر، ولكنك احتفظت لذاتك بإذن الضر، فأعوذ بما احتفظت به مما أقدرت عليه بحق قولك"، "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" فهل يجوز لي أن أقول وأكثر من الدعاء في كل صلاة حتى يصرف الله عني ما أنا فيه؟. الجواب الحمد لله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما دام أن هذا الدعاء ليس مأثوراً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن العمل به يسبقه النظر إلى مفرداته، ومنها عبارة: "أعوذ بما احتفظت به"، ونحن مأمورون شرعاً أن نستعيذ بالله أو بأسمائه أو صفاته، ومن ذلك أيضاً قراءة المعوذات، وفي الحديث: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.." رواه مسلم (2708) عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، وقراءة آية الكرسي، وكل ذلك بقلب موقن بأن الله -تعالى- هو الشافي، فإن الأسباب المشروعة إنما تؤثر إذا أذن الله -تعالى-، أما كلمة "بحق قولك" فإنه لا أحد يوجب على الله حقاً إلا ما أوجبه سبحانه على نفسه، فلا مكره له جل وعلا، وعلى هذا فلا أرى - للأخت السائلة- العمل بهذا الدعاء لا في صلاتها ولا خارجها ولتلجأ إلى الأذكار الواردة ومنها المعوذات. ونسأل الله -تعالى- لها الشفاء. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تمني الموت خوف الفتنة

تمني الموت خوف الفتنة المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/شروط وآداب الدعاء التاريخ 25/06/1426هـ السؤال هل يجوز أن أدعو بأن ألقى الله شهيدة في سبيل الله عاجلاً غير آجل قبل أن تكثر الفتن؟ الجواب الحمد لله، وبعد: الواجب على العبد المؤمن الصبر على البلايا، واحتساب الأجر على الله، ولا يتمنى الموت لضر نزل به، فقد روى البخاري (6351) ومسلم (2680) : "لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي". وفي رواية: "لَا يَتَمنينَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ، إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ". أخرجها البخاري (7235) . وروى الإمام أحمد في المسند (22293) ، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: جَلَسْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَّرَنَا وَرَقَّقَنَا، فَبَكَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَأَكْثَرَ الْبُكَاء، َ فَقَالَ: يَا لَيْتَنِي مِتُّ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا سَعْدُ، أَعِنْدِي تَتَمَنَّى الْمَوْتَ؟ ". فَرَدَّدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: "يَا سَعْدُ، إِنْ كُنْتَ خُلِقْتَ لِلْجَنَّةِ فَمَا طَالَ عُمْرُكَ أَوْ حَسُنَ مِنْ عَمَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". وهذا فيما إذا كان الضر النازل به دنيويًّا، وأما إذا كان فتنة في الدين فيجوز سؤال الموت، كما قال الله تعالى، إخبارًا عن السحرة لما أرادهم فرعون على دينهم وتهدَّدهم بالقتل، قالوا: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) [الأعراف: 126] . وقالت مريم لما أن أجاءها المخاض- وهو الطلق- إلى جذع النخلة: (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا) [مريم: 23] ، لما علمت من أن الناس يقذفونها بالفاحشة؛ لأنها لم تكن ذات زوج، وقد حملت ووضعت، وقد قالوا: (يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا* يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) [مريم: 28، 27] . فجعل الله لها من ذلك الحال فرجًا ومخرجًا، وأنطق الصبي في المهد بأنه عبد الله ورسوله، فكان آية عظيم ومعجزة باهرة- صلوات الله وسلامه عليه. وفي حديث معاذ -رضي الله عنه- الذي رواه الإمام أحمد (22109) والترمذي (3235) في قصة المنام والدعاء الذي فيه: "وإذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ". وعند الإمام أحمد (23625) ، عن محمود بن لبيد، مرفوعًا، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ: الْمَوْتُ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ، وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ". فعند حلول الفتن في الدين يجوز سؤال الموت، ولهذا قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في آخر خلافته لما رأى أن الأمور لا تجتمع له، ولا يزداد الأمر إلا شدة، قال: (اللهم خذني إليك، فقد سئمتهم وسئموني) . وقال البخاري -رحمه الله- لما وقعت له تلك الفتنة، وجرى له مع أمير خراسان ما جرى، قال: (اللهم توفني إليك) . وفي الحديث: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ". أخرجه البخاري (7115) ، ومسلم (157) - لما يرى من الفتن والزلازل. والله أعلم. وصلى الله وسلم على محمد.

أسباب وأوقات إجابة الدعاء

دعوت فلم يستجب لي! المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 13/7/1422 السؤال رجل يدعو لأحد أقربائه، ويتوخى أسباب الإجابة، ثم بعد ذلك يسأل من دعا له عن أحواله حتى يرى هل استجيب دعوته أم لا؟ فإذا علم أنه لم يحصل للمدعو له أي شيء من دعائه له أخذ يستغرب كيف لا يستجاب لي، مع أني عملت بأسباب إجابة الدعاء؟ فما رأي فضيلتكم في ذلك، وكيف نرد عليه. جزاكم الله خيراً. الجواب هذا الداعي قد أساء الأدب مع ربه ـ جل وعلا ـ، ثلاث مرات: الأولى: حين بحث في أحوال من دعا له، لينظر هل استجيبت دعوته له أم لا، فكأنه يمتحن ربه. الثانية: حين ادعى لنفسه تكميل أسباب إجابة الدعاء، ونسي موانعها التي قد يكون تلبّس بواحد منها، وهذا من العجب، فهو بذلك قد أحسن الظن بنفسه، وأساء الظن بربه عكس ما يجب عليه. الثالثة: حين استعجل الإجابة، وقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لايزال يستجاب للعبد مالم يَدْعُ بإثم أو قطيعة رحم، مالم يستعجل " قيل: يارسول الله ما الاستعجال؟ قال: " يقول: قد دعوت، وقد دعوت فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويَدَعُ الدعاء ". أخرجه بهذا اللفظ مسلم (2735) . ثم إنّ مما ينبه عليه أن ثمرة الدعاء مضمونة ـ بإذن الله ـ فإذا أتى الداعي بشرائط الإجابة فإنه سيحصل على الخير، وسينال نصيباً وافراً من ثمرات الدعاء ولابد، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ماسأل، أو كفّ عنه من السوء مثله، مالم يدع بإثم أوقطيعة رحم " رواه أحمد (14879) ، والترمذي (3381) ، وحسّنه الألباني في صحيح الجامع (5678) . وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " ما من مسلم يدعو ليس بإثم ولاقطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدّخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، قال: إذن نكثر، قال: " الله أكثر ". أخرجه البخاري في الأدب المفرد (710) وقال الألباني: صحيح. كما ننبهك أيضاً إلى أن لله ـ عزوجل ـ حكماً بالغة في تأخير الإجابة، وهو سبحانه لا يعجل عجلة المخلوق. فمن الحكم في تأخر الإجابة: 1ـ أن تأخر الإجابة من البلاء الذي يحتاج إلى صبر، فتأخر الإجابة من الابتلاء، كما أن سرعة الإجابة من الابتلاء قال تعالى: " ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون" (الأنبياء:35) . 2ـ أن الله ـ عز وجل ـ له الحكمة البالغة، فلا يعطي إلا لحكمة، ولا يمنع إلا لحكمة، وقد ترى في الشيء مصلحة ظاهرة، ولكن الحكمة لاتقتضيه، فقد تخفى الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر، ولكنه يقصد بها المصلحة الآجلة، فلعل هذا من ذاك. 3ـ قد يكون في تحقق المطلوب زيادة في الشر، فربما تحقق للداعي مطلوبه، وأجيب له سؤله، فكان ذلك سبباً في زيادة إثم، أو تأخير عن مرتبة، أو كان ذلك حاملاً على الأشر والبطر، فكان التأخير أو المنع أصلح.

4ـ أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه، وهذا سرّ بديع يحسن بالعبد أن يتفطّن له حال دعائه لربه، ذلك أن الله ـ عزّ وجلّ ـ أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، فهو أعلم بمصالح عباده منهم، وأرحم بهم من أنفسهم وآبائهم وأمهاتهم. 5- تأخر الإجابة سبب لتفقّد العبد لنفسه، فقد يكون امتناع الإجابة، أو تأخرها لآفة في الداعي، فربما كان في مطعومه شبهة، أو في قلبه وقت الدعاء غفلة، أو كان متلبساً بذنوب مانعة. وانظر لزاماً كتاب (الدعاء) للشيخ / محمد بن إبراهيم الحمد، ففيه بسط لما ذكرناه، والله أعلم.

هل يجاب دعاء المسلم لأخيه؟

هل يجاب دعاء المسلم لأخيه؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 1/6/1422 السؤال هل دعاء المسلم لأخيه المسلم -عندما يقضي له حاجة، أو يفعل له خيراً- مستجاب؟ وإذا تصدقت على إنسان ودعا لك بدعاء معين هل يستجاب؟ الجواب أولاً: الأصل أن دعاء المسلم لأخيه المسلم مستجاب بإذن الله، ما لم يحجبه حاجب من موانع إجابة الدعاء. ومن الموانع: أكل الحرام -والعياذ بالله-. ويستحبّ لمن صُنع إليه معروف أن يكافئ الصانع، فإن لم يجد فليدعُ له، فقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاء المصنوع إليه معروفاً بمثابة المكافأة للصانع والله أعلم.

الدعاء وقت هطول المطر

الدعاء وقت هطول المطر المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 10/8/1424هـ السؤال هل وقت نزول المطر يعتبر موطناً من مواطن استجابة الدعاء، بناءً على حديث الحاكم وابن حبان؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد ذكر غير واحد من أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (27/129) :"أن نزول المطر من مواطن إجابة الدعاء؛ استدلالاً بالأحاديث الواردة في ذلك، ومنها: ما أخرجه الحاكم في مستدركه (2/124) عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"ثنتان لا تردان: الدعاء عند النداء أو عند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً، وتحت المطر"، ثم قال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"أ. هـ، وللحديث شواهد، منها: ما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول المطر" وقد حسنه الألباني بشواهده في سلسلته الصحيحة (1469) ، والله تعالى أعلم.

الدعاء بعد الإقامة

الدعاء بعد الإقامة المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 17/10/1423هـ السؤال ما مشروعية الدعاء بعد الإقامة؟ الجواب الدعاء بعد الإقامة لا أصل له ولا أعلم في صحيح السنة ما يدل على مشروعيته، والله أعلم.

الذكر عند شراء السيارة

الذكر عند شراء السيارة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 1/07/1425هـ السؤال ورد في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشترى بعيراًً يضع يده على ذروة سنامه ثم يقول: "اللهم إني أسألك خيره وخير ما جبلته عليه، وأعوذ بك من شره وشر ما جبلته عليه"، وفي وقتنا الحاضر إذا اشترى المسلم سيارة فماذا يتعين عليه أن يقول من ذكر؟ ً وجزاكم الله خيراً. الجواب هذا الذكر الذي رواه أبو داود (2160) ، وابن ماجة (1918) ينسحب على كل مركوبة من سيارة وسفينة وغيرها؛ لأن المعنى واحد في الجميع، غير أنك تقول: وخير ما صنعت لأجله، بدل لفظ: "وخير ما جبلتها عليه".

دعاء ابن واسع الذي يخافه الشيطان!

دعاء ابن واسع الذي يخافه الشيطان! المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 1/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل هذا الموضوع صحيح؟ وكيف نعرف أن مثل هذه الأمور صحيحة أم لا؟ موضوع: الشيطان يستغيث من هذا الدعاء! بسم الله الرحمن الرحيم، ورد في الأثر عن الإمام محمد بن واسع أنه كان يدعو الله كل يوم بدعاء خاص، فجاءه شيطان وقال له يا إمام أعاهدك أني لن أوسوس لك أبداً، ولم ولن آتيك ولن آمرك بمعصية، ولكن بشرط أن لا تدعو الله بهذا الدعاء ولا تعلمه لأحد فقال له الإمام كلا، سأعلمه لكل من قابلت وافعل ما شئت. هل تريد معرفة هذا الدعاء؟ كان يدعو فيقول: "اللهم إنك سلطت علينا عدواً عليماً بعيوبنا - يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم -- اللهم آيسه منا كما آيسته من رحمتك، وقنطه منا كما قنطته من عفوك، وباعد بيننا وبينه كما باعدت بينه وبين رحمتك وجنتك". ادعوا بهذا الدعاء، وساعدوا على نشر هذه الرسالة، ولا تنسونا من صالح دعائكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا أذكر أني وقفت على هذا الدعاء عن محمد بن واسع، وكان من عباد الله الصالحين في عصر التابعين، وهذا الدعاء مفيد في الاستعاذة من الشيطان، فيرجى أن من دعاه يحفظه الله ويعصمه من الشيطان، ويعينه على عدوه حتى يندحر ولا يقدر على إغوائه ولا إفساد دينه، والتجربة ممكنة، فلعل كل من اطلع عليه أن يدعو به حالة صدق وإخلاص ويقين بأهميته وفائدته، والله أعلم.

أفضل أوقات الدعاء

أفضل أوقات الدعاء المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 22/04/1426هـ السؤال ما هو أفضل الدعاء بعد الصلاة؟ وما هي أفضل أوقات الدعاء؟ وشكراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد: فإن من مواطن إجابة الدعاء دعاء الله دبر الصلاة، والمراد بالدبر هنا آخر الصلاة وقبل السلام منها، وهذا هو اختيار جمع من المحققين، كابن تيمية -رحمه الله-. ويتخير من الدعاء ما شاء من خيري الدنيا والآخرة، والأولى الدعاء بالأدعية التي جاءت في كتاب الله -تعالى- أو في سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنها أدعية جامعة، ومن ذلك الدعاء بقول: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، كما أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذاً بذلك، أخرجه أبو داود (1522) . وكذلك الاستعاذة بالله من أربع: "من فتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال، وعذاب القبر" صحيح البخاري (833) ، صحيح مسلم (589) . أما أفضل أوقات الدعاء فهي كثيرة جداً، منها: جوف الليل الآخر، دبر الصلوات المكتوبات، بين الأذان والإقامة، وعند نزول المطر، وآخر ساعة من يوم الجمعة، والمصلي حال سجوده، ودعاء يوم عرفة، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر، ودعوة المضطر، ودعوة المظلوم، ودعاء الوالد على ولده ولولده، والدعاء على الصفاء والمروة، وكذلك الدعاء عند المشعر الحرام، والدعاء عند الاستيقاظ من النوم ليلاً، كل هذه المواطن وغيرها من مواطن إجابة الدعاء إذا كان الداعي مخلصاً لله تعالى، مثنياً عليه، مصلياً على رسوله -صلى الله عليه وسلم- ملماً، حاضر القلب، مكرراً الدعاء، مطيباً مطعمه، جازماً ومستيقناً الإجابة، غير داع بإثم أو قطيعة رحم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

تحديد ساعة الإجابة يوم الجمعة

تحديد ساعة الإجابة يوم الجمعة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 21/05/1426هـ السؤال نحن مأمورون بتحري الساعة المرجوة لإجابة الدعاء في يوم الجمعة بين أن يجلس الإمام إلى انتهاء الصلاة، كما في صحيح مسلم. فكيف يتيسَّر لنا ذلك ومتى؟ فإن الوقت قصير جدًا بين الجلوس والصلاة ثم إن علينا الاستماع للخطبة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: ثبت أن في الجمعة ساعة يرجى فيها الإجابة، واختلف أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في تعيين هذه الساعة، فمنهم من حدَّدها بوقت معين، ومنهم من جعلها متنقلة في سائر ساعات الجمعة، ومنهم من قال: إنها أخفيت كما أخفيت ليلة القدر، وقد توسَّع في ذكر الخلاف في هذه القضية ابن القيم في زاد المعاد (1/388) ، والحافظ ابن حجر في الفتح (2/421) ، حيث أبلغ الأقوال في هذه المسألة ثلاثة وأربعين قولاً، وقال - بعد سياقه للأقوال -: "وهذه الأقوال ليست كلها متغايرة من كل وجه بل كثير منها يمكن أن يتحد مع غيره". وقال ابن القيم - بعد ذكره للأقوال-: "وأرجح هذه الأقوال: قولان تضمنتهما الأحاديث الثابتة، وأحدهما أرجح من الآخر". وهذان القولان هما: - القول الأول: أنها ما بين جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، وحجة هذا القول ما روى مسلم في صحيحه (853) من حديث أبي بردة بن أبي موسى -رضي الله عنه- أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال له: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ". - والقول الثاني: أنها بعد صلاة العصر، وهذا أرجح القولين، وهو قول عبد الله بن سلام، وأبي هريرة، والإمام أحمد، وخلق، وحجة هذا القول: ما رواه أبو داود (1048) ، والنسائي (1389) عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ -يُرِيدُ سَاعَةً- لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- شَيْئًا إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ". وأخرج الحديث الحاكم (1/414) وصحَّحه ووافقه الذهبي، وصحَّحه أيضاً النووي، وحسَّنه ابن حجر. وأخرج أحمد في مسنده (7688) عن أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ". وفي إسناد هذا الحديث محمد بن مسلمة الأنصاري وهو مجهول، لكن يشهد للحديث ما قبله.

وروى سعيد بن منصور في سننه -كما في زاد المعاد (1/376) والفتح (2/421) - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن ناساً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اجتمعوا، فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة، فتفرقوا، ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة". ونقل الترمذي عن الإمام أحمد أنه قال: أكثر الأحاديث في الساعة التي ترجى إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر، وترجى بعد زوال الشمس. [جامع الترمذي (2/260) ] . والحاصل أن القول أنها بعد العصر أرجح، وعلى القول بأنها ما بين أن يجلس الإمام إلى الفراغ من الصلاة فهناك وقت ولو كان قصيراً يمكن للمسلم أن يستغله بالدعاء بأدعية جامعة، ثم إن المستمع للخطبة ودعاء الإمام يحصل له التأمين على دعاء الإمام والمُؤمن على الدعاء مثل الداعي، قال الله -عز وجل- عن موسى وهارون: (قد أجيبت دعوتكما) [يونس:89] . وتجدر الإشارة إلى أن حديث أبي موسى الذي أخرجه مسلم قد أُعل بالوقف، قال الدارقطني: "الصواب من قول أبي بردة منقطع" [الالتزامات والتتبع (ص234) ] ، قال الحافظ ابن حجر في البلوغ: "ورجَّح الدارقطني أنه من قول أبي بردة"، هذا، والله أعلم.

الدعاء في الصلاة بدعاء غير مأثور

الدعاء في الصلاة بدعاء غير مأثور المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 28/06/1425هـ السؤال بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد رسول الله: هل يجوز للإنسان الدعاء في الصلاة المفروضة بما شاء من الدعاء من خير الدنيا والآخرة، وحتى وإن كان الدعاء غير مأثور أي بلفظ الإنسان؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الفرض على الإنسان والواجب عليه في أثناء صلاته أن يأتي بالأركان والواجبات في صلاته، ومنها الأدعية المشروعة، ومن ذلك الدعاء بعد تكبيرة الإحرام، والدعاء عند الرفع من الركوع، والدعاء في السجود، والدعاء في الجلوس، بين السجدتين، والدعاء بعد التشهد الأخير، فهذه كلها مواطن للدعاء جاءت وثبتت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا دعا الإنسان بدعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم من خيري الدنيا والآخرة في سجوده، أو بعد التحيات، فإن هذا لا بأس به، والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" رواه مسلم (479) أي: حري أن يجيب الله دعاءكم. والله ولي التوفيق.

تقدير آخر ساعة من يوم الجمعة

تقدير آخر ساعة من يوم الجمعة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 29/1/1425هـ السؤال سمعت أن أقوى الآراء في الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة هي آخر ساعة من اليوم، أي قبل صلاة المغرب، لكنني سمعت أن الساعة الإسلامية التي ورد ذكرها في الحديث تعادل ما بين 15 - 20 دقيقة، ويذكر آخرون أنها تعادل 50 دقيقة من وقتنا. فما هو الصحيح؟ وهل وقت جلوس الإمام بين الخطبتين في صلاة الجمعة مستجاب فيه الدعاء؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فأصح ما ورد في تعيين هذه الساعة حديثان مشهوران: أحدهما: حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول - يعني في ساعة الجمعة-: "هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة" أخرجه مسلم في صحيحه (853) . الثاني: حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أتاه إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر" أخرجه أبو داود (1048) ، والنسائي (1389) ، واللفظ له، والحاكم (1032) ، وقال: (هذا حديث صحيح على شرط مسلمٍ ... ولم يخرجاه) أ. هـ، وكذا صحح إسناده النووي في المجموع (4/471) . وروي نحو هذا الحديث عن أنس -رضي الله عنه-،عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس" أخرجه الترمذي في سننه (489) ، ثم قال: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد روي هذا الحديث عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير هذا الوجه، ومحمد ابن بن حميد يُضعَّف، ضعفه بعض أهل العلم من قبل حفظه ... ، ويقال: هو أبو إبراهيم الأنصاري، وهو منكر الحديث، ورأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وغيرهم أن الساعة التي ترجى فيها بعد العصر إلى أن تغرب الشمس، وبه يقول أحمد وإسحاق، وقال أحمد: أكثر الأحاديث في الساعة التي ترجى فيها إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر ... " أ. هـ، هذا ما رجحه الإمام أحمد، وغيره. وقد صوَّب النووي - رحمه الله- في شرح صحيح مسلم (6/140-141) ، القول بما جاء في حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه-، ثم نقل عن الإمام مسلم أنه قال عن هذا الحديث: "هو أجود حديث، وأصحه في بيان ساعة الجمعة" أ. هـ. وذهب آخرون إلى أن ساعة الإجابة منحصرة في هذين الوقتين، وأن أحدهما لا يعارض الآخر، وإلى هذا ذهب الإمام ابن القيم في زاد المعاد (1/394) ، ثم قال: "وعلى هذا تتفق الأحاديث كلها، ويكون النبي -صلى الله عليه وسلم- قد حض أمته على الدعاء، والابتهال إلى الله -تعالى- في هاتين الساعتين ... " ا. هـ، وهذا ما رجحه سماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله -كما في مجموع الفتاوى والرسائل (12/401-402) . ومما ينبغي التنبيه عليه هنا، أن هذا الوقت ليس كله وقت إجابة، وإنما ساعة الإجابة في أثنائه، كما صرح بذلك القاضي عياض، فيما حكاه عنه النووي في شرح صحيح مسلم

(6/140) ، ويشهد لهذا ما أخرجه البخاري في صحيحه (893) ، ومسلم في صحيحه (852) ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً ... وفيه: (وأشار بيده يقللها) . هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: (وقال بيده يقللها يزهدها) ، وفي رواية لمسلم (852) ،: "وهي ساعة خفيفة". على هذا؛ فتحديدها بخمسين دقيقة بعيد جداً، وتحديدها بأقل من هذا تحكم لا دليل عليه، فينبغي تحريها في جميع الوقت الذي أرشد إليه نبينا - صلى الله عليه وسلم-، كما يتحرى المسلم ليلة القدر في ليال العشر من رمضان، عله أن يوافق هذه الساعة فيستجيب الله له، وإلى هذا المعنى أشار الإمام النووي في المجموع (4/471) ، حيث قال: "ويُحتمل أن هذه -يعني ساعة الإجابة يوم الجمعة- متنقلة، تكون في بعض الأيام في وقت، وفي بعضها في وقت، كما هو المختار في ليلة القدر ... " أ. هـ، والله -تعالى- أعلم.

أدعية لتفريج الهموم

أدعية لتفريج الهموم المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء التاريخ 09/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. أود السؤال عن الأدعية التي وردت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- في حالة الضيق، وطلب الفرج، وتكالب الدنيا على الإنسان، مع ذكر السند الشرعي. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الدعاء هو ملاذ المسلم عندما تشتد الكروب، وتنقطع الأسباب، وتعجز الحيل، يجأر العبد إلى ربه، ويلتجئ إليه، فيفرج همه، ويكشف غمه، ويرحم ضعفه، قال سبحانه وتعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، وقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى أدعيةٍ يقولونها حينما تشتد بهم الكروب، وتنزل بهم الخطوب، وتضيق عليهم الأمور، ويعرض لهم في هذه الدنيا ما ينغص عيشهم، ويكدر راحتهم من الشدائد والأمور الشاقة، ومن هذه الأدعية ما يأتي: - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ" [أخرجه البخاري ح (6346) ، ومسلم ح (2730) ] - وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما- قال: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-حِينَ قَالُوا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [أخرجه البخاري ح (4563) .] - وعن أبي بكرة - رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قال: " دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ " [أخرجه أبو داود ح (4426) ] . - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-كَانَ إِذَا أَهَمَّهُ الْأَمْرُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: " سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ " وَإِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ قَالَ: " يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ " [أخرجه الترمذي ح (3358) ، وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ] . وعن أنس بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: " يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ " [أخرجه الترمذي ح (3446) ]

- وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ - رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ - أَوْ فِي الْكَرْبِ -: أَللَّهُ أَللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا" [أخرجه أبو داود ح (1304) ] - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ) فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ. [أخرجه الترمذي ح (3427) ، والحاكم في المستدرك (2/637) ، وقال: صحيح الإسناد، وزاد فيه من طريق آخر: فقال رجل: يا رسول الله هل كانت ليونس خاصة، أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ألا تسمع إلى قوله الله عز وجل: "وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ"] - وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ-رضي الله عنه- قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ: إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ، قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي. [أخرجه أبو داود ح (1330) ]

- وعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا، قَالَ: فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا " [أخرجه أحمد ح (3528) ] . - وعن عائشة -رضي الله عنها-، في حديث الإفك، أنها قالت: وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) [أخرجه البخاري ح (2661) ، ومسلم ح (2770) ] . - وعن أنس -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قال: " اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن سهلاً إذا شئت " [أخرجه ابن حبان في صحيحه ح (974) ] اسأل الله أن يلهمنا الدعاء، ويوفقنا للإجابة، وأن يجعل لنا وللمسلمين من كل همٍ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ومن كل بلاءٍ عافية، هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

موانع إجابة الدعاء

هل للإنسان أن يسأل لنفسه الوسيلة؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/موانع إجابة الدعاء التاريخ 14/04/1425هـ السؤال ورد في الحديث: "وسلوا لي الوسيلة فإنها لا تصلح إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو" أو كما قال: فهل يجوز أن أسأل لنفسي الوسيلة؟ الجواب الحمد لله، لا يجوز لأحد أن يسأل الله لنفسه الوسيلة التي عناها النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الحديث الذي رواه مسلم (384) من حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما- حيث قال: "ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو "، وهذا الرجاء من النبي - صلى الله عليه وسلم - محقق، فهذه الدرجة وهذه المنزلة ليست إلا لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو مخصوص بالمقام المحمود، وبالوسيلة، ومما جعله الله سبباً في نيله - صلى الله عليه وسلم - الوسيلة والمقام المحمود دعاء المؤمنين له كما أرشدهم إلى ذلك بالدعاء بعد الأذان فقال - صلى الله عليه وسلم -: "من قال حين يسمع النداء: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة" رواه البخاري (614) من حديث جابر -رضي الله عنه-، إنما الذي للمسلم أن يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار، وإذا سأل الله الفردوس فإن ذلك مما ندب إليه الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن ينبغي لمن سأل الله الجنة أو سأل الله الفردوس وهي أعلى الجنة وأوسط الجنة فينبغي له أن يأخذ بالأسباب التي جعلها الله موصلة بإذنه؛ موصلة إلى تلك الدرجات نسأل الله -سبحانه وتعالى - الجنة ونعوذ به من النار، ونسأله الفردوس الأعلى بفضله وكرمه إنه تعالى جواد كريم بر رحيم، والله أعلم.

مسائل متفرقة

رفع اليدين للتأمين في الخطبة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ كتاب الصلاة/صلاة الجمعة التاريخ 29/4/1422 السؤال حكم رفع اليدين في التأمين على دعاء الإمام في خطبة الجمعة، أي رفع اليدين للمأموم بالتأمين لأنَّ المشاهد أنَّ كثيراً من الأخوة المصلِّين حينما يدعو خطيب الجمعة في آخر الخطبة لا يرفعون أيديهم، فهل في هذا نصٌّ بارك الله فيكم؟ الجواب رفع اليدين عند الدعاءِ من أسباب الإجابة، ولكنَّه يُشرع مطلقاً ومقيَّداً، فُيشرع مطلقاً في الدعاء المطلق، ويُشرع مقيَّداً في ما ورد له دليل من أنواع الدعاء المقيَّد، ومعنى ذلك أنَّه لا يُشرع رفع اليدين في كل دعاءٍ مقيَّد كالدعاءِ في آخر الصَّلاة قبل السَّلام أو بعد السَّلام، إذ لم يرد في السنَّة ما يدلُّ على ذلك، وإنَّما يُشرع رفع اليدين فيما دلَّت السنَّة على مشروعيِّة ذلك فيه كالدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والثانية، وعلى الصفا والمروة وفي الاستسقاء وغير ذلك ممادلَّت السنَّة على رفع اليدين فيه، وعلى هذا فلا يُشرع للمأمومين أن يرفعوا أيديهم عند دعاء الخطيب على المنبر يوم الجمعة. وقد أخرج مسلم رحمه الله عن عمارة بن رؤيبة أنَّه رأى بشر بن مروان رافعاً يديه على المنبر فقال: قبَّح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ ما يزيد على أن يقول بيده هكذا: وأشار بأصبعه المسبِّحة. قال النووي: فيه أنَّ السنَّة ألا يرفع اليد في الخطبة. والله أعلم

رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة

رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ كتاب الصلاة/الذكر بعد الصلاة التاريخ 2/5/1422 السؤال ما حكم رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة؟ الجواب رفع اليدين والدعاء بعد الفريضة لا أصل له، ولم ينقل عن أحد من الصحابة وإنما المشروع بعد الفريضة الذكر من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وإذا رأيت من يفعل ذلك فعليك بمناصحته بلطف ورفق فإن الرفق ما كان في شئ إلا زانه.

السجود من أجل الدعاء

السجود من أجل الدعاء المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/ البدع/البدع المتعلقة بالعبادات التاريخ 2/5/1422 السؤال هل يجوز السجود من أجل الدعاء فقط دون الصلاة، وذلك تحرياً لأوقات الإجابة مثل قبل دخول الإمام يوم الجمعة بقليل وآخر ساعة من يوم الجمعة، وبين الإقامة والصلاة..وغيرها من الأوقات الفاضلة. الجواب هذا من البدع؛ لأن السجود إما أن يكون سجود شكر أو سجود تلاوة أو سجوداً في الصلاة، أما السجود من أجل الدعاء فلم يأت في الشرع. والذي جاء في الحديث"أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء" فهذا لأنه عندما ذكر أفعال الصلاة وجاء للسجود قال: اكثروا فيه من الدعاء.

الدعاء بعد صلاة النافلة

الدعاء بعد صلاة النافلة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 2/5/1422 السؤال عندما صليت تحية المسجد دعوت الله فإذا واحد من الإخوان قال لي أن الدعاء بعد النافلة ليس له أصل، مع العلم أن الوقت هذا وقت إجابة الدعاء فتبين لي من الحكم أن الدعاء بعد النافلة ليس بدعة وإنما ليس له أصل أرجو الحكم في ذلك وإذا كان جائز فاذكروا لي حديثا وجزاكم الله خيرا. الجواب الدعاء من المسلم مستحب في كل الأوقات وذلك أن الله تعالى يقول ((وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)) . وخاصة في الأوقات الفاضلة التي تتحرى فيها الإجابة أكثر، كالوقت بين الأذان والإقامة، وفي ثلث الليل الآخر، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر وغيرها، من الأوقات الواردة في السنة. إلا أن العلماء رحمهم الله استحبوا الذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفريضة، ولا يشتغل من انتهى من صلاة الفريضة بالدعاء ويترك الذكر الوارد، وأما بعد النافلة فلكونه لم يرد فيه ذكر مخصوص فيستحب الدعاء لما تقدم في الآية الكريمة. والله أعلم.

معنى "والشر ليس إليك"

معنى "والشر ليس إليك" المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 23/5/1424هـ السؤال هل يوجد دعاء للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فيما معناه اللهم الخير بين يديك، والشر ليس إليك، وإن ثبت فما معناه هذا؟ والله يرعاكم ويحفظكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله التوفيق: إن هذا الدعاء الوارد في سؤال السائل صحيح، وقد أخرجه الإمام مسلم - رحمه الله (771) ، وهو جزء من حديث طويل، ونصه عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال:" وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك" والمعنى الخاص بالجزء الوارد في السؤال وهو كما يلي قال الإمام النووي رحمه الله على الحديث "والخير كله في يديك والشر ليس إليك" قال الخطابي وغيره فيه الإرشاد إلى الأدب في الثناء على الله تعالى ومدحه بأن تضاف إليه محاسن الأمور دون مساويها على جهة الأدب، وأما قوله والشر ليس إليك فمما يجب تأويله، لأن مذهب أهل الحق أن كل المحدثات فعل الله تعالى وخلقه، سواء خيرها وشرها، وحينئذ يجب تأويله، وفيه خمسة أقوال أحدها: معناه لا يتقرب به إليك، قاله الخليل بن أحمد والنضر بن شعيل وإسحاق بن راهوية، ويحيى بن معين، وأبو بكر بن خزيمة، والأزهري وغيرهم. والثاني: حكاه الشيخ أبو حامد عن المزني وقاله غيره أيضاً؛ معناه لا يضاف إليك على انفراده، لا يقال يا خالق القردة والخنازير، ويا رب الشر، ونحو هذا، وإن كان خالق كل شيء، ورب كل شيء، وحينئذ يدخل الشر في العموم، والثالث: معناه والشر لا يصعد إليك، إنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح، والرابع: معناه والشر ليس شراً بالنسبة إليك، فإنك خلقته بحكمة بالغة، وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين، والخامس: حكاه الخطابي أنه كقولك فلان إلى بني فلان إذا كان عداده فيهم أو صفوه إليهم، أ. هـ. شرح صحيح مسلم للإمام النووي. كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه رقم الحديث (201 /ص 303 - 304) وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الدعاء بـ (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)

الدعاء بـ (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 23/10/1425هـ السؤال هل هذا الدعاء جائز شرعًا، وهو الاستغاثة برحمة الله، يقول الداعي: (يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث) . حيث إني كثيرًا ما أردد هذا الدعاء، وهل ورد حديث أو أثر بذلك؟ الجواب الحمد لله، لا شك أن هذا دعاء طيب، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الترمذي (3524) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: "يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ". ومعناه موجود في الأدعية المأثورة، التوسل إلى الله باسمه الحي القيوم، بل قيل إن هذا هو اسم الله الأعظم، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم- سمع رجلًا يقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ إِنِّي أَسْأَلُكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "تَدْرُونَ بِمَا دَعَا؟ ". قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى". أخرجه أبو داود (1495) والنسائي (1300) . وكذلك قول الداعي: برحمتك أستغيث. هذا توسل حق، توسل إلى الله برحمته، فما ذكر هو من أحسن الأدعية وأنفعها، وهو موافق لقوله سبحانه وتعالى: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف:180] . والله أعلم.

أدعية مأثورة تعين على الثبات

أدعية مأثورة تُعين على الثبات المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة التاريخ 9/9/1422 السؤال عندي ذنوب كثيرة وأدعو الله كل يوم أن يغفر لي ولكن الدنيا تأخذني ولا أعلم ماذا أفعل، أحاول ولكن أرجع، فإذا تفضلتم أعطوني الدعاء الذي أدعوه ليثبت قلبي على الإيمان وطاعة الرحمن؟ الجواب إن شعور الإنسان بكثرة ذنوبه، وخوفه منها، ورغبته في التخلص من تبعتها علامة حياة القلب ونبضه بالإيمان، وعلاج مَنْ هذا شأنه سهلٌ وميسر بحمد الله - إذ إنَّ أولى خطوات تصحيح المسار، واستدراك الفائت الاعتراف بوجود الخطأ والشعور بوخز الضمير، والإقبال الذاتي إلى مدارج الصالحين والتائبين. ومعاودة الوقوع بالذنوب بعد التوبة منها لا تعطي فرصة لليأس ليستولي على النفوس، أو يفسح مجالاً للقنوط يحول بين العبد وتجديد الاستغفار والندم مما حدث وكان. وحَسَنُُ من السائلة أن تطلب تذكيرها ببعض الأدعية التي تعينها على الثبات ولزوم الاستقامة، إذ إن الدعاء خير وسيلة يُستعان بها في خضم هذا الزمن المتلاطم فتناً ومحناً، كيف وهو سلاح الصفوة المرسلين من الأنبياء وأتباعهم. ألا إنَّ من أفضل الأدعية في هذا المقام ما ورد في الكتاب العزيز، وما صحّ من سُنة إمام المتوكلين، وسيد الخاشعين المتضرعين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ومن ذلك: قوله - تعالى -: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) آل عمران: 8 - وقوله: (ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين) البقرة: 250. وصحّ عنه - عليه السلام - من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - " اللهم مصّرف القلوب، صرَّف قلوبنا على طاعتك " أخرجه مسلم (2654) وغيره، وأخرج كذلك من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: " اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون " رواه مسلم (2717) وأمثلة هذه الأدعية لا تحصى كثرة بحمد الله، وصنفت فيها كتب كثيرة وأفردها الأئمة بأبواب مستقلة من الصحاح والسنن ولخصها آخرون في مصنفات مفردة، ومن أفضلها الكلم الطيب لابن تيمية والوابل الصيّب لابن القيم وحصن المسلم للقحطاني من المعاصرين، والله أعلم"

دعاء دخول شهر رمضان

دعاء دخول شهر رمضان المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ كتاب الصيام/مسائل متفرقة التاريخ 29/08/1425هـ السؤال هل هناك أدعية مخصصة عند دخول شهر رمضان المبارك من السنة؟ وماذا يجب على المسلم أن يدعو به في تلك الليلة أفيدوني -بارك الله فيكم-؟ الجواب لا أعلم دعاءً خاصاً يقال عند دخول شهر رمضان، وإنما هو الدعاء العام عن سائر الشهور، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى الهلال في رمضان وفي غيره يقول:" اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام هلال خير ورشد ربي وربك الله " وفي بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول:" الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام ربي وربك الله " هذا الدعاء الوارد عند رؤية الهلال لرمضان ولغيره، أما أن يختص رمضان بأدعية تقال عند دخوله فلا أعلم شيئاً في ذلك، لكن لو دعا المسلم بأن يعينه الله على صوم الشهر وأن يتقبله منه فلا حرج في ذلك، لكن لا يتعين دعاء مخصص. المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ/صالح الفوزان، الجزء الرابع ص (92) فتوى رقم (91) .

الدعاء على النصارى

الدعاء على النصارى المجيب د. علي بن بخيت الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 15/4/1423 السؤال هل يجوز الدعاء على مطلق النصارى أم نحدد النصارى الظالمين، أو المحاربين، أو الحاقدين، أو غير ذلك؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين، وبعد: يجوز الدعاء على مطلق النصارى؛ لقوله -تعالى-:"لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ... " [المائدة:78] . قال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) بعد هذه الآية (6/187) :"فيه مسألة واحدة: وهي جواز لعن الكافرين ... ". وقد جاء في الكتاب العزيز: لعن الكافرين والمشركين والدعاء عليهم ... والذي يستحب هو الدعاء على الكافرين المعتدين والظالمين والمحاربين في القنوت عند النوازل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (مجموع الفتاوى 8/335) :"والدعاء على جنس الظالمين الكفار مشروع مأمور به، وشرع القنوت والدعاء للمؤمنين، والدعاء على الكافرين". وقال في موضع آخر (21/154) :"وأما الدعاء على أهل الكتاب ... فهذا منقول عن عمر بن الخطاب أنه كان يدعو به في المكتوبة، وهو موافق لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... ". وقال في موضع آخر (22/271) :"وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة، وإذا سمى من يدعو لهم من المؤمنين، ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين كان ذلك حسناً". وقال في موضع آخر (22/373) :"وكذلك المأثور عن الصحابة مثل: عمر، وعلي، وغيرهما -رضي الله عنهم- هو: القنوت العارض قنوت النوازل، ودعاء عمر فيه، وهو قوله:"اللهم عذب كفرة أهل الكتاب ... إلخ، يقتضي أنه دعا به عند قتاله للنصارى". وكل هذه النصوص التي أوردناها تبين أن المستحب هو الدعاء على النصارى المحاربين والظالمين والحاقدين الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر، ويعتدون على المؤمنين في أعراضهم وأموالهم ودمائهم وحرماتهم، أو يناصرون غيرهم من الكافرين في ظلم المؤمنين والاعتداء عليهم. وأما النصارى الذين لم يظلموا المسلمين أو يحاربوهم أو يناصروا عليهم عدوهم إذا ترك المسلم الدعاء عليهم كان ذلك حسناً، خصوصاً إذا كان ذلك في مقام الدعوة تأليفاً لقلوبهم، وطمعاً في إسلامهم، وعلى هذا يحمل الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه (رقم 2599، كتاب: البر والصلة) عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين طلب منه الدعاء على المشركين:"إني لم أبعث لعاناً ولكني بعثت رحمة". وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين.

معنى: "لا ينفع ذا الجد منك الجد"

معنى: "لا ينفع ذا الجد منك الجد" المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 17/8/1423هـ السؤال ما معنى "لا ينفع ذا الجد منك الجد" وأيضاً "تبارك اسمك وتعالى جدك"؟ الجواب معنى "لا ينفع ذا الجد منك الجد" البخاري (844) ، ومسلم (471) الجد هو: الغنى، أو الحظ، والمعنى: لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، وإنما ينفعه العمل الصالح. وقيل معناه: لا ينجيه منك حظه من مال، أو ولد، أو سلطان، وإنما ينجيه فضلك ورحمتك. ومعنى "تبارك اسمك" مسلم (399) البركة: ثبوت الخير الإلهي في الشيء، وإضافة البركة إلى اسم الله إشارة إلى اختصاص أسماء الله بالبركات، "وتعالى جدك" تعالى، أي: تفاعل، من العلو، والجد: العظمة، والمعنى: علت عظمتك كل شيء.

هل يترحم على الحي؟

هل يترحم على الحي؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 9/11/1422 السؤال هل يجوز إطلاق لفظ (يرحمه الله) على الحي أم هو مقيد بالموتى؟ الجواب الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه، الدعاء بالرحمة ينفع الحيَّ والميت، ويشرع للمسلم أن يدعو لإخوانه المسلمين بالرحمة والمغفرة وبكل خير للأحياء والأموات، وكل واحد محتاج إلى رحمة الله، لا غنى لأحد عن رحمته - سبحانه وتعالى -، وقد جرت عادة الناس أنهم إذا ذكروا الميت يقولون: رحمه الله، وإذا ذكروا الحيَّ قالوا: حفظه الله، ووفقه الله، وهذا أمر عادي ليس بشرعي، والتوفيق والحفظ هو من رحمته - سبحانه وتعالى - فإذا قال المسلم: وفق الله فلاناً، وحفظ الله فلاناً، فهذا من أنواع الرحمة، والرحمة تشمل هذا وغيره من أنواع الخير والحفظ والإحسان، وهو - سبحانه وتعالى - أرحم الراحمين، ولكن ينبه إلى أنه إذا دُعي بالرحمة بصيغة الفعل: رحمه الله فلا تقيد بالمشيئة فلا يقال: فلان رحمة الله -إن شاء الله-، أما إذا قيل: فلان المرحوم فلا بد من التقييد بالمشيئة، تقول: فلان المرحوم - إن شاء الله -، وتقول: فلان رحمه الله دون تعليق على المشيئة، والله أعلم.

الدعاء على الكفار

الدعاء على الكفار المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 5/6/1423 السؤال أصدرت جمعية خيرية على أنه يجوز لولي الأمر بأن يمنع خطباء المساجد من الدعاء على النصارى عملاً بالسياسة الشرعية والمصلحة، والدليل عليه قوله -تعالى-:"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله"الآية، فما حكم هذه الفتوى؟ لأنها سببت لنا في فتنة بين مؤيد ومرجح. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن مسألة الدعاء على النصارى واليهود وغيرهم من الكافرين عندما يكون منهم ظلم وعدوان من المسائل المشروعة، فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا على طوائف وقبائل وأفراد من المشركين وغيرهم انظر: البخاري (2801) ومسلم (675) ، وكان السلف يفعلون ذلك عند مقتضاه، وأما منع ولي الأمر للخطباء من ذلك فإن كان مبنياً على دفع مفسدة ظاهرة فله ذلك ويطاع في ذلك، أما إذا كان لمجرد الهوى والميل ففي ذلك نظر، لكن مع ذلك يجب على الخطباء درء المفاسد والفتن وتوخي الحكمة في هذا الأمر وغيره، وقاعدة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) قاعدة عظيمة ومعتبرة في مثل هذا المقام وغيره، والله الموفق.

حكم سؤال الله بجاه النبي-صلى الله عليه وسلم-

حكم سؤال الله بجاه النبي-صلى الله عليه وسلم- المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 6/1/1423 السؤال هل يضير المؤمن أن يتوجه في دعائه إلى الله قائلاً: " بجاه سيدنا محمد اقضِ لي حاجتي يا الله " نظراً لمكانة سيدنا محمد عند الله؟ الجواب لا يجوز سؤال الله - تعالى - ودعاؤه بجاه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره من باب أولى؛ لأن جاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الله له، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أعظم الخلق جاهاً وقدراً وفضلاً عند الله - تعالى - لكن لا ننتفع إلا بحبنا له- صلى الله عليه وسلم - وباتباعنا له، وهذا مما يشرع لنا دعاء الله به كأن نقول: اللهم إنا نسألك بحبنا لرسولك أو باتباعنا لرسولك - صلى الله عليه وسلم - ونحو ذلك. أما قدره وجاهه عند الله - وهو ولا شك عظيم- فمن الاعتداء أن ندعو به، والله أعلم.

مسائل في الدعاء

مسائل في الدعاء المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 27/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (1) ما حكم مسح الوجه بعد الدعاء؟. (2) ما حكم النظر إلى الأعلى عند الدعاء خارج الصلاة وليس أثناءها؟. (3) ما حكم الدعاء في الأمور الدنيوية أثناء السجود في الصلاة المفروضة كالدعاء بالتوفيق، أو الدعاء بالشفاء من مرض، أو الدعاء بحل مشكلة؟. (4) هل الوقت الذي يخطب فيه الخطيب يوم الجمعة هو من ساعات الإجابة، فيجوز لي الدعاء وعدم الإنصات للخطبة؟. ولي طلب أرجو تلبيته، وهو: أن تدعو لي بأن يستجيب لي ربي دعائي. الجواب (1) مسح الوجه بعد الدعاء ورد فيه أحاديث، ورجال الجرح والتعديل طعنوا فيها، فهي لا ترتقي إلى درجة العمل بها، ويبقى الأمر على ما هو الأصل فيه وهو عدم المسح؛ لأن الأحاديث الواردة في المسح ليست بصحيحة، ولا ترتقي إلى درجة الاحتجاج بها. انظر مثلاً ما رواه أبو داود (1485) ، وابن ماجة (1181) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- بإسناد ضعيف. (2) هذا من الأمور الجائزة، ما دام أنه خارج الصلاة، فكونه يرفع بصره أو يصوبه لا يؤثر، لكن في الصلاة المطلوب منه أن يكون نظره إلى موضع سجوده. (3) هذه لا بأس بها من الأمور الجائزة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:" ... وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ أن يستجاب لكم" رواه مسلم (479) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، يعني: حريّ أن يجيب الله -تعالى- دعاءكم؛ لأن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، والإنسان إذا لم يدع بإثم أو قطيعة رحم فإنه ترجى إجابته إذا لم يعتد في دعائه، والأمثلة التي ذكرها ليس فيها شيء من الاعتداء.

(4) أما كونه من الساعات التي ترجى فيها الإجابة فهذا قد ورد أن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد قائم يصلي يسأل الله خيراً إلا أعطاه إياه، وأشار النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده يقللها، رواه البخاري (5295) ، ومسلم (852) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وورد في وقتها أقوال كثيرة، ولكن أرجح الأقوال، قولان: أحدهما: أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، واستدل العلماء لهذا بما ورد في مسلم (853) من حديث أبي بردة بن أبي موسى -رضي الله عنه- أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، قال: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شأن ساعة الجمعة؟ قال: نعم سمعته يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة". القول الثاني: أنها بعد العصر، وهذا هو الأرجح عند جماهير العلماء، وحجة هذا القول ما رواه أحمد في مسنده (7631) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله -عز وجل- فيها خيراً إلا أعطاه إياه وهي بعد العصر"، وروى أبو داود (1048) ، والنسائي (1389) عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أتاه إياه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر" فالأرجح من هذه الأقوال هو أن ساعة الإجابة هي بعد العصر أو هي آخر ساعة بعد العصر، وعلى كل فالإنسان إذا كان يستمع إلى الخطبة وهو في انتظار الصلاة فلا يجوز له أن يشتغل بغير الخطبة، لا دعاء ولا حركة ولا غيرها؛ لأن الإنصات لخطبة الجمعة واجب، ومن لغا في جمعته في غير الإنصات فلا جمعة له، والنبي -صلى الله عليه وسلم-قال:"إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب أنصت فقد لغوت" رواه البخاري (934) ، ومسلم (851) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فيجب على المسلم أن يكون حال خطبة الخطيب مستمعاً ومنصتاً ولا يشتغل بدعاء ولا غيره.

هل أقايض الله؟

هل أقايض الله؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 15/3/1423 السؤال هل من الجائز أن أقايض الله بأن أطلب منه شيئاً ويأخذ بالمقابل مني شيئاً آخر، مثل: الصحة؟ الجواب اعلمي يا ابنتي أن فضل الله أوسع، وعطاءه وبره أكبر وأكثر، ورحمته وسعت كل شيء، فلا يقايض العبد ربه باستنزال المصائب، وتعجل البلاء، ولكن يستغفر ويعلم أن الله يغفر لكل تائب، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره، وأنه يقبل دعوة عباده ويأمرهم أن يدعوه "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم" [غافر:60] فهذا أمره وهذا وعده، وقوله الحق ووعده الصدق، وليس لله حاجة في تعذيب عباده إذا عبدوه وأخلصوا له:" ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً" [النساء:147] وعليكِ أن تسألي الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة. وأذكرك بما رواه مسلم في صحيحه (2688) عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاد رجلاً من المسلمين قد خَفَتَ، فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" سبحان الله لا تطيقه أولا تستطيعه، أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"، قال: فدعا الله له فشفاه.

عبارة: قدس الله روحه

عبارة: قدَّس الله روحه المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 24/5/1423 السؤال ما حكم قولنا لمن مات: (قدس الله سره) ، أو (قدس الله روحه) ، وكذلك (طيب الله ثراه) ؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، هذه العبارات متقاربة في المعنى ومقصودها الإحسان إلى الميت، والدعاء له بالطيب والطهارة، وليس شيء من هذه العبارات مأثوراً بالسنة أو عن السلف الأول، لكنها موجودة في كلام العلماء الذين يُؤرخون فيعبرون عن منزلة المترجم له بذكر قولهم: قدس الله روحه، أو قُدس سرّه، والتقديس: التطهير، والتطهير: إزالة الخبث وإزالة السوء، وقولهم: قُدس سرّه، يظهر لي أنها بمعنى قدس الله روحه؛ لأن الروح باعتبار أنها أمر خفي فهي بهذا الاعتبار سرّ، وأما طيب الله ثراه فهي عبارة تجري على ألسنة المتأخرين من الصحفيين والكتّاب كأنهم يعنون طيَّب الله قبره، وإنما يكون القبر طيباً إذا كان صاحبه من الصالحين؛ لأنه حينئذ يكون القبر عليه روضة من رياض الجنة إذيفتح له باب من الجنة فيأتيه من روحها وطيبها، والذين اعتادوا الدعاء بهذا اللفظ لا يقتدى بهم، وهم يدعون بهذا الدعاء لمن يعظمونه، أو يدعون تعظيمه وإن كانوا في الباطن بخلاف ذلك، وأولى من هذا وذاك الدعاء للميت المسلم بالمغفرة والرحمة والعفو والرضوان وسكنى الجنة والنجاة من النار، فهذا ما تضمنته الأدعية المأثورة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما في دعاء الصلاة على الجنازة، والله أعلم.

التأمين على دعاء الخطيب

التأمين على دعاء الخطيب المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 10/10/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما حكم تأمين الناس على دعاء الخطيب في خطبة الجمعة؟ قال لنا أحد الإخوة: ألا نؤمن؟ وما حكم رفع اليدين بالدعاء للناس لا للخطيب؟ الجواب التأمين على دعاء الخطيب سنة ومطلوب من الإنسان إذا سمع دعاء أن يؤمن عليه، ويقول: آمين، ولا يرفع يديه في خطبة الجمعة عند دعاء الخطيب إلا إذا رفع الخطيب يديه فإن الحضور الذين يستمعون إليه يرفعون أيديهم، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رفع يديه يستسقي ودعا رفع الناس أيديهم، انظر البخاري (1031) ، ومسلم (895) فإذا لم يرفع الإمام يديه في خطبة الجمعة عند الدعاء فإن الناس لا يرفعون أيديهم، لكنهم يؤمنون، وهل يؤمنون سراً أو جهراً؟ الكثير من أهل العلم يقول: إنهم يؤمنون سراً، هذا والله أعلم.

الدعاء بـ (يا رب القرآن)

الدعاء بـ (يا رب القرآن) المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 28/5/1424هـ السؤال ما رأيكم في القول الذي يقوله كثير من المشايخ في الدعاء (يا رب القرآن) ؟ علماً أن رب يقصد به الخالق والقرآن منزل. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فإنه لا يجوز أن يقال: (يا رب القرآن) ؛ لأن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق، والمربوب هو المخلوق، والقرآن كلام الله منزل غير مخلوق، أجمع على ذلك أهل السنة والجماعة، بناء على ما ظهر لهم من الأدلة المستفيضة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-. إلا أن بعض الناس قد يقول: (ورب المصحف) ، ويعنون بالمصحف ما كتب فيه القرآن؛ وهو الورق والمداد والجلد، وهو بهذا المعنى مربوب لا شك في ذلك، لكنه لا ينبغي أيضاً أن يقال (رب المصحف) ، حتى لا يكون ذريعة للظن بأن المراد بالمصحف ما هو مكتوب فيه؛ وهو القرآن، فيؤدي ذلك إلى القول بخلق القرآن. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الصحيح في أدعية الركوب

الصحيح في أدعية الركوب المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 9/4/1424هـ السؤال هل صح في أدعية الركوب شيء؟ الجواب إن أقوى ما ورد في هذا هو الحديث الذي رواه أحمد (1/97) ، ح (753) ، وغيره، من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن علي بن ربيعة قال: رأيت علياً - رضي الله عنه- أتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال: "بسم الله، فلما استوى عليها قال: الحمد لله، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ... الحديث..وهو معلول، كما بين ذلك الدارقطني في العلل (4/59-63) ، وخلاصة تعليله: أن أبا إسحاق لم يسمعه من علي بن ربيعة، بل بينه وبين علي رجلان، كما صرح بذلك أبو إسحاق حينما سأله شعبة هل سمعته من علي بن ربيعة؟ قال: لا، بل حدثني يونس بن خباب (صدوق يخطئ) ، عن رجل عنه، وقد بينت رواية أخرى أن هذا الرجل - الراوي عن علي بن ربيعة- هو: شقيق بن عقبة، قال الدارقطني عقب ذكر طرقه (4/62) ،: "فهو من رواية أبي إسحاق مرسلاً"، أي أن إسحاق أرسله، فلم يبين الواسطة بينه وبين علي بن ربيعة، إذا تقرر هذا، فهل يلزم من ضعف الحديث أن لا يقال هذا الدعاء؟ هنا احتمالان: الاحتمال الأول: إما أن يقال: وإن ضعف الحديث فإن القرآن يدل على مشروعية ذلك، كما في قوله تعالى: "لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ" [الزخرف:13] ، فإن الآية علقت الذكر بمجرد الاستواء على الدابة، وهذا حاصل هنا، ولكن - إذا قيل هذا القول- فالاقتصار على الذكر في الآية أولى، دون بقية ما في الحديث، لعدم ثبوته. والاحتمال الثاني أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يركب في المدينة كثيراً، ويزور أصحابه، ولم ينقل عنه شيء يعتمد عليه في هذا مع وجود الداعي، ومما يزيد هذا الأمر وضوحاً نقل أصحابه - صلى الله عليه وسلم- قوله لأذكار السفر، كحديث ابن عمر -رضي الله عنه- في صحيح مسلم (1342) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر، كبر ثلاثاً ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين.. الحديث، وهذا هو اختيار شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله-. والخطب في هذا يسير، والغرض من هذا التفصيل هو الحرص على تلمس الأثر والاتباع قدر الإمكان، رزقني الله وإياك حب السنة، والعمل بها ظاهراً وباطناً.

دعاء الأم على أبنائها

دعاء الأم على أبنائها المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 21/9/1424هـ السؤال هل يستجيب الله دعوة الأم على ابنها، إذا كان هو على صواب وهي على خطأ؟ الجواب دعاء الأم على ابنها أمر في غاية الخطورة، وهو مظنة الإجابة، والواجب على الابن أن يحقق رضاها ما استطاع، حتى لو كان رضاها في غير الصواب، ما دام أنه غير محرم شرعاً، أما إذا كان طلبها منه أمراً محرماً شرعاً فلا يطيعها، وعليه أن يحسن إليها وأن يصحبها بالمعروف، ولا يضره دعاؤها عليه، إذا كان ذلك بسبب طاعته لله بعدم فعل المعصية، وأوصي السائل بتعظيم شأن الأم، وبذل الوسع في برها والإحسان إليها، فعن معاوية بن جاهمة السلمي - رضي الله عنه -:أن جاهمة جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك فقال:" هل لك من أم؟ " قال: نعم. قال:"فألزمها فإن الجنة تحت رجليها" أخرجه النسائي (3104) وهو حديث حسن.

أسئلة في صيغ الأدعية

أسئلة في صيغ الأدعية المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 03/05/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: أردت السؤال عن بعض ما يتعلق بالدعاء الوارد من الكتاب والسنة، والمأثور عن السلف، في حال جمعت الأدعية المأثورة في ورقة أو كتاب، وقمت بنشرها لتعميم الفائدة، أرجو من فضيلتكم الإجابة عليها مجتمعة؛ لنتمكن من التصحيح قبل الطباعة. (1) بالنسبة لما ورد في القرآن الكريم بصيغة الجمع مثل قوله -تعالى-:"ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا"، هل يصح الدعاء به بصيغة المفرد، وكتابته مع غيره من الأدعية بعد تغيير الصيغة؟ أم الواجب إبقاؤها على صيغتها كما ورد في القرآن الكريم؟ (2) ما ورد من الأدعية مخصصاً بمواضيع أو أوقات معينة، هل يصح دمجه مع غيره من الأدعية حال جمعها لمن أراد الدعاء بالأدعية مجتمعة دون الإشارة إلى موضعه؟ أم يلزم إبانة ذلك؟ كدعاء خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- من الطائف، أو أدعية السجود؟ (3) هل يصح للداعي أن يخلل دعاءه بـ (آمين؟) أم هي للسامع فقط، وإن جاز له: أين يكون موضعها من الدعاء؟ (4) هل يصح أن نأخذ بعضاً من الدعاء الواحد وترك بعضه؟ (اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر) (اللهم إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والجبن، والبخل، والهرم، والقسوة، والغفلة، والعيلة، والذلة، والمسكنة وأعوذ بك من الفقر....) (اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك القصد في الغنى والفقر ... ) ، فأحذف، وأسألك القصد في الغنى والفقر "لاحتواء الدعائين الأول والثاني على المعنى، فأكتب جزءاً من الثالث لا كله، منعاً لـ (تكرار المعنى والإطالة) ؛ كونها مجموعة في ورقة أو كتاب واحد. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله -تعالى- التوفيق والسداد: أخي السائل: (1) إن الأولى كتابة الدعاء كما جاء في القرآن الكريم؛ لأنه أكثر تأثيراً على الداعي والسامع، وأدعى إلى الالتزام بالقرآن الكريم، وأكثر ربطاً للمسلم بكتابه، فإن جاء الدعاء بصيغة الجمع يذكر كما هو، وإن أريد استعماله بصيغة الإفراد، فيجوز ذلك، لكن لا يذكر على أنه آية من كتاب الله -تعالى-. (2) الأولى أن تذكر الأدعية مخصصة بمواضعها أو أوقاتها أو حالاتها؛ لأن ذلك أدعى للالتزام بمنهج السلف -رضوان الله عليهم- في ذكرهم للدعاء، وحيث ذكروا من الأدعية ما يناسب المكان والزمان والحال. (3) يصح للداعي أن يخلل دعاءه بـ (آمين) وموضع ذكرها بعد كل فقرة من الدعاء والمتعلق بحال معين. (4) إذا كان الدعاء مخصصاً لوقت أو مكان، أو حال يذكر كما هو، ولا يُحذف منه شيء؛ لأنه مخصص بهذه الهيئة، وإن لم يكن الدعاء مخصصاً لحالة معينة فيجوز حذف المكرر والجمع بين الأدعية. هذا، والله أعلم بالصواب.

الدعاء في الصلاة المفروضة

الدعاء في الصلاة المفروضة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 22/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أعلم أن الدعاء لله تعالى جزء من العبادة وأنا أجد سعادة بالغة في الدعاء لله تعالى وأطيل الدعاء منه أدعية نبوية، والسؤال: الإكثار من الدعاء في صلاة الفرض هل هو مستحب أم لا؟ خصوصاً عند الوقوف بعد الركوع وبعد قراءة الصلاة الإبراهيمية، وقبل التشهد، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا شك أن الدعاء من خير ما يتقرب به العبد إلى مولاه الجليل، والله سبحانه يحب السائلين والمتضرعين، بل والملحين في الدعاء، وقد أمر عباده بدعائه، وحثهم على ذلك وحرضهم عليه "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين" [الأعراف: 55] "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة: 186] "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" [غافر: 60] فسمى الدعاء عبادة، وكذلك سماه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:"الدعاء هو العبادة" الترمذي (2969) وأبو داود (1479) وابن ماجة (3828) وأحمد (18352) . ودعاؤك بعد التشهد الأخير امتثال لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال:"ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه -أي بعد التشهد-" أخرجه البخاري (835) . وأذكرك بموطن آخر في الصلاة يتأكد استحباب إطالة الدعاء فيه، ألا وهو السجود، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" رواه مسلم (479) . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ما يقال عند رؤية البرق

ما يقال عند رؤية البرق المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 23/09/1426هـ السؤال سمعت بعض الناس يقول عند رؤية البرق عبارة: (عزك يا عزيز الملك) ، فهل في هذا حديث وارد عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأما البرق فلا يوجد فيه حديث ولا أثر يصلح الاعتماد عليه في هذا الباب، ولذا فلا يشرع للإنسان أن يقول في هذا الباب دعاءً خاصاً. ولا ريب أن البرق آية من آيات الله تعالى، وهي موضع اعتبار وتذكر لعظمة العزيز الجبار، فالمطلوب من العبد تذكر واستحضار عظمة الرب -عز وجل- وقدرته، وكيف جمع لعباده في هذه الآية بين أمرين، وهما الخوف والطمع: فهم يخافون مما يحدث بعده من أمطار مغرقة، وصواعق متلفة، ويرجون في ظهوره مجيء المطر المبارك النافع، الذي تحيى به الأرض. والله أعلم.

الدعاء المأثور: "اللهم أرنا الحق حقا.."

الدعاء المأثور: "اللهم أرنا الحق حقاً.." المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 17/7/1424هـ السؤال نسمع الدعاء التالي كثيراً وهو: "اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه" أرجو إيراد بعض الشرح عليه، وهل هو مسنون أم لا؟ علماً أنه مذكور في كتاب الأذكار للنووي. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد: هذا دعاء مأثور عن عمر -رضي الله عنه-، ذكره البهوتي في كتابه شرح منتهى الإرادات (3/497) ، وعزاه إلى عمر رضي الله عنه، وذكره ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: "كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [البقرة:213] ، قال: وفي الدعاء المأثور: "اللهم أرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، واجعلنا للمتقين إماما " ابن كثير (1/ 444) ، وهذا الدعاء من الأدعية الجامعة النافعة، ومعناه أن العبد يسأل ربه تبارك وتعالى أن يوفقه لمعرفة الحق والصواب في كل ما حصل فيه الاختلاف بين الناس من مسائل العلم، وفي كل ما يستجد من أمور للعبد في حياته ويسأل الله أن يرزقه اتباع الحق والثبات عليه، كما أنه يسأل ربه أن يوفقه لرؤية الباطل باطلاً وضلالاً ويرزقه اجتنابه كما قيل: عرفت الشرَّ لا *** للشر لكن لتوقيه ومن لم يعرف الشر *** من الناس يقع فيه وقد أمر الله عباده أن يسألوه الهداية إلى الصراط المستقيم في كل صلاة "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" [الفاتحة:6] ، وكان النبي - صلي الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يصلي يقول: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل. فاطر السماوات والأرض. عالم الغيب والشهادة. أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. اهدني لما اختلفت فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم" أخرجه مسلم (770) ، وفي حديث أبي ذر -رضي الله عنه: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ... " أخرجه مسلم (2577) . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

بين دعاء المسألة ودعاء الثناء

بين دعاء المسألة ودعاء الثناء المجيب محمد بن إبراهيم الحمد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 2/3/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: ما هو الفرق بين دعاء المسألة ودعاء الثناء؟ وما تعريف كلاً منهما؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد الله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ وبعد: فإن هناك نوعين من أنواع الدعاء هما؛ دعاء المسألة، ودعاء العبادة، ولعل السائل يريد بدعاء الثناء دعاء العبادة؛ فكل دعاء ورد في الكتاب والسنة فإنه يتناول نوعين اثنين، ويندرج تحتهما، وهذان النوعان هما: 1-دعاء المسألة. 2-دعاء العبادة. قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله - في كتابه القواعد الحسان لتفسير القرآن (ص154-155) : (كل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء، والنهي عن دعاء غير الله، والثناء على الداعين - يتناول دعاء المسألة، ودعاء العبادة. وهذه قاعدة نافعة؛ فإن أكثر الناس إنما يتبادر لهم من لفظ الدعاء والدعوة -دعاء المسألة فقط، ولايظنون دخول جميع العبادات في الدعاء. وهذا خطأ جرهم إلى ما هو شر منه؛ فإن الآيات صريحة في شموله لدعاء المسألة، ودعاء العبادة) أ. هـ. تعريف دعاء المسألة: هو أن يطلب الداعي ما ينفعه، وما يكشف ضره. أو هو ما تضمن مسألة، أو طلباً، كأن يقول الداعي: أعطني، أكرمني، وهكذا ... وهذا النوع على ثلاثة أضرب: 1-سؤال الله دعائه: كمن يقول: اللهم ارحمني واغفرلي، فهذا من العبادة لله. 2- سؤال غير الله فيما لا يقدر عليه المسؤول: كأن يطلب من ميت أو غائب؛ أن يطعمه، أو ينصره، أو يغيثه، أو يشفي مرضه، فهذا شرك أكبر. 3- سؤال غير الله فيما يقدر عليه المسؤول: كأن يطلب من حي قادر حاضر أن يطعمه، أو يعينه فهذا جائز. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - (وقد مضت السنة أن الحي يطلب منه الدعاء كما يطلب منه سائر ما يقدر عليه. وأما المخلوق الغائب والميت فلا يطلب منه شيء) . [انظر كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية، تحقيق عبد القادر الأرناؤوط: ص165] . وقال ابن سعدي في (القواعد الحسان ص155) : (ومن هذا قوله سبحانه في قصة موسى عليه السلام:"فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه" [القصص:15] أ. هـ. تعريف دعاء العبادة: أما دعاء العبادة فهو شامل لجميع القربات الظاهرة والباطنة؛ لأن المتعبد لله طالب بلسان مقاله ولسان حاله ربَّه قبول تلك العبادة، والإثابة عليها؛ فهو العبادة بمعناها الشامل، ومن أعظم ما يدخل فيها ذكر الله، وحمده، والثناء عليه-عز وجل- بما هو أهله. ولهذا (لو سألت أي عابد مؤمن: ما قَصدُك بصلاتك، وصيامك، وحجك، وأدائك لحقوق الله وحق الخلق؟ -لكان قلب المؤمن ناطقاً قبل أن يجيبك لسانه: بأن قصدي من ذلك رضى ربي، ونيل ثوابه، والسلامة من عقابه؛ ولهذا كانت النية شرطاً لصحة الأعمال وقبولها وإثمارها الثمرة الطيبة في الدنيا والآخرة) . (انظر القواعد الحسان: ص155) . ولهذا فصرف دعاء العبادة لغير الله يعد شركاً أكبر؛ لأن من يدعو غير الله إنما يتقرب إليه حتى يجيب دعاءه، ويثيبه على فعله.

(وهكذا دعاء المسألة إلا فيما يوجه للمخلوق الحي، الحاضر، القادر؛ فليس من العبادة؛ لقصة موسى المذكورة في سورة القصص، وهي قوله -سبحانه-:"فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه" [القصص:15] . والأدلة على ذلك كثيرة) . تلازم نوعي الدعاء: من خلال ما مضى يتبين لنا أن نوعي الدعاء متلازمان؛ ذلك أن الله-عز وجل-يدعى لجلب النفع ودفع الضر دعاءَ المسألة، ويدعى خوفاً ورجاءً دعاءَ العبادة؛ فَعُلِم أن النوعين متلازمان؛ فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة. (انظر بدائع الفوائد،3/3) . أمثلة لتلازمهما: 1-قال تعالى: "وقال ربكم أدعوني أستجب لكم". [غافر:60] أي أستجيب طلبكم، وأتقبل عملكم. ولهذا قال تعالى: "إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" [غافر:60] . فسمى الله ذلك عبادة؛ وذلك لأن الداعي دعاء المسألة يطلب سؤله بلسان المقال، والعابد يطلب من ربه القبول والثواب، ومغفرة الذنوب بلسان الحال. 2-قال تعالى:"وادعوه مخلصين له الدين ". [الأعراف:29] ، فَوَضْعُ كلمة "الدِّين" موضع كلمة "العبادة"، -وهو كثير في القرآن- يدل على أن الدعاء هو لب الدين، وروح العبادة. ومعنى الآية هنا: أخلصوا له إذا طلبتم حوائجكم، وأخلصوا له أعمال البر والطاعة. 3-قال تعالى: "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً" الآية. [يونس:12] . يدخل في قوله:"دعانا" دعاء المسألة؛ فإنه لا يزال مُلِحَّاً بلسانه، سائلاً دفع ضرورته. ويدخل فيه دعاء العبادة؛ فإن قلبه في هذه الحال يكون راجياً طامعاً منقطعاً عن غير الله، عالماً أنه لا يكشف ما به من السوء إلا الله، وهذا دعاء عبادة. 4-قال تعالى:"ادعوا ربكم تضرعاً وخفية" [الأعراف: 55] . فقوله تعالى "ادعو" يدخل فيه الأمران؛ فكما أن من كمال دعاء الطلب كثرة التضرع، والإلحاح، وإظهار الفقر والمسكنة، وإخفاء ذلك، وإخلاصه فكذلك دعاء العبادة؛ فإن العبادة لا تتم، ولا تكمل إلا بالمداومة عليها، ومقارنة الخشوع، والخضوع، وإخفائها، وإخلاصها لله تعالى. 5-قال تعالى: "فلا تدعو مع الله إلهاً آخر" [الشعراء: 213] . فقوله: "ومن يدعو مع الله إلهاً آخر لا برهان له به" [المؤمنون:117] . وقوله:"فلا تدعو مع الله أحداً ". [الجن: 18] . يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة؛ فكما أن من طلب غير الله حاجة لا يقدر عليها إلا الله فهو مشرك كافر، فكذلك من عبد مع الله غيره فهو مشرك كافر. 6-قال تعالى:"ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" [الأعراف:180] . يشمل دعاء المسألة، ودعاء العبادة؛ أما دعاء المسألة فإنه يسأل الله- تعالى- في كل مطلوب باسم يناسب ذلك المطلوب ويقتضيه، فمن سأل رحمة الله ومغفرته دعاه باسم الغفور الرحيم، ومن سأل الرزق سأله باسم الرزاق، وهكذا.... أما دعاء العبادة فهو التعبد لله تعالى بأسمائه الحسنى، فيفهم أولاً معنى الاسم الكريم، ثم يديم استحضاره بقلبه حتى يمتلىء قلبه منه؛ فالأسماء الدالة على العظمة والكبرياء تملأ القلب تعظيماً وإجلالاً لله تعالى. والأسماء الدالة على الرحمة، والفضل والإحسان تملأ القلب طمعاً في فضل الله ورجاء رَوْحِه ورحمته.

والأسماء الدالة على الود، والحب، والكمال تملأ القلب محبة، ووداً وتألهاً، وإنابة إلى الله -تعالى-. والأسماء الدالة على سعة علمه، ولطيف خُبره توجب مراقبة الله، والحياء منه، وهكذا.... وهذه الأحوال التي تتصف بها القلوب هي أكمل الأحوال، وأجل الأوصاف، ولا يزال العبد يجاهد نفسه عليها حتى تنجذب نفسه وروحه بدواعيه منقادة راغبة، وبهذه الأعمال القلبية تكمل الأعمال البدنية. وإذا ذكر الله -عز وجل- وأثني عليه بما هو أهله، فإن ذلك يتضمن إظهار الذل، والمحبة، والسؤال بلسان الحال؛ فكأنه يقول: يا رب اذكرك إجلالاً لك، ومحبة، ورجاءً. وهكذا يتبين معنى دعاء المسألة، ودعاء العبادة، ومدى التلازم بينهما.

وصف الله بـ"ساتر - ستار - ستير"

وصف الله بـ"ساتر - ستار - ستير" المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 25/5/1425هـ السؤال سمعت أنه لا يجوز لنا أن نقول يا ساتر بل يا ستار أو يا ستِّير، ما هو الصحيح؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فقد ورد في سنن أبي داود برقم (4012 ج40/302) عن عطاء عن يعلي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يغتسل بالبراز بلا إزار، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن الله حيي ستيّر يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر" أخرجه النسائي أيضاً، والبيهقي، والإمام أحمد، وغيرهم، وصححه الألباني - رحمه الله-، وقد أورده ابن القيم في نونيته، فقال: وهو الحيي فليس يفضح غيره*** عند التجاهر منه بالعصيان لكنه يُلقي عليه ستره *** فهو الستير وصاحب الغفران. وبما أن الستير قد ورد في حق الله فيدعى بهذا الاسم، وأما غيره من مثل يا ساتر ويا ستار فعلى الرغم من وروده على ألسنة الناس، إلا أني رأيت بعض المتخصصين من المتأخرين لا يرى الدعاء بهما، بل يُقتصر على ما ورد. والله أعلم.

تحديد وقت الدعاء

تحديد وقت الدعاء المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 10/04/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم تحديد وقت معين للدعاء، مثلًا: بعد الفجر والظهر، الساعة الثانية والنصف، أو أقل أو أكثر، ليس تخصيصًا لهذا الوقت، وأنه لا بد أن يأتي في هذا الوقت- أقصد الدعاء العام - (إلا إذا ثبت دليل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن هذا الوقت فاضل فخصص) ؛ ولكن من باب تنظيم الوقت؛ لأنه في الأوقات الأخرى قد ينشغل الإنسان بشيء آخر. أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. القاعدة في العبادات المطلقة أنه لا يجوز أن تخصص بزمان أو مكان معين ما دام الشرع لم يرد بذلك، وهذه القاعدة تنطبق على الدعاء، فالدعاء ورد مطلقًا في جميع الأوقات، وقد ورد الشرع بالحث على الدعاء في أوقات معينة، وأنه يرجى فيها إجابة الدعاء، كالثلث الأخير من الليل، والوقت بعد الأذان؛ لحديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذَانِ والإِقَامَةِ" أخرجه أبو داود (521) . أما ما لم يرد الشرع به فلا يجوز تخصيص ساعة معينة بالدعاء، وإذا كان المقصود من ذلك هو تنظيم الوقت، فالتنظيم يحصل بغير هذه الطريقة سدًّا للذريعة، أو أن الشخص يدعو في هذا الوقت إذا لم يتيسر له غيره، على ألا يلتزم هذا الوقت بصفة دائمة؛ لأنه يخشى عليه أنه إذا حصلت له استجابة في هذا الوقت ظنَّ أن هذا راجع إلى ذات الوقت، فيتحرى الدعاء في هذا الوقت فيما يستقبل، وللشريعة أسرار في سد الذرائع. والله أعلم.

ما يقال لمن رزق بمولود

ما يقال لمن رزق بمولود المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/مسائل متفرقة التاريخ 01/07/1426هـ السؤال هل هناك ذكر معين يقال لمن رزق مولود ويهنأ به، وثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أو عن السلف الصالح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: أخبر الله سبحانه وتعالى عن امرأة عمران أنها حين ولدت مريم عليها السلام قالت: "وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" [آل عمران: 36] ، قال القرطبي: "حَفِظَ اللَّه مَرْيَم وَابْنهَا مِنْ الشيطان بِبَرَكَةِ دَعْوَة أُمّهَا، حَيْثُ قَالَتْ: "إِنِّي أُعِيذُهَا بِك وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم". وَلَمْ يَكُنْ لِمَرْيَم ذُرِّيَّة غَيْر عِيسَى. ووردت التهنئة بالمولود عن بعض السلف، فقد ورد عن الحسن البصري -رحمه الله- أنه علَّم إنساناً التهنئة، فقال: قل: "بارك الله لك في الموهوب لك، وشكرت الواهب، وبلغ أشده، ورزقت بره ". أخرجه ابن المنذر في الأوسط كما في تحفة المولود ص (19) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (59/276) . وكان أيوب -رحمه الله- إذا هنأ رجلاً بمولود قال: " جعله الله مباركاً عليك، وعلى أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-". ينظر: وصول الأماني بأصول التهاني، للسيوطي ص (55) .

أعمل بعض المنكرات فهل أقوم بعمل دعوي

أعمل بعض المنكرات فهل أقوم بعملٍ دعويّ المجيب محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 6/5/1422 السؤال أنا أحاول إعداد بحث حول الحجاب، والأدلة على فرضيته، وأمور تتعلق بالنساء. والهدف من عملي دعويّ. لي سؤالان: أولاً: ما الكتب التي تتكلم عن هذا الموضوع؟ ثانياً: أنا أعمل بعض المنكرات فهل يجوز لي أن أمارس هذا العمل الدعوي، وخاصة القضايا المتعلقة بدعوة النساء؟ وهل يقع عليّ الوعيد ((أتأمرون الناس بالبرّ وتنسون أنفسكم)) ؟ أم هذا الوعيد له تأويل آخر؟ أرجو الاهتمام. الجواب من الكتب المفيدة في موضوع الحجاب: 1- الحجاب وأدلته. لمحمد إسماعيل. 2- المرأة في عصر الرسالة. لأبي سنة. 3- الحجاب بين الأفراط والتفريط. لمحمد المتولي. 4- رسالة الحجاب. للشيخ محمد بن عثيمين. علماً أن هذا الموضوع قد كثر طرقه. فلو تحوّل جهدكم إلى أمر آخر عسى أن يكون أعمّ نفعاً. جواب السؤال الثاني: الواجب هو ترك المنكرات. ومما يعين على ذلك فعل الطاعات، بل إن الوقوع في المنكرات كان بسبب ترك الطاعات، فهما ذنبان: أ - ترك الطاعات ب- فعل المنكرات والتوبة من الأول مقدمة على التوبة من الثاني، قال تعالى: ((إن الحسنات يذهبن السيئات)) . وعلى هذا ففاعل المنكر يجب عليه فعل الطاعة والدعوة إليها، حتى ولو قصّر فيها. وفاعل المنكر يجب أن ينكره وإن كان واقعاً فيه. وقد ذم الله بني إسرائيل، ولعنهم لأنهم ((كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه)) . وعليك أن تأخذ بالأسباب التي تعينك على التوبة من الأمرين ومن أهمها: 1- ذكر الله تعالى كثيراً، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. 2- تنظيم الوقت واغتنامه. 3- مصاحبة الصالحين والجلوس إليهم. والقراءة في سير الصالحين. 4- تذكر الدار الآخرة، ومحاسبة النفس. 5- زيادة الهمّ الدعوي.

هذه الأفلام هل نشاهدها

هذه الأفلام هل نشاهدها المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 7/4/1422 السؤال ما حكم مشاهدة الأفلام الإباحية في الفضائيات؟ الجواب وأما مشاهدة الأفلام الإباحية في الفضائيات وفي غيرها فهي أمر محرم، لأن العين تزني وزناها النظر، والنفس تزني وزناها التمني، لحديث أبي هريرة في الصحيحين مرفوعاً: (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى ذلك وتشتهي، والفرج يصدق ذلك ويكذبه) والإنسان مسؤول عن عمله في كل جارحة من جوارحه، كما قال تعالى:"إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا" وهذا وشبهه عند العلماء من اللمم الذي يُدْفَع بالحسنات، فمن فعل شيئاً من هذا فعليه التوبة والاستغفار، وعمل الصالحات، قال الله تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات". وجاء عند الترمذي وأحمد من حديث أبي ذر مرفوعاً: (وأتبع السئية الحسنة تمحوها) ، هذا إذا ألم به المرة والمرتين، وأما إذا أصر عليه فإنه حينئذ وقع في منكر عظيم، ويخشى على صاحبه من سوء العاقبة، والله أعلم. .

الاقتصار على الفرائض

الاقتصار على الفرائض المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 18/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل الإنسان المسلم الذي يقوم بجميع الواجبات ويترك جميع المحرمات ويقتصر على ذلك دون أداء أي شيء من النوافل يدخل الفردوس، أم أنه لا يدخل الفردوس إلا بالتزود بالنوافل؟ إن كان هناك حديث عن هذا الموضوع أرجو تزويدي به مع سنده وإخراجه، وجزاكم الله خيراً. الجواب المسلم الذي يقتصر على فعل الواجبات فقط، ويترك جميع المحرمات ولا يؤدي شيئاً من النوافل، هو بهذا على خير كثير -وإن كنت لا أتصور وجوده بهذه الدقة- وهو معنى المقتصد الوارد في قوله -تعالى- في سورة فاطر:" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير" [فاطر: 32] نص على ذلك غير واحد من السلف -رحمهم الله-، ويمكنك أخي الكريم أن تراجع تفسير ابن كثير عند هذه الآية في سورة فاطر (32) فقد ذكر جملة من الأحاديث التي تدل على هذا المعنى. وأما سؤالك: هل مثل هذا يدخل الفردوس أم لا؟ فلا يمكن القطع في مثل هذا بجواب معين، فإن علم هذا عند ربي، وليست المسألة -أيها الأخ المبارك- مرتبطة بصور الأعمال وكثرتها، بل من وراء ذلك أمور أخرى، فالإخلاص والقبول من أعظم المؤثرات على قبول العمل والثواب عليه، ولهذا قال تعالى:"ليبلوكم أيكم أحسن عملاً" [الملك: 2] ولم يقل: أكثركم عملاً، ولذلك قال بعض السلف: كم من عمل صغير عظمته النية، وكم من عمل كبير حقرته النية، وتأمل -أخي- في المرأة البغي التي سقت الكلب ثم دخلت الجنة، وقارن ذلك بالمقاتل الذي قاتل في ميدان المعركة رياءً وسمعة كيف كان مصيره؟ فإن تهيأ مع كثرة العمل حسنه فهذا نور على نور، وعلى العبد أن يكون ذا همة عالية مسابق إلى الخيرات -كما قال تعالى- لعل وعسى.

ممحق البركة من المال

ممحق البركة من المال المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 26/11/1422 السؤال ما هي ممحقات بركة المال (الراتب) ؟ الجواب الحمد لله، وبعد: (1) فإن ما يمحق بركة المال ومنه المرتب الشهري وخلافه أمور عدة منها: 01 عدم إخراج الزكاة المفروضة من المتوافر من المرتب بعد تمام النصاب ومُضي الحول، وهذه - وللأسف الشديد - آفة خطيرة تورط فيها الكثيرون، حيث لا يُبالي فئام من الناس بقضية المرتبات الشهرية، ويظنونها بمنأى من الزكاة الواجبة بعد تحقق الشروط المعروفة. 02 عدم مراعاة الحقوق الواجبة في هذه الأموال - خلاف الزكاة - كالنفقة على الوالدين - عند احتياجهما -، والنفقة على الزوجة، والأولاد، ونحوهم. 03 عدم إعطاء الأُجراء من عمال ونحوهم حقوقهم وأجورهم، أو تأخيرها والمماطلة في تسليمها. 04 تبذير المال وإنفاقه في غير وجهه المشروع، ويشتد الأمر سوءاً حين يُسخّر المال في الحرام والمنكرات والمعاصي كشراء آلات الطرب والدشوش، أو تبديده في السفر إلى بلاد الكفر أو أماكن العبث والفجور إبّان الإجازات والعطل ونحوها. 05 ومن أعظم ما يمحق المال تعاطي المعاملات المحرمة كالربا والرشوة والغش، أو خلط المال الحلال بأموال محرمة مصدرها الاختلاس، أو السرقة، أو الغصب، أو نحوها. 06 تعاطي الأيمان الفاجرة عند البيع والشراء، أو كتمان عيوب السلعة ونحو ذلك مما درج عليه كثير من المتعاملين في الأسواق، فضلاً عن النجش المحرم في أماكن المزايدات العلنية. هذه جملة مختصرة مما يذهب ببركة المال وغيرها كثير ترجع في أصلها إلى الظلم والطمع والحرص والبخل نسأل الله العافية والسلامة، والله أعلم.

كيف أتخلص من وساوس الشيطان؟

كيف أتخلص من وساوس الشيطان؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 2/1/1423 السؤال كيف أتخلص من وسوسة الشيطان؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الشيطان يتسلط على المرء بالوسوسة حتى يفسد عليه حياته، ولا سيما عباداته وطاعاته، غير أن الله -تعالى- من رحمته بعباده قد أرشدهم إلى ما يعصمهم من كيده ويمنعه من التسلط عليهم بأمور منها: أولاً/ التعوذ بالله منه، فإنه -تعالى- خالقه وهو القادر على منعه ورد كيده يقول -تعالى-:" وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله" [الأعراف:200] فيشرع للمرء أن يستعيذ بالله من الشيطان في جميع أحواله، ويتأكد ذلك في بعض الأحوال منها: 1-عند نزول المكان: فيشرع التعوذ من الشيطان ومن كل ما يضر، فعن خولة بنت حكيم-رضي الله عنهما- أنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك" أخرجه مسلم (2708) وغيره، وفي رواية عند مسلم (2709) والترمذي (3966) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-:" من قال ذلك حين يمسي". 2-عند وسوسة الشيطان في الصلاة: ففي الصحيحين -البخاري (608) ومسلم (389) - وغيرهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا اذكر كذا، لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى". 3-عند وجود الوساوس الشيطانية التي تثير الشك في النفس: فقد أخرج أبو داود في سننه (5112) وغيره عن ابن عباس-رضي الله عنهما- بسند صحيح قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حُممة-أي فحماً- أحب إليه من أن يتكلم به. فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة". 4-من رأى في المنام شيئاً يكرهه: فقد أخرج البخاري (3292) ومسلم (2261) وغيرهما من حديث أبي قتادة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات، وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره" 5- عند سماع نهيق الحمار: ففي الصحيحين -البخاري (3303) ومسلم (2729) - وغيرهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" إذا سمعتم صياح الديكة، فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطاناً".

ثانياً/ التحصن بالأوراد الشرعية: ذلك أن ذكر الله -تعالى- حصن حصين من الشيطان لا يستطيع معه أن يخلص لابن آدم ولا أن يضره، يدل على ذلك ما أخرج الترمذي (2863) وغيره من حديث الحرث الأشعري -في خبر طويل وفيه- " كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله" قال الترمذي: حديث حسن صحيح. والأوراد الشرعية منها المطلق الذي لا يقيد بوقت بل يقال في كل حين، ومنها المقيد بوقت كدعاء دخول المنزل والخروج منه، وكدخول الحمام والخروج منه، وكبدء الأكل والفراغ منه، وكأذكار الصباح والمساء، وكأذكار النوم والاستيقاظ، وكأذكار الصلوات وغيرها. ثالثاً/ ملازمة طاعة الله -تعالى- والبعد عن معصيته، إذ أعظم ما يتسلط الشيطان على ابن آدم معصية الله، يقول الله -تعالى-:" إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون" ويقول -تعالى-:" إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين" [الحجر:42] . والله أسأل أن يعصمك من الشيطان وأن يحفظك من كيده، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

السور المستحب قراءتها كل ليلة

السور المستحب قراءتها كل ليلة المجيب د. مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 6/3/1423 السؤال ما السور المستحب قراءتها كل ليلة، وما فضل كل منها وهل من الشرط أن نقرأها ليلاً أم يجوز قراءتها في النهار؟ الجواب وردت السور التي تقرأ في الليل على نوعين: النوع الأول: ما وردت قراءته مطلقة دون تقييدها بوقت معين، ووردت سور بتقييدها بوقت معين أو بعمل مخصوص لا تقرأ إلا فيه، وإليك هذه السور. أولاً: ورد في النوع الأول سورتا السجدة وتبارك والإخلاص. 1-فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا ينام حتى يقرأ سورة السجدة وتبارك، وقد رواه جمع من العلماء منهم أحمد في مسنده، البخاري في الأدب المفرد والنسائي في اليوم والليلة، وغيرهم، وهو حديث صحيح كما أشار إليه صاحب موسوعة فضائل سور وآيات القرآن الشيخ/ محمد بن رزق الطرهوني. 2-عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة، فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال الله الواحد الصمد ثلث القرآن، رواه البخاري (5015) واللفظ له ومسلم (811) وفي هذا إشارة إلى قراءة هذه السورة ثلاث مرات في الليلة. ثانياً: ورد في النوع الثاني سورة الأعلى والكافرون والإخلاص والفلق والناس، وإليك أحاديثها: 1-أخرج البخاري (5748) في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما "قل هو الله أحد" و"قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس"، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات. -وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبيّ بن كعب (21141) ، وعبد الله بن عباس (2720) وعبد الرحمن بن أبزى (15362) ، وعائشة أم المؤمنين (25906) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الوتر بـ"سبح اسم ربك الأعلى"، و"قل يا أيها الكافرون"، و"قل هو الله أحد"، وزادت عائشة في إحدى الروايات عنها سورة المعوذتين. وقراءة هذه السور مخصوصة بصلاة الشفع والوتر التي لا تكون إلا بالليل. أما قراءتها بالنهار فإنه يفوِّت الأجر المترتب عليها؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد حددها بالليل، ولو كانت قراءتها بالنهار كقراءتها بالليل لأشار إلى ذلك، والله أعلم.

تمييز المصائب التي تكون عقوبة من التي تكون بلاء

تمييز المصائب التي تكون عقوبة من التي تكون بلاء المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 07/09/1425هـ السؤال الإخوة: رعاكم الله. ما هو الضابط بين ما يكون كفارة للذنب، وما يكون عقوبة من الله - عز وجل-؟ فأنا رجل كلما أقوم بذنب أو معصية تأتيني مصيبة أو ما شابه على قدر الذنب، ولا أدري أتكون كفارة أم عقوبة؟ والله يهدينا وإياكم إلى سواء السبيل. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد: فليس هناك ضابط دقيق بين ما يكون من البلاء كفارة وما يكون عقوبة، وإنما هناك علامات، منها: أن ينظر في حال العبد المبتلى؛ فإن كان من الصالحين كان هذا البلاء في حقه كفارة، وإن كان من الفاجرين كان البلاء في حقه عقوبة، والله أعلم، والمطلوب من العبد المؤمن أن يسيء الظن بنفسه وبعمله، وأن يحسن الظن بربه، وأن يخاف ذنوبه وإساءته، وفي الوقت نفسه يطمع في رحمة ربه؛ فهو بين الخوف والرجاء. أسأل الله أن يصلح قلوبنا وأن يستر عيوبنا، والله الموفق.

معنى الحمد والتسبيح

معنى الحمد والتسبيح المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 16/12/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أكتب إليكم عن موضوع أرى نقصاً في فهمه لدى كثير من المسلمين، وهو معنى التسبيح والحمد، فالأغلبية تفهم التسبيح بمعنى التعظيم والإجلال، بينما المعنى الحقيقي هو التنزيه والتقديس عن أي نقص وأي عيب، كذلك بالنسبة للحمد، فالمعنى المعروف هو شكر النعمة، بينما المعنى الحقيقي هو الثناء على الله، فأرجو منكم -ومن موقعكم كداعية- أن تعملوا على التنبيه على هذا النقص وتصحيح فهم الناس لهذه الكلمات التي تقال عشرات المرات في اليوم. الجواب الحمد لله، التسبيح هو: أن يقول المسلم: سبحان الله، وألفاظ التسبيح متعددة متنوعة، ومعناه كما ذكر السائل هو: التنزيه عن النقائص والعيوب، فإذا قال العبد: سبحان الله، أي: تنزيهاً لله، عن كل نقص وعيب، عن الشريك والولد والصاحبة وغير ذلك، مما نسبه إليه الجاهلون والمفترون كما قال تعالى: "سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً" [الإسراء: 43] ولكن لا ريب أن التسبيح نوع من التعظيم؛ لأنه مدح في نفي النقائص والعيوب، ولهذا جاء في ألفاظ التسبيح سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. وأما الحمد فهو قول العبد: الحمد لله، وقد حمد الله نفسه وعلم عباده ليحمدوه، وأمرهم بحمده: "وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً" [الإسراء: 111] ، وهو كما قال السائل إن معناه: الثناء على الله لصفات كماله، أي: أنه -تعالى- له الحمد كله؛ لأنه الموصوف بجميع المحامد، فله الحمد على ما له من الأسماء والصفات، وخلق المخلوقات، والشكر نوع من الحمد، وقد قال بعض أهل العلم أن الحمد والشكر معناهما واحد والصواب: أن الشكر يختص بما كان في مقابل نعمة، والحمد أعم من ذلك يكون في مقابل النعمة وغيرها، فله الحمد سبحانه وتعالى على كل حال على السراء والضراء والعطاء والمنع، وله الحمد على كل أقداره وعلى كل شرائعه فله الحمد على خلقه وأمره: "ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين" [الأعراف:54] وعلى هذا فلا يخطأ ولا يعنف على من قال: إن التسبيح تعظيم؛ لأنه نوع منه، أو قال: الحمد شكر؛ لأن الشكر نوع من الحمد. والله أعلم.

هل من يسمع الموعظة بواسطة شريط كمن يحضرها؟

هل من يسمع الموعظة بواسطة شريط كمن يحضرها؟ المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 6/2/1425هـ السؤال هل من استمع لدرس علمي في شريط أو غيره يدخل في أجر من حضر الدرس؟ أفتونا، مأجورين بإذن الله. الجواب بسم لله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإنه بلا شك أن من استمع إلى درس علمي في شريط أو غيره يدخل في أجر من استمع إلى الدرس مباشرة من فم المُلقِي؛ لأن المطلوب هو الاستماع إلى الدرس، أو الموعظة والاستفادة منها، وليس مشاهدة ملْقِيها، كما أنه لو استمع لهذا الدرس عبر مكبر الصوت، وهو في مكان بعيد عن الملقي، أو استمع عن طريق الهاتف، أو نحوه لا فرق في ذلك، لكن يبقى هناك فرق من جهة أخرى تتعلق بحضور الدرس أو الموعظة إذا كان يُلقى في مسجد، أو كان الدرس مع جماعة اجتمعوا لأجل الذكر وطلب العلم، فإذا كان الدرس في مسجد فإن هناك ثواباً يناله الحاضر يتعلق بالمسجد، وهذا ما دلت عليه بعض الأحاديث الصحيحة؛ ومنها حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده" رواه مسلم (2699) وغيره. فقوله -صلى الله عليه وسلم-: "بيت من بيوت الله" يعني: المساجد، كقوله تعالى: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ... ". [النور 36-37] . وحديث أبي واقد الليثي -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذهب واحد، قال: فوقفا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة، فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهباً، فلما فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض، فأعرض الله عنه". أخرجه البخاري (66) ومسلم (2176) .

وأما الاجتماع فجاء فيه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن لله ملائكة يطوفون في الطرق، يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا هلمُّوا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم منهم، ما يقول عبادي؟ قالوا: يقولون: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك، قال: فيقول: وكيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً وتحميداً، وأكثر لك تسبيحاً، قال: يقول: فما يسألوني؟ قال: يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلباً، وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً، وأشد لها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم". أخرجه البخاري (6408) ومسلم (2689) . والدروس العلمية والمواعظ تدخل في هذا الحديث، فإنها تعتبر من ذكر الله -تعالى- وتعظيمه، وبيان شرعه، وحكمة تشريعه. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

يدعو على نفسه إذا لاقى ما لا يرضى

يدعو على نفسه إذا لاقى ما لا يرضى المجيب أ. د. أحمد طه ريان الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 04/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أعلم ما حكم الشخص الذي عندما يقابل مشكلة أو محنة يدعوا على نفسه؟. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين وآله وصحبه أجمعين. وبعد: فالحياة ـ أخي الكريم ـ دار ابتلاء واختبار، وهما ـ أي الابتلاء والاختبار ـ من سنن الله في خلقه، قال تعالى:"ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم" [محمد:31] .، وقال سبحانه:"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ـ أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" [البقرة:155-157] ، ولذا فعلى المسلم أن يقابل ما يواجهه في حياته من مشكلات وهموم بالصبر والرضا والتسليم بقضاء الله وقدره، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" رواه مسلم (2999) . وعلى المؤمن في حالة الشدة والضيق أن يضرع إلى الله تعالى، وأن يلجأ إليه بالدعاء أن يكشف عنه ما هو فيه من هم، وما يعانيه من مشكلات، فالدعاء هو العبادة، لكن بعض الناس يقع في دعائه بعض الأخطاء التي من أخطرها أن يدعو على نفسه، هذه الأخطاء هي: أخطاء في الدعاء وما يكره فيه 1- الدعاء على الأهل والمال والنفس، فعن جابر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ "رواه مسلم (3006) في الزهد، وأبو داود (1532) . قال في عون المعبود: "لا تدعوا" أي دعاء سوء (على أنفسكم) أي بالهلاك، ومثله (ولا تدعوا على أولادكم) أي بالعمى ونحوه، (ولا تدعوا على أموالكم) أي من العبيد والإماء بالموت وغيره، (لا توافقوا) نهي للداعي، وعلة النهي أي لا تدعوا على من ذكر لئلا توافقوا (من الله ساعة نيل) أي عطاء (فيها عطاء فيستجيب لكم) أي لئلا تصادفوا ساعة إجابة ونيل فتستجاب دعوتكم السوء" - عون المعبود (2/274-275) . 2- رفع الصوت بالدعاء، قال ابن مفلح: "يكره رفع الصوت بالدعاء مطلقا، قال المروزي سمعت أبا عبد الله يقول: ينبغي أن يسرَّ دعاءه لقوله تعالى: "وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَ?بْتَغِ بَيْنَ ذ?لِكَ سَبِيلاً" [الإسراء:110] ، قال: هذا الدعاء - الآداب الشرعية (2/272) . 3- الدعاء الجماعي، قال مُهنَّا: سألت أبا عبد الله عن الرجل يجلس إلى القوم، فيدعو هذا ويدعو هذا، ويقولون له: ادع أنت، فقال: لا أدري ما هذا؟ - انظر: الآداب الشرعية (2/102) .

4- تكلف السجع فيه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: " فَانْظُرْ السَّجْعَ مِنْ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ يَعْنِي لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ" أخرجه البخاري (6337) . قال الغزالي: (واعلم أنَّ المراد بالسجع هو المتكلف من الكلام، فإن ذلك لا يلائم الضراعة والذلة، وإلا ففي الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات متوازنة لكنها غير متكلفة ... فليقتصر على المأثور من الدعوات، أو ليلتمس بلسان التضرع والخشوع من غير سجع وتكلف) إحياء علوم الدين (1/555) . 5- اشتماله على توسلات شركية أو بدعية، كالتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو بذاته الشريفة، أو بغيره من الأنبياء والملائكة والصالحين. 6- الاعتداء فيه، كالدعاء بتعجيل العقوبة، أو الدعاء بالممتنع عادة أو عقلاً أو شرعًا، أو الدعاء في أمر قد فرغ منه، أو الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم. 7- الاستثناء فيه، أي تعليق الدعاء بمشيئة الله تعالى، مثل أن يقول: اللهم اغفر لي إن شئت، لما في ذلك من شائبة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه، ولما في ذلك أيضا من الإشعار بأنَّ لله مكرها له، تعالى الله عن ذلك.

هل هذا من المجاهرة بالمعصية؟!

هل هذا من المجاهرة بالمعصية؟! المجيب أمين بن يحيى الوزان عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/مسائل متفرقة التاريخ 09/09/1426هـ السؤال وقعت في ذنب لا يعلمه أحد من الناس غير مَنْ فعلت معه ذلك الذنب، وقد تبت إلى الله؛ ولكنني أشعر أحياناً بالضعف والرغبة في العودة إلى تلك المعصية، فحدثت إحدى صديقاتي عمّا وقعت فيه من معصية؛ لتعينني على التخلص منها، وتعينني على الطاعات، فهل بتحدثي إليها عن ذلك الذنب قد هتكت ما ستر الله علي؟ أفيدونى أفادكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيظهر من سؤالك أنك تعلمين عظم المجاهرة بالمعصية، وهو ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين".أخرجه البخاري (6069) ، ومسلم (2990) ، حيث إنَّ الله ستر عليك ذنبك، ثم ذهبت وأخبرت به صديقتك، ولكن الإنسان قد يضعف في بعض الأحيان عن مقاومة نفسه ودواعي الشر التي قد تعيده إلى الذنب، فيحتاج إلى من يأخذ بيده ويقف بجانبه، حتى يحميه الله من الوقوع في الذنب مرة أخرى، ولا شك أن المرء ضعيف بنفسه قوي بإخوانه، وأن الذئب يأكل من الغنم القاصية. وبما أنك قد شرحت لزميلتك فلا حرج عليك الآن، ولو استطعت التورية في الحديث في مرّات قادمة فإن ذلك أحسن، كأن تقولي: هناك امرأة مسكينة وقعت في ذنب كبير، أو تقولي: أعرف امرأة فعلت كذا وكذا ... وينبغي عليك في الاستشارة أن تستعيني بمن تثقين في دينها وعقلها؛ حتى تكون عوناً لك على الطاعة والإقلاع عن المعاصي، والله أعلم بالنيات، ولكل امرئ ما نوى.. أسأل الله لك الخير والسداد، والحمد لله ربِّ العالمين.

ـــــ الجنايات ـــــ

الإجهاض خوفاً من الفضيحة المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 02/05/1425هـ السؤال لي أخ يدرس في إحدى الدول الغربية، المهم أن أخي تلقى اتصالا من زوجته تخبره بأن ابنة خالها حملت سفاحاً، بعد أن تعرضت لعملية اغتصاب من قبل مديرها في العمل، وحملت من جراء هذا الفعل الشنيع (هذا ما قالته البنت الحامل والله أعلم) ، لذلك -وخوفاً من الفضيحة وطلب الستر- طلبت منه زوجته أن ترافق أباها بعد إلحاح منه، والبنت الحامل للسفر لإحدى الدول لإجراء عملية إجهاض، قبل أن تصبح فضيحة، ويصل الخبر إلى أهل البنت الحامل، وربما يؤدي ذلك إلى قتلها. سؤالي: هل هذه تعتبر جريمة إزهاق روح؟ وهل يعتبر هو مؤاخذ عندما سمح لزوجته بالرضوخ لطلب والديها؟ وهل زوجته تعتبر مؤاخذة في هذا الفعل؟ والقصد كل القصد الستر. أفيدونا -جزاكم الله خير الجزاء-، ووفقكم لما فيه خير وصالح هذه الأمة. ملاحظة ... لا أحد يعلم بالموضوع سوى أخي وزوجته وأبي الزوجة والبنت المعنية بالأمر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد صدر من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية قراراً يبين حكم الإجهاض أورده بنصه لأهميته، "الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: فإن مجلس هيئة كبار العلماء يقرر ما يلي: (1) لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي، وفي حدود ضيقة جداً. (2) إذا كان الحمل في الطور الأول وفي مدة الأربعين، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع جاز إسقاطه، أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم، أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاءً بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز. (3) لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أمه، بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره فجاز إسقاطه بعد استنفاذ كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار. (4) بعد الطور الثالث وبعد إكمال أربعة أشهر للحمل لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإنقاذ حياته، وإنما رخص الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين، وجلباً لأعظم المصلحتين. ويوصي المجلس بتقوى الله والتثبت في هذا الأمر، والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. ا. هـ. أما ما يتعلق بما ذكرته السائلة من خوف الفضيحة فليس مبرراً لإسقاط الحمل إن كان عمره زاد عن أربعين يوماً. وليس الحمل من سفاح عذراً لإباحة الإجهاض في تلك الحالة، وقد ذكر العلماء أن الزانية - ويدخل فيه المغتصبة - التي تسقط جنينها تجمع بين السوءتين: الزنا والقتل، وأن إسقاط الجنين هو من الوأد، قال -تعالى-: "وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت" [التكوير: 8-9] .

وقد روى عمران بن حصين - رضي الله عنه-: "أن امرأة من جهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم- وهي حبلى من الزنا فقالت: يا نبي الله أصبت حداً فأقمه عليَّ، فدعا نبي الله - صلى الله عليه وسلم- وليها فقال: "أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها" ففعل فأمر بها نبي الله - صلى الله عليه وسلم- فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها، فقال له عمر - رضي الله عنه-: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟ فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله -تعالى-"، رواه مسلم (1696) ، ومن هذا الحديث نستفيد أن للجنين حقاً في الحياة، ولو كان ابن زنا، فلو كان لا حرمة له لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- برجمها قبل أن تضع حملها. ولو أسقطت المرأة جنينها فقد اتفق الفقهاء على أن الواجب في الجناية على جنين الحرة هو غرة؛ لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى بحجر فطرحت جنينها، فقضى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم- بغرة عبد أو وليدة، رواه البخاري (5427) ، ومسلم (1681) ، والغرة عشر دية أمه، أي خمس من الإبل، ونصَّ الشافعية والحنابلة على وجوب الكفارة مع الغرة؛ لأنها إنما تجب حقاً لله -تعالى- لا لحق الآدمي؛ ولأنه نفس مضمونة بالدية، فوجبت فيه الكفارة، انظر: مختصر الخرقي (119) ، فتاوى ابن تيمية (34/159) و (160) أما لو سقط حياً فمات ففيه الدية كاملة والكفارة. ولما تقدم فإنه لا يجوز المشاركة في إسقاط الجنين، وأشير هنا إلى أن هذا الذي وقع للمرأة المذكورة ما هو إلا ثمرة من ثمار الاختلاط المحرم. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ممارسة الطبيب للإجهاض لأجل التدرب

ممارسة الطبيب للإجهاض لأجل التدرب المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 9/8/1424هـ السؤال نحن ندرس الطب في بلد تقر قوانينه الإجهاض، والآن نحن مقبلون على فترة التطبيق في المستشفى، وعندما نطبق في قسم النساء والولادة، نمر على قسم تحديد النسل والعقم، وفيه تجري عمليات الإجهاض، بعضها تكون لها ما يبررها علمياً، كأن تكون هناك تشوهات في الجنين، أو موت الجنين في الرحم، أو ما شابه ذلك من الحالات، وفي حالات أخرى تأتي حسب طلب المريض، والقوانين في هذا البلد لا تمنع الإجهاض في أي فترة كانت إلا في المراحل المتأخرة جدا، هذا إذا كان الجنين لأبوين شرعيين، أما إذا كان غير ذلك فالأمر مجاز فيه على أي مرحلة عمرية وصل إليها الجنين. على العموم، الطلبة المسلمون عادة لا يمرون على هذا القسم، ولكن أحد الأطباء السابقين أشار علينا أن تعلم كيفية الإجهاض مفيدة، لأنه قد يصادف الطبيب حالات تستوجب منه عمل الإجهاض، فلذا نريد منكم أن تبينوا لنا رأي الشارع الحكيم في هذه المسألة؟ وما حدود موقفنا منها؟ هل نشارك فيها؟ أم نكتفي بمشاهدتها؟ أم لا ندخلها أصلا؟ الرجاء الإسراع في الإجابة؛ نظراً لأن موعد التطبيق في هذا القسم قد اقترب جدا، مشكورين على تعاونكم. الجواب

جاء في حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- في الصحيحين "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات بكتب: رزقه، وعمله، وأجله، وشقي أو سعيد"، فدل الحديث على أن نفخ الروح يجعل الجنين كائناً حياً له حرمته وحقوقه الإنسانية، ولا يجوز الاعتداء عليه، ولو من أقرب الناس إليه، فلو تسببت الأم مثلاً في قتل جنينها بأي سبب لزمتها ديته وكفارة عتق رقبة، فالإجهاض بعد أربعة أشهر (120يوماً) كما في هذا الحديث هو قتل للنفس بغير حق، ويدخل في الوأد المحرم بقوله تعالى: "وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ" (التكوير:8-9) ، وذكر بعض الفقهاء حرمة إسقاط الجنين بعد (80) يوماً، وقالوا: وإن لم تنفخ فيه الروح فقد تم فيه خلق الإنسان؛ أي تميزت هذه المضغة وتشكلت بشكل أعضاء الإنسان من عصب، ولحم، وعظم، وظهرت فيه صورته الجنسية من الذكورة والأنوثة، ونحوها، وهذا القول يتفق مع ما يراه الأطباء في عصرنا، وقد أفتى بعض الفقهاء اليوم بجواز الإجهاض إذا كان بقاء الجنين في بطن أمه خطراً محتماً على حياتها، أو قرر الأطباء المختصون أن الجنين سيتعرض لتشوهات خطيرة تجعل حياته - إن حيي - شقاء وعذاباً له، ولأهله، وذلك لأن الأم أصل في حياة الجنين، والجنين فرع عنها، فلا يضحى بالأصل من أجل الفرع، ولا تؤثر إجازة قوانين البلد للإجهاض على الحكم الشرعي بتحريمه، ولا أرى تشوه الجنين مبرراً للإجهاض بحال، فإن قتل النفس والمشاركة في ذلك حرام، ومهما كان الأمر فيبقى رأي الطب في تشوه الجنين أمراً احتمالياً ظنياً، فكم من طفل ولد مشوهاً فشفي, وكم من مولود قرر الأطباء أن فيه الحمى المنغولية فعافاه الله، ثم إن التشويه الخلقي وانفصام الشخصية ليس معيباً في كل حال، ولا عند كل الناس، فهو أمر نسبي يتفاوت الناس في تقبله والرضاء به. وتأسيساً على ما سبق لا يجوز لكم تعلم الإجهاض إذا كان الجنين بلغ أربعة أشهر، ويجوز قبل هذه الفترة الزمنية للجنين إن كان ذلك لازماً من لوازم تخصصكم، وإن لم يكن فعليكم الاكتفاء بالمشاهدة عن طريق الصورة التلفزيونية الحية إن أمكن ذلك، وإن لم يمكن فلا بأس عليكم إن شاء الله، على أن يكون الجنين المراد في عملية الإجهاض لم تنفخ فيه الروح، والله أعلم.

سرقة الأعضاء والأجنة

سرقة الأعضاء والأجنّة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 21/10/1422 السؤال رجل دخل المستشفى لعمل استئصال للزائدة الدودية، وبعد فترة اكتشف أن كليته اليمني غير موجودة فعاد إلى الطبيب فأقر بأنه أخذها لزرعها لآخر، فما حكم هذا الطبيب ومعاونيه، وهل تعتبر سرقة أم حرابة، وهل يختلف الأمر إذا كان الأخذ من ميت بدون إذن أوليائه؟ وما الحكم لو كان المأخوذ منه كتابياً أو حربياً وهل يختلف الأمر في الاعتداء على الأجنة؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، وبعد، إن ما ذكرته عن الطبيب الذي يسرق الأعضاء أو يسرق الأجنة جرمه عظيم لا يكفي فيه حد السرقة إذا ثبت عليه ذلك بل يعاقب بعقوبة التعزير التي إلى الإمام أو نائبه تحديدها على القول الراجح، وقد قال كثير من أهل العلم منهم الإمام مالك وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم أنه لا حد لعقوبة التعزير بل ترجع إلى اجتهاد الإمام، وله أن يصل بالعقوبة إلى القتل، وهي تختلف باختلاف الذنب في كبره وصغره وكثرته وقلته، وما ذكرته عن هذا الطبيب ذنب عظيم، وجرم كبير يستحق في نظري عقوبة القتل تعزيراً، لكن يكون ذلك إلى الإمام ونائبه لا سيما وأن هذا طبيب قد استأمنه الناس على أنفسهم بما فيها أعضاؤهم، هذا وحرمة الميت كحرمة الحي، والكافر المستأمن والمعاهد المسروق منه عضو كالمسلم في هذا والله أعلم.

إقامة الحد من غير الإمام

إقامة الحد من غير الإمام المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 27/3/1423 السؤال ما حكم قتل المرتد من دون إذن الإمام؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: الأصل أن إقامة الحدود وتنفيذ الأحكام وإثبات موجبها هو من اختصاص الإمام وله إنابة غيره في ذلك؛ لأن ترك الناس ينفذون الأحكام بأنفسهم يؤدي إلى حصول الفوضى فيعتدي بعض الناس على بعض، ثم يتذرعون بأن المجني عليه ارتكب حداً. وحتى لو أثبت الفاعل أن المجني عليه قد ارتكب ما يوجب الحد، فإن لولي الأمر أن يعزره على فعله؛ لأنه افتيات عليه فيما هو من اختصاصه. ومع ذلك فقد يسوغ أحياناً أن يقيم الحد غير الإمام إذا لم يترتب على ذلك مفسدة عامة ولا خاصة وأثبت المنفذ موجب الحد، فإن رجلاً في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت له أم ولد تشتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقع فيه، فأخذ المعول فوضعها في بطنها واتكأ عليها وقتلها، فلما أصبح ذكر ذلك للنبي، فقال:" ألا اشهدوا أن دمها هدر". (سنن أبي داود 4361) ، (سنن النسائي 7/107) ، و (الحاكم 4/354) ، وصححه ووافقه الذهبي، وقال ابن حجر:" رواته ثقات". وجندب - رضي الله عنه - قتل ساحراً عند الوليد بن عقبة دون إذنه (البيهقي 8/136) (ابن أبي شيبة 10/135) . والمرتد لابد أن يستتاب ويدعى للإسلام قبل أن يقتل، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد.

انتقمت من عميل فما الكفارة؟

انتقمت من عميل فما الكفارة؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 10/5/1423 السؤال دفعني حسي القومي، وحبي لوطني أن أقوم بضرب شاب برصاصة برجله انتقاماً منه بعد أن تأكدنا أنه عميل للصهيونية، ولا أعرف ما الأذى الذي لحق به جراء ذلك، هل أخطأت؟ وكيف أكفر عن خطئي إذا اعتبرته خطأ. الجواب إقامة الحدود والتعازير وعقوبة أهل الجرائم والسوء ونحو ذلك مما يحتاج لإثبات مما يختص به الولاة والقضاة ونحوهم، وليس ذلك موكولاً لآحاد الناس، إذ إسناده إليهم يحدث الفوضى في المجتمع، فيوشك أن يعتدي رجل على خصم له مدعياً أنه عميل أو جاسوس. ولذا فإن عملك خطأ، وعليك التوبة منه، واستحلال ذلك الشاب مما فعلت به ولو بدفع الدية لما أصابه، أو تمكينه من القصاص إن كان فعلك مما يجري فيه القصاص، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

قتل المسلم خطأ في الجهاد

قتل المسلم خطأ في الجهاد المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 14/11/1422 السؤال إذا كنت في جهاد وقتلت نفساً خطأ، فهل علىَّ كفارة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد. الظاهر أنه لا فرق في وجوب الكفارة في قتل النفس بين كونه في جهاد أو غيره، قال في المغني:" وإذا رمى ثلاثة بالمنجنيق، فرجع الحجر فقتل رجلاً، فعلى عاقلة كل واحد منهم ثلث الدية، وعلى كل واحد منهم عتق رقبة مؤمنة في ماله " المغني (12 / 82) ، ونقل ابن حجر في الفتح كلام بعض العلماء عند شرحه لحديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه - حينما قتل الرجل بعدما قال: لا إله إلا الله.. الحديث رواه البخاري (4269) ومسلم (96) . قال ابن حجر (وأما كونه لم يلزمه دية ولا كفارة فتوقف فيه الداودي وقال: لعله سكت عنه لعلم السامع أو كان ذلك قبل نزول آية الدية والكفارة. وقال القرطبي: لا يلزم من السكوت عدم الوقوع، لكن فيه بُعد؛ لأن العادة جرت بعدم السكوت عن مثل ذلك إن وقع، قال: فيحتمل أنه لم يجب عليه شيء لأنه كان مأذونا له في أصل القتل، فلا يضمن ما تلف من نفس ولا مال كالخاتن والطبيب، أو لأن المقتول كان من العدو، ولم يكن له ولي من المسلمين يستحق ديته.." هذا هو الحكم، وقد يكون هناك حالة لها نظر واجتهاد خاص حسب كيفية وقوع القتل. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تعدد كفارة القتل الخطأ بتعدد المقتولين

تعدد كفارة القتل الخطأ بتعدد المقتولين المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 26/11/1422 السؤال إذا قتل الإنسان عدداً كبيراً من الأشخاص خطأً، كأن يكون سائق حافلة مثلاً، هل يلزمه صيام شهرين متتابعين عن كل رقبة إذا لم يجد للعتق سبيلاً وكان الصيام يشق عليه، أما أنا فحصل لي حادث سير، وكنت أقود السيارة فتوفيت زوجتي وكانت معي، وتوفي خمسة آخرون في السيارة المقابلة، فماذا عليّ أفتوني مأجورين، علماً بأنني متسبب في هذا الحادث خطأً؟. الجواب إذا تسبب المرء بقتل شخص أو أشخاص خطأ فعليه عن كل نفس كفارة، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع بقيت في ذمته متى ما قدر عليها.

تخليد قاتل نفسه في النار

تخليد قاتل نفسه في النار المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 26/11/1423هـ السؤال شيخنا: ورد في بعض الأحاديث أن قاتل نفسه يخلد في النار، فهل يمكن اعتبار الانتحار كفرا؟ لأنه - حسب علمي - لا يخلد في النار سوى الكافر، أم أن ذكر الخلود في النار كناية على مكوث طويل ثم يصير بعده إلى الجنة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً فيها ... " الحديث - البخاري (5778) ومسلم (109) وهذه كبيرة من كبائر الذنوب والمنهج الحق في هذه الكبيرة وغيرها من الكبائر أن مرتكبها إذا كان من أهل القبلة المؤدين للصلاة المسلم لا يكفر بفعل الكبيرة، ولا يخرج من الإسلام بذلك، ولا يخلد في النار إذا مات موحداً وإن لم يتب، وهو في مشيئة الله وحكمه إن شاء غفر له وعفا عنه بفضله، وإن شاء عذبه في النار بعدله ثم يخرجه منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته، وهذا ما دلت عليه نصوص الوعيد من الكتاب والسنة. وقد بين العلماء أن المراد بالخلود المكث الطويل وليس المكث الدائم، وأن مثل هذه المعصية سبب ولكن قد يوجد مانع يمنع من وقوع الحكم، وأن الوعيد يجوز إخلافه، لأنه انتقال من العدل إلى الكرم، وهذا كرم من الله، والمهم في هذا الباب ملاحظة قواعد مهمة تحدث فيها العلماء كثيراً وهي مبسوطة في كتب العقائد والله أعلم.

مصير المنتحر

مصير المنتحر المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 26/10/1423هـ السؤال ما حكم من قتل نفسه متعمداً؟ هل يدخل النار لا محالة؟ وإذا كان كذلك فإن هناك من يقتل شخصاً آخر مسلماً بدون حق أو لغضب، ومع ذلك إذا تنازل الأقرباء لا يقتص منه ويكون عليه عتق رقبة، فهل هو في النار؟ وهل يعني دخوله النار أنه يكون مخلداً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

فقد قال الله سبحانه وتعالى: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً" [النساء:93] ، وثبت في الصحيحين عن النبي عليه الصلاة والسلام - أنه قال: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده في نار جهنم يجأبها بطنه خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن تردى في جبل فإنه يتردى في جهنم خالداً مخلداً فيها" رواه البخاري (5778) ، ومسلم (109) أو كما قال - عليه الصلاة والسلام -، دلت الآية ودل الحديث على عظم تحريم قتل الإنسان نفسه أو قتله لغيره وأن ذلك من كبائر الذنوب، فأما قتل الإنسان نفسه متعمداً فلا يترتب عليه شيء من أحكام الدنيا ولا حق لأحد فيه ولا تجب فيه الكفارة، وهو إذا كان مسلماً موحداً فهو يوم القيامة تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، وإن عذبه فإنه لا يخلد في النار، هذا ما عليه أهل السنة والجماعة، فكل من مات على التوحيد ولم يأت بناقض من نواقض الإسلام فإنه لابد له من دخول الجنة ولو بعد تمحيصه في النار، فإما أن يتجاوز الله عنه دون عذاب، أو يعذبه سبحانه ثم يخرجه من النار برحمته أو بشفاعة الشافعين من أوليائه سبحانه وتعالى، وهذا الحديث عند أهل السنة والجماعة محمول على الوعيد ومقيد بقوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ" الآية، [النساء: 48] ودل على خروجه من النار ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال "يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان - أو مثقال خردلة من الإيمان" رواه البخاري (44) ، ومسلم (184) وما في معناه، وأما من يقتل غيره متعمداً فإنه من أهل الوعيد الذي في الآية الكريمة "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً" [النساء:93] ، والكلام في هذا الوعيد كالكلام في الوعيد الذي ورد في الحديث، فالقاتل إذا مات ولم يتب ومات على التوحيد والإسلام فإنه كذلك تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، ثم أخرجه من النار برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته، ولكن القاتل للنفس التي حرم الله يترتب على فعله مع الوعيد الشديد حقوق فإما القصاص أو الدية، قال العلماء: إن القتل يتعلق به ثلاثة حقوق؛ حق الله فهذا يسقط بالتوبة فإذا تاب العبد توبة نصوحاً تاب الله عليه، ومن شروط التوبة أن يسلم القاتل نفسه، الثاني من الحقوق حق أولياء المقتول، وهذا الحق يسقط بعفو الأولياء أو أخذهم الدية، وإلا اقتصوا منه بأن يقتلوه بالقتيل، إذا توفرت شروط القصاص فلولي المقتول الأخذ به وإن شاء تنازل إلى الدية أو عفا مجاناً، والحق الثالث حق المقتول وهذا يستوفيه يوم القيامة، فإن كان القاتل قد تاب توبة نصوحاً فالله - سبحانه وتعالى - بفضله يرجى أن يرضي المقتول عن حقه ويكرم عبده التائب، وإلا فإنه يستوفي حقه من حسناته، فيوم القيامة ليس فيه ما تقضى منه الحقوق إلا

الحسنات والسيئات، كما جاء في حديث المفلس، وهو الذي يأتي بأعمال صالحة، ويأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وانتهك عرض هذا وأخذ مال هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته ولم يؤد ما عليه أخذ من سيئات المظلومين ثم طرح عليه ثم طرح في النار انظر مسلم (2581) ، والقتل العمد ليس فيه كفارة، وإنما في قتل الخطأ، فقتل العمد أعظم وأكبر من أن تؤثر فيه الكفارة، وإنما تجب فيه الحقوق التي ذكرت، يجب على القاتل التوبة النصوح ويجب عليه تسليم نفسه لأولياء المقتول ثم الله سبحانه وتعالى - يحكم فيه يوم القيامة بعدله، وبهذا نعرف أن المؤمن الموحد لا يخلد في النار مهما كانت ذنوبه، بل هو تحت مشيئة الله وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، خلافاً للخوارج والمعتزلة، فإن الخوارج والمعتزلة يقولون إن من مات مصراً على كبيرة من كبائر الذنوب فإنه لابد أن يدخل النار، وإذا دخلها فإنه لا يخرج منها، بل يكون مخلداً فيها، وهذا قول باطل مخالف للنصوص الصحيحة في خروج الموحدين من النار. والله أعلم.

إنزال الجنين مشوه الخلقة

إنزال الجنين مشوه الخلقة المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 25/1/1423 السؤال كنت حاملاً في الشهر السابع، وعندها قال لي الأطباء: إن الطفلة ليس لها دماغ ولا أعصاب وستولد مشوهة، وأشار عليَّ الأطباء بأن يتم إنزال الطفلة في الشهر السابع لكي لا أتعرض لعملية قيصرية، وبعد إنزال الطفلة وجدت بالفعل مشوهة (بدون دماغ) وكانت على قيد الحياة ثم ماتت بعد ساعات. هل عليَّ إثم على موافقتهم على هذا الأمر؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وآله وصحبه وسلم، وبعد: فالجواب عن سؤال التي أُنزل جنينها في شهرها السابع، إن كان إنزاله لأجل التخلص منه فهذا لا يجوز؛ لأن فيه إعانة على إزهاق روح، وهي جناية على الجنين من جنس القتل؛ لأن موته كان بسبب الاعتداء عليه، فيجب فيها الكفارة: صيام شهرين متتابعين، ويجب فيها دية كاملة. وإن كان إنزاله مراعاة لمصلحة الأم، ودرءاً لمخاطر العملية، مع وجود حضانة (آلة يوضع فيها الطفل قبل تمام مدته) فعاش فترة ثم مات فهذا فيه غرة (نصف عشر الدية) يتوزعها ورثته ولا ينال الأم من هذه الدية شيء. وإنما كان فيه غرة (نصف عشر الدية) لأن الجنين نزل ناقص الخلقة، كما لو خرج بعضه دون بعض، فيحتمل أن يكون موته بسبب الجناية (إنزاله قبل وقته) ويحتمل أن يكون بغير جناية، فلا تجب فيه الدية كاملة مع الشك، والله أعلم.

ما يجب في القتل الخطأ

ما يجب في القتل الخطأ المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 5/10/1424هـ السؤال هل يجب علي الصيام بعد دفع الدية في حادث قتل خطأ؟ مع العلم أن لدي عملية في القلب. الجواب القتل الخطأ يترتب عليه أمران: الأول: الدية الثاني: الكفارة ولا يغني أحدهما عن الآخر، بل كلاهما واجب، والكفارة عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، وليس في كفارة القتل الخطأ إطعام على الصحيح من قولي الفقهاء؛ لأن الله لم يذكر -سبحانه- إلا العتق والصيام فقط، فإذا لم يستطع الصيام فيبقى في ذمته.

كفارة الإسقاط

كفارة الإسقاط المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 8/9/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. امرأة في الستين من عمرها، تقول: إنها عندما كانت في العشرينات من عمرها كانت حاملاً وقامت برفع حمل ثقيل - بالرغم من علمها أنه قد يتسبب في إسقاط جنينها وهو ما وقع فعلاً، السؤال هو: ما الذي يجب أن تفعل؟ علماً بأنها مريضة بالضغط والسكر، وحالتها الصحية لا تسمح بالصيام لعدة أيام متتالية، وجزاكم الله عنا خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فالجواب: أنّ على هذه المرأة التي تسببت بإسقاط حملها حينما قامت برفع حمل ثقيل؛ مع علمها بأن ذلك قد يكون سبباً في الإسقاط، عليها التوبة إلى الله تعالى، وعليها أيضاً دية الجنين، وهي: غرة عبد أو أمة لما روى البخاري في صحيحه (7317) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة: عبد أو أمة، والغرة قيمتها: خمس من الإبل؛ عشر دية أمه، روي ذلك عن عمر وزيد رضي الله عنهما فعلى الأم التي تسببت بإسقاط جنينها دفع تلك الدية التي هي خمس من الإبل (تقارب قيمتها ستة آلاف ريال سعودي) إلى ورثة الجنين - حال الإسقاط - ما عداها، فلا ترث هي منها شيئاً، وقد جاء في منار السبيل في شرح الدليل ما نصه: (وإن شربت الحامل دواءً فألقت جنيناً فعليها غرة لا ترث منها بلا خلاف، قاله: في الشرح انتهى، والله أعلم.

أب قتل ابنه خطأ

أب قتل ابنه خطأ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 19/10/1423هـ السؤال أحد الجيران تسبب في قتل ابنه من غير قصد، حيث كان هذا الابن رحمه الله في خلاف مع أمه وكان يتطاول عليها فتدخل هذا الأب وحاول ضربه، لكن الابن فر هاربا فتناول الأب حجرا وألقاه عليه فسقط الابن ميتا، ثم رجع الأب إلى البيت تاركا ابنه مرميا على الأرض، فحمل إلى المستشفى من طرف الجيران، لكن كانت الفاجعة عند بلوغ الخبر إلى الأب، إذ كاد أن يفقد صوابه لأنه السبب في مقتل ابنه، وهو الآن يسأل عن الحكم الشرعي وكيفية التكفير عن الذنب الذي اقترفه في حق العائلة وابنه الأكبر؟ فما هو الحكم الشرعي؟؟ وشكرا. الجواب الحمد لله وحده وبعد: فعلى الأب كفارة قتل الخطأ وهي تحرير رقبة مؤمنة بأن يعتق عبداً مملوكاً، فإن لم يجد فيصوم شهرين متتابعين مع التوبة والاستغفار، قال تعالى: "وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ" الآية، [النساء:92] إلى قوله تعالى "فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً" الآية، [النساء: 92] وفق الله الجميع لهداه.

اغتصبها زوج أختها ولم تخبر أحدا

اغتصبها زوج أختها ولم تخبر أحداً المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 25/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. توجد أخت لديها مشكلة، تقول فيها إنها عندما كانت في المرحلة الابتدائية تعرض لها زوج أختها (اغتصبها) ، ولم تخبر أهلها نظراً لصغر سنها وقلة معرفتها بالحياة, وعندما كبرت اكتشفت الخطأ الفادح من سكوتها، فهل هي آثمة لسكوتها؟ وماذا عليها أن تفعل؟. الجواب يتعين على كل رجل وامرأة معرفة ما ينبغي لصيانة العرض، وحماية الشرف، فيمتنع كل منهما عن الخلوة بالآخر، ما دام أن الرجل ليس من محارم المرأة، بمعنى أنه ليس بينهم قرابة نسبية، ولا رضاع، ولا مصاهرة، وزوج الأخت رجل أجنبي لا يحل له أن ينفرد بأخت زوجته، كما لا يباح لها صحبتة أو الانفراد به، فإذا كان زوج الأخت هذا قد اعتدى على أخت زوجته وهي نائمة أو إكراهاً بقوة السلاح، أو التجويع، أو العطش، أو بما يهدد به حياتها فهي معذورة ولا إثم عليها، أما هو فهو معتد آثم، مستحق لأشد العقوبات، وهي ضربه بالحجارة حتى يفارق الحياة، باعتباره زان محصن، قال الله تعالى: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا" [الإسراء: 32] ، وقد اقترن الزنا بالشرك بالله وبالقتل في الآية 68 من سورة الفرقان قال تعالى: "..ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثاما"، فهذا الفعل إذاً في غاية البشاعة والسوء، وإذا كانت الفتاة جاهلة، أو مكرهة فهي معذورة، وإلا فهي آثمة وقد اقترفت خطأ ... ، والله أعلم.

كفارة قتل امرأتين خطأ

كفارة قتل امرأتين خطأ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 25/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي يتعلق بقتل الخطأ، وهو أن أخي تعرض لحادث وقد كان هو قائد السيارة، ونجم عن الحادث وفاة امرأتين فكيف تكون كفارة قتل الخطأ حينئذ؟ هل تضاعف فتكون عتق رقبتين مؤمنتين؟ فإن لم يجد فصيام أربعة أشهر متتابعة، أم ماذا؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: كفارة قتل الخطأ لا تتداخل، فمن قتل خطأ أكثر من نفس فعليه كفارة بعدد الأنفس، قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً" [النساء:92] ، وبالنسبة للصيام فلا يشترط تتابع الكفارات، بل لو صام شهرين متتابعين ثم أفطر ثم شرع في صيام الكفارة الثانية فلا بأس، وأنصح الأخ السائل بمراجعة المحكمة الشرعية أو مفتي البلد الذي يسكن فيه، للتأكد من تعين الكفارة عليه، وذلك بمعرفة نسبة الخطأ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

لم تذهب إلى المستشفى ومات جنينها

لم تذهب إلى المستشفى ومات جنينها المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 3/8/1424هـ السؤال كنت حاملاً قبل 24 سنة، وكان زوجي مسافراً، وجاءت الولادة في الشهر الثامن، وقد امتنعت من الذهاب إلى المستشفى؛ لأني لم أستأذن من زوجي، وطلع الجنين أثناء الولادة ميتاً، فهل علي ذنب في ذلك؟ ولكم الشكر. الجواب ليس عليك ذنب، وذلك لأنك ما عملت عملاً يكون سبباً في الوفاة، ولم يزل النساء يلدن ولادة طبيعية في بيوتهن منذ أن خلقت الدنيا إلى وقت قريب، ولم يكن هناك شيء يلحق المرأة إذا ولدت في بيتها، أو ولَّدتها إحدى قريباتها أو جيرانها، وخروج الولد ميتاً هذا قضاء الله.

ما تحمله العاقلة من الجنايات

ما تحمله العاقلة من الجنايات المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 22/5/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: ماذا تحمل العاقلة من جناية الدم الخطأ أو العمد، في القتل أو ما دون القتل؟ وما الحكم إذا اشترطت العاقلة ألا تحمل جناية الخطأ إلا إذا حمل الفرد جناية العمد معها؟ وفقكم الله وبارك فيكم. الجواب اتفق الأئمة الأربعة على أن الدية في قتل الخطأ على عاقلة الجاني، واتفقوا على أنها مؤجلة في ثلاث سنوات، ويرى كثير من العلماء أن شبه العمد تحمله العاقلة، ولا تحمل العاقلة عمداً محضاً ولا عبداً ولا صلحاً ولا اعترافاً لم تصدق به العاقلة ولا ما دون ثلث الدية، فقد روى البيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "لا تحمل العاقلة عمداً ولا صلحاً ولا اعترافاً ولا ماجنى المملوك". وقال البيهقي في سننه: إن الفقهاء من أهل المدينة قالوا بمثل ذلك، وقد أخرج البيهقي عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - "لا تعقل العاقلة ولا يعمها العقل إلا في ثلث الدية فصاعداً"، وقيل هذا من قول سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار.

قتل أخته لزناها

قتل أخته لزناها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 7/6/1424هـ السؤال امرأة كانت تمارس الزنى والعياذ بالله، فقام أخوها بقتلها، وتم دفنها والجيران يعلمون بكل التفاصيل، فهل هذا الرجل آثم بقتل أخته؟ وماذا كان يجب عليه أن يعمل؟ وماذا يجب عليه أن يعمل الآن؟ وهل موقف الناس السكوت كما عملوا مع هذا؟ وما موقف الدولة إذا علمت؟ المهم ماذا كان يجب على كل الأطراف أن يعملوا؟ وماذا عليهم أن يعملوا الآن؟ أرجو أن توافونا بالتفاصيل، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فهذه المسألة فيها تفصيل على النحو التالي: أولاً: إن كانت أخته بكراً لم يسبق لها الزواج فقتله لها يأخذ حكم قتل العمد الذي قال الله تعالى فيه: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً" [النساء:93] ، ولورثتها المطالبة بالقصاص من قاتلها، وذلك لأن عقوبة الزاني البكر جلده مائة وتغريب عام لا القتل. ثانياً: إن كانت أخته ثيباً فليس له قتلها؛ لأن إقامة الحدود منوطة بولي الأمر، لكون الأمر يتطلب التحقق من ثبوت الزنا وانتفاء الموانع والشبهات التي يدرأ بها الحد، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: إنا ليلة الجمعة في المسجد إذ جاء رجل من الأنصار فقال لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه أو قتل قتلتموه وإن سكت سكت على غيظ والله لأسألن عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما كان من الغد أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه أو قتل قتلتموه أو سكت سكت على غيظ فقال اللهم افتح وجعل يدعو.. الحديث رواه مسلم رقم (1495) ، إلا العبد والأمة فلسيدهما إقامة الحدود عليهما عدا القتل؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر" رواه البخاري رقم (2119) ، ومسلم (1703) والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الزنا بأم الزوجة، وأثره في فسخ النكاح

الزنا بأم الزوجة، وأثره في فسخ النكاح المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 13/10/1424هـ السؤال أود أن أسأل فضيلة الشيخ: هل الزنا مع أم الزوجة (قبل وبعد الزواج) يحرم العلاقة مع الزوجة، علماً بأننا - أنا وزوجتي - نعيش الآن خارج البلاد، وعندنا أولاد. جزاكم الله خيراً. والسلام عليكم. الجواب فعلك هذا مع أم زوجتك يعد جريمتين لا جريمة واحدة، ذلك أن زنى المحصن يوجب شرعاً رجمه بالحجارة، ووقوع الزنا مع إحدى المحارم جريمة أخرى توجب القتل حداً، ولو لم يكن محصناً، لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما-: "من وقع على ذات محرم فاقتلوه" رواه الحاكم (8119) والترمذي (1462) وابن ماجة (2564) وغيرهم، فاتق الله في نفسك وفي محرمك، فكما تدين تدان، واعلم أن الذنوب منها ما يعجل فيه العقوبة في الدنيا قبل عذاب الآخرة، فمن تعدى على الحرمات وأعراض الناس كان الجزاء من جنس العمل عاجلاً غير آجل، ففي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: "عفوا نساء الناس تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم" رواه الحاكم (7340) وغيره، وقديماً قيل: لو كنت في النساك مثل الهيثم *** لا تزن بامرأة فذاك محرم في أهله يزنى بربع الدرهم *** من يزن في قوم بألفي درهم كان الوفاء في أهل بيتك فاعلم *** إن الزنى دين إذا استقرضته وأما ما وقع السؤال عنه: هل فعلك هذا يحرم العلاقة مع أهلك، فالراجح أن ما مضى منك لا يحرم أهلك عليك؛ لأن الله تعالى حرم بنت المدخول بها بنكاح وليس بسفاح لقوله تعالى: "وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ" [النساء: من الآية23] ، ولأن الحرام لا يحرم الحلال، وقد روى الدارقطني (3/268) في سننه عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن رجل زنى بامرأة فأراد أن يتزوجها أو ابنتها قال: "لا يحرم الحرام الحلال إنما يحرم ما كان بنكاح"، وله عن ابن عمر - رضي الله عنهما- نحوه.

هل يقتص من الطفل؟

هل يُقتصُّ من الطفل؟ المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 16/9/1424هـ السؤال طفل لم يبلغ الحلم وقتل شخصاً آخر، فهل يُقْتَل؟ وهل يجوز لي شخصياً أن أقتص من قاتل أبي؟ أم لا بد أن تكون هناك حكومة إسلامية؟ وشكراً. الجواب من شروط استحقاق القصاص أن يكون القاتل بالغاً عاقلاً، فلا يقتل الصغير والمجنون قصاصاً، وعمد الصبي كخطئه. بمعنى أن تعمد الصغير للقتل يعتبر شرعاً كخطأ الكبير فيه الدية، وتتحملها العاقلة وهم أقارب القاتل. أما الشق الثاني من السؤال فلا يخلو الأمر من حالتين: إما أن يكونوا في بلد منضبط فيه سلطة أياً كانت هذه السلطة، فلا يجوز تجاوز هذه السلطة وتكون المطالبة عن طريقها، وإما أن يكون ذلك في بلد منفلت لا تحكمه سلطة فيجوز حينئذ بشروط، منها ثبوت قتل الشخص المقصود لمورثك، واجتماع أولياء الدم على إرادة القصاص منه، والله أعلم.

هل يضمن الطبيب خطأه

هل يضمن الطبيب خطأه المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 01/09/1426هـ السؤال ما حكم الشرع في رجل يجري إزالة للوز بطريقة شعبية، وكان يزاول هذه المهنة لمدة طويلة، ويجري هذه الجراحة أو العملية للصغار والكبار، ويكتب الله لهم السلامة والعافية بفضله عز وجل، وقدر الله أن مات أحد الأطفال بعد إجراء هذه العملية له، والذي قام بإجرائها على النحو الذي كان يجريها دائما. وقد طالب والد الطفل بدية طفله الذي توفي إثر النزيف الناتج عن هذه الجراحة، وقد ذهب هذا الرجل ووالد الطفل إلى المحكمة الدستورية (غير الإسلامية) ، وقضت بأن عليه أن يدفع دية رجل كامل، وقد اتصل هذا الرجل بأقاربه ليساعدوه في دفع الدية، فنود أن نعرف حكم الشرع في المسائل التالية: أولاً: هل يعتبر هذا الحادث قتلاً خطأ أم ماذا؟ وهل يضمن الرجل هذا الطفل؟ وما ديته في هذه الحالة إذا كان يضمنه؟ ثانياً: هل يجوز الاحتكام إلى المحكمة غير الإسلامية (أو المدنية) في حالة وجود محاكم شرعية في المنطقة؟ وماذا يفعل الرجل إذا رفض ذوو الطفل سوى الاحتكام إلى المحاكم غير الشرعية؟ أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالطبيب الذي لم يحصل على شهادة في الطب من جهة أكاديمية، وإنما تعلم هذا الفن عمن سبقه ممن كان يتقن هذا العمل عن طريق أدوية يصنعها من الأعشاب والنباتات، أو عن طريق كي مناطق معينة من الجسم، أو بطريق أخرى -كما ذكر في السؤال- من الوسائل التي لم تعد تستخدم في الطب الحديث. فهذا إن كان صاحب خبرة تامّة، ومارس علاج المرضى فشفوا فإنّ حكمه حكم الطبيب النظامي؛ إذ حَدّد الفقهاء حذق الطبيب بأنه الذي يعرف العلة ودواءها، وله مشايخ في هذه الصناعة شهدوا له بالحذق، ولأن الطبيب النظامي لا يوجد في كل مكان، بل ما تزال جهات كثيرة تعاني من نقص في الأطباء، وفي بعض الإحصاءات أن نسبة الأطباء في الأرياف في الدول النامية طبيب واحد لكل عشرين ألف نسمة، بينما هي في المدن طبيب لكل خمسمائة نسمة، ومن هنا يحتاج الكثيرون إلى مراجعة هؤلاء الأطباء الشعبيين. والدراسات الحديثة تثبت منافع عدة ونتائج طيبة لجملة من الممارسات الطبَّية القديمة، بل أنشأت لهذا الغرض جامعات في عدد من الدول كالهند والصين. ولكن لا بد أن يكون عمل الطبيب الشعبي هذا لم يخالف فيه الطريقة والأصول الفنية التي يتبعها أمثاله، فإن كان قد قصر أو تعدى فإنه يضمن وإلا فلا. وضمانه إذا أخطأ يكون بالدية أما لو مارس العمل المعتاد فأدى ذلك لتلف المريض فلا شيء عليه. قال ابن رشد: (وأجمعوا على أن الطبيب إذا أخطأ لزمته الدية؛ لأنه في معنى الجاني خطأ، وعن مالك رواية أنه ليس عليه شيء..الخ) [بداية المجتهد (31312) ] . ويدل له مفهوم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، مرفوعاً: "من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن" أخرجه أبو داود (4586) ، النسائي (4830) ، وابن ماجة (3466) ، والحاكم في المستدرك (4/212) ، وصححه ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

فإذا كان الطبيب المذكور خبيراً ولم يخالف ما يتبع عادة في هذا العمل فليس عليه شيء، وإن كان قد أخطأ أو لم تكن لديه الخبرة الكافية فإنه يضمن دية الطفل المذكور إن كانت وفاته بسبب إجرائه، ومقدار الدية مائة من الإبل أو ما يعادلها مما هو مفصل في كتب الفقه. والدية الناتجة عن الخطأ تتحملها العاقلة، وهم أقارب الجاني الذكور، فتوزع بينهم على قدر غناهم، لكن أول ما توجه على الجاني وهو يقوم بتحصيلها منهم ولو برفع دعوى عليهم كما عليه المحققون، وللحاكم أن يحكم على العاقلة مباشرة كما هو رأي طائفة كبيرة من الفقهاء، لكن أقارب الجاني يتحملون الدية في الحالين. والذي يتحمله الإنسان منهم هو ما لا يشق عليه حسب اجتهاد الحاكم، ولا فرق بين كونه قريباً أو بعيداً. وفي حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى في المرأة التي قتلتها جارتها بالعقل على عصبتها أخرجه البخاري (5758) ، ومسلم (1681) . وأما الاحتكام إلى المحاكم التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية فهو من الكبائر العظيمة، فإن من أصول الإسلام الرضى بالله ورسوله حكما، ً وهو معنى الإسلام، قال تعالى: "أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون" [المائدة: 50] ، فلا يجوز التحاكم لها. وإذا دُعي إنسان لمحكمة غير شرعية فعليه أن يحاول التحاكم إلى الشرع ولو بالصلح، فإن لم يتمكن فإنه يدافع عن نفسه لديها -لكونه مضطراً- وقد قال تعالى: "وقد فَصَّل لكم ما حرّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه" [الأنعام:119] . وإذا ألزم بشيء لا يلزمه ولم يتمكن من الخلاص منه فله أن يدفع عن نفسه الضرر، لكن لا يجوز لأحد أن يأخذ شيئاً لا يحل له ولو حكمت به المحاكم، فإن حكم الحاكم لا يحلل الحرام. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل تقدر دية القتيل بالذهب؟

هل تقدر دية القتيل بالذهب؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 21/3/1425هـ السؤال حدث حادث سيارة وتوفي على إثره شاب مسلم، ولأن البلد لا يوجد فيه تأمين بل يعمل به بمبدأ العشائر فقد طلب أهل القتيل ما يعادل: 3000 دولار، وقد دفعتها لهم، وقد لاحظت في فتوى أن الدية 4250غم ذهباً، فهل يكفي ما تم؟ أم يجب علي سداد الباقي؟ مع العلم أنه الآن من المستحيل معرفة عنوانهم بعد الحرب، والمبلغ أكبر من أن أجمعه، ولو في عشرين سنة فماذا أفعل؟ أفيدوني بارك الله فيكم. الجواب الإجابة عن الشق الأول من السؤال: الأصل في دية المسلم الحر هو الإبل، هذا هو الأصل، ومقدارها مائة من الإبل كما في حديث عمرو بن حزم - رضي الله تعالى عنه-، الذي رواه النسائي (4853) وغيره وأما بالنسبة للذهب والفضة والبقر والغنم، والحلل فهذه ليست من أصول الدية على الصحيح من أقوال أهل العلم، وعلى هذا إذا تراضى أهل المقتول والقاتل على غيرها من الذهب والفضة، أو غيرها من البقر، أو الغنم، أو الحلل، وتصالحوا عليه فإن هذا جائز ولا بأس به، لكن إذا تشاحوا فإنه يرجع إلى الإبل، وما دام أن السائل في بلد مسلم فإنه ينظر إلى حكم المحكمة، فإن كانت المحكمة حكمت فإنه يرجع إليه، وإذا لم تكن المحكمة حكمت شرعاً بشيء فإنه يرجع إلى ما ذكرت، وعلى هذا فعليه إن لم يكن هناك حكم شرعي أن يتصل بهم وأن يتراضى معهم، فإذا لم يكن يعرفهم فإنه يتصدق بما لم يدفعه لهم من الدية.

متزوجة حملت من خدنها!

متزوجة حملت من خدنها! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 22/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد رأيكم في موضوع خطير يا شيخ حدث لصديق لي، وأريد منك جزاك الله خيراً الإفادة، حيث إنه نادم أشد الندم، صديقي متزوج وتعرَّف على فتاة متزوَّجة، ولكن هناك مشاكل بينها وبين زوجها، المهم طلقها زوجها طلقة واحدة، فتعرَّف عليها هذا الشاب وهي عند أهلها، وهي ليست مرتاحة مع زوجها، لأنه يضربها ولا يريد تطليقها، وأهلها أيضا يرفضون تطليقها من زوجها، لدرجة أنها من كثرة الضرب تذهب إلى المستشفى. المهم أنها حملت منه وهي عند أهلها، وذهبت إلى زوجها لكي تخفي الفضيحة ورجعت له، فسارت الأمور وولدت الطفل، وطبعاً تسجَّل باسم زوجها. صديقي صار في حالة نفسية سيئة؛ وتألم بسبب الموضوع، والله العظيم حالته يرثى لها. أريد منكم الإفادة فقد تاب إلى الله، ويريد أن يعرف ماذا يفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فإن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، قال تعالى:"والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما*يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً* إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68-70] ، وقال تعالى:"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً" [الإسراء:32] . وحد الزاني الثيب الرجم بالحجارة حتى يموت، لما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رجلاً من أسلم أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحدثه: أنه قد زنى فشهد على نفسه أربع شهادات، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم وكان قد أحصن. رواه البخاري (6429) كما يجب عليه التوبة، والعزم على عدم العود.

أما ما يتعلَّق بالحمل فإنه لصاحب الفراش، وهو الزوج ما لم ينفه، لما روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه. قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص وقال: ابن أخي قد عهد إلي فيه، فقام عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فتساوقا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي كان قد عهد إلي فيه. فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"هو لك يا عبد بن زمعة" ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"الولد للفراش وللعاهر الحجر" رواه البخاري رقم (1948) ومسلم (1457) ، أما إن نفاه الزوج وأنكرت الزوجة فيسقط عنها الحد باللعان، فإن لاعنها لم يُنسب إليه الولد، قال تعالى:"والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين*والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين*ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين*والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين" [النور: 6-9] ، هذا إن كان الحمل أثناء استمرار الزوجية أي قبل خروجها من العدة، أما إن كانت حملت بعد خروجها من العدة فلا يجوز نسبة الولد للزوج ولا للزاني بل ينسب لأمه، وقد ذكر ابن عبد البر رحمه الله تعالى أن ولد الزنا في الإسلام لا يلحق بالزاني بالإجماع. انظر (التمهيد 8/19) ، أما ما ذكره الأخ السائل من أن زوج المرأة كان يضربها، ولا يحسن عشرتها فهذا ليس مبرراً للوقوع في الزنا. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

حملت وزوجها متوفى، فهل يقام عليها الحد؟

حملت وزوجها متوفى، فهل يقام عليها الحد؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 27/10/1424هـ السؤال امرأة أرملة توفى زوجها منذ سنين، وحدث لها الحمل بالجنين، ولم تعترف وتقر بأنها زنت، ولم يكن هناك أربعة شهود من الرجال يشهدون عليها، ولم يكن هناك الرجل، فهل يقام على هذه المرأة الحد بأن ترجم؛ لأنها زنت وهي ثيب؟ الاحتمال لحدوث الحمل لديها هو الآتي: من المحتمل ومن الممكن أن تكون هذه المرأة الأرملة حدث الحمل لديها من نطفة منوية كانت موجودة أو عالقة في ماء راكد (ماء دائم) مثل حوض الحمام أو بركة للماء دخلتها هذه المرأة الأرملة، وحدث الحمل لديها بهذه النطفة المنوية الموجودة في هذا الماء الراكد، هناك حديث للرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" رواه مسلم، والحكمة في ذلك حتى لا تبقى هناك نطف منوية داخل هذا الماء الدائم، وإذا استعملت المرأة هذا الماء الدائم قد يحدث لها الحمل بالنطف المنوية المتروكة داخل هذا الماء الراكد الدائم كما في حالة هذه المرأة الأرملة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلا ريب أن الزنا من كبائر الذنوب، قال - تعالى -: "وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً" [الإسراء:32] ، كما أن قذف المحصنات من كبائر الذنوب قال - تعالى -: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور:4] ، والزنا لا يثبت عند جمهور العلماء إلا بأحد أمرين: الأول: إقرار الزاني أو الزانية بالزنا، وأن يكون المقر مختاراً صحيح العقل بالغاً، وأن يقيم على إقراره إلى أن يقام عليه الحد. الثاني: أن يشهد عليه بالزنا أربعة رجال مسلمين عدول أحرار، وأن لا يرجع أحد منهم عن شهادته حتى إقامة الحد.

وقد ذكر جمع من الفقهاء أن المرأة التي لا زوج لها لو حملت وادعت شبهة قبل منها لأن الحدود تدرأ بالشبهات، انظر: الإنصاف (10/119) ، حاشية الروض (7/328) ، كما لابد أن يراعى هنا مدة أكثر الحمل لكون الفقهاء اختلفوا في ذلك فمنهم من يرى أن أكثر مدة الحمل سنتان، ومنهم من يرى أنه أكثر من ذلك، انظر المبدع (6/36) الإنصاف (7/228) ، الروض (3/207) ، إعانة الطالبين (4/41) ، الإقناع للشربيني (2/461) ، روضة الطالبين (8/377) ، الهداية شرح البداية (2/36) ، البحر الرائق (4/170) ، القوانين الفقهية (177) بداية المجتهد (2/70) ، وأشير إلى أن إقامة الحدود منوطة بولي الأمر أو من ينيبه، وليس لغيره أن يقيم الحدود؛ لأن إقامة الحدود لا تتم إلا بعد التحقق من ثبوت الجرم وانتفاء موانعه، وهذا لا يدركه كثير من الناس، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "إنا ليلة الجمعة في المسجد إذ جاء رجل من الأنصار فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظ، والله لأسألن عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فلما كان من الغد أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فسأله فقال: "لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، أو سكت سكت على غيظ، فقال: اللهم افتح وجعل يدعو.. "الحديث رواه مسلم رقم: (1495) ، إلا العبد والأمة فلسيدهما إقامة الحد عليهما عدا القتل؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر" رواه البخاري رقم (2119) ، ومسلم (1703) ، والله - تعالى - أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الزنى بغير المسلمة

الزنى بغير المسلمة المجيب د. راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 2/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل الزنا للمرأة الأجنبية الكافرة حرام، وليس عليها رجم مثل المسلمة؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: الزنا من أكبر الكبائر-والعياذ بالله- والوقوع فيه وقوع في مفسدة عظيمة في الدنيا والآخرة، وهو مفسد للدين والعقل، والروح، مضعف للبدن، مهلك للنفس، مُعود لها على الدناءة والرذيلة. ثانياً: الزنا حرام في كافة الشرائع السماوية؛ فقد أجمعت على أنه اعتداء على حرمات الله وحدوده، فقد جاء في صحيح البخاري (1329) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمى اليهوديين لما زنيا، وسألهما عن حكم ذلك في التوراة فوجده الرجم، والحديث معروف، وفي النصرانية موافقة لليهودية؛ لقوله -تعالى- عن عيسى - عليه السلام-: "مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ" [الصف: من الآية6] ، وجاء الإسلام بتحريمه، بل تحريم القربان منه، فقال -تعالى-: "وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً" [الإسراء:32] ، وشدد الوعيد فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا سيما حليلة الجار فهي أشد وأنكى وقد أجمعت الأمة على تحريمه، وأنه من أعظم وأشنع، وأكبر الكبائر، والأجنبية غير المسلمة يحرم عليها الزنا؛ لأن الكفار مكلفون بفروع الشريعة، وكلما ازداد الكافر فجوراً وظلماً، ازداد إثماً، والنار درجات، كما أن الجنة درجات، ولكن من ارتكب ضلالات الكفر هانت عنده بقية المعاصي، نسأل الله -تعالى- أن يعافينا وجميع المسلمين من كل سوء ومكروه، وأن يجنبنا الشرور، إنه سميع مجيب. والله أعلم.

الأخذ بالثأر من منظور الإسلامي

الأخذ بالثأر من منظور الإسلامي المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 25/1/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم الإسلام في الأخذ بالثأر؟ كما لو قتل أحد الناس أخي، أو أحرق بيتي، هل يجوز الثأر بقتله، أو حرق بيته؟. الجواب بسم لله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يجوز في الإسلام أخذ الثأر بهذه الطريقة، وهي أن مَنْ قتل أخاك قتلته، ومن حرق منزلك حرقت منزله.. وهكذا، فلا يجوز للإنسان أن يثأر لنفسه من ظالمه؛ وذلك لأنه لو تُرِك لكل أحد أن يأخذ حقه بنفسه، وأن يثأر من ظالمه لأصبحت البلاد فوضى، وكل شخص يريد الاعتداء على غيره من الممكن أن يتهمه بشيء من هذا ثم يقوم بقتله، أو ضربه ... إلخ، وقد يكون في بعض الأمور والقضايا ملابسات، لا يكشفها إلا التحقيق من قبل أجهزة التحقيق لمعرفة من صاحب الحق من غيره. لكن الإسلام يجيز للإنسان أن يطلب القصاص من الظالم، وذلك برفع الأمر إلى القاضي، والذي بدوره ينظر في القضية، ويعطي الحق لصاحبه، ويقتص من الظالم، وبهذا أمر الله -تعالى- الولاة والقضاة، فقال -تعالى-: "كتب عليكم القصاص في القتلى ... " [البقرة:178] وقال -تعالى-:"ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" [البقرة:179] ، وقال -تعالى- أيضاً: "ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً" [الأسراء:33] . وقال -سبحانه-:"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم ولئن صبرتم لهو خير للصابرين" [النحل:126] ، وهذه الآية مقيدة بأن يكون هذا العقاب تحت نظر القاضي أو الحاكم، كما أنها تدعو المؤمنين للصبر على ظلم الظالم، والصفح عنه، واحتساب الأجر عند الله، فهذا أفضل من الانتقام والمعاقبة. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

بنتها ولدت سفاحا

بنتها ولدت سفاحاً المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 26/10/1425هـ السؤال لي بنت تجاوزت 16سنة، لاحظت عليها أمرًا غير طبيعي، وكنت كلما سألتها لا تظهر لي حقيقة ما تخفيه، إلا أنه بعد فترة طويلة علمت أنها حامل- عياذًا بالله- لم أتمالك نفسي، ضربتها وضغطت عليها لمعرفة الحقيقة، حينها قالت بأن رجلاً لا تعرفه أخذها جبرًا عنها وفعل بها الفاحشة، أنا لا أعلم هل ابنتي كانت مطاوعة له أم أنها صادقة في كلامها، وقد ولدت قبل أيام طفلة. السؤال: ما الحكم الشرعي الذي يطبق على ابنتها الواقعة في الحرام؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

فإن الزنا كبيرة من كبائرة الذنوب؛ قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) [الفرقان:68] . وعقوبة الزاني البكر جلد مائة، وتغريب عام؛ قال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور:2] . وجاء التغريب في جملة أحاديث رواها البخاري (2696) ، ومسلم (1698) . وهذا الحكم في حال توفر شروط إقامة الحد، أما إذا تخلف بعضها فإن الحد يدرأ عنها، فالإكراه في حال ثبوته مانع من موانع إقامة الحد، ففي سنن البيهقي 8/236، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي: أُتى عمر، رضي الله عنه، بامرأة جهدها العطش، فمرت على راع فاستقست فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ففعلت، فشاور الناس في رجمها، فقال علي، رضي الله عنه: هذه مضطرة، أرى أن نخلي سبيلها. ففعل. أما ما يتعلق بالطفلة فتنسب لأمها، وأشير إلى أن من وقع في شيء من هذه القاذورات فتاب توبة نصوحًا فليستتر بستر الله تعالى، ولا يخبر أحدًا بذلك؛ قال عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بعد أن رجم الأسلمي فقال: "اجْتَنِبُوا هذه القَاذُورَةَ التي نَهَى اللهُ عنها، فمَن أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ ولْيَتُبْ إلى اللهِ، فإنَّه مَن يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيه كِتَابَ اللهِ عزَّ وجلَّ". أخرجه الحاكم4/272. وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ا. هـ. وقال: عن مسروق، قال: خرج بن مسعود على أهل الدار فقال لهم: مَن جاء منكم مُستفتيًا فلْيجلِسْ حتَّى نُفْتِيَه، ومَن جاء منكم مُخاصِمًا فلْيلْزَمْ خصمَه حتى نقضي بينهما، ومن جاء منكم مُطْلِعَنَا على عورةٍ ستَرها اللهُ فَلْيَستتِرْ بسترِ اللهِ ويُسِرَّها إلى مَن يَملِكُ مَغفرتَها، فإنَّا لا نملك مغفرتَها ونقيمُ عليه حدًّا. أخرجه الطبراني (8906) . ولا أعلم نصًّا من كتاب أو سنة يأمر بالإقرار، أو يحث عليه، بل النصوص أمرت بالستر، كما ذكرنا، وقد عرَّض النبي صلى الله عليه وسلم، لماعز، رضي الله عنه- لما أقر بالزنا- بالرجوع، كما رواه مسلم (1695) . بل تعدى ذلك إلى أمر مَن رأى مَن وقع على كبيرة وتاب منها بستره؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهزال لما حثَّ ماعزًا على الإقرار: " لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ ". أخرجه أبو داود (4377) والنسائي في الكبرى (7274) . والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إجهاض حمل الزنا

إجهاض حمل الزنا المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 28/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز عمل إجهاض لامرأة متزوجة حملت بسبب الزنا من غير زوجها؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن كان الزنا كرهاً (أي حالة اغتصاب) ، وكان الحمل في مراحله الأولى أي قبل مرور أربعة أشهر، وكان وجوده يؤثر على صحة المرأة بأمر معتبر لا يمكن تحمله، ولا توجد رعاية اجتماعية للمرأة وحملها تمكنها من تحمل الأمر فيمكن حسب ما توصل إليه العلماء أن يجهض الحمل، ويتدرج الأمر في الحكم حسب مرحلة الجنين، فيتساهل في الأيام الأولى، ويتشدد في تطبيق قواعد الضرورة في المراحل الثانية والثالثة، (الأربعين الثانية والثالثة) ، أما إذا كان الزنا برضاها فلا يجوز بحال إسقاط الحمل حتى في الأيام الأولى لأدلة ليس هذا مجال بسطها، ومنها قصة الغامدية التي رواها مسلم (1695) من حديث بريدة - رضي الله عنه -؛ ولأنه لا يمكن أن تنال لذتها المحرمة، وتمكن من هذا الأمر الذي أصوله التحريم، ولما يتضمنه القول بالإباحة من فتح باب للجريمة والفساد والانحراف، وقد اتفق على هذا العلماء المعاصرون سواء في المجامع الفقهية أو في هيئة كبار العلماء في المملكة، وهو الحكم الذي يتفق مع قواعد الشريعة. والله الموفق.

أرشدتها إلى طبيب يجهض حملها

أرشدتها إلى طبيب يجهض حملها المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 04/05/1425هـ السؤال امرأة حملت من زنا حتى الشهر السابع، ثم ذهبت إلى امرأة أخرى لكي ترشدها إلى طريق طبيب ليجهض جنينها، وفعلا ذهبت بها إلى طبيب وأجهض الجنين وهي في الشهر السابع، فما الحكم على المرأة الأخرى، هل عليها دية أم كفارة؟ أفيدوني، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا شك أن ما أقدمت عليه المرأة إثم عظيم، وجناية على نفس حية لا ذنب لها فيما حصل، والجنين إذا تجاوز مرحلة نفخ الروح فهو فوق اعتبار الضرورة، وعند المالكية أنه يتصور العمد فيه، فيكون على مجهضه القصاص بشروط، وعلى قول الجمهور فالجناية عليه تعتبر شبه عمد، وعليه فتجب دية شبه العمد كدية العمد مغلظة، والمسؤولية في هذه الدية تقع على المرأة الحامل والطبيب المباشر، أما الحامل فلكونها سعت ورضيت وبذلت نفسها في ذلك، والطبيب المباشر لكونه لم يرع حرمة الأنفس وأقدم على إجهاض نفس معصومة، فيشتركان فيه. وأما المرأة التي دلت، فلا شك أنها تتحمل إثماً عظيماً؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، ولها يد ظاهرة في حصول هذا الإجهاض، لكن القاعدة عند العلماء أن المباشرة تقطع حكم التسبب، فلا تتحمل شيئاً من الدية، أما الكفارة فإنها تجب على المباشر والمتسبب، نظراً لكون الكفارة لا تتجزأ فيتحمل كل من الثلاثة كفارة كاملة، وكون الحمل ناشئاً عن علاقة غير شرعية فينظر فيه؛ في المراحل الأولى، فإن كان ثمرة اغتصاب فقد أجاز العلماء إجهاضه بشروط، وهي أن يثبت الاغتصاب، وألا يمكن تخفيف آثار الأمر على الحامل، وأن يتم إجهاضه بوسيلة تقل بها الأضرار، وتخف فيها المخالفات، وإن كان ثمرة رضا الطرفين فلا يجوز التعرض له بحال. والله أعلم.

توبة تفجيري

توبة تفجيري المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 11/08/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ليس لي في السياسة شيء البتة، لذلك أرجو أن أجيد التعبير في سؤالي، أظن أن ما حدث في مدينتي الرياض وجدة وغيرهما من المدن السعودية من الإرهابيين، فساد في الأرض، قال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ". فضيلة الشيخ: لو أن أحدًا من هؤلاء الإرهابيين قُتل في أثناء تبادل الطلقات النارية بينه وبين قوى الأمن - نصرهم الله- وأصيب بعيار ناري، ومات على الشهادة، ما جزاؤه في هذه الحالة؟ وكيف يَلقى ربه بعد سعيه في الفساد ومقابلته بآخر عبارة: لا إله إلا الله محمد رسول الله. وهب أن أحدًا من الإرهابيين يريد التوبة الآن وقد أحس بأنه قَتل كثيرًا، ورمّل ويتّم من الأبرياء، ويريد توبة نصوحًا، ويريد الاستسلام، ولكنه يخشى على نفسه من السجن أو من العذاب الذي سيلاقيه، ويريد الأمان، هل تقبل توبته؟ أي أنه لا يريد أن يسجن. أتمنى أن أكون قد عبرت جيدًا. أرجو الشرح والتفصيل والتدقيق، وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

لا شك أن حوادث التفجير والقتل التي حصلت، وما زالت تحصل، في المملكة بين وقت وآخر هي جريمة نكراء، وفعل شنيع، وعُتُوٌّ وفساد في الأرض كبير، مهما ادعى مرتكبوها من التأويلات والشُّبه الزائفة، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) [البقرة:11-12] . ونظرًا للغلو الذي اتصفوا به جفوا العلماء واجتنبوا الدعاة المصلحين واحتقروهم وقللوا من شأنهم ورموهم بالفسق والجهل والنفاق، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ) [البقرة:13] . وصنف من أولئك قد لا يباشرون التفجير والتخريب وإزهاق الأرواح بأنفسهم, ولكنهم يختلقون المعاذير، ويتأولون النصوص لمباشري حوادث القتل والتفجير، عندما يختلطون بعامة الناس ودَهْمَائهم، (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ* أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) [البقرة:14-16] . وقد بين الله حكم هذه الفئة الضالة المفسدة في آيات الحرابة في سورة المائدة فقال: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة:33-34] . ومن قتل من هؤلاء الشباب (الإرهابيين) في أثناء متابعة رجال الأمن لهم، فحكمهم في الدنيا قد لقوه من القتل والخزي والعار، أما في الآخرة، كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة، فأمرهم إلى الله سبحانه، يحكم بينهم بالعدل وهو أحكم الصادقين، فيعذبهم بالنار بقدر ذنوبهم، ومنها القتل والإفساد بغير حق، ثم مآلهم إلى الجنة ما داموا قد لقوا الله ولم يشركوا به شيئًا؛ لحديث عتبان في صحيح البخاري (425) وصحيح مسلم (33) : "إنَّ اللهَ قد حرَّم عَلَى النَّارِ مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ. يَبْتَغي بِذلكَ وجهَ اللهِ". ومعنى: حرم الله عليه النار. أي الخلود فيها، ومثله حديث أبي ذر، رضي الله عنه، عند مسلم (2687) :قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال اللهُ: وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً". أما إذا قتل رجل الأمن في المواجهة مع هذه الفئة المفسدة في الأرض فهو على خير في الدنيا من الذكر الحسن ويرجى له خير في الآخرة عند ربه - إن شاء الله- وينطبق عليه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عند أحمد (1652) وأبي داود

(4772) وابن ماجه (2580) والترمذي (1421) والنسائي (4095) :"مَن قُتِلَ دُونَ مالِه فهُو شَهِيدٌ، ومَن قُتِل دونَ دِينِه فهُو شَهِيدٌ، ومَن قُتِل دونَ دَمِه فهُو شهيدٌ، ومَن قُتل دونَ أهلِه فهو شهيدٌ". وإذا تاب ذلك الشاب بعد أن قَتَل أو شارك في القتل وإفساد الممتلكات المحترمة، وقتل معصوم الدم فلا تخلو حاله حينئذ من أمرين: الأول: أن تكون توبته بعد أن تقبض عليه السلطة ممثلة برجال الأمن، فهذا يحكم فيه القضاء بعد أن تجرى عليه أحكام الدنيا في آية الحرابة الأولى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ... ) [المائدة من الآية: 33] . وغالب ما ينطبق على هؤلاء من الآية الحال الأولى منها، وهي القتل والصلب لقتلهم الأنفس البريئة وإفسادهم الأموال المحترمة، ومن ينفذ عليه حكم الله هذا في الدنيا سيلقى ربه يوم القيامة سليمًا معافى؛ لما ثبت عند أحمد (21866) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ ذَلِكَ الذَّنْبِ، فَهُوَ كَفَّارَتُهُ". وعند البخاري (6801) ومسلم (1709) :" وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ". وفي الحديث الآخر: " مَنْ أَصَابَ حَدًّا فَعُجِّلَ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا فَاللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ عَلَى عَبْدِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ أَصَابَ حَدًّا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَفَا عَنْهُ فَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَعُودَ إِلَى شَيْءٍ قَدْ عَفَا عَنْهُ". أخرجه ابن ماجه (2604) والترمذي (2626) .

الأمر الثاني: أن يتوب ذلك الشاب مما اقترفه من ذنوب في القتل والإفساد قبل أن تقبض عليه السلطة أو يسلم نفسه لها مختارًا تائبًا، فهذا تنطبق عليه الآية الثانية للحرابة: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة: 34] . فهذا لا يجوز أن يلحق به عقوبة..... من قتل أو سجن أو ضرب، وإنما اختلف العلماء هل يطالب التائب قبل أن يقدر عليه بضمان ما أتلفه من حقوق الناس (الحق الخاص) ، الصحيح أنه لا يضمن، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وعدد من المحققين من العلماء، وهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المشركين يوم فتح مكة حين قال: "مَن دخَل دارَ أبي سُفيانَ فهُو آمِنٌ، ومَن أَلْقَى السِّلاحَ فهُو آمِنٌ، ومَن أغلَق عليه بابَه فهُو آمِنٌ ... ". أخرجه مسلم (1780) . ومشركوا مكة حينئذ قد جمعوا بين قتل المسلمين وأخذ أموالهم، فعفا عنهم ولم يضمنهم الأمرين ولا أحدهما، وكذلك فعل علي بن أبي طالب, رضي الله عنه, مع الخوارج الذين قاتلوه - كما ذكره ابن تيمية وابن أبي الدنيا- (كان حارثة بن بدر بن تميم من أهل البصرة قد حارب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وأفسد في الأرض، فكلم رجالاً من قريش يكلمون له علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فجاءه سعيد بن قيس الهمداني وقال: يا أمير المؤمنين: ما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ فتلا عليه آيتي الحرابة في سورة المائدة، قال سعيد: وإن كان حارثة بن بدر التميمي جاءك تائبًا؟ قال: نعم. فجاء به ربيعة فبايعه وقبل ذلك منه, وكتب له أمانًا. وجاء رجل إلى أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، بعد أن صلى معه الغداة، ثم قال له: هذا (المسجد) مقام العائذ التائب، أنا فلان بن فلان، كنت ممن حارب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وجئت تائبًا من قبل أن يُقدر علي. قال أبو موسى, رضي الله عنه: إن فلانًا ممن حارب الله ورسوله جاء تائبًا قبل أن يُقدر عليه فلا يَعْرِضْ له أحد إلا بخير، فإن يكن صادقًا فسبيلي ذلك، وإن يكن كاذبًا فلعل الله أن يأخذه بذنبه. وأخيرًا: إن علاج هذه الظواهر في مجتمعنا من قتل وتدمير وإفساد تقع المسؤولية فيه على جميع فئات الشعب السعودي وطبقاته من الحكام والعلماء والدعاة والمربين، وأولياء الأمور، وليست مسؤولية فئة معينة، وإن كانت هذه الفئات تختلف في درجات تحمل هذه المسؤولية. كما يجب أن يُعلم علم اليقين أن الاعتماد على الحل الأمني وحده لا يكفي، إن لم يزد الأمر استفحالاً، والمشكلة مبناها وأساسها ديني فكري هو التكفير لبعض تلك الفئات المشار إليها في مسؤولية العلاج؛ لمنكرات رأوها فيهم، ولا أظن أن تنتهي حوادث التفجير قبل أن يقضى على دعاوى التكفير وشبهه ومبرراته، ولن يكون ذلك إلا بالحوار الفكري بين الطرفين في جو أمني آمن مثل ما فعل علي ابن أبي طالب، رضي الله عنه، مع الخوارج لما أمنهم وأرسل إليهم عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، فحاورهم بالعقل والدليل فرجع منهم أربعة آلاف يمثلون الثلث من الخارجين عليه. وفق الله الجميع إلى كل خير، اللهم اهد ضال المسلمين، وارزقنا الأمن والأمان، واكفنا شر الأشرار، آمين.

حد قاتل ولده عمدا

حد قاتل ولده عمداً المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 15/6/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم. رجل قتل ولده متعمداً، هل يقام عليه حد القاتل؟ إذا كان الجواب نعم، من يكون له حق التنازل؟. الجواب الحمد لله وحده. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فمن شروط وجوب القصاص عدم الولادة، فلا يقتل أحد الأبوين بالولد، وهو مذهب جمهور العلماء عدا الإمام مالك - رحمه الله- في صورة ما إذا نحر ولده نحراً؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يقتل والد بولده" رواه أحمد (1/49) ، والترمذي (1400) ، وابن ماجة (2662) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- قال ابن عبد البر: (هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق، يستغنى بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد حتى يكون الإسناد في مثله مع شهرته تكلفاً) . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: (قتل رجل ابنه عمداً، فرفع إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- فجعل عليه مائة من الإبل، ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين ثنية، وقال: لا يرث القاتل، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يقتل والد بولده لقتلتك") رواه أحمد (1/49) ، وقال عليه الصلاة والسلام: "أنت ومالك لأبيك" رواه أبو داود (3530) ، وابن ماجة (2292) قال في المبدع: (8/273) ، فمقتضى هذه الإضافة تمليكه إياه، فإذا لم تثبت حقيقة الملكية تُثبت الإضافة شبهة في إسقاط القصاص؛ ولأنه كان سبباً في إيجاده فلا يكون سبباً في إعدامه) (المغني 8/227) ، كشاف القناع (5/528) ، وأشير إلى أن الوالد لا يرث من مال ولده الذي قتله شيئاً؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يرث القاتل شيئاً" رواه أبو داود (4564) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ورجح بعض أهل العلم وقفه على عمر -رضي الله عنه-. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أعانت على إجهاض فماذا يلزمها للتوبة؟

أعانت على إجهاض فماذا يلزمها للتوبة؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 22/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: ممرضة اشتركت أكثر من مرة في عمليات لإجهاض فتيات حملن من الزنى -والعياذ بالله-،وكذلك في عمليات لترقيع بكارة بعض الفتيات ليتمكنَّ من الزواج بلا فضيحة، وكانت تفعل ذلك عن جهل، حيث زعمن لها أنهن تبن مما سبق، وأنهن يردن الستر والزواج بدون فضيحة، ثم علمت أن هذا حرام، وهي تريد التوبة النصوح، فماذا عليها من كفارات؟ وكيف تفعل لتتوب؟ وماذا تفعل إن لم تملك مالاً يكفي الكفارات؟ وكذلك لو تتفضلون بتوجيه كلمة لنصح من تقع في مثل هذا ولو تحت تأثير الإشفاق على الفتيات من الفضيحة، أو من باب الخوف عليهن أن يقتلهن أهلهن إذا علموا بذلك. وجزاكم الله خيراً. والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالإجهاض إن كان بعد نفخ الروح في الجنين، فهو محرم وهو عند جمع من الصحابة - رضي الله عنهم- بعد مرور أربعة أشهر من الحمل، وعليه اتفق الفقهاء - كما نقله النووي وابن حجر وابن رجب- (جامع العلوم ص 51، فتح الباري 11/490) ، ويدل له ظاهر الرواية المشهورة من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- والذي نصه: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح" صحيح البخاري (3208) ، صحيح مسلم (2643) . ولا فرق في هذا التحريم أن يكون في بقاء الجنين خطراً عليه أو لا، وسواء كان الحمل سفاحاً أو لا، وسواء كان لستر جريمة الزنا أو غير ذلك من الأسباب؛ لأنه قتل للنفس، فلا يجوز بأي حال، قال تعالى: "وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ" [الإسراء: من الآية33] ، ويجب على من فعل ذلك أو شارك فيه أن يتوب إلى الله من ذلك ويستغفره، ويكثر من الأعمال الصالحة الماحية للسيئات، وليس في هذا القتل كفارة؛ لأنه عمد، والعمد لا كفارة فيه. وأما الإجهاض قبل نفخ الروح فقد اختلف فيه أهل العلم ما بين التحريم والإباحة والكراهة، ولا شك أنه أقل من الإجهاض بعد الأربعة أشهر في حكمه وحقيقته، ولا يعتبر قتلاً لآدمي لكنه إفساد وتعرض بشيء له حرمة، يشهد لها أن الشرع جاء بتأخير تنفيذ الحد على الحامل حتى تضع حملها.

ولذا صدر قرار هيئة كبار العلماء رقم (140 في 20/6/1407هـ، والمتضمن: لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله، إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيّقة جداً، إن كان الحمل في الطور الأول، وهي مدة الأربعين يوماً، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع. أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم أو تعليمهم، أو من أجل مستقبلهم، أو اكتفاء بما لدى الزوجين من أولاد فغير جائز) انتهى. والحقيقة أن إباحة إجهاض الحمل الناشئ عن الزنا يترتب عليه انتشار الفاحشة وشيوعها وسهولة الوصول إليها، وهو مؤدٍّ إلى تقليص الحياة الزوجية وانتشار الأمراض الفتاكة، لذا فإن على من مارس الإجهاض أن يتوب إلى الله -تعالى- ويستغفره، وهذه كفارة عمله، وأما الدية فإنها تلزم المرأة المجهضة ومن أعانتها معونة فعليه مباشرة عند مطالبة ورثة الجنين وهم عصبة أمه، ومقدارها عشر دية الأم هذا إن سقط الجنين بعد تخلّقه. وكذلك رتق غشاء البكارة إذا كان تمزقه بسبب زنى الفتاة التي أقيم عليها الحد بموجبه أو تكرر منها هذا الفعل فهذا لا خلاف بين أهل العلم (من المعاصرين) على تحريمه. وهذا العمل يسهل ارتكاب الزنى، ويتضمن الاطلاع على العورات دون موجب ضروري وهو غش للزوج، والغش محرم، ولا يظهر لي أن من زالت بكارتها بسبب الزنى، ولو تابت أنه يجوز رتق بكارتها، وهذا الفعل مع أنه محرم شرعاً فهو ممنوع في التنظيمات الدولية الطبية وعلى من فعله أن يتوب توبة نصوحاً. [ولهاتين المسألتين تفصيل مطول لأنواع كل فعل كتبته في غير هذا الموضع] . والله الموفق.

المتزوجة إذا حملت من الزنا

المتزوجة إذا حملت من الزنا المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 18/5/1425هـ السؤال امرأة متزوجة، زنت، وحملت من هذا الزنا، وهي في حيرة من أمرها أتقتل الجنين؟ أم تبقيه وتدخل على زوجها ما ليس منه؟ أم تخبر زوجها بما جرى؟ وفي كل الحالات يترتب مفاسد، أرجو من الله المغفرة لها ثم من فضيلتكم الإجابة على استفسارها. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فلا شك أن الزنا من كبائر الذنوب؛ قال الله -تعالى-: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً" [الفرقان:68] ، وعقوبة الزاني الثيب الرجم حتى الموت؛ كما صحت بذلك الأخبار عنه - صلى الله عليه وسلم- فقد رجم ماعزاً، والغامدية -رضي الله عنهما- رواه البخاري (6438) ، ومسلم (1692) . وثانياً: ما يتعلق بالحمل فإنه لصاحب الفراش، وهو الزوج ما لم ينفه؛ لما روته عائشة -رضي الله عنها-: كان عتبة بن أبي وقاص، عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه، قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- وقال: ابن أخي قد عهد إلي فيه، فقام عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فتساوقا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال سعد -رضي الله عنه-: يا رسول الله، ابن أخي كان قد عهد إلي فيه، فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هو لك يا عبد بن زمعة"، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" رواه البخاري (1948) ، ومسلم (1457) . والحمل من سفاح ليس عذراً لإباحة الإجهاض خاصة في الطور الثالث، أي بعد إكمال أربعة أشهر، وقد ذكر العلماء أن الزانية التي تُسقط جنينها تجمع بين السوأتين: الزنا والقتل، وأن إسقاط الجنين هو من الوأد، قال -تعالى-: "وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت" [التكوير: 8-9] ، وقد روى عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن امرأة من جهينة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا نبي الله: أصبت حداً فأقمه علي، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- وليها فقال: "أحسن إليها، فإذا وضعت فائتني بها"، ففعل فأمر بها نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فَشُكَّتْ عليها ثيابها، ثم أمر بها، فرجمت، ثم صلى عليها - صلى الله عليه وسلم-، فقال له عمر- رضي الله عنه-: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت، فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله -تعالى-" رواه مسلم (1696) ، ويتبين من هذا الحديث أن للجنين حقاً في الحياة، ولو كان ابن زنا، فلو كان لا حرمة له، لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- برجمها قبل أن تضع حملها.

ولو أسقطت المرأة جنينها فقد اتفق الفقهاء على أن الواجب في الجناية على جنين الحرة هو غرة؛ لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى بحجر، فطرحت جنينها، فقضى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم- بغرة عبد أو وليدة، رواه البخاري (5427) ، ومسلم (1681) ، والغرة عشر دية أمه، أي خمس من الإبل، ونص الشافعية والحنابلة على وجوب الكفارة مع الغرة؛ لأنها إنما تجب حقاً لله -تعالى- لا لحق الآدمي؛ ولأنه نفس مضمونة بالدية، فوجبت فيه الكفارة، انظر: مختصر الخرقي (119) ، فتاوى ابن تيمية (34/159و160) ، أما لو سقط حياً فمات ففيه الدية كاملة والكفارة، أسأل الله -تعالى- أن يحفظ المسلمين والمسلمات من هذه الفاحشة المنكرة، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

العمل بالقرائن لإثبات حد الزنا

العمل بالقرائن لإثبات حد الزنا المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 02/05/1425هـ السؤال في المحكمة الإسلامية، كيف تستطيع المرأة المسلمة أن تدين رجلاً قام باغتصابها؟ هل لا بد من الشهود، أم تكفي وقائع الجريمة؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد أجمع أهل العلم بأن الزنا يثبت بالإقرار، أو بشهادة أربعة رجال عدول، وعلى هذا فمن اغتصب امرأة فإنه يثبت عليه الحد بالإجماع إذا أقر باغتصابه للمرأة وزناه بها، أو شهد عليه بذلك أربعة شهود عدول. فأما إذا لم يكن إقرار ولا شهود، فقد اختلف أهل العلم هل يثبت الزنا (وغيره من موجبات الحدود) بدلالة القرائن عليه، أو ما يسمى بوقائع الجريمة - كما في السؤال - أم لا؟ خلاف على قولين: القول الأول: أن الزنا يثبت بالقرائن القوية الدالة على وقوعه، كحمل المرأة التي لا زوج لها ولا سيد، وكإثبات الاغتصاب بوسائل العلم الحديثة، وذلك من خلال فحص مني الرجل وبصماته في المعامل الجنائية، أو من خلال تصوير وقائع الجريمة بآلات التصوير الحديثة ... إلخ، وهذا هو قول الزيلعي وابن الغرس والطرابلسي من الحنفية، وابن فرحون والمازري من المالكية، وابن عبد السلام من الشافعية، وابن تيمية من الحنابلة وغيرهم. القول الثاني: أن الزنا لا يثبت بغير الإقرار والشهود، وهذا هو قول الجصاص وابن نجيم من الحنفية، وغيرهما، وعزا غير واحد من المعاصرين هذا القول للحنفية والشافعية، والقول الأول للمالكية والحنابلة ومنهم: الزحيلي في وسائل الإثبات (2/524-525) ، وقد نصر ابن القيم - رحمه الله- القول الأول في مواضع من كتبه ومنها- إعلام الموقعين (4/374) ، حيث قال: "ولقد حدَّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- في الزنا بمجرد الحبل، وفي الخمر بالرائحة والقيء، وهذا هو الصواب، فإن دليل القيء والرائحة والحبل على الشرب والزنى أولى من البينة قطعاً، فكيف يظن بالشريعة إلغاء أقوى الدليلين" ا. هـ، وما قاله - رحمه الله- قوي، وله حظ من النظر والأثر، وإن كان ما تطمئن له النفس هو القول الثاني، لا سيما مع إمكان التعزير عند عدم ثبوت الحد وبكل حال، فالقول بجواز القضاء بالقرائن مخصوص بالقرائن القطعية التي تقرب إلى حد اليقين، كما مثل بذلك ابن الغرس فيما حكاه عنه ابن نجيم في البحر الرائق (7/205) ، أنه قال في إثبات القصاص بالقرائن ما نصه: "والحجة - يعني في القضاء - إما البينة أو الإقرار، أو اليمين أو النكول عنه، أو القسامة، أو علم القاضي بما يريد أن يحكم به، أو القرائن الدالة على ما يطلب الحكم به دلالة واضحة، بحيث تصير في حيز المقطوع به، فقد قالوا: لو ظهر إنسان من دار ومعه سكين بيده وهو متلوث بالدماء، سريع الحركة، عليه أثر الخوف، فدخلوا الدار في ذلك الوقت على الفور، فوجدوا بها إنساناً مذبوحاً لذلك الحين، وهو متضمخ بدمائه، ولم يكن في الدار غير ذلك الرجل الذي وجد بتلك الصفة، وهو خارج من الدار، فإنه يؤخذ به، إذ لا يمتري أحد في أنه قاتله ... " ا. هـ. وعلى هذا فالقرائن الظنية لا يثبت بها الحد على كلا القولين، وكذا القرائن القوية التي لا تنفك عن الاحتمال، ومن ذلك الصور التي يمكن تزويرها أو تركيب بعضها مع بعض، فهذه ونحوها لا يصح أن تكون حجة في إثبات الحد؛ للاحتمال الوارد عليها، وهو شبهة يدرأ بها الحد، وهذا لا ينفي التعزيز إذا قويت التهمة. والله تعالى أعلم.

هل على هذا دية؟!

هل على هذا دية؟! المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 04/08/1425هـ السؤال كنت في مناقشة مع أحد الإخوة حول قصة سقوط طفل من أحد البيوت وسقوطه على سيارة تقف بجوار المنزل مما نتج عنه وفاة الطفل, ثم قال إن صاحب السيارة تحمل دية الطفل؛ لأنه يعتبر في حكم الضامن, فهل حقاً يعتبر في هذه المسألة ضامناً، بحيث إن وقوف السيارة وقوف طبيعي ليس فيه خطأ, أرجو بيان ذلك, وما هو تعريف الضامن شرعياً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن أهل العلم قسموا أحوال القتل إلى أقسامٍ ثلاثة، لكلٍ منها أحكام تخصه، وهي: القسم الأول: القتل العمد، وضابطه: أن يقصد إنسانٌ قتل إنسانٍ آخر بما يقتل غالباً كسكين أو خنجر أو سيف أو مسدس، والحكم في هذا النوع من القتل أن أولياء الدم لهم طلب القصاص أو أخذ الدية أو العفو. القسم الثاني: القتل شبه العمد، وضابطه: أن يقصد إنسانٌ ضرب إنسانٍ آخر بما لا يقتل غالباً فيقتل به كالسوط والعصا، والحكم في هذا النوع من القتل أن أولياء الدم لهم أخذ الدية المغلَّظة أو العفو. القسم الثالث: القتل الخطأ، وضابطه: أن يفعل الإنسان ما يُباح له فعله، وينتج عنه قتل إنسانٍ آخر، كأن يقصد الإنسان صيداً فيصيب إنساناً لم يقصد إصابته فيقتله، والحكم في هذا النوع من القتل أن أولياء الدم لهم أخذ الدية العادية أو العفو، كما أنه يجب على القاتل الكفارة التي أوجبها الله على من قتل غيره خطأً. أما إذا كان القتل ناتجاً عن أمرٍ آخر غير الأمور الثلاثة السابقة، فإنه لا يجب للمقتول حقٌ على أحدٍ من الناس، وما ذُكر في السؤال لا يدخل تحت الأقسام الثلاثة السابقة، ولذلك فإن صاحب السيارة لا يجب عليه ما نتج عن سقوط هذا الطفل على سيارته؛ لأنه لم يقصد القتل، ولم يفعل فعلاً نتج عنه القتل، لا سيما وأنه وضع سيارته في مكانها المناسب، ولذلك فإنه لا يجب عليه دفع الدية ولا الكفارة؛ لأنه لم يفعل شيئاً يترتب عليه مثل ذلك. أما الضمان فإنه يُطلق في اصطلاح الفقهاء على معانٍ متعددة، وذلك بحسب الموضع الذي يُذكر الضمان فيه، وهذا هو السبب في اختلاف تعريف الضمان، وأهم هذه الإطلاقات: 1- يطلق على كفالة النفس، وكفالة المال عند جمهور الفقهاء من غير الحنفية, وعنونوا للكفالة في هذا الموضع بالضمان. 2- ويطلق على غرامة المتلفات والغصوب والتعييبات والتغييرات الطارئة. 3- كما يطلق على ضمان المال, والتزامه بعقد وبغير عقد. 4- ويطلق أيضاً على ما يجب بإلزام الشارع, بسبب الاعتداءات: كالديات؛ ضماناً للأنفس, والأروش؛ ضمانا لما دونها, وكضمان قيمة صيد الحرم, وكفارة اليمين, وكفارة الظهار, وكفارة الإفطار عمداً في رمضان ونحو ذلك، وهذا التعريف هو مراد السائل، وبما أن صاحب السيارة لم يعتدِ على أحد، فإنه لا يجب عليه الضمان. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل يقام الحد على الأطفال؟

هل يقام الحد على الأطفال؟ المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 10/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. أرجو إفادتي: هل يقام الحد أو القصاص على الأطفال في سن العاشرة في السعودية؟ مدرستنا مقتنعة بذلك بعد أن قرأت كتاباً يبحث في هذا الأمر، وأريد أن أعرف وأبين لهم هل هذا صحيح أم لا؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحد والقصاص من العقوبات المقدرة في الشريعة الإسلامية، وهي لا تقام إلا على من توفرت فيه موجبات المؤاخذة الجنائية، ومن ذلك أن يكون الجاني بالغاً عاقلاً؛ وذلك لأن الصبي والمجنون قد رفع عنهما القلم، وقد قال ابن قدامة في (المغني 12/357) ما نصه: (أما البلوغ والعقل فلا خلاف في اعتبارهما في وجوب الحد وصحة الإقرار) ، وقد روى علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل" رواه أبو داود (4403) والترمذي (1423) ، وغيرهما، ولكن إذا لاحظ القاضي أن الطفل لديه بعض الإدراك فلا مانع من تأديبه تأديباً خفيفاً مراعياً صغر سنه، كما يؤدب الأب ابنه إذا لاحظ عليه انحرافاً في السلوك باللوم والتوبيخ أو غيره. أما إقامة الحدود والقصاص ونحوها على الصبي دون العاشرة فهذا من الكذب والبهتان على القضاء في المملكة، فكيف يقام حد القصاص على طفل لم تكتمل قواه العقلية بعد؟! والله أعلم.

هل عليه كفارة قتل الخطأ؟

هل عليه كفارة قتل الخطأ؟ المجيب سالم بن ناصر الراكان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 21/08/1425هـ السؤال السؤال هو: سيارة بها خمسة أشخاص، يقودها أحدهم، والسائق يحمل جميع المواصفات القانونية لقيادة السيارة، ففي أثناء قيادته للسيارة تعرضت السيارة إلى انزلاق أدى بها إلى الانقلاب، فبسبب هذا الانقلاب توفي شخصان، فبالنسبة للحادث حدث بدون توقع جميع الراكبين، فهل يعتبر السائق قاتلاً خطأ؟ وإذا كان قاتلاً خطأً فهل عليه كفارتان أم واحدة؟ وهل الكفارة هنا يجوز فيها التخيير بين الإطعام والصيام والكسوة وتحرير الرقبة، أم عليه الصيام فقط؟ وإذا كان مخيرا، فما حد الإطعام في قوله من أوسط ما تطعمون أهليكم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كان الأمر كما ذكرت من أن الحادث بسبب انزلاق لا يمكن تفاديه، ولم يحصل من السائق تقصير ولو بنسبة ضئيلة فإنه لا يعد قاتلاً خطأ، ولكن في الغالب يكون من السائق شيء من التقصير، إما في تفقد الإطارات في السيارة، أو الانشغال بحديث مع زملائه، ونحو ذلك من أنواع التقصير، وإذا كان الأمر كذلك فإنه يعد قاتلاً خطأً، وتجب عليه الكفارة لكل شخص كان هو سبباً في وفاته، علماً بأن كفارة القتل ليس فيها إطعام وإنما هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد انتقل إلى صيام شهرين متتابعين، وليس هناك خيار ثالث. والله أعلم.

قتل الرحمة!

قتل الرحمة! المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 06/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. ما الحكم في قضية الرضا بقتل النفس؟ حيث يرضى المريض بأن يقتله الطبيب؛ لشدة الألم، أو يقدم الطبيب على هذا؛ ليقينه في موت المريض، وتفادياً لآلامه الشديدة، والقضية أكبر من ذلك. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالله -تعالى- حرّم قتل النفس المعصومة؛ قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً" [النساء: من الآية92] ، وقال عليه الصلاة والسلام: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه" متفق عليه عند البخاري (6878) ومسلم (1676) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، ولأن قتل النفس اعتداء على حق الله -تعالى- وليست الحياة حقاً للإنسان؛ لأنه لا يحق له قتل نفسه بالانتحار؛ كما قال تعالى: "وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ" [النساء: من الآية29] ، فقد أمر الله -تعالى- المريض بالصبر على ما أصابه، وجعل ذلك رافعاً لدرجته وموجباً للأجر الكبير؛ قال تعالى: "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" [البقرة: من الآية155] ، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا" [آل عمران: من الآية200] ، وقال تعالى: "أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا" [القصص: من الآية54] ، وقال عليه الصلاة والسلام: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن، حتى الهم يهمه إلا كفّر الله به عنه من سيئاته" رواه مسلم (2573) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما -. لذلك كله فإنه لا يجوز للمريض أن يطلب من الطبيب أو غيره قتله، ولو فعل ذلك لكان منتحراً مستحقاً للوعيد، ولا يجوز للطبيب مساعدته في ذلك؛ ولو فعل لكان آثماً بفعله، وكما أن هذا الفعل محرم في الشرع، ولا تبيحه الدوافع التي يظنها الناس أنها إنسانية، فهو كذلك محرم في القوانين الوضعية. وهذه المسألة قد بحثت من عدد من الفقهاء المعاصرين، وعقدت لها عدة ندوات، ولا فرق فيها بين رفع أجهزة التنفس، أو منع إعطائه العلاج الذي يموت لو أوقف عنه، أو إعطائه دواءً يموت باستعماله، فكله قتل محرم لا يجوز فعله، ولا الإذن به. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

تحديد دية القتل

تحديد دية القتل المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 24/11/1425هـ السؤال سماحة الشيخ: ما الحكمة من عدم تحديد الدية عند القتل؟ وبعض الناس قد يطلب 8 مليون ريال، ديةً، وسمعنا ذلك، فهل تفيدونا جزاكم الله، أفيدونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أن الدية محددة في قتل الخطأ وشبه العمد، أما في العمد فيجب القصاص أو الدية إن اختارها ولي المقتول، حيث إنه يخيّر بين القصاص والدية؛ لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "مَن قُتِل لَهُ قَتِيلٌ فَهُو بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إمَّا أنْ يُفْتَدَى، وإمَّا أنْ يُقِيدَ". أخرجه البخاري (2434) ومسلم (1355) . هذا وعفوه مجانًا أفضل؛ لقوله تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [البقرة: 237] . فإن اختار الولي الدية فليس له غيرها، وهي أيضًا محددة، وللولي أيضًا الصلح على أكثر منها، وهنا لا تحديد ولو طلب الولي ما ذكر في السؤال أو أكثر فله ذلك إلا أنه يشرع له ألا يبالغ. هذا، والحكمة والله أعلم في عدم التحديد هنا أن القتل العمد جريمة عظيمة ترتجف لها القلوب، وتتصدع لها الأفئدة، وينزعج منها أولو العقول، وما كانت لتصدر من مؤمن على مؤمن، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً.....) الآية. ثم قال في الآية التي تليها: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) . الآيتان من سورة [النساء: 92، 93] . فأي وعيد أبلغ من هذا الوعيد، فالقتل العمد ذنب عظيم لا تقوى عليه الكفارة، فهو إزهاق لنفس عمدًا بغير حق جزاؤه القصاص، وهو قتل القاتل جزاءً وفاقًا، فإذا اصطلح أولياء المقتول على مال ولو كثر فهو خير للقاتل من أن تزهق نفسه، فتفوت عليه نفسه وما يملكه. هذا، ومشروعية العفو لأولياء المقتول إلى مال، ولو كثر، رحمة من الله، وتخفيف؛ ولهذا قال الله سبحانه في آيات القصاص: (ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِن رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) [البقرة: 178] . والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

القتل الخطأ

القتل الخطأ المجيب حمد بن عبد الله الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 27/01/1426هـ السؤال صدم ابني الشاب طفلة بجانب السيارة، حيث اندفعت بسرعة عبر الطريق السريع بين مدينتين، وقد أقرّت أم الطفلة بخطئها في ترك ابنتها تعبر الطريق السريع وحدها، وشاء الله تعالى- أن تموت الطفلة بعد يوم من محاولة العلاج بالمستشفى. السؤال: (1) ما مفهوم القتل الخطأ؟ حيث أقرّ أهل الطفلة بأنهم قد أخطؤوا. (2) إذا قبل أهل الطفلة بالدية وتم السداد لهم، هل الصيام مطلوب شرعًا؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: القتل الخطأ نوعان: الأول: ما يقصد فيه الجاني الفعل الذي أدى للجريمة ولا يقصد الجريمة ولكنه مع ذلك يخطئ كمثل الذي يرمي صيدًا فيخطئه فيصيب آدميًّا. النوع الثاني: ما لا يقصد فيه الجاني الفعل ولا الجريمة ولكن يقع الفعل نتيجة لإهماله أو عدم احتياطه، ولعل هذا النوع هو الأقرب لما حصل لابنك، وأما الكفارة لقتل الخطأ فلا علاقة لها بالدية، فيجب على من قتل خطأ أن يعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين؛ لنص الآية، ولو سلم الدية؛ لأن الكفارة حق لله سبحانه. والله أعلم.

دهس طفلة فهل عليه كفارة؟

دهس طفلة فهل عليه كفارة؟ المجيب راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 13/09/1425هـ السؤال صدم ابني الشاب طفلة بجانب السيارة، حيث اندفعت بسرعة عبر الطريق السريع بين مدينتين، وقد أقرّت أم الطفلة بخطئها في ترك ابنتها تعبر الطريق السريع وحدها، وشاء الله تعالى- أن تموت الطفلة بعد يوم من محاولة العلاج بالمستشفى. السؤال: (1) ما هو مفهوم القتل الخطأ؟ حيث أقرّ أهل الطفلة بأنهم قد أخطؤوا. (2) إذا قبل أهل الطفلة بالدية وتم السداد لهم، هل الصيام مطلوب شرعًا؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: إن قتل الخطأ هو: أن يفعل القاتل فعلاً لا يريد به إصابة المقتول فيصيبه فيقتله. ذكره ابن قدامة في المغني (11/464) . ثانيًا: أنه إن كان الحال ما ذكرت، وهو أن هذه الطفلة هي التي اندفعت ورمت بنفسها أمام ابنك ولم يمكنه تلافيها، ولم يكن منه أي سبب أو تفريط فلا ضمان عليه ولا كفارة، ولا دية على عاقلته. ثالثًا: إن حصل منه سبب أو تفريط فعليه الكفارة على عاقلته الدية بقدر نسبة الخطأ الذي عليه، والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر فيهما إلا بعذر شرعي من سفر أو مرض، أو نحوه، فإن لم يستطع الصيام لكبر أو لمرض لا يرجى برؤه فلا شيء عليه بعد ذلك. إذًا فالصيام مطلوب إذا لم يجد عتق الرقبة، ولا يسقط عنه إلا إذا كان معذورًا. رابعًا: أنه يلزم والدة الطفلة الكفارة، ويلزم عاقلتها الدية كاملة إن كان الخطأ عليها كله، أما إن كان الخطأ مشتركًا فعلى عاقلتها من الدية بقدر الخطأ الذي عليها؛ لأنها تتبعض، بخلاف الكفارة فإنها لا تتبعض وتجب كاملة على القاتل خطأً أو شبه عمدٍ، دون القاتل عمدًا. والله أعلم.

دية الجنين

دية الجنين المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 07/09/1425هـ السؤال كم قيمة الدية عن إجهاض طفل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا يخلو الجنين إما أن ينفصل من بطن أمه ميتًا أو حيًّا ثم يموت، فإن انفصل ميتًا فإن الواجب فيه غرة، سواء كان الجنين قد نفخت فيه الروح ومرت عليه أكثر من أربعة أشهر أم لا، ولكن لا تجب إلا إذا تخلق الجنين؛ لأن النطفة لا يتعلق بها حكم إجماعًا، كما نقل القرطبي- رحمه الله- وكذلك العَلَقة والمضغة التي لم تتخلق، ويعلم التخلُّق بقول ثقات الأطباء بعد معاينة السقط، وأما إذا تجني على الجنين بإجهاض أو جناية وانفصل حيًّا ثم مات بسبب الجناية أو بغيرها، فالواجب فيه دية كاملة، يختلف فيها الذكر عن الأنثى، وتكون كدية الرجل الكبير والمرأة. وتقدير الغرة كما ورد في الحديث عبد أو أمة، وقدرت بعشر دية أُمِّهِ، ونصف عُشر دية الرجل، وقد اختلف العلماء في أصول الدية هل هي الذهب والفضة، أو الإبل، أو أنها مجموعة أصول، وعلى كلٍّ فيمكن أن يقع اختلاف في تقديرها بناء على هذا الخلاف، ويمكن حسابها بالذهب على أساس أن دية الرجل ألف دينار من الذهب، ووزن الدينار كما توصل إليه بعض الباحثين 4.25 جرام، فيضرب 1000×4.25=4250 جرامًا، تضرب في سعر الذهب الحالي، ولنفرض أنه (42) مثلاً فيكون الناتج 4250×42=187500، وبقسمة هذا الناتج على (20) الذي هو نصف عشر الدية تخرج قيمة الغرة، وبناء على قرار هيئة كبار العلماء في المملكة يجعل الدية في الخطأ مائة ألف، ودية المرأة على النصف فتكون الغرة بالريال السعودي خمسة آلاف ريال قيمة خمسة من الإبل على اعتبار أن الإبل هي الأصل، هذه طرق تقريبية لحساب الغرة. والله الموفق.

يريدون القصاص وقانون بلدهم يمنع الإعدام!

يريدون القصاص وقانون بلدهم يمنع الإعدام! المجيب سالم بن ناصر الراكان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 26/10/1425هـ السؤال رجل قتل أخي، وتلقى عقوبة السجن خمس سنوات، لكن أهلي يرفضون ويقولون إن هذا ليس كافيًا، ويريدون قتل هذا القاتل. ما حكم الشرع في ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: إن الشريعة الإسلامية جعلت لأهل المقتول الخيار بين أن يقتلوا القاتل أو يأخذوا الدية؛ لما في سنن أبي داود (4504) والترمذي (1406) عن أبي شريح الخزاعي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ بَعْدَ اليَوْمَ، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: إمَّا أنْ يَقْتُلُوا أوْ يَأْخُذُوا العَقْلَ ". والحديث أصله في الصحيحين: البخاري (2434) ومسلم (1355) . لكن من المعلوم أن استيفاء القتل من الولايات العامة المنوطة بالسلطان وولي الأمر؛ لأن في استيفاء الناس القصاص بأنفسهم فسادًا في المجتمعات واضطرابًا في الأمن، فعليهم طلب ذلك من السلطات القضائية المختصة، لكن إذا كان البلد تمنع قوانينه عقوبة الإعدام- كما هو ظاهر السؤال- فالذي أرى لهم طلب الدية أو التعويض والصبر والاحتساب، وعدم الإقدام على قتل القاتل؛ لأن هذا من خصائص ولي الأمر، وربما يترتب على ذلك مفاسد ونتائج خطيرة. والله ولي التوفيق.

عقوبة الاغتصاب

عقوبة الاغتصاب المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 27/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي عقوبة الاغتصاب والاختطاف بالزنى أو القتل؟ وهل الاختطاف يعتبر كالمحارب؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فإن الاغتصاب والاختطاف إذا وقعا على جهة المغالبة بالفساد، فيجب على الفاعل حينئذ حد الحرابة، ولو وقع الاغتصاب والاختطاف في المدينة على الأصح من قولي أهل العلم. وكما أن المحاربة تتحقق بإزهاق الأنفس، وسلب الأموال، فهي تتحقق أيضاً بانتهاك الأعراض، وفي هذا يقول القاضي ابن العربي - رحمه الله- في أحكام القرآن (2/95) ما نصه: (ولقد كنت أيام تولية القضاء قد رفع إلي قوم خرجوا محاربين إلى رفقة، فأخذوا منهم امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معها فيها، فاحتملوها، ثم جدَّ فيهم الطلب، فأُخذوا، وجيء بهم، فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين؟ فقالوا: ليسوا محاربين؛ لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج، فقلت لهم: "إنا لله وإنا إليه راجعون" ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال، وإن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم، ولا يحرب المرء من زوجته وبنته، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج ... ) ا. هـ. هذا إذا كان على وجه المكابرة والمجاهرة، أما إن وقع الاغتصاب والاختطاف على وجه الخديعة، ثم وقع القتل، فيجب به حد الغيلة، وهو لا يسقط بعفو أولياء المقتول، كما هو مذهب المالكية، كما في المدونة (4/653) ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (28/316) . وإن وقع الاغتصاب أو الاختطاف على وجه الخفية، فإنه مع وجوب حد الزنا أو القصاص، يجوز أن يعزره الإمام بما يصل إلى حد القتل على الأصح من قولي أهل العلم. والله -تعالى- أعلم.

الإجهاض لأجل مرض الجنين

الإجهاض لأجل مرض الجنين المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 19/07/1426هـ السؤال أنا وزوجتي نحمل مرضاً وراثياً يسمى (الثلاسيميا) ، ولدينا بنت مصابة بهذا المرض، وتحتاج نقل دم كل عشرين يوماً مدى الحياة، ونحن نعاني من مرضها أشد المعاناة، حيث إنها تبلغ من العمر أربع سنوات، زوجتي الآن حامل، ومدة الحمل أقل من مائة وعشرين يوماً، والطفل مصاب بهذا المرض، وقرر الأطباء أنه مصاب بنسبة (100%) كما أثبتت التحاليل. فما حكم إسقاط الجنين والحال كذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد اختلف العلماء في إسقاط الجنين قبل تمام الأربعة أشهر من الحمل باعتباره لم تنفخ فيه الروح، والصحيح -إن شاء الله تعالى- أن مثل حالتك -أخي السائل- أنه لا يجوز إسقاط الحمل؛ لأن الحمل محترم حتى قبل نفخ الروح فيه. بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخَّر تنفيذ حد الزنا في المرأة الزانية لكونها حاملاً، كما في صحيح مسلم (1695) . ولم يسألها في أي دور من أدوار الحمل كانت، والقاعدة أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال تنزل منزلة العموم في المقام. كما أن ولادة الجنين مصاباً بمرض مع كل ما يلحق الأبوين من عناء لذلك ومشقة فهو يعني بقاءه حياً، وإمكان استمرار حياته -غالبًا- رغم وجود المرض. لذلك كله فإني لا أرى جواز إسقاط الجنين المذكور، وأوصي أبوية بالصبر واحتساب الأجر، والله أعلم وأحكم.

نامت على طفلها فمات!

نامت على طفلها فمات! المجيب إبراهيم بن مهنا المهنا مدير قسم التوعية الإسلامية بجهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني بجدة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 05/11/1426هـ السؤال امرأة نامت على طفلها، وقتلته خطأ، فماذا عليها؟ علماً أننا أخبرناها أن هذا قتل خطأ، وعليها صيام شهرين، ولكنها لم تصم وماتت، فهل يجوز أن يصوم عنها ابنها؟ أو نقسم الأيام بين أولادها، أو نطعم عنها، وما مقدار الإطعام؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كان الطفل قد نامت عليه بالخطأ ومات، فعليها الكفارة, وهي عتق رقبة مؤمنة, فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين, وما دامت قد توفيت فإن كانت لها تركة، فإنه يكفر عنها من تركتها بأن يشترى منها رقبة وتعتق إن أمكن, فإن لم يمكن تحصيل الرقبة فإنه يستحب لك أو أحد أقاربها أن يصوم عنها شهرين متتابعين, لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: "قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه". صحيح البخاري (1952) ، وصحيح مسلم (1147) . والولي في الحديث هو القريب. وإذا لم يمكن أن يصوم عنها أحد فإنه يطعم عنها ستين مسكيناً، لكل مسكين نصف صاع من بر أو تمر أو زبيب أو غيرها من طعام البلد كالأرز أو نحوه، وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الفتوى رقم (16059) المجلد (21) صفحه (416) ، الطبعة الأولى 1424 هـ.

قتل المريض لإنهاء معاناته!

قتل المريض لإنهاء معاناته! المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 10/07/1426هـ السؤال قرأت في أحد المواقع كلاماً عن القتل الرحيم (أو الموت السهل) . فما هو، وما حكمه في الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: القتل الرحيم أو قتل الشفقة هو أن يعمد الطبيب إلى إنهاء حياة المريض الميؤوس من شفائه كالمصاب بمرض السرطان أو نقص المناعة، إذا زاد الألم على المريض، وذلك رغبة في إنهاء عذابه. إما بإعطائه دواء ينهي حياته، أو بنزع جهاز لا يعيش بدونه، كأجهزة التنفس والإنعاش، أو بإيقاف علاج لا يعيش بدونه. فيرى بعض الأطباء أن الدافع لهذا القتل: دافع إنساني بقصد إنهاء عذاب المريض ومعاناته، وربما معاناة أهله وذويه أيضاً. وهذا الفعل محرم في الشرع مهما كانت الدوافع، ومتى تعّمد الطبيب أو غيره إنهاء حياة مريض ولو لسببٍ (إنساني) فإنه قاتل، سواء كان موقفه سلبياً بالامتناع عن إعطائه دواء لا يعيش بغيره، أو إيجابياً بأن أعطاه ما ينهي حياته. وهو في كل هذا آثم إثم القاتل العامد، ومهما كان له من مبررات فإن فعله محرم غير جائز. وذلك لأن الشريعة الإسلامية أباحت للطبيب أن يباشر جسم المريض ويعالجه لأجل جلب المصالح، ودفعاً للمفاسد المتوقع حصولها، وأعظم المفاسد ارتكاب المحرمات الشرعيّة. وكذلك ليس للمريض الحق في أن يأذن لأحد أن يجري على جسمه فعلاً حرّمه الله، وذلك لأن جسد الإنسان إنّما هو ملك لله تعالى، كما قال تعالى: "لله ملك السموات والأرض وما فيهن". (المائدة: 120) ولا يحق لأحد أن يتصّرف في مملوك بما يحرمه مالكه. قال ابن حزم: (فحرام على كل من أمر بمعصية أن يأتمر بها فإن فعل فهو فاسق عاص لله -تعالى- وليس له بذلك عذر، وكذلك الآمر في نفسه بما لم يبح الله تعالى له، فهو عاص لله تعالى فاسق) المحلى (10/471) . وقال ابن القيّم: (لا يجوز الإقدام على قطع عضو لم يأمر الله ورسوله بقطعه. ولا أوجب قطعه، كما لو أذن له في قطع أذنه، أو أصبعه، فإنّه لا يجوز له ذلك ولا يسقط الإثم عنه بالإذن) . تحفة المودود (ص136) . وقد أجمع المسلمون على أنه لا يجوز لأحد أن يقتل نفسه، ولا أن يقتل غيره بغير سبب شرعي، وليس لأحد كذلك أن يقطع عضواً من أعضائه. قال ابن حزم: (اتفقوا على أنه لا يحل لأحد أن يقتل نفسه، ولا يقطع عضواً من أعضائه ولا أن يؤلم نفسه..) مراتب الإجماع (ص157) . والقتل محرم قال تعالى: " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً" (الفرقان: 68-69) . والصبر على الآلام التي تصيب الإنسان واجب عليه، ومتى طلب إنهاء حياته فهو كالمنتحر يشترك مع الطبيب في الإثم. وحتى في القوانين الوضعية في الدول التي تحكم بها فإن قتل الشفقة يعتبر فعلاً محرماً ولم تأذن في أن يجريه الطبيب سواء بطلب المريض أو ذويه.

ولا شك أن هذا الفعل محرم، ولا أظن أن في مثل هذه القضايا متّسعاً للخلاف بين أهل الفتوى، فهو قتل محرم شرعاً، والألم ليس عذراً في قتل النفس، فقد جاء في الحديث عن جندب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كان برجل جراح، فقتل نفسه، فقال الله عز وجل: "بدرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة" البخاري (1364) ؛ مسلم (113) وقال تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" (النساء:29) وتكاد تكون هذه الآية نصا في الموضوع؛ لما فيها من تعليل النهي عن قتل النفس برحمة الله بعباده، وقال: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" (الأنعام: 151) . وفي بعض روايات الحديث المتقدم في صحيح مسلم: "أن رجلاً ممن كان قبلكم فخرجت به قرحة فلما آذته انتزع سهماً من كنانته فنكأها فلم يرقأ الدم حتى مات. قال ربكم: "قد حرمت عليه الجنة". وثبت في الحديث أيضاً أن رجلاً قاتل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فجرح جرحاً شديداً، فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه فتحامل عليه فقتل نفسه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- هو في النار، صحيح البخاري (6606) ؛ مسلم (112) . وأما فتوى سماحة مفتي الديار المصرّية في هذه المسألة فلا أعرفها ولا أدري عنها، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

تحمل الأقارب لدية القتل

تحمل الأقارب لدية القتل المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجنايات التاريخ 05/11/1426هـ السؤال هل يجب على عائلة القاتل أن تشارك في دفع دية المقتول؟ على الرغم من أن القرابة بينهم بعيدة، علماً أن الدية تحتاج إلى مبالغ طائلة لا يقدرون عليها. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا قتل إنسان آخر خطأ فإن عليه ديته تتحملها عاقلته، وهم أقاربه الذكور من عصباته، بتحمل كل واحد منهم بحسب استطاعته، ويفرض ذلك القاضي عند الاختلاف، وتكون مقسّطة ثلاث سنوات يدفعون كل سنة قسطاً منها. والفقير لا يكّلف بشيء منها، فإن كان أقاربه كلهم فقراء فليس عليهم شيء، ومثل القتل الخطأ شبه العمد. والدية حددها الشرع في القتل الخطأ، وشبه العمد، وهي مائة بعير أو مائتا بقرة أو ألفا شاة، أو ما يساويها؛ لما رواه أبو داود (4542) عن جابر -رضي الله عنه-. وليس لأولياء المقتول إلا هذه الدية التي حددها الشرع. أما القتل العمد فإنه يوجب القصاص أصلاً، ويمكن لأولياء المقتول أن يصطلحوا مع القاتل على التنازل عن القصاص مقابل عوض مالي، لكن هذا العوض يتحمله القاتل، ولا يجب على عاقلته تحمّل شيء منه إلا برغبتها واختيارها، والله الموفق والهادي.

ـــــ القضاء ـــــ

حملت زوجته من سفاح، فهل يقيم عليها الحد؟ المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 17/8/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. إذا كنت في بلد لا تطبق الشريعة الإسلامية، وحدث اعتداء على حد من حدود الله سبحانه وتعالى؟ مثل زنا الزوجة وبيان حملها من غير زوجها، فهل على زوجها أو أهلها تطبيق حد الرجم أو قتلها؟ أم ماذا؟ وماذا نجيب من قال بتوقيف الحدود في زمن السلطان عبد الحميد؟ أرجو التفصيل قدر الإمكان. وجزاكم الله كل الخير عنّّا. حفظك الله. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: حيال ما ذكره السائل إذا كان في بلد لا تطبق الشريعة الإسلامية، وأنه هل له أن يقيم الحدود أو حد الرجم أو ماذا؟ أقول: كما هو معلوم أن هذه الحدود يجب إنفاذها كما أمر الله تعالى، أما من يتولى إنفاذها فإن ذلك إلى ولي أمر المسلمين، وهذا كما دلت عليه النصوص من الأمر بطاعة ولي الأمر، ولأن إنفاذ الحدود دون الرجوع إلى الحاكم أو ولي الأمر يفضي إلى مفاسد عظيمة، وينشأ عنها من سفك الدماء وغير ذلك، ولأن إقامتها يتطلب معرفة شروط ذلك، ومن ينطبق عليه الحكم الشرعي، وهذا يتطلب وجود الحاكم الشرعي - العالم بذلك، وأما كون السائل يقيم في بلد لا تطبق الشريعة، ومعناه أنه لا يوجد الحاكم الشرعي، وحصل ما حصل من زنا الزوجة، فإن عليه أن يفارقها "عن الجماع" حتى تضع حملها، وإن شاء بعد ذلك فارقها بالطلاق، أو أن تبقى في عصمته، وذلك بعد أن تتوب التوبة النصوح، أما الولد فلا ينسب إلى الزوج؛ وذلك ما دام أن هذا الحمل حمل سفاح - عياذاً بالله من ذلك. وعقوبتها وأمرها إلى الله تعالى، ولكن له أن يعاقبها بالهجر وغير ذلك من العقوبات التي يحصل بها ردعها وتأديبها، وعليه أيضاً بذل الأسباب لحفظ زوجته من الوقوع في مثل هذا المنكر والذنب العظيم، وأسأل الله عز وجل أن يصلح حالهما، والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد.

التعامل مع المحامين في بلاد الكفار

التعامل مع المحامين في بلاد الكفار المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 30/12/1423هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز الذهاب إلى المحامي من أجل مقاضاة شخص أو شركة في بلاد كفر، مثل: بريطانيا؟ وبارك الله فيكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالأصل أنه لا يجوز للمسلم أن يتحاكم لغير حكم الله قال تعالى:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء:65] . والحكم بغير ما أنزل الله كفر وظلم وفسق، وقد اتفق أهل العلم على أنه يحرم التحاكم إلى قاضٍ غير مسلم وإلى حكم غير الإسلام. هذا هو الأصل فإن كان المسلم في بلد كافر أو بلد يحكم بقوانين وضعية فإن عليه أن يتحاكم مع خصمه إلى حاكم يختار أنه من أهل الإسلام بأن ينتخب المسلمون بينهم من يصلح للقضاء ويحرصون على تعيينه، أو ينهون مشاكلهم بطريق التحكيم. فإن اضطر المسلم لأن يتحاكم إليهم جاز للضرورة فالحاجة تنزل منزلة الضرورة والضرورات تبيح المحظورات، قال تعالى:"وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه" [الأنعام:119] . وإذا جاز له أن يتحاكم إليهم جاز له أن ينيب عنه محامياً أو وكيلاً، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

رفع ولاية العاضل

رفع ولاية العاضل المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 2/1/1425هـ السؤال أحب فتاة وتحبني، ربطتنا علاقة لها أكثر من عشر سنوات، نريد الزواج، وأبوها يرفض لمشاكل بينه وبين بعض عائلتي، مما نتجت عنه قطيعة بينه وبين معظم أهل بيتي، قررنا الزواج عن طريق القاضي. ما حكم ذلك؟ وهل فيه عقوق لوالدها إذا تزوجتها عن طريق القاضي؟ الجواب الحمد لله وحده وبعد: فقد جاء في السؤال ارتباط علاقة حب منذ سنوات بين السائل وفتاة، ومعلوم أن الإسلام في تنظيمه لعلاقات أفراده حَرَّم خلوة الرجل بالمرأة كما قال - عليه الصلاة والسلام-:" لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه البخاري (5233) ومسلم (1341) . وحرّم الاستمتاع بالمرأة الأجنبية بالكلام أو النظر كما قال - تعالى-: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " [سورة النور:30] ، وبعد هذا التنبيه، فإنه إذا تقدم للمرأة رجل كفء لها وأراد الزواج منها بمهر مثلها، ورغبت هي أيضاً في الزواج منه باقتناع تام فإنه يجب على وليها تزويجها منه، فإن منعها فهو عاضل لها، فتنتقل بموجبه الولاية عنه؛ لأنه حق واجب عليه امتنع من أدائه. فلا حرج عليكما في التقدم للقاضي ليتم عقد النكاح بينكما عن طريقه، وليس هذا من العقوق، ولكني أحب للسائل أن لا يبدأ حياته الزوجية بدعوى قضائية، وليحاول استرضاء والد الفتاة وإقناعه عن طريق بعض معارفه ومن يستحي منهم؛ ليكون ذلك أدعى لدوام الوفاق والبعد عن التنافر، والله الموفق.

العمل في المحاماة في بلد غير مسلم

العمل في المحاماة في بلد غير مسلم المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 20/1/1423 السؤال أخبرني بعض الإخوة أنه يجوز العمل كمحامٍ في بلد غير مسلم، طالما أننا لا نخالف الشريعة الإسلامية، ما هو الرأي السديد في هذه المسألة؟ الجواب الأصل في عمل المحامي أنه وكيل يسعى لإثبات حق موكله، ودفع الظلم عنه، وإذا توخّى المحامي الحق، والتزم بعدم مخالفة الشرع فعمله صحيح، وهو مأجور عليه بحسب قصده الخير، حتى ولو كان في بلد غير إسلامي. أما إذا قصد بعمله إبطال حقّ، أو نصرة باطل، فعمله حرام، وكسبه حرام حتى ولو كان في بلاد المسلمين، وبالله التوفيق.

العمل في نظام قضائي يخالف الشريعة

العمل في نظام قضائي يخالف الشريعة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 2/2/1423 السؤال هل يجوز العمل بمهنة في القضاء إذا كانت القوانين المطبقة في النظام القضائي ليست كلها مطابقة للشريعة الإسلامية؟ والمهنة هي وكيل نيابة أرجو سرعة الإجابة الواضحة والاستشهاد بالقرآن والسنة. الجواب إذا كانت القوانين القضائية المذكورة في السؤال مخالفة لشرع الله كتغيير حدود الزنا والسرقة، وكجعل التشريع حقّاً لغير الله من مجالس وبرلمانات، وكتحليل لبعض ما حرم الله ونحو ذلك مما يخالف الشرع، فلا يجوز العمل في المهن القضائية فيه، سواءٌ كان قاضياً أو مدعياً عاماً مطالباً بتنفيذ هذه القوانين. إذ هذا العمل أولاً مخالفة لشرع الله -تعالى- وخروج عن أمره قال -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول" (النساء:59) ، وقال: "إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا" (النور:51) ، وقال: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر:7] . وثانياً معارضة لحق الله -تعالى- في التشريع والحكم بين عباده، قال -تعالى-: "إن الحكم إلا لله" [يوسف:40] ، وقال: "أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً" [الأنعام:114] ، ووصف الله -تعالى- نفسه بأنه أحكم الحاكمين، وقال: "والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب" [الرعد:41] . وقد رتب الله -تعالى- على التحاكم إلى غير شرعه والحكم بغير ما أنزل وعيداً شديداً فقال: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم" [النساء:65] ، وقال: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة:44] . وهذه المسألة أوضح من أن يستدل عليها فهي من أصول الدين وقواعده العظيمة، ومعنى الإسلام: الخضوع لأمر الله والاستسلام له. وكل من عرف أن لا إله إلا الله فلا بد له أن ينقاد لحكم الله ويسلّم لأمره الذي جاء من عنده على يد رسوله، فالله -تعالى- هو رب الناس وإلههم، فكما أنه الخالق فهو سبحانه الآمر الذي يجب عليهم طاعة أمره كما قال -تعالى-: "ألا له الخلق والأمر" [الأعراف:54] . ومهنة وكيل النيابة إن كانت تتضمن تطبيقاً لقانون يخالف الشرع أو حكماً به وعملاً وتداعياً إليه فهي محرمة لما مر من الأدلة، وفق الله المسلمين لتطبيق شرع رب العالمين.

شهادة الكافر على المسلم

شهادة الكافر على المسلم المجيب عبد الله بن سعد الكليب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 24/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز لغير المسلم أن يشهد على مسلم في محكمة شرعية؟. الجواب بسم الله والصلاة والسلام على رسوله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فلا تقبل شهادة الكافر على المسلم إلا أهل الكتاب في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيرهم وحضر الموصي الموت، فتقبل شهادتهم. وهذا منقول عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وهو مذهب الإمام أحمد، وهو الراجح، لعموم قوله تعالى: "وأشهدوا ذوي عدل منكم" [الطلاق:2] ، والكافر ليس بذي عدل، وقوله تعالى: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم" إلى قوله: "ممن ترضون من الشهداء" [البقرة: 282] ، والكافر ليس من رجالنا ولا ممن نرضاه، ولأن الفاسق لا تقبل شهادته فالكافر أولى، واستثني من عموم هذه الأدلة حالة الوصية في السفر وعدم وجود غيرهم لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت" [المائدة: 106] ، وذهب الجمهور إلى عدم قبول شهادة الكافر على المسلم مطلقا، ولكن الراجح - كما تقدم _ القول الأول.

الحكم بالتأويل

الحكم بالتأويل المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 4/6/1424هـ السؤال السلام عليكم. ما رأيكم في الحكم بالتأويل من دون بينة ولا دليل؟ كأن يؤول سلوك شخص أو ما يفعله، مثال شخص مر بسوق للذهب قبض عليه والتهمة (مرورك من قرب هذا السوق لم يكن إلا لسرقة الذهب) ، حكم عليه بقطع يده بدون إقرار منه، ولا ارتكاب للسرقة، هل يجوز هذا الحكم؟ وهل يوجد في الشريعة الإسلامية (القرآن الكريم وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-) ما يسمى الحكم بالتأويل، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر" بدون سابقة، وأين نحن من علي -رضى الله عنه- عندما جلس على ركبتيه أمام القاضي هو واليهودي ليضرب أروع الأمثلة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد أوضح أهل العلم طرق القضاء التي يعتمدها القاضي في حكمه، والقضايا التي تعرض على القضاء نوعان: حدود وغيرها، فأما الحدود فإنها لا تقام على أحد إلا ببينة قاطعة تثبت ارتكابه لموجب الحد، إذ الحدود تدرأ بالشبهات، فكلما وجدت شبهة فإنها تمنع إقامة الحد، وبناء على ما تقدم يتضح أن المثال المذكور في السؤال غير سائغ. والنوع الثاني: ما سوى الحدود، والحكم فيها مبني على غلبة الظن بصدق أحد الطرفين، وقرائن الأحوال تعرف بقواعد شرعية مقررة عند أهل العلم. ومن القرائن ودلائل الأحوال المحيطة بالقضية ما هو أقوى من أي بينة، ومثال هذا أن تقع جريمة سرقة في وقت لا يوجد بجوار الموضع إلا شخص واحد تدل الأمارات على تخفيه، أو أن له سوابق في السرقة أو نحو ذلك، فهذا كاف لوجوب عقابه بما هو دون الحد، وهذا العقاب تعزير له لتوجه التهمة إليه، ووجود الاحتمال بأنه هو من ارتكب الجريمة، ولأنه لم يربأ بنفسه عن مواطن الشبهات، أو أدخل نفسه فيها، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

الإثبات بالبينات المعاصرة

الإثبات بالبينات المعاصرة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 7/6/1424هـ السؤال أنا طالب جامعي تخصصي شريعة وقانون، وأبحث عن موضوع جعلته مذكرة تخرجي وعنوانه: أدلة الإثبات بين الشريعة والقانون. وتلقيت إشكاليات وإبهامات أرجو من الله ثم منكم أن تمنوا علي بما منَّه الله عليكم به من العلم، وأن تفيدوني في أقرب وقت ممكن، والأسئلة كالآتي: (1) ما حكم الإثبات بالتسجيلات الصوتية في القضاء؟ (2) ما حكم الإثبات بالبصمات الوراثية؟ (3) ما حكم الإثبات بالتصوير الفوتوغرافي؟ (4) ما حكم الإثبات بالكلب البوليسي؟ وكل هذه القرائن هل يجوز الإثبات بها قضاءً؟ أريد مادة علمية، وقبل ردكم على طلبي تقبلوا كل التقدير الأخوي. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإجابة ما استشكله السائل تتضح في النقاط التالية: أولاً: اختلف أهل العلم في البينة التي يستند عليها القاضي في حكمه، هل هي محصورة بالشهادة واليمين والإقرار، أو هي أعم من ذلك، والصواب أن البينة لكل ما يبين الحق ويظهره، وهذا اختيار ابن القيم، قال: - رحمه الله -: "البينة اسم لكل ما بين الحق ويظهره، ومن خصها بالشاهدين أو الشاهد لم يوف مسماها حقه، ولم تأت البينة قط في القرآن مراداً بها الشاهدان، وإنما أتت مراداً بها الحجة والدليل والبرهان، كذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "البينة على المدعي" رواه الترمذي (1341) وغيره المراد به أن عليه ما يصحح دعواه ليحكم له) الطرق الحكمية ص 12. ثانياً: الدعاوى المعروضة على القضاء ليست نوعاً واحداً، وكل نوع منها يختلف في إثباته عن غيره. والحدود لا تقام إلا بعد ثبوت موجبها ببينة قاطعة لا يتطرق لها الشك، ومن القواعد المقررة أن الحدود تدرأ بالشبهات. والتعزيرات يكفي فيها وجود تهمة قوية متجهة على المحكوم عليه، كالاتهام بحد دفعه وجود الشبهة. وأما الحقوق المالية إذا حصلت فيها خصومة فإنها أوسع مجالاً، فيكفي رجحان أحد جانبي الخصومة في الاعتضاد باليمين لاستحقاق المدعى به أو نفيه. قال ابن القيم (اليمين تشرع من جهة أقوى المتداعيين، فأي الخصمين ترجح جانبه جعلت اليمين من جهته) إعلام الموقعين. ثانياً: استعمال البينات المعاصرة المستجدة في القضايا المتعلقة بالحقوق المالية لابد منه، لما في إهمالها من تضييع للحقوق، قال ابن القيم (الشارع لا يهمل بينة ولا يرد حقاً قد ظهر بدليله أبداً، ولا يقف ظهور الحق على أمر معين ... ولما ظن هذا من ظنه ضيعوا طريق الحكم، فضاع كثير من الحقوق لتوقف ثبوتها عندهم على طريق معين، وصار الظالم الفاجر ممكناً من ظلمه وفجوره، فضاعت حقوق كثيرة لله ولعباده، وحينئذ أخرج الله أمر حكم العالمين عن أيديهم ... ) إعلام الموقعين (1/91) . رابعاً: القرائن وهي الاستدلال بالأمور المعروفة الحاصلة في القضايا على أمور مجهولة مقبولة معتبرة لترجيح جانب أحد طرفي الخصومة، إذا كان احتمال الخطأ والتزوير فيها ضعيفاً، وأما ما كثر الخطأ فيها واحتمال التزوير فهي غير معتبرة، وما بينهما بحسبه.

خامساً: بالنسبة للأمثلة التي أوردها الأخ السائل فإنه صدرت بخصوص البصمة الوراثية فتوى المجمع الفقهي الإسلامي بمكة في دورته السادسة عشرة، وتضمنت أن لا مانع شرعاً من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي، واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص، ولا يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، لكن يعتمد عليها في حالات التنازع على مجهول النسب، وضياع الأطفال والمواليد في المستشفيات ... الخ. أما كلاب الشرطة فهي إذا استعرفت على شيء كان ذلك مجرد قرينة يمكن الاستناد إليها لتعزيز أدلة أخرى، دون أن تكون دليلاً قائماً بذاته. وكذلك الحال في التسجيلات الصوتية إذا تمت مضاهاتها بالبصمة الصوتية. وثبتت نسبتها إلى من نسبت إليه فإنها إن تمت من جهة لا يتطرق الشك إليها، وإلا فلا يعتمد عليها لإمكان التدليس والتصوير، فإن تم من جهة رسمية لا يتطرق الشك في احتمال تزويرها أو تغييرها وأمكن القطع بمطابقتها لمن نسبت إليه فهي قرينة كذلك، وإلا فإنه يصعب التعويل عليها لإمكان إحداث التغيير وتعديل الشكل والملامح كما هو واقع. وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

سقوط الدعوى

سقوط الدعوى المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 30/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما حكم التقادم في الإسلام؟ أرجو منكم بيان الأدلة؟ وشكراً، والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالمراد بالتقادم هو سقوط حق المطالبة بمضي مدة من الزمان قد تكون محددة من قبل الحاكم أولا. وقد تحدث الفقهاء حول هذه المسألة في أبواب القضاء، وذلك في معرض حديثهم عن شروط صحة الدعوى، فقالوا إن من شروط صحة الدعوى أن تنفك عما يكذبها عرفاً وعادة، وضربوا مثلاً على اختلال هذا الشرط بمسألة التقادم، قال ابن فرحون في تبصرة الحكام (1/110) "ما تشهد العادة بكذبه كدعوى الحاضر الأجنبي ملك دار بيد رجل وهو يراه يهدم ويبني ويؤجر مع طول الزمان من غير مانع يمنعه من الطلب من توقع رهبة أو رغبة وهو مع ذلك لا يعارض ولا يدعي أن له فيها حق وليس بينهما شركة ثم قام يدعي أنها له ويريد أن يقيم البينة على دعواه فهذا لا تسمع دعواه أصلاً فضلاً عن بينته لتكذيب العرف إياه " أ. هـ. وبنحوه قال ابن القيم في الطرق الحكمية وقال: لأن كل دعوى يكذبها العرف وتنفيها العادة فإنها مرفوضة غير مسموعة، قال الله تعالى: "وأمر بالعرف" [الأعراف: 199] أ. هـ الطرق الحكمية (79) ، والدليل على هذه المسألة كما قال ابن القيم هو ما جاء في الشرع من أن العرف معتبر بشروطه، فالقاعدة الشرعية تقول: "العادة محكمة" وهي إحدى القواعد الخمس الكبرى في الفقه الإسلامي. ونظراً لأن العادة جارية بأن الإنسان لا يسكت عن حقه مدة طويلة بدون وجود مانع حسي أو معنوي فإن مطالبته بهذا الحق بعد مضي هذه الفترة الطويلة دليل قوي على كذب دعواه، ولكن إعمال التقادم له شروط منها: (1) أن يعلم المدعي تسلط المدعى عليه على المال المدعى به، أو يغلب على ظن القاضي علم المدعي بذلك. (2) ألا يوجد مانع للمدعي من المطالبة - طيلة هذه الفترة، كخوف من سلطان أو وجود قرابة ونحو ذلك. (3) أن يمضي على الحق الذي لم يطالب به مدة طويلة، بحيث يغلب على الظن كذبه في دعواه، وهذه المدة حددها بعضهم بعشر سنوات، وبعضهم بخمس عشرة سنة، والصحيح مرجعها إلى اجتهاد القاضي حسب ملابسات كل قضية. وهل من صلاحية الحاكم تحديد هذه المدة؟ الجواب: المسألة تحتاج إلى بحث وتأمل، والذي يظهر بأن مجلة الأحكام العدلية قد أخذت بجواز التحديد سياسة شرعية فقد نصت المادة (1660) من المجلة على أنه "لا تسمع الدعاوى غير العائدة لأصل الوقف أو للعموم كالدين والوديعة والعقار والملك والميراث والمقاطعة في العقارات الموقوفة، أو التصرف بالإجارتين والتولية المشروطة والغلة بعد تركها خمس عشرة سنة. كما ذكرت مجلة الأحكام العدلية تفصيلات أخرى حول التقادم. راجع درر الحاكم المادة (1660، 1661، 1662، 1663) ، والله أعلم.

السرقة من السارق

السرقة من السارق المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 17/5/1424هـ السؤال أنا أعمل في مجال الكمبيوتر، ويوجد شخص نصب علي وأخذ منى مبلغ ستة آلاف جنيه، ومضى وقت طويل على ذلك (قرابة سنتين ونصف) وطالبته بالمبلغ ولكن كان يتهرب منى بشتى الطرق، ولكن بلا فائدة، ولا يوجد سوى طريقة واحدة لأسترد بها نقودي ألا وهي النصب عليه، فهل لو نصبت عليه لأسترد نقودي حلال أم حرام؟ والله المستعان. الجواب هذه المسألة يسميها العلماء مسألة الظفر، إذا كان للإنسان حق عند شخص ثم يتمكن من شيء من ماله، فهل له أن يأخذ حقه أم لا بد أن يرفع للقاضي؟ والعلماء جوزوا أن يأخذ حقه في ثلاث حالات: الحالة الأولى: الزوجة تأخذ حقها من النفقة من مال زوجها إذا لم ينفق، (امتنع من الإنفاق) . الحالة الثانية: القريب يأخذ حقه من مال قريبه إذا كانت النفقة تجب عليه وامتنع من الإنفاق. الحالة الثالثة: الضيف يأخذ حقه من مضيفه إذا امتنع من حق الضيافة، يأخذ بقدر الضيافة. أما ما عدا ذلك فإن العلماء لم يجوزوا ذلك لأجل ألا يؤدي ذلك إلى الفوضى. ويشترط أن يرفع هذا الأمر إلى القاضي لكي يأخذ حقه منه، والله أعلم.

يعمل قاضيا في محكمة غير شرعية

يعمل قاضياً في محكمة غير شرعية المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 29/1/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أنا قاض، وفي بلادنا القانون على الأساس العلماني، وعندما أحكم لأحد الناس بحكم أعلم أنني منصف له على أساس القانون ومجحف بحقه شرعاً، ما حكم الشرع تجاهي فهل أنا ظالم أم ماذا؟. الجواب الحمد لله وحده وبعد: فالحكم بما يخالف الشرع وبغير ما أمر الله - تعالى - حرام مطلقاً، قال تعالى: "إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا" [النور:51] ، والحكم والتشريع حق خالص لله ليس لأحد سواه قال تعالى: "إن الحكم إلا لله" [يوسف:40] ، وقال: "أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا" [الأنعام:114] ، وقد رتب الله تعالى على من حكم بغير ما شرعه وعيداً عظيماً فقال: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيا شجر بينهم" [النساء:65] ، وقال: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة:44] وهذا الأمر من أصول الدين فإن معنى الإسلام هو التسليم التام لحكم الله وأمره، ولذا فإن من عمل في سلك القضاء وحكم بما يخالف الشرع فقد أخطأ وأساء وعرض نفسه للعقوبة وهو ظالم لا شك. والذي أنصح به أخي السائل الكريم أن يحكم بشرع الله ولو غضب من غضب، وليتذكر أن من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، وإلا فليترك عمله هذا والله كفيل له بالخير ومعوض له عما تركه لوجهه، وفق الله المسلمين لتطبيق الشرع والحكم به وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.

من ضوابط المحاماة

من ضوابط المحاماة المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 20/10/1426هـ السؤال هل يجوز الدفاع عن المتهم، وما هو المعيار الذي يعتمده المحا مي في تحديد أتعابه حتى لا يكون ممن يأكل أموال الناس بالباطل؟ خاصة أنه ملزم بإيجار المكتب، ودفع الضرائب، والاشتراكات في الضمان الاجتماعي وفي نقابة المحامين. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأما الشق الأول من السؤال، والذي تسأل فيه عن جواز الدفاع عن المتهم، فالجواب عن ذلك أن نقول: إن المتهم له أحوال متعددة، فيها ما يعود للمتهم، وفيها ما يعود للتهمة نفسها، وإليك بيان أحوال ذلك في التفصيل الآتي: الأول: أن يعلم من حال المتهم أنه بريء من التهمة الموجهة إليه، فلا شك في جواز الدفاع عنه مطلقاً بكافة الوسائل. ويجوز تلقينه الحجج الموجبة لإسقاط التهمة أو تخفيفها عنه؛ لأن ذلك من دفع الظلم عنه، وهو الواجب شرعاً على كل مستطيع. الثاني: أن تكون التهمة الموجهة إليه من حقوق الله تعالى الخالصة، وليس فيها اعتداء على أحد من المخلوقين، أو فيها اعتداء على الآخرين إلا أن صاحبه تنازل، والمتهم ليس مشهوراً بالإفساد، وليس من أصحاب السوابق، ولا يجاهر بفسقه، وضرره قاصر على نفسه، والجريمة لا تخل بالأمن العام، وليس فيها ترويع للآمنين، فهنا يستحب الستر عليه قبل وصول أمره للسلطان، ويجوز الدفاع عنه بعد ذلك، بل يشرع أن يلقن حجته ولو من القاضي، ويتأكد ذلك إذا ظهرت عليه علامات التوبة والندم. مثال ذلك مَنْ وُجِد قد شرب خمراً في مكان بعيد عن الأنظار وهو غير معروف بالفساد أو الإفساد ولم يحصل منه اعتداء على أحد. الثالث: أن يكون مرتكب الجريمة من المشهورين بالفسق أو الإفساد، أو يكون من أصحاب السوابق المتعددة ولا يتوب بعد كل مرة، أو المجاهرين بفسادهم وجرائمهم، فهنا لا يجوز الدفاع عنه، ويكره الستر عليه، ويجب رفع أمره إلى السلطان ليكف عن جرائمه وشره على نفسه وغيره، إلا إذا غلب على الظن أنه لم يرتكب هذه الجريمة بعينها المرفوعة عليه فيأخذ حكم الحال الأول. الرابع: أن يتعلق بالجريمة حق لأحد المخلوقين كجرائم الاعتداء على النفس أو ما دونها، وأولياء الدم أو المجني عليه ما زالوا يطالبون بحقهم، أو تكون الجريمة فيها إخلال بالأمن العام وترويع الآمنين، كالقتل غيلة، وجرائم السطو المسلح والاغتصاب والخطف والعمليات الإرهابية، فهنا يحرم الدفاع عنه أو تلقينه حجته لإيقاع أقصى العقوبات عليه مما لم يتحقق من براءته من هذه التهمة. أما ما يخص الشق الثاني من السؤال فالأصل في ذلك ما يتفق عليه الطرفان ما لم يحصل منه تغرير فاحش بالموكل، بأن يعقد معه بنسبة تزيد كثيراً عن المتعارف عليه لدى سائر المحامين، والموكل يجهل ذلك. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

تنازل الشريك فرفض أبناؤه

تنازل الشريك فرفض أبناؤه المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 12/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. تعاقد رجلان على شراكة في ميدان التجارة, وبعد مدة مرض أحدهما, فتنازل لصاحبه عن نصيبه من المال، وذلك للمودة التي كانت بينهما, ولكن أبناء هذا الرجل -يعني الذي تنازل- رفضوا هذا التنازل باعتبار أن المال حقٌ لهم, وادعوا أن الأب لم يتنازل, السؤال: ما حكم هذا المال؟ وهل يرد إلى شريكه المال باعتباره حقًا للأبناء؟ أم يمسكه باعتبار أن شريكه تنازل له عنه؟ أفتونا مأجورين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإذا كان الورثة ينكرون هذا التنازل فلا بد من إثباته بطريق من طرق الإثبات، إما بالشهادة، وإما بكتابة، أو غير ذلك، فإذا ثبت التنازل فلا بد من معرفة هذا المرض، فإن كان هذا المرض مرض وفاة، وكان الشريك غير وارث مع الورثة، فهذا التنازل وصية، فإن كان مال التنازل بمقدار ثلث التركة أو أقل نفذ، وإن كان أكثر من الثلث فينفذ قدر الثلث فقط، والباقي يتوقف على إجازة الورثة بعد موت المورث، فإن أجازوه نفذ وإلا فلا، وإن كان هذا الشريك وارثاً فلا يصح هذا التنازل، ويكون المال تركة، وإن كان هذا المرض عاديًّا لا يؤدي إلى الوفاة، والرجل الذي تنازل عن مال الشركة بقواه العقلية الكاملة، فالتنازل صحيح والمال كله للشريك. والله أعلم.

كيف أرفع العقوبة على المخالفين؟

كيف أرفَع العقوبة على المخالفين؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 25/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب أعمل ضابط ملازم في الشرطة ويحصل من بعض الشرطة الذي أنا مسؤول عنهم مخالفات فكيف السبيل إلى محاكمتهم مع عدم الظلم؟ علماً بأن نوع المخالفات غياب, هروب, تجاوز حد الرخصة، الكذب. ولا يوجد لدي محاكمات خاصة ولكن أملك الصلاحية بذلك وهي خصم وسجن وحجز إداري, تأنيب, تنبيه, توبيخ ,وأمر خدمة. كيف أوفق بين المخالفة والعقوبة من غير ظلم بشكل يؤدي إلى الانضباط وتعديل المعوج؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قبل المحاكمة ينبغي لك مناصحة المخطئ وتوجيهه بالأسلوب اللين والمناسب لقوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" [النحل: 125] مستصحباً دائماً الرفق واللين في معاملاتك مع كل الناس، وعاملهم بما تحب أن يعاملوك به، متذكراً حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به" رواه مسلم (1828) عن عائشة-رضي الله عنها-. وإذا لم ينفع النصح والتوجيه فلك أن تحاكمهم بالعدل والإنصاف بينهم وأن تتأول خطأ المخطئ التأول الحسن. يقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأحد عماله في الآفاق: "إنك إن تخطئ في العفو خير من أن تخطئ في العقوبة"، وليس عليك بعد ذلك -إذا لم تر بداً من العقوبة- أن توقع بعد المحاكمة العقوبة المناسبة بادئاً بالأخف ثم التي تليها وهكذا. لأنك إن فعلت ذلك صلح جندك ومن تحت ولايتك واستقامت أمورك وأمورهم إن شاء الله. والله أعلم.

شهادة الكافر على المسلم

شهادة الكافر على المسلم المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 15/7/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل تصح شهادة الكافر على المسلم، وكيف يكون الحال إذا كان المسلم قد تعدَّى على الكافر؟ وماذا إذا كان المسلم يمارس الغش والكذب ويؤذي أو يبهت الكافر؟ ألا يجوز للكافر الترافع في القضية؟ ألا ينصف بموجب الشرع؟. الجواب الحمد لله وحده. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم قبول شهادة غير المسلم على المسلم في الجملة، واختلفوا في مسائل منها: شهادة غير المسلم على المسلم في السفر: فذهب الحنابلة والظاهرية إلى قبولها؛ انظر المغني (14/170) ، المحرر (2/317) ، زاد المعاد (3/148) ، المحلى (9/409) ، وذهب الجمهور إلى عدم قبولها؛ انظر: المدونة (5/156) ، أحكام القرآن للشافعي (2/146) ، الذخيرة (10/224) ، تفسير ابن أبي حاتم (4/1230) ، الناسخ لابن النحاس (2/304) ، تفسير ابن كثير (3/211) ، تفسير ابن جرير (5/107) ، شرح مشكل الآثار (11/470) ، فتح الباري (5/483) ، الصاوي على الجلالين (2/245) ، شرح أدب القاضي للصدر الشهيد (4/254) ، تفسير الرازي (12/96) ، الفروق (4/86) ، تفسير القرطبي (6/350) ، أحكام القرآن للكيا (3/120) ، تفسير ابن عطية (2/251) ، تفسير البغوي (2/74) ، تفسير الماوردي (2/77) ، البحر المحيط لأبي حيان (4/393) ، الكشاف (1/650) تفسير البقاعي (6/330) تفسير الخازن (2/87) . واستدل من أجازها بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ" [المائدة:106] ، وقد قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: "أو آخران من غيركم من أهل الكتاب" رواه ابن أبي حاتم في التفسير (4/1229) ، رقم: (6934) ، وابن جرير في التفسير (5/106و 114) وانظر: معاني القرآن لابن النحاس (2/376) .

وعن عامر قال: "شهد رجلان من أهل دقوقاء على وصية مسلم، فاستحلفهما أبو موسى بعد العصر؛ بالله: ما اشترينا به ثمناً قليلاً، ولا كتمنا شهادة الله إنا إذاً لمن الآثمين، ثم قال: إن هذه القضية ما قضي بها منذ مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم. رواه ابن أبي شيبة (4/495) ، وعبد الرزاق (8/360) ، وأبو داود رقم: (3605) ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (11/462) ، والبيهقي (3/278) ، والحاكم (2/314) ، قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر عن إسناد أبي داود (رجاله ثقات) ا. هـ، فتح الباري (5/483) ، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "كان تميم الداري - قبل أن يسلم- وعدي بن بداء يختلفان إلى مكة بالتجارة، فخرج معهما رجل من بني سهم، فتوفي بأرض ليس فيها مسلم، فأوصى إليهما، فدفعا تركته إلى أهله، وحبسا جاما من فضة مخوَّصاً بالذهب، ففقده أولياؤه، فأتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلفهما: ما كتمنا، ولا أضعنا، ثم عرف الجام بمكة، فقالوا: اشتريناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أولياء السهمي، فحلفا بالله: إن هذا لجام السهمي، ولشهادتنا أحق من شهادتهما، وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين، فأخذ الجام، وفيهما نزلت هذه الآية" أخرجه البخاري مختصراً معلقاً في الوصايا باب قول الله - عز وجل-: "يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم" الآية رقم: (2780) (5/480) ، والترمذي رقم (3060) ، وأبو داود رقم (3606) ، وابن النحاس في الناسخ والمنسوخ (2/308) ، وصح عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه قال في هذه الآية: "هذا لمن مات وعنده المسلمون، فأمر الله أن يشهد في وصيته عدلين من المسلمين، ثم قال تعالى: "أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ" [المائدة: من الآية106] ، فهذا لمن مات وليس عنده أحد من المسلمين فأمر الله - عز وجل- أن يشهد رجلين من غير المسلمين، فإن ارتيب بشهادتهما استحلفا بعد الصلاة بالله: لا نشتري بشهادتنا ثمناً"رواه ابن جرير في تفسيره (5/110) ، وابن النحاس في الناسخ (2/302) ، رقم: (459) ، قال الحافظ ابن حجر عن إسناد الطبري (رجاله ثقات) ا. هـ، فتح الباري (5/483) ، وهذا أيضاً هو مذهب ابن مسعود وسعيد بن المسيب وشريح وعبيدة السلماني والنخعي وسعيد بن جبير، وغيرهم، وهو الصواب، وقد أفاض العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى- في تقرير ذلك في كتابه النافع (الطرق الحكمية) (153) ، وأجاب فيه عن حجج المخالفين. وكذلك من المسائل: أن المالكية قالوا: تجوز شهادة الطبيب الكافر حتى على المسلم للحاجة؛ انظر: المنتقى (5/213) ، الذخيرة (10/240) ، تبصرة الحكام (1/247و 2/12) ، التاج والإكليل (6/116) . والحنفية يجيزون شهادة الكفار في كل شيء بعضهم على بعض، وهو رواية عن الإمام أحمد؛ انظر: مختصر اختلاف العلماء (3/340) ، المبسوط (16/140) ، البحر الرائق (7/158) ، منحة الخالق (7/158) ، رؤوس المسائل (529) ، فتح القدير (7/416) ، شرح أدب القاضي للحسام الشهيد (614) .

قال ابن القيم - رحمه الله تعالى-: قال شيخنا - رحمه الله-: (وقول الإمام أحمد في قبول شهادتهم في هذا الموضع: هو ضرورة يقتضي هذا التعليل قبولها في كل ضرورة حضراً وسفراً) انظر: الطرق الحكمية (160) ، الاختيارات (359) ، الجامع للخلال (1/216) النكت على المحرر (2/277) . وأشير إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يتعدى على حقوق الآخرين ولو كانوا غير مسلمين، كما يحرم عليه الكذب والغش في المعاملة؛ قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" [التوبة:119] ، وقال عليه الصلاة والسلام: "من غش فليس منَّا" رواه مسلم (102) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. وغير المسلمين لا نضيع حقوقهم في بلاد المسلمين، بل حقهم محفوظ؛ فهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- يتخاصم هو ويهودي أمام القاضي شريح ويُحكم لليهودي، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" رواه أحمد (3/153) ، والشهاب (2/97) من حديث أنس - رضي الله عنه-، وقال عليه الصلاة والسلام: "ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس؛ فأنا حجيجه يوم القيامة" رواه أبو داود (3052) عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-. وأخيراً حفظ الحقوق ليست مقتصرة على الشهادة فقط؛ بل الشهادة طريق من طرق الحكم؛ قال ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (فطرق الحكم شيء، وطرق حفظ الحقوق شيء آخر، وليس بينهما تلازم، فتحفظ الحقوق بما لا يحكم به الحاكم مما يعلم صاحب الحق أنه يُحفظ به، ويحكم الحاكم بما لا يحفظ به صاحب الحق حقه، ولا خطر على باله: من نكول، ورد يمين، وغير ذلك) الطرق الحكمية (116) ، لذا ينبغي على الجميع خاصة في هذا الزمان أن يجتهدوا في حفظ حقهم بالوسائل المتيسرة. والله- تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقعت في الفاحشة فهل أسلم نفسي للقضاء؟

وقعتُ في الفاحشة فهل أُسَلّمُ نفسي للقضاء؟ المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 09/08/1426هـ السؤال تزوج والدي من فتاة شابة كثيرة الغزل، ومنذ أن تزوجها وأنا أخاف منها، وأحاول الابتعاد عنها، وذات مرة سافر والدي، وأوصاني بأن أقضي حوائج البيتين، وفي أحد الأيام وأنا جالس معها فوجئت بمصارحتها لي بمحبتها لي، حقيقة أنا لا أعلم ما حدث لي بعد ذلك، فبدأنا بالقبلات وانتهينا بالفاحشة، ثم واقعتها أكثر من مرة، ثم أنجبت ولداً شبيها بي أظن أنه مني، رغم إنكار أمه لذلك، وعندما استيقظت من هذه الغفلة لم أصدق ما حدث وكأني أحلم، فهل لي من توبة، أم أسلم نفسي للقضاء؟ علماً أني أتعذب ليلاً ونهاراً، ولا أصدق ما جرى، خصوصاً أني كنت أكره الزنى وأنهى عنه. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم لقد وقعت في ذنب كبير وجريمة عظيمة وفعلة شنيعة، حين زنيت وهتكت ما حرم الله عليك, ومما زاد جريمتك حرمة وفظاعة أنك وقعت على امرأة لا تحل لك إلى الأبد، وهي زوجة أبيك، قال تعالى: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً" [النساء:22] . ولذا فإن الصحيح أن فاعل ذلك يقتل مطلقاً، سواء كان محصناً أو غير محصن، وقد وصف الله -تعالى- هذه الجريمة في الآية بأنها فاحشة وأنها مقت، وهي البغض المقرون بالاستحقار؛ لأن فاعل ذلك في غاية الخزي والخسارة، وأنها ساء سبيلاً. فلا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. ومن أعظم الذنوب وأقبحها أن يضع الرجل نطفة في فرج لا يحل له. والله إن المرء ليخاف أن تحل بنا العقوبة العاجلة من الله تعالى بسبب هذه الأفعال البشعة، ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله من أن يزني عبده أو تزني أمته" أخرجه البخاري (1044) ومسلم (901) . وحُق لك يا أخي أن تندم وتمقت نفسك وتتألم مما فعلت، والواجب عليك الآن هو التوبة النصوح من هذا الذنب العظيم، ولا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمة الله، فإنه لا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون، قال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر:53] . وقال تعالى: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" [النساء: 110] . فالله -سبحانه وتعالى- يريد من عباده التوبة ويحب لهم ذلك ويفرح بتوبة عبده ويحبه، فبادر أخي بالتوبة النصوح المستوفية لشروطها من الندم على ما مضى، والإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العود إليه، وليس من شرط توبتك أن تسلم نفسك للقضاء، بل استتر بستر الله تعالى وأكثر من الصالحات وابتعد عن أسباب الفتنة.

وإنها لمناسبة لبيان خطر الخلوة المحرمة وعظم الفتنة بالنساء التي ما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- بعده فتنة أضر منها على الرجال. أخرجه البخاري (5096) ، ومسلم (2740) من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- ودليل كونك لا يجب عليك أن تسلم نفسك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أقر عنده ماعز الأسلمي بالزنا أعرض عنه ورده، وقال له: "ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه" أربع مرات، أخرجه البخاري (5271) ، ومسلم (1695) واللفظ له. وفي رواية في الموطأ، في باب ما جاء في الرجم (2) أنه جاء لأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- قبل مجيئه للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن الآخر زنى، فقال له أبو بكر وكذلك قال له عمر -رضي الله عنهما-: "تب إلى الله واستتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده" وفي السنن الكبرى للبيهقي (8/330) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال بعد أن رجم الأسلمي: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن أَلَمَّ فليستتر بستر الله -عز وجل- فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله". وأما ما أنجبته فليس لك ولو كان يشبهك؛ لأن المرأة زوجة لأبيك، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" أخرجه البخاري (6817) ، ومسلم (1457) من حديث عائشة -رضي الله عنها- والعاهر هو الزاني ليس له إلا الرمي بالحجارة لأنه معتد وظالم"، وإذا كان ولد الزنى ينسب لأمه ولو لم تكن ذات زوج، ولا ينسب للزاني، فكيف بالمرأة التي هي فراش الزوج، فينبغي لك أن تعرض عن هذا، وتقبل على نفسك وتتوب توبةً نصوحاً. أسأل الله -تعالى- أن يعافيك ويتوب عليك، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

لماذا تكون الملاعنة عند اتهام الزوجة بالزنا دون الزوج؟!

لماذا تكون الملاعنة عند اتهام الزوجة بالزنا دون الزوج؟! المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/القضاء التاريخ 26/12/1425هـ السؤال عندي سؤال عن الملاعنة بين الزوجين. فالرجل الذي يرى زوجته ترتكب فاحشة الزنى يقسم أربع مرات أنه شاهدها والخامسة تحل عليه لعنة الله إن كان كاذبا. لكن على فرض أن رجلا ملَّ من زوجته لأي سبب كان، ولنفترض أنه يتهمها بالزنى كذبا عليها. فيقسم أربع مرات بذلك. وبعد ذلك تصبح الزوجة أمام خيارين: الاعتراف الكاذب بالزنى وتواجه العقاب المحدد، أو تحلف هي أربع مرات وتطلق تلقائيا من زوجها وتلغى كافة حقوقها لديه. وهذا تهديد للزوجة بإمكانية حرمانها من حقوقها والتخلي عنها بدون دليل إدانة أو تعويض. ثم هل للزوجة حق مماثل إذا وجدت زوجها يزني؟ هل يجوز لها أن تقسم أربع مرات عليه بذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما افترضته - أخي الكريم- بعيد الوقوع؛ لأن الإقدام على الملاعنة عسير على النفس حتى على غير المتدين، إلا أن يدرأ عن نفسه حد زنى المحصن، وهو الرجم فتصور أن يقدم عليه الإنسان كاذباً، أما أن يقدم عليه الرجل وهو كاذب لأجل بعض الحقوق الدنيوية اليسيرة كنفقة أو مؤخر صداق، فهو بعيد الوقوع، وإن وقع فليس بظاهره، ثم من قال إن المرأة وحدها تغرم بسبب الملاعنة، بل الرجل يغرم، فإنه يخسر المهر الذي قدمه للمرأة، كما أن الولد الحاصل بينهما ينفى نسبه عن الملاعن إذا لاعن عليه، فالرجل غارم أيضاً، بالإضافة لما يلحقه في عرضه من نسبه، وربما يلحق عائلته، مما يجعل فكره أن الزوج يقدم بسهولة على الملاعنة لأجل التخلص من حقوق الزوجة ضعيف. وليس للزوجة أن تقسم أربع مرات إذا رأت زوجا يزني؛ لأن الملاعنة أصلاً إنما شرعت لأجل نفي الولد، وهذا أمر غير متصور في زنى الزوج. والله أعلم.

ـــــ العلم ـــــ

العلم

فضائل العلم وأهله

يقعون في أعراض طلبة العلم المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/فضائل العلم وأهله التاريخ 27/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. نحن مجموعة شباب، ولنا جلسة دعوية أسبوعية، وبحكمي أحد المشرفين على هذه الجلسة فإني أعاني بعض المشاكل من قبل الشباب، ولعل أبرزها اغتياب العلماء، وأنهم يكتمون العلم خوفاً من السلطان، بل إن أحدهم لعن أحد العلماء متأولا قول الله: "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات ... " الآية.. ونتج من هذا كثرة المراء والجدل فيما بينهم حتى أصبح الوضع مزرياً للغاية. أرجو منكم توجيهي لما ترونه أصلح في هذا الأمر، خاصة وأنه أصبح منتشراً بين الشباب المستقيمين. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا شك أن العلماء الربانيين العاملين لهم أعظم مكانة وأعلى مرتبة في ميزان الشريعة، ونصوص الوحيين الشريفين، قال تعالى: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"، وقال تعالى: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات"، وما ذلك إلا لفضل العلم وبالغ أثر العلماء في الأمة تعليماً وتوجيهاً وإرشاداً، ولا ريب أن اغتياب هؤلاء العلماء وتنقصهم، وتحقيرهم من أخطر الذنوب، وأكبر الرزايا، فإذا كان اغتياب آحاد الناس كبيرة من الكبائر فهي أكبر من ذلك بكثير إذا كانت في حق عالمٍ عاملٍ معظمٍ لله، والعلماء ليسوا معصومين، بل يصيبون ويخطئون، ويحفظون وينسون، ولا ينبغي تضخيم أخطائهم واستغلالها في التحقير والتهوين من شأنهم، بل يُلتمس لهم العذر ما أمكن سيما مع الاجتهاد والتحري، وعلى العلماء أن يتقوا الله ويراقبوه في فتاواهم وآرائهم، وأطروحاتهم، وتوجيهاتهم، طاعة لله أولاً، وصوناً لأعراضهم من الهمز واللمز ثانياً. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الطريقة المثلى لطلب العلم

البرنامج التعليمي لطالب العلم المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ العلم/الطريقة المثلى لطلب العلم التاريخ 6/4/1423 السؤال بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبعد: اتفقت فيما بيني وبين إخواني أن ندرس مادة علمية كل أربعة أشهر، بحيث نصبح محيطين بهذه المادة، أو من الراسخين فيها، فهل هذا الأمر صواب؟ وهل لديكم خطة لتنفيذه؟ ولكن أرجو عند النصح بالخطة أن يكون لكل المواد الشرعية بالتفصيل، وكذلك مواد الأدوات، وخاصة النحو والأصول، حيث نوينا أن نبدأ بهما، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: أخي السائل إن ما عزمت عليه من الاتفاق بينك وبين إخوانك إنما هو من دلائل الخير لكم، واعلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد قال:"من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" البخاري (71) ومسلم (1037) ، وما ذكرته في سبيل التفقه في الدين، فأسأل الله -سبحانه وتعالى- لك ولإخوانك التوفيق والسداد، وفيما يتعلق بالكيفية فاعلم أنه لا حاجة لتحديد كل مادة علمية بأربعة أشهر، بل يمكن الجمع في المدة الواحدة بين نوعين أو ثلاثة من العلوم، وإذا رأيتم أنكم أخذتم القدر الكافي من نوع من العلوم تنتقلون إلى نوع آخر، ومن المهم في هذه المرحلة (مرحلة البداية في الطلب) : أن يكون طلبكم على يد شيخ ممن يوثق بعلمه وعمله؛ لأنه من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه، وأما من حيث نوعية العلوم فلا بد من الاهتمام بكتاب الله -سبحانه وتعالى- قراءة وتفسيراً وحفظاً ومراجعة، فليكن من قبيل الاتفاق بينك وبين إخوانك الاتفاق على حفظ القرآن ومراجعته والقراءة في تفسيره، وأما الكتاب الذي أوصيكم بالقراءة فيه في هذا الجانب هو كتاب (تفسير ابن كثير) -رحمه الله-، ويكون مع هذا القراءة في شيء من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وينصح بالبداية في (مختصر صحيح مسلم) مع الرجوع إلى شروح بعض الأحاديث من (شرح النووي على صحيح مسلم) ، وفي العقيدة يمكنكم القراءة في كتاب (الإيمان من صحيح البخاري) أو من (صحيح مسلم) ، وكذلك كتاب (التوحيد من صحيح البخاري) ، أو في (العقيدة الطحاوية) للإمام الطحاوي -رحمه الله-، وفي الفقه يمكنكم القراءة في (بلوغ المرام من أدلة الأحكام) لابن حجر العسقلاني، أو في (العدة شرح العمدة) لابن قدامة، أو في (فقه السنة) للسيد سابق، وفي السيرة يمكنكم القراءة في (السيرة النبوية) لأبي الحسن الندوي. وفي الختام أسأل الله -سبحانه وتعالى- لكم العلم النافع والعمل الصالح.

ليس عندنا علماء فكيف أطلب العلم؟

ليس عندنا علماء فكيف أطلب العلم؟ المجيب عبد الله بن عبد الوهاب بن سردار خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ العلم/الطريقة المثلى لطلب العلم التاريخ 7/5/1423 السؤال أردت أن أطلب العلم, وقرأت أن العلم لا يطلب إلا عند المشايخ، لكن لا يوجد في منطقتنا أي شيخ أستطيع أن أطلب عنده، فما الحل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ابني السائل حفظك الله ورعاك، كم سرني حرصك على طلب العلم في الصغر، وأنا أشد على يديك وأدعوك لبذل الجهد المضاعف والصبر على مواصلة طلب العلم، وأذكرك بالإخلاص والحذر من الرياء، كما أحذرك من الإعجاب بالنفس، جعلك الله من الصالحين العالمين العاملين. الجواب: لا شك أن أخذ العلم من أفواه المشايخ هو أساس تعلم العلوم، والطالب في أول أمره ينبغي أن يجالس العلماء ويأخذ عنهم حتى يتم أخذ أصول العلم، فهل تستطيع أن ترحل في طلب العلم إلى بلدة قريبة لمدة مناسبة تدرس فيها أصول العلم على يدي شيخ معروف وموثوق بعلمه، ثم تعود إلى بلدك فتواصل التعلم عن طريق قراءة الكتب مع مراجعة المشايخ كلما تيسر ذلك؟ فإن لم تستطع ذلك فعليك بما يلي: 1- احصل على أشرطة دروس العلماء والمشايخ، وتابع معهم واحفظ العلم وافهمه. 2- كن على تواصل دائم مع المشايخ عن طريق الاتصال الهاتفي أو البريد الإلكتروني وكن على صلة بمواقع الإنترنت التي فيها دروس علمية للعلماء والمشايخ المعروفين. 3- عليك بقراءة الكتب، لكن ابدأ بالكتب المختصرة والسهلة والأساسية بعد أن تستشير عالماً أو طالب علم قدير، والله أعلم.

ماذا أقرأ؟

ماذا أقرأ؟ المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء التصنيف الفهرسة/ العلم/الطريقة المثلى لطلب العلم التاريخ 15/11/1423هـ السؤال أنا طالب جامعي - ولله الحمد- مَنَّ الله عليّ بمنة الالتزام ولكني غالباً ما أكون مشغولاً جداً في مذاكرتي حيث أن مجال عملي يتطلب ذلك، أرجو أن تخبروني بأسماء الكتب التي لا بد لي من قراءتها والأشياء التي لا بد من معرفتها لكي أنجو من عذاب يوم القيامة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فإن ما يجب عليك شرعاً معرفته هو عقيدتك وفقه نفسك، فاقرأ القرآن الكريم، وتدبر معانيه عن طريق التفاسير الموثوقة مثل تفسير ابن كثير وابن سعدي، واقرأ في العقيدة مثل شرح لمعة الاعتقاد للشيخ محمد بن عثيمين واقرأ في فقه الأحكام ما يتصل بالصلاة والزكاة والحج وسائر العبادات التي تتعامل معها وتتصل بوضعك الشخصي وعليك في هذا بكتب الفتاوى للمشايخ المعتبرين فهي أيسر من غيرها. وأنسب لوضعك ما دمت مشغولاً كما تقول، وعليك بكتب الفقه الميسرة دون أن أحدد لك شيئاً منها ثم اقرأ في كتب الوعظ فإنها ترقق القلوب، وتعين على الثبات على الهداية بإذن الله. ثبتنا الله وإياك وصلى الله على سيدنا محمد.

منهج في طلب العلم

منهج في طلب العلم المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/الطريقة المثلى لطلب العلم التاريخ 16/1/1423 السؤال يا شيخ أريد أن أطلب العلم، وبدأت أنتهي من حفظ كتاب الله فبماذا تنصحونني؟ الجواب بما أنك توشك أن تحفظ المصدر الأول للعلم فأنصحك أن تحفظ ما أمكنك من المصدر الثاني وهو الحديث الشريف، فإن كل حافظ إمام؛ لأن أكثر علم الشريعة -العقيدة والعبادة وقسماً كبيراً من المعاملة- ينال بالحفظ، وليكن أول ما تبدأ به الصحيحان -إن أطقت-؛ فإنهما أصح الكتب بعد القرآن الكريم، ثم إن استطعت فاجمع إليهما الأحاديث الصحيحة عند غيرهما، خاصة المسند والكتب الأربعة، كما وفق إلى ذلك بعض طلبة العلم في هذا العصر، وإن ضعفت عن ذلك فاحفظ أحاديث الأحكام، كعمدة الأحكام لعبد الغني المقدسي، ثم بلوغ المرام لابن حجر، وفيهما علم كثير، وخير عميم، واغتنم فراغك وصغر سنك في الحفظ، فإنك ربما لا تستطيع الحفظ بعد ذلك. واعلم بأن مجرد الحفظ لا يؤهلك للفتيا، ولا للتصدر، حتى تدرس الأصول، والفروع، وتعرف في كل مسألة تفتي فيها خلاف أهل العلم، وتتمكن من الموازنة بين الأقوال، وتعرف الناسخ والمنسوخ، ولن يعسر عليك ذلك، إن صبرت، ولم تعجل، والله أعلم.

التعليم الإسلامي، تخصص أم ضوابط؟

التعليم الإسلامي، تخصص أم ضوابط؟ المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/الطريقة المثلى لطلب العلم التاريخ 8/3/1425هـ السؤال ما هو التعريف المحدد للتعليم الإسلامي، عندما نتكلم عن تعليم الأطفال في مدرسة إسلامية؟ ما هي العناصر الأساسية التي ينبغي تواجدها؟ وكيف ترتبط بالجودة الأكاديمية؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم التعليم الإسلامي يمكن أن يقصد به أحد المفاهيم التالية: 1- التعليم الديني الذي يتعلم الفرد من خلاله المعارف الدينية أي العلوم الشرعية بدءاً بالقرآن الكريم، وتعلم أحكام العبادات من الطهارة والصلاة والزكاة، والصوم، والحج، وغير ذلك من أحكام الطعام والشراب، واللباس والعلاقات الأسرية، والمعاملات، والجنايات، والمواريث، ونحوها من خلال القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وما كتبه علماء الإسلام، فهذا هو التعليم الديني والشرعي، وقد يقصد بالتعليم الإسلامي: 2- التعليم العام الذي يلتزم فيه المتعلم والمعلم، والمدرسة، والمنهج، بضوابط الإسلام، فهو تعليم عام يتعلم فيه الطالب ما يهمه من علوم كالقراءة والرياضيات، والعلوم الأخرى، ويكون للدين فيه نصيب بمقررات خاصة تعلم الضروري من أحكام الدين وآدابه، ولا يكون في مقررات هذا التعليم ما يناقض أصلاً من أصول الإسلام يدرس على سبيل الإقرار به كحقيقة، أو كسلوك محبب، ومثاله: ألا تتضمن دروس الأحياء القول بأن الطبيعة هي الخالق أو أن تتضمن دروس السلوك تحبيذ الأكل بالشمال أو تحبيذ العلاقة بين الجنسين قبل الزواج. هذه بضع التصورات المبدئية، ويمكنك زيارة موقع المربي؛ لمزيد من الفائدة (ww.almurappi) . والله أعلم.

ما الذي يجب على المرأة تعلمه

ما الذي يجب على المرأة تعلمه المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/ العلم/الطريقة المثلى لطلب العلم التاريخ 30/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي العلوم الشرعية التي يجب على المرأة أن تتعلمها؟ وما هي العلوم الشرعية المستحبة؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فإن كل أمر جاء به الشارع الحكيم حثًا على تعلم العلم هو عام للذكور والإناث، ومن ذلك ما أخرجه ابن ماجة (224) بسند حسن: "طلب العلم فريضة على كل مسلم". إلا أن المرأة قد تختص بأمور يجب عليها تعلمها بحكم طبيعتها التي تخالف فيها الرجل. وعلى هذا فنقول: يجب على كل مسلم مكلف أن يتعلم الأمور الضرورية التي لا يمكن له أن يعبد ربه إلا بعد معرفتها. ومن ذلك أحكام الطهارة والصلاة، وأحكام الزكاة لمن كان عنده مال وأحكام الصيام، والحج لمن أراد الحج، وهكذا. وتختص المرأة بوجوب معرفة أحكام الحيض والنفاس. أما العلوم المستحب تعلمها فإن الاشتغال بالقرآن تعلماً وتدبراً وحفظاً، ومعرفة سنة الحبيب - صلى الله عليه وسلم- من أفضل الأعمال. فيقرأ المسلم في تفسير القرآن مثلاً تفسير ابن كثير أو تفسير ابن سعدي، أو فتح القدير للشوكاني، وفي الحديث كتاب النووي رياض الصالحين وشرحه للعلامة ابن عثيمين، وبلوغ المرام وشرحه، والأربعين النووية وشرحها، ويقرأ في كتب الإمام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة, وكذا كتب ابن عثيمين والعلامة ابن باز والشيخ الفوزان، ويقرأ في الأخلاق والسلوك كتب العلامة ابن القيم، ثم إن هناك العديد من الكتب التي بينت طرق طلب العلم والكتب المفيدة يحسن الرجوع إليها. والله أعلم.

صفات وآداب العالم والمتعلم

التقويم السنوي لأداء المعلم المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني المدرس بمدارس رياض الصالحين التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 22/6/1424هـ السؤال نحن المدرسين يكون تقييمنا السنوي لأداء العمل مقترن بنتائج الطلبة مع إحساسنا ببذل مجهود عال، ولكن لأن الطالب لا يبذل جهداً مقنعاً فتأتي النتائج مخيبة للآمال، فهل شرعا نحن نجازى على عطائنا وبذلنا أم على نتائج الطلبة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله. لا شك أن الله تعالى لا يضيع عمل عامل، صغر العمل أو كبر، فهو سبحانه، صاحب العدل المطلق الذي لا ظلم فيه بوجه، وعليه فإنك يا أخي مجزي عند الله بما تبذله لا بما يظهر من نتائج، لكن هذا عند الله لأنه يعلم عملك وجهدك الذي تبذله. لكن البشر لهم تقييم آخر، قد لا ينصف أحياناً، فكيف لمديرك وهو بشر أن يعلم جهدك كله، وما تبذله من وقت وربما مال، هذه هي طبيعة البشر، لا سيما في ظل أنظمة قد لا تعطي صاحب الحق حقه كاملاً، وعليه لا تجزع ولا تحزن يا أخي، فأنت مطلوب منك أداء ما ترى أنه أداء للواجب الذي عليك، وما زدت من عندك فهو خير لك عند الله، ثم إني أوصيك يا معلم الناس الخير أن تكون نيتك خالصة لوجه الله، فإن النية تعظم العمل الصغير، وتحقر العظيم، وأنت على ثغر عظيم، فالله الله أن يؤتى المسلمون من قبلك.

طلب العلم لأجل الشهادة

طلب العلم لأجل الشهادة المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 30/3/1425هـ السؤال ما جواب السادة العلماء في أن يطلب الشخص في طلبه العلم إجازة أو شهادة ليصل إلى أغراضه فأيهما خير في أن يطلبها أم يتركها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد: طلب العلم الشرعي من الأمور التي حث عليها الإسلام وشدد على المسلمين في طلبها ورغبهم في ذلك، حيث جعل درجة طالب العلم بدرجة المجاهد الشهيد، إن كانت نية طالب العلم لله عز وجل، حيث يطلب العلم خدمة لدين الله تعالى وللمسلمين، وأن تكون هذه خالصة لله تعالى ليترتب عليها الأجر والثواب الدائم المستمر طيلة حياته وربما من بعده، إن ترك كتباً وغيرها مما يستفيد منه الناس من بعد وفاته. ومن طلب العلم للحصول على الشهادة أو أمر الرزق، أو غير ذلك من الأمور الدنيوية فله أن يغير نيته بأن يكون طلبه لله عز وجل، فعندها يتحقق له الجمع بين الأمور الدنيوية والأخروية، هذا والله أعلم بالصواب.

نقل الواجبات المدرسية من الزملاء

نقل الواجبات المدرسية من الزملاء المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 20/12/1422 السؤال بالنسبة للواجبات المدرسية إذا نقلتها من آخر تعد سرقة لجهد بعض الطلاب وتكون حراماً؟ الجواب الحمد لله، وبعد: فمن المعلوم أن الواجبات المدرسية هي لربط الطالب بالمادة العلمية، وتعويده على الجدّ والاستذكار، وتمييز الحريصين من الطلبة عن غيرهم، ولا شك أن نقل تلك الواجبات من كراسات بعض الطلاب، وإيهام مدرس المادة بأن ما نقلته هو جهدك الشخصي، وانتاجك الذاتي كذب وغش، وقد صحَّ عنه - عليه السلام - من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال:" ... ومن غشنا فليس منا " أخرجه مسلم (101) وغيره. فأوصيك أيها الأخ المبارك أن تعتمد على نفسك بعد الله - تعالى -، وأن تعوّد نفسك على أداء واجباتك بجهدك الذاتي، وأن تجعل الصدق نصب عينيك في سائر أمورك الحياتية، كما أنصحك ونفسي بأن نحرص على أدائنا للواجبات الدينية الشرعية، وعلى رأسها الصلاة مع الجماعة، كحرصنا أو أشد على الواجبات المدرسية، والله يحفظك ويرعاك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الغياب عن المحاضرات

الغياب عن المحاضرات المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 06/08/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نرجو من فضيلتكم أن تبينوا الحكم في ما يلي للأهمية: نحن طلاب الجامعات، لدينا معدل غياب لكل مادة، بحيث يمكننا الغياب دون أن يستطيع أحد أن يحاسبنا، وتبعًا لذلك فإننا قد نحضر للجامعات، ولكننا لا ندخل المحاضرات لأي سبب كان، فهل هناك حكم شرعي في ذلك؟ مع العلم أننا إذا لم نحضر لمرض، فيمكننا إحضار تقرير طبي يثبت ذلك، فلا يحتسب لنا الغياب، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فالأصل في المسلم بعامة والطالب بخاصة الجد في الطلب، والتحصيل العلمي، واستغلال مرحلة الطلب في تحصيل العلم، وأن يكون الطالب متأدباً بآداب طالب العلم، ومنها الحرص على التحصيل والاستفادة المثلى من الأساتذة وقت الدراسة، وبناء على ذلك فلا ينبغي للطالب أن يفرط في أي لحظة من لحظات تحصيله العلمي، وأن يكون جاداً في الطلب، وكون الجامعات أعطت الطلاب نسبة للغياب فينبغي للطالب أن يجعلها للأمور الضرورية، فما معنى أن يحضر الطالب للكلية، ولا يدخل القاعة؟! إن هذا ضرب من العبث والإخلال بأنظمة الدراسة وسيرها، فلا ينبغي له أن يفعله. وبالله التوفيق.

هل يكمل الدراسة بالجامعة المختلطة؟

هل يكمل الدراسة بالجامعة المختلطة؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 10/1/1425هـ السؤال أنا طالب أنهيت المرحلة الثانوية، فأرسلني الوالد خارج البلاد لأجل الدراسة، فأولاً: اكتشفت أنَّ الجامعة بها اختلاط، ثم هم لا يقبلون إلا من قد أخذ سنة إجازة في البيت، فقال لي الوالد: أدخل معهد لتتقوى في اللغة الإنجليزية، فَبَحَث عن أفضل معهد في المدينة ثم أدخلني فيه، ثم تفاجأت بأنه مختلط، وأن النساء لا يلتزمن بالحجاب الإسلامي البتة داخل المعهد، فترى كامل زينتهن ليس جميعهن، ولكن أغلبهن، فما رأي الشرع في أن أكمل الدراسة في المعهد وفي الجامعة أيضاً؟. الجواب يبدو لي أنك في بلدٍ يعيش حياة الاختلاط في أكثر شئونه في السوق، والعمل، والمدرسة، فهو شر لا بد منه، فعليك أن تتقي الله، وتغض بصرك عن محارم الله، وعدم الحديث مع النساء إلا في حاجة ماسة؛ فإن المرأة كلها عورة، اللهم إن كان ثمة مدارس أو جامعات ليس فيها اختلاط، فيتعين عليك والحالة هذه الدراسة فيها حتى لا تتعرض للفتنة فضلاً عن أن تقع فيها.

طاعة مدرس القرآن

طاعة مدرس القرآن المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 24/11/1423هـ السؤال ما حكم طاعة مدرس حلقة القرآن فيما يأمر به سواء داخل المدينة أو في السفر؟ مع توضيح الأدلة النقلية والعقلية، وفقكم الله لمرضاته وأجزل لكم الأجر. الجواب الأخ العزيز السلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد: فإن أي تجمع بشري يقوم على أُسسٍ الغرض منها تحصيل منفعة للطرفين أو لأحدهما، وحيث إن تعليم القرآن من أجلّ القربات وأعلى الغايات فمدرس القرآن يسعى جهده لحفظ طلابه مما قد يتنافى مع القرآن وما يأمر به، فالقصد والغاية التي يسعى إليها المعلم ليس فرض السيطرة على الطالب ولا سلب حريته وإنما حفظه مما قد يضره وهو لا يشعر، وأنت عليم بأن هذه الأوامر من المدرس هي من باب رعاية المربي لمن تحت يده، والواجب في الشرع مدرك هو طاعة الله سبحانه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر من العلماء والأمراء ما لم يأمروا بما يخالف الشرع، والأمير الذي ينصبه الجماعة في السفر محدود الزمان، والقصد ضبط أمور المسافرين، والوالدان ممن تجب طاعتهم في غير معصية وحقهم واجب وحتم سدد الله الخطى وبصر بالهدى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تلقيب العالم بالوالد

تلقيب العالم بالوالد المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 10/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اشتهر في الوقت الحالي إطلاق لقب والد على علماء الدين الإسلامي كبار السن والعلم والمقام، فهل إطلاق هذا اللفظ يجوز؟ مع ملاحظة الآتي: أن النصارى يطلقون لفظ البابا على علمائهم الكبار في العلم والمقام. لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو الصحابة أو التابعين أو السلف إطلاق لفظ الوالد الأب على العلماء. لو كان لأحد أن يلقب بالوالد، لما كان أحد أحق بها من رسول الله -عليه الصلاة والسلام- الذي قال ربنا فيه: "ما كان محمدٌ أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين". الجواب الحمد لله، لا نعلم أن أحداً من العلماء قد صار لفظ الوالد لقباً له، لكن جرت العادة في بعض المجتمعات أن يعبروا عن كبير السن بالوالد سواء كان عالماً أو غير عالم، فيذكر هذا اللفظ في مخاطبته يقال: يا والدي أو يا والد أو في الخبر عنه. فلم يصل الأمر إلى أن يكون فيه شبه من المصطلح النصراني، فالنصارى يجعلون ذلك لقباً لكبير أهل ملتهم، وأما قولك إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع علو قدره وفضله وعظيم حقه على أمته ليس أباً استدلالاً بقوله تعالى:"ما كان محمد أبا أحد من رجالكم" [الأحزاب: 40] فالأبوة المنفية هي أبوة النسب، وأما الأبوة أبوة المنزلة والاحترام فهي ثابتة له -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في بعض القراءات "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أبٌ لهم" [الأحزاب: 6] ، فهذه الأبوة والأمومة أبوة منزلة واحترام وإكرام، ولقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"إنما أنا لكم بمنزلة الوالد" أبو داود (8) وهو فوق ذلك -صلى الله عليه وسلم- فحقه على أمته أعظم من حق الوالدين وجميع الناس كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" البخاري (14) ، ومسلم (44) والله أعلم.

دراسة المسلمة في الكليات الطبية الغربية المختلطة

دراسة المسلمة في الكليات الطبية الغربية المختلطة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 03/07/1426هـ السؤال أنا طالبة مقيمة في كندا مع والدي، وبعض الناس نصحوني أن أكمل دراستي، وأدخل طب أسنان، ويقولون: إن فيها خدمة لنساء المسلمين، أما أنا فإنني لا أحب الاختلاط والحديث مع الرجال الأجانب، وأعلم أن الحياء وعدم الاختلاط بالرجال من أخلاق وصفات المرأة المسلمة، فهل يحل لي أن أختلط مع الرجال من أجل مراعاة مصلحة عامة وهي استغناء المريضات عن التكشف للأطباء الرجال؟ ثم إن بعض الناس يقولون لي: إن طب الأسنان لا يوجد في دراسته اختلاط كما يوجد في الطب البشري، وأنا فعلاً محتارة، لأنني عندما كنت أحضر شهادة في علوم الأحياء والكيمياء في الجامعة كان عدد الطالبات 70-80% وعدد الطلاب 20-30% فقط، فهل عدم دخولي كلية طب الأسنان فيه نوع من الغلو في الدين والتشدد المنهي عنه؟ أرجو نصحي وإفادتي، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن عدم دخولك كلية طب الأسنان ليس من الغلو في الدين في شيء بل هو ورع تؤجر عليه المرأة، ولكن لا يعني أنه هو الفعل الأَوْلى، والأصلح، وفي تقديري أن المسألة لا يمكن أن يكون لها حكم واحد في كل وقائعها وصورها وأحوالها، فالأمر يختلف اعتباراً باختلاف تديّن المرأة واختلاف طبيعة الاختلاط ودرجته، واختلاف البلدان ونُظُمها، فبعض الكليات يكون الاختلاط فيها بمقدار يسير منضبط مراقب أشبه ما يكون بالاختلاط في الطرق والأماكن العامة، فيكون الاختلاط فيها أهون بكثير من كليات أخرى. وبعض البلدان لديها من الأنظمة والعقوبات الصارمة ما يزجر الشباب عن التعرض للنساء وابتزازهن ومضايقتهن، على عكس بعض البلدان الأخرى التي تتساهل في تطبيق العقوبات، فلا ينزجر الشباب عن مضايقة النساء. لست أريد بهذه المقارنة أن أهون من شأن الاختلاط المحرم، لكني أريد أن أبين أن المسألة ليس فيها حكم قاطع مضطرد في جميع الأحوال. فهذه السائلة تعيش في كندا مع أهلها، وتريد أن تنفع بنات جنسها في مجال لا تزال الحاجة فيه ماسة إلى من تقوم بأمره من النساء الثقات المأمونات. وظاهرٌ من سؤالك -أختي السائلة- أنك متدينة محافظة متحرّزة من مخالطة الرجال ومحادثتهم قدر الإمكان، فلا عليك من بأس -إن شاء الله- أن تلتحقي بتلك الكلية، على أن تكون نيتك سد ثغر بلدك الذي ما زالت النساء فيه بحاجة إلى متخصصات ثقات مأمونات تغنيهن عن التكشف للأطباء الرجال، وعليك أن تحرصي أشد الحرص على الابتعاد عن الجلوس بمقربة من الرجال، أو الترخص بالحديث معهم في غير حاجة فضلاً عن التساهل بتوثيق العلاقة بأحدهم، أو الخلوة برجل لا يحل لك، وأن تشعري مع هذا كله أن دراستك في تلك الكلية حالة خاصة اقتضتها الحاجة ومراعاة المصلحة الراجحة، وإلا ففيها بعض المفاسد عسى الله أن يعينك على درئها والتحرز منها، وفقك الله لكل خير.

حدود أسئلة المتعلم

حدود أسئلة المتعلم المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 26/7/1424هـ السؤال قال تعالى: "لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ" متى يجب عليَّ السؤال ومتى يكون الأفضل أن لا أسأل؟. الجواب الحمد لله وبعد: أخي في الله، سلام الله عليك ورحمته وبركاته وبعد: يجب عليك -بارك الله فيك- أن تسأل عما ينفعك في دينك من الفرائض والواجبات، كأن تسأل عن كيفية الصلاة وشروطها وواجباتها، ومبطلاتها، وتسأل عن أحكام الصيام أو الحج والعمرة، أو عن شروط الزكاة إذا كنت من أهل الوجوب وغير ذلك من الواجبات. وأما المنع الوارد في الآية التي ذكرتها فهذا خاص بالسؤال عما لا ينفع سيما إبان نزول الوحي آنذاك، وكذا السؤال على سبيل التعنت، كمن يسأل لم الظهر أربع ركعات، ولم المغرب ثلاثاً؟. أو من يسأل لم تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة؟ ونحوها مما لا طائل من ورائه. وفقك الله لما يحب ويرضى والسلام عليك.

إذا قدم عالم على بلد آخر فهل يفتيهم من مذهبهم

إذا قدم عالِم على بلد آخر فهل يفتيهم من مذهبهم المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 27/10/1424هـ السؤال كيف يتصرف العالم إذا قدم على مجتمع يختلف عنه في المذهب؟ والبلد الذي قدم إليها العالم مليئة بالعلماء، ومذهب أهل البلد ومذهب العالم معروفان على مستوى العالم الإسلامي، ما هو التصرف السليم لهذا العالم؟ (1) هل يقلد أهل البلد؟ (2) هل يصر على مذهبه؟ (3) هل يتنازل عن مذهبه؟ (4) هل يتجاهل مذهب أهل البلد وهو يؤمهم في صلاتهم؟ (5) هل يعرض مذهبه على المجتمع ويفتح معه صراعاً مذهبياً؟ (6) هل يعتذر عن المبادرات الخيرية بحجة اختلاف مذهبه؟ (7) هل يجامل أهل البلد إذا كان يخشى رد فعلهم؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أنه إذا كان العالم مجتهداً فعليه أن يتبع ما صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه هو وحده الذي أمرنا باتباعه وطاعته وهو - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، هذا ولا يلزم هذا العالم المجتهد اتباع مذهب معين، بل عليه أن يتبع الدليل، ويعمل به، ويبين لمن يُعلمهم أو يؤمهم في الصلاة أن الذي فعله هو ما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أمرنا باتباعه. هذا وأئمة المذاهب - رحمهم الله - كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد كل منهم يقول: إذا صح الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مذهبي، واضربوا بقولي الحائط وبعضهم ينهى عن تقليده ويقول: خذوا من حيث أخذنا. أما إذا كان العالم مقلداً غير مجتهد فعليه أن يتبع من الأئمة ما يرى أنَّ الصواب معه، أو أنه أقرب إلى الأخذ بالسنة، ويبين لمن يعلمهم أو يؤمهم وجهة نظره في كونه اختار هذا المذهب دون غيره، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

الدروس الخصوصية

الدروس الخصوصية المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم التاريخ 01/05/1426هـ السؤال هل الدروس الخصوصية للطالب الضعيف علميًّا، وباختيار الطالب للمعلم، سواء كان بفصله في المدرسة أو من مدرسة أخرى، ودون أي ضغط عليه حرام شرعاً؟ وما حكم المال الذي أكتسب من هذا العمل؟ أرجو الإفادة، وجزاكم الله عنا خيراً. الجواب يجب على المعلم والموظف أن يتقيا الله في عملهما، ويقطعا كل سبيل يؤدي بهما إلى الحرام، وما تفعله من تدريس بعض طلبتك، أو طلبة من مدرستك هو أحد السبل التي توقعك في الحرام، لأن نجاح هذا الطالب في الامتحان معناه جدارتك بالتدريس، وسبيل إلى الدعاية إلى مزيد من الدروس الخصوصية التي تسعى لأجلها، وعلى هذا ستجد نفسك منساقاً إلى التركيز على الدروس التي تكون منها أسئلة الامتحان، وقد يدفع بك الشيطان في لحظة ضعف إلى إعانة الطالب في قاعة الامتحان وربما في التصحيح، وأما تدريس الطلبة من غير مدرستك فأرجو ألا بأس به، إذ هو أجر على عمل تؤديه لا شبهة عليك فيه.

آفات المتعلمين

الدراسة في قسم الآثار المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العلم/آفات المتعلمين التاريخ 17/11/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما حكم الدراسة في قسم الآثار بما يحتوي ذلك من اختلاط بين الجنسين بل والسفر مع البعض, وكذلك ما فيها من نبش للقبور ودعم للسياحة التي تجلب الفساد والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب إذا أمكن للدارس أن يتجه إلى تخصص آخر فهو الأولى. وإن لم واستطاع أن يدرس ويحافظ على دينه فلا بأس؛ لأن الحاجة قائمة أن يكون في كل تخصص أناس صالحون لعلهم يصلحون على المدى البعيد مسيرة هذه الأقسام والله المستعان.

تعامل المعلمة مع الفتيات المراهقات

تعامل المعلّمة مع الفتيات المراهقات المجيب عادل بن عبد الله بن أحمد العبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/آفات المتعلمين التاريخ 7/11/1424هـ السؤال أنا مُدِّرسة بالمرحلة الثانوية، أشكو من عدم القدرة على التعامل مع الطالبات، على الرغم من خبرتي الكبيرة في التعليم، وعدم جذب الانتباه والسيطرة عليهن، وأستخدم العنف فقط لحل المشاكل التربوية وشقاوتهن أحياناً، وأشعر بفجوة بيني وبينهن. أرجو إفادتي بالأساليب التربوية الصحيحة للتعامل مع الفتيات في هذه السن، ولكم الشكر والتقدير على هذا الباب وغيره وأعانكم الله. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فاعلمي أنك على ثغرة هامة جداً، فأنت على وظيفة الأنبياء والرسل، وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: ذُكِر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلان أحدهما عابد والآخر عالم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير" رواه الترمذي (2685) وغيره، فاحتسبي، وتحمّلي تؤجري، أما عن مسألتك فجوابي من شقين: الأول: لا بد من أسباب للعنف والشدَّة والغلظة، فإن كانت عائلية خاصة، فاتركيها في البيت، ولا تأخذيها إلى المدرسة، وعيشي في المدرسة جوها العلمي الجميل، وإن كانت الغلظة طبعاً فيك فلتتخلصي منها بقدر ما يعينك الله، واستعيني بعد الله بالمختصين، فلن يصلح معلماًً إلا من كان حكيماً حليماً عالماً!! وخصوصاً في هذا الزمن. الثاني: أختي الفاضلة: لسد الفجوة وجذب الانتباه أرجو اتباع الآتي: (1) اضرعي إلى الله، وسليه الإعانة والسداد في قدر تدريسك وتعليمك، فالتوفيق بيد الله -تعالى-. (2) عليك بالابتسامة المنضبطة ولو تصنعاً بدايةً، حتى تألفيها فتكون عادتك المطردة. (3) التحضير الجيد للدرس يعطي المعلمة ثقة في نفسها، وإقبالاً من طالباتها، وتنتهي براحة نفسية وجودة في العطاء فتنبهي. (4) دوماً وأبداً استخدمي مبدأ المكافأة للتحفيز، ولنظرة العقاب أثر دون رفيع. (5) طالبة الثانوية تتعرض غالباً لمستجدات، وقد تعاني من مشاكل ورغبات، فلو قربت منها لكنت أماً حنوناً وصدراً رحباً، تفزع إليك بعد الله، فانزلي لتقربي إلى مستواها، قربيها، وامسحي رأسها، وابتسمي في وجهها، فستجدين نفسك أمها التي تفصح ولا تثق إلا بك. (6) أختي المعلمة: أنت على ثغرة فاجتهدي على إصلاح من تحت يدك، من طالبات قد لا يصل العلماء ولا الدعاة إليهن، وأنت توجيههن، فصلاحهن صلاح الأمة، فهن زوجات المستقبل وأمهات رجاله، فما أجمل الشريط النافع، والكتيب الهادف، والنشرة المؤثرة! ولك أجر الدعوة ومثل ثواب الهداية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

تساؤلات حول كتاب الطب الوقائي من القرآن والسنة

تساؤلات حول كتاب الطب الوقائي من القرآن والسنة المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة التصنيف الفهرسة/ العلم/آفات المتعلمين التاريخ 02/05/1425هـ السؤال ما صحة ما نقله الدكتور عبد الباسط محمد السيد في كتابه (حول الإعجاز العلمي في الطب النبوي) ، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان: يفطر على العسل مخلط مع الماء، ثم في وقت الضحى كان يأكل سبع تمرات مع اللبن، وفي الظهر كسرة خبز شعير مع الخل، وبعد العصر جزرا مع عود من البقدونس، وكان عشاؤه اللبن الرائب مع كسرة الشعير، وكان ينهى عن إدخال طعام في طعام، وكان يأكل الثريد مرة كل شهر، وكان يقول سيد الطعام الثريد، وكان يمشي بعد العشاء مقدار البقرة وآل عمران (أرجو ذكر المراجع لتثبيتها في بحثي) . الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: كتاب الدكتور عبد الباسط محمد السيد اسمه "الطب الوقائي من القرآن والسنة", وقد صدرت منه الطبعة الأولى عام 1423هـ-2002م, دار ألفا مصر: [email protected], ولم تقم أي جهة مسئولة مثل هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة برابطة العالم الإسلامي بتحقيقه, وقد وردت فيه أمور تستدعي التوقف, مثل قوله (ص59) : "لقد أخذ كيث مور عينات من نطفة لم تبلغ 42 ليلة وحاول معرفة جنسها؛ ذكر أم أنثى, واستخدم كل وسائل التكبير والأشعة المتاحة فلم يستطع أبداً تحديد جنس النطفة, وظل يراقب النطفة طوال 42 ليلة حيث ظهر كروموزوم جنس الجنين في اللحظات الأخيرة.. وعندئذ نطق بالشهادتين وأشهر إسلامه", وهذا الأسلوب الدعائي في هيئة رواية غير منسوبة لأحد ينبذه التحقيق العلمي, خاصة أن هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة هي التي قامت بنفسها بمحاورة أستاذ الأجنة الكندي، وتعرف حقيقة ما حدث من وقائع, وهل يعذر الكاتب عدم تخصصه في الطب ليقرر ظهور كروموزوم جنسي في اللحظات الأخيرة بعد 42 ليلة, خاصة مع توفر من يفيده بيقين بأن حوامل الخصائص الوراثية (الكروموزومات) لا تظهر فجأة بعد 42 ليلة، وإنما توجد جميعا داخل الخلية البشرية الأولى؟ , ولكن هذا مصير من يعدل عن التحقيق العلمي مهما كان غرضه, ومن ذلك قوله (ص61) : "عملية انتخاب طبيعي للحيوان المنوي وللبويضة الأقوى والأصلح", وهي ليست إلا بويضة واحدة, وقوله (62) : "وقد أثبت كيث مور أن كل السوائل في جسم الإنسان علق, فلو أخذ قليل من الدم ثم ترك ساكناً فإن كرات الدم الحمراء والبيضاء تترسب.. أي أن الدم علق", هكذا! , وقوله (ص 65) : "أما عن ترائب المرأة أي عظام صدرها فقد أثبت العالم كيث مور أن هذه العظام تصل للمبيض الذي تنتج فيه البويضات, وهنا خر العالم الكندي ساجدا لله", ويقع المبيض في تجويف الحوض وليس له أي علاقة تشريحية بعظام الصدر, وهو أيضا يأتي بروايات لا ينسبها لأي كتاب من أمهات كتب الحديث، ولا يورد تحقيقها (مثلما في ص59و64) , ولكنه لم يورد رواية السائل في كتابه، ولم أجدها في كتب الحديث, وفي الجملة لم يُنسج الكتاب على طريقة المختصين في التحقيق، وإنما كمرئيات شخصية، والأولى أن يعود السائل إلى المختصين في علم الحديث, والله أعلم.

الدراسة في الجامعات الغربية المختلطة

الدراسة في الجامعات الغربية المختلطة المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ العلم/آفات المتعلمين التاريخ 1/3/1425هـ السؤال أنا مبتعث للدراسة بالولايات المتحدة، ويوجد معنا بعض الطالبات، فكيف التعامل معهن؟ أفتونا مأجورين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فأوصيك وأنت على تلك الحال بعدة أمور: الأول: تقوى الله تعالى، وأن تتذكر أن الله معك حيثما كنت يراك ويراقبك ويعلم سرك وعلنك، وما أخفيت في صدرك، فاحذر من أن تهون نفسك عليك المعصية نظراً للبعد عن الأهل والأوطان، وتذكر دوماً قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " رواه البخاري (4777) ومسلم (9) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فاحرص على أن تكون من أهل هذه المرتبة. الثاني: عليك بغض البصر، وأن تعلم أن جواز بقائك في مقاعد الدراسة للحاجة وللمصلحة المرجوة من ذلك، لا يسوغ لك بأي حال من الأحوال أن تقلب ناظريك في من حولك من النساء، فإن المسلم مأمور بغض البصر عن المرأة الأجنبية، قال تعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم " [النور:30] . الثالث: يحرم عليك مصافحة أو مس المرأة الأجنبية، سواء أكان ذلك بشهوة أو بغير شهوة، فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم - وهو أزكى البشرية وأطهرهم - لما بايع النساء عام الفتح امتنع من مصافحتهن مع أن الحاجة تقتضي ذلك، قالت عائشة رضي الله عنها: "والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، ما بايعهن إلا كلاماً " رواه البخاري (2713) من حديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه-. الرابع: احرص قدر الإمكان على أن يكون مكانك بعيداً عن أولئك الطالبات، وأن تختار المكان المتوسط بين الطلاب في القاعة، وإذا كان هناك أي نشاط داخل القاعة فليكن قرينك من الطلاب. الخامس: احرص على تجنب محادثة الطالبات؛ لأن محادثة المرأة الأجنبية وإن كان في الأصل مباحاً إذا أمنت الفتنة ولم تخضع المرأة في كلامها، إلا أنه في مثل حالتك قد يتعذر الالتزام بالقيود الشرعية في ذلك، فإذ اضطررت للكلام مع امرأة أجنبية فعليك بالالتزام بالضوابط الشرعية الأخرى من غض البصر، وعدم الخلوة، وعدم الاسترسال في الكلام فوق ما تقتضيه الحاجة. وأخيراً تذكر أن المسوغ لجواز بقائك في هذه القاعات الدراسية مع ما فيها من المحاذير الشرعية هو الحاجة لتعلم هذه العلوم التي قد لا تتوفر في بلاد المسلمين، أو قد لا تكون بنفس الكفاءة، مع ما يرجى من دراستك من نفع للإسلام والمسلمين، فليكن في نيتك أن تتعلم هذا العلم لتنفع به بلاد المسلمين، واحرص على أن تكون دراستك بالقدر الذي يتحقق به ذلك المقصود، فإن الحاجة - كما يقول أهل العلم - تقدر بقدرها، نسأل الله أن يحفظنا وإياك وجميع المسلمين، والله أعلم.

هل هذا من التعلم لمماراة السفهاء؟!

هل هذا من التعلم لمماراة السفهاء؟! المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العلم/آفات المتعلمين التاريخ 21/10/1426هـ السؤال قبل سنوات كان لي اتصال بالنصارى، وبدون شك أثاروا لي شبهات، ومن باب الحمية درست كيفية الرد عليهم، وأصبح لي باع كبير في هذا المجال، وأريد أن أقوي معرفتي بهذا المجال من باب سد هذه الثغرة -والحمد لله- صلتي بالدعاة والعلماء عندنا طيبة، وبإمكاني أن أدرس عليهم، أريد أن أسأل عن حكم طلب العلم لهذا الغرض، هل يدخل في باب تعلمه لمماراة السفهاء؟ وهل عندكم نصائح توجهونها لي؟ بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن حق العلم الدعوة إليه والصبر على الأذى فيه، وأفضل ما يدعى إليه الإسلام؛ فهو الدين الحق الذي ختم الله به الأديان، والذي ارتضاه لأمة نهاية الزمان. والدعوة إلى الإسلام من أفضل الأعمال، وهل كان الأنبياء المرسلون إلا دعاة ومبلغين عن الله، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في غزوة خيبر التي كانت ضد اليهود، كما عند البخاري (2942) ، ومسلم (2406) : "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم". مع أن المقام مقام قتال، إلا أن الدعوة لهذا الدين مطلوبة حتى في هذا الظرف. ولكن من المهم في هذا الباب التفريق بين المجادلة والدعوة، فليس كل من تمارس عليه الدعوة يصلح للمجادلة، فالمجادلة أمرها أضيق، ولا يلجأ إليها إلا في ظروف خاصة وفي ضوابط خاصة، وأما الدعوة فأمرها أوسع، وهي المطلوبة في الأعم الأغلب، ومن الملاحظ أن غالب الذين دخلوا الإسلام دخلوا عن طريق الدعوة، ولم يدخلوا عن طريق المجادلة. وينبغي التفريق بين دعوة العامي وبين دعوة العالم، ويبن دعوة الباحث عن الحق، وبين دعوة المكابر فيه، وبين دعوة المنصّر وبين دعوة غيره من عموم النصارى، وبين دعوة زميل العمل والجار، وبين دعوة البعيد الذي لا تربطك به صلة، فهذه أمور من الأحسن مراعاتها، ولكل مقام ما يناسبه من الكلام والتفصيل. جانب آخر مهم في الدعوة في صفوف النصارى، وهو معرفة حال المدعو أولاً، والانطلاق في دعوته من هذه المعرفة، فمثلاً لو كان المدعو معروفاً بتعظيم الكتاب المقدس فليس من المناسب الابتداء به في إثبات التحريف والطعن في مصداقيته، فهذا مدعاة للنفور من الداعي وما يدعو إليه، فأسلوب التشكيك وخلخلة المعتقد مما يسبب -حسب التجربة- النفرة والإعراض، ويبعث إلى المجادلة والتعصب، وقد أمرنا الله بالمجادلة بالتي هي أحسن، فقال تعالى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" [العنكبوت:46] ، وقال تعالى: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام:108] . ومن الجوانب المهم ذكرها أو الانطلاق منها تذكير المدعو بالمصير المحتوم بعد الموت، وخصوصاً أن أهل الكتاب يؤمنون به، وأن على المدعو التفكير بجدية في هذا الموضوع، وهل استعد لما بعد الموت من الاستمساك بالحق، ثم ينطلق الداعية في هذا الجانب سواء بتقرير ما يدرك بالعقل، أو ما يدرك بالنص من آيات القرآن الكريم.

ومن الجوانب المهمة في طرق الدعوة إجادة عرض أدلة نبوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعجزاته الدالة على صدقه، والانطلاق منها على ثبوت نبوته بطرق سهلة من دون التجريح في معتقدات المدعو. ولا يعني ذلك إهمال نظرة النصارى إلى الإسلام وتصورهم المغلوط عنه، إضافة إلى الشبه التي يتوارثونها من قديم الزمان في الطعن في القرآن أو نبوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والداعية في هذا الجانب ينبغي أن يستعد لأسئلة النصارى المحتملة أثناء الدعوة، فيكون قد أعد العدة لذلك، وهذه الشبهات معروفة متداولة، سواء منها ما يتعلق بالعقيدة أو بالشريعة، كمسائل فقه المرأة أو الحدود أو الرق أو مسائل الجهاد وغيرها. وأعود لأؤكد ألا يلجأ الداعية إلى المجادلة إلا في الحالات القصوى لرد مكابر أو درء فساد منصّر، أو تبيين تهافت داعية من دعاة النصارى لخلخلة مصداقيته أوسمعته. أما جانب الدعوة فالأمر فيها يختلف، حيث يصاحبها اللين والإحسان والرفق. وفي هذا المجال أنصح بقراءة كتاب (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) لابن تيمية، فقد جمع هذه الكتاب أهم ما يحتاج إليه الداعية، سواء في إثبات نبوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو الرد على شبهات النصارى، أو نقد معتقدات النصارى، وكل ذلك بأسلوب عقلي محكم يستفيد الداعية من ذلك إذا اطلع عليه، ودوَّن أفكار الكتاب الأساسية ونقاطه الرئيسة.

مسائل متفرقة

الحيوانات ممّ خلقت؟ المجيب د. عبد الله السبتي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 24/7/1422 السؤال إذا كان الإنسان مخلوق من طين، والجن مخلوق من نار، والملائكة مخلوقة من النور، إذن الحيوان مِمَّ خلق؟ الجواب جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه (2996) : ((خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم)) يعني الوصف الذي جاء في القرآن وفي سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-. وأما الحيوان فلم يرد في الشرع شيء يبين خلقه من أي شيء كان -حسب علمي-، وحينئذ فلا يقال بتعيين مادة معينة خلقت منها الحيوانات، بل علم ذلك عند الله -سبحانه-. علماً أنه لا يترتب على العلم بذلك فائدة، ولا على الجهل به مضرة، وما لا فائدة فيه فمن الغبن تتبعه، والأولى الإعراض عنه، والله أعلم.

لا يزال السؤال يدور، هل الأرض تدور؟

لا يزال السؤال يدور، هل الأرض تدور؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 1/6/1422 السؤال هل الأرض تدور حول الشمس، أم أن الشمس هي التي تدور حول الأرض؟ فقد قرأت أن ظاهر الأدلة يقول: إن الشمس هي التي تدور حول الأرض. وهذا يُعارض ما يقوله العلم الحديث. وأنا أعلم وأؤمن أنه لا يتعارض نصٌّ صريح مع عقلٍ صحيح، ولكن ليطمئنّ قلبي. الجواب لاشك أن النصوص تذكر قرار الأرض وجريان الشمس، وهذا ليس فقط ظاهر النصوص، بل هو ظاهر المحسوس المدرك لكل الناس، فكل البشر على الأرض يدركون ثبات الأرض وحركة الشمس، وأنا وأنت منهم، والله -عز وجل- خاطب الناس في القرآن بما يدركونه ويحسونه، وذكر ذلك في مساق الامتنان عليهم بنعمته وتذكيرهم بعظمته -جل جلاله-. وخطاب القرآن خطاب عام للأجيال المتعاقبة، وليس خطاباً خاصاً لفئة من الناس في عصر من العصور؛ ولذا خاطبهم بما يشتركون جميعاً في إدراكه والإحساس به. وأما ما ذكرت من كلام علماء الفلك فهو لا يعارض هذا؛ لأن علماء الفلك يصفون حقيقة الوضع الفلكي بعيداً عن المدرك المحسّ للناس، فحركة الأجرام في الفلك الواسع تدرك بحسابات رياضية خاصة، أو مراصد فلكية معينة. وهذا أمر خاص لم يتنزّل القرآن لبيانه؛ إذ إن كتاب الله-عزّ وجلّ- كتاب هداية وإرشاد للعباد، وليس كتاب فلك أو طب أو تشريح. وكل ما ورد فيه مما يتعلق بهذه العلوم فإنما ذكر لأمر يتعلق بالهداية والإرشاد الشرعي. فهي مسوقة -كما سبق- لبيان عظمة الخالق -جل جلاله-، ومنته على عباده، واستحقاقه جل وعز أن يعبد وحده، وتأمل قول الله تعالى: ((يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للناس والحج)) . فانظر كيف لفتت الآية السائلين عن الأمر الفلكي الذي سألوا عنه إلى الأمر الشرعي الذي هم معنيّون به. وإذا نظرنا إلى الآيات بهذه النظرة فإننا لن نجد أنفسنا في يوم من الأيام أمام شبهة تعارض بين نصوص الكتاب وكشوف العلم. والخلط في هذا الأمر يدخلك في مخاضة من الكلام قلّما تخرج منها بما يهديك في دينك، أو ينفعك في دنياك. ومن المعلوم أن الرجوع في كل فنّ إلى أهله، وفي كل علم إلى المختصين به، ومن تكلّم في غير فنّه أتى بالعجائب. وأما محاولة عسف النصوص ليتلاقى ظاهرها مع اكتشافات العلم فهذا من التكلّف الذي لم نؤمر به ((وما أنا من المتكلفين)) . واذكّرك وأنت على ذكر -إن شاء الله- بالاهتمام بالأنفع والأجدى من مسائل العلم، وتناول ما يهمّك بشكل مباشر قبل غيره. وقدِّم الأهم ّ إنّ العلم جمّ والعمر ضيفٌ زار أو طيفٌ ألمّ وفقك الله، وسدّدك، وزادك إيماناً ويقيناً.

أرغب في طلب العلم ولكن. . .!

أرغب في طلب العلم ولكن. . .! المجيب د. عبد الله بن وكيل الشيخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/استشارات دعوية التاريخ 9/4/1422 السؤال أحاول أن اطلب العلم ولكن كلما بدأت لا أكمل الطريق واتقاعس عن الطلب، وأحاول مرة أخرى ولكن سرعان ما تتثبط همتي، مع العلم أن أصدقائي كلهم يطلبون العلم ومنهم المجتهد، ومنهم من هو في مثل حالتي، ومنهم من يأخذه الوقت في اللعب المباح، وأسأل كيف أطلب العلم على الطريقة الصحيحة، وألحق بطلبة العلم مع العلم أن البلد الذي أنا فيه ليس فيه علماء إنما طلبة علم فقط فهل تنصحوني بالأشرطة السمعية للدروس العلمية؟ الجواب ينبغي أن يلتزم طالب العلم بشيء ثابت مما تميل إليه نفسه وتكون رغبته فيه قوية كالفقه مثلاً أو العقيدة أو السنّة ونحو ذلك. وليكن لك في زملاؤك وأصدقائك خير قدوة في طلب العلم وأوجد في نفسك روح المنافسة الشريفة في طلبه. فإن كان زملائك الذين ذكرت طلبة علم وبينكم تقارب في السن، أنصحكم بالانتقال إلى طور المدارسة للعلم وتدوين ما أشكل وسؤال أهل العلم عنه. أما الأشرطة السمعية فهي من أفضل المصادر في تلقي العلم بشرط أن يُقرن بينها وبين الكتاب المشروح، ويسجل ويذيل على الكتاب ما كان من فوائد حتى يتحقق طلبه العلم من ذلك الكتاب ويحصل الانتفاع به. أما فتور العزيمة فيمكنك أن تستعين بعد الله بالقراءة - في كتب سير العلماء - حتى يحدوك ذلك للجد في الطلب، كسير أعلام النبلاء وطبقات الحنابلة فإنها تقوي عزيمتك، والله أسأل لنا ولك التوفيق والسداد.

جوائز مسابقات حفظ القرآن

جوائز مسابقات حفظ القرآن المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 21/1/1424هـ السؤال عندي مجموعة من الأولاد أحفظهم جزءاً من القرآن وبعد أن ختموا هذا الجزء أحببت أن أعمل لهم مسابقة فجمعت من كل ولد مبلغ عشرين فرنك والذي يفوز بالترتيب الأول يأخذ النصيب الأكبر من المبلغ، هل يجوز هذا العمل شرعاً؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: هذه المسابقة نوع من القمار؛ لأن العوض ـ أي الجائزة ـ مأخوذة من جميع المشتركين، وكل واحد منهم قد دفع عوضاً وهو بين احتمالين لا ثالث لهما: إما أن يغنم أكثر مما دفعه من العوض، وإما أن يغرم ما دفعه، وهذا هو حقيقة القمار الذي كان الناس يفعلونه في الجاهلية، فنزل القرآن بتحريمه. وخروجاً من هذه الصورة المحرمة: فلتكن الجوائز من مالك أنت، أو من مال غيرك ولو من أحد المتسابقين، لا أن تكون من جميعهم. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تلقي العلم عن طريق الإنترنت

تلقي العلم عن طريق الإنترنت المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 7/1/1424هـ السؤال هل الإنترنت والكمبيوتر من وسائل تلقي العلم؟ هل الجرائد والمجلات والصحف من وسائل تلقي العلم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: العلم يتلقى بكل طريق صحيح من نظر وتأمل وتدبر وتجربة وتلق من الشيوخ بالسمع وبالنظر في الكتب والصحف والمجلات وعن طريق المساجد والجامعات والمدارس والإنترنت والأشرطة السمعية والبصرية بل حتى بالإحساس، وقد قال سبحانه وتعالى: "وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبصار وَالأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [النحل:78] . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة" رواه مسلم (2699) . فوسائل تلقي العلم ليست توقيفية باتفاق أهل العلم، بل كل وسيلة يتلقى فيها العلم ينطبق عليها حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - السالف، ومثلها جميع الوسائل لا يحتاج معها إلى نص بمشروعيتها إذ الأصل المشروعية والحظر هو الذي يحتاج معه إلى دليل، ومثال ذلك وسائل الجهاد ووسائل الحج إلى مكة، ووسائل حساب الزكاة وقسم الميراث، بل العبرة بما يوصل إلى المقصود ولم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مدارس ولا جامعات فضلا عن الوسائل الحديثة من مطبوعات ومسموعات ومرئيات، وقد استفاد العلماء وطلبة العلم على مدار العصور من كل وسيلة حديثة، بل إن العلم الشرعي هو أحق العلوم ببثه والاستفادة منه بأي وسيلة وطريقة. وفق الله السائل لما يحبه ويرضاه.

معنى (انفرد به الإمام أحمد)

معنى (انفرد به الإمام أحمد) المجيب د. سليمان بن صالح الغيث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 19/9/1422 السؤال ما معنى انفرد به الإمام أحمد؟ الجواب معنى: انفرد به الإمام أحمد، أي: أنه لم يتفق بهذا القول مع أي من المذاهب الثلاثة الأخرى مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي - عليهم رحمة الله - لا في مذهبهم ولا في قول مشهور في تلك المذاهب. وعدم اتفاقه مع هذه المذاهب بهذا القول ليس معناه أنه لم يتفق ويوافق أحداً من العلماء غير أصحاب المذاهب، بل قد يوافق على قوله هذا جمع كثير من علماء الأمة قبله وبعده، بل إن الإمام - رحمه الله - ينبّه على ألا يقول الشخص قولاً لم يسبقه إليه أحد، فقد ورد عنه أنه قال: " لا تقل قولاً ليس لك فيه إمام " ولهذا يبعد أن يوجد له قول لم يوافقه فيه أحد العلماء قبله من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم، وبالله التوفيق.

تصرف المعلمة في درجات الطالبات

تصرف المعلمة في درجات الطالبات المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 18/12/1422 السؤال مما قررته الرئاسة العامة لتعليم البنات تدريس مادة المطالعة للصف الأول الثانوي على أساس أنها مادة تقويمية لا يوجد لها امتحان، والخمسون درجة تكسبها الطالبة من خلال مهاراتها داخل الصف خلال النصف الدراسي، بالإضافة إلى (10) درجات خصصت لعمل بحث في أي موضوع ترغبه الطالبة. معلمة ألغت المطالبة بهذا البحث واستبدلته بحفظ سورة الملك. ما رأيك يا شيخ؟ هل هذا العمل يجوز وتؤجر عليه المعلمة أم أنه يعد عصياناً لولي الأمر؟ الجواب إذا كان حفظ هذه السورة يحقق المعنى الذي يحققه البحث المطالبة به الطالبة، من حيث المعاني التربوية والأهداف التعليمية التي من أجلها وضعت هذه المادة وأهدافها، فهذا لا بأس به، لأن أي مادة من المواد يكون لها هدف ويكون لها مقاصد، فإذا تدخلت المعلمة في هذه الجزئية، وطالبت الطالبات بدلاً من البحث بحفظ سورة من القرآن، أو حفظ سورة الملك كما جاء في سؤال السائلة، إذا كان المعنى التربوي المقصود يحقق المعنى ولا يختلف فهذا لا بأس به؛ لأن المقصود هو تحصيل الطالبة لشيء من المعلومات والمهارات خلال دراسة أي فن من الفنون، أما إذا كان لا يحقق المطلوب فإن هذه المعلمة أنصحها بأن تطالبهم بالبحث، وزيادة على البحث تطالبهم أيضاً بحفظ سورة الملك، أو غيرها من السور التي ترى أنها مناسبة لمثل حالهم.

تلقي العلم عن طريق الإنترنت

تلقي العلم عن طريق الإنترنت المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 29/12/1422 السؤال ما توجيهكم للشباب الذين أصبح مصدر التلقي للعلم الشرعي وغيره عندهم، هو: الإنترنت تاركاً المصادر الأصلية؟ الجواب الإنترنت وغيرها من وسائل الاتصال ونقل المعلومات فيها فوائد كثيرة، وفيها سلبيات لا تخفى، فهي رافد من روافد العلم والمعرفة، وإن كانت لا تغني عن الرجوع إلى المصادر الأصلية، ولا عن مشافهة العلماء، ولا حرج على الشباب وغير الشباب من الإفادة مما فيها من خير حتى في العلوم الشرعية والفكرية، مع الاهتمام والعناية بالأخذ عمن يوثق بالإفادة منه، وذلك يحصل بالمعرفة وبالتحري، وبالله التوفيق.

دراسة الحقوق والعمل في المحاماة

دراسة الحقوق والعمل في المحاماة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 24/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: تحية طيبة أما بعد: في الحقيقة أنا طالب في كلية الحقوق.. والسؤال هو هل في دراسة هذا التخصص ما هو حرام؟؟ وهل الاشتغال في الوظائف التي في مجال دراسة الحقوق أيضا حرام (كالمحامي مثلا) ؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فهذا السؤال يتكون من شقين: الأول: ما حكم الدراسة في كليات الحقوق؟ . الثاني: ما حكم العمل في المحاماة؟ . جواب الشق الأول: إذا استخدمت مواد كليات الحقوق في التعاون على الخير، والوصول إلى الحق ودفع الظلم كان ذلك خيرًا، بل وطاعة لله سبحانه يُثاب الإنسان عليها، وإن استخدمت في غير ذلك كانت إما عبثًا وإما فسادًا، والحق هو ما قرره الشرع في مصادره المعروفة، والظلم ما سوى ذلك، كما أن دراستها لو كانت للمقارنة بينها وبين الشرع ليتبين الحق من الباطل، فذلك مشروع وجائز، كما لو تعلّم الإنسان الشر من أجل البعد عنه، وقد قيل: عرفتُ الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه وأنبه الدارسين للقوانين بوجه عام إلى قول الله - سبحانه-: "وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا" [سورة النساء: 107] ، وقوله- تعالى-: "هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهمُْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً" [النساء: 109] ، وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه أبو داود (3597) "ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه" وفي رواية: "من أعان على خصومة بظلم، أو يعين على ظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع" رواها ابن ماجة (2320) ، والطبراني في الأوسط (2921) ، وكلتا الروايتين من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- بإسناد جيد، وقول الله -سبحانه-: "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" [المائدة: 44] وفي آية أخرى "فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" وفي آية أخرى "فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [المائدة: 45-46] . والله أعلم. جواب الشق الثاني:

إن كانت المحاماة من أجل حماية الشر والدفاع عنه فلا شك أنها محرمة؛ لأنها حينئذٍ وقوع فيما نهى الله عنه في قوله -تعالى-: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . وإن كانت المحاماة لحماية الخير والذود عنه فإنها حماية محمودة، وحينئذٍ تكون مأموراً بها في قوله -تعالى-: "وتعاونوا على البر والتقوى" [المائدة: 2] . وعلى هذا فإن من أعد نفسه لذلك يجب عليه قبل أن يدخل في القضية المعينة أن ينظر في هذه القضية ويدرسها، فإن كان الحق مع طالب المحاماة دخل في المحاماة وانتصر للحق ونصر صاحبه، وإن كان الحق في غير جانب من طلب المحاماة فإنه لا يدخل فيها؛ لأن المسلم لا يجوز له الدفاع عن الباطل والشر، وقد يقال إنه يدخل في المحاماة أيضاً، لكن المحاماة تكون عكس ما يريد الطالب، بمعنى أنه يحامي عن هذا الطالب حتى لا يدخل فيما حرم الله عليه، وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- قال: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: "تحجزه، أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره"، رواه البخاري (6952) من حديث أنس - رضي الله عنه- فإذا علم أن طالب المحاماة ليس له حق في دعواه فإن الواجب أن ينصحه وأن يحذره وأن يخوفه من الدخول في هذه القضية وأن يبين له وجه بطلان دعواه حتى يدعها مقتنعاً بها. وإذا دخل المحامي في قضية يرى أن الحق فيها لطالب المحاماة ثم تبين له خلاف ذلك فإنه يحرم عليه الاستمرار فيها؛ لأن في ذلك معاونة على الإثم والعدوان. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الواجب من العلم الشرعي

الواجب من العلم الشرعي المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 24/3/1423 السؤال هل العلم والتعلم واجبان على كل مسلم ومسلمة وما مدى صحة القول "العلم قبل العمل"؟ الجواب لا شك في وجوب الحد الأدنى من العلم الشرعي، وهو ما يستطيع به المسلم عبادة ربه على الوجه المشروع، وإلا فكيف يعرف المسلم حقائق الإيمان التي تجب عليه مثل أركان الإيمان الستة؟ وكيف يعرف أركان الإسلام؟ وكيف يعرف أحكام الوضوء والصلاة والصيام والحج التي لا يتم إسلامه إلا بها؟ كل ذلك لا يمكن حصوله إلا بالعلم. وليس المطلوب من المسلم من تفاصيل العلم غير الضروري إلا ما احتاج إليه، مثل أن تعرض له مسألة فيسأل عنها، كأن يصاب بكسر فتجبر قدمه وساقه، فهذه الحالة إذا لم تقع له، لا يجب عليه معرفة حكمها، لكن إذا وقعت له وجب عليه معرفة الحكم فيسأل أهل العلم كما أمره الله، قال -تعالى-:"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" [النحل: 43] .

هل في تعليم الفيزياء أجر؟

هل في تعليم الفيزياء أجر؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 1/3/1423 السؤال أنا رجل مسلم أعيش في إحدى الدول الغربية، وأنا -ولله الحمد- من الفيزيائيين المتفوقين في هذه الدولة، ولكن هناك سؤال يؤرقني ويقض مضجعي ويبكيني، وهو: هل سأستفيد في الدار الآخرة من إفناء عمري في تعلم وتعليم علم الفيزياء النووية؟ علماً أن علم الفيزياء له دور أساسي في إقامة الحضارات ومحوها، وهل سيكون لي حظ يوم القيامة بعملي هذا، أم سأكون من المحرومين؟ كما أنني ألقي المحاضرات للطلاب بالمجان، فهل أنا مأجور على ذلك؟ الجواب نعم لك أجر عظيم -إن شاء الله- على تعلمك وتعليمك الفيزياء للآخرين إذا أخلصت النية لله رب العالمين، وتعلم العلوم منه ما هو فرض عين على كل مسلم ومسلمة ومنه ما هو فرض كفائي إذا قام به من يكفي من المسلمين سقط الإثم عن باقي الأمة، والعمل الذي هو فرض عين ما يتوقف عليه صحة اعتقاد الإنسان وأداء شعائر دينه كالعلم بأركان الإسلام وأركان الإيمان والعمل بمقتضاها، ففي الصلاة مثلاً يجب تعلم فروض الوضوء، ونواقضه، وأركان الصلاة وواجباتها، دون معرفة السنن والنوافل والآداب، ويجب على المسلم إذا اشتغل بالتجارة أن يعرف أحكام البيع والشراء الأساسية دون التفاصيل الجزئية لأحكامه، فمن الضروري فيه أن يجتنب الربا والغش والتدليس، حتى العلوم التجريبية من طب، وهندسة، وكيمياء، وفيزياء، وزراعة، ومحاسبة، واقتصاد ... إلخ، قد يكون تعلمها وتعليمها فرض عين أو فرض كفاية. تكون فرض عين على أشخاص أو نخبة متخصصين بأعيانهم لا يوجد غيرهم في المجتمع والأمة بحاجة ماسة إلى علمهم، وقد يكون فرض كفاية على الأمة إذا تصدى لهذا العلم من يكفي حاجة المسلمين فيسقط الإثم في التقصير في طلبه عن العامة لقيام فئة به نيابة عنهم. وعلم الفيزياء في هذا العصر من أهم علوم الحياة وأخطرها -كما هو مسطور في السؤال-، فإذا علّمت أيها السائل مسلماً وأنت تريد بذلك وجه الله فلك أجره وأجر من علم وعمل بعلمه من المسلمين إلى يوم القيامة؛ لأنك حينئذٍ دللته على الخير فيما ينفعه في دينه ودنياه، والدال على الخير كفاعله، وسيبارك الله لك في علمك وعملك، فإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. وتعلم هذا العلم وتعليمه لأفراد المسلمين أو عامتهم لإعداد العدة للعدو المأمور بها:" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم" [الأنفال:60] . أراه داخلاً في الآية وفي الحديث الصحيح الذي يرويه أصحاب السنن عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:" إن الله -عز وجل- يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به ومنبله" رواه أبو داود (2513) والنسائي (3146) وأصله عند مسلم (1919) من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- وانظر (مصابيح السنة للبغوي: 2925) ، فالصانع في الحديث يقابله المعلم، والمتعلم يقابله الرامي، والدال على هذا العلم والمساعد عليه بأي نوع من المساعدة هو المنبل. والخلاصة في الجواب: أن أجرك مضاعف -إن شاء الله- مرتين الأولى: لتخصصك وتفوقك في هذا الفن -الفيزياء-لا سيما إذا علمته للمسلمين، والثانية: لما تقوم به من تدريس وتعليم لإخوانك من تفسير القرآن وبيان أحكام الدين، فهنيئاً لك يا أخي ما أنت عليه، فعض على ذلك بالنواجذ، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه، وثبتنا على الحق حيثما كنا، آمين.

الهندسة النفسية

الهندسة النفسية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 16/4/1424هـ السؤال ظهر في السنين الأخيرة علم يعرف بـ (الهندسة النفسية) ويطلق عليه أيضاً البرمجة اللغوية العصبية فما الحكم الشرعي لتعلم هذا العلم؟ أفيدونا أثابكم الله.. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فعلم البرمجة اللغوية العصبية NLP هو علم يطور مهارات الإنسان وأداءه في مختلف مجالات الحياة، ويساعده على فهم الآخرين بصورة أفضل، وعلى كيفية التعامل معهم والتأثير فيهم. ويمكن الإفادة منه في مجال: التربية والتعليم، الصحة النفسية، الإدارة والأعمال، التدريب واكتساب المهارات، الدعوة والإرشاد، علاج الخوف والوهم، حل المشكلات، العلاقات العامة والخاصة ... إلخ. وقد قرأتُ عن هذه البرمجة نبذةً مختصرة، تشكلت في ذهني صورة واضحة عنها، وسألت بعض من تعلمها فلم أجد فيها ما يعارض الشريعة في حكم من أحكامها ... بل وجدت هذا العلم مما يحتاجه بعض الدعاة والمعلمين والتربويين في مجال عملهم. إن جهلنا لعلم من العلوم لا يسوغ لنا أن نذمه ونحذر منه ونحقِّر من شأنه، وكل ما في الامر أن نسأل عن حكمه متى ما أحسسنا بشُبهة تحتف به. إن كون الشيء جديداً علينا لا يعني أنه سيئ، ولا كون الشيء قديماً معتاداً يعني أنه الأفضل والأسلم. فأقدمْ على تعلم هذا العلم، وأفد منه، ووظِّفْه في الدعوة إلى الله. وفقك الله لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

هل الفلسفة حرام أم حلال؟

هل الفلسفة حرام أم حلال؟ المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 26/1/1425هـ السؤال هل الفلسفة حرام أم حلال كمهنة؟ وهل الرسم بالكمبيوتر- أي الملتميديا- حرام أم لا؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الحكم على الفلسفة عائد إلى معنى المصطلح، حيث إن المصطلح قد يفهم منه أنها الفلسفة اليونانية والتي تجعل العقل مصدراً لكل شيء، وهو الحاكم على كل شيء، والفلسفة مصطلح إغريقي بمعنى محبة الحكمة، وربما يفهم من الفلسفة ما تبناه بعض الفلاسفة المنتسبين للإسلام كابن سينا والفارابي، ومحاولة توفيقهم بين الفلسفة اليونانية والوحي المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم-؛ فكانت نتيجة هذا التوفيق إنكار حشر الأجساد وإنكار خلق الله للعالم، وإنكار علم الله للجزئيات، وغير ذلك مما هو مناقض لصريح القرآن في مئات النصوص، واتهام ابن سينا للأنبياء بالكذب والتخييل على الناس، وتفضيل الفارابي الفلاسفة على الأنبياء، وأنهم أكثر علماً. فمصطلح الفلسفة مخالف للشريعة الإسلامية ومباين لها، وقد يطلق مصطلح الفلسفة على العلوم الإنسانية واستخدام العقل في العلوم، والإسلام يحث على استخدام العقل في كل ما من شأنه مصلحة الإنسان من عمارة الكون والسعي في الأرض؛ بل وتدبر آيات الله -تعالى- في الآفاق والأنفس، وتدبر كتاب الله - تعالى- لزيادة الإيمان واليقين. فإذا كانت الفلسفة دارسة العلوم الإنسانية بما لا يعارض الوحي الإلهي فهو مأمور به، وما أكثر الآيات القرآنية الحاثة على التعقل والتدبر والتفكر "أفلا يعقلون" [يس:68] ، "لعلهم يتذكرون" [البقرة:221] ، "أفلا يتدبرون" [النساء:82] . أما الرسم بالكمبيوتر باستخدام الوسائط المتعددة؛ فإذا كان الرسم لا يتعلق بذوات الأرواح فلا بأس، وأما إذا كان يتعلق بذوات الأرواح ففيه خلاف مشهور بين أهل العلم، فمنهم من منعه، وهو قول الأكثر؛ لدخوله تحت عموم النصوص كقوله - عليه الصلاة والسلام-: "أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون" رواه البخاري (5950) ، ومسلم (2109) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -. ومنهم من أجازه إذا كان يحقق أهدافاً دعوية وتعليمية مع تقوى الله قدر الاستطاعة من عدم وضع التفاصيل أو قطع الرأس، والله أعلى وأعلم. وفَّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كروية السماء

كروية السماء المجيب د. عبد العزيز بن عمر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 8/10/1424هـ السؤال وددت أن أسأل عن السماء الدنيا (أو السماوات السبع) هل هي كروية؟ وهل يوجد نص شرعي يدل على ذلك أم أنه في علم الغيب؟ لأنه لو نظرنا إلى الأرض فإنها كروية، وأنه إذا قلت إن السماء فوقي في أي بقعة على الأرض فإنه يدل على أن السماء كروية، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأسأل الله تعالى أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه، وقد كنت أتمنى أن يكون سؤاله عن أمر من أمور الدين المهمة التي فيها نفع له ولغيره في الدنيا والآخرة، وعموماً السؤال هذا لابد له من جواب فنقول وبالله التوفيق:

السماء كروية نعم، وقد دلَّت على هذا عدة آيات من القرآن الكريم ليست صريحة لكنها محتملة للمعنى، وذكر أئمة الإسلام ذلك في أكثر من مكان على أن السماء كروية ومحيطة بالأرض من كل جانب كما قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى -: ( ... وإنما نفى ذلك جزماً بغير مثل ... نفى بعض الجهال أن تكون الأفلاك مستديرة، فمنهم من ينفي ذلك جزماً ومنهم من ينفي الجزم به على كل أحد وكلاهما جهل، فمن أين له نفي ذلك أو نفي العلم به عن جميع الخلق؟ ولا دليل له على ذلك إلا ما قد يفهمه بفهمه الناقص هذا، وقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة قال الله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" [فصلت:37] ، وقال تعالى: "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" [الأنبياء:33] ، قال تعالى: "لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" [يّس:40] ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في فلكة مثل فلكة المغزل، وهكذا هو في لسان العرب الفلك الشيء المستدير، ومنه يقال تفلك ثدي الجارية إذا استدار قال تعالى: " يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ" [الزمر:5] ، والتكوير هو التدوير ومنه قيل كار العمامة وكورها إذا أدارها، ومنه قيل للكرة كرة وهي الجسم المستدير، ولهذا يقال للأفلاك كروية الشكل؛ لأن أصل الكرة كورة تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا وكورت الكارة إذا دورتها ومنه الحديث: "إن الشمس والقمر يكوران يوم القيامة" انظر: (الفتاوى 25/193) وقال الإمام ابن كثير -رحمه الله تعالى - كما في تفسيره: (فالسماء الدنيا محيطة بجميع الأرض وما حولها من الماء والهواء من جميع نواحيها وجهاتها وأرجائها مرتفعة عليها من كل جانب على السواء، وبعد ما بينها وبين الأرض من كل ناحية مسيرة خمسمائة عام ... ) انظر: تفسير القرآن العظيم (2/500) وفي روح المعاني للإمام الألوسي رحمه الله تعالى: (وكون السماء كروية لا تقبل الخرق والالتئام مما لا يتم له دليل عندنا، وظاهر كلام أهل الهيئة الجديدة جواز الخرق والالتئام على الأفلاك (روح المعاني 8/118) ، كما ذكر ذلك كل من الإمام ابن حزم كما في الإحكام (2/216) وفي كشف الظنون للإمام حاجي خليفة (1/510) وفي حاشية السندي (3/142) ومفتاح دار السعادة للإمام ابن القيم (2/212) ، وغيرهم ذكروا الكثير من الكلام الواضح في كروية السماء، وإحاطتها بالأرض من كل ناحية، والله تعالى أعلم وأحكم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.

تعليم الأطفال تغسيل الموتى

تعليم الأطفال تغسيل الموتى المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 8/9/1424هـ السؤال هناك من يشكك في عدم منفعة تعليم الأطفال عذاب القبر ونعيمه ويرى أن ذلك سيرعبهم ويخوفهم وأنه من الأولى أن تقوم وزارة التربية والتعليم بمنع إقامة الحلقات التي يتم فيها مثل ذلك. ويرى كذلك أن أخذ الطلبة والطالبات الصغار وتعليمهم عملياً كيفية تغسيل الموتى ليس نافعاً لهم من الناحية النفسية، بل إن ذلك سيعقدهم ويرهبهم. فما الرد الشافي على مثل ذلك؟ وجزاكم الله كل خير وسدد خطاكم. الجواب نشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم ونرجو أن تجد النفع والفائدة، أما عن جواب سؤالك فأقول وبالله التوفيق الحديث للأطفال عن القبر ونعيمه وعذابه في تصوري أنه نافع ومفيد إذا كان من غير تفصيل دقيق ويراعى فيه عمر الطفل فليس الأطفال في عمر واحد ولا عقليتهم واحدة ثم إذا كان العرض في ذلك عن طريق قصة مشوقة يكون أحسن وأفضل أما أن يقال إنه غير مفيد البتة ففي رأيي أنه غير صواب وقد تناقل صغار الصحابة - رضي الله عنهم - أحاديث حول هذا الأمر، ولم يكن فيه ضرر ولا حرج، وإنما الذي ينبغي مراعاته ما أسلفت طريقة العرض والسن المناسب وعدم الإكثار منه ومثل هذا تغسيل الميت والله أعلم

مراجع أثر العبادة على العمل

مراجع أثر العبادة على العمل المجيب د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 26/6/1424هـ السؤال أرجو إفادتي عن مراجع في أثر العبادة على العمل. الجواب هذه بعض المراجع، التي تفيد وتعين في موضوع (أثر العبادة على العمل) : - إحياء علوم الدين للغزالي. - العبودية لابن تيمية. - مدارج السالكين لابن القيم. - العبادة في الإسلام د. القرضاوي. - ظاهرة ضعف الإيمان لمحمد المنجد.

دراسة علوم الحاسب

دراسة علوم الحاسب المجيب د. محمد بن صالح الفوزان عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 27/5/1424هـ السؤال كنت أدرس (الكمبيوتر) قبل أشهر، ولكنني تركته بعد أن التزمت بالحجاب والصلاة والدين الإسلامي الصحيح - إن شاء الله -، فسؤالي هو: هل هذه الدراسة حرام؟ فكل من حولي يقولون: لماذا تركت دراستك؟ فهو علم والعلم ليس حراماً، فما رأيكم وجزاكم الله خيراً؟. الجواب دراسة الكمبيوتر أو غيره من العلوم النافعة جائز، بل يحرص عليه إذا كان فيه خدمة للإسلام والمسلمين، وإنما المحظور فيما يصاحب هذه الدراسة من اختلاط بالرجال أو خلوة بهم فهذا حرام.

تعلم العلم الشرعي ابتغاء الدنيا

تعلم العلم الشرعي ابتغاء الدنيا المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية بجهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 23/10/1424هـ السؤال أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظكم من كل سوء، لدي سؤال أرجو أن تجيبوني عليه: أدرس في الجامعة وأسأل الله دائماً أن تكون نيتي خالصة لوجهه -عز وجل-، إلا أنني دائماً ما أجد في نفسي أنني أتعلم من أجل الدنيا، ومن أجل أن أعتمد على نفسي في المستقبل ومن أجل و....، وهذا مما يؤلمني، لأنني لا أريد علماً لا أبتغي به وجه الله. أنقذوني بارك الله فيكم، أريد أن أسلك طريق العلم الخالص لوجه الله، حتى يسهل الله لي طريق الجنة. الجواب جميل جداً أن يخالط هذا الشعور قلبك، إذ إن الحياة كلها تنقلب حين ننطلق في كل أعمالنا من منطلق الإخلاص وابتغاء رضوان الله تعالى. وأود أن تعلمي أختي الكريمة أن العلوم على نوعين: النوع الأول: العلوم الأخروية، وهي علوم الشريعة كالتفسير والفقه والحديث وغيرها، وهذه العلوم لا يجوز تعلمها إلا إذا كانت النية خالصة لوجه الله تعالى، لا لأجل الدنيا أو الوظيفة أو المدح والثناء والجاه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" رواه أبو داود (3664) وابن ماجة (252) بإسناد صحيح. فلا بد أن يكون الدافع لتعلم هذه العلوم طلب رضا الله وثوابه، ثم لا مانع بعد ذلك من أن يستفيد منها في أمور الدنيا كالوظيفة وغير ذلك. النوع الثاني: العلوم الدنيوية مثل الطب والهندسة والعلوم الاجتماعية والإنسانية، فهذه إن طلبها الإنسان لأجل الدنيا فلا إثم عليه، ولكنه يحرم نفسه الأجر والثواب، وإن حسن نيته بأنه سيخدم -مثلاً- أمته بهذه العلوم، ويكفي المسلمين الاستعانة بغيرهم فلا شك أنه مأجور على هذه النية الطيبة. وأنت أختي الكريمة إذا كنت تجاهدين نفسك على هذه النية الطيبة فأرجو أن يأجرك الله تعالى عليها، ولكن لا تعارض بينها وبين أن ترجي من شهادتك نفعاً دنيوياً، فالحج هو عبادة عظيمة وركن من أركان الإسلام، قال الله عز وجل فيه:"ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم" [البقرة: 198] أي لا حرج على الحاج أن يتكسب بالحلال في موسم الحج بالبيع والشراء وغيرها إذا لم تشغله عن العبادة، وهكذا يجمع الإسلام بين الدين والدنيا في انسجام تام لا يطغى فيه جانب على آخر، ثبتك الله على طاعته، ووفقك لمرضاته.

الموعظة بعد العصر

الموعظة بعد العصر المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 20/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي: كثير من أئمة المساجد يقرؤون من أحد كتب الحديث بعد صلاة العصر، ما عدا الجمعة. ما الأسباب؟. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فما ذكرته أخي العزيز مما يدخل في الموعظة وتعليم العلم، وتوقيته بدبر صلاة العصر ليس لاعتقاد فضيلة مخصوصة فيه، بل لأنه أنسب الأوقات للتذكير لفراغ المصلين بعد غدائهم وقبل أن يسعوا إلى أعمالهم وتجارتهم. وأما ترك التذكير يوم الجمعة فاستغناءً بخطبة الجمعة، ولا ينبغي جمع موعظتين في يوم واحد، فقد كان - صلى الله عليه وسلم- يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة عليهم انظر: البخاري (68) ، ومسلم (2821) . وفقك الله لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

نشرة الأحوال الجوية وعلم الغيب!

نشرة الأحوال الجوية وعلم الغيب! المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 21/2/1425هـ السؤال ما حكم التنبؤ بالأحوال الجوية، هل يدخل ذلك في علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده، وبعد: فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد: أخي السائل الكريم: إن معرفة الأحوال الجوية ليست من علم الغيب، إنما هي علم يتم معرفته من خلال الأخذ بالأسباب والوسائل الموصلة إليه، وذلك من خلال دراسة طبقات الهواء والحرارة والرياح، وكيفية هبوبها واتجاهاتها، ومعرفة الرطوبة كثرة وقلة، وغير ذلك من الأمور الأخرى المتعلقة بهذا العلم، وبهذه الوسائل مجتمعة يتوصل إلى معرفة الأحوال لجوية. هذا والله أعلم بالصواب.

دراسة الضرائب والمحاسبة

دراسة الضرائب والمحاسبة المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 8/3/1425هـ السؤال ما حكم دراسة الضرائب والمحاسبة والعمل في الوظائف الخاصة بهما؟ علما بأن المحاسبة تخوض كثيرا في الفوائد الربوية والنسب الجبائية، أرجو الرد على هذا السؤال المقلق، وأتمنى أن تنشروا الفتوى في موقعكم كذلك للاطلاع عليها في حال عدم وصول البريد - جزاك الله خيراً-. الجواب الحمد لله، وبعد: الدراسة إذا كانت من خلال برنامج لا يمكن للطالب إلا دراسته كله، وكان الطالب بحاجة إلى الدراسة، فلا مانع من ذلك على ما في بعض المقررات المسؤول عنها كلها من إشكالات تغتفر للحاجة والمصلحة، ولأن تلك المقررات ليست كل مفرداتها مشكلة، فثم قدر كبير فيها ليس مشكلاً. وأما العمل: فالوظيفة في المحاسبة إذا لم يكن موضوعها أموالاً محرمة، كالفوائد الربوية، والضرائب، فلا مانع منها. والله أعلم.

تعلم علم المنطق

تعلم علم المنطق المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 5/1/1425هـ السؤال سمعت أحد الزملاء يتحدث عن علم المنطق وأنه ممنوع تدريسه في السعودية لأسباب سياسية، وبحثت عن الموضوع في الإنترنت فوجدت تعاريف كثيرة فلم أستطع تميز الصحيح منها، أرجو الإجابة عليه لأهميته، وجزاكم الله خيراً. الجواب علم المنطق منه ما هو صحيح وهو الذي يعتمد على الاستقراء العقلي الصحيح والاستقراء العلمي الثابت. ومنه ما يدخل في باب التخرصات والأوهام والظنون. ولا أعرف أن تعلم علم المنطق ممنوع في السعودية بل هو مقرر في الأقسام المختصة بالجامعات السعودية. علماً بأن المنطق الاستقرائي داخل في كثير من المقررات التي تدرس في مدارس وجامعات السعودية، ضمن الرياضيات، والعلوم التطبيقية ولا يلزم إفراده باسم المنطق. وحكاية أنه ممنوع تدريسه في السعودية لأسباب سياسية، لا صحة لها فيما أعلم، بل لعلها من أوهام بعض الموسوسين.

مختصرات الكتب

مختصرات الكتب المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 23/2/1425هـ السؤال ماذا نعني بقولنا (مختصر) ، مثل: (مختصر منهاج السنة) ، هل يعني أن كثير من مواد الكتاب محذوفة، أو أن هناك أجزاء غير مهمة في الكتاب، وهل إذا أردت أن أشتري الكتاب أشتري مختصره أو الكتاب الأصلي. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فسؤالك..... من شقين: الأول: ما المراد بقولنا: مختصر؟ الثاني: هل أشتري مختصر الكتاب أو الكتاب بدون اختصار؟. أما الجواب عن الشق الأول: فتعلم أن من عادة أهل العلم - يا أخي- في التأليف أن يبحثوا المسألة بتوسع في مواطن، ويقتصروا على الجوانب المهمة في مواطن أخرى، فتجدهم مثلاً في حالة التوسع يذكرون المسألة وأقوال أهل العلم فيها - إن وجدت- وأدلة كل قول، وما يرد على كل دليل من اعتراضات، وما يمكن أن يجاب به عنها، والآثار المترتبة على الخلاف في المسألة، وقد تكون المسألة محل وفاق فيجمع ما يمكن جمعه لها من أدلة وبراهين، ونحو ذلك، وفي مواطن الاختصار يقتصرون على ذلك القول الراجح، وأهم وأبرز أدلته، ولذا يرى بعض أهل العلم تقسيم مؤلفات أهل العلم إلى قسمين رئيسين هما: المطولات والمختصرات، وهذا بالنظر إلى نوعية المؤلف، والعالم - صاحب المؤلف- يجتهد في بيان ما يحتاجه أهل زمانه، وطلابه في الحلقة، فهم في بداية الطلب يحتاجون للمختصرات أشد من حاجتهم للمطولات؛ لسهولتها، وتيسير ضبطها، ثم بعد الترقي في طلب العلم يحتاجون إلى معرفة الأقوال الأخرى وأدلتها، وما يرد عليها من مناقشة. كما ينبه هنا على أن أصل الكتاب ومختصره قد يكون من مؤلف واحد، والغالب هنا أن يبدأ المؤلف بالمختصر ثم يشرحه؛ لما يرى من الحاجة إلى البيان والإيضاح، مثل: كتاب بداية المبتدي في فقه الحنفية للمرغناني, وشرحها نفس المؤلف في الهداية، وقد يكون أصل الكتاب من مؤلف، ومختصره مؤلف آخر- وهذا كثير- مثاله: المقنع لابن قدامة في فقه الحنابلة، اختصره الحجاوي في زاد المستقنع. كما ينبه أيضاً على أن كل صاحب مختصر له طريقته الخاصة في الاختصار، فمنهم من يختصر في ذكر الأقوال فيكتفي بأشهرها، ومنهم من يختصر في ذكر الأدلة، فيكتفي بأقواها عنده، وإن كانت عند غيره هناك ما هو أوقى منها. وأما الجواب عن الشق الثاني: وهو ماذا أشتري الكتاب أو مختصره؟ فالجواب: بأن هذا راجع إلى الجانب العلمي لديك، فإن كنت مبتدئاً فالأفضل في حقك المختصرات، وإن كنت متقدماً فالأفضل لك المطولات. والله أعلم.

تحقيق مخطوطات في الفقه الحنفي

تحقيق مخطوطات في الفقه الحنفي المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 18/5/1425هـ السؤال أنا طالب في مرحلة الماجستير، ووجدت مخطوطا ًفي الفقه الحنفي بعنوان (أحكام الجنائز) ، وأرغب في تحقيقه في رسالة الماجستير؛ وذلك لعدم وجود كتب قديمة مستقلة في أحكام الجنائز؛ وأيضاً الكتاب مستوفٍ للموضوع، ومدعم بالأدلة من الكتاب والسنة؛ وأيضاً ذكر المؤلف بدع الجنائز وبطلانها، ولكن أنكر عليَّ بعضُ طلاب العلم تحقيقي لمخطوط في المذهب الحنفي، فما رأيكم في ذلك؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فما زال أهل العلم يستفيد بعضهم من بعض، ويسأل بعضهم بعضاً عمّا أشكل عليهم، وما أرادوا معرفة حكمه أو وجهه، بغض النظر عن مذهب كلٍ منهم، وإذا نظرنا في كتب تراجم وسير العلماء نجد أن كثيراً من أهل العلم قد تتلمذوا على علماء من مذاهب أخرى، ومنهم الإمام أبو الفداء إسماعيل بن كثير الشافعي، فإنه قد تتلمذ على شيخ الإسلام ابن تيمية الحنبلي، وأخذ عنه كثيراً من العلوم، ولم يمنعه من ذلك اختلاف المذهب، وهذا شأن كثير من العلماء على ممر القرون؛ لأن العلماء من كافة المذاهب ممن عُرف عنهم العلم والورع لا يقصدون من خلال فتاويهم وأحكامهم إلا الوصول إلى الحق والعمل به، ولذلك فإن اختلاف المذهب ليس سبباً في عدم الأخذ والتلقي، وهذا الأمر من تمام الوحدة بين أتباع هذا الدين، ولذلك فإن علماء المذاهب الإسلامية المختلفة كل منهم يستفيد من الآخر، ويكمله، ويسدده. والمذهب الحنفي من المذاهب المعتبرة عند أهل العلم، ومؤسس هذا المذهب الإمام أبو حنيفة الثابت بن النعمان (ت:150هـ) من الأئمة المشهود لهم بسعة العلم، ودقة الفهم، وحسن السيرة، بل إن العلماء متفقون على تزكيته في العلم وعلو قدمه فيه، وإن كان بعض أهل العلم قد نقموا منه أشياء، فإنها لا تلغي فضائله؛ لأنه من جملة البشر الذين لا ينفكون عن الأخطاء، وحسبه أنه مجتهد، وفعله دائر بين الأجرين إن أصاب، أو الأجر إن أخطأ. ولعل من أنكر عليك هذا الفعل إنما أنكره من أجل ما ذاع عند بعض من ينتسب إلى العلم من انتقاص المذهب الحنفي وتزهيد الناس فيه، وغالب ما يستند إليه من انتقصه: أن هذا المذهب معتمد على الرأي، ولذلك سميت مدرسة الحنفية بمدرسة أهل الرأي، والرأي قد ذمته الشريعة ونهت عنه. ولكن هذا الانتقاد لا يسلم على كل حال؛ لأن الرأي نوعان: محمود ومذموم، والرأي الذي يذمه الشرع وينهى عنه، ويحذر منه العلماء إنما هو الرأي المذموم الذي لا يستند إلى شيءٍ من الأدلة الشرعية، أما الرأي الذي يكون دائراً في نطاق الأدلة الشرعية ولا يخالف شيئاً منها فإن الشريعة لا تنهى عنه، بل إنها قد تأمر به عند الحاجة إليه، وطالب العلم يستطيع التفريق بين نوعي الرأي، فيقبل ما كان محموداً، ويرد ما كان خلاف ذلك. ولذلك فإني لا أوافق من أنكر عليك هذا الفعل، وأنصحك بعدم الامتناع عن تحقيق هذا الكتاب؛ لأجل كلامهم، ولكن انظر في المخطوط، فإن رأيت أن له أهميةً تستدعي دراسته وتحقيقه فأقدم عليه، وأسأل الله لك التوفيق والإعانة. وأحيلك على جواب لي- في هذا الموقع- عن سؤال له تعلق بما سألت عنه، وهو سؤال: (ما سبب انتقاص بعض طلبة العلم للمذهب الحنفي؟) والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مشاهدة الأفلام الأجنبية لتحسين اللغة

مشاهدة الأفلام الأجنبية لتحسين اللغة المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 23/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. فضيلة الشيخ: أنا طالب في جامعة غير عربية، تدرِّ س باللغة الإنجليزية، وأنا الآن في مرحلة الإعداد للجامعة، سؤالي فضيلة الشيخ: ما حكم الأخذ بنصائح المدرسين بمشاهدة الأفلام الأجنبية لتطوير اللغة؟ وحقيقة هذه طريقة مفيدة وجزاكم الله عني خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه؛ أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يؤخذ العلم من كل وسيلة مباحة نافعة، وما ذكره السائل فإن كانت البرامج المترجمة نافعة وتفيده في تعلم اللغة فعليه انتقاء البرامج الخالية من المحاذير الشرعية، ولا يخفى على السائل ما تتضمنه كثير من الأفلام الأجنبية من مشاهد محرمة مما يخل بالأخلاق ولا يطلب من المرء أن يتعلم اللغة بما يضره في دينه، وسبل ووسائل تعلم اللغة كثيرة بحمد الله تعالى فيترك ما فيه مضرة إلى غيرها. وفق الله الجميع لكل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الغزالي. . والتصوف

الغزالي. . والتصوف المجيب د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 16/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. قرأت في إحدى فتاواكم إشارة لكتاب من تأليف الإمام أبو حامد الغزالي، أليس هذا الإمام من الصوفية؟ قرأت أنه صوفي، وإذا كان كذلك، فكيف نقرأ كتبه؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. القاعدة: أن كل من أتى بصواب فيؤخذ منه، ولو كان فيه مخالفة، سواء للسنة، أو للإسلام، فكفر الكافر لا يمنع الإفادة منه، فكيف بالمسلم المتلبس ببعض الأخطاء أو البدع؟ والإمام الغزالي لديه ما لديه، مما هو مخالف للسنة، ولديه كذلك أمور وافق فيها السنة، فإذا قرأنا له نأخذ ما وافق، وندع ما خالف، فالقارئ إذا كانت لديه القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، باعتبار ميزان الشريعة، فلا خوف عليه من قراءة الكتب التي فيها أخطاء وبدع، أما إذا لم تكن لديه القدرة على التمييز، لقلة العلم بالشريعة، فالأولى في حقه أن يؤخر القراءة في تلك الكتب حتى يرسخ. والله أعلم.

تدريس مواد نظام التأمين والضرائب

تدريس مواد نظام التأمين والضرائب المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 10/04/1426هـ السؤال هل يصح تدريس المواد المتعلقة بالضرائب والتأمينات والتقنيات البنكية في الجامعة؟ علماً أنني في السنة الثانية ماجستير اقتصاد، بمعنى هل القيام بوظيفة التدريس في الجامعة حرام في هذه التخصصات؟ وما هي المواد التي يحرم تدريسها للطلبة، والتي هي حلال، خاصة أن الأمر التبس علي، وكل فقيه يرى شيئاً معيناً. أرجو إعطائي الدليل الشرعي، والسلام عليكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن التعليم من أسمى الوظائف التي يمارسها المرء في حياته، خاصة إذا تعلّق الأمر بعلوم الشرع، أو ما يخدم الأمة في حاضرها ومستقبلها، ولا شك أن بعض العلوم لا يجوز تدريسها، كعلم السحر والشعوذة، وتعليم ما لا يعود على الناس إلا بالشر. أما المسائل الخلافية بين العلماء كالتأمين وفرض الضرائب على السلع، فليس ذلك بالشيء المتفق على تحريمه، بل من التأمين ما هو جائز في قول جمهور علماء هذا العصر، ومن الضرائب ما هو كذلك، وتقنيات البنوك وسائل قد تستعمل في الخير وقد تستعمل في الشر، ككل الوسائل الأخرى ... فلا حرج من تدريس هذه العلوم، شريطة ألا يسكت الإنسان على الباطل الذي فيها، بل يبيّن ما فيها من حق وما فيها من باطل، ويعمل على إصلاح المناهج التي يدرسها بما يخدم مصلحة الأمة ولا يتعارض مع الشرع. والله أعلم.

هل الإعجاز العلمي من العلم؟

هل الإعجاز العلمي من العلم؟ المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 25/03/1426هـ السؤال الحمد لله، والصلاة والسلام على حبيبنا محمد وآله وصحبه، ومن والاه إلى يوم الدين. هل يوجد دليل على مشروعية الاشتغال بمسألة الإعجاز العلمي في القرآن، أو السنة النبوية الصحيحة؟ وهل نجد مثالاً في عهد (خير القرون) على ذلك؟ لأن الموضوع بين الذين يؤيدونه بشكل مطلق، والذين ينفونه بشكل مطلق أيضا ضاع عليهم الاحتكام إلى الشرع كما أمر بذلك العزيز الحكيم. وجزاكم الله خيراً. الجواب لقد كان الرسل - عليهم السلام - قبل النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- يبعثون إلى أقوامهم خاصة ولأزمنة محدودة, وقد أيدهم الله -تعالى- ببينات حسية تستمر محافظة على تأثيرها وقوة إقناعها مدة الزمن المحدد لكل رسول, فإذا حرَّف الناس الدين جدده الله ببعث رسول آخر مؤيدا ببينة جديدة, ولما ختمت النبوة بمحمد - صلى الله عليه وسلم- وجعلت للناس كافة أيدها الله ببينة كبرى باقية هي القرآن الكريم, وقد ضمن الله حفظه من التحريف وتطالع الأجيال منه كل حين وجوها من الإعجاز تشهد بصدق رسالة التوحيد. ولا تتجلى وجوه الإعجاز في القرآن إلا بدراسته وتفسيره, وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم- يتجنبون الجدل في القرآن، ويتحرجون عن تأويل ما لم يفسره النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- وإذا اجتهد السلف صرحوا غالبا بعبارة العدول (والله أعلم بمراده) . قال ابن كثير: سأل رجل ابن عباس - رضي الله عنهما- عن "يوم كان مقداره ألف سنة" فقال له ابن عباس - رضي الله عنهما-: فما "يوم كان مقداره خمسين ألف سنة"؟ , فقال له الرجل: إنما سألتك لتحدثني. فقال ابن عباس - رضي الله عنهما-: هما يومان ذكرهما الله في كتابه، الله أعلم بهما. فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم. وعن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال: إنا لا نقول في القرآن شيئاً.. كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن. وعن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله. فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به, فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه، ولهذا رويت عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير, ولا منافاة لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه, وهذا هو الواجب على كل أحد، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى: "لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَه" [آل عمران 187] ، ولِمَا جاء في الحديث: "من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار".

وعن عائشة - رضي الله عنها- قالت: "ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يفسر شيئا من القرآن إلا آيات تعد علمهن إياه جبريل عليه السلام".. فإن من القرآن ما استأثر الله -تعالى- بعلمه، ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله كما صرح بذلك ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: التفسير على أربعة: أوجه وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله". إن القرآن الكريم هو المعجزة الباقية لخاتم النبيين محمد -صلى الله عليه وسلم-, والمتحدى بلفظه ومعناه, ولهذا لا خلاف عند المحققين أن بيان وجوه الإعجاز فيه، وإن كان فرض كفاية على الأمة فهو فرض عين على القادرين, وقد اشتغلوا بدراسته خاصة في مجال البلاغة، وأفردوا له الكثير من المصنفات، واعتمدوا مصطلح "إعجاز القرآن", وليس مصطلح (الإعجاز العلمي في القرآن الكريم) الذي شاع اليوم إلا امتداداً لجهود أعلام الأمة في ذلك المجال, غير أنه يختص بتقديم (البينة العلمية) على أن القرآن الكريم هو كلام الله؛ لأنه يستحيل أن يعلم بشر زمن التنزيل بما أخبر به القرآن، وجاءت الكشوف العلمية بعد أكثر من عشرة قرون لتعترف بصدقه، وتقر به جميعاً رغم تعدد مجالاته ووفرته. وقد أكثر السيوطي من ذكر تصانيف الإعجاز للسابقين عليه؛ منها: (إعجاز القرآن للخطابي، وللرماني ولابن سراقة، وللقاضي أبي بكر الباقلاني، ولعبد القاهر الجرجاني، وللإمام فخر الدين، ولابن أبي الإصبع واسمه البرهان وللزملكاني واسمه البرهان أيضا ومختصره له واسمه المجيد، ومجاز القرآن لابن عبد السلام والإيجاز في المجاز لابن القيم، ونهاية التأميل في أسرار التنزيل للزملكاني.. وبدائع القرآن لابن أبي الإصبع.. وأسرار التنزيل للشرف البارزي.. ومناسبات ترتيب السور لأبي جعفر بن الزبير، وفواصل الآيات للطوفي، والمثل السائر لابن الأثير. قال ابن كثير: (ومن تدبر القرآن وجد فيه من وجوه الإعجاز فنونا ظاهرة وخفية من حيث اللفظ ومن جهة المعنى، قال الله تعالى: "الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" فأحكمت ألفاظه وفصلت معانيه أو بالعكس، فكل من لفظه ومعناه فصيح لا يحاذى ولا يدانى، فكله حق وصدق وعدل وهدى ليس فيه مجازفة ولا كذب ولا افتراء.. في غاية نهايات البلاغة، وكلما تكرر حلا وعلا لا يخلق عن كثرة الرد ولا يمل منه العلماء، ولهذا ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله قال: "ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة" لفظ مسلم؛ وقوله وإنما كان الذي أوتيه وحيا أي الذي اختصصت به من بينهم هذا القرآن المعجز للبشر أن يعارضوه. وقال السيوطي: (لا ترى شيئاً من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه، ولا ترى نظماً أحسن تأليفاً وأشد تلاؤماً وتشاكلاً من نظمه, وأما معانيه فكل ذي لب يشهد له بالتقدم في أبوابه والترقي إلى أعلى درجاته.

وقال الخطابى: (وقلت في إعجاز القرآن وجها آخر ذهب عنه الناس، فلا يكاد يعرفه إلا الشاذ في آحادهم وهو صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلاما غير القرآن منظوما ولا منثورا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال ومن الروعة والمهابة في حال أخرى ما يخلص منه إليه, قال الله تعالى: "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله", وقال تعالى: "الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم" الآية. قلت: ولهذا أسلم جبير بن مطعم لما سمع قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم- للطور حتى انتهى إلى قوله "إن عذاب ربك لواقع", قال: خشيت أن يدركني العذاب، وفي لفظ: كاد قلبي يطير فأسلم, وفي أثر آخر أن عمر - رضي الله عنه- لما سمع سورة طه أسلم، وغير ذلك. وقول أهل التحقيق إن الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال لا بكل واحد عن انفراده فإنه جمع كله، فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده مع اشتماله على الجميع، بل وغير ذلك مما لم يسبق. وقال القرطبي: (.. ومنها الإخبار عن المغيبات في المستقبل التي لا يطلع عليها إلا بالوحي. وقال ابن كثير: (يقول تعالى مقسماً لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على كماله في أسمائه وصفاته، وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم أن القرآن كلامه ووحيه وتنزيله على عبده ورسوله الذي اصطفاه لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة، فقال تعالى: "فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم".. ولهذا قال تعالى: "تنزيل من رب العالمين"؛ لأن الله -عز وجل- مقرر له ما يبلغه عنه، ومؤيد له بالمعجزات الباهرات والدلالات القاطعات، ولهذا قال: "وإنه لحق اليقين" أي الخبر الصادق الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ولا ريب. وقد ادخر القرآن الكريم كثيراً من الآيات للأجيال في عبارات معلومة الألفاظ، لكن الكيفيات والحقائق لا تتجلى إلا حينا بعد حين, يقول تعالى: "إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ" [ص: 87 - 88] , وقد فسر الطبري معنى الحين بقوله: (فلا قول فيه أصح من أن يطلق كما أطلقه الله من غير حصر ذلك على وقت دون وقت. فلكل نبأ في القرآن زمن يتحقق فيه، فإذا تجلى الحدث ماثلاً للعيان أشرقت المعاني وتطابقت دلالات الألفاظ والتراكيب مع الحقائق, وهكذا تتجدد معجزة القرآن على طول الزمان, يقول العلي القدير: "وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" [الأنعام 66و67] . ونقل ابن كثير عن ابن عباس - رضي الله عنهما- تفسيره للمستقر بقوله: (لكل نبأ حقيقة، أي لكل خبر وقوع ولو بعد حين) . وقد تردد هذا الوعد كثيراً في القرآن الكريم بأساليب متعددة، كما في قوله تعالى: "ثم إن علينا بيانه" [القيامة: 19] , وقوله: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" [فصلت: 53] , وقوله: "وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها" [النمل 93] .

قال ابن حجر: (ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقه للعادة في أسلوبه وفي بلاغته وإخباره بالمغيبات، فلا يمر عصر من العصور إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه. وقال الرافعي: (والكلام في وجوه إعجاز القرآن واجب شرعاً، وهو من فروض الكفاية، وقد تكلم فيه المفسرون والمتكلمون، فإن كان ذلك قد وفى بحاجة (تلك) الأزمنة فهو لا يفي بحاجة هذا الزمان؛ إذ هي داعية إلى قول أجمع وبيان أوسع وبرهان أنصع، في أسلوب أجذب للقلب وأخلب للب وأصغى للأسماع وأدنى إلى الإقناع. وقال محمد رشيد رضا: (ومن دلائل إعجاز القرآن أنه يبين الحقائق التي لم يكن يعرفها أحد من المخاطبين بها في زمن تنزيله بعبارة لا يتحيرون في فهمها والاستفادة منها مجملة، وإن كان فهم ما وراءها من التفصيل الذي يعلمه ولا يعلمونه يتوقف على ترقي البشر في العلوم والفنون الخاصة بذلك. وقال جوهري: (أما قولك كيف عميت هذه الحقائق على كثير من أسلافنا؟ , فاعلم أن الله هو الذي قال: "سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" وقال: "وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا". إن الله لا يخلق الأمور إلا في أوقاتها المناسبة، وهذا الزمان هو أنسب الأزمنة. والمدار على الفهم والفهم في كل زمان بحسبه، وهذا زمان انكشاف بعض الحقائق. وفي قوله تعالى: "سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" [الأنبياء: 37] قال ابن عاشور: (وعد بأنهم سيرون آيات الله في نصر الدين, وهي كما قال الرازي: أدلة التوحيد وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم- ولذلك قال سبحانه "فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ". أي أنها ستأتي لا محالة في وقتها, واستعجال المنكرين يعني كما قال الجوهري: استبعاد ماجاء في هذه الآيات من الأمور العلمية التي أوضحها علماء العصر الحاضر، فهم يستبعدونها طبعاً؛ لأنهم لا يعقلونها، فقال الله -تعالى- لا تستبعدوا أيها الناس "سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" فإذا لم تفهمها أمم سابقة فسيعرفها من بعدهم، فقد ادخرنا هذه الأمور لأمم ستأتي لتكون لهم آية علمية على صدقك فتكون الآيات دائما متجددة) .

وقد رافق الوعد في القرآن بتجلي دلائل التوحيد فيض من التفصيلات العلمية مع دعوة صريحة للنظر في الكون، واستجوابه عن عجائب القدرة وبديع الصنع ودلائل الوحدة، والنظم المقدرة وبينات القصد منذ بَدء الخلق، مما يؤكد تناوله لنفس موضوعات العلوم الطبيعية اليوم, لأن الله تعالى لا يأمر بالتطلع والتأمل والنظر إلا إلى ما يمكن أن يبلغه علم المخاطبين أو يدركه النظر, وذلك كقوله تعالى: "قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" [يونس: 101] , وقوله: "أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا" [ق:6] , وقوله: "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ" [العنكبوت: 20] , وهذه النصوص الكريمة تؤكد أن العلم بخلق الله طريق إلى معرفة الله, وهذا العلم أيضا تأهيل لإدراك صدق ما كشفه القرآن الكريم من أسرار الخلق بينة على التنزيل وصدق الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم-، ولعل هذا يفسر ربط القرآن الكريم بين أدلة صدق حديثه وبين الأمر إلى التطلع في الكون وإدراك خفايا الخلق, كما قال تعالى: "أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ" [الأعراف: 185] . لقد جعلت البشرية اليوم العلم بخلق الله سبيلا إلى معرفة الحق فإذا بها على موعد مع المعجزة الخالدة، وإذا ببينات الوحي والتوحيد في القرآن الكريم تتفجر في عصر العلم, وهكذا تسطع بين أيدينا اليوم بينة الوحي المنزل على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-بما نزل فيه من علم إلهي بين أسرار الكائنات. إن العلم بخلق الله سبيل إلى معرفة الله، وطريق لبيان إعجازه في كشف خفايا الخلق، والتي جاءت الكشوف العلمية بعد قرون لتعترف بصدقها وتقر بها جميعا بينة على التوحيد وصدق نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم-، يقول العلي القدير: "لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ" [النساء: 166] . قال ابن كثير: (أي فيه علمه من البينات والهدى، وما فيه من العلم بالغيوب من الماضي والمستقبل. ومثله قوله تعالى: "فاعلموا أنما أنزل بعلم الله" [هود: 14] , وقوله تعالى: "وبالحق أنزلناه وبالحق نزل" [الإسراء: 105] : أي متضمنا للحق، متضمناً علم الله. قال الألوسي: (أي متلبسا بعلمه المحيط الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض.

حضور المحاضرات بنية البحث عن زوجة!

حضور المحاضرات بنية البحث عن زوجة! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 24/08/1426هـ السؤال يصعب علينا ببلاد الغرب البحث عن زوج أو زوجة، والفرصة الوحيدة لرؤية الخاطب لمن يريد خطبتها هي المؤتمرات العامة، ودروس المعاهد الشرعية والمخيمات الدعوية، أو حتى الانضمام إلى المؤسسات الدعوية! فهل حضور هذه النشاطات التي هي في الأصل عبادات؛ لتعلقها بالعلم والأمر بالمعروف، بنية البحث عن زوجة فيه قدح في الإخلاص؟ أم لا حرج في ذلك لكون الزواج عبادة إن كان بنية صالحة؟ وهل قوله -صلى الله عليه وسلم- (أو امرأة ينكحها) يفيد ذم الفاعل أم الحديث على ظاهره، أي أنه يفيد مجرد انتفاء الأجر؟ أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا شك أن الذي يحضر لأجل الإفادة من المحاضرات ونيته خالصة لذلك -من دون سائر المطلوبات والمرغوبات- خير وأعظم أجراً ممن يحضر ونيته البحث عن فتاة ينكحها، لكن لا يعني هذا أنه آثم، ولا أنه داخل في وعيد مَنْ يطلب الدنيا بشيء من أمور الآخرة، لأن طلب الزوجة الصالحة أمر مشروع ولو في هذه المواطن والتجمعات؛ لأنها مظنة لحضور الفتاة الصالحة. ويظهر لي أن الذم الوارد في الحديث: "ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" [صحيح البخاري (1) ، وصحيح مسلم (1907) ] ، لا ينطبق على الحال الذي ذكره السائل، فبينهما فرق مؤثر، فالمذموم في الحديث هو أن يهاجر الإنسان طمعاً في امرأة مخصوصة معينة، المرغِّب له فيها أمور أخرى غير دينها، ربما لنسبها أو لجمالها. أما الذي يحضر هذه المحاضرات فإنما يلتمس امرأة صالحة عفيفة متدينة يلتمسها في مظان وجودها، لكن لا يمنع أن يجمع مع هذه النية نية صالحة في طلب العلم والإفادة من الدروس والمحاضرات والحرص على الإنصات والمتابعة والتبكير إليها. والله أعلم.

المنح الدراسية في الغرب

المنح الدراسية في الغرب المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة التاريخ 08/08/1426هـ السؤال أكملت مرحلة الماجستير في الدراسات الشرعية من إحدى الجامعات في بلدي، وحصلت على منحة دراسية في الولايات المتحدة الأمريكية (ابتعاث) ؛ للحصول على الدكتوراه في تخصص القانون، وأنا في أشد الحيرة بين الذهاب وعدمه للدراسة في تلك البلاد، مع حاجة بلدي لمن يخدمه في هذا المجال، فأرجو أن ترشدوني ماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: أما وقد منَّ الله عليك ببناء أساس شرعي لشخصيتك ومعارفك وفكرك، فعليك أن تبادر إلى هذه الدراسة القانونية، ولتكن نيتك هي أن تُطَوِّعَ هذا العلم لخدمة الإسلام والمسلمين، ولا حرج -بعد ذلك- فيما تحصل عليه من نفع مادي أو دنيوي؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: "ولا تنس نصيبك من الدنيا" [القصص:77] . ويقول: "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله ... " [الحج:27-28] . والأمة بحاجة إلى قانونيين مؤصلين شرعياً بحيث يكون القانون مردوداً إلى الشريعة، وليس كل ما في القانون يخالف الشرع، كما أن من المهم وجود متخصص شرعي يفهم مقاصد الشريعة وأصولها، ويفهم فلسفة التشريعات القانونية ومصادرها. ولذا فهذا العمل في مجمله -مع النية الصالحة- عمل نافع لك ولإخوانك المسلمين. وأما من يخشى على نفسه ودينه من الانهيار أو الانتكاس، فعليه أن لا يعرض نفسه للفتنة، ولا يجعل دينه في مهب الإعصار. وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى.

ـــــ العادات ـــــ

العادات

الزينة

الأظافر الصناعية المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 27/6/1422 السؤال هل يجوز تركيب الأظافر الصناعيّة؟ الجواب تركيب الأظافر من الأمور المستحدثة، والتي لم تكن معروفة عند المسلمين، بل جاءتهم من الكفار، والشارع قد جعل تقليم الأظافر من خصال الفطرة؛ وذلك لما في إطالتها من التشبه بسباع البهائم، فإن تركيب الأظافر فيه مخالفة لهذه الفطرة، فاحرصي على أن تكوني ملتزمة بتعاليم الإسلام وآدابه. وقد أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بالفتوى رقم (20840) على سؤال شبيه بسؤالك: لا يجوز استخدام الأظافر الصناعية، والرموش المستعارة، والعدسات الملوّنة؛ لما فيها من الضرر على محالهَّا من الجسم، ولما فيها -أيضاً- من الغش والخداع وتغيير خلق الله. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

حلق اللحية

حلق اللحية المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 1/6/1422 السؤال ما حكم حلق اللحية؟ الجواب أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال كسؤالك بالتالي: حلق اللحية حرام؛ لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة، والأخبار، ولعموم النصوص الناهية عن التشبه بالكفار. فمن ذلك حديث ابن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خالفوا المشركين وفروا اللحية وأحفوا الشوارب)) . وفي رواية ((أحفوا الشوارب وأعفوا اللحية)) . وإعفاء اللحية تركها على حالها، وتوفيرها: إبقاؤها وافرة من دون أن تُحلق، أو تنتف، أو يقص منها شيئٌ.

قلم الفضة

قلم الفضة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 29/4/1422 السؤال لقد أهدي إلي عند نجاحي في الثانوية في هذا الصيف قلم ثمين ووجدت أنه مكتوب عليه أن الفضة تدخل في صنعه فهل يجوز وضعه في الجيب؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ... فاستعمال الذهب والفضة لا يخلوا من أمور ثلاثة: الأول: استعمال الذهب والفضة في الأكل والشرب فهذا محرم لحديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) . رواه البخاري ومسلم. الثاني: استعمال الذهب والفضة في اللبس والتحلي، وهذا له أحكام خاصة تتعلق بالرجل والمرأة. الثالث: استعمال الذهب والفضة فيما عدا القسمين السابقين كاستعمالهما في الكتابة، أو الطهارة كأن يتوضأ من إناء ذهب أو فضة أو يكتب بقلم ذهب أو تستعمل لحفظ الأشياء ونحو ذلك فهذا جائز في أظهر قولي العلماء، لحديث حذيفة المتقدم، فتخصص النبي صلى الله عليه وسلم الأكل والشرب دليل عل أن ماعداهما جائز ولوروده عن أم سلمة ري الله عنها. رواه البخاري. وبالله التوفيق.

قص شعر الحاجب

قص شعر الحاجب المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة التاريخ 22/7/1422 السؤال ما حكم قصِّ شعر الحواجب وليس نتفها؛ وذلك لكثافة الحواجب؟ الجواب لا يجوز أخذ شيء من الحواجب، لا بقصًّ ولا نتفٍ ولا حفٍّ؛ لأن هذا من النّمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فَعَلتْه، فهو من الكبائر. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم فتاوى اللجنة الدائمة (الجزء السابع عشر صـ 132) .

ساعة: أجزاؤها الداخلية من الذهب الخالص

ساعة: أجزاؤها الداخلية من الذهب الخالص المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 7/9/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ.. هذه أسئلة تطرح علينا في منتدياتنا، حيث إنني مشرف على بعض هذه المنتديات، رجاء الإجابة عليها حفظكم الله؛ حتى يتم تبيينها للسائلين قبل أن يبحثوا عن الإجابات في غير مصادرها الموثوقة. السؤال هو: أمتلك ساعة من الماركات الشهيرة والغالية الثمن، وقد فتحتها ووجدت أن كل عدتها الداخلية من الذهب الخالص، وأنا أعلم أن الذهب محرَّم علينا -نحن الذكور-، مع العلم أن الساعة من الخارج لا ذهب بها على الإطلاق، فما هو رأي الدين في هذا الأمر؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أنه لا يجوز للرجال لبس خواتم الذهب، ولا ساعات الذهب، ولا الساعات التي فيها ذهب؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، كما أنني أرى أنه لا يجوز للرجال استعمال الساعات التي فيها ذهب، ولو كان الذهب داخلياً؛ لعموم النهي، فقد جاء في الصحيحين البخاري (5864) ، ومسلم (2089) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن خاتم الذهب. وفي الصحيحين أيضاً البخاري (5876) ، ومسلم (2091) من حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اصطنع خاتماً من ذهب، وجعل فصَّه في بطن كفه إذا لبسه فاصطنع الناس خواتم من ذهب، فرقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال: "إني كنت اصطنعته وإني لا ألبسه" فنبذه فنبذ الناس. والله أعلم.

قص المرأة شعرها إلى الكتفين

قص المرأة شعرها إلى الكتفين المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 4/9/1422 السؤال ما حكم قص الشعر للمرأة بقصد الزينة إلى الكتف مع الدليل؟ الجواب يجوز للمرأة قص شعرها إلى الكتف أو ما فوقه بقصد الزينة، أو بقصد تخفيفه حتى لا تحتاج إلى كثرة التسريح والعناية، والدليل العام على ذلك أن هذا من أمور العادات والأصل فيها الإباحة ما لم يرد دليل خاص يدل على التحريم، على أنه قد ورد دليل خاص يدل على الإباحة، وهو ما أخرجه مسلم في صحيحه (320) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال:" كان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة " والوفرة: هي الشعر إذا لم يجاوز الأذنين، فإن جاوزها دون الكتفين فهو الجمّة، فإن ألم بالكتفين فهو اللمّة، فالوفرة أقل من الجمة ومن اللمة. وقد كانت زينة النساء عند العرب السالفين تطويل الشعور واتخاذ الذوائب، فلما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر أزواجه شعورهن لاستغنائهن عن التزين، وللتخفف من مؤونة العناية بالرأس، قال القاضي عياض: " فيه دليل على جواز تخفيف النساء لشعورهن واتخاذهن الجمم " أ. هـ، والله أعلم.

حكم الباروكة

حكم الباروكة المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 22/3/1423 السؤال تقدمت للعمل في إحدى الشركات التي تقوم على وضع شعر مستعار جزئي كان أو كلي حسب حالة المتقدم للعلاج من الصلع وتثبيتها بمادة صمغيه معينة، علماً أن هذا الشعر لا تتم زراعته كما يحدث في معظم الأحيان، أي: أنه ليس شعراً طبيعياً قابلاً للنمو، بل شعراً مستعاراً يبقى على رأس الشخص مدة شهر ونصف، ثم يقومون بعد هذه المدة بعمل صيانة لهذه الباروكة من قبل نفس الشركة التي قامت بتثبيته. السؤال: هل هذه الباروكة حكمها في الوضوء هو نفس الحكم للمسح على العمامة؟ علماً أن الماء لا يصل للبشرة أسفلها نهائياً رغم أنه يمكن الاستحمام بهذه الباروكة، وهل عملي بهذه الجهة يدخل فيه شيء من الحرام من باب قول الرسول-صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله الواصلة والمستوصلة"؟ مع العلم أن طبيعة عملي هي تنسيق المواعيد للزبائن وإقناعهم بالمجيء إلينا، بالإضافة إلى أنه يرتب بعض المواعيد النسائية سراً، حيث يتم التأكد من عدم وجود مواعيد للرجال في هذا الوقت، ظناً من بعض المتقدمين أن الاستشاري هو طبيب علماً أنه حلاق لا أكثر. الجواب هذه الباروكة لا يخلو استعمالها من أحوال: الأول: أن يستر بها عيب خلقي وجد عند المرأة كأن تكون قرعاء أو لا شعر لها أصلاً فلا بأس باستعمالها حينئذٍ لستر هذا العيب، فقد أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعرفجة بن سعد لما قطع أنفه يوم الكلاب أن يتخذ أنفاً من ذهب (حديث حسن رواه أبو داود 4232) ، ولكن لا تكن هذه الباروكة من شعر الآدميين. الثاني: أن يكون القصد من الباروكة التجمل وزيادة الحسن وتكون من شعر آدمي، فهذا حكمه التحريم؛ لأن الباروكة هنا داخلة في الوصل، وإن لم تكن وصلاً فهي تظهر شعر المرأة على وجه أطول من حقيقته فتشبه الوصل، وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الواصلة والمستوصلة، البخاري (5933) ومسلم (2122) . الثالث: أن تكون الباروكة من غير شعر الآدمي فينظر للعلة التي حرم وصل الشعر لأجلها،

وقد ذهب الحنفية إلى أن العلة هي التدليس باستعمال جزء من الآدمي وهو الشعر، وهذا لا يحل لكرامة الآدمي، وذهب المالكية إلى أن العلة هي التدليس بتغيير خلق الله بتطويل الشعر القصير أو تغييره إن لم يكن غزيراً، وذلك للآية الكريمة: "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"، [النساء:119] ، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن علة تحريم الوصل هي التدليس والغش لما روى معاوية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سماه الزور: يعني الواصلة بالشعر رواه البخاري (5938) ، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الغش بقوله: "من غشنا فليس منا"، رواه مسلم (101) . وأيضاً استدلوا بما رواه البخاري (5935) ومسلم (2122) عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمرّق رأسها وزوجها يستحثني بها أفأصل شعرها؟ فسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الواصلة والمستوصلة، فقالوا: منع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الوصل لما فيه من التدليس والغش وإخفاء العيب الذي حصل في الزوجة، وما ذهب إليه الشافعية والحنابلة هو الأرجح -إن شاء الله- وبناء عليه فيكون الحكم في الباروكة التي ليست من شعر الآدمي كما يلي: 1- إذا كان شعر الباروكة يشبه الشعر الطبيعي حتى لا يفرق بينه وبينه فيحرم هذا النوع؛ لأن التدليس حاصل، وسواء كان هذا شعراً، أو صوفاً، أو خيوطاً صناعية، أو غير ذلك. 2- إذا كان شعر الباروكة لا يشبه الشعر الطبيعي، بل يعرف الناظر له للوهلة الأولى أنه غير طبيعي فلا يحرم الاستعمال حينئذ لعدم التدليس، لكن لا تستعمل فيه مادة نجسة، ولا يكون القصد فيه التشبه بالرجال، ولا التشبه بأهل الكفر أو الفجور. فإذا كانت الباروكة مما يحل استعماله من الحالات السابقة، فهل يحل لها أن تمسح عليها؟ هذا موضع خلاف بين أهل العلم بناء على خلافهم في مسح المرأة على الخمار، والراجح -والله أعلم- الجواز قياساً على عمامة الرجل، خاصة إذا كان هناك مشقة في النزع. 3-أما إذا لم تكن الباروكة مما يحل استعماله فلا يحل المسح عليها، وبقي أمر آخر تجدر الإشارة إليه، وهو أن السائل ذكر أن هذه الباروكة تثبت بمادة صمغية لمدة طويلة (شهر ونصف) ، وهذا يعنى أنه لم يراعِ انتهاء مدة المسح كالخف، وهي - أي: المدة معتبرة على القول الصحيح في المسح على العمامة ويقاس عليها الباروكة -، وبالتالي فلا يصح تثبيتها هذه المدة الطويلة، وبالنسبة لعمل الأخ السائل في هذه المؤسسة فينظر إلى نوع ما تمارسه من عمل هذه الباروكات، فإن كان محرماً- بحسب البيان السابق- فأرى أن يبحث له عن عمل آخر حتى لا يكون معيناً على المعصية. بقي أمر أخير، وهو: أنه يجب أن يبين للزبائن أن صاحب المحل أو العامل فيه حلاّق وليس استشارياً، وإلا كان ذلك داخلاً في معنى الغش أو التدليس. والله أعلم.

ارتداء الرجل حلقة الفضة

ارتداء الرجل حلقة الفضة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 4/4/1423 السؤال تعودت ارتداء سلسلة ذهبية، ولما علمت بأن الذهب محرم للرجال خلعتها واستبدلتها بسلسلة فضية، فهل هذا الأمر يوافق صحيح الدين؟ الجواب نعم يحرم لبس الذهب على الذكور، فلا يجوز للرجل أن يلبس خاتماً ولا ساعة ولا قلادة من ذهب؛ لما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال في الذهب والحرير:"هما حلال لإناث أمتي حرام على ذكورها" أحمد (19503) والنسائي (5148) ، ولما رأى على رجل خاتم ذهب قال:" يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده" مسلم (2090) فألقى الرجل خاتمه، ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه اتخذ خاتماً من فضة، فخاتم الفضة لا بأس به، وكذلك الساعة مثلاً، ولكن يحرم على الرجل كذلك التشبه بالنساء، فلا يجوز للرجل أن يلبس خواتم من فضة، فإن لبس الخواتم على عدد من الأصابع هو من شأن النساء، وكذلك القلادة، فيحرم عليك أن تلبس سلسلة ولو من فضة؛ لما في ذلك من التشبه بالنساء، فإن التحلي بالقلائد والخواتم والقروط بالآذان من زينة النساء، وفي الحديث الصحيح:"لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال" البخاري (5885) فعليك أيها الأخ أن تطَّرح هذه السلسلة وإن كانت من فضة، وتعتز برجولتك وتحمد الله على نعمه الدينية والدنيوية، والله -تعالى- حكيم عليم في شرعه وفي كل أفعاله، إنه -تعالى- حكيم عليم وصلى الله على نبينا محمد.

إطالة الشعر

إطالة الشعر المجيب عبد الله بن عبد الوهاب بن سردار خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 11/7/1423هـ السؤال ما حكم إطالة الشعر؟ وهل هو سنة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. العمل يكون مستحباً مسنوناً إذا تحقق فيه شرطان: الأول: أن تكون النية في العمل خالصة لله لا تشوبها أي شائبة. الثاني: أن يكون العمل صواباً ورد به الدليل. فهل إطالة الشعر أمر ورد به الدليل؟ الجواب: نعم، فقد قال أنس -رضي الله عنه-:"كان شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- يضرب منكبيه" رواه البخاري (5901) ، ومسلم (2337) واللفظ له -رحمه الله-، ثم نسأل سؤالاً آخر: ما نية الذي يريد تطويل شعره؟ وما مقصده؟ فإن كانت نيته اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- والله يعلم ذلك منه- فقد تحقق فيه الشرطان، وأصبح عمله مسنوناً مستحباً ويؤجر عليه -إن شاء الله تعالى-. وأما إن لم يقصد اتباع السنة بل قصد شيئاً من السوء، كأن يكون قد نوى تشبهاً ببعض الكافرين أو الفاجرين فعمله ليس مسنوناً بل هو عمل محرم شرعاً، وإن نوى التشبه بالنساء فعمله محرم أيضاً، وكذلك لو نوى تحسين صورته لجلب أعين النساء واستمالة قلوبهن فعمله محرم أيضاً. وهناك حالة قد لا ينوي صاحبها اتباع السنة ولا ينوي شيئاً من السوء فيكون عمله مباحاً لا يثاب عليه ولا يأثم عليه. وقبل أن أختم أذكر بالتنبيهات التالية: الأول: لا ينبغي أن يكون المسلم حريصاً على السنن التي توافق هواه فقط دون غيرها من السنن، بل ينبغي الحرص على كل السنن. الثاني: إذا كان المسلم في مكان تمنع أنظمته من تطويل الشعر فليلتزم بذلك ولا يخالف، مثل بعض الجهات العسكرية ومثل مدارس الطلاب. الثالث: إذا كان تطويل شعر الأولاد يزيدهم حسناً ويسبب لهم الإيذاء من أهل السوء الذين يتتبعون الفتيان فالأحسن أن يمنعوا من تطويل الشعر إلى أن يبلغوا مبالغ الرجال. الرابع: ينبغي على من ترك شعره طويلاً أن ينضبط بالضوابط الشرعية الأخرى مثل: تحريم القزع، واستحباب إكرام الشعر بتنظيفه وتطييبه، وغير ذلك من الضوابط. أسأل الله أن يجعلك من الصالحين وأن يجمل خَلقك وخُلقك.

الطيور المحنطة

الطيور المحنطة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 9/11/1422 السؤال ما حكم وضع الطيور المحنطة في البيت؟ الجواب لا حرج في ذلك - إن شاء الله -، فإنه يجوز وضع الطيور الحية في البيوت، لما ثبت في قصة أبي عمير أخي أنس بن مالك - رضي الله عنه - وأن النبي - عليه الصلاة والسلام - زارهم في بيتهم وسأله عن نغير - طائر - له، وقال: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟ " (البخاري 6129، ومسلم 2150) والطائر المحنط ليس مستقذراً ولا منتناً، فلا مانع من اتخاذه للتعليم أو للزينة ونحوها.

لبس الباروكة للرجال

لبس الباروكة للرجال المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 6/1/1423 السؤال هل لبس الباروكة للرجل الأصلع جائز؟ وهل المسح على الباروكة في الوضوء جائز؟ ومن اعتمر وهو لابس الباروكة ماذا عليه أن يفعل؟ الجواب وصل الشعر محرم على النساء لقوله - عليه السلام-:" لعن الله الواصلة والمستوصلة " أخرجه البخاري (5934) ومسلم (2123) واللفظ للبخاري، والنساء بحاجة إلى الزينة، ومع ذلك حرم عليهن وصل الشعور، وتحريم ذلك على الرجال من باب أولى، وحرمته على الرجل أغلظ وآكد، وعلى ذلك فليس له المسح عليها في الوضوء؛ لأن استبقاءها محرم، ومن اعتمر وهو لابس الباروكة فإنه يكون قد ارتكب محرماً وهو وصل الشعر والتشبه بالنساء، وعليه التوبة والاستغفار، كما أنه ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام وهو تغطية الرأس، وعليه الفدية شاة يذبحها ويوزعها على فقراء الحرم، أو إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام.

الصبغة وأثرها على الوضوء

الصبغة وأثرها على الوضوء المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 25/2/1423 السؤال ما حكم الصبغة وبخاصة الميش، هل تمنع الوضوء؟ الجواب أولاً: حكم الصبغة صبغة الشعر إذا كان صبغاً للشعر الذي أصابه الشيب، أي: البياض بالحناء، أو الحناء والكتم، فإن هذا من السنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى شعر أبي قحافة والد أبي بكر -رضي الله عنهما-، قال: "غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد" رواه مسلم (2102) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، والصبغ بالسواد الخالص الساحن لا يجوز، ومن باب أولى الصبغات التي يقصد بها محاكاة الغربيين وتقليدهم في أصباغ ليست من مألوف أهل الإسلام، كمن يصبغ شعره بألوان متعددة، أو يكون يصبغ شعره بصبغة غير مزينة ومقبول التجمل بها عند أصحاب الأذواق السليمة. وأما ما سأل عنه، هل تمنع الوضوء أم لا؟ فنقول: إن الصبغة في العادة لا تشكل طبقة على الجسم المصبوغ، وإنما هي لون فقط، وحينئذٍ لا تؤثر على الوضوء ولا تمنع وصول الماء إلى البشرة، أو الشعر، والله أعلم.

تقويم الأسنان وإزالة تشويهاتها

تقويم الأسنان وإزالة تشويهاتها المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 7/2/1423 السؤال ما حكم من يضع تقويماً أو تلبيساً للأسنان التي بها فرجة مشوهة للشكل، حيث إني متزوجة ونحن في زمن كثير الفتن. الجواب إن تقويم الأسنان هو إعادة أمر إلى ما كان عليه، فالله -سبحانه وتعالى- خلق الإنسان في أحسن تقويم، كما أن تقويم الأسنان قد يصل إلى درجة الضرورة الصحية للإنسان لتمكين الأسنان من القيام بعملها على أكمل وجه، كما أن إزالة التشوهات الخلقية لا بأس لرجل كان أو امرأة، والله أعلم.

الصبغ بالسواد للشاب

الصبغ بالسواد للشاب المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 9/2/1423 السؤال ما حكم الصبغ بالأسود للشاب الذي يظهر الشيب في رأسه؟ (على اعتبار أنه شاب فليس هناك تدليس) . الجواب لا يجوز ذلك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لمّا جيء له بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً: "غيّروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد" رواه مسلم (2102) .

تطيب الرجل بطيب النساء

تطيب الرجل بطيب النساء المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 11/2/1423 السؤال في هذه الأيام تعددت أنواع العطور وتميزت رائحتها، فصار هناك أنواع خاصة بالنساء من يشم رائحتها يعلم بأنها عطور نسائية، وهناك عطور خاصة بالرجال كذلك، فإذا تعطر الرجل بطيب النساء، هل يدخل تحت الحديث الذي لعن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيه الرجال المتشبهين بالنساء؟ وماذا عن الحديث في (سنن النسائي) عن غسل يوم الجمعة إلى أن قال: " ... ثم يمس من الطيب ما قدر عليه ولو من طيب أهله"؟ الجواب فرّق النبي -صلى الله عليه وسلم- بين طيب الرجل وطيب المرأة، فأخبر "أن طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه" رواه الترمذي (2787) والنسائي (5117) وأبو داود (2174) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وفي هذا العصر ميّزت عطور النساء عن عطور الرجال حتى صارت معروفة برائحتها عند كثير من الناس، ولم يتقيدوا بما جاء في الحديث، وفي الرواية الواردة في مس الطيب يوم الجمعة وبلفظ: "ولو من طيب المرأة" رواه مسلم (846) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- ما يدل على أنه يكره استعماله للرجل فإباحته للرجل لأجل عدم غيره، كما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-، وبهذا يعرف أن استعمال طيب المرأة لا يُدخل الرجل تحت الوعيد المذكور في المتشبهين من الرجال بالنساء؛ لأنه لو كان كذلك لم يأذن فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-. ولكن الأعمال بالنيات، فلو تطيّب من طيب المرأة تأنثاً فإنه يخشى أن يلحقه الوعيد، والأولى بالرجل أن يتخذ لنفسه طيباً، وأن يجتنب طيب النساء ما استطاع، والله أعلم.

عملية تجميل الأنف

عملية تجميل الأنف المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 23/2/1423 السؤال ما حكم إجراء عميلة تجميلية للأنف وتصغيره؟ حيث أعاني من كبر حجم أنفي، وأنا لا أقصد بذلك سوى التجمل لزوجي. الجواب هذا النوع من الجراحة الذي يراد إجراؤه لا يصح شرعاً، وذلك لما يلي: 1-لقوله -تعالى-: "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله" [النساء:119] ووجه الدلالة من هذه الآية: أنها وردت في سياق الذم، ووردت ضمن بيان المحرمات التي سوّل الشيطان فعلها لعصاة بني آدم، ومن ذلك تغيير خلق الله، فهذه المرأة التي خلقها الله على هذه الصورة وتريد تغييرها إلى صورة أخرى أحسن منها داخلة في معنى تغيير خلق الله، على حسب الأهواء والرغبات، فتكون بذلك داخلة في المعنى المذموم شرعاً. 2-ما رواه البخاري (4886) ومسلم (2125) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلِّجات للحسن المغيرات خلق الله". 3-ووجه الدلالة أن اللعن لا يكون إلا لمن ارتكب محرماً، وقد علل التحريم في الحديث بأنه لتغيير الخلقة وطلب الحسن، ومسألتنا فيها هذا المعنى، فإن فيها تغييراً للخلقة بقصد الزيادة في الحسن فيكون محرماً. 4-وقياساً على تحريم الوشم والنمص بجامع تغيير الخلقة في كلٍ، وذلك لطلب الحسن والجمال. 5-ولوجود بعض المحاذير الشرعية كالتخدير العام أو الموضعي، والأصل في التخدير التحريم إلا إذا أذن به الشرع، وكذلك قيام الرجال بجراحة النساء أو العكس، وكذا اللمس المحظور، وهذا لا يحل إلا فيما أذن فيه الشارع الحكيم، وليست مسألتنا من هذا المأذون فيه. 6-أن هذه الجراحة للأنف لا تخلو من المضاعفات التي تنشأ عنها، وحتى في حالة القيام بها ونجاحها فإن ذلك يستلزم تغطية الموضع الذي تمت فيه الجراحة بجبيرة، أو غطاء، أو لفافة طبية قد تستمر أياماً ولا يغسل ما تحتها عند الوضوء والغسل الواجبين، وهذا غير مأذون شرعاً. والخلاصة: أنه يحرم على الطبيب والطالب لهذه الجراحة الإقدام عليها. وما تتعلل به هذه الأخت من كبر الأنف أو قبحه غير مبيحٍ لهذا الفعل، وغير كافٍ في الترخيص فيه، وليس الحل التام هو في الجراحة التجميلية كما يصرح به الأطباء أنفسهم، بل القضية نفسية، يكون حلّها بالرضا بما قسمه الله من الصورة والجمال، وترك الوساوس والأوهام، مع التأكيد على أن قيمة الإنسان ليست في صورته وشكله الظاهري، بل هي فيما تحمله نفسه من التزام لشرع الله وتحلٍ بالآداب والأخلاق الكريمة، والله أعلم. وأدل السائلة وبقية القراء على بعض المراجع في الجراحات التجميلية عموماً، ومنها: -أحكام الجراحة، للدكتور/ محمد المختار الشنقيطي، مكتبة الصديق-الطائف-. -أحكام جراحة التجميل للدكتور/ محمد عثمان شبير، مكتبة الفلاح-الكويت-. -المسائل الطبية المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية، للدكتور/ محمد عبد الجواد النتشة، من إصدارات مجلة الحكمة-بريطانيا-.

خضاب الشعر بالسواد

خضاب الشعر بالسواد المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 5/11/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. لدي سؤال كثيراً ما احترت في إيجاد الإجابة عليه وذلك لاختلاف الفتوى بين أهل العلم فما بين مجيز وما بين مانع منه ومحرم له ألا وهو صبغ اللحية بالسواد سواء للشاب أو لرجل غير مدلس أو كان فيه تدليس، والبعض من العلماء يقول: لا يوجد حديث صحيح صريح في التحريم والبعض يقول عبارة:"وجنبوه السواد" إدراج، والبعض يقول التحريم من تشدد المذهب، والبعض يرخص للشباب دون الكبار وتعددت الفتاوى -كما هي الحال في حكم التصوير حتى وجدت الجواب الشافي بإذن الله على هذا الموقع المميز حقيقة وفق الله الجميع- أرجو من فضيلتكم الجواب الشافي عن هذا السؤال وهو الصبغ بالسود عموماً، والله يحفظنا وإياكم وجميع المسلمين، ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أن ما ذكره السائل من وجود خلاف بين أهل العلم في مسألة خضاب الشعر بالسواد صحيح، لكن القول الراجح -في نظري- هو التحريم؛ لورود الدليل الصحيح في ذلك فقد روى مسلم في صحيحه في كتاب اللباس (6/155) عن جابر قال: أُتي بأبي قحافة وجاء يوم الفتح أو عام الفتح ورأسه ولحيته مثل الثغام أو الثغامة بياضاً فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد" فقوله -صلى الله عليه وسلم-:"واجتنبوا السواد" صريح في النهي والأصل في النهي التحريم، وهذا القول قول جماعة من أهل العلم منهم الشافعي -رحمه الله- واختاره الإمام النووي، فقد قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (14/80) ما نصه:"ومذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة أو حمرة ويحرم خضابه بالسواد على الأصح وقيل يكره كراهة تنزيه والمختار التحريم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"واجتنبوا السواد" هذا مذهبنا" وقال القاضي:"اختلف السلف من الصحابة والتابعين في الخضاب وفي جنسه ... " فذكر عن القاضي الخلاف في الخضاب ثم الخلاف في جنسه فقال -أي القاضي:"ثم اختلف هؤلاء فكان أكثرهم يخضب بالصفرة منهم ابن عمر وأبو هريرة وآخرون وروى ذلك عن علي. وخضب جماعة بالحناء والكتم وبعضهم بالزعفران وخضب جماعة بالسواد وروى ذلك عن عثمان والحسن والحسين ابني علي وعقبة بن عامر وابن سيرين وأبي بردة وآخرين". انتهى محل الغرض منه. هذا وتقدم أن القول المختار هو القول بالتحريم، والله أعلم.

لبس الرجال للألماس

لبس الرجال للألماس المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 11/1/1425هـ السؤال ما حكم لبس الألماس للرجال؟ كساعة أو غيرها؟ الجواب الوارد تحريم لبس الذهب للرجال واستعمال الذهب والفضة إلا لضرورة، كسن وأنف وما أبيح من آلات الحرب، انظر ما رواه الترمذي (1770) ، والنسائي (5161) ، وأبو داود (4232) من حديث عرفجة بن أسعد -رضي الله عنه- وما أبيح من التختم بالفضة، وأما الألماس ونحوه من الأحجار الغالية فلا حرج فيها.

الرسم بالحناء

الرسم بالحناء المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 27/3/1424هـ السؤال سؤالي حول عمل الرسومات على الجسم ليس باستخدام الوشم، وإنما بأصباغ أو استخدام الحنة كصبغ للزوجة وشرعية ذلك في الإسلام؟. الجواب الأصل في الزينة هو الإباحة والجواز ما لم يرد دليل على المنع، والأصباغ التي تتزين بها المرأة لزوجها داخلة في هذا، وقد ذكر بعض أهل العلم استحباب الخضاب للمرأة في كفيها وقدميها خاصة، وهل سائر البدن حكمه كذلك؟ الذي يظهر أنه لا فرق ما دام القصد هو التزين للزوج، لكن ينبغي أن يعلم أن هذه الأصباغ وإن كان الأصل فيها الإباحة، إلا أنه قد يقترن بها بعض المحاذير مما يخرجها عن دائرة الإباحة والجواز إلى المنع، فمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: أن يترتب على التزين بتلك الرسومات أو الأصباغ كشف للعورة، أو تكون تلك الرسومات أو الأصباغ تعني مشابهة الكافرات أو الفاسقات، أو تشتمل تلك الرسومات على صور لأشخاص أو حيوانات، أو يكون التزين بتلك الأصباغ أو الرسومات يؤدي إلى شهرة بين مجتمع المرأة، أو نحو ذلك من المحرمات، فإن اشتملت على شيء من ذلك كانت حراماً منهياً عنها. والله أعلم.

جلوس الرجال على الحرير

جلوس الرجال على الحرير المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 3/4/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ هل يجوز للمرأة أن تضع فرشاً للمنزل من حرير؟ ويكون زوجها أو أقاربها من الرجال يجلسون على هذا الحرير؟ وجزاكم الله خيرا. الجواب لا يجوز أن يلبس الرجال الحرير إلا لضرورة، كما لا يجوز لهم أن يجلسوا على الحرير، لحديث حذيفة ابن اليمان - رضي الله عنه- قال: "نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه". رواه البخاري (5837) ، ولحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" متفق عليه عند البخاري (5833) ، ومسلم (2069) .

حلق ما بين الحاجبين

حَلْقُ ما بين الحاجبين المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 6/11/1424هـ السؤال سألني زميل لي بأنه أجرى عملية جراحية في أنفه، ويتطلب الأمر حلاقة الشعر الذي بين حاجبيه كالشعر الذي يوجد في بعض الناس، ويقول: إنه بعد العملية أصبح الشعر أطول مما كان عليه، فهل يجوز أن يخفف منه أو يحلقه؟ أفيدونا.... جزاكم الله خيراً. الجواب الشعر الذي يوجد بين الحاجبين إذا طال بعد العملية وتأذى منه الإنسان فلا بأس بإزالة المؤذي منه، ولا أرى حلقه؛ لعدم الحاجة إلى ذلك، ولأن بقاء هذا الشعر بعد إزالة المؤذي لا ضرر فيه على الإنسان، والأصل أن شعر الحاجبين يبقى على خلقته المعتادة، لكن ما حصل به الأذى فيجوز إزالته؛ لأن ذلك من باب العلاج. والله أعلم.

حلق شعر القفا

حلق شعر القفا المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 18/03/1426هـ السؤال هل يجوز حلق شعر القفا، أي الشعر الذي ينبت على العنق؟ وما هي المصادر والمراجع في هذه المسألة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: شعر العنق الذي يعتبر من شعر الرأس، فإن الإنسان إذا حلق رأسه فإنه يعمم شعر رأسه بالحلق، وأما ما ينبت على الرقبة، فإن هذا ليس من شعر الرأس، وليس فيه أمر ولا نهي، وليس فيه استحباب ولا كراهة، فإذا كان يؤذي الإنسان إذا نبت على رقبته شعر فيزيله، وإذا كان لا يؤذيه فلو تركه فلا شيء عليه، ويراجع السائل المصادر والمراجع في هذه المسألة في كتب الفقه، وخاصة في كتاب سنن الفطرة، وما شابهها من المسائل، سواء في كتب الفقه أو كتب الحديث. والله ولي التوفيق.

صبغ اللحية بالأصباغ الحديثة

صبغ اللحية بالأصباغ الحديثة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 2/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم استخدام أصباغ الشعر الحديثة والمخصصة لصبغ اللحية، علماً بأنني أستخدم للصبغ اللون البني الفاتح، وقد سبق لي استخدام الحنا والكتم، ولكن ذلك يتطلب وقتاً طويلاً، أما الأصباغ الحديثة فإنها لا تستغرق أكثر من 10 دقائق؟ أرجو إفادتي بالحكم، وجزاكم الله خيراً. الجواب جاء في صحيح مسلم (2102) من حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أتى بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - وكانت لحيته ورأسه كالثغامة بياضاً قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد" فدل هذا النص على جواز تغيير الشعر بأي لون باستثناء السواد، فلا يجوز تغيير اللون بالسواد وما عداه يجوز. فإذا كان اللون الموجود في هذه الأصباغ الحديثة من غير اللون الأسود، كالبني ونحوه فيجوز استخدامه وما عدا ذلك كاللون الأسود فلا يجوز.

الصلاة بالفانيلة

الصلاة بالفانيلة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 19/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: هل تجوز الصلاة بالفانيلة الداخلية، بحيث يكون الكتف يكون ظاهراً، وذلك مع مراعاة أن الجزء السفلي من الجسم يكون مستوراً تماماً. أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب تصح الصلاة بذلك -إن شاء الله-، ولكن كلما استكملت لباسك الساتر يكون أفضل؛ لقوله تعالى:"يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" [الأعراف:31] ولعل ذلك باستكمال ستر العورة، ويحتمل أن يكون المراد بالزينة ما فوق ذلك من اللباس النظيف الحسن، والظهور بالمظهر اللائق.

اكتحال الرجال

اكتحال الرجال المجيب نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 18/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. ما حكم استعمال الاثمد (كحل النبي) خارج المنزل مع عدم وجود سبب إلا للزينة؟ مع العلم أن بالإمكان استعماله في البيت، ويمكن أن يجلي البصر في البيت وللتزين به سواء كان من الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها. أفيدونا أثابكم الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فالاكتحال إما أن يكون للرجل أو للمرأة، فإذا كان للمرأة فهو جائز؛ لأنه من عادات النساء قديماً وحديثاً، والأصل في العادات الإباحة ما لم يرد بذلك نهي، وقد نهي الاكتحال للنساء في بعض الأحوال فقط، ومن ذلك إذا كانت بحضرة رجال أجانب؛ لأنه من الزينة التي نهيت بإبدائها للأجانب، قال تعالى: "ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخواهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن" [النور: 31] ، كما أنها منهية عن الاكتحال في عدة الوفاة خاصة على الراجح من كلام أهل العلم. أما الاكتحال للرجال فإن الأصل فيه الجواز لكونه من جملة العادات، وبعض الفقهاء استحبه خصوصاً إذا كان بقصد التزيين لأحد الزوجين، وبعضهم كرهه إذا كان فيه تشبه بالنساء، وقد يصل إلى التحريم إذا كان يثير تعجب الناس واستنكارهم حتى يشار إليه بالبنان، وهو ما يطلق عليه الفقهاء مصطلح الشهرة، أو إذا كان بقصد التكبر، وقد جاء الحث عليه في بعض الأحاديث، ولكن في سندها مقال. والله تعالى أعلم.

إزالة ما يشوه من الحاجب الكثيف

إزالة ما يشوه من الحاجب الكثيف المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 22/1/1425هـ السؤال أحياناً يكون لبعض النساء حاجب عين كبير مشوه، فإذا قلنا يجوز لها إزالة ما يشوه خلقتها، ويعيدها إلى الشكل الطبيعي؛ فما الضابط في الحاجب الذي يخرجها من حديث: "لعن الله النامصة والمتنمصة"، هل نقول لها: لا يجوز الأخذ منه سدّاً للذريعة؟ أم نقول لها: لا بأس ما دام شكله مشوهًّا؟. الجواب إذا كان الحاجب كثيفاً وكبيراً بشكل غير معتاد في الناس، ويعد مشوهًّا عندهم؛ فيجوز الأخذ منه في هذه الحالة حتى يعود منظره كحواجب عامة الناس، لأن الأخذ منه في هذه الحالة إنما هو من باب دفع الأذية وإزالة الضرر، وهو إرجاع له إلى وضعه الطبيعي. أما إذا كان الحاجب غير جميل عند صاحبته، هي تريد ترقيقه أو تحسينه فقط؛ فهذا داخل في النمص المنهي عنه شرعاً. والله أعلم.

ثقب الأنف من أجل الزينة

ثقب الأنف من أجل الزينة المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 08/05/1425هـ السؤال ما حكم ثقب الأنف. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لم توضح السائلة الغرض من ثقب الأنف، لكن إن كان الغرض من هذا الثقب التحسين والتجميل، وذلك بوضع حلية فيه، ونحو ذلك، فيظهر أن الأولى تركه؛ لما فيه من المثلة وتشويه الخلقة، لكن لو كانت المرأة في بلدة يعد تحلية الأنف فيها زينة وتجملاً فلا بأس بهذا الثقب للأنف لتعليق الحلية عليه، وممن أشار إلى هذا الحكم بعض فقهاء الحنفية، كما في (حاشية ابن عابدين (5/270) ، وبه أفتى الشيخ ابن عثيمين كما في مجموع فتاواه ورسائله (4/137) . والله أعلم.

تختم الرجل بالبلاتين

تختم الرجل بالبلاتين المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 11/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: ما حكم لبس خاتم مصنوع من البلاتين للرجال؟ -جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجوز ذلك ما دام ليس بذهب، فقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجال عن التختم بالذهب.

تعليق الوشاح الذهبي للرجال

تعليق الوشاح الذهبي للرجال المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 11/1/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم رشح أحد التجار لنيل إحدى الجوائز الدولية من إحدى المؤسسات المتخصصة، وأثناء الحفل سيتم تعليق الوسام أو الوشاح الذهبي في رقبة الشخص المعني لفترة مؤقتة، فهل يجوز تعليق الوشاح أو الوسام؟ مع العلم أنه مصنوع من الذهب. وجزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله. لا يجوز لمن استحق هذه الجائزة أن يوافق على تعليق الوشاح أو الوسام الذهبي في رقبته وذلك لأمرين: أولاً: أن تعليقه في رقبته ولو دقيقة واحدة يعد بذلك لابساً للذهب، وقد حرم الله لبس الذهب على ذكور هذه الأمة فلا يجوز للمسلم أن يلبس الذهب لا في يده ولا في رقبته ولا في أي موضع من بدنه. وثانياً: إن تعليق الوشاح أو الوسام في هذه المناسبة هو من تقاليد الكفار، فقبول المسلم تعليق ذلك في رقبته تشبه بهم في عوائدهم، وعلى المسلم أن يربأ بنفسه عن ذلك ويعتز بما أكرمه الله به من الإسلام وخصائص الإسلام، وعليه أن يتجنب من الأحوال والأعمال ما يقربه من الكفار، ومجاراة الكفار في عوائدهم تدل على ضعف الولاء للإسلام والاعتزاز به، واللائق بالمسلم أن يكون داعياً إلى الله ومحافظاً على شرائع الإسلام ومعتزاً بكونه مسلماً كما قال تعالى: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين" والله أعلم.

آلة الحلاقة المطلية بالذهب للنساء

آلة الحلاقة المطلية بالذهب للنساء المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 28/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي هو: هل يجوز استخدام آلة حلاقة الشعر غير المرغوب فيه (الساق، الذراع،..) للنساء، والتي تحتوي على أسنان من الذهب أو مطلية بالذهب. مثل (إمجوي؟) .وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقد ثبت في صحيحي البخاري (5110) ، ومسلم (2067) ، عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا تلبسوا الحرير، ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا، ولنا في الآخرة" هذا لفظ البخاري. وفي صحيح البخاري (5634) ، ومسلم (2065) ، أيضاً أن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم".

ولهذا فقد أجمع العلماء على تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، كما حكاه النووي في شرح صحيح مسلم (14/29) ، وغيره، ثم اختلفوا في جواز استعمال الآنية منهما أو من أحدهما في غير الأكل والشرب من سائر وجوه الاستعمال، والجمهور على التحريم أيضًا، كما في فتح الباري (10/97) ، وحكاه النووي إجماعاً، حيث قال: "الإجماع منعقد على تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة في الأكل والشرب والطهارة، والأكل بمعلقة من أحدهما، والتجمر بمجمرة منهما، وجميع وجوه الاستعمال، ومنها: المكحلة، والميل، ... ويستوي في التحريم الرجل والمرأة بلا خلاف ... " ا. هـ، وقد تعقب الشوكاني النووي في حكاية هذا الإجماع، ورجح القول بجواز استعمالهما في غير الأكل والشرب، كما في نيل الأوطار (1/116) ، والأظهر هو التحريم، كما ذهب إليه ابن القيم في إعلام الموقعين (1/207) ، حيث قال: (وهذا التحريم لا يختص بالأكل والشرب، بل يعم سائر وجوه الانتفاع، فلا يحل له أن يغتسل بها، ولا يتوضأ بها، ولا يدهن فيها، ولا يتكحل منها، وهذا أمر لا يشك فيه عالم، ومن ذلك نهي النبي - صلى الله عليه وسلم- المحرم عن لبس القميص، والسراويل، والعمامة، والخفين، ولا يختص ذلك بهذه الأشياء فقط، بل يتعدى النهي إلى الجباب.. والقبعة، والطاقية، والكوفية ... ) ا. هـ. هذا بالنسبة لاستعمال الآنية المتخذة من الذهب أو الفضة، أما الآنية المموهة أو المطلية بهما أو بأحدهما فالراجح أنها محرمة أيضاً؛ لأنه يشملها اسم الذهب والفضة، ويطلق عليها أنها مطلية بذهب وفضة أو بأحدهما، والفرق بين الخالص والمطلي أن الخالص من الذهب - مثلاً- هو ذهب صافٍ نقي من الشوائب الأخرى، أو فيه شوائب ولكنها قليلة مقارنة بالشوائب كالنحاس ونحوه، أما المطلي بالذهب فهو أقل منه نقاوة بكثير، ولكنه يحتوي على قدر من الذهب وإن كان قليلاً، ونقاوة الذهب (كما في الموسوعة العلمية للذهب والمجوهرات (1/16-103-104) تقاس بالقيراط، فإذا كان الذهب نقياً فإنه يكون كامل القراريط، وهو ما يسمى بعيار (24) قيراط، ودرجة النقاوة هنا تصل إلى (999) من (1000) وهي أعلى درجة في النقاوة، والدرجة التي تليها ما يسمى بعيار (22) قيراط، ودرجة النقاوة هنا تصل إلى (917) من (1000) ، وهكذا.. حتى يصل العيار إلى (10) قيراط، ودرجة النقاوة هنا تصل إلى (416) من (1000) ، وهذا القدر من الذهب وما كان أقل هو الذي يطلى به كثير من الآلات والأدوات لتبدو وكأنها مصنوعة بكاملها من الذهب، ويكون ذلك بلا شك بأقل كلفة من صنعها من الذهب الخالص، وعلى هذا فلا فرق بين المطلي وغيره، وإن كان الخالص أشد حرمة، لاشتراكهما في الاسم، والعلة التي لأجلها ثبت التحريم.

وقد اختلف العلماء في تحديد العلة من التحريم، وأرجحها ما صوبه العلامة ابن القيم في زاد المعاد (4/351) ، حيث قال: (فالصواب أن العلة - والله أعلم- ما يُكسب استعمالها- أي: آنية الذهب والفضة القلبَ من الهيئة، والحالة المنافية للعبودية منافاةً ظاهرة، ولهذا علّل النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها للكفار في الدنيا، إذ ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها في الآخرة نعيمها، فلا يصلح استعمالها لعبيد الله في الدنيا، وإنما يستعملها من خرج عن عبوديته، ورضي بالدنيا وعاجلها من الآخرة) ا. هـ. ولهذه العلة وغيرها، فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى تحريم استعمال سائر الآلات والأدوات المتخذة من الذهب أو الفضة، قياساً على الآنية المتخذة منهما أو من أحدهما؛ لعدم الفرق بينهما في المعنى، وعلى هذا فيحرم المطلي منها بالذهب أو بالفضة، كأدوات الحلاقة التي أشار إليها - السائل-، وقد وضحت عدم الفرق بين الخالص والمخلوط أو المطلي فيما تقدم، علماً بأن بعض أهل العلم رجح جواز استعمال اليسير من الذهب والفضة عند الحاجة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في الاختيارات (ص6) حيث قال: (ويباح الاكتحال بميل الذهب والفضة؛ لأنها حاجة ويباحان لها) ا. هـ، وربما كانت الحاجة هنا أنه لا يصدأ، بخلاف غيره من المعادن، ومعلوم أن من خواص الذهب أنه مقاوم للصدأ، وربما لم يكن في ذلك العصر ما يقوم مقامه كأداة للكحل، فاقتضت الحاجة جوازه. والله -تعالى- أعلم.

نتف الشيب

نتف الشيب المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 29/04/1426هـ السؤال ما حكم نتف الشيب، علمًا أني ما زلت في العشرين من عمري؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ورد النهي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، عن نتف الشيب، ففي السنن من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، نهى عن نتف الشيب، وقال: "إِنَّهُ نُورُ المُسْلِمِ". أخرجه الترمذي (2821) . وفي رواية عند ابن ماجه (3721) : "إِنَّهُ نورُ المُؤْمِنِ". وفي صحيح مسلم (2102) من حديث جابر، رضي الله عنه، أن أبا أبي بكر، وهو أبو قحافة، رضي الله عنهما، أُتي به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غَيِّرُوا هَذا بِشَيْءٍ واجْتَنِبُوا السَّوَادَ". فالشيب يغير بلون آخر غير لون السواد، ولا ينتف. والله أعلم.

حكم الوشم للرجال

حكم الوشم للرجال المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 01/04/1426هـ السؤال ما حكم الوشم للرجال؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الوشم من الأمور الشرعية التي ورد النص الشرعي بلعن فاعلها، فتكون محرمة كما في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-: "لعن الله الواشمات والمستوشمات" رواه البخاري (5931) ، ومسلم (2125) ، والتحريم يستوي فيه الرجال والنساء، كما صرح بذلك الإمام النووي وغيره (انظر: شرح صحيح مسلم: (14/106) ، والمجموع (3/140) كلاهما نشر دار الفكر - بيروت-، ونيل الأوطار للشوكاني (7/285) ، نشر: مكتبة الكليات الأزهرية) . والله أعلم.

الكحل للرجال

الكحل للرجال المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 11/06/1426هـ السؤال ما حكم الكحل للرجال؟ وهل ما نقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خاص بنوع معين؟.جزاكم الله خيراً، ونفع بكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: يسن الكحل للرجال، وأفضل ما يكتحل به الإثمد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه جابر -رضي الله عنه-: "عليكم بالإثمد عند النوم، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر". أخرجه ابن ماجة (3496) ، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر" أخرجه أبو داود (3878) والترمذي (1757) ، والنسائي (5113) ،والإمام أحمد في المسند (2047) ، والأفضل ثلاثاً ثلاثاً عند النوم، والله أعلم.

هل هذا عذر لحلق اللحية؟!

هل هذا عذر لحلق اللحية؟! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 18/05/1426هـ السؤال أنا أطيل لحيتي، لكنها تنمو بصورة غير كاملة، فلا يوجد شيء منها على الخدين، وهناك شعرات هنا وهناك بصورة غير منتظمة على جانِبَيْ الوجه. لكن من ناحية الشارب والذقن فتنمو اللحية بصفة عادية. أنا أحبّ اتباع السنة وإطالة لحيتي، لكن مظهري يبدو غير لائق الآن أمام الناس. فهل يجوز لي حلق لحيتي بسبب التشوُّه الحاصل، وإن لم يحلّ لي ذلك، فماذا يجوز لي أن أفعل لتحسين المنظر؟. الجواب لا يجوز لك حلق اللحية بدعوى أن مظهرها غير لائق أمام الناس، فإعفاؤها واجب؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-" جزوا الشوارب وأرخوا اللحى "، أخرجه مسلم (260) ، وجاء الحديث بروايات وألفاظ عدّة، كقوله: " أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" أخرجه مسلم (259) ، "وفروا" أخرجه البخاري (5892) ، "أعفوا" أخرجه البخاري (5893) ، ومسلم (259) ، "خالفوا المشركين" أخرجه البخاري (5892) ، ومسلم (259) ". وهذه التأكيدات تحرِّم الحلق ولا شك. ثم إن خلق الله ليس فيه تشويه، بل فيه كمال الجمال والحسن، وخفَّة الشعر وقلَّته تزينه عند الناس. والله أعلم.

هل تختم أحد من الصحابة بالذهب؟

هل تختّم أحد من الصحابة بالذهب؟ المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 25/10/1426هـ السؤال ذكر في "فقه السنة" كتاب اللباس، باب الذهب: أن بعض الصحابة لبسوا خواتم من الذهب بعد موت النبي -عليه السلام- دون أن ينكر عليهم أحد، ويستدل البعض بهذا على جواز لبسه، وأن النهى المذكور في الأحاديث إنما هو للكراهية فقط. فما رأيكم في ذلك الكلام؟ الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فالحال ما ذكره السائل الكريم نقلا عن كتاب "فقه السنة" للشيخ سيد سابق -رحمه الله-، وهذا المنقول عن بعض الصحابة قد أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (25154) ، من طريق محمد بن إسماعيل، قال: حدثني من رأى طلحة بن عبيد الله -وذكر ستة أو سبعة- يلبس خواتيم الذهب. وسنده ضعيف؛ إذ فيه راوٍلم يُسمّ فهو مجهول، فلا يصح الاستدلال به. وعلى فرض ثبوته فإنه لا يصح أن تُعارض به السنن الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن الله تعبدنا بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قولاً وفعلاً، وقد ثبتت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث جاء النهي فيها صريحاً عن التختم بالذهب، منها: ما أخرجه البخاري (6235) ، ومسلم (2066) ، عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبع، بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم، ونهى عن الشرب في الفضة، ونهانا عن تختم الذهب، وعن ركوب المياثر، وعن لبس الحرير والديباج والقَسِّي والإستبرق. وعند مسلم (2078) ، وغيره من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبس القَسِّي والمعصفر وعن تختم الذهب وعن قراءة القرآن في الركوع. وله أيضا (2090) ، من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده". فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول -صلى الله عليه وسلم-. وقد أخرج أحمد (750) ، وغيره بسند حسن، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ ذهباً بيمينه وحريراً بشماله ثم رفع بهما يديه، فقال: "هذان حرام على ذكور أمتي". وأخرج أيضا (16872) ، عن معاوية -رضي الله عنه- قال على المنبر بمكة: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لبس الذهب والحرير.

فهذه الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حجة على من عارضها بقوله أو فعله، ولا يصح أن يُحتج عليها أو تُعارض بقول أحد أو فعله، وإنما يلتمس العذر لمن خالفها من أهل العلم، كأن يكون نهي النبي -صلى الله عليه وسلم-لم يبلغهم، أو بلغهم فتأولوه على غير وجهه، وفي الصحيحين البخاري (7352) ، ومسلم (1716) من حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". وقد حكى الإجماع على حرمة التختم بالذهب القاضي عياض والإمام النووي -رحمهما الله- هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تركيب الفصوص بين الأسنان!

تركيب الفصوص بين الأسنان! المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/الزينة التاريخ 26/10/1426هـ السؤال بعض الأخوات يضعن فصاً بين الأسنان الأمامية، علماً أن أقل سعر للفص الواحد 150 ريالاً، ومن يقوم بتركيبه طبيب رجل. فما الحكم في ذلك؟ الجواب الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فوضع فص بين الأسنان، أو على الأسنان على هيئة نجمة أو غيرها للنساء ليس من الحاجة، ولا لدفع عيب، بل من باب الزينة التي يترتب عليها محاذير كالإسراف، والتكشف للرجال، وربما كان من التشبه بنساء الكفار، فالأقرب عندي المنع من ذلك، والله أعلم.

الألبسة

إسبال الثياب والخيلاء المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 15/5/1422 السؤال قرأت كلاماً للنووي، فهمت منه أن الإسبال إذا كان لغير خيلاء فهو مكروه وليس محرماً، فما ردكم على هذا الكلام؟ الجواب إسبال الثياب على نوعين، أحدهما: أن يكون خيلاء وفخراً، فهذا من كبائر الذنوب وعقوبته عظيمة. ففي الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)) . وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)) قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات. قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: ((المسبل، والمنّان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)) . فهذا النوع هو الإسبال المقرون بالخيلاء، وفيه هذا الوعيد الشديد أن الله لا ينظر إلى فاعله، ولا يكلمه، ولا يزكيه يوم القيامة وله عذاب أليم. وهذا العموم في حديث أبي ذر -رضي الله عنه- مخصص بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- فيكون الوعيد فيه على من فعل ذلك خيلاء، لاتحاد العمل والعقوبة في الحديثين. النوع الثاني من الإسبال: أن يكون لغير الخيلاء فهذا حرام، ويخشى أن يكون من الكبائر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعّد فيه بالنار. ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)) . ولا يمكن أن يكون هذا الحديث مخصصاً بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-؛ لأن العقوبة مختلفة، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج، أو قال: لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك فهو في النار، ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه)) . رواه مالك، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه. ففرّق النبي صلى الله عليه وسلم بين من جرَّ ثوبه خيلاء، ومن كان إزاره أسفل من كعبيه. لكن إن كان السروال ينزل عن الكعبين بدون قصد، وهو يتعاهده ويرفعه فلا حرج، ففي حديث ابن عمر السابق أن أبا بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله: إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لست ممن يصنعه خيلاء)) . رواه البخاري.

لبس المرأة للبنطال

لبس المرأة للبنطال المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها التاريخ 15/5/1422 السؤال ما حكم لبس بنطلون الـ (جينز) وملابس الـ (تي شيرت) للمرأة والفتيات، وما يجسّد العورة وإن كان بين النساء؟ فإن ذلك قد أدى إلى ظهور الفتن، وإثارة الغرائز. الجواب لا يجوز للمرأة لبس ما يصف جسمها لضيقه، أو رقّته؛ لما في ذلك من الفتنة للرجال، والقدوة السيئة للنساء ا. هـ. وينبّه على أن بنطلون (الجينز) ، و (التي شيرت) من ملابس الإثارة والإغراء، لأنها تحدد حجم الأعضاء، وتستر ما فيها من عيوب؛ ولذا لا يجوز للمرأة لبسها إلا على سبيل الإغراء والإرضاء لزوجها فقط. وليس لها أن تبدو بها أمام الرجال أو النساء، لما في ذلك التبرج والفتنة، وهتك الحياء. والله أعلم.

تطويل البنطال لآخر الكعبين

تطويل البنطال لآخر الكعبين المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 6/12/1424هـ السؤال عرفت أن الإسبال للرجال لا يجوز مطلقاً، سواءٌ أكان بنية الخيلاء والكبر أو غير ذلك، ولكن سؤالي هو: أنه عند تقصير البنطال إلى أعلى الكعبين يكون شكله غير مقبول وقد انتقدت كثيراً, فهل لي أن أقصره إلى حد الكعبين من الأسفل (أي إلى آخر الكعب) بحيث لا يتجاوزه. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم يجوز لك أن تطيل البنطال إلى الكعب بحيث لا يتجاوزه لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار"رواه البخاري (5787) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فما دام ليس أسفل الكعبين فلا حرج. وقولنا بجواز ذلك لا يعني أن يكون المسلم خجولاً ضعيفاً في تطبيق السنة، بل ينبغي له أن يكون فخوراً معتزاً بتطبيق السنة، داعياً إليها بالحكمة واللين، والحجة القوية المقنعة التي تبين أن في السنة والشرع خيري الدنيا والآخرة، فبادر أخي الكريم إلى الدعوة إلى الله ولا تستجب إلى ضغط المجتمع حولك، فالمؤمن قوي بالله -تعالى-. وفقك الله وسدَّد خطاك.

وصول الثوب إلى منتصف الكعبين

وصول الثوب إلى منتصف الكعبين المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 18/3/1424هـ السؤال لدي يا شيخ استفسار أرجو أن تجيبني عليه. إذا كان الثوب يصل إلى منتصف الكعبين هل هذا يعتبر إسبالاً؟ حيث إن ما فهمت من حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-:"ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار" أن ما جاوز الكعبين هو المحرم. وجزاك الله خيراً. الجواب النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" رواه البخاري (5787) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، ومعنى هذا أن الذي يكون على منتصف الكعب لا يعتبر إسبالاً، وإزرة المؤمن من منتصف الساق إلى الكعبين، فهذا العمل الذي يعمله الإنسان لا يرفعه عن منتصف الساقين، ولا يرسله أسفل من الكعبين وما بينهما فمباح إن شاء الله.

ربطة العنق الحريرية

ربطة العنق الحريرية المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 22/12/1423هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز للرجل أن يرتدي ربطة عنق من الحرير، إنني أعلم أن لبس الحرير لا يجوز للرجال ولكن الذي ورد في ذهني أن ربطة العنق لا تلبس على الجسم، أرجو التكرم بالإجابة بالتفصيل والدليل. وشكراً لكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فأقول وبالله التوفيق والسداد: لا يجوز للرجل أن يرتدي ربطة العنق إن كانت من الحرير لأن الحرير محرم لبسه على الرجال سواء أكان موطن اللبس على الجسم مباشرة أم في العنق أم على الرأس لأن كل هذا يُعد لباساً ولا فرق في ذلك بين عضو وعضو والله أعلم بالصواب.

ألبسة تحمل عبارات غير شرعية

ألبسة تحمل عبارات غير شرعية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 9/1/1424هـ السؤال السلام عليكم. أهديت إلى إحدى بناتي الصغيرات بعض الأشياء ومنها مرقة (قطعة قماش يلبسها الطفل أثناء الأكل) ، ولكني وجدت على بعضها كلمة (LITTL ANGLE) وهي تعني الملك الصغير (من الملائكة) ، وكذلك موجود على بعضها أشباه نجوم أشك في أنها صليب، فما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما جملة (المَلك الصغير) ففيها مخالفة شرعية ظاهرة، وعليك بطمس كلمة الملكَ أو تحريفها. وأما ما تشك أنه قد يبدو على شكل صليب فلا يجب عليك طمسه إلا إذا كان شكل الصليب فيه ظاهراً واضحاً، ودع عنك الوسوسة والتكلف في استخراج الصلبان من الخطوط المتقاطعة والأشكال الهندسية، فلن ينتهي بك الأمر إذا أقمت على هذا التكلف عند حد. أصلح الله ذريتك وجعلهم قرة عين لك ولزوجك، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الإسبال

الإسبال المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 1/4/1423 السؤال اطلعت على كثير من أقوال أهل العلم في مسألة الإسبال (أي: إسبال الثياب) فمن محرم لإسبالها تحت الكعبين، ومن يفتي بكراهيته، ومن مفصل بأن الإسبال بقصد التكبر والخيلاء هو المحرم والذي يعاقب عليه الإنسان، والذي لا تتخلله الكبرياء لا بأس به، وعلمت أن هناك مستنداً من أقوال السلف الصالح في هذه المسألة، وهو ما ذكره الإمام ابن حجر في (فتح الباري) فما الصحيح في هذه الأقوال؟ وهل يجوز الإنكار على المسبل بغير قصد الخيلاء؟ مع العلم أنه مستند على بعض أقوال العلماء. الجواب إسبال الإزار للخيلاء محرم وهو من الكبائر؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الله "لا ينظر يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء" متفق عليه البخاري (3665) ومسلم (2085) . أما الإسبال لغير الخيلاء فهو أيضاً محرم، ومما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد أخرج البخاري (5787) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال:" ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" فهذا يدل على منع الإسبال ولو لم يكن خيلاء، أما من قال هو محمول على إسباله خيلاء فليس بصحيح لما يلي: 1-جاء في حديث أبي أمامة الذي أخرجه الطبراني (8/232) أن عمرو بن زرارة -رضي الله عنه- أسبل إزاره، وعلل ذلك -رضي الله عنه- بأنه أحمش الساقين، ومع ذلك قال له -صلى الله عليه وسلم-:" يا عمرو إن الله لا يحب المسبل" فهذا نهي منه -صلى الله عليه وسلم- مع أن عمراً لم يسبل للخيلاء. 2-ما أخرجه النسائي (5329) والترمذي (1783) وصححه من حديث حذيفة أن النبي -صلى الله عليه وسلم-أخذ بعضلة ساقه -أي: ساق حذيفة- وقال:" هذا موضع الإزار، فإن أبيت فأسفل، فإن أبيت فلا حق للإزار في الكعبين". قال السندي:" والظاهر أن هذا هو التحديد وإن لم يكن هناك خيلاء. نعم إذا انضم إليه الخيلاء اشتد الأمر وبدونه الأمر أخف"ا. هـ. وما ذكره من أن هذا هو ظاهر الحديث قوي وواضح، وقوله: إن الإسبال بدون الخيلاء أخف صحيح؛ لأن الوعيد على الخيلاء أشد، لكن يبقى أن الكل محرم كما بينته لك. 3- ذكر بعض العلماء أن الإسبال يستلزم الخيلاء ولو لم يقصد اللابس الخيلاء، وممن ذهب إلى هذا ابن العربي وهذا ليس ببعيد عن الصواب؛ لما تحدثه هذه الهيئة من اللباس في نفس اللابس من الزهو والتعالي، وهذا إنما هو فيمن يقصد الإسبال مع علمه بالنهي، أما من يسترخي إزاره أحياناً بدون قصد مع تعاهده إياه بالرفع فلا يستلزم مثل هذا الخيلاء، والله أعلم.

لون الزي الخارجي للمرأة

لون الزي الخارجي للمرأة المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 12/6/1423هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز للمرأة أن تخرج في ثياب بيضاء (الخمار والعباءة) أم يشترط الألوان الداكنة؟ أرجو أن تشفعوا الإجابة بالأدلة وأقوال أهل العلم المتقدمين إن أمكن، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: الأصل أن تخرج المرأة متحجبة حجاباً شرعياً سابغاً فضفاضاً لا يصف بدنها ولا يجسده، ولا يكون زينة في ذاته أو مُطيباً. وأما اللون فلا يشترط لون محدد، لكن لا بد أن تبتعد عن الألوان الجذابة الفاتنة، مع الالتزام بمراعاة العرف السائد في البلد، إذ إن القاعدة الأصولية الشهيرة تنص على أن العادة محكمة، والعادة يقصد بها العرف، فمثلاً جرت عادة النساء في المملكة العربية السعودية أن يلبسن العباءات ذات اللون الأسود، فلا ينبغي أن تخرج امرأة بعباءة ذات لون مباين للأسود بدعوى أن الشارع لم ينص على السواد وجوباً. وأدلة وجوب الحجاب بالشروط التي ذكرتها في مطلع الجواب كثيرة في الكتاب والسنة وكلام أهل العلم، وهاك طرفاً منها: قال الله -تعالى-:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59] . وقال:"وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب" [الأحزاب:53] ، وقال:"ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" [الأحزاب:33] ، وقال:"وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ" [النور:60] . وعند أحمد (9727) وأبي داود (4174) وابن خزيمة في صحيحه (3/92) عن أبي هريرة أنه لقي امرأة متطيبة فقال:" يا أمة الجبار أين تريدين؟ قالت: المسجد، قال: وله تطيبتِ؟ قالت: نعم، قال: فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل". ومن السنة ما أخرجه البخاري (1838) وأبو داود (1823) والترمذي (833) والنسائي (2673) وأحمد (6003) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه السلام- قال:"لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين" فدل أن غير المحرمة يجوز لها الانتقاب، وأن ذلك عادة لبعضهن وهو نقاب بقدر العين للحاجة. ومن الأدلة ما جاء في الصحيحين البخاري (988) ومسلم (892) من حديث عائشة أنها كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسترها بردائه. وأما الآثار عن السلف فكثيرة منها ما رواه الحاكم (2/104) وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نتمشط قبل ذلك في الإحرام.

وفي قصة الإفك التي رواها الشيخان في صحيحهما البخاري (2637) ومسلم (2770) وأصحاب السنن أبو داود (785) والترمذي (3180) ، قالت عائشة: حين أقبل إليها صفوان بن المعطل -رضي الله عنه- فخمرتُ وجهي. وأنصح السائل بقراءة (رسالة الحجاب) للشيخ: محمد بن عثيمين، وكتاب "الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور" للشيخ: حمود بن عبد الله التويجري -رحمهما الله-، وعودة الحجاب للشيخ محمد إسماعيل المقدم ففيها فوائد كثيرة، وأدلة غزيرة ومباحث مهمة، ومسائل محررة ومنها استفدت في تلخيص هذا الجواب، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل في السراويل إسبال؟

هل في السراويل إسبال؟ المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 21/5/1423 السؤال بخصوص موضوع إسبال الإزار هناك تساؤل يراودني، فمجموع نصوص الإسبال ذكرت لفظة (الإزار) و (الإزرة) وهو معروف، وهو: ما يلف من الثياب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الإزار إلى نصف الساق أو إلى الكعبين, لا خير في أسفل من ذلك" رواه أحمد وهو مخرج في (صحيح الجامع) ، وغير ذلك من الروايات التي تجمع على حرمة إسبال الإزار سواء لمجرد الإسبال أو بقصد الخيلاء فيعظم الذنب، لكن هناك حديث صحيح عند أبي داود والنسائي وابن ماجة، وصححه الألباني-رحمهم الله جميعاً- في (المشكاة) , قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" الإسبال في الإزار والقميص والعمامة, من جر منها شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، ففي هذا الحديث خص الرسول -صلى الله عليه وسلم- اللباس الذي يدخل في حكم الإسبال المنهي عنه, ولم يذكر السراويل مع وجودها عندهم، وورود ذكرها في أحاديث أخرى، مثل: أحاديث اللباس المحرم المشهورة، فهل تخرج السراويل والبنطلون تبعاً لها من هذا الحكم؟ الجواب الذي يظهر دخول السراويل ونحوها في الأحاديث الواردة في الإسبال، وكون السراويل لم تذكر في الحديث المذكور في السؤال لا يدل على خروجها، فإن ما في الحديث إنما هو كالأمثلة -والله أعلم- وليس مراداً فيها الحصر، ولعل عدم ذكره لقلة من يلبسه، وعلى كل حال فإن عمومات الأدلة وعلة التحريم فيها تشمل كل ما يكون إسبالاً في كل ما يلبس -والله أعلم-.

هل في لبس القبعة محذور؟

هل في لبس القبعة محذور؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 16/2/1423 السؤال مدرستنا تنوي إقامة حفل تخرج (ابتدائية) ، وفي نيتهم أن يلبسوا الطلبة قبعات كالقبعات التي تلبس عند التخرج في بلاد الغرب الكافر، فهل في هذا محذور شرعي؟ وما توجيهكم للإخوة المسؤولين في مدرستنا في مثل هذه القضايا؟ ملحوظة: أعلم أن عندكم ضغط شديد، ولكن لخشية إقامة الحفل قبل صدور الفتوى. أرجو الإجابة في أسرع وقت ممكن. الجواب لبس الطلاب للقبعات والألبسة التي تشابه ما يلبسه الكفار في حفلات التخرج يظهر لي عدم جوازه، وذلك لوجود أصل ديني نصراني لهذا اللباس، فهو مأخوذ من لباس الرهبان والقسس، وقد أشار إلى هذا الأصل الديني بعض كبار الأساتذة الأمريكيين المتخصصين في علم الديانات في بعض الجامعات الأمريكية، وأشار إليه الدكتور/ علي جواد الطاهر، في كتابه (منهج البحث الأدبي صـ37-38) ، والدكتور/ بكر أبو زيد، في كتابه (التعالم صـ67) ، كما أن في هذا اللباس تشبهاً بالكفار، فهو ما زال عرفاً مختصاً بالكفار يفعلونه في حفلات التخرج، ولم ينتشر بين المسلمين، بحيث يزول هذا الاختصاص، وقد نهينا عن التشبه بالكفار، ولهذا فعلى القائمين على المدارس والجامعات في بلاد المسلمين أن يبتعدوا عن تقليد الكفار والتشبه بهم، وليعلموا أن الطلاب أمانة في رقابهم فلا يجوز لهم أن يوقعوهم في أمور محرمة، بل الواجب أن يسعوا في تربيتهم وتعوديهم على الالتزام بأحكام الشريعة وآدابها، والبعد عن كل ما ينافي ذلك، ويمكن لهم في خصوص هذه المسألة أن يلبسوا الطلاب في حفل التخرج ألبسة إسلامية، كالمشلح ونحوه، بحيث يقوم بالغرض دون أن يتضمن ذلك محذوراً شرعيا، والله أعلم.

لبس الحرير الطبيعي والصناعي

لبس الحرير الطبيعي والصناعي المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 9/3/1424هـ السؤال هل هناك فرق بين الحرير الطبيعي والصناعي في تحريم لبسهما على الرجال؟ جزاكم الله خيراً. الجواب المحرم لبسه على الرجال هو الحرير الطبيعي، وهو ما نسجته دودة القز المعروفة، وأما ما يسمى بالحرير الصناعي فليس داخلاً في التحريم وقوفاً عند ورود النص، فلا يحرم غيره إلا بدليل شرعي، ثم إن الحرير الطبيعي لا يضاهيه غيره من صناعي أو غيره في الليونة والنعومة، ولذلك كان الحرير الطبيعي بأسعار مضاعفة عن غيره.

لبس الحرير من الثياب

لبس الحرير من الثياب المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 27/10/1424هـ السؤال ما حقيقة الحرير الذي يعلن عن وجوده في ثياب الناس اليوم؟ وهل يدخل فيه النهي؟ أفتونا مأجورين. الجواب لبس الحرير محرم على الذكور؛ لما رواه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلبسوا الحرير. فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" متفق عليه البخاري (5426) ومسلم (2067) ، ويباح للرجل من الحرير قدر الإصبعين أو الثلاث أو الأربع إذا كان تابعاً لغيره؛ لما جاء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع" انظر صحيح البخاري (5828) وصحيح مسلم (2069) . والحكم بالتحريم يخص الحرير ولا يتعداه إلى غيره من الأقمشة التي ليست حريراً وإن كانت ناعمة الملمس.

لبس وتفصيل الجنز

لبس وتفصيل الجنز المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 25/6/1424هـ السؤال ما حكم لبس وتفصيل قماش الجنز سواء للرجال أو للنساء أو للأطفال؟ الجواب لبس قماش الجنز أو تفصيله جائز لا بأس به، ذلك أن الأصل في جميع الألبسة هو الحل والإباحة، إلا ما ورد الشرع بتحريمه والنهي عنه، وقماش الجنز أصل مادته من القطن، وقد كان يستخدم في أول ظهوره للعمال في المصانع والمناجم، نظراً لقوته ورخص ثمنه، ثم أصبح يصنع بكثرة في الأزياء والملابس الرجالية والنسائية. وهذا النوع من القماش وإن كان الأصل فيه الجواز والإباحة إلا أنه قد يشتمل على بعض المحاذير الشرعية فيحرم لأجل ذلك، لا لذات القماش ومن ذلك على سبيل المثال أن يكون في هذا اللباس تشبه للرجل بالمرأة أو العكس، وذلك بأن يلبس الرجل ما يصلح للمرأة أو تلبس المرأة ما يصلح للرجل، وهذا راجع إلى الغالب في الاستعمال، لا مجرد ما يختاره الرجل أو المرأة، وما يشتهيانه ويعتادانه من دون ضابط شرعي، ولذا يحرم على المرأة لبس البنطال أو غيره مما يلبسه الرجال غالباً، ولأن المرأة مأمورة بالاستتار والاحتجاب، وهذا اللباس يبدي مقاطع جسم المرأة وحجم أعضائها وإن كان كثيفاً، وهذا النوع من اللباس وهو الضيق أحد المعاني المقصودة بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن مثل أسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ... ) الحديث رواه مسلم، وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - كاسيات عاريات "بأن تكتسي المرأة ما لا يسترها فهي كاسية وهي عارية في الحقيقة، مثل من تلبس الثوب الرقيق أو الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها، وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث "الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل" رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ومن المحاذير في ذلك أيضاً أن يكون في تفصيل قماش الجنز أو هيئته تشبه بأهل الكفر أو الفسوق، وهذا عام أيضاً للرجال والنساء، وإن كان وقوعه في حق النساء أكثر وأوضح، فيحرم ذلك للنهي عن التشبه بالكفار، ولأن في التشبه موالاة للمتشبه به وتعظيماً له، وقد يجر التشبه في الظاهر إلى التأثر بالمعتقدات أو الأفكار في الباطن، ولذا يروى عن ابن مسعود - رضي الله عنه - "لا يشبه الزي الزي حتى تشبه القلوب القلوب"، والحقيقة أن التشبه بالكفار من النساء أو الشباب أو غيرهم نوع من الهزيمة النفسية، والشعور بالنقص والضعف والتبعية، يقول ابن خلدون في مقدمته (147) : (المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه، ونحلته وسائر أحواله وعوائده، والسبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال فيمن غلبها) ، ومن المحاذير الشرعية في هذا النوع من الأقمشة وفي غيره أيضاً: أن يفصل على هيئة لا تستر الستر المأمور به شرعاً، وذلك بأن يكون اللباس مفصلاً تفصيلاً يبدي مقاطع الجسم وحدود العورة لضيقه وإحاطته بالجسم، فهذا أيضاً محرم، ويستوي في ذلك الرجل والمرأة أيضاً، وإن كان في حق المرأة أقبح وأشنع. أما الأطفال الصغار من الذكور أو الإناث وخاصة من بلغ منهم سن التمييز، فإنه يحل لهم ما يحل للكبار ويحرم عليهم ما يحرم على الكبار من الألبسة، وعلى الولي التبعة والمسؤولية في ذلك، لأن الولي إذا كان يأمر الصبي بالصلاة وهو ابن سبع سنين، ويضربه عليها إذا بلغ عشراً، فكيف يحل له أن يلبسه المحرمات أو يمكنه منها.

الثياب الضيقة للرجال

الثياب الضيقة للرجال المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 23/8/1424هـ السؤال ما هو حكم تضييق الثياب للرجال؟ مع العلم أنه تشبه بالنساء، وما حكم التضييق للرجال والنساء؟ ولماذا قيل تشبه بالنساء الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالمسألة فيها تفصيل: فاللباس الضيق على غير العورة لا حرج فيه على الرجل، اللهم إلا إذا كان فيه تشبه بالكفار، بحيث يشتهر عند الناس أن هذا اللباس لا يلبسه إلا الكفار، وأنه من خصائص لبسهم. فقد لبس النبي -صلى الله عليه وسلم- جبة ضيقة الكمين، كما في حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان عليه جبة شامية ضيقة الكمين فذهب يخرج يده من كمها فضاقت عليه فأخرج يده من أسفلها ... " الحديث رواه مسلم (274) . أما ما يواري العورة ففيه تفصيل: فما يلي حقويه (معقد الإزار والسروال) لا بد أن يكون فيه شيء من التحجيم لجزء من العورة، ولكن لا حرج -بشرط ألا يجاوز مقدار الحاجة-؛ لأن الإزار أو السروال أو البنطال لا يستمسك على الحقو إلا بذلك، فالحاجة تقتضيه. وما جاوز موضع الحاجة فلا يجوز أن يكون ضيقاً يحجِّم العورة. ولا يعتبر ساتراً للعورة بالمعنى الشرعي؛ لأن ما يستر العورة يجب أن يكون واسعاً لا يصف (إلا ما تقتضيه الحاجة، وقد سبق ذكره) ، صفيقاً لا يشف ما تحته. ونحن نربأ بالشاب العاقل ذي المروءة والحياء أن يخرج للناس بهذه البناطيل الضيقة، التي لا تليق بالرجل السوي الخلوق الحيي. وأما النساء فحكم لبسها للضيق عند النساء هو كحكم لبس الرجل له عند الرجال بالتفصيل السابق. فالبنطال الضيق (كالسترتش ونحوه) لا يجوز للمرأة أن تلبسه عند النساء، ويخشى على من لبسته أن يحق عليها قوله -صلى الله عليه وسلم-:"صنفان من أهل النار لم أرهما ... ونساء كاسيات عارياتٌ، مميلاتٌ مائلاتٌ رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" رواه مسلم (2128) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومعنى كاسيات عاريات: أي كاسيات في الصورة، عاريات في الحقيقة؛ لأنهن يلبسن ملابس تصف (تحجم) الجسد، فتبدو عوراتهن موصوفة بارزة، بحيث يحجم لباسهن الأفخاذ والأرداف، وهذا يناقض المقصود من اللبس. فعن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - قال: كساني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"مالك لم تلبس القبطية؟ " قلت: يا رسول الله، كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها" أخرجه أحمد (5/205) وحسنه الألباني في (جلباب المرأة) برقم (131) . كما لا يجوز للمرأة أن تلبس الضيق عند أحد من محارمها سوى زوجها فحسب. لقد رأينا تساهل النساء في لباسهن عند محارمهن -غير الزوج- أفضى بكثير منهن إلى نزع جلباب الحياء والجرأة في التبرج والسفور والتساهل في الحشمة والحجاب. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

النوم عاريا

النوم عارياً المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 29/4/1423 السؤال هل يوجد نهي من النوم بدون ملابس، ولو كان من الزوجة؟ ملاحظة: لا أقصد أثناء الجماع، إنما النوم اليومي، وجزاكم الله خيراً. الجواب العورة يجب سترها في كل الأحوال إلا عند الحاجة كحالة الاغتسال أو الجماع أو قضاء الحاجة ونحوها، أما بدون حاجة فيجب ستر العورة؛ لما رواه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال:"احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك"، قال: فالرجل يكون مع الرجل؟ قال:"إن استطعت ألا يراها أحد فافعل"، قال: فإن كان أحدنا خالياً، قال: فالله أحق أن يستحيا منه" رواه الترمذي (2769) وغيره. بناءً على ما سبق لا يجوز لك أن تنام بدون ملابس تستر عورتك، سواء كان هذا النوم مع زوجتك أو بدونها، إنما يجوز كشف العورة عند الحاجة فقط، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

الزي الإسلامي للرجل

الزي الإسلامي للرجل المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين - رحمه الله - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 3/11/1423هـ السؤال ما هو الزي الإسلامي للرجل كما أمر به رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ الجواب الزي الإسلامي للرجل يشترط فيه ما يلي: (1) أن يكون ساتراً يظهر منه التقوى. (2) أن يكون واسعاً بالقدر الذي لا يكشف عورة. (3) ألا يكون ضيقاً بحيث تبدو منه تفاصيل الجسم. (4) أن يكون فوق الكعبين، وأن يجتنب الإسراف والشهرة. (5) أن لا يتشبه بالكفار في لباسهم بمعنى أن يحرص المسلم على الابتعاد عن التشبه بالكفار في لباسهم. (6) أن لا يشبه لباس المرأة. (7) أن يجتنب ما ورد فيه النهي كالحرير وجلود السباع. (8) أن يجتنب ما كان نجساً من جلود وغيرها.

لبس الأحمر والأصفر

لبس الأحمر والأصفر المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 28/10/1424هـ السؤال ما حكم لبس اللباس الأحمر أو الأصفر؟ وعلى القول بعدم جوازه، فهل يلحق باللباس أنواع أخرى كالسيارة والدابة ونحوها؟ الجواب عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجب أن يتميز الرجال عن النساء في اللباس، ولا يجوز تشبه الرجال بالنساء ولا النساء بالرجال، وأظهر ما يتميزون به هو اللباس، ولباس الرجال هو البياض؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم" الترمذي (994) والنسائي (1896) وأبو داود (3878) وابن ماجة (3567) وحيث إن الأغلب على النساء لبس الأحمر والأصفر، فلذلك لا يلبسه الرجال، فقد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المياثر الحمر، انظر: البخاري (5175) ومسلم (2066) وأنه رأى على عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- ثوبين معصفرين (أي مطليان بالعصفر وهو قريب من الصفرة) فأنكر عليه وقال: "احرقهما" الحديث في مسلم (2077) ، وهذا يختص بلباس الرجال، فأما السيارات فيجوز سترها داخلاً أو خارجاً بما تيسر من الستائر، وكذا الدابة إذا احتاجت إلى غلال فيجوز من أي نوع، والله أعلم.

لبس الرجال للأحمر

لبس الرجال للأحمر المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/الألبسة التاريخ 20/05/1426هـ السؤال ما حكم لبس الرجال للأحمر؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فلبس الرجال للأحمر مما اختلف فيه أهل العلم - رحمهم الله- فمنهم من كرهه، ومنهم من حرَّمه، وابن القيم - رحمه الله- ذهب إلى أن ما ورد من لبس النبي - صلى الله عليه وسلم- للأحمر أنه ليس أحمر خالصاً، وإنما هو معلَّم بالحمرة، أو هو أحمر معلَّم، لما ورد - في صحيح البخاري (3551) ، وصحيح مسلم (2337) - من لبس النبي - صلى الله عليه وسلم- الحلة الحمراء، وأنها ليست حمراء خالصة، إنما هي حلة معلَّمة. فالذين قالوا بالكراهة استدلوا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبس حلة حمراء، وأيضاً بحديث أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في قبة حمراء من أدم. صحيح البخاري (376) ، وصحيح مسلم (503) . والذين قالوا بهذا جمعوا بين هذا وما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من النهي عن لبس المعصفر، فإن الأحمر أبلغ حمرة من المعصفر، فقالوا: يجمع بين هذه الأحاديث وبين النهي عن لبس المعصفر في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- في صحيح مسلم (2077) ، بأن يقال بالكراهة، وابن القيم - رحمه الله - كما أسلفت قال: إنه يجمع بينهما بأن الذي ورد النهي عنه هو الحمرة الخالصة، وأما الحمرة المعلمة التي ليست خالصة فلا بأس بها. والخلاصة: أن الحمرة المعلَّمة التي ليست خالصة لا بأس بها، وأما الحمرة الخالصة سواء كانت في اللباس أو في المراكب التي يجلس عليها فهي محل النهي؛ لما تقدم ولأن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن الجلوس على المياثر الحمر -صحيح البخاري (5849) ، وصحيح مسلم (2066) -، فقالوا: بأن هذه الأحاديث محمولة على الشيء الخالص، فإذا كان خالصاً فإنه ينهى عنه، وهذا النهي يظهر- والله أعلم- أنه للكراهة، وليس للتحريم.

مسائل متفرقة

استخدام اليد اليسرى في كل شيء المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 14/5/1424هـ السؤال أنا متزوج منذ عشر سنوات، وزوجتي تستعمل يدها اليسرى في كل الأمور، طبخ وأكل و.... فهل من حرج في ذلك؟ مع العلم أنها حاولت مراراً أن تستخدم يدها اليمنى، ولكنها لا تستطيع ليس لعيب فيها، ولكنها هكذا تعودت. أفيدوني ولكم جزيل الشكر. الجواب استعمال اليد اليسرى إنما هو في الخبائث كالاستنجاء ونحوه، واليمين للطيبات كالسلام والأكل، ونحوها، ولا يجوز للإنسان أن يأكل بيده اليسرى، فإن فعل فقد حرم عليه ذلك ويعتبر آثماً، فقد روى مسلم (2021) من حديث سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- أن رجلاً أكل عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشماله، فقال: "كل بيمينك" قال: لا أستطيع، قال: "لا استطعت" ما منعه إلا الكبر، يقول الراوي: فما رفعها إلى فيه. أي لم يستطع أن يوصلها إلى فيه، حتى مات، وقال عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنهما-: كنت غلاماً في حجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك" فما زالت تلك طعمتي بعدُ. رواه البخاري (5376) ومسلم (2022) ، فالأكل إنما يكون باليد اليمنى، ولا يجوز لهذه المرأة ولا لغيرها أن تأكل بيدها اليسرى إلا إذا كانت مقطوعة اليمنى، أو بها عيب لا تستطيع أن تستعملها في الأكل، وأما غيره من الاستخدامات، كاستعمال يدها اليسرى في عملها في المطبخ، أو في المنزل، ونحو ذلك، فلا بأس بهذا، وكونها تحاول أن تستخدم يدها اليمنى لكنها لا تستطيع ليس لعيب فيها هذا غلط وخطأ، فالواجب على المسلم أن يتعود على عادات أهل الإسلام، ولا يهمل هذا الأمر، ونسأل الله الهداية للجميع.

حكم التصفيق

حكم التصفيق المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 11/3/1424هـ السؤال ما حكم التصفيق؟ هل يمكن التكرم بإعطائي رأي ابن عثيمين -رحمه الله- في المسألة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك فإليك السؤال والجواب: سـ/ ما قول فضيلة الشيخ في اعتراض بعض المدرسين على التصفيق داخل الفصول من قبل الطلبة لتشجيع زملائهم، بحجة أن هذا ليس من فعل المسلمين ولا يجوز؟ جـ/ إن من يرى أن هذا الأمر لا يجوز فعليه بالدليل قبل كل شيء حتى نعرف الحكم الشرعي، وإذا كان لديه دليل مقتنع به فإنه لا يجوز أن يمكن الطلاب منه، وأما من يرى أن ذلك لا بأس به وأن هناك مصلحة في تشجيع الطلاب وتنبيههم فعليه ألا ينكر عليهم، والذي يفعله الكفار هو أنهم يجعلون المكاء والتصدية بدلاً من الصلاة والدعاء، ولا يفعلونها عند العجب من الشيء أو استحسانه حتى يقال: إن الإنسان المسلم لو صفق عند التعجب من شيء أو استحسانه لكان بذلك مشابهاً للكفار، إنما يقول الله عز وجل:"وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية" [الأنفال: 35] ، فالمكاء التصفير والتصدية هي التصفيق فهم يجعلون هذا عبادة. [سلسلة كتاب الدعوة، الفتاوى لفضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- (3/164) ] .

التهنئة بذكرى الميلاد

التهنئة بذكرى الميلاد المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 26/6/1424هـ السؤال لدي منتدى عربي في شبكة الإنترنت، وأنا صاحب المنتدى، وحيث إنه في المنتدى أقسام إسلامية -والحمد لله- يشرف عليها مجموعة من الإخوة الصالحين ولله الحمد، والمنتدى فيه عبارة أو ميزة موجودة بأسفل الصفحة الأولى هي (اليوم يوافق تاريخ ميلاد فلان) ، وفي هذا اليوم الذي هو يوم ذكرى ميلاد العضو تنزل عبارة عند مشاركات العضو ألا وهي: (عمر مديد يا فلان) ، وهي لتذكير الشخص بتاريخ ميلاده، ولكن هناك مجموعة من الإخوان في المنتدى جزاهم الله خيراً أنكروا عليّ ذلك، واعتبروها من أعياد الميلاد، علماً أنها ليس فيها كلمة عيد ميلاد ولا تهنئة، ولكنها تذكير بتاريخ الميلاد، وتمني العمر المديد للعضو، ما هو الرأي الشرعي في ذلك؟ أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: الأظهر -والله أعلم- أن مجرد التذكير بيوم ميلاد أحد الأعضاء لا يدخل في بدع الأعياد، فمجرد حساب أيام العمر وتذكر يوم الميلاد كل عام لا يضفي بدعة عيد على أعياد الإسلام، كيف وقد قال الله -في معرض المن والتذكير بنعمته-:"هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب" [يونس: 5] ، "وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب" [الإسراء: 12] . كذلك تذكير المرء بما يوافق يوم ميلاده من العام الجديد لا يعدو أن يكون مجرد تذكير، ليس إلا!. أفلا يحسن مع التذكير أن يُدعى له ببركة العمر، ويذكر بوجوب المبادرة بالتوبة ومحاسبة النفس، وانتهاز بقية العمر في طاعة الله، والتحذير من التسويف، والاعتبار بسرعة مضي الأعوام ... إلخ. وهذا الصنيع بمجرده -والذي هو مجرد تذكير ودعوة- لا يمكن أن يطلق عليه اسم العيد، بل لا أرى فرقاً بين التذكير والتهنئة ببداية عام هجري جديد، والتذكير والتهنئة بيوم الميلاد، أليست هي تذكيراً باكتمال عام وبداية عام جديد في عمر الإنسان؟ فإن قلت ببدعية الثانية لزمك القول ببدعية الأولى؛ إذ لا فرق. وإن قيل إن الأول ورد ما يدل على مشروعيته من فعل السلف -إن كان قد ورد فعلاً- فالثانية تقاس عليها؛ لأنها بمعناها تماماً. غير أنه ينبغي ألا يتجاوز الأمر إلى الاحتفال بيوم الميلاد فيصبح عيداً يحاكي عيدي الإسلام، ويكون تشبهاً بالكفار. وإذ تُشكرون -أيها المشرفون على المنتدى- على حرصكم على السؤال عما يشكل عليكم، فإني أرجو أن يكون لديكم ما يضارع هذا الحرص على صيانة منتداكم من أن يكون مرتعاً ومنبتاً للشائعات، ومجالاً سابلاً للنهش في أعراض المسلمين، والوقيعة في الأبرياء، ورميهم بالكفر أو الزندقة أو الفجور، وغير ذلك من ألفاظ البذاءة والسباب، وإذكاء نار النعرات والعصبيات ... إلخ. وإني لأذكركم بحرمة المسلم عند الله، فإن حرمته عند الله لأعظم من حرمة الكعبة!

كما أحذركم خطر نشر الشائعات والتهم المفتراة، فإن سكوتكم عما قد يُنشر في منتدياتكم من هذه المنكرات العظيمة يعد ضرباً من الإعانة على الإثم والعدوان، وهي -بلا شك- منكر لا يجوز السكوت عليه فكيف بنشره!. ومثل هذا السكوت هو بلا شك أعظم نكراً من مسألة التذكير والتهنئة بيوم الميلاد -على فرض بدعيتها-. أسأل الله أن يوفقكم لمرضاته، ويستعملكم في طاعته، ويجعلكم مباركين أينما كنتم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

انحناء الرياضي أمام المدرب

انحناء الرياضي أمام المدرب المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 9/1/1424هـ السؤال ما حكم الانحناءة التي يقوم بها الرياضي كتحية أمام المدرب أو الخصم؟ علماً أن لدي طفلين ملتحقين بأحد أندية الكاراتيه، وعمرهما ثمان وست سنوات، وجزاكم الله خيراً. الجواب الانحناءة فيها خضوع وذل ومسكنة وتعظيم لمن ينحني له، وعمل وعادة من عادات الأعاجم في تعظيم أصحابهم، والخضوع لهم من الغربيين وغيرهم، وليست من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد جعل الكلام في التحية بدلاً من الانحناء الذي لا ينبغي إلا لله.

العرضة بالطبل أو الدف

العرضة بالطبل أو الدف المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 11/1/1425هـ السؤال ما حكم العرضة إذا كان فيها طبل أو دف؟ وهل هناك فتوى لهيئة كبار العلماء فيها؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: لا بد من الإجابة عن هذا السؤال، وهو: هل هناك فرق بين الطبل والدف؟ الذي ظهر لي بعد البحث -ومن النظر في كلام أهل اللغة وأهل العلم من شراح الحديث وغيرهم- أن الدف المعروف عند العرب الذي جاءت الرخصة به في الأحاديث: هو ما كان يشبه الغربال (المنخل) ، إلا أنه لا خروق فيه، وطوله إلى أربعة أشبار، انظر: (فتح الباري) لابن رجب (8/426) ، و (نيل الأوطار 6/188) ، و (فتاوى ابن إبراهيم 10/215) ، و (فتاوى منار الإسلام) لشيخنا ابن عثيمين (3/836) ، وكذلك اللقاء المفتوح جـ (12) سؤال (262) ، واللقاء الشهري جـ (11) سؤال (234) ، و (القاموس المحيط 1047-1325) ، و (لسان العرب 9/104-107، 11/398) مادة: طبل، و (المعجم الوسيط 1/289) ، مادة (دفف) ، و (المصباح المنير) للفيومي (75) . ووقع في كلام الإمام أحمد -رحمه الله- ما يدل على التفريق بين الطبل والدف. فقد نقل ابن مفلح -رحمه الله- في (الفروع 5/311-312) ما نصه، قال:"ونقل حنبل: لا بأس بالصوت والدف فيه -أي في العرس- وأنه قال: أكره الطبل، وهو الكوبة، نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونقل ابن منصور: الطبل ليس فيه رخصة". وكثير من الفقهاء حينما تكلموا عن (الطبل) فرقوا بين طبل الحرب وغيره؛ لأن الحاجة داعية إلى طبل الحرب، بخلاف غيره، ومن فروع ذلك مسألة: ضمان الدف والطبل -كما سيأتي-. قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني في كتابه (السير الكبير 4/1459) :" لا بأس بالطبول التي يضرب بها في الحرب لاجتماع الناس؛ لأن هذه ليست بلهو، وإنما المكروه طبول اللهو، بمنزلة الدفوف لا بأس بضربها في إعلان النكاح، وإن كره ذلك للهو". وفي الفروع لابن مفلح في الموضع السابق:"وفي عيون المسائل وغيرها في من أتلف آلة لهو: الدف مندوب إليه في النكاح؛ لأمر الشارع، بخلاف العود والطبل فإنه لا يباح استعماله والتلهي به بحال"، وينظر (الإنصاف) للمرداوي مع (المقنع 21/353-355) . إذا تبين حكم الطبل، فيبقى الكلام في الدف للرجال: فالعلماء مختلفون في حكمه للرجال، على قولين: (1) الجواز، وبعضهم يقول: مع الكراهة. (2) (المنع) التحريم، وهذا القول هو ظاهر اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في (الفتاوى 11/565، 22/154) ، بل نسب ابن رجب -رحمه الله- في (فتح الباري 8/434) القول بالتحريم إلى جمهور العلماء، وعللوا ذلك بأمرين: الأول: أنه من التشبه بالنساء. الثاني: أن الذي كان يضرب بالدفوف على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء أو من تشبه بهم من المخنثين، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفي المخنثين. وأرجو ألا يخلط الأخ السائل بين حكم ضرب الرجال للدف، وبين سماع الرجال لضرب الدف، فبين المسألتين فرق؛ لأن سماع الرجال لضرب الدف أمره واسع.

يقول الإمام مالك: إذا دعي إلى وليمة فوجد فيها دفاً، فلا أرى أن يرجع (فتح الباري 8/437) لابن رجب. بل قرر ابن تيمية -رحمه الله- أن الرجال في عهد الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يسمعون غناء الإماء في العرسات كما في (الفتاوى 29/552) . وقال ابن رجب في (فتح الباري 8/434) :"فكذلك الغناء يرخص فيه للنساء في أيام السرور، وإن سمع ذلك الرجال تبعاً" ا. هـ، والله أعلم. وأما سؤال الأخ: هل هناك فتوى لهيئة كبار العلماء، فيمكنك مراجعة الفتاوى المطبوعة، أو مراسلة الأمانة العامة للهيئة لمعرفة الجواب.

حكم التهنئة بالعام الهجري

حكم التهنئة بالعام الهجري المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 28/12/1424هـ السؤال ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد؟ الجواب الأصل في التهاني -والله أعلم- أنها من باب العادات، ولكن الأولى هنا -أعني في التهنئة بالعام الجديد- ألاّ يبدأ بها الإنسان؛ لأن هذا ليس من السنة، وليست الغبطة بكثرة السنين، بل الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه، فكثرة السنين خير لمن أمضاه في طاعة ربه، شر لمن أمضاها في معصية الله والتمرد على طاعته، وشر الناس من طال عمره وساء عمله -كما يقول شيخنا ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في ديوان خطبه ص (702) -. ولكن لو هُنِّئ الإنسان، فلا ينبغي له أن ينكر، بل ينبغي أن يجعل الرد بالدعاء، كأن يقول: جعل الله هذا العام عام عز ونصر للأمة الإسلامية، ونحو هذه الدعوات الطيبة والله تعالى أعلم.

صورة المصافحة الصحيحة

صورة المصافحة الصحيحة المجيب د. عبد الله بن سعاف اللحياني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 6/1/1423 السؤال إن العادة المنتشرة في المجتمع في المصافحة " المصافحة باليد " حيث إن الإمام البخاري عقد باباً مستقلاً عن الأخذ باليدين. فما التطبيق بينهما؟ وما الطريقة المسنونة؟ وما حكم المصافحة باليد؟ الجواب عقد الإمام البخاري في صحيحه (5/2311) ، باباً سماه باب المصافحة وذكر فيه حديث كعب بن مالك - رضي الله عنه-:" دخلت المسجد فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام إليّ طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني". وحديث قتادة: قلت لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. أما الباب الذي عقده البخاري بعده:" باب الأخذ باليدين". فهذا في أكثر النسخ للجامع الصحيح وفي بعضها باب الأخذ باليد. وذكر فيه أن حماد بن زيد صافح ابن المبارك بيديه. والأمر في هذا واسع - إن شاء الله -، ولم يذكر البخاري في هذا الباب حديثاً مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

مصافحة الأجنبيات

مصافحة الأجنبيات المجيب عبد الله بن عبد الوهاب بن سردار خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 15/11/1423هـ السؤال السلام عليكم. من المعلوم حرمة مصافحة النساء الأجنبيات، ولكن في العيد وعندما نذهب إلى أقاربنا يخرج لنا بنات ونساء أعمامنا وأخوالنا ويقومون بتقديم أيديهم للمصافحة فما العمل في مثل هذا الموقف؟ وهل يجوز عدم صلة الرحم لهذا السبب؟ علماً بأنني أستحي عندما يمدون أيديهن فأسلم عليهن رغم أنني كاره لذلك أشد الكره. أفيدوني أفادكم الله وأحسن إليكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أخي الكريم: جعلك الله تقياً وحفظك أينما كنت. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يصافح النساء، ويدل على ذلك ما جاء في قول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-:"والله ما مسَّت يد رسول الله يد امرأة إلا امرأة يملكها" رواه البخاري (7214) . وقال -صلى الله عليه وسلم-:"إني لا أصافح النساء" رواه الإمام مالك (1893) وغيره. ومنع النبي -صلى الله عليه وسلم- من لمس المرأة الأجنبية وحذر منه فقال:"لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" رواه الطبراني (20/210) وهو صحيح. فإذا كان الأمر كذلك فالواجب على المسلم الحذر من الوقوع في المعصية خوفاً من عقاب الله عز وجل وحذراً من الفتنة التي قد تحصل بسبب المصافحة. وأنصحك بما يلي: (1) قبل الأعياد والمناسبات والزيارات: انشر في العائلة الحكم الشرعي من خلال نشر الفتاوى أو المطويات ليتعلم الناس الحكم الشرعي وليمتنع النساء من مصافحتك حين تزور أقرباءك فيقل إحراجك في تلك الزيارات. (2) عليك أن تنشر في العائلة أيضاً قبل الأعياد والمناسبات والزيارات أنك لا تريد مصافحة النساء لأن الأمر محرم وهذا سيقلل من إحراجك أيضاً. (3) كن في كل الأحوال لطيفاً هيناً ليناً حسن المعاملة حتى تكون مقبولاً وتكون نصيحتك مقبولة، وإذا وجدت من الأقرباء جفوة أو إساءة فاصبر ولا ترد عليهم بإساءة. (4) ولو كلمت أمك أو أختك وأقنعتهم بالحكم الشرعي ليعينوك على إفهام النساء الأخريات فهو خير. (5) قلل من الزيارات التي تسبب الوقوع في هذه المعصية ولكن لا تقطعها. (6) اجتهد في صلة الرحم بالوسائل الأخرى مثل الاتصال الهاتفي، ومثل لقاء أخوالك وأعمامك خارج البيوت، مع تقديم الخدمة لهم وتقديم الهدية ولو كانت يسيرة، حتى تكون واصلاً للرحم، وحتى يقل الضغط عليك. أما خالاتك وعماتك فزرهن حين يكن وحدهن إذا تيسر ذلك، وصلهن بالاتصال الهاتفي والهدايا وحاول إقناعهن إما بشكل مباشر منك أو بواسطة أمك وأختك أو غيرهما، والله الموفق. أعانك الله وثبتك.

التوديع بالشهادتين

التوديع بالشهادتين المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 7/6/1424هـ السؤال جرت عادة بعض الإخوة عند توديع بعضهم بعضا، أو ختام محادثة هاتفية أن يقول أحدهم لا إله إلا الله، فيرد عليه الآخر بقول محمد رسول الله عليه السلام. فما حكم هذه العادة أو التحية كما يسمونها الآن؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد ورد في التوديع والمفارقة من الأذكار ما يأتي: (1) دعاء ختم المجلس أو كفارة المجلس "سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك" رواه أبو داود (4859) من حديث أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- وهو حديث حسن. (2) قول السلام عليكم لما ورد في الحديث أن الأولى ليست بأحق من الآخرة فيما رواه الترمذي (2706) وأبو داود (5208) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فهذا القول يشرع عند اللقاء وعند المفارقة. (3) ما ورد عن بعض السلف من آثار في كونهم إذا افترقوا بعد اجتماع كانوا كثيراً ما يقرؤون سورة العصر، لكن لا بد من النظر في ثبوت ذلك وصحته. (4) ما يقوله المسافر لأصحابه: "أستودع الله دينكم، وأمانتكم، وخواتيم أعمالكم" رواه أبو داود (2601) من حديث عبد الله الخطمي -رضي الله عنه- وهذا قد ورد في أحاديث حسنة. ومسألة الترحيب بالإخوان عند لقائهم والتلطف معهم بالتحية الحسنة والسؤال عن الحال والأهل والمال، ومثله حسن التوديع بالكلام الحسن والقول الطيب والدعاء الصادق، كل هذا مما عرف عند الأمم، وكان للعرف فيه آثار وأشعار وأمثال. وجاء هذا الدين بتقرير هذا الأصل، وتحقيق هذا المقصد، لكن أرشد المسلمين إلى تحية عظيمة؛ ألا وهي تحية أهل الجنة السلام عليكم، كما وجههم إلى دعاء يقال لمن كثر لغطه وهو كفارة المجلس. وما زاد على ذلك فالأمر فيه واسع مهما كان محققاً لمقصود الشارع من حفظ حق الأخوة، وصيانة حبل المودة بين المسلمين، وزيادة التآلف بينهم، مع اجتناب لسيئ القول وقبيح الكلام، وبناء على هذا فإن ختم المكالمة الهاتفية بقول أحدهم لا إله إلا الله ويرد عليه الآخر محمد رسول الله، ليس فيه ما يؤكد مقصود الشارع من ترسيخ مبدأ المؤاخاة والمحبة بين المسلمين، أما إن صار عادة وطريقة فإنه يدخل تحت معنى الابتداع، والله الموفق.

الاحتفال باليوم الوطني

الاحتفال باليوم الوطني المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 16/12/1424هـ السؤال أصحاب الفضيلة المشايخ: سؤالي يا أصحاب الفضيلة عن اليوم الوطني، هل يجوز حضور الحفل؟ وإذا ألزمنا به كأعضاء سفارة ماذا علينا فعله؟ وهل يجوز لنا الحضور بنية إلقاء كلمة ذكر أو محاضرة نذكر فيها بطاعة الله ورسوله -عليه السلام-؟ أرجو إعطائي نصيحة ألقيها في هذا اليوم، أرجو الرد بأسرع وقت لأن اليوم الوطني قرب وأنا محتارة ولا أعرف ماذا أقول لزوجة السفير إذا دعتني؟. الجواب

اليوم الوطني ليس عيداً، والأعياد التي لا يجوز إحداثها هي الأعياد الدينية وليست التجمعات التي يتجمع الناس بها لسبب أو لآخر، قد يحتفلون بالزواج وقد يحتفلون بالولادة، وقد يحتفلون بأي شيء فهذا ليس من الأعياد الدينية، لهذا يجب أن نزيل هذا الوهم، وهذه الشبهة التي يتعلق بها كثير من الناس، فيدخلون على الناس حرجاً وشغباً في دينهم، بحيث يصبح المتدين أو الملتزم في حرج يشعر وكأنه يأتي كبيرة ويأتي منكراً، هذا ليس بمنكر، فالأصل في الأشياء الإباحة، فلا حرج عليك أن تحضري فقد أجاز الحنابلة - رحمهم الله تعالى- العتيرة وهي ذبيحة كان أهل الجاهلية يعملونها في رجب كرهها المالكية باعتبار أنها كانت فعل الجاهلية ولكن الحنابلة أجازوها؛ لأنه لا يوجد نص يمنع من ذلك. أهل الجاهلية كانوا في رجب يذبحون ذبيحة اسمها الرجبية، واسمها العتيرة، فبعض العلماء يرى أن هذا باق على أصل الجواز، فإذا اجتمع الناس وذبحوا ذبيحة في رجب أو في شعبان أو في أي زمن فهذا لا مانع منه أن يحتفل الناس أو يفرحوا بحدث زوال الاستعمار في بلد مثلاً، هذا ما يسمى باليوم الوطني غالباً عندنا في أفريقيا، أو في البلاد التي كانت مستعمرة، فالأمر إن شاء الله لا حرج فيه، أما إذا كان ينبغي لك أن تلقي محاضرة فهذا شيء حسن إذا كانت المناسبة تسمح بإلقاء محاضرة أو خطبة تذكير ونحو ذلك فهذا لا بأس به، أما أن نتشبث: بأن أبدلنا الله عيدين، هذه أعياد كانت للأنصار وكانت أعياد جاهلية وأصنام، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- ذكر أن أعياد الإسلام الدينية عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى، وهذا لا يفهم منه أنه يمنع أن يتجمع الناس في تجمع حتى ولو كان كرهه المرء ورأى أنه إذا لم يكن هناك منكر فلا داعي إلى التشويش على الناس، وإثارة بعض الفتن والخصومات في أمور ليست ممنوعة، نصاً من كتاب أوسنة، ولا إجماعاً للعلماء ولا اتفاقاً داخل المذاهب، لأن التيسير في مثل هذه الأمور التي لا حرج فيها قطعاً، والأقوال التي تقول تحرج لا تستند إلى قاطع وهي أقوال ضعيفة، فلا مانع من أن نفسح للناس المجال وأن نيسر لهم، فاليسر أصل من أصول هذا الدين "، وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج: 78] ، "يريد الله أن يخفف عنكم" [النساء: 28] ، "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" [الشرح: 5-6] ، "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا" رواه البخاري (69) ، ومسلم (1734] من حديث أنس -رضي الله عنه-، فالأصل في هذا الدين اليسر نكررها مرة أخرى، والاجتهادات الأخرى للعلماء اجتهادات محترمة، لكنها ليست نصوصاً من الشارع. والسلام عليكم.

الهيئة المستحبة عند النوم

الهيئة المستحبة عند النوم المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 22/04/1426هـ السؤال ما هو الوضع الصحيح لاتجاه الرأس عند النوم؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: لم يرد - حسب علمي - نصٌ يحدد جهة الرأس عند النوم، لكن ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يتوسد يده اليمنى، وينام على شقه الأيمن، فعَنْ سُهَيْلٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ، أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ اْلأَيْمَنِ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الأرض وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَاْلإنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ. اللَّهُمَّ أَنْتَ اْلأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ اْلآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ. اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ". وَكَانَ يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه مسلم (2713) . وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ اْلأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَ إِلَيْكَ. اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ". قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِي ِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمَّا بَلَغْتُ: "اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ"، قُلْتُ: "وَرَسُولِكَ". قَالَ: "لاَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ". أخرجه البخاري (247) ، ومسلم (2710) . وعَنْ أم المؤمنين حَفْصَةَ -رضي الله عنها-، زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ"، ثَلاَثَ مِرَارٍ. أخرجه أبو داود (5045) .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-َ قَالَ: "إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ، فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ، وَلْيُسَمِّ اللَّهَ، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ اْلأَيْمَنِ، وَلْيَقُلْ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّي، بِكَ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ". أخرجه البخاري (6320) ، ومسلم (2714) ، واللفظ له. ويؤخذ من هذه الأحاديث أن السنة أن ينام الإنسان على شقه الأيمن، ويضع يده تحت خده، ويقول ما ورد من الأذكار في هذه الأحاديث. والنوم على الشق الأيمن له فوائد صحية، قال الحافظ ابن القيم: "وأنفع النوم: أن ينام على الشق الأيمن، ليستقر الطعام بهذه الهيئة في المعدة استقراراً حسناً، فإن المعدة أميل إلى الجانب الأيسر قليلا ... وكثرة النوم على الجانب الأيسر مضر بالقلب، بسبب ميل الأعضاء إليه، فتنصب إليه المواد. " [ينظر: زاد المعاد (4/166) ] ، وقد ثبت علمياً أن النوم على الجانب الأيمن يمنع ضغط الكبد على المعدة، ويساعد على تفريغ محتوياتها، كما يسهل عمل القلب؛ إذ يمنع ضغط المعدة والحجاب الحاجز عليه، أما النوم على الجانب الأيسر فإنه يزيد العبء على القلب؛ نتيجة لوضع المعدة والكبد على القلب في هذا الاضطجاع، وكذلك على الرئة اليمنى ... أما النوم على الصدر فله ضرره؛ إذ إن النائم لابد أن يلوي عنقه إلى أحد الجانبين حتى يتنفس، أما النوم على الظهر فإنه يجعل الأحشاء ترفع الحجاب الحاجز، وهذا بدوره يضغط على القفص الصدري، فيحس النائم بالضيق، ولربما قام من نومه متضايقاً " [دراسة لظاهرة النوم: أجراها د: عبد القادر الميلادي، مجلة منار الإسلام سبتمبر 1982، وينظر: الإعجاز العلمي في الإسلام ص (111) ، لمحمد كامل عبد الصمد] ، هذا والله أعلم.

حب الوطن ورفع العلم الوطني

حب الوطن ورفع العلم الوطني المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 26/5/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال: ما رأي الشرع في حب الوطن ورفع علم البلد، كالأرزة والنجمة والسيف؟ جزاكم الله خيراً. الجواب وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد.. حب الإنسان لوطنه وشوقه له أمر فطري جبلت عليه النفوس، فلا يكون لذاته محموداً ولا مذموماً، فإن كان مدعاة للخير كالدفاع عنه ضد عدوه الذي يفسد دينه فنعما هو. وإن كان حبه لوطنه مدعاة للعبودية له والتضحية بالدين في سبيله فإنه مذموم بلا شك. عن عبد الله بن عدي -رضي الله عنه- قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- واقفاً على الحزورة (وهو موضع بمكة) ، فقال: والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أُخْرِجت منك لما خرجت"، أخرجه الترمذي (3925) وابن ماجة (3108) وقال:"أُحد جبل يحبنا ونحبه"، رواه البخاري (4422) ، ومسلم (1392) من حديث أبي حميد -رضي الله-. فليس له أن يحمله حبه على أن يقعد به عن الجهاد، أو إصلاح ما يراه في وطنه، ولا أن يكون حبه سبباً للفرقة بين المسلمين، وكذلك رفع علم البلد أو شعاره، لا مانع منه ما دام بلداً مسلماً وليس في شعاره محذور، ولم يكن في رفعه تفريق للمسلمين وإثارة للبغضاء بينهم، والله ولي التوفيق.

استعمال الزلفة والزير في العرضات

استعمال الزَّلفة والزير في العَرْضَات المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة التاريخ 01/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم (العرضات؟) علماً أنها تحتوي على محاورات بين الشعراء يذكر كل منهم مساوئ الآخر ومساوئ قبيلته، ويشعر بكل ما يساعد على التغلب على الآخر، ويصاحبهم ما يسمى بالزير، وترديد الحاضرين مع الرقص والصفير، لذا آمل إفتائي بهذا. ولك الشكر الجزيل. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالآلة المسماة بالزير وكذلك (الزَّلفة) والمستعملة في العرضات في جنوب البلاد السعودية، هي عبارة عن طبل مغلق من جهتيه، واستعماله والسماع له محرَّم؛ لما روى البخاري في صحيحه (5590) عن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف". وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله حرم عليَّ- أو حرّم- الخمر والميسر والكوبة" أخرجه أبو داود (3696) ، وأحمد (2476) ، بسند صححه أحمد شاكر والألباني، والكوبة هي الطبل. وللحديث شواهد عن عبد الله بن عمرو وقيس بن سعد -رضي الله عنهم- أخرجه أحمد (15481،6478) وأبو داود (3685) . والشّعر المتضمن للهجاء المقذع والسباب -مثل بعض ما يدور في المحاورات المذكورة كما بلغني- حرام بلا شك؛ لأن السب محرم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سباب المسلم فسوق" متفق عليه البخاري (48) ، ومسلم (64) . والله -تعالى- أمر المؤمنين بقول الأحسن "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم" [الإسراء:53] ، وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابذوا بالألقاب" [الحجرات: 11] . وما يقع في المحاورات المذكورة من سخرية الشاعر بالآخر وسبه وسب قبيلته وترفعه على غيره مما يوحش النفوس ويثير العداوات، وهذا كله محرم. أما إن لم تتضمن العرضه طبلاً أو ما شابهه، وليس فيها سباب ولا شتائم فالأصل فيها الإباحة، وقد لعب الحبشة بالحراب بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليهم، انظر صحيح البخاري (455) ، ومسلم (892) ، والشعر كسائر الكلام. والله الموفق.

ـــــ الطب والصحة ـــــ

أعالج حبّ الشباب بالتقشير وعمليات الليزر فما الحكم المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 1/6/1422 السؤال إنني أعاني من آثار لحبِّ الشباب على وجهي، وأريد العلاج إما بالتقشير وإما بعمليات ليزر، سؤالي عن حكم ذلك، مع العلم أنني أقوم بذلك لإزالة الآثار. وجزاكم الله خيراً. الجواب مادام أنها تُستعمل علاجاً، فلا حرج، والحمد لله.

زراعة الأعضاء

زراعة الأعضاء المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 4/11/1424هـ السؤال هل يجوز تغيير الأعضاء في الجسم أم لا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فهل يجوز تغيير الأنثيين (الخصيتين) ؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: فموضوع زراعة الأعضاء من الموضوعات التي استجدت في حياة الناس مع تقدم الطب، ولم تكن معروفة لدى الفقهاء السابقين بالشكل الذي نراه اليوم أو نسمعه، ولكن لا يعني ذلك أنه لا يوجد لها حكم في الشرع؛ لأن شريعتنا بقواعدها وأصولها تستطيع بحمد الله جل وعلا أن توجد الحكم الشرعي لكل ما يستجد في حياة الناس، فهي الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان، ولذا فقد تولى أهل العلم في زماننا هذه المسألة بالبحث والدراسة، ومن أولئك الذين عنوا بدراسة هذا الموضوع المجامع الفقهية، ومنها مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، فقد درس الموضوع في دورته الثامنة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 28 ربيع الآخر 1405 هـ إلى يوم الاثنين 7 جمادى الأولى 1405 هـ الموافق 9 1 - 28 يناير 1985 م، وقد نظر في موضوع أخذ بعض أعضاء الإنسان وزرعها في إنسان آخر مضطر إلى ذلك العضو، لتعويضه عن مثيله المعطل فيه، مما توصل إليه الطب الحديث، وأنجزت فيه إنجازات عظيمة الأهمية بالوسائل الحديثة، وذلك بناء على الطلب المقدم إلى المجمع الفقهي من مكتب رابطة العالم الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية. واستعرض المجمع الدراسة التي قدمها فضيلة الأستاذ الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام في هذا الموضوع، وما جاء فيها من اختلاف الفقهاء المعاصرين في جواز نقل الأعضاء وزرعها، واستدلال كل فريق منهم على رأيه بالأدلة الشرعية التي رآها. وبعد المناقشة المستفيضة بين أعضاء مجلس المجمع، رأى المجلس أن استدلالات القائلين بالجواز هي الراجحة، ولذلك انتهى المجلس إلى القرار الآتي: أولاً: إن أخذ عضو من جسم إنسان حي، وزرعه في جسم إنسان آخر مضطر إليه لإنقاذ حياته، أو لاستعادة وظيفة من وظائف أعضائه الأساسية هو عمل جائز لا يتنافى مع الكرامة الإنسانية بالنسبة للمأخوذ منه، كما أن فيه مصلحة كبيرة وإعانة خيرة للمزروع فيه، وهو عمل مشروع وحميد إذا توافرت فيه الشرائط التالية: 1 - أن لا يضر أخذ العضو من المتبرع به ضرراً يخل بحياته العادية؛ لأن القاعدة الشرعية أن الضرر لا يزال بضرر مثله ولا بأشد منه؛ ولأن التبرع حينئذ يكون من قبيل الإلقاء بالنفس إلى الهلكة، وهو أمر غير جائز شرعاً. 2 - أن يكون إعطاء العضو طوعاً من المتبرع دون إكراه. 3 - أن يكون زرع العضو هو الوسيلة الطبية الوحيدة الممكنة لمعالجة المريض المضطر. 4 - أن يكون نجاح كل من عمليتي النزع والزرع محققاً في العادة أو غالباً. ثانياً: تعتبر جائزة شرعا بطريق الأولوية الحالات التالية: 1 - أخذ العضو من إنسان ميت لإنقاذ إنسان آخر مضطر إليه، بشرط أن يكون المأخوذ منه مكلفاً، وقد أذن بذلك حالة حياته.

2 - أن يؤخذ العضو من حيوان مأكول ومذكى مطلقا، أو غيره عند الضرورة لزرعه في إنسان مضطر إليه. 3 - أخذ جزء من جسم الإنسان لزرعه أو الترقيع به في جسمه نفسه، كأخذ قطعة من جلده أو عظمه لترقيع ناحية أخرى من جسمه بها عند الحاجة إلى ذلك. 4 - وضع قطعة صناعية من معادن أو مواد أخرى في جسم الإنسان لعلاج حالة مرضية فيه، كالمفاصل وصمام القلب وغيرهما. فكل هذه الحالات الأربع يرى المجلس جوازها شرعا بالشروط السابقة. وأما زرع الخصيتين ونحوهما من الغدد التناسلية، والتي تنقل الصفات الوراثية، فقد قرر المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410هـ الموافق 14-20 آزار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات المتعلقة بهذا الموضوع الذي كان أحد موضوعات الندوة الفقهية الطبية السادسة المنعقدة في الكويت من 23 - 26 ربيع الأول 1410 هـ الموافق 23-26/10/1990م، بالتعاون بين هذا المجمع وبين المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، قرر ما يلي: أولاً: زرع الغدد التناسلية: بما أن الخصية والمبيض يستمران في حمل وإفراز الصفات الوراثية (الشفرة الوراثية) للمنقول منه، حتى بعد زرعهما في متلقٍّ جديد، فإن زرعهما محرم شرعاً. وقد وضع المجمع الفقهي عدداً من الضوابط في قضية زرع الأعضاء في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 صفر 1408هـ الموافق6-11 شباط (فبراير) 1988م، وهي: أولاً: يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أنَّ النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود، أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهودة له، أو لإصلاح عيب، أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً. ثانياً: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر، إن كان هذا العضو يتجدد تلقائياً، كالدم والجلد، ويراعى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأهلية، وتحقق الشروط الشرعية المعتبرة. ثالثاً: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية. رابعاً: يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر. خامساً: يحرم نقل عضو من إنسان حي يعطل زواله وظيفة أساسية في حياته وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها كنقل قرنية العين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءاً من وظيفة أساسية فهو محل بحث ونظر كما يأتي في الفقرة الثامنة. سادساً: يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك. بشرط أن يأذن الميت قبل موته أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة ولي أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له. سابعاً: وينبغي ملاحظة: أنَّ الاتفاق على جواز نقل العضو - في الحالات التي تم بيانها - مشروط بألاَّ يتم ذلك بواسطة بيع العضو. إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما. أما بذل المال من المستفيد، ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريماً، فمحل اجتهاد ونظر. ثامناً: كل ما عدا الحالات والصور المذكورة، مما يدخل في أصل الموضوع، فهو محل بحث ونظر، ويجب طرحه للدراسة والبحث في دورة قادمة، على ضوء المعطيات الطبية والأحكام الشرعية. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اقتناء هيكل عظمي للتعلم

اقتناء هيكل عظمي للتعلُّم المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 8/1/1425هـ السؤال أنا حالياً أدرس الطب، ويفيدني جداً اقتناء هيكل عظمي لأتعلم عليه، يستطيع أحد معارفي توفير هيكل لي، ولكن المشكلة هي أن هذا الهيكل طبيعي، أي لجثة قد تحللت وأخذ عظمها، فهل يجوز لي اقتناؤه؟ علماً بأنه يتوفر هياكل اصطناعية، لكنها ليست بمقدار الفائدة التي أجنيها من الطبيعي -أي أنه لا يظهر عليه جميع الأجزاء والتراكيب الدقيقة المطلوبة- أفيدوني بأسرع وقت ممكن جزاكم الله خيراً. الجواب لا بأس باقتناء الهيكل الطبيعي للجثة عند وجود الحاجة لطلاب الطب؛ لأن حذق الطب - وهو أمر مطلوب- لا يتحقق في الغالب -كما قيل- إلا بالتطبيق على جثة حقيقية، ولكن يجب أن يقتصر في هذه الجثة على القدر المطلوب، وألا تكون الجثة لمسلم؛ لأن في جثث غير المسلمين غنية عن جثته، ولتأكد حرمته حياً وميتاً، ويجب كذلك دفن أشلاء الجثة بعد الانتهاء منها. والله أعلم.

أقراص منع الدورة الشهرية

أقراص منع الدورة الشهرية المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 2/12/1423هـ السؤال سألتني زميلة في العمل وهي مقبلة على الذهاب إلى العمرة في شهر رمضان، عن نيتها أخذ أقراص تمنع عنها نزول دم الحيض في وقته المعتاد، ذلك أن فترة حيضها توافق العشر الأواخر من شهر رمضان مما سيفوت عليها - حسب قولها - فرصة التعبد وقيام الليل في المسجد الحرام، ما قول الشرع في هذا الأمر؟ خصوصا وأنه أخذ يعرف انتشارا واسعا بين النساء، حسب قولها، حتى بالنسبة للصيام في شهر رمضان المبارك - جزاكم الله عن الإسلام وعنا كل خير -. الجواب المرأة إذا أخذت شيئاً من موانع الحيض فامتنع الحيض بالكلية وجبت عليها الصلاة والصيام، وصح ذلك منها، أما إن نزل منها دم ولو يسيراً في وقت الحيض فلا تصح الصلاة ولا الصيام.

ضمان الخطأ الطبي

ضمان الخطأ الطبي المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 28/1/1424هـ السؤال أنا أعمل طبيباً بوحدة العناية المركزة، وقد توفي أحد المرضى بالوحدة لسبب أشك أنه خطأ علمي مني، فهل علي من كفارة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب إذا كنت قد تسببت في إزهاق روح هذا المريض بأي نوع من أنواع التسبب فإن عليك الدية والكفارة، وإذا أمكنك التحقق من ذلك فإنك تفعل، فإن كان شكاً منك تشعر به ولا دليل عليه ولم يثبت عندك يقيناً فلا شيء عليك إن شاء الله، والقاعدة الفقهية في ذلك (إن اليقين لا يزول بالشك) واليقين هنا هو براءتك من إزهاق روحه والشك هو مسئوليتك عن هذا الإزهاق، وكذلك يدل لهذا قاعدة (كل مشكوك فيه اجعله كالعدم) ، وهي في معنى القاعدة السابقة، والله أعلم.

هل الدواء يعجل الشفاء؟

هل الدواء يعجل الشفاء؟ المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 30/12/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل للمرض زمن محدد سواء تداوى الإنسان أم لا؟ بمعنى هل الدواء يعجل الشفاء؟ أرجو الإجابة مع الأدلة الشرعية. الجواب الله عز وجل قدَّر المرض على الإنسان وشرع التداوي، وجعل الدواء سبباً للشفاء من الأمراض، فالتداوي أخذ بالسبب المشروع، فيكون مندوباً إليه -في غالب أحوال التداوي-. فمن تداوى فقد فعل الأمر المشروع في قوله -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري (5678) كتاب الطب:"ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء". فالذي يتداوى يكون قد بذل سبباً يؤدي بإذن الله إلى الشفاء، ومن ترك التداوي فقد يهلكه المرض، وكل ذلك قد علمه الله عز وجل من الإنسان قبل أن يولد ولكن الحث الشرعي على التداوي إنما هو من باب الأخذ بالأسباب المشروعة، والله أعلم.

تغيير التوصيف الطبي

تغيير التوصيف الطبي المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 26/1/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. نحن -المسلمين- في الغربة نعاني من مشكلة كبيرة، وهي طهارة أطفالنا، فنحن كغيرنا من المواطنين نشارك في التأمين الصحي الإجباري والذي بطبيعة الحال يشمل الزوجة والأطفال ويندرج تحت هذا التأمين جميع العمليات ما عدا عمليات التجميل، ولكنهم لاعتبارات دينية لا يعترفون بعمليات الطهارة للأطفال ويعتبرونها عمليات تجميل، لذلك نضطر لدفع مبالغ كبيرة لإجراء هذه العملية على حسابنا الخاص، بالرغم من أنّا ندفع الاشتراك الشهري بالتأمين الإجباري وقد عرض علي أحد الأطباء المسلمين إجراء هذه الجراحة مع تغيير التوصيف الطبي لها حتى تندرج تحت العمليات الجراحية التي يدفعها التأمين الصحي، فأرجو منكم فتوى في مدى صحة هذا العمل شرعاً؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالأظهر لي ـ والله أعلم ـ أنه يجوز لكم إجراء عمليات الختان مع تغيير التوصيف الطبي لها؛ لكي تدخل في غطاء التأمين الصحي الإجباري، وذلك لأن كثيراً من أقساط التأمين التي تدفعونها تذهب بلا مقابل؛ لتبتلعها شركات التأمين، وتزيد من أرباحها المتضخمة. ولهذا تُباح مثل هذه الحيلة لاستيفاء تلك الأموال التي ذهبت عليكم سدى، ولكن بشرط ألا تزيد قيمة ما تقدّم لكم من عمليات وخدمات طبية على مقدار القسط السنوي الذي تقدمونه للتأمين. فمثلاً إذا كان رب الأسرة قد دفع في السنة 1000 يورو للتأمين الصحي لأسرته، ثم انقضتْ السنة وقد بلغ مجموع قيمة الخدمات والعمليات الطبية له ولأسرته 500 يورو، فإنه يكون قد بقي له 500 يورو يستحقها على شركة التأمين، وله حينئذٍ أن يستوفيها ولو بهذه الحيل، من عمليات ختانٍ أو غيرها، ولو بتغيير توصيفها، بشرط ألا تزيد قيمة هذه العمليات عن الثمن المتبقي وهو 500 يورو، لأنه لا يستحق إلا ما يقابل هذه الألف. فإن زادت على قدر هذا الثمن المتبقي فيجب عليه أن يتخلص من هذه الزيادة بأن يُخرج من ماله قدر هذا الزائد ويصرفه في مصالح المسلمين. فمثلاً: لو كان المتبقي من قيمة التأمين هو 500 يورو وقيمة عملية الختان تبلغ 700 يورو فإنه يجب عليه أن يُخرج من ماله ما يقابل هذه الزيادة، وهي 200 يورو، وينفقها في مصالح المسلمين بنية التخلص منها؛ لأنه لم يدفع للتأمين إلا 1000 يورو، ذهب منها 500 في الخدمات والكشوف الطبية، وذهبت ال500 الأخرى في عملية الختان التي قد كلفت شركة التأمين 700 يورو. فبقي 200 يورو دفعتها عنه الشركة، فإذا أخذها كان من أكل أموال الناس بالباطل، فوجب عليه أن يتخلَّص منها. وإنما نقول: يخرج من ماله بقدر المائتين لصالح المسلمين، ولا يردها لشركة التأمين؛ لأن الشركة قد أكلت أضعافها من أموال الناس بالباطل، ولأن فيها إعانة لها على المحرم وتقوية للكفار. والله أعلم، -وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.

العلاج بالتنويم المغناطيسي

العلاج بالتنويم المغناطيسي المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 21/10/1422 السؤال ما رأيكم في العلاج بالتنويم المغناطيسي؟ وما رأيكم في قول من يعالج به: إنه بالإمكان تغيير الصفات الذميمة في الشخص، مثل: الكذب، وحب الشهوة، وإحلال الفضائل مكانها بشرط رغبة المعالج في ذلك، بعد تقدير الله. الجواب نقول وبالله التوفيق: ما يسمى بالتنويم المغناطيسي يطلق على ثلاثة أضرب: الضرب الأول: وهو الشائع المنتشر ويفعله السحرة باستخدام الجن، وهذا النوع محرم؛ لأن إتيان السحرة حرام، والساحر كافر بنص القرآن الكريم " وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر " [البقرة: 102] . حيث لا يمكّن الجن الساحر من السحر إلا بعد أن يشرك بالله - تعالى -، ومن ذلك الذبح لغير الله، أو إهانةالمصحف الشريف، أو الاستهزاء بآيات الله -تعالى-، أو السجود للشياطين، وغير ذلك من الكفر البواح. ولا يتصور من هذا الساحر الكافر أن يدل على الفضائل، أو يخلص أحداً من الصفات الذميمة، إذ إن السحر ضار غير نافع كما قال - سبحانه -:" ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم " [البقرة: 102] . وقال - سبحانه -: " ولا يفلح الساحر حيث أتى " [طه:69] . والسحر من السبع الموبقات التي حذر منها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح، وهو أشد من الزنى وشرب الخمر. وإني أنصح كل مسلم بتجنب السحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين، وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: " من أتى كاهناً أو عرَّافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " أخرجه الإمام أحمد في المسند (9536) وقال - عليه الصلاة والسلام -: " من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " أخرجه مسلم في صحيحه (2230) الضرب الثاني: نوع من الدجل والاتفاق مع بعض الحاضرين لا سيما في أماكن الجمهور لأكل أموال الناس بالباطل ولفت الانتباه. والضرب الثالث: طب نفسي وهو عن طريق الإيحاء والتأثير على المريض وتطويعه إلى ما يراد له، وهذا ما يسأل عنه السائل، وهو علم صحيح ولكنه محدود التأثير. والمغيّر فعلاً لتلك الصفات السيئة والمنشئ للصفات الحميدة هو الإيمان بالله - تعالى -، والعمل الصالح، ودعاء الله - عز وجل -، والالتجاء إليه، وهو مسبب الأسباب، وهو قريب من عباده " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " [البقرة: 186] . وكما هو معلوم أن من أكبر أسباب الهداية والفلاح والتخلص من الأخلاق الذميمة قوة العزيمة، ومجاهدة النفس، والصبر، وغير ذلك من الأسباب الشرعية المعلومة. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قتل الرحمة

قتل الرحمة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 13/9/1422 السؤال أود معرفة الحكم الشرعي في مسألة قتل الرحمة؟ الجواب السؤال محتمل: فإن كان عن صفة قتل الرحمة فالإسلام يأمر بالإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب على أحسن الوجوه وأسهلها من غير زيادة في التعذيب؛ لما رواه مسلم في صحيحه (1955) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْله، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته". أما إذا كان السؤال عن قتل الرحمة للمريض الميؤوس من شفائه بدعوى الرحمة به، وإنهاء تألمه وما يعانيه، والمسمى بقتل الشفقة أو الرحمة، فهذا مما لا يجوز؛ لأن الصبر على الألم مطلوب شرعاً، فلا يجوز للمريض إنهاء حياته بنفسه؛ لأنه والحالة هذه يعتبر منتحراً قاتلاً لنفسه، والله -تبارك وتعالى- يقول: " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً، ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً " الآية [سورة النساء29،30] . كما لا يجوز أن يطلب من الطبيب فعل ذلك به. أما إذا قرر الأطباء موت المريض دماغياً، وبعض الأعضاء كالقلب لا يزال يعمل آلياً بفعل الأجهزة، فهذا قرر مجمع الفقه الإسلامي جواز رفع الأجهزة عنه، قالوا: ولا يعد هذا تعجيلاً بموته؛ لأنه في عداد الموتى، وإكمالاً للفائدة أسوق ما ذكره البهوتي في (كشاف القناع 5 /495) قال: "ولا يجوز قتل البهيمة ولا ذبحها للإراحة؛ لأنها ما دامت حية، وذبحها إتلاف لها، وقد نهي عن إتلاف المال كالآدمي المتألم بالأمراض الصعبة، أو المصلوب بنحو حديد؛ لأنه معصوم ما دام حياً". انتهى. قلت: ومقصوده أنه لا يجوز ذبح الحيوان إذا كان مما لا يؤكل لحمه لإراحته، أقول أيضاً: حتى ما يؤكل لحمه إذا كان لحمه غير صالح كشاة مريضة يريد ذبحها للإراحة لا لأجل أكل لحمها لعدم صلاحية أكله، بل يترك حتى يموت، ومثل ذلك الآدمي، وقتل الآدمي المريض بالأمراض الصعبة كالسرطان في آخر مراحله، بل يترك حتى يموت. والله أعلم.

استعمال علاج يثبت الجنين

استعمال علاج يثبّت الجنين المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 16/9/1424هـ السؤال أنا امرأة حامل في الشهر الأول، واتضح عن طريق التصوير الصوتي أن لدي كيساً هرمونياً فوق أحد المبايض، فوصفت لي الطبيبة نوعاً من العلاج المثبت للجنين؛ لئلا يتقلص الرحم بسبب هذا الكيس فيحصل الإسقاط، ولو لم آخذ العلاج فيحتمل تمام الحمل ويحتمل سقوطه. السؤال: هل يجوز لي ترك هذا العلاج؟ مع العلم أن هذا الكيس قد يزول من نفسه بلا علاج، والعلاج الموصوف ليس علاجاً للكيس وإنما مثبت للحمل. الجواب أرى أن تأخذ علاج هذا الكيس الدهني طالما كان الأمل في حصول السلامة به كبيراً، ولا يترك إلا إذا كان في تناوله ضرر عليك، أما هل تكون المرأة ضامنة لهذا الجنين وآثمة لو مات بعد نفخ الروح فيه؟ فلا يظهر لي ذلك؛ لأن التداوي من الأمور المظنون حصول الشفاء بها مندوب على الصحيح من أقوال أهل العلم، والله أعلم.

عملية التجميل للمولود بمتلازمة داون

عملية التجميل للمولود بمتلازمة داون المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 17/3/1423 السؤال الرجاء إفادتي بشأن جواز عمليات التجميل للأطفال المولودين بمتلازمة داون، علماً أن الحاجة لإجراء مثل هذه العمليات ليست احتجاجاً على خلق الله، ولكن هؤلاء الأطفال في بلادنا العربية يعاملون معاملة المتخلف عقلياً، مع أنه أثبت علمياً أنهم مؤهلون للعيش والمشاركة في المجتمع، ولكن نظراً لبعض الصفات الشكلية التي تميزهم يحكم عليهم قبل التعرف على قدراتهم، وينعكس هذا على نفسية الطفل، وبالتالي يحد من اكتسابه واندماجه مع المجتمع المحيط، أفيدوني أفادكم الله، إذا أجريت لطفلي هذه العملية لتعود عليه بالنفع في حياته دون أن أكون معترضة على إرادة الله. الجواب لقد كرّم الله الإنسان فخلقه في أحسن تقويم، قال -تعالى-:"لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" [سورة التين:4] ، وقال -تعالى-: "يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك" [الانفطار:6] ، وفي الحديث: "اللهم حسنت خَلْقِي فحسن خُلقُي" رواه ابن حبان (959) ومسند أبي يعلى (5075) والطيالسي (374) . وهذا الإنسان متى طرأ عليه ما يشوه خلقه بحريق أو حادث سيارة أو أي تشوه خلقي فله أن يزيل هذا التشوه، ويبذل قصارى جهده في التجمل والتجميل، وليس في هذا محظور شرعاً، وإنما المحظور أن يكون في التجميل تدليس وغش وخداع وتضليل. وعليه فلك أيتها الأخت الحق في إجراء عملية أو عمليات تجميل حتى يزول ما في الطفل من وضع يسبب له أذى عضوياً أو نفسياً، كتب الله له الشفاء.

التداوي بدم الحيوان

التداوي بدم الحيوان المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 1/4/1423 السؤال ما حكم التداوي بدم الحيوان؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أن دم الحيوان نجس ويحرم أكله وإن كان متحصلاً من حيوان مذكى يحل أكله، قال -تعالى-:"قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [الأنعام:145] ، وفي الحديث:"تداوو عباد الله ولا تداووا بحرام ... " أبو داود (3874) ، لكن للضرورة يجوز أكله، أو نقله، أو التداوي به، فإذا توقف شفاء المريض أو الجريح وإنقاذ حياته على نقل الدم من آخر أو العلاج به ولا يوجد من المباح ما يقوم مقامه في شفائه أو إنقاذ حياته جاز ذلك. وقد جاء في الفتاوى الهندية:"أنه يجوز شرب الدم والبول وأكل الميتة للتداوي إذا أخبره طبيب مسلم أن شفاءه فيه"، والله أعلم.

ضوابط جراحة التجميل

ضوابط جراحة التجميل المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 18/4/1423 السؤال أرجو أن تفيدنا في معرفة الضوابط الشرعية للجراحة التجميلية؟ وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب تنقسم جراحة التجميل قسمين: القسم الأول: الجراحة التي يحتاج إليها الإنسان لوجود عيوب خلقية ولد بها الإنسان كالتصاق أصابع اليدين أو الرجلين، أو عيوب ناشئة عن الآفات المرضية التي تصيب الجسم كعيوب صيوان الأذن الناشئة عن مرض الزهري أو السل. ويلحق بهذا القسم العيوب الطارئة على الجسم كالتشوهات الناشئة عن الحروق والحوادث، فهذه العيوب التي تصيب الجسم يتضرر بها الإنسان حساً ومعنى، وإصلاحها إنما هو من باب العلاج وليس فيه تغيير لخلق الله ولا تطلب زيادة الحسن، وإنما جاء الحسن تبعاً، وبالتالي فليس هناك حرج شرعي في إجراء العمليات الجراحية لإزالة هذه العيوب. القسم الثاني: الجراحة التجميلية التي يقصد بها تحسين المظهر وتحقيق صورة أجمل وأحسن، ومن ذلك ما يسمى بعمليات تجديد الشباب، فيبدو المسن بعدها وكأنه في ريعان الشباب، ومن صور هذا القسم: 1-عمليات تجميل الأنف بتصغيره أو تغيير شكله عموماً. 2-تجميل الثديين بتصغيرهما إن كانا كبيرين، ونحو ذلك. 3-شد تجاعيد الوجه ليظهر صاحبه وكأنه أصغر بكثير من سنه الحقيقي. والجراحة في هذا القسم مشتملة على تغيير خلقة الله، والعبث بها حسب أهواء الناس وشهواتهم، وبالتالي فيكون داخلاً في عموم قوله -سبحانه وتعالى- حكاية عن إبليس "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله" [النساء: 119] . وكذلك فإن فاعله داخل في اللعن الوارد في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلعن المتنمصات، والمتفلجات للحسن اللاتي يغيرن خلق الله" رواه البخاري (5939) ومسلم (2125) . والأدلة على حرمة هذا القسم قد ذُكرت في إجابة سابقة في هذا الموقع بعنوان (عملية تجميل الأنف)

رفع الأجهزة عن المتوفى دماغيا

رفع الأجهزة عن المتوفى دماغياً المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 26/6/1423هـ السؤال ما حكم رفع الأجهزة التي توضع على المريض المتوفى دماغياً مما يؤدي في الغالب إلى وفاته؟ وهل هناك فتوى صادرة بذلك عن مجمع فقهي تجتمع فيه هيئة طبية مع هيئة شرعية بحيث تستوفى فيه جميع الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع المهم الذي يحتاج إلى دراسة؟ الجواب نعم، هناك فتاوى صادرة من المجامع الفقهية تبين حكم رفع الأجهزة عن المرضى المتوفين دماغياً، ومن ذلك الفتوى الصادرة من المجلس الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة في 24/2/1408هـ ومفادها أن المجلس قد نظر في موضوع تقرير حصول الوفاة، بالعلامات الطبية القاطعة، وفي جواز رفع أجهزة الإنعاش عن المريض الموضوعة عليه في حالة العناية المركزة، واستعرض المجلس الآراء، والبيانات الطبية المقدمة شفهياً وخطياً من وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية، ومن الأطباء الاختصاصيين، واطلع المجلس كذلك على قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، المنعقد في مدينة عمان العاصمة الأردنية رقم (5) في3/7/1986م، وبعد المداولة في هذا الموضوع من جميع جوانبه وملابساته، انتهى المجلس إلى القرار التالي: المريض الذي ركبت على جسمه أجهزة الإنعاش يجوز رفعها إذا تعطلت جميع وظائف دماغه نهائياً، وقررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصيين خبراء، أن التعطل لا رجعة فيه، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً، بفعل الأجهزة المركبة، لكن لا يحكم بموته شرعاً إلا إذا توقف التنفس والقلب، توقفاً تاماً بعد رفع هذه الأجهزة. أ. هـ. وكان المؤتمر الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قد أصدر قراره رقم 17 (5/3) ومفاده: أن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة الأردن من 8-13 صفر 1407هـ /11-16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م، بعد التداول في سائر النواحي التي أثيرت حول موضوع أجهزة الإنعاش واستماعه إلى شرح مستفيض من الأطباء المختصين، قرر ما يلي: يعد شرعاً أن الشخص قد مات وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعا للوفاة عند ذلك إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين: 1) إذا توقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً وحكم الأطباء بأن هذه التوقف لا رجعة فيه. 2) إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه، وأخذ دماغه في التحلل. وفي هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص وإن كان بعض الأعضاء كالقلب مثلا، لا يزال يعمل آليا بفعل الأجهزة المركبة. أ. هـ. والفارق بين القرارين السابقين -كما يلاحظ- أن القرار الأول لا يحكم بموت المريض حتى يتوقف قلبه وتنفسه نهائياً بعد رفع الأجهزة، بينما ير ى القرار الثاني أن يعد المريض ميتاً شرعاً بتعطل جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً حتى وإن كان قلبه ينبض بفعل أجهزة الإنعاش، والله أعلم.

جراحة تكبير الصدر

جراحة تكبير الصدر المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 15/2/1425هـ السؤال أنا سيدة ملتزمة ومحجبة، عندي مشكلة أحرج منها كثيراً، وهي صغر حجم صدري، لدرجة أنه لا يوجد أي فرق بين حجم صدري وصدر زوجي، لذا أحرج حتى من تغيير ملابسي أمامه، أو أمام أي إنسان آخر، مع أني متزوجة منذ ست سنوات، فهل يوجد إثم إن أجريت جراحة تكبير الثدي؟ علماً أني لا أريد ذلك طلباً للحسن، ولكن لأشعر أني مثل باقي النساء؟. أفتوني، -جزاكم الله عن المسلمين كل خير-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان الأمر كما ذكرته صاحبة السؤال من أن حجم ثديها صغير يوقعها في الحرج وهو غير طبيعي فلا حرج - إن شاء الله- من إجراء جراحة تكبير الثدي ليصبح كأثداء باقي النساء، بشرط ألا يكون في هذه الجراحة ضرر عليها في العاجل أو الآجل، والمعتبر قوله في هذه الحالة هو الطبيب الثقة، وإنما جازت هذه الجراحة في هذه الحالة؛ لأنها من باب العلاج، وفيها دفع للأذى، والضرر اللاحق بهذه المرأة من جراء صغر الثدي. والله أعلم.

الطب النبوي لابن القيم

الطب النبوي لابن القيم المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 15/2/1425هـ السؤال ماذا تقولون في قراءة كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية؟ لأنني سمعت أن معالجة الأمراض بالتمائم غير جائزة، لكن الكتاب المذكور يجيزها، إلى أي حد أصدق كتاب الطب النبوي؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن كتاب الطب النبوي لابن القيم من الكتب المفيدة في بابه، وقد جمع فيه أشياء وفوائد يندر وجودها في غيره. وابن القيم توسع في كتابه المذكور في تعداد الأدوية النبوية، ولم يلتزم في ذلك بما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنما توسع في هذا الباب على اعتبار أنه ليس من الأحكام الشرعية، وليس كل ما فيه من العلاجات يسوغ الأخذ به، بل يؤخذ منه ويترك، ويسأل أهل الاختصاص عن ذلك. أما ما ذكره مما له علاقة بالرقية الشرعية فلا حرج في الأخذ به - إن شاء الله تعالى -؛ لأنها إن لم تنفع صاحبها لأمر قدره الله - تعالى - فلن تضره. وقد اطلعت على الإشكال موضع السؤال فيما يتعلق بإباحة ابن القيم تعليق التمائم، والكلام ليس على إطلاقه؛ فكلامه - رحمه الله تعالى - ينصب على كتابة شيء من القرآن للتداوي به أو تعليقه، وهذه مسألة اختلف فيها العلماء - رحمهم الله تعالى -، ولم يعتن - رحمه الله - ببيان الحكم الشرعي هنا، وقد بسطه في غير ما موضع من كتبه، لعل أجمعها ما ذكره في زاد المعاد. ولم يتحدث - رحمه الله - عن التمائم الشركية في الكتاب المشار إليه، وإنما ذكر رأي بعض السلف في التداوي بالقرآن كتابة وتعليقاً. والتمائم وهو ما يسمى عند البعض بالحجاب أو الحرز أو الجامعة، وهو شيء يعلق بالعنق أو يربط بأي عضو من أعضاء الشخص؛ فإن كان من غير القرآن فهو محرم، بل شرك؛ لما رواه الإمام أحمد في مسنده (19498) ، وابن ماجة (3531) عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: "ما هذا؟ " قال: هذه من الواهنة، فقال: "انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا. وما رواه أحمد (16951) عن عقبة بن عامر عنه صلى الله عليه وسلم قال: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له" وفي رواية لأحمد (16969) "من تعلق تميمة فقد أشرك" وما رواه أحمد (3604) وأبو داود (3883) عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك". وإن كان ما علقه من آيات القرآن فالصحيح من قولي العلماء أنه ممنوع أيضاً؛ لثلاثة أمور: الأول: عموم أحاديث النهي عن تعليق التمائم ولا مخصص لها. الثاني: سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك. الثالث: أن ما علق من ذلك يكون عرضة للامتهان بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء والجماع ونحو ذلك.

الاستشفاء بالقرآن

الاستشفاء بالقرآن المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 7/11/1422هـ السؤال عن الشفاء بالقرآن، فهل هو شفاء لمرض القلوب كالشرك، والنفاق، وغيرها، أم هو شفاء لأمراض عضوية كالصداع، وألم المفاصل؟ بل إني سمعت أن من يقرأ القرآن الكريم لا يصاب بسرطان. الجواب الحمد لله، قال - تعالى -:" وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً " [الإسراء: 82] وقال - سبحانه وتعالى -: " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين " [يونس: 57] فأخبر الله - سبحانه وتعالى - أن القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين، ولا ريب أن المقصود الأول هو شفاء ما في الصدور من أمراض الجهل والشرك والكفر والنفاق والأخلاق الرديئة كالحسد والغش، ولكنه مع ذلك شفاء للأمراض العضوية كالصداع وسائر الأوجاع التي تعرض للبدن كما دلت على ذلك سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إذ قيد الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " لا رقية إلا من عين أو حُمَة " رواه البخاري (5705) ومسلم (220) وقوله للذي رقى اللديغ بسورة الفاتحة: " وما أدراك أنها رقية " رواه البخاري (2276) ومسلم (2201) وقال - صلى الله عليه وسلم -: " لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً " رواه مسلم (2200) وأبو داود (3886) واللفظ له. والرقى تكون بالقرآن وبالأدعية المشروعة، وأما القول بأن من يقرأ القرآن لا يصيبه السرطان فهذا لا نجزم بنفيه ولا إثباته، لكن يرجى أن تكون الرقية بالقرآن سبباً للشفاء من السرطان فلا نقول إن ذلك حتمي، بل السرطان مرض من الأمراض التي تعرض للإنسان من صالح وطالح فالعوارض الطبيعية تعرض لسائر الناس من المؤمنين والكفار، ولكنها تكون للمسلم كفارة لذنوبه وسبباً في تعريضه للأجر بقدره، فأمر المؤمن كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن، كما أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم (2999) . والله أعلم.

علاج المصاب بمرض الشهوة

علاج المصاب بمرض الشهوة المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 26/11/1422 السؤال أخرت الزواج إلى أن ناهزت الخامسة والثلاثين، حيث كنت في ضياع وتخبط في الحياة من تناول مسكرات بسبب الإصابة بمرض الاكتئاب النفسي المزمن الذي لا يوجد له علاج، وبعد أن هداني الله للالتزام قررت الزواج فتزوجت وأنا الآن مصاب بمرض الشهوة أو ما يسمونه الشبق الجنسي، وعاجز عن الزواج بأخرى وأعيش في وهم دائم وسعير لا ينطفئ لدرجة تمني الموت أحياناً، والاستفتاء هو: هل هذا المرض الذي مقته الله في كتابه بقوله: " فيطمع الذي في قلبه مرض "؟ هل يجوز لي الاحتساب واعتباره من البلاء أم هو من الأمراض التي تدل على فساد صاحبها وخبث نفسه وقلة دينه؟ الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. فأهنئك أولاً بتوفيق الله لك حيث نزعت مما كنت فيه من ضياع وتخبط، فإن نعمة الهداية هي أعظم نعم الله على العبد، فهنيئاً لك نعيم الهداية الذي وفقك الله إليه. ثم أهنئك بزواجك، وأسأل الله - عز وجل - أن يبارك لك في زوجتك وأن يبارك لها فيك وأن يجعلها معونة على طاعته، وأن يوفقكم جميعاً لما يحبه ويرضاه، وقد أحسنت في إقدامك على هذه الخطوة المباركة وهي الزواج، فإنه من أعظم العون على الاستقامة. وأما ما ذكرته مما تتصوره مرضاً فإن علاجه هو الزواج بأخرى، فإن لم تستطع فعليك بمراجعة الأطباء في صرف بعض المهدئات لحالتك، مع الاستعانة بالصوم والتعبد وإشغال الوقت بالأعمال المهمة التي تستنزف طاقتك وتوسيع علاقتك بالأخيار والصالحين والمشاركة في الأعمال الاجتماعية والإغاثية والدعوية. وعليك أن تعلم أن هذا الذي تعانيه ليس هو المذكور في قوله -تعالى-:" فيطمع الذي في قلبه مرض " [الأحزاب: 32] فإن المرض المذكور هنا هو مرض النفاق أو الفسق وابتغاء فعل الفاحشة، كما ذكر ذلك الطبري في تفسير هذه الآية، كما أن ما أحسست به ليس من الأمراض التي تدل على فساد صاحبها وخبث نفسه وقلة دينه كما ذكرت، ولكنها أمراض جسدية تعرض للناس صالحهم وطالحهم، ولكن يختلف تعامل كلٍ منهم مع هذا المرض بحسب التزامه بدين الله - عز وجل-. وفقك الله وبارك فيك.

هل هذه رقية شرعية؟

هل هذه رقية شرعية؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 15/12/1422 السؤال أود السؤال عن موضوع لم يحير عائلة، بل عائلات الحي، وهو عن الطب الروحي. تعرفنا على رجل قد درس الدكتوراه في الشريعة، ويقول: إنه يعالج الأرواح ويطردها، وذلك بذكر الله - عز وجل -، واستخدام البخور، وغذاء ملكات النحل. أنا لا أشك فيه، ولكن لست مقتنعة بهذه الأحاديث. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتداوي بالمباح والمشروع، فقال: " إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام " رواه أبو داود (3874) من حديث أبي الدرداء-رضي الله عنه-، وأكد النهي عن التداوي بغير المباح، وأنه لا شفاء فيه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " رواه البخاري تعليقاً كتاب الأشربة، باب: شراب الحلواء والعسل، ورواه الحاكم (8310) انظر الفتح (1/339) و (10/78) ، ويشمل ذلك التداوي من الأمراض النفسية والجسدية، والأدوية على نوعين: أدوية شرعية: وهي ما ورد التداوي بها في كتاب الله - عز وجل- أو في سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ومنها: الرقى الشرعية بالقرآن الكريم، أو بما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الرقية به، ومنها: بعض الأدوية كالعسل والحبة السوداء والكمأة ونحوها، ومنها: الحمية، والحجامة، وغيرها. والنوع الآخر: الأدوية الطبيعية، وهي ما ثبت بعلم الطب والتجارب نفعه -بإذن الله-، ومنها: الأدوية الكيميائية والأعشاب ونحوها. وكثير من الدجاجلة والمشعوذين يظهرون الصلاح، وقد يذكرون الله - تعالى -، ويقرؤون بعض الآيات، ويزعمون أنهم يعالجون بالرقية الشرعية، وهم في الحقيقة يستعينون بالجن والشياطين، لذلك يجب الحذر الشديد من الذهاب إلى هؤلاء والتداوي عندهم، وألا يتداوى الإنسان إلا عند من عرفت حقيقته بسلامة المعتقد والبعد عن مواطن الريبة. وما ذكرته السائلة عن هذا المعالج لا يكفي في الجزم ببيان حاله، ولا يكفي في سلامة علاجه أنه يحمل شهادة الدكتوراه في الشريعة، أما العلاج بذكر الله فلا شك أن القرآن شفاء للناس، لكن ليس كل ذكر يعد علاجاً، بل بعضها أذكار بدعية لا يجوز الذكر بها فضلاً عن التداوي بها، وما ذكرته من أنه يعالج بغذاء ملكات النحل، فهذا مما يتداوى به خاصة من الأمراض العضوية (الجسدية) . أما استخدام البخور فهذا لا نعلمه علاجاً شرعياً ولا طبيعياً -والله أعلم-، بل هو معروف عن الدجاجلة والمشعوذين الذي يزعمون أنهم يستحضرون الأرواح، ويستعينون بالجن في ذلك. والذي أنصح به الأخت السائلة أن تبتعد عن هذا المعالج، وعليها أن توصي هذه المريضة بأن ترقي نفسها بالقرآن الكريم، وأن تلتزم الأوراد الشرعية، ولا بأس إن وجد أحد العلماء القراء المعروفين بالصلاح وسلامة العقيدة (وليس بالشهادة!) أن يقرأ عليها ويرقيها الرقية الشرعية. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيها وسائر مرضى المسلمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حكم التداوي

حكم التداوي المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 2/2/1423 السؤال ما حكم ترك التداوي من الأمراض بالدواء والذهاب إلى الأطباء؟ وما صحة حديث المرأة التي كانت تصرع فطلبت من الرسول -صلى الله عليه وسلم- الدعاء فقال لها: اصبري ولك الجنة؟ فهل في ترك التداوي بالدعاء والرقية فضل مثل دعاء أيوب -عليه السلام-؟ الجواب لقد أباح الرسول -صلى الله عليه وسلم- التداوي من الأمراض، إذ جاء عن أسامة بن شريك قال: "جاء أعرابي فقال يا رسول الله أنتداوى؟ قال: نعم، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله" رواه أحمد (18456) وفي لفظ" قالت الأعراب: يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال: نعم يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو قال دواء إلا داء واحداً، قالوا يا رسول الله: وما هو؟ قال: الهرم"، رواه ابن ماجه (3436) وأبو داود (3855) والترمذي (2038) واللفظ له وصححه. وهناك أحاديث كثيرة في هذا المعنى، فالتداوي من الأمراض من الأمور المباحة، بل قد يكون واجباً على المسلم في كثير من الحالات، إذ المرض يضعف الجسم ويستنفذ القوة بينما المطلوب من المسلم أن يكون قوياً ليتمكن من أداء العبادات وغيرها من الواجبات الأخرى. أما حديث المرأة التي كانت تصرع فهو حديث صحيح رواه البخاري (5652) ومسلم (2576) وغيرهما من أصحاب السنن، أما ترك التداوي واللجوء إلى الدعاء والرقية وعلى أن ذلك أفضل فأقول: الفضل هذا أمر نسبي يختلف من شخص إلى آخر ومن مرض إلى آخر، ولكني أقول: التداوي مطلوب شرعاً في كثير من الأمراض، ومن أراد أن يصبر وهو قادر على ذلك فهذا جائز وله أجر الصبر والتحمل، ومن أراد اللجوء إلى الدعاء بدلاً من التداوي فله ذلك بشرطين: الأول: صدق القصد عند المريض. الثاني: من جهة المداوي وهو توجه قلبه إلى الله، والتوكل عليه حق التوكل.

حكم تناول الأدوية التي تحتوي على نسبة من الكحول

حكم تناول الأدوية التي تحتوي على نسبة من الكحول المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 13/1/1423 السؤال ما حكم تناول علاج للسعال يحتوي الكحول، علماً أن معظم علاج السعال يحتوي الكحول؟ الجواب يجوز شرب علاج السعال وإن كان فيه نسبة من الكحول المحرمة في الأصل، لاسيما أن نسبتها ليست كبيرة، وعامة الأدوية تدخل الكحول في تركيباتها، واستخدام مثل هذا الشراب جائز من باب الضرورة الشرعية المعتبرة، والأحاديث الناهية عن شرب الخمر (الكحول) إنما جاءت لتحريمها لذات الشرب بغرض الإسكار لا لغرض العلاج، وقد أفتى بجواز مثل هذه الحالة جمع غفير من العلماء، وعدد من المجامع العلمية الفقهية، وفق الله الجميع إلى كل خير.

عمليات التجميل

عمليات التجميل المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 8/3/1423 السؤال ما حكم عمليات التجميل للنساء، مثل: إزالة ترهلات البطن أو الصدر، خاصة عقب تكرار الولادة للمرأة؟ الجواب يظهر لي أنه لا مانع من عمليات التجميل لإزالة العيوب إذا لم يحصل من تلك العمليات ضرر، ولقد أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن قطعت أنفه في إحدى الغزوات أن يتخذ أنفاً من ذهب، فما كان لإزالة عيب فلا بأس به، مثل أن يكون في الأنف اعوجاج فيعدل، أو إزالة بقعة سواد مثلاً، أو مثل ما ذكر في السؤال، ونحو ذلك، أما لغير إزالة العيب كالوشم والنمص مثلاً فغير جائز.

نقل قرنية الميت للحي

نقل قرنية الميت للحي المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 13/5/1424هـ السؤال يوجد أخ تضرر في عينيه ضرراً بالغاً، ولا حل له إلا نقل قرنية من ميت، فهل يجوز له؟ جزاكم الله خيراً، وبارك فيكم. الجواب لا بأس بنقل القرنية من الميت إلى الحي على أرجح قولي العلماء، إذا كان الحي مضطراً إليها كما هو وارد في السؤال، بشرط أن يغلب على الظن نجاح عملية زرعها، ما لم يمنع أولياؤه ذلك، بقاء على قاعدة تحقيق أعلى المصلحتين وارتكاب أخف الضررين، وإيثار مصلحة الحي على الميت، فإنه يرجى للحي الإبصار بعد عدمه، ولا يفوت على الميت الذي أخذت قرنية عينه شيء، فإن عينه إلى الدمار والتحول إلى رفات، وإلى الحكم السابق أشار قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في الدورة الثالثة عشرة بتاريخ 25/10/1398هـ والله أعلم.

هل الحجامة سنة؟

هل الحجامة سنة؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 3/8/1424هـ السؤال ما حكم الحجامة؟ وهل نستطيع القول بأنها سنة؟ بدليل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لها، أليس بعض أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نستطيع حملها على السنية؟. الجواب الحجامة جائزة، ولا نقول إنها سنة، وإنما نقول: إنها علاج نبوي لمن احتاج إليها.

استعمال الحبوب المنشطة جنسيا

استعمال الحبوب المنشطة جنسياً المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 8/6/1424هـ السؤال هل يجوز استعمال الحبوب المنشطة في الممارسة الجنسية؟ وهل هناك أضرار فيها؟ مثلا هل هي مثل الدخان تدخل في الآية "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"؟ أرجو التوضيح والتفصيل، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن حكم تناول هذه الحبوب المنشطة يتوقف على رأي الأطباء، فإذا ثبت لديهم ضررها فلا يجوز تناولها؛ لقوله تعالى: "وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" [البقرة: من الآية195] ، وإلا فلا بأس بأكلها. وغير الطبيب لا يعتد بقوله في إثبات ضررها أو عدمه، لأن المسألة مسألة طبية صرفة، لا تعرف إلا بأدوات الطب، اللهم إلا إذا كان ضررها بيناً جلياً ملموساً للناس عامة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التداوي أم الرقية أم الصبر؟

التداوي أم الرقية أم الصبر؟ المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 25/3/1424هـ السؤال أعمل طبيباً، أصبت بدوخة منذ ثلاث سنوات مستمرة معي، أجريت فحوصات طبية فلم أجد سبباً، قال لي صديق يعالج بالقرآن إنه مس من الشيطان، علماً أنني أحفظ القرآن حفظاً جيداً، وأحفظه لغيري، تزيد علي الدوخة في صلوات الجماعة، علماً بأنني أحافظ على الصلوات الخمس بالمسجد، وأحب أن أسأل: هل الدعاء وحده يكفي؟ وهل يتعارض مع الصبر والرضا بقضاء الله؟ كيف أرقي نفسي أم أجعل غيري يرقيني. كيف أكون فعلاً من الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب؟ ألا ترد قراءتي للقرآن كيد أي شيطان عني؟ أم هو ابتلاء من الله وعلي الصبر؟ هل ترك التداوي فيه مخالفة شرعية؟ (علماً أنني أجريت كثيراً من الفحوصات ولم أجد شيئاً، وأفكر في ترك المتابعة الطبية بعد أن سئمت منها) . هل كتمان الأمر وقصر الشكوى على الله فقط فيها مخالفة شرعية؟ هذه الدوخة تزيد عندي عند فعل الطاعات فماذا أفعل؟ هل التداوي أفضل أم تركه والصبر أفضل؟ هل المعاصي التي نرتكبها أحياناً تكون سببا؟ هل هناك كتب تنصحني بقراءتها في هذا الأمر؟. الجواب بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: يذكر السائل أنه تصيبه دوخة عند الصلاة، وعندما يمارس الطاعات، مع أنه حافظ للقرآن، ويحفظه لغيره، فعولج كثيراً عند الأطباء ولم يحصل على نتيجة، وأنه قيل له إن بك مساً، فجوابنا ما يلي:

إن تلبس الجن بالإنس حق لامرية فيه، وقد ذكر في الكتاب والسنة، ومن ذلك قول الله تعال: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ" [البقرة: من الآية275] ، ويقرأ على المصاب القرآن فيخرج الجني بإذن الله، وإخراجه يحتاج إلى قارئ مخلص لله، مستعين به، ثابت الجنان، ذي شخصية قوية، وللإنسان أن يقرأ على نفسه فينفث في يديه ثم يمررهما على جميع جسده، أو يقرأ عليه غيره، كما رقى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - كما عند مسلم في صحيحه (2185، 2186) ، من حديث أبي سعيد وعائشة - رضي الله عنهما- وكره بعضهم أن يطلب المصاب القراءة من غيره، لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب "الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، ولا يكتون، وعلى ربهم يتوكلون"رواه البخاري (5705) ، ومسلم (220) ، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- وكما يرفع البلاء بالقرآن، يرفع أيضاً بالدعاء، واللجوء إلى الله عز وجل والتضرع إليه، والرغبة إليه، والإلحاح عليه بقلب حاضر مقبل على ربه جل وعلا، محسن الظن به، مع انتفاء الموانع، وتحين أوقات الإجابة، ووجود أسبابها، فإنه حري أن يرفع البلاء بذلك بإذن الله، والتداوي بالعلاجات الطبية والدعاء لكشف الضر ورفع البلاء لا يتعارضان مع الصبر والرضا بالقضاء والقدر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بالتداوي بقوله - صلى الله عليه وسلم - "تداووا عباد الله، فإن الله سبحانه لم يضع داء إلا وضع معه شفاء" رواه أبو داود (3855) ، وابن ماجة (3436) من حديث أسامة بن شريك - رضي الله عنه-، وأمرنا ربنا جل وعلا بدعائه والتضرع إليه، ودعاؤنا له عبادة له، لأن في الدعاء إظهار الحاجة، والافتقار إليه جل وعلا، قال تعالى: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" [غافر: 60] ، وهو الذي أمرنا بالصبر، ووعدنا بالجزاء عليه، قال تعالى: "وبشر الصابرين الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" [البقرة: 155-156] ، فالصبر هنا الموعود عليه الجزاء هو حبس النفس عن الجزع والتسخط، والرضا بالقضاء والقدر، مع فعل الأسباب الرافعة للبلاء أو المخففة منه، إذ إن كل ذلك بقضاء وقدر، وبهذا يكون المسلم من الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب، ويذكر السائل أنه عند قراءته للقرآن يحصل لديه تشويش وقلق يؤثر على مزاجه، فلا يرتاح لقراءة القرآن، نقول له: عليك أن تستعين بالله عز وجل وتكثر من قراءة القرآن، ولا تلتفت إلى وساس الشيطان وكيده، وعليك الصبر والاحتساب، فإن ذلك من الابتلاء، ويبتلى المرء على قدر إيمانه، وأكثر من الذكر فإن الشيطان ينخنس حتى يكون كالذباب، ثم اعلم يا أخي شفاك الله أنك مأجور، ويبتلى المرء على قدر إيمانه، ويسأل السائل ويقول: هل التداوي شرعي فأقول: إن التداوي شرعي، حيث أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - به لقوله - صلى الله عليه وسلم - "تداووا عباد الله"، وقال - صلى

الله عليه وسلم - "ما أنزل الله داءًَ إلا قد أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله" رواه أحمد (3578) ، وابن ماجة (3436) ، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-، والتداوي لا ينافي التوكل، فالتداوي فعل سبب لا يلزم تحقق المسبب، ولا يعلق عليه جزماً حصول الشفاء، والتداوي أفضل من ترك التداوي لأن الشفاء تحصل به الصحة والعافية، ويستطيع المصاب أن يقوم بوظائفه الشرعية، بخلاف ما إذا كان مريضاً، ويسأل السائل هل كتمان البلاء أفضل أو إعلانه أفضل؟ فالجواب: أن الذي يملك الضر والنفع هو الله عز وجل، ولكن يختلف الأمر باختلاف الدوافع، فإن كان رفع الشكوى تشكياً وتحسراً وعدم صبر فهو محرم ولا يجوز، لأن عرض الأمر على من لا يقدر على رفعه تحسر وظلم، ولأنه طلب للشفاء ورفع البلاء ممن لا يملكه ولا يقدر عليه، بالإضافة إلى أنه لوم لله على قضائه وقدره، وإن كان رفع الشكوى وعرض أوصاف المرض لطلب العلاج أو على الطبيب فهذا لا بأس به، حيث لا يتم التعرف على نوع المرض الذي يحدد به نوعية العلاج إلا بذلك، والواجب عليك يا أخي: أن تتضرع بالصبر وتتحلى به، فإنه حلية المؤمن، وإن عرض لك شيء يضايقك عند فعل الطاعات فإن ذلك من الشيطان فاستعذ بالله منه، والجأ إلى ربك، واعلم يا أخي أن كل ما أصابنا مما يكدر علينا حياتنا في أنفسنا أو أموالنا أو أولادنا أو أزواجنا أو صديقنا إنما هو بسبب ذنوبنا، وما كسبته أيدينا، قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى: 30] ، وأنا أنصحك بقراءة الكتب التي تخص بالصبر والاحتساب، فمثلاً: الاستقامة لابن تيمية (2/271) ، تكاليف القلب السليم / لمحمد العلي، الروح/ لابن القيم، زاد المريض والمبتلي لزهير الزميلي، الصبر الجميل لسليم الهلالي، صيد الخاطر لابن الجوزي، عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين لابن القيم الجوزية، غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب للسفاريني، مدارج السالكين لابن القيم، وموارد الظمآن لدروس الزمان لعبد العزيز السلمان، وغير ذلك من الكتب، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

مرور الصحيح على أماكن الوباء

مرور الصحيح على أماكن الوباء المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 11/4/1424هـ السؤال أنا في أمريكا، أريد أن أعود إلى الإمارات، ولكن يجب علي أن أمر بمدينة هونج كونج، فهل يحرم علي ذلك بسبب المرض المنتشر في هونج كونج؟ وهل يعتبر هذا المرض وباء في نظر الشرع؟. الجواب من خرج من أرض انتشر فيها وباء لغير الفرار بل لعارض كالتجارة أو العمل المعتاد، أو لكونه ماراً بها؛ فلا بأس (إذا أمِنَ من نقل العدوى بحمله للمرض) ، حيث جاء في حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - مرفوعاً: "إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فراراً" متفق عليه عند البخاري (5728) ، ومسلم (2218) . فالمنهي عنه الخروج عنها فراراً من المرض، أما دخول الأرض المصابة بالوباء؛ فالأصل المنع منه إلا للحاجة، كمن لم يستطع السفر إلا بالمرور بتلك الأرض وكان محتاجاً للانتقال. والطاعون كل مرض عام ينتشر في جهة من الأرض، ولذا فإن الظاهر أن المرض المسؤول عنه نوع من الطاعون، والله أعلم.

التداوي بدم "الضب"

التداوي بدم "الضب" المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 12/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم الشرع في التداوي للعلاج من الأمراض السرطانية بدم حيوان صحراوي اسمه في بلادنا الضب، وهو نوع من الزواحف، حيث يتم ذبحه وأخذ دمه وخلطه بالعصير وشربه، حيث إنه قد تم تجريبه من العديد من الناس، وفعلا قد شفوا بمشيئة الله، مع العلم أن الله قد حرم علينا الدم والميتة ولحم الخنزير، فما الحكم في ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: أنني لا أرى جواز التداوي بالدم المسفوح بشربه أو أكله، ذلك أن دم الحيوان نجس يحرم أكله حتى وإن كان متحصلاً من حيوان مذكى يحل أكله، لقوله تعالى: "قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [الأنعام:145] ، والحكمة من تحريم أكل الدم المسفوح والله أعلم أنه يحمل الفضلات وعوامل خطيرة ومواد أخرى قد تسبب للإنسان ضرراً بالغاً، هذا وقد روى مسلم (1984) ، وغيره عن وائل الحضرمي أن طارق بن سويد - رضي الله عنه - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر؟ فنهاه أو كره أن يصنعها فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال: "إنه ليس بدواء، ولكنه داء "، وعن أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/5) وابن حبان في صحيحه (1391) ، هذا وليعلم أن شرب الدم المسفوح يختلف حكمه عن نقل الدم.

التداوي بدم الضب

التداوي بدم الضب المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 07/04/1425هـ السؤال ما حكم العلاج بدم الضب؟ وذلك بوضعه على موضع المرض وليس بالشرب؟ وشكراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، وبعد: فإن الضب إذا ذكي وخرج منه الدم، فإنه إما أن يكون مسفوحاً وهو ما سال عند الذبح أو غير مسفوح. فإن كان الدم غير مسفوح وهو الدم الباقي في العروق، فهو طاهر يجوز طبخه مع اللحم وأكله؛ كالكبد والطحال، وكذا التداوي به من باب أولى. أما المسفوح فإنه يحرم أكله وشربه، لأنه نجس، وقد قال تعالى: "قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس.." [الأنعام:145] ، فأما التداوي به في غير الأكل والشرب، كوضعه على موضع المرض في ظاهر البدن، فإنه جائز على الصحيح، وقيده شيخ الإسلام ابن تيمة - رحمه الله- بالحاجة كما في مجموع الفتاوى (24/270) ، ومن ذلك التداوي به، حيث قال: (وأما التداوي بأكل لحم أو شحم الخنزير فلا يجوز. وأما التداوي بالتلطخ به، ثم يغسله بعد ذلك، فهذا ينبني على جواز مباشرة النجاسة في غير الصلاة، وفيه نزاع مشهور، والصحيح أنه يجوز للحاجة، كما يجوز استنجاء الرجل بيده، وإزالة النجاسة بيده، وما أبيح للحاجة جاز التداوي به كما يجوز التداوي بلبس الحرير على أصح القولين ... ) اهـ. والله أعلم.

هل أصبر وأحتسب أم أدعو وأتداوى؟

هل أصبر وأحتسب أم أدعو وأتداوى؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 22/10/1425هـ السؤال أنا مريض بمرض يهدد حياتي ومستقبلي؛ لأنه مرض يهدد وظائف ونشاط الدماغ، ويستنزف طاقتي الفكرية، فهل أصبر عليه وأحتسب، لما في ذلك من الأجر العظيم، أم أتعالج؟ فقد أغراني حديث المرأة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم- وهي تصرع، فقال صلى الله عليه وسلم: "أتصبرين ولك الجنة؟ " ففضلت الصبر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فأسأل الله تعالى- العظيم أن يشفيك ويعافيك، إنه سميع مجيب. ونصيحتي لك أيها الأخ المبتلى أن تسعى في بذل الأسباب الروحية والمادية من أجل صحتك وعافيتك، فاحرص على الرقية بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية، وابذل قصارى جهدك في المعالجة عند طبيب ماهر، وليكن تعلقك قويًّا بالله عز وجل، فهو مسبب الأسباب وبيده الشفاء، وأَلِحَّ بالدعاء على ربك الرحيم الودود، فإنه مجيب لمن أدام قرع الباب، ولا تتأخر في معالجة نفسك، فقد أمر نبينا صلى الله عليه وسلم- أمته بالتداوي عند الحاجة، فقال: "يا عبادَ اللهِ تَدَاوَوْا، ولا تَدَاوَوْا بحرامٍ؛ فإنَّ اللهَ لم يُنْزِلْ داءً إلاَّ أنزَل له دَوَاءً". أخرجه أبو داود (3855) ، والترمذي (2038) ، وابن ماجة (3436) . وقال الترمذي في سننه (4/383) : هذا حديث حسن صحيح. ا. هـ، وقال عليه الصلاة والسلام: "الشِّفاءُ في ثلاثةٍ: في شَرْبَةِ عَسَلٍ....". الحديث رواه البخاري (5680) من حديث ابن عباس، رضي الله عنهما. واحتجم صلى الله عليه وسلم وقال: "إنَّ أفضلَ مَا تَدَاوَيْتُم بِهِ الحجَامَةُ". رواه البخاري (5696) ومسلم (1577) ، من حديث أنس، رضي الله عنه. وفي الحديث الآخر، عنه، صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الكَمْأَةُ مِن المَنِّ، ومَاؤها شفاءٌ للعينِ". رواه البخاري (4478) ، ومسلم (2049) ، عن سعيد بن زيد، رضي الله عنه، ورقى النبي صلى الله عليه وسلم- نفسه، ورقى أصحابه، رضي الله عنهم، وأمرهم بالرقية. انظر ما رواه البخاري (5016) ومسلم (2192) ، من حديث عائشة، رضي الله عنها، وكان يعوِّذ الحسن والحسين، رضي الله عنهما، ويسترقي لهما. انظر ما رواه البخاري (3371) ، من حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، وأمر عامر بن ربيعة بالاغتسال لسهيل بن حنيف من العين. انظر ما رواه ابن ماجة (3509) وأحمد (15550) ، عن أسعد بن حنيف، رضي الله عنه، وقد شكا عثمان بن أبي العاص الثقفي، رضي الله عنه، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ضَعْ يَدَكَ علَى الذي تَأْلَمُهُ مِن جَسَدِكَ، وقُلْ: بِاسْمِ اللهِ. ثلاثًا، وقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ باللهِ وقُدْرتِهِ مِن شَرِّ مَا أَجِدُ وأُحَاذِرُ". رواه مسلم (2202) . وعند الترمذي (2080) وغيره قال له- صلى الله عليه وسلم: "امْسَحْ بيمينِك سبعَ مرَّاتٍ وقُلْ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وقُدرتِهِ وسُلْطانِه مِن شَرِّ مَا أَجِدُ". قال عثمان بن أبي العاص، رضي الله عنه: ففعلت فأذهب الله ما كان بي، فلم أَزَلْ آمُرُ به أهلي وغيرهم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِن عَبْدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يومٍ ومساءِ كلِّ ليلةٍ: باسمِ اللهِ الذي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ، وهُو السميعُ العليمُ. ثلاثَ مراتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شيءٌ". رواه الترمذي (3388) وابن ماجة (3869) ، عن عثمان بن عفان، رضي الله عنه. وقال صلى الله عليه وسلم: "مَن تَصَبَّحْ بِسَبْعِ تمراتٍ عَجْوةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذلك اليومَ سُمٌّ ولا سِحْرٌ". رواه البخاري (5445) ومسلم (2047) ، من حديث سعد بن أبي وقاص. وكوَى النبي صلى الله عليه وسلم- سعد بن معاذ، رضي الله عنه. انظر ما رواه مسلم (2208) ، من حديث جابر، رضي الله عنه ... إلخ. كما ورد في السنة من نحو هذا ... وأما الحديث الذي أشار إليه السائل: "إنْ شِئْتِ صَبَرتِ ولكِ الجنَّةُ ... ". فقد رواه البخاري (5652) ومسلم (2576) ، وهو دليل، كما قال الشوكاني في النيل (9/93) ، على أن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة - لمن احتسب ذلك- وأن الأخذ بالشدة أفضل من الأخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة، ولم يضعف عن التزام الشدة ... ولكن لا أنصح لمن هو في مثل حالك أن يأخذ بجانب الشدة؛ لأمور، منها: أولاً: لأن مرضك- كما ذكرت- يهدد وظائف رئيسية في بدنك، وربما أفضى ذلك كما تقول إلى تهديد حياتك، وهذا بخلاف المرض الذي لا يؤدي إلى شيء من ذلك، كما في حديث المرأة التي تصرع، مع ما فيه من شدة وألم- أعاذنا الله منه. ثانيًا: أن تلك المرأة الصحابية الجليلة، رضي الله عنها، قد ضمن لها النبي صلى الله عليه وسلم- الجنة بصبرها على ذلك المرض، وأيُّنا يضمن ذلك لنفسه، ونحن المقصرون المذنبون؟!

ثالثًا: أن المسلم المعافى ربما عمل في حال الصحة، من البر والخير والمعروف، وتحصيل العلم النافع، ونحو ذلك من الأعمال المتعدية، ربما عمل في هذه الحال ما لا يمكن أن يقوم به في حال المرض، لاسيما وأنه ربما لا يصبر على معاناة المرض، وربما حمله ذلك على التسخُّط والجزَع، فيقع فيما لا تحمد عقباه، ونظير هذا: التصدق بجميع المال، فإنه لا يستحب إلا لمن يصبر على الضيق والفقر، ولهذا قبِل النبي صلى الله عليه وسلم- صدقة أبي بكر، رضي الله عنه، حين جاء بماله كله. انظر ما رواه الترمذي (3675) وأبو داود (1678) ، من حديث عمر، رضي الله عنه، ولما جاءه رجل بمثل البيضة من الذهب، وقال: يا رسول الله، خُذْ هذه مني صدقةً، فواللهِ ما أصبَح لي مالٌ غيرها. أعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءه من الشق الثاني فأعرض عنه، ثم جاءه من قبل وجهه، فأخذها منه، فحذفه بها حذفةً، لو أصابه عقره، أو أوجعه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: "يَأْتِي أحدُكُمْ إلى جميعِ مَا يَمْلِكُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، ثم يَقْعُدُ يَتَكَفَّفُ النَّاسُ! ". ثم قال: "إنَّمَا الصدقةُ عَن ظَهْرِ غِنًى". أخرجه ابن حبان في صحيحه (8/165) . ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم- لكعب بن مالك، رضي الله عنه، حين قال له: إنَّ مِن توبتي أنْ أَنخَلِعَ مِن مالي. فقال له عليه الصلاة والسلام: "أَمْسِكْ عليكَ بعضَ مالِكَ فهُو خَيْرٌ لَكَ". متفق عليه عند البخاري (2758) ومسلم (2769) . قال في عمدة القاري (8/294) : وإنما منع النبي صلى الله عليه وسلم- كعبًا، رضي الله عنه، عن صرف كل ماله، ولم يمنع أبا بكر، رضي الله عنه، عن ذلك؛ لأنه كان شديد الصبر، قوي التوكل، وكعب لم يكن مثله. اهـ. فعليك يا أخي الكريم- برخصة الله لك، واستعن بالله، وفضل الله واسع، والله ذو الفضل العظيم. والله أعلم.

التداوي بحليب المرأة

التداوي بحليب المرأة المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 25/7/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: هل يجوز التداوي بحليب المرأة شرباً، لأني قرأت بعض الكتب تتحدث عن فائدته خاصة لعلاج القرحة والسل، وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب إذا كان المقصود بالسؤال حليب المرأة (أي واحدة النساء) جاز شربه للتداوي، لأن الأصل في المطعوم والمشروب الإباحة، إلا ما دل الدليل على خلاف ذلك. لكن إن كان الشارب لهذا اللبن دون الحولين فهذا الشرب يعد رضاعاً شرعياً ينشر الحرمة ويكون المرتضع ابناً لهذه المرأة ولزوجها الذي جاء منه اللبن وأولادها وأولادهم إخوة لهذا المرتضع لحديث: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" رواه البخاري (2645) ، ومسلم (1447) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أما إذا كان عُمْر الشارب لهذا الحليب فوق الحولين فلا ينشر الحرمة ولا يكون رضاعاً معتبراً، وهذا على قول أكثر أهل العلم؛ لقوله تعالى: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: من الآية233] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام"، رواه الترمذي (1152) وقال: حديث حسن صحيح. وذهب ابن تيمية - رحمه الله - إلى أنه ينشر الحرمة بعد الحولين إذا كان هناك حاجة بأن يكون هذا المرتضع قد تربى في البيت من صغره، ويشق الاحتجاب منه كما في صحيح مسلم (1453) عن عائشة - رضي الله عنها - أن سالماً مولى أبي حذيفة - رضي الله عنهما - كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم، فأتت سهيلة بنت سهيل - رضي الله عنها - النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن سالماً قد بلغ ما يبلغ الرجال، وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا، وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة - رضي الله عنه - من ذلك شيئاً، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - "أرضعيه تحرمي عليه، ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة" فرجعت، فقالت: إني قد أرضعته، فذهب الذي في نفس أبي حذيفة - رضي الله عنه - والقول الأول أرجح. ويشترط أن يكون الرضاع خمس رضعات، فإن رضع الطفل أقل من الخمس فلا يكون رضاعاً محرماً؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهنَّ فيما يقرأ من القرآن " رواه مسلم (1452) ، والله أعلم.

بيع الكلى وشراؤها

بيع الكلى وشراؤها المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 25/1/1425هـ السؤال أعرف شخصاً مسلماً يعرف الله، أصابه الله بفشل كلوي، وقد سبق وأن أخذ من أخيه كلية، ولكن فشلت وأقر الأطباء أنه لا بد وأن يزرع أخرى لكي يعيش، علماً بأنه يُجري غسيلاً في كل يومين مرة، ولا أحد من أقربائه يستطيع، وهو يسأل هل جائز شرعاً أن يشتري كلية أو لا؟ أرجو الإفادة. جزاك الله كل خير. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإنه لا حرج في نقل عضو إنسان إلى إنسان آخر مع الضرورة أو الحاجة الشديدة إلى ذلك، كما في نقل الكلية من إنسان حي إلى إنسان مصاب بفشل كلوي، وهذا الجواز مقيد بشروط أربعة: أولاً: ألا يضر أخذ العضو من المتبرع به ضرراً يخل بحياته العادية. ثانياً: أن يكون إعطاء العضو طوعاً من المتبرع دون إكراه، مع كونه كامل الأهلية. ثالثاً: أن يكون زرع العضو هو الوسيلة الطبية الوحيدة الممكنة لمعالجة المريض، كما هو الحال في زرع الكلية، فإنه لا يوجد وسيلة أخرى سوى ما يسمى: بغسيل الكلى، وهو علاج مؤقت وليس بدائم، مع ما فيه من مشقة، وكلفة على المريض. رابعاً: أن يكون نجاح كل من عمليتي النزع، والزرع محققاً في العادة أو غالباً. فإذا توفرت هذه الشروط الأربعة جاز نقل العضو وزراعته، وبهذا صدر القرار من المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثامنة بمكة المكرمة لعام 1405هـ دون الإشارة إلى قيد الأهلية، وهو قيد لازم هنا. هذا بالنسبة للنقل بطريق التبرع، أما بالنسبة للنقل بطريق البيع فهو محرم على البائع قطعاً؛ لأن أعضاء الإنسان ليست ملكاً له، فلا يجوز أن تكون خاضعة للبيع بأية حال من الأحوال. وأما المشتري المضطر، فهو محل نظر، والأظهر أنه يجوز له ذلك، لا سيما إذا كان البائع كافراً، والله -تعالى- أعلم.

علاج العشق

علاج العشق المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 2/7/1424هـ السؤال ما أهم الأمور المساعدة للعلاج من داء العشق والتعلق؟ الجواب أشكر السائل -أولاً- على اهتمامه وسؤاله عما ينفعه، وحرصه على معالجة ذنوبه وأخطائه، وأبشره بما أعده الله -تعالى - للتائبين الباحثين عما يرضيه - جل وعلا-، وأما بخصوص السؤال فأنصح أخي الكريم بما يلي: (1) أن يحرص غاية الحرص على حفظ فرجه وغض بصره عما لا يحل له والأخذ بالأسباب المعينة على ذلك وأولاها النكاح الشرعي؛ ليستغني به عن فضول النظر، ويُعف نفسه عن التعلق بالصور والذوات المحرمة. (2) البعد عن مواطن الفتنة وأماكن الاختلاط والتبرج والسفور؛ حتى لا تقع عينه على ما لا يحل، فتتعلق نفسه بذات أو صورة تظل هاجساً ينتابه كل حين، وطيفاً يعاوده ساعات الليل والنهار حتى تتمكن من سويداء قلبه فيشقى بها الدهر كله، وتنغص عليه طعامه وشرابه، وتسهر ليله وتلهب نهاره، وكان بالإمكان تجاوز هذه المحنة كلها بأطر النفس على مجانبة أسباب عطبها وتلفها. (3) الاشتغال بما ينفعه من قراءة القرآن ومطالعة كتب التفسير والحديث والعناية بالرقائق ومصنفات الوعظ والإرشاد؛ حتى يستعلي على شهوات النفس ويترفع عن الدنايا والقبائح. (4) الاهتمام بمطالعة أخبار السلف وكتب السير؛ ليتعرف على طريقة القوم وسننهم في الحياة وزهدهم في دنياهم، واستهجانهم لسفاسف الأمور وطلبهم للمعالي وحرصهم على نفع أمتهم وجهادهم بالنفس والمال والعلم لإعزاز دين الله ونصرة كتابه وسنة نبيه - عليه السلام -. (5) الاشتغال بحب البارئ - جل وعلا - بمحبة دينه وشريعته والعمل بأمره بكل شغف وإخلاص واجتناب نهيه لك بكل طواعية وانقياد، فإن طاعة الله أمراً ونهياً رأس الأمر كله وبها تُنال ولاية الله، ويفوز العبد بحب الله إياه ولا يتحقق شيء مما ذكر إلا إذا كان على طريقة الرسول المجتبى، والنبي المصطفى - عليه أفضل صلاة وأزكى سلام - قال الله - تعالى-: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" [آل عمران: 31] وهذا الأمر الأخير وإن حدد في الترتيب خامساً إلا أنه في الأهمية أولاً فتنبّه. هذا بعض ما تيسر في علاج داء العشق والتعلق، وأوصي السائل بمطالعة كتاب الجواب الكافي " الداء والدواء " لابن قيم الجوزية ففيه من فرائد الفوائد ودُرر المواعظ في هذا الموضوع خاصة ما لا غنى لطالب الحق عنه. والله أعلم.

وصايا نبوية منامية لفك السحر!

وصايا نبوية منامية لفك السحر! المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 12/9/1426هـ السؤال ما صحة ما انتشر بين الناس حول كون أحد المشايخ رأى في المنام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصاه بنشر علاج معين للسحر والعين؟ علماً بأن هذا العلاج يباع في الأسواق، فهل يجوز استعماله لفك السحر والعين أو ما شابه ذلك؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمنامات لا يؤخذ منها حكم، وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما نقله عنه الصحابة -رضوان الله عليهم- بعلاج السحر والعين، وفي ذلك كفاية. ويُخشى أن يكون بعض ما يدعى أنه علاج ضرباً من أعمال الشعوذة أو السحر. فأرى عدم استعماله، والاكتفاء بما ورد في النصوص الشرعية من العلاج للسحر والعين. والله أعلم.

زراعة الشعر

زراعة الشعر المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 22/6/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز زراعة الشعر للرجل؟ وما حكم من زرع دون معرفة الإثم إذا كان ذلك محرماً؟ ولكم جزيل الشكر، والسلام عليكم. الجواب سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ في أمريكا تتم زراعة شعر المصاب بالصلع، وذلك بأخذ شعر من خلف الرأس وزرعه في المكان المصاب، فهل يجوز ذلك؟ جـ/ نعم يجوز؛ لأن هذا من باب ردّ ما خلق الله -عز وجل-، ومن باب إزالة العيب وليس هو من باب التجميل أو الزيادة على ما خلق الله -عز وجل-، فلا يكون من باب تغيير خلق الله، بل هو من رد ما نقص وإزالة العيب ولا يخفى ما في قصة الثلاثة النفر الذي كان أحدهم أقرعاً وأخبر أنه يحب أن يرد الله -عز وجل- عليه شعره فمسحه الملك فرد الله عليه شعره فأعطي شعراً حسناً، انظر: البخاري (3464) ومسلم (2964) . [سلسلة كتاب الدعوة، فتاوى ابن عثيمين -رحمه الله- الجزء الأول صـ (74-75) ] .

إزالة آثار البهاق بالمكياج

إزالة آثار البهاق بالمكياج المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 10/7/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أنا فتاة مبتلاة بمرض البهاق الذي شوَّه مناطق كثيرة من بدني، وقد كنت استخدم بعض المكياج والكريمات؛ لإخفاء المناطق الظاهرة؛ وذلك لعدم احتمالي لنظرات الناس لي؛ لشدة حساسيتي من هذا الموضوع؛ ولما يسببه ذلك لي من ضغوط نفسيه هائلة انعكست على حياتي الاجتماعية، فأصبحت كثيرة الانطواء، حتى عن أهلي، خاصة عندما كبرت وأصبحت في سن الزواج 22 سنة. والآن سمعت خبراً أعاد لي شيئاً من الأمل، وهو وجود مكياج يخفي آثار البهاق من مناطق المواجهة الظاهرة، ويبقى لفترات طويلة تصل إلى سنوات ثم يزول بعد ذلك وتعيد وضعه مرة أخرى. وسؤالي: هل هذا المكياج محرَّم ويعتبر مثل الوشم، خاصة أنه يقال لابد من استعمال أجهزة خاصة لإدخاله في الجلد؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا حرج إن شاء الله في استخدام هذا المكياج؛ لأنه من باب العلاج والدواء المندوب إلى فعله شرعاً في العموم، وليس من باب تغيير الخلقة التي خلق الله الإنسان عليها، بل هو محاولة لإرجاع لون الجلد إلى ما كان عليه في الأصل، أو قريباً من ذلك. ويفارق هذا المكياج الوشم، فإن الوشم فيه تغيير لخلق الله تعالى، بإضافة شيء يبقى في الجسم عن طريق الوخز بالإبر، والتعذيب للجسم بلا حاجة ولا ضرورة، وليس الأمر كذلك فيما ورد في السؤال، والله أعلم.

زراعة الأسنان

زراعة الأسنان المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 6/12/1424هـ السؤال أنا طالب في كلية طب الأسنان، وكنت أفكر في اختيار مجال التخصص، ويعجبني زراعة الأسنان، ولكن ما رأي الشرع في زراعة الأسنان؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب زراعة الأسنان لغرض علاجي جائزة، بناءً على مشروعية التداوي عموما، ً كما في حديث: "تداووا عباد الله، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له دواءً غير داءٍ واحدٍ: الهرم" رواه أبو داود (3855) ، والترمذي (2038) ، وابن ماجة (3436) ، من حديث أسامة بن شريك -رضي الله عنه- وانظر صحيح الجامع، للألباني (1/565) . لكن لا يزرع للرجل سناً من ذهب أو فضة، ولا يغلف السن بهما، أو بأحدهما إلا للضرورة، لعموم النصوص التي تنهى الرجال عن استعمال الذهب والفضة إلا ما دل على جوازه كخاتم الفضة، وتضبيب الإناء بهما، وكذلك ما سبق من اتخاذ السن من الذهب والفضة للضرورة، وكذلك يتجنب المسلم في هذه المجال (الوشر) ، وهو تحديد المرأة الكبيرة لأسنانها وترقيقها لتبدو كالشابة. وكذلك مما ينهى عنه من التفليج، وهو مباعدة ما بين الأسنان طلباً للحسن لعموم النهي عنه. والله أعلم.

تجميد الحيوانات المنوية

تجميد الحيوانات المنوية المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 18/5/1425هـ السؤال لدي قريب يعاني من العقم، ولا يوجد لديه حيوانات منوية في المني، فقال له الطبيب سوف نأخذ عينة من الخصية فإذا كان هناك حيوانات منوية سنجمدها، ثم تأتي بزوجتك لنعمل لها عملية تلقيح مجهري، السؤال: ما حكم عملية التجميد للحيوانات المنوية في هذه الحالة شرعاً؟ الرجاء الرد في أقرب وقت وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: الذي يظهر بالنسبة لتجميد الحيوانات المنوية والاحتفاظ بها إلى حين رجوع الزوجين لإجراء عملية التلقيح أن هذا لا يجوز؛ لأن هذه النطف لا يؤمن أن تختلط بغيرها إما على سبيل الخطأ وإما على سبيل العمد، وقد دلت الدراسات العلمية على أن هذا المحذور واقع لا محالة، فقد وقع في بعض المراكز التي تجري عمليات التلقيح اختلاط لهذه النطف بغيرها. أما إذا كان إجراء عملية التلقيح مباشرة بعد أخذ المني من الزوج أو بعد أخذ الحيوانات المنوية مباشرة من الزوج فهذا جائز إذا كان يتم إجراء هذه العملية تحت أيدي العدول من الأطباء وضمن إجراءات تضمن عدم اختلاط هذه النطف بغيرها.

إزالة لحمية الأنف بالليزر

إزالة لحمية الأنف بالليزر المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 18/6/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ أثابكم الله، هل تعتبر عملية إزالة اللحمية من الأنف - بالليزر لعلاج الشخير - من الكي الذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ الجواب الليزر كما فهمته من بعض الأطباء يستخدم كمشرط دقيق يزيل الأجزاء المراد إزالتها، وفي نفس الوقت هو يحسم الدم النازل من الجرح، فلا ينزل من الدم إلا القليل، ولا يشعر المريض غالباً بألمه عند التخدير، فيفارق الكي بالنار في جوانب، ويوافقه في جانب حسم الدم، وما دام كذلك فلا بأس باستخدام الليزر علاجاً في الحالة المذكورة في السؤال طالما تعين ذلك علاجاً، بل لو لم يوجد من العلاجات إلا الكي جاز على الصحيح؛ لما ورد في صحيح مسلم - كتاب السلام (2208) عن جابر - رضي الله عنه - قال: "رمي سعد بن معاذ في أكحله قال: فحسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده بمشقص ثم ورمت فحسمه الثانية " والحسم: الكي كما قاله ابن القيم (زاد المعاد 4/63) . وفي البخاري (5719) قال أنس - رضي الله عنه - "كُويت من ذات الجنب ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي وشهدني أبو طلحة وأنس بن النضر وزيد بن ثابت وأبو طلحة كواني" - رضي الله عنهم -. قال ابن القيم في زاد المعاد (4/65 -66) "تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع: أحدها: فعله، والثاني: عدم محبته له، الثالث: الثناء على من تركه، والرابع: النهي عنه، ولا تعارض بينها بحمد الله تعالى، فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه، وأما الثناء على تاركه، فيدل على أن تركه أولى وأفضل، وأما النهي عنه، فعلى سبيل الاختيار والكراهة، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه، بل يفعل خوفاً من حدوث الداء، والله أعلم. أ. هـ.

إجراء التجارب على الحيوانات

إجراء التجارب على الحيوانات المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 26/10/1424هـ السؤال أنا طالبة في كلية العلوم، ونقوم ببعض الأبحاث الجينية، حيث نحقن فأراً بفيروس أو بكتيريا لنتعرف على مقاومته لذلك، وعند نهاية العملية نقتل الفأر، فهل يجوز لنا إجراء مثل هذه الأبحاث على الحيوانات من فصائل أعلى مثل الجرذان والأرانب وغيرها الجواب إذا كان الغرض من إجراء التجارب على هذه الحيوانات تحقيق مصالح وفوائد لا تتحقق إلا بذلك فهذا جائز؛ لأن الحيوان مسخر لمصلحة الإنسان، بل كل ما في الكون بما في ذلك الحيوان مسخر لمصالح الإنسان. أما إذا كان الغرض من إجراء هذه التجارب هو العبث وعدم تحقيق أي مصلحة فهذا حرام؛ لأن في ذلك تعذيباً للحيوان، والأصل في تعذيب الحيوان الحرمة.

استخدام المخدرات لتسكين الآلام

استخدام المخدرات لتسكين الآلام المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 16/12/1424هـ السؤال والدي في مرحلة متقدمة من مرض سرطان الرئة، ولديه العديد من الأورام الثانوية، وعمره 88سنة، وحسب الأطباء لا يرجى له شفاء، آلامه شديدة لم يعد يمكن تحملها، السؤال: لتخفيف آلامه أعطيت له أدوية من نوع المسكنات القوية أو المخدرات كالمورفين التي لم يعد يخفف عنه الألم سواها، فما حكم استعمال هذه الأدوية في هذه الحالة، آخذين بعين الاعتبار الأعراض الجانبية لهذه الأدوية التي تتسبب في أضرار أخرى، كالتأثير على الجهاز التنفسي وقد تؤدي إلى الهلاك؟. الجواب إذا كانت هذه المواد المخففة للآلام تحتوي على مخدرات أو مسكرات فلا يحل استعمالها لحديث: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم"، أخرجه البخاري في الطب (10/68) / معلقاً وصححه ابن حجر في الفتح (10/79) ، وكذلك إن كانت هذه المواد المخففة للآلام تتسبب في أعراض تؤدي إلى استعجال الهلاك فلا يحل تناولها أيضاً، لأن ذلك من قبيل المسارعة إلى إزهاق النفس، وهو محرم شرعاً. لكن لو كانت هذه المسكنات لها أعراض جانبية معتادة عند الأطباء كشأن بقية العلاجات، ولا تؤدي إلى استعجال الوفاة، ولا تحتوي على مواد مخدرة، فأرجو ألا يكون بذلك بأس، وقبل ذلك وبعده، ينبغي أن يوصى المريض بالصبر والاحتساب، فله بذلك الأجر العظيم. والله أعلم.

عمليات فصل التوائم

عمليات فصل التوائم المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 26/7/1424هـ السؤال أسألك بخصوص الملتصقتين بالرأس، واللتين حاول الأطباء فصلهما، وقد كانوا يعرفون أنهما ستموتان، فهل تكون مثل هذه العمليات الجراحية جائزة من الناحية الشرعية؟ الجواب إجراء العمليات الجراحية يشترط له من ضمن ما يشترط أن يغلب على الظن نجاح هذه العملية، فإن غلب على الظن فشلها، وبالتالي هلاك المريض فلا يحل إجراؤها، حتى لو أذن المريض، لأن الطبيب يتسبب في قتل المريض، بل ربما باشر قتله، فيكون قاتلاً في هذه الحالة. فلا يحل إجراء مثل هذه العمليات التي تكون على هذا النحو، فالنفس المعصومة محترمة، ويحرم الاعتداء عليها، ويمنع كل تصرف فيها يغلب على الظن أنه يلحق الهلاك أو الضرر بها، والله أعلم.

النظر إلى صور العورات لطلاب علم التشريح

النظر إلى صور العورات لطلاب علم التشريح المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 28/10/1424هـ السؤال في بعض كتب الطب وخاصة كتب علم التشريح صور شنيعة، ما هو حكم الشرع في النظر لتلك الصور في سبيل العلم؟ الجواب الإنسان الذي يريد أن يتعلم الطب محتاج إلى أن يعرف الطب على الوجه الحقيقي؛ لكي يستطيع أن يمارسه لينفع به الناس، وكونه يطلع على شيء من الصور التي تفيده في تعلمه، فلا بأس بذلك، لكن هذا مشروط بألا يترتب على ذلك مفاسد، فلا تكون الصور من الصور التي تغري الإنسان، أو أنها تجعله ينظر إليها نظر شهوة. وإنما تكون من الصور التي يتعلم من خلالها أجزاء المرض وأماكن وجوده في أي جزء من جسم الإنسان، لأن الطبيب يجوز له أن يكشف عن العورة المغلظة على الطبيعة، إذا احتاج الأمر إلى اطلاعه على هذه الأشياء، فيكون نظر الطبيب أو المتعلم في هذه الصور نظر تعلم لا نظر استمتاع وشهوة.

ترقيع البكارة للستر على الذنب!

ترقيع البكارة للستر على الذنب! المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 27/10/1426هـ السؤال هل يجوز للفتاة -بعد توبتها- إجراء عملية إعادة غشاء البكارة للزواج من مسلم ملتزم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا يجوز للفتاة -التي فقدت بكارتها بسبب معصية وقعت فيها- أن تقوم بعملية رتق للبكارة؛ لأن فيه غشّاً للزوج، وكشفاً للعورة بلا حاجة، ولأنّ استمراءه يؤدي إلى انتشار هذا العمل مما يسبب فقد الثقة. والحل الشرعي لمثل هذه الفتاة أن تخبر خاطبها بأنها ثيّب نتيجة إكراه مثلاً أو زواج غير موثّق أو نحو ذلك، مع التورية في كلامها وعدم التصريح بالكذب، ولا يجوز لها أن تخبره بحقيقة فعلها للمعصية؛ لأن الواجب على الإنسان أن يستر نفسه، ولا يذيع مقالة السوء عن نفسه. مع أن هذه المسألة مما اختلف في حكمها أهل العلم. والله الموفق والهادي.

المتاجرة في بيع "الفياجرا"

المتاجرة في بيع "الفياجرا" المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 10/05/1425هـ السؤال ما حكم المتاجرة في بيع الفياجرا؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الفياجرا: أحد الأدوية المنشطة للجنس، إلا أن لها أضراراً جانبية يتحدث عنها الأطباء كثيراً، فإذا كان الشخص إنما يصرف هذا العلاج بوصفة طبية من قبل طبيب يتحمل مسؤولية صرف هذا العلاج فيجوز بيع هذا الدواء وشراؤه. أما إذا كان يبيع هذا الدواء لمن يشاء، مع تضمنه للخطورة المذكورة، فلا أرى جواز بيعه في هذه الحالة، ولعل الجهة الرسمية (وزارة الصحة) قد وضعت من الضوابط في بيع هذه الأدوية ما يفي بالغرض. والله أعلم.

خطأ الطبيب

خطأ الطبيب المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 15/05/1425هـ السؤال أخطأ طبيب العيون فأصاب العين بآلة يستعملها؛ حيث أدخلها في جزء من العين لم يكن له إدخالها فيه، وتم إصلاح الجرح الناتج وإكمال الجراحة، وتحسن إبصار المريضة عما كان قبل الجراحة، والمريضة لم تعلم بذلك التلف؛ فهل على الطبيب أن يفشي على نفسه؟ وهل عليه أن يدفع تعويضا؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: خطأ الطبيب إذا لم يكن فيه تفريط منه، وإهمال فينتفي عنه التأثيم؛ لعموم حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجة والبيهقي والحاكم، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، لكن إذا ترتب على خطأ الطبيب ضرر المريض بسبب خطأ منه وجب تقدير ذلك الضرر وتعويضه، إلا أن يتنازل المريض عن حقه؛ لأن حقوق الخلق عظيمة عند الله، بل حرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمة الكعبة؛ كما ورد من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- رواه ابن ماجة وغيره، وإلى هذا المعنى أشار ابن السعدي في منظومته في القواعد الفقهية بقوله: والخطأ الإكراه والنسيان *** أسقطه معبودنا الرحمن لكن مع الإكراه يثبت البدل*** وينتفي التأثيم عنه والزلل. والله أعلم.

أساور تخفيف الشحنات الكهربائية!

أساور تخفيفِ الشحنات الكهربائية! المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 7/2/1425هـ السؤال لي قريب مصاب بزيادة الشحنات الكهربائية بالدماغ, مما أدى إلى إصابته بإغماء يشبه إلى حد ما حالات الصرع، ولكنه - كما يقول الطبيب - ليس صرعاً، وكان عمره آنذاك 12سنة تقريباً، وذهب به أهله إلى طبيب شعبي لعلاجه فوضع له أساور من حديد لوقف النوبات، وفعلاً توقفت ولم تعد إليه, استمرت الأساور في يده إلى 16 سنة من عمره، ثم أخرجها بسبب خجله من سؤال الطلاب في المدرسة عنها، ولم تعاوده النوبات حتى بعد إخراجها. والآن وهو في 25 سنة من عمره عادت له النوبات، فأراد أهله إعادة الأساور إليه مرة ثانية بحجة أنها تمنع النوبات، لكني شككت في هذا الموضوع وخفت منه, لأني تذكرت (حديث الخيط الذي كان يضعه الرجل في يديه من الوهانة فقيل له أنزعه فإنه لا يزيدك إلا وهنا) ، مع العلم أن الطبيب الآن قيل له عن هذه الأساور، وقال ضعوها له؛ لأنها تخفف الشحنات الكهربائية عن الدماغ. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن ما وقع عليه السؤال مشهور التداوي به في كثير من المجتمعات التي يتعاطى أهلها الطب الشعبي، حيث يضع من يصاب بنوبات صرع قطعة من حديد في يده، أو في مكان آخر حتى يفيق من غيبوبته، ويوصف لبعض المرضى كعلاج وقائي، وكثير من الناس لا يعرفون تفسير ما يحدث فيظنونه شعوذة ويتحاشون التداوي به. وقد سألت عنه بعض الأطباء منذ زمن فأجابوا بأن هذا العمل نافع - بإذن الله - مع بعض أنواع الصرع، وأن الطب الحديث يستخدم هذا العلاج بطرق كثيرة منها: زرع بعض القطع المعدنية في الأسنان، أو في مواضع معينة من بدن الإنسان؛ لامتصاص الشحنات الكهربائية التي تسبب للإنسان فقداناً للوعي. فإذا كان المريض منتفعاً بهذا العمل بعد سؤال أهل الاختصاص الموثوق بهم فلا حرج إن شاء الله في اتخاذ قطعة من حديد أو معدن آخر توضع في مكان من جسده حسب ما يقوله العارف الثقة. ويحسن أن يكون في مكان غير بارز حتى لا يساء فيه الظن، أما حديث عمران بن الحصين - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في عضد رجل حلقة فقال: "ما هذه الحلقة"؟ قال: "هذه من الواهنة"، فقال - صلى الله عليه وسلم-: "أما إنها لا تزيدك إلا وهناً انبذها عنك فإنك إن مت وهي عليك وكلت إليها، والحديث رواه أحمد (19498) وابن ماجة (3531) وله ألفاظ مختلفة. فقد اختلف العلماء في رفعه ووقفه وصحته وضعفه، وعلى التسليم بصحته ورفعه فقد اختلفوا في معنى الواهنة واتفقوا على علة النهي، ومن العلماء من يرى أن الواهنة من الوهن وهو الضعف فيتخذ الإنسان هذه الحلقة أو الخرزة لتقيه من ذلك ومنهم من يرى أن الواهنة عند العرب قديماً عرق يأخذ في المنكب أو العضد أو اليد وهي تصيب الرجال دون النساء فيعلقون عليها جنساً من الخرز يقال له خرز الواهنة تعصمهم من الألم. واتفق العلماء على أن علة النهي هي أنها عند العرب تتخذ بمثابة التمائم التي ورد النهي عن تعليقها، انظر في ذلك: غريب الحديث للخطابي (2/445) ، وغريب الحديث للحربي (2/1056) ، وغريب الحديث لابن الجوزي (2/486) .

هل من تغيير خلق الله تقويم الأسنان؟!

هل من تغيير خلق الله تقويم الأسنان؟! المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 15/08/1425هـ السؤال بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل من تغيير خلق الله تقويم الأسنان غير المنظمة، والتي يكون فيها بروز يشوِّه؟! أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا كان تعديل الأسنان المذكور في السؤال ناتجًا عن خلل فيها أو تزاحم أو عدم انتظام أو تقدّم بعضها حتى خرجت عن الوضع الطبيعي فقُصد بهذه العملية إرجاع الأسنان للوضع الطبيعي، فلا حرج في ذلك- إن شاء الله-؛ لأن هذا من باب العلاج وإرجاع الأمر إلى ما كان عليه في الأصل، أما إذا كانت الأسنان بوضع طبيعي، لكن تطلب الشخص التحسين الزائد بتصغير الأسنان وبَردها وتفليجها لإيجاد الفجوات بينها طلبًا للتحسين فهذا ممنوع لحديث ابن مسعود، رضي الله عنه: "لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ والمُسْتَوْشِمَاتِ، والنَّامِصَاتِ والمُتَنَمِّصَاتِ، والمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقِ اللهِ". أخرجه البخاري (4886) ومسلم (2125) .

الامتناع عن الفحص لتشخيص العقم

الامتناع عن الفحص لتشخيص العقم المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 05/04/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ: هل يجوز للزوج الذي لم يرزقه الله بالبنين أن يمتنع عن إجراء الكشوفات والتحاليل لمعرفة السبب واقتناعه بما قسم الله له؟ أم أنه سيحاسب على امتناعه للكشف هو وزوجته؛ لعله أن يكون هناك علاج؟ وإذا كشف فأخبر بأنه سيكون قادراً على الإنجاب بعد عملية جراحية فهل يجوز له شرعاً الامتناع عن إجراء العملية الجراحية؟ أم أنه سيحاسب على امتناعه؟ وأخيراً في حالة رضا الزوج بما قسم له في حالة عدم الإنجاب، ويحب زوجته ولا يريد الاستغناء عنها، ولا الزواج بأخرى، هل سيحاسب الزوج على عدم قيامه بالزواج بأخرى سواء كان يعلم بأن العيب في عدم الإنجاب منه أولا؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإنه لا ينبغي للزوج أن يمتنع من إجراء الكشوفات والتحاليل لمعرفة سبب التأخر في إنجاب الزوجة؛ لأنه قد يتبين بذلك السبب في عدم الإنجاب، فيمكن علاجه، ولا شك أن يتأكد في حقه التداوي إذا كان التأخر بسببه؛ لأن التناسل حق للزوجين جميعاً، ولا يملك أحدهما إسقاطه، ولا تعارض بين التداوي وبين الرضا بما قدَّر الله، بل كلاهما من قدر الله، وإذا لم يمكن العلاج إلا عن طريق إجراء عملية جراحية، فإنه يبادر إلى إجراء هذه العملية إذا لم يكن هناك طريق أخف من الجراحة، ولم يترتب على إجرائها مفسدة أعظم من المصلحة المتوخاة من إجرائها، مع غلبة ظن الطبيب الجراح بنجاح العملية، فهذه قيود ثلاثة لا بد منها هنا، فإذا توفرت هذه الضوابط، وكانت الزوجة راغبة في الإنجاب، ولم يرد الزوج أن يفارق امرأته بإحسان، فإنه يجب عليه أن يبادر بالعلاج؛ تحصيلاً لحقها من الولد، ولقول نبينا - صلى الله عليه وسلم-: "تداووا؛ فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواءً، غير داء واحد؛ الهرم" رواه أبو داود (1973) والترمذي (1962) ، وغيرهما، وهو حديث صحيح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (18/12) (فإن الناس قد تنازعوا في التداوي، هل هو مباح؟ أو مستحب؟ أو واجب؟ والتحقيق أن منه ما هو محرم، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو مستحب، وقد يكون منه ما هو واجب، وهو ما يعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة، فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء ... ) ا. هـ، هذا في أصل التداوي، فأما إذا تعلق به حق لغيره، كعلاج العقم فإنه يتأكد من هذا الباب، وإذا كان هذا في باب المحافظة على النفس، فكذا في باب المحافظة على النسل، وكلاهما من المقاصد الضرورية الخمسة التي أمر الشارع بالمحافظة عليها وجوداً وعدماً، قال الدكتور/ يوسف العالم في كتابه المقاصد العامة (ص405) تعليقاً على قول أبي حامد الغزالي: (الولد هو الأصل المقصود، وله وضع النكاح) ، ما نصه: المقصود الأصلي من النكاح هو النسل، إيجاداً أو بقاءًا، وأن أعضاء التناسل ما هي إلا آلات خلقها الله لتكون أسباباً لمسببات، ووسيلة إلى تحقيق المقصود الأصلي..، ويؤكد هذا قول الجاحظ: (جعل الله عشق النساء داعية للجماع، ولذة الجماع سبيلاً للنسل، والرقة على الولد عوناً في التربية والحضانة) ، ويؤكد هذا - أيضاً - ما تقدم من آيات وأحاديث تحث على الزواج وترغب فيه، وفي الزواج بالولود على وجه الخصوص) ا. هـ، فإذا لم يكن العيب - في عدم الإنجاب - من الزوج، فإنه لا يلزمه أن يتزوج بأخرى، ولكن يندب له ذلك تحصيلاً للذرية والعقب، ولكن بشرط أن يكون قادراً على العدل وعلى النفقة، على حد سواء. والله -تعالى- أعلم.

الولادة القيصرية دون الحاجة الطبية

الولادة القيصرية دون الحاجة الطبية المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 15/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعمل في إحدى المستشفيات، ونواجه في بعض الأحيان طلب بعض الحوامل رغبتهن في الولادة بعملية قيصرية رغم عدم وجود مسببات طبية تدعو لذلك. وسؤالي: هل تحقيق رغبة المريضة يتعارض مع الأعراف والأخلاقيات الطبية أم لا؟ شاكرًا لكم خدماتكم الجليلة التي تقدمونها من خلال موقعكم الرائع. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأعراف الطبية، والأخلاق الطبية لا بد أن السائل يعرفها، لكننا نجيب عن الحكم الشرعي، وهو أن إجراء عملية فيها تعريض لمن تُجرى له العملية لمخاطر وأضرار لا يجوز، لقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ". أخرجه أحمد (2865) ، وابن ماجه (2341) ، وكون الطبيب -وهو مؤتمن على مهنته وعلى علاجه- يعرض هذه المرأة لإجراء عملية قيصرية من دون حاجة لها يعتبر نوعًا من الخيانة في عمله، فلا يجوز له إجراء مثل هذه العمليات التي لا حاجة لها، ويعتبر محاسبًا على ما ينتج عن عمله بسبب إجراء هذه العملية لو أنه أخل أو قصر، أو غير ذلك، فالواجب عليه الامتناع عن إجراء مثل هذه العمليات إلا من حاجة تستدعي ذلك، وليس في حل أن يستجيب لمن تطلب مثل هذه العملية، وهي ليست محتاجة لإجرائها. والله ولي التوفيق.

أسئلة في الحجامة

أسئلة في الحجامة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 19/04/1425هـ السؤال أعاني من الصداع، وقد نصحني بعض الإخوة بالحجامة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يحتجم بسبب الصداع، وقد روى لي الإخوة بعض الأحاديث التي لا أعلم صحتها كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "نعم العادة الحجامة" وقوله -صلى الله عليه وسلم-:"ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي إلا قالوا يا محمد: أوص أمتك بالحجامة"، وفي رواية: "مر أمتك بالحجامة". والخلاصة: (1) ما صحة هذه الأحاديث؟. (2) ما أفضل وقت للحجامة؟ وهل ورد فيه سنة معينة؟. (4) ما هو أفضل مكان في الجسم للحجامة؟ أرجو تحديد المكان بدقة فمثلا لو كان في الرأس ففي أي جزء من الرأس؟. وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وبعد: ورد في الحجامة أحاديث كثيرة تضمنت ذكر منافعها ودواعيها، وأوقاتها، ففي صحيح البخاري (5680) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنا أنهى أمتي عن الكي"، وفي الصحيحين البخاري (5696) ، ومسلم (1577) عن حميد الطويل عن أنس - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حجمه أبو طيبة فأمر له بصاعين من طعام، وكلم مواليه فخففوا عنه من ضريبته وقال: "خير ما تداويتم به الحجامة"، وفي جامع الترمذي (2053) : من طريق عباد بن منصور قال: سمعت عكرمة قال ابن عباس - رضي الله عنهما- قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم-: "نعم العبد الحجام يهذب بالدم، ويخف الصلب، ويجلو البصر"، وقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حيث عرج به ما مر على ملأ من الملائكة إلا قالوا: "عليك بالحجامة" (نفس الحديث السابق) وقال: "إن خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة، ويوم تسع عشرة، ويوم إحدى وعشرين، وقال إن خير ما تداويتم به السعوط واللدود والحجامة، والمشي"، قال الترمذي (2053) : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عباد بن منصور، وفي سنن ابن ماجة (3479) من حديث جبارة بن المغلس - وهو ضعيف- عن كثير بن سليم قال سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه- يقول: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما مررت ليلة أسري بي بملأ إلا قالوا يا محمد مر أمتك بالحجامة"، وأما وقتها فقال صاحب القانون: ويؤمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر؛ لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت وهاجت، ولا في آخره؛ لأنها تكون قد نقصت بل في وسط الشهر، حين تكون الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها لتزايد النور في جرم القمر وقال ابن القيم: (وتستحب في وسط الشهر، وبعد وسطه وبالجملة في الربع الثالث من أرباع الشهر لأن الدم في أول الشهر لم يكن بعد قد هاج وتبيغ وفي آخره يكون قد سكن، وأما في وسطه وبعيده فيكون في نهاية التزيد) وأما أماكن الحجامة من البدن فقد تحدث عنها الأطباء المتقدمون، وفصلوا فيها ومن ذلك:

(1) الحجامة في الأخدعين، والكاهل، وورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم- احتجم في الأخدعين والكاهل، أخرجه الترمذي (2051) وحسنه، وأبو داود (3860) وابن ماجة (3483) ، وصححه الحاكم في المستدرك (7552) ، قال أهل الطب: الحجامة على الكاهل تنفع من وجع المنكب والحلق، والحجامة على الأخدعين تنفع من أمراض الرأس والوجه كالأذنين، والعينين، والأسنان، والأنف، والحلق. (2) الحجامة في الرأس، ففي صحيح البخاري (1836) من حديث عبد الله بن بحينة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- احتجم - بلحى جمل من طريق مكة- وهو محرم في وسط رأسه قال الأطباء: (الحجامة في وسط الرأس نافعة جداً) ، وفي صحيح البخاري (5701) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم في رأسه من شقيقة كانت به، والشقيقة: وجع يأخذ في أحد جانبي الرأس أو في مقدمه، وبوب عليه البخاري: باب الحجامة من الشقيقة والصداع (فتح الباري10/153) . وثبت في الأبحاث الطبية الحديثة منافع الحجامة، وفوائدها، ويوجد في هذه الدراسات تحديد دقيق لأماكن الحجامة بحسب دواعي الاستعمال، وهي متوفرة عند من يقوم بالحجامة. ينظر الطب النبوي لعبد الملك بن حبيب الأندلسي الألبيري (ص48-55) ، زاد المعاد (4/50-62) ، فتح الباري (10/ 149-154) ، الطب من الكتاب والسنة لموفق الدين عبد الله البغدادي. وأما الحديثان المسؤول عنهما في السؤال؛ فحديث: "نعم العادة الحجامة"، فذكره الديلمي في الفردوس (4/256) بدون إسناد، والمتقي في كنز العمال ح (28147) ، وعزاه له، وقد ساق الحافظ في زهر الفردوس (4/115) إسناده، (16/10) ، وفيه من لم أقف على ترجمته، والظاهر أن الحديث ضعيف، والله أعلم. وأما حديث: "ما مررت ليلة أسري بي ... " فقد سبق ذكره في أثناء الجواب، وهو عند ابن ماجة من حديث أنس - رضي الله عنه- وفي إسناده جبارة بن المغلس، وهو ضعيف، وأخرجه الترمذي من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- وفي إسناده عباد بن منصور، وهو ضعيف وأخرجه أيضاً من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه- وهو من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ولم يسمع من أبيه كل ما رواه عنه، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، ولعل الحديث بمجموع شواهده حسنٌ. والله أعلم. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

برد الأسنان بعد تقويمها

برد الأسنان بعد تقويمها المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 03/05/1425هـ السؤال قمت بعمل تقويم للأسنان، وبعد الانتهاء منه وجدت أن إحدى أسناني الأمامية أطول بقليل من الأخرى، فهل يجوز لي بردها من الأسفل؟.وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يجوز برد الأسنان في هذه الحالة، وهو من باب العلاج المشروع، إذ إن طول الأسنان الأمامية فيه تشويه لهذه الأسنان، فيجوز له برد الأسنان الأمامية لتكون جميع الأسنان مثل الخلقة الطبيعية التي خلق الله الإنسان عليها. وليس ذلك - فيما يظهر لي- من باب تغيير الخلقة الأصلية، ولا من باب التحسين والتزين المنهي عنه شرعاً في هذا الموضع. والله أعلم.

علاج الكلاب

علاج الكلاب المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 06/08/1425هـ السؤال أنا طبيبة بيطرية، السؤال هو: هل علاج الكلاب بأنواعها للحراسة أو للتربية بالمنزل حلال أم حرام؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يجوز علاج الكلاب بأنواعها ما عدا الكلب العقور، بل يشرع دفع الضرر عن هذه الكلاب، ما عدا العقور منها، ويستدل لهذا بما رواه أبو هريرة، رضي الله عنه، قال: "بَيْنَما رجلٌ يمشِي، فاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَنَزَل بئرًا فشرِب مِنها، ثم خرَج، فإذا هو بكلبٍ يَلْهَثُ، يأكُلُ الثَّّرَى مِن العطشِ، فقال: لقَدْ بلَغ هذا مِثلَ الذي بلَغ بي، فمَلأ خُفَّهُ، ثم أَمْسَكَهُ بفِيهِ، ثم رَقِيَ، فسقَى الكلبَ، فشَكَر اللهُ له فغَفَر له". قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: "في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". أخرجه البخاري (2363) ، ومسلم (2244) . والله أعلم.

هرمون النمو لزيادة الطول

هرمون النمو لزيادة الطول المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 22/08/1425هـ السؤال هل يجوز استخدام هرمون النمو لزيادة طول الشخص؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الذي يظهر لي أن ذلك جائز بشرطين: الأول: أن يكون هناك حاجة لأخذ هذا الهرمون كأن يكون الشخص قصيراً قصراً بائناً وغير طبيعي؛ لأنه حينئذ بمثابة العلاج. الثاني: ألا يترتب على أخذ هذا الهرمون ضرر في العاجل أو الآجل، والمرجع في هذا هو الطبيب المختص الثقة؛ لأن الضرر ممنوع بكل حال كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه أحمد (2865) ، وابن ماجة (2341) . والله أعلم.

التلقيح الخارجي

التلقيح الخارجي المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 29/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. يوجد في الغرب الآن لعلاج العقم عند الزوجين عملية زراعة النطفة المندمجة من الزوجين في رحم امرأة أخرى, هذا محرم إسلاميًا. هل حكمه كالزنا؟ والطفل الناتج من هذه العملية يعتبر ابنًا لأي المرأتين، صاحبة النطفة أم التي حملت به؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فإنه لا يحل إجراء (تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين، ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة متطوعة بحملها) كما جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي المنعقد عام 1407هـ، لما يترتب على ذلك من اختلاط الأنساب، وضياع الأمومة، وغير ذلك من المحاذير الشرعية. كما جاء في نص القرار رقم (16) . ولكن هذا الصنيع لا يعد زنًا، يوجب الحد. لأن الزنا هو الوطء في فرج محرم بأدنى ما يحصل به الوطء، وهو تغييب الحشفة. وإذا كان هذا العمل محرمًا شرعاً، انتفت الحاجة إلى المسألة الأخيرة. والله أعلم.

القدر وتغير معدل العمر بالتقدم الطبي

القدر وتغير معدل العمر بالتقدم الطبي المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 04/01/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: يثير بعض المشككين تغيّر عمر الإنسان بتغيّر التقدم الطبي والأوضاع الاقتصادية التي تعيشها المجتمعات الإنسانية. كيف يمكن الرد على هؤلاء؟ بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم قد يجعل الله -تعالى- التقدم العلمي والرعاية الصحية والوقائية وحسن التغذية ونحو ذلك من أسباب ارتفاع معدّل الأعمار لبني الإنسان، وذلك كله لا يخرج عن قدر الله، والله - سبحانه وتعالى- حين قدّر الأعمار كان تقديره مبني على علمه السابق بكل ذلك، وليس في ذلك أي مجال للتشكيك إذا عُلمت مراتب القدر، وعلاقة الأقدار والأعمار والأرزاق بالأسباب، فالله تعالى بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وكتب مقادير كل شيء وهو سبحانه بكل شيء محيط، وخالق كل شيء، الأسباب ومسبباتها، فهو سبحانه الذي وفق البشر للتقدم الطبي ويسر لهم أسباب النمو الاقتصادي، وقدّر ما يترتب على ذلك.

إجراء التجارب على الحيوانات

إجراء التجارب على الحيوانات المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 07/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. أنا طالبة في كلية الصيدلة، وعندنا في الكلية نقوم بإجراء تجارب على الحيوانات، فإننا نقوم بإعطاء الضفدعة أو الفأر حُقناً، وهي تتألم كثيراً، وأحيانا نأخذ منها بعض الأعضاء وهي مازالت حية، وأنا أعرف أنه يكره قتل الضفادع، وقد قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "وإذا قتلتم فاحسنوا القِتلة"، ولكن هذه هي مناهج الكلية. فهل نحن نأثم على ذلك؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتل الضفدع، مع أنّ السائل عن ذلك كان طبيبًا يريد جعلها في دواء، مسند أحمد (15757) ، مستدرك الحاكم (3/504) بسند صحيح، وكذا أبو داود (3871) ، والنسائي (4355) . وإذا نهى النبي - عليه الصلاة والسلام- عن قتل الضفدع، فلا يسوغ لنا قتله، خاصة ويمكن الاستعاضة عن ذلك بغير الضفدع، كالفأر مثلاً. وأما الفأر فلا إشكال في جواز قتله، بل أمر النبي - صلى الله عليه ولسم- بقتله في الحل والحرم. متفق عليه، البخاري (3314) ، ومسلم (1198) ، فلا مانع من التمرن على التشريح باستعمال الفأر مثلاً. ويرد على هذا إشكال مذكور في السؤال، وهو التألم الحاصل له مع أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- بإحسان القتلة، أخرجه مسلم (1955) . والجواب: أن هذا التألم المنافي لإحسان القتل يسوغ تفويته استجلاباً لمصلحة التمرّن على العمل الطبي الذي يتضمن رعاية حق الإنسان والرفق به، ودفع الأمراض ورفعها عنه، وهذه مصالح يسوغ لأجلها تفويت الإحسان. وهذا كتفويت الإحسان في القتل لتحصيل مصلحة المماثلة في القصاص، كما أخرج البخاري (2413) ، ومسلم (1672) في قصة الجارية التي رضّ اليهودي رأسها بين حجرين، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- برض رأسه بين حجرين، فالشرع يشهد بتفويت مصلحة الإحسان المأمور بها تحصيلاً لمصلحة تخدم النوع الإنساني، على أنه إذا أمكن تخديره قبل العمل المذكور، سواء كان تشريحاً أو غيره فهو أولى، وكذلك يمكن عمل التجارب على غير الفأر من الحيوانات التي يجوز أكلها إذا احتيج لذلك كالأرانب مثلاً، وذلك على النحو المذكور سالفاً. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

التنويم المغناطيسي في العلاج الطبي

التنويم المغناطيسي في العلاج الطبي المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 29/07/1426هـ السؤال ما حكم التنويم المغناطيسي في العلاج الطبّي؟ علماً أن دراسة التنويم المغناطيسي جزء من المنهج الدراسي في الطب. وقد قرأتُ فتوى أنه حرام؛ على أساس أنه يتعلق بالجن، وقرأت أيضاً عن هذا العلاج كثيراً، وكله يتركّز على أمور نفسية لا علاقة لها بالجن والسحر. الجواب الحمد لله، وبعد: يمكن إيجازه فيما يلي: (1) أن المسمى الصحيح لهذا التنويم هو (التنويم الإيحائي) . (2) أن بعض الفتاوى التي صدرت في حكم التنويم المغناطيسي إنما كانت بناءً على ممارسات غير صحيحة، وغير داخلة في مسمى التنويم الإيحائي (المغناطيسي) ، فالإخبار بالغيبيات واستعمال الجن ينكرها من يمارس هذا النوع من أطباء ومختصين. (3) أن التنويم الإيحائي (المغناطيسي) مجال علمي معروف، ومهمته العلاجية معروفة، وله قواعد وأسس، وتحقق به إنجازات طبية معروفة. (4) أن التنويم الإيحائي يراد منه إقناع المريض بالعلاج الذي كان يرفضه في أحواله الاعتيادية، وكذلك يُراد من هذا التنويم تشكيل قناعة جديدة إيجابية لدى المريض حتى يتجاوز قناعاته السلبية. (5) أن هناك ممارسات اختلطت بالتنويم الإيحائي (المغناطيسي) عند الأداء، وهذه الممارسات احتوت على أمور محرمة، فبدا للناس منها أن هذا التنويم محرم، والحرمة إنما جاءت من الممارسات لا من التنويم كما يحصل في (السيرك) من استعمال السحر والشعوذة. (6) أن التنويم الإيحائي باعتباره نوعاً من المعالجة يمكن أن يستخدم في الخير ويمكن أن يستخدم في الشر، فالإقناع بفكرة ما يعتمد على مشروعية هذه الفكرة أو عدم مشروعيتها، فإن كانت الفكرة حسنة جازت المعالجة وإلا فلا. والله أعلم

التهجين بين البهائم

التهجين بين البهائم المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الطب والصحة التاريخ 04/11/1426هـ السؤال ما الحكم في التهجين بين الفصائل المختلفة من البهائم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كان المقصود بالتهجين أن نأخذ سلالة من الماشية (البقر- غنم- إبل) ونحو ذلك من نوع معين -مثل النوع البلدي-، ونجعلها تحمل من نوع آخر كالنوع الأجنبي -هولندي أو فرنسي- وهنا تعطينا سلالة أخرى هي وسط بين البلدي والأجنبي، هذا هو التهجين بمعناه العام، فهذا لا محذور فيه شرعاً، فالأصل فيه الجواز؛ لأنه لا يعدو أن يكون اختلاط نوع بنوع آخر. أما إن كان المقصود بالتهجين -الاستنساخ- وهو أخذ خلية من جسم الكائن الحي التي بها عدد زوجي من الكروموزمات التي تحتوي على جميع الأوامر اللازمة للحياة، ومنها الجينات المسؤولة عن النمو الجيني، ويتم تنشيط الخلية المراد تكاثرها، بحيث تعمل الجينات المسؤولة عن النمو الجيني، وهو ما يؤدي إلى نشاط التكاثر، وينتج عن ذلك جين طبق الأصل من الأب أو الأم حسب مصدر الخلية، فهذا النوع من التهجين عبث، وهو تلاعب بالسلالات، واعتداء على الفطرة، ومتابعة للشيطان، قال الله تعالى: "فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله" [الروم:30] ، وقال تعالى: ولأضلنَّهم ولأُمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً" [النساء:119] . وفقنا الله لاتباع هداه، وجنبنا سبل الشيطان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ـــــ تعبير الرؤى ـــــ

هل تقع الرؤيا على أول تأويل لها؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/تعبير الرؤى التاريخ 1/6/1422 السؤال هل صحيح أن الرؤيا على جناح طائر، تقع على أول تأويل لها؟ الجواب الأحاديث الواردة في هذا المعنى كحديث أنس، وعائشة، وأبي رزين العقيلي-رضي الله عنهم- أحاديث لا تخلو من مقال من حيث الإسناد. وهي من حيث المتن أيضاً مخالفة لما دلّ عليه حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- المتفق عليه في قصة الرجل الذي ذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- رؤيا، ثم طلب أبوبكر-رضي الله عنه- من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعبرها، فذكر أبو بكر تعبيره، ثم سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل أصبت أم أخطأت؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً)) . فلو كانت الرؤيا تقع لأول عابر لم يقل له النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((وأخطأت بعضاً)) . ولا يعني هذا أنها لا تقع لأول عابر، بل قد تقع ولكن هذا ليس دائماً، ولهذا بوّب البخاري -رحمه الله- على حديث ابن عباس المشار إليه بقوله: (باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب) والله أعلم. انظر فتح الباري 12/431.

دفع بلاء الحرب بسورة الأنعام

دفع بلاء الحرب بسورة الأنعام المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/تعبير الرؤى التاريخ 20/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ.. تراسل الناس في هذه الأيام رسالةً هذا نصها: (رؤيا صالحة تدعو سكان الخليج لقراءة سورة الأنعام هذه الليلة أنشرها) فهل ترون -فضيلة الشيخ- استحباب قراءتها وحث الناس على ذلك استناداً إلى هذه الرؤيا التي نحسبها صالحةً إن شاء الله؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن مصادر التشريع التي تُتلقى منها الأحكام التكليفية الخمسة (الوجوب والاستحباب والإباحة والكراهة والتحريم) معروفةٌ محصورةٌ منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم، بعضها متفقٌ عليه، وبعضها مختلف فيه، ليست منها الرؤى والأحلام بإجماع أهل السنة والجماعة. وإذا كنا لا نملك الحق في إلغاء شيءٍ من مصادر التشريع، فليس لنا ـ أيضاً ـ أن نزيد فيها مصدراً جديداً يشترع لنا أحكاماً جديدة في الدين، وهذا بابٌ خطير يُفضي بنا إلى صورٍ لا تتناهى من البدع والضلالات! والقول باستحباب قراءة سورة الأنعام في مثل هذه المحنة التي تعصف بالأمة هو حكمٌ شرعيٌ لا يثبت إلاّ بدليلٍ شرعيٍ (ولا بد أن يكون من تلك المصادر التشريعية المعروفة المحصورة) ، وإلا أصبح تقوَّلاً على الله بغير علم، وتشريعاً في الدين لم يأذن به الله. فمن قال باستحباب قراءة سورة الأنعام، أو استحباب شيء من الأقوال أو الأفعال استناداً إلى رؤيا فقد زاد في مصادر التشريع من حيث لا يشعر، وأحدث في دين الله ما ليس منه، وفتح على الأمة باباً إلى الخرافات والضلالات. وتلقي الأحكام الشرعية من المنامات والرؤى إنما هو عملُ من لا خلاق لهم في الآخرة من المبتدعة، كالصوفية وأشباههم الذين يترسمون الطريق ويتعبدون الله بإيحاءات المنامات والرؤى، فضلوا وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل. ولذا فمهما كانت الرؤيا صالحةً، ومهما كان صاحبها صالحاً، فهذا كله لا يرفعها إلى مقامات التشريع تستصدر منها الأحكام. وقد حكى النووي (شرح صحيح مسلم 1/115) عن القاضي عياض في الاحتجاج بما يراه النائم في منامه قولَه: "إنه لا يبطل بسببه ـ أي المنام ـ سنة ثبتت، ولا يثبت به سنة لم تثبت, وهذا بإجماع العلماء". ثم قال النووي: "وكذا قال غيره من أصحابنا وغيرهم. فنقلوا الاتفاق على أنه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع"أهـ وقال رحمه الله (المجموع 6/292) : "لو كانت ليلة الثلاثين من شعبان, ولم ير الناس الهلال, فرأى إنسان النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال له: الليلة أول رمضان لم يصح الصوم بهذا المنام، لا لصاحب المنام ولا لغيره" أهـ. إن الرؤيا الصالحة حقٌّ، بيد أنها لا تزيد عن أن تكون مبشرةً كما شهدت بهذا أحاديث كثيرة مشهورة، والرؤيا الصالحة جزء من ست وأربعين جزءاً من النبوة.

أو تكون منذرةً تُوقظ صاحبها من غفلته، وتهديه إلى التوبة، ويشبه هذا ما وقع لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه رأى في المنام كأن ملكين أخذاه فذهبا به إلى النار. يقول -رضي الله عنه-: فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم، فجعلت أقول أعوذ بالله من النار. قال: فلقينا ملك آخر، فقال لي: لم ترع. فقصصتها على حفصة. فقصتها حفصة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال:"نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل" فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً. متفق عليه وقد يقع من المنامات ما يكشف للإنسان شيئاً من الحاضر المحجوب، مما يكون موجوداً في الواقع لكنه محجوب عن نظر الإنسان وعقله، كما يقع لبعضهم أنه يرى في منامه ما يذكره بأمرٍ قد ذهل عنه أو ينبهه إلى شيء قد نسيه، أو دلالته على موضع شيءٍ أضاعه، وكما وقع لبعض علماء السلف ـ أنسيت اسمه ـ أنه استعصى عليه حديثٌ طلبه في مظانه حتى أعياه الطلب فلم يجده، فرأى في منامه رجلاً ينبهه إلى موضع ذاك الحديث في كتب السنن. هذه هي دلالات الرؤيا التي يصح أن يستأنس بها، أمَّا أن تكون مصدراً تتلقى منه الأحكام الشريعة، فنحرم شيئاً أو نبيحه أو نستحبه لأجل رؤيا فهذا لا يجوز، "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله". والمقصود: أن تعمد قراءة سورة الأنعام في هذه الأيام من أجل هذه الرؤيا ـ التي يزعمونها صالحة ـ بدعةٌ ضلالة، واستحباب ذلك ركوبٌ لجادّة المبتدعة. وعلى المرء أن يتقي الله عز وجل، وألا يكون مطيةً لنشر الشائعات والخرافات. وعليه إذا ورده شيء من هذه الرسائل التي لا يَعرِف لها أصلاً ولم يسمع بمثلها ـ عليه أن يتريّث، وألا يسارع في نشرها وبثّها حتى يسأل عنها أهل العلم. وكفى بالمرء إثماً أن يُحدِّث بكل ما سمع. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم-

رؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم- المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/تعبير الرؤى التاريخ 4/6/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. رؤية الرسول - عليه الصلاة والسلام - حق, فهل الذي لا يرى الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - ليس إنساناً مؤمناً يستحق رؤيته صلى الله عليه وسلم؟ وما هي حقيقة الأمر؟ وهل توجد صلاة أو دعاء معين يجعلنا نرى الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إن رؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المنام ليست من العمل المكتسب، وإنما هي هبة من الله تعالى، وليس عيباً في الإنسان ألا يرى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المنام، وإنما العيب هو مخالفته للرسول - صلى الله عليه وسلم -، والواجب على المكلف أن يجتهد في حسن المتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيتبع أوامره، ويجتنب نواهيه، ويؤمن بما جاء به من الأخبار، فإن هذا من مقتضى الشهادة للرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة، وأما رؤيته - صلى الله عليه وسلم - في المنام فهذا ليس من الأعمال المكتسبة وإنما هي من الإلهامات، ولا يقدح في إيمان الإنسان ألا يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام، فعلى السائل وغيره أن يجتهد في حسن المتابعة كما جاء في قوله - تعالى - "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [آل عمران:31] ، وقوله: - جل وعلا - "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" [الحشر: من الآية7] ، ونسأل الله تعالى التوفيق للجميع.

ـــــ الجديد ـــــ

الجديد

كيف نجمع بين هذين الحديثين؟

كيف نجمع بين هذين الحديثين؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/6/1422 السؤال لماذا نهى النبي -عليه السلام- عن تعليق الدعاء بالمشيئة، وورد عنه قول: ((لا بأس طهور -إن شاء الله-)) ؟ الجواب ورد النهي عن تعليق الدعاء بالمشيئة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، ارحمني إن شئت، ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته، إنه يفعل ما يشاء، لا مكره له)) أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه (7477) . ولمسلم: (( ... وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه)) (2678) . وهذا على إطلاقه، فإنّ تعليق الدعاء بالمشيئة يدلّ على ضعف في العزم، أو أن الداعي يخشى أن يُكره المدعوّ، والله سبحانه وتعالى لا مكره له، كما في الحديث. وأما الحديث الذي أخرجه البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- دخل على أعرابي يعوده، قال: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل على مريض يعوده قال: ((لا بأس طهور إن شاء الله ... الحديث)) (3616) فهذا الأسلوب أسلوب خبر، والخبر في مثل هذا يحسن تعليقه على المشيئة، مثال ذلك أن تقول: فلان رحمه الله، أو اللهم ارحمه، فلا يصح أن تُقيّد ذلك بالمشيئة. بخلاف ما إذا قلت: فلان مرحوم، أو فلان في الجنّة، فإنه لابدّ من التقييد بالمشيئة؛ لأن الأوّل دعاء، والثاني خبر، ولا يملك الإنسان الإخبار عن الغيب، فإن أخبر عن ما يرجوه وجب تقييد ذلك بالمشيئة والله أعلم.

حجز مكان في المسجد

حجز مكان في المسجد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/6/1422 السؤال ما حكم حجز مكان في المسجد للصلاة؟ الجواب إذا كان المرء داخل المسجد فلا حرج عليه أن يحجز مكاناً في الصف الأول، أو الصفوف المتقدمة. أو كان في المكان وخرج لحاجة كالوضوء فله أن يحجز المكان. وأما إن حجز المكان وخرج لحاجة من حوائج الدنيا، أو لوقت طويل، أو للنوم فلا يجوز له حجز المكان؛ لأن غيره أحقّ به منه.

المسبوق بالصلاة هل يدخل مع المتم؟

المسبوق بالصلاة هل يدخل مع المتمّ؟ المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/7/1422 السؤال إذا دخل من فاتته الصلاة، ووجد شخص يتمّ ما فاته هل يجوز لمن فاتته الصلاة أن يدخل مع المتم؟ أم أنه ينتظر لدخول أحد فاتته الصلاة؟ أم يصلي أم ماذا؟ أفتونا مأجورين. الجواب أجاب عن هذا السؤال بعينه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- بما نصه: (إذا جاء المسبوق المسجد، وقد صلى الناس، ووجد مسبوقاً يصلي شرع له أن يصلي معه، ويكون عن يمين المسبوق حرصاً على فضل الجماعة، ولا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء) . (مجموع الفتاوى 1/455) . وفي موضع آخر قال: (يجوز الائتمام بمن دخل المسجد وقد سلم الإمام، بمن أدرك بعض الصلاة مع الإمام وقام يقضي ما بقي من صلاته) المرجع السابق 1/444.

زكاة الأرض التجارية

زكاة الأرض التجارية المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/6/1422 السؤال ما الحكم في الأراضي التي تشترى من أجل التجارة، وقد تبقى في ذمة المشترى عدة سنين؟ هل تزكى كلما حال عليها الحول، أم تزكى عند بيعها عن سنة واحدة؟ وما مقدار الزكاة فيها؟ الجواب ما دام اشتراها للتجارة، ونيته مستمرة على هذا، فتزكى كلما حال عليها الحول، وإن عدل عن التجارة، ونوى بها البناء للسكن، أو التأجير فلا زكاة فيها حينئذٍ. ومقدار الزكاة فيه كزكاة عروض التجارة، ربع العشر مما تساويه عند تمام الحول.

المسبوق في صلاة الجنازة

المسبوق في صلاة الجنازة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 5/7/1422 السؤال كيف أقضي صلاة المسبوق لصلاة الجنازة؟ خاصة إذا دخلت مع الإمام ولاأعلم في أي تكبيرة؟ الجواب إذا دخلت مع الإمام وقد فاتت بعض التكبيرات، فكبّر واقرأ الفاتحة، فإذا كبَّر الإمام التكبيرة الأخرى فكبّر وصلَّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا سلّم الإمام وأنت لم تقضِ صلاتك، فلا يخلو إن كانت الجنازة باقية على الأرض فأكمل صلاتك على صفتها الصحيحة الكاملة، وأما إذا كنت تخشى أن ترفع الجنازة ولا يبقى بين يديك شيء فتابع تكميل التكبيرات الأربع، ثم سلّم تسليمة واحدة على يمينك.

تداهمني خواطر الرياء

تداهمني خواطر الرياء المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 5/7/1422 السؤال في هذه الآونة كثر عند الشباب الوسواس والجواب عن الوضوء وغيرها واضح، ولكن هنا إشكال لم أجد من أجاب عليه! أن بعض الشباب يرى أنه يرائي في الدعوة إلى الله، ويحاول أن يطرد الشيطان، ولكنه يقول إني ألعب على نفسي في طرده ومازال الشيطان يوسوس له أنه مراءٍ، حتى إنه حاول ترك العمل، كيف يتخلص هذا الشاب من مشكلته؟ الجواب لاشك في أن إخلاص العمل من شروط القبول، قال - تعالى-: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولايشرك بعبادة ربه أحداً "، وقال سبحانه: " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " وفي الصحيح يقول - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه -عزّ وجل-: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه "، والنصوص في الوحيين كثيرة في هذا المعنى، فحرص المسلم على النجاة من هذا المفسد العظيم الرياء والسمعة من المجاهدة المشروعة، قال - تعالى-: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " وهذا الشعور إن كان عارضاً خاطراً فهو لايضر، وإن كان مسيطراً على شعور الإنسان، فهو عرض لمرض، ذلك أن الشيطان -حفظنا الله منه- يشم قلب الإنسان، ويدرك وجهة ضعفه فيه فيأتيه منه، فتأثيره يعرض للإنسان في عباداته بصلاته وزكاته وحجه، وتارة بما يجب لتلك الأركان من الشروط كالوضوء والقبلة ونحوها، أو مفطرات الصيام، أو بلوغ النصاب ودوران الحول للزكاة وهكذا. وقد يترقى الشيطان درجة في نفس المؤمن فيأتيه بمفسد لأصل عمل من أعمال البر، بأن يخوفه من الشرك الأصغر (الرياء) ، وبأنه يُسمع في عباداته، ويتظاهر بطاعاته، والحَلُّ في هذه الحالة أن يدرك المسلم أن هذا مكرٌ من عدوه ولون من ألوان حربه، ولو كان مرائياً أو منافقاً لما أيقظه الشيطان، وكيف يدعوه لترك أمر هو من أعظم ما يجهز به على المؤمنين، بل الشيطان سيجعله يستمر في هذا العمل، وذلك النفاق. وقد حرص السلف على أن لايترك المسلم العمل خوفاً من الرياء بل قد اختلف العلماء في العبادة التي بدأها المسلم مخلصاً ثم ورد عليه الرياء في وسطها وهو يدافع ذلك الوارد هل يجازي عليها باعتبار البداية أو يسقط أجرها باعتبار النهاية والخاتمة والجمهور على الأول كما حكاه ابن جرير، وإذا عَظٌم الله في نفس العابد، فهو يضع الناس في موضعهم الصحيح فشدة مراقبة العبد لربه وكمال علمه واطلاعه من أعظم ما يوعظ به المسلم، ولذا لاتخلو ورقة من المصحف من ذكر علمه -سبحانه-، واطلاعه. وذَكَر أهل العلم أن هذا أعظم واعظ في القرآن. كما أن الشعور العارض الغير مستقر لايفسد العمل ويسمى الخواطر، وهذا من عمل الشيطان قال ـ تعالى ـ في وصف المؤمنين: ((وإذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)) فهو يمسهم ولكنهم يتذكرون.

ـ وأما فرح المسلم بمدح إخوانه له على عمل صالح عمله فانتفعوا به هم أو غيرهم فهو لايضره، فقد جاء في (صحيح مسلم) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: " قيل لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمن " (صحيح مسلم 2642) .

زكاة مساهمات الأراضي

زكاة مساهمات الأراضي المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 5/7/1422 السؤال ساهمت في قطعة أرض، واستمرت المساهمة أكثر من خمس سنوات ولم تصفى لمشاكل بها، ونظراً لحاجتي الماسة للمال بعتها بخسارة، وأنا مديون الآن، علماً أني لم أخرج زكاتها طوال تلك السنوات، فهل يجب علي إخراج الزكاة عنها الآن؟ مع العلم أني لازلت مديوناً. الجواب هذه المساهمة التي فيها مشاكل هي بمثابة المال الذي عند مليئ مماطل، فتزكى إذا قبضت لسنة واحدة هي سنة القبض، وإن زكيت لكل ما مضى من السنوات فهو أحوط، وأبرأ للذمة.

صلاة المنفرد خلف الصف

صلاة المنفرد خلف الصف المجيب التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/8/1422 السؤال هل يجوز أن يتراجع أحد المصلين في جماعة ليصطف بجانب شخص منفرد بالخلف؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.. تجوز الحركة التي لمصلحة الصلاة ولا تفسدها، فقد كان الرسول-صلى الله عليه وسلم- يفتح الباب لعائشة وهو يصلي النافلة. لكن هل يحتاج إلى تلك الحركة المسؤول عنها لا شك أن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح لكن إذا عجز عن المصافة لاكتمل الصفوف أمامه فليس له أن يجذب رجلاً من أمامه ليصافه بل عليه البحث عن فرجة فإن لم يتمكن فإن بعض أهل العلم يرى أنه يتقدم ليصف عن يمين الإمام، ويرى آخرون أنه يصف خلف الصف وحده؛ لأن مصافته لغيره واجبة تسقط بالعجز كغيرها من الواجبات، وهذا أيسر وأسهل فلا يشوش على المأمومين وخاصة إذا كانت الصفوف كثيرة والله أعلم.

من أتبع من العلماء؟

من أتبع من العلماء؟ المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/8/1422 السؤال أنا إنسان قلق أقف على مفترق طرق الحيرة تقلقني حيث أجد نفسي في مأزق كامن في كوني مأموراً بسؤال أهل الذكر واتباعهم وهم ففي نظري ونظر البعض في طرفين: علماء وضعتهم حكوماتهم ودولهم بشكل رسمي للفتيا، وعلى الطرف الآخر من يقف مناهضاً يكفرهم ويكفر حكوماتهم ويصف فتواهم وكلامهم بأنه يتمشى مع رغبات الدولة بعيداً عن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكل من الطرفين يورد أدلة يحيرني ولا أدري الحق مع من منهم، وأني سائلكم أن تنقذوني وتوضحوا لي الحق فأنا في انتظار جوابكم. الجواب ينبغي عدم التعجل في تكفير الأشخاص أو المؤسسات والحذر من ذلك، والتحرّز من الانزلاق في التكفير دون علم أو تثبت، فالكفر حكم شرعي متلقى عن صاحب الشريعة، والتكفير حق الله تعالى، فلا بد من مراعاة ضوابط التكفير وموانعه، والالتفات إلى عوارض الأهلية، ومن ذلك التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين ومراعاة العذر بالجهل، وتحقق قيام الحجة، ومانع التأول في التكفير، واعتبار المقاصد في باب التكفير. وكما نحذر من الغلو والإفراط، ففي المقابل نحذر من مسلك التبرير والتهوين، فلا يغلق باب الردة فيحكم بإسلام من ظهر كفره بالحجة والبرهان، فإن كان إخراج رجل من الإسلام من الأمور العظام، فكذا العكس. وما أورده السائل من نقد لبعض أهل العلم فنوصي السائل بتقدير أهل العلم والانتفاع بعلومهم، وإن احتيج إلى الكلام فيهم فلا يكون ذلك إلا بعلم وعدل، وأن يحذر من التقول والتخرص، أو الظلم والتعدي، لا سيما وأن لحوم العلماء مسمومة، وأن يُعنى باتباع الحق والدليل، وألا يتبع العالم في زلته، وكما قال معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: " واحذروا زيغة الحكيم " وعلى السائل أن يتجنب هذا التهويل الذي عرض له، وذلك بأن يلجأ إلى ربه وينكسر بين يديه، ويسأله أن يهديه لما اختلف من الحق بإذنه. وأن يشتغل بما ينفعه من العلم النافع والعمل الصالح والله أعلم.

أفضلية ميامن الصفوف

أفضلية ميامن الصفوف المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/8/1422 السؤال هل ورد حديث عن النبي r يبين فضل يمين الصف في الصلاة عن يساره؟ الجواب أخرج الإمام مسلم (رقم 709) ؛ وأبو داوود (رقم 615) ، والنسائي (رقم 822) ، وابن ماجة (رقم 1006) ، وابن خزيمة في صحيحه (رقم 1563 - 1565) ، من حديث البراء بن عازب، قال: "كُنّا إذا صًلّينا خلفَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحببنا أن نكون عن يمينه، يُقبل علينا بوجهه ". وقد بّوب عليه ابن خزيمة بقوله: "استحباب قيام المأموم في ميمنة الصفّ" وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف (1/341) من طريق ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عَمرو، قال: "خير المسجد المقام، ثم ميامن المسجد". وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة (رقم 1027) ، من هذا الوجه، بلفظ " خير المسجد خلف المقام، وعن يمين الإمام". وإسناده صحيح، إذا كان عطاء بن أبي رباح سمع من عبد الله بن عَمرو، وظاهر تصحيح ابن خزيمة وابن حبّان والحاكم لعطاء عن عبد الله بن عَمرو أنه قد سمع منه. وهذان الحديثان وإن كان ظاهرهما الوقف، لكنهما مثالان صحيحان للموقوف الذي له حكم الرفع: أمّا الأول: لأنه فعلٌ بمحضر النبي صلى الله عليه وسلم وأقرّهم عليه. وأمّا الثاني: فلأنه فضيلةٌ لا تُقال بالاجتهاد، ولا يظهر أنها من الإسرائيليّات. لذلك فهما كافيان لبيان فضيلة ميامن الصفوف على مياسرها. وهناك حديث آخر لكنه ضعيف، وهو حديث عائشة مرفوعاً: "إن الله وملائكته يُصَلون على الذين يُصَلّون على ميامن الصفوف". انظره في تمام المنّة للألباني (288) والله أعلم.

هل أدخل في الصلاة الحاضرة بنية الفائتة

هل أدخل في الصلاة الحاضرة بنية الفائتة المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/8/1422 السؤال آتي من العمل مرهقاً وغالباً ما أنام عن صلاة العصر، ولا أستيقظ إلا مع أذان المغرب فأسرع لإدراك الجماعة. فهل أصلي معهم المغرب ثم أقضي العصر بعدها أم ماذا أفعل؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب أولاً، اعلم أن عملك هذا - وهو تأخير الصلاة عن وقتها عملٌ منكر عظيم وتستتاب عليه ولا يقبل من مسلم، لكن من ترك الصلاة لعذر ثم دخل المسجد فوجدهم يصلون الصلاة الحاضرة فقد أفتى كل من الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين - رحمهما الله تعالى - بأنك تدخل مع الجماعة بنية الصلاة الفائتة ثم تصلي الصلاة الحاضرة بعدها ليحصل الترتيب. وعلى هذا فأنت تصلى معهم المغرب بنية العصر وتأتي بركعة رابعة بعد سلام الإمام - والله أعلم.

هل يزاد في صلاة المغرب رابعة لتصير شفعا للمتطوع؟

هل يزاد في صلاة المغرب رابعة لتصير شفعاً للمتطوع؟ المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/8/1422 السؤال لم أدرك صلاة الجماعة لصلاة المغرب، فطلبت من أحد الذين فرغوا من صلاة المغرب للصلاة معي لتكون له نافلة ولي فرضاً، فهل يسلم معي أم يتم الركعة الرابعة؟ أفيدوني مأجورين، والله يحفظكم. الجواب إذا تطوع أحد المصلين بالصلاة معك فإنه يؤجر على ذلك إن شاء الله تعالى لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي فاتته الصلاة: "من يتصدق على هذا؟ " أخرجه أبو داوود والترمذي وصححه جمع، والراجح من أقوال أهل العلم أن هذا عام في كل الصلوات المفروضة ومنها المغرب فلا يزاد فيها لتصير شفعاً بل تعاد على هيئتها والعلم عند الله تعالى.

تعزية النصارى

تعزية النصارى المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 1/6/1422 السؤال هل يجوز تقديم التعزية للنصارى وكيف يكون في حالة الإيجاب؟ الجواب نعم يجوز تعزيتهم عند الوفاة، وعيادتهم عند المرض، ومواساتهم عند المصيبة. فعن أنس -رضي الله عنه- قال: ((كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فمرض، فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: ((أسلم)) ، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- فأسلم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: ((الحمد لله الذي أنقذه من النار)) . أخرجه البخاري (1356) . وعنه -رضي الله عنه- أن يهودياً دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى خبز شعير، وإهالة سنخة فأجابه. أخرجه أحمد (13201) بسند صحيح. وينبّه على أن المسلم إذا فعل ذلك فعليه أن ينوي بذلك دعوتهم، وتأليف قلوبهم على الإسلام، ويدعوهم بالطريقة المناسبة في الوقت المناسب. كما ينبّه أيضاً على أنه في حالة التعزية لا يدعى لميّتهم بالمغفرة وبالرحمة أو الجنة، لقوله تعالى: ((ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أُولي قربى)) وإنما يدعى لهم بما يناسب حالهم بحثهم على الصبر، ومواساتهم، وتذكيرهم بأن هذه سنّة الله في خلقه. والله أعلم.

تأجير جزء من المسجد

تأجير جزء من المسجد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/5/1422 السؤال لدينا مسجد ذو مساحة كبيرة، وملحق به مكتبة ليس لها مدخل إلا من داخل المصلى. وقد اقترح بعض الإخوة أن تؤجر هذه المكتبة على بعض المؤسسات الخيرية التي تقيم دورات إدارية ومهارية وشرعية بمقابل يعود لصالح المسجد، لكنني أخشى أن يكون هذا العمل من البيع في المسجد، فما الحكم مأجورين؟ الجواب إذا كان هذا المسجد داخل المملكة، فلا يصح التصرف في أي جزء من أجزائه إلا بعد مراجعة إدارة الأوقاف والمساجد في بلده؛ لأنها هي الجهة التي جعل لها ولي الأمر رعاية المساجد، والنظر فيما يخصها. وأما إذا كان هذا المسجد خارج المملكة فلا يجوز التصرف بتأجير أي جزء من أجزائه، لأنه جعل وقفاً لما خصص له والله أعلم.

رش الماء على قبر الميت؟

رش الماء على قبر الميت؟ المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/4/1422 السؤال أرى بعض الأخوة المسلمين عند زيارة القبور يقومون برش الماء على قبر الميت. فما أصل وحكم ذلك العمل في الإسلام؟.وجزاكم الله خيراً. الجواب استحب طائفة من العلماء أن يرش القبر عقب الدفن، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي, وأحمد، وهو المقرر عند جل أصحابهم، تمسكاً بحديث جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رش الماء على قبر إبراهيم ابنه، وحديث جابر أن بلالاً رش على قبر النبي صلى الله عليه وسلم الماء رشاً، وسائر العلماء على أن هذا غير مشروع، لأن الحديثين أخرجهما البيهقي بإسنادين ضعيفين، فإن الأول مرسل، والآخر فيه الواققدي، وهو ضعيف، وفقكم الله إلى سبيل الرشاد.

زكاة الأرض

زكاة الأرض المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/4/1422 السؤال امرأة اشترت قطعتي أرض ولم تنو بها التجارة، هل عليها زكاة؟ الجواب لا زكاة فيها حتى تُباع، فإذا باعتها أخرجت زكاة سنة واحدة، فإن عمرتها فلا زكاة فيها، وإن أجَّرتها فالزكاة في أُجرتها إذا حال عليها الحول.

قراءة الفاتحة على روح الميت

قراءة الفاتحة على روح الميِّت المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/4/1422 السؤال هناك عادة منتشرة بين الناس ألا وهي قراءة الفاتحة على روح الميِّت، يُرجى بيان الحكم الشرعي في هذه العادة وجزاكم الله خيراً؟ الجواب اختلف أهل العلم في إهداء القراءة للميِّت، وذهب أكثرهم إلى الجواز قياساً على الصدقة. وذهب جمع من أهل العلم إلى أنَّه لا تُهدى القراءة، ولا يصل ثوابها، وذلك أنَّ أمر الثواب غيب لا يقطع به الإنسان لنفسه، ولا يملك الإنسان التصرُّف فيه، وإنَّما المشروع فعل العبادة عن الغير كالصدقة عنه، فيقتصر فيه على ما ورد، ولم يرد عن الرَّسول ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ ولا عن أحدٍ من أصحابه القراءة عن الميِّت، لا أمراً ولا إذناً، وهذا القول أظهر. وليس لسورة الفاتحة خصوصيَّة في هذا الحكم. فلم يفرِّق المجيزون ولا المانعون بين الفاتحة وغيرها، فتخصيص الفاتحة بذلك لا أصل له، والمعروف أنَّ الَّذين يستحبون قراءة الفاتحة على روح الميت من العامة أو من غيرهم يخُّصون ذلك ببعض الأحوال والمناسبات، مثل قراءتها عند دفنه، أو عند الإحداد المبتدع، أو عند العزاء، وهذا كله بدع، كالَّذين يقفون قياماً حداداً على ميِّت ويقرؤون الفاتحة. وينبغي أن يُعلم أن استئجار من يقرأ القرآن ويهدي ثوابه حرام على المستأجِر والمستأجَر باتفاق أهل العلم، لأن من يقرأ القرآن بالأجرة لا ثواب له، فيجب الحذر من هذه العادة القبيحة المنكرة. أهـ. والله أعلم

الجماعة الثانية في المسجد. .

الجماعة الثانية في المسجد. . المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/7/1422 السؤال تحدث الإمام في المسجد ونهى عن إقامة الجماعة الثانية في المسجد وبين إن ذلك مما يفرق بين المسلمين فما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيراً؟ الجواب نعم، نقول إذا قصدت الجماعة المتأخرة التخلف عن الإمام الراتب لتصلي بعده فهذا لا يجوز، لأن في هذا تفريقاً لجماعة المسلمين، وأما إذا لم تقصد الجماعة المتخلفة التأخر عن الإمام وإنما فاتت عنها الجماعة لعذر شرعي كالنوم أو شغل يبيح ذلك فلا بأس بإقامة جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى، والدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي دخل المسجد بعد الصلاة من يتصدق على هذا؟ أي يصلي معه. لكن لا يجوز إقامة جماعتين في وقت واحد والله أعلم.

سماع الميت ما يجرى حوله

سماع الميت ما يجرى حوله المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/7/1422 السؤال إذا توفي شخص هل يشعر بالذي يجري حوله من أهله عند وجوده عندهم في البيت قبل غسله ودفنه وتكفينه، وهل الميت يسمع كل ما يدور بجانبه؟ الجواب الميت لا يدري ما يدور عنده ولا يشعر بما يفعله أهله، إنما إذا وضع في قبره ردت إليه روحه كما جاء في الحديث، ثم جاء سؤال الملكين له. وبعد ذلك تكون الروح لها صلة بالبدن، لكن هذه الصلة ليست كاتصالها بالبدن في الدنيا؛ لأن تعلقات الروح بالبدن تختلف حسب الأطوار التي للإنسان، فتعلقها ببدنه وهو في بطن أمه غير تعلقها به وهو في الحياة الدنيا وبعد خروجه من بطن أمه وكذلك تعلقها به قبل موته غير تعلقها به بعد موته، وكذلك بعد البعث فهو أكمل وأتم بحيث لا تقبل المفارقة، فعلى هذا فشعوره بمن يزوره على هذا المعنى.

بناء دورات المياه أسفل المسجد

بناء دورات المياه أسفل المسجد المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/04/1425هـ السؤال ظهرت في بعض المناطق من بلادنا ظاهرة في بناء المساجد، وهي أنه يُبنى المسجد من دورين أو أكثر، ويخصص الدور الأرضي منه -أعزكم الله - لدورات المياه، أفتونا -جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأحسن والأفضل أن تخرج دورات المياه خارج المسجد، وأن تكون منعزلة عن المصلى، فإن لم يتيسر ذلك إما لشح النفقة أو العقار، أو غير ذلك، فلا بأس أن تكون دورات المياه في الدور الأول، والمصلى يكون في الدور الثاني، والصلاة على النجاسة إذا كان هناك حائل لا بأس به؛ لأن المصلي إنما صلى على أرض طاهرة، وفي حديث جابر - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" رواه البخاري (438) ، ومسلم (521) ، وحديث أبي سعيد- رضي الله عنه- أن النبي - عليه الصلاة والسلام- قال: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" رواه الترمذي (317) ، وأبو داود (492) ، وابن ماجة (745) ، وهذا ليس صلاة بالمقبرة، وليس في الحمام، وما ورد من النهي من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- من الصلاة على سبعة مواضع ذكر منها الحمام، فإن هذا لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، والصواب في ذلك صحته، وأن هذا جائز ولا بأس به، ولكن -كما أسلفت- إن وضعت دورات المياه خارج المسجد فهذا أحسن وأولى. والله أعلم.

لبس الأصفر من الثياب

لبس الأصفر من الثياب المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/04/1427هـ السؤال قرأت حديثاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصبغ لحيته بالصفار، وكان يصبغ ملابسه وعمامته بالصفار، لكن هناك حديث آخر يحرم على الرجل لبس الصفار. فهل لبس الأصفر من الملابس حلال، أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد جاءت أحاديث بنهي الرجال عنه، منها ما في صحيح مسلم (2077) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليّ ثوبين معصفرين، فقال: "إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها". وما في صحيح مسلم (2078) أيضاً عن علي رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاه عن لبس المعصفر. والعصفر نبت بأرض العرب كما في معاجم اللغة. وقد اختلف في اللون الذي يتركه العصفر على الثياب، هل هو الصفرة، أم الحمرة؟ وعلى كل تقدير فإن النبي صلي الله عليه وسلم ثبت عنه لبس الأصفر، ولبس الأحمر. فأما لبس الأصفر، فمنه ما في الصحيحين البخاري (166) ومسلم (1187) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- وقد سئل عن جملة مما يفعله، ومنها صبغه بالصفرة، فقال: وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصبغ بها، فأنا أحب أن أصبغ بها. وفي المسند (5717) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يصبغ ثيابه ويدهن بالزعفران، فسئل عن ذلك، فقال: (إني رأيته أحب الأصباغ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدهن به ويصبغ به ثيابه) . وأخرجه أبو داود (4210) بنحوه. وأما لبس الأحمر، فمنه ما في الصحيحين البخاري (2376) ومسلم (503) عن أبي جحيفة رضي الله عنه، أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج في حلة حمراء مشمراً. وكذلك ما في الصحيحين البخاري (3551) ومسلم (2337) عن البراء -رضي الله عنه- قال: رأيته في حلة حمراء. وقد اختلف العلماء في الجمع بين أحاديث النهي، وأحاديث الإباحة، وأقرب الأوجه في ذلك ما ذكره الترمذي (2807) -رحمه الله- لما روى حديثاً في النهي عن لبس الأحمر -وهو حديث ضعيف - قال: معناه عند أهل الحديث أنه كره المعصفر، ورأوا أن ما صبغ بالحمرة من مدر أو غيره فلا بأس به إذا لم يكن معصفراً ا. هـ. وعلى هذا فلا بأس -إن شاء الله- بلبس ما لونه أصفر، وكذلك ما كان لونه أحمر، وإن كان ابن القيم -رحمه الله- حمل ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من لبسه الأحمر على المخطط دون الأحمر القاني (الخالص) ، فإذا اجتنب الأحمر الخالص فهذا حسن. وإذا علم أن ما كان لونه أحمر أو أصفر، إنما هو بمادة العصفر فليجتنبه، كما دل عليه الحديث السابق، ولعل العلة مشابهة الكفار، لكونهم يصبغون بالعصفر. وإن كان هذا في الواقع نادراً فيما يظهر، حيث صارت الأصباغ في الأعم الأغلب من المواد البترولية والكيميائية. وعلى كل حال فما علم أنه ليس مصبوغاً بالعصفر، أو لم يعلم حاله، فالأصل فيه الإباحة. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

الأناشيد المصحوبة بمؤثرات صوتية!

الأناشيد المصحوبة بمؤثرات صوتية! المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/04/1427هـ السؤال قد كثر في الآونة الأخيرة إصدار بعض الأناشيد المسماة (أناشيد إسلامية) تؤدى بأداء يشبه أداء الأغاني المحرمة، وتكون مصحوبة ببعض المؤثرات الصوتية المشابهة للموسيقى! وتتضمن كلمات غير هادفة. فما حكم أدائها، إصدارها، وسماعها؟ وما الضوابط المعتبرة في الإنشاد؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن هذا اللون من الأناشيد الموصوفة في السؤال أعلاه، لا يصح أن يسمى: (أناشيد إسلامية) بل هي أقرب إلى أن تلحق بالسماع المحرم، ومشابهة الصوفية. فلا يجوز أداؤها على النحو المذكور، ولا سماعها، ولا تداولها. وأما الضوابط التي تجب مراعاتها في الإنشاد المباح: أولاً: ألا يعتقد المنشد أن فعله هذا عبادة، فإنه لا يتعبد لله إلا بما شرع. وغاية ما يقال، إذا سلم من المحاذير، أنه مباح. ثانياً: أن يكون الحامل له عليه طرد السآمة والملل، واستجلاب النشاط، كما يصنع الحرفيون في البناء، والحفر، أو المسافرون لقطع مراحل الطريق، وما شابه ذلك. ولا يكون ديدناً للإنسان يهدر فيه وقته، ويدمن عليه. ثالثاً: ألا يكون مقصوداً لذاته؛ تنشأ له الفرق وتعقد له الاحتفالات، ويجتمع له الناس. رابعاً: أن يخلو من آلات الطرب الوترية، والهوائية، وما في حكمها، فإن العبرة بالمخرّجات المسموعة، بقطع النظر عن طريقة إخراجها. خامساً: ألا يشابه لحون الفساق، وأداء المتميعين؛ بإصدار التأوهات، والهمهمات، وما يسمونه (الموَّالات) ، والأصوات الناعمة التي قد تثير الغرائز والشهوات. سادساً: أن يخلو من الكلمات الفارغة، والمعاني الفاسدة، والهزل المذموم، والكذب، وأن يكون مثيراً للحماس والنشاط، أو الموعظة الصالحة. وإني لأدعو إخواني من الشباب، وغيرهم، إلى أن يشغلوا أوقاتهم بالنافع المفيد. وأن يأخذوا أنفسهم بالجد والحزم، ولا بأس بالترويح المباح، كما أدعو أصحاب التسجيلات إلى أن يعتنوا بإخراج المواد الإعلامية، والتربوية، المثمرة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

حبس الحيوان المؤذي حتى الموت!

حبس الحيوان المؤذي حتى الموت! المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/05/1427هـ السؤال ما حكم امرأة حبست أرنباً في جحر حتى مات لأنه تسبب في إتلاف مزرعتها؟ وماذا يقول الشرع في امرأة أسقطت صغار العصفور من الشجرة من غير قصد منها -فخافت أن يعاقبوها لأجل هذا الأمر- فقامت برميهم في حفرة؟ لكن لا نعلم ماتوا أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كان هذا الأرنب يتلف المزروعات فلا بأس بذبحه وأكله، لكن لا ينبغي حبسه حتى الموت لأن في هذا تعذيباً للحيوان، وقد نهى عنه الشرع، كما في حديث نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تصبر البهائم أي تحبس حتى تموت. صحيح البخاري (5513) ، وصحيح مسلم (1956) . ومعلوم أن كل مؤذ يجوز التخلص منه، بقتله، أو خنقه، هذا كله إذا لم تكن القضية في مكة المكرمة أو الحرم كله، وإلا فعليها فدية وهي ذبح شاة صغيرة في حرم مكة المكرمة، توزع على الفقراء. والله أعلم. الجواب الثاني: الحمد لله، لا ينبغي إيذاء صغار الطيور لأن ذلك مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ففي سنن أبي داود (2675) ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر؛ فانطلق لحاجته، فرأينا حمَّرة معها فرخان؛ فأخذنا فرخيها؛ فجاءت الحمرة، فجعلت تفرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من فجع هذه بولدها! ردوا ولدها إليها". ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال: "من حرّق هذه؟ ". قلنا: نحن. قال: "إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار". والله أعلم. هذا كله إذا لم تكن القضية في مكة المكرمة أو الحرم كله، وإلا فعليها فدية وهو دفع قيمة هذه الطيور للفقراء في حرم مكة المكرمة. والله أعلم.

حق المدير في الإذن للموظفين بالخروج!

حق المدير في الإذن للموظفين بالخروج! المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/04/1427هـ السؤال أنا موظف أعمل في دائرة حكومية، حيث إن الدوام من الساعة (7,30-3،30) ، إلا أن مدير الدائرة يسمح لنا بالخروج من العمل قبل الوقت المحدد بحوالي ساعة إلا ربع، علماً أنه لا يترتب على ذلك أي تأخير في سير العمل، هل خروجنا من العمل في هذه الحالة جائز أم لا؟ وهل له الحق في ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الجواب عن هذا السؤال يختلف باختلاف الأحوال كما يلي: 1- إن كان للمدير صلاحية في هذا التصرف من قبل من هو فوقه فلا حرج عليكم. 2- إن كان ثم عُرف أو عادة متبعة في التساهل بمثل هذا الوقت في جميع الجهات التي تشبه عملكم، فأرجو ألا يكون بذلك بأس. 3- إن كنتم تعلمون أن المدير لا صلاحية له في ذلك، وقد نص عقد العمل على استيفاء الزمن المحدد لكم، فلا أرى لكم رخصة في خروجكم قبل الموعد المحدد، حتى وإن كان ذلك لا يؤثر على سير العمل، ذلك أنكم من قبيل الأُجَرَاءِ الخاصين كما يعبر الفقهاء، وهم الأجراء المتعلقون بالزمن وليس بالعمل. 4- إن كنتم لا تعلمون الحال فقد يقال حينئذ: إن المسؤولية تقع على المدير وحده، فما دام قد أذن لكم فهو المسؤول عنكم وتسقط عنكم التبعة. والله أعلم.

من أين كان كسب النبي صلى الله عليه وسلم

من أين كان كَسْب النبي صلى الله عليه وسلم المجيب علي بن سالم بن سعيد بكيّر عضو مجلس الشورى بالجمهورية اليمنية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/05/1427هـ السؤال يقول صلى الله عليه وسلم "ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم، وأنا كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط". ويقول أيضاً "أن نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده" ونعلم أنه -صلى الله عليه وسلم- قد أكل من عمل يده كما هو معلوم يوم كان راعياً.. ولكن كان هذا قبل البعثة.. فمن أين كان كسبه صلى الله عليه وسلم بعد هجرته للمدينة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن المعلوم الثابت في السنن الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رعى الغنم في صغره، كما في صحيح البخاري (2262) وخرج إلى الشام في تجارة السيدة خديجة رضي الله عنها. -مضاربة - ثم لما شرع الله الجهاد بالمدينة كان يأكل مما أحل الله له من الغنائم التي لم تبح لأحد من قبله، ومما أفاء الله عليه من أموال الكفار التي أبيحت له دون غيره، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله تعالى وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقومٍ فهو منهم". أخرجه البخاري معلقاً في كتاب الجهاد، ووصله أحمد (5409) ، وغيره. وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.

هل الذبيح إسحق أم إسماعيل؟!

هل الذبيح إسحق أم إسماعيل؟! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/04/1427هـ السؤال أناظر نصرانيا عبر البريد الإلكتروني حول الذبيح أهو سيدنا إِسحق أم سيدنا إسماعيل عليهما السلام؟ أرجو الإفادة بخصوص هذا وجزيتم خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: فالصحيح من أقوال العلماء أن الذبيح هو: إسماعيل عليه السلام، وهذا القول هو الذي دل عليه الكتاب والسنة، وهو الذي تدل عليه التوراة الموجودة عند أهل الكتاب، قال الله سبحانه وتعالى في سورة الصافات عن إبراهيم عليه السلام: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) . [الصافات:99-113] . فيُستدل بهذه الآيات الكريمة على أن الذبيح إسماعيل عليه السلام من وجوه: 1- أن الله سبحانه وتعالى ذكر عن خليله إبراهيم عليه السلام، أنه لما هاجر من بلاد قومه سأل ربه أن يهب له ولداً صالحاً، فبشره الله تعالى بغلام حليم، وهو إسماعيل لأنه أول من ولد له، وهو بكره، ثم لما بلغ معه السعي أي أصبح يطيق أن يفعل ما يفعله أبوه، أُري إبراهيم في المنام أن يذبحه، ولما ذكر الله سبحانه وتعالى قصة إسماعيل، ذكر بعد ذلك البشارة بإسحاق، فقال سبحانه وتعالى: (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) ، فيُستفاد أن المبشر به الأول هو: إسماعيل، غير المبشر به الثاني وهو: إسحاق، فهما بشارتان: بشارة بالذبيح وهو إسماعيل، وبشارة بإسحاق عليهما السلام. 2- أن قصة الذبيح لم تذكر في القرآن إلا في هذا الموضع، وفي المواضع الأخرى من القرآن ذِكْرُ البشارة بإسحاق كما في سورة هود، قال سبحانه وتعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) [هود:71] . وقد أخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن المبشر به إسحاق، ولم يكن بسؤال من إبراهيم، بل قالت امرأته: إنها عجوز وأنه شيخ، وأن من رواء إسحاق يعقوب، فكيف تقع البشارة بإسحاق، وأنه سيولد له يعقوب، ثم يؤمر بذبح إسحاق، وهو صغير قبل أن يولد له، وهذا لا يكون لأنه يناقض البشارة المتقدمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "ومما يدل على أن الذبيح ليس هو إسحاق أن الله تعالى قال: (فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) ، فكيف يأمر بعد ذلك بذبحه؟، والبشارة بيعقوب تقتضي أن إسحاق يعيش ويولد له يعقوب، ولا خلاف بين الناس أن قصة الذبيح كانت قبل ولادة يعقوب، بل يعقوب إنما ولد بعد موت إبراهيم عليه السلام، وقصة الذبيح كانت في حياة إبراهيم عليه السلام بلا ريب" [مجموع الفتاوى (4/335) ] . 3- أن الله سبحانه وتعالى وصف إسماعيل بأنه حليم في مواضع من القرآن، ووصفه بالحلم في قصة الذبح، وأما إسحاق فوصف بأنه عليم، ووَصف الذبيح بالحلم مُناسب للصبر في قصة الذبح، وقد جاء وصف إسماعيل بالصبر في قوله: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الأنبياء:85] ، وقال الذبيح: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) . 4- أن البشارة بإسحاق كانت معجزة، حيث بُشر به إبراهيم وامرأته كبيرة، ولهذا قالت: (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) [هود:72] ، وقال إبراهيم: (أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) [الحجر:54] ، فكانت البشارة مشتركة بينه وبين امرأته، وأما البشارة بإسماعيل فكانت لإبراهيم، ثم إن هاجر ولدت إسماعيل فغارت سارة، فذهب إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة، وهناك أمر بالذبح، كما دلت على هذا الآثار، وفي الحديث حين دخل الرسول صلى الله عليه وسلم الكعبة وصلى فيها أنه قال: "إِنِّي كُنْتُ رَأَيْتُ قَرْنَيْ الْكَبْشِ حين دَخَلْتُ الْبَيْتَ فَنَسِيتُ أَنْ آمُرَكَ أَنْ تُخَمِّرَهُمَا فَخَمِّرْهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ ". أخرجه الإمام أحمد (22710) . والمقصود بقرني الكبش المذكور في الحديث، الكبش الذي فُدي به الذبيح، قال ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا وحده دليلٌ على أن الذبيح إسماعيل، لأنه كان هو المقيم بمكة، وإسحاق لا نعلم أنه قدمها في حال صغره، والله أعلم" [البداية والنهاية (1/366) ] . فهذه الأدلة تدل على أن الذبيح هو إسماعيل، وقد جاء في التوراة ما يدل على أن الذبيح هو إسماعيل ففيها: "اذبح ابنك وحيدك"، وفي نسخة: "بكرك"، وإسماعيل هو الذي كان وحيده، قال ابن تيمية: "لكن أهل الكتاب حرفوا فزادوا إسحاق، فتلقى ذلك عنهم من تلقاه، وشاع عند بعض المسلمين أنه إسحاق، وأصله من تحريف أهل الكتاب" [مجموع الفتاوى (4/332) ] . وقال ابن كثير: "لفظة" إسحاق" هاهنا مقحمة مكذوبة مفتراة، لأنه ليس هو الوحيد، ولا البكر، وإنما الوحيد البكر إسماعيل" [البداية والنهاية (1/366) ] . والله أعلم.

السلام على المنشغل بتلاوة القرآن

السلام على المنشغل بتلاوة القرآن المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/05/1427هـ السؤال عند دخول المسجد ما هو الأصح: هل ترفع صوتك بالسلام على أهل المسجد؟ أم تؤدي تحية المسجد ثم تسلم على من يليك من اليمين، والشمال فقط؟ وهل تجوز مقاطعة من يقرأ القرآن بالسلام؟ وهل يجب على من يقرأ أن يرد السلام على من سلم عليه؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا دخل الإنسان المسجد والناس مشغولون في صلاتهم، أو تلاوة القرآن الكريم أو الذكر، فإن استطاع أن يسلم بحيث لا يؤذي أحداً فلا بأس. جاء في المجموع (4/609) ، قال النووي: إن سلم في حالة لا يشرع فيها السلام لم يستحق جواباً، فمن تلك الأحوال أنه يكره السلام على مشتغل ببولـ أو جماع، ونحوهما ولا يستحق جوابًا، ويكره جوابه، ومن ذلك من كان نائماً، أو ناعساً، أو في حمام، واتفقوا [على] أنه لا يسلم على من في الحمام وغيره ممن هو مشتغل بما لا يؤثر السلام عليه في حاله. وأما المشتغل بالأكل فقال بعض العلماء: لا يسلم عليه، وقال إمام الحرمين: هذا محمول على ما إذا كانت اللقمة في فيه، وكان يمضي زمان في المضغ والابتلاع، ويعسر الجواب في الحال، قال: فأما إن سلم بعد الابتلاع، وقبل وضع لقمة أخرى فلا يتوجه المنع، أما المصلي، قال الغزالي: لا يسلم عليه، وقال الجمهور: لا منع من السلام عليه، لكن لا يستحق جواباً لا في الحال ولا بعد الفراغ من الصلاة؛ لا باللفظ ولا بالإشارة، والصحيح أنه لا يجب الرد مطلقاً، فإن رد في الصلاة فقال: وعليكم السلام بطلت، إن علم تحريمه، وإلا فلا، في الأصح، وأما المشتغل بقراءةٍ فالمختار أنه يسلم عليه، ويجب الرد باللفظ، ولو رد السلام في حال الأذان، والإقامة، والأكل لم يكره، وفي الجماع والبول كره. انتهى باختصار. والله أعلم.

وجوب مساعدة الفلسطينيين في حصارهم

وجوب مساعدة الفلسطينيين في حصارهم المجيب محمد الحسن الدَّدَوْ الداعية الإسلامي المعروف التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/04/1427هـ السؤال فضيلة الشيخ تعلمون ما يعيشه الفلسطينيون من حصار وجوع وقلة الأدوية، فهل يجوز دفع زكاتنا لهم؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن من الواجب على المسلمين عموما مساعدة المسلمين المحاصرين في فلسطين ماديا ومعنويا، فذلك حق لهم سيطالبون به يوم القيامة من لم يؤده اليوم. وهم أولى من غيرهم الآن بصرف الزكوات الواجبة إليهم من جميع بلدان العالم؛ لحاجتهم الماسة، فالأطفال والنساء والمرضى والضعفة الآن يتعرضون لحصار جائر ليس له أي مستند يمنعهم من الغذاء والدواء وغير ذلك من لوازم الحياة، وقد قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10] . وقال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة: من الآية71] . وقال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:92] وقال تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) [المؤمنون:52] وقال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَان) [المائدة: من الآية2] وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" صحيح البخاري (2266) ، ومسلم (4684) . وصح على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ". صحيح مسلم (4685) . وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَن فَرَّجَ عَن مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". صحيح البخاري (2262) ، ومسلم (4677) .

هل الغاية عبادة الله أم دخول الجنة

هل الغاية عبادة الله أم دخول الجنة المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/04/1427هـ السؤال هل عبادة الله سبحانه وسيلة أم هدف؟ هل نقول: إن هدفنا هو عبادة الله وتحقيق ذلك يكون بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. أم نقول: مثلاً إن الهدف هو دخول الجنة، ويكون ذلك بعبادة الله. وكيف نفهم هذا من خلال قوله سبحانه: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فعبادة الله تبارك وتعالى هي غاية خلق الخلق، وهي الغاية من الوجود الإنساني، فلأجلها خلق الله الخلق، وأنزل الكتب وأرسل الرسل. ومع ذلك فهي وسيلة لرضى الله والنعيم المقيم الأخروي الأبدي. ويمكن أن يكون الشيء الواحد غاية باعتبار، ووسيلة باعتبار آخر، كما يكون الشيء سبباً باعتبار ونتيجة باعتبار آخر. قال تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات:56] ، قال الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له؛ فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب. وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم. فهو خالقهم ورازقهم". انتهى. والأعمال الصالحة سبب لدخول أهل الجنة الجنة -بعد توفيق الله- كما أن المعاصي والكفر سبب دخول العصاة للنار. قال تعالى: "وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" [الزخرف:72] ، وقال تعالى: "الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" [النحل:32] . فالعمل الصالح لا بدّ من وجوده لدخول الجنة كما قرر ذلك أهل السنة والجماعة. لا يشكل عليك ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لن يدخل أحدا عمله الجنة". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "لا، ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا، ولا يتمنين أحدكم الموت، إما محسنا فلعله أن يزداد خيراً، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب". صحيح البخاري (5673) ، وصحيح مسلم (2816) . فالجواب أن يقال -في الجمع بين الآية والحديث-: إن الآية المقصود بها إثبات أنّ الأعمال سبب لدخول الجنة، فالباء الموجودة في قوله تعالى: "بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" هي باء السببية، فتفيد أن دخولهم الجنة كان بسبب الأعمال الصالحة. وأما الحديث المتفق على صحته، فالباء المنفية المقصود بها، باء العوض، فليست الأعمال الصالحة عوضاً لدخول الجنة، بل هي من جملة الأسباب لدخول الجنة.

وتوضيح ذلك: أن ترى بعض الناس يجتهد في الأعمال الصالحة، ومع ذلك يكون ممن استحقّ العذاب؛ لأن الله لم يتقبل منه عمله ولا سعيه؛ لكونه إما لم يخلص عمله لوجه الله تبارك وتعالى، أو فعل أمراً لم يفعله رسول الله كما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ". رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) . فأفاد هذا الحديث أنه ليس كل من عمل عملا صالحاً فإن عمله يكون مقبولاً، فلا بدّ من تحقق الإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله عليه الصلاة والسلام. وقد قرر هذا المعنى ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "مفتاح دار السعادة" (1/8) فقال: (الباء المقتضية للدخول غير الباء التي نفي معها الدخول، فالمقتضية هي باء السببية الدالة على أن الأعمال سبب للدخول مقتضية له كاقتضاء سائر الأسباب لمسبباتها، والباء التي نفى بها الدخول هي باء المعاوضة والمقابلة التي في نحو قولهم: اشتريت هذا بهذا. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن دخول الجنة ليس في مقابلة عمل أحد، وأنه لولا تغمد الله سبحانه لعبده برحمته لما أدخله الجنة فليس عمل العبد وإن تناهى) . أخي رعاك الله في الختام أريد أن أنبهك إلى أنه قد روج بعض الجهلة المضلين، أن أهم شيء هو اكتساب رضى الله عز وجل، ويكون ذلك بحسن الأخلاق وحسن معاملة الناس. ولا يضر ترك الصلاة والزكاة، ومولاة الكفار ... إلى آخر ذلك من الموبقات، بحجة أن الله ليس محتاجا إلى عملنا فهو الغني سبحانه. فلا شك أن هذا الكلام ضلال مبين. صحيح أن الله غني عنا ولا يحتاج لعبادتنا، ففي صحيح مسلم (2577) عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن الله تبارك وتعالى، أنه قال: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ... " أخي رعاك الله تأمل الحديث، تجد أن الله أخبر عن نفسه أنه غني عنا لكننا نحن من نحتاج إليه وإلى عبادته. فلو قال شخص: إن الله لا يحتاج إلى عبادتنا فلذلك لا نعبده! فقد أخطأ. صحيح أن الله لا يحتاج إلى عبادتنا، لكن نحن نحتاج إلى عبادة الله، وإلا حَشَرَنا الله مع الكافرين، والمنافقين، وأدخلنا الجحيم. وأما قول الآخر: أهم شيء الأخلاق وبعد ذلك لا يضر. نقول له: نعم، الأخلاق مهمة جدا في الإسلام ورغب فيها كثيرا، لكن لو كان صاحب الخلق لا يصلي فكيف يكون حاله؟ فالله عز وجل يأمره بالصلاة لكنه يأنف ويتكبر ولا يصلي! فهذا كافر. وأيضا صاحب الخلق الحسن لو وضع خلقه مع الكفار لدرجة تصل إلى التولي. فهذا حكمه أنه متول للكفار يستحق على ذلك العقاب.

نسأل الله لنا ولكم ولكافة المسلمين العلم النافع والعمل الصالح المتقبل الخالص لوجهه الكريم.

لماذا النساء هن الأقل في الجنة؟!

لماذا النساء هن الأقل في الجنة؟! المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/04/1427هـ السؤال ورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أقل ساكني الجنة النساء". والكثيرون يسألون عن هذا الحديث، كيف يكون هذا منصفا للنساء؟ ألا يجب أن يكون عدد الرجال والنساء متساويا في الجنة؟ وكونهن قليل في الجنة هل يعني أن الرجال سيطغون في عددهم في الجنة؟ فأرجو توضيح هذه المسألة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: صح من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء فقال: "يا معشر النساء تصدقن؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار". فقُلْنَ: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير ... ". الحديث رواه الشيخان البخاري (1462) ، ومسلم (80) . وروى مسلم (2738) وغيره من حديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أقل ساكني الجنة النساء". والعلة في ذلك جاءت مفسرة في حديث أبي سعيد المتقدم: "أنهن يكثرن اللعن ويكفرن العشير". وفي كتاب الأخبار للالكائي قالوا: يا رسول الله ألسن أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا؟ قال: "بلا، ولكن إذا أعطين لن يشكرن وإذا ابتلين لن يصبرن". يقول القرطبي -رحمه الله-: إنما كان النساء أقل ساكني الجنة لما يغلب عليهن من الهوى والميل إلى عاجل زينة الحياة الدنيا، ونقصان عقلوهن، وضعفهن عن عمل الآخرة والتأهب لها، لميلهن إلى الدنيا والتزين بها، وأكثرهن معرضات عن الآخرة، سريعات الانصياع لراغبيهن من المعرضين عن الدين، عسيرات الاستجابة لمن يدعوهن إلى الآخرة وأعمالها. اهـ. قلت: وكون أكثر أهل الجنة الرجال، لا يعني أن النساء قليلات معدودات، ولكن الغالب منهن أن يكن بهذه الصفات فيقعن في النار، وإلا ففي الجنة الكثير والكثير مما لا يعد ولا يحصى من المؤمنات، قياسه حديث عمران -رضي الله عنه-: "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء". أخرجه البخاري (3241) ، ومسلم (2738) . وهذا لا يعني أن الأغنياء في النار، ولكن أن الغالب فيهم عدم الصدق وقلة الأمانة وضبط النفس، فكانوا أقل نسبة من عدد الفقراء. وقوله أيضاً: "إن أقل ساكني الجنة النساء". كما ذكر ذلك مفسرو الحديث، أي في أول الأمر قبل خروج عاصياتهن من النار، فلا دلالة فيه أيضاً على أن نساء الدنيا أقل من الرجال في الجنة، فقلتهن -إذًا- باعتبار أول الأمر، وقبل مرورهن بالتمحيص والتطهير من عذاب الآخرة الذي يمر به جميع العصاة سواء من الأغنياء العصاة، أو من النساء العاصيات، أو غيرهم من المسلمين العصاة.

الحكمة من عدة المتوفى عنها زوجها!

الحكمة من عِدة المتوفى عنها زوجها! المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/05/1427هـ السؤال ما هي الحكمة من عدة المتوفى زوجها بعدم الخروج من بيتها، وهل لها أن تظهر على غير محارمها من الأقارب في فترة العدة؟ مع العلم أنها من القواعد من النساء؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- المتوفى عنها زوجها أن تمكث في بيتها، ومن ذلك ما قاله للفريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري -رضي الله عنهما-: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله". رواه مالك (1081) ، وأبو داود (2300) ، والترمذي (1204) ، وغيرهما. صححه جمع من العلماء منهم: ابن القيم في زاد المعاد (5/680) . والواجب على المسلم أن يؤمن بكل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا مانع من تلمس الحكمة في ذلك، لكي يزداد إيمان المسلم بدينه، ويعلم عظم نعمة الله عليه بهذا الدين، والناس يتفاوتون في معرفة الحِكَم الشرعية، فقد يفتح لشخص ما لا يفتح لغيره، ولعل من حكم مشروعية الحداد، ما يلي: 1. تعظيم حق الزوج وإظهار الحزن عليه، والأسف على فقد بيت الزوجية الذي يحصل فيه من المصالح الشيء الكثير. 2. مراعاة نفسية المرأة، فالمرأة أشد حزناً على الميت من الرجل، لهذا فالشارع الحكيم لما نهى عن لطم الخدود، وشق الجيوب، والنياحة، شرع للمرأة ما يكون مخففاً لحزنها على زوجها -بل وعلى غير زوجها ثلاثة أيام- فتظهر الحزن بالطريقة التي شرعها الله. 3. كما أن في الحداد قطعاً لتطلع المرأة إلى النكاح في مدة العدة، فلا يجوز لها أن تتزوج في مدة العدة، وقطعاً لتطلع الرجال إلى خطبة هذه المرأة، فلا يجوز لأحد أن يخطبها في العدة فضلاً عن الزواج بها. وأما جواب الشق الآخر من السؤال: فإن للمرأة أن تكلم غير محارمها في زمن العدة، بشرط الأخذ بالضوابط الشرعية التي أمر الله بها "ولا تخضعن بالقول" [الأحزاب:32] ، "وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب" [الأحزاب:53] . وأما ظهورها إلى غير محارمها داخل بيتها فإنه جائز بشرطين: التزام الحجاب الشرعي، وعدم الخلوة، والمرأة إذا كانت من القواعد من النساء جاء التوجيه لها في قوله تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن) [النور:60] . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مشاركة المسلم في شعائر دفن الكفار

مشاركة المسلم في شعائر دفن الكفار المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/10/1424هـ السؤال كنت هندوسية وأسلمت، وما زال والداي على الشرك، وأخشى أن يموتا قبلي، حيث يجب علي آنذاك أن أشارك في بعض الشعائر والصلوات على دين الهندوس، وإذا لم أفعل ذلك سيغضب مني إخوتي وأخواتي وجميع أقاربي غضباً شديداً، أنا أعلم أن ذلك مخالف للإسلام، وأنا لا أرغب أن أفعله، ولكن موقفاً مثل هذا سيضعني في وضع حرج للغاية. أرجو تزويدي بنصيحة نافعة وحازمة، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: نحمد الله تعالى أن هداك للإسلام، دين الحق والهدى، هذا وما ذكرتيه في سؤالك من خوفك من موت والديك قبلك، ومن ثم يلزمك المشاركة في بعض الشعائر والصلوات المخالفة لدين الإسلام، فنقول لك ينبغي أن لا يقع في ذهنك هذا الشيء، فالأعمار بيد الله فقد تموتي قبلهما هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ننصحك بدعوة والديك وأقاربك وغيرهم إلى الإسلام وبيان محاسنه، عسى الله أن يهديهم إليه. هذا وعلى فرض وقوع ما ذكرت عليك أن تجتنبي ما حرم الله تعالى من الشعائر والصلوات التي على دين الهندوس، وتبيني لهم أن دين الإسلام يحرم تلك الشعائر، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإن شاء الله سيعذرونك ويرضون عنك، ففي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من التمس رضا الله بسخط الناس - رضي الله عنه- وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" رواه ابن حبان في صحيحه (276) وصححه ابن حجر. لذا لا أرى لك أن تفعلي ما يسخط الله لإرضاء خلق الله, وعليك أن تفعلي ما ذكرته لك آنفاً. والله أعلم.

هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأكل

هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأكل المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 9/9/1424هـ السؤال في صحيح البخاري المجلد (7/297) ذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأكل خبزاً رقيقاً ولحماً مشوياً، فهل يمنع مثل هذا الطعام؟ وهناك أيضاً حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأكل طعاماً متتالياً مرتين طوال حياته، فهل يكون اتباع مثل ذلك سنة أو مباحاً أو مندوباً؟. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد: أود قبل الإجابة عن الحديثين المستفسر عنهما أن أذكر شيئاً من هدي النبي صلي الله عليه وسلم في الطعام فمن ذلك: 1- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل من الطيبات ما تيسَّر له، فلم يكن يرد موجوداً، ولا يتكلف مفقوداً، فكان عليه الصلاة والسلام يأكل الحلوى والعسل ويحبهما، ففي صحيح البخاري (5431) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل. " وكان يأكل اللحم المطبوخ، والمشوي، كما جاء في أحاديث كثيرة منها: -

ما جاء في صحيح البخاري (208) من حديث عمرو بن أمية – رضي الله عنه - أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحتز – أي يقطع – من كتف شاة في يده فدعي إلى الصلاة فألقاها والسكين التى يحتز بها...... الحديث. وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: " أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بلحم، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة...." البخاري (3340) ، ومسلم (194) الحديث. وفي صحيح البخاري (2618) من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى شاة فصنعت له وأمر بسواد البطن يشوى.... الحديث وأكل الحيس، وهو ما يتخذ من التمر والأقط والسمن، وقد يجعل مكان الأقط الفتيت أو الدقيق , ففي صحيح البخاري (5425) من حديث أنس رضي الله عنه، في قصه بنائه صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي ٍ ".... حتى إذا كنا بالصهباء صنع حيساً في نطع، ثم أرسلني فدعوت رجالا ً فأكلوا..... " الحديث. وأكل الثريد، وهو أن يثرد الخبز بمرق اللحم، وقد يكون معه اللحم. ففي صحيح البخاري (5420) من حديث أنس رضي الله عنه، قال: دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على غلام له خياط، فقدم إليه قصعة فيها ثريد ... " الحديث. وأكل الدباء، وهو اليقطين (القرع) ، ففي الصحيحين البخاري (2092) ، ومسلم (2041) من حديث أنس رضي الله عنه قال: " قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزاً من شعير. ومرقاً فيه دباء وقديد. قال أنس: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حولي الصفحة ... " الحديث. وربما جمع بين لونين من الطعام، ففي الصحيحين البخاري (5440) ، ومسلم (2043) من حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب بالقثاء" قال النووي: (في هذا الحديث جواز أكل الشيئين من الفاكهة وغيرها معاً وجواز أكل طعامين معاً، ويؤخذ منه جواز التوسع في المطاعم، ولا خلاف بين العلماء في جواز ذلك، وما نقل عن السلف من خلاف هذا محمول على الكراهة منعاً لاعتياد التوسع والترفه والإكثار لغير مصلحة دينية) . 2- وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه لا يعيب طعاما ً قط، ففي الصحيحين البخاري (3563) ، ومسلم (2064) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: " ما عاب النبي صلى الله عيه وسلم طعاماً قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه. "ولما قدم له الضب وعافه ... لم يحرمه وأكل على مائدته، ففي صحيح البخاري (5391) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما - قال: "أن أم حفيد بنت الحارث أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ضباً، وكان قلما يقدم يده لطعام حتى يسمى له، فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يده إلى الضب، فقالت امرأة من النسوة الحضور: أخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قدمتن له، هو الضب يا رسول الله، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عن الضب، فقال خالد بن الوليد: أحرم الضب يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه قال خالد: فاحتززته فأكلته، ورسول الله – صلى الله عليه وسلم - ينظر إلي. "

3- وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يجد طعاماً صبر حتى إنه يعرف في صوته الجوع، وربما ربط على بطنه الحجر من شدة الجوع، ويرى الهلال والهلال ولا يوقد في بيته نار. ففي صحيح مسلم (2978) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت عمر – رضي الله عنه - يذكر ما أصاب الناس من الدنيا، فقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي، ما يجد دقلا ً يملأ به بطنه. وفي الصحيحين البخاري (2567) ، ومسلم (2972) من حديث عائشة رضي الله عنها، أنها كانت تقول: والله يا ابن أختي – تعني عروة – إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، قال: قلت: يا خالة فما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، وكانت لهم منائح، فكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقينا " الحديث. 4- حث النبي صلى الله عليه وسلم على القصد والاعتدال في الطعام والشراب، ففي حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه، وثلث لنفسه " أخرجه أحمد (16735) ، والترمذي (2380) وقال حديث حسن صحيح. ويؤخذ من الحديث الحض على التقلل من الأكل، وقد كان العقلاء في الجاهلية والإسلام يتمدحون بقلة الأكل ويذمون بكثرة الأكل. وكان النبي صلى الله عليه وسلم موصوفاً بقلة الأكل. قال القاضي عياض: (هذا ما لا يدفع من سيرته، وهذا الذي أمر به وحض عليه....) . هذه لمحة موجزة عن هديه صلى الله عليه وسلم في طعامه، ويجاب عن الحديثين المستفسر عنهما في السؤال بما يأتي: - أما حديث عائشة – رضي الله عنها -: "ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعاً حتى قبض" البخاري (5374) ، ومسلم (2970) الشبع المنفي في هذا الحديث مقيد بقيدين هما: 1- الشبع المتوالي بمعنى أنهم لا يشبعون الأيام المذكورة متوالية، ولهذا يأخذ من الحديث جواز الشبع في الجملة. 2- قيد الشبع بالطعام المذكور، وهو البر، وعند مسلم (2970) "ما شبع من خبز الشعير يومين متتاليين "

وقد أخبرت عائشة رضي الله عنها بشبعهم من التمر، ففي صحيح البخاري (5383) : "توفي النبي صلى الله عليه وسلم حين شبعنا من الأسودين التمر والماء"، ولعل عدم شبعهم من البر أو الشعير بسبب قلته عندهم أو أنهم قد يجدون ويؤثرون على أنفسهم. أو يتركون ذلك كراهة الشبع وكثرة الأكل. وحديث أنس - رضي الله عنه -: "ما أكل النبي صلى الله عليه وسلم خبزاً مرققاً، ولا شاة مسموطة، حتى لقي الله" البخاري (5385) الخبز المرقق: الترقيق هو التلين، والمرقق من الخبز ما كان ملينا محسنا موسعا، وهذا النوع من الخبز لم يكن موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الصفة، وحين وجد في عهد الصحابة رضي الله عنهم رأوا أنه من التوسع في العيش، فعن قتادة، قال: كنا عند أنس - رضي الله عنه - وعنده خباز له...... فذكر الحديث. وعند الطبراني (1/673) من طريق راشد بن أبي راشد قال: " كان لأنس غلام يخبز له الحواري ويعجنه بالسمن "، والحواري: الخالص الذي ينخل مرة بعد مرة. وعن أبي حازم أنه سأل سهلا هل رأيتم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم النقي؟ - أي خبز الدقيق الحواري، وهو النظيف الأبيض - قال: لا، قال: فهل كنتم تنخلون الشعير؟ قال: لا، ولكن كنا ننفخه وفي لفظ آخر: هل كانت لكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مناخل؟ ، قال: ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مناخل من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله. أخرجه البخاري (5413) والشاة المسموطة: المسموط الذي أزيل شعره بالماء المسخن، وشوى بجلده أو يطبخ، ويصنع ذلك في الصغير السن الطري، وقد ذكر العلماء أن طبخ الشاة على هذه الصفة من صنيع أهل الترف. وأسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا لاتباع هديه في طعامه، وفي سائر أحواله، فخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسل

قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) هل يشمل السنة؟

قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) هل يشمل السنة؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/8/1424هـ السؤال السلام عليكم. سمعت أن الآية (9) من السورة رقم (15) ، تتحدث عن حفظ القرآن والسنة، بعض الناس - ومنهم حزب التحرير - يقولون إن المقصود بكلمة "ذكر" هو القرآن فقط دون السنة، وليس هناك حماية إلهية للسنة، وقد بحثت في تفسير ابن كثير بالإنجليزية فلم أجد أي إشارة للسنة، أرجو التكريم بالإيضاح، هل تتضمن الآية المذكورة إشارة للسنة؟ ومَن مِن العلماء قال بذلك؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد: الآية المشار إليها في السؤال في سورة الحجر وهي قوله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، والذكر هو القرآن، والمعنى: أن الله سبحانه نزل القرآن وحفظه من أن يزاد فيه أو ينقص أو يحصل فيه تغيير أو تبديل، كقوله عز وجل: "وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" [فصلت:42] ، وقوله تعالى: "لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ" [القيامة:16- 18] قال ابن جرير: " يقول تعالى ذكره: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ" وهو القرآن "وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" قال: وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه" تفسير ابن جرير (14/ 7) ، وبهذا يتضح من دلالة الآية أن الله سبحانه تكفَّل بحفظ القرآن، وهذا يستلزم منه حفظ السنة التي هي بيان للقرآن كما قال سبحانه: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" [النحل:44] ؛

لأن المقصود حفظ الشريعة والدين، ولا يتحقق هذا على وجه الكمال والتمام إلا بحفظ السنة التي هي بيان للقرآن، وقد دل على هذا قوله سبحانه: " إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرآنه ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ" [القيامة: 18-19] ، أي بيان القرآن وإيضاحه علينا، ويستلزم من ذلك حفظ هذا البيان، وهو السنة. وقد حفظ الله السنة في صدور الصحابة- رضي الله عنهم- والتابعيين حتى بلغوها للأمة وكتبت ودونت في المصنفات، والمسانيد والمعاجم، وهيأ الله -سبحانه وتعالى- لهذه السنة جهابذة العلماء الذين بذلوا جهوداً عظيمة في حفظها من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وابتكروا وسائل وطرقاً تضمنت أصولاً وقواعد عرفت بعلوم الحديث، وهي في غاية الإتقان والإحكام يحصل من خلالها تمييز الصحيح من الضعيف والمحفوظ من المنكر والشاذ، وإيضاح الأوهام والأخطاء التي توجد في الأسانيد والمتون، ومن أمعن النظر في تراجم أئمة الحديث، وتدبر ما آتاهم الله من قوة الحفظ وسداد الفهم والتفاني في خدمة السنة وحياطتها والذب عنها أدرك أن ذلك ثمرة حفظه تعالى لدينه وشريعته، ولكن لما كان القرآن معجزاً بألفاظه ومعانيه ومتعبداً بتلاوته جعل الله حفظه إليه ونُقل نقلاً متواتراً، وأما السنة فلم يقصد التعبد ولا الإعجاز بألفاظها فحفظها الله- سبحانه وتعالى- بتهيئة أولئك الأئمة الذين بذلوا جهوداً عظيمة في حفظها والذب عنها، يقول ابن تيمية: (فإن الدين محفوظ بحفظ الله له ولما كانت ألفاظ القرآن محفوظة منقولة بالتواتر لم يطمع أحد في إبطال شيء منه ولا في زيادة شيء فيه بخلاف الكتب التي قبله قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر: 9] بخلاف كثير من الحديث طمع الشيطان في تحريف كثير منه وتغيير ألفاظه بالزيادة والنقصان والكذب في متونه وإسناده فأقام الله له من يحفظه ويحميه، وينفي عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، فبينوا ما أدخل أهل الكذب فيه وأهل التحريف في معانيه) الرد على البكري (1/ 171) ، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- أيضاً: (قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"

[الحجر: 9] ، فما في تفسير القرآن أو نقل الحديث أو تفسيره من غلط فإن الله يقيم له من الأمة من يبينه ويذكر الدليل على غلط الغالط وكذب الكاذب، فإن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة ولا يزال فيها طائفة ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة إذ كانوا في آخر الأمم فلا نبي بعدهم ولا كتاب بعد كتابهم، وكانت الأمم قبلهم إذا بدَّلوا وغيروا بعث الله نبياً يبين لهم ويأمرهم وينهاهم ولم يكن بعد محمد -صلى الله عليه وسلم- نبي، وقد ضمن الله أن يحفظ ما أنزله من الذكر، وأن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، بل أقام الله لهذه الأمة في كل عصر من يحفظ به دينه من أهل العلم والقرآن) الجواب الصحيح (3 / 39) ومن العلماء من فسر الذكر في الآية: بالكتاب والسنة، يقول ابن تيمية: (قال تعالى: "وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ" [الزخرف:36] ، وذكر الرحمن الذي أنزله هو الكتاب والسنة اللذان قال الله فيهما: "وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" [البقرة: من الآية231] ، وقال تعالى: "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ" [آل عمران: من الآية164] ، وهو الذكر الذي قال الله فيه: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" [الحجر: 9] ، [الفتاوى الكبرى (2 / 274) ] . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

دفن الميت من غير إذن الورثة

دفن الميت من غير إذن الورثة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 6/11/1424هـ السؤال جدي رحمه الله ذهب حاجاً إلى بيت الله -عز وجل-، ولكنه توفي هناك، حيث صدمته سيارة هو ومن معه فمات، وكان ذلك قبل ثلاثين عاماً ثم دفن، وقد تم تبليغ أهله بطريقة رسمية وعندهم أوراق تثبت ذلك من قبل المملكة. السؤال: هل يجوز دفنه بدون أخذ الإذن من أهله وما يترتب على ذلك إذا كان لا يجوز؟ أبناؤه وزوجته موجودون وهم يطالبون بديته، فكيف السبيل إلى الحصول على الدية، حيث إنني أسكن خارج المملكة ولا أعرف كيف أتصرف في قضية مثل هذه، أين أتجه؟ هل لمحكمة مكة أم ماذا أفعل؟ كم مقدار الدية؟ هل هو بمقدارها في ذاك الزمن أم مقدارها حالياً؟ علماً بأنني عندي رقم سجل الحادثة في مكة في وزارة الصحة، وهل يحق لي ويثبت لي حق بعد كل هذه المدة؟ علماً أنني أتكلم بلسان أبنائه وهو جدي - وشكراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يغفر لجدك ويتجاوز عنه، وأن يحله دار كرامته ومستقر رحمته، إنه سميع مجيب، أما جواب ما سألت عنه فهو كالتالي: أولاً: إذا مات الإنسان في بلد غير بلده، وتعذَّر الاتصال بورثته، فإنه يجوز تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه من غير إذن ورثته؛ لأن الإسراع في تجهيز الميت والصلاة عليه حق من حقوق الميت، ولا يجوز تأخيره إلا لعذر شرعي، ثم إن إخبار ورثته وانتظار حضورهم - إن لم يتعذر- يحتاج إلى وقت طويل، وربما أدى إلى الإضرار ببدن الميت ومن حوله من الناس، ثم إن كثيراً ممن يقدم إلى مكة المكرمة من غير أهلها يموتون فيها، ولو أخرنا تجهيز هؤلاء الموتى إلى حين حضور ورثتهم لأدى ذلك إلى كثير من المشقة والحرج مما لا يخفى على أحد. ثانياً: إذا مات الإنسان بسبب الاعتداء عليه فإن لورثته المطالبة بالدية الشرعية المقدَّرة في الأدلة الشرعية، وهذا الحق ثابت للورثة دون غيرهم من أقارب الميت، ولذلك فإنه ليس لغير الورثة المطالبة بها، إلا إن وكل الورثة من يقوم عنهم بالمطالبة بها فيجوز حينئذ، ويكون الوكيل نائباً عنهم في المطالبة بها، وحق الورثة في المطالبة بالدية من الحقوق التي لا تبطل بمرور الوقت، فمتى طالب بها الورثة استحقوها، ووجب على المعتدي دفعها. ثالثاً: إذا قرر الورثة المطالبة بالدية، فإن عليهم التوجه إلى المحكمة الشرعية في مكة المكرمة؛ لأن القاضي هو الذي يتولى النظر في الجنايات والاعتداءات، وهو الذي يبين هل يجب على المتسبب في القتل الدية أو لا، ويحدد مقدارها وصفاتها حال ثبوتها؛ لأن هناك بعض حالات الوفاة لا تجب فيها الدية، والذي يفصل في هذا الأمر هو القاضي الشرعي.

رابعاً: حدد الرسول - صلى الله عليه وسلم- مقدار الدية، فجعل دية الحر المسلم مائة من الإبل، كما جاء في الأحاديث الصحيحة، ومنها ما رواه أبو داود (4543) عن جابر - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فرض الدية على أهل الإبل مائة من الإبل"، وكما جاء في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذي كتبه إلى أهل اليمن، وفيه: "إن في النفس مائة من الإبل" رواه النسائي (4857) من حديث أبي بكر بن حزم عن أبيه عن جده، ولذلك فإن مقدار دية الرجل الحر المسلم يعادل مائة من الإبل، ولكن لما قلَّ التعامل بالإبل فإن مقدار دية الرجل الحر المسلم مائة من الإبل، ولا شك أن أثمان الإبل تختلف من وقت إلى وقت، ولكن القاضي يجتهد في تحديد قيمتها بالنقد المتداول حتى يسهل أداؤها واستلامها. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ما جاء في (لمعة الاعتقاد) من تفويض الإمام أحمد للمعنى!

ما جاء في (لمعة الاعتقاد) من تفويض الإمام أحمد للمعنى! المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/1/1425هـ السؤال هل يمكن الدعوة إلى الجهاد قبل تصحيح العقيدة أم لا؟ بدليل أن صلاح الدين كان أشعريًّا. جاء في (لمعة الاعتقاد) أن أحمد بن حنبل فوَّض المعنى. هل هذا مذهب أهل السنة؟. الجواب الجهاد أصل من أصول الدين وهو منوط بولاة المسلمين وأهل الحل والعقد فيهم، وما كان منه جهاد دفاع إذا هجم على بلد من بلاد المسلمين عدو فلا ينتظر في جهاده تصحيح العقيدة. أما الجهاد الاختياري (الطلب) فيقرره أهل الحل والعقد من الولاة والعلماء إذا توافرت شروطه، وكانت الأمة على أهبة الاستعداد المعنوي والمادي، والراية يجب أن تكون صحيحة العقيدة، ومن القوة التي أمر الله بها في قوله -تعالى-: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" [الأنفال:60] ، القوة المعنوية، والتي لا تكون إلا بتصحيح العقيدة، وعليه: فإنه لا تستقيم الدعوة للجهاد قبل تصحيح الاعتقاد، أما صلاح الدين فكانت رايته راية سنة لا بدعة، وانتسابه للأشاعرة لا يعني أن الراية كانت بدعية فيما يظهر لي، كما أن جهاده كان جهاد دفاع، أما ما جاء في (لمعة الاعتقاد) من أن الإمام أحمد فوَّض المعنى؛ فإن المقصود به تفويض الكيفية؛ لأن عبارة (تفويض المعنى) تحتمل أمرين: أولهما: تفويض الحقيقة؛ وهذا مذهب المفوضة المبتدعة، ولا يقصده الإمام أحمد ولا غيره من أئمة السلف. وثانيهما: تفويض الكيفية؛ وهذا حق، فإن كيفية أسماء الله - تعالى- وصفاته غير معلومة للخلق، أما حقائق صفات الله - تعالى- فهي ثابتة كما جاءت بها النصوص الصحيحة. والله أعلم.

هل يرى المؤمن في القبر أهل الجنة؟

هل يرى المؤمن في القبر أهل الجنة؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 1/2/1425هـ السؤال إذا مات الإنسان وكان من أهل الجنة، فهل يرى وهو في حياة البرزخ أصحاب الجنة مثل الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة المبشرين بالجنة، وأهله من أهل الجنة؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد جاءت الآثار بتلاقي أرواح المؤمنين المنعمة المرسلة، وأنها تتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا، وليس بالشيء المقطوع به، وأصرح ما ورد في ذلك حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقتها أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير من أهل الدنيا، فيقولون: آَنْظِروا صاحبكم يستريح؛ فإنه كان في كرب شديد، ثم يسألونه ما فعل فلان؟ وفلانة هل تزوجت؟ فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبله، فيقول: هيهات، قد مات ذاك قبلي، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذُهِب به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم، وبئست المربية" انظر ما رواه النسائي (1833) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والحديث مختلف في رفعه ووقفه، وصحته وضعفه، انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (2758) والضعيفة (864) وأكثر ما يدل عليه أن الأرواح المتعارفة في الدنيا تتلاقى بعد الممات، ويسأل بعضها بعضاً، ولم يرد شيء في أن أصحاب الجنة في مجملهم يتلاقون ويتزاورون، وإن لم يعرف بعضهم بعضاً في الدنيا، وقد تكلم على هذه المسألة القرطبي في (التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة) ، وابن القيم في كتاب (الروح) ، ولابن تيمية في مجموع الفتاوى في أولى (ج 24) كلام مختصر مفيد في المسألة. والله أعلم.

قول (سيدنا) للرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة

قول (سيدنا) للرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/04/1425هـ السؤال كلما ذكرت الرسول -عليه الصلاة والسلام- خارج الصلاة لا يمكنني أن أذكره بدون كلمة (سيدي) أو (سيدنا) محمد، وكذلك إذا ذكرت الصحابة وخصوصا الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم-، وقد نصحني أصدقائي وأخبرني بأن هذا من البدعة، وأنا أشعر بعدم التأدب إذا ذكرت الصحابة بدون لقب، وكذلك الحبيب -عليه الصلاة والسلام- أفيدونا جزاكم الله خيراً؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن مما لاشك فيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو سيد ولد آدم، وهو خاتم الأنبياء وإمام المرسلين، وأن صحابته - رضوان الله عليهم- أفضل من اتبع الأنبياء، وهم أبر الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأشدهم حباً له، وأكثرهم حرصاً على اتباعه واقتفاء آثاره، ومع ذلك لم ينقل لنا أنهم كانوا يخاطبون رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بكلمة: سيدي أو سيدنا، بل حين قدم وفد بني عامر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: أنت سيدنا، فقال: "السيد الله تبارك وتعالى" فقالوا وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طولاً، فقال: "قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان" رواه أبو داود (4806) ، وأحمد (15876) من حديث عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه-، فأنكر عليهم قولهم حين رأى منهم التكلف في ذلك وهو الحريص - صلى الله عليه وسلم-: على سد جميع الأبواب التي قد توقع أمته في الشرك حتى قال - صلى الله عليه وسلم- "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: "عبد الله ورسوله" رواه البخاري (3445) من حديث عمر -رضي الله عنه-، وقال للأعرابي الذي ارتجف حين قيل له هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم- وأجلسه ثم كان مما قاله له: "إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد" رواه ابن ماجة (3312) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.

فالأولى ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما كان يذكره به أصحابه - رضي الله عنهم- ومن اعتاد لسانه ذلك فلا حرج عليه إن شاء الله كما قال تعالى: "وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين" [آل عمران:39] يدل على أن غير الله -تعالى- يجوز أن يسمى بهذا الاسم؛ لأن الله -تعالى- سمى يحي سيداً، والسيد هو الذي تجب طاعته، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال للأنصار حين أقبل سعد بن معاذ - رضي الله عنه- للحكم بينه وبين بني قريظة "قوموا إلى سيدكم"رواه البخاري (3043) ، ومسلم (1768) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه، وقال - صلى الله عليه وسلم- للحسن - رضي الله عنه- "إن ابني هذا سيد" رواه البخاري (2704) من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-، وقال لبني سلمة:" من سيدكم يابني سلمة" قالوا الجد بن قيس على بخل فيه قال: "وأي داء أدوى من البخل، ولكن سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح" انظر الأدب المفرد (ص92) فهذا كله يدل على أن من تجب طاعته يجوز أن يسمى سيداً، وليس السيد هو المالك فحسب لأنه لو كان كذلك لجاز أن يقال سيد الدابة وسيد الثوب كما يقال سيد العبد, فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل السادة من بني آدم ولكنه رآهم متكلفين لهذا القول فأنكره عليهم كما قال: "أبغضكم وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة إلي الثرثارون والمتشدقون المتفيهقون"رواه الترمذي (2018) من حديث جابر -رضي الله عنه-، فكره لهم تكلف الكلام على وجه التصنع، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تقولوا للمنافق سيد فإنه إن يك سيداً فقد أسخطتم ربكم -عز وجل-" رواه أبو داود (4977) من حديث بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه-، فنهى أن يسمى المنافق سيداً لأنه لا تجب طاعته.

الاقتراض للحج والعمرة

الاقتراض للحج والعمرة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/11/1425هـ السؤال هل يجوز للمسلم أن يستدين (يستقرض) أجور السفر لأداء الحج أو العمرة إن لم يملك أجورها؟ هذا وجزاكم الله خير جزاء. الجواب الأصل جواز القرض؛ لأنه ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استقرض للحاجة، كما في الصحيحين البخاري (2386) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، لكن من شروط وجوب الحج: أن يكون قادراً بماله وبدنه، ولا يلزم المسلم أن يقترض حتى يحج، فإن لم يكن مالكاً للنفقة - نفقة الحج- فإن الحج لا يجب عليه، ولا يلزم المسلم في هذه الحالة أن يستقرض حتى يحج؛ لقول الله - عز وجل-: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" [آل عمران: 97] فقيَّد الله وجوب الحج بالاستطاعة، والاستطاعة فسرها النبي- صلى الله عليه وسلم-: "بأن يملك زاداً وراحلة" انظر ما رواه الترمذي (813) ، وابن ماجة (2896-2897) من حديث ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم-، أي: أن يكون مالكاً للنفقة نفقة الذهاب والرجوع.

الاستدلال بتفضيل صلاة الجماعة على عدم وجوبها

الاستدلال بتفضيل صلاة الجماعة على عدم وجوبها المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 5/7/1424هـ السؤال سؤالي عن وجوب صلاة الجماعة، وكيف نفسر حديث الرسول الكريم القائل "صلاة الجماعة خير من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة"؟ فطالما أن هنالك أفضلية لأمرين فذلك يعني أن كليهما صحيح، وبالتأكيد ليس مقصودا الشخص الذي لديه عذر، فذلك معذور أصلا، ً أما الصلاة للمفرد في بيته مثلاً وحسب الحديث فتعدل درجة واحدة، وصلاة الجماعة أفضل منها بزيادة ست وعشرين درجة، هذا فهمي للحديث أريد تفسير أهل العلم، وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وبعد: المراد بهذا الحديث بيان فضل وثواب صلاة الجماعة، وليس المقصود هو حكم صلاة الجماعة، وهو أسلوب مستعمل في القرآن والسنة، ومن ذلك قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [الجمعة:9] ، فقال (ذلكم خير لكم) ومع ذلك لم يقل أحد إن صلاة الجمعة غير واجبة. وقد بين - صلى الله عليه وسلم- حكم صلاة الجماعة في أحاديث أخرى منها: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم ... " الحديث رواه البخاري (644) ، ومسلم (651) .

تأثير الصلاة على المصلين

تأثير الصلاة على المصلين المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 6/3/1424هـ السؤال يوجد في مجتمعنا من يأتي الفواحش أو يأخذ الرشوة، ويصلي وهو يعتقد أن لا علاقة بين الصلاة وما سواها، فهل هذا الاعتقاد في محله؟ الجواب هذا الاعتقاد في غير محله، فإن العبادة في الإسلام تستلزم عمل الإنسان بكل ما أمر به، وترك كل ما نهي عنه، وقد أمر الله تعالى المؤمنين بالعمل بجميع شرائع الدين في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة" [البقرة: 208] . ثم إن إقامة الصلاة بإتمام أركانها، وشروطها وواجباتها والخشوع فيها ينهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال تعالى: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" [العنكبوت: 45] .

عبارة "الله يخونك إذا خنتني"

عبارة "الله يخونك إذا خنتني" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/3/1424هـ السؤال ما حكم قول:"الله يخونك إذا خنتني" وذلك إذا كان بين الشخصين اتفاق على شيء، وأطلق هذه الكلمة على سبيل التخويف من الخيانة؟ الجواب الحمد لله، هذا القول قبيح، فإنه يتضمن نسبة الخيانة إلى الله، وهو من عبارات الجهال الذين يشتقون من كل فعل ينكرونه على بعض الناس، يشتقون منه فعلاً يضيفونه إلى الله في دعائهم عليه، كما يقولون: أتلفه الله كما أتلف كذا، وأهانه الله كما أهانني، وقد يقول بعضهم: الله يعتدي عليك كما اعتديت عليَّ، ومن هذا قوله: الله يخونك كما خنتني، أو يقولون كلمة عامة: الله يخون من خان، فالحاصل أن إضافة الخيانة إلى الله حرام، فإن الخيانة قبيحة، والله سبحانه وتعالى منزه عن كل قبيح، منزه عن العيوب والنقائص في ذاته وصفاته وأفعاله، والله أعلم.

موقع المأموم الواحد مع الإمام

موقع المأموم الواحد مع الإمام المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/3/1424هـ السؤال كيف يصلي المأموم خلف الإمام إذا كان فرداً واحداً؟ هل يكون على خط واحد أم يبتعد عنه قليلاً؟ الجواب المأموم مع الإمام إذا كان فرداً واحداً فإنه يكون عن يمين الإمام، لما روى جابر، وابن عباس - رضي الله عنهم- قالا: "قام النبي - صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل فقمت ووقفت عن يساره فأخذ بذؤابتي فأدارني عن يمينه" متفق عليه البخاري (5919) ، ومسلم (763) ، فحينئذ فلا يقف خلفه ولا عن يساره، وإنما يكون عن يمينه محاذياً له ولا يبتعد عنه، وإذا كانوا جماعة فإنهم يكونون وراءه، وإذا كانت امرأة واحدة فإنها تكون خلفه أيضاً وهي وحدها، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم: "أخروهن من حيث أخرهن الله" المعجم الكبير (9/295) ، و (9484) قال محققه صححه الحافظ في الفتح (1/400) ، ولما روى أنس - رضي الله عنه- "أن رسول الله - صلى الله عليه وسل- صلى به وبأمه أو خالته قال أنس: فأقامني عن يمينه وأقام المرأة خلفنا"، رواه مسلم (660) ، والله أعلم.

الصلاة عن يسار الإمام

الصلاة عن يسار الإمام المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/6/1424هـ السؤال ما مدى صحة الصلاة عن يسار الإمام؟ حيث لم أجد مكاناً خلف الإمام، ولم أجد أيضاً عن يمينه فوقفت عن يساره، وصليت معهم الجماعة فما صحة ذلك؟. جزاكم الله خير. الجواب الإنسان إذا كان شخصاً واحداً مع الإمام فإنه يصلي عن يمين الإمام، فإذا كانوا أكثر من واحد فإنهم يكونون خلفه، ولا يصلي عن يساره إذا كان هناك فرصة في مكان عن يمين الإمام أو خلفه، فإذا لم يجد الإنسان مكاناً خلف الإمام، وكان على يمين الإمام أناس يصلون فصلى عن يساره فلا بأس بهذا للحاجة، أما إذا كان يمين الإمام ليس فيه أحد فلا يصلي عن يساره، والله أعلم.

الصلاة على الحرير

الصلاة على الحرير المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/7/1424هـ السؤال هل تجوز الصلاة على الحرير؟. الجواب لا يجوز للرجال لبس الحرير، ولا افتراشه في الصلاة وغيرها، لما روى أبو موسى - رضي الله عنه- أن رسول - صلى الله عليه وسلم- قال:"حرام لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وحل لإناثهم" أخرجه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح، وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "لا تلبسوا الحرير فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" متفق عليه، وقال في المغني - رحمه الله -: (ولا نعلم في تحريم لبس ذلك على الرجال اختلافاً إلا لعارض أو عذر) ، قال ابن عبد البر: (هذا إجماع، فإن صلى فيه فالحكم فيه كالصلاة في ثوب مغصوب على ما بُيِّن) ، والافتراش كاللبس في التحريم، لما روى البخاري - رحمه الله- عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم- أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وأن نلبس الحرير، والديباج، وأن نجلس عليه.

إقامة صلاة العيد في الصحراء

إقامة صلاة العيد في الصحراء المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: نفيدكم أننا مجتمع مسلم يصل تعداده إلى سبعمئة مصلٍ نعيش في إحدى المدن الصغيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، ويوجد في هذه المدينة مسجدان أحدهما أكبر من الآخر. وقد رأى بعض الإخوة - حرصاً على تطبيق السنة - أن تقام صلاة العيد في الخلاء، إلا أن إدارتي المسجدين اختلفتا فيما هو الأولى، هل هو في إقامة صلاة العيد في صالة كبيرة تتوفر فيها جميع المرافق الضرورية لصلاة العيد وهي متيسرة، وذلك لتعذر الصلاة في مكان مكشوف لبرودة الجو واحتمالية هطول المطر، فالبلد بارد وكثير المطر، أم إقامة الصلاة في المسجد الكبير؟ أفتونا مأجورين. الجواب صلاة العيد في الفضاء (الصحراء) المكشوف سنة فعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأداؤها في المسجد جائز بإجماع العلماء، وإذا كان يلحق المصلين ضرر من أدائها في الفضاء كشدة البرد والثلوج والمطر، فأداؤها في المسجد متعين لازم؛ دفعاً للحرج والضيق والمشقة، قال تعالى:"وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج: 78] ، وقال:"يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة: 185] ، ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا ... " البخاري (69) ، ومسلم (1732) ، واعلموا أن السنة يمكن تطبيقها في حال وزمان، ولا يمكن تطبيقها في حال وزمان آخرين، بخلاف الواجب وهو عين الصلاة ففي كل حال وزمان، والله أعلم.

الصلاة على المنتحر والترحم عليه

الصلاة على المنتحر والترحم عليه المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. توفي أحد الأشخاص ممن أعرف، وقالوا إنه توفي منتحراً، فقد استأجر غرفة في فندق وكتب ورقة يخبر أنه لم يتسبب أحد في قتله، وأنه تخرج من الجامعة ولم يجد عملاً ففعل ذلك للتخلص من همومه ومشاكله، فما حكم هذا التصرف؟ ومن علم بذلك هل يجوز له الصلاة عليه والترحم عليه، وبعضهم يجهل ملابسات هذا العمل فهل يصلي ويترحم عليه؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله - وعلى آله وصحبه-، وبعد: كل من مات على الإسلام فإنه يصلى عليه، لأن المقصود بالصلاة هو الشفاعة له والدعاء له بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار، وكل مسلم من أهل الشفاعة له والاستغفار له، وإنما تحرم الصلاة على الكفار والمشركين، كما قال تعالى: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى" [التوبة: 113] ، وكذلك من علم نفاقه لا تجوز الصلاة عليه، لأنه سبحانه نهى نبيه أن يصلي على المنافقين فقال: "وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ" [التوبة: 84] ، والمسلم إذا قتل نفسه أو كان معروفاً بارتكاب بعض الكبائر فإن ذلك لا يخرجه عن الإسلام ولا يحرمه من دعوة المسلمين، ولكن ينبغي لأهل العلم وأهل الخير المعروفين أن يتركوا الصلاة على أمثال هؤلاء تنفيراً من أفعالهم وزجراً عنها، وقد أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم- برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه رواه مسلم (978) ، ولكنه لم ينه عن الصلاة عليه، فترك الصلاة زجراً عن فعله المنكر، ولم ينه عن الصلاة عليه لأنه مسلم، كما كان يقول لمن مات وعليه دين ولم يخلف له وفاء، يقول لأهله صلوا على صاحبكم زجراً عن تحمل الديون التي لا وفاء لها، وذلك في أول الأمر قبل أن يكون عند النبي - صلى الله عليه وسلم- ما يقضي به الدين عن من مات من المسلمين الذين لم يخلفوا لدينهم وفاء فكان يقول بعد أن فتح الله عليه الفتوح" أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك ديناً فعلي قضاؤه ومن ترك مالاً فلورثته" رواه البخاري (2298) ، ومسلم (1619) ، والله أعلم.

الاقتداء بالمسبوق في الصلاة

الاقتداء بالمسبوق في الصلاة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 5/2/1424هـ السؤال هل يجوز الاقتداء في الصلاة برجل كان مقتدياً بالإمام، وذلك بعد أن أنهى الإمام صلاته. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد.. يجوز شرعاً الاقتداء في الصلاة برجلٍ كان مقتدياً بالإمام، بمعنى: أنه إذا دخل المسبوق في الصلاة مع الإمام، وقد فاته ركعتان مثلاً ثم جاء مسبوق آخر بعد سلام الإمام، فإنه يجوز له أن يأتم بالمسبوق الأول، لعموم أدلة فضل الجماعة، ولما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه لما رأى رجلاً دخل المسجد بعد انتهاء الصلاة قال:"ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه" أبو داود (574) ، وأحمد (11613) ، وحسنه الترمذي وصححه الألباني، ولكن هذا الجواز مقيد بشرط، وهو أن ينوي المسبوق الأول الإمامة بالمسبوق الثاني، وذلك حتى يتحقق الائتمام، والله تعالى أعلم.

الصلاة في مسجد قبلته إلى قبر

الصلاة في مسجد قبلته إلى قبر المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/9/1424هـ السؤال هل تجوز الصلاة في مسجد أمامه قبر باتجاه القبلة على بعد متر واحد من حائط المسجد؟ علماً بأنه في الجانب الأيسر ونصف الضريح يأتي في جهة القبلة، وفي حالة عدم جواز الصلاة فماذا عن الصلاة السابقة؟ حيث إني أصلي فيه منذ عشر سنوات، مع العلم أن الضريح قبل المسجد، ويقال إن المسجد تم بناؤه بعد الضريح، من أجل الضريح. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أنه لا يجوز بناء المساجد على القبور، وإذا تم بناء مسجد على قبر أو قبور وجب هدمه ولا تجوز الصلاة فيه، هذا إذا تم بناؤه بعد القبر، أما إذا كان بناء المسجد أولاً فينبش القبر وينقل إلى المقابر، فالأول من المساجد أو القبور هو الأحق بالمكان. أما صلاة من صلى في هذا المسجد مدة من الزمن، وهو جاهل بالحكم ولم يقصد الصلاة من أجل الضريح فأرى والعلم عند الله صحة صلاته، وعليه في المستقبل أن يتجنب الصلاة في مساجد فيها قبور. هذا وبخصوص المسجد الذي ذكره السائل من أن القبر أمام المسجد باتجاه الجانب الأيسر، وأن نصفه خارج قبلة المسجد، وبينه وبين المسجد مقدار متر؛ أي أنه خارج المسجد، أقول لو أن المسجد المذكور اقتطع منه من الجهة اليسرى التي أمامها جزء من القبر، وعزل القبر وصار خارجاً عن المسجد من أي جهة من جهاته وبينه وبين المسجد طريق لزال المحذور في نظري، وصحت الصلاة في هذا المسجد هذه وجهة نظر، والله أعلم.

الأمر بقتل الحيات

الأمر بقتل الحيات المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/3/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: كيف يمكن الجمع بين حديث (اقتلوا الأسودين في الصلاة..الحديث) ، والأمر بالتحريج على الحية؟ ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين. الجواب ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر بقتل الحيات في أحاديث كثيرة، منها ما يأتي: (1) ما رواه مسلم (1198) وغيره عن عائشة - رضي الله عنها- عن النبي عليه -الصلاة والسلام- أنه قال: " خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحديا ". (2) ما رواه مسلم (1200) وغيره أن رجلاً سأل ابن عمر: - رضي الله عنهما- ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم؟ قال: حدثتني إحدى نسوة النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور، والفأرة، والعقرب، والحُدَيَّا، والغراب، والحية، قال: وفي الصلاة أيضاً. (3) ما رواه أبو داود (921) ، والترمذي (390) ، والنسائي (1203) ، وابن ماجة (1245) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- " أمر بقتل الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب "، إلى غير ذلك من الأحاديث التي تدل على مشروعية قتل الحيات مطلقاً، من غير ذكر للتحريج، وفي مقابل هذه الأحاديث التي تأمر بقتل الحيات من غير ذكر للتحريج وردت بعض الأحاديث التي تنهى عن قتل الحيات، ومنها: (1) ما أخرجه البخاري -رحمه الله- برقم (3310-3311) عن ابن أبي مليكة: أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يقتل الحيات، ثم نهى، قال: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- هدم حائطاً له، فوجد فيه سلخ حيةٍ، فقال: "انظروا أين هو؟ " فنظروا، فقال: "اقتلوه"، فكنت أقتلها لذلك، فلقيت أبا لبابة، فأخبرني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" لا تقتلوا الجِنَّانَ إلا كل أبتر ذي طُفْيَتينِ، فإنه يسقط الولد، ويذهب البصر، فاقتلوه"، والأبتر: قصير الذنب من الحيات، وقال بعض العلماء هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها، وذو الطفيتين: بضم الطاء وإسكان الفاء: الحية التي على ظهرها خطان أبيضان..

(2) ما أخرجه البخاري (3312-3313) عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما- أنه كان يقتل الحيات فحدثه أبو لبابة" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل جِنَّان البيوت، فأمسك عنها " وجنَّان البيوت: الحيات التي تعيش في البيوت، كما قد وردت بعض الأحاديث التي تأمر بقتل الحيات بعد التحريج عليها، ومن ذلك ما رواه مسلم (2236) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لهذه البيوت عَوَامِر، فإذا رأيتم شيئاً منها فحرِّجوا عليها ثلاثاً، فإن ذهب، وإلا فاقتلوه"، وقوله: "فحرِّجوا عليها": أي قولوا لها: أنت في حرج وضيق إن عدت إلينا، فلا تلومينا إن ضيقنا عليك بالتتبع والطرد والقتل، ويقول ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أنشدكن العهد الذي أَخَذَ عليكن نوحٌُ أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن سليمان أن لا تؤذونا، فإن عُدْن فاقتلوهن" رواه أبو داود (5260) ، والترمذي (1485) من حديث أبي ليلى - رضي الله عنه- بإسناد قال عنه الألباني: ضعيف، ومعنى قوله: "ثلاثاً": يحتمل أن يقول لها ذلك ثلاث مرات أو يمهلها ثلاثة أيام، وإذا نظرنا إلى ما سبق من الأحاديث بمفرداتها، يتبين أنها دلت على أحكام ثلاثة: الأول: مشروعية قتل الحيات مطلقاً. الثاني: النهي عن قتل حيات البيوت. الثالث: مشروعية قتل حيات البيوت بعد التحريج عليه ثلاثاً. ولذلك فإن العلماء اختلفوا في حكم قتل الحيات بناءً على هذه الأحاديث المذكورة ونحوها، وليس المجال مناسباً لذكر أقوالهم واجتهاداتهم في المسألة، ولكن نذكر ما يرجحه المحققون من أهل العلم، وهو كالتالي: أنه يجوز قتل الحيات التي لا تكون في البيوت كالتي في البراري ونحوها - مطلقاً - من غير تحريج ولا إنذار؛ لعموم الأحاديث الدالة على مشروعية قتلها مطلقاً كما سبق ذكره، أما الحيات التي تكون في البيوت وهي المسماة بجنَّان البيوت أو عوامر البيوت فلا يجوز قتلها إلا بعد التحريج عليها ثلاثاً كما سبق في صفة التحريج، إلا الأبتر ذا الطفيتين فإنه يقتل على كل حال سواءً أكان في البيوت أم في غيرها. والله أعلم، -وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين -.

صلاة الأطفال خلف الإمام

صلاة الأطفال خلف الإمام المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/5/1424هـ السؤال السلام عليكم. أنا إمام لأحد المساجد الكبيرة، ويحضر إلى هذا المسجد الكثير من الأطفال ما بين الثامنة إلى الثانية عشرة، ويحرص هؤلاء الأطفال على الجلوس والصلاة خلف الإمام، ويبكرون في الحضور إلى المسجد للمسابقة على الصف الأول، وقد اشتكى الكثير من الآباء وكبار السن من وجود هؤلاء الصبية خلف الإمام في الصلاة، ويحتجون بالحديث المعروف: "ليلني أولو الأحلام والنهى " ويطالبون بإرجاعهم إلى الصف الثاني وتقديم الكبار عليهم، فأردت استفتاءكم في ذلك، هل آمرهم بالتأخر عن الصف الأول؟ مع ذلك الحرص منهم، مما يجعلني أخشى أن يتركوا الصلاة، أو يبغضوا أولئك الرجال الذين يأمرونهم بالتأخر، أو يشجعهم ذلك على التأخر وعدم التعلق بالمسجد، أرجو منكم الإجابة عن سؤالي هذا عاجلاً؛ لأن الجميع ينتظرون فتوى شافية في ذلك، وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا سبق الطفل المميز إلى مكان في المسجد في الصف الأول، أو خلف الإمام فهو أحق بهذا المكان من غيره، فلا يصح بحال إبعاده عنه لعموم حديث: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له" رواه الطبراني في المعجم الكبير (1/280) من حديث أسمر بن مضرس -رضي الله عنه- وأما من يحتج على إبعاد الصغار بحديث: "ليلني منكم أولو الأحلام والنهى" رواه مسلم (432) من حديث أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه-فليس في هذا الحديث حجة كما يظن، لأن الحديث يتضمن الحث على مسارعة أولي الأحلام والنهى على المبادرة إلى بيوت الله عند سماع النداء والتبكير إلى الصلاة، لا أن نحفظ لهم الأماكن حتى يصلوا، ولو كان الأمر كما قال السائل لقال النبي - صلى الله عليه وسلم- لا يليني منكم إلا أولو الأحلام والنهى، لأن هذا يفيد اختصاص هذا المكان وحصره بأولي الأحلام والنهى، وهذا غير ما في تأخير الأطفال عن هذه الأماكن من كسر نفوسهم، وعدم تشجيعهم، ووقوع العبث منهم باجتماعهم سواء في صف واحد، والله تعالى أعلم.

فتح البيت للتعزية

فتح البيت للتعزية المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/5/1424هـ السؤال السلام عليكم. هل يجوز فتح بيت (مٌعَرَّشْ) لتعزية أهل الميت؟ وهل له أصل من السنة أم لا؟ والسلام عليكم. الجواب سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ ما رأي سماحتكم فيمن يجلس بالمنزل لاستقبال المعزين؟ مع العلم أن كثيراً من المعزين لا يتمكنون من القيام بالعزاء إلا في المنزل. جـ/ لا أعلم بأساً في حق من نزلت به مصيبة بموت قريبه، أو زوجته، ونحو ذلك أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب؛ لأن التعزية سنة، واستقبال المعزين مما يعينهم على أداء السنة، وإذا أكرمهم بالقهوة، أو الشاي، أو الطيب، فكل ذلك حسن. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله - (13/373) ] .

أحرم بالحج ولم يستطع إكماله

أحرم بالحج ولم يستطع إكماله المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/11/1423هـ السؤال ما حكم من أحرم من الميقات للحج أو العمرة ثم حبسه حابس عن الطواف والسعي؟ الجواب الذي أحرم بالحج أو العمرة ثم حبسه حابس عن الطواف والسعي يبقى على إحرامه إذا كان يرجو زوال هذا الحابس قريباً، كأن يكون المانع سيلاً، أو عدواً يمكن التفاوض معه في الدخول وأداء الطواف والسعي، ولا يعجل في التحليل، كما حدث للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (حيث مكثوا مدة) يوم الحديبية للمفاوضة مع أهل مكة لعلهم يسمحون لهم بالدخول لأداء العمرة بدون قتال، فلما لم يتيسر ذلك وصمموا على المنع إلا بالحرب، وتم الصلح بينه وبينهم على أن يرجع للمدينة ويعتمر في العام القادم، نحر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هديهم وحلقوا وتحللوا، وهذا هو المشروع للمحصر، يتمهل، فإن تيسر فك الحصار استمر على إحرامه وأدى مناسكه، وإن لم يتيسر ذلك وشق عليه المقام تحلل من هذه العمرة أو الحج إن كان حاجاً، ولا شيء عليه سوى التحلل بإهراق دم يجزئ في الأضحية، ثم الحلق أو التقصير كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يوم الحديبية، وبذلك يتحلل، كما قال جل وعلا: "فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله" [البقرة: 196] ، فالحق يكون بعد الذبح ويقوم مقامه التقصير، فينحر أولاً، ثم يحلق أو يقصر، ثم يتحلل ويعود إلى بلاده، فمن لم يجد هدياً صام عشرة أيام ثم يحلق أو يقصر ثم يحل. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى (18/8 -9) ] .

دفن المسلم في مقابر النصارى

دفن المسلم في مقابر النصارى المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/3/1424هـ السؤال سؤالي هو أني أعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد توفي ابن أخي بالأمس، ويبلغ من العمر ستة أشهر، ويوجد في الولاية التي أعيش فيها مقبرة للمسلمين، وهي عبارة عن جزء من مقبرة للنصارى تبعد عنا مسافة الساعة والنصف، ولكننا لم نتمكن من الاتصال بالإخوة المسئولين عن هذه المقبرة، رغم محاولاتنا وحدوث بعض المشاكل التي حالت بيننا وبين الذهاب هناك، فقمنا بدفنه في مقبرة للنصارى في نفس المدينة التي نعيش بها، وهي مقبرة ملك للدولة، لكن القبر تم شراؤه؛ لكي لا يتم إزاحة رفات ابن أخي في المستقبل، وبهذا ضمنا أن قبره لن يمس إن شاء الله، وتم دفنه على ما سن به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسؤالي بارك الله فيكم هل يجوز لنا فعل ذلك أي قبره في مقبرة للنصارى؟ مع العلم أن هناك عدداً من المسلمين ممن دفنوا في نفس المقبرة، وإذا كان غير جائز هل نستطيع نقله في المستقبل إلى المقبرة الإسلامية؟ مع العلم أنها عبارة عن جزء من مقبرة للنصارى أيضاًً. بارك الله فيكم أفيدونا وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الأصل أن يقبر المسلم في مقبرة للمسلمين ولا يقبر الكفار مع المسلمين، وبما أنكم حاولتم دفن ميتكم في مقبرة المسلمين ولم تستطيعوا، فلا حرج عليكم -إن شاء الله- في دفن الميت في مقبرة النصارى؛ لأن الله -تعالى- لا يكلف نفساً إلا وسعها، هذا فيما يخصكم، أما ما يخص الميت فقد انتقل إلى دار البرزخ، التي هي مقدمة الحياة الآخرة وليس للميت إلا ما عمل، فلا ينتفع الميت الكافر أو العاصي بجواره للميت التقي وكذلك العكس، وميتكم صغير لم يبلغ الحلم فهو ملحق بأبويه يشفع لهما يوم القيامة عند الله بدليل قوله -تعالى-:" والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء"، ولا يجوز نقل الميت من قبره إلى مكان آخر، إلا إذا خيف عليه، كأن يلحق بقبره ضرر حسي أو أذى ظاهر مثل أن تصل إليه المجاري النجسة، أو يكون طريقاً للناس في ذهابهم وإيابهم ونحوه، وأما غير هذا فلا يجوز، والمقبرة للنصارى إذا حجز جزء منها لا يدفن فيه إلا المسلمون، فالدفن في هذا الجزء جائز؛ لأنه أصبح مقبرة خاصة للمسلمين، ولو لم يتم تسويرها، وإذا لم يخصص للمسلمين جزء من هذه المقبرة فسبقت الإجابة عنه، والله أعلم.

زكاة الزروع

زكاة الزروع المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/6/1424هـ السؤال السلام عليكم. باب الزكاة، لقد فهمت بأن إخراج الزكاة في الأشياء المحصودة هو الخمس فيما سقت العيون الأرضية، بينما العشر فيما سقت السماء، أرجو منكم استفساراً أكثر في هذه المسألة، بالاعتبار أن حقولنا في بلدنا تنتج فيها أكثر المزرعة التي سقت من العيون الأرضية، مما تنتج المزرعة التي سقت السماء، جزاكم الله خيراً. الجواب لا، هذا ليس بصحيح، الصحيح أن الزرع الذي تكلف عليه صاحبه في جلب الماء إليه، واستخراجه من الآبار، أو من غيرها بواسطة الآلات من النواضح سواء كانت حيوانات، أو غيرها، من الآلات، فهذا زكاته نصف العشر، وما سقي من مياه العيون، والأمطار، ولم يتكلف صاحبه جلب الماء إليه فهذا الواجب فيه زكاة هو العشر.

انقطاع الصف في الصلاة

انقطاع الصف في الصلاة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/6/1424هـ السؤال ما حكم الصلاة بدون إكمال الصف، حيث إن الصف مقطوع؟ الجواب الصلاة صحيحة، والأفضل إكمال الصف الأول فالأول، والتراص في الصفوف.

النياحة على الشهداء

النياحة على الشهداء المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. النياحة فعل منهي عنه في ديننا الحنيف، وكذلك لطم الخدود وشق الجيوب، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-:"ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب"، ولكنه قال أيضاً الرسول لأم الصحابي الجليل سعد بن معاذ -رضي الله عنه- عندما رآها تنوح على وفاة ابنها سعد (كل نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ) . السؤال هو: بعد رؤيتي لأمهات الفلسطينيين الشهداء الأجلاء وهم ينوحون ويلطمون الخدود انتابتني حيرة من أمري، هل هناك استثناءات في النياحة؟ مثلما استثنى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أم سعد بن معاذ -رضي الله عنهم-؟ وهل تنطبق على الفلسطينيين؟ ولكم جزيل الشكر على ما تقدموه خدمةً لصرح هذا الدين الحنيف. والسلام عليكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد.. أولاً: النياحة هي: رفع الصوت بالندب على الميت، أو شق الثياب، أو لطم الخدود، أو حلق الشعر لذلك. ثانياً: النياحة محرمة بالنصوص الشرعية الثابتة، العامة للرجال والنساء، ومن ذلك: ما جاء في الصحيحين، البخاري (1294) ، ومسلم (103) عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية"، وفي الصحيحين البخاري (1296) ، ومسلم (104) عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه بريء من الصالقة، والحالقة، والشاقة، والصالقة هي: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة هي: التي تحلق شعرها لذلك، والشاقة هي: التي تشق ثوبها لذلك أيضاً، وأخرج مسلم في صحيحه (67) عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت" وقال -عليه الصلاة والسلام- "النائحة:" إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جراب" مسلم (934) ، بل إنه ثبت في الصحيحين البخاري (1288) ، ومسلم (927) "أن الميت ليعذّب، يعني يتأذى، حين ينوح عليه"، وعلى هذا فالنياحة من كبائر الذنوب، وهي محرمة عند جمهور أهل العلم، بل حكاه النووي إجماعاً، كما في شرح صحيح مسلم (6/236) فأما الحديث المشار إليه في السؤال كل نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ وهو في طبقات بن سعد الكبرى (3/428) بإسناده، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (1/287) لكن بلفظ (كل باكية تكذب إلا أم سعد وذكر المحقق في هامش السير إسناد ابن سعد، ثم قال: وإسناده حسن. أ. هـ. وكذا صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3/148) . هذا الحديث - على القول بصحته قد أجاب عنه أهل العلم: بأنه خاص بأم سعد؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم- له أن يخص بعض أصحابه بما شاء، كما خص شهادة خزيمة بشهادة رجلين، وكما في ترخيصه في إرضاع سالم وهو كبير وهكذا، هذا ما أجاب به المناوي في فيض القدير (5/35) وغيره، ومما ينبغي الإشارة إليه: أن الشارع حرم النياحة لحكم كثيرة، منها أن النائحة تأمر، بلسان حالها، بالجزع وقد نهى الله عنه، وتنهى عن الصبر وقد أمر الله به، وتفتن الحي وتؤذي الميت، وتزيد من حزن القريب، ومن فرح العدو..إلخ..

ولذا فقد رخص الشارع في حزن القلب، ودمع العين، وفي البكاء الذي تمليه الطبيعة الإنسانية، فما لا يمكن دفعه ولا يقوى المصاب على دفعه، بشرط أن لا يبلغ الحدّ المنهي عنه. وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذّب بهذا، وأشار إلى لسانه، أو يرحم" البخاري (1304) ، ومسلم (924) ، بل إنه - صلى الله عليه وسلم- بكى حين رفع إليه صبي، ونفسه تقعقع، أي تضطرب عند الاحتضار، وفاضت عيناه، فقيل له: ما هذا يا رسول الله؟ فقال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) متفق عليه البخاري (1284) ، ومسلم (923) . وبناء على ما تقدم، فإن أخواتنا المجاهدات في فلسطين كغيرهن من المسلمات في هذا الحكم، بل إن أولادهن الذين يقتلون من أجل الجهاد في سبيل الله يعتبرون شهداء، وهؤلاء أحق بالفرح منهم بالحزن، ولذا أصبحنا، ولله الحمد نسمع عن بعض الأمهات هناك ينهين عن تعزيتهن بأولادهن، ورأينا منهن من مشاهد الصبر والاعتزاز ما تتطاول القامات زهواً به، وهؤلاء المسلمات الفاضلات يذكرننا بأخت (عبد الله بن عمرو بن حرام) لما بكت على أخيها حين قتل يوم أحد، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "م تبكي - أو لاتبكي- فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع" رواه البخاري (1244) ، ومسلم (2471) ، وهذا لفظ البخاري، وحسب أم الشهيد- الذي مات في سبيل الله- قول الله عز وجل "وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" (آل عمران: من الآية170) . والله تعالى أعلم.

مرت بالميقات وهي حائض

مرّت بالميقات وهي حائض المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/12/1423هـ السؤال كنت ذاهبة للعمرة ومررت بالميقات وأنا حائض فلم أحرم وبقيت في مكة، حتى طهرت فأحرمت من مكة فهل هذا جائز أم ماذا أفعل وما الذي يجب عليّ؟ الجواب هذا العمل ليس بجائز والمرأة التي تريد العمرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات إلا بإحرام حتى لو كانت حائضاً فإنها تحرم وهي حائض وينعقد إحرامها ويصح. والدليل على ذلك أن أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر - رضي الله عنه- ولدت والنبي - صلى الله عليه وسلم - نازل في ذي الحليفة يريد حجة الوداع فأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- كيف أصنع؟ قال: (اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي) ودم الحيض كدم النفاس، فنقول للمرأة الحائض إذا مرت بالميقات وهي تريد العمرة أو الحج نقول لها اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي، والاستثفار معناه: أنها تشد على فرجها خرقة وتربطها ثم تحرم سواء بالحج أو بالعمرة ولكنها إذا أحرمت ووصلت إلى مكة لا تأتي إلى البيت ولا تطوف به حتى تطهر ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لعائشة حين حاضت في أثناء العمرة، قال لها: (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي في البيت حتى تطهري) ، هذه رواية البخاري ومسلم وفي صحيح البخاري أيضاً ذكرت عائشة (أنها لما طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة) فدل هذا على أن المرأة إذا أحرمت بالحج أو العمرة وهي حائض أو أتاها الحيض قبل الطواف فإنها لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر وتغتسل، أما لو طافت وهي طاهر وبعد أن انتهت من الطواف جاءها الحيض فإنها تستمر وتسعى ولو كان عليها الحيض وتقص من رأسها وتنهي عمرتها لأن السعي بين الصفا والمروة لا يشترط له الطهارة. [كتاب الدعوة فضيلة الشيخ ابن العثيمين (3/77- 78) ]

هم بالزنى ولم يفعل فهل يأثم؟

هَمَّ بالزنى ولم يفعل فهل يأثم؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/02/1427هـ السؤال هممت بفتاة، ونويت أن أزني بها، لكن حدث مانع ولم أزن بها، فهل أنا آثم؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإذا كان المانع من عنده، بحيث إنه خاف الله، وترك هذا الفعل خوفاً من الله فهو على أجر وثواب، ويرجى أن يكون ممن وعدوا بأن يكونوا من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فإن أحدهم: "رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله". صحيح البخاري (1423) ، وصحيح مسلم (1031) . وأما إذا كان المانع أنه لم يحصل له وهو ما يزال راغباً في تحصيله، لكن منع من ذلك لموانع أخرى ليست من عنده، فإن هذا يأثم على نيته، وإثمه ليس كإثم من وقع منه الزنى، وإنما يأثم على رغبته في فعل هذه الجريمة، ولا يكون عليه من العقاب مثل عقاب من فعل الجريمة، فإن من فعل هذه الجريمة يحد حدّ الزنى، وأما من هَمَّ بها ولم يستطع فعل ما أراد -لعوائق حالت دون ذلك- فإنه يعزر بما يراه الحاكم رادعاً له ولأمثاله. وبالله التوفيق.

الصلاة على الميت بعد دفنه

الصلاة على الميت بعد دفنه المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/8/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. هل يجوز الصلاة على الميت بعد دفنه بفترة كالشهر أو الشهرين أو أكثر؟ وهل يجوز الصلاة عليه مرتين؟ الجواب بالنسبة للصلاة على الميت بعد دفنه، يجوز ذلك لمن لم يصل على الميت كمن يكون غائباً إذا قدم وأخبر بموت هذا الميت فيجوز له أن يصلي على القبر، لأنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على ميت بعدما دفن، كما في البخاري (857) ، ومسلم (954) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وقد قيد أهل العلم مدّة الصلاة على القبر إلى شهر، لأن أقصى ما ورد هو الشهر، كما في سنن الترمذي (1038) من حديث سعيد بن المسيب أن أم سعد -رضي الله عنها- ماتت وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - غائباً فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر، فأقصى مدة يصلى على الميت فيها هو شهر، وما زاد على الشهر فإنه لا يصلى عليه، والميت لا يصلى عليه مرة ثانية إذا كان قد صُلِّي عليه.

آداب زيارة المسجد النبوي

آداب زيارة المسجد النبوي المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/11/1423هـ السؤال ما هو حكم زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وما هي آدابها؟ الجواب تسن زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الحج أو بعده؛ لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام"، رواه مسلم، وعن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا" أخرجه أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان، وعن جابر - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه" أخرجه أحمد، وابن ماجة والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. فإذا وصل الزائر إلى المسجد استحب له أن يقدم رجله اليمنى عند دخوله، ويقول: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك" كما يقول ذلك عند دخول سائر المساجد، وليس لدخول مسجده صلى الله عيه وسلم ذكر مخصوص، ثم يصلي ركعتين فيدعو الله فيهما بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، وإن صلاهما في الروضة الشريفة فهو أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة" ثم بعد الصلاة يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبري صاحبيه: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فيقف تجاه قبر النبي صلى الله عليه وسلم بأدب وخفض صوت، ثم يسلم عليه، - عليه الصلاة والسلام - قائلاً "السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته"، لما في سنن أبي دواد بإسناد حسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما من أحد يسلم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي حتى أردّ عليه السلام"، وإن قال الزائر في سلامه: "السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده" فلا بأس بذلك، لأن هذا كله من أوصافه صلى الله عليه وسلم، ويصلى عليه- عليه الصلاة السلام - ويدعو له، لما قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه، عملاً بقوله تعالى:"إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً" ثم يسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ويدعو لهما، ويرتضى عنهما.

وكان ابن عمر رضى الله عنهما إذا سلم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، لا يزيد غالباً على قوله: (السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه) ثم ينصرف. وهذه الزيارة إنما تشرع في حق الرجال خاصة، أما النساء فليس لهن زيارة شيء من القبور، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن زوارات القبور من النساء والمتخذين عليها المساجد والسرج. وأما قصد المدينة للصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والدعاء فيه، ونحو ذلك مما يشرع في سائر المساجد، فهو مشروع في حق الجميع، لما تقدم من الأحاديث في ذلك. ويسن للزائر أن يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يكثر فيه من الذكر والدعاء. وصلاة النافلة، اغتناماً لما في ذلك من الأجر الجزيل. ويستحب أن يكثر من صلاة النافلة في الروضة الشريفة، لما سبق من الحديث الصحيح في فضلها، وهو قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة". أما صلاة الفريضة فينبغي للزائر وغيره أن يتقدم إليها، ويحافظ على الصف الأول مهما استطاع، وإن كان في الزيادة القبلية؛ لما جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – من الحث والترغيب في الصف الأول، مثل قوله – صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" متفق عليه، ومثل قوله – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه: "تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال الرجل يتأخر عن الصلاة حتى يؤخره الله" أخرجه مسلم، وأخرج أبو داود، عن عائشة – رضي الله عنها – بسند حسن، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "لا يزال الرجل يتأخر عن الصف المقدم حتى يؤخره الله في النار"، وثبت عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال لأصحابه: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها!؟ " قالوا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها!؟ قال: "يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف" رواه مسلم. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تعم مسجده – صلى الله عليه وسلم – وغيره قبل الزيادة وبعدها، وقد صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يحث أصحابه على ميامن الصفوف، ومعلوم أن يمين الصف في مسجده الأول خارج الروضة، فعلم بذلك أن العناية بالصفوف الأول وميامن الصفوف مقدمة على العناية بالروضة الشريفة، وأن المحافظة عليهما أولى من المحافظة على الصلاة في الروضة، وهذا بين واضح لمن تأمل الأحاديث الواردة في هذا الباب، والله الموفق. ولا يجوز لأحد أن يتمسح بالحجرة أو يقبلها أو يطوف بها؛ لأن ذلك لم ينقل عن السلف الصالح، بل هو بدعة منكرة. ولا يجوز لأحد أن يسأل الرسول – صلى الله عليه وسلم – قضاء حاجة، أو تفريج كربة، أو شفاء مريض، ونحو ذلك؛ لأن ذلك كله لا يطلب إلا من الله سبحانه، وطلبه من الأموات شرك بالله وعبادة لغيره، ودين الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: ألا يعبد إلا الله وحده. والثاني: ألا يعبد إلا بما شرعه الله والرسول – صلى الله عليه وسلم -. وهذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

وهكذا لا يجوز لأحد أن يطلب من الرسول – صلى الله عليه وسلم – الشفاعة؛ لأنها ملك الله سبحانه، فلا تطلب إلا منه، كما قال تعالى: "قل لله الشفاعة جميعاً". فتقول: "اللهم شفع في نبيك، اللهم شفع في ملائكتك، وعبادك المؤمنين، اللهم شفع في أفراطي"، ونحو ذلك، وأما الأموات فلا يطلب منهم شيء، لا الشفاعة ولا غيرها، سواء كانوا أنبياء أو غير أنبياء؛ لأن ذلك لم يشرع ولأن الميت قد انقطع عمله إلا مما استثناه الشارع. وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". وإنما جاز طلب الشفاعة من النبي – صلى الله عليه وسلم – في حياته ويوم القيامة؛ لقدرته على ذلك، فإنه يستطيع أن يتقدم فيسأل ربه للطالب، أما في الدنيا فمعلوم، وليس ذلك خاصاً به، بل هو عام له ولغيره، فيجوز للمسلم أن يقول لأخيه: اشفع لي إلى ربي في كذا وكذا، بمعنى: أدع الله لي، ويجوز للمقول له ذلك أن يسأل الله ويشفع لأخيه إذا كان ذلك المطلوب مما أباح الله طلبه. وأما يوم القيامة فليس لأحد أن يشفع إلا بعد إذن الله سبحانه، كما قال الله تعالى: "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه". وأما حالة الموت فهي حالة خاصة لا يجوز إلحاقها بحال الإنسان قبل الموت ولا بحاله بعد البعث والنشور، لا نقطاع عمل الميت وارتهانه بكسبه إلا ما استثناه الشارع، وليس طلب الشفاعة من الأموات مما استثناه الشارع، فلا يجوز إلحاقه بذلك، لا شك أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد وفاته حي حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء، ولكنها ليست من جنس حياته قبل الموت، ولا من جنس حياته يوم القيامة، بل حياة لا يعلم حقيقتها وكيفيتها إلا الله سبحانه، ولهذا تقدم في الحديث الشريف قوله عليه الصلاة والسلام: "ما من أحد يسلم علي إلا ردَّ الله علي روحي حتى أرد عليه السلام". فدل ذلك على أنه ميت، وعلى أن روحه قد فارقت جسده، لكنها ترد عليه عند السلام، والنصوص الدالة على موته – صلى الله عليه وسلم – من القرآن والسنة معلومة، وهو أمر متفق عليه بين أهل العلم، ولكن ذلك لا يمنع حياته البرزخية، كما أن موت الشهداء لم يمنع حياتهم البرزخية المذكورة في قوله تعالى: " وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" [آل عمران:169] . وإنما بسطنا الكلام في هذه المسألة، لدعاء الحاجة إليه بسبب كثرة من يشبه في هذا الباب، ويدعو إلى الشرك وعبادة الأموات من دون الله، فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين السلام من كل ما يخالف شرعه، والله أعلم.

وأما ما يفعله بعض الزوار من رفع الصوت عند قبره – صلى الله عليه وسلم -، وطول القيام هناك فهو خلاف مشروع؛ لأن الله سبحانه نهى الأمة عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي – صلى الله عليه وسلم -، وعن الجهر له بالقول كجهر بعضهم لبعض، وحثهم على غض الصوت عنده في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ" [الحجرات:2-3] . ولأن طول القيام عند قبره – صلى الله عليه وسلم -، والإكثار من تكرار السلام يفضي إلى الزحام وكثرة الضجيج وارتفاع الأصوات عند قبره – صلى الله عليه وسلم -، وذلك يخالف ما شرعه الله للمسلمين في هذه الآيات المحكمات، وهو - صلى الله عليه وسلم – محترم حياً وميتاً، فلا ينبغي للمؤمن أن يفعل عند قبره ما يخالف الأدب الشرعي. وهكذا ما يفعله بعض الزوار وغيرهم من تحري الدعاء عند قبره مستقبلاً للقبر رافعاً يديه يدعو، فهذا كله خلاف ما عليه السلف الصالح من أصحاب رسول الله وأتباعهم بإحسان، بل هو من البدع المحدثات، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" أخرجه أبو داود، والنسائي بإسناد حسن، وقال – صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أخرجه البخاري، ومسلم، وفي رواية لمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". ورأى علي بن الحسين زين العابدين – رضي الله عنهما – رجلاً يدعو عند قبر النبي – صلى الله عليه وسلم -، فنهاه عن ذلك، وقال: ألا أحدثك حديثاً سمعته من أبي، عن جدي، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "لا تتخذوا قبري عيداً، ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم"، أخرجه الحافظ محمد بن عبد الواحد المقدسي في كتابه: (الأحاديث المختارة) . وهكذا ما يفعله بعض الزوار عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم – من وضع يمينه على شماله فوق صدره أو تحته كهيئة المصلي فهذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه – صلى الله عليه وسلم، ولا عند السلام على غيره من الملوك والزعماء وغيرهم، لأنها هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح إلا لله، كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن العلماء، والأمر في ذلك جلي واضح لمن تأمل المقام وكان هدفه اتباع هدي السلف الصالح. وأما من غلب عليه التعصب والهوى والتقليد الأعمى وسوء الظن بالدعاة إلا هدي السلف الصالح فأمره إلى الله، ونسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق لإيثار الحق على ما سواه إنه سبحانه خير مسئول.

وكذا ما يفعله بعض الناس من استقبال القبر الشريف من بعيد وتحريك شفتيه بالسلام أو الدعاء فكل هذا من جنس ما قبله من المحدثات، ولا ينبغي للمسلم أن يحدث في دينه ما لم يأذن به الله، وهو بهذا العمل أقرب إلى الجفاء منه إلى الموالاة والصفاء، وقد أنكر الإمام مالك رحمه الله هذا العمل وأشباهه، وقال: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها". ومعلوم أن الذي أصلح أول هذه الأمة هو السير على منهاج النبي - صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين وصحابته المرضيين وأتباعهم بإحسان، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا تمسكهم بذلك، وسيرهم عليه. وفق الله المسلمين لما فيه نجاتهم وسعادتهم وعزهم في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله - (16/99-111) ] .

دفنت ولم يصل عليها، فما العمل

دفنت ولم يُصلَّ عليها، فما العمل المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/8/1424هـ السؤال توفيت ابنة صديق لها من العمر شهران ودفنها ولم يصلِّ عليها، ماذا يفعل؟ الجواب لا يجوز له ذلك بل يحرم عليه دفنها بدون أن يصلي عليها؛ لأن تجهيز الميت والصلاة عليه صغيراً كان أو كبيراً من فروض الكفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وإلا أثم كل من علم بذلك ولم يقم به، وإذا كان الوقت قريباً فعليه نبشها والقيام بما يجب من تغسيل وتكفين والصلاة عليها ودفنها في مقابر المسلمين، وإذا كان قد مضى وقت طويل وقد دفنها في المقبرة أو في فلاة من الأرض فعليه الصلاة عليها في قبرها مع عدد من المسلمين.

الصلاة في مدرسة بها مقبرة

الصلاة في مدرسة بها مقبرة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 5/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا مدرس في مدرسة إسلامية وكنت أصلي بها دائماً ثم جاءني صديقي وأخبرني أن الصلاة لا تجوز في هذه المدرسة لأنه قال لي إن في ساحة المدرسة توجد مقبرة وهي صحيح مقبرة مع أني أدرس في الدور الثاني منها، والمكان الذي نصلي فيه والقبر يكون خلفنا حين نصلي هل تجوز لنا الصلاة فيه أو لا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: هو أنني أرى أن ما ذكره زميلك من عدم جواز الصلاة في المدرسة التي فيها قبور هو الصواب ولو كانت القبور خلفكم ما لم يكن هناك طريق متصل من جهتي المدرسة إلى الشارع يفصل بين مبنى المدرسة وساحتها بحيث تكون الساحة التي فيها القبور منفصلة تماماً عن المبنى، وقد روى مسلم (529) في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وفي رواية أنه قال:"وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك". هذا وعلى السائل أن يرجع إلى صحيح مسلم بشرح النووي حيث ترجم النووي -رحمه الله- بهذه الترجمة (باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد) ، والله أعلم.

(التثويب) في الأذان الأول أم الثاني

(التثويب) في الأذان الأول أم الثاني المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/2/1424هـ السؤال السلام عليكم. يؤلمني ما يجري من النزاع والمجادلة في بعض المجتمعات بالنسبة لقول "الصلاة خير من النوم" في أذان الفجر، بعضنا يرى أن موضعها الأذان الأول، وبعضهم يرى أن موضعها في النداء الثاني، سبب هذا النزاع ضرراً بيننا حتى أصبح لا يصلي بعضنا خلف بعض، ما هو حقيقة موضع هذا القول في نداء صلاة الفجر؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: المسائل الاجتهادية التي يقوم كل قول منها على دليل لا يجوز أن تكون مصدر خلاف ونزاع بين الإخوة وبين المسلمين فإن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- كانوا يختلفون ومع ذلك كانت قلوبهم كقلب رجل واحد يختلفون بمثل هذه الأمور الاجتهادية ولكل منهم دليل، ومع ذلك فإنه يصلي بعضهم خلف بعض ويحب بعضهم بعضاً ويوالي بعضهم بعضاً ولا يشنؤه ولا يبغضه، ومثل هذا لا يكون سبباً في التفرقة بينهم -رضي الله تعالى عنهم- وأنصح الإخوة أن يقتدوا بالسلف وأن يعذر بعضهم بعضاً في مثل هذه المسائل التي يجتهد فيها العلماء ويكون لكل منهم دليل قائم، فما دام أنه يتعبد الله -عز وجل- بالدليل وليس بالهوى ولا بالعصبية فعليك أن تعذره وأن تحسن الظن به وأن ترجع أنت وإياه إلى الكتاب والسنة كما قال الله -عز وجل-:"فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" [النساء: 59] ، وعلينا أن نقرأ في فقه الخلاف وأن نسترشد به وأن ننظر إلى خلاف السلف -رحمهم الله-، وأما بالنسبة لهذه المسألة الفرعية فالصواب من أقوال أهل العلم -رحمهم الله- أن موضع التثويب بقول: الصلاة خير من النوم، إنما هو في الأذان الثاني وهذا هو الذي يدل له الأثر والنظر، أما الأثر فحديث أنس -رضي الله تعالى عنه- انظر القرطبي (6/228) ، وصحيح ابن خزيمة (1/202) ، الحديث رقم (386) ، والأحاديث المختارة (7/160) ، وكذلك حديث نعيم بن النحاس -رضي الله تعالى عنه- وأما النظر فإن قول: الصلاة خير من النوم إنما يتوجه إذا كان في النداء الثاني دون الأول، لأن النداء الثاني إنما يكون عند طلوع الفجر ودخول وقت صلاة الفجر، فكان من المناسب أن يرغب في أداء هذا الفرض وأن يقوم الإنسان ويؤدي ما أوجب الله عليه، وأما ما ورد فيما يستدل به من قال إنها في النداء الأول بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إذا أذنت الأول فقل الصلاة خير من النوم ... "إلى آخر الحديث انظر: النسائي (633) ، وأصله في مسلم (379) ، فالجواب عن هذا بأن يقال: إن المراد بقوله: إذا أذنت الأول أن المراد هو الأذان الثاني، وإنما سمى هذا الأذان الثاني الذي عند طلوع الفجر سماه أولاً بالنظر إلى الإقامة، فإن الإقامة تسمى أذاناً كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الله بن المغفل:"بين كل أذانين صلاة" البخاري (624) ، ومسلم (838) ، والله أعلم.

القصائد البوصيرية والبغدادية

القصائد البوصيرية والبغدادية المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/1/1424هـ السؤال ما حكم القصائد البوصيرية لحسن البوصيري والقصائد البغدادية في مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ والسلام عليكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فالمعروف والمشهور من هذه القصائد هي قصيدة البردة للبوصيري التي تقرأ عادة في الموالد، وهذه القصيدة تحتوي على أبيات فيها غلو بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأبيات شركية، ومنها: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم ومنها: إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم ونحوها من الأبيات الشركية التي لا يجوز قراءتها فضلاً عن التقرب إلى الله بها، إلا من أراد أن يتقرب إلى الله تعالى ببيان بطلانها وما فيها من شرك وضلال. نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

صوم يوم الشك

صوم يوم الشك المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/8/1425هـ السؤال مازال الناس يختلفون في أمر صوم رمضان؛ فبعضهم يصوم لرؤية الهلال ويفطر لرؤيته؛ أخذاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له" وبعضهم يصوم قبل رؤيته، ويوافق صومهم يوم طلوع هلال رمضان، والحال أن ذلك خلاف ظاهر الحديث وقد أشكل علينا الأمر، فأفتونا مأجورين. الجواب من صام يوم الثلاثين من شعبان دون ثبوت الرؤية الشرعية ووافق صومه ذلك اليوم أول دخول رمضان فلا يجزئه؛ لكونه لم يبن صومه على أساس شرعي، ولأنه يوم الشك، وقد دلت السنة الصحيحة على تحريم صومه، وعليه قضاؤه، قال ابن قدامة رحمه الله في ذلك: وعن أحمد رواية ثالثة: لا يجب ولا يجزئه عن رمضان إن صامه، وهو قول أكثر أهل العلم؛ منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي ومن تبعهم؛ لما روى أبو هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" رواه البخاري، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين" رواه مسلم، وقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم يوم الشك متفق عليه، وهذا يوم شك؛ ولأن الأصل بقاء شعبان فلا ينتقل عنه بالشك (انتهى) المغني. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10/117-118]

الاحتجاج بالقرآن فقط

الاحتجاج بالقرآن فقط المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/9/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد آية من القرآن الكريم توضح تحريم زواج المرأة المسلمة من أهل الكتاب، غير الآية الموجودة عن تحريم الزواج من المشرك في سورة البقرة، ولا أريد حديثاً شريفاً عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأن صديقتي لا تصدق سوى القرآن، وشكراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده وبعد: فقد ذكرت الأخت السائلة أن صديقتها لا تصدق سوى القرآن ولا تريد حديثاً من السنة، لذا كان لزاماً بيان منزلة السنة ووجوب التأدب مع سنته - صلى الله عليه وسلم - والعمل بها:

فأقول مستعيناً بالله تعالى إن الآيات الدالة على وجوب اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - وطاعته والتحذير من مخالفته كثيرة؛ منها: قول الله تعالى: "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ" [المائدة:92] ، وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ" [النساء:59] وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ"الآية، [لأنفال: 24] ، وقوله تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" الآية، [الحشر:7] وقوله تعالى: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" الآية، [النور:63] ، قال ابن كثير: أي عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأفعاله فما وافقها قبل وما خالفها فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان، وقال عند تفسير [أن تصيبهم فتنة] أي في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة، تفسير ابن كثير (5/130) وقوله تعالى: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [النساء:65] ، وقوله تعالى: "وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً" الآية، [النساء: 113] والحكمة: السنة. وقوله تعالى: "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ" [آل عمران:164] ، والحكمة السنة، وقوله تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [آل عمران:31] ، قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: هذه الآية حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية بأنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشريعة المحمدية والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله. ا. هـ. من تفسير ابن كثير (2/29) ، وقوله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" [الأحزاب:21] قال الترمذي: الأسوة الحسنة في الرسول - صلى الله عليه وسلم - الاقتداء به، والاتباع لسنته، وترك مخالفته في قوله أو فعله، وقال تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ" الآية، [النساء:80] . ومن السنة:

قوله - صلى الله عليه وسلم-: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله) رواه أبو داود (4604) وإسناده صحيح، قال الأوزاعي عن حسان بن عطية - رحمه الله تعالى-: كان جبريل ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل بالقرآن. سنن الدارمي (1/153) . تعذر العمل بالقرآن وحده في جملة من الأحكام: كبيان كيفية الصلاة وعدد ركعاتها وأوقاتها وبيان نصاب الزكاة في قوله تعالى: "وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ"الآية، [البقرة: 43] وبيان ما المراد بالحج والعمرة وشروطهما في قوله تعالى: "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ" الآية، [البقرة: 196] ، وبيان ما هي السرقة الموجبة للقطع وما نصابها وما هو موضع القطع في قوله تعالى: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ"الآية [المائدة: 38] . وأخيراً فإن حجية السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما علم من الدين بالضرورة لتظاهر الأدلة على ذلك وهو مرتبط بأصول العقيدة وهي الترجمة الحقيقية للإيمان برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يقع في ذلك نزاع بين المسلمين ممن يعتد بهم لأن الأمر من المسلمات الأساسية والبديهية، قال الإمام الشافعي: (لم أسمع أحداً نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن فرض الله - عز وجل - اتباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتسليم لحكمه، بأن الله - عز وجل - لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول أحد بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله علينا وعلى من بعدنا ومن قبلنا في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد". قال الحافظ ابن حزم: "لما بينا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرائع نظرنا فوجدنا فيه إيجاب طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووجدناه - عز وجل - يقول فيه واصفاً لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: 3-4] فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى قسمين: القرآن والسنة. فلا يسع مسلماً أن يرجع عند التنازع إلى غير الله والسنة أو يرفض حكمهما، فإن فعل بعد قيام الحجة عليه فهو فاسق، وأما إن كان مستحلاً للخروج عن أمرهما فهو كافر بالإجماع. أ. هـ.

وقال أيوب السختياني: "إذا حدثت الرجل بالسنة فقال: دعنا من هذا، وأنبئنا عن القرآن فاعلم أنه ضال مضل" وقال الإمام الشاطبي: (إن الاقتصار على القرآن رأي أقوام لا خلاق لهم خارجون من السنة ... ) ، وقال الإمام السيوطي (إن من أنكر كون حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر، وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو من شاء من فرق الكفرة"، وقال الإمام الشوكاني: (إن ثبوت حجة السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف في ذلك إلا من لاحظ له في دين الإسلام) . وبعد بيان ذلك هل يسوغ لمسلم أن يقول أنا لا أريد حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لذا على الأخت السائلة أن تبلغ صاحبتها بذلك، فإن قبلت فالحمد لله وإن لم تقبل فلتهجرها، لأنه لا خير في صحبة من رد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ" الآية [الأحزاب: 36] والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

مشي النساء خلف الجنازة

مشي النساء خلف الجنازة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/1/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما حكم سير النساء خلف الجنازة؟ وهل الحديث الذي ذكر فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال إن المرأة التي تتبع الجنازة لا تشم رائحة الجنة" صحيح؟ وهل تجب كفارة أو توبة على المرأة التي سارت خلف الجنازة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب عن السؤال الأول وهو حكم سير النساء خلف الجنازة أنه محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من كرهه مستدلين بما جاء في الصحيحين البخاري (5341) ، ومسلم (938) ، عن أم عطية قالت: لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة جمع نساء الأنصار في بيت، وفيه "ونهانا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا" قالوا: فقوله -صلى الله عليه وسلم- "ولم يعزم علينا" يدل على أن النهي للتنزيه لا للتحريم، ومن العلماء من حرم ذلك وهو الراجح في نظري مستدلين بما رواه ابن ماجة (1578) ، والبيهقي (4/77) ، عن علي -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا نسوة جلوس، فقال: ما يجلسكن؟ قلن: ننتظر الجنازة ... الحديث: وفيه قوله -صلى الله عليه وسلم-:"فارجعن مأزورات غير مأجورات" قال بعض أهل العلم: فهذا الحديث دليل على أن نهي النساء عن اتباع الجنائز في حديث أم عطية (المتقدم) نهي تحريم لا نهي تنزيه، هذا وقد رأى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- نساء في جنازة فطردهن وحصبهن بالحجارة، وقال ابن القيم -رحمه الله-:"اتباع الجنازة للنساء وزر، لا أجر لهن فيه؛ إذ لا مصلحة لهن ولا للميت في اتباعهن لها بل فيه مفسدة للحي والميت" انتهى. أما الجواب عن السؤال الثاني وهو حديث المرأة التي تتبع الجنازة أنها "لا تشم رائحة الجنة" فلم أقف عليه بهذا اللفظ وإنما روى أبو داود (3123) ، وغيره في باب التعزية حديثاً آخر وهو طويل وفيه "أن الرسول -صلى الله عليه وسلم لما فرغ هو وبعض أصحابه من دفن جنازة وحاذى بابه، فإذا امرأة مقبلة، فإذا هي فاطمة -عليها السلام- فقال ما أخرجك فقالت: أتيت يا رسول الله أهل هذا البيت فعزيتهم بميتهم فقال -صلى الله عليه وسلم- فلعلك بلغت معهم الكدى (يعني المقابر) قالت: معاذ الله وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر قال: لو بلغت معهم الكدى فذكر تشديداً في ذلك، وقد جاء في غير رواية أبي داود لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك. قال أبو داود عن الحديث قال المنذري: أخرجه النسائي (1880) ، وفيه مقال: انتهى، قلت: وضعفه الألباني والحديث رواه أيضاً أحمد (6574) في مسنده وابن حبان في صحيحه (3177) والحاكم في المستدرك (1/374) . أما الجواب عن السؤال الثالث فالجواب عنه أنه لا كفارة لمن فعلت ذلك لا سيما مع الجهل وعليها أن تتوب عما فعلت وتندم على ما وقع منها وتعزم على ألا تعود، -والله أعلم-.

الاحتفاظ بشعر الميت للذكرى

الاحتفاظ بشعر الميت للذكرى المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/12/1423هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. هل يجوز أخذ شيء من شعر الميت للذكرى؟ وما الذي يجب فعله إن كان قد أخذ فعلاً؟ وهل تجب كفارة أو توبة على من فعل ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب: أنه لا يجوز أخذ شيء من شعر الميت للذكرى وعلى من أخذ شيئاً من شعر الميت أن يدفنه في مكان طاهر ولا كفارة على من فعل ذلك بل عليه التوبة إلى الله مما فعل والندم على ما فات والعزم على ألا يعود لمثل ذلك، والله أعلم.

خطورة التساهل في التكفير

خطورة التساهل في التكفير المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/11/1422 السؤال لقد كثر في الآونة الأخيرة التساهل في تكفير بعض الدول الإسلامية وتكفير حكامها، ولقد قرأت مناظرة بين اثنين من أهل السنة والجماعة قال فيها أحدهما بكفر من كفر إحدى الدول الإسلامية وأنه خارجي تكفيري مبتدع بل أخشى عليه الردة. فما رأي فضيلتكم في هذا الموضوع؟ الجواب لقد كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن التكفير ما بين مغالٍ فيه ومفرط، والحديث عن هذا الموضوع من أخطر الأحاديث وأصعبها، ولهذا فيجب الحذر ومراقبة الله - عز وجل -، فإن عرض المسلم حرام كحرمة دمه وماله، وتكفير المسلم يرتد على صاحبه كما جاء في الحديث: " لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك " رواه البخاري ح (6045) ، ومسلم، وفي مسلم: " كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله " وليس كل من وقع في معصية يكفر، بل وليس كل من ارتكب أمراً مكفراً عن جهل أو بتأويل يكفر، ولهذا فإن السلف قد يطلقون التكفير في أبواب الاعتقاد على الفعل ولا يطلقونه على الفاعل، وحماس الإنسان لدين الله - عز وجل - يجب أن ينضبط بأحكام الدين حتى لا يقع في محذور، وقد غلا قوم في الدين فكفروا وهم الخوارج وشعارهم تكفير الناس، مع أنهم كانوا عباداً فلم ينفعهم كثرة عبادتهم لما استحلوا أعراض المسلمين فكفروهم. فنحن نعجب من اندفاع الشباب في مثل هذه القضايا وكأن الأرض خلت من العلماء، ولهذا فلا يعذر كل من وقع في شيء من ذلك عند الله - عز وجل -، فإن كان يوجد علماء، فيجب الرجوع إليهم وعدم الخوض في مثل هذه القضايا، وإن لم يوجد علماء فالناس معذورون ولا يكلف الله - عز وجل - نفساً إلا وسعها، والإنسان ليس مطالباً بإصدار الأحكام، وغالباً ما يكون المشتغل بمثل هذه القضايا عاطلاً عن الدعوة ونفع الناس، بل وقد ينتهي إلى أحد أمرين: إما التدرج في التكفير حتى يكفر كل من لم يكن على طريقته، وإما أن ينحرف ويعود إلى الفسق والفساد، إلا إذا تداركه الله - عز وجل - فتاب، وأشغل نفسه بأعمال البر ونفع الناس، والمراقب لأحوال هؤلاء سيدرك هذه الحقيقة، والمسلمون اليوم - إلا من رحم الله - عز وجل - واقعون في التقصير والتفريط في كثير من أحكام الدين والجماعات كالأفراد ولا يزكى أحد، ولكن هناك درجات فسابق بالخيرات ومقتصد وظالم لنفسه، وأما الكفر فهو وراء ذلك، والحماس يصور للشباب أن العلماء قد ينافقون ويجاملون، بل ربما يوحي إليه الشيطان أنه هو الذي يعلم الحقيقة ويستطيع الإعلان بها حتى يقع فيما يسخط الله - عز وجل - ويهلك كما هلكت الخوارج. فالحذر الحذر، ومن حام حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، والله الهادي إلى سواء السبيل.

السعر المعتبر في الزكاة

السعر المعتبر في الزكاة المجيب د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/2/1424هـ السؤال في زكاة التجارة، هل يتم التقويم بحسب سعر الشراء أم بحسب سعر البيع؟. الجواب تقوم البضائع بقيمة وقتها الذي وجبت فيه الزكاة وليس بقيمة الشراء.

هل تجب علي المبادرة إلى الحج؟

هل تجب عليَّ المبادرة إلى الحج؟ المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/12/1425هـ السؤال أنا مقيم في إحدى مدن المملكة، وشاءت الظروف أن أعود إلى بلدي هذا العام، فهل واجب علي الحج قبل العودة إلى بلدي؟ علمًا بأني قد اعتمرت كثيرًا. الجواب يجب أن نعلم أن المشيئة لله وحده، وليست للظروف مشيئة، فلا نقول: شاءت الظروف. ولكن نقول: شاء الله. وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. والجواب على السؤال: فإن كان السائل قد حج ولو مرة واحدة فلا يلزمه حج بعد ذلك؛ لأن الحج والعمرة يجبان مرة واحدة في العمر، وإن لم يحج السائل ولو مرة واحدة فليسرع إلى فريضة الحج إن كان مستطيعًا، سواء تمكن من الحج من المملكة أو من بلده. والله أعلم.

إقامة الدورات العلمية للنساء في المساجد

إقامة الدورات العلمية للنساء في المساجد المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/9/1424هـ السؤال ما حكم إقامة دورة تعليمية للنساء في المسجد، علماً أن المحاضر رجل، وقد يتطلب الأمر أن توجه أسئلة ويسمع إجابتها؟. الجواب يجوز إقامة دورات علمية للنساء في المساجد، ولو كان الذين يلقونها رجالاً، وحديث الرجل إلى النساء وسؤالهن وحديثهن إليه وسؤاله كل ذلك جائز، وكان يجري في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة منها ما رواه البخاري (101) ومسلم (2633) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قالت النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم -: " غَلَبَنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لَقَيهُنَّ فيه، فوعظهن وأمرهن ... "الحديث، وفي رواية قال أبو هريرة - رضي الله - عند ابن حبان (2941) : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "موعدكن بيت فلانة". وبوب عليه الإمام البخاري فقال: باب هل يجعل للنساء يوم على حِدةٍ في العلم. ولكن ينبه النساء إلى الحضور بالحجاب الشرعي، والبعد عن إظهار التجمل والتعطر، وألاّ تحضر للمسجد من كانت في حال حيض حتى تطهر، والله أعلم.

اصطحاب الأطفال للمسجد

اصطحاب الأطفال للمسجد المجيب خليل بن سليمان المديفر الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/10/1422 السؤال ما هي أقوال العلماء في اصطحاب الأطفال تحت سن السادسة إلى المسجد، وهل ما يقوم به كبار السن من المصلين بإظهار الانزعاج من هؤلاء الأطفال له أصل شرعي، وهل منع النبي - صلى الله عليه وسلم - حضور تلك الشريحة من الأطفال للمسجد، وكيف نفسر تأخر الرسول - صلى الله عليه وسلم - للرفع من السجود بقوله: أن أحد حفيديه كان على ظهره فخشي من الارتفاع وسقوطه، وهل هناك بحث علمي جيد فصل في هذا الموضوع؟ الجواب هذا فيه تفصيل، وأقوال العلماء فيه مختلفة، فالإمام أحمد كان يرى منع الأطفال عن المسجد. وأقول: إذا نظرنا إلى ظاهر السنة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يمنع الأطفال، فقد خرج مرة وهو حامل أمامة بنت أبي العاص - ابنة زينب على عاتقه فصلى فكان إذا قام حملها وإذا سجد وضعها " أخرجه البخاري (516) ، ومسلم (543) من حديث أبي قتادة، والحسن ركب على ظهره فتأخر عليه السلام في السجود، فقال الصحابة: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحي إليك. قال: كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته " الحديث أخرجه النسائي (1141) من حديث عبد الله بن شداد عن أبيه. إذا نظرنا إلى هذه الأحاديث قلنا إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يمنع الأطفال لكن هذه الأحاديث الصحيحة يجب أن تحمل على المحامل التي توافق عمومات النصوص فالأحاديث بعضها يسدد بعضاً، فنحن نعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى المصلي عن الصلاة بحضرة طعام، أو وهو يدافع الأخبثين انظر ما رواه مسلم (560) حتى لا يشغل عن صلاته ويؤثر على خشوعه. فهذه النصوص تدل دلالة واضحة على أن المصلي يشرع له أن يبتعد عن أي شيء يشوش عليه. وعلى هذا فحضور الأطفال إلى المسجد يجوز، ولكن لا بد من ضبطهم، لكي نجمع بين النصوص، فحضور الأطفال ممن أعمارهم بين الخامسة والسابعة مثلاً يفيد في تعلم الصلاة، والخشوع، ولكن لو أن كل رجل أتى بطفله وترك له العنان ليلعب ويتكلم ويزعج، فإن الخشوع لا يتوفر للمصلين. ولهذا فإننا لا نمنع حضور الأطفال للمساجد، ولكن بشرط ألا يكون حضورهم سبباً في تضييع الخشوع والاطمئنان للمصلين، فالواجب على ولي الطفل أن يضبطه، وإلا فإنه لا يحضره إلى المسجد. ومذاهب العلماء في هذا مختلفة، وتراجع في مظانها، ولكن هذا ما تجتمع عليه الأدلة والله أعلم.

حكم زكاة الفطر

حكم زكاة الفطر المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/9/1423هـ السؤال ما حكم صدقة الفطر؟ وهل يلزم فيها النصاب؟ وهل الأنواع التي تخرج محددة؟ وإن كانت كذلك فما هي؟ وهل تلزم الرجل عن أهل بيته بما فيهم الزوجة والخادم؟ الجواب زكاة الفطر فرض على كل مسلم، صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، حر أو عبد؛ لما ثبت عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: " فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على الذكر والأنثى، والصغير والكبير، والحر والعبد من المسلمين، وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة ". متفق على صحته. وليس لها نصاب، بل يجب على المسلم إخراجها عن نفسه وأهل بيته من أولاده وزوجاته ومماليكه إذا فضلت عن قوته وقوتهم يومه وليلته. أما الخادم المستأجر فزكاته على نفسه، إلا أن يتبرع بها المستأجر أو تشترط عليه، أما الخادم المملوك فزكاته على سيده، كما تقدم في الحديث. والواجب إخراجها من قوت البلد سواء كان تمراً أو شعيراً أو برََّا أو ذرة أو غير ذلك، وفي أصح قولي العلماء؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط في ذلك نوعاً معيناً ولأنها مواساة، وليس على المسلم أن يواسي من غير قوته. مجموع فتاوى الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-،الجزء الرابع عشر، ص (197) .

زكاة الفطر عن الجنين

زكاة الفطر عن الجنين المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/09/1425هـ السؤال هل الطفل الذي ببطن أمه تدفع عنه زكاة الفطر أم لا؟ الجواب يستحب إخراجها عنه لفعل عثمان - رضي الله عنه -، ولا تجب عليه لعدم الدليل على ذلك. (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى (1474) الجزء التاسع ص 366)

إخراج زكاة الفطر نقدا

إخراج زكاة الفطر نقداً المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/09/1425هـ السؤال هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً بدلاً من الطعام، وذلك لحاجة الناس الآن إلى النقد أكثر من الطعام؟ الجواب إخراج القيمة في زكاة الفطر اختلف فيها العلماء على قولين: الأول: المنع من ذلك. قال به الأئمة الثلاثة مالك، والشافعي، وأحمد، وقال به الظاهرية أيضاً، واستدلوا بحديث عبد الله بن عمر في الصحيحين " فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من بر، أو صاعاً من شعير، (وفي رواية أو صاعاً من أقط) ، على الصغير والكبير من المسلمين. ووجه استدلالهم من الحديث: لو كانت القيمة يجوز إخراجها في زكاة الفطر لذكرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وأيضاً نص في الحديث الآخر " أغنوهم في هذا اليوم"، وقالوا: غنى الفقراء في هذا اليوم يوم العيد يكون فيما يأكلون حتى لا يضطروا لسؤال الناس الطعام يوم العيد. والقول الثاني: يجوز إخراج القيمة (نقوداً أو غيرها) في زكاة الفطر، قال به الإمام أبو حنيفة وأصحابه، وقال به من التابعين سفيان الثوري، والحسن البصري، والخليفة عمر ابن عبد العزيز، وروي عن بعض الصحابة كمعاوية بن أبي سفيان، حيث قال: " إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر "، وقال الحسن البصري: " لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر "، وكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله في البصرة: أن يأخذ من أهل الديون من أعطياتهم من كل إنسان نصف درهم، وذكر ابن المنذر في كتابه (الأوسط) : إن الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر، أو الشعير. ومما سبق يتبين أن الخلاف قديم وفي الأمر سعة، فإخراج أحد الأصناف المذكورة في الحديث يكون في حال ما إذا كان الفقير يسد حاجته الطعام في ذلك اليوم يوم العيد، وإخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت النقود أنفع للفقير كما هو الحال في معظم بلدان العالم اليوم، ولعل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أغنوهم في هذا اليوم"، يؤيد هذا القول؛ لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط، بل تتعداه إلى اللباس ونحوه..، ولعل العلة في تعيين الأصناف المذكورة في الحديث، هي: الحاجة إلى الطعام والشراب وندرة النقود في ذلك العصر، حيث كانت أغلب مبايعاتهم بالمقايضة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فيجوز إخراج النقود في زكاة الفطر للحاجة القائمة والملموسة للفقير اليوم. والله أعلم.

حكم زكاة الفطر

حكم زكاة الفطر المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/09/1425هـ السؤال هل حديث (لا يرفع صوم رمضان حتى تعطى زكاة الفطر) صحيح؟ وإذا كان المسلم الصائم محتاجاً لا يملك نصاب الزكاة، هل يتوجب عليه دفع زكاة الفطر لصحة الحديث أم لغيره من الأدلة الشرعية الصحيحة الثابتة في السنة؟. الجواب صدقة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته: صاع، والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: (فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) متفق عليه واللفظ للبخاري. وما روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: (كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول - صلى الله عليه وسلم - صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط) متفق عليه. ويجزئ صاع من قوت بلده مثل الأرز ونحوه، والمقصود بالصاع هنا: صاع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة. وإذا ترك إخراج زكاة الفطر أثم ووجب عليه القضاء، وأما الحديث الذي ذكرته فلا نعلم صحته. ونسأل الله أن يوفقكم، وأن يصلح لنا ولكم القول والعمل، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى (5733) الجزء التاسع ص464) .

وقت إخراج زكاة الفطر

وقت إخراج زكاة الفطر المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/09/1425هـ السؤال هل وقت إخراج زكاة الفطر من بعد صلاة العيد إلى آخر ذلك اليوم؟ الجواب لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة العيد، وإنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإخراجها قبل الصلاة، ولما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لما رواه بن عمر - رضي الله عنهما - قال: (فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر من رمضان..) ، وقال في آخره (وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين) . فمن أخرها عن وقتها فقد أثم وعليه أن يتوب من تأخيره، وأن يخرجها للفقراء. (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى (2896) الجزء التاسع ص373)

تأخير زكاة الفطر عن وقتها

تأخير زكاة الفطر عن وقتها المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/10/1425هـ السؤال كنت في سفر ونسيت دفع الفطرة ولم أخرج الفطرة حتى الآن، وعندنا مصنع ومزرعة فيها عمال ويتقاضون أجرة، فهل لنا أن نصرف الفطرة عنهم أم يصرفونها هم عن أنفسهم؟ الجواب إذا أخر الشخص زكاة الفطر عن وقتها وهو ذاكر لها أثم، وعليه التوبة إلى الله والقضاء؛ لأنها عبادة، فلم تسقط بخروج الوقت كالصلاة، وحيث ذكرت عن السائلة أنها نسيت إخراجها في وقتها فلا إثم عليها، وعليها القضاء، أما كونها لا إثم عليها فلعموم أدلة إسقاط الإثم عن الناسي، وأما إلزامها بالقضاء فلما سبق من التعليل. ثانياً: العمال الذين يتقاضون أجرة مقابل ما يؤدونه من عمل في المصنع والمزرعة هم الذين يخرجون زكاة الفطر عن أنفسهم؛ لأن الأصل وجوبها عليهم. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى (2867) الجزء التاسع ص 372)

زكاة مساهمات الأراضي

زكاة مساهمات الأراضي المجيب د. سليمان بن صالح الغيث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/9/1422 السؤال ساهمت في أرض بمبلغ (185.000) ريال في شهر شعبان 1420هـ، وفي شهر ذي القعدة ساهمت بمبلغ (100.000) ، وبعدها بستة أشهر أعطاني صاحب المساهمة مبلغاً يعادل تسعين بالمئة من رأس المال الذي دفعته له وقال لي: إنه يعادل سبعين بالمئة من المبلغ الذي أستحقه في المساهمة، وبقيت الأرض لم تُبَعْ، وفي شهر رجب من هذا العام، قام صاحب المساهمة بإعطائي قطعة أرض عوضاً عن استحقاقي المتبقي لديه، وزدته مبلغاً من المال، فما الذي يجب عليّ زكاته، هل هو المبلغ الذي كان متبقياً لي عنده فقط، مع العلم أن بعضه حال عليه الحول؟ الجواب حوْلُ ربحِ المال حولُ أصلهِ، فعلى السائل أن يخرج - في شهر شعبان - زكاة المبلغ الأول الذي ساهم به، وكذا مقدار ربحه، وإذا أتى شهر ذي القعدة أدى زكاة المئة ألف التي ساهم بها لاحقاً مضموماً إليها ربحها؛ وبالنسبة للأرض التي دفعت له عوضاً عن استحقاقه للمتبقي فإنها تقوّم بسعر مثلها، ويؤدي زكاتها مع زكاة أصل مالها سواء من المساهمة الأولى، أو من الثانية إذا كان قصده منها التجارة، وبالله التوفيق.

حكم الكلام والضحك في المسجد

حكم الكلام والضحك في المسجد المجيب خليل بن سليمان المديفر الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/9/1422 السؤال ما حكم الكلام في المسجد والضحك؟ الجواب الكلام في المسجد الأصل فيه الإباحة، وكذلك الضحك؛ لما ثبت في (صحيح مسلم670) من حديث سماك بن حرب قال: قلت لجابر ابن سمرة: أكنت تجالس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:" نعم كثيراً، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام، وكانوا يتحدثون، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويتبسم" هذا يدل على الجواز، لكن لا ينبغي الإكثار من الكلام والضحك بحيث يصير هو الشعار، ويشوش على المصلين وهم يقرؤون، والمساجد إنما هي للعبادة والذكر، لكن الشيء اليسير العارض الذي لا يشوش على أحد، وليس في حال أداء الصلاة، ولا بين الأذان والإقامة فلا بأس به.

مسألة: العذر بالجهل

مسألة: العذر بالجهل المجيب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/9/1422 السؤال متى يعذر الإنسان بالجهل؟ أرجو التفصيل، مع ذكر أهم الكتب التي بحثت هذه المسألة؟ الجواب فإن مسألة العذر بالجهل في باب التكفير من المسائل التي خاض الناس فيها ما بين غالٍ وجافٍ والحق وسط بينهما، فقد يعذر الإنسان إن كان أسلم حديثاً، أو نشأ في أماكن نائية عن العلم الشرعي ومظانّه، كما يعذر في المسائل الخفية دون الظاهرة، وينبغي للدعاة إلى الله ومحبي الخير أن يجتهدوا في تبليغ دين الله أصولاً وفروعاً، وأن لا تأخذ هذه المسألة أكبر من حجمها.

زكاة الأرض والأسهم البنكية

زكاة الأرض والأسهم البنكية المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 1- ورثنا أرضاً عن الوالد -يرحمه الله-، وبعد عرضها للبيع لمدة أربع سنوات بعناها، فهل عليها زكاة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فهل الزكاة على الأربع سنوات أم على سنة واحدة؟ 2- كنا نمتلك مجموعة من الأسهم في أحد البنوك المحلية ثم قمنا ببيعها، فما مصير الأموال التي حصلنا عليها من جراء بيع الأسهم؟ وما مصير الأموال التي كنا نحصل عليها كفوائد سنوية لهذه الأسهم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الزكاة على قيمتها التي بيعت بها إذا حال عليها الحول، وينظر هنا إلى نصيب كل وارث على حدة إن كان يبلغ النصاب، ولا زكاة على السنوات السابقة قبل البيع؛ لأنها انتقلت إلى الورثة بالإرث، ولا تصير للتجارة حتى يتم بيعها. أما الأموال التي حصلت من بيع الأسهم فتقسم بين الورثة، وإن حصل فيها فوائد ربوية بعد وفاة مورثهم فالواجب عليهم التخلص منها.

الصلاة في الكنيسة

الصلاة في الكنيسة المجيب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/3/1423 السؤال ما حكم الصلاة في الكنائس؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن سؤال كسؤالك فإليك نص السؤال والجواب: مسألة: هل الصلاة في البيع والكنائس جائزة مع وجود الصور أم لا؟ وهل يقال إنها بيوت الله أم لا؟ الجواب: ليست بيوت الله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة الكفار. وأما الصلاة فيها ففيها ثلاثة أقوال للعلماء، في مذهب أحمد وغيره: المنع مطلقاً؛ وهو قول مالك. والإذن مطلقاً وهو قول بعض أصحاب أحمد. والثالث: وهو الصحيح المأثور عن عمر ابن الخطاب وغيره، وهو منصوص عن أحمد وغيره، أنه إن كان فيها صور لم يصلّ فيها؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يدخل الكعبة حتى محي ما فيها من الصور، وكذلك قال عمر: إنا كنا لا ندخل كنائسهم والصور فيها. وهي بمنزلة المسجد المبني على القبر، ففي الصحيحين أنه ذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- كنيسة بأرض الحبشة، وما فيها من الحسن والتصاوير، فقال:"أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة" البخاري (427) ومسلم (528) ، وأما إذا لم يكن فيها صور فقد صلى الصحابة في الكنيسة، والله أعلم. (الفتاوى الكبرى2/59) .

السفر للصلاة على الميت

السفر للصلاة على الميت المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/3/1423 السؤال ما حكم السفر للصلاة على قريب أو عزيز؟ أرجو التفصيل بالأدلة. الجواب لا مانع من السفر للصلاة على قريب أو عزيز، فإن ذلك لا دليل على منعه وليس هو من نوع ما قال فيه الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد" البخاري (1189) ومسلم (1397) ، فالمقصود من الحديث أنه لا يصار إلى أي موضع على وجه التقرب بزيارته إلا هذه المساجد الثلاثة، أما السفر للصلاة على قريب، أو تعزية قريب، أو عزيز فإنه لا بأس به، ولا أعلم مانعاً يمنع منه، والله أعلم.

استئجار مكان لأداء صلاة الجمعة

استئجار مكان لأداء صلاة الجمعة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/3/1423 السؤال في كل صلاة جمعة نستأجر قاعة المؤتمرات والاحتفالات العائدة لبلدية المنطقة التي نسكن فيها ساعة واحدة كل أسبوع، من أجل إقامة خطبة وصلاة الجمعة، فما حكم الشرع في ذلك، وهل نصلي تحية المسجد عند دخولنا لهذه القاعة؟ علماً أن البلدية تقوم بتأجير هذا المكان لكل من يريد استئجاره لإقامة حفلات الفجور من الرقص وشرب الخمور وكل ما يغضب الله من المعاصي. الجواب ما دمتم في مثل هذا البلد (أستراليا) ولا تجدون مكاناً مناسباً لإقامة صلاة الجمعة فلا بأس باستئجاركم صالة احتفالات البلدية بالمنطقة، ولو كانت تستخدم من غيركم لحفلات تمارس فيها المعاصي والمحرمات. وفعلكم هذا تؤجرون عليه -إن شاء الله- لإقامة شعيرة من شعائر الإسلام في بلاد الكفر وفعلكم هذا داخل في معنى قوله -تعالى-: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16] ، وهذه القاعة عند استئجاركم لها لا تسمى مسجداً وإنما هي مصلى مؤقت، والمصلى لا يأخذ أحكام المسجد في الجملة، فلا تؤدى تحية المسجد عند الدخول لكونها غير مسجد، وإنما تصلى ركعتان أو أكثر لا بنيّة تحية المسجد وإنما سنة مطلقة؛ لحديث:"بين كل أذانين صلاة" البخاري (624) ومسلم (838) ، أي ما بين الأذان والإقامة، كما تؤدى فيه أربع ركعات بعد صلاة الجمعة لأنها سنة تابعة للصلاة لا للمسجد، كما تؤدى سائر الطاعات من قراءة القرآن وتعليمه والصدقة.. إلخ، وفق الله الجميع إلى كل خير.

كفر ساب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-

كفر سابَّ الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/3/1423 السؤال ما رأي فضيلتكم فيمن يقول: إن من سب الله -عز وجل- ورسوله الكريم ليس بكافر إلا إذا استحل ذلك، مع انتفاء شروط الموانع من العلم، والإكراه، والتأول، والخطأ، استدلالاً بما وقع لموسى -عليه السلام- لما ألقى الألواح، نرجو الجواب بشيء من التفصيل. الجواب سبّ الله -تعالى وتقدس- وسبّ رسوله -صلى الله عليه وسلم- من أكبر أنواع الكفر، بل هو أعظم من مجرد الردة عن الإسلام، ومن فعل ذلك وجب قتله، وهذا مذهب عامة أهل العلم، "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً" [الأحزاب:57] وقد قال الإمام إسحاق بن راهوية -رحمه الله-: "أجمع المسلمون على أن من سبّ الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو دفع شيئاً مما أنزل الله -عز وجل-، أو قتل نبياً من أنبياء الله -عز وجل- أنه كافر بذلك، وإن كان مقراً بكل ما أنزل الله". وسبّ الله أو سبّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كفر ظاهر؛ لجريان السب على لسان صاحبه، وكفر باطن؛ لأنه يدل على استهانته بالله -عز وجل- وبرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وانعدام خشيته من الله -عز وجل- وعدم تعظيم الله من قلبه، وذهاب توقير النبي -صلى الله عليه وسلم- من نفسه. أما القول بأن السّاب لا يكفر إلا إذا استحل ذلك، ومع انتفاء الموانع من إكراه، وتأول، وخطأ، وحصول شرط العلم استدلالاً لما وقع لموسى -عليه السلام- لما ألقى الألواح فهذا القول يتضمن عدة أمور، الجواب عنها بعدة أوجه: الأول: القول بأن السّاب لله -تعالى- ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- لا يكفر إلا إذا استحل ذلك، هذا اشتراط غير صحيح، بل إن أقوال أهل العلم تنص على أن من قال أو فعل ما هو كفر صريح كفر بدون تقييد ذلك بالاستحلال، والاستحلال وصف آخر يوجب الكفر، فلو استحل السّب ولم يقله كفر، والله -تعالى- وصف المستهترين بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالكفر، فقال: "يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين" [التوبة:64-65-66] . وعندما جاء الذين نزلت فيهم هذه الآية يعتذرون إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعذرهم، وكان يردد عليهم هذه الآية، ولو كان الاستحلال يصح أن يرفع به حكم الكفر عنهم لسألهم النبي -صلى الله عليه وسلم-:هل كنتم تستحلون هذا الاستهزاء أم لا؟ قال القاضي عياض -رحمه الله-: "لا خلاف أن ساب الله -تعالى- من المسلمين كافر حلال الدم". وقال ابن عبد البر -رحمه الله-: "ومن شتم الله -تبارك وتعالى-، أو شتم رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو شتم نبياً من أنبياء الله -صلوات الله عليهم- قُتِل إذا كان مظهراً للإسلام بلا استتابة".

الثاني: اشتراط وجود شروط الكفر وانتفاء موانعه فيمن سبّ الله –تعالى-، أو سب الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وذكر السائل من الشروط العلم ومن الموانع الإكراه، والتأول، والخطأ، فأما (الإكراه) فلا شك أنه مانع من موانع إطلاق الكفر على السّاب، وذلك لقول الله –تعالى-: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم" (النحل106) . وفي مستدرك الحاكم (3/102) وغيره عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه، قال: "أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي –صلى الله عليه وسلم- وذكر آلهتم بخير ثم تركوه، فلما أتى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: ما وراءك؟ قال: شرٌ يا رسول الله، ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتم بخير، قال: كيف تجد قلبك؟ قال مطمئن بالإيمان قال: "إن عادوا فعد" (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) . فمن أكره على سبّ الله أو سبّ رسوله فهو معذور وليس بكافر. الثالث: أما اشتراط العلم، فيراد بالعلم أمران: 1-أن يعلم أن هذا اللفظ فيه سبّ لله أو لرسوله. 2-أن يعلم أن السّب لله ولرسوله كفر وخروج من الملة. فإن ادعى أنه لا يعلم أن هذا اللفظ فيه سبّ لله ورسوله فينظر في اللفظ الذي تلفظ به هل هو مما يعده الناس شتماً، أو سباً، أو تنقصاً، فإن كان كذلك فهو كافر بذلك؛ وإنما قيل هذا؛ لأن الكلمة الواحدة تكون في حال سب وفي حال ليست بسب، فعلم أن هذا يختلف باختلاف الأقوال والأحوال، إذا لم يأت للسب حد معروف في اللغة ولا في الشرع، فالمرجع فيه إلى عرف الناس، هذا ما ذكر شيخ الإسلام في (الصارم المسلول) . وإن ادعى أنه لا يعلم أن سبّ الله –تعالى- والرسول –صلى الله عليه وسلم- كفر مخرج من الملة فينظر في المكان الذي هو فيه، وحالة الشخص من التمكن من العلم وعدمه. فإن كان الساب مسلماً ناشئاً في بلاد الإسلام فلا يعذر؛ لأن مسألة تعظيم الله وتوقير رسوله –صلى الله عليه وسلم- من المسائل العظيمة وليست من المسائل الخفية، والناشئ في بلاد المسلمين متمكن من العلم بهذه المسألة التي هي من الأصول الظاهرة، فلا عذر له بذلك، وهو كافر بهذا السب، سواء كان هازلاً أو لاعباً أو كاتباً للرواية أو الشعر أو غير ذلك. الرابع: أما الاستدلال بقصة إلقاء موسى –عليه السلام- للألواح، فهو استدلال غير صحيح، وذلك لأمور: 1-أن السب لله –تعالى- ولرسوله –صلى الله عليه وسلم- من باب، وفعل موسى من باب آخر. 2-أن فعل موسى –عليه السلام- لا يتضمن سخرية ولا استهانة ولا استنقاصاً لله –تعالى-، بل الذي حمله على إلقاء الألواح هو شدة تعظيمه لله -تعالى-، وشدة عنايته بتوحيد الله، لما رأى قومه قد أشركوا وعبدوا العجل. 3-أن موسى –عليه السلام- كان في حالة غضب شديد وحزن بسبب عبادة قومه للعجل، وبقاء هارون –عليه السلام- عندهم وعدم لحاقه بموسى –عليه السلام-.

أما السّاب لله -تعالى- ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- فيغلب على حاله السخرية والاستهزاء واللعب أو العمد والقصد، فإن كان في حالة من الغضب الشديد بحيث لا يدري ما يقول، وتكلم بكلام لا يستحضره ولا يعرفه فإن هذا الكلام لا حكم له، ولا يحكم على صاحبه بالردة؛ لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد. نعوذ بالله من موجبات غضبه، ونسأله أن يختم لنا بالإيمان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

متى يجب حلق العانة؟

متى يجب حلق العانة؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 1/4/1423 السؤال لقد سمعت من معلمة التربية الإسلامية أنه يجب على الفتاة عند الاغتسال من العذر الشرعي (الحيض) أن تقص الشعر الموجود في المنطقة التي يخرج منها الدم وذلك كل شهر. فما الحكم في ذلك؟ مع أني لم أفعل ذلك حتى بعد ما سمعتها. الجواب حلق العانة يسمى الاستحداد، وهو من خصال الفطرة التي أمر بها الشرع الكريم كما في حديث أبي هريرة في صحيح البخاري (5889) ومسلم (257) :"الفطرة خمس: الاختتان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط" والمستحب للمسلم أن يفعل ذلك أسبوعياً، فإن لم يفعل ذلك وجب عليه شرعاً ألا يترك ذلك أكثر من أربعين يوماً، وإلا كان آثماًَ بتركه؛ لحديث أنس في صحيح مسلم (258) :" وقّت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك أكثر من أربعين ليلة".

مسجد بني على قبر

مسجد بني على قبر المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 6/4/1423 السؤال ما حكم الصلاة في مسجد به قبر كمسجد الحسين مثلاً؟ وهل يجب علينا أن نخرج القبر خارج المسجد؟ وهل ينطبق هذا الحكم على المسجد النبوي؟ الرجاء الشرح بالأدلة، مع توضيح آراء المذاهب المختلفة حتى تزول أي شبهة في هذا الأمر. الجواب سئل سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: س: من بيت طريف -دقهلية- بمصر يقول في سؤاله: هل تصح الصلاة في المساجد التي يوجد فيها قبور؟ ج: المساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها، ويجب أن تنبش القبور وينقل رفاتها إلى المقابر العامة، كل قبر في حفرة خاصة كسائر القبور، ولا يجوز أن يبقى فيها قبور، لا قبر ولي ولا غيره؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى وحذر من ذلك، ولعن اليهود والنصارى على عملهم ذلك، فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، قالت عائشة -رضي الله عنها-:"يحذر ما صنعوا". متفق عليه (البخاري (1390) ومسلم (530) واللفظ له، وقال -عليه الصلاة والسلام- لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة بكنيسة في الحبشة فيها تصاوير، فقال:"إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة" متفق على صحته البخاري (427) واللفظ له، ومسلم (528) ، وقال -عليه الصلاة والسلام-:"ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" خرجه مسلم (532) في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي، فنهى -عليه الصلاة والسلام- عن اتخاذ القبور مساجد، ولعن من فعل ذلك، وأخبر أنهم شرار الخلق. فالواجب الحذر من ذلك، ومعلوم أن من صلى عند قبر فقد اتخذه مسجداً، ومن بنى عليه مسجداً فقد اتخذه مسجداً، فالواجب أن تُبعد القبور عن المساجد، وألا يجعل فيها قبور، امتثالاً لأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وحذراً من اللعنة التي صدرت من ربنا -عز وجل- لمن بنى المساجد على القبور؛ لأنه إذا صلى في مسجد فيه قبور قد يزيِّن له الشيطان دعوة الميت، أو الاستغاثة به، أو الصلاة له، أو السجود له فيقع الشرك الأكبر، ولأن هذا من عمل اليهود والنصارى، فوجب أن نخالفهم، وأن نبتعد عن طريقهم وعن عملهم السيء، لكن لو كانت القبور هي القديمة ثم بني عليها المسجد، فالواجب هدمه وإزالته؛ لأنه هو المحدث، كما نص على ذلك أهل العلم حسماً لأسباب الشرك وسداً لذرائعه، والله ولي التوفيق.

حكم العزاء ومدته

حكم العزاء ومدته المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 8/4/1423 السؤال أود أن أسأل عن حكم العزاء في البيت وما صحة أن يكون لمدة ثلاثة أيام ويرسل لأهل الميت الغداء والعشاء، حيث إني سمعت من يقول: إن الشيخ ابن عثيمين يقول إن هذا كله بدعة وأن العزاء يكون فقط في المقبرة؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: تضمن السؤال ثلاث مسائل: التعزية في البيت، ومدة التعزية، وصنع الطعام لأهل الميت. أما التعزية فتجوز في مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم في كل موضع، سواء كانت في المقبرة، أو الطريق، أو المنزل، أو غير ذلك، وإنما كره الشافعي وأصحاب أحمد جلوس أهل الميت للتعزية في بيت أو غيره، واستحبوا أن ينصرفوا إلى حوائجهم، فمن صادفهم عزاهم؛ لأن الجلوس لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه. والأظهر -والله أعلم-، ما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك من أن هذا أمر لا يتعلق به تشريع؛ لأن التعزية جاءت في الشرع مطلقاً فلم يجز لأحد تقييده إلا بأمر من الشارع، وهذا معدوم هنا، فينبغي في ذلك الرجوع إلى ما يتعارف عليه الناس، فكل عصر له عرفه، وكل قطر له عرفه، ما لم يترتب على ذلك محظور شرعي، كالندب، والنياحة، وصنع الطعام من قبل أهل الميت للمعزين، وأما حديث عائشة في الصحيحين البخاري (1299) ومسلم (935) :"لما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن " فليس صريحاً في أن جلوس النبي -صلى الله عليه وسلم- كان للتعزية، لكن لا حاجة إليه، لأن الأصل الجواز ما لم يقع منكر، والله -تعالى- أعلم. وأما مدتها فقد حصل فيها نزاع، ذلك أن التعزية مستحبة في مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم قبل الدفن وبعده، ولا وجه لمن منع التعزية بعد الدفن كسفيان الثوري، وأما حديث جابر بن عتيك عند الخمسة إلا الترمذي (ابن ماجة (2803) وأبو داود (3111) والنسائي (3194) وأحمد (23751)) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"دعهن يبكين ما دام عندهن، فإذا وجب فلا تبكين عليه باكية" فهو حديث إن سلم من الاضطراب لم يكن فيه دليل على منع التعزية بعد الدفن؛ لأن المنصوص عليه البكاء، وفرق بين البكاء والتعزية، ولا يصح الاستدلال لمذهب سفيان "بحديث إنما الصبر عند الصدمة الأولى" البخاري (1283) ومسلم (926) وأن المراد تصبيره في أول الأمر، لأن التعزية: تصبير وتسلية، والتسلية لم يحدها الشارع بوقت. وقد تنازع الناس هل تحد التعزية بثلاثة أيام كما في مذهب الأئمة الأربعة أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، أو لا تحد كما في قول طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد؟ وليس في المسألة دليل صريح، وإنما تمسك من يحدها بثلاثة أيام بأمرين: أحدهما: أن المقصود من التعزية تسلية قلب المصاب، والغالب أن يسكن بعد ثلاثة أيام، فلا ينبغي تجديد حزنه بالتعزية بعدها. الثاني: أن الشارع أذن في الإحداد ثلاثة أيام، فيجب أن تكون التعزية كذلك.

والجواب: أن التعزية وردت في الشرع مطلقة، فلم يجز لأحد تقييدها بالرأي، ثم إن المصاب لا يسلو بعد ثلاثة أيام ولا عشرة، ولو سُلِّم ذلك فليست التعزية مقصورة على التسلية، بل من مقاصدها إشعار المصاب بوقوف الناس معه، وهذا من أسمى مقاصد الشريعة، لما فيه من جمع القلوب، بحيث يصير الناس كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، وأما الإحداد فهو تعبير عن الحزن، فلا ينبغي أن يدوم أكثر من ثلاثة أيام على غير زوج، بخلاف التعزية التي هي تسلية، فإن اللائق أن يكون مدارها على موجبها، فمتى وجد المصاب حزيناً شرع لمن لم يعزه أن يعزيه، سواء كان ذلك في الأيام الثلاثة أو بعدها، فليس فيما ذكروا متمسك، وإنما الأعدل حمل الأدلة على عمومها وإطلاقها، فإن الغرض من التعزية الدعاء، والحمل على الصبر، والنهي عن الجزع، وهذا يحصل مع طول الزمان، والله -تعالى- أعلم. وأما صنع الطعام لأهل الميت فإنه مسنون لأقربائهم وجيرانهم إما ثلاثة أيام كما في مذهب أحمد، وإما يوماً وليلة كما في مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي، لما أخرجه الخمسة، إلا النسائي (أحمد (1751) وأبو داود (3132) وابن ماجة (1610) والترمذي (998)) بإسناد صحيح عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي جعفر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد أتاهم ما يشغلهم". وإنما المحظور الضيافة من أهل الميت، وهي أن يصنع أهل الميت طعاماً ويجمعوا الناس عليه، فإن هذا مكروه باتفاق العلماء؛ لحديث جرير بن عبد الله عند ابن ماجة (1612) وأحمد (6905) :"كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة"،إسناده جيد، والله -تعالى- أعلم.

مقدار زكاة الزروع

مقدار زكاة الزروع المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/4/1423 السؤال كيف أعرف حساب زكاة الثمار والزروع، ومعنى القيراط والمكيال، وكيف تعرف بالأرقام الحسابية؟ الجواب الحبوب والثمار إذا بلغت بعد جفافها خمسة أوسق، والوسق= (122،16) كيلو، والخمسة أوسق= (610,8) ، وأما الزروع والبقول والخضروات فلا زكاة فيها عند الجمهور. والحبوب: كالأرز والشعير، والثمار، كالتمر والزبيب والتين، وكل ما كان من هذه الأجناس مما يكال ويدخر، أي: يشترط فيه شرطان: 1-أن يكال ويوزن: أي: مما لا يعد كالبطيخ والقرع. 2-أن يدخر أي: يخزن ويحفظ مدة طويلة من غير برادات كالتمر والزبيب، وأغلب الحبوب. فيجب فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً، ونصابها خمسة أوسق. ويخرج زكاتها إذا كانت تسقى دون كلفة ومؤنة، كأن تساق إليها جداول من أنهار أو تسقى بالأمطار، ففيها العشر. وإن كانت تسقى بكلفة، كأن يسقيها بمضخات من مياه الآبار أو العيون، ففيها نصف العشر. وأما سؤاله عن معنى القيراط والمكيال ... إلخ، فأحيله إلى الكتب التي تبحث عن المقادير الشرعية، كالمكيال، والميزان، والنقود، وهي كثيرة منها كتاب عبد الرؤوف المناوي، وابن الرفعة، ومحمد نجم الدين كردي وهو معاصر، والله -سبحانه- الموفق.

إتمام المسبوق صلاته

إتمام المسبوق صلاته المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 3/6/1423 السؤال سؤالي هو: كيف يكون إتمام بقية ركعات الصلاة عندما لا تدرك بأكملها مع الجماعة؟ وجزاكم الله خيراً. مثل: عندما أدرك ثلاث ركعات من صلاة العشاء. الجواب سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ دخل رجل المسجد ليصلي المغرب وأدرك ركعتين مع الإمام، وصلى الركعة الأخيرة وحده، فهل يجهر في هذه الركعة ويقرأ سورة الفاتحة على اعتبار أنه صلى الركعة الأخيرة مع الإمام أم تعد الركعة التي صلاها مع الإمام هي الثانية؟ جـ/ تعد الركعة التي قضاها بعد سلام إمامه هي الركعة الأخيرة، فلا يشرع له الجهر فيها؛ لأن الصحيح من قولي العلماء أن ما أدركه المسبوق من الصلاة يعد أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" متفق عليه البخاري (635) ومسلم (603) ، واللفظ للبخاري. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله-] .

النوم عن صلاة الفجر

النوم عن صلاة الفجر المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/4/1423 السؤال إني أحاول قدر استطاعتي أن أصلي الفجر كل يوم، وأضبط المنبه، وأوكل أبي أن يوقظني، لكني كثيراً ما تفوتني الصلاة، فأستيقظ فأجد الشمس قد أشرقت، أحس بالضيق الشديد، ويؤنبني ضميري كثيراً، فهل عليّ إثم؟ وماذا أفعل لكي أحافظ على الصلاة؟ وأنا أدعو الله بأن يعينني، فهل تفويتي للصلاة غضب من الله عليّ؟ الجواب نعم عليك إثم إن كانت هذه عادتك؛ لأن الواجب عليك أن تحتاطي لنفسك وتصلي الصلاة المفروضة في وقتها، وإن كان السائل رجلاً فمع المسلمين بالمسجد، وإن كان السائل امرأة ففي البيت، ويحرم تفويت الصلاة عن وقتها، وذلك تأخير الصلاة عن وقتها يسبب غضب الله ومقته؛ لأن الله -تعالى- يقول:" إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا" [النساء:103] أي: مفروضاً بالأوقات، أما إذا كان هذا نادراً منك مع أخذ الأسباب للاستيقاظ، لكن غلبك النوم ولم يتكرر هذا منك فلا إثم عليك -إن شاء الله-. وعليك أن تهتمي بالاستيقاظ للصلاة في وقتها باتخاذ المنبهات، أو التأكيد على من يوقظك من أهل البيت، ولا تتساهلي بالصلاة وتؤخريها عن وقتها، فتجني على نفسك الإثم العظيم -والعياذ بالله-.

النية في الأركان العملية

النية في الأركان العملية المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/05/1425هـ السؤال ما وجه الخلاف في مشروعية النية بين الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد شرع الله النية لكل العبادات، وجعل ذلك شرطاً لصحة العبادة وقبولها، قال تعالى: "فاعبد الله مخلصاً له الدين"، والإخلاص لا يتحقق إلا بالقصد والنية، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات"متفق عليه، وقوله: "إنما الأعمال" يفيد الحصر، أي: لا عمل إلا بنية، وفي الجملة فإن النية معتبرة في كل العبادات. ومحل السؤال: الصلاة والصيام والزكاة والحج، وهذه العبادات من أركان الإسلام، وقد أجمع العلماء على أنها لا تصح إلا بنية، ولكن قد تفترق هذه العبادات فيما بينها فيما يتعلق بالنية، وذلك بالنظر إلى ماهية هذه العبادات، وهل هي متميزة بنفسها، أو لا؟ فالصلاة تشترط لها النية في أولها، ويستصحب المصلي هذه النية أثناء الصلاة، والصلاة من الأفعال المتميزة بنفسها؛ لأن أفعالها المتوالية من الوقوف، والركوع والسجود، لا تفعل في غير الصلاة بهذه الهيئة، ولكن تبقى النية التي تميز بين رتب العبادات، فينوي أن هذه الصلاة فرض أو نفل، وينويها فجراً أو ظهراً وهكذا. أما الصيام فإنه يختلف عن الصلاة؛ فهو ليس من الأفعال المتميزة، فالإنسان قد يترك الأكل والشرب تطبباً أو نسياناً أو لعدم الحاجة ونحو ذلك، ولذلك فإن النية مشترطة للصيام، ولذلك قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له" رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وهذا الحديث يدل على أن النية يجب أن تتقدم على الصيام، ويستثنى من ذلك صوم التطوع، فإنه يصح بنية من النهار؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يسأل أهله عن الطعام، فإن وجد شيئاً أكله وإلا صام. وكذلك الصيام يفتقر إلى النية التي تميز بين الفرض والتطوع، والنذر والقضاء. وكذلك الزكاة، فإن الإنسان مطالب بنيتها وقت دفعها لمستحقها؛ لأن دفع المال للمسكين قد يكون للتطوع، وقد يكون للزكاة، وقد يكون للنذر، ولا يتعين واحد من هذه المقاصد إلا بالنية، ولأجل اشتراط النية وقت دفع الزكاة لم يصح أن ينوي الإنسان احتساب بعض الأموال التي أقرضها لغيره من الزكاة؛ لأنه لم ينوها في الوقت المعتبر للنية، والنية لا يجوز أن تتأخر عن العبادة.

أما الحج فهو مركب من أفعال عديدة كالإحرام والطواف والسعي والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى ورمي الجمرات……الخ، وكلها تفتقر إلى النية، فإذا أقدم على أول أفعال الحج وهو الإحرام، فإنه ينوي الحج، ويلبي بالنسك الذي أراده، وهذه التلبية ليست نطقاً بالنية، فإن الحج كسائر العبادات لا يُتلفظ فيها بالنية، ولو كانت التلبية تلفظاً بالنية لقال الملبي: نويت عمرة وحجا مثلاً، ولكنه لا يقول ذلك. أما محذورات الإحرام فإنها من المتروكات، والمتروكات لا تفتقر إلى نية، واجتنابها يحصل بعدم وقوعها، ولكن لو نوى الكف عنها امتثالاً لأمر الشارع فإنه يثاب على ذلك. والكلام على هذا الموضوع طويل جداً، وللعلماء على اختلاف مذاهبهم أقوال وآراء متعددة، ومن أراد الاطلاع على كلامهم فعليه بالكتب التي تتحدث عن النيات وما يتعلق بها، ومن أحسن هذه الكتب: كتاب قاعدة الأمور بمقاصدها، من تأليف شيخنا الدكتور/ يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين جزاه الله خيراً. والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم.

رفع القبر وكتابة بعض الآيات عليه

رفع القبر وكتابة بعض الآيات عليه المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/2/1425هـ السؤال هل يجوز رفع مستوى تربة القبر ووضع حجر على القبر مكتوب عليه بعض آيات القرآن؟. الجواب القبر لا يرفع إلا مقدار شبر، ويكون مسنماً على شكل سنام البعير وسطه مرتفع وحافتاه منخفضتان، ليعلم أنه قبر فيتوقى ولا يهان، وقد ورد عن جابر - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- رفع قبره عن الأرض قدر شبر انظر البخاري (1390) ، وقد روى القاسم بن محمد قال: قلت: يا عائشة يا أمه اكشفي لي عن قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرفة الحمراء، رواه أبو داود (3220) ، ولا يستحب رفعه أكثر من ذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم- لما بعث علياً ابن أبي طالب - رضي الله عنه- إلى اليمن قال له: "لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته" رواه مسلم (969) وغيره، والمشرف هو: المرتفع بدليل ما سبق من وصف قبر النبي - صلى الله عليه وسلم-، وأما وضع حجر عليه ليكون علامة فلا بأس بهذا، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما دفن عثمان بن مظعون أمر رجلاً أن يأتيه بحجر لم يستطع حمله، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحسر عن ذراعيه ثم حملها ثم وضعها عند رأسه وقال: "أعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي" أبو داود (3206) وحسنه الألباني. وأما كونه يكتب عليه آيات فلا يجوز لأن هذا امتهان للآيات وامتهان للقرآن، وربما يتعلق به بعض الجهال والعوام فيظن أن لهذا القبر معنى زائداً يعتقد فيه شيئاً مما يعتقده الجهال الذين كثروا في زماننا. والله أعلم.

قص الشارب وحلقه

قص الشارب وحلقه المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/5/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما المقصود بحفوا أو قصوا الشوارب الواردة في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وهل يجوز إزالة الشارب كلياً؟ أرجو التوضيح في هذا الموضوع، وجزاكم الله خيراً. الجواب سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ ما الأفضل للرجل حلق الشارب أم قصه؟ جـ/ الأفضل قص الشارب -كما جاءت به السنة-، إما حفاً بأن يقص أطرافه مما يلي الشفة حتى تبدو، وإما إحفاء بحيث يقصه جميعه حتى يحفيه، وأما حلقه فليس من السنة، وقياس بعضهم مشروعية حلقه على حلق الرأس في النسك قياس في مقابلة النص فلا عبرة له، ولهذا قال مالك -رحمه الله- عن الحلق:"إنه بدعة ظهرت في الناس" فلا ينبغي العدول عما جاءت به السنة، فإن في اتباعها الهدى والصلاح والسعادة والفلاح. [سلسلة كتاب الدعوة، الجزء الخامس الفتاوى الكبرى لفضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- صـ80-81] .

متى تزكى هذه المساهمات؟

متى تزكى هذه المساهمات؟ المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/09/1425هـ السؤال المال المساهم به في مشروع بناء وحدات سكنية، يستغرق المشروع أكثر من عام ثم تعرض الوحدات للبيع، وقبل مضي العام بعد البيع يدخل المال في مساهمة جديدة، هل تجب فيه الزكاة؟ حيث أُفتينا من بعض المشايخ بعدم الزكاة، وعند الزكاة هل تجب لحول الأصل أم من بداية المساهمة؟ وكيف يزكى؟ ولم تتحدد الأرباح بعد وإن كان المستثمر لا يزكي المال ولا يخبرنا بقيمته فما العمل؟ وهل نأثم لعدم الزكاة رغم الفتوى؟ والمساهمات العقارية في الأراضي ما الحول فيها، بداية المساهمة أم الأصل (أصل المال) ؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فالجواب: أن الزكاة تجب لحول الأصل لا من بداية المساهمة؛ لأن الأصل والمساهمة من نوع واحد فالانتقال من نوع إلى آخر لا يقتضي انقطاع الحول، هذا والزكاة تكون على رأس المال والربح معاً؛ لأن الربح حوله حول أصله، هذا إن كان يمكن تقدير الربح من صاحب المشروع أو منكم وإذا لم يمكن تقديره فيؤخر إلى حين العلم به، ثم يُزكى لما مضى من السنين وحده. هذا إذا كان صاحب المشروع لا يزكي المال، أما إذا أفاد أنه يزكيه وَوَثِقْتُم بقوله فلا زكاة إذاً؛ لأن الزكاة لا تجب إلا في الحول مرة ما عدا زكاة الزروع والثمار فتجب عند الحصاد. هذا والحول في المساهمات العقارية بدايته من أصل المال؛ لما ذكرنا آنفاً من أن أصل المال والمساهمة من نوع واحد فيُبنى على حول الأصل.

الإرضاع بقصد تحريم النكاح بين الأولاد!

الإرضاع بقصد تحريم النكاح بين الأولاد! المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/04/1427هـ السؤال نحن مجموعة من الإخوان نرغب في إرضاع أبنائنا مع بعضهم البعض، وذلك لكي يعيشوا في منزل واحد، وكما هو معلوم فقد أصبحت الأوضاع في هذه الأيام تختلف عن السابق، فقد أثبت الطب كثرة الأمراض الوراثية عند زواج الأقارب ببعض، وكذلك فمن منطلق حرص الأخ على أخيه فلو تزوج شخص من قريبته ثم حصل الطلاق فقد يؤدي ذلك إلى تفكك الأسرة، فهل يجوز الإرضاع بين أبناء الأسرة الواحدة لتفادي كل تلك المشاكل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الرضاع سبب من أسباب المحرمية بالإجماع، بمعنى أن من ثبتت له صلة الرضاع بأحد، ثبتت بينهما المحرمية التي مقتضاها تحريم النكاح بينهما، وإباحة النظر الذي هو النظر بين المحارم، وهو ما يظهر غالباً من المرأة دون ما خفي، وإباحة الخلوة وكونه محرماً في السفر. هذا الرضاع يثبت إذا تحقق فيه شرطان، أحدهما: كونه خمس رضعات معلومات؛ لما في صحيح مسلم (1452) عن عائشة قالت: كان فيما أنزل من القرآن: (عشر رضعات معلومات يحرمن) . ثم نسخن بخمس معلومات. الشرط الثاني: وقوع هذا الرضاع من الأم المرضع حال كون الطفل -من ذكر أو أنثى- لم يتعدّ سنه حولين كاملين أي: سنتين قمريتين وليستا شمسيتين، لمجموع الأحاديث الواردة في هذا، ومنها ما في الترمذي (1152) وصححه: "لا يحرم من الرضاعة، إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام". وهذا قول عامة أهل العلم، فإذا تحقق هذان الشرطان ثبت الرضاع، ولا يضر القصد منه، بل ذكر الفقهاء أن الرضاع يثبت إذا تحقق شرطاه، وإن كان القصد منه محرماً، مع أن القصد المسؤول عنه مباح وحينئذٍ يقال: لا بأس بالإرضاع المذكور وتثبت به محرمية الرضاع، إذا تحقق الشرطان المتقدمان، والله أعلم.

أبو الزوج الكافر هل هو محرم؟!

أبُو الزوجِ الكافرُ هل هو مَحْرم؟! المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/05/1427هـ السؤال من المعروف في الشريعة الإسلامية أن أبا الزوج يعد من المحارم، ويمكن للمرأة أن تكشف أمامه شعرها وبعض جسدها، لكن يبقى السؤال: هل يجوز للمرأة أن تكشف شعرها أمام والد زوجها غير المسلم؟ أي أن الزوج مسلم، لكن أباه غير مسلم. فكيف يمكن للمرأة أن تتصرف في مثل هذا الموضع؟ ونحن نعلم أن معظم الغربيين غير المسلمين ليس لهم أخلاق، وطباعهم فاسدة في الكلام والحركات؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فنبين هنا الأصل في الحكم المسؤول عنه، ثم نبين ما خرج عن الأصل. فأما الأصل في المحرم ومنه والد الزوج، أنه تتعلق به جميع أحكام المحرمية، من تحريم نكاحه بالمرأة التي هو محرم لها وهي محرم له، ومن جواز نظره إليها مما يجوز نظر المحارم إليه، وهو على الصحيح من أقوال أهل العلم: ما يبدو من المرأة في العادة ويشق عليها تغطيته في البيت، كالوجه، والشعر، والنحر، والكفين، والساعدين، والقدمين، وأسفل الساقين. ومن أحكام المحرمية أيضاً: جواز الخلوة، والسفر، بحيث يكفي فيما يشترط له المحرم. هذا الأصل دلت عليه العمومات في ذلك، كقوله -تعالى- في سورة النور: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ... " الآية [النور:31] . وكالأحاديث الواردة في الصحيحين وغيرها، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة، إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ... " صحيح البخاري (1862) ، وصحيح مسلم (1341) . وغيرها. وهذه العمومات قد دخل في عمومها المحرم الكافر؛ لأن الأدلة لم تستثن الكافر، فإنه يطلق عليه أب وابن وأخ وعم ووالد ... إلخ. وعلى هذا جرى الفقهاء، فلم يستثنوا الكافر من أحكام المحرمية، لا في النظر، ولا في غيره، إلا ما رُوي عن الإمام أحمد -رحمه الله- من استثناء سفر الكافر بمحرمه المسلمة، فجعله مَحْرماً في النظر دون السفر؛ لعدم أمانته عليها. فهذا هو الأصل في هذا الحكم، وهو إباحة النظر من المحرم، ولو كان كافراً، ولكن قد يُخْرَجُ عن هذا الأصل، فيمنع النظر، أو تمنع الخلوة، وذلك عند خشية الفتنة -وهذا عام في جميع المحارم وإن كانوا مسلمين- ولذا حرم العلماء بالإجماع نظر الشهوة، إلا من الزوج لزوجته أو العكس، وقال ابن عبد البر -رحمه الله- ما معناه: "ولو كان الأب ينظر بشهوة حرم عليه النظر". فنقول في مسألة أبي الزوج الكافر: إن الأصل هو الإباحة، لكن لو خشيت المرأة منه، فإما أن تحتجب منه إن أمكن، فإن الكشف للمحرم ليس بواجب، لا سيما إن كان الاحتجاب سيقتصر على الشعر أي مع كشف الوجه، وإما أن تجتنب ما قد تخشى منه كالخلوة أو نحو ذلك، والمرأة حين تتقي الله فلها مخارج كثيرة بحيث تتفادى الحرج مع والد زوجها؛ "ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً"، والله -تعالى- أعلم.

الصلاة في مسجد به قبر

الصلاة في مسجد به قبر المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/8/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل تجوز الصلاة في مسجد فيه قبر قد أدخل عليه لاحقاً؟ وهل تجوز في مسجد كان مقبرة وصار مسجداً؟ وما الدليل؟ جزاكم الله خيراً. الجواب تصح الصلاة في المسجد الذي أُدخل فيه القبر، والواجب نبش القبر ونقله إلى مقابر المسلمين -إن كان مسلماً-، وتصح الصلاة في المسجد الذي كان مقبرة ونُبشت القبور وأُخرجت منه ثم بُني مسجداً.

مسلم يشك في دينه

مسلم يشك في دينه المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/2/1425هـ السؤال لي صديق مسلم، ولكنه غير مقتنع بالدين! ويقول كلما ناقشُته: ما أدراك أن الدين الإسلامي دين صحيح؟! ويقول لي: أريد إثباتاً واقعيًّا غير القصص القديمة وغيرها، ولكنه لا يقتنع بكلامي، وأريد من فضيلتكم الإجابة؛ حتى يعود إلى رشده. ودمتم في رعاية الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا الشخص ليس مؤمناً، وبالتالي فهو من الذين قال الله فيهم: "وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون" [التوبة:45] ، فهو متردد في الريب- والعياذ بالله من حاله-. أما الاقتناع فيوجه إلى أن ينظر إلى معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم-، وأن ينظر في كتاب الكون المنشور، وهو ما في هذا الكون من الخلق، وأن ينظر في الكتاب المقروء، وهو الوحي المقروء، وما تضمنه من المعجزات، ومن الآيات البينات، فإذا نظر إلى هذا وتدبر فيه؛ فإنه في النهاية سيصل إلى الإيمان، يعرف أنه لم يُخلق من غير خالق، قال تعالى: "أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون" [الطور:35-36] ، فهو الذي خلق الإنسان، "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" [الذاريات:21] ، وخلق البيئة التي تحيط به من أفلاك وسماوات، وشمس، وقمر، والأرض التي يعيش عليها، والهواء الذي يستنشقه، وما حوله من منافع الأرض التي يتغذى منها، طبعاً خالق عظيم ليس جزءاً من هذا الكون، بل هو - سبحانه وتعالى- خلق هذا الكون.

والذي ينظر - أيضاً- في معجزات الأنبياء وما قدر الله على أيديهم من معجزات خارقات، ومعجزات خاتم الأنبياء - صلى الله عليه وسلم- يتيقن يقيناً أن هذا من عند الله - سبحانه وتعالى-، وأهم شيء بالنسبة لهذا الشخص أن ينظر في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، فلو كان القرآن من عند غير الله ما وجد فيه - مثلاً- أطوار الجنين، الله - سبحانه وتعالى- يقول: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" [المؤمنون:12-14] ، هذه الأطوار الأربعة التي وصل إليها العلماء في هذا العصر الحديث كيف يتحدث عنها القرآن بوضوح وصراحة، لو لم يكن من عند الله - سبحانه وتعالى-؟ أيضاً كثير من الآيات التي وردت في القرآن الكريم سواء ما يتعلق بالإعجاز العلمي كآية إنزال الحديد: "وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ" [الحديد: من الآية25] ، وثبت علميًّا أن الحديد لم يطبخ في الأرض، وإنما طبخ في كون آخر، ثم أنزل الأرض واختلط بها، والقرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً، يقول: "أنزلنا الحديد" أضف إلى ذلك ما وجد في الكتب القديمة من وصف النبي - صلى الله عليه وسلم- وما جرى على يده - صلى الله عليه وسلم- من صلاح النفوس، وصلاح القلوب، وصلاح أمة كانت ضالة تائهة، وكل هذه المعجزات متعددة الأحوال، فهذه المعجزات عليه أن يراجعها، وأن ينظر فيها، وأن يقرأ القرآن بتدبر، وأن يجلس في مجالس العلم، وأن يتدبر فيما مضى من أجله، وما بقي من عمره، وفي مصيره، فكل هذا باختصار شديد، ولو أردنا أن نشرح المعجزات، والآيات لطال ذلك، ولكن نكتفي بهذا، ونشير على هذا الشخص بأن يطلب الهداية في الله - سبحانه وتعالى-: "مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً" [الكهف من الآية: 17] ، "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" [القصص من الآية: 56] ، فالهداية من عند الله - سبحانه وتعالى- فليطلب الهداية، وليتدبر آيات الله - سبحانه وتعالى- ويجالس العلماء، وليسأل عما وقر في قلبه، ويراجع كتاب: (دلائل النبوة) للبيهقي، فهو كتاب جمع كثيراً من معجزاته - صلى الله عليه وسلم- التي يستحيل أن تكون على يد شخص غير نبي معصوم من أنبياء الله - سبحانه وتعالى-، وفي أصل الحديد يراجع نتائج الإعجاز العلمي في القرآن التي نشرتها هيئة الإعجاز، وهي نتائج كثيرة جداً.. الذي لا يدع مجالاً في أن القرآن ليس من عند البشر، وإنما هو من عند الله - سبحانه وتعالى-، هذا الذي نستطيع أن نقوله في الوقت الحاضر، وكما قلت فليذهب للعلماء ويجالسهم، وليدع الله - سبحانه وتعالى- ويسأله الهداية.

تأخير الحج بدون عذر

تأخير الحج بدون عذر المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/11/1424هـ السؤال ما حكم من أخر الحج بدون عذر وهو قادر عليه ومستطيع؟ الجواب من قدر على الحج ولم يحج الفريضة وأخره لغير عذر، فقد أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة، فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالحج؛ لقول الله سبحانه:" ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن غني عن العالمين" [آل عمران:97] ، ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:" بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان" متفق على صحته انظر صحيح البخاري (8) ، وصحيح مسلم (16) ، ولقوله -صلى الله عليه وسلم- لما سأله جبرائيل عليه السلام عن الإسلام، قال:" أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" أخرجه مسلم في صحيحه (8) ، من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (359) ]

هل يشرع أن يقترض ليحج؟

هل يشرع أن يقترض ليحج؟ المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/11/1424هـ السؤال أرغب في الحج لهذا العام، ولكن لا أملك نقوداً، فهل يجوز الاقتراض لأداء فريضة الحج، مع العلم أن علي ديناً سابقاً؟ الجواب أخي الكريم: ما دام أنك لا تملك نقوداً فلا يلزمك أن تقترض لتحج، لأنه لا يلزمك الحج لأنك غير مستطيع، ولا يجب الحج إلا على المستطيع، لكن لو اقترضت ثم حججت وعليك دين سابق صح حجك، وأجزأ عن الفريضة، والله أعلم.

العمرة واجبة في العمر مرة

العمرة واجبة في العمر مرة المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/09/1425هـ السؤال حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: " إن الله كتب عليكم الحج" فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال -صلى الله عليه وسلم-:" لو قلتها لوجبت؛ الحج مرة فمن زاد فهو تطوع" رواه الخمسة إلا الترمذي وأصله في مسلم من حديث أبي هريرة. ألا يدل على عدم وجوب العمرة؟ الجواب الأدلة متنوعة وهذا في الحج، والعمرة لها أدلتها، والصواب أنها واجبة مرة في العمر كالحج وما زاد فهو تطوع؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح لعائشة -رضي الله عنها-لما سألته هل على النساء جهاد؟ قال:" نعم. جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة"، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-لما سأله جبرائيل -عليه السلام- عن الإسلام قال:" الإسلام أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج وتعتمر" أخرجه ابن خزيمة والدارقطني بإسناد صحيح. ولأدلة أخرى. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (355) ]

الصلاة على الميت قبل تغسيله

الصلاة على الميت قبل تغسيله المجيب د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/11/1424هـ السؤال توفي والدي -رحمه الله- وبقي عندنا في المنزل طيلة الليل، وأراد أهل الميت الصلاة عليه قبل تغسيله؛ لأنه لا يوجد في المسجد مصلى للنساء، ولا يتمكنون من إعادته للبيت بعد تغسيله، وقرأت في (كشاف القناع) أنه لا تصح الصلاة عليه قبل غسله وتكفينه، ولكن لم أجد دليلاً على ذلك، مع العلم أن الصلاة مكتملة الشروط والأركان، ولم يذكر أحد من أهل العلم، ولم يرد في حديث ما يدل على أن تغسيل الجنازة قبل الصلاة عليها شرط من شروط الصلاة، وهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- يدل على الاستحباب والأفضلية، بينوا لنا جزاكم الله خيراً مع الاستدلال. الجواب اشترط بعض الفقهاء تغسيل الميت لصحة الصلاة عليه، والذي يظهر لي عدم اشتراط ذلك فتصح الصلاة عليه، سواء غسل أو لم يغسل، وإن كان الأفضل تغسيله إذا أمكن ذلك، وإذا لم يمكن فالتيمم يقوم مقام الغسل؛ لأنه ينوب عن الماء عند عدمه أو عدم القدرة على استعماله، وإنما قلنا الأولى خروجاً من خلاف أهل العلم الذين قالوا باشتراط طهارته للصلاة عليه، وإنما قلنا بعدم اشتراط ذلك لما يلي: 1- ما تقرر أن غسل الميت أمر تعبدي غير معلل، بدليل أنه لو غسل ثم خرج منه شيء بعد الغسل أثناء الصلاة عليه لم يمنع صحة الصلاة؛ لأن طهارة المصلي شيء وطهارة الميت شيء آخر، فإذا توفرت أركان الصلاة وشروطها من المصلي صحت باتفاق أهل العلم. 2- ما ورد في السنة الصحيحة أن الشهيد لا يغسل ويدفن في ثيابه، وقد قال جمع من أهل العلم: أنه يصلى عليه، ولم تمنع الصلاة عليه لنجاسته عند من قال به وإنما لفضله. 3- القول باشتراط طهارته عند الصلاة عليه يتوقف على معرفة الدليل؛ لأن العبادة أمر توقيفي، ولم يوجد دليل يدل على اشتراط ذلك، وما نقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من فعله يفيد الاستحباب دون الاشتراط، والله أعلم.

حلق اللحية

حلق اللحية المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/7/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم حلق اللحية؟ وما الأدلة الشرعية من القرآن والسنة وأقوال السلف الصالح على وجوب عدم حلقها أو تحديدها؟ أي: إزالة البعض منها لتكون حسب قول البعض بصورة أجمل، وجزاكم الله خيراً. الجواب سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ هل يجوز تقصير اللحية خصوصاً ما زاد على القبضة فقد سمعنا أنه يجوز؟ جـ/ جاء في الصحيحين البخاري (5892) ومسلم (259) وغيرهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"خالفوا المشركين ووفروا اللحى وأحفوا الشوارب" هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم:"خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى" وفي لفظ:"أعفوا" وله من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- (260) ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس"، وله من حديث عائشة -رضي الله عنها- (261) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"عشر من الفطرة: قص الشارب وإعفاء اللحية" وذكر بقية الحديث. وهذه الأحاديث تدل على وجوب ترك اللحية على ما هي عليه وافية موفرة عافية مستوفية، وأن في ذلك فائدتين عظيمتين: إحداهما: مخالفة المشركين حيث كانوا يقصونها أو يحلقونها، ومخالفة المشركين فيما هو من خصائصهم أمر واجب؛ ليظهر التباين بين المؤمنين والكافرين في الظاهر كما هو حاصل في الباطن، فإن الموافقة في الظاهر ربما تجر إلى محبتهم وتعظيمهم والشعور بأنه لا فرق بينهم وبين المؤمنين، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من تشبه بقوم فهو منهم" أبو داود (4031) ، وأحمد (5115) قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"أقل أحوال هذا الحديث التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم". ثم إنه في موافقة الكفار تعزيزاً لما هم عليه، ووسيلة لافتخارهم وعلوهم على المسلمين حيث يرون المسلمين أتباعاً لهم، مقلدين لهم، ولهذا كان من المقرر عند أهل الخبرة في التاريخ أن الأضعف دائماً يقلد الأقوى. الفائدة الثانية: أن في إعفاء اللحية موافقة للفطرة التي فطر الله الخلق على حسنها وقبح مخالفتها، إلا من اجتالته الشياطين عن فطرته، وبهذا علم أنه ليست العلة من إعفاء اللحية مخالفة المشركين فقط بل هناك علة أخرى وهي موافقة الفطرة. ومن فوائد إعفاء اللحية: موافقة عباد الله الصالحين من المرسلين وأتباعهم كما ذكر الله -تعالى- عن هارون أنه قال لموسى -صلى الله عليهما وسلم-:"يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي" [طه:94] وفي صحيح مسلم (2344) عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"وكان كثير شعر اللحية".

أما ما سمعتم من بعض الناس أنه يجوز تقصير اللحية خصوصاً ما زاد على القبضة، فقد ذهب إليه بعض أهل العلم فيما زاد على القبضة، وقالوا: إنه يجوز أخذ ما زاد على القبضة استناداً إلى ما رواه البخاري (5892) عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، أنه كان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما زاد أخذه، ولكن الأولى الأخذ بما دل عليه العموم في الأحاديث السابقة فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستثن حالاً من حال. [مجموع فتاوى ورسائل الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- (11/127) ] .

وفاء الدين قبل الحج

وفاء الدين قبل الحج المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/11/1422 السؤال عليَّ دين وأريد الحج فهل يجوز لي ذلك؟ جزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان لديك مال يتسع للحج ولقضاء الدين فلا بأس، أما إذا كان المال لا يتسع لهما، فابدأ بالدين؛ لأن قضاء الدين مقدم، والله سبحانه وتعالى يقول:" ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" وأنت لا تستطيع؛ لأن الدين يمنعك من الاستطاعة، أما إذا كان لديك مال كاف لسداد الدين وأداء الحج فلا بأس أن تحج وأن تفي بالدين، بل هو الواجب عليك للآية المذكورة وما جاء في معناها من الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (392) ]

حكم الحج عمن مات ولم يحج

حكم الحج عمَّن مات ولم يحج المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/11/1422 السؤال من مات ولم يحج لمرض أو فقر ونحوه هل يحج عنه؟ الجواب ن مات قبل أن يحج فلا يخلو من حالين: إحداهما: أن يكون في حياته يستطيع الحج ببدنه وماله فهذا يجب على ورثته أن يخرجوا من ماله لمن يحج عنه؛ لكونه لم يؤدِ الفريضة التي مات وهو يستطيع أدائها وإن لم يوصِ بذلك، فإن أوصى بذلك فالأمر آكد، والحجة في ذلك قول الله سبحانه:" ولله على الناس حج البيت" الآية، والحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له رجل: إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه؟ فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:" حج عن أبيك واعتمر". وإذا كان الشيخ الكبير الذي يشق عليه السفر وأعمال الحج يحج عنه فكيف بحال القوي القادر إذا مات ولم يحج؟! فهو أولى وأولى بأن يحج عنه. وللحديث الآخر الصحيح أيضاً أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" حجي عن أمك". أما الحال الثانية: وهي ما إذا كان الميت فقيراً لم يستطع الحج، أو كان شيخاً كبيراً لا يستطيع الحج وهو حي، فالمشروع لأولياء مثل هذا الشخص كابنه وبنته أن يحجوا عنه؛ للأحاديث المتقدمة؛ ولحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يقول: " لبيك عن شبرمة" قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- من شبرمة؟ قال: " أخ لي أو قريب لي" فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:" حججت عن نفسك" قال: لا، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:" حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة". وروي هذا الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفاً عليه. وعلى كلتا الروايتين فالحديث يدل على شرعية الحج عن الغير سواء كان الحج فريضة أو نافلة. وأما قوله تعالى:" وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"، فليس معناها أن الإنسان ما ينفعه عمل غيره، ولا يجزئ عنه سعي غيره، وإنما معناها عند علماء التفسير المحققين أنه ليس له سعي غيره، وإنما الذي له سعيه وعمله فقط، وأما عمل غيره فإن نواه عنه وعمله بالنيابة، فإن ذلك ينفعه ويثاب عليه، كما يثاب بدعاء أخيه له وصدقته عنه، فهكذا حجه عنه وصومه عنه إذا كان عليه صوم؛ للحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" من مات وعليه صيام صام عنه وليه"، أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة، وهذا يختص بالعبادات التي ورد الشرع بالنيابة فيها عن الغير، كالدعاء والصدقة والحج والصوم، أما غيرها فهو محل نظر واختلاف بين أهل العلم، كالصلاة والقراءة ونحوهما، والأولى الترك، اقتصاراً على الوارد واحتياطاً للعبادة، والله الموفق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (398) ]

زكاة الأسهم

زكاة الأسهم المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/11/1422 السؤال أرجو التكرم ببحث عن أحكام زكاة المال المدخر في شكل أسهم محلية، حيث إن القيمة الدفترية والتي بموجبها تحسب الزكاة للدولة غالباً ما تكون لا تتوافق مع القيمة السوقية والتي تمثل المال المستثمر. الجواب زكاة الأسهم: يعني السهم في شركات المساهمة أن صاحبه يمتلك حصة ونصيباً وجزءاً مشاعاً في هذه الشركة، وزكاة الأسهم تختلف حسب طبيعة نشاط الشركة، فالشركات الزراعية تكون الزكاة على الناتج الزراعي، والشركات الصناعية زكاتها على الناتج الصناعي، فالآلات والإنشاءات والتركيبات والسيارات والمعدات لا زكاة عليها، والشركات التجارية التي تتعامل ببيع المواد الغذائية والصحية والمواشي - تجارة - تزكي هذه الأشياء المعدة للبيع زكاة عروض تجارة، وهكذا يختلف من الناحية الفقهية حساب الزكاة من شركة إلى أخرى حسب طبيعة نشاطها - هذا من جهة -، ومن جهة أخرى يختلف مقدار زكاة الأسهم حسب نية المساهم، فالمساهمون على نوعين، فمنهم من يمتلك الأسهم بنية الحصول على أرباحها السنوية، ومنهم من يمتلكها بنية المتاجرة فيها والتربص بها فيشتريها في حال انخفاض سعرها لبيعها إذا ارتفع، فهذا متاجر في الأسهم. وتقوم مصلحة الزكاة والدخل التابعة لوزارة المالية والاقتصاد الوطني باستيفاء الزكاة من الشركات المساهمة، ولا تتمكن من مراعاة التفريق بين نية المساهم مريداً للأرباح السنوية أم متاجراً، وبالتالي فتكون القيمة المدفوعة زكاة غير مطابقة لواقع المساهمين، بل إنها غير دقيقة في مراعاة الأمر الأول وهو اختلاف حساب الزكاة من شركة إلى أخرى حسب طبيعة نشاطها؛ لصعوبات فنية، وإشكالات فقهية يتعين عليها حلها قدر المستطاع، وهناك جدل لم يحسم بعد بين المصلحة وبعض الشركات المساهمة في كيفية تحديد وعاء الزكاة. وتحدد مصلحة الزكاة والدخل وعاء الزكاة بناءً على الأمور التالية: 01رأس المال المدفوع في أول العام. 02 صافي الربح السنوي في نهاية العام. 03 الأرباح المرحلة عن سنوات سابقة 04 كلفة الاحتياطيات. 05 مجمع استهلاك الأصول الثابتة في أول العام. 06 رصيد الحساب الدائن للشركة في أول العام. 07 الأرباح تحت التوزيع. مع وجود بعض القيود والاستثناءات في تفاصيل هذه الأمور، ثم تخصم منها الأشياء التالية لتحديد صافي وعاء الزكاة: 01 صافي قيمة الأصول الثابتة. 02 الخسائر الحقيقية. 03 الاستثمارات في منشآت أخرى. فالحاصل أن زكاة الأسهم موضوع دقيق وشائك ومختلف من شركة إلى أخرى، بل ومن عام إلى آخر لنفس الشركة وهكذا.

ولكن يمكن القول إجمالاً بأن الذي يشتري الأسهم بنية الحصول على أرباحها السنوية تكفي المبالغ المدفوعة لمصلحة الزكاة، ولا يلزم الشخص أن يدفع شيئاً إضافياً إلا أن تكون شركات كل نشاطها عروض تجارة، فالمبلغ المدفوع للمصلحة لا يكفي - غالباً -، وكذلك أيضاً إذا كان المساهم قد اشترى الأسهم بنية المتاجرة فيها سواء كانت شركات كل نشاطها عروض تجارة أم كانت غير ذلك صناعية، أو زراعية، أو غيرها، فهذه زكاتها تكون بتقدير قيمتها السوقية في يوم وجوب الزكاة على المكلف، فينظر كم تساوي في السوق؟ فهذا هو كل وعاء زكاته شرعاً، ولكن مصلحة الزكاة قد أخذت زكاة عنها، والغالب أنه أقل من قيمتها السوقية فيدفع صاحب هذه الأسهم الفرق، ومقدار هذا الفرق يتطلب معرفة بأرقام مالية في الشركة لا يستطيع المساهم العادي معرفتها، بل ولا فهمها، وهو يختلف من شركة لأخرى ومن حول لآخر، وحبذا لو أن الإدارات المالية في الشركات أوضحت ذلك لمساهميها، ولهذا فإن كثيراً من المساهمين يقومون بتقويم أسهمهم وفق القيمة السوقية لها يوم وجوب الزكاة ثم يخرجون زكاة جميع القيمة، دون اعتداد منهم بما دفعته إدارة الشركة لمصلحة الزكاة لجهلهم بمقداره، وهؤلاء قد أدوا الواجب وزيادة، وإتماماً للفائدة أذكر قرار مجمع الفقه الإسلامي، ونصه كما يلي: " قرار رقم 28 (3/4) " بشأن الأسهم في الشركات إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من (18-23 جمادى الآخرة 1408هـ) الموافق (6/11/شباط (فبراير) 1988م) بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع زكاة أسهم الشركات، قرر ما يلي: أولاً: تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه. ثانياً: تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى: أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخص واحد، وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة ومن حيث النصاب، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي، وذلك أخذاً بمبدأ الخلطة عند من عممه من الفقهاء في جميع الأموال، ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها: أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين. ثالثاً: إذا لم تزكِ الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار؛ لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم.

وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي وليس بقصد التجارة، فإنه يزكيها زكاة المستغلات، وتمشياً مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع، مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع، وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه زكى قيمتها السوقية وإذا لم يكن لها سوق زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر (2.5%) من تلك القيمة ومن الربح إذا كان للأسهم ربح. رابعاً: إذا باع المساهم أسهمه في أثناء الحول ضم ثمنها إلى ماله وزكاه معه عندما يجيء حول زكاته، أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق.

حكم الحج عمن قد حج فرضه

حكم الحج عمَّن قد حج فرضه المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/11/1422 السؤال حجت أمي سبع حجات فهل يجوز لي أن أحج عنها بنفسي أم لا؟ الجواب نعم يجوز لك أن تحجي عنها حجة ثامنة أو أكثر وهذا من برها ولك في ذلك أجر عظيم إذا كنت قد حججت عن نفسك، وكانت متوفاة أو عاجزة عن الحج لكبر السن أو مرض لا يرجى برؤه، وأسأل الله عز وجل أن يمنحني وإياك الفقه في دينه والثبات عليه. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (405) ]

حكم الختان للذكر والأنثى

حكم الختان للذكر والأنثى المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/04/1425هـ السؤال ما حكم الختان بالنسبة للذكر والأنثى؟ وهل له فائدة من الناحية الطبية؟ الجواب سئل الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، نذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة: سئل الشيخ عن حكم الختان في حق الرجال والنساء؟ فأجاب بقوله: حكم الختان محل خلاف، وأقرب الأقوال أن الختان واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء، ووجه التفريق بينهما أن الختان في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وفي الطهارة؛ لأنه إذا بقيت القلفة، فإن البول إذا خرج من ثقب الحشفة بقي وتجمع في القلفة، وصار سبباً إما لاحتراق أو التهاب، أو لكونه كلما تحرك خرج منه شيء فيتنجس بذلك. وأما المرأة فإن غاية ما فيه من الفائدة أنه يقلل من غلمتها، أي: شهوتها، وهذا طلب كمال، وليس من باب إزالة الأذى. واشترط العلماء لوجوب الختان، ألا يخاف على نفسه، فإن خاف على نفسه من الهلاك أو المرض، فإنه لا يجب؛ لأن الواجبات لا تجب مع العجز، أو مع خوف التلف، أو الضرر. ودليل وجوب الختان في حق الرجال: أولاً: أنه وردت أحاديث متعددة بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من أسلم أن يختتن، والأصل في الأمر الوجوب. ثانياً: أن الختان ميزة بين المسلمين والنصارى، حتى كان المسلمون يعرفون قتلاهم في المعارك بالختان، فقالوا: الختان ميزة، وإذا كان ميزة فهو واجب لوجوب التمييز بين الكافر والمسلم، ولهذا حرم التشبه بالكفار؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم". ثالثاً: أن الختان قطع شيء من البدن، وقطع شيء من البدن حرام، والحرام لا يستباح إلا لشيء واجب، فعلى هذا يكون الختان واجباً. رابعاً: أن الختان يقوم به ولي اليتيم وهو اعتداء عليه واعتداء على ماله؛ لأنه سيعطي الخاتن أجره، فلولا أنه واجب لم يجز الاعتداء على ماله وبدنه، وهذه الأدلة الأثرية والنظرية تدل على وجوب الختان في حق الرجال، أما المرأة ففي وجوبه عليها نظر؛ فأظهر الأقوال أنه واجب على الرجال دون النساء، وهناك حديث ضعيف، وهو: "الختان سنة في حق الرجال مكرمة في حق النساء"، فلو صح هذا الحديث لكان فاصلاً. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-، ج11 صـ117]

هل على الطفل إتمام العمرة؟

هل على الطفل إتمام العمرة؟ المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 7/9/1424هـ السؤال ذهبت إلى العمرة في شهر رمضان، وكان معي أطفالي (لم يبلغوا السابعة من العمر) وفي منتصف السعي ناموا فوضعتهم في أحد الجوانب، وأكملت السعي والعمرة لوحدي فهل عليّ شيء لأني لم أكمل عمرة أطفالي؟. الجواب السعي ركن من أركان العمرة، فلا تصح العمرة للأطفال حتى يسعوا ويحلقوا رؤوسهم، هذا إذا كانوا محرمين، ولكن هناك رأي لبعض العلماء بأن الأطفال لا يلزمهم الإتمام لأنهم غير مكلفين، ولعل هذا الرأي الأخير أرجح، فلا شيء على أطفالك - إن شاء الله -.

حج الصبي لا يجزئه عن حجة الإسلام

حج الصبي لا يجزئه عن حجة الإسلام المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/11/1422 السؤال هل حج الصبي الذي لم يبلغ يغنيه عن حجة الإسلام؟ الجواب احرج أن يحج الصبي، بحيث يُعلَّم ويحج ويكون له ذلك نافلة، ويؤجر عن حجه، لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى"، وقد قالت امرأة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعها صبي صغير:" يا رسول ألهذا حج؟ فقال: نعم ولك أجر"، وقال الصحابة: كنا نلبي عن الصبيان ونرمي عنهم. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (375) ]

الترفيه الرياضي داخل المسجد

الترفيه الرياضي داخل المسجد المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/11/1422 السؤال هل يجوز لعب كرة المضرب (تنس الطاولة) أو ما شابهها من الألعاب داخل المسجد، أو صالة مفتوحة عليه؟ الجواب إذا احتاج المسلمون لمثل هذا فلا حرج عليهم بشرط ألا يشوشوا على المصلين والمتعلمين الملازمين للمسجد، وقد كان الحبشة يلعبون ويرقصون بحرابهم في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ينظر إليهم، ويحثّهم على ذلك.

كيفية إحرام الصبي ولوازمه

كيفية إحرام الصبي ولوازمه المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/11/1422 السؤال لو حججت بطفلي الصغير ولبيت عنه ولكننا لمن نستطع أن نكمل حجه فهل علينا شيء؟ الجواب ستحب لمن حج بالطفل من أب أو أم أو غيرهما أن يلبي عنه بالحج، وهكذا العمرة؛ لما ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن امرأة رفعت إليه صبياً فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: " نعم ولك أجر" أخرجه مسلم في صحيحه. ويكون هذا الحج نافلة للصبي ومتى بلغ وجب عليه حج الفريضة إذا استطاع السبيل لذلك، وهكذا الجارية وعلى من أحرم عن الصبي أو الجارية أن يطوف به، ويسعى به، ويرمي عنه الجمار، ويذبح عنه هدياً إن كان قارناً أو متمتعاً، ويطوف به طواف الوداع عند الخروج؛ للحديث المذكور ولما جاء في معناه من الأحاديث والآثار عن الصحابة -رضي الله عنهم-. ومن قصر في ذلك فعليه أن يتمم. فإن كان قد ترك الرمي عنه، أو ترك طواف الوداع، فعليه عن ذلك دم يذبح في مكة للفقراء من مال الذي أحرم عنه، وإن كان لم يطف به طواف الإفاضة أو لم يسع به السعي الواجب فعليه أن يرجع به إلى مكة ويطوف ويسعى، وإذا كان من معه الصبي أو الجارية يخشى ألا يقوم بالواجب فليترك الإحرام عنه؛ لأن الإحرام عنه ليس واجباً ولكنه مستحب لمن قدر على ذلك. والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- الجزء السادس عشر ص (375) ]

كيف أخرج زكاة تلك المحلات؟

كيف أخرج زكاة تلك المحلات؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/11/1422 السؤال لدي محلات لاستبدال براميل الغاز وبيع مستلزماته كانت للوالد، كُلّفت بعد كبر سنه أن أشرف عليها، سؤالي: كيف أخرج زكاة تلك المحلات علماً أنني لا أعرف رأس المال الذي بدأ به الوالد؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يلزم - أخي - أن تعرف مبدأ رأس المال، وإنما عليك أن تؤدي الزكاة اعتباراً من حول والدك، فإذا تم الحول تخرج الزكاة، وتكون الزكاة عن الأموال التي تباع في المحل من عروض التجارة ونحوها، وأما البراميل التي تستبدل والأجهزة الموجودة في المحل من رافعة ونحوها من الأشياء التي تلزم المحل فهذه لا زكاة فيها والحمد لله، وتزكي رأس المال والربح يعني: تنظر عند تمام الحول ما بين يديك من أموال من عروض التجارة التي هي تستبدل وتباع وتشترى فتزكيها، وكذلك الرصيد الذي يكون عندك قد حال عليه الحول، فهذه طريقة الزكاة، وتحرص أن تبرئ ذمتك، ولا يلزم أن تعرف مبدأ رأس المال، وإنما تحصي ما بين يديك إذا عرفت نهاية الحول وتحصي مما يكون من عروض التجارة وتزكيه.

صلاة الجماعة

صلاة الجماعة المجيب عبد الله بن عبد الوهاب بن سردار خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 9/1/1425هـ السؤال نرجو من فضيلتكم التكرم بتوضيح حكم صلاة الجماعة بالأدلة الشرعية، وكيف الرد على من يقول إنها ليست واجبة بل هي سنة مؤكدة أو هي من قبيل فروض الكفايات؟ شكر الله لكم مع دلالتنا لبعض المراجع التي نستفيد منها في هذا الموضوع ومن أحسن من كتب فيها؟ الجواب صلاة الجماعة واجبة، وذلك لأدلة كثيرة منها: (1) أن الله عز وجل أمر المسلمين في حال الخوف في الحرب بصلاة الجماعة ما داموا مستطيعين فقال -تعالى-: "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك" [النساء: 102] ، فمن كان في حال السلم فهو أولى بوجوب الجماعة عليه، ولاحظ كيف أن الله أسقط عنهم جزءاًَ من الصلاة ولم يسقط عنهم صلاة الجماعة. (2) حديث ابن أم مكتوم -رضي الله عنه- أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- إني رجل ضرير البصر شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: هل تسمع النداء قال: نعم قال: لا أجد لك رخصة. رواه أبو داود (552) ، وأحمد (15064) ، والنسائي (851) ، وابن ماجة (792) ، وابن خزيمة، قال عنه النووي صحيح أو حسن وقال المنذري: إسناده جيد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. فهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً كما صح ذلك عنه فيما رواه البخاري (3560) ، ومسلم (2327) ، من حديث عائشة -رضي الله عنها-، فيختار هنا للأعمى أن يأتي للمسجد مع صعوبته عليه. ثم لاحظ أنه قال: لا أجد لك رخصة، والرخصة لا تكون إلا من واجب، أما ترك سنة فلا يحتاج إلى رخصة. ثم تأمل بعض أقوال الصحابة -رضي الله عنهم- مثل قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: (ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم) رواه مسلم (654) ، ولا يوصف بالضلال إلا من ترك واجباً أو ارتكب محرماً. وقول أبي هريرة -رضي الله عنه-: لأن يمتلئ أذنا ابن آدم رصاصاً مذاباً خير له من أن يسمع المنادي فلا يجيبه. وليس هذا محل جمع الأدلة فأحيلك على أحد الكتب التالية: صلاة الجماعة د. سعيد بن علي القحطاني. أهمية صلاة الجماعة د. فضل إلهي الرد على من قال إنها سنة: (إنكم قلتم: (إن الجماعة سنة بدليل أن صلاة المنفرد صحيحة ولها فضل كما في حديث: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" رواه البخاري (645) ، ومسلم (650) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- فكيف يكون لها فضل وصاحبها آثم بترك الجماعة؟ والجواب: أن هذا ممكن فقد يقوم العبد بعبادة يترك فيها واجباً من الواجبات لكن عبادته صحيحة ولها فضل وهو آثم بترك ذلك الواجب، كالذي يحج ولا يطوف طواف الوداع. الرد على من قال إنها فرض كفاية: لو كانت فرض كفاية لما همّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحريق بيوت الذين لا يشهدون الجماعة واكتفى بالذين يشهدون الجماعة معه لأن الإثم يسقط عمن لم يحضر، انظر ما رواه البخاري (644) ، ومسلم (651) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- والله أعلم.

بم تدرك الركعة والجماعة؟

بم تدرك الركعة والجماعة؟ المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 7/11/1424هـ السؤال بم تدرك الركعة؟ وبم تدرك الصلاة؟ مع الإيضاح. الجواب الركعة تدرك بإدراك الركوع مع الإمام، وذلك بأن يلتقي هو وإمامه في حد أقل الركوع، ولا يضره سبق الإمام بالقراءة، ويدل لذلك حديث: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" البخاري (580) ومسلم (607) كما يدل له حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- وكان ركع دون الصف، ولم يأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإعادة، انظر: البخاري (783) وهذا الحكم على اتفاق بين الأئمة، وحكى الإجماع عليه غير واحد من العلماء، وعليه عمل الناس من زمن الصحابة -رضي الله عنهم- إلى اليوم. أما إدراك الصلاة فتدرك بتكبيرة الإحرام قبل سلام الإمام التسليمة الأولى، وقال بعض أهل العلم: إن فضل الجماعة لا يدرك إلا بإدراك ركعة مع الإمام، والله أعلم.

تعدد المصليات في المكان الواحد

تعدد المصليات في المكان الواحد المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 4/12/1422 السؤال أعمل في مجمع لا يسمح لكل أحد بالدخول إلا لمن لديه عمل فيه، وليس فيه إلا مسجد واحد رسمي ولا يكفي جميع العاملين، ويصلي جماعات من العاملين في بعض المصليات الأخرى المتعددة التي لا يُصلى فيها إلا وقت أو وقتان، وهناك مكان ليس مسجداً في الأصل، وإنما يُصلي فيه بعض المقيمين في المجمع الفروض الخمسة، فهل الصلاة في هذه المصليات صحيحة؟ وبصيغة أخرى، هل يجب عليّ شخصياً أن أصلي في المسجد الرسمي في المجمع، أو يمكنني الصلاة في المسجد الآخر الذي يصلى فيه الفروض الخمسة، أم أن الصلاة في أي مصلى من هذه المصليات لا بأس فيه؟ آمل التفضل بالتفصيل في الفتوى. الجواب الصلاة في المسجد المخصص للصلاة والذي يصلي فيه عدد أكبر لا شك أنه الأفضل، بل الواجب في بعض الأحيان إذا لم تكن هناك صلاة جماعة في غيره، وأمكن للمسلم أن يصلي فيه، لكن إذا كان الحال -كما ذكرت- من أن هذا المسجد لا يكفي لكل المصلين فلا حرج على المسلمين في الصلاة جماعة في مكان آخر من المصنع حتى ولو لم يكن مخصصاً في الأصل للصلاة، ولا مبنياً على هيئة المصلى؛ لأن الصلاة تجوز في كل مكان طاهر مباح كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما-، ورواه عدد آخر من الصحابة أيضاً بألفاظ متقاربة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأيُّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة، وأعطيت الشفاعة "رواه البخاري (438) ومسلم (521) واللفظ للبخاري.

الجلوس عند القبر بعد الدفن

الجلوس عند القبر بعد الدفن المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/11/1424هـ السؤال هل ذكر في السنة أنه بعد دفن الميت يظل الدافنون والمعزون في القبر بمقدار ذبح جمل؟ وهل واجب أن أمكث كل هذا الوقت؟ الجواب يحسن أن يجلس من ذوي الميت بعد الدفن بقدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها؛ لأن هذا يروى عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنه طلب من ذويه أن يجلسوا عنده حتى يستأنس بهم في حال مراجعته لرسل ربّه، أو سؤال منكر ونكير، ويكون جلوسهم للدعاء له بالتثبيت وسؤال المغفرة والرحمة.

متابعة المسبوق لإمامه

متابعة المسبوق لإمامه المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/12/1422 السؤال المسبوق هل يتم أو يقضي صلاته؟ الجواب ما يدرك المسبوق مع إمامه يعد أول الصلاة بالنسبة له، لكن يتابع الإمام حتى لو اختلفت الركعة، فمثلاً إذا فاتته ركعة فسيدرك الإمام في الثانية التي هي الأولى بالنسبة للمأموم المسبوق، فيجلس مع الإمام في التشهد الأول ولو كانت الركعة الأولى بالنسبة له أي للمأموم، وهكذا في باقي الصلاة.

التوجيه لمعنى حديث: لا يدخل النار ولد زنية

التوجيه لمعنى حديث: لا يدخل النار ولد زنية المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/12/1422 السؤال ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لا يدخل الجنة ولد زنية " نجد أن الحديث صحيح العبارة، علماً أن ولد الزنى لا ذنب له ولكنه مظنة كل شر وخبث. ما هو التحقيق في هذه المسألة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: حديث " لا يدخل الجنة ولد زنية " لا أعرف له إسناداً صحيحاً سالماً من العلل أو الشذوذ. وإن كان بعض أهل العلم قد صحح الحديث كابن حبان (رقم 3384،3383) والألباني (سلسلة الأحاديث الصحيحة: رقم 673) . وبعض أهل العلم حكم عليه بالوضع كابن الجوزي (رقم 1561-1566) وحكم أيضاً على حديث: " ولد الزنا شر الثلاثة " بشدة الضعف فأورده في العلل المتناهية (رقم 1282-1283) في حين وصفه بعض أهل العلم بالاضطراب كالدارقطني، وبالضعف كالحافظ ابن حجر كما في القول المسدد له (49-50 رقم 10) والكلام فيه طويل جداً. ولو صح الحديث فقد اتفق أهل العلم أنه لا يُحمل على ظاهره؛ لأن الشريعة قد قررت حُكماً قطعياً، وهو: أن أحداً لا يحمل من إثم غيره شيئاً ما دام أنه لم يكن له يدٌ في وقوع غيره فيه. فإن الله - تعالى - يقول: " ألا تزر وازرة وزر أخرى * وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " [النجم 38-39ٍ] وقال - سبحانه -: " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " [البقرة: 286] وقال -عز وجل -: " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون " [البقرة: 141،134] . ولذلك فقد صح عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تقول عن ولد الزنا: " ليس عليه من وزر أبويه، قال الله: " لا تزر وازرة وزر أخرى " أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (13861،13860) وابن أبي شيبة (رقم 12543) وصح عن علي بن أبي طلحة أن ابن عباس أنكر على من قال: إنه شرُ الثلاثة، وقال: " لو كان شرَّ الثلاثة ما استُؤْني بأمَّه أن تُرجم حتى تضعه " أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/135-136) وانظره في الاستذكار (23/175) بل كان ابن عباس يقول: " هو خير الثلاثة " أخرجه عبد الرزاق (رقم 13863) ولذلك فإن لمن صحح الحديث تفاسير عِدة تُخرج الحديث عن معارضته الظاهرية المقرر القطعي السابق ذكره. ومن أحسن هذه التوجيهات توجيه الإمام الطحاوي في بيان مشكل الأحاديث (2/372-373) حيث فسر كلمة (ولد زنية) الواردة في الحديث بأن المقصود بها من وقع منه الزنى وغلب عليه حتى صار يُنسب إليه، وبيَّن أن هذا أسلوب عربي صحيح، كما يُقال للمشتغلين بالدنيا بنو الدنيا، وكما وُصف المسافر المنقطع ب (ابن السبيل) واستشهد الطحاوي لذلك ببيتين من الشعر تدل على هذا الاستخدام أيضاً. هذا والله أعلم. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

من أدرك خامسة الإمام

من أدرك خامسة الإمام المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إذا دخلت والإمام في الخامسة في الركوع وأنا أظنها الرابعة ومما زاد ظني أن جميع المأمومين الذي رأيتهم كانوا مع الإمام راكعين وبعد نهاية الصلاة علمت أن ما أدركت مع الإمام كانت الخامسة فماذا علي أن أفعل هل أعيد الصلاة وماذا على المأمومين الذي قاموا مع الإمام وصلوا خمساً جهلاً؟ وجهونا مأجورين تفصيلاً مع الترجيح إن كان هناك خلاف، وفقكم الله. الجواب قيام الإمام إلى خامسة عمداً مبطل للصلاة وإن كان جهلاً فالصلاة صحيحة ويجبرها بسجود السهو، وكذا الأمر في حق المأمومين فإن وافقوه بالقيام عمداً بطلت صلاتهم وإن وافقوه جهلاً صحت، وأما المسبوق فحكمه حكم المأمومين ولا يعتد بالركعة التي صلاها مع إمامه؛ لأنها زيادة مبطلة وحيث لم يعتدَّ بها في حق الإمام ففي حق المأمومين من باب أولى.

تغسيل المرأة زوجها بعد الموت

تغسيل المرأة زوجها بعد الموت المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/12/1423هـ السؤال سمعت أنه عندما يموت الزوج لا تحل له امرأته يعني: إذا توفي لا يمكن لها أن تراه أو أن تحتضنه ... هل يجوز تغسيل الزوجة عند وفاتها من قبل الزوج أو تغسيل الزوج عند وفاته من قبل الزوجة؟ الجواب قال في المغني: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن المرأة تغسل زوجها إذا مات، قالت عائشة - رضي الله عنها -: "لو استقبلنا من أمرنا ما ستدبرنا ما غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نساؤه" رواه أبو داود (3141) وأوصى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس، وكانت صائمة، وغسل أبا موسى امرأته أم عبد الله، والمشهور عن أحمد أن للزوج غسل امرأته وهو قول علقمة وعبد الرحمن بن زيد بن الأسود وحماد ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق، وعن أحمد رواية ثانية ليس للزوج غسلها وهو قول أبي حنيفة والثوري ورجّح في المغني القول الأول، لأن علياً - رضي الله عنه - غسل فاطمة - رضي الله عنها - واشتهر ذلك عند الصحابة - رضي الله عنهم - فلم ينكر.

تحذير الرسول من فتنة النساء وحبه لهن

تحذير الرسول من فتنة النساء وحبه لهن المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحديث الأول: قال قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء". الحديث الثاني: عن أنس -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" حُبِّبَ إلي من دنياكم: النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة " ففي الحديث الأول طلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحذر من النساء في حين كانت من الأمور المحببة إليه كما ذكر في الحديث الثاني، فكيف نوفق بين هذين الحديثين؟ وجزاكم الله خيراً الجواب بالنسبة للحديث الأول: خلق الله المرأة بطبع تؤثر به على الرجل من طريق الكلمة اللينة أو المشية المتكسرة أو النظرة الحانية أو الرائحة النفاذة أو الملابس الشفافة أو الحركة المثيرة، وما لم يحرص الرجل على اتقاء هذه المغريات فإنه سيتأثر بها لا محالة، وقد يصل الأثر الناتج عن التأثير إلى حد الوقوع في المعصية، فكان الأمر بالحذر من فتنة النساء أو غواية النساء، وبخاصة أن رجال بني إسرائيل لم يأخذوا بهذا الاحتياط، فكثر الزنا وعمت الفاحشة وما قصة أستير بخافية عن أحد، وسفر نشيد الإنشاد يؤكد ذلك ويدعو إليه. إن التوراة حملت المرأة -حواء- سبب الغواية والطرد من الجنة حين أغوت آدم فأكل كما في النص"المرأة التي جعلتها معي هي التي أكلت من الشجرة وأعطتني فأكلت" فصدر الأمر الإلهي لهما بالخروج من الجنة. والنصرانية على نفس النهج تسير وترى المرأة حبائل الشيطان وأساس الغواية وسبب الخطيئة الجريئة، والإسلام لا يرى المرأة سبباً في الإخراج من الجنة، ولكنه يخبر عن قدرتها البالغة على التأثير في جنس الرجال، فكان التحذير من غوايتهن دون تحريم الاتصال شرعاً بهن. وأما الحديث الثاني فهو إخبار عن الفطرة التي فطر الله الإنسان عليها في الأمرين الأولين فمن مِن الناس لا يحب الرائحة الطيبة -إلا من كان مريضاً بالحساسية- والهواء العليل، ومَنْ مِن الرجال لا يعلق قلبه بالنساء، وإن اختلفت مظاهر التعلق فهو متعلق بها أماً وأختاً وجدة وعمة وخالة وزوجة وابنة ... إلخ. كل ذلك بالفطرة وليس الأمر خاصاً بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فالإخبار لم يرد على سبيل الحصر أو التخصيص دون سائر الناس، والنص فيه إخبار عن حب الزوج لزوجه، والعيش مع زوجة محبوبة ومُحبة في نفس الوقت من أسباب السعادة في الحياة. إن الحديث لا يراد به الافتتان بالنساء من قبل الرسول -وحاشاه- فكل زوجاته أرامل، طاعنات في السن سوى عائشة -رضي الله عنهن جميعاً- فأي افتتان بالنساء في مثل هذا الموطن؟ وسعادة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحقة كانت في الصلاة، حيث تقر العين، وينشرح الصدر ويطمئن القلب، وفي الختام ليس في الحديث الأول ما يحرم الاتصال المشروع ولا في الثاني ما يأذن بارتباط شرعي الحب فيه مرفوع، الله أعلم.

مظاهر الكبر

مظاهر الكِبْر المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 3/8/1423هـ السؤال شيخنا: لقد حرم الله إسبال الإزار لأنه من مظاهر الكبر، ومنعه حتى على من لا يقصد بإسبال إزاره كبرا، والحديث معروف في ذلك. وفي عصرنا نرى أن الإسبال صار نادرا جدا أن يكون من مظاهر الكبر، لكن صارت هناك أشياء عديدة أخرى تستعمل من أجل الكبر والفخر، مثل لبس بعض الأنواع من النظارات الشمسية الفاخرة، وغير ذلك، فهل يمكن - قياسا على الإسبال - القول بتحريم مثل هذه الأشياء العصرية ولو لم يكن المقصود منها كبرا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول وبالله التوفيق. الكبر خلق مذموم وكبيرة من كبائر الذنوب وقد جاء في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منها قذفته في النار) خرجه أبو داود في سننه، كتاب اللباس، باب ما جاء في الكبر، حديث رقم (4090) ، ج (4/350) ، ولمسلم نحوه. وعلى هذا فكل عمل من الأعمال أو ملبوس من الثياب ونحوها يقصد منه الخيلاء والتكبر فهو مندرج في حكم ما نهى الله عنه، وهذه النظارة التي ذكرت في سؤالك الأصل في لبسها الإباحة، إلا إذا خرجت عن المقصود منها إلى الإسراف أو التكبر والخيلاء فإنها والحال هذه تكون مما نهى الله عنه، وسواء كان هذا الحكم مبناه على القياس كما ذكرت في سؤالك أو كانت دلالة النص عليه تفيد التحريم. فالذي يعنينا هو أن الكبر والخيلاء والإسراف وما أدى إليها من الوسائل مندرجة ضمن الأمور التي نهى عنها الشارع الحكيم وحذر منها، والله الموفق.

تحقيقات شعيب الأرناؤوط

تحقيقات شعيب الأرناؤوط المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/11/1423هـ السؤال شيخنا لقد رأيت تحقيقات حديثية شيقة، للشيخ شعيب الأرناؤوط، وقرأت بعدها ردوداً للعلماء عليه، ومنهم إمام السنة الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله -، فأرجو أن تخبروني برأيكم فيه، وهل تنصحوني بالاعتماد على تحقيقاته وتخريجاته؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: لا شك أن للشيخ شعيب الأرناؤوط جهوداً مشكورة في خدمة كتب السنة، وهي جهود كثيرة ومهمة، لا يمكن أن يستغني عن كثير منها المشتغلون بعلوم السنة؛ فقد حقق وأشرف على تحقيق بعض أصول السنة والتراجم المهمة، وجزاه الله خيراً على ذلك. ولكن الشيخ - وفقه الله تعالى - كغيره يصيب ويخطئ، ومن خطئه أنه في بعض المواطن قد استفاد من تخريجات الشيخ الألباني، واقتبس بعضها، دون أن يشير، وهذا ثبت عندي في مواطن قليلة جداً، لكني وقفت عليها من غير قصد التتبع. وهذه - وإن كانت زلةَّ - لكنّها لا تُلغي الجهد كُله، ولا تعني أنها الغالب على عمل الشيخ، ولا تقتضي عدم الاستفادة منه، بل هذه الزلة أجنبية عن قضية الاستفادة إلى حدٍّ بعيد، كما لا يخفى على من تأمّل غاية ما وقع من جرّائها. وأمّا الاعتماد على أحكامه على الأحاديث، فإن كان المقصود بالاعتماد التقليد، فعلى العامِّي الذي لا يفهم الدليل أن يقلد الأتقى والأعلم من أهل العلم، وإن كان المقصود بالاعتماد قبول ما دلَّ الدليل والبحث العلمي على قبوله، وردّ ما دلّ الدليل على عدم قبوله، فلا شك أن هذا موقف سليم تجاه أقوال أهل العلم إجمالاً. والله أعلم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

صلاة مدمن الخمر

صلاة مدمن الخمر المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 9/1/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما حكم من يصلي ويذهب آخر النهار لشرب الخمر؟ هل يترك صلاته أو يستمر إلى أن يهديه الله عن هذه الأفعال؟ علماً أنه لا يصلي للتباهي أو ما شابه ذلك، ولكنه مدمن ويحاول أن يكفر عن ذنوبه بالصلاة، جزاكم الله خيراً. الجواب يجب عليه أن يحافظ على الصلوات الخمس حتى وإن كان واقعاً في شيء من المنكرات أو المحرمات، وعليه أن يحاول الإقلاع عما حرم الله - جل وعلا -، وبمحافظته على الصلوات الخمس إن شاء الله سيقلع عما حرم الله، وخاصة إذا كانت صلاته بخشوع وإقبال على الله جل وعلا، لأن الله - جل وعلا - يقول: "إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ" [العنكبوت: 45] ، وترك الصلاة - والعياذ بالله - كفر، وأما الوقوع في شيء من المحرمات فإنه كبيرة من كبائر الذنوب، ولكن لا تخرجه عن دائرة الإسلام وعلى من وقع في ذنب أن يتبعه بالأعمال الصالحة كما قال - صلى الله عليه وسلم -:"وأتبع السيئة الحسنة تمحها" أحمد (21354) والترمذي (1987) لا أن يضم إلى الكبيرة كبيرة أعظم منها، نسأل الله أن يهديه ويعافيه مما هو فيه، والله أعلم.

السفر للسلام على القبر النبوي

السفر للسلام على القبر النبوي المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز شد الرحال للسلام على قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ (يعني الذهاب إلى المدينة المنورة من أجل السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) . وجزاكم الله كل خير ووفقكم إلى ما فيه صلاح الأمة. الجواب لا يجوز شدُّ الرحال من أجل السلام على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما تشدُّ الرحال للصلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم -، أمّا السلام عليه والصلاة عليه - عليه الصلاة والسلام - فالقريب والبعيد سواء.

الوعظ والدعاء بعد الدفن

الوعظ والدعاء بعد الدفن المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/1/1423 السؤال في بلدنا يقف الواعظ على القبر بعد الدفن ويعظ الناس ثم يدعو ويؤمن الناس وراءه، هل الدعاء بهذه الكيفية بدعة كما يقول البعض؟ وما حكم قراءة المأثورات بشكل جماعي؟ مع العلم أن ابن تيمية - رحمه الله- أجاز الذكر الجماعي، أفيدونا بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وبعد فديننا مبني على الاتباع والاقتداء كما قال - تعالى-: "وأنّ هذا صراطي مستقيماًَ فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله" [الأنعام: 153] ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( ... إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) رواه أصحاب السنن (الترمذي (2676) أبو داود (4607) ابن ماجة (42)) وصححه الحاكم (333) واللفظ لأبي داود، وكل محدث في الدين بلا دليل فهو بدعة مردودة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) البخاري (2697) ومسلم (1718) ، وقد تكاثرت نصوص الشرع وأقوال السف مقررة قاعدة أن الأصل في العبادات الحظر والمنع، فلا تفعل عبادة إلا بدليل سواء في ذلك الهيئة والعدد والزمان والمكان. وجواب السائل من خلال النقاط التالية: أولاً: الواجب على المسلم متابعة أمر الله وأمر رسوله، وليعلم أن ما خالفه غير صحيح ولو نُسِب إلى بعض الأكابر. ثانياً: كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذكار وأدعية تعلمها منه أصحابه، ولم ينقل عنه ولا عن أصحابه أنهم كانوا يقولون تلك الأذكار مجتمعين فينبغي للمسلم أن يهتدي بهدي النبي وأصحابه. وعليه فالاجتماع لقراءة المأثورات بشكل جماعي وصوت واحد واتخاذها عادة من البدع المحدثة. ثالثاً: أمر الناس بالدعاء للميت بعد دفنه واردٌ فعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: (استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل) رواه أبو داود (3221) وصححه الحاكم (1412) . أما التزام الموعظة بعد الدفن ثم دعاء الواعظ وتأمين الناس وراءه فهو محدث لم يرد. أما لو وعظ أحد فقط في بعض الأحيان (دون التزام) فلا بأس، وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث البراء بن عازب (رواه أبو داود (4753) وغيره) وعلي (رواه البخاري (1362) ومسلم (2647) وغيرهما.

رابعاً: شيخ الإسلام ابن تيمية لم أقف له على إجازة الذكر الجماعي المردد بصوت واحد، وإنما يجيز الاجتماع على الذكر بغير مداومة. والفرق أن الاجتماع أن يجلس جماعة في مكان واحد لقراءة قرآن من أحدهم واستماع الباقين، أو لتذاكر شيء من العلم ونحو ذلك، أمّا الذكر الجماعي فهو تلاوة ذكر معين بصوت واحد على هيئة جماعية وهذا أمر محدث. فيقول - رحمه الله-: (الاجتماع لذكر الله واستماع كتابه والدعاء عمل صالح ... ولكن ينبغي أن يكون هذا أحياناً في بعض الأوقات والأمكنة، فلا يُجعل سنة راتبه يحافظ عليها ... إلى أن قال: (فما سن - صلى الله عليه وسلم- عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات فُعِل كذلك، وما سن المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عُمِل كذلك، كما كان الصحابة يجتمعون أحياناً يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون) أ. هـ مجموع الفتاوى (22/520-521) . والأوراد مما شُرع فيها الانفراد كما سبق وقال أيضاً: (قاعدة عامة في الاجتماع على الطاعات والعبادات فإنه نوعان: أحدهما سنة راتبة، إما واجب وإما مستحب كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين، فهذه سنة راتبة ينبغي المحافظة عليها والمداومة، والثاني ما ليس بسنة راتبة مثل الاجتماع لصلاة تطوع أو على قراءة قرآن أو ذكر الله أو دعاء فهذا لا بأس به إذا لم يتخذ عادة راتبة.. لكن اتخاذه عادة دائرة بدوران الأوقات مكروه لما فيه من تغيير الشريعة) مجموع الفتاوى (23/132-133) . هذا خلاصة للجواب، وأوصي السائل بأن يعتني بالأذكار المأثورة الصحيحة في مثل صحيح الكلم الطيب والوابل الصيب والأذكار. ويحذر من الكتب التي اشتملت على أحاديث ضعيفة أو موضوعة.

يصلي ولكنه يفعل المعاصي

يصلي ولكنه يفعل المعاصي المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/9/1424هـ السؤال ما حكم الدين في شخص يصلي ويفعل المعاصي مثل الزنا وغيرها؟ الجواب الصلاة هي ركن الإسلام الثاني، وكون الإنسان يعمل شيئاً من المعاصي مثل الزنا، أو السرقة، أو شرب الخمر، هذه تعدّ من كبائر الذنوب، ويعاقب الإنسان عليها بمقدار جرمه، وكونه يصلي ويعمل هذه الأشياء، فإن هذا يرجى له أن يتوب من هذه الأمور، وباب التوبة مفتوح له، والله -تبارك وتعالى- بيّن في كتابه أن الذي يزني يلقى أثاماً، وأنه يضاعف له العذاب يوم القيامة، ويخلد فيه مهاناً، إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً، فإذا عمل الإنسان شيئاً من الجرائم أو كبائر الذنوب مثل الزنا، فإن عليه أن يبادر إلى التوبة، والرجوع إلى الله، والإكثار من الأعمال الصالحة، مع محافظته على الصلاة، ويكثر من نوافل العبادة، والله -تبارك وتعالى- يقبل توبة الإنسان إذا كانت هذه التوبة نصوحاً، يندم على فعله ويبكي عليه، ويعزم على ألاّ يعود إليه ما دام على قيد الحياة، والله الهادي إلى الصواب.

نبش القبور لهدف ديني

نبش القبور لهدف ديني المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/7/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 1- هل يجوز نبش قبور بعض الصالحين بحجة أن بعض المسلمين يزورون قبورهم ويقومون ببعض الأعمال الشركية، أم الصواب تصحيح أعمالهم المخالفة للكتاب والسنة ونصحهم؟ 2- هل يجوز إعادة عظام الموتى إلى ورثتهم بعد نبش قبورهم أم لا؟ إذ في حالة عدم إعادة العظام إلى ورثة الموتى فإنه لا يؤمن من إراقة الدماء بين المسلمين بسبب نبش القبور. 3- هل يجوز إعلان تطبيق حكم الشرع في قرية لا يستطيع الذين يعلنون تطبيق حكم الشرع فيها تأمين أبسط مقومات الدولة من التعليم والصحة وتأمين مستلزمات الحياة لسكانها وهل يجوز لهم اضطراراً تأمين هذه النواحي باللجوء إلى العلمانيين؟ أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: لا يجوز نبش القبور من أجل منع زيارتها على أنها قبور صالحين، وزيارة القبور على قسمين: الأول: زيارتها للسلام على أهلها والتذكر والاعتبار والدعاء لهم فهذا جائز إذا لم يُعمل عندها ما يخالف الشرع؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" مسلم (977) وهذا للرجال. القسم الثاني: زيارتها لطلب النفع أو التمسح أو التقرب إلى أهلها بدعاء أو غيره أو عمل ما يخالف الشرع من البدع فهذا لا يجوز، وينبغي نهي من يفعل ذلك عن هذا المنكر المخالف للتوحيد، من غير نبش للقبور، أو إعادة عظام الموتى إلى ورثتهم، فهذا عمل غير صحيح ولا سليم؛ لأن مكان العظام وبقية جسد الميت القبور، وإذا اعتدي عليها فنبشت وأظهرت ولم يمكن إبقاؤها في القبور التي دفنت فيها لأمر يمنع ذلك فتدفن في أماكن أخرى مأمونة تليق بحرمتها؛ لأن حرمة الميت كحرمة الحي، فكما أن الحي لا يعتدى على بيته وسكنه ولا يجوز إخراجه منه ولا الاعتداء عليه فيه فكذلك الميت. أما ما يتصل بتطبيق الشرع في قرية، فإن كان المراد التزام أحكام الشرع وإلزام أهلها بها ودعوتهم إلى ذلك ونهيهم عما يخالف الشرع من الاعتداء على الأنفس والأموال أو الوقوع في المعاصي وما يخالف الشرع فيجب ذلك على أهل القرية، أن يأتمروا بالمعروف ويتناهوا عن المنكر ويقوم أهل العلم والرشد برعايتهم وحمايتهم من الفساد والوقوع فيه حتى يهيئ الله لهم دولة تحكّم فيهم شريعة الله، وتقيم الحدود، وإن كانت ولايتهم تقيم فيهم الحدود الشرعية وترعاهم على هذا حتى ولو كان أصحابها علمانيين فقد تحقق لهم إقامة الحدود، فينبغي التعاون معهم على ذلك وعلى تحكيم شرع الله؛ لأن الله ينصر الدين بالرجل الفاجر، فما دام أنه يمكنهم تطبيق شريعته في سلوكهم وأعمالهم وتقام فيهم الحدود الشرعية فهذا أمر طيب ينبغي التعاون من أجله، أما إذا لم يتحقق ذلك فليتعاون أهل القرية على البر والتقوى، والله -سبحانه- يقول:"فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16] ، والله أعلم.

حلق شعر الميت

حلق شعر الميت المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/7/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. ما حكم حلق لحية الميت وشاربه؟ الجواب اللحية لا يجوز حلقها لا من الميت ولا من الحي، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب" رواه البخاري (5892) ، ومسلم (259) ، وفي لفظ للبخاري (5893) ومسلم (259) : "وأعفوا اللحى"، وفي لفظ عند مسلم (259) : "وأوفوا اللحى" وفي لفظ آخر عند مسلم (259) : "وأرخوا اللحى.."، وأما الشارب فإذا كان طويلاً فيحسن أخذه، أو أخذ شيء منه تخفيفاً للميت، والله أعلم.

الاستعاضة عن المسجد بقاعة

الاستعاضة عن المسجد بقاعة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/8/1423هـ السؤال هل يجوز تأجير قاعة البلدية لإقامة صلاة الجمعة؟ في حين يوجد مسجد لا يبعد 500 متر، وذلك لخلافات شخصية مع إدارة المسجد. إن مثل هذه الخلافات تحدث الآن بين مسلمين في الغربة من أجل التسلط والتحكم بدون عمل حساب أن أعمال المسلمين يجب أن تكون خالصة لوجه الله. رجاء توجيه كلمة بهذا الشأن، وجزاكم الله خيراً. الجواب سبق أن أجبت على سؤال يقول: هل يجوز استئجار قاعة البلدية لإقامة صلاة الجمعة إذا لم يوجد مسجد؟ مع العلم أن هذه القاعة يمارس فيها الألعاب وغيرها قبل الصلاة أو بعدها. فأجبت بالجواز ما دام لا يوجد مسجد تقام فيه صلاة الجمعة، والقاعة في مثل هذه الحال هي مصلى، وليست مسجداً تأخذ أحكام المسجد كصلاة الركعتين عند الدخول ونحو ذلك. ثم جاء سؤال آخر يعقب على ذلك السؤال، ويقول: هل يجوز تأجير قاعة البلدية لإقامة صلاة الجمعة في حين يوجد مسجد لا يبعد (500) متر، وذلك لخلافات شخصية مع إدارة المسجد؟ وأقول: إذا كانت الحال -كما ذكر السائل- في توضيحه فلا يجوز استئجار قاعة البلدية لغرض صلاة الجمعة حينئذ، والخلافات الشخصية مع مسؤولي المركز أو المسجد لا يجوز أن تكون سبباً لترك الجمعة أو تفويت فضل الصلاة في المسجد المبني لهذا الغرض، وتكثير سواد المصلين، وصلاة الجمعة إنما شرعت لغرض التعبد وسماع الخطبة لما فيها من أحكام ومواعظ واجتماع للمصلين، وتفقد أحوال بعضهم لبعض؛ لا سيما في ديار الغربة، وما دام الإمام -الخطيب- تصح الصلاة خلفه فلا يجوز التفرق نتيجة آراء شخصية، أو مذاهب فقهية، أو انتماءات سياسية، وفق الله الجميع، وهدانا لطاعته، آمين.

إعادة الدفن في القبور القديمة

إعادة الدفن في القبور القديمة المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/2/1423 السؤال أنا مسلم من فلسطين أسكن في قرية سكانها حوالي (8000) نسمة، ندفن موتانا في مقبرة مساحتها حوالي (8) دونومات، وقد امتلأت المقبرة بالقبور، فرأى بعض الناس أن يدفنوا الموتى في القسم الغربي منها، وفيه قبور مضى عليها أكثر من (40) سنة، ورأى البعض الآخر أن تطمر هذه المنطقة الغربية بالتراب على ارتفاع حوالي (1،5) متر، ومن ثم يدفن فيها، السؤال: هل هذان العملان جائزان شرعاً؟ بيّنوا لنا الحكم مع الأدلة. الجواب الواجب المتعين شرعاً أن يدفن كل مسلم بقبر بمفرده؛ لأن دفنه في قبره مفرداً تحقيقاً للكرامة التي جعلها الله لابن آدم؛ لأن كرامته وهو ميت ككرامته وهو حي، حيث قال-تعالى-:"ولقد كرمنا بني آدم" [الإسراء:70] ، وقال -تعالى-:"ثم أماته فأقبره" [عبس:21] ، ولكن عند الضرورة أو الحاجة الملحة يجوز دفن الاثنين أو الثلاثة في قبر واحد كما فعل -عليه السلام- في غزوة أحد، حيث كان يجمع الرجل والرجلين والثلاثة في قبر واحد" رواه أبو داود (3136) والترمذي (1016) ، وعن هشام بن عامر، قال: "شكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كثرة الجراحات يوم أحد، فقال: احفروا، وأوسعوا، وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدموا أكثرهم قرآناً" رواه الترمذي (1713) ، وقال:" حسن صحيح" وأبو داود (3136) والنسائي (2015-2016) . وعليه فإنه عند الضرورة ككثرة الموتى، وقلة من يدفنهم، وخوف الفساد عليهم يجوز دفن أكثر من واحد في قبر، ويجعل بينهم فاصلاً من تراب، والدليل قوله -تعالى-: "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه" [البقرة:173] ، أما إذا لم تكن ضرورة ولا حاجة ملحة فلا يجوز نبش قبر ودفن غيره بدله فإنه من المحرمات. أما إذا تأكدنا أو غلب على الظن أن هذه الجهة من المقبرة قد بليت عظامها، وذلك بقدمها حيث مرت عليها عقود طويلة كأربعين سنة ونحوها -كما ذكر السائل-، وكانت المقبرة قد ضاقت وليس من سبيل في توسعتها فلا بأس حينئذ من الدفن في تلك الجهة، أو تطمر بالتراب لترتفع، ثم يقبر فيها ما استجد من الأموات، وإذا شككنا في أن العظام قد بليت وصارت رميماً رجع إلى قول أهل الخبرة، وإذا وجد بعض العظام البالية تنقل وتدفن في مكان آخر، وعلى مثل هذا العمل في مقبرة المعلاة بمكة، ومقبرة البقيع بالمدينة المنورة، وبالله التوفيق.

أوصى بدفنه في قبر زوجته

أوصى بدفنه في قبر زوجته المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 7/7/1423هـ السؤال رجل أوصى عند وفاته بدفنه مع زوجته بنفس القبر، هل يجوز تحقيق وصيته؟ الجواب الإنسان المؤمن حرمته ميتاً كحرمته حياً، فلا يجوز الجلوس على قبره ولا الاتكاء عليه، ولا نبش قبره عليه بدون حاجة، ومثل هذه الوصية لا حاجة إليها فلا تنفذ لاحترام قبر المرأة التي توفيت قبله، وإنما يدفن في المقابر مع بقية الناس، وإذا كانت وصيته من محبته لها، فإن عليه أن يحسن إليها بعد وفاتها بالدعاء لها، والصدقة عنها، وما شابه ذلك من حج أو عمرة ونحوها، أما أن يحفر قبرها عندما يموت هو ويدفن معها فإن هذا يتنافى مع حرمة المرأة، فلا يجوز تحقيق وصيته، والله أعلم.

إحساس الميت بمن يزوره

إحساس الميت بمن يزوره المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/1/1423 السؤال هل الميت يحس ويستأنس بزيارة الأحياء له؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فالأصل أن الميت إذا قبضت روحه وفارق الحياة فإنه يفقد الإحساس الذي يحس به الأحياء، فلا يسمع ولا يرى، وتتعطل جميع حواسه التي كان يحس بها في الدنيا. قال تعالى:" إنك لا تسمع الموتى ... " [النمل:80] ، وقال - تعالى-:" وما أنت بمسمع من في القبور" [فاطر:22] وما يكون في الحياة البرزخية فهو من الأمور الغيبية التي لا سبيل إلى معرفتها إلا عن طريق الوحي المعصوم أي: ما دل عليه الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة. واستثني من هذا الأصل سماع أهل القليب للنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر، وقوله - صلى الله عليه وسلم-:" هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً"، وقوله لأصحابه:" ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" حينما استنكروا نداءه لهم" والحديث رواه البخاري (1370) ومسلم (932) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. وكذلك يستثنى من هذا الأصل سماع الميت قرع نعال المشيعين لجنازته لثبوت الدليل على ذلك، فيما رواه البخاري (1338) ومسلم (2870) من حديث أنس-رضي الله عنه-. أما الآثار التي وردت بأن الميت يحس بزائره ويستأنس به فهي لا تثبت وأسانيدها واهية لا تصلح للاحتجاج، وقد ذكر ابن القيم في (الروح) ، والقرطبي في (التذكرة) كثيراً منها. ومما يدل على عدم إحساس الميت بزائره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر العلل والحكم من زيارة القبور لم يذكر منها استئناس الميت بزائريه، وإنما ذكر أنها: 1- تذكر الآخرة كما عند أبي داود (3235) والنسائي (4430) من حديث بريدة -رضي الله عنه-. 2- وترقق القلب وتدمع العين كما عند الحاكم (1433-1434) من حديث أنس -رضي الله عنه-. 3- وتزهد في الدنيا كما في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عند ابن ماجة (1571) والحاكم (1427) . 4- وتذكر الموت كما عند مسلم (976) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. أما الميت فلا ينتفع إلا بالدعاء سواء وقت الزيارة أو بعيداً عن القبر، لكن الزيارة تذكره بالميت فيدعو له. أما حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- ووصيته بأن يقيموا حول قبره قدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها حتى يستأنس بهم، وينظر ماذا يراجع به رسل ربه، فهذا وإن كان في صحيح مسلم (121) إلا أنه موقوف على عمرو بن العاص -رضي الله عنه- ولم يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو اجتهاد منه -رضي الله عنه- ولم يذكر دليله على ذلك، والله - تعالى- أعلم. وعلى كلٍ فسماع الأموات مسألة خلافيه بين العلماء قديماً وحديثاً، والله أعلم. يحسن الرجوع إلى فتوى اللجنة الدائمة رقم (1727 الجزء 1 / 477) جمع أحمد الدويش. انتهى.

الكفريات في الأعمال الأدبية

الكفريات في الأعمال الأدبية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/1/1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله، يحتج الذين يكتبون روايات فيها سب لله ولرسوله أن الشتائم والسب الموجودة في الرواية هي صادرة من الشخصيات المكتوبة في الرواية وليست من الكاتب ويقولون: أن ناقل الكفر ليس بكافر. السؤال: هل من يكتب رواية فيها سب لله ولرسوله على لسان شخصيات الرواية كمن يكتب كتاباً لتحذير العامة من مناهج فاسدة وطوائف منحرفة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الجواب عن هذا السؤال يقع في نقطتين: الأولى: أما تكفير المذكور بما وقع في رواياته من الكفريات ففيه نظر وإن كانت شخصيات رواياته مختلقة من تلقاء نفسه؛ لأنه في معرض من ينقل ويحكي..، والله أعلم بنيّته، لكنها -ولا شك- توقُّحٌ وسوء أدب وقلة دين يستحق بها أعظم التعزير. وأما ما فيها من صور التفحُّش والمجون والإسهاب ببذاءة في وصف شخصيات الرواية وحوادثها فهي تشي بشخصية كاتبها ونفسيته، فهي شخصية شهوانية مريضة حيرى تبحث عن الشهرة وتتسبب إليها ولو بأخس الأسباب. الثانية: هذا السؤال يدل على أزمة في الفكر ما زالت تعانيها الأمة منذ أمد بعيد. وهذه القضية التي تضمنها السؤال تكشف عن إحدى جوانب تلك الأزمة، فتعاملنا مع ذلك النتاج الفكري أو الأدبي المتسفِّل إلى الرَّغام غالباً ما يقع في اندفاع وتسرع تسوقه العاطفة والحماسة اللاعجة ... والتي لا ينقصها الصدق والإخلاص والغيرة بقدر ما ينقصها الوعي والفطنة وحسن الرأي وتقدير العواقب. وقد آن لنا أن نعي -بعد هذه التجربة المريرة- أننا بحاجة إلى توظيف العاطفة لا إلى إرضائها، وإلى إعمال العقل لا إلى تعطيله، وأن نصرِّف الغيرة والحمية حيث ينبغي أن تصرَّف. لقد قصدنا إنكار هذه الأعمال الساقطة والرد عليها وإسقاط أصحابها ومحاربة وجودها واجتثاثها ... إلخ، فما جنينا من ذلك إلا نقيض قصدِنا وخلاف مرادنا، لقد كانت سوق هذه الروايات كاسدة فروَّجنا لها، وكان بعض مؤلفيها مغموراً فجعلناه شهيراً يبحث الناس عن مؤلفاته، ويسألون عن نتاجه، كلُّ ذلك من جراء الضجة التي أثرناها حولها، ودفعنا - من حيث لا نشعر- بعض هؤلاء المرضى إلى البحث عن الشهرة عبر هذه البوابة القذرة. أذكر أنني سألت مرة أحد أصحاب دور النشر عن روايات أحد هؤلاء الروائيين الماجنين كيف رواجها؟!. فأخبرني أن رواياته كانت متكدسة في معرضه، لا يكاد يسأل عنها أحد، وبعد الضجَّة الأخيرة التي ثارت على إحدى رواياته نفدت نسخها كلها في بضعة أيام!!!!

إن هذه الروايات كما هي ساقطة يُنكرها الدين، ويستهجنها العقل الصحيح، ويمجُّها الخلق السوي، فهي ضعيفة مهلهلة -كذلك- من ناحية الذوق الأدبي والفن الروائي، وكان الزمن - لو أنا صبرنا- كفيلاً بإسقاطها ونسيانها، ولذا فإن أفضل طريقة للرد على هذه الأعمال المتسفلة هو ترك الرد وإغفالها، وكان ينبغي -لو كنا نتحرك بوعيٍ ونعمل العقل- ألاّ تستخفنا هذه الأعمال الساقطة التي ليس فيها أدنى شبهة يُخشى اعتلاقها بالنفوس فتستوجب كشفها ودحضها. إنها تشبه ثرثرة السفيه وهذيان الثمل والذي لا يحسن أن يقابل إلا بالسكوت والاستغفال. والأمر كما قال الشاعر: لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينار والعجيب المؤسف أن واحداً من أصحاب هذه الروايات السخيفة له من المقالات والمؤلفات الفكرية ما هو أخبث وأشدُّ على العقول والأخلاق من رواياته الماجنة، وفيها من الشُّبه والتشكيك في الثوابت والمساومة عليها ما لا يوجد عشر معشارها في رواياته، ولكننا -وياللحسرة- لم نجد لها عند الغيورين من الإنكار وردّة الفعل مثل ما كان منها على رواياته الساقطة. وهذا شاهد يضم إلى شواهد أخرى كثيرة بأن تعاملنا مع الواقع المسخوط -أحياناً- تسيره العاطفة ويغيب عنه العقل والمشورة.

الرد على منكري السنة

الرد على منكري السنة المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 9/1/1425هـ السؤال أريد مساعدتكم للرد على أحدهم حيث أنه ينكر العمل بالسنة وقد احتج بالقرآن ولم أستطع الرد عليه، وذكر لي قول الله تعالى في سورة يوسف: "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون"، وعليه فليست هناك حاجة للمزيد في تفسير القرآن، وينكر القول بأن الحديث يفصِّل القرآن. فكيف أرد عليه بخصوص الآية المذكورة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وبعد:

من الدعاوى الباطلة والشبهات الضالة التي أثارها أعداء الإسلام القول برد السنة مطلقاً، وأن القرآن يكفي وحده ولا حاجة إلى السنة، والغرض من هذه الدعوة الضالة الخبيثة هدم الشريعة وتقويض الإسلام، فالسنة هي المفسرة والمبينة للقرآن، فالطعن فيها طعن في القرآن وترك للعمل بنصوصه التي تحتاج إلى بيان، وكان بداية هذه الدعوة الخبيثة والانحراف الخطير في أواخر عهد الصحابة –رضي الله عنهم-، ثم تطور مع الزمن حتى جاء الاستعمار الغربي وذلك عبر طلائعه من المبشرين والمستشرقين وأتباعهم من أشباه العلماء وأبواق الاستعمار الذين قصدوا القضاء على الإسلام وهدم الشريعة فأحيوا ما اندثر من هذه البدع والآراء المنحرفة، وقد تصدى الصحابة –رضي الله عنهم- لهذا الانحراف، فعن الحسن البصري أن عمران بن حصين- رضي الله عنه- كان جالساًً ومعه أصحابه، فقال رجل من القوم: لا تحدثونا إلا بالقرآن، قال فقال له: ادنه فدنا، فقال: "أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعاً، وصلاة العصر أربعا، ً وصلاة المغرب ثلاثاً تقرأ في اثنتين؟ أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً، والطواف بالصفا والمروة؟ ثم قال: أي قوم خذوا عنا فإنكم والله إن لا تفعلوا لتضلن" أخرجه البيقهي في مدخل الدلائل (1/25) ، وأخرجه الخطيب في الكفاية (48) ، وأخرجه ابن عبد البر في الجامع (2/191) ، ثم ما زال العلماء يردون على هذه الشبهات ويوضحوا الأدلة الدالة على حجية السنة ومنهم الإمام الشافعي فقد بسط القول في الرد على هذه الشبهة في كتاب (جماع العلم) ، حيث قال: "باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها" ثم شرع في الرد عليهم، والمقام لا يتسع لبسط الأدلة في الرد على هذه الدعوة الخبيثة لكن حسبي أن أذكر بعض الأدلة وفيها كفاية لمن وفقه الله وأراد الحق، فأقول السنة المطهرة حجة باتفاق العلماء سواء منها ما كان على سبيل البيان للقرآن أو على سبيل الاستقلال، وقد دلت الأدلة المستفيضة من القرآن والسنة على وجوب اتباع النبي- صلى الله عليه وسلم- والتحذير من مخالفة أمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء:59] .

قال ميمون بن مهران: "الرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه، والرد إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم- هو الرجوع إليه في حياته وإلى سنته بعد مماته"، وقال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ... " [آل عمران: من الآية31] ، وقال تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ... " [النساء: من الآية80] ، فقد جعل طاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم- من طاعته سبحانه، وحذر من مخالفته فقال: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ... " [النور: من الآية63] ، فلولا أن أمره حجة ولازم لما توعد على مخالفته بالنار، وقال سبحانه وتعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ... " [الأحزاب: من الآية21] ، وقال سبحانه: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [النساء:65] ، وقال سبحانه: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" [الحشر: من الآية7] وقد فهم الصحابة – رضوان الله عليهم- من هذه الآيات وجوب الرجوع إلى السنة والاحتجاج بها، روى البخاري في صحيحه (4886) عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقالت أم يعقوب: ما هذا؟ قال عبد الله – رضي الله عنه- وما لي لا ألعن من لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وفي كتاب الله، قالت: والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته، فقال: والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" [الحشر: من الآية7] ، وحينما بعث النبي –صلى الله عليه وسلم- معاذاً– رضي الله عنه- إلى اليمن قال له: "بم تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟، قال: بسنة رسول الله –، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأي ولا آلو فضرب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله" أخرجه أبو داود (3592) ، وأما الأحاديث الدالة على وجوب اتباع السنة فكثيرة منها ما رواه أبو داود في سننه (4604) عن المقدام بن معد يكرب – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا إنني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول: عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوا وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فعليه أن يعقبهم بمثل قراه"، قال الخطابي: وقوله: "يوشك رجل شبعان ... "يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له من القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض فإنهم تمثلوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا

وضلوا، وأراد بقوله متكئ على أريكته أنه من أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم من مظانه" معالم السنن (4/298) ، وفي حديث العرباض بن سارية – رضي الله عنه- مرفوعاً: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ" رواه أبو داود (4607) ، والترمذي (2676) ، وقال: حديث حسن صحيح، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- خطب في حجة الوداع فقال: "إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أمركم، فاحذروا، إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه" أخرجه مالك في الموطأ (2/899) ، والحاكم (318) ، واللفظ له، ووصف القرآن بأنه تفصيل لكل شيء لا يفهم منه أنه ليس بحاجة إلى البيان الذي أخبر الله -سبحانه وتعالى- عنه بقوله: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ... " [النحل: من الآية44] ، لأن التفصيل والبيان الوارد في القرآن على نوعين: أ- ما جاء في القرآن مفصلاً ومبيناً بحيث لا يحتاج معه إلى غيره. ب- ما جاء في القرآن مفصلاً ومبيناً من حيث بيان وجوبه وافتراضه ونحو ذلك وهو بحاجة إلى البيان والتفسير والإيضاح من وجوه أخرى، فعلى سبيل المثال: ورد في القرآن ذكر العبادات مفصلة من صلاة وزكاة وصيام وحج واعتكاف، وهذه العبادات تحتاج إلى بيان وإيضاح، فالصلاة تحتاج إلى بيان أوقاتها وكيفيتها، ونحو ذلك، وقد جاءت السنة ببيان ذلك على وجه التمام والكمال، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري (631) من حديث مالك بن الحويرث، ولو اكتفينا بالقرآن فإنه فلا يمكن أن نقيم الصلاة التي أمر الله بها في كتابه، وهذا أمر ظاهر، وكذلك الزكاة فقد بين الله عز وجل وجوبها وافتراضها على عباده وهي بحاجة إلى التفصيل والبيان من وجوه أخرى من حيث: الأموال التي يجب فيها الزكاة، ومقدار الواجب، ومقدار النصاب، وهكذا ولو اكتفينا بالقرآن لم نستطع أن نؤدي الزكاة التي أمر الله بها في القرآن، وهكذا الصيام والحج، ولهذا قال النبي –صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: "لتأخذوا مناسككم ... " رواه مسلم (1297) من حديث جابر –رضي الله عنه-، قال الشافعي – رحمه الله-: "البيان في الفرائض المنصوصة في كتاب الله منها ما أتى الكتاب على غاية البيان فيه فلا يحتج مع التنزيل فيه إلى غيره ومنها ما أتى على غاية البيان في فرضه، وافترض طاعة رسوله، فبين رسول الله عن الله: كيف فرضه؟ وعلى من فرض؟ ومتى يزول بعضه ويثبت ويجب ... ومنها: ما سن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- مما ليس فيه نص حكم، وقد فرض الله في كتابه طاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم- والانتهاء إلى حكمه، فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل، قال الخطابي بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب تبياناً لكل شيء فأخبر سبحانه أنه لم يغادر شيئاً من أمر الدين لم يتضمن بيانه الكتاب، إلا أن البيان على ضربين: أ- بيان جلي تناوله الذكر نصاً.

ب- بيان خفي اشتمل عليه معنى التلاوة ضمناً، فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو معنى قوله سبحانه: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" [النحل: من الآية44] ، فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفى وجهي البيان، وصنف الإمام أحمد كتاباً في طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم- رد فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك الاحتجاج بها وقال في أثناء خطبته: إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بعث محمد - صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- هو المعبر عن كتاب الله الدال على معانيه، شاهده في ذلك أصحابه الذين ارتضاهم الله لنبيه - صلى الله علي وسلم- واصطفاهم له، ونقلوا ذلك عنه، فكانوا هم أعلم الناس برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبما أراد الله من كتابه بمشاهدتهم، وما قصد له الكتاب فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال جابر -رضي الله عنه- ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء علمنا به، ثم ساق الآيات الدالة على طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم- (أعلام الموقعين (2/290) . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

زكاة العقارات المؤجرة

زكاة العقارات المؤجرة المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/3/1424هـ السؤال أنا رجل بدأت في التجارة منذ ثمانية أشهر تقريباً، وكانت تجارتي في شراء المنازل والاستفادة من دخلها الشهري أو بيعها، كيف أخرج الزكاة؟ ملاحظة: قد أشتري المنزل وأبيعه في أقل من سنة. الجواب حكم الزكاة بالنسبة لهذه المنازل يختلف حسب القصد منها، فإن كان القصد إبقاءها للإيجار فلا زكاة عليها، وإنما الزكاة على دخلها إذا حال عليه الحول، وإن كان القصد إعدادها للبيع فهي عروض تجارة، تجب الزكاة في قيمتها، فما حال عليه الحول تقدر قيمته وتضم إلى بقية المال وتخرج زكاة الجميع، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

الحلف بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم-

الحلف بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم- المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/1/1423 السؤال ما حكم من يقول أو يحلف بجاه سيدنا محمد مثلاً؟ الجواب الحمد لله، لقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون" رواه النسائي (3769) وأبو داود (3248) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وجاء عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من حلف بغير الله فقد أشرك" رواه أبو داود (3251) والترمذي (1535) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - فالحلف من المخلوق لا يجوز إلا بالله، أو صفة من صفاته، كعزته، وقدرته -سبحانه وتعالى- وعلى هذا فلا يجوز الحلف بأي مخلوق ولا بصفة من صفات المخلوق، لا بالرسول، ولا بملك من الملائكة، ولا بالكعبة، ولا بحياة فلان، أو شرف فلان، أو راس فلان، أو بالسيد فلان، كما يقع من كثير من الجهّال والضلال، وجاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو صفة له وهي منزلته ووجاهته عند ربه -سبحانه وتعالى- فهي صفة من صفاته -عليه الصلاة والسلام-، مثل سيادته وولايته -عليه الصلاة والسلام-، أو رسالته، فالمقصود أنه لا يجوز الحلف بالمخلوق مهما كان شريفاً، ومهما كان له من الفضل، ومحمد -عليه الصلاة والسلام- هو سيد ولد آدم ومع ذلك فقد قال: "من حلف بغير الله فقد أشرك" (سبق تخريجه) فالواجب الحذر من الشرك كله ظاهره وخفيّه، قوليّه وفعليّه، عصمنا الله وإياكم من أسباب سخطه وصلى الله وبارك على عبده ورسوله.

بيع المساويك في ساحة المسجد

بيع المساويك في ساحة المسجد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/05/1425هـ السؤال ما حكم البيع والشراء في المسجد، سواء بداخله، أو في ساحته، أو في غرفة ملتصقة به تابعة له؟ وهل يلحق الحكم أولئك الذين يبيعون المساويك داخل ساحة المسجد؟ وهل يحرم الشراء منهم؟ وما حكم عمل الطبق الخيري الذي يعود ريعه للمسجد وحلقاته، إذا كان سيقام داخل قسم النساء، أو في خيمة في ساحة المسجد؟ علماً أن هذه الفتوى ننوي توزيعها على الإخوة في المسجد إذا أذنتم، والله يرعاكم ويحفظكم. الجواب يكره البيع والشراء في المسجد، لما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك" رواه الترمذي (1321) ، وقال: حديث حسن غريب، ورواه الدرامي (1401) ، وقال قوم من العلماء: لا بأس به. والصحيح الأول الكراهة؛ للحديث المذكور، فإن باع فالبيع صحيح؛ لأنه تم بأركانه وشروطه ولم يثبت وجود مفسد له، والكراهة لا توجب الفساد، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "قولوا: لا أربح الله تجارتك"، من غير إخبار بفساد البيع دليل على صحته.

تحديد يوم لزيارة المقبرة

تحديد يوم لزيارة المقبرة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/12/1425هـ السؤال هل تحديد يوم لزيارة المقبرة جائز؟ خاصة وأن ابن حجر- رحمه الله- قد استدل على ذلك بأن الرسول عليه الصلاة والسلام، كان يزور قباء كل سبت. الجواب زيارة القبور مشروعة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: " نَهَيْتُكُمْ عَن زِيارةِ القُبُورِ، فَزُورُوهَا". أخرجه مسلم (977) . وفي رواية عند الترمذي (1054) : "فَإِنّها تُذَكّرُكُمُ الآخِرَةَ". وكان النبي عليه الصلاة والسلام، يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: "السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ". أخرجه مسلم (974) . وكان عليه الصلاة والسلام، يزور القبور ويدعو لأهلها، ولكنه، عليه الصلاة والسلام، لم يجعل لذلك توقيتًا، بل أطلق الأمر بالزيارة فلا يجوز تقييدها بيوم معين، فمن زعم أنه يتعبد بزيارة القبور في يوم كذا فهو مبتدع؛ لأن هذا يحتاج إلى دليل، وما ذكر عن الحافظ ابن حجر من أنه، عليه الصلاة والسلام، كان يزور قباء كل سبت- أخرجه البخاري (1193) ومسلم (1399) - لا يصح هذا القياس، فإن هذه عبادة ولا يصح القياس في العبادات، نعم نقول: إن زيارة مسجد قباء لمن كان في المدينة يوم السبت، ومن زار في غير السبت فلا بأس، لكن الأفضل أن تكون في ذلك اليوم يوم السبت، وأما زيارة القبور فقد دلت السنة على الإطلاق وعدم التقييد للوقت، فلا يعين لها يوم ولا ساعة، لكن لو أن إنسانًا اعتاد أنه لا يزور إلا في يوم كذا في يوم الخميس أو يوم الجمعة؛ لأنه يكون فارغًا فهذا نوع آخر لم يخصص، لأنه لم يدخل تخصيص هذا اليوم تدينًا وتعبدًا، إنما خصص اتفاقًا بحسب ظروفه، ولو تغيرت ظروفه وأحواله لتغير ميعاد الزيارة، ثم مع ذلك لا ينبغي أن تكون زيارة القبور لها موعد يلتزم به الإنسان، بل ينبغي أن يكون تارة بعد أسبوع وتارة بعد شهر وتارة بعد يومين بعدًا عن مظهر البدعة، نسأل لله أن يهدينا صراطه المستقيم. وبناءً على ذلك فتخصيص الأعياد لزيارة القبور، والذهاب إلى المقابر بعد صلاة العيد، وجعل ذلك شعارًا وسنة متبعة- كما يحدث في بعض أمصار المسلمين- داخل في الابتداع المنهي عنه، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا صحابته يوقتون زيارة الموتى بيوم العيد ولا غيره.

دفن الميت ولم يغسل

دفن الميت ولم يغسل المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/10/1423هـ السؤال شخص من روسيا يسأل: توفي بعض المسلمين في روسيا ولم يغسلوا وإنما كفنوا فقط ولم يصلَّ عليهم، فماذا يجب على المسلمين المقربين منهم؟ هل يجوز أن يصلوا عليهم بعد هذه المدة وعلى وجه الخصوص إذا كانت طويلة أم ماذا عليهم؟ وهل يأثمون بذلك؟ الجواب علينا أن نعلم أن تجهيز الميت من تغسيل وتكفين وحمل وصلاة ودفن من فروض الكفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين وإلا أثم كل من علم بوفاته وتركه، ومن علم بما ذكره السائل ولم يقم بالواجب فعليه التوبة والندم على ما فرط منهم والعزم على ألا يعودوا، وعليهم أن يصلوا على الأموات في قبورهم ولو طالت المدة، وإذا كانت المدة قريبة ولا يمكن أن يكون الميت قد تغير فيجب نبشه واتخاذ ما يلزم من تغسيل وتكفين وصلاة وغير ذلك مما تقدم، وأما إذا طالت المدة وقد تغير، أو فني الميت، أو تعفن في قبره فعليهم أن يصلوا عليهم في قبورهم ويتوبوا إلى الله.

عمل الخير ابتغاء الثناء

عمل الخير ابتغاء الثناء المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين - رحمه الله - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/8/1424هـ السؤال لدي تساؤل عن ديدن كثير من الناس -إلا من رحم الله-: ألا وهو عمل الخير للغير مقابل الثناء والمدح سراً وعلناً، آخذين بمقولة الشاعر: دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثوان ٍ فارفع لنفسك من حياتك ذكرها *** فالذكر للإنسان عمر ثانٍ وكذلك العامي: ومِنْ بَغَى الخير يتْعبْ رِكَابَه. تساؤلي هو: ألا يعد هذا العمل -السعي في قضاء حوائج الغير مقابل كلمات مدح لا تتجاوز عدة أيام ظاهراً أمام الناس- من الشرك الخفي -الأصغر-؟ وأين هو من حديث:"من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا ... "، وحديث:"أنا وكافل اليتيم كهاتين" وأثر "صنائع المعروف تقي مصارع السوء"، ولقد سألت أحد طلبة العلم فقال: إذا كان العمل دنيوياً وأردت به الآخرة فأنت مأجور على ذلك، وإذا أردت به الدنيا فلا بأس. أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب يشترط لقبول العمل عند الله -سبحانه- شرطان: (1) الإخلاص؛ لقول الله -تعالى-:"لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" [الزمر:65] ، وقوله:"فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً" [الكهف:110] . (2) المتابعة: أي موافقة سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للحديث: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، لكن المؤمن إذا عمل العمل بنية خالصة، ثم حصل له ثناء أو مكافأة دنيوية، فهذا عاجل بشرى المؤمن في الدنيا، وما عند الله خير وأبقى، والله أعلم.

زكاة الحدائق المثمرة

زكاة الحدائق المثمرة المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/10/1423هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم زكاة الأرض الزراعية المثمرة؟ هل دفع الزكاة على المبلغ قبل المصروفات أم بعد الخصم؟ وشكراً. الجواب عند أكثر العلماء ليس على مثل هذه الثمرة زكاة، وعليه فالمبلغ المتبقي إذا حال عليه الحول وهو نصاب يجب فيه الزكاة، ولا تجب قبل ذلك، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

حكم بناء المسجد في المقبرة

حكم بناء المسجد في المقبرة المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/5/1423 السؤال ما حكم الصلاة في مسجد مبني في مقبرة؟ بمعنى: أن هناك جزءاً أخذ من أرض المقبرة وخصص ليكون مسجداً، هل تعد أرضه أرض مقبرة أم أنها أصبحت أرضاً خاصة بالمسجد وعليه فحكم الصلاة فيه ليس كالصلاة في المقبرة؟ أرجو التفصيل مع ذكر الأدلة. الجواب أرى أن الأرض التي خصصت للمقبرة تبقى لها ولا يؤخذ منها جزء للمسجد؛ لسببين: الأول: أن الأرض -كما ورد في السؤال- قد خصصت أصلاً للمقبرة. الثاني: أن بناء المسجد حول القبور أو بالقرب منها لا سيما إذا كان ملاصقاً يدخل في المنهي عنه، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" البخاري (436) ومسلم (529) ، قالت عائشة -رضي الله عنها-: "يحذر ما صنعوا"، وقال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه مسلم (532) في صحيحه: "....ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك". فالواجب أن تبعد المساجد عن القبور، وما ذاك إلا لأن الصلاة حول القبور وسيلة إلى دعاء الأموات، أو الاستعانة بهم، أو سؤالهم وهذا من الشرك، والوسائل لها حكم الغايات، ولهذا حذر -صلى الله عليه وسلم- من اتخاذ القبور مساجد حماية للتوحيد وسداً لذريعة الشرك، والله أعلم.

فناء النار

فناء النار المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/1/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو منكم توضيح الأمر التالي بالتفصيل، حيث وجدت فيه اختلافات كثيرة هل تفنى النار في الآخرة؟ وهل ذلك كان فعلاً رأي بعض الصحابة والسلف؟ أرجو التوضيح حيث تبين لي من الآيات والأحاديث التي قرأتها أن أهل النار خالدون فيها أبدا. وجزاكم الله خيراً. الجواب سئل فضيلته: هل النار مؤبدة أو تفنى؟ فأجاب بقوله: المتعين قطعاً أنها مؤبدة، ولا يكاد يعرف عند السلف سوى هذا القول، ولهذا جعله العلماء من عقائدهم، بأن نؤمن ونعتقد بأن النار مؤبدة أبد الآبدين، وهذا الأمر لا شك فيه؛ لأن الله - تعالى - ذكر التأبيد في ثلاثة مواضع من القرآن: الأول في سورة النساء في قوله - تعالى -: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ... "الآية، [النساء: 168- 169] . والثاني: في سورة الأحزاب "إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً" الآية، [الأحزاب: 64-65] . والثالث: في سورة الجن "وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً" [الجن: 23] . ولو ذكر الله - عز وجل - التأبيد في موضع واحد لكفى، فكيف وقد ذكره في ثلاثة مواضع؟! ومن العجب أن فئة قليلة من العلماء ذهبوا إلى أنها تفنى بناء على علل عليلة لمخالفتها لمقتضى الكتاب والسنة، وحرفوا من أجلها الكتاب والسنة؛ فقالوا: إن "خالدين فيها أبداً" ما دامت موجودة فكيف هذا؟! إذا كانوا خالدين فيها أبداً، لزم أن تكون هي مؤبدة "فيها" هم كائنون فيها وإذا كان الإنسان خالداً مؤبداً تخليده، لزم أن يكون مكان الخلود مؤبداً؛ لأنه لو فني مكان الخلود ما صح تأبيد الخلود، والآيات واضحة جداً، والتعليلات الباردة المخالفة للنص مردودة على صاحبها، وهذا الخلاف الذي ذكر عن فئة قليلة من أهل العلم خلاف مطرح لأنه مخالف للنص الصريح الذي يجب على كل مؤمن أن يعتقده، ومن خالفه لشبهة قامت عنده فيعذر عند الله، لكن من تأمل نصوص الكتاب والسنة عرف أن القول بتأبيدها هو الحق الذي لا يحق العدول عنه. والحكمة تقتضي ذلك، لأن هذا الكافر أفنى عمره كل عمره في محاربة الله - عز وجل - ومعصية الله والكفر به، وتكذيب رسله - عليهم الصلاة والسلام - مع أنه جاءه النذير وأعذر وبين له الحق، ودعي إليه، وقوتل عليه وأصر على الكفر والباطل، فكيف نقول إن هذا لا يؤبد عذابه؟! والآيات في هذا صريحة كما تقدم. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين (1/55-56) ] .

أيهما أفضل: العمرة في أشهر الحج أم في رمضان؟

أيهما أفضل: العمرة في أشهر الحج أم في رمضان؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 7/9/1424هـ السؤال أيهما أفضل: العمرة في أشهر الحج أم في رمضان؟. الجواب في الصحيحين البخاري (1782) ، مسلم (1256) عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" ... عمرة في رمضان تعدل حجة" وفي لفظ للبخاري (1863) ، ومسلم (1256) :"تقضي حجة أو حجة معي". ثم يلي هذا في الفضل العمرة في شهر ذي القعدة، لأن عُمرهُ كلها -صلى الله عليه وسلم- كانت في ذي القعدة، وقد قال الله تعالى:"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ... " [الأحزاب: 21] ، وبهذا الجواب أفتى سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- كما في فتاوى إسلامية جمع محمد المسند (2/303-304) ، والله تعالى أعلم.

قضاء الفوائت هل يعم النوافل؟

قضاء الفوائت هل يعم النوافل؟ المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/7/1423هـ السؤال إذا أراد شخص ما إعادة الصلوات التي فاتته في مرض أو لأي سبب آخر، فهل يبدأ بقضاء الفرض فقط؟ أم الفرض مع السنة والنوافل والوتر؟ أفيدوني أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: إذا كانت الصلاة الفائتة واحدة فقط -كصلاة الظهر مثلاً- فإنه يشرع له قضاؤها مع سننها الراتبة، ويدل لذلك حديث أبي قتادة (في صحيح مسلم) (681) فإنه -صلى الله عليه وسلم- قضى صلاة الفجر مع سنتها. وأما إذا كانت الفوائت أكثر من ذلك، وكان تركها لعذر -كما ذكر السائل- فإنه يشرع له المسارعة إلى قضائها بلا سننها الراتبة، ويدل لذلك فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق -كما في صحيح مسلم (631) - فإنه قضى الفوائت بلا سنن، وبهذا أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى 22/104) . والله -تعالى- أعلم. هذا بالنسبة للسنن الرواتب. أما سنة الوتر، فإنه يقضى شفعاً بعد ارتفاع شمس ذلك اليوم قيد رمح إلى قبيل الزوال، ثم لا يقضى بعد ذلك، وهذا كله إذا كان تركه لعذر، وإلا فلا يقضى أصلاً، كما يدل على ذلك الحديث الذي أخرجه مسلم (746) وغيره عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:"وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة" هذا لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، انظر: البخاري (994) ومسلم (736) ، فشفع وتره بركعة، وعليه فإذا كنت تصلي من الليل خمس ركعات -مثلاً- فإنك تقضيها ستاً من النهار. هذا وقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى 23/91) بأن الوتر يقضى -أيضاً- قبل صلاة الفجر، واستدل على ذلك بحديث أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو ذكر" رواه أحمد (11264) وأبو داود (1431) ، والله -تعالى- أعلم.

يريد الزواج بنصرانية قد زنى بها!

يريد الزواج بنصرانية قد زنى بها! المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/03/1427هـ السؤال أخ مسلم يستفسر عن حكم زواجه من نصرانية في بلد أجنبي، علماً أنه كان قد زنى بها قبل زواجه منها شرعاً، وأنه تاب من ذلك ويعمل صالحاً، ولم تحمل منه قبل الزواج، وهي قريبة من الإسلام، ولكنها لم تعلن إسلامها بعد. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأهنئك على توبتك وعملك الصالح الذي ترجو به تكفير ما فعلت، فالله - تعالى- يقول: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68-70] . فربك -تعالى- كريم رحيم قريب مجيب، فإن أنت صدقت التوبة، وأقلعت عن الذنب، وعزمت على عدم الرجوع فإن الله يبدل سيئاتك حسنات. وأما عن زواجك بهذه المرأة فهو جائز إذا كانت نصرانية، أي تنتسب إلى دين النصارى، ويعتبر هذا في دينهم انتساباً إليه، ولكن بشرط ألا تكون امرأة بغياً زانية، أي أنها ما تزال تزني مع غيرك كما فعلت معك، فحينئذٍ لا يجوز الزواج منها؛ لأن الله- تعالى- يقول: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور:3] . فتنبه لهذا جيداً، واعلم أنها إن كانت كذلك فإنها ستفسد عليك فراشك، بل وتفسد دينك وأولادك. مع أن الزواج من الكتابيات قد كرهه كثير من العلماء وإن قالوا بجوازه؛ وذلك لما قد يخشى فيه من الأثر على الشخص وعلى ذريته، فإن كنت متعلقاً بها أو ترجو بذلك إسلامها كما ذكرت أنها قريبة من الإسلام، وإلا فالاستغناء عنها بالمسلمات أولى. وفقك الله وكتب لك الخير فيما تختار. وأوصيك بتقوى الله، وتقديم المصلحة الدينية على المصلحة الشخصية، وأن تستخير الله فيما تقدم عليه. والله تعالى أعلم.

إذا تاب المرتد فهل يقبل سابق عمله

إذا تاب المرتد فهل يقبل سابق عمله المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/9/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. رجل مسلم اهتدى بسببه كافر، ثم وقع هذا الرجل المسلم في الكفر، ثم تاب، هل يذهب أجر إسلام الكافر عنه؟ الجواب الحمد لله، وبعد: فإن الأجر والثواب أمر يتعلق بفضل الله -تعالى-، ثم هو أمر يتعلق بالغيب أيضاً، ولذا فلا حاجة للتعمق في السؤال عنه، بمعنى أن من عمل عملاً صالحاً رجاء ثواب الله فقد أدى السبب، ويبقى فضل الله -تعالى- الذي لا يحده البشر بمجرد اجتهاداتهم. فالمرتد مثلاً إذا تاب ورجع إلى الإسلام وحسن إسلامه، فلا أحد يستطيع أن يقول لا ثواب لك على أعمالك الصالحة قبل الردة، ويجزم بذلك. وعلى هذا فيرجى -إن شاء الله- لمن تاب أن تبقى له أعماله الصالحة، ومنها ما كان بسببه من إسلام كافر أو هداية ضال، صحيح أن بعض أهل العلم ذكر حبوط العمل، ورتبوا عليه أيضاً أن المرتد يعيد بعض العبادات التي كان قد فعلها قبل الردة لبطلانها بالردة، كالحج مثلاً ومن هؤلاء المالكية، ولكن خالفهم آخرون أيضاً فقالوا بعدم بطلانها، وأنه لا تلزم إعادتها سواء قيل ببطلان ثوابها أم لا، وأن الحبوط المطلق إنما يكون لمن مات على الردة والعياذ بالله، لأن الله تعالى علقه به في قوله سبحانه:"ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة:217] . ولكن مع ذلك كله فأرى أنه لا ينبغي الخوض في الثواب؛ لأنه لا يتعلق به حكم دنيوي وإنما أمره إلى الله، فيبقى الرجاء من الله سبحانه ألا يحيط ثواب أعمال هذا الشخص، ما دام قد تاب إلى الله ورجع، وفي هذا ترغيب له في الرجوع والتوبة بخلاف القول بحبوط ثوابه، والله تعالى أعلم.

القرض والإقتراض في المسجد

القرض والإقتراض في المسجد المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز إجراء معاملة القرض داخل المسجد؟ بمعنى أخذ القرض أو سداده داخل المسجد. وجزاكم الله خيراً. الجواب القرض الحسن الشرعي - الذي يدفعه الإنسان لأخيه لقضاء حوائجه دون أن يأخذ عليه ما يسمى بالفوائد - من المعاملات المستحبة التي فيها إرفاق وإحسان ولهذا روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقتها مرة" رواه ابن ماجة (2430) ، والبيهقي (5/353) ، وأحمد (3911) ، وابن حبان (5040) فعلى هذا يكون من باب القربات فإذا أن إنساناً أعطى شخصاً قرضاً حسناً فإن في عمله قربة فيصح ذلك ولو كان في المسجد، وكذلك سداده وإرجاعه فأرجو إن شاء الله ألا شيء فيه.

نقل الميت إلى مقبرة أخرى

نقل الميت إلى مقبرة أخرى المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/11/1423هـ السؤال السلام عليكم. أرجو الإفادة في المسألة الآتية: توفيت والدة زوجي منذ عدة أيام وتم دفنها في المقابر الخاصة بأهلها- أي الخاصة بوالدها وإخوانها- وكانت قد أوصت بدفنها في المقبرة الخاصة بزوجها، مع العلم أن زوجها ما زال على قيد الحياة ولم يتم شراء مقبرة تكون ملكه بعد، وأن الإجراءات اللازمة لشراء المقبرة قد تستغرق فترة من الزمن، فهل يجوز نقل جسدها بعد إتمام شراء المقبرة المذكورة؟ وهل يجوز البناء على المقابر بغرض حمايتها من السرقة؟ (الأمر الذي قد انتشر في مصر) . الجواب لا أثر لهذه الوصية من المرأة التي دفنت في مقبرة غير ما أوصت به، ولا يجوز نقل جسدها بعد شراء المقبرة الخاصة بزوجها التي لم توجد بعد، ونقل الميت من قبر إلى آخر لا يجوز إلا إذا كان لذلك مبرر شرعي كأن يلحق القبر ضرر كوصول المجاري إليه أو أصبح في طريق عام للناس لا مندوحة لهم أن يطرقوه ويسلكوه ونحو ذلك وما ذكر في السؤال لا يبرر جواز النقل. أما البناء على القبور مجتمعة بسور واحد حماية أن يلحقها أذى من الناس أو الدواب فجائز شرعاً، أما البناء على القبر بناء يميزه عن القبور الأخرى بطين أو إسمنت أو رخام ونحوه فحرام لا يجوز فإن القباب والمشاهد أكبر ذريعة إلى الشرك الأكبر عياذاً بالله وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"....اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" الموطأ (1/172) .

غيرة الله على قلب المؤمن

غيرة الله على قلب المؤمن المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/12/1423هـ السؤال رأيت نفسي بخلطاء نسميهم أصدقاء، فبحثت بالتجارب عنهم فإذا أكثرهم حساد على النعم، وأعداء لا يسترون زلة، ولا يعرفون للجليس حقاً، فتأملت الأمر فإذا الحق سبحانه يغار على قلب المؤمن أن يجعل له شيئاً يأنس به، فهو يكدر عليه الدنيا وأهلها ليكون أنسه به. يا شيخ ما رأيك بهذه العبارة هل فيها محظور شرعي؟ الجواب لا يجوز أن يعتقد المسلم هذا المعتقد فإن الله عز وجل عظيم وحكيم ومن حكمته أن يحقق المطالب الشرعية من خلال العبد نفسه. وهذا المعنى المذكور في السؤال قد وضعه الصوفية وربما يكون نقله من أهل الكتاب. فإنهم زعموا أن مثل ذلك كان لإبراهيم عليه السلام عندما أحب إسماعيل فابتلاه الله عز وجل بذبحه. وكذلك يعقوب عندما أحب يوسف ... إلخ ذلك الكلام الذي لا دليل عليه. فلا يجوز للمسلم أن يتخيل أموراً ثم يجعلها ديناً والله المستعان.

إجراءات احتمال الحرب هل تنافي التوكل؟

إجراءات احتمال الحرب هل تنافي التوكل؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/1/1424هـ السؤال أفكر أحياناً أن أحول أموالي إلى عملة أخرى خوفاً من نزولها إذا حصلت- لا قدر الله- حرب، هل هذا من عدم التوكل؟ وما رأيكم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، يجب على العبد أن يتوكل على الله في جميع الأمور بمعنى أن يعتمد على الله ويفوض أمره إليه في جلب ما يحب وفي دفع ما يحذر ويكره، والأخذ بالأسباب النافعة مشروع ومنها الأسباب التي تقصد لسلامة الإنسان في بدنه وفي أهله وفي ماله، فالأخذ بمثل هذه الأسباب لا ينافي التوكل، وتحويل الإنسان لماله من عملة يخشى عليها من الهبوط إلى عملة هي أثبت في العادة أو تحويلها إلى ذهب، فإن ذلك من أسباب حفظ المال فلا بأس به، مع الإيمان بأن الله سبحانه هو الحافظ لعبده، وأن هذه الأسباب لا تنفع إلا أن يشاء الله سبحانه وتعالى، فلا يعتمد عليها، فإن الاعتماد على الأسباب شرك في التوحيد كما قال بعض العلماء، فالمسلم يفعل الأسباب متوكلاً على الله سبحانه وتعالى ومعتمداً عليه لا على تلك الأسباب، وترك الأسباب النافعة عجز والاعتماد عليها شرك، وقد جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح بين الأمر بالأسباب النافعة مع الاستعانة به سبحانه، وذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم-:"احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل"، والله أعلم.

متى وأين توزع زكاة الفطر؟

متى وأين توزع زكاة الفطر؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/9/1423هـ السؤال بالنسبة للفطرة، هل توزع على فقراء بلدتنا أم على غيرهم؟ وإذا كنا نسافر قبل العيد بثلاثة أيام ماذا نفعله تجاه الفطرة؟ الجواب السنة توزيع زكاة الفطر بين فقراء البلد صباح يوم العيد قبل الصلاة، ويجوز توزيعها قبل ذلك بيوم أو يومين ابتداء من اليوم الثامن والعشرين، وإذا سافر من عليه زكاة الفطر قبل العيد بيومين أو أكثر أخرجها في البلاد الإسلامية التي يسافر إليها، وإن كانت غير إسلامية التمس بعض فقراء المسلمين وسلمها لهم، وإن كان سفره بعد جواز إخراجها فالمشروع له توزيعها بين فقراء بلده؛ لأن المقصود منها مواساتهم والإحسان إليهم وإغناؤهم عن سؤال الناس أيام العيد. [فتاوى ابن باز -رحمه الله- كتاب الدعوة (4/154) ] .

الصلاة في مسجد بسوره قبر

الصلاة في مسجد بسوره قبر المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/1/1424هـ السؤال هل تجوز الصلاة في مسجد في ساحته قبر داخل السور؟ مع العلم أنه المسجد الوحيد بالبلدة. الجواب لا تجوز الصلاة في المساجد التي فيها قبر أو قبور؛ لما ثبت عن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت بخمس يقول:"إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" رواه مسلم (532) ، ولما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" البخاري (436) ، ومسلم (529) ، ويجب على ولي أمر المسلمين أن يهدم ما بني على القبور من المساجد؛ لأنها أسست على غير التقوى، وأن ينبش من دفن في المسجد بعد بنائه، ويخرج جثته من المسجد حتى عظامه ورفاته، لاعتدائهم بالدفن فيه، وينقل رفاته إلى المقبرة العامة في حفرة خاصة يسوي ظاهرها كسائر القبور، وبعد ذلك لا حرج في الصلاة في المسجد المذكور لزوال المحذور. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

صلاة الغائب على شهداء العراق

صلاة الغائب على شهداء العراق المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/6/1424هـ السؤال ما حكم صلاة الغائب على شهداء العراق؟ الجواب الحمد لله، الشهداء يعني المقتولون في سبيل الله لا يصلى عليهم، فالرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يصل على قتلى أحد. انظر ما رواه البخاري (1343) من حديث جابر -رضي الله عنه- وإنما يدعى لهم بالمغفرة، وأن يبلغهم الله ما أملوه، وما رجوه من ربهم من الفوز بالشهادة، وبلوغ منازل الشهداء، والله سبحانه وتعالى - لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فإنه جواد كريم، وهو الغفور الشكور، سبحانه وبحمده، والله أعلم.

هل لساحات المسجد حكم المسجد؟

هل لساحات المسجد حكم المسجد؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/11/1424هـ السؤال بعض الشباب يقوم ببيع الأشرطة الدينية في المسجد، في الأماكن غير المسقوفة، ولكن داخل سور المسجد، هل هذا البيع جائز أم لا؟ وهل تعتبر هذه الأماكن تابعة للمسجد أي ينطبق عليها حكم المسجد؟ من حيث إذا أتى شخص وجلس في الكراسي الموجودة في الساحة، هل يجب عليه صلاة ركعتين قبل الجلوس؟ أرجو منكم التوضيح، وبارك الله فيكم. الجواب ما كان داخل سور المسجد مما هو معد للصلاة، أو متروك إلى وقت الحاجة إليه يأخذ حكم المسجد، وعليه فلا يتخذ محلاً للبيع والشراء، أو مجلساً لحديث الناس؛ لعموم حديث أنس -رضي الله عنه-: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله والصلاة، وقراءة القرآن" رواه الشيخان البخاري (219) ومسلم (285) ، وعليه فتأخذ حكم المسجد من قول ذكر الدخول والخروج، وتحية المسجد، ونحوهما.

ترك التشهد الأول سهوا

ترك التشهد الأول سهواً المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 6/11/1424هـ السؤال صليت صلاة المغرب خلف الإمام، وفي الركعة الثانية وقف إلى الركعة الثالثة دون أن يجلس للتشهد الأول ناسياً، فسبح المأمومون فلم يجلس للتشهد، ولكن أشار بيده أن قفوا، فوقفنا وأتممنا الركعة الثالثة ثم سجد سجود السهو، وبعد الصلاة قال لنا إن التشهد الأول سنة، فهل هذا صحيح؟ وإذا لم يكن صحيحاً ماذا كان يجب علي أن أفعل؟ وهل صلاتي صحيحة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب التشهد الأول واجب من واجبات الصلاة يسقط مع السهو عنه، ويجبره سجود السهو، كما فعل إمامكم، ففعله صحيح، وعلى الإمام إن ذكر أو ذُكِّر قبل أن يستتم قائماً أن يرجع للتشهد، فإن لم يذكر أو لم يُذكَّر إلا بعدما استتم قائماً كره له الرجوع، فإن لم يذكر أو لم يذكَّر إلا بعد أن شرع بالقراءة فيحرم عليه الرجوع.

كيفية حساب الرضعات الخمس!

كيفية حساب الرضعات الخمس! المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/02/1427هـ السؤال علمت أن حكم الرضاعة يثبت بخمس رضعات (أي خمس مصات) ، يفصل الرضيع بينها بترك الثدي للتنفس أو للانتقال للثدي الآخر، فهل يصح أن أقوم بجعل الطفل يترك الثدي إما بإخراجه من فمه، أو بأن ألعِّب الطفل حتى يترك الثدي لكي تحسب رضعة واحدة؛ حتى تتم الخمس رضعات في جلسة واحدة؟ وكيف تحسب الخمس رضعات إذا كانت المرأة أخرجت الحليب من ثديها، ووضعته في كأس أو رضَّاعة الأطفال لكي يشربه الطفل؛ حتى تصبح أمه بالرضاعة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: فيشترط في الرضاع المحرم شرطان: الأول: أن يكون في الحولين، الثاني: أن يكون خمس رضعات فأكثر، وضابط الرضعة هو أن يلتقم الطفل الثدي ثم يتركه، فهذه رضعة، ثم إذا عاد إليه مرة أخرى والتقمه ومص الحليب منه فهذه رضعة، وسواء حصل هذا باختياره أو بغير اختياره، وعلى هذا يمكن حصول الرضعات في مجلس واحد، ولا فرق في تحريم الرضاع بحصول الرضاع مباشرة من ثدي المرأة، أو بأن يصب له الحليب في رضَّاعة، ثم يقوم الطفل بارتضاعه. ويقال عن الارتضاع من الرضاعة مثل ما يقال عن الارتضاع من ثدي المرأة، فإذا ارتضع الطفل الحليب من الرضَّاعة، ثم تركه تحسب رضعة، ثم إذا عاد عليه تحسب له رضعة ثانية؛ لأن ضابط الرضعة هو التقام الشيء، وامتصاص الحليب منه. والله أعلم.

هل الضار والمذل من أسماء الله؟

هل الضار والمذل من أسماء الله؟ المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/4/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. الشيخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل اسما الضار والمذل من أسماء الله الحسنى أم لا؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، الضار ليس من أسماء الله، بل من أسمائه التي ورد ذكرها في بعض الروايات النافع الضار، يعني الكلمتان اسم واحد، فهو -سبحانه وتعالى- النافع الضار؛ لأنه -سبحانه وتعالى- هو خالق كل شيء، خالق الخير والشر، وهو سبحانه وتعالى الذي لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع بالسيئات إلا هو، ولا يكون في ملكه إلا ما يشاء، ومن الإيمان الإيمان بالقدر خيره وشره، فلا يجوز أن يقال إن الله - تعالى - هو الضار، بل يقال: هو النافع الضار، وهو الذي يعز ويذل؛ يعز من يشاء ويذل من يشاء، وليس من أسمائه المذل، ولا أذكر أنه ورد اسم المعز المذل في سرد أسمائه الحسنى؛ بل الذي ورد في القرآن: "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [آل عمران:26] ، والله أعلم.

المستحب في السواك

المستحب في السواك المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 5/4/1424هـ السؤال ما المستحب في السواك أن يكون باليد اليمنى أم باليسرى، جزاكم الله خيراً. الجواب سئل الشيخ: هل يستاك الإنسان باليد اليمنى أو باليد اليسرى؟ فأجاب بقوله: هذا محل خلاف، فذهب بعض العلماء إلى أن الإنسان يستاك باليد اليمنى، لأن السواك سنة، والسنة طاعة لله وقربة، فلا يتناسب أن تكون باليد اليسرى؛ لأن اليسرى تقدم للأذى. وقال آخرون: بل باليد اليسرى أفضل، وذلك لأن السواك لإزالة الأذى وإزالة الأذى تكون باليسرى؛ كالاستنجاء والاستجمار فإنه يكون باليسرى لا باليمنى. وفصل آخرون فقالوا: إن تسوك لتطهير الفم كما لو استيقظ من نوم أو لإزالة أذى، فيكون باليد اليسرى؛ لأنه لإزالة الأذى، وإن تسوك لتحصيل السنة، فيكون باليمنى لأنه مجرد قربة كما لو كان قد توضأ قريباً واستاك، فإنه يستاك باليمنى، والأمر ولله الحمد في هذا واسع، فيستاك كما يريد لأنه ليس في المسألة نص واضح.

دخول النصارى إلى المساجد

دخول النصارى إلى المساجد المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/8/1424هـ السؤال ما حكم الإسلام في دخول النصارى إلى المساجد لأجل الاستفسار عن الدين؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن جمهور العلماء لا يجيزون دخول الكفار المسجد الحرام، ولا سائر المساجد؛ لعموم قوله تعالى: "إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام" [التوبة: 28] ، وقد قالوا بأن هذه الآية عامة في سائر المشركين وسائر المساجد، ويؤيد ذلك قوله تعالى: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه" [النور: 36] ، ودخول الكفار فيها مناقض لرفعها، هذا وأجاز أبو حنيفة والشافعي دخول الكفار سائر المساجد. وبناء على ما تقدم فإنه يجوز دخول النصارى للمساجد، لا سيما إذا كان في ذلك مصلحة، كرجاء إسلامهم، ولأن دخولهم المساجد للاستفسار عن الدين، كما جاء في السؤال يدعوهم إلى الرغبة في الدخول في الإسلام، لا سيما إذا رأوا حسن صلاتهم واجتماعهم عليها، وحسن آدابهم في جلوسهم في المسجد، فيستأنس غير المسلم بذلك، ويسلم بإذن الله تعالى، هذا وعلى السائل والقارئ مراجعة الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/104) ، عند قوله تعالى "إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام"، فقد ذكر ما ذكرته، وفصل الخلاف، وما نقلته هنا مقتبس منه. والله أعلم.

تنازل عن حقه في الميراث لأحد الورثة

تنازل عن حقه في الميراث لأحد الورثة المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/06/1427هـ السؤال بعد وفاة أبي، تنازل لي أخي عن حقه في الميراث، وقال: إن الإسلام ظلم المرأة بإعطائها نصف حق الرجل، فهل هذا الحق جائز لي؟ مع العلم أنه قال: إنه يتنازل عن حقه لنا (3 شقيقات) في حياة أبي رحمه الله، غير أنه خصني بهذا الحق لي وحدي. فهل يحق لي بعد الذي قاله على الإسلام؟ علماً بأننا عائلة محافظة، ولكنه هاجر إلى أوربا في شبابه ومازال فيها. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فما دام الواقع هو ما ذكرته السائلة، من أن أخاها قد تنازل لها عن حقه في الميراث بعد وفاة الأب، فلها أن تأخذه، وأن تنتفع به، ويكون ذلك حقاً لها بعدما تنازل. ولو كان قد خصها به، أي بما يخص أخاها من الميراث دون سائر الأخوات، ولو قال ما قال. لكن بمقالته ذاك يوضح له أن ذلك انتقاص للشرع والدين، وأن هذه ردة عن الإسلام والعياذ بالله، فالواجب نصحه وتذكيره بالله، لعله يتوب ويرجع إلى دينه، واتخاذ جميع الوسائل لذلك، ليرجع إلى الحق، وليؤخذ على يديه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لتأخذن على يد الظالم وَلَتَأْطُرُنَّهُ على الحق أَطْرًا وَلَتَقَصُرُنَّهُ على الحق قصرا". أخرجه أبو داود (4336) ، والترمذي (3047) ، وابن ماجة (4006) . أسأل الله أن يرده إلى الحق، وأن ينير بصيرته؛ ليرجع إلى دينه. والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

شروط نكاح الكتابية

شروط نكاح الكتابية المجيب عبد الرحمن بن عبد الله اللهيبي رئيس محكمة التمييز سابقا التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/05/1427هـ السؤال وقعت في حب فتاة نصرانية وهي لا تعلم عن دينها إلا القليل. وهي من المتخذات أخدان (أصدقاء) وطبعاً غير عذراء. وسؤالي هل يجوز الزواج بها على هذه الحال التي عليها؟ ربما أسلمت بعد زواجنا. وما هي شروط الزواج من النصارى ولقد سمعت قول الرسول -صلى الله علية وسلم-: "يحشر المرء مع من أحب". وسؤالي هنا: هل أحشر أنا مع هذه الفتاة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا يجوز لك أن تتزوج بهذه المرأة لسببين: الأول: أنك لا تعلم أنها من أهل الكتاب، أو من ينتمي إليهم وربما أنها غير معروفة لأبوين أيضاً. ثانياً: لو فرضنا أنها كتابية فما دامت تمارس جريمة الزنا فلا يجوز نكاحها؛ حيث لا ينكح الزانية إلا زان أو مشرك، كما هو نص الآية في أول سورة النور، وهي غير منسوخة. أما الزواج من النصرانيات فيشترط لجوازه شرطان: الأول: أن تكون المرأة المراد زواجها كتابية. الثاني: أن تكون محصنة، أي عفيفة عن الزنا، لقوله تعالى: "اليوم أحل لكم الطيبات ... ". إلى قوله: "والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان" [المائدة:5] . أما حبك لهذا الفتاة فلا يجعلك تحشر معها؛ لأنك لا تحبها لأجل ما هي عليه من دين، وإنما محبتك لها قد يكون لجمالها، مع بغضك دينها وما هي عليه من فساد. وأخيراً ننصحك أن تبتعد عن هذه الفتاة، ومن على شاكلتها إذ لا خير في فتاة تبذل عرضها لكل أحد. وإذا أردت الزواج فابحث عن امرأة مسلمة، فإن تعذر ذلك فامرأة عفيفة من أهل الكتاب، أو من يدين بدينهم. ولابد من حضور ولي المرأة عند عقد الزواج، وشاهدين، مع صداق يقدم لها، لقوله تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة" [النساء:4] . والله سبحانه وتعالى أعلم.

لبس الشعر المستعار

لبس الشعر المستعار المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/05/1427هـ السؤال هل يجوز لبس الشعر المستعار؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، وبعد: فلا يجوز لبس الشعر المستعار؛ لما ثبت في الصحيحين البخاري (5934) ومسلم (2123) من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله الواصلة والمستوصلة". وهي التي تصل بشعرها شيئاً، فهذا وصل أو أعظم من الوصل. ولكن أجازت طائفة من العلماء لبس الشعر المستعار لمن لم يكن لها شعر أصلاً. كأن يكون فيها عيب وهو القرع. والمرأة إنما جمالها في شعرها. فلئلا تتضرر بعدم زواجها مثلاً، أو عزوف الزوج عنها فتلبس الشعر المستعار. والله أعلم.

وطء سجاد المصليات بالأحذية

وطء سجاد المصليات بالأحذية المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/5/1424هـ السؤال يوجد في أحد المطارات بعض العسكريين ممن يصلون معنا في المصليات وهم يرتدون الأحذية العسكرية ولا يخلعونها، وبعضهم يكون قد خرج للتو من دورات المياه وهي مبللة، مع العلم أن هذه المصليات مفروشة بالسجاد (أفتونا جزاكم الله خيراً) . الجواب روى أبو داود (652) وغيره من حديث شداد بن أوس -قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم"، إلا أن في إسناد هذا الحديث مقالاً، وعلى ذلك فيرى بعض العلماء استحباب الصلاة في النعال، مخالفة لأهل الكتاب، ويرى فريق منهم أن الصلاة بالنعال رخصة؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذي بهما أحداً ليجعلهما بين رجليه أو ليصل بهما" رواه أبو داود (655) . وعلى كلا القولين فإن لزم بالصلاة بالنعلين تلويث المسجد أو تنجيسه أو أذى المأمومين أو كان المسجد مفروشاً فلا يدخل بهما ولا يصل بهما؛ لأن القاعدة عند أهل العلم: أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.

صلاة الطلاب قبل جماعة المسجد

صلاة الطلاب قبل جماعة المسجد المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/06/1425هـ السؤال أنا طالب في الجامعة، وأحياناً يأتي وقت الصلاة مع وقت المحاضرة، فهل لنا كمجموعة طلاب أن نصلي في جماعة بعد دخول الوقت، ولكن قبل أن تقام الجماعة الكبرى؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: الأصل أن تؤدوا الصلاة مع جماعة إمام المسجد الراتب، هذا هو الأصل، لكن إذا كان يلحقكم ضرر بالتأخير عن المحاضرة فلا بأس أن تصلوا قبل الناس، أو أن تصلوا بعد الخروج من المحاضرة.

التخلص من شرك الخوف

التخلص من شرك الخوف المجيب د. حمود بن غزاي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/3/1424هـ السؤال أريد أن أستفسر عن شرك الخوف، فأنا أعاني منه، وأريد أن تدلوني للطريقة الناجحة للتخلص منه، فأنا أخاف من البشر ذكوراً وإناثاً، وأخاف أن أنصحهم، وأخاف كذلك أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، فدلوني إلى الطريق المستقيم، بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: قسَّم العلماء - رحمهم الله تعالى - الخوف إلى قسمين: الأول: خوف العبادة والتذلل والتعظيم والخضوع؛ وهو ما يسمى بخوف السر، وهذا لا يصلح إلا لله -سبحانه وتعالى-، ومثاله الخوف من الأصنام، والخوف من الأموات، ومن الأولياء وغيرهم، كما يفعل بعض عباد القبور، الذين يخافون من أصحاب القبور أكثر مما يخافون الله. الثاني: الخوف الطبيعي وشاهده قوله -تعالى- عن موسى - عليه السلام-: "فخرج منها خائفاً يترقب" [القصص: 21] ، وهذا الخوف إن حمل صاحبه على ترك واجب أو فعل محرم فهو محرم، وإن استلزم شيئاً مباحاً فهو مباح. وأفضل طريقة للتخلص من شرك الخوف اللجوء إلى الله - تعالى-، والاعتصام به، والتوكل عليه، ومعرفته بأسمائه وصفاته - سبحانه وتعالى-، فمن خاف الله خافه كل شيء، ومن اتقى الله اتقاه كل شيء، ومن خاف من غير الله خاف من كل شيء، واعلم - رحمك الله - أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله لا تدني من الأجل، كما أن تركها لا يبعد من الأجل ... ، فكم من داعية صدع بالحق ومات على فراشه، وكم من جبان قتل، فالآجال محدودة، والأنفاس معدودة، "وما تدري نفسٌُ ماذا تكسب غداً وما تدري نفسٌُ بأي أرض تموت" [لقمان: 34] ، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إقامة وليمة لأهل الميت

إقامة وليمة لأهل الميت المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 4/6/1424هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: سؤالي هو: أنه في حالة وجود وفاة عندنا فإن جماعة القرية وبعد دفن الميت يقومون بعمل طعام عشاء أو غداء قد يصل إلى خمس أو ست من الغنم أو بقرة، بزعم أن ذلك الطعام لأهل الميت ولمن جاء معزياً من المدن والقرى البعيدة، وتكون تكلفة الطعام على الجماعة دون أهل الميت وأقاربه، ثم يتجمع أهل القرية جميعهم على ذلك الطعام في بيت أهل الميت أو في بيت قريب له بما في ذلك الصبيان، وقد نصحناهم عن هذا الفعل، ولكنهم لم يستجيبوا لنا، بل عابوا علينا تخلفنا عنهم وعدم مشاركتهم في ذلك، علماً أن ذلك الطعام قد يتكرر في اليوم الثاني. فلذلك نرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة على هذا السؤال، وجزاكم الله خيراً. الجواب هذا العمل من البدع المنكرة التي لا أصل لها في الدين، وقد مات جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس على طعام، ولم يقم مأتماً، ولو كان في هذا خير وقربة إلى الله لفعله - صلى الله عليه وسلم - والسنة عند الوفاة أن يصنع أقارب الميت أو جيرانه طعاماً ويرسلونه لأهل الميت، أما أن يجمع الناس إلى طعام عشاء أو غداء فهذا خلاف السنة، وهو بدعة محرمة، قال جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه -:"كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة". أخرجه أحمد (6905) ، وابن ماجة (1612) .

السيارات المعدة للتأجير هل فيها زكاة؟

السيارات المعدة للتأجير هل فيها زكاة؟ المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/8/1424هـ السؤال سؤالي عندي مكتب لتأجير السيارات، وكل السيارات مرهونة، فهل تزكَّى السيارات؟ علماً أن الفائدة لم يبلغ منها شي، إنما هو دفع الديون، ودفع رواتب العمال. الجواب السيارات المعدة للإيجار ليس فيها زكاة، وإنما الزكاة على الدخل إذا حال عليه الحول وكان نصاباً.

كيف يزكى المحل التجاري

كيف يزكى المحل التجاري المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/7/1424هـ السؤال عندي محل إكسسوارات الجوال، وبعض الأجهزة الإلكترونية، وأول بضاعة اشتريتها كانت بقيمة عشرة آلاف ريال، وكل أسبوع أحضر بضاعة جديدة، والآن حلَّت سنة كيف أخرج الزكاة؟ وهل الزكاة بقيمة شراء البضاعة بالجملة أو بسعر بيعها؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب كيفية إخراج الزكاة عن البضاعة التي في المحل هو أن تقدر قيمة ما في المحل كم تساوي عند تمام الحول، بصرف النظر عن قيمة الشراء، أو قيمة البيع وتخرج الزكاة، حسب هذا التقدير التقريبي.

اسم النبي وأحب الأسماء إلى الله

اسم النبي وأحب الأسماء إلى الله المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 9/5/1424هـ السؤال في الحديث الشريف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن. فكيف الرد على من يسأل لماذا لم يختر الله -سبحانه وتعالى- لنبينا أحد هذين الإسمين؟ وجزاكم الله خيراً ونفع الله بكم وبعلمكم آمين. الجواب إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. إجابة على هذا السؤال نقول للسائل إن قولك: لم لم يختر الله -سبحانه- هو من الاختيار بمعنى القضاء وهي الإرادة القدرية، فكأن السائل يقول: لم لم يقدر الله ويقضي أن يكون لنبيه -عليه السلام- أحد هذه الأسماء المحبوبة عنده؟ والجواب - ونسأله -سبحانه- السداد والتوفيق أن نفرق بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية القدرية، فالإرادة الشرعية تكون بمعنى المحبة، فالله -سبحانه- يريد من عباده أن يسموا أبناءهم بأحد هذه الأسماء، أي: بمعنى يحب ذلك، وقد لا يريد ذلك، فقد لا يقدر شيْئاً ولا يقضيه لما فيه من الحكمة التي يحبها الله -سبحانه- أكثر من تلك التي يريدها شرعاً، ففي تسمية نبي الله عيسى ابن مريم بهذا الاسم دون التعبيد من الحكم الباهرة التي من أجلها وأظهرها ما قضاه وقدره من إفراط بعض الناس وغلوهم فيه كالنصارى، وتفريط بعض الناس فيه كاليهود، ضل بذلك من ضل، وعصم من عصم. وكذلك قدره تسمية علي بن أبي طالب بهذا الاسم دون عبد الله فيها من الحكمة ما أظهره الله من افتتان بعض الناس به. ثم اعلم أيها السائل وفقك الله أن معنى المحبة في الحديث يعود على الاسم لا على المسمى، لأن الاسم المعبَّد لله فيه معنى حق؛ وهو إظهار العبودية لله -سبحانه-، ولا شك أن جميع بني آدم عبيد لله تسموا بذلك أو لم يستموا، ولعل هذا معنى قوله -سبحانه-: "أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" [آل عمران:83] ولهذا يتسمى بعبد الله الكافر والمسلم، ولا يتسمى بمحمد إلا المسلم. وما سمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمداً وأحمد إلا لكثرة خصال الحمد فيه، ولهذا كان لواء الحمد بيده، وآدم -عليه السلام- فما دونه تحت لوائه، وأمته - صلى الله عليه وسلم - الحمادون وهو -صلى الله عليه وسلم - عبد الله ورسوله، وكان -صلى الله عليه وسلم- في مواطن كثيرة يقول: أنا عبد الله ورسوله؛ فكان في اختيار هذا الاسم لنبينا -صلى الله عليه وسلم- من الحكم ما هو أحب إلى الله -سبحانه- من غيره من الأسماء.

صلاة الأطفال مع الفذ في الصلاة

صلاة الأطفال مع الفذ في الصلاة المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/05/1425هـ السؤال إذا أردت الصلاة، وكان معي إخوتي ولم يبلغوا الحلم فهل يصلون بجانبي أو خلفي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا كان مع الإمام اثنان فأكثر فإنهم يصلون خلفه والحالة هذه، سواء بلغوا الحلم أم لم يبلغوا، لحديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "وصففت أنا واليتيم وراءه - أي: وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - والعجوز من ورائنا" رواه الشيخان البخاري (380) ، ومسلم (658) .

الرياء وجدولة العبادات

الرياء وجدولة العبادات المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/4/1424هـ السؤال بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم، وبعد: اتفقت معنا أخت على عمل ورد يومي للمحاسبة، والمقصود بالورد هو عبارة عن جدول فيه بعض العبادات، مثل قراءة كتاب وسماع شريط، وقراءة القرآن، والصلوات الخمس، والسنن، والصيام، والصدقة، والأذكار، وتاريخ اليوم، ثم نقوم كل يوم بملء هذه الخانات بعلامة صح إذا أتممنا هذه العبادة في وقتها، أو علامة خطأ إذا حدث خلل أو تقصير، والإشكال في اطلاع الأخت عليها خشية الرياء وعدم الإخلاص في العبادة، ولكنها ترى أن رؤيتها لهذه الورقة للمتابعة لا دخل لها بالرياء والإخلاص، فما رأيكم؟ أفادكم الله. الجواب الحمد لله، وبعد: فإن اتخاذ المسلم أو المسلمة لنفسه جدولاً لمتابعة الأعمال الصالحة لا بأس به إن شاء الله بشروط: (1) ألا يعتقد فيه أنه قربة بذاته، وإنما يعمله المسلم كوسيلة فقط لمتابعة نفسه حين يجد أنه قد ينسى أو يغفل. (2) ألا يكون الالتزام به التزاماً بالعبادات المشروعة من فرائض أو نوافل، بل يجعل التعامل معه كالتعامل مع أية وسيلة معينة على الخير، فهو مستعد لتركها إذا وجد أفضل منها، ويكون مثله كمن يستعين على طلب العلم بالوسائل الحديثة كالشريط مثلاً، فإذا وجد ما هو أفضل منه لم يتعلق بالأول، لأنه لا يعدو أن يكون وسيلة فقط. (3) ألا يدعو الناس إليه كما لو كان عملاًَ مشروعاً بذاته. (4) ألا يطلع عليه أحد (وهذا موضع السؤال) لعدم الحاجة إلى ذلك، ولما فيه من احتمال فساد النية من أجل ذلك، ولكن يبقى التعاون العام والتناصح والتواصي على الخير وأن يكون بعضنا لبعض ظهيراً على الطاعة والبر ولهذا أصل. كما في قوله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] . وكما في مؤاخاة المهاجرين والأنصار بعضهم مع بعض، فقد كان كل أخ معيناً لأخيه على العلم والعبادة والجهاد والخير، كما في قصة أبي الدرداء مع سلمان - رضي الله عنهما - وغيرها. انظر ما رواه البخاري (6139) ، من حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه-. وكما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مع أهل بيته أنهم كانوا يتقاسمون الليل يقوم كل واحد جزءاً منه. انظر ما رواه البخاري (5441) ، من حديث أبي عثمان. وعلى كل حال فينبغي أن تكون عناية العبد بنفسه، وأن يحملها على الطاعة حملاً ذاتياً دون اتكال على أحد غير الله سبحانه، فهذا هو الأصل، ولا مانع بعد ذلك من اتخاذ الأسباب لتشجيع النفس على الخير والطاعة، وتدريبها على ذلك بأنواع الوسائل المباحة، والتي لا تشتمل على محذور شرعي بحسب الضوابط السابقة، والله أعلم.

لديه هيكل عظمي بشري فكيف يتصرف فيه

لديه هيكل عظمي بشري فكيف يتصرف فيه المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/7/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أنا طالب بكلية الطب، انتهيت من دراستي، ولدي هيكل عظمي حقيقي، لا أعلم هل هذا العظم لمسلم، أو كافر؟ ولا أعلم أهو لذكر أم أنثى؟ لأنه مكون من مجموعة من العظام ليست لشخص واحد، أريد رأي الدين في القضايا الآتية: (1) تكفينه ودفنه. (2) وهل يدفن في مقابر المسلمين؟ (3) إهدائه لأحد الطلبة (4) بيعه والتصدق بثمنه. ثانياً: أحتاج في بداية حياتي العملية الطبية لاقتناء بعض الكتب التي تربط بين الفقه والطب، فأريد نصيحتكم لي ببعض أسماء الكتب المفيدة في هذا الموضوع. الجواب الأصل دفن الجثث، ومواراتها في التراب، وعدم الاحتفاظ بشيء منها، لكن يستثنى من ذلك ما دعت إليه الحاجة أو الضرورة، ومن ذلك التشريح، فيباح على الصحيح من أقوال أهل العلم التشريح للتعليم الطبي؛ لأن التعليم لا يتم على الوجه اللازم إلا به، وكذلك يباح التشريح لمعرفة الجاني على الميت، وكذلك يباح لمعرفة بعض الأوبئة، والأمراض التي يستدعي الحال فيها تشريح الجثث التي ماتت بسبب ذلك الوباء. وبالنسبة لما ورد في السؤال فالجواب كما يلي: (1) لا يحتاج الأمر إلى تكفين هذا الهيكل، بل يكفي جمع هذه العظام في مكان ودفنها. (2) الغالب أن هذه العظام والهياكل ليست لمسلمين، وعلى كال حال، فأرى أن تدفن في مكان آخر غير مقابر المسلمين، وغير مقابر الكفار؛ لاحتمال أن تكون هذه العظام لمسلم. (3) وبالنسبة لإهداء هذا الهيكل العظمي لأحد الطلبة، فإن كان له حاجة به كأن كان طالب طب يستفيد منه، ويحتاجه في دراسته جاز ذلك إن شاء الله، وإلا فلا. (4) أما بيعه فلا يصح، لأن الأعضاء الآدمية ليست محلاً للبيع، لأن الإنسان لا يملكها، وبالتالي فلا يحل بيعها في مثل هذه الحالة، والله أعلم. أما بالنسبة للمراجع التي جمعت بين الفقه والطب فهي كثيرة، وأشير هنا إلى بعضها: (1) الموسوعة الطبية الفقهية [د. أحمد بن محمد كنعان] . (2) أحكام الجراحة الطبية [د. محمد المختار الشنقيطي] . (3) المسائل الطبية المستجدة [د. محمد النتشة] . (4) كتب ورسائل [د. محمد بن علي البار] وهي كثيرة.

هل يعتمر دون إذن والده؟

هل يعتمر دون إذن والده؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/5/1424هـ السؤال أنا فتى في الثامنة عشرة من عمري أريد الذهاب إلى العمرة أنا وأختي، ولكن أبي عادة يعارض كل أمر بدون سبب، ونحن الآن قاربنا على العطلة الصيفية فهل يحق لي أن أذهب بدون علمه؟ فهو مسافر إلى الخارج، مع العلم أن الحملات آمنة وأنا بلغت سن الرشد. الجواب ليس للأب أن يمنع أبناءه من فعل ما فيه مصلحة لهم ولا ضرر على الأب فيه، كأداء العمرة أو الحج، أو طلب العلم، والصيام، ونحو ذلك من الأعمال التي لا خطر فيها على النفس، بل ينبغي على الأب أن يشجع أبناءه على هذه الأعمال، لما في ذلك من تعويدهم على فعل الخير واكتساب الأجر، وإنما يحق للأب أن يمنع ولده من هذه الأعمال إذا كان على الأب ضرر في ذلك، كأن يكون محتاجاً إلى ابنه وذهابه عنه لأداء هذه الطاعة سيضر به، فعلى الابن حينئذ أن يمتنع ويقدم حاجة والده لوجوبها عليه في هذه الصورة، وحتى لا يقع في العقوق المحرم. وبكل حال فعلى السائل أن يراعي والده، ويتلطف إليه ويحرص على إقناعه وإيضاح ما في سفره لأداء العمرة من مصالح وفوائد، فإن لم يمكن ذلك، ولم يكن لرفض الأب سبب وجيه، فالذي يظهر لي أنه لو ذهب إلى العمرة دون علم والده فليس في هذا حرج ما دام السفر آمناً، لعدم اعتبار إذن الأب في مثل هذه الحال على الصحيح، وأما أخت الشاب السائل فلا أرى لها أن تذهب معه بل تبقى، لأن السفر للمرأة يعرضها للأخطار، والأصل فيها أن تبقى في بيتها، وهي تحت ولاية الأب فعليها أن تحصل على إذنه، والله أعلم.

الصلاة على الغائب؟

الصلاة على الغائب؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/8/1424هـ السؤال هل تجوز صلاة الغائب على الجنازة؟ الجواب سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -:كيف يصلى على الغائب؟ وهل يصلى على كل ميت صلاة الغائب؟ فأجاب فضيلته بقوله: الصلاة على الغائب كالصلاة على الحاضر، ولهذا لما نعى النبي - صلى الله عليه وسلم - النجاشي وأخبرهم بموته، أمر الناس أن يخرجوا إلى المصلى وصفهم صفوفاً، وكبر أربع مرات كما يكبر على الحاضر. انظر ما رواه البخاري (1245) ، ومسلم (951) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأما هل يصلى على كل ميت صلاة غائب أم لا؟ في هذا خلاف بين أهل العلم: منهم من يقول: يصلى على كل ميت غائب، حتى إن بعضهم قال: ينبغي للإنسان في كل مساء أن يصلي صلاة الميت، وينوي بها الصلاة على كل من مات من المسلمين في ذلك اليوم، وفي مشارق الأرض ومغاربها. وآخرون قالوا: لا يصلى على أحد إلا من علم أنه لم يصلِّ عليه أحد. وفريق ثالث قالوا: يصلى على كل من كانت له يد على المسلمين من علم نافع وغيره. والراجح: أنه لا يصلى على أحد إلا من لم يصلِّ عليه، ففي عهد الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - مات كثير ممن كانت لهم أياد على المسلمين، ولم يصل صلاة الغائب على أحد منهم، والأصل في العبادات التوقيف، حتى يقوم الدليل على مشروعيتها. وسئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى - ما القول الراجح في الصلاة على الغائب؟ فأجاب فضيلته بقوله: الصلاة على الغائب ليست مشروعة إلا على من لم يصل عليه، هذا هو القول الراجح. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين (17/148-149) ] .

آداب الطفل في المسجد

آداب الطفل في المسجد المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/4/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أود أن أسأل فضيلتكم عن آداب الأطفال في المسجد (الصلاة في الصف - الجري في المسجد - وما يتعلق بالمساجد من آداب ومسائل) ، وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا ميز الطفل؛ فحكمه حكم البالغ، فلا يؤخر عن مكانه الذي سبق إليه في المسجد، وأما قبل سن التمييز؛ فينبغي أن يجنب المسجد حتى لا يلوثه، أو يزعج المتعبدين فيه؛ لأن هذه المساجد -كما ورد- بيوت الله قد أقيمت للصلاة وقراءة القرآن، والذكر، وعليه فإن كل تشويش في المسجد أو إزعاج؛ فإن فيه نوعاً من منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه، وأخشى أن يدخل تحت قوله تعالى: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" [البقرة: من الآية114] ، على أن المصليّ أحياناً قد يحتاج إلى إدخال ولده للمسجد لحاجة عارضة؛ بأن يخشى عليه في بقائه في السيارة، أو يكون عابر سبيل، أو تريد المرأة الصلاة في المسجد وليس معها من يجلس عند طفلها، فلا بأس والحالة هذه، على ألا يتخذ هذا عادة، والله أعلم.

متى تدرك الركعة

متى تدرك الركعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/6/1424هـ السؤال دخلت المسجد والإمام راكع، وبمجرد ركوعي رفع الإمام من الركوع قبل أن أقول سبحان ربي العظيم، ثم قلتها ورفعت فهل تحسب لي ركعة أم أتم الصلاة بعد سلام الإمام؟ والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب إذا كنت أدركته راكعاً ولو لحظة قبل أن يرفع فقد أدركت الركعة، وإن لم تدركه بحيث أنك تهوي والإمام يرفع فلم تدرك الركعة، والله أعلم.

جلوس الكافر في المسجد

جلوس الكافر في المسجد المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 4/8/1424هـ السؤال هل يجوز للكافر الجلوس في المسجد؟ وكذلك الصلاة مع المصلين وهو كافر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أما بالنسبة لصلاته مع المصلين فهذا لا يجوز، لأن الكافر لا تصح منه الصلاة، لفقده للأصل وهو التوحيد، والله - عز وجل - يقول في النفقات مع أن نفعها متعدد: "وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله" [التوبة:54] ، فالنفقات مع أن نفعها متعدد لا تقبل منه، ولا يؤمر بها، فالصلاة من باب أولى، وأما بالنسبة لدخوله للمسجد فهذا عند المصلحة جائز، ويدل لهذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدخل ثمامة بن أثال إلى المسجد وربطه في سارية من سواري المسجد فيما رواه البخاري (462) ، ومسلم (1764) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فنقول: عند المصلحة هذا جائز، كما لو أراد أن يتعلَّم دين الإسلام، أو يسمع كلام الله، أو غير ذلك من المصالح المتعلَّقة به، أو المتعلَّقة بالمسجد، فإن هذا جائز إن شاء الله.

قراءة القرآن عند القبور

قراءة القرآن عند القبور المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 9/8/1424هـ السؤال ما هي أقوال العلماء في قراءة القرآن عند زيارة القبور؟ الجواب سئل الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى -: هل تجوز قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن الكريم للميت عند زيارة قبره؟ وهل ينفعه ذلك؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. فقال: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يزور القبور، ويدعو للأموات بأدعية علمها أصحابه - رضي الله عنهم - ونقلوها عنه، من ذلك: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية" رواه مسلم (975) من حديث بريدة بن الحصيب - رضي الله عنه-، ولم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ سورة من القرآن الكريم أو آيات منه للأموات مع كثرة زيارته لقبورهم، فلو كان ذلك مشروعاً لفعله وبينه لأصحابه - رضي الله عنهم - رغبة في الثواب، ورحمة بالأمة، وأداء لواجب البلاغ، فإنه كما وصفه تعالى بقوله: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ" [التوبة:128] ، فلما لم يفعل ذلك مع وجود أسبابه دل على أنه غير مشروع، وقد عرف ذلك أصحابه - رضي الله عنهم- فاقتفوا أثره، واكتفوا بالعبرة والدعاء للأموات عند زيارتهم، ولم يثبت عنهم أنهم قرأوا قرآناً للأموات، فكانت القراءة لهم بدعة محدثة، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) من حديث عائشة -رضي الله عنها- والله الموفق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (13/340-341) ] .

كشف وجه الميت في القبر

كشف وجه الميت في القبر المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 4/8/1424هـ السؤال هل يُكشف وجه الميت في القبر أم لا؟ وشكراً. الجواب سئل سماحة الشيخ العلامة ابن باز - رحمه الله - سؤالاً يشبه هذا السؤال، فأجاب: لا يجوز كشف وجه الميت إذا وضع في اللحد، سواء كان رجلاً أو امرأة، وإنما الواجب ستره بالكفن، إلا أن يكون محرماً فإنه لا يغطَّى رأسه ولا وجهه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حق الذي مات محرماً: "اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً" متفق عليه عند البخاري (1265) ومسلم (1206) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - واللفظ له. لكن إذا كان الميت امرأة فإنه يخمر وجهها بكفنها ولو كانت محرمة؛ لأنها عورة. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (13/194) ] وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: "وقال بعض العلماء: إنه يكشف عن خده الأيمن ليباشر الأرض. واستدلوا: بأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "إذا أنا مت ووضعتموني في القبر فأفضوا بخدي إلى الأرض" أي: اجعلوه مباشراً للأرض، ولأن فيه استكانة وذلاً. فأما كشف الوجه كله فلا أصل له، وليس فيه دليل إلا فيما إذا كان الميت محرماً، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تخمروا وجهه" وإن كانت هذه اللفظة "وجهه" اختلف العلماء في ثبوتها، أما الرأس بالنسبة للمحرم فإنه لا يغطى. [الشرع الممتع على زاد المستقنع 5/456] .

وجود قبره - صلى الله عليه وسلم - داخل المسجد النبوي

وجود قبره - صلى الله عليه وسلم - داخل المسجد النبوي المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/4/1424هـ السؤال أثار بعض الناس مسألة وجود قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- داخل المسجد النبوي وأن هذا من الأمور التي نهى عنها الشارع الحكيم من اتخاذ القبور مساجد، ووصل الأمر إلى تحريم الصلاة في المسجد النبوي، فما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: إن ما يثار من ذلك لا أساس له من الاعتبار لأمور منها: (1) تواتر أعصر الأمة المحمدية في الصلاة في المسجد النبوي الشريف دون نكير. (2) قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا خيرٌُ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" رواه البخاري (1190) ، ومسلم (1394) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- والله -تبارك وتعالى- يعلم أن القبر الشريف سيوجد على هذا النحو الحالي، فلا يمكن أن يرتب حكم يخالف هذا النص. (3) أن اتجاه القبلة لا يتأثر بجهة قبر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فهو واقع في مثلث هندسي؛ وقد أحسن الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- حيث ذكر في منظومته النونية بأن كون القبر الشريف في هذا المثلث يبعده عن الاستقبال. (4) ليطمئن السائل الكريم وسائر من قد يفكر في مثل موضوع السؤال أن لا تأثير لمثل هذه الشكوك في فضل الصلاة في المسجد النبوي الشريف، وسيظل هكذا إلى قيام الساعة، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.

هل تحج وتترك أبناءها؟

هل تحج وتترك أبناءها؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/11/1424هـ السؤال أنا متزوجة، وزوجي قادر على أن يأخذني للحج، لدي بنت عمرها ثلاث سنوات وولد عمره سنة وأربعة أشهر، وأنا أرضعه، هل يجب علي أن أحج هذه السنة وأتركهم؟ أم لي عذر لأني أرضعه؟ الجواب إن وُجِدَ من يتولى رعاية الأولاد ويقوم عليهم واستغنى الصغير عن الرضاع منك، فالمبادرة بأداء الحج واجبة؛ لقوله - تعالى -:"ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين" [آل عمران من الآية: 97] ، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-:"من أراد الحج فليتعجل" رواه أبو داود (1732) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وعند ابن ماجة وغيره (2883) :"فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة وتعرضُ الحاجة".

القيام للجنازة

القيام للجنازة المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/3/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجب أو هل يستحب أن تقوم عندما ترى جنازة محمولة إلى المسجد؟ أو إلى المقبرة؟ أو وهى داخل المسجد؟ -بارك الله فيكم -.والسلام عليكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. جاءت أحاديث كثيرة بالقيام للجنازة إذا مرت، ومن ذلك ما جاء في الصحيحين البخاري (1310) ومسلم (959) من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع"، وكذلك حديث جابر - رضي الله عنه- قال: "مرَّ بنا جنازة، فقام لها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقمنا به، فقلنا: يا رسول الله إنها جنازة يهودي؟ قال: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا" رواه البخاري (1311) ، ومسلم (960) . وقد جاءت أحاديث أخرى إلا أن هذه الأحاديث قد نسخت، بدليل ما جاء عند النسائي (1728) وغيره أن جنازة مرت على الحسن بن علي وابن عباس - رضي الله عنهما - فقام الحسن - رضي الله عنه - ولم يقم ابن عباس - رضي الله عنهما - فقال الحسن لابن عباس - رضي الله عنهما - أما قام لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: قام لها ثم قعد. وعليه فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن القيام للجنازة منسوخ.

الحج وتأمين مستقبل الأبناء

الحج وتأمين مستقبل الأبناء المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/11/1424هـ السؤال أنا متزوج وأعمل مهندس حاسب آلي، ولدي ابنتان، ولقد سمعت أنه ما إن يتوفر لدي مبلغ الحج حتى يجب علي أداؤه، فهل آخذ ما معي من النقود وأذهب إلى الحج؟ أم أنتظر حتى أؤمن مستقبل أبنائي؟ وشكراً. الجواب الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، ومن شروطه الاستطاعة، فإذا كان الإنسان واجداً نفقة الحج مما فضل عن حاجته وحاجة من يعوله إلى أن يرجع من حجه فإنه يلزمه أن يذهب للحج، أما إذا كان لا يوجد عنده من المال ما يكفيه، ويكفي من يعوله فإنه يبقى حتى يتيسر له الأمر، ويتوفر عنده نفقة الحج زائدة عن نفقة أسرته، فإن الاستطاعة هي الزاد والراحلة، والله -تعالى- يقول:"ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً" [آل عمران:97] ، وبالله التوفيق.

التنقيب عن الآثار الفرعونية

التنقيب عن الآثار الفرعونية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/3/1425هـ السؤال نعلم أن أسلافنا المسلمين كانوا عندما يفتحون البلاد للإسلام يحطمون ما يجدونه من تماثيل ومعابد، ومنشآت مكرسة لعبادة غير الله -عز وجل- ولكننا في العصر الحديث وجدنا معاهد وجامعات أنشأتها حكوماتنا بإرشاد من الغرب الكافر، هذه الكليات والمعاهد منها ما هو متخصص في تخريج من يعمل كمفتش أو مرمم، أو موظف في مجال التنقيب عن آثار الفراعنة وحفظها وصيانتها، والسؤال: ما حكم العمل في وظيفة من هذه الوظائف السابقة؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، وبعد: العناية بالصور المجسمة من الأصنام والتماثيل باسم حماية الآثار هو عين الوثنية والجاهلية الأولى التي جاء الإسلام بنقضها، ولئن كانت جاهلية الأمس بدائية ساذجة، فإن جاهلية اليوم خبيثة ماكرة ومعقدة، فهي تتزيى بزي الثقافة والفن، والمحافظة على تراث الماضي من الآباء والأجداد، ولئن كانت الجاهلية الأولى يتبناها الأفراد فإن جاهلية القرن العشرين وما بعده تتبناها الدول والهيئات، فجعلتها منظمة مقننة، على حد قول الشاعر: لقد كان فينا الظلم فوضاً فهذبت *** حواشيه حتى صار ظلماً منظما يا أخي: -احمِد الله- أن هداك للحق، وعرفك به، فالزمه حيثما كنت، واعلم أن ترميم الأوثان والتماثيل حرام كمن يقوم بنحتها وصناعتها؛ وفي الحديث الذي رواه مسلم (832) عن أبي أمامة - رضي الله عنه - وفيه: "أرسلني ربي بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء"، وفي صحيح مسلم (969) أيضاً عن أبي الهياج قال لي علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه-: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته"، وأول ما يدخل في معنى الصورة في الحديث الصورة المجسمة، وابحث لك يا أخي عن عمل شريف خير لك من وظيفتك الحالية، ولا عليك حرج في إجازتك بدون مرتب - إن شاء الله- وفقك الله ورزقك حلاله عن حرامه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منع المبتدعة من المساجد

منع المبتدعة من المساجد المجيب د. سالم بن عبد الغني الرافعي رئيس الجمعية الإسلامية في برلين التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/11/1424هـ السؤال ما الحكم إذا دعا المسلم إلى بدعة أو قام بفتنة تشق الصف، أو تآمر مع الأعداء ضد المسؤولين عن المسجد؟ هكذا يصاغ السؤال من طرف من يريد الجواب بجواز المنع عند الحاجة، وهل يجوز منع المسلم من الصلاة في المسجد إذا حاول توجيه النصيحة إلى المسؤولين ودعا إلى فتح باب الحوار الداخلي بشكل مفتوح وصريح وبإيجاد ضمانات لشيئين: (1) حق الجميع في المشاركة في الحوار دون تسفيه لهم أو توبيخ أو إقصاء. (2) ضوابط منهجية محايدة للحوار تؤصل أسسه ومرجعيته وأساليبه. لا شك أن الإسلام ضمن هذه النقاط وأكثر منها لتحقيق العدالة بين الناس والمساواة بين المسلمين. فهلا فصلتم لنا بالإجابة-وفقكم الله- علها تقنع كلا الطرفين فتكون ميزاناً وسطاً مستنبطاً من الأدلة التفصيلية، معتبراً مقاصد الشريعة وقواعدها الكلية بطبيعة الحال، فيرجع إليها الطرفان ليتخلصا من الإفراط والتفريط. وهذا لا يغني عن سلامة الصدور والنوايا والإخلاص، ولكنه لا شك يعين بإذن الله إذا أحسن الظن بالطرف الآخر واجتهدنا في محاسبة أنفسنا ومراجعتها. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فجواباً للسؤال الذي طرح من قبل الأخ الكريم، نستعين الله تعالى ونقول: إن عمارة المساجد وصيانتها، والإشراف عليها، وحمايتها من أهل الأهواء والبدع هي مهمة ملقاة على عاتق أمير المؤمنين أو من ينوب منابه. فإن قام بعض أهل البدع بالدعوة إلى بدعة في المسجد وكانت من البدع الخطيرة فعلى السلطان أو نائبه زجره وإقامة الحجة عليه. فإن تاب وإلا عزر بما يردعه عن نشر بدعته، ومن التعزير الجائز تحذير الناس منه، وقد ورد نحو هذا عن عمر - رضي الله عنه- حين حذر الناس من صبيغ بن عسل الذي كان يتبع متشابه القرآن ويشوش عقول الناس به وضربه. انظر ما رواه الدارمي (144) والشريعة للآجري (73) . وفي الصحيحين البخاري (4547) ومسلم (2665) من حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم، كما أن للسلطان منعه من ارتياد المساجد إذا خيف على الناس منه. والأصل في هذا ما قعده الفقهاء في قولهم: يدفع أعظم الضررين بارتكاب أهونهما، فإن منع المسلم من المسجد أمر منكر وهو ضرر، ولكن إذا انتهز فرصة اجتماع الناس في المسجد فقام بنشر بدعته منع من دخوله؛ لأن إضلال الناس أمر أعظم خطراً من الأول. يقول تعالى: "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين" [البقرة:114] . فالآية صريحة في منع الساعين في خراب المساجد من دخولها آمنين. وإن نشر البدع فيها من تخريبها؛ لأن عمارتها كما تكون ببنائها تكون أيضاً بنشر ذكر الله والعلم النافع فيها.

وثبت في صحيح مسلم أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان إذا وجد ريح البصل والثوم من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، انظر ما رواه مسلم (567) من حديث عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-، وهذا تنبيه بالأدنى على الأعلى، فالذي ينشر البدع ويثير الفتن في المسجد أولى بالإخراج؛ لأن إيذاءه أشد من إيذاء أكل البصل والثوم. قال الإمام الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية (291) وإن حدث منازع ارتكب ما لا يسوغ فيه الاجتهاد كف عنه ومنع منه، فإن أقام عليه وتظاهر باستغواء من يدعو إليه لزم السلطان أن يحسم بزواجر السلطنة ظهور بدعته، ويوضح بدلائل الشرع فساد مقالته، فإن لكل بدعة مستمعاً، ولكل مستغو متبعاً" وهذا كله في المساجد الكائنة في بلاد الإسلام، وأما المساجد الكائنة في بلاد الكفر والتي ليس للسلطان المسلم عليها ولاية، فيجب أن يقوم بولايتها أهلها من المسلمين، ولا يجوز أن تعطى ولايتها لحاكم كافر. ومعلوم أن لكل مسجد في بلاد الغرب هيئة تشرف عليه وتتولى شؤونه، وهذه الهيئة عليها تبعة حماية المسجد وصيانته والإشراف الديني عليه، كما أن لها الحق في منع من يقوم بتخريب المسجد، أو نشر البدع فيه أو إيذاء أهله من دخوله. ذلك أن حماية المساجد وصيانتها ولاية تابعة للسلطان المسلم، فإن تعذرت ولايته لم يترك الأمر هملاً، وتترك المساجد الكائنة في بلاد ليس للسلطان المسلم ولاية عليها، سوقاً يرتع فيها أهل الأهواء والبدع، بل على من تولى شراء المسجد أو تأسيسه أن يولي أهل الخير الإشراف عليه، وهؤلاء الذين ترتب عليهم واجب حماية المسجد لهم الحق في اتخاذ الإجراءات الضرورية لصيانة المسجد من البدع المضلة ومن الذين يسعون في تخريبه، أو تمزيق صف المصلين فيه. فإذا خشيت الفتنة في المسجد ولم يمكن درؤها إلا بمنع أصحاب الفتنة من دخول المسجد وجب ذلك؛ لأن القاعدة الأصولية إن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وبعض الضرر يحتمل في سبيل دفع ضرر أكبر منه. فالهيئة الموكلة برعاية المسجد تنوب عن السلطان في ولايته؛ لأن ما لا يدرك كله لا يترك جله، وهذه الهيئة عليها أن تكون على بصيرة من أمر دينها؛ حتى لا تتعدى في ولايتها فتخرج من لا يستحق الإخراج، فترتكب بذلك إثماً عند الله، فإن لم يكن فيهم أهل علم فعليهم أن يسألوا "فإنما شفاء العي السؤال" جزء من حديث رواه أبو داود (336) عن جابر –رضي الله عنه-. ومن البصيرة في الدين أن يفرق بين مريد النصيحة ومريد الفتنة، فالأول يشكر والثاني يزجر. واعلم أيها السائل أن للنصيحة شروطاً وآداباً يجب مراعاتها، وإلا أدت النصيحة إلى فتنة، ومن أهم شروطها في حال وقعت الهيئة المشرفة في أخطاء:

(1) أن ينظر في الخطأ الذي وقعت فيه الهيئة، فإن كان معصية بينة، أو بدعة ظاهرة، بين لهم برفق ولين حتى لا يعين الشيطان عليهم، فإن رجعوا وإلا نظر: فإن كانت المعصية قاصرة غير متعدية أي تشمل الهيئة ولا يتعدى ضررها سواهم فالأولى الستر، خاصة إذا أدى نشر معصيتهم بين المصلين إلى إشاعة الفساد وافتتان ضعفاء الإيمان. وكذا إذا كانت بدعتهم قاصرة عليهم لا يقومون بنشرها، وأما إذا كان ضرر معصيتهم متعدياً إلى المصلين، أو كانوا يدعون إلى بدعتهم لزم تحذير الناس من ذلك. (2) أما إذا كان خطؤهم من المسائل الاجتهادية التي يجوز الاختلاف فيها فلا ينكر عليهم، ولك أن تنصحهم بكل رفق فإن أبوا فلا حرج عليهم، ولا يجوز لك أن تطعن برأيهم، أو تجبرهم على رأيك. (3) إذا كان خطؤهم من المسائل الإدارية والتنظيمية التي لا يتعلق بها تحريم فيجوز نصيحتهم برفق، فإن أبوا تركوا؛ لأن هذه المسائل لا يتعلق بها حرمة شرعية ولا يجوز الإنكار عليهم أمام الناس بسبب هذه الأخطاء، أو تفنيد آرائهم لذلك. فإن هذا مفسدة محققة، وما فعلوه ليس مفسدة. وبعد هذا البيان نرجع إلى سؤال الأخ هل يجوز منع المسلم من دخول المسجد إذا وجه النصيحة إلى الهيئة المشرفة (المسؤولين) ، أو دعا إلى فتح باب الحوار؟ والجواب أنه لا يصلح أن يقال: نعم أو لا، إلا بعد الاستفصال عن نوع الحوار والنصيحة الموجهة إلى الهيئة، أو بالأحرى الاستفصال عن الخطأ الذي وقعت فيه الهيئة مما استوجب إسداء النصيحة إليهم ودعوتهم إلى الحوار. هل يندرج خطؤهم تحت المعصية البيئية والبدعة المضلة؟ أو تحت المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الاختلاف؟ أو تحت المسائل الإدارية التي لا تتعلق بالتحريم؟. وأياً كان خطؤهم وأراد أحد الناس أن ينصحهم، فعلى الناصح أن يوجه النصيحة إليهم مباشرة، وبرفق ولين. فإن منعوه بعد ذلك من دخول المسجد بسبب إسداء النصيحة لهم، فهم آثمون صادون عن سبيل الله. وأما إذا تعدى الناصح في نصيحته فقام بنشر أخطائهم بين الناس، والتشهير بهم ودعا الناس إلى مواجهتهم وعزلهم سيما إذا لم تكن أخطاؤهم من البدع الخطيرة، والمعاصي البينة، فهذه مفسدة عظيمة لأن فيها تفريقاً للصف، وإثارة للبلبلة. وصرف الناس عن تعليم دينهم، ففي هذه الحالة يحق للهيئة المشرفة أن تواجه هذه المفسدة بالطريقة التي تحسمها. فإن أمكن حسمها بالموعظة الحسنة وجبت ولم يجز تعديها إلى سواها، وإن لم يمكن حسمها إلا بمنع المفسدين من دخول المسجد جاز لهم ذلك، لأن تفريق الصف وصرف المسلمين عن تعلم دينهم وإقامة شعائرهم فتنة أعظم من منع بعض المشوشين من دخول المسجد. والله نسأل أن يلهمنا السداد في القول والعمل.

كتابة اسم الميت على قبره

كتابة اسم الميت على قبره المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/4/1424هـ السؤال هل يجوز كتابة اسم الميت على قبره كي يعرف عند زيارة أهله له؟. الجواب الكتابة على القبر لا تجوز، لأنه ثبت أنه عليه الصلاة والسلام نهى أن تجصص القبور وأن يبنى عليها، وأن يكتب عليها ولو اسم صاحب القبر، ولكن يجوز وضع علامة عند القبر بأن يجعل عليه حجراً يعرف به أو عوداً أو ما أشبه ذلك.

الفرق بين الكبائر ونواقض الإسلام

الفرق بين الكبائر ونواقض الإسلام المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 5/8/1424هـ السؤال ما هو الفرق بين المعاصي. الكبائر. والنواقض للإسلام؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن المعصية تنقسم إلى قسمين: كبيرة وأصح ما قيل في تعريفها إنها كل ذنب ترتب عليه حد في الدنيا، أو ختم بلعنة أو غضب، أو نار، وأما الصغيرة فهي التي ليس فيها حد في الدنيا، ولا وعيد في الآخرة، وهذا هو الضابط الصحيح للتفريق بين الكبيرة والصغيرة؛ لأنه لا يرد عليه أي قادح من القوادح التي ترد على غيره، وهو الذي يوافق النصوص الشرعية، وهو المأثور عن السلف - رحمهم الله- كما قال شارح العقيدة الطحاوية. أما الناقض للإسلام: فقد ذكر العلماء أن نواقض الإسلام عشرة: الأول الشرك في عبادة الله، الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم. الثالث: من لم يكفِّر المشركين أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم. الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه. الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم-. السادس: من استهزأ بشيء من الدين. السابع: السحر بأنواعه. الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين. التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة الرسول - صلى الله عليه وسلم-. العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به. ويجب ملاحظة الحكم على الشخص المعين بأنه لا بد من تحقق الشروط وانتفاء الموانع، لأنه قد يقع في ناقض من النواقض لكنه لا يحكم عليه إلا إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع وهي مذكورة في كتب العقيدة. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

نوى النذر بقلبه دون أن ينطق به، فهل يلزمه؟

نوى النذر بقلبه دون أن ينطق به، فهل يلزمه؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكركم على هذا الموقع الرائع، وسؤالي هو: لقد عاهدت الله - تعالى - على عدة أمور لكن بالقلب دون أن أنطق النذر بلساني، وسؤالي هو هل أنا ملزم بتنفيذ هذا النذر؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الإنسان لا يؤاخذ بما حدث به نفسه، إنما يؤاخذ بما تكلم به أو فعله، فإذا كان لم ينطق به فإنه لا يترتب عليه شيء، لأن حديث النفس لا يؤاخذ به، انظر ما رواه البخاري (6664) ، ومسلم (127) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وبالله التوفيق.

جملة (سخافة الأقدار)

جملة (سخافة الأقدار) المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 1/6/1424هـ السؤال كثر في الآونة الأخيرة ذكر جملة (سخافة الأقدار) في الصحف والإنترنت، فما حكم التلفظ بهذه الجملة، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، الأقدار قدرها الله - سبحانه وتعالى - والذي يقول: (سخافة الأقدار) يطعن في حكمة الله في تدبيره، ومن يطعن في حكمة الله فإنه ينسب الله إلى السفه، وكفى بهذا ضلالاً، فيجب على من أطلق ذلك أن يتوب إلى الله فإنه يخشى عليه بإطلاقه هذه الكلمة من الردة، فيجب أن يبين له ويدعى إلى التوبة والرجوع إلى الله، ويبين له أن الله - تعالى - حكيم في خلقه وأمره إن الله حكيم عليم، وفي الحديث الصحيح "إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه"، رواه الترمذي (2319) ، وابن ماجة (3969) من حديث بلال بن الحارث -رضي الله عنه- فيجب الحذر من إطلاق مثل هذا المنكر الفاحش الذي يتضمن الطعن في صفات الله - تعالى - في حكمته وتدبيره، نعوذ بالله من الخذلان، والله أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الصلاة داخل المتجر

الصلاة داخل المتجر المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/5/1424هـ السؤال ما حكم الصلاة في المحل الذي أشتغل فيه؟ علماً أنني أشتغل في محل بمفردي، وهو محل إنترنت، أي يأتي وقت الصلاة وأحياناً المحل مليء بالناس، فلا أستطيع أن أقول لهم اخرجوا، فما حكم الصلاة في المحل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب هذا السائل وغيره يجب أن يعلم أن صلاة الجماعة واجبة، وأنها واجبة على الرجال في المساجد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - همَّ بتحريق المتخلفين عنها، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري (644) ، وصحيح مسلم (651) ، وغيرهما. وعدل عن ذلك بسبب ما فيها من النساء والذرية، ولما جاءه الأعمى يستأذنه في التخلف عن الصلاة والفجر أذن له، فلما ولى دعاه، وقال: "هل تسمع النداء"؟ قال: نعم، قال: "إذن أجب لا أجد لك رخصة". انظر صحيح مسلم (653) ، وسنن أبي داود (552-553) . وأنت قبل أن تفتح المحل يجب أن تجعل إعلانات في جميع نواحي المحل تبين فيها أن المحل يغلق وقت الأذان، وأن على جميع مرتادي هذا المحل الانصراف بعد دخول وقت الصلاة، فإذا دخل وقت الصلاة يجب عليك أن تغلق الأنوار، وتعلن للحاضرين بأن الوقت قد انتهى، وعلى الجميع أن يغادروا لأداء الصلاة مع الجماعة في المساجد، ولا يجوز لك أن تبقى هكذا كما ذكرت، ويجب أن يتكيف الناس في جميع برامجهم وأعمالهم وأشغالهم على وفق طاعة الله، لا أن يهملوا طاعة الله بسبب أمور دنيوية أو نحوها، أو أحياناً بعض الأمور التي تجيء في الإنترنت تكون أموراً ضارة أو أموراً ليست نافعة أقل أحوالها، أما أن تبقي الناس في المحل وأنت معهم وتتركون الصلاة مع الجماعة فهذا أمر منكر لا يجوز، ونسأل الله الهداية للجميع.

دفع الرسوم لإدارة المسجد

دفع الرسوم لإدارة المسجد المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 1/11/1424هـ السؤال لدينا - في مسجدنا في إحدى المدن الأمريكية - بعض الأنظمة: (1) هناك رسم سنوي يدفعه الأعضاء لتغطية نفقات المسجد (كهرباء، ماء، وخلافه) . (2) فقط الذين يدفعون هذا الرسم يحق لهم التصويت لاختيار أعضاء مجلس إدارة المسجد، وهم الذين لهم حق التصويت في القضايا الخاصة بالجالية، وهذا يعني أن الذي لا يدفع لا يمكنه أن يكون عضواً في المجلس، ولا يمكن له التصويت حتى لو عرف عن الشخص أنه يتبرع للمسجد أو يشارك في الجالية، والتبرير المعلن كذلك هو منع المسلمين من المدن الأخرى في المشاركة في التصويت بوصفهم غير معروفين للجالية، وفي بعض الحالات قد لا تستطيع عائلة أن تدفع فيصدر لهم المجلس إعفاء خاصا نظراً لظروفهم بعد دراسة حالتهم. هل مثل هذه الأفعال جائزة في الإسلام؟ علماً بأن أعضاء الجالية قلما يشاركون في أنشطة المسجد، فأرجو تقديم شرح لحكم هذه الأعمال، وإذا أردتم إيضاحات أكثر يمكننا تقديمها. الجواب

جزاكم الله خيراً على اهتمامكم برعاية هذا المسجد في ديار الغربة، وما ذكرتم في سؤالكم أن من لم يدفع الرسم السنوي للمسجد لا يحق له التصويت لاختيار مجلس الإدارة، ولا يكون له حق التصويت في القضايا التي تخص الجالية التي ترتاد المسجد، والذي أعرفه عن المساجد في ديار الغربة أنها تمثل مراكز إسلامية عامة، تعنى بجميع شؤون المسلمين الدينية كإقامة الصلوات والدروس والمحاضرات وعقود الزواج وإسكان الضيوف وتدريس الأولاد بنين وبنات وحل النزاعات والخلاف الذي يقع بين أفراد الجالية ونحو ذلك، فإذا كان الأمر كذلك فلا بأس بمنع من لم يدفع الرسم السنوي من حق التصويت في كل المجالات في محيط المركز غير أداء الصلوات الخمس والتراويح في شهر رمضان وسماع خطبة الجمعة والعيدين فلا يجوز منع أحد منها. ولو كان غير مشترك يدفع الرسوم السنوية، لأن الصلاة والخطبة تؤديان فيه على أنه (مسجد) ، أما سائر الخدمات التي تقدم فيه بوصفه مركزاً (وليس مسجداً) ، ومنع الناس من أداء الصلاة في المسجد حرام ولا يجوز، قال تعالى: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [البقرة:114] ، وفيما عدا الصلوات والخطبة فإن تنظيمكم له أمر عرفي جائز، وما تعارف عليه الناس يدخل تحت القاعدة الشرعية (العرف المعتاد يجري مجرى الشرط) ، والأثر الثابت عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (ما رآه المسلمون حسن فهو عند الله حسن) ، ويخضع ذلك للقدرة والإمكانات المتاحة، ويجوز أخذ الأجرة على الأعمال غير الصلاة، وإذا جازت الأجرة في هذا فأخذ الرسم السنوي وما ترتب عليه من باب أول، ى ولكني أوصيكم بالتسامح والتيسير والاحتساب ما أمكن مع المشتركين (دافعي الرسوم) وغيرهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -:"يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" أخرجه البخاري (69) ، ومسلم (1734) من حديث أنس -رضي الله عنه-، وفي الحديث الآخر:"من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ... والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" أخرجه مسلم (2699) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ولا تنسوا أنكم في غربتكم دعاة هداة، فلا تكونوا جباة جفاة، وفق الله الجميع إلى كل خير.

هل فرش المسجد بالسجاد بدعة؟

هل فرش المسجد بالسجاد بدعة؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 7/2/1425هـ السؤال في مسجدنا يوجد سجاد مُهدى لنا، وأعضاء المجلس الخاص بالمسجد لا يرون في ذلك مشكلة؛ لأنهم يحضرون في الجمع والمناسبات، وبعد تقديم فتوى أحد المشايخ لهم بأن السجاد بدعة، وقد سألوا الأزهر فأجاب بأن السجاد جائز؛ لأنه لم يرد نص فيه، وأن السجاد لا يزعج المصلين والسؤال هو: (1) ما حكم السجاد مع الدليل؟. (2) ماذا علينا أن نفعل نحن الذين نحضر كل يوم للمسجد في حال رفضوا سحب السجاد؟ علماً بأنهم رفضوا فتوى شيخ آخر بناء على تفكيرهم، والله يعلم أن علمهم قليل جداً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: الأصل في الصلاة على السجاد هو الجواز بناء على ما قرره العلماء من أن الأصل في الأشياء الحل حتى يثبت التحريم، ولم يدل دليل شرعي صريح صحيح بتحريم الصلاة على السجاد أو كراهته؛ بل دلت الأدلة الشرعية على جواز ذلك من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- وقد استوفاها الشيخ ـ الذي سألتموه ـ في فتواه. والتحقيق أن فرش المصلى أو المسجد بالسجاد الذي يقي الناس والحر والقر والوسخ عمل مشروع؛ لأنه أعون للمصلي على الخشوع والتدبر والطمأنينة. هذا على أن يكون السجاد خالياً من صور ذوات الأرواح، وخالياً من الزخرفة التي تلهي المصلي عن صلاته، وقد بسط الشيخ المسؤول تفصيل ذلك وأدلته بما يغني عن إعادته. وقد قرأت فتوى الشيخ وفقه الله، ولم أجده يقول ببدعية الصلاة على السجاد مطلقاً، وإنما قال ببدعية اتخاذ السجاد في الصلاة في حالة خاصة، وأنتم أخذتم كلامه على وجه العموم. وكم من عائب قولاً صحيحاً *** وآفته من الفهم السقيم وهو إنما قال ببدعية أن يتخذ المصلي السجاد (ترفعاً من الصلاة على الفراش الذي فرش لعامة الناس في المسجد، أو يفعل ذلك احتياطاً منه خشية نجاسة البقعة التي يصلي عليها) . كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما الغلاة من الموسوسين: فإنهم لا يصلَّون على الأرض، ولا على ما يفرش للعامة على الأرض، لكن على سجادة ونحوها.. اهـ مجموع الفتاوى (22/177) . كما قال - حفظه الله- ببدعية أن يتحرى المصلي الصلاة على السجاد، اعتقاداً منه بأنه لابد من سجادة خاصة للصلاة. ولا شك أن من اعتقد ذلك فهو موسوس ومتنطع. وسياق كلام شيخ الإسلام ابن تيمية الذي ذكره الشيخ المذكور لا يفهم منه بدعية الصلاة على السجاد بإطلاق، وإنما يفهم منه - كما هو ظاهره- أن البدعة هي: "تحري الصلاة على السجاد بحيث يجد المصلي في نفسه حرجاً أو شكًّا في صلاته لو صلاها على غير سجاد) . قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى-:

"الصلاة على السجادة (بحيث يتحرى المصلي ذلك: فلم تكن هذه سنة السلف من المهاجرين والأنصار ومن بعدهم من التابعين لهم بإحسان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؛ بل كانوا يصلون في مسجده على الأرض لا يتخذ أحدهم سجادة يختص بالصلاة عليها، وقد روي أن عبد الرحمن بن مهدي لما قدم المدينة بسط سجاده، فأمر مالك بحبسه؛ فقيل له: إنه عبد الرحمن بن مهدي، فقال: أما علمت أن بسط السجادة في مسجدنا بدعة؟! أ. هـ مجموع الفتاوى (22/163) . ولا شك أن كلام الإمام مالك هنا محمول على تحري الصلاة على السجاد بحيث يجد المصلي في نفسه حرجاً أو شكًّا في صلاته لو صلاها على غير سجاد، ونحن نحمله على هذا المحمل؛ لأنه قد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صلى مرة على حصير ومرة على خمرة ـ وهي فراش يعمل من سعف النخل يسجد عليه المصلي يتقي به حر الأرض وبردها ـ انظر ما رواه البخاري (333) ، ومسلم (513 -519) من حديث ميمونة وأبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما -. وأما ما ذكره الشيخ المسؤول- حفظه الله- من أن فرش السجاد على السجاد بدعة ما لم يكن هنالك سبب يقتضيه كشدة برد.. إلخ؛ ففيه تشديد في مسألة الأمر فيها واسع، والحكم على الشيء بأنه بدعة يحتاج إلى دليل ظاهر وتثبت، وكان الأولى أن يقيد بدعية هذا العمل (فرش السجاد على السجاد) بحالة ما لو اعتقد متخذ السجاد عند الصلاة أن الصلاة بدون السجاد ناقصة أو باطلة. وما ذهب إليه من كون اتخاذ الإمام سجاداً فوق سجاد المسجد المفروش لعامة المصلين بدعة فهو أمر لا أوافقه عليه البتة، لأن الذي يضعها للإمام إنما يريد بها تكريم منزلته، أو تحديد مكانه. ومع ذلك فهذا لا ينبغي - لكنه ليس بدعة- لعدم الحاجة إليها، ولأن ذلك قد يوقع في قلبه شيئاً من الترفع والتعالي على الناس، والحاصل أن فرش المصلى أو المسجد بالسجاد جائز، ويكون مستحباً إذا كان فرشه لأجل أن يقي المصلين حر الأرض أو برودتها أو وسخها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل يقتل المسلم بالوراثة إذا ارتد

هل يقتل المسلم بالوراثة إذا ارتدَّ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 8/6/1424هـ السؤال هل يقتل المسلم بالوراثة إذا ارتدَّ عن الإسلام؟ أي أنه لم يكن مسلماً بإرادته، وعندما بلغ سن الرشد قرر الاعتقاد بدين آخر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالمسلم سواء اعتنق الإسلام برغبته واختياره أو كان مسلماً لأن أحد أبويه مسلم متى ارتد عن دينه وجبت استتابته، فإن تاب وإلا قتل لعموم النص. عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من بدل دينه فاقتلوه" أخرجه البخاري (3017) . ولأنه أعظم في الجرم إذا عرف الإسلام وولد عليه، فارتداده عنه بعد ذلك دليل على عظم الفساد عنده. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

صلاة الغائب على موتى الزلازل

صلاة الغائب على موتى الزلازل المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 5/11/1424هـ السؤال هل تجوز صلاة الغائب على من مات في الزلزال؟ الجواب الصلاة على الغائب مشروعة لمن لم يُصلَّ عليه من المسلمين لصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي، فيما رواه البخاري (1245) ومسلم (951) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ولم يحفظ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على غائب إلا على النجاشي، لأنه مات بين أمة مشركة ليسوا من أهل الصلاة، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ويرى بعض أهل العلم أن الميت إذا كان فيه نفع عام للمسلمين كعالم نفع الله بعلمه أو تاجر نفع الناس بماله ونحوهما فيصلى عليه شكراً له، ورداً لجميله، وتشجيعاً لغيره، وعلى كلا القولين فمن مات في زلزال إن لم يُصلَّ عليه، أو كان ممن نفع الله به الإسلام والمسلمين، فيصلى عليه صلاة الغائب، والحالة هذه، والله أعلم.

الصوم وضعف البنية

الصوم وضعف البنية المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود أن أسأل عن حكم من لا يستطيع الصيام خارج أوقات رمضان، فأنا لي حوالي سنتين لا أستطيع صوم ديوني المترتبة علي حيث أصاب بهبوط في الضغط، كما أني أعمل خارج المنزل صباحاً مما يجعل صيامي صعباً وأشعر بآلام رأسية فظيعة، مع العلم أني أصوم رمضان وأشعر بهذا الإحساس بادئ الأمر ثم أتعود، ولكن في غير رمضان أعاني كثيراً وأدفع كفارة ما أفطرت، أرجو أن تفيدوني هل حرام لأني لا أصوم، أو ليس بإمكاني الصوم لاحقاً لأن جسمي ضعيف وبنيتي ضعيفة؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم. يمكنك أن تؤجلي الصيام الواجب عليك قضاءً إلى الوقت الذي لا يشق عليك فيه الصيام، مثل أيام الشتاء، أو الأيام التي تشعرين فيها بالنشاط والقوة، ويمكنك أن تفرقي الأيام على حسب ما تطيقين، والله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، واحرصي على أن تنتهي من صيام هذه الأيام قبل حلول رمضان القادم؛ من أجل ألا تكثر عليك الأيام التي يجب قضاؤها، فيصعب عليك القضاء بعد ذلك.

ترك الإسلام واعتنق النصرانية

ترك الإسلام واعتنق النصرانية المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/11/1424هـ السؤال ما حكم المسلم الذي اعتنق المسيحية عن اقتناع؟. الجواب الحمد لله، المسلم الذي اعتنق المسيحية عن اقتناع يكون مرتداً، فإن كان في دولة إسلامية فيجب أن تتخذ في حقه أحكام المرتدين، يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً بالله -تعالى-، وإن مات على ذلك فهو خالد مخلد في نار جهنم، لأن الله -جل وعلا- نسخ الأديان كلها سوى الدين الإسلامي ببعثه محمداً - صلى الله عليه وسلم-، قال الله -تعالى-:"ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85] ، وروى الحافظ ابن كثير - رحمه الله- عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم، وقد ضلوا فإنكم إما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق، فإنه لو كان موسى -عليه السلام- حياً بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني" رواه أحمد في مسنده (14631) وغيره، وفي بعض الأحاديث: "لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي" انظر: تفسير ابن كثير (1/379) . والدين الإسلامي هو دين الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، قال الله -تعالى-: "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين" [آل عمران:67] وقال -تعالى-:"إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ" [المائدة: من الآية44] .

موضع الخاتم من الأصابع

موضع الخاتم من الأصابع المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/10/1425هـ السؤال ما حكم لبس الخاتم في الخنصر والبنصر وغيرهما من الأصابع؟ وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم- حديث في لبس الخاتم؟ وهل لبسه اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم- يعتبر من تطبيق السنة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب يحتاج إلى شيء من التفصيل، كما أن السؤال يتضمن عدة أسئلة، فنقول وبالله التوفيق: مما لا شك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لبس الخاتم، فقد جاء في الصحيحين: البخاري (5873) ومسلم (2091) ، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: اتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم خاتمًا من وَرِقٍ، فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر، رضي الله عنه، ثم كان في يد عمر، رضي الله عنه، ثم كان في يد عثمان، رضي الله عنه، حتى وقع منه في بئر (أَرِيسَ) ، نقشُه: محمد رسول الله. هذا، وقد اختلف العلماء- رحمهم الله- في لبس الخاتم في الجملة، فأباحه الكثير منهم، ولم يكرهوه، وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد واختاره أكثر أصحابه، واستدلوا بالحديث السابق، وما في معناه، وبأنه قد اتخذه عدد من الصحابة، رضي الله عنهم- منهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد وابن عمر وغيرهم، رضي الله عنهم، وذهبت طائفة من أصحاب أحمد أنه إن كان لبسه لغرض التزين به فهو مكروه، وذهبت طائفة إلى استحبابه، وهو وجه لأصحاب الإمام أحمد، والصواب- والله أعلم- القول الأول، وهو أن لبسه مباح؛ ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم- لم يلبس الخاتم للتجمُّل والتزين، وإنما اتخذه لحاجة ختم الكتب التي يبعثها إلى الملوك، ففي الصحيحين: البخاري (65) ومسلم (2092) ، عن أنس، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر والنجاشي، فقيل: إنهم لا يقبلون كتابًا إلا بخاتم. فصاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم- خاتمًا حلقته فضة، ونقش فيه: محمد رسول الله. هذا، وخلاصة ما تقدم أن الخاتم مسنون في حق من يحتاج إليه ممن له ولاية، كالحاكم ومن يقوم مقامه، وكالقاضي ومن له ولاية عامة أو خاصة، أما من عداهم فيكون في حقه مباحًا؛ لأن بعض الصحابة، رضي الله عنهم، اتخذه، وقد اطلع النبي صلى الله عليه وسلم- على ذلك فأقرهم، ولم ينكر عليهم. هذا، وأما موضع الخاتم فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه يجوز التختُّم في اليمين واليسار، واختلفوا في الأفضل، فالجمهور على أن التختُّم باليسار أفضل، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، وهذا هو القول الراجح، ويكون أيضًا بالخنصر؛ لما رواه مسلم (2095) ، عن حماد عن ثابت عن أنس، رضي الله عنه، قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم- في هذه، وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى. هذا وقد كره جمهور العلماء التختُّم في السبابة والوسطى، قلت: وهو الصواب؛ لما رواه مسلم (2078) عن علي، رضي الله عنه، قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن أتختم في هذه وهذه. وأومأ إلى السبابة والوسطى. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

زكاة أسهم بنك لا يزال في طور التأسيس

زكاة أسهم بنك لا يزال في طور التأسيس المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/10/1425هـ السؤال هل يلزمني إخراج الزكاة عن أسهم بنك إسلامي لا يزال في مرحلة التأسيس ولم يمارس نشاطه بعد؟ علمًا بأنني اتخذت الأسهم بغرض الاستفادة من أرباحها وليس للمتاجرة بها. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: إذا لم تزكِّ الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة وجب عليه إخراج زكاة أسهمه. فإذا لم يستطع المساهم معرفة ذلك، فإن كان المساهم يقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس يقصد التجارة فإنه لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد مضي الحول من يوم قبض الريع. أما إذا مضى حول- سنة كاملة- من امتلاكك للأسهم ولم يمارس البنك نشاطه، أو مارس نشاطه ولم يصرف الأرباح، وكانت نيتك الاستثمار لا المتاجرة، فإنه في هذه الحال لا تجب عليك الزكاة مطلقًا. والله تعالى أعلم.

إعادة الصلاة على الميت

إعادة الصلاة على الميت المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 1/11/1425هـ السؤال ما حكم إعادة الصلاة على الميت، وما الدليل على ذلك؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: تجوز إعادة الصلاة على الميت، بحيث لو صُلي عليه بالمسجد، ثم حضر آخرون في المسجد أو في المقبرة صلوا عليه، بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على من كانت أو كان يقم المسجد بعدما دفن في قبره، وقد صُلي عليه من قبل. صحيح البخاري (458) ، صحيح المسلم (956) . والله أعلم.

تحويل الميت من قبر إلى آخر

تحويل الميت من قبر إلى آخر المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/9/1424هـ السؤال توفي والدي وأنا صغير، وبعد وفاته بمدة وجيزة قامت أمي بنقل جثمانه من المقابر الخيرية الجماعية إلى مقبرة خاصة بنا اشترتها وبنتها بعد وفات والدي، فأنت تعرف أننا أهل بدع وتقاليد حتى في الموت (عيب أن يدفن في مقابر الصدقة) ، هل في ذلك أي وزر على أمي؟ وهل فعلاً بذلك يحاسب الميت مرتين في كل قبر مرة؟ ونحن نزور قبر أبي فهل نزوره في القبر الأول أم الثاني، وجزاكم الله خيراً. الجواب العمل الذي قامت به أمك غير مشروع، فالميت إذا دفن في مكان ليس ملكاً لأحد وليس في مقبرة مشركين فلا يجوز نقله إلا لمصلحة خاصة له ونحو ذلك، أو مصلحة من مصالح المسلمين، فالأصل في قبر الميت أنه وقف عليه، فلا يجوز نقله من هذا المكان إلا لضرورة، أما ما فعلته أمك فهو غير مشروع وهو نوع من التقاليد التي لا ترجع إلى أصل شرعي. أما ما يتعلق بزيارة قبر والدك، هل تزوره في القبر الأول أو القبر الثاني فالأمر يتعلق بجثمانه إذا كان قد نقل جثمانه كاملاً أو رفاته كاملاً من القبر الأول، فيزار في القبر الثاني، أما إذا كان قد أصبح رميماً في الأرض التي في القبر الأول ولم يكن في تابوت فإنه يزار في القبر الأول، فهذا يرجع لحال الذي رفع من القبر الأول، هل هو جثمان والده أم أنه فقط شيء اعتبرته أمه مناسباً حتى تعتبر أن زوجها قد نقل من هذا المكان. أما بالنسبة للمحاسبة فإن الإنسان يسأل عندما يوضع في قبره، فلا يتكرر سؤال آخر، ولا يعرف في السنة أنه يتكرر سؤال آخر، فالسؤال هو عندما يدفن في قبره الأول أي: في أول وقت يوضع في قبره تسأله الملائكة، فهذا هو السؤال إذا كنت تريد بالمحاسبة هذا الأمر، أما ما يتعلق بعد ذلك بالحياة البرزخية فهي مستمرة سواء في قبره الأول أو قبره الثاني، فإن كان في جنة فهو في جنة، وإن كان في سوى ذلك فنسأل الله لنا وله العافية فالأمر متصل.

بناء المقابر

بناء المقابر المجيب د. محمد بن علي السماحي أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/01/1426هـ السؤال يوجد لدينا مقابر مبنية على أرض طينية، وهي عبارة عن حجرات صغيرة على وجه الأرض مبنية بالطوب والإسمنت بارتفاع متر ونصف تقريباً، ولها فتحة صغيرة تغلق بباب حديد لإدخال الميت، وبهذه الكيفية يكون دفن الميت داخل هذه المقابر في مستوى سطح الأرض، ويوجد مقابر أخرى مبنية على أرض رملية، هي عبارة عن شق تحت سطح الأرض، يدفن فيه الميت، ويغطى أعلى المدفن بالحجارة ثم الرمال، وتحاط هذه المساحة من أعلى بسور من الطوب، وله باب حديدي لكي يعرف أنه مدفن. برجاء التكرم والإفادة بشرعية هذه المقابر للدفن، حيث إنها هي المتوفرة لدينا، وأي من النوعين السابقين هي الأفضل. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد فقد جاء الشرع الشريف بآداب عامة وآداب خاصة لكل شأن من شئون المسلم في الدنيا والآخرة، ومن ذلك ما يتعلق بالمقابر وهي مثوى المرء، وهو ـ أي القبر أول منازل الآخرة ـ كما هو معلوم ـ فمن السنة في بناء المقابر أن يرفع القبر عن الأرض قدر شبر ليعرف أنه قبر، ويحرم رفعه زيادة على ذلك لما رواه مسلم (968) ، وغيره عن عَمْرُو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ شُفَيٍّ حَدَّثَهُ قَالَ كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِأَرْضِ الرُّومِ بِرُودِسَ فَتُوُفِّيَ صَاحِبٌ لَنَا فَأَمَرَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ بِقَبْرِهِ فَسُوِّيَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا"، وروي مسلم (969) عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ قَالَ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ. قال الترمذي (1049) : (والعمل على هذا عند أهل العلم. يكرهون أن يرفع القبر فوق الأرض إلا بقدر ما يعرف أنه قبر، لكيلا يوطأ ولا يجلس عليه) . وقد كان الولاة يهدمون ما بني في المقابر ـ مما زاد على المشروع ـ عملا بالسنة الصحيحة. قال الشافعي: وأحب ألا يزاد في القبر تراب من غيره، وإنما أحب أن يشخص على وجه الأرض شبرا أو نحوه، وأحب أن لا يبنى ولا يجصص، فإن ذلك يشبه الزينة والخيلاء. وليس الموت موضع واحد منها، ولم أر قبور المهاجرين والأنصار مجصصة. وقد رأيت من الولاة من يهدم ما بني في المقابر، ولم أر الفقهاء يعيبون عليه ذلك. قال الشوكاني: والظاهر أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم، وقد صرح بذلك أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي ومالك، والقول بأنه غير محظور لوقوعه من السلف والخلف بلا نكير. أما الأبواب الحديدية وغيرها مما يصون القبور من الامتهان والسرقة وغيرها فلا بأس به إذ حرمة الميت كحرمة الحي.. والله أعلم

دعوة القساوسة لحضور افتتاح المساجد

دعوة القساوسة لحضور افتتاح المساجد المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/5/1424هـ السؤال لدينا افتتاح جامع، فهل تجوز دعوة بعض النصارى ومنهم بعض القساوسة لحضور حفل الافتتاح داخل الجامع لإظهار التسامح الإسلامي؟ وهل يجوز تلبية دعوتهم لحضور افتتاح كنيسة؟ مع العلم أن المسلمين يتعرضون لمحاولة تشويه في السنوات الأخيرة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، أما بعد: فإنه يجوز أن يمكن اليهودي أو النصراني أو حتى المشرك من دخول المسجد - سوى المسجد الحرام - إذا كان لغرض صحيح. فقد استقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد نصارى نجران في مسجده، وأتاه بعض رسل المشركين فيه، وربط أسرى بدر من القرشيين المشركين في سواري المسجد ليستمعوا القرآن، ولعبت الحبشة - وهم نصارى - بحرابهم عنده - صلى الله عليه وسلم - في مسجده، انظر ما رواه البخاري (3745-462-455) ، ومسلم (2420-1764-892) من حديث حذيفة وأبي هريرة وعائشة -رضي الله عنهم- ولكن إذا لم يكن لدخولهم فائدة أو نشأ عن ذلك مفسدة فإنهم لا يمكنون من دخول المساجد، ومن أمثلة المفسدة: (1) أن يجري استقبالهم والاحتفاء بهم، بسبب صفتهم الدينية، لا بغرض دعوتهم إلى الإسلام ومجادلتهم بالتي هي أحسن. (2) أن يلتبس الأمر على عوام المسلمين وجهالهم، فيظنوا أن الأديان سواسية، وأن جميعها صحيح مقبول عند الله كما ينادي بذلك دعاة تقريب الأديان. (3) أن يترتب على ذلك التزام وجهاء المسلمين وأئمة مساجدهم أن يبادلوا النصارى الزيارة، فيقعوا في تعظيم شعائر الكفر بالاحتفال بافتتاح الكنائس، ورؤية الصلبان، وسماع عقائد الكفر من التثليث ودعوى بنوة المسيح وتجسد الإله فيه، تعالى الله عما يقولون، ولا ينكرونه. فمع وجود هذه المفاسد أو بعضها أو مثلها لا يحل فعل ما سبق مهما كانت المسوغات. وإظهار محاسن الإسلام يكون بالبيان والتعريف والسلوك الحسن، ولا يلزم منه المسارعة إلى ما يطلبون من المداهنة، قال تعالى: "ودوا لو تدهن فيدهنون" [القلم: 9] والله أعلم.

مكبرات الصوت والتشويش على المصلين

مكبرات الصوت والتشويش على المصلين المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/8/1424هـ السؤال نعيش في مدينة صغيرة والمساجد قريبة بعضها من بعض، وبعض الأئمة ينقل الصلاة عبر مكبرات الصوت الخارجية بحجة وجود مصلحة سماع الناس للقرآن خارج المسجد، مع أنه ثبت لدينا أنها تشوِّش - وبشكل واضح - على المساجد المجاورة، وقد وصلت إلينا عدة شكاوى من رواد هذه المساجد أفتونا، جزاكم الله خيراً. الجواب جرت العادة في هذا الزمن في كثير من المساجد صلاة الأئمة بقرب مكبرات الصوت من باب المصلحة؛ لإسماع الناس تكبيرات الصلاة وقراءة القرآن في الصلوات الجهرية، حتى اعتاد بعض المصلين عدم الذهاب إلى المسجد إلا بعد سماع شروع الإمام في الصلاة وللقراءة، ولو لم يسمع ذلك فاتته الصلاة أو بعضها. لكن ينبغي مراعاة عدم التشويش على المصلين في المساجد القريبة؛ لأن في ذلك مفسدة وضرر، ويكون ذلك من خلال عدم رفع صوت تلك المكبرات فوق الحاجة، أو تأخر المسجد المجاور في إقامة الصلاة لبعض الوقت.

من لم تفته تكبيرة الإحرام أربعين يوما

من لم تفته تكبيرة الإحرام أربعين يوماً المجيب د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/12/1424هـ السؤال هل من صلى أربعين يوماً في جماعة لا تفوته تكبيرة الإحرام تُكْتَبُ له البراءتان حتى يلقى الله؟ وهل من صام وصلى على جنازة وزار مريضاً وتصدق تكون له الجنة ولو لم يمت في ذلك اليوم؟. الجواب أولاً: روى الترمذي (241) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتِبْتَ له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق"، ورجح الترمذي وقفه على أنس - رضي الله عنه- لكن مثل هذا لا يقال بالرأي، وقد حسنه مرفوعاً بعض المحدثين؛ لتعدد طرقه، فيكون المراد بالحديث أنه يبقى على ذلك ما لم يأت بمناف له؛ لأن الحديث مطلق فيقيد بغيره من الأدلة. ثانياً: روى مسلم في صحيحه (1028) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ " قال أبو بكر - رضي الله عنه -: أنا، قال: "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ " قال أبو بكر - رضي الله عنه -: أنا، قال: "من أطعم اليوم مسكيناً؟ " قال أبو بكر - رضي الله عنه -: أنا، قال: "فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ " قال أبو بكر - رضي الله عنه -: أنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة"، وهذا الحديث مقيد بعدم إتيان المرء بما ينافي هذه الأعمال، ولا أعرف أحداً قيد هذا بالموت في اليوم الذي عملت فيه هذه الأعمال.

الإكراه وعقوبة الردة

الإكراه وعقوبة الردة المجيب أ. د. عبد الرحمن بن زيد الزنيدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/1/1425هـ السؤال غير المسلم مخير بين الإسلام أو البقاء على دينه، بينما المسلم إذا لم يرغب في استمرارية إسلامه يكون مرتدا، ً وبذلك تطبق عليه عقوبة المرتد وهي القتل بعد الاستتابة. إلا يدخل هذا المسلم في قول الله -تعالى-: " لا إكراه في الدين ... ". أرجو منكم توضيح هذه المسألة بالتفصيل. وجزاكم الله خيراً. الجواب منهج الإسلام أن التدين مبناه على الاختيار ولا قيمة في الإسلام لإسلام ظاهري بينما الباطن مطمئن بالكفر فلا إكراه في الدين، ولهذا لا يرغم أهل الكتاب على الدخول في الإسلام في ظل الدولة الإسلامية، بل تحفظ حقوقهم حيث يعيشون بسلام في المجتمع المسلم ومتميزين عن الأكثرية المسلمة ومسالمين بها. الإسلام في المجتمع المسلم ليس فلسفة نظرية ولا رؤية اجتهادية مؤقتة، إنه خيار المجتمع كله فكراً ونظام حياة، فإذا ارتد فرد بعد الدخول في الإسلام فإنه يكون مسيئاً إلى الإسلام وداعياً للتفلت منه ومعادياً للمجتمع، وعادة ما يفعل هذا عملاء لأعداء الأمة أو متربصون بها شراً "وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون" آل عمران: 72] . فالارتداد في المجتمع المسلم هو في حقيقته خروج عليه وخيانة وطنية، ولهذا قال -صلي الله عليه وسلم- في حديث: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وذكر منهم: "والتارك لدينه المفارق للجماعة" رواه البخاري (6878) ، ومسلم (1676) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- فقرن الردة بمفارقة الجماعة، ولهذا المرتد الذي لا يعلن ارتداده ولا يدعو إليه لا يعاقب، والمنافقون - وهم كفار لم يعلنوا كفرهم- كانوا يعيشون مع الرسول - صلى الله عليه وسلم- وصحابته - رضي الله عنهم- وهم معروفون له، وبعضهم معروف لكثير من الصحابة من خلال فلتات ألسنتهم أو مواقفهم ولم يعاقبوا على نفاقهم. والله أعلم.

النعي عبر رسائل الجوال

النعي عبر رسائل الجوال المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/05/1425هـ السؤال هل تناقل خبر (المتوفى) باسمه عبر رسائل الجوال، أو عبر منتديات الإنترنت يعد من النعي المنهي عنه؟. الجواب الحمد لله، النعي هو الإخبار بموت أحد من الناس، وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن النعي، وثبت أنه نعى النجاشي إلى أصحابه، وخرج بهم إلى المصلى، وصلى عليه، وكبر أربعاً. وقال العلماء: الجمع بين الحديثين أن النعي المنهي عنه هو ما كان يفعله أهل الجاهلية من بعث من ينادي في العشائر مات فلان مات فلان على وجه الفخر والتعاظم والتعظيم لذلك الميت. وأما مجرد الإخبار بموت الإنسان لمصلحة شرعية، كالصلاة عليه ومواساة أهله وتعزيتهم فإن ذلك لا بأس به، فتبين أن النعي يختلف حكمه بحسب الغرض منه، ومن شواهد النعي الجائز قوله - صلى الله عليه وسلم- في شأن المرأة التي كانت تقم المسجد حين ماتت ودفنت، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم- عنها فقالوا: إنها ماتت فقال: "أفلا كنتم آذنتموني؟ دلوني على قبرها فدلوه فصلى عليها، ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها عليهم بصلاتي عليهم" انظر: البخاري (458) ، ومسلم (956) - صلى الله عليه وسلم- ويشبه نعي الجاهلية الكلام عن الميت بذكر مآثره ومحاسنه، ومفاخره في وسائل الإعلام من الإذاعة والتلفزيون والصحافة، وعلى منابر المساجد؛ لأن ذلك يتضمن أموراً محذورة مذمومة في الشرع كالفخر، والغلو في الأشخاص، وقد يكون منهم من هو فاسق، وقد يكون كثير مما يذكر عن ذلك الميت كذباً، كما يوجب لأهله غروراً وتعاظماً على الناس، وقد تنفق الأموال الطائلة على الإعلان عن ذلك الميت، ونشر مفاخره الحقيقية أو المزعومة، وهذا كله خلاف ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين وتابعيهم، فلم يكن مثل هذا معروفاً من عادتهم، فأهم وأنفع ما يقدم للميت الدعاء له، والصلاة عليه، وقضاء ديونه، وإنفاذ وصاياه، والإحسان إلى أهله وولده من بعده إحساناً معنوياً بتذكيرهم بحقه، وبالاستقامة على طاعة الله؛ حتى يكونوا خلفاً صالحاً لميتهم، وامتداداً لعمله بعد موته، كما قال - صلى الله عليه وسلم-: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية" مسلم (8631) . والله أعلم.

الإحرام قبل الميقات

الإحرام قبل الميقات المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/12/1426هـ السؤال نحن أهل (الحوية) تبعد عن ميقات السيل الكبير حدود 25كيلاً، فإذا نوينا العمرة هل يجوز لنا الإحرام من الحوية دون الوقوف في السيل، وهذا ما نفعله الآن، وسمعنا فتوى تجيزه فهل هذا صحيح؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا حرج على المسلم أن يحرم قبل الميقات، لكن الأكمل والأفضل أن يكون الإحرام من الميقات نفسه؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: "خذوا عني مناسككم" أخرجه مسلم (1297) ، والبيهقي (5/125) ، وفي حجه صلى الله عليه وسلم وجميع عُمَرِه الأربع أحرم من الميقات، وهذا فعل صحابته -رضي الله عنهم- من بعده، لكن لو أحرم الحاج أو المعتمر قبل الميقات من منزله أو المنزل الذي سكن فيه مؤقتاً فلا حرج عليه، والفقهاء -رحمهم الله- يقولون: (ويكره الإحرام قبل الميقات) ، ولكن هذه الكراهة لا دليل عليها، فلو قيل: إن الإحرام قبل الميقات خلاف الأولى لكان أدق، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

زكاة الوديعة المدخرة في البنك الإسلامي

زكاة الوديعة المدخرة في البنك الإسلامي المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 8/1/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم لدي وديعة في البنك أدخرها لأولادي حين يكبرون، وعند إخراج الزكاة عليها ربع العشر سنوياً 2.5 %، بعد 20 عاماً تكون قد فقدت 50% من قيمتها، (يعني لو 100 ألف ريال ستصبح 50 ألفاً فقط) ، علماً بأني أدعها في بنك غير ربوي (فيصل الإسلامي) ويعطيني 0.8 % يعني أقل من 1%، فأنا أضيف 1.7% إضافة إلى الربح لكي أدفع الزكاة، فما مقدار الزكاة في هذه الحالة؟.أفيدونا مأجورين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم عليك أن تزكي مالك الموجود لدى البنك إذا كان نصاباً وتم عليه الحول، والأرباح تضم إلى رأس المال، ويكون حولها حول أصلها، ومقدار الزكاة هو 2.5%، والزكاة واجبة في هذا المال، ولو كان معداً للحاجة؛ لأن النقود تجب الزكاة فيها بكل حال، ولا يشترط أن تكون للتجارة، وإذا خشيت من نقصان المال بسبب مرور الزمن وتكرر الزكاة فيمكنك أن تستثمر هذا المال وتتجر فيه، وقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في أموال اليتامى: "ألا من ولي يتيماً له مالٌ فليتجر له فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة" رواه الترمذي (641) والدارقطني في سننه (2/109) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.

يقرأ سورا خاصة عند قبر أبيه

يقرأ سوراً خاصة عند قبر أبيه المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/06/1425هـ السؤال أنا شاب مسلم مقيم بفرنسا، وأواظب على زيارة المغرب سنوياً، وأثناء زيارتي أقوم بزيارة قبر أبي، وقبل أن أدعو له أقرأ سورة يس والملك والإخلاص والمعوذتين، كما أواظب على الدعاء له باستمرار وأتصدق عنه من حين لآخر، كما أقوم عند زيارتي للمغرب بإطعام جميع أهل الحي مسكينهم وغنيهم مستدعياً جماعة من حفظة القرآن، محسناً إليهم، ونيتي ما أعطيه لهم مساعدة لهم على تعلم القرآن، وليس أجراً على قراءتهم، غير أن البعض ينكر علي ما أفعله. أفيدوني جزاكم الله خيراً على مدى صحة أعمالي. وهل أنا من المبتدعين؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: أما ما يتعلق بقراءة القرآن عند القبر فهذا بدعة، إذ هذا لم يؤثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والعبادات مبناها على التوقيف، والهدي الذي ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في زيارة القبور أن الإنسان يسلم عليهم فيقول ما ورد: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم ... إلخ" انظر ما رواه مسلم (974) من حديث عائشة -رضي الله عنها- ولا بأس أن تدعو لأبيك، أما القراءة على القبور فهذه من البدع. وأما بالنسبة لإطعام الطعام فهذا مشروع، وهو من الحسنات التي تثاب عليها إن شاء الله - عز وجل- والأدلة على إطعام الطعام كثيرة في القرآن والسنة، كقول الله - عز وجل-: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا" [الإنسان: 8] ، وأيضاً النبي - عليه الصلاة والسلام- قال: "أطعموا الطعام وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام" رواه الترمذي (2485) ، وابن ماجة (3251) من حديث عبد الله بن سلام-رضي الله عنه-.

كيف الجمع بين استحباب التجمل واستحباب البذاذة؟!

كيف الجمع بين استحباب التجمل واستحباب البذاذة؟! المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/06/1426هـ السؤال كيف يُجمَع بين تجمُّل الرسول-عليه الصلاة والسلام- وبين قوله: "البذاذة من الإيمان"؟. الجواب لا تعارض بينهما؛ فالبذاذة لا تعني الرديء أو المتسخ أو الممزق من الثياب، وإنما تعني البعد عن فاخر الثياب، أما نظافتها وحسنها فمطلوب؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله جميل يجب الجمال" أخرجه مسلم (91) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-. والمشروع هو الاعتدال والتوسُّط.

زخرفة جدران المسجد بالآيات

زخرفة جدران المسجد بالآيات المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/05/1426هـ السؤال أنا خطاط، وقد عرض عليّ عمل في بيت من بيوت الله لتزيينه بآيات قرآنية، هل يجوز كتابة آيات في بيوت الله، وما حكم الذي كتبها؟ وهل يمكن القول: إنها زخرفة في المساجد؟. الجواب الحمد لله وحده وبعد: فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد". رواه أبو داود (449) ، وابن ماجه (739) ، وابن خزيمة (1322) ، والضياء (6760) من حديث أنس -رضي الله عنه- وقال أبو سعيد: "كان سقف المسجد من جريد النخل" أخرجه البخاري (813) ، ومسلم (1167) ، وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس. وقال أنس: يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلاً. أخرجه ابن أبي شيبة (3146) ، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. رواه البخاري تعليقاً في كتاب الصلاة، باب بنيان المسجد، ووصله أبو داود (448) لذا فإني أنصحك بعدم تزيين المساجد؛ لكون ذلك ليس من هدي السلف الصالح، كما أنه سبب في إلهاء المصلين عن صلاتهم، والمصلي مأمور باجتناب ما يلهيه، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خميصة، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: "اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي"، رواه البخاري (373) . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

هل هذا من النعي الممنوع؟

هل هذا من النعي الممنوع؟ المجيب أ. د. صالح بن غانم السدلان أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: في بلدنا وضع المحسنون -جزاهم الله خيراً- جهازاً يقوم بالاتصال على الناس في حالة وجود جنازة لحضورها، ومن أراد ذلك فعليه أن يتصل بالأخ المسؤول ويسجل رقمه مجاناً، ثم يقوم الجهاز بالاتصال، وفي حالة وجود الجنازة، حيث يظهر رقم الهاتف الخاص بالمقبرة، فتعرف أن هناك جنازة، حيث يرن جوالك مرة واحدة فقط. السؤال هو أنني إمام لمسجد، فلا أستطيع أن أترك مسجدي وأذهب للمسجد الذي يصلى على الجنائز فيه، بل أصلي في مسجدي، وبعد الانتهاء من الصلاة أقول لجماعة المسجد: إن هناك جنازة، ثم نذهب للمقبرة ونصلي عليها خارج المقبرة مع من حضر من الإخوة الحاضرين. فما حكم قولي للجماعة: إن هناك جنازة؟ وهل يعتبر من النعي المحرم؟ علماً أننا لا نعرف الميت من هو، بل الذي نعرفه أن هناك جنازة فقط. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب على هذا السؤال يتلخص في نقطتين: النقطة الأولى: حكم هذا الاتصال، ووضع هذه الأجهزة، وهل هذا يعد من النعي المذموم، أم أن هذا مجرد إخبار بالحقيقة؟ إن التوسع في هذا الأمر والمبالغة فيه والإكثار منه قد يشبه النعي من حيث تعميم الخبر على الناس، والذي أراه إخبار بعض الناس الخواص والأقرباء لهذا الميت، أما مجرد أي جنازة يدعى إليها الناس فهذا لا نعرف له نظيراً في السنة. وأما النقطة الثانية فهي بالنسبة لك أنت، فلا ينبغي لك أن تترك مسجدك وتذهب للصلاة على الجنازة، لكن إذا كان الشخص له حق عليكم، ومن الإخوان الذين لهم فضل في جانب الدعوة والإحسان والبذل المعروف وغير ذلك، فلكم أن تذهبوا وتصلوا عليه في المقبرة بعد دفنه أو قبل أن يدفن. والله أعلم.

كيف التوفيق بين هذه الآية وهذا الحديث؟

كيف التوفيق بين هذه الآية وهذا الحديث؟ المجيب د. عبد العزيز بن علي الحربي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/05/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أيها الأحبة كيف يكون الجمع بين هذا الآية وذلك الحديث الآية تقول وأن من أهل الكتاب إلا ليؤمننا به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا وبين هذا الحديث ثلاث، إذا خرجن لا تقبل نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل دابة الأرض، وطلوع الشمس من المغرب، وخروج الدجال، افيدونا بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً، والسلام. الجواب ليس بين الآية والحديث اختلاف؛ لأنه ليس في الآية أن من آمن بعيسى يقبل إيمانه وينفعه، وغاية ما تفيده: أنه لا أحد من أهل الكتاب إلاّ ينكشف له الحق في أمر عيسى، وأنه عبد الله ورسوله فيؤمن به، وذلك عند موته أي موت الرجل الكتابي وحضور أجله، ومعلوم أن مثل هذه الحال وهي حال حضور الأجل ورؤية الموت حال لا تقبل فيها توبة ولا ينفع فيها إيمان، وهذا المعنى مؤتلف مع الحديث المذكور، الذي يفيد أيضاً أن ذلك الوقت وقت لا ينفع فيه أحداً إيمانُه إن لم يكن آمن من قبل، وفي معنى الآية والحديث بحث طويل -في هذه المسألة، ومسائل أخرى- ليس هذا محله. والله أعلم.

هل تلزمني صلاة الجماعة في هذا المسجد؟

هل تلزمني صلاة الجماعة في هذا المسجد؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/06/1425هـ السؤال أنا طالب في بريطانيا، في مدينتي مسجد لإحدى الجاليات المسلمة، ويبعد عن منزلي حوالي ربع ساعة بالسيارة، فهل تجب علي صلاة الجماعة معهم؟ مع العلم أنهم يحددون وقت الصلاة الجماعية حسب أعمالهم، مثلاً يؤخرون صلاة الجماعة للعصر ساعة أو أكثر بعد دخول الوقت، والفجر إلى قبل الشروق بنصف ساعة. وجزاكم الله خيراً. الجواب السلام عليكم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأسأل الله أن يثبتك على دينه في بلاد الكفر والفتنة، وأن يوفقك في أمور دينك ودنياك، وأن يهديك للتي هي أقوم. إذا كان بيتك بحيث تسمع نداء المؤذن لو أذن- فرضاً- بدون جهاز المكبر عند هدوء الأصوات وعدم وجود ما يمنع سماع النداء، فإنه يلزمك الصلاة في المسجد لقوله - صلى الله عليه وسلم-للأعمى الذي جاءه يسأله الرخصة في صلاة الجماعة فقال له: "هل تسمع النداء؟ " قال: نعم، فقال: "فأجب" روه مسلم (653) . وفي الحديث الآخر: "من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر" أخرجه ابن ماجة (793) والدارقطني (1/420) ، وابن حبان (2064) ، والحاكم (1/245) ، وصحح سنده ابن باز - رحمه الله-. والذي يظهر أن مقدار أقصى مسافة يسمع فيها النداء بدون مكبر عند هدوء الأصوات وعدم وجود ما يمنع السماع- في تقديري - ما بين كيلو متر إلى كيلو متر ونصف. فإذا كان بيتك يبعد أكثر من هذا فلا تلزمك صلاة الجماعة، والمسألة راجعة إلى الاجتهاد في تقدير المسافة، وكونهم يؤخرون الصلاة عن أول وقتها لا يمنع من وجوب الصلاة مع الجماعة معهم إذا كنت من أهل الوجوب. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

دحض الدعوى بأن الإعجاز العلمي من إخبار الشياطين

دحض الدعوى بأن الإعجاز العلمي من إخبار الشياطين المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/07/1426هـ السؤال ما الرد على شبهة من يقول: إن الذي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الإعجاز العلمي هم شياطين الجن، كمسألة برزخ البحرين مثلا، وبالتالي فلا يصح الاستدلال بهذا على صحة هذا الدين؛ لأن الشياطين لهم قدرة على الغوص في أعماق البحار، كما أخبرنا الله تعالى عن شياطين سليمان. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد: جوابا على فرية معرفة الشياطين التي سخرها الله تعالى للنبي سليمان -عليه السلام- بحقائق البحار ناهيك عن أسرار الكون وخفايا خلق الإنسان التي فاض بها القرآن الكريم فلم تهمس بها إلا للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أقول مستعينا بالله العلي القدير: كان الكندي جاري ميلر قسيساً يدعو للنصرانية وبحث في القرآن منذ عام (1978م) لعله يجد فيه مطعنا فإذا به يعلن إسلامه, لقد توقع أن يجد حديثا مضطربا يحمل سمات محلية ويؤرخ للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأسرته، فإذا به يجد آفاق التعبير ممتدة لتشمل العالم أجمعه وتكثر فيه المعاتبات للنبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه بخلاف ما يتوقع من كاتب يمجد نفسه، كما في قوله تعالى: "وَلَوْ تَقَوّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ" [الحاقة: 44-47] . وعلى حين ذكر النبي عيسى -عليه السلام- بالاسم مرات عديدة لم يذكر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- سوى أربع مرات فقط, ولم يرد ذكر لأحد من أفراد أسرته بينما ورد بالاسم ذكر خادمه المتبنى، وسميت سورة كاملة باسم مريم العذراء عليها السلام, وقابلية التجربة لكثير مما لا يدركه بشر حين تلقيه والوارد في تحدي الواثق جعلت الاكتشافات الحديثة أدلة على الوحي. وهكذا يمكن بلوغ الحقيقة بالالتزام بمعيار مطابقة الواقع لكل قابل للتمحيص, وهي القاعدة التي تحدى بها القرآن تعريضا بالمنسوب سواه للوحي في قوله تعالى: "أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً" [النساء 82] .

ولذا يقول الدكتور ميلر المبشر السابق: (قبل بضع سنوات وصلتنا قصَّةٌ إلى تورونتو بكندا عن رجلٍ كان بحَّاراً في الأسطول التجاريّ أعطاه أحد المسلمين ترجمةً لمعاني القرآن الكريم ليقرأها، ولم يكن هذا البحَّار يعرف شيئاً عن تاريخ الإسلام لكنَّه كان مهتمّاً بقراءة القرآن الكريم, وعندما أنهى قراءته عاد إلى المسلم وسأله: هل كان مُحمَّد هذا بحَّاراً؟ , فقد كان الرجل مندهشاً من تلك الدِّقَّة الَّتي يصف بها القرآن البحر, وعندما جاءه الرد بالنفي أعلن إسلامه, لقد كان مُتأثِّراً بالوصف القرآنيِّ للأسرار البحريَّة, فالوصف الَّذي جاء في القرآن عن البحر لم يكن شيئاً يستطيع أن يكتبه أيُّ كاتبٍ من محض خياله, وظلمات البحر العميق والموج الَّذي من فوقه موجٌ من فوقه سحاب لم يكن شيئاً يمكن لأحدهم تخيُّله، بل إنَّه وصفٌ دقيق مصدره من يعرف حقاًّ كيف هو الواقع, ولا يمكن نسبة تلك المعرفة لمحمد –صلى الله عليه وسلم- نفسه ولا لبشر سواه, هذا مثل واحد على أنَّ هذا القرآن لا يمكن أن يكون مصدره قبل أربعة عشر قرناً مضت غير الله الخالق سبحانه وتعالى نفسه) . ويضيف الدكتور ميلر قائلاً: "الآن نأتي إلى الزعم الرخيص لتفسير دلائل نبوة محمد –صلى الله عليه وسلم- بأن الشياطين هي التي تعينه، والله تعالى يقول: "فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشّيْطَانِ الرّجِيمِ" [النحل: 98] , أرأيتم! , كيف يمكن أن يؤلف الشيطان كتابا ثم يقول قبل أن تقرأ هذا الكتاب عليك أن تتعوذ مني!! , إن في هذه الآية رد منطقي لكل من قال بهذه الشبهة, وهناك قصَّةٌ مشهورة في الإنجيل تذكر كيف أنَّ بعض اليهود كانوا شهوداً حين أقام عيسى -عليه السلام- ميتاً فقام الرَّجل ومشى في طريقه, وحين رأوا المشهد قال بعض الشُّهود من اليهود مُنْكِرِيْن (هذا هو الشيطان, الشيطان هو الَّذي ساعده) , وهذه القصَّة تلقى الآن كثيراً للموعظة في الكنائس في جميع أنحاء العالم، والنَّاس يذرفون دموعاً غزيرةً لسماعها قائلين (آه لو كنت هناك فما كنت لأكون غبيّاً مثل اليهود) , ومع هذا فإنَّ هؤلاء النَّاس يفعلون ما فعله اليهود تماماً حين يُعرض عليهم شيءٌ من دلائل نبوة محمد –صلى الله عليه وسلم- وكل ما يستطيعون قوله هو (الشيطان فعل ذلك, الشيطان هو الَّذي ألَّف هذا الكتاب) لأنَّهم حينئذ قد حُشِروا في الزَّاوية وحين لا يملكون أيَّ إجابةٍ مقبولة فإنَّهم يلجأون إلى أرخص مهرب يظنونه متاحا لهم, ولكن الموسوعة الكاثوليكيَّة الجديدة تُصرِّح بنزاهة قائلة: (عبر القرون الماضية قُدِّمت نظريات كثيرةٌ عن أصل القرآن واليوم لا يوجد إنسانٌ عاقل يقبل بأيٍّ منها) , ومؤكَّدٌ أنَّهم قد استنفذوا كل النظريات لإنكاره ولم يستطيعوا إيجاد دليل واحد على أنَّه ليس وحيا من الله تعالى، وبديهي أن يسبب هذا التصريح للمسيحي المقلد وعكة، لكنه قد لا يملك أن يكون حراً في القرار مناقضاً للخضوع الَّذي تطلبه الكنيسة بلا سؤال, وقد قام حديثا هانز أحد قادة الكنيسة بدراسة القرآن وأعلن رأيه بجسارة الباحثين الشرفاء قائلا: (إن الله قد كلم الإنسان من خلال محمد) , هذا بالتأكيد شيءٌ للتأمُّل لأولئك الَّذين يعقلون".

وتاريخ الثورة العلمية الحديثة يكاد ألا يتجاوز القرون الثلاثة الأخيرة، ولم يسجل التاريخ للشيطان اكتشافا واحدا في مجال العلوم الطبيعية، حيث سادت الخرافات قبل تلك الفترة, والحقائق العلمية المكتشفة حديثا نتاج جهود بشرية يعرف تاريخ الاكتشاف أصحابها ولا يوجد في سجلاته ذكرٌ لكلمة الشيطان فليست من مفردات العلوم الطبيعية, وربما تبرأ الشيطان نفسه من كثير مما ينسب إليه من مزاعم بلا دليل مثلما جعلوه سببا للأوبئة قبل اكتشاف الجراثيم, وإذا بحثت في المدونات التي تسبق القرآن كذلك فلن تجد من مهامه إحراز السبق في مجال اكتشاف الحقائق العلمية، وإنما بث أفكار سوء تتسلط على الإنسان لتضليله ودفعه لارتكاب الشرور, واقترن اسمه في كثير من الثقافات بالغواية والرذيلة والكذب والتلفيق والخداع والتزييف والباطل, وكان وراء كل إثم يرتكبه الإنسان والرائد في طمس الحقائق, فهل تاب وانعكست وظيفته رأسا على عقب فارتضى أن تنسب إليه حقائق في القرآن لم يدركها أحد إلا بعد حوالي عشرة قرون لكي يدعم النبوة الخاتمة؛ أم أن هذا شاهد عيان على أن الشيطان لم يقدم استقالته بعد في التضليل والافتراء لطمس الدليل!. وهل يليق بمحقق نزيه أن يقبل بأن تلك الشياطين المسخرة للنبي سليمان -عليه السلام- خاصة قد نجحت أن تخدعه نفسه وتخفي عنه تلك الحقائق العلمية المبهرة التي فاض بها القرآن متفردا، فلم يرد لها ذكر قط في أي مدونة تسبقه! , وكيف تعلم بحقائق الكون وتجهل مجرد موته فتظل تمارس مهام السخرة قائمة بأرقى صناعات عصره, يقول العلي القدير: "وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السّعِيرِ. يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رّاسِيَاتٍ اعْمَلُوَاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِيَ الشّكُورُ. فَلَمّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلّهُمْ عَلَىَ مَوْتِهِ إِلاّ دَابّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمّا خَرّ تَبَيّنَتِ الْجِنّ أَن لّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ" [سبأ: 12-14] ، ويقول تعالى: "وَالشّيَاطِينَ كُلّ بَنّآءٍ وَغَوّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرّنِينَ فِي الأصْفَادِ" [ص: 37- 38] ، فكيف ينبغي بعمال تحت سوطه وفي ظل مهابته إن كانوا حقا مهرة في غير تلك الصناعات أن يفوقوه علما ويخفوا عنه سرا!.

وليس العلم بخفايا التكوين من مهام الشيطان وإنما الإغواء والتضليل بمكر ودهاء عن منهج المرسلين في عبادة الله تعالى وحده وفق قوله تعالى: "لأقْعُدَنّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمّ لاَتِيَنّهُمْ مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" [الأعراف: 16- 17] ، وقوله تعالى: "يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشّيْطَانُ إِلاّ غُرُوراً" [النساء: 120] ، وقوله تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِيّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً " [الأنعام: 112] ، وفي مشهد تبرأ الشيطان نفسه ممن أضلهم تتجلى حقيقة مهمته في قوله تعالى: "وَقَالَ الشّيْطَانُ لَمّا قُضِيَ الأمْرُ إِنّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقّ وَوَعَدتّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَانٍ إِلاّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوَاْ أَنفُسَكُمْ مّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيّ إِنّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [إبراهيم: 22] ، وحتى في مهمته تلك رغم المهارة لا يقع الكل فرائس وفق قوله تعالى: "إِنّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىَ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىَ رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ إِنّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىَ الّذِينَ يَتَوَلّوْنَهُ وَالّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ" [النحل: 99-100] ، وقوله تعالى: "إِنّ كَيْدَ الشّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً" [النساء: 76] ، وليست فرية نسبة القرآن للشياطين سوى ترديد عاجز لحيرة عتاة المكابرين الأولين التي نفاها قوله تعالى: "وَمَا تَنَزّلَتْ بِهِ الشّيَاطِينُ. وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنّهُمْ عَنِ السّمْعِ لَمَعْزُولُونَ" [الشعراء: 210-212] ، والبينة هي المضمون في الدعوة للفضيلة لا الرذيلة كما قال تعالى: "هَلْ أُنَبّئُكُمْ عَلَىَ مَن تَنَزّلُ الشّيَاطِينُ تَنَزّلُ عَلَىَ كُلّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ" [الشعراء: 221-222] . ومجمل القول أن فرية نسبة القرآن للشيطان دليل على العجز واستنفاذ كل الأعذار عناداً ومكابرة وتهربا من الحقيقة بادعاء يعوزه الدليل, ولابد أن تعرض للفطين تساؤلات: (1) إذا كان الشيطان هو المصدر فكيف ذم نفسه في القرآن؟. (2) وإذا كان ذلك المصدر أكيدا فلماذا حاروا إذن فلفقوا معه جملة افتراضات ليس منها الوحي من الله القادر على كل شيء وكأنه تعالى ليس له عندهم وجود؟. (3) وإذا كان الشيطان رأسا لكل زائف ورذيلة يرتكبها الإنسان فكيف أيد كتابا لا تجد فيه إلا الحقيقة والدعوة إلى الفضيلة؟. (4) وإذا كان عالماً بحقائق التكوين قبل عصر الاكتشافات العلمية بقرون فلماذا خص بها دون الجميع خاتم النبيين؟.

ولو أن الشيطان قد أمد القرآن حقا بدلائل على الوحي فقد نال ما يستحق وانقلب السحر على الساحر فأصبح مؤيدا للنبوة الخاتمة بحجج علمية باهرة وله أن يولول ما شاء, يقول العلي القدير: "وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رّجِيمٍ. فَأيْنَ تَذْهَبُونَ. إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لّلْعَالَمِينَ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَن يَشَاءَ اللهُ رَبّ الْعَالَمِينَ" [التكوير: 25-29] .

اشتراط النية للمتمتع

اشتراط النية للمتمتع المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/12/1426هـ السؤال رجل أدى العمرة في أشهر الحج، وهو لا ينوي الحج، فلما جاء الحج أراد أن يحج، فهل يعتبر متمتعاً أم لا؟ وهل للنية تأثير في ذلك؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالتمتع بالحج هو أن يأتي الإنسان بعمرة في أشهر الحج، وهي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، ولا يرجع إلى بلده، وإنما يبقى في مكة حتى إذا جاء الحج يحج، فهو تمتع بنسكين في سفرة واحدة، سواء أكان ناوياً للحج عندما جاء بالعمرة أو لم ينو، فإنه يصدق عليه أنه تمتع؛ لأن التمتع بالنسكين، والاستفادة من النسكين في سفرة واحدة حصل له حينئذ، فيصير متمتعاً، وكونه لم ينو عند إحرامه بعمرة أن يحج لا يؤثر ولا يغير في نسكه، أو في صفته، وإنما التمتع يطلق على من جاء بعمرة في أشهر الحج، وحج من عامه، ولم يرجع إلى بلده، والله ولي التوفيق.

قضاء الصلاة عن الميت

قضاء الصلاة عن الميت المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/02/1426هـ السؤال قريب لنا بلغ من العمر مبلغاً لم يعد قادراً على قراءة القرآن في الصلاة لغلبة النسيان، فأخذ يصلي وهو يقرأ من المصحف، وفى مرض موته، ونظرا لإصابته بكسور في اليد والرجل، لم يكن يستطيع معها الإمساك بالمصحف؛ لأنه طريح الفراش وتوفى بعدها وعليه صلاة شهر تقريباً، ابنته تسأل: هل يجوز لها قضاء الصلاة عنه قياساً على حديث قضاء الصوم وأن دين الله أحق بالقضاء؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: أولاً: الواجب قراءته في الصلاة من القرآن هو الفاتحة فقط ولا أظن أن إنساناً مسلماً لا يستطيع أن يقرأ الفاتحة فإذا كان يقرأ الفاتحة فهذا تجزئه في الصلاة وما عداها فقراءته سنة وكونه يترك الصلاة لكونه لا يستطيع الإمساك بالمصحف هذا خطأ كبير وجهل شديد ولا تقضى عنه الصلاة لكن يبنبغي الإكثار من الدعاء له والاستغفار والصدقة عنه لعل الله جل وعلا أن يتجاوز عنه. والواجب على أولياء المريض أن يذكروه الصلاة إذا كان عقله معه لأن الصلاة لا تسقط عن المريض ما دام عقله معه، فاهماً مدركاً، مالم يُغْمَ عليه. وحينئذ فالواجب على من يزور مريضاً أو يكون قريباً له أن ينبهه إلى هذه المسألة وأن يدعوه إلى المحافظة على الصلاة وخاصة في مثل هذه الظروف التي يحتاج الإنسان فيها إلى الإكثار من الأعمال الصالحة، ويُخشى أن يختم له بخاتمة يكون فيها مقصراً كما جاء في سؤال السائل ونسأل الله أن يعفو عنا جميعا، ًوالله أعلم.

حقيقة تنعم الشهداء في الجنة

حقيقة تنعم الشهداء في الجنة المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/12/1426هـ السؤال كلنا يعلم من خلال آيات القرآن والأحاديث أن الشهداء الذين يقتلون من أجل إعلاء راية الله هم أحياء عند ربهم يرزقون وفي جوف طير خضر ينعمون بالجنة, السؤال: هل هذه الحياة روحية بدون الجسد, وما هي صفة النعيم الذي ينعمون به في الجنة هل هو حور عين ومأكل ومشرب وغير ذلك أم نعيم معين أو مؤقت حتى تقوم الساعة, وكيف نوفق بين هذا وبين المنقول عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه أول من يدخل الجنة، هل يعني هذا أن الشهداء يسبقون الأنبياء في دخول الجنة. أرجو للإفادة جزاكم الله خيراً عن أمة الإسلام. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فقد ثبت في صحيح مسلم (1887) وغيره "أن أرواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل وأن ربهم يطلع عليهم فيقول: هل تشتهون شيئا؟ ... قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى....". فدل هذا الحديث وغيره على أن الذي منهم في الجنة هو أرواحهم لا أجسادهم، وثبت أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، وغير ذلك مما اختص به الشهداء. وأصناف نعيمهم داخلة تحت قوله: "أحياء عند ربهم يرزقون" [آل عمران:169] . وهذا النعيم نعيم برزخي (بين الدنيا والآخرة) يأكلون من ثمار الجنة ويشربون من أنهارها ويأوون إلى قناديل معلقة بالعرش الذي هو سقف الجنة، وهذا النعيم دون النعيم الأخروي ولا شك، فمنازل الشهداء ودورهم وقصورهم التي أعد الله لهم في الجنة ليست هي تلك القناديل التي تأوي إليها أرواحهم في البرزخ، قطعاً، فهم يرون منازلهم ومقاعدهم من الجنة ويكون مستقرهم في تلك القناديل المعلقة بالعرش، أما الدخول التام الكامل فإنما يكون يوم القيامة، وأما قبل يوم القيامة فهو دخول للأرواح فقط. وتنعُّم الأرواح بالجنة في البرزخ شيء، وتنعُّمها مع الأبدان بالجنة يوم القيامة شيء آخر، فغذاء الروح من الجنة في البرزخ دون غذائها مع بدنها يوم البعث، وأما تمام الأكل والشرب واللبس والتمتع فإنما يكون إذا ردت إلى أجسادها يوم القيامة. وقد ورد أن نبينا محمداً -صلى الله عليه وسلم- أول من يدخل الجنة، والمراد به الدخول الكامل؛ أعني دخول الأرواح مع أبدانها، فهو -صلى الله عليه وسلم- أول الداخلين الجنة بهذا المعنى، ولا يعارضه دخول أرواح الشهداء الجنة قبل يوم القيامة، لأنه دخول للأرواح فقط، وهو دون الدخول الكامل يوم القيامة، الذي تكون الأولوية فيه للرسول -صلى الله عليه وسلم-.

هل رأت الملائكة الله سبحانه؟!

هل رأتِ الملائكة اللهَ سبحانه؟! المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/10/1424هـ السؤال بارك الله فيكم وفي موقعكم المبارك. سؤالي: هل رأت الملائكة الله تعالى؟. الجواب الحمد لله، لا أعلم دليلاً من القرآن، ولا من السنة على أن الملائكة، أو أحداً منهم رأى الله - سبحانه وتعالى- فالواجب التوقف في ذلك، وعدم الجزم بنفي ذلك، أو إثباته؛ لأن هذا من الغيب الذي يجب الوقوف فيه عند حد ما ورد في الكتاب والسنة، وما لم يدل عليه الدليل، فإنه يجب التوقف فيه، وتفويض علم ذلك إليه - سبحانه وتعالى-: "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا" [الإسراء:36] ، وقال الله - سبحانه وتعالى- عن الشيطان: "إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" [البقرة:169] ، فالجزم بأمر من أمور الغيب بغير دليل هو من القول على الله بغير علم، وقد حذر الله من القول عليه بغير علم وذم من يفتري عليه الكذب، قال تعالى: "ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [آل عمران:66]] وقال: "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" [الأعراف:33] والله أعلم.

الحكم على الكافر المعين بالنار

الحكم على الكافر المعيَّن بالنار المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/11/1424هـ السؤال أنا كنت أعلم أن من مات كافراً يجوز لعنه والشهادة بأنه من أهل النار، وقد سمعت شريطاً للشيخ محمد صالح بن عثيمين -رحمه الله وأدخله فسيح جناته وأكرمه في عليين- بأننا لا نشهد لكافر معين بأنه من أهل النار؛ بل نقول: إن من مات على الكفر فإنه من أهل النار. هل أنا كنت على خطأ أم ماذا؟. الجواب الحمد لله. قال الله -سبحانه وتعالى-: "وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً" [النساء:18] ، وقال -سبحانه وتعالى-: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة:217] ، دلت هاتان الآيتان على أن كل من مات وهو كافر فقد أعد الله له عذاباً أليماً وأنه من الخالدين في النار. وهذا حكم عام يجب الإيمان به على عمومه، فيجب اعتقاد أن كل من مات على الكفر فهو في النار حكماً عاماً. وهذا لا يوجب الحكم على المعين والشهادة على المعين بأنه في النار، ولو صح هذا لما كان بين الحكم العام والخاص فرق. ومَنْ دلت النصوص على أنه في النار بعينه وجبت الشهادة له بذلك، ويشبه هذه الشهادة بكل من مات مؤمناً بأنه في الجنة، ومع ذلك لا نشهد لمعين بالجنة إلا لمن شهد له الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وإذا كنت سمعت من الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أنه يقرر ذلك فهو مرجع علمي، فعليك ألا تستمر على اعتقادك السابق؛ بل عليك أن تأخذ بما بينه العلماء من الفرق بين الحكم العام والخاص، فلا يلزم من ثبوت الحكم العام ثبوت الحكم الخاص، كما نقول: حكم السارق قطع يده، ويجوز لعن الله السارق لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله السارق ... " الحديث رواه البخاري (6783) ومسلم (1687) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومع ذلك لا يلزم من ذلك قطع يد السارق المعين؛ لأن ثبوت الحكم لمعين يتوقف على شروط وانتفاء موانع، فنقول: لعن الله السارق، ولعن الله شارب الخمر، ولعن الله آكل الربا، ولا يجوز لنا لعن المعين لكونه سارقاً أو شارباً أو آكل ربا، فتنبه بارك الله فيك. والله أعلم.

تدوين السنة

تدوين السنة المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/04/1427هـ السؤال هل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة السنة؟ ولو كان ذلك فكيف تمت كتابتها مع نهي النبي- صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؟ ويرجى ذكر حديث المنع أو الجواز. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى قد تكفَّل بحفظ السنة النبوية من النسيان والضياع، فقال تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر: 9] ، والذكر هنا القرآن والسنة كما قال علماء التفسير، فقيض الله تعالى للحديث النبوي رجالاً سهروا الليالي ووجهوا للحديث العناية التامة حفظاً وإتقاناً وفهماً وتبليغاً للأمة، فتناقلها الخلف عن السلف غضة طرية، كما تكلم بها النبي - صلى الله عليه وسلم-، وقد كان حفظ السنة بطريقتين: الأولى: بكتابة شيء منها، وقد ورد هذا في أحاديث متعددة منها ما أمر به - صلى الله عليه وسلم- ومنها ما أقر أصحابه على كتابه وتدوينه ومن ذلك: (1) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما فتح مكة قام وخطب في الناس، فقام رجل فقال: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: اكتبوا له، رواه البخاري ومسلم وغيرهما، أخرجه البخاري في العلم باب كتابة العلم ح (112) ، ومسلم في الحج باب تحريم مكة ح (1355) . (2) قول أبي هريرة - رضي الله عنه-: "ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- أحد أكثر حديثاً عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب" رواه البخاري في العلم باب كتابة العلم ح (113) . (3) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأومأ بإصبعه إلى فيه، وقال: "اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق" أخرجه أبو داود ح (3646) ، وابن أبي شيبة (9/49-50) ، والدارمي (1/125) ، وأحمد (2/162) والحاكم (1/105-106) ، وإسناده صحيح. (4) وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه كتب كتباً متعددة إلى أمرائه على الأقاليم ببعض الأحكام الشرعية وهي من السنة قطعاً، كما إن في بعضها تفصيلاً طويلاً كما في كتاب عمرو بن حزم وهو كتاب مشهور، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة لا يسع المجال لذكرها. وأما حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- الذي رواه مسلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ... الحديث" أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم ح (93) ، وهذا هو أصح حديث في النهي عن كتابة الحديث، وهناك أحاديث أخرى لكنها ضعيفة لا تصح ولا تثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم-.

وحديث أبي سعيد –رضي الله عنه- هذا وإن كان رواه مسلم فقد رجَّح عدد من أئمة الحديث كالإمام البخاري وغيره أن هذا الحديث لا يصح مرفوعاً إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- وأن الصحيح فيه أنه من قول أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه-، وعلى هذا فلا حجة فيه؛ لأن قول الصحابي ليس بحجَّة كقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم خصوصاً إذا خالف قول الرسول – صلى الله عليه وسلم- وقد عارض قول أبي سعيد هذا الأحاديث التي قدمنا ذكرها وهي صحيحة لا مطعن فيها. والنهي الوارد في حديث أبي سعيد لو صح مرفوعاً إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-، فقد بين العلماء المراد منه والجواب عليه، فمما قالوا في ذلك: أن هذا النهي عن كتابة الحديث إنما كان في أول الإسلام؛ مخافة أن يختلط الحديث بالقرآن، فلما كثر عدد حفاظ القرآن، وميزوا القرآن من غيره نسخ هذا النهي، وأمروا بالكتابة. وقال بعض العلماء: يمكن أن يكون النهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لأنهم كانوا يسمعون تفسير الآيات فربما كتبوه معه، فنهوا عن ذلك خوف الاشتباه، ويؤيد هذا أنه قال – صلى الله عليه وسلم-: "لا تكتبوا شيئاً غير القرآن"، ولم يقل لا تكتبوا حديثي فقط. ومع هذا فقد ثبت لدينا أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتب الحديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم- بأمره عليه الصلاة والسلام وتوجيهه، ولما توقَّف عن الكتابة أعاد عليه الأمر مرة أخرى. ومع وجود بعض الأحاديث مكتوباً فإن الأعم الأغلب من السنة لم يكن مدوناً في الصحف والسطور، وإنما كان محفوظاً في الصدور وهذه هي الطريقة الثانية في حفظ السنة وهي الاعتماد على الحفظ، فقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يدعو أصحابه إلى حفظ الحديث ووعيه في الصدور، ففي صحيح البخاري أنه عليه الصلاة والسلام قال لوفد عبد القيس لما حدثهم بحديث: "احفظوه وأخبروه من ورائكم" أخرجه البخاري ح (87) . بل إنه عليه الصلاة والسلام دعا لمن حفظ حديثه وبلَّغه إلى غيره، فعن زيد بن ثابت وابن مسعود وغيرهما – رضي الله عنهم- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "نضر الله امرأ سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره. الحديث" حديث زيد بن ثابت أخرجه أبو داود ح (3660) ، والترمذي ح (2656) وابن ماجة ح (230) وح (233) ، وحديث ابن مسعود أخرجه الترمذي ح (2657) ، و (2658) ، وغيره.

ومن ثم كان الصحابة - رضي الله عنهم- حريصين غاية الحرص على سماع حديث رسول - صلى الله عليه وسلم- وحفظه وتبليغه، وذلك لفرط محبتهم للرسول - صلى الله عليه وسلم- بل كان حبه يعلو حبهم للأهل والأبناء والأموال، وكانوا - رضي الله عنهم- يعتمدون على ملكة الحفظ والاستظهار، وقد وهبهم الله تعالى قوة في الحفظ وسيلاناً في الأذهان وصفاء في القريحة، مما جعلهم أكثر من غيرهم في هذا، كما أنهم لم تكن متوفرة لديهم بشكل عام أدوات الكتابة، كما إن عامتهم لم يكونوا يعرفون الكتابة أصلاً، وهذا الأمر كان في العرب عموماً أعني قوة الحفظ وعدم الكتابة، ولهذا يسمى العرب الأميون، كما قال تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ... " [الجمعة: 2] ، وقال عليه الصلاة والسلام: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ... "أخرجه البخاري (1913) ، ومسلم ح (1080) ، وأبو داود ح (2319) ، والنسائي ح (2140) . فكل هذه العوامل الدينية والفطرية والاجتماعية والنفسية ساعدت على حفظ الصحابة - رضي الله عنهم- للأحاديث النبوية أتم الحفظ، واستظهارها أقوى استظهار. ثم إن الطريقة الأولى في حفظ السنة سادت وانتشرت شيئاً فشيئاً، فكان ابتداؤها في عهد الصحابة -رضي الله عنهم- كما قدمنا، حتى إن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- كان لهم صحائف وكتب جمعوا فيها أهم الأحاديث مثل: الصحيفة الصادقة التي كتبها عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- والتي فيها أكثر من ألف حديث، وكذلك كان لأبي هريرة - رضي الله عنه- صحيفة جمع فيها بعض حديثه، وكذلك جابر بن عبد الله وسمرة بن جندب وغيرهم، كما كانت لهم صحائف فيها بعض حديثهم. ولما جاء عهد التابعين اهتم علماء الحديث بكتابة السنة أكثر، فكان كل عالم يكتب ما وصله من الحديث ويدونه خشية النسيان أو الضياع، حتى جاء الخليفة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - (ت101) ، فأصدر أمراً إلى علماء الأمصار يأمرهم فيه بجمع الأحاديث، ثم بعد هذا تطور تدوين الحديث وكتابته، حتى إن العلماء جمعوه على أبواب العلم، ومن هذه الكتب على سبيل المثال موطأ الإمام مالك المولود عام 93 للهجرة، والذي جمع فيه مالك - رحمه الله- ما صح عنده من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وجمع غيره من العلماء في باقي بلدان المسلمين، كمكة والكوفة والبصرة وبغداد ودمشق وغيرها. وما زال تدوين الحديث في اتساع حتى صار الحفظ لوحده على نطاق ضيق جداً، وأصبحت العناية بضبط الكتب وحفظها من الضياع أو التلاعب، وكانوا يهتمون بذلك حتى إن أحدهم لا يعير كتابه لأحد إلا لمن يثق فيه ثقة تامة، وكان العلماء يقرئون تلاميذهم كتبهم ثم يسجلون عليها سماعاتهم بعد التثبت من ضبط التلميذ لما كتبه من الحديث، وأنه لا يوجد فيه تصحيف أو خطأ، وبقيت هذه الكتب إلى يومنا هذا شاهدة على عناية أمة الإسلام بالسنة النبوية وبتراث النبوة، فالحمد لله أولا وآخراً على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. وصلى الله على نبينا محمد وسلَّم تسليماً.

صلاحية الإسلام لهذا الزمان

صلاحية الإسلام لهذا الزمان المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 5/7/1424هـ السؤال يثير بعض أهل الأهواء.. شبهات، مثل: الإسلام غير صالح للتطبيق اليوم، لأن الزمن تغير، ويستدلون أن عمر - رضي الله عنه - أوقف حداً من حدود الله عام الرمادة، لأن الظروف فيه كانت لا تساعد على تطبيق الحد كالفقر وغيره؟ ويستدلون بقصه علي رضي الله عنه حينما أوقف حد القصاص من رجل؟ بماذا نرد على مثل هذه الشبهات؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فالله تعالى خالق الخلق الذي هو أعلم بمصالحهم وبما يناسب حاجاتهم، قال تعالى: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك: 14] ، وقد أرسل رسوله عليه السلام خاتماً للرسل، قال تعالى: "وخاتم النبيين" [الأحزاب:40] ، وإذا كان خاتمهم فإن كل ما جاء به صالح للأمة إلى قيام الساعة، فإن الله حكيم عليم، ولو علم أنه سيأتي على الناس زمان لا يناسبهم هذا الدين لما ختم النبوة أو لأرشد العباد إلى تغيير الأحكام، ومن آمن بأن الله ربه وخالقه عليم حكيم وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم -خاتم رسله وأنبيائه فإنه لا يكون عنده شك في هذا بحمد الله. وكل من نظر في أحكام الشرع وتأمل حكمها وجدها على وفق مصالح العباد، ووجدها دليلاً على حكمة مشروعيتها، ولكن قد يرد النقص في ذهن من لم يمعن النظر فيها، أو لم يوفقه الله ويرزقه البصيرة. وأما إيقاف عمر - رضي الله عنه - حد السرقة عام الرمادة كما في إعلام الموقعين (3/10) فهو بسبب عدم تحقق شروط القطع، لا لأنه غير مناسب لزمانه، بل إذا سرق جائع ليسد رمقه فقد أخذ حقاً له، إذ يجب على صاحب المال بذل ذلك له مواساة له وإحياء له، فإذا بان أن السارق لا حاجة له وهو مستغن عن السرقة قطع، ومعلوم من قواعد الشرع أن الضرورات تبيح المحظورات، والشرع لا يقطع يد السارق إلا بعد التحقق من توفر شروط السرقة في السارق وفي الشيء المسروق، وبعد التأكد من الظروف المحيطة بهذه القضية، فلا يكون قد سرق لدفع الجوع عن نفسه. ففرق بين إيقاف الأحكام لعدم صلاحيتها وبين عدم تنفيذ القطع في سارق لعدم توفر شروط القطع، فالثاني في الحقيقة مطبق لأحكام الشرع. وكذلك قضية علي - رضي الله عنه - فإنه لم يقم حد الغيلة على من تاب قبل القدرة عليه، ومن تاب من حد قبل القدرة عليه سقط عنه في أحد قولي أهل العلم، وهو الراجح كما قال تعالى في المحاربين: "إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [المائدة:34] ، ونذكر القصة كما جاءت في الطرق الحكمية (1/82) لابن القيم لتبيين أنها حد غيلة إذا قتل طمعاً في مال المقتول فليست القضية قصاصاً بل حد غيلة.

قال ابن القيم رحمه الله: "ومن قضايا علي - رضي الله عنه - أنه أتي برجل وجد في خربة بيده سكين متلطخ بدم وبين يديه قتيل يتشخط في دمه فسأله، فقال أنا قتلته، قال اذهبوا به فاقتلوه، لما ذهبوا به أقبل رجل مسرعاً فقال يا قوم لا تعجلوا ردوه إلى علي فردوه، فقال الرجل يا أمير المؤمنين ما هذا صاحبه أنا قتلته، فقال علي للأول ما حملك على أن قلت أنا قاتله ولم تقتله؟ قال يا أمير المؤمنين وما أستطيع أن أصنع وقد وقف العسس على الرجل يتشخط في دمه وأنا واقف وفي يدي سكين وفيها أثر الدم وقد أخذت في خربة فخفت أن لا يقبل مني وأن يكون قسامة، فاعترفت بما لم أصنع واحتسبت نفسي عند الله، فقال علي بئسما صنعت فكيف كان حديثك؟ قال إني رجل قصاب خرجت إلى حانوتي في الغلس فذبحت بقرة وسلختها فبينما أنا أصلحها والسكين في يدي أخذني البول فأتيت خربة كانت بقربي فدخلتها فقضيت حاجتي وعدت أريد حانوتي فإذا بهذا المقتول يتشحط في دمه فراعني أمره فوقفت أنظر إليه والسكين في يدي فلم أشعر إلا بأصحابك قد وقفوا علي فأخذوني، فقال الناس هذا قتل هذا ما له قاتل سواه، فأيقنت أنك لا تترك قولهم لقولي فاعترفت بما لم أجنه، فقال علي للمقر الثاني فأنت كيف كانت قصتك؟ فقال أعرابي أفلس فقتلت الرجل طمعاً في ماله ثم سمعت حس العسس فخرجت من الخربة واستقبلت هذا القصاب على الحال التي وصف فاستترت منه ببعض الخربة حتى أتى العسس فأخذوه وأتوك به، فلما أمرت بقتله علمت أني أبوء بدمه أيضاً فاعترفت بالحق، فقال علي للحسن - رضي الله عنهم - ما الحكم في هذا؟ " أ. هـ قال يا أمير المؤمنين إن كان قد قتل نفساً فقد أحيا نفساً وقد قال الله تعالى: "وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً" [المائدة: من الآية32] ، فخلى علي - رضي الله عنه - عنهما.

أثر المال المشبوه على الحج والعمرة

أثر المال المشبوه على الحج والعمرة المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/7/1424هـ السؤال أعمل في إدارة حكومية، وصرف لي مبلغ من المال عن فترات متقطعة عن خارج الدوام، بما يقارب ثلاثين ألف ريال بعلم رئيسي المباشر، علماً أن الفترات عملت فيها وبعضها لم أعمل، وقبل أن أستلم عن أول فترة سألت أحد المجتهدين، وقال إن المبلغ مشبوه. فما حكم المبلغ الذي أخذته؟ وما حكم حجي وعمرتي؟ وإذا كان هذا لا يجوز فكيف أعيد المال وأنا لا أستطيع، ولا يوجد طريقة لإعادته لصاحبه الجواب ما عملته حلال لك أجرته؛ ولأن الأجر مقابل العمل، وأما الأيام التي لم تعمل في خارج الدوام فإن ما صرف لك لا يحل لك، ويلزمك أن ترده من حيث أخذته، وإذا كانت الإدارة حكومية فيكفي أن ترده إلى بيت المال، كمؤسسة النقد أو وزارة المالية. أما سؤالك عن حجك وعمرتك فلا دخل لها في هذا، حجك وعمرتك صحيحة إن شاء الله تعالى وقولك: كيف أعيد المال وأنا لا أستطيع، ولا توجد طريقة لإعادته؟ نقول: بل يوجد طرق كثيرة لإعادته، فإما أن ترد إلى مؤسسة النقد أو وزارة المالية، أو إلى مصلحة الزكاة والدخل، أو تعيده إلى حساب الإدارة التي تعمل فيها مبيناً الأسباب التي دعتك لرد هذا المال، وهو أنك كنت لا تواظب على الدوام الذي أخذت عليه أجراً، وهذا منقبة لك ومحمدة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

رهن المبيع بثمنه!

رهن المبيع بثمنه! المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/11/1426هـ السؤال ما حكم شراء الأراضي بالتقسيط من بعض المخططات السكنية؟ وبعد الاتفاق بالشراء يوقع عقد مبايعة يوضح فيه الآتي: 1- المشتري قد استلم الأرض استلاماً نافياً الجهالة، وأصبحت بحوزته، وتحت مسؤوليته التامة، ولا يحق له الرجوع على البائع. 2- يبقى صك الأرض المباعة (محل هذا العقد) باسم البائع، ويحتفظ بصك الملكية لديه وبحوزته حتى يتم سداد باقي القيمة المتفق عليها. 3- يجب سداد كل قسط في حينه، وإذا تأخر المشتري عن السداد لثلاثة أقساط يحق للبائع بيع الأرض دون الرجوع للمشتري، واستيفاء باقي القيمة، وإن نقص المبيع عن سداد باقي القيمة يلتزم الطرف الثاني بسداد الباقي دون أدنى اعتراض منه، وللبائع الخيار بين بيع الأرض واستيفاء باقي القيمة المستحقة له، أو فسخ العقد، مع احتساب قيمة إيجارية على الطرف الثاني (المشتري) عن المدة من بداية العقد وحتى تاريخ فسخه، بواقع (4309) أربعة آلاف وثلاثمائة وتسعة ريالات لا غير عن كل سنة هجرية. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فهذه المعاملة فيها تفصيل، وذلك لأنها تحوي تصرفات صحيحة وغير صحيحة. فالفقرتان (1) و (2) صحيحتان، وأما الفقرة (3) ففيها تفصيل: أ- يحق للبائع بيع الأرض بناءً على الاتفاق بين الطرفين برهن المبيع بثمنه، والراجح صحة هذا التصرف. ب- لكن الذي لا يصح في هذه الاتفاقية هو: أن البائع له الخيار بين بيع الأرض أو فسخ العقد، مع احتساب قيمة إيجارية من بداية العقد، وهذا لا يصح؛ لأن العقد هنا متردد وغير مستقر، فهو متردد بين البيع والإيجار، وهذا لا يجوز؛ حيث يدخل في إحدى تفسيرات (النهي عن بيعتين في بيعة) والله أعلم.

ما العمل إذا تعذر تغسيل الميت؟!

ما العمل إذا تعذَّر تغسيل الميت؟! المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/05/1426هـ السؤال السلام عليكم إذا توفي شخص، ولم يتوفر أي ماء لغسله، فعلى أي كيفية يكون التيمم له بالتفصيل؟ جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا تعذَّر تغسيل الميت؛ لعدم الماء، أو لوجود ما يمنع من تغسيله فإنه لا ييمم؛ لأن المقصود من غسل الميت تنظيفه، وهذا لا يحصل بالتيمم، وذكر بعض أهل العلم، ومنهم ابن تيمية - رحمه الله - أن الطهارة المستحبة إذا تعذَّر فيها استعمال الماء فإنه لا يتيمم لها. وذهب البعض الآخر -وهي رواية في مذهب الإمام أحمد رحمه الله- إلى أن الميت إذا لم يمكن تغسيله فإنه ييمم، وذلك بأن يضرب الغاسل يديه بالصعيد الطاهر، ثم يمسح وجه الميت وكفيه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

عمولات مواقع تصفح الإعلانات

عمولات مواقع تصفح الإعلانات المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/01/1427هـ السؤال أرجو إفتائي في الاشتراك في مثل هذه المواقع الربحية، وهل الربح منها حلال أم حرام؟ مثل شركات السيرفينج (Traffic-Surffing) ، وهي تقوم على مبدأ التبادل الإعلاني للمواقع، بالإضافة إلى أنها من أنظمة مضاعفة النقود، بمعنى أنك تقوم بفتح مواقع شركات أخرى، أو مواقع أشخاص آخرين مقابل فتح موقعك لهم، سواء كان موقعاً ربحياً أو شخصياً أو أي نوع آخر. بعض شركات السيرفينج تمنحك نسبة 1:1 أو 2:1 للتبادل الإعلاني للمواقع، والهدف من تلك الشركات هو جلب أكبر عدد ممكن من أعضاء جدد للاشتراك عن طريقك في الشركات الربحية التي تعلن عنها، بالإضافة إلى أنه يمكنك أن تربح منها نقوداً عند وصولك للحد الأدنى، حيث كلما جمعت نقاطاً أكثر كلما جلبت الكثير من الزوار الجدد لموقعك، بالإضافة إلى المكسب المادي. وشركات السيرفينج الاشتراك بها مجاني تماماً، إلا إنه يفضل ترقية عضويتك بشراء سهم واحد على الأقل؛ حتى تدفع لك الشركة الحد الأدنى من أرباحك. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: 1. مواقع التصفح مثل (www.4daily.com) و (www.studiotraffic.com) و (www.12dailypro.com) تقدم عمولات مقابل تصفح الإعلانات التي لديها. وهذه العمولات نوعان: (أ) نوع مقابل التصفح المجرد، دون دفع أي اشتراك أو رسوم من أي نوع. وهذا النوع لا حرج فيه -إن شاء الله- بشرط أن تكون الإعلانات بعيدة عن المحاذير الشرعية، ولا تتضمن الدعاية لمحرم أو منكر. علماً أن بعضها لا يسمح بالاستمرار في التصفح المجاني، بل يجب دفع قيمة الاشتراك، وإلا ألغي الحساب. (ب) نوع مقابل رسوم اشتراك غير مستردة، بالإضافة للتصفح. ومقدار العمولات يتناسب مع حجم رسوم الاشتراك، وكلما زاد مقدار الاشتراك كلما زادت العمولات، إلى حد معين. وهذه الرسوم يستخدم جزء منها لتغطية مصاريف الشركة المديرة للموقع، والباقي -وهو الأكثر- يوزع على شكل عمولات لبقية المشتركين. وواضح أن العمولات في هذا النوع تتضمن معاوضة نقد بنقد، فالمشترك يدفع الثمن، ومن خلال هذا الثمن يحصل الآخرون على عمولاتهم، والعكس بالعكس. وما ينتج عن مبيعات الدعايات ونحوها فهو أقل من إيرادات الاشتراكات، فالغالب هو إيراد الاشتراك ومنه تصرف العمولات. فهذا النوع يدخله مبادلة النقد بالنقد مع التفاضل والتأخير، فضلاً عن الغرر والجهالة المتعلقة بالاشتراكات، فهو يجمع بين الربا والميسر. فهذه الشركات تعيش على الاشتراكات، والأرباح أو العمولات هي من اشتراكات الأعضاء الجدد أساساً، فلو تناقص عدد المشتركين توقف دفع العمولات، فليس هنا استثمار حقيقي، بل يأخذ زيد مما دفع عمرو، ويأخذ عمرو مما دفع بكر، وهكذا. وهذا مع كونه من أكل المال بالباطل فهو غير مجدٍ اقتصاديًّا، ومخاطر العجز والإفلاس عالية جداً. فأنصح الأخ -وكل مسلم عاقل- أن يتجنب هذا النوع من التعامل، وأن يجتهد في البحث عن سبل الكسب المشروع، وما أكثرها.

2. وأما نظام الإحالات (referrals) ، فيختلف من موقع لآخر، وبعضها يندرج ضمن التسويق الشبكي، وبعضها ليس كذلك. فإن كانت عمولة الإحالة مقابل تصفح أعضاء جدد لا يدفعون رسوم اشتراك، فلا حرج فيه إن شاء الله. وأما إن كانت العمولات مقابل اشتراكات أعضاء جدد، فقد سبق أن رسوم الاشتراك هذه يدخلها الربا والميسر، فكل ما ترتب عليها فهو كذلك. وعمولة الإحالات جائزة إذا لم يشترط على الوسيط دفع ثمن أو مبلغ مالي مقابل منتجات تجارية، فهي في هذه الحالة مقابل السمسرة. أما إذا اشترط الدفع أو كانت عمولة من يدفع أكبر من عمولة من لم يدفع، فيدخلها النقد بالنقد، ووجود المنتجات لا يغير من حقيقة الأمر إذا كانت العمولات أكبر من المبلغ المدفوع، لأنها تصبح هي المقصودة وليس المنتجات نفسها، كما سبق تفصيل ذلك عند مناقشة التسويق الهرمي. 3. من دخل في المعاملات المحرمة، أيًّا كان نوعها، سواء عن جهل أو غفلة أو تقصير، فيجب عليه التوبة والاستغفار وعدم العودة لها مستقبلاً، وفي هذه الحالة يغفر له ما سبق إن شاء الله؛ لعموم قوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف" [البقرة: 275] ، ويستحب له مع ذلك أن يتصدق بما يتيسر له. والله تعالى أعلم.

تعليق الصليب في العنق

تعليق الصليب في العنق المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/8/1424هـ السؤال ما حكم من علَّق صليباً على صدره، ولكن لا يعتقد به، بل إنه يضعه على صدره لمصلحة شخصية؟. الجواب الحمد لله، الصليب معروف أنه صنم النصارى في كنائسهم، وفي بيوتهم، ويعلقونه في أعناقهم وعلى صدورهم، فهو شعار النصارى، وحرام على المسلم أن يعلَّقه، وإذا علَّقه المسلم ليظهر أنه نصراني فهذا إظهار لموافقة النصارى على دينهم، وموافقة النصارى على دينهم كفر بالله، إلا من كان يخشى على نفسه، فهو مُكره، والله تعالى يقول:"مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ" [النحل: 106] ، وأما من علَّقه جاهلاً به فهو معذور لجهله، وأما من علَّقه مجاملة فذلك حرام عليه يُخشى عليه من الكفر بالله، ولم تذكر أيها السائل المصلحة التي تحملك على تعليق الصليب، فلا يتيسر بيان الحكم على وجه التحديد، إلا بعد معرفة دوافع التعليق، وقد عرفت أنواع الدوافع، وحكم كل نوع من هذه الأنواع، والواجب على المسلم أن يحذر مما حرم الله عليه، ولا يخفى أنه من أعظم أنواع التشبه بالكفار، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) ، فالواجب الحذر، ونسأل الله السلامة والعافية، والله أعلم.

الصلاة عند القبور

الصلاة عند القبور المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/12/1423هـ السؤال نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في المقابر ولعن المتخذين القبور مساجد، وورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى عند قبور بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- منهم أم سعد، وطلحة بن البراء، وأم أمامة وغيرهم، فما الجمع بين هذا الاختلاف؟ وما هو القول الصحيح في ذلك؟ الجواب الحمد لله، نعم، لقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة إلى القبور والصلاة عند القبور، وذلك أن الصلاة عند القبور وسيلة إلى الشرك بها، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم (532) من حديث جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله قبل أن يموت بخمس يقول:" ... ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك" وما ذكر في السؤال من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى عند بعض قبور الصحابة لا أعلم أنه صلى عند القبر الصلاة المعروفة المشتملة على الركوع والسجود بل معنى ذلك أنه صلى عليها صلاة الجنازة هذا هو الظاهر ولعل السائلة فهمت أنه صلى عندها الصلاة التي نهى عن فعلها عند القبور، مما يلزم منه التعارض، فإذا علمنا أن المراد بصلاته عند قبور من ذكر هي صلاة الجنازة لم يكن بين الأحاديث الصحيحة في النهي عن الصلاة عند القبور وبين صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- على بعض أهل القبور تعارض، والله أعلم.

هل المسجد النبوي حرم؟

هل المسجد النبوي حرمٌ؟ المجيب د. محمد بن مرعي الحارثي أستاذ الفقه بكلية المجتمع في جامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 3/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: هل يطلق على المسجد النبوي حرماً؟ وهل له حرمة كحرمة المسجد الحرام؟ وهل للمدينة حرمة كحرمة مكة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.. فالمدينة النبوية حرمها النبي صلى الله عليه وسلم، لا يعضد شجرها، ولا يصاد صيدها، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم (1362) عن جابر - رضي الله عنه- ولا شك أن لمسجده - صلى الله عليه وسلم- حرمة عظيمة، لكونه مسجده - صلى الله عليه وسلم- وداخل في حرم المدينة، وأحد بيوت الله، وفيه الروضة الشريفة، والصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه عدا المسجد الحرام، كما في الحديث الذي رواه البخاري (1190) ، ومسلم (1394) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- غير أنه ليس فيه مواطن تُقبَّل أو تستلم، أو يطاف بها كما في بيت الله الحرام بمكة، والله المستعان.

قضاء الصلاة عن الميت

قضاء الصلاة عن الميت المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/12/1423هـ السؤال توفي والدي وفي الأيام الأربعة قبل وفاته لم يستطع الصلاة؛ لشدة المرض، ولكنه كان في وعيه، وعندما نذكره الصلاة يقول: سأصلي فيما بعد، فهل أقضي عنه أم ماذا أعمل؟ الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد كان الواجب على والدك -رحمه الله- أن يصلي على حسب حاله، كما أمر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- عمران بن حصين -وكان مريضاً- حيث قال له:"صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" أخرجه البخاري في صحيحه، وزاد النسائي في روايته:"فإن لم تستطع فمستلقياً"، وأما بالنسبة للقضاء -وهو محل السؤال- فإنه لا يشرع؛ لأن الصلاة عبادة لا تدخلها النيابة، كما قرر ذلك أهل العلم، ومنهم الإمام الزركشي في (المنثور 3/312) وحكاه إجماعاً. ولذا فالمشروع -في حقكم- الدعاء والاستغفار له، والترحم عليه، عسى الله أن يتجاوز عنه، والله -تعالى- أعلم.

صلى الإمام ركعة زائدة، فهل يعتد بها المسبوق؟

صلى الإمام ركعة زائدة، فهل يعتدّ بها المسبوق؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/9/1424هـ السؤال أدركت صلاة الظهر مع الجماعة بعد الركعة الأولى وسها الإمام وصلى ركعة خامسة، بذلك أكون قد صليت أربع ركعات، هل أسلم مع الإمام أم آتي بركعة أخرى؟ الجواب إذا علمت أنها خامسة فلا تتابع الإمام، بل عليك أن تنفصل عنه وتتم صلاتك، ولا تستمر معه في الزيادة، وإذا كان علمك بعد سلام الإمام ولم يطل الفصل فعليك أن تأتي بما فاتك ولا تعتد بالركعة الزائدة، وإذا طال الفصل فعليك أن تعيد الصلاة، لأنه قد يعلم المسبوق أن هذه زائدة ما لا يعلمه الداخل مع الإمام، لأن المسبوق قد يدخل والإمام يقوم من الركعة الأولى إلى الركعة الثانية، فيعلم أنه فاته ركعة فعليه أن يأتي بها، ولا يتابع الإمام في الركعة الزائدة، لأنه لا يعتد بها.

زكاة الأرض الممنوحة أو المعدة للسكن

زكاة الأرض الممنوحة أو المعدة للسكن المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/6/1423هـ السؤال السلام عليكم. هل في الأرض الممنوحة من قبل الدولة زكاة، وكذلك المعدة للسكن ولو لم يسدد من قيمتها إلا الثلث؟ الجواب ليس في الأرض الممنوحة من الدولة زكاة، وكذلك الأرض المعدة للسكن، سواء سدد قيمتها، أو لم يسددها.

غسل الميت وتكفينه

غسل الميت وتكفينه المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/5/1423 السؤال بسم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: أريد أن أعرف الصفة الصحيحة الكاملة في غسل الميت وتكفينه؟ وهل يوجد أجر في الغسل والتكفين؟ جزاكم الله خيراً. الجواب سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: سـ/ تعلمون فضيلتكم ما يعانيه المسلمون في بلاد الكفار من مشاكل ومصاعب، وذلك لضبط وتسيير حياتهم وأمور معيشتهم ومماتهم على نهج الإسلام الصحيح، ومن بين الأمور التي يعاني منها المسلمون في بلاد الولايات المتحدة الأمريكية هي: تجهيز ودفن الموتى على الطريقة التي يريدها ويأمر بها الإسلام، وقد رأى بعض الإخوة المسلمين من أهل هذه البلاد محاولة المطالبة لدى السلطات الحاكمة هناك لغرض تسهيلات وإجراءات خاصة بالموتى المسلمين لكي يتم تغسيلهم ودفنهم على نهج الإسلام السليم، ولكي يتم ذلك فإنه لا بد من إثبات وفتوى من مرجع معتمد؛ حتى يثبتوا لمن بيدهم السلطة أن هذه المطالب هي أمور تقتضيها شريعة الإسلام، وذلك لأن دستور أمريكا ينص على حرية التدين والأديان، ولهذا فالمطالبة من هذا الباب قد تكون مجدية ومثمرة؛ لذا نرجو من فضيلتكم التكرم بكتابة ما يلزم ويجب في حق المسلم عند الدفن والتجهيز، وأيضاً كتابة ما يستحب في هذا الباب أيضاً، وإن استطعتم ترجمة ذلك كله باللغة الإنجليزية وختمها وتصديقها لكي تكون معتمدة فإن هذا سيكون أفضل كثيراً.

جـ/ إذا تبين موت المسلم شرع لمن حوله تغميض عينيه، وشد لحييه، وتسجيته، والإسراع في تجهيزه، ابتداء بغسله الغسل الشرعي، فيغسل يديه، ثم ينجيه ثم يوضئه وضوء الصلاة، ثم يغسل رأسه ولحيته بماء وسدر أو نحوه من صابون أو أشنان، ثم يفيض الماء على شقه الأيمن، ثم الأيسر، ثم يغسله كذلك مرة ثانية وثالثة، وإن لم ينق زاد إلى خمس أو سبع، ويجعل في الأخيرة كافوراً إن تيسر، ويجعل الطيب بعد في مغابنه، ومواضع سجوده، وإن طيبه كله فحسن، وإن اكتفى بغسلة واحدة جاز ذلك، والمرأة يضفر رأسها ثلاثة قرون، وتجعل من ورائها، ثم يكفن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة، يدرج فيها إدراجاً، ويجوز أن يكفن في قميص وإزار، ولفافة أو لفافة فقط، والمرأة تكفن في خمسة أثواب: في درع ومقنعة وإزار ولفافتين، وإن كفنت في لفافة واحدة جاز، ويصلى عليه الصلاة الشرعية: يكبر ويقرأ الفاتحة، ثم يكبر ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يكبر ويدعو للميت، وإن جاء بنص الدعاء المأثور فهو حسن، ومنه:"اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته فأحيه على الإسلام، ومن توفيته فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة وقه فتنة القبر وعذاب النار" الترمذي (1024) والنسائي (1986) وأبو داود (3201) وابن ماجة (1498) ، ثم يكبر الرابعة ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه، ولا يجوز أن يتبع بأنوار ولا أن ترفع الأصوات معه بدعوات، ولا تهليلات، ويوضع في لحد إن أمكن، وإلا شق له، وبعد تسوية قبره يستحب أن يقف الحاضرون عليه، ويستغفرون له، ويدعون له بالثبات، ولا يجوز أن يؤخر إلا في حدود حاجة تجهيزه أو انتظار حضور أقاربه، أو جيرانه إذا لم يطل ذلك عرفاً؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"أسرعوا بالجنازة" البخاري (1315) ومسلم (944) الحديث، ولا يجوز أن يقام له مأتم، سرادقات ونحوها، بما يسمى بمراسم العزاء، ويصلي على قبره من لم يحضر الصلاة عليه إذا كان في المدينة التي هو فيها، إلى حدود شهرين، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على قبر أم سعد وقد مضى على دفنها شهر. انظر: الترمذي (1037) ولا يجوز دفن المسلم في مقابر النصارى ولا غيرهم من الكفرة كاليهود والشيوعيين وعباد الأوثان، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو عضو الرئيس عبد الله بن قعود عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز

تعليق الإعلانات بالمساجد

تعليق الإعلانات بالمساجد المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/1/1424هـ السؤال ما حكم تعليق إعلانات المحاضرات التي بها تعريف بالجهة الراعية للحفل أو الدورة في المساجد؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده، وبعد: فأقول وبالله التوفيق والسداد، تعليق إعلانات المحاضرات والندوات والدروس الشرعية في المساجد جائز شرعاً، لأن المسجد هو مركز تجمع المسلمين في اليوم خمس مرات، وهو أكثر مكان يجتمع فيه المسلمون في الوقت الحاضر، لذا فهو المكان الملائم لإخبار المسلمين بهذه الدروس والندوات، ولأن هذه الدروس والندوات في خدمة الإسلام والمسلمين، وتقدم لهم الفقه والنصح والإرشاد فيما يتعلق بأمور دينهم، لذا أرى أن إعلانها في المساجد جائز شرعاً، والله أعلم بالصواب.

تكرار الصلاة على الجنازة

تكرار الصلاة على الجنازة المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/2/1424هـ السؤال صليت على إحدى الجنائز في الجامع، وبعد نقل الجنازة للمقبرة صلى عليها من لم يحضر في الجامع، وصليت معهم، وبعد ذلك أخبرني أحد الأشخاص بأن ذلك لا يجوز، أي: الصلاة على الجنازة مرتين مني، فهل كلام هذا الشخص صحيح؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، - والصلاة السلام- على رسول الله وآله وأصحابه ومن والاه. هذه المسألة فيها تفصيل: (1) أن يقصد إعادة الصلاة على الميت أكثر من مرة، كأن يصلي عليه مع الناس، ثم يذهب لزيارته مرة أخرى فيعيد الصلاة، أو يصلوا عليه جماعة في المصلى ثم بعد دفنه يعيدون الصلاة عليه مرة أخرى فهذا غير مشروع، إذ لم يصح تكرار الصلاة على الميت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- كما لم يصح ذلك عن أحد من أصحابه، وإنما شرعت الصلاة على الميت مرة واحدة. (2) أن يصلي على الميت ثم يتفق له أن يجد جماعة أخرى يصلون عليه، فله حينئذ الصلاة معهم، ومثل هذا ما لو صلى على ميت ثم ذهب إلى بلد فصلوا عليه صلاة الغائب صلى معهم أيضاً لما رواه البخاري (1321) ، ومسلم (954) ، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مر بقبر قد دفن ليلاً فقال: "متى دفن هذا؟ قالوا: البارحة، قال: أفلا آذنتموني" قالوا: دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك، فقام فصففنا خلفه، قال ابن عباس - رضي الله عنهما- وأنا فيهم فصلى عليه"، إذ لم يستفصل النبي - صلى الله عليه وسلم- الحاضرين من الصحابة من كان منهم صلى على هذا الميت ممن لم يكن صلى عليه، مع أن ظاهر حالهم الصلاة عليه لإخبارهم النبي - صلى الله عليه وسلم- بحاله، وهذا مثل ما لو صلى الصلاة المكتوبة في جماعة، ثم أتى المسجد فوجدهم يصلون فإنه يصلي معهم، مع أنه لا يشرع للإنسان تقصد تكرار الصلاة المفروضة. وانظر لمزيد الفائدة مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز - رحمه الله- (13/156) ، والله تعالى أعلم، - وصلى الله وسلم- على نبينا محمد.

الصائم يأكل أو يشرب ناسيا

الصائم يأكل أو يشرب ناسياً المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/9/1423هـ السؤال ما حكم من أكل أو شرب في نهار الصيام ناسيا؟ الجواب ليس عليه بأس وصومه صحيح لقول الله - سبحانه - آخر سورة البقرة "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" [البقرة: 286] . وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله - سبحانه - قال: "قد فعلت" ولما ثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" متفق على صحته. وهكذا لو جامع ناسياً فصومه صحيح في أصح قولي العلماء للآية الكريمة ولهذا الحديث الشريف، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: " من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة" خرجه الحاج وصححه. وهذا اللفظ يعم الجماع وغيره من المفطرات إذا فعلها الصائم ناسياً، وهذا من رحمة الله وفضله وإحسانه، فله الحمد والشكر على ذلك. [تحفة الأخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام لسماحة الشيخ ابن باز ص: 176] .

هل العزم على الفطر مفطر؟

هل العزم على الفطر مفطِّرٌ؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/09/1425هـ السؤال مرضت قبل يوم، وعند صلاة الفجر لم أستطع القيام في الركعة الأولى، وجلست وأحسست بدوخة ونويت الفطر وبعد الصلاة عزمت على الشرب، ولكن ولله الحمد عندما وصلت البيت نمت إلى الظهر، وأحسست بالتحسن وواصلت الصيام. والسؤال: هل علي إثم أو كفارة لعزمي على الفطر ولم أفطر؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فما دمت أنك قد نويت الفطر بعد طلوع الفجر فقد فسد صومك؛ لأن في ذلك قطع لنية الصوم. أما الإثم فلا؛ لأنك قد نويت الفطر وعزمت على الشرب لمرضك، لا لشهوة في نفسك. ويجب عليك أن تقضي ذلك اليوم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الجمع بين نية النذر وصوم رمضان

الجمع بين نية النذر وصوم رمضان المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/09/1425هـ السؤال هل يجزئ صيام النذر في رمضان بأن أنوي نيتين: نية صيام رمضان وقضاء النذر؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز لك أن تنوي مع صيام رمضان صيام النذر أو واجب آخر.

محرم المرأة في الحج

محرم المرأة في الحج المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 3/11/1423هـ السؤال هل يصح أن أعتمر مع عمتي وابنها وأخواته حيث أن ابنها عمره 21 سنة محرم لهم فقط وعمري أنا 20 سنة؟ أجيبوني مشكورين. الجواب لا يجوز لكِ أن تسافري بدون محرم حتى وإن كان السفر للحج أو العمرة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها" متفق عليه البخاري (1088) ، ومسلم (1339) ، ولما روى ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" فقال له رجل: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحج مع امرأتك" متفق عليه البخاري (1862) ، ومسلم (1341) .

هل من نوى الإفطار يفطر؟

هل من نوى الإفطار يفطر؟ المجيب عبد الرحمن السعدي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 6/9/1423هـ السؤال قولهم: ومن نوى الإفطار أفطر، هل هو وجيه؟ الجواب نعم هو وجيه، وذلك أن الصيام مركب من حقيقتين: النية وترك جميع المفطرات، فإذا نوى الإفطار، فقد اختلت الحقيقة الأولى وهي أعظم مقومات العبادة، فالأعمال كلها لا تقوم إلا بها. ومعنى قولهم: أفطر، معناه: أنه حكم له بعدم الصيام، لا بمنزلة الآكل والشارب، كما فسروا مرادهم. ولذلك لو نوى الإفطار وهو في نفل، ثم بعد ذلك أراد أن ينوي الصيام قبل أن يحدث شيئاً من المفطرات، جاز له ذلك، لكن أجره وصيامه المثاب عليه من وقت نيته فقط، وإن كان الذي نوى الإفطار في فرض، فإن ذلك اليوم لا يجزئه ولو أعاد النية قبل أن يفعل مفطراً، لأن الفرض شرطه أن النية تشمل جميعه من طلوع فجره إلى غروب شمسه، بخلاف النفل. وها هنا فائدة يحسن التنبيه عليها، وهي أن قطع نية العبادة نوعان: نوع لا يضره شيء: وذلك بعد كمال العبادة، فلو نوى قطع الصلاة بعد فراغها أو الصيام، أو الزكاة، أو الحج أو غيرها بعد الفراغ، لم يضر لأنها وقعت وحلت محلها، ومثلها لو نوى قطع نية طهارة الحدث الأكبر أو الأصغر بعد فراغه من طهارته، لم تنتقض طهارته. والنوع الثاني: قطع نية العبادة في حال تلبسه بها، كقطعه نية الصلاة وهو فيها، والصيام وهو فيه، أو الطهارة وهو فيها، فهذا لا تصح عبادته ومتى عرفت الفرق بين الأمرين، زال عنك الإشكال. [الفتاوى السعدية للشيخ عبد الرحمن السعدي (228 - 229) ] .

زكاة ناتج الأرض المستأجرة

زكاة ناتج الأرض المستأجرة المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/2/1424هـ السؤال أقوم باستئجار أراضٍ زراعية وزراعتها بالحبوب والبقوليات بعليا فهل يترتب على المحصول الناتج من الأراضي المستأجرة زكاة العشر؟ كما على المحصول الناتج من الأرض التي أملكها؟ الجواب نعم، يجب عليك زكاة عشر المحصول، ولو كانت الأرض مستأجرة، فإن العبرة بملك المحصول، سواء كان في ملكك أم مستأجراً في أرض غيرك.

إخراج زكاة الفطر لحما

إخراج زكاة الفطر لحما المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/9/1423هـ السؤال بعض أهل البوادي ليس عندهم طعام يخرجونه لزكاة الفطر فهل يجوز لهم الذبح من المواشي وتوزيعها على الفقراء؟ الجواب لا يصح ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرضها صاعاً من طعام واللحم يوزن ولا يكال، قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: "فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعاً من تمر وصاعاً من شعير". وقال أبو سعيد - رضي الله عنه -: "كنا نخرجها في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - صاعاً من طعام، كان طعامنا التمر والشعير والزبيب والأقط"، ولهذا كان القول الراجح من أقوال أهل العلم أن زكاة الفطر لا تجزئ في الدراهم ولا من الثياب ولا من الفرش. ولا عبرة بقول من قال من أهل العلم إن زكاة الفطر تجزئ من الدراهم لأنه ما دام بين أيدينا نص عن النبي - عليه الصلاة والسلام - فإنه لا قول لأحد بعده ولا استحسان للعقول في إبطال الشرع، والله - عز وجل - لا يسألنا عن قول فلان أو فلان يوم القيامة وإنما يسألنا عن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: "وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ" [القصص:65] . فتصور نفسك واقفاً بين يدي الله يوم القيامة وقد فرض عليك على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن تؤدي زكاة الفطر من الطعام فهل يمكنك إذا سئلت يوم القيامة: ماذا أجبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فرض هذه الصدقة؟ فهل يمكنك أن تدافع عن نفسك وتقول والله هذا مذهب فلان وهذا قول فلان؟ الجواب: لا ولو أنك قلت ذلك لم ينفعك. فالصواب بلا شك أن زكاة الفطر لا تجزئ إلا من الطعام وأن أي طعام يكون قوتاً للبلد فإنه مجزئ وإذا رأيت أقوال أهل العلم في هذه المسألة وجدت أنها طرفان ووسط: فطرف يقول: أخرجها من الطعام، وأخرجها من الدراهم، وطرف آخر يقول: لا تخرجها من الدراهم ولا تخرجها من الطعام إلا من خمسة أصناف فقط وهي البر والتمر والشعير والزبيب والأقط، وهذان القولان متقابلان. وأما القول الوسط فيقول: أخرجها من كل ما يطعمه الناس ولا تخرجها مما لا يطعمه الناس، فأخرجها من البر والتمر والأرز والدخن والذرة، إذا كنت في مكان يقتات الناس فيه الذرة وما أشبه ذلك، حتى لو فرض أننا في أرض يقتات أهلها اللحم فإننا نخرجها من اللحم. وبناءً على ذلك يتبين أن ما ذكره السائل من إخراج أهل البوادي للحم بدلاً عن زكاة الفطر لا يجزئ عن زكاة الفطر.

الانتظار وقوفا حتى تقام الصلاة

الانتظار وقوفاً حتى تقام الصلاة المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/1/1424هـ السؤال حكم الوقوف بعد أذان المغرب لانتظار الإقامة (الانتظار وقوفاً حتى تقام الصلاة) وهي كثير ما يعملها المصلين فما الحكم فيها؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: فليس قبل صلاة المغرب سنة راتبة، لكن من دخل المسجد بعد أذان المغرب وأمكنه أن يصلي قبل أن تقام الصلاة ركعتين فيستحب له ذلك، يخففهما وإن وقف وانتظر إقامة الصلاة فلا بأس إن شاء الله. أخرج البخاري في صحيحه 2/54 في كتاب التهجد باب الصلاة قبل المغرب (1183) "عن عبد الله المزني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: صلوا قبل صلاة المغرب قال في الثالثة لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة" وأخرج أيضاً في صحيحه 1/154 كتاب الأذان، باب كم بين الأذان والإقامة، ومن ينتظر إقامة الصلاة (625) عن أنس - رضي الله عنه -: قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء) وقال عثمان بن جبلة وأبو داود عن شعبة: لم يكن بينهما إلا قليل.

مضاعفة الصلوات في مساجد مكة

مضاعفة الصلوات في مساجد مكة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 8/11/1423هـ السؤال هل تعتبر مكة كلها حرماً وأن الصلاة مضاعفة في جميع المساجد بمكة؟ الجواب مكة منها ما يقع داخل حدود الحرم، ومنها ما هو خارج حدود الحرم، وهي الأجزاء الحديثة التي امتدت إليها المدينة بسبب التوسع العمراني، وحدود الحرم معروفة وهي أمور مقررة ثابتة دلت عليها الشريعة. ومكة الواقعة داخل حدود الحرم يصدق عليها أنها المسجد الحرام كما ورد في كتاب الله الكريم في قصة الإسراء بالنبي -عليه السلام-:"سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى…" [الإسراء:1] ، ومن المعلوم أن الإسراء به -عليه السلام- لم يكن من المسجد وإنما كان من بعض بيوت مكة، وبناء على هذا فما ثبت من مضاعفة أجر الصلاة للمسجد فإنه يثبت لبقية أجزاء مكة الداخلة في حدود الحرم، وبالله التوفيق.

من يساعدها في تغسيل زوجها؟

من يساعدها في تغسيل زوجها؟ المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/3/1425هـ السؤال إذا رغبت المرأة في تغسيل زوجها فمَن يمكن أن يساعدها في ذلك؟ هل ينبغي أن يكون المساعدون من الرجال المحارم مثل الأبناء، أم من محارمه من النساء؛ كبناته؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إذا غسلت المرأة زوجها فأولى الناس بمساعدتها أبو الميت ثم ابنه، ولو ساعدها غيرهما فلا بأس، أما النساء فلا يجوز أن يشاركن في غسله ولو كن من المحارم، إذ لا يجوز أن يغسل الرجل من النساء إلا زوجته فقط، فالأصل أن الرجل لا يغسله إلا الرجال، والمرأة لا يغسلها إلا النساء، يستثنى من ذلك فقط تغسيل الرجل لزوجته، والزوجة لزوجها. هذا حكم الرجل، أما الطفل الذي له سبع سنين فأقل فيجوز أن يغسله الرجال أو النساء، وكذلك الطفلة التي لها سبع سنين فأقل يجوز أن يغسلها الرجال والنساء. والله تعالى أعلم.

وضع الحواجز بين الرجال والنساء في الصلاة

وضع الحواجز بين الرجال والنساء في الصلاة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 30/1/1424هـ السؤال السلام عليكم. نحن نعيش في بلاد غربية، قدم علينا في المركز الإسلامي دكتور في الشريعة في زيارة، ووجدنا نضع حواجز بين صفوف النساء والرجال في الصلاة، فعاب علينا ذلك وقال لم يكن ذلك موجوداً في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- بل الواجب ألا نضع حواجز ثم نعود أبناءنا على غض البصر والجلوس باحترام أمام الجنس الآخر، خاصة أنهم يختلطون بهم في كل مكان خارج المسجد، ثم فوجئنا في بداية رمضان برفع تلك الحواجز رغم عمل غرفة في الطابق السفلي مخصصة للنساء مع بداية رمضان للنساء اللاتي ليس معهن أطفال، وأخرى للآتي معهن أطفالهن، ومع ذلك أصرت النساء على الصلاة في الطابق العلوي وراء الرجال بدون حواجز، ورأينا أن الرأي قد استقر من الطرفين على الرضا بهذا القرار، فما رأي فضيلتكم في ذلك الفعل، هل نسكت عليه أم لا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب ما ذكره الدكتور الذي زاركم من أنه لم يكن في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- حواجز تصلي خلفها النساء في المساجد صحيح، لكن المساجد تغيرت عما كان عليه الحال في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- من حيث وجود الإضاءة الكثيرة الكاشفة، ومن حيث كثرة خروج النساء في هذا الزمن، ومن حيث قلة التزام كثير من الناس بأحكام الإسلام، فوضع الحواجز للأمن من انكشاف النساء للرجال، واختلاطهن بهم أمر لا يخالف الشرع، بل هو مما يحقق المصلحة الشرعية في درء المفاسد، وسد ذرائع الشيطان، وقد كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- إذا جاء إليها طلاب العلم ليسمعوا منها أمرت بالحجاب -الستر- فضرب بينهم وبينها، وحدثتهم من وراء الحجاب، وهي أم لكل مؤمن، على أنه لا مانع من صلاة النساء بدون حاجز يفصل بينهن وبين الرجال، إذا كان المسجد واسعاً والمسافة الفاصلة بين الرجال والنساء تكفي لعدم ظهور النساء بوضوح أمام الرجال مع إخفات الأضواء، أما إذا كانت المسافة قصيرة بينهم فلا بد من وجود حاجز يسترهن، ولتتأمل قول الله عز وجل:"يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" [الأحزاب: 59] . ومعنى ذلك أدنى ألا يعرفن فلا يؤذين على تقدير حذف (لا) النافية أو أن يكون المعنى: ذلك أدنى أن يعرفن بالستر والاحتشام فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى.

متى يكون السواك عند الوضوء

متى يكون السواك عند الوضوء المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/2/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. سمعت اليوم أحد الدعاة -جزاه الله خيراً- يتحدث عن فضل السواك، ومن ضمن ما حدثنا قال: إن معنى حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-:" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء"، وقال إن السواك يكون بعد المضمضة، أو بعد غسل الفم، وليس بعد الانتهاء من الوضوء، هل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد اختلف أهل العلم في محل التسوك عند الوضوء، هل يكون قبل الوضوء (قبيل التسمية) أو يكون عند المضمضة؟ على قولين، وممن ذهب إلى القول الثاني أكثر الحنفية، ومنهم ابن عابدين في حاشيته (رد المحتار 1/233) ، وبعض الشافعية ومنهم ابن الصلاح، كما حكاه عنه الخطيب الشربيني في (مغني المحتاج 1/55) ، وبعض الحنابلة ومنهم البهوتي في (الروض المربع مع الحاشية 1/167) ، وبه أجاب سماحة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في مجموع الفتاوى له (11/115) ، ولم أر قولاً لأهل العلم -حسب اطلاعي- يرى بأنه يكون بعد الانتهاء من الوضوء، والله تعالى أعلم.

بيع المسجد للمصلحة

بيع المسجد للمصلحة المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/11/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن القائمين على مركز إسلامي في ولاية (ماساشوشس الأمريكية) نتقدم إلى فضيلتكم بسؤال حول مسجد في مبنى صغير نؤدي فيه الصلوات والجمع منذ عشرين سنة ولم يعد هذا المبنى يسع حاجتنا وقد خططنا لبناء مسجد جديد في مكان آخر قريب من المسجد الأول سيكلفنا بناؤه ما نسدده في سنوات وذلك لارتفاع قيمة الأراضي والتصميم والبناء وسنعجز عن الإنفاق على المبنيين في نفس الوقت لأن المبنى الأول لا يمكن تركه بلا رعاية وهي مكلفة طبعا في هذا البلد، وأيضا فهناك أمر آخر وهو أنه في حال فتح المبنيين القريبين كمسجد أو كمصلى نخشى أن تحدث تفرقة وتشق الوحدة بأن تصير الجمعة جمعتين حيث هناك بوادر تنبئ بذلك وهذا أمر تعلمون خطره سيما في بلد غربة للإسلام، ونحن نعلم طبعا القول الرائج في الفقه الإسلامي بعدم جواز بيع المسجد وسؤالنا كالتالي: أولاً: هل هناك استثناء عن القاعدة المتقررة -لدى أهل العلم-التي تقول بحرمة بيع مبنى المسجد؟ ثانيا: هل يفرق بين بلاد الإسلام وبين بلاد الكفر بهذا الخصوص؟ ثالثا: وإذا كان لا يجوز بحال من الأحوال بيع هذا المكان ونحن نعجز عن الإنفاق على صيانته ورعايته حسبما تتطلب قوانين البلدية فما هو واجبنا تجاهه؟ رابعا: وكيف نتفادى تحول المسجدين إلى جماعتين وهو احتمال قائم ولا شك؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير. الجواب أشكركم على حرصكم على تعرف الحكم الشرعي، وعلى جمع كلمة المسلمين والبعد عما يسبب الفرقة، وبالنسبة لما ذكرتم فإن المصلحة الشرعية تتحقق بإذن الله بشكل أكبر في المسجد الجديد الذي تزمعون إنشاءه لأنه أكبر، ويجمع المسلمين في مدينتكم. ولا حرج عليكم إن شاء الله في بيع المبنى القديم الذي خصصتموه للصلاة فيه سابقاً، وعليكم إنفاق ثمنه في تشييد المبنى الجديد للمسجد لا سيما وأن هذا -كما ذكرتم- سيمنع تفرق كلمة المسلمين، وبالله التوفيق.

صوم المعتوه وفاقد الذاكرة ...

صوم المعتوه وفاقد الذاكرة ... المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/09/1425هـ السؤال هل يجب الصيام على فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون؟ الجواب إن الله -سبحانه وتعالى- أوجب على المرء العبادات إذا كان أهلاً للوجوب بأن يكون ذا عقل يدرك به الأشياء، وأما من لا عقل له، فإنه لا تلزمه العبادات، وبهذا لا تلزم المجنون، ولا تلزم الصغير الذي لا يميز، وهذا من رحمة الله -سبحانه وتعالى-، ومثله المعتوه الذي أُصيب بعقله على وجه لم يبلغ حد الجنون. ومثله أيضاً: الكبير الذي بلغ فقدان الذاكرة كما قال هذا السائل، فإنه لا يجب عليه صوم ولا صلاة ولا طهارة؛ لأن فاقد الذاكرة هو بمنزلة الصبي الذي لم يميز، فتسقط عنه التكاليف فلا يلزم بطهارة، ولا يلزم بصلاة، ولا يلزم أيضاً بصيام. وأما الواجبات المالية، فإنها تجب في ماله وإن كان في هذه الحال، فالزكاة مثلاً يجب على من يتولى أمره أن يخرجها من مال هذا الرجل الذي بلغ هذا الحد؛ لأن وجوب الزكاة يتعلق بالمال كما قال الله -تعالى-:"خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" [التوبة:103] ، قال:"خذ من أموالهم" ولم يقل خذ منهم. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ حينما بعثه إلى اليمن:"أعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم". فقال:"صدقة في أموالهم" فبين أنها في المال وإن كانت تؤخذ من صاحب المال. وعلى كل حال: الواجبات المالية لا تسقط عن شخص هذه حاله. أما العبادات البدنية كالصلاة والطهارة والصوم؛ فإنها تسقط عن مثل هذا الرجل لأنه لا يعقل. وأما من زال عقله بإغماء من مرض فإنه لا تجب عليه الصلاة على قول أكثر أهل العلم، فإذا أُغمي على المريض لمدة يوم أو يومين فلا قضاء عليه؛ لأنه ليس له عقل وليس كالنائم الذي قال فيه الرسول -عليه الصلاة والسلام-:"من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها"؛ لأن النائم معه إدراك بمعنى أنه يستطيع أن يستيقظ إذا أوقظ وأما هذا المغمى عليه فإنه لا يستطيع أن يفيق إذا أوقظ هذا إذا كان الإغماء ليس بسبب منه. أما إذا كان الإغماء بسبب منه كالذي أغمي عليه من البنج فإنه يقضي الصلاة التي مضت عليه وهو في حالة الغيبوبة. [فتاوى الشيخ: محمد بن عثيمين -رحمه الله- (1/490-491) ] .

إذا أكل الصائم ناسيا فهل ينبه؟

إذا أكل الصائم ناسيا فهل ينبه؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/9/1423هـ السؤال إذا رؤي صائم يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً فهل يذكر أم لا؟ الجواب من رأى صائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان فإنه يجب عليه أن يذكره لقوله - صلى الله عليه وسلم - حين سها في صلاته: "فإذا نسيت فذكروني"، والإنسان الناسي معذور لنسيانه، لأن الإنسان الذاكر الذي يعلم أن هذا الفعل مبطل لصومه ولم يدله عليه يكون مقصراً لأن هذا أخوه فيجب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه. والحاصل: أن من رأى صائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً فإنه يذكره، وعلى الصائم أن يمتنع من الأكل فوراً. ولا يجوز له أن يتمادى في أكله أو شربه، بل لو كان في فمه ماء أو شيء من طعام فإنه يجب عليه أن يلفظه، ولا يجوز له ابتلاعه بعد أن ذكر أو ذُكِّر أنه صائم. وإنني بهذه المناسبة أود أن أبين أن المفطرات التي تفطر الصائم، لا تفطره في ثلاث حالات: (1) إذا كان ناسياً (2) إذا كان جاهلاً. (3) وإذا كان غير قاصد. فإذا نسي فأكل أو شرب فصومه تام لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه". وإذا أكل أو شرب يظن أن الفجر لم يطلع أو يظن أن الشمس قد غربت ثم تبين أن الأمر خلاف ظنه فإن صومه صحيح لحديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: "أفطرنا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم ثم طلعت الشمس، ولم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقضاء". ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به ولو أمرهم به، لنقل إلينا لأنه إذا أمرهم به صار من شريعة الله، وشريعة الله لابد أن تكون محفوظة بالغة إلى يوم القيامة. وكذلك إذا لم يقصد فعل ما يفطر فإنه لا يفطر، كما لو تمضمض فنزل الماء إلى جوفه فإنه لا يفطر بذلك لأنه غير قاصد. وكما لو احتلم وهو صائم فأنزل فإنه لا يفسد صومه لأنه نائم غير قاصد وقد قال الله - عز وجل -: "وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ" [الأحزاب: 5] . [الفتاوى لابن عثيمين كتاب الدعوة (1/164-166) ] .

زكاة السيارة

زكاة السيارة المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/2/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم الزكاة في سيارة ملكي قمت بتخزينها لمدة سنة بدون استعمال؟ وإذا كانت فيها الزكاة فهل يكون تقدير مبلغ الزكاة بالثمن المشترى به، أو بثمنها الحالي في السوق؟ الجواب السيارة التي قمت بتخزينها إن كان شراؤها للاستعمال فلا زكاة عليها حتى ولو لم تستعمل، وإن كان شراؤها للتجارة ومعدة للبيع فالزكاة على قيمتها وقت وجوب الزكاة، لا على ثمنها وقت شرائها، والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه؟

هل رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. أرجو منكم توضيح مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في الإسراء والمعراج، والخلاف بين قول ابن عباس وعائشة، رضي الله عنهم، وهل رآه كفاحًا رأي العين؟ وما صحة حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم، تأخر عن الصحابة، رضي الله عنهم، في صلاة الفجر، فقال: "لقد رأيت ربي البارحة"؟ وما معنى: (ثم دنى فتدلى) ؟ أرجو إفادتي لأني في حيرة من هذا الأمر. وجزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. القول الصحيح في المسألة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه تعالى ببصره في ليلة المعراج، وإنما رآه بفؤاده، وأنه لم يثبت عن واحد من الصحابة، رضي الله عنهم، القول بالرؤية البصرية، وأما الذين قالوا إنه رآه ببصره من أهل العلم فليس لهم مستند على ذلك إلا ما فهموه من الروايات المطلقة عن بعض الصحابة كابن عباس، رضي الله عنهما، وغيره. أخرج البخاري (4855) ، ومسلم (177) واللفظ له، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ، ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قَالَ: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْظِرِينِي وَلَا تَعْجَلِينِي، أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) . و: (لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) . فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ". فَقَالَتْ: أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) ؟ أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ... ) الحديث. وفي رواية عند مسلم عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: فَأَيْنَ قَوْله: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) . قَالَتْ: إِنَّمَا ذَاكَ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرِّجَالِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فَسَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ.

وأخرج مسلم (178) من حديث أَبِي ذَرٍّ، رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ؟ ". وهذا حديث صريح في نفي الرؤية، بل هو أبلغ من النفي الصريح لمجيئه على صورة الاستفهام الإنكاري، لأن معناه: كيف أراه؟ وقد منعني من رؤيته النور؟ وهذا النور هو الحجاب الوارد في حديث أبي موسى، رضي الله عنه: "حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ". أخرجه مسلم (179) . وقد جاء عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وروايات مطلقة بإثبات الرؤية، وروايات مقيدة بأنه رآه بفؤاده. فتحمل الروايات المطلقة على الروايات المقيدة. ففي صحيح مسلم (176) أنه قال في قوله تعالى: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) . قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِهِ. وأخرج ابن أبي عاصم في السنة (192) ، والحاكم في المستدرك (2/509) ، وابن منده في الإيمان (2/761) عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم عليه السلام، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والألفاظ الثابتة عن ابن عباس، رضي الله عنهما، هي مطلقة أو مقيدة بالفؤاد.... ولم يثبت عن ابن عباس، رضي الله عنهما، لفظ صريح بأنه رآه بعينه) [ينظر: مجموع الفتاوى (6/509) ] . وقال الحافظ ابن حجر: (الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة، رضي الله عنهم، بأن يحمل نفيها على رؤية البصر، وإثباته على رؤية القلب) [ينظر: فتح الباري (8/608) ] . وأما قوله تعالى في سورة النجم: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) . فالمقصود هو دنو جبريل وتدليه، كما قالت عائشة وابن مسعود- رضي الله عنهما. انظر صحيح البخاري (4856،4855) ، صحيح مسلم (177،174) . وهذا الذي يدل عليه سياق الآيات، قال تعالى: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) . فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القوى، وهو جبريل عليه السلام. [ينظر: شرح العقيدة الطحاوية (1/276) ] .

أما حديث: "رَأَيْتُ رَبِّيَ البَارِحَةَ". فأخرجه الإمام أحمد في المسند (22109) قال: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ: حَدَّثَنَا جَهْضَمٌ، يَعْنِي الْيَمَامِيَّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا زَيْدٌ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، وَهُوَ زَيْدُ بْنُ سَلَّامِ بْنِ أَبِي سَلَّامٍ نَسَبُهُ إِلَى جَدِّهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِشٍ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، رضي الله عنه، قَالَ: احْتَبَسَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى كِدْنَا نَتَرَاءَى قَرْنَ الشَّمْسِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيعًا فَثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ وَصَلَّى وَتَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: "كَمَا أَنْتُمْ عَلَى مَصَافِّكُمْ". ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ: "إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ مَا حَبَسَنِي عَنْكُمْ الْغَدَاةَ، إِنِّي قُمْتُ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّيْتُ مَا قُدِّرَ لِي، فَنَعَسْتُ فِي صَلَاتِي حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي يَا رَبِّ. قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي رَبِّ. فَرَأَيْتُهُ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ بَيْنَ صَدْرِي، فَتَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ، وَعَرَفْتُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الْكَفَّارَاتِ قَالَ: وَمَا الْكَفَّارَاتُ؟ قُلْتُ: نَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ، وَجُلُوسٌ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْكَرِيهَاتِ. قَالَ: وَمَا الدَّرَجَاتُ؟ قُلْتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الْكَلَامِ، وَالصَّلَاةُ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. قَالَ: سَلْ. قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ، فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ". وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا وَتَعَلَّمُوهَا". وأخرجه الترمذي (3235) . وقال: "حديث حسن صحيح، وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث حسن صحيح". وصححه الإمام أحمد كما في التهذيب (6 / 205) . والرؤية المذكورة في الحديث رؤيا منام لا يقظة، وهذا ظاهر من قوله في الحديث: " فنعست في صلاتي حتى استثقلت.... ". وفي المسند: "حتى استيقظت".

قال الحافظ ابن كثير- بعد أن أورد الحديث: (فهذا حديث المنام المشهور، ومن جعله يقظة فقد غلط) . وقد نقل القاضي عياض اتفاق العلماء على جواز رؤية الله في المنام وصحتها [ينظر: إكمال المعلم (7/220) ] . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد يرى المؤمن ربه في المنام في صور متنوعة على قدر إيمانه ويقينه، فإذا كان إيمانه صحيحًا لم يره إلا في صورة حسنة، وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يشبه إيمانه ... ) [مجموع الفتاوى (3/390) ] . وأما ما جاء في هذا الحديث من وصف النبي صلى الله عليه وسلم لربه، فهو حق يجب الإيمان به من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه، كما قال عز وجل عن نفسه: (لَيس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: من الآية11] . قال الحافظ ابن رجب: (وأما وصف النبي صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل، بما وصفه به، فكل ما وصف النبي صلى الله عليه وسلم به ربه عز وجل فهو حقٌّ وصدقٌ يجب الإيمان والتصديق به، كأنما وصف الله عز وجل، به نفسه مع نفي التمثيل عنه، ومن أشكل عليه فهم شيء من ذلك واشتبه عليه فليقل كما مدح الله تعالى به الراسخين في العلم وأخبر عنهم أنهم يقولون عند المتشابه: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) . وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن: "ومَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ فَكِلُوهُ إِلَى عَالِمِهِ". أخرجه الإمام أحمد والنسائي وغيرهما. ولا يتكلف ما لا علم له به فإنه يخشى عليه من ذلك الهلكة) . وقد أفرد الحافظ ابن رجب، رحمه الله، شرح الحديث في كتاب مستقل، وهو: (اختيار الأوْلَى في شرح حديث الملأ الأعلى) . وهو كتاب نفيس توسع فيه ابن رجب في شرح الحديث، فيحسن الرجوع إليه. هذا، والله أعلم.

الدليل على قيام المرأة وسط النساء إذا أمتهن

الدليل على قيام المرأة وسط النساء إذا أمّتهن المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/06/1426هـ السؤال هل ثبت في دليل صحيح أن المرأة إذا أمّت النساء فإنها تقف وسطهن، ذكر البعض بأن ذلك من كلام الفقهاء بلا دليل. وهل ما فعلته عائشة -رضي الله عنها- من صلاتها في وسط الصف يعتبر دليلاً، أرجو منكم -حفظكم الله- الإجابة الشافية بالدليل. بارك الله في جهودكم وجزاكم خير الجزاء. الجواب الذي صح من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها أمَّت النساء، فقامت وسطهن. رواه الشافعي في مسنده، والدارقطني والبيهقي، ومثله روي عن أم سلمة -رضي الله عنها- بإسناد صحيح، وإذا صح هذا عن عائشة -رضي الله عنها- كان حجة ودليلاً على أن إمامة النساء تقوم وسطهن؛ لأن عائشة لا تفعل ذلك إلا بدليل، وقول الصحابي أو فعله إذا انتشر ولم يعرف له مخالف حجة على قول جمهور الأصوليين.

بيع الوكيل وشراؤه لنفسه!

بيع الوكيل وشراؤه لنفسه! المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/05/1427هـ السؤال أعمل في جهة حكومة في قسم المشتريات، ولدي محل لبيع قطع غيار السيارات، فهل يحق لي أن أشتري طلباتهم من محلي؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن السائل الذي يعمل في قسم المشتريات يعتبر وكيلاً للجهة الحكومية في الشراء، وقد اختلف العلماء في حكم بيع وشراء الوكيل من نفسه، فذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى عدم جوازه لأنه تلحقه تهمة، وذهب المالكية إلى جوازه بشرط عدم المحاباة وهذا هو الأقرب للصواب، لأن المنع إنما شرع دفعاً للتهمة، وهذا منتف بعدم المحاباة، لا سيما وأن الجهة التي يعمل فيها السائل قد أذنت له بالشراء من متجره، لكن على السائل أن يبيع بسعر السوق، وأن يكون محل أمانة لما أؤتمن عليه. والله أعلم.

صلاة المأمومين أمام الإمام في المسجد الحرام

صلاة المأمومين أمام الإمام في المسجد الحرام المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/10/1424هـ السؤال السلام عليكم. أثناء فترة الحج لاحظت أن إمام المسجد الحرام يصلي في الشرفة ولا يقترب من الكعبة، وفي الأوقات الأخرى إذا لم يتقدم الإمام نحو الكعبة يتم عمل مساحة مثلثة بحيث لا يستطيع الناس الصلاة فيها، فلا يصلي أحد أمام الإمام، لكن أثناء موسم الحج فلو كان الحرم مزدحماً يصلي الناس بسهولة أمام الإمام. وفي موسم الحج الماضي صليت صلاة العشاء في الصف العاشر، وكان الإمام خلفي تماماً وكنت أصلي أمامه بخط مستقيم تقريباً، والغريب أنه لم يكن هناك ازدحام، وقد تمكنت من تغيير وضعي بحيث لا أكون أمام الإمام مباشرة، لكن بالطبع صلى كثير من الناس أمام الإمام، لا أدري إذا كان هناك فتوى جديدة تسمح بهذه البدعة، والذي يظهر أنه تم اتخاذ الفعل المطلوب ثم صدرت الفتوى بتبريره، أرجو التوضيح. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن مسألة صلاة المأموم أمام الإمام من المسائل الخلافية أو الاجتهادية التي لا يعد المخالف فيها مبتدعاً، أو واقعاً في بدعة، خلافاً لما توهمه السائل، وبيان ذلك أن للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال: الأول: أن الصلاة لا تصح أمام الإمام مطلقاً، سواء كان لعذر أو لغير عذر، وهذا هو مذهب الحنفية، والشافعية -في الجديد- والحنابلة، كما في البحر الرائق (1/374) ، ومغني المحتاج (1/245) والإنصاف مع الشرح الكبير (4/418) . الثاني: أن الصلاة تصح أمام الإمام -ولو لغير عذر- مع الكراهة وهذا هو المشهور في مذهب مالك، كما في الكافي لابن عبد البر (1/211-212) وهو القول القديم للشافعي، كما في مغني المحتاج (1/245) . الثالث: أن الصلاة لا تصح أمام الإمام إلا لضرورة، إما لضيق المكان، أو لزحام ... ، فتصح الصلاة للعذر، والواجب يسقط بالعذر، ولهذا يسقط عن المصلي ما يعجز عنه من القيام والقراءة واللباس الساتر للعورة، والطهارة ونحو ذلك، ودليل ذلك الآيات والأحاديث الدالة على رفع الحرج، وعلى التكليف بقدر الاستطاعة، كما في قوله تعالى:"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ... " [البقرة:286] وقوله:"فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16] ، وحديث عمران بن حصين - رضي الله عنه-:"صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً ... " الحديث رقم (1117) في صحيح البخاري. وهذا القول هو رواية عن مالك -رحمه الله- كما في الكافي لابن عبد البر (1/211-212) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (23/404-405) ، وما يقع في الحرم المكي في موسم الحج منزل على هذا القول؛ لأنه مظنة الزحام، والله تعالى أعلم.

وصف النبي -صلى الله عليه وسلم-

وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه المناسبات/ربيع الأول التاريخ 15/3/1425هـ السؤال ما هو وصف النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ وكيف كان يبدو حسب الأحاديث الصحيحة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ورد في صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة حيث كان الصحابة -رضي الله عنهم- يصفون النبي -صلى الله عليه وسلم- فيذكر كل منهم ما استحضره من صفاته -صلى الله عليه وسلم-، ومن الأحاديث الجامعة في هذا ما يأتي: 1- ما أخرجه البخاري ح (3547) من طريق رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- يَصِفُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلَا سَبْطٍ رَجِل، وقَوْله: "كَانَ رَبْعَة"أَيْ مَرْبُوعًا, وَالتَّأْنِيث بِاعْتِبَارِ النَّفْس, يُقَال رَجُل رَبْعَة وَامْرَأَة رَبْعَة, وَقَدْ فَسَّرَهُ، بِقَوْلِهِ: " لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِن وَلَا بِالْقَصِيرِ"، وِالطَّوِيلِ الْبَائِن: الْمُفْرِط فِي الطُّول مَعَ اِضْطِرَاب الْقَامَة، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث الْبَرَاء -رضي الله عنه- بَعْد قَلِيل أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-مَرْبُوعًا " وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة-رضي الله عنه-: " كَانَ رَبْعَة وَهُوَ إِلَى الطُّول أَقْرَب"، قَوْله: (أَزْهَر اللَّوْن) أَيْ أَبْيَض مُشَرَّب بِحُمْرَةِ, وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي حَدِيث أَنَس -رضي الله عنه- عِنْد مُسْلِم , وَعِنْد التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث عَلِيّ قَالَ: " كَانَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أَبْيَض مُشَرَّبًا بَيَاضه بِحُمْرَةٍ"، قَوْله: (لَيْسَ بِأَبْيَض أَمْهَق) : الْمُرَاد أَنَّهُ لَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الشَّدِيد الْبَيَاض وَلَا بِالْآدَمِ الشَّدِيد الْأُدْمَة, وَإِنَّمَا يُخَالِط بَيَاضه الْحُمْرَة. قَوْله: " لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَط وَلَا سَبِط) , وَالْجُعُودَة فِي الشَّعْر: أَنْ لَا يَتَكَسَّر وَلا يَسْتَرْسِل، وَالسُّبُوطَة ضِدّه , فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ وَسَط بَيْنهمَا. وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَلِيّ عِنْد التِّرْمِذِيّ: "وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَط, وَلَا بِالسَّبِطِ, كَانَ جَعْدًا رَجِلًا " وَقَوْله: رَجِل أَيْ مُتَسَرِّح , وَهُوَ مَرْفُوع عَلَى الِاسْتِئْنَاف, أَيْ هُوَ رَجِل.

2- وفي الصحيحين [البخاري ح (3551) ، ومسلم ح (2337) ] من حديث الْبَرَاءَ، قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-رَجُلًا مَرْبُوعًا بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ عَظِيمَ الْجُمَّةِ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَوْله: (بَعِيد مَا بَيْن الْمَنْكِبَيْنِ) أَيْ عَرِيض أَعْلَى الظَّهْر, وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة -رضي الله عنه- عِنْد اِبْن سَعْد " رَحْب الصَّدْر"، قَوْله: (لَهُ شَعْر يَبْلُغ شَحْمَة أُذُنه) وفِي رِوَايَة " أُذُنَيْهِ"، بِالتَّثْنِيَةِ. وَفِي رِوَايَة أخرى: " تَكَاد جُمَّته تُصِيب شَحْمَة أُذُنَيْهِ". والْمُرَاد أَنَّ مُعْظَم شَعْره كَانَ عِنْد شَحْمَة أُذُنه، وَمَا اِسْتَرْسَلَ مِنْهُ مُتَّصِل إِلَى الْمَنْكِب. وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث أَنَس -رضي الله عنه- عِنْد مُسْلِم أَنَّ شَعْره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" كَانَ بَيْن أُذُنَيْهِ وَعَاتِقه " وَفِي حَدِيث حُمَيْدٍ عَنْه " إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ"، وفي سنن أبي دَاوُدَ (3655) مِنْ حديث عَائِشَة -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ شَعْر رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوْق الْوَفْرَة وَدُون الْجُمَّة"، قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْجُمَّة أَكْثَر مِنْ الْوَفْرَة , فَالْجُمَّة الشَّعْر الَّذِي نَزَلَ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ , وَالْوَفْرَة مَا نَزَلَ إِلَى شَحْمَة الْأُذُنَيْنِ، وقيل إن اختلاف صفة الشعر لِاخْتِلَافِ الْأَوْقَات, فَإِذَا غَفَلَ عَنْ تَقْصِيرهَ بَلَغَ الْمَنْكِب, وَإِذَا قَصَّرَهَ كَانَ إِلَى أَنْصَاف الْأُذُنَيْنِ , فَكَانَ يَقَصرُ وَيَطَولُ بِحَسَبِ ذَلِكَ. 3- وفي الصحيحين البخاري (3549) ، ومسلم (2337) من حديث الْبَرَاءَ قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ"

4- وفي الصحيحين البخاري (3561) ، ومسلم (2330) من حديث أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَلَا شَمِمْتُ رِيحًا قَطُّ أَوْ عَرْفًا قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ أَوْ عَرْفِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم: " قَالَ أَنَسٌ-رضي الله عنه-: مَا شَمَمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ وَلَا مِسْكًا وَلَا شَيْئًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَا مَسِسْتُ شَيْئًا قَطُّ دِيبَاجًا وَلَا حَرِيرًا أَلْيَنَ مَسًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"قَوْله: (وَلَا دِيبَاجًا) هُوَ مِنْ عَطْف الْخَاصّ عَلَى الْعَامّ, ِأَنَّ الدِّيبَاج نَوْع مِنْ الْحَرِير قَوْله: (أَلْيَن مِنْ كَفّ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِيلَ هَذَا يُخَالِف مَا وَقَعَ فِي حَدِيث أَنَس " أَنَّهُ كَانَ ضَخْم الْيَدَيْنِ " وَالْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّ الْمُرَاد اللِّين فِي الْجِلْد وَالْغِلَظ فِي الْعِظَام فَيَجْتَمِع لَهُ نُعُومَة الْبَدَن وَقُوَّته. 5- وفي الصحيحين البخاري ح (3556) ، ومسلم ح (2769) من حديث كَعْب بْن مَالِكٍ -رضي الله عنه- يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ قَالَ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السُّرُورِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ، قَوْله: (اِسْتَنَارَ وَجْهه كَأَنَّهُ قِطْعَة قَمَر) أَيْ الْمَوْضِع الَّذِي يَبِين فِيهِ السُّرُور, وَهُوَ جَبِينه, فَلِذَلِكَ قَالَ: "قِطْعَة قَمَر".

6- وفي مسند الإمام أحمد ح (646) بإسناد حسن من حديث عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-ضَخْمَ الرَّأْسِ عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ هَدِبَ الْأَشْفَارِ مُشْرَبَ الْعَيْنِ بِحُمْرَةٍ كَثَّ اللِّحْيَةِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، وقوله: هَدِبَ الْأَشْفَارِ: أي طويل شعر الأجفان، وقوله: " إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ " أي إذا مشى تمايل إلى قُدَّام، وقوله: " شَثْنَ " أي غليظ الكفين، هذه بعض أوصافه الخَلقية الكريمة عليه الصلاة والسلام، وقد لخص القاضي عياض -رحمه الله - ما جاء من صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحاديث فقال: " كان أزهر اللون، أدعج، أنجل، أشكل، أهدب الأشفار، أبلج، أقنى، أفلج، مدور الوجه، واسع الجبين، كث اللحية تملأ صدره، سَوَاءَ البطن والصدر، واسع الصدر، عظيم المنكبين، ضخم العظام، عَبْل العضدين والذراعين والأسافل، رَحب الكفين والقدمين، ... دقيق المسربة ربعة القد، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، ومع ذلك فلم يكن يماشيه أحد ينسب إلى الطول إلا طاله صلى الله عليه وسلم، رجل الشعر، إذا افْتَرَّ ضاحكاً افتر عن مثل سنا البرق، وعن مثل حب الغمام، إذا تكلم رُئي كالنور يخرج من ثناياه ... "الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/82-83) ، قوله: أَدْعَج، الدعج: شدة سواد العين مع سعتها، أَنْجَل: النجلة: سعة شق العين مع حسنها، أَشْكَل: الشكلة: حمرة يسيرة في بياض العين. أبلج: البلج: نقاء ما بين الحاجبين من الشعر، أزج: مقوس الحاجب مع طول امتداد، والأقنى: طول أنفه ودقة أرنبته مع حدب في وسطه، أفلج: الفلج: تباعد ما بين الثنايا، أو ما بين الأسنان، عبل: ضخم قوي، الأسافل: جمع أسفل، يريد رجليه، رحب: واسع، دقيق المسربة: المراد ليس بعريض ولا متكاثف الشعر، والمسربة: شعر مستطيل من الصدر للسرة، ربعة القد: القد بمعنى القامة، وربعة: معتدل أي مربوع القامة، عن مثل حب الغمام: هو البرد، أي مثله في بياضه ونقائه وصفائه. هذا ومن أحب التوسع فليرجع إلى كتاب الشمائل للترمذي وشروحه، والبداية والنهاية لابن كثير، باب جامع لأحاديث متفرقة في صفة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وصحيح البخاري مع الفتح (6/563- 579) . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

تحويل المسجد إلى منزل

تحويل المسجد إلى منزل المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/2/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: -وفقه الله-آمين. عندنا سؤال وهو: أنه بني عندنا مسجد في منطقة بحرية، يسكنها مجموعة من الصيادين، حوالي سبعين صيادًا في فترة ثلاثة أشهر، فترة وجود الصيد؛ ولكن لأن المسجد بني في مكان مرتفع لذا لم يُصَلَّ فيه إلا فرضان فقط، وعمل الصيادون على إنشاء مصلى قريب من المسجد، وفي مكان منخفض يصلي فيه الصيادون الصلوات, وعليه فقد اقترح علينا شخص أن يبني المصلى الذي في المكان المنخفض ويجعله مسجداً على أن يأخذ المسجد الأول الذي بني في المكان المرتفع له يستخدمه كمنزل، ونحن إذ نتقدم إليكم بهذا السؤال نريد أن نعرف حكم الشرع في هذا العمل؟ وهل نقدم عليه؟ أرجو أن تقرن الفتوى مع دليل أو تعليل. وجزاكم الله خيراً. الجواب إذا تعطلت منافع الموقف كالمسجد جاز نقله أو بيعه واستبداله بموضع آخر، كما ذكر في السؤال أن مسجد الصيادين الموجود في المرتفع لا يصلى فيه تسعة أشهر من السنة لغياب الصيادين نظراً لتعذر الصيد هذه المدة؛ فهو مهجور لا يصلى فيه من الصلوات الخمس غير وقتين فقط، مما اضطر هؤلاء الصيادين أن يحددوا لهم مصلى في مكان منخفض، وعرض عليهم شخص أن يبني مصلاهم مسجداً مقابل أن يعطوه المسجد المهجور الذي في المرتفع. ومما يظهر من السؤال أن هذا المسجد الذي في المرتفع قد تعطلت منافعه، والوقف إذا تعطلت منافعه جاز نقله إلى موقع آخر إن أمكن، وإلا جاز بيعه ووضع ثمنه في مسجد آخر، وعليه يجوز تمليك المسجد الذي تعطلت منافعه ببناء مسجد بديل له، وهذه المعاوضة نوع من البيع. والدليل على نقل المسجد والتصرف فيه للصالح العام إذا تعطلت منافعه ما ثبت عند الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أنه كتب إلى واليه سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- لما بلغه أن بيت المال بالكوفة قد نقب (أي لغرض سرقته) أن أنقل المسجد الذي بالتمارين؟ (اسم موضع) واجعل بيت المال في قبلة المسجد فإنه لا يزال في المسجد مصل، وكان هذا بمشهد الصحابة - رضي الله عنهم-، ولم يخالف فيه أحد فصار إجماعاً انظر مجموع فتاوى ابن تيمية (30/405) ووجه الاستدلال أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أمر بنقل المسجد من مكانه إلى جوار بيت المال لمصلحة بيت المال، وإن لم تتعذر منافع المسجد بالكلية، والمسجد المسؤول عنه أولى من هذا، لتعذر الانتفاع كلية وليعلم أن الفقه الحي هو ما يراعي المقاصد الشرعية ومآلات الأمور وليس من هذا الفقه الجمود وعدم النظر والاجتهاد، والأخذ برخص الله المباحة عند الرجل الثقة من العلم المأمور به، أما التشدد والعنف فكل الناس يحسنه، كما قال سفيان الثوري - رحمه الله- والخلاصة يجوز للرجل تملك موضع المسجد المقام في المرتفع لتعطل منافعه مقابل أن يبني بدلاً منه المسجد المصلى الذي في المنخفض، ويحسن أن يتم هذا بمعرفة القاضي لديكم. والله أعلم.

التخلف عن صلاة الجماعة

التخلف عن صلاة الجماعة المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 8/9/1424هـ السؤال شباب عددهم تقريباً عشرة والمسجد عنهم ليس بالقريب ولا بالبعيد، هل صلاتهم في البيت تعتبر صلاة جماعة؟ ملاحظة: قد لا يصلي بعضهم لو لم يصلوا في البيت. والسلام. الجواب إذا كان المسجد بعيداً بحيث يشق الذهاب إليه ولا يسمع منه الأذان جاز لكم الصلاة جماعة في المنزل. أما إذا كان الذهاب إلى المسجد متيسّراً فإنه يجب عليكم الصلاة مع الإمام الراتب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - همَّ أن يحرق بيوت المتخلفين عن الصلاة معه في المسجد، مع أنهم ربما يصلون جماعة في بيوتهم، والله تعالى أعلم.

هل هذا من النعي؟!

هل هذا من النعي؟! المجيب د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/11/1424هـ السؤال المقبرة عندنا فيها تلفون، فيأتي بعض الناس ويضعون أرقام جوالاتهم عند العامل الموجود فيها، حتى يخبرهم إذا كان هناك جنازة دون أن يكلمهم، بالنسبة لي أنا إمام مسجد، وإذا كان هناك جنازة يطلب مني بعض أولئك الشباب أن أخبر الناس بوجود الجنازة حتى يحضروها، هل في ذلك محظور شرعي؟ لأنني سمعت أن هذا من النياحة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: فلا شك أن النياحة من المحرمات، فقد روى مسلم في صحيحه (67) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت"، والمراد بالنياحة رفع الصوت بتعداد محاسن الميت على جهة التحسر والتألم، ومن هنا فإن إخبار عامل المقبرة لبعض الناس بموت الميت بواسطة الهاتف لا يعد من النياحة، وكذلك إخبار إمام المسجد لبعض الناس ولو في المسجد بواسطة مكبر الصوت بموت شخص مع توضيح مكان الصلاة عليه وزمانها لا يعد من النياحة؛ لأنه لا يصدق عليه تعريف النياحة السابق، وقد ورد في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أخبر أصحابه - رضي الله عنهم- في المسجد بموت النجاشي وقال: "قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه" انظر صحيح البخاري (1318، 1320) وصحيح مسلم (951، 952) ، وفي الصحيح أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم- وجد قبراً فسأل عنه فقيل: توفي البارحة فقال: "أفلا آذنتموني" انظر صحيح البخاري (1321) وصحيح مسلم (954) ، فدل ذلك على جواز الإخبار بوفاة الميت، ويماثل ذلك الاتصال بالهاتف الجوال، والإخبار عنه بمكبر الصوت، فلا يعد ذلك من النياحة المحرمة شرعاً. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

صفة الصلاة على الجنازة

صفة الصلاة على الجنازة المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. أما بعد: ماذا يقال بعد كل تكبيرة في صلاة الجنازة على الميت، سواء كان رجلاً أو امرأة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عن صفة الصلاة على الميت، فأجاب: صفة الصلاة على الميت: يقف الإمام عند رأسه إن كان ذكراً سواءً كان صغيراً أم كبيراً يقف عند رأسه، ويكبر التكبيرة الأولى ثم يقرأ الفاتحة، وإن قرأ معها سورة قصيرة فلا بأس، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه من السنة. ثم يكبر الثانية، فيصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. ثم يكبر الثالثة، ثم يدعو بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنه: "اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، إنك تعلم منقلبنا ومثوانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته فتوفه على الإيمان. اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، وأوسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله" وغير ذلك مما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. ثم يكبر الرابعة، قال بعض أهل العلم يقول بعدها: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. وإن كبر خامسة لا بأس؛ لأنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، بل إنه ينبغي أن يفعل ذلك أحياناً بأن يكبر خمساً؛ لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، وما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- ينبغي للمرء أن يفعله على الوجه الذي ورد، فيفعل هذا مرة وهذا مرة، وإن كان الأكثر أن التكبير أربع، ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه. أما إذا كانت أنثى فإنه يقف عند وسطها، لا يقف عند رأسها، وصفة الصلاة عليها كصفة الصلاة على الرجل، وإذا اجتمع عدة جنائز فإنهم ينبغي أن يكونوا مرتبين، فيكون الذي يلي الإمام الرجال البالغون، ثم الأطفال الذكور، ثم النساء البالغات، ثم الجواري الصغار، هكذا بالترتيب، فعلى هذا يقدم الذكر -ولو كان صغيراً- على المرأة، بمعنى أنه يكون هو مما يلي الإمام، وأما رؤوسهم فيجعل رأس الذكر عند وسط المرأة، ليكون وقوف الإمام في المكان المشروع. سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى-: ما هي صفة الصلاة على الميت؟ وإذا كبر الإمام خمساً فماذا يقول بعد التكبيرة الرابعة؟

فأجاب فضيلته بقوله: صفة الصلاة على الميت أن يوضع الميت بين يدي المصلي، ويقف الإمام عند رأس الرجل، وعند وسط المرأة، ثم يكبر التكبيرة الأولى يقرأ فيها سورة الفاتحة، ثم الثانية يصلي فيها على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم الثالثة يدعو فيها للميت. والدعاء معروف في كتب أهل العلم: يدعو أولاً بالدعاء العام: "اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا.." إلخ، ثم بالدعاء الخاص الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وإن لم يتيسر له معرفة ذلك دعا بما يستحضره، المهم أن يخلص الدعاء للميت؛ لأنه في حاجة إلى ذلك، ثم يكبر الرابعة ويقف قليلاً، ثم يسلم، وذكر بعض أهل العلم أنه بعد الرابعة يقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، وإن كبر خامسة فلا بأس بل هو من السنة، فينبغي أن تفعل أحياناً حتى لا تخفى السنة، وفي هذه التكبيرة لا أعرف شيئاً ورد، ولكن إذا كان في نيته أن يكبر خمساً فليقسم الدعاء بين الرابعة والخامسة. والله أعلم. [مجموع فتاوى ابن عثيمين (17/127-130) ] .

تقدم المأمومين على الإمام في الاصطفاف للصلاة

تقدّم المأمومين على الإمام في الاصطفاف للصلاة المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 8/10/1424هـ السؤال هل تجوز الصلاة أمام الإمام إن كان المكان ضيقاً؟ خاصة يوم الجمعة، وقد انقسم الناس في مسجدنا إلى مؤيد ومعارض، واحتجَّ المؤيدون لجواز الصلاة أمام الإمام بالضرورة، وبحدوثها في الحرم المدني الشريف. نرجو أن تكون الإجابة بالأدلة، ومفصَّلة. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أقول: إنه إذا لم يمكن المأموم أن يصلي خلف الإمام ولا عن يمينه، أو يساره لضيق المكان، أو لزحام، فإنه يجوز له أن يصلي أمام الإمام للضرورة، وهي عذر شرعي، يسقط به الواجب، لأن الواجبات تسقط بالعذر، ولهذا يسقط عن المصلي ما يعجز عنه من القيام، والقراءة، واللباس، والطهارة، ونحو ذلك، وهذا قول في المسألة رجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في مجموع الفتاوى (23/404-405) وهو رواية عن مالك - رحمه الله- كما في الكافي لابن عبد البر (1/211-212) ، ودليل سقوط الواجب بالعذر قوله تعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ... "الآية، ونحوها من الآيات، وفي المسألة قولان آخران، وهما: قول بأنه تصح الصلاة قدام الإمام ولو لغير عذر، مع الكراهة، وهذا هو المشهور في مذهب مالك - رحمه الله- كما في الكافي لابن عبد البر (1/211-212) ، وهو القول القديم للشافعي كما في مغني المحتاج (1/245) . وقول بأنه لا تصح الصلاة مطلقاً يعني: سواء كان لعذر أو لغير عذر، وهذا هو مذهب الحنفية، والشافعية، - في الجديد- وهو مذهب الحنابلة، كما في البحر الرائق (1/374) ، ومغني المحتاج (1/245) ، والإنصاف مع الشرح الكبير (4/418-419) . فهذه ثلاثة أقوال في المسألة أرجحها هو القول الأول، وهو أن الصلاة تصح قدام الإمام لعذر - كما سبق تقريره- ولا تصح لغير عذر؛ لأنه لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صلى بأصحابه - رضي الله عنهم- وهم أمامه، أو أحدهم، بل المنقول أنه صلى بهم وهم خلفه، كما في حديث أنس - رضي الله عنه- المتفق عليه، صحيح البخاري (871) ،ومسلم (660) وفيه، أنه قال: - صلى الله عليه وسلم- في بيت أم سليم - رضي الله عنها- فقمت ويتيم خلفه، وأم سليم خلفنا" وحديث مسلم (432) "ليلني منكم أولو الأحلام والنهى.." الحديث والأدلة في هذا كثيرة. والله تعالى أعلم.

زكاة مشاريع الدواجن

زكاة مشاريع الدواجن المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/06/1426هـ السؤال لدينا مزرعة دواجن لإنتاج البيض، كما لدينا بيوت محمية لإنتاج بعض الخضراوات فهل في ما ذكرت زكاة؟ وإذا كان فيها زكاة فما مقدارها، وكيف أخرجها، من كامل المبيعات أم من صافي الأرباح؟. الجواب مشاريع الدواجن لإنتاج البيض ليس فيها زكاة، بل الزكاة على المبالغ النقدية إذا بيع البيض وبقيت هذه المبالغ النقدية حتى حال عليها الحول لدى مالكها. وكذلك أيضاً لا زكاة على الخضراوات -على الصحيح- بل الزكاة في قيمتها إذا بيعت وحال عليها الحول وهي لدى مالكها، والله أعلم.

هل يحس الميت بزائريه؟!

هل يحس الميت بزائريه؟! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/9/1426هـ السؤال ما الواجب عند زيارة الميت في المقبرة؟ وهل تجوز الصلاة عليه عند كل زيارة؟ وهل الميت يشعر بالزيارة ممن زاره؟ أو يحس بالبكاء ممن حوله؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فتستحب زيارة القبور للرجال خاصة، ويكون القصد منها الاعتبار والدعاء للأموات والاستغفار لهم، فهذه هي الزيارة الشرعية، وإن كان القصد من الزيارة التبرك بالقبور والأضرحة، وطلب قضاء الحاجات، وتفريج الكربات من الموتى، فهذه زيارة شركية بدعية، وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على زيارة القبور من أجل الاتعاظ، ففي صحيح مسلم (976) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "زوروا القبور فإنها تذكر الموت". وعلَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته ماذا يقولون عند زيارة القبور، ففي صحيح مسلم (975) من حديث بريدة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائهلم: "السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية". وفيه أيضاً (974) من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلما كان ليلتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: "السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد". ولا يصلى على الميت عند كل زيارة، لكن إذا كان الزائر لم يصل على الميت عند الصلاة عليه، فله أن يصلي عليه إذا لم تمض مدة طويلة على دفنه، وقد حددها بعض العلماء بشهر فما دونه، إذ هو أكثر ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى على قبر بعد الدفن، فقد ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى على أم سعد بعد موتها بشهر، أخرجه البيهقي في السنن (4/48) ، وقال: مرسل صحيح. وصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- على القبر بعد الدفن ثابتة في الصحيحين، ففي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- على رجلٍ بعد ما دفن بليلة، قام هو وأصحابه وكان سأل عنه فقال: "من هذا؟ ". فقالوا: فلان دفن البارحة. فصلوا عليه. أخرجه البخاري (1340) ، ومسلم (954) . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً أسود، أو امرأة سوداء، كان يقم المسجد فمات، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه، فقالوا: مات، قال: "أفلا كنتم آذنتموني به! دلوني على قبره، أو قال: قبرها"، فأتى قبرها فصلى عليها. أخرجه البخاري (458) ، ومسلم (956) .

أما هل يشعر الميت بمن يزوره، فإن الله سبحانه وتعالى نفى في كتابه الكريم أن الموتى يسمعون، فقال سبحانه وتعالى: "وما أنت بمسمعٍ من في القبور" [فاطر:22] ، وقال عز وجل: "إنك لا تسمع الموتى" [النمل:80] ، وهذا هو الأصل أن الميت لا يسمع في قبره. ولكن توجد حالات يسمع فيها الميت، وقد ذهب طوائف كثيرة من السلف إلى أن الميت لا يسمع الكلام إلا إذا أعاد الله روحه إلى جسده، مثل ما حصل في قصة أصحاب القليب، حين خاطبهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ومثل ما ورد أن الميت إذا أدخل في قبره سمع قرع نعال مشيعيه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي، ولا يجب أن يكون السمع له دائماً بل قد يسمع في حال دون حال ... "، وورد في حديث -لكنه لا يثبت- أن الميت يعرف من يزوره، وهو حديث: "ما من عبد يمر على قبر رجل مسلم يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام"، قال ابن رجب: خرجه ابن عبد البر، وقال عبد الحق الإشبيلي: إسناده صحيح. يشير إلى أن رواته كلهم ثقات وهو كذلك، إلا أنه غريب بل منكر" [أهوال القبور ص (140) ] .

أخذ آل البيت من الصدقة بعد تعطل الخمس

أخذ آل البيت من الصدقة بعد تعطّل الخمس المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/09/1426هـ السؤال لما حرمت الصدقة على آل البيت عوضهم الله عنها بالخمس من بيت المال، وهم الآن لا يأخذون من ذلك شيئاً، وفي بعض أسرهم فقر مدقع، فهل يعطون من الصدقة، وهل تحل لهم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ثبت في صحيح مسلم (167) عن عبد المطلب بن ربيعة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس". وفي رواية (168) : "وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد". وقد اختلف أهل العلم في المراد بالصدقة المحرمة على آل البيت الشريف - هل هي صدقة الفرض (الزكاة) دون التطوع، أم هي صدقة الفرض والتطوع، أم هي صدقة التطوع دون الفرض؟ - على ثلاثة أقوال؛ أضعفها ثالثها، وأرجحها من حيث النظر: الأول، ومن حيث عموم الأثر: الثاني. هذا كله فيما إذا كان يصرف لأهل البيت من خمس الغنيمة والفيء الواجب لهم في بيت المال. أما إذا منعوا من الخمس لاستبداد الولاة به كما في عصور مضت، أو لم يوجد خمس كما هو الواقع الآن، فقد اختلف أهل العلم في جواز أخذهم للصدقة على قولين: القول الأول: التحريم، وقد ذهب إليه الجمهور. القول الثاني: الجواز؛ لأنه محل حاجة أو ضرورة، وممن قال بهذا من الحنابلة: القاضي يعقوب، وأبو البقاء، وأبو صالح، والآجري، ونصر الجيلي، وأبو طالب البصري، وشيخ الإسلام ابن تيمية، كما حكاه عنهم المرداوي في الإنصاف (7/289) ، ومن الشافعية: أبو سعيد الإصطخري، وأبو سعيد الهروي، ومحمد بن يحيى، كما حكاه عنهم النووي في الروضة (2/322) ، ومن المالكية: محمد بن مرزوق، كما في مواهب الجليل (2/345) ، حيث نقل الحطاب عن الونشريسي، عنه أنه قال: "والراجح عندي في هذا الزمان أن يعطى- يعني الفقير من آل البيت- وربما إعطاؤه أفضل من إعطاء غيره"أهـ. بل هذا قول مروي عن أبي حنيفة -رحمه الله- رواه عنه أبو عصمة، كما في حاشية ابن عابدين (3/299) ، وعلل ذلك بقوله: "لأن عوضها -وهو خمس الخمس -لم يصل إليهم لإهمال الناس أمر الغنائم وإيصالها إلى مستحقيها"أهـ. ومن الحنفية من أطلق هذه الرواية عن أبي حنيفة، وأنه يقول بحل الصدقة لآل البيت بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- مطلقاً. وبكل حال، فالأرجح من القولين، هو الثاني منهما، وهو من ارتكاب أخف الضررين، وأدنى المفسدتين، والله تعالى أعلم.

مصلى المدرسة هل يأخذ أحكام المسجد؟

مصلى المدرسة هل يأخذ أحكام المسجد؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/06/1426هـ السؤال هل المكان الذي أُعدَّ للصلاة فيه في المدرسة يُعدُّ مسجداً تصلى فيه تحية المسجد، حتى لو كان وقت نهي، أم أنه مصلى لا تصلى فيه تحية المسجد؟ وماذا علي لو رأيت أحدهم يصلي، أأنهاه أم أتركه؟ خاصة وأن بعض المعلمين في المدرسة يصلون، والبعض الآخر على النقيض من ذلك (هل هي مسألة مختلف فيها؟) بارك الله فيكم، ووفقكم لما يحب ويرضى. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: فالمصلى الذي لم يتخذ مسجداً على سبيل الدوام، وإنما اتخذ للصلاة ليس على سبيل الدوام وإنما على سبيل التأقيت، وقد يُغير في يوم من الأيام، فإن هذا ليس مسجداً يأخذ أحكام المسجد، وعلى هذا فلا تصلى فيه تحية المسجد وقت النهي، وإذا صلاها أحد في وقت النهي فإنه ينهى عن ذلك؛ لأنها أصبحت من التطوع المطلق، وليست من ذوات الأسباب، والتطوع المطلق لا يفعل في أوقات النهي، لحديث أبي سعيد- رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس" رواه البخاري (1864) ، ومسلم (827) . والله أعلم.

هل تقتل جميع الوزغات لأجل وزغ نفخ على إبراهيم عليه السلام؟

هل تُقتل جميع الوزغات لأجل وزغٍ نفخ على إبراهيم عليه السلام؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/03/1426هـ السؤال السلام عليكم قرأت فتوى عن قتل الوزغ، وفيها جاء المفتي بتعليل غريب يبرر قتل الوزغ، وهو أنه كان ينفخ في النار التي أعدت لحرق نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وهذه الفتوى تشعرني بالإحباط؛ لأنها تجعل الإسلام يبدو بربرياً ومستهجناً في عيون الكفار، ومثل هذه الفتاوى لا تخدم الدعوة إلى الإسلام. فالوزغ حيوان صغير لا يؤثر في نفخ النار، وحتى لو صح ذلك: فلماذا يقتل كل وزغ في الأرض، كما قد يقال بأنه يجب قتل كل الناس بسبب قتل شخص لآخر؟ أرجو التوضيح. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد فإن الأمر بقتل الوزغ لا يختلف عن الأمر بقتل العقرب والحية والفأرة والكلب العقور، وهو الكلب المفترس الذي يعدو على الناس. وقد صح الحديث بالأمر بقتل الفواسق الخمس في الحل والحرم، وهي الحية والعقرب والكلب العقور والفأرة والحدأة ـ وهي طائر من الجوارح ـ صحيح البخاري (3314) وصحيح مسلم (1198) . فالأمر بقتل الوزغ هو للعلة نفسها التي أمر لأجلها أمر بقتل الفواسق الخمس وهي الإيذاء انظر صحيح مسلم (2338) ، فكل مؤذٍ يشرع قتله، فليس قتل الوزغ لأجل أنه كان ينفخ على إبراهيم -عليه السلام- في النار فحسب، بل أمر بقتله لأنه مؤذٍ فهو سامّ، ولذا تسميه العرب سامّ أبرص، والإخبار بأنه كان ينفخ بالنار على إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- بيان لخبثه وعظم إيذائه، فجنسه خبيث. وأما الجواب عن قول السائل: ما ذنب الوزغ في عصرنا حتى تؤخذ جميع الوزغات بجريرة وزغة كانت تنفخ في النار على إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟ فإن قتلها ليس لأجل جريرة واحد منها في عهد غابر، وإنما لأجل أنها مؤذية بطبعها تفسد الطعام وتسم الإنسان، فاقتضى ذلك قتلها، وما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- من كون الوزغ ينفخ بالنار على إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- كاشف عن خبث طبيعة هذه الدويبة. انظر صحيح البخاري (3359) . والله أعلم.

تعزية الكفار

تعزية الكفار المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. 1- سؤالي هو: ما حكم الترحم على أهل الكتاب، كالترحم على البابا مثلا؟ وهل تجوز تعزية أهله؟. الجواب لا يشرع الترحم على غير أهل القبلة (المسلمين) ، لكن لا بأس بتعزية الكافر في ميته (إذا كان في ذلك مصلحة شرعية بأن يقول: جبر الله مصيبتك، أو أحسن لك الخلف بخير، وما يشبه ذلك من الكلام الطيب) . لكن لا يترحم عليه، ولا يقول: غفر الله له، ولا: رحمه الله، فلا يدعو للميت، لكن يدعو للحي بالهداية ونحو ذلك.

الصلاة في محل العمل

الصلاة في محل العمل المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/11/1424هـ السؤال أنا موظف في أحد المستشفيات وأعمل في إدارة النقل، فقد جرت العادة منذ زمن على أن نؤدي الصلاة في القسم؛ لأننا قسم خدمي على مدار الأربع والعشرين ساعة، وحيث إن وظيفتي في السابق مراقب حركة عام"رئيس وردية"، مسئول عن توزيع السائقين واستقبال الاتصالات من الإدارات الأخرى، وأيضا مسئولون عن سيارات الإسعاف التي لدينا، فلهذا يجب أن نصلي في الإدارة، ولكني الآن سكرتير القسم - ولله الحمد - فهل يجوز الصلاة في القسم والمسجد يبعد عنا بحوالي 200 إلى 300 متر، مع العلم أني أصلي بجماعة الإدارة في صلاة الظهر، وإذا تواجد المدير في صلاة العصر تقدم هو، وأنا شاب مستقيم منذ سنة ونصف، فهل تجوز الصلاة في القسم لي؟ وإذا كانت جائزة ما حكم الصلاة خلف المسبل والحليق؛ لأن المدير كذلك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: الأصل الصلاة في المساجد، ولهذا بنيت، وقال علي - رضي الله عنه-: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"، وفي حديث أبي موسى - رضي الله عنه-: "من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر" الترمذي (217) وابن ماجة (793) ، وقال النبي - عليه الصلاة والسلام لابن أم مكتوم -رضي الله عنه-: "أتسمع النداء؟ " قال: نعم، قال: "أجب" مسلم (653) ، هذا هو الأصل أن يصلي الإنسان في المسجد، ولا يصلي في بيته ولا يصلي في مقر عمله، لكن إذا كانت الصلاة في مقر العمل ضرورة، أو تترتب عليها مصلحة بحيث إن الموظفين إذا خرجوا إلى المسجد سيكون هناك تسيب لهؤلاء الموظفين، أو ضياع لمصلحة الدائرة، أو ضياع لممتلكات وأمانات الدائرة، أو تترتب على ذلك مفسدة فإن هذه المفسدة تراعى، أو أن بعض الموظفين لا يصلي فإن ذلك يراعى، وحينئذ يصلى في الدائرة، أما إذا لم يكن شيئاً من ذلك وكان بإمكان الموظف أن يرجع، وليست هناك مفسدة مترتبة فالأصل الصلاة في المسجد.

هل شراء العروض بالنقود يقطع الحول؟

هل شراء العروض بالنقود يقطع الحول؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/11/1426هـ السؤال 1- هل أخرج زكاة على أرض اشتريتها منذ عامين لم أنو من شرائها المتاجرة وإنما شيئاً يستفيد منه أبنائي بعد موتي. وإن وجب فكيف أحسب مقدار الزكاة عليها، بسعر الشراء أم بسعر السوق التقديري وقت الحول؟ 2- أرض أخرى اشتريتها منذ عدة أشهر بنية البيع حالما يرتفع سعرها, لم تتم الحول بعد, ولكن المبلغ الذي اشتريتها به سوف يتم الحول أول رمضان (تاريخ إخراجي الزكاة كل عام) هل أخرج زكاتها مع زكاة النقود؟ 3- هل يجوز أن أعطي أخي جزءاً من زكاة مالي تعينه على علاج ابنته المصابة بالسرطان؛ حيث إن تكاليف علاجها باهظة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: 1-2: الأرض الأولى لا تجب فيها الزكاة، لأنك لم ترد بها التجارة، وتجب الزكاة في الأرض الأخرى؛ لأنك تريدها للربح، وحولها يبدأ من حول النقود، فتخرج زكاتها مع زكاة النقود، ومن المتقرر أن المسلم إذا كان عنده نقود ثم اشترى بها عروضاً للتجارة فإن الحول لا ينقطع، بل يستمر وتكون بدايته من بداية حول النقود، فلو كان عنده نقود يبدأ حولها في رمضان واشترى بهذه النقود عروض تجارة في محرم فإنه يخرج زكاة هذه العروض في رمضان. 3: يجوز أن تعطي أخاك جزءاً من زكاة مالك أو جميع زكاة مالك إذا كان من أهل الزكاة، بمعنى أن يكون فقيراً أو مسكيناً أو غارماً، ودخله لا يكفيه لعلاج ابنته أو غير ذلك من النفقات، بشرط ألا تكون نفقته واجبة عليك، وتجب نفقته عليك: أ- إذا كنت غنياً قادراً على النفقة عليه. ب- إذا كان فقيراً غير قادر على النفقة على نفسه وعلى من يعول بحسب المستوى الاجتماعي الذي يعيش فيه. ج- إذا كنت وارثاً له، أي ليس هناك من يحجبك من إرثه كالابن والأب، فإذا توفرت هذه الشروط وجبت نفقته عليك، وإذا وجبت نفقته عليك لم يجز دفع زكاتك إليه؛ لأنك توظِّف واجباً لسد واجب آخر وتقي مالك بزكاتك. وأما إذا لم تكن نفقته واجبة عليك حسب ما تقدم. فيجوز دفع زكاتك إليه، وتكون لك حسنتان: صدقة وصلة. والله تعالى أعلم.

الإفتاء بالأيسر من الأقوال

الإفتاء بالأيسر من الأقوال المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/11/1426هـ السؤال سؤالي عن الفتوى بالأيسر، هل تجوز؟ وإن كانت لا تجوز فهل نحكم على من يلتزم بها بأنه مبتدع؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالفتوى بالأيسر تجوز بشرط ألا يكون القول معارضاً لدليل شرعي صحيح، وأن تكون هذه الفتوى موافقة لمقاصد الشريعة. وهذه الفتوى لو التزمها المفتي فإنها لا تدخل في باب الابتداع. أما من يلتزم بالفتوى بالأيسر دون مراعاة لما مضى من الشروط فإن ذلك يعد من الابتداع في الدين، ووجه دخوله في البدعة أن الالتزام بالأيسر دون مراعاة شروطه يعتبر من قبيل الإفتاء في دين الله بغير علم، وتقديم العقل على الشرع. قال الشاطبي: "فكل من اعتمد على تقليد قول غير محقق، أو رجح بغير معنى معتبر فقد خلع الربقة واستند إلى غير شرع عافانا الله من ذلك بفضله. فهذه الطريقة في الفتيا من جملة البدع والمحدثات في دين الله تعالى، كما أن تحكيم العقل على الدين مطلقاً محدث". الاعتصام (2/179) . وهذا ما بيَّنه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رءوسًا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" أخرجه البخاري (100) ، ومسلم (2673) . والواجب المحتم على كل مسلم أن يقوم في نفسه بدين الله، ثم في من هو تحت يده، وأن يجتهد في الامتثال بالإسلام وبثه والدعوة إليه، والإنكار على أعداء الإسلام ومجاهدتهم بحسب القدرة والطاقة. والله أعلم.

تقبيل اليد

تقبيل اليد المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/12/1426هـ السؤال أرجو من فضيلتكم توضيح أقوال العلماء في حكم تقبيل اليد في المصافحة بين الرجل والرجل، مع ذكر القول الراجح. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذه المسألة مما اختلف فيها العلماء، وقد تكلم عنها الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في شرحه على حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- في البخاري بشرحه الفتح رقم (6265) (11/56-57) باب الأخذ باليد فقال مانصه: [قال ابن بطال: الأخذ باليد هو مبالغة المصافحة، وذلك مستحب عند العلماء، وإنما اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه، وأجازه آخرون واحتجوا بما روي عن عمر أنهم لما رجعوا من الغزو حيث فروا قالوا: نحن الفرارون، فقال: بل أنتم العكارون أنا فئة المؤمنين. قال: فقبلنا يده، قال: وقبل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي -صلى الله عليه وسلم- حين تاب الله عليهم. ذكره الأبهري، وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم، وقبل زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخذ ابن عباس بركابه، قال الأبهري: وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظم، وأما إذا كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز] . وقال النووي: تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يستحب، فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة) انظر فيض القدير (6/11) . وانظر للمزيد في هذه المسألة عون المعبود (14/90) ، وتحفة الأحوذي (7/437) ، والله أعلم.

هل مكة معصومة من الزلازل؟!

هل مكة معصومة من الزلازل؟! المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/01/1427هـ السؤال السلام عليكم هل يوجد سبب علمي لما حدث في مكة المكرمة من هزَّة أرضية في شهر شعبان من عام 1426هـ، وهل هي زلزال؟ وهل مكة معصومة من الزلازل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولا: تعريف الزلازل وبيان مخاطرها: الزلازل (Earthquakes) عبارة عن اهتزازات تحدث في قشرة الأرض بسبب انكسار وزحزحة مفاجئة لقطاعات عريضة من ألواح القشرة الصخرية الصلبة للأرض، لأنها في الحقيقة غير متصلة وإنما هي قطع متجاورات, وهو من أعظم الأحداث ذات القوة الهائلة التي تُصيب العمران ولها نتائج مرعبة, وقد يطلق زلزال عنيف كميات من الطاقة تعادل مائة ألف مرة قدر ما أطلقته القنبلة الذرية التي أطلقتها الحكومة الأمريكية فحصدت سكان مدينة هيروشيما، ولم تميز بين أطفال وعجائز رجالاً ونساء, وقد تؤدي حركات الصخور أثناء الزلزال إلى تغيير مجاري الأنهار, كما يمكن أن يؤدي الزلزال إلى حدوث انزلاقات تؤدي بدورها إلى خراب كبير وفقدان أرواح. وتسبِّب الزلازل الكبيرة التي تقع تحت مياه المحيط نشوء سلاسل من أمواج بحرية عظيمة مدمرة تغرق السواحل, ولا تقتل الزلازل الناس غالبًا مباشرة، بل إن كثيرًا من الوفيات والإصابات أثناء الزلازل تنتج عن سقوط الأجسام وعن انهيارات المباني، ويعتبر اشتعال النيران من جراء تحطم خطوط الغاز والكهرباء خطرًا رئيسًا آخر. وتتوقف قوة الزلازل على مقدار تكسر الصخور ومقدار زحزحتها، وبمقدور الزلازل القوية هز الأرض الصلبة بعنف إلى مسافات شاسعة، بينما اهتزاز الأرض نتيجة زلزال صغير قد لا يتعدى الاهتزاز الذي يسببه مرور شاحنة كبيرة, ويقع في العموم زلزال قوي مرة واحدة كل سنتين بالتقريب, ويقع على الأقل كل عام حوالي أربعين زلزالاً متوسط القوة يحدث دمارًا في أماكن مختلفة من العالم, كما يقع كل عام نحو من أربعين إلى خمسين ألف زلزال صغير يمكن الإحساس بحدوثها دون أن تؤدي إلى دمار واسع.

وتحدث الزلازل عندما تنكسر الصخور وتتزحزح مطلقة كمية كبيرة من الطاقة في شكل ذبذبات تسمى الموجات السيزمية, وتسمى النقطة داخل الأرض التي تنكسر فيها الصخور أولاً البؤرة, وتسمى النقطة المقابلة من سطح الأرض التي تقع مباشرة فوق بؤرة الزلزال السطحية, وتقع معظم الزلازل على طول امتداد الصدوع، والصدع كسْر يحدث في صخور قشرة الأرض الخارجية، يحدث حينما تنزلق قطاعات صخرية الواحدة عبر الأخرى بصورة متكررة. وتكون الصدوع في مناطق ضعف صخور الأرض، ومعظمها تحت سطح الأرض، ولكن بعضها كصدع (سان أندرياس) في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية يشاهد فوق سطح الأرض, ويؤدي الإجهاد المطبق على الأرض إلى التواء الكتل الصخرية على طول امتداد الصدع, وعندما يبلغ التواء الصخر حده الأقصى فإن الصخر يتكسر وينهار متجزئًا إلى وضع جديد، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى اهتزاز زلزالي, وتبدأ الزلازل عادة عميقة تحت سطح الأرض, وتقع بؤرة معظم الزلازل على عمق أقل من (70 كم) تحت سطح الأرض, ويحس الناس عادة بالاهتزاز الأكبر للأرض بالقرب من بؤرة الزلزال السطحية, ويؤدي اهتزاز الأرض إلى ترنح الأبنية من جانب لآخر، كما يؤدي إلى ارتفاعها وانخفاضها فجأة وإلى تحركها بعنف، وقد تنزلق من فوق قواعدها وتنهار أو ترجف وتتشقق. ثانيا: قياس الزلازل: قد يكون مقياس (ريختر) من أحسن ما يستعمل لقياس شدة الزلازل, وقد طوّره (تشارلز ريختر) عام 1935م ويقيس مقياس ريختر حركة الأرض التي يسببها الزلزال, وتعني كل زيادة بمقدار رقم واحد (تدريج واحد) على مقياس القدر الزلزالي هذا أن الطاقة التي يطلقها زلزال تبلغ (32) ضعفًا, مثال ذلك أن زلزالاً ذا قدر زلزالي مقداره سبع درجات -يطلق (32) ضعفًا من الطاقة التي يطلقها زلزالٌ ذو قَدْر زلزالي مقداره ست درجات, وزلزال مقداره أقل من 2 يعتبر زلزالا خفيفًا إلى درجة أن الإحساس به لا يحصل إلا على مؤشرات الزلازل فقط, كما أن زلزالاً ذا قَدْر زلزالي بلغ سبع درجات يمكن أن يدمر عددًا كبيرًا من المباني, ويزداد قدر الزلازل بعشرة أضعاف عند كل نقصان رقم واحد (تدريج واحد) في مقياس ريختر للقدر الزلزالي. فمثلاً عدد الزلازل ذات القدر الزلزالي ست تعادل عشرة أضعاف عدد الزلازل ذات القدر الزلزالي 7. ثالثا: تباين شدة الزلازل تبعا للمكان:

يفسر التصور المؤيد بالشواهد باسم حركة الصفائح القارية (Tectonic Plate) سبب وقوع الزلازل, وحسب هذا التصور فإن قشرة الأرض الخارجية تتألف من حوالي عشر صفائح كبيرة صلبة، وحوالي عشرين أصغر حجمًا, وتتألف كل صفيحة من قطاع من قشرة الأرض وجزء من وشاح الأرض, والأخير هو طبقة سميكة من صهير صخري حار يقع تحت قشرة الأرض, ويطلق العلماء على هذه الطبقة من قشرة الأرض مع الجزء العلوي من الوشاح اسم الغلاف الصخري, وتتحرك الصفائح حركة دائبة بطيئة فوق نطاق الانسياب، وهو طبقة من الصهير الصخري توجد في الوشاح, ولدى تحرك الصفائح فإنها قد تتصادم مع بعضها بعضًا، أو أنها قد تتباعد بعضها عن بعض، أو أنها قد تنزلق إحداها فوق الأخرى. وتؤدي حركة الصفائح إلى إجهاد الصخور على حدود التقاء الصفائح بعضها ببعض، وتشكيل نطاق صدوع حول حدود الصفائح هذه, قد تحْشر الصخور في مكان ما على طول امتداد بعض الصدوع، بحيث لا تستطيع الانزلاق عند تحرك الصفائح، وهكذا يتولد جهد في الصخور الواقعة على جانبي الصدع يؤدي إلى زحزحتها فجأة فتسبب الزلزال, وتقع معظم الزلازل في نطق الصدوع على حدود الصفائح على طول ما يسمى بخط النار لانتشار البراكين, وتعرف مثل هذه الزلازل بالزلازل بين الصفائح، كما تقع بعضها في داخل جسم الصفيحة ذاتها، وتسمى في هذه الحال الزلازل داخل الصفيحة, وأحد أعظم الصدوع شهرة هو صدع (سان أندرياس) حيث تتكرر الانزلاقات لتحرك صفيحة المحيط الهادئ فوق صفيحة أمريكا الشمالية, ويجعل صدع (سان أندرياس) والصدوع المصاحبة له غرب الولايات المتحدة الأمريكية منطقة كوارث متكررة. (الموسوعة العربية العالمية) . رابعا: اكتشاف خصوصية جيولوجية لمكة المكرمة:

مكة المكرمة أشهر مدن العالم الإسلامي، تهفو إليها قلوب المسلمين جميعًا من شتى بقاع الأرض وبها المقدسات الإسلامية: المسجد الحرام والكعبة المشرفة ومنى ومزدلفة وعرفات, خصها الله بالتكريم عبر مختلف العصور، وأقسم بها في كتابه في قوله تعالى: "لا أقسمُ بهذا البلد وأنت حِل بهذا البلد ووالدٍ وما ولد" [البلد 1-3] ، وهي مسقط رأس الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- ومبعثه، بها نزل الوحي الأمين، ومنها انتشر نور الحق يبدد دياجير الكفر في كل مكان, ويقصدها ملايين الحجاج كل عام لأداء فريضة الحج، فضلاً عن الزوار والمعتمرين من مختلف أرجاء العالم الإسلامي, وفي أرض مكة وبطاحها كان جهاد المسلمين الأوائل في مواجهة الشرك والضلال وعبادة الأصنام, وعلى أرضها كان تحقيق وعد الله لرسوله وللمؤمنين يوم دخلوها في العام الثامن للهجرة ظافرين منتصرين. وقد ارتبط ظهور مكة تاريخيًا بوظيفتها الدينية، وازداد نفوذها تدريجيًا؛ فأصبحت مركزًا للمعمورة المحيطة بها ومحطة تجارية بين الشمال والجنوب, وأشار المؤرخ اليوناني (بطليموس) إليها في القرن الثاني الميلادي باسم (ماركوابا) أي بيت الرب, وهي إشارة لها دلالتها، خاصة عندما نعلم أن الكتب المعتبرة عند الكنيسة قد ذكرتها تحت اسم بكة (Baca) بصفتها بيت الله في وادي جاف موضع الحجيج، حيث البئر ليشربوا والجبل ليتعبدوا، وهو ما يوافق علاماتها حتى اليوم, وهو نفس الاسم المذكور في القرآن الكريم في قوله تعالى: "إِنّ أَوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلّذِي بِبَكّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لّلْعَالَمِينَ" [آل عمران:96] . ويحيط بمكة من جهات ثلاث جبال ذات شعاب أغنت على مر العصور عن بناء سور لحمايتها, ويحتضن مكة وادي إبراهيم الذي ينحصر بين سلسلتي جبال متقاربة من مختلف الجهات, فالسلسلة الشمالية تتألف من جبل الفلق وجبل قعيقعان, والسلسلة الجنوبية تتألف من جبل أبي جديدة غربًا وجبل كُدي جنوبًا، ثم جبل أبي قبيس في الجنوب الشرقي، ثم جبل خندمة. وترتفع مكة المكرمة عن سطح البحر بأكثر من 300م, وتقع عند ملتقى دائرة عرض (2 َ 22) ° شمالاً مع خط طول (8 َ 39) ° وملتقى (2َ1 28) ° عرضًا مع (3َ7 54) ° من الطول الشرقي، ويعد موقعها هذا من أكثر التكوينات الجيولوجية حصانة؛ نتيجة لوجودها بسلسلة جبلية, وفضلا عن وسطية مكة للمعمورة فإنها تقع وسط جزيرة العرب، ولا يقطعها خط النار، حيث تكون الزلازل أعنف شدة وأكثر عددًا، وإنما يمر بعيدا عنها. خامسا: مكة المكرمة محمية، لكنها غير معصومة:

نادرًا جدًّا ما تقع زلازل يذكرها التاريخ لمكة المكرمة؛ نتيجة لموقعها الفريد ضمن سلسلة جبال غرب جزيرة العرب وسط لوح شبه الجزيرة بعيدا عن خط النار الذي يقطع إيران شرقا، والبحر الأحمر غربا، وجبال زاغروس شمالا، وبحر العرب جنوبا, والمعلوم أن الزلازل داخل الصفائح ليست شائعة ولا كبيرة كتلك الزلازل التي تقع على طول حدود الصفائح, وأكبر هذه الزلازل يكون أصغر مائة مرة من الزلازل بين الصفائح الكبيرة, وتميل الزلازل داخل الصفيحة إلى الوقوع في المناطق الضعيفة الهشة داخل الصفيحة, ويعتقد العلماء أن الزلازل داخل الصفيحة تنتج عن إجهاد يطبق على الصفيحة من جراء تغيرات الحرارة والضغط داخل الصخور التحتية، كما قد يكون مصدر الإجهاد موجودًا على حدود صفيحة قارية بعيدة, ونتيجة لخصوصية مكة المكرمة -جيولوجيًّا- لا يكاد التاريخ المكتوب أن يسجل وقوع زلازل ذات آثار مدمرة في منطقتها, وليس في الكتاب والسنة دليل على أن مكة على خصوصيتها وعظيم قدرها معصومة من الزلازل أو غيرها من الكوارث. وأما ما حدث مساء الأحد وصبيحة الاثنين (7و8 شعبان 1426هـ) فقد شعر الأهالي بهزات مكتومة، ولكن مركز الدراسات الزلزالية لم يسجل هزات بالمنطقة، بينما أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية وقوع هزة قريبة بقوة (3.7) بمقياس ريختر الساعة الثانية صباح الاثنين (الصحف السعودية صبيحة الواقعة) فإما أن يكون أثر الزلزال القريب، أو تفجير اصطناعي نتيجة أعمال التعمير, والله تعالى أعلم.

مدة السفر الذي يجوز فيه القصر والجمع

مدة السفر الذي يجوز فيه القصر والجمع المجيب أحمد بن حسن المعلم رئيس مجلس علماء أهل السنة بحضرموت التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/11/1426هـ السؤال هل هناك مدة للقصر والجمع في السفر 1- مسافر وصل المسجد بعد صلاة المغرب، وأراد أن يجمع ويقصر الصلاة، فأي صلاة يبدأ بها؟ 2- إذا أتيت مسجداً وأنت في سفر، وأردت القصر والجمع، ولكن الإمام الراتب لم يصلي بعد، فماذا عليك أن تفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن كان سائراً مسافراً فله الجمع والقصر في مدة سفره حتى يقيم، بإجماع العلماء، وأما إذا كان قاراً غير مسافر، فجمهور العلماء أن له أربعة أيام للقصر والجمع، وذهب ابن تيمية إلى أنه لا مدة له، والصحيح أنه لا مدة له بشرط عدم نية الإقامة. وعلى المسافر إذا أراد القصر والجمع في الصلاة، ووصل بعد أي صلاة منها، فعليه أن يصلي الصلوات مرتبة، فيبدأ بالظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء كما رتبها الله تبارك وتعالى. وإذا أتيت المسجد وأنت في سفر وأردت القصر والجمع ولكن الإمام الراتب لم يصل بعد، فإن كنت على عجل من أمرك، فلك أن تصلي منفرداً ثم تخرج من المسجد، بشرط أن لا يصلي الإمام، فإذا صلى الإمام فتصلي معه، ثم تأتي بالفرض الذي بعده، ثم تسلم.

تقبيل ربطة اليد عند الفوز

تقبيل ربطة اليد عند الفوز المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. شيخي الفاضل: بعض الأشخاص عندما يلعب كرة القدم أو كرة الطائرة يضع على يديه أو مرفقه ربطة أو قماشاً، وعندما يفوز فريقه يقبِّل هذه الربطة أو القماش، فما حكم هذا العمل سواء يعتقد النفع فيه أو لا يعتقد؟ مع العلم أنه موجود بين أوساط الرياضيين؟ وجزاكم الله خيراًَ. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فإن المسألة محل تفصيل: فإذا كان اللاعب قد وضع هذا الرباط أو القماش على يده لأنه يعتقد أنه ينفع بذاته من دون الله، فهو شرك أكبر مخرج من الملة، وهذا القصد لا يظن بمسلم نشأ في بلاد إسلامية إن شاء الله، وإذا كان قد وضعه في يده لأنه يعتقده سبباً في تحقيق الفوز على الفريق الآخر، فهذا أيضاً عمل محرم، بل عده كثير من أهل العلم شركاً أصغر، لأنه قد جعل ما ليس بسبب سبباً، وهو من جنس تعليق التميمة والودعة، ولبس الحلقة والخيط، لرفع البلاء أو دفعه، وفي مسند أحمد (4/154) ، عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - مرفوعاً: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له" وفي الصحيحين عن أبي بشير الأنصاري - رضي الله عنه- أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولاً أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت. أما إن كان قد وضعه على يده لمجرد تقليد بعض الرياضيين الغربيين، كما هو الواقع، وقد أكد لي هذا أحد الإخوة الثقات ممن كان له اتصال مباشر بأحد الأندية الرياضية، فإنه يعد من باب التشبه المحرم، لا سيما وأنه يعتقد فيه هناك ما لا يحل، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم أن كثيرا ً من صور التشبه المنهي عنه بالكفار يفضي غالباً إلى كفر أو معصية، ولعل هذه الصورة مثالاً لما قرره شيخ الإسلام - رحمه الله - والله تعالى أعلم.

توكلت على الله وعليك

توكلت على الله وعليك المجيب د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/2/1425هـ السؤال ما حكم قول "توكلت على الله وعليك"، أو "توكلت على الله ثم عليك"؟ وما الفرق بين التوكل الذي هو عمل قلبي والتواكل الذي هو عمل بدني؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب التوكل عبادة يتقرب المؤمنون بها إلى ربهم، والعبادات حق خالص لله تعالى، ولذلك لا يجوز التوكل على غير الله - تعالى -، قال سبحانه في وصف المؤمنين: "وعلى ربهم يتوكلون" [الأنفال:2] فتقديم المعمول يفيد الحصر أي أنهم لا يتوكلون على غير ربهم، فلا يجوز للعبد أن يقول: توكلت على الله وعلى فلان، أو يقول: توكلت على الله ثم على فلان يمنع من الكل، والتوكل على المخلوق نوعان أولهما: فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا شرك أكبر، وثانيهما فيما يقدر عليه المخلوق فيكون شركاً أصغر، والتوكل تفويض الأمور لله والاعتماد عليه، ولا يتنافى مع فعل الأسباب، بينما التواكل ترك الأسباب بعدم مزاولة الأعمال، والتواكل نقص في الدين والعقل.

ما يشرع فعله بالميت عند موته

ما يشرع فعله بالميت عند موته المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. كنت أتناقش مع بعض الأشخاص ممن يمارسون أفعالاً ليست من السنة عن الشيء الذي ينبغي فعله عند وفاة شخص ما، ولم يقتنعوا بما قلت لهم، فهم يرون أنه يجب جمع الناس بعد وفاة الشخص لقراءة سورة ياسين والقرآن، وقراءة كلمة عدة مرات نيابة عن الميت، أرجو أن تبينوا لنا ما يجب فعله بعد الوفاة بناءاً على القرآن والسنة مع ذكر الأشياء المستحبة والجائزة في الشرع، حيث نحب أن تكون هذه الأشياء شاملة جميع ما يمكن فعله. وحيث إن جوابكم سينشر بشكل واسع نرجو أن يكون جواباً دعوياً مسهباً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن مما يكثر فيه الخلط بين ما يشرع فعله وما لا يشرع فعله ما له صلة بالجنائز، وإن للبيئة التي يعيش فيها المسلم أكبر الأثر في جعل الناس يتبعون السنة في ذلك أو أهل الجهل والبدع وأحيانا اتباع أهل الكتاب وغيرهم من الكفار في بعض مراسم الدفن، ولو كان ذلك في طريقة حمل الجنازة ونوع السيارة التي تحملها وطريقة سير الموكب. أما ما وقع عليه السؤال تحديدا فمما يشرع فعله بالميت عند موته: يشرع لمن كان موجودا عند احتضاره أن يلقنه قول لا إله إلا الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" رواه مسلم (916) . ويسن توجيه المحتضر إلى القبلة بأن يمدد على ظهره ورجلاه إلى القبلة، فإن أمكن رفع رأسه قليلا مواجها للقبلة فحسن، لما روي عن البراء بن معرور -رضي الله عنه- أنه أوصى أن يوجه إلى القبلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أصاب الفطرة" أخرجه البيهقي (3/384) . فإذا تيقن موته سن تغميض عينيه لحديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال: "إن الروح إذا قبض تبعه البصر" رواه مسلم (920) . ويسن تغطيته بثوب يستر جميع بدنه بعد نزع ثيابه التي قبض فيها ما لم يكن شهيدا أو محرما. ويجوز كشف وجهه وتقبيله كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعثمان بن مظعون -رضي الله عنه- انظر الترمذي (989) وأبو داود (3163) وابن ماجة (1456) وأحمد (23645) وصححه الألباني، وكما فعل أبو بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم، انظر البخاري (1242) . ويشرع إعلام الناس بموته ليشهدوا جنازته ويصلوا عليه بالطرق المباحة. ويجب غسل الميت وجوبا كفائيا على جماعة المسلمين، لقوله صلى الله عليه وسلم حين وقصت الدابة صاحبها فقتلته وهو محرم: "اغسلوه بماء وسدر ... "، رواه البخاري (1265) . وبعد غسله يكفن الرجل في ثلاث لفائف والمرأة في خمسة أثواب: إزار وخمار وقميص ولفافتان. وهذا الأفضل لمن وجده وتيسر له، وإلا فالواجب تكفينه فيما يستر جميع جسده، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كفن أحدكم أخاه فليُحِسِّن كفنه" مسلم (943) . ويسن تطييب الميت وتجميره ثلاثا. ثم يصلى على الميت صلاة الجنازة وهي مشروعة في حق النساء والرجال.

فإذا تم تغسيل الميت وتكفينه وصلِّي عليه شرع حمله واتباعه، وفي ذلك فضل عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: "من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين" رواه مسلم (944) . ويسن التعجيل بدفن الميت ولا يشرع تأخيره إلا لحاجة، ويسرع به لما جاء في الحديث: "أسرعوا بالجنازة فإن كانت صالحة قربتموها إلى الخير، وإن كانت غير ذلك كان شرا تضعونه عن رقابكم" رواه مسلم. ثم يدفن الميت، والسنة أن يدفن في مقابر المسلمين، ولم يعهد في سلفنا الأوَّل تخصيص أراضي ضمن الأملاك الخاصة لدفن أفراد العائلة فيها. أما الدفن في مقابر الكفار والمشركين فهو مما ابتلي به بعض المسلمين القاطنين ديار الكفر، وما أحسن قول بعض أهل العلم: (نقل الميت من بلد الكفر إلى بلد الإسلام أولى من دفنه في مقابر الكفار ولو في أرض مخصصة للمسلمين إذا جمعهما سور واحد) . ويسن لمن يُدخل الميت القبر أن يقول: "بسم الله وعلى ملة رسول الله" الترمذي (1046) وابن ماجة (1550) وأحمد (4797) وحسنه الترمذي وصححه الألباني. ويسن وضع الميت في قبره على شقه الأيمن مستقبلاً القبلة، ويفك عقد الكفن من قبل رأسه ورجليه، ولا يكشف وجهه. ويسن حثو التراب عليه باليد ثلاثا، ثم يهال عليه تراب قبره. ويشرع رفع القبر على الأرض قدر شبر، ولا يرفع أكثر من ذلك إلا لحاجة. ويشرع وضع حصباء على القبر ثم رشه بالماء ليثبت التراب. ويجوز وضع النصائب على القبر لتعليمه، ولا يجوز تخصيصها ولا الكتابة عليها ولا البناء، لحديث جابر -رضي الله عنه-: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تخصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ". رواه مسلم (970) . فإذا فرغ من دفنه سن الانتظار قليلا والدعاء له وسؤال الله له التثبيت، لحديث عثمان -رضي الله عنه- قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل"، رواه أبو داود (3221) . كل ما سبق مما دلت عليه نصوص السنة، وهو مشروع باتفاق العلماء. وما عدا ذلك من أعمال مثل الاجتماع لتلاوة القرآن على الميت قبل دفنه، أو بعده، والدعاء له جماعة بعد الدفن، وإلقاء كلمة تأبين كما تسمى، والبناء على القبر، والكتابة عليه، أو إسراجه، وإحضار من يقرأ القرآن ثلاثة أيام أو سبعة، وغيرها كثير جدا ... فهو دائر بين ما اتفق العلماء على منعه كالبناء على القبور والإسراج، وبين مختلف فيه، وليس لمن قال بالجواز دليل يعتمد عليه، وهذه من أمور العبادة، والأصل فيها التوقيف، ومن أحضر دليلا على جواز فعل من الأفعال، فالسنة حاكمة والكل لها تابع. والله أعلم.

زكاة النخيل

زكاة النخيل المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/06/1424هـ السؤال سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: كثير من البيوت يوجد بها نخيل وفيها ثمر قد يصل إلى حد النصاب وقد يتجاوزه؛ فهل تجب فيها الزكاة؟ وإن كان يهدى منها ويؤكل فهل يجزئ ذلك عن الزكاة أم لا؟ وما مقدار الزكاة إن وجدت؟ وما مقدار النصاب؟ وإذا كانت فسائلها تباع فهل فيها زكاة؟ وإذا كان النخيل يغرس بقصد بيع الفسائل (الفراخة) فهل فيها زكاة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، النخيل التي في البيوت تجب الزكاة في ثمرها إذا بلغت نصاباً، لقول الله تعالى: {ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَءَامَنُو?اْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَـ?تِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ ?لأَْرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ ?لْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاّ? أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَ?عْلَمُو?اْ أَنَّ ?للَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة:267] وهذه مما أخرج الله لنا من الأرض، فتجب فيها الزكاة، سواء كانت تهدى بعد خرفها، أو تؤكل، أو تباع. وإذا لم تبلغ النصاب فلا زكاة فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة» . أخرجه البخاري (1459) ، ومسلم (979) من حديث أبي سعيد _رضي الله عنه_ والوسق الواحد ستون صاعاً بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومقدار صاع النبي -صلى الله عليه وسلم- كيلوان اثنان وأربعون غراماً، فيكون النصاب ستمائة واثني عشر كيلو (612) ، والمعتبر في هذا الوزن بالبر (القمح) الجيد؛ فتزن من البر الجيد ما يبلغ كيلوين اثنين وأربعين غراماً، ثم تضعه في مكيال يكون بقدره من غير زيادة ولا نقص، فهذا هو الصاع النبوي، تقيس به كيلاً ما سوى البر. ومن المعلوم أن الأشياء المكيلة تختلف في الوزن خفة وثقلاً، فإذا كانت ثقيلة فلابد من زيادة الوزن حسب الثقل. ومقدار الزكاة نصف العشر، لأنها تسقى بالماء المستخرج من الا?بار أو من البحر، لكن بمؤونة إخراج وتحلية وتصفية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فيما سقت السماء والعيون، أو كان عَثَرياً العشر، وفيما سُقي بالنضح نصف العشر» رواه البخاري (1483) من حديث ابن عمر _رضي الله عنهما_. وليس في الفسائل زكاة، ولكن إذا بيعت بالدراهم، وحال على ثمنها الحول وجبت زكاته. وليس في النخيل التي تغرس لبيع الفسائل زكاة، كما أن النخيل التي تغرس لقصد بيع ثمرتها ليس فيها زكاة. وما بيع من ثمر النخل التي في البيوت تخرج زكاته من قيمته، وما أكل رطباً تخرج زكاته رطباً من النوع الوسط إذا كان كثيراً في النخل. وما بقي حتى يتمّر تخرج زكاته تمراً. وسئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عندي في منزلي خمس نخلات وكلها مثمرة، فهل في ثمارها زكاة؟ وما مقدارها؟

فأجاب فضيلته بقوله: هذه مسألة في الحقيقة السؤال عنها جيد. كثير من الناس عندهم بيوت فيها نخل، والنخل تكون ثمارها بالغة للنصاب، ومع ذلك لا يزكونه؛ لأنهم يظنون أن الزكاة تجب في الحوائط الكبيرة. أما النخلات التي في البيت فيظن كثير من الناس أنه ليس فيها زكاة، ولكن الأمر ليس كذلك، بل نقول: إذا كان في بيتك نخل وعندك بستان آخر، وكانت النخل الموجودة في البيت لا تبلغ النصاب، فإنها تضم إلى النخل الذي في البستان. أما إذا لم يكن عندك بستان فإننا ننظر في النخل الذي في البيت إن كان يبلغ النصاب وجبت الزكاة، وإن كان لا يبلغ النصاب فلا زكاة فيه. الخلاصة: أن النخل الذي في البيت إن كان مالك البيت عنده بستان فيه نخل فإن ثمرة النخل الذي في البيت تضم إلى ثمرة النخل الذي في البستان، فإذا بلغ مجموعها نصاباً وجب إخراج الزكاة. وإن لم يكن له بستان فإننا نعتبر النخل الذي في البيت بنفسه، ونقول: إذا بلغت ثمرتها نصاباً وجب فيها الزكاة وإلا فلا. وسئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: اشتريت قبل ثلاث سنوات بيتاً، وفيه ـ ولله الحمد ـ ثلاث نخلات مثمرات من نوعين، وفيهن ثمر كثير، فهل علَّي زكاة والحال هذه؟ إذا كان الجواب بنعم والناس يجهلون ذلك جداً فكيف يكون معرفتي بلوغ النصاب من عدمه وأنا أخرفها خرفاً؟. فأجاب فضيلته بقوله: ما ذكره السائل من خفاء حكم هذه النخيل التي تكون في البيوت على كثير من الناس فهو صحيح، كثير من الناس يكون عنده سبع نَخْل أو عشر نَخْل أو أكثر أو أقل، وثمرتها تبلغ النصاب، لكنهم لا يعلمون أن فيها زكاة، يظنون أن الزكاة في البساتين فقط. والزكاة في ثمر النخل، سواء كان في البستان أو في الدور، وعلى هذا فليأت بإنسان عنده خبرة، وليقدر ثمر هذا النخل: هل يبلغ النصاب أو لا؟ فإذا بلغ النصاب وجب عليه أن يزكيه، ولكن كيف يزكيه وهو يخرفه كما قال السائل؟ أرى أنه في مثل هذه الحالة تقدر قيمة النخل، ويخرج نصف العشر من قيمتها؛ لأن ذلك أسهل على المالك وأنفع للمحتاج، يعني إعطاء الدراهم أنفع للمحتاج وتقويمها بالدراهم أسهل على المالك. وعما إذا كان في البستان أنواع كثيرة من التمر فيقول الشيخ -رحمه الله -

لو كان لك بستان ربعه برحي، وربعه سكري، وربعه أمهات حمام، وربعه شقر وكان مقداره ثمانية آلاف كيلو من كل نوع ألفان من الكيلوات، وكان الكيلو من البرحي باثني عشر ريالاً، ومن السكري بستة ريالات، ومن أمهات حمام بثلاثة ريالات، ومن الشقر بريالين، فإن قيمة البرحي أربعة وعشرون ألفاً، وقيمة السكري اثنا عشر ألفاً، وقيمة أمهات حمام ستة آلاف ريال، وقيمة الشقر أربعة آلاف ريال. فزكاة البرحي تساوي ألفاً ومائتي ريال، وزكاة السكري تساوي ستمائة ريال، وزكاة أمهات حمام تساوي ثلاثمائة ريال، وزكاة الشقر تساوي مائتي ريال، فتبلغ زكاة الجميع ألفين وثلاثمائة ريال إذا أخرج زكاة كل نوع منه، ولو أخرجها من البرحي لبلغت أربعة آلاف وثمانمائة ريال، ولو أخرجها من الشقر لم تبلغ إلا ثمانمائة ريال. فإلزام المزكي بإخراجها من البرحي ظلم له، وهو الذي حذر النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً منه. [يعني قوله –صلى الله عليه وسلم-: "إياك وكرائم أموالهم". انظر صحيح البخاري (1458) ، وصحيح مسلم (19) ] ، والاكتفاء بإخراجها من الشقر ظلم لأهل الزكاة، وهو الذي نهى الله عنه في قوله: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ ?لْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاّ? أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَ?عْلَمُو?اْ أَنَّ ?للَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة:267] . وهو خلاف ما أمر الله به من العدل. وبهذا المثل يتبين ما وقع فيه كثير من الناس اليوم من ظلم أنفسهم وظلم غيرهم بإخراج الزكاة عن الأنواع الجيدة من أنواع رديئة بالنسبة إليها. وأن الواجب على المؤمن أن ينظر بعين البصيرة والعدل في إخراج الواجب عليه، وأن يحاسب نفسه اليوم لأنه يستطيع التخلص قبل أن يأتيه الموت فيقول: {رَبِّ ?رْجِعُونِ * لَعَلِّى? أَعْمَلُ صَـ?لِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99-100] . أو يقول: {رَبِّ لَوْلا? أَخَّرْتَنِى? إِلَى? أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ?لصَّـ?لِحِينَ} [المنافون:10] . أو يقول: {ي?حَسْرَتَى? عَلَى? مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ ?للَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ?لسَّـ?خِرِينَ} [الزمر:56] . وعن جواز أخذ الدراهم بدلا عن التمر يقول الشيخ - رحمه الله -:

وأما أخذ الدراهم عن التمر ففيه مصلحة كبيرة للفقراء؛ لأنه أنفع لهم وأرغب إليهم، ولقد مضت السنوات السابقة والتمور المقبوضة زكاة في المخازن لم يستفد منها أحد حتى فسدت، وقد علم الناس كلهم قلة رغبة الناس في التمر هذه السنين، فكيف تطيب نفس الفلاح، أو أهل الأصل أن يبيعوا تمورهم بدراهم ثم يخرجوا زكاتها من التمر، وربما يكون من نوع لا يساوي زكاة النوع الجيد. وعليه فإخراج الدراهم فيه فائدة لرب المال من الفلاحين وأهل الأصل، وهي تيقن إبراء ذممهم وخروجهم من العهدة. وإجزاء القيمة عن الزكاة هو مذهب أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ وعنه رواية أخرى يجزئ للحاجة. وذكر بعضهم رواية أخرى يجزئ للمصلحة، هذا معنى ما قاله في الفروع (ص 365 ج 2، ط. آل ثاني) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى (ص 28، 38 ج 52 لابن القاسم) : وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به، وذكر لذلك أمثلة منها أن يبيع ثمر بستانه أو زرعه بدراهم، ومنها أن يرى الساعي (يعني جابي الزكاة) أن أخذها أنفع للفقراء. وأخيرًا سئل الشيخ - رحمه الله رحمة واسعة - ماذا أصنع في السنوات الماضية، فلم أخرج زكاة النخيل التي في بيتي؟ قال الشيخ -رحمه الله-: أما ما مضى من السنوات وهو لم يزكه جاهلاً، فإنه يقدر الا?ن في نفسه: كم يظن الثمرات الماضية ويخرج زكاتها الا?ن، وليس عليه إثم فيما سبق من تأخير الزكاة؛ لأنه جاهل بذلك، لكن لابد من أداء زكاة ما سبق.

تحويل المقابر إلى منتزهات

تحويل المقابر إلى منتزهات المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/10/1424هـ السؤال عندنا منع الناس من دفن موتاهم داخل المدينة، وانتقل مكان الدفن لخارجها، والمدينة بها مقابر قديمة لم تبل العظام بها، الحكومة تحولها إلى حدائق عامة منتزهات غالب روادها من الشباب والفتيات الضائعين، بعض الناس حولوا بعض المقابر إلى مساجد، فما الحكم في تحويلها؟ وما حكم الصلاة بها؟ وما حكم الخطبة بها؟ مع العلم أنها إن تركت سيطر عليها بعض المبتدعة، وجزاكم الله خيراً. الجواب لا يجوز تحويل المقابر إلى حدائق ومنتزهات عامة ولا غيرها؛ لأن في ذلك إهانة للأموات والإنسان حرمته وهو ميت كحرمته وهو حي. وكذلك تحويلها إلى مساجد لا يجوز قطعاً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك في الحديث الصحيح "ألا لا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" مسلم (532) ، وعليه فلا تجوز الصلاة في القبور التي اتخذت مساجد، ولا الخطبة بها، وأهل البدع ينصحون بألا يفعلوا ذلك، وإذا ما قبلوا النصيحة فيمنعون إذا لم تترتب على ذلك فتنة، وإذا فعلوا ذلك فلا تجوز مجاراتهم في عمل البدعة.

هل الاستغاثة بغير الله شرك أكبر؟

هل الاستغاثة بغير الله شرك أكبر؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/11/1424هـ السؤال هل يشترط في الاستغاثة بغير الله أن يرافقها اعتقاد المشركين، حتى تكون من الشرك الأكبر أم لا؟ وهل تعد شركاً أكبر إذا كان المستغيث يعتقد أن المستغاث به سيغيثه بإذن الله؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالاستغاثة: طلب الغوث، وهو إزالة الشدة، كالاستنصار طلب النصر، والاستعانة طلب العون. والمخلوق يُطلب منه من هذه الأمور ما يقدر عليه منها، كما قال -تعالى-: "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر" [الأنفال: 72] ، وكما قال:"فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه" [القصص:15] ، وكما قال -تعالى-:"وتعاونوا على البر والتقوى" [المائدة:2] . وأما ما لا يقدر عليه إلا الله; فلا يطلب إلا من الله. والمستغاث به من دون الله -تعالى- لا يخلو أمره من حالين: إما أن يكون حياً أو ميتاً، والميت لا تجوز الاستغاثة به بحال، لا فيما يقدر عليه البشر ولا غيره. والحي لا يخلو إما أن يكون حاضراً أو غائباً، والغائب لا تجوز الاستغاثة به أيضاً؛ لأنه لا يسمع المستغيث، فهو من هذا الباب كالميت في عدم السماع، والحي الحاضر لا يستغاث به إلا فيما يقدر عليه البشر، وينبغي أن يفرق بين الاستغاثة والتوسل، ذلك أن التوسل قد يتصور فيه عدم اعتقاد النفع والضر في المتوسل به، أما الاستغاثة فلا تتصور إلا مقرونة باعتقاد المستغيث في قدرة المستغاث به على إغاثته، وهذا فيه جواب على الشطر الأول من السؤال. أما الشطر الثاني فإذا كان المستغيث يعلم أن المستغاث به لا يغيثه إلا بإذن الله -تعالى-، فلماذا يلجأ إليه ويُعرض عمن بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه -سبحانه-. والله الهادي إلى سواء السبيل.

لماذا لا يكون طلب الدعاء من الميت شركا أكبر كالاستغاثة به؟!

لماذا لا يكون طلب الدعاء من الميت شركاً أكبر كالاستغاثة به؟! المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/05/1425هـ السؤال لماذا لا يعد طلب الدعاء من الميت شركاً أكبر، بينما تعد الاستغاثة به شركاً أكبر، مع أننا في الحالتين نعتقد في هذا الميت الشفاعة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأقول ومن الله استمد العون والتوفيق: إن طلب الدعاء من الميت، وكذا الاستغاثة به من دون الله كلاهما داخل في دائرة المحظور شرعاً، إلا أنهما يختلفان من حيث الحكم، وذلك أن طلب الدعاء من الميت المقبور بدعة ليس لها سند من دليل عقلي ولا نقلي صحيح، إذ الميت قد فارق الدنيا وأفضى إلى ما قدم، مرتهن بعمله لا يملك نجدة نفسه، ولا إنقاذها فضلاً عن إنقاذ غيره، وإجابته، كما أنه لم يرد نص يدل على جواز ذلك أو مشروعيته، فلم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلب من إخوانه الأنبياء الذين تقدموه أن يدعوا له أو لقومه، ولا فعل هذا من بعده الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- فتبين أن من فعل هذا فقد أحدث في الدين ما لم يأذن به الله، وفعله مردود عليه، وهو مخطئ خطأً ظاهراً، حيث يظن أن الموتى يستجيبون لطلبه فيدعون له، بخلاف الأحياء فإنه قد ورد ما يدل على فعله، ولذلك طلب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من العباس- رضي الله عنه- أن يدعو لهم ويستسقي، فيما رواه البخاري (1010) عن أنس -رضي الله عنه- ولم يعمد إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيسأله أن يدعو لهم أو يستسقي، ولو كان ذلك مشروعاً لما أمر عمر العباس - رضي الله عنهما- بذلك دون النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمن طلب من الميت أن يدعو له فقد ابتدع، وعمله مردود عليه عقلاً وشرعاً. وأما الاستغاثة بالأموات فهي في حقيقة الأمر صرف عبادة من خالص حق الله على العباد إلى مخلوق، وهذا هو عين الشرك، إذ إن الدعاء -ومنه الاستغاثة- عبادة، لا يجوز صرفها إلا لله، فمن صرفها لغير الله فقد أشرك، وليس هذا من باب الاستشفاع المشروع. والله الموفق.

انهيار القبر بعد الانتهاء من الدفن

انهيار القبر بعد الانتهاء من الدفن المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/06/1425هـ السؤال تم دفن الميت في قبره المعد له وفق الأصول الشرعية، وبعد الانتهاء منه إذا بالقبر ينهار، فاختلف الحاضرون، هل يعيدون نبش القبر ثم دفنه من جديد؟ أم يهيلون التراب على القبر ويعيدون تسنيمه فقط؟ أفتونا. الجواب يأتون بتراب زائد حتى يتم الدفن، ويسنمون القبر تسنيماً جديداً، ولا يجوز لهم أن ينبشوا القبر.

الحلف بغير الله شرك أكبر أم أصغر؟

الحلف بغير الله شرك أكبر أم أصغر؟ المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/04/1425هـ السؤال لماذا يعد الحلف بغير الله شركاً أصغر بينما تعد الاستغاثة بغير الله شركاً أكبر مع أن ما نعلمه هو أن كلتا الحالتين تمثلان صرف عبادة لغير الله؟. الجواب الحلف بغير الله شرك أصغر؛ لأنه شرك في الألفاظ جاء في النصوص تسميته شركاً، ولكنه لا يصل إلى الشرك الأكبر ما دام متعلقاً باللفظ فحسب، ولكن لو اعتقد الحالف بغير الله أن للمحلوف به عظمة أعظم أو مثل عظمة الله، أو تعبد للمخلوق به كما يتعبد لله، فهنا والحالة هذه يكون الحلف شركاً أكبر مخرجاً من الملة، وهنا يستوي مع الاستغاثة، أو الدعاء أو النذر لغير الله. والله أعلم.

أوصت بنقل جثمانها إلى بلد آخر

أوصت بنقل جثمانها إلى بلدٍ آخر المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/12/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أنا والدتي مقيمة خارج البلد منذ فترة طويلة، وقام أخي الأكبر منذ حوالي عشر سنوات بهدم المقابر وإقامتها على الشريعة الإسلامية، وعمل لحد، ولكن كما يعلم فضيلتكم أن هذه الأمور الشرعية لا يعلم بها أحد، وأن الناس هنا يشتغلون بالعرف، المهم عندما رأى معظم أهل العائلة هذه المقابر أصروا على عدم الدفن فيها، ومنهم والدتي التي أوصت بدفنها مع أهلها في البلد، والسؤال هنا يا شيخي: هل تنفذ الوصية؟ وهل نقل الجثمان من بلد إلى آخر يجوز شرعاً؟ أفيدونى أفادكم الله، ولكم جزيل الشكر. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم هذه الوصية لا تنفذ؛ لأن السنة أن يدفن المسلم في البلد الذي مات فيه إذا كان بلداً إسلامياً، وعلى هذا كان عمل السلف الصالح، وعليه فلا يلزمك تنفيذ هذه الوصية، لا سيما والقبور التي تنوي دفن أمك فيها مقامة وفق السنة.

ينام عن الصلاة ويسأل عن الترتيب في قضائها

ينام عن الصلاة ويسأل عن الترتيب في قضائها المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 4/12/1424هـ السؤال سمعت من أحد الأشخاص أن الأصل في الصلوات الترتيب، فلا يجوز تقديم واحدة على أخرى، فقلت: ما المشكلة؟ فقال لي صاحب الحاجة: إنه يأتي الساعة الثانية من عمله متعباً، فينام عن صلاة العصر، فيقوم مع آذان المغرب، فيسألني: هل أصليها مغرباً أم أقضي الصلاة الفائتة؟ فيقول: تحدث معي في غير العصر أحياناً إذا كان دوامي مسائياً، فكيف أقضي صلواتي؟ وبأي طريقة؟ أفتوني بها -جزاكم الله خيراً-، ولكم جزيل الشكر يا إخواني في الله. الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالترتيب في قضاء الصلوات واجب، وهذا هو مذهب جماهير أهل العلم، وقد دلّ على ذلك فعل النبي - صلى الله عليه وسلم-، ففي غزوة الخندق صلى النبي - صلى الله عليه وسلم- العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب، فيما رواه البخاري (596) ، ومسلم (638) من حديث عمر -رضي الله عنه- فراعى الترتيب في هذا؛ ولأن القاعدة أن القضاء يحكي الآداء، فإذا قضى الصلوات يكون هذا القضاء مشابه للآداء، وعلى هذا إذا قضى الصلوات فالواجب عليه مراعاة الترتيب، هذه مسألة، والمسألة الثانية في كلام السائل: قضاء الصلاة، فالواجب عليه عدم التهاون في أداء الصلاة حتى يخرج وقتها، فإذا خرج الوقت وكان غير معذور فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن القضاء لا يصح منه، ولو أتى بالصلاة، فهذه الصلاة غير مقبولة، قالوا: لأن النصوص الواردة في القضاء إنما وردت في حال العذر، ولأن الله - عز وجل- توعد الساهين عن الصلاة بالويل، فلو كان مدركاً لها وقاضياً لما ورد الوعيد عليه: "بالويل" في موضع، "وبالغي" في موضع آخر، وقالوا: كما أن الصلاة لا تصح قبل دخول وقتها، وهذا بالإجماع، فكذلك لا تصح بعد خروج وقتها، فالواجب على السائل أن يتقي الله - عز وجل- وألاّ يفرط هذا التفريط العظيم في الركن الثاني من أركان الإسلام، وهذا إذا وقع فإنما يقع على سبيل الندور، لا أن يكون عادة وديدناً ومنهجاً للشخص، بحيث يفعل ذلك يومياً أو أياماً في الأسبوع.

كيف نوفق بين هذين الحديثين؟

كيف نوفِّق بين هذين الحديثين؟ المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/11/1424هـ السؤال لدي إشكال في بعض الأحاديث الواردة عن الرسول -صلى الله عيه وسلم-: الحديث الأول: هو حديث "إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده سنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة" الحديث. والحديث الثاني: "إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورهم ما لم تعمل أو تكلم، فأرى أن هناك تناقضاً في المعنى، أرجو الإفادة. جزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فأقول -وبالله التوفيق-: إنه لا تعارض بين الحديثين -بحمد الله تعالى-. فحديث التجاوز عن وساوس الصدور، المقصود به: أن الله - عز وجل- يعفو عن خطرات النفس بالمعاصي، ولا يعاقب على هذه الخطرات. أما الحديث الآخر: فإنه يذكر جزاء من هم بالحسنة ومن هم بالسيئة. فأما الهم بالحسنة: فلا علاقة له بحديث التجاوز عن وساوس الصدور أصلاً؛ لأنه يذكر ثواب الهم بالحسنة، وحديث التجاوز يذكر جزاء الهم بالسيئة، فلا علاقة لموضوع الحديث الأول بالحديث الآخر. وأما الهم بالسيئة الذي جاء في الحديث أنه تكتب له حسنة إذا لم يعمل بهمه، فهو لا يعارض التجاوز عن الوساوس، بل يؤيده، ويزيد من بيان فضل الله - تعالى - على من ترك المعصية لله - تعالى - مع همه بها، أو على من خطرت المعصية في قلبه مجرد خاطرة، دون أن يعزم ويصمم، بأن له حسنة؛ لتركه تلك المعصية. والله أعلم. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

هل تضاعف السيئة في مكة؟

هل تضاعف السيئة في مكة؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/10/1424هـ السؤال سمعت أن عمل الحسنة في مكة المكرمة يضاعف الأجر والثواب عن غيرها إلى مائة ألف حسنة، وكذلك السيئة تضاعف إلى مائة ألف سيئة، فما مدى صحة هذه المعلومات؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أما المضاعفة بمائة ألف فهذا خاص بالصلاة في المسجد الحرام، لحديث أم سلمة - رضي الله عنها- وفيه قول النبي - عليه الصلاة والسلام -: "إلا مسجد الكعبة" مسلم (1396) فخص النبي - عليه الصلاة والسلام - هذه المضاعفة بمائة ألف بمسجد الكعبة، وأما خارج المسجد في داخل الحرم فالحسنات تضاعف، لكنها لا تضاعف بهذه الكمية، ويدل لهذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديبية، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- في الحديبية إذا كان وقت الصلاة دخل إلى حدود الحرم وصلى. وأما بالنسبة للسيئة فلا تضاعف كميةً وإنما تعظم كيفيةً، فالسيئة في الحرم أعظم منها في غيره، لقول الله - عز وجل -: "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" [الحج:25] ، وقول الله - عز وجل -: "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" [الحج:32] وقول الله - عز وجل -: "ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه" [الحج:30] .

تحويل مسجد إلى منزل للإمام

تحويل مسجد إلى منزل للإمام المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 4/1/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ثم أما بعد: هل باستطاعتنا تحويل مسجد إلى منزل للسكن؟ علماً أن هذا المسجد أصبح لا تقام فيه الصلاة لضيقه وأقيم أمامه مسجد أكبر منه يتسع للمصلين، وقد اتخذته اللجنة المشرفة مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، ونظراً لتعاقب الأئمة على المسجد الكبير وعدم وجود قيم له، وحدوث فتنة بين المصلين والقيم السابق لتماطله عن أداء الصلوات الخمس وبعد الإمام عن المسجد لسكنه البعيد رأت اللجنة الدينية للمسجد تحويل المسجد الصغير إلى سكن للإمام لإقامة الصلوات في وقتها ودرء الفتنة فهل يجوز ذلك أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: فإذا كان المسجد القديم قد ضاق بالناس ولم يعد يتسع للمصلين فأقيم مسجد قريباً منه أكبر منه يتسع للمصلين، ولم يكن القصد من إقامة المسجد الثاني الإضرار بالأول ورأى المشرفون على المسجد تحويل المسجد القديم إلى سكن لإمام المسجد ومؤذنه ليكونا قريبين من المسجد؛ ليتمكنا من أداء جميع الصلوات فيه فيظهر لي أنه لا حرج -إن شاء الله-؛ لأن هذا وقف أيضاً لصالح المسجد الجديد فيستمر وقفاً إذ في ذلك بقاء الوقف بمعناه عند تعذر بقاء صورته. وأما إذا كان المسجد الذي أقيم ثانياً قد أقيم بغرض الإضرار بالمسجد الأول، وصرف بعض المصلين عن المسجد الأول فهذا مسجد الضرار الذي قال الله فيه:"والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون*لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين" [التوبة: 107-108] . قال القرطبي - رحمه الله-: (قال علماؤنا: لا يجوز أن يبنى مسجد إلى جنب مسجد، ويجب هدمه، والمنع من بنائه لئلا ينصرف أهل المسجد الأول فيبقى شاغراً، إلا أن تكون المحلة كبيرة فلا يكفي أهلها مسجد واحد فيبنى حينئذ) . وقال أيضاً: (قال علماؤنا -رحمة الله عليهم-: وإذا كان المسجد الذي يتخذ للعبادة وحض الشرع على بنائه فقال -صلى الله عليه وسلم-: "من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتاً في الجنة" رواه ابن ماجة (738) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يهدم وينزع إذا كان فيه ضرر بغيره، فما ظنك بسواه بل هو أحرى أن يزال ويهدم حتى لا يدخل ضرر على الأقدم) . والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زكاة المقهى

زكاة المقهى المجيب د. حمد بن حماد الحماد عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/7/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، سؤالي يتمثل في الآتي: (1) كيفية إخراج الزكاة من المقهى، علماً أن المال قد لا يجتمع إلى الحول، وهل يدخل العتاد في التقويم؟ (2) لقد اشتريت عتاد مقهى قوامه 50 مليوناً، وأدخلت شريكاً معي طالباً منه أن يدفع لي نفس المقدار (50) مليوناً، ثم أقتسم معه الفائدة من 50 مليوناً. الجواب كيفية إخراج الزكاة من المقهى ما يجتمع من دخل المقهى، ويحول عليه الحول، ويبلغ النصاب فيه الزكاة، أما عتاد المقهى المعد لعمل المقهى فلا يدخل، وليس عليه زكاة.

سب شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم

سب شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/11/1424هـ السؤال لا أحد منا يجهل ما يقوله النصارى من سب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا نجهل غيرة شباب الأمة الإسلامية على دينهم ورسولهم -صلى الله عليه وسلم-، فهل يجوز الرد على من سب النبي -صلى الله عليه وسلم- بسب المتحدث؟ علماً بأني قمت بشتم أحدهم، وقد نصحني أحد الأقارب بعدم تكرار ذلك؛ لأنه يجعلهم يزيدون السب والاستهزاء، ويكون ذنبهم علي. أفيدوني أفادكم الله ورعاكم. الجواب الحمد لله. سب النبي - صلى الله عليه وسلم- نوع من أنواع الكفر، فإن صدر من مسلم كان ذلك ردة منه، ووجب على ولي الأمر الانتصار لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- بقتل الساب، فإن أظهر الساب التوبة وكان صادقاً نفعه ذلك عند الله، ولم تسقط توبته عقوبة السب، وعقوبة الساب هي القتل، وإن كان الساب معاهداً كالنصراني كان ذلك نقضاً لعهده ووجب قتله، ولكن إنما يتولى ذلك ولي الأمر، فإذا سمع المسلمُ النصرانيَّ أو غيره يسب النبي -صلى الله عليه وسلم- وجب عليه الإنكار والإغلاظ، ويجوز سبه؛ لأنه هو البادي، فكيف لا ينتصر للنبي - صلى الله عليه وسلم- كما يجب الرفع عنه إلى ولي الأمر الذي يقيم عليه عقوبة الساب، وإذا لم يكن هناك من يقيم حد الله وينتصر لرسوله- صلى الله عليه وسلم- فعلى المسلم أن يفعل ما يقدر عليه من ذلك مما لا يؤدي إلى فساد وضرر متعد إلى غيره من الناس، أما أن يسمع المسلم الكافر يسب النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يسكت، فلا يرد عليه حذراً من أن يتمادى في ذلك السب فهذا رأي خاطئ، وأما قوله تعالى: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام:108] ، فليست في شأن من ابتدأ سب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- وإنما المقصود منها النهي عن سب آلهة المشركين ابتداءً؛ لئلا يسبوا الله جهلاً منهم وعدواناً، أما من ابتدأ سب الله وسب رسوله - صلى الله عليه وسلم- فإنه يجب الرد عليه وعقوبته بما يردعه عن كفره وعدوانه، ولو ترك للكفرة والملحدين أن يقولوا ما شاءوا دون إنكار ولا عقاب لعظم الفساد، وكان ذلك مما يحبه هؤلاء الكفار، ويرضون عنه، فلا يلتفت لهذا القائل إن السب، أو الرد على هذا الساب يجعله يتمادى في السب، فالمسلم لا بد أن يغار، ويغضب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- فلا يطيق أن يسمع من مسلم ولا كافر سب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن يسمع النبي -صلى الله عليه وسلم - يسب ولا يغار ولا يغضب فليس بمؤمن، نعوذ بالله من الخذلان والكفران، وطاعة الشيطان، والله أعلم.

النكاح بدون مهر

النكاح بدون مهر المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/11/1426هـ السؤال حسب علمي فإن المهر للزوجة يجب بنفس العقد إن كان الزواج صحيحاً مستوفياً للشروط، ويجب المهر المسمى إن كانت التسمية صحيحة، ومهر المثل إن لم تكن هناك تسمية، أو كانت التسمية فاسدة، أو في نكاح التفويض، لكن الإشكال عندي فيما يحصل في بلادنا روسيا من الجهل بوجوب المهر وحقيقته أصلاً في بداية الأمر، ثم بعد مرور سنين يلتزم أحدهم بدينه، ويريد أن يوفي بحقه تجاه زوجته، فأنا أحتار في الفتوى: هل يقال مثلا: المهر هو ما يتراضى الطرفان عليه، وإذا كانت المرأة قد أبرأت زوجها في هذه الحالة فهل يبرأ الزوج؟ أو نقول: (تلك أمة قد خلت) ولا داعي لإثارة الموضوع؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن المهر أو الصداق شعيرة من شعائر المسلمين في أنكحتهم، وقد أجمع أهل العلم على أنه حقٌ من حقوق المرأة، وأنه يجب لها بنفس العقد، على النحو الذي ذكره الأخ السائل. أما إذا تم العقد من غير ذكرٍ للمهر، فإن المهر لا يسقط بهذا، بل هو باق في ذمة الزوج، يجب عليه دفعه للزوجة، والمهر الواجب في هذه الحالة هو مهر المثل، إلا إذا اتفق الزوجان على مهرٍ معين فلا بأس بذلك، وإذا أبرأت الزوجة زوجها من المهر فهو جائز؛ لأن المهر حقٌ لها وقد تنازلت عنه، والله -سبحانه وتعالى- يقول: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً" [النساء: 4] ، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الفرق بين (يحرم) و (لا يجوز) !

الفرق بين (يحرم) و (لا يجوز) ! المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/11/1426هـ السؤال ما الفرق بين (لا يجوز) و (محرم) ؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن هذا السؤال يتعلق بحكم من الأحكام التكليفية، وهو "المحرم" وتعريفه عند أهل العلم: ما نهى الشارع عنه نهياً جازماً، كالربا والغيبة والسرقة وشرب الخمر وما إلى ذلك. ولأهل العلم تسميات كثيرة لهذا الحكم التكليفي، فقد يسمونه بالـ"لمحرم" أو "الحرام" أو "المحظور" أو "الممنوع" أو "المزجور عنه" أو "المتوعد عليه" أو "المنهي عنه"، أو يصفونه بأنه الذي لا يجوز فعله، ولا يوجد فرق حقيقي بين هذه المصطلحات، ومن نظر في صنيع أهل العلم في كتبهم وفتاويهم تبين له أن هذه المصطلحات مترادفة في الدلالة على شيءٍ واحد، وهو ما نهى الشارع عنه نهياً جازماً. ومما ينبغي التنبيه إليه أن بعض أهل العلم -خصوصاً المتقدمين منهم- كانوا يكرهون الإكثار من إطلاق لفظ الحرام إلا على ما ثبت تحريمه صراحةً في النصوص الشرعية؛ وذلك تورعاً منهم، ومن هؤلاء الإمام أحمد رحمه الله، فإنه كثيراً ما كان يقول: أكره كذا أو لا ينبغي كذا، ويقصد من ذلك التحريم لا الكراهة، كما نبه عليه ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (1/32) . والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الزواج العرفي بحضور الولي

الزواج العرفي بحضور الولي المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/12/1426هـ السؤال مطلقه وأطفالها في حضانتها وتخشى إن هي تزوجت أن تسقط حضانتها لأطفالها، ولذا فهي تريد أن تتزوج زواجاً عرفياً ويكون وليها في التزويج شقيقها حيث والدها متوفى ويوجد شاهدان للزواج. فهل يصح هذا الزواج أم لا؟ الجواب إذا تم الزواج بأركانه الثلاثة وهي الزوجان الخاليان من الموانع والإيجاب والقبول وتوافرت شروطه الأربعة وهي تعيين الزوجين ورضاهما والولي الشرعي والشاهدان فإن عقد النكاح صحيح وينعقد بذلك، ولو لم يوثق لدى الجهات الشرعية. لكن لا شك أن توثيقه لديها أفضل وأمر متأكد. أما إذا اختل شرط من تلك الشروط كعدم وجود الولي أو الشاهدين فالعقد باطل. ويستحب إعلان النكاح وإظهاره فإن لم يعُلن فلا بأس. لكن يُعلم أنه للأب المنازعة في حق الحضانة إن تزوجت الأم، ولو لم يكن الزواج معلناً، فمتى تزوجت ثبت له الحق في المنازعة في ذلك لعموم حديث "أنت أحق به ما لم تنكحي". أخرجه أبو داود (2276) . وليس معناه أنه تثبت له الحضانة مطلقاً بزواج الأم لكنه ينظر للأصلح للمحضون كما قرر ذلك ابن القيم -رحمه الله تعالى- والله تعالى أعلم.

هل لتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أصل!

هل لتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أصل! المجيب عبد الله بن علي الريمي ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/11/1426هـ السؤال أثير عندنا كلام كثير حول موضوع تقسيم التوحيد، ومن أناس يرددون كثيراً أنه تقسيم خاطئ وبدعي، وقال بعض شبابنا: إنه يشبه بالتثليث النصراني؛ بحجة أنه بحث في البخاري ومسلم وجميع كتب السنة ولم يجد هذا التقسيم، ويقول: إنه كان في ندوة في أمريكا، فقال له شاب نصراني: عندكم تثليث مثلنا، فقال: كيف؟ قال: عندكم توحيد الربوبية وألوهية وأسماء وصفات، وعندنا أب وابن وروح قدس، ولم يرد عليه الشيخ، وقد اقتنع بكلامه ثم أخذ ينشر هذه الشبهة ويرددها في ندواته، مما أثار انزعاج بعض طلاب العلم، نرجو الإفادة في هذا الموضوع وشكراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيحسن في مقدمة الجواب أن يكون هناك إشارة لما يلي: 1- إن الله خلق العباد، ولحكمة جعلهم متباينين في الأجسام والأرزاق والفهوم؛ فما يعجز عنه شخص يحتار الآخر كيف عجز عنه الأول! وهكذا، فما يحتار فيه شخص قد يدركه آخرون. 2- أن هناك فرقاً بين الذات وبين وصف الذات، فالوصف معلومات قد تتعدد وتتقسم، وهي تصف ذات واحدة فتعدد وتقسيم المعلومات لا يقتضي تعدد وتقسيم الذات الموصوفة، وهذا من بدائه العقول. 3-أن وسائل إيضاح العلوم الشرعية ليست توقيفية، بل تتطور مع الأزمان، فظهور التقسيم إلى أبواب وفصول وأركان وواجبات وشروط في الفقه ونحوه ما هو إلا من باب وسائل الإيضاح وتسهيل العلوم، وليس من باب الابتداع في الدين ما ليس منه، وعلى هذا اتفقت الأمة. ومما تقدم يتضح أن تقسيم التوحيد إلى توحيد ألوهية وربوبية وأسماء وصفات هو تقسيم لما يجب أن يعتقده المسلم تجاه ربه، وليس هو تقسيم لله -سبحانه وتعالى- حتى يقال إنه يشبه عقيدة التثليث، فسبحان الله من أين جاء هذا الفهم؟ كيف يشبه من جعل إلهه ثلاثة آلهة أب وابن وروح القدس مع من آمن بإله واحد لا إله إلا هو؟! فما أقسام التوحيد إلا بيان لجوانب الحقوق الواجبة على العبد تجاه رب واحد، فتوحيد الألوهية بيان أنه لا يعبد إلا الله، وتوحيد الربوبية بيان أنه رب خالق ومدبر ومالك كل شيء، وتوحيد الأسماء والصفات بيان ما يثبت لله من الأسماء والصفات، فكلها حقوق لإله واحد. وهذا التقسيم ما هو إلا فهم لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، وتوضيح لما فيها من العلم ليسهل على الناس فهمه، وكذلك للمساعدة في حصر شبهات أهل الضلال والرد عليها كل شبهة بالموضع المناسب لها، فمثال هذا التقسيم كمثال أركان الصلاة وشروطها وواجباتها، فلو قرأت القرآن والسنة لن تجد هذه التفاصيل، ولكنها ظهرت كتطور لوسائل إيضاح العلم المستنبط من الكتاب والسنة. ولا يحتاج الإنسان إلى البحث المتعمق في الكتب ليجد أقسام التوحيد الثلاثة، بل ينظر ويتفكر في سورة الفاتحة التي يقرأها سبع عشرة مرة في يومه وليلته في الفريضة فقط، فإذا قال: "رب العالمين" فهو يوحد الله بتوحيد الربوبية.

وإذا قال: "الرحمن الرحيم" وحَّد الله بأسمائه وصفاته، فأثبت لله ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات موحداً الله بكمال الصفة وحسنها، وعدم مشابهة صفات الله لصفات خلقه. وإذا قال: "إياك نعبد" وحَّد الله بتوحيد الألوهية، فلا إله يستحق العبادة إلا الله سبحانه وتعالى. فما أقسام التوحيد إلا إيضاح وترتيب لما دل عليه القرآن، وليس هذا التقسيم توقيفياً يترتب عليه صحة الإيمان أو كماله؛ بدليل أن العلماء قد اختلفوا بين من قسم التوحيد ثلاثة أقسام، وآخرون يقسمونه إلى قسمين بحيث يدخلون توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات في قسم، وتوحيد الألوهية في قسم آخر. وفي نظري أن المسألة لا تحتاج إلى مزيد من الإطالة لوضوحها، وأن الخوض فيها وفي منشأها وأول من قال بها ما هو إلا خوض في شيء ظاهر القرآن الكريم والسنة النبوية على إثباته، فلا حاجه إليه والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آلهه وصحبه.

الدعاء بـ (يا مسهل) !

الدعاء بـ (يا مُسهِّل) ! المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/01/1427هـ السؤال هل يجوز للإنسان أن يدعو قائلا: (يا مُسهِّل يا رب) ، مع أن المسهِّل ليس من أسماء الله الحسنى؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالأولى بالمسلم أن يدعو بأسماء الله الحسنى؛ لأن الله -عز وجل- قال: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" [الأعراف:180] . وثبت في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة". صحيح البخاري (2736) ، وصحيح مسلم (2677) ، ومن إحصاء هذه الأسماء دعاء الله -عز وجل- بها. ومن آداب الدعاء التوسل إلى الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى وصفاته العلا هذا هو الأولى بالمسلم، فيختار من أسماء الله الحسنى ما يلائم دعوته؛ إذا سأل الله الرزق قال: "يا رزاق"، إذا سأل الله -عز وجل- الرحمة قال: "يا رحمان يا رحيم"، إذا سأل الله -عز وجل- العزة قال: "يا عزيز"، إلى آخره. وإن دعا بما يخبر به عن الله -عز وجل- فإن هذا لا بأس به، فهو جائز، مثل: "يا مسهِّل"، ولو قال: "يا مسهِّل سهِّل أموري"، إلى آخره، فإن هذا من الخبر عن الله -عز وجل- وهذا من صفاته سبحانه، فلا بأس بذلك إن شاء الله.

فضل صلاة الفجر

فضل صلاة الفجر المجيب عيسى بن عبد الله المطرودي القاضي بالمحكمة الكبرى في حائل التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/10/1424هـ السؤال السلام عليكم. أود السؤال عن فضل صلاة الفجر، وهل ثبت عن النبي دعاء معين فيها؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: لقد ورد فضل صلاة الفجر في الكتاب والسنة، كما في قوله تعالى: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى" [البقرة: من الآية238] ، ومما قيل إنها الفجر والعصر، وقد خصهما لفضلهما. كما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو موسى - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من صلى البردين دخل الجنة" متفق عليه البخاري (574) ومسلم (635) ، قيل البردان الصبح والعصر، وعن أبي زهير عمارة بن رويبة - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها يعني الفجر والعصر" رواه مسلم (634) ، وعن جندب بن سفيان - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من صلى الصبح فهو في ذمة الله...." الحديث رواه مسلم (657) . وقد تكلم العلماء عن فضل صلاة الجماعة من كتب الفضائل، فعلى من أراد الاستزادة الرجوع إليها، ولا أعلم دعاء معيناً لصلاة الفجر إلا أنه يحسن بالمسلم أن يذكر الأوراد بعدها من أوراد الصباح كآية الكرسي وآخر آيتين من البقرة والمعوذتين، والإخلاص ثلاث مرات، والله أسأل أن يجعلنا من المحافظين على صلاة الفجر جماعة خاصة وغيرها عامة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

استئجار قاعة للصلاة تقام فيها شعائر نصرانية

استئجار قاعة للصلاة تقام فيها شعائر نصرانية المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 30/1/1425هـ السؤال نظراً لضيق مسجدنا ونظراً لكثرة عدد المصلين يوم الجمعة فإن سلطات المدينة النصرانية وافقت على تأجيرنا قاعة تابعة لهم، ليست كنيسة وإنما مركز تقام فيها أنشطتهم وحفلاتهم وحتى شعائرهم يوم الأحد مع العلم أن مركزنا أصبح ضيقاً لا يسع إلا ثلث المصلين يوم الجمعة، فهل نقبل هذا العرض أم لا؟ وللعلم فإننا نخشى أن تستغل وسائل الإعلام الحدث ويصبح الأمر فيه منّة وافتخار على المسلمين. وجزاكم الله خيراً. الجواب يجوز استئجاركم هذه القاعة لإقامة صلاة الجمعة ما دام المسجد ضيقاً ولو كانت هذه القاعة تستخدم في أوقات أخرى من النصارى لإقامة أنشطتهم وبعض طقوسهم الدينية، وأنتم تشكرون على فعلكم هذا في إظهار شعائر الإسلام كصلاة الجمعة في مثل ديار الكفار، وأرجو الله أن يثيبكم على ذلك، وهذه الصالة في حقكم ليست مسجداً بالمعنى الاصطلاحي المتعارف عليه عند المصلين وإنما هي (مصلى) ، والمصلى لا يأخذ حكم المسجد من حيث منع المرأة الحائض من المكث فيه، فيجوز للنساء حضور الخطبة في هذا المصلى، كما أنه لا تصلى فيه تحية المسجد بهذه النية وإنما بنية الصلاة المطلقة لقوله صلى الله عليه وسلم: "بين كل أذانين صلاة ثلاثاً لمن شاء" رواه البخاري (624) ، ومسلم (838) من حديث عبد الله بن مغفل المزني - رضي الله عنه - والأذانان هما الأذان والإقامة، كما يجوز أداء النوافل العامة والقبلية منها للصلاة والبعدية لكونها غير مرتبطة بالمكان وإنما بالصلاة، ولا أعتقد أن يكون فعلكم هذا فتنة من النصارى؛ فإن ديننا لا يمنعنا من ذلك، بل هذا ربما يقربهم لنا وإن كانت الفتنة المتوقعة من بعض المسلمين؛ فينبغي أن يتفقهوا في دينهم أولاً، وفق الله الجميع إلى كل خير وفقهنا وإياك في دينه آمين.

وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بـ (برء العليل)

وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بـ (برء العليل) المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/04/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: -حفظكم الله- استمعت قبل فترة لبيت من الشعر ولدي تخوف من أن يكون فيه محظور شرعي فأرجو إفادتنا: بديع الزمان وبدر الظلام *** أمير الأنام وماء الغمام دعاء الخليل وبرء العليل *** وهادي السبيل لدار السلام القصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم -، ولدي تخوف من البيت الثالث في وصف الرسول بإبراء العليل. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه أما بعد: فمما لا شك فيه أن الشعر لا يخلو عادة من مبالغة، وما ذكر في البيت المذكور هو بحسب نية قائله فإن كان يعني بذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سبب في إبراء العليل فلا شك أنه عليه الصلاة والسلام من أكبر أسباب إبراء علل القلوب والأجسام فهو سبب لإبراء علل القلوب من الشرك والكفر والنفاق والبدعة. كما أنه سبب في إبراء علل الأجسام عليه الصلاة والسلام كما فعل في عين علي - رضي الله عنه- وهو أرمد فبرئ بإذن الله تعالى. أما إن قصد أن النبي - صلى الله عليه وسلم- هو الشافي المبرئ من العلل والأسقام فلا شك أن هذا لا يكون إلا لله تعالى. والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الصلاة في مركز إسلامي اشتري بمال الربا

الصلاة في مركز إسلامي اشتُرِي بمال الربا المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/10/1424هـ السؤال نصلي الصلوات المكتوبة بأحد المراكز الإسلامية، وقد قام القائمون عليه بتسديد ثمنه بقرض ربوي أفتاهم بجوازه أحد المشايخ في أوربا، فهل الأفضل لنا الاستمرار في أداء المكتوبات بالمسجد؟ أم نصلي في بيوتنا؟ علماً أن أقرب مسجد يبعد حوالي 6 كيلو متر. وجزاكم الله خيراً. الجواب فتوى من ذكرت لا تصح، ولا يجوز بناء المساجد من أموال ربوية أو مسروقة، ولو نظرت إلى مشركي قريش حينما أرادوا بناء الكعبة حينما تهدمت فإنهم جنبوا الأموال المحرمة في بنائها، حتى قصر بناؤهم عن بناء جميع الكعبة، فحجروا الجزء الذي لم يبن، وأما إذا تم البناء وانتهى فالإثم على من أفتاكم، وأما صلاتكم فيه فصحيحة.

اصطحاب القواعد من غير محارم للحج

اصطحاب القواعد من غير محارم للحج المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/05/1425هـ السؤال السلام عليكم. نحن في دولة غربية ولدينا حملة الحج، فهل يجوز لنا أن نصحب معنا النساء اللائي يتجاوز عمرهن 45 عاماً بدون محارمهن؟ لأن كثيراً منهن يرغبن في الحج، لكن ليس لهن محارم، إن كان هذا جائزاً فهلا ذكرتم لنا شروط ذلك؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمرأة التي ليس لها محرم لا يجب عليها الحج، إذ يشترط لوجوب الحج وجود المحرم، فإذا كانت لا تجده فهي غير مستطيعة وذمتها بريئة، قال الله - عز وجل-: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" [آل عمران: 97] ، ولا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم، لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا معها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، فقال رجل: يا رسول الله إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وإن امرأتي خرجت حاجة، فقال عليه الصلاة والسلام: "انطلق فحج مع امرأتك"، وهذا في الصحيحين. عند البخاري (1862) ، ومسلم (1341) ، فدل ذلك على أنه لا بد من المحرم مع المرأة.

كي موضع السجود

كيّ موضع السجود المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/10/1424هـ السؤال ما حكم كي الجبهة موضع السجود من الرأس، وهل لذلك أصل في الإسلام؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فأخشى يا أخي الكريم أن يكون غرض من يفعل هذا أن يظهر لمن يراه وكأنه أثر من آثار السجود وهذا من الرياء، أو أنه يقصد بذلك التقرب إلى الله بهذا الفعل، وهذه بدعة، وقد نهينا عن الرياء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال الرياء، يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء" رواه الإمام أحمد في المسند (5/428) ، ونهينا عن البدعة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" رواه أبو داود (4607) والترمذي (2676) وأحمد (17144) وابن ماجة (42) ، ولهذا الحديث شرح مفصل في جامع العلوم والحكم لابن رجب الحديث 28 فليتأمل. وأما إن كان غرضه التداوي - وهو بعيد - فيحسن هنا أن نشير إلى أنه قد وردت أحاديث في النهي عن الكي، ووردت أحادث تدل على جوازه، قال ابن القيم - رحمه الله- في زاد المعاد (4/65-66) تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع: أحدها فعله، والثاني عدم محبته، والثالث: الثناء على من تركه، والرابع: النهي عنه، ولا تعارض بينها بحمد الله، فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه، وأما الثناء على تاركه فيدل على أن تركه أولى وأفضل، وأما النهي عنه فعلى سبيل الاختيار والكراهة أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه بل يفعل خوفاًً من حدوث الداء، والله أعلم. وقال ابن قتيبة: "الكي جنسان: كي الصحيح لئلا يعتل، فهذا الذي قيل فيه: لم يتوكل من اكتوى" لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه، والثاني كي الجرح إذا لم ينقطع دمه بإحراق ولا غيره، والعضو إذا قطع، ففي هذا الشفاء بتقدير الله تعالى، وأما إذا كان الكي للتداوي الذي يجوز أن ينجح ويجوز أن لا ينجح فإنه إلى الكراهة أقرب" انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود ج (10/246-247) ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الفرق بين العقيدة والشريعة

الفرق بين العقيدة والشريعة المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/01/1427هـ السؤال ما هو مفهوم العقيدة؟ وما هو مفهوم الشريعة؟ وما هي الغاية من ترابط العقيدة بالشريعة؟ وأين يكمن الإسلام الحقيقي؟ مع إعطاء أدلة من القرآن أو الحديث. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه المصطلحات مترابطة من حيث كونها مطلوبة من المكلف.. وكذلك ارتباطها بمصادر التلقي، وكان السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم بإحسان يتعلمون كل هذه العلوم ويعملون بها دون تفريق في مسمياتها.. ولما ضعفت العزائم وانشغل الناس أفردت هذه المسائل تحت علوم تجمع الأشباه إلى بعضها. أما العقيدة: فهي ما يعقد عليه القلب إيماناً وتصديقاً من مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ومسائل المعاد من الشفاعة وأخبار الساعة وأشراطها. والشريعة: هي الأعمال الظاهرة، كالعبادات والمعاملات والأخلاق. والغاية من الترابط بين العقيدة والشريعة: أن العقيدة أساس والشريعة بناء، حيث لا يقبل عمل بدون اعتقاد، وكذلك لا تنفع عقيدة بلا عمل؛ لأن الله -تعالى- قرن ذلك في القرآن الكريم. قال تعالى: "الذين آمنوا وعملوا الصالحات ... " [البقرة:25] ، وقال تعالى: "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن ... " [النحل:97] ، وغيرها. وقوله صلى الله عليه وسلم: "قل آمنت بالله ثم استقم ... " صحيح مسلم (38) ، وجامع الترمذي (2410) ، وغيرهما. ولا تنفك الشريعة عن العقيدة إلا في حالات، مثل النفاق أو الإكراه أو النسيان والجهل، أما في الأحوال العادية فإن الأصل الترابط، وعلى قدر الاعتقاد يكون العمل صحة وفساداً.. ونحن شهود على الظاهر، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه والله يتولى سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً أو فسقاً أسأنا به الظن، ولا نقبل منه الإحالة إلى القلب كما يقول بعضهم: (ربك رب قلوب) أو يستشهد (هروباً) بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ... "، وقوله صلى الله عليه وسلم: "التقوى هاهنا". صحيح مسلم (2564) ، فهذه أمور صحيحة، لكن لا تصلح حجة لمن أساء العمل.. والإسلام الحقيقي هو الجمع بين الاعتقاد الصحيح والعمل بالسنة "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ... " [الحجرات:14] . وقال -صلى الله عليه وسلم- لرجل قال عن صاحبه -أعطه فإنه مؤمن، قال -صلى الله عليه وسلم- "أو مسلم". صحيح البخاري (27) ، وصحيح مسلم (150) . المهم أن هذه الألفاظ الشريفة يجب أن تحفظ من التلاعب بمنحها أو منعها، ولا يوصف بها أحد إلا مِن قِبَل أهل العلم والبصيرة في الدين؛ لئلا تكون مجالاً لحديث العامة..

صبغ يد المتوفاة بالحناء

صبغ يد المتوفاة بالحناء المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/08/1426هـ السؤال هل من السنة وضع الحناء على يد المرأة المتوفاة؟ يروى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضع الحناء على لحيته، فالناس يضعون الحناء على يدي المرأة المتوفاة ثم يغسلونها، فهل هذا جائز أم هو بدعة؟ ولو كان بدعة فهل يتأثر الميت بما يفعله الأحياء له؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا العمل يظهر لي أنه يفعل على وجه التقرب لاعتقاد أنه سنة، فنقول: إن مثل هذا العمل بدعة ولا يجوز، بل يجب إنكاره؛ لأن هذا لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وإذا كان كذلك فلا يجوز صنعه، وإنما الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أم عطية -رضي الله عنها- في قصة اللاتي غسلن ابنته أنه قال: "اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إذا رأيتن بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور"، وأمر بضفر شعرها ثلاثاً إلى آخره [صحيح البخاري (1259) ، وصحيح مسلم (939) ] ، هذا هو الوارد، ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر أن يوضع شيء من الحناء ونحو ذلك، وأما بالنسبة للميت فإنه لا شيء عليه؛ لأن الله -عز وجل- يقول: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الأنعام: 164] .

الاستثمار في القرى السياحية!

الاستثمار في القُرى السياحية! المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/01/1427هـ السؤال هل يجوز الاستثمار في قرى سياحية؟ علماً أن الدولة تشترط وجود حانة، ولزوم السباحة بلباس البحر، وعدم السباحة بلباس شرعي، وما الحكم لو قبلنا مع نية عدم تنفيذ الشروط خصوصاً الحانة؛ لوجود من يستثمرها خارج نطاق رأس المال؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كان ضمن الشروط تنفيذ أمر محرم فلا يجوز لكم ذلك، وإذا دخلتم في هذا العقد فهذا من التعاون على الإثم والعدوان، والله يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] . وأما إذا لم يتضمن العقد أمراً محرماً فلا حرج عليكم في الدخول في هذا الاستثمار ووجهوه فيما ينفعكم وينفع بلدكم. وبكل حال فالورع ترك ذلك واستثمار الأموال في مشاريع لا شبهة فيها، قال -صلى الله عليه وسلم-: "الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" صحيح البخاري (52) ، وصحيح مسلم (1599) . وفقك الله لطيب المطعم، وجنبنا وإياك الحرام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

كسب أبي حرام فهل أقبل نفقته؟!

كسب أبي حرام فهل أقبل نفقته؟! المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/03/1427هـ السؤال أنا طالب جامعي أعيش في بيت بعيد عن الله -سبحانه وتعالى- أبي يعمل موظفًا في إحدى الهيئات الحكومية، وأمي تعمل معه في نفس الهيئة، وأبي يعمل عملاً إضافيًّا وهو مصفف لشعر النساء (كوافير) ، وأنا أعلم أن هذا العمل ماله حرام، ولكنى حاولت نصحه فلم يسمع لي، فهل آخذ من مال أبي أم هو حرام؟ كما أن أبي يأخذ الراتب الشهري لأمي بالإجبار، ولا نستطيع أن نقول له أن يفصل بين ماله ومالها، فتضطر أمي لأن تأخذ منه أموالاً دون علمه، وهي تعتبر أن هذا من مالها، فهل ما تقوم به أمي صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فليس كل مال أبيك حراماً، بل ما يتقاضاه من عمله الإضافي، وعلى هذا فأخذك من مال أبيك ليس بالضرورة أن يكون من جزئه الحرام، وفي الجملة ما يتقاضاه والدك من مال حرام هو له حرام وأما لك فهو حلال؛ لأن نفقتك واجبة عليه، وقد كان يهود المدينة لا يتورعون عن الحرام من ربا ومن غيره، كما قال تعالى: "سماعون للكذب أكالون للسحت" [المائدة:42] . وقال أيضاً: "من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً" [النساء:160-161] . ومع ذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعاملهم ويقبل دعوتهم ويأكل من طعامهم، وقد دعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة، كما في مسند أحمد [13357،12396،12724) من حديث أنس -رضي الله عنه-، فقبل دعوة اليهودي، [وانظر البخاري (2092) ، ومسلم (2041) ] . من حديث أنس. فإذا كان المال لكم حلالاً فلن تكونوا آثمين بالأكل منه، ومن يجد الكافية من أولاده فعليه أن يستغني بذلك عن نفقة والديه ما داما كذلك، سواء في ذلك مال الوالد أو الوالدة. وإذا أراد والدكم التوبة فله رأس ماله الذي اكتسبه من مال حلال، وما زاد عن ذلك فعليه الصدقة به. وواجب عليكم المناصحة للوالد والوالدة فإن لقلب المسلم إقبالاً وإدباراً، فقد توافق نصيحتكم إقبال قلبه فيعود إلى الله فيلتزم الاستقامة والورع. أما أخذ أبيك من مال أمك فلا يجوز شرعاً فلها مالها، ولها الحق في أن تأخذ هذا المال الذي أخذه زوجها بالقوة، فتأخذ من ماله بقدر هذا المال بطريقتها الخاصة، وإن لم يشعر الأب بذلك. والله أعلم.

حديث النار التي تحشر الناس في الشام

حديث النار التي تحشر الناس في الشام المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/01/1427هـ السؤال في الحديث الذي يذكر فيه حشر الناس من نار تخرج من عدن، وتحشرهم في الشام، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يحشر الناس على ثلاث طرائق: راغبين وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، ويحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا". لدي استفساران: 1- أين وسائل النقل الحديثة من سيارات وغيرها. 2- لماذا لا يحشر إلا الذين في جزيرة العرب؟ أين بقية العالم، وأين الذين في أرجاء المعمورة؟ أتمنى الجواب الشافي. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد: فمن أشراط الساعة الكبرى التي أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- "نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم". وروى الإمام أحمد (4522) ، والترمذي (2217) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ستخرج نار من حضرموت -أو من نحو بحر حضرموت- قبل يوم القيامة تحشر الناس". كما ورد في البخاري (3329) جواب النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المسائل التي سألها عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- ومنها: ما أول أشراط الساعة؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب". وجمع أهل العلم بين هذه الروايات بأن كون النار تخرج من قعر عدن لا يعارض حشرها للناس من المشرق إلى المغرب؛ لأن ابتداء خروجها من قعر عدن ثم ينتشر في الأرض كلها. ولعل هذا الجواب يجيب عن تساول السائل. أما تساؤله الأول عن وسائل المواصلات، فظاهر أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة تدل على انتهاء هذه الحضارة، وسيعود الناس كما كانوا، والعلم عند الله تعالى. وللعلم فإن من أشراط الساعة الصغرى: نار تخرج من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل لها ببصرى، وقد ظهرت هذه النار عام (654هـ) ، وقد ذكرها أهل العلم كالنووي وابن كثير. ومما يجدر ذكره أن هذا الحشر ليس هو الحشر يوم القيامة؛ لأن الناس يحشرون عراة حفاة غرلاً، ويبعثون من قبورهم بعد نفخ الصور. والله أعلم.

زكاة المال الحرام

زكاة المال الحرام المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/11/1426هـ السؤال أملك محلاً تجارياً صغيراً يباع فيه مواد حلال، وأخرى حرام مثل السجاير والخمور، فكيف يتم إخراج الزكاة من هذا المال، مع العلم أنه من الصعب الفصل بين هذه الأموال؟ وهل يجوز التبرع من هذه الأموال للفقراء والمساكين، والتبرع لبناء المساجد، والتبرع للفقير الذي يريد الحج؟ الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: أولاً- المال الحلال تجب فيه الزكاة إذا كان نصاباً وحال عليه الحول، أما إذا كان المال حراماً فالواجب التخلص منه كله، والتوبة إلى الله من الكسب المحرم، واعلم أن المال الحرام سبب لمحق البركة في الرزق، ومنع إجابة الدعاء، واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه. وإذا لم يحصل التخلص منه فهل تجب فيه الزكاة؟ القول بوجوب الزكاة في المال الحرام يقويه ويؤيده سد الذرائع، لئلا يصبح القول بعدم الزكاة مغرياً بالتكسب من الحرام، وهذا ما يقول به بعض العلماء، والقول بأنه لا زكاة في المال الحرام هو الذي يتمشى مع الأصل، وهو أن الزكاة تطهير للمال وزيادة له، وهذا لا يحصل إلا بالمال الحلال دون الحرام، وهذا ما يفتي به بعض العلماء. ثانياً: أما إذا اختلط الحرام بالحلال فيمكن الفصل بينهما على سبيل المقاربة قدر الإمكان. أما بالنسبة للتبرع من هذه الأموال -التي اختلط فيها الحلال بالحرام- فلا بد أولاً من تحديد معنى التبرع، وأنه غير الزكاة الواجبة، ومعلوم أن الزكاة الواجبة إنما تكون في المال الحلال الطيب كما تقدم. أما إن كان المراد بالتبرع الصدقة المطلقة فيجوز دفعها في المصالح العامة، ولا تدفع لمن أراد الحج، أو لبناء المساجد؛ لأنه مال حرام. والله أعلم.

زكاة الأرض المشتراه بقصد الاستثمار

زكاة الأرض المشتراه بقصد الاستثمار المجيب أحمد بن محمد الرزين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/1/1425هـ السؤال صاحب أرض اشتراها قبل 15 سنة بقصد الاستثمار، ولم يزكها طوال هذه المدة، فماذا يصنع؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد: إن كان أراد بالاستثمار بيعها، وهو يتحين فرصة ذلك في حال ارتفاع سعرها، فالواجب عليه أن يزكي قيمتها عن جميع الأعوام التي حالت عليها عاماً عاماً، وعليه أن يتوب إلى الله من تأخيرها، وإن كان أراد بالاستثمار سوى ذلك، كتأجيرها أو البناء عليها لتأجير تلك المباني فليس عليه شيء، وكذا إن كان تردد بحيث لم يقطع نيته على شيء، فليس عليه شيء. والله الموفق.

هل يصح الصيام ممن لا يصلي؟

هل يصح الصيام ممن لا يصلي؟ المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/09/1425هـ السؤال ما حكم صيام العاقل المكلَّف الذي لا يصلي؟. الجواب الصلاة ركن الإسلام الأكيد وعموده العظيم، وتركها كفر كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" الترمذي (2621) ، والنسائي (463) ، وابن ماجة (1079) ، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة" مسلم (82) وقال عبد الله بن شقيق:"كان أصحاب رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة" الترمذي (2622) فأمر صيام من لا يصلي إلى الله، لكن عليه أن يتوب ويقبل على أداء هذه الشعيرة مع جماعة المسلمين ويداوم على ذلك، فإن الله غفور لمن تاب وعمل صالحاً ثم اهتدى.

كتابة الآيات بالدم!

كتابة الآيات بالدم! المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/02/1427هـ السؤال ما حكم الشرع في كتابة القرآن الكريم بالدم؟ وما عقوبة مَنْ يأمر بفعل ذلك ومَنْ ينفذه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن من المقطوع به عند جميع المسلمين وجوب احترام كتاب الله وتعظيمه، وصيانته عن كل ما من شأنه أن ينال من طهارته وقدسيته ومكانته. ومن صور احترامه وتعظيمه كتابته على ورق طاهر نظيف، وبمداد طاهر، ووضعه في مكان طاهر لائق به، وعدم مسه إلا بطهارة، ونحو ذلك من الأمور. وعليه فتحرم كتابته بشيء نجس أو قذر، كالبول والدم والماء المتنجس، وسائر المواد النجسة. ومن كتب القرآن بشيء نجس أو قذر على سبيل الاستهانة والاحتقار فهو كافر، وأما من كتبه لا على سبيل الاستهانة والاحتقار، وإنما على سبيل الجهل فهذا جاهل يعلّم ويبيّن له الحكم الشرعي في ذلك، وأما إن فعل ذلك لا احتقاراً ولا جهلاً فهذا يؤدب بما يردعه هو وأمثاله عن هذا الفعل الشنيع. والمشارك له في هذا الفعل مثله في الحكم. فتحصّل أن كتابة القرآن بالدم حرام على كل حال؛ لأن الدم نجس، ولو لم يكن نجساً فهو قذر، ولا تجوز كتابة القرآن الكريم بشيء نجس أو مستقذر. وفاعل ذلك والمشارك له فيه إن كان فعلهم استخفافاً واستهانة بكتاب الله فهو كفر وردة عن الإسلام، وإلا فهو كبيرة من كبائر الذنوب. والله أعلم.

الصدقة على غير المسلمين

الصدقة على غير المسلمين المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/03/1427هـ السؤال نحن نعيش في بلد النصارى, ونجد من يسألنا الصدقة عند مرورنا بالفقراء, وأحياناً يسألوننا بالله. فهل يجوز أن نعطيهم صدقة أو مساعدة؟ وهل نؤجر على ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد قال الله تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِن دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8] . وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "في كل كبد رطبة أجر" صحيح البخاري (2363) ، وصحيح مسلم (2244) . وبناء على ذلك فتستحب الصدقة حتى على غير المسلمين، وقد يكون في ذلك تأليف لهم وترغيب في الإسلام، لكن لو كانوا يستعينون بذلك على أذى المسلمين فحينئذٍ لا تجوز الصدقة عليهم. والله تعالى أعلم.

الاتزان في الحب والبغض!

الاتزان في الحب والبغض! المجيب أ. د. عبد المهدي عبد القادر أستاذ الحديث بكلية أصول الدين - جامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/05/1427هـ السؤال هل يوجد حديث معناه "أن نتعامل كالغرباء (الأصدقاء, الجار, في الاحترام) ونتحاب كالأخوة"؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، وبعد: فإن الإسلام هو الدين الذي جمع القلوب على الحب في الله، وربط بين الإيمان والأُخُوَّة، فقال الله تعالى:"إنما المؤمنون إخوة" [الحجرات:10] . ونهى عن اتخاذ غير المؤمنين أولياء من دون المؤمنين، كما وضعت شريعة الله القواعد العامة للتعامل بين الناس جميعا؛ كما بيّن النبي عليه الصلاة والسلام الأساس الذي تقوم عليه المعاملة في ديننا بقوله صلى الله عليه وسلم:"الدين النصيحة" رواه مسلم (55) . ومع ذلك فقد وضع الإسلام ميزان قسط يحفظ للعلاقات بين الناس توازنها لضمان استمرار الحب ودوام الألفة، وكذلك ليصون النفس من صدمات تقلب أحوال المسرفين في مشاعرهم، لذا فقد وجه إلى الاعتدال في المحبة، والاقتصاد في المديح، والإنصاف في المعاملة، والتوسط في المعاشرة، والالتزام بالشرع في المخالطة. قال سيدنا عمر -رضي الله عنه-: لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا. والكلف شدة التعلق بالشيء، والتلف: الإهمال. وقال علي -رضي الله عنه- أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما ورُوي مرفوعا، ولا يصح. والله أعلم.

فسخ العمرة ولم يكن قد اشترط

فسخَ العمرةَ ولم يكن قد اشترط المجيب د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/10/1424هـ السؤال أنا أعمل في إحدى المناطق، وذهبت للعمرة في إحدى السنين، وعندما وصلت إلى مدينة جدة وأنا محرم ذهبت للفندق لأضع حقائبي، وعندما وصلت للفندق جاءني خبر وفاة جدتي، فخلعت إحرامي وعدت إلى المطار وسافرت، فما الواجب علي في ذلك، علماً أنني لا أتذكر إن كنت تلفظت بهذا اللفظ: (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) الجواب الحمد لله، أخي الكريم يجب أن نعلم أن المسلم إذا نوى عمرةً أو حجاً، ودخل في العبادة -مثلك- وجب عليه إتمام ما نوى حجاً أو عمرة، فلو أنك سافرت إلى أبها وأنت محرم لا شيء عليك، فأنت ما زلت محرماً ولو خلعت ملابس الإحرام، فعليك أن تلبس ملابس الإحرام وتعود إلى مكة محرماً وتؤدي مناسك العمرة، وعليك دم لرفض الإحرام، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وكان الواجب عليك أن تسأل قبل خلع ملابس الإحرام، لتكون على بصيرة، والله أعلم.

قبول هدايا الكفار في أعيادهم

قبول هدايا الكفار في أعيادهم المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 30/12/1426هـ السؤال أسلمت وعلاقاتي متوترة مع أقربائي. وفي عيد الميلاد المسيحي يقدم بعضهم هدايا لبعض، وأنا إلى الآن أقبل هذه الهدايا، لأنه يحزنهم كوني لا أشاركهم في المأدبة التي يقيمونها بهذه المناسبة، حيث يحضر كل أفراد الأسرة إلا أنا، لكنني أشك الآن في شيء: هل يجوز لي أن أقبل هداياهم، علما بأني اشترطت عليهم أن يقدموها لي بعد مضي عيد الميلاد بأسبوع على الأقل؟ وهل يمكنكم أن تقدموا لي نصائح قد تفيد جميع حديثي العهد بالإسلام ممن يواجهون الصعوبات نفسها؟ الجواب الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فالجواب فيه تفصيل: أولاً: الأصل أنه لا تجوز مشاركة اليهود والنصارى وغيرهم من الملل في أعيادهم ولا في شعائر دينهم، ولا تجوز تهنئتهم بها، كتهنئتهم بعيد الميلاد أو بعيد رأس السنة؛ لأن تهنئتهم بشعائر الكفر معناها الرضى بهذه الشعائر لهم، وهذا مخالف لما تقتضيه أدلة الشريعة، وكذلك لا يجوز الإهداء لهم في أعيادهم من باب أولى. ثانياً: أما قبول الهدية منهم يوم عيدهم فلا حرج فيه؛ لما ورد عن علي -رضي الله عنه- أنه أُتي بهدية النيروز فقال: ما هذه؟ قالوا: يا أمير المؤمنين هذا يوم النيروز. قال: فاصنعوا كل يوم فيروزاً، قال أبو أسامة -أحد الرواة-: كره -رضي الله عنه- أن يقول: نيروزاً". رواه البيهقي في السنن (9/235) ، وروى ابن أبي شيبة في المصنف (24361) أن امرأة سألت عائشة -رضي الله عنها- قالت: إن لنا أظآراً من المجوس، وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا، قالت: أما ما ذُبح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كلوا من أشجارهم. والأظآر: جمع ظئر وهي المرضعة لغير ولدها، ولعل المقصود هنا الأقارب من الرضاعة، قاله الشيخ/ ناصر العقل. وروى ابن أبي شيبة أيضًا (24362) عن أبي برزة -رضي الله عنه- أنه كان يقول، لأهله إذا أهدي لهم في النيروز والمهرجان: ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- بعد أن ذكر هذه الآثار: فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم في العيد وغيره سواء؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم. ا. هـ وأما الذبائح فلا تحل؛ لأن ذبائح المجوس غير مباحة. ثالثاً: وأما معاملتهم فإن معاملة الإنسان لغيره لا تخلو من ثلاث حالات؛ إما أن يعامل بالإحسان، وإما أن يعامل بالعدل، وإما أن يعامل بالجور والظلم. فأما المعاملة بالجور والظلم فهي محرمة لا تجوز حتى في حق غير المسلمين، وأما المعاملة بالعدل فهي واجبة مع كل أحد ولو مع البغض، قال الله تعالى: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" [المائدة: 8] . والشنآن أشد الكراهية. وأما المعاملة بالإحسان فمستحبة مؤكدة مع المودة في حق المسلمين, ولا بأس بها في حق غير المسلمين بشرطين: الأول: ألا يصاحب ذلك مودة.

الثاني: أن يكون هؤلاء ليسوا محاربين للمسلمين، قال الله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون". [الممتحنة: 8، 9] . أن تودوهم: أي تحسنوا إليهم، وتقسطوا إليهم: تعاملوهم بالعدل. أما إجابة دعوتهم في غير أعيادهم فلا بأس بها إن كان في ذلك مصلحة ودعوة للإسلام، فقد أجاب النبي -صلى الله عليه وسلم- دعوة من دعاه من اليهود، وأما إن كان في ذلك محذور من مودتهم ومحبتهم والإعجاب بهم والتأثر بهم فلا تجوز، والقلب إذا مال إليهم أو رضي بكفرهم على خطر عظيم، يقول الله تعالى: "لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم". [المجادلة: 22] . فالإحسان والمعاملة بالحسنى شيء، والمودة شيء آخر، وأوصي أخي -ومن هو على شاكلته- بأن يتفقه في الدين، وأن يكثر من الدعاء بالثبات عليه، وأن يدعو إلى الله بحسب علمه بالتي هي أحسن. وفقك الله وثبتك وزادك علماً وتقى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الانحراف اليسير عن القبلة

الانحراف اليسير عن القبلة المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/02/1427هـ السؤال ما حكم الصلاة مع انحراف يسير عن جهة القبلة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن شروط صحة الصلاة استقبال القبلة، ولا تصح الصلاة إلا به؛ لأن الله تعالى أمر به، وكرر الأمر به في القرآن الكريم، قال تعالى: "وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ" [البقرة:150] ، أي جهته، إلا أنه يستثنى من ذلك ثلاث مسائل: الأولى: إذا كان المصلي عاجزاً، كمريض وجهه إلى غير القبلة، ولا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة، فإن استقبال القبلة يسقط عنه في هذه الحال، لقوله تعالى: " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" [التغابن:16] . الثانية: إذا كان في شدة الخوف، كإنسان هارب من عدو، أو هارب من سبع، أو هارب من سيل يغرقه، فهنا يصلي حيث كان وجهه، ودليله قوله تعالى: "فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ" [البقرة:239] . فإن قوله "فإن خفتم" يشمل أي خوف، فالواجب معلق بالاستطاعة. الثالثة: النافلة في السفر، سواء كان على طائرة، أو على سيارة، أو على بعير، فإنه يصلي حيث كان وجهه في صلاة النفل، مثل الوتر، وصلاة الليل، والضحى، وما أشبه ذلك. فيجب على المسلم أن يستقبل القبلة، لكن إذا اجتهد وتحرى، ثم تبين له الخطأ بعد الاجتهاد، فإنه لا إعادة عليه إن كان في غير البلد، أما في البلد فالصواب أنه يعيد الصلاة لسهولة معرفة القبلة. وأما من علم أن جهة القبلة خطأ، وصلى على ذلك، فعليه الإعادة بكل حال. وفقنا الله وإياك للفقه في الدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

قطع آذان البهائم

قطع آذان البهائم المجيب سالم بن ناصر الراكان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/03/1427هـ السؤال يقوم البعض بقطع أذن الماعز وكي قرنها بتخديرها حتى لا تتألم، معللين أن ذلك يزيد من وضوح الوجه، وزيادة سعرها بجمال الوجه. أما كي القرن فحتى لا يؤذيها عند تناول الطعام أو العراك فيما بينها، فهل يجوز من قطع الأذن وكي القرن؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: أما قطع أذن الماعز فلا يجوز شرعاً لنهيه -عز وجل- عن ذلك في كتابه، قال -تعالى- عن إبليس لعنه الله: "وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ" [النساء:119] يعني يقطعونها، قال القرطبي -رحمه الله تعالى- في تفسيره (5/389) : وذلك كله تعذيب للحيوان، وتحريم وتحليل بالطغيان، وقول بغير حجة ولا برهان". وأما كي القرن فلا يظهر لي مانع من ذلك، لأنه يجوز وسم الأنعام وإشعارها في كل أماكن الجسم ما عدا الوجه؛ لما جاء في صحيح البخاري (1502) ، وصحيح مسلم (2119) عن أنس -رضي الله عنه- قال: رأيت في يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الميسم وهو يسم إبل الصدقة. ولحديث جابر رضي الله عنه: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الضرب في الوجه والوسم في الوجه. رواه مسلم (2116) . فلا مانع إذن من كي القرون، لا سيما إذا كانت القرون تؤذيها عن الأكل أو في العراك كما ذكرت السائلة، والعلم عند الله تعالى.

هل خلاف الصحابة في رؤية النبي ربه خلاف في الأصول

هل خلاف الصحابة في رؤية النبي ربه خلاف في الأصول المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/01/1427هـ السؤال يقال: إن الصحابة لم يختلفوا في العقيدة والأصول؟! فكيف نوفق بين ما قاله ابن عباس -رضي الله عنهما- من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأى وجه ربه ليلة الإسراء والمعراج، وبين نفي عائشة -رضي الله عنها- لذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالصحابة لم يختلفوا في مسائل الاعتقاد، ولم يختلفوا في صفات الله، بل هم يؤمنون بها، ويصفون الله بها؛ فيؤمنون بأنه تعالى حي قيوم سميع بصير، وأنه على كل شيء قدير، وأنه مستوٍ على العرش، عالٍ على خلقه، وأنه سبحانه وتعالى مع عباده كما أخبر بذلك عن نفسه، وأخبر رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهذا هو موجب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، فيجب الإيمان بكل ما أخبر الله به عن نفسه، وأخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، كما يجب الإيمان بما أخبر به من المبدأ والمعاد والجنة والنار، والماضي والمستقبل، هذا ما مضى عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وتبعهم على ذلك أهل السنة والجماعة. وكذلك لم يختلفوا في القدر وأفعال العباد وفي حكم أهل الكبائر، وهذا الاتفاق لا يمنع أن يختلفوا في بعض الجزئيات، كمسألة رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- لربه ليلة المعراج، كما اختلفوا في تفسير بعض الآيات، هل هي من آيات الصفات؟ كقوله تعالى: "ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله" [البقرة: 115] ، فالأكثرون قالوا المراد بالوجه الجهة، وهي القبلة، فوجه الله قبلة الله كما قال مجاهد، وقال بعض أهل السنة: (وجه الله) هو وجهه الذي هو صفته سبحانه وتعالى، وليس ذلك اختلافاً في إثبات الوجه لله -سبحانه وتعالى- فإنه ثابت بالنصوص التي لا تحتمل، كقوله تعالى: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" [الرحمن: 27] . وعائشة -رضي الله عنها- لم ترو عن النبي -صلى الله عليه وسلم-من قوله (لم ير ربه) بل هذا ما فهمته -رضي الله عنها. صحيح البخاري (4855) ، وصحيح مسلم (177) . وقد سأل أبو ذر النبي -صلى الله عليه وسلم- هل رأيت ربك؟ "قال: رأيت نوراً". صحيح مسلم (178) . وقد جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- من قوله إن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه، وفي رواية: (رأى ربه بقلبه) انظر صحيح مسلم (176) ، والسنة لابن أبي عاصم (192) ، والمستدرك (2/509) ، والإيمان لابن منده (2/761) . وليس فيه أنه رأى وجه ربه، ولا أنه رآه بعينه.

ومثل هذا الاختلاف لا يقدح في القول بأن الصحابة لم يختلفوا في مسائل الاعتقاد، ولا يصلح مستنداً في الخلاف في باب الصفات، فإن بعض الذين انحرفوا عن سبيل أهل السنة والجماعة، ووافقوا الجهمية والمعتزلة في أكثر مسائل الأسماء والصفات يذكرون خلاف الصحابة في رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه؛ ليتخذوا منه مسوغاً لخلافهم وهو لا يُسوِّغُ إلا الخلاف في هذه المسألة، والواجب اتباع سبيل المؤمنين، فما أجمع عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وجب اتباعهم فيه، وما اختلفوا فيه يجب رده إلى الله والرسول، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً" [النساء: 59] . والله أعلم.

رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في اليقظة؟!

رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في اليقظة؟! المجيب د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/03/1427هـ السؤال هناك أناس يزعمون أنه بالإمكان رؤية الرسول -صلى الله عليه وسلم- في اليقظة، وليس في المنام!! وكذلك رؤية شخص آخر، ويستدلون بما وقع من عمر -رضي الله عنه- مع سارية، بينما هو على المنبر. أرجو منكم الإفادة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن زعم أن بإمكانه رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم يقظة بعد موته فهو كاذب ويدعي باطلاً، وزاعم لنفسه مكانة لا يستحقها، وذلك للآتي: 1- أن مقتضى دعواه أن يكون من جملة الصحابة، وقد أجمع العلماء على أن الصحبة خاصة بمن رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في اليقظة مؤمناً به. 2- أن مقتضى دعواه الزعم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما زال حيًّا، وهذا كذب فاضح مخالف لإجماع الصحابة والأمة من بعدهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد مات، لقوله جل وعلا: "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" [المؤمنون:15] ، وقد أجمع الصحابة على الصلاة عليه ودفنه، فلو كان حيًّا ما جاز فعل ذلك به. 3- أنه لو كان أحد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في اليقظة بعد الموت لكان التابعون وأتباعهم -رضي الله عنهم- أئمة الدين، من أمثال ابن المسيب، وابن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، والإمام مالك، والإمام الشافعي، وأحمد، ولم يدَّع أحد منهم ذلك. 4- أنه يلزم من ذلك أن الوحي لم ينقطع، وهذا مخالف لإجماع المسلمين، فقد انقطع الوحي بموت النبي -صلى الله عليه وسلم-. وأما الاستدلال لما حصل لعمر مع سارية فهو استدلال فاسد؛ لأن سارية كان حيًّا، وإنما الكرامة وقعت لعمر -رضي الله عنه- حيث إنه رأى موقف المسلمين رأي عين، أو أنه ألهم هذا القول دون رؤية، ثم بلغ الله مقالته لسارية. ثم إن هذه الكرامة أمكن إثباتها بغير النقل لها عن عمر ولا عن سارية، أي حصل مصدر مستقل في إثباتها مما نعلم به صدقها. ولكن مدعي رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يستطيع بحال أن يثبت رؤيته للنبي -صلى الله عليه وسلم- بشهادة عدول ولا بغيرها، إلا بمجرد خبره. والله أعلم.

نفقه ومتعة المطلقة

نفقه ومتعة المطلقة المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/04/1427هـ السؤال هل للمطلقة ثلاث مرات نفقة عدة وسكن ومتعة؟ وإن كانت طلقتان فقط هما الموثقتان بالمحكمة فكيف يمكن إثبات الطلقة الثالثة؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كانت المطلقة ثلاثاً حاملاً فإن لها نفقة وسكنى ما دامت حاملاً بإجماع أهل العلم، لقوله تعالى: "وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ" [الطلاق:6] . وأما إذا لم تكن حاملاً ففي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم، كما اختلفت التقنينات المعاصرة في هذه المسألة. والصحيح من هذه الأقوال هو مذهب الإمام أحمد وفقهاء الحديث أن المطلقة ثلاثاً ليس لها نفقة ولا سكنى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- وكان زوجها طلقها البتة: "لا نفقة لك ولا سكنى" أخرجه مسلم (1480) . وأما التقنينات المصرية في هذه المسألة فإنها موافقة لمذهب أبي حنيفة -رحمه الله- فتوجب للمطلقة ثلاثاً النفقة والسكنى خلال العدة، وأيضاً متعة تقدر بنفقة سنتين ما دامت قد طلقت بغير رضاها ولا سبب من قبلها. أمّا الطلقة الثالثة فإثباتها لدى الجهة المختصة بإقرار المطلق أو الشهادة عليه بوقوع الطلاق منه. والله الموفق.

إذا كان المصير مقدرا فلم العمل؟!

إذا كان المصير مقدراً فَلِمَ العمل؟! المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/01/1427هـ السؤال إذا كان كل شيء بقضاء الله وقدره، حتى مصير العباد بعد الموت، فلماذا نعمل؟ ولماذا أدعو الله بالهداية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالإيمان بالقدر من أصول الإيمان التي لا يتم الإيمان إلا بها، ولا يتم التوحيد إلا به، ومعنى الإيمان بالقدر أن الله علم ما يكون قبل أن يكون بعلمه القديم، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، وأنه تعالى لا يكون إلا ما يشاء فهو خالق كل شيء، ويجب مع الإيمان بالقدر الإيمان بالشرع، وهو أن الله أمر عباده بطاعته، ونهاهم عن معصيته، فيجب على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وأن يطيعوه وأن يتبعوا رسله، فهذا سبب النجاة، وله الحكمة البالغة في شرعه وقدره، وقد قدَّر سبحانه ترتيب الأشياء على أسبابها، فجعل للخير أسباباً وللشر أسباباً، وقد شرع الله لعباده الأخذ بالأسباب الموصلة إلى المنافع، وتجنب الأسباب المفضية إلى الأضرار، وفطرهم سبحانه وتعالى على ذلك، مع التوكل على الله والاستعانة به، والإيمان بأنه لا يكون إلا ما يشاء. وليس من العقل والدين تعطيل الأسباب اتكالاً على القدر، فأما منافع الدنيا من الرزق والصحة والولد وغير ذلك، فكل أحدٍ يكدحُ لتحصيلها ويأخذ بأسبابها، وما أدركه منها فبمشيئة الله وتقديره، فهو سبحانه خالق الأسباب والمسببات. ولا يقول عاقل: إن كان الله قدَّر لي رزقاً أو ولداً أو حظاً من حظوظ الدنيا، فسيكون ولو لم أسعَ في تحصيله، وهكذا الشرور في الدنيا جعل الله لها أسباباً واقية منها، وأسباباً جالبة، وكل يعمل لدفع هذه الشرور، ويُحاذر الأسباب الجالبة لها، وهكذا الآخرة جعل الله للخير والشر فيها أسباباً، فالإيمان والطاعة سببٌ للفوز بالجنة والنجاة من النار والكفر والمعاصي سببٌ لدخول النار، والمؤمنون بالله ورسله لا يتكلون على القدر في ذلك، بل يعملون بطاعة الله رجاء ثوابه، ويتجنبون معاصيه خوفاً من عذابه، مستعينين بالله على ذلك، كما قال تعالى: "إياك نعبد وإياك نستعين". ولما قال رجل: يا رسول الله: أفلا نتكل على كتابنا (يعني القدر) وندع العمل؟ قال: "اعملوا فكل ميسَّر لما خُلق له". صحيح البخاري (4949) ، وصحيح مسلم (2647) . وفي الحديث القدسي: "يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم أياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه". صحيح مسلم (2577) . فمن ترك الإيمان بالله ورسله، واتبع هواه محتجاً بالقدر ومات على ذلك، فهو من أهل النار قطعاً، ومن آمن بالله ورسله وعمل بطاعته ومات على ذلك، فهو من أهل الجنة قطعاً. فالواجب على الإنسان أن يأخذ بأسباب النجاة، ويحذر من أسباب الهلاك، والله تعالى يمن على من يشاء، وهو أعلم حيث يجعل فضله (ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما) [النساء: 70] . والله أعلم.

تسمية بعض النبات بـ "عباد الشمس"

تسمية بعض النبات بـ "عباد الشمس" المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/02/1427هـ السؤال السلام عليكم هل يجوز تسمية زهرة عباد الشمس بهذا الاسم؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فإن إطلاق اسم (عبّاد الشمس) على الزهرة المعروفة لا يجوز؛ لأن هذه الزهرة وسائر النباتات لا تعبد الشمس، وإنما تعبد الله الواحد الأحد، وقد قال الله تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء". [الحج:18] والواجب تسميتها بغير ذلك، كتسميتها بـ (دوّار الشمس) ونحو ذلك من الأسماء التي لا تحمل مخالفة شرعية. والله الموفق.

لماذا لا نأذن لهم بالدعوة كما أذنوا لنا بها في بلادهم؟!

لماذا لا نأذن لهم بالدعوة كما أذنوا لنا بها في بلادهم؟! المجيب د. خالد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/03/1427هـ السؤال يشارك بعض الإخوة في بريطانيا ببرامج دعوية للمسلمين وغير المسلمين، ودائما يتكرر سؤال من غير المسلمين، وهو: إنهم في الغرب يسمحون للمسلمين بالدعوة إلى دينهم، بينما لا يسمح المسلمون في الدول الإسلامية للدعاة من غير المسلمين بالدعوة لدينهم هناك. فكيف نجيب عن مثل هذا السؤال؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالجواب أن دين الإسلام قد ختم الله به الأديان، ورسولنا قد ختم الله به الرسل، فكل شخص في هذا العالم مطالب باتباع دين الإسلام لا غيره، ومن هنا حرّم الله تعالى أن يدعو غير المسلم في بلاد المسلمين لإخراجهم عن دينهم الحق. وكذلك يجاب بأن هذه حرية شخصية للمجتمع المسلم الذي يفرض أنظمته وفق دينه فلماذا الغضب والاستنكار؟! وقد مارس المسلمون حقهم الشخصي والطبيعي في تطبيق أنظمتهم. ثم ألا ترى أن الغرب يمارس جميع أهوائه وفق ما يريد، وفوق ما يريد كتشريع الأنظمة العالمية التي تبيح كثيراً من المحرمات، وكاحتلال البلدان وفرض أنظمتهم عليها، وكإقصاء الأديان عن التأثير في مجريات الحياة العامة والخاصة.

طلق مكرها

طلَّق مُكرهاً المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/03/1427هـ السؤال طلقت زوجتي الثانية طلقة واحدة، رغم أنها لم تأتِ بإثم، لكن بضغط من أهلي, وبعد مدة قصيرة أرجعتها, وقد كنت عقدت النكاح بدون موافقة أهلي، وكنت قد عقدت العزم أن يتم الزواج بعد أشهر قليلة، فبعد أن علم أهلي أني أرجعتها وقفوا في طريق تحقيق الزواج , وبإصرار وضغط وتهديد تم الطلاق. سؤالي: لم أنطق بكلمة الطلاق، ولم أعقد النية في قلبي إنما أرسلت إليها ورقة بطلاقها. وأريد استرجاعها. فهل من سبيل إلى ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن كان الطلاق الصادر من مكلف -وهو العاقل البالغ- نطقاً أو كتابة قد تم تحت الإكراه الملجئ فطلق بسبب تهديده بالقتل أو بسبب التعذيب الواقع عليه، أو أخذ ماله، أو هدده قادر يظن إيقاعه به، ولم يمكنه التخلص من ذلك إلا بالطلاق، فطلق تبعاً لقوله لا قصداً للطلاق، فإن هذا الطلاق لا يقع؛ قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "أفتى الصحابة بعدم وقوع طلاق المكره وإقراره، فصح عن عمر أنه قال: ليس الرجل بأمين على نفسه إذا أوجعته أو ضربته أو أوثقته، وصح عنه أن رجلاً تدلى بحبل ليشتار فأتت امرأته فقالت: لأقطعن الحبل أو لتطلقني، فناشدها الله فأبت فطلقها، فأتى عمر فذكر له ذلك فقال له ارجع إلى امرأتك فإن هذا ليس بطلاق. وحكي عدم الوقوع عن علي وابن عمر وابن الزبير -رضي الله عنهم-". انظر: زاد المعاد (5/208) . وقال: "وقد صح عن ابن عباس: ليس لمكره ولا لمضطهد طلاق" ا. هـ إعلام المعوقين (3/38) . وقال -رحمه الله تعالى-: "وقال -أي الإمام أحمد- في رواية أبي الحارث: إذا طلق المكره، لم يلزمه الطلاق فإذا فُعل به كما فُعل بثابت بن الأحنف فهو مكره، لأن ثابتاً عصروا رجله حتى طلق فأتى ابن عمر وابن الزبير فلم يريا ذلك شيئاً، وكذا قال الله تعالى: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ" [النحل:106] . وقال الشافعي: قال عز وجل: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ" وللكفر أحكام، فلما وضعها الله تعالى عنه سقطت أحكام الإكراه عن القول كله؛ لأن الأعظم إذا سقط عن الناس سقط ما هو أصغر منه. وفي سنن ابن ماجه وسنن البيهقي من حديث بشر بن بكر عن الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله وضع عن أمتي" -وقال البيهقي "تجاوز لي عن أمتي"- الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". إعلام الموقعين (4/51) . قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "ولا يقع طلاق المكره. والإكراه يحصل إما بالتهديد أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد. وقال -في موضع آخر-: كونه يغلب على ظنه تحقق تهديده ليس بجيد، بل الصواب أنه لو استوى الطرفان لكان إكراها" ا. هـ الفتاوى الكبرى (5/568) . أما إن كان الإكراه غير ملجئ بل بسبب ضغوط بالكلام من غير فعل، كطاعة الولد والديه أو أهل بيته بطلاق زوجته من غير إيذاء فإن الطلاق واقع.

فإن كان هذا الطلاق قد وقع قبل الدخول والخلوة فقد بانت منك المرأة بينونة صغرى، فلا تحل لك إلا بعقد جديد مستوف الشروط والأركان قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا" [الأحزاب:49] . أما إن وقع بعد الدخول والخلوة وطلقتها بلا عوض فهي طلقة رجعية لك مراجعتها ما دامت في العدة، وتحسب طلقة واحدة. وأنصحك بعدم الاستعجال حتى تنهي الموضوع مع أهلك، خاصة أنك قد توقع الطلاق لو أرجعتها بسبب ضغوط أخرى فإن أكملت الثلاث بانت منك المرأة بينونة كبرى، فلا تحل لك إلا بعد أن تنكح زوجاً غيرك نكاح رغبة لا تحليل، قال تعالى: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة:229-230] . وكتابة الطلاق كنطقه على التفصيل الذي ذكرناه. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل يجوز العمل في هذه المنظمة

هل يجوز العمل في هذه المنظمة المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/04/1427هـ السؤال عرض علي عمل بمنظمة غير حكومية كموثق ومحرر لبرامج الكمبيوتر، هذه المنظمة من أهدافها ترسيخ قيم الديمقراطية، والتعاون الدولي، ومكافحة الظلم، والفقر في العالم. هل يجوز لي أن أعمل كاتبا أو محرراً لبرامج الكمبيوتر الخاصة بهذه المنظمة، مع العلم أنني لن أروج لأفكار هذه المنظمة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كنت بحاجة إلى العمل يسعك أن تعمل في هذا البرنامج، وبخاصة في مكافحة الظلم، والفقر، وترسيخ قيم الديمقراطية التي تعني الحوار، والتعاون، والشورى، والعدل، والبعد عن التعصب الأعمى، والعنصرية، والاستعلاء، إلى غير ذلك من القيم التي يزكيها ديننا الحنيف، وكل الرسالات السماوية، كما تستجيب لها العقول السوية، والفطر السليمة، هذا الجانب من القيم هو الذي ينبغي التعاون فيه، ولكن هناك الجوانب الأخرى السلبية التي تُصَدَّر إلى العالم الثالث من مثل المبالغة في المطالبة بحقوق المرأة وحرية السب والتشهير، والصراع الدائم بين الحاكم والمحكوم، واعتبار صراع المغالبة أساساً لفلسفة الحياة دون سقف لخلق أو دين. لذا لا مانع من العمل، مع شيء من الذكاء والديانة، والتمييز بين الخبيث والطيب، والله أعلم.

اتخاذ الوسائد ذات التصاوير

اتخاذ الوسائد ذات التصاوير المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/03/1427هـ السؤال أريد شراء قطيفة فيها تصاوير، فهل يجوز لي ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد: فإذا كان في هذه القطيفة تصاوير ذوات الأرواح، وتستخدم استخدام الفرش والسجاجيد بأن توطأ وتمتهن فاتخاذها جائز، وإن كانت تعلق وتنصب على الجدران أو النوافذ ونحوها فاتخاذها محرم؛ لما في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه هتكه وتلون وجهه، وقال: "يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله". قالت: فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين. وفي رواية: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرتفق عليهما" يعني: يتوسد. صحيح البخاري (5954) ، وصحيح مسلم (2107) . والشاهد منه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنكر على عائشة -رضي الله عنها- الستر الذي كان فيه التماثيل وغيَّره وأزاله حينما كان منصوباً، فلما جعلت منه وسائد يتكأ عليها لم يكرهها؛ لكونها مما يوطأ ويمتهن بخلاف المنصوب. وكان السلف -رحمهم الله- لا يرون بأساً باستعمال البسط ذات الصور إذا كانت مما يوطأ بالأقدام، يقول عكرمة مولى عبد الله بن عباس: كانوا يكرهون ما نصب من التماثيل نصباً ولا يرون بأساً بما وطأته الأقدام. ولأن هذه الصور إذا كانت تداس وتبتذل فإنها لا تكون معززة ولا مكرمة، فلا يكون فيها تشبه بالأصنام التي تعبد وتتخذ آلهة، وبالله التوفيق.

زكاة القطن

زكاة القطن المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/2/1425هـ السؤال هل القطن تجب عليه زكاة؟ مع العلم أنه محصول رئيسي، وإذا كان عليه زكاة فما مقدارها؟، وهل تحسم المصاريف قبل الزكاة أم بعدها؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: (ولا زكاة في الأزهار كالزعفران والعصفر، والقطن؛ لأنه ليس بحب، ولا ثمر، ولا هو بمكيل، ولا تجب فيه الزكاة كالخضروات) ، قال أحمد - رحمه الله-: (ليس في القطن شيء، وهذا ظاهر كلام الخرقي، وقيل فيه الزكاة، والقول الأول قول الجمهور) . والله أعلم.

دخول محارم الميت عليه

دخول محارم الميت عليه المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/05/1425هـ السؤال بعض مغاسل الموتى تمنع الرجال من الدخول إلى المتوفاة، وهم محارمها، وتمنع النساء من الدخول على الميت للسلام عليه بعد تغسيله مع أنهم محارمه، علماً بأنه يوجد مدخل خاص للنساء، ومكان خاص للنساء للسلام على الميت دون أن يراهم أحد، وإذا سُئِلَ عن السبب قيل: إنه من اتباع النساء الجنائز، وقد نهي عن ذلك، والمعروف أن الاتباع المحظور هو المقابر. أفيدونى، -جزاكم الله خيراً-. الجواب كون المرأة تأتي لترى زوجها أو والدها، أو أبناءها، أو أخاها، أو نحو ذلك، ليس فيه شيء من المحذور - إن شاء الله-، إنما الممنوع هو أن تمشي مع الجنازة، أو تزور المقابر، وأما رؤيتها له في مكان التغسيل فلا يدخل في النهي - إن شاء الله-. والله أعلم.

هل الخواطر والوساوس تؤثر في الإيمان

هل الخواطر والوساوس تؤثر في الإيمان المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 6/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. هل يجوز للفرد أن يعقد القران رغم إصابته بحالة شك في الإيمان؟ مع العلم أنه إنسان متدين جداً، ويؤدي الفرائض والسنن والنوافل في أوقاتها، ولم يخبر أحداً بهذه الوساوس والخواطر، وطول اليوم يكرر الشهادة من شدَّة خوفه، ولم يتلفظ بتلك الوساوس. فهل عقد الزواج يكون صحيحاً أم لا؟ مع العلم أن هذه الأفكار خارجة عن طاقتي ولا أتحكم فيها. أفيدونا جزاكم الله خيراً، ولا تنسونا من صالح الدعاء، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته. الجواب الأخ الكريم/ سلمه الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو أن تجد منا الفائدة والنفع. أخي الكريم: ثبت في الحديث الذي رواه البخاري (5269) ومسلم (127) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم" فطالما أن الوساوس والخواطر محلها قلبك أو نفسك ولم تتلفظ بها، فأنت في عفو منها ولا تؤاخذ عليها، والعقد حين ذلك صحيح، ولا إشكال فيه، ولكن الواجب عليك أن تتنبه لأمور ومنها: (1) الحرص على الانصراف عن التفكير في تلك الوساوس؛ لقوله -عليه السلام-:"يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" رواه البخاري (3276) ومسلم (134) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومعنى "ولينته" أي: ينصرف عن تلك الأفكار، ولا يلتفت لها حتى لا يقع في الاستغراق فيها. (2) الإكثار من التعوذ من الشيطان الرجيم. (3) الذهاب لعالم أو طالب علم وذكر الأمر له؛ حتى يدفعه لك بالعلم؛ لأن الوساوس ناتجة عن صورة من الجهل، ولا دافع لها مثل العلم. (4) حاول إشغال ذهنك بأمور من طلب العلم أو القراءة أو الدعوة أو ما شابه ذلك؛ حتى لا يجد الذهن وقتاً لتلك الأفكار. (5) أكثر من سؤال الله الثبات على دينه، وأن يصرف عنك تلك الوساوس. (6) تذكَّر أن الصحابة - رضي الله عنهم- مروا بمثل هذا، وقال لهم الرسول عليه الصلاة والسلام، كما في مسلم (132) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال:"وقد وجدتموه؟ " قالوا: نعم، قال"ذاك صريح الإيمان" أي: مدافعة تلك الوساوس إنما هو دليل إيمان. والله أسأل لي ولك الثبات على دينه إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

أجور قراء العزاء

أجور قراء العزاء المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. في مجتمعنا عندما نقوم باحتفال أو وليمة بأي مناسبة، أو حتى في الجنازة، نقوم بدعوة رجال يحفظون القرآن من أجل قراءة بعضٍ من القرآن والدعاء، ولكن الملاحظ أنه يلزم على صاحب الوليمة أو الجنازة دفع مقدارٍ معتبرٍ من المال لهؤلاء الرجال، وبعض المرات يجمعون الأموال من المدعوين مقابل الدعاء لهم ولذويهم، ويأخذها هؤلاء الرجال حتى ولو كان صاحب الجنازة فقيراً، مع العلم أن هؤلاء الرجال يعملون ويتقاضون أجرة. والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا الفعل من البدع التي يجب الإقلاع عنها، ودعوة من يعملها إلى تركها، ويجب على طالب العلم أن يبصِّر من حوله، فالاجتماع في مناسبة الجنازة، وتقديم الطعام للمدعوين، ودفع مبالغ من المال لمن يقرأ ويدعو من النياحة المحرمة، قال جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه-: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة" انظر المسند (6905) وسنن ابن ماجة (1612) . وأما إذا كان الاجتماع مباحاً كأن يكون بمناسبة زواج، أو قدوم مسافر، أو ختان فلا تجوز فيه القراءة بهذا الشكل المرتب على هذا الترتيب، وبالمؤاجرة المذكورة. والله أعلم.

بيع المساويك في ساحة المسجد

بيع المساويك في ساحة المسجد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/3/1425هـ السؤال حكم البيع في ساحة المسجد، لأعواد السواك والطيب ونحوه؟ حيث إنني إمام مسجد، وعندنا رجل يبيع في ساحة المسجد فآذوه الناس يقولون له: حرام تبيع في هذا المكان، فسُئِلت، فقلت لهم: لا بد من سؤال أهل العلم أولاً. فأفتونا في هذا -مأجورين- الجواب لا يجوز اتخاذ المسجد مكاناً للبيع أو الشراء، لا للسواك ولا غيره، ويلحق بالمسجد ساحاته المحاطة بسوره، أما إن كانت ساحاته غير محاطة، وإنما هي معدة لوقوف السيارات فلا بأس بالبيع والشراء فيها، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك" رواه الترمذي (1321) وغيره وقال: حديث حسن.

زيارة المعتدة لأمها المريضة!

زيارة المعتدة لأمها المريضة! المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/12/1426هـ السؤال امرأة توفي عنها زوجها وأمها مريضة وهي مسنة، وتخشى عليها الوفاة دون أن تزورها إذا انتظرت حتى تنقضي عدتها، مع العلم أن أمها تبعد عنها 190كيلو متر، فإذا زارتها فكم من الوقت تمكث عندها مراعاة لإجهاد السفر عليها؟ ومراعاة أيضا للحالة النفسية لأمها التي قد تؤثر على مرضها إذا ذهبت إليها وعادت مباشرة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيجوز لهذه المرأة أن تخرج نهاراً لزيارة أمها، لأن هذا من الحاجات ومن فعل الخير، لما روى جابر -رضي الله عنه- قال: طُلقت خالتي ثلاثاً فخرجت تجدُّ نخلها، فلقيها رجل فنهاها، فذكرتْ ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "اخرجي فجدِّي نخلك لعلك أن تصدقي منه أو تفعلي خيراً" رواه مسلم (1483) ، وأبو داود (2297) ، والنسائي (3550) . وقد احتج الفقهاء بهذا الحديث على جواز خروج الحادة من بيتها نهاراً لقضاء حوائجها. وعليه فالمدة التي يمكن أن تخرج فيها هي النهار، ولا بأس لو مضى شيء من الليل قبل أن تدخل بيتها، لكن لابد أن تبيت أكثر الليل في دارها التي تعتد فيها. والله أعلم.

السفر من أجل زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-

السفر من أجل زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/09/1426هـ السؤال قرأت أن كل من يؤدي الحج عليه أن يزور قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سواءً كان ذلك في طريقه أم لا؛ لأن زيارته من أهم العبادات وأعظمها أجراً، وأسماها هدفا، فما الموقف الشرعي الصحيح من زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالسفر إلى المدينة النبوية للصلاة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- مشروع؛ للحديث الصحيح: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى" أخرجه البخاري (1189) ، ومسلم (1397) . ثم إذا وصل إلى المسجد يشرع له أن يزور قبر النبي-صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه، ثم بقية مقابر المسلمين من الصحابة وغيرهم، وذلك للسلام عليهم والدعاء لهم. أما مقولة: (إن زيارة قبر النبي-صلى الله عليه وسلم- من أهم العبادات) فلا دليل على ذلك، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه أن المسلم يصلي ويسلم عليه حيثما كان، وأن السلام يبلغه من أي مكان، انظر مسند البزار (1425، 1426) ، وصحيح الترغيب والترهيب (1664-1667) وهذه من خصوصياته-صلى الله عليه وسلم-.

ذكر أحب الناس إذا خدرت الرجل

ذكر أحب الناس إذا خدرت الرِّجل المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/01/1427هـ السؤال ذكر الإمام البخاري في كتابه الأدب المفرد، والإمام ابن السني أن عبد الله بن عمر أصاب رِجْله خدر، فنصحه البعض بتذكر أحب الناس إليه، فقال الصحابي الجليل بصوت مرتفع: "وا محمدا ". فبرئ في الحال. فماذا تقولون في ذلك؟ وهل تصح مثل هذه الرواية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فلم يثبت ذكر أو دعاء يقال عند خدر الرِّجْل، وقد ورد خبران موقوفان عن ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهما- وهما: 1. أخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة (170) من طريق الهيثم بن حنش، قال: كنا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فخدرت رِجْله، فقال له رَجُل: اذكر أحب الناس إليك. فقال: يا محمد. فكأنما نشط من عقال. والهيثم بن حنش مجهول. 2. وأخرج ابن السني أيضاً في عمل اليوم والليلة (169) من طريق غياث بن إبراهيم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن مجاهد، قال: خدرت رِجْل رَجُلٍ عند ابن عباس، فقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: اذكر أحب الناس إليك. فقال: محمد. فذهب خدره. وفي إسناده غياث بن إبراهيم، وهو كذاب. 3. وأخرج البخاري في الأدب المفرد (ص 324) من طريق أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد، قال: خدرت رِجْل ابن عمر، فقال له رَجُل: اذكر أحب الناس إليك. فقال: يا محمد. وفي هذا الإسناد: عبد الرحمن بن سعد ليس له في الكتب الستة ولواحقها سوى هذا الأثر في الأدب المفرد للبخاري، ويظهر أنه مجهول الحال، وقد سئل ابن معين: مَن عبدُ الرحمن بن ُسعد؟ فقال: لا أدري [ينظر: تاريخ ابن معين (4/24) ] ، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم والبخاري جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في الثقات، ونقل ابن حجر في التقريب توثيقه عن النسائي، وقد عرف عن النسائي أنه ربما حصل له تساهل في التوثيق، لاسيما وأنه لم يشاركه أحد من الأئمة المعتبرين في توثيقه، قال المعلمي: ابن سعد وابن معين والنسائي وآخرون غيرهم يوثقون من كان من التابعين وأتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروي متابع أو شاهد، وإن لم يرو عنه إلا واحد ولم يبلغهم عنه إلا حديث واحد [التنكيل (1/16) ] .

إثبات صلة العقيدة بالأخلاق

إثبات صلة العقيدة بالأخلاق المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/01/1427هـ السؤال سمعت أستاذ علم النفس في الجامعة يقول: إن العقيدة مفصولة عن الأخلاق. وأنا أعرف أن قوله خطأ، لكن الأغلبية ممن أعرفهم يعتقدون أن هذا الكلام صحيح. فكيف نقنعهم؟! الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن قول القائل: (الأخلاق منفصلة عن العقيدة) -بمعنى أنه لا علاقة للعقيدة بالأخلاق- مقولة باطلة؛ لأن العقيدة الصحيحة تستلزم التحلي بكل خلق فاضل، والتخلي عن كل خلق ذميم، وبيان ذلك: أن الأخلاق ترتبط بثلاثة أركان من أركان الإيمان هي محل إجماع الرسالات الإلهية، وهي الإيمان بالله وبرسله وبالبعث: 1- فمن ناحية الإيمان بالله فإن المسلم عندما يمارس الأخلاق الفاضلة ويجتنب الأخلاق السيئة يعتقد ويؤمن أن الله أمره بذلك، فيمارسها على أنها جزء من إيمانه بالله، أو أنها من لوازم إيمانه بالله، وأن الله فرض عليه ذلك وألزمه به. ومن شواهد ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان" صحيح البخاري (9) ، وصحيح مسلم (35) ، فجعل إماطة الأذى عن طريق الناس -وهو من الأخلاق النبيلة- شعبة من شعب الإيمان. وبوّب أهل العلم الذين صنفوا في الإيمان وشعبه وخصاله على كثير من الأخلاق، وعدوها من شعب الإيمان، مثل كتاب البيهقي (شعب الإيمان) ، ومختصره للقزويني، وغيرهما، بل إن المصنفين في الحديث بشكل عام يوردون تحت مسمى الإيمان كثيراً من الأخلاق، على سبيل التمثيل أنها من شعب الإيمان وأجزائه.. 2- وأما ارتباط الأخلاق بالعقيدة من جهة الإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فإن المسلم يمارس الأخلاق على أن الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- حثَّ عليها وبلغها عن ربه، فهو لاعتقاده بنبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه مبلغ عن ربه -ومما بلّغه الأخلاق- يمارس الأخلاق من هذا الجانب أيضاً، فمقتضى إيمانه برسول الله -صلى الله عليه وسلم- امتثال ما أمر به من الفضائل، والابتعاد عمَّا نهى عنه من الرذائل. بل ويمارس الأخلاق أيضاً على سبيل الاقتداء بنبيه المعصوم الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق، فتممها إذ كان خلقه القرآن صلوات الله وسلامه عليه. 3- وأما ارتباطها بالإيمان باليوم الآخر فمن حيث الجزاء عليها ثواباً أو عقاباً، فيمارس الأخلاق الفاضلة مؤمناً ومعتقداً بأن الله سيثيبه عليها أجراً عظيماً، وأنها سبيل إلى الجنة، ففي الحديث: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا.." صحيح البخاري (6134) ، وصحيح مسلم (2607) . بل إنها سبب للقرب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الجنة، ففي الحديث: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا.." أخرجه الترمذي (2018) .

ويبتعد المؤمن عن كل خلق ذميم ودنيء؛ لأنه سيعاقب عليه يوم القيامة، وقد يكون سبباً لدخول النار والعياذ بالله، ففي الحديث السابق: " ... وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا". كما أن الأخلاق الذميمة سبب للبعد عنه -صلى الله عليه وسلم- ففي حديث الترمذي المتقدم: "وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون ... ". ولزيادة الإيضاح أسوق بعض النصوص الشرعية الواردة في الأخلاق، وكيف ربطت الأخلاق بالعقيدة. فقد جاء في كتاب الله آيات تخاطب المؤمنين بوصف الإيمان -والإيمان عقيدة وعمل- حاثةً لهم على بعض الأخلاق الفاضلة، أو ناهية لهم عن بعض الأخلاق الذميمة، وأن من صفات المؤمنين الالتزام بهذه الأخلاق فعلاً لحسنها وتركاً لسيئها مما يدل على ارتباط هذه الأخلاق بالإيمان ارتباطاً قوياً. 1. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [النور:27] . 2. وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" [الحجرات:11] . 3. وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ" [التوبة:119] والآيات في هذا كثيرة. كما جاءت السنة بمثل ذلك: 4. فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء". أخرجه الترمذي (1209) . 5. وقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه". صحيح البخاري (6475) ، وصحيح مسلم (47) . 6. وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" صحيح البخاري (13) ، وصحيح مسلم (45) . 7- ولما سأل هرقل أبا سفيان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بماذا يأمر؟ قال له أبو سفيان: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. صحيح البخاري (7) ، وصحيح مسلم (1773) . إلى غير ذلك من النصوص الشرعية. وبهذا يتبين لنا الرباط الوثيق بين العقيدة وبين الأخلاق، وأن مقتضى الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر التحلي بكل خلق فاضل، والتخلي عن كل خلق ذميم. والكلام في هذا يطول، وفيما ذكر كفاية. والله أعلم وأحكم.

رسوم اشتراك على مرتادي المسجد

رسوم اشتراك على مرتادي المسجد المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/03/1427هـ السؤال تنوي لجنة المسجد في مدينتنا الطلب من المسلمين مرتادي المسجد أن يدفعوا اشتراكا شهريا للمسجد، والغرض من الاشتراك توفير الأموال اللازمة لتسيير شؤون المسجد، من راتب للإمام والكهرباء والماء والتنظيف وغيرها، وكذلك لتوزيع أعباء المشاركة على أكبر عدد ممكن من المسلمين الذين يرتادون المسجد، وينتفعون بخدماته. ولتشجيع أكبر عدد ممكن فإنه سيتم إعطاء الأولوية وتقديم خدمات مخفضة لدافعي الاشتراك، مثل تخفيض رسوم المدرسة الإسلامية، ورسوم عقد الزواج، ورسوم الدفن، وغيره. فما حكم هذا الاشتراك الشهري، وهل يجوز للجنة المسجد أن تشترطه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالتبرع للمساجد وعمارتها عبادة يؤجر المرء عليها، قال تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ" [التوبة:18] . قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وليس المراد من عمارتها زخرفتها وإقامة صورتها فقط، إنما عمارتها بذكر الله فيها وإقامة شرعه فيها، ورفعها عن الدنس والشرك" ا. هـ التفسير (1/157) . وقال تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رجال" [النور:36] . ذكر عبد الرزاق الصنعاني -رحمه الله تعالى-: في تفسيره عن الحسن قال: "أذن الله أن تبنى ويصلى له فيها بالغدو والآصال". تفسير الصنعاني (3/61) . وقال الطبري -رحمه الله تعالى-: "واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: "أذن الله أن ترفع" فقال بعضهم: معناه أذن الله أن تبنى ثم روى عن مجاهد (أذن الله أن ترفع) قال: تبنى. وقال آخرون معناه: أذن الله أن تعظم. ثم روى عن الحسن في قوله: (أذن الله أن ترفع) يقول: أن تعظم لذكره. ثم قال: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب القول الذي قاله مجاهد، وهو أن معناه أذن الله أن ترفع بناء، كما قال جل ثناؤه: "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ" وذلك أن ذلك هو الأغلب من معنى الرفع في البيوت والأبنية " ا. هـ التفسير (18/145) . وقال العلامة السعدي -رحمه الله تعالى- قوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" [النور:36] يعم أحكام المساجد كلها، فإنه أمر فيها بشيئين: برفعها الذي هو تعظيمها وصيانتها عن الأوساخ، والأقذار والأنجاس الحسية والمعنوية، وتعمر العمارة اللائقة بها، ويذكر فيها اسمه بأنواع التعبد من صلاة وقراءة، وتعلم علم نافع، وتعليم، وذكر الله تعالى، فكل ما قاله أهل العلم من أحكام المساجد وفصلوه فهو داخل في هذين الأمرين، فتبارك من جعل كلامه فيه الهدى والشفاء والنور" فتح الرحيم الملك العلام (121) .

وقال -رحمه الله-: "أي: يتعبد الله" في بيوت" عظيمة فاضلة هي أحب البقاع إليه وهي المساجد. "أذن الله" أي: أمر ووصى" أن ترفع ويذكر فيها اسمه" هذان مجموع أحكام المساجد، فيدخل في رفعها بناؤها وكنسها وتنظيفها من النجاسة والأذى، وصونها من المجانين والصبيان الذين لا يتحرزون عن النجاسة وعن الكافر وأن تصان عن اللغو فيها ورفع الأصوات بغير ذكر الله. "ويذكر فيها اسمه" يدخل في ذلك الصلاة كلها فرضها ونفلها وقراءة القرآن والتسبيح والتهليل وغيره من أنواع الذكر، وتعلم العلم وتعليمه والمذاكرة فيها والاعتكاف وغير ذلك من العبادات التي تفعل في المساجد، ولهذا كانت عمارة المساجد على قسمين: عمارة بنيان وصيانة لها، وعمارة بذكر اسم الله من الصلاة وغيرها، وهذا أشرف القسمين، ولهذا شرعت الصلوات الخمس والجمعة في المساجد وجوباً عند أكثر العلماء، أو استحباباً عند آخرين" تيسير الكريم الرحمن (5/422) . وعن عائشة –رضي الله عنها- قالت: أمرنا رسول الله –صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم- ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب". رواه أحمد (26429) ، وأبو داود (455) ، والترمذي (594) ، وابن ماجه (759) ، وصححه ابن حبان (1634) . وقد جاء في فضل عمارة المساجد أحاديث كثيرة منها: حديث عثمان بن عفان –رضي الله عنه- قال: إني سمعت النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: "من بنى مسجداً –قال بكير أحد الرواة: حسبت أنه قال- يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة" رواه البخاري (439) ، ومسلم (533) . فنلاحظ هنا أنه شرط لنيل هذا الأجر أن يكون لوجه الله تعالى، أما أن يدفع ليحصل على تسهيلات فقط فليس له من الأجر إلا ما حصله. عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" رواه البخاري (1) . عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء. فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن. فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليُقال: عالم. وقرأت القرآن ليقال: هو قارئٌ. فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد. فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار" رواه مسلم (1905) . ومثل ذلك باقي الأعمال الصالحة كالتبرع للمساجد، فمن تبرع ليحصل على التخفيض فلا أجر له، أما من تبرع لوجه الله تعالى لا يريد عرضاً من الدنيا فحصل على تخفيض غير مقصود له فلا بأس.

وأعمال البر ينبغي أن لا يُربط فعلها بحصول عرض من أعراض الدنيا مما يتسبب في تربية الناس على ذلك، بحيث لا يفعل أحد شيئاً من المعروف إلا بمقابل دنيوي، والواجب على القادرين خاصة في الدول التي لا تتولى وزارات الأوقاف عمارة المساجد أن يقدموا ما يستطيعونه، لأجل عمارة المساجد وتنظيفها وتأمين رزق للإمام والمؤذن والخادم وتسديد الفواتير الخدمية وغير ذلك ليظهر المسجد بالصورة المناسبة. وأشير إلى أنه لا ينبغي التكلف في عمارة المساجد والمبالغة في زخرفتها مما يُكلف مبالغ طائلة، بل قد ورد النهي عن ذلك فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد" رواه أبو داود (449) ، وابن خزيمة (1322) ، والضياء (2238) من حديث أنس -رضي الله عنه-. وقال أبو سعيد -رضي الله عنه-: كان سقف المسجد من جريد النخل، وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: أكن الناس من المطر، وإياك أن تُحمِّر أو تُصفِّر فتفتن الناس. وقال أنس: يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلاً. وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. رواه البخاري تعليقاً (1/171) . والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

توزيع الإعلانات التجارية في المساجد

توزيع الإعلانات التجارية في المساجد المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 6/3/1425هـ السؤال نحن جمعية دينية بإحدى المدن الغربية، حيث يوجد بالمدينة أربعة مساجد، (وهي بالنسبة لحجمها مصليات، وكما تعلمون أننا هنا في الغرب ليس للجمعيات دعم من الدولة، فالمسلمون هم الذين يقومون بالإنفاق على بيوت الله لتوفير احتياجاتها من دفع أجرة الإمام، تكاليف الكهرباء، الفراش، وغيرها من الحاجيات اللازمة رغم قلة اليد. وقد هدانا الله في الآونة الأخيرة إلى الاستعانة بطريقة جديدة، رأينا فيها الخير للمسلمين، ولبيوت الله، وهي اتفاقنا مع مجموعة من التجار المسلمين الذين يتاجرون في السلع الحلال بالتكفل بنفقات طبع اليوميات الخاصة بمواقيت الصلاة بالمدينة، مع إثبات أسماء محلاتهم، وكذلك شكرهم على هذه المساهمة، مع العلم أن الدخل الناجم عن بيع هذه اليوميات كلها لفائدة المساجد، ليس لأحد فيها نصيب، إلا أن بعض إخواننا لامونا على هذا الفعل، بل ذهبوا إلى الإفتاء بعدم جوازه، نرجو أن تبينوا لنا وجه الصواب بجواب شاف وكاف. -وجزاكم الله عنا خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن تصرفكم هذا تصرف صحيح، وأنتم مأجورون على ذلك -بإذن الله-، والاستفادة من مرافق المسجد لا محظور فيها إذا كانت المنفعة ستعود للمسجد نفسه. ولا مانع من توزيع هذه الأوراق داخل المسجد وخارجه، ووجود اسم المحل على ورقة المواقيت لا يدخل في نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن البيع والشراء داخل المسجد؛ لأن هذا ليس ببيع ولا شراء، ولأن المقصود من طباعة هذه الأوراق في الأصل هو تعريف الجالية المسلمة لديكم بالمواقيت، وليس الدعاية لصاحب المحل، وهذا كالأدوات التي تحمل في طياتها دعاية وترويجاً للمنتج أو الموزع، كالأجهزة الكهربائية، وعلب المناديل، ونحو ذلك، فهذه لا يمنع من استخدامها داخل المسجد؛ لأن المقصود منها في الأصل المنفعة التي فيها وليس الدعاية. والله الموفق.

هل ختم الرسل بمحمد كما ختم به الأنبياء؟!

هل خُتم الرسل بمحمد كما خُتم به الأنبياء؟! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 8/11/1424هـ السؤال هناك طائفة لها موقع على شبكة المعلومات تدعي أن نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- كان آخر نبي، لكنه لم يكن آخر رسول، وهم ينظرون إلى راشد خليفة كرسول لهم جاءت رسالته لتحذير الناس لاتباع القرآن فقط بدلا من الأشياء المضللة (يقصدون بذلك الأحاديث) ، وفوق ذلك يقولون: كل نبي رسول، وليس كل رسول نبي، والحظر إنما جاء في القرآن على النبي وليس الرسول (والعياذ بالله) ، فهل هناك نص معين في القرآن بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخر نبي وآخر رسول؟ وكيف ندحض حججهم الكفرية بالقرآن؟ هذا الموضوع هام جداً؛ لأن هذه الجماعة تنشط الآن في الجامعات والكليات. الجواب من عقائد المسلمين القطعية إيمانهم بأن محمداً عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد دل على هذا نصوص الكتاب والسنة. قال الله سبحانه: "وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً" [الأحزاب: من الآية40]

ومعنى خاتم النبيين: أي الذي ختمت به النبوة فطبع عليها فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة. وهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بطريق الأولى والأحرى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسول. قال القاضي عياض: والصحيح الذي عليه الجم الغفير - أي عامة العلماء - أن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسول. الشفاء (1/ 347) ، والأدلة على أن مقام الرسالة أخص وأكمل من مقام النبوة كثيرة، ومنها قوله تعالى: "فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ" [الأحقاف: من الآية35] ، فنوه الله سبحانه وتعالى بأولي العزم من الرسل وأمر نبيه أن يقتدي بصبرهم وثباتهم، وهم على أشهر الأقوال: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وخاتم النبيين محمد عليهم الصلاة والسلام. وذكرهم الله بوصف الرسالة مما يدل على أن وصف الرسالة أخص وأكمل، وأخرج الإمام أحمد في مسنده (22288) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه- قلت: يا رسول الله كم وَفَى - أي بلغ - عدة الأنبياء؟، قال: " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً "، وقد دلت السنة المتواترة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه خاتم الأنبياء والمرسلين ومن ذلك: ما جاء في الصحيحين البخاري (3535) ومسلم (2286) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين"، وفي رواية في (تاريخ دمشق) لابن عساكر من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: "فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة، ختم بي البنيان، وختم بي الرسل" ذكرها السيوطي في الجامع الكبير، وكذلك ما جاء في الصحيحين البخاري (3532) ومسلم (2354) من حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب، والعاقب الذي ليس بعده نبي"، وكذلك ما جاء في صحيح مسلم (1920) عن ثوبان، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وإنه سيكون من أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، ولا نبي بعدي"، وما جاء في صحيح مسلم (523) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فضلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون".

قال الحافظ ابن كثير: (وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه، ورسوله في سنته المتواترة عنه أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل، ولو تخرق وشعبذ وأتى بأنواع السحر والطلاسم) ، فهذه الطائفة المذكورة طائفة ضالة زائغة عن الهدى، مكذبة للقرآن والسنة، وهذا المدعي للرسالة كذاب أفاك مفتر على الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. قال القاضي عياض: (نكفر من ادعى نبوة أحدٍ مع نبينا صلى الله عليه وسلم ... أو من ادعى النبوة لنفسه، أو جوز اكتسابها والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها كالفلاسفة وغلاة المتصوفة، وكذلك من ادعى منهم أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة، فهؤلاء كلهم كفار مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه خاتم النبيين لا نبي بعده، وأخبر صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى أنه خاتم النبيين ... ) الشفاء (2/ 1070) . هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

بعض اليهود والنصارى يعفون لحاهم، فهل نخالفهم بحلقها؟

بعض اليهود والنصارى يعفون لحاهم، فهل نخالفهم بحلقها؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/11/1424هـ السؤال أمرنا ديننا بإعفاء اللحى، لكي نخالف اليهود والنصارى، لكني أشاهد علماء اليهود والنصارى لا يحلقون لحاهم، وحتى المجوس؟ فهل نخالفهم بحلقها؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله. وبعد: فإن إعفاء اللحى شريعة ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بأمره وفعله، انظر مثلاً ما رواه البخاري (5892) ومسلم (259) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- ومخالفة أهل الكتاب بإعفاء اللحية ليست قيداً، ولا علة يدور معها الحكم وجوداً وعدماً، وعليه فلو ربى بعض اليهود والنصارى وغيرهم لحاهم، لم يؤثر ذلك في بقاء مشروعية الإعفاء، كما لو فعلوا شيئاً من الأخلاق والتصرفات المحمودة شرعاً، فإنا لا نتركها مخالفة لهم، ومخالفة اليهود والنصارى من المقاصد المعتبرة شرعاً فيما هو خاص بهم من أخلاقهم، أو شرائعهم، وعاداتهم، ولم يأت في شرعنا ما يأمر به، أو يمدحه. والله أعلم وأحكم.

خبر هم النبي عليه الصلاة والسلام بإلقاء نفسه من ذروة جبل

خبرُ همّ النبي عليه الصلاة والسلام بإلقاء نفسه من ذروة جبل المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/1/1425هـ السؤال السلام عليكم. هذه شبهة يتداولها بعض الشباب؛ شبهة محاولة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الانتحار في صحيح البخاري (6982) هل هي صحيحة؟ وإذا كانت صحيحة ما الذي منعه من الانتحار؟ أرجو التفصيل في هذا مع ذكر أقوال العلماء. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فجواباً عن السؤال أقول - وبالله التوفيق -: الحديث المذكور في صحيح البخاري (6982) هو حديث طويل في قصة بدء الوحي، من رواية الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله عنهما-. وقصة الانتحار جاءت في آخر متن الحديث، مقدمة بعبارة: "وفتر الوحي فترةً حتى حزن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً كي يتردَّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه، تبدَّى له جبريل، فقال: يا محمد: إنك رسول الله حقًّا. فيسكن لذلك جأشه وتقرَّ نفسه، فيرجع ... ". فواضحٌ من قوله في أول هذا الخبر: "حزن النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما بلغنا.."، ومن قوله: "فيما بلغنا" خاصة أنه خبر ممن لم يسمع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه خبر بلغ هذا الذي قال هذه العبارة دون سماع أو مشاهدة. ومثل هذه العبارة لا يقولها غالباً إلا رجل من التابعين أو من جاء بعدهم، ولا يقولها الصحابة -رضي الله عنهم- غالباً. ولذلك فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا الكلام من كلام الزهري، يرويه مرسلاً. وهذا هو الذي رجحه الحافظ ابن حجر في كتابه: فتح الباري (12/376) . وعليه فهذا الخبر مرسل، والمرسل من أقسام الضعيف، وخاصة مرسل الزهري؛ لكونه من صغار التابعين، ولغير ذلك. وإخراج البخاري لهذه اللفظة لا يلزم منه أنه ُيحكم بصحتها؛ لأنه إذا أخرج الحديث، وأظهر علته (كما حصل هنا) ، فإنه يكون قد أبرز ما يدل على عدم صحته، كما نبَّه على ذلك أهل العلم، في مواطن متعددة من صحيح البخاري. وبذلك يزول الإشكال بأن القصة لا تصح أصلاً. والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. موضوع ذات صلة: (غرابة محاولة الرسول صلى الله عليه وسلم التردي)

غرابة محاولة الرسول صلى الله عليه وسلم التردي

غرابة محاولة الرسول صلى الله عليه وسلم التردي د. الشريف حاتم بن عارف العوني 18/2/1425 08/04/2004 ورد إلى نافذة الفتاوى سؤال يتعلق بخبرِ همّ النبي عليه الصلاة والسلام بإلقاء نفسه من ذروة جبل وهو في صحيح البخاري فأجاب عنه فضيلة الشيخ/ د. الشريف حاتم بن عارف العوني - حفظه الله - وذكر أن القصة لا تصح أصلاً وقد أظهر البخاري ضعفها. ثم وردنا تعقيب من أحد قرائنا الأعزاء على هذه الفتوى مفاده " لعل الانتحار لم يكن حرم في ذلك الوقت؟ " فعرضنا هذا التعقيب على الشيخ المجيب؛ فتفضَّل بالإجابة. جزاه الله عنا خيراً، فإليكم التعقيب والتوضيح التعقيب: فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لماذا لم يذكر الدكتور حاتم أن المبرر في همِّ الرسول بإلقاء نفسه من الجبل هو أن الانتحار لم يكن محرمًّا في ذلك الوقت؟ فمن المؤكد أن الواقعة المذكورة كانت في بداية الوحي والرسالة في مكة المكرمة، أما الحديث الشريف: "من قتل نفسه بحديدة...." إلى آخر الحديث، فقد كان في المدينة المنورة بعد الهجرة، وكما هي القاعدة فإن الأحكام اللاحقة تنسخ الأحكام السابقة. أرجو إفادتي وتصحيح المعلومة إن كانت خطأ والنشر إن كانت صواباً، وجزاكم الله خيراً. ***** التوضيح: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن غرابة (أو نكارة) خبر محاولة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتردى من جبال مكة ليست من قِبل أنه فقط قتل للنفس وانتحار، بل من عدة جهات: أولاً: هل يُتصوّر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شكَّ في كونه نبيًّا بعد نزول الوحي عليه؟! فإن شك هو فمن بُعث إليهم أولى بالشك!!! ثانياً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حين علم أن ما جاءه من الوحي يقتضي أن يتحمل أعباء الرسالة، فقد ألزمه ربه - عز وجل- أن يستعد لذلك للبلاغ والدعوة العظمى. فكيف يجوز له أن يتخلى عن أداء ما كلفه وشرفه به ربه - عز وجل-؟! وما أجل وأعظم ذلك التكليف والتشريف!!!، ولا شك أن تَرْك مهمة التبليغ بهذه الصورة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر مستنكر جداً، وقد عوقب نبي من الأنبياء لأمر أقل من هذا، كما قال تعالى: "وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" [الأنبياء: 87] ، وقال تعالى: "ولا تكن كصاحب الحوت ... " [القلم: 48] . ثالثاً: أن قتل النفس مما ارتكز في الفطر استقباحه، واتفقت عليه جميع الأديان والمذاهب والقوانين، فليس استقباح ذلك منوطاً فقط بورود الشرع به. وإلا فهل استجاز أحدٌ من المسلمين قَتْل نفسه قبل ورود الشرع به، مع ما كان ينالهم من الأذى والتعذيب، بل كانوا يؤمرون بالصبر وعدم الاستعجال. هذا والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

هل للنبي صلى الله عليه وسلم علم باطني

هل للنبي صلى الله عليه وسلم علمٌ باطنيٌ المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/11/1424هـ السؤال هل كان لدى النبي - صلى الله عليه وسلم- علم باطني؟ بمعنى أن يكون الله - سبحانه وتعالى- أطلعه على علم لم يكشفه للناس؟ فهل يجوز أن نقول إن عند النبي - صلى الله عليه وسلم- علماً باطنياً؟. الجواب لا يجوز أن يقال: بأن لدى النبي - صلى الله عليه وسلم- علماً باطنياً؛ لأن ذلك لا يمكن إثباته إلا بالوحي، وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لا يعلم الغيب قال -تعالى-: "وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ" [الأعراف: من الآية188] ، وأمر الله -تعالى- نبيه -عليه الصلاة والسلام- بأن يقول: "ولا أعلم الغيب" [الأنعام:50] ، وقال تعالى: "قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ" [النمل: من الآية65] ، وعلم الباطن نوع من الغيب، وقد يكون الله أطلع نبيه - صلى الله عليه وسلم- على شيء لم يكشفه للناس كما أطلعه على أعيان المنافقين، لكن ذلك لا يسمى علم الباطن، لأن الذين يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم- يعلم علم الباطن يقصدون بذلك أشياء هي من الشركيات والخرافات، والتخرصات، والأوهام، والظنون، والفلسفات، والمعتقدات الباطلة المنافية للشرع، ويدخلون تحت اسم علم الباطن كل عقائد الملل والديانات، والمقالات الضالة والمنحرفة المضادة للتوحيد والحق، ثم يزعمون أن ذلك من العلم الباطن الذي يعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم- والأولياء ونحو ذلك، وهذا باطل، ويجب على المسلم أن يبتعد عن هذه المتاهات المهلكة.

فضل الصلاة في الروضة بالمسجد النبوي؟

فضل الصلاة في الروضة بالمسجد النبوي؟ المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/05/1425هـ السؤال السلام عليكم. هل ورد فضل في الصلاة في الروضة بالمسجد النبوي؟ وهل يستوي في هذا النساء والرجال؟ وهل إذا حضر أحد المسجد النبوي الأفضل له أن يسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم- من أي مكان؟ أو يذهب إلى قبره ويسلم عليه وعلى صاحبيه -رضي الله عنهما-؟ أفتونا - مأجورين-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة" متفق عليه عند البخاري (1195) ، ومسلم (1390) من حديث عبد الله بن زيد المازني -رضي الله عنه-، وجاء من حديث عبد الله بن لبيد - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من سره أن يصلي في روضة من رياض الجنة فليصل بين قبري ومنبري" رواه الديلمي في الفردوس (5676) والمتقي الهندي في كنز العمال (34950) ، وفيه ضعف في إسناده، ويستوي هنا الرجال والنساء دون فرق، حيث لا مخصص. أما السلام على النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن السلام عليه يبلغه حيث كان المسلِّم، فقد جاء في الحديث: " ... وصلوا عليَّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" رواه أبو داود (2042) وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-،وقال: "ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام" رواه أبو داود (2041) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ووكل الله به ملائكة يبلغونه عن أمته السلام. لكن إذا كان الإنسان في المسجد فالأولى أن يأتي قبره، وقبر صاحبيه فيسلم عليهم. والله أعلم.

هل يترك ابنه في بيئة كافرة؟

هل يترك ابنه في بيئة كافرة؟ المجيب يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب مسلم سبق لي الزواج من امرأة أوروبية، وبعد مدة من الخلافات حدث الطلاق، لي منها ولد عمره الآن 11 سنة، هي الآن ارتدت عن الدين الإسلامي. وتزوجت من رجل آخر من أهل بلدتها، القانون هنا يعطي المرأة دائما حق الحضانة للأطفال، ابني كان قد حفظ بعضاً من القرآن، ويعرف كيف يصلي، ولكنه الآن يعيش في جو كله كفر، ماذا أفعل؟ جزاكم الله كل خير، أنا الآن -والحمد لله- صلتي بربى جيدة، أداوم على الصلاة وتعاليم ديني الحنيف؛ لأني أخشى يوم لقاء ربي وحسابه، أفكر الآن في العودة إلى بلدي أو أي بلد مسلمة، بعد أن مللت العيش في بلاد الكفار وخاصة بعد قراءة كثير من الفتاوى التي تحرم الإقامة في بلاد الكفار، ماذا أفعل؟ وهل أترك ابني هنا؟. أفيدوني أفادكم الله، وجزاكم عني كل الخير والثواب. الجواب الحمد لله وحده. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخ السائل -حفظه الله-. كنت أتمنى لو اطلعتَ على الفتوى القائلة بحرمة العيش في بلاد الكفر، وما ورد فيها من أحكام خاصة وعامة قبل أن تتزوج من أوروبية، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه. اعلم رعاك الله أن الحكم بردة زوجتك قضية خطيرة، فتأكد من قولك، لأن قضية التكفير بلية عظيمة لا نزال نصطلي بنارها، وإذا قال المسلم لأخيه -يا كافر- فقد باء بها أحدهما كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري (6104) ، ومسلم (60) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، فمجرد زواج مطلقتك من رجل غير مسلم مع عدم اعتقادها الحل لا يعتبر مسوغًا للحكم عليها بالردة. وعسى الله أن يعيدها إلى حمى الإسلام والإيمان. أما إذا ارتدت فعلا عن الإسلام فهي شر أراحك الله منه. أما ما قلته إن "القانون يعطي المرأة دائما الحق" فأنت محق لا محالة، وبناء على هذا الأمر وغيره من الأسباب لا ننصح بالزواج من الكتابية إلا إذا كانت الإقامة في مجتمع إسلامي، وتحت سلطان الإسلام والسواد الأعظم من المسلمين. وأما في بلاد الغرب فلا سلطان لا للإسلام ولا للمسلمين، والقوامة والسلطة سواء داخل البيت أو خارجه للزوجة الكتابية على حساب زوجها المسلم. وقد تساءلت بقولك "هل أترك ابني هنا" والجواب:

إن استطعت أن تأخذه إلى بلدك بالحكمة وبطريقة حسنة لا تعرضك لمكروه فعليك بها. ولكن قبل أن تفكر في هذا المشروع لا بد أن تستعلم عن قوانين بلدك؛ لأن كثيرًا من الدول الغربية بينها وبين الحكومات الإسلامية قوانين تلتزم بموجبها هذه الأخيرة إعادة الأولاد إلى أمهاتهم الأوربيات. وتكون حينها كمن استجار من الرمضاء بالنار، وفي الأخير: إن لم تقصر في تربيتك لزوجتك ولابنك فلا لوم عليك إن شاء الله، وأما خوفك على مستقبل ابنك فاعلم أن الله ولي الصالحين، وهو معك في السراء والضراء، مجيب المضطر إذا دعاه وكاشف السوء، فالزم طاعته وتقواه واجتهد في الدعاء فإنه -سبحانه وتعالى- قال: " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين" [الطور: 21] ، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الطويل: "احفظ الله يحفظك" رواه الترمذي (2516) وغيره من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- فإن حفظت الله بالتزام العقيدة السليمة المنجية، عقيدة سلف الأمة، والتزم بفعل الواجبات وترك المنهيات، فإنه -سبحانه وتعالى- يكرمك بحفظ دينك من الشبهات والشهوات ويحفظ لك أهلك وأولادك ومالك. فعسى الله أن يمن عليك بما تقر به عينك وينشرح له صدرك، ولا يخزيك في ذريتك أبدًا. والله أعلم.

هل يحج بدون موافقة مرجعه في العمل

هل يحج بدون موافقة مرجعه في العمل المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/06/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله. أنا أعمل لدى الأمن العام، وحيث إني أردت الحج لهذا العام، وتفاجأت بتعميم صادر من القيادة العليا برفض جميع طلبات الحج لهذا العام؛ للظروف الراهنة، هل أستطيع أن أحج بطريقة ما دون علم مرجعي أو موافقة ولي الأمر؟ أرجو إفادتي، ولكم جزيل الشكر. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "المسلمون على شروطهم" رواه أبو داود (3594) والترمذي (1352) والبخاري (كتاب الإجارة/ باب أجر السمسرة) معلقاً. فإذا شرط رب العمل على العامل شرطاً، فالواجب الوفاء بهذا الشرط، ولا سيما إذا كان رب العمل هو ولي الأمر، فإذا شرط على الموظف ألا يقوم بأداء الحج أثناء أداء عمله، فالواجب عليه هو الوفاء بذلك، وعدم المخالفة.

الفرق بين الكافر والفاجر

الفرق بين الكافر والفاجر المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 30/12/1426هـ السؤال ما الفرق بين الكافر والفاجر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالكافر هو الذي فعل ناقضاً من نواقض الإسلام، أو لم ينطق بالشهادتين أصلاً. فالأول هو كافرٌ مرتدٌ، والثاني كافرٌ أصلي. أما الفاجر: فهو الذي معه أصل الإيمان والتوحيد، لكنه مصر على الذنوب والمعاصي. والفجار خلاف الأبرار، وقد ذكرا في موضعين مقترنين في كتاب الله، كما في سورتي الانفطار والمطففين، كما قال تعالى: "إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم" [الانفطار: 13-14] . وقال تعالى: "كلا إن كتاب الفجار لفي سجين" [المطففين:7] . وقال في نفس السورة: "كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين" [المطففين:18] . وهو متوعد بالعذاب؛ لمخالفته حدود الله عز وجل. ولكن هذا لا يدل على خلوده في العذاب، كما هو الحال بالنسبة للكفار. كما أن المحسن ترجى له المغفرة والرحمة، كما قرر ذلك أهل السنة والجماعة، وفي ذلك يقول الطحاوي -رحمه الله-: "ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ولا نأمن عليهم". هذا ونسأل الله الكريم أن يكتب لنا ولكم ولكافة المسلمين السعادة والفوز في الدارين.

اكتشافات العصر واختصاص الله بعلم ما في الأرحام!

اكتشافات العصر واختصاص الله بعلم ما في الأرحام! المجيب د. محمد بن إبراهيم دودح باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/01/1427هـ السؤال أود أن أستفسر عن بعض الأمور التي أفكر فيها كثيراً، ولا أجد لها جواباً، ومنها سؤالان هما: 1- قال تعالى: "ويجعل من يشاء عقيماً" فقد فكرتُ في هذه الآية، وخطر على بالي موضوع العمليات التي تجرى اليوم وثبت نجاحها، وهي ما يسمى بـ (عمليات أطفال الأنابيب) ، فهل من كان عقيماً يستطيع إجراء هذه العملية المذكورة آنفاً، وبالتالي يكون له أطفال، مع أن هذا الأمر (العقم) قدَّره الله عليه؟ 2- قال تعالى: "ويعلم ما في الأرحام". عندما نظرت في هذه الآية تذكرت أن العلم الحديث استطاع معرفة ما في رحم الأم هل هو ذكر أم أنثى، فطالما أن الآية أفادت أن علم ما في الأرحام يختص به الله وحده سبحانه، فكيف يعلم الأطباء -اليوم- ما في رحم المرأة هل هو ذكر أم أنثى؟ أرجو أن ترشدوني. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: فأقول مستعينا بالعلي القدير -سبحانه- القادر وحده على كل شيء: في قوله تعالى: "لِلّهِ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذّكُورَ أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ" [الشورى:49-50] ؛ بيان بنفاذ مشيئة الله في كل شيء وطلاقة قدرته تعالى, والعقم اصطلاحا: حالة لا أمل في علاجها كما في حال الفشل الدائم للخصيتين أو المبيضين, أما إذا عولجت الحالة فلا تسمى حينئذ عقما أصلا، وإنما ضعفا في الخصوبة لأسباب يمكن بوسيلة أو أخرى علاجها, فإن شفيت حالة فهي ضعف في الخصوبة, وأما العقم فلا علاج له. ومن أصول الإيمان اليقين بأنه لا يقع شيء إلا بقدر الله وفق ما يشاء تعالى, فإن تقدم الطب وتمكن من معرفة بعض الأسباب المانعة للحمل وتمكن من علاجها فهو بقدر الله تعالى, وإن لم يتمكن الطب من علاج بعض حالات غير ممكنة العلاج أو مجهولة الأسباب فهو بقدر الله تعالى, وليس لأحد أن يدعي العلم بقدر الله تعالى. وتتكون جميع بويضات المرأة عندما تكون جنينا ثم تنضج بويضة كل شهرين من كل مبيض بالتتابع عند البلوغ, ويستمر نضوج بويضة شهريًّا خلال فترة خصوبة المرأة حتى تستنفذ رصيدها من البويضات عند بلوغ سن اليأس, ولذا ينقطع الأمل في الإنجاب بكِبر الزوجة، بينما لا ينقطع بكِبر الزوج.

والعجيب أن يفرّق الذكر الحكيم بين عدم إنجاب المرأة مع الأمل بسبب كِبر الزوج بلفظ "عاقر"، وبين انقطاع الأمل بسبب كِبرها هي بلفظ "عقيم"؛ فلم يَحِد عن وصف حال زوجة زكريا -عليهما السلام- عند كِبره بلفظ "عاقر", يقول تعالى: "ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّآ إِذْ نَادَىَ رَبّهُ نِدَآءً خَفِيّاً قَالَ رَبّ إِنّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنّي وَاشْتَعَلَ الرّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبّ شَقِيّاً وَإِنّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَآئِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبّ رَضِيّاً يَزَكَرِيّآ إِنّا نُبَشّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَىَ لَمْ نَجْعَل لّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً قَالَ رَبّ أَنّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبّكَ هُوَ عَلَيّ هَيّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً" [مريم:2-9] ، ويقول تعالى: "هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيّا رَبّهُ قَالَ رَبّ هَبْ لِي مِن لّدُنْكَ ذُرّيّةً طَيّبَةً إِنّكَ سَمِيعُ الدّعَآءِ فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلّي فِي الْمِحْرَابِ أَنّ اللهَ يُبَشّرُكَ بِيَحْيَىَ مُصَدّقاً بِكَلِمَةٍ مّنَ اللهِ وَسَيّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مّنَ الصّالِحِينَ قَالَ رَبّ أَنّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ" [آل عمران:38-40] ، ومع اليأس من الحمل وانقطاع الأمل لكِبر الزوجة عدل في وصف حال زوجة إبراهيم -عليهما السلام- إلى التعبير بلفظ "عقيم", يقول تعالى: "هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَىَ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرّةٍ فَصَكّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبّكِ إِنّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ" [الذاريات:24-30] ، فالفارق أن زوجة إبراهيم "عجوز" بينما لم يمثل كِبر الزوجين فارقا, يقول تعالى: "وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىَ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ فَلَمّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنّا أُرْسِلْنَا إِلَىَ قَوْمِ لُوطٍ وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ قَالَتْ يَوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهََذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنّ هََذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوَاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنّهُ حَمِيدٌ مّجِيدٌ" [هود:69-73] .

والتمييز بين اللفظين على لساني زكريا وامرأة إبراهيم -عليهم جميعا السلام- إنما هو في علم البشر، بينما قضت مشيئة الله تعالى لكليهما بالذرية, وإذا غابت مشيئة الله تعالى عن مدارك هؤلاء على فضلهم وفاجأهم قضاؤه فكيف يدعي اليوم من هو دونهم العلم بالغيب، ويتوهَّم أن الله حكم بالعقم على شخص فنجح طبيب في علاجه معارضًا المشيئة العلية! , وهل يُعارض قدر الله تعالى أحد!. وفي قوله تعالى: "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّبِينٍ" [الأنعام:59] ؛ قصرت الآية الكريمة العلم التفصيلي المسبق بكل مقدر الحدوث قبل وقوعه على الله –تعالى- وحده، وجعلته غيبا عن علم البشر. وذكر القرآن خمسا تتعلق بحياة الإنسان ومصيره؛ يقول تعالى: "إِنّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَيُنَزّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنّ اللهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ" [لقمان:34] ، أطلق التعبير (وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ) على الله فشمل كل مغيب عن مشروع الإنسان المقبل ومستقبله ومصيره بعد الحساب مما ليس بمقدور بشر إدراكه فضلا عن الإحاطة بتفاصيله. ولا يعارض القرآن إذن معرفة الطب حاليًّا ببعض أحوال الجنين، لأن المحجوب هو العلم المحيط به قبل أن يخلَّق. وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: كيف نوفق بين علم الأطباء الآن بذكورة الجنين وأنوثته، وقوله تعالى:) وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ) ؟ فأجاب بقوله: "قبل أن أتكلم عن هذه المسألة أحب أن أبين أنه لا يمكن أن يتعارض صريح القرآن الكريم مع الواقع أبداً، وأنه إذا ظهر في الواقع ما ظاهره المعارضة فإما أن يكون الواقع مجرد دعوى لا حقيقة له، وإما أن يكون القرآن الكريم غير صريح في معارضته؛ لأن صريح القرآن الكريم وحقيقة الواقع كلاهما قطعي، ولا يمكن تعارض القطعيين أبداً, فإذا تبين ذلك فقد قيل: إنهم الآن توصلوا بواسطة الآلات الدقيقة للكشف عما في الأرحام، والعلم بكونه أنثى أو ذكراً، فإن كان ما قيل باطلاً فلا كلام، وإن كان صدقاً فإنه لا يعارض الآية، حيث إن الآية تدل على أمر غيبي هو متعلق علم الله تعالى في هذه الأمور الخمسة، والأمور الغيبية في حال الجنين هي: مقدار مدته في بطن أمه وحياته وعمله ورزقه، وشقاوته أو سعادته، وكونه ذكراً أم أنثى قبل أن يخلَّق، أما بعد أن يخلق فليس العلم بذكورته أو أنوثته من علم الغيب؛ لأنه بتخليقه صار من علم الشهادة، إلا أنه مستتر في الظلمات الثلاث التي لو أزيلت لتبين أمره.

ولا يبعد أن يكون فيما خلق الله تعالى من الأشعة أشعة قوية تخترق هذه الظلمات حتى يتبين الجنين ذكراً أم أنثى.. قال ابن كثير رحمه الله..: (وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه تعالى سواه، ولكن إذا أمر بكونه ذكراً أو أنثى أو شقياً أو سعيداً علم الملائكة الموكلون بذلك ومن شاء من خلقه) .., وإذا كانت الآية لا تتناول ما بعد التخليق، وإنما يراد بها ما قبله فليس فيها ما يعارض ما قيل من العلم بذكورة الجنين وأنوثته.., ولا يمكن أن يناقض صريح القرآن الكريم أمراً معلوماً بالعيان" [مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح بن العثيمين] . وعندما يُصَب المني في المجاري التناسلية للمرأة ينقبض الرحم ويغور للداخل بسبب مادة منوية تسمى بروستاجلاندين (Prostaglandin) ويعينها تقلص لا إرادي يقع للمرأة يصاحب نشوة الجماع (Orgasm) , وبهذا يعمل الرحم عمل المضخ (pumpaction) بطريقة تماثل عمل شفاطة لبن الثدي المطاطية التي تنقبض لتدفع الهواء، ومع الانبساط يقل الضغط داخلها فتشفط اللبن, وبالمثل ينبسط الرحم لاحقا فيعين الحيوانات المنوية على بلوغ البويضة قرب نهاية قناة الرحم, ولذا لا يقل دوره هذا أهمية عن دوره في حفظ الحمل على طول مراحله، حيث يزداد حجما بما يتناسب ومتطلبات الجنين, وتحمل البويضة نصف عدد الفتائل الوراثية (الكروموزومات) ، ويحمل الحوين النصف الآخر, وتتسابق الحيوانات المنوية وتعلو في المجاري التناسلية للمرأة ليحقق الفوز في بلوغ البويضة وإخصابها إما حيوان يحمل شارة الذكورة (كروموزوم بهيئة Y) فيكون الجنين المرتقب ذكراً -بإذن الله- وإما حيوان يحمل شارة الأنوثة (كروموزوم بهيئة X) فيكون الجنين أنثى بإذن الله, والبويضة الملقحة (Zygot) أشبه ما تكون بقطيرة أو "نطفة" لكنها تعرض لمن يمكنه القراءة كتابا بمشروع الجنين, وقبل تلقيح البويضة وتشكل الخريطة الوراثية وتخلَّق الجنين لا يمكن الحديث طبيًّا عن جنسه أو صفاته الجسدية, وبتلقيحها تتضاعف الفتائل الوراثية، وبالانقسام تتزايد الخلايا وبنمو الجنين يزداد الرحم، ولذا يعتبر الحمل كله وجوها من الازدياد. وفي قوله تعالى: "اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلّ أُنثَىَ وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ" [الرعد:8-9] ، أكدت الآية الكريمة قصر العلم التفصيلي المسبق بكل مقدر الحدوث قبل وقوعه على الله تعالى وحده، لكنها جمعت لله تعالى وحده ما هو بالنسبة للبشر غيب لم يقع بعد، فضلا عما هو شهادة متحقق الحدوث, وراعت ترتيب علم الله تعالى بالغيب بالنسبة للبشر ليناظر غيض الأرحام وترتيب العلم بالشهادة ليناظر زيادتها, ويعرف هذا الأسلوب عند اللغويين باسم "اللف والنشر" ويعني أن الأرحام تغيض قبيل تخلّق الجنين وازديادها, وبالفعل ينقبض الرحم ويغور للداخل قبل وقوع الإخصاب، وتشكل الخريطة الوراثية، ولا يمكن لأحد حينئذ سوى الله تعالى وحده العلم بخصائص الجنين أو ذكورته وأنوثته.

وفعل (تَغِيضُ) منسوب ابتداء في الآية الكريمة إلى (الأرْحَام) ، وفي مقابل الازدياد خاصة يفيد كما في اللغة الغور والنقصان, وكذلك في القرآن؛ يقول تعالى: "وَقِيلَ يَأَرْضُ ابْلَعِي مَآءَكِ وَيَسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَآءُ" [هود:44] ، ويقول تعالى: "أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً" [الكهف:41] ، ويقول تعالى: "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مّعِينٍ" [الملك:30] ، وفي لسان العرب: "غاض الماء يغيض غيضا.. نقص أو غار" [لسان العرب (7/201) ] . والخلاصة أن الله تعالى يعلم بمستقبل ومصير الإنسان المقبل الذي لم يتخلق بعد حال غيض الأرحام تماما كما هو حال زيادتها بعد تخلقه. ويأتي الحديث مؤيدا نسق القرآن الكريم في قصر الغيب المطلق عن علم البشر على حال غيض الأرحام قبل تخلق الجنين دون حال ازديادها بعد تخلقه؛ ففي الحديث الذي رواه البخاري وغير واحد: "عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله) " [صحيح البخاري (6/2687) , (4/1733) , تفسير ابن كثير (2/503) , تفسير الثوري (1/239) , الدر المنثور (3/277) , صحيح ابن حبان (1/273) , السنن الكبرى (6/370) , عمدة القاري (18/313) , (25/86) , التمهيد لابن عبد البر (24/379) ] . قال ابن كثير: "هذه مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها فلا يعلمها أحد.. فعلم وقت الساعة لا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب.. وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله، ولكن إذا أمر به علمته الملائكة، ومن يشاء الله من خلقه، وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه تعالى سواه، ولكن إذا أمر علمته الملائكة، ومن شاء الله من خلقه، وكذا لا تدري نفس ماذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت.. وقد وردت السنة بتسمية هذه الخمس مفاتيح الغيب" [تفسير ابن كثير (3/454) ] . وقد ورد في الحديث أن الملائكة تعلم بحال الجنين منذ بدء تكون النطفة, ففي الحديث الذي رواه البخاري وغير واحد: عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكا يقول: يا رب نطفة، يا رب علقة، يا رب مضغة. فإذا أراد أن يقضي خلقه، قال: أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرزق والأجل؟ فيكتب في بطن أمه". [صحيح البخاري (1/121) , (3/1213) , (6/2433) , وصحيح مسلم (4/2038) , مسند أحمد (3/116) , (3/148) ] .

يقول فضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني: "وإذًا هناك نصوص قد بينت بجلاء أن الأمر المحجوب عن علم غير الله إنما هو في مرحلة ما قبل تكون الجنين، فعلمنا أن الأرحام قبل أن تزداد حتى يراها كل المحيطين بالحامل تعاني من حالة تقلص وانكماش وغور ونقصان, وفي تلك الفترة حال الجنين المرتقب محجوب عن علم غير الله تعالى.., (فهو) مفتاح من مفاتيح الغيب يفتح على أبواب مغلقة، ولا يملكه دون الخالق سبحانه أحد.. وأما حمل الغيض على دم الحيض (أو السقط) فلا يتفق مع كونه مفتاحا للغيب لأنه لن ينشأ منه جنين, وبإجماع علماء المسلمين مفتاح الغيب متعلق بالإنسان الذي سيخلق وقد تقرر في علم الله تعالى أن له مستقبلا مغيبا وليس دم الحيض (أو السقط) كذلك. وفي مرحلة الغيض يستحيل على إنسان أن يعرف صفات الجنين المقبل.. ولو جئت بصفين؛ وقلت: أنا سأصنع من هذه الأحجار بناء هل سيعلم أحد السامعين يقينا أيكون من الصفين مدرسة أم مستشفى؟ فيلا أم عمارة؟ هكذا الجنين في مرحلة الغيض لا يعلم أحد -غير الله تعالى- بما سيكون عليه حاله" [من مقالات الشيخ عبد المجيد الزنداني] . ولو افترضنا جدلا إذن إمكان قراءة الخريطة الوراثية عند تخلق الجنين ومعرفة صفاته وجنسه فلن ينقض هذا نصوص الوحي.

السكن مع الكفار

السكن مع الكفار المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/02/1427هـ السؤال أنا شاب مغترب في بلد إسلامي للعمل، وتوجد في بعض المدن مشكلة صعوبة الحصول على مسكن؛ وذلك لزيادة قيمة الإيجار، وكنت عائداً من بلدي بعد إجازة، واضطرتني الظروف للسكن مع غير المسلمين، فصرت في حيرة: هل يجوز هذا بالرغم من أنه ليس برضا مني؟ ولكن ليس أمامي خيار آخر، وأنا -والحمد لله- متدين، وليس بيننا شراكة في شيء سوى السكن، بمعني أني آكل بمفردي. فهل سكني مع غير المسلمين حلال أم حرام؟ الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فالسكنى مع غير المسلمين ما دامت لا تلزمك بالأكل أو الشرب مما يأكلون أو يشربون من المحرمات، وليس لها تأثير عليك في عبادتك من الصلاة والصيام وتلاوة القرآن، فلا مانع منها، ولا مانع أيضاً من مصاحبتهم بالمعروف، ولعلهم يجدون في حسن صحبتك وصدقك ومحافظتك على دينك وأخلاقك الأمر الذي قد يرغبهم في دخول الإسلام. وتذكَّر قول الله تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8] . والبر أرقى أنواع الصلة والإكرام، والقسط المعاملة بالعدل، وهذا كله إذا لم يكن لهم تأثير عليك في التدين والالتزام والقيام بواجبات الإسلام، ويكون مبيتك في غرفة مستقلة ولا سيما إذا كانوا من المدخنين. بارك الله فيك، ووفقك للمزيد من الصدق والبر والخير.

أباطيل الشيعة

أباطيل الشيعة المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 2/3/1425هـ السؤال قابلني رجل، وأخذ يعطينا بعض الأسئلة، والفرق بين السنة والشيعة، ومن هذه الأسئلة: 1- من هو الشخص الذي وضعه النبي -صلى الله عليه وسلم- على الخلافة وتمت المبايعة له، ومن قال بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن. 2- من زوج فاطمة الزهراء حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم- فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذني، ومن آذاني، فقد أغضب الله. 3-من سلب حق فاطمة - رضي الله عنها- وأخذ حقها؟. 4- اللهم والي من والى علياً، علي مع الحق، علي مع القرآن، علي مدينة العلم، علي علي علي، كثرت الأحاديث عن علي، من زوج النبي- صلى الله عليه وسلم- فاطمة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الحديث عن الشيعة كثير، ولكننا سنختصر الحديث في إشارات: أولاً: الشيعة فرق كثيرة أشهرها الإمامية وهي التي تسمى: (الرافضة) ، وهي التي توجد الآن في إيران والبحرين والخليج. ثانياً: مذهب الرافضة يرجع تأسيسه إلى رجل يهودي اسمه: (عبد الله بن سبأ) ، تظاهر بالإسلام ثم ادعى أن علياً - رضي الله عنه- هو: (الوصي) بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ثالثاً: المذهب الرافضي تطور حتى أصبح مذهباً خارجاً عن الإسلام، فقد دخلت فيه عقائد ضد الإسلام من أسوئها: (1) القول بأن القرآن ناقص، وهذا يضاد القرآن الذي فيه قول الله -تعالى-: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر:9] ، فقد أكد - عز وجل- أنه سيحفظ القرآن الذي أنزله وهو الذكر، والله إن الذي يعتقد أن القرآن قد نقص فقد كذب الله - عز وجل-، وهذا القول قال: به قرابة ثلاثين عالماً من علمائهم، لما ذكره الطبرسي من علمائهم. (2) اتهام أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بالكفر، والله - عز وجل- قد أخبر أنها من أهل الجنة كما في سورة النور عندما قال -تعالى-: " ... أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم" [النور:26] ، ومن وصفها بالكفر فقد كذب الله - عز وجل-. (3) اتهموا الصحابة- رضي الله عنهم- بأنهم كفروا ما عدا أربعة، وهذا تكذيب للقرآن الكريم الذي مدح الصحابة -رضي الله عنهم- وأثنى عليهم في عشرات الآيات، وجاءت الأحاديث تثني عليهم، وتبين فضل كثير منهم، وخاصة العشرة المبشرين بالجنة، الصحابة -رضي الله عنهم- الذي نصروا النبي -صلى الله عليه وسلم- ونشروا الدين في الأرض، ونقلوا لنا القرآن والسنة، واعتقاد الرافضة يؤدي إلى إبطال الدين والقرآن، وهذا مقصود زعمائهم الذين أسسوا هذا المذهب. (4) يزعمون أن الله - عز وجل- لا يعلم الغيب وهو ما يسمونه "البداء"، أي أن الله - عز وجل- يخبر بالخبر ثم بغيره، وهذا قول من لا يعرف الله - عز وجل-، وقالوا بهذا القول بسبب تغيير أحد أئمتهم للإمام الذي نصبه من بعده، فلما مات في حياة أبيه كان الخبر كاذباً، فبدلاً من أن يعترفوا بخطأ معتقدهم نسبوا الخطأ إلى الله - عز وجل- أي أن الله هو الذي أخبر ثم أماته، وغير إرادته ليكون الإمام أخاه الآخر.

(5) التقية: وهي الكذب أي أن الشخص يكذب أمام السني في كل شيء، وله بذلك أجر، فإذا سألته: القرآن ناقص؟ قال: لا نحن لا نقول بذلك، وهو كذاب، ولهذا يستحيل أن تعرف شخصية الشيعي وعقيدته؛ لأنه يستبيح الكذب عليك، ويزعم أن جعفر الصادق الذي يعتقدون أنه إمام أنه قال: (التقية ديني ودين آبائي) ، وأنه قال: (من لا تقية له لا دين له) ، وما شابه هذا من القول الكذب. بعد هذه المقدمة....إلى الإجابة على الأسئلة: أولاً: الرافضة يستدلون بأحاديث لم تصح. ثانياً: لو كان علي - رضي الله عنه- هو الخليفة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلماذا لم يتكلم علي بذلك، ويواجه الصحابة - رضي الله عنهم- أيعقل أن يجبن علي - رضي الله عنه- عن قول الحق؟. ثالثاً: يزعم الرافضة أن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه- ضرب فاطمة - رضي الله عنها- وعلي -رضي الله عنه- شاهد ولم يدافع عنها، ويزعمون أن علياً - رضي الله عنه- زوج ابنته أم كلثوم - رضي الله عنها- من عمر- رضي الله عنه- جبراً - فسبحان الله- ويزعمون أن علياً -رضي الله عنه- سمى أبناءه الثلاثة: أبا بكر وعمر، وعثمان، تقية خوفاً من عمر -رضي الله عنه-، فوصفوا علياً -رضي الله عنه- بالجبن والدياثة والنفاق، الجبن في سكوته عن الخلافة، وفي ضرب فاطمة -رضي الله عنها- وهو يشاهد، والدياثة أنه زوج ابنته من رجل كافر وهو عمر، والنفاق أنه سمى أبناءه بأسماء كفار خوفاً منهم، أي ذم أشد من هذا لعلي -رضي الله عنه- والصحيح أنه شجاع، غيور مؤمن، ولم يحدث شيء من تلك الروايات المكذوبة، والتي ملئت بها كتبهم، وهم يصدقونها، ولو وقع شيء منها لكان له مواقف تليق بإيمانه وشجاعته، نحن نرى في عالم الحيوانات أنها تدافع عن أبنائها في الموت، هذه الدجاجة لو أراد شخص أن يأخذ بعض فراخها لقاتلت دونهم، فهل علي -رضي الله عنه- أقل من الدجاجة، قبح الله طائفة لا تستحي مما تقول، هذه نبذة يسيرة تكفي لمن نور الله قلبه، وَقِسْ عليها بقية الأسئلة. والله الموفق.

سكرات الموت وضمة القبر هل تطال المؤمن

سكرات الموت وضمة القبر هل تطال المؤمنَ المجيب د. عثمان بن جمعة عثمان ضميرية عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/11/1424هـ السؤال أريد أن أسأل عن كيفية خروج الروح للعباد, فإذا كانت جد مؤلمة للكفار فإن المؤمنين كذلك، بما أن للموت لسكرات، وهل يُعذب كثيراً مَنْ كان في هذه الغمرات؟ ونفس السؤال بالنسبة لضمة القبر، فهل هي جد عظيمة أيضاً بالنسبة للعبد المؤمن. أفيدونى -جزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه، وبعد: فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري (4449) ، ومسلم (2443) من حديث عائشة - رضي الله عنها -أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما تغشَّاه الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول: "سبحان الله! إن للموت سكرات"، وقالت عائشة - رضي الله عنها-: "ما رأيت الوجع على أحد أشدَّ منه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-" رواه البخاري (5646) ، ومسلم (2570) ، ففي هذا وغيره من النصوص الشرعية ما يدل على أن الميت يجد ألماً وشدة مما يغشاه عند الموت، فإن سكرة الموت هي: شدته وغمراته التي تذهب بالعقل، وإذا كان المؤمن يجد هذه الشدة، فإن الكافر أيضاً يجد من الألم والشدة أكثر مما يجد المؤمن، كما أن الكافر تنزع روحه أيضاً بشدة، كما جاء في الحديث عن البراء بن عازب - رضي الله عنه- أن روح الكافر والفاجر تفرَّق في جسده عندما يقول لها ملك الموت: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط الله وغضبه، وأنه ينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فتتقطع معها العروق والعصب، (والسفود هو الحديد الذي يوضع عليه اللحم للشواء) الحديث رواه أحمد (18063) ، وأما ضمة القبر أو ضغطته فهي: زحمة القبر وعصره، أي: التقاء جانبي القبر على جسد الميت، بحيث يعصره ويضغطه، والكافر والمسلم في ذلك سواء، فلا ينجو منها صالح ولا طالح، غير أن الفرق بين المسلم والكافر فيها: هو دوام الضغط للكافر، وحصول هذه الحالة للمؤمن في أول نزوله إلى قبره، ثم يعود القبر إلى الإنفساح له، وجاء في الحديث الشريف: "إن للقبر ضغطة، لو كان أحد ناجياً منها: نجا سعد بن معاذ" رواه أحمد (23762) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة، ومما ينبغي ملاحظته هنا: أن أمور الغيب، كعذاب القبر ونعيمه، تختلف في طبيعتها عن عالم الشهادة الذي نشهده، ونحكم عليه بحواسنا وعقولنا، ولذلك لا يقاس عالم الغيب على عالم الشهادة. والله -تعالى- أعلم، والحمد لله رب العالمين.

طلب العون من الأولياء الأموات

طلب العون من الأولياء الأموات المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/11/1424هـ السؤال السلام عليكم. سألت أحد العلماء عن حكم طلب العون من أحد أولياء الله، مثل أن نقول: "يا شيخ أرجوك أن تساعدني" وهل في ذلك شرك؟ فأجابني قائلاً: (الذي تفعله هو الصواب، فسؤال الأولياء هو ما ورد في القرآن والسنة، وهو مذكور في كتاب الله في قوله -تعالى -: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا"، وهكذا فإن سيدنا عبد القادر الجيلاني يساعدك، وذلك يكون مساعدة من الله لك بواسطته، وهناك مزيد من التوضيح بخصوص هذه المسألة في كتاب (التوسل بطلب العون) ، للدكتور طاهر القدري، أرجو الرد وبيان حقيقة الأمر والمفهوم الحقيقي للآية المذكورة أعلاه. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فإن طلب العون من الحي القادر جائز لا خلاف في ذلك، قال الله -تعالى-: "وتعانوا على البر والتقوى" [المائدة: 2] ، وقال -تعالى- عن موسى -عليه السلام-: "فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه" [القصص:15] . أما طلب العون من الميت فهذا لا يجوز، بل هو عين الشرك الذي أنزل الله الكتب وأرسل الرسل لتحذير الناس منه، مهما كانت منزلة هذا المطلوب، حتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فالصحابة - رضوان الله تعالى عليهم- وهم القدوة كانوا يستعينون بالنبي - صلى الله عليه وسلم- في حياته ويطلبون منه العون والدعاء، فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لم يرد عن أحد منهم مهما كان وفي أحلك الأحوال وأشدها أنه طلب العون من الرسول - صلى الله عليه وسلم-، بل إنهم في الاستسقاء وعندما تجدب الأرض كانوا يطلبون من النبي -صلى الله عليه وسلم- في حال حياته أن يدعو الله لهم ليغاثوا فيستسقي لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لجأوا إلى عمه العباس - رضي الله عنه- يطلبون منه أن يستسقي لهم فيقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- اللهم إنا كنا نستسقي بنبيك - صلى الله عليه وسلم- فتسقينا، واليوم نستسقي بعم نبيك فاسقنا ثم يقول يا عباس فادع الله لنا انظر ما رواه البخاري (1010) من حديث عمر - رضي الله عنه -، فعدول الصحابة - رضي الله عنهم- عن طلب الاستسقاء بالنبي - صلى الله عليه وسلم- بعد موته إلى من هو دونه من الأحياء دليل قاطع على أنه لا يجوز طلب العون والمدد من الميت، وإذا لم يجز هذا في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن دونه من باب أولى.

وأصل الشرك إنما هو طلب العون والشفاعة وقضاء الحاجات من غير الله –تعالى-، (ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر) هذه أسماء لأقوام صالحين مثل عبد القادر الجيلاني -رحمه الله - وغيره، اتخذوا على قبورهم تماثيل لتذكرهم بالعبادة لله –تعالى- ولما تقادم الزمان طلبوا منهم -وهم أموات- العون وقضاء الحاجات فكان ذلك منهم شركاً، وكذلك اللات، كان رجلاً صالحاً يلت السويق ويسقيه الحاج، يعني من المحسنين، فلما مات عكفوا على قبره أو الحصاة التي كان يجلس عندها فعبدت، وكذلك الذين يأتون إلى قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني – رحمه الله – وأمثاله من الصالحين مثل قبر الحسين وزينب – رضي الله عنهم - وغيرهم، ويسألونهم الحاجات ويدعونهم من دون الله –تعالى-، هذا تماماً مثل سؤال ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر) ، ومثل سؤال اللات، قال الله –تعالى-: "ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" [الزمر:3] ، فالذين عبدوا الأصنام إنما كان مقصدهم أن هؤلاء من الصالحين ونريد منهم أن يشفعوا لنا عند الله، وهذه العلة هي بعينها التي يرددها من يجيز طلب العون والشفاعة من الأموات. وقد زاد المتأخرون على شرك المتقدمين الذين قاتلهم النبي – صلى الله عليه وسلم- بأن ادعوا لهم التصرف في الكون، وأن الله تعالى وكل تصريف الأمور وتدبير الكون لهم فيقول قائلهم: عبد القادر يا جيلاني يا متصرف في الأكوان. فماذا بقي لله –تعالى-؟! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، وإذا لم يكن هذا شركاً فليس على وجه الأرض شرك البتة. أما من أفتى السائل بأن الذي تفعله من سؤال عبد القادر في قبره العون والمدد هو الصواب وهو ما ورد في القرآن والسنة، فهذا كذب وافتراء على كتاب الله –تعالى- وعلى سنة نبيه – صلى الله عليه وسلم- وأين في كتاب الله –تعالى- جواز سؤال الموتى الحاجات؟ وأين ذلك في سنة نبيه – صلى الله عليه وسلم- وهذه سنته – صلى الله عليه وسلم- بين أيدينا وسيرة أصحابه – رضوان الله تعالى عليهم- بين ظهرانينا؟

بل ما أنزل الكتاب وأرسل الرسول – صلى الله عليه وسلم- بل وجميع الكتب وجميع الرسل إلا لتحقيق التوحيد وإفراد الله –تعالى- بالعبادة، قال تعالى: "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" [الأنبياء:25] ، وقد حذر الله –تعالى- في العديد من الآيات من دعاء الأموات فقال تعالى عنهم: "إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" [الأعراف:194] ، وقال تعالى عنهم: "إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ" [فاطر:14] ، ومن الأدلة على افتراء هذا الأفاك الأثيم استدلاله بهذه الآية الكريمة: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ" [المائدة:55-56] ، وأين في هذه الآية جواز سؤال الأموات العون وطلب المدد؟! أما المعنى الصحيح لهذه الآية: فالآية جاءت في سياق النهي عن تولي اليهود والنصارى، قال الله –تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51] ، فلما نهى عن ولاية الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم، وذكر أن مآل توليهم الخسران المبين، أخبر بعد ذلك بآيتين صفة من يجب، ويتعين توليه، وذكر فائدة ذلك ومصلحته، فقال تعالى: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون" [المائدة: 55-56] . وقد ورد في سبب نزولها عن ابن عباس – رضي الله عنهما- أنها نزلت في عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- لما تبرأ من اليهود وقد كان موالياً لهم في الجاهلية وقال: أتولى الله ورسوله والذين آمنوا، وقال جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- جاء عبد الله بن سلام إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن قومنا قريظة والنضير قد هجرونا وفارقونا وأقسموا ألا يجالسونا، فنزلت هذه الآية فقرأها عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين أولياء، وقيل إنها نزلت في علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- أنه تصدق وهو راكع، لكن قال ابن كثير بعد أن ذكر عدة روايات في هذا الموضوع، لكن لا يصح منها شيء لضعف أسانيدها وجهالة رجالها. وأياً كان سبب نزول الآية فلا شك أن علي بن أبي طالب وعبادة بن الصامت وعبد الله بن سلام وغيرهم من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم – هم من المؤمنين الذي يدخلون فيها دخولاً أولياً. وانظر تفسير ابن كثير (3/1194 – 1195) .

وقال ابن كثير في تفسير الآيات: أي ليس اليهود بأوليائكم بل ولايتكم راجعة إلى الله ورسوله والمؤمنين. وكل من كان لله تقياً فهو لله ولي؛ كما قال تعالى: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" [يونس:62 -63] ، قال بعدها مبيناً من هم:"الذين آمنوا وكانوا يتقون"، وليست مخصوصة بأشخاص بأعيانهم، لأن الله -تعالى-وحده هو أعلم بمن اتقى، فأين في الآية ما يدل على جواز طلب العون من الأموات؟!. سبحانك هذا بهتان عظيم. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حج المرأة النفساء

حج المرأة النفساء المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 4/12/1424هـ السؤال ما حكم حج النفساء والمستحاضة، والمرضع، والحامل، ومن لاتجد من يعتني بأطفالها الجواب حجها صحيح إلا أن النفساء والحائض لاتطوف بالبيت حتى تطهر ولاشيء عليها، لأنه يمكن أن تؤدي الحائض والنفساء جميع المناسك ما عدا الطواف بالبيت، والطواف بالبيت ـ والحمد لله ـ وقته موسع، وكما عرفنا أن أسماء بنت عميس ـ رضي الله عنها ـ خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حاجَّةً في حجة الوداع ومع زوجها أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وولدت ابنها محمد بن أبي بكر - رضي الله عنهما - في ميقات ذي الحليفة بالشجرة فأرشدها النبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا تعمل حيث أمرها أن تغتسل وَتُهِلَّ رواه مسلم (1209) من حديث عائشة - رضي الله عنها - فمن المعلوم أن غالب النفساء يطول وقت نفاسهم فهي أحرمت للحج وهي نفساء ساعة ولادتها.

"خاتم النبوة"

"خاتم النبوة" المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/2/1425هـ السؤال هل هناك أي صفة أو رسم لخاتم النبوة؟ لأنني رأيته في كتاب (سر الأسرار) تأليف الشيخ: أحمد الطيب البشير - رحمه الله-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ورد ذكر خاتم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحاح أخرجها البخاري ومسلم وغيرهما، وهو الخاتم الذي كان بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى جهة كتفه الأيسر، وكان من علاماته التي كان أهل الكتاب يعرفونه بها، وهو خاتم أسود اللون وقيل أخضر وقيل أحمر، ولا تعارض بينها، لأن بين الأخضر والأسود تداخلا كما يقال سواد العراق لكثرة النخيل فيه، وإنما سعف النخل أخضر اللون، وذلك أن الخاتم تعلوه شعيرات، ومن أخبر أنه أحمر اللون فنظرا للثآليل التي قيل إنها كانت تحيط بالخاتم، ولون الثآليل يميل إلى الاحمرار. وقيل في لونه إنه كلون جسده صلى الله عليه وسلم من غير تحديد وهو الأقرب. ويبلغ حجم الخاتم زر الحجلة أو بيض الحمامة. وقد عرف سلمان الفارسي رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخاتم. ومما ورد في ذلك من أحاديث: ما أخرجه البخاري (190) عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: ذهبت بي خالتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابن أختي وجع فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة. وأخرج مسلم (2346) عن عبد الله بن سرجس-رضي الله عنه- قال: " رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم وأكلتُ معه خبزاً ولحماً وقال ثريداً. فقيل له: أستغفر لك النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم ولك، ثم تلى هذه الآية: "وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ". قال: " ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند ناغض كتفه اليسرى عليه خيلان كأمثال الثآليل ". قال أبو زيد رضي الله عنه: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقترب مني، فاقتربت منه، فقال: أدخل يدك فامسح ظهري، قال: فأدخلتُ يدي في قميصه فمسحتُ ظهره فوقع خاتم النبوة بين أصبعي قال: فسئل عن خاتم النبوة فقال: " شعرات بين كتفيه"، أخرجه أحمد (20732) ، والحاكم (3/497) ح (4233) وقال (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي. أما رسم ذلك فهو مما لم أقف له على ذكر في كتب من يعتد به من أهل العلم. وإنما تجد هذا في كتب الصوفية ممن يعتنون بذكر أوصاف الأقطاب عندهم، لأنهم يذكرون خاتم القطبية، وهو من يبلغ مرتبة قطب الأقطاب، نسأل الله السلامة.

مسجد أقيم على مقبرة

مسجد أقيم على مقبرة المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 6/2/1425هـ السؤال هناك مسجد كبير يضم عدداً كبيراً جداً من المصلين خاصة في الجمعة لتواجد إمام على درجة كبيرة من العلم، ونحسبه على خير ولا نزكيه على الله، كما أن له الكثير من الأعمال الخيرية في هذا المسجد، وحيث من الصعب عليه ترك هذا المسجد لأسباب كثيرة، وحيث تُلقى في هذا المسجد الكثير من العلوم الشرعية بالإضافة إلى الندوات الدينية حيث يقل وجود خطباء على درجة من العلم في مدينتنا يصعدون المنابر، ولكن كان بناء هذا المسجد على مكان مقابر بعد نبشها عند قول بعض الناس، والبعض يقول إنها لم تنبش والصحيح مجهول؛ لأن هذا الكلام كان منذ أكثر من 90سنة تقريباً، ولكن على قول من قال إنها نبشت بقي قبر واحد له مدخل على يسار المصلين من الخلف لكن الباب - باب هذا المدخل - على نفس استقامة الحائط الأيسر من المسجد، كما أن له باباً آخر من الجانب الخارجي من المسجد؛ أي أن القبر ممتد خارج المسجد أي أن له بابين، وهذا المسجد أيضاً يأتي إليه بعض الناس من الجهال المتعصبين من مختلف الأمكنة لاعتقادهم وأقول لاعتقادهم بوجود ضريح لأحد الصالحين فيه، والصحيح بينته فيما سبق، ولكن هذا الضريح ليس ظاهراً للعيان ولكنهم كانوا يأتون لهذا الشيء من قبل بناء المسجد حتى تم بناؤه، وهذا الموضوع كما ذكرت من سنوات طوال، لكن اليقين عندنا أنه أثناء التوسعة - لاحظ أني أقول التوسعة - كما قال بعض الإخوة إنه وجد بعضاً من العظام وقاموا بإزالتها. ملحوظة: قام بعض الإخوة ومعهم شيخ المسجد - جزاهم الله خيراً - في محاولة لغلق باب الضريح الخارجي بالطوب من خارج المسجد لمنع الطوافين الجهلاء من الطواف بهذا الضريح وتقديم القرابين (الذبائح) ، والنقود لهذا الضريح إلى غير ما يفعل من الشركيات، ليكون باب هذا الضريح من الداخل فقط، وفعلاً بفضل الله منع الكثير من المجيء إلى هذا الضريح، ولكن حدثت ضجة كبيرة مع الجهال المتشددين عندما حاول الإمام غلق الباب الداخلي أو حتى نقل القبر إلى مكان آخر ووصل الأمر إلى الأمن حتى أضروا بالإمام وأجبروه على إبقاء الباب الداخلي دون مراجعة، مع ملاحظة أن الباب الخارجي كان يطل على ساحة المسجد قبل إلغائه بالرغم من كونه بالخارج، فالرجاء تبيين حكم الصلاة في هذا المسجد في الحالتين: (1) وجود الباب داخل المسجد. (2) عدم وجوده داخل المسجد أي وجوده خارج المسجد فقط ... (3) رأي الشرع في قول من أجاز الصلاة بحجة أن القبر ليس في المربع الداخلي. للمسجد أقصد الحدود الداخلية للمسجد؛ بل هو في ساحة أو ممتد في ساحة المسجد. (4) حكم الصلاة في المسجد الذي في ساحته قبر، وهل هذه الصورة تنطبق على مسجدنا. مع بيان الحكم الشافي في ذلك وبيان خير ما قيل في هذا إجمالاً وتفصيلاً مع تكرمكم بإضافة حكم نهائي قصير مختصر بعد البيان التفصيلي لئلا يلتبس على ضعاف الفقه، مع بيان الحل إن كان لديكم رأي وسط. وجعل الله سعيكم في ميزان حسناتكم وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فإنه إذا بني المسجد على قبر وجب هدمه، وحرمت الصلاة فيه لقوله - صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت بخمس: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك" رواه مسلم (532) من حديث جندب البجلي - رضي الله عنه - وقال في مرض موته: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" متفق عليه عند البخاري (1330) ومسلم (531) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، قالت عائشة - رضي الله عنها- راوية الحديث: "يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك لأبرز قبره، لكن خشي أن يُتخذ مسجداً" عند البخاري (436) ، ومسلم (531) ، وأما إذا كان المسجد سابقاً على القبر، فيجب نبشه ونقله إلى المقابر العامة، بناء على ما تقدم وعلى ما فهمته من سؤالكم: فإن هذا المسجد قد أقيم على قبور منبوشة، فيما يظن، ولكن لا يوجد منها شيء قائم في داخل المسجد، أو مقدمة، وإنما يوجد قبر في مؤخر له باب على المسجد، فأرى أن يجتهد الإمام في فصله عن المسجد ببناء جدار يخرجه عن ساحة المسجد فلا يفتح عليه ولا على ساحته بقدر مستطاعه ما لم يفض ذلك إلى فتنة أو ضرر أشد، وأرى أن يستمر إمام المسجد في الدعوة والبيان، وتحذير الناس من الشرك وذرائعه، وألا يخلى هذا المسجد الكبير للقبورين وأهل البدع، وفيما تقدم إجابة على الفقرات الأربع الواردة في سؤالكم. والله أعلم.

الفرق بين سجودنا إلى الكعبة وسجودهم لأصنامهم

الفرق بين سجودنا إلى الكعبة وسجودهم لأصنامهم المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. نحن كمسلمين لا نعبد الكعبة وإنما نتوجه إليها في صلاتنا كقبلة موحدة للعموم، وشخص هندوسي يقول إن الأصنام التي يعبدونها إنما هي للاتجاه والتركيز، فأين هو الفرق بيننا وبينهم؟ أرجو مساعدتي في جواب مثل هذا السؤال. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الفرق هو أننا - نحن المسلمين - لا نعبد الكعبة حين نتوجه إليها، إنما نعبد الله وحده، واتخاذها قبلة إنما هو طاعة لله -تعالى- حين أمرنا بذلك، فنحن نعبد الله بذلك ونطيعه، كما أمر الله -تعالى- إبليس بالسجود لآدم، طاعة لله لا عبادة لآدم، لكنه عصى فغوى، وزعم القائل بأن الأصنام يعبدونها للتركيز والاتجاه غير مسلَّم به؛ فإن التوجه إليها عندهم تعبداً لا لمجرد أنها قبلة، بل هم يقدسونها، ونحن لا نقدس الكعبة لكن نحترمها؛ لأنها من شعائر الله. والخلاصة أن الفرق أن توجهنا للكعبة إنما هو طاعة لله وعبادة له سبحانه لا للكعبة، بخلاف التوجه للأصنام والمعبودات، فهو بخلاف أمر الله. والله أعلم.

معنى: "وأنا الدهر"

معنى: "وأنا الدهر" المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/06/1425هـ السؤال في حديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال الله عز وجل: "يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أُقلب الليل والنهار" رواه البخاري في كتاب التفسير، ورواه أيضا مسلم، وهناك رواية تقول بأن الصحابة - رضي الله عنهم- سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: هل الزمن من مخلوقات الله؟ فأجاب عليه الصلاة والسلام: "نعم الزمن من مخلوقات الله"، والسؤال هو: كيف يكون الزمن من مخلوقات الله، وفي نفس الوقت هو الله؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأمر ليس كما فهمت أنت، وإنما الزمن هو من مخلوقات الله، ولكن لما كان الإنسان يسب المتصرف في الدهر، فإن هذا سب لله -تعالى-؛ لأن الله - جل وعلا- هو المتصرف في هذا، فإذا سب الإنسان الدهر فإنما السب يقع ويتجه إلى المتصرف فيه؛ لأنه لا إرادة للدهر، وإنما الإرادة لله -تعالى- ولهذا قال الشافعي - رحمه الله - كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء، أو نكبة، قالوا: يا خيبة الدهر، فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه، وإنما فاعلها هو الله - جل وعلا- فكأنهم إنما سبوا الله - سبحانه-؛ لأنه فاعل ذلك في الحقيقة، ولهذا نهي عن سب الدهر لهذا الاعتبار؛ لا أن الله هو الدهر الذي يعنونه ويسندون إليه تلك الأفعال، وقد جاء بيان معنى هذا في قوله تعالى في نفس الحديث: "أقلب الليل والنهار" رواه البخاري (4826) ، ومسلم (2246) ، وتقليبه تصريفه تعالى فيه بما يحبه الناس ويكرهونه، ومعنى ذلك أن ما يجري في الليل والنهار، أو في الدهر من خير وشر إنما هو بإرادة الله - سبحانه وتعالى-، وتدبيره بعلم منه تعالى وحكمه لا يشاركه في ذلك غيره، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فالواجب عند ذلك حمد الله -تعالى- في الحالتين، وحسن الظن بالله - جل وعلا- والرجوع إليه تعالى في كل أمر من أمور الإنسان. وبالله التوفيق.

رفع الصوت بالسلام في المسجد

رفع الصوت بالسلام في المسجد المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/5/1425هـ السؤال عند دخول بعض الناس المسجد يسلمون بصوت جهوري، وعند خروجهم يسلمون بصوت جهوري أيضاً؛ مما يؤثر على من يقرأ القرآن أو من يصلي، فهل لهذا أصل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا ينبغي الجهر بالسلام إذا كان يترتب على ذلك تشويش على الآخرين سواء كان من المصلين أو التالين للقرآن، أو من يدرسون العلم، أو يذاكرون دروسهم، وإنما يلقى السلام بحيث لا يترتب عليه تشويش على الآخرين، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدخل ويلقي السلام، وسلامه صلى الله عليه وسلم يسمع اليقظان ولا يوقظ النائم، كما في الحديث الذي رواه مسلم (2055) عن المقداد بن عمرو -رضي الله عنهما-. والله أعلم.

معنى "لا إله إلا الله"

معنى "لا إله إلا الله" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 4/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي سؤال بخصوص معنى لا إله إلا الله؟ فنحن نعرف أن الله واحد أي لا يوجد إله آخر يشاركه في ربوبيته ولا في ألوهيته أي إن الله منفرد بخلقه، ولكن السؤال هو كيف نعرف إنه لا يوجد إله آخر يشبهه في صفاته وأفعاله، ومستقل بخلقه؟ أي: قد يخلق أشياء أخرى ليس بالضرورة تشبه خلق الله، أي: هل هناك أحد يشبه الله في صفاته وأفعاله منذ الأزل وإلى الأبد وليس بالضرورة يشارك الله في مخلوقاته أي: يخلق أشياء أخرى الجواب الحمد لله. لقد دلت العقول والفطر وأخبرت الرسل بأن هذا العالم مخلوق مدبر، وأن خالقه ذو علم وفير، وقدرة تامة ومشيئة نافذة، وحكمة بالغة وأن العقول عاجزة عن تصور كنه صفاته، كما دلت على أن خالق هذا العالم ومدبره هو المستحق للعبادة حباً وخوفاً ورجاء وتعظيماً وطاعة ... ؟ وكلمة التوحيد تدل على كل معاني التوحيد وأنه -تعالى- واحد في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته فلا شريك له ولا شبيه، وقد بين -سبحانه وتعالى- أنه لو كان إلهان وخالقان لفسد العالم، كما قال -سبحانه وتعالى-: "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون" [الأنبياء:22] وقال -سبحانه وتعالى-: "ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون" [المؤمنون:91] ، فلو كان لهذا العالم خالقان لاضطرب نظامه، وانتظام أمر هذا العالم علويه وسفليه دال على وحدانية خالقه ومدبره، وقول السائل: من أين لنا أنه لا شبيه له في صفاته. نقول إذا أقررت أن الله -تعالى- هو المبدع المدبر لهذا العالم، وأنه الإله الحق دون ما سواه فإنه يجب أن يكون لا مثيل له؛ إذ لو كان له مثيل في صفاته لكان إلهاً ثانياً ورباً ثانياً، فاعتقاد أن لله شبيهاً في صفاته أو أن يجوز أن يكون ذلك هو نقض لما ادعيت الإقرار به من توحيد الربوبية والإلهية، فأنواع التوحيد الثلاثة متلازمة من جحد شيئاً منها نقض ما يدعي الإقرار به من التوحيد، فعليك الإيمان بالله إيماناً تاماً، وذلك بالإيمان بأنه رب كل شيء ومليكه، وأنه لا إله غيره، وأنه المستحق بجميع صفات الكمال المنزهة عن جميع النقائض والعيوب، وهذا سبيل المرسلين وعباد الله المخلصين ومن أثبت لله شبيهاً أو قال: يجوز أن يكون لله شبيهاً، فقد سلك سبيل المشركين فقد نزه -سبحانه وتعالى- نفسه عما يصفه به الجاهلون والمشركون، قال سبحانه: "سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين" [الصافات:180-181] ، والله أعلم.

إطلاق النفاق على المعين

إطلاق النفاق على المعين المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 8/1/1425هـ السؤال السلام عليكم. من المعلوم أننا نستطيع أن نقول عن شخص إنه كافر إذا كان مفرطاً جداً في الشريعة ويجهر بأنه ليس مسلماً، هل نستطيع أن نسمي شخصاً بعينه منافقاً؟ ومتى؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المهم أن نعرف ما هو النفاق، وأنه نوعان: النوع الأول: نفاق عملي لا يخرج من الملة، وصفات المنافق نفاقاً عملياً إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان. أما النوع الثاني فهو: نفاق اعتقادي وهو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر، وصاحبه مخلد في النار؛ بل هو في الدرك الأسفل من النار، الأصل في معاملته أن تعامله على ظاهره وتكل سريرته إلى الله، كما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم- مع المنافقين في زمانه، ولا تنشغل في الحكم على الأشخاص إلا إذا كنت في مقام القضاء، ومن انكشف أمره بأن ظهرت زندقته وهو يظهر الإسلام، أو تبين خطره بأن كان جاسوساً للأعداء يخفي جاسوسيته وعمالته، ويظهر الإسلام فهذا أمره إلى السلطان، وولي الأمر هو الذي يحكم في شأنه، والإنسان يعرف أسباب الكفر والردة وأسباب النفاق ليتقي ذلك ويبتعد عنه، ولا يشغل نفسه بالحكم على الأشخاص. والله -تعالى- أعلم.

حديث: (من كانت الدنيا همه ... ) والحرص على طلب الرزق!

حديث: (من كانت الدنيا همّه ... ) والحرص على طلب الرزق! المجيب د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/3/1425هـ السؤال عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ كَانَتِ الآخرة هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِه، ِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ؛ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْه، ِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا قُدِّرَ لَهُ"، كيف يمكن الجمع بين هذا الحديث وقول الله -تعالى-: "قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ"، فإني أسأل الله في أمور دنياي أخشى أن يكون هذا من هم الدنيا بقلبي. أرجو أن أكون بينت ما أود أن أسأل عنه. أفيدوني، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: الحديث رواه الترمذي (2465) ومعنى قوله فيه: "من كانت الدنيا همه"، يعني أنه لا يهتم إلا بالدنيا ولا يلتفت للآخرة في همه، وهذا المعنى لا يعارض الدعاء بشيء دنيوي من مثل صلاة الاستسقاء، ومثل قوله تعالى: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة ... " [البقرة:201] ؛ لأن المؤمن يدعو بهذه الأشياء ليتوصل بها للقيام بالأمور المشروعة سواء الواجبة أو المستحبة كالنفقة الواجبة أو سداد الديون أو الصدقات، أو يريد بذلك الاستغناء عن الناس، وكل ذلك من النيات والمقاصد المشروعة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قاعدة: "من لم يكفر الكافر ... "

قاعدة: "من لم يكفر الكافر ... " المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/05/1425هـ السؤال هل قاعدة "من لم يحكم على الكافر بالكفر فهو كافر، ومن شك في كفر الكافر فهو كافر" قاعدة معتبرة بين أهل العلم؟ وما مستندها؟ وهل يقتضي أننا إذا لاقينا أي كافر فلابد لنا أن نكفره أو نقول أنت كافر؟ أم يكفينا أننا نعلم أنه كافر بدون أن ننطق بأي كلمة تفيد ذلكم قدامه؟ ولا نحكم بأنه مخلد في النار إلا إذا استمر في الكفر إلى الموت؟ أم ماذا نفعل؟ الجواب الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: معنى هذه القاعدة أن المسلمين إذا عرفوا شخصاً بأنه كافر أو مشرك، وظهرت أدلة كفره ظهوراً جلياً، فإنهم يحكمون بكفره بدون شك أو تردد، كمن جحد ألوهية الله أو ربوبيته، أو أنكر الشريعة الدينية، أو كذب الرسل، أو كذب بالقرآن، أو بالبعث بعد الموت، أو أباح المحرمات، وليس من شرط تكفيره مصارحته بأن يقال: يا كافر، أو: أنت قد كفرت، وإنما تكفيره اعتقاد خروجه من الدين الإسلامي، فنعلم أنه كافر ولو لم نقابله بذلك، وعند التعامل معه نجعله كافراً، ونعامله بمعاملة الذمي والمعاهد والمستأمن إذا كان في بلاد الإسلام، وأما الحكم عليه بالنار فلا نحكم عليه إلا إذا تحققنا أنه مات على الكفر، وذلك لأن الله قطع الولاية بين المسلمين والكفار، وأمرهم بمعاداة أقاربهم الكفار ومقاطعتهم، فدل على أنهم كفروهم حتى يرجعوا إلى الإسلام، والله أعلم.

لمز الصحابي بذنبه الذي تاب منه

لمز الصحابي بذنبه الذي تاب منه المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/02/1427هـ السؤال ضربت لزملائي مثالاً في التوبة، وكيف أن الله يعظم أجرها، وضربت لهم المثل بالغامدية التي رُجِمت في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فما كان من زميل كان يجلس معنا إلا أن قال -والعياذ بالله- معلقًا: (وكانت هذه الغامدية أول قحبة في الإسلام) ! يعلم الله أني تفاجأت من جرأته، فحذرته من الاستهزاء وعقوبته، ولكنه حاول تكرارها مرة أخرى، فما كان مني إلا أن اعتزلت المجلس. سؤالي: ما هي الخطوة التي تجب علي الآن؟ هل أمتنع عن كلامه أم ماذا؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا شك أن ما قاله عن تلك الصحابية الجليلة -رضي الله عنها- كلام في غاية الوقاحة وسوء الأدب وفيه بهتان عظيم، ووصف لها بما لا يليق، ويدخل في لمز الصحابة -رضي الله عنهم- وسبهم الذي نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في صحيح مسلم (2540) ، وغيره. ولا يضيرها أنها زنت ما دامت قد تابت توبة صادقة، زكاها بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما العبرة بالخواتيم، وربما عاقب الله هذا القائل وفتنه بما لمزها به، وكان الأَوْلى أن تنهروه وتزجروه على كلمته الخبيثة، ولا يعذر فيها بالجهل، وكان المفترض -إنْ لم يعقبها باستغفار وندم يظهر فيه الصدق- أن ترفعوا أمره للمحكمة ليعزِّره القاضي حُكمًا بشهادتكم عليه، حتى يكون عبرة لغيره. وأخشى أن يكون عند هذا الرجل طوام أعظم من هذه، فإن كان كذلك فابدأ معه بالأصول لتقريرها والرد إليها، مع تبيين أن إسلام المرء لا يصح إلا مع الإقرار والتسليم بها، والإيمان بها إيماناً لا يخالطه شك ولا تزعزعه شبهة، فإن أجدى نصحك وتذكيرك، وإلا فاعتزله واهجر مجلسه، امتثالاً لقوله تعالى: "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ... " [الأنعام: 68] . وفقك الله وزادك غيرة على دينه وأهله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الصلاة على الفرش الملون

الصلاة على الفرش الملون المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 7/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بدأت البحث مؤخراً في موضوع الصلاة على الأرض مباشرة، والخلاصة التي خرجت بها هو أن هذا ما كان يفعله الرسول -عليه الصلاة والسلام- وكذا الصحابة- رضي الله عنهم- أي الصلاة ووضع الجبهة مباشرة على الأرض، وهذا ما يلتزم به الشيعة، كما أن هناك أحاديث وفتاوى تبين أنه يمكن أيضاً الصلاة على سجاد، شريطة ألا يكون مما يلبس، وألا تكون به ألوان أو رسوم، سؤالي هو: لماذا يلتزم الشيعة بما فعله النبي- صلى الله عليه وسلم- ولا نلتزم به نحن السنيون؟ ثم إن المسجد الذي بحينا مفترش بأغطية ملونة يصلي عليها الناس, فما العمل؟ هل أصلي في بيتي وأمتنع عن المسجد؟ أثابكم الله وأعانكم على الخير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب وبالله التوفيق: هذا الدين الذي كرمنا الله بالانتساب إليه وتعبدنا به، دين يسر لا مشقة فيه، ولا حرج، وهذا أمر ظاهر في تكليفاته وعباداته التي تعبدنا بها، حيث إن الله - سبحانه- ربطها في أدائها بالاستطاعة؛ "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ، ولم يكلفنا بطقوس نلتزمها كما هو حال أهل الكتاب، والصلاة أوضح مثال لهذا، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "فضلت على النبيين بست" وذكر منها: "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل" رواه البخاري (335) ، ومسلم (521) ، وهذا يعني أنه لا يلزم أن تؤدى الصلاة في مكان مخصوص، بل كل مكان طاهر يصح أن يصلى فيه، مبنياً معداً للصلاة فيه أو غير مبني، وإذا لم يوجد الماء فإن المسلم يكفيه التيمم بالصعيد الطيب "فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيبا"ً [النساء: 43] ، ولم يكن مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مفروشاً بحصير ولا بغيره، وكان الرسول - عليه الصلاة والسلام- يصلي في مسجده على الأرض مباشرة، ولكنه ثبت عنه أيضاً أنه صلى على الحصير في مرات عديدة في بيته، وفي بيت أم سليم - رضي الله عنها-، كما روى ذلك أنس ابنها - رضي الله عنه-، انظر: البخاري (380) ، ومسلم (658) وكذلك صلى على الحصير في بيت عتبان بن مالك - رضي الله عنه- انظر: البخاري (1186) ، ومسلم (33) ، وغير ذلك. فالصلاة على الحصير والفرش سنة ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما هي ثابتة في صلاته على الصعيد من غير حائل، والعبرة ليست بوجود الحصير من عدمه، بل بطهارة المكان التي هي من شروط الصلاة، وهي إحدى الطهارات الثلاث المشترطة في الصلاة (طهارة الثوب والبدن والبقعة) .

والقول بأن الصلاة لا تصح إلا على الأرض أو على ما كان من جنس الأرض إنكار لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة على الفرش والحصير، على أنه لو سلمنا بأنه لا تصح الصلاة إلا على الأرض، أو ما كان من جنسها، فإن كل الفرش مصنوعة إما مما يخرج من الأرض من النباتات والأشجار ومن مشتقات البترول وهو من الأرض، ولهذا فإنه لا مانع من الصلاة على الحصير، والفرش حتى ولو كانت ملونة، وينبغي اجتناب الفرش المزركشة ذات الألوان التي تشغل المصلي عن صلاته وتشوش فكره. والله أعلم.

كيفية استخدام القاعة الكبرى للمسجد

كيفية استخدام القاعة الكبرى للمسجد المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/1/1425هـ السؤال اقتنى الإخوة مركزاً إسلاميًّا ضخماً في كندا، وتم تأسيس عملية الشراء على نية استخدام المركز لاستيعاب ما شاء الله من مختلف مجالات الأنشطة التعبدية، والاجتماعية والثقافية التي تتطلع إليها الجالية في بلاد الغربة، وتمت الدعاية أثناء عملية جمع التبرعات لتوفير تكلفة شرائه على ضوء مخطط بُيِّن فيه توزيع منشآت المركز على مختلف الأنشطة التي وُعد بإنجازها، وكان من ضمن ما بُيِّن في المخطط تسمية الجزء الأمامي من القاعة الكبرى مسجداً في حين سمي جزؤها الخلفي قاعة متعددة الأغراض ثم قدر الله أن نشب خلاف في كيفية استخدام القاعة الكبرى، فإذا نحن فريقان متنازعان: فريق يرى المضي على ما بُيَّن في المخطط على اعتبار أن المركز في حكم الوقف، وأن مجال استخدام الوقف شرعاً ينحصر فيما انعقدت عليه كلمة الالتزام الأولى عند عقد صفقة الشراء، والذي قامت على أساسه الدعاية لجمع تبرعات المحسنين من المسلمين، وفريق آخر يوجب استخدام القاعة كلها مسجداً ولا يجيز إجراء غير المسجد عليها سواء فصل بين جزأيها أم لا، ومستند هذا الفريق أن القاعة وإنْ الْتُزم ابتداءً تقسيمها إلا أن مجرد استخدام الجزء المبرمج لأن يكون قاعة متعددة الأغراض للصلاة أحالها مسجداً وألحقها بحكم المساجد، يشار إلى أن متزعم الفريق الثاني كان له الدور الفعَّال في الدعاية لجمع التبرعات على ضوء المخطط المذكور والمنصوص فيه على التقسيم، وسافر به إلى خارج كندا، واستخدمه لإقناع المحسنين بدعم مشروع شراء المركز، كما أنه لا يقول بإلحاق أجزاء أخرى من المركز بحكم المساجد مع استخدامها للتوسع في صلوات الجمعة والعيدين عند ازدحام الناس ختاماً نشير إلى أن عدم استخدام القاعة في غير الأنشطة التعبدية يكلف إدارة المركز مصاريف إضافية عالية؛ لتأجير مكان آخر، لاحتواء وتنظيم بعض الأنشطة التي كانت من أهداف شراء المركز مثل إحياء احتفال العيدين لتحسيس أطفال الجالية بفرحة العيد في حين يظل المركز خاوياً إلا في صلوات الجمعة، والعيدين، وجمعية المركز ما زالت تتوفر على مقرها الأول الذي كان يفي بهذا الغرض، وإنما ارتأت شراء المركز الجديد؛ لتوسيع آفاق نشاطاتها، ومجالات نفع المسلمين، وإصرار الفريق الثاني على رأيه يعطل المركز عن المنافع التي أُسس من أجلها، أفتونا مأجورين. الجواب

الذي أعلمه من واقع المساجد والمراكز في غير البلاد الإسلامية أنها توظف لإقامة كثير من المناشط الدعوية كالمحاضرات، والندوات، ويلحق بهذه المساجد صالات خاصة يلتقي فيها المسلمون، ويقيمون فيها مناسباتهم الاجتماعية، وهي بهذا تحقق مصالح عظيمة للجالية المسلمة، وتجعل صلتهم بالمسجد وأنشطته قوية، تعوضهم عما فقدوه في بلاد الغربة من المظاهر والشعائر الإسلامية، وبناء على هذا فليس من المناسب أن يقتصر الإخوة في كندا على جعل المركز الإسلامي الضخم الذي تحصلوا عليه مكاناً تؤدى الصلوات فيه فحسب، وتستبعد عنه المناشط الثقافية والاجتماعية؛ لأنهم بهذا سيحرمون المسلمين هناك من كثير من المصالح والمناشط التي يرغبونها، وقد يؤدي هذا الأمر إلى أن يزهد الناس في الحضور إلى المسجد لأداء الصلاة، وتنقطع صلتهم به بالكلية، ولا سيما أن الذين جمعوا التبرعات لهذا المركز قد أفهموا الناس أنهم سيجعلون هذا المركز مخصصاً للصلاة وللمناشط الأخرى أيضاً، فلا يجوز العدول عن هذا الوعد بلا سبب وجيه، وعلى الإخوة أن يدركوا أن القاعة الكبرى عندما تقسم إلى قسم خاص بالصلاة يعدُّ مسجداً، وقسم آخر خاص بالمناشط، ويُفصل بينهما، فلا يعني هذا أنه لا يجوز استخدام القاعة الخاصة بالمناشط لأداء الصلاة عند وجود الزحام في مثل صلاة الجمعة والعيدين، بل يمكن فعل هذا مع كون هذه القاعة خارجة عن مسمى المسجد، والصلاة فيها عند الحاجة إذا اتصلت الصفوف لا يصيرها مسجداً في الأحوال التي لا يصلي الناس فيها عادة، وهذا مثل كثير من المساجد الصغيرة إذا ازدحمت بالمصلين واضطر الناس إلى الصلاة خارجها في الطرقات، أو المحلات المجاورة لها مع اتصال الصفوف، فإن هذا لا يصيرها مسجداً بحيث تأخذ أحكام المساجد المعروفة، وأنصح هؤلاء الإخوة بالبعد عن كل ما يسبب الجدل والنزاع، وإذا وقع عندهم أي اختلاف، أو تباين في وجهات النظر أن يسألوا أهل العلم، ويأخذوا بفتواهم، وإن كانت الواقعة تحوي خلافاً كبيراً، ولها أبعاد قد يجهلها الشخص المسؤول، فالذي أراه أن يحال الأمر إلى لجنة تحكيمية تفصل فيه، على أن يتوفر في أعضاء هذه اللجنة العلم الشرعي، والأمانة، والخبرة بواقع الناس في المنطقة التي توجد فيها المشكلة، وعلى الجميع أن يتعاون، ويأخذ برأي هذه اللجنة؛ حفاظاً على وحدة الصف، والبعد عن الشقاق والنزاع.

إمامة الرسول صلى الله عليه وسلم بالأنبياء

إمامة الرسول صلى الله عليه وسلم بالأنبياء المجيب د. جمال المراكبي رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/04/1425هـ السؤال كيف صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام- في بيت المقدس ولم تكن الصلاة فرضت بعد، فقد فرضت في المعراج؟ ثم لماذا صلى بهم وهو سوف يقابلهم بعد قليل في السماوات ويسلم عليهم؟ ثم لماذا كان يسأل جبريل- عليه السلام- عن كل نبي في كل سماء، وهو قد رآهم فعلا من قبله وعرفهم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: صلاة النبي صلى الله علية وسلم بالنبيين إماما ليلة الإسراء والمعراج ثبتت في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي. (الحديث) ، وفيه "فحانت الصلاة فأممتهم" مسلم (259) (263) (264) ، وما بعده. وزاد المعاد بالهامش (ج3 ص31) . أما كيف صلى ولم تكن الصلاة فرضت بعد؟ فنقول: إن الصلاة كانت مشروعة ومعروفة قبل رحلة الإسراء والمعراج، والأدلة على ذلك كثيرة في السنة والسيرة، ولكن ما حدث ليلة الإسراء والمعراج هو جعل الصلاة فريضة، فرضت خمسين صلاة، ثم خففت حتى صارت خمسا في العدد، خمسين في الأجر. أما قول السائل لماذا صلى بهم وهو سوف يقابلهم؟ فهذا أمر لا يقال فيه لماذا؛ لأن الله جعله تشريفا لنبيه صلى الله علية وسلم. ولماذا كان يسأل جبريل عنهم في كل سماء إذا كان قد رآهم من قبل؟. فمعلوم أن أعداد الأنبياء والمرسلين كبير جداً، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن العلماء أهل العلم اختلفوا في هذه المسألة؛ فابن حجر في الفتح قال: (صلاة النبي- صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام- كانت قبل العروج. أما ابن كثير في تفسيره لسورة الإسراء فيرى أن الصحيح أنه صلى بهم في بيت المقدس بعد عروجه. وخلاصة القول أن هذا من عالم الغيب الذي لا يقال فيه لم، ولا يقال كيف، ولكن نصدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما قاله ونقله عنه الثقات الأثبات بالأسانيد الصحاح. والله أعلم.

لم يسهموا في بناء المسجد، فهل يمنعون من دخوله؟

لم يسهموا في بناء المسجد، فهل يُمنعون من دخوله؟ المجيب يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 6/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد قمنا ببناء مسجد بفضل من الله في مدينتنا إحدى مدن الغرب، وذلك عن طريق القرض والحمد لله نحن ماضون في تسديد ما علينا، والمبلغ كبير جدًّا، وقد أسهم العديد من المسلمين في سداده بتبرعهم وإحسانهم، ولازالوا يسهمون، إذ إن القرض لا يمكن تسديده، من جهة أخرى فاعتمادنا كله بعد الله على إسهام المسلمين المقيمين هنا، لكن المشكلة هي: أنه توجد مجموعة من الذين يصلون في المسجد يمتنعون عن الإسهام والعطاء، فلم يشاركوا في ثمن أرضه ولا ثمن بنائه، ولا ثمن فرشه من زرابي وإنارة وغيره; وقد تفرق المسلمون في هؤلاء فئتين: فئة تدعو لطردهم ومنعهم من دخول المسجد، وفئة تقول إن المساجد لله ولا يحق لنا طرد من جاء للصلاة، مع العلم أنه كل جمعة يمر جماعة من القائمين بين صفوف المصلين يستحثونهم على العطاء ويذكرونهم الفضل، لكن لاجدوى، مع أن مستواهم المادي ليس متدنيا لكنهم يمتنعون، فما الحل حفظك الله؟ فالبعض يرى أن الأمر غير عادل إذ إنهم دفعوا من أموالهم والآخرين لم يفعلوا، ويرتادون المسجد دون التفكير في ضخامة ما تبقى من دين لم يسدد بعد. وجزاك الله عنا كل خير. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اعلم - رحمك الله- أن ما قمتم به في مدينتكم من شراء الأرض ثم بناء المسجد وتجهيزه وإعداده للمسلمين عمل من أعظم القربات وجميل الطاعات، وقد مدح الله من بني له مسجداً، وزكى فعله ورجولته وعبادته، وحسن فعله ووعده ببركة في الرزق والنجاة من النار، قال تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" [النور:36-38] . كما وعد الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم- فاعله ببناء مخصوص من رب عظيم فقال - صلى الله عليه وسلم-: "من بنى لله مسجداً بنى الله له مثله في الجنة" متفق عليه، وقال كذلك: "من بنى مسجداً يذكر فيه اسم الله بنى الله له بيتاً في الجنة" صحيح الترغيب (1/217) . فهنيئاً لكم بهذا الأجر والثواب، وبارك الله فيكم وفي أمثالكم. واعلم أخي أن الله تبارك وتعالى أثنى على عُمّار المساجد الذين يأتون إليها زلفى إلى الله وابتغاء مرضاته"، "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ" [التوبة:18] . وإن من عمارة المساجد بل أهمها ما تقوم به العمارة وهو إقامتها بالمال الحلال، فالله طيب لا يقبل إلا طيباً.

ومن عمارتها إحياؤها بالكتاب والسنة وإماتة البدعة، وإن من عمارتها ألا يرفع فيها إلا اسم الله سبحانه وتعالى فلا إله إلا الله تعني لا معبود بحق إلا الله، وإن من عمارتها أن يحكم فيها بالكتاب والسنة على قدر ولايتكم وسلطانكم داخل المسجد، فالحكم بما أنزل الله ليس مقصوراً على الخليفة بل في كل مرافق الحياة بما فيها الشرع المطهر الذي يسري على المساجد، وعليه فكما لا يخفى عليكم فالمسجد بيت الله ولا يُمنع من بيته أحد من الناس، وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – عن حكم دخول الكافر المساجد فأجاب: "أما المسجد الحرام؛ فلا يجوز دخوله لجميع الكفرة: اليهود، والنصارى، وعباد الأوثان، والشيوعيين؛ فجميع الكفرة لا يجوز لهم دخول المسجد الحرام، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" [التوبة: من الآية28] ، فمنع سبحانه من دخولهم المسجد الحرام، لا يهودي، ولا نصراني، ولا غيرهما، بل هذا خاص بالمسلمين، وأما بقية المساجد فلا بأس من دخولهم للحاجة والمصلحة، ومن ذلك المدينة، وإن كانت المدينة لها خصوصية، لكنها في هذه المسألة كغيرها من المساجد؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم- ربط فيها الكافر في مسجد النبي – صلى الله عليه وسلم-، وأقرَّ وفد ثقيف حين دخلوا المسجد قبل أن يسلموا، وهكذا وفد النصارى دخلوا مسجده عليه الصلاة والسلام، فدل على أنه يجوز دخول المسجد النبوي للمشرك، وهكذا بقية المساجد من باب أولى إذا كان لحاجة، إما لسؤال، أو لحاجة أخرى، أو لسماع درس ليستفيد، أو ليسلم ويعلن إسلامه، أو ما أشبه ذلك" انتهى. فإخوانكم الذين امتنعوا عن المساعدة في مصاريف المسجد من باب أولى، بل لا يجوز لأحد أن يمنعهم من المسجد، خاصة إذا كان مجيئهم واختلاطهم بإخوانهم مدعاة حتى ينتظموا مع جماعة المسجد، فالذئب يأكل من الغنم القاصية. وإخوانكم كذلك – إن شاء الله- من المؤمنين، والله نهى أن تكون هذه المساجد وسيلة للتفريق بين المؤمنين، فقد بنى أهل النفاق مسجداً ضراراً، وكان قصدهم هو تفريق وتمزيق شمل الجماعة، فأنزل الله فيهم حكماً رادعاً، وتم حرق مسجدهم الفاسد بأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: "وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" [التوبة: من الآية107] .

وإني أدعوكم بدعوة القرآن الكريم أن تقبلوا موقفهم هذا وقلوبكم مؤمنة بأن الله - سبحانه وتعالى - سيغيرهم من حال إلى حال؛ فقد وعد سبحانه وتعالى بأن الذين يقابلون الإساءة بالحسنى يُغيّر الله لهم القبيح حسناً والبخيل كريماً والجبان شجاعاً والعنيف مسالماً، بل والكافر مؤمناً، ألم يعدنا ربنا وعداً حسناً بقوله: "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" [فصلت: من الآية34] ، فالكلمة الطيبة ورَدَّ السيئة بالحسنة تنتزع من الصدور كل أنواع الغل والحقد، وتجعلها مستعدة لعمل الخير وقبول الحق، لهذا السلوك - أي دفع السيئة بالحسنة والتسامح مع الآخرين عند الإساءة - مقام عظيم لا يصل إليه كل الناس، بل الصابرون، المحتسبون المتيقنون بالجزاء الأوفى من الله: "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" [فصلت:35] . وفي الأخير أخاطب الإخوة الذين امتنعوا عن المساهمة في المسجد، فأقول لهم بأن لكل غائب عذر وإني لا أعلم هل لهم عذر في عدم المساهمة أم لا، فإن لم يكن لهم عذر فإني أدعوهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا لقوله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْم وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالحمى والسهر" متفق عليه. وأنت في بلاد الغرب، والمؤامرات تحاك بالليل والنهار لإدماجكم وتذويبكم، والكفر والفساد محدق بكم والانحلال الخلقي والتمزق الأسري يهددكم، فاعلموا علم اليقين أن لا حافظ لكم إلا الله ولا مأوى لكم إلا مساجده، فاتقوا الله إخواني وكونوا للحق أعواناً. والدين النصيحة، وإني أنصحكم أن تكونوا جماعة واحدة تحت إدارة واحدة، فحتى لو وُجد بعض التقصير؛ فإن ظلمة الجماعة خير من نور التفرد والتشتت، ولا تتبعوا كل دعوة تُفرِّق الشمل وتمزِّق الصف سواء كانت قومية أو عرقية أو حزبية، فأنتم عباد الله المسلمون، والمعادلة التي ينبغي أن تضعوها نصب أعينكم هي: إما التمسك بالإسلام، وإما الضلال المبين والعياذ بالله، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكم. لقد قلتم في رسالتكم: (لقد قمنا ببناء مسجد بفضل الله وذلك عن طريق القرض) ، وما دام أنه لم توضحوا في رسالتكم الكريمة مصدر القرض فاسمحوا لي بهذا التساؤل، إن كان عن طريق مؤسسة ربوية فلا ريب أن ما تلاقون من مشاكل ليس إلا بسبب هذا، فالله يمحق الربا ويربي الصدقات؛ فعجِّلوا بالتخلص من هذا القرض والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وإن كان القرض قرضاً حسناً بدون فوائد؛ فأسأل الله أن يعينكم ويرفع ضائقتكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل يصلى على ما بتر من الجسم البشري؟

هل يصلى على ما بتر من الجسم البشري؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: ماذا يعمل بالجزء المبتور من جسم الإنسان؟ هل يدفن ويصلى عليه؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يُدفن بدون أن يصلى عليه؛ لأن العبرة بالبدن كله وبالإنسان، وصاحب هذه الأعضاء -كما يُفهم من السؤال- لا يزال حياً، وإنما الصلاة تكون على الميت، وإنما اختلف العلماء في الصلاة على أعضاءٍ لميت، وأما الحي فلا يصلى على ما انفصل منه من أعضاء. والله -تعالى- أعلم.

حكم الصلاة في المسجد الأموي

حكم الصلاة في المسجد الأموي المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أولاً: أسكن بجانب مسجد فيه قبر -وهو قريب جداً- من منزلي لدرجة أني أسمع الأذان كأنه في غرفتي، ولكن مما قرأت في كتاب فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد وغيره في فتاوى شيخ الإسلام أنه لا تجوز الصلاة فيه، وأقرب مسجد لي بعده بعيد بحيث أحتاج لسيارة للذهاب إليه، وأنا لا أستطيع أن أصلي صلاة الجماعة فيه، وبنفس الوقت أكاد أتقطع أني أسمع الأذان ولا ألبي النداء. ثانياً: ما حكم الصلاة في الجامع الأموي؟ علماً أن هناك قبراً كبيراً داخل المصلى يقال إنه للنبي يحيى- عليه الصلاة والسلام-، وأظن أن ذلك غير صحيح، علماً أن الناس تتحلق حول القبر وتستقبله أثناء الدعاء، ولا أحد يتحرك من الشيوخ والمحدثين الموجودين فيه بعد صلاة الفجر. ثالثاً: إذا كان الأمر كما ذكرت لك فكيف كان شيخ الإسلام يحدث الناس في ذلك الجامع؟ وهل ظهرت تلك البدع بعد وفاته رحمه الله؟ أفتونا أثابكم الله، والسلام عليكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: لا تجوز الصلاة في مسجد فيه قبر، سواء كان المسجد سابقاً للقبر أو كان المسجد بني على القبر؛ لعموم الأحاديث الدالة على تحريم بناء المساجد على القبور، والتغليظ في ذلك، وسداً لذرائع الشرك، فإن كان المسجد الثاني بعيداً فصل جماعة بمن حضرك من إخوانك المسلمين في بيتك أو في فضاء قريب، وليكن منكم سعي في إقناع جماعة المسجد بإخراج القبور إلى المقابر العامة، أو عزله عن المسجد عزلاً تاماً. ثانياً: الصلاة في الجامع الأموي بدمشق مشروعة كسائر مساجد المسلمين، وليس له خصوصية شرعية، سوى أنه مسجد عتيق اتخذه صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مسجداً، وأما مقام يحيى - عليه السلام- فلم يثبت أنه موضع قبره، وإنما حكي أنه وُجد رأسه فيه، ولم يكن في زمن الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين مقام مبين، وإنما حدث في عصور متأخرة، وليس بقبر، وأما تحلق الناس حوله فبدعة منكرة، ودعاؤه من دون الله شرك أكبر مخرج عن ملة الإسلام، يتعين على أهل العلم إنكاره والتحذير منه. والله المستعان.

هل يبلى جسد الشهيد في قبره؟

هل يبلى جسد الشهيد في قبره؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/04/1425هـ السؤال هل يبقى جسد الشهيد كما هو في قبره، فلا يتحلل ولا يبلى؟ وإن كان جسده يتحلل فماذا عن قصة إعادة دفن شهداء أحد؟ إذ يقول دافن سيد الشهداء -حمزة بن عبد المطلب-رضي الله عنه- إنه كما هو حين دفنه لم يتغير، وكان دمه يسيل، مع العلم أن بين إعادة دفن شهداء أحد -إثر السيل- وبين استشهادهم سنوات. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الوارد من حديث أوس - رضي الله عنه- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن الله عز وجل قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء". رواه النسائي (1374) ، وأبو داود (1047) ، وابن ماجة (1636) ، وذكر ابن عبد البر أنه قد روي في أجساد الأنبياء والشهداء أن الأرضة لا تأكلها، وساق رواية بسندها أنه لما أراد معاوية - رضي الله عنه- أن يجري العين التي في أسفل أحد أمر منادياً فنادى أنه من كان له ميت فليأته فليخرجه وليحمله، قال جابر - رضي الله عنه-:"فذهبنا فأخرجناهم رطباً ينثنون"، وقال -أيضا-:"فأصابت المسحاة إصبع رجل منهم فتقطر الدم" انظر ما رواه مالك في الموطأ (1023) ، وانظر التمهيد لابن عبد البر (18/174) ، وذكر الزرقاني أن ذلك وقع بعد ست وأربعين سنة من دفنهم، ونقل الزرقاني عن بعضهم أنه ألحق بهم الشهداء والصديقين والعلماء العاملين والمؤذنين المحتسبين وحاملي القرآن العاملين به والمرابطين والميت بالطاعون صابراً محتسباً، والمكثر من ذكر الله والمتحابين في الله، قلت وليس ثمة دليل على ذلك؛ وإنما الدليل الثابت في أجساد الأنبياء وأما غيرهم فالأصل بلاءها، والله أعلم.

تقبيل القبر

تقبيل القبر المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 8/2/1425هـ السؤال هل يجوز تقبيل القبر احتراماً للشخص المدفون فيه؟. الجواب الحمد لله، وبعد: الذي يظهر لي أن هذا العمل محرم ولا يجوز؛ لأن الشارع الحكيم جاء بسد باب أي ذريعة تؤدي إلى تعظيم القبور وتميزها؛ ومن ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى أن يُبنى عن القبور أو تجصص، أو يجلس عليها، أو يكتب عليها انظر ما رواه مسلم (970) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - وأمر عليًّا - رضي الله عنه- ألا يدع قبراً مشرفاً إلا سواه، أي بغيره من القبور انظر ما رواه مسلم (969) من حديث علي - رضي الله عنه - ومن ذلك فيما يظهر لي تقبيل القبر احتراماً فهو لا يجوز، وإن لم يكن قصد الفاعل لذلك تعظيم صاحب القبر، وإنما مجرد المحبة، أو الاحترام؛ سدًّا لهذا الباب، ولأن أكثر أسباب الشرك تأتي من القبور، وقد يراك جاهل فيحسب أنك تفعل ذلك لمزية خاصة تتعلق بصاحب هذا القبر، والله أعلم.

المنفي في قوله "ليس كمثله شيء ... "

المنفي في قوله "ليس كمثله شيء ... " المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/3/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، قال تعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" [الشورى:1] ، قرأت في إحدى المقالات على الإنترنت ما مجمله: أن آية "ليس كمثله شيء" غير محكمة بالمعنى الأصولي، وأن هناك فرقاً بين التمثيل والتشبيه فليس كل تشبيه هو تمثيل، وأن الآية هنا تنفي التمثيل فقط الذي هو بمعنى ما يساوي الشيء في جميع أوصافه، أما مطلق التشبيه فلم تنفه الآية ولم يتعرض له القرآن الكريم ولا السنة النبوية بنفي أو إثبات، وعلى ذلك فإنه لا ينبغي علينا أن ننكر على من أثبت أوجه شبه بين الخالق والمخلوق لاحتمال الصحة في قوله؛ ولأن بعض النصوص تحتمله فلا ننفي قوله ولا نثبته، ولأن الشرع لم يأت بنفي قوله بل أتى بنفي المماثلة -كما في هذه الآية- فمثلاً من المعلوم أن الله -عز وجل- يوصف بالحياة، وأنه حي، ونوصف نحن بالحياة وأننا أحياء، والحياة في عرفنا بشكل مبسط دون النظر في تعريفها الصحيح هي تعلق الروح بالبدن بصفة يعلمها الله، فإذا فارقت الروح البدن لا يسمى الكائن حياً، فالحياة إذن فيها سلب للموت والجمادية هذا بالنسبة لكل المخلوقات المنظورة التي نعرفها على الأقل، والخالق يشترك معنا ويشابهنا في هذه الصفة من هذه الناحية على الأقل، فحياته تعني أنه ليس بميت، وأنه ليس جماداً وإن كانت حياته لا تماثل حياتنا لكن الخالق لا يشاركنا في كل خصائص الحياة وينفرد ببعض خصائصها الأخرى، فحياتنا حياة تسير وفق أسباب ووفق سنن عند حدوث خلل في هذه الأسباب، وهذه السنن تتغير هذه الحياة أو نفقد هذه الحياة، لكن الله -عز وجل- لا تسير حياته وفق أسباب وسنن. الأمر الآخر أن حياتنا لها بداية ونهاية، وحياته -عز وجل- لا بداية لها ولا نهاية، فحياتنا مفتقرة للديمومة، وحياته لا تفتقر لشيء من ذلك البتة، فهذا الوجه من التشبيه يعني فهماً لمعنى الصفة، كما أنه لا يؤدي إلى معان ولوازم فاسدة من كل وجه، ومن يقول بهذا القول لا يقال عنه مشبه، وإنما يقال بأنه مشبه إذا جعل حياتنا كحياة الله أو مثل حياة الله -عز وجل- بحياتنا، أما أنه يثبت جهة اشتراك واحدة أو اثنتين، أو غيرها، وكان الخالق مبائناً للمخلوق في أكثر لوازم إثبات هذه الصفة، فلا يسمى مطلقها مشبها أو ممثلا، وخاصة إذا كانت أوجه الشبه صحيحة عقلا، ولم تتعارض مع غيرها من النصوص، هذا مجمل القول فما رأيكم به؟ وهل يجوز لي الاعتقاد به؟ أفيدونا رحمكم الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقد أجمعت الأمة على أن آية "ليس كمثله شئ وهو السميع البصير" [الشورى:11] آية محكمة، وأن مضمونها نفي المماثلة بين الله وخلقه، مع إثبات صفتي السمع والبصر لله -تعالى -، حيث جمعت بين التنزيه والإثبات إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل (=نفي) .

أما لفظ التشبيه فلم يرد ذكره في الكتاب ولا في السنة لا نفياً ولا إثباتاً، إنما الذي ورد نفيه هو التمثيل؛ وذلك أن التمثيل يقتضي المساواة من كل وجه، وهذا المعنى منفي عن الله، أما لفظ التشبيه فهو يقتضي المساواة من بعض الوجوه، تقول مثلاً هذا الشيء يماثل ذلك الشيء أي يساويه تماماً، وتقول هذا الشيء يشبه ذاك الشيء أي يساويه من بعض الوجوه دون بعض، ولذا لم يرد في حق الله –تعالى- لفظ التشبيه لأنه مشترك مبهم، فقد يراد به المفهوم الكلي العام (المعنى اللغوي) ، والذي لا يكون إلا في الذهن لا في الخارج، فهذا حق، والتشابه به حاصل إذ ما من موجودين إلا وبينهما قدر مشترك ذهني كلفظ الوجود مثلاً فإن معناه اللغوي مشترك بين الخالق والمخلوق فهو من هذا الجانب متشابه، أما إذا أريد به المعنى الخاص فلكل من الخالق والمخلوق وجود يخصه لا يشركه فيه غيره. ولولا هذا القدر المشترك لما فهمنا ما خاطبنا الله به من نصوص كتابه من أمور الغيب التي لا تدرك حقائقها كحقيقة ذات الله وصفاته وحقيقة ما في اليوم الآخر وما في الجنة، ولذا قال ابن عباس – رضي الله عنهما-: (ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء) (تفسير ابن كثير 1/ 61) عند تفسير قوله تعالى: "وأتوا به متشابهاً"الآية، [البقرة:25] ، فنحن ندرك معنى ما خاطبنا الله به مما في الجنة من نعيم كأصناف المآكل والمشارب من خمر وعسل ولبن وماء، وفاكهة ولحم طير، وغير ذلك، لكن ليس حقيقة تلك الأمور كحقيقة ما في الدنيا وإنما هنا قدر مشترك فهمنا به خطاب الله –تعالى-. وكذا يقال في صفاته سبحانه، فنحن نفهم معنى القدرة والحياة والعلم واليد والوجه، ونحو ذلك من صفات الله –تعالى-، وذلك قدر مشترك متشابه بين الخالق والمخلوق، وهو مفهوم كلي ذهني لا خارجي، أما في الخارج فلا يوجد كلي يشترك فيه الخالق والمخلوق إذ ما يوجد في الخارج يوجد معيناً مقيداً، وهو الوجود الخاص بكل موجود فمفهوم الوجود في الذهن واحد وفي الخارج مختلف فوجود الخالق واجب ووجود المخلوق ممكن وكذا سائر الصفات. فمن شبه الحقيقة الخارجية للخالق الواجب الوجود بالحقيقة الخارجية للمخلوق الممكن الوجود فقد وقع في التشبيه المحرم الذي يكفر قائله ومعتقده. أما ما في الذهن من الاشتراك في المعنى العام فليس من التشبيه المحرم وإلا لتعطلت نصوص الصفات إذ تصبح غير مفهومة المعنى. يقول ابن تيمية – رحمه الله -: (وهذا الموضع من فهمه فهماً جيداً وتدبره زالت عنه عامة الشبهات، وانكشف له غلط كثير من الأذكياء في هذا المقام وقد بسط هذا في مواضع كثيرة وبُيّن أن القدر المشترك الكلي لا يوجد في الخارج إلا معيناً مقيداً، وأن معنى اشتراك الموجودات في أمر من الأمور هو تشابهها من ذلك الوجه، وأن ذلك المعنى العام يطلق على هذا، وهذا لا أن الموجودات في الخارج يشارك أحدها الآخر في شيء موجود فيه بل كل موجود متميز عن غيره بذاته وصفاته وأفعاله) [التدمرية 127 - 128] .

وبهذا نعلم أن اتفاق المسمّيين اتفاقاً كلياً عاماً [=المفهوم اللغوي] في بعض الأسماء والصفات ليس هو التشبيه والتمثيل الذي نفته الأدلة السمعية والعقلية، وإنما نفت تلك الأدلة ما يستلزم اشتراكهما فيما يختص به الخالق، مما يختص بوجوبه أو جوازه أو امتناعه فلا يجوز أن يشركه فيه مخلوق، ولا يشركه مخلوق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى، وتشابه الشيئين من بعض الوجوه لا يقتضي تماثلهما في جميع الأشياء. ومع أن لفظ التشبيه لم يرد ذكره نفياً ولا إثباتاً في الكتاب والسنة إلا أنه يتسامح أحياناً في استخدامه بمعنى التمثيل، فقد جاء عن بعض السلف استخدامه. فعلى سبيل المثال ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما- في قوله تعالى: "فلا تجعلوا لله أنداداً" أي: أشباهاً [تفسير ابن جرير1/198-199] . وقال أبو حنيفة (ت 150هـ) : (أتانا من المشرق رأيان خبيثان جهم معطل، ومقاتل مشبه) . وسئل الإمام أحمد (ت 241هـ) عن المشبهة فقال: (المشبهة تقول: بصر كبصري، ويد كيدي، وقدم كقدمي، ومن قال ذلك فقد شبه الله بخلقه) (إبطال التأويلات لأبي يعلى 1 / 43] . قال نعيم بن حماد شيخ البخاري (ت 228هـ) : ((من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، فليس ما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه)) . [شرح أصول أهل السنة 2/532] . وقال إسحاق بن راهويه: (من وصف الله فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله العظيم) . [شرح أصول أهل السنة 2/532] والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

إخراج زكاة القمح نقدا

إخراج زكاة القمح نقداً المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/05/1426هـ السؤال السلام عليكم. ما مقدار زكاة القمح؟ وهل يجوز بيع المحصول كله، ثم إخراج الزكاة نقداً لا قمحاً؟ وهل تخرج الزكاة في التبن؟ وكيف ذلك؟ التكاليف مثلاً: 1000درهم، والأرباح 5000 درهم. هل أزكي على الأرباح فقط، أم في التكاليف والأرباح؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. زكاة القمح ونحوه إن كان سقيه بلا مئونة، كالذي يسقى بماء الأمطار ونحوها ففيه العشر، وإن كان السقي بمئونة، كالذي يسقى بالمكائن ونحوها ففيه نصف العشر، ويجوز إخراج الزكاة من القيمة إذا بيع جميع المحصول دفعة واحدة، ولا زكاة في التبن، ولا اعتبار بالتكاليف، وإنما تخرج الزكاة أو نصف العشر من المحصول أو القيمة. والله أعلم.

"الإسماعيلية"

"الإسماعيلية" المجيب د. علي بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/2/1425هـ السؤال أرجو توضيح وموقف الشرع من طائفة تسمى "الشيعة الإمامية النزارية الإسماعيلية" وما هي معتقداتهم وأفضل طريقة لدعوتهم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد: فإن فرقة النزارية من فرق الإسماعيلية، وتنسب إلى نزار بن المستنصر الإسماعيلي (ت:487هـ) وقد خلفه ابناه نزار الأكبر، والمستعلي فصاروا نزارية، ومستعلية، وكانت الدولة والغلبة للمستعلية الذين حكموا مصر، واليمن وغيرها، وينتسب إلى النزارية الحشاشون الذين انتشروا بالشام وبلاد فارس وغيرها، ومن أبرز رجالهم الحسن ابن الصباح فارسي الأصل، وينتسب إلى النزارية إسماعليلية الشام ولهم دور خطير وإن لم تكن لهم دولة، ولا يزالون إلى اليوم في الشام. عقيدتهم: عقيدة الإسماعيلية ومن أبرزها اعتقادهم بوجود إمام معصوم منصوص عليه من نسل محمد بن إسماعيل، يضيفون عليه صفات ترفعه إلى مقام الألوهية، ويخصونه بعلم الباطن، ويدفعون له خمس دخلهم، ولا يقيمون الصلاة في مساجد عامة المسلمين وصلاتهم للإمام المستور، والكعبة عندهم رمز للإمام، ويستحلون المحرمات، ويرون أن الله خلق العالم عن طريق العقل الكلي الذي هو محل لجميع الصفات الإلهية ويسمونه الحجات، وقد حل العقل في الإمام المستور. أما الموقف من هذه الطائفة وأخواتها من طوائف الإسماعيلية. فمن الواضح كما بين العلماء أن هذه العقائد تخالف العقيدة الإسلامية جماعة وتفصيلا، وأنها عقائد كفرية، وحقيقتها هدم الإسلام، وإن كانت في الظاهر تتستر بالتشيع لآل البيت، ولذا فليست من الإسلام في شيء. وأتباعها: يدعون إلى الإسلام، وتبين لهم أصوله التي من خرج عنها يعد كافرا بالله وغير متبع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقام عليهم الحجة بتوضيح المحجة، وبيان معالم الطريق المستقيم الذي تركنا عليه نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وأرى أن من الضروري استغلال وسائل العصر المتاحة، ومن أهمها (الإنترنت) ، والدخول معهم عبر هذه الشبكة على أن يكون المناقش له من أهل العلم والخبرة والتجربة، ومن الذين يعرفون حقيقة ما هم عليه من خلال كتبهم وأنصح بقراءة الكتب الآتية: 1. الإسماعيلية: للشيخ/ إحسان إلهي ظهير. 2. فضائح الباطنية: لأبي حامد الغزالي. 3. المؤامرة على الإسلام: أنور الجندي. 4. الحركات الباطنية في العالم الإسلامي: د. محمد الخطيب. والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الدخول بالزوجة قبل بلوغها

الدخول بالزوجة قبل بلوغها المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/07/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم. سؤالي هو بعض النصارى يثير شبهة أن القرآن الكريم يبيح الزواج من البنات دون سن البلوغ، ويستشهد بالآية التي في سورة الطلاق "واللائي لم يحضن" [الطلاق] ، هل ممكن للإنسان إذا عقد على بنت دون سن البلوغ أن يدخل بها؟ ولماذا ذكر القرآن هذا؟ هل كان منتشراً مثل هذا الزواج؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما ذكره هذا النصراني هو كلام باطل؛ فالمرأة يجوز العقد عليها وإن كانت دون سن البلوغ، وكذلك يجوز الدخول بها كما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم- مع عائشة - رضي الله عنها-. لكن لا يجوز وطء الصغيرة إلا إذا كانت مطيقة للوطء، ولذا عقد النبي - صلى الله عليه وسلم- على عائشة - رضي الله عنها- وهي بنت ست، ودخل بها بنت تسع، والحديث مخرج في الصحيحين البخاري (3894) ، ومسلم (1422) . وبالنسبة لما ذكر الله - عز وجل- ذكره في سورة الطلاق، وبيّن الله - عز وجل- عدد المطلقات، فإذا كانت المرأة دون سن البلوغ ولم تحض بعد فعدتها ثلاثة أشهر؛ لأن هذا الأمر قد يقع أحياناً، وقد تكون للمرأة مصلحة بالزواج من هذا الرجل وإن كانت صغيرة، ولو أُخر هذا الزواج فقد يفوتها هذا الرجل الصالح، وقد يرى الولي المصلحة للمرأة في الاقتران بشخص معين وعدم تفويت هذه الفرصة، هذا هو الجواب مع التأكيد على الأصل الذي سبق، وهو عدم الجلوس مع هذا النصراني وأمثاله ممن هو يحمل شُبها عن الإسلام. وبالنسبة لوجود هذا النوع من الزواج وانتشاره في السابق، فإنه كان موجوداً؛ لأن هناك مصلحة؛ لأنه قد يتقدم الرجل الكفء للبنت، وهي صغيرة، ولو رد لذهب إلى غيرها، فالولي قد يرى مصلحة لموليته في تزويجها من الرجل الكفء، وإن كانت صغيرة؛ كما وقع هذا للنبي - صلى الله عليه وسلم- مع عائشة - رضي الله عنها-. والله أعلم.

الزكاة على الأخت في كنف الوالد

الزكاة على الأخت في كنف الوالد المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/02/1427هـ السؤال هل يجوز لي أن أدفع زكاتي إلى أختي التي تصغرني، سواء بصرفها في دراستها أو تجهيزها للزواج؟ علماً أنها في كفالة والدي الكبير في السن، كما أنني أقوم بمساعدة والدي من حر مالي؛ نظراً لاحتياجه ومرضه. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كنت تنفق على والدك ومن تحت ولايته فهذا يعتبر من النفقة الواجبة عليك، وحينئذ لا تدفع لأختك من الزكاة؛ لأنك تنفق عليها وعلى والدك. وأما إذا كنت تعطي والدك بعض المساعدات وهو ينفق على أولاده -بما فيهم أختك- وأردت أن تملِّك أختك مباشرة مالاً من المال الذي تحتاجه، وهي لا مال لها، ووالدك لا يستطيع الإنفاق عليها النفقة التامة، فالذي يظهر لي -والله أعلم- أنه يجوز لك أن تدفع لها شيئاً من الزكاة لهذا الاعتبار، بمعنى أنك تملكها لأختك لا أنك تدفعه لوالدك ليعطيه لأختك، وإنما يكون لأختك مباشرة، وأختك فقيرة بحكم وضعها الأسري الذي تعيشه مع والدك، فيجوز أن تعطيها من مال الزكاة لدراستها أو تجهيزها للزواج ونحو ذلك في هذا الضرب الذي يملك لها مباشرة. والله أعلم.

قراءة الفاتحة على الميت

قراءة الفاتحة على الميت المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في نقاش دار بيني وبين أحد الأصدقاء قال لي صديقي إنه لا بأس بقراءة الفاتحة على الميت لما لها من فضل وأجر, فأجبته أنه لا أصل لهذه القراءة ولم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها بدعة, فأجاب وكذلك لا يوجد دليل على أنه لم يفعل ذلك، وهكذا وجد آباءه وأجداده يفعلون، أرجو من فضيلتكم الرد على هذه البدعة بالحجة والدليل من الكتاب والسنة، وكذلك الرد على المنهجية التي يتبعها صديقي في الاستنباط بقوله إنه (لا يوجد دليل على أنه لم يفعل ذلك، وهكذا وجد آباءه وأجداده يفعلون) . الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأصل في العبادات المنع حتى يرد الدليل عليها من الشرع، فلا يقال إن قراءة الفاتحة على الميت مشروعة من أصلها أو من جهة عددها، أو من جهة هيئتها إلا بدليل شرعي، فمن ابتدع في الدين ما لم يشرعه الله رد عليه عمله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن عَمِل عملاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فهُو رَدٌّ". أخرجه البخاري (2697) ومسلم (1718) . أي مردود عليه، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن خلفائه الراشدين وسائر الصحابة، رضي الله عنهم، أنهم قرؤوا الفاتحة على الميت إلا في صلاة الجنازة، على الهيئة التي شرعها الإسلام، وليس على هيئة أخرى، قال الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) ] الحشر: من الآية7 [. فنأخذ ما آتانا الرسول صلى الله عليه وسلم، على عدده وهيئته، وهذا معنى أن الأصل في العبادات المنع حتى يرد الدليل من الشرع، وقوله: (لا يوجد دليل على أنه لم يفعل ذلك) . له جوابان: الأول: ما ذكرت من أن الأصل في العبادات المنع حتى يرد دليل شرعي، والجواب الثاني: لو فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، أو أمر به لأُخبرنا بذلك، فقد ربى الصحابة، رضي الله عنهم، على كل شيء يرضاه الله من العبادات، بل على ما يصلح لهم في حياتهم وبعد مماتهم، فقد علمهم حتى كيفية قضاء الحاجة. ووجود الآباء والأجداد على بدعة ليس دليلاً على صحتها، إنما الدليل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أتى بالشرع وأكمل الله به الدين. والله أعلم.

وسيلة دحض عقيدة السيخ

وسيلة دحض عقيدة السيخ المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/2/1425هـ السؤال كيف ندحض عقيدة السيخ؟ هم يدعون أنهم مؤمنون بإله واحد لا شريك له. هل هم موحدون؟ أرجو إيراد الحجج التي ترد عليهم، بعض الناس يقولون إن السيخ يؤمنون حقاً بالإسلام. نرجو التوضيح لمساعدتي في الدعوة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم ديانة السيخ خليط من العقائد الإسلامية والهندوسية، وما ادعاه معلمو هذه الديانة الملفقة، وهم قطعاً ليسوا مسلمين، ويكفي في الدلالة على ذلك تبرؤهم من الإسلام في أول شعاراتهم التي أطلقوها عند إعلان دينهم: (لا هندوس ولا مسلمون) ، ومؤسس مذهبهم: (تاناك) ، يزعم أنه رأى الله، وأنه أمره بالدعوة إلى دينه الجديد! وقد أباح لأتباعه الخمر وأكل لحم الخنزير، وحرم أكل البقر مجاراة للهندوس، وحين حكموا البنجاب في القرن الثامن عشر الميلادي اضطهدوا المسلمين، كما أنهم والوا الإنجليز أثناء استعمارهم لشبه القارة الهندية، وشكلوا نسبة كبيرة من عسكرها الذي قمعت به حركات التحرر والجهاد الإسلامية، وأما دعواهم أنهم مؤمنون بإله واحد، فلا تنفعهم حتى يعبدوا الله الواحد وفق ما بعث به نبيه الخاتم محمداً - صلى الله عليه وسلم-، وذلك متقضى الشهادتين، والسيخ بعيدون أشد البعد عن عبادة الله، وعن اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.

معنى: " وما ترددت في شيء ... "

معنى: " وما ترددت في شيء ... " المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما معنى التردد في قوله تعالى في الحديث القدسي؛ قال: " مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَ بي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ". رواه البخاري (6502) . الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ثم أما بعد: فجوابًا عن سؤالكم عن معنى التردد في الحديث القدسي: "ومَا تردَّدتُ في شيءٍ أنا فاعلُه تردُّدي عن نَفْسِ المؤمنِ ... ". أفيدكم أن ابن تيمية، رحمه الله، قد سئل عن ذلك، فأجاب بإجابة فيها طول، ألخصها لكم فيما يلي: وهي في مجموع الفتاوى (18/129) ، فذكر أولاً: أن منشأ الإشكال عند بعضهم هو قولهم: إنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور، والله أعلم بالعواقب. وقد رد ذلك ابن تيمية بأن الواحد منا قد يتردد تارة لعدم العلم، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد، فيريد الفعل لما فيه من المصلحة، ويكرهه لما فيه من المفسدة، لا بجهل منه بالشيء الواحد الذي يحب من وجه ويكره من وجه، ثم مثل لذلك بالشيب في بيت شعر، ومثل له بإرادة المريض للدواء الكريه، قال: بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها النفس هو من هذا الباب، وفي الصحيح: " حُفَّتِ الجَنَّةُ بالمَكَارِهِ وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَوَاتِ". أخرجه البخاري (6487) ومسلم (2823) . وقال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ) الآية..] البقرة:216 [.

ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور في هذا الحديث، فإنه قال: "لا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافلِ حتى أُحبَّه". فإن العبد الذي هذا حاله صار محبوبًا للحق محبًّا له، يتقرب إليه أولاً بالفرائض وهو يحبها، ثم اجتهد في النوافل التي يحبها، ويحب فاعلها، فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق، فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة، بحيث يحب ما يحبه محبوبه، ويكره ما يكرهه محبوبه، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه، فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه، والله سبحانه قد قضى بالموت، فكل ما قضى به فهو يريده، ولا بد منه، فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه، وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده، وهي المساءة التي تحصل له بالموت، فصار الموت مرادًا له من وجه مكروهًا له من وجه، وهذا حقيقة التردد، وهو: أنه يكون الشيء الواحد مرادًا من وجه مكروهًا من وجه ... إلخ. ا. هـ. وإنما طولت بنقل كلام ابن تيمية لما فيه من الوضوح والبيان، أما ابن حجر فقد ذكر في فتح الباري (11/353) (طبعة الريان) أقوالاً متعددة في معنى ذلك، يغني عنها كلام ابن تيمية السابق. وقد ذكر العلامة المعلمي في كتابه (الأنوار الكاشفة ص193) هذا الحديث، في معرض رده على أبي رية، وذكر أن هذا الخبر نظر فيه الذهبي في ترجمة خالد بن مخلد من الميزان، وابن حجر في الفتح، ثم ذكر إسناده وأنه فرد. قال: ومثل هذا التفرد يريب في صحة الحديث ... فأبدى احتمال ضعف هذا الحديث، ثم ذكر أنه إن صح فهو من جملة الأحاديث التي تحتاج ككثير من آيات القرآن إلى تفسير، ثم قال: وقد أومأ البخاري إلى حاله فلم يخرجه إلا في باب التواضع, من كتاب الرقاق. ا. هـ. والمراد من نقل كلام المعلمي أن يعلم أن هذا الحديث ليس في منتهى الصحة، ومع ذلك فتفسيره على ما قال ابن تيمية. والله أعلم.

هل لأختي الحق في أخذ نصف قيمة المنزل؟

هل لأختي الحق في أخذ نصف قيمة المنزل؟ المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/02/1427هـ السؤال اشتريت منزلاً تم تسديد ثمنه على دفعتين، الدفعة الأولى نقداً، والثانية عن طريق قرض من البنك بالتقسيط، وقد سُجل المنزل باسم أختي لأخذها القرض من البنك؛ (لأني مسجل بجمعية، ولا يحق لي أن أسجله باسمي) ، ثم أخذت مبلغاً من المال من أختي لإتمام كسوة المنزل وفرشه وبدون أي اتفاق، كما بدأت أختي بمساعدتي بدفع بعض أقساط البنك، وأيضاً بدون أي اتفاق، والآن بعد مرور خمس عشرة سنة أخذت أختي تطالبني بالبيت بنسبة ما دفعته في الماضي، أي أنها افترضت أنها دفعت نصف ثمن البيت في الماضي، وتطالبني بنصف قيمته في الوقت الحاضر. ما حكم الشرع في هذا الموضوع، وباعتبار عدم وجود اتفاق؟ وهل يحق لها أخذ نصف قيمة المنزل في الوقت الراهن، أو استرداد المبلغ الذي دفعته، أو أخذ مبلغ يعادل المبلغ الذي يعطيه البنك كقرض في الوقت الراهن؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: فحكم الشرع هو أن المسلمين على شروطهم، فالمال الذي دفعته لك أختك وأعطتك إياه لا بد أنك فهمت منه شيئاً وهي أيضاً فهمته، ووقع في نفسيكما هل هو هدية من أختك أم أنه قرض أم أنه مشاركة؟ فإذا كان هذا هدية من أختك فلا شيء لها في البيت، وإن كان قرضاً فعليك أن ترد لها المال الذي أعطتك إياه، وإذا كان مشاركة من أختك معك فإنها تكون شريكة لك في هذا البيت بنسبة المال الذي دفعته، وأنتما أدرى بما بينكما فاتقيا الله وتحاسبا في هذه الدنيا قبل أن تُحاسبا في الآخرة، وكل إنسان يعرف ما بينه وبين صاحبه، فأنت تعرف ما تريد أختك، وأختك تعرف ما تريد أنت أيضاً، فعليكما أن تتقيا الله وأنتما إخوان، وبينكما رحم، وبينكما مودة، وبينكما صلة، فلا تختلفا في حطام الدنيا وأنتما بدأتما حياتكما بمحبة ومودة، فاستمرا على ما أنتما عليه من الثقة فيما بينكما، وتصافيا فيما بينكما، واصطلحا، فإن لم يظهر لكما فيما بينكما أن هذا قصد به قرض أو مشاركة أو نحو ذلك، فعليكما أن تصطلحا فيما بينكما؛ والصلح خير، ويحلل كل منكما الآخر، الأخت تحلل أخاها، والأخ يحلل أخته، وتتفقا على شيء تصطلحان به فيما بينكما. هذا فيما يظهر لي هو الأولى والأسلم لذمة كل منكما، والله ولي التوفيق.

الإكراه على الكفر

الإكراه على الكفر المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 1/3/1425هـ السؤال ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في كتاب التوحيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "دخل رجل الجنة بسبب ذبابة ودخل رجل النار بسبب ذبابة" (رواه أحمد عن طريق طارق بن شهاب) والذي فهمته من الحديث أن الشخص لا يجوز أن يتكلم بالكفر أو يفعل أشياء تقود إلى الشرك حتى في حالة الإكراه، بل يضحي بحياته، غير أنني قرأت أن بعض العلماء يرون جواز الجهر بكلمات أو أفعال الكفر في حالة الإكراه، وذلك لحفظ حياة الشخص وعدم تعريض نفسه للهلاك، وفي القرآن الكريم قال تعالى: "إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان". أرجو توضيح هذه المسألة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: الحديث رواه أحمد في كتاب الزهد (22) وابن أبي شيبة في مصنفه (32409) وليس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو موقوف على سلمان -رضي الله عنه- ويكون دخول الرجل الذي قرب الذباب النار لكفره الأول، والله أعلم. ثانياً: أن الذي قرب ذباباً ليس على وجه التقرب، وإنما على وجه التخلص، فهو من باب الإكراه، وفي الحديث: "إنما الأعمال بالنيات" رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث عمر - رضي الله عنه -، وعلى هذا إذا فعله بقصد التخلص، ولم ينو التقرب لهذا الصنم: لا يكفر؛ لعموم قول الله -تعالى-: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً" [النحل:106] . وعلى هذا يجوز الجهر بكلمات أو أفعال الكفر في حال الإكراه لحفظ الدنيا، لكن هل الصبر على القتل أفضل أم الموافقة ظاهراً دون الباطن؟ إذا كان الإكراه لا يترتب عليه ضرر في الدين للعامة، فإن الأولى أن يوافق ظاهراً لا باطناً، لا سيما إذا كان في بقائه مصلحة للدين، وهو قد رخص له، وإن لم يكن فيه مصلحة. أما إذا كان موافقته وعدم صبره ضرر على الإسلام فإنه يصبر، كما فعل الصحابة -رضي الله عنهم- لما شكوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يجدونه من المشركين قص عليهم قصة الرجل فيمن كان قبلنا بأن الإنسان كان يمشط ما بين لحمه وجلده بأمشاط الحديد فيما رواه البخاري (3612) من حديث خباب - رضي الله عنه - فكأنه يقول لهم: اصبروا على الأذى؛ لأنه لو حصل من الصحابة- رضي الله عنهم-موافقة وهم قلة، لحصل بذلك ضررٌ عظيمٌ على الإسلام. وكذلك قصة الإمام أحمد - رحمه الله- في المحنة المشهورة، لو وافقهم ظاهراً لحصل في ذلك مضرة على الإسلام، وإن أردت المزيد فانظر جامع العلوم والحكم لابن رجب، شرح الحديث التاسع والثلاثون: "إن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" والحديث عند ابن ماجة (2043) وغيره عن أبي ذر - رضي الله عنه-. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

حكم من يكفر آحاد الصحابة رضي الله عنهم

حكم من يكفر آحاد الصحابة رضي الله عنهم المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/04/1425هـ السؤال ما هو الحكم في شخص يكفر بعض الصحابة - رضي الله عنهم- والعياذ بالله، مثل أبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم-؟ وما الحكم فيمن لا يكفر الصحابة - رضي الله عنهم-، ولكن لا يكفر من يكفرهم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تكفير الصحابة - رضي الله عنهم- جرم عظيم وجناية كبيرة، وتعدٍ على مقامات عظيمة، واتهام للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالتقصير في التربية، وتكذيب لله الذي زكاهم وحكم بفضلهم ورضي عنهم، ومخالفة صريحة لنصوص القرآن العظيم، ورد لما أجمع عليه المسلمون من الصحابة-رضي الله عنهم- والتابعين وسائر أهل العلم والدين الذين يرون في الصحابة- رضي الله عنهم- النموذج الأعلى، والقدوة المثلى، والجيل الأفضل والأعلم والأحكم، وكيف لا وهم تلاميذ سيد الخلق -صلى الله وعليه وسلم-، وخاصة الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم- وفضلهم بحسب ترتيبهم في الخلافة، ومن المعلوم أن من كذب بالقرآن وردَّ آياته، وأعرض عن حكمه، وخالف أمره المعلوم وتوجيهه البين فإنه يجني على نفسه جناية عظيمة، وهذا الاعتقاد والقول به كفر وردة عن الإسلام لما فيه من التكذيب لله تعالى ولنصوص القرآن؛ كقوله تعالى "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه" [التوبة:100] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" رواه البخاري (3673) ، ومسلم (2541) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، والقائلون بهذا القول قالوا بما لم يقله اليهود ولا النصارى فإنهم إن سئلوا من خير أهل ملتكم قالوا أصحاب موسى وحواريو عيسى وهؤلاء يقولون شر أهل الملة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكفى بذلك إفكا وجرما ومخالفة وانحرافا. أما من لم يكفر من كان هذا حاله فليس بكافر، بل قد يكون معذورا مأجورا؛ لأن الحكم بالكفر على معين -فردا كان أو طائفة- من المسائل التي يقع فيها الخلاف بين أهل العلم، ولا بد فيها من وجود شروط الحكم وانتفاء موانعه، والصواب في هذا الحال أن يقال -كما سبق- هذا القول والاعتقاد به كفر، أما القائل به والمعتقد له فلا يكفر إلا بوجود الشروط وانتفاء الموانع. والله تعالى أعلم.

قول ابن القيم بفناء النار

قول ابن القيم بفناء النار المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قرأت عن العلامة ابن قيم الجوزية, ذكر فيه أن أهل النار لن يخلدوا أبد الآبدين في النار, معللاً ذلك بأن هذا العذاب الأبدي منافٍ للعدالة الإلهية, كما أن القرآن ذكر أنهم "لابثين فيها أحقاباً" (أي فترات زمنية محددة) , ثم إنه قال إنهم خالدين فيها -بمعنى مادامت جهنم-, وهي سيأتي عليها يوم وتخمد نارها -كما ذكر بعض الصحابة رضي الله عنهم- فإذا اتفقنا معه على أن النار ليست خالدة أبد الآبدين (إلى ما لانهاية) ألا ينطبق نفس القول على أهل الجنة. أسأل الله أن يغفر لي هذا السؤال. وجزاكم الله عني خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قال الطحاوي الحنفي - رحمه الله-: (والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبداً ولا تبيدان) قلت: وقوله: إن الجنة والنار مخلوقتان هذا باتفاق أهل السنة على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن. قال أهل العلم: والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء، وكذلك العرش فإنه سقف الجنة، فقد أخبر تعالى عن أهل السماء والأرض أنهم يموتون، فقال: "كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص:88] ؛ لأنه حي لا يموت، فأيقنت الملائكة عند ذلك بالموت وإنما قالوا ذلك توفيقاً بينها وبين النصوص المحكمة الدالة على بقاء الجنة وعلى بقاء النار أيضاً على ما يأتي. وقوله لا تفنيان أبداً ولا تبيدان، هذا قول جمهور الأئمة من السلف والخلف، وقال ببقاء الجنة وبفناء النار جماعة من السلف والخلف منهم ابن القيم - رحمه الله- والقولان مذكوران في كثير من كتب التفسير وغيرها. فأما أبدية الجنة وأنها لا تنفى ولا تبيد، فهذا مما يعلم بالضرورة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر به؛ قال تعالى: "وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاءً غير مجذوذ" أي: غير مقطوع ولا ينافي ذلك قوله تعالى: "إلا ما شاء ربك".

واختلف السلف في هذا الاستثناء فقيل معناه إلا مدة مكثهم في النار، وهذا يكون لمن دخل منهم إلى النار، ثم أخرج منها لا لكلهم وقيل إلا مدة مقامهم في الموقف، وقيل إلا مدة مقامهم في القبور والموقف، وقيل هو استثناء الرب لا يفعله كما تقول والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك وأنت لا تراه، بل تجزم بضربه، وقيل إلا بمعنى الواو، وهذا على قول بعض النحاة وهو ضعيف، وسيبويه يجعل إلاّ بمعنى لكن فيكون الاستثناء منقطعاً ورجحه ابن جرير، وقال إن الله تعالى لا خلف لوعده، وقد وصل الاستثناء بقوله: "عطاء غير مجذوذ"، قالوا ونظيره أن تقول أسكنتك داري حولا إلا ما شئت- أي سوى ما شئت- ولكن ما شئت من الزيادة عليه، وقيل الاستثناء لإعلامهم بأنهم مع خلودهم في مشيئة الله لا أنهم يخرجون عن مشيئته، ولا ينافي ذلك عزيمته وجزمه لهم بالخلود كما في قوله تعالى: "ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلاً" [الإسراء:86] ، وقوله تعالى: "فإن يشأ الله يختم على قلبك" [الشورى:24] ، وقوله: "قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به" [يونس:16] ، ونظائره كثيرة يخبر عباده سبحانه أن الأمور كلها بمشيئته ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وقيل إن "ما" بمعنى: من أي: إلا من شاء الله دخوله النار بذنوبه من السعداء، وقيل غير ذلك، وعلى كل تقدير فهذا الاستثناء من المتشابه، وقوله: "عطاء غير مجذوذ" محكم، وكذلك قوله تعالى: "إن هذا لرزقنا ما له من نفاد" [ص:54] ، وقوله: "أكلها دائم وظلها" [الرعد:35] ، وقوله: "وما هم منها بمخرجين" [الحجر:48] ، وقد أكد الله خلود أهل الجنة بالتأبيد في عدة مواضع من القرآن، وأخبر أنهم لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى، وهذا الاستثناء منقطع، وإذا ضممته إلى الاستثناء في قوله تعالى: "إلا ما شاء ربك" تبين أن المراد من الآيتين استثناء الوقت الذي لم يكونوا فيه في الجنة من مدة الخلود كاستثناء الموتة الأولى، من جملة الموت، فهذه موتة تقدمت على حياتهم الأبدية، وذلك مفارقة للجنة تقدمت على خلودهم فيها، والأدلة من السنة على أبدية الجنة ودوامها كثيرة كقوله –صلى الله عليه وسلم -: "من يدخل الجنة ينعم ولا يَبْأَسُ ويخلد ولا يموت" رواه مسلم (2836) والترمذي (2525) واللفظ له من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: "ينادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً" رواه مسلم (2837) من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه-، وذكر ذبح الموت بين الجنة والنار، ويقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ولم يجيء مثل ذلك في عذاب أهل النار.

وأما أبدية النار ودوامها فللناس في ذلك ثمانية أقوال أصحها ما وافق أدلة الكتاب والسنة: قولا أهل السنة والجماعة؛ الأول: أن الله يخرج منها ما يشاء كما ورد في الحديث، ثم يبقيها شيئاً ثم يفنيها، فإنه جعل لها أمداً تنتهي إليه. الثاني: أن الله –تعالى- يخرج منها من شاء، كما ورد في السنة، ويبقى فيها الكفار بقاء لا انقضاء له؛ كما قال الشيخ – رحمه الله- وما عدا هذين القولين ظاهر البطلان، وهذان القولان لأهل السنة ينظر في أدلتهما. فمن أدلة القول الأول منهما قوله تعالى: "قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم" [الأنعام:128] وقوله تعالى: "فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيما ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد" [هود: 106-107] ، ولم يأت بعد هذين الاستثناءين ما أتى بعد الاستثناء المذكور لأهل الجنة، وهو قوله: "عطاء غير مجذوذ" وقوله تعالى: "لابثين فيها أحقاباً" [النبأ:23] ، وهذا القول -أعني القول بفناء النار دون الجنة منقول عن عمر وابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم – رضي الله عنهم-، وقد روى عبد بن حميد في تفسيره المشهور بسنده إلى عمر – رضي الله عنه- أنه قال: "لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم على ذلك وقت يخرجون فيه" ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى: "لابثين فيها أحقاباً" [النبأ:23] قالوا والنار موجب غضبه، والجنة: موجب رحمته، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: "لما قضى الله الخلق كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي" رواه البخاري (7422) ، ومسلم (2751) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - وفي رواية لمسلم (2751) : "تغلب غضبي" قالوا والله – سبحانه – يخبر عن العذاب أنه عذاب يوم عظيم وأليم وعقيم، ولم يخبر ولا في موضع واحد عن النعيم أن نعيم يوم، وقد قال تعالى: "عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء" [الأعراف:156] ، وقال تعالى حكاية عن الملائكة: "ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً" [غافر:7] ، فلا بد أن تسع رحمته هؤلاء المعذبين فلو بقوا في العذاب لا إلى غاية لم تسعهم رحمته، وقد ثبت عند مسلم (987) تقدير يوم القيامة بخمسين ألف سنة، والمعذبون فيها متفاوتون في مدة لبثهم في العذاب بحسب جرائمهم، وليس في حكمة أحكم الحاكمين ورحمة أرحم الراحمين أن يخلق خلقاً يعذبهم أبد الآباد عذاباً سرمداً لا نهاية له، وأما أنه يخلق خلقاً ينعم عليهم، ويحسن إليهم نعيماً سرمداً فمن مقتضى الحكمة والإحسان مراد لذاته والانتقام مراد بالعرض، قالوا وما ورد من الخلود فيها والتأبيد وعدم الخروج، وأن عذابها مقيم، وأنه غرام كله حق مسلم لا نزاع فيه، وذلك يقتضي الخلود في دار العذاب ما دامت باقية، وإنما يخرج منها في حال بقائها أهل التوحيد ففرق بين من يخرج من السجن وهو سجن على حاله، وبين من يبطل سجنه بخراب السجن وانتقاضه.

ومن أدلة القائلين ببقائها وعدم فنائها قوله: "إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون" [الزخرف:74-75] ، وقوله: "فلن نزيدكم إلا عذاباً" [النبأ:30] ، وقوله: "خالدين فيها أبداً" [الجن:23] ، وقوله: "وما هم بخارجين من النار" [البقرة:167] ، وقوله: "لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" [الأعراف:40] ، وقوله: "لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها" [فاطر:36] ، وقوله: "إن عذابها كان غراماً" [الفرقان:65] ، وقوله: "يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم" [المائدة:37] أي مقيماً لازماً، وقد دلت السنة المستفيضة أنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وأحاديث الشفاعة صريحة في خروج عصاة الموحدين من النار، وأن هذا حكم مختص بهم، فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم، ولم يختص الخروج بأهل الإيمان، وبقاء الجنة والنار ليس لذاتها، بل بإبقاء الله لهما، ورجح ابن القيم - رحمه الله - فناء النار لظاهر قول الله -تعالى-: "فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ" [هود: 106-108] ، وقوله: "إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية إن الذين آمنوا وعلموا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه" [البينة:6-7] ، وقول ابن مسعود وعمر وأبي هريرة من الصحابة - رضي الله عنهم-: "ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد"، قال: وهذا يقتضي أن الدار التي لا يبقى فيها أحد هي الدار التي يلبث فيها أهلها أحقاباً، وقال رحمه الله: مجرد الخلود والتأبيد لا يقتضي عدم النهاية، بل الخلود هو المكث الطويل، وتأبيد كل شيء بحسبه، فقد يكون التأبيد لمدة الحياة، وقد يكون لمدة الدنيا، كما قال الله عن اليهود: "ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديهم" [البقرة:95] ، ومعلوم أنهم يتمنونه في النار حيث يقولون: "يا مالك ليقض علينا ربك" [الزخرف:77] هذا وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

شبهة حول من درع النبي عند يهودي

شبهة حول من درع النبي عند يهودي المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال هو عن حادثة وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند اليهودي، في أحد الأيام كنا في نقاش عن حرمة الربا، وقام أحد الإخوان ـ سامحه الله ـ فقال إن دليل أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقبل (الفائدة) حيث إنه توفي ودرعه مرهونة عند يهودي مراب! فدافعت وبينت له أنه حاشا لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يقبل الربا وهو المعلم الأول، ولكن عرض لي أحد الإخوة بالسؤال، ما هي القصة الكاملة خلف هذا الرهن، وهل كان اليهودي مرابياً؟ وإن كان فهل قام بإعطاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرض بلا ربا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فمما لا شك فيه أن تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع اليهود ومع غيرهم إنما كان على الوجه المشروع، وحاشا نبي الله -صلى الله عليه وسلم- عن أن ينهى أمته عن الربا ثم يتعامل به، وكون اليهود من أخلاقهم أكل الربا وعدم التورع عنه، لا يعني ذلك أنهم يفعلون ذلك في جميع مبادلاتهم التجارية، فالمرابي قد يشتري أو يبيع أحياناً على الوجه الصحيح. والحديث المذكور في السؤال صحيح، وهو في البخاري (2096) ، ومسلم (1603) ، وليس فيه أي دلالة لا من قريبٍ ولا من بعيد على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اقترض من اليهودي بزيادة، بل لم يكن فيه قرضٌ أصلاً، إذ الثابت من روايات الحديث في الصحيحين وغيرهما أن الرهن المذكور في الحديث لم يكن بسبب قرضٍ، وإنما كان بسبب بيعٍ آجل، كما قالت عائشة -رضي الله عنها-: اشترى النبي -صلى الله عليه وسلم- من يهودي شعيراً إلى أجل ٍ ورهنه درعه"، ومن المعلوم أن بيع الأجل تجوز زيادة الثمن فيه عن البيع الحاضر. وقد يثور تساؤل حول هذا الحديث عن سبب عدوله -صلى الله عليه وسلم- عن معاملة مياسير الصحابة- رضي الله عنهم- إلى معاملة اليهود، وقد أجاب أهل العلم عن ذلك بأنه من المحتمل أنه لم يكن عندهم إذ ذاك طعام فاضل، أو أنه فعله لبيان الجواز، فقد استفاد العلماء من هذا الحديث جواز معاملة الكفار على الوجه المباح بالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والرهن والارتهان ونحو ذلك، وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم، وجواز معاملة من أكثر ماله حرام، إذا كان التعامل معه على الوجه المشروع، وغير ذلك مما استنبطه أهل العلم من هذا الحديث، والله أعلم.

تكفير من أعان الأمريكيين

تكفير من أعان الأمريكيين المجيب د. عيسى بن عبد الله السعدي أستاذ العقيدة بجامعة الطائف التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: قرأت رسائل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في تكفير من أعان الكفار الأمريكان على المسلمين، حيث أشاروا إلى ما ذكره الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في نواقض الإسلام العشرة، واعتبروا هذا الكفر من الكفر العملي، وإن قال أنا من المسلمين. هل هذا صحيح؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: فإن من أصول أهل السنة والجماعة في مسائل الأسماء والأحكام التفريق بين إطلاق الحكم وتعيينه، وذلك بناء على نصوص كثيرة، كلعن شارب الخمر عمومًا مع النهي عن لعن شارب معين، وهو عبد الله -وكان يلقب: حمارًا- الذي أتي به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد شرب الخمر، فقال رجل: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تلعنوه، فوالله ما علمت إنه يحب الله روسوله". صحيح البخاري (6780) . فنهى عن لعنه لوجود مانع في حقه، وكلعن آكل الربا مع عدم تطبيقه على بلال -رضي الله عنه- حين باع صاعين من التمر الرديء بصاع من التمر الجيد، وهذه صورة ربا الفضل، ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لبلال: "أوه عين الربا". صحيح البخاري (2312) ، وصحيح مسلم (1594) . ومع ذلك لم يطبق عليه هذا الحكم لانتفاء شرط الوعيد في حقه، وهو العلم بالحكم.

وبناء على هذا الأصل فإن العلماء يذكرون آحاد المكفرات على وجه العموم والإطلاق لتعلم وتحذر دون أن يكون مقصودهم تكفير كل من اتَّصف بها؛ لأن المعين لا يكفر إلا إذا قام به مقتضى التكفير الذي لا معارض له، وذلك بتحقق شروطه وانتفاء موانعه، ولهذا فإن الإمام أحمد أطلق القول بتكفير من قال بخلق القرآن، ومع ذلك فإنه لم يكفِّر الخليفة الذي امتحنه على القول بخلق القرآن وضربه وحبسه، بل دعا له وحلله ولم ينزع يدًا من طاعته، وذلك لانتفاء شروط التكفير في حقه ووجود الموانع، كالتأول وغلبة الشبهة، وهكذا شأن الشيخ/محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-، فإنه كان يذكر نواقض الإسلام على وجه العموم والإطلاق، ولم يقصد من ذلك تكفير كل من اتصف بشيء من هذه النواقض، ومن ذلك موالاة المشركين ومظاهرتهم على المسلمين، والتي جاءت النصوص الصريحة في تحريمها، كقوله جل وعلا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51] . وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ" [الممتحنة:1] . لكن لا يصح تكفير كل من والى المشركين، لأن تكفير العين بموالاة المشركين يتوقَّف على وجود شروطه وانتفاء موانعه، ومن أهم الشروط المعتبرة في التكفير بموالاة المشركين القطع بأن ما فعله المعين من الموالاة المكفرة، فإن من الموالاة ما لا يكفر فاعله، ولهذا أنكر النبي –صلى الله عليه وسلم- على حاطب بن أبي بلتعة ما فعله من موالاة المشركين، ولم يرفع عنه وصف الإيمان، بل قبل عذره، وأثبت تأثير حسناته في تكفير ذنبه، لأنه لم يفعل ما فعل رضا بالكفر ومحبة له، وإنما فعل ما فعله مصانعة لقريش؛ لما له عندهم من الأموال والأولاد، وهكذا شأن كل من وقعت منه الموالاة مداراة ومصانعة فإنه لا يكفر بما فعله، وإنما يكون من جملة عصاة المؤمنين. وأما الموانع المعتبرة في التكفير بالموالاة وغيرها من آحاد المكفرات فهي كثيرة من أشهرها الإكراه، فإن من أكره على الموالاة أو غيرها من آحاد المكفرات، وكان المكرِهُ قادرًا على إنفاذ وعيده والمكرَه عاجزًا عن الدفع، فإنه لا يكفر بما فعله من مصانعة الكفار وإظهار موالاتهم إذا كان قلبه حال فعله مطمئنًا بالإيمان.

فعلى المسلم أن يحتاط في التكفير حيطة بالغة؛ لأنه لا يعلم الظروف التي تحيط بالمعين، وبخاصة في هذا العصر الذي تسلَّط فيه الكفار على المسلمين أفرادًا وجماعات، وتحكَّموا في كثير من أمورهم بما يملكون من أدوات الضغط الهائلة في كثير من مجالات الحياة، وإني أنصح إخواني المسلمين في هذا المقام بعدة أمور: 1- العودة إلى الإسلام الصحيح، والتمسك به باطنًا وظاهرًا، فهو الطريق الوحيد لتحقيق العزة للمسلمين، ودفع تسلط الكفرة عليهم، فما وقع بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. 2- أن الأمة الإسلامية في هذا الوقت العصيب أحوج ما تكون إلى دعاة الإصلاح والبناء، لا إلى دعاة التكفير والتفسيق، وفي مقدور كل مسلم أن ينضم إلى هذا الركب حسب قدرته ولا يحقرن أحد نفسه، فإن كل مسلم يستطيع نفع المسلمين بدعوته ودعائه بصلاح هذه الأمة، وكف بأس أعدائها، وإصلاح أبنائها. 3- أن يحذر المسلم من الجرأة على التكفير، فإن اليقين لا يزول بالشك، ومن ثبت إسلامه بيقين فإنه لا يجوز تكفيره بالظنون، أو بالأمور الخفية والملتبسة، وليتذكر المسلم عظم الوعيد الوارد في التكفير، كقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله. وليس كذلك إلا حار عليه". رواه مسلم (61) . وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما". رواه البخاري (6103) . وكقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل مسلم أكفر رجلاً مسلماً فإن كان كافراً وإلا كان هو الكافر". رواه أبو داود (4687) بسند صحيح. وليحذر المسلم أن يكون التراشق بالتكفير من جملة الفتن التي يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، فإنه إذا كفّر من ليس بكافر باء بتكفيره، وصدق عليه أنه أمسى مؤمنًا وأصبح كافرًا أو العكس. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الصلاة في أماكن خصصت لأداء العبادة لجميع الأديان

الصلاة في أماكن خصصت لأداء العبادة لجميع الأديان المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. يتواجد في الدول الغربية أماكن للعبادة في المطارات والمستشفيات، بحيث تكون مكانًا للعبادة لجميع الأديان، ما حكم الصلاة فيها، خصوصًا أنه - أحياناً-يكون فيها صليب؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الصلاة تصح في أي مكان، ما لم يكن هناك محذور شرعي، لهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مسجدًا وطهورًا". أخرجه البخاري (335) ، فإذا كان هناك محذور شرعي؛ كوجود صلبان أو صور أو نجوم سداسية، مما هو من علامات الكفر، فلا يجوز الصلاة في هذه الأماكن، ويبحث المسلم عن مكان لا يوجد فيه شيء من هذه الأمور التي هي من علامات الكفر وشعاراته، ويصلي فيه، فإن لم يجد غيرها فيصلى فيه، ولا شيء عليه - إن شاء الله-. والله أعلم.

يعمل في شركة تتعامل مع البنوك الربوية

يعمل في شركة تتعامل مع البنوك الربوية المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/02/1427هـ السؤال أنا أعمل مهندس كمبيوتر في إحدى الشركات، ولدي سؤالان: السؤال الأول: الشركة التي أعمل بها تقوم بأخذ فوائد بنكية من البنك الذي تضع أموالها فيه، مع أن عمل الشركة عمل مباح وهو صناعة الزيوت، فما حكم الراتب الذي أتقاضاه؟ حيث إنني أعمل في قسم الحاسب الآلي لهذه الشركة، وهل علي حرج في إصلاح عطل كمبيوتر الإدارة المالية في شركتنا، والتي هي الإدارة المكلفة بالمعاملات مع البنوك? السؤال الثاني: جاءني عرض وظيفي في شركة الاتصالات، وهذه الشركة من ضمن عملائها بنوك تتعامل بالربا، فهل علي حرج لو قبلت هذه الوظيفة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أما السؤال الأول وهو عملك في هذه الشركة التي أعمالها مباحة، لكنها تأخذ قروضاً بنكية، فهذا عمل مباح؛ لأنك لا تباشر المحرم ولا تسعى إليه، وإنما تعمل أعمالاً مباحة، لكن بالنسبة لإصلاح أجهزة الإدارة المالية التي تقوم بالاتصال بالبنوك، فإذا كنت تظن أن هذه الأجهزة ستكون سبباً في هذا العمل المحرم، فإنك لا تقدم عليه؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان. وأما بالنسبة للسؤال الثاني: فالعمل في شركة الاتصالات، هذا العمل مباح؛ لأن أعمالها مباحة، لكن إن طلب منك أن تعمل في البنك، أي تعمل ما يتعلق باتصالات البنك من مد أجهزة للبنك أو خطوط هاتفية، ونحو ذلك، فعليك أن تمتنع؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان. والله أعلم.

عمارة القبر

عمارة القبر المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 7/07/1425هـ السؤال جزاكم الله خيرًا، ما حكم عمارة القبر كاملاً بالأحجار والأسمنت، ولكن بارتفاع شبر أو أقل من شبر؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: بناء القبر داخل الأرض شقًّا في الأرض بالأحجار والطين أو الأسمنت من غير تجصيص، بحيث لا يرتفع عن الأرض- جائز، واللحد أفضل، لكن مع ذلك كله لا يجوز أن يرفع عن الأرض ولو شبرًا؛ لما في صحيح مسلم (969) عن أبي الهياج الأسدي، قال: قال لي علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى ما بعَثني عليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ "ألَّا تَدَعَ تِمْثَالاً إلَّا طَمَسْتَهُ، ولا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ". والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

هل له أن يمنع زوجته من الصلاة في المسجد

هل له أن يمنع زوجته من الصلاة في المسجد المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/2/1427هـ السؤال أود السؤال عن الحكم المفصل لصلاة المرأة في المسجد جماعة، وهل للزوج منعها في حال إهمال واجباتها؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فصحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" أخرجه البخاري (900) ، ومسلم (442) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، فصلاة المرأة في المسجد مشروعة، فلها أن تخرج للصلاة مع الجماعة في المسجد بشرط أن تعتزل الرجال، وتلتزم الحجاب، وألا يترتب على خروجها تضييع لحق الزوج والأولاد، وأن يكون بإذن الزوج، فإن كان في خروجها إهمال لحق الزوج، أو الولد، جاز له أن يمنعها منه، فإنْ خرجت أثمت؛ لأنها تركت واجباً لأجل عمل أكثر ما يقال فيه إنه مستحب. ولتعلم المرأة مع كل هذا أن صلاتها في بيتها خير لها من صلاتها في المسجد- كما جاء ذلك في الحديث الصحيح الصريح- عن امرأة أبي حميد الساعدي -رضي الله عنها- أنها جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. فقال: "قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي". أخرجه أحمد (27090) ، وابن خزيمة (1689) . وابن حبان (2217) ، وله شاهد من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - عند أبي داود (570) . والله أعلم.

صلاة المرأة خلف الرجال بلا حائل

صلاة المرأة خلف الرجال بلا حائل المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/08/1425هـ السؤال بسم الله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي: أعيش في دولة غربية مع جالية لا بأس بها من المسلمين، ولنا مسجد -والحمد لله- وفيه كذلك مكان مخصص للنساء، ولكن في بعض الأحيان تأتي امرأة أو اثنتان وتصليان معنا في مسجد الرجال، هل يجوز ذلك؟ مع العلم أنه ليس بيننا وبينهما أي حاجز، ما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأصل أن المرأة تصلي في صفوف النساء، أما الحاجز فليس بشرط، فإذا وجد الحاجز والساتر فهذا أولى، وإذا لم يوجد فليس بشرط؛ قد كان النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال؛ كما جاء في الأحاديث الصحيحة، بدون حاجز ولا ساتر، وفي بعض الأحيان إذا لم تكن ملابس الرجال سابغة فإنه يؤمر النساء ألا يرفعن رؤوسهن من السجود حتى يرفع الرجال، وهذا جاء في الأحاديث الصحيحة التي لا مطعن فيها. انظر مسند أحمد (22911) وصحيح البخاري (362) وصحيح مسلم (441) ، وكذلك في الحرمين الشريفين، فإن النساء يصلين في صفوف النساء خلف الرجال، أما إذا صلت في صفوف الرجال مع الرجال فهذا لا يجوز، والعبرة في صلاة النساء خلف الرجال بلا ساتر أن الأمر يرجع إلى طهارة النفوس والابتعاد عن الريبة، ونحو ذلك، فالمكان المخصص للنساء يجب أن يصلين فيه سواء وجد ساتر أو لم يوجد، ولو صلت المرأة معتزلة عن صفوف الرجال لكانت صلاتها صحيحة، لكن لا ينبغي أن تختلط بصفوف الرجال ولا يسمح لها بذلك. والله أعلم.

هل أحب النبي - صلى الله عليه وسلم- اللون الأخضر؟

هل أحب النبي - صلى الله عليه وسلم- اللون الأخضر؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/3/1425هـ السؤال هل صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يفضل أو يحب اللون الأخضر؟ - وجزاكم الله خيراً-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد: يُستحب لبس الثياب الخضر، فقد ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يلبس الأخضر من الثياب، ففي حديث أبي رمثة -رضي الله عنه- قال: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ" أخرجه أحمد (7117) بإسناد صحيح، وأخرجه أبو داود، (3674) ، والترمذي (2737) ، وقال: هذا حديث حسن غريب، والنسائي (1554) ، وفي حديث يعلى بن أمية -رضي الله عنه-: " أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طاف بالبيت مضطبعاً ببرد أخضر " أخرجه أحمد والأربعة إلا النسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، لكن يظهر أن هذه الثياب ليست خضراً خالصاً، وإنما مخطوطة بخطوط خضر؛ لأن البرود تكون ذوات خطوط، قال ابن القيم: "والبرد الأخضر هو الذي يكون فيه خطوط خضر"، وبوب البخاري في الصحيح بقوله: باب: الثياب الخضر، وذكر حديثاً فيه: أن عائشة- رضي الله عنها- عليها خمار أخضر. وقال ابن بطال: " الثياب الخضر من لباس أهل الجنة "وكفى بذلك شرفاً لها. يشير بذلك إلى قوله -تعالى-: " وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً ". وقال الشوكاني: "يستحب لبس الأخضر؛ لأنه لباس أهل الجنة وهو أيضاً من أنفع الألوان للأبصار، ومن أجملها في أعين الناظرين." هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

قراءة القرآن على الميت عند القبر

قراءة القرآن على الميت عند القبر المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز قراءة القرآن على الميت عند القبر؟ أرجو من فضيلتكم التوضيح بالتفصيل. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قراءة القرآن على الميت في المقبرة أمر محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال، في الحديث الصحيح: "اجْعَلُوا مِن صَلاتِكُمْ في بُيوتِكُمْ ولا تَتَّخِذُوها قُبورًا". أخرجه البخاري (432) ومسلم (777) ، فدل هذا الحديث على أن الصلاة تستحب أن يكون شيء منها في البيت؛ كالنافلة، ولا ينبغي أن تهجر البيوت في العبادات كالصلاة وغيرها، فتكون كالقبور، فدل ذلك على أن القبر ليس مكانًا لفعل شيء من العبادات؛ ولأن هذا الأمر لم ينقل، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة، رضي الله عنهم، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه. وقراءة القرآن على الميت لم تَرِدْ إلا في حال الاحتضار قبل أن يموت الإنسان، وقد ورد بسورة "يس"، فقد جاء في حديث معقل بن يسار، رضي الله عنه: "اقْرَؤوا عَلَى مَوْتَاكُم سُورةَ ياسين" رواه أبو داود (3121) والنسائي في الكبرى (10913) . والحديث ضعيف، أما بعد الموت فلا يقرأ عليه شيء من القرآن، ويشتد الأمر إذا كان هذا في المقبرة، فهذا من جملة البدع، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تحري الصلاة عند القبور، ونهى عن الصلاة عند القبور، في أحاديث كثيرة، جاء في حديث جندب، رضي الله عنه: "ألا فلا تتخذ القبورمساجد" أخرجه مسلم (532) ، فدل هذا الحديث وغيره على أن المقبرة ليست مكاناً للعبادات. والله أعلم.

الصلاة في مسجد بجانبه قبر

الصلاة في مسجد بجانبه قبر المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/02/1427هـ السؤال لدينا مسجد وبجواره ضريح في غرفة ملاصقة له، وبعد ترميمه وتجديده نقل الضريح بعيداً عن المسجد بستة أمتار تقريباً، وفصله عن المسجد مكتب تحفيظ القرآن الكريم، ولكن للمسجد بابًا من جهة الحمامات يوصل للضريح، فهل يجوز لي الصلاة فيه؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالذي ينبغي لمثل هذه الأضرحة أن تنقل إلى قبور المسلمين -إذا كان يمكن ذلك-، فلو نقل هذا الميت إلى قبور المسلمين لكان أحسن، وهو أولى من أن يفرد بقبر، وأما الصلاة في هذا المسجد فما دام القبر قد أزيل عن المسجد وأبعد عنه بمقدار ستة أمتار فلا بأس بالصلاة فيه، ولا يظهر لي في ذلك محذور شرعي -إن شاء الله-، وقد ذكر العلماء -رحمهم الله- أن مثل هذه المسائل تنقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: أن يكون الضريح وارداً على المسجد، فالصلاة في المسجد صحيحة، وينبش مثل هذا الضريح إلا إذا كان الضريح في قبلة المصلى، فإن المسلم لا يصلي فيه. القسم الثاني: أن يكون المسجد قد بُني على هذا القبر، فهذا مسجد أسس على غير تقوى من الله فلا يُصلى فيه، بل يُهدم. القسم الثالث: أن يشك الإنسان، والأصل صحة الصلاة. والله أعلم.

زكاة الأرض الكاسدة

زكاة الأرض الكاسدة المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/09/1426هـ السؤال لي أرض اشتريتها على أقساط شهرية، وقد سددت بعض المبلغ وتبقى بعضه، فهل عليها زكاة أم لا؟ علماً بأنني قد عرضت الأرض للبيع ولكنها لم تبع. وإن كان عليها زكاة فهل يجوز تأخير الزكاة لحين البيع؛ حيث لم أستطع زكاتها حالياً؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كنت اشتريت الأرض بنية غير نية التجارة فلا زكاة فيها، فإن طرأت عليك نية التجارة بعد الشراء فإن الحول يحتسب من حين النية، أما مجرد عرضها للبيع للتخلص منها، أو الحاجة إلى قيمتها فليس موجباً للزكاة. وإن كنت اشتريتها ولو مقسطة لتكون رأس مال تجارة فعليها الزكاة إذا حال عليها الحول، وأهل العلم مختلفون في كون الدين يمنع الزكاة والراجح أن الدين لا يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة. ومن وجب عليه زكاة مال لم يُقبض أداه بعد قبضه إياه لما سلف من السنين، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الأراضي المعدة للتجارة، إذا كسدت وانصرف عنها الناس ولم يستطع تعريفها أنه لا زكاة فيها، لأنها كالمال المفقود أو المنسي، أو غير المقدور عليه، والله أعلم.

هل قتل الرسول نساء اليهود وأطفالهم؟

هل قتل الرسول نساء اليهود وأطفالهم؟ المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/12/1426هـ السؤال لما قتل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يهود بني النضير فهل قتل معهم نساءهم وأطفالهم؟ فالمعروف عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يأمر ألا يقطع شجر، ولا يهدم معبد، ولا يقتل طفل ولا امرأة ولا شيخ، فكيف يقتل نساء أولئك وأطفالهم وما ذنبهم؟! الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يقتل أي يهودي من بني النضير، وإنما تم إجلاؤهم لأنهم تآمروا على اغتياله -صلى الله عليه وسلم-. وأما بنو قريظة فإنهم غدروا بالمسلمين عندما حاصر الأحزاب المدينة، ثم بعد جلاء الأحزاب نزلوا على حكم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- وهو أن تقتل المقاتلة، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري والنساء، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل". صحيح البخاري (3043) ، وصحيح مسلم (1769) . فالقتل إنما كان للرجال وكل من أنبت، دون النساء فلم يقتل النساء ولا الأطفال. وإنما قتل امرأة واحدة من بني قريظة، وهي بنانة امرأة الحكم القرظي، بسبب أنها قتلت من المسلمين خلاد بن سويد بأن طرحت عليه الرحى، فقتلته فقتلت به. الطبقات الكبرى (3/530) ، وتاريخ الطبري (2/104) . فلذلك لم يقتل من النساء وإنما وقع للنبي -صلى الله عليه وسلم- من سبيهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة، إحدى نساء بني عمرو بن قريظة، فلم تزل في ملكه حتى مات صلي الله عليه وسلم. بل واستحيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من رجالهم عطية القرظي، وله صحبة ورفاعة بن شمويل القرظي، فوهبه لأم المنذر سلمى بنت قيس من بني النجار. لذلك لم يقتل الرسول -صلى الله عليه وسلم- النساء ولا الأطفال وإنما قتل الرجال منهم؛ لأنهم نقضوا العهد وانضموا إلى الأحزاب، وبذلك خانوا الله ورسوله. والرسول -صلى الله عليه وسلم- يعفو ويصفح عن الرجال إذا أسلموا. وفي قصة أسامة بن زيد -رضي الله عنه- خير شاهد؛ فقد قتل رجلاً بعد أن قال: لا إله إلا الله، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول لأسامة: "أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟! ". قال أسامة: وددت أني لم أسلم قبل ذلك. صحيح البخاري (4269) ، صحيح مسلم (96) . والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

لماذا قال تعالى: " (إنه) أنا الله"، ولم يقل: (إني) ؟

لماذا قال تعالى: " (إنه) أنا الله"، ولم يقل: (إني) ؟ المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/01/1427هـ السؤال يقول الله في كتابه العزيز: " ... يا موسى إنه أنا الله" لماذا قال: "إنه", ولم يقل:"إني"؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد جاء ذكر فضيلة موسى -عليه الصلاة والسلام- عند مناجاة الله تعالى له وتكليمه إياه ومناداته له في القرآن الكريم في مواضع متفرقة، فقال تعالى في سورة النمل -وفيها الآية المسؤول عنها-: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْءَانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ إِذْ قَالَ مُوسَى لأهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن في النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النمل: 6-9] . وقال تعالى أيضا في سورة طه: {فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصلاة لذكري} [طه: 11-14] ، والشاهد هنا قوله: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَاْ} وقد استدل بهذا أهل السنة والجماعة على أن القرآن كلام الله غير مخلوق. وقال سفيان الثوري رحمه الله: "من زعم أن قول الله: {يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم} مخلوق فهو كافر زنديق حلال الدم". قلت: لأنه لو كان هذا الكلام مخلوقا -معاذ الله - للزم منه ثبوت الألوهية للمخلوق {إنه أنا الله} ؛ لأنه أضاف الكلام إليه. قال الشنقيطي في أضواء البيان (3/431) : "والنداء المذكور في جميع الآيات المذكورة نداء الله له، فهو كلام الله أسمعه نبيه موسى، ولا يعقل أنه كلام مخلوق ولا كلام خلقه الله في مخلوق كما يزعم ذلك بعض الجهلة الملاحدة، إذ لا يمكن أن يقول غير الله: {إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، ولا أن يقول: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَاهَ إِلا أَنَاْ فَاعْبُدْنِي} . ولو فرض أن الكلام المذكور قاله مخلوق افتراء على الله -كقول فرعون: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} على سبيل فرض المحال- فلا يمكن أن يذكره الله في معرض أنه حق وصواب، فقوله: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَاهَ إِلا أَنَاْ فَاعْبُدْنِى} ، وقوله: {إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} صريح في أن الله هو المتكلم بذلك صراحة لا تحتمل غير ذلك، كما هو معلوم عند من له أدنى معرفة بدين الإسلام".ا. هـ فالذي ينبغي في فهم ضمير: {إنه} أن نأخذ بنظيرها في بابها، وهو ما ذكره الله في سورة طه بلفظ {إنني} .هذا أولا. ثانيا: أن المفسرين اختلفوا في الهاء من إنه، وذكروا أنها تحتمل ثلاثة معانٍ تتبين في قول القرطبي الآتي بعد قليل:

قال الطبري -رحمه الله- في تفسيره (19/135) : "والهاء التي في قوله: {إنه} هاء عماد وهو اسم لا يظهر في قول بعض أهل العربية، وقال بعض نحويي الكوفة: يقول: هي الهاء المجهولة، ومعناها أن الأمر والشأن أنا الله". وفي زاد المسير لابن الجوزي (6/156) : "الهاء عماد في قول أهل اللغة، وعلى قول السدي: هي كناية عن المنادي؛ لأن موسى قال: من هذا الذي يناديني؟ فقيل: إنه أنا الله". وفي الكشاف (3/355) : الهاء في {إنَّهُ} يجوز أن يكون ضمير الشأن، والشأن {أَنَا اللَّهُ} مبتدأ وخبر، و {العَزِيزُ الحَكِيمُ} صفتان للخبر. ويجوز أن يكون راجعاً إلى ما دل عليه ما قبله، يعني: إنّ مكلمك أنا، والله بيان لأنا، والعزيز الحكيم صفتان للمُبَيَّنِ. وقال القرطبي: الهاء: عماد وليست بكناية في قول الكوفيين. والصحيح: أنها كناية عن الأمر والشأن (أنا الله العزيز) الغالب، الذي ليس كمثله شيء (الحكيم) في أمره وفعله. وقيل: قال موسى: يا رب من الذي نادى؟ فقال له: (إنه) ، أي: إني أنا المنادي لك، (أنا الله) . وقال الرماني في منازل الحروف في بيان الحكمة: والهاء للتفخيم. وهاء العماد كقول الله تعالى: {إنه أنا الله العزيز الحكيم} ، والهاء في (إنه) عماد ذكرت على شريطة التفسير، وكذلك قوله تعالى: {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل} فالهاء ليست بضمير يرجع إلى مذكور مقدم، وإنما هي مقدمة على شريطة التفسير؛ لتفخم الكلام. والله تعالى أعلم.

الوقف على الذكور من الورثة!

الوقف على الذكور من الورثة! المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/12/1426هـ السؤال توفي أحد الأقارب ويملك من العقارات الشيء الكثير، وعند تقسيم التركة قال الذكور: إن هذه العقارات والمزارع جميعها وقف على الذكور فقط، فما حكم هذا الوقف؟ وهل يوجد في الشريعة ما يسمى بوقف الذكور؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كان للإنسان أقارب فقراء وأراد الوقف عليهم فوقفه صحيح، ويؤجر على ذلك سواء أكانوا ورثة أو غيرهم، لكن يجب أن يكون ذلك حسب الشرع المطهر دون مخالفة له، كأن يحرم وارثاً من حقه، أو يعطي آخر زيادة على نصيبه الشرعي، فإن قصد الواقف هذا الأمر وأضر بأحد من الورثة بأن نقص بعض حقه أو حرمه من حقه فقد خرج بالوقف عن مقصود الشارع وحكمته، وهنا يؤزر ولا يؤجر، وقد جاء في ذلك حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب قط مالاً أنفس عندي منه، فما تأمرني فيها؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها". قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب. قال: فتصدق عمر في الفقراء وذوي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقاً غير متمول فيه. وفي رواية: "غير متأثل مالا". صحيح البخاري (2737) وصحيح مسلم (1633) . والمتمول: المدخر. والمتأثل: الجامع. وفقك الله لكل خير ويسر لك أمرك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أعطي زكاة ليفرقها في مستحقيها فأكل منها!

أعطي زكاة ليفرِّقها في مستحقيها فأكل منها! المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/12/1426هـ السؤال شخص ارسلت إليه زكاةٌ ليفرقها في الفقراء والمساكين، فأعطى بعضها إلى الفقراء وأخذ منها جزءاً لنفسه، حيث سدد بها دينا له، واشترى بعض الأثاث لبيته، ولم يزد على ذلك شيئاً. وأحيطكم علماً بأن دخله ضعيف لا يكفي لسداد هذه الأشياء، فهل يحق له ذلك شرعاً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الله تعالى حدد مصارف الزكاة ولم يدعها إلى اجتهاد الناس، وهي ثمانية كما هو منصوص عليه في قوله تعالى: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" [التوبة:60] . ويجوز للمسلم أن يوزع زكاته على الأصناف الثمانية إن وجدوا وكثرت زكاته، كما يجوز الاقتصار على بعضهم ولو على صنف واحد فقط. وكثير من الناس لا يجدون السبيل إلى توزيع زكواتهم، فيلجأون إلى من يتوسمون فيه الأمانة والخير والصلاح لينوب عنهم في توزيعها، وإيصالها إلى مستحقيها، خاصة في غياب الجهات المعنية في كثير من بلاد المسلمين، فهو بهذا وكيل عنهم في ذلك. ويجوز للعامل على جلب الزكاة وتوزيعها على مستحقيها الأخذ من سهم العاملين عليها، غنيًّا كان أو فقيراً، ولكن بما يراه الإمام ويقدره، فإن تعذر الوصول إلى الإمام أو عُدم فبأجرة المثل، فإن تعذر تقديرها فبما لا يزيد على ثمن المال الذي يقوم بتوزيعه. فإن لم يكن عاملا على جلب الزكاة وتوزيعها، ولكن وكَّله شخص أو أكثر على توزيع الزكاة، وكان هو من المستحقين لها جاز له أن يجعل نفسه ضمن المستحقين، ويفرض لنفسه دون محاباة كما يفرض لغيره، ولا يقدم حاجاته الشخصية على حاجات غيره، ويعدل بين المستحقين ويتحرى الحق في ذلك والله يتولى السرائر. وتقدير ذلك يعود إلى الشخص نفسه، ويضع المرء نصب عينيه أن الإثم ما حاك في نفسه وكره أن يطلع عليه الناس، ثم ضع نفسك -يا أخي- مكان من وكلك، فلو أعطيت شخصاً آخر مبلغا لتوزيعه على الناس، فقام بصرف جزء منه على حاجاته الشخصية أيرضيك ذلك؟! والله أعلم.

حق المرأة في المطالبة ببيت مستقل

حق المرأة في المطالبة ببيت مستقل المجيب سليمان بن عبد الله الماجد القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/11/1426هـ السؤال أنا متزوج وكان من شروط الزواج بيت مستقل وعدم ترك زوجتي للوظيفة، وكان لدي بيت فيه ثلاثة إخوة فقط، فوافقتْ عليه، فقمت بترميمه وفرشه على أحسن ما يكون، وأنا أعمل في مدينة غير مدينتي، فأصبحت أتعب من التنقل اليومي بين وظيفتي وبيتي، فطلبت منها أن تنتقل معي إلى مكان عملي فرفضت، علماً بأنها مدرسة، ثم صارت هناك خلافات بيننا، فذهبت لأهلها، وقالت: أريد بيتاً مستقلاً وإلا فلن أرجع إليك، وهي تعلم أني لا أستطيع ذلك، علماً بأنها تأخذ لأهلها قروضاً بنكية، وأنا غير موافق، ولا تساعدني في شيء، وهي الآن حامل، فماذا أعمل؟ وإذا طلبت مني الطلاق فهل يجوز لي أن أشترط مبلغاً من المال؛ لأنني تضررت؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيحسن بك -أخي الكريم- أن تجعل الحياة الزوجية فوق هذه المساومات والضغوط من جانبك على زوجتك، وأن تحرص على تحقيق رغباتك عن طريق الحب والعاطفة والاحترام المتبادل، وإذا لم تأت لك الزوجة بهذا فلا خير في علاقة تقوم على الضغوط النفسية والحرب الباردة من الزوجين، ولهذا أوصيك بعلاج المشكلة من جذورها، ومراجعة طرق تعاملك معها، وكسب محبتها وقناعتها. بقي ما يتعلق بالبيت المستقل، فنقول: إنه صار في الوقت الحاضر من الضروريات، فاحرص على تحقيقه لها، وإن عجزت فعوضها عن ذلك بجوانب أخرى مادية ومعنوية. وأرى أن الزوجة إذا طلبت الطلاق بعد أن صارت الحياة الزوجية متعذرة بينكما تجاب لطلبها دون مطالبتها بأي شيء. والله الموفق.

اشتراط المتصوفة للسند في تلقي العلم الشرعي

اشتراط المتصوفة للسند في تلقي العلم الشرعي المجيب أحمد حسان داعية إسلامي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/11/1426هـ السؤال لدي صديق عزيز مقيم معنا في بلدنا، هذا الصديق تعرف على المنهج السلفي من خلالي، وبدأ يخالطنا منذ سنوات، حتى ظننت يقينا أنه منا، إلا أني فوجئت منذ فترة أنه -وبعد زيارة إلى وطنه- قد تحول إلى صوفي، وأنه كان في دورة علمية صوفية لأحد دعاة الصوفية المناوئين للدعوة السلفية التي تحارب الشرك والغلو في الصالحين، فتحول صديقي إلى صوفي يكذّب مشايخنا، ويتهمهم بالكذب والخديعة والوقيعة بين أفراد الأمة بالزور والبهتان وأننا -أدعياء السلفية- ليس لنا سند في العلم الشرعي بمختلف فروعه من فقه وعقيدة وحديث وتفسير، بل زعم أن التزكية تتلقى بالسند كذلك وأننا لسنا لنا سند فيها ولا في غيرها، فهل صحيح أن العلم الشرعي لا يُتلقى إلا بالسند؟ وهل حدث هذا أصلاً في التاريخ العلمي للإسلام؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فنشكرك أخي على تواصلك معنا، وهذا دليل على بحثك ونشدانك للحق والصواب فيما يتعلق بأمر دينك. أولاً: إن الطريق الصحيح الذي يجب على كل مسلم سلوكه هو طريق أهل السنة والجماعة، الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، ذو العقيدة الصافية والمنهج السليم، واتباع السنة والدليل. وإذا أردت أن تعرف قيمة هذا الثبات، فتأمل واسأل نفسك: لماذا ضل كثير من السابقين؟ أحدهم يتنقل في منازل البدع والضلال من الفلسفة إلى علم الكلام والتصوف والتشيع والاعتزال، وهكذا أهل البدع يتحيرون ويضطربون، وانظر كيف حرم أهل الكلام الثبات عند الممات، فقال السلف: أكثر الناس شكًّا عند الموت أهل الكلام. لكن هل قرأت أو سمعت أن ظاهرة بدت من كبار أهل السنة والجماعة أنه رجع عن طريقه سخطة بعد إذ فقهه وسلكه؟ نعم.. قد يحصل لأفراد، يتركه لأهواء وشهوات أو لشبهة عرضت لعقله الضعيف.. لقد سمعنا كثيراً عن كبار تنقلوا في منازل البدع، وهداهم الله فتركوا الباطل وانتقلوا إلى مذهب أهل السنة ساخطين على مذاهبهم الأولى، وهو ما لا نجده كظاهرة عند أهل السنة والجماعة، وفي الأخير فإن الثبات على المبادئ أغلى من الأرواح، والإصرار عليه لا يعرف التنازل "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً" [الأحزاب:23] . ثانياً: أن السلف لا يتلقون أمور دينهم إلا عن مشكاة النبوة، لا عقل ولا ذوق ولا كشف، بل هذه إن صحت كانت معضدة لحجة الكتاب والسنة، فكيف بمن عارض بها

دلائل الكتاب والسنة، وأكثرها جهالات وخيالات فاسدة، وبهذا تفهم كيف أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنكر على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- النظر في صحيفة من التوراة [انظر: مسند أحمد (15156) ، والسنة لابن أبي عاصم (50) ] . وهو الكتاب المنزل من السماء وإن شابه التحريف فهو أفضل من كثير من الأقيسة العقلية، والخيالات الصوفية، وكذلك موسى -عليه السلام- لو قدر وجوده بعد بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- ما جاز لأحد متابعته، وترك ما عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بل ما جاز له –أي موسى- ترك متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- فكيف تتلقى أمور الديانة أصولها وفروعها، عن عقل أو ذوق أو وجد أو نحو ذلك؟ فمنهج السلف يقوم على التسليم المطلق لنصوص الكتاب والسنة، لا يردون منها شيئاً، ولا يعارضونها بشيء لا بعقل ولا ذوق ولا منام ولا غير ذلك، بل يقفون حيث تقف بهم النصوص، ولا يتجاوزونها إلى إعمال رأي أو قياس أو ذوق، ملتزمين قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم" [الحجرات:1] . أما المخالفون لعقيدة أهل السنة والجماعة فمستندهم وسلسلتهم في تلقي العلوم الدينية هو الكشف والعيان لا النظر والبرهان، بل عندهم أن السالك لا بد وأن يفرغ قلبه عن جميع التعلقات الكونية، والقوانين العلمية، وقد ذكر بعض الصوفية أن علوم الصوفية فاضت على صدورهم فيضاً، ولم تحصل لهم بالتعلم والدراسة والكتابة للكتب، والنظر في المصنفات والبحث عن الأقاويل والأدلة، بل من لوازم طريقهم قطع الهمة عن الأهل والولد والعلم، فلا يفرق فكره بقراءة قرآن، ولا بالتأمل في تفسيره، ولا بالنظر في كتب الحديث وغيرها. فالعلوم العقلية والشرعية من جملة الحجب والعوائق التي يجب على السالك التخلص منها وتجاوزها، إن هو أراد الوصول إلى حقيقة المعرفة. بل تجدهم قد وصفوا ما عندهم بالمعرفة والقطع، وما عند غيرهم بالعلم والظن، فالعلم طريقه الخبر، أما المعرفة فطريقها الكشف والعيان، والعلم عندهم حجاب عن المعرفة وإن كان لا يوصل إليها إلا بالعلم، فالعلم لها كالصوان لما تحته فهو حجاب عنه ولا يوصل إليه إلا منه. ثالثاً: أما هل هذا حصل في التاريخ الإسلامي؟ فنقول: نعم هناك من زعم أن الأولياء يسمعون كلام الله، أو أن الله كلمهم، ومنهم من زعم التصرف مع الله في الكون، ومنهم من ادعى العروج إلى السماوات وتبادل الحديث مع الله، ومنهم من زعم أن هناك من يتلقى علوماً خاصة بهم عن الله كابن سبعين وغيره، وأبي العباس المرسي، حيث قال: علوم هذه الطائفة -أي الصوفية- علوم تحقيق، وعلوم التحقيق لا تحملها عقول عموم الخلق، والفقيه من انفقأ الحجاب عن عيني قلبه. ويقول أحمد بن مخلوف الشابي الصوفي: وعلم التجليات موقوف على الأذواق، فمن لا ذوق له لا علم له. وإلى جانب زعم التلقي عن الله مباشرة هناك من يزعم أنه يتلقى عن الله مباشرة وباستمرار، ويتلقون التوجيهات ويصححون عنده الأحاديث، فهذا محمد الصبان يقول:

(وحرم بعض المحققين القياس على جميع أهل الله؛ لكون رسول الله مشهوداً لهم، فإذا شكوا في صحة حديث أو حكم رجعوا إليه في ذلك فأخبرهم بالأمر الحق يقظة ومشافهة، وصاحب هذا المشهد لا يحتاج إلى تقليد أحد من الأئمة غير رسول الله صلى الله عليه وسلم) انظر هامش مشارق الأنوار لمحمد الصبان (ص:137) . وأخيراً: فزعم الأولياء أنهم يلتقون بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ويتلقون منه علوماً، ويصححون عليه أحاديث ولهم سلسلة مباشرة إليه، هو مجرد ادعاء فقط لا أساس له من الصحة، وهذه الدعاية التي يروج لها المتصوفة يقصدون من ورائها هدم الشريعة الإسلامية، حيث إن دعوى التلقي عن رسول الله وتصحيح الأحاديث عليه قاعدة خطيرة جداً، لو سلمت بها لكفت لتدمير الأمة الإسلامية في العقيدة والعبادة والسلوك؛ وذلك لأنه أصبح سلساً جداً أن يأتي أي صوفي بحديث من عند نفسه، ويدعي أنه صححه على الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن -والحمد لله-لم يعتنق هذه العقائد الباطلة إلا من انخرط تحت لواء الطرق الصوفية الذين زعموا أنهم يتلقون العلوم عن الله مباشرة، وادعوا بأن الكتب التي ألفوها إنما هي من الإلقاء الرباني عليهم، وليست تأليفاً من عند أنفسهم.. نعوذ بالله من الضلال والخذلان، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.. وأنصحك أخي المحب الفاضل أن تراجع كلام الشيخ سلمان العودة في كيفية دعوة أولئك القوم بعنوان (دعوة المتصوفة) ، ففيه نفائس ودرر لمن وفقه الله لسلوك الهدى، وبالله التوفيق.

دعوة المتصوفة

دعوة المتصوفة المجيب / المشرف العام التصنيف التاريخ 26/10/1422 السؤال أسأل الله تعالى أن تكون في أتم الصحة والعافية وأن تكون بخير، ثم أرجو أن تذكر لي طريقة عملية في دعوة الصوفية، مع العلم أنهم ليسوا متعمقين في التصوف بل مازالوا عند الموالد والأذكار والدعوات والصلوات فقط. كما أرجو أن ترشدني إلى كتب تهتم بدعوة هؤلاء الناس. الجواب التصوف باب واسع، والطرق الصوفية كثيرة ومتباعدة في مناهجها، الاسم واحد والمحتوى مختلف متفاوت، فيها الطرق القائمة على التكسب المادي والغنائم الدنيوية، وفيها الطرق القائمة على عقيدة الاتحادية أو الحلول، وفيها الطرق القائمة على التهذيب والتربية وبناء الأخلاق والتعبد، وربما صحب ذلك شيء من المحدثات العملية التي لم تُؤْثرَ عن السلف. وكثير من المنتسبين إلى الطرق الصوفية لا يربطهم بها إلا مجرد الانتساب والمحبة والولاء العام، دون أن يعرفوا ما عليه شيوخ الطريقة. ونظراً لهذا نرى أن التأثير على هذه الجماهير ممكن جداً شريطة أن يكون بالأسلوب الحسن والموعظة الحسنة، والهدوء وسعة البال، ومن طلبة علم وأهل دعوة يعرفون مداخل النفوس وأسباب قبولها وإقبالها، وأسباب ردها وإدبارها فليس من الحكمة أن تبدأ بنقد شيوخهم وتفنيد طرائقهم وعيب مسالكهم، وربما لا يكون كثير من هذا معروفاً لديهم، وربما أخذتهم بذنب غيرهم، أو كنت سمعت عنهم شيئاً والواقع بخلافه. والأسلوب الأمثل في دعوة هؤلاء وغيرهم هو عرض الحق لهم دون الدخول معهم في مناظرة حول ما هم عليه، فتعرض عليهم العقيدة في الله - تعالى - وتعظيمه وعبادته وتوحيده، والإقرار بما أخبر به عن نفسه أو أخبر عنه رسوله مما هو لب الديانة ومقتضى الفطرة، وصريح العقل. ويُثَنّى بالثناء على الأنبياء والمرسلين وتعظيمهم ومحبتهم والاقتداء بهم واللهج بذكرهم دون غلو أو مبالغة، ولا نفرق بين أحد منهم. ونثلِّث بالثناء على أصحاب الأنبياء، وخصوصاً أصحاب نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فهم غراس يده، وثمرة تربيته، وأعوانه وإخوانه وأصحابه وجلساؤه ووزراؤه وأهل بيته. وهكذا ما يتعلق بالملائكة والكتب والقدر وغيرها. ويراعى في هذا ناموس التدرج، فليس من الحكمة أن تشعره بأن كل ما عنده خطأ وباطل وضلال، كما أنه ليس من الحكمة أن تعلمه صغار الأمور وكبارها في وقت واحد، وأن تنتقده في كل كلمة وكل حركة. هناك مسائل جوهرية وكبيرة وضرورية يُبْدأ بها، وتُوْلَى حقها من العناية بصبر وذكاء وبعدٍ عن الإثارة، وأعني أن أتعمد البعد عن تحريك عوامل الرفض والمعاندة لديه، وأتجنب كل ما يحرك التعصب عنده، وأجعل الحق يسري ويسرب إلى قلبه ونفسه بهدوء وانسياب ولطف، حتى لربما لا يشعر أول الأمر أن ثمةَ شيئاً جديداً يدخل عليه، وقد يكون في قرارة نفسه فطرة سليمة، أو فهم صائب ولكنه مستور مغطى ببعض الظواهر وبعض الشوائب. وإذا ظهرت بوادر القبول فليكن بعد اللقاء لقاء آخر، ولتكن الطريق سالكة لصداقة تمتد جذورها وتبسق فروعها ويتولد عنها تبادل الأحاديث والصِّلات والهدايا، والكتب والأشرطة والوسائل التعليمية المختلفة.

فإن كان الأمر لا يحتمل كل هذا، والفرصة تضيق عن مثله، فليكن سؤالاً بعد سؤال تثير في ذهنه الشك في الخطأ القائم لديه، وتبعثه على التفكير السليم والنظر السديد والتأمل فيما حوله، وليكن من هدية الكتاب المختار، أو الشريط المختار ما يكمل المشوار، وينبغي اختيار المادة التي تعطى له، فلا تكون مادة صارخة أو ملحة على قضايا أو مسائل جزئية أو فرعية؛ لأن المهم هو القاعدة والتصور وغيرها يبنى عليها. إنك تحتاج حين تدعو قوماً إلى خير فقدوه أن تكون متحلياً بالخير الذي وجدوه فعليك بجميل الأخلاق، وطيب الصفات، وطول النفس، والأناة، وعدم الانفعال والتحلي بالصبر، والصدق، والإخلاص، والتجرد التام للحق ليكون التوفيق حليفك، ولا تنس الوصايا الإلهية في سورة العصر "والعصر إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات. وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر "جعلنا الله وإياكم منهم بمنِّه وكرمه. وفي المكتبة الإسلامية أعداد كبيرة من الكتب النافعة في الردود على أباطيل المنحرفين عن سواء السبيل، لكن من النادر أن تجد كتاباً في دعوة هؤلاء وأولئك لا يتحدث عن نقد مذاهبهم لكنه يعرض لهم الدعوة عرضاً أولياً متجرداً هادئاً وهذا كما هو ظاهر، لون آخر غير النقد والتفنيد والحاجة إليه ماسة، والله المستعان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

آخذ بقول من؟

آخذ بقول مَنْ؟ المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/04/1427هـ السؤال ما رأيكم في تعاملي مع خلاف العلماء بهذه الطريقة وهل هي صحيحة وهي:- أولاً: النظر في كلام العلماء في المسألة وأدلتهم، وإذا استطعت الترجيح آخذ بالأقوى دليلاً. ثانيا: اتباع قول الجمهور. ثالثاً: اتباع قول الأعلم والأتقى. رابعا: الأخذ بالأحوط. خامسا: الأخذ بالأيسر، ولا أحيد عن ترتيب الطرق السابقة، إلا إذا عجزت عن طريقة انتقلت إلى التي تليها. ملاحظة: أطوع نفسي على الأخذ بالأحوط إلا إذا كان فيه مشاقة شديدة، فأنتقل إلى الأيسر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالناس صنفان بالنسبة للاجتهاد والتقليد: مجتهد، وغير مجتهد، فالمجتهد هو الذي اجتمعت فيه شروط الاجتهاد. فهذا واجبه الاجتهاد، وهو وجوب العمل بما أداه إليه اجتهاده، لا يسعه إلا ذلك. أما غير المجتهد، وهو الذي لم تتوفر فيه شروط الاجتهاد، فهذا لا يجوز له الاجتهاد، لأنه ليس من أهله، بل حقه التقليد، وهو سؤال المجتهدين والأخذ بفتاويهم. وطريقة ذلك أن يتحرى أولاً في سؤال الأعلم، والأتقى، والأورع من العلماء المجتهدين، فيسأل واحداً منهم ويأخذ بقوله. أما إذا سأل أكثر من واحد وتعددت أمامه الأقوال، فالصحيح أنه لا يختار منها، بل الواجب عليه أن يأخذ بقول الأعلم، والأفضل من المجتهدين. هذا في حق العامي المقلد الذي لا قدرة له على فهم الدليل، أما إن كان هذا المقلد ممن لديه قدرة على فهم الدليل، ووجه الاستدلال به، فالواجب على هذا أن يأخذ بالقول الذي تعضده الأدلة، وعلى الكل أن يتقي الله ما استطاع وأن يبذل وسعه في طلب الحق والوصول إليه. والله الموفق.

هل يستحق الأب الحضانة؟

هل يستحق الأب الحضانة؟ المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/03/1427هـ السؤال امرأة مطلقة تنازعت مع طليقها على ابن لهما عمره خمس سنوات، وفي مجلس عُرف حكم للأب بحضانة الابن؛ لأنه لا يريد أن يدفع له نفقة، وعند أخذه صرخ الطفل فتركه أبوه وذهب ولم يطالب به بعد ذلك، ثم حدثت مشاكل بين والد الأم -الذي ينفق عليها هي وابنها- وبين والد الطفل (وكان أبو الطفل ظالماً لوالد الأم) ، فقرر والد الأم أن يعطي الطفل لأبيه لأنه لا يستحق أن يربيه له، وأم الطفل حزينة لذلك، فهل والد الأم ظلمها؟ علماً بأن الأم ليس لها دخل أو مال خاص، وهي مقيمة في بيت أبيها، وهل هذا ظلم للطفل؟ علماً بأن أباه شاب قادر على الكسب، ولا يصلي وأخلاقه ذميمة. أفيدونا جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ومن والآه، وبعد: فإن الحضانة إنما تراعى فيها مصلحة الطفل، لا رغبة الأبوين، فمن ترجح أن مصلحة الطفل عنده أكثر من الآخر فهو أحق بحضانته، سواء كان أباً أو أماً. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: (ومما ينبغي أن يعلم أن الشارع ليس له نص عام في تقديم أحد الأبوين مطلقا ولا تخيير أحد الأبوين مطلقا. والعلماء متفقون على أنّه لا يتعيّن أحدهما مطلقا؛ بل مع العدوان والتّفريط لا يقدم من يكون كذلك على البر العادل المحسن القائم بالواجب) . مجموع الفتاوى (9/86) . أما ما يتعلق بنفقة الصغير الذي لا مال له فإنها تجب شرعاً على الأب إن كان موسرا، وتُلزمه المحكمة بدفعها، فإن كان الأب معسرا وقادرا على الكسب أجبر على التكسب من أجل الإنفاق على ابنه، فإن أبى فإنه يعاقب ولو بالسجن. وعلى هذا فإن كان ما ذكره السائل صحيحاً من أن والد الطفل لا يصلي وأخلاقه ذميمة.. فإنه لا يستحق حضانة هذا الطفل؛ حفاظاً على مستقبله، كذلك إن كان ما ذكره السائل صحيحاً من أن والد الطفل شاب وقادر على الكسب.. فإنه يجبر على التكسب للنفقة على ابنه، ولو اقتضى الأمر سجنه فإنه يسجن، ومثل هذا لا يتم إلا عن طريق المحكمة، فعلى الأم التقدم إليها. أما فيما يتعلق بتخلي والد أم الطفل عنه ودفعه لوالده، وهل يأثم بذلك؟ فالجواب أن والد الأم لا تجب عليه نفقة ابنها شرعاً، لكن ينبغي أن لا يحول بين ابنته وبين حضانة طفلها، لاسيما إذا تكفّل بنفقة الطفل غيره ممن تجب عليه نفقته من والد أو وارث أو غيرهما. ولعلي أُذكِّر والد هذه الأم بما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، ومررنا بشجرة فيها فرخا حمرة (طائر صغير) فأخذناهما، قال: فجاءت الحمرة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي تصيح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من فجع هذه بفرخيها؟ ". قال: فقلنا: نحن. قال: "فردوهما". أخرجه الحاكم (7673) ، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. كما أخرجه أبوداود (2658) بلفظ قريب من هذا، وصححه الألباني -رحمهم الله تعالى-.

وقال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: (أجمع أهل العلم على أن التفريق بين الأم وولدها الطفل غير جائز، هذا قول مالك في أهل المدينة، والأوزاعي في أهل الشام، والليث في أهل مصر، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي فيه، والأصل فيه ما روى أبو أيوب، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة"، أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا توله والدة عن ولدها"، قال أحمد: لا يفرق بين الأم وولدها وإن رضيت، وذلك -والله أعلم- لما فيه من الإضرار بالولد، ولأن المرأة قد ترضى بما فيه ضررها، ثم يتغير قلبها بعد ذلك فتندم) أ. هـ المغني (21/55) . قلت: وإن كان هذا في مسألة بيع الرقيق إلا أن العلة واحدة، فعلى والد هذه الأم أن يصبر ويحتسب الأجر من الله، ولعل الله أن يسخِّر له هذا الطفل في مستقبل حياته فيبره وهو أحوج ما يكون لذلك. وفق الله الجميع للصواب. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

الاكتتاب في شركة ينساب

الاكتتاب في شركة ينساب المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/11/1426هـ السؤال ما حكم الاكتتاب في شركة ينساب؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن نشاط شركة ينساب في صناعة البتروكيماويات، ومن خلال دراسة نشرة الإصدار المفصلة الخاصة بها تبين أنها حصلت على عمولات بنكية، كما وقعت على اتفاقية تمكنها من الحصول على قروض تجارية بالفائدة ومرابحات إسلامية من عدة بنوك، فالشركة بهذا تعد من الشركات المختلطة، والخلاف في الشركات المختلطة بين العلماء المعاصرين معروف، والأقرب -والله أعلم- أن الشركة إذا كانت لا تعتمد في نشاطها على المعاملات المحرمة فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله، بل يتخلص من الجزء المحرم منه ويبقى ما عداه مباحاً، وبالنظر إلى الإيراد المحرم الموجود في الشركة وقت الاكتتاب فإنه يسير جداً بل لا يكاد يذكر (أقل من واحد بالألف من أصول الشركة) ، وأما التمويل فلم تلتزم به الشركة إلى الآن، ومتى ما ارتبطت الشركة بشيء محرم منه فسيتم بيانه في حينه. وبناء عليه فالذي يظهر هو جواز الاكتتاب في الشركة، وإذا حصل المساهم على شيءٍ من الأرباح التي توزعها الشركة فيلزمه أن يتخلص من تلك الأرباح بقدر نسبة الإيرادات المحرمة فيها، أما الأرباح الناتجة من بيع السهم فلا يلزم التخلص من شيءٍ منها. وإني أدعو القائمين على الشركة إلى أن يكون جميع التمويل الذي ستحصل عليه تمويلاً إسلامياً، وأن تحول ودائعها إلى ودائع استثمارية موافقة للشريعة، فنحن-ولله الحمد- في بلدٍ قائمٍ على تحكيم شريعة الله. وكل ما يخالف هذه الشريعة الغراء فهو مرفوض شرعاً ونظاماً، وما تمارسه أي شركة من اقتراضٍ أو إيداعٍ بالفائدة يعد من التجاوزات غير النظامية التي يحق لأي مساهمٍ أن يعترض عليها، وهذا هو الحد الأدنى من الواجب على من ساهم في الشركات المختلطة، أن يعترض على تلك التجاوزات عند حضوره الجمعية العمومية للشركة. والله أعلم.

التأويل المخرج من الملة

التأويل المخرج من الملة المجيب محمد الحسن الدَّدَوْ الداعية الإسلامي المعروف التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/11/1426هـ السؤال متى يمكن أن يصبح تأويل شخص لآية أو حديث مخرجاً له من الملة؟ كأن يقرأ شخص الآيات في عيسى -عليه السلام- ويشعر بأنه مات قبل الصعود إلى السماء، أو يشعر بعدم التأكد من التأويل الصحيح، فهل يكون ذلك مخرجاً له من الملة؟ وإذا قرأ الآية في ختم النبوة وفهمها (كما يفهمها القادياني) ؛ بأن الآية لا تعني انقطاع قدوم أنبياء آخرين، فلماذا يخرجه هذا التأويل من الملة، وهو لا يرفض الآية لكنه يفهمها بصورة مختلفة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالتأويل ينقسم إلى قسمين: سائغ وغير سائغ. فالتأويل السائغ هو: حمل الدليل على معنى يحتمله، ولكنه غير متبادر منه، اعتماداً على دليل يقتضي ذلك، مع كون الحامل من أهل الاجتهاد. والتأويل غير السائغ هو: حمل الدليل على معنى لا يحتمله أصلاً، أو يحتمله مرجوحاً من غير دليل يقتضيه، أو كان ممن ليس أهلاً للاجتهاد. فالقسم الأول الذي هو السائغ لا يمكن أن يكفر صاحبه، بل هو إما مصيبٌ له أجران، وإما مخطئ له أجرٌ واحدٌ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". أخرجه البخاري (7352) ، ومسلم (1716) . وقد قال ابن تيمية -رحمه الله- في المسائل الماردينية: "كل من اجتهد في طلب الحق فهو معذور أصاب أو أخطأ، سواء كان ذلك في الأصول أو في الفروع". والقسم الثاني وهو: التأويل غير السائغ -إذا كان يحمل الدليل على ما لا يحتمله أصلاً، فإن كان في العقائد وما في معناها فهو كفر، وإن كان من باب العبث فكذلك، كالذين يفسرون قوله تعالى: "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة" [البقرة: 67] بأنها عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- وإن كان في غير ذلك فهو كبيرة يعزر صاحبها؛ لقول الله تعالى: "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" [الأعراف:33] . فهو من القول على الله بغير علم. وإن كان بحمل الدليل على ما يحتمله مرجوحاً من غير دليل، أو كان الحامل غير أهل للاجتهاد فهو كبيرة كذلك يعزر صاحبها لما سبق. فالمثال المذكور في السؤال في رفع عيسى -عليه السلام-لو لم ترد النصوص بحياته في السماء ونزوله في آخر الزمان -متواترة، حتى أصبح ذلك من عقيدة المسلمين لكان كبيرة يعزر صاحبها؛ لعدم اعتماده على دليل، أما وقد تواترت النصوص وأصبح الأمر عقيدة، فإن مخالفه يكفر بإنكاره كفراً مخرجاً من الملة. والمثال الثاني في السؤال في إنكار ختم النبوة بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ليس من باب التأويل أصلاً، بل هو إنكار للنصوص الصريحة التي لا تحتمل إلا معنى واحداً، فهو كفر كذلك مخرج من الملة. والله أعلم.

مقتضى حديث "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"

مقتضى حديث "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" المجيب وليد بن علي الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/03/1427هـ السؤال كيف يفهم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"، من خلال عموم المقتضى عند الأصوليين؟ الجواب الحمد لله رب العاملين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد: فإن المراد بالمقتضى عند الأصوليين: ما يجب تقديره لصدق الكلام أو صحته عقلاً أو شرعاً، وتعيين اللفظ المقدر مما يدخله الاجتهاد ويقع فيه الخلاف. وقد وقع خلاف بين الأصوليين في المقتضى: هل يعم أم لا؟ فمن يرى عموم المقتضى حمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث: "فلا صلاة" على نفي الصحة، أي: فلا صلاة صحيحة؛ لأنه لا يمكن حمل النفي على نفي الحقيقة، فيحمل على نفي الصحة، وعلى هذا القول: إذا أقيمت الصلاة المكتوبة في المسجد فلا يجوز أن يُصلَّى شيءٌ من النوافل، ولو تلبس بنافلة بعدما أقيمت الصلاة فإنها لا تصح، وقال بهذا القول جمهور الفقهاء من المالكية والحنابلة وغيرهم. قال الشوكاني: "يحتمل أن يتوجه النفي إلى الصحة أو إلى الكمال، والظاهر توجهه إلى الصحة؛ لأنها أقرب المجازين إلى الحقيقة، فلا تنعقد صلاة التطوع بعد إقامة الصلاة المكتوبة". وقد شدَّد بعض الفقهاء فذهب إلى قطع النافلة إذا أقيمت الصلاة؛ لأن هذا الحديث مخصص لعموم قوله تعالى: "ولا تبطلوا أعمالكم" [محمد:33] . ومال ابن حجر إلى أن المراد بالحديث نفي الكمال لا الصحة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقطع صلاة المصلي، وإنما اقتصر على الإنكار. ومن لا يرى عموم المقتضى فقد حمل الحديث على النهي، فيكون معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فلا صلاة" أي: فلا تصلوا، وحملوا النهي على الكراهة، وعلى هذا القول يكره التطوع بعد إقامة الصلاة المكتوبة؛ لأن التقدير للضرورة، وإذا أمكن عدم التقدير فهو أولى، وقال بهذا القول أكثر الحنفية والشافعية، ولعل الراجح في ذلك -والله أعلم- هو القول الأول، وهو عدم جواز الشروع في النافلة بعد إقامة الصلاة المكتوبة. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الاكتتاب بأسماء آخرين

الاكتتاب بأسماء آخرين المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/11/1426هـ السؤال ما حكم اكتتاب الشخص باسم غيره؟. الجواب أرى أنه لا يجوز للمكتتب أن يستعمل اسم شخصٍ آخر في الاكتتاب، سواء أكان ذلك بعوض يدفعه لصاحب الاسم أم بغير عوض؛ لما في ذلك من تجاوز الحد المستحق له نظاما، وتعديه على حق غيره ممن التزم بالنظام، إذ إن مقتضى العدالة أن تكون قسمة الأسهم بين الناس بالسوية، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يحدد لكل واحد من المكتتبين سقف أعلى لا يتجاوزه، فالمنع من استخدام الشخص اسم غيره من السياسة الشرعية التي تتفق مع مقاصد الشريعة من جعل المال دولة بين الناس كلهم فقيرهم وغنيهم، لا أن يكون محصوراً بأيدي فئة قليلة. وفضلا عن ذلك، فإن هذا التصرف نوع من التدليس، وهو مظنة الخلاف والخصومة بين الأطراف. وبإمكان المكتتب الذي لا يجد ما يكفي من المال أن يقترض مبلغ الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده للمقرض بمثله بدون زيادة، ويجوز أيضاً أن يدخل مع صاحب المال في عقد مشاركة، فيكون لكل منهما حصة شائعة معلومة من الربح كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 30% منه، ولي 70%، والله أعلم.

قاعدة "ما حرم سدا للذريعة ... "

قاعدة "ما حرم سدًا للذريعة ... " المجيب د. مصطفى بن كرامة مخدوم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/04/1427هـ السؤال أعلم أن هناك قاعدة فقهية تقول: (ما حرم سدا للذريعة أبيح لمصلحة راجحة) . هل المراد بالأمر المحرم سدا للذريعة هو ما حرمه الشارع بالنص وتبين أن تحريمه شرع سدا لذريعة محرمة؟ أم المراد ما اجتهد العلماء في تحريمه سدا للذريعة؟ آمل الإجابة بالتمثيل، ولكم جزيل الشكر والاحترام. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقاعدة "الفعل المنهي عنه سدّا للذريعة يباح للحاجة والمصلحة الراجحة" قاعدة عامة فيما نهي عنه بالنص، أو الاجتهاد، ولهذا مثل لها الفقهاء بأمثلة ورد فيها النص، وأمثلة لم يرد فيها النص، وذلك كالنهي عن دفع الرشوة ودخول المرأة للحمامات الساخنة، ولبس الرجال للحرير، والذهب للرجال، والسمر بعد العشاء ... إلخ. ومستند القاعدة هو البناء على قاعدة تعارض المصالح والمفاسد، فمتى تعارضت مفسدة مرجوحة مع مصلحة راجحة فالعبرة بالراجحة. ولأن الأصل في الوسيلة التي لا تتضمن في ذاتها مفسدة هو الجواز من حيث ذاتها، وإنما منعت لكونها طريقا إلى المفسدة، فلما ألغي اعتبار المفسدة بسبب رجحان المصلحة عليها عاد الفعل إلى الأصل وهو الجواز. والمهم الذي ينبغي التنبه له هو أن القاعدة متعلقة بالفعل الذي لا يتضمن في ذاته مفسدة، ولكنه طريق إليها وهو المسمى بالوسيلة، ويمكن السائل مراجعة كتابي "قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية" ففيه زيادة بيان، والله أعلم.

هل وقع خلاف فقهي في زمن الرسول؟!

هل وقع خلاف فقهي في زمن الرسول؟! المجيب وليد بن علي الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/04/1427هـ السؤال هل كان في زمن الرسول -صلوات الله عليه- اختلاف بين العلماء؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبي الرحمة، وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- هو المشرع في زمن الصحابة، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يرجعون إليه في النوازل التي تنزل بهم، فإذا نزلت بهم نازلة واحتاجوا إلى معرفة حكمها الشرعي، جاءوا إليه يستفتونه، ولم يكونوا بحاجة إلى الاجتهاد لبيان الأحكام الشرعية مع وجوده -صلى الله عليه وسلم-؛ فلذلك كان الاختلاف الواقع في عصره -صلى الله عليه وسلم- محدوداً وضيق النطاق، وإذا وقع خلاف بين الصحابة -رضي الله عنهم- رجعوا إليه -صلى الله عليه وسلم- كما جاء عند البخاري عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه سمع رجلاً يقرأ آية سمع من النبي الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ خلافها، قال: فأخذت بيده، فأتيت به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال: "كلاكما محسن، ولا تختلفوا فإن من كان من قبلكم اختلفوا فهلكوا"، صحيح البخاري (3476) ، فلما اختلف ابن مسعود مع ذلك الصحابي في قراءة الآية رجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم. وقد يقع اختلاف بين الصحابة في فهم النصوص الشرعية، كما اختلفوا في فهم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" صحيح البخاري (946) ، وصحيح مسلم (770) . ففهم بعضهم أنه أراد حثهم على الإسراع والاستعجال في المشي، فصلوا العصر في الطريق، وأخذ آخرون بالنص على ظاهره فلم يصلوها إلا في بني قريظة، فأخروا الصلاة لذلك، ولم يعنف النبي -صلى الله عليه وسلم- أحداً من الفريقين. فخلاصة ذلك أن الاختلاف سنة كونية وطبيعة بشرية، وليس كل اختلاف مذموما، بل منه المذموم ومنه الممدوح، وقد كان الاختلاف الواقع في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم - قليلاً جداً لوجوده -صلى الله عليه وسلم-، حيث كان هو المرجع في تشريع الأحكام، فلا حاجة إلى الاجتهاد، فإن أكثر الاختلاف متفرع عن الاجتهاد في استنباط الأحكام أو تنزيلها؛ لأن الاجتهاد يستلزم وقوع الاختلاف، لتفاوت العقول، والمدارك، والأفهام، ولأن أكثر الأسباب التي توجب الاختلاف لم تكن موجودة في ذلك الزمن، ومع هذا فإن ذلك الاختلاف لم يكن موجباً للتفرق، والاختلاف، والتنابز والتشاقق. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

تعليل الأحكام

تعليل الأحكام المجيب د. مصطفى بن كرامة مخدوم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/04/1427هـ السؤال ما أدلة الذين منعوا من جواز تعليل الأحكام في الشريعة الإسلامية؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ذهب كثير من الأشاعرة إلى منع تعليل أحكام الله تعالى بالحِكَمِ والمصالح، بناءً على أصلهم المشهور "أفعال الله لا تعلل بالغرض" لأنهم يرون أن تعليل أفعال الله -ومنها أحكامه التشريعية- يستلزم إضافة النقص إلى الله، كأنه تكميل لصاحب الغرض. وهذا يناقض ما يذكرونه في كتب الفقه والأصول، من التعليل بالعلل وذكر الحِكم، ولهذا ذهب بعضهم إلى أن هذه الأحكام وقعت على وفق المصالح دون قصد لها، وفيه نظر. والصحيح عند المحققين من العلماء كما يدل عليه الاستقراء أن أفعال الله وتشريعاته لا تخلو من حكمة بالغة، وإن لم نطلع عليها أحياناً، وهذه الحِكم والمصالح المقصودة من وراء التشريعات راجعة إلى الخلق، والله غني عن كل شيء وليس محتاجاً إلى شيء من مخلوقاته، والله أعلم.

التصرف في التركة دون إذن الورثة

التصرف في التركة دون إذن الورثة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/03/1427هـ السؤال نحن إخوة ترك لنا والدنا مبلغا من المال، فهل يحق لي أن أستخدم هذا المال في مجال تجاري يكون العائد منه لنا جميعا؛ لأننا نعيش سوياً؟ علماً بأني أخذت مبلغاً من المال للزواج، فهل يحق لي الاتجار بهذا المال؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا المال مشترك لجميع الورثة، ولا يجوز لأحدهم أن ينفرد بالتصرف فيه بالتجارة أو غيرها إلا بإذنهم، فإذا أذن شركاؤه بأن يتصرف فيه فإن هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله. والربح حسب ما يتفق عليه، فإذا كان هذا العامل اتفق معهم على أن يأخذ نصف الربح والبقية للآخرين فله ذلك، وإن اتفقوا على شيء آخر فإن هذا جائز ولا شيء فيه. وأما ما أخذه للزواج فإن هذا يحسب من حقه، ولا بد من إعلام الباقين. والله أعلم.

إسكان بعض الأولاد بلا أجرة!

إسكان بعض الأولاد بلا أجرة! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/03/1427هـ السؤال لدى والدي أربع شقق أنا وهو نسكن في إحداها، ولي إخوة متزوجون يسكنون في الشقق الباقية بدون أجرة، ولي أخوات متزوجات يسكنّ مع أزواجهن؟ فهل حرام على والدي أن يسكن بعض أولاده دون الآخرين؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن كان إخوانك غير قادرين على استئجار سكن لفقرهم فأسكنهم والدك في الشقق المملوكة له فلا بأس بذلك؛ لكونها من النفقة الواجبة عليه، أما إن كانوا قادرين على أجرة السكن فلا يحل له ذلك إلا برضى جميع أولاده ذكوراً أو إناثاً، فإن رضوا فالحمد لله، وإلا احتسب سكناهم بأجرة يأخذها منهم من غير محاباة؛ لحديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: أعطاني أبي عطيةً، فقالت عمرة بنت رواحة [والدة النعمان] : لا أرضى حتى تشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله؟ قال: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ ". قال: لا. قال: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" قال: فرجع فرد عطيته. رواه البخاري (2747) .

هل دهن الشعر من السنة؟

هل دَهْن الشَّعَر من السنة؟ المجيب سامي بن محمد الخليل مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/01/1427هـ السؤال سمعت أن دَهْن الشَّعَر من السنة، فهل صحَّ ذلك عنه صلوات الله وسلامه عليه؟ وما هي تلك الدهون المستحبة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم دَهْن الشعر والعناية به سنة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "من كان له شعر فليكرمه" وهو عند أبي داود (4163) بإسناد حسن، وهذا يدل على أن من السنة تسريح الشعر ودهنه والعناية به عموماً، لكن بدون مبالغة، ولذلك أمر صلى الله عليه وسلم بترجيل الشعر ودهنه غباً، أي يوماً بعد يوم كما فسره الإمام أحمد. انظر سنن أبي داود (4159) ، وجامع الترمذي (1756) . وأما نوع الدُّهْن فلم يرد في السنة تحديد نوع بعينه، فيدهن الإنسان شعره بأي دُهْن مفيد للشعر.

لماذا تأخر رجوع أصحاب الهجرة الثانية للحبشة؟

لماذا تأخر رجوع أصحاب الهجرة الثانية للحبشة؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/05/1427هـ السؤال ما هي أسباب تأخر عودة أصحاب الهجرة الثانية إلى الحبشة حتى السنة السابعة للهجرة؟ الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فمن الثابت أن المسلمين هاجروا إلى الحبشة مرتين، وكانت الهجرة الأولى في شهر رجب سنة خمس من البعثة، وهم أحد عشر رجلاً، وأربع نسوة، خرجوا مشاة إلى البحر، فاستأجروا سفينة بنصف دينار. {فتح الباري 7/187-188، وذكر ابن إسحاق أنهم عشرة رجال وأربع نسوة (سيرة ابن هشام 1/344) } . ثم بلغ المسلمين وهم بأرض الحبشة " أن أهل مكة أسلموا، فرجع ناس منهم عثمان بن مظعون إلى مكة، فلم يجدوا ما أُخبروا به صحيحاً، فرجعوا وسار معهم جماعة إلى الحبشة، وهي الهجرة الثانية، وقد سرد ابن إسحاق أسماء أهل الهجرة الثانية، وهم يزيدون على ثمانين رجلاً. وقال ابن جرير: كانوا اثنين وثمانين رجلاً، سوى نسائهم وأبنائهم ... وقيل: إن عدة نسائهم كان ثمان عشرة امرأةً ". كما أبان ابن إسحاق رحمه الله عن دوافع الهجرة الثانية فقال: "فلما اشتد البلاء وعظمت الفتنة تواثبوا على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وكانت الفتنة الآخرة التي أخرجت من كان هاجر من المسلمين بعد الذين كانوا خرجوا قبلهم إلى أرض الحبشة". وقد أرسلت قريش عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة، يحملان الهدايا إلى النجاشي، وبطارقته، طالبين إليه إعادة من هاجر من المسلمين، فأرسل النجاشي إلى المسلمين فسألهم عن دينهم، فقال جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "أيها الملك كنا قوماً على الشرك، نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، لا نحل شيئاً ولا نحرمه. فبعث الله إلينا نبياً من أنفسنا نعرف وفاءه، وصدقه وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي ونصوم، ولا نعبد غيره". فقال: هل معك شيء مما جاء به -وقد دعا أساقفته فأمرهم فنشروا المصاحف حوله. فقال جعفر: نعم. قال: هلمَّ فاتلُ عليَّ ما جاء به. فقرأ عليه صدراً من سورة مريم، فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلت مصاحفهم. ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى، انطلقوا راشدين. ولما أخفقت محاولة وفد قريش في استعادتهم، أثار عمرو بن العاص في اليوم التالي موقف المسلمين من عيسى عليه السلام، فقال للنجاشي: أيها الملك: إنهم يقولون في عيسى قولاً عظيماً. فأرسل النجاشي إليهم فسألهم؟ فقال له جعفر: نقول: هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فقال النجاشي: ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا العود. وأعطى النجاشي الأمان للمسلمين، فأقاموا مع خير جار في خير دار -كما تقول أم سلمة رضي الله عنها-". [ (السير والمغازي لابن إسحاق (513-217) ، و (سيرة ابن هشام) (1/289-293) ، بإسناد حسن إلى أم سلمة رضي الله عنها] . وقد هاجر معظم مهاجرة الحبشة إلى المدينة بعد هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إليها وتأخر جعفر بن أبي طالب ومن معه إلى فتح خيبر سنة 7هـ، انتظاراً لاستقرار الإسلام، وقوة شوكة المسلمين. والله أعلم.

التسمية بـ (معظم)

التسمية بـ (معظَّم) المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/03/1427هـ السؤال ما حكم تسمية الولد بـ (مُعظَّم) ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا اللفظ أقرب أن يكون صفة من أن يكون اسماً، وعلى كل فلا أرى من إطلاقه على المخلوق بأساً ما دام بغير (ال) المُعَرِّفة. فهو قد يكون معظَّماً في أسرته أو بيته أو عند قومه، ونحو ذلك. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

صناديق البلاد الاستثمارية

صناديق البلاد الاستثمارية المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/11/1426هـ السؤال ما حكم صناديق (أصايل) و (السيف) و (المرابح) التي ببنك البلاد؟ الجواب جميع هذه الصناديق جائزة، فصندوق أصايل في الأسهم السعودية، وصندوق السيف في الأسهم الكويتية، وكلاهما لا تستثمر فيهما الأموال بشركاتٍ تقترض أو تودع بالربا. وأما صندوق المرابح فهو في المتاجرة بالسلع الدولية المباحة بطريقة البيع الآجل. والله أعلم.

ما الفرق بين الاستقراء والقياس؟

ما الفرق بين الاستقراء والقياس؟ المجيب علي بن عبد العزيز المطرودي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/03/1427هـ السؤال ما الفرق بين الاستقراء والقياس مع ذكر بعض الأمثلة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالفرق بين الاستقراء والقياس يتضح بما يأتي: الاستقراء هو: تتبع جزئيات الشيء للوصول منها إلى حكم كلي يجمعها. ومثال ذلك: الأمر المجرد عن القرائن يفيد الوجوب، والنهي المجرد عن القرائن يفيد التحريم، والعام يحمل على عمومه ما لم يرد له مخصص، ونحو ذلك، فهذه قواعد كلية شاملة تم التوصل إليها من النظر في جزئيات كثيرة تدخل تحتها أنتجت هذه الأحكام الكلية. أما القياس فلا يخلو من أن يكون قياس جزئي على جزئي، أو قياس جزئي على كلي. فقياس الجزئي على الجزئي كقياس الأرز على البر في جريان الربا في كل منهما، وقياس ضرب الوالدين على التأفيف في حرمة كل منهما. أما قياس الجزئي على الكلي فمثاله قوله تعالى: "وأقيموا الصلاة" هذا أمر جزئي مجرد، وقد سبق في القاعدة الكلية أن الأمر المجرد يفيد الوجوب، إذاً الصلاة واجبة، فهنا تم إلحاق جزئية أمر الصلاة بالقاعدة الكلية المتعلقة بالأمر المجرد. ومثال آخر: كل إنسان يموت، وخالد إنسان، إذاً خالد سيموت، فهنا ألحقنا جزئياً وفرداً من الإنسان تحت هذه القاعدة الكلية المتعلقة به. ومما سبق يتضح أن الاستقراء هو: أخذ حكم الكلي من جزئياته. والقياس: أخذ حكم الجزئي من جزئي آخر، أو من كلي. وهناك فرق آخر في الدلالة، وهو: أن الاستقراء إذا كان تامًّا فإنه يفيد القطع واليقين، بينما القياس لا يفيد إلا الظن. ومعنى كون الاستقراء تامًّا: أنه تم فيه تتبع جميع جزئياته، بحيث لم يبق منها شيء. أما إن كان التتبع لمعظم الجزئيات فهنا تكون دلالته ظنية؛ لإمكان وجود شيء من الجزئيات التي لم تستقرأ تخالف الحكم الذي تم الوصول إليه. والله أعلم.

الصكوك الوطنية الإماراتية

الصكوك الوطنية الإماراتية المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/05/1427هـ السؤال نريد معرفة حكم الصكوك الوطنية التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية، هل هي مجازة أم لا؟ الصكوك الوطنية: شركة مساهمة خاصة، يقع مقرّها في دبي، وتضم قائمة المساهمين فيها شركات وطنية هي: دبي القابضة، وشركة إعمار العقارية، إضافة إلى بنك دبي، ويبلغ رأسمال الشركة (150 مليون درهم) ، موزعاً بالتساوي على الشركاء الثلاثة. ويتم شراء الصكوك الوطنية بفئات قيمتها (10 دراهم) ، والحد الأدنى للشراء هو (100 درهم) ، أي (10) صكوك، يخصص لكل صك رقم مسلسل ويتم إدخاله في سحب شهري على جوائز تتراوح قيمتها بين (100 درهم) و (مليون درهم) وهو مبلغ الجائزة الشهرية الكبرى. وتوجد هيئة شرعية لمراقبة سير عمل الشركة وموافقته للشريعة الإسلامية وقد أصدرت فتوى بجواز عملها!. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا البرنامج الذي تقدمه شركة الصكوك الوطنية بدبي لا يعدو أن يكون صورة من صور اليانصيب المتفق على تحريمه شرعاً. فالمشتري لما أسموه "الصكوك" يدفع (100 درهم) ، وهو الحد الأدنى للاشتراك، وله حق استرداد هذا المبلغ بعد شهر، وكل شهر يدخل في السحب على جوائز تتراوح بين (100) وبين مليون درهم، كما هو مبين في موقع الشركة (nationalbonds.ae) . وهذه معاوضة نقد بنقد مع التفاضل، والتأخير والجهالة، فيدخلها الربا والميسر معاً. وأما الفتوى الصادرة عن الهيئة الشرعية للشركة في هذا الخصوص فهي تختلف في الحقيقة عن عمل الشركة المعلن في موقعها. وبيان ذلك من وجوه: 1. الفتوى تنص على أن العقد بين حامل الصكوك وبين الشركة عقد مضاربة، بينما لا يذكر الموقع شيئاً عن عقد المضاربة، ولا عن طبيعة المشاريع التي يستثمر فيها، ولا عن معدل الأرباح المحققة. فليس في الموقع ما يحدد ويبين الطبيعة الاستثمارية للشركة، بل هو يعلن بكل وضوح عن جوائز السحب التي قد تصل إلى مليون درهم، ويحث الجمهور على الاشتراك طمعاً في الجوائز وليس في الأرباح الاستثمارية. فأين هي المضاربة إذن؟ 2. الفتوى تنص على أن الجوائز يتم توزيعها من نصيب الشركة في أرباح المضاربة من خلال القرعة. لكن تحديد مقدار الجوائز ما بين (100) إلى مليون درهم، ينافي كونها من أرباح الاستثمار التي لا يمكن تحديدها مسبقاً. وهذا يعني أن الشركة تلتزم بجوائز بمبالغ محددة في حال وقوع السحب عليها بغض النظر عن أداء الاستثمار، فتكون المعاملة معاوضة نقد بنقد مجرداً ولا علاقة لها بالمضاربة. أضف إلى ذلك أن الشركة تعلن أن أول سحب سيتم شهر مايو، بينما لا تعلن الأرباح إلا في نهاية العام. فكيف تكون الجوائز من الأرباح مع أن الأرباح لم تحدد ولم تعلم بعد؟

3. الفتوى تنص على أنه لا يجوز اشتراط السحب على الجوائز في عقد المضاربة، بينما يجعل موقع الشركة هذه الجوائز هي أهم مزايا الاشتراك، ويحدد تواريخ السحب على الصفحة الأولى وجميع صفحات الموقع، ويشجع الزائر على الاشتراك لأنه قد يصبح من أصحاب الملايين. وهذا يجعل السحب على الجوائز هو الهدف من الاشتراك، ولا يخفى أن هذا من أعظم الاشتراط لأنه الأساس الذي من أجله يشتري الناس هذه الصكوك. 4. الفتوى تنص على أن العقد عقد مضاربة، بينما ينص الموقع على حق المشترك في استرداد قيمة الصكوك بعد مضي شهر على الأقل من الاشتراك، وهذا يجعل ثمن الصك بمثابة القرض الذي تلتزم الشركة برد مثله. فإذا انضم لذلك الحصول على الجوائز كان قرضاً جر نفعاً، وهو ربا، بإجماع العلماء. والحاصل أن مضمون الفتوى شئ وواقع الشركة شئ آخر. وكان الواجب توجيه هذه الأموال للاستثمار المشروع القائم على العمل والإنتاج وتحقيق القيمة المضافة، بدلاً من توظيفه في الحظ والجوائز التي تقتل العمل، ولا تولد أي قيمة للاقتصاد. والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

شك في التلفظ بالنذر!

شك في التلفظ بالنذر! المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/11/1426هـ السؤال تبتُ إلى الله بصدق من ذنوبي، ودعوتُ في سجودي أنني أتوب، ولا أفعل هذه الذنوب مرة أخرى، لكنني غير متأكذ ماذا قلتُ، فربما قلت: "لن أفعل ذلك مرة أخرى" أو "لله علي أن لا أعود إلى هذا الذنب". لكنني عدت ووقعت في نفس الذنب. فماذا علي الآن؟ وهل تلزمني كفارة النذر؟! هل أتوب فقط أو علي كفارة يمين؟ الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فالأحوط لك أن تكفر كفارة يمين وتعزم على التوبة، واحذر من العودة للذنب مرة ثانية، فقد تفجأك المنية وأنت على معصية، والأعمال بالخواتيم. وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وهذا على التخيير، فإن لم تستطع تعدل إلى الصيام، فتصوم ثلاثة أيام متتابعة، قال الله تعالى: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون". [المائدة:89] . وفقك الله لهداه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل وجوب الصلاة في المسجد على القادر أم السامع؟!

هل وجوب الصلاة في المسجد على القادر أم السامع؟! المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/02/1427هـ السؤال هل الصلاة في المسجد فرض على كل قادر على حضور الجماعة في المسجد؟ أم الوجوب فقط على الذين يسمعون الأذان؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فصلاة الجماعة في المسجد واجبة، والدليل على الوجوب أن الله -عز وجل- أمر بالصلاة مع المصلين، فقال سبحانه وتعالى: "وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" [البقرة:43] ، وفي حديث أبي موسى وابن عباس -رضي الله تعالى عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر" أخرجه أبو داود (551) ، وابن ماجه (793) . وكذلك أيضاً لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم". صحيح البخاري (644) ، وصحيح مسلم (651) . ومما منعه من ذلك أنه لا يعذب بالنار إلا رب النار. وهكذا حديث عبد الله بن أبي أم مكتوم -رضي الله عنه- لما استأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: "هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: "فأجب". وفي رواية: "لا أجد لك رخصة". أخرجه مسلم (653) ، وأبو داود (552) . وأيضاً في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا صلاة لرجل فرد خلف الصف". أخرجه أحمد (15862) ، وأبو داود (1003) ، وابن حبان (2203) . قال ابن القيم -رحمه الله- فكيف بمن كان منفرداً عن الصف وعن الجماعة ... إلى آخره. وأيضاً يدل على هذا حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق -وفي رواية: أو مريض- ولقد كان الرجل يوتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. صحيح مسلم (654) . وأما فعلها في المسجد فالصواب أيضاً أنه واجب لمن قدر على ذلك، ولا يسقط إلا عند المشقة الظاهرة؛ لما تقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر"، وكذلك قوله -عليه الصلاة والسلام- للأعمى: "أجب"، وكذلك أيضاً فعل الصحابة -رضي الله تعالى- عنهم فلقد كان الرجل يؤتى به بين الرجلين حتى يقام في الصف، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق. ولأن الجماعة لو لم تشرع في المسجد لفاتت الحِكَم العظيمة والمقاصد الشرعية التي من أجلها شرعت الصلاة، وأيضاً لم يكن هناك كبير فائدة في بناء المساجد.

الاكتتاب في الشركة السعودية للأبحاث والنشر

الاكتتاب في الشركة السعودية للأبحاث والنشر المجيب جمع من العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/03/1427هـ السؤال هل يجوز الاكتتاب في الشركة السعودية للأبحاث والنشر؟ الجواب أولاً: إجابة د. يوسف بن عبد الله الأحمد (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) . ثانيًا: إجابة د. يوسف بن عبد الله الشبيلي (عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء) . ثالثًا: إجابة د. محمد بن سعود العصيمي (مدير عام المجموعة الشرعية ببنك البلاد) . أولاً: إجابة د. يوسف بن عبد الله الأحمد (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) . الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فبعد الاطلاع على موقع الشركة الرسمي تبين -بجلاء تام- حرمة الاكتتاب فيها؛ لأن نشاطها محرم؛ فهي تضم في مطبوعاتها الدورية (18صحيفة ومجلة) ، وعلى رأسها: الشرق الأوسط، وسيدتي، والجميلة، وهي، والمجلة. ولا يخفى على أهل الإيمان ما تتبناه هذه الصحف والمجلات من فكر تغريبي، وصور عارية، وابتذال للمرأة بجعلها وسيلة للإغراء والترويج لمجلاتها وصحفها. وهي تمتلك "الشركة السعودية للتوزيع" وهي أضخم شركة توزيع داخل المملكة، وتوزع أكثر من ثمانين مجلة وصحيفة، أكثرها يحمل الصور الخليعة والأفكار المفسدة. وتزداد حرمة الشركة في المجاهرة بالمعصية، وتحمل ذنوب المطلعين على منشوراتها والمتأثرين بها، إضافة إلى تعاملاتها المالية الربوية. والواجب على القائمين عليها: التوبة إلى الله، وأن يتذكروا الآخرة، وحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به". أخرجه أحمد (13919، 14746) ، والترمذي (614) ، والدارمي (2657) بسند صحيح. وبالله التوفيق. ثانيًا: إجابة د. يوسف بن عبد الله الشبيلي (عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء) . الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن نشاط هذه الشركة في مجال الإعلام والطباعة والنشر، ومن المجلات التي تصدرها الشركة مجلات محرمة؛ لاشتمالها على صورٍ فاضحة للنساء مثل: مجلة سيدتي، والجميلة، وهي، وغيرها، ولا شك أن التحريم إذا كان في نشاط الشركة فهو أشد من التحريم الذي يتعلق بتعاملات الشركة المالية؛ لأن مفسدة النشاط ظاهرة ومتعدية للآخرين. وعلى هذا فأرى عدم جواز الاكتتاب فيها. والله أعلم. ثالثًا: إجابة د. محمد بن سعود العصيمي (مدير عام المجموعة الشرعية ببنك البلاد) . الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإن من المعلوم أن العلماء اشترطوا لجواز تأسيس وتداول الشركات المساهمة أن يكون نشاط الشركة في مجال مباح. وحيث إن المجموعة متخصصة في الأنشطة الإعلامية من الإصدار والنشر والطباعة والتوزيع، وهو في الأصل نشاط مباح، فلا بد من فحص تلك الأنشطة التي تعمل فيها. وحيث إن الشركة تصدر وتسوق كثيرا من المطبوعات التي تحتوي على أفكار غير إسلامية، وعلى صور خليعة، مثل مجلة سيدتي، ومجلة هي، ومجلة الجميلة، وجريدة الشرق الأوسط، وغيرها من المطبوعات، فلا شك أن الشرط الأول لجواز الاكتتاب فيها غير موجود، وهو كون النشاط مباحا. وعليه فلا يجوز الاكتتاب في الشركة، ولا تداول أسهمها، حتى تغير من واقعها إلى تسويق المطبوعات والمواد الإعلامية التي تنطبق عليها الضوابط الشرعية. وإني أدعو القائمين عليها إلى تقوى الله -سبحانه وتعالى- وأن يضعوا خوفه نصب أعينهم، وأن يعلموا أن الدنيا زائلة، وأن الآخرة خير وأبقى. وأذكرهم بقول الله تعالى: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم، ألا ساء ما يزرون) [النحل: 25] ، وبقوله صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا" رواه الإمام أحمد (8795) ، ومسلم (2674) . والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إطالة الأظافر

إطالة الأظافر المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/04/1425هـ السؤال ما حكم تربية المرأة لأظافرها؟ الجواب أجاب فضيلة الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- على سؤال شبيه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب: س: ما حكم تطويل الأظافر، ووضع (مناكير) عليها؟ مع العلم أنني أتوضأ قبل وضعه ويجلس (24) ساعة، ثم أزيله. ج: تطويل الأظافر خلاف السنة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، ونتف الإبط، وقلم الأظافر" رواه البخاري (5889) ، ومسلم (257) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. ولا يجوز أن تترك أكثر من أربعين ليلة، لما ثبت عن أنس -رضي الله عنه- قال:" وقت لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة ألا نترك شيئاً من ذلك أكثر من أربعين ليلة" رواه مسلم (258) من حديث أنس -رضي الله عنه-، ولأن تطويلها فيه تشبه بالبهائم وبعض الكفرة. أما (المناكير) فتركها أولى، وتجب إزالتها عند الوضوء؛ لأنها تمنع وصول الماء إلى الظفر.

إزالة الشعر النابت على الخدين

إزالة الشعر النابت على الخدين المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/08/1425هـ السؤال ما حكم الإسلام فيما يسمى بتربية (السكسوكة) ، وهي اللحية تكون حول الفم، وطرف الوجه من الأسفل؟ وما الحكم في إزالة الشعر النابت على الخد للرجل خصوصًا إذا ما كان كثيرًا؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: لا يجوز الاكتفاء من اللحية بما ذكره السائل، بل الواجب إعفاء اللحية كلها، كما تدل عليه الأحاديث الصحيحة الصريحة، ومنها ما أخرجه البخاري (5892) ومسلم (259) ، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "خَالِفُوا المُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وأَحْفُوا الشَّوَارِبَ". وفي لفظ له (5893) : "أَنْهِكُوا الشَّوَارِبَ وأَعْفُوا اللِّحَى". وفي لفظ: "وأَوْفُوا اللِّحَى". أخرجه مسلم (259) . وفي لفظ آخر له (260) : "وأَرْخُوا اللِّحَى". قال النووي في شرح صحيح مسلم (3/151) تعليقًا على هذا الحديث، ما نصه: وأما "أوفوا" فهو بمعنى "أعفوا"، أي: اتركوها وافية كاملة لا تقصروها.. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "وأرخوا" فهو أيضًا بقطع الهمزة.. ومعناه: اتركوها ولا تتعرضوا لها بتغيير، ثم حكى الإمام النووي عن القاضي عياض أنه قال: (يكره حلقها، وقصها، وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن، وتكره الشهرة في تعظيمها، كما تكره في قصِّها وجزِّها ... ) ثم بين النووي- رحمه الله- القول المختار في هذه المسألة بقوله: (والمختار ترك اللحية على حالها، وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلاً) ا. هـ. وما اختاره- رحمه الله- هو الأصح من جهة الدليل، وبذلك يجب إعفاء اللحية كلها، واللحية في لسان العرب هي: اسم يجمع من الشعر ما نبت على الخدين والذقن، كذا جاء في اللسان (15/243) ، وفي القاموس المحيط (ص1330) . ولكن إذا كان شعر الخدين كثيرًا، بحيث نبت الشعر في أعلاهما، وهو ما يعرف في لسان العرب بشعر الوجنتين، فإنه لو قيل بجواز إزالة هذا القدر فقط؛ لخروجه عن مسمى الخد، لكان له وجه ظاهر. والله تعالى أعلم.

هل أصلي عن والدي المريض؟!

هل أصلي عن والدي المريض؟! المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والدي كان يصلي وهو بصحته وعافيته، وعندما مرض ظل يصلي إلى أن أقعده المرض، وهو الآن طريح الفراش، لا يسمع إلا قليلاً، ولا يرى، وباستمرار تأتي له غيبوبة، ومن قبل شهر رمضان الماضي وهو في هذه الحالة، لا صام رمضان ولا صلى إلى هذا اليوم الذي أبعث برسالتي هذه إلى فضيلتكم. هل ينفع أن أصلي بدلاً منه، وأصوم أنا وإخوتي عنه ما فاته من شهر رمضان؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد: فإن كان هذا المريض يعقل فيجب إخباره بأن الصلاة لا تسقط عنه بالمرض، وأن عليه أن يصليها حسب طاقته ولو إيماءً، وعلى من يتولى أمره أن ينبهه إلى دخول وقت الصلاة، وأن يرشده إلى ما يجب عليه من الطهارة، ويساعده عليها، فيتطهر بالماء إن استطاع أو إلا تيمم؛ لقوله سبحانه: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ، وقوله سبحانه: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة:286] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين - رضي الله عنه-: "صلِّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" رواه البخاري (1117) زاد النسائي "فإن لم تستطع فمستلقياً"، وأما إذا كان لا يعقل، أو كان يغيب وعيه مع اشتداد المرض عليه فلا يعقل شيئاً فإن الصلاة تسقط عنه، لأن العقل مناط التكليف. وأما أن يصلي عنه غيره فهذا لا يجوز؛ لأن الصلاة لا تدخلها النيابة، فلا يصلي أحد عن أحد. وأما الصيام فإن من عجز عن الصيام؛ لكبر سن أو لمرض لا يرجى برؤه، ويعجز عن الصيام معه، فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع مما يطعم أهله، لقوله سبحانه: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" [البقرة:184] قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: "نزلت رخصة في الكبير والمرأة الكبيرة، وهما لا يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكيناً" رواه البخاري (4505) ولفظه عند أبي داود (2318) ، وإن كان لا يعقل فليس عليه صيام ولا كفارة. وعلى السائل أن يدعو لوالده، وأن يحرص على بره، وأن يصبر على ما يلقاه؛ وفاءً لوالده، ورغبة فيما أعده الله -تعالى- للبار بوالديه من الثواب العاجل والآجل. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

تخطي الرقاب لسد فرجة في خطبة الجمعة

تخطي الرقاب لسد فرجة في خطبة الجمعة المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/6/1425هـ السؤال شخص ذهب إلى المسجد يوم الجمعة أثناء الخطبة، فوجد المسجد ممتلئاً، فتخطى الرقاب على أن يجد مكاناً يجلس فيه، لأنه بعد إقامة الصلاة سيجد مكاناً يصلي فيه، فهل يتخطى الرقاب، أو يذهب ليبحث له عن مسجد آخر وربما تفوته صلاة الجمعة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا علم وجود فرجة تركها من سبقه، فله أنه يتخطى إليها، أما إذا لم يعلم وجود فرجة فلا يجوز له التخطي، ولا يلزمه أن يذهب إلى مسجد آخر قد تفوته الجمعة، وإنما يصلي -ولو في الشارع- إذا اتصلت الصفوف. والله أعلم.

وضع الهلال على المآذن

وضع الهلال على المآذن المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أسألكم عن سبب وضع الهلال على المآذن، وسيارات الإسعاف. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ليس ثم سبب شرعي لهذا العمل، إذ لا دليل من الكتاب ولا من السنة ولا من فعل الخلفاء الراشدين ولا الصحابة عامة ولا التابعين لهم بإحسان على مشروعية وضع الهلال كشعار يتميز به المسلمون، ولعل السبب فيما يظهر هو الحاجة لشعار يتميز به المسلمون عن النصارى الذين اتخذوا الصليب شعاراً دينيًا ووطنيًا أحياناً، مما حمل بعض المسلمين على اتخاذ شعار الهلال باعتبار ارتباط بعض العبادات به؛ ولارتباط حساب الشهور به، فالحج لا بد فيه من معرفة دخول شهر ذي الحجة بالهلال وكذلك شهر رمضان. والله أعلم.

تريد الحج ولكنها لا تريد ترك أولادها

تريد الحج ولكنها لا تريد ترك أولادها المجيب د. فهد بن عبد الرحمن المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. والدتي تريد الحج، ولكنها لا تستطيع لسبب، وهو أنها لا تستطيع تركنا بمفردنا -أنا وإخوتي-رغم وجود والدي معنا، لكنها مصرة على عدم الحج لهذا السبب.. فهي حريصة جدا علينا، ولا يطاوعها قلبها تركنا فأريد أن أعرف هل هي آثمة بترك الحج، رغم توفر جميع الظروف أم لا؟ وهل يجب عليها الحج أم لا؟ مع العلم أنها لم تحج من قبل، وجزاكم الله خيرا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: يجب على أم هذه السائلة أن تحج إذا توفرت لها الشروط لقوله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" [آل عمران: من الآية97] . أما اعتذارها بأولادها الكبار - فغير مقبول لاسيما وأن والدهم موجود، والحج أيامه قليلة، فمثل هذه الأعذار لا تمنع من الاستطاعة، وإنما هي وساوس من الشيطان الرجيم. والله أعلم.

ما الذي تجب زكاته من الثمار

ما الذي تجب زكاته من الثمار المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 1/05/1425هـ السؤال أرجو بيان صحة الحديث التالي: عن أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل-رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرسلهما إلى اليمن، وأمرهما أن يعلما الناس دينهم، وقال:"لا تأخذوا الصدقات إلا من أربعة أشياء: الشعير والقمح والزبيب والتمر الجاف" روه الطبراني في الكبير، ومجمع الزوائد (3/75) . وهل يمكن الاستناد على هذا الحديث بأن الزكاة تكون على هذه الأصناف الأربعة من الحبوب والفاكهة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الجواب عن هذا الحديث من وجوه: الوجه الأول: أن هذا الحديث ضعيف، فقد ضعفه جمع من أهل العلم، وهذا من ناحية الإسناد. الوجه الثاني: من ناحية الدلالة ومن ناحية المتن فهذا الحديث لا يقتضي الحصر، فالزكاة لا تنحصر في هذه الأصناف الأربعة الخارجة من الأرض، نظراً لقيام الإجماع على أن الزكاة تجب في غير هذه الأصناف الأربعة، ولو ثبت هذا الحديث فيحمل على الغالب إذ الغالب في الذي تجب فيه الزكاة من الخارج من الأرض أنه يكون من هذه الأصناف الأربعة. والضابط في الخارج من الأرض إذا كان مكيلاً وكان مدخراً تجب فيه الزكاة، على سبيل المثال التمر هو من المكيلات، وهو من الأشياء التي تدخر فتجب فيه الزكاة بالاتفاق، والزبيب كذلك والبر والشعير إلى غير ذلك، فالحصر غير مراد من هذا الحديث، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة أن الزكاة تجب في غير هذه الأصناف الأربعة، وعلى هذا يجاب عن الحديث إما بالضعف كما ضعفه بعض أهل العلم، أو أن المراد الغالب في الذي تؤخذ منه الزكاة في الخارج من الأرض أن يكون من هذه الأصناف الأربعة، أو يحمل أيضاً على أن المكان الذي ذهب إليه أبو موسى ومعاذ -رضي الله عنهما- في اليمن لا توجد فيه إلا هذه الأصناف الأربعة.

الحكم على من مات من الكفار بالنار

الحكم على من مات من الكفار بالنار المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم ما رأيكم في من إذا ذكر له أن أحد النصارى قد مات كان تعليقه: (هو كافر في النار لا رده الله) . أو: (زادت النار شخصًا بموته؟) . الجواب الحمد لله. معلوم بالضرورة من دين الإسلام أن اليهود والنصارى كفار؛ لما ارتكبوه من أنواع الكفر قبل مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من تحريف كتب الله، والشرك بالله، واتخاذهم الأحبار والرهبان أربابًا من دون الله، والمسيح ابن مريم، وقول النصارى: (إن الله ثالث ثلاثة) . واتخاذهم المسيح وأمه إلهين من دون الله، وقولهم: (المسيح ابن الله) . وكقتل اليهود للأنبياء، وقولهم: (إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم) . ثم كفروا مع ذلك بتكذيبهم لمحمدصلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين. واليهود والنصارى المعاصرون سبيلهم سبيل أسلافهم بالكفر والشرك، وعداوة الأنبياء، ولو سلموا من كل أنواع الكفر لكفاهم كفرًا وبعدًا عن رحمة الله تكذيبهم لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن مات منهم على ذلك فهو في النار، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) [البينة:6] . وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِه، لا يَسْمَعُ بي أَحَدٌ مِن هَذِه الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ ولا نَصْرَانِيٌّ ثم يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارَ".صحيح مسلم (153) . فيجب على كل مسلم اعتقاد كفر اليهود والنصارى، وأن من مات منهم ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم- فهو في النار خالدًا مخلدًا فيها، ومن لم يقرّ بذلك من المسلمين، بل زعم أن اليهود والنصارى على دين صحيح، فإنه كافر مرتد بذلك عن دين الإسلام، ولو زعم أنه مسلم، ولكن لا يشهد على معين ممن مات منهم بأنه في النار لعدم العلم بحقيقة أمره وبما مات عليه، ولكن من علم منهم بكثرة الفساد والطغيان، وشدة الكفران، فإنه يجوز لعنه والدعاء عليه بالنار، والبعد عن رحمة الله، فما ذكر في السؤال يجوز في هذا النوع من الكفار ممن اشتهر بالشر واشتدت عداوته للإسلام والمسلمين. والله أعلم.

ترك سجود السهو عمدا فهل صلاته صحيحة؟

ترك سجود السهو عمداً فهل صلاته صحيحة؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/02/1427هـ السؤال رجل ترك سجود السهو عمداً فهل صلاته صحيحة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كان هذا السجود من المواضع التي يسجد فيها قبل السلام فلا تصح صلاته، أما إن كان هذا السجود من المواضع التي يسجد فيها بعد السلام فصلاته صحيحة، والفرق بين الصورتين أن ما كان قبل السلام فهو واجب في الصلاة، وما كان بعد السلام فهو واجب للصلاة، والصلاة تبطل بترك ما وجب فيها، كما لو ترك واجباً من الواجبات متعمداً، ولا تبطل الصلاة بترك ما وجب لها، كما لو ترك صلاة الجماعة متعمداً، فإن صلاته صحيحة مع الإثم، وعلى هذا ينظر في حال هذا السجود الذي ترك، فإن كان من المواضع التي يسجد فيها قبل السلام فصلاته غير صحيحة وعليه الإعادة، وإن كان من المواضع التي يسجد فيها بعد السلام فصلاته صحيحة مع الإثم. والله أعلم.

هل وقع من يوسف عليه السلام هم بامرأة العزيز؟!

هل وقع من يوسف عليه السلام هَمٌّ بامرأة العزيز؟! المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/04/1425هـ السؤال السلام عليكم. أرجو التكرم بحل هذا الإشكال لدي بخصوص الآية رقم (24) من سورة يوسف "ولقد همت به وهم بها" قرأت في التفسير أن يوسف- عليه السلام - غضب وأراد أن يضربها لكن الله أراه برهانه، وذلك بأنه إذا ضربها فإن الناس سوف يصدقونها ولا يصدقونه، لذلك حاول الهرب من الغرفة، كنت دائماً أظن أن معنى "هم بها" تعني أنه شعر بنفس شعورها نحوه، فما هو التفسير الصحيح لهذه الآية؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. التفسير الصحيح لقوله تعالى: "ولقد همت به وهم بها" [يوسف: 24] أن هم المرأة كان فعل الفاحشة، وأما يوسف - عليه السلام- فقد ذهب أبو حيان في البحر المحيط، والشنقيطي في أضواء البيان وغيرهما إلى أنه عليه السلام لم يقع منه هم أصلاً، بدليل قوله تعالى: "لولا أن رأى برهان ربه" [يوسف:24] ، فلما رأى برهان ربه لم يهم بها، وهو سائغ في اللغة أن يتقدم جواب لولا عليها كما في الآية.

القلق يمنعني من أداء الحج

القلق يمنعني من أداء الحج المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/05/1425هـ السؤال هل يعتبر القلق والتوتر النفسي من الأعذار التي تمنعني من أداء فريضة الحج، وأنا أعصابي ضعيفة، فهل علي إثم وأنا أتمنى أن أقوم بالحج؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب تقدير المرض النفسي وتأثيره في ترك الحج يعود إلى الطبيب المعالج، فإذا بلغ المرض مبلغاً لا يتحمل المريض الزحام واختلاط الناس، فإن هذا عذر يبيح له ترك الحج، وعليه أن ينيب من يحج عنه، وإن كان نوعاً محتملاًُ ومتغيراً يخف عنه أحياناً فعليه أن يجتهد ويحج. فالمعول عليه هو رأي الطبيب فيستشيره، فإن رأى أنه قادر على الحج متحمل لما فيه ازدحام واختلاط فعليه أن يحج، وإذا رأى أن حالته لا تمنعه من أداء الحج، فإن الحج لا يسقط عنه، والله أعلم.

جعل المراحيض في الطابق العلوي من المسجد

جعل المراحيض في الطابق العلوي من المسجد المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن لجنة مسجد في بلدة طمرة الجليل، مسلمة- والحمد لله رب العالمين- نتوجه إليكم بالسؤال التالي: نقوم بتوسيع المسجد، وبحكم التوسيع والبناء كان أفضل خيار لموضع الموضأ والمراحيض التابعة للنساء أن يكون في الطابق العلوي أي محاذيًا لسدة النساء، وذلك فوق قسم من قاعة صلاة الرجال، ولقد سمعنا بعض الانتقادات من بعض الملمين بعلوم الشريعة، ولهذا نتوجه إليكم بهذا السؤال، مع أننا أخذنا إذنًا بذلك من أحد علماء مدينة غزة واسمه الشيخ عبد الحليم، ولكن لنطمئن أكثر نشير بالذكر أننا نسكن في مدينة طمرة داخل الخط الأخضر بفلسطين. الرجاء أفيدونا وجزاكم الله عنا وعن الأمة كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أماكن العبادة ينبغي أن تنزه عن النجاسات وما يكون عرضة للتنجيس من قريب أو بعيد، والنهي ورد عن الصلاة في الحش أو الحمام، أو معاطن الإبل، ولكن هل أسطحتها تكون مثلها أو تخومها وما تحتها يأخذ حكمها؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، فبعض أهل العلم قصر التحريم على هذه الأماكن دون تخومها- وهو ما تحتها- ودون أسطحتها، وبعضهم عدَّى الحكم إلى ما كان تحتها وما فوقها، وقال: إن القرار يتبعه الهواء، وكذلك تخومه- وهو ما تحته- يأخذ حكمه. وبعضهم قال: إن المنع إنما هو للنجاسة، والنجاسة إذا لم تكن موجودة فلا حرج حينئذ. والذي أنصح به السائلين هو أن وجود دورات المياه والمراحيض فوق جزء من المسجد لو احتاطوا لذلك بالمواد العازلة، فإنه بعد سنوات سيوجد شيء من التسرب إلى هذا السقف الذي يصلي الناس تحته، وهذا يؤدي إلى تنجيسهم وتنجيس مصلاهم، فأنصح الإخوة أن يختاروا لهذه المواضئ والمراحيض أماكن خارج المسجد، وإذا لم يكن هناك وسيلة فكونها في الدور الأرضي ولا يتسرب منها شيء إلى ما تحتها قد يكون أخف مما لو كانت في مكان يصلي الناس تحته. وبالله التوفيق.

دفن المسلم في مقابر الكفار

دفن المسلم في مقابر الكفار المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/5/1425هـ السؤال الرجاء إرسال الرد على مركزكم؛ لأن بريدي لا يكتب العربية. السؤال: الرجاء توضيح الرأي الشرعي لمسلم توفي في أوروبا متزوج من نصرانية (عنصرية) ، تود دفنه في الكنيسة متحدية أهله وحفيدته المقيمة في نفس البلد، القانون مع زوجته، حفيدته المسلمة تحارب لدفن جدها في المقابر الإسلامية، وقد عملت على توقيف إجراءات الدفن مؤقتا، علماء الدين في هذه البلد وافقوا على أنه للضرورة لا مانع من إجراءات المراسم الكنسية، ومن ثم دفنه في المقابر الإسلامية، زوجته حولت الموضوع إلى قضية عامة وبدأت تحارب عن طريق وسائل الإعلام والعمل على تشويه صورة الإسلام، ما هي الفتوى الشرعية ورأي الإسلام؟ علماً بأن المتوفى كان مسلماً بالوراثة فقط، وما هو السبيل للمسلمين على معالجة هذه القضية؟. الجواب لا يجوز للزوجة الكتابية (النصرانية) دفن زوجها في مقابر غير المسلمين، ففي الشرع الإسلامي إذا توفي الرجل فأولى الناس بدفنه أهله وأقاربه. فإن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لما انتهى المسلمون من دفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان علي فيمن نزل في قبره، قال علي - رضي الله عنه- بعد ذلك: "إنما يلي الرجل أهله". أما الكافر فليس من أهل المسلم ولو كان أقرب قريب لقوله تعالى لنوح مع ابنه: "إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ" [هود: من الآية46] ، وأهل الرجل في اللغة يشمل الرجال والنساء، ونص ابن قدامة في المغني: على أن أولى الناس بالصلاة على الميت الوصي إن كان الميت أوصى أن يصلي عليه ويدفنه فلان من الناس، إلا إن كان فاسقاً أو كافراً فلا تنفذ وصيته؛ لأن القصد من الصلاة عليه الدعاء له، ومن كان كافراً أو فاسقاً لا يقبل دعاؤه، ثم بعد الوصي (الأمير) ثم أهله الأقرب فالأقرب، وأكثر أهل العلم يقدمون الأمير - في الصلاة على الميت ودفنه- على الأقارب، فقد ثبت في سنن النسائي (1978) أنه لما ماتت أم كلثوم بنت علي صلى عليها سعيد بن العاص - رضي الله عنهم- وكان أمير المدينة وخلفه يومئذ ثمانون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وروي عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة وابن مسعود - رضي الله عنهم- أنهم قالوا: الإمام أحق بالصلاة على الجنازة، وبما أنكم في بلاد الدنمارك تعيشون أقلية بين النصارى وغيرهم، فإن رئيس المركز الإسلامي أو إمام المسجد يقوم مقام إمام المسلمين فيما يخصكم من أمور شرعية من صلاة وصيام ونحوهما، ومن المعلوم أن الدنمارك كغيرها من دول أوروبا تحترم حرية الأديان، فإن الحق لأهل الميت المسلم كحفيدته، وإن كان الأمر في الدولة على خلاف هذا فلا بأس باعتبار ما سميتموه رأي علماء الدين، فتجرى المراسم على الطريقة الكنسية ثم يقبر في مقابر المسلمين بعد ذلك ولا ينبغي أن تجرى المراسم الكنسية تلك إلا بعد أن تستنفذوا كل الوسائل القانونية الممكنة للعدول عنها فإن لم تنفع فيكون الأمر حينئذ من باب الضرورة الشرعية وارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما.

أما كون الميت مسلماً بالوراثة فيكفي هذا لتجري عليه أحكام المسلمين في الحياة وبعد الموت ما دام أنه في الدنيا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويؤدي أركان الإسلام ولو ترك بعضها تهاوناً وكسلاً لا جحوداً، وقد جاء في الأثر "اذكروا محاسن موتاكم". أما كون الزوجة النصرانية حولت قضية دفن زوجها إلى قضية عامة وقامت تحارب الإسلام في وسائل الإعلام فاعلموا أنها ليست أول من ناصب دين الإسلام العداء، ولن تكون آخر من يحاربه، فالله يقول في كتابه عن مثل هذا النوع من البشر: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير" [البقرة:120] ، واعلموا أن الله متكفل بحماية هذا الدين رغم حقد الحاقدين وحسد الحاسدين، بقوله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر:9] وقوله سبحانه: "وإن جندنا لهم الغالبون" [ص:173] . وفقنا الله وإياكم للحق وثبتنا، وأماتنا عليه غير محرفين ولا مبدلين ولا مغيرين ولا خزايا ولا مفتونين آمين.

هل كان للرسول صلى الله عليه وسلم ظل؟

هل كان للرسول صلى الله عليه وسلم ظل؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. إن الله بعث إلينا رسوله الكريم محمدًا صلى الله عليه وسلم وأيده بمعجزات كثيرة، فهل حقًّا كان من هذه المعجزات أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن له ظل، يعني أنه عندما كان يقف في الشمس لم ير له ظل، وهل نستطيع أن نعرف كل معجزاته صلى الله عليه وسلم؟ أثابكم الله وأبقاكم الله في خدمة الإسلام والمسلمين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. دلت الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خَلْقًا وأكملهم صورة، وأتمهم جمالًا، وأجمعهم للمحاسن الدالة على كماله، وأيده الله سبحانه وتعالى بالآيات العظيمة والمعجزات الباهرة، وأما ما ورد من صفته أنه ليس له ظل فلم أقف له على إسناد يعتمد عليه، ولم يذكرها الأئمة الذين يعتنون بذكر صحيح الأخبار في مصنفاتهم المشهورة، وإنما ذكرها الحكيم الترمذي وابن سبع وغيرهما ممن لا يعتنون بتمحيص الأحاديث، ويوردون الأحاديث الواهية والموضوعة؛ قال السيوطي في الخصائص الكبرى (1/116) : أخرج الحكيم الترمذي، عن ذكوان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يُرى له ظل في شمس ولا قمر. قال ابن سبع: من خصائصه أن ظله كان لا يقع على الأرض، وأنه كان نورًا، فكان إذا مشى في الشمس أو القمر لا ينظر له ظل. قال بعضهم: ويشهد له قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه: "وَاجْعَلْنِي نُورًا". أخرجه مسلم (763) .

وقد اعتنى الأئمة- رحمهم الله- بجمع معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أو دلائل نبوته، وحاولوا الاستقصاء، ومن أوسع المصنفات في هذا الفن كتاب (دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة) لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 هـ) ، حيث توسع في ذكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله، ثم في أثناء الكتاب تحدث عن دلائل النبوة، فخصص لها قدرًا من الكتاب، قال- رحمه الله: (جماع أبواب دلائل النبوة ما ظهر منها على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من وقت الولادة إلى أن بعث بالرسالة، ثم من وقت الرسالة إلى وقت الهجرة، ثم من وقت الهجرة إلى آخر مغازيه المعروفة وأسفاره المشهورة) . ثم جعل يسرد دلائل النبوة بتوسع، وخصص الحافظ ابن كثير في كتابه البداية والنهاية فصلًا لدلائل النبوة، توسع في إيراد الأحاديث الدالة على دلائل النبوة، وهو من أنفع ما كتب في هذا الموضوع؛ لعنايته بانتقاء الأحاديث وعزوها إلى مصادرها، وقسم دلائل النبوة إلى قسمين: دلائل معنوية، ودلائل حسية. فذكر من الدلائل المعنوية إنزال القرآن العظيم، حيث قال: (وهو أعظم المعجزات وأبهر الآيات، وأبين الحجج الواضحات. . . فالقرآن العظيم معجز من وجوه كثيرة من فصاحته وبلاغته وتراكيبه وأساليبه، وما تضمنه من الإخبار بالغيوب الماضية والمستقبلة، وما اشتمل عليه من الأحكام المحكمة الجلية. . .) . ثم ذكر الدلائل الحسية، ومنها انشقاق القمر، وتكثير الطعام، وحنين الجذع، وتسبيح الحصى، وانقياد الشجر للرسول صلى الله عليه وسلم، ونبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر ما يتعلق بالحيوان من دلائل النبوة، مثل: قصة الذئب وشهادته له بالرسالة، ثم ذكر إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيوب الماضية والمستقبلية والتي وقعت كما أخبر بها، وغير ذلك مما يدخل تحت دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام. هذا والله أعلم.

اتخاذ القبر مسجدا

اتخاذ القبر مسجداً المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/05/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ما معنى: اتخاذ القبر مسجدا؟ هل هو أن يصلي الناس إليه أو أن يعبدوا القبر أو هو مطلق الصلاة في المكان الذي فيه قبر؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. - معنى اتخاذ القبر مسجداً: الصلاة عنده، وإن لم يبن عليه مسجداً، فكل موضع قصد للصلاة فهو مسجد؛ لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" رواه البخاري (335) . - فإن بنى على القبر مسجداً، فالأمر أعظم؛ لأنه يفضي إلى الشرك بعبادة غير الله، وتعظيم المقبور تعظيماً شركياً، ولهذا حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته من هذا الصنيع في سكرات الموت، كما روت عائشة - رضي الله عنها-، قالت: لما نُزل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم كشفها، فقال وهو كذلك: "لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً، متفق عليه عند البخاري (1330) ، ومسلم (529) .. - أما الصلاة إليه، وعبادته، فهو الشرك بعينه، بخلاف اتخاذه مسجداً، فهو ذريعة إلى الشرك، لقصده الصلاة عنده. - وكثير من الجهال يظن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دفن في مسجده، فصاروا يحاكون ذلك، ويدفنون معظميهم في مساجدهم، وإنما دفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قُبض في بيته، في حجرة عائشة المحاطة بجدران تفصلها عن المسجد، لكن لما جرى ما جرى عبر القرون من توسعة مسجده صلى الله عليه وسلم، بدأ وكأن الحجرة النبوية كالمقامات والمزارات المعروفة، فالتبس الأمر على الجهال. والله أعلم.

زكاة المدخر المقتطع من الراتب

زكاة المدخر المقتطع من الراتب المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. أود السؤال عن الزكاة، يوجد لدينا عن طريق العمل ادخار، حيث يتم شهرياً اقتطاع 15% من الراتب، والبرنامج مدته 10 سنوات، حيث تجمع للموظف ويحق له السحب منها عند الحاجة مرتين خلال هذه المدة، وبعد الانتهاء تقدم الشركة مكافأة للموظف 10% عن كل سنة، حيث في النهاية يحصل على 100% من ما تم ادخاره، فما الحكم في هذا؟ وهل فيه زكاة عن كل سنة أو عند نهاية المشروع، مع العلم بأنني مقترض من البنك بالمرابحة، ولدي قرض بمبلغ 80 ألف ريال. بالإضافة إلى قرض من أحد الأقارب بمبلغ 50 ألف ريال. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالمال الذي تقتطعه الشركة من مرتبك لا زكاة فيه؛ لأن من شروط الزكاة تمام الملك، وملكك لهذا المال ناقص، ولكن إذا قبضته فتستأنف به حولاً، فما حال عليه الحول مما تقبضه فتزكيه. والله أعلم.

الكفر البواح المجيز للخروج على السلطان

الكفر البواح المجيز للخروج على السلطان المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قد علمنا من أحاديث رسول لله صلى لله عليه وسلم المتواترة أنه نهى عن الفتنة وشق عصا الطاعة، والخروج على ولاة الأمور، لكنه أوقف ذلك حين ظهور كفر بواح؟ سؤالي هو: ما هذا الكفر البواح؟ بارك لله فيكم ونفعنا الله وإياكم بما علمكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فالكفر البواح هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث عبادة بن الصامت، رضي الله تعالى عنه، المتفق على صحته، وفيه: دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ، فَكانَ، فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا، أَنْ بَايَعَنَا عَلَى "السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ". صحيح البخاري (7056) وصحيح مسلم (1709) . قال الخطابي: معنى "بواحًا" يريد ظاهرًا باديًا، من قولهم: باح بالشيء يبوح به بواحًا. إذا أذاعه وأظهره، وجاء في بعض الروايات: "بَرَاحًا". بالراء، وعند الطبراني- كما في الفتح 13/8: "كفرًا صُرَاحًا". وعند البزار (2698) : "إِلَّا أنْ يَأْمُرُوكَ بِالْكُفْرِ صُرَاحًا". وكلها بمعنى واحد، ويدل على معنى البواح آخر الحديث. " عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ ". أي نص آية، أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل، ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل، وقد جاءت أحاديث أخر تشير إلى بعض صور هذا الكفر البواح، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "..... لَا، مَا صَلَّوْا". أخرجه مسلم (1854) . و: ".... مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ". أخرجه مسلم (1855) . و: " ... وَلَوْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا". أخرجه مسلم (1838) . ولكن مع وجود الكفر الصراح الواضح البيِّن الذي عندنا فيه من الله دليل صريح، فإنه لا يجوز الخروج على السلطان إلا إذا كان هناك قدرة واستطاعة، وإلا فيجب الصبر حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، وقَلَّ مَن خرج عن إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد فيه الخير، فلا يُهدم أصل المصلحة شغفًا بمزاياها كمن يبني قصرًا ويهدم مصرًا. والله تعالى أعلم.

كيف يزكي أرضه التجارية؟

كيف يزكي أرضه التجارية؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد قمت بشراء أرض بغرض التجارة مع مجموعة من الشركاء الآخرين، وأنا أمتلك هذه الأرض منذ ثلاث سنين ولم أزكِّ عنها لاعتقادي بعدم وجوب الزكاة عليها، وكذلك شركائي، وسؤالي هو: هل تجب الزكاة على هذه الأرض؟ وإذا كان كذلك فهل تخرج سنويًّا؟ وعلى ماذا تكون الزكاة: على القيمة الحالية للأرض أم على السعر الأصلي؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نعم تجب الزكاة على هذه الأرض ما دامت اشتُريت للتجارة، وبلغ نصيب كل واحد منكم نصابًا أو بضمه مع ما يملكه من النقدين أو عروض التجار يكون نصابًا. وتخرج الزكاة سنويًّا، وتكون على ما تساويه الأرض حالاً بصرف النظر عن قيمة الشراء أو قيمة البيع، وإنما حسب قيمتها وقت وجوب الزكاة، فمثلاً اشتريتها بمائة، عند تمام الحول صارت تساوي ألفين، فتزكي ألفين، وعند تمام الحول الثاني من السنة الثانية صارت تساوي ألفًا وخمسمائة، فتزكي ألفًا وخمسمائة، وعند تمام الحول في السنة الثالثة مثلاً صارت تساوي ثلاثة آلاف فتزكي ثلاثة آلاف، وهكذا. والله أعلم.

إزالة شعر العورة بالليزر

إزالة شعر العورة بالليزر المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/10/1425هـ السؤال امرأة تعاني من مشكلة في إزالة شعر العانة وما حوله بالطرق المعتادة عند النساء (الحلق، النتف) ، حيث تسبب لها آلامًا شديدة لا تستطيع احتمالها، وقد ظهرت الآن أجهزة طبية تزيل الشعر بالليزر على يد طبيبة (امرأة) بيسر وسهولة وهي مأمونة طبيًّا، وبعدة جلسات يصبح نمو الشعر ضعيفًا بل لا يكاد يكون له وجود، وهذا ليس له ضرر أبدًا على الجلد، كما يقول الأطباء المسلمون. فهل يجوز أن تكشف هذه المرأة جزءًا من عورتها لدى طبيبة مسلمة لتنقذها من هذه المشكلة مع الشعر؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا كانت المرأة تعاني آلامًا شديدة من إزالة شعر العانة بالطرق المعتادة، ولم يوجد هناك وسائل أخرى تستطيع بها المرأة إزالة الشعر من مكانه، فيظهر لي، والله أعلم- جواز إزالة الشعر بالليزر بشرط ألا يترتب على إزالته في هذه الحالة ضرر، وبشرط أن تتولاه طبيبة، وألا يتعدى الكشف موضع الحاجة، وأن تكون هذه الجلسات بقدر الحاجة، فالحاجة تقدر بقدرها؛ وذلك دفعًا للضرر الواقع على هذه المرأة، والضرر يزال لعموم حديث: "لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ". أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) . والحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامةً كانت أو خاصةً. والله أعلم.

هل لقن النبي -صلى الله عليه وسلم- عند موته؟

هل لقن النبي -صلى الله عليه وسلم- عند موته؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. إذا كان تلقين المحتضر من الأمور المندوبة، فلماذا لم يرد أن عائشة، رضي الله عنها، لقنت الرسول صلى الله عليه وسلم عند احتضاره، ولم يرد أن الرسول صلى الله عليه وسلم تلفظ بالشهادة عند موته؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: أخي: إن من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم محبته وتعظيمه وتوقيره وتعظيم أمره وسنته. إن الذي أمر بتلقين الميت هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال: "مَن كَانَ آخِرَ كَلَامِه مِن الدُّنيا لَا إلهَ إلَّا اللهُ دخَل الجنَّةَ". أخرجه أبو داود (3116) . وقال أيضًا: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ". أخرجه مسلم (26) . وحق على كل مؤمن برسالة هذا الرسول الكريم أن يتلقى هذا الأمر بالتعظيم والتسليم ولا يقابله بمثل هذا الإيراد الذي أوردته. نحن مع الرسول صلى الله عليه وسلم في مقام أن نتعلم منه ما هو مشروع لنا لا أن نعلمه ما هو مشروع له. أما لماذا لم تلقنه عائشة لا إله إلا الله؟ فعليك أن تعلم أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء ليعلم البشرية كلها لا إله إلا الله، وقضى 23 سنة وهو يدعو إليها ويبلغها، فهل يمكن تصور أن يلقنه أحد لا إله إلا الله وهو إنما تعلمها منه، إن كل من قال لا إله إلا الله من أمته فإن له صلى الله عليه وسلم مثل أجره؛ لأنه هو الذي دل الأمة عليها- صلوات الله وسلامه عليه- أما لماذا لم يقلها صلى الله عليه وسلم فلأن الأنبياء عند الموت يخيرون وقد فهِمت هذا أمنا عائشة، رضي الله عنها، حيث كان آخر كلامه: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى". أخرجه البخاري (4463) ومسلم (2444) . واختيار النبي صلى الله عليه وسلم لقاء ربه عند تخييره بقوله: "بَلِ الرَّفِيقَ الأَعْلَى". متضمن معنى لا إله إلا الله، بل وأقوى دلالة منها بالنسبة لحال النبي صلى الله عليه وسلم تلك، وهي حال لا يشاركه فيها غيره من أمته، فأمته صلى الله عليه وسلم على ما شرعه لهم من جعل آخر الكلام في الدنيا لا إله إلا الله، وهو أفضل في حقهم، وقوله صلى الله عليه وسلم هو الأفضل في حقه، وختامًا فإن علينا أن ندخل على سنة نبينا صلى الله عليه وسلم وهديه بقلب المعظِّم له، الموقر لمقام النبوة، المسلِّم بما قضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

القول بأن رضا الله عن الصحابة منسوخ

القول بأن رضا الله عن الصحابة منسوخ المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/08/1425هـ السؤال ما ردكم حول ما يقول الشيعة من أن رضا الله الذي وقع على الصحابة الكرام-رضي الله عنهم- إنما وقع في لحظة البيعة فقط، مستدلين بوجود النسخ؟ أرجو أن تكون الإجابة بما أمكن من تفصيل. وشكراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخبار الله -تعالى- لا يدخلها النسخ بالاتفاق؛ فقد أخبر تعالى بهلاك فرعون وأبي لهب، فلا يقول قائل إن ذلك قابل للنسخ، وهكذا إخباره تعالى عن صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم- برضاه عنهم في عدة مواضع لا يقبل النسخ؛ لأن القول بنسخ الأخبار تجويز للكذب على الله، وهذا كفر وردة "ومن أصدق من الله قيلا"، ثم إن الطعن في الصحابة -رضي الله عنهم- طعن في مقام النبي - صلى الله عليه وسلم- إذ إن ذلك يعني أنه لم يحسن تربيتهم وتزكيتهم، فهو دليل على فشله، ولا يقول ذلك مسلم، وعليه فما أخبر الله -تعالى- عنه يشهد له واقع الصحابة -رضي الله عنهم- وسيرتهم العطرة، فهم المهاجرون والأنصار، وأصحاب بدر والبيعة والمواقف المشهودة، وبسببهم بعد الله وصل الدين إلينا وإلى العالم. والله أعلم.

هل يكفر ساب الصحابة رضي الله عنهم؟

هل يكفر ساب الصحابة رضي الله عنهم؟ المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/11/1425هـ السؤال سب الصحابة، رضي الله عنهم، هل هو كفر؟ ويقول البعض إنه في عهد الأمويين كان يسب علي، رضي الله عنه، وقد أوقف عمر بن عبد العزيز ذلك، فما حكم سب الصحابة، رضي الله عنهم؟ وهل فعلًا كان يسب علي، رضي الله عنه، في تلك الفترة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: سب الصحابة، رضي الله عنهم، على اعتقاد أنهم قد ارتدوا جميعهم إلا أربعة أشخاص كما يقوله: (الرافضة) - كفرٌ؛ لأنه يؤدي إلى تكذيب القرآن الذي أثنى عليهم وزكّاهم، كما قال تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ... ) [الفتح: من الآية29] . فمن سبهم فقد أغاظوه ومن غيظ منهم فهو كافر. وأما السبُّ لأحدهم على أمر دنيوي أو سبُّ بعضهم لبعض فليس كفرًا ولكنه معصية- يراجع كتاب الشفاء للقاضي عياض فقد فصل ذلك- وأما سب علي، رضي الله عنه، من بني أمية فأخبار تاريخ لا نستطيع تمييز صحيحها من كذبها، فلا يُعوَّل على ذلك. وأما حديث مسلم (2404) والذي سأل فيه معاوية، رضي الله عنه، سعد بن أبي وقاص بقوله: (ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟) . فقال العلماء: سبه أي بيان خطئه في حربه له، أو أنه بلغه أنه كان في مجلس تناول أهله عليًّا، رضي الله عنه، بالسب أو بذكر الخلاف بينه وبين بني أمية وتخطئته فيها وسبه بسببها ونحو ذلك، فلم يشاركهم سعد، رضي الله عنه، فيما خاضوا فيه، فسأله عن امتناعه، هل لاقتناعه بأنه كان مصيبًا أم لشيء آخر؟ وإن وقع منهم سب لعلي، رضي الله عنه، فلا شك أن ذلك معصية وكبيرة من الكبائر سواء كان ذلك السب أو نحوه بنفس السبب لأبي بكر أو لعمر أو لعثمان، رضي الله عنهم، ولكن لا يسب الصحابة أو بعضهم إلا من في قلبه مرض، وأما ما كان يجري بين الصحابة، رضي الله عنهم، فهو مما يجري بين البشر المتعاصرين مما لا يكاد يخلو منه مجتمع من الخلافات، والله يغفر لهم؛ (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 10] . والله الهادي.

الاستدلال بالأبراج على معرفة صفات المولود

الاستدلال بالأبراج على معرفة صفات المولود المجيب عبد العزيز بن عبد الله الراجحي عضوهيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/11/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ، حفظك الله. ما رأيك في مسألة الاستدلال بالأبراج لمعرفة الصفات الأساسية للإنسان من خلال معرفة البرج المولود فيه بناء على النظرية الصينية أو الغربية التي تقول إن ذلك يتم بسبب الإشعاعات الكهرومغناطيسية التي تؤثر على الجنين في بطن أمه، كما يذكر المنظِّرون لهذا العلم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذا الاستدلال داخل في دعوى علم الغيب، وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فمن ادعى أنه يعلم الغيب فقد كذب الله؛ لقوله سبحانه وتعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) [النمل: من الآية65] . ولقوله: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا* إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) [الجن: 27، 26] . فالاستدلال بالأبراج لمعرفة شيء خفي لا يمكن أن يدركه الإنسان هو من دعوى علم الغيب، ودعوى علم الغيب كفر وردة- والعياذ بالله- فلا يجوز للإنسان أن يستدل بالأبراج على أمور غيبية على معرفة صفات الإنسان الأساسية، أو معرفة سعادته، أو ما يؤول أمره، أو ما يحصل عليه في المستقبل، أو ما يحصل على أولاده وأهله، كل هذا من دعوى علم الغيب وهو محرم، وهذا يعتبر اقتباس شعبة من شعب النجوم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ". أخرجه أبو داود (3905) ، وابن ماجة (3726) . وقال ابن عباس، رضي الله عنهما، في قوم يكتبون أبا جاد، وينظرون في النجوم - يعني يستدلون به على دعوى علم الغيب والخفي- قال: (ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق) . والله أعلم.

هل تؤثر الولادة أثناء الحج على صحته؟

هل تؤثر الولادة أثناء الحج على صحته؟ المجيب د. هاني بن أحمد عبد الشكور عضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/12/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. امرأة ذهبت لأداء فريضة الحج، وأثناء أدائها مناسك الحج أنجبت طفلاً. السؤال: هل تؤثر ولادتها على صحة الحج على اعتبار أنها أصبحت غير طاهرة؟ وكذلك هل يعتبر المولود الجديد حاجاً؛ لأنه ولد في مكة المكرمة؟ أجيبونا عن هذا جزاكم الله خير الجزاء، وأسكنكم فسيح جناته، آمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا تؤثر ولادة المرأة على أدائها لمناسك الحج إلا في أداء الطواف الذي يشترط له الطهارة، فإذا أدت السائلة جميع المناسك والطواف منها فحجها صحيح ولا شيء عليها، بشرط أن يكون أداؤها للطواف على طهارة كما سبق. أما بالنسبة للمولود فإن نوت عنه الحج ومكّنته من أداء المناسك فلها الأجر على ذلك، لكنه لا يكفي عن أداء فريضة الحج الواجبة؛ لأنه لا يجب عليه إلا بعد بلوغه، وتوفر باقي الشروط التي ذكرها أهل العلم في هذا الباب. والله أعلم.

وقوع الطلاق دون توثيقه في المحكمة!

وقوع الطلاق دون توثيقه في المحكمة! المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/04/1427هـ السؤال ما هي إجراءات الطلاق؟ وهل تلك الإجراءات لازمة عندما يريد الزوجان أن يتفرّقا، أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: الطلاق الشرعي ليست له إجراءات لازمة، وإن كانت هذه الإجراءات فيها تنظيم، ولكن الشارع الحكيم علق الطلاق بأمور إذا وقعت وقع الطلاق، وهي أن يطلق الرجل زوجته وهي طاهر في طهر لم يجامعها فيه، ولا تكون في حال حيض، ولا تكون في حال نفاس. وأن يكون الرجل مختارا وليس مكرهاً على هذا الفعل، فإذا وقع بهذه الصورة، فإن طلاقه واقع حتى وإن لم يسجله لدى الجهات الرسمية، وقد قال الله عز وجل: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" [الطلاق:1] . قد جاء في تفسير العدة هنا أنها كون المرأة طاهراً بلا جماع، فإذا طلقها فإن الطلاق واقع.

درجة ما سكت عنه أبو داود في سننه من الحديث

درجةُ ما سكت عنه أبو داود في سننه من الحديث المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/01/1427هـ السؤال أرجو بيان صحة القول التالي: "بناءً على الشرط الذي وضعه أبو داود حين ألّف كتابه، فإنه عندما يسكت عن حديث يكون الحديث حسناً صحيحاً". الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فقد ذكر أبو داود في رسالته إلى أهل مكة ما نصه: "ما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض" [رسالة أبي داود إلى أهل مكة في وصف سننه ص (27) ] . وقد أخذ بعض العلماء من هذه العبارة أن ما سكت عنه أبو داود في سننه فهو حسن عنده، لاسيما وقد ذكر ابن كثير أن عبارة أبي داود: "وما سكت عنه فهو حسن"، لكن المشهور في النسخ المعتمدة لفظ: "صالح" لا "حسن"، والراجح: أن ما سكت عنه أبو داود في سننه لا يوصف بالحسن، بل لابد من النظر في الأحاديث التي سكت عنها والحكم عليها بما يليق بها. ومما يؤكد ما سبق أن أبا داود قال في ضمن كلامه: "وما كان فيه وهنٌ شديد بينته"، فيفهم أن الذي يكون فيه وهن غير شديد لا يبينه، وقد حرر الحافظ ابن حجر هذه المسألة في كتابه النكت على ابن الصلاح، قال رحمه الله: "ما سكت عليه أبو داود لا يكون من قبيل الحسن الاصطلاحي بل على أقسام: منه ما هو في الصحيحين أو على شرط الصحة، ومنه ما هو من قبيل الحسن لذاته، ومنه ما هو من قبيل الحسن إذا اعتضد، وهذان القسمان كثير في كتابه جداً، ومنه ما هو ضعيف، لكنه من رواية من لم يجتمع على تركه غالباً. "وقال أيضاً: "ومن هنا يظهر ضعف طريقة من يحتج بكل ما سكت عليه أبو داود فإنه يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عنها مثل: ابن لهيعة، وصالح مولى التوأمة، وعبد الله بن محمد بن عَقِيل، وموسى بن وَرْدان، وسلمة بن الفضل، ودَلْهَم بن صالح وغيرهم، فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على أحاديثهم ويتابعه في الاحتجاج بهم، بل طريقه أن ينظر: هل لذلك الحديث متابع فيعتضد به، أو هو غريب فيتوقف فيه، لاسيما إن كان مخالفاً لرواية من هو أوثق منه، فإنه ينحط إلى قبيل المنكر، وقد يخرّج لمن هو أضعف من هؤلاء بكثير، كالحارث بن وجيه، وصدقة الدقيقي، وعثمان بن واقد العمري، ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني، وأبي جَناب الكلبي، وسليمان بن أرقم، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وأمثالهم من المتروكين. وكذلك ما فيه من الأسانيد المنقطعة وأحاديث المدلسين بالعنعنة والأسانيد التي فيها من أبهمت أسماؤهم، فلا يتجه الحكم لأحاديث هؤلاء بالحسن من أجل سكوت أبي داود، لأن سكوته تارة يكون اكتفاءً بما تقدم له من الكلام في ذلك الراوي في نفس كتابه، وتارة لذهول منه، وتارة يكون لشدة وضوح ضعف ذلك الراوي، واتفاق الأئمة على طرح روايته، كأبي الحويرث ويحيى بن العلاء وغيرهما، وتارة يكون من اختلاف الرواة عنه وهو الأكثر، فإن في رواية أبي الحسن بن العبد عنه من الكلام على جماعة من الرواة والأسانيد ما ليس في رواية اللؤلؤي، وإن كانت روايته أشهر"وقال:" فالصواب عدم الاعتماد على مجرد سكوته [ينظر: النكت على كتاب ابن الصلاح (1/ 435 - 445) . والله أعلم.

الصلاة على المدين المماطل

الصلاة على المدين المماطل المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/10/1425هـ السؤال ما الحكم في الذين يستدينون من المحل ثم لا يدفعون ما عليهم من التزام؟ هل تجوز الصلاة على أحد منهم إذا مات؟ وهل يدفن في مقابر المسلمين؟ وهل يدخل الجنة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: الذين يستدينون ثم لا يدفعون ما عليهم من التزام إن كانوا أغنياء فهذا ظلم؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مطل الغني ظلم يُحِلُّ عرضه وعقوبته"، وإذا مات من كان كذلك فإنه يُصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، لكن الإمام الأعظم لا يصلي عليه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- امتنع من الصلاة على مسلم مدين وقال: "صلوا على صاحبكم" حتى التزم أبو قتادة -رضي الله عنه- بدينه، فصلى عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما دخوله الجنة فالذي ورد في ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة. وأما إن كان معسراً فقد قال الله -تعالى-: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة"، ويُرجى ألا يتناوله الحديث السابق حديث أبي هريرة، وكذلك يرجى ألا يدخل في الحديث السابق من بيَّت النية الحسنة بالأداء عند الاستدانة ثم مات قبل الأداء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" أخرجه البخاري وغيره. والله أعلم.

هل يستأنس الميت بمن يزور قبره؟!

هل يستأنس الميت بمن يزور قبره؟! المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/07/1425هـ السؤال هل الميت يحس ويستأنس بزيارة الأحياء له؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فالأصل أن الميت إذا قبضت روحه وفارق الحياة فإنه يفقد الإحساس الذي يحس به الأحياء، فلا يسمع ولا يرى، وتتعطل جميع حواسه التي كان يحس بها في الدنيا. قال تعالى:" إنك لا تسمع الموتى ... "، وقال - تعالى-:" وما أنت بمسمع من في القبور" وما يكون في الحياة البرزخية فهو من الأمور الغيبية التي لا سبيل إلى معرفتها إلا عن طريق الوحي المعصوم أي: ما دل عليه الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة. واستثني من هذا الأصل سماع أهل القليب للنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر، وقوله - صلى الله عليه وسلم-:" هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً"، وقوله لأصحابه:" ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" حينما استنكروا نداءه لهم. وكذلك يستثنى من هذا الأصل سماع الميت قرع نعال المشيعين لجنازته لثبوت الدليل على ذلك. أما الآثار التي وردت بأن الميت يحس بزائره ويستأنس به فهي لا تثبت، وأسانيدها واهية لا تصلح للاحتجاج، وقد ذكر ابن القيم في (الروح) ، والقرطبي في (التذكرة) كثيراً منها. ومما يدل على عدم إحساس الميت بزائره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر العلل والحكم من زيارة القبور لم يذكر منها استئناس الميت بزائرين، وإنما ذكر أنها: 1- تذكر الآخرة، كما عند أبي داود والنسائي. 2- ترقق القلب، وتدمع العين، كما عند الحاكم. 3- تزهد في الدنيا كما في حديث ابن مسعود. 4- تذكر الموت كما عند مسلم. أما الميت فلا ينتفع إلا بالدعاء، سواء وقت الزيارة أو بعيداً عن القبر، لكن الزيارة تذكره بالميت فيدعو له. أما حديث عمرو بن العاص ووصيته بأن يقيموا حول قبره قدر ما تنحر الجزور، ويقسم لحمها حتى يستأنس بهم، وينظر ماذا يراجع به رسل ربه، فهذا وإن كان في صحيح مسلم إلا أنه موقوف على عمرو بن العاص، ولم يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو اجتهاد منه -رضي الله عنه- ولم يذكر دليله على ذلك، والله - تعالى- أعلم. وعلى كلٍ فسماع الأموات مسألة خلافيه بين العلماء قديماً وحديثاً، والله أعلم. يحسن الرجوع إلى فتوى اللجنة الدائمة رقم (1727 الجزء 1 / 477) جمع أحمد الدويش. انتهى.

تأويل آيات الصفات

تأويل آيات الصفات المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. سؤالي هو: ماذا تفسرون تأويل بعض الصحابة-رضي الله عنهم- وبعض التابعين بإحسان من القرون المفضلة لبعض آيات وأحاديث الصفات؟ فقد ثبت عن ترجمان القرآن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه أول آية "يوم يكشف عن ساق"، وقال هذه كناية عن هول الموقف وشدته، أو بما معناه، لكنه لم يثبت هذه الصفة صفة (الساق) ، وكذلك تأويلات بعض العلماء الجهابذة كالنووي وابن حجر وغيرهما، وقرأت عن بعض علماء الأشاعرة كالرملي وغيره أن الله ليس موجوداً في زمان ولا مكان. واستدلوا بقول الإمام علي- رضي الله عنه- الذي يقول: (كان الله ولا مكان وهو الآن على ما هو عليه كان) ، وحكوا عن علي بن الحسين زين العابدين أنه كان يقول: (سبحانك لا يحويك مكان) ، وقالوا إن تلك الروايات ثابتة ومروية عن كثير من الأئمة كأبي حنيفة والطبري والماتريدي والأشعري، ومفاده أن مذهب أهل السنة والجماعة أن الله موجود بلا مكان ولا زمان. هل هذا الكلام صحيح؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: يعتقد أهل السنة والجماعة أن من الإيمان بالله سبحانه الذي أمر الله به ورسوله: الإيمان بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ ولهذا فهم يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير؛ فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسمائه وآياته، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفو له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه..

قال الإمام أحمد – رحمه الله -: (لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لا يتجاوز القرآن والحديث) [ينظر: المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد ص (116) ] ، وقال نعيم بن حماد – شيخ البخاري -: (من شبه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم تشبيه) [العلو للذهبي ص (116) ] ، وقال الأوزاعي – رحمه الله -: (كنا – والتابعون متوافرون – نقول: إن الله فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته) [ينظر: الأسماء والصفات للبيهقي ص (408) ] ، وقال الإمام الشافعي – رحمه الله -: (لله أسماء وصفات لا يسع أحد جهلها، فمن خالف بعد ثبوت الحجة عليه كفر، وأما قبل قيام الحجة فيعذر بالجهل) [ينظر: مناقب الشافعي للبيهقي (1/412) ] وقال ابن عبد البر – رحمه الله -: (أهل السنة مجتمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز؛ إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك، وأما أهل البدع من الجهمية والمعتزلة والخوارج فينكرونها ولا يحملونها على الحقيقة ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أقر بها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به الكتاب والسنة وهم أئمة الجماعة) [ينظر: التمهيد لابن عبد البر (7/145) ] ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ فلا يجوز نفي صفات الله التي وصف بها نفسه، ولا يجوز تمثيلها بصفات المخلوقين، بل هو سبحانه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [ينظر: مجموع الفتاوى (5/195) ] ، وقال الحافظ ابن رجب: " والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تفسير لها، ولا تكييف، ولا تمثيل، ولا يصح عن أحد منهم خلاف ذلك البتة) [ينظر: فضل علم السلف على الخلف لابن رجب ص (22) ] ، وسلف هذه الأمة وأئمتها يثبتون علو الله وفوقيته وأنه تعالى فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه وهم بائنون منه، وهو سبحانه مع العباد بعلمه ومع أوليائه بالنصر والتأييد، وأدلة ثبوت علو الله وفوقيته لا يمكن حصرها، حيث دل العقل والفطرة والكتاب والسنة على علو الله عز وجل، ومن ذلك: نصوص الاستواء والنزول والرؤية وصعود الأعمال إليه والروح والملائكة، وأنه في السماء، ونزول القرآن، وتنزل الملائكة، والتصريح بالفوقية وغير ذلك كثير جداً، وقد استقر في فطرة بني آدم علو الله، وقصدهم له سبحانه وتعالى عند الحاجات التي لا يقصد فيها إلا هو، وذلك في دعاء العبادة ودعاء المسألة لا يكون إلا إلى جهة العلو، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ذكر محمد بن طاهر المقدسي، عن الشيخ الجليل أبي جعفر الهمداني، أنه حضر مجلس أبي المعالي الجويني، وهو يقول: (كان الله، ولا عرش ولا مكان وهو على ما كان عليه قبل خلق المكان أو كلام من هذا المعنى، فقال: يا شيخ دعنا من ذكر العرش، أخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا، فإنه

ما قال عارف قط: يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة، بطلب العلو، ولا يلتفت يمنة ولا يسرة، فكيف ندفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟، فصرخ أبو المعالي، ولطم رأسه، وقال: حيرني الهمداني، حيرني الهمداني) [ينظر: كتاب الاستقامة (1/167) ] وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، وقد تعلق نفاة العلو: بأن الله – تعالى – لو كان في مكان لأشبه المخلوقات لأن ما أحاطت به الأمكنة فهو مخلوق، فيقال: هذا نشأ عن القياس الفاسد والتشبيه المستكن في نفوس هؤلاء إذ لو آمنوا بأن الله على كل شيء قدير وأنه ليس كمثله شيء ما انطلت هذه الشبه وهذا الهراء على نفوسهم، ويقال أيضاً: ألستم تقرون بأن الله – تعالى – موجود قبل خلق الكون فهو تعالى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان الله، ولم يكن شيء غيره" أخرجه البخاري (3191) ، ونحن وأنتم وكل العقلاء لا نعقل وجود أحد منا إلا في مكان، وما ليس في مكان فهو عدم، والله بخلاف ذلك، فلا يجوز أن يقاس بخلقه كما فعلتم، قلتم: لو كان في مكان لأشبه خلقه، فإن زعموا أنه يلزم من كونه تعالى في العلو التغير والانتقال لأنه تعالى كان ولا مكان فلما خلق المكان صار في العلو، فزال عن صفته في الأزل وصار في مكان، قيل: وأنتم يلزمكم أقبح من ذلك، وهو زعمكم أنه – تعالى – كان لا في مكان ثم صار في كل مكان فقد تغير عندكم معبودكم وانتقل من لا مكان إلى كل مكان، وهذا لازم لكم، لا انفكاك لكم منه، وقولهم: كان الله، ولا مكان وهو الآن على ما كان عليه قبل خلق المكان كلام فاسد متناقض وذلك أن النفاة للاستواء والعلو على قسمين، قسم يقول: إن الله لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا أمام ولا خلف ولا داخل العالم ولا خارجه وهذا لا يفهم منه إلا العدم المحض، فليس له وجود فعلي على هذا الوصف، فهو إذاً ليس له مكان أصلاً، إذ لا وجود له، وقسم يقول: إنه في كل مكان، فيلزم أنه كان في كل مكان، قبل خلق المكان، فهو إذاً في هذا الكون كله، قبل خلقه له، وهذا قول ظاهر الفساد، إذ معناه: كان في الأمكنة قبل خلقها، فالحق أن الله ليس كمثله شيء لا في نفسه ولا في فعله ولا في صفاته، ولا في مفعولاته، فإذا رام الإنسان أن ينفي شيئاً مما يستحقه، لعدم نظيره في الشاهد المحسوس، صار ما يثبته بدل نفيه أبعد عن المعقول والمشهود [ينظر: بيان تلبيس الجهمية (1/147) ] ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (افترق الناس، في علو الله، واستوائه أربع فرق: الأولى: الجهمية النفاة، يقولون: ليس داخل العالم ولا خارجه ولا فوق ولا تحت وجميع الطوائف من أهل البدع يتمسكون بنصوص، إلا الجهمية، وقسم ثان منهم يقولون: إنه بذاته في كل مكان، ويدخل فيهم الأشاعرة، وهؤلاء هم الفرقة الثانية، الثالثة: من يقول: إنه فرق العرش، وهو في كل مكان ويزعم أنه بذلك يجمع بين النصوص، الرابعة: المتبعون للكتاب والسنة، الذين أثبتوا ما أثبته الله ورسوله، من غير تحريف، فآمنوا بأن الله فوق سماواته مستوٍ على عرشه) [ينظر: مجموع الفتاوى (5/229-231) ] والحاصل أن الحق فيما ذهب إليه أهل السنة، وأن علو الله ثابت بالكتاب والسنة والفطرة وصريح العقل، والأدلة عليه لا تحصى، وليس بين علو الله واستوائه على عرشه وبين معيته

لخلقه ولأوليائه وأنبيائه وقربه منهم تعارض.

وأما القول بوجود تأويل لبعض الصفات عن الصحابة والتابعين بمعنى التأويل عند المتأخرين وهو صرفها عن ظاهرها فهذا لم يرد عن أحد منهم، وليس ما جاء عن ابن عباس –رضي الله عنهما- من باب التأويل بل فهم منها ابن عباس أنها ليست نصاً في الصفات، إذ لا يعرف عن الصحابة تأويل شيء من نصوص الصفات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها، وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف.... وتمام هذا أنى لم أجدهم تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى: "يوم يكشف عن ساق" فروى عن ابن عباس-رضي الله عنهما- وطائفة أن المراد به الشدة أن الله يكشف عن الشدة في الآخرة، وعن أبى سعيد وطائفة أنهم عدوها في الصفات للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين، ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: "يوم يكشف عن ساق" نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف) [ينظر: مجموع الفتاوى (6/394) ] ، وقال ابن القيم – رحمه الله -: (إن أهل الإيمان قد يتنازعون في بعض الأحكام، ولا يخرجون بذلك عن الإيمان، وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين، وأكمل الأمة إيماناً، ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة، كلمة واحدة، من أولهم إلى آخرهم، ولم يسوموها تأويلاً، ولم يحرفوها عن مواضعها تبديلاً، ولم يبدوا لشيء منها إبطالاً، ولا ضربوا لها أمثالاً، ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها، ولم يقل أحد منهم: يجب صرفها عن حقائقها، وحملها على مجازها، بل تلقوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإيمان والتعظيم وجعلوا الأمر فيها كلها أمراً واحداً، وأجروها على سنن واحدة) [إعلام الموقعين (1/51- 52) ] ، والحاصل أن بعض الآيات والأحاديث يفهم من سياقها والقرائن المحتفة بها أنها ليست نصاً في الصفات، فتفسر بما يفهم من المقصود بها مثل قوله تعالى: (فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) [البقرة:115] ، ومثل قوله تعالى: "أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ" [الزمر:56] ، وقوله تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ" [يس:71] قال الحافظ ابن رجب – معلقاً على قوله تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً": (وليس المراد هنا الصفة الذاتية – بغير إشكال -، وإلا استوى خلق الأنعام وخلق آدم عليه السلام) [فتح الباري لابن رجب (1/7) ] ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والصواب في كثير من آيات الصفات وأحاديثها: القطع بالطريقة الثابتة

كالآيات والأحاديث الدالة على أن الله - سبحانه وتعالى - فوق عرشه ويعلم طريقة الصواب في هذا وأمثاله، بدلالة الكتاب والسنة والإجماع على ذلك؛ دلالة لا تحتمل النقيض، وفى بعضها قد يغلب على الظن ذلك مع احتمال النقيض، وتردد المؤمن في ذلك هو بحسب ما يؤتاه من العلم والإيمان، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) [ينظر: مجموع الفتاوى (5/117) ] ، وأما ما يوجد من تأويل عند بعض العلماء مثل النووي وابن حجر وغيرهما فهذا بسبب تأثرهم بمذهب الأشاعرة حيث تلقوا هذا المذهب عن شيوخهم فرأوا أنه هو الحق الذي يجب اتباعه، والمسلم عليه أن يتبع الحق والصواب وما عليه سلف الأمة ويعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال، ويعتذر لمن أخطأ من أهل العلم وينتفع من علومهم ومعارفهم فيما أصابوا فيه، وأما ما ورد من الأقوال المنسوبة لعلي وزين العابدين وأبي حنيفة فحسب اطلاعي لا تصح عنهم، هذا والله أعلم.

عقيدة البداء

عقيدة البداء المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/07/1425هـ السؤال لماذا يحرم الاعتقاد بعقيدة البداء؟ وما حكمها؟ ولماذا لا يعتبر حديث تحويل الصلاة من خمسين صلاة لخمس صلوات تناقضاً مع عقيدتنا في البداء؟ وما الفرق بين النسخ والبداء؟ وشكراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن البداء معناه: التغير في العلم من حال إلى حال. كالظهور بعد الخفاء، كقوله -تعالى-: "وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله" [البقرة:284] ، وقوله: "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر:47] أي: ظهر لهم من الله ما لم يكونوا يتوقعونه وكاستحداث رأي جديد وإنشائه، كقوله -تعالى-: "ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين" بمعنى: ثم نشأ لهم رأي جديد غير الرأي السابق. والتغير في العلم يصح إطلاقه في حق البشر، فإذا ظهر للإنسان ما كان خافياً عليه، أو نشأ له رأي جديد قيل في حقه: (قد بدا له) أما بالنسبة لله فإن التغير في العلم (البداء) بمعنييه السابقين لا يصح نسبته إليه، بل إن ذلك كفر -والعياذ بالله- وذلك أن البداء يستلزم أن يكون مسبوقاً بالجهل، والجهل صفة نقص ينزه الله -تعالى- عنها؛ لأنه يناقض صفة علم الله المحيط بكل شئ، والشامل لكل شيء، والسابق على كل شيء، والذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه جهل ولا نسيان..، والقول بالبداء مستلزم لوصف الله بالجهل والعياذ بالله من ذلك، فكان القول به في حقه سبحانه كفراً. أما بالنسبة لعلم البشر فهو مسبوق بالجهل ويلحقه الجهل والنسيان..، فلا ضير أن يقال للمخلوق: (قد بدا له) . والذين قالوا بالبداء في حق الله -تعالى- هم اليهود المغضوب عليهم، والمعروفون بنسبة القبائح إلى الله تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً وفي توراتهم المحرفة أشياء كثيرة من ذلك. كما اشتهرت نسبة القول بالبداء إلى فرقة الكيسانية أو المختارية (كلاهما فرقة واحدة) ، واستقر القول بهذه العقيدة في مذهب الرافضة، وكتبهم مليئة بالروايات المقررة لهذه العقيدة الباطلة (راجع-على سبيل المثال- أصول الكافي وبحار الأنوار) ، وقد حاول بعض علمائهم تبرير القول بهذه العقيدة بتأويلها تأويلات تبعد الشنعة عنهم، إلا أنهم لم يفلحوا في ذلك، إذ المقرر في كتبهم يناقض هذه التبريرات. والذي دعاهم للقول بها: أنهم ينسبون لأئمتهم أخباراً تتحدث عن المستقبل، فيأتي الواقع مكذباً لها، ويَعِدون أتباعهم بأمور ستحدث في المستقبل، كانتصارهم على أعدائهم، وحصول الغلبة لهم عليهم، وقد يحددون ذلك بتواريخ معينة، فيكذب الواقع كل ذلك، فيقعون في مأزق التناقض بين الإخبار بالغيب والوعد بأمور مستقبلية، وبين الواقع المحسوس، لذا أرادوا إزالة هذا التناقض وإبعاد صفة الكذب عنهم، وأنهم صادقون فيما أخبروا به، وليسوا بمتناقضين، فنسبوا ذلك التناقض والكذب إلى الله، ولكن عدّلوا في العبارة فقالوا: (قد بدا لربكم) تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، فنزهوا أنفسهم عن الكذب والتناقض ونسبوا ذلك إلى الله. وأما النسخ:

فهو لغة: الرفع والإزالة ومنه: نسخت الشمس الظل أي أزالته، ونسخ الكتاب أي رفع منه إلى غيره. واصطلاحاً: رفع حكم دليل شرعي متقدم أو لفظه بدليل من الكتاب والسنة متأخر عنه. والمراد بقوله: (رفع الحكم) : تغييره من إيجاب إلى إباحة أو من إباحة إلى تحريم.. والمراد بقوله: (أو لفظه) لفظ الدليل؛ لأن النسخ قد يكون للحكم دون اللفظ، وقد يكون للفظ دون الحكم، وقد يكون لهما جميعاً. والمقصود بقوله: (بدليل من الكتاب والسنة) إخراج ما عداهما كالإجماع والقياس. والمتقدم يسمى منسوخاً والمتأخر يسمى ناسخاً. والنسخ واقع في الشرع كتاباً وسنة. قال تعالى: "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ منْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [البقرة:106] . حيث يشرع الله حكمًا مؤقتاً بوقت محدد في علم الله، ثم عند انقضائه ينسخه -سبحانه-؛ إما بحكم جديد؛ وإما إلى غير بدل، ولله الحكمة البالغة. وقد ألف العلماء في الناسخ والمنسوخ كتباً عديدة سواء في القرآن أو في السنة، وبعضها مطبوع متداول. أما الفرق بين النسخ والبداء: فهو أن النسخ ليس مسبوقاً بالجهل، ولا هو من لوازمه، بل علم الله سابق على النسخ، والله عالم بما يشرع من أحكام، حتى إذا انقضت المدة التي جعلها الله لذلك الحكم نسخه بما سبق في علمه أنه سيكون. أما البداء فإنه يستلزم سبق الجهل، وهذا مناف لكمال الله -تعالى- فلا يجوز القول بما يؤدي إلى نفي كمال الله أو إثبات نقص في حقه -سبحانه وتعالى-. والعجب من اليهود -إذ تحكي عنهم كتب الأصول - أنهم لا يقولون بالنسخ، مع أنهم-كما سبق - يقولون بالبداء. وسبب إنكارهم للنسخ حتى لا يلزمهم الاعتراف بنسخ شريعة عيسى لما جاء به موسى -عليهما السلام-، وبالتالي إنكار نسخ شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم - لدينهم. أما السؤال الثاني: وهو قوله: (لماذا يحرم الاعتقاد بعقيدة البداء؟ وما حكمها؟ ولماذا لا يعتبر حديث تحويل الصلاة من خمسين صلاة لخمس صلوات تناقضا مع عقيدتنا في البداء؟) أما قوله: (لماذا يحرم الاعتقاد بعقيدة البداء؟) فلما تقدم من استلزام ذلك سبق الجهل في حق الله، وذلك محال في حقه -تعالى-، كما سبق بيانه. وأما قوله: (وما حكمها؟) فقد أجاب السائل بنفسه وهو التحريم، بل إنها كفر بالله والكفر بالله أكبر المحرمات. وأما قوله: (ولماذا لا يعتبر حديث تحويل الصلاة من خمسين صلاة لخمس صلوات تناقضًا مع عقيدتنا في البداء؟) فنقول: بعد أن عرفت معنى البداء، وأنه لا يجوز القول به في حق الله -تعالى-، فإن ما حدث ليلة الإسراء بخصوص فرضية الصلاة ليس من قبيل البداء، والذي هو بمعنى (بدا لله بعد أن فرض الصلوات خمسين أن يخففها حتى صارت خمساً) ، ولا يعد ذلك تناقضاً مع اعتقادنا بحرمة البداء على الله، وإنما ذلك من قبيل النسخ، والتدرج في التشريع، وذلك جائز وواقع، وكله وفق علم الله -تعالى-، والله أعلم وأحكم.

باع أرضه فهل عليه زكاة؟

باع أرضه فهل عليه زكاة؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/10/1425هـ السؤال اشتريت قطعة أرض، ثم عرضتها للبيع، وبيعت بعد عرضها للبيع بمدة زمنية تقدر بسنة وثلاثة أشهر تقريبًا، بمبلغ وقدره مائتان وأربعون ألف ريال سعودي، فهل تجب على هذه الأرض المباعة زكاة؟ علمًا أنه كان في نيتي إذا لم تبع أن أبني عليها سكنًا، وكنت أنوي إذا بيعت أن تكون قيمتها دفعة لشراء منزل جاهز أو شراء أرض أخرى في مخطط سكني أفضل بالنسبة لي. أفيدونا مأجورين، ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فتجب الزكاة في الأرض المذكورة لسنة واحدة؛ لأنك ذكرت أنها بقيت بعد عرضها للبيع سنة وثلاثة أشهر، وبناء عليه فقد حال عليها الحول من حين عرضتها للبيع، وقد روى أبو داود (1562) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ. والله تعالى أعلم.

هل له أن يغسل أمه المتوفاة؟

هل له أن يغسِّل أمه المتوفاة؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ، حفظكم الله: هل يجوز للرجل أن يغسِّل أمه إذا ماتت عند عدم وجود نساء أخريات للقيام بتغسيلها؟ وإذا جاز ذلك، فهل يكون التغسيل حسب التغسيل الشرعي المعروف؟ أم كيف يكون التغسيل؟ (التفصيل والتوضيح) ، أرجو تحقيق المسألة وذكر أقوال العلماء فيها والراجح منها في حالة وجود خلاف فقهي في المسألة. وجزاكم الله خيرًا، وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقد اختلف العلماء - رحمهم الله- في جواز تغسيل الرجل محارمه من النساء كأمه وأخته وبنته، فذهب أبو حنيفية وأحمد إلى عدم جواز تغسيل الرجل للمرأة من محارمه، ودليلهم أنه لا يجوز له مس جسدها أو ما يحتاج إلى مسه، وذهب مالك والشافعي وبعض أهل العلم إلى أن للرجل أن يغسل محارمه كأمه وابنته وأخته، وحجتهم أن النساء الأجنبيات يغسلنها، والمرأة الأجنبية مثل الرجل المحرم بالنسبة إلى تلك الميتة، في العورة والخلوة حال الحياة، فإذا جاز لها- أي الأجنبية- غسل المرأة، فكذلك الرجل مع ذوات محارمه، وليس في هذه المسألة دليل صريح، وإنما مرجعه إلى اجتهاد الفقهاء في الأدلة العامة، وقد قيل للإمام أحمد - رحمه الله: إن أبا خلابة قد غسل ابنته. فاستعظم ذلك ولم يعجبه، وسئل- رحمه الله- عن الرجل تموت عنده ذات محرمه ولم يوجد نساء، قال: يغسلها وعليها ثيابها، يصب الماء صبًّا. ا. هـ، وعند الحنفية وبعض الحنابلة أنها تيمم، ولعل الأقرب أن يصب عليها الماء صبًّا من غير مسٍّ إلا ما يجوز له مسه حال الحياة كيديها ورأسها وقدميها؛ لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] . والله تعالى أعلم.

التشاؤم..

التشاؤم.. المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/07/1425هـ السؤال أعاني من التشاؤم بالشر، وأنا أصلي الصلوات الخمس، وأحافظ على الصلاة -ولله الحمد- وأدعو ربي، لكن لدي التفاؤل بالشر، فهل المتفائل بالشر يجده؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: التشاؤم مضاد للتوكُّل على الله، يفتح باب الخوف والتعلُّق بغير الله، ويفسد القلب والإيمان، ويفضي بصاحبه إلى المعصية والشرك عند الاستسلام له، وكم هلك به من أحد فخسر الدنيا والآخرة، بخلاف التفاؤل الصالح السار للقلوب المؤيد للآمال، الفاتح باب الرجاء المسكن للخوف، الرابط للجأش، الباعث على الاستعانة بالله والتوكل عليه، والاستبشار المقوي للأمل المفضي بصاحبه إلى الطاعة والتوحيد، ولهذا أبطل الشرع التشاؤم ونهى عنه وأحب التفاؤل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه الفأل، كما رواه ابن ماجة (3536) من حديث عائشة -رضي الله عنها- فعليك بفعل الأسباب في الأمور التي تتشاءم بها، فمثلاً عند ركوبك السيارة تفعل الأسباب، وتأخذ حذرك عند قيادتها، وتحافظ على أدوات السلامة وتحذر من السرعة، وتتوكل على الله، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك إلا بإذن الله وقضائه وقدره، وعليك بذكر الله -تعالى- والدعاء المأثور في ركوب الدابة، قال علي بن ربيعة: شهدت علياً - رضي الله عنه- أتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال بسم الله، فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله ثم قال: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون"، ثم قال: الحمد لله ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم ضحك! فقيل يا أمير المؤمنين من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ما فعلت ثم ضحك فقلت: يا رسول الله من أي شيء ضحكت؟ فقال: إن ربك - سبحانه وتعالى- يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري" رواه أبو داود (2602) ، والترمذي (3446) وصححه، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً ثم قال: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل، وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آيبون، تائبون، عابدون لربنا حامدون"، وفي وجه آخر وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه - رضي الله عنهم- إذا علوا الثنايا كبروا وإذا هبطوا سبحوا. وأنت إذا كنت -كما ذكرت - محافظاً على الصلوات، وحريصاً على ذكر الله، كنت في كنف الله وحفظه، والله خير حافظاً، وبهذا يزول التشاؤم - إن شاء الله-. والله أعلم.

آداب الاستيقاظ

آداب الاستيقاظ المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/11/1426هـ السؤال ما هو أول شيء ينبغي لنا فعله عندما نستيقظ من النوم وفقا للسنة؟ وهل ينطبق ذلك على الاستيقاظ من نوم النهار؟ وهل علينا المضمضة؟ وهل يجوز تناول الإفطار قبل المضمضة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد دلت السنة النبوية على أن أول ما ينبغي للمسلم الاعتناء به عند الاستيقاظ من النوم، ينقسم إلى قول وفعل. أما القول فمنه حديث حذيفة -رضي الله عنه- في صحيح البخاري (6312) وغيره، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أوى إلى فراشه قال: "باسمك أموت وأحيا"، وإذا قام قال: "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور" وأخرجه البخاري (6325) أيضاً من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-. وفي الصحيحين البخاري (1142) ومسلم (776) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ وذكر الله تعالى انحلت عقدةٌ، فإن توضأ انحلت عقدةٌ، فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان". وقد جاء في الذكر بعد الاستيقاظ أحاديث أخرى ينظر فيها كتاب (الأذكار) للإمام النووي، وغيره من الكتب. وأما الفعل فقد ذكره الحديث السابق: الوضوء، وبعده الصلاة، وفي الصحيحين البخاري (3295) ، ومسلم (238) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثاً، فإن الشيطان يبيت على خيشومه". والاستنثار: إخراج الماء من الأنف بعد استنشاقه. وفي الصحيحين البخاري (245) ومسلم (255) عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك. وهذه كلها مستحبات لو لم يفعلها المسلم لم يأثم، ولكن ينبغي له الحرص على ذلك والمحافظة عليه، والظاهر أن هذا يستوي فيه نوم الليل ونوم النهار، خصوصاً إذا طال النوم في النهار فإنه لا يختلف عن نوم الليل. وأما من أفطر قبل أن يتمضمض فلا شيء عليه، ولكن الأفضل هو ما سبق. والله أعلم.

أخذ الأجرة على الانتفاع بالاسم

أخذ الأجرة على الانتفاع بالاسم المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/02/1427هـ السؤال وضعت اسمي كمدير لإحدى الصيدليات، ولكن صاحب العمل لا يريدني أن أعمل عنده، بل يريد أن يكون اسمي مسجلاً عنده كمدير للصيدلية، ويعطيني على ذلك راتباً. فهل هذا الراتب حلال أم حرام؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا العمل من التحايل، وهو من أكل المال بالباطل، ومن التعاون على الإثم والعدوان؛ لأن صاحب العمل يتحايل على الأنظمة التي تلزم بتوفير الوظائف للمواطنين، فيلجأ لتسجيل الأسماء ودفع الرواتب من غير تمكين المواطنين من العمل، وليس هذا هو المقصود من النظام، بل المقصود إيجاد الأعمال للعاطلين والقضاء على البطالة الموجودة، ولذا فنصيحتي لك أن تتولى العمل وتشترط مزاولته حسب المتبع أو تعتذر، ولا يتخذك صاحب العمل وسيلة للتحايل على الأنظمة التي وضعت لمصلحة الشباب المواطنين، وربنا -جل وعلا- يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة:2] ، ويقول تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ" [البقرة:188] . وفقك الله لكل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقتل الحسين، رضي الله عنه

علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقتل الحسين، رضي الله عنه المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. وجدت الحديث التالي وأرغب في معرفة رأيكم فيه: "قبل 50 سنة من واقعة كربلاء بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين علم من جبريل، عليه السلام، أن الحسين، رضي الله عنه، يقتله جيش يزيد في كربلاء. فسأله جبريل: يا رسول الله، هل أريك تربة من مكان استشهاده؟. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم". فأعطاه جبريل حفنة من تراب كربلاء، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم رغمًا عنه. وهذا الحديث موجود في مشكاة المصابيح ومسند الإمام أحمد والصواعق المحرقة للعلامة ابن حجر المكي وسر العالمين للإمام الغزالي، ورواه الإمام الشعبي والبيهقي والحاكم وغيرهم. وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم- التربة لأم المؤمنين أم سلمة قائلاً لها: "عندما ترين هذه التربة تحولت إلى دم، يكون الحسين قد استشهد". وهذا الحديث مروي في مسند الإمام أحمد. الجواب بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لقد ذكرت بأسلوبك مضمون روايتين أذكرهما لك بأسانيدهما وحكم العلماء عليهما في هذه الرسالة الجوابية، وهذا في الحديث الأول. الحديث الأول أخرجه: 1- ابن حبان في صحيحه (6742) قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا شيبان بن فروخ، قال: حدثنا عمارة بن زاذان، قال: حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: استأذن مَلَكُ القَطْرِ ربه أن يزور النبي صلى الله عليه وسلم، فأذن له، فكان في يوم أم سلمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "احْفَظِي علينا البابَ لا يَدْخُلُ علينا أحَدٌ". فبينا هي على الباب إذ جاء الحسين بن علي، رضي الله عنهما، فظفر فاقتحم ففتح الباب فدخل فجعل يتوثب على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل النبي يتلثَّمه ويقبِّله، فقال له المَلَك: أتحبه؟ قال: "نعم". قال: أما إن أمتك ستقتله، إن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه. قال: "نعم". فقبض قبضة من المكان الذي يقتل فيه فأراه إياه فجاءه بسهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها. قال ثابت: كنا نقول: إنها كربلاء. وهذا صححه ابن حبان. وقال عنه الشيخ شعيب الأرناؤوط: حديث حسن. 2- وأخرجه أحمد في مسنده (13539) قال: حدثنا مؤمل: حدثنا عمارة بن زاذان: حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن ملك المطر استأذن ربه أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فأذن له، فقال لأم سلمة: "املكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد". قال: وجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب فدخل فجعل يقعد على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وعلى منكبه وعلى عاتقه. قال: فقال الملك للنبي صلى الله عليه وسلم: أتحبه؟ قال: "نعم". قال: أما إن أمتك ستقتله، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه. فضرب بيده فجاء بطينة حمراء، فأخذتها أم سلمة فصرَّتها في خمارها. قال: قال ثابت: بلغنا أنها كربلاء. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف.

3- وأخرجه أبو يعلى (3402) قال: حدثنا شيبان: حدثنا عمارة بن زاذان: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: استأذن ملك القطر ربه أن يزور النبي صلى الله عليه وسلم، فأذن له، وكان في يوم أم سلمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أم سلمة احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد". قال: فبينما هي على الباب إذ جاء الحسين بن علي فاقتحم ففتح الباب فدخل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يلتزمه ويقبِّله، فقال الملك: أتحبه؟ قال: "نعم" قال: إن أمتك ستقتله، إن شئت أريتك المكان الذي تقتله فيه. قال: "نعم". قال: فقبض قبضة من المكان الذي قتل به فأراه فجاء سهلة أو تراب أحمر، فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها. قال ثابت: فكنا نقول: إنها كربلاء. قال الشيخ حسين أسد: إسناده حسن. الرواية الثانية: أخرجها كل من: 1. أحمد (648) قال: حدثنا محمد بن عبيد: حدثنا شرحبيل بن مدرك، عن عبد الله بن نجى، عن أبيه، أنه سار مع علي رضي الله عنه، وكان صاحب مَطْهَرَتِه، فلما حاذى (نِينَوَى) وهو منطلق إلى صفين، فنادى علي رضي الله عنه: اصبر أبا عبد الله، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات. قلت؟ وماذا؟ قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله، أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: "بل قام من عندي جبريلُ قَبْلُ، فحدثني أن الحسين يُقتَل بشطِّ الفرات". قال: "فقال: هل لك إلى أن أُشِمَّكَ مِن تربته؟ ". قال: "قلت: نعم. فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملِك عينيَّ أنْ فاضَتَا". قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف. وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح. 2- وأخرجه أبو يعلى (363) قال: حدثنا أبو خيثمة: حدثنا محمد بن عبيد: أخبرنا شرحبيل بن مدرك، عن عبد الله بن نجي، عن أبيه، أنه سار مع علي، وكان صاحب مطهرته، فلما حاذى (نينوى) ، وهو منطلق إلى صفين، فنادى علي: اصبر أبا عبد الله، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات. قلت: وماذا يا أبا عبد الله؟ قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وعيناه تَفيضان. قال: قلت: يا نبي الله، أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: "بل قام من عندي جبريل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات". قال: "فقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ ". قال: "قلت: نعم". قال: "فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عينّيَّ أن فاضتا". قال الشيخ حسين أسد: إسناده حسن.

أما الرواية الثانية والتي فيها تحول التربة إلى دم فأخرجها الطبراني (2817) قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني عباد بن زياد الأسدي: حدثنا عمرو بن ثابت، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن أم سلمة، قالت: ثم كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي، فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك. فأوما بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضمَّه إلى صدره، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وديعةٌ عندَكِ هذه التُّربةُ". فشمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "وَيْحَ كَرْبٍ وبَلَاءٌ". قالت: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أمَّ سلمةَ، إذَا تحوَّلتْ هذه التُّربةُ دَمًا فاعْلَمِي أنَّ ابني قد قُتِل". قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة، ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول: إن يومًا تَحَوَّلين دمًا ليومٌ عظيمٌ. وقال الهيثمي في المجمع 9/189: عمرو بن ثابت النكري متروك. والله تعالى أعلم. وصلى الله على محمد وآله.

لماذا وصف الخمر بالرجس ولم يوصف بـ (النجس) ؟

لماذا وُصف الخمر بالرجس ولم يوصف بـ (النجس) ؟ المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 30/12/1426هـ السؤال قال تعالى: "إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ". لماذا قال تعالى (رجس) ولم يقل (نجس) مع أنهما يؤديان نفس المعنى؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد جاء لفظ القرآن الكريم على مبلغ عظيم من الفصاحة والبيان ما أعجز العرب الأقحاح عن مباراته، وأما الإتيان بمثل القرآن بعد عجز العرب من غيرهم فهو أعظم وأشد، هذا مما يجب التسليم به في حال تدبر القرآن. وقد قارن بعض العلماء بين بعض الأمثال القرآنية وأمثال العرب، من مثل: قول العرب: (القتل أنفى للقتل) ، وقول الله تعالى: "ولكم في القصاص حياة" [البقرة: 179] وغيرها، وممن فصل في ذلك من كتب في إعجاز القرآن. ثم إنه ليس كل كلمة تكون لها لفظة مماثلة لها في المعنى تماما، وقد منع جماعة من العلماء الترادف بين الكلمات في اللغة، بل جعلوا ذلك من المعاني المتقاربة. ولو رجعنا لمحل السؤال: وهو معنى (رجس) و (نجس) في اللغة العربية لوجدنا ما يلي: أن معناهما يدور على النجاسة والقذارة والسخط والشر، ولم يتمحض معنى (الرجس) على النجاسة فقط، بل هو أعم من ذلك؛ ولذلك لم يختلف العلماء في نجاسة الخمر، بل اختلفوا في نوع النجاسة هل هي حسية أم معنوية؟. ولو فرضنا أن معنى كلمة (رجس) هو معنى كلمة (نجس) ، لوقع السؤال أيضا: لماذا لم يقل نجس؟ فنصبح في دوامة من طلب التعليلات، والوقوف على دقائق استعمال المفردات في القرآن يحتاج إلى طول باع في البلاغة والبيان والبديع، وكثرة مطالعة في كتب التفسير واللغة، والله المستعان. وهذه الدقائق لا تظهر لكل أحد في مواطن، ولكن الذي ظهر لي هنا -والله أعلم-: أن الحكمة من استعمال (الرجس) محل (النجس) في أمرين: 1-أنها أعم، فتكون أبلغ في التحذير والنهي والتفظيع. 2-لما كان أصول كلمة رجس (الراء والجيم والسين) وجدنا كلمة في اللغة بأصولها تماما وهي: الرَّجَس، وهي تدل على شدة الصوت، كان المعنى الذي يفهم هنا: أن الخمر وما معها من الميسر والأنصاب والأزلام من الأعمال التي هي قوية الدرجة وكاملة الرتبة في القبح. والله أعلم. وإليك نقل تفسير الآية من كتب التفسير: في تفسير الطبري (7/32) ونحوه عند ابن كثير (2/93) : {رجس} ..قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أي سخط من عمل الشيطان، وقال سعيد بن جبير: إثم، وقال زيد بن أسلم: أي شر من عمل الشيطان. وفي زاد المسير لابن الجوزي (2/417) : فأما الرجس فقال الزجاج: هو اسم لكل ما استقذر من عمل، يقال: رجس الرجل يرجس ورجس يرجس إذا عمل عملا قبيحا ... وفي المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية (2/233) : كل مكروه ذميم، وقد يقال للعذاب، وقد يقال للنتن وللعذرة والأقذار: رجس، والرجز العذاب لا غير، والركس العذرة لا غير، والرجس يقال للأمرين.

وفي التفسير الكبير للرازي (12/66) : والرجس في اللغة كل ما استقذر من عمل، يقال: رجس الرجل رجساً ورجس إذا عمل عملاً قبيحاً، وأصله من الرجس بفتح الراء وهو شدة الصوت، يقال: سحاب رجاس إذا كان شديد الصوت بالرعد، فكان الرجس هو العمل الذي يكون قوي الدرجة كامل الرتبة في القبح. وفي روح المعاني للآلوسي (7/15) : {رجس} : أي قذر تعاف عنه العقول، وعن الزجاج: الرجس كل ما استقذر من عمل قبيح. والرجز بمعناه عند بعضهم، وفرّق ابن دريد بين الرجس والرجز والركس، فجعل الرجس الشر، والرجز العذاب، والركس العذرة والنتن. وفي أضواء البيان للشنقيطي (1/426) : يفهم من هذه الآية الكريمة أن الخمر نجسة العين؛ لأن الله تعالى قال: إنها رجس، والرجس في كلام العرب كل مستقذر تعافه النفس، وقيل: إن أصله من الركس وهو العذرة والنتن، قال بعض العلماء: ويدل لهذا مفهوم المخالفة في قوله تعالى في شراب أهل الجنة: "وسقاهم ربهم شرابا طهورا" [الإنسان: 21] ؛ لأن وصفه لشراب أهل الجنة بأنه طهور يفهم منه أن خمر الدنيا ليست كذلك، ومما يؤيد هذا: أن كل الأوصاف التي مدح بها تعالى خمر الآخرة منفية عن خمر الدنيا، كقوله:"لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون" [الصافات: 47] ، وكقوله: "لا يصدعون عنها ولا ينزفون" [الواقعة: 19] ... وجماهير العلماء على أن الخمر نجسة العين؛ لما ذكرنا، وخالف في ذلك ربيعة والليث والمزني صاحب الشافعي وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين، كما نقله عنهم القرطبي في تفسيره.. وفي تفسير السعدي: رجس: أي نجس خبث معنى، وإن لم تكن نجسة حسا، والأمور الخبيثة مما ينبغي اجتنابها، وعدم التدنس بأوضارها. وفقك الله لكل خير، وزادك من تدبر كتابه الكريم والعمل به.

هل تجب علي صلاة الجماعة في هذه الحالة؟

هل تجب عليَّ صلاة الجماعة في هذه الحالة؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/01/1426 السؤال أنا طالب مسلم، سافرت إلى هولندا منذ ما يزيد عن الشهر لنيل شهادة الماجستير، ومدة دراستي ستنتهي بعد سنة تقريباً، سؤالي هو حول الصلاة في المسجد الذي يخص المدينة التي أسكن فيها، اعلم حفظك الله ورعاك أنني أمتلك دراجة، والتي تعتبر وسيلة النقل الأساسية في المدينة التي أقطن بها، وذلك لأن المدينة قديمة وطرقاتها ضيقة جداً، ولا يوجد بها مواقف للسيارات، والمسجد يبعُد عن المكان الذي أسكن فيه مسافة تتجاوز العشرون دقيقة بالدراجة، أو تتجاوز الخمس وأربعون دقيقة مشيا على الأقدام، والخيار الآخر هو أن أستقل الحافلة، والتي تعتبر مكلفة نسبيا بعد مقارنتها بالمكافأة الشهرية التي نحصل عليها والتي بالكاد تغطي مصروفنا الشهري للأكل والسكن، مع العلم أن تذكرة الحافلة الواحدة تتجاوز الثلاثة عشر ريالا، أريدكم أن تفتوني مشكورين عن التالي: هل يحل لي القصر والجمع؟. هل تجب علي صلاة الفريضة في المسجد؟ وماذا عن صلاة الجمعة؟ وماذا عن شهر رمضان؟ هل أبدأ صيامي مع بدء صيام المجتمع المسلم (الذي لم أختلط به البتة لبعد المسجد) الذي يسكن هذه الديار؟ أم أتبع الأمة الإسلامية متمثلة في بلد الحرمين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله: صلاة الجماعة واجبة على كل مسلم لجملة من نصوص الكتاب والسنة. ولكن ثمة أعذار تسقط وجوبها والتي منها البعد عن المسجد بحيث لا يسمع النداء، وعليه لا تجب عليك صلاة الجماعة، والحالة هذه لكن إن كان ثمة مسلمين قرب سكنك فالأولى أن يتم تحديد مكان معين في منزل أحدكم تجتمعون فيه لإدراك فضل الجماعة. وأما سؤالك عن الجمع والقصر فبعد المسافة التي ذكرت لا يحل لك الجمع والقصر؛ لأن البعد داخل المدينة لا أثر له لأن الجمع والقصر مناط بالسفر. ولكن إن كان جلوسك في تلك المدينة مؤقت ولا تريد البقاء بل بقدر دراستك التي حددتها بقدر سنة ثم تعود إلى وطنك فحكمك حكم المسافر، القصر لك سنة والجمع لك رخصة. وأما حضور الجمعة فإن كان المسجد خارج المدينة التي أنت فيها بأكثر من ثلاثة أميال فلا يلزمك وإن كان في داخل المدينة وجب عليك الحضور ولو كان بينك وبين المسجد عشرة أميال؛ لعموم قوله تعالى: (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) [الجمعة:9] وهذا عام؛ ولذلك كان الصحابة الذين يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة يبقون إلى يوم الجمعة، لا يتركون صلاة الجمعة بل إن ظاهر السنة أنهم يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم كما أنه لم ينقل عن صحابة رسول الله عن أسفارهم إلى الأقطار أنهم يتركون حضور الجمعة في البلاد التي تقام فيها الجمع. وأما سؤالك عن الصيام فالذي يتأكد في حقك أن تصوم مع المسلمين في البلد الذي تقيم فيه وتفطر معهم؛ لعموم حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: " الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون". رواه الترمذي (697) وحسنه.

والراجح من أقوال أهل العلم أن لكل أهل بلد مطلعهم لحديث كريب لما أرسلته أم الفضل بنت الحارث إلى معاوية بالشام فرأى الهلال هناك ليلية الجمعة فصام أهل الشام ثم قدم المدينة في آخر الشهر وذكر ابن عباس رضي الله عنهما رؤية الهلال ليلة الجمعة فقال ابن عباس رضي الله عنها: لكنا رأيناه ليلة السبت فما نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقال كريب: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. صحيح مسلم (1087) ، فإذا ثبتت الرؤية لأهل بلد وجب على أهلها كلهم الصوم؛ ولأن في الصوم يوم يفطر الناس والفطر يوم يصوم الناس فتنة لا يجوز وقوعها.

نبش قبور الكفار بحثا عن الآثار

نبش قبور الكفار بحثاً عن الآثار المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/05/1426هـ السؤال لقد حفرت قبر يهودي بحثًا عن الآثار، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل احترام الإنسان حيًّا أو ميتًا، فلا يجوز نبش قبره لغير غرض شرعي صحيح؛ وذلك لعموم قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) [الإسراء: 70] . ولقوله صلى الله عليه وسلم: " كَسْرُ عَظْمِ المَيْتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا". أخرجه أبو داود (3207) وابن ماجه (1616) . وهذا يدل على كمال احترام الشرع للميت، خاصة وأن الغرض الذي يراد نبش القبر من أجله هو أمر كمالي، وهو البحث عن الآثار، فلا يجوز نبشه في هذه الحالة. والله أعلم.

دفن ولم يغسل ولم يصل عليه

دُفن ولم يُغسَّل ولم يُصلَّ عليه المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/06/1426هـ السؤال إذا مات المسلم ولم يُغسَّل، ولم يُكفَّن، ولم يصلَّ عليه، ولم يُدفن في مقابر المسلمين (وضع في مقبرة جماعية) ، إذا وُجِد مسلم بهذه الحالة، فماذا يفعل من وجده؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن استُطيع أن يفرد قبل أن يبلى، أو يكون هناك مثلة في إخراجه، فإن الواجب أن يُخرج ويُغسَّل ويُكفَّن ويُصلى عليه، فإن لم يمكن شيء من ذلك فإنه يصلى عليه وهو في قبره؛ لعموم أدلة تغسيل الميت المسلم وتكفينه والصلاة عليه، وقول الله -تعالى-: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16] ، ويقول عليه الصلاة والسلام: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". أخرجه البخاري (7288) ، ومسلم (1337) . والله أعلم.

زراعة الأشجار في المقابر

زراعة الأشجار في المقابر المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/11/1425هـ السؤال هل يجوز زراعة الأشجار والأزهار في المقابر بغية أن يتظلل بها من يزورون المقابر ولكي تأخذ المقبرة رونقًا جميلًا للزائرين؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم تزيين المقابر منهي عنه، فلا يجوز زراعة الأشجار والأزهار فيها لتزيينها، وكذا لا ينبغي زراعتها ليتظلل بها زائرها؛ فإنه لا حاجة شرعية لهذا، والمقابر تزار للعظة والعبرة وتذكر الآخرة، لا للسياحة والترفه. والله أعلم.

تغيير تراب القبر ونصائبه

تغيير تراب القبر ونصائبه المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/08/1425هـ السؤال هل لولي الميت تغيير البطحاء الموجودة على القبر، أو النصائب الموجودة بغيرها، أو تجديد بطحاء القبر؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إذا خشي ولي الميت من اندثار القبر، وانطماسه متطؤه الأقدام، والحيوانات، أو أن تحفره الكلاب والهوام جاز له حينئذ تجديده، بوضع حصباء أو نصائب تميزه عن غيره مما حوله من أرض، أو قبور أخرى، وهذا كله إذا لم تقم برعاية المقابر، وصيانتها جهة معينة؛ كالبلدية أو غيرها، أما إذا وجدت جهة مختصة تعنى بذلك فلا يجوز حينئذ لولي الميت القيام بشيء مما ذكر، بل يعتبر ذلك منه تعديًا، وافتئاتًا على صاحب الولاية الشرعية في هذا.

حديث "لولا صفية لتركته - أي حمزة- حتى يجمعه الله ... "

حديث "لولا صفية لتركته - أي حمزة- حتى يجمعه الله ... " المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/08/1425هـ السؤال ما هي الحكمة من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما رأى عمه حمزة - رضي الله عنه- ميتاً بعد معركة أُحد: "لولا صفية لتركته حتى يجمعه الله يوم القيامة من بطون الحيوانات؟ ". الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه أحمد (12322) ، والترمذي (1016) وأبو داود (3136) والحاكم (1/365) ، (3/196) من طريق أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَرَآهُ قَدْ مُثِّلَ بِهِ فَقَالَ لَوْلَا أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ فِي نَفْسِهَا لَتَرَكْتُهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الْعَافِيَةُ حَتَّى يُحْشَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ بُطُونِهَا.... " واللفظ للترمذي، قال الترمذي: " حديث أنس - رضي الله عنه- حديث غريب لا نعرفه من حديث أنس- رضي الله عنه- إلا من هذا الوجه، وفي بعض نسخ الترمذي: حسن غريب، وفي إسناد هذا الحديث ضعف، وقد أشار البخاري إلى خطأ أسامة في روايته هذا الحديث عن الزهري عن أنس- رضي الله عنه- قال البخاري: " وحديث أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، عن أنس - رضي الله عنهم- غير محفوظ، غلط فيه أسامة بن زيد- رضي الله عنه-، وقال: عبد الرحمن بن كعب عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- في شهداء أحد هو حديث حسن"، وقد أخرج البخاري حديث جابر- رضي الله عنه- (1343) وليس فيه ما يتعلق بترك حمزة- رضي الله عنه- دون دفن، وهذا لفظه عند البخاري من طريق ابْن شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ " وعلى تقدير صحة الحديث، فمعناه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصد بتركه من غير دفن تأكله السباع والطير من أجل أن يتم له الأجر ويكمل له الثواب، ويكون بدنه كله مصروفاً في سبيل الله، أو يكون قصد -صلى الله عليه وسلم- أن ما فعل المشركون بحمزة -رضي الله عنه- من المثلة لا يضره ولا ينقصه شيئاً، حتى إن دفنه أو تركه سواء، والله أعلم. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

دفع رشوة لأجل الحج، فهل حجه صحيح؟

دفع رشوة لأجل الحج، فهل حجه صحيح؟ المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/12/1426هـ السؤال أحد الإخوة أراد الحج، ولم يظهر اسمه في قوائم القرعة، فذهب إلى أحد المسؤولين عن لجنة اختيار متعهدي الحج وأعطاه مبلغاً مغرياً من المال، فظهر اسمه، وهو الآن في حيرة من أمره بصدد قبول الله لحجته من عدمها، وكذلك أصابه الندم كونه أخذ موقع أحد المتعهدين لدفعه الرشوة، ويطلب نصيحتكم بصدد الأرباح التي حصل عليها، هل هي حرام أم حلال، وطريقة التصرف بها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فحج هذا الرجل صحيح، أما الرشوة فهي محرمة، ملعون فاعلها على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ قال: "لعنة الله على الراشي والمرتشي" أخرجه أبو داود (3580) والترمذي (1337) . وأما الأرباح، فإن كان حصل عليها نتيجة عملٍ قام به فعلاً، وإلا فهي حرام، وهذه الرشوة عليه أولاً أن يتوب منها، ثم إن كان قد أخذ موقع شخص معين من المتعهدين برشوته فإنه قد ظلمه، وعليه أن يعتذر إليه ويعطيه الأرباح، وإن كان قد أخذ موقع شخص غير معين بل اختير بدلاً عن شخص مجهول، فإني أرجو ألا يكون في ربحه الذي حصل عليه إثم، ووجه ذلك أنه لم يظلم معيناً، أما إن ظلم معيناً فهو غاصب لعمل ما كان من نصيبه لولا رشوته، ومثل هذا يضمن في الأعيان، فليكن الحال كذلك في هذه المسألة. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

شبه حول تكليم الله لعباده

شبه حول تكليم الله لعباده المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. النبي إبراهيم - عليه السلام- طلب من المشركين أن يسألوا آلهتهم إذا كانت تتكلم ولم يقدروا، لأنها لم تكن آلهة، فكيف يكون الأمر وأنا أتكلَّم مع الله وهو لا يرد علي بكلام مسموع؟ هل يعني ذلك تشابه بين الله والأصنام؟. الجواب بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه الشبهة لم يوردها المنازعون لإبراهيم - عليه السلام- لما خاطبهم بهذه الحجة، مع أنهم أهل خصومة يجتهدون في محاجة الخصم، وها هي يلقيها الشيطان على لسان مسلم، كان الواجب أن يزعه إيمانه بالله، ورسوله، وكتابه، عن أن يتتبع الشبهات الفاسدة، ويكون منهجه قول الله في كلامه الذي سمعه منه جبريل - عليه السلام- وبلغه لرسوله - صلى الله عليه وسلم-: "وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ... " [الأعراف من الآية:200] "وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ...." [فصلت من الآية:36] ، ولما قال المكذبون لرسل الله، الكافرون بالله: "لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ... " [البقرة: من الآية118] ، وهم لم يشتبهوا في أن الله يتكلم بل طلبوا أن يكلمهم! ردَّ الله عليهم بقوله: "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ" [الشورى:51] ، فتكليمه سبحانه لا يكون إلا لخواص خلقه من الأنبياء والمرسلين، ولا يكون إلا بهذه الطرق الواردة في الآية أو بأحدها. وإنما لم يورد المنازعون لإبراهيم- عليه السلام-، ولا سائر المشركين هذه الشبهة التي أوردها السائل؛ لأنه ظاهر لهم أن الله الذي خلقهم كامل لا نقص في صفاته، وأن مقتضى ذلك أن يكون متكلماً، ولا حاجة في معرفة كونه متكلماً لسماع كلامه؛ لأنه إن لم يكن متكلماً فليس بخالق ولا إله، وإن كان خالقاً إلهاً فهو متكلم - وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل- وأما الأصنام فظاهر لهم أنها لا تتكلم أبداً، فهم صانعوها وأعلم بها، ولذلك تمت الحجة لإبراهيم - عليه السلام- ولم يعارضوه في ذلك بشبهة بل بمجرد المعاندة. فهل المشركون أصح أذهاناً وأفقه فهماً من مسلم؟!! وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

شبهة حول انتفاع الأحياء بالأموات

شبهة حول انتفاع الأحياء بالأموات المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو من فضيلتكم أن تجيبونا في هذه الشبه: قال الصوفي: (هل انتفع المسلمون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بسيدنا موسى عليه السلام، بعد موته بألف سنة بتخفيف الصلاة عليهم من خمسين صلاة إلى خمس أم لا؟!) ا. هـ. وهو يستدل بهذا الحديث أن الأموات يمكن أن ينفعوا الأحياء. وجزاكم الله خيرًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، وبعد:

عند المتصوفة إشكال رئيسي يتمثل في الأدلة التي يستندون إليها وطرق الاستدلال، وهذا السؤال من أوضح الأدلة على ذلك، فما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء كان خاصًّا به، وهو أمر خارق للعادة، وليس فيه استدلال على ما ذهب إليه هؤلاء، ولو كان فهمهم هذا صحيحًا لوجدنا واحدًا من الصحابة أو التابعين أو أتباعهم بإحسان استند عليه، لاسيما وهم أشد حبًّا للنبي صلى الله عليه وسلم منا، وأكثر شوقًا إليه، وإذا نظرنا إلى ما نقل عنهم بسند صحيح وجدنا أنهم أشد الناس حفاظًا على حمى التوحيد وحرصًا على صفائه من أية شائبة، ولذلك لم ينقل عنهم في التعلق بالقبور أو المقبورين أي نص يمكن الاعتماد عليه، بل النقول عنهم على عكس ذلك، وكيف لا وهم أنجب تلاميذ مدرسة النبوة، وهم الذين علموا أن الإسلام ما جاء إلا لمحاربة الخرافة والغيبيات الفاسدة، وتعليق القلوب بالله وحده دون سواه. ولو كان هذا الاستدلال بقصة موسى صحيحًا لصح الاستدلال بأية قضية غيبية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ مثل سؤال النبي صلى الله عليه وسلم، لجبريل، وطلبه منه واستفتاح جبريل له أبواب السماوات ونحو ذلك من الأمور التي عملها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم، لكان أولى أن يدعى جبريل ويطلب منه لأنه حي موجود ولديه قدرات عظيمة، فالأنبياء بما فيهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، والله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف: 188] . وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو أمر لأمته أن يتوجهوا بالدعاء له وحده دون سواه فقال: (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ) [يونس: 106] . وكل أحد غير الله لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، وهذا من محكمات الدين، قال تعالى: (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ) . وقال سبحانه: (فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) [الشعراء: 213] . وقال: (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص: 88] . والله أعلم.

وضع العلامات على القبور

وضع العلامات على القبور المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/09/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ أ. د. / سعود الفنيسان يوجد في إحدى مقابر مدينتنا ملاحظات نريد عرضها عليكم لأنه كثر الكلام وجزاكم الله خيرا 1- المبالغة في وضع العلامات على القبور، بحيث إن البعض يأتي بقطع من الحجارة، ويفرشها على القبر والبطحاء، وقد تكون هذه متميزة بلونها، كالأسود، وبعضها غير متميز اللون، وبعضها من حجارة المرو الملونة. 2- طلاء نصائب القبر بالبوية، أو أجزاء من القبر، ووضع نصائب من الحجارة مرتفعة، يصل ارتفاعها أحيانًا طول الذراع، وأطول وأقل، ويتميز بها القبر عن غيره من القبور. 3- وضع علامات على القبر من القطع الأسمنتية، والبلاط، والرخام، والسيراميك، والأزفلت، والألمنيوم، والطوب، والبَلَكّ، ونحوه. 4- لف قطع من الخرق والحبال والحديد، ونحوها على نصائب القبر. 5- غرز قطع من الحديد، أو الخشب، أو الألمنيوم، ونحوها، بجوار نصائب القبر، وأحيانًا تكون مرتفعة واضحة الارتفاع. 6- وضع العلب الفارغة من الحديد أو البلاستيك، وتعبئة بعضها بالأسمنت أو الجبس، وطلاء بعضها بالبوية، ووضعها علامة للقبر. 7- نحت أو كتابة حرف واحد من اسم المتوفَّى، أو حرف من اسم قبيلته أو وسمها، أو وسم خاص به كعلامة أيضًا للقبر. 8- تعدد العلامات، ووضع أربع أو أكثر أو أقل من العلامات على القبر. 9- كثير من الناس يرون بدعية هذه العلامات وتبديع من يضعها، ويطالبون ذوي الاختصاص بتغييرها، وإذا لم يستجيبوا لهم قاموا بوصفهم بالمبتدعة، وأنهم يسكتون عن إنكار البدع ويرضون بانتشارها، فما توجيهكم ونصيحتكم لمثل هؤلاء؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ثبت في سنن أبي داود (3206) من حديث المطلب قال: لما مات عثمانُ بنُ مَظْعُونٍ، وأُخْرِج بِجِنازَتِه، فدُفِن، أمَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً أن يَأتِيَهُ بِحَجَرٍ، فلَمْ يَستطِعْ حَمْلَه، فقام إليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وحَسَرَ عن ذراعيه، ثم حمَلَها فوضَعها عندَ رأسِه، وقال: "أَتَعَلَّمُ بِهَا قبرَ أَخِي وأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِن أَهْلِي". وثبت في صحيح مسلم (970) ، وجامع الترمذي (1052) ، وسنن النسائي (2026) ، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ تُجَصَّصَ القُبُورُ، وأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا، وأَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا، وأنْ تُوطَأَ.

ففي الحديث الأول مشروعية وضع العلامة على القبر ليعرف بها، ويتميز عن غيره، وفيه تحديد موضع العلامة من القبر (عند رأسه) ، وكون الحجر كبيرًا لم يستطع الرجل حمله حتى حمله الرسول صلى الله عليه وسلم بيديه الكريمتين، دليل على كبر حجم العلامة على القبر، والحجم يشمل الطول والعرض والارتفاع، وكون العلامة على القبر حجارة- كما في الحديث- لا يعني أنه لا يجوز أن تكون من غيرها؛ ذلك لأنها جاءت وصفًا لبيان الحال والواقع، والقيد أو الوصف إذا جاء لبيان الحال في الواقع فلا مفهوم له عند علماء الأصول، وعليه يجوز أن تكون العلامة على القبر لبنة من طين، أو عود قصب أو خشب، أو طوبة، أو حديدة، أو كسرة رخام أو بلاط، ونحو ذلك، وقد نص الفقهاء، كما في حاشية الشيخ ابن قاسم على الروض المربع: "ولا بأس بتعليم القبر بحجر أو خشب، ونحوهما". واستدلوا بحديث عثمان بن مظعون، رضي الله عنه، هذا، أما قول جمهور الفقهاء: "ولا يُدخِلُ القبرَ آجُرًّا ولا خشبًا، ولا شيئًا مسته النار". فيراد به ما يوضع في اللحد داخل القبر، ولا دخل لهذا القول في علامة القبر التي توضع فوقه، وهذا القول من الفقهاء تفاؤل بألَّا تمسه النار، مع أن السلف مختلفون فيما يوضع داخل القبر، فقد روى أحمد (17780) ، عن عمرو بن العاص، رضي الله عنه- أنه قال: لا تجعلن في قبري خشبة ولا حجرًا. أوصى الصحابي عمرو بن شُرَحْبِيلَ، رضي الله عنه: أن اطْرَحُوا عَلَى قَبْرِي طُنًّا من قَصَبٍ؛ فقد رأيتُ المهاجرين يَسْتَحِبُّونَه على ما سِواهُ. والطن يعني الحزمة، والحسن البصري لا يرى بأسًا بالقصب والسَّاجِ في اللحد، والساجُ نوع من الخشب، وبوب البخاري في صحيحه: (باب الإذخر والحشيش في القبر) . وساق فيه الحديث الصحيح عن ابن عباس، رضي الله عنهما- (1349) عندما قال العباس، رضي الله عنه: إلا الإِذْخِرَ لصاغَتِنا وقبورِنا. أما النهي عن الكتابة في حديث جابر، رضي الله عنه- السابق ذكره، فليست عند مسلم ولا النسائي؛ وإنما هذه الزيادة عند الترمذي، وإسناده بهذه الزيادة ضعيف؛ لضعف أحد رواته، وهو موسى بن سليمان، قال فيه البخاري: متروك. وضعفه النسائي، وابن عدي، وأيضًا في الإسناد انقطاع، فإن موسى بن سليمان لم يدرك جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، وعلى فرض صحته فيُحمَل النهي عن الكتابة على القبر، إذا ما أوصى الرجل إذا مات أن يكتب على قبره، كما حمل حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، في الصحيحين: "إنَّ الميتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ". صحيح البخاري (1286) ، وصحيح مسلم (928) . على ما إذا أوصى بذلك، أو تحمل الزيادة عند الترمذي على ما إذا كُتب على القبر اسم صاحبه أو دعاء له، أو شيء من سيرته وأفعاله في حياته، وتزداد الحرمة، ويشتد النهي إذا كان الميت ذا شأن يشار إليه في أمر الدين أو الدنيا، ولا يدخل في الكتابة الممنوعة شرعًا ما يضعه الناس من (وسم) القبيلة على القبر؛ لأنه مجرد علامة تميز القبر عن غيره عند تشابه (النصائب) العلامات؛ ليزوره الزائر ويسلم عليه، وهذا الوصف لا يعرفه عادة إلا أهلهم بخلاف الكتابة بالحروف الهجائية فيعرفها كل من يقرأ من الناس.

ووضع الجريدة على القبر عند الدفن ثابت في حديث ابن عباس، رضي الله عنهما- المتفق عليه: " ... لَعَلَّهُ أنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا" صحيح البخاري (179) ، وصحيح مسلم (292) . واختلف العلماء قديمًا وحديثًا، هل وضع الجريدة على القبر قضية عين خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم- أم هي عامة لكل أحد؟ فالإمام البخاري يرى عدم الخصوصية، فذكر في صحيحه: (باب الجريدة على القبر) ، ثم قال: وأوصى الصحابي بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ، رضي الله عنه، أن يُجعَلَ على قبره جريدتان. وقال ابن بطال في شرحه للبخاري: "وخُصت جريدتا النخل لأنهما أطول الثمار بقاء، فتطول مدة التخفيف عنهما، وهي شجرة شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤمن- انظر صحيح البخاري (61) ، وصحيح مسلم (2811) . وقيل إنها خلقت من فضلة طينة آدم، وإنما أوصى بريدة الأسلمي، رضي الله عنه، بالجريدتين تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتبركًا بفعله ورجاء أن يخفف عنه. وقال الحافظ بن حجر في الفتح: لا يلزم من كوننا لا نعلم أيعذب الميت أم لا؟ ألا نتسبب له في أمر يخفف عنه العذاب لو عذب، كما لا يمنع كوننا لا ندري أرحم أم لا؟ ألا ندعو له بالرحمة. فقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات: في غرس الجريدتين نصفين على القبرين أن الشجر والنبات يسبح ما دام أخضر، فإذا يبس انقطع تسبيحه، والتسبيح والعبادة عند القبر مما يوجب تخفيف العذاب. أما الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله- فهو يخالف من سبقه ممن ذكرنا، فيرى خصوصيتها بالرسول صلى الله عليه وسلم، لا تتعداه إلى غيره، وهكذا جرى اختلاف العلماء في وضع الجريدة علامة على القبر، أو طلبًا لتخفيف العذاب عن صاحبه، فالأمر فيه سعة، والحمد لله؛ لأنها من مسائل الاجتهاد، ولو لم تكن من مسائل الاجتهاد لم يقع فيها الخلاف، ثم إن مسائل الاجتهاد لا يسوغ فيها الإنكار، قال سفيان الثوري: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه، وأنت ترى غيره فلا تنهه. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: مسائل الاجتهاد لا يسوغ فيها الإنكار إلا ببيان الحجة لا الإنكار المجرد المستند إلى محض التقليد؛ فإن هذا من فعل أهل الجهل والأهواء. ويقول ابن القيم: إذا لم يكن في المسألة سنة، ولا إجماع ثابت، وللاجتهاد فيه معاني لم ينكر على من عمل بها مجتهدًا أو مقلدًا. وخلاصة الجواب: أن وضع العلامات على القبور، وتنوعها وتعددها- كما ذكر في السؤال- أمر جائز ليتميز بها القبر، ويعرف فيزار، ويسلم عليه، والقول بالتبديع في وضع العلامات على القبور هو عين البدعة، بل هي أمر مشروع ما لم يعتقد فاعلها بها اعتقادًا مخالفًا للشرع.

هل (الرشيد) من أسماء الله الحسنى

هل (الرشيد) من أسماء الله الحسنى المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/08/1425هـ السؤال هل الرشيد من أسماء الله الحسنى؟ مع التكرم بذكر الدليل على ذلك. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لم يرد اسم الرشيد اسمًا لله تعالى- في حديث صحيح، وعمدة من عد ذلك اسمًا لله تعالى- حديث الأسماء المشهورة، فصدر الحديث: "إنَّ للهِ تسعةً وتسعين اسْمًا مائةً إلَّا واحِدًا، مَن أَحْصَاها دخَل الجنَّةَ". متفق على صحته: صحيح البخاري (2736) وصحيح مسلم (2677) ، ولكن ليس فيه سرد الأسماء، وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن العدَّ ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو مدرج في الحديث، وطرقها ثلاثة، كلها غير صحيح متنًا وسندًا، والرشيد ضمن تلك الرواية المشار إليها، وهذا لا يعني أن كل الأسماء التي وردت في تلك الرواية غير صحيحة، لأن بعضها ورد فيه حديث صحيح على جهة الخصوص. والله أعلم.

لماذا المسلمون وحدهم الذين يقطعون رؤوس الأبرياء؟

لماذا المسلمون وحدهم الذين يقطعون رؤوس الأبرياء؟ المجيب أ. د. نعمان عبد الرزاق السامرائي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/10/1425هـ السؤال هذه بضعة أسئلة من شخص غير مسلم: 1- لماذا فقط المسلمون هم الذين يقتلون ويقطعون رؤوس الأبرياء باسم الله؟ (لم أسمع عن يهود أو نصارى أو هندوس أو بوذيون أو حتى الذين لا يؤمنون بوجود الله أنهم يفعلون ذلك) . 2- إذا كان الذين يقومون بمثل هذه الأعمال فئة قليلة فلماذا لا تواجهها البلايين من المسلمين في العالم أو على أقل تقدير تقوم غالبية مسلمة بشجبهم؟ 3- هل أنتم مقتنعون حقًّا أن الإسلام هو دين الله، والله العادل الطيب يسمح لأكثر الناس شرًّا في الأرض أن يدمروا "دين الله" تحت أنظار العالم؟ ألا يكون مثل هذا الواقع طريقة الله للتوضيح لنا ببطلان الإسلام؟ 4- هل يوجد في القرآن شيء يجعل من قارئه قاتلاً شريرًا ويجعل كثيرًا من الناس يتبعون القاتل ويساندونه؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: س1 لماذا يقتل المسلمون ويقطعون رؤوس الأبرياء باسم الله؟ ج- الدين مجموعة نصوص وأوامر مثل: لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تكذب، ولا تغش، ولا تظلم ... ومع ذلك فأصحاب الديانات قديمًا وحديثًا فيهم من يمتثل لهذه التعليمات، وفيهم من لا يمتثل. على سبيل المثال، فالسيد المسيح يقول: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر. وهو يدعو للمحبة والسلام، ومع ذلك فالقتل والحروب بين النصارى لا مثيل له، والكنيسة الكاثوليكية أقامت محاكم (التفتيش) ، وعرضت عليها أكثر من (350) ألف إنسان قتل، وأحرق أكثر من (150) ألفًا منهم باسم المحبة والسلام، الحرب العالمية الأولى والثانية أشعلها الغرب، ويقول المستشار برينجسكي: إن الذين قُتلوا في القرن العشرين زادوا على (176) مليونًا من البشر. أمريكا قتلت وأبادت الهنود الحمر دون جريمة، ستالين قتل ما بين 40-50 ميلونًا، إسرائيل تقتل يوميًّا من الفلسطينيين العشرات وتهدم بيوتهم، وتضرب المدن الفلسطينية بالصواريخ والطائرات، وتقتل كل من تقدر على قتله، ومع ذلك فالحجة للنص. وهنا علينا أن نفرق بين النص والتطبيق، فهل النص يدعو للقتل؟ أم ذلك بفعل البشر؟! س2 إذا كانت قلة تمارس القتل والتعذيب فلماذا لا تواجهها البلايين من المسلمين؟ ج- هناك قتل مارسته جماعات مختلفة، بيض ضد السود في أمريكا، وفي جنوب إفريقيا (العنصرية) ، الكاثوليك ضد البروتستانت في إيرلندا، ومنظمة إيتا الانفصالية في إسبانيا وإيطاليا، والجيش الأحمر الياباني، والهندوس ضد المسلمين في الهند وكشمير، والمنظمات الصهيونية ضد الفلسطينيين وهم يصلون في الحرم الإبراهيمي، فالقتل اليوم ينتشر من سرلانكا وحتى أمريكا، توتُّرات وصراعات طائفية وعنصرية لا حصر لها، وآخرها ما يشن على مسلمين من مسلمين ومن نصارى ضد نصارى، وبوذيين ضد إخوانهم، ومن أكراد ضد الأتراك، ومن روسيا ضد الشيشان، ونتساءل: أيهما أشنع وأقبح؛ أن تشن جماعة صغيرة حربًا ضد دولة مثل الشيشان والقاعدة، أم الحرب التي تشنها الهند ضد شعب كشمير، وروسيا ضد الشيشان، وأمريكا ضد كل من يقف ضد سياستها؟

س3 هل الإسلام هو دين الله؟. ج- أرسل الله الكثير من الرسل معهم بعض الكتب والبعض دون كتب، وأول الرسل آدم، وآخرهم محمد- عليهم السلام جميعًا- المسلم مطالب بالإيمان بالله، وكتبه، ورسله جميعًا، واليهودي يؤمن بأنبياء التوراة فقط، ويرفض الاعتراف بالنصرانية، وبالسيد المسيح والأناجيل، وبمحمد صلى الله عليه وسلم، وبالقرآن، النصارى يؤمنون بالسيد المسيح وبأنبياء التوراة، لكنهم يرفضون الإسلام ونبيه، وكل أصحاب دين يعتقدون صحة وسلامة دينهم، وإلا تخلوا عنه وتركوه، وعمر الإسلام 1500عام، وأهلُه متمسكون به كما يتمسك غيرهم من الناس، من أصحاب الديانات، ولا جديد هنا. س4 ماذا يوجد في القرآن يدفع نحو القتل؟ ج- القرآن آخر الكتب المنزلة، وهو اليوم مترجم إلى كافة لغات العالم، ويمكن الاطلاع عليه بسهولة، وهو يختلف كثيرًا عن التوراة، بل يتميز بأنه لا يعرف حروب الإبادة ضد أحد، والدليل أنه بعد (1500عام) من انتشار الإسلام فما زال في بلاد المسلمين يهود ونصارى. والسؤال: ما مصير ثلاثة ملايين مسلم من أهل الأندلس؟ ثلثهم قتل، وأحرق الكثير منهم أحياء، والبعض ركبوا سفنًا وغادروا الأندلس فأُغرِقت سفنهم في البحر، ثلث أجبروا بالقوة على التنصر، وثلث هاجر إلى شمال إفريقيا، وكان بإمكان المسلمين العثمانيين طرد النصارى من بلاد المسلمين، أو حتى قتلهم، ولكن الإسلام يمنع من ذلك، ويمنع من إجبارهم على الإسلام، ولذا فما زال النصارى بعد كل ما حصل لمسلمي الأندلس أحياء ولهم كنائسهم ومدارسهم. من يقرأ التوراة يراها تشرع لإبادة شعوب بكاملها، مثل العماليق وغيرهم، لكن الإسلام منع ذلك وما زال، فإذا قامت جماعة صغيرة بالقتل، تحت أي مبرر، فهي اليوم تقتل مسلمين، وهذا دليل على خطأ في السلوك لهذه الجماعة، وليس الخطأ في الإسلام، وإلا فعلينا أن نحكم بمثل ذلك على اليهودية كدين، والنصرانية؛ لأنها فعلت وما زالت تفعل الحروب النظامية وتسرق خيرات الشعوب الفقيرة، وتضطهدها، وتسلط عليها، أمثال إسرائيل أو روسيا أو الهندوس في الهند. والله أعلم.

أوثان جديدة

أوثان جديدة المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/10/1425هـ السؤال ما عبادة الأصنام بالتفصيل؟ وما تأثيرها على تفكير المسلم وسلوكه؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالأصنام جمع صنم، وهو ما جعل على صورة إنسان أو غيره ليعبد من دون الله. أما الأوثان فهي جمع وثن، وهو ما عبد من دون الله على أي وجه كان، وفي الحديث: "اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ". أخرجه مالك (416) وابن سعد 2/241. وعليه فإن الوثن أعم من الصنم. هذا هو المشهور في معنى الصنم والوثن. أما عبادتها فتكون على صور متعددة حسب تعدد أنواع العبادة، فالسجود مثلًا عبادة، فإذا جعل لصنم أو وثن كان عبادة لذلك الصنم أو الوثن، والذبح عبادة، فإذا جعل لصنم أو وثن كان عبادة لذلك الصنم أو الوثن، وكذا النذر ونحوه. . ومثل ذلك العبادات القلبية كالحب والتوكل والإنابة والخوف والرجاء ونحو ذلك. . . . فإنها عبادات متعددة لا يجوز صرفها لغير الله تعالى، وإذا صرفت لغير الله كالأصنام والأوثان كانت عبادة لتلك الأصنام والأوثان. قال تعالى فيمن يصرف عبادة الحب الخاصة بالله لغيره: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ) [البقرة: 165] . وقال في عبادة الخوف: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 175] . وقال في عبادة التوكل: (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [المائدة: 23] . وقال في عبادة الإنابة إلى الله: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [الروم: 31] . وبالجملة فكل ما ثبت أنه عبادة لله تعالى لا يجوز صرفه لغيره سبحانه، ومن صرفه لغير الله تعالى؛ مثل أن يصرفه لصنم أو نحوه، فقد عبد ذلك الصنم وجعله شريكًا لله في تلك العبادة؛ (وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا بَعِيدًا) [النساء: 116] . وعبادة الأصنام والأوثان ليست محصورة في المحسوسات وحدها بل هناك أصنام معنوية يتخذها بعض الناس آلهة من دون الله كالهوى المخالف لدين الله وشرعه، فمن اتبع هواه من دون الله فقد اتخذه إلهًا وصنمًا معبودًا من دون الله، قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفََلا تَذَكَّرُونَ) [الجاثية: 23] . ويدخل في الهوى كل المبادئ والأفكار والفلسفات المنحرفة عن الدين الحق، وقد كان السلف يسمون الذين يتبعون مثل هذه الأهواء أصحاب الأهواء والبدع. وبهذا يعلم أن عبادة الأصنام ليست محصورة في نوع خاص أو شكل معين، فهي تتعدد بتعدد أنواع العبادة.

وقد كانت البشرية في أول عهدها على التوحيد الخالص، قال تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ) [البقرة: 213] . ولم تعرف البشرية عبادة الأصنام إلا بعد عشرة قرون من عهد آدم إلى زمن نوح عليهما السلام حيث حدثت عبادة الأصنام من دون الله بعد تلك الفترة فبعث الله نوحًا لإرجاعهم إلى توحيد الله ونبذ عبادة الأصنام. وقد جاء في تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) [نوح: 23] . أنها أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم. ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، ونسخ العلم عبدت، ثم صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في قبائل العرب بعد ذلك، حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم فأزالها. انظر صحيح البخاري (4920) . ولم تخل أمة من الأمم من نبي يدعوها إلى عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه من الأصنام والأوثان قال تعالى: (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إلاّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ) [فاطر: 24] . أما آثار عبادة الأصنام على تفكير المسلم وسلوكه فهي كثيرة، وقد ورد في كتاب الله الإشارة إلى بعض تلك الآثار ومنها على سبيل المثال: 1. عدم الأمن والطمأنينة وراحة النفس والبال، قال تعالى: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام: 81- 82] . والظلم في هذه الآية هو الشرك، كما في قوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13] . 2. الانحطاط الفكري والسلوكي بحيث يعبد بشرًا مثله لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، بل أشد من ذلك يعبد جمادًا لا يسمع ولا يبصر، قال تعالى: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة: 31] . وقال تعالى: (لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا) [مريم: 42] . 3. اتباع الظنون والتخرُّصات، قال تعالى: (أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) [يونس: 66] . 4. التناقض في سلوكهم وتفكيرهم وعبادتهم، قال تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ) [يوسف: 106] .

5. التخبط وعدم معرفة النافع من الضار، قال تعالى: (قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: 16] . 6. الانتهازية والنفعية في سلوك من يعبد مع الله إلهًا آخر، قال تعالى: (ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) [النحل: 54] . وقال تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) [العنكبوت: 65] . وقال تعالى: (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) [الروم: 33] . حيث يعبد ربه حال الشدة ويشرك به بعد انكشاف الضر وانقضاء الحاجة. 7. بسبب عبادة الأصنام ونحوها من دون الله يتسلط الشيطان على المشرك فتجد كثيرًا من سلوكه وتفكيره من وحي الشيطان وإلهامه، قال تعالى: (إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل: 100] . وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا) [الأنعام: 112] . 8. تفكير المشرك دنيوي مادي فالنعمة تبطره وتنسيه ربه وتجعله يعبد غيره، قال تعالى: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا* وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا* وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا) [الكهف: 34- 36] . 9. المشرك تسيطر عليه الخرافة حيث يدعو من لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر، فهو في ضلال، قال تعالى: (إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر: 14] . وقال تعالى: (وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ) [غافر: 50] . 10. تشتت الهم والفكر بين المعبودات المتنوعة، قال تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 29] . 11. الحرص على الحياة الدنيا، قال تعالى: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) [البقرة: 96] .

12. الضيق والحرج، والشعور بالإحباط واليأس مما يجعله يقنط من رحمة ربه، بل ويؤدي بكثير من عباد الأصنام إلى الانتحار، قال تعالى: (فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 125] . وقال تعالى: (وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ) [الحجر: 56] . هذه بعض آثار عبادة غير الله من الأصنام ونحوها على سلوك عابديها، وهي كثيرة، كما أن هناك آثارًا أخروية مثل: تحريم دخول الجنة، وعدم مغفرة الذنوب، والتخليد في نار جهنم، ونحو ذلك. . . وعمومًا فكل فائدة وثمرة لتوحيد الله وعبادته فإنه يقابلها ويضادها مفسدة ومضرة من مفاسد الشرك ومضاره، أو أكثر. والله أعلم.

تسوية القبر وارتفاعه

تسوية القبر وارتفاعه المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/10/1425هـ السؤال كيف نوفق بين النهي عن ارتفاع القبر فوق الشبر، والأمر بإعادة ترابه عليه إذا كان إعادة ترابه عليه سيرتفع أكثر من الشبر. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: تحديد مقدار رفع القبر بشبر ونحوه لم يرد بنص من الشارع، وإنما هو من كلام العلماء؛ فهموه من أحاديث النهي عن البناء على القبور، والأمر بتسوية ما ارتفع منها، كحديث علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: ". . . لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ ". أخرجه مسلم (969) . وكفعل الصحابة، رضي الله عنهم، بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، فقد جاء في وصفها (أنها ليست بمُرْتَفِعَةٍ ولا وَاطِئَةٍ) . وجاء في سنن أبي داود (3215) ، والترمذي (1713) ، وابن ماجه (1560) ، والنسائي (2010) ، من حديث هشام بن عامر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد: "احْفِرُوا وأعمقوا وأَوْسِعُوا. . . ". ولكن تحديد مقدار هذا العمق لم يرد فيه دليل، فلهذا اختلف في تحديده، فروي عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه أوصى أن يعمق قبره قدر قامة وبسطة، وأوصى ابنه عبد الله، رضي الله عنه، أن يعمق قبره قدر قامة، ولا يزاد، واستحسن الشافعي، وأبو الخطاب الحنبلي أن يعمق القبر قدر قامة الإنسان، ورأى الخليفة عمر بن عبد العزيز أن يعمق القبر قدر السرة فقط، واستحب الإمام أحمد أن يعمق القبر إلى الصدر، وكل هذه النقول والأقوال متقاربة، مبناها على مراعاة تطييب نفوس أهل الميت، وإلا فإن السعة، والعمق في القبر لا تنفع الميت، وإنما ينفعه عمله، ولهذا قال البهوتي في الروض: (وسُنَّ أنْ يُوسَّعَ ويُعمَّقَ قبرٌ بلا حدٍّ، ويَكفي ما يَمْنعُ من السِّباعِ والرَّائحةِ) . ومعلوم أنه كلما زادت حفرة القبر زاد ترابها، وقد ورد النهي في سنن أبي داود (3225) والنسائي (2027) عن الزيادة على القبر: نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُبْنَى عَلَى القَبْرِ أوْ يُزَادَ عَلَيْهِ. وإذا كان تراب القبر يرد عليه، فإن ما زاد منه يكون تسنيمًا له، وقد يكون التسنيم شبرًا، أو أقل أو أكثر، حسب كثرة تراب القبر الزائد عن الدفن، وبهذا يتبين أن تحديد ارتفاع القبر بشبر أمر تقريبي لا غير. والله أعلم.

الحج عن الميت

الحج عن الميت المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/12/1426هـ السؤال لقد حججت واعتمرت عن نفسي، وزوجة أبي اعتمرت ولكن توفيت قبل أن تحج، أبي إن شاء الله سوف يحج هذه السنة لأنه لم يحج من قبل، أرغب في الحج عن زوجة أبي هذه السنة على حسابي الخاص. السؤال الأول: ما حكم هذا الحج؟ علماً بأن لها أولاداً ولكن لا يستطيعون من الناحية المادية. السؤال الثاني: كيف أستطيع أن أحج وأعتمر نيابة عنها، وأعتمر لنفسي. السؤال الثالث: ما هو أجر الحاج والحاج عنه؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: الأول: يجوز للحي أن يحج عن الميت، سواء كان من أقاربه أو لم يكن من أقاربه، وسواء كان أولاده أحياء أم كانوا أمواتاً. الثاني: يستطيع النائب أن يجمع بين الحج والعمرة عن المنوب عنه وبين العمرة لنفسه، بأن يأتي بعمرة وحج عن المنوب عنه، ثم بعد ذلك يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بعمرة عن نفسه. الثالث: الحج وردت فيه فضائل كثيرة، وأحاديث متنوعة، من ذلك ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" صحيح البخاري (1521) ، وصحيح مسلم (1350) . وجاء في الصحيحين أيضا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" صحيح البخاري (1773) ، وصحيح مسلم (1349) . والأحاديث في هذا كثيرة جداً، جاء في صحيح مسلم (121) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعمرو بن العاص -رضي الله عنه- "أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله". وبالنسبة لمن حج عن غيره فيرجى له الأجر العظيم؛ لأنه دال على الخير، وقد جاء في صحيح مسلم (1893) : "من دل على خير فله مثل أجر فاعله".

نزع الإحرام ولبس الثوب!

نزع الإحرام ولبس الثوب! المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/12/1426هـ السؤال ذهبت للعمرة وأحرمت من الميقات، وعند وصولي للحرم كنت مجهداً إجهاداً شديداً ولم أذهب لأعتمر، بل ذهبت للفندق ونزعت الإحرام ولبست الثوب، وفي اليوم الثاني ذهبت لميقات أهل مكة (التنعيم) وأحرمت من جديد، واعتمرت فما الذي علي فعله؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فلا يجوز نزع ثياب الإحرام بعد التلبس به والرجوع إلى الثياب العادية؛ لأن النسك يجب إتمامه بعد الشروع فيه، وكونك أعدت لبس الإحرام في اليوم الثاني جيد، ولتعلم أن رفضك للإحرام الأول واستحلالك لبعض محظورات الإحرام لا يجوز، بل بإمكانك الصبر حتى يزول عنك التعب، كما بالإمكان أن يطاف بك على عربة أو محمولاً وكذا السعي، هذا وكما قلت آنفاً: إعادتك لبس الإحرام في اليوم الثاني جيد، لكنك قبل طوافك وسعيك لا زلت على إحرامك الأول، فيجب عليك فدية لكل ما فعلته من محظور من محظورات الإحرام، وأنت ذكرت أنك لبست الثياب، فإن كان كذلك فقط ولم تغط رأسك ولم ترتكب محظوراً آخر من محظورات الإحرام فليست عليك إلا فدية واحدة، وهي على التخيير إما ذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين كيلو وربع، أو صيام ثلاثة أيام (اختر ما شئت من الثلاثة) ، فإن كنت قد غطيت رأسك فعليك فدية أخرى كما سبق، هذا ما أراه حول هذا السؤال. والله أعلم.

كسب النبي صلى الله عليه وسلم

كسب النبي صلى الله عليه وسلم المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه المناسبات/ربيع الأول التاريخ 25/10/1425هـ السؤال هل كان للنبي صلى الله عليه وسلم- عمل أو أي شكل من الوظيفة؟ يسألني كثير من غير المسلمين مثل هذا السؤال، لكنني لست متأكدًا من الجواب عليه، الذي أعرفه أنه كان راعيًا في مرحلة من عمره، وسافر للتجارة، وطبعًا كان يرعى شؤون المسلمين في المدينة بعد نهوض المسلمين فيها، فهل كان عليه الصلاة والسلام يعتمد على الآخرين في معيشته، مثل خديجة، رضي الله عنها، أو أبو طالب، أو أبو بكر، رضي الله عنه؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكسب برعي الغنم قبل البعثة، كما جاء في صحيح البخاري (2262) ، من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا بعَث اللهُ نبيًّا إلاَّ رعَى الغَنَمَ". فقال أصحابه، رضي الله عنهم: وأنتَ؟ فقال: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاها عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ". قال أحد رواته: يعني: كلُّ شاةٍ بقيراطٍ، يعني القيراط الذي هو جزء من الدينار أو الدرهم. وزاول النبي صلى الله عليه وسلم- التجارة فخرج إلى الشام في تجارة لخديجة رضي الله عنها- مضاربةً- كما ذكره ابن إسحاق في السيرة، وأخرج البيقهي في السنن الكبرى (6/118) ، من طريق الربيع بن بدر- وهو ضعيف- عن أبي الزبير، عن جابر، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آجَرْتُ نَفْسِي مِن خَدِيجةَ سَفْرَتَيْنِ بِقَلُوصٍ.. ". والقلوص هي النافة من الإبل، وقال الله سبحانه وتعالى: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا) [الفرقان: 7] . وقال أيضًا: (وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ) [الفرقان من الآية: 20] . ومعنى وصفه- صلى الله عليه وسلم- ووصف الأنبياء بالمشي في الأسواق، أي للتكسب والتجارة طلبًا للربح الحلال، ثم لما شرع الله الجهاد بالمدينة، كان يأكل مما أباح الله له من المغانم التي لم تبح قبله، ومما أفاء الله عليه من أموال الكفار التي أبيحت له دون غيره، كما جاء في المسند (5094) عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ بينَ يَدَيِ السَّاعَةِ بالسَّيْفِ حتَّى يُعبَدَ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وجُعِل رِزْقِي تحتَ ظِلِّ رُمْحِي ... ". وقال الحافظ ابن حجر، وهو يتحدث عن أفضل المكاسب: وفوق ذلك من عمل اليد ما يكتسب من أموال الكفار بالجهاد، وهو مكسب النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، رضي الله عنهم، وهو أشرف المكاسب لما فيه من إعلاء كلمة الله تعالى وخذلان كلمة أعدائه والنفع الأخروي. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الانتفاع بالمقابر القديمة بالزراعة أو السكن

الانتفاع بالمقابر القديمة بالزراعة أو السكن المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/05/1426هـ السؤال هناك قطعة من الأرض كانت مقبرة للقرية منذ خمسين سنة، وقد ألغيت وتم زراعتها بالأشجار والقمح منذ ذلك العهد، فهل هناك مانع من إقامة منزل على هذه الأرض؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً، فهذه المقبرة هي ملك للأموات لا يجوز التعدي عليها ونبش قبورها، أو البناء عليها أو زراعتها، ففي حديث جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يبنى على القبور. أخرجه مسلم في صحيحه (970) . وفيه أيضًا (972) من حديث أبي مرثد الغنوي -رضي الله عنه-: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها"، وفي صحيح مسلم أيضاً (971) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر"، وعلى هذا فالواجب تقوى الله، وإلغاء ما تم إحداثه على المقبرة، وعدم التعدي عليها.

هل في هذه الأرض زكاة؟

هل في هذه الأرض زكاة؟ المجيب خالد بن عبد الله البشر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/03/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم. سؤالي: اشتريت قطعة أرض بقصد السكن في نصفها، وبيع النصف الآخر بعد البناء، ولكن بعد سنة كاملة من البناء قررت بيع كلتا القطعتين، وفي السنة الثانية بعت إحداهما وما زالت الثانية معروضة للبيع. كيف أخرج الزكاة فيما ذكر؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بالنسبة للنصف الذي نويته للسكن ليس فيه زكاة مدة نيتك أنك تبنيها، وبعد أن تغيرّت نيتك من البناء إلى بيعها؛ ففيها زكاة إذا حال عليها سنة منذ أن نويتها للبيع. أما بالنسبة للنصف الآخر الذي نويت بيعه فإنك تخرج زكاته عن كل سنة. فالأصل في هذه المسألة أن الحول يبدأ من النية الجازمة في البيع. دليل هذه المسألة: ما أخرجه أبو داود (1562) بسنده عن سمرة بن جندب، قال: أما بعد، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع. وروى عن حِماس قال: مرَّ علي عمر؛ فقال: أدّ زكاة مالك. فقلت: ما لي مال أزكيه إلا في الخفاف والأَدَمَ. قال: فقومه، وأدَّ زكاته أخرجه عبد الرزاق (7099) والدارقطني 2/125. وأخرج الشافعي في الأم 2/46 والبيهقي 4/147 بسنديهما عن أبي عمرو بن حماس أن أباه: قال مررت بعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وعلى عنقي آدمة أحملها، فقال عمر: ألا تؤدي زكاتك يا حماس؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ما لي غير هذه التي على ظهري، وآهبة في القرظ. فقال: ذاك مال فضع. قال: فوضعتها بين يديه، فحسبها، فوجدت قد وجبت فيها الزكاة؛ فأخذ منها الزكاة. والله أعلم،،، وصلى الله على نبينا محمد، وآله، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ائتمام المرأة بصلاة الإمام وهي ففي بيتها!

ائتمام المرأة بصلاة الإمام وهي ففي بيتها! المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/02/1426هـ السؤال والدتي مريضة، ويصعبُ عليها الذهاب للمسجد لأداء صلاة التراويح مع الجماعة، وكذلك فهي أميَّة لا تقرأ ولا تكتب، وتحفظ الشيء اليسير من كتاب الله، وأمنيتها الوحيدة أداء الصلاة مع الجماعة، وقد أشرت عليها بافتراش السجادة في فناء البيت والصلاة مع الجماعة من خلال سماع القراءة من السماعات الخارجية للمسجد الذي يقع مقابل بيتنا، أي أنه عند أداء الصلاة يكون موقع والدتي أمام المسجد مباشرة. فهل عليها حرج في ذلك؟. أفتونا مأجورين بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد بنص حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم-: "لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن" أخرجه أبو داود (567) ، فينبغي لك أن توضح ذلك لوالدتك. ثانياً: إذا كانت والدتك تصلي في فناء بيتها فأرى لها ألا تقتدي بمن يصلي في المسجد؛ لأنها ليست في المسجد ولا في امتداد صفوف المصلين، بل تصلي لوحدها. نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم.

هل في الأرض المشتراه بالتقسيط زكاة؟

هل في الأرض المشتراه بالتقسيط زكاة؟ المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/02/1426هـ السؤال أرض اشتريتها باسمي بالتقسيط ومدة التقسيط (3سنوات) ولم أكمل سدادها، هل علي زكاة عن كل سنة، أو عن قيمة الأرض كلها بعد انتهاء التقسيط؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم جواب هذا السؤال يتكون من شقين: الشق الأول: هل الدين يمنع وجوب الزكاة؟ والجواب هو: أن الصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة إلا الدين الحال الذي يريد المسلم سداده، وما سوى ذلك فإنه لا يمنع وجوب الزكاة، والدليل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بالزكاة وبعث عماله لأخذ الزكاة ولم يؤثر عنه أنه كان يقول: لا تؤخذ الزكاة ممن عليه دين. وأما دليل عدم وجوب الزكاة في المال الذي يريد صاحبه سداد الدين به، فهو ما ورد عن عثمان -رضي الله عنه- أنه خطب فقال: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دينه فليقض دينه حتى تخلص أموالكم فتؤدوا منها الزكاة. رواه مالك والبيهقي بسند صحيح. الشق الثاني: هل في الأرض زكاة؟ والجواب هو: أن ذلك يختلف باختلاف الغرض من الأرض، فإن كان الغرض من الأرض بيعها فإن زكاتها زكاة عروض التجارة ربع العشر (2,5%) . وأما إن كان الغرض من الأرض تأجيرها والانتفاع من غلتها، فالصحيح من أقوال العلماء أنه لا زكاة في الأرض، وإنما الزكاة في الغلة بعد أن يحول عليها الحول. وأما إن كان الغرض من الأرض القنية (أي استخدامها لأغراضه الشخصية) كبناء بيت والسكن فيه، ففي هذه الحال لا يجب فيها الزكاة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

القرآن وخلق عيسى -عليه السلام-

القرآن وخلق عيسى -عليه السلام- المجيب عبد العزيز بن عبد الله الراجحي عضوهيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. إذا كان القرآن غير مخلوق، فكيف ينطبق الأمر في حالة نبي الله عيسى عليه السلام، حيث وصفه الله بأنه "كلمته"؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عيسى عليه السلام، وصف بأنه كلمته، يعني مخلوق بكلمة الله، ليس هو الكلمة، قال تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران: 59] . يعني أنه مخلوق بكلمة: كُن. وليس هو الكلمة، فالنصارى يدّعون أن عيسى عليه السلام، هو نفس الكلمة، وأنه جزء من الله، والعياذ بالله، وهذا كفر، كفَّرهم الله به؛ (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. . .) [المائدة: من الآية 17 ومن الآية 72] ، قال تعالى: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: من الآية54] . فالله يخلق بالكلام، وقال تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس: 82] . والله أعلم.

المكافأة على المعروف بالدعاء

المكافأة على المعروف بالدعاء المجيب د. هشام بن إسماعيل الصيني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/05/1427هـ السؤال هل يوجد حديث فيه أن الشخص الذي يصنع معروفا لشخص آخر عليه ألا ينتظر مكافأة على صنعيه، لكن إذا أسدى أحد معروفا إليه، وجب أن يكافئه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا صنعت معروفا لأخيك فلا تنتظر الأجر أو المكافأة منه، ولكن احتسب العمل لله وحده، وأما إذا صنع إليك إنسان معروفا فكافئه إن استطعت، فإن لم تستطع فادع له دعاء كثيراً، حتى ترى أنك كافأته بهذا الدعاء؛ ففي الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام أحمد (5484) ، وأبو داود (1672) ، والنسائي (2567) . من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه".

قاعدة الولاية الخاصة أقوى من العامة

قاعدة الولاية الخاصة أقوى من العامة المجيب وليد بن علي الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 30/05/1427هـ السؤال قاعد الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة، ما علاقتها بمقاصد الشريعة؟ وهل هناك قواعد متفرعة عن هذه القاعدة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد: فإن قاعدة (الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة) من القواعد الفقهية التي نص عليها الفقهاء في كتب القواعد الفقهية، وهي تفيد تقديم صاحب الولاية الخاصة على الولاية العامة، فلا يحق للولي العام أن يتصرف مع وجود الولي الخاص، سواء أكانت الولاية الخاصة ثابتة من جهة الشارع (كولاية الوالد على ولده، وولاية الزوج على زوجته) ، أو ثابتة من جهة التعيين (كولاية الناظر على الوقف، والوصي على اليتيم) . ولهذه القاعدة علاقة بمقاصد التشريع لتعلقها بالسياسة الشرعية في تدبير الأمور وتصريفها، والحفاظ على المصالح العامة، وتوزيع الصلاحيات والمسئوليات، وإعطاء كل مسؤول صلاحيته حتى لا تتداخل الصلاحيات، ويقع التنازع والتشاحن فلا يتصرف القاضي في مال اليتيم مع وجود وليه، ولا في الوقف مع وجود الناظر عليه. وإنما قدم صاحب الولاية الخاصة؛ لأن الولاية كلما ضاقت قوي الولي على القيام بجلب مصالحها ودفع المضار عنها، وكلما اتسعت الولاية عجز الولي عن القيام بمصالحها، والمقصود من جعل الولي هو تحقيق مصالح المتولى عليه ودرء المفاسد عنه، وصاحب الولاية الخاصة أقدر في ولايته على ما يتحقق به جلب المصلحة لتخصصه في ذلك. ولا يتفرع عن هذه القاعدة قواعد، وإنما ذكر الفقهاء تطبيقات لها في كتاب النكاح، والوقف، والقصاص، وغيرها. والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الصفوف غير المتصلة في الصلاة!

الصفوف غير المتصلة في الصلاة! المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. في بلادنا يوجد مكان خاص بالمؤذن، ويكون في الجهة الخلفية من المسجد، فعندما لا يمتلئ المسجد يكون هناك فراغ بين آخر صف من صفوف الصلاة وبين منطقة المؤذن ما لا يقل عن أربعة أمتار، فهل يجوز للمؤذن أن يصلي في تلك المنطقة مع هذا الفرق في المسافة؟ مع العلم أن بعض الناس يقومون بترك الصف الأخير من الصلاة ويصلون إلى جانب المؤذن، راجيًا أن تكون الإجابة متضمنة كم يجب أن تكون المسافة بين صف وآخر إذا كانت المسافة كبيرة؟ أفيدونا أثابكم الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فما دام أن منطقة المؤذن داخل المسجد، فيجوز له أن يصلي فيها إذا لم يكن منفرداً في الصف، ولو كان بينه وبين الصف الأخير مسافة تزيد على أربعة أمتار، وقد حكى النووي الإجماع على الجواز في كتابه المجموع (4/302) ، حيث قال: (للإمام والمأموم في المكان ثلاثة أحوال: أحدها: أن يكونا في مسجد، فيصح الاقتداء سواء قربت المسافة بينهما أم بعدت لكبر المسجد، وسواء اتحد البناء أم اختلف، تصح الصلاة في كل هذه الصور وما أشبهها إذا علم صلاة الإمام، ولم يتقدم عليه، سواء كان أعلىمنه أو أسفل، ولا خلاف في هذا، ونقل أصحابنا فيه إجماع المسلمين) ا. هـ. ثم وضَّح - رحمه الله- ما يحصل به العلم بصلاة الإمام، بقوله: (ويحصل له العلم بذلك بسماع الإمام، أو من خلفه، أو مشاهدة فعله، أو فعل من خلفه، ونقلوا الإجماع في جواز اعتماد كل واحد من هذه الأمور) ا. هـ. وبهذا يعلم أن صلاة المأموم - سواء كان مؤذناً أو غيره- تصح خلف الإمام، ولو كان بين الصف الذي هو فيه، وبين الإمام أو الصف الأخير مسافة كبيرة، ما دام أنهم في مسجد واحد، وما دام أن المأموم يعلم صلاة الإمام بسماع الإمام أو من خلفه، أو مشاهدة فعل الإمام أو من خلفه، وأن هذا إجماع كما حكاه النووي، وكما حكاه أيضاً أبو البركات ابن تيمية، كما نقله عنه الشيخ ابن قاسم في حاشية الروض (2/347) رحم الله الجميع. ولكن يتأكد أن أنبه - هنا- على أنه لا ينبغي للمأموم عموماً، وللمؤذن خصوصاً أن يتأخر عن الصفوف الأولى؛ لما في ذلك من مخالفة السنة، التي أُمرنا باتباعها، فقد جاءت الأحاديث الكثيرة بالترغيب في المسابقة إلى الصفوف الأُوَل، ومن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه (440) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ... " الحديث. ومنها ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، يعني - من الثواب- ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" صحيح البخاري (615) وصحيح مسلم (437) .

بل حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على المقاربة بين الصفوف - بعضها مع بعض- وبين الصف الأول وبين الإمام، فقال صلى الله عليه وسلم: "تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله" أخرجه مسلم في صحيحه (438) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه-. لهذه النصوص وغيرها، فإنه لا ينبغي للمؤذن وهو الأسوة أن يتأخر عن الصف الأول، فضلاً عن أن يكون في مؤخرة المسجد، وعليه أن يكون داعية بفعاله قبل أن يكون داعية بلسانه ومقاله. والله تعالى أعلم.

إقامة جماعتين أو أكثر في آن واحد

إقامة جماعتين أو أكثر في آن واحد المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/02/1426هـ السؤال ما حكم قيام أكثر من جماعة في مسجد واحد وفي وقت واحد، ومع أي جماعة يصلي المصلي هل مع الأغلبية أم مع الجماعة التي أقامت الصلاة أولا؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن إقامة أكثر من جماعة في مسجد واحد وفي وقت واحد بدعة لم تكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه - رضي الله عنهم-، قال الزركشي في إعلام المساجد (ص 366) : (تكرير الجماعة في المسجد الواحد خلف إمامين فأكثر كما هو الآن بمكة وجامع دمشق لم يكن في الصدر الأول) . وقال أحمد شاكر - رحمه الله- في تعليقه على الترمذي (ج1 ص431) : (وقد كان عن تساهل المسلمين في هذا، وظنهم أن إعادة الجماعة في المساجد جائزة مطلقاً أن فشت بدعة منكرة في الجوامع العامة مثل الجامع الأزهر والمسجد المنسوب للحسين - رضي الله عنه- وغيرهما بمصر، فجعلوا في المسجد الواحد إمامين راتبين أو أكثر ... إلى أن قال: بل قد بلغنا أن هذا المنكر كان في الحرم المكي، وأنه كان يصلى فيه أربعة أئمة يزعمونهم للمذاهب الأربعة، ولكننا لم نر ذلك، إذ أننا لم ندرك هذا العهد بمكة، وإنما حججنا في عهد الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله-، وسمعنا أنه أبطل هذه البدعة وجمع الناس في الحرم على إمام واحد راتب، ونرجو أن يوفق الله علماء الإسلام لإبطال هذه البدعة من جميع المساجد في البلدان بفضل الله وعونه إنه سميع الدعاء) . انتهى كلامه رحمه الله. وقال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- في الشرح الممتع (ج4 ص228) ما نصه: (فأما الصورة الأولى بأن يكون في المسجد جماعتان دائماً: الجماعة الأولى والجماعة الثانية، فهذا لا شك أنه مكروه إن لم نقل إنه محرم؛ لأنه بدعة لم يكن معروفاً في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ومن ذلك ما كان معروفاً في المسجد الحرام قبل أن تتولى الحكومة السعودية عليه، كان فيه أربع جماعات كل جماعة لها إمام (إمام الحنابلة يصلي بالحنابلة) و (إمام الشافعية يصلي بالشافعية) و (إمام المالكية يصلي بالمالكية) ، و (إمام الإحناف يصلي بالأحناف) ،..... الملك عبد العزيز - جزاه الله خيراً- لما استولى على مكة قال: هذا تفريق للأمة، أي: أن الأمة الإسلامية متفرقة في مسجد واحد، وهذا لا يجوز، فجمعهم على إمام واحد، وهذه من مناقبه وفضائله رحمه الله تعالى) انتهى. والله أعلم.

هل في هذه الأرض زكاة؟

هل في هذه الأرض زكاة؟ المجيب عبد الله بن علي الريمي ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/05/1426هـ السؤال لدي أرض قيمتها مائتان وخمسون ألف ريال، اشتريتها لأبيعها بعد فترة لأبني لي بيتاً في موقع آخر، هل في هذه الأرض زكاة، علماً أن عليَّ مبلغ خمسمائة ألف ريال، عبارة عن أقساط شهرية بواقع 8000 ريال شهرياً. كما أنني أقرضت أحد الإخوان قبل سنة ونصف مبلغ ثلاثين ألف ريال، وهو من الثقاة، فهل فيها زكاة؟ أفيدونا، وأسأل الله أن يجزيكم عنا كل خير. الجواب الحمد لله رب العالمين، أما بعد: فإن كانت الأرض التي اشتريتها اجتمع فيها هذان الشرطان: 1- أن تقصد بها التكسب. 2- عرضها للبيع، فعليك الزكاة فيها عن كل سنة ما دام الشرطان مجتمعين, وإن كنت لم تقصد بها التكسب، أو قصدت ذلك ولكنك لم تعرضها للبيع، فتزكي ثمنها إذا بعتها (2.5%) مرة واحدة. والذي يظهر أن الدين الذي يسدّد عن طريق الأقساط المسحوبة من الراتب لا يمنع الزكاة، بل يزكي الإنسان ماله الموجود بيده إذا حال عليه الحول. أما الدين الذي أقرضته لأخيك المذكور، فإن كنت تقصد بالثقة أنه قادر على الدفع عند الطلب بدون مماطلة فعليك زكاة المال كل سنة , وإن كان معنى الثقة أنه لا يجحد المال، ولكنه لا يستطيع الدفع لعجزه فتزكي المال (30.000) مرة واحدة عند قبضه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل ورد في السنة علاج العقم؟

هل ورد في السُنَّة علاج العقم؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/04/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم هل ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما هو مختص بعلاج العقم؟. وفقكم الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد: لا أعلم شيئاً ورد في السنة يختص بعلاج العقم، ولكن ينبغي للإنسان أن يحرص على الدعاء، وصدق الالتجاء إلى الله بسؤاله الذرية الطيبة، ويتوخى ساعات الإجابة، وقد أخبر الله -سبحانه وتعالى- أنه رزق زكريا -عليه السلام- الولد على كبر سنه وعقم امرأته حينما دعا ربه، قال عز وجل: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) [الأنبياء:90،89] ، وقال تعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً) [آل عمران:38] ، وعلى الإنسان الذي لم يرزق بولد أن يحرص على كثرة الاستغفار والتوبة، فهو سبب في مغفرة الذنوب ونزول الغيث والإمداد بالأموال والبنين، قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مُدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) [نوح:10-12] ، وإذا بذل المسلم الأسباب في طلب الولد ولم يتحقق ذلك فعليه بتفويض الأمر إلى الله، والرضا بما قسم الله له، فهو لا يعلم فيما تكون الخيرة فيه، هذا والله أعلم.

هل في دنو المأمومين من الإمام فضل؟

هل في دنو المأمومين من الإمام فضل؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/05/1426هـ السؤال هل يوجد حديث صحيح، أو قول للأئمة أو التابعين، أو تفضيل بخصوص مقاربة صفوف المأمومين للإمام في الصلاة، كمسافة بين موضع وقوفهم ووقوفه؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: ورد في الأحاديث الأمر برص الصفوف وتسويتها والدنو من الإمام. انظر صحيح البخاري (719،717) ، وصحيح مسلم (436) ، وقد ذكر بعض أهل العلم أن السنة ألا تزيد المسافة بين الإمام والمأمومين على ثلاثة أذرع. قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى (1/215) : "السنة ألا يزيد ما بين الإمام ومن خلفه من الرجال على ثلاثة أذرع تقريباً كما بين كل صفين". ومعنى هذا أن المسافة ما بين أقدام المصلين في الصف الأول وقدم الإمام لا تزيد على ثلاثة أذرع، وهذا مأخوذ من أن السنة أن يكون ما بين المصلي - أي موضع قدميه - وسترته قدر ثلاثة أذرع، كما في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان إذا دخل الكعبة مشى حتى يكون بينه وبين الجدار -وفي لفظ: القبلة- ثلاثة أذرع صلى، يتوخى المكان الذي أخبره بلال أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى فيه. صحيح البخاري (506) ، وسنن أبي داود (2023) . والله أعلم.

منعها زوجها من الحج فهل يسقط عنها!

منعها زوجها من الحج فهل يسقط عنها! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/12/1426هـ السؤال أنا امرأة متزوجة وقد توفي والدي وترك لي أرثاً جيداً أستطيع من خلاله أن أذهب مع ابني الشاب إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، وزوجي لا يسمح لي بالذهاب، وهنا في دولتي يطلبون موافقة الزوج، وفي كل عام ألح عليه وهو يرفض، وأنا الآن تجاوزت الخمسين، وأخاف أن أموت دون تأدية هذه الفريضة، ودون أن أحظى بتلك المتعة. أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا يجوز لزوجك أن يحول بينك وبين الحج، وهو في ذلك آثم أعظم الإثم. لكن مع عجزك بمنعه لك. لا يلزمك الحج ويسقط عنك، ولعلك أن توصي من يشفع لك عنده لعله يتذكر أو يخشى، ولعل قلبه أن يرق، ومحاولتك هدايته ألزم عليك من السفر للحج، فانصحيه وعظيه وخوفيه بالله، ومريه بالصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر واجبات الإسلام. والله أعلم.

التيس المستعار!

التيس المستعار! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/11/1426هـ السؤال كنت متزوجاً بامرأة أنجبت منها طفلاً، ثم طلقتها ثلاثاً، ورغم انفصالنا إلا أننا يحب كل منا الآخر، وذلك من أجل ولدنا، وقد استمر تواصلنا بعد الطلقة الثالثة، وحين نلتقي لا نملك أنفسنا فنقع في الحرام، فهل أجعلها تتزوج بآخر لتحل لي من جديد؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: لا بد أن تعلم أن الزنا من كبائر الذنوب، وأن عقوبة الزاني المحصن الرجم بالحجارة حتى يموت، كما صح ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد رجم ماعزاً -رضي الله عنه- أخرجه البخاري (6824) ، ومسلم (1693) ، ورجم الغامدية -رضي الله عنها- أخرجه مسلم (1695) . ثانياً: يجب عليك التوبة النصوح من هذا الذنب العظيم وهذه الكبيرة، والندم على ما فات، وأن تعزم على عدم العود إلى الزنا مرة ثانية. قال الله تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68-70] . ثالثاً: يجب عليك عدم الحديث بما وقع منك في المجالس العامة أو الخاصة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه" رواه البخاري (5721) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. رابعاً: يحرم عليك الخلوة بتلك المرأة ورؤيتها، بل الواجب عليك ألا تذهب إلى بيتها بل تُرسل من يحضر ولدك إليك في مقر سكنك (كالفندق أو غيره) ، قال عليه الصلاة والسلام: "لا يخلو رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان" رواه الترمذي (2165) ، والنسائي (9219) من حديث عمر -رضي الله عنه- وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. خامساً: هذه المرأة التي بانت منك بينونة كبرى -حيث طلقتها ثلاثاً- لا تحل لك حتى تنكح غيرك نكاح رغبةٍ لا تحليل، ثم يطلقها قال تعالى: "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يُقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون" [البقرة:229-230] . أما النكاح الذي يقصد منه التحليل فلا يحل المرأة لك، فعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له" رواه ابن ماجه (1936) ، والحاكم (2/217) ، والدارقطني (3/251) ، وصححه الحاكم، وحسّن إسنادَ ابنِ ماجه الإمامُ عبدُ الحق. نصب الراية (3/239) .

وعن عمر بن نافع عن أبيه، أنه قال: جاء رجل إلى ابن عمر -رضي الله عنهما- فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثاً فتزوجها أخ له مؤامرة منه ليحلها لأخيه، هل تحل للأول؟ قال: لا، إلا نكاح رغبة، كنا نعد هذا سفاحاً على عهد رسول الله -صلى الله عليه- رواه الحاكم (2/217) ، والبيهقي (7/208) ، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

زكاة أسهم المضاربة

زكاة أسهم المضاربة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/11/1426هـ السؤال اشتريت أسهماً في شركة الاتصالات ليس بغرض التجارة، وبعد سنتين ارتفع عدد الأسهم، فنويت أن أبيع، ثم أشتري عندما ينخفض السعر، فكيف أخرج الزكاة، حيث إن النية أصبحت للربح؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن زكاة الأسهم يختلف حكمها باختلاف النية من اقتنائها؛ لأن الأسهم إما أن تُقتنى لأجل الاستفادة من الأرباح التي تصرفها الشركات المساهمة، وإما أن تُقتنى من أجل المضاربة فيها، والاستفادة من الفرق الحاصل بين سعر الشراء والبيع. فإن كانت النية من اقتنائها الاستفادة من أرباحها السنوية التي توزعها الشركات المساهمة آخر السنة، فإن الزكاة لا تجب على المساهم في هذه الحالة؛ لأن الشركات المساهمة تقوم بإخراج الزكاة الواجبة عليها، وهذا في الشركات المساهمة في المملكة العربية السعودية؛ لأنها ملزمة بإخراج الزكاة الواجبة عليها، لكن يجب عليك التأكد من أن الشركة قد أخرجت الزكاة الشرعية الواجبة عليها. وإن كانت النية من اقتنائها المضاربة فيها، والاستفادة من الفرق بين سعر الشراء والبيع، فإنها في هذه الحالة تعد من عروض التجارة، ومقدار الزكاة الواجبة فيها اثنان ونصف في المئة (2.5%) ، وذلك بعد تقييم الأسهم عند تمام الحول على المساهم وهو يضارب في الأسهم. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

كيف الجمع بين هذين الحديثين؟

كيف الجمع بين هذين الحديثين؟ المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/06/1426هـ السؤال كيف نجمع بين حديث: "يضحك الله إلى رجلين يتقاتلان ... " إلى آخر الحديث، وبين حديث: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار...."؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: حديث: "يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ". أخرجه البخاري (2826) ، ومسلم (1890) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وحديث: "إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّار"،ِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَال: "إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ". أخرجه البخاري (31) ، ومسلم (2888) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه. وليس بين الحديثين تعارض، فالحديث الأول معناه أن رجلين أحدهما كافر والآخر مسلم، فيقتل الكافر المسلم، ثم يمن الله على الكافر فيسلم، والإسلام يهدم ما كان قبله. وأما الحديث الآخر فهو من أحاديث الوعيد، فإن الملتقيين بسيفيهما قد توعدا بالنار، وهما تحت المشيئة إن شاء الله غفر لهما، وإن شاء عذبهما؛ لعموم قوله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ) [النساء:48] ، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في مرتكب الكبيرة، وقد سماهم الله مسلمين مع توعدهما بالنار، وهذا مثل قوله عز وجل: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) [الحجرات:9] ، فسماهم الله مؤمنين مع وجود القتال بينهم، فالحاصل أن القتل من كبائر الذنوب، وهذا إذا لم يكن بتأويل سائغ، والله أعلم.

هل يلزم الصبي إتمام العمرة؟

هل يلزم الصبي إتمام العمرة؟ المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/12/1426هـ السؤال عندما كنت في الثانية عشرة من عمري -تقريباً قبل البلوغ- أحرمت للعمرة، ولما ذهبت ووصلت الطائف مرضت ولم أتمم عمرتي، فهل يلزمني شيء؟ علماً بأني قد تيسَّر لي أداء العمرة عدة مرات بعد هذه المرة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه المسألة مبنية على ما ذكره أهل العلم في إحرام الصبي (أي غير البالغ) ، هل يلزمه إتمام ما أحرم به أم لا؟ اختلف أهل العلم فيها على قولين: أصحهما أنه لا يجب عليه الإتمام، وأنه يقبل ما أتى به في الطاعات، ولا يُلزم بما تركه؛ لأنه غير مكلف، وهذا مذهب الحنفية، وهو مارجَّحه العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تأبين الميت

تأبين الميت المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/05/1426هـ السؤال ما حكم تأبين الميت (المسلم) ، فقد نقل عن كثير من العلماء فعله، فما هو أصل هذا العمل في ديننا؟. الجواب التأبين للميت - ذكر محاسنه في الحياة وعند الممات والدعاء له، ومنه العزاء أو التعزية لأهل الميت - مشروع، وأخذ به عامة العلماء وعمل الناس عليه بذكر محاسن الميت بحضور أهله وذويه؛ تأنيساً لهم وتطييباً لخواطرهم بفقد ميتهم، والأصل في هذا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه - في سنن أبي داود (4900) ، والترمذي (1019) : "اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم"، وأخرجه الحاكم في المستدرك (1461) ، وصحح إسناده، ووافقه الذهبي في التلخيص. وما يفعله بعض الناس من الجلوس في بيت الميت أو قريبه يستقبل المعزين- فعل سائغ لا شيء فيه شرعاً؛ لأن فيه تعاوناً على فعل الخير في الدعاء للميت لكل من المعزين والمعزى، وربما لولا تحديد المكان لما أمكن تعزية أولياء الميت، والفائدة حصول الجميع على الأجر. أما تحديد العزاء (التأبين) ثلاثة أيام من وفاة الميت، فاستئناساً بحديث أم المؤمنين زينب بنت جحش المتفق عليه، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً". صحيح البخاري (1282) ، صحيح مسلم (1487) . والله أعلم.

قراءة القرآن عند القبر بعد الدفن

قراءة القرآن عند القبر بعد الدفن المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. ما هو رأي الأحناف في الإمام الذي يقرأ القرآن عند القبر بعد الفراغ من دفن المتوفى؟ وماذا تقولون في الأئمة الآخرين الذين يقولون إن ذلك بدعة ويجيزون الدعاء فقط؟ مَن مِنهم على الحق؟ وما هي آراء الأئمة الثلاثة الآخرين؟ أرجو تزويدي بأي أدلة تساعدني في معرفة الحق في هذه المسألة. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله أما تفصيل مذاهب الأئمة وأصحابهم في مسألة قراءة القرآن عند القبور فيرجع في ذلك إلى كتب هذه المذاهب وكتب الخلاف. وأما مجمل القول في هذه المسألة فللناس فيها ثلاثة مذاهب: أحدها: المنع مطلقاً، أي أنها لا تجوز القراءة عند القبور مطلقاً. الثاني: أنه تجوز القراءة مطلقاً. والثالث: أنها تجوز القراءة عند الدفن فقط. ويروى في ذلك بعض الآثار عن الصحابة -رضي الله عنهم-. والقول الأول هو الصحيح، أي أنه لا تجوز القراءة عند القبور، فالقبور ليست موضعاً للصلاة ولا لغيرها من العبادات، كل ما دلت عليه السنة هو استحباب زيارة القبور للسلام والدعاء للأموات وتذكر الآخرة. أما الصلاة فقد استفاضت السنة في النهي عنها عند القبور؛ فإن ذلك من اتخاذها مساجد كما قال صلى الله عليه وسلم: "فلا تتخذوا القبور مساجد؛ إني أنهاكم عن ذلك" أخرجه مسلم (532) . ولم يأت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أرشد إلى قراءة القرآن عند القبور كما أرشد إلى زيارتها والدعاء لأهلها. وأيضاً يقال: لماذا يُقرأ القرآن عند القبور؟ هل لأن ذلك أفضل للقارئ؟ أو من أجل أن ينتفع الميت بسماع القرآن؟ كل من الأمرين باطل، فالميت قد انقطع عمله إلا من علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية، كما صح بذلك الحديث انظر صحيح مسلم (1631) . ودعوى الأفضلية تفتقر إلى دليل، ولا دليل على أفضلية القراءة عند القبور، فتحري القراءة عند القبور بدعة. وقد حكى الأقوال الثلاثة ابن أبي العز الحنفي -رحمه الله- في شرحه للعقيدة الطحاوية فليرجع إليه. والله أعلم.

العمل في مصنع أسلحة في الدول الغربية!

العمل في مصنع أسلحة في الدول الغربية! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/02/1427هـ السؤال ما حكم العمل في مصنع أسلحة في ديار الغرب؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: زادك الله حرصاً وثباتاً على الدين، نعم يجوز العمل في مصانع الأسلحة كسائر الأعمال؛ إذ الأصل في الأشياء الإباحة والحل حتى يرد دليل بالمنع. وصنع الكفار الأسلحة لا يلزم منها أن يحاربوا بها المسلمين، بل قد يبيعونها لهم فيستفيد منها المسلمون. ثم إن العمل في مصنع الأسلحة قد يكون عملاً غير مباشر، كأن يكون إداريًّا أو خدميًّا، وتحريم صنع السلاح أو الإعانة عليه إنما يكون عند القطع واليقين أنه سيستخدم بعينه لضرر الغير، كقتل المسلم بغير حق، وتحقق هذا الغرض بعيد جداً إن لم يكن مستحيلاً. أما عمل المسلم أجيراً ونحوه عند الكافر فجائز شرعاً؛ فقد تعامل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة ومن بعدهم مع المشركين واليهود والنصارى، فتعاملوا بالبيع والشراء والإجارة، وتبادلوا الهدايا، ولم يدفعهم هذا إلى موالاة الكفار ومحبتهم. وفق الله الجميع إلى كل خير.

تنقل المقلد بين المذاهب

تنقّل المقلد بين المذاهب المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/11/1426هـ السؤال هل يجوز لمسلم أن يخالف رأي الجمهور في مسألة ما، ويأخذ برأي قلة من العلماء؟ وهل يجوز التبديل بين المذاهب في مسألة واحدة، مثل قنوت الفجر، فيقنت يوماً ويدع يوما وهكذا؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الواجب على جميع المكلفين اتباع الأدلة الشرعية من الكتاب، وما صحّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمصير إلى ما تدل عليه، ولكن إذا كان الإنسان عاجزاً عن ذلك بأن لم يكن من أهل النظر في الأدلة الشرعية، واستنباط الأحكام منها- فإنه يجوز له أن يقلد أحد الأئمة المشهود لهم بالعلم والورع، فيلتزم بأقواله ويعمل بفتاويه، ويتبعه في كل ما لم يعلم بطلانه، أما إذا علم بطلان قوله في أي مسألة من المسائل، بأن تبين له فيها دليل يخالف قول إمامه، فإن الواجب عليه حينئذٍ العمل بما دل عليه الدليل، ولا يجوز له حينئذٍ الاستمرار على ما ذهب إليه إمامه؛ لأن التقليد إنما جاز لهذا العامي لأنه جاهل بالدليل، أما إذا عرفه أو أُخبر به وجب عليه ترك التقليد والعمل بالدليل؛ لعدم الحاجة إلى التقليد. وهذا الكلام ينبهنا إلى أن العامي لا يسوغ له التنقل بين المذاهب، بل يجب عليه اتباع مذهب إمامه، ولا يجوز له تركه في أي مسألة من المسائل، إلا إذا ظهر له دليلٌ صريحٌ يخالف مذهب إمامه، أمَّا إذا لم يظهر له دليلٌ يدل على خلاف ما ذهب إليه إمامه، فإنه لا يجوز له ترك مذهب إمامه ولا التنقل بين المذاهب؛ لأنه لا يفعل ذلك عن علم، وإنما مستنده في ذلك الهوى، واتباع الهوى لا يجوز. ويمكن تطبيق هذا الكلام على مسألة القنوت في صلاة الفجر، فالواجب على العامي اتباع إمامه فيما ذهب إليه في هذه المسألة، فإن كان إمامه يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر قنت، وإن كان إمامه لا يرى مشروعية ذلك لم يقنت، ولا يجوز للعامي أن يتنقل بين المذاهب في هذه المسألة، وأحيل الأخ السائل إلى جواب عن سؤال حول حكم القنوت في صلاة الفجر في هذا الموقع، بعنوان: (القنوت في الفجر) . والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

استيفاء العامل حقه من كفيله دون علمه

استيفاء العامل حقه من كفيله دون علمه المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/01/1427هـ السؤال لي صديق يعمل مع كفيل لا يعترف بأن للعمالة حقوقاً، أي لا نهاية خدمة، ولا تذاكر سفر، ولا راتب إجازة وغيره. فهل للمكفول أخذ حقه دون زيادة بطريقة لا يعلمها الكفيل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا تحقق ما ذكر فيجوز للمكفول أخذ حقه بطريقة شرعية صحيحة، من نصحه أو إقناعه بواسطة آخرين بأن للعمالة حقوقاً عليه احترامها، فإذا لم يستجب فلصديقك أن يشتكيه عبر الجهات المختصة. وأما أخذ الحق بنفسه فإن ذلك يمثل خيانة أو سرقة، ونهايته إلى الفوضى، كما أنه قد يظن أن له حقًّا وليس الأمر كذلك. وإنما يجوز أخذ الحق للزوجة مع زوجها إذا قصر في النفقة عليها؛ لما ثبت في الصحيحين، حيث قالت امرأة أبي سفيان للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن أبا سفيان رجل بخيل، فهل لي أن آخذ من ماله دون علمه؟ قال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". صحيح البخاري (5364) ، وصحيح مسلم (1714) . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كيف الجمع بين هذه الآية وهذا الحديث؟!

كيف الجمع بين هذه الآية وهذا الحديث؟! المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/05/1426هـ السؤال قال تعالى: "قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير.." [الأنعام: 145] ، ولكننا نعلم من الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل الحمر الأهلية والسباع وغيرها. فكيف يكون التوفيق بين الآية والحديث؟ وفي صحيح البخاري روى عمرو: قلت لجابر بن زيد: "يزعم الناس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل لحم الحمر، ولكن الحبر ابن عباس رفض أن يفتي في ذلك, وتلا: "قل لا أجد فيما أوحي إلي" الآية أرجو توضيح المسألة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله, وبعد: ثبت في السنة النهي عن لحوم الحمر الأهلية, وعن كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، ففي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ. صحيح البخاري (4198) ، وصحيح مسلم (1940) ، وفيهما من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: نَهَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ. صحيح البخاري (4219) ، وصحيح مسلم (1941) ، وفيهما من حديث أبي ثعلبة -رضي الله عنه- قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ. صحيح البخاري (5527) ، وصحيح مسلم (1936) ، وفي صحيح مسلم (1933) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: " كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ"، وفيه (1934) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِن السِّبَاعِ، وَعَن كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِن الطَّيْرِ". وهذه الأحاديث تدل على تحريم ما ذكر، وهو قول جمهور العلماء، وأما الاستدلال بقوله تعالى: (قُلْ لا أجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) [الأنعام:145] ، وكون ابن عباس أخذ بظاهرها، فيجاب عنه بما يأتي: 1- أن الاستدلال بالآية يتم فيما لم يرد فيه النص بالتحريم، والحمر الأهلية قد تواردت النصوص على تحريمها - كما سبق - والتنصيص على التحريم مقدَّم على عموم التحليل وعلى القياس. 2- أن الآية الكريمة مكيَّة، والحصر فيها قبل أن يستجد تحريم ما ذُكر في السنة، فقد حُرمت أشياء بعد نزولها، والآية جاءت بصيغة الفعل الماضي: (قُلْ لا أَجِدُ) ، فمعنى ذلك أن وقت نزول الآية لم يحرم إلا ما ذكر فيها، ثم حرم أشياء بعد نزولها.

3- أن الآية جاءت في سياق نقض أقوال المشركين الذين حرموا أشياء بأهوائهم، وافتروا على الله عز وجل، ومن ذلك أنهم يجعلون بعض الأنعام محرماً ما في بطونها على الإناث دون الذكور، وأشياء أخرى ذكرت في الآيات، فجاءت هذه الآية الكريمة لتبين أنه لا يحرم من بهيمة الأنعام إلا الميتة، وما أهل لغير الله به، والله أعلم. 4 - أن الله -سبحانه وتعالى- وصف المحرمات في الآية بأنها رجس، فما كان مشتركاً في هذا الوصف فيدخل في التحريم، وقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- الحمر الأهلية في حديث أنس - كما تقدَّم - بأنها رجس. أما ما يروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الاستدلال بالآية على أن الحمر الأهلية ليست محرمة -صحيح البخاري (5529) - فيجاب عنه بما يأتي: 1- أن ابن عباس - رضي الله عنهما - لم يتحقَّق له أن تحريم الحمر الأهلية تحريماً مؤبداً، بسبب ما جاء في بعض الروايات أنها حُرمت من أجل خوف قلة الظهر, أو لأنها لم تخمس أو لأنها جوالة القرية، أي جلالة تأكل النجاسات. انظر صحيح البخاري (3155) ، وصحيح مسلم (1937) ، وسنن أبي داود (3809) ، ومعجم الطبراني (12226) ، ولهذا توقَّف ابن عباس هل كان تحريمها بسببٍ عارض أو على وجه التأبيد، ولكن حديث أنس في الصحيحين صريح بأنها حرمت لأنها رجس. 2- أنه يروى عن ابن عباس أنه رجع عن رأيه هذا, وجزم بالتحريم. انظر المنتقى لابن الجارود (732) , ومعجم الطبراني (11067) ، قال ابن القيم: "والتحقيق أن ابن عباس أباحها أولاً؛ حيث لم يبلغه النهي فسمع ذلك منه جماعة فرووا ما سمعوه، ثم بلغه النهي عنها فتوقف هل هو للتحريم أو لأجل كونها حمولة، فروى ذلك عنه الشعبي وغيره، ثم لما ناظره علي بن أبي طالب جزم بالتحريم كما رواه عنه مجاهد" [تهذيب السنن (5/322-323) ] .

الصلاة في مسجد بجانب مقبرة

الصلاة في مسجد بجانب مقبرة المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/05/1426هـ السؤال أرجو تقديم دليل مفصَّل من القرآن أو السنة عن حكم الصلاة في مسجد يقع إلى جانبه مقبرة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد: فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل" متفق عليه من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-[صحيح البخاري (235) ، وصحيح مسلم (521) ] ، ولذلك ذهب أهل العلم كافةً إلى أن الأصل جواز الصلاة في أي جزءٍ من الأرض، إلا ما استثناه الشارع بحديث صحيح. وما سألت عنه داخل في هذا الأصل، فإنه لا حرج في الصلاة في مسجد يقع إلى جانبه مقبرة، إذا كان المسجد منفصلاً تماماً عن المقبرة، ولكل منهما بناءٌ خاص به متميزٌ عن الآخر، وهكذا كان المسلمون قديماً وحديثاً، فإن كثيراً من مساجدهم تقع بجانب مقابرهم؛ تسهيلاً عليهم في حمل موتاهم ودفنهم بعد الصلاة عليهم. والمحذور في هذا الباب أن يكون المسجد داخل المقبرة، أو يكون القبر داخل المسجد، فإن كان المسجد داخل المقبرة وجب هدم المسجد؛ لأنه بني في موضع لا يجوز بناؤه فيه، وإن كان القبر داخل المسجد، فإن كان القبر هو الأسبق وجب هدم المسجد؛ لما سبق ذكره، وإن كان المسجد هو الأسبق وجبت إزالة القبر؛ لأنه وضع في مكان لا يجوز وضعه فيه. وعلى كلٍّ فإن الصلاة لا تجوز في المساجد المبنية على القبور؛ لما ثبت من نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بناء المساجد على القبور، بل هو من آخر وصاياه عليه الصلاة والسلام، كما ثبت في الحديث المتفق عليه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي لم يقم منه: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". قالت: ولولا ذلك أُبرز قبره، غير أنه خشي أن يُتَخَذَ مسجداً. صحيح البخاري (1390) ، وصحيح مسلم (529) . وثبت عند مسلم (532) من حديث جندب -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك". ولما سبق فإن الصلاة في مسجد يقع بجانبه مقبرة لا حرج فيه إذا كان لكل منهما مبنى منفصل تماماً عن الآخر، إلا أن كثيراً من أهل العلم اشترطوا في ذلك ألا تكون المقبرة في قبلة المسجد ملاصقة له، فإن كانت المقبرة في قبلة المسجد لم تجز الصلاة فيه؛ لما ثبت عند مسلم (970) من حديث أبي مرثد الغنوي -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تصلوا إلى القبور) . وعموماً فإن المحققين من أهل العلم يشددون في مثل هذه المسائل؛ حمايةً لجناب التوحيد، ولأن ذلك ذريعةٌ واضحةٌ للشرك، كما حصل عند كثيرٍ من الناس في مختلف الأزمنة والأمكنة. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

سبب نزول آية الكرسي

سبب نزول آية الكرسي المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/01/1427هـ السؤال هل يصح كون سبب نزول آية الكرسي الحديث الآتي: (سأل بنو إسرائيل رسولهم موسى: هل ينام ربك؟ فقال موسى: اتقوا الله، فناداه ربه عز وجل: يا موسى سألوك هل ينام ربك؟ فخذ زجاجتين في يديك فقم الليل، ففعل موسى، فلما ذهب من الليل ثلث، نعس فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطهما، حتى إذا كان آخر الليل نعس، فسقطت الزجاجتان فانكسرتا. فقال الله تعالى: يا موسى لو كُنت أنام لسقطت السماوات والأرض، فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك) ؟. ولهذا السبب أنزلت آية الكرسي. أرجو الرد. الجواب الحمد لله ذي المحامد العليّهْ، والصلاة والسلام على هادي البشريّهْ، وعلى أزواجه والذريّهْ، أما بعد: فلهذا الحديث -الذي فيه قصةٌ لموسى مع ربّه عز وجل، عن تنزيه الله تعالى عن النوم- رواياتٌ: الأولى: رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أخرجها أبو يعلى في المسند (6669) ، وابن جرير في تفسيره (4/534) ، وابن أبي حاتم في التفسير (18015) ، والدارقطني في الغرائب -كما في أطرافه- (5229) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (79) ، والخطيب في تاريخ بغداد (1/268) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (23،22) ، كلهم من طريق أميّة بن شبل، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن أبي هريرة، به. لكن جاء فيه أن موسى -عليه السلام- هو الذي وقع في نفسه السؤال عن الله عز وجل: هل ينام؟!! وأميّة بن شبل اليماني لمّا ترجم له الذهبي في ميزان الاعتدال (1/276) ، لم يذكر فيه توثيقاً، بل قال: "له حديث منكر، رواه عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، قال: وقع في نفس موسى: هل ينام الله ... الحديث، رواه عنه هشام بن يوسف. وخالفه معمر، عن الحكم، عن عكرمة قوله، وهو أقرب، ولا يسوغ أن يكون هذا وقع في نفس موسى، وإنما رُوي أن بني إسرائيل سألوا موسى عن ذلك". فأضاف ابن حجر في اللسان (2/219) أن ابن حبان ذكره في الثقات. قلت: وفاتهما أن يحيى بن معين قال عنه: "ثقة"، كما في الجرح والتعديل (2/302) ، والثقات لابن شاهين (109) ، وتاريخ الإسلام للذهبي (4/583) . وفاتهما أيضاً أن علي بن المديني قال عنه في سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة له (202) : "ما بحديثه بأس". إذن فأميّة بن شبل مقبول الحديث حَسَنُه، لكن تبقى العلّتان اللتان أشار الذهبي إليهما. - مخالفته لمعمر بن راشد، وتأتي. - والنكارة في متنه، والتي أشار إليها البيهقي أيضاً في الأسماء والصفات، ثم ابن كثير في تفسيره. أما رواية معمر بن راشد عن الحكم بن أبان عن عكرمة موقوفاً عليه، ليس فيه ذكر أبي هريرة ولا النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخرجها عبد الرزاق في تفسيره (1/102) ، ومن طريقه ابن جرير في تفسيره (4/533) ، والخطيب في تاريخ بغداد (1/268-269) . ونبّه الخطيب إلى مخالفة رواية أميّة بن شبل لرواية معمر، وكذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق. ولا شك أن معمر بن راشد أحفظ وأتقن بمراتب من أميّة بن شبل، فحديثه أولى، ولذلك أورد ابن الجوزي هذا الحديث في العلل المتناهية، أي أنه يعدّه من الأحاديث الشديدة الضعف.

وبذلك لا يصحّ هذا الخبر من هذا الوجه إلا عن عكرمة مولى ابن عباس موقوفاً عليه. الثانية: رواية ابن عباس عن النبي –صلى الله عليه وسلم- مرفوعة: أخرجها ابن مردويه في تفسيره، ومن طريقة الضياء في المختارة (10/113-114) (111) ، قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم: حدثنا محمد بن الفضل بن موسى: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي: حدثني أبي، عن أبيه، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن نبيَّ الله –صلى الله عليه وسلم- قال: إن بني إسرائيل سألوا موسى –عليه السلام- هل ينام ربُّك؟ ... "الحديث. فمحمد بن عبد الله بن إبراهيم هو أبو بكر الشافعي صاحب الفوائد الشهيرة بالغيلانيات (ت354هـ) ، وهو أحد الحفَّاظ المتقنين. ومحمد بن الفضل بن موسى الرازي القُسْطاني (توفي بين 281هـ و290هـ) ، قال عنه ابن أبي حاتم: كتبت عنه وهو صدوق. الجرح والتعديل (8/60) وانظر له: تاريخ بغداد للخطيب (3/152-153) ، وتاريخ الإسلام للذهبي (6/821) . وأحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن عثمان الدَّشتكي، هو وأبوه، وجدّه من رجال التهذيب، وكلّهم مقبول، وأقلّهم هو الجدّ: عبد الله بن سعد بن عثمان، فمع أن الحافظ قال عنه: "صدوق"، إلا أنه لم يذكر عنه في التهذيب، إلا أن ابن حبان ذكره في الثقات، وأنه من رجال أبي داود والترمذي والنسائي، ويضاف إليهم أنه أخرج له أبو عوانة في مستخرجه على صحيح مسلم، كما في إتحاف المهرة لابن حجر (2/554رقم 2236) ، وهذا يرفع (مع ما سبق) من شأنه. وأشعث بن إسحاق بن سعد القُمي: صدوق مقبول الرواية. وجعفر بن أبي مغيرة دينار الخزاعي القُمي: صدوق مقبول الرواية، لكنه ليس من أقوى الرواة عن سعيد بن جبير، حتى قال ابن منده في الردّ على الجهمية (15) : "ليس بالقوي في سعيد بن جبير"، ومع أن الإمام أحمد هو أجل، وعبارته أجل عبارة في توثيقه، إلا أنه قدَّم أسلم المنقري عليه، وقال في هذا السياق: "جعفر ليس بالمشهور" العلل (5256) ، وهو يعني أنه ليس بتامّ الشهرة؛ وكذلك ابن منده: إنما يعني (فيما يظهر) أنه ليس بأقوى ما يكون في سعيد بن جبير. قلت: فهذا إسنادٌ ظاهره الحُسن عن ابن عباس –رضي الله عنهما- لكن له علّة، فقد خولف بوجهين: الأول: أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (2580) ، قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ... بالحديث، لكنه جعله موقوفاً على ابن عباس، ليس مرفوعاً إلى النبيّ –صلى الله عليه وسلم- وأخرجه أبو الشيخ في العظمة (138) ، عن ابن أبي حاتم بمثله تماماً. وأحمد بن القاسم بن عطية الرازي أبو بكر: حافظ، وثقه ابن أبي حاتم. الجرح والتعديل (2/67-68) ، وتاريخ الإسلام للذهبي (6/275) . فخالف أحمد بن القاسم: محمد بن الفضل بن موسى، في شيخهما أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي، فالأول رواه موقوفاً، والثاني رواه عنه مرفوعاً. فإن لم تكن الرواية الموقوفة هي الأشبه بالصواب، فلن تكون المرفوعة إلا مساويةً لها، وعليه لا يُحكم للرفع على الوقف. وقد رجّح ابن كثير في تفسيره الرواية الموقوفة. الوجه الثاني من المخالفة: يجعل الحديث موقوفاً على سعيد بن جبير، ليس فيه ذكر ابن عباس أصلاً.

أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب السنّة (1028) من طريق يحيى بن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، موقوفاً عليه. وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (4/276-277) من طريق جرير بن عبد الحميد عن أشعث بن إسحاق وابن عمّه يعقوب بن عبد الله، كليهما عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير موقوفاً عليه. وبذلك يتابعُ جرير بن عبد الحميد يحيى بن يمان على رواية هذا الحديث عن أشعث بن إسحاق موقوفاً على سيعد بن جبير، خلافاً لراو واحد هو عبد الله بن سعد الدشتكي الذي ذكر فيه (ابن عباس) مرفوعاً أو موقوفاً (كما سبق) . وواحدٌ من ذينك الراويين أولى بالصواب من عبد الله بن سعد، فكيف وقد اتفقا على مخالفته. ولذلك فإن الأصوب في هذا الإسناد أن يكون من كلام سعيد بن جبير. أما ما جاء عند أبي نعيم في الحلية (4/302) ، والضياء في المختارة (10/295-296) من رواية بعض أطراف هذا الحديث من رواية زياد بن عبد الله البكائي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فهو مع ما في زياد البكائي من ضعف، فهو معدود في أفراده عن عطاء بن السائب ومن مناكيره. كما تراه في الكامل لابن عدي (3/192) ، وميزان الاعتدال للذهبي (2/91-92) . كما أن عطاءً اختلط، ولم أجد ما يدل على وقت سماع زياد البكائي منه، لا أنه قبل الاختلاط، ولا أنه بعده. ومن ثَمَّ ليس في هذه الرواية ما يقوّي رفع الحديث. الثالثة: رواية عبد الله بن سلام –رضي الله عنه- موقوفاً عليه. أخرجها الآجري في الشريعة (764) ، والخطابي في غريب الحديث معلقة (2/375-376) ، كلاهما من طريق منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حِراش، عن خرشة بن الحرّ، قال: دخلت على عبد الله بن سلام فانقبض مني، حتى انتسبت له، فعرفني، فقال: والله لا أحدّثُ بشيءٍ إلا وهو في كتاب الله -عز وجل-: إن موسى –عليه السلام- دنا من ربه –عز وجل- حتى سمع صريف الأقلام، فقال: يا جبريل، هل ينام ربّك؟ قال جبريل: يا رب يسألك هل تنام؟ قال: يا جبريل، أعطه قارورتين، فليمسكهما الليلة لا ينام، فأعطاه، فنام، فاصطدمت القارورتان، فانكسرتا، فقال: يا ربّ، قد انكسرت القارورتان، فقال: يا جبريل، إنه لا ينبغي لي أن أنام، ولو نمت لزالت السماوات والأرض". وإسناده صحيح، وهو نص على أن هذا الخبر من الإسرائيليات؛ لأن عبد الله بن سلام يذكر أنه في كتاب الله تعالى، وهو ليس في القرآن فهو يعني التوراة. ومن المعلوم أن عبد الله بن سلام –رضي الله عنه- كان أحد أحبار اليهود قبل إسلامه. ثم إن هذا الخبر لو كان عند عبد الله بن سلام عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أو سمعه عنه، لكان أوثق له أن يرويه عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فعُدُوله عن روايته عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يدل على أنه لا يعرفه إلا عن كتب أهل الكتاب. الرابعة: رواية أبي بردة بن أبي موسى (وهو تابعي) مقطوعاً: أخرجها البيهقي في الأسماء والصفات (78) من طريق عاصم بن علي عن المسعودي، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، قال: إن موسى عليه السلام قال له قومه: أينام ربّك؟ ... الحديث.

وأخرجه أبو الشيخ في العظمة (119) من هذا الوجه، لكن وقع فيه من رواية أبي بردة عن أبيه أبي موسى الأشعري موقوفاً عليه. ولكن يبدو أنه خطأ، حيث إن السيوطي ذكر الأثر في الدر المنثور (12/305) ، مَعْزُوًّا إلى أبي الشيخ والبيهقي، أنهما روياه عن أبي بردة موقوفاً عليه، ليس فيه ذكر أبي موسى الأشعري. ثم إن هذا الإسناد فيه ضعف، حيث إن المسعودي (عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة) أحد المختلطين، وسماع عاصم بن علي منه بعد الاختلاط، كما تراه في تاريخ بغداد للخطيب (10/220) . هذا ما وقفت عليه من روايات هذا الخبر، وأصحّها وأقواها ما جاء عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- موقوفاً عليه، وهو مما نقله من كتب أهل الكتاب والغالب أن من ذكره من التابعين، وصحّ عنهم، كعكرمة مولى ابن عباس، وسعيد بن جبير = قد تلقّاه عن أهل الكتاب أيضاً. وهو من الإسرائيليّات التي ليس عندنا ما يكذّبها، ولا ما يصدّقها، فلا يجوز أن نردها ولا أن نقبلها، ويجوز أن تُروى معزوة إليهم، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج". صحيح البخاري (3461) . أمّا أن هذا الخبر هو سبب نزول آية الكرسي بالمعنى المعروف لأسباب النزول فلا وجه له، وإنما المقصود أنّ هذه الآية نزّهت الله -عز وجل- عن نقص كان قد وقع السؤال عنه في الأمم التي قبلنا، فجاء الجواب عنه في آية الكرسي: "لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم". هذا.. والله أعلم. والحمد لله على أفضاله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله.

امتناع النبي عليه الصلاة والسلام عن الدعاء لنجد!

امتناع النبي عليه الصلاة والسلام عن الدعاء لنجد! المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/11/1426هـ السؤال سؤالي عن حديث أورده البخاري في صحيحه، في كتاب الفتن، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا الله أن يبارك لنا في شامنا واليمن، ويمتنع عن الدعاء بالبركة لنا في نجد، نود من فضيلتكم التوضيح. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالحديث المذكور أخرجه البخاري في موطنين، في الاستسقاء (1037) ، وهو بصورة الموقوف، وفي الفتن (7094) ، وقد صرح برفعه، ولفظه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا"، قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا، قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا، فأظنه قال في الثالثة: "هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان". وقد بوب عليه البخاري في الموضع الأول: باب ما قيل في الزلزال والآيات، وبوب عليه في الموضع الثاني: باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الفتنة من قبل المشرق"، وساق معه حديثين آخرين لابن عمر -رضي الله عنهما- أحدهما أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مستقبل المشرق يقول: "ألا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان". وقد تبين من تبويب البخاري أن المراد بنجد جهة المشرق، ولذا قال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها وهي مشرق أهل المدينة، وأصل النجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور، فإنه ما انخفض منها، وتهامة كلها من الغور، ومكة من تهامة. انتهى. وأما عدم دعائه لأهل نجد، فقال المهلب: إنما ترك -صلى الله عليه وسلم- الدعاء لأهل المشرق ليضعفوا عن الشر الذي هو موضوع في جهتهم لاستيلاء الشيطان بالفتن. انظر في ذلك كله فتح الباري لابن حجر (13/46) ، وانظر للفائدة كتاب (أكمل البيان في شرح حديث النجد قرن الشيطان) للشيخ محمد أشرف سند، تحقيق عبد القادر بن حبيب الله السنوسي. والله أعلم.

تكوير شعر الرأس

تكوير شعر الرأس المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/11/1426هـ السؤال نرجو إفادتنا عن النهي الذي ورد في ربط الشعر فوق رأس المرأة في حديث: (صنفان من أهل النار..) فهل يتناول المرأة وهي داخل منزلها مع زوجها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: 1- إن أفضل طريقة لفهم النصوص- وخاصة الشرعية منها- هي: أن ننظر إليها نظرة متكاملة؛ حتى نتصور بوضوح الصورة التي يتحدث عنها النص، بعد فهم المفردات أو الأجزاء، وأبرز مثال لهذا هو الحديث المشار إليه؛ وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه عن الصنف الثاني من أصناف أهل النار التي لم يرها-: "ونساء كاسايات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة.." صحيح مسلم (2128) . فمن أجل أن نفهم هذا الحديث فهماً صحيحاً لا بد أن نتصور الصورة التي يذكر تصوراً متكاملاً، وإذا حصل اختزال أو حذف لبعض الصفات أو العناصر المذكورة في الحديث فلا يمكن أن نفهمه فهماً صحيحاً. فالرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث لم يتكلم عن رأس المرأة فقط، كما لم يتكلم عن ملابسها فقط، ولا عن تصرفاتها فقط. 2- وبهذا يتبين أن الحديث إنما هو عن نوعية من النساء مستهترة بكل المقاييس؛ تلبس الملابس التي لا تستر ما أوجب الله ستره، تميل إلى غيرها وتستميل غيرها، تستخدم أعضاء جسمها في حركات استعراضية معينة. 3- وبناء على ما سبق فإني أرى -والعلم عند الله- أنه يجوز للمرأة ربط شعر رأسها على أية طريقة شاءت، إذا التزمت بأوامر الشرع المعروفة من الستر وعدم التشبه. خاصة أن الحديث وَصَفَ الرؤوسَ والأسنمة بالمَيَلان، وهو مختلف عن الشكل العمودي الذي ينتج عن ربط الشعر فوق الرأس. كما أنه لم يتحدث عن الشعر فقط، وإنما تحدث عن الرأس بشكل عام، ويفهم من هذا أنه لا يتكلم عن تموجات الشعر، وإنما يتكلم عن حركات الرأس ذات الدلالة الخاصة كما سبقت الإشارة إليه. ومن أراد التوسع في أقوال العلماء في تفسير ألفاظ هذا الحديث فعليه بشرح الإمام النووي لباب النساء الكاسيات العاريات من صحيح مسلم (14/ 109 - 110) . والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مفهوم السنة بين الوجوب والاستحباب!

مفهوم السنة بين الوجوب والاستحباب! المجيب د. سعيد بن متعب القحطاني عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/02/1427هـ السؤال كيف أفرِّق بين السنة الواجبة وغير الواجبة؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد أطلق علماء الشريعة لفظ السنة، واصطلح أهل كل علم منهم على معنى له عندهم، وهذه المعاني في الجملة لا تتنافى في مؤداها، إلا أن بينها عموم وخصوص والمؤثر فيه المواضعة والاصطلاح. فالسنة -مثلاً- عند المحدثين تطلق على جميع ما نقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خُلُقيَّة أو خَلْقيَّة، وهي بهذا المعنى تشمل كل ما نقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمر به أو النهي عنه؛ سواء كان الأمر إيجاباً أو ندباً والنهي تحريمًا أو كراهةً، وكذلك الحال بالنسبة للمباح. إلا أنها استعملت استعمالاً خاصاً عند الفقهاء والأصوليين بمعنى ما طلب طلباً غير جازم، فخرج بذلك الواجب والمحرم والمكروه؛ لأن طلب الواجب جازم، والمحرم والمكروه غير مطلوبين، والمباح مخير فيه بين الفعل والترك فلا طلب حقيقي فيه. ومن هنا فكلمة (السنة) الواردة في السؤال فيها إجمال يرد عليه قادح الاستفسار وهو: ما المراد بالسنة هنا؛ عند المحدثين أم عند الفقهاء والأصوليين؟ فتحتاج إلى تحرير المراد. فإن أريد بها عند المحدثين فالسؤال متجه، فهناك سنة واجب العمل بها، وسنة مندوب العمل بها، والمراد بها هنا ما ثبت بالسنة. وإن أريد المصطلح عليه عند الفقهاء والأصوليين فالسنة عندهم: ما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه؛ فلا تشمل الواجب. وعليه: فإن من أطلق السنة الواجبة أراد به الطلب الجازم مما ورد في سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ومن أطلق السنة غير الواجبة أراد اصطلاح الفقهاء والأصوليين في المراد بالسنة، وهي ما طلب طلباً غير جازم. وننبه هنا إلى أن ابن السبكي قد ذكر في "الإبهاج شرح المنهاج 1/36" أن في السنة اصطلاح، وهو ما علم وجوبه أو ندبيته بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم. وننبه إلى أمر آخر؛ وهو أن هناك سنة مؤكدة كرغيبة الفجر وصلاة الوتر، وضابطها ما واظب عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الترك ما بلا عذر. يمكن أن يعرف الفرق بين السنة والواجب بأشياء منها: حقيقة الأمر الوارد بها، وهل هو جازم أو غير جازم؟ ومن حيث ترتب الثواب والعقاب على الفعل والترك، والمسألة دقيقة في تحديد الفرق بينهما في الواقع، وينبغي تتبع كلام العلماء في تحديد السنة الواجبة من غيرها؛ لمعرفتهم بصوارف الأمر عن الوجوب والقرائن الحالية والمقالية لنوع الأمر الشرعي، والله أعلم.

حجية قول الصحابي

حجية قول الصحابي المجيب د. سعيد بن متعب القحطاني عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/02/1427هـ السؤال سؤالي عن حجية قول الصحابي عند الأصوليين، وأثر ذلك عند الفقهاء؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد اختلف العلماء في حجية قول الصحابي في ذاته إذا قاله إنه رأي له، وذلك بعد أن تقرر أن الصحابة كلهم عدول؛ لتعديل الله لهم وترضيه عنهم من فوق سبعة أطبقة، ولثناء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم ونهيه عن سبهم، وغير ذلك مما يدل على عدالتهم. وأول من أثار الخلاف في هذه الحجية واعترض عليها هم الصحابة أنفسهم، فهذه عائشة -رضي الله عنها- تعترض على زيد بن أرقم -رضي الله عنه- في جواز بيع العينة. انظر مصنف عبد الرزاق (14812) ، وسنن الدارقطني (3/52) ، وسنن البيهقي (5/330) . وكذلك اعتراض عمر على أبي بكر -رضي الله عنهما- في قتال مانعي الزكاة، والتسوية في العطاء وغير ذلك، انظر صحيح البخاري (7285) ، وصحيح مسلم (20) ، والإحكام للآمدي (4/44) . وإن كان متأخرو العلماء قد أخرجوا هذه الصور عن محل النزاع بنصهم على أن ما خالف فيه الصحابي صحابياً آخر غير محتج به. إلا أن الخلاف اشتهر كثيراً بعد ذلك بين أرباب المذاهب؛ ومحله فيما إذا ورد عن الصحابي قول في حادثة لم تحتمل الاشتهار بين الصحابة، ثم نقل هذا القول عند التابعين ولم يخالفه صحابي آخر، فقد ذهب العلماء في ذلك مذاهب، فاشتهر عن مالك وابن حنبل القول بحجيته وهو قول الشافعي القديم، واشتهر عن الشافعي في الجديد أنه ليس بحجة، وللحنفية تفصيل في ذلك، فقد فرقوا بين ما وافق القياس وما خالفه، فما وافق فليس بحجة، وأما ما خالف القياس فهو حجة عندهم، وفرق بعضهم بين ما لا يدرك بالرأي وما يدرك بالرأي؛ فما لا يدرك بالرأي فهو حجة عندهم، وأما ما يدرك بالرأي فإن اشتهر ولم يعرف له مخالف فهو حجة، وأما إن لم يشتهر فهو مختلف فيه. ومن الفروع الفقهية التي أثر فيها خلاف العلماء: حكم سجود التلاوة، وصلاة الجمعة لمن صلى العيد، وزكاة الحلي، وبيع العينة، وحكم النكاح في العدة، وخيار العيب في النكاح، وغيرها. والمراجع في هذه المسألة وأثرها في الفقه كثيرة، وقد حفلت كتب أصول الفقه بالكثير منها، وكذلك اعتنت بها كتب بناء الفروع على الأصول؛ انظر مثلاً: تخريج الفروع على الأصول للزنجاني طبعة الرسالة الخامسة (ص179) وما بعدها، والتمهيد في تخريج الفروع على الأصول للأسنوي طبعة الرسالة الثالثة (ص499) وما بعدها، ومفتاح الوصول للتلمساني طبعة دار الكتب العلمية (ص166) ، وانظر كذلك: أثر الأدلة المختلفة فيها لمصطفى ديب البغا (ص335-419) . والله أعلم.

كيف وسوس إبليس لآدم وقد طرد من الجنة؟

كيف وسوس إبليس لآدم وقد طرد من الجنة؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/12/1426هـ السؤال حصل نقاش بيني وبين أحد الزملاء بأن إبليس مطرود من الجنة عندما رفض السجود لآدم، فكيف دخل الجنة بعد طرده منها، ووسوس لآدم بالأكل من الشجرة؟ وهل كان قبل الأمر بالسجود في الجنة أم أين كان؟. الجواب الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأصحابه، أما بعد: فقد اختلف العلماء والمفسرون في كيفية إغواء إبليس لآدم - عليه السلام - فإن الله تعالى أخرجه من الجنة لما أبى السجود لآدم، كما قال تعالى: "قال ما منعك ألا تسجد إذا أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين" (الأعراف:12-13) وآيات أخرى. قال ابن مسعود وابن عباس وجمهور العلماء: أغواهما مشافهة، ودليل ذلك قوله تعالى: "وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين" (الأعراف:21) وذكر عبد الرزاق عن وهب بن منبه ما خلاصته أن إبليس دخل الجنة في جوف الحية، فلما دخلت به الجنة خرج من جوفها وأغوى آدم وحواء ... في خبر مبسوط. ويظهر أنه من الإسرائيليات، راجع تفسير القرطبي (1/313) إن شئت. وقالت طائفة: إن إبليس لم يدخل الجنة إلى آدم بعد ما أُخرج منها، وإنما أغوى بسلطانه وشيطانه ووسوسته التي أعطاه الله تعالى، ولا يلزم من المخاطبة الملاقاة، وأنت تشاهد في هذا الزمان من يخاطب غيره وبينهما مسافات طويلة، وليست سنة ما ذكر الله تعالى عن إبليس وآدم مقيدة بسنن الله تعالى في الحياة الدنيا حتى تقاس عليها ويُسأل عن كيفيتها في ضوء هذه السنن الدنيوية، بل هذا من علم الغيب. ولكن المؤمن يعلم أن ما ذكره الله تعالى من إغواء الشيطان لآدم وحواء حق ولا شك، وأما الكيفية فتترك لعالمها سبحانه، وتعلم أنه قد ورد الخبر عن ذلك بأنه كان بطريق الوسوسة، قال تعالى: "فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما ... " (الأعراف:20) لكن الوسوسة في الأصل هي الصوت الخفي، وقد يكون الموسوس من الإنس، قال تعالى "الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس" ويجب على المسلم - مع الإيمان بما ذكر - ألا يشتغل بمثل هذه الواردات التي تشكل، ولكن يحرص على الاعتبار والحذر مما حذر الله منه، قال الله تعالى بعد ذكره لقصة آدم وإبليس: "يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة" (الأعراف:27) والله تعالى أعلم.

إشكال في معنى حديث

إشكال في معنى حديث المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/06/1426هـ السؤال في جامع الترمذي روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أتى امرأة في دبرها أو عرافاً فقد كفر بما أنزل على محمد" فكيف تم الربط بين العملين في الحديث، ونحن نعلم أن الجماع في الدبر ليس كفراً في الحقيقة، بينما إتيان العراف كفر حقيقةً؟ أرجو التوضيح. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه أحمد (9290) ، وأبو داود (3904) ، والترمذي (135) ، وابن ماجه (639) ، والنسائي في الكبرى (9017) من طرق عن حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". واللفظ للترمذي. وإسناد هذا الحديث ضعيف، أبو تميمة لا يعرف له سماع من أبي هريرة، وقد ذكر غير واحد من الأئمة أن حكيما الأثرم لا يتابع عليه. وهو مما أنكر عليه. قال البخاري: "هذا حديث لا يتابع عليه، ولا يعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة في البصريين"، وقال البزار: "حدث عنه حماد بحديث منكر"، وضعف الحديث البخاري فيما نقله عنه الترمذي، قال الترمذي: "لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة ... وضعف محمد - يعني البخاري- هذا الحديث من قبل إسناده "، ومن خلال ما سبق يتبين أن الحديث ضعيف، وقد تضمن الحديث ما يأتي: 1- ما يتعلق بإتيان المرأة في دبرها أو في الحيض، وهذا محرم، وقد دلت أدلة على تحريم ذلك، وما جاء في الحديث المذكور من وصف من أتى امرأة في دبرها أو في الحيض بأنه كفر بما أنزل على محمد على تقدير ثبوته محمول على التغليظ والتشديد في النهي عن هذا العمل، قال الترمذي: " وإنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليظ، وقد روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من أتى حائضاً فليتصدق بدينار فلو كان إتيان الحائض كفراً لم يؤمر فيه بالكفارة ".

2- الجملة الثانية في الحديث دلَّت على أن من أتى كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد، وقد ورد في حديث آخر أن إتيان الكهان وتصديقهم بما يقولون كفر، وأما مجرد الإتيان ففيه أن صلاته لا تقبل أربعين يوماً، ففي صحيح مسلم (2230) من حديث صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. "، وفي المسند (9536) من طريق خِلَاس عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- وَالْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وهذا حديث رجاله ثقات، لكن خلاس - وهو ابن عمرو الهجري - لم يسمع من أبي هريرة، وفيه دليل على أن إتيان الكهان وتصديقهم بما يدعونه من علم الغيب كفر بما أنزل على محمد، قال في تيسير العزيز الحميد: " وظاهر الحديث أنه يكفر متى اعتقد صدقه بأي وجه كان، لاعتقاده أنه يعلم الغيب، وسواء كان من قبل الشياطين، أو من قبل الإلهام لاسيما وغالب الكهان في وقت النبوة إنما كانوا يأخذون عن الشياطين". وقول السائل - حفظه الله - إن إتيان الكهان كفر حقيقة ليس على إطلاقه، هذا وقد ذكرت في فتوى سابقة بعض الأحاديث الواردة في تحريم إتيان النساء في أدبارهن. والله أعلم.

لبست النقاب في العمرة جهلا!

لبست النقاب في العمرة جهلاً! المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالحرم المكي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/12/1426هـ السؤال لي قريبة اعتمرت أربع مرات، وحجت واحدة وهي منتقبة فماذا عليها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا لبست المرأة النقاب جهلاً أو نسياناً في حج أو عمرة فلا شيء عليها، وإن كانت استعملته متعمدة مع علمها أن هذا من محظورات الإحرام فعليها فدية ذلك، في كل مرة إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاه تطعم لمساكين الحرم، وهي مخيرَّة بين هذه الأمور الثلاثة في كل مرة.

صورة من التورق المنظم

صورة من التورق المنظم المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/12/1426هـ السؤال اشتريت من البنك كمية من النحاس بمبلغ (171.000) ريال، على شكل أقساط شهرية لمدة خمس سنوات، بقسط قدره (2856) ريالاً، وبعتها للبنك بـ (121.000) ريال نقداً، وقد أعطيت المبلغ كاملاً لشخص، على أن يخصم البنك من حسابي القسط الشهري، ويقوم الشخص الآخر بإيداع نفس القسط في حسابي الشخصي لمدة سنتين، ثم يقوم الشخص بسداد المبلغ المتبقي للبنك؟ فما الحكم في ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: المعاملة الأولى، وهي شراء النحاس ثم بيعه عن طريق البنك للحصول على النقد، من التورق المنظم الذي صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بمنعه؛ لأنه حيلة على الربا. المعاملة الثانية، وهي تسليم النقد لطرف ثالث على أن يدفع لك القسط الشهري لمدة سنتين، ثم يسدد المبلغ المتبقي للبنك، تتضمن سلفاً جر نفعاً، لأنك أسلفت الطرف الثالث على أن يسدد عنك ما تبقى من دينك للبنك. والمعاملة الثانية إنما نشأت من خلال الأولى، فالخلل في المعاملة الأولى ترتب عليه الخلل في المعاملة الثانية، ولو كانت صحيحة من البداية لما نتج عنها ذلك. وحيث إن المعاملة قد وقعت فالواجب أن تتولى أنت سداد ما عليك من دين للبنك، وأما الطرف الثالث فلا يسدد إلا ما قبضه منك دون أية زيادة، لا لك ولا للبنك. ويجب عدم العودة لهذه المعاملة مستقبلاً، كما يجب على المسلم أن يتقي الشبهات ويتحرى لدينه أكثر مما يتحرى لدنياه. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.

زكاة العقار قبل تأجيره

زكاة العقار قبل تأجيره المجيب عبد الله بن علي الريمي ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/12/1426هـ السؤال اشتركت أنا واثنان من الزملاء في بناء عمارة سكنية، وقبل انتهاء البناء والتأجير رفع أحد الشركاء قضية على الشريك الآخر (المنفذ) في نزاع مالي، قام الشيخ ناظر القضية بحجز العقار وعدم التصرف في بيعه لحين الانتهاء من القضية، استمرت القضية قرابة سنة ونصف، وتم فك العقار الآن، علما أنني لم أستلم أي مبالغ حتى الآن من إيجار العمارة (السنة والنصف) ، فهل علي زكاة سواء في مدة الإنشاء وهي قرابة تسعة أشهر، أو الفترة التي تم حجز العقار فيها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن العقار (الأراضي والدور) لا تجب فيها الزكاة إلا في حالتين: الحالة الأولى: إذا كانت معدة للبيع والشراء من أجل الربح (عروض تجارة) ، فيجب في قيمتها ربع العشر (2.5%) بعد سنة من نية بيعها وعرضها للبيع، باعها مالكها أولم يبعها. الحالة الثانية: إذا كانت مؤجرة، فيجب في أجرتها ربع العشر (2.5%) بعد أن يحول عليها الحول. وبناء على هذا فلا زكاة عليك؛ لأن ظاهر السؤال أن العمارة لم تؤجر أصلا, أما إذا كانت مؤجرة خلال السنة والنصف، وقد استحققت الأجرة ولكنك لم تقبضها بعد, فإن كان المستأجر قادراً على الدفع غير مماطل فعليك زكاة أجرة السنة الأولى، أما نصف السنة فتنتظر تمام السنة الثانية وتزكي أجرتها، أما إن كان المستأجر عاجزاً عن الدفع أو مماطلا فتخرج ربع العشر من الأجرة عند قبضها مرة واحدة (عن سنة واحدة) . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل يؤاخذ المرء على سيئاته إذا رجحت حسناته

هل يؤاخذ المرء على سيئاته إذا رجحت حسناته المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/01/1427هـ السؤال عند قيام الساعة وعرض الناس على الله، هل يعاقب الإنسان على سيئاته إذا رجحت حسناتُه عليها وثقلت موازينه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالقاعدة القرآنية تنص على أن من رجحت حسناته على سيئاته فقد فاز في الآخرة ونجا من النار قال تعالى: "فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية" [القارعة:6-7] . وقال سبحانه: "فمن ثقلت موازينه فأؤلئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم" [الأعراف:8-9] . وفي سورة المؤمنون مثل ذلك. والثابت في السنة أن المسلمين بعد مرورهم على الصراط يحبس بعضهم على قنطرة قبيل الجنة، ليقتص من بعضهم لبعض ثم يدخلون الجنة، وذلك كله بعد أخذ الكتب ونصب الموازين. وعلى ذلك فلا يعذب المسلم بالسيئات التي بقيت عليه، ولكن حقوق الناس لا بد فيها من القصاص قبل دخول الجنة ولو كان الشخص ممن ثقلت موازينه. نسأل الله المغفرة وحسن الختام.

عمليات تجميل الوجه!

عمليات تجميل الوجه! المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/11/1426هـ السؤال ما حكم عمليات نفخ الوجه، أي تسمين الوجه؟ علماً بأني سألت أكثر من طبيب وأكدوا لي أنها لا تضر؛ فهي عبارة عن إبرة موضعية. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعملية نفخ الوجه وتسمينه أرى أنها تدخل في تغيير الخلقة المنهي عنه، فتكون ممنوعة؛ لأنها تعطي الشخص شكلاً وخلقة غير خلقته الحقيقية. لكن لو كان عند الشخص مرض أدّى إلى تشويه وجهه فلا بأس باتخاذ العلاج الذي من شأنه أن يعيد وجهه إلى حالته الطبيعية فقط، وبشرط ألا يترتب على ذلك العلاج ضرر. والمرجع في تحديد الضرر هم الأطباء المختصون الثقات. والله أعلم.

نفقة غير المدخول بها

نفقة غير المدخول بها المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/01/1427هـ السؤال هل التي يعقد عليها ولم يدخل بها لمدة سنة، ولم يتحدد موعد الزواج والدخول بها تجب لها نفقة في هذه الفترة؟ وهل يجب عليها إذا طلبت الخلع بعد هذه المدة لكرهها هذا الشاب -أن تدفع فوق المهر المسلم لها تكاليف ما يسمى بالملْكة؟ فإن أهل الزوج قد طلبوا عند الخلع رد المهر وتعويضهم ما دفعوه من هذه التكاليف التي دفعوها برغبتهم، أرجو من فضيلتكم إفادتي وتوجيهي، وجزاكم الله كل خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمرأة إذا عقد عليها شرعاً تثبت أحكام الزوجية لها وعليها كالخلوة والوطء والنفقة والطلاق والخلع والإرث ونحو ذلك. غير أنها إن امتنعت من تسليم نفسها للزوج، أو منعها أهلها فله أن يمنع عنها النفقة حتى تسلم نفسها له؛ لأن هذا نشوز، فإن رضي بعدم التسليم لزمته النفقة. وإن طلبت هي الخلع قبل الدخول أو بعده لزمها أن ترد ما دفع لها من صداق وجوباً، أما الزيادة عند الخلع عن المهر ففيه خلاف بين الفقهاء بين مجيز ومانع، والذي يظهر لي عدم جواز أخذ الزوج في المخالعة أكثر مما دفعه من المهر لزوجته؛ لحديث: "أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم وزيادة. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما الزيادة فلا". صحيح البخاري (5273) ، وسنن الدارقطني (3/255) ، وسنن البيهقي (7/314) . وعدم أخذ الزوج ما زاد من زوجته بعد الخلع لا أراه يتفق مع المروءة وحسن العشرة، وإذا كانت المطلقة يمتعها زوجها بشيء من المتاع من مال أو كسوة ونحوها كما أمر الله بذلك: "وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين" [البقرة:241] ، وفي الآية الأخرى: "حقاً على المحسنين" [البقرة:236] . فإن المخالعة كذلك على القول بأن الخلع طلاق فتجب لها به المتعة. وعلى القول بأنه ليس طلاقاً فالمتعة لها من الإحسان والمروءة والله أعلم.

المشاركة في شركة مساهمة قد تتعامل بالربا

المشاركة في شركة مساهمة قد تتعامل بالربا المجيب د. راشد بن أحمد العليوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/12/1426هـ السؤال أشارك في تأسيس شركات مساهمة أصل عملها حلال، ولكن عند بدء العمل يمكن أن تلجأ هذه الشركات للبنوك الربوية، فماذا أفعل عندها هل أبيع أسهمي بسعر السوق وأخرج من الشركة؟ أو آخذ سعر السهم الحقيقي وأتبرع بالزيادة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا تعاملت الشركات التي أصل نشاطها مباح في الربا أخذاً أو إعطاءً، وكان ذلك الربا يسيراً -دون الثلث- فبعض العلماء يرى جواز الاستمرار فيها مع وجوب التخلص من العنصر الربوي المحرم، وبعض العلماء يرى الامتناع عنها والخروج منها وبيعها بسعر السوق، فإن كان للربا أثر في أرباحها بالزيادة فتتخلص من مقدار ذلك التأثير وإلا فلا، كأن تعلم بتعاملها بالربا وتبيعها فوراً، فلا يؤثر الربا في هذه الحالة. والله أعلم.

صفة الجلوس في التشهدين في الصلاة

صفة الجلوس في التشهدين في الصلاة المجيب سليمان بن صالح الراشد مدير أعمال لجنة الشؤون الإسلامية بالشورى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/11/1426هـ السؤال ما هي صفة الجلوس في التشهد الأول، والتشهد الأخير؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فصفة الجلوس في التشهد الأول كصفة الجلوس بين السجدتين، وهي أن يفرش المصلي رجله اليسرى فيقعد عليها، وينصب رجله اليمنى ويستقبل بأصابعها القبلة. وذهب بعض أهل العلم إلى صفة أخرى، وهي أن يجلس ناصباً قدميه على عقبيه، حيث قال ابن عباس: "إن ذلك هو السنة". وأكثر الأحاديث الواردة في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- تدل على الصفة الأولى، وهي صفة الافتراش. صحيح البخاري (828) ، وصحيح مسلم (498) . أما اليدان فقد ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يضع يديه بين السجدتين على فخذيه، وأطراف أصابعه عند ركبتيه. وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه يضع يده اليمنى على الركبة، واليد اليسرى يلقمها الركبة كأنه قابض لها. صحيح مسلم (579) . والأفضل أن تكون اليد اليسرى مبسوطة مضمومة الأصابع موجهة إلى القبلة، ويكون طرف المرفق عند طرف الفخذ، بمعنى أنه لا يفرجها بل يضمها إلى الفخذ، أما اليد اليمنى فورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه يقبض من يده اليمنى الخنصر والبنصر، ويحلق الإبهام مع الوسطى، ويرفع السبابة ويحركها عند الدعاء. سنن النسائي (889) . وورد عنه صلى الله عليه وسلم صفة أخرى -بالنسبة لليمين- أنه يقبض أصابعه كلها، ويشير بالسبابة إلى القبلة. صحيح مسلم (580) ، وزاد النسائي (1160) : "ورمى ببصره إليها أو نحوها". أما صفة الجلوس للتشهد الأخير فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم ثلاث صفات: 1- أن يخرج الرجل اليسرى من الجانب الأيمن مفروشة، وينصب الرجل اليمنى، ويقعد على مقعدته على الأرض. 2- كالحالة الأولى، إلا أنه يفرش الرجل اليمنى. 3- أن يفرش الرجل اليمنى، ويدخل اليسرى بين فخذ وساق الرجل اليمنى. صحيح البخاري (828) ، وصحيح مسلم (498) ، وسنن أبي داود (730، 963) . أما صفة وضع اليدين فكما ورد في التشهد الأول. والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

هل زنا البكر من الصغائر؟

هل زنا البكر من الصغائر؟ المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/11/1426هـ السؤال عندي مشكلة، وهي أن بعض الناس يقولون: إن الزنا قبل الزواج صغيرة من الصغائر؛ وذلك لأن حدها مائة جلدة، ومائة جلدة قليلة. فأرجو منكم التفصيل بذكر الأدلة الصحيحة وأقوال العلماء في ذلك. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. نعوذ بالله من القول في دين الله بغير علم، كيف يجرؤ امرؤ مسلم أن يقول هذا الكلام؟! وليس يصح في الأذهان شيءٌ *** إذا احتاج النهارُ إلى دليل أخي الكريم: الزنا من كبائر الذنوب بلا شك ولا مرية، سواء كان من بكر أو ثيب، فهو من كبائر الذنوب باتفاق العلماء، قال الله تعالى: "ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا" [الإسراء:32] . فأخبر الله -تعالى- عن فحش الزنا في نفسه، وهو ما انتهى قبحه، وأخبر عن طريقه، وهو طريق البلاء والعار وضعف الإيمان وقلة الحياء والتقوى والخوف من الله -عز وجل- وقال الله تعالى: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور:3] . وقال عز وجل في جزاء وعقوبة الزاني والزانية، وتقرير أليم عذابهما، بعد ذكر الشرك بالله والقتل والزنا: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا" [الفرقان:68-69] . فقرن الله -عز وجل- الزنا بالشرك وقتل النفس، وجعل جزاء ذلك الخلود في العذاب المضاعف. وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن". صحيح البخاري (2475) ، ومسلم (57) . ومعنى الحديث أنه لا يزني وهو كامل الإيمان، بل يكون واقعا في الفسق والمعصية الكبيرة إذا لم يستحل هذا الفعل، أما إن استحل الزنا فقد وقع في الكفر، والعياذ بالله؛ لأن اعتقاد حل الزنا تكذيب لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما أشنع التسرع في الكلام في مثل هذا بألفاظ فيها استحلال الزنا أو تهوين أمره.

ويكفي في عقوبة الزنا ما جاء في صحيح البخاري من إثبات عظيم عقوبته يوم القيامة؛ فقد جاء فيه (1386) من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه، فقال: "من رأى منكم الليلة رؤيا؟ " قال: فإن رأى أحد قصها، فيقول ما شاء الله، فسأَلنا يوما فقال: "هل رأى أحد منكم رؤيا؟ " قلنا: لا، قال: "لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة، فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كَلُّوب من حديد" ... وذكر الحديث بطوله، وفيه: "قالا: انطلق. فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها وفيها رجال ونساء عراة، فقلت: من هذا؟ قالا: انطلق. فانطلقنا ... قلت: طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت، قالا: نعم، أما الذي ... والذي رأيته في الثقب فهم الزناة ... وأنا جبريل وهذا ميكائيل...." الحديث. والنصوص في تحريم الزنا وبيان عظمه أكثر من أن تحصر، بل هو أمر معلوم من الدين بالضرورة. قال الإمام أحمد رحمه الله: (لا أعلم بعد قتل النفس ذنبا أعظم من الزنا) . أسأل الله -عز وجل- أن يهدينا جميعا، وأن يجنبنا مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، ووفق الله السائل لما يحبه ويرضاه وهداه إلى سبيله المنير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ما الجواب على الإشكال في هذا الحديث؟

ما الجواب على الإشكال في هذا الحديث؟ المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/07/1426هـ السؤال نعلم من الحديث أن موسى -عليه السلام- سأل ربه عن دعاء خاص له ليدعو الله به ويحمده به، فأرشده الله أن يقول:"لا إله إلا الله"، فقال موسى -عليه السلام-: يا رب كل عبادك يقولون لا إله إلا الله، فقال الله: يا موسى لو أن السموات السبع والأرضين السبع وما بينها - غيري - وضعت في كفة ... إلى آخر الحديث. السؤال عن قوله و: "غيري" فهل هناك حاجة لقولها؟ لأن ذلك يتضمن أن الله -سبحانه- بين السموات والأرض. أرجو توضيح هذا الأمر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا الحديث من رواية دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفيه: قال موسى عليه السلام: يا رب علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به ... إلى أن قال: "لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله". وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه (6218) والحاكم (1936) وصححه ووافقه الذهبي، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (1393) ، وصححه الحافظ ابن حجر في الفتح (11/175) . ويتبين من هذا الحديث أن ليس فيه "وما بينهما غيري" كما في السؤال وهو منبع الإشكال، فلا يرد إذاً هذا الفهم، وهو كون الله تعالى بين السموات والأرض. وإنما الحديث كما تقدم "لو أن السموات السبع وعامرهن غيري" والمعنى: لو أن السموات السبع ومن فيهن من العُمّار غير الله، والمقصود: ساكنهن؛ فالعامر للشيء هو الذي عُمر به الشيء، وهاهنا فائدة مهمة، وهي أن الله تعالى في السماء كما في هذا الحديث، وفي آية الملك "أأمنتم من في السماء" [الملك:16] وحديث الجارية: "أين الله؟ قالت: في السماء" أخرجه مسلم (537) . فليس في هذه الأدلة ما يفيد أن الله تقله السماء أو تظله، فهو تعالى غير محتاج إلى السماء أو العرش بل السماء وما فيها والعرش وحملته محتاجون إلى الرب تعالى، وإنما المراد أن الله تعالى في جهة العلو مستوٍ على عرشه بائن من خلقه، لا يقله شيء من خلقه لا السموات ولا العرش ولا الكرسي، ولا يصح - في الأدلة النقلية والعقلية ودلالة الفطرة- غير هذا المعنى، وقد قرره جميع علماء السنة على مر العصور، والله أعلم.

التحدث في أمور الدنيا في المسجد

التحدث في أمور الدنيا في المسجد المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/12/1426هـ السؤال توجد عندنا ظاهرة مناقشة بعض الأمور التي تخص أهل القرية داخل المسجد، ومن الأمور التي تحدث أحياناً الدعوة في المسجد إلى الولائم. فسؤالي -وفقكم الله-: ما حكم مثل هذه التصرفات، وخاصة أنه يترتب عليها أحيانا ضوضاء في المسجد، وما هو ضابط ما يصح فعله في المسجد من هذه الأمور؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمعلوم أن وظيفة المسجد في الإسلام ليست متوقفة على أداء الصلاة فقط، بل كان عليه الصلاة والسلام يجالس أصحابه في المسجد، فيعلّمهم ويجهز الجيوش ويستمع إلى أحاديثهم وأشعارهم، إلى غير ذلك من الأعمال. فإذا اجتمع جماعة المسجد في مسجدهم وتحادثوا فيما بينهم، أو جعلوه مكاناً للإصلاح فكل ذلك لا بأس به، وإنما جاء النهي عن البيع والشراء في المسجد، وعن نشدان الضالة فيه، بل وجاء في ذلك تشديد من الشارع الحكيم. صحيح مسلم (568) ، وسنن أبي داود (473) ، وجامع الترمذي (1321) . ومما ذكره أهل العلم كابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى المصرية أن الأكل والنوم في المسجد لا بأس به ما لم يتخذ عادة. فإذا دعا رجل جماعة المسجد إلى وليمة في المسجد فلا بأس بذلك، ولكن لا ينبغي رفع الصوت تعظيماً لشعائر الله. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

شوي الجراد بالنار حيا

شوي الجراد بالنار حيًّا المجيب أحمد بن حسن المعلم رئيس مجلس علماء أهل السنة بحضرموت التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/11/1426هـ السؤال هل يجوز إدخال الجراد أو أي حيوان آخر في النار وهو ما زال على قيد الحياة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالجراد هو الحيوان البري الوحيد الذي يحل بدون تذكية، أي يحل أكله بأي وسيلة مات بها، فلا تشترط لحله الذكاة المشترطة لبقية الحيوانات؛ لأن الله أحل لنا ميتته، كما في الحديث: "أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال". رواه ابن ماجة (3218،3314) والبيهقي (1/254) وغيرهما. لكن إذا أراد المرء أكله فلا يحل له أن يدخله النار حيًّا ليموت بالنار وينضج بها، وإنما يتركه حتى يموت، أو يقتله بوسيلة أخرى بدون تعذيب؛ لأن إحراقه -وهو ما زال حياً- داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يعذب بالنار إلا رب النار"، كما في صحيح البخاري (3016) ، وسنن أبي داود (2673) ، وغيرهما، وعلى ذلك فلا يجوز إحراق حيوان في النار، سواء ما يؤكل أو ما لا يؤكل، إلا ما كان شديد الضرر، إذا لم يقدر على قتله ودفع ضرره إلا بذلك. والله أعلم.

هل هذا يوجب الهجرة من بلدي؟!

هل هذا يوجب الهجرة من بلدي؟! المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/12/1426هـ السؤال أنا طالب في جامعة مختلطة أريد أن أقطع دراستي، وأريد الهجرة للسعودية للدراسة، علماً بأنه لا توجد جامعة غير مختلطة في بلدي، فهل هذا يكفي للهجرة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. وبعد: فإنما تجب الهجرة على من لم يستطع أن يقيم شعائر دينه، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، واعلم أخي الكريم أنه من الغفلة عن حقائق الأمور بمكان أن يظن أحد أنه سيعيش في الدنيا بدون منغصات، قال الله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" [البلد:4] ، وقال تعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" [البقرة:155-157] . وقال تعالى: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" [العنكبوت:2] . وجاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي (2398) عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة". وجاء في حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (24/245) عن أخت حذيفة بن اليمان فاطمة أو خولة -رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل". وإن أسعد الناس حالاً في هذه الدنيا من آمن بالله تعالى وصدق رسوله -صلى الله عليه وسلم- واهتدى بشرعه، وكان آمناً معافى عنده قوت يومه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا " أخرجه الترمذي (2346) ، وغيره. فإذا كنت تستطيع أداء الشعائر الدينية من صلاة وزكاة وصوم وغيرها في مكانك الذي أنت فيه، ولا ترتكب محرمات فلا يجب عليك أن تهاجر من مكانك، بل أرجو أن يكون بقاؤك مع الصبر والنصيحة أولى وأفضل، أما إذا كنت مجبراً على الامتناع عن واجباتك، أو مجبراً على ارتكاب المحرمات ولا تستطيع مقاومة ذلك وتستطيع الهجرة إلى بلاد أخرى تقيم فيها شعائرك الدينية وتتوقى فيها من الوقوع في الحرام فعليك أن تهاجر فرارا بدينك. وفقك الله لما يحبه ويرضاه، وجعل لك من كل ضيق مخرجا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أخذ الأجرة على صيانة المسجد

أخذ الأجرة على صيانة المسجد المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/12/1426هـ السؤال ما حكم أخذ الأجرة على القيام بأعمال المسجد؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلم توضح -أخي السائل- نوعية الأعمال التي تقوم بها، هل هي الأذان والإقامة والصلاة، أو أعمال النظافة والصيانة ونحوها؟ أما الأذان والإمامة فلا يجوز جعلها تجارة يتاجر بها، بل يقوم بها المسلم ومقصده نفع نفسه وإخوانه المسلمين إذا قام بهذه القربات، فإذا أعطي شيء من الجهة المختصة أو من متبرع فلا بأس بأخذه، ولكن لا يجعل هذا هو المقصود الأول. أما أعمال النظافة والصيانة ونحوها فلا بأس بأخذ الأجرة عليها، وإن كان الأولى أن يحسن الإنسان بنيته فيها، فيتحصل على الأجر الدنيوي والأخروي. والله أعلم.

كيف أغوى أبليس آدم وقد طرد من الجنة؟!

كيف أغوى أبليس آدم وقد طُرد من الجنة؟! المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/01/1427هـ السؤال يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه". السؤال الأول: ما هي هذه الشجرة التي نهى الله -سبحانه وتعالى- آدم وحواء عليهما السلام عن الأكل منها؟ السؤال الثاني: كيف أن الشيطان دخل الجنة، ووسوس لأبينا آدم -عليه السلام- حتى أكل من الشجرة وقد طرد من الجنة؟ الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فجواب السؤال الأول: لم يرد في تحديد الشجرة -التي أكل منها أبونا آدم وأمنا حواء -عليهما السلام- نص صحيح من كتاب الله أو سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهما محل الأخذ في الأمور الغيبية والأخبار الغابرة على وجه التحقق، وقد نقل عن بعض أهل الكتاب وبعض المفسرين أقوال منها: أنها العنب، أو التين، أو البر، أو السنبل، أو الحنطة، أو النخل. وللإمام أبي جعفر ابن جرير الطبري -رحمه الله- كلام جميل جدا في هذا حيث قال: والصواب في ذلك أن يقال: إن الله -عز وجل ثناؤه- نهى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها، فأكلا منها ولا علم عندنا بأي شجرة كانت على التعيين؛ لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن، ولا من السنة الصحيحة..... وذلك عِلْمٌ إذا عُلِمَ لم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به. والله أعلم. أما جواب السؤال الثاني: وهو عن كيفية وسوسة الشيطان لآدم مع أنه خرج من الجنة، فقد ذكر الله -تعالى- في سورة الأعراف أن الشيطان وسوس لأبوينا في الجنة وأنه كلمهما وأغراهما ليأكلا من الشجرة، وسعى أمامهما ليوصلهما إليها. قال تعالى: "فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور ... " [الأعراف:20-21] . والله أعلم. وقال ابن عطية -رحمه الله- في المحرر الوجيز: ولا خلاف بين العلماء أن إبليس اللعين هو متولي إغواء آدم، واختلف في الكيفية: فقال ابن عباس وابن مسعود وجمهور العلماء: أغواهما مشافهة، ودليل ذلك قوله تعالى: {وقاسمهما} ، والمقاسمة ظاهرها المشافهة [ورجحه الطبري] . وقال بعضهم: إن إبليس لما دخل إلى آدم كلمه في حاله، فقال: يا آدم ما أحسن هذا، لو أن خلدا كان، فوجد إبليس السبيل إلى إغوائه، فقال: {هل أدلك على شجرة الخلد} . وقال بعضهم: دخل الجنة في فم الحية، وهي ذات أربع كالبختية، بعد أن عرض نفسه على كثير من الحيوان فلم تُدخله إلا الحية، فخرج إليهما وأخذ شيئا من الشجرة، وقال: انظرا ما أحسن هذا فأغواهما حتى أكلا. وفي التبصرة لابن الجوزي قال السدى: "دخل الشيطان في فم الحية فكلمهما، وقال الحسن: ناداهما من باب الجنة ".

والمقصود أن الاستطراد في ذلك، والاستفصال فيما لم يرد فيه دليل ظاهر يوصل إلى ما أعرض القرآن عنه لا يوصل إلى نتيجة، والذي ينبغي لطالب العلم أن يقف حيث وقف القرآن؛ لأن ما بعده لا ثمرة كبيرة منه. والله تعالى أعلم.

شروط الإمامة

شروط الإمامة المجيب د. أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/02/1427هـ السؤال ما هي شروط الإمامة التي تترتب عليها صحة صلاة المأمومين؟ ما حكم من لم يصلِّ من غير إنكاره لوجوبها؟ وما حكم من تركها تكاسلاً وتهاوناً، وجمع الأوقات مع بعضها بدون عذر شرعي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالقاعدة عند أهل العلم أن كل من صحت صلاته صحت إمامته، أي أنه تصح الصلاة خلف كل إمام إذا كانت صلاته صحيحة إذا صلى منفرداً. لكن مع ذلك أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن الأحق بالإمامة الأقرأ والأعلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. صحيح البخاري (4302) ، وصحيح مسلم (673) . الجواب الثاني: إذا ترك المسلم الصلاة ولو كان مع عدم إنكاره للوجوب أو تهاوناً وكسلاً فإنه يعتبر كافراً بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". أخرجه الترمذي (2621) ، وغيره. والمقصود أن يتركها تركاً كاملاً لا يصلي مطلقاً. أما إذا كان يصلي أحياناً ويترك أحياناً فهذا لا يعتبر كافراً، لكنه قد اقترف إثماً عظيماً بتقصيره في الصلاة، وهي من أعظم شعائر الدين، وهي الركن الثاني من أركانه. والله أعلم.

الصلع ... وتغيير خلق الله!

الصلع ... وتغيير خلق الله! المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/01/1427هـ السؤال أنا شاب أصبت بالصلع المبكر، وقد ذكر لي الأطباء أن الحل إما زراعة الشعر طبيعيا، وهو مكلف جداً، ويحتاج إلى عمل جراحي، وقد يتسبب في صداع، وإما عن طريق زراعة شعر طبيعي على جلد شفاف به مسامات وفتحات صغيرة؛ لكي تتنفس منها جلدة الرأس الأصلية، وتنزع هذه الجلدة كل شهرين إلى ثلاثة أشهر للتعقيم والتنظيف لها ولجلدة الرأس الأصلية، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ وهل يدخل ضمن الوصل المنهي عنه؟ وهل يجري علي حكم من فقد (رجل..يد..سن.. أنف..الخ) واستبدلها بأعضاء صناعية؟ وكيف أتعامل معه في الحج والعمرة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد روى عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة بن أسعد قُطع أنفه يوم الكُلاَب، فاتخذ أنفاً من ورق، فأنتن عليه، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- فاتخذ أنفاً من ذهب" رواه أبو داود (4232) ، والترمذي (1770) ، والنسائي (5161) ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب ... وقد روى غير واحد من أهل العلم أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وفي هذا الحديث حجة لهم" أ. هـ. وقد استدل العلماء المعاصرون بهذا الحديث على جواز إجراء العمليات التجميلية للضرورة، والحاجة، كإصلاح نقص أو تلف أو تشوه، أو إزالة عيب، ومن ذلك معالجة الصلع. ولا شك أن هناك فرقاً بين صلع النساء، وصلع الرجال؛ فصلع النساء تذم به المرأة، ويعتبر بالنسبة لها عيباً خَلْقياً، يسبِّب لها آلاماً نفسية، وينفِّر منها الرجال. أما صلع الرجال فهو أهون من ذلك بكثير؛ لكثرة انتشار هذه الظاهرة بينهم، ولا سيما الكهول والشيوخ، ولكنه إذا وقع في سن مبكر -كما هو حال السائل- فعادة ما يسبَّب إحراجاً وألماً نفسياً، ولذا فإنه ينبغي التفريق بين الحالين. وبكل حال، فإذا كان الصلع يوقع السائل في حرج وألم نفسي فإنه لا مانع من قيامه بعملية زراعة الشعر، ولكن بشرط ألا يترتب على هذه العملية ضرر راجح على مصلحة العلاج، كما لو كان ينتج عن هذه العملية صداع في الرأس -كما صرح به السائل- فيحرم هذا الإجراء لهذه المفسدة. وأما بالنسبة للسؤال عن مدى كون هذه الزراعة من الوصل المنهي عنه أو لا؟. فالجواب: أنه لا يعتبر من الوصل المحرم؛ لأن المقصود بالزراعة إزالة العيب ليس إلا، فهو كمن فقد سناً أو نحوها من الأعضاء الحاجية، وهذه بخلاف من جرت العادة بسقوط شعره، كالكهل والشيخ، فهو بالنسبة لهم من قبيل التحسيني لا الحاجي. وبناء على ما تقدم من القول بالجواز، فإنه عند قيامك بزراعة الشعر على الطريقة الثانية -المشار إليها في السؤال- فإن كانت في الشعر حياة، بحيث يطول كالشعر الطبيعي، فإنه يأخذ حكمه في وجوب القص منه في العمرة والحج، وإن كان ثابتاً ليس فيه حياة، فإنه لا يجب الأخذ منه كالباروكة، ويكون حكمه حكم الصلع. وأما بالنسبة للوضوء والغسل، فإنه يجب المسح عليه عند الوضوء، ويجب نزعه عند الاغتسال الواجب، كالجبيرة، والله تعالى أعلم.

ما جاء في فضل معاوية -رضي الله عنه-

ما جاء في فضل معاوية -رضي الله عنه- المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/11/1426هـ السؤال قرأتُ في أحد الكتب بأنه لا يوجد حديث صحيح في الثناء على معاوية -رضي الله عنه- فهل هذا القول صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- أحد أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين لا شك في صحبتهم، وكان من كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فهاتان منقبتان عظيمتان نالهما، ويكفيه فضل الصحبة، ثم قد ولي فحمدت سيرته، فولاه عمر -رضي الله عنه- وقد علمت حنكته في اختيار الولاة، وأنه لا يحابي في ذلك أحداً، ثم أقره عثمان -رضي الله عنه- على ولايته، وهذا كله منقبة له -رضي الله عنه-. وأما بخصوص ما سأل عنه السائل، فليعلم أولاً: أن الصحابة الذين روي في فضلهم نصوص خاصة إنما هم عدد محدود ويسير، سواء ما كان من ذلك ثابتاً أو في ثبوته نظر، وأما سائر الصحابة فلم يرد في فضلهم بخصوصهم شيء، وإنما يدخلون في النصوص العامة في فضل الصحابة. ومعاوية -رضي الله عنه- كان له شأن بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وافترق الناس فيه فمنهم الغالي ومنهم الجافي، ومنهم بين ذلك، وقد أتى الغلاة في مدحه بنصوص وروايات، وقابلهم الجفاة بمثل ذلك وعامة ذلك باطل، وقد ساق الأئمة الذين ألفوا في الموضوعات ونحوها جملة كثيرة من ذلك، ومن ذلك كتاب الموضوعات، واللآلئ المصنوعة، والفوائد المجموعة، وغيرها. وتصدَّوا لبيان بطلان هذه النصوص، ومن كلامهم في ذلك ما نقله في اللآلئ المصنوعة (1/424) ، والفوائد المجموعة (47) ، وغيرهما، عن الحاكم: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: لا يصح في فضل معاوية حديث. أ. هـ. فهذا الكلام لبيان بطلان الأحاديث التي يذكرها هؤلاء الغلاة. وقد روي في فضل معاوية أحاديث اختلف الأئمة في قوتها، قال الترمذي: باب مناقب معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- (3842) ، ثم ساق بسنده، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة -وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لمعاوية: "اللهم اجعله هادياً مهدياً، واهد به". قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. ثم ساق الترمذي حديثاً آخر بنحوه مختصراً وضعفه. وحديث عبد الرحمن بن أبي عميرة مما اختلف الأئمة في صحته. والله أعلم.

اتخاذ حرس من الجن!

اتخاذ حرس من الجن! المجيب محمد الصادق مغلس المراني قاضي في وزارة العدل اليمنية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/11/1426هـ السؤال هل يحق لي أن أتخذ من الجن مرافقين وحرساً لي ولأسرتي؟ مع العلم أنني أعاني الكثير منهم، ومن الذين يرسلونهم إليَّ ليخربوا عليَّ حياتي، ويخيفوا أسرتي، ويتجسسوا على عملي، فحتى قراءه القرآن أصبحت صعبة، والصلاة أيضاً أصبحت صعبة، فهم لا يحبون هذه الأشياء، ولا يكادون يفارقوني، أفتوني أثابكم الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فاتخاذ حرس من الجن معناه الاستسلام لهم والاعتقاد فيهم وهذه فتنة، وهذا يزيد من تسلطهم على الإنسان، قال تعالى: "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً" [الجن:6] ، ولا يجوز الاطمئنان إلى الجن، فهم يخادعون الإنس كثيراً مستغلين عدم رؤيتهم لهم، حتى لو زعموا أنهم صالحون؛ لأنه يصعب التأكد من صدقهم وعدالتهم، لا سيما وعندهم قدرة على التمثيل والتشكل، ومما يدل على عدم عدالتهم تقربهم من الإنس ومحاولة الاختلاط بهم. ولو كان في مخالطتهم خير لفعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والسلف الصالح، ولم يثبت أن أحداً منهم خالط الجن، بل جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- خطاً لابن مسعود ومنعه من تجاوزه في الليلة التي قابل فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- الجن، وهذا الخط معناه منع التعامل مع الجن؛ سداً لذرائع الافتتان بهم، وإيقافاً لأضرارهم وتحكمهم في البشر. ومن يزعم أنه يمكن أن يتحكم فيهم فهو كاذب؛ لأن الله لم يجعل ذلك لأحد غير سليمان صلى الله عليه وسلم. وعندما يؤذوا الإنسان فليطردهم بالذكر والقرآن ومن ذلك المعوذتان، فإن عجز هو فليجعل من أصحاب الخبرة من يرقيه، قال الله تعالى: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا" [النحل:98] ، وقال تعالى: "إن كيد الشيطان كان ضعيفاً" [النساء:76] . والله الموفق.

الآثار في ستر الجدران

الآثار في ستر الجدران المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/12/1426هـ السؤال ورد في حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- المنع من تغطية الحجر والجدران بالقماش، فهل هذا صحيح؟ وإذا صح، فماذا تقولون عن كسوة الكعبة المشرفة وهي من القماش؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عدة أحاديث في هذه المسألة، أقواها حديث عائشة -رضي الله عنها-عند مسلم، فقد أخرج الإمام مسلم (2106) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرج أي النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزاته فأخذت نمطاً فسترته على الباب، فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين"، قالت: فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفاً فلم يعب ذلك علي. وقد اختلف العلماء في حكم هذا الستر: 1- فذهب جمهور الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد -هي الأصح في مذهب الحنابلة كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني والمرداوي في تصحيح الفروع وغيرهما- إلى أن النهي للكراهة، ما لم يكن الستر حريراً أو فيه صور فيحرم ذلك. ومحل الكراهة عند الحنابلة ما لم يكن هناك حاجة إليها كبرد وغيره، فإن كان هناك حاجة فلا كراهة لخروجه عن حد الإسراف، فهو كلبس الثياب. وما ذكر من القول بعدم تحريم ستر الجدر هو الذي يظهر من مذهب الحنفية؛ فقد جاء في البحر الرائق (8/216) : (وله أن يستر الجدار باللبد وغيره) . وفي ملتقى الأبحر مع شرحه مجمع الأنهر (2/556) : (ولا بأس بستر حيطان البيت باللبود.. للبرد) ؛ لأن فيه منفعة (ويكره للزينة، وكذا إرخاء الستر على البيت) ، يعني لا يكره إذا كان لدفع البرد ويكره إن كان للتكبر) . ويظهر -أيضاً- أن هذا هو مذهب المالكية؛ فقد قالوا في كتاب الوليمة: وليس من المنكر ستر الجدران بحرير إذا لم يستند إليه. انظر: الشرح الصغير (2/380) ، والشرح الكبير (2/337) . 2- وذهب بعض الشافعية -منهم الشيخ أبو نصر المقدسي- والإمام أحمد في رواية عنه إلى أن النهي للتحريم، ومن أهم أدلتهم حديث عائشة -رضي الله عنها-. وأجيب عن استدلال المانعين بحديث عائشة بأجوبة، منها: الجواب الأول: أن الحديث ليس فيه نهي عن ستر الجدر، وإنما الذي فيه أننا لم نؤمر بالستر، وعدم الأمر لا يدل على التحريم، بل غاية ما فيه أنه لا يدل على الوجوب ولا الاستحباب، قال النووي رحمه الله: وليس في هذا الحديث ما يقتضي تحريمه؛ لأن حقيقة اللفظ أن الله تعالى لم يأمرنا بذلك، وهذا يقتضي أنه ليس بواجب، ولا مندوب، ولا يقتضي التحريم. ا. هـ الجواب الثاني: أن نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لكون الستر فيه تصاوير -وقد ورد ذلك في روايات أخرى للحديث عند البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم- وقد ذكر هذا الجواب البيهقي في السنن الكبرى (7/272) واختاره بعض الحنابلة.

ومما ورد في هذه المسألة: حديث عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تستروا الجدر" رواه أبو داود (1485) وقال: روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف أيضا. وضعَّف هذا الحديث –أيضاً- جمع من العلماء منهم البيهقي في السنن الكبرى، والحافظ ابن رجب، فقد قال في فتح الباري: (2/207طبعة ابن الجوزي) : حديث النهي عن ستر الجدر إسناده ضعيف. الحديث الثالث: عن محمد بن كعب القرظي، حدثني من سمع علي بن أبي طالب يقول: إنا لجلوس مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في المسجد إذ طلع مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ما عليه إلا بردة له مرقوعة بفرو، فلما رآه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بكى للذي كان فيه من النعمة والذي هو اليوم فيه، ثم قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "كيف بكم إذا غدا أحدكم في حلة وراح في حلة، ووضعت بين يديه صحفة ورفعت أخرى، وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة". قالوا: يا رسول الله: نحن يومئذ خير منا اليوم نتفرغ للعبادة ونكفى المؤنة. فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "لأنتم اليوم خير منكم يومئذ". قال الترمذي (2476) : هذا حديث حسن غريب ... ا. هـ. والحديث فيه جهالة من حدث عن علي بن أبي طالب. وورد عن بعض الصحابة أيضاً النهي عنه، فقد ذكر البخاري تعليقاً: في كتاب النكاح، باب هل يرجع إذا رأى منكرا في الدعوة؟ أن ابن عمر دعا أبا أيوب، فرأى في البيت ستراً على الجدار، فقال ابن عمر: غلبنا عليه النساء، فقال: من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك، والله لا أطعم لكم طعاما فرجع. وقال ابن حجر في الفتح: وصله أحمد في كتاب الورع، ومسدد في مسنده، ومن طريقه الطبراني من رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: (أعرست في عهد أبي ... ) . وذكر الحافظ ابن حجر آثاراً أخرى في هذا المعنى فليراجعها من أراد الاستزادة. وقال الشيخ الألباني عن هذا السند في كتابه آداب الزفاف (130) : سند جيد، ونقل عن المروذي في كتابه الورع (19/2) أن الإمام أحمد احتج به. لكن أجاب بعض العلماء عن هذا الأثر: بأنه اجتهاد من أبي أيوب؛ بدليل أن ابن عمر فعله وحضر بعض الصحابة ولم ينكروا ذلك وإنما أنكر ذلك أبو أيوب، ولو كان محرماً لما غلبت النساء ابن عمر عليه، ولكنهن غلبنه على شيء مكروه، والله أعلم. وأما ستر الكعبة فإنه مستثنى من النهي لمكانة الكعبة وخصوصيتها، ولا أعلم في ذلك خلافاً، فقد كانت الكعبة تستر في وقت النبي –صلى الله عليه وسلم- وبعده ولم ينكر ذلك أحد فيما أعلم، وفي حديث علي -الذي سبق ذكره- عند الترمذي: "وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة"، ولكن الحديث فيه ضعف، وعند البيهقي (7/272) عن سلمان عندما تزوج امرأة من كندة، وأراد أن يدخل بها ورأى بيتاً مستراً قال: مابال بيتكم محموما أو تحولت الكعبة في كندة.. ولكن قال عنه البيهقي: هذا منقطع. وقال ابن عمر لرجل دعاه إلى وليمة وقد ستر الجدر: يا فلان متى تحولت الكعبة في بيتك، رواه أحمد في الزهد كما ذكر ذلك ابن حجر في فتح الباري.

هذا مختصر لما ورد في هذه المسألة، وباختصار فقد ورد حديث صحيح ليس بصريح في هذه المسألة، ووردت أحاديث أخرى ضعيفة، والعلماء مختلفون في حكم ستر الجدر، فالجمهور على أن النهي للكراهة إن لم يكن ذلك حريراً، ورأى بعض العلماء أن النهي للتحريم، والله أعلم وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد.

هل الأجر في الحج على قدر المشقة!

هل الأجر في الحج على قدر المشقة! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/12/1426هـ السؤال دار نقاش بيني وبين أحد زملائي بخصوص حملات الحج، فهو يقول: إن الذي يحج في حملة رخيصة، وبعيدة عن الجمرات -حتى وإن كان قادراً مالياً- أكثر أجراً من الذي يحج في حملة قربية من الجمرات؛ لأن الأجر على قدر المشقة، وأنا أقول: لا توجد فوارق؛ لأن الذي يحج بحملة قريبة يستطيع -بتوفيره للوقت- أن يستغل هذا القرب في العبادة والدعاء، وكذلك هو دفع مالاً أكثر، وهذه كذلك مشقة. أرجو إفادتنا، وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك؟ فقيل لها: انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم، فأهلي ثم ائتينا بمكان كذا ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك. أخرجه البخاري (1787) . فيلاحظ هنا أنه علق الأجر على أحد أمرين النصب والنفقة. قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: وظاهره أن الثواب والفضل في العبادة بكثرة النصب والنفقة. شرح مسلم (8/152) . وقال الحافظ ابن حجر: وهو كما قال لكنه ليس بمطرد؛ فقد يكون بعض العبادة أحق من بعض، وهي أكثر فضلا وثوابا بالنسبة للزمان، كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام رمضان، وبالنسبة للمكان كصلاة ركعتين في المسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات في غيره، وإلى شرف العبادة المالية والبدنية كصلاة الفريضة بالنسبة إلى أكثر من عدد ركعاتها، وأطول من قراءتها ونحو ذلك من صلاة النافلة، وكدرهم من الزكاة بالنسبة إلى أكثر من التطوع، أشار إلى ذلك ابن عبد السلام في القواعد، وقال أيضا: وقد كانت الصلاة قرة عين النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي شاقة على غيره وليست صلاة غيره مع مشقتها مساوية لصلاته مطلقا والله أعلم. فتح الباري (3/611) ، عمدة القاري (10/124) ، كشف الخفاء (1/50) . وفي حديث "ذهب المفردون بالأجر" ثواب عظيم على عمل يسير، لذا قال الكرماني رحمه الله تعالى: (كيف يساوي قول هذه الكلمات مع سهولتها وعدم مشقتها الأمور الشاقة الصعبة من الجهاد ونحوه، وأفضل العبادات أحمزها، قلت أداء هذه الكلمات حقها الإخلاص، سيما الحمد في حال الفقر من أفضل الأعمال وأشقها. ثم إن الثواب ليس بلازم أن يكون على قدر المشقة؛ أَلاَ ترى في التلفظ بكلمة الشهادة من الثواب ما ليس في كثير من العبادات الشاقة " ا. هـ. عمدة القاري (6 /129) ، فتح الباري (2/328) ، فيض القدير (2/34) . والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الدعاء على اليهود والنصارى بعامة!

الدعاء على اليهود والنصارى بعامّة! المجيب د. عبد العزيز بن عمر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/01/1427هـ السؤال كثيراً ما نسمع في خطبة الجمعة: اللهم عليك باليهود وأمريكا، اللهم دمِّرهم، اللهم أهلكهم. في الحقيقة يوجد يهود وأمريكان ظالمون، ويوجد يهود وأمريكان غير ظالمين، ولا يؤيدون ما يحدث في البلاد الإسلامية من قتل، فهل يجوز لي أن أقول: اللهم عليك باليهود الظالمين، أو الأمريكان الظالمين؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فبالنسبة للدعاء على اليهود والأمريكان فهناك إفراط وتفريط، فمن الناس من يتورع عن لعنهم والدعاء عليهم تحت مبررات وهميةٍ نابعةٍ من قصور فهمه بالشرع الحنيف، أو من نفسيته المنهزمة، أو إفراط في الأمر نابع من الجهل أو الحنق، والصحيح أن اليهود والنصارى يلعنون في الجملة لا في التعيين، وقد قال تعالى: "لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون" [المائدة:76] . وبنو إسرائيل اليوم جميعاً كفار ليسوا على دين أنبيائهم، فاستحقوا اللعنة بكفرهم دون اعتداءٍ منهم، فكيف إذا جمعوا بين الكفر والاعتداء؟! وفي الصحيحين قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" صحيح البخاري (436) ، وصحيح مسلم (531) . والدعاء عليهم بالهلاك والانتقام يكون على الظالم منهم لا عليهم جميعاً، فنقول: اللهم عليك باليهود الغاصبين، والصليبيين المعتدين. ولا نَعُمّ الجميع؛ لأن الجميع وإن كانوا بالنسبة لنا كفاراً ملعونين إلا أن كفرهم شيء، والدعاء عليهم جميعاً شيءٌ آخر. والله أعلم.

معنى "نحمد الله إليكم"

معنى "نحمد الله إليكم" المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/11/1426هـ السؤال إذا سئل بعض أهل العلم عن حاله، أجاب: "نحمد الله إليكم" فما معنى ذلك، وما الفرق بين الحمد والشكر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقول القائل: "أحمد الله إليك" كما هو المتبع في الخطابات، معناه: إني أحمد الله على ما أولى وتفضل، فأنا بنعم الله أنهي إليك هذا الخبر، لأن هذا يأتي عندما يسأل الإنسان أخاه عن حاله، بقول: "أحمد الله إليك"، وأكثر ما تأتي هذه العبارة في الرسائل؛ لأن المرسِل يُبلغ صاحبه بما يتمتع به من نعم الله، فالكلام مضمن معنى: أنهي إليك هذا الخبر الذي يهمك أن تعرفه من حالي. وأما الفرق بين الحمد والشكر، فالشكر: هو ما كان في مقابل نعمة من طاعة وثناء، وأما الحمد: فلا يختص بالنعم، بل يكون الحمد على ما كان نعمة وما لم يكن نعمة، فالله تعالى هو المحمود على كل حال على السراء وعلى الضراء وعلى كل أفعاله؛ لأنه سبحانه حكيم عليم في تدبيره وتقديره، فله الحمد على كل حال، بل الحمد كله له، كما قال تعالى: "الحمد لله رب العالمين". فحمد سبحانه وتعالى نفسه، وعلَّم عباده كيف يحمدونه، فله الحمد وله الشكر كما أمر بذلك بقوله: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" [البقرة: 152] . والله أعلم.

استلحاق الابن من الزنا

استلحاق الابن من الزنا المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/11/1426هـ السؤال كنت قد واقعت امرأة كافرة في حالة سكر يوم كنت مقيماً في إحدى الدول الغربية، فأنجبت ولداً يدرس الآن بالجامعة، فما موقفي من هذا الابن شرعاً؟ لا سيما وأنني على اتصال به؛ طمعاً في أن يسلم، وقد انقطعت علاقتي بأمه حال ولادته؛ لأنني كنت أجهل حملها وولادتها. أفتوني مأجورين. وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فولد الزنا لا ينسب لوالده بل ينسب لوالدته، فيقال: (فلان ابن فلانة) هذا إن عُرفت والدته، أما إن لم تُعرف فيجعل له اسم يُعرف به، وقد ذكر ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- أن ولد الزنا في الإسلام لا يلحق بالزاني بالإجماع. انظر التمهيد (8/190) ؛ لكونه ثمرة سفاح لا نكاح، فلا توارث بين ولد الزنا والزاني لانتفاء سبب التوارث، فأسباب الميراث ثلاثة: نكاح وولاء ونسب، وولد الزنا لا يمكن إلحاقه بواحد منها. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى: لا بأس بوصل الولد وتربيته والإحسان إليه والنفقة عليه ودعوته إلى الإسلام وحثه على ذلك، بل هذا من العبادات التي يؤجر المرء عليها، قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" [الممتحنة:8] . وعليك التوبة من ذلك الذنب الذي وقعت فيه، قال تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68-70] ، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

متى يؤاخذ الطفل على فعل المعصية؟

متى يؤاخذ الطفل على فعل المعصية؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/12/1426هـ السؤال متى يكون الطفل آثماً محاسباً على ما يقع فيه من المعاصي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيكون الطفل محاسبًا على ما يقع فيه من المعاصي إذا بلغ، والبلوغ يتحقق بأحد ثلاثة أمور: الأول: الاحتلام. الثاني: نبات الشعر الخشن حول القبل. الثالث: بلوغ خمس عشرة سنة. وتزيد الفتاة بأمر رابع وهو الحيض. فمتى حصل للشاب أو الشابة أحد هذه الأمور فقد بدأ عليه التكليف، ويترتب على ذلك الجزاء يوم القيامة. وآخرها بلوغ خمس عشرة سنة، فلو بلغ الطفل خمس عشرة سنة ولم يحتلم ولم ينبت ولم تحِضْ الفتاة. فقد بلغ ودخل سن التكليف. وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.

هل للاستنساخ علاقة بالروح؟

هل للاستنساخ علاقة بالروح؟ المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/03/1427هـ السؤال نرجو أن تبينوا لنا: هل للاستنساخ علاقة بالروح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالاستنساخ هو نقل نواة خلية جسدية تحتوي على ستة وأربعين صبغيا إلى بويضة منزوعة النواة، فتتكون خلية تشمل جميع المعلومات الوراثية، فتبدأ في الانقسام مكونة الخلايا الأولى للجنين، وفي مرحلة معينة من مراحل انقسامها تنقل إلى الرحم لتعلق به، وتستمر في أطوار نموها حتى الولادة، وهذا الأمر جرى تطبيقه في الحيوان، وأمكن استنساخ حيوانات بهذه الطريقة، أما في الإنسان فهو في طور التجارب وتكتنفه صعوبات كثيرة. وهذا الأمر لا يعني إعادة الأموات إلى الحياة الدنيا مرة ثانية؛ لأن الله -عز وجل- وحده هو القادر على بعث الأموات من القبور يوم القيامة، وهو وحده المنفرد بإيجادهم بعد العدم، كما قال عز وجل: "ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [الحج:6] وقال سبحانه وتعالى: "إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" [الأنعام:36] . وبهذا يتبين أن الاستنساخ لا علاقة له بالروح، فحقيقته نقل خلية حية إلى الرحم، وبعد أن تمر بأطوار من النمو والتخلق تنفخ فيها الروح ويكون ذلك بعد مرور أربعة أشهر من وجودها في الرحم. والله أعلم.

ما المقصود بـ"سيماهم في وجوههم من أثر السجود"

ما المقصود بـ"سيماهم في وجوههم من أثر السجود" المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/01/1427هـ السؤال هل المساحة السوداء الصغيرة التي نراها على جباه البعض هي نفسها علامة السجود التي في قوله تعالى: "سيماهم في وجوههم من أثر السجود.."؟ أم أن علامة السجود من أثر الوضوء، ولا تُرى إلا يوم القيامة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد سرد ابن الجوزي في زاد المسير أقوال المفسرين في معنى قوله تعالى: "سيماهم في وجوههم من أثر السجود" [الفتح:29] . فقال: وهل هذه العلامة في الدنيا أم في الآخرة؟ فيه قولان: أحدهما في الدنيا: ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنها السمت الحسن، قاله ابن عباس في رواية ابن أبي طلحة، وقال في رواية مجاهد: أما إنه ليس بالذي ترون، ولكنه سيما الإسلام وسمته وخشوعه، وكذلك قال مجاهد: ليس بندب التراب في الوجه، ولكنه الخشوع والوقار والتواضع. والثاني: أنه ندى الطهور وثرى الأرض، قاله سعيد بن جبير، وقال أبو العالية: لأنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب، وقال الأوزاعي: بلغني أنه ما حملت جباههم من الأرض. والثالث: أنه السهوم، فاذا سهم وجه الرجل من الليل أصبح مصفارًّا، قال الحسن البصري: {سيماهم في وجوههم} الصفرة، وقال سعيد بن جبير: أثر السهر، وقال شمر بن عطية: هو تهيج في الوجه من سهر الليل. والقول الثاني: أنها في الآخرة، ثم فيه قولان: أحدهما: أن مواضع السجود من وجوههم تكون أشد وجوههم بياضاً يوم القيامة، قاله عطية العوفي، وإلى نحو هذا ذهب الحسن، والزهري، وروى العوفي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة. والثاني: أنهم يبعثون غرًّا محجلين من أثر الطهور، ذكره الزجاج. انتهى. ورجَّح ابن جزي: أنه أثر السجود في الدنيا؛ لقوله: "تراهم ركعا سجدا..". ورجَّح الطبري العموم، فقال: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله -تعالى ذكره- أخبرنا أن سيما هؤلاء القوم -الذين وصف صفتهم- في وجوههم من أثر السجود، ولم يخص ذلك على وقت دون وقت، وإذا كان ذلك كذلك فذلك على كل الأوقات، فكانت سيماهم التي كانوا يعرفون بها في الدنيا أثر الإسلام، وذلك خشوعه وهديه وزهده وسمته وآثار أداء فرائضه وتطوعه، وفي الآخرة ما أخبر أنهم يعرفون به، وذلك الغرة في الوجه والتحجيل في الأيدي والأرجل من أثر الوضوء، وبياض الوجوه من أثر السجود. وقال ابن القيم في الصواعق (2/606) : ثم أثنى عليهم [أي الصحابة] بكثرة الأعمال مع الإخلاص التام وسعة الرجاء في فضل الله ورحمته بابتغائهم فضله ورضوانه، وبأن آثار ذلك الإخلاص وغيره من أعمالهم الصالحة ظهرت على وجوههم، حتى إن من نظر إليهم بهره حسن سمتهم وهديهم، ومن ثم قال مالك رضي الله تعالى عنه: "بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة الذين فتحوا الشام قالوا: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا".

وقال ابن كثير: وقال بعضهم: إن للحسنة نورًا في القلب، وضياءً في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الناس. وقال أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه: "ما أسرَّ أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه". والغرض أن الشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه، فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله تعالى أصلح الله -عز وجل- ظاهره للناس، كما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: "من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته" ... فالصحابة -رضي الله عنهم- خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم، فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم ... وقال السعدي: أي قد أثرت العبادة من كثرتها وحسنها في وجوههم حتى استنارت، لما استنارت بالصلاة بواطنهم استنارت بالجلال ظواهرهم. وقدبيَّن شيخ الإسلام في الجواب الصحيح (6/486) أن ما يقوم بالقلب من تصديق وحب الله ورسوله وتعظيم لابد أن يظهر على الجوارح، وكذلك بالعكس؛ ولهذا يستدل بانتفاء اللازم الظاهر على انتفاء الملزوم الباطن، كما في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب" ... وذكر: أن وصف الوجوه بالعلامة موجود في القرآن، كقوله: "سيماهم في وجوههم"، وقوله: "ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم" [محمد:30] ، وقوله: "تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا" [الحج:72] . وأن معرفة المنافقين بالسيما معلقة بمشيئة الله، وأما معرفتهم بلحن القول فمحققة حيث قال تعالى: "ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول" [محمد:30] ، وقال ف حق المؤمنين: "سيماهم في وجوههم من أثر السجود"، وقال في حق الكافر: "عتل بعد ذلك زنيم" [القلم:13] ، أي: له زنمة من الشر، أي: علامة يعرف بها. وأن الرجل الصادق البار يظهر على وجهه من نور صدقه وبهجة وجهه سيما يعرف بها، وكذلك الكاذب الفاجر، وكلما طال عمر الإنسان ظهر هذا الأثر فيه، حتى إن الرجل يكون في صغره جميل الوجه، فإذا كان من أهل الفجور مصرًّا على ذلك يظهر عليه في آخر عمره من قبح الوجه ما أثره باطنه وبالعكس ... وقد يكون الرجل ممن لا يتعمد الكذب، لكن يعتقد اعتقادات باطلة كاذبة في الله أو في رسله أو في دينه أو عباده الصالحين، وتكون له زهادة وعبادة واجتهاد في ذلك، فيؤثر ذلك الكذب الذي ظنه صدقا وتوابعه في باطنه، ويظهر ذلك على وجهه، فيعلوه من القترة والسواد ما يناسب حاله، كما قال بعض السلف: "لو ادهن صاحب البدعة كل يوم بدهان إن سواد البدعة لفي وجهه". وهذه الأمور تظهر يوم القيامة ظهورًا تامًّا، قال تعالى: "ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون" [الزمر:60-61] .

وقال تعالى: "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون" [آل عمران:106-107] قال ابن عباس وغيره: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة. والمقصود أن ما في القلوب من قصد الصدق والمحبة والبر ونحو ذلك قد يظهر على الوجه حتى يعلم ذلك علما ضروريا من أبلغ العلوم الضرورية، وكذلك ما فيها من قصد الكذب والبغض والفجور وغير ذلك. والإنسان يرافق في سفره من لم يره قط إلا تلك الساعة، فلا يلبث إذا رآه حدة وسمع كلامه أن يعرف هل هو مأمون يطمئن إليه أو ليس كذلك، وقد يشتبه عليه في أول الأمر وربما غلط، لكن العادة الغالبة أنه يتبين ذلك بعد لعامة الناس. وكذلك الجار يعرف جاره، والمعامل يعرف معامله؛ ولهذا لما شهد عند عمر بن الخاطب رجل فزكاه آخر، قال: هل أنت جاره الأدنى تعرف مساءه وصباحه؟ قال: لا، قال: هل عاملته في الدرهم والدينار اللذين تمتحن بهما أمانات الناس؟ قال: لا، قال: هل رافقته في السفر الذي تنكشف فيه أخلاق الناس؟ قال: لا، قال: فلست تعرفه. وروي أنه قال: لعلك رأيته يركع ركعات في المسجد!، وذلك أن المنافق قد يظهر الصلاة، فمن لم يخبره لا يعرف باطن أمره، كما قيل: ذئب تراه مصليا *** فإذا مررت به ركع يدعو وجلّ دعائه *** ما للفريسة لا تقع وإذا الفريسة خليت *** ذهب التنسك والورع انتهى كلام ابن تيمية رحمه الله. وهنا وقفة مع حديثين في معنى هذه الجملة من الآية: الأول: ورد في تفسير الآية حديث مرفوع أن السيما: هي النور يوم القيامة، ولكنه لفظ ضعيف: رواه الطبراني في المعجم الأوسط (4464) ، وفي المعجم الصغير (619) . وقال الطبراني في الأوسط: لم يرفع هذا الحديث عن أبي جعفر الرازي إلا روّاد والمسيب، تفرد به محمد بن أبي السري، لا يروى عن أبيّ إلا بهذا الإسناد، وقال في الصغير: لا يروى عن أبيّ إلا بهذا الإسناد تفرد به أبو جعفر الرازي. وقال ابن القيم في زاد المعاد (1/276) عن أبي جعفر الرازي: صاحب مناكير لا يحتج بما تفرد به أحد من أهل الحديث البتة. قلت: أبو جعفر الرازي هو عيسى بن عبد الله بن ماهان مختلف فيه أيضا. ولأبي جعفر نسخة في التفسير إلى أبي بن كعب، فلعل الراوي عنه رفع ما كان موقوفا، وهو المسمى عند المحدثين بسلوك الجادة. وفي الإسناد أيضا: روّاد بن الجراح أبو عصام العسقلاني، قال البخاري: كان قد اختلط لا يكاد أن يقوم حديثه. فالحديث إذن ضعيف. الحديث الثاني: أورده ابن ماجه في سننه (1333) عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار"، وهو حديث موضوع، كما نقل ابن أبي حاتم في علل الحديث (1/74) عن أبيه: وأن أبا حاتم سأل ابن نمير: فقال: [في راوي الحديث السابق وهو ثابت بن موسى] : الشيخ لا بأس به، والحديث منكر، قال أبي: الحديث موضوع. والله أعلم.

هجرها في المضجع من غير نشوز!

هجرها في المضجع من غير نشوز! المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/11/1426هـ السؤال هل من حقوق الزوجة أن ينام الزوج في الغرفة معها، حيث إن زوجي له غرفة خاصة به، وإذا أرادني طلب حضوري، ويقول: ليس في الإسلام وجوب النوم معك في سرير أو غرفة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه وبعد: فقد جاء في المغني لابن قدامة -رحمه الله- في كتاب عشرة النساء (10/220) ما نصه: قال الله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19] . وقال تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228] . وقال ابن زيد: يتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله فيهم، وقال ابن عباس: إني لأحب أن أتزين للمرأة, كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله تعالى يقول: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"، وقال الضحاك في تفسيرها: إذا أطعن الله وأطعن أزواجهن فعليه أن يحسن صحبتها, ويكف عنها أذاه وينفق عليها من سعته، وقال بعض أهل العلم: التماثل ها هنا في تأدية كل واحد منهما ما عليه من الحق لصاحبه بالمعروف ولا يمطله به, ولا يظهر الكراهة بل ببشر وطلاقة، ولا يتبعه أذى ولا منة؛ لقول الله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" وهذا من المعروف, ويستحب لكل واحد منهما تحسين الخلق مع صاحبه والرفق به واحتمال أذاه؛ لقول الله تعالى: "وبالوالدين إحسانا وبذي القربى" إلى قوله "والصاحب بالجنب" [النساء:36] . قيل: هو كل واحد من الزوجين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم-: "استوصوا بالنساء خيرا" رواه البخاري (3331) ، ومسلم (1468) ، وأخرجه الترمذي (1163) ، وزاد: "فإنهن عوان عندكم". وقال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله" رواه مسلم (1218) . وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقا". متفق عليه [صحيح البخاري (5184) وصحيح مسلم (1468) ] . وقال صلى الله عليه وسلم: "خياركم خياركم لنسائهم" رواه ابن ماجه (1978) . وحق الزوج عليها أعظم من حقها عليه؛ لقول الله تعالى: "وللرجال عليهن درجة" [البقرة:228] ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد, لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق" رواه أبو داود (2140) ، وقال: صلى الله عليه وسلم: "إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح" متفق عليه [صحيح البخاري (5194) ، وصحيح مسلم (1436) ] ، وقال صلى الله عليه وسلم لامرأة: "أذات زوج أنت؟ " قالت: نعم. قال: "فكيف أنت له؟ ". قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه. قال: "فانظري أين أنت منه، فإنه جنتك ونارك". رواه أحمد (26806) . وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه, ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، وما أنفقت من نفقة من غير أمره، فإنه يؤدَّى إليه شطره". رواه البخاري (5195) .

أختي السائلة: ما تذكرين في سؤالك محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أن الزوج إذا كانت له زوجة واحدة يلزمه أن يبيت عندها ليلة من أربع، وينفرد إن أراد في الباقي، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا يتضمن: الاجتماع في المنزل والفراش، كما قال رحمه الله: (وقول أصحابنا: يجب على الرجل المبيت عند امرأته ليلة من أربع، وهذا المبيت يتضمن سنتين: إحداهما المجامعة في المنزل، والثانية في المضجع، وقوله تعالى: "واهجروهن في المضاجع"مع قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يَهْجُر إلا في المضجع" دليل على وجوب المبيت في المضجع، ودليل على أنه لا يهجر المنزل، ونص الإمام أحمد في الذي يصوم النهار ويقوم الليل يدل على وجوب المبيت في المضجع، وكذا ما ذكره في النشوز إذا نشزت هجرها في المضجع دليل على أنه لا يفعله بدون ذلك. وعلى هذا فيلزم الزوج أن يبيت مع زوجه في فراشها ليلة من أربع، وينفرد في سائر الليالي إن شاء، ويؤيد هذا أن المراد من المبيت ما يحصل من الأنس والسكن في المقام الأول، وهذا إنما يتحقق كماله بلزوم فراشها والنوم بجوارها، قال الله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] . ويذهب بعض أهل العلم إلى أن من له زوجة واحدة يستحب أن يبيت عندها ويحصنها، وأن أدنى الدرجات أن لا يخلي أربع ليال عن ليلة، إلا أنه لا يلزمه ذلك ابتداء؛ لأنه حقه فله تركه، كما يرون أن الأولى أن يناما في فراش واحد إذا لم يكن لأحدهما عذر في الانفراد، سيما إذا عرف الزوج حرص زوجه على ذلك. وإذا تقرر هذا أختي الكريمة فإن زوجك قد يحتج بأن ما يفعله جائز عند بعض أهل العلم، أو أن يستمر على عناده لك، فلا أرى أن الحل ليس في سؤالك عن الحكم حلا وحرمة، بل ينبغي لك أن تبحثي عن الداعي الذي لأجله فعل زوجك هذا، واستشعار أسبابه والعمل على التصحيح ما أمكن بروح المودة والمحبة والخضوع، وتلافي الخطأ والقصور. وفق الله السائلة لما يحبه ويرضاه، وأصلح لها ما بينها وبين زوجها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل يجوز هذا الدعاء؟

هل يجوز هذا الدعاء؟ المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/11/1426هـ السؤال هل يجوز قول: "اللهم انشلنا من أوحال التوحيد، إلى بحور الوحدة"؟ وهذا وارد في دعاء يدرس في بلدي في الدروس الدينية في المنازل والاجتماعات. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فهذا دعاء فاسد المعنى باطل المضمون، ولا يقوله إلا جاهل أو مريض بأهواء التصوف الفلسفي المنحرف؛ ذلك أن وصف التوحيد -الذي هو شعار أمة محمد صلى الله عليه وسلم- بالأوحال، عين الغواية والضلال؛ لأن التوحيد هو أساس الملة وقاعدة الديانة وأصل الأصول، وهو دعوة الأنبياء وطريق المرسلين، ولم يعرف التوحيد عند أمة الإسلام إلا أنه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ، كما في صحيح مسلم (26) باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، وأورد حديث عثمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة". وفي صحيح البخاري (7372) كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، ثم ساق حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن، قال له: "إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى". وفي مستدرك الحاكم (2051) تسمية النبي -صلى الله عليه وسلم- النطق بالشهادتين توحيداً، فعن حميضة بنت ياسر، عن جدتها يسيرة -رضي الله عنها- وكانت إحدى المهاجرات، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، ولا تغفلن فتنسين التوحيد، واعقدن بالأنامل؛ فإنهن مسؤولات ومستنطقات". وسمى النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته أمة التوحيد، ففي جامع الترمذي (2597) عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يعذب ناس من أهل التوحيد في النار حتى يكونوا فيها حمما، ثم تدركهم الرحمة فيخرجون ويطرحون على أبواب الجنة. والأدلة من الآثار في هذا كثيرة كلها تدل على عظم كلمة التوحيد ومكانتها عند كل مسلم يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، ولا عبرة بتأويلات أهل الأهواء إذا قالوا مرادنا بالتوحيد كذا وكذا مما هو مخالف للمراد الشرعي. ثم في الدعاء المذكور قوله: (بحور الوحدة) ، وهذا هو معتقد فلاسفة المتصوفة الذين جعلوا ضلالة وحدة الوجود عين الإيمان واليقين وهي عين الضلال والانحراف؛ حيث تقوم هذه العقيدة على أن الوجود كله عين واحدة هي الله -تعالى- وأنه لا فرق بين رب وعبد، وهذه ضلالة لم يقلها حتى كفار قريش ولا فرعون ولا إبليس، وهي تقتضي أن تكون الأشياء كلها عين الرب تعالى الله، ومهما قالوا في تأويل الوحدة والاتحاد فإن مصيره إلى هذا الاعتقاد الباطل والخطير على عقيدة صاحبه. نعوذ بالله من الزيغ والضلال.

كيف نفهم "لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه"

كيف نفهم "لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه" المجيب د. عبد الله بن وكيل الشيخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/08/1426هـ السؤال يقول -صلى الله عليه وسلم - فيما معناه - "لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه". كيف نجمع بين هذا الحديث وبين أن نسعى لمستقبل مشرق يمحو الظلام الذي نعيشه؟ كيف نأمل عز الإسلام مستقبلاً فنخالف هذا الحديث؟!! فلو اعتز الإسلام لكان الزمان الذي اعتز فيه خيراً من الزمان الذي قبله.. والحديث يقول إن الزمان القادم أسوأ من الماضي دائماً!! كيف نجمع بينهما؟ فأنا حائر جداً، وهناك شبهات كثيرة كهذه الشبهة أخشى أن تتراكم هذه الشبه وأجنح للانحراف الفكري. أفيدونا. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد: فإنه مما ينبغي التنبه له أن النصوص الشرعية ينبغي فهمها مجتمعة، ولا يصح أن يعزل النص الشرعي عن بقية النصوص فإن ذلك من أعظم ما يوقع في الغلط، وعلى هذا فإن هذا الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه (7068) من حديث الزُّبَيْرِ بنِ عَدِي قال: أتَيْنا أنَسَ بنَ مالِك -رضي الله عنه- فَشَكَوْنا إلَيْهِ ما نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فقال: اصْبِرُوا فإنهُ "لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمانٌ إلاَّ والّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ" سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ. يجب فهمه في ضوء بقية النصوص الشرعية المتحدثة عن شأن الأمة بعده صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت نصوص كثيرة تدل على بقاء الخير في هذه الأمة كما في حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره". أخرجه الترمذي (2869) ، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وفي الباب عن عمار وعبد الله بن عمرو وابن عمر -رضي الله عنهم- والحديث أخرجه أيضاً أبو يعلى في مسنده، والدارقطني في مسند حديث مالك، وأبو الحسن بن القطان في العلل، له وقال: لا نعلم له علة، وله شاهد عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- أخرجه ابن حبان في صحيحه، وفي لفظ عند الطبراني في "الكبير" من حديث عمار -رضي الله عنه-: "مثل أمتي كالمطر يجعل الله في أوله خيرا وفي آخره خيرا". وفي الباب أيضاً عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أخرجه البزار بسند حسن، وقال: إنه لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد أحسن من هذا، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عند الطبراني، وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عند الطبراني أيضا، وأشار إليه ابن عبد البر، وقال: إن الحديث حسن. وقول النووي في فتاويه: إنه ضعيف. متعقَّبٌ، إلا أن يريد باعتبار ذاته أو من طريق أبي يعلى التي عزاها له في فتاواه، وإليه يشير قول الحافظ ابن حجر: حديث حسن، له طرق. [ينظر المقاصد الحسنة (1/591) ، كشف الخفاء (2/258) ] .

وكما في أحاديث الطائفة المنصورة وبقائها في الأمة إلى قيام الساعة، ومن ذلك حديث معاوية –رضي الله عنه- سمعت النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك". أخرجه البخاري (3641) ومسلم (1037) . وحديث ثوبان –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". أخرجه مسلم (1920) . وكذلك أحاديث المهدي التي أخرجها أبو داود وغيره من أئمة الإسلام، وكما في أحاديث نزول المسيح عيسى ابن مريم -صلوات الله وسلامه عليه- وهي أحاديث ثابتة في الصحيح. وفي ضوء هذه الأحاديث مجتمعة ينبغي أن يفهم حديث أنس –رضي الله عنه- الوارد في السؤال على أحد الوجوه التالية: الوجه الأول: أن ذلك محمول على الأكثر الأغلب، وعلى ذلك حمله الحسن البصري –رحمه الله- فإنه سئل عن وجود عمر بن عبد العزيز –رحمه الله- بعد الحجاج، فقال: لا بد للناس من تنفيس. الوجه الثاني: أن المراد بالتفضيل تفضيل مجموع العصر، ومن أمثلة ذلك أن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة أحياء، وفي عصر عمر بن عبد العزيز وهو أفضل من عهد الحجاج انقرضوا، والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده، لقوله –صلى الله عليه وسلم-: "خير الناس قرني". وهو في الصحيحين [البخاري (3651) ، ومسلم (2533) ] . وقوله –صلى الله عليه وسلم-: "أصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون". أخرجه مسلم (2531) . الوجه الثالث: ما حكاه الحافظ ابن حجر عن الإمام ابن بطال أنه قال: وجدت عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- التصريح بالمراد وهو أولى بالاتباع، فأخرج يعقوب بن شيبة من طريق الحارث بن حصيرة عن زيد بن وهب قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي كان قبله حتى تقوم الساعة، لست أعني رخاء من العيش يصيبه ولا مالا يفيده، ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علما من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء استوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، فعند ذلك يهلكون، ومن طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود ... إلى قوله: شر منه، قال: فأصابتنا سنة خصب، فقال: ليس ذلك أعني، إنما أعني ذهاب العلماء، ومن طريق الشعبي عن مسروق عنه، قال: لا يأتي عليكم زمان إلا وهو أشر مما كان قبله، أما أني لا أعني أميرا خيرا من أمير، ولا عاما خيرا من عام، ولكن علماؤكم وفقهاؤكم يذهبون، ثم لا تجدون منهم خلفا، ويجيء قوم يفتون برأيهم. وفي لفظ عنه من هذا الوجه: وما ذاك بكثرة الأمطار وقلتها، ولكن بذهاب العلماء، ثم يحدث قوم يفتون في الأمور برأيهم فيثلمون الإسلام ويهدمونه. الوجه الرابع: ويحتمل أن يكون المراد بالأزمنة المذكورة أزمنة الصحابة بناء على أنهم هم المخاطبون بذلك فيختص بهم.

وعلى هذا فإن الواجب على المسلم بذل الجهد في إصلاح ما يستطيع إصلاحه من أحوال نفسه وأسرته ومجتمعه وأمته، وله في ذلك أعظم الأجر من الله؛ لأن نشر الخير في زمن شدة الحاجة إليه أعظم من بذله في وقتٍ الحاجةُ إليه دون ذلك، فقد قال الله تعالى لصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى) [الحديد:10] . يراجع [فتح الباري (13/21-22) ، عمدة القاري (24/184) ، مرقاة المفاتيح (10/19-20) ] .

معنى "ونفخت فيه من روحي"

معنى "ونفخت فيه من روحي" المجيب د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/11/1426هـ السؤال سؤالي عن قوله تعالى: "ونفخت فيه من روحي"، فقد قال بعضهم: "يتضح من الآية -وخاصة عند ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية- أن روح الله نفخت في آدم، وهذا شرك عظيم. فالله -سبحانه وتعالى- لا يكون جزءاً من أي خلق من خلقه هو مباين لخلقه، فهو الخالق ولا يدخل في المخلوق". فأرجو توضيح معنى الآية الكريمة؛ حتى يزول الإشكال الذي ينتابني. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمراد: بـ"روحي" أي روح شريفة نسبها لله -عز وجل- نسبة تشريف، كما يقال: (بيت الله) قال تعالى: "أن طهرا بيتي ... " [البقرة:125] ، والله -عز وجل- لا يسكنه؛ لأن الله -عز وجل- أعظم من أن يحيط به شيء من خلقه، وقال تعالى: "هذه ناقة الله لكم آية" [الأعراف:73] على لسان نبيه صالح -عليه السلام- وهكذا في إضافة التشريف. ولهذا فمن ظن أن المراد روح الله -عز وجل- جزء منه فقد غلط، ومن فهم ذلك فيصحح له. فإن روح الله -عز وجل- التي هي صفة من صفاته لا تنفك عنه، كما يقال: علم الله وسمع الله، ونحو ذلك، فكل ذلك صفاته -عز وجل- لا تنفك عنه. ولكن بعض الناس لا يفرق بين النوعين من النسبة والإضافة، فيظن أن ما أضيف إلى الله -عز وجل- هو جزء منه، أو يظن أن كل ما أضيف إلى الله -عز وجل- هو إضافة تشريف. والصحيح إن الإضافة إضافتان: 1- إضافة صفة إلى موصوف، وهي كل ما لا يقوم بنفسه. 2- وإضافة تشريف، وهو كل ما له قيام بنفسه. والروح لها قيام بنفسها، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الروح إذا قبض تبعه البصر" أخرجه مسلم (920) . أي يراها الميت وهي تخرج. والله أعلم.

هل تبين منه بهذا الطلاق؟

هل تَبينُ منه بهذا الطلاق؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/02/1427هـ السؤال أختي متزوجة من رجل متهاون بأمر الله -سبحانه وتعال- ويشرب الخمر، وعند حدوث أي مشكلة مع أولاده أو زوجته يقول لزوجته: أنت طالق، وقد حدث هذا الأمر أكثر من خمس مرات، أي أنه قال لزوجته: أنت طالق أكثر من خمس مرات، وبعد يوم أو يومين تعود الحياة بينهما إلى طبيعتها، وكأن شيئًا لم يحصل، حتى حصول المشكلة الأخيرة بينهما، حيث قال لها أمام شهود: أنت طالق طالق طالق. فهل تعتبر طالقًا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن طلق زوجته ثلاث تطليقات متفرقات في طهر لم يجامعها فيه وهو في حالة معتبرة شرعاً فقد بانت منه زوجته بينونة كبرى بلا خلاف، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل ثم يطلقها، قال تعالى: "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون" [البقرة:229-230] . أما ما جاء في السؤال، فالواجب على المرأة المذكورة أن لا تمكن الرجل منها؛ لأن الذي يظهر أنها قد بانت منه بينونة كبرى، فإن رغب في مراجعتها -لظنه عدم وقوع الطلاق- فلابد من مراجعة أحد العلماء للنظر في تفاصيل تلك الوقائع، ثم إصدار فتوى عن حكم كل طلقة من تلك الطلقات المتكررة. وأنصح الجميع بتقوى الله تعالى، وعدم التلاعب بالطلاق فهو من حدود الله تعالى، فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما بال أقوام يلعبون بحدود الله يقول أحدهم: قد طلقتك، قد راجعتك، قد طلقتك" رواه ابن ماجه (2017) ، والبيهقي (7/322) ، وحسنه البوصيري في الزوائد (2/123) . وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً؟ فقام غضبان، فقال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم". حتى قام رجل فقال: يا رسول الله أفلا أقتله!. رواه النسائي (3401) . قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: إسناده جيد. وانظر نيل الأوطار (7/12) . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الإقسام على الله في الدعاء

الإقسام على الله في الدعاء المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/01/1427هـ السؤال إمام المسجد الذي نصلي فيه يدعو في الوتر، فيقول: "اللهم إنَّا نقسم عليك بك أن تدخلنا الجنة". فما الحكم فيما يقول؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الإقسام على الله -تعالى- أنواع: أحدها: أن يكون الحامل عليه التصديق واليقين بما أخبر الله به ورسوله، كأن يقول: والله ليدخلن الله المؤمنين الجنة، والكافرين النار. فهذا مشروع. الثاني: أن يكون الحامل له على ذلك العجب بالنفس، وسوء الظن بالله، والجهل، كالرجل الذي قال: والله لا يغفر الله لفلان! فقال الله عز وجل: "من ذا الذي يَتَأَلَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان! فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك" رواه مسلم (2621) . فهذا محرم. الثالث: أن يكون الحامل له على ذلك ما يجد في قلبه من حسن الظن بالله، وقوة الرجاء، ونقاء السريرة، كما وقع لأنس بن النضر -رضي الله عنه- حين قال: والله لا تُكسر ثنية الرُّبيع! فألقى الله في قلوب أصحاب الحق العفو. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" رواه البخاري (2703) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره". رواه مسلم (2622) . فالذي يظهر لي أن مثل هذا الدعاء لا يصدر بصيغة الجمع: (إنا نقسم عليك) ؛ لأن مبناه على قوة الصلة بين عبد معين وربه، وذلك العبد من أهل الله وخاصته، ولهذا أتى بكلمة (رُبَّ) التي تفيد التقليل، لعظم منزلته عند الله، كما قال النووي -رحمه الله- فمن آنس من نفسه قوة يقين ورجاء فليقسم بنفسه، وإلا فليلزم جوامع الدعاء. والله أعلم.

إرث المسلم للكافر

إرث المسلم للكافر المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 30/12/1426هـ السؤال أنا امرأة مسلمة من أب نصراني، توفي والدي المقيم بفرنسا، وترك ميراثًا، وأرسلوا لي نصيبي من الإرث إلى البلد الذي أقيم به. فهل يجوز لي أخذ نصيبي من الإرث والتصرف فيه أم هو حرام؟ وإذا كان حرامًا فماذا أفعل بهذا المال، خاصة وأنه قد أرسلوه لي إلى منزلي حيث أقيم؟ وتبعا لوفاة والدي فقد أرسلت إلي شركات تأمين عن الحياة والموت نصيبي من باقي مستحقات بوليصة التأمين إلى مقر إقامتي. فما حكم هذا المال (التأمين) ؟ وهل يجوز لي التصرف فيه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإرث الكافر من المسلم لا يجوز بإجماع العلماء من السلف والخلف، أما إرث المسلم من الكافر فالمسألة فيها خلاف بين العلماء منذ عهد الصحابة، فقول الجمهور من العلماء أن لا توارث بين المسلم والكافر؛ لحديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- المتفق عليه: (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم) . صحيح البخاري (6764) ، وصحيح مسلم (1614) . وذهب بعض الصحابة -كمعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- وبعض التابعين -كسعيد بن المسيب والشعبي وإبراهيم النخعي- إلى جواز ذلك، واستدلوا بحديث معاذ -رضي الله عنه- عند أبي داود (2912) ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الإسلام يزيد ولا ينقص"، كما استدلوا بأننا ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا- فكذلك نرثهم ولا يرثوننا. وأشار لجواز هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-. وإذا كان الأمر كذلك في إرث المسلم للكافر فأميل إلى القول الثاني، فلا بأس بأخذ هذا الإرث، وأنصحك بإخراج بعضه صدقة في سبيل الله، وكذلك ما أتاك من (بوليصة التأمين) فإنه جزء من الإرث وله حكمه. والله أعلم.

الحكمة من نهي المعتدة عن الخروج

الحكمة من نهي المعتدة عن الخروج المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/03/1427هـ السؤال ما الحكمة في عدم خروج المعتدة من بيتها أثناء عدة الوفاة؟ وهل لها أن تظهر على غير محارمها من الأقارب في فترة العدة، علمًا أنها من القواعد من النساء؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعن زينب بنت كعب بن عجرة، أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري -رضي الله عنهما- أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة؛ فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه، قالت: فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أرجع إلى أهلي، فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة؟ قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نعم" قالت: فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له فقال: "كيف قلت؟ ". فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي، قالت: فقال: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله". قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت: فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به. رواه أبو داود (2300) ، والترمذي (1204) ، والنسائي (3529) ، وقال الترمذي: حسن صحيح. وقد قال الأئمة الأربعة بوجوب ملازمة الحاد من وفاة بيتها، ولا حرج عليها أن تخرج نهاراً لحاجتها، كمراجعة المستشفى أو المدرسة أو السوق ونحو ذلك، ولكن لا تبيت إلا في بيتها، قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: (لا تبيت المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة إلا في بيتها) رواه مالك (1233) ، وابن أبي شيبة (4/153) ، والبيهقي (7/435) ، ولها أن تكلم من شاءت من الرجال من محارمها وكذا من غيرهم إذا دعت الحاجة إلى ذلك، مع التزامها بالستر والحجاب الشرعي وعدم الخلوة. أما الحكمة من مشروعية لزوم المعتدة من وفاة بَيتها فهي امتثال أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وهذه أعظم الحكم وأعلاهاً، قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا" [الأحزاب:36] فهذا من أعظم الحكم وأكملها، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "والكون في بيتها عبادة" ا. هـ زاد المعاد (5/690) . وقال -رحمه الله تعالى-: "فإن قيل: فهل ملازمة المنزل حق عليها أو حق لها؟ قيل: بل هو حق عليها إذا تركه لها الورثة، ولم يكن عليها فيه ضرر، أو كان المسكن لها، فلو حولها الورثة، أو طلبوا منها الأجرة، لم يلزمها السكن وجاز لها التحول" ا. هـ زاد المعاد (5/687) . ومع ذلك فقد التمس بعض العلماء حكما منها: "قال الشافعي -رحمه الله- لا إحداد على المطلقة؛ لأنه وجب إظهاراً للتأسف على فوت زوج وَفَى بعهدها إلى الممات، وهذا قد أوحشها بالفراق فلا تتأسف عليه" ا. هـ تبيين الحقائق (3/35) ، العناية شرح البداية (4/336) .

وقال السرخسي -رحمه الله تعالى-: "الحداد على المتوفى عنها زوجها لإظهار التأسف على موت الزوج الذي وَفَى لها حتى فرق الموت بينهما، وذلك غير موجود في حق المطلقة؛ لأن الزوج جفاها وآثر غيرها عليها، فإنما تظهر السرور بالتخلص منه دون التأسف" ا. هـ (6/58) . وقال الهيتمي -رحمه الله تعالى-: "ظهر أن الحكمة في مشروعية الإحداد تنفير الأجانب عن التطلع للمفارقة؛ فوجب في معتدة الوفاة لعدم وجود من يدافع عن النسب، وسن في البائن لوجوده، ولم يشرع في الرجعية لعدم التطلع لها غالباً مع كونها زوجة في كثير من الأحكام" ا. هـ تحفة المحتاج (8/254) . وقيل: "إنما شرع في حق الميت احتياطاً للأنساب؛ لأنه قد مات ولا محامي له عن نسبه، فجعل الإحداد زاجراً وقائماً مقام المحامي عن الميت، بخلاف المطلق الحي فإنه هو المحامي عن نسبه، والمحتاط له" ا. هـ حاشية العدوي (2/124) . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل يأخذ الظن الغالب حكم اليقين؟!

هل يأخذ الظن الغالب حكم اليقين؟! المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/11/1426هـ السؤال هل المظنة تقوم مقام الحقيقة؟ وما رأيكم بكلام شيخ الإسلام، حيث يقول: (إن المظنة إنما تقام مقام الحقيقة إذا كانت الحكمة خفية، وكانت المظنة تفضي إليها غالباً) ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا الكلام لابن تيمية يتضح معناه في خمس نقاط: أولاً: معنى المظنة من الظن، والظن هو الاحتمال الراجح الغالب. ومظنة الشيء: موضعه ومألفه الذي يظن كونه فيه. ثانياً: متى ينزل الظن بالشيء منزلة القطع به؟ والجواب: أن الظن إذا كان غالباً فإنه ينزل منزلة القطع واليقين، وذلك بشرط أن يتعذر اليقين، ويقابل ذلك: أن الاحتمال إذا كان ضعيفاً فإنه لا يلتفت إليه ولا يؤخذ به. وقد ورد في هذا المعنى قواعد كثيرة منها: ما قارب الشيء يعطى حكمه، ووجوب العمل بالظن في الأمور الشرعية والعادية، والنادر لا حكم له، واليسير معفو عنه. ثالثاً: فائدة وثمرة هذه القاعدة أن اليقين عزيز، وتطلبه والتوقف على حصوله أمر شاق، بل قد يكون محالاً، وانتظار اليقين يفضي إلى التوقف وتعطيل الأحكام. رابعاً: قول ابن تيمية: (إن المظنة تقوم مقام الحقيقة إذا كانت الحكمة خفية) ، لعله يريد بذلك أن المظنة في باب التعبدات لابد من اعتبارها، وذلك لأن التحقيق فيها من تحصيل مقصود الشارع يكون متعذراً بخلاف العادات والمعاملات التي تعرف عللها، ويمكن الاطلاع على الحكمة منها. خامساً: الأمثلة على ذلك: علامات البلوغ مظنة الرشد الذي هو مناط التكليف، وسكوت البكر مظنة رضاها، ووجوب طلب الماء قبل التيمم لمن غلب على ظنه وجود الماء. فهذه أمثلة لما ظهرت حكمته، أما ما خفيت حكمته، فمثل القول بوجوب الوضوء من مس الذكر ومن مس المرأة، ومن أكل لحم الجزور، فإن هذه الثلاثة مظنة إثارة الشهوة المفضية إلى نقض الوضوء، وهذا ما قصده ابن تيمية في كلامه السابق. والله أعلم.

حديث: لا تجتمع أمتي على ضلالة

حديث: لا تجتمع أمتي على ضلالة المجيب د. رفعت فوزي عبد المطلب رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/02/1427هـ السؤال هناك حديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معناه: "لا تجتمع أمة محمد على ضلالة". ما شرح هذا الحديث، وكيف نطبقه اليوم؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين، وبعد: فحديث: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" قد ورد بروايات عديدة؛ فقد رواه أحمد (25966) والطبراني في الكبير (2171) عن أبي بصرة الغفاري -رضي الله عنه-: "سألت الله -عز وجل- أن لا يجمع أمتي على ضلالة فأعطانيها ... ". ورواه ابن أبي عاصم في السنة (82) ، والطبراني (3440) ، عن أبي مالك الأشعري-رضي الله عنه-: "إن الله أجاركم من ثلاث خلال؛ أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعا، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا على ضلالة". ورواه الترمذي (2093) ، والحاكم (1/199-200) ، وأبو نعيم في الحلية (3/37) وأعله اللالكائي في السنة، وابن مندة، ومن طريقه الضياء عن ابن عمر-رضي الله عنهما-: "إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبداً، وإن يد الله مع الجماعة، فاتبعوا السواد الأعظم، فإن من شذ شذ في النار". ورواه عبد بن حميد (1220) ، وابن ماجه (3940) عن أنس -رضي الله عنه-: "إن أمتي لا تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم". ورواه الحاكم (1/201-202) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "لا يَجمَعُ الله أمتي على الضلالة أبدا، ويد الله على الجماعة". وبالجملة، فالحديث مشهور المتن وله أسانيد كثيرة وشواهد عديدة في المرفوع وغيره.

أما فيما يتعلق بشرح هذا الحديث، وهل يطبق على واقع المسلمين اليوم، فقد ذكر الشيخ الألباني -رحمه الله- في معرض كلامه حول هذا الحديث. أن: " ... هذا الحديث يستدل به بعض الخلف على خلاف الحق؛ يستدلون به على الاحتجاج بالأخذ بالأكثرية -بما عليه جماهير الخلف- حينما يأتون بقوله عليه السلام: "لا تجتمع أمتي على ضلالة"، لا يصح تطبيق هذا الحديث على الخلف اليوم على ما بينهم من خلافات جذرية، "لا تجتمع أمتي على ضلالة" لا يمكن تطبيقها على واقع المسلمين اليوم، وهذا أمرٌ يعرفه كل دارس لهذا الواقع السيئ، يُضاف إلى ذلك الأحاديث الصحيحة التي جاءت مبينةً لما وقع فيمن قبلنا من اليهود والنصارى، وفيما سيقع في المسلمين بعد الرسول -عليه الصلاة والسلام- من التفرق، فقال صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: "هي الجماعة" هذه الجماعة: هي جماعة الرسول -عليه الصلاة والسلام- هي التي يمكن القطع بتطبيق الحديث السابق: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" أن المقصود بهذا الحديث هم الصحابة الذين حكم الرسول -عليه الصلاة والسلام- بأنهم هي الفرقة الناجية ومن سلك سبيلهم ونحا نحوهم، وهؤلاء السلف الصالح هم الذين حذَّرنا ربُنا -عز وجل- في القرآن الكريم من مخالفتهم ومن سلوك سبيل غير سبيلهم في قوله عز وجل: ?"وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" [النساء:115] . والله أعلم.

هل هذا من بيع ما لا يملك؟

هل هذا من بيع ما لا يملك؟ المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/02/1427هـ السؤال هل يجوز التسويق لبضاعة دون شرائها إلا بعد الحصول على الزبون؛ لأن وضع النقود فيها قد يؤثر على حركة المؤسسة. فهناك بعض الأشخاص يسوِّقون لبضاعة لا يملكونها، وبعد الاتفاق مع الزبون يلجأون للشراء من السوق، ثم يسلمونه بضاعته، فهل هذا النوع من التجارة جائز أم لا؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب على هذه المسألة فيه تفصيل، وذلك أن هذا التسويق والتعاقد يجوز في بعض الحالات، ويحرم في حالات أخرى. فمن الحالات الجائزة: 1- المفاهمة الأولية دون إبرام عقد، بحيث يحصل على عدد من العملاء يرغبون في شراء السلعة، ثم يقوم بشراء السلع، ومن ثم يقوم ببيعها لهم بالنقد أو التقسيط. 2- التعاقد على وجه السلم (بيع الموصوف في الذمة) ، بحيث يبيع السلعة الموصوفة في الذمة، فيجوز إذا توافرت شروط السلم ومنها: تسليم الثمن كاملاً في مجلس العقد، وأن تكون السلعة مما يمكن ضبط صفاته، وأن تضبط الصفات، وأن تكون بمقدار معلوم وأجل معلوم ... إلخ. ومن الصور المحرمة: أن يقوم المسوِّق ببيع السلعة للزبون قبل أن يملكها، فيبيعه عيناً معيّنة موصوفة، ثم إذا اتفق معه ذهب ليشتريها. فهذه الصورة محرمة؛ لأنها تدخل في النهي عن بيع ما لا يملك، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تبع ما ليس عندك". أخرجه أبو داود (3503) ، والترمذي (1232) ، وغيرهما. أي في ملكك، وهذا يكون في بيوع الأعيان لا في بيوع الصفات. والله الموفق.

علامة الطهر من الحيض

علامة الطهر من الحيض المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/01/1427هـ السؤال كيف تعرف المرأة أنها قد طهرت من الحيض؟ وهل للحيض مدَّة معينة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فليس للحيض مدة معينة، لكن الغالب في العادة ستة أيام إلى سبعة، وقد ينقص إلى خمسة، وقد يزيد إلى عشرة أيام فأكثر، لكن على المرأة أن تعمل بالتمييز، فإذا كان لون الدم يميل إلى السواد وكان ثخيناً (غليظًا) ورائحته منتنة فهو حيض، وإن كان أحمر رقيقاً لا رائحة له فهو دم فساد، تصلي وتصوم وجوباً، ويتبع الحيض -غالباً- قبل الطهر صفرة أو كدرة فهذا حيض؛ لأنه تبع له. - أما الطهر فله علامتان: الأولى: القصَّة البيضاء، وهي ماء أبيض غير شفاف يدفعه الرحم دلالة على نقائه من دم الحيض، ويكون يسيراً غالباً، وتعرفه النساء. العلامة الثانية: الجفاف لمن لا ترى القصة البيضاء، وذلك بأن تتمسح بمنديل أبيض، فإذا خرج أبيض نقياً لا أثر فيه من نقط صفراء أو حمرة ونحوها فقد طهرت، إذا كان هذا في عادتها، ولم يخرج بعده شيء من الكدرة والصفرة. - فإن مضت عادتها ورأت الجفاف، ثم رأت بعد أيام كدرة أو صفرة فلا تعتبر شيئاً، وتصلي وتصوم، لقول أم عطية -رضي الله عنها-: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً) . أخرجه البخاري (326) .

التداوي بلسع النحل!

التداوي بلَسْع النحل! المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/03/1427هـ السؤال ما حكم الشرع في التداوي بلسع النحل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالتداوي بلسع النحل في حكم الحجامة والكيّ، بل الكيّ يزيد عليه في ألمه وفي أثره الظاهر في الجسد، وقد أثبتت التجارب الطبية المعاصرة فائدته في علاج بعض الأمراض، فلا حرج فيه إذا قال الأطباء أهل الخبرة بأنّه ينفع في حالة معيّنة، وبالله التوفيق.

الفرق بين الخاص والمقيد

الفرق بين الخاص والمقيد المجيب علي بن عبد العزيز المطرودي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/03/1427هـ السؤال ما الفرق بين العام والخاص والمطلق والمقيد؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فبالنسبة للسؤال عن الفرق بين العام والخاص، والمطلق والمقيد، يظهر لي أن السؤال عن الفرق بين العام والمطلق، وبين الخاص والمقيد؛ وذلك لأن الفرق إنما يطلب عند وجود الالتباس والتداخل، وليس هناك التباس بين العام والخاص، ولا بين المطلق والمقيد، وعلى هذا فيكون الجواب بما يأتي: العام هو: اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له دفعة واحدة. أما المطلق فهو: اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له على وجه البدل. فالعام عمومه استغراقي لا يخرج من أفراده شيء إلا بالتخصيص، كلفظ الناس، فهو لفظ عند إطلاقه يشمل كل إنسان لا يخرج منه أحد. بينما المطلق عمومه بدلي، لا يستغرق جميع الأفراد، بل هو لفرد شائع في جنسه غير محدد. فإذا كان عند إنسان مائة رقبة من العبيد، وأمره من تجب طاعته بقوله: أعتق الرقاب، فإنه يلزمه أن يعتق جميع الرقاب التي عنده؛ لأن هذا لفظ عام، والعام يستغرق أفراده كلها. بينما لو قال له: أعتق رقبة، فهنا يلزمه أن يعتق رقبة شائعة من هذه المائة غير محددة؛ لأن هذا لفظ مطلق والمطلق يجري على إطلاقه، أي لا يتحدد برقبة معينة في مثالنا، لكنه لا يستغرق جميع المائة، بل تكفي فيه واحدة غير معينة. أما الخاص فهو: ما دل على فرد واحد معين، كزيد، محمد، فاطمة، هذا، أنت. والمقيد هو: المطلق الذي ورد عليه ما يقيده، كقولنا: أعتق رقبة مؤمنة، فرقبة لوحده مطلق، فإذا أضفنا عليه وصف مؤمنة تقيد به، فخرج عن الإطلاق إلى التقييد. والله تعالى أعلم وأحكم.

هل أجاز ابن تيمية الاستعانة بالجن؟

هل أجاز ابن تيمية الاستعانة بالجن؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/05/1427هـ السؤال كنت قد أرسلت إليكم سؤالا أسال فيه عن جواز الاستعانة بالجن المسلم في العلاج وجاءني الرد جزاكم الله خيراً لكن كان الهدف من سؤالي هو أن بعض طلبة العلم ذكر أن ابن تيمه أجاز الاستعانة بالجن المسلم في العلاج فهل نسبة هذا القول لابن تيمية صحيحة وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى (13/87) "واستخدام الإنس لهم -أي للجن- مثل استخدام الإنس للإنس بشيء: - منهم من يستخدمهم في المحرمات من الفواحش، والظلم، والشرك، والقول على الله بلا علم. وقد يظنون ذلك من كرامات الصالحين. وإنما هو من أفعال الشياطين. - ومنهم من يستخدمهم في أمور مباحة؛ إما إحضار ماله، أو دلالة على مكان فيه مال ليس له مالك معصوم، أو دفع من يؤذيه ونحو ذلك؛ فهذا كاستعانة الإنس بعضهم ببعض. - والنوع الثالث: أن يستعملهم في طاعة الله ورسوله، كما يستعمل الإنس في مثل ذلك في ذلك، فيأمرهم بما أمر الله به ورسوله، وينهاهم عما نهاهم الله عنه ورسوله، كما يأمر الإنس وينهاهم. وهذه حال نبينا صلى الله عليه وسلم، وحال من اتبعه، واقتدى به من أمته وهم أفضل الخلق فإنهم يأمرون الإنس والجن بما أمرهم الله به ورسوله". إلى أن قال (ص89) : "والذين يستخدمون الجن في المباحات يشبه استخدام سليمان، لكن أعطي ملكاً لا ينبغي لأحد بعده ... ثم قال عن النبي صلى الله عليه وسلم: "فلم يستخدم الجن أصلاً، لكن دعاهم إلى الإيمان بالله، وقرأ عليهم القرآن، وبلغهم الرسالة، وبايعهم كما فعل بالإنس" أ. هـ رحمه الله (ص89) . هذا ما وقفت عليه من كلام لابن تيمية رحمه الله تعالى في مسألة الاستخدام أما مسألة الاستمتاع فله فيها كلام طويل في هذا المجلد قبل هذا الموضع فليراجعه من شاء والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تزويج البكر بغير رضاها

تزويج البكر بغير رضاها المجيب وليد بن علي الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/05/1427هـ السؤال أجمع أغلب الأئمة والفقهاء على إباحة إجبار البكر غير البالغة على الزواج بحجة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "البكر تستأذن" وكان المقصود هنا البالغة لأن الصغيرة لا تعرف الاستئذان، أيضاً لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- تزوج عائشة -رضي الله عنها- وهي بنت ست سنين! وقال تعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة". كيف نضمن أن الصغيرة عندما تبلغ وتكبر سترتاح نفسياً، وتشعر بالقبول لاختيار الولي؟ وفي هذه الحالة أمامها خياران, إما أن تحمل لقب مطلقة في مجتمع لا يرحم, وإما أن تحيا حياة بائسة تعيسة تشجعها على الانحراف بدلاً من أن تصونها؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبي الرحمة، وعلى آله وصحبه، وبعد: فإنما أجاز الفقهاء تزويج البنت الصغيرة غير البالغة دون إذنها لمصلحتها وليس لمصلحة وليها، فقد علل الفقهاء الجواز بقولهم: "لئلا يفوتها الزوج الكفء"، وهذا ما ترجوه كل عروس، وجواز تزويج الصغيرة لا ينافي حقها في اختيار الزوج؛ لأن الشرع جعل ذلك إلى أبيها الذي ينوب عنها في اختيار الزوج، كما ينوب عنها في التصرف بمالها وغير ذلك من المصالح المتعلقة بها، نظراً لعجزها عن التصرف بنفسها؛ لعدم اكتمال عقلها وقدرتها على الاختيار لصغر سنها، فحتى لا يفوتها الزوج الكفء الذي تقدم لخطبتها أجاز الشارع للأب تزويجها بغير إذنها، لأن الزواج أمر فطري وإذا فاتها الزوج الكفء قد لا يتقدم إليها مرة أخرى، كما هو واقع اليوم من الذين يردون الزوج الكفء بحجة إكمال الدراسة، أو غير ذلك، فيقلُّ بعد ذلك الخُطَّاب وقد لا يتقدم لها بعد ذلك إلا من لا تراه أهلاً للزواج فتضطر لقبوله أو تمكث بلا زواج. فالجواز مقيد بمصلحتها، ولهذا ذكر الفقهاء أنه لا يجوز للأب أن يزوجها بغير الكفء لعدم مصلحتها في ذلك، فإن زوجها بغير كفء فالنكاح باطل؛ لأنه عقد لها عقداً لاحظ لها فيه، كما لو أهدى مالها أو تصدق به، فإن ذلك لا يصح، ولأنه نائب عنها شرعاً فلا يصح تصرفه لها شرعاً بما لا حظ لها فيه، ولأن نظر الأب منوط بالمصلحة وهذا مخالف لها. وعلى هذا فإن كان تزويج الأب لابنته الصغيرة لا يفضي إلى مصلحة، كما لو زوجها طمعاً في المال فإن ذلك لا يصح؛ لأنه لم ينظر في عقد النكاح إلى مصلحتها. كما قد قيد الفقهاء أيضاً جواز تزويج البنت الصغيرة بالأب فقط، نظراً لشدة شفقته وحرصه على مصلحة موليته، وغير الأب لا يقوم مقامه في ذلك، فلم يجيزوا له تزويج الصغيرة.

وجواز تزويج الصغيرة لا ينافي الآية، لأن اختيار الأب مبني على النظر إلى مصلحتها وما يؤول إليه هذا الزواج في المستقبل من تحقيق مقاصد النكاح، وحصول السكن، والألفة، والمودة بينهما، فيوافق على تزويجها إن رأى مصلحتها في ذلك، ولا تسلم البنت إلى الزوج إلا بعد بلوغها وقدرتها جسمياً، ومن الخطأ أن يحكم على تزويج الصغيرة ابتداءً بالفشل إذ لا يعلم ما يؤول إليه الزواج في المستقبل إلا الله -عز وجل- وكل زواج محتمل للفشل ووقوع الطلاق، حتى في الزواج المبني على اختيار الزوجة وقبولها، وإنما على الزوجين فعل الأسباب والتوكل على الله -سبحانه وتعالى- ودعاءه بالتوفيق، فحصول المودة بين الزوجين يعود إليه سبحانه وتعالى، ولا يعيب المرأة وقوع الطلاق، لأنه لا يلجأ إليه إلا إذا خاف الزوجان ألا يقيما حدود الله تعالى ولم يستطع أحدهما معاشرة الآخر بالمعروف، ففيه رحمة بهما. ومن الخطأ اعتقاد كون زواج الصغيرة يعارض تعليمها، فللزوجة أن تشترط على زوجها مواصلة تعليمها، وهذا عائد إلى الاتفاق بين الزوجين، وكثيراً ما يكون الزواج من الأسباب التي تعين البنت على التفوق في دراستها لاستقرارها. وقد يقع من بعض الأولياء اليوم إغفال مصلحة البنت وتزويجها لأجل مصالحهم وتتضرر البنت من الزواج، فهذا تقصير من الولي، فيمنع من التصرف الذي يضر بموليته. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

حنث في يمينه لمصلحة العمل!

حنث في يمينه لمصلحة العمل! المجيب د. عبد العزيز بن صالح الشاوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/02/1427هـ السؤال أنا كثير الحلف وقد غضبت مرة من مديري، وأقسمت ألا أعمل طوال أيام الأسبوع من غير راحة أسبوعية؛ وذلك لصعوبة الاستمرار في العمل بهذا الشكل. حيث إن وضعاً كهذا ضار بالصحة العامة للإنسان. ولكني وتقديرًا لظروف العمل والنقص الحاصل في عدد الموظفين تراجعت عن قسمي، وعدت لتنفيذ تعليمات المدير. فما كفَّارة أيماني؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيجب حفظ الأيمان وعدم الاستهانة بها؛ فشأنها عظيم، ويجوز القسم على الأمر المهم شرعاً. فلا يجوز التساهل باليمين ولا الاحتيال للتخلص من حكمه. ويسن الحنث في اليمين إذا كان خيراً، كمن حلف على فعل مكروه، أو ترك مندوب، فيفعل الذي هو خير، ويكفِّر عن يمينه، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأتها وليكفر عن يمينه". انظر صحيح البخاري (6680) ، وصحيح مسلم (1649-1651) . ويباح نقض اليمين، كما إذا حلف على فعل مباح، أو حلف على تركه، ويكفِّر عن يمينه. وكفارة اليمين: يخير من لزمته بين: 1- إطعام عشرة مساكين نصف صاع من قوت البلد لكل واحد؛ من بر، أو تمر، أو أرز ونحوها، وإن غدى المساكين العشرة أو عشاهم جاز. 2- كسوة عشرة مساكين ما يجزئ في الصلاة. 3- عتق رقبة مؤمنة. وهو مخير في هذه الثلاثة السابقة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام، ولا يجوز الصيام إلا عند العجز عن الثلاثة السابقة، والله الموفق.

إهداء المصحف للكافر!

إهداء المصحف للكافر! المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/03/1427هـ السؤال هل يجوز إهداء المصحف لليهودي أو النصراني؟ وما الحكم إذا تم هذا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإهداء المصحف للكافر اليهودي أو النصراني أو غيرهما لا يجوز، لما في ذلك من امتهان القرآن الكريم، سواء كان طاهراً أو غير طاهر، وقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. وفي زيادة عند مسلم: "مخافة أن يناله العدو" صحيح البخاري (2990) ، وصحيح مسلم (1869) . وقد نص الفقهاء على المنع من تمليك القرآن للكافر ببيع أو غيره ومثله الإعارة. لكن أجاز الفقهاء أن يُكتب للكافر شيء من القرآن لدعوته إلى الإسلام والوعظ به؛ والحجة في ذلك كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بعض الكفار بمثل ذلك، كما يجوز أن تُهدى للكافر ترجمة معاني القرآن أو تفسيره؛ لمصلحة دعوته إلى دين الإسلام. والله أعلم.

هل الاستقطاع الشهري من العمل الدائم؟

هل الاستقطاع الشهري من العمل الدائم؟ المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/03/1427هـ السؤال ما أجر من تاب أو اعتنق الإسلام على يد مسلم؟ وما أجر تربية الأطفال وتعويدهم الصلاة؟ وهل اشتراك الاستقطاع الشهري من الراتب -ولوكان قليلاً- لمكتب الجاليات يعد من العمل الدائم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد دلّت نصوص كثيرة من القرآن والسنة على عظيم أجر المصلحين والدعاة إلى الله سبحانه، وقد يكفي في هذا المقام ذكر حديث واحد عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم هو قوله: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً" أخرجه مسلم (2674) . والدلالة على الهدى لها وسائل وطرق تختلف باختلاف الزمان والمكان، ومن وسائل نشر الهدى والدلالة عليه في هذا الزمن مكاتب الدعوة وتوعية الجاليات، فالمشاركة مع تلك المكاتب بالنفس أو المال كله داخل في هذا السبيل. ومن خير العمل: العملُ الدائمُ الذي أشار إليه السائل بالاستقطاع الشهري، فإنه وإن كان قليلاً ففيه خير كثير، فقليل يدوم خير من كثير يزول، وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ. وأما أجر تربية الأولاد فهو النفع العظيم في الدنيا والآخرة، فإن الأولاد إذا صلحوا نفعوا أنفسهم ووالديهم وأمتهم، بل إن الوالد ينتفع بصلاح ولده حيًّا وميتا. قال صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" أخرجه مسلم (1631) . مع أن الحرص على تربية الولد وصلاحه واجب على الوالد تجاه ولده لا يعذر في التفريط فيه، أسأل الله أن يصلح نيتنا وذرياتنا والمسلمين.

أين يقع سد يأجوج؟!

أين يقع سد يأجوج؟! المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/03/1427هـ السؤال قرأت عن ردم وسد ذي القرنين اللذين ردم وسدَّ بهما على أمم يأجوج ومأجوج، وعلمت أنه مما يلي أرمينيا وأذربيجان، أي في جبال القوقاز التي تقع بين بحر قزوين شرقاً، والبحر الأسود غرباً، فهل ما قرأتُه صحيحٌ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فتبين الآيات القرآنية التي تصف قصة ذي القرنين بأنه اتجه إلى بلاد مطلع الشمس، ثم إلى بلاد ما بين السدين، حيث إن بلاد بين السدين هي بلاد الصين. ومطلع الشمس المتمثل اليوم بجمهورية (كير يباتي) والجزر التي حولها في المحيط الهادي؛ ففيها الشمس تطلع وتغرب، ولكنها لا تشرق مصداقاً لقوله تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ" [الكهف:90] . إن القوم الذين طلبوا من ذي القرنين بناء السد لهم، هم صينيون، وأن الردم على الأرجح في منطقة (خيان) وبالذات في مدينة (جنج جو) في الجزء الأوسط من الصين، والردم الذي بناه ذو القرنين كان أول ردم في الصين في عهد ملوك أسرة شانغ في الفترة (1300-1150 ق. م) ، والدليل على ذلك أن نطق عبارة يأجوج ومأجوج باللغة العربية تتطابق تماماً مع نطق هذه العبارة الصينية وفقاً للهجة سكان وسط وشمال الصين، وأن يأجوج ومأجوج هي عبارة باللغة الصينية. أما بنو "مأجوج" أي سكان قارة الخيل، فإن سكان (منغوليا) يأتون على رأس قائمة هؤلاء الناس، وهم نفس القوم الذين يطلق عليهم اسم شعب الخيل (HOAS PELE) . أما النطاق الجغرافي، فإن كثيراً من الشعوب التي تقع ضمن النطاق الجغرافي في الشعوب التي تسكن بجورجيا، أرمينينا، تركمنستان طاجكستان، قيرقيزيا، كازاخستان هي ضمن الشعوب الماجوجية، وأخيراً فإن عبارة "يأجوج ومأجوج" تعني سكان قارة آسيا، وسكان قارة الخيل. والله أعلم.

تقييد الحركة المبطلة للصلاة بثلاث!

تقييد الحركة المبطلة للصلاة بثلاث! المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/2/1427هـ السؤال علمت أن كثرة الحركة تبطل الصلاة، وأن ثلاث حركات تبطلها، فإذا احتجت حاجة ماسة للحركة فهل أستطيع عمل أكثر من ثلاث حركات؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالسنة للمؤمن أن يخشع في صلاته، ويقبل على ربه بقلبه وبدنه، ويطمئن طمأنينة كاملة، ويترك العبث والحركة، وقد أثنى الله على الخاشعين في صلاتهم فقال: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" [المؤمنون:1-2] ، وعلَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسيء في صلاته كيف يصلي، بعد أن حكم على صلاته بالبطلان ثلاث مرات. صحيح البخاري (757) ، صحيح مسلم (397) . والحركة في الصلاة إن كانت ضرورية -كحكة أو طرد ذباب، أو أي أمر لا يتم خشوع المصلي إلا به -فلا بأس بها، وتحديد الحركة المبطلة للصلاة بثلاث لا دليل عليه يعتمد، بل هو قول لبعض أهل العلم، والحركة غير الضرورية تكره في الصلاة مثل العبث بالأنف، واللحية، والملابس. وإبطالها للصلاة مقيد بضابط دقيق عند بعض أهل العلم، وهو أن تكون كثيرة عرفًا ومتوالية، وأما القليلة عرفًا فلا تبطل الصلاة، وكذا الكثيرة غير المتوالية، ودليل ذلك ما ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم فتح الباب لعائشة وهو يصلي، كما في سنن أبي داود (922) ، وجامع الترمذي (601) ، وغيرهما -وما ثبت- أنه حمل أُمامة بنت ابنته زينب وهو يصلي، فكان إذا سجد وضعها، وإذا قام حملها، كما في صحيح البخاري (516) ، وصحيح مسلم (543) . وفقك الله للخشوع في صلاتك، ويسر ذلك لك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ورث مالا ربويا

ورث مالاً ربوياً المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/12/1426هـ السؤال توفي والدي وعمري خمس سنوات، وقد ورثت عنه بعض الأموال، ولكن المجلس الحسبي (ممثل الحكومة) لا يقبل أن تكون الأموال خارج البنوك، فظلت هكذا حتى أصبح عمري 21 سنة، ولما استلمت الأموال أخرجت زكاتها عن الوقت السابق كله، وظلت الأموال معي حتى صار عمري 25 سنة، فقمت بشراء شقة وتزوجت وأقمت بها، وفي الحقيقة أنا التزمت منذ حوالي سنتين فقط، وعلمت أن فائدة البنوك هي الربا الحرام، فماذا أفعل حتى أطهر المال؟ هل أخرج الفوائد من حين ما ورثت الأموال أم من حين ما استلمت الأموال، أم ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فكل مال مشبوه لا بركة فيه، وأنت أحسنت في تصرفك حيث سألت عن طهارة المال، ووصيتي لك إن كنت تعرف الفوائد فأخرجها كلها بنية التخلص منها، والله يعوضك خيراً إن شاء الله. وإن كنت لا تعرفها تحديداً فتخلص من بعض الأموال، وانو بذلك طهارة أموالك، لكن لا تضر نفسك، فإن كانت الأموال موجودة عندك فتخلص منها وإلا يكفيك التوبة والاستغفار والله يعفو عنا وعنك. والربا من أشنع الذنوب وأعظمها؛ لما يترتب عليه من المفاسد، ولذا عدَّهُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أكبر الكبائر ومن الموبقات، قال الله عز جل وعلا: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة: 275] ، ولعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: "هم سواء" صحيح مسلم (1597، 1598) . رزقنا الله وإياك طيب المطعم، وجنبنا وإياك الحرام والمشتبه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل هذا رياء؟!

هل هذا رياء؟! المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/01/1427هـ السؤال أصلي -والحمد لله- في المسجد، ولكن دائما أحب أن يراني المصلون، بل وأتعمد أن أقابلهم؛ لكي يعلموا أنني صليت معهم، والغاية التي في نفسي أن يذكروني بالخير، لكن بدأت أحس أن هذا العمل رياء، وأن صلاتي غير مقبولة، مع أنني أصلي وأخلص صلاتي لله وحده، وأحب أن أُذكر بالخير. فهل هذا فيه رياء؟ وكيف الخلاص منه؛ لأنني أصبحت أوسوس كثيراً وأشك في صحة صلاتي؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وآله وصحبه، وبعد: فإنه لا شك أن من شرط قبول العبادة الإخلاص لله تعالى قصداً وعملاً، وعدم الإشراك به، يقول تعالى: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين" [البينة:5] . وقال تعالى: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا" [الكهف:110] . وقال الله تعالى في الحديث القدسي: "من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" صحيح مسلم (2985) . وقال -صلى الله عليه وسلم-: " إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر". قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: "الرياء". أخرجه أحمد (23630) ، وغيره. وأما بخصوص حالتك، فكونك تحرص على نظر الناس إليك وعلمهم بصلاتك فهذا أمر خطير، وقد يكون من باب الرياء، فعليك مجاهدة نفسك، ويمكن أن تصلي في المساجد الأخرى، وبالأخص التي لا تُعرَف فيها. واعلم -يا أخي- أن الناس مهما رأوك وعلموا بك فلن ينفعوك شيئاً، لا في الدنيا ولا في الآخرة، فهم عباد مثلك لا يملكون لأنفسهم فضلاً عنك نفعاً ولا ضراً. وأما إن كان مقصودك هو وجه الله تعالى، وإنما تفرح إذا ذكرت بخير أو أثني عليك فهذا لا يدخل في باب الرياء -إن شاء الله- طالما أن العمل من أصله ومقصوده لله تعالى، وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عمن يسمع ثناء الناس عليه، فقال: "تلك عاجل بشرى المؤمن". صحيح مسلم (2642) . فعليك يا أخي التنبه لدواخل القلب وحيل الشيطان، وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.

شبهات حول التعدد والتسري

شبهات حول التعدد والتسرِّي المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/11/1426هـ السؤال كيف أستطيع أن أدافع عن قضية تعدد الزوجات في الإسلام؟ وهل يجوز جماع الجواري، وما علة ذلك؟ وما حكم السبايا في الإسلام؟ رجاءً أفيدونا؛ لأننا نتعرض لسخرية في هذا المجال، ولا نجد رداً؛ لأننا ليس لنا علم. الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فهذه الأمور التي تسأل عنها كانت موجودة في كل مجتمعات العالم قبل الإسلام، ولكنها تمارس بهمجية لا حدود لها. فلما جاء الإسلام وضع ضوابط شرعية لما قد تكون فيه مصلحة أوْ لا يسبب ضرراً للبشرية على الأقل، ومن ذلك: 1- تعدد الزوجات وما يتبعه من حقوق وواجبات، فلم يكن لعدد الزوجات حد معين، كما لم يكن للطلاق عدد معين، ولم تكن للزوجة حقوق واضحة المعالم. فلما جاء الإسلام حدد عدد الزوجات في أربع كحد أقصى (لغير النبي صلى الله عليه وسلم) ، وفرض على الزوج القسم بينهن بالتساوي، كما فرض لهن عليه النفقة والسكنى ونظّم أحكام الطلاق، ووضع له ضوابط محددة، وكان موقفه منه معتدلاً؛ فلم يمنعه لتكون الحياة الزوجية الفاشلة قدراً لا مفر منه، ولم يتركه بدون تحديد ليكون سيفاً على رقبة الزوجة. ولعل من أبرز وجوه حكمة الله -سبحانه وتعالى- في إباحة تعدد الزوجات للرجل الواحد، ومَنْعِ تعدد الأزواج للمرأة الواحدة؛ أن تعدد الزوجات قد تكون له مساهمة كبيرة في النمو السكاني؛ لأن الرجل الواحد يُفترض أنه يُنزِل عشرينَ مليونَ حيوانٍ منوي - على الأقل - في المعاشرة الجنسية الواحدة، مما قد يكفي لحصول الحمل عند آلاف النساء. بينما لا يمكن للمرأة أن تحمل إلا من لقاءٍ جنسي واحدٍ خلال الدورة الشهرية. ومِن ثَمَّ فإن تعدد الزوجات بالنسبة للرجل الواحد قد يعطي نتيجة إيجابية، بينما تعدد الأزواج بالنسبة للمرأة الواحدة لا يسبب إلا اختلاط الأنساب والأمراض، في حين أنه من المستحيل أن يزيد من قدرتها على الإنجاب. فسبحان من أذن في التعدد عندما ترجى منه الفائدة، ومَنَعَهُ عندما تخشى منه المضرة!؟ كما أن خصوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بجواز الزواج بأكثرَ من أربع نسوة فيها حِكَم بليغة، من أبرزها: نقلُ الأحكام الشرعيةِ العمليةِ التي تمارس داخل البيوت، ولا يمكن الوصول إلى حقيقتها ومشاهدة أغلبها إلا من قِبَل الزوجات؛ ولهذا نجد أن أحكاما كثيرة نُقلت إلينا عن طريق التكامل بين روايات أمهات المؤمنين- كعائشة وميمونة وأم سلمة وغيرهن -رضي الله عن الجميع. ومن ذلك: أحكام المعاشرة الزوجية كالجماع، والاغتسال، ومباشرة الحائض، وتلاوة القرآن في حجرها، والنوم معها في لحاف واحد. إضافة إلى نوافل البيوت، مثل قيام الليل (من حيث الوقت، العدد، الكيفية) وغيرها. 2- فيما يخص جماع الجواري: كان من المعروف -قبل الإسلام- أن الجواري غير مشمولات بالرعاية الاجتماعية، وأن الممارسة الجنسية معهن مفتوحة لكل أحد، وحتى أن بعض الأسياد كان يفرض عليهن البِغاء من أجل تحصيل المال.

أما الإسلام فقد ضبط جماع الجواري (الممارسة الجنسية) بضوابط شرعية حاسمة، فلم يسمح به إلا في إطار نكاح أو ملك يمين عندما كان موجوداً. وأعطى في هذه الحالة أحكاماً خاصة للجارية التي يجامعها سيدها، كما هو معروف في كتابات العلماء عن (أمهات الأولاد) ومن ذلك: أ - عدم السماح للسيد بجماعها إذا كانت متزوجة من غيره، أو محرماً له، أو سبق أن جامعها أبوه أو ولده. ب - أن خدمتها تكون في إطار محدود، داخل البيت. ج - أنها تصبح حرة بعد موته تلقائياً إذا ولدت منه. ومعنى هذا أن جماع الجواري كان يعطي لهن - في حكم الإسلام - ميزات خاصة، مما قد يجعل كل واحدة منهن تحلم بذلك. 3- وأما السبايا فإنهن قد يدخلن في حكم الجواري إذا قرر القائد الإسلامي ذلك. لكن الجديد الذي جاء به الإسلام في هذا المجال هو: إزالة ما كان في الموضوع من تسيب؛ فلم يسمح بجماع المَسْبِيَة إلا بعد أمرين: أ - حصول القسمة واستقرارها في حظ شخص محدد. ب - التأكد من براءة رحمها من الحمل. وهذان الأمران في غاية الأهمية فيما يخص المحافظة على طهارة المجتمع، وعدم اختلاط الأنساب أو تناقل الأمراض. وأين هذا مما يوجد الآن من إرسال الجنود الذين يشعرون بنشوة الانتصار في المجتمعات المهزومة، مع إطلاق الحرية الحيوانية الهمجية لهم في العربدة والاغتصاب، وما يتبع ذلك من انتشار للرذيلة والأمراض، واختلاط الأنساب والجهل بها، بل وعدم الاهتمام بها، وما يتبع ذلك من ميلاد جيل من أبناء الخزي والعار والهزيمة والسفاح بلا نسب ولا هُويَّة. وفي الأخير فأني أشكرك على تواصلك معنا، وأنتظر منك المزيد. لكن ما أرجوه منك هو: أن تتعرف أكثر على الإسلام حتى تخرج من دائرة الدفاع عن قضاياه وأحكامه إلى دائرة تقديمها كحلول للبشرية، وهو أمر سهل بالنسبة لك إن شاء الله، والله يوفقك.

أفضل شروح (بلوغ المرام)

أفضل شروح (بلوغ المرام) المجيب د. عبد الله بن محمد الحكمي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقا التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/03/1427هـ السؤال أريد أن أبدأ بحفظ بلوغ المرام، مع مطالعة لشرح الأحاديث -بإذن الله وتوفيقه- فما هو الشرح المميز الذي تنصحوني به؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد حظي كتاب (بلوغ المرام) بشروح نفيسة، وحواش عدة، وأوسع شروحه -فيما أعلم- شرح القاضي العلامة حسين المغربي، والذي سماه (البدر التمام شرح بلوغ المرام) ، وهو شرح نفيس أطال فيه النفس في تخريج الأحاديث والكلام على عللها، وشرح الأحاديث شرحاً استوفى فيه الكلام على فقهها، مع ذكر أقوال أهل العلم المشهورة في كل مسألة، فهو على اسمه بدر تمام. وهناك شروح أخرى كـ (سبل السلام) للصنعاني، وهو اختصار لشرح المغربي (البدر التمام) مع زيادات نافعة مهمة. ومن شروحه الفقهية النافعة شرح "توضيح الأحكام من بلوغ المرام" للعلامة الفقيه الشيخ عبد الله البسام رحمه الله تعالى. وأما تخريج الأحاديث فمن أوسع الكتب التي اهتمت بتخريج أحاديث البلوغ كتاب (خلاصة الكلام بتخريج بلوغ المرام) ، للشيخ ضيف الله الشلاحي. أسأل الله أن يوفقنا جميعاً إلى العلم النافع والعمل الصالح، وصلوات الله وسلامه على خير خلقه وعلى آله وصحبه.

من هم يأجوج ومأجوج

من هم يأجوج ومأجوج المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/04/1427هـ السؤال من هم يأجوج ومأجوج؟، وأين هم؟، وكيف يفسدون؟، وأين سد ذي الْقَرْنَيْنِ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فاعتقاد اليهود والنصارى أن يأجوج ومأجوج تمثل قوة عظمى ستجتاح (وفقاً للنبوة الإنجيلية) إسرائيل وتدمرها في آخر الزمان، وهي تمثل المقدمة والعلامة لظهور المسيح، أما في التراث الإسلامي فإن يأجوج ومأجوج يمثلان شعبين شماليين أسطوريين حبسهما الاسكندر الأكبر خلف سور عظيم وأنهما سوف يظهران قبل يوم القيامة. وفي مقاطع إنجيلية وفي أسفار مسيحية ويهودية أن "جوج" مقيد بقوة عدوانية أخرى هي: "مأجوج"، بينما جاء في مواضع أخرى بأن "مأجوج" هو في الحقيقة مكان منشأ وأصل "جوج"، ومن القصص الشائعة في أوروبا أن الاسكندر قد طرد "جوج ومأجوج" واثنتين وعشرين أمة شريرة بعيداً نحو الشمال في اتجاه سواحل المحيط الشمالي في شبه جزيرة فيما وراء بحر قزوين، بواسطة سور من الحديد، فعالم الجغرافيا المسلم الإدريسي (1099-1166م) تحدث عن بعثة كانت مهمتها تحديد موقع السور، أو السد الذي حجز تلك القوى الوثنية. أما القرآن فهو يشير بكل وضوح إلى ما كان يتمتع به ذو القرنين من علم وفير في أصول وأحكام الدين وإلى وحدانية الله وربوبيته. وقال بعض العلماء: إن يأجوج ومأجوج من نسل يافث أبي الترك، وإنهم سموا تركا لأنهم تركوا من وراء السد. وهما قبيلتان من بني آدم في خلقهم تشويه، منهم مفرط في الطول ومنهم مفرط في القصر، قوم مفسدون بالقتل والسلب والنهب. وجاء في مسند الإمام أحمد (21299) " ... يأجوج ومأجوج عراض الوجوه، صغار العيون، شهب الشعاف، من كل حدب ينسلون، كأن وجوههم المجان المطرقة". فيه عن الصفات الجسمية لهؤلاء: والشهب: البياض. والشعاف: أعلى شعر الرأس. والمجان المطرقة: يعني التراس التي طُورق بعضها على بعض. وأن ذا القرنين دخل بلاد الصين حيث مدينة "جنج جو" (ZHENG ZHOU) هي المدينة التي بُني فيها الردم. ويقطن يأجوج ومأجوج شمال، وشمال شرق، وشمال غرب الحدود الصينية. صفاتهم: عراض الوجوه (المسطحة) نسبياً، والجسم قصير ممتلئ مع أطراف قصيرة، ورؤوسهم قصيرة، ووجوههم بيضاء أو مدورة، وقامتهم قصيرة.

رد السلام على المرأة!

رد السلام على المرأة! المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/03/1427هـ السؤال هل رد التحية إذا كانت من النساء الأجنبيات واجب؟ وهل الأمر بالرد عام في قوله تعالى: "وإذا حيِّيتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا". نرجو أن توضحوا لنا، حيث تلقي علينا بعض الأخوات السلام، ونتحرج من الرد كثيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فرد تحية المسلمة واجب؛ لقوله تعالى: "وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" [النساء:86] ، مع مراعاة حسن الرد، وعدم الخضوع فيه أو المصانعة مع من تخضع فيه. وأما التسليم على النساء ابتداء فهو جائز إلا الشابات منهن مخافة الفتنة من مكالمتهن بنزغة شيطان أو خائنة عين، فإن أمنت الفتنة فلا بأس؛ لما رواه أبو داود (5204) ، وابن ماجه (3701) عن أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها- قالت: مرَّ علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- في نسوة فسلم علينا. وأخرج البخاري (6248) عن سهل بن سعد، قال: كنا نفرح يوم الجمعة، قلت: ولم؟ قال: كانت لنا عجوز ترسل إلى بضاعة - نخل بالمدينة - فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في قدر وتكركر - أي تطحن - حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها فتقدمه إلينا فنفرح من أجله. وبالله التوفيق.

هل تساوي دية العضو دية النفس؟

هل تساوي دية العضو دية النفس؟ المجيب د. قيس بن محمد آل الشيخ مبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/05/1427هـ السؤال هل دية العضو الواحد في جسم الإنسان تساوي دية النفس؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فدية العضو الوحيد من نوعه في الجسم تساوي دية النفس، والأصل في ذلك حديث عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول [الديات] : "إن في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أُوعِبَ جدعا مائة من الإبل". ينظر الموطأ (1338) ، وسنن النسائي (4857) ، وسنن البيهقي (8/81) . وهذا مجمع عليه في النفس، وأما الأعضاء فتُجبر بالدِّية تارة، وتجبر بمالٍ مقدَّرٍ تارة أخرى على تفصيل طويل محلُّهُ كتب الفقه. وقد قَوَّمَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه المائة من الإبل على أهل الذهب بألف دينار، وذلك بحضرة الصحابة رضوان الله عليهم، وهو ما أخذ به الإمام مالك رحمه الله. والتقدير هنا من الأمور التَّعبُّديَّة التي لم يوقف على معناها. قال العز بن عبد السلام -رحمه الله- (أما النفوس فإنها خارجة عن قيام جبر الأموال والمنافع والأوصاف إذا لا تجبر بأمثالها ولا تختلف جوابرها باختلاف الأوصاف في الحسن والقبح والفضائل والرذائل) . وقال: (وأما أعضاء بني آدم فإنها تجبر بالديَّة تارةً وبمقدر ينسب إلى الديَّة تارةً) . ثم قال: (الغالبُ على جنايات الأناس التعبد الذي لا يُوقف على معناه) .

دفع (الشرط) لوالد الزوجة هل له أصل؟!

دفع (الشرط) لوالد الزوجة هل له أصل؟! المجيب د. أنور بن صالح أبو زيد عضو هيئة التدريس بجامعة ذمار في اليمن التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/04/1427هـ السؤال هناك عادة متبعة في اليمن تسمى "الشرط"، وهو مبلغ يقوم العريس بدفعه إلى والد الزوجة ما يساوي عشرين ألف دولار تقريباً إضافةً على المهر الذي يقدم للمرأة. فما هو الحكم الشرعي في هذا الشرط؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الذي يظهر من عرف الناس في اليمن أنهم يسمون المقدم من المهر شرطا، والمؤخر يسمونه مهرا، ولا مشاحة في الاصطلاح، حيث إن الواقع أن هذا المقدم المسمى شرطا لا يأخذه أبو الزوجة لنفسه بل لأجل أن يجهز ابنته، ويكسوها، ويصنع لها حفلا، وربما زاد من عنده أحيانا، ولو فرضنا أنه يأخذ شيئا لنفسه، فهذا ربما يحصل ويختلف من ناحية لأخرى في القلة والكثرة، ولكنه لا يأخذ ذلك إلا بعد أن يجهز ابنته. وفي هذه الصورة يجوز ذلك إذا كان ولي البنت هو أباها، أو سَمَحَتْ به، وطابت به، بشرط ألا يكون هذا سببا لصد الأزواج عن ابنته. فالذي يظهر والعلم عند الله أن هذه العادة لا حرج فيها من حيث الأصل، لكن يبقى النقاش في المغالاة في الشرط الذي ربما كان مانعا لطالبي الزواج من التقدم للخطبة، والله أعلم.

هل هذا من نسبة الولد إلى غير أبيه؟

هل هذا من نسبة الولد إلى غير أبيه؟ المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/05/1427هـ السؤال إذا أراد شخص أن يكفل يتيماً، ولا ينسبه إلى اسمه؛ لأن هذا محرم في الإسلام. ولكن ما الحكم إذا ناداه بابني مثلاً، فإذا سأل أحد المعيل: مَنْ هذا الطفل؟ فأجابه أنه ابني! فما حكم الإسلام؟ الجواب الحمد ل، له والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ومن والاه، وبعد: فكما ذكر السائل -وفقه الله- لا يجوز نسبة الشخص إلى غير أبيه قال الله عز وجل: "ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِن لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ" [الأحزاب:5] . فيجب أن يضاف إلى والده في الأوراق الرسمية، وعند إثبات الحقوق، وفي كل أمر جدي، غير أن هذا لا يمنع الرجل أن يقول لغير ابنه -يتيماً أو غير يتيم-: يا بني. ونحو ذلك، إذا كان ذلك على سبيل التكريم، أو التحبيب، أو المداعبة؛ قال ابن كثير-رحمه الله تعالى- عند تفسير الآية المذكورة: (فأما دعوة الغير ابناً على سبيل التكريم والتحبيب، فليس مما نهي عنه في هذه الآية، بدليل ما رواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا الترمذي، من حديث سفيان الثوري، عن سلمة بن كُهَيْل، عن الحسن العُرَني، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أغيلمة بني عبد المطلب، على حُمُرَات لنا من جَمْع، فجعل يَلْطَخ أفخاذنا ويقول: "أُبَيْنِيَّ! لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس". قال أبو عبيد وغيره: " أُبَيْنِيَّ" تصغير بني. وهذا ظاهر الدلالة، فإن هذا كان في حجة الوداع سنة عشر، وقوله: (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ) في شأن زيد بن حارثة، وقد قتل في يوم مؤتة سنة ثمان، وأيضا ففي صحيح مسلم من حديث أبي عَوَانة الوضاح بن عبد الله اليَشْكُري، عن الجَعْد أبي عثمان البصري، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بُني". ورواه أبو داود والترمذي) إهـ تفسير ابن كثير (6/377) . وفق الله الجميع للصواب, وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

اتيان الزوجة مع الشك في الطهر

اتيان الزوجة مع الشك في الطهر المجيب سالم بن ناصر الراكان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/05/1427هـ السؤال تزعم زوجتي أن الحيض يأتيها 15 يوم من الشهر القمري, وأشك أنها تدرك الفرق بين الحيض وبين الصفرة والكدرة ما بعد الحيض, ولقد جامعتها وهي تقول: إنها في الحيض. ولكن بعد ذهاب دم الحيض وأنا أعتقد أنها في طهر ولكنها لا تعرف الفرق, هل هناك كفارة لما فعلت وأنا لم أجامعها إلا بعد انتهاء دم الحيض, وأنا محتار جدًّا، الرجاء النصيحة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه، وبعد: فالراجح من أقوال العلماء في تحديد مدة الحيض أنه لا حد لأكثره ولا لأقله، فلو استمر دم الحيض خمسة عشر يوماً، فإنه يعد حيضاً، إذا كانت المرأة مميزة لدم الحيض من الاستحاضة، وتعرف الفروق بينهما في اللون والرائحة، وعلى أية حال فمن أتى زوجته وهي حائض ظانًّا أنها طاهر، فلا شيء عليه لقوله عز وجل: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" [البقرة:286] . وأما من أتاها عالماً بحيضها، فهو آثم، وعليه التوبة والاستغفار، ولا كفارة عليه على الصحيح، وأما الحديث الذي عند أبي داود (264) ، والترمذي (137) وغيرهما عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار" ففي إسناده ضعف. والحمد لله رب العالمين.

ضرب الزوجة ليس حقا مطلقا!

ضرب الزوجة ليس حقًا مطلقًا! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/05/1427هـ السؤال هل يصحّ كما يبدو أنّ هناك آيةً قرآنيّةً تُبيح للرجل ضربَ زوجته؟ وإذا كان الجواب إيجابيًّا, ألا يكون في ذلك حثّ على العنف الزوجي؟ وشكرا مقدّما. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [النساء:34] . وهذه الآية آية محكمة غير منسوخة، ولكن كثيرا من الناس لم يفهم المراد منها، فعمل بفهمه الخاطئ، وتعدى على المرأة، وظن أن هذا من الدين، وإذا رجعنا للمنهج الإسلامي في تعامل الزوجين تبين لنا جليا أنه لا يحث على ما يظنه البعض "لعنف الزوجي"، بل يحث على الألفة، والمحبة، والعشرة بالمعروف، وذلك في آيات، وأحاديث نبوية كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: أولا: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء:19] . قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: "وجماع المعروف بين الزوجين كف المكروه، وإعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه، لا بإظهار الكراهية في تأديته، فأيهما مطل بتأخيره فمطل الغني ظلم" ا. هـ أحكام القرآن للشافعي (1/204) ، الأم (5/89) . وقال الطبري -رحمه الله تعالى-: "يعني جل ثناؤه بقوله (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ) : وخالقوا أيها الرجالُ نساءَكم وصاحبوهن (بِالمَعْرُوفِ) يعني بما أمرتم به من المصاحبة، وذلك إمساكهن بأداء حقوقهن التي فرض الله جل ثناؤه لهن عليكم إليهن، أو تسريح منكم لهن بإحسان" ا. هـ تفسير الطبري (4/312) . وقال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "وقال بعض أهل العلم: التماثل هاهنا في تأدية كل واحد منهما ما عليه من الحق لصاحبه بالمعروف، ولا يمطله به ولا يظهر الكراهة، بل ببشر وطلاقة، ولا يتبعه أذى ولا منة، لقول الله تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ" وهذا من المعروف ويستحب لكل واحد منهما تحسين الخلق مع صاحبه، والرفق به، واحتمال أذاه، لقول الله تعالى: "وبالوالدين إحسانا وبذي القربى" ... إلى قوله: "والصاحب بالجنب" قيل: هو كل واحد من الزوجين" ا. هـ المغني (7/223) .

وقال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ) أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم، بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ" [البقرة:228] . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- يتودد إليها بذلك، قالت: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسبقته، وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني، فقال: "هذه بتلك". ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، يضع عن كتفيه الرداء، وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب:21] ". ا. هـ تفسير ابن كثير (1/467) ، وانظر زاد المعاد (1/150) . وقال الذهبي –رحمه الله تعالى-: "وإذا كانت المرأة مأمورة بطاعة زوجها وبطلب رضاه، فالزوج أيضا مأمور بالإحسان إليها، واللطف بها، والصبر على ما يبدو منها من سوء خلق وغيره، وإيصالها حقها من النفقة، والكسوة، والعشرة الجميلة، لقول الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ) " ا. هـ الكبائر (1/178) . ثانيا: قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الرُّوم:21] . قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "فلا ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين" ا. هـ تفسير ابن كثير (2/275) . ثالثا: قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة:228] . قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إني لأحب أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تزين لي، لأن الله عز وجل يقول: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ) وما أحب أن أستوفي جميع حق لي عليها، لأن الله عز وجل يقول: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) . رواه ابن أبي شيبة (4/196) وابن جرير (2/453) والبيهقي (7/295) وانظر الدر المنثور (1/661) . رابعا: عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ من ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لم يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا". رواه البخاري (4890) ومسلم (1468) .

قال النووي -رحمه الله تعالى-: "فيه الحث على الرفق بالنساء، والإحسان إليهن، والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنه لا مطمع في استقامتهن" ا. هـ مرقاة المفاتيح (6/356) . وقال المناوي -رحمه الله تعالى-: "وفيه ندب المداراة، لاستمالة النفوس، وتألف القلوب، وسياسة النساء بأخذ العفو عنهن، والصبر عليهن، وأن من رام تقويمهن فاته النفع بهن، مع أنه لا غنى له عن امرأة يسكن إليها" ا. هـ فيض القدير (2/388) . خامسا: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مؤمنه، إن كَرِهَ منها خُلُقًا رضي منها آخَرَ". رواه مسلم (1469) . قال الحافظ النووي -رحمه الله تعالى-: "أي ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خُلقا يُكره، وجد فيها خُلقا مرضيا، بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك " ا. هـ شرح صحيح مسلم (10/ 58) ، الديباج للسيوطي (4/80) . سادسا: قال النبي صلى الله عليه وسلم -في حجة الوداع- "اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَن لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِن فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ". رواه مسلم (1218) من حديث جابر -رضي الله عنه-. وعن عَمْرِو بن الْأَحْوَصِ -رضي الله عنه- أَنَّهُ شهد حجة الوداع مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ، فذكر في الحديث قِصَّةً فقال: "ألا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ، ليس تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شيئا غير ذلك، إلا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِن فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ في الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا، ألا إِنَّ لَكُمْ على نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ على نِسَائِكُمْ، فلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ من تَكْرَهُونَ، ولا يَأْذَنَّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، ألا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ في كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ". رواه ابن أبي شيبة (2/56) والنسائي في الكبرى (9169) وابن ماجه (1851) والترمذي (1163) ، وقال: حسن صحيح. سابعا: عن عبد اللَّهِ بن زَمْعَةَ -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَجْلِد أحدكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا في آخِرِ الْيَوْمِ". رواه البخاري (4908) .

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "وفي سياقه استبعاد وقوع الأمرين من العاقل، أن يبالغ في ضرب امرأته، ثم يجامعها من بقية يومه أو ليلته، والمجامعة أو المضاجعة إنما تستحسن مع ميل النفس، والرغبة في العشرة، والمجلود غالبا ينفر ممن جلده، فوقعت الإشارة إلى ذم ذلك، وأنه إن كان ولا بد فليكن التأديب بالضرب اليسير، بحيث لا يحصل منه النفور التام فلا يفرط في الضرب، ولا يفرط في التأديب ... ولأن ضرب المرأة إنما أبيح من أجل عصيانها زوجها، فيما يجب من حقه عليها" ا. هـ فتح الباري (9/303) عمدة القاري (20/192) . ثامنا: عن إياس بن أبي ذباب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تضربوا إماء الله". قال فذئر -أي نشز- النساء، وساءت أخلاقهن على أزواجهن، فقال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: ذئر النساء، وساءت أخلاقهن على أزواجهن منذ نهيت عن ضربهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فاضربوا" فضرب الناس نساءهم تلك الليلة، فأتى نساء كثير يشتكين الضرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين أصبح: "لقد طاف بآل محمد الليلة سبعون امرأة كلهن يشتكين الضرب، وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم". رواه النسائي في الكبرى (9167) ، وصححه ابن حبان (4189) . قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: "فجعل لهم الضرب، وجعل لهم العفو، وأخبر أن الخيار ترك الضرب" ا. هـ الأم (5/112) . وقال الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى-: "فيه دلالة على أن ضربهن مباح في الجملة، ومحل ذلك أن يضربها تأديبا إذا رأى منها ما يكره، فيما يجب عليها فيه طاعته، فإن اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل، ومهما أمكن الوصول إلى الغرض بالإيهام لا يعدل إلى الفعل، لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة في الزوجية، إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله" ا. هـ فتح الباري (9/304) ، وانظر عون المعبود (6/128) . تاسعا: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل. رواه مسلم (2328) . قال النووي -رحمه الله تعالى-: "فيه أن ضرب الزوجة، والخادم، والدابة وإن كان مباحا للأدب، فتركه أفضل " ا. هـ شرح صحيح مسلم (15/84) . وقال القاري -رحمه الله تعالى-: "خصا بالذكر اهتماماً بشأنهما، ولكثرة وقوع ضرب هذين، والاحتياج إليه، وضربهما وإن جاز بشرطه، فالأولى تركه، قالوا بخلاف الولد، فإن الأولى تأديبه، ويوجه بأن ضربه لمصلحة تعود إليه، فلم يندب العفو، بخلاف ضرب هذين فإنه لحظ النفس-غالباً- فندب العفو عنهما مخالفة لهواها، وكظماً لغيظها" ا. هـ مرقاة المفاتيح (10/488) ، وانظر كشاف القناع (5/209) . عاشرا: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". رواه ابن حبان (4177) . والبيهقي (7/468) .

قال المناوي -رحمه الله تعالى-: "ولهذا كان على الغاية القصوى من حسن الخلق معهن، وكان يداعبهن ويباسطهن ... "وأنا خيركم لأهلي" أي برا ونفعا لهم، ديناً ودنيا، أي فتابعوني، ما آمركم بشيء إلا وأنا أفعله" ا. هـ فيض القدير (3/496) . الحادي عشر: عن جَابِرٍ -رضي الله عنه- قال: نهى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه. رواه مسلم (2116) . قال النَّوَوِيّ -رحمه الله تعالى-: "وأما الضرب في الوجه، فمنهي عنه في كل الحيوان المحترم، من الآدمي، والحمير، والخيل، والإبل، والبغال، والغنم، وغيرها، لكنه في الآدمي أشد، لأنه مجمع المحاسن، مع أنه لطيف لأنه يظهر فيه أثر الضرب، وربما شانه وربما آذى بعض الحواس" ا. هـ شرح النووي على صحيح مسلم (14/97) ، وانظر عمدة القاري (21/140) ، التيسر بشرح الجامع الصغير (2/470) ، نيل الأوطار (8/250) ،عون المعبود (7/167) . وعن معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه- قال: كانت لي جارية ترعى غنمًا لي قبل أحد والجوانية فاطلعت ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي، قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها قال: "ائْتِنِي بها". فأتيته بها فقال لها: "أَيْنَ الله؟ " قالت: في السماء قال: "مَنْ أَنَا؟ ". قالت: أنت رسول اللَّه. قال: "أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". رواه مسلم (537) . الثاني عشر: عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وكان بيده سواك، فدعا وصيفة له أو لها، حتى استبان الغضب في وجهه، وخرجت أم سلمة إلى الحجرات، فوجدت الوصيفة وهي تلعب ببهمة، فقالت: ألا أراك تلعبين بهذه البهمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك، فقالت: لا والذي بعثك بالحق ما سمعتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا خشية القود، لأوجعتك بهذا السواك". رواه أبو يعلى (6944) والبخاري في الأدب (184) ، وقال المنذري: "رواه أبو يعلي بأسانيد أحدها جيد" ا. هـ الترغيب والترهيب (3/153) ن وضعيف الترغيب والترهيب (2/98) ، رقم (1379) . وقال الهيثمي: "وإسناده جيد عند أبي يعلى والطبراني" ا. هـ مجمع الزوائد (10/353) . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن ضرب سوطا ظلما اقتص منه يوم القيامة". رواه البزار والطبراني في الأوسط (1445) وإسنادهما حسن. مجمع الزوائد (10/353) . وبعد هذه الجولة في تلك الآيات والأحاديث المباركة، وما هي إلا فيض من غيض يتبين معنى الآية ويظهر لنا ما يلي: أولا: وجوب معاشرة كل واحد من الزوجين الآخر بالمعروف.

ثانيا: أن القوامة بيد الرجل، ومما يدخل في القوامة تقويم سلوك الزوجة، متى أساءت أو نشزت بترفعها عليه، أو غلظتها معه، أو معصيته بما يجب عليها له، فيُقوِّمها بالنصح أولا، وذلك بتذكيرها بحرمة النشوز، ووجوب طاعتها له في غير معصية، مع ذكر الأدلة على ذلك، كحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عليها، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حتى تُصْبِحَ". رواه البخاري (3065) . فإن لم يُجْدِ ذلك هجر فراشها أو الحديث معها في البيت، ولا يتعدى ذلك خارج البيت، لحديث حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أَن تُطْعِمَهَا إذ طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إذا اكْتَسَيْتَ، أو اكْتَسَبْتَ ولا تَضْرِب الْوَجْهَ، ولا تُقَبِّحْ، ولا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ" رواه أحمد (20036) وأبو داود (2142) والنسائي في الكبرى (11431) ، وحسنه النووي في رياض الصالحين (277) . ومدة الهجر لا تزيد على ثلاثة أيام لحديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَن يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ". رواه البخاري (5718) ومسلم (2559) . فإن لم ينفع ذلك معها، جاز له ضربها ضربا غير مبرح بسواك، أو بمنديل ملفوف، لا بسوط، ولا بعصى، أو نحوه -والسواك كما لا يخفى دقيق، وقصير، طوله غالبا طول القلم– (كشاف القناع 5/210) عن عطاء قال: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح؟ قال: السواك، وشبهه يضربها به. رواه ابن جرير (5/68) ، وانظر الدر المنثور (2/523) ويحرم عليه ضرب الوجه والمقاتل (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [النساء:34] قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وقوله تعالى: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا) أي إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريده منها مما أباحه الله له منها، فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضربها ولا هجرانها، وقوله (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي الكبير وليهن وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن " ا. هـ تفسير ابن كثير (1/493) . فإن تلف من الزوجة شيء بسبب الضرب، ضمن ما وقع منه لتبين أنه إتلاف لا إصلاح. شرح زيد بن رسلان (1/259) . ثالثا: يحرم على الزوج ضرب زوجته ظلما بلا سبب، ولو كان الضرب يسيرا، فالظلم ظلمات يوم القيامة، قال ابن جرير -رحمه الله تعالى-: "إنه غير جائز لأحد ضرب أحد من الناس ولا أذاه إلا بالحق، لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب:58] سواء كان المضروب امرأة وضاربها زوجها، أو كان مملوكا، أو مملوكة، وضاربه مولاه، أو كان صغيرا وضاربه والده، أو وصي والده وصاه عليه " ا. هـ تهذيب الآثار مسند عمر بن الخطاب (1/418) .

وقال تعالى: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [البقرة:231] ، فقد نهى الزوج عن الإضرار بمطلقته فكيف بزوجته. رابعا: أن يقصد الزوج من ذلك تأديبها، وتقويمها، لا التشفي والانتقام منها. خامسا: أنه لا يحل له ضربها أكثر من عشر ضربات بحال من الأحوال، لحديث أبي بردة الأنصاري -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ، إلا في حَدٍّ من حُدُودِ اللَّهِ" رواه البخاري (6458) ومسلم (1708) . سادسا: أن التأديب متى ما كان في الحدود المشروعة آتى أُكُله، ولا يصح تسميته "عنفا أسريا"، أما لو تجاوز الحدود الشرعية فهو محرم شرعا، وسمِّه ما شئت بعد ذلك "عنفا أسريا"، أو غير ذلك. سابعا: أن الترفع عن الضرب أفضل وأكمل، إبقاءً للمودة. الفروع (5/258) ، المبدع (7/215) ، كشاف القناع (5/210) . حتى مع وجود الداعي له، لحال النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ما ضرب خادما، ولا امرأة. قال شريح -رحمه الله تعالى-: رأيت رجالا يضربون نساءهم *** فشلَّت يميني حين أضرب زينبا وزينب شمس والنساء كواكب *** إذا طلعت لم تبق منهن كوكبا تاريخ دمشق (23/52) ، سير أعلام النبلاء (4/106) ، الطبقات الكبرى (6/143) . ثامنا: أنه لا يحل للرجل أن يضرب زوجته إن استدعى الأمر ذلك أمام أطفالها، أو غيرهم، لكون ذلك زيادة في التأديب، لم يأذن بها الشارع، وتنجم عن ذلك أمور لا تحمد عقباها. تاسعا: أرى أنه لا يحل للرجل أن يضرب زوجته في حال الغضب، ولو مع وجود ما يستدعي ضربها، لكونه والحال هذه سيتجاوز الحد المأذون به. فإن امتثل الزوج ذلك فإنه لا يسأل عن ضربه زوجته، ويحمل عليه حديث عمر -رضي الله عنه-إن صح- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته" رواه أبو داود (2147) والنسائي في الكبرى (9168) وابن ماجه (1986) ، وهو حديث ضعيف، قال ابن المديني -رحمه الله تعالى-: "فإن إسناده مجهول رواه رجل من أهل الكوفة يقال له داود بن عبد الله الأودي، لا أعلم أحدا روى عنه شيئا غير عبد الرحمن المسلي، وهو عندي أبو وبرة المسلي" ا. هـ العلل لابن المديني (1/93) . أما إذا تعسف الزوج وتجاوز حده في التأديب، فإنه يقتص منه لزوجته، بلا خلاف أعلمه. ومع الأسف فإن العنف الأسري ليس قاصرا على الزوج بل امتد ليصدر من الزوجة ضد زوجها، وليس بالقليل، فقد سمعت المحامي الكويتي خالد العبد الجليل يقول: إن دراسة في الكويت تثبت أن عشرين في المائة من الزوجات يضربن أزواجهن ضربا مبرحا!! وهذا غيض من فيض، وإلا فالموضوع بحاجة إلى تحرير وإيضاح، وتفصيل، ومناقشة الشبه التي يطرحها بعض المغرضين.

وأخيرا: يجب على المسلم التأدب مع كلام الله تعالى، فلا يليق بمسلم أن يعترض على حكم من الأحكام التي أذن الله تعالى بها، وهو الحكيم العليم بمثل هذه الشبه الباردة، وبمثل هذا الكلام الذي يتكلم به كثير ممن لا خلاق لهم، بل الواجب على كل مسلم ومسلمة التسليم المطلق لما جاء عن الله تعالى، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [الأحزاب:36] وقال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء:65] . والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

خيارات الأسهم في البورصات العالمية!

خيارات الأسهم في البورصات العالمية! المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/12/1426هـ السؤال ما حكم شراء أسهم الخيار في البورصة العالمية، حيث إنني من المضاربين فيها، وأتحرى موافقة الشرع في ذلك، وسهم الخيار يعطي المضارب عند شرائه لهذا السهم أن يبيع السهم بعد مدة بالسعر الذي اشترى به حتى لو نزل السعر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فخيارات الأسهم المتداولة في الأسواق العالمية، سواء كانت خيارات شراء (call options) أو خيارات بيع (put options) هي من عقود الغرر المنهي عنها شرعاً، وبذلك صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة عام (1992م) برقم (63) . والذي جعل هذه العقود من الغرر: أن وظيفتها مرهونة بتغير السعر، بحيث لا تسمح بربح كلا طرفي العقد، ففي خيار الشراء يدفع المشتري مبلغاً معيناً (premium) ، بحيث يكون له الحق في شراء السهم، أو الأسهم بسعر ثابت طوال مدة الخيار، فإذا ارتفع سعر السوق لهذه الأسهم عند الأجل، نفذ المشتري البيع فيربح الفرق بين سعر السوق وسعر التنفيذ (strike price) ، وكذلك الحال بالنسبة لخيار البيع، حيث يدفع مالك الأسهم مبلغاً محدداً مقابل أن يكون له الحق في بيع الأسهم بسعر ثابت طوال مدة العقد، فإذا هبط سعر السوق عند الأجل نفذ المالك البيع فيربح الفرق بين سعر السوق وسعر التنفيذ، وبطبيعة الحال فإن هذا الربح بعينه يمثل خسارة للطرف الآخر، إذ لو كان اتجاه تغير السعر معلوماً مسبقاً لما تم العقد؛ لأنه سيمثل خسارة محققة لأحدهما. فالاختيارات من أدوات المجازفة على الأسعار، وهي من ضمن العقود التي جعلت الاقتصادي الفرنسي موريس آليه يصف البورصات العالمية بأنها "كازينوهات قمار ضخمة"، وذلك أن حقيقة القمار هي أن يربح أحد الطرفين على حساب الآخر، وهذا بالضبط ما يحصل في عقود الاختيارات في الأسواق الدولية. وهذا بخلاف عمليات البيع والشراء العادية للأسهم (التي لا تنطوي على محظور شرعي) ؛ لأن عقد البيع عقد فوري ينتهي بمجرد إبرام الصفقة، فيكون لكل طرف كامل الحرية في التصرف بعد التعاقد، دون أي التزام من أحد الطرفين للآخر، أما عقد الاختيار فهو عقد مؤجل يلتزم فيه أحد الطرفين للآخر بتحمل مخاطر السعر مدة الخيار، فحقيقة العقد أن مُصدر الخيار يقدم التزاماً أو ضماناً للطرف الآخر بتنفيذ العقد عند السعر المتفق عليه، فهو عقد معاوضة على ضمان السعر، ولذلك يعد الاختيار من عقود التأمين في واقع الأمر، ولذلك يستخدم للتأمين على المحافظ الاستثمارية (portfolio insurance) ، ومعلوم أن عقد التأمين (التجاري) عقد غرر باتفاق المجامع الفقهية، والعلة واحدة في الأمرين، والعلم عند الله -تعالى-.

هل أتحمل خسارة شريكي؟!

هل أتحمل خسارة شريكي؟! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/02/1427هـ السؤال جاءني أحد الأشخاص وقال لي: يوجد بيت تملكه امرأة، وقد استأذنت منها ونريد أن نقوم ببناء نادٍ رياضي، فقمت أنا بإخبار أحد الزملاء، وقلت له: أريد أن نتشارك في النادي، فأنت تقوم بدفع التكاليف المالية، وأنا أقوم بالتدريب وإدارة النادي. وكلَّف ذلك النادي مبلغ أربعين ألف ريال، وبعدها بشهر جاء وكيل المرأة وطلب منا إخلاء الموقع خلال يوم واحد، وقد أخلينا الموقع بعد أن خسر زميلي (شريكي) مبلغ أربعين ألف ريال، وجاءني هذا الزميل (الشريك) وقال لي: تتحمل نصف التكاليف؛ لأنك معي. فهل أنا ملزم بدفع شيء من الخسائر، وهل الشخص الأول -الذي أخبرني بوجود البيت، وأنه استأذن صاحبته- هل عليه شيء من الخسائر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن كان العمل قد تم بناء ًعلى إذن خاص لكما فهنا يكون ما تم بينكما هو قريب من شركة المضاربة، بحيث يكون رأس المال من شخص، والعمل من آخر، والربح بينهما على ما شرطاه، والخسارة تكون على صاحب المال فقط؛ لأن العامل قد خسر جهده وعمله ووقته، ففي هذه الحال يتحمل صاحبك الخسارة. أما صاحب العقار فإن كان -هو أو وكيله- قد أذنا لكما بالعمل مدة محددة فليس لهما الرجوع قبل انتهائها، فإن رجعا فلكما المطالبة بقيمة الترميم وغيره، أما إن تركاها من غير تحديد فلا شيء عليهما لتفريطكما في تحديد المدة وعدم اشتراطكما شيئاً عليه. أما ما يتعلق بالشخص الأول الذي أخبرك فإن كان الوكيل المذكور الذي أخبره بذلك وأذن له بالعمل له حق الإذن بذلك فلا شيء على صاحبك، أما إن لم يكن له الحق بل غرَّر بصاحبك وكذب عليه فله الرجوع عليه بالخسائر إن كان قد خسر شيئاً. أما أنتما -فكما ذكرت آنفاً- إن كان قد أُذن لكما بالعمل ممن تظنون أنه يملك ذلك، ثم تبين كذبه فلكما الرجوع عليه، أما إن كان عملكما تم بناء على إخبار صديقك دون التحقق من صحة ذلك فليس لكما طريق على الوكيل ولا صاحب العقار لتفريطكما. وأشير إلى أن الوكيل يقوم مقام موكله في كل ما وكله فيه، أما غيره فتصرفه موقوف على إجازة موكّله، وهنا تأتي أهمية كتابة العقود وتوثيقها بما يحفظ للجميع حقوقهم، أما التفريط والعمل فقط بمجرد الظن والقيل والقال فكثيراً ما تكون عواقبه سيئة، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الفرق بين الفاسد "و"الباطل"

الفرق بين الفاسد "و"الباطل" المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/11/1426هـ السؤال هل هناك فرق بين "الباطل" والفاسد"؟ أم أنهما مترادفان؟ وسمعت أن الحنفية لهم تفريق بين الباطل والفاسد فما هو؟ جزيتم خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالصحة والفساد حكمان من الأحكام الوضعية، وحقيقتهما: أولاً: الصحة، وهي: موافقة الفعل ذي الوجهين لأمر الشارع، وهذا المعنى يتضح من خلال بيان معنى الصحة في العبادات والمعاملات كما يأتي: الصحة في العبادات: ما وافق أمر الشارع، وأجزأ، وأسقط القضاء، كالصلاة إذا أداها العبد على هيئتها الشرعية كما أمر بها الشارع، فإنها تبرئ ذمة المصلي، وتسقط عنه القضاء. الصحة في المعاملات: ترتب أحكامها المقصودة عليها، كالبيع المستجمع لأركانه وشروطه، فإنه تترتب عليه آثاره من انتقال ملك المبيع إلى المشتري والثمن إلى البائع. ثانياً: الفساد: مخالفة الفعل ذي الوجهين لأمر الشارع، وهذا المعنى يتضح من خلال بيان معنى الفساد في العبادات والمعاملات كما يأتي: الفساد في العبادات: ما لم يوافق أمر الشارع، ولم يجزئ، ولم يسقط القضاء، كالصلاة من غير طهارة، فإنها صلاة فاسدة غير مجزية، ولا تسقط القضاء؛ لأنها صلاة مخالفة لأمر الشارع، الذي أمر بالطهارة في الصلاة. الفساد في المعاملات: عدم ترتب أحكامها المقصودة منها؛ لوجود خلل في الأركان أو الشروط، كبيع المكره، فإنه بيع غير صحيح، ولا تترتب عليه آثاره؛ لأن من شرط البيع أن يكون البائع راضياً. والفاسد والباطل عند جمهور أهل العلم بمعنى واحد، أي هما لفظان مترادفان دالان على معنى واحد كما سبق ذكره. أما الحنفية فذهبوا إلى أن الفاسد والباطل مترادفان في باب العبادات والنكاح. أمَّا في المعاملات فإنهما مختلفان، وقالوا: الصحيح في المعاملات: ما كان مشروعاً بأصله ووصفه، كالبيع المستجمع للأركان والشروط. الباطل: ما لم يكن مشروعاً بأصله ولا وصفه، كبيع الميتة؛ فإنه لا يمكن بيعها بوجهٍ شرعي. الفاسد: ما كان مشروعاً بأصله غير مشروع بوصفه، كبيع الدرهم بالدرهمين، فإنه فاسد لوجود الفضل بين العوضين المتحدين في علة الربا، ولم يوصف هذا البيع بأنه باطل؛ لأنه يمكن تصحيحه بإزالة الفضل. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الإنكار في مسائل الخلاف

الإنكار في مسائل الخلاف المجيب وليد بن علي الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/04/1427هـ السؤال ما حكم الإنكار في الأمور الخلافية خصوصاً في المسائل العصرية؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن كانت المسألة الخلافية قد ثبت فيها نص شرعي من الكتاب أو السنة، فإنه ينكر على المخالف فيها؛ لأن الواجب فيها اتباع النص الشرعي، وقد خالفه. وإن كانت المسألة الخلافية لم يثبت فيها نص، وإنما هي محل اجتهاد بين العلماء، وقد أخذ كل مجتهد فيها برأي بناه على اجتهاد صحيح، ووقع خلاف بينهم، فهذه لا ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً لعالم فيها، وليس لأحد المجتهدين أن ينكر على من خالف رأيه فيها، لأنها مبنية على اجتهاد، وليس لأحد أن يجبر غيره على الأخذ باجتهاده، إذ إن الواجب على المجتهد أن يعمل باجتهاده في المسائل الاجتهادية. وأما العامي الذي لا يعرف الأدلة، فإن الواجب عليه في المسألة الاجتهادية أن يقلد من يثق بدينه وعلمه وورعه، لا أن يختار من الأقوال ويبني اختياره على التشهي، كما أن كل واحد من المجتهدين لا يجزم بصحة اجتهاده وبطلان اجتهاد غيره، وقد وقع اختلاف بين الصحابة في بعض المسائل الاجتهادية ولم ينكر بعضهم على بعض. ومن أمثلة هذه المسائل: الاختلاف في وجوب زكاة الحلي المستعمل، فقد اختلف الفقهاء فيها، بين من يوجب الزكاة فيها، وبين من لا يوجب الزكاة فيها، وليس للقائل بأحد القولين أن ينكر على الآخر، وكالاختلاف في جواز المساهمة في الشركات المختلطة التي اختلف الفقهاء المعاصرون فيها على قولين بين مجيز ومحرم للمساهمة فيها، وقد بنى أصحاب كل قول قولهم على دليل. وعلى هذا التقسيم يُبنى الاختلاف في المسائل العصرية. وقد فصل ابن تيمية حكم الإنكار في مسائل الاختلاف فقال: "وقولهم مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل. أمّا الأول فإذا كان القول يخالف سنةً أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً، وإن لم يكن كذلك فإنه يُنكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول: المصيب واحد. وهم عامة السلف والفقهاء، وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار ... وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ، فلا ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً، وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس، والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ له إذا عدم ذلك فيها الاجتهاد، لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء فيها" [الفتاوى الكبرى لابن تيمية (6/92) ] .

استئذان الزوج في الإنفاق

استئذان الزوج في الإنفاق المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/11/1426هـ السؤال سؤالي عن حديث رواه أبو داود والنسائي وأحمد، وفيه أن المرأة لا يمكنها أن تقدم هدية إلا بموافقة زوجها. أرجو شرح هذا الحديث، وبيان هل يجب عليها الحصول على موافقة زوجها عن كل تصدق تدفعه، سواء أكان المال من مالها أو من مال زوجها؟ فمن المعروف وجود أحاديث تحض المرأة على التصدق، وأرغب في معرفة طريقة ذلك. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فحديثك المشار إليه هو ما أخرجه أبو داود (3546) ، والنسائي (3756) ، وابن ماجه (2388) ، وأحمد (7058) ، وغيرهم من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يجوز لامرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها" لفظ أبي داود وإسناده عندهم حسن، وله إسناد آخر غير متصل في مسند أحمد وغيره. ثم ليعلم أن ما تنفقه المرأة المتزوجة وتدفعه لغيرها سواء كان هدية أو صدقة أو غير ذلك مما ليس بواجب عليها، على قسمين: الأول: ما كان من مالها الخاص، وجمهور أهل العلم على أنه يجوز لها أن تنفق من ذلك دون إذن زوجها، ما دامت رشيدة حسنة التصرف. وأجابوا عن هذا الحديث بأجوبة، فمنهم من حمله عن معنى حسن العشرة وإطابة نفس الزوج، يعني أنه يستحب لها أن تستأذنه ولا يجب، ومنهم من تكلم في إسناد الحديث، ومنهم من صححه، ولكن قدم عليه النصوص الدالة على الجواز. والله أعلم. الثاني: نفقة المرأة من بيت زوجها، ففي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً" البخاري (1425) ، ومسلم (1024) . وفي الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فلها نصف أجره" البخاري (2066) ، ومسلم (1026) . فهذان الحديثان يدلان على فضيلة تصدق المرأة من بيت زوجها، ولكن ذلك مشروط بأن لا يكون على جهة إفساد، ومن السلف من حمل ذلك على الشيء اليسير، أو ما حصل فيه إذن الزوج ولو بطريق الإجمال، يعني ليس فيه إذن صريح منه، ولكن تعلم أنه لا يمانع من ذلك، أما أن تذهب المرأة وتنفق قوت بيتها وتترك زوجها وأولادها فلا شك في منعه. وينظر في هاتين المسألتين كتاب (جامع أحكام النساء) تأليف مصطفى العدوي، المجلد الثاني، ففيه جملة فوائد منها النصوص الواردة في ذلك المرفوعة والموقوفة، ومنها أقوال أهل العلم في ذلك. والله أعلم.

الخروج عن المذهب السائد

الخروج عن المذهب السائد المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/12/1426هـ السؤال أنا حنفي، فهل أنا خارج عن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وما قولكم فيمن يطعن في صلاتنا ويبطلها؟ وما قولكم في ثلة خرجوا عن المذهب بحجة أنهم وجدوا الحقيقة وعرفوا المنهج الصحيح، وأننا خارجون عن المنهج الصحيح، مع العلم أنه لا يوجد فيهم أحد وصل إلى مرحلة علمية مقبولة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فبالنسبة لمذهب أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- هو أحد المذاهب المعتبرة السنية الفقهية، فإن كان إنكاره عليكم في مسائل الاعتقاد، فأبو حنيفة -رحمه الله تعالى- قد وافق في اعتقاده اعتقاد أهل السنة والجماعة، ولا أدل على ذلك من كتابه (الفقه الأكبر) ، وما روي عنه في مصنفات الأئمة من كتب الاعتقاد المسندة. وعلى هذا سار أتباعه من الأحناف -رحمهم الله- إلا ما حدث من متأخريهم من الخلط في بعض مسائل الاعتقاد. ولعل مقصود السائل هو وقوع الإنكار عليه في مسائل الفقه لا الاعتقاد، وهنا لابد أن تُعلم عدة مسائل أوضحها لك بإيجاز: المسألة الأولى: أنه لا يجب على المؤمن لزوم شيء من مذاهب أهل العلم، وإنما عليه اتباع الدليل الشرعي. وعلى العامي الذي لا يستطيع النظر في الأدلة أن يسأل أهل العلم -ممن يثق في دينه وأمانته-، كما قال تعالى: "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعملون" [النحل:43] . وقال تعالى: "وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعملون" [الأنبياء:7] . فإنه من المعلوم أن أئمة المذاهب الأربعة المتبعة اليوم كلهم أئمة هدى، وما نراه من اختلاف بينهم في بعض المسائل يرجع إلى ما ترجح لكل واحد منهم من أدلة. وأسباب الخلاف بين أهل العلم معروفة لأهل الشأن. فالله لم يكلفنا فوق طاقتنا، وإنما أمرنا تبارك وتعالى بسؤال أهل الذكر والعلم، إن كنا لا نعلم. ومن هنا نقول إن الناس على قسمين: قسم له القدرة على معرفة الدليل واستنباط الأحكام، فهؤلاء عليهم أن يتبعوا الدليل ولا يتقيدوا بما يخالفه، وقسم ليست لهم أهلية لمعرفة الأدلة الشرعية، فهؤلاء لا حرج عليهم في اتباع مذهب معين، بحيث يكون العالم والإمام واسطة في الاتباع، لا مقصوداً أصلاً بالتقليد والتعصب. المسألة الثانية: قد يكون هذا الذي أنكر عليكم قد وجد الحجة في غير المذهب، وهذا واقع؛ فـ"الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها". وهذا له الخروج من المذهب، بل يتعين عليه اتباع الحق إذا عرفه. المسألة الثالثة: لا ينبغي التعنيف والتشديد في الخلاف الفقهي -السائغ فيه الاجتهاد- فكل يؤخذ من قوله ويرد، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. والذي قام بالإنكار عليكم، قد يكون وقع له شيء من التعصب، حيثُ وصفكم بالخروج عن المنهج الصحيح، ونحو ذلك من العبارات التي لم تكن في محلها وموضعها.

فالخلاف الذي ينشأ بين المذاهب الفقهية لا يوجب تباغضاً أوتنافراً، فكل يعمل بما يدين الله به، ويتحرى معرفة الصواب واتباع الدليل. وقد قال تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" [آل عمران:103] ، وقال تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" [الأنفال:46] . المسألة الرابعة: أن يُعلم أن المجتهد قد يصدر منه خطأ، قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: (ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتعزب عنه) ، وقال: (أجمع الناس على أنه من استبانت له سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن له أن يدعها لقول أحد) ، وقال: (إذا صح الحديث فهو مذهبي) ، وقال: (كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد مماتي) . ومثل هذا الكلام عند جميع الأئمة. وأوصيكم في الختام: بالتعاون والتناصح، وعدم فعل ما يوجب التنافر والتباغض. فالأخوة الدينية أصل عظيم لا يتهاون به، قال تعالى: "وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم". [الأنفال:63] . ونسأل الله التوفيق والسداد، وصلاح الأقوال والأعمال.

مفهوم الجهاد

مفهوم الجهاد المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/11/1426هـ السؤال أنا طالب أدرس في إحدى دول أوربا الشرقية، وأناكثير الاختلاط بالأجانب من جنسيات مختلفة بحكم دراستي الجامعية ومعارفي وأصدقائي، ودائماً أسأل: ما هو الجهاد؟ في الحقيقة أنا لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، والأصعب عندما يسألوني عن الذي يحصل من تفجيرات، والذي يحصل في فلسطين، فهم يرون أن اليهود مظلومون إذا قتل المدني منهم، مع أن الحقيقة ليس منهم مدني، لا أدري ماذا أقول، هل أدافع أو أهاجم أو أكون في موضع حيادي؟ ولكن السؤال: كيف أشرح الجهاد بمعناه لغير المسلمين في صورة مبسطة بعيداً عن التعقيد؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالإسلام دين الله للناس جميعاً، ومحمد صلى الله عليه وسلم رسوله للناس جميعاً، والقرآن كتابة للناس جميعاً، لا تختص به أمة دون أمة، ولا أرض دون أرض، ولا حقبة من التاريخ دون أخرى. والدعوة إليه مهمة الأمة المسلمة، مهما كان عرقها، أو لغتها، أو موقعها. والأصل في دعوة الناس البلاغ المبين؛ بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن. فإن حال دون هذا الهدف حائل مادي، لزم السعي لإزالته، وتمكين الناس من سماع الحق والتزامه، بحيث يكون الدين كله لله، وهذا السعي هو الجهاد. تارةً يكون بالحجة والبيان، وتارةً يكون بالسيف والسنان؛ بحسب اختلاف أحوال الأمة، قوةً، وضعفاً، وبحسب اختلاف الطرف المقابل قبولاً ورفضاً. وهذا ما يفسر تنوع آيات الجهاد في القرآن، بحيث تفهم الآية في سياق مرحلة معينة. ويأتي دور الفقهاء، والخبراء، في تنزيل التشريع المناسب على المرحلة المناسبة، وهو ما يعرف بالسياسة الشرعية، وتبقى مهمة الأمة الإسلامية ثابتةً لا تتغير: "ولتكن منكم أمةً يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" [آل عمران: 104] ، "كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" [آل عمران:110] . وليس كل ما ينسب إلى الجهاد يكون جهاداً شرعيًّا؛ فالتفجيرات التي تستهدف المدنيين العاديين -في دول تربطهم بالمسلمين معاهدات- خطأ لا يقره الشرع، بل هو تصرف يمثل مرتكبيه فقط. أما ما يقع في فلسطين فهو جهاد حقيقي لدفع عدو غاصب احتل بلاد المسلمين وأخرج منها أهلها بغير حق وسامهم سوء العذاب، ويجب أن توضح هذه الحقيقة للعالم المضلل بالتأثير الإعلامي اليهودي، ويبين الفرق بين الصورتين. وأما بالنسبة لك، شخصيًّا، فيجب أن تكون معتزًّا بدينك، غير معتذر أو مستحٍ من شيء من شرائعه، كيف! وقد قال الله تعالى: "أفغير دين الله يبغون" [آل عمران:83] ، وقال: "ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون" [المائدة:50] . ومن دواعي العزة الحقيقية أن تتفقه في الدين، وتسأل أهل الذكر عما قد يشكل عليك، وتتخذ موقف المبادرة في الكشف عن سوءات الحضارة الغربية التي أزهقت من الأرواح، ولا تزال، ما لم يعرف التاريخ له مثيلاً، وتبين أن الإسلام رحمة للعالمين، وتخليص لهم من أَسْر الظالمين المستبدين، ونعمة في كنف أرحم الراحمين. والله أعلم.

إفتاء العالم بما يخالف الفتوى السائدة

إفتاء العالم بما يخالف الفتوى السائدة المجيب د. سعيد بن متعب القحطاني عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/05/1427هـ السؤال إذا خالف المجتهد أو العالم من هو أعلم منه، أو انفرد بفتوى خالف فيها أكثر العلماء المعاصرين والمتقدمين! فهل يجوز له إعلان فتواه للعامة أرجو الإفادة المفصلة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا خالف المجتهد، أو العالم، من هو أعلم منه، أو انفرد بفتوى خالف فيها أكثر العلماء فلا يخلو حال تلك الفتوى من أحد أمرين: الأول: أن يكون ذلك القول أو تلك الفتوى مخالفة لما هو مقطوع به في الشريعة، أو يكون المفتي ماجناً أو مشهوراً بالتساهل والتوسع في الرخص، أو يقول بالقول لهوى في النفس ليرضي غيره، أو ليحمد من الناس وينال الغلبة على أقرانه عند الحكام ونحو ذلك؛ فهذا ينبغي الإنكار عليه ومنعه، وقد نص فقهاء الأحناف على الحجر على المفتي الماجن لأنه يفسد دين الناس، ومن عرف بذلك لم يجز أن يستفتى، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يكون إلا بعد أن يبين له الخطأ ووجهه بالأدلة الشرعية التي يجب قبولها؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وليس لأحد أن يحكم على عالم بإجماع المسلمين بل يبين له أنه قد أخطأ، فإن بين له بالأدلة الشرعية التى يجب قبولها أنه قد أخطأ وظهر خطؤه للناس، ولم يرجع بل أصر على إظهار ما يخالف الكتاب والسنة والدعاء إلى ذلك، وجب أن يمنع من ذلك، ويعاقب إن لم يمتنع، وأما إذا لم يبين له ذلك بالأدلة الشرعية لم تجز عقوبته باتفاق المسلمين، ولا منعه من ذلك القول، ولا الحكم عليه بأنه لا يقوله، إذا كان يقول إن هذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة، كما قاله فلان وفلان من علماء المسلمين، فهذا إذا اجتهد فأخطأ لم يحكم عليه إلا بالكتاب والسنة والمنازع له يتكلم بلا علم". مجموع الفتاوى (35/382) .

الثاني: أن يكون ما قاله ذلك العالم أو قضى به القاضي وفق النصوص الشرعية، فلا يجوز منعه، وإن خرج عن أقوال الأئمة الأربعة؛ فإن أقوال الأئمة كالفقهاء الأربعة وغيرهم ليست حجة لازمة، ولا إجماعاً باتفاق المسلمين؛ بل قد ثبت عنهم أنهم نهوا الناس عن تقليدهم وأمروهم إذا رأوا قولاً في الكتاب والسنة أقوى من قولهم أن يأخذوا بما يدل عليه الكتاب والسنة ويدعوا أقوالهم؛ وغيرهم أولى بترك قوله إذا جانبه الدليل، لأن الأئمة الأربعة قد حازوا مرتبة الاجتهاد المطلق، ومع ذلك ساغت مخالفتهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن المفتي يخرج عن أقوال الأئمة الأربعة: "ولو قضى أو أفتى بقول سائغ يخرج عن أقوال الأئمة الأربعة في مسائل الأيمان والطلاق وغيرهما مما ثبت فيه النزاع بين علماء المسلمين ولم يخالف كتابا ولا سنة ولا معنى ذلك، بل كان القاضي به والمفتي به يستدل عليه بالأدلة الشرعية كالاستدلال بالكتاب والسنة، فإن هذا يسوغ له أن يحكم به ويفتي به، ولا يجوز باتفاق الأئمة الأربعة نقض حكمه ولا منعه من الحكم به ولا من الفتيا به ولا منع أحد من تقليده، ومن قال: إنه يسوغ المنع من ذلك فقد خالف إجماع الأئمة الأربعة بل خالف إجماع المسلمين مع مخالفته لله ورسوله فإن الله تعالى يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59] ، فأمر الله المؤمنين بالرد فيما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، وهو الرد إلى الكتاب والسنة، فمن قال: إنه ليس لأحد أن يرد ما تنازعوا فيه إلى الكتاب والسنة؛ بل على المسلمين اتباع قولنا دون القول الآخر من غير أن يقيم دليلا شرعيا كالاستدلال بالكتاب والسنة على صحة قوله فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع المسلمين وتجب استتابة مثل هذا وعقوبته كما يعاقب أمثاله" [مجموع الفتاوى (33/133-134) ] .

الزينة في الحجاب

الزينة في الحجاب المجيب د. نذير بن محمد أوهاب باحث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 180/02/1427هـ السؤال أقوم بنصح بعض الأخوات بالحجاب، فهن يلبسنه ولكن فيه زينة وضيق بعض الشيء، ولكن لا يعجبهن كلامي، فمنهن من تجادل ومنهن من تغضب، ويقلن بأنهن يلبسن للسوق حجاباً وللمناسبات حجاباً، وأقول لهن: إن الحجاب فرض لتغطية الزينة، فكيف يكون فيه زينه! أفيدوني جزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فيقول الله تعالى: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون" [النور:31] . ويقول تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيما" [الأحزاب:59] . وقوله: (من جلابيبهن) : الجلابيب جمع جلباب، وهو الثوب الذي يستر جميع البدن، وفي صحيح البخاري (351) ، وصحيح مسلم (890) عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: "لتلبسها أختها من جلبابها". فأمر الله -سبحانه- جميع النساء بالستر، وذلك لا يكون إلا بما لا يصف جلدها، ولا حجم عضوها وشكله، إلا إذا كانت مع زوجها، فلها أن تلبس ما شاءت؛ لأن له أن يستمتع بها كيف شاء، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه وصف أهل النار، وذكر منهم: "نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها" صحيح مسلم (2128) . وذكر أبو هريرة -رضي الله عنه- رقة الثياب للنساء، فقال: الكاسيات العاريات الناعمات الشقيات. وقال عمر -رضي الله عنه-: ما يمنع المرأة المسلمة إذا كانت لها حاجة أن تخرج في أطمارها أو أطمار جارتها مستخفية لا يعلم بها أحد حتى ترجع إلى بيتها. فالحجاب الذي أمر الله النساء بلبسه في خروجهن، هو الذي وصفته الآيات الكريمات السابقات، وما فسرها به النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام، وملخص ذلك كون الحجاب ساتراً للمرأة، لا زينة فيه. أما بين النساء المؤمنات، فلا يحرم على المرأة أن تلبس من الثياب ما فيه زينة، لكن يشترط في لباسها فقط أن يكون ساتراً لجسمها، لا تكشف عما حرم الله أن تكشفه لبنات جنسها، غير شافٍّ لمواضع الفتنة منه، غير مفصل لأعضائها، قال تعالى: "لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا" [الأحزاب:5] . قال المفسرون: ولا جناح عليهن أيضاً في أن لا يحتجبن من نساء المؤمنين.

ذكر الطبري -رحمه الله- عن ابن زيد قال: (إنما هذا كله في الزينة، قال: ولا يجوز للمرأة أن تنظر إلى شيء من عورة المرأة) ، والمعنى في ذلك أن كل هؤلاء محارم للمرأة، يجوز لها أن تظهر عليهم بزينتها، ولكن من غير تبرج، فالزينة التي تبديها لهؤلاء؛ قرطاها وقلادتها وسوارها، وكل ما يظهر من زينتها، وأما خصرها وجيدها، وكتفاها، ونحوها مما اعتادت النساء كشفه في الحفلات والمناسبات، فإنه لا يجوز لها أن تبديه إلا لزوجها، وهذا مذهب ابن مسعود ومجاهد وعطاء والشعبي، وغيرهم -رضي الله عنهم جميعاً-. وفي الأخير أسأل الله الكريم أن يثيبك على هذا الجهد ويسددك، ويزيدك حرصاً في معرفة الحق كلما التبس عليك، واصبري على أذى أخواتك ولا تستعجلي عليهن، فإنما عليك البلاغ، والله مقلب القلوب يقلبها كيف شاء ومتى شاء، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، وصلى الله على سيدنا محمد.

نبشوا القبور وأقاموا مكانها مسجدا

نبشوا القبور وأقاموا مكانها مسجداً المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/01/1427هـ السؤال منذ ثلاثين سنة قام بعض الأهالي بإزالة عدد من القبور، ثم بنوا مكانها مسجداً، فهل يجوز هذا العمل؟ وهل تجوز الصلاة في هذا المسجد؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا يجوز نبش القبور لإقامة بناء مكانها سواء كان مسجداً أو غيره؛ لأن هذا المكان حق لهؤلاء الأموات، وحرمة الميت كحرمة الحي، إلا إذا صدرت موافقة جهة الإفتاء أو الجهة المسؤولة عن صيانة القبور إذا تبين لها أن هناك مصلحة عامة يتعين بها تحويل القبور إلى مكان آخر، وإلا فلا يجوز التعدي عليها. أما الصلاة في هذا المسجد المقام على المكان الخاص بالقبور، فإن كان هذا المسجد أقيم في مكان موقوف على المقابر، أو مكان معلوم أنه خصَّص لقبور الميتين، ولم يصدر إذن بتحويل القبور فإني أرى عدم جواز الصلاة في هذا المسجد؛ لأنه أصبح مغصوباً. وبالله التوفيق.

كيف الجمع بين هذين النصين

كيف الجمع بين هذين النصَّين المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/02/1427هـ السؤال كيف يمكن الجمع بين قوله تعالى: "كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا"، وبين الأحاديث الواردة في أن المرء يحرم الرزق بالذنب يصيبه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأول شيء يجب بيانه هنا معنى الآية، قال ابن: -رحمه الله- كثير في تفسيره (5/62) في تفسير قوله تعالى: "وما كان عطاء ربك محظورا" [الإسراء:20] أي ممنوعاً، أي لا يمنعه ولا يرده راد، قال قتادة: "وما كان عطاء ربك محظوراً" أي منقوصًا ا. هـ ثم ذكر ابن كثير من قال بالأول. والمعنيان هنا غير مختلفين، فعطاء الله غير ممنوع ولا منقوص، يعني لا يستطيع أحد أن يمنعه ولا أن ينقصه. إذا تبين هذا فإنه لا يعارض منع الرزق بالذنب يصيبه العبد؛ لأن الذي يمنع الرزق هنا هو الله -سبحانه وتعالى- وليس سواه. ثم إن الله -سبحانه- إذا شاء جعل الذنب يمنع به تقدير الرزق لعبده، هذا إن صح أن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه فهو هنا غير مشكل، ولكن الحديث الوارد في ذلك غير ثابت، وقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده (22386) فينظر تخريجه هناك، وكلام المحققين في بيان ضعفه. ولكن ابن القيم ذكر في كتابه النافع "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" (ص98) من آثار المعاصي القبيحة: حرمان الرزق بالذنب يصيبه العبد، واستدل بالحديث المذكور. والله أعلم.

عجزت عن الوفاء بالنذر!

عجزت عن الوفاء بالنذر! المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/04/1427هـ السؤال زوجتي نذرت إن صار حمل أن تصوم شهرين أثناء الحمل وشهرًا بعد الولادة، والحمد لله صار حمل، وصامت شهرًا و28 يومًا وولدت، وبعد الولادة صامت اليومين، ولكن عندها ضعف ونفسيتها مكتئبة، وبعد أربعة أشهر من الولادة أكرمنا الله بحمل ثان، فلا تستطيع الصيام، فهل عليها شيء إن أخرت ما تبقى من الصيام إلى ما بعد الولادة الثانية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالوفاء بالنذر واجب، وقد مدح الله عباده الأبرار بأنهم يوفون بالنذر، وإذا نذر الإنسان نذراً في وقت محدد وجب عليه أن يفي به في وقته، أما إذا كان وقته متسعاً فإنه يفي به متى ما استطاع، وكلما بادر بأدائه كان خيراً له وأقرب إلى مرضاة الله، ونذر زوجتك أن تصوم شهراً بعد الولادة لا يتحدد بوقت معيّن، إذ كل الأوقات بعد الوضع يصدق عليها أنها بعد الولادة، وعليه فإنّه لا حرج عليها في تأخير صوم الشهر الباقي حتى تضع. والأفضل في حق المسلم اجتناب النذر؛ لأنه ربما أوقعه في حرج -مع أنه قربة لله- فإن وجد من نفسه نشاطاً أو قدرة على فعل الطاعات فليفعل ما يطيق وإذا عجز فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها. وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على كراهية النذر حيث قال عنه: "إنما يستخرج به -أي بالنذر- من البخيل" صحيح البخاري (6608) ، وصحيح مسلم (1639) وبالله التوفيق.

القلق يمنعني من أداء الحج

القلق يمنعني من أداء الحج المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/11/1426هـ السؤال هل يعتبر القلق والتوتر النفسي من الأعذار التي تمنعني من أداء فريضة الحج، فأنا أعصابي ضعيفة، فهل علي إثم وأنا أتمنى أن أقوم بالحج؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فتقدير المرض النفسي وتأثيره في ترك الحج يعود إلى الطبيب المعالج، فإذا بلغ المرض مبلغاً لا يتحمل المريض الزحام واختلاط الناس، فإن هذا عذر يبيح له ترك الحج، وعليه أن ينيب من يحج عنه، وإن كان نوعاً محتملاً ومتغيراً يخف عنه أحياناً فعليه أن يجتهد ويحج. فالمعول عليه هو رأي الطبيب فيستشيره، فإن رأى أنه قادر على الحج متحمل لما فيه ازدحام واختلاط فعليه أن يحج، وإذا رأى أن حالته لا تمنعه من أداء الحج، فإن الحج لا يسقط عنه، والله أعلم.

تفسير قوله تعالى على لسان عيسى [فلما توفيتني]

تفسير قوله تعالى على لسان عيسى [فلما توفيتني] المجيب د. أحمد بن محمد الدغشي عضو هيئة التدريس بجامعة صنعاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/02/1427هـ السؤال ما المقصود بكلمة الوفاة التي وردت في سورة الزمر آية رقم (42) ؟ وما المقصود بها في سورة المائدة آية (117) ؟ وإذا كان معناها الرفع في آية سورة المائدة فقد أتت الوفاة والرفع معا في إحدى سور القرآن، فهل هناك فرق بين الموت والوفاة؟ أرجو التوضيح والإفادة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمقصود بآية سورة الزمر في شقها الأول: (الله يتوفى الأنفس حين موتها) الوفاة الحقيقية الكبرى، بخلاف الوفاة الصغرى، وهي التي تحدث عند المنام لتشابه الحالتين من بعض الوجوه: (والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى) . أما في سورة المائدة فهي -والله أعلم- تقص ما سيحدث يوم القيامة في مخاطبة الله -تعالى- لعيسى -عليه السلام- ردًّا على الذين يكذبون عليه بأنه أمرهم بعبادته- وقوله على لسان عيسى: (فلما توفيتني) أي قبضتني إليك بالرفع إلى السماء، وأنت قد رأيت في الآية السابقة (الزمر) أن الوفاة تأتي بمعنيين. أما الموت فيظهر -والله أعلم- أن ليس له هذا المعنى، أسأل الله لنا ولك حسن التدبر.

هل يستحقون الزكاة؟

هل يستحقون الزكاة؟ المجيب سليمان بن صالح الراشد مدير أعمال لجنة الشؤون الإسلامية بالشورى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/01/1427هـ السؤال عائلة متوسطة الحال تريد السفر لزيارة أهليهم في الطائف، ومن ثَمَّ النزول إلى مكة لأداء العمرة، وليس لديها ما يكفيها لهذه الرحلة. فما حكم إعطائهم من الزكاة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمصارف الزكاة محددة في قول الله تعالى: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل" [التوبة:60] . فإذا لم تكن هذه العائلة من أحد الأصناف المذكورة في الآية فلا يجوز دفع الزكاة لهم. لكن لا بأس بإعطائهم مبلغاً من المال لإعانتهم على سفرهم، لا من باب الزكاة، ولكن من باب الإحسان إليهم والتودد لهم. والله أعلم.

الحجاب عن الحنفية!

الحجاب عن الحنفية! المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/04/1427هـ السؤال ما رأي المذهب الحنفي في مسألة الحجاب؟ فكثيراً ما نسمع بأن المذهب الحنفي يحدد حجاب المرأة بتغطية الرأس والشعر دون الوجه، بعكس المذهب الحنبلي، فهل هذا صحيح؟ الجواب الحمد الله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فالأصل في المذهب الحنفي أنه يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها عند أمن الفتنة، لكن المتأخرين منهم منعوا ذلك، لا لأنهما عورة ولكن لانتشار الفساد وغلبة الظن بحصول الفتنة، فضلاً عن تحققها، وهذه بعض نصوصهم في ذلك: 1- روى الحسن عن أبي حنيفة: أنه يحل النظر إلى مواضع الزينة منها من غير شهوة، وأما عن شهوة فلا، لقوله صلى الله عليه وسلم: "العينان تزنيان" رواه أحمد. وليس زنى العين إلا النظر عن شهوة، والأفضل للشاب غض البصر عن وجه الأجنبية، وكذا الشابة، لما فيه من خوف حدوث الشهوة، والوقوع في الفتنة، ويؤيده المروي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: في قوله تعالى: "إلا ما ظهر منها" [النور:31] : أنه الرداء والثياب، فكان غض البصر وترك النظر أزكى وأطهر" (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 5/123) . 2- وقال شمس الدين السرخسي: " ... فدل أنه لا يباح النظر إلى شيء من بدنها ولأن حرمة النظر لخوف الفتنة وعامة محاسنها في وجهها، فخوف الفتنة في النظر إلى وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء" (المبسوط 10/152-153) . 3- وقال الجصاص في تفسير قوله تعالى: "يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ" [الأحزاب:59] : "في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار التستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن" (أحكام القرآن 3/458) . 4- وجاء في الدر المختار: "يُعَزِّر المولى عبده، والزوج زوجته على تركها الزينة، ... أو كلمته ليسمعها أجنبي، أو كشفت وجهها لغير محرم" (هامش رد المحتار 3/261) . 5- وقال الطحاوي: "تمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين رجال لا لأنه عورة، بل لخوف الفتنة كمسه وإن أمن الشهوة لأنه أغلظ" (رد المحتار على الدر المختار 1/272) . 6- وقال ابن عابدين عن صاحب المحيط قوله: " ... دلت المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة، لأنها منهية عن تغطيته لحق النسك لولا ذلك وإلا لم يكن لهذا الإرخاء فائدة" (رد المحتار على الدر المختار 2/189) . وأذكر لك قول المذاهب في ذلك لترى أن الراجح من الأقوال هو التغطية: فالمذهب المالكي المشهور عنه وجوب ستر الوجه والكفين عند وجود الفتنة، وأما الأجنبي الكافر فجميع جسدها حتى وجهها وكفيها عورة بالنسبة له. وأما المذهب الشافعي فالراجح في مذهبهم التحريم لكشف الوجه والكفين. وأما المذهب الحنبلي فالواجب عندهم التغطية. وإذا أردت الرجوع إلى أكثر من ذلك فراجع كتاب "أدلة الحجاب" للدكتور محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم. وفقنا الله لهداه، وجنبنا وإياك مساخطه وأليم عقابه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الاستنساخ هل يعيد معجزة عيسى؟!

الاستنساخ هل يعيد معجزة عيسى؟! المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/03/1427هـ السؤال كيف نوفق بين الاستنساخ -لو ثبت عمليًّا في الواقع، وكونه طريقة لحصول الإنجاب بدون التزاوج بين الذكر والأنثى-، وبين القول بمعجزة ولادة عيسى -عليه السلام- لكونه ولد بلا أب؟ ومعلوم أن المعجزة مما تختص بالنبي دون أن يشاركه أحد من الخلق. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمعجزة عيسى -عليه السلام- في ولادته بدون أب، وكل معجزات الأنبياء -عليهم السلام- ستظل معجزات أبد الدهر، لا يمكن للبشر أن يصلوا إلى مثلها بالطريقة التي حصلت بها، والولادة التي هي نتيجة التلقيح ليست من المعجزات، حتى ولو عن طريق الاستنساخ؛ لأنها نتيجة لاجتماع خلايا ذكرية، وأنثوية. أما عيسى عليه السلام فلم يحصل فيه ذلك، أي اجتماع هذين النوعين من الخلايا، وإنما حصل بأمر الله، وهذا هو الأمر المعجز الذي لا يمكن تكراره بالأسلوب نفسه من البشر، وأعجب منه خلق آدم عليه السلام، فإنه خلق من غير أب ولا أم، وهذا ما ذكره الله في كتابه الكريم: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" [آل عمران:59] . والتلقيح بين الذكر والأنثى، أو بواسطة الخليّة في الاستنساخ، ما هو إلا سبب لا يترتب عليه حصول الإنجاب ما لم يقدّر الله حصوله، وعلى ذلك فمرد الأمر كله لله إن شاء خلق من غير أب ولا أم كما في آدم، أو من أم بدون أب كما في عيسى، أو من أبوين كما في بقية البشر، ولكن المعجزات أمور لا يستطيعها البشر بحال من الأحوال. وبالله التوفيق.

المراد بعلم تخريج الفروع على الأصول

المراد بعلم تخريج الفروع على الأصول المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/01/1427هـ السؤال ما هو علم تخريج الفروع على الأصول، وماذا يقصد به، وما هي أهم كتبه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن علم أصول الفقه من العلوم الشرعية المهمة، والعلم به شرط في الاجتهاد، وبهذا العلم تحصل القدرة على الاستنباط، أعني استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة. وبهذا تتبين لنا أهمية علم أصول الفقه؛ حيث تبنى عليه الأحكام والفروع الفقهية، لكن لما كانت معظم الكتب الأصولية قد صنفت بطريقة مجردة، أعني أنها تذكر القواعد الأصولية وتقررها بأسلوب علمي محض دون استكثار للأمثلة والفروع المبنية على هذه القواعد. أقول: لما كانت كتب أصول الفقه يغلب عليها: تجريد القواعد الأصولية عن فروعها الفقهية جاءت الحاجة ماسة إلى علم تخريج الفروع على الأصول ويسمى أيضاً ببناء الفروع على الأصول أو بأثر القواعد الأصولية على الفروع الفقهية وذلك من أجل سد الفراغ الحاصل بسبب تجريد القواعد الأصولية عن فروعها الفقهية ومن هنا فإن من صنف في أصول الفقه على طريقة الفقهاء الحنفية وهي التي تربط القواعد الأصولية بفروعها الفقهية، من صنف على هذه الطريقة لا حاجة له إلى تخريج الفروع على الأصول لأنه حاصل عندهم. بخلاف طريقة المتكلمين التي تجرد القاعدة الأصولية عن فروعها الفقهية وهي التي سلكها المالكية والشافعية والحنابلة. وأهم الكتب في علم تخريج الفروع على الأصول كتاب تخريج الفروع على الأصول للزنجاني الشافعي، والتمهيد في بناء الفروع على الأصول للأسنوي والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام الحنبلي، ومفتاح الوصول للتلمساني المالكي وهو أحسنها، وللمعاصرين جهود مشكورة من أحسنها كتاب تخريج الفروع على الأصول لعثمان شوشان ولا يزال هذا العلم -بالرغم من أهميته والحاجة إليه- بحاجة إلى نوعين من الدراسة: دراسة تأصيلية ودراسة تطبيقية تجمع شتاته وهي أجدر وأجدى. والله الموفق.

الفرق بين الطلاق الرجعي والبينونة الصغرى

الفرق بين الطلاق الرجعي والبينونة الصغرى المجيب عاصم بن ناصر القاسم القاضي بمحكمة تمير التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/03/1427هـ السؤال ما الفرق بين الطلاق الرجعي والبينونة الصغرى؟ وما هي شروط البينونة الصغرى؟ وهل بيد الزوج أن يطلق كبرى وصغرى أم بشروطهما؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالطلاق الرجعي هو أن يطلق الزوج زوجته الطلقة الأولى أو الثانية بدون عوض، فيسمى هذا الطلاق طلاقاً رجعياً، حيث يملك فيه الزوج مراجعة زوجته أثناء عدتها بدون عقد. أما البينونة الصغرى فيشار بها إلى الطلاق الذي لا يتمكن فيه الزوج من مراجعة مطلقته إلا بعقد جديد مستكمل لأركانه وشروطه الشرعية، وذلك مثل ما إذا انتهت العدة في الطلاق الرجعي ولم يراجعها خلالها، وكذلك في حالة الطلاق على عوض، وهو الخلع. أما البينونة الكبرى فتكون بعد الطلقة الثالثة، حيث لا يجوز للزوج مراجعة مطلقته ولا العقد عليها، إلا بعد زوج آخر بنكاح صحيح. وطلاق السنة هو أن يطلق الزوج زوجته طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه. والله أعلم.

خص أولاده الذكور بهبات

خصَّ أولاده الذكور بهِبَات المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/01/1427هـ السؤال أبي يملك منزلاً وأراضي زراعية، وله أبناء وبنات، وهو على قيد الحياة، فقام بإعطاء الأبناء المنزل، وأعطى كل واحد منهم فداناً، وترك الباقي يوزع بعد وفاته حسب الشرع. فهل ما قام به صحيح؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فلا يجوز للأب أن يخص بعض أولاده- ذكوراً كانوا أو إناثاً- بشيء من الهبات والعطايا حال حياته، أو الوصية لأحد منهم بعد وفاته، وقد أعطى والد النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- ابنه النعمان عطية، وجاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على ذلك، فقال له: "أَكُلَّ ولدك أعطيته هذا"؟ فقال: لا. فقال: "أشهد على هذا غيري". وفي رواية: "فإني لا أشهد على جور". صحيح البخاري (2586) ، صحيح مسلم (1623) ، وصحيح ابن حبان (5106) ، وغيره. فإذا فعل الأب شيئاً من ذلك وجب عليه الرجوع عن هذه الهبة، أو إعطاء بقية الأولاد مثل ذلك للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا توفي قبل فعل ذلك وجب على أولاده رد هذه الأعطيات، وجعلها في التركة، ولا يجوز أخذها. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أخذ النسبة على التحويلات المالية

أخذ النسبة على التحويلات المالية المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/03/1427هـ السؤال لدي وكالة مالية تقوم بتحويل الأموال مقابل نسبة من المبلغ المرسَل، علما بأن لنا جالية كبيرة تعمل بالخارج، ويمكن -مستقبلاً- إضافة عملية أخرى تتعلق بتحويل العملات. فما رأي الشرع في ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فتحويل الأموال صورة من صور التوكيل في دفعها، وتقييدها لدى الجهة المعتبرة للتحويل بنكاً كان أو وكالة -كما سماها السائل- يعتبر قبضًا، كما تقرر في المجامع الفقهية، وكذا لو كان القبض بشيك يتسلمه طالب التحويل، لكن ما كان في مقابل هذه العملية إن كان أجرة منفصلة فلا بأس بذلك، لأنه من صورة التوكيل بأجرة، أو الكفالة بأجرة، وكلاهما أمر جائز، حيث تكون الأجرة في مقابل تقديم هذه الخدمة، وما يتبعها من اتصالات وإجراءات. أما اعتبار ذلك بالنسبة فالذي يظهر لي فيه هو: عدم الجواز؛ لأنه يشبه الإقراض بفائدة. والله أعلم.

هل أمر مالك باستقبال قبر النبي عند الدعاء

هل أمر مالك باستقبال قبر النبي عند الدعاء المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/02/1427هـ السؤال تكلم إمامنا في إحدى خطب الجمعة عن منزلة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إن قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعظم عند الله -تعالى- من الكعبة والعرش والكرسي واللوح المحفوظ. واستدل على هذا بقوله: إن الإمام مالكاً سأله أحد الناس: أين أتوجه عند الدعاء؟ للكعبة أم لقبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ فأمره الإمام مالك بالتوجه لقبر الرسول-صلى الله عليه وسلم-، فهل هذا الكلام صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا الكلام غير صحيح جملة وتفصيلاً. أما أن قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أعظم عند الله -تعالى- من الكعبة والعرش والكرسي واللوح المحفوظ. فأين دليل ذلك من قول الله -تعالى- أو من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؟! وما دام لم يرد عن الله -تعالى- ولا عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- فكيف نقول على الله بغير علم، ونقول إن هذا أفضل -عند الله-؟! "قل أأنتم أعلم أم الله". والله تعالى قد أخبرنا بفضل الكعبة وتعظيمها وتعظيم العرش والكرسي، ولم يرد نص في تفضيل قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فضلاً عن أن يكون أعظم عند الله من هذه الأمور المعظمة شرعاً. أما الاستدلال بهذه الحكاية المنسوبة للإمام مالك فهي باطلة من جهتين: أولاً: من جهة الإسناد: ففيه عدة علل ليس هذا مكان بسطها، ولكن منها: أ- أن محمد بن حميد الرازي -راوي الحكاية عن مالك- متهم بالكذب. قال عنه البخاري: في حديثه نظر. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الجورقاني: رديء المذهب غير ثقة. ب- الانقطاع بين ابن حميد هذا وبين مالك، فهو لم يسمع من مالك ولم يلقه. فلو كان ثقة فالإسناد منقطع. ج- أنه لم يرو هذه الحكاية غير ابن حميد، ولم يروها أحد من أصحاب مالك مما يدل على شذوذها. د- أن في الإسناد غير ابن حميد ممن لا تعرف حاله فهم مجاهيل. ثانياً: ومن جهة المتن فهذه الحكاية تخالف الثابت عن الإمام مالك -رحمه الله- فقد قال القاضي عياض في المبسوط عن مالك: "لا أرى أن يقف عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن يسلم ويمضي". الشفاء (2/671-678) . ثم إن مالكاً -رحمه الله- كان أبعد الناس عن البدع؛ ولذلك كره قول الرجل: زرت قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وكره تتبع الآثار التي بالمدينة، وكره التردد للسلام عليه -عليه الصلاة والسلام-، وقال: "إنما ذلك للغرباء" يعني الذين يقدمون إلى المدينة من سفر. ينظر الشفاء للقاضي عياض (2/667) ، والعتبية (18/444) ، والبدع والنهي عنها لابن وضاح المالكي (45) . ثم إن طلب الشفاعة منه صلى الله عليه وسلم ودعاءه واستغفاره بعد موته وعند قبره ليس مشروعاً عند أحد من أئمة المسلمين، ولا ذكر هذا أحد من الأئمة الأربعة وأصحابهم القدماء.

ثم إن الإمام مالكا -رحمه الله- هو القائل: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها. وقال: "ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك". فمثل هذا الإمام كيف يشرع ديناً لم ينقل عن أحد من السلف، ويأمر الأمة أن يطلبوا الدعاء والشفاعة والاستغفار بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- منه، وهو أمر لم يفعله أحد من سلف الأمة. ثم لو صح ذلك عن الإمام مالك -وحاشاه من ذلك- فالإمام مالك ليس نبياً معصوماً (وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب القبر محمد صلى الله عليه وسلم) كما قال مالك نفسه -رحمه الله تعالى-. أسأل المولى -عز وجل- أن يفقهنا في ديننا، وأن يرزقنا الثبات عليه والاستقامة على أمره. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مراعاة المصالح المرسلة

مراعاة المصالح المرسلة المجيب د. سعيد بن متعب القحطاني عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/05/1427هـ السؤال أريد بعض الفتاوى التي روعي فيها المصلحة المرسلة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيعتبر الاستصلاح -أو المصلحة المرسلة- من أهم أدلة الشرع، وأوسعها استعمالاً خاصة عند فقد الدليل من النص أو الإجماع أو القياس الصحيح، كما أن المصلحة المرسلة متى ما توفرت شروط العمل بها، فإنها غالباً ما تحقق مقصد الشارع من التكليف، وتحقق كذلك مقاصد المكلفين، ولذلك فإنها وسيلة لتحقيق مقاصد الشارع ومقاصد المكلفين؛ ولذلك فإنه قد جرى العمل بها في جميع المذاهب الفقهية، وما ذكر من خلاف في ذلك فغالبه يرجع إما إلى خلاف في اللفظ، وإما إلى التوسع في اشتراط شروط للعمل بالمصلحة وعدم اشتراط ذلك. وأول من عمل بالمصلحة واستند إليها في الفتيا والقضاء هم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذلك مثل قتالهم للمرتدين مانعي الزكاة، وجمعهم للقرآن في مصحف واحد، ومنع الناس من دخول بلد حل فيها الطاعون، وكذلك خروجهم منها، وفرض العطاء لكل مولود ولقيط، ومنع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من اختلاط النساء بالرجال في الطواف، وتحديد عمر رضي الله عنه مدة غياب الجند عن نسائهم في ميادين الجهاد بأربعة أشهر وقيل: ستة، ومنع عمر -رضي الله عنه- من تزوج الكتابيات، وحبسه الأراضي الزراعية المفتوحة عنوة في العراق والشام على المصالح العامة، وعدم توزيعها على الجند، وتدوين الدواوين، وبناء المؤسسات، وإرسال المفتشين إلى العمال والولاة للتحقق من شكايات الناس وسماع مظالمهم، وتضمين الإمام مالك -رحمه الله- للصناع، وحبس المتهم وضربه، والقول بالتسعير، وتلقي الركبان، وقبول شهادة الصبيان في الجراح إذا شهدوا قبل أن يتفرقوا أو يعلَّموا، وقتل الجماعة بالواحد، وتغريم السارق، وأمثال ذلك كثير. والله أعلم.

الإعلان في المسجد عن المفقودات

الإعلان في المسجد عن المفقودات المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/10/1426هـ السؤال ما حكم الإعلان في المسجد عن المفقودات؟ هل يدخل في النهي عن نشدان الضالة؟ أرجو بيان الحكم في حالة من يجد شيئاً فيطلب صاحبه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن فقد شيئاً فإنه لا يجوز له أن يعلن عنه في المساجد؛ لأن المساجد لم تبنَ لذلك، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- "من سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تبن لهذا" رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله (568) . ولكن يجوز له أن يعلن عنها خارج المسجد، كما لو أعلن على جدار المسجد الخارجي. وكذلك من وجد شيئاً فإنه لا يعلن عنه في المسجد، وإنما يعلن عنه خارج المسجد وعلى أبواب المسجد. وأمَّا بالنسبة لحكم اللقطة التي يجدها الإنسان ولا يعرف صاحبها، فإن كان الإنسان يعلم من نفسه الأمانة إذا أخذها والقوة على تعريفها فإنه يستحب له التقاطها اللقطة لإيصالها لصاحبها؛ وذلك لعموم الأدلة الدالة على تعاون المسلمين فيما بينهم والإحسان والبر للناس، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن والذكر (2699) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. أما إن كان هذا المال في مكان مخوف، -كأن يكون في مكان يكثر فيه اللصوص، أو في أرض مهلكة أو أرض كثيرة السباع، أو مكان لا يتورع أهله من أخذ هذا المال وعدم إرجاعه لصاحبه-، فإنه يجب على من يجده في هذه الحال أخذه إذا استطاع ذلك؛ لأنه من حفظ المال الذي أمرنا به، ولكن لا يجب عليه أن يتولى تعريف هذا المال، بل له أن يعطيه من يثق به ليعرفه، وله أن يعطيه الجهات المسؤولة عن حفظ هذه الأموال وإرجاعها إلى أصحابها. أنواع المال الملتقط وحكم كل نوع: النوع الأول: المال الذي يعلم أن صاحبه تركه رغبة عنه، كما يفعله بعض الناس من رمي لبعض الأثاث القديم، أو ترك بعض الأغراض في البرية بعد الاستغناء عنها، فهذا يجوز أخذه ولا يجب تعريفه؛ لأن أصحابه تركوه رغبة عنه، فهم لا يريدونه، فتعريفه لا فائدة منه، والدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من وجد دابة قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها فسيَّبوها فأخذها فأحياها فهي له". رواه أبو داود، كتاب البيوع، باب فيمن أحيا حسيراً (3524) . وإذا شكّ في هذا المال هل تركه أصحابه رغبة عنه أو لم يتركوه رغبة عنه، فالأصل أنهم لم يتركوه رغبة عنه، ويكون من النوع الثالث الذي سيأتي ذكره.

النوع الثاني: المال الذي لا تتبعه همة أوساط الناس، كالأقلام الرخيصة والريال والخمسة والعشرة، فهذا النوع يجوز أخذه ولا يجب تعريفه ـ ما لم يكن صاحبه معروفاً فيجب رده إليه، كأن يسقط قلم صاحبك أو يسقط شيئاً لجارك فترده إليه ـ والدليل على ذلك قوله –صلى الله عليه وسلم- في التمرة التي وجدها ساقطة: "لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها. رواه البخاري، في كتاب اللقطة، باب إذا وجد تمرة في الطريق (2431) ، ومسلم، كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (1071) عن أنس بن مالك –رضي الله عنه-. ووجه الدلالة من الحديث أن التمرة مما لا تتبعه همة أوساط الناس، والنبي –صلى الله عليه وسلم- لم يمنعه من أكلها إلا خوفه من كونها صدقة، فلو لم تكن صدقة لأكلها ولم يعرفها. ومما يشار إليه هنا أن حديث جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- قال: رخص لنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به، الذي رواه أبو داود، كتاب اللقطة، باب التعريف باللقطة (1717) ، حديث في إسناده ضعف. والمقصود بأوساط الناس: أوساط الناس خلقاً ومالاً، فلا عبرة بالبخيل ولا بالمفرِّط في أمواله، كما أنه لا عبرة بالفقير ولا بشديد الغنى، فالعشرة من الريالات إذا فقدها أحد من أوساط الناس لا يهتم بها، لكن لو فقدها فقير فإنه يهتم بها لأنها تضره، وكذلك لو فقدها بخيل فإنه يحزن لذلك ويبحث عنها بحثها طويلاً، وأما الألف فلو فقدها أحد من أوساط الناس فإنه سيبحث عنها، ولكن لو فقدها شخص مضيّع لأمواله فإنه لا يبالي بها، وكذلك لو فقدها من عنده أموال كثيرة فإنه لا يأبه بها. النوع الثالث: المال الذي لم يتركه أصحابه، وتتبعه همة أوساط الناس، وهذا النوع ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: البهائم، والبهائم لا تخلو من حالين: الحال الأولى: أن تكون مما يمتنع من صغار السباع كالذئاب ونحوها، مثل: الإبل والخيل. وهذه الحيوانات لا يجوز أخذها، بل تترك حتى يجدها صاحبها. الحال الثانية: أن تكون مما لا يمتنع من صغار البهائم، مثل: الغنم والدجاج. وهذه الحيوانات يجوز لمن يجدها أن يأخذها ويتملكها إن كان لا يعرف صاحبها. القسم الثاني: الأموال من غير البهائم، كالنقود والمجوهرات والأثاث. وهذا النوع يجوز التقاطه، ولكن على من التقطه أن يقوم بما يلي: 1. يضبط صفاته جيداً، فلو وجد محفظة فإنه يقوم بضبط صفات هذه المحفظة، بأن يضبط لونها وكم فيها من الأموال؟ والبطاقات التي في المحفظة، ونحو ذلك من الصفات التي لا يعرفها في الغالب إلا صاحبها.

2. يعرِّفها سنة في مجامع الناس، أي يقوم بالإعلان عن هذا المال المفقود في الأماكن التي يجتمع فيها الناس، والتعريف يختلف باختلاف المال والمكان والزمان، فمن وجد محفظة ضائعة في العمل فإنه يعلن عنها في العمل، ومن وجد حقيبة نسائية ساقطة في السوق فإن تعريفها سيكون في هذا السوق أو في الصحف المحلية وما شابه ذلك، ولكن في التعريف لا يذكر صفات المال الضائع كلها، بل يذكر ما يشير إلى هذا المال، فمن وجد محفظة فإنه يقول: إني وجدت محفظة في المكان الفلاني، فمن كانت له فليراجعني، ولا يقول: فيها كذا وكذا من المال؛ لئلا يأتي من لا يخاف الله، فيقول: هي لي، وهو كاذب في ذلك. 3. إذا جاءه من يصف هذا المال خلال هذه السنة فإنه يدفع له المال. 4. إن لم يأته صاحب هذا المال بعد تعريفه سنة فإنه يجوز له أن يتملك هذا المال، لكن متى ما جاء صاحبه يوماً من الدهر فإنه يدفع له هذا المال، وأما إن لم يأته فإن المال يكون للملتقط. 5. إن كان المال مما يفسد أو تكون نفقة حفظه كبيرة كالخضروات والفواكه فإنه يجوز له أن يأكل هذا المال بعد أن يعرف صفاته، ويجوز له أن يبيعه ويحفظ ماله لصاحبه، فمتى ما جاء صاحبه خلال سنة فإنه يدفع له قيمة هذا الطعام، وإلا فإنه لا شيء عليه. والدليل على ما تقدم حديث زيد بن خالد الجهني –رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة، فقال: "اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها"، قال: فضالة الغنم؟ قال: "هي لك أو لأخيك أو للذئب"، قال: فضالة الإبل؟ قال: "ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها". رواه البخاري في مواضع منها: ما في كتاب في اللقطة، باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن (2430) ، ومسلم، كتاب اللقطة (1722) . والعفاص هو الوعاء الذي يجعل فيه النقود، والوكاء ما يربط به الوعاء. وقوله في ضالة الإبل: "معها حذاؤها" أي خفها، و"سقاؤها" أي جوفها، والمعنى: أنها تستغني بنفسها عن الحفظ بقدرتها على السير المسافات البعيدة وصبرها على العطش. من أحكام اللقطة: 1. الملتقط أمين، فلو تلف المال عنده من غير تعدٍّ ولا تفريط فإنه لا يضمن المال التالف. 2. أجرة التعريف على صاحب المال؛ لأن الملتقط محسن و (ما على المحسنين من سبيل) ، لكن لو لم يأت صاحب المال فإن المال يكون للملتقط ـ كما سبق ـ وتكون أجرة التعريف عليه. 3. المال إن احتاج إلى نفقة فحكمه حكم التعريف، ينفق عليه الملتقط، والنفقة تكون على صاحب المال، وإذا لم يأت صاحب المال فالمال يكون للملتقط، وكذلك النفقة تكون عليه، هذا إذا كان قد نوى الرجوع على صاحب المال بالنفقة، أما إذا كان قد نوى الإحسان على صاحب المال وفي نيته أنه لا يريد منه شيئاً فإنه لا يرجع. 4. لا يجوز إنشاد الضالة في المساجد، وكذلك تعريفها لا يجوز في المساجد؛ لأن المساجد لم تبن لذلك، يقول –صلى الله عليه وسلم-: "من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تبن لهذا". لكن يجوز ذلك على أبواب المساجد.

5. مكة -حرسها الله- لها وضع خاص، فلا تحل لقطتها إلا لمنشد (أي معرف) ، فمن وجد لقطة في مكة فإنه لا يجوز له أخذها إلا بنية تعريفها أبد الدهر، ولا يملك هذه اللقطة بعد السنة -كما في غيرها من البلدان- ولا يجوز له أن يتملك اللقطة مطلقاً؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- عن مكة: ".. ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرِّف.." رواه البخاري، كتاب الحج، باب لا ينفر صيد الحرم (1833) ، ومسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة.. (1353) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لقطة الحاج. رواه مسلم، كتاب اللقطة، باب في لقطة الحاج (1724) . لكن هل يترك اللقطة أم يأخذها؟ إن لم يخش على اللقطة فإنه يتركها، وأما إن خشي عليها فإنه يأخذها ويعرفها، وله أن يعطيها الجهة المسؤولة وهي تتولى التعريف، وفي هذا الوقت: إن لم يستطع الوصول إلى صاحب المال ـ كأن يكون رقمه أو رقم الفندق موجودًا على المال ـ وإلا فإنه يعطيها الجهة المسؤولة عن الأموال الضائعة؛ لأن من فقد مالاً فإنه يتوجه إلى تلك الجهة ويسألهم عنها.

التردد بين استفتاء العالم واستفتاء القلب!

التردد بين استفتاء العالِم واستفتاء القلب! المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/02/1427هـ السؤال كيف أفرِّق بين الشك الذي يندرج تحت (استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك, والبر ما اطمأن إليه القلب) ، وبين وسوسة الشيطان وارتياب النفس الذي لا عبرة به؟ أرجو إفادتي مأجورين. الجواب الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا الحديث في صحيح مسلم (2553) عن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس". وعن وابصة بن معبد -رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "جئت تسأل عن البر والإثم؟ ". قلت: نعم. قال: "استفت نفسك، استفت قلبك يا وابصة -ثلاثاً- البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك" رواه أحمد (17545) ، والدارمي (2533) بإسناد حسن. ومحل هذا الحديث إذا لم يكن عند المفتي سوى مجرد الظن أو الهوى من غير دليل شرعي وكان المستفتي ممن شُرح صدره للإيمان. أما إن كان مع المفتي دليل شرعي فالواجب الرجوع إلى هذا الدليل، وإن لم ينشرح له صدر المستفتي. وهذا كالرخصة الشرعية، مثل الفطر في السفر والمرض وقصر الصلاة وجمعها مما لا ينشرح به صدر كثير من الجهال فهذا لا عبرة به، بل هو من وسوسة الشيطان، أو هوى النفس. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر أصحابه أحياناً بما لا تنشرح به صدور بعضهم، فيمتنعون -في بادئ الأمر- من قوله فيغضب، كما أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة والتحلل من عمرة الحديبية. وبالجملة فما ورد فيه نص فليس للمؤمن إلا طاعة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- مع انشراح الصدر والرضا. والله أعلم.

هل يدخل هذا في الربا؟

هل يدخل هذا في الربا؟ المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/01/1427هـ السؤال تقدمت للحصول على سكن من إحدى الشركات التابعة للدولة، بحيث دفعت ربع القيمة والباقي على أقساط شهرية تخصم من الراتب بعد الاستلام، مع العلم بأن الثمن مبين مسبقاً، ولكن دخل طرف ثالث من غير علمنا وهو المصرف العقاري، بحيث غطى باقي المبلغ {ثلاثة أرباع الثمن المتبقي عليَّ} ، ووضع عمولة وعائد خدمة، بحيث زاد الثمن عن الثمن المتفق عليه أولاً، فهل تعتبر هذه الزيادة من الربا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا من الربا الواضح، فهذه الزيادة سواء سميت عمولة أو عائد أو غير ذلك فهي ربا صريح، لأنهم دفعوا عنك مبلغاً وتعيده بعد مدة أكثر مما دفعوا عنك، ونصيحتي لك أن تتخلص وتسدد إن كنت تقدر، وإلا فألزم الشركة التي كتبت معها عقداً أن تلتزم بالعقد، وألا تطلب منك زيادة، و"المؤمنون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً"، والله أمرنا بالوفاء بالعقود. وإن كان هذا الأمر بغير اختيارك ولم تستطع أن تسدد حاضراً أو تتخلص من المعاملة فأنت معذور، والله لا يكلف نفساً فوق طاقتها، والمشقة تجلب التيسير، ويتحمل الوزر من ألزمك وأوقعك في المحذور، وفقك الله لطيب المطعم، ورزقنا وإياك الحلال وجنبنا الحرام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مدة الرضاعة

مدة الرضاعة المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 30/12/1426هـ السؤال كم مدة الرضاعة لطفلي؟ علماً أن مدة الحمل تسعة أشهر، فهل هي 21 شهراً أم 24 شهراً؛ وذلك تطبيقاً لقول الله عز وجل: "وحمله وفصاله ثلاثون شهرا"؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالرضاعة غير محددة في أصح قولي العلماء، فلكِ أن ترضعي طفلك سنتين أو أكثر أو أقل حسب المصلحة في ذلك، وأما ذكر السنتين مع مدة الحمل فهذا لبيان الغالب في الرضاعة. لكن هناك من لا تتمكن أن ترضع سنتين، وهناك من تزيد عليها، ولا حرج في ذلك أبداً، قال الله تعالى: "وحملة وفصاله ثلاثون شهراً" [الأحقاف: 15] ، وقال تعالى: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة" [البقرة: 233] ، وفقك الله لكل خير، ورزقك صلاح الأولاد وبرهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أهل الفترة

أهل الفترة المجيب د. رفعت فوزي عبد المطلب رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/03/1427هـ السؤال لي زميل نصراني يقول: تم اكتشاف حضارات لها أربعة آلاف سنة قبل الميلاد خارج منطقة النبوة. يقصد أن الأنبياء لم يُبعثوا فيها ولم يصلوا إليها، فما حكم هؤلاء من حيث الوعد والوعيد؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: فمن قال لزميلك النصراني: إن أربعة آلاف عام قبل الميلاد هي في عمر الزمان خارج منطقة النبوة، فالنبوة -أخي الكريم- بدأت مع بدء الخليقة، إذ إن آدم -عليه السلام- هو أبو البشر وأول الخلق، وهو كذلك نبي من أنبياء الله كما قال أهل العلم، كما أن الله -تعالى- يقول: "وإن من أمة إلا خلا فيها نذير" فاطر:24] . وقد تطول الفترة بين مبعث نبي وآخر، فيعم الجهل ويتبدل التوحيد شركاً، فيرسل الله رسولا آخر يجدد العهد بتوحيد الله عز وجل، ثم إنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة ... " أخرجه البخاري (1358) ، ومسلم (2658) ، بما يعني أن الإسلام والتوحيد هما الأصل في النفس الإنسانية، أما من يعيشون في فترة زمنية بعيدة عن الدعوة أو بين عهد نبيين فهؤلاء يسمون عند أهل العلم "أهل الفترة"، والحكم عليهم كما أفتى به الشيخ ابن عثيمين -يرحمه الله- بقوله: " ... حكمهم في الدنيا حكم الكفار، وأما في الآخرة فالله أعلم بما كانوا عاملين، يختبرون ويكلفون بما يشاء الله -عز وجل- وما تقضيه حكمته، فإن أطاعوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار".. والله أعلم.

حجية الحديث الضعيف في فضائل الأعمال!

حجية الحديث الضعيف في فضائل الأعمال! المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/05/1427هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم هل يصح الاحتجاج بالحديث الضعيف، وهل صحيح أنه من أصول الاستدلال عند الإمام أحمد؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الحديث الضعيف ليس بحجة في إثبات الأحكام الشرعية حتى في السنن والمستحبات باتفاق أهل العلم. وإنما قال بعض أهل العلم بأنه لابأس من إيراد الحديث الضعيف في فضائل الأعمال، وليس في إثبات الأحكام، بثلاثة شروط: الأول: ألا يكون الضعف شديداً. الثاني: أن يكون العمل الذي ورد فيه الفضل قد ثبت بدليل صحيح. الثالث: ألا يجزم بنسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهذه المسألة يخطئ في فهمها كثير من طلبة العلم. ولعل اللبس في الفهم يزول بالتوضيح بالمثال، والمثال: حديث عائشة مرفوعاً: "من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة، بنى الله له بيتاً في الجنة" أخرجه البيهقي بسند ضعيف. هذا الحديث في فضائل الأعمال، والفضل هنا قوله (بنى الله له بيتاً في الجنة) هذا الفضل لا يجوز إيراده؛ لأن أصل العمل وهو صلاة عشرين ركعة بين المغرب والعشاء، لم يثبت بدليل صحيح ولا حسن. فلا يجوز حينئذ أن يورد حديث ضعيف في فضله. ولو فرضنا بأن العمل ثابت بدليل صحيح، فإنه لا بأس عند بعض أهل العلم من ذكر الحديث الضعيف الوارد في فضله. وإن كان الأولى عدم ذكره بالكلية، وإنما أردت بذلك توضيح كلام أهل العلم في هذه المسألة. ولشيخ الإسلام توضيح نافع كما في (مجموع الفتاوى 1/ 250-251) قال رحمه الله: "ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة، لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت، إذا لم يعلم أنه كذب. وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي، وروى في فضله حديث لا يعلم أنه كذب، جاز أن يكون الثواب حقاً. ولم يقل أحد من الأئمة إنه يجوز أن يجعل الشىء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف. ومن قال هذا فقد خالف الإجماع. وهذا كما أنه لا يجوز أن يحرم شيء إلا بدليل شرعي، لكن إذا علم تحريمه وروي حديث في وعيد الفاعل له، ولم يعلم أنه كذب، جاز أن يرويه. فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب، ما لم يعلم أنه كذب، لكن فيما علم أن الله رغب فيه، أو رهب منه بدليل آخر غير هذا الحديث المجهول حاله". وللألباني -رحمه الله- كلام نافع في القاعدة الثانية عشرة في مقدمة كتابه (تمام المنة) . ولفضيلة الشيخ عبد الكريم الخضير كتاب قيم بعنوان: (الاحتجاج بالحديث الضعيف) .

أما ما ينقل عن الإمام أحمد من أنه يحتج بالحديث الضعيف فغير مسلم، وإنما مراده بالحديث الضعيف والمرسل الذي يحتج به: الذي ارتقى إلى درجة الحسن. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (1/ 251-252) : "ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذى ليس بصحيح ولا حسن فقد غلط عليه، ولكن كان في عرف أحمد بن حنبل ومَن قبله من العلماء أن الحديث ينقسم إلى نوعين: صحيح وضعيف، والضعيف عندهم ينقسم إلى ضعيف متروك لا يحتج به، وإلى ضعيف حسن.. وأول من عرف أنه قسم الحديث ثلاثة أقسام صحيح وحسن وضعيف هو أبو عيسى الترمذي في جامعه، والحسن عنده ما تعددت طرقه، ولم يكن في رواته متهم، وليس بشاذ فهذا الحديث، وأمثاله يسميه أحمد ضعيفاً ويحتج به. ولهذا مثَّل أحمد الحديثَ الضعيف الذي يحتج به بحديث عمرو بن شعيب وحديث إبراهيم الهجري ونحوهما وهذا مبسوط في موضعه "اهـ. وقال ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين (1/31) : "الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن. ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف. وللضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه، ولا قول صاحب، ولا إجماعاً على خلافه، كان العمل به عنده أولى من القياس "اهـ. وبهذا ينتهي الجواب. والحمد لله رب العالمين.

هل هذا من نكاح التحليل؟

هل هذا من نكاح التحليل؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/03/1427هـ السؤال طلقت زوجتي ثلاث تطليقات متفرقات، فذهبت لها وذكرت لها أني سأتزوجها، إن تزوجت وطلقها زوجها. ثم لقيتها بعد ذلك، وعلمت منها أنها تزوجها زميلها في العمل، وطلبت منه الطلاق فطلقها. أنا أعرف زميلها وهو يعرفني، ولكني لم أطلب منه أن يتزوجها، ولم أوسطه، ولم أقل له: إنني طلقتها، ولم يقل لي: إنه تزوجها أو طلقها. فهل حلَّت لي بزواجها من هذا الرجل؟ وهل أراجعها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهنا مسألتان: الأولى: نية الزوج الثاني: هل نوى تحليلها لك أو قصد نكاحها نكاح رغبة؟ فإن قصد نكاحها نكاح رغبة، ثم بدا له طلاقها فطلقها وقد جامعها، فهذا النكاح نكاح صحيح بلا خلاف، ويحل لك العقد عليها عقداً جديداً مستوفيا الأركان والشروط، قال تعالى: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة: 229-230] . أما إن قصد الزوج الثاني التحليل -ولو من غير شرط- فالنكاح باطل. قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "فإن شُرط عليه التحليل قبل العقد، ولم يذكره في العقد ونواه في العقد، أو نوى التحليل من غير شرط فالنكاح باطل أيضاً. قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن الرجل يتزوج المرأة، وفي نفسه أن يحللها لزوجها الأول، ولم تعلم المرأة بذلك. قال: هو محلل، إذا أراد بذلك الإحلال، فهو ملعون. وهذا ظاهر قول الصحابة -رضي الله عنهم-. وروى نافع، عن ابن عمر، أن رجلاً قال له: امرأة تزوجتها، أحلها لزوجها، لم يأمرني، ولم يعلم. قال: لا، إلا نكاح رغبة، إن أعجبتك أمسكها، وإن كرهتها فارقها، قال: وإن كنا نعده على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سفاحاً. وقال: لا يزالان زانيين، وإن مكثا عشرين سنة، إذا علم أنه يريد أن يحلها، وهذا قول عثمان -رضي الله عنه-. وجاء رجل إلى ابن عباس، فقال له: إن عمي طلق امرأته ثلاثاً، أيحلها له رجل؟ قال: من يخادع الله يخدعه. وهذا قول الحسن، والنخعي، والشعبي، وقتادة، وبكر المزني، والليث، ومالك، والثوري، وإسحاق، وقال أبو حنيفة، والشافعي: العقد صحيح" أ. هـ المغني (7/139) ، الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/44) . وعن عطاء في الرجل يطلق المرأة، فينطلق الرجل الذي يتحزن له فيتزوجها من غير مؤامرة منه؟ فقال: إن كان تزوجها ليحلها له لم تحل له، وإن كان تزوجها يريد إمساكها فقد حلت له.

وقال سعيد بن المسيب في رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها الأول، ولم يشعر بذلك زوجها الأول ولا المرأة. قال: إن كان إنما نكحها ليحلها فلا يصلح ذلك لهما ولا تحل له. إغاثة اللهفان (1/274) ، الفتاوى الكبرى (3/101) . وقال مالك بن أنس -رحمه الله تعالى-: "لا يحلها إلا نكاح رغبة، فإن قصد التحليل لم تحل له، وسواء علما أو لم يعلما لا تحل، وينفسخ نكاح من قصد إلى التحليل، ولا يقر على نكاحه قبل الدخول وبعده" أ. هـ الفتاوى الكبرى (3/102) . المسألة الثانية: نية المطلقة، هل تزوجت لتحل لزوجها الأول، أم تزوجت زواج رغبة لا تحليل؟ فإن تزوجت زواج رغبة لا تحليل، فطلقها زوجها الثاني بعد جماعها فقد حل لمطلقها الأول نكاحها بعد انتهاء العدة. أما إن قصدت المطلقة من النكاح التحليل ونوته فهذا محل خلاف بين العلماء. قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "إن قصدت المرأة التحليل أو وليها دون الزوج، لم يؤثر ذلك في العقد. وقال الحسن، وإبراهيم: إذا هم أحد الثلاثة، فسد النكاح. قال أحمد: كان الحسن وإبراهيم والتابعون يشددون في ذلك. قال أحمد: الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ ". ونية المرأة ليس بشيء، إنما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله المحلل والمحلل له". ولأن العقد إنما يبطل بنية الزوج؛ لأنه الذي إليه المفارقة والإمساك، أما المرأة فلا تملك رفع العقد، فوجود نيتها وعدمها سواء، وكذلك الزوج الأول لا يملك شيئاً من العقد، ولا من رفعه، فهو أجنبي كسائر الأجانب، فإن قيل: فكيف لعنه النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قلنا: إنما لعنه إذا رجع إليها بذلك التحليل؛ لأنها لم تحل له، فكان زانياً، فاستحق اللعنة لذلك" أ. هـ المغني (7/139) . والخلاصة: أن المرأة إن لم تقصد من هذا النكاح التحليل، وكذا لم يقصده الزوج الثاني فلا حرج عليك في طلب نكاحها، أما إن قصد الزوج الثاني ذلك فلا يحل لك نكاحها، وإن قصدت المرأة ذلك فالأحوط الابتعاد عن ذلك. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

لماذا تمنع إقامة الكنائس في السعودية؟!

لماذا تُمنع إقامة الكنائس في السعودية؟! المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/01/1427هـ السؤال ما هي المبررات التي تجعل المملكة العربية السعودية تمنع إقامة الكنائس على أراضيها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمملكة العربية السعودية تنطلق -في منعها إقامة المعابد غير الإسلامية على أراضيها- من منطلقات شرعية ملزمة للدولة التي تتشرف بحضانة الحرمين الشريفين، والسيادة على جزيرة العرب. وهذا محل اتفاق بين المسلمين قديماً وحديثاً، وليس إجراءً محليًّا طارئاً كما يتوهمه بعض من لا يعرف أحكام الشريعة الإسلامية. فإن من الخصائص الشرعية للجزيرة العربية أن تكون معقلاً للإسلام. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يترك بجزيرة العرب دينان" رواه أحمد (25820) . والمقصود أن يكون الدين الظاهر هو الإسلام فقط، ولا يسمح لغيره بالاستعلاء من خلال بناء المعابد ونحوها. ولا وجه لاستغراب هذا التشريع من قبل غير المسلمين، فلم تزل كل ملة على وجه الأرض تقدس بعض البقاع، وتخلع عليها صفة الخصوصية الدينية؛ فالفاتيكان لا يأذن بإقامة كنيسة بروتستانتية، أو أرثذوكسية فوق أراضيه، فضلاً عن أن يخطر ببال أحد أن يأذن بإقامة مسجد، أو معبد لديانة غير النصرانية. كما أن دولة الفاتيكان عقدت معاهدة (لا تران) مع الحكومة الإيطالية عام 1929م، تنال بموجبها خصوصية دينية، دون أن يقول قائل: أليس هذا من تقديس الجغرافية، والاعتداء على حرية الأديان الأخرى!! لقد رفض الأساقفة اليونان، والأقباط دخول البابا (يوحنا بوليس الثاني) أسقف الكنيسة الكاثوليكية كنائسهم، واضطر إلى إقامة قدَّاسه في فناء دير سيناء، وهم أتباع ملة واحدة!! فكما تواضع العالم على اعتبار الفاتيكان معقلاً للكاثوليكية، وحوض نهر (الغانج) مغطساً للهندوس، وجبل (هيي Mt. Hiei) قرب العاصمة اليابانية القديمة (كيوتو) موقعاً مقدساً للبوذية، فليتواضع العالم أن الجزيرة العربية معقل للإسلام. بقي أن نشير إلى أن التسهيلات التي تمنحها بعض الدول الغربية للمسلمين من مواطنيها، والمقيمين فيها، لم تكفلها الكنيسة الكاثوليكية، ولا مجلس الكنائس العالمي. بل منحتها إياهم الأنظمة الليبرالية التي تعتنقها معظم الدول الغربية، بعد تخلصها من نير الكنيسة، وبالمقابل لا زال النصارى في البلاد الإسلامية يحتفظون بكنائسهم منذ عشرات القرون، وفاءً من المسلمين بعهد الذمة.

الطلاق الثلاث بلفظ واحد

الطلاق الثلاث بلفظ واحد المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/11/1426هـ السؤال منذ حوالي سنة طلّق رجل زوجته، وقبل شهر منَّ الله عليهم وعادت المياه إلى مجاريها، ولكن الزوج لم يتذكر هل طلقها طلقة واحدة أو ثلاثًا؟ مع أنه في نيته كان يقصد ثلاث تطليقات، وفي الوقت الحالي هم يعيشون معا بعد قراءة الفاتحة حسب الشرع. نرجو الإفادة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالجواب عن هذه المسألة من وجهين: الأول: هل يقع ما زاد على واحدة حال الشك؟ فقد ذهب جمهور العلماء -الحنفية والشافعية والحنابلة- إلى أنه عند الشك هل طلق واحدة أو ثلاثاً، أنه يبني على الأقل؛ لأحاديث كثيرة واردة في البناء على الأقل في جملة من العبادات، منها حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم" رواه مسلم (571) ، ولأن الأصل عدم وقوع ما زاد على الواحدة واليقين لا يزال إلا بيقين. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "والجمهور يقولون: النكاح متيقن والقاطع له المزيل لحل الفرج مشكوك فيه، فإنه يحتمل أن يكون المأتي به رجعياً فلا يزيل النكاح، ويحتمل أن يكون بائناً فيزيله فقد تيقنا يقين النكاح وشككنا فيما يزيله، فالأصل بقاء النكاح حتى يتيقن بما يرفعه" ا. هـ إغاثة اللهفان (1/164) . وقال رحمه الله تعالى: "وقول الجمهور في هذه المسألة أصح فإن النكاح متيقن فلا يزول بالشك، ولم يعارض يقين النكاح إلا شك محض فلا يزول به" ا. هـ إعلام الموقعين (1/340) ، وانظر بدائع الصنائع (3/126) ، والمغني (7/379) ، والإنصاف (9/139) ، وكشاف القناع (5/332) . الثاني: لو طلق ثلاثاً في مجلس واحد هل يقع ثلاثاً أو واحدةً؟ للعلماء في ذلك قولان معروفان، وجمهور العلماء على وقوعه ثلاثاً، وذهب بعض العلماء -كابن عباس وعكرمة وطاووس-ونصره ابن تيمية وابن القيم وشيخنا العلامة ابن عثيمين وغيرهم- إلى أنه لا يقع إلا واحدة؛ لما رواه مسلم في صحيحه (1472) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم. ولغيره من الأدلة التي بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله تعالى- في مواضع كثيرة من كتبهم. (انظر: زاد المعاد 5/241-271) . وقد ذكرت السائلة أن الرجل راجع مطلقته بعد مضي حوالي أحد عشر شهراً، فإن كانت قد خرجت من العدة فلابد من عقد جديد كالعقد الأول مستوفي الشروط والأركان، ولا يكتفي بقراءة الفاتحة فقط، بل لا أعلم أصلاً لقراءة الفاتحة عند عقد النكاح أو الرجعة، وقراءتها هنا من البدع التي ينبغي تركها؛ لعدم ورود ذلك عنه -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد أصحابه -رضي الله عنهم-. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

مظاهرة الكفار من غير مودتهم!

مظاهرة الكفار من غير مودتهم! المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/02/1427هـ السؤال لو أن أحداً ظاهر المشركين أي أعانهم على المسلمين، ولم تكن هنالك مودة لهم في قلبه، إنما فعل ذلك لمصلحة دنيوية مع بغضه لهم، فهل يعتبر أتى كفراً بواحاً؟ وهل تعتبر هذه مخالفة صريحة لما نص عليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذه المسألة؟ الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فمن المعلوم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- عدّ من نواقض الإسلام: (مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين) ، ودلل على ذلك بقوله تعالى: "ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" [المائدة:51] . والذي ينبغي حمل كلامه هذا وفهمه في ضوء ما هو معروف عنه ومتقرر في أكثر من موضع من رسائله وكتبه من عدم تكفير المعين إلا بضوابط وشروط؛ إذ ليس كل من وقع منه الكفر من المعينين يعدُّ كافراً خارجاً عن الملة حتى تتوفر الشروط وتنتفى الموانع، كما ينبغي رد ما اشتبه من كلام الشيخ -رحمه الله- إلى محكمه، ومطلقه إلى ما قيد في مواضع أخر من كتبه ورسائله. والمكفر من مظاهرة المشركين هو ما انطوى قلب فاعله على محبتهم ومحبة ما هم عليه من الكفر والرضا به، وتأييدهم ونصرتهم على تحقيق ذلك، وأما غيرها من وجوه المظاهرة فلها أحكام تتناسب مع كل نوع منها، وممن فصل القول في ذلك الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "أحكام أهل الذمة" فليتأمل. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

خروج المرأة من بيتها لغير ضرورة

خروج المرأة من بيتها لغير ضرورة المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/05/1427هـ السؤال أمر الله تعالى نساء النبي أن يلزمن بيوتهن. قال تعالى: "وقرن في بيوتكن". وفي هذه الأيام تخرج النساء كثيرا من بيوتهن، ويتنزّهْنَ مثل الرجال، والأطفال، وكذلك يخرجن من منازلهن لأسباب غير ضرورية، فهل يمكن أن يقال: إن خروجهن بهذه الصورة معصية لله؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ففي قوله تعالى في الآية "وقرن" قراءتان متواترتان: الأولى: بفتح القاف، والثانية بكسرها: فالكسر من الوقار، والفتح من القرار فيه والمكث، وهما معنيان صحيحان. ومعنى الآية على ظاهرها: الأمر بالوقار في البيت ولزومه وعدم الخروج. وجاء حديث في المعنى نفسه يدل على لزوم البيت وعدم الخروج للحج: فقد أخرج أحمد في المسند (2/476) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما حج بنسائه -حجة الوداع- قال: "إنما هي هذه الحجة، ثم الزمن ظهور الحصر". قال محقق المسند في الحديث: إسناده حسن (15/476-477) والحصر: بضم الحاء والصاد جمع حصير، والمراد لزوم البيت. وفي رواية أخرى لأحمد قال الراوي: فكن يحججن إلا سودة بنت زمعة، وزينب بنت جحش، فإنهما كانتا تقولان: والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وكذا رأت أم سلمة، فكانت تقول: لا يحركني ظهر بعير حتى ألقى النبي -صلى الله عليه وسلم-[فتح الباري (7/108) ] . لكن اختلف أهل العلم في معنى الحديث السابق: فبعض العلماء فسره: بأن المراد: الحج الواجب مرة في العمر فقط، وليس عليهن حج واجب بعد ذلك. وبعضهم حمله على النهي عن تكرار الحج لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد فهم ذلك من أزواجه: سودة بنت زمعة، وزينب بنت جحش، وأم سلمة -رضي الله عنهن- وكذلك فهمه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فمنعهن من الحج أول خلافته، إلا أنه عدل عن هذا في آخرها. واختلاف أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخروج للحج وعدمه يدل على أن النص غير صريح في النهي، وإلا لما وقع خلاف. وجاءت أحاديث أخر تبين جواز الخروج من المنزل، وهي بمجموعها تدل على أن معنى الآية: أن الخروج منهي عنه عند عدم الحاجة، وليس النهي عن الخروج مطلقا، أو أن المقصود بها: أن الأمر بترك الخروج للندب والاستحباب، لا للوجوب، ومن هذه الأحاديث: 1- عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها" رواه البخاري (5238) ، ومسلم (442) . وفي لفظ عند البخاري (865) قال: "إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن"، وفي لفظ عند مسلم: "لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنوكم".

قال الشنقيطي -رحمه الله-: الذي يظهر لي في هذه المسألة أن الزوج إذا استأذنته امرأته في الخروج إلى المسجد وكانت غير متطيبة، ولا متلبسة بشيء يستوجب الفتنة.. أنه يجب عليه الإذن لها، ويحرم عليه منعها للنهي الصريح منه –صلى الله عليه وسلم- عن منعها من ذلك، وللأمر الصريح بالإذن لها، وصيغة الأمر المجردة عن القرائن تقتضي الوجوب،.. وصيغة النهي كذلك تقتضي التحريم وقد قال تعالى: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [النور:63] وقال –صلى الله عليه وسلم-: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه" إلى غير ذلك من الأدلة ... فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه لما حدث عن النبي –صلى الله عليه وسلم- بالحديث الذي ذكرنا عنه في أمر الأزواج بالإذن للنساء في الخروج إلى المساجد، وقال ابنه: لا ندعهن يخرجن. غضب، وشتمه، ودفع في صدره منكراً عليه مخالفته لأمر النبي –صلى الله عليه وسلم-، وذلك دليل واضح على اعتقاده وجوب امتثال ذلك الأمر بالإذن لهن. 2-وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله: هل على النساء من جهاد؟! قال: "نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" رواه أحمد (24158) وابن ماجه (2901) ، قال المجد في المنتقى: إسناده صحيح، وقال ابن القيم: إسناد على شرط الصحيحين. -وأخرج البخاري (1520) عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قلت يا رسول الله: نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟! فقال: "لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور". قال ابن حجر: قال ابن بطال: زعم بعض من ينقص عائشة في قصة الجمل أن قوله تعالى: "وقرن في بيوتكن" يقتضي تحريم السفر عليهن. قال: وهذا الحديث يرد عليهم؛ لأنه قال: "لكن أفضل الجهاد "، فدل على أن لهن جهادا غير الحج، والحج أفضل منه أهـ. ويحتمل أن يكون المراد بقوله: "لا"، في جواب قولهن: ألا نخرج فنجاهد معك، أي: ليس ذلك واجبا عليكن، كما وجب على الرجال، ولم يرد بذلك تحريمه عليهن، فقد ثبت في حديث أم عطية أنهن كن يخرجن فيداوين الجرحى، وفهمت عائشة ومن وافقها من هذا: الترغيب في الحج وإباحة تكريره لهن، كما أبيح للرجال تكرير الجهاد، وخص به عموم قوله: "هذه ثم ظهور الحصر"، وقوله تعالى: "وقرن في بيوتكن"، وكأن عمر كان متوقفا في ذلك ثم ظهر له قوة دليلها، فأذن لهن في آخر خلافته، ثم كان عثمان بعده يحج بهن في خلافته أيضا، وقد وقف بعضهن عند ظاهر النهي كما تقدم، وقال البيهقي: في حديث عائشة هذا دليل على أن المراد بحديث أبي واقد وجوب الحج مرة واحدة كالرجال، لا المنع من الزيادة، وفيه دليل على أن الأمر بالقرار في البيوت ليس على سبيل الوجوب. 3- وفي الحديث للمحدة: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" رواه مالك (2/591) ، وأبو داود (2300) ، والترمذي (1204) ، والنسائي (3532) ، قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- وغيرهم، لم يروا للمعتدة أن تنتقل من بيت زوجها حتى تنقضي عدتها.

فدل هذا الحديث على جواز الخروج بعد انتهاء العدة وقبل العدة. 4- قال ابن القيم في زاد المعاد (5/692-693) : وقد ذكر عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، قال: قال مجاهد: استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلن: إنا نستوحش يا رسول الله بالليل فنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا تبددنا في بيوتنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن، فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة إلى بيتها"، وهذا وإن كان مرسلا، فالظاهر أن مجاهدا، إما أن يكون سمعه من تابعي ثقة أو من صحابي، والتابعون لم يكن الكذب معروفا فيهم، وهم ثاني القرون المفضلة، وقد شاهدوا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذوا العلم عنهم، وهم خير الأمة بعدهم، فلا يظن بهم الكذب على رسول الله -صلى الله عليه سلم- ولا الرواية عن الكذابين، ولا سيما العالم منهم إذا جزم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالرواية وشهد له بالحديث، فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر، ونهى، فيبعد كل البعد أن يقدم على ذلك مع كون الواسطة بينه وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذابا، أو مجهولا، وهذا بخلاف مراسيل من بعدهم، فكلما تأخرت القرون ساء الظن بالمراسيل، ولم يشهد بها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالجملة فليس الاعتماد على هذا المرسل وحده وبالله التوفيق. ولهذه الأحاديث اشترط بعض العلماء للخروج الضرورة، وبعضهم اشترط الحاجة، وهو الصحيح مع اشتراط الاحتشام، وترك الزينة، والطيب، وكل ما يدعو إلى الفتنة. وجاء في فتاوى العلماء المعاصرين للمحدة على زوجها المأمورة بالبقاء في بيتها: جواز خروجها منه حتى للحاجة، وقد أفتى بذلك ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله- وابن جبرين -حفظه الله- ومن الحاجات التي نصوا عليها: التدريس، والدراسة، وشراء الحاجات من السوق إن لم يوجد من يشتري لها، والاستطباب. قلت: فخروج المرأة للحاجة في غير زمن الإحداد من باب أولى. والله تعالى أعلم.

إجهاض الجنين استنقاذا لحياة أمه

إجهاض الجنين استنقاذاً لحياة أمه المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/11/1426هـ السؤال أفتونا أثابكم الله في امرأة مريضة حملت وهي الآن في شهرها الثالث، وتستخدم أدوية لمرضها، وهي لا تستطيع إيقاف الدواء لأن ذلك يؤثر علي صحتها، واستخدامه قد يشوه الجنين، وقد نصح بعض الأطباء بإنزال الجنين، فما قول فضيلتكم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا قرر الأطباء المختصون أن الحامل لا يمكنها إيقاف الدواء لتضررها بذلك وعدم إمكان تأخيره إلى الولادة، وقرروا أيضاً أن استخدامه يؤثّر على الجنين تأثيراً بالغاً، وكان الحمل أقل من أربعة أشهر، فأرجو أن لا حرج في إجهاض الحمل وإنزال الجنين؛ احتمالاً للضرر الأخف لدفع ضرر أكبر. أما لو أمكن تأخير الدواء، أو كان الحمل قد تجاوز أربعة أشهر، فلا يجوز إجهاضه إلا إذا كان بقاء الحمل يؤدي لوفاة الأم أو ضررها. ولذا فالفتوى معتمدة على ما يقرره الأطباء المختصون الثقات حسب التفصيل السابق. والله الموفق.

كفالة بأجرة!

كفالة بأجرة! المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/01/1427هـ السؤال استأجر أحد العمال محلاً بماله الخاص، وطلب مني أن أكون كفيله، بشرط أن يعطيني 500 ريال شهرياً، وهو راضٍ، علماً أنه يتكفل بمبلغ نقل الكفالة وتجديد الإقامة والكهرباء والهاتف، فهل هذا العمل جائز؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا من التستر الممنوع نظاماً، وبالتالي لا يجوز شرعاً؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم". [النساء: 59] . وما دام ولي الأمر منع ذلك فلا يجوز التستر على العمالة، ويلزم إعطاؤهم ما تم الاتفاق عليه معهم، وإذا أعطيتهم زيادة على ذلك فلا حرج، سواء كان نسبة أو غيرها، لكن دون أن يكون العمل لهم؛ لأن في ذلك مساوئ كثيرة، وأضراراً على البلاد والعباد، وتضييقاً على المواطنين الذين يبحثون عن الأعمال، ثم إن مبلغ نقل الكفالة على الكفيل الجديد حسب الأنظمة، فكيف تحمِّله العامل، وليس رضاه مبرراً للوقوع في المحذور، وفقك الله لطيب المطعم، وتقبل منا ومنك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل كان علي -رضي الله عنه- أحق بالخلافة؟

هل كان علي -رضي الله عنه- أحق بالخلافة؟ المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/03/1427هـ السؤال هل اغتصب كلٌ من أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان -رضي الله عنهم- حق الخلافة من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وما مدى صحة هذا القول؟ وهل أخطأ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عندما أحرق بالنار؟ وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يعذب بالنار إلا رب النار"؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ثبتت الخلافة لأبي بكر الصديق بالنص، كما في حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: أتت امرأة النبي -صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن ترجع إليه. قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك؟ كأنها تريد الموت، قال: "إن لم تجديني فأتي أبا بكر". أخرجه البخاري (7220) ، ومسلم (2386) . وفي الحديث الآخر عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه: "ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر". أخرجه البخاري (5666) ، ومسلم (2387) . وفي رواية عند أحمد (23608) : "لكيلا يطمع في أمر أبي بكر طامع". وأحاديث أخرى، وفيها فضله على بقية الصحابة، مثل: "لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت ابن أبي قحافة خليلاً ولكن صاحبكم خليل الله". صحيح البخاري (467، 3656) ، وصحيح مسلم (532، 2383) . وغير هذا كثير من النصوص التي يفهم منها أن أبا بكر هو الخليفة بعد رسول الله، وتقديمه في الصلاة من أوضح ذلك. أما عمر فأيضاً منصوص على خلافته بعد أبي بكر، وذلك مستنبط من مثل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر". أخرجه أحمد (222161) ، والترمذي (3662، 3805) ، وابن ماجة (97) . ولكون عمر أفضل الأمة بعد أبي بكر وهذا في نصوص كثيرة جداً، مثل حديث نزع الدلو من القليب. صحيح البخاري (3682) ، وصحيح مسلم (2393) . وحديث التحديث. صحيح البخاري (3469) ، وصحيح مسلم (2398) . وتثبت الخلافة له أيضاً بتفويض أبي بكر. وأما عثمان فلفضله بعد عمر، ولاختيار علي له وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وتقديم كل الصحابة له في الخلافة والأحاديث كثيرة في بيان فضله بعد عمر. وأما علي فلمبايعة الناس له، لأنه في الفضل بعد عثمان في أحاديث كثيرة. فلم يغتصب أحد من هؤلاء الأربعة الخلافة، إنما قال من قال ذلك بناء على تصوره الفاسد في صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وردهم للنصوص الشرعية، وما اتفق عليه الصحابة أنفسهم وأقروه وأحبوهُ وخاصة الأربعة في بعضهم. وعلي -رضي الله عنه- آخر الخلفاء خلافة نبوة، ومعاوية أول الخلفاء في الملك. أي أنه أول ملك من ملوك الإسلام. واجتهد علي في تحريق الزنادقة بالنار، لأنهم مرتدون ومستحقون ذلك، والمسألة خلافية بين الصحابة، فمنهم من أجازها ومنهم من لم يجز التحريق بالنار. وكذلك في القصاص. وعلي -رضي الله عنه- مجتهد في ذلك وقد فهم أنه جائز، ولا نقول: أخطأ خطأ يؤاخذ به، ويؤثر في منزلته وفضله وعلمه. والله أعلم.

هل يقع هذا ظهارا؟

هل يقع هذا ظهاراً؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/01/1427هـ السؤال أنا شاب متزوج، علاقتي بزوجتي جيدة، ولكنها حين تغضب مني تفقد أعصابها، وتنهال بالدعاء عليَّ، وفي إحدى المرات ازداد دعاؤها قسوة حتى وصل إلى اللعنة، فغضبت وقلت لها: (إذا دعوتِ عليَّ مرة أخرى فستحرمي عليَّ كما تحرم عليَّ أمي، وتكوني طالقًا، لكني لم أتلفظ بكلمة طالق، وإنما كتمتها، ولم تكن نيتي طلاقها أو تحريمها، بل لردعها عن عمل قد يهدم حياة سعيدة. لكنها دعت عليَّ مرة أخرى، فهل يعد هذا ظهاراً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فذهب جمهور العلماء إلى أن الظهار يصح معجلاً أو معلقاً بشرط. انظر: المبسوط (6/232) ، مواهب الجليل (4/52) ، شرح الزرقاني (3/230) ، المحرر (2/90) ، الإقناع (3/586) ، المبدع (8/40) ، التنبيه (186) ، المهذب (2/113) . فعلى هذا يكون ما حصل منك ظهاراً، وتلزمك الكفارة المنصوص عليها في قوله تعالى: "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم" [المجادلة:2-3] . ولا يحل لك وطؤ زوجتك حتى تُكفَّر؛ للآية السابقة، ولقوله -صلى الله عليه وسلم- للمظاهر: "لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به". رواه الترمذي (1199) ، والنسائي (3457) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وقال الترمذي: حسن غريب صحيح. كما حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/433) . أما ما يتعلق بالطلاق، فبما أنك لم تتكلم به فلا شيء عليك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به" رواه البخاري (6664) ، ومسلم (127) ، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وقال الترمذي بعد روايته هذا الحديث برقم (1183) ما نصه: والعمل على هذا عند أهل العلم أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيءٌ حتى يتكلم به. أ. هـ. وانظر: نيل الأوطار (6/290) . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

زيادة (حي على خير العمل) في الأذان!

زيادة (حي على خير العمل) في الأذان! المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/02/1427هـ السؤال في بلادنا يُؤذَّن في بعض المساجد بزيادة (حيّ على خير العمل) فما حكم ذلك، وما الوارد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد اتفق الفقهاء الأربعة على أن (حي على خير العمل) ليس من الأذان، ولا قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في نيل الأوطار (2/19) : إن الفقهاء الأربعة لا يختلفون في أن (حي على خير العمل) ليس من ألفاظ الأذان. وقد بيَّن ابن تيمية أن بعض السلف كان يقولها لسبب، ففي كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه (23/103) أن (حي على خير العمل) لم يكن من الأذان الراتب، وإنما فعله بعض الصحابة لعارض تحضيضاً للناس على الصلاة. وفي المحلى لابن حزم (3/160) : وقد صحَّ عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقولون في أذانهم (حي على خير العمل) ، ولا نقول به؛ لأنه لم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا حجة في أحد دونه. وأيضاً في فتاوى ابن تيمية في الفقه (35/137) بين أن ذلك شعار الرافضة، فقال: وفي دولة المستنصر كانت فتنة البساسري في المائة الخامسة سنة خمسين وأربعمائة لما صار البساسري خارجًا عن طاعة الخليفة بأمر الله العباسي، واتفق مع المستنصر العبيدي، وذهب بجيش إلى العراق، وأظهروا في بلاد الشام والعراق شعار الرافضة؛ كما كانوا قد أظهروها بأرض مصر، وقتلوا طوائف من علماء المسلمين وشيوخهم (كما يفعلون الآن في العراق) ؛ كما كان سلفهم قتلوا قبل ذلك بالمغرب طوائف، وأذنوا على المنابر (حي على خير العمل) حتى جاء الترك السلاجقة الذين كانوا ملوك المسلمين؛ فهزموهم وطردوهم إلى مصر. ا. هـ.

يعمل في بنك ربوي فهل أهجره؟!

يعمل في بنك ربوي فهل أهجره؟! المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/05/1427هـ السؤال لي صديق من المقربين، يعمل في مؤسسة ربوية (البنك) علما أن هذه المؤسسة مالها حرام، أي أن الموظفين مداخيلهم الشهرية من هذا المال! هل يجوز لي أن أصاحب هذا الصديق؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالنصيحة هي: أنك تستمر في دعوته ونصيحته لترك العمل في المؤسسة الربوية، وتبين له "أن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ملعونون" من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن آكل الربا محارب لله ورسوله ماله ممحوق البركة، ودعاؤه مردود عليه، وإذا مات على ما هو عليه كان في قبره في نهر من دم يسبح فيه ويلقم الحجارة، وإذا قام يوم القيامة لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس كالمصروع -نسأل الله العافية-. إن الربا من أخبث المكاسب التي تدخل جوف ابن آدم ولا يجوز للمؤمن أن يكون عونا عليه، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ولا بأس أن تهجره بسبب هذه المعصية عَلَّ ذلك ينفع معه، فإن أصر واستمر على غَيِّه ولم تكن له أي حجة إلا اتباع الهوى فإنه يجب عليك أن تبغضه في الله لهذه المعصية العظيمة، مع أنك تحبه للإسلام فإن الشخص الواحد قد يجتمع فيه من أسباب الولاء والمحبة وأسباب البراء والبغض ما يجعله يحب من وجه ويبعض من وجه. وهذا على المذهب الحق من مذهب أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح. وبعد هذا فإن أصر على ما هو عليه، فإني لا أرى لك أن تصادقه وتجعله من أصحابك وخلانك، ولا مانع من إبقاء العلاقة العامة معه لأجل النصح، ولما له من صفات حميدة أخرى، مع تعاهده بالتذكير بين حين وآخر وتنويع ذلك بالأساليب المناسبة المؤثرة مرة بكلمة ومرة بزيارة ومرة بشريط وتستغل المناسبة الملائمة قال صلى الله عليه وسلم: "وكونوا عباد الله إخوانا" أخرجه مسلم (2564) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وقال صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة". قلنا: لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" أخرجه مسلم (55) من حديث تميم الداري رضي الله عنه. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل الاستهزاء بالرسول إشارة لنصر قريب!

هل الاستهزاء بالرسول إشارة لنصر قريب! المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/04/1427هـ السؤال لقد سمعت مرات عديدة أنه إذا استهزئ بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك يعد إشارة لنصر قريب للمسلمين. هل هناك أي دليل على هذا؟ الجواب لا يوجد نص قاطع في هذه المسألة، إنما هناك إشارات والإشارة -إشارة النص- قد يعمل بها العلماء إذا لم تعارض صريحه، من هذه الإشارات قوله جل وعلا: "إنا كفيناك المستهزئين" [الحجرك95] . وهؤلاء أناس استهزؤوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فدعا عليهم فأهلكهم الله جميعاً. ومن هذه الإشارات "إن شانئك هو الأبتر" [الكوثر:3] . أي المقطوع والمبتور، وهو مبتور البركة، مقطوع النسب، ومن هذه الإشارات "فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم" [البقرة:137] . هذه إشارات تدل على أن المستهزئ بالنبي صلى الله عليه وسلم سيهزم، وأنه يكفى شره وهمه، وبالتالي فالمسألة فيها إشارات وليست فيها نصوص، ومع ذلك -والحمد لله- نشاهد أن هؤلاء الذين استهزؤوا أدوا إلى تجمع المسلمين وإلى توحيد صفوفهم من الشرق إلى الغرب، ومن الجنوب إلى الشمال، وهذه ظاهرة من بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوجها بالنصر المؤزر والفتح المبين.

هل لزوجتي حق في بيت مستقل؟!

هل لزوجتي حق في بيت مستقل؟! المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/04/1427هـ السؤال كنت أعيش مع زوجتي في بيت مستقل حتى فقدت وظيفتي، فاضطررت للإقامة مع والدي في بيته حتى أجد عملاً. وزوجتي حامل الآن، وتقول: إنها لا تستطيع أن تعيش معي في بيت والدي، وقد ذهبتْ وسكنتْ مع أمها في مدينة أخرى. فما هي حقوقها الشرعية؟ وهل لها الحق في عدم الإقامة معي في بيت والدي مع ما أعانيه من ظروف مالية صعبة. أريد معرفة الحقوق الشرعية لكل واحد منا في مثل ظروفي الحالية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعليك أخي الكريم أن تؤمن لها بيتاً مستقلاً، لأن هذا حق من حقوقها الشرعية عليك، فإن لم يتيسر لك ذلك لظروفك الخاصة، فيمكنك أن تتركها عند والدتها وتذهب إليها كل فترة، لأداء حقها ورعاية أحوالها. وأحذرك أخي الكريم أن تجبرها على السكن مع أهلك، واعمل على الإصلاح بين أهلك وزوجتك، والزوج الحصيف العاقل هو الذي يستطيع ذلك -بإذن الله-. وعليك بالرفق في أمورك، والحلم والصبر على زوجتك، لأن "المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته". وفي رواية: "وكسرها طلاقها"، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- صحيح البخاري (3331) ، ومسلم (1468) . واحرص على بذل الأسباب للحصول على بيت يجمعك بزوجتك، وتذكر قوله تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [الطلاق:2-3] . وفقك الله لكل خير، ويسر لك أمرك، وأصلح أحوالك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

السلم في النقدين

السَّلَم في النقدين المجيب د. توفيق بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بتبوك التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/05/1427هـ السؤال هل يجوز السلم في الذهب، والفضة، والدراهم، والدنانير. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالسَّلَم جائز في الدنانير، والدراهم، إذا سلم فيهما عرضا; لأنهما وزن معلوم, فهو حلال بنص كلامه عليه الصلاة والسلام، وقال فريق من أهل العلم: لا يصح في الدراهم والدنانير إذ هي ثمن الأشياء. وما نعلم لهم حجة أصلا. وجائز أن يسلم البر في دقيق البر, ودقيق البر في البر, متفاضلا، وكيف أحب الطرفان، وكذلك الزيت في الزيتون، والزيتون في الزيت، واللبن في اللبن, وكل شيء حاشا الذهب في الفضة أو الفضة في الذهب، فلا يحل أصلا، أو التمر, والشعير, والبر, والملح، فلا يحل أن يسلف صنف منها, لا في صنفه ولا في غير صنفه منها خاصة, وكلها يسلف فيما ليس منها من المكيلات والموزونات, وحاشا الزرع أي زرع كان, فلا يجوز تسليفه في القمح أصلا, وحاشا العنب والزبيب، فلا يجوز تسليف أحدهما في الآخر كيلا, ويجوز تسليف كل واحد منهما في الآخر وزنا. والدليل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" صحيح البخاري (2239) ، (2241) ، وصحيح مسلم (1604) . فلم يستثن عليه الصلاة والسلام من ذلك شيئا, حاشا الأصناف المذكورة فقط. وذهب فريق من أهل العلم إلى أنه يصح في الذهب، والفضة، والنحاس، والرصاص، والحديد، ولو مصنوعة ما لم يعظم التفاوت، ويذكر المجوف والمصمت ولا يصح في المحشو لجهالته.

يعمل في شركة تروج للدخان

يعمل في شركة تروِّج للدخان المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/03/1427هـ السؤال أعمل بمكتب تخليص أوراق واعتمادات مالية، والمشكلة أن عمل المكتب الأساس هو مع شركات الدخان، ويريد أن يأخذ توكيلاً لإحدى الشركات الأمريكية الكبرى في تجارة الدخان، فهل عملي بالمكتب حلال أم حرام؟ علما أن عملي المراسلة، وتخليص الأوراق لمدير الفرع الذي لا يعمل معه أحد غيري. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد: فإن الدخان فيه خلاف مشهور بين العلماء المعاصرين، ما بين محرم له لأضراره المعلومة، وما بين من يرى كراهته ولا يصل إلى درجة التحريم، ونتيجة هذا الخلاف تحدد حكم معاملتك. والذي نراه قوة أدلة القائلين بالتحريم، وعليه عدم جواز التعاون في هذا المجال؛ فإن مشاركتك في تخليص البضائع هو تعاون على ذلك. وعليه فلا يجوز لك أن تتعاون على تخليص الأمور المحرمة؛ لأنه تعاون على الإثم، وقد قال المولى سبحانه: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة:2] . لاسيما إذا كان أمراً مكرراً، ومع وجود عمل بديل، ومن ترك أمراً لله عوضه الله خيراً منه. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

من هم الصابئة؟!

من هم الصابئة؟! المجيب د. عبد العزيز بن عمر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/01/1427هـ السؤال من هم الصابئة، وهل تنتمي هذه الفئة إلى الإسلام، ولماذا ذكرت في القرآن؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فبالنسبة لطائفة الصابئة فهي طائفة تنقسم إلى قسمين: 1- الصابئة الحرّانيون: وهذه الطائفة هي التي أُرسِل إليها الخليل إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- وهم عبادُ أوثان يعبدون الكواكب، وكان لها بيوت (هياكل) عبادةٍ، ومن وإلى هؤلاء انتسب الفلاسفة الملاحدة القائلون بتأثير الكواكب على أهل الأرض. 2- الصابئة المندانيون: وهؤلاء هم الباقون اليوم، ويعتبرون النبي يحيى بن زكريا -على نبينا وعليه السلام- نبياً لهم، ولم ينس هؤلاء أيضاً تقديس الكواكب والتوجه إليها، ويعتبر الاتجاه نحو نجم القطب الشمالي والتعميد الذي عند النصارى من أهم طقوسهم، وقد أجاز أغلب الفقهاء أخذ الجزية منهم، وقاسوهم بأهل الكتاب. كما يدعي الصابئة المندانيون بالذات أن دينهم يرجع إلى آدم -عليه السلام- كما ينتسبون إلى سام بن نوح، ويعتبرون أنفسهم ساميين، وكانوا يُقيمون في القدس، وبعد الميلاد طُردوا من فلسطين، فهاجروا إلى حران بالعراق، وهناك ظهرت الصابئة الحرانية الوثنية متأثرة بالوثنيات في تلك الأحياء، ومن حران هاجروا إلى جنوب العراق وإيران، ولا يزال لهم وجود إلى اليوم، ويعرفون هناك بصابئة البطائح، ولهم كتبٌ بالسريانية، ويعتقدون بوجود الإله الخالق الأزلي الذي لا تناله الحواس، غير أنهم يجعلون بعد هذا الإله ثلاث مائة وستين شخصاً يخلقون ويفعلون أفعال الإله، هؤلاء الأشخاص ليسوا آلهةٌ ولا ملائكة، هم الذين يعلمون البرق والمطر والشمس والليل، وكل واحدٍ من هؤلاء يعلم الغيب وله مملكته الخاصة به في عالم الأنوار، كما يعتقدون أن مسكن هؤلاء الأشخاص في الكواكب ولهذا يقدسون الكواكب، ولهم صلاة يؤدونها قبيل الشروق وعند الزوال وقبيل الغروب، ويستحبونها جماعة في أيام الآحاد والأعياد، هذه الصلاة فيها وقوفٌ وركوع وجلوس على الأرض، لكن من دون سجود، تستغرق هذه الصلاة أكثر من الساعة، يتوجَّه المصلي تجاه الجدي بلباسه الطاهر حافي القدمين، يتلو فيها سبع قراءات يمجد فيها الرب مستمداً منه العون طالباً منه تيسير اتصاله بعالم الأنوار. والصابئة يحرِّمون الصيام؛ لأنه تحريم لما أحلَّ الله، لكنهم يمتنعون من أكل اللحوم المباحة لمدة ستة وثلاثين يوماً متفرّقة طوال السنة، والطهارة مفروضة على الذكر والأنثى سواء بلا تمييز، وتكون الطهارة في الماء الجاري غير المنقطع عن مجراه الطبيعي، لذا تجد أن سكناهم يكون بجوار الأنهار، ولهم وضوء يشبه الوضوء عند المسلمين في صلاتهم، غير أن المتوضئ يجب أن يكون متوجهاً نحو نجم القطب الشمالي، وللوضوء مفسدات كالبول والغائط والريح ولمس الحائض والنفساء. وقد ورد ذكر الصابئة في القرآن الكريم مقروناً باليهود والنصارى والمجوس والمشركين، وقد تأثر الصابئة باليهود والنصارى والمجوس أكثر من غيرهم.

يعمل غالبيتهم في العراق في صياغة الفضة والساعات والأواني والقوارب والخناجر والحدادة، وتكاد تنحصر هذه الصناعة فيهم، وليس لديهم أي طرح سياسي، والحمد لله.

إعمال المصالح المرسلة في العبادات

إعمال المصالح المرسلة في العبادات المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/02/1427هـ السؤال هل المصلحة المرسلة تشمل العبادات؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الاستصلاح أو المصلحة المرسلة نوع دقيق من أنواع الاجتهاد، وباب واسع من أبواب الرأي. وهذا الرأي ليس رأياً مجرداً عن الدليل، بل هو مقيد بضوابط، وذلك أن المصلحة المرسلة لا تعتبر حجة إلا إذا كانت مندرجة تحت مقاصد الشريعة، محققة لها. ومن هنا يمكن أن نقول: إن المصلحة المرسلة لا مدخل لها في التعبدات المحضة، كأفعال الصلاة وأفعال الحج وأنصبة المواريث ومقادير الكفارات والعدد والحدود. فجميع هذه المسائل تعبدية توقيفية، لا مجال فيها للرأي، ولا مدخل فيها للاجتهاد. إلا أن الاستصلاح ربما يقع في بعض العبادات، لكنه إنما يقع في وسائلها المطلقة لا في ذات العبادة وأصلها، ولا يقع أيضاً في وسائلها التوقيفية التي ورد بها الشارع. ومن الأمثلة على ذلك أن استقبال القبلة ودخول الوقت أمور تعبدية لابد من تحقيقها بالنسبة إلى الصلاة، وقد يستعان في معرفة القبلة بالبوصلة أو غيرها، وبالساعة في معرفة وقت الصلاة، فكل هذا من قبيل الوسائل التي أطلقها الشارع، وتندرج تحت قاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به) . ومن ذلك أيضاً: إنشاء طابق ثان للطواف والسعي والصلاة في المسجد الحرام، ومثل إنشاء جسر متعدد الأدوار للجمرات. وإذا تأملنا ما ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- في المصلحة المرسلة وجدناه في أحد بابين: إما في أمور ليست من قبيل العبادات، وإنما هي مصالح عامة وأمور عادية، مثل تدوين الدواوين وتضمين الصناع، وإما في أمور تتعلق بالعبادة لكنها من قبيل الوسائل التي لا يتحقق مقصود الشارع إلا بها، كجمع القرآن وكتابة السنة المطهرة. وبهذا يظهر الفرق جلياً بين الاستصلاح والابتداع، حيث إن الابتداع إنما يكون في الأمور التعبدية. والله أعلم.

هل الأذان داخل المسجد بدعة؟!

هل الأذان داخل المسجد بدعة؟! المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/02/1427هـ السؤال ما حكم الأذان داخل المسجد وعلى مكبر الصوت؟، وهل هناك حديث أو أثر يدل على أن بلالاً -رضي الله عنه- كان يؤذن خارج المسجد؟ وإن وجد فهل يدل ذلك على بدعية الأذان داخل المسجد؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيعرِّف الفقهاء الأذان بأنه "الإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص"، فالحكمة من مشروعية الأذان إذاً هي إعلام الناس بدخول وقت الصلاة، وعليه فلابد من إبلاغ الأذان مسامع الناس، وأفضل الوسائل في الإعلام بدخول الوقت هو ما يستعمل في المساجد من هذا الجهاز الذي يبلغ به صوت المؤذن إلى أقصى قدر ممكن دون عناء للمؤذن، ودون خروجه خارج المسجد. وأما قبل هذا الجهاز فكان الناس يرتقون للأذان خارج المسجد، كما كان يفعل بلال -رضي الله عنه- لأن الارتقاء يحقق الحكمة من مشروعية الأذان، إذ لا إعلام بدون ذلك. روى أبو داود (519) والبيهقي (1/425) عن امرأة من بني النجار قالت: كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر فإذا رآه تمطى ... الحديث. والقاعدة لدى علماء الأصول أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدما، فالأذان إنما شرع لأجل إعلام الناس بدخول الوقت، فإذا كان الأذان عبر جهاز (ميكروفون) داخل المسجد أبلغ، فالأذان بداخله أولى؛ لأنه أبلغ في الإعلام وهذا هو المقصود بالأذان. ولهذا ذكر الفقهاء أنه يسن في المؤذن أن يكون صيِّتا، أي رفيع الصوت؛ لحديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أنه قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قم مع بلال فإنه أندى وأمد صوتاً منك، فألق عليه ما قيل لك وليناد بذلك". رواه أبو داود (499) ، والترمذي (189) وغيرهما.

هل يصح هذا الحديث؟

هل يصح هذا الحديث؟ المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/01/1427هـ السؤال هل هناك حديثٌ معناه: سيظل المؤمن ألف سنة في الجنة قبل أن يرى كل ما أُعِدَّ له من النِعَم؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا أعرف حديثاً صحيحاً بهذا المعنى، ولكن في الكتاب والسنة الصحيحة ما يدل على عظم نعيم الجنّة، وأنه فوق ما يظنّه الظانون، وأجل مما يتمنّاه المتمنون، كما قال تعالى: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون" [السجدة:17] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر". أخرجه الشيخان [صحيح البخاري (3244) ، وصحيح مسلم (2824) ] . كما أن أهل الجنّة يُزاد في نعيمهم وفي لذتهم، كما صحّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن في الجنة سوقاً، يأتونها كُلَّ جمعة، فتهب ريح الشمال، فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسناً وجمالاً. فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً". أخرجه مسلم (2833) . ومع هذا النعيم المقيم الأبدي، والذي هو شاملٌ لكل نعيم معنوي وحسِّي، فعلى المسلم أن لا يخشى من سأم النعيم في الجنة، لأنّ السأم يناقض التلذّذ بالنعيم، فهو يناقض أبدّية نعيم الجنّة الثابت في آيات كثيرة وأحاديث جمّة. ولذلك كان من دعاء أهل الجنة في الجنة: "الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب" [فاطر:34-35] ، فقد نزَّههم ربُّهم -عز وجل- عن كل صنوف الحزن، والتي منها الملل. نسأل الله لنا وللسائل الفوز بالجنة والنجاة من النار. والله أعلم والحمد لله على إفضاله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله.

هل تحل لي جائزة هذه المسابقة؟!

هل تحل لي جائزة هذه المسابقة؟! المجيب محمد الحسن الدَّدَوْ الداعية الإسلامي المعروف التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/02/1427هـ السؤال قبل عدة أشهر قمت بشراء سيارة من إحدى الوكالات، وعندما عملت الإجراءات الأخيرة فإذا بمندوب المبيعات يقول لي: وقِّع على أوراق الدخول في المسابقة، وأنا لم أكن أعلم بذلك تماماً، وبعد شهر أو شهرين إذا باتصال من الوكالة يخبرني بأنني فزت بجائزة قدرها (25 ألفاً) ، فما حكم هذه الجائزة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن هذا المال حلالٌ لك إذا كان أتاكَ من غير مسألة ولا استشرافِ نفس، ولا مشاركة في قمارٍ أو مَيْسرٍ. فمن المعلوم مِن الدِّينِ بالضرورة أن مَن وُهِب له مَالٌ هبَةً غير مشروطة مِن طرفٍ مَاضي التصرف في ماله مسلماً كان أو كافراً فهو حلال لهُ. وقد قبل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- هدية المقوقس ملك مصر. انظر معجم الطبراني الكبير (3497) ، والمستدرك (6901) ، والإصابة (6/297) . والله أعلم.

عشرة أسئلة حول ينساب

عشرة أسئلة حول ينساب المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/11/1426هـ السؤال مجموعة أسئلة عن ينساب. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد كنت كتبت فتوى بينت فيها جواز الاكتتاب في شركة ينساب، وقد ورد إلى الموقع استفسارات كثيرة جداً عن بعض النقاط المتعلقة بالفتوى، وفيما يلي أبرز هذه الأسئلة وإجاباتها: 1- هل سبقكم أحد إلى القول بجواز المساهمة في مثل هذه الشركة؟. نعم، فهذا هو رأي العلامة الشيخ محمد العثيمين، والشيخ عبد الله بن بسام رحمهما الله، وعليه العمل في معظم الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية، وأنصح الإخوة الذين اكتتبوا أن يحضروا الجمعية العمومية الأولى التي ستعقد بعد الاكتتاب مباشرة لحث المسئولين على التقيد بالضوابط الشرعية. 2- جاء في نشرة الإصدار أن الشركة وضعت أموالها بودائع ربوية، فهل يعد المساهم بذلك موكلاً للشركة بهذا التصرف؟ وهل يعتبر الاكتتاب إعانة للشركة على التعامل بالربا؟ لا يعد موكلاً لها بذلك. فالوكالة منتفية هنا؛ لأن هذا الإيداع سابق لإنشاء الشركة وللاكتتاب، وهو تصرف من شركة سابك -المؤسس الرئيس للشركة-.ولا يعد المساهم بذلك معيناً على التعامل بالربا؛ لأن الأموال التي وضعت في الودائع هي الأموال الخاصة بالمؤسسين، كما نصت على ذلك نشرة الإصدار. وأما أموال المكتتبين (المساهمين) ، فإنها توضع في حسابات جارية - (أي بلا فوائد) - لدى البنوك المستلمة، وحيث إن الشركة لم تتأسس إلى الآن، فسيتم ضم أموال المساهمين مع أموال المؤسسين وقت التأسيس -أي بعد التخصيص- ثم تصرف تلك الأموال في تنفيذ المشروع الذي بدأت به شركة سابك. 3- إذا كانت أموال المؤسسين قد حققت فوائد، فهذا يعني أن بعض موجودات الشركة محرمة، فهل يحرم الاكتتاب؟ لأن المساهم سيملك هذا الجزء المحرم. هذا غير صحيح؛ لأمرين: الأول: أن المساهم لا يملك موجودات الشركة، إذ إن من خصائص الشركة المساهمة أن لها شخصية اعتبارية مستقلة عن المساهمين، وموجوداتها ملك لها وليست ملكاً للمساهمين، والمساهم يملك أسهماً تعطيه حقوقاً في الشركة وليست حصة شائعة فيها، ولو قيل: إن الأسهم حصص شائعة في موجودات الشركة المساهمة لكانت أسهم البنوك الإسلامية أشد تحريماً من أسهم الشركات ذات النشاط المحرم؛ لأن أغلب موجودات البنوك الإسلامية نقود وديون، فالذي يبيعها إنما يبيع نقوداً وديوناً، وهو أمر لا يجوز، بل ويلزم على ذلك تحريم تداول أسهم أي شركة، إذ لا تخلو موجودات أي شركة من نقودٍ وديونٍ مقصودة فيها. والثاني: وعلى فرض أن موجودات الشركة مملوكة للمساهمين، فإن نسبة الجزء المحرم في الشركة لا يتجاوز واحد بالألف من أصولها (الفوائد 4.3 مليون، والأصول 5 مليار) وهذه النسبة ضئيلة جداً لا تقتضي تحريم السهم كله، بل يتخلص من الجزء المحرم منه ويبقى ما عداه مباحاً، فعلى هذا متى ما حصل المساهم على شيءٍ من إيرادات الشركة التي توزعها والودائع باقية بحالها فإنه يخرج واحد بالألف من تلك الإيراد، وبذا لايكون قد دخل ماله شيء محرم. 4- هل يفهم من الكلام السابق أن الربا اليسير مباح؟

حاشا لله من ذلك، فالربا محرم كله يسيره وكثيره، وإنما الإثم على المؤسسين والقائمين على الشركة، وأما المساهم الذي لم يرض بذلك فإنه لم يملك هذا الربا ولم يعن عليه؛ لأن الأسهم صكوك مالية تتأثر بالعرض والطلب لا بنشاط الشركة، وتداولها منفصل عن الشركة. 5-ذكرتم أن نسبة الربا في أموال المؤسسين واحد بالألف مع أنه ذكر في نشرة الإصدار أن نسبة الفائدة على أموال المؤسسين 4.85%. النسبة التي ذكرت في السؤال وهي 4.85% هي الفائدة السنوية المستحقة على أموال المؤسسين، إلا أن مدة بقاء هذه الأموال في الودائع إلى وقت التأسيس لا تتعدى بضعة أسابيع، فالفائدة المستحقة عليها خلال هذه الفترة لا تتجاوز واحداً بالألف. 6- هل صحيح أن نسبة الاستثمارات المحرمة 80% ونسبة الإيرادات المحرمة 100%؟ وبهذا لا تنطبق على الشركة المعايير التي يضعها المجوزون للشركات المختلطة. هذا الكلام غير صحيح، فإن الشركة لا تخرج عن المعايير التي يضعها القائلون بالمختلطة؛ لأمرين: الأول: أن من العلماء من يرى جواز المساهمة في الشركات المختلطة التي نشاطها في أغراضٍ مباحة بصرف النظر عن نسبة القروض أو الاستثمارات المحرمة التي عندها، ومن هؤلاء العلامة الشيخ محمد العثيمين والعلامة الشيخ عبد الله بن بسام رحمهما الله. والثاني: أن الهيئات الشرعية التي تضع معايير لاستثمارات الشركة وإيراداتها المحرمة تقصد من ذلك التأكد من أن الشركة لا تعتمد في دخلها على الاستثمارات النقدية المحرمة وإنما تعتمد على الأنشطة التشغيلية، وشركة ينساب لم تتأسس بعد فضلاً عن أن تكون قد بدأت نشاطها، وهذه المرحلة هي مرحلة تجميع الأموال للبدء في النشاط. فمعاملة الشركة تحت التأسيس بالشركة القائمة بمعيار واحد حرفية تدل على عدم فهم المقصود من هذا المعيار. ومع ذلك فإن استثمارات شركة ينساب وإيراداتها المحرمة لا تتعارض مع معايير الهيئات الشرعية؛ لأمور: 1-أن الإيرادات والاستثمارات المذكورة في نشرة الإصدار متوقعة في لحظةٍ زمنيةٍ قادمة، ومن المؤكد أن تلك التوقعات ستتغير بشكلً جذري قبل تلك اللحظة وبعدها، بينما معايير الهيئات الشرعية تتحدث عن بنودٍ محققة في فترة سابقة. 2- أن الشخص حين يكتتب فإنه يدفع المال مقابل أسهمٍ خاليةٍ تماماً من أي فائدة أو استثمار محرم؛ لأن أموال الاكتتاب هي زيادة في رأس المال، وليست شراءً لحصةٍ موجودة في شركةٍ قائمة. 3-أننا حين نقيم الشركة من الناحية الشرعية فإننا ننظر إلى الأموال التي تدفقت على خزينة الشركة خلال فترة معينة، والأموال المتدفقة على الشركة خلال فترة التأسيس منها خمس مليارات أموال مباحة –وهي رؤوس أموال المؤسسين والمساهمين- وتعادل تسعمائة وتسعة وتسعين بالألف من أموال الشركة، وأربعة ملايين –وهي فوائد على أموال المؤسسين- وتعادل واحد بالألف من أموال الشركة. 7- هل صحيح أن الشركة اقترضت من سابك مبلغ مليار ومائتي مليون ريال وسترد هذا القرض بفائدة تساوي عشرة ملايين ريال، وأن نسبة القرض المحرم 17%، ونسبة الفائدة إلى المصروفات 7.5%؟

هذا غير صحيح، فسابك بدأت بتنفيذ المشروع لصالح ينساب وستخصم تكلفة المشروع الذي نفذته من حصتها في الشركة الجديدة، فالعقد هنا ليس عقد قرضٍ أصلاً، ويدرج هذا التعامل في جميع الشركات تحت بند (ديون تجارية دائنة) ويدخل تحته عقود التوريد والمقاولات والبيوع الآجلة ونحوها من المديونيات. وفرق كبير بين القرض والدين، فالدين أعم من القرض، ولو اعتبر هذا قرضاً لحرمت جميع الشركات إذ لا تخلو أي شركة أو مؤسسة تجارية من ديون مستحقة. وأما العشرة ملايين فهي خدمة إسناد مستحقة للجهة المشرفة على تنفيذ المشروع فلا تكيف لاشرعاً ولا نظاماً ولا محاسبياً بأنها فوائد. وأما ما ذكر في السؤال من أن نسبة الفائدة إلى المصروفات 7.5% فهي مبنية على فهمٍ خاطئ، إذ يجب أن تنسب الفوائد المدفوعة –على فرض وجودها- إلى جميع المصروفات لا أن يقتصر على بندٍ واحدٍ من بنود المصروفات. فالشركة الجديدة ستدفع لسابك مليار ومائتي مليون ريال، فلو فرضنا أن العشرة ملايين ريال فوائد كما ذكر في السؤال –مع أنها ليست كذلك- فإن نسبة الفوائد 8.% أي أقل من واحد بالمائة. 8-هل صحيح أن الشركة ستأخذ تمويلاً من بعض البنوك بعد الاكتتاب بمقدار 13 مليار؟ نعم هذا صحيح، إلا أن هذا التمويل قد يكون بقروض تجارية، وقد يكون بمرابحات إسلامية، كما ذكر في نشرة الإصدار، ولن يكون هذا التمويل إلا بعد تداول أسهم الشركة بثلاثة أشهر. فعلى هذا لا بأس بالاكتتاب ولكن من أراد أن يبيع أسهمه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من بدء التداول فلا شيء عليه، وأما إن احتفظ بها إلى ما بعد ذلك فعليه أن يتابع وضع الشركة فإن كان التمويل الذي أخذته إسلامياً – وهذا هو المؤمل في القائمين على الشركة- فلا شيء عليه، وإن كان غير ذلك فقد يلزم المساهم أن يبيع أسهمه في ذلك الوقت وله ثمنها كله، ولا يلزمه إخراج شيء منها. وسيتم بيان نوع التمويل الذي أخذته الشركة في حينه على الموقع:www.shubily.com وإني لأرجو الله أن يكون جميع التمويل الذي ستأخذه الشركة تمويلاً إسلامياً، وأدعو القائمين على الشركة إلى تذكر الأمانة التي أنيطت في أعناقهم وأنهم سيحاسبون عليها يوم القيامة. 9- هل يجوز الاكتتاب باسم شخصٍ آخر؟ إذا كان ذلك على سبيل المشاركة كأن يقول: خذ هذا المال ولي نصف الربح ولك نصفه فيجوز، وأما إذا كان على سبيل المعاوضة كأن يقول، ساهم باسمك عني ولك ألف ريال، فلا يصح. 10- هل يجوز بيع الأسهم بعد طرحها للتداول؟ نعم، يجوز ذلك؛ لأن الأسهم صكوك متداولة، ولأن للشركة موجودات متعددة غير النقود، فقد بدئ بتنفيذ المجمع الصناعي منذ أكثر من سنة وما صرف فيه يزيد على مليار ومائتي مليون، فضلاً عن الحقوق المعنوية للشركة، ومنافع الموظفين فيها وقت التأسيس الذين يصل عددهم إلى المئات.

وختاماً فإني أوجه النصيحة لإخواني القائمين على الشركة بأن يتقوا الله في الأموال التي تحت أيديهم، وأن يبادروا بتحويل أموال المؤسسين إلى ودائع استثمارية موافقة للشرع، وأن يكون التمويل الذي ستحصل عليه الشركة تمويلاً إسلامياً، وقد كتبت مذكر تشتمل على مقترحات لصيغة تمويل شرعية وبعثت بها إلى المسئولين في الشركة من خلال موقع شركة سابك على الانترنت، فأرجو أن يعتنوا بهذا المقترح لعله يكون أنموذجاً لتمويل شرعي يفي بحاجة الشركة وتحذوها به الشركات الأخرى. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ورثوا من أبيهم أسهما في بنك ربوي

ورثوا من أبيهم أسهمًا في بنك ربوي المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/01/1427هـ السؤال توفي والدنا، واتضح لنا أن من ضمن أملاكه أسهماً بأحد البنوك بقيمة ملايين الريالات، فماذا نعمل بها؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالواجب على من يرث أسهماً ربوية أن يبادر ببيعها فوراً، لأن هذا من التخلص الواجب من أسباب الربا، ولعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في الأمة الزانية: "بيعوها ولو بضفير" صحيح البخاري (2154) ، وصحيح مسلم (1704) . والزنا والربا كلاهما من كبائر الذنوب. وأما قيمة الأسهم وما سبق من أرباحها فالأرجح -إن شاء الله- أنه يجوز للورثة الانتفاع بها إذا كانوا محتاجين، لعموم قوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف". [البقرة: 275] ، فنص على أن من باشر الربا ثم تاب فله أن ينتفع بما سلف من الربا الذي قبضه، ثم قال جل شأنه: "وأمره إلى الله" يريد -والله أعلم- إن ثبت على التوبة واستمر عليها ثبت له العفو عما سلف من الربا، وإن عاد إليه حوسب على الأول والآخر، كما تدل على ذلك النصوص الأخرى في هذا الباب. وإذا كان هذا في حق من باشر الربا بنفسه، فمن لم يباشره كالورثة من باب أولى. ومع ذلك يستحب للورثة أن يتصدقوا بما يتيسَّر لهم، خاصة إذا كانوا غير محتاجين للمال، كما يجب عليهم الدعاء لأبيهم بالمغفرة والرحمة والاجتهاد في ذلك. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلم.

الفتح على الإمام في الصلاة

الفتح على الإمام في الصلاة المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/01/1427هـ السؤال هل يشرع الفتح على الإمام؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالفتح على الإمام: هو أن ينسى الإمام ما يريد قراءته فيذكره المصلُّون. نعم يفتح على الإمام إذا ارتج عليه، ولم يتبين له ما يقرؤه، والأفضل أن لا تفتح عليه إلا إذا طال سكوته، ولم يتذكر ما نسيه من التلاوة؛ جاء في المغني لابن قدامة (1/395) : (إذا فتح على الإمام إذا ارتج عليه، أو ردّ عليه إذا غلط؛ فلا بأس به في الفرض والنفل، رُوي ذلك عن عثمان وعلي وابن عمر -رضي الله عنهم- وبه قال عطاء والحسن وابن سيرين وابن معقل ونافع بن جبير بن مطعم وأبو أسماء الرحبي وأبو عبد الرحمن السلمي، لما روى ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة فقرأ فيها فَلُبِسَ عليه، فلما انصرف قال لأبي بن كعب: "أصليت معنا؟ ". قال: نعم، قال: "فما منعك أن تفتح علي". رواه أبو داود، قال الخطابي: وإسناده جيد. وعن ابن عباس قال: تردد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القراءة في صلاة الصبح، فلم يفتحوا عليه، فلما قضى الصلاة نظر في وجوه القوم، فقال: "أما شهد الصلاة معكم أبي بن كعب؟ ". قالوا: لا. فرأى القوم أنه إنما تفقدَّه ليفتح عليه. رواه الأثرم. وروى مسور بن يزيد الكاهلي قال: شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الصلاة فترك آية من القرآن فقيل: يا رسول الله آية كذا وكذا تركتها، قال: "فهلا ذكرتنيها". رواه أبو داود والأثرم. ولأنه تنبيه لإمامه بما هو مشروع في الصلاة؛ فأشبه التسبيح) . ا. هـ. وفي سنن البيهقي الكبرى (3/212) عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة ... فذكر قوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بن كعب -رضي الله عنه- وعن أنس -رضي الله عنه- قال: كنا نفتح على الأئمة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلقن بعضهم بعضاً في الصلاة. والله أعلم.

فضيلة الجلوس بعد العصر في المصلى حتى الغروب!

فضيلة الجلوس بعد العصر في المصلى حتى الغروب! المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/02/1427هـ السؤال سؤالي عن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي فيه حثٌّ على الجلوس بعد صلاه العصر حتى تغيب الشمس، وكذلك الحديث الذي فيه الحثُّ على الجلوس لذكر الله حتى تطلع الشمس. فهل هذان الحديثان صحيحان؟ وإذا كانا صحيحين فهل يلزم الجلوس في المسجد؟ وهل يحصل الأجر إذا جلس المسلم -بعد أداء الفريضة في المسجد- في بيته في مكان منعزل يذكر الله ويقرأ القرآن؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ثبت في صحيح مسلم (670) عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ... الحديث. وهذا دال على فضيلة الجلوس في مكان صلاة الفجر حتى طلوع الشمس. كما جاءت أحاديث متعدِّدة في فضيلة ذلك، وبيان ما فيه من الأجر، ففي بعضها: "غفرت له ذنوبه"، وفي بعضها: "كان له حجاب من جهنم"، وفي بعضها: "كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة". وفي بعض هذه الأحاديث ذكر صلاة ركعتين أو أكثر بعد طلوع الشمس، وهذه الأحاديث اختلف أهل العلم في صحتها، فمنهم من قوَّاها وعضد بعضها ببعض، ومنهم من ضعَّفها، والذي أراه أنها ليست قوية، لكن الجلوس ثابت في حديث جابر بن سمرة السابق. وهو سنة وفضيلة ينبغي الحرص عليها. أما الجلوس بعد العصر حتى غروب الشمس، وصلاة المغرب أيضاً، فهو داخل في عموم الرباط، وقد ثبت في صحيح مسلم رقم (251) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ ". قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط". والظاهر أن الفضيلة في ذلك -بالنسبة للرجال- إنما تحصل إذا كان جلوسهم في المساجد، وليس في بيوتهم؛ لوجوب إقامة الجماعات في المساجد، ولأن هذا هو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي قوله: "كثرة الخطا إلى المساجد" ما يدل لذلك، فإنهم إنما رابطوا في المساجد. وأما النساء -ومن في حكمهن من المعذورين- فهذه الفضيلة تحصل بالجلوس في أماكن الصلاة. هذا ما ظهر لي في ذلك. والعلم عند الله تعالى.

الهبة لبعض الورثة مكافأة لجهودهم

الهبة لبعض الورثة مكافأة لجهودهم المجيب د. سعد بن تركي الخثلان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/2/1427هـ السؤال هل يجوز للموِّرث أن يهب أو يعطي أو يخصص لأحد الورثة -مقابل عمله وجهده- من بعض أملاكه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا يخلو أن يكون الورثة -المشار إليهم في السؤال- أولاداً أو غير أولاد، أما إن كانوا غير أولاد، كأن يكونوا إخوة مثلاً فله أن يخصَّ بعضهم بهبة أو عطية أو هدية أو غير ذلك؛ لأنه لا يجب العدل بينهم. أما إذا كان الورثة هم أولاده فلا يجوز تخصيص بعضهم بهبة أو عطية؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لوالد النعمان بن بشير لما أراد أبوه أن يخصه بهبة: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ " قال: لا. قال: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، وفي روايه: "أشهد على هذا غيري". وفي رواية: "فإني لا أشهد على جور". صحيح البخاري (2586) ، وصحيح مسلم (1623) ، وصحيح حبان (5106) ، وغيرهم. أما إذا كان بعض أولاده يعمل مع والده فإن هذا لا يقتضي تخصيصه، وإنما يعامل معاملة الأجنبي تماماً، فيعطيه ما يعطي الأجنبي من أجرة المثل لو قام بمثل عمله من غير محاباة. والله أعلم.

هل هذا عذر في تأخير الصلاة؟!

هل هذا عذر في تأخير الصلاة؟! المجيب د. نذير بن محمد أوهاب باحث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/01/1427هـ السؤال أنا طالب أدرس في استراليا، وعندما أكون خارج المنزل أو الجامعة ويدخل وقت الصلاة لا أجد مكاناً أصلي فيه، وأضطر لتأجيل الصلاة حتى أعود إلى المنزل، وأجمعها مع الصلاة التي في وقتها، وهذا يكون في الغالب. مثلاً يدخل وقت صلاة العصر فأضطر إلى تأجيل صلاة العصر حتى أعود إلى المنزل، وقد يكون وقت العودة وقت صلاة المغرب أو العشاء، فأجمع الصلوات مع بعضها، سؤالي هل عملي صحيح؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيقول الله تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً". [النساء:103] . وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة لوقتها". أخرجه البخاري (2782) ، ومسلم (85) . وتأخير الصلاة مشروط بعدم القدرة على الصلاة مطلقاً، والصلاة مع الإيماء، أو كيف ما يمكن أولى من تأخيرها حتى يخرج وقتها، فقد أخرج أبو داود (1249) في صلاة الطلب حديث عبد الله بن أنيس -رضي الله عنه- إذ بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى خالد بن سفيان الهذلي، قال فرأيته وحضرت العصر، فخشيت فواتها، فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومئ إيماء، قال الحافظ: إسناده حسن. وقد قال العلماء: إن تأخير النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة يوم الخندق لاشتغاله بأمر العدو، وكان هذا عذراً في تأخير الصلاة، قبل نزول صلاة الخوف، وأما اليوم فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها بسبب العدو والقتال ولا غيره، بل يصلي الصلاة على حسب الحال التي تتيسر له ولا يؤخرها. وعليه فلا يكون عملك صحيحاً، لأن هذا الذي وصفت -من كونك خارج البيت أو الجامعة- لا يعتبر اضطراراً يبيح لك تأجيل الصلاة، ولا إكراها؛ لأن الإكراه المعتبر في العبادات هو الخوف من قتل أو ضرب أو سجن أو قيد، فمن ترك الصلاة مكرهاً فلا إثم عليه، بل لا تجب عليه، ولكن من المؤكد أن الإكراه لا يتأتى على جميع أفعال الصلاة، فإذا تمكن من الطهارة سقط عنه ما لا يقدر على الإتيان به فقط، ويفعل ما يقدر عليه من نية وإحرام وقراءة، فعليك صلاتها أينما كنت، وكيفما تيسر لك، حتى ولو راكباً تومئ بها إيماء. وحكم الصلاة على الراحلة أو الحافلة حكم الصلاة في الخوف؛ في أنك تومئ بالركوع والسجود، وتجعل السجود أخفض من الركوع. قال جابر -رضي الله عنه- بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق والسجود أخفض من الركوع. رواه أبو داود (1227) ، والترمذي (351) . ثبتك الله على دينك وحفظه عليك وزادك إيماناً فسؤالك عن صلاتك دليل حرصك عليها، وعنوان إيمانك. والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الاكتتاب في شركة الدريس

الاكتتاب في شركة الدريس المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/12/1426هـ السؤال ما حكم الاكتتاب في شركة الدريس؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فمن خلال قراءة نشرة الإصدار الخاصة بالشركة تبين أن نشاطها في الخدمات البترولية والنقليات، وهو نشاط مباح، وليس على الشركة قروض أو أدوات دين. وللشركة ودائع بنكية تساوي 1% تقريباً من أصول الشركة، ولم توضح النشرة نوع تلك الودائع. وقد تضمنت نشرة الإصدار بعض المعاملات التي لا تتفق مع الضوابط الشرعية، فمن ذلك: حصول الشركة على تسهيلات بنكية مكشوفة برسوم (ص 107) ، ودخولها في عقود تأمين تجاري (ص106) ، والنص في نظامها الأساسي على جواز إصدار سندات قروض (ص100) ، ودفع رسوم لمدير الاكتتاب مقابل ضمان تغطية الاكتتاب (ص111) ، وهو غير جائز بناءً على قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 63 في دورته السابعة. ومن المؤمل أن يبادر القائمون على الشركة إلى تصحيح هذه المعاملات وفقاً للضوابط الشرعية. وبالنظر إلى نشاط الشركة وأن الأغلب في معاملاتها الإباحة فالذي يظهر هو جواز الاكتتاب فيها. والله أعلم.

لماذا يقتل المرتد

لماذا يُقتل المرتد المجيب خالد بن عبد العزيز السيف عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/04/1427هـ السؤال هناك من الغربيين من يتحرج من الدخول في الإسلام مخافة أن يرتد فيقتل!، فلماذا يقتل المسلمون المرتد عن الدين؟ كيف تريدون للناس أن يسلموا، ثم يظلوا على إسلامهم بالإكراه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فمن أهم ما يجب التركيز عليه في خطاب غير المسلم وصاحب الثقافة الغربية على وجه الخصوص، هو بيان وتوضيح أن الإسلام ليس ما يتمثله المسلمون، كما أن المسيحية ليست ما يتمثله المسيحيون، فالإسلام رسالة هداية، وشريعة ربانية ذات منظومة متكاملة في شؤون الدين والدنيا على جميع الصعد. ويخلط كثير من غير المسلمين في فهم الإسلام، إلى جانب اختزالهم الإسلام في طقوس، وشعائر ظاهرة، تبدو لغير المسلم أنها هي الإسلام فحسب، مع أن في هذا الاختزال تغييبا لكثير من معالم الدين وجواهره. إن الإسلام عقيدة وشريعة، والجانب العقدي فيه مقدم على الجانب التشريعي بل لا يمكن أن يقوم الجانب التشريعي إلا على أساس عقدي، ولذلك كان في بدايات الإسلام الأولى وفي العهد المكي على وجه الخصوص لم تكن هناك شعائر، ولكن كانت هناك عقائد، وكان التركيز علها في مقدم الأولويات. فالعقيدة الإسلامية، هي: جوهر الإسلام، وهي التي بها يُقيّم دخول الإنسان في الإسلام من عدمه، والجانب العقدي في الإسلام يتمثل في الإيمان بوحدانية الله وعدم الإشراك به، كما قال تعالى: "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم" [آل عمران: 18] ، وقال تعالى أيضاً: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " [آل عمران:64] ، وغيرها من آيات التوحيد. ومن أصول الاعتقاد أيضاً الإيمان بأسماء الله وصفاته العليا، كما جاءت في القرآن الكريم، وأيضاً الإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن كل ما جاء به فهو حق، وأن القرآن معجزته الخالدة، وغير ذلك من أصول الاعتقاد القلبية، وهذه الأصول العقدية لا تصح بالإكراه على فرض حصول الإكراه بها، وإلا فالحقيقة أن الأعمال القلبية -كأصول الاعتقاد هذه-، لا يقع الإكراه بها أصلاً، كما لا يكمن أن يكره إنسان على حب شيء أو بغضه؛ لأن الحب والبغض عملان قلبيان، والعمل القلبي لا سلطان للبشر عليه، أضف إلى ذلك أن الإيمان بأصول العقائد يلزم القلب لزوماً لأنها من باب اليقين، واليقين يحصل في القلب اضطراراً، كما يرى الإنسان الشمس تشرق أو تغرب فيتيقن عند ذلك شروقها أو غروبها، وهذا اليقين لا يمكن دفعه عن القلب أصلاً، ومثل ذلك موضوع العقائد التي مبنى الإيمان فيها على اليقين، فهي تلزم القلب لزوماً ولا يكمن أن يتصور فيها الإكراه، فمبدأ الإكراه هنا غير وارد.

أما الجانب التشريعي من الإسلام والمتمثل في شعائر الدين الظاهرة كالصلاة، والصيام، والحج، وغيرها من الشعائر الظاهرة، وغير الظاهرة؛ فهذه جزء من الدين وليست الدين كله، ويعني ذلك أنه لو قصّر فيها المسلم -مع إيمانه بأصول الاعتقاد- لا يخرج من الدين، ولا يمكن أن يخرجه أحد من الدين، كما عليه كثير من المسلمين اليوم من تقصير في بعض شعائر الدين، ومع ذلك لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين من حقوق وواجبات. أما افتراض السائل بأنه لو أسلم فيحتمل ألا يعجبه الإسلام، فهذا غير وارد إلا على افتراض دخوله الإسلام من غير دراسة مسبقة، ومن غير التعرف عليه من مصادره الأصلية، وأما على افتراض معرفة الإسلام معرفة حقيقية، وخصوصاً الجانب العقدي منه، فهذا مبناه على الإيمانِ، واليقينِ، والتصديقِ، والإيمانُ والتصديقُ من اختصاص القلب، ونتيجته لازمة إما التصديق، أو التكذيب، ولا يجري فيه الإعجاب أو عدمه، كما يجري في الأعمال الحسية، كما سبق توضيحه. وإذا دخل الإيمان -الذي هو أصل الاعتقاد- القلب فلا بد أن يستحسن أعمال الجوارح التي هي شعائر الإسلام الظاهرة لأنها لازمة له، وإلا لا يمكن أن يكون مؤمناً مصدقاً في الحقيقة. وأما افتراض السائل أنه لو دخل الإسلام فقد لا يعجبه فهذا افتراض غير وارد! قد يقال: إنه قد يستثقل مع بداية الأمر بعض شعائر الدين، أو قد يكون مقصراً فيها، فهذا أمر طبيعي، لعدم الاعتياد ومع مرور الوقت يتأقلم مع الوضع الجديد، فالاستثقال أو التقصير شيء، وعدم الإعجاب شيء آخر، كما أن الإنسان يحب أشياء وإن كان يتقاصر عن الإتيان بها ويستثقلها كأعمال البر، فيلزم التفريق هنا. أما في موضوع الردة فقد سبق تقرير أن الإسلام لا يكون بالإكراه أصلاً، ولا يصح الإسلام في هذه الحالة على افتراض وجوده. أما الحكمة في عقوبة المرتد فإنها تعود إلى كون الردة تغييرا للولاء، وتبديلا للهوية، وتحويلا للانتماء؛ لأن المرتد ينقل ولاءه وانتماءه من أمة إلى أمة أخرى، ومن وطن إلى وطن آخر، أي من دار الإسلام إلى دار أخرى، فهو يخلع نفسه من أمة الإسلام التي كان عضوًا في جسدها، وينضم بعقله وقلبه وإرادته إلى خصومها، ومن أجل هذا اعتبرت الخيانة للوطن وموالاة أعدائه بالإلقاء بالمودة إليهم وإفضاء الأسرار لهم جريمة كبرى، ولم يقل أحد بجواز إعطاء المواطن حق تغيير ولائه الوطني لمن يشاء ومتى يشاء، ولا يوجد مجتمع في الدنيا إلا وعنده أساسيات لا يسمح بالنيل منها مثل: الهوية، والانتماء، والولاء. وأيضاً لحماية الإسلام من أن يكون ألعوبة كما أراده يهود المدينة في وقت النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله سبحانه وتعالى عنهم: "وَقَالَت طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون " [آل عمران:72] ، فعلوا ذلك طمعاً في زعزعة الثقة في نفوس المؤمنين.

أما عقوبة المرتد فليست على إطلاقها فيفرق العلماء بين المرتد المجاهر الذي يحاول خلخلة الإسلام، وبين المرتد المسالم الذي انشغل بخاصة نفسه، والعقوبة على فرض تحققها لا بد أن تسبقها استتابة للمرتد، أي تبيان ما أشكل عليه من الإسلام ورد شبهاته إن كانت عنده شبهات، وهذا بإجماع الصحابة، كما ذكر ذلك الإمام ابن تيمية رحمه الله، مع الاختلاف في مدة الاستتابة بعضهم يجعلها موسعة، وبعضهم على خلاف ذلك. إلى جانب ذلك فإن الذي يحكم بردة المسلم هم الراسخون في العلم من أهل الاختصاص الذين يميزون بين القطعي والظني، وبين المحكم والمتشابه، وبين ما يقبل التأويل وما لا يقبل التأويل، فلا يكفّرون إلا بما لا يجدون له مخرجًا، مثل: إنكار المعلوم من الدين بالضرورة، أو وضعه موضع السخرية من عقيدة أو شريعة، ومثل سب الله تعالى ورسوله، أو كتابة ذلك السبِّ علانية، ونحو ذلك. إلى جانب أن الذي يناط به تنفيذ حكم الردة هو ولي الأمر الشرعي، بعد حكم القضاء الإسلامي المختص؛ الذي لا يحتكم إلا إلى شرع الله عز وجل، ولا يرجع إلا إلى المُحْكمات البيّنات من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهما المرجعان اللذان يُرجَعُ إليهما إذا اختلف الناس، وهو الأمر الذي أكد عليه الله تعالى بقوله: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً " [النساء:59] . وهذا مع أن في سلوك المسيحيين ما هو مشابه لموضوع المرتد، وقصة الفتاتين المسيحيتين اللتين أسلمتا، فسلمتهما الحكومة المصرية إلى الكنيسة وحلقت شعورهما ولا يعلم مصيرهما إلى الآن ليست عنا ببعيد. إضافة إلى أن من كان جادًّا في الإسلام وهو في ديار الغرب فليس من المناسب ورود موضوع الردة في حقه، وذلك لخصوصية ثقافة وأنظمة البلاد التي يعيش فيها. والله أعلم.

رفع اليدين عند التكبير للركوع

رفع اليدين عند التكبير للركوع المجيب د. بندر بن نافع العبدلي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/12/1426هـ السؤال ذكر الإمام البخاري في كتاب "رفع اليدين" أثرا عن مجاهد أنه لم ير ابن عمر يرفع يديه إلا في تكبيرة الإحرام. وورد أن ابن عمر كان يحصب من لم يكن يرفع يديه عند الركوع؟ فأي الأثرين أصح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأثر ابن عمر -رضي الله عنهما- ضعيف من وجوه: الأول: أن في سنده أبا بكر بن عياش، وقد تغيَّر حفظه بأخرة. الثاني: أنه شاذ؛ فإن مجاهداً خالف أصحاب ابن عمر وهم ثقات حفاظ. الثالث: أن إمام هذا الشأن يحيى بن معين قال: حديث أبي بكر عن حصين إنما هو توهم منه لا أصل له. كما في "رفع اليدين" للبخاري. وقال البيهقي في كتاب "المعرفة" (1/556) : "حديث أبي بكر بن عياش هذا أخبرناه أبو عبد الله الحافظ.... فذكره بسنده، ثم أسند عن البخاري أنه قال: أبو بكر بن عياش اختلط بأخرة، وقد رواه الربيع والليث وطاوس وسالم ونافع وأبو الزبير ومحارب بن دثار وغيرهم قالوا: رأينا ابن عمر يرفع يديه إذا كبر وإذا رفع. وكان يرويه أبو بكر قديماً عن حصين عن إبراهيم، عن ابن مسعود مرسلاً وموقوفاً أن ابن مسعود كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يرفعهما بعد. وهذا هو المحفوظ عن أبي بكر بن عياش، والأول خطأ فاحش لمخالفته الثقات من أصحاب ابن عمر. وقال ابن حجر في الفتح (2/220) : (وأما الحنفية فعولوا على رواية مجاهد أنه -صلى خلف ابن عمر فلم يره يفعل ذلك، وأجيبوا بالطعن في إسناده لأن أبا بكر بن عياش راويه ساء حفظه بأخرة، وعلى تقدير صحته فقد أثبت ذلك سالم ونافع وغيرهما، والعدد الكثير أولى من واحد، لا سيما وهم مثبتون وهو نافٍ مع أن الجمع بين الروايتين ممكن وهو أنه لم يره واجباً، ففعله تارةً وتركه أخرى) . وبناء عليه فالصواب هو رفع الأيدي في أربعة مواضع في الصلاة، كما ثبت في "الصحيحين" من حديث ابن عمر المحفوظ. وهو قول جمهور العلماء وأئمة الحديث. والله أعلم. وانظر: معرفة السنن والآثار للبيهقي (1/556) ، وفتح الباري لابن حجر (2/220) . والاستذكار لابن عبد البر (4/120-103) ، والتمهيد له (3/239) ، وتحفة الأحوذي للمباركفوري (2/108-109) ، والبدر المنير لابن الملقن (3/500) ، ونصب الراية للزيلعي (1/409) .

رأي ابن تيمية في كناية الطلاق

رأي ابن تيمية في كناية الطلاق المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/03/1427هـ السؤال ما معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (لا يقع الطلاق بالكناية إلا بنية مع قرينة إرادة الطلاق، فإذا قرن الكنايات بلفظ يدل على أحكام الطلاق، مثل أن يقول: فسخت النكاح، وقطعت الزوجية، فإنه كالصريح) ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فكلام شيخ الإسلام يتضح بذكره تامًّا فقد قال -رحمه الله تعالى-: "ولا يقع الطلاق بالكناية إلا بنية، إلا مع قرينة إرادة الطلاق، فإذا قرن الكناياتِ بلفظ يدل على أحكام الطلاق، مثل أن يقول: فسخت النكاح، وقطعت الزوجية، ورفعت العلاقة بيني وبين زوجتي. وقال الغزالي في المستصفى في ضمن مسألة القياس: لا يقع الطلاق بالكناية حتى ينويه. قال أبو العباس: هذا عندي ضعيف على المذاهب كلها، فإنهم مهدوا في كتاب الوقف أنه إذا قرن بالكناية بعض أحكامه صارت كالصريح، ويجب أن يفرق بين قول الزوج: لست لي بامرأة، وما أنت لي بامرأة، وبين قوله: ليس لي امرأة، وبين قوله: إذا قيل له: لك امرأة؟ فقال: لا. فإن الفرق ثابت بينهما وصفاً وعدداً، إذ الأول نفي لنكاحها، ونفي النكاح عنها كإثبات طلاقها، ويكون إنشاء ويكون إخباراً بخلاف نفي المنكوحات عموماً، فإنه لا يستعمل إلا إخباراً" ا. هـ الفتاوى الكبرى (4/570) . فابن تيمية -رحمه الله تعالى- يرى أن الطلاق يقع بلفظ صريح الطلاق، أما ألفاظ الكناية التي ظاهرها لا يدل على الطلاق كقول: (إلحقي بأهلك) أو (حبلك على غاربك) : وغيرها فلا يقع بها الطلاق إلا إذا نواه المتلفظ بذلك. أما إذا تلفظ الزوج بكناية الطلاق، وقرن معها لفظاً يدل على الطلاق كأن يقول في حال خصومة: إلحقي بأهلك فقد فسخت النكاح، أو قطعت الزوجية، أو رفعت العلاقة بيني وبينك. فهنا يقع الطلاق بلفظ الكناية المقرونة باللفظ الدال على الطلاق، ولا يقبل قول الزوج إنه لم ينو الطلاق لكونه كالصريح، ويقرر ذلك ابن تيمية بقوله: "إن الكناية عندنا إذا اقترن بها دلالة الحال كانت صريحة في الظاهر بلا نزاع، ومعلوم أن اجتماع الناس وتقديم الخطبة وذكر المهر والمفاوضة فيه، والتحدث بأمر النكاح قاطع في إرادة النكاح" ا. هـ الفتاوى (32-17) . وقال: "إن الكناية تفتقر إلى النية، ومذهبهما المشهور -أي مالك وأحمد- أن دلالة الحال في الكنايات تجعلها صريحة وتقوم مقام إظهار النية، ولهذا جعل للكنايات في الطلاق والقذف ونحوهما مع دلالة الحال كالصريح" ا. هـ الفتاوى (29-11) . وقال: "وأصول الإمام أحمد ونصوصه تخالف هذا، فإن من أصله أن العقود تنعقد بما يدل على مقصودها من قول أو فعل فهو لا يرى اختصاصها بالصيغ، ومن أصله أن الكناية مع دلالة الحال كالصريح لا تفتقر إلى إظهار النية" ا. هـ الفتاوى (20/534) ، وإعلام الموقعين (2/24) . هذا إن كان عارفاً بمدلول الكلام، حيث إن ألفاظ الصريح والكناية تتفاوت من مكان لآخر، ومن زمان لآخر فكثير من ألفاظ الكناية والصريح -والتي يذكرها الفقهاء- لا يعرف كثير من الناس معناها ولا يعلمون أنها من كلمات الطلاق، وقد استبدلوها بألفاظ أخرى لم يذكرها متقدمو الفقهاء.

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "والله سبحانه ذكر الطلاق ولم يعين له لفظاً، فعلم أنه رد الناس إلى ما يتعارفونه، فأي لفظ جرى عرفهم به وقع به الطلاق مع النية، والألفاظ لا تراد لعينها بل للدلالة على مقاصد لافظها، فإذا تكلم بلفظ دال على معنى وقصد به ذلك المعنى ترتب عليه حكمه، ولهذا يقع الطلاق من العجمي والتركي والهندي بألسنتهم، بل لو طلق أحدهم بصريح الطلاق بالعربية ولم يفهم معناه لم يقع به شيء قطعاً، فإنه تكلم بما لا يفهم معناه ولا قصده.. وتقسيم الألفاظ إلى صريح وكناية وإن كان تقسيماً صحيحاً في أصل الوضع لكن يختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة، فليس حكماً ثابتاً للفظ لذاته، فرب لفظ صريح عند قوم كناية عند آخرين، أو صريح في زمان أو مكان كناية في غير ذلك الزمان والمكان، والواقع شاهد بذلك فهذا لفظ (السَّراح) لا يكاد أحد يستعمله في الطلاق صريحاً ولا كناية، فلا يسوغ أن يقال: إن من تكلم به لزمه طلاق امرأته نواه أولم ينوه ويدعى أنه ثبت له عرف الشرع والاستعمال، فإن هذه دعوى باطلة شرعاً واستعمالاً، أما الاستعمال فلا يكاد أحد يطلق به البتة، وأما الشرع فقد استعمله في غير الطلاق، كقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا" [الأحزاب:49] ، فهذا السراح غير الطلاق قطعاً، وكذلك (الفراق) استعمله الشرع في غير الطلاق، كقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ" إلى قوله "فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ" [الطلاق:2] ، فالإمساك هنا الرجعة والمفارقة ترك الرجعة لا طلقة ثانية، هذا مما لا خلاف فيه البتة، فلا يجوز أن يقال: إن من تكلم به طلقت زوجته فهم معناه أو لم يفهم، وكلاهما في البطلان سواء. وبالله التوفيق" ا. هـ زاد المعاد (5/320-322) . والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل يشرع للمأموم قول: سمع الله لمن حمده؟!

هل يشرع للمأموم قول: سمع الله لمن حمده؟! المجيب سليمان بن صالح الراشد مدير أعمال لجنة الشؤون الإسلامية بالشورى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/01/1427هـ السؤال ما حكم قول: (سمع الله لمن حمده) للمأموم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد اختلف العلماء في مشروعية قول المأموم "سمع الله لمن حمده"، فالمذهب أنه لا يشرع ذلك للمأموم، وهو قول ابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- والشعبي ومالك وأصحاب الرأي، وهو اختيار الشيخ أحمد بن تيمية -رحمه الله-. واستدلوا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المتفق عليه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا قال الإمام "سمع الله لمن حمده" فقولوا: ربنا ولك الحمد" صحيح البخاري (796) ، وصحيح مسلم (409) ، والترمذي (267) ، وغيرهم، وهذا يقتضي أن يكون قولهم: "ربنا ولك الحمد" عَقِيب قوله "سمع الله لمن حمده" بغير فصل؛ لأن الفاء للتعقيب -كما قال ذلك ابن قدامة -رحمه الله-. أما من قال بمشروعية قول "ربنا ولك الحمد" للمأموم -وهي رواية عن الإمام أحمد، وبه قال ابن سيرين- وأبو بردة والشافعي وإسحاق وعطاء- فاستدلوا أيضاً بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قال: "سمع الله لمن حمده"، قال: "اللهم ربنا ولك الحمد" رواه البخاري (795) ، ومسلم (392) . وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري (631) . وأجيب عليه بأن هذا عام، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد" خاص؛ فيكون المأموم مستثنى من هذا العموم. فالراحج أنه لا يشرع للمأموم قول: "سمع الله لمن حده"، وإنما يكتفي بقوله: "ربنا ولك الحمد" والله أعلم.

العمل في الشرطة في زمن فساد النظام!

العمل في الشرطة في زمن فساد النظام! المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/01/1427هـ السؤال أنا شاب عاطل عن العمل، فتطوعت وعملت بالشرطة ونيتي خالصة جداً -والحمد لله- ولكن في بلدنا سمعة رجل الشرطة سيئة إلا من رحم الله، فيقال: إنهم مرتشون، علمًا أني أرغب في هذا العمل، وأنا ملتزم والحمد لله، ولا أفكر في الحرام أبداً، خاصة أن أحوالنا المادية جيدة -والحمد لله- كما أنه لا توجد أي وظيفة أخرى. وقد ذكر لي أحد المشايخ من أئمة المساجد حديثاً نسبه للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو: "الشرط وأعوان السلطان في النار". فما رأيكم بالعمل في مجال الشرطة؟ وما مدى صحة هذا الحديث؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن العمل في مجال الشرطة كغيره من الأعمال، بل قد يكون من أفضل الأعمال لا سيما إذا كان الوالي عادلاً، وكان العامل (الموظف) ملتزماً بشعائر الإسلام، ومترفعاً عن الرشوة وعن كل حرام، كما جاء في إفادة السائل عن نفسه. أما الحديث الذي ذكره السائل فلم أقف عليه، وفي نظري أنه لا يصح أن يكون حديثاً مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لمخالفته لأصل الشريعة وقواعدها، ذلك أنه عَمَّمَ الوعيد بالنار لجميع الشرط وأعوان السلطان، ومثل هذا لا تأتي به الشريعة الإسلامية؛ إذ من الشرط والسلاطين وأعوانهم من هم صالحون عادلون متمسكون بأحكام الشريعة الإسلامية. هذا وقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بجواز تولي الولاية أو الإقطاع لمن كان عليه كُلفٌ من السلاطين تتضمن شيئاً من الظلم مع اجتهاده هو في تحقيق العدل، إذ قال -رحمه الله-: "الحمد لله، نعم إذا كان مجتهداً في العدل ورفع الظلم بحسب إمكانه، وولايته خير وأصلح للمسلمين من ولاية غيره، واستيلاؤه على الإقطاع خير من استيلاء غيره كما قد ذكر، فإنه يجوز له البقاء على الولاية والإقطاع ولا إثم عليه في ذلك، بل بقاؤه على ذلك أفضل من تركه إذا لم يشتغل إذا تركه بما هو أفضل منه، وقد يكون ذلك واجباً عليه". هذا ما أردت إيضاحه حول هذا السؤال المهم، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف تزيد صلة الرحم في العمر؟!

كيف تزيد صلة الرحم في العمر؟! المجيب د. نذير بن محمد أوهاب باحث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/03/1427هـ السؤال هل بر الوالدين وصلة الرحم تزيد في عمر العبد؟ وهل يعني هذا أن العبد كان سيموت في زمن معين، لكنه بطاعة والديه زِيدَ في عمره؟ الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر". أخرجه الترمذي (1979) ، وأحمد في المسند (8855) ، والحاكم في المستدرك (7284) ، وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه، ومعنى قوله منسأة في الأثر يعني زيادة في العمر. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وصححه الذهبي، والطبراني في الكبير (176) . وقال الشيخ الألباني: صحيح [صحيح الجامع (2965) ] . وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر". رواه الطبراني في الكبير (8014) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: إسناده حسن. والزيادة في العمر بسبب بر الوالدين وصلة الرحم قد ورد فيها للعلماء توجيهات عدة، وإن كان جمهورهم قد اتفق على أن الزيادة إنما هي بحسب الظاهر بالنسبة إلى الخلق، وأما في علم الله فلا زيادة ولا نقصان. قال الحافظ في الفتح: "قال ابن التين: ظاهر الحديث يعارض قوله تعالى: "فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ" [الأعراف:34] . والجمع بينهما من وجهين: أحدهما: أن هذه الزيادة كناية عن البركة في العمر، بسبب التوفيق إلى الطاعة وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة، وصيانته عن تضييعه في غير ذلك، ومثل هذا ما جاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تقاصر أعمار أمته بالنسبة لأعمار من مضى من الأمم، فأعطاه الله ليلة القدر، وحاصله أن صلة الرحم تكون سبباً للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية، فيبقى بعده الذكر الجميل فكأنه لم يمت، ومن جملة ما يحصل له من التوفيق: العلم الذي ينتفع به من بعده، والصدقة الجارية عليه، والخلف الصالح. ثانيهما: أن الزيادة على حقيقتها؛ وذلك بالنسبة إلى علم الملك المؤكل بالعمر، وأما الأول الذي دلت عليه الآية، فبالنسبة إلى علم الله تعالى، كأن يقال للملك مثلاً: إن عمر فلان مائة مثلاً إن وصل رحمه، وستون إن قطعها، وقد سبق في علم الله أنه يصل أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدَّم ولا يتأخَّر، والذي في علم الملك هو الذي تمكن فيه الزيادة والنقص، وإليه الإشارة بقوله تعالى: "يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ" [الرعد:39] . فالمحو والإثبات بالنسبة لما في علم الملك، وما في أم الكتاب هو الذي في علم الله -تعالى- فلا محو فيه البتة، ويقال له القضاء المبرم، ويقال للأول القضاء المعلَّق.

وهناك توجيه آخر مفاده؛ أن الله يبقي أثر واصل الرحم في الدنيا طويلاً فلا يضمحل سريعاً، كما يضمحل أثر قاطع الرحم. وورد في تفسيره وجه رابع؛ أخرج الطبراني في الصغير بسند ضعيف عن أبي الدرداء قال: ذكر عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من وصل رحمه أنسيء له في أجله، فقال: "إنه ليس زيادة في عمره، قال الله تعالى: "فإذا جاء أجلهم ... " الآية، ولكن الرجل تكون له الذرية الصالحة يدعون له من بعده"، وله في الكبير من حديث أبي مشجعة الجهني رفعه: "إن الله لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها، وإنما زيادة العمر ذرية صالحة" الحديث. وجزم ابن فورك بأن المراد بزيادة العمر؛ نفي الآفات عن صاحب البر في فهمه وعقله. انتهى. وقال صاحب تحفة الأحوذي رحمه الله: والتحقيق أنها سبب لزيادة العمر كسائر أسباب العالم، فمن أراد الله -تعالى- زيادة عمره، وفَّقه لصلة الأرحام، والزيادة إنما هي بحسب الظاهر بالنسبة إلى الخلق، وأما في علم الله فلا زيادة ولا نقصان، وهو وجه الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: "جفَّ القلم بما هو كائن". وقوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) . انتهى. والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

الاحتفال في مكان فيه تماثيل!

الاحتفال في مكان فيه تماثيل! المجيب د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/02/1427هـ السؤال هل يعتبر اجتماع المسلمين في مدينة ما في بلاد الغرب بقصد الاحتفال بمناسبة العيد في مكان واحد, هل يعتبر ضرورة للتغاضي عن بعض الأمور، مثل وجود الكثير من الصور والتماثيل في المكان؟ علماً أنه توجد أماكن أخرى لا توجد فيها صور وتماثيل ولكن سعرها أغلى، وحجمها أصغر لا يسع الجميع. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن مقاصد الإسلام الاجتماع على الخير والبر والطاعة، ومن ذلك الاجتماع للعيد بين المسلمين. وفائدة تحصيل هذا المقصد أعظم من مفسدة وجود تماثيل في المكان الذي يحصل فيه ذلك الاجتماع؛ لأن هذا المقصد العظيم (الاجتماع) متحقق يقينا، أما المفسدة فمظنونة، فإنها إما أن تكون الوقوع في الشرك، وهذا بعيد؛ إذ إن هذه التماثيل ما وضعت للعبادة، والآتون إليها لا يرد في خاطرهم هذا المعنى، وإما أن تكون المفسدة الرضا بهذه المنكرات، ولا يلزم من وجود المسلم في مكان فيه تماثيل الرضا بها. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يطوف بالكعبة، ويصلي عندها، وحولها الأصنام. وهذا في حالة ما إذا كان من العسير اجتماعهم في مكان غير هذا؛ إما لارتفاع التكلفة، وإما لصغر المكان الذي لا يسمح باجتماعهم كلهم. أما إذا توفر مكان خال من المنكرات، وقدر على الاجتماع فيه، فلا يعدل عنه. والله أعلم.

تورط في تورق محرم!

تورَّط في تورق مُحرَّم! المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/03/1427هـ السؤال أخذت في العام الماضي تمويلًا إسلاميًا من أحد البنوك، وقمت بالمتاجرة به في الأسهم النقية، إلا أنني لم أوفق في هذه المتاجرة، وتحملت بعض الخسائر. السؤال الأول عن التمويل: وهو أني ذهبت إليهم على الفتوى الصادرة من الهيئة الشرعية التي تجيز هذا التعامل، وهو أن البنك يملك بعض السلع والمعادن ويقوم ببيعها على العميل، وبعد تملك العميل لها يكون للعميل حرية الخيار، إما ببيعها على أية شركة خارجية، أو توكيل البنك ببيعها بالنيابة عنه. وقد قرأت هذا التعامل قبل الذهاب إليهم وتمعنت فيه واقتنعت فيه وفي الفتوى الصادرة بإجازته، إلا أن أحد الإخوة نهاني عنه بحجة أن جميع العقود التي يقوم بها البنك في هذا التعامل هي عقود صورية أي (على ورق فقط) ، وقد كان هذا قبل الذهاب إليهم. وبعد الذهاب وجدت ما أبلغني به صاحبي، فكل العقود من شراء وتوكيل بالبيع كانت على ورق ولم تستغرق عدة دقائق، ولم أبلغ بالتفاصيل بُلغت فقط بالأسعار، وبعد أيام أبلغت عن طريق الهاتف أنه تم البيع وأودع المبلغ في حسابي، وبذلك تم التمويل من البنك. فهل هذا التمويل صحيح؟ وإن لم يكن صحيحًا فما الواجب علي فعله وقد مر عليه سنة؟ السؤال الثاني عن الزكاة: وهو أن المتبقي معي من هذا المبلغ حال عليه الحول، وهو في الأساس دين علي، وأنا أقوم بسداده عن طريق التقسيط الشهري، أي أن هذا الدين مقدور على سداده مع الوقت -إن شاء الله- فهل تجب فيه الزكاة، وإذا كانت تجب فهل يجوز أن أعطيها إلى والديَّ حيث إنهما ممن يستحقونها؟ السؤال الأخير: أحياناً تقابلني بعض المشكلات، على سبيل المثال الخسائر في الأسهم، أو أي قدر قدَّره الله علي، فإني أنسب هذا الشيء إلى أن الله عاقبني على ذنب قد أكون أعلمه أو لا أعلمه بهذه الخسارة، فهل علي ذنب في هذا التفكير؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: 1. التمويل الذي حصلت عليه يسمى (التورق المصرفي) ، وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بمنعه؛ لأنه حيلة على الربا. وفوق ذلك ما ذكرت من أن العقود صورية، فتكون المعاملة ظلمات بعضها فوق بعض. فالواجب تجنب هذه التعاملات والحذر منها. وأما ما مضى منها فالله تعالى يقول: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] . وهذا يقتضي العفو عما مضى، بشرط عدم الوقوع فيها مستقبلاً. فإن تكرر ذلك حوسب المرء على الأول والآخر، نسأل الله السلامة. 2. إذا أمكنك التعجيل بالسداد مقابل إسقاط ما يمكن من الزيادة فهو أولى؛ لأن الزيادة ربا، فمهما أمكن إسقاطها وجبت المبادرة لذلك. إلا إذا كانت هناك حاجة ماسة مثل الزواج ولا يوجد بديل، أو كنت تعلم أن البنك لن يسقط الزيادة على المبلغ المتبقي، فالمبلغ الباقي في هذه الحالة عفو -إن شاء الله- ولا بأس من الانتفاع به. 3. زكاة المبلغ المتبقي حكمها حكم زكاة المال. فينبغي حساب الأقساط التي تحل خلال العام، ثم طرح مقدارها من المبلغ، ثم إخراج زكاة الباقي.

4. جماهير العلماء على أنه لا يجوز إعطاء الزكاة للوالدين لأن النفقة واجبة على الولد في هذه الحالة. لكن إذا كانت النفقة لا تسد حاجة الوالدين، فلا بأس -إن شاء الله- من إعطائهم الزكاة، بالإضافة للنفقة وليس بديلاً عنها. 5. المصائب التي تصيب الإنسان هي من نفسه، ومن تسلط الشيطان عليه، كما قال تعالى: "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك" [النساء:79] . والشيطان لا يحب للإنسان التوفيق ولا السعادة، وأفرح ما يكون إذا رآه ساخطاً نكداً مغموماً. قال تعالى: "إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا" [المجادلة:10] ، وقال تعالى: "إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه" [آل عمران:175] . فالحزن والهم والغم والخوف كلها من ضعف النفس ومن الشيطان بالدرجة الأولى. فيجب على المسلم ألا يستسلم للهموم والأحزان، بل يستحضر دائماً أن الشيطان هو المستفيد الأول من ذلك، وأن الله تعالى هو مصدر كل خير وسعادة وتوفيق، كما قال عليه الصلاة والسلام: "والخير كله في يديك" صحيح مسلم (771) . والله تعالى لا يحب أن يعذبنا ولا يفرح بذلك، بل هو سبحانه يفرح بتوبة العبد وإنابته ورجوعه إليه، ويكره أن يتأذى عبده المؤمن، كما قال تعالى في الحديث القدسي: "وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته". صحيح البخاري (6502) . فرب العالمين لا يحب أن يصاب عبده المؤمن بمكروه، وهذا يعني أن ما يصيبنا هو من أنفسنا ومن تسلط الشيطان علينا. فالواجب اللجوء دائماً إلى الله تعالى والاستعانة به والتوكل عليه، ثم بعد ذلك إن تحقق المطلوب فمن فضل الله، وإلا فمن نقص الإنسان، فيستغفر العبد ولا ييأس من رحمة الله أبداً، فإنه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون. والحمد لله رب العالمين.

الرسوم الشهرية على بطاقة الائتمان

الرسوم الشهرية على بطاقة الائتمان المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/03/1427هـ السؤال أخذت بطاقة من أحد البنوك، ومن شروطها رسوم شهرية قيمتها (125 ريالاً) ، ويأخذون (45 ريالاً) على عملية السحب النقدي مهما كان المبلغ، أي أنها رسوم وليست عمولة. ما حدث هو أن الصراف الآلي لم يسحب لي خمسة آلاف ريال، فذهبت إلى البنك، وطلبت سحب عشرة آلاف ريال، فإذا بالموظف يجعلها في عشر أوراق، بكل ورقة (1000ريال) ، فسألته: هل على المبلغ كاملاً (45ريالاً) ، أم على كل ورقة؟ فأكد لي أنه على كل ورقة (45 ريالاً) . وكما يظهر -والله أعلم- أن الموضوع أصبح عمولة، فهل الموضوع داخل في الربا أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالرسوم على السحب النقدي لا تجوز؛ لأنها زيادة مشروطة على القرض، فهي لذلك ربا، ولا فرق بين أن تكون مقطوعة أو بالنسبة، فالحكم واحد. ولذلك يحتال البنك بأن يقيد الحد الأقصى للسحب حتى تتضاعف الرسوم. والذين أفتوا بجواز الرسوم على السحب النقدي نظروا إلى تكلفة الأجهزة ونحوها، ومع التقدير لأصحاب هذا الرأي، لكنه مرجوح؛ لأن المقصود من العملية هو الاسترباح من الإقراض، وهذا هو الربا. فالواجب تجنب السحب النقدي بالبطاقة الائتمانية مطلقاً حذرا من الربا. والله أعلم.

الانتساب إلى اسم الزوج بدل الأب!

الانتساب إلى اسم الزوج بدل الأب! المجيب عبد الرحمن بن عبد الله اللهيبي رئيس محكمة التمييز سابقا التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/04/1427هـ السؤال هل يجب على الزوجة أن تأخذ باسم الزوج بحيث يصير اسمها منسوباً إليه أم تُبقي اسمها كما كان فلانة بنت فلان؟ الجواب لا يجوز لأحد أن يتسمى بغير اسم أبيه، فلا يجوز للزوجة أن تتسمى باسم زوجها وإنما تتسمى باسم أبيها، وكذلك الزوج لا يتسمى بغير اسم أبيه، وكذلك أيضاً ابنهما لا يتسمى باسم أمه، وإنما يتسمى باسم أبيه. قال الله تعالى: "ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ" [الأحزاب:5] . وقال صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام" رواه البخاري (4327) ومسلم (63) .

إلصاق القدمين ببعضهما عند السجود

إلصاق القدمين ببعضهما عند السجود المجيب سليمان بن صالح الراشد مدير أعمال لجنة الشؤون الإسلامية بالشورى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/01/1427هـ السؤال أرى بعض المصلين عند السجود يلصق قدميه، فما الوضع الصحيح للقدمين أثناء السجود؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالسنة أن تكون القدمان مرصوصتين -في حال السجود- كما ثبت في صحيح مسلم (486) من حديث عائشة -رضي الله عنهما- حين فقدت النبي -صلى الله عليه وسلم- فوقعت يدها على قدميه وهو ساجد. واليد الواحدة لا تقع على القدمين إلا في حال التراص. وقد جاء أيضاً في صحيح ابن خزيمة (654) أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يرص عقبيه. أما أصابع القدمين فتكون موجهة نحو القبلة. والله أعلم.

كيف أتقي سحرهم؟

كيف أتقي سحرهم؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/10/1426هـ السؤال مشكلتي أن لي قريبًا يرغب بالزواج مني وأنا رفضت؛ لأنه غير مناسب لي، وأُخبرت بأن والدته ذهبت لإحدى العرافات لتعمل لي عملاً يبطل أي مشروع زواج لي؛ حتى أضطر للقبول بابنها، وأنا أصلي وأقرأ القرآن وأعرف أن العمل هو عمل رب العالمين، فأنا بالفعل قد تعطلت لي عدة مشاريع خطبة دون سبب، ولا أعلم هل هو مما تفعل، أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالجواب يتوقف على سبب رفضك الزواج من قريبك، فإن كان قريبك ذا خلق ودين فاستخيري الله واقبلي به زوجاً، عسى الله أن يبارك لكما، أما إن كان رفضك بسبب خلقه أو دينه فنسأل المولى - عز وجل- أن يبدلك خيراً منه. وأما بالنسبة لما ذُكر لك من أن أمه ذهبت إلى إحدى العرافات لتعمل لك سحراً يحول دون زواجك من غيره، فلا شك أن السحر له تأثير بإذن الله - عز وجل - وقد قال الله تعالى: "فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" [البقرة:102] ، ولكن هذا الأمر مازال في دائرة الظن، وليس هناك ما يدل على صحة هذه الدعوى، ولكن عليك بالاستمرار على ما أنت عليه من العبادة والصلاة وقراءة القرآن وخاصة سورة البقرة، ولو كانت في كل يوم فهو أفضل، ولن يضرك ذلك بإذن الله، واحرصي على المبادرة بالموافقة إذا تقدم إليك من ترضين دينه وخلقه، ودعي عنك بعض المثاليات والكماليات، أسأل المولى -عز وجل- أن يختار لك ما فيه الخير والصلاح، وأن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه.

صحة حديث "لم نر للمتحابين مثل النكاح"

صحة حديث "لم نر للمتحابين مثل النكاح" المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/02/1427هـ السؤال ورد حديث للنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لم نر للمتحابين مثل النكاح". وهو يدل على وجود علاقة قبل الزواج، فهل يعني ذلك أن الحب حلال؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فالحديث المشار إليه في السؤال أخرجه ابن ماجة (1847) ، والعقيلي (4/134) ، والبيهقي (7/ 78) من طريق محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن ابن عباس مرفوعاً. وأخرجه أبو يعلى (2747) ، والعقيلي (4/134) ، والبيهقي (7/78) ، من طريق سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس مرسلاً. وأخرجه عبد الرزاق (6/151) ، عن معمر عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس مرسلاً. وقال العقيلي بعد أن أخرجه مرسلاً: وهذا أولى. فالحديث يترجح إرساله؛ لأن سفيان ومعمراً روياه عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس مرسلاً، وخالفهم محمد بن مسلم الطائفي، فرواه عن ابن عباس موصولاً، ومحمد بن مسلم الطائفي فيه مقال. والحديث على تقدير صحته وثبوته لا يدل على إقرار وجود علاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج، ولكنه أرشد إلى أنه إذا حصلت المحبة بين رجل وامرأة فعليهما أن يبادرا إلى الزواج؛ لأن الزواج يزيد المحبة قوة وتماسكاً، وهو دواء العشق إذا وجد، ثم إن المحبة قد تقع ولو لم تحصل علاقة، فربما عرف الرجل المرأة وهي صغيرة، أو يكون سمع شيئاً من صفاتها فوقعت في قلبه، أو تكون من قريباته كأن تكون ابنة عمه أو ابنة خاله، وكذلك بالنسبة للمرأة. أما علاقة الرجل بالمرأة قبل العقد فلا يجوز له أن يستمتع منها بكلام أو نظر أو يخلو بها؛ لأنها أجنبية عنه، والله أعلم.

هل الشورى ملزمة أم معلمة؟

هل الشورى ملزمة أم مُعْلِمة؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/02/1427هـ السؤال هل الشورى ملزمة أم معلمة لرؤساء الدول في الوقت الحاضر، مراعياً اختلاف الأوضاع في الوقت الحاضر مع زمن الخلفاء الراشدين في كثير من النواحي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلئن قرر أكثر العلماء قديماً بأن الشورى معلمة غير ملزمة للإمام أو ولي الأمر المسؤول فإن بعضهم قرر أنها ملزمة غير معلمة، وأدلة كل قول لا يتسع المقام الآن لبسطها فهي موجودة في مظانها من كتب التفسير والسير، ولكل من القولين ما يبرره وإن تفاوتت الأدلة قوة وضعفاً. فإن ولي الأمر المعني بقوله تعالى: "وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ" [آل عمران: 159] كان ينزل عليه الوحي، وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو كان عالماً مجتهداً يقصد الحق حيثما كان كما في عهد الخلفاء الراشدين وبعض خلفاء بني أمية في العصر الأول؛ فإن من جاء بعدهم ضعف عنده الدين، وتغلبت عنده شهوة السلطة. ثم صار الحكام في العصور المتأخرة يغلب عليهم الجهل بأحكام الشرع، فضلاً أن يكونوا مجتهدين فيه يعرفون الحكم بدليله من الكتاب والسنة، فكيف يقال في هؤلاء: إن الشورى في حقهم مع شعوبهم هي معلمة لا ملزمة؟ إن من يقول بمثل هذا اليوم لا يعرف من السياسة الشرعية في الإسلام شيئاً، وإنما يتعامل مع عصور ماضية ولا يتعايش مع الواقع، وأعتقد جازماً أن علماء السلف الذين سبق أن قالوا بأن الشورى معلمة غير ملزمة لو عاشوا في عصرنا، ورأوا ما نحن فيه من الاستبداد والظلم لغيروا رأيهم، وأوجبوا القول بالالتزام بها نظراً لتغير العلة والسبب، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، كيف وقد قرروا أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والنيات والمقاصد. ولهذا أرى أن الخلاف في الشورى هل هي معلمة أو ملزمة قد ارتفع في وقتنا الحاضر، وينبغي ألا ينظر إليه فإنه إضاعة للوقت والجهد، فالشورى اليوم ملزمة ملزمة ملزمة. والله أعلم.

الفرق بين دار الإسلام ودار الكفر

الفرق بين دار الإسلام ودار الكفر المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/01/1427هـ السؤال ما الفرق بين دار الإسلام ودار الكفر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالأرض التي تسود فيها أحكام الإسلام هي دار الإسلام، وخلافها دار الكفر. وأمة الإسلام أمةٌ ذات رسالة سماوية، تتحمل مسؤولية ربانية تجاه الناس جميعاً، على اختلاف أعراقهم، وأوطانهم، ولغاتهم؛ لهدايتهم إلى دين الله الحق، ودعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، كما وصفها الله في كتابه بقوله: "كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" [آل عمران: من الآية110] . فمن حال بين الناس وبين سماع الحق وقبوله، وأقام الحواجز المادية أمام الأمة ورسالتها، فقد بادأها العداء، وأعلن عليها الحرب، فمن البدهي أن تكون داره دار حرب. ولم تزل الدول قديماً وحديثاً تعلن الحرب على دول أخرى لأقل من هذا؛ كما شهدنا في الأحداث القريبة إعلان بعض الدول المتحالفة الحرب على العراق بدعوى لم تثبت قبل، ولا أثناء، ولا بعد تلك الحرب!! ثم يندد بعض المجحفين بحركة الفتح الإسلامي التي كانت رحمة على البشرية جمعاء. إن مقاصد الفتوحات الإسلامية أن يكون الدين لله، وأن يرفع الظلم عن المستضعفين، وليس لتحقيق مطامع مادية، أو أهداف استراتيجية، أو القيام بعمليات تهجير عرقي، أو ممارسة ضغوط ابتزازية، كما فعلته وتفعله كثير من الدول الغربية الآن. والله أعلم.

المشي في الصلاة لأجل السترة!

المشي في الصلاة لأجل السترة! المجيب ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/03/1427هـ السؤال سؤالي عن السترة في حالة انتهاء الصلاة مع الإمام وكنت مسبوقاً، وقد خرج المصلون ولم تبق لي سترة، فهل يجوز التحرك للبحث عن سترة؟ وإذا كان جائزاً فما حدود الحركة المسموح بها، وفي أي اتجاه؟ أفيدونا وفقكم الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالسترة سنة مؤكدة في حق المصلي. ويجوز للإنسان أن يتحرك حركة يسيرة للوصول إلى سترة، كأن يتقدم قليلاً أو يتحرك يمينه أو يساره وهو مستقبل القبلة. وضابط الحركة اليسيرة (أن من رآه وهو يتحرك لا يشك أن المتحرك في صلاة) ؛ لقلة الحركة وعدم لفتها للنظر، أما أن يتقدم صفين مثلاً وأكثر للبحث عن سترة، أو يتحرك مترين فأكثر فهذه من الحركة الكثيرة. والله أعلم.

الفرق بين الحمد والشكر

الفرق بين الحمد والشكر المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/12/1426هـ السؤال ما الفرق بين الحمد والشكر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالشكر يكون باللسان والقلب والجوارح، فهو أعم في هذه الحالة، كما قال تعالى: "اعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي الشكور" [سبأ:13] . ومنه قول القائل: أفادتكم النعماء مني ثلاثة *** يدي ولساني والضمير المحجبا والحمد لا يكون إلا باللسان. والشكر أخص من جهة، حيث إنه يقتصر على حصول النعمة وترتبها، أما الحمد فهو أعم من ذلك، فيكون في مقابل النعمة وغيرها، فله الحمد سبحانه وتعالى على كل حال، فالله محمود في السراء والضراء والعطاء والمنع، وله الحمد على كل أقداره، وعلى كماله في أسمائه وصفاته، وعلى كل شرائعه، فله الحمد على خلقه وأمره. وهذا هو التحقيق في هذه المسألة، وكثير من أهل اللغة يذكرون أن الحمد أعم، ولكن التحقيق أن يقال: إن بين الحمد والشكر عموم وخصوص من وجه، انظر لسان العرب (3/155) . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

الفرق بين العقيدة الطحاوية والحموية

الفرق بين العقيدة الطحاوية والحموية المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/02/1427هـ السؤال ما الفرق بين العقيدة الطحاوية والحموية وغيرها من العقائد؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالعقيدة الطحاوية متن صغير الحجم ألفه الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي المتوفى سنة (321هـ) ، ثم تناوله بالشرح والتوضيح العديد من الشرّاح على اختلاف مشاربهم، ومن أحسن من شرحه القاضي علي بن علي بن أبي العز الحنفي المتوفى سنة (792هـ) ، حيث وفّق إلى اتباع منهج السلف في تناول مسائله، فرحمه الله رحمة واسعة، وهو كتاب شامل في شرحه لمسائل الاعتقاد وأصول الإيمان، ومهم في بابه، وقد اعتمد تدريسه في الكليات الشرعية. أما الفتوى الحموية فهي رسالة ألفها شيخ الإسلام ابن تيمية، جواباً على سؤال يدور حول آيات الصفات وأحاديثها، تضمنت نصوصاً قرآنية وأحاديث وآثاراً ونقولاً عن أئمة السلف في هذا الباب، وقد طبعت الفتوى الحموية الكبرى ضمن مجموع الفتاوى (5/5-121) . وكل من المؤلفين نافع جداً في بابه، وهناك كتب أخرى في الاعتقاد، ككتاب (الرد على الجهمية) للإمام أحمد، والرد على الجهمية للدارمي، وخلق أفعال العباد للبخاري، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للإمام اللالكائي، والسنة لابن أبي عاصم، والتوحيد لابن خزيمة، والشريعة للآجري، وغيرها كثير. وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم ورسائلهما في هذا الباب من أنفع ما كتب. رحم الله الجميع.

بيع المال لبعض الورثة لحرمان غيرهم!

بيع المال لبعض الورثة لحرمان غيرهم! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/02/1427هـ السؤال سيدة لديها أملاك، وليس لديها أولاد ولا زوج، وترثها أخت شقيقة، وأخت غير شقيقة (أخت لأب) ، وابن أخ غير شقيق (أخ لأب) ، وترغب في بيع أملاكها في حياتها بسعر رمزي، -في حدود 10% من الثمن الحقيقي- لأولاد الأخت الشقيقة، على أن تأخذ عائد الأرض طول حياتها، وتبقى الأرض تحت يدها إلى أن تموت؛ لوجود ظلم وقع عليها من إخوتها غير الأشقاء؛ حيث إنهم منعوها من بعض إرثها من أبيها، علماً أن هذه الأملاك قد آلت إليها عن طريق الميراث من أمها وليس من أبيها. فهل هذا البيع صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فهذا البيع غير صحيح؛ لأنه بيع صوري لا حقيقي، فالعبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، فالغاية منه حرمان الورثة من الميراث نكالاً بهم، وهذا لا يجوز، فقسمة المواريث قد تولاها الله تعالى بنفسه، فإن تم هذا البيع على هذه الصفة فليس للمذكورين سوى رأس مالهم. ويجوز للمرأة المذكورة أن توصي بالثلث فأقل من مالها لأولاد أختها، أما ما زاد فليس لها ذلك، فإن فعلت لم تصح الوصية بما زاد على الثلث، إلا إذا أجازها الورثة. عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه -رضي الله عنه- قال: عادني النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: أوصي بمالي كله؟ قال: "لا" قلت: فالنصف؟ قال: "لا" فقلت: أبالثلث؟ فقال: "نعم، والثلث كثير" رواه البخاري (2591) ، ومسلم (1628) . وأنصح المرأة المذكورة بأن تعفو عن إخوتها طلباً للأجر والثواب من الله تعالى، فهو خير ما تتصدق به عليهم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن أفضل الصدقةِ الصدقةُ على ذي الرحم الكاشح". رواه أحمد (23019) من حديث أبي أيوب -رضي الله عنه- -وابن خزيمة في صحيحه (2386) والحاكم (1/564) من حديث أم كلثوم بنت عقبة -رضي الله عنها- وقال: صحيح على شرط مسلم. قال ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: "قيل في تأويل الكاشح هاهنا: القريب، وقيل: المبغض المعادي؛ فإنه طوى بكشحه على بغضه وعداوته وهو الصحيح والله أعلم" التمهيد (1/207) . وقال المنذري -رحمه الله تعالى-: "ومعنى الكاشح: الذي يضمر عداوته في كشحه وهو خصره، يعني أن أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه" الترغيب والترهيب (3/231) . وللعفو أجر عظيم وفضل كبير، قال تعالى: "وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يجب الظالمين" [الشورى:40] . وقال تعالى: "وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير" [البقرة:237] . وقال تعالى: "إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفواً قديراً" [النساء:149] . وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم" [التغابن:14] .

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي؟ فقال: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك". رواه مسلم (2558) . وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا أن لا تظلموا". رواه الترمذي (2007) ، والطبراني (8765) وقال الترمذي: حديث حسن غريب. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

دليل تحديد مسافة القصر!

دليل تحديد مسافة القصر! المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/01/1427هـ السؤال على أي أساس اعتمد العلماء مسافة القصر في السفر بأنها 80 كيلو متر؟ أرجو ذكر ما قاسوا عليه. أثابكم الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن من أبرز ما اعتمد عليه العلماء في تحديد مسافة القصر ما يأتي: 1- رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بسند ضعيف أنه قال: "يا أهل مكة لا تقصروا في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان" رواه الطبراني في المعجم الكبير (11162) والدارقطني (1/387) والبيهقي (3/137) . 2- وقد صح الحديث السابق موقوفاً على ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سئل: أنقصر الصلاة إلى عرفة؟ قال: لا، ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف". [التلخيص الحبير 2/46] . 3- وكان ابن عمر وابن عباس -رضي الله عن الجميع- يصليان ركعتين ويفطران في أربعة بُرُدٍ فما فوق. 4- وقد ركب ابن عمر -رضي الله عنهما- إلى ذات النصب فقصر الصلاة، وبينها وبين المدينة أربعة برد. [فتح الباري 2/566] . والبرد جمع بريد، والبريد العربي يقدر بـ (22.176 كيلو متر) وعلى هذا التقدير فمسافة القصر تساوي (88.704) (كيلو متر) . [الفقه الإسلامي وأدلته 1/74-75] . وهذا قريب من المسافة الفعلية بين مكة وجدة، وبين مكة والطائف كما هو مشاهد. والخلاف في المسألة طويل وقديم، وقد ساق بعض أهل العلم عشرين قولاً للعلماء في هذا الباب. والله سبحانه وتعالى أعلم.

الحكمة من فرض الجزية

الحكمة من فرض الجزية المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/01/1427هـ السؤال ما الحكمة من فرض الجزية على غير المسلمين؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ففرض الجزية على غير المسلمين من أهل الذمة، مقصوده الأعظم كون الدين كله لله، وكون كلمة الله هي العليا، باستسلام غير المسلمين، وإذعانهم لأحكام الملة. وقد يقترن بهذا الهدف أهداف أخرى من مقتضى عقد الذمة، مثل: الكف عنهم والحماية لهم، وهذا العقد ينقل غير المسلم من صف المحاربين، الذين تستباح دماؤهم وأموالهم في كل شرعة، إلى بر الأمان، حيث تتكفل الأمة المسلمة -بأجمعها، لا الحاكم فقط- بحفظ حقوقهم المدنية، والذود عنهم، وافتكاك أسيرهم، وإطعام جائعهم، وكسوة عاريهم، في حال العجز. فهو عقد كسائر العقود، يتضمن حقوقاً، وتترتب عليه واجبات، وهو بهذه النتيجة لون من ألوان التسامح، مقارنة بما يفعله المنتصرون في الأمم الأخرى بالمنهزمين، من إبادة، وتهجير، واسترقاق. إن عقد الذمة لا يحمل المسلمين على نبذ مواطنيهم، وقطع الإحسان إليهم، كلا! بل جاءت النصوص بوجوب العدل في معاملتهم، والترغيب في الإحسان إليهم، ومن صور ذلك: حسن جوارهم، وعيادة مريضهم، وتشميت عاطسهم، والقيام لجنائزهم، وجواز الصدقة والوقف على فقرائهم، بل والوصية لهم، ومنحهم حرية التنقل، والتكسب، والاتجار داخل دار الإسلام، وكل ذلك معروف في الشريعة. ومن ثم، فإن عقد الذمة لا يناقض مدلول قوله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" [الممتحنة:8] . والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

تفضيل بعض الأولاد مكافأة له

تفضيل بعض الأولاد مكافأةً له المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/02/1427هـ السؤال والدي يملك أرضاً سكنية وله عدد من الأولاد، فقام بإعطاء أحد إخوتي قطعة من الأرض، وعند طلب أخي الزواج قال له: بِعْ من الأرض وتزوج، أما أنا فقد تزوجت على نفقتي الخاصة، كما أنه حجَّ العام الماضي على نفقتي، ولكني فوجئت بأنه كتب لي جزءًا من الأرض مقابل تكلفة الحج، فقلت له: اكتب لكل أخ من إخوتي مثلي. فهل يجوز لي ولأخي أخذ الأرض دون إخوتي؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالواجب على والدكم العدل بين أولاده في العطية، ولا يجوز له تفضيل بعضهم على بعض بدون سبب شرعي يقتضي ذلك، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَكُلَّ ولدك نحلته مثل هذا؟ ". فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فأرجعه". وفي رواية أنه جاء ليشهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ذلك فقال: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ ". قال: لا، قال: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". قال: فرجع فرد عطيته. وفي رواية أنه لما جاء ليشهد الرسول صلى الله عليه وسلم: قال لا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور، أشهد على هذا غيري. انظر صحيح البخاري (2587،2586) ، وصحيح مسلم (1623) . أما إذا كان التفضيل والتخصيص لبعض الأولاد لسبب ومعنى يقتضي التخصيص فقد أجازه جمع من أهل العلم، فقد جاء في المغني لابن قدامة (5/665) ما نصه: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو أكثر عائلة، أو اشتغاله بالعلم ونحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفعه فيها؛ فقد رُوي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك) . وبناءً على هذا نقول إن كان والدكم قد خص أخاكم لمعنى يقتضي ذلك، كفقره أو عدم قدرته على العمل أو نحو ذلك مما يقتضي تخصيصه، جاز له ذلك. كما تقدم. والله أعلم.

زنى بها ثم تزوجها وهي حامل منه!

زنى بها ثم تزوجها وهي حامل منه! المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/02/1427هـ السؤال زنى رجل بامرأة ثم حبلت بالزنى، ثم تزوجها قبل أن تضع بثلاثة أشهر. فما حكم المولود مع أم الرجل وأخواته، هل يجوز له الخلوة بهن؟ وهل يجوز للرجل نسبة الولد إليه؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن الزنا جريمة عظيمة، ونكاح الحامل أيضاً باطل. أما بخصوص الولد فمن العلماء من رأى إلحاقه بأبيه من الزنا إن لم تكن المرأة فراشاً لغيره؛ حفظاً لنسبه من الضياع ولئلا يعير، فقد جاء في الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية تأليف البعلي (ص400) ما نصه: (وإن استلحق ولده من الزنا ولا فراش لحقه، وهو مذهب الحسن وابن سيرين والنخعي وإسحاق) . وجاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية -رحمه الله- (32/113) : إن لم تكن المرأة -أي المزني بها- فراشاً: قولان للعلماء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" فجعل الولد للفراش دون العاهر، فإن لم تكن المرأة فراشاً لم يتناوله الحديث، وقد ألحق عمر أولاداً ولدوا في الجاهلية بآبائهم، وليس هذا موضع بسط المسألة) . وجمهور العلماء على أنه لا يلحق بمن زنا، فالولد ولد زنا فهذا القول في نظري هو القول الراجح، بل الأصح من قولي العلماء. وبناءً عليه فالجواب عن السؤال: أن نقول للسائل: إذا كان الواقع ما ذكرته من حمل المرأة من الزنا قبل أن تتزج بها فالولد ولد زنا، ولا يلحق بمن زنا بها نسباً وإنما ينسب لأمه، ثم إنَّ الزواج باطل، وعليكما تجديده بالوجه الشرعي إذا كان كل واحد منكما يرغب في الآخر. كما عليكما أن تتوبا إلى الله وتستغفراه وتعزما على ألاَّ تعودا لمثل فعلكما وتندما على ما فات، والتوبة تجب ما قبلها، قال تعالى: "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا، إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" [الفرقان: 68-70] . وقال تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [الزمر: 53] . هذا وليعلم السائل أنه على القول الأصح من قولي العلماء كما تقدم هو القول: (أن الولد لا يلحق بالزاني نسباً) فهو ولد زنا، وبناءً عليه فليس محرماً لأمه وأخواته وسائر محارمه فهو أجنبي. والله أعلم.

تختم المرأة في السبابة والوسطى!

تختُّم المرأة في السبابة والوسطى! المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/01/1427هـ السؤال هل كراهية التختُّم في السبابة والوسطى ينطبق على الرجال فقط، أم على الرجال والنساء معاً؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإنني أرى أن كراهية التختم في السبابة والوسطى مما يختص بالرجال؛ ذلك أن المرأة هي محل الزينة والحلية، فلها أن تتزين بالحلي في أي موضع من بدنها ما لم يصل إلى حد الإسراف والتبذير أو المفاخرة. وقد ذكر بعض أهل العلم اتفاق الفقهاء على جواز تحلي المرأة في أي موضع شاءت من بدنها، فقد جاء في الموسوعة الفقهية التي تصدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت (11/26) ما نصه: (لم يختلف الفقهاء في موضع التختم بالنسبة للمرأة؛ لأنه تزين في حقها، ولها أن تضع خاتمها في أصابع يديها أو رجليها أو حيث شاءت، ولكن الفقهاء اختلفوا في موضع التختم للرجل) . ولم يذكر أصحاب الموسوعة مراجع لما ذكروه من الإجماع، لكنه ليس ببعيد عن الصحة لما تقدَّم. والله أعلم.

أيهما الأفضل: قراءة القرآن أم الاستمتاع إليه؟!

أيهما الأفضل: قراءة القرآن أم الاستمتاع إليه؟! المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/02/1427هـ السؤال هل أجر قراءة القرآن على الكومبيوتر مثل أجر القراءة من المصحف الشريف، حيث على الكومبيوتر يقرأ قارئ القرآن، وأنا أستمع له وأشاهد الكلمات؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالقراءة حسب حال القارئ أو المستمع، فالاستماع إذا كان من قارئ مؤثر ممن يستريح المستمع إلى تلاوتهم كتاب الله، ويكون تأثير الاستماع أكثر تأثيرًا من القراءة فهذا أفضل، بشرط أن لا يكون الاستماع بديلاً عن القراءة من المصحف، وأنصح أن تكون تلاوتك للقرآن على أحد القراء المتقنين من أهل القرآن الكريم. وأسأل الله أن يكون معكم مسددًا ونصيرًا بالحق وعلى الحق على منهج السنة المحمدية والقرآن الكريم المنزّل من عند الله عز وجل، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

هل هذا ظهار؟

هل هذا ظهار؟ المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/03/1427هـ السؤال لي صديق اتصل هاتفيًّا بزوجته، فرد عليه ابن أخيه، وقال له: إن زوجتك لا تريد أن تتكلم معك. وهذا ليس صحيحا، بل كانت مشغولة في أعمال البيت، فلما جاءت ورفعت سماعة الهاتف قال لها: أنت عليَّ مثل أمي وأختي. هل هذا يمين أم ظهار؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن هذا القول يعتبر ظهاراً وهو منكر من القول وزور لا يجوز، كما قال الله سبحانه وتعالى: "وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا" [المجادلة:2] فقد أباح الله الزوجة لزوجها، فلا يجوز تحريمها وجعلها كظهر الأم أو الأخت، قال تعالى: "وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ" [النحل:116] . فعلى القائل التوبة الصادقة لله تعالى من هذا الذنب، وعليه كفارة الظهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يقطعهما إلا بعذر حسي أو شرعي، كيومي العيدين وأيام التشريق، وفي حالة المرض أو السفر لا لقصد الفطر. فإن قطعهما بغير عذر استأنف الصيام من جديد، وإن قطعه بعذر أكمل الصيام وبنى على ما مضى. فإن لم يستطع الصيام فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، وهو كيلو ونصف تقريباً من الأزر أو التمر أو البر ونحو ذلك، على أن تكون الكفارة قبل أن يمس زوجته، وأن لا يقربها إلا بعد الكفارة مع التوبة إلى الله والاستغفار؛ لقوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4] .

هل لوادي طوى قدسيه؟!

هل لوادي طوى قُدسيه؟! المجيب د. ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/05/1427هـ السؤال ورد في قصة موسى عليه السلام عندما سار بأهله قادما من مدين متجها لمصر مروره بالوادي المقدس طوى، أين هذا الوادي؟ وهل قدسيته باقية إلى هذا التاريخ؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، وبعد: فالوادي الذي أشار إليه السائل؛ هو الوادي الذي كلم الله فيه موسى عليه السلام، وهو واد يقع في جانب جبل الطور في سيناء، كما تدل عليه مجموع الآيات التي أشارت إلى هذا الموضع، إلا أن الناس وإن اتفقوا على أن هذا الوادي في سيناء، فقد اختلفوا في تحديد موضعه على التعيين. وأما قدسية هذا الموضع؛ فقد ثبتت بأدلة صريحة؛ منها قوله تعالى: "فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" [القصص:30] . وقوله تعالى: "فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى" [طه:11-12] . وهذه القدسية الثابتة لهذه البقعة باقية لها، لا ترفع عنها إلا بدليل صريح دال على ذلك. وهذه القدسية وإن كانت باقية لهذا الموضع، فإنه لم يثبت في الكتاب، والسنة، ولا فعل سلف الأمة ما يدل على تخصيصه بنوع من التعبد والتقرب فيه، ولذا فلا يجوز تخصيصه بشيء من العبادات والقرب. هذا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

الدراسة في كلية الطب المختلطة لسد الحاجة

الدراسة في كلية الطب المختلطة لسد الحاجة المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/04/1427هـ السؤال تعلمون حاجتنا للطبيبات المسلمات المتحجِّبات، وأمتنا تحتاج لمن يطبِّبها وخصوصاً من النساء، ونحن نعلم أنه لا أنا، ولا أنت يحبُّ أن يكشف الرجال الأطباء على زوجاتنا، وأمهاتنا، وأخواتنا حين الولادة، أو عند الحاجة للكشف على العورة المغلظة، إن ذلك يصيبنا -حقيقة- بنوع من الحرج البالغ، ولكنَّ المشكلة أنَّ كليات الطب في البلدان الإسلامية مختلطة بنسبة 95%، فهل ندخل أخواتنا كليات الطب المختلطة إن لم نجد كليات طب خاصة بالنساء؟ وكيف السبيل إذا أردنا أن تكون هناك طبيبات متخصصات للنساء، وأطباء متخصصون للرجال، هل المنع هو الحل الوحيد لمن أرادت أن تدرس الطب ولم تجد إلا كليات مختلطة؟ أو وجدت كلية غير مختلطة ولكنها بعيدة عن مكان إقامتها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأقول للسائل: سددوا وقاربوا، وأقول له: إن الأمر يختلف من شخص إلى شخص، ومن بيئة إلى أخرى، فإذا كانت الطالبة في جو من الصيانة، والعفة، وعدم الخلوة بالأجانب، وكانت أنظمة الجامعة لا تسمح بالتلاعب، ولا الخروج على الأخلاق، وغلب عليها ذلك، سواء في العلاقة بين الطالبات والطلاب، أو بين الطالبات والأساتذة، في هذه الحالة لا مانع أن تدرس الطالبة بناء على الأسباب التي ذكرها السائل من ضرورة إيجاد ممرضات، ومولدات وطبيبات لأمراض النساء. أما إذا لم يكن الأمر كذلك، وغلب الفساد فيختلف الحكم في ذلك، والعبرة في الشريعة بالغالب، دون النادر، فلو ضاعت وانفلتت طالبة أو طالبتان، أو وقع في إحدى الجامعات ما ينكر وكان نادراً، فهذا لا عبرة به، إنما العبرة بالغالب الأعم، إذ الغالب كما يقول أهل القواعد الفقهية مقدم على النادر، والله أعلم.

زكاة الزروع تسقى بالآبار

زكاة الزروع تُسقى بالآبار المجيب أحمد بن محمد الرزين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/05/1427هـ السؤال ما هي زكاة المزروعات المسقية بالماء وهل صحيح أن تكون مسقية بماء من الأرض يعادل ماء السماء. الجواب المزروعات -التي تجب فيها الزكاة وبلغت نصاباً- يجب إخراج العشر (10%) من ثمرتها إذا كانت تسقى بمياه الأمطار فقط، ويجب إخراج نصف العشر (5%) فيما سقي بمؤنة من الآبار وغيرها. واتضح لي من سؤالك أنك تسقي زرعك بمؤنة، أي أنك من يستجلب الماء، إليه وأنه يخالط ذلك شيء من مياه الأمطار. وحينئذٍ فإذا كان يغلب على ظنك أن سقيه بمياه الأمطار يعادل سقيك له بالماء المجلوب، فعليك إخراج ثلاثة أرباع العشر (7.5%) -وإذا كان يغلب على ظنك أن إحدى الحالتين أكثر وأنفع، فالواجب إخراج الواجب باعتبار تلك الحالة والله تعالى أعلم.

بقول من آخذ؟!

بقول مَن آخذ؟! المجيب محمد بن عبد الله المجلي قاضي بالمحكمة العامة في محافظة دومة الجندل التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/05/1427هـ السؤال أنا طالب علم أدرس كتابي عمدة الأحكام وعمدة الفقه على شيخين جليلين في علمهم وورعهم لكن المشكلة لدي في بعض المسائل يرى أحدهم مثلا الكراهة والآخر يرى التحريم وهكذا الاختلاف كثير عندهم في المسائل فكيف أتعامل مع تلك وكيف أعرف الرجح منها حيث كل منهم على علم وورع. الجواب الحمد لله وحده وبعد أسأل الله لك التوفيق في طلب العلم وأنصحك بإخلاص النية لله وحده والاجتهاد والشغف بطلب العلم أما اختلاف آراء أهل العلم فهو شيء واقع ولن يزول، ويرجع ذلك لأمور عدة منها: غياب الدليل عن أحدهم، أو تصحيح أحدهم لدليل يضعفه الآخر. واختلاف الاجتهاد من عالم لآخر ينتج عنه اختلاف الآراء. وأنصحك بقراءة كتاب (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) لشيخ الإسلام ابن تيمية فقد وضح فيه ذلك. وفي حال اختلاف العلماء في الآراء على طالب العلم أن يجتهد هو بجمع الأدلة ومعرفة الصحيح من الضعيف منها، والنصي منها من غيره، وينظر للمسألة وأدلتها من جميع الجوانب، ثم يقوم بالترجيح بينها حسب طرق الترجيح التي ذكرها أهل العلم. وما يترجح له يعمل به. وفق الله الجميع.

هل تجب مفارقة هذا الزوج؟!

هل تجب مفارقة هذا الزوج؟! المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/02/1427هـ السؤال هل يجوز الاستمرار في العيش مع زوج يشرب الخمر، ويقضي إجازاته في السهر والغناء والرقص وإشباع الهوى وعدم الصلاة، أم الأفضل طلب الطلاق؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، وبعد: فإن صحَّ ما ذكرت عن هذا الزوج فهو رجل سوء، واقع في منكرات عظيمة، أشدها جرماً تركه للصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الدين وأول ما يحاسب عنه العبد، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن ضاعت فهو لما سواها أضيع. بل ذهب كثير من العلماء إلى أن تارك الصلاة كافر خارج عن ملة الإسلام، واستدلوا بأدلة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". أخرجه مسلم (82) من حديث جابر -رضي الله عنه-، وقال صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". أخرجه الترمذي (2633) وصححه. وصحّ عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. وفي رواية قال: لا إسلام لمن لا يصلي. وسأل رجل جابراً -رضي الله عنه-: أكنتم تعدون الذنب فيكم شركاً؟ قال: لا. قال وسئل: ما بين العبد وبين الكفر؟ فقال: ترك الصلاة. وقال التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي: لم يكن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. ذكر هذه الآثار المروزي في كتابه "تعظيم قدر الصلاة" (929، 930، 947، 948) ، والأخير منها أخرجه الترمذي (2622) . كما أن من عظائم المنكرات التي وقع فيها هذا الرجل شربه للخمر التي هي أم الخبائث ومفتاح كل شر، وفي الصحيحين البخاري (5256) ، ومسلم (57) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن". وفي صحيح مسلم (2002) من حديث جابر -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل مسكر حرام، إن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال" قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: "عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار". وإذا اجتمع مع ذلك غناء ومعازف فالخسف والمسخ قاب قوسين أو أدنى، قال صلى الله عليه وسلم: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم -يعني الفقير- لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غداً. فيبيتهم الله ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة" أخرجه البخاري (5590) من حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه-. و (الحر) : الفرج الحرام، والمراد الزنا. و (المعازف) : هي آلات اللهو والغناء بجميع أنواعها. و (العلم) : هو الجبل. و (السارحة) : هي الغنم. فهؤلاء القوم اجتمعوا على الخمر والعزف والزنا والحرير واللهو فأسقط الله على بعضهم الجبل ومسخ آخرين قردة وخنازير.

وعلى ذلك فالواجب عليك نصح هذا الرجل، والإنكار عليه بالقلب واللسان، ولك أن تستعيني -بعد الله تعالى- بمن يعينك، فإن أقلع وندم فالحمد لله وهو زوجك، وإن أبى إلا الفساد والضياع فلا يجوز لك الاستمرار معه، وهو على هذا الحال، بل عليك شكايته إلى المحكمة الشرعية، والقاضي -إن شاء الله تعالى- سيحكم بينكم بما تبرأ به ذمته. أسأل الله تعالى أن يهدي هذا الزوج، وإن يرده لرشده، وأن يعينك ويسددك ويشد من أزرك. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ضرب المتهم عند التحقيق!

ضرب المتهم عند التحقيق! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/12/1426هـ السؤال أعمل في إحدى مراكز الشرطة كمحقق في مختلف القضايا الجنائية والسؤال ما هو حكم استخدام الضرب بشكل عام وفي الحالات التالية: 1- إذا كان الضرب لانتزاع الاعتراف من شخص مشهور بالفساد مع وجود قرائن عديدة على ارتكابه لذلك الجرم إذا كان في إنكاره ضياع للحق العام أو الحقوق الخاصة. 2- ما حكم الضرب للتأديب كتأديب عاق الوالدين أو من يقومون بأذية الناس والجيران في حالة انتهاء القضية دون وصولها للشرع. 3- بعض الأباء يطلبون إيقاف أبنائهم وتعريضهم للضرب من قبل الشرطة لتأديبهم على عصيانهم لهم دون الرفع عنهم للوجه الشرعي. 4- ضرب الأشخاص الذين يحاولون الإنقاص من قيمه الأمن ورجال الأمن بالتلفظ عليهم بحضرة الناس. 5- لوحظ تعدد القضايا لبعض الأشخاص الذين ينتهي موضوعهم في نفس اليوم في القضايا الجنائية إذا لم يتعرضوا للضرب المبرح، كما لوحظ أنهم يفهمون ذلك على أنه ضعف في إجراءات الشرطة، كما لوحظ أن من يتم عقابهم بالضرب حالا لا تتم مشاهدتهم في قضايا أخرى أو مشابهة للقضايا التي قبض عليهم فيها باستثناء أرباب السوابق. 6- هل يدخل من يقوم بضرب الناس من رجال الشرطة في القضايا الجنائية في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما معناه: "صنفان من أهل النار لم أرهما" ... وذكر منهما: "رجال يحملون سياطا كأذناب البقر يضربون بها الناس". آمل الإفادة بشيء من التفصيل، أثابكم الله. الجواب الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالحالات (1، 2،3، 5) في السؤال متشابهة: فأقول: إن قيام المسئول بضرب الجاني أو المعتدي المنتهك لحق من حقوق الله أو حقوق العباد أو كان الضرب لانتزاع الاعتراف من شخص اشتهر بالفساد أو له سوابق من ذلك - فالضرب لهؤلاء وأمثالهم جائز شرعاً. وثبت في السنن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حبس في تهمة. سنن أبي داود (3630) ، وجامع الترمذي (1417) ، وسنن النسائي (4875) . وفي غزوة بدر ظفر المسلمون برجلين على الماء فجأوا بهما إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي -ورجوا أن يكونا من جيش أبي سفيان وهما يقولان: نحن سقاة قريش. فكانوا إذا ضربوهما قالا: نحن لأبي سفيان وإذا تركوهما قالا: نحن سقاة قريش فلما سلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صلاته قال: "إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما". السيرة النبوية لابن هشام (3/163-164) ، وتاريخ الطبري (2/28) ، والثقات لابن حبان (1/160-161) . وهذا منه صلى الله عليه وسلم إقرار على الضرب التهمة وإنما أنكر على أصحابه استمرار الضرب بسبب بعد اعتراف المتهم. وعلى هذا فإن الضرب في هذه الأحوال (1،2،3،5) في السؤال فيما لا يتوقف الحكم فيها على الدعوى (الخصومة) وإنما على الحسبة فقط وعامة الجزاءات المعمول بها عند الشرط هي في الأصل من باب الاحتساب وعلى الضابط وهو يقوم بضرب المتهم المشهور بالفساد أو من له سوابق فيه أن يتذكر أنه يقوم مقام المحتسب فلا يظلم ولا يحابي قريبًا أو صديقًا.

أما الحالة الرابعة في السؤال وهي التأديب بالضرب لمن يحاولون الانتقاص من الأمن أو رجاله عن طريق التلفظ بما لا يليق. ففي هذه الحالة لا يجوز لك تأديب السَّاب المنتهك بالضرب ونحوه فإن هذا من باب التشفي والانتقام لا غير، وحظوظ النفس أسرع ما يدخل إليها الشيطان فتحصل مفسدة أعظم وأكبر مما تلفظ به عليك. أما الحالة السادسة في السؤال وهي السؤال عن دخول الضابط المحقق في حديث مسلم المذكور فلا يدخل المحقق بضرب المتهم -إذا كان مأذوناً له وكان محتسباً لا يزيد عن قدر الحاجة ولا ينتقم لنفسه أو زميله وصديقه. وإذا اختلت هذه الشروط والأوصاف فهو داخل في الوعيد في هذا. وقد صدقت معجزة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث حيث ترى كثيرا من الشرط في العالم الإسلامي يظلمون الناس فيضربون أبشارهم وربما اعتدوا على أموالهم وأعراضهم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الزواج بشاهد واحد!

الزواج بشاهد واحد! المجيب عبد الرحمن بن عبد الله اللهيبي رئيس محكمة التمييز سابقا التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/12/1426هـ السؤال عندما يتزوج الإنسان زواجاً شرعياً إسلامياً لكن بحضور شاهد واحد فقط هل يصح هذا النكاح؟ الجواب الزواج لا يكون شرعياً إلا إذا توفرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه فما دام أن عقد الزواج لم يحضره إلا شاهد واحد فإني أنصحك -خروجاً من خلاف العلماء- أن تعيد عقد هذا النكاح بحضور شاهدين، علماً أن عقد النكاح إذا كان قد حضره ولي المرأة والزوج وشاهد واحد مع الذي يتولى إجراءات عقد النكاح فإن هذا العقد يعتبر قد حضره شاهدان وليس شاهد واحد لأن العاقد يعتبر شاهداً. أما إذا لم يحضره إلا ثلاثة فأنصحك بإعادة عقده -كما ذكرت- والله تعالى أعلم.

بيع بطاقات صرف البنزين!

بيع بطاقات صرف البنزين! المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/04/1427هـ السؤال نحن الآن في العراق يباع البنزين في بعض المحطات بالبطاقات، هل يجوز شراء وبيع البطاقات مع العلم أن هناك ضماناً من قبل البائع للكمية وفي حالة عدم وجود البنزين تعاد البطاقة للبائع ويعيد هو بدوره الثمن. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فبيع البطاقات التي يعطى مقابلها الوقود (البنزين) من قبل صاحب محطة الوقود أو المتعهد بتأمين الوقود مباح لا حرج فيه ما دامت كميّة الوقود محددة. ولا حرج في إعادة القيمة عند العجز عن تأمين الوقود بنفس السعر وبيعها (من مشتريها) على الغير، كذلك لا حرج فيه على المختار من أقوال أهل العلم، بشرط أن يبيعها بسعرها الحالي فلا يأخذ أكثر من سعر كمية الوقود المدوّن في البطاقة وقت بيعه، وأن يأخذ قيمتها مباشرة دون تأجيل. فإذا اختل أحد هذين الشرطين بأن باعها بأكثر من سعرها الحقيقي أو صارت القيمة مؤجلة فإنه لا يظهر لي جواز هذا البيع، والله أعلم.

هل هذا من بيع الآجل أم الربا؟

هل هذا من بيع الآجل أم الربا؟ المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/03/1427هـ السؤال أنا أعمل لدى متعهد (مؤسسة خاصة) للدوائر الحكومية، طبيعة عملها شراء وتأمين ما تحتاجه بعض القطاعات الحكومية من السوق داخليا أو خارجياً، وبعد ذلك تقوم بإضافة نسبة العمولة (20%) إلى سعر السوق، بحيث إن القطاع الحكومي يدفع للمؤسسة بالآجل، وفي بعض الأحيان يحتاج القطاع الحكومي إلى السيولة لشراء ما يحتاجه، فتقوم المؤسسة بإعطائك المال نقدًا، وعند السداد تقوم بإضافة نسبة العمولة. فهل يعد هذا ربا؟ وفي حالة وجود ربا فهل راتبي الذي أخذته يعتبر حرامًا؟ وهل يجب عليَّ ترك العمل والبحث عن عمل آخر، وإخبار صاحب المؤسسة بسبب تركي العمل؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن ما تقوم به المؤسسة المذكورة من توفير احتياجات بعض القطاعات الحكومية، حيث تقوم بالشراء من السوق، وتضيف هامش ربح، على أن تسدد الجهة العامة نقدا أو بالآجل لا حرج فيه ولا إشكال، فهو من البيع الذي أحله الله في كتابه، وإن كانت الجهة العامة هي التي تعين السلعة، وتطلب من المؤسسة الخاصة شراءها لها على أن تسدد بعد مدة بسعر أعلى متفق عليه فهذا أيضا لا إشكال فيه، وهو ما اصطلح على تسميته اليوم بالمرابحة للآمر بالشراء، وهو جائز -إن شاء الله- بشرطه، بحيث يدخل في ملك المؤسسة، ثم تبيعه على الجهة العامة. وأما أن تقرض المؤسسة الخاصة الجهة الحكومية مالاً -على أن تسدده هذه الأخيرة بعد مدة مضافًا إليه نسبة من القرض قلَّت أو كثرت- فهو عين الربا الذي حرمه الله في كتابه. وأما عن مشروعية العمل في مثل هذه المؤسسات، فهذا يعود إلى طبيعة عمل المؤسسة أساسا، فإن كان عملها الأصلي هو الحلال وهو الغالب عليها، وإنما يدخل عليها بعض المال الحرام، فالعمل فيها جائز، وعلى المرء أن يتجنب عقد الصفقات المشبوهة أو المحرمة ولا يقربها، وراتبه الذي يأخذه على عمله الحلال حلال إن شاء الله، ومن وجد عملا مكافئا لعمله في مكان آخر لا شبهة فيه فالأحوط لدينه أن ينتقل. والله أعلم.

تزويج المرأة نفسها في السر!

تزويج المرأة نفسها في السر! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/11/1426هـ السؤال أنا امرأة توفي زوجي وتقدم لخطبتي رجل في نفس عمري عن طريق إحدى قريباته، وأنا موافقة وفي حاجة إلى وجود رجل في حياتي، وأخشى على نفسي الحرام، ولكن أبنائي يستحيل أن يقبلوا بذلك ولا حتى إخوتي، ويعتبر من المحرمات في مجتمعنا. فهل يجوز أن أزوج نفسي من هذا الرجل سراًً؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن شروط صحة النكاح: الولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (19518) ، وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. أما لو زوجت المرأة نفسها فنكاحها باطل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل" الحديث رواه أبو داود (2083) ، والترمذي (1102) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وقال الترمذي: هذا حديث حسن. فإذا تقدم للمرأة من يرضى خلقه ودينه فعضل الولي انتقلت الولاية إلى من بعده من الأولياء، وهكذا فإن عضل الجميع انتقلت الولاية للسلطان أو نائبه، وهو القاضي الشرعي. لذا فعلى الأخت السائلة في حال امتناع جميع الأولياء من تزويجها الكفء التقدم للمحكمة الشرعية -هي أو الراغب في نكاحها - للنظر في ذلك شرعا، وسيتم إجراء ما تقتضيه الأصول الشرعية بلا ضرر ولا ضرار، وأشير إلى أنه يحرم على الأولياء العضل، وأُذكِّرهم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) ، والحاكم (2742) وصححه. أما ما ذكرته من أن أولياءك يرون زواج من توفي زوجها من المحرمات فهذا مما لا أصل له في الشرع، بل السنة جاءت على خلاف ذلك، فقد تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أم سلمة -رضي الله- عنها بعد وفاة زوجها ولها أولاد، فعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها. إلا أخلف الله له خيرا منها"، قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، قالت: أرسل إليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له؟ فقلت: إن لي بنتا وأنا غيور. فقال "أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة" رواه مسلم (918) .

كما تزوج صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- بعد وفاة زوجها، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد شهد بدرا توفي بالمدينة، قال عمر: فلقيت عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فعرضت عليه حفصة، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر؟ قال: سأنظر في أمري. فلبثت ليالي فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. قال عمر: فلقيت أبا بكر فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر؟ فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك؟ قلت: نعم. قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولو تركها لقبلتها. رواه البخاري (3783) . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل يجب على الأم إرضاع ولدها؟!

هل يجب على الأم إرضاع ولدها؟! المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/11/1426هـ السؤال هل إرضاع الطفل دون سنتين من العمر واجب أم مستحب؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فلا خلاف بين أهل العلم في وجوب إرضاع الطفل ما دام في حاجة إليه، وفي سن الرضاع؛ صيانة له من الهلاك. وذهب الجمهور من الشّافعيّة والحنابلة إلى أنه يجب على الأب استرضاع ولده، ولا يجب على الأم إرضاعه، وليس له إجبارها عليه، دنيئةً كانت أم شريفةً، إلاّ إذا تعيّنت بأن لم يجد الأب من ترضع له غيرها، أو لم يقبل الطّفل ثدي غيرها، أو لم يكن للأب ولا للطّفل مال، فيجب عليها حينئذٍ، واستدلوا على كون الإرضاع واجبا على الأب بقول الله تعالى: "وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى" [الطلاق:6] ، وإن اختلفا فقد تعاسرا. قال ابن قدامة رحمه الله: (ولأن الإجبار على الرضاع لا يخلو إما أن يكون لحق الولد أو لحق الزوج, أو لهما، لا يجوز أن يكون لحق الزوج فإنه لا يملك إجبارها على رضاع ولده من غيرها, ولا على خدمته فيما يختص به، ولا يجوز أن يكون لحق الولد، فإن ذلك لو كان له للزمها بعد الفرقة, ولأنه مما يلزم الوالد لولده فلزم الأب على الخصوص كالنفقة, أو كما بعد الفرقة، ولا يجوز أن يكون لهما؛ لأن ما لا مناسبة فيه لا يثبت الحكم بانضمام بعضه إلى بعض، ولأنه لو كان لهما لثبت الحكم به بعد الفرقة) . والأم إذا طلبت إرضاع ولدها بأجر مثلها فهي أحق به، سواء كانت في حال الزوجية أو بعدها، على قول جمهور الفقهاء، لقول الله تعالى: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة:233] . وقوله سبحانه: "فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن" [الطلاق:6] ، ولأنّها أحنى على الولد وأشفق، ولبنها أمرأ وأنسب له غالباً. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أوصى لزوجته ببيته مكافأة لمشاركتها

أوصى لزوجته ببيته مكافأة لمشاركتها المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/02/1427هـ السؤال زوجتي موظفة، وتشاركني في جميع أموري المادية، وقد قمنا بشراء أرض وبنائها، فما حكم كتابة ملكية المنزل باسمنا معًا، على أن تنتقل الملكية لزوجتي كاملة، في حالة وفاتي، دون أن يكون هناك حق لأحد ورثتي فيه؟ الجواب الحمد الله والصلاة والسلام على سول الله، وبعد: فالحقيقة أن الاتفاق بينك أنت وزوجك في شراء هذه الأرض وبنائها يعتبر من أعمال المشاركة، والشركة مباحة، وهذا المبنى الذي اشتريتما أرضه وقمتما ببنائه يكون ملكاً لكما على قدر مال كل واحد منكما، فما اتفقتما عليه من حيث المشاركة في الجهد وفي العمل وفي المال هو الذي يكون عليه نصيب كل واحد منكما، فإذا ماتت زوجتك قبلك فإن نصيبك من هذا المال لا يدخل ضمن ميراثها منك، وإنما لها الذي يخصها؛ فإن كان لكل منكما نصف هذا المبنى فإن نصيب الميت منكما يقسم على الورثة، ولا يدخل تلقائيا في ملك الحي منكما. وبناءً على ما سبق فإن ماتت زوجتك أوَّلاً فإنك ترث نصف نصيبها (ربع المبنى) إن لم يكن لها أولاد، وترث ربع نصيبها (ربع المبنى) إن كان لها أولاد. وإن متَّ أنت أوَّلاً فإن زوجتك ترث ربع نصيبك من المبنى إن لم يكن لك أولاد، فإن كان لك أولاد فإنها ترث ثمن نصيبك. والباقي من نصيب الميت منكما يقسم على بقية ورثته. أما لو أنك أعطيتها نصيبك من هذه الدار في حياتك، ولم يكن الأمر موقوفاً على الوفاة فهذه هبة منك لها ولا شيء فيها. وأما إن كانت الهبة معلقة على الوفاة فإن هذا قد نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله: "لا وصية لوارث" أخرجه الترمذي (2120) ، وغيره. والله أعلم.

حرمان الزوجة من الإنجاب

حرمان الزوجة من الإنجاب المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/02/1427هـ السؤال هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من الولادة؟ حيث إن زوجي يفضِّل عدم الإنجاب، وقد انتظرته طويلاً ليغيّر رأيه في هذا الأمر ولكن دون جدوى. فأرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على سول الله، وبعد: فليس لأحد الزوجين الامتناع عن طلب الأولاد وبذل الأسباب لذلك، إلا إذا كان هناك عذر يتطلب ذلك، كمرض أو خوف أو عدم استقرار في البلد أو غير ذلك من الأعذار التي تقتضي تأجيل الإنجاب لفترة معينة. أما الامتناع عن الإنجاب مطلقاً فليس ذلك من حق أحد الزوجين إذا كان الآخر يطالب بالإنجاب، وعلى الأخت السائلة أن تبذل الأسباب المأذون بها شرعاً من أجل أن تنجب دون أن يتسبب ذلك في ضررها أو ضرر زوجها. وطلب الولد من أهم المقاصد الشرعية للزواج، وقد جاء في الحديث: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". أخرجه أبو داود (2050) ، والنسائي (3227) ، وفي بعض الروايات "تناكحوا تناسلوا". وفقكم الله لكل خير، ورزقكم الذرية الصالحة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

نذر أن يصوم العام كله!

نذر أن يصوم العام كله! المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/02/1427هـ السؤال ارتكبت الكثير من المعاصي بيني وبين الله، وبعضها مع الناس، وأنا أؤمن بكرم الله -سبحانه وتعالى- ولا آمن مكره، فالله عفو غفور شديد العقاب.. وسألجأ إليه بالتوبة والدعاء والاستغفار عساه -جل في علاه- أن يرحمني برحمته، وأن يشملني بعطفه وكرمه.. سؤالي: أنوي في مشوار توبتي أن أنذر صوم عامٍ كامل متواصل طيلة أيامه، بما في ذلك أيام الجمع والعيدين، ابتداءً من أول محرم إلى آخر ذي الحجة، مع نيتي -بإذن المولى عز وجل- أن أقوم أيضاً خلال هذه السنة بالعمرة في رمضان والحج، وسيدخل ضمن أيام الحج فترة نذري بهذا الصوم أيضاً. فما حكم هذا النذر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: 1- مرحباً بك في قافلة العائدين إلى الله، ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يتوب علينا جميعاً، ويثبتنا على صراطه المستقيم. وإنه لمن علامات صدق التوبة أن يحس الإنسان بثقل ما كان عليه من الذنوب، فإن الذنب عند المنافق مثل الذبابة التي تنزل على وجه الإنسان ويتخلص منها بأبسط حركة، وأما عند المؤمن الصادق الإيمان فإن الذنب يكون مثل الجبل فوق رأسه، لا يدري متى يسقط عليه. 2 - أما فيما يخص فكرة صوم سنة متتابعة فلا أوافقك عليها؛ للأسباب التالية: أ- ما ذكرت من نيتك صيام يومي العيد، وهما يومان يحرم فيهما الصوم؛ لما ورد في الحديث الصحيح من نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهما، فيما أخرجه البخاري (1991,1990) من رواية عمر بن الخطاب، وأبي سعيد -رضي الله عنهما-. ب ـ أن هذا من التشدد الزائد، فقد أخرج البخاري (43) عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها امرأة، قال: "من هذه؟ " قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: "مه، عليكم بما تطيقون.." وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه. ج- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نفى الفضيلة عمَّا زاد على صيام داود -عليه السلام-، كما رواه البخاري (1840) في هذه القصة التي أختم لك بها لشبهها بحالتك: قال عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: أُخْبِرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني أقول: والله لأصومن ولأقومن الليل ما عشت؟! فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي. قال: "فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر". قلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال: "فصم يوما وأفطر يومين". قلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال: "فصم يوماً وأفطر يوماً؛ فذلك صيام داود -عليه السلام- وهو أفضل الصيام". فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا أفضل من ذلك".

فأنصحك أخي بأن تصوم على البرنامج الذي ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- بخياراته المتعددة، ولا تلزم نفسك أو تنذر أحد هذه الخيارات؛ حتى لا تقع في الحرج إذا عرضت لك ظروف أو امتد بك العمر وضعفت قوتك، كما وقع لصاحب هذه القصة: فإنه لما امتد به العمر وضعفت قوته صار يقول: يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم. صحيح البخاري (1874) . وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى.

هل تطوى صحائف الأعمال آخر كل عام!

هل تطوى صحائف الأعمال آخر كل عام! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 30/12/1426هـ السؤال انتشرت بين الناس في هذه الأيام رسالةُ جوالٍ تحث على صيام آخر يوم من هذه السنة الهجرية 1426هـ لأن صحائف أعمال العام للمكلفين سترفع في هذا اليوم إلى الله، فينبغي على كل مسلم أن يختم صحائف عامه بعمل صالح، فهل لهذا أصل؟ أفتونا مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلم يرد نص في كتاب الله ولا في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صحائف الأعمال للعباد ترفع إلى الله آخر كل عام هجري ولا حتى ميلادي، كيف ونحن نعلم أن التأريخ بالهجري والميلادي وتحديد بدايته ونهايته إنما هو حساب بشري اصطلح عليه الناس، ولم يُتلقَ عن الشرع!! وإنما الذي جاء في النصوص الشرعية: أن الأعمال تعرض على الله كل اثنين وخميس، كما جاء ذلك في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً؛ إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا". وفي جامع الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال " تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم". وقد روي حديث في صحته نظر أن الأعمال ترفع في شهر شعبان، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال: " ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين؛ فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " أخرجه النسائي وأحمد، وفي سنده ضعف. كما جاء في الكتاب العزيز أنه يقضى في ليلة القدر أمرُ السنة كلها من حياة وموت ورزق وسائر أمور السنة، لكن لم يَرِدْ فيه أن الأعمال تعرض في ليلة القدر على الله، قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة أنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم، امراً من عندنا انا كنا مرسلين) سورة الدخان الآيات 3-5. قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} : (يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو موت أو حياة أو مطر) أخرجه محمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (7/ 399) . وقال رضي الله عنه: في قوله تعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم) : يعني ليلة القدر، ففي تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل، موت أو حياة أو رزق، كل أمر الدنيا يفرق تلك الليلة إلى مثلها من قابل) أخرجه الحاكم في المستدرك (2 / 487) وصححه، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 321) . وعلى هذا فلا معنى لتخصيص آخر يوم من أيام السنة الهجرية أو الميلادية بكثرة صيام أو صلاة أو غير ذلك من الأعمال الصالحة؛ إلا أن يوافق ذلك يوم الاثنين، أو الخميس، فيُصام ذلك اليوم عملاً بما ورد من استحباب صيامهما. وعلى المسلم ألا ينشر ما يرده من هذه الرسائل التي تدعو إلى تفضيل أيامٍ أو تخصيصها بعبادة قبل أن يسأل عن ذلك أهل العلم.

والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رد الشبكة عند فسخ الخطبة

رد الشبكة عند فسخ الخطبة المجيب سليمان بن عبد الله القصير عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/11/1426هـ السؤال كنتُ مخطوبة وتركني خطيبي في وضع سيئ، ويريد أن يأخذ الهدية التي قدمها لي، وهي الشبكة، فهل يجوز له أخذها؟ علما بأنه لم يردّ لي الهدايا التي أهديتُها له؟ الجواب الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد: فإن كان العرف بين الناس في بلدكم أن الشبكة هي هدية، أي أنها تدفع بلا مقابل كما يتهادى الناس بينهم, فلا يجب على المخطوبة ردها ما دام رفض الزواج جاء من الخطيب, وأما إن كانت الشبكة تعتبر جزءاً من المهر فيجب ردّها له ما دام عقد النكاح لم يتم؛ لأن المهر إنما يجب بإتمام عقد النكاح. والله أعلم, وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

ختان من تأخر إسلامه

ختان من تأخر إسلامه المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/03/1427هـ السؤال لقد سمعت أنّ الرجل إذا أسلم وهو غير مختون فلا يجب عليه أن يختتن، فما صحة ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالقول الصحيح أن الختان واجب في حق الرجال، وقد دلّ لهذا القول أدلة كثيرة من السنة، ولأنه لا تتم الطهارة الكاملة من النجاسة إلا بالختان، لكن إن خيف على المختون من الضرر -خاصة في حال الكبر- فقد نصَّ الفقهاء على عدم وجوبه، كما أنه لا بأس في حق المسلم الجديد أن يؤخر الختان حتى يتمكن في الإسلام ويرغب في شعائره، والله أعلم.

أينا أحق بحضانة الولد!

أيُّنا أحق بحضانة الولد! المجيب محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/03/1427هـ السؤال سوف أطلق زوجتي بعد استنفاذ جميع الطرق للحل، فإذا ذهبت للمحكمة وطلقتها بالثلاث غيابيًّا؛ -حيث إنها موجودة عند أهلها ولا توجد وسيلة اتصال لإبلاغها- هل يجوز ذلك؟ كما أن ولدي عمره سبعة أشهر، فهل صحيح أنني لا أستطيع أخذه إلا بعد أن تتزوج أمه؟ وكم النفقة الواجبة لولدي? الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما ذكرت في سؤالك أولاً والذي ينص على أنك إذا تريد أن تذهب للمحكمة وطلقت زوجتك بالثلاث غيابيًّا، حيث إنها موجودة لدى أهلها، ولا وسيلة للاتصال لإبلاغها؛ فهذا يتضمن أمرين: الطلاق بالثلاث، وهو طلاق بدعي محرم لا يجوز، فإن الطلاق الذي شرعه الله -تعالى- هو ما أمر به في قوله سبحانه: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ" [الطلاق:1] أي وهن طاهرات مستقبلات لعدتهن، ولحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- حينما أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يطلق زوجته وهي في طهر لم يجامعها فيه. صحيح البخاري (5252) ، وصحيح مسلم (1471) . فتنبه لذلك. وهل يقع واحدة أو ثلاثاً فهذا يرجع فيه إلى المحكمة التي أصدرت الصك المتضمن لهذا الطلاق. أما الأمر الثاني: أن يكون الطلاق غيابيًّا (يعني عن زوجتك) فهذا لا حرج فيه، ولو لم تعلم عند الطلاق ساعة إيقاعك له، لكن يجب عليك إبلاغها بهذا الطلاق بأية وسيلة، سواء بالذهاب إليها، أو إبلاغها بواسطة من يصل إليها، أو غير ذلك من الوسائل لأجل أن تعتد لهذا الطلاق. أما بالنسبة للسؤال عن الحضانة فما دام الابن عمره سبعة أشهر فالأصل أنه سيبقى في حضانة أمه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت أحق به ما لم تنكحي" أخرجه أبو داود (2276) . فإذا تزوجت فيكون من حق أبيه، وللأم حق إرضاعه في سن الرضاع، فإذا بلغ السابعة وكانت أمه لم تتزوج فيخير الذكر بين أبويه، فإن اختار أحدهما فيكون لديه. وأما النفقة فالواجب عليك الإنفاق على ابنك بالمعروف بما يكفيه من الكسوة والطعام والشراب والعلاج وجميع ما يلزمه بما جرت به عادة المسلمين؛ لقوله تعالى: "لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا" [الطلاق:7] ولم تحدد النفقات لكن جعل ذلك بالمعروف، وعند الاختلاف فالمرجع إلى المحكمة الشرعية للفصل فيها، والله هو الموفق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ضرب الخادمة

ضرب الخادمة المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/02/1427هـ السؤال ما تعليقكم على من يضرب شغالات المنازل, وهل الأمر حلال أم حرام؟ أرجو منكم الإفادة لما فيه من الأهمية القصوى. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن العاملات في المنازل أجيرات، وإن اختلفت تسمية الناس لهن بين خادمة وشغالة ونافعة وغير ذلك من أسماء وأوصاف، ولا يخرجهن ذلك عن حكم الأجير صفة وحكماً، والغالب عليهن أنهن قدمن من بلاد بعيدة طلبًا للرزق، فعلى رب العمل أن يحسن ضيافتهن ومعاملتهن ويؤدي إليهن حقوقهن وفق ما ينص عليه العقد بين الطرفين، فإن أحسن إليهن زيادة فإن الله يحب المحسنين. أما معاملتهن معاملة الإماء، وتكليفهن من الأعمال فوق طاقتهن، وجعل الليل والنهار وقتا للعمل، وإعارتهن للقريب والبعيد دون موافقتهن أو زيادة أجورهن، فكل ذلك حرام لا يجوز فعله، وأعظم ذلك مدُّ اليد عليهن ضربًا وتأديبًا، وليته كان تأديبا، فإن الأمة -وهي ملك لسيدها- لا يجوز له أن يؤدبها إلا كما يؤدب الرجلُ ولدَه وبنتَه، وهؤلاء الأجيرات لسن إماء ولا يأخذن حكمهن، فمن أعجبه عمل خادمته وراقه خلقها فهو المبتغى، وإن كان غير ذلك فليس له إلا أن يعيدها من حيث جاء بها، دون تعدٍّ عليها بالضرب والشتم، أو عدم إعطائها أجرها. والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.

الاكتتاب في شركة ينساب

الاكتتاب في شركة ينساب المجيب جمع من العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/11/1426هـ السؤال ما حكم الاكتتاب في شركة ينساب؟ الجواب كثرت التساؤلات عن حكم الاكتتاب في شركة ينساب بعد الإعلان عن طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام، نعرض فيما يلي وجهتي نظر في الموضوع بالإباحة والتحريم؛ لتكتمل الصورة بمجموعهما للقارئ، ويحصل التفهم لاختلاف النظر في هذه القضية. أولا: فتوى الشيخ الدكتور: يوسف بن عبد الله الشبيلي الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء ثانيا: فتوى الشيخ الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء ثالثا: فتوى الشيخ الدكتور: سعد بن تركي بن محمد الخثلان عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أولا: فتوى الشيخ الدكتور: يوسف بن عبد الله الشبيلي الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن نشاط شركة ينساب في صناعة البتروكيماويات، ومن خلال دراسة نشرة الإصدار المفصلة الخاصة بها تبين أنها حصلت على عمولات بنكية، كما وقعت على اتفاقية تمكنها من الحصول على قروض تجارية بالفائدة ومرابحات إسلامية من عدة بنوك، فالشركة بهذا تعد من الشركات المختلطة، والخلاف في الشركات المختلطة بين العلماء المعاصرين معروف، والأقرب -والله أعلم- أن الشركة إذا كانت لا تعتمد في نشاطها على المعاملات المحرمة فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله، بل يتخلص من الجزء المحرم منه ويبقى ما عداه مباحاً، وبالنظر إلى الإيراد المحرم الموجود في الشركة وقت الاكتتاب فإنه يسير جداً بل لا يكاد يذكر (أقل من واحد بالألف من أصول الشركة) ، وأما التمويل فلم تلتزم به الشركة إلى الآن، ومتى ما ارتبطت الشركة بشيء محرم منه فسيتم بيانه في حينه. وبناء عليه فالذي يظهر هو جواز الاكتتاب في الشركة، وإذا حصل المساهم على شيءٍ من الأرباح التي توزعها الشركة فيلزمه أن يتخلص من تلك الأرباح بقدر نسبة الإيرادات المحرمة فيها، أما الأرباح الناتجة من بيع السهم فلا يلزم التخلص من شيءٍ منها. وإني أدعو القائمين على الشركة إلى أن يكون جميع التمويل الذي ستحصل عليه تمويلاً إسلامياً، وأن تحول ودائعها إلى ودائع استثمارية موافقة للشريعة، فنحن-ولله الحمد- في بلدٍ قائمٍ على تحكيم شريعة الله. وكل ما يخالف هذه الشريعة الغراء فهو مرفوض شرعاً ونظاماً، وما تمارسه أي شركة من اقتراضٍ أو إيداعٍ بالفائدة يعد من التجاوزات غير النظامية التي يحق لأي مساهمٍ أن يعترض عليها، وهذا هو الحد الأدنى من الواجب على من ساهم في الشركات المختلطة، أن يعترض على تلك التجاوزات عند حضوره الجمعية العمومية للشركة. والله أعلم. يُتَأَكّد الاطلاع على الرابط الأتي: عشرة أسئلة حول ينساب ثانيا: فتوى الشيخ الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فشركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات "ينساب" شركة مساهمة تحت التأسيس تقوم بأغراض صناعية مباحة لإنتاج بعض المشتقات البتروكيماوية، ومن خلال دراسة نشرة الإصدار المفصّلة عن هذه الشركة -كما في موقع هيئة سوق المال- تبيّن أنها قد حصلت على وديعة لأجل (قرض بفائدة) من بعض البنوك المحلية على الأرصدة الموجودة في البنك من رأس المال الذي اكتتب به المؤسسون والذي يُقَدّر بـ (5.566.657.000) مليار ريال سعودي، وقد نصّت نشرة الإصدار أن هذه الوديعة تحقق فائدة ربوية سنوية بنسبة (4.85%) ، ولا شك أن هذه الفائدة الربوية محرّمة بإجماع العلماء. والعمولة التي تحصّلتها الشركة جرّاء هذه الوديعة، والتي ذُكرت في نشرة الإصدار بأنها (4.375.000) مليون ريال كانت يسيرة تقدّر بواحد من الألف؛ بسبب أن أموال المكتتبين لم تكتمل بعد، وبسبب قصر وقت الاستثمار بها، بدليل أن الفائدة قد تقرر بأنها (4.85%) سنوية، مع العلم بأن الشركة قد نصت في نشرة الإصدار بأن إنتاجها سوف يتم فعليًا خلال عام 2008م. ومن ثَمّ فسوف تكون أرباحها -إذا استمر الأمر على هذا الوضع- كلها من القرض بفائدة إلى حين الإنتاج تقريبًا. وبالتالي فلا يسوغ تجويز ذلك؛ بحجة أن هذه الفائدة يسيرة تقدّر بواحد من الألف. علمًا بأن الشركة قد حصلت على التزام واتفاق من قبل بعض البنوك تمكنها من الحصول على قروض تجارية (فوائد ربوية) ، ومرابحات إسلامية عادية، ولا شك أن هذا الالتزام والاتفاق على التمويل بالربا، وإن لم يتحقق فعليًا فإنه محرّم، لأن كلّ اشتراط أو التزام يخالف كتاب الله تعالى وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- فهو باطل، كما قال –صلى الله عليه وسلم-: "ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق، وشرطُ الله أوثق" متفق عليه. ومعنى (ليس في كتاب الله) أي مخالف لما جاء به الوحيين، وقد جاء النصّ الجلي الصريح بقوله: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون". وإذا كان الأمر كذلك فإن المساهمة في شراء أسهم شركة (ينساب) محرّم لأجل القرض الربوي، وقد ذهب جماهير أهل العلم المعاصرين، وغالب المجامع الفقهية -كالمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة شيخنا ابن باز -رحمه الله -، إلى حرمة المساهمة في شراء أسهم الشركات، التي أصل تعاملها مباح، غير أنها أقرضت أو اقترضت بالربا قلّ الربا أو كثر، لأن المساهم يُعَدُّ شريكًا في رأس مال الشركة، والسهم يمثل حصيلة مشاعة من صافي موجودات الشركة. ولم يأت دليل شرعي، أو نصٌّ فقهي يبيح ربا النَّسأ، وغالب الشركات المساهمة التي تُقرض أو تقترض بالربا، إنما هو ربا النسأ المجمع على تحريمه.

ثم إن غالب استدلال من جوّز يسير الربا، إنما احتج ببعض القواعد الفقهية والضوابط المذهبيّة، ولا شك أن الاحتجاج بالقاعدة الفقهية غير الكلية، والتي ليست هي نصّا شرعيًا، محلُّ اختلاف عريض بين أهل العلم أكثرهم على منعه، واستدلال بعض الفضلاء بجواز هذه الشركات لأنها مما عمّت به البلوى، وعمومُ البلوى من أسباب التخفيف على المكلفين. فيقال: إن إعمال هذه القاعدة، إنما هو فيما لا يمكن صونه، ولا التحرّز منه، وهذا إنما يتأتّى في بلد لا يكاد يوجد فيه استثمارات مباحة، أو في بلد لا تموِّل بنوكها إلا بالقرض بفائدة، وكل هذا غير متحقق في بلادنا حرسها الله وحفظها من كلِّ مكروه، فكل البنوك المحلية سواء التقليدية منها أو الإسلامية كلها تموِّل بالتمويل الإسلامي مع اختلافٍ في بعضها بالضوابط التي تلتزمها. ثم إن القائلين بجواز شراء أسهم الشركات المختلطة قد اشترطوا بألا يتجاوز الاستثمار المحرم عن (30%) أو (15%) على اختلاف بينهم من إجمالي موجودات الشركة أو من القيمة السوقية. وإذا كان الأمر كذلك فإن الاستثمار المحرم في شركة (ينساب) يزيد عن (80%) ، وبالتالي فهو لا يتوافق حتى مع القائلين بجواز شراء أسهم الشركات المختلطة، فيلزم أن تكون محرمة عندهم. وقد تألمت كثيرًا حينما اطلعت على نشرة الإصدار، وما فيها من استثمارات محرّمة وتسهيلات بنكية، كان لهذه الشركة مندوحة في استثمارها بالطرق الشرعية المباحة، والمتوفرة في جميع البنوك المحلية. فهذا الأمر مخالف للنصوص الشرعية والأنظمة المرعية في هذه البلاد التي جعلت الكتاب والسنة هما مصدر التشريع والتحاكم. ولا شك أن هذا التصرف سوف يحرم أناساً كثيرين يتطلعون إلى الرزق الحلال النقي من المساهمة في مثل هذه الشركات المختلطة، وكم كانوا ينتظرون مثل هذه الشركات العملاقة للمساهمة فيها لزيادة مدّخراتهم في السوق الأولية للأسواق المالية لضعف خبرتهم في السوق الثانوية، غير أنهم فوجئوا بمثل هذه القروض المحرّمة. وكم هو جميل وحسن أن يُعلن مسؤولو الشركة عن تخلّصهم من القروض الربوية، وتحويلها إلى استثمارات إسلامية، حتى يتمكن سائر المواطنين من الاكتتاب في مثل هذه الشركة العملاقة، وليكونوا قُدوة صالحة لغيرهم من مؤسسي الشركات المساهمة في الشجاعة للرجوع إلى الحقِّ والخير، ولا غرو فهذه البلاد بلادٌ مباركة، وأهلها خيرون. بلادٌ أعزَّتها جيوش محمد *** فما عُذرها أن لا تعزَّ محمدًا. أسأل الله أن يكلل هذه الجهود بالنجاح، وأن يعين أهل الخير للرجوع إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد. وصلى الله وسلم على نبينا محمد. ثالثا: فتوى الشيخ الدكتور: سعد بن تركي بن محمد الخثلان عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد:

أفادت نشرة الإصدار عن هذه الشركة بأنها قد حصلت على عمولات بنكية كما وقَّعت اتفاقية مع بعض البنوك تمكنها من الحصول على قروض تجارية (بفوائد ربوية) ومرابحة إسلامية، فهي بهذا تعد من الشركات المختلطة، وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكم الشركات المختلطة، فمنهم من أجاز بضوابط، ومنهم من منعها، والقول بالمنع هو الأقرب -والله تعالى أعلم- وهو رأي جماهير العلماء المعاصرين، وأخذ به مجمع الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي، وجاء في قرار مجمع الفقه بالرابطة -برئاسة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى-: (.. والتحريم في ذلك واضح؛ لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا، ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا -مع علم المشتري بذلك- يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءاً شائعاً من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة أو تقترضه بفائدة فللمساهم نصيب منه؛ لأن الذين يباشرون الاقتراض والإقراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه والتوكيل بعمل المحرم لا يجوز) ا. هـ. ومع أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة إلا أن الشريعة الإسلامية قد شددت في الربا تشديداً بالغاً، ولو كان الربا يسيراً لا يكاد يذكر، كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال: (أينقص الرطب إذا يبس؟) قالوا: نعم، فنهى عن ذلك. أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وهو حديث صحيح، فلم يرخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيع الرطب بالتمر، ولو مع التماثل في الكيل والتقابض -فلا يجوز بيع صاع تمر بصاع رطب ولو مع التقابض- لأن الرطب سوف ينقص إذا يبس، مع أن الفارق يسير، بل يسير جداً، ومع ذلك منع منه النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذا مما يرجح القول بمنع الاكتتاب وتداول الشركات المختلطة ولو كانت نسبة الربا فيها قليلة، وبهذا يتبين تحريم الاكتتاب في هذه الشركة. وإنني أدعو القائمين على هذه الشركة أن يتقوا الله -تعالى- ويذروا الربا؛ فإن الربا من كبائر الذنوب، وقد آذن الله تعالى فيه بالحرب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

طاعة الوالدين في تطليق الزوجة!

طاعة الوالدين في تطليق الزوجة! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/01/1427هـ السؤال خطبتُ وأنا طالب في الجامعة فتاة مقيمة خارج بلدنا، وبعد سنة ونصف رفض والداي تلك الفتاة بعد أنْ وافقا عليها، ولما بحثت عن سبب الرفض من والديَّ عرفت أنهما رفضاها لنسبها، واستفتيت بعض المشايخ فأفتوني بوجوب لزوم نصيحة والديّ، وأنني إذا خالفت أمرهما فأنا عاقّ لهما. أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمَنْ أفتاك بوجوب طاعة الوالدين في فسخ خطوبة المرأة يستأنسون بما رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ابن عمر سأله أن أباه يأمره بتطليق زوجته فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أطع أباك". أخرجه أحمد (4697) ، وأبو داود (5138) ، والترمذي (1189) ، وغيرهم. ولكن هل والدك مثل عمر -رضي الله عنه-؟! وهل سبب رفض أبيك للمرأة هو نفسه سبب أمر عمر -رضي الله عنه- ابنه بتطليق زوجته؟ إن عمر -رضي الله عنه- لم يأمر ابنه بتطليقها إلا لعيب ونقص في دينها، كما أن عمر -رضي الله عنه- مُلْهم محدَّث معروف بقوة فراسته، ومن أجل هذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن عمر -رضي الله عنه- بأن يطيع أباه. ومَنْ من آبائنا مثل عمر -رضي الله عنه-؟!! والذي أراه لك أنه لا يجب عليك طاعة والديك في فسخ خطبتها، وإنما "الطاعة في المعروف"، ولأن السبب الذي يستندان له غير معتبر شرعاً. لكن عليك أن تقدر عواقب الأمور، فقد يحدث بينك وبين والديك قطيعةُ رحم دائمة، فأرْضِهما لكن لا يجب عليك فسخ الخطبة، ووازن بين المفسدتين: مفسدة إغضاب والديك، ومفسدة إهانة المخطوبة وكسر قلبها؛ فإن المفسدة الكبرى تُدرأ في الشريعة بارتكاب المفسدة الصغرى. والله الموفق.

لحم الحمار الوحشي

لحم الحمار الوحشي المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/12/1426هـ السؤال هل أكل لحم الحمار حرام أم حلال؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأكل لحم الحُمُرِ فيه تفصيل؛ أما الحمر الأهلية فلا يجوز أكلها لأنها نجسة وقد نزل الحكم في تحريمها يوم خيبر لحديث علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية رواه مسلم (1407) ، وحديث عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- قال: أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها، فلما غلت القدور، نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكفئوا القدور فلا تطعموا من لحوم الحمر شيئاً". رواه البخاري (3155) ومسلم (1937) . وأما الحمر الوحشية فيجوز أكلها لحديث أبي قتادة -رضي الله عنه- أنه كان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كان ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم فرأى حماراً وحشياً فاستوى على فرسه فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا عليه، فسألهم رمحه فأبوا عليه، فأخذه، ثم شد على الحمار فقتله فأكل وأكل منه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بعضهم، فأدركوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألوه عن ذلك فقال: "إنما هي طعمة أطعمكموها الله". رواه. البخاري (2854) ، ومسلم (1196) .

صحة حديث الافتراق!

صحة حديث الافتراق! المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/02/1427هـ السؤال هل يصح حديث الافتراق إلى 73 فرقة؟ وإذا صحّ هذا الخبر فما اسم الفرقة الناجية؟ هل اسمها "سلفي" أو "سني"؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فحديث الافتراق الذي أشرت إليه من الأحاديث التي تنازع العلماء في صحتها وضعفها، ولذا لم يخرج البخاري ولا مسلم شيئاً من طرق هذا الحديث، إلا أن الناظر في طرقه، وتعامل أئمة السلف معه، لا يتردد في الحكم بثبوته بمجموع طرقه، ولهذا صححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم، وابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وهو قول أكثر المحدثين، بل بالغ بعضهم وجعله من الأحاديث المتواترة. والفرقة الناجية لم تحدد الأحاديث اسمها إلا بما وقع في بعض طرق حديث الافتراق، بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنا عليه"، وفي بعض الألفاظ: "هي الجماعة"، فلا ينبغي أن نتجاوز هذه الأوصاف الشرعية، فالفرقة الناجية، هم أهل السنة، وهم الحريصون على الجماعة -الذين التزموا ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه- قولاً وعملاً. أما التسميات التي أشرت إلى بعضها فهي تسميات متأخرة، وليست العبرة بالتسمي بهذا الاسم أو ذاك، ولكن العبرة بحقيقة الانتساب، والتطبيق العملي لمنهج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- في جميع شؤون الحياة، وليس في جانب الاعتقاد المحض فقط، فمنهج السلف الصالح منهجٌ متكامل، لا يحصر في مظهر، أو مسائل محدودة، بل شامل بشمول هذا الدين العظيم، فهو منهج يحكم ويضبط علاقة الإنسان مع ربه، ونفسه، ومع الزوجة، ومع الأهل، والأقارب، والجيران، والأصدقاء، بل ومع الأعداء. إن ادعاء الانتساب إلى السلف -كما هو مشاهد اليوم- سهلٌ ويسير، والعبرة بالحقيقة والواقع لا بمجرد الانتساب، فاحرص على التمسك بالسنة، والالتزام بها ظاهراً وباطناً، ولا تنشغل بالألقاب كثيراً، فقد صار كثيرٌ ممن ينتحل هذه الألقاب يوالي ويعادي عليها بطريقة تخالف منهج السلف الذي ينتمي إليه، أو ينتسب له. وعليك -أخي- بالتخلق بالأخلاق النبوية، خذها غضةً طريةً نقّية كما صحّت بها السنن والآثار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم انظر في أخلاق صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم- وفي أخلاق أئمة الإسلام، متذكراً بأن القدوة المطلقة في ذلك كله هو الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما من سواه فيؤخذ من قوله ويترك، نسأل الله تعالى للجميع الهداية والتوفيق.

وطأها بعد الطهر وقبل الاغتسال

وطأها بعد الطهر وقبل الاغتسال المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/11/1426هـ السؤال ما كفارة إتيان الزوجة في آخر أيام الحيض، بعد انقطاع نزول الدم وقبل ظهور علامة الطهر (القصة البيضاء) ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فكفارته الاستغفار، حيث إنه تعجل الأمر، وقد قال الله: "فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله" [البقرة:222] ، يعني تطهرن بالماء، وهو مذهب الجمهور أن الطهر الذي يحل به جماع الحائض هو تطهرها بالماء كطهر الجنب. وقال بعض أهل الحديث: إن وطئ في الدم فعليه دينار، وإن وطئ في انقطاعه فنصف دينار؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إذا كان دماً أحمر فدينار، وإن كان دماً أصفر فنصف دينار" رواه الترمذي (137) ، وغيره، لكنه حديث مضطرب، فالأحوط مع الاستغفار أن يتصدق بشيء، والله أعلم.

إعلان المفتي لفتواه المخالفة!

إعلان المفتي لفتواه المخالفة! المجيب وليد بن علي الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/03/1427هـ السؤال إذا خالف المجتهد أو العالم من هو أعلم منه، أو انفرد بفتوى خلاف أكثر العلماء المعاصرين، وأكثر الذين سبقوه في نفس المسألة؛ فهل يجوز له إعلان فتواه للعامة أو الاحتفاظ بها لنفسه؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن الواجب في حق المجتهد أن يجتهد في المسائل الشرعية إذا كان مستوفياً لشروط الاجتهاد في تلك المسألة، فإذا أداه اجتهاده إلى رأي مخالف لرأي أكثر علماء عصره أو من هو أعلم منه، فإن الواجب عليه أن يعمل برأيه، ولا عبرة بمخالفته لمن هو أعلم منه أو جمهور العلماء؛ لأنه يتعبد الله -عز وجل- بما يعتقد هو أنه الحق والصواب لا باعتقاد غيره، ولأن الحق لا يعرف بالكثرة والغلبة وإنما يعرف بالدليل. وبما أنه توصل إلى رأيه بالدليل الشرعي فهذا هو المطلوب شرعاً، لكن عليه أن يحذر من زلة العلماء أو مخالفة النصوص الصريحة. وأما نشر فتواه ورأيه بين الناس فإنه ينظر إلى ما يؤول إليه نشرها، فإذا رأى أن العمل بفتواه وما يعتقد رجحانه يفضي إلى إثارة فتنة بين الناس أو إلى حدوث مفسدة فإنه لا يفتي بها دفعاً لحدوث مفسدة، وإذا رأى أنها لا تفضي إلى حدوث مفسدة وحصول فتنة فلا مانع من نشرها بين الناس. يقول ابن القيم: " فإن لم يأمن - أي المفتي - غائلة الفتوى، وخاف من ترتب شر أكثر من الإمساك عنها أمسك عنها ترجيحاً لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما ". ويشهد لهذا فعل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- فقد صلى خلف عثمان -رضي الله عنه- متماً بمنى، ولم يقصر الصلاة، مع أنه كان يرى القصر، ولما قيل له في ذلك، قال: "الخلاف شر" رواه أبو داود (1960) ، والبيهقي (3/143-144) وصححه الألباني. فترك العمل بفتواه لأنه رأى أن ما يفضي إليه العمل برأيه من مفسدة الاختلاف أعظم من مصلحة العمل بما يعتقد رجحانه. وقد ذكر الشاطبي أنه ليس كل ما يعلم مما هو حق يطلب نشره، وإن كان من علم الشريعة، ومما يفيد علماً بالأحكام، ومما استدل به على ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند مسلم (31) لما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنعليه، وقال له: " اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة "، فلقيه عمر ورده، وقال للرسول -صلى الله عليه وسلم-: فلا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون، فقال رسول الله -صلى الله عيه وسلم-"فخلهم". والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قسمة المال على الورثة في الحياة!

قسمة المال على الورثة في الحياة! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/01/1427هـ السؤال باعت والدتي -وهي ما زالت على قيد الحياة والحمد لله- قطعة أرض تملكها، وأرادت توزيع ثمنها على أولادها، للذكر مثل حظ الأنثيين، فما رأيكم بهذا التقسيم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا تصرف صاحب المال في ماله وقت حياته، كأن تصدّق به -كله أو بعضه-، أو وزَّعه على أولاده الذكور والإناث جاز له ذلك. وما دام حيًّا لا يلزمه أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، وإن فعل جاز له ذلك. وهذا كله إذا لم يكن له ورثة -بعد موته- غير الأولاد الذكور والإناث، أما إن كان له ورثة غيرهم، ووزع ماله على أولاده؛ لحرمان الآخرين بعد موته، ففعله -حينئذ- حرام لا يجوز. وعليه أن يبقي شيئاً من ماله يوصي به لنفسه بعد موته ولورثته؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس". صحيح البخاري (2742) ، وصحيح مسلم (1628) . والله أعلم.

هل يضمن السارق ولو أقيم الحد؟

هل يضمن السارق ولو أُقيم الحد؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/03/1427هـ السؤال عند إصدار الحكم على سارق ما بتنفيذ حد السرقة عليه، هل يطالب بإرجاع المبلغ أو الشيء المسروق؟ وإذا كان السارق لم يعد يملك ذلك المبلغ، فهل يبقى في ذمته بعد تنفيذ الحكم عليه، ويطلب منه سداده في المستقبل؟ وكيف يبرئ ذمته من حق العباد بعد أن قطعت يده؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعلى السارق ضمان ما سرقه، سواء كان المسروق موجوداً أو مستهلكاً أو تالفاً، وسواء كان السارق موسراً أو معسراً أقيم الحد أو لم يُقم؛ لعموم الأدلة المحرمة لأكل المال بالباطل، كقوله تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ" [البقرة:188] . وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه". رواه أحمد (20098) ، وأبو داود (3561) ، والنسائي في الكبرى (5782) ، وصححه الحاكم (2/55) من حديث سمرة -رضي الله عنه- وهو من رواية الحسن عنه، وقد أثبت سماعه علي بن المديني ونفاه شعبة وابن معين. (انظر سنن البيهقي 8/35) . ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه". رواه أحمد (20714) ، وأبو يعلى (1570) من حديث أبي حرة الرقاشي عن عمه -رضي الله عنه- قال الهيثمي: "رواه أحمد، وأبو حرة الرقاشي وثقه أبو داود وضعفه ابن معين، وفيه علي بن زيد وفيه كلام" أ. هـ مجمع الزوائد (3/266) . وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" رواه البخاري (67) ، ومسلم (1679) من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-. وقطع يد السارق حال توافر الشروط وانتفاء الموانع حق لله تعالى، بينما المال المسروق حق للمخلوق، وإقامة حق الله تعالى لا يمنع أن يستوفي المخلوق حقه. قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "إنها عين يجب ضمانها بالرد لو كانت باقية، فيجب ضمانها إذا كانت تالفة، كما لو لم يقطع؛ ولأن القطع والغرم حقان يجبان لمستحقين، فجاز اجتماعهما؛ كالجزاء والقيمة في الصيد الحرمي المملوك" أ. هـ المغني (9/113) ، وهذا مذهب الشافعي وأحمد. أما حديث: "لا يغرم صاحب سرقة إذا أقيم عليه الحد". فرواه النسائي (4984) ، وفي الكبرى (7477) ، والطبراني في الأوسط (9274) ، والدارقطني (3/182) ، والبيهقي (8/277) من طريق المسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن جده عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-. وهو حديث لا يصح، قال أبو حاتم: "منكر". المحرر في الحديث (630) ، وقال النسائي: "هذا مرسل ليس بثابت"، وقال الدارقطني في العلل (4/294) : "مضطرب غير ثابت" أ. هـ، وقال الطبراني: "ليس متصل الإسناد؛ لأن المسور لم يسمع من جده" أ. هـ وقال ابن العربي -رحمه الله تعالى-: "حديث باطل" ا. هـ أحكام القرآن (2/235) ، وانظر: لسان الميزان (3/21) ، وسنن البيهقي (8/277) . فإن كان السارق موسراً لزمه رده حالاً، أما إن كان معسراً فيبقى في ذمته ديناً لصاحبه. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الصلاة في الملابس الرياضية

الصلاة في الملابس الرياضية المجيب د. سالم بن محمد القرني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/03/1427هـ السؤال هل تجوز الصلاة بثوب من شقين، وهذا الثوب لباس رياضي، ما يعرف عندنا (توتا رياضية) وهي غالباً ما تلبس في الرياضة أو عند النوم، وماذا لو صليت بها في المسجد وكانت واسعة وليست من الثياب الضيقة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فتجوز الصلاة فيما يستر العورة، ولكن المسلم مأمور بأخذ زينته عند كل صلاة بحسب استطاعته، كما قال الله تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ" [الأعراف:31] ، أي عند كل صلاة. ولو أن مسلماً دعي لمقابلة ملك أو مسؤول أو مقدَّر في نفسه للبس أحسن ثيابه؛ حتى يقابله وهو في أحسن حال. فكيف بملك الملوك رب العالمين الذي هو جميل يحب الجمال. أما من لا يجد من الملابس إلا ما يكفي ستر عورته فلا حرج أن يصلي بها. فلتحرص -أخي الكريم- على أخذ أحسن ثيابك عند الصلاة، فهو أولى وأفضل وأجمل وأكثر أجراً. مع التنبه إلى أن بعض الملابس الرياضية أو غيرها من مثل ما سألت عنه قد يكون مكتوبًا عليها بعض العبارات المخالفة أو البذيئة الفاحشة، فلا تجوز الصلاة في مثل هذه الملابس. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

إحياء الذكرى لبعض الحوادث هل هو بدعة؟

إحياء الذكرى لبعض الحوادث هل هو بدعة؟ المجيب محمد بن إبراهيم الحمد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/02/1427هـ السؤال نسمع كثيراً أن مجموعة ما أحيت حادثة معينة أو يوماً معيناً مات فيه قائد، أو ماتت في جموع كبيرة، كيوم (تسونامي) مثلاً، بل ونسمع عن إحياء ليالٍ لمجرد حدوث أشياء مهمة فيها، والأمثلة على ذلك كثيرة، فهل يجوز إحياء مثل هذه الأيام، وتخصيصها بيوم معين في السنة والخروج إلى مكان معين حدثت فيه الحادثة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن ما ذكره السائل من إحياء ليالٍ لمجرد حدوث أشياء مهمة، وتخصيصها بيومٍ معينٍ في السنة، والخروج إلى مكانٍ معين حدثت فيه الحادثة- داخلٌ في مسمى العيد؛ فالعيد مشتقٌ من العادة، والعيد عند العرب هو: الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن. قال تأبط شراً: يا عيد ما لك من شوقٍ وإيراق *** ومرِّ طيف على الأهواء طراق قال ابن الأنباري -رحمه الله-: في قوله: (يا عيد ما لك) : "العيد ما يعتاده من الحزن والشوق" [لسان العرب (3/318) ] . وقال ابن الأعرابي -رحمه الله-: "سمي العيد عيداً؛ لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد" [لسان العرب (3/318-319) ] . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "العيد اسمٌ لما يعود من الاجتماع على وجهٍ معتاد عائد إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع، أو الشهر، أو نحو ذلك. فالعيد يجتمع من أمور: يوم عائد، كيوم الفطر، ويوم الجمعة. ومنها: اجتماع فيه. ومنها: أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات، وقد يختص العيد بمكانٍ بعينه، وقد يكون مطلقاً، وكل هذه الأمور قد تسمى عيداً. فالزمان كقوله -صلى الله عليه وسلم- في يوم الجمعة: "إن هذا يوم جعله الله للمسلمين عيداً" [السنن الكبرى للبيهقي (3/243) ، وأورده الألباني في صحيح الجامع (2/259) ] . والاجتماع والأعمال كقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: (شهدت العيد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) [رواه البخاري كتاب العيدين (1/171) ] . والمكان كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا قبري عيداً" [المصنف لابن أبي شيبة (2/375) ، وفي مسند الإمام أحمد (2/367) ، وسنن أبي داود (2042) بلفظ: "لا تجعلوا قبري عيداً"، وأورده الألباني في صحيح الجامع (6/132) ] . وقد يكون لفظ العيد اسماً لمجموع اليوم والعمل فيه، وهو الغالب، كقوله صلى الله عليه وسلم: "دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قومٍ عيداً، وإن هذا عيدنا" [رواه البخاري (1/170) ، ومسلم (892) . وانظر اقتضاء الصراط المستقيم (1/441-442) ، وانظر: البحر المحيط لأبي حيان (4/56) ] ولذلك سمي العيد بهذا الاسم؛ لتكرره كل عام، وقيل: لعود السرور بعوده، وقيل: لكثرة عوائد الله على عباده فيه [انظر: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي (2/376) ، والمجموع شرح المهذب للنووي (2/5) ، وأنيس الفقهاء للشيخ: قاسم القونوي (ص118) ، والبناية في شرح الهداية للعيني (2/849) ، وكشاف القناع للبهوتي (2/49-50) ] .

فعلى هذا كل اجتماع عام يحدثه الناس، أو يعتادونه في زمانٍ معين، أو مكانٍ معين، أو هُما معاً؛ فإنه يكون عيداً، وكذلك كل أثرٍ من الآثار القديمة، أو الجديدة يحييه الناس، أو يرتادونه، يصدق عليه مسمى العيد. وبهذا يتبين ارتباط التعريفين الشرعي واللغوي، وأنه لا فرق بينهما في مسمى العيد، ولكن الشرعي: ما بيَّنه الشارع، وحدَّه من الأعياد الزمانية والمكانية [انظر: الأعياد وأثرها على المسلمين. د. سليمان السحيمي ص21-22] . وبناءً على ما مضى فإن تخصيص الناس بعضَ الأمكنة أو الأزمنة بِعِيدٍ، سواء كان ذلك لفرحٍ، أو حزن، أو نحو ذلك مما ورد ذكره في السؤال- بدعةٌ، ومخالفةٌ للشرع، وتشبهٌ بالكفار. ولقد تظاهرت نصوص الشرع في التحذير من البدع، قال الله -عز وجل-: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) . [الأنعام: 153] . فالمراد بالصراط المستقيم: سبيل الله الذي دعا إليه، وهو: السنة. والسبل: الطرق المختلفة عدا هذا الطريق، مثل: اليهودية، والنصرانية، وسائر الملل، والأهواء، والبدع [تفسير البغوي (2/142) ، وانظر: فتح القدير للشوكاني (2/183) ] . عن مجاهد قال: (ولا تتبعوا السبل) قال: "البدع والشبهات" [انظر سنن الدارمي (1/68) ] . فأفادت الآية أن طريق الحق واحدة، وأن للباطل طرقاً متعددة لا واحدة، وتعددها لم يخصَّ بعددٍ مخصوص [الاعتصام للشاطبي (1/223) ، وانظر: تفسير ابن كثير (2/191) ] وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ".. وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة ... "أخرجه أبو داود (4607) ، والترمذي (2676) ، وقال: "حديث حسن صحيح"، والحاكم في المستدرك (1/95-96) ، وقال: "إسناده صحيح"، ووافقه الذهبي. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) .

التأجير من الباطن

التأجير من الباطن المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/02/1427هـ السؤال نحن الآن بصدد الدخول مزايدة حكومية في لاستئجار قطعة أرض داخل البحر لمدة 55 سنة، علماً أن العقد يشمل أعمال الردم والتخطيط والرصف والزفلتة والإنارة وأعمال الكهرباء والمياه والصرف الصحي والهاتف، وهي مخططة من قبل الدولة، بمعنى أنها قطع محددة لإنشاء عمائر سكنية سياحية وفلل، وقطعة لإنشاء فندق، وقطعة لإنشاء سوق تجاري، وغيرها من المنافع، ولا يمكن تغيير هذا التخطيط بناء على العقد المبرم مع الدولة، ولكن أوضاع الفنادق في بلدنا لا تسرّ ... ، لذا قررنا إن تمت عملية استئجار الأرض أن نتنازل عن قطعة الفندق بطريق (خلو قدم) أو بيع العقد لغيرنا، وهذا من الناحية النظامية لبلدنا مسموح به، فيدفع المستأجر الجديد قيمة الإيجار لهذه القطعة فقط للدولة مباشرة، أما بقية القطع فسنستمر في إيجارها من الدولة وتأجيرها للغير أو بنائها ومن ثم تأجيرها. فما حكم هذا العمل شرعاً؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالاستئجار مدة معينة، ومن ثَمَّ تأجير العين المؤجرة بأكثر أو أقل أمر جائز إذا كان للغرض المستأجر من أجله، ما لم يشترط المالك أو الجهة المختصة عدم التأجير، أو أن لا يتم التأجير إلا بإذنه فله ذلك. لكن ما ورد في السؤال من أن من جملة الأرض المستأجرة (فندق) ثم التعقيب بقول السائل (ولكن أوضاع الفنادق في بلدنا لا تسرّ) أقول: يظهر من هذا التعقيب أن هذا الفندق وأمثاله غالباً ستكون فيه أشياء محرمة، مثل الزنا وشرب الخمور وجلب المغنيين والمغنيات وغير ذلك مما حرمه الله، فإذا كان الأمر كذلك فإنني أنصح السائل -وغيره ممن يريد الدخول في ذلك- أن يتراجع عنه؛ لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان، والله تبارك وتعالى يقول: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] ثم إن الربح الناتج عنه سحت لا خير فيه، وأعني بذلك الأرض الخاصة بالفندق. والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الرسم لكنائس النصارى

الرسم لكنائس النصارى المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/05/1427هـ السؤال ما حكم من يقوم برسم رسومات تخص النصارى وترسل إلى دولة أوروبية مقابل أجر عن هذه الرسومات! علماً أن هذه الرسومات قد توضع في كنائسهم، أو بيوتهم؟ وما حكم الأموال التي تجنى من هذا العمل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن كان الرسم لأشياء من الطبيعة مثل الشمس، والقمر، والنجوم، والشجر، والمراكب السيارة في البحار، أو السيارات وغيرها مما ليس فيه روح، فلا بأس بذلك حتى لو اشتراها منه النصارى، والمال من ذلك حلال. وأما إن كان الرسم لذوات الأرواح فهذا داخل في التصوير المحرم الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وتوعد عليه بالعقاب الأليم، ومن أدلة تحريم التصوير ما يلي: عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون" رواه البخاري (5950) ، ومسلم (2109) . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ" رواه البخاري (5963) ، ومسلم (2110) . وفي الصحيحين أن رجلاً جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها، فقال له: ادن مني. فدنا منه، ثم قال: ادن مني. فدنا منه، حتى وضع يده على رأسه فقال: أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفساً فتعذبه في جهنم". وقال: "إن كنت فاعلاً فاصنع الشجر ومالا نفس له" رواه البخاري (2225) ، ومسلم (2110) . فالأولى لهذا الشخص أن يترك العمل في الجانب المحرم من هذا العمل المحرم، وليعلم أن ما يأخذه من مال في بيعه لهذه الصور المحرمة حرام، والقاعدة عند العلماء: "أن ما أفضى إلى محرم فهو محرم"، فعمله محرم، وكسبه محرم، وكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" أخرجه الترمذي (614) ، وغيره، وصححه الألباني. وتعاونه مع النصارى في بيعه هذه الصور لهم، يوقعه في إثم أشد وذنب عظيم، ولقد نهى الله جل وعلا عن ذلك مع إخوانه المسلمين بقوله "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" فما بالك فيمن يتعاون مع من يعبدون غير الله تعالى ويتخذون هذه الصور أرباباً من دون الله، فليحذر من هذا الأمر وليبتعد عنه، وأوصيه بتقوى الله تعالى "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [الطلاق:2-3] ، وعليه أن يبحث عن عمل حلال، فإن في الرزق الحلال الخير والبركة في الدنيا قبل الآخرة. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

قبول معلم القرآن للهدايا!

قبول معلم القرآن للهدايا! المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/03/1427هـ السؤال لدي أخت تعمل في مجال الدعوة، وبالأخص في تعليم التجويد وتصحيح التلاوة، لكنها تقيم في بلد عربي يظهرون الجميل لأي مدرس، ويعتبرون أنها أفضل من كل المعلمين؛ لأنها تعطيهم علمًا للآخرة، وفي يوم أقيم فيه حفل تكريم قدموا لها هدية فرفضت وبشدة قاسية، فهل هي على صواب في تصرفها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن هذه الأخت يبدو أنها شديدة الورع، فقبول هذه الهدية التي تقدمها هيئة وليست من شخص معين أمر سائغ شرعاً؛ للحديث الصحيح: "إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله" صحيح البخاري (5737) ، وهذا الحديث يستشهد به الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد على جواز أخذ أجرة على تعليم القرآن. ومن المعلوم أنه ورد حديث يشدد في أخذ شيء على تعليم القرآن، وأصرح شيء ورد في التحريم حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: "علَّمت رجلاً القرآن، فأهدى إليَّ قوساً، فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن أخذتها أخذت قوساً من نار". فرددتها. رواه ابن ماجه (2158) ، وقال عنه البيهقي وابن عبد البر: منقطع. وخالفهم بعض الحفاظ، ولكن الحديث فيه مقال، وقد صرح العلماء بأنه إما أن يكون منسوخا، أو يكون مؤولاً باعتبار أن هذا الرجل لم يكن له معلم، وإن كان كذلك فهذا من باب فرض العين، وليس من باب فرض الكفاية. ومما يؤيد هذا ما ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى لعمر -رضي الله عنه- وقال له: "ما آتاك الله من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف فخذه" صحيح البخاري (1473) ، وصحيح مسلم (1045) ، وسنن النسائي (2605) وفي الحديث: "تهادوا تحابوا" أخرجه البخاري في الأدب المفرد (594) ، وأبو يعلى (6013) ، والبيهقي في الشعب (8693) أي إن الهدية تؤدي إلى المحبة؛ ولهذا فإننا نرى أنه قد يكون من الأفضل أن تقبل هذه الهدية، ويمكنها أن تتصدق بها إذا كان في نفسها شيء منها، وعليها أن تعامل زميلاتها بلطف، فالدين يحث على الرفق وعلى حسن الخلق ولا يحث على الغلظة. وجزاها الله خيراً لورعها ولخوفها من أن تقع في الشبهات، لكن مع ذلك عليها أن تكون متبصرة في أمر دينها. والله أعلم.

المتاجرة ببيع وصلات الشعر

المتاجرة ببيع وصلات الشعر المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/03/1427هـ السؤال أنا رجل أعمال في أمريكا، أريد أن أفتح متجراً لبيع وصلات الشعر (الباروكة) ، فهل يجوز هذا؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الله تعالى أحل للناس البيع، وجعل مجالاته واسعة فسيحة، وحرم عليهم من المعاملات ما فيه ربا أو غرر أو غش أو أكل لأموال الناس بالباطل، أو غير ذلك من الأسباب المذكورة في كتب الفقهاء ... وباب الحرام في المعاملات أضيق من الحلال بكثير. فعلام يدع المرء الباب الواسع الفسيح، ويلج أو يحاول الولوج من الباب الضيق الحرج؟! وقد حرم النبي -صلى الله عليه وسلم- الوصل ولعن الواصلة والمستوصلة. صحيح البخاري (5938،4887) ، وصحيح مسلم (2122) . والشعر المستعار أو ما يعرف بين العامة بالباروكة هو في حكم الوصل، وقد أطبق أهل العلم قديما وحديثا على منع الوصل؛ لما ورد فيه من النهي، وإن اختلفوا في علة النهي أهي تغيير خلق الله أو الغش والتدليس؟ ولا شك أن الباروكة أشد من الوصل في باب الغش والتدليس. وعليه فالذي يظهر لي -والله أعلم- أن تجتنب هذا العمل وتبتعد عنه، والمسلم يبحث عن الكسب الحلال الذي لا شبهة فيه، ويكفيك قوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". أخرجه الترمذي (2518) ، وغيره. والله أعلم.

سؤال الإكرامية من الناس

سؤال الإكرامية من الناس المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/03/1427هـ السؤال أعمل في شركة تقوم بعمل إعلانات لمنتجاتها عن طريق التليفزيون، ووظيفتي أن أقوم بتوصيل هذه المنتجات للمنازل، وأقوم بطلب إكرامية، ولكن بطريقة ذوقية، فمنهم من يعطيني، ومنهم من يرفض، فهل النقود التي أحصل عليها، أو بمعني أدق هذه الإكرامية حلال أم حرام؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فطلبك هذا لا يجوز لأمرين، أحدهما: أنه سؤال واستجداء لما في أيدي الناس، وأنت لست فقيراً أو مسكيناً حتى تحل لك الصدقة فاتقِ الله أن تدخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم". رواه البخاري (1475) ، ومسلم (1040) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما. الثاني: أن هذا داخل في قصة ابن اللتبية الذي استعمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على صدقة بني سليم، فلما قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: هذا لكم وهذا أهدي إليَّ، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: "ما بال العامل أبعثه، فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي. أفلا قعد في بيت أبيه أو بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟! والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه، ثم قال: اللهم هل بلغت". مرتين. أخرجه البخاري (7174) ، ومسلم (1832) . وروى الإمام أحمد (22495) عن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "هدايا العمال غلول". والله يقول في محكم التنزيل: "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" [آل عمران:161] .فاتق الله في نفسك، وأقلع عن هذه العادة، وأرجع هذه الأموال إلى أصحابها، فإن لم تجدهم فتصدق بها عنهم. والله تعالى أعلم.

هل كسر إبراهيم الأصنام بوحي من الله؟!

هل كَسَرَ إبراهيم الأصنام بوحي من الله؟! المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/03/1427هـ السؤال عندما كسر إبراهيم -عليه السلام- الأصنام، هل كان ذلك قبل أن يُوحى إليه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن إبراهيم -عليه السلام- قد أنار الله بصيرته وهداه إلى الرشد، فعلم أن الأصنام لا تسمع ولا تبصر ولا تسمع نداء ولا تجيب دعاء، ولا تضر ولا تنفع، وأنها لا تباين بنات صنفها من سائر الخشب، وأن أباه هو الذي يصنعها. -وكان أبوه نجاراً ينحت الأصنام- كما قال تعالى: "وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ" [الأنبياء:51] . وأن الله آتاه رشده من الصغر، فكان قوي العزيمة، ثاقب النظر، يجادل قومه ويناظرهم فيقيم عليهم الحجة ويدمغهم بالبرهان الذي أيده الله تعالى به، وهداه إلى الحق، فعرف بصائب رأيه وثاقب فكره أن الله تعالى واحد أحد. والمقصود أن الله تعالى أخبر أنه قد آتى إبراهيم رشده من قبل، أي من قبل بلوغه، وقوله (وكنا به عالمين) أي وكان أهلاً لذلك، ثم قال: "إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون" [الأنبياء:52] هذا هو الرشد الذي أوتيه من صغره: الإنكار على قومه عبادة الأصنام، ألهمه الحق والحجة على قومه، كما قال تعالى: "وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ" [الأنعام:83] . أما تكسير الأصنام، فإن إبراهيم -عليه السلام- كسَّرها عندما كان شاباً صغير السن، حينما آتاه الله رشده، فاستنكر عبادة الأصنام وحطمها، ولكن أكان قد أوحي إليه بالرسالة في ذلك الحين، أم هو إلهام هداه إلى الحق قبل الرسالة؟ فالأرجح أنه إلهام هداه إلى الحق، وفي ذلك قولهم: "سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم" [الأنبياء:60] . والله أعلم.

لماذا فضل الرجل على المرأة في الميراث؟!

لماذا فُضِّلَ الرجل على المرأة في الميراث؟! المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/01/1427هـ السؤال ما الحكمة من عدم تسوية الرجل بالمرأة في الميراث؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد فرض الله المواريث في كتابه، وقسمها بين مستحقيها بنفسه، بحسب ما اقتضته حكمته، ورحمته، وسعة علمه. ولم يدع ذلك لاجتهاد مجتهد، أو فقه فقيه، فقال بعد أن ذكر جملة من أحكام المواريث: "آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً فريضةً من الله إن الله كان عليماً حكيما" [النساء: من الآية11] . وقد جعل الله للمرأة نصف ما للرجل من جنسها، ولم يحرمها من الميراث، كما يصنع أهل الجاهلية القديمة والحديثة، ولم يسوها بالرجل، كما ينادي بذلك من قصر علمه ونظره، ذلك لأن الشريعة الإسلامية منظومة مترابطة من التشريعات تقضي بعدم التسوية في الميراث، الذي هو نوع استحقاق، لعدم التساوي في الالتزامات التي هي من قبيل الواجبات، فالرجال في الإسلام -سواءً كانوا آباءً، أو أبناءً أو أزواجاً، أو إخواناً وارثين- ملزمون بالنفقة على بناتهم، أو أمهاتهم، أو زوجاتهم، أو أخواتهم، بشرطين اثنين: غنى المنفِق، وفقر المنفَق عليه، في حالة عمودي النسب؛ وهم الآباء، والأولاد، وبزيادة شرط ثالث إن كان المنِفق من الحواشي، وهو: كونه وارثاً للمنفَق عليه. أما الزوج فتجب عليه نفقة زوجته مطلقاً، سواءً كانت فقيرةً أو موسرة. وبهذا تتبين حكمة الشارع في مضاعفة نصيب الذكر من الميراث، لما يتعلق به من الالتزامات، ولا شك أن هذا من مسوغات فضله، وأسباب قوامته، كما قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم" [النساء: من الآية34] . ولكنه لا يدل على ظلم المرأة، وانتقاص كرامتها، كما يزعم بعض الجاهلين. لأن الظلم هو التفريق بين المتماثلات، والتسوية بين المختلفات، والعدل هو التسوية بين المتماثلات، والتفريق بين المختلفات: "وليس الذكر كالأنثى". والله أعلم.

لماذا أغلب خطاب القرآن للذكور؟!

لماذا أغلب خطاب القرآن للذكور؟! المجيب د. محمد بن حسين الجيزاني عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/01/1427هـ السؤال في القرآن نرى -غالباً- أن الله يخاطب الرجال، وكذلك الحال في الحديث النبوي، فلماذا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلقد جاء هذا السؤال على لسان أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- حيث قالت: قلت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟ فنزل قول الله تعالى: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ... ". [الأحزاب:35] الآية. مسند أحمد (26575) ، وتفسير الطبري (22/10) . ولما كان القرآن الكريم قد نزل بلغة العرب، وجاء على طريقتهم في الخطاب فإن النساء يدخلن في خطاب الرجال؛ لأن العرب تغلّب المذكر على المؤنث، فيقول الرجل: ادخلوا، واخرجوا. وهو يقصد بذلك مخاطبة جميع الموجودين من ذكور وإناث، ولا يستقيم في لغة العرب أن يقول: ادخلوا وادخلن، واخرجوا واخرجن. وقد علم أيضاً بأدلة الشريعة ومقاصدها أن التكليف بالأحكام الشرعية موجَّه إلى الرجال والنساء، فالجميع مكلفون ومخاطبون ومحاسبون ومثابون ومعاقبون. هذا هو الأصل المطرد والقاعدة العامة، وهي اشتراك الرجال والنساء في جميع الأحكام سواء بسواء. إلا أن هناك أحكاماً خاصة بالرجال دون النساء كتحريم الذهب والحرير ووجوب الجمعة والجهاد، كما أن هناك أحكاماً خاصة بالنساء دون الرجال كالحجاب ورعاية الأولاد وغير ذلك مما تقتضيه طبيعة كل من النوعين. والله أعلم.

هل دعا الرسول على قوم بالهلاك؟

هل دعا الرسول على قوم بالهلاك؟ المجيب د. رفعت فوزي عبد المطلب رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/02/1427هـ السؤال هل ورد في السيرة النبوية أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- دعا على قوم بالهلاك والزوال؟ وهل كان عليه الصلاة والسلام لعانًا؟ وهل اللعن والسباب والقتل والضرب هو الأصل في تعاملنا -معشر المسلمين- مع أصحاب الديانات الأخرى؟ هل كان من هدي الحبيب المصطفى طريقة الغلظة والسباب في الدعوة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد: فقد ثبت في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه دعا على أقوام قتلة غدرة سبقوا بالظلم والغدر، وذلك في مناسبات خاصة ولأسباب محددة وفي بعض الأوقات. فمن ذلك عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى عَدُوٍّ، فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ قَالَ أَنَسٌ: فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ (بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا) . أخرجه البخاري (3064) ، ومسلم (677) . والدعاء على أهل الغدر ليس فيه شيء ولا يعاب صاحبه، وليس بمأخذ على الإسلام وأهله، كما أنه -أي الدعاء على من يستحقه- لا يعد سبابا ولا شتما. ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابًا ولا لعانًا ولا صخابًا في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ما له ترِب جبينه. أخرجه البخاري (6031) . كما أن منهج الإسلام في التعامل مع غير المسلمين يحدده قوله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى" [البقرة: 25] ، وقول الله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125] ، وقوله تعالى: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها" [الكهف: 29] .. إلى غير ذلك من الآيات الكريمة في هذا الباب. كما أن الإسلام ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ومنهجه المحكم هو المهيمن وهو الحجة على الناس، ولا يحكم عليه من خلال تصرفات مضطربة أو سلوكيات معوجة أو دعوات شوهاء.. والمقتدَى به هو رسول الإسلام ودعوته إلى الله معروفة موثقة في سيرته العطرة لمن أراد أن يذَّكر أو أراد شكورًا.. والله أعلم.

معنى صلاة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم

معنى صلاة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 20/02/1427هـ السؤال يقول الله تعالى: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا". سؤالي هو: لماذا يصلي الله -عز وجل- على سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام-؟ وكيف يصلي عليه؟ ولماذا أمرنا بالصلاة عليه مع التسليم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأما لماذا يصلي الله -سبحانه وتعالى- على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فكان الأولى على الأخت السائلة وفقها الله أن تطرح السؤال بقولها: ما الحكمة من صلاة الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم. والجواب عن ذلك ظاهر، فإن هذا من بيان مكانة النبي -صلى الله عليه وسلم- عند ربه، وعظيم منزلته، وعلو قدره، ومعنى صلاته عليه هو: ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، كما قال أبو العالية الرياحي -رحمه الله-. وأما لماذا نصلي عليه نحن، فينبغي أن نعلم أن صلاتنا عليه هي: طلبنا من الله تعالى أن يصلي عليه، أي يثني عليه، ويزيد في تشريفه وتكريمه، ونحن بهذا نؤدي أقل القليل من حقه العظيم علينا صلوات الله وسلامه عليه. وأوصي الأخت السائلة بالرجوع إلى ما كتبه الإمام ابن القيم في كتابه (جلاء الأفهام) ، وخاصة في الباب الخامس، فقد ذكر أربعين ثمرة من ثمرات الصلاة والسلام عليه، بأبي هو وأمي صلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، وما ذكره الذاكرون الأبرار، وغفل عن ذكره الغافلون والفجار، والله أعلم.

بيع ما يكثر استعماله في الحرام

بيع ما يكثر استعماله في الحرام المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/05/1427هـ السؤال أريد أن أستفسر عن إمكانية بيع ما يعرف ببرامج الوسائط الصوتية، مثل media player) و (realone player وغيرها، هل حرام أم حلال، حتى وإن عرفت أن من سيشتريها سيسمع بها الأغاني، أو ما شابه (أي سيستخدمها في الحرام) . وما حكم بيعها لغير المسلمين؟ كما أستوضح عن حكم العمل في شركة استيراد حواسيب وملحقاتها، والتي يمكن أن تتضمن بيع أقراص ليزرية لألعاب، أو برامج وأحيانا أفلام وأغانٍ (نسخ أصلية أو غير أصلية) ، وربما توضع في هذه الحواسيب نسخ غير أصلية من برامج التشغيل وغيرها، سواء كانت تبيعها بمال، أو تعطيها مجاناً (خدمات مجانية مع بيع الحاسوب) ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالآلات التي صنعها الإنسان إما أن تستعمل في الخير، فهي خير، ولا حرج فيها، وإما أن تستعمل في الشر، فهي شرٌ وضررٌ على صاحبها وعلى من يستعملها، مثل المسجل أو الفيديو وغيرها من الآلات، وأيضاً الكمبيوتر، فإن استعمل فيما يعود على الناس بالخير من تعليمهم أمور دينهم، أو حفظ كتاب ربهم، أو استغلاله في قضاء حوائج الناس من حفظ معلوماتهم، واستخراج أوراقهم الثبوتية من رخصة وبطاقة الأحوال المدنية، ومعلومات الجوازات وغيرها، وتسجيل الصكوك، فهي تعود على الناس بالخير لتيسير أمورهم. والعكس بالعكس، إذا كانت هذه الأجهزة تستعمل في الباطل، أو تستعمل في معاصي الله فهي محرمة؛ لأن القاعدة عند العلماء تقول: (إن كل ما أفضى إلى محرم فهو محرم) . وأما العمل في مجال بيع وشراء الوسائط الصوتية، أو أجهزة الحاسوب، أو غيرها، فلا حرج فيها طالما أن البيع يتم لشخص لا يعرف هل يستعملها في الحلال أم الحرام، أما إذا علم أن هذا الشخص يستعملها في معصية الله، فلا تباع له، والأولى للإنسان أن يبتعد عما فيه شبهة، حتى لا تجره إلى المحرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الحلال بيَّن، وإن الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام ... " صحيح البخاري (52) ، وصحيح مسلم (1599) . وفقك الله تعالى لطيب مطعمك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل هذا من مسقطات ولاية الأب؟

هل هذا من مسقطات ولاية الأب؟ المجيب محمد العبد الكريم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/12/1426هـ السؤال رجل يريد أن يزوج ابنته 22 سنة، من ولد عمره 15 سنة، حتى يحافظ على إرث الولد أو إرث العائلة، والبنت غير راضية عن هذه الزيجة، فهل يحق لها أن تختار وليًّا لها غير وليها الشرعي، فحتى أعمامها على وتيرة وليها الشرعي. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فما ذكر في السؤال من رغبة المرأة في الانتقال إلى ولي آخر يجاب عليه بما يلي: أولاً: إن الانتقال إلى ولي آخر لا يكون إلا بأحد المسقطات الشرعية للولاية، وما ذكر في السؤال لا يدل على وجود مسقط إلا إذا افترضنا وجود السفه في الأب بسبب سوء تصرفه وطريقة إدراكه. والسفه على كل حال شرط مختلف فيه بين الفقهاء، ومنهم من أجاز ولايته في النكاح إذا أذن له وكان ذا رأي، ولا يعقد إذا كان ضعيف الرأي، ومنهم من يرى عدم ولاية السفيه بالكلية؛ لأنه لا يصلح لأمر نفسه؛ فلا يصلح لأمر غيره من باب أولى. ومع هذا الافتراض فإن المسوغات التي ذكرت في السؤال ليست كافية لإثبات حالة سفه الأب. ثانياً: إن انتقال المرأة إلى ولي آخر لا يتم إلا من خلال آلية قضائية، وليس الأمر متروكاً هكذا لكل من أرادت أن تغير وليها بسبب عدم قناعتها به أو بتصرفاته. فالمحكمة هي التي تقدر حالة الأب إن كان به ما يوجب منع الولاية. ثالثاً: للبنت حق الامتناع من الزواج، وليس لأحد إجبارها على ما لا تريد، ولها كذلك حق المطالبة بمنع هذا الزواج بالطرق النظامية والإصلاحية، وهذا خير لها من فكرة الانتقال إلى ولي آخر. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.

الحكم على معين بسخط الله عليه

الحكم على معين بسخط الله عليه المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/01/1427هـ السؤال كيف أعرف أن الله -سبحانه وتعالى- راضٍ أو ساخط على المؤمنين؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد: فمما ينبغي أن يُعلم أن الطاعات سبب لحصول رضوان الله، وأن المعاصي سبب لحلول سخط الله، وأدلة ذلك كثيرة متضافرة، قال تعالى: "وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" [سورة المائدة:3] ، وقال تعالى: "وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ" [سورة الزمر:7] ، والله يرضى عن الصادقين، "قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"، [سورة المائدة:119] ، والمؤمنون "جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ"، [سورة البينة:8] ، والنفس المطمئنة بالإيمان يقال لها: "ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً"، [سورة الفجر:28] . وقال -صلى الله عليه وسلم-: "رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخطهما". أخرجه الترمذي (1899) ، وابن حبان (429) . وقال في الرضا عن أقدار الله: "فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط". أخرجه الترمذي (2396) ، وابن ماجه (4031) ، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم". أخرجه البخاري (2457) ، ومسلم (2668) ، وغيرها من النصوص. فالله يرضى الإيمان والإسلام وسائر الطاعات، ويحب المؤمنين الطائعين ويرضى عنهم، ويبغض ويسخط الكفر والنفاق وسائر المعاصي، ويكره الكفار والمنافقين بشتى صنوفهم ويسخط عليهم. هذه هي القاعدة العامة في هذه المسألة، لكن يبقى القول في المعيّنين من الطائعين والعاصين، فهؤلاء لا يمكن الشهادة لأحد منهم بعينه أنه مرضيٌّ عنه أو مسخوط عليه، إلا بدليل من الشرع؛ لأن الشهادة لمعيّن من غير دليلٍ رجمٌ بالغيب وتألٍّ على الله، فقد يعمل الإنسان الخير فيما يظهر للناس، ولكن يختم له بخاتمة سيئة فيكون مسخوطاً عليه، وقد يعمل العمل السيئ فيما يظهر للناس، ثم يختم له بخاتمة حسنة فيكون مرضيًّا عنه، كما ورد في الحديث: "إنَّ أَحَدَكُمْ ليَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حتى ما يكُون بَيْنَها وبَيْنَهُ إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبقُ عَليْه الكِتابُ فَيَعْمَلُ بعَملُ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ. وإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهل النَّارِ حتى ما يَكُون بَيْنَها وبَيْنَهُ إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكتابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهل الجنَّةِ فَيَدْخُلُها)) . رواه البخاري (7454) ، ومسلم (2643) .

فلا يمكننا الحكم على المعيّن إلا بدليل من الشرع، ولكن نرجو لمن أظهر الإحسان والطاعة أن يكون قد رضي الله عنه، ونخاف على من أظهر الإساءة والمعصية أن يكون الله قد سخط عليه، علماً بأن العمل وحده لا يكفي لنيل رضا الله ما لم يقترن بالإيمان بالله والإخلاص له، قال تعالى عن أعمال الكفار: "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا" [سورة الفرقان:23] . وعندما سئل -صلى الله عليه وسلم- عن أحد المشركين الذين ماتوا على الكفر ممن كانت له أعمال بر وأياد بيضاء في إغاثة الملهوفين والمساكين ونحوها: هل ينفعه ذلك؟ فقال: "لا ينفعه إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين". أخرجه مسلم (214) . فلا ينبغي للإنسان أن يغتر بعمله، ويظن أن الله قد رضي عنه وتقبل منه، فإنما الأعمال بالخواتيم، وقد كان السلف يخافون من عدم رضا الله عنهم وقبوله لأعمالهم، حتى قال بعضهم: لو أعلم أن الله تقبل مني لتمنيت أن أموت؛ لأن الله يقول: "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ"، [سورة المائدة:27] . وفي المقابل لا ينبغي للإنسان أن يتألى على الله، ويحكم على معين بأن الله ساخط عليه، أو أن الله لن يغفر له. ومن المقطوع به في عقائد أهل السنة أن الأنبياء جميعاً في الجنة، ولا يدخل الجنة أصلاً إلا من قد رضي الله عنه، وأحل عليه رضوانه، والأنبياء في الذروة من هؤلاء فهم صفوة الله من خلقة اصطفاهم ربهم على العالمين وشرفهم بحمل النبوة، فهم أعلى الناس منزلة وقدراً، وقد جاء في الحديث: (إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة؟ فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبد) رواه البخاري (6067) . وقد أثنى الله على عباده الأنبياء في كتابه عموماً وخصوصاً، وأنهم أعلى درجات الذين أنعم الله عليهم، وأمر بالاقتداء بهديهم (فبهداهم اقتده) وقال عقب ذكره لعدد منهم: (كل من الأخيار) واصطفاهم على الناس، ومفهوم ذلك كله أن الله سبحانه راضٍ عنهم. وممن ورد الدليل الشرعي بأن الله قد رضي عنهم الصحابة، قال تعالى: "وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"، [سورة التوبة:100] . وكذلك أهل بيعة الرضوان من الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة في الحديبية - على وجه الخصوص - قال تعالى: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا"، [سورة الفتح:18] . ومن المعينين الذين سخط الله عليهم إبليس، وفرعون، وهامان، وقارون، وأبو لهب.. نعوذ بالله من أسباب سخطه، ونسأله التوفيق لنيل رضاه، والله الموفق.

أي الوظيفتين أختار؟!

أي الوظيفتين أختار؟! المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/04/1427هـ السؤال كنت أعمل بإحدى الشركات الكبرى، وكان من ضمن أعمالي مراجعة وتنقيح الاتفاقيات البنكية بين شركات المجموعة، والبنوك والتي كانت أغلبها تتضمن معاملات ربوية! ولهذا انصرفت من العمل بعد حوالي عامين لعمل آخر، إلا أنني فوجئت أن العمل عبارة عن مدير للقسم القانوني بأحد المكاتب ومهام الوظيفة هي تأسيس الشركات، وتقديم الاستشارات، ومن ضمن الشركات التي يقوم القسم بتأسيسها؛ بنوك ربوية، وإسلامية، وكذلك شركات تعمل في أنشطة محرمة شرعا، كبيع الخمور، أو المراقص ... إلخ، هل عملي الحالي حلال أم حرام وماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعلى السائل أن يحاول الرجوع إلى الشركة التي تركها، فهي أفضل بكثير من عمله الحالي، لأن عمله الحالي ذريعة للربا، وذريعة الحرام فيه واضحة، لأن المؤسسة تقوم بتأسيس شركات تمارس أنشطة، محرمة كبيع الخمور، وإنشاء المراقص، فلهذا إن استطاع أن يرجع إلى تلك الشركة الخليجية التي خرج منها والتي تقوم بتنقيح اتفاقيات فهذا أولى من الشركة التي هو فيها الآن. ولهذا ننصحه بالبحث عن عمل حلال في بنك إسلامي، أو في شركة إسلامية، أو في وظيفة لا تباشر عملية الربا حتى ولو كانت قد تُتَّخَذُ ذريعة أو وسيلة بعيدة شيئاً ما عن الربا، أما هذا العمل الحالي فإن الذريعة فيه قريبة جداً، ومعلوم أن الذريعة كلما كانت أبعد كانت درجةُ النهي أخف، ودرجة النهي هنا أوجه، وبخاصة في العمل الثاني، الذي يقوم به الآن، ونحن ننصحه بالبحث عن عمل آخر، وأن لا يقيم على هذا العمل، نسأل الله لنا وله التوفيق وللمسلمين جميعاً.

ينقمون منا أننا لا نصافح النساء!

ينقمون منا أننا لا نصافح النساء! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/01/1427هـ السؤال نحن مجموعة من الشباب التزمنا بديننا، وقصرنا الإزار، وأطلقنا اللحى مع المحافظة على الفرائض -والحمد لله-، ولكن بعض الناس شنوا حملة ضدنا، وقالوا: تقصير الإزار ليس وقته الآن، وأن هناك شيئاً أهم، ويعترضون عندما لا نصافح النساء، فعابوا علينا هذا. أرشدونا وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن نعم الله -تعالى- على العبد أن يكرمه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ومن ذلك عدم إسبال الإزار والثوب والسراويل وغيرها، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال" "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم"، قال فقرأها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرار، قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: "المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب"، رواه البخاري (4907) ، ومسلم (106) . وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء"، رواه البخاري (5446) ، ومسلم (2084) . وأُزرة الرجل المسلم من كعبيه حتى منتصف ساقيه، فعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأسفل من عضلة ساقي أو ساقه فقال: "هذا موضع الإزار فإن أبيت فأسفل فإن أبيت فلا حق للإزار في الكعبين". رواه أحمد (22732) ، والنسائي في الكبرى (9687) ، والترمذي (1782) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وفي حديث بيعة الرضوان جاء فيه عن إياس بن سلمة عن أبيه -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث عثمان -رضي الله عنه- إلى أهل مكة، فأجاره أبان بن سعيد وحمله على سرجه وردفه حتى قدم به مكة، فقال له: يا ابن عم مالي أراك متخشعا أسبل كما يسبل قومك. قال: هكذا متزر صاحبنا إلى أنصاف ساقيه. قال: يا ابن عم طف بالبيت. قال: إنا لا نصنع شيئاً حتى يصنعه صاحبنا. رواه ابن أبي شيبة (7/386) ، والروياني في المسند (1155) ، واللفظ له. وإعفاء اللحية واجب، فلا يجوز أخذ ما دون القبضة؛ لحديث نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب". وكان ابن عمر إذا حج قبض على لحيته فما فضل أخذه. رواه البخاري (5553) . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس". رواه مسلم (260) . وأخرج أبو داود (4201) من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة. وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (10/350) . وقد حكى ابن حزم -رحمه الله تعالى- الاتفاق على تحريم حلقها. مراتب الإجماع (182) ، الفروع (1/130) . والتزام السنة في الإزار واللحية لا يقتضي ترك ما هو أهم منهما ولا يعارضه، ولكن في حال الخوف الشديد فإن الضرورة تُقدر بقدرها.

أما مصافحة النساء الأجنبيات فلا شك في حرمته، لأدلة كثيرة، منها: حديث أميمة بنت رقيقة -رضي الله عنها- قالت: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في نسوة من الأنصار نبايعه، فقلنا: يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، قال: "فيما استطعتن وأطقتن". قالت: قلنا الله ورسوله أرحم بنا، هلمَّ نبايعك يا رسول الله. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة": رواه أحمد (26466) ، والنسائي (4181) ، وصححه ابن حبان (4553) . وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " والله ما مست يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يد امرأة إنه يبايعهن بالكلام". رواه البخاري (4983) ، ومسلم (1866) . فهذا أشرف الخلق وأطهرهم وأتقاهم لا يصافح النساء الأجنبيات فلنا به أسوة وقدوة -عليه الصلاة والسلام-. وعن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له: رواه الروياني (1283) ، والطبراني (20/211) رقم (486) ، وقال المنذري -رحمه الله تعالى-: رواه الطبراني والبيهقي ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح ا. هـ: الترغيب والترهيب (3/26) . ولا يخفى على أحد ما يترتب على ذلك من إثارة للفتن والشهوات. والواجب على المسلم امتثال أوامر الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- من غير تشهٍ وانتقاء، قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً"، [الأحزاب:36] ، بل الواجب التسليم المطلق، قال تعالى: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً"، [النساء:65] . أما الانتقاء وفعل ما يوافق هواه ورد ما يخالفه فليس من صفات المؤمنين، قال تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" [الأحزاب:21] .قال الترمذي: الأسوة الحسنة في الرسول - صلى الله عليه وسلم - الاقتداء به، والاتباع لسنته، وترك مخالفته في قوله أو فعله. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أخذ المال مقابل التبرع بالدم!

أخذ المال مقابل التبرع بالدم! المجيب د. محمد بن إبراهيم السعيدي رئيس قسم الدراسات الإسلامية في كلية المعلمين بمكة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/05/1427هـ السؤال هناك بعض المستشفيات الخاصة -إن لم يكن جميعها- تعطي من يتبرع بالدم لديها مبلغاً من المال مقابل ذلك الدم الذي تأخذه منه. هل يجوز أخذ المال مقابل الدم؟ مع العلم أن المستشفى يقوم ببيع الدم على المرضى بأضعاف المبلغ الذي اشتراه به؟! الجواب الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده وبعد: فالدم محرم بنص القرآن قال تعالى: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ" [المائدة:3] . وجاء في الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله -عز وجل- إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه" أخرجه أحمد (2111) ، وأبو داود (3488) . وعند البخاري (2223) ، ومسلم (1582) . أوله. وعلى ذلك جاءت فتاوى العلماء في عصرنا بإباحة نقل الدم وتحريم بيعه ومن تلك الفتاوى: فتوى الشيخ حسنين مخلوف مفتى الديار المصرية، وهي من أوائل الفتاوى في هذا الباب حيث صدرت سنة (1950م) وفتوى الشيخ حسن مأمون (مفتي الديار المصرية) برقم (1065) وتاريخ (2/12/1378هـ) الموافق (9 يوليه 1959م) ، وفتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية برقم (65) وتاريخ (7/2/1399هـ) ، وفتوى لجنة الإفتاء بالمملكة الأردنية الهاشمية بتاريخ (20/5/1397هـ) ، وفتوى لجنة الإفتاء الجزائرية بتاريخ (6/3/1392هـ) وفتوى المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، وقد جاء في الفتوى الصادرة في (13/7/1409هـ) تحريم بيع الدم، وأن نقل الدم من امرأة إلى طفل دون الحولين لا يأخذ حكم الرضاع المحرَّم.. وهو أمر اتفقت عليه الفتاوى الصادرة في هذا الشأن.. وصدرت عشرات، بل مئات الفتاوى الجماعية والفردية، والكتب والمقالات التي تبيح نقل الدم إذا تعين ذلك لإنقاذ حياة أو لشفاء مرض. وأن ذلك يجب أن يكون من قبيل التبرع لا المعاوضة والبيع.. وأن المضطر للشراء لا لوم عليه ولا تثريب، إن لم يجد وسيلة أخرى لذلك. وأن تتبع الشروط الطبية لنقل الدم للتوقي من نقل الأمراض، ومن حدوث تفاعلات خطيرة. وقد جاء في فتوى المجتمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة (13-20 رجب 1409هـ ما يلي: (أما حكم أخذ العوض عن الدم، وبعبارة أخرى: بيع الدم؛ فقد رأى المجلس أنه لا يجوز؛ لأنه من المحرمات المنصوص عليها في القرآن الكريم مع الميتة ولحم الخنزير، فلا يجوز بيعه وأخذ عوض عنه. وقد صح في الحديث: "إن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه"، كما صح أنه نهى عن بيع الدم. ويستثنى من ذلك حالات الضرورة إليه للأغراض الطبية ولا يوجد من يتبرع إلا بعوض، فإن الضرورات تبيح المحظورات، بقدر ما ترفع الضرورة وعندئذ يحل للمشتري دفع العوض، ويكون الإثم على الآخذ. ولا مانع من إعطاء المال على سبيل الهبة أو المكافأة تشجيعاً على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري لأنه يكون من باب التبرعات، لا من باب المعاوضات) . والله أعلم.

صلاة الفريضة في السيارة من أجل البرد

صلاة الفريضة في السيارة من أجل البرد المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/12/1426هـ السؤال أنا أعمل في سيارات الأجرة وفي وقت الشتاء يكون عندنا اليوم قصيرًا وأوقات الصلاة متقاربة جداً. وأنا أكون أحياناً في أماكن لا يوجد فيها مسجد أو مكان للصلاة والجو يكون بارداً والأرض كلها تكون مغطاة بالثلج. السؤال: في هذه الحالة هل يجوز لي أداء صلاة الفريضة جالساً داخل السيارة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: 1- الأصل هو أن الفريضة لا تصلى إلا في الحالة التي يكون المصلي فيها متمكناً من أداء الأركان (القيام، الركوع، السجود..) على صفتها؛ فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي النافلة وهو راكب، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة. صحيح البخاري (400) . 2- لكن إذا خشي الشخص فوات الوقت، ولم تكن الصلاة من الصلوات التي تجمع مع ما بعدها، ولم يمكن أن ينزل، فإنه يصلي على الحالة التي هو بها، فقد رُوي -بسند ضعيف- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في سفر فحضرت الصلاة والمطر مستمر والأرض مبتلة، فصلى على راحلته يومئ إيماءً يجعل السجود أخفض من الركوع. ورُوي مثل هذا عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- سنن الترمذي (411) . وهذه الحالة تدخل في عموم قول الله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16] . 3- وأخيراً فإني أنصح السائل الكريم بأن يجعل في سيارته ما يمكنه من أداء الصلاة في وقتها؛ مثل سجادة وآلة لتسخين الماء عند اللزوم.

إعادة نشر الصور الساخرة بنبينا مطموسة!

إعادة نشر الصور الساخرة بنبينا مطموسة! المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/04/1427هـ السؤال أنا صحفي قمت بإعداد صفحة كاملة في صحيفتي التي تصدر باللغة الإنجليزية، نشرت فيها تقريراً متكاملاً عن الغضب الذي ساد الشارع الإسلامي من جراء الرسوم الدنمركية، التي حاول بها أعداء الدين الإساءة لسيد البشر -صلى الله عليه وسلم- كما نشرت في ذات الصفحة مقتطفات مما قيل إعجابا ومديحاً في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قبل كبار المستشرقين، والغربيين، والزعماء، وفي ذات الصفحة دمجت ثلاثة من الرسومات الدنمركية سيئة الصيت بعد تصغيرها جداً، في إطار واحد وغطيتها بعلامة (x) كبيرة الحجم تغطي معظم أجزاء الرسومات التي في الإطار والذي لا يزيد مقاسه عن (7x9 سم) تقريباً، بينما مقاس الصفحة من الحجم الكبير. إعادة نشر تلك الرسوم المصغرة بعد شطبها وتحقيرها كان في معرض الرد على الإساءات التي يحاول الرسامون أن يلصقوها برسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنزه عن ذلك. اتهمت في عقيدتي، وسجنت لمدة 12 يوماً، وأحيلت القضية للمحكمة، ولا أدري ما الله فاعل بي؟ فهل ما فعلته يستوجب العقاب؟ أم أنه جائز بحكم أنه جاء في معرض الرد على الإساءة لا بغرض الإساءة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فنقول لهذا الأخ السائل: إن عليه أن يتجنب مواضع التهم، وكما جاء في الحديث: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" أخرجه الترمذي (2518) ، وغيره. وهو بنشره لهذه الرسوم عرض نفسه للتهم، وجعل نفسه في وضع المتهم، فهذه الرسوم يغار عليها المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، فلماذا يقوم إذاً بنشرها مرة ثانية؟ حتى على افتراض حسن نيته. وينبغي أن نصدقه فيما قال وأنه إنما نشرها بحسن نية، ولكن مع ذلك ما كان ينبغي له أن ينشرها، فهو يعرف أن السبب في ثورات المسلمين وفي غضبهم هو: رسم هذه الرسوم، وأنها أساءت إلى سيد الخلق، وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم، فلماذا يعيد نشرها؟ ويقول: إنه يعيد نشرها دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم! ولكن دفاعاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا تعد نشرها، عليك أن تنشر سوى ذلك فنشرك لما ذكره كبار المستشرقين في جانب النبي صلى الله عليه وسلم هذا شيء طيب. وبصفة عامة أرى أن المحكمة يمكن أن تصدقك فيما قلت، وأن تقبل عذرك، وتقبل توبتك، وما أعربت عنه من الأسف على ما بدر منك، وعليك أن لا تعود إلى ذلك. ثم وصية أخيرة: عليك أن لا تستقوي بأعداء الدين على أهل الدين، حتى لو أنزلت بك المحكمة حكماً لا تراه عادلاً، فلا تلجأ إلى غير المسلمين، فإن لجوءك إلى غير المسلمين يجعلك في خانة المنافقين، واصبر على قومك حتى ولو رأيت أن الحكم ليس عادلاً بحقك، أو رأيت أن الحكم يجور عليك، ويذكر في هذا المقام أن كعب بن مالك -رضي الله عنه- في الفترة التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بهجرانه فيها -جاءه كتاب من ملك غسان النصراني يدعوه فيه إلى أن يلتحق بهم فرمى هذه الرسالة في النار، لأن إيمانه كان قويا جداً، وقال: حتى هؤلاء يطمعون في هذا منى، ثم تقبل الله توبته وتاب عليه.

المهم أن تعتبر بقوة إيمانك حتى ولو رأيت أن الحكم بحقك لم يكن بالصواب لأنك تعرف من نفسك كما بينت في رسالتك أنك صادق وإنما أردت الدفاع، ولكن تم عرضه بطريقة الخطأ. والطريق الذي سلكت ليس هو الطريق الصحيح فإن نشرك حتى مع علامة (X) ونحو ذلك فيه إيعاز باهتمامك بهذه الرسوم وتقديمك لها، ربما أدى إلى حث الناس على شراء هذه الجريدة بالإنجليزية التي يقرؤها الغربيون، فهذا يعني فيه أشياء تسمح بالاتهام، فعليك على كل حال أن تواجه القضية بشجاعة؛ وأن تعلن أنك إنما أردت خيرا وإذا فهم سوى ذلك، فإنك تتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وتستغفره، وتصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم.

مات وعليه دين لكافر فهل يلحقه الوعيد؟!

مات وعليه دين لكافر فهل يلحقه الوعيد؟! المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/02/1427هـ السؤال إذا مات مسلم وعليه دين لكافر فهل سيمنع هذا الدين المسلم من دخول الجنة؟ وهل يجب قضاء هذا الدين؟ كأن يكون الدين قرضًا من بنك (سواء بفوائد ربوية أو بغير ربا) ، وكيف يُقضى حق الكافر من المسلم يوم القيامة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الوفاء بالعقود، وذم الغدر والنكث؛ كقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] ، وهذا عام يشمل جميع العقود، وجميع المتعاقَد معهم مسلمين أو غير مسلمين ما لم يكن العقد مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية؛ وفي صحيح البخاري (34) ، وصحيح مسلم (58) عن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها؛ إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر". وهذا فيه الترهيب من الغدر وإخلاف الوعد، وهو عام أيضاً يشمل جميع المعاهدات والوعود، وأيًّا كان المعاهَد مسلماً كان أو كافراً. ومن العقود التي يجب الوفاء بها عقود المداينات (القروض) ، بل ورد الوعيد الشديد على عدم الوفاء بها؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين" أخرجه مسلم (1886) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" رواه أحمد (9302) وابن ماجة (2413) والترمذي (1078، 1079) ، وقال حديث حسن. وصححه الألباني- رحمهم الله تعالى. وهذا أيضاً عام يشمل جميع الديون حتى وإن كانت لغير المسلمين، قال ابن عبد البر في الاستذكار (5/100) : (وفي هذا الحديث من الفقه أن قضاء الدين عن الميت بعده في الدنيا ينفعه في آخرته؛ ولذلك أمر وليه بالقضاء عنه، ولا ميراث إلا بعد قضاء الدين) . قال الشوكاني-رحمه الله تعالى-: (فيه الحث للورثة على قضاء دين الميت، والإخبار لهم بأن نفسه معلقة بدينه حتى يقضى عنه، وهذا مقيد بمن له مال يقضي منه دَيْنه، وأما من لا مال له ومات عازما على القضاء فقد ورد في الأحاديث ما يدل على أن الله تعالى يقضي عنه، بل ثبت أن مجرد محبة المديون عند موته للقضاء موجبة لتولي الله سبحانه لقضاء دينه..) نيل الأوطار (4/53) . والخلاصة: أن الدَّين أمره عظيم، سواء كان لمسلم أو غير مسلم، وأنه يجب على المدين المبادرة في وفائه متى حل وهو قادر على الوفاء، وأنه لا يجوز للورثة أن يقتسموا التركة حتى تُقضى الديون وتنفذ الوصية، كما قال تعالى في آية المواريث: "من بعد وصية توصون بها أو دين" [النساء:12] ، وإذا لم يترك الميت المدين وفاءً شرع لغيره قضاؤه وانتفع الميت بذلك. أما إذا كان الدَّين قد جعلت عليه فائدة ربوية فلا يستحق الدائن إلا قدر رأس ماله فقط، لكن على المدين أن يتخلص من هذه الفائدة؛ لأنه هو الآخر لا تحل له فيخرج من ماله بقدرها، وينفقه فيما يشاء من أوجه الخير، لكن ليس بنية الصدقة ولكن بنية التخلص من مال حرام.

أما قول السائل: وكيف يُقضى حق الكافر من المسلم يوم القيامة؟. فالجواب: أن الذي نعتقده أن الحقوق والمظالم محفوظة لأصحابها، وأن الحقوق في الآخرة إما حسنات أو سيئات؛ فقد ثبت عند مسلم (2582) وغيره عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء"؛ كما ثبت عند البخاري (2449) وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه". أما كيفية القضاء بين المسلم والكافر؛ وهل يؤخذ من سيئات الكافر وتوضع على المسلم، أو يؤخذ من حسنات المسلم فتعطى الكافر فيخف عذابه، فالله أعلم، وعلى أية حال فلسنا متعبدين بمعرفة كيفية ذلك، ولن نسأل عنه، غير أن المتعين علينا كمسلمين أن نحذر الظلم والتهاون في حقوق الآخرين؛ مهما كانت هذه الحقوق، وأياً كان أصحابها. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

كفارة الحلف على المصحف

كفارة الحلف على المصحف المجيب د. محمد العروسي عبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/04/1427هـ السؤال حلفت على كتاب الله بأن لا أعود إلى ثلاثة أشياء ذكرتها وأنا أضع يدي على المصحف بأن لا أعود وأنا جاد فيما قلت ولكن الشيطان وسوس لي وزينها في قلبي. ولكن للآسف وأنا خائف من هذا الحلف قد وقعت في الأفعال التي أردت من نفسي الابتعاد عنها ولكن ذاك الذي جرى. فما هي كفارة الحلف على القرآن؟ وهل يجب على أن أكفر عن الثلاث أو تكفي كفارة واحدة؟ وهل أستطيع أن أدفع ثمن الكفارة نقداً للجهات المعنية بالتبرع وهي بذلك تتولى قضية التكفير. الجواب الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد: فالحلف على المصحف هو من توكيد الأمر الذي أمر الله بامتثاله أو اجتنابه، فما حرم الله سبحانه أو رسوله فهو محرم، وما أمر به سبحانه أو رسوله صلى الله عليه وسلم فهو واجب. ثم إذا أراد الإنسان أن يوثق الأمر ويؤكده حلف على مصحف لتغليظ اليمين وزيادة توكيده، وهذا كما يطلق عليه يمين فهو عهد وميثاق. فالحنث في هذا اليمين يوجب الكفارة كسائر الأيمان. والحلف على المصحف يوجب لذلك المحلوف عليه تحريماً غير التحريم الثابت بالنهي كتحريم الزنا وشرب الخمر والكذب والظن. فيكون المقسم عليه محرماً من وجهين: من جهة تحريم الله سبحانه، ومن جهة يمينه التي أقسم بها. فهذا قد استحق من العقوبة أشدها لارتكاب ما نهى الله عنه أولاً، ولنقضه للعهد ونكثه لليمين ثانياً. وعليه كفارة يمين لكل واحدة من هذه المسائل التي حلف عليها لأنه حنث بفعل ما حلف على تركه. وليبحث في إعطاء هذه الكفارة إلى مستحقيها من الفقراء والمساكين من جيرانه ومعارفه ويجتهد، فإن لم يجد أو لم يعرف من ينفقها عليه، كأن يكون مغترباً. فهذه يدفعها إلى الجهة التي استوثق فيها لتقوم بصرفها على مستحقيها. والله أعلم.

تأخير الحج لمن استطاع إليه سبيلا

تأخير الحج لمن استطاع إليه سبيلاً المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/12/1426هـ السؤال أنا موظف كبير ومرتبي جيد -ولله الحمد-. الآن لا أملك سكناً خاصاً إنما مستأجر، وأملك من المال مبلغاً لا يكفيني لشراء سكن، لكنه يكفي لأداء فريضة الحج. هل أقوم بأداء فريضة الحج، مع أنني مستأجر السكن، هل يجوز لي تأجيل الحج إلى ما بعد شراء مسكن، علماً أن ذلك قد يستغرق سنوات كثيرة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعليك أيها الأخ أن تقدم فريضة الحج؛ لأنه واجب على الفور كما ذهب إليه جمهور العلماء، فما دمت تملك مالاً كافياً لأداء فريضة الحج، ولم تترك أهلك في ضيعة وإعسار فعليك أن تذهب إلى الحج وألا تؤخره، فالحج على الفور كما ذهب إليه مالك والإمام أحمد، وأيضاً قول قوي عند الأحناف.

شروط تكفير الحج للذنوب

شروط تكفير الحج للذنوب المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/12/1426هـ السؤال كما نعلم أن الذي يحج تكفَّر عنه جميع ذنوبه، كمن يدخل في الإسلام. لكنني سمعت البعض يقولون: إن من يصر على بعض الذنوب فلا يكفرها الحج، فهل هذا صحيح؟ وما الدليل إن كان صحيحاً؟ وكيف يكون الحج ماحياً للذنوب إذا كان صاحبها يعود إليها، فليس هناك أحد من البشر كاملاً لا ذنب له؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فقد وردت النصوص الصحيحة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أن الحج يكفر ما قبله من الذنوب، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: " من أتى هذا البيت -وفي لفظ: من حج لله- فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه". صحيح البخاري (1521) ، وصحيح مسلم (1350) . وفي الصحيحين أيضاً: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". صحيح البخاري (1773) ، وصحيح مسلم (1349) . وهذه النصوص محمولة عند جماهير أهل العلم على تكفير الصغائر دون الكبائر، أما الكبائر فلا بد فيها من التوبة؛ لأن الصلاة -وهي أعظم شأناً من الحج- لا تقوى على تكفير الكبائر وإنما تكفِّر الصغائر، فمن باب أولى الحج، لأنه جاء في صحيح مسلم (233) وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب -وفي رواية: ما لم تغش- الكبائر". وقد ذكر السائل أن الحج يكفِّر ما قبله، فالمراد بذلك الصغائر، وجاء في صحيح مسلم (121) في مبايعة عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عندما أراد أن يشترط، فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم-: "تشترط بماذا؟ ". قال: أن يغفر لي. قال: "أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله". فإذاً هذا التكفير لما تقدم من الذنوب بالحج يشترط في الحج أن يكون مبروراً، وهو الذي سلم من الآثام والمعاصي، فإذا توفر هذا الشرط في الحج فإنه يكفر ما قبله من الذنوب، وإذا عاد العبد إلى هذه الذنوب فإنها تكتب عليه من جديد، والماضي قد حصل التجاوز عنه. والله أعلم.

الصلاة بغير العربية

الصلاة بغير العربية المجيب سالم بن ناصر الراكان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 06/03/1427هـ السؤال هل تجوز الصلاة باللغة الصينية؟ وجزيتم خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فالصواب مع من قال بعدم جواز الصلاة باللغة الصينية ولا غيرها من اللغات سوى العربية، وهو مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، وأما الإمام أبو حنيفة فقد أفتى في أول الأمر بجواز الصلاة بغير العربية، ثم رجع عنه. ولذا فقد نقل بعض أهل العلم الإجماع على تحريمه. (مناهل العرفان في علوم القرآن 2/117) ؛ وذلك لأن الفاتحة ركن على الصحيح من قولي العلماء، ولا تجوز قراءة القرآن بغير العربية، كما نص الفقهاء على ركنية تكبيرة الإحرام، وأنها لا تجزئ بغير لفظة (الله أكبر) حتى لو أبدلها بلفظة عربية أخرى مثل (الله أجلَّ) ، أو (الله أعظم) لم تنعقد صلاته على الصحيح، وكذلك سائر أركان وواجبات الصلاة القولية لا تصح بغير العربية. والعلم عند الله تعالى.

هل نصوت في استفتاء الرسوم المسيئة

هل نصوت في استفتاء الرسوم المسيئة المجيب صالح بن عبد الله الدرويش قاضي في المحكمة العامة بالقطيف التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/01/1427هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وردتني رسالة جوال تقول: (لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم اتصل على الرقم التالي في كندا ( ... ) ثم اضغط على الرقم (2) ؛ لأن هناك استفتاء على الرقم أعلاه يقول هل بإمكان الإعلام الكندي عرض رسوم كرتونية مسيئة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، لذا اضغط على الرقم (2) لكي تصوت بـ (لا) التصويت اليوم فقط.) . فما رأيكم في الموضوع؟. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وصلتني الرسالة المسؤول عنها وقد جرى الاتصال ببعض المهتمين بهذا الموضوع وأفاد بأن: (الرسالة المراد منها الكسب المادي وعملية إثارة القضية لدى المسلمين في كندا) أهـ. وأرى أن هذه الرسالة مصدرها مشبوه وغير معروف، والأصل التثبت في هذه الرسائل قبل نشرها، وكذلك معرفة المصالح والمفساد المترتبة على نشرها، فإن رسائل الجوال الكثيرة تخلو من التثبت، وكذلك من معرفة المصالح والمفساد, وربما كان الهدف منها ابتزاز عواطف المسلمين لحملهم على التصويت المدفوع الثمن، وتحصيل الكسب المادي من وراء ذلك، ولذا فإن علينا ألا نجعل مشاعر المسلمين عرضة لهذا الابتزاز، وفي المقابل توجد مصارف واضحة من خلال مؤسسات رسمية أو خيرية معروفة ومزكاة، وفي التعامل معها كفاية عن الدخول في مشاريع مجهولة؛ لذا أرى عدم نشر هذه الرسالة وعدم الاتصال بهذا الرقم. أسأل الله أن يجعلنا من الناصرين لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولذاته. والله أعلم.

كيف أعرف أثر الاستخارة؟!

كيف أعرف أثر الاستخارة؟! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/01/1427هـ السؤال أديت صلاة الاستخارة، ودعوت بدعائها مع ذكر الشيء الذي كنت أريد فعله، وتوكلت على الله، فماذا أفعل لأعرف إذا كان يحق لي الشروع في هذا الشيء أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا يخلو حال المسلم إذا أدى صلاة الاستخارة من أحد أمور ثلاثة، هي: 1- أن يجد في نفسه نشاطاً وارتياحاً للعمل الذي تردد فيه، ويذهب عنه التردد، وفي هذه الحالة يشرع له أن يمضي في العمل. 2- أن يجد في نفسه انصرافاً عن العمل، وعدم رغبة فيه، فيشرع له أن لا يمضي في العمل. 3- أن لا يحصل له شعور جديد، بل يبقى متردداً، وفي هذه الحالة عليه أن يمضي في العمل إذا ترجح له عقلا فائدة ذلك العمل، فإن الظن بالله أنه سيختار له ما هو خير. ويشرع للمسلم أن يجمع مع الاستخارة استشارة أهل الرأي والنصيحة من أهله وإخوانه. والله أعلم.

رفع المقاطعة عن شركة آرلا

رفع المقاطعة عن شركة آرلا المجيب جمع من العلماء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/03/1427هـ السؤال لقد صدرت فتاوى وبيانات من أهل العلم بمشروعية مقاطعة البضائع الدانمركية بسبب الرسوم الساخرة بنبينا -صلى الله عليه وسلم- وكما تعلمون أن الشركات المقاطعة لم يصدر منها سخرية بنينا صلى الله عليه وسلم، ولا إعانة على ذلك، ولكن قوطعت لأجل الضغط على الحكومة الدانمركية؛ لفرض عقوبات وقوانين تمنع السخرية بالمقدسات. وقد أعلنت شركة (آرلا) للأغذية استنكارًا وإدانةً للرسوم التي نشرتها الصحيفة الدانمركية، ورفضت الشركة أي مبرر لتسويغها. وقد واجهت الشركة انتقادات واسعة من الحكومة، وبعض وسائل الإعلام الدانمركية على هذا الموقف الشجاع. ألا ترون -تثمينًا لهذا الموقف الشجاع الجريء للشركة، وتحفيزًا وتشجيعًا للشركات الأخرى أن تقف مع قضيتنا العادلة - مشروعية رفع المقاطعة لهذه الشركة؟ أفتونا مأجورين. الجواب أولا: إجابة د. عبد الله بن بيه (وزير العدل الموريتاني سابقاً) . ثانياً: إجابة أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان (عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً) . ثالثاً: إجابة أ. د. عبد السلام الهراس (أستاذ في جامعة القرويين بمدينة فاس المغربية) . أولا: إجابة د. عبد الله بن بيه (وزير العدل الموريتاني سابقاً) . الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين: في البدء أرى رفع المقاطعة عن هذه الشركة، وقد أعربت عن وجهة نظري هذه في المؤتمر الذي جمعنا في البحرين، الذي جمع العلماء والمفكرين والباحثين، وللأسباب التالية: 1- للمبدأ العام، ولقوله تعالى:"ولا تزر وازرة وزر أخرى" وجاء في الآية الأخرى في سورة النجم " أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى " فهذا مبدأ في كل الشرائع السماوية وفي كل القوانين البشرية. 2- الاعتذار الذي قدمته هذه الشركة هذا الاعتذار والتنصل والتبرؤ مما قام به أولئك الناس أعتقد أنه سبب كاف، بالإضافة إلى السبب الأول لرفع المقاطعة عن هذه الشركة. 3- من ناحية المصلحة يجب علينا أن نتعامل مع الأسوياء من هؤلاء الذين يريدون حسن التعامل وحسن العلاقة، علينا أن نعاملهم بالمثل وأن نمد اليد لمن يمد لنا يده، فالأصل في العلاقة البر والإقساط لمن لا يحاربنا ولا يشن علينا حرباً، سواء كانت حرباً كلامية أو حرباً عسكرية والله سبحانه وتعالى يقول:" لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "وهذه الشركة لم تسيء إلينا، وبالتالي فإن لها منا واجب البر والقسط.

4- العفو والصفح والمسامحة والإحسان كلها قيم ومبادئ لا يرقى إليها شك في ديننا الإسلامي في سلوكنا في تصرفاتنا بمد يدنا للآخر يمكن أن نجسد هذه القيم وبالعكس في سلوكنا غير السوي يمكن أن نلحق ضرراً بالغاً بمصالحنا ودعوتنا التي هي دعوة سلام وسلم ومحبة ووئام. أعتقد أن هذا الموقف هو الموقف الملائم الذي يلبي حاجة المسلمين في إيجاد رأي عام يتعامل معه الغرب إذا كنا نرفض كل يد ممدودة فمعنى ذلك أننا نؤلب على أنفسنا دون أن نشعر وذلك شيء من قصور النظر، وأعتقد أنه سيصيب مصالحنا بضرر بالغ وسيؤلب الناس علينا، وبالتالي لا يسمح لدعوتنا أن تصل ولا لكلمتنا أن تسمع، فالمصلحة أن نمد يدنا إليهم. أخيراً أود أن يكون رفع المقاطعة بناءً على اجتماع تعقده هذه الشركة مع الأمانة العامة في المؤتمر فهذا الاجتماع بالإمكان أن يصل إلى نتائج بناءا على اتفاق ملتزم به نوع من العهد والعقد بينهم على جملة من الشروط أعربت عنها الشركة، وأنها قد تساعد في تغيير الصورة النمطية التي توجد عند الغرب. هذا رأيي والله -سبحانه وتعالى- يقول الحق وهو يهدي السبيل والله تعالى أعلم. الفتوى منقولة من موقع اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وهذا رابطها (رفع المقاطعة عن شركة آرلا) ثانياً: إجابة أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان (عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً) . الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا شك أن ما حصل من حكومة الدانمرك بالوقوف مع الصحيفة التي نشرت الرسوم (الكاريكاتورية) الساخرة بنبي الإنسانية وخاتم الأنبياء محمد -صلى الله عليه وسلم- جريمة نكراء ونازلة بالمسلمين في عامة أنحاء المعمورة لا يعرف لها مثيل من قبل، وإن هبة المسلمين -في جميع مذاهبهم الدينية وانتماءاتهم الفكرية والاجتماعية –لم يسبق أن اتحد على مثلها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها غير أنه من فضل الله أن جعل المحن تنتج منحًا، كما قال الله تعالى: " لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ "، فإن المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الدانمركية -وهي مقاطعة شعبية بحتة- أثمرت ثمارًا طيبة وفوائد عظيمة، منها: 1- وحَّدت المسلمين علماء وعامة في جميع أقطار الأرض على قضية واحدة لم يسبق لها مثيل. 2- أثارت الحمية الدينية لدى شباب الأمة خاصة والمسلمين عامة. 3- ساعدت الأقليات المسلمة في ديار الغرب، ومن بينها المؤسسات الإسلامية وفي الدانمرك خاصة. 4- عملت على نشر الدين الإسلامي، وسيرة النبي –صلى الله عليه وسلم- في الغرب ومنها الدول الإسكندنافية.

5- دفعت بعض الشركات الأوروبية ومنها شركة (آرلا) الدانمركية، فأيدت المسلمين في استنكارهم لهذه الرسوم الساخرة بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنها لخطوة منها جيدة، وإني أرى عدم مقاطعة هذه الشركة (آرلا) بل يتعين على التجار والمستهلكين من الناس التعامل معها، وشراء منتوجاتها بعد أن استنكرت موقف حكومتها الشنيع على عامة المسلمين. وإن رفع المقاطعة عن هذه الشركة هو تشجيع للشركات الأخرى حتى تحذو حذوها، لاسيما أن هذه الشركة استنكرت رسميًا موقف حكومتها، وتعمل على مقاضاتها قانونيًا، لما لحقها من خسارة مادية، ولموقفها المتصلب من عدم الاعتذار للمسلمين. ثم يجب أن يعلم أن الفتاوى التي صدرت من العلماء لمقاطعة المنتجات الدانمركية إنما قصد بها الضغط على الحكومة لتعتذر للمسلمين وتعاقب الصحيفة الناشرة لتلك الرسوم الساخرة، ولكن تبين أن الحكومة الدانمركية حكومة صليبية تزداد إصرارًا كل يوم. ثم إن العاطفة الدينية لدى الشعوب الإسلامية قد خفَّت أو كادت أن تخف، ولن تدوم بحال. ومن الحكمة والمصلحة العامة للمسلمين أن تشجع الشركات الدانمركية الأخرى في الضغط على حكوماتها بالأساليب الممكنة، حتى تعتذر للمسلمين رسميًا، وإن أعظم ما يضغط على الحكومات اليوم – هيئات وشركات القطاع الخاص فيها، فيتعين رفع المقاطعة حينئذ عن كل شركة دانمركية وقفت ضد حكومتها، في حادثة الرسوم الكاريكاتورية. ويجب أن يعلم أن شركة (آرلا) ونحوها شركة خاصة، ولا دخل للدولة فيها من قريب أو بعيد، وإذا كان الأمر هكذا تعين حينئذ تشجيعها على موقفها مع المسلمين وإقامتها دعاوى قضائية ضد الحكومة، وأعتقد أن هذا هو عين العدل والإنصاف، فلا يؤاخذ البريء بجريرة المسيء فإن الله يقول: "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، "وكل نفس بما كسبت رهينة"، " وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ". والله أعلم. الفتوى منقولة من موقع اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وهذا رابطها (رفع المقاطعة عن شركة آرلا) ثالثاً: إجابة أ. د. عبد السلام الهراس (أستاذ في جامعة القرويين بمدينة فاس المغربية) . الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الله -سبحانه وتعالى- يقول:"ولا تزر وازرة وزر أخرى". هؤلاء تبرؤوا وأعلنوا أنهم في صف المسلمين فيما يصف استنكار ما صدر من تلك الشرذمة السفيهة في قومها، فيجب أن نشجعها ونشجع الشركات الأخرى؛ لتقتدي بها، فشرعاً يجب رفع المقاطعة ولكل حال فتوى، والحال الجديدة هؤلاء كما سمعتم الشعب المسلم يتكلم عنهم، ولكن ينبغي -في رأيي- أن يكون الموقف الجديد موثقاً ليس من خلال الإعلان والكلام مع الوفد وموقّعاً ومسئولاً؛ حتى لا تقع في تزوير في شيء يقال وشيء يعمل، فيجب أن يكون الموقف مسجلاً وموثقاً ومقطوعاً به، وليس محل شك أو تردد أو تراجع. لذا أرى رفع المقاطعة مبدئياً، بشرط أن يكون الموقف يؤيد مقام المسلمين من الدنمركيين موقفاً مسؤولاً معتمداً. كما نعلن للملأ أننا لسنا أعداء لهؤلاء؛ لأنهم لم يظاهروا العداء، ولم يرتكبوا شيئاً ولم يسكتوا لأن السكوت علامة الرضى. هذا رأي والله أعلم. الفتوى منقولة من موقع اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم

كيف تسبق العين القدر؟!

كيف تسبق العينُ القَدَرَ؟! المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/02/1427هـ السؤال أرجو أن تبينوا لي كيف تسبق العينُ القَدَرَ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين" رواه مسلم في صحيحه (2188) . وأنت إذا تأملت نص الحديث وجدته دالاً على إثبات القدر "وأنه هو السابق لا أن العين تسبق القدر"، ففي سابق علم الله كل ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف سيكون، وإصابة العين من القدر المكتوب الذي سبق به علم الله وكتبه فليتأمل ذلك. قال النووي -رحمه الله- في شرحه لهذا الحديث (14/171) : "فيه إثبات القدر، وهو حق بالنصوص وإجماع أهل السنة، ومعناه: أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى، ولا تقع إلا على حسب ما قدرها الله -تعالى- وسبق بها علمه، فلا يقع ضرر العين ولا غيره من الخير والشر إلا بقدر الله تعالى، وفيه صحة أمر العين، وأنها قوية الضرر والله أعلم". وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هل في هذه الآيات ما يبيح الثناء على النفس؟

هل في هذه الآيات ما يبيح الثناء على النفس؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/02/1427هـ السؤال في سورة النبأ، وتحديداً في تعداد الله تعالى لنعمه، وبيان قدرته، كما في الآيات التالية: "أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا، وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا" استنبط أحد طلاب العلم فائدة من هذا المعنى، فقال: للداعية أن يزكي نفسه في موطن من المواطن إذا احتاج إلى ذلك، وقال: إذا كان الله -تعالى- مع جلالة قدره، ورفعة شأنه، احتاج أن يبين عن نفسه في هذا الموطن، فالداعية إلى الله تعالى من باب أولى. فهل تستقيم له هذه الفائدة من هذه الآيات بالذات؟ وما صحة قول من يقول: لا تتشبه بأفعال الله تعالى، ويستدل على ذلك بقول الله تعالى: (ليس كمثله شيء) ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالاستدلال بآية سورة النبأ غير صحيح؛ فكل ما ذكر فيها من خصائصه سبحانه وحده. ولكن لو قيل -دون الاستدلال بالآية-: إن الله يثني على نفسه ليعلم خلقه كيف يثنون وكيف يثني بعضهم على بعض لكان حسنًا، وثناء المرء على نفسه بالحق عند الحاجة جائز دلت عليه نصوص أخرى، لقوله -تعالى- حكاية عن يوسف: "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" [يوسف: 55] ، وقول ابنة شعيب: "قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" [القصص: 26] ، وقول كل نبي لقومه: "أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ" [الدخان: 18] . أما الاستشهاد بآية " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" [الشورى: 11] على منع التشبه بأفعال الله فصحيح، فإن أسماء الله وصفاته -ومنها أفعاله سبحانه- لا تشبه صفات وأفعال المخلوقين. وكون الله موصوفاً بالعلم والحكمة والرحمة ونحوها، والمخلوق يوصف بهذه الأوصاف، فقد تعني التشبه بأفعال الله -سبحانه- فكل من الخالق والمخلوق يتَّصف بهذه الصفات، ولكن لكل من الرب والعبد ما يناسبه منها. والله أعلم.

النطق بالكفر عند شدة الغضب

النطق بالكفر عند شدة الغضب المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/03/1427هـ السؤال رجل يصلي ويشهد له بالإيمان، جاءه رجل ذات يوم وهو غاضب، وقال له: قل لا إله إلا الله، قال: لا أنا كافر بها! فلما ذهب عنه الغضب استغفر الله وتاب مما قال، فهل عليه شيء بعد ذلك يفعله؟ وهل عليه شيء لو جامع زوجته؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا شك أن ما ذكره السائل في السؤال منكر عظيم؛ لأن ما تلفظ به ذلك الرجل كلمة كفرية، لكن قائلها يختلف حكمه حسب الحال التي كان عليها حينما نطق بتلك الكلمة. فمن نطق بكلمة الكفر عالماً بمعناها عامداً، غير مكره فهو كافر بالله تعالى، أما من غلبه الغضب إلى درجة فقدان التحكم في نفسه، وفقدان التمييز بين الخطأ والصواب فهذا معذور -إن شاء الله- كما هو الحال فيما يقع منه من طلاق ونحوه، وقد بين العلماء أن طلاق الغضبان لا يقع، عملاً بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا طلاق ولا عَتاق في إغلاق". أخرجه أبو داود (2193) ، وابن ماجه (2046) . والإغلاق هو الغضب، أو كل ما يغلق على الإنسان فكره وعقله حتى لا يعي ما يقول. وأما مطلق الغضب فليس مبرراً للنطق بكلمة الكفر ونحوه من الأقوال المنكرة والتفحش في الكلام، والغضب مسألة نسبية في الناس ليس مطرداً على نمط واحد في الجميع، فبعض الغضب قد يفقد زيداً من الناس صوابه، ولكن غيره لا يحصل له ذلك، فليتنبه لهذا. كما أن هذه الحالة المذكورة في السؤال تشبه -إلى حد كبير- قصة صاحب الراحلة الذي فقدها في فلاة وعليها كل ما يحتاجه من طعام وشراب، فبحث عنها حتى يئس، ثم أغفى إغفاءة استيقظ بعدها وعنده راحلته، فقال من شدة الفرح: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك". انظر صحيح البخاري (6309) ، وصحيح مسلم (2747) . حيث أغلق عليه الفرح الشديد عقله، فأخطأ في العبارة فقال كلمة كفرية، بيد أنه لا يقصد حقيقة ما قال؛ إذ قالها في حالة من الذهول. والمذكور في السؤال إن كان الغضب أغلق عليه تفكيره فأخطأ في كلامه فهو مثل صاحب الراحلة في الحكم، أما إن كان عالماً بما يقول متعمداً له، كامل الأهلية، فقد وقع في الكفر، وعليه التوبة إلى الله وتجديد إيمانه. وبما أن الشخص المذكور في السؤال تاب ورجع وأناب فإن الله يقبل التوبة من عباده، ويعفو عن السيئات، وعليه أن يكثر من النوافل والقربات، ولا حرج عليه في جماع زوجته -إن شاء الله-. وأنبه هنا إلى أنه يجب على المرء أن يحفظ لسانه في حال الغضب من كل قول قبيح، فلربما قال كلمة توبق دنياه وآخرته. كما أنبه إلى أنه لا ينبغي لنا التسرع والاهتمام الزائد بالحكم على الأشخاص المعينين، وإنما الواجب علينا النصح والإرشاد، والتذكير بالحكمة والموعظة الحسنة؛ حتى يتوب المذنب ويرجع إلى ربه. كما ينبغي علينا اختيار الأسلوب الحسن في النصح، واختيار الزمان والمكان المناسبين، ونحو ذلك مما يؤثر في إنجاح النصح.

وقد ذكر الفقهاء شيئاً يشبه ما ذكر في السؤال من بعض الوجوه، وذلك في تلقين المحتضر، إذ ذكروا أنه ينبغي لملقن الشهادة للمحتضر أن لا يقول له: (قل لا إله إلا الله) . بأسلوب مباشر، وإنما يطلب منه النطق بذلك بطريقة غير مباشرة، كأن يهلل أمامه، أو يخبره عن بعض الصالحين الذين ماتوا وهم يقولونها، ونحو ذلك من الطرق الحسنة، والعلة في ذلك أن المحتضر في حالة كرب شديد، فيخشى عليه من الضجر إذا طلب منه النطق بالشهادة بأسلوب مباشر، وربما يرفض النطق بالشهادة، أو ينطق بكلام لا يحسن، فيكون الملقن هو المتسبب في ذلك. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

هل دفع المال لتسهيل المعاملة رشوة؟

هل دفع المال لتسهيل المعاملة رشوة؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/05/1427هـ السؤال أنا محاسب في مجال التخليص الجمركي أتولى القيام بالإجراءات الجمركية للبضاعة المستوردة أو المصدرة، نيابة عن أصحاب هذه البضائع، وفي هذا المجال يتحتم التعامل مع موظفي الجمارك، فبعضهم يطلب نقودا مقابل القيام بعمله! وبعضهم يساوم عليها، وذلك باستغلال بعض الثغرات في القانون، فهل يعتبر ذلك رشوة؟ نرجو معرفة رأي الشرع في العمل في هذا المجال، وبهذه الصورة، مع العلم بأنني لا أقوم بالتعامل المباشر مع موظفي الجمرك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- قال: استعمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً على صدقات بني سليم، يدعى: ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم، وهذا هدية! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً". ثم خطبنا فحمد الله وأنثى عليه، ثم قال: "أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر". ثم رفع يده حتى رؤي بياض إبطه يقول: "اللهم هل بلغت" رواه البخاري (6578) ومسلم (1832) . وعن بريدة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول" رواه أبو داود (2943) وصححه ابن خزيمة (2369) والحاكم (1/563) . قال الشوكاني -رحمه الله تعالى-: "وظاهره المنع من الزيادة على المفروض للعامل من غير فرقٍ بين ما كان من الصدقات المأخوذة من أرباب الأموال أو من أربابها على طريق الهدية أو الرشوة" أ. هـ نيل الأوطار (8/135) . لذا فإنه يحرم على العامل أن يطلب ممن يراجعه لإنهاء معاملة له أي شيء سواء سماه هدية، أو إكرامية، أو غيرها من المسميات التي تختلف من بلد لآخر؛ لكونه يأخذ مرتباً على عمله، وهذه الزيادة ليست حقا له، فقد ذكر العيني -رحمه الله تعالى- قول بعض أهل العلم: "احتيال العامل هو بأن ما أهدي له في عمالته يستأثر به ولا يضعه في بيت المال، وهدايا العمال والأمراء هي من جملة حقوق المسلمين" ا. هـ عمدة القاري (24/124) . وقال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "ولأن حدوث الهدية عند حدوث الولاية يدل على أنها من أجلها" ا. هـ وما تدفعه للعامل لتيسير أمورك، واستغلال الثغرات، ما هو إلا نوع من أنواع الرشوة، قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "فأما الرشوة في الحكم ورشوة العامل فحرام بلا خلاف، قال الله تعالى: "أكالون للسحت" [المائدة:42] ، قال الحسن وسعيد بن جبير في تفسيره: هو الرشوة" ا. هـ المغني (10/118) . والواجب عليك نصح هؤلاء، وبيان حرمة ما يقومون به، فإن لم ينفع معهم ذلك فأبلغ عنهم الجهة المختصة، فأمثال هؤلاء لا تبرأ بهم الذمة وهذا من المنكر الواجب تغيره.

وأذكر المسئولين بتقوى الله تعالى، وأن لا يثقلوا كواهل الناس بالضرائب، فعن عبد الرحمن بن شماسة، قال: أتيت عائشة -رضي الله عنها- أسألها عن شيء فقالت: ممن أنت؟ فقلت: رجل من أهل مصر. فقالت: كيف كان صاحبكم لكم في غزاتكم هذه؟ فقال: ما نقمنا منه شيئاً إن كان ليموت للرجل منا البعير فيعطيه البعير، والعبد فيعطيه العبد، ويحتاج إلى النفقة فيعطيه النفقة، فقالت: أما إنه لا يمنعني الذي فعل في محمد بن أبي بكر أخي أن أخبرك ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يقول في بيتي هذا: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به" رواه مسلم (1828) . وأن لا يضطروا الناس إلى التحايل على تلك الأنظمة للتهرب من تلك الضرائب التي أثقلت كواهلهم، عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل الجنة صاحب مكسٍ" يعني العشَّار. رواه أحمد (17333) . قال البغوي: "يريد بصاحب المكس الذي يأخذ من التجار إذا مروا عليه مكسا باسم العشر". وقال الحافظ المنذري: "أما الآن فإنهم يأخذون مكسا باسم العشر، ومكوسا أخر ليس لها اسم، بل شيء يأخذونه حراماً وسحتا ويأكلونه في بطونهم نارا، حجتهم فيه داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد". ا. هـ الترغيب والترهيب (1/320) ، وانظر أحكام أهل الذمة لابن القيم (1/330) ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

عدالة الصحابة

عدالة الصحابة المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/12/1426هـ السؤال أنا في حيرة بخصوص موقفنا -نحن أهل السنة- من الصحابة كرواة للحديث، فالذي أعرفه أن هناك إجماعاً على أن الصحابة كلهم عدول وثقة في الحديث بدون استثناء. والشيعة يقولون: إن بعض الصحابة ارتدّوا، مثل مالك بن نويرة، فكيف يكون كلهم عدول وثقة إذا كان بعضهم قد ارتد؟ أفلا يمكن لبعضهم الآخر أن يكذب، ومن ثم ألا يجب أن يوثق الصحابة بشكل فردي في رواية الحديث؟ أرجو توضيح هذه الشبهة. الجواب الحمد لله على أفضاله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله. أما بعد: فأقول (وبالله التوفيق) : عندما أجمع السلف والخلف على عدالة الصحابة رضوان عليهم (مع كون إجماعهم هذا حُجةً ملزمةً) فإنهم إنما أجمعوا على ذلك لتوارد النصوص من الكتاب والسنّة الدالّة عليه. قال تعالى: "محمد رسول الله والذين معه أشدَّاءُ على الكفار رُحماءُ بينهم تراهم ركّعاً سُجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وَعَدَ الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرةً وأجراً عظيماً" [الفتح:29] . ففي هذه الآية بيان لفضل عموم الصحابة -رضي الله عنهم- لأنها عبّرت عنهم بالاسم الموصول (الذين) وهو من الصيغ الدالة على العموم. وفي الآية نصٌ صريح من عالم ما في الصدور سبحانه على حُسنِ نوايا الصحابة، وأنهم لا يقصدون إلا رضى الله تعالى وجنّته والنجاة من عقابه بأعمالهم "يبتغون فضلاً من الله ورضواناً" وهو نصٌّ مهم جدًّا يبين الموقف الصحيح الذي ينبغي أن يقفه المسلم تجاه أي حادث وقع من صحابي يجده فيه مخطئاً، بأن يعلم أنه وإن أخطأ إلا أنه قصد به (فضلاً من الله ورضواناً) ، وما وجدنا إلى هذا التأويل سبيلاً. وفي الآية أخيراً: أن الذي في قلبه غيظ على الصحابة كلّهم كافر "ليغيظ بهم الكفار"، وهو أحد الأوجه في تفسير الآية. وقال تعالى: "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجةً من الذين أنفقوا من بَعْدُ وقاتلوا وكُلاّ وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبيرٌ" [الحديد:10] . ففي الآية وَعْدٌ لجميع الصحابة ممن أسلم قبل الفتح ومن أسلم بعده بالحسنى، وهي الجنة، مع تفضيل المسلمين قبل الفتح على من جاء بعدهم من الصحابة. وقال تعالى: "للفقراء المهاجرين الذي أُخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون- والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً ممّا أُوتُوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم" [الحشر: 9-10] . ففي هذا الآيات ثناءٌ عظيم على المهاجرين والأنصار ومن تبعهم من الصحابة بعد انتهاء الهجرة من مكة إلى المدينة، أي مسلمة الفتح.

ولئن كان هناك خلافٌ في المراد بالفريق الثالث، فلا خلاف في المراد بالمهاجرين والأنصار وفي عموم ثناء الله تعالى عليهم جميعاً. وقال تعالى: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم" [التوبة:100] . وفي هذه الآية ذكرٌ لعموم المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان بأنهم قد رضي الله تعالى عنهم، وأنهم قد رضوا بثواب الله لهم، وأنه قد أعدّ لهم الجنة جزاء لإيمانهم وإحسانهم. وفي الحديث المتفق عليه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" صحيح البخاري (2652) ، وصحيح مسلم (2533) . وهذا فيه بيان أن جيل الصحابة أفضل الأجيال على الإطلاق. وفي الحديث المتفق عليه أيضاً أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-قال: "لا تسبّوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهباً، ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه" صحيح البخاري (3673) ، وصحيح مسلم (2541) . وأي مخالفة لهذا النهي النبوي أشدُّ من أن يوصف أحد الصحابة بعدم العدالة، أي بالفسق؟! وفي خطبة حجّة الوداع، التي حضرها مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عامّة الصحابة، يقول صلى الله عليه وسلم في آخرها –كما في الصحيحين وغيرهما-: "ألا ليبلغ الشاهد الغائب" صحيح البخاري (67) ، وصحيح مسلم (1679) . قال ابن حبان في مقدمة صحيحه (1/162) : "فيه أعظمُ الدليل على أن الصحابة كُلهم عدول ليس فيهم مجروح ولا ضعيف، إذ لو كان فيهم مجروح أو ضعيف، أو كان فيهم أحدٌ غير عدل لاستثنى في قوله –صلى الله عليه وسلم- وقال: ألا ليبلّغ فلانٌ وفلانٌ منكم الغائب. فلمّا أجملهم في الذكر بالأمر بالتبليغ لمن بعدهم، دلّ ذلك على أنهم كلّهم عدول، وكفى بمن عَدّل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- شرفاً". وفي حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- الذي رواه مسلم في مقدمة صحيحه (6) ، وصححه ابن حبان والحاكم، وهو صحيح كما قالا، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "سيكون في آخر الزمان ناسٌ من أمتي يحدّثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإيّاكم وإيّاهم". قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/14) ، "لمّا أخبر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بكذّابين يكونون في آخر الزمان يكذبون عليه، عُلِم أن الأول –وهم أصحابه- خارجون من هذه الجُملة، وزائلة عنهم التُّهمة". وهذه النصوص من الكتاب وثابت السنة تقطع بعدالة الصحابة وضبطهم، وأنهم منزّهون عن الشك في عدالتهم أو في صحّة نقلهم. على أنه لو لم يرد من الله -عز وجل- ورسوله –صلى الله عليه وسلم- فيهم شيءٌ مما ذكرناه، لأوجبت الحالُ التي كانوا عليها من الهجرة، والجهاد والنُّصْرة، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين= القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدَّلين والمزكَّين، الذين يجيئون بعدهم إلى يوم الدين" كما قال الخطيب البغداي في الكفاية (66-67) .

إذن: فالأصل في الصحابة العدالة ومتانة الديانة، هذا هو الأصل المتيقن الذي قطعت به تلك النصوص القطعية. واليقين لا يزول بالظنون، إنما يزول باليقين، فمن ثبتت صحبته فهو عدلٌ، لشمول تلك النصوص في دلالاتها له في إتيان العدالة. ولا نترك هذا الأصل، إلا إذا خالفه في أحدهم دليلٌ يقينيٌّ يخصُّه، فيكون من باب تخصيص العام، فيُخْرَجُ بهذا الفرد عن دلالة ذلك العموم، مع بقاء دلالة العموم على ما هي عليه في غير ذلك المخصَّص. أمّا من ثبتت ردته ممن كان ظاهره الصُحْبة، نعلم أنه ليس صحابيًّا أصلاً، وأن النصوص لا تتناوله أصلاً؛ لأن الصحابي هو: من لقي النبي –صلى الله عليه وسلم- مميَّزاً مؤمناً به ومات على الإسلام. فمن مات على الكفر ليس صحابيًّا أصلاً. وأمّا من ثبت عليه الفسق، كمن أنزل الله تعالى فيه قوله: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا" [الحجرات: 6] ، بغض النظر عن اسمه، فإن في هذه الآية إثباتاً بأن هناك من كان قد نقل خبراً غير صادق إلى الرسول –صلى الله عليه وسلم- فوصفه الله تعالى بأنه فاسق، ومنْ يستطيع أن يدّعي في هذا أنه عدل بعد تفسيق الله تعالى له = فهذا هو الذي نخصُّه من ذلك العموم، ونُخرجه من بين بقيّة الصحابة الذين ثبتت عدالتهم، لورود ما يدل على عدم شمول النصوص له يقيناً. ولذلك فأصوب التقريرات حول عدالة الصحابة هو أن نقول: الصحابة كلّهم عدول، بمعنى أن الأصل فيهم العدالة، إلا إذا دل الدليل الثابت الذي لا يحتمل التأويل والاعتذار على غير ذلك في واحدٍ منهم، عندها يمكن أن نستثني ذلك الفرد من عموم النصوص الدالة على عدالة الصحابة. وبحمد الله تعالى فإنه لم تأتنا سنةٌ عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- للناس إليها حاجةٌ في دين الله تعالى قد انفرد بها أحدٌ ممن ذُكر فيهم طعنٌ في عدالتهم ممن لقي النبي –صلى الله عليه وسلم- ومات على الإسلام. بل: عموم ما يُنقل عن الصحابة ممّا شجر بينهم، وغيره ممّا يتّخذ الجهلةُ وأهل البدع سبباً للطعن عليهم = هو مما للصحابة فيه تأويلاتٌ حسنة، يؤيدها ثناءُ ربّنا عز وجل على حُسن مقاصدهم في أفعالهم "يبتغون فضلاً من الله ورضواناً" أو أنه خطأٌ وذنبٌ مغمور في بحار حسناتهم، فلا يؤثر في عدالتهم، كما قال –صلى الله عليه وسلم- عن حاطب بن أبي بلتعة –رضي الله عنه- عندما ارتكب كبيرةً من الكبائر، وهي التجسُّس للكفار، فقال –عليه الصلاة والسلام-: "لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم قد غفرتُ لكم" صحيح البخاري (4890) ، وصحيح مسلم (2494) . وكما قال –صلى الله عليه وسلم- عمن لعن شارباً للخمر، أُتي به شارباً لها أكثر من مَرّة: "لا تلعنوه، فو الله ما علمت: إنه يحبُّ الله ورسوله". صحيح البخاري (6780) . أو أنه قد وقع منهم الخطأ والذنب، لكنهم عاجلوه بالتوبة الصادقةِ الماحية المبدّلةِ –بفضل الله- السيئات حسنات، كما أخبر تعالى عن الثلاثة الذين خُلّفوا في غزوة تبوك. هذا هو تقرير المسألة.

أما ضَرْبُ السائل المثال بمالك بن نويرة -رضي الله عنه- فهو خطأ، فإن مالك بن نويرة صحابيٌّ، لم يتخلّف أحدٌ ممن صنّف في الصحابة على وجه الاستقصاء عن ذكره فيهم، ولا أعرف أحداً من المعتبرين شكك في إسلامه، بل دافع عن إسلامه ابن الأثير في أسد الغابة (5/53) . ويقطع بذلك كلّه ما أخرجه ابن خياط بإسناد جيّد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قدمَ أبو قتادة على أبي بكر، فأخبره بمقتل مالكٍ وأصحابه، فجزع من ذلك جزعاً شديداً. فكتب أبو بكر إلى خالد، فقدم إليه، فقال أبو بكر: هل يزيد خالدٌ على أن يكون تأوّل فأخطأ؟ وردَّ أبو بكر خالداً، وَوَدَى مالك بن نويرة، وردَّ السبي والمال. تاريخ خليفة بن خياط (105) . وفي هذا الخبر التصريح بعدم كفر مالك بن نويرة -رضي الله عنه- بدليل جزع أبي بكر -رضي الله عنه- من مقتله الجزع الشديد، وبدليل تخطيء أبي بكر لخالد، وبدليل دفع أبي بكر لدية مالك بن نويرة وردّه السبي والمال. وفي هذا الخبر أيضاً فائدةٌ جليلةٌ، وهي تطبيقٌ عمليٌّ لما قرّرناه آنفاً، من أن خطأ الصحابي يُتأوَّل له ما احتمل التأويل، فهذا أبو بكر -رضي الله عنه- مع جزعه الشديد من فعل خالد وتخطيئه له، إلا أنه عفا عنه لا عتقاده فيه التأوُّلَ الصادقَ الحسنَ، ولذلك أعاد خالداً -رضي الله عنه- إلى قيادة الجيش في قتال المرتدّين وفي الفتوح. وأخيراً: أرجو من الأخ السائل ومن غيره -قبل أن تستقرَّ الشبهة في قلوبهم- أن يُثبِّتوا في قلوبهم المحكمات. فعليهم بقراءة أدلة عدالة الصحابة الإجماليّة، التي ذكرتُ بعضها واليسير منها. وأن يقرؤوا أدلة فضلهم التفصيلية، والواردة في كثير منهم، واحداً واحداً، مثل كتب فضائل الصحابة. وأن يقرؤوا أخبار الصحابة وسيرهم وحوادث حياتهم, إنهم إن فعلوا ذلك لن يبقى لتلك الشُّبهِ في قلوبهم أيُّ أثر، وستكون كمن أراد أن يطفئ ضياء الشمس بنفخة فيه. اللهم إنا نشهدك على محبّة أصحاب رسولك -صلى الله عليه وسلم- وهذه المحبّة عندنا من أوثق عُرى إيماننا - فاحشرنا في زمرتهم يا أرحم الراحمين. والله أعلم. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين.

في العسكرية يمنعوننا من إعفاء اللحية!

في العسكرية يمنعوننا من إعفاء اللحية! المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/05/1427هـ السؤال أنا طالب بمدرسة نظامها -شبه عسكري- يلزمنا بحلق اللحية، كنا نلبس الْقُمصَ عندما نريد أن نصلي، فمنعونا من ذلك أيضا! فهل يجب علينا ترك المدرسة؟ مع ملاحظة أننا في السنة الأخيرة من الدراسة! الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن إعفاء اللحية من شعار المسلمين، وقد جاء الأمر به في أحاديث كثيرة صحيحة، منها ما رواه الشيخان عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب". صحيح البخاري (5892) ، وصحيح مسلم (259) . وعند مسلم (260) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا: "جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس". والنصوص في ذلك كثيرة، ولم أقف على نص لأحد المتقدمين من الأئمة يبيح حلقها. ولكن للأسف الشديد عمت البلوى في أكثر بلاد المسلمين بإلزام من يلتحقون بسلك الأمن، أو الجيش، بحلق لحاهم، أو يحرمون من الالتحاق بهذه الوظائف، وربما فصلوا من أرخى لحيته من عمله ... وهذا ما ساعد على تقليل أعداد أهل الخير في هذه الوظائف، ولو تمالأ جماعة من أهل الخير وتواصوا بينهم على اقتحام هذه المجالات وفي نيتهم العمل على تغيير هذه الأنماط، وتصحيح هذه الانتهاكات الشرعية، لكان لهم أن يحلقوا لحاهم وهم كارهون لهذا الفعل، وليناصحوا المسؤولين عن هذه القطاعات المرة تلو المرة، ولا يملوا ولا يكلوا من النصح والتذكير. أما لبس القميص للصلاة فهو من الفضائل، والصلاة جائزة بالسراويل، فلا يعرض المسلم نفسه للعقوبة والأذية لأجل ذلك. والله أعلم.

إقامة الحدود.. وحقوق الإنسان!

إقامة الحدود.. وحقوق الإنسان! المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/01/1427هـ السؤال هل تشريع الحدود في الإسلام ينافي حقوق الإنسان؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالإسلام نظام شامل، كامل، متوازن، ذو أساس عقدي، وتشريع اجتماعي، وتوجيه تربوي، يرفد بعضه بعضاً، وينتج بمجموعه مجتمعاً صالحاً، تتسع فيه دواعي الخير والبناء، وتضيق فيه مجاري الشر والهوى. وهو بذلك يفارق الكهنوت الكنسي الذي يقصر مفهوم الدين على طقوس معينة، وفي وقت معين، وفي موضع معين، ويفصل بين ما هو ديني، وزمني، ويدع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله! إن تحقق العبودية لله في الإسلام يكون بالإيمان بالكتاب كله، وعدم تجزئة الدين بالإيمان ببعض الكتاب، والكفر ببعض، قال تعالى: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعضٍ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون" [البقرة: من الآية85] ، وبالتالي فإن قضية الحدود والتعزيرات ليست محلاً للبحث والنقاش ابتداء؛ إذ هي جزء من الإيمان بحكمة الخالق، وعلمه بمن خلق، قال تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء: 65] . إن حقوق الإنسان لا تصان على حساب أخيه الإنسان، وإنما تصان بإحدى طريقتين: إما بوازع الإيمان، وإما برادع السلطان. وقد أثبتت التجارب البشرية والقوانين الوضعية، المنفلتة عن هدي الله عجزاً وقصوراً عن حفظ كرامة الإنسان، وحمايته من الفساد والإفساد، كما تنطق بذلك إحصاءات معدلات الجريمة في الدول المتقدمة، فضلاً عن المتخلفة. إن الإسلام لا يبيح للإنسان أن يظلم نفسه، فضلاً عن غيره، بأي نوع من أنواع التصرفات الخاطئة، سواءً ما تعلق بالدين كالردة، أو النفس كالانتحار، أو المال كالتبذير، أو العقل كشرب المسكر، أو العرض كالزنا. وهي الضرورات الخمس التي تدور عليها مقاصد الشريعة. ولا صحة إطلاقاً لتعليق ذلك بالاختيار الشخصي، أو التراضي بين طرفين، فضلاً عن نسبته إلى مذهب من المذاهب الإسلامية. والله أعلم.

الآثار الواردة في التنفل بين العشاءين

الآثار الواردة في التنفل بين العشاءين المجيب د. محمد بن عبد الله القناص عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/02/1427هـ السؤال سمعتُ أنه قد رُوِيَ عن سعيد بن جبير أن الصحابة رأوا أن أداء أربع ركعات قبل صلاة العشاء مستحب. [قيام الليل للمروزي ص (58) ] فما صحة هذه الرواية؟ وما تخريجها؟ وما موقف الفقهاء منها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: فلا حرج على المسلم أن يصلي نفلاً مطلقاً بين المغرب والعشاء؛ لأن الصلاة خير موضوع، وفي حديث حذيفة -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فصليت معه المغرب، فصلى إلى العشاء، أخرجه أحمد (22240) ، والترمذي (3714) ، والنسائي (379) ، وإسناده صحيح، وبوب عليه النسائي في الكبرى بقوله: "الصلاة بين المغرب والعشاء". وورد في بعض روايات حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في قصة مبيته عند خالته ميمونة -رضي الله عنها-: أن العباس بعثه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في حاجة، قال: فوجدته جالساً في المسجد فلم أستطع أن أكلمه، فلما صلى المغرب قام فركع حتى أذن العشاء. قال الحافظ ابن حجر: ويؤخذ من هذا مشروعية التنفل بين المغرب والعشاء [ينظر: فتح الباري (2/482- 485) ] . وورد عن بعض الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون بين المغرب والعشاء، وعقد عبد الرزاق في مصنفه، وابن أبي شيبة في مصنفه باباً في الصلاة بين المغرب والعشاء، وأوردا فيه عن عدد من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون بين المغرب والعشاء [ينظر: مصنف عبد الرزاق (3/44) ، مصنف ابن أبي شيبة (2/196) ] . وقال الحافظ العراقي: وممن كان يصلي ما بين المغرب والعشاء من الصحابة: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو، وسلمان الفارسي، وابن عمر، وأنس بن مالك في ناس من الأنصار، ومن التابعين: الأسود بن يزيد، وأبو عثمان النهدي، وابن أبي مليكة، وسعيد بن جبير، ومحمد بن المنكدر، وعبد الله بن سخبرة، وعلي بن الحسين، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وشريح القاضي، وغيرهم، ومن الأئمة: سفيان الثوري". وقال الشوكاني بعد أن أورد بعض الأحاديث والآثار في الباب: وهي تدل على مشروعية الاستكثار من الصلاة ما بين المغرب والعشاء [ينظر: نيل الأوطار (2/241) ] . وأما الأثر عن سعيد بن جبير المذكور في السؤال فلم أقف عليه مسنداً؛ لكون كتاب مختصر قيام الليل مجرداً من الأسانيد، لكن أخرج ابن أبي شيبة عن ابن فضيل عن ورقاء بن إياس عن سعيد بن جبير أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول: (هي ناشئة الليل) [مصنف ابن أبي شيبة (2/197) ] . وفي هذا الإسناد: ورقاء بن إياس الأسدي، ضعفه بعض الأئمة، وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: لين الحديث. والله أعلم.

اشتراط الغرامة المالية لأجل التأخير

اشتراط الغرامة المالية لأجل التأخير المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم باحث في الاقتصاد الإسلامي التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/04/1427هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتبت عقد المبايعة بشرط أن أستلم البضاعة بعد أسبوعي، ن ولو تأخر عن تسليمها لي بيوم عن المدة، يدفع غرامة عن يوم تأخر مقدارها ألف ريال, وقد تأخر, فهل آخذ هذه الغرامة، وهل حلال هي أم لا؟ وهل العقد جائز؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: شرط الغرامة المالية عن كل يوم تأخير لا يجوز؛ لأنه ظلم بين على البائع، حيث يدفع مبالغ طائلة للمشتري لمجرد التأخير، وهو عين ربا الجاهلية. فهذا الشرط غير صحيح. أما بالنسبة للعقد فهو صحيح لكن يبطل الشرط فقط. وإذا دفع البائع غرامة فالواجب ردها إليه، وإذا تعذر ذلك فالأولى التصدق بها. والله أعلم.

مظاهرة الكفار على المسلمين رهبة لا كرها للمسلمين!

مظاهرة الكفار على المسلمين رهبةً لا كرهاً للمسلمين! المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/02/1427هـ السؤال فضيلة شيخنا عبد الرحمن بن ناصر البراك -حفظه الله- أفيدك بأني قد قرأت كتابًا بعنوان: (مسائل العذر بالجهل) تحت إشراف فضيلتكم، وفهمت منه أن إعانة الكفار بالقتال معهم ضد المسلمين لا تكون كفراً، إلا بشرط الرغبة في إظهار دينهم، أو المحبة لدينهم، وعبَّر أن القتال مع الكفار ضد المسلمين -حمية ولمصالح دنيوية- ليس كفراً مخرجاً من الملة، فهل هذا الفهم صحيح؟ وهل قال به أحد من أهل السنة؟ وما رأي فضيلتكم في اشتراط ما ذُكِر أعلاه للحكم بتكفير من قاتل المسلمين مع الكافرين؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا شك أن أسباب مظاهرة بعض الكافرين على بعض المسلمين تختلف، فتارة يكون الباعث بغض الإسلام وأهله، وتارة يكون عن رغبة في مصلحة أو رهبة من ضرر يلحق بهذا المظاهر، ومعلوم أنه لا يستوي من يحب الله ورسوله ودينه -ولكن حمله غرض من الأغراض على معاونة بعض الكفار على بعض المسلمين- لا يستوي هذا ومن يبغض الإسلام وأهله، وليس هناك نص بلفظ المظاهرة أو المعاونة يدل على أن مطلق المعاونة ومطلق المظاهرة يوجب كفر من قام بشيء من ذلك لأحد من الكافرين. وهذا الجاسوس الذي يجس على المسلمين وإن تحتم قتله عقوبة فإنه لا يكون بمجرد الجس مرتداً، ولا أدل على ذلك من قصة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- فقد أرسل لقريش يخبرهم بمسير النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم، ولما أطلع اللهُ نبيَه على ما حصل من حاطب، وعلى أمر المرأة التي حملت الكتاب عاتب النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حاطباً على ذلك، فاعتذر بأنه ما حمله على ذلك إلا الرغبة في أن يكون ذلك يداً له عند قريش يحمون بها أهله وماله، فقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- عذره، ولم يأمره بتجديد إسلامه، وذكر ما جعل الله سبباً لمغفرة الله له، وهو شهوده بدراً. صحيح البخاري (3983) ، وصحيح مسلم (2494) . وهذه مظاهرة أي مظاهرة، فإطلاق القول بأن مطلق المظاهرة -في أي حال من الأحوال- يكون ردة ليس بظاهر. فإن المظاهرة تتفاوت في قدرها ونوعها تفاوتاً كثيراً، وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51] ، لا يدل على أن أي تولٍّ يوجب الكفر، فإن التولي على مراتب، كما أن التشبه بالكفار يتفاوت وقد جاء في الحديث: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أحمد (5093) ، وأبو داود (4031) ، ومعلوم أنه ليس كل تشبه يكون كفراً فكذلك التولي. والحاصل أن ما ورد في الكتاب المسؤول عنه من التفصيل هو الصواب عندي. والله أعلم.

أخذ العوض المالي على الضرر المعنوي

أخذ العوض المالي على الضرر المعنوي المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/02/1427هـ السؤال أنا قاضٍ مسلم، ولكني في بلاد تحكم بأحكام وضعية. قام أحد الأشخاص بالتعرض لي بالقذف والتشكيك في نزاهتي، وتحيزي لأحد الأطراف، مما دعاني لأرفع ضده دعوى وكسبتها, وحكمت لي المحكمة بتغريمه -لصالحي- مبلغاً من المال كتعويض. فما حكم هذا المال بالنسبة لي؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فأولاً: ننصحك بعدم العمل قاضياً في محكمة تحكم بأحكام وضعية إن كانت تلزمك بالحكم بذلك. لكن لعلك تعمل في المحكمة الشرعية، لوجود محكمتين في بلادكم إحداهما شرعية. ثانياً: بخصوص إجابتك عن سؤالك نقول: ما حصل لك من بعض الأشخاص يدخل في الضرر المعنوي: وهو كل أذى يصيب الإنسان في عرضه أو عاطفته أو شعوره أو سمعته، وينقسم إلى قسمين. الأول: ما فيه حدٌّ مقدرٌ من الشرع، وهو القذف بالزنا أو اللواط، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز أخذ المال مقابل التنازل عنه؛ قالوا لأنه من باب أخذ العوض عن العرض وهو لا يجوز. القسم الثاني: ما ليس فيه حد مقدر شرعاً، وهو ما عدا ما تقدم في القسم الأول، وهذا قد نص علماء المذاهب الأربعة على أن فيه التعزير، ثم اختلفوا فيما بينهم: هل يجوز التعزير بالمال؟ على قولين، أرجحهما في نظري الجواز، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم. والله أعلم.

لا ننجب ونرغب في التبني!

لا ننجب ونرغب في التبني! المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/04/1427هـ السؤال أنا مقيم في فرنسا ومتزوّج من امرأة فرنسيّة مسلمة إلا أنها لا تنجب، ونريد أن نتبنى ولدًا، ليعوضنا عن ألم عدم الإنجاب، مع العلم أن إدخال الأطفال إلى فرنسا لهذا الغرض غير ممكن، فهل يجوز لنا أن نأخذ ولدا هنا من فرنسا ونتبنّاه ونسمّيه باسمنا ويكون ذلك بمعرفة أهلنا، وبمعرفة الولد نفسه أنّه ليس من صلبنا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فنأسف لحال هذا السائل، ونعلمه أن التبني حرام بنص القرآن الكريم، قال سبحانه وتعالى: (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) [الأحزاب:5] وقال سبحانه وتعالى: (وما جعل أدعياء كم أبناءكم ذلك قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل) [الأحزاب:4] . فالتبني كان مؤسسة جاهلية نسخت بالإسلام، وذلك لما يؤدي إليه التبني من اختلاط في الأنساب وانتشار لكثير من المفاسد، بالإضافة إلى إنشاء رابطة نسب لا يمكن إنشاؤها إلا من قبل الشارع الذي حدد وسائل النسب، ووسائل القربى، وعرف المقاصد. فأنا أدعو السائل إلى أن يوطن نفسه، وزوجته، على الاستسلام لأمر الشرع الذي لا خلاف فيه، فإن الإسلام هو الاستسلام، (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) [البقرة:131] . وأنبه إلى أن الكفالة الشرعية فيها مَخْلَص له ولأهله بضوابطها ويمكن أن يوصي للمكفول بجزء من ثروته، وأن يعامله كمكفول وليس كولد، يعامله بالإحسان والبر، ينفق عليه، يربيه، ينشئه تنشئة طيبة، كل هذا فيه غنىً للسائل ولأهله عن التبني الذي هو محظور شرعاً، وبشكل لا رجعة فيه. والله أعلم.

هل أترك بعض الحجاب لتحبيبهم للإسلام؟!

هل أترك بعض الحجاب لتحبيبهم للإسلام؟! المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/04/1427هـ السؤال أنا زوجة لمبتعث سعودي يدرس بأمريكا ومقيمة هناك منذ ما يقارب الخمس سنوات، وأنا -ولله الحمد- أحافظ على حجابي الشرعي وأغطي جميع بدني بلبس العباءة والنقاب، ولم أتعرض إلى أي مضايقات ولله المنة. علماً بأنني أنيقة جداً في اختيار الألوان المناسبة للحجاب، ليس بغرض الزينة، ولكن بغرض القبول لدى هذا الشعب، الذي المرأة فيه كالرجل، ولعل الله يكتب لي عن طريق هذا القبول لديهم أن يهدي الله بي امرأة منهم. ومنذ ما يقارب السنة والنصف قدر الله لي الالتحاق ببعثة لدراسة الماجستير تتزامن مع دراسة زوجي هناك، وقد ذهبت إلى المحاضرات وأنا بلباسي الشرعي ولم أجد أي مضايقات من أحد -ولله الحمد- ولكن وبعد مرور بضعة أشهر قابلتني أسئلة كثيرة من زميلات الدراسة والمدرسات -طبعا من غير المسلمين- لماذا تلبسين هكذا؟ ألا تختنقين! هل وجهك مشوه؟ أسئلة أشعر من خلالها بأنهم يأسفون لحال المرأة في الإسلام! فهل أبقى على حجابي بالنقاب، أم أكتفي بتغطية البدن، والشعر دون الوجه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أيتها الأخت العصامية في زمن الانهزام ... كم نحن بحاجة إلى من يفسِّر قوله تعالى: "خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ... " [البقرة:63] . نعم ستجدين من الأقوال الخلافية في المسألة ما تجدين به المعاذير لتقديم تنازلات أكثر.. ولكن ونحن في زمن طغت فيه القوة المادية بحيث لا يجاريها ولا يقاومها بشر في هذه الفترة، أفلا نقاوم ونصارع بالقوة المعنوية وهي التمسك بالإسلام عقيدة وعملاً؟ أختي ما ذكرتِ في رسالتك لا يُعدُّ مضايقة، ولا أذى، ولا ضرورة تستدعى تغيير الموقف.. وإنما هي من الابتلاءات التي يجدها كل داعٍ وداعية في طريقه إلى الله.. وهي علامات مبشّرة أن نجد هذه النماذج الصامدة في زمن الانكسار.. أختي -أبداً- لا يساورك شك فإن هذه خواطر شيطانية ومحاولات يائسة أرجو أن لا تؤثر على المعلوم من الشرع، والأهم من ذلك أن تكوني على علم وقناعة شرعية وبعدها لا تهتمي كثيراً بما يقال. والله أعلم.

أسلما على نكاح باطل!

أسلما على نكاح باطل! المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/03/1427هـ السؤال رجل وزوجته كانا نصرانيين، فأسلما -والحمد لله- وقد تم عقد الزواج في الكنيسة، وليس على كتاب الله ولا سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهل يُعاد العقد مرة أخرى؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فغير المسلمين من أهل الكتاب وغيرهم إذا أسلموا فإنهم يقرون على نكاحهم الأول، ولا تعاد عقود أنكحتهم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقرَّ المشركين من كفار قريش وغيرهم ممن أتى مسلماً على نكاحه، وكذلك من أسلم من أهل الكتاب، ولم يصح عنه -فيما أعلم- أنه عقد لهم نكاحاً جديداً. ثم جاءت الفتوحات الإسلامية في عهد الخلافة الراشدة التي دخل الناس فيها الإسلام أفواجاً لا يحصى عددهم، ولم ينقل أنهم صححوا عقود أنكحتهم، ومثل ذلك يقال في عهد الدولة الأموية والعباسية. وعلى ذلك نقول: إن نكاح هذين الزوجين صحيح، ولا يحتاج إلى إعادة. نسأل الله لها الثبات على الدين، وسلامة المعتقد، وإخلاص القصد والصواب في العمل.

عبارة "قدس الله سره العزيز"

عبارة "قدّس الله سِرَّه العزيز" المجيب د. لولوه بنت محمد المطرودي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/01/1427هـ السؤال ما معنى عبارة: "قدَّس الله سره العزيز"؟ وهي عبارة تذكر بعد ذكر أسماء بعض العلماء والأولياء، وما حكمها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا كان المراد بها (قدَّس الله روحه) فلا بأس من استعمالها، أما إذا كان المقصود بها ما يعتقده أصحاب البدع عند الأولياء والأئمة من العلوم والأسرار والاتصال بالملكوت الأعلى -حسب اعتقادهم- فهو أمر باطل، وما بني على باطل فهو باطل. والله أعلم.

هل يقر الإسلام الحرية الدينية؟

هل يقر الإسلام الحرية الدينية؟ المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/01/1427هـ السؤال ما المراد بالحرية الدينية؟ وهل الإسلام يقرها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ولد مصطلح (الحرية الدينية) بمفهومه المعاصر، بميلاد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر في (10 ديسمبر 1948م) ، كرد فعل للممارسات المتعسفة التي كانت تتزعمها الكنيسة ضد مخالفيها عبر القرون؛ من حجب، وحرْم، وتحريق، وحبس، وطرد، حتى بحق النصارى أنفسهم الذين ينتمون إلى كنائس أخرى، فضلاً عن اليهود المضطهدين في المجتمعات الأوروبية، والمسلمين الذين تم قسرهم على اعتناق النصرانية في الأندلس، أو قتلهم، أو طردهم. جاء في المادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما نصه: (لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه، أو معتقده، وحريته في إظهار دينه، أو معتقده، بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده، أو مع جماعة، وأمام الملأ، أو على حدة) . وبالتالي فليس هذا المبدأ مبدأ كنسياً حتى تتكئ عليه بعض الجمعيات التنصيرية لمحاولة النيل من العدالة الإسلامية، بل يجب التذكير دوماً أنه تعبير عكسي عن ممارسات الكنيسة ضد الحريات العامة. ولم تعتنق الكنيسة الكاثوليكية هذا المبدأ، رسمياً، إلا في المجمع الفاتيكاني الثاني، الذي انتهت أعماله عام (1965م) ، أي بعد قرابة سبعة عشر عاماً من صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان! تحت الضغوط الليبرالية التي اجتاحت أوروبا في منتصف القرن المنصرم، وكادت أن تقضي على الكنيسة برمتها. ويقف الإسلام موقفاً وسطياً بين تطرف الكنيسة التاريخي حيال الحرية، وانفلات بعض فقرات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فالإسلام، وكذلك جميع الرسالات السابقة، جاءت لتحقيق هدف أصيل؛ وهو توحيد الله بالعبادة، التي من أجلها خلق الخلق، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب، إذ لا يستقيم -عقلاً ولا فطرةً- أن يخلق الله الخلق وينعم عليهم، ثم يعبدوا غيره!! ومن ثم فإن أكبر جريمة ترتكب، وأبشع ظلم يقترف، هو الشرك بالله: "إن الشرك لظلم عظيم" [لقمان: من الآية:13] . إن الأنظمة المدنية للدولة الحديثة تمنع جميع صور التعدي الحسي والمعنوي على الآخرين، وإن القانون المطبق يعاقب على جرائم؛ كالتزوير، والكذب، والسرقة، والجاسوسية، والقتل ... إلخ، فكيف يسوغ أن يهمل أعظم الحقوق، وهو حق الله، دون عقاب رادع؟! إن الإيمان بالله، وتوحيده بالعبادة، في نظر الإسلام، قضية فطرية لا يحيد عنها إلا متنكر لفطرته، خارج عن إنسانيته، خائن لجماعته البشرية، مرتكب لجريمة تستحق إيقاع العقوبة القصوى، ما لم يرجع إلى صوابه. ومن ثم كان من مهمة أتباع الأنبياء دعوة الناس جميعاً إلى الإيمان بالله وتوحيده، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وهذا يتحقق بإحدى صورتين: إحداهما: أن يقبل المدعو الحق، وينخرط في الجماعة المؤمنة، فله ما لها، وعليه ما عليها.

الثانية: أن يعلن الإذعان للجماعة المؤمنة، المتمثلة بصورة دولة ذات سيادة وسلطان، مع احتفاظه بمعتقداته، وشعائره السابقة، وفق ما تقره تلك الدولة من تنظيمات، وما تمنحه له من حقوق، وما تفرض عليه من واجبات، تماماً كما تفعل كثير من الدول المتقدمة الآن، حين تسن أنظمة وقوانين تتعلق بالمهاجرين واللاجئين، المقيمين على أراضيها، تجعلهم في مرتبة أدنى من مواطنيها الأصليين. والفرق بين الصورتين أن الدولة العلمانية الحديثة تمارس هذا التمييز على أسس أرضية، والدولة الإسلامية تفعل ذلك بناءً على أسس موضوعية، دون تمييز على أساس الأرض، أو اللون، أو العرق. وعلى ضوء ما مضى يتبين المراد بقول الله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" [البقرة: من الآية:256] أي لا تكرهوا أحداً على اعتناق الإسلام، فإن علامات صحته ورشده واضحة جلية، لمن كان صادقاً مخلصاً في البحث عن الحقيقة، وأما من دخله مكرهاً فإنه لا يستفيد من اعتناقه، ولا يتخلص به من الغي. وحينئذ، فعليه أن يذعن لنظام الإسلام، إن كان له دولة وسلطان. وليس المقصود ما قد يفهمه بعض الناس من أن الآية تقرر الحرية المطلقة في الدين والتنقل بين الأديان، دون أن يترتب على ذلك أدنى تبعة، فإن هذا لم يقل به أحد من علماء الإسلام. وأما قوله تعالى: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" [الكهف: من الآية29] فليست للتخيير المجرد، كما قد يفهمه بعض الناس! وإنما جاءت في سياق التهديد والوعيد لمن شاء أن يكفر، ولهذا ختمها بقوله: "إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً" [الكهف: من الآية29] . وبناء على ما تقدم، فإن قتل المرتد عقوبة على جريمة كبيرة، أشد في نظر الإسلام من جريمة (الخيانة العظمى) التي تعاقب عليها الدول بالقتل، جراء إفشاء أسرار الدولة، أو التعاون مع عدو خارجي، أو السعي لقلب نظام الحكم، أو ما دون ذلك مما تسنه بعض النظم الوضعية. فالردة كفر مضاعف، والكافر المرتد أعظم جرماً من الكافر الأصلي، لأنه خان خيانة عظمى، ووقع في ظلم عظيم. والله أعلم.

شبهة استرقاق السبايا بالجهاد!

شبهة استرقاق السبايا بالجهاد! المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/01/1427هـ السؤال كنت أشرح مسألة الجهاد لرجل غير مسلم، وأخبرته أن النساء والأطفال لا يُقاتَلون، فاعترض بأنه يجوز عند المسلمين اغتصاب النساء في الحرب، وذكر أن في السنة جواز جماع السبايا، ثم ذكر الحديث الذي في صحيح مسلم: (عن ابن محيريز أنه قال: دخلت أنا وأبو صرمة على أبي سعيد الخدري، فسأله أبو صرمة فقال: يا أبا سعيد هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر العزل؟ فقال: نعم غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة بلمصطلق فسبينا كرائم العرب فطالت علينا العزبة ورغبنا في الفداء، فأردنا أن نستمتع ونعزل فقلنا نفعل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا لا نسأله، فسألنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "لا عليكم أن لا تفعلوا ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون". ففي هذا الحديث يذكر أبو سعيد أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن العزل (وجماع السبايا) فأجاز له بقوله: "لا عليكم ألا تفعلوا، لا عليكم ألا تفعلوا، لا عليكم ألا تفعلوا". فكيف الجواب عن هذا؟! الجواب الحمد لله على أفضاله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأقول (وبالله التوفيق) : إن الإسلام لا يبيح اغتصاب النساء أبداً، وكيف يُشكُّ في ذلك؟! وجماع المرأة المحرمة على المسلم من أعظم الفواحش في الإسلام وهي فاحشة الزنا، وهي من أكبر الكبائر في الإسلام، ولو كانت برضى المرأة، فكيف إذا كان بإكراهها على ذلك؟!! وأما نكاحُ ما ملكت اليمين، وهو المعروف في الشريعة الإسلامية بـ (التَّسَرِّي) ، فهو طريقة مشروعة أباحها الله تعالى، وجعل لها نظاماً معيناً وأحكاماً خاصة، كما أباح الزواج بالحرائر وفق نظامٍ معين وأحكام خاصة، فالذي أباح الزواج بالحرائر ونظمه، أباح نكاح ما ملكت اليمين ونظمه، فما الإشكال في ذلك؟! وكلاهما حكمٌ لله الذي لا معقب لحكمه، ولا أحسن من هدايته، ولا سعادة للبشر بغير التزام أمره عز وجل. ونكاح ما ملكت اليمين وفق شرع الله تعالى وتنظيمه ليس من الاغتصاب في شيء، إلا إن كان الزواج بالحرائر وفق شرع الله وتنظيمه من الاغتصاب، وهو ليس كذلك عند جميع البشر العقلاء، فكذلك يكون (التسري) . وإني لأعجب من مجتمع يستبيح السفاح بحجة الحرية، ويقنن للشذوذ الجنسي، ويسمح لقنواته الإعلامية بنشر الرذيلة والفواحش بأبشع صورة، ويعربد جنوده في بلدان العالم قتلاً واغتصاباً، وسلباً للحريات، واستعباداً للشعوب واستيلاءً على ثروات الأمم، وتدخلاً في خصوصيات قِيَمِ الحضارات، ثم مع هذا كُله يُسَمي شخص من هذا المجتمع (التسرِّي) اغتصاباً!!! إن كان جاهلاً يعلم، وإن كان عالماً بحقيقة التسري ومع ذلك يسميه اغتصاباً، فهو مكابر.

ومن أول ما أحب بيانه بخصوص التسرِّي الذي لا يقع إلا مع ملك اليمين أي مع (الاسترقاق) : أن الإسلام لا يبيح استرقاق كل مخالف لنا في الدين، بل لا يبيح السبي إلا للمحاربين الكفار ومن معهم في دار الحرب من النساء والأطفال، أما غير المحاربين فلا سبي عليهم في الإسلام أصلاً، ولا يجوز لمسلم أن يتعدى على رجل أو امرأة إذا كان كافراً غير محارب للمسلمين، بأي نوع من أنواع الاعتداء كالقتل أو الضرب أو الاغتصاب للنساء، وهذا أول فرق بين مطلق الاغتصاب وبين التسري في الإسلام. وثانياً: أن من تُسبى من النساء لا تكون متعةً مشاعةً لكل أحد من المسلمين، بل هي لمن تقع في سهمه من المسلمين فقط، فهي رقيقة مملوكة لسيّد واحد منهم، لا يجوز له أن يُجبرها على معاشرة غيره من المسلمين. وثالثاً: إذا سُبي الرجل مع زوجه، ووقعا تحت ملك رجل واحد من المسلمين، فيبقى زواجهما على ما هو عليه، لا يجوز لمالكها معاشرتها، إلا أن يفرق بينهما ببيع أحدهما لمالك آخر، فيكون هذا كالطلاق، فيحق لمالك المسبية أن يعاشرها بعد الاستبراء؛ للتأكد من عدم حصول حملٍ من زوجها قبل معاشرة مالكها لها. رابعاً: أن المَسْبِيِّة إذا عاشرها مالكها فحملت منه وولدت، لا يجوز بيعها، لأنه يؤدي إلى التفريق بينها وبين ولدها، وتُصبح حرة بوفاة مالكها. إذن فالمسألة لا يصح أن تصور بأنها اغتصاب، وإنما هو ملك يمين واسترقاق له أحكامه وآدابه. وإذا تذكر الإنسان أن هذا العدو الذي تسترقه كان حريصاً على أن يقتلك، ولو قتلك في ساحة الحرب لما كان هذا إلا عدلاً ومعاملة بالمثل، فاسترقاقه بعد ذلك أهونُ من قتله، ولذلك كان الناس يقدمون الأسر والاسترقاق على القتل، ويطلبون من المنتصر أن يبقيهم أحياء، والغرب وحضارته اليوم تبيح سجن أسرى الحرب، وربما عاملتهم بأسوأ معاملة، كسجناء المسلمين في جوانتنامو في المعسكرات الأمريكية، فأي الرقين ألطف؟ رق الغرب في الأقفاص والسجون، أو رق الإسلام، الذي هو تقييد لبعض الحرية، مع انطلاق الرقيق في الأرض، ومع آداب أوجبها الإسلام على أتباعه تجاه الرقيق، بحسن معاملتهم والرفق بهم، وعدم جواز إيذائهم، وحُرمة الاعتداء عليهم، وأن يطعموا مما يطعم سيدهم، وأن يكسوهم مالكهم من نفس ما يكتسي هو به، بل أن يترفق في ندائهم، فلا يقول: (عبدي) و (أمتي) ، بل يقول: (فتاي) و (فتاتي) ... إلى هذا الحدّ من اللطف شرع الإسلام الرقّ ووضع أحكامه. مشكلة الغرب أنه عندما حارب الرق ظن أن الرق في الإسلام كالرق عنده، والفرق بينهما شاسع. ومع محاربة الغرب لاستعباد الأفراد بالرق الصريح، لكن بعض دوله تستعبد شعوباً بأكملها، باحتلال أوطانها عسكرياً (كالعراق وفلسطين) ، وبوضع حكومات تنفذ رغباتهم على حساب رغبات الشعوب وحُرياتهم، وتستنزف ثروات هذه الشعوب المقهورة، وتمنع العلوم التي ترتقي بتلك الشعوب عنهم ليضمنوا بقاءهم تحت سيطرة حضارة الغرب وتحت سطوة دُوله. فصور الاستعباد هذه، ما زال كثيرٌ من دول الغرب يمارسها، وبأبشع صور ممارسته، ثم بعد ذلك يدعي هؤلاء محاربة استرقاق الأفراد، ولو كان بآداب الإسلام مع الرقيق، التي ما عرفها الغرب ولا سمعت بها حضارته!!

وبالمناسبة: فالرق وجوازه لم ينفرد به دينُ الإسلام، بل أباحته وشرعته اليهودية والنصرانية أيضاً، فانظر لذلك سفر الملوك في كتابهم المقدس (9/15-23) . وإنما منعته الأنظمة العلمانية في الغرب في العصر الحديث، بناءً على تصوراتها الخاطئة عنه التي كانت تمارس في أوروبا وأمريكا قبل منعهم لها. وهنا أذكِّر السائل أن الحديث الذي أورده، والقصة التي حدثت فيه، كانت في زمن لم يدع أحدٌ فيه إلى إلغاء الرق، بل كان الاسترقاق والسبي قانوناً معمولاً به لدى شعوب الأرض كلها، فالنصارى يسبون نساء المسلمين إذا قدروا عليهن، وكذلك اليهود، فليس ما وقع في ذلك الحديث أمراً شاذاً على حضارات الأرض يومئذ، بل كان أمراً سائداً معمولاً، إلى أنْ حلَّ مكان الاسترقاق لأسرى الحرب اليوم السجنُ والإهانة والتعذيب، كما في سجن جوانتنامو الأمريكي. وأنا أعلمُ أن من عاش في هذا العصر، وتأثرت أفكاره بالقيم التي سادت فيه، وكان أسيراً لواقعه= سوف يضيق أفقه عن قبول فكرة الرق والسبي، بأي صورة كانت، ولو كانت بالصورة العادلة التي جاء بها الإسلام. أمّا من وسع أفقه، وتذكر أن البشرية من أقدم عصورها كانت تبيح الرق، إلى العصر الحديث الذي حارب صورة منه وأباح صوراً أخرى أقبح وأفظع، وحاول أن ينظر إليه بعيداً عن أثر العادة وأسرها، مُنْفكَّا عن الغرور بحضارته= فإنه سيجد أن صورة الرق في الإسلام ليس فيها ما يُستنكر أبداً، بل هي حكمٌ عادل ومُثْمِرٌ ومفيد، وهو خير من صور الرق الأخرى التي مارسها الغرب قديماً أو حديثاً!!

وأنا أكتب هذا الجواب تذكرت كلاماً لأحد الرحّالة الأوربيين، وفي القرن التاسع عشر الميلادي، وهو كرستيان سنوك الهولندي المولد، والذي نال شهادة الدكتوراه سنة (1880م) من جامعة ليدن، والذي زار الجزيرة العربية ودخل مكة وبقي في الحجاز سنة (1882م) ستة أشهر، وكتب حوادث رحلته هذه بالألمانية، وتكلم في هذه الرحلة عن الرق الذي رآه وشاهده في الحجاز، ومع أنه ليس هو الرق بجميع آدابه الإسلامية إلا أنه قال عنه: "إن الذي يدخل سوق الرقيق بتصورات أوروبية وفي ذهنه كابينة العم توم (Uncle Tom -Cabin) ، وهي إشارة إلى الرقيق الذي كان يُرسل إلى العالم الجديد، سيأخذ انطباعاً سيئاً، وسوف يغادر السوق وهو مشمئز من سوء المنظر، وهذا الانطباع الأولي هو انطباع خاطئ، ومع الأسف فإن معظم المستشرقين الرحّالة لم يصوّروا لنا إلا انطباعاتهم الأولية، وهذا هو مصدر الخطأ لديهم". إلى أن قال: "وعلى العموم فإن الرقيق في العالم الإسلامي لا يختلف كثيراً عن الخدم والعُمّال في المجتمع الأوروبي. وإن الذي يعرف الظروف المحليّة يعرف هذا تماماً، ويعلم كذلك أن إلغاء الرقيق يعني ثورة اجتماعية في الجزيرة العربية. وهناك العديد من الأوربيين الذين يعرفون جيداً شؤون الشرق، لا يريدون أن يقولوا ذلك بصراحة؛ لئلا يتهم هؤلاء بأنهم ضد الاتجاه السائد عموماً، الداعي إلى تحرير الرقيق نهائياً، وبأنهم ضد الاتجاه المبني على مشاعر إنسانية نبيلة ... "، إلى أن قال: "إن خدعة ما يُسمى حركة تحرير الرقيق، ليس سَبَبُها اهتماماً شعبياً لغاية شريفة، ولكنه لعبة خطرة مزيّفة، يقوم بها رجال السياسة الكبار، لأغراض غير إنسانية، وذلك من أجل أن يتخذ العالم المسيحي موقفاً عدائياً خاطئاً ومزيَّفاً ضدّ الإسلام". (صفحات من تاريخ مكّة، سنوك هو رخونية، وترجمة د. على الشيوخ، طبع دارة الملك عبد العزيز: (1419هـ:2/323، 326، 330) . وإني لأقول أخيراً: لو علم الغربيون المنصفون حقيقة أحكام الإسلام، ومن بينها أحكام الرق والسبي فيه، لتمنّوا النجاة من حياة الخواء الروحي؛ (بسبب عقائدهم الباطلة عن الله تعالى وأنبيائه وكُتُبه) ومن حياة الرذيلة، والفحش (بسبب الحريّات التي تبيح الزنا وعمل قوم لوط) ، ولو بالاسترقاق وَفْقَ أحكام الإسلام!! نعم.. هو خيارٌ صَعْبٌ لكل حُرّ؛ لكنّ عبوديّة الإسلام خيرٌ من حرّية الكُفر!! والله أعلم.

اتهامات بشهادة الجن

اتهامات بشهادة الجن المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/05/1427هـ السؤال أنا رجل متزوج ولي أخت أصيبت بما يشبه الصرع، ونطق عليها الجن، وقال: إن زوجتي هي التي أرسلته إلى أختي! علماً أني أنا وزوجتي ملتزمان -ولله الحمد- وأمي تطلب منى طلاق زوجتي، وإلا فستقتلها؛ لأن الجن قال: إن زوجتي هي التي تقوم بعمل السحر، وقد سحرتني، لكي تجعلني أقسو على أخوتي وأمي، وسحرت أختي لكي لا تتزوج، وكلام كثير آخر، المهم إن أمي مقتنعة تمامًا بكلام الجن وتصدق ما يقول، فماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن وآله، وبعد: فإن تصديق والدتك لادعاء الجن تعمد زوجتك إيذاء أختك دون بينة، مصيبة كبيرة، وفرية عظيمة، إذ لا يجوز للمسلم أن يتهم أحداً بمجرد دعوى ليس عليها بينة قاطعة؛ فإن هذا باب شر عظيم؛ فعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" متفق عليه صحيح البخاري (4552) ، وصحيح مسلم (1711) . وهذا إذا كان المدعي من الإنس، يشاهد، ويعرف، ويمكن أن يؤاخذ إذا تبين كذبه، فكيف إذا كان غير معروف، ولا مشاهد، ومن طائفة يكثر بين أفرادها الكذب، وتعمد إيذاء الناس، والتفريق بينهم، كالجن والشياطين؛ وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذبهم، كما ثبت من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بقوله: "صدقك وهو كذوب" أخرجه البخاري (3275) وغيره. فلتتق الله أمك، ولا تلتفت لمثل هذا الاتهام الخطير، ولا تتعرض لزوجتك بسوء لمجرد هذه الدعوى الواهية؛ قال تعالى: "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً" [الأحزاب:58] . أسأل الله أن يصلح أحوالكم، وأن يشفي أختك وجميع مرضى المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

هل أنا معين لهم على الربا؟

هل أنا مُعينٌ لهم على الربا؟ المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/05/1427هـ السؤال أعمل في شركة يتطلب العمل بها سيارة، فتقوم الشركة بسحب قرض من البنك باسمي وبضمان الشركة لتشتري السيارة، على أن تسدد الشركة القرض بفوائده على مدار خمس سنوات، علماً أني لا أدفع شيئاً، والشركة هي التي تتحمل كل شيء. فهل هذا العمل حرام؟ وماذا عليّ أن أفعل لأسرتي. لأني لو تركت العمل سيصبح باقي المبلغ في ذمتي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا العمل لا يجوز، حيث قامت الشركة بالاقتراض من البنك قرضاً باسمك؛ لأنه من الربا، والله تعالى نهانا عن التعامل بالربا، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنْتُم مُؤْمِنِينَ" [البقرة:278] ، وموافقتك على سحب قرض من البنك باسمك لصالح الشركة من التعاون على الإثم والعدوان، الذي نهى الله عنه بقوله: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة:2] . وقيام الشركة بالسداد عنك للبنك لا يخلي ذمتك من المشاركة في هذا العمل، فعليك بالتوبة والاستغفار وكثرة العمل الصالح، وإن استطعت أن ترد باقي المبلغ الذي اقترضته للبنك فهو أولى وأفضل، وإن لم تستطع فعليك بالصبر حتى تقوم الشركة بالسداد عنك لقوله تعالى: "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" [التغابن:16] . وأوصيك -أخي الكريم- بعدم العودة إلى هذا العمل الذي وقعت فيه؛ لأن الربا من أشد المعاصي التي يبغضها الله تعالى، وتوعد عليها بالحرب لمن تعامل به، فاحرص على طيب مطعمك، وطلب الرزق الحلال، وتذكر قوله تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّه مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [الطلاق:2-3] . وفقك الله للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل تجب مفارقة مرتكب الفواحش؟!

هل تجب مفارقة مرتكب الفواحش؟! المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/04/1427هـ السؤال هل يجوز للزوجة أن تبقى مع زوجها لتربية أطفالها، بالرغم من أنه يشرب الخمر، ويمارس اللواط بعد سكره! وما نصيحتكم التي تقدمونها لهذا الشخص، لكي يتوب إلى الله ويترك المعاصي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا شك أن هذه الحياة التي يوجد فيها في بيت الزوجية من يعمل هذه الأعمال، أنها حياة نكد وتعاسة وشقاء، والعيش مع زوج هذه حاله صعبة وشاقة، والواجب على من ابتليت بمثل هذا من الزوجات، أن تقوم بنصح زوجها، وأن تكون جليسا صالحا له، يمنعه من فعل الشر ويعينه على فعل الخير. وشرب الخمر واللواط من المنكرات الكبيرة، والأعمال القبيحة، وشرب الخمر فيه إزالة للعقل، والإنسان شرفه بعقله، فهو الذي استحق به أن يخاطب، عندما كان يفهم الخطاب، فإذا زال عقله صار بهيمة كبقية البهائم لا قيمة لها. وأما فعل اللواط، فهو من الجرائم العظام التي عقوبتها القتل، سواء كان بكراً أم ثيباً، والله تعالى بيّن حكمه في كتابه، وأوقع العقوبة على من فعله من قوم لوط، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اقتلوا الفاعل والمفعول به". أخرجه أبو داود (4462) ، والترمذي (1456) . فيجب على المرأة التي ابتليت بزوج هذه حاله، أن تنصحه وتبين له، فإن استجاب واعتدلت حاله، وإلا فترفع أمره للجهات المختصة، لإقامة ما يجب نحوه، لتصحيح وضعه إذا لم تُجْدِ فيه التوجيهات والنصح، وللمرأة الحق في طلب الفسخ منه، بأن تتقدم للمحكمة لطلب الفسخ، إذا كانت لا تطيق العيش معه ولا تستطيع تحمل جرائمه وأذاه؛ لأن هذا مما يضر بها ويؤذيها، والمرأة إذا كرهت خلق زوجها في المسائل العادية جاز لها أن تطلب الخلع، فأحرى إذا كان في أعمال محرمة كحال السائلة، فلها أن تطلب الفسخ من الحاكم، وبالله التوفيق.

تأجير العقار قبل اكتمال بنائه

تأجير العقار قبل اكتمال بنائه المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/03/1427هـ السؤال أعمل بشركة لإدارة وتسويق وتطوير العقار بأحد الأوقاف، وهذه الشركة هي الوكيل الحصري للتسويق، فأنا أقوم بعرض تسويق الوحدات السكنية بالوقف المذكور، علما أن أحد الأبراج أنجز بناؤه هيكلاً، والآخر لا زال في أساسياته. والسؤال هنا: هل بيع حق الانتفاع بهذا البرج المكتمل هيكلاً لمدة 25 سنة، -وللمشتري الحق بالسكن أو التأجير أو البيع للمنفعة خلال مدته- جائز من الآن قبل الانتهاء من بنائه؟ وهل يجوز بيع منفعة أحد الأبراج وهو غير مكتمل، ومن ثم إعادة البيع عدة مرات؟ علماً أن إحدى الجهات الحكومية ستكون ناظراً لهذا الوقف بعد 25 سنة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن ما جاء في السؤال بخصوص تسويق العقار المذكور هو من قبيل الإجارة لمدة طويلة، وقد أجمع العلماء على جوازها إذا تمت شروطها، فقد جاء في منار السبيل (2/584) : (باب الإجارة، وهي بيع المنافع، جائزة بالكتاب والسنة والإجماع) ، ثم ذكر الأدلة، ونقل عن ابن المنذر الإجماع على جوازها. وشروطها: معرفة المنفعة، ومعرفة الأجرة، ومعرفة المدة، وكون النفع مباحًا. ومن الشروط أيضا معرفة العين المؤجرة برؤية أو صفة، فقد جاء في الشرح الكبير (3/318) ما نصه: (يشترط معرفة العين المؤجرة بالمشاهدة إن كانت لا تنضبط بالصفات، أو بالصفة إن كانت تنضبط قياساً على البيع، وفيه وجه آخر أنه لا يشترط، ويثبت للمستأجر خيار الرؤية، وهو قول أصحاب الرأي) انتهى. قلت وبناء على ما تقدم: فإنه يجوز بيع حق الانتفاع لمدة معلومة بأجرة معلومة لأبراج الوقف المذكور المكتمل منها وغير المكتمل إذا أمكن وصفها وصفاً دقيقاً، وكانت مما ينضبط بالصفة، وفي نظري أنها تنضبط بالصفة لا سيما إذا اطلع المستأجر على المخططات وعلى العقد المبرم مع المقاول أو المقاولين والمتضمن للشروط والمواصفات. وبناءً على ما تقدم فإن عملك (موظف مبيعات) جائز، ولا شبهة فيه لما تقدم. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تعليق الطلاق بقصد الحث أو المنع!

تعليق الطلاق بقصد الحث أو المنع! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/03/1427هـ السؤال أرهقتني زوجتي كثيراً بطلب الطلاق في كل صغيرة وكبيرة، وما زالت تكثر علي من طلب الطلاق والتهديد به -أو طلب الخلع- حتى ضاقت علي الأرض بما رحبت. علمًا أنها لا تريد الطلاق حقيقةً، وإنما تريد به الضغط علي للحصول على بعض الأمور. المهم أنه وقعت بيني وبينها مؤخراً مشاحنة انتهت بطردها لي من المنزل، ونحن في بلاد الغرب حيث تُنْصَر المرأة على زوجها في كل حال، الشاهد أنها طردتني من المنزل، واضطررت إلى أن أستأجر غرفةً في منزل آخر؛ حتى أنظر كيف سينتهي هذا الأمر، بقيت في هذا المكان مدة من الزمن تعبت فيها جداً من كثرة الهموم والفتنة، فأردت أن ينتهي هذا الأمر بسرعة قبل أن أقع في ما حرم الله، فإما أن أعود لبيتي ولزوجتي وأولادي، وإما أن أبحث عن زوجة أخرى أحصن بها نفسي عن الحرام. فكتبت لزوجتي ورقة طلاق معلَّق، ذكرت فيه أني لم أعد أحتمل هذا الحال -وأني لن أصبر عليه طويلاً، فجعلت تاريخا محدداً هو نهاية صبري على هذا الحال، وأني سأطلق زوجتي طلاقاً معلقاً عند حلول هذا الموعد أو التاريخ، في حال أن الوضع استمر على ما هو عليه، فمرت الأيام وجاء الموعد المحدَّد، ولم تعتذر زوجتي عن شيء. فأنا اعتبرت أن الطلاق قد وقع، وأن حياتي مع هذه المرأة قد انتهت، لأن هذه هي الطلقة الثالثة. فهل هذا الطلاق واقع أم لا؟ الجواب فقد ذكرت -حفظك الله تعالى- أنك علقت طلاق زوجتك بحلول وقت معين مع نيتك إمضاء الطلاق، وحل الوقت، ففي هذه الحالة يقع الطلاق وهو مذهب جماهير العلماء على تفصيل في ذلك، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء ممن يفصلون في مسألة تعليق الطلاق، فقد أوقعوا الطلاق في مثل هذه الصورة، قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وأما إذا قصد إيقاع الطلاق على الوجه الشرعي مثل أن ينجز الطلاق فيطلقها واحدة في طهر لم يصبها فيه فهذا يقع به الطلاق باتفاق العلماء، وكذلك إذا علَّق الطلاق بصفة يقصد إيقاع الطلاق عندها مثل أن يكون مريداً للطلاق إذا فعلت أمراً من الأمور، فيقول لها: إن فعلته فأنت طالق. قصده أن يطلقها إذا فعلته، فهذا مطلق يقع به الطلاق عند السلف وجماهير الخلف، بخلاف من قصده أن ينهاها ويزجرها باليمين، ولو فعلتْ ذلك الذي يكرهه لم يجز أن يطلقها، بل هو مريد لها، وإن فعلته لكنه قصد اليمين لمنعها عن الفعل لا مريدًا أن يقع الطلاق وإن فعلته فهذا حلف لا يقع به الطلاق في أظهر قولي العلماء من السلف والخلف، بل يجزئه كفارة يمين". أ. هـ مجموع الفتاوى (33/70) ، الفتاوى الكبرى (2/111) . وقال -رحمه الله تعالى-: "ومن علق الطلاق على شرط أو التزمه لا يقصد بذلك إلا الحض أو المنع فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث، وإن أراد الجزاء بتعليقه طلقت كره الشرط أو لا". الفتاوى الكبرى (5/575) .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى ذاكراً أقوال العلماء بتعليق الطلاق بأجل معين: "فصل: وأما تعليق الطلاق بوقت يجيء لا محالة -كرأس الشهر والسنة وآخر النهار ونحوه- فللفقهاء في ذلك أربعة أقوال: أحدها: أنها لا تطلق بحال، وهذا مذهب ابن حزم واختيار أبي عبد الرحمن الشافعي، وهو من أجل أصحاب الوجوه، وحجتهم: أن الطلاق لا يقبل التعليق بالشرط كما لا يقبله النكاح والبيع والإجارة والإبراء، قالوا: والطلاق لا يقع في الحال ولا عند مجيء الوقت، أما في الحال فلأنه لم يوقعه منجزا وأما عند مجيء الوقت فلأنه لم يصدر منه طلاق حينئذ، ولم يتجدد سوى مجيء الزمان، ومجيء الزمان لا يكون طلاقاً. وقابل هذا القول آخرون وقالوا: يقع الطلاق في الحال، وهذا مذهب مالك وجماعة من التابعين، وحجتهم أن قالوا: لو لم يقع في الحال لحصل منه استباحة وطء مؤقت، وذلك غير جائز في الشرع؛ لأن استباحة الوطء فيه لا تكون إلا مطلقاً غير مؤقت؛ ولهذا حرم نكاح المتعة لدخول الأجل فيه، وكذلك وطء المكاتبة، ألا ترى أنه لو عري من الأجل -بأن يقول إن جئتني بألف درهم فأنت حرة- لم يمنع ذلك الوطء. قال الموقعون عند الأجل: لا يجوز أن يؤخذ حكم الدوام من حكم الابتداء، فإن الشريعة فرقت بينهما في مواضع كثيرة، فإن ابتداء عقد النكاح في الإحرام فاسد دون دوامه، وابتداء عقده على المعتدة فاسد دون دوامه، وابتداء عقده على الأمة مع الطول وعدم خوف العنت فاسد دون دوامه، وابتداء عقده على الزانية فاسد عند أحمد ومن وافقه دون دوامه، ونظائر ذلك كثيرة جداً، قالوا: والمعنى الذي حرم لأجله نكاح المتعة كون العقد مؤقتاً من أصله، وهذا العقد مطلق، وإنما عرض له ما يبطله ويقطعه فلا يبطل كما لو علق الطلاق بشرط وهو يعلم أنها تفعله أو يفعله هو ولابد ولكن يجوز تخلفه. والقول الثالث: أنه إن كان الطلاق المعلق بمجيء الوقت المعلوم ثلاثا وقع في الحال، وإن كان رجعياً لم يقع قبل مجيئه، وهذا إحدى الروايتين عن الإمام أحمد نص عليه في رواية مهنا، إذا قال: أنت طالق ثلاثاً قبل موتي بشهر، هي طالق الساعة، كان سعيد بن المسيب والزهري لا يوقتون في الطلاق، قال مهنا: فقلت له: أفتتزوج هذه التي قال لها: أنت طالق ثلاثاً قبل موتي بشهر؟ قال: لا ولكن يمسك عن الوطء أبدا حتى يموت. هذا لفظه وهو في غاية الإشكال، فإنه قد أوقع عليها الطلاق منجزا فكيف يمنعها من التزويج، وقوله: يمسك عن الوطء أبدا يدل على أنها زوجته إلا أنه لا يطؤها، وهذا لا يكون مع وقوع الطلاق، فإن الطلاق إذا وقع زالت أحكام الزوجية كلها، فقد يقال: أخذ الاحتياط فأوقع الطلاق ومنعها من التزويج للخلاف في ذلك فحرم وطأها وهو أثر الطلاق، ومنعها من التزويج لأن النكاح لم ينقطع بإجماع ولا نص، ووجه هذا أنه إذا كان الطلاق ثلاثاً لم يحل وطؤها بعد الأجل فيصير حال الوطء مؤقتاً، وإن كان رجعياً جاز له وطؤها بعد الأجل فلا يصير الحال مؤقتاً وهذا أفقه من القول الأول.

والقول الرابع: أنها لا تطلق إلا عند مجيء الأجل وهو قول الجمهور، وإنما تنازعوا هل هو مطلق في الحال، ومجيء رأس الشهر شرط لنفوذ الطلاق، كما لو وكله في الحال، وقال: لا تتصرف إلى رأس شهر، فمجيء رأس الشهر شرط لنفوذ تصرفه لا لحصول الوكالة. بخلاف ما إذا قال: إذا جاء رأس الشهر فقد وكلتك؛ ولهذا يفرق الشافعي بينهما، فيصحح الأولى ويبطل الثانية، أو يقال: ليس مطلقاً في الحال وإنما هو مطلق عند مجيء الأجل فيقدر حينئذ أنه قال: أنت طالق. فيكون حصول الشرط وتقدير حصول أنت طالق معا، فعلى التقدير الأول السبب تقدم وتأخر شرط تأثيره، وعلى التقدير الثاني نفس السبب تأخر تقديرا إلى مجيء الوقت، وكأنه قال: إذا جاء رأس الشهر فحينئذ أنا قائل لك: أنت طالق، فإذا جاء رأس الشهر قدر قائلاً لذلك اللفظ المتقدم، فمذهب الحنفية أن الشرط يمتنع به وجود العلة، فإذا وجد الشرط وجدت العلة، فيصير وجودها مضافاً إلى الشرط، وقبل تحققه لم يكن المعلق عليه علة بخلاف الوجوب فإنه ثابت قبل مجيء الشرط، فإذا قال: إن دخلت الدار فأنت طالق فالعلة للوقوع التلفظ بالطلاق، والشرط الدخول وتأثيره في امتناع وجود العلة قبله فإذا وجد وجدت، وأصحاب الشافعي يقولون: أثر الشرط في تراخي الحكم، والعلة قد وجدت، وإنما تراخي تأثيرها إلى وقت مجيء الشرط، فالمتقدم علة قد تأخر تأثيرها إلى مجيء الشرط" ا. هـ إغاثة اللهفان (1/172) . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل في حب الثناء رياء؟!

هل في حب الثناء رياء؟! المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/05/1427هـ السؤال جميع أعمالي أقصد بها وجه الله والنجاة من عذابه، لكن أحب أن يذكرني الناس على في أعمالي وأسَرُّ بالثناء على ما أفعل فهل هذا رياء أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن الإخلاص شرط من شروط قبول الأعمال، والله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه تعالى، وفي ذلك يقول سبحانه كما في الحديث القدسي: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ". صحيح مسلم (2958) . والرياء شرك أصغر، وقد يحبط العمل بالكلية، وقد ينقص الأجر، بحسب درجة الرياء ومنزلته من العمل، والدافع للرياء هو: حب الثناء من الناس، أو خشية الذم منهم، ولا يسلم العمل ولا يصلح، إلا بتجرد الإنسان من هذه الدوافع التي توصل إلى الرياء وتذهب الأجر، وتجلب سخط الله تعالى. أما إن عمل الإنسان العمل ولم يقصد ثناء الناس ومدحهم، ثم حصل له الثناء من الناس على عمله الصالح بغير إرادة منه ولا طلب، فهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم " عاجل بشرى المؤمن " صحيح مسلم (2642) . نسأل الله أن يرزقنا جميعاً الإخلاص وأن يبعد عنا الرياء وأسبابه. والله أعلم.

درء القصاص عن قاتل أخته لأجل الشرف

درء القصاص عن قاتل أخته لأجل الشرف المجيب عبد الرحمن بن عبد الله اللهيبي رئيس محكمة التمييز سابقا التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/05/1427هـ السؤال هناك مصطلح شائع اليوم باسم "جرائم الشرف" حيث يقتل الشخص أخته أو ابنته لأنها مشت مع شخص غريب وما شابه ذلك. وحيث إن القوانين تخفف الحكم على القاتل بحجة أنها جريمة شرف على مبدأ درء الحدود بالشبهات. وبما أن العلمانيين ومن سار على خطاهم يشيرون بأصابع الاتهام إلى التشريع والفقه الإسلامي بهذا الخصوص، فنريد منكم توضيح الحكم الشرعي للقتل بحجة تلويث الشرف؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فنفيدك أن الشريعة الإسلامية لا تجيز لأولياء المرأة كأبيها، وأخيها قتلها بمجرد مشيها مع إنسان غريب -وإن كان الباعث لهم على هذا القتل الغيرة على محارمهم، لأن إقدامهم على القتل جريمة، وتعد لحدود الله، وقتل نفس حرم الله قتلها إلا بالحق، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث؛ الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة". صحيح البخاري (6878) ، وصحيح مسلم (1676) . ومن أجل هذا يجوز لأولياء المرأة الذين لم يباشروا قتلها، ولم يعينوا عليه، رفع قضية للمحكمة يطلبون فيها القصاص ممن قتل مورثتهم، إذا كان القاتل غير الأب، ولهم أن يعدلوا عن القصاص إلى الدية، أو يعفوا عن القاتل دون مقابل. أما إذا كان القاتل هو الأب فإنه يعزر بالجلد، والسجن، ولا يقتل، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقتل والد بولده" أخرجه أحمد (328) ، والترمذي (1400) ، وابن ماجه (2662) . وتستقر دية المقتولة في ذمته يسلمها لورثتها إلا إن جرى عفوهم عنه. أما ما ذكره السائل من أن القوانين تخفف العقوبة على القاتل بحجة أنها جريمة شرف على مبدأ "ادرءوا الحدود بالشبهات" فإن هذه الجريمة ليس فيها شبهة، فالذي ارتكبها من أولياء المرأة قد تعمد ذلك. وإن كان ما صدر به القانون في هذه القضايا مخالفا للشريعة، فإنها لا تتهم بالتقصير في هذا وإنما تتهم القوانين الجائرة المخالفة لأحكام الله، وأدعو السائل إلى الرجوع إلى ما ذكره الفقهاء -رحمهم الله- في باب حد الزنا، ليكون على علم وبصيرة بما جاءت به الشريعة في ذلك، وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح. والله سبحانه وتعالى أعلم.

معنى "إن الله قبل وجه المصلي! "

معنى "إن الله قِبلَ وجه المصلي! " المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/02/1427هـ السؤال قرأت أن الله أَمَامنا ونحن نصلي، فهل هذا صحيح؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل في هذا تناقض مع كون الله فوق خلقه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فما قرأته صحيح، وثابت في الصحيحين، أو أحدهما من حديث جماعة من الصحابة، كجابر، وأنس، وابن عمر -رضي الله عنهم-، وهذا أحد ألفاظ حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى بصاقًا في جدار القبلة فحكه، ثم أقبل على الناس، فقال: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَلَ وجهه، فإن الله قِبَلَ وجهه إذا صلى". صحيح البخاري (406) ، وصحيح مسلم (547) . إذا تبين هذا، فإن السلف الصالح -رحمهم الله- لم يستشكلوا هذه الأحاديث، بل كانوا في هذا الباب الخطير -باب الأسماء والصفات- يُمِرُّون النصوص كما جاءت، مع اعتقادهم للأصل العظيم الذي قرّره القرآن في قول الله جل وعلا: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى:11] ، وهو أصلٌ كبير يجب على المؤمن أن يتمسك به إذا لم يستطع أن يفهم أي نصّ ثبت في الكتاب والسنة؛ لأن الله تعالى أعظم من أن يحاط به، كما قال جل وعلا: "ولا يحيطون به علمًا" [طه:110] ، ولأن عقول بني آدم محدودة؛ لا يمكنها أن تتصور حقائق بعض المخلوقات، فكيف بالخالق جل وعلا؟! والنصوص الثابتة التي تدلّ على علو الله جل وعلا، واستوائه على عرشه أكثر من أن تحصر، بل الفطرة السليمة مقرةٌ بعلو الله تعالى على خلقه، فهذا أصلٌ يجب التمسك به، ويجب ردّ ما أشكل من النصوص في هذه المسألة إليه، مع أنه لا يمكن أن يوجد بينها تعارض؛ لأن الكل من عند الله، ولكن قد يقصر علم الإنسان عن أوجه الجمع، فحينئذ عليه أن يقول -كما قال أهل العلم الراسخون، حينما ذكر الله المحكم والمتشابه من آيات الكتاب- "والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذّكر إلا أولو الألباب" [آل عمران:7] . وتأمل عظيم عمق السلف من الصحابة -رضي الله عنه- وهم يسمعون مثل هذه الأحاديث- كيف لم يسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم-: كيف؟ ولا: لِمَ؟ مع أنه صلى الله عليه وسلم أمامهم، ويمكنه أن يجيبهم عن كل ما يستشكلونه، ولكنهم كانوا يسلّمون ويصدقون، وهذا -والله- هو الإيمان الحق، وعلى هذا جرى أئمة الدين من سلف هذه الأمة، ومن سار على نهجهم. وبخصوص السؤال الذي سألت عنه، فالجواب عنه من وجوه، أكتفي منها بوجهين: الأول: أن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته، فهو -سبحانه وتعالى- قريب في عُلّوه، عليّ في دنوه، ليس كمثله شيء. وإذا كانت السماوات السبع، والأرضون السبع في كفه تعالى، كخردلة في كفّ أحدنا، فهو محيط بكل شيء، ولا يمكن أن يقاس بخلقه. الثاني: أن يقال: إنه لا منافاة بين كون الشيء قِبَلَ وجهك، وكونه في العلو، فإنك عندما تستقبل الشمس عند غروبها أو شروقها، فستراها قِبَلَ وجهك، مع أنها في السماء وبعيدة عنك، فإذا جاز هذا في حق المخلوق، فجوازه في حق الخالق من باب أولى، والله أعلم.

نسخ البرامج غير الأصلية

نسخ البرامج غير الأصلية المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/03/1427هـ السؤال أعمل في شركة في قسم صيانة الحاسبات، فأقوم بتركيب قطع في أجهزة الكمبيوتر، وأضيف برامج منسوخة غير أصلية، ولا أستطيع منعهم؛ لأنه ليس لي صلاحية، فهل علي ذنب إذا أضفتها؟ علماً أن ذلك جزء من عملي، وأنني سأترك الشركة إذا كان الأمر مخالفًا للشرع. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول لله، وبعد: فإن تقليد السلع والمنتجات إذا لم يدخل عليها المقلِّد أي تعديل أو تغيير مما يفتي كثير من علماء العصر بمنعه، سواء كان ذلك برامج حاسوب أو كتبًا أو بضائع أو غيرها، وأنه لا تجوز المتاجرة فيها واتخاذها طريقاً للكسب. وأما ما جاء في السؤال فالذي يظهر منه أن عمل الشركة في بيع الأجهزة وصيانتها، وأن البرامج المنسوخة التي تحمَّل على أجهزة العملاء لا تباع، وإنما تضاف كخدمة للعميل، وهو ما تعارف عليه أهل هذه الصنعة اليوم ويتنافسون فيه. فإذا كانت الشركة لا تأخذ أي رسوم على تنزيل هذه البرامج على الأجهزة فالأمر يسير إن شاء الله تعالى، وعلى الشركة أن تقتني لنفسها برامج أصلية. والله أعلم.

الحكمة من تحريم زواج المسلمة بالكافر!

الحكمة من تحريم زواج المسلمة بالكافر! المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/01/1427هـ السؤال ما الحكمة من النهي عن زواج المسلمة بالكافر، وزواج المسلم بالمشركة والوثنية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد أباح الله للمسلمين نكاح المحصنات، وهن العفيفات من المؤمنات، والكتابيات، وحرم عليهم نكاح المشركات والوثنيات. وهذا ليس من باب التمييز العنصري، ولكن من باب التمييز الإيماني الديني؛ بدليل أن المشركة -من أي عنصر أو عرق أو وطن- تحل للمسلم بمجرد إسلامها. ولا شك أن الإسلام يميز بين الناس على أساس معتقداتهم، ولا شك أن الرابطة الإيمانية مقدمة على الرابطة الإنسانية، وتلك قضية محسومة في القرآن. قال تعالى: "أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار" [ص:28] ، وقال سبحانه: "أفنجعل المسلمين كالمجرمين" [القلم:35] . والتنازل عنها يعني القضاء على الدين نفسه، بصورته الشمولية، والصيرورة إلى أن يصبح الدين (ملحقاً) من ملاحق الحياة، لا أنه (صبغة الله) للحياة، ومن أحسن من الله صبغةً. وهذا ما آلت إليه النصرانية بعد تحريفها، وما تريد الجمعيات والهيئات النصرانية أن تنزل المسلمين إليه. وحرمة زواج المسلمة بغير المسلم -من كتابي، أو مشرك- مبنية على أن الزوج له القوامة على المرأة، والتوجيه للحياة الأسرية، وأن أولاده منها ينسبون إليه، وينشؤون على دينه، ويتبعونه في الأحكام قبل سن التكليف، وهذا إجحاف بالزوجة، والذرية. بخلاف زواج المسلم من كتابية؛ فالإسلام يضمن لها حرية البقاء على دينها، لكن أولاده منها يحكم لهم بالإسلام. كما أن الكتابية حين تقترن بمسلم تقترن بزوج يؤمن بنبيها، وسائر أنبياء الله، ولا يفرق بين أحد منهم، في حين أن الكتابي من يهودي أو نصراني لا يؤمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وأنه خاتم الأنبياء، فكيف يسوغ أن يجمعه عقد واحد، ويظله سقف واحد مع مسلمة؟!

هل تجب عليه الدية؟!

هل تجب عليه الدية؟! المجيب د. حسن بن مقبول الأهدل نائب رئيس جامعة صنعاء لشؤون الدراسات العليا التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 08/05/1427هـ السؤال جاري لديه مجموعة من ألواح وعروق الأخشاب، يستخدمها سقالات في البناء، وكان يضع هذه الأخشاب على حائط عندي، وهذا الحائط كان ضعيفا، ونصحته أكثر من مرة ألا يضع هذه الأخشاب على هذا الحائط الضعيف، إلا أنه كان يصر على ذلك مما كان سببا في سقوط هذا الحائط على ولدين لي، أحدهما توفي والآخر أصيب، فما حكم الشرع في ذلك، وما هو المفروض أن أفعله مع هذا الشخص؟. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه، وبعد. فعلى هذا الذي تعدى الضمان، فهو ضامن للجدار يعيده كما كان، وضامن للولد الذي مات فيدفع ديته، وعليه علاج الولد الذي أصيب حتى يبرأ مما أصابه، فهو ضامن لكل ضرر حصل بسبب سقوط ذلك الحائط. والله أعلم.

الخمر إذا خلط بغيره!

الخمر إذا خُلط بغيره! المجيب وليد بن علي الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/03/1427هـ السؤال يقول الأصوليون: "الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً". ونعلم أن الخمر حرِّمت بعلة الإسكار، ونقيس عليه كل الكحول والمأكولات والمشروبات والمحقونات والمشمومات التي تشارك الخمر في الإسكار. فهل إذا خُلطت الخمر الحرام بالماء، وفقدت خاصية الإسكار تصير حلالاً؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن الحكم المعلل بعلة يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا وجدت العلة وجد الحكم، وإذا انتفت العلة انتفى الحكم، فهذا معنى قول الأصوليين: "الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً". إذ لا معنى للعلة إلا ثبوت الحكم عند وجودها وانتفاؤه بانتفائها ما لم يكن هناك معارض، وإلا لما كانت علة، والخمر إنما حُرِّم لكونه مسكراً، فإذا زال وصف الإسكار عنه كأن يتحول -مثلاً- إلى خلٍ، فإنه يكون مباحاً شربه واستعماله لزوال الوصف المؤثر في الحكم بارتفاع خاصية الإسكار عنه، فإن عادت إليه خاصية الإسكار صار محرماً، وهذا في جميع الأحكام الشرعية المعللة، فإذا ارتفعت علة الحكم ارتفع الحكم، كنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- علة النهي بقوله: "إنما نهيتكم من أجل الدافَّة التي دَفَّت". انظر صحيح البخاري (5570) ، وصحيح مسلم (1971) . فإذا وجدت العلة في عصر أو زمن ما فإنه يُنهى عن الإدخار فوق ثلاث، وإلا صار الإدخار فوق الثلاث مباحاً، وكالنهي عن لباس لكونه لباس تشبه بالكفار، فإذا ارتفعت خاصية التشبه عنه وصار من الألبسة المعتادة عند المسلمين يكون لبسه مباحاً. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الاستغاثة بصفات الله

الاستغاثة بصفات الله المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/12/1426هـ السؤال ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث". فهل يجوز الاستغاثة بصفات الله، ودعاؤه بصفاته كما ورد في هذا الحديث؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "برحمتك أستغيث" هذا من قبيل التوسل لا من قبيل دعاء الصفة، مثل: أسألك يا الله برحمتك، وفي دعاء الاستخارة: "أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك". صحيح البخاري (1166) . ومثل الاستعاذة بالصفة، قوله صلى الله عليه وسلم: "أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك". صحيح مسلم (486) . وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أعوذ بكلمات الله التامات". صحيح مسلم (2708) . كل هذا من نوع التوسل إلى الله بصفاته، وهو من التوسل المشروع، وأما دعاء الصفة فلم يرد في الأدعية المأثورة، ولا يمكن أن يكون مشروعاً؛ لأن دعاء الصفة كقولك: يا رحمة الله، يا عزة الله، يا قوة الله. تقتضي أن الصفة شيء مستقل منفصل عن الله يسمع ويجيب، فمن اعتقد ذلك فهو كافر، بل صفات الله قائمة، وليس شيء منها إله يدعى، بل الله بصفاته إله واحد، وهو المدعو والمرجو والمعبود وحده لا إله إلا هو. والله أعلم.

حرق جثة الميت!

حرق جثة الميت! المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/12/1426هـ السؤال من المعلوم أن حرق جثة الشخص المتوفى غير لائق لسبب تكريم المتوفى، ولم نسمع عن وجود ذلك في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن هناك شخص يريد أن يعرف هل هناك في الشرع ما يمنع من حرق جثة المتوفى؟ ويريد دليلا من الكتاب والسنة على منع ذلك أو سيوصي بحرق جثته بعد وفاته. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذا توفي المسلم فالواجب تغسيله وتكفينه ودفنه في مقابر المسلمين على الصفة الشرعية، ولا يجوز إحراق جثته لما في هذا من مخالفة سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وما يؤدي إليه هذا من انتهاك حرمة الميت وقد قالت عائشة -رضي الله عنها-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كسر عظم الميت ككسره حيًّا" رواه أبو داود (3207) وابن ماجه (1616) . ومعنى الحديث: أن كسر عظم المؤمن أو إهانته وإيذاؤه كما لا يجوز في الحياة فكذلك بعد الوفاة. ودفن الميت سنة جارية في البشر منذ أول ميت على وجه الأرض، وذلك عندما قتل أحد ابني آدم أخاه، فاحتار ماذا يفعل به، فأراد الله تعالى تعريفه بسنة الدفن فبعث غراباً يبحث في الأرض في المكان الذي هو فيه ليريه كيفية المواراة، قال الله تعالى: "فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليره كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين" [المائدة:31] . وقد امتن الله على عباده بأن جعل لهم الأرض كفاتا: أي وعاء في حال الحياة والموت، فقال تعالى: "ألم نجعل الأرض كفاتا، أحياء وأمواتا" [المرسلات:25-26] . أي أنها تضم الأحياء على ظهرها والأموات في بطنها. وقال تعالى: "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى" [طه:55] . وقال تعالى: "ثم أماته فأقبره" [عبس:21] . أي: صيره وجعله ممن يقبر، ولم يجعله مما يلقى على وجه الأرض للطير والسباع، فقبر الميت مما أكرم الله به بني آدم، وقبور الأموات يجب احترامها ولا يجوز التعدي عليها بنبشها أو وضع النجاسات عليها أو وطئها والإتكاء عليها، وذلك أن الميت محترم في قبره كما يحترم في حال حياته، وقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر" رواه مسلم (971) ، وأخرجه أحمد (10832) ، بلفظ: "خير له من أن يطأ على قبر". وإذا تبينت مشروعية دفن الميت وحرمة تحريقه، فإنه لو أوصى مسلم بإحراق جثته بعد موته فإن وصيته باطلة، ولا يلزم أوصياءه تنفيذها، لكونها وصية بشيء محرم، وعلى ابن الموصي أن يسعى إلى إقناع أبيه لتغيير هذه الوصية والعدول عنها، ويكون ذلك ببيان مشروعية الدفن وفوائده، وأنه يتضمن تكريماً للنفس البشرية، وبيان مضار التحريق وأنه يتضمن انتهاك حرمة الميت وإهانته ولا يفعله إلا أصحاب الطوائف المنحرفة.

من هو ذو القرنين؟

مَنْ هو ذو القرنين؟ المجيب د. فوزي محمد ساعاتي أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/03/1427هـ السؤال هل الإسكندر المقدوني هو نفسه ذو القرنين المذكور في القرآن؟ فالإسكندر المقدوني ملقب بذي القرنين, كما أنه مَلَك الأرض من شرقها لغربها. كما أن كتب التاريخ تذكر المقدوني وفتوحاته, ولا تشير إلى ذي قرنين آخر. أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد اختلف في ذي القرنين من هو: فقيل هو الملك الفارسي: قورش، وكان رجلاً صالحاً، أو نبياً من أنبياء الله، كما كان قائداً عسكرياً مظفراً. وقيل هو الملك المقدوني المعروف باسم الإسكندر الأكبر. وقيل هو من حمير في اليمن، مستدلين على ذلك بأن ملوك حمير يلقبون أنفسهم بذي نواس، وذي يزن؛ وذهب البعض إلى أن هذه الشخصية كانت زمن إبراهيم -عليه السلام-. وقيل هو صاحب موسى والخضر -عليهما السلام- وكان مؤمناً، وبينه وبين الإسكندر الأخير دهرا طويلاً. ولكن العديد من المفسرين والمؤرخين لم يتفقوا مع الرأي الذي يعتبر ذا القرنين المذكور في القرآن هو الإسكندر المقدوني؛ وذلك لأن الإسكندر المقدوني كان وثنياً، بينما كان ذو القرنين الذي تحدث عنه القرآن مؤمناً بالله وموحداً. وقيل هو ابن ملك مقدونيا فيلب، وهذا مستبعد؛ لأن أوروبا لم تكن في ذلك الزمن تعرف أي دين سماوي؛ ولأنه عاش قبل ميلاد المسيح -عليه السلام- "القرن الرابع قبل الميلاد"، وقيل هو أخناثون ملك مصر فيما بين (1370-1352ق. م) . وقد اتخذ المصريون القدماء القرنين رمزاً لهم في أعلامهم على شكل قرني الكبش بلون لامع فوضعوا اسم القرنين على رأس المعبود أمون رع. وكان أخناثون يضفر شعره ضفرتين اقتداء بالنبي موسى -عليه السلام- الذي كان يصاحبه، والذي تشير بعض المصادر إلى أنه كان يضفر شعره ضفرتين، وكانتا تبدوان على شكل قرنين، ومات أخناثون وزوجته (نفرتيتي) في الصين حوالي (1300ق. م) .

تأويل قول الرسول لقومه: "لقد جئتكم بالذبح"

تأويل قول الرسول لقومه: "لقد جئتكم بالذبح" المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/12/1426هـ السؤال جاءني رجل غير مسلم محتجاً بقول: النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح". وهذا الرجل يحتج بهذا الحديث بأن هدف الإسلام هو تدمير هذا العالم، وأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه هم قتلة بلا رحمة. وهو يحاول أن يثبت أن الإسلام يؤيد الإرهاب والذبح، وإلا فلماذا يقول نبي السلام والرحمة مثل هذا القول القبيح؟ أرجو الرد على هذه الشبهة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعلينا أن نفهم الحديث في ضوء وروده، وسبب قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- له، لقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يطوف حول الكعبة، وسخر منه أهل مكة وآذوه، وهو صابر على أذاهم، فلما هموا بمنعه أراد أن يخبرهم بأن شأنه سيعلو, وأنه سينتصر، وأن دينه سيعلو ويتمكن منهم، وقد كان، وليس المراد بالذبح المعنى الحقيقي لأنه حين فتح مكة، وجمع أهلها قال لهم: "ما تقولون؟ ما تظنون أني فاعل بكم؟ ". قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال عليه السلام: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". انظر السيرة النبوية (5/73-74) ، وتاريخ الطبري (2/161) ، وسنن البيهقي (9/118) ، فلو كان الذبح غايته فما الذي منعه من ذبحهم. إن الإسلام أحرص ما يكون على كفالة العيش الحر الكريم للإنسان، وإن إراقة الدم ليست من غاياته أو أهدافه، بدليل أن الرسول -صلى الله عليه وسلم-لم يقتل الأسرى في يوم من الأيام، ولم يقتل يهود بني قينقاع، وعاهد كثيرين من خصومه مع قدرته عليهم فأين دعوته للقتل؟! إن السلام هو غاية الإسلام، "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله" [الأنفال:61] . "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" [البقرة:190] . وفي الحديث: "لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية" صحيح البخاري (2966) ، وصحيح مسلم (1741) . وتكفي العقوبات المقدرة في الشريعة الإسلامية كوسيلة ردع عن قتل الآخرين والاعتداء عليهم. وقد رأى الأحناف وجوب قتل المسلم بغير المسلم إذا قتله بغير موجب للقتل؛ فأين العنف والإرهاب في الإسلام؟ يكفي أن تحية الإسلام هي إلقاء السلام على الآخر وطلب الرحمة له. إن قوله: "أتيتكم بالذبح" هو مثل قول المسيح -عليه السلام-: (ما جئت لألقي سلاماً على العالم بل سيفاً) . والمراد قتال المجرمين أعداء الرسل والرسالات، والذين يقفون بقوتهم في وجه الإصلاح ويحاربون أتباع الرسل ويريدون استئصالهم، ولذا قال الله: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا" [البقرة:190] . فمن اعتدى على الرسل وأتباعهم فسيواجه عدوانه وظلمه بما يردعه.

خدمة الزوجة لوالدة زوجها

خدمة الزوجة لوالدة زوجها المجيب د. محمد بن سعيد القحطاني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/03/1427هـ السؤال هل خدمة الزوجة لوالدة زوجها فرض عليها أم تخدمها حسب راحتها وظروفها، دون ضغط من زوجها؟ وهل إذا أمر الزوج زوجته لتخدم أمه ورفضت يكون ذلك عصيانًا لأوامر زوجها أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فخدمة الزوجة لوالدة زوجها من أمور البر وحسن العشرة، وتأملي كيف تكون نفسية زوجك حين يرى خدمتك لوالدته؛ لاشك أن ذلك سينعكس على حسن معاملته لك، والإحسان إليك، والعكس بالعكس. فكوني عند حسن ظن زوجك، واعلمي أنه حتى لو لم يكن واجباً لكان من مكارم الأخلاق، وحسن التبعل للزوج، وتتبع ما يرضيه. هذا ما أوصيك به. والله الموفق.

الفرق بين المكافأة والراتب!

الفرق بين المكافأة والراتب! المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/02/1427هـ السؤال هل ما تعطيه الأوقاف للأئمة والمؤذنين مكافأة أم راتب؟ وما الفرق بينهما؟ وماذا يترتب على كل منهما؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فما تعطيه الأوقاف للأئمة والمؤذنين هو رزق من بيت الله -مكافأة- وليس راتباً يستحقونه. والفرق بينهما أن أعمال القرب -العبادات- لا تجوز الإجارة عليها، لكن إذا أعطي من يقوم بها رزقاً من بيت المال فلا بأس بذلك. والذي يترتب على كل منهما أن المكافأة ليست حقاً واجباً لصاحبها، بعكس الراتب فهو حق واجب، فإذا قام الموظف بعمله على أتم وجه لزم الجهة التي تعاقدت معه أن تدفع راتبه كاملاً، وإذا أخلَّ بشيء من العمل فمن حق الجهة أن تحسم عليه بقدر إخلاله بالعمل. وهكذا فالإمام والمؤذن ليس من حقهما المطالبة بهذه المكافأة، ولو مُنعت في بعض الشهور فلا يحق لهما المطالبة بها، ولو أُبعد المؤذن أو الإمام فليس من حقهما المطالبة بالعودة للإمامة والأذان، لأنه ليس حقاً لهما، بل تنصيبهما من جماعة المسجد أو إدارة الأوقاف تشريف لهما، وهذا العمل إن لم يقوما به قام به غيرهما. وفقنا الله وإياك للعمل النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أخذ الفوائد البنكية بدعوى الحاجة!

أخذ الفوائد البنكية بدعوى الحاجة! المجيب عبد الله بن علي الريمي ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/05/1427هـ السؤال كان لدي مبلغ من المال بأحد البنوك، وكنت أسحب من هذا المبلغ حسب احتياجي حتى نفد، ولم يبق إلا الأرباح، وأنا الآن في احتياج شديد للمال لقضاء احتياجاتي الأساسية والضرورية، فهل يجوز لي الأخذ من هذه الأرباح؟ وفى حالة عدم الجواز، هل يجوز أن آخذ مبلغا على سبيل الاقتراض، حتى يأتي الله بالفرج، ثم أرده بعد ذلك؟ الجواب الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقبل الإجابة على السؤال يحسن التنبيه لما يلي: أولاً: حكم الإيداع في البنوك الربوية: إنما أجازه العلماء لما رأوا من شدة الحرج في ترك التعامل مع البنوك في هذا الزمن وأهمية التعاملات المصرفية في حفظ المال وتيسير الأمور مع مراعاة الضوابط التالية: أ- أن لا يوجد بنك إسلامي يقوم مقام البنك الربوي. ب- أن يضطر الإنسان للإيداع في البنك الربوي لضغط أنظمة العمل أو غيره. ج- أن لا يشترط فوائد من البنك على المال المودع، فإن كانت الفوائد حادثة ولابد، فعليه أن يتبرع بها لأعمال خيرية، ولا يدعها للبنك ليستفيد منها ويحدث تدوير للأرباح.

ثانياً: قال تعالى "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] . فقد بيّن فيها أن المتقي يدفع الله عنه المضرة بما يجعله له من المخرج، ويجلب له من المنفعة بما ييسره له من الرزق، والرزق اسم لكل ما يغتذي به الإنسان; وذلك يعم رزق الدنيا ورزق الآخرة. وقد قال بعضهم: ما افتقر تقي قط! قالوا: ولم؟ قال: لأن الله يقول: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب". وقول القائل: قد نرى من يتقي وهو محروم، ومن هو بخلاف ذلك وهو مرزوق! فجوابه: أن الآية اقتضت أن المتقي يرزق من حيث لا يحتسب ولم تدل على أن غير المتقي لا يرزق; بل لا بد لكل مخلوق من الرزق قال الله تعالى: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" [هود:6] . حتى إن ما يتناوله العبد من الحرام هو داخل في هذا الرزق، فالكفار قد يرزقون بأسباب محرمة، ويرزقون رزقا حسنا، وقد لا يرزقون إلا بتكلف، وأهل التقوى يرزقهم الله من حيث لا يحتسبون، ولا يكون رزقهم بأسباب محرمة، ولا يكون خبيثا، والتقي لا يُحْرَمُ ما يحتاج إليه من الرزق وإنما قد يحمى من فضول الدنيا -رحمة به وإحسانا إليه-؛ فإن توسيع الرزق قد يكون مضرة على صاحبه، وتقديره يكون رحمة لصاحبه. قال تعالى: "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا" [الفجر:15-17] . أي: ليس الأمر كذلك، فليس كل من وسع عليه رزقه يكون مكرما، ولا كل من قدر عليه رزقه يكون مهانا; بل قد يوسع عليه رزقه إملاء واستدراجا، وقد يقدر عليه رزقه حماية وصيانة له، وضيق الرزق على عبد من أهل الدين قد يكون لما له من ذنوب وخطايا، كما قال بعض السلف: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب". وقد أخبر الله تعالى أن الحسنات يذهبن السيئات، والاستغفار سبب للرزق والنعمة، وأن المعاصي سبب للمصائب والشدة، فقال تعالى: "الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" إلى قوله: "ويؤت كل ذي فضل فضله" [هو:1-3] . وقال تعالى: "استغفروا ربكم إنه كان غفارا" إلى قوله: "ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" [نوح:10-12] . وقال تعالى: "وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه" [الجن:16-17] . وقال تعالى: "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون" [الأعراف:96] . وقال تعالى: "ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم" [المائدة:66] . وقال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى:30] . وقال تعالى: "ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور" [هود:9] . وقال تعالى: "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك" [النساء:79] . وقال تعالى: "فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون" [الأنعام:42-43] . وقد أخبر الله تعالى في كتابه

أنه يبتلي عباده بالحسنات والسيئات; فالحسنات، هي: النعم، والسيئات، هي: المصائب; ليكون العبد صبارا شكورا. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" ينظر مجموع الفتاوى (16/52) . أما جواب السؤال: فالربا محرم بالكتاب، والسنة، والإجماع, وهو من الكبائر, ومن السبع الموبقات, ولم يؤذن الله تعالى في كتابه عاصيا بالحرب سوى آكل الربا, ومن استحله فقد كفر -لإنكاره معلوما من الدين بالضرورة- فيستتاب, فإن تاب وإلا قتل, أما من تعامل بالربا من غير أن يكون مستحلا له فهو فاسق. قال الماوردي وغيره: إن الربا لم يحل في شريعة قط لقوله تعالى: "وأخذهم الربا وقد نهوا عنه" [النساء:161] . يعني في الكتب السابقة. ودليل التحريم من الكتاب، قول الله تبارك وتعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:275] . وقوله عز وجل: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ... " [البقرة:275] . ودليل التحريم من السنة، أحاديث كثيرة منها: ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات". قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: "الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا, وأكل مال اليتيم, والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" صحيح البخاري (2767) ، ومسلم (89) . وما رواه مسلم (1598) عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه, وقال: "هم سواء". وأجمعت الأمة على أصل تحريم الربا. فلا يجوز أخذ الفوائد الربوية ولا الاقتراض بفوائد ربوية لأن هذا المال لا خير فيه ولا نفع، بل يزيد المرء ضررا وفقرا، قال السرخسي: ذكر الله تعالى لآكل الربا خمسا من العقوبات: إحداها: التخبط. قال الله تعالى: "لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس". الثانية: المحق. قال تعالى: "يمحق الله الربا" [البقرة:276] . والمراد الهلاك والاستئصال, وقيل: ذهاب البركة والاستمتاع حتى لا ينتفع به, ولا ولده بعده. الثالثة: الحرب. قال الله تعالى: "فأذنوا بحرب من الله ورسوله" [البقرة:279] . الرابعة: الكفر. قال الله تعالى: "وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" [البقرة:278] . وقال سبحانه بعد ذكر الربا: "والله لا يحب كل كفار أثيم" [البقرة:276] . أي: كفار باستحلال الربا, أثيم فاجر بأكل الربا. الخامسة: الخلود في النار. قال تعالى: "ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة:275] .

ويجب على الانسان الصبر على ضيق الرزق حتى يجعل الله له مخرجا، فقد كان رسول لله صلى الله عليه وسلم يمضي عليه الشهران والثلاثة، لا يوقد في بيته نار، ولا يأكلون إلا التمر والماء، وأحيانا يربط على بطنه الحجر من الجوع صحيح البخاري (2567) ، وصحيح مسلم (2972) ، وجامع الترمذي (2371) . ولم يقترض بالربا، مع أن اليهود كانوا أصحاب مال ويتعاملون بالربا فلم يقترض منهم بالربا ولكنه صبر صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه حتى وسع الله عليهم الرزق. فاقرئي أختي السائلة قوله تعالى "أليس الله بكاف عبده" [الزمر:36] . واعلمي أن الله سيكفيك ما أهمك إن أطعت أوامره واجتنت نواهيه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أكل المواشي المعلفة بالنجاسات!

أكل المواشي المعلفة بالنجاسات! المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/05/1427هـ السؤال ثبت لنا باعتراف الجهات المسؤولة في كندا، أن الأعلاف التي تقدم إلى المواشي والدجاج تتضمن مخلفات مسالخ الخنازير، وربما تخلط بها لحوم الخنازير النافقة. فما حكم أكل لحوم هذه المواشي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه المسألة من المسائل التي ابتلي بها عموم الناس في هذا الزمن سواء كانوا في المجتمعات الإسلامية أو غيرها، حيث يعمد القائمون على شركات الدواجن إلى إعلافها بالنجاسات المختلفة، من مخلفات إنتاج الدواجن - كالدجاج الميت، والدم المسفوح - أو مخلفات الخنزير ونحوها، حيث يسحقونها ويخلطونها، ويجعلونها في أكياس تضاف إلى غذاء الدجاج يومياً بنسب معينة، فهذه الدواجن تغذى بالنجاسة، وإن كانت النجاسة في غذائها ليست هي الغالبة، بل هي نسبة يسيرة قد لا تصل إلى (10%) في أغلب الأحيان، والذي يظهر والله أعلم أن حكم تناول تلك الحيوانات، وما نتج عنها من بيض، أو ألبان، ومشتقاتها، يختلف حكمه بحسب حجم النجاسة التي أكلتها تلك الحيوانات، وتأثيرها في لحمها، وما نتج عنها؛ فإذا ظهر تأثير تلك النجاسة في لحومها وما ينتج عنها، وذلك بأن ينتن اللحم ويتغيّر، أو يثبت ضرره على آكله، فهو حرام لا يجوز، ويصدق على هذه الحيوانات، ما ثبت في حديث النهي عن الجلاّلة، التي أكثر علفها النجاسة، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: " نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل الجلاّلة وألبانها" أخرجه أبو داود (3785) والترمذي (1824) وابن ماجة (3189) والحاكم (2248) والبيهقي في الكبرى (9/332) ، والحديث حسّنه الترمذي وصححه الألباني في الإرواء. ولأن أكل تلك الدواجن، وما ينتج عنها، ربما أضرّ بالبدن، وأدى إلى المرض أو الهلاك. أما إذا أكلت تلك الحيوانات من الدواجن وغيرها النجاسات، ولم يظهر تأثير ما أكلته على لحمها وما ينتج منها، ولم يثبت ضررها على صحة الإنسان فالظاهر أن حكم أكلها وما نتج عنها هو الجواز؛ لأن تلك الحيوانات لا يصدق عليها وصف الجلاّلة المذكور في الحديث، لأن التغيّر والنتن لم يظهر في لحومها وما ينتج منها، وإن كان الأولى هو اجتناب تلك الحيوانات، والبحث عن أطعمة حيوانية لم تطعم النجاسات ما أمكن ذلك. وإني في هذا المقام أوصي القائمين على شركات الدواجن بمحاولة تقليل نسبة النجاسات المعلفة للحيوانات إلى أقل حدٍ ممكن، أو محاولة إعادة تصنيع تلك النجاسات، بحيث تتحول من حكم النجاسة إلى الطهارة، وذلك بأن يتغير طعم النجاسة ولونها وريحها ولا يظهر لها أثر إطلاقاً. والله أعلم.

تأخير الجمعة إلى وقت صلاة العصر

تأخير الجمعة إلى وقت صلاة العصر المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/01/1427هـ السؤال هل يجوز تأخير صلاة الجمعة بحيث تقام بعد دخول وقت العصر؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيقول الحق في محكم التنزيل: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا" [النساء: 103] ، وتأخير الصلاة إلى خروج وقتها من غير عذر كبيرة من كبائر الذنوب، بل يرى بعض العلماء أن من أخر الصلاة عن وقتها بدون عذر لم تصح منه، ولو صلاها ألف مرة، ويرى بعضهم أن من اتخذ من ذلك عادة فهو كافر خارج عن ملة محمد -صلى الله عليه وسلم-. وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب لما شغله الكفار عن صلاة العصر حتى غابت الشمس: "ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما حبسونا وشغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس". رواه البخاري (4533) ، ومسلم (627) من حديث علي رضي الله عنه. وعلى هذا نقول: لا يجوز بحال تأخير الجمعة إلى خروج وقتها، فإن خرج وقتها لا يصح أن تصلى جمعة بل تصلى ظهراً قضاءً؛ لأن آخر وقت الجمعة إلى أن يصير ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال، وهذا التأخير من كبائر الذنوب التي يخشى على صاحبها "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين". صحيح مسلم (865) . والله تعالى أعلم.

المراد بأهل الذمة

المراد بأهل الذمة المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/01/1427هـ السؤال ما المراد بأهل الذمة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأهل الذمة هم غير المسلمين -من اليهود والنصارى وغيرهم-، القاطنون في البلاد الداخلة تحت الحكم الإسلامي، الذين أبوا أن يعتنقوا الإسلام، وفي الوقت نفسه كفُّوا أيديهم عن قتال المسلمين، ورضوا أن يبذلوا الجزية، فاستحقوا بذلك ذمة المسلمين، أي عهدهم وأمانتهم بالكف عنهم، وحمايتهم، وتمكينهم من مزاولة شعائرهم، وطقوسهم الدينية، والاجتماعية، والتجارية، بما لا يتصادم والنظام العام للدولة الإسلامية. وهذا التعبير يوحي بالدرجة الأولى بضرورة الوفاء بحقهم، وحفظ عهدهم، ولا يدل بلفظه على أي لون من ألوان التنابز بالألقاب، كما يدل مثلاً لفظ: (الموريسيكيون) أي: (العرب الأصاغر) ، الذي أطلقه النصارى على مسلمي الأندلس. إن التعبير الإسلامي المحبذ هو (العدل) ، وليس (المساواة) ؛ فالعدل هو المساوة بين المتماثلات، والتفريق بين المختلفات. أما التسوية بين المختلفات فضرب من الظلم، وتلك قضية بدهية مجمع على العمل بها؛ كتقديم الأكفأ، وتفضيل الأولى في جميع المجتمعات. ولم يقل أحد من علماء المسلمين أن المسلم وغير المسلم سواء، وإلا لانتقض بناء الدين كله بإلغاء الميزة العظمى، وهي الإيمان، بل العكس هو الصحيح؛ فالمؤمن من الناحية الاعتبارية في أحسن تقويم، والكافر في أسفل سافلين، والمجتمعات العَلمانية الحديثة تمارس هذا التمييز وفق معايير أقل أهمية من قضية الإيمان والكفر، وبالتالي فلم يقل الإسلام أبداً بالمساواة المطلقة بين المواطنين، وإنما قرر المساواة في الحكم بين الناس وأداء الحقوق إلى أهلها، مهما كان جنس مستحقها، ودينه. وأما قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أهل الكتاب: "وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه". صحيح مسلم (2167) ، فليس معناه أن تزحموهم إلى جانب الحائط، فتؤذوهم، كما قد يفهم بعض الناس، بل المقصود أن تكون أفضلية العبور، والتقدم للمسلم. وغير خافٍ أن المجتمعات الغربية الحديثة -ناهيك عن السالفة- تعج بألوان من صور التمييز، على المستويين: الرسمي، والشعبي، حتى وإن بدت القوانين تمنع ذلك. وقد أسفرت الممارسات التعسفية في الولايات المتحدة -وبعض الدول الأوروبية- ضد مسلمين أبرياء عن صورة بشعة من صور الظلم والتمييز، والأخذ بالظنة، بينما يعيش أجيال من النصارى بين ظهراني المسلمين لعدة قرون، آمنين، مطمئنين، لا يتعرضون لأدنى أذى، مما يمثل شاهداً على العدالة الإسلامية، الرسمية، والشعبية، تجاه أهل ذمتهم.

العمل في مكان مختلط

العمل في مكان مختلط المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/03/1427هـ السؤال أعمل بوظيفة محترمة، ولكن في مكان غير محترم؛ حيث فيه فساد أخلاقي واختلاط، وأرى كل يوم أشياء محرمة، فهل يجب علي أن أترك هذا المكان أو أبقى مع الابتعاد تماماً عن زملاء السوء،؟ علماً أن فرص العمل الآن قليلة جداً، أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ذكرتِ أختنا الكريمة -حفظك الله- أنكِ تعملين في مكان غير محترم ويكثر فيه الاختلاط وما ذكرتهِ -إن كنت لا تستطيعين تجنب الاختلاط، وتغيير المكان لمكان محترم- فإنه يستدعي تركك للعمل، والبحث عن عمل آخر محترم لا اختلاط فيه، فعن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة". رواه البخاري (1995) ، ومسلم (2628) . قال العلامة ابن عثمين -رحمه الله تعالى-: "الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال والنساء بعمل حكومي، أو بعمل في قطاع خاص، أو في مدارس حكومية أو أهلية، فإن الاختلاط تحصل فيه مفاسد كثيرة ولو لم يكن فيه إلا زوال حياء المرأة وزوال الهيبة عن الرجال، لأنه إذا اختلط الرجال والنساء أصبح لا هيبة عند الرجال، وهذا أعني -الاختلاط بين الرجال والنساء- خلاف ما تقتضيه الشريعة الإسلامية، وخلاف ما كان عليه السلف الصالح. ألم تعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم-جعل للنساء مكاناً خاصاً إذا خرجن إلى مصلى العيد، لا يختلطن بالرجال، كما في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خطب في الرجال نزل وذهب للنساء فوعظهن وذكَّرهن، وهذا يدل على أنهن لا يسمعن خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو إن سمعن لم يستوعبن ما سمعن من الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم ألم تعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها"، وما ذلك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال، فكان شر الصفوف، ولبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف، وإذا كان هذا في العبادة المشتركة فما بالك بغير العبادة، ومعلوم أن الإنسان في حال العبادة أبعد ما يكون عما يتعلق بالغريزة الجنسية، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، فلا يبعد أن تحصل فتنة وشر كبير في هذا الاختلاط.

والذي أدعو إليه إخواننا أن يبتعدوا عن الاختلاط، وأن يعلموا أنه من أضر ما يكون على الرجال، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" فنحن والحمد لله -نحن المسلمين- لنا ميزة خاصة يجب أن نتميز بها عن غيرنا، ويجب أن نحمد الله -سبحانه وتعالى- أن منَّ علينا بها، ويجب أن نعلم أننا متبعون لشرع الله الحكيم الذي يعلم ما يصلح العباد والبلاد، ويجب أن نعلم أن من نفروا عن صراط الله -عز وجل- وعن شريعة الله فإنهم في ضلال، وأمرهم صائر إلى الفساد، ولهذا نسمع أن الأمم التي يختلط نساؤها برجالها أنهم الآن يحاولون بقدر الإمكان أن يتخلصوا من هذا، ولكن أنى لهم التناوش من مكان بعيد. نسأل الله أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وشر وفتنة". ا. هـ والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

إنفاذ جيش أسامة ودلالته على خلافة علي

إنفاذ جيش أسامة ودلالته على خلافة علي المجيب د. أحمد بن محمد البناني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/04/1427هـ السؤال يرى البعض أن جيش أسامة تأخر عن الخروج، أو أنه خرج، ولكنه رجع لما عرف بمرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- فما الصحيح في ذلك؟ وخاصة أن بعض ضعاف النفوس يدعون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنفذ جيش أسامة ومعه كبار الصحابة كأبي بكر وعمر -رضي الله عنهم- وأبقى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ليوليه الخلافة من بعده؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن استغلال التاريخ الإسلامي وحوادثه في الترويج لأفكار الفرق الضالة الحاقدة على الإسلام والمسلمين بعد أن شاهدوا انتصارات الجيوش الإسلامية على أضعاف أعدادهم من جيوش الفرس والروم على قلة ما كان معهم من عدة وسلاح، وما ذلك إلا بنصر الله لهم وتمكينه لههم في الأرض، لأنهم قاموا بما أوجب الله عليهم من حقوقه جل وعلا، وعلى رأسها المحافظة على التوحيد ونبذ الشرك، ومنه دعاء غير الله، والذبح والنذر لغيره من الأولياء والصالحين من آل البيت وغيرهم، فحقق الله لهم ما وعدهم به في قوله تعالى: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور:55] . وهكذا تمكنوا من إزالة السلاطين الظلمة الذين كانوا يمنعون الناس من عبادة الله وحده، ونبذ الأصنام والأوثان، فلم يرق للحاقدين ما حصل من نصر للمسلمين ودينهم القويم، فرأوا أن يشككوا في وحدة كلمتهم منذ البداية، وزعموا أنهم عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصية مزعومة لا أصل لها في الواقع، وهل يعقل أن أولئك الأبرار الذين أيدهم الله تعالى بتلك الفتوحات العظيمة كانوا سيعصون رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أنه أوصى لواحد منهم بالخلافة من بعده كائنا من كان، وهم الذين بذلوا أموالهم وأرواحهم فداءاً لدينه، وطاعة لنبيه صلى الله عليه وسلم، وأثنى عليهم رب العزة والجلال في قرآن يتلى إلى قيام الساعة، قال تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر:8-10] . فهل يكذب القرآن؟! ويصدق هؤلاء الحاقدون فيما زعمو من أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أوصى لعلي، وأن هؤلاء الذين وصفهم الله بالصادقين، رجعوا إلى الكذب، وأنكروا الوصية، ومنهم المبشرون بالجنة وهم أحياء، ولولا علم الله تعالى بأنهم سيموتون على الإسلام لما بشرهم بها (ومن أصدق من الله حديثاً) [النساء:87] ؟

أما مسألة خروج جيش أسامة أو عدم خروجه قبل وفاته -صلى الله عليه وسلم- فلا تعني لهؤلاء شيئاً، فلم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليخفي أمرا يزعمون أن الله كلفه بإبلاغه لعلي، عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهم- بل العقل والمنطق يستدعيان أن يعلنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم في حضورهما، حتى لا ينازعا عليا بعد موته، إن كان يريد ذلك، ولأن الناس كلهم كانوا يعرفون فضل الشيخين ولا ينصاعون لأحدهما وإنما ينصاعون لهما معا وهذا ما حصل بالفعل عندما اجتمعوا مع الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وتشاوروا فيمن يُخَلَّف على المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرشح عمر أبا بكر -رضي الله عنهما- لسابقته في الإسلام ومواقفه العظيمة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، التي يعرفها القاصي والداني، فوافق الجميع على ذلك، وبايعوا أبا بكر، فلما رجعوا إلى المسجد بايعه كافة الناس ومنهم علي وأبناؤه -رضي الله تعالى عنهم جميعاً، وامتدت الفتوحات العظيمة في عهدهما حتى أطفأت نار المجوس، وحولت ديارهم إلى الإسلام دون إكراه أو تعنت، فحقد من حقد منهم على المسلمين، وظهروا في صورة شيعة لأهل البيت! وقلوبهم تتمزق غيظا على الإسلام وأهله، فلم يجدوا وسيلة يشقون بها عصا المسلمين إلا انتحال التشيع لأهل البيت، وهم منهم براء. هذا ما عندي من جواب لهذا السؤال، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اتباع ابن عمر فيما خالف فيه جمهور الصحابة!

اتباع ابن عمر فيما خالف فيه جمهور الصحابة! المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/05/1427هـ السؤال ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أفعال خالف فيها الصحابة، فما الموقف فيها، مثل زيارته لقبر النبي وسلامه عليه كلما قدم المدينة من السفر، وقال ابن تيمية: ولم يكن جمهور الصحابة يفعلون كما فعل ابن عمر، بل كان الخلفاء وغيرهم يسافرون للحج وغيره، ويرجعون ولا يفعلون ذلك (أي لا يسلمون على النبي -صلى الله عليه وسلم- في قبره) ، إذ لم يكن هذا عندهم سنة سنها لهم. وكذلك أزواجه كن على عهد الخلفاء وبعدهم يسافرون إلى الحج، ثم ترجع كل واحدة إلى بيتها. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فابن عمر رضي الله عنهما، من أعظم الناس اتباعا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن أشدهم تمسكاً بالسنة، وهذا مشهور عند أهل العلم، مستفيض في كتبهم، وله أمثلة كثيرة من أفعاله وأقواله رضي الله عنه. بيد أنه اجتهد في مسائل خالفه فيها الصحابة -رضي الله عنهم-، ومن ذلك تتبعه لآثار النبي -صلى الله عليه وسلم-. فقد كان -رضي الله عنه- يتقصد ذلك، لكن الصحابة-رضي الله عنهم- لم يوافقوه على ذلك، بل إن والده عمر -رضي الله عنه- (وهو أعلم منه) لما رأى الناس في سفر يتبادرون إلى مكان، سأل عن ذلك، فقالوا: قد صلى فيه، النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: من عرضت له الصلاة فليصل، وإلا فليمض ... مصنف ابن أبي شيبة (2/270) قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله - في تعليقه على فتح البارى: (والحق أن عمر رضي الله عنه، أراد بالنهي عن تتبع آثار الأنبياء سد الذريعة إلى الشرك، وهو أعلم بهذا الشأن من ابنه رضي الله عنهما، وقد أخذ الجمهور بما رآه عمر ... ) . وأما زيارة قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهي على أقسام: أولاً: السفر إلى مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- للصلاة فيه، ثم زيارة القبر (بمعنى أن الزيارة تابعة، وليست هي أصل القصد) . فهذه هي الزيارة السنية الشرعية، وهي التي حكى الإجماع عليها القاضي عياض، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهما. ثانياً: السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين والأماكن المقدسة غير المساجد الثلاثة. فهذا السفر انعقد الإجماع بين الصحابة، والتابعين، وأئمة الدين المعتبرين على منعه؛ امتثالاً لنهي النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ... " صحيح البخاري (1189) ، وصحيح مسلم (1397) . ولهذا ذهب أهل العلم إلى أن إنشاء السفر بقصد زيارة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيه مخالفة لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث. ثالثاً: زيارة أهل المدينة المقيمين بها للقبر كل يوم، أو بعد كل فريضة، أو في كل جمعة. هذا هو الذي أنكره مالك -رحمه الله-، وقال إنه لم يبلغه عن سلف هذه الأمة، يعني الصحابة. وبه يقول أهل السنة قاطبة، إلا أنهم يستثنون من قدم من سفر، كما ورد عن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما-.

رابعاً: الزيارة الشركية التي يقصد منها دعاء المقبور. أو البدعية كتقصد دعاء الله عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره، فهذه لم يقل بها أحد من أهل العلم المعتبر بقولهم. والله أعلم.

السترة في الصلاة

السترة في الصلاة المجيب د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/01/1427هـ السؤال هل هناك دليل على جواز صلاة الفرد في المسجد بدون سترة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالسترة مستحبة على قول جمهور أهل العلم -رحمهم الله- وذهب بعضهم إلى وجوبها، وهو رواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- ورأي ابن خزيمة والشوكاني. والذي يظهر -والله أعلم- عدم وجوبها، والأدلة على هذا كثيرة، منها حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى إلى غير جدار. صحيح البخاري (76) ، وصحيح مسلم (504) . ويؤخذ من هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى إلى غير سترة. وكذلك حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس ... ". صحيح البخاري (509) ، وصحيح مسلم (505) . فقوله: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس" يفهم منه أنه قد لا يصلي إلى شيء يستره من الناس. وأيضاً مما يدل على عدم الوجوب أن السترة بالنسبة لحدها وردت بالاستتار بالبعير وبالسهم وبالخط، كما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- صحيح البخاري (430، 498) ، وصحيح مسلم (501، 502) ، وسنن أبي داود (689) . وورد أيضاً عن بعض الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- الاستتار بما يجمعه من حصى ونحو ذلك، مما يدل على أنها ليست واجبة. وعلى هذا: فكل من صلى منفرداً بدون سترة فإن صلاته صحيحة حتى على القول بأنها واجبة؛ لأن السترة على قولهم واجبة للصلاة وليست واجبة في الصلاة، والفرق بين الواجب في الصلاة والواجب للصلاة أن الواجب في الصلاة تركه يبطل الصلاة، وأما الواجب للصلاة فتركه عمداً لا يبطل. والله أعلم.

معنى قاعدة (كل ما جاز وقوع العقد عليه مبهما ... )

معنى قاعدة (كلّ ما جاز وقوع العقد عليه مبهمًا ... ) المجيب وليد بن علي الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/03/1427هـ السؤال ما معنى قاعدة: (كل ما جاز وقوع العقد عليه مبهما جاز وقوع الحق عليه مبهما) ؟ مع ذكر بعض الأمثله على ذلك؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فمعنى قاعدة "ما يصح وقوع العقد عليه مبهماً يصح وقوع الحق عليه مبهماً" أن العقود التي يجوز أن تقع مبهمة يجوز أن يكون الحق فيها مبهماً غير محدد، وهي تختص بعقود المعاوضات غير المالية، وعقود التبرعات؛ لكونها مبنية على المسامحة والتيسير، مثل الوصية، وعوض الخلع، والهبة، والنكاح، ومن أمثلتها ما يأتي: 1- لو قال: أوصيت بجزء من مالي، صحت الوصية مع كون العقد مجهولاً، ويجب ما يصدق عليه لفظ الجزء من المال، وكذا لو أوصى بدراهم. 2- لو تزوج امرأة وأصدقها بيتاً من بيوته، فإن العقد صحيح، ويجب عليه ما يصدق عليه اسم البيت. 3- لو وهب شخصاً ما تثمره نخلته هذا العام صحت الهبة. 4- لو خالع زوجته على دراهم فإن الخلع يصح، وله أقل ما يقع عليه اسم الدراهم حقيقة، وهو ثلاثة دراهم. وهذه الفروع محل اختلاف بين الفقهاء، وقد فصَّل العلامة ابن رجب -رحمه الله- في العقود التي تصح مبهمة والتي لا تصح، في كتابه الشهير بالقواعد، في القاعدة الخامسة بعد المائة، وانظر كتاب " الغرر وأثره في العقود " للدكتور الصديق الضرير، فقد فصَّل فيها أيضاً، والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

دخول الكافر للمسجد

دخول الكافر للمسجد المجيب أ. د. صلاح بن محمود العادلي أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/01/1427هـ السؤال تقيم عندنا في بلدنا امرأة أجنبية غير مسلمة، تحدثت معها عن الإسلام، وتريد أن تذهب إلى المسجد لتتقرب من الإسلام. فهل يجوز لها دخول المسجد؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فدخول هذه المرأة المسجد، وترددها عليه لسماع العلم وفهم الإسلام والتعرف عليه، لا بأس به على ما أفتى به العلماء. قال العلامة ابن باز -يرحمه الله-: "لا حرج في دخول الكافر المسجد إذا كان لغرض شرعي وأمر مباح؛ كأن يسمع الموعظة أو يشرب من الماء، أو نحو ذلك؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنزل بعض الوفود الكافرة في مسجده صلى الله عليه وسلم؛ ليشاهدوا المصلين، ويسمعوا قراءته -صلى الله عليه وسلم- وخطبه، وليدعوهم إلى الله من قريب، ولأنه صلى الله عليه وسلم ربط ثمامة بن أثال الحنفي في المسجد لما أُتي به إليه أسيراً، فهداه الله وأسلم". انتهى. والله أعلم.

تصنيف الأسهم السعودية لعام 1427هـ

تصنيف الأسهم السعودية لعام 1427هـ المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/03/1427هـ السؤال ما هي الأسهم التي يجوز لي الاستثمار والمضاربة فيها من الأسهم المحلية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فهذه دراسة شرعية للشركات السعودية المساهمة تم استخلاصها من قوائمها المالية المدققة، ومن خلال الاتصال المباشر بمسئولي هذه الشركات، وقد شارك في هذا المشروع مجموعة من الباحثين والخبراء. أسأل الله أن يثيبهم ويشكر لهم جهدهم. وقد نتج عن التواصل مع الشركات ومتابعتها أن شرع كثير منها ولله الحمد إلى التخلص من كثيرٍ من المعاملات المحرمة، وهي في طريقها إلى الزوال إن شاء الله. وبالنظر إلى القوائم المالية المدققة الأخيرة لهذه الشركات فيمكن تقسيم أسهمها إلى ثلاثة أقسام: أولاً- أسهم شركات نشاطها مباح ولم يظهر في قوائمها المالية الأخيرة أي قروض أو استثمارات محرمة أو مشبوهة. فهذه الأسهم يجوز الاستثمار والمضاربة فيها ولا يجب تطهير شيءٍ من أرباحها. ثانياً- أسهم شركات نشاطها مباح إلا أنه يلزم فيها التطهير: وهي على نوعين: أ - أسهم شركات لم يظهر في قوائمها المالية قروض أو ودائع ربوية، ولكن نظراً للطفرة الكبيرة التي شهدها سوق الأسهم هذا العام والعام الماضي، فقد أنشأت هذه الشركات محافظ استثمارية تشتمل على شركات تقترض وتودع بالربا. وقد ميزت هذه الشركات عن الشركات من القسم الأول لأمرين: الأول: أن المساهم يلزمه أن يطهر المبلغ الناتج من هذا الاستثمار. فسواء سميت نقية أو مختلطة فإنه يجب عليه التطهير سواء وزعت الشركة أرباحاً أم لم توزع. فحتى لا يلتبس الأمر على كثيرٍ من الناس فيظن أنه لا يجب عليه تطهير شيءٍ من الأرباح فقد تحاشيت تسميتها بالنقية. والثاني: أن بعض هذه الشركات تزيد الاستثمارات المختلطة فيها على نصف موجوداتها بل إن بعضها تزيد على الثلثين، فهي أشبه بالصندوق الاستثماري منه بالشركة المساهمة. ب - أسهم شركات أنشطتها في أغراض مباحة، لكن قوائمها المالية لآخر فترة لا تخلو من معاملات محرمة لا تعد من نشاطها وإنما هي طارئة عليه، كالاقتراض والإيداع بالفائدة. وقد اختلف العلماء المعاصرون في الأسهم المختلطة، فذهب مجمع الفقه التابع للرابطة إلى تحريمها، وهو رأي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-. وذهب بعض العلماء إلى جوازها، ومن هؤلاء أصحاب الفضيلة ابن عثيمين وابن بسام رحمهما الله وسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وأصحاب الفضيلة ابن منيع وابن جبرين والمطلق. وهو رأي معظم الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية. والأقرب - والله أعلم- أن الشركة إذا كانت لا تعتمد في نشاطها على تلك المعاملات المحرمة فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله، بل يتخلص من الجزء المحرم منه ويبقى ما عداه مباحاً، ومن تورع عنها فهو الأفضل؛ خروجاً من الخلاف، واتقاءً للشبهة.

والتطهير في الأسهم المختلطة إنما يجب في الأرباح التي تتحقق من نشاط الشركة، فمن كان يملك السهم وقت انعقاد الجمعية العمومية للشركة، أي وقت استحقاق أرباحها فيجب عليه أن يخرج المبلغ المذكور في الجدول، وصرفه في أوجه البر كالجمعيات الخيرية وغيرها بنية التخلص منها. أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم - (أي أرباح المضاربة) - فلا يجب إخراج شيءٍ منها؛ لأنها أرباح لم تكتسب من نشاط الشركة. ثالثاً- وما عدا الأسهم المذكورة في الجدول، فإنه لا تجوز المضاربة ولا الاستثمار فيها، لاشتمالها على قروضٍ أو استثماراتٍ محرمة تعد كثيرة بالنظر إلى أنشطتها، فالأسهم في ذاتها أصبحت عروضاً محرمة؛ لغلبة الحرام فيها. وفيما يلي جدول يبين ترتيب الشركات السعودية حسب نقائها وموافقتها للضوابط الشرعية، ومبلغ التطهير الواجب في كل سهم (بعد التجزئة واسهم المنحة) لعام 1427هـ، وهذا المبلغ يدفع مرة واحدة في العام. والغرض من وضع هذا الجدول هو حث الشركات المساهمة على التسابق لتحقيق المراكز الأولى في هذا التصنيف، وسوف يتم تحديث هذا الجدول بمشيئة الله دورياً كلما جدت معلومات تخص الشركات. والله أعلم.

____ (*) هناك جدول لمن أتمكن من إدخاله بشكل صحيح ومن أراده فعليه الرجوع إلى الموقع. أخوكم أسامة

أيهما أفضل الشهادة أم الدعوة؟

أيهما أفضل الشهادة أم الدعوة؟ المجيب د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/03/1427هـ السؤال أيهما أفضل الشهيد أم الداعي إلى الله؟ والله -تعالى- يقول: "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين"؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأسأل الله -سبحانه وتعالى- لنا ولك التوفيق والسداد، وسؤالك يدل على حرصك على الأعمال الفاضلة، فاعلم أخي السائل أن الشهادة في سبيل الله والدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- من أفضل الأعمال، ولكل منهما الأجر الجزيل الثابت في الكتاب والسنة، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من عبد يموت له عند الله خير يسره أن يرجع إلى الدنيا وأن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى" رواه البخاري (2795) ، ومسلم (1877) . وقوله في فضل الدعوة: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً" رواه مسلم (2674) . ولا تعارض بين الحالين، فإن الذي يطلب الشهادة لا يمنعه ذلك من أن يكون داعياً إلى الله حتى في ساحة المعركة، من دعوة الكفار إلى الدخول في الدين، أو دعوة المسلمين إلى الثبات عليه، أو الدعوة إلى الصبر في الجهاد أو نحو ذلك من أبواب الدعوة الواسعة، أسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

الهجرة إلى بلاد الكفار

الهجرة إلى بلاد الكفار المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 30/05/1427هـ السؤال ما حكم الهجرة السرية من الجزائر إلى أوروبا؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن تعميم الحديث عن أحكام الهجرة إلى بلاد الكفر والإقامة فيها من أشكل المسائل اليوم؛ وذلك لكثرة تفاصيلها وتنوع حالاتها، واختلاف أعذار الناس الذين يرغبون في الهجرة إليها، ولكن هناك قواعد عامة إذا راعاها الفرد ربما يستطيع الاهتداء بها: أولا: إن القاعدة العامة هي عدم جواز الإقامة في بلاد الكفر، وبين ظهراني المشركين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين". رواه أبو داود (2645) ، والترمذي (1604) . ثانيا: إن من اضطر إلى الإقامة في تلك الديار، فللضرورة أحكام، والضرورة تقدر بقدرها. ثالثا: أن على المقيم في تلك الديار ألا يكف عن البحث عن موقع في بلاد الإسلام يهاجر إليه. رابعا: إن من غلب على ظنه أنه لا يقدر على وقاية نفسه وأهله في تلك الديار، فقد وجبت في حقه الهجرة. خامسا: إن من الأسباب المبيحة للإقامة في بلاد الكفر: الخروج لأجل تحصيل علم، أو ممارسة دعوة، أو الخوف على النفس والمال من ظالم وهو يجد الأمان في بلاد الكفر ... وعلى كل راغب من غير من سبق أن يستفتي فتوى خاصة ممن يثق بدينه وعلمه. ولا فرق عندي بين الهجرة السرية والعلنية في الحكم، وإن كانت الهجرة السرية فيها تعريض النفس للإهانة والصَّغار فيما لو قبض على الشخص. والله أعلم.

الكذب على المريض في التشخيص!

الكذب على المريض في التشخيص! المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/04/1427هـ السؤال أنا طبيب لا أحب الكذب، صادفني موقف مع مريضة وأبنائها، اكتشفنا إصابتها بالسرطان فأخبرت أبناءها ولم أخبرها، لأن أبناءها طلبوا مني أن أخبرها بتشخيص آخر! هل هناك رخصة في الكذب على المريض في مثل هذه الحالات؟ مع علمي أن هناك رخصة في الكذب إذا تُيقن تأثير المصارحة على حياة المريض! وماذا عن تأثير المصارحة في تأخير شفاء المريض نتيجة تضرره النفسي من المكاشفة بحقيقة المرض؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الإنسان المريض في وضع يعتبر فيه ضعيف الشخصية، ويتأثر بما يحيط به، وإذا عرف عن هذا المريض أنه لا يتحمل أن يفاجأ بمثل هذا المرض وأنه يتضرر إذا علم أنه مصاب بهذا المرض فإنه لا يخبر به؛ لأن المقصود هو مصلحته، وكونه يعرف أن مرضه هو هذا أو ذاك لا يفيد كثيرا، بينما إذا أخبر بمرض آخر أخف منه ترتفع معنوياته ويكون عنده شعور بالراحة، وتقبل للدواء أكثر، فلا يخبر بهذا المرض لمصلحته. أما إذا كان الإنسان قوي الشخصية وعنده إيمان ويقين وقدرة على التعامل مع هذا المرض بالصبر والاحتساب واللجوء إلى الله تعالى، فإنه يخبر بهذا المرض ويبين له؛ لأنه قد يكون أنفع له لترتيب أموره مع أهله وأقاربه وحسن لجوءه إلى الله ودعائه وتضرعه إليه. فالأمر يعود إلى حال ذلك الإنسان المريض، فالذي يتضرر إذا علم بهذا المرض لا يخبر به، والذي يزيده إيماناً، وقوة، وصبراً، واحتساباً، يخبر به. وبالله التوفيق.

بيع التقسيط دون قبض السلعة

بيع التقسيط دون قبض السلعة المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/05/1427هـ السؤال أنا تاجر لدي متجر لبيع الأجهزة الكهربية، وأقوم بالتعامل مع بعض البنوك الإسلامية لبيع الأجهزة بالتقسيط، عن طريق ما يسمى بالمرابحة الإسلامية، وأود أن أستفتي في حل تلك الصورة من التعامل التي سأذكرها وهي: يأتيني مريد الشراء، فأقوم بعرض أمرين عليه، إما أن يشتري نقداً بثلاثة آلاف، أو بالتقسيط عن طريق البنك بسعر ثلاثة آلاف وستمائة، فيختار المعاملة بالتقسيط، فيأتي مندوب البنك فيقابل مريد الشراء، ثم يشتري مني السلعة نقدا بشيك محول على بنكه، ثم يقوم ببيع السلعة إلى العميل بالتقسيط في نفس المجلس، ويسلمها للعميل من داخل متجري، دون أن ينقل المبيع من المتجر. والسؤال: هل يعتبر تسلم مندوب البنك للسلعة داخل متجري، ثم بيعها وتسليمها للعميل دون أن تتحرك من مكانها قبضا شرعيا للسلعة يحق له بموجبها التصرف فيها بتلك الصورة التي بينتها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالبيع بالتقسيط معناه أن الإنسان يبيع الشيء بثمن مؤجل يحل على فترات، والأصل في هذا الجواز، لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ" [البقرة: 282] ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز السَّلمَ، وهو شراء التقسيط (تقسيط المبيع) ، لكن التقسيط الذي ذكرته عن طريق البنك هو من الحيل؛ لأن كل قرض جرَّ نفعاً فهو ربا، والبنك لم يبع السلعة وهي عنده، ولم يخير البائع بين البيع نقداً أو تقسيطاً، وإنما كان وسيطاً بينك وبين المشتري للسلعة، فلما أراد المشتري أخذ السلعة بالتقسيط، قام البنك بدفع قيمة السلعة نقداً، ثم قسطها عليه، على الرغم من أن البنك لم يستلم السلعة، وهذا محل شبهة، وهو من الحيل الممنوعة وقد جاء في الحديث: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل" رواه ابن بطة في إبطال الحيل، وخرجه الألباني في الإرواء برقم (1535) . وعليه نقول: إن هذه المعاملة محل نظر، وإذا أراد هذا البائع أن تكون سليمة صحيحة، فعليه أن يعرض سلعته على المشتري نقداً وتقسيطاً، فيختار المشتري حسب ما يراه، فإذا أرادها نقداً دفع قيمتها النقدية وأخذها، وإذا أرادها تقسيطاً اتفق مع البائع على الثمن المؤجل والأقساط الشهرية، ويأخذ سلعته ويسدد الأقساط، وهذه الصورة لا بأس بها، وهي مباحة كما ذكرناه في بداية الكلام. وفقك الله لطيب مطعمك وجنبك الحرام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

التبرع بالدم والأعضاء

التبرع بالدم والأعضاء المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/05/1427هـ السؤال ما حكم التبرع بالدم والأعضاء للمسلمين ولغير المسلمين؟ وما حكم بيع كل من حليب الثدي والدم والأعضاء؟ وإذا كان ذلك غير جائز، فما هي عقوبة فاعله؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذا السؤال قد اشتمل على مسائل كبيرة شائكة، وهي من المسائل المعاصرة، أو ما يطلق عليه البعض (النازلة) ، وقد بحثته مجامع فقهية ومؤتمرات، وصدرت في بعض المسائل فيه قرارات، وقد تأملت مسائله فوجدتها مشتملة على صور كثيرة، وليست صورة واحدة، أو اثنتين، أو ثلاث، ووجدت العلماء والباحثين المعاصرين قد اختلفوا في أكثرها، ولذا فقد رأيت الإشارة إلى هذه الصور -حسب اجتهادي- وما فيها من اتفاق، أو شبيه اتفاق، دون التفصيل في حكم جميعها. فأصل السؤال فيه ثلاث مسائل رئيسة، إحداها تتعلق بالأعضاء الإنسانية، والثانية بالدم، والثالثة بالحليب. ثم في كل مسألة حكم التبرع وحكم البيع. ثم إذا نظرنا إلى نقل الأعضاء فنحن أمام الحكم في أصل نقلها، وهو ينقسم إلى نقل الأعضاء التي تتوقف عليها حياة المنقول منه كالقلب، وإلى نقل الأعضاء التي لا تتوقف عليها الحياة كنقل كلية من الكليتين السليمتين. ثم هذا النقل قد يكون في حال الضرورة، وقد يكون في حال الحاجة وليست الضرورة. ثم النقل قد يكون من ميت إلى حي، وقد يكون من حي إلى حي. ثم النقل أيضاً قد يكون في كل صورة من مسلم إلى مسلم، ومن كافر إلى مسلم، ومن مسلم إلى كافر. ثم النظر في ذلك كله من حيث أصل النقل كما تقدم، ثم من حيث حكم تبرع الشخص نفسه في حال حياته أو الوصية بذلك في حال موته، أو تبرع ورثته بذلك في حال الموت، ثم من حيث بيع الشخص نفسه شيئاً من أعضائه حال حياته، أو بيعاً معلقاً بموته، أو بيع ورثته ذلك. ثم هناك نظر أيضاً في حال المحكوم عليه بالقتل وما يمكن أن يشمله من صور متقدمة. هذا ما يتعلق بمسائل الأعضاء. وأما الدم فله صورة تشبه في بعضها ما تقدم، وإن كانت أقل من ذلك إذ تتعلق بحكم أصل النقل هل هو جائز، أو لا؟ (لشبهة نجاسة الدم) . ثم هذا النقل قد يكون في حال الضرورة أو الحاجة. ثم النقل قد يكون من مسلم إلى مسلم، ومن كافر إلى مسلم ومن مسلم، إلى كافر. ثم على القول بجواز النقل يأتي التفصيل في حكم التبرع على ما تقدم، ثم حكم البيع كذلك. أما مسألة حليب الأم ففيها شيء من الصور المتقدمة، فهناك التبرع، وهناك البيع، ثم كل منهما قد يكون لمعين وقد يكون عامًّا (بحيث لا يعلم المستفيد من الحليب) ، ثم كل منهما قد يكون من مسلمة لمسلم، أو من كافرة لمسلم، أو مسلمة لكافر. ثم على القول بالمنع وعدم الجواز في أي صورة من الصور المتقدمة، فما عقوبة من فعل ذلك؟ فإذاً نحن أمام صور كثيرة جدَّا من هذه المسائل وليست كلها ذات حكم واحد لا اختلاف فيه بين المعاصرين، بل قل منها ما فيها اتفاق.

ولذا فإني أنصح السائل أن يرجع إلى كتاب (المسائل الطبية المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية) للدكتور محمد النتشة، فإن فيه جمعاً جيداً لأقوال المعاصرين، ومن خلاله يمكن الوقوف على قرارات المجامع الفقهية في هذه المسائل والبحوث فيها. وأما رأي العبد الفقير فإنني أنبه أولاً إلى ما يلي: 1. لابد في هذه المسائل من استيعاب جميع الصور التي تندرج تحتها، وبيان حكم كل منها على حدة؛ لأن الخلط بينها يورث اللبس وتداخل الأدلة. 2. يجب تحرير الموقف الطبي تحريراً بالغاً، بمعنى أن يقال: هل الطب وصل إلى حد اليقين أو شبه اليقين من جدوى عمليات النقل في الصور المتقدمة؟ لا سيما نقل الأعضاء، والتأكد من عدم وجود مضاعفات فيها؛ لأني أخشى في مثل هذه المسائل أن يجتهد الفقهاء في بحثها ويصلوا أو يصل بعضهم إلى الجواز فيها، ثم لا نلبث أن نرى الطب قد تراجع عما توصل إليه وشكك في نجاح ما كان يرى نجاحه، فهذا موقف لا نحمد عليه. إذ إن بحث هذه المسائل فرع عن تحقق الجدوى الصحية منها، أو على أقل الأحوال غلبة الظن فيها، أو أن أكثر أهل الطب على ذلك. هذا فضلاً عن تحقق الإمكانية أصلاً كما في مسألة الاستنساخ التي كان ينبغي ألا تبحث من الناحية الفقهية حتى تثبت إمكانية وقوعها، إلا أن يكون بحثها من حيث جواز إجراء التجارب فيها من عدمه. أما هذه المسائل التي وردت في السؤال وأشرت إلى صورها، فالذي يظهر لي فيها ما يلي: 1. تبرع المسلم الحي بشيء من أعضائه، أميل فيه إلى المنع؛ لأن التصرف في جسم الإنسان ليس إليه، لا سيما وأن التبرع بالعضو سيؤثر على صحته، إن حالاً أو مآلاً، وذلك يمنعه من بعض العبادات أو كمالها. 2. تبرع المسلم بشيء من أعضائه بعد موته، أي: وصيته بذلك يجرى عليه ما تقدم من كون الإنسان لا يملك جسمه فلا يملك التصرف فيه، وحتى على القول بأن حرمة الجسد حال الموت أقل منها حال الحياة، فإن تصور هذا التبرع –في نظري– سيكون في نطاق ضيق جدًّا ذلك أن من أجازه قيده بحال الضرورة في المتبرَع له، وهذه الحال كيف يمكن للمسلم التحقق منها بعد موته؟! إلا أن يعلم بمضطر بجانبه وهو في حال الاحتضار فيتبرع في هذه الحال بكليته مثلاً لهذا الشخص. وأما مجرد الاعتماد على أن العضو لن يصرف إلا لمضطر، فهذا وإن كان في الواقع صحيحاً، فإن الشخص مطالب بالوقوف على الأمر بنفسه، لا سيما وأن مثل هذا التبرع قد يستغل في التسرع في نزع العضو منه قبل موته الحقيقي، وذلك في حال موت الدماغ، وقد منع كثير من المجيزين للتبرع أن يكون ذلك في هذه الحال، كما أن كثيراً من المعاصرين على عدم اعتبار موت الدماغ موتاً تعلق به الأحكام الشرعية. ومما يضيق تصور التبرع بالعضو بعد الموت، أنه لا يستفاد من نقل عضو من الميت لا سيما الضروريات كالكلية، إلا إن كان النقل في حال موت الدماغ، أما بعد ذلك فلا فائدة كما ذكر ذلك أهل الطب. 3. المعاوضة (بالبيع ونحوه) على شيء مما ورد في السؤال لا تجوز بحال، وهذا يشمل المعاوضة في الأعضاء، وفي الدم، في حال الحياة وحال الممات.

وهذا قول أكثر المعاصرين حتى من أجاز التبرع مطلقاً، وذلك لخطورة تحويل جسم الإنسان للمزايدة عليه، ولأن ذلك سيحمل البعض ممن بلغ به الفقر مبلغه أن يتصرف في جسمه بما يضره، ولربما تعدى ذلك إلى تصرفه بأولاده، فإذا كان الله -تعالى- قد قال: "وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِنْ إِمْلاقٍ" [الأنعام: 151] ، وفي الآية الأخرى "خَشْيَةَ إِمْلاقٍ" [الإسراء: 31] ، وذلك لوجود من فعل ذلك، فلا يبعد إذاً أن يوجد من يبيع بعض الأعضاء بسبب خوفه من الفقر، أو لجشعه وطمعه. وأما المعاوضة على حليب الأم فذلك مباح، ولكن بشرط كونه لشخص معين، حتى لا تضيع حرمة الرضاع، وإنما جاز ذلك لإباحة أخذ الأجرة على الرضاع. ولكن إنشاء ما يسمى ببنوك الحليب فالأقرب عندي فيه هو المنع، وعليه أكثر المعاصرين للعلة التي ذكرت وهي ضياع حرمة الرضاع. 4. في نقل الدم ينبغي الحذر الشديد من تلوثه، فلا يجوز لشخص أن يتبرع بدم وهو يعلم ما فيه من مرض، كما ينبغي لمن احتاج إلى دم أن يحذر كيلا يكون الدم ملوثاً، لا سيما مع وجود أمراض خطيرة كالإيدز، وتكمن الخطورة في عدم التأكد من سلامة الدم من مثل هذا الفيروس؛ لأن الاختبار والتحليل مهما بلغت دقته لا يصل إلى حد التأكيد كما ثبت ذلك طبياً، ولذا ينصح الأطباء بعدم التعرض لنقل الدم إلا في حال الضرورة، ويستحسن أن يعلم مصدر هذا الدم، وحين يكون من أقارب المريض المعروفين بسلامتهم من الأمراض فهو أولى. ولذا لو قيل بالمنع من أخذ الدم من الكفار إلا في حال الضرورة القصوى؛ لعدم تورعهم عن المحرمات، كالخمر والزنا -فلا تضمن سلامة الدم- فذلك قول قوي. وأما العكس وهو تبرع المسلم للكافر بالدم، فإن كان ممن تجوز الصدقة عليه فيجوز التبرع له بالدم بشرط عدم الضرر على المسلم. 5. في نقل الأعضاء من الكافر فينبغي أن يكون الأمر فيه أيسر بكثير، فإن كان معصوم الدم كالذمي والمعاهد فلا يجوز إلا برضاه، فإذا رضي جاز النقل، والجواز هنا هو في قضية إجراء النقل وليس من حق الكافر؛ لأنه لا يبحث هو عن الحكم الشرعي، بل حتى لو رضي بنقل قلبه فيجوز ذلك فيما يظهر؛ لأنه رضي بقتل نفسه فالإسلام لا يمنعه من ذلك، وكذلك في حال موته، وقد أوصى بالنقل، أو رضي ورثته فيجوز ذلك. وأما إن كان الكافر غير معصوم الدم كالحربي فالذي يظهر جواز نقل أي عضو منه رضي أو لَمْ يَرْضَ، ولكن ليس على سبيل المثلة بل لتحقق الضرورة في المنقول إليه، وهذا في حياته، وكذلك في حال مماته من باب أولى؛ لأنه غير معصوم فهو مستوجب للقتل. 6. في حال الكافر تجوز المعاوضة -فيما يظهر- سواء كان معصوم الدم أو غير معصوم، وفي حال الحياة وحال الممات. 7. ما يتعلق بالعقوبة المسؤول عنها في السؤال يقال بأن من حرم شيئاً من الصور فإن العقوبة عنده، هي: الإثم لارتكابه المحرم، وهذا فيما يكون بينه وبين الله، وإن كان الأمر فيه تعدٍّ على أحد، فقد اشتمل على الظلم أيضاً فيكون فيه حق لله وحق للآدمي، وأما العقوبة الدنيوية فهذه ترجع إلى وجود والٍ شرعي أو قاضٍ شرعي يقيم العقوبات الشرعية، وحينئذ فقد يستحق المخالف عقوبة تعزيرية بحسب فعله. هذا والله أعلم، وصلى وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

شروط أخذ الوالد من مال ولده

شروط أخذ الوالد من مال ولده المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/03/1427هـ السؤال أنا موظف وأتقاضى راتبًا محترمًا، ولكن الوالد يريد مني أن أسلمه إياه كل شهر، وإلا فلن يرضى عني، علماً أن والدي يتقاضى ضعف راتبي، وهو ليس بحاجة إليه. وقد عرضت علية أن أتزوج بالمال الذي جمعته، فرفض بحجة أنني صغير، علمًا أن الوالد مقصر في البيت، وأنا أقوم بتغطية النقص، وتلبية حاجيات الوالدة، فهل أعطيه الراتب كاملاً أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه أجمعين، وبعد: فلا شك أن للوالد منزلة عظيمة، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن له أن يتملك من مال ولده ما شاء، مستدلين بما رواه ابن ماجة (2291) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنت ومالك لأبيك". وهو حديث صحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم". رواه الترمذي (1358) وحسنه، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. لكن من قال بهذا القول اشترط شرطين: أحدهما: أن لا يجحف بالولد ولا يضر به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته. والشرط الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه لآخر، وهذا مذهب الحنابلة. بينما ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه ليس للأب أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته. انظر المغني لابن قدامة (5/668) في مسألة: (أخذ الأب من مال ولده) . بناءً على ما تقدم فإن أخذ الوالد لكامل الراتب لاشك أن فيه ضرراً، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه أحمد (2719) ، وابن ماجه (2341) لا سيما وأن الوالد -كما جاء في السؤال- ليس بحاجة؛ لأنه يتقاضى ضعف راتب الولد؛ لذا نقول للوالد: اتق الله ولا تضر بولدك في ماله ولا في نفسانيته؛ فقد تخسر المال، وتخسر الولد، وتكون أنت السبب، وعليك أن تأخذ من ولدك ما تطيب به نفسه، وإن استغنيت فهو أولى لا سيما مع عدم حاجتك، وعليك أيضاً أن تعينه على زواجه، وتخفف عنه آلامه لا أن تكون المسألة بالعكس. هذا وعليك أيها الولد أن تتلطف مع والدك وتقنعه، أو تبحث عمن يقنعه ممن يَقْبل منه لعل الله أن يهديه، فإن أصر على ذلك فالتمس رضاه ولو بإعطائه بعض راتبك بما لا يضرك. نسأل الله تبارك وتعالى أن يهديه وأن يرضيه عنك. وفق الله الجميع لكل خير.

ضوابط الحكم بالزندقة

ضوابط الحكم بالزندقة المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 15/01/1427هـ السؤال ما هي الشروط التي تؤخذ في الاعتبار لإدانة شخص بالزندقة؟ مثل من يقول: إن القرآن مخلوق؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وبعد: فإن لفظ الزندقة ليس من كلام العرب، وإنما هو لفظ أعجمي معرَّب، أُخذ من كلام الفرس بعد ظهور الإسلام، وعُرِّب. وقد أُطلق هذا المصطلح على معانٍ متعددة خلال تاريخ المسلمين: فهو يُطلق على من ينكر وجود الله كالدهرية وأصناف الملاحدة. ويطلق على من ينكر وحدانية الله -تعالى- كالثنوية والمجوس القائلين بإلهين اثنين هما النور والظلام، وكالنصارى القائلين بالتثليث، وغيرهم ممن يعتقد تعدد الآلهة، كما يطلق على من يقول بتأليه البشر، كما هو حاصل عند بعض الفرق والطوائف. ويُطلق أيضاً على من يدّعي النبوة، أو ينكر اليوم الآخر بالكلية أو ينكر بعض حقائقه. وقد أطلقه بعض السلف على الجهمية، كما فعل ذلك الإمام أحمد والدارمي وغيرهما. وقد يطلق على أصحاب المجون والفحش، والمستبيحين للمحارم. والمراد به في عرف الفقهاء هو المنافق، الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر. وعموماً فلفظ الزندقة يطلق على أصناف المارقين من الدين والمرتدين عنه بأي شكل من الأشكال، ومن ذلك جحد بعض الأحكام الشرعية أو كلها، كمن يرى عدم صلاح الشريعة الإسلامية لهذا العصر، أو يعتقد أن سبب تخلف المسلمين هو تمسكهم بدينهم، أو يرى أن الحدود الشرعية وحشية لا تناسب العصر الحاضر، أو أن الإسلام ظلم المرأة وحجر عليها عندما أمرها بالحجاب، أو أن الفائدة الربوية ضرورة اقتصادية في العصر الحاضر ... أو نحو ذلك من الدعاوى. إذا تبين هذا فينبغي التنبه إلى مسألة التفريق في الحكم بين الفكرة وقائلها، إذ الحكم على معين بأنه زنديق لمجرد تلبسه ببعض أفكار الزنادقة لا يجوز إلا بعد إقامة الحجة عليه، وذلك بتوفر الشروط وانتفاء الموانع، ككونه عالماً عامداً غير مكره ولا متأول ولا جاهل ... فإذا أقيمت الحجة عليه وأصرَّ بعد ذلك فهو زنديق. أما بالنسبة لما يستحقه من العقوبة على زندقته فهذا مرجعه إلى ولاة الأمور، فهم المسؤولون عنه، ولا يجوز الافتيات عليهم في ذلك، أما ما عدا ذلك من النصح والإنكار عليهم وهجرهم وتحذير الناس منهم ومن زندقتهم فهذا واجب على من قدر عليه، وتيقن ذلك منهم. وأما مسألة خلق القرآن فهي مسألة عظيمة الشأن؛ إذ لها تعلُّق بصفات الله تعالى، فمن قال بخلق القرآن فهو نافٍ لصفة الكلام، وقد كفّر السلفُ القائلين بهذه المقالة على وجه العموم والإطلاق. أما أعيان القائلين بهذه المقالة فلا يكفّرون حتى تقام عليهم الحجة التي من خالفها يكون كافراً، فهذا الإمام أحمد لم يكفِّر الخلفاء القائلين بها والذين امتحنوه فيها، وكذلك القضاة والفقهاء الذين تولوا كبرها، بل كان يناظرهم، فإذا حضرت الصلاة صلى خلفهم، ولو كان معتقداً كفرهم ما صلى خلفهم، إذ الصلاة خلف الكافر لا تجوز، والمانع له من تكفيرهم أنهم قد عرضت لهم شُبَهٌ منعت من تكفير أعيانهم، مع أن أصل مقالتهم كفرٌ وضلال. والله أعلم وأحكم.

تنازلوا عن حقهم ثم طالبوا به!

تنازلوا عن حقهم ثم طالبوا به! المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/04/1427هـ السؤال لقد أعطت جدتي لأمي جميع مالها وهي على قيد الحياة، وكانت أمي تنوي أن تعطي إخوتها أسهمهم من هذا المال بعد وفاة أمها، لكن أمي توفيت قبل جدتي، وورثتُ المال من أمي مع إخوتي، وفي ذلك الوقت عرضنا على إخوة أمي أن نعطيهم من المال، لكنهم رفضوه، والآن بعد ثمان سنوات من وفاة أمي يطلبون المال! ما حكم طلبهم هذا في شريعة الإسلام؟ وهل تتحمل أمي مسؤولية خطأ جدتي؟ وهل ينبغي أن نعطي إخوة أمي سهمهم من المال الآن؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- في قصته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" وفي بعض الروايات لما أراد والد النعمان أن يشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعطيته للنعمان دون سائر ولده قال: -صلى الله عليه وسلم- "لا تشهدني على جور" صحيح البخاري (2650،2587) ، وصحيح مسلم (1623) . فسماه جوراً وظلماً، وقد ألحق كثير من العلماء الأم بالأب في وجوب العدل ومنع التفضيل بينهم، لأن العلة واحدة. فالجدة قد ارتكبت خطأً حين خصت أمك بهذا المال دون غيرها من أولادها. وإذا كان الذي أعطته من المال هو جميع ما تملك فهذا أشد في الخطأ. وكان على أمك ألا تقبل اختصاصها بذلك، أو تعطي بقية إخوتها من المال. وقد أحسنتم حين عرضتم على إخوتها حقهم، ولكن إذا ثبت شرعًا أنهم قد تنازلوا كلهم عن هذا المال فقد سقط حقهم، وليس لهم الرجوع مرة أخرى فيما تنازلوا عنه. ولكن لابد من التأكد من حقيقة تنازلهم، وكذلك من تنازل منهم ممن لم يتنازل فيقبض حقه. وهذا كله فيما يلزم شرعاً وقضاءً، وأما من حيث الإحسان فلا شك أن تطييب خواطرهم بما يتيسر أولى؛ وهو من صلة الرحم التي لا يخفى فضلها وثوابها. وفق الله الجميع وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

تزوير الفواتير، وكيفية التكفير؟!

تزوير الفواتير، وكيفية التكفير؟! المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/05/1427هـ السؤال كنت مديرا لإحدى الشركات، وتقدَّمتُ بعرض بيع سلعة بقيمة 8 آلاف لشركة أخرى. طلب مني المسؤول فيها تغيير العرض لعشرين ألف ليأخذ هو 10 آلاف، وشركتي تستلم عشرة آلاف. سألت مالك الشركة التي أعمل بها فوافق. وبعد نهاية البيع أعطاني هذا الشخص (2000) دون أن أطلب منه ذلك! هل أبلغ المالك، وعند موافقته أحتفظ بهذا المبلغ أم ماذا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فاعلم أخي الكريم أنك أوقعت نفسك في عدة محاذير شرعية، حيث قمت بالتعاون مع مسؤول الشركة الأخرى في زيادة قيمة السلعة التي يشتريها لصالح شركته على الرغم من كون سعر السلعة أقل من ذلك بكثير، وهذا من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة:2] ، وهو من الغش الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه بقوله: "من غش فليس منا" رواه مسلم (102) ، والترمذي (1315) . وأيضاً هذا العمل من أكل أموال الناس بالباطل الذي نهى الله عنه بقوله: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ" [البقرة:188] . حيث أن السلعة قيمتها الأصلية (8آلاف ريال) ، والذي اشتراها لشركته أخذها بـ (20ألفاً) فهذا المبلغ الذي أخذه وهو (10آلاف) ، والمبلغ الآخر الـ (ألفان) اللتان دفعهما إلى شركتكم زيادة عن قيمة السلعة، كلاهما من أكل أموال الناس بالباطل. وأيضاً المال الذي أخذته وهو (ألفا ريال) من الرشوة المحرمة، التي توعد الله صاحبها باللعن وهو الطرد من رحمته، لما ورد في الحديث: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي رواه الترمذي (1337) ، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي. فعليك أخي الكريم بالتوبة، والاستغفار، والندم على ما وقع منك. ثانياً: عليك برد هذا المبلغ الذي أخذته وهو (ألفا ريال) إلى هذا الشخص الذي أعطاك إياه من أجل تيسير بيع السلعة بالمبلغ الذي طلبه حتى تبرأ ذمتك، وإن لم تستطع رده فعليك بالتصدق به للمحتاجين، أو إخراجه في الأمور الممتهنة كدورات مياه المساجد وغيرها، وليس لك فيه أجر الصدقة لأنه مال فيه شبهة. ثالثاً: عليك بإبلاغ المالك عن تفاصيل الموضوع كاملاً، وأوصيك بالحرص على الرزق الحلال، فإنه بركة عليك وعلى أهل بيتك. وفقك الله لطيب مطعمك، وجنبك الحرام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الضرر القاصر والضرر المتعدي

الضرر القاصر والضرر المتعدي المجيب وليد بن علي الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/05/1427هـ السؤال ما هو الضرر القاصر وما هو الضرر المتعدي؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين، وبعد: فإن المراد بالضرر القاصر: الذي يقتصر على الإنسان وحده فقط دون أن يتعداه إلى غيره، كالمريض بمرض غير معد، إذا رفض العلاج، فإن ضرر ذلك مقتصر عليه فقط، وكأن يصوم المريض الذي يفضي ذلك إلى تضرره هو فقط بالصوم. وأما الضرر المتعدي: فهو الضرر الذي يتعدى الشخص إلى شخص آخر يتضرر به، كالمريض بمرض وبائي، فإنه إذا رفض العلاج فضرره متعد لا يقتصر عليه فقط؛ لأنه سينقل المرض إلى غيره من الأصحاء، وكأن يترك صاحب الحائط المائل على الطريق العام والآيل للسقوط بناءه فضرره هذا متعد إلى جميع من يمر بهذا الطريق. والأفعال التي نُهي عنها في الشرع منها ما ضرره مقتصر على صاحبه فقط، كالنظر إلى المشاهد المحرمة، وكشرب الدخان، ومنها ما ضرره متعد إلى الغير، كتبرج المرأة وإبداء زينتها فإن هذا قد يفضي بمن يراها إلى الفتنة والوقوع في المحرم، وكالغيبة، والنميمة التي تفضي إلى زرع العداوة والكراهية بين المسلمين، وكتناول المخدرات. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

العمل إذا تعارض الحديث مع فعل الصحابة

العمل إذا تعارض الحديث مع فعل الصحابة المجيب د. تركي بن فهد الغميز عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 16/01/1427هـ السؤال في بعض الأحيان نجد آراء أو أفعالاً لبعض فقهاء الصحابة، وتكون مخالفة للحديث الصحيح، فكيف نوفِّق بين هذين المصدرين إذا تعارضا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن من المتقرر الذي لا شك فيه عند أحد من المسلمين أن الحجة التامة ثابتة بما في كتاب الله تعالى، وبما في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الثابتة عنه، وأن كل قول خالف الكتاب والسنة فهو مردود، مهما كان قائله، والنصوص الدالة على هذا كثيرة، قال الله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب:36] ، وقال تعالى: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول" [المائدة:92] ، وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول.." الآية [الأنفال:24] ، وغير ذلك من الآيات، وكلام السلف في هذا أيضاً كثير جدًّا، في عرض أقوالهم على الكتاب والسنة وطرح ما خالف الكتاب والسنة منها، وهذا من أقوال الصحابة ومن بعدهم. إذا علم هذا -وهو شيء معلوم- فإن أقوال الصحابة المخالفة للسنة النبوية لا حجة فيها، وإنما الحجة بما في السنة الصحيحة. ولكن هناك مواضع متعددة قد يظن فيها التعارض أو التناقض وليس كذلك، كما هناك مواضع يظن فيها ثبوت السنة وليست ثابتة، والمسائل في هذا لا تنحصر، وإنما يعلمها العلماء والفقهاء وأهل الحديث الذين يرجع إليهم في هذا الباب. والله الموفق للصواب.

هل حب الوالدين واجب أم يكفي البر؟

هل حب الوالدين واجب أم يكفي البر؟ المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/03/1427هـ السؤال أود الاستفسار عن حب الوالدين، هل حبهما واجب؟ مع العلم أني أطيعهما. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فحق الوالدين عظيم، ولذلك قرن الله حقهما بحقه -سبحانه- تشريفاً لهما، وإعلاء لقدرهما، فمن كفر بنعمة والديه فهو للكفر بنعمة الله أقرب، وطاعة الوالدين فرض قضى به رب العزة على الأولاد؛ لقوله تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء:23] . وعقوق الوالدين كبيرة من كبائر الذنوب، بل هي من أكبر الكبائر؛ لحديث أبي بكرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ". قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين ... ". الحديث رواه البخاري (2654) ، ومسلم (87) . ومحبة الوالدين تستلزم كمال برهما والقيام بكامل حقوقهما، وعكسه بغضهما، فإنه يستلزم عقوقهما والتقصير في حقوقهما وكما تدين تدان، والمؤمن مطالب شرعاً بأن يتقي الله في فعل المأمورات واجتناب المنهيات. والله المستعان.

خروج المعتدة للعلاج ولزيارة مريض

خروج المعتدة للعلاج ولزيارة مريض المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 02/06/1427هـ السؤال أثناء عدة أمي لوفاة والدي رحمه الله، ذهبنا بها لعيادة نسائية قرب بيت والدتها، وبعد الكشف أصرت على زيارتها ورؤية أخيها المريض، وبقيت هناك يوم أو يومين لا أذكر، ثم رجعنا إلى منزلنا، ثم بعد فترة مرضت أختي مرضاً شديد أخافنا جميعا، وذهبت بها أمي للعلاج، ومن ثم أقامت عند جدتي فترة طويلة حتى شفيت أختي ورجعنا إلى بيتنا. فما حكم الشرع في ذلك أفادكم الله؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمرأة إذا توفي عنها زوجها، فإن الواجب عليها أن تبقى في البيت الذي مات زوجها وهي فيه، وعليها أن تبتعد عن الزينة من لباس أو طيب، فلا يجوز لها أن تستعمل الطيب، ولا أن تتجمل بالثياب، ولا أن تتعرض للرجال الأجانب. ولا يجوز لها الخروج من منزلها إلا لأمر ضروري. وما ذكره السائل من حاجتها للذهاب للطبيبة، فهذا من الأشياء التي تعتبر ضرورة في هذا الوقت، وذهابها إلى الطبيبة أرجو -إن شاء الله- ألا شيء عليها فيه. وكونها مرت بأخيها، وبقيت عنده، وهي في طريقها ونحو ذلك أرجو -إن شاء الله- أن يدخل ذلك تبعاً وإن كان لا يصح أن يكون استقلالاً. وكذلك ما حصل لها مرة أخرى عندما خرجت لزيارة الطبيب، وعرجت بعد ذلك إلى زيارة أختها المريضة مرضاً شديداً. فأرجو إن شاء الله ألا شيء عليها، وبالله التوفيق.

مضاعفة القسط عند تأخير السداد

مضاعفة القِسط عند تأخير السداد المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/02/1427هـ السؤال لي صديق تاجر، يبيع بالتقسيط بفائدة ثابتة (2%) شهريًّا، فهل هذا الأمر حلال أم حرام؟ علماً أنه في حالة عدم السداد في المواعيد المحددة -ولو لمدة قسط واحد- يقوم برفع الفائدة من (2%) إلى (5%) ؟ فهل هذا الأمر يعتبر ربا أم لا؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيجوز للمالك أن يبيع ما يملكه من السلع حالة أو بالأجل بالتقسيط بسعر معلوم، وليس هذا من الربا في شيء؛ وأما مضاعفة الفائدة جرَّاء التأخير في السداد فهذا هو ربا الجاهلية، (إما أن تؤدي وإما أن تربي) أي إما أن تؤدي الدين الذي عليك وهو القسط من الثمن، وإما أن تؤخر فتربي أي فتزيد في قدره، فهذا توليد للأرباح من النقد نفسه، وليس من البيع والمتاجرة والعمل. وحتى يضمن التاجر حقه ويأمن مماطلة العميل فله أن يطلب رهناً من العميل يستوفي من بيعه ما له مِنْ دين على العميل عند عدم السداد، أو يطلب كفيلاً غارماً يستوفي منه الدين إذا عجز العميل أو ماطل. والله أعلم.

لماذا لم تتحد الدول الإسلامية؟

لماذا لم تتحد الدول الإسلامية؟ المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/01/1427هـ السؤال في هذه الأيام تعاني الأمة الإسلامية انعدام الأمن، حيث نستدعي الدول الكافرة لحل مشاكلنا، ورفع الظلم عنا. فإذا كانت الدول الأوروبية لها جيوشها الخاصة، ومع ذلك دخلت في حلف الأطلسي العسكري، فلماذا لا تلجأ الأمة الإسلامية لإنشاء جيش واحد قوي لتحمي شعوبها من أي عدوان خارجي، وفي الوقت نفسه توقف الخطر الذي يأتيها من قِبَل الآخرين، وعندها لا يكون هناك حاجة لاستدعاء أمريكا أو أي قوة عظمى. فهل هذه الفكرة صائبة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسو الله، وبعد: فالموضوع الذي تكلمتَ عنه موضوع حيوي، ونرى أنك سألت هذا السؤال وطرحت هذه الأفكار انطلاقاً من إيمان عميق بأهمية التضامن بين مكونات الأمة الإسلامية، ولكن نود أن نقول لك: إن التضامن بين مكونات الأمة الإسلامية والدول الإسلامية مصاب بخلل، وهو خلل يشاهد بالعين المجردة، وأسبابه عديدة ومتنوعة، منها: أولاً: ابتعاد المسلمين عن تعاليم دينهم، وبخاصة التعاليم المتعلقة بالنظام الاجتماعي الذي يدعو له الدين الإسلامي، كما في الآية: (ولا تنازعو فتفشلوا وتذهب ريحكم) [الأنفال: 46] ، وفي الحديث إخبار عن المسلمين أنهم " كالبنيان يشد بعضه بعضاً". صحيح البخاري (481) ، وصحيح مسلم (2585) . هذا التضامن أصله يقوم بشكل رئاسة واحدة وسيادة واحدة للأمة الإسلامية، وهو ما كان معروفاً بالخلافة قبل أن تنقسم الأمة بسبب إرثها أو نسبها أو موقعها الجغرافي، فالأصل أن الأمة تكون تحت لواء واحد ورئاسة واحدة، هذا هو الأصل الذي يدعو إليه الدين الإسلامي، لكن الواقع أن الأمة قد انفرط عقد وحدتها منذ أمد بعيد، فتكاثر عليها الأعداء وزالت هيبتها. ثانياً: التأخر في الصناعات، وفي مختلف وجوه التقدم المادي. السبب الثالث: الحملة الشرسة المتواصلة لأعداء الأمة، وبخاصة الحلفاء الغربيين، تلك الحملة التي جاءت تحت أسماء مختلفة، فتارة تحت اسم استرداد القدس من العالم الإسلامي بما يعرف بالحروب الصليبية، وتارة تحت اسم الحروب الاستعمارية، وتارة تحت شعار تمرين الأمة وفرض الديمقراطية عليها. ويجب أن نعي ذلك، ومع ذلك يجب أن نقول لك -أخي السائل-: إنه في لحظة من لحظات يقظة الضمير، وإثر نشوب حريق الأقصى في عام 1969م تشكلت منظمة المؤتمر الإسلامي، وهي مظهر من مظاهر هذا التضامن الذي تدعو إليه أنت، وندعو نحن إليه جميعاً، لكن القوى العالمية كانت لها بالمرصاد، فأضعفت من فعاليتها ومن اندفاعها نحو تكوين وحدة إسلامية قوية، فضعفت هذه المنظمة وتغلبت المصالح الإقليمية عليها، لكن تبقى هذه المنظمة أمل نوع من الوحدة ونوع من التكتل الذي تدعو إليه. واقتراحك وجيه، وهو أن تكون الأمة لها قوة تحميها، وليست بحاجة إلى الجيوش الأجنبية، ولا إلى تدخل بشكل أو بآخر.

لكن آسف أن أقول لك: إن هذا التكتل القوي بعيد المنال في هذه الظروف التي نعيشها، ولكن لا نيأس من روح الله (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) [يوسف: 87] ، (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) [الحجر: 56] . كما قال سبحانه وتعالى. فالأمل قائم على أبناء الأمة أن يعمل كل منهم على مستواه الذي يعيشه، ويحاول أن يحقق هذا التضامن ولو بكلمة طيبة، ولو بمشروع اقتصادي ينفع الأمة، ولو بفكرة يمكن أن تساعد وتخلص الأمة من الاحتلال، وهذا ما أريد أن أقوله.

استلف نقدا ليرد مكانه زيتا!

استلف نقداً ليرد مكانه زيتاً! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/05/1427هـ السؤال هل يجوز للمسلم الاستدانة من آخر مالاً -200ريال مثلاً- على أن يكون السداد 100 ليتر زيت مثلاً في موسمه؟ مع العلم بأن سعره متفاوت بشدة. وقد يصل الضعف، وبالتالي يصبح السداد بقيمه 400ريال وهو على سبيل المثال. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن صور البيع "السَّلَم" وهو عقد على موصوف في الذمة، مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد. وهو نوع من أنواع البيوع. ويشترط لصحته ما يشترط لصحة البيع، إلا أنه يجوز في المعدوم، ودليل ذلك قوله تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ" [البقرة:282] . قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله عز وجل قد أحله وأذن فيه". وتلا هذه الآية: رواه ابن جرير (3/116) والحاكم (2/314) وصححه. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث فقال: "من أسلف في شيء، ففي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم" رواه البخاري (2125) ومسلم (1604) . وذكر الفقهاء شروطاً سبعة لصحة السَّلَم: الأول: أن يكون مما يمكن ضبط صفاته كيلاً أو وزناً أو ذرعاً. الثاني: ذكر الجنس والنوع، وكل وصف يختلف به الثمن ظاهراً وحداثته وقدمه. الثالث: ذكر قدره بكيل أو وزن أو ذرع. الرابع: أن يُذكر أجلٌ معلومٌ له وقع في الثمن. الخامس: أن يوجد المسلم فيه غالباً في محل ومكان الوفاء. السادس: أن يقبض الثمن تامًّا قبل التفرق. السابع: أن يسلم في الذمة؛ فلا يصح في عين محددة؛ لأنها ربما تلفت قبل أوان تسليمها. فمتى ما توافرت تلك الشروط، صح السلم. لذا ففي سؤال الأخ الكريم ليصح السلم لابد أن يقبض المائتي ريال قبل التفرق. فإن تفرقا قبل القبض، لم يصح السلم. ولابد أن يكون الزيت المذكور محدداً نوعه وجنسه وقدره؛ كزيت زيتون، أو زيت ذرة وهكذا. وأن يحدد وقت تسليم الزيت وأن يكون مما يوجد فيه غالباً. أما ما ذكره الأخ من تفاوت السعر فهذا لا يضر. وأشير إلى أنه إن تعذر تسليم المسلم فيه كالزيت هنا لعدم وجوده خيّر صاحب المال بين الصبر، وبين فسخ العقد في الكل، أو البعض المتعذر. ويرجع برأس ماله فقط. ولا يرجع بقيمة الزيت وقت حلول السلم للتفاوت في قيمته زيادة وهو الغالب؛ حتى لا يقع في الربا المحرم. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

هل ورد خبر المعراج في القرآن؟!

هل ورد خبر المعراج في القرآن؟! المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/02/1427هـ السؤال ورد ذكر الإسراء في القرآن الكريم, أما المعراج فهل ورد ذكره؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلم يذكر لفظ المعراج برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القرآن الكريم، وإنما ذكر معناه في سورة النجم، حيث قال تعالى: "ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى" [النجم:13-18] . وضمير هاء الغائب في قوله: "ولقد رآه نزلة أخرى" عائد إلى جبريل -عليه السلام- على الصحيح، ورؤية محمد -صلى الله عليه وسلم- لجبريل المقصودة هنا ما كان على خلقته التي خلقه الله عليها وله ستمائة جناح، فالمرة الأولى هي التي كانت أول البعثة في قوله تعالى: "ولقد رآه بالأفق المبين" [التكوير:23] ، والمرة الثانية في المعراج وقد أشارت لها سورة النجم والله أعلم. قال البقاعي رحمه الله: "ولعله حذف ذكر المعراج من القرآن هنا لقصور فهومهم عن إدراك أدلته لو أنكروه، بخلاف الإسراء فإنه أقام دليله عليهم بما شاهدوه من الأمارات التي وصفها لهم وهم قاطعون بأنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يرها قبل ذلك، فلما بان صدقه بما ذكر من الأمارات أخبر بعد ذلك من أراد الله بالمعراج" نظم الدرر- (5/17) وقال ابن عاشور: "فللنبي صلى الله عليه وسلم كرامتان: أولاهما: الإسراء، وهو المذكور في أول سورة الإسراء. والأخرى: المعراج، وهو المذكور في حديث «الصحيحين» مطولاً وأحاديث غيرِه. وقد قيل: إنه هو المشار إليه في سورة النجم." التحرير والتنوير- (8/178) . ويعني ابن عاشور بالمشار إليه في سورة النجم: الآيات المذكورة في رؤية جبريل عند سدرة المنتهى، وقد سبق نصها، وهو الذي يظهر لي. والله أعلم.

زنى بها ويريد أن يتزوجها سترا لها

زنى بها ويريد أن يتزوجها ستراً لها المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/03/1427هـ السؤال لي أخ أصغر غير متزوج زنى بفتاة غير متزوجة، وأراد أن يتزوجها لمدة شهر ثم يطلقها، ويعطيها حقنة تمنع الحمل لمدة سنة حتى لا يفتضح أمره، ويترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه، وعرفت أن حكم الزواج بالمزني بها مختلف فيه، كما أن حكم الزواج بنية الطلاق مختلف فيه، فهل نرجح حسب المصلحة والمفسدة في هذا الأمر، لأن الأهل جميعا متفقون على أن من المصلحة -حتى يستر عليها، وحتى لا تقع مشكلة فيما بعد- أن يتزوجها مدة معينة خارج بيت الأسرة، ثم يطلقها. فبماذا ترشدوني؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمسألة فيها خلاف، لكن الأصل هو أنه يجوز تزوج المرأة الزانية على خلاف العلماء في اعتبار التوبة. الخلاف الآخر هو في مسألة الاستبراء: هل يجوز أن يتزوجها قبل استبراء رحمها بحيضة أو بعده، في هذا خلاف، فذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أنه يجوز أن يتزوجها قبل الاستبراء، وذهب الإمام أحمد ومالك إلى أنه لابد من الاستبراء، على خلاف هل الاستبراء يكون بحيضة أو بثلاث حيضات؛ لحديث: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره". أخرجه أبو داود (2158) ، والترمذي (1131) . لكن في هذه الحالة فإن الزرع زرعه هو، فما دام أنّ الماء ماؤه فإنه يجوز أن يتزوج بها، ولو أخرها حتى تحيض حيضة لكان ذلك مناسباً؛ لأن عمر -رضي الله عنه- أراد أن يزوج امرأة من رجل زنا بها بعد أن أوقع عليهما الحد، وهذا الأثر صحيح. انظر مصنف ابن أبي شيبة (3/52) ، وسنن البيهقي (7/155) ، والمحلى (10/28) ، وموسوعة فقه عمر بن الخطاب (ص649-650) . فلهذا أرى أنه لا مانع من أن يتزوج هذه المرأة ستراً، لها وأن يطلب منها أن تتوب إلى الله -تبارك وتعالى- وأما نية الطلاق فإذا لم يتلفظ بها في العقد ولم يتواطأ عليها فإنها عليه لا تضر على قول جمهور العلماء، فيمكن أن يتزوجها بنية الطلاق على ألاّ يكون ذلك في صلب العقد بأن يقول: تزوجتك لفترة كذا، فهذا من زواج المتعة المحرم. لكن عليه قبل أن يتزوجها أن يطلب منها أن تتوب فإذا ظهرت له توبتها فله أن يتزوجها كما يحب ألا يتلفظ بتوقيت النكاح عند العقد، وبعد ذلك ليطلقها متى شاء أن يطلقها، فلا عبرة بما يمكن أن يفعله فيما بعد، فهذا أمر مرده إلى المستقبل. ونصح هذه المرأة متعين على أهلها، وعليه هو أن ينصحها بأن تتقي الله سبحانه، ولو أبقى النكاح مع هذا كان أولى أن يتزوجها زواجاً مستمراً؛ لعل الله -سبحانه وتعالى- أن يصلح أمرهما ويوفقهما لاتباع الخير، وأن يرأب ما أفسدا في الماضي بتوبة نصوح إلى الله تبارك وتعالى، و"التائب من الذنب كمن لا ذنب له" كما جاء في الحديث. أخرجه ابن ماجه (4250) بسند حسن.

تختم الرجال بغير الذهب والفضة!

تختّم الرجال بغير الذهب والفضة! المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/01/1427هـ السؤال ما حكم لبس الخاتم من غير الذهب والفضة، كأن يكون من الحديد أو النحاس؟ وإذا كان حراماً على الرجال فهل هو حرام على النساء أيضاً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالتختم بالحديد والنحاس، قد وردت فيه بعض الأحاديث التي تنهى عنه، وقد قوّاها بعض العلماء، لذا حرّم بعض العلماء لبسها، وبعضهم كره ذلك ولم يحرّمه. والراجح عندي أن هذه الأحاديث ضعيفة لا يثبت منها شيء -كما قال ابن عبد البر، وغيره من العلماء المحققين- والأصل في الأشياء الإباحة حتى يأتي ما يخالف هذا الأصل. وقد ثبت ما يدل على الجواز في الصحيحين -من حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما- في قصة المرأة التي وهبت نفسها، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل: "التمس ولو خاتماً من حديد" صحيح البخاري (5121) ، وصحيح مسلم (1425) . والقول بالجواز هو اختيار شيخنا محمد بن عثمين -رحمه الله- والله أعلم. وأما سؤالك: هل هو حرام على الرجال والنساء؟ فالجواب: إنه لا فرق في هذه المسألة بين الرجال والنساء، وقد ذكرت لك أن الأقرب عندي هو الجواز لا التحريم، ولو استغنى عنه الرجل بالفضة، والمرأة بالذهب أو الفضة؛ لكان خروجاً من الخلاف. والله أعلم.

سماع الأغاني غير الخليعة!

سماع الأغاني غير الخليعة! المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 07/05/1427هـ السؤال هل يجوز السماع للأغاني إذا خلت من صور النساء ومن الكلام الماجن، وكان السامع لا يخشى عليه فتنة الزنا، لكن مع وجود الكلمات العاطفية (اللا ماجنة) . وما هو الرد العلمي على تحريم الآلات الموسيقية؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فأوصيك أولاً بتعلم أمور دينك، لتكون على بينة وبصيرة، فلا يسع المسلم هذه الأيام أن يجهل الحلال والحرام، وما افترض الله عليه معرفته، من مسائل التوحيد، وقد قال تبارك وتعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [محمد:19] . لا سيما وقد سهل التعلم في هذه الأيام، لتوفر آلات التعلم الحديثة، التي لم تكن معهودة من قبل. وثانياً: لا تشغل نفسك بالمناظرات، والمجادلات في مثل هذه الشبه التي يلقيها عليك الكفار وغيرهم. وإن التبس عليك أمر فعليك بوصية الله تبارك وتعالى في قوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النحل:43] ، وقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [الأنبياء:7] . أما بالنسبة لسؤلك: فالنصوص جاءت صريحة بحرمة الغناء المشتمل على آلات اللهو والطرب، ومن الأدلة على تحريم الغناء قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين) [لقمان: 6] ، قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: قال ابن مسعود في قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) قال: هو والله الغناء. ومن أدلة السنة ما ورد من حديث عامر أو أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخمر، والحر، والحرير، والمعازف" أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، تعليقاً بصيغة الجزم، ووصله الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه "تغليق التعليق" فهو صحيح. ولفظ (المعازف) عام يشمل جميع آلات اللهو، فتحرم؛ إلا ما ورد الدليل باستثنائه كالدف، فيجوز للنساء الضرب به في الأعياد، والأعراس،. وهذا مستثنى من عموم آلات اللهو لدلالة السنة عليه. وقال الإمام القرطبي: (أما المزامير والأوتار والكوبة (الطبل) فلا يختلف في تحريم استماعها، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك. وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور، والفسق، ومهيج الشهوات والفساد والمجون! وما كان كذلك لم يشك في تحريمه، ولا تفسيق فاعله وتأثيمه) . انتهى. وأما ما خلا عن الأصوات الموسيقية، والكلام المؤجج للغرائز، والأصوات الفاتنة فهذا مثل الشعر، فله حكمه، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح.

وفي الختام أوصيك بالبعد عن الجدال قدر الإمكان إلا في حدود ضيقة بقدر الحاجة، ولا تجعل قلبك وعاءً للشبهات. قال ابن القيم -رحمه الله - في كتابه مفتاح دار السعادة: (1 /140) : (فمتى باشر القلب حقيقة العلم لم تؤثر تلك الشبهة فيه بل يقوى علمه ويقينه بردها ومعرفة بطلانها، ومتى لم يباشر حقيقة العلم بالحق قلبه قدحت فيه الشك بأول وهلة فإن تداركها، وإلا تتابعت على قلبه أمثالها حتى يصير شاكا مرتابا، والقلب يتوارده جيشان من الباطل: جيش شهوات الغي، وجيش شبهات الباطل. فأيما قلب صغا إليها وركن إليها تشربها وامتلأ بها فينضح لسانه وجوارحه بموجبها، فإن أشرب شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشكوك والشبهات والإيرادات، فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه، وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه. وقال لي شيخ الإسلام -رضي الله عنه- وقد جعلت أورد عليه إيرادات: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها، فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات) . هذا ونسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق والثبات.

مشاهدة البرامج المشتملة على بعض المخالفات

مشاهدة البرامج المشتملة على بعض المخالفات المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 12/04/1427هـ السؤال أشعر بالحيرة بخصوص نوع الموسيقى التي يمكن أن نستمع إليها، ونوع البرامج التلفزيونية التي يمكن أن نشاهدها؛ أفيدونا جزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد اشتمل سؤالك على مسئلتين: المسألة الأولى: ما يتعلق بالموسيقى. فاعلم أن الموسيقى يحرم الاستماع إليها لأنها هي المعازف التي نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها، كما في صحيح البخاري، كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، (5590) عن أبي عامر أو -أبي مالك- الأشعري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر، والحرير، والخمر والمعازف". فقوله: "يستحلّون" دليل على أنها محرمة، و"الحِر" هو الفرج. بل استدل أهل العلم بآيات من القرآن على تحريم الموسيقى والغناء. منها قوله -تعالى-: "وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ" [الإسراء:64] . قال مجاهد: صوته هو المزامير. ومنها قوله -سبحانه-: "أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وتضحكون ولا تبكون وَأَنتُمْ سَامِدُونَ" [النجم:59-61] . فجعل من صفات الكفار المذمومة السمود، والسمود في اللغة هو: اللهو والغناء. وقد جاءت أحاديث أخرى في الزجر عن استماع المزامير، والمعازف (وهي الموسيقى) وكذلك الغناء، وهي أحاديث يحتج ببعضها، وبعضها مما يمكن الاعتضاد به. فمنها حديث أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة، صوت عند نعمة، ورنة عند مصيبة" أخرجه البزار (805) ، وقال المنذري (4/177) : رواته ثقات. وعند الترمذي (1005) وحسنه، من حديث جابر -رضي الله عنه- نحوه، وفيه: "صوت عند نعمة لهو وطرب ومزامير الشيطان". وجاء عن الصحابة والتابعين وطوائف من أهل العلم بعدهم ما يدل على اتفاقهم على ذم المعازف وأهلها، وأنها تصدّ عن ذكر الله. واستفت قلبك يا أخي فيما يتعلق بهذا الأمر لتجد أن القلب يتغير باستماعه للموسيقى والغناء، وإياك أن تستخف باليسير فتتمادى إلى ما فوقه. المسألة الثانية: ما يتعلق بالبرامج التلفزيونية: أودّ أن تعلم ويعلم غيرك قواعد لا بد من التنبيه عليها: القاعدة الأولى: أن الحكم على الشيء يكون بما غلب عليه إذا كان أصله مباحاً. فقد يكون الجلوس في مكانٍ ما مباحاً في الأصل؛ غير أنه قد يحرم إذا غلب على هذا المكان حصول الفتنة فيه، أو حدوث المنكرات منه. يدل على ذلك أدلة منها قوله -تعالى-: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ" [النساء:140] ، فإذا كان القعود في أصله مباحاً فقد حرم حين يغلب على الحديث ما هو منكر. القاعدة الثانية: أن المسلم مأمور باجتناب ما يخشى على دينه منه. ويدل على هذا أدلة كثيرة جداً، منها ما هو مستند على قاعدة سد الذرائع وغيرها.

وقد جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات، أو لما يبعث به من الشبهات " أخرجه أبو داود (4319) بسند صحيح عن عمران -رضي الله عنه -. فعلى المسلم أن يجتنب مواضع الفتنة ووسائلها ما استطاع. القاعدة الثالثة: أن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ومثلها قاعدة مالا يتم اجتناب المنهي عنه إلا به فهو واجب، وهذه قاعدة قد نص عليها الفقهاء والأصوليون، ومن أخذ بها سلم من كثير مما قد يقع فيه الناس من المعاصي والأخطاء، دون أن يدركوا سبب وصولهم إليها. فمثلاً من كان سهره في الليل يثقله عن صلاة الفجر، فإنه يحرم عليه السهر الذي سيوصله إلى هذا الحد؛ لأن مالا يتم الواجب -وهو أداء الصلاة- إلا به -وهو ترك السهر- فهو واجب. القاعدة الرابعة: وهي تابعة للسابقة، أن كل ما يلهي، أو يصدّ أو يضعف عن عمل واجب سواء كان لله، كالصلاة، أو لأحدٍ من عباده، كحق الوالدين، والزوجة، والأولاد، فإنه محرم في حاله تلك. قال سبحانه: "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ" [المائدة:91] . وقال جل ذكره: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" [المنافقون:9] ، ولغير ذلك من الأدلة. إذا تقررت القواعد السابقة فإن الحكم يتضح إن شاء الله فيما يتعلق بالتلفزيون وغيره من وسائل الإعلام، بل وبكل وسيلة هي في الأصل مباحة. فما عليك إلا أن تطبق القواعد السابقة على تلك الوسيلة ليتبين لك الحكم. فمثلاً ما يسمى التلفاز أو الرائي، هو في الأصل آلة ووسيلة تعرض ما تُمدّ به من مادة، فيكون حكمه بحسب هذه المادة، فإن كانت مباحة فاستعماله مباح، وإن كانت محرمة فاستعماله محرم. فإن كانت المادة مختلطة؛ فيها محرم وفيها مباح فالحكم العام في استعماله يستند إلى القاعدة الأولى، وهي أن الحكم للأغلب، فإذا غلب على برامجه الإباحة كان استعماله مباحاً وإذا غلب على برامجه التحريم كان محرماً. وهذا الحكم حكم إجمالي لا يعني أننا إذا قلنا بالإباحة أن يباح النظر إلى المحرم منه وهي النسبة القليلة كصور النساء والأغاني ونحوها. بل المقصود أن يكون الاستعمال مباحاً مع اجتناب المحرم. وأما لو غلب المحرم فالاستعمال محرم، ولا ينظر إلى وجود المباح القليل فيه. وبهذا الميزان العام يمكن أن يجاب عن السؤال فيما يتعلق بالتلفزيون، لأن التلفزيون الآن ليست المادة فيه واحدة حتى يعطى حكماً واحداً، بل هو متعدد المواد، يزداد كل يوم تعدادها. فمنه الفيديو الذي يتوقف الحكم فيه على حكم الأشرطة التي تعرض فيه. ومنه التلفزيون المحلي، ومنه الفضائيات، وكلها تندرج تحت القواعد السابقة عند الحكم عليها. بل تلك القواعد يستفاد منها في الحكم على غيرها من الوسائل كما تقدم، ومن ذلك الإنترنت. وخلاصة القول:

1 – أن التلفزيون ومن باب أولى الفضائيات لا يجوز اقتناؤها إذا كانت مفاسدها أكثر من مصالحها، وما يعرض مما لا يحل أكثر من المباح، وهذا للأسف غالب حال كثير من الفضائيات بل والقنوات المحلية في بعض البلدان. 2 – أن من خشي على نفسه الفتنة إما بصور أو بمسلسلات هابطة أو أغانٍ أو شبهات قد تُعرض بأي شكل؛ كحوار أو مناظرة أو غيرهما، سواء كانت شبهاتٍ للكفار أو للعلمانيين أو للمبتدعة أو غيرهم. من خشي على نفسه ذلك حرمت عليه المشاهدة والمتابعة، ووجب عليه قطع ذلك، وإزالته بالكلية. وهذا ينطبق حتى على ما كان غالبه الإباحة، لأن هذه الخشية توجب سد الباب بسبب آخر. وبهذا يحفظ المسلم دينه، وإلا فقد يهلك بسبب تساهله، ثم تماديه مع علمه بأثر ذلك على نفسه. وبهذا يعلم أيضاً أن ما قد يظنه البعض من تمكنه من التحكم بما يشاهد في الفضائيات هو من خداع النفس أحياناً، فإن من النادر أن يملك نفسه عن تقليب القنوات، حيث قد يقع فيما لا يستطيع صرف بصره عنه ثم التعلق به، ومعاودة الرجوع إليه. ومن الصعب أيضاً حتى لو كان لديه قناة واحدة تعرض ما لا يجوز أحياناً أن يصرف بصره كل مرة، ويحفظ قلبه من خطوات الشيطان التي يقول الله تعالى فيها: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ... " [النور:21] . وكم من شخص ظن أنه يملك نفسه فضعف وانساق وتمادى، فإما غرق ولم يخرج، وإما عاش في مجاهدة شاقة كي يرفع نفسه من الوحل، وإما لم يخرج إلا بشق الأنفس. وهذا كما يقال في التلفزيون والفضائيات يقال في الإنترنت. فأنت يا أخي الكريم مقياسك بيدك، وميزانك في قلبك وعقلك، ولكن إياك إياك أن تخادع نفسك، وخذ بقاعدة "الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس"، كما في صحيح مسلم (2553) . فمهما كان الأمر في أصله مباحاً ومهما كان غيرك لا يبالي به، أو حتى أن يكون سالماً من آفاته، فأنت وحدك أعلم بنفسك بعد الله تعالى، فبمجرد شعورك بضعفك، أو أنك لا تستطيع أن تملك نفسك تجاه أمر معين، أو غير ذلك من علامات الخطر، فعليك بالانصراف والإعراض والسلامة من كل ذلك، فإن السلامة لا يعدلها شيء، وغاية الأمر فيما تركته أنك تترك مباحاً، فماذا عسى أن ينقص منك؟! وإذا كان العلماء قد اتفقوا على أن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، فكيف ما كانت مصلحته من قبيل المباح؟ 3 – أن البرامج التي تجوز لك مشاهدتها تتوقف على التلفزيون أو الفضائيات التي تبثه، فإن كان مما غالبه أنه يعرض المحرم، فلا يجوز فتحه أو الاشتراك فيه أصلاً، اللهم إلا في حالة خاصة عند الحاجة إليه بشرط أن يمكن التحكم فيه تحكماً صحيحاً، ليس بمجرد دعوى، وهذا في نظري حالة خاصة جداً، وإنما ذكرتها ليكون الحكم شموليًّا، وإلا فكثير من الناس، وإن ادعى إمكانية التحكم فيه، فهو في حقيقة الأمر يعجز عن ذلك، وقد أشرت إلى هذا قريباً. وأما إن كان ذلك التلفزيون أو القناة مما يغلب على برامجه التوافق مع الشرع وعدم مخالفتها إياه فهنا نقول: إن البرامج التي تجوز مشاهدتها هي التي لا تشتمل على محرم، والمحرم لا يخفى إن شاء الله على كثير من المسلمين، وسأضرب لذلك بعض الأمثلة فمنها:

* مسلسلات الحب والغرام وأمثال ذلك: مما يغري بالرذيلة أو يخفف شأنها في القلب. * البرامج المشتملة على صور النساء بالنسبة لمشاهدة الرجل لها. لأن الرجل مأمور بغض البصر عنهن، قال تعالى:"قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِم وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ" [النور:30] . وكذلك صور الرجال الفاتنة للمرأة لا يجوز لها النظر إليها، قال سبحانه:"وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ" [النور:31] . وهذا يشمل المسلسلات والدعايات ونحوها. * بل حتى الأخبار، ينبغي أن يصرف بصره عن النساء فيها، أو يجعل عليها حاجزاً كما قد يوجد في بعض الأجهزة، ولا تنس حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" متفق عليه، البخاري (5096) ومسلم (2740) . * الأغاني والموسيقى بجميع أصنافها وأشكالها. * ما قد يثير الفتنة على أي صورة أو شكل كان؛ سواء فتنة الشهوة أو فتنة الشبهة. * ومن ذلك ما أشرنا إليه من بعض الحوارات التي قد تجد من نفسك عدم الحصانة لما ينشر فيها من شبهات، فهنا لا تجوز متابعتها. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/199) : (فصل في النظر إلى ما يخشى منه الوقوع في الضلال والشبهة: ويحرم النظر فيما يخشى منه الضلال والوقوع في الشك والشبهة, ونص الإمام أحمد رحمه الله على المنع من النظر في كتب أهل الكلام والبدع المضلة وقراءتها وروايتها) . ا. هـ. * المسابقات المشتملة على القمار، وهنا تمنع المشاركة، أما المشاهدة إذا لم يكن فيها محذور مما سبق فهي من قبيل المباح. والضابط لذلك كله أن تزن كل برنامج بميزان الشرع لديك بتجرد دون هوى وسيتضح لك: "والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس". تنبيهات: التنبيه الأول: إن هذا الحكم في حق الشخص في نفسه فقط، وأما عند النظر فيمن تحت يده ممن قد يستخدم هذا الجهاز سواء تلفزيوناً أو فيديو أو فضائيات أو إنترنت أو غيرها فالأمر يختلف، بحيث إننا لو فرضنا الإباحة للشخص في حق نفسه لتوفر الشروط في حقه بما تقدم تفصيله، فهذا لا يعني أنه غير مسؤول عن أهل بيته ممن يتمكن من استخدام الجهاز المقصود، فإذا كان لا يستطيع أن يمنعهم من استخدام ما يحرم (على فرض الإباحة حين يكون الغالب فيه المباح) فإنه يمنع من اقتنائه أو تمكين غيره منه. التنبيه الثاني: أن القول بالمنع فيما يتعلق بالفضائيات وأمثالها لا يلزم منه أن المصلحين من رجال العلم أو الدعوة أو غيرهم يحرم عليهم الخروج في هذه الوسائل الإعلامية وما شاكلها، كما قد ظن البعض، وخروج أمثال هؤلاء ليس حجة للإباحة المطلقة للاقتناء والمشاهدة حتى للقنوات التي يخرج فيها المصلحون فضلاً عن غيرها، واعتقاد هذا التلازم منهج فيه خلل، وذلك لما يلي: 1 – أن الخروج في التلفزيون أو الفضائيات ليس معناه الإقرار بكل ما فيها، بل الخروج فيها استغلال لكل فرصة يمكن أن تتاح للدعوة إلى الله، وبيان الحق، وتعليم الناس، ودفع الشر أو التخفيف منه. وقد كان النبي –صلى الله عليه وسلم- كما -هو معلوم من سيرته- يغشى أندية الكفار ومجالسهم فيتلو القرآن ويدعو إلى الله.

فهل معنى دخوله أنديتهم وأسواقهم ومجالسهم لإيصال صوت الحق إلى من يرتاد تلك المواضع هو إقرار لكل ما فيها؟! حاشاه بأبي هو وأمي أن يكون كذلك. بل كان يدعو إلى الله بما يستطيع ويبين الحق بكل وسيلة، وحين يقف في سوق ذي المجاز أو غيرها ليقول لهم: "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا" كما في مسند أحمد (16023) . فهل فهم الناس من ذلك تعارضاً بين دعوته ودخوله هذا السوق؟! والسوق لا جرم يوجد فيه ربا الجاهلية وغناؤها بل وأوثانها. وهل اعترض عليه أحد منهم بأنك لو كان ما تدعو إليه حقاً ما دخلت سوقاً أو نادياً أو مجلساً يخالف منهجك؟! فعلم من هذا أن الخروج في مثل هذه الوسائل لا يلزم منه الإقرار. وقصة دخول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- السوق أخرجها الإمام أحمد عن رجل من بني مالك –رضي الله عنه- قال: رأيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بسوق ذي المجاز يتخللها يقول: "يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، قال: وأبو جهل يحثي عليه التراب ويقول: لا يغوينكم هذا عن دينكم، فإنما يريد لتتركوا آلهتكم وتتركوا اللات والعزى، وما يلتفت إليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. مسند أحمد (16603) ، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. وأخرج الإمام أحمد أيضا عن ربيعة بن عباد وكان جاهليا فأسلم –رضي الله عنه- قال: رأيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: "يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضيء الوجه أحول ذو غديرتين يقول: إنه صابيء كاذب. يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه فقالوا: هذا عمه أبو لهب. مسند أحمد (16022) ، ووثق الهيثمي بعض أسانيد هذا الحديث أيضا. وفي نص هذا الحديث بروايتيه فائدة أخرى؛ هي عدم اكتراث النبي –صلى الله عليه وسلم- لما يعارض دعوته في هذا السوق ومن يعارضها؛ بل هو ماض يبلغ ما يستطيع تبليغه، وإن جاء بعده أمثال هؤلاء الصادين عن ذكر الله. 2 – أن هناك فرقاً بين أن يشارك المسلم في عمل يشتمل على المحرم ويكون عضواً فيه فهذا قد يقال فيه: إنه يستلزم الإقرار. وبين أن يكون مستضافاً في هذا البرنامج أو ذاك بحيث لا يعتبر عضواً في هذا العمل. فمن حمّل الثاني الإقرار فقد حمله مالا يلزم، يوضحه ما بعده. 3 – أن المسلم قد يكون موظفاً في عمل، وهو يعتقد أن هذا العمل يشتمل على شئ من المحرمات، ولكنه في عمله لا صلة له بذلك المحرم لكونه في جهة أخرى، كمثل بعض الدوائر التي قد تأخذ ضرائب في جزء من قطاعاتها، أو حتى بعض جهات التعليم التي قد لا تكون موافقةً للشرع في جميع توجهاتها..، ففي جميع تلك الوظائف لا يمكن القول بأن الموظف فيها مقر لكل ما فيها فنحرم عليه العمل فيها مطلقاً. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقبله القرطبي في تفسيره، أن يوسف عليه السلام عمل في حكومة العزيز في مصر خازناً (كمثل وزير المالية في هذا العصر) ، مع أن الحكومة لم تكن على المنهج الحق، وعمل عليه السلام بما يستطيع عمله من الحق. ومثله عمر بن عبد العزيز رحمه الله، فمع تمكنه في الخلافة، إلا أنه عمل ما أمكنه من عمل الخير، وإن كان يعلم أن نظام الخلافة العام لا يمكن تعديله بسهولة.

التنبيه الثالث: أن جميع ما ذكرنا من التفصيل في التلفزيون وما يشبهه من كل ما يشتمل على الصور، إنما يجري على القول بأن التصوير فيها ليس من قبيل المحرم، سواء قلنا إنه لا يشمله معنى التصوير المحرم، كما يقوله بعض المعاصرين، أو قلنا إنه داخل في التصوير وإنما جاز للحاجة والمصلحة العامة، كما يقوله علماء كثيرون؛ بل منهم من كان يشدد في التصوير بأنواعه، ومع ذلك يرى أنه إذا اشتمل على مصلحة جاز، كمثل شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى، فإنه كان يرى المصلحة في تصوير المحاضرات ونحوها لتعميم فائدتها، وكذلك العلامة الألباني رحمه الله أيضاً، فإنه مع تشدده في شأن التصوير، إلا أنه كان يرى إخراج الأفلام في تعليم الصلاة ونحوها. وقد ظهر لي بعد التأمل في شأن التصوير الفوتوغرافي والمتحرك أيضاً (الفيديو) أننا وإن قلنا: إنها كانت داخلة في عموم التصوير؛ لكنها أخف من التصوير الوارد تحريمه في النصوص لانتفاء المضاهاة، وهي العلة التي دل عليها حديث أبي هريرة وحديث عائشة رضي الله عنهما. وانتفاء المضاهاة هنا لكون هذا التصوير لا يمكن أن يدعي من قام به أنه أتى بما يشبه الحقيقة، بل الناس مجمعون على أن هذه الصورة هي عين الحقيقة التي خلقها الله تعالى، فهي كالصورة في المرآة لا تختلف، وإنما الفرق في التحكّم فيها وتثبيتها. وليس هذا موضع تفصيل ما يتعلق بتحقيق هذا المأخذ. وأما العلة الثانية وهي خشية الشرك فهي أيضاً ليست في قوة تحققها كالتصوير في الماضي؛ وذلك لكون هذا الأمر أصبح مجرد وسيلة اتصال واطلاع، ليست الصورة فيه مقصودة لذاتها، كما أصبح عاما شائعا لا يختص بكبير أو صغير. ولذا فإذا قويت هذه العلة حرم التصوير واقتناؤه؛ كمثل الصور المعلقة للعظماء، والصور المجسمة لغير لعب الصغيرات ونحو ذلك. وعلى هذا فما دامت العلتان أصبحتا في شأن هذا التصوير أخف، فينبغي أن يكون الحكم كذلك، ولذا جاز للحاجة والمصلحة، بخلاف التصوير في السابق، فإن العلتين فيه أقوى مع ضعف المصلحة المعارضة على فرض دعوى وجودها في أمرٍ ما. وهذا المقام لا يتسع لبسط هذه المسألة بأكثر مما سبق. التنبيه الرابع: علم مما تقدم أن مسألة التصوير المعاصر مسألة اجتهادية لا ينبغي التشنيع فيها على المخالف، فمن رأى التحريم مطلقاً فلا شك أنه يرى التحريم في جميع وسائل الإعلام المشتملة على الصور. وهذا قول له وجاهته، وللقائلين به اعتبارهم واحترامهم، ولكن تبقى المسألة اجتهادية لا يعنف طرف فيها طرفاً, ولا يحمله على رأيه حملاً، ولا يقصره عليه قصراً. وكذلك مسألة المشاركة في التلفزيون والقنوات الفضائية، حتى عند من يرى جواز التصوير للحاجة، إذا رأى فيها المنع فعليه أن يدرك أنها مسألة اجتهادية، لا تصل إلى حد تسفيه المخالف وتعنيفه وطرد اللوازم على قوله. ومن العجب أن يصل الإنكار فيها إلى المنع من السعي لتأسيس قناة فضائية إسلامية تعمل وفق منهج إسلامي ومن خلال هيئة شرعية! فماذا يريدون إذاً أن يعمل أهل الخير والإصلاح؟! أم أنهم يعزلون أنفسهم عن واقعهم بوسائله وإمكانياته؟! مع أن من ينكر ذلك قد يستخدم وسائل ليست بأنقى ولا أصفى من القنوات كالإنترنت وأضرابه.

فمن كان إنكاره من أجل التصوير فالخطب أيسر؛ ولكن عليه أن يعلم أن التصوير المعاصر مسألة اجتهادية, والعلماء الكبار لا يخالفون في ذلك إذا وجدت المصلحة، كما أشرت آنفاً إلى رأي الإمام ابن باز والعلامة الألباني، وأضيف أيضًا شيخنا ابن عثيمين رحمه الله وشيخنا ابن جبرين حفظه الله وغيرهما كثير. وأما من كان يرى رأي هؤلاء المشايخ في التصوير أي بجوازه للمصلحة، ثم هو مع ذلك يشدد النكير على وجود قنوات إسلامية فهذا لم أجد له وجهاً. ومن ظن أن مثل ذلك يعد إقراراً لبقية القنوات، وأن فيه إغراءً للشباب بمتابعتها، كما قد ظن أيضاً من شدد النكير على من يشاركون في القنوات غير الإسلامية، أن ذلك حمل البعض على اقتناء القنوات ومشاهدتها من أجلهم، ثم فسدوا بسبب تماديهم في البرامج والقنوات. من ظن ذلك فقد حمّل الأمر ما لا يحتمل، وألزم من غير لزوم، فطالب العلم حين يخرج في برنامج في فضائية لإيصال الحق وتعليم الناس نظراً لكثرة من يتابعها ويشاهدها فهل هو بفعله أراد من كل أحد أن يقتني الدش من أجله؟ كلا..، وذنب من اقتنى وتمادى إنما هو على نفسه، أما طالب العلم والداعية فقصده من كان يشاهد في الأصل، وجمهورهم كثير على المستوى المحلي والعالمي. وإذا كان لك موقع في الإنترنت تبث منه الخير، أي خير كان في العلم أو الدعوة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو غيرها, فهل تتحمل ذنب شخص أدخل الإنترنت من أجل موقعك ثم وقع في المواقع الهابطة فأفسدته؟! إن مثل هذا كمثل ذاك لا فرق. فينبغي تناول المسائل باعتدال كي لا ينقلب الأمر إلى منهج مختل قد يأتي على كثير من المصالح والقواعد فتخرّ. أو يقف صاحبه عند بعض الأمور لا يستطيع طرد منهجه فيها، فهذا يدل على الخلل فيه، إذ لو كان صائباً لا طّرد ولم يتخلف في بعض المسائل والحالات. وقد كنت أنتظر بدلاً من الرفض التام للمشاركة في القنوات أن لو كُتب في ضوابط المشاركة فيها، والتنبيه على بعض الأخطاء ممن قد يشارك من أهل العلم والدعوة وأمثالهم من أهل الإصلاح, لا أن تتخذ هذه الأخطاء دليلاً على تحريم المشاركة مطلقاً, فهذا أيضاً من الخطأ في المنهج، حين تكون الأخطاء في العمل المباح أو المشروع من أدلة المنع منه. بل المنهج الصحيح في تناول المسائل والقضايا أن تناقش على فرض الصورة الخالية من الأخطاء ليعرف الحكم في أصلها. وفي الختام أشير إلى أن ما حملني على الإطالة في جواب هذا السؤال هو من أجل التلازم الذي قد يقع فيه البعض بين اقتناء الفضائيات وبين مشاركة أهل الإصلاح فيها، فيحمله التلازم إما على الإباحة في الكل أو على المنع في الكل. ومن أجل أن يعلم الجميع أننا في الوقت الذي نرى فيه المشاركة إذا غلبت المصلحة، نحذر أيضاً من تلك القنوات على وفق التفصيل الماضي بقواعده. هذا ما أدى إليه الاجتهاد الذي يكتنفه القصور، فما كان من صواب فمن الله، وما كان غير ذلك، فأسأل الله تعالى الدلالة على الحق والتوفيق إليه ومغفرة الزلل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

لماذا تحرم علاقة التعارف بين الخطيبين؟

لماذا تحرم علاقة التعارف بين الخطيبين؟ المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/02/1427هـ السؤال تناقشت أنا وبعض أصدقائي في موضوع يشغل بالنا جميعاً. فالإسلام يحرم الاختلاط، ويحرم الاختلاء بالبنت حتى بعد الخطبة، ولا يمكن معرفة سلوك البنت إلا إذا تم معرفتها قبل الخطبة؛ لأن أغلبهن يكون كالحمل الوديع بعد إعلان الخطبة. فكيف يمكنني أن أجلس مع البنت قبل الخطبة وهو حرام؟ وتطرق الموضوع إلى أن الإسلام لابد أن يتماشى مع قضايا العصر، أو بمعنى آخر علينا أن نفهم الإسلام ونتعامل معه بمفهوم قضايانا الحديثة. فما الرد على هذا الكلام (الاختلاء بالبنت قبل الخطبة، وتطوير مفاهيم الإسلام) ؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيمكنك -أخي الفاضل- أن تبين حِكْمة الإسلام في منع الاختلاط، وعدم تعارضه مع ما ذكرت من المصلحة المترتبة على معرفة سلوك الفتاة قبل الاقتران بها من خلال النقاط التالية: 1- مهما جلس الخاطب مع الفتاة فلن يمكنه أن يعرف سلوكياتها كاملة، لأنها ستتجمل ما استطاعت، كما هو الحال مع الخاطب نفسه حين يريد أهل الفتاة معرفة خُلُقَة ودينه، فالجلوس وحده وسيلة عقيمة لا تؤدي الغرض منها، وأفضل منها بكثير السؤال عن الفتاة في مدرستها وبين صديقاتها، وإن كانت سافرت مع قوم أو خرجت معهم في رحلة سُئل عنها، كما يمكن معرفة قدر دينها ومستوى خُلُقها من خلال معرفة صديقاتها فالخليل بالخليل يقتدي، والمرء على دين خليله كما في الحديث عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم-. انظر سنن أبي داود (4833) ، وجامع الترمذي (2378) . وإذا كان الخاطب يريد أن يعرف مستوى ثقافتها وفكرها فيمكن من خلال مكالمة هاتفية تحت إشراف ولي المرأة ونظره وعلمه، مع مراعاة الأدب والحشمة وعدم ترخيم الصوت؛ عملاً بقول الله تعالى: "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض" [الأحزاب:32] ، والشرع لا يمنع من ذلك. 2- الاختلاط في مثل هذه الصورة إن ظن البعض أن فيه مصلحة إلا أنه يتعارض مع مفسدة أشد، وهي احتمال الوقوع في الحرام، ولذا قال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم" انظر صحيح البخاري (1862) ، وصحيح مسلم (1341) . وفي حديث آخر" إلا كان الشيطان ثالثهما" انظر جامع الترمذي (2165) ، وسنن ابن ماجة (2363) .، وقاعدة الشرع: أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، لاسيما وأن علاقة الرجل هنا بالمرأة خطبة وثيقة الصلة بالنكاح، فيخشى من وقوع ما لا تُحمد عقباه. 3- الإسلام صان المرأة وحفظها من كل ما يخدش حياءها أو يُقلِّل من هيبتها، ولذا منع من اختلاط الخاطب بالمخطوبة لاحتمال ألا تتم الخطبة، فهل تصبح المرأة سلعة لمن شاء أن يتفحصها، ثم إن شاء أمضى العقد أو تراجع، فليست مصلحة الرجل بأعز من مصلحة المرأة ولا أولى، وهذا مقتضى العدل والحكمة، سيما أن الخاطب يمكنه معرفة ما يريد بالحرص على اختيار المرأة الصالحة المعروفة بذلك، والتي تربت وترعرعت في مجتمع صالح. وبهذا يكفل لكل من الطرفين حقه وتُحفظ مصلحته، وفقك الله وأعانك على سبل الخير.

إذا كانت دعوة الأنبياء واحدة فلماذا الاختلاف؟

إذا كانت دعوة الأنبياء واحدة فلماذا الاختلاف؟ المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 05/02/1427هـ السؤال لماذا يختلف الإسلام عن اليهودية وعن النصرانية، والله -سبحانه وتعالى- يقول: "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشتركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب"؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيعتقد المسلمون أن دين الله واحد، وأن ما جاء به أنبياء الله من لدن آدم إلى محمد، -صلوات الله وسلامه عليهم- واحد، وهو الإسلام بمعناه العام، الذي هو توحيد الله بالعبادة، والخلوص له من الشرك. قال تعالى: "شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ" [لشورى: من الآية13] فكانت دعوتهم واحدة: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ" [الأنبياء:25] . وإنما وقع التنوع في الشرائع، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "الأنبياء إخوة لعَلات أمهاتهم شتى، ودينهم واحد" متفق عليه. [صحيح البخاري (3443) ، وصحيح مسلم (2365) ] فما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- من العقائد الصحيحة، والشرائع العادلة، والأخلاق القويمة، هو الإسلام بالمعنى الخاص، الذي نسخ الله به جميع الأديان، فلا يقبل ديناً سواه، كما قال تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [آل عمران:85] ، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي، ولا نصراني، ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم (153) . ويعتقد المسلمون أيضاً أن ما سوى الإسلام من الأديان إما فاسدٌ من أصله؛ كالديانات الوثنية، أو صحيح الأصل، ولكن طرأ عليه التحريف والتبديل؛ كاليهودية والنصرانية، وما صح منهما فهو منسوخ بالإسلام. وقضية تحريف العهدين القديم والحديث واختلاف نسخهما باتت محل تسليم من الباحثين اللاهوتيين، وليست مجرد دعوى يطلقها المسلمون، بناءً على الأدلة القطعية في الكتاب والسنة، ومن ثم فإن العقيدة الإسلامية تمثل حقيقة دينية كاملة، لا يتطرق إليها الخطأ في حد ذاتها؛ لكونها مصونة محفوظة. وليس معنى ذلك أن ليس مع أهل الكتاب صواب مطلقاً، بل ثَمَّ صواب مشوب بخطأ وتحريف يكون منظومة باطلة، لا يصح الاعتماد عليها.

وليس في نصوص القرآن ما ينافي هذه المسلمة؛ فقوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" [الحج:17] ليس فيها أدنى تزكية للملل الأخرى، أو إيحاء بأنهم على حق، كما توهمه بعضهم، بل غاية ما فيها الإخبار بأن الله -تعالى- سيجمع هذه الطوائف يوم القيامة، ويفصل بينهم بحكمه العدل المبني على شهادته لأعمالهم. وكل هذه الطوائف الضالة بإزاء الذين آمنوا، ولذا قال بعدها: "هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ" [الحج: من الآية19] فذكر الذين كفروا ومصيرهم، ثم ذكر الذين آمنوا ومصيرهم. والله أعلم.

أكل أموال الكفار

أكل أموال الكفار المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/03/1427هـ السؤال أودّ أن أعرف: هل يجوز أخذ أموال الكفّار، بما أنّه ليس بيننا وبينهم ميثاق؟ وحتّى لو كان هناك ميثاق، فإنّ هؤلاء قد نقضوه مرارا إذ إنّهم يهاجمون الإسلام والمسلمين بوسائط شتّى (مثل ما فعلوه في الدانمرك وغيرها) . وما الكفّارة التي تلزم مسلمًا قَتَل كافرًا؟ وهل كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يفرّق بين الرجال البالغين وغيرهم من الأعداء المقاتلين أم لا؟ وهل كان يَعتبر كلّ رجل بالغ مقاتلاً دون تفريق بين مدنّيين وعسكريّين؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فكل كافر بينه وبين المسلمين عهد أو ذمة أو أمان، سواء كان صريحاً أو غير صريح فإنه معصوم الدم والمال، ولا يجوز الاعتداء عليه، ومن اعتدى عليه فقد باء بإثم عظيم، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة". صحيح البخاري (3166) . أمّا نقض العهد فهو مختص بمن نقضه، فلو تعاهد جماعة مع المسلمين ثم نقضت طائفة من الكفار العهد فهذا النقض مختص بهم ما داموا لم يتحيزوا للمعاهدين، ومن أقام في بلد كفار وقد دخلها بتأشيرة أو أمنه الناس لكونه مواطناً فيهم فإنه لا يجوز له نقض عهده معهم. ولو أراد نقض العهد وقتالهم فإن عليه أوّلاً أن يبلغهم بانتهاء المعاهدة، وعزمه على قتالهم. أما الكفارة التي تلزم مَنْ قَتَلَ كافراً معاهداً أو ذميًّا أو مستأمناً فهي عتق عبد مؤمن، فإن لم يوجد فيصوم شهرين متتابعين؛ لقوله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُم وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" [النساء:92] . ويلزمه أيضاً إعطاء أهل المقتول الدية، (وهي غرامة مقابل تفويت نفس المقتول) . أما الكافر المقاتل الذي ليس معاهداً ولا ذميًّا ولا مستأمنًا فإنّ قتله لا كفارة فيه؛ لأنه ليس محرّم القتل؛ لوجود الحرب بينه وبين المسلمين، والمحارب يباح قتله. أما من لا يباشر القتال من المدنيين كالفلاحين والتّجار والأطفال والنساء ونحوهم فقتلهم محرم في وقت الحرب ووقت السلم. لكن لا كفارة فيه، بل التوبة والاستغفار. وفيما سبق يتضح أن الإسلام يفرق بين المقاتل وبين من لا شأن له بالقتال، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتل النساء والصبيان. صحيح البخاري (3015) ، وصحيح مسلم (1744) . وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب" سنن البيهقي (9/91) ، وقال الإمام أحمد -رحمه الله-: (من أطبق بابه على نفسه ولم يقاتل لم يُقْتل) . والله الموفق.

جهاد الدفع وجهاد الطلب

جهاد الدفع وجهاد الطلب المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/04/1427هـ السؤال نحن في العراق أهل السنة والجماعة والملتزمين بمنهج سلف الأمة نعاني من المضايقات ما نعاني ونشكو أمرنا إلى الله ولكن يا شيخ لقلة أهل العلم عندنا فنجد الكثير من شبابنا مندفعين بنص أو بحديث دون النظر إلى نصوص أخرى وفهم سلف الأمة فتجده قد يقوم بالتفجير أو القتل. شيخنا أنا أحاول أن أطلب العلم من خلال متابعة الأكاديمية الإسلامية المفتوحة وسماع محاضرات شرح لبعض أمهات الكتب للشيخ محمد صالح بن عثيمين رحمة الله عليه فوجدت أنه في قضية الجهاد يقسم الجهاد إلى نوعين جهاد طلب وجهاد دفاع ويوجب الشيخ على من احتلت بلاده الجهاد على أن يكون لنصرة دين الإسلام في ذلك البلد أو للحفاظ على الإسلام في ذلك البلد لكن لا نقاتل من أجل أن هذه الأرض المحتلة هي بلدنا يعني لا نقاتل من أجل وطنيتنا. أرجو أن توضح لنا منهجا نسير عليه الآن في العراق فهل نجاهد؟ وهل يجوز قتل من نجده فيه ضرراً على المسلمين من المسؤولين، لأن الشباب هنا متخبطون فلتكن رسالة كالتي بعثها ابن تيمية -رحمه الله تعالى- لأهل واسط وسميت بالعقيدة الواسطية، والآن أصبحت منهجا يدرسها كل من طلب العلم وأصبحت مستندا يستند إليها، وقد أكون أطلت عليك ولكن اعلم يا شيخ ما هو حالنا وإنا حيارى. وجزاكم الله خير الجزاء وأثابكم وجمعنا وإياكم مع سيد المرسلين في جنات النعيم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأسأل الله أن يثبتني وإياكم على الحق المبين والصراط المستقيم وأن يجنبنا جميعاً طريق المغضوب عليهم المعاندين وطريق الضالين الجاهلين. آمين.

واعلموا أن قتال الكفار والمعتدين على بلاد المسلمين وحرماتهم –أمر واجب ومتعين على القادرين من أهل ذلك البلد المحتل خاصة، ونظراً لقيمة الوطن في الإسلام أمر الله بقتال كل معتدٍ يريد إخراجنا منه وإفساد ديننا وأخلاقنا وامتصاص خيراتنا، وسماه فتنة وجعلها أكبر من القتل فقال: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ" [البقرة:190-191] . وفي الوقت ذاته حرّم قتال من لم يقاتلنا ونهانا عن ما يعرف اليوم بالحرب الأهلية فقال: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُم مِن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ" [البقرة:84] . وهذا القتال يجب أن يكون لإعلاء كلمة الله وفي سبيل نصرة المظلومين المضطهدين وكسراً لشوكة الكافرين المعاندين، وإذا كان من قتل دون نفسه أو ماله أو عرضه أو دينه فهو شهيد، فإن هذه الأمور كلها توجد داخل الوطن فالمحاماة عنها محاماة عن الوطن والدفاع عن الوطن هو دفاع عنها، وحكم الجهاد بنوعيه: جهاد الطلب وجهاد الدفع باقٍ لم ينسخ، وإنما هو حسب حال الأمة من القوة والضعف، فإذا كانت الأمة قوية في عددها وعدتها فهي مطالبة بالأخذ بنصوص القتل والقتال وغزو المشركين والقعود لهم في كل مرصد؛ ليؤمنوا بالله أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وإن كانت الأمة ضعيفة مستضعفة كحال المسلمين اليوم فالواجب الأخذ بآيات الصبر والمصابرة وعدم محارشة الكفار وإثارة حميتهم، قال –تعالى-: "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ" [الأنعام:108] . وفي هذا العصر الذي لا يكاد يوجد فيه للمسلم ركن يركن إليه، فعليه اللجوء إلى الله وأداء شعائر دينه، والصبر على الأذى فيه، لا سيما إذا كان فرداً وخصمه جماعة، أو دولة، أو قوبل رأيه بفتوى شرعية مستندة إلى الكتاب والسنة وجب عليه قبولها. وتقدير جهاد الدفع وتحديده وإعلانه يخضع للاجتهاد الجماعي من أهل العلم الشرعي –في كل بلد بحسبه- إلا إذا اعتدي على المرء في نفسه أو ماله أو عرضه فيجوز له أن يدفع ذلك عنه ما استطاع، والأفضل أن يستشير قبل ذلك من هو أعلم منه وأكثر خبرة وتجربة. وليس هناك علامات ينتفي بها جهاد الدفع بل هو باق إلى يوم القيامة ما دامت الأمة ضعيفة مستضعفة، واختيار أي نوع من نوعي الجهاد يخضع لتقرير أهل العلم والفكر والشوكة في كل بلد من بلاد المسلمين، وكل أهل بلد أدرى بشؤونهم من غيرهم. ومن أوجه الشبه بين المسلمين اليوم والمسلمين في العهد المكي: الضعف وقلة العدد والعُدد، وتكالب الأعداء على المسلمين من اليهود وأذنابهم، والمشركين وإخوانهم، والمنافقين وأتباعهم.

ومن أوجه الاختلاف بين الحاضر والماضي –في العهد المكي خاصة-: وجود الرسول –صلى الله عليه وسلم- بين ظهراني المسلمين في مكة، ينزل عليه الوحي ويصحح لهم أخطاءهم ويسدد آراءهم، وكانوا لا يتجاوزون عشر آيات من القرآن يتلونها حتى يعملوا بها، أما نحن اليوم فقد يحفظ الواحد منا القرآن كاملاً أو يختمه أكثر من مرة، ولكنه لا يكاد يعرف شيئاً من حلاله وحرامه، وكانوا عرباً خلصاً على صفات حميدة من الصدق والشجاعة والكرم والشهامة والرجولة، أما نحن فعلى خلاف ذلك –إلا ما شاء الله-. وإذا دخل العدو بلداً من بلاد المسلمين وجب على أهل ذلك البلد –المواطن منهم والمقيم- عينا الدفاع عن ذلك البلد، بكل وسيلة مشروعة ممكنة، فإن لم يستطع أهل هذا البلد المغزو وجب على أقرب البلاد إليهم إعانتهم والدفاع معهم ونصرتهم، وجوباً عينياً أيضاً، ولو كان أهل ذلك البلد أو من جاورهم ليس عندهم عدة ولا عتاد يساويان أو يقاربان عدد وعدة العدو لأن قتالهم هذا قتال دفع لا طلب، وجهاد الدفع لا يشترط فيه ما يشترط في جهاد الطلب، بل الواجب عليهم في مثل هذه الحال أن يقاتلوا العدو بأي حال؛ لقوله –تعالى-: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" [الحج:39] . ولعموم حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم" رواه أبو داود (2504) والنسائي (3096) من حديث أنس –رضي الله عنه-. فجهاد الدفع لا يشترط فيه اجتماع عدد معلوم، ولا يلزم أن يكون للمسلمين المغزوين إمام يستأذن كما لا يستأذن الأب ولا الأم، ونحو ذلك، وإن كان المسلمون المعتدى عليهم خليطاً من المؤمنين والكفار، لا يشترط لهم حينئذ أن تكون لهم راية واحدة يقاتلون تحتها، وإن أمكن ذلك فحسن، وإن لم يمكن تعاون المسلمون مع الكفار الذين يسكنون معهم على العدو الذي غزاهم في عقر دارهم، ولكن يجب على المسلمين –فرادى كانوا أو جماعة- حينئذ أن يعلنوا أن جهادهم إنما هو لإعلاء كلمة الله وفي سبيله لا غير، (والراية العِمِّيَّة) التي يحرم القتال تحتها ولو مات فيها مات ميتة جاهلية، هي التي دل عليها حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- في صحيح مسلم (1848) : "من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل، فقتلة جاهلية". وجاء في حديث سعيد بن زيد –رضي الله عنه- عند الترمذي (142) ، وأبي داود (4772) ، والنسائي (4094) ، وابن ماجه (2580) : "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد" والعدو المعتدي -مسلماً كان أو كافراً- إنما يريد هذه الأمور الأربعة مجتمعة أو بعضها، ومن لازم ذلك القتال للدفاع عن بلاد المسلمين إذا غزيت من قبل العدو الكافر؛ لأن هذه الأمور داخلة في بلاد المسلم أو وطنه.

أما القول بوجوب اشتراط وجود الإمام أو إذنه في الجهاد في سبيل الله فلا أعرف أحداً من أهل العلم المقتدى بهم اشترطه، بل الواجب خلافه، وهو أن الإمام لا يكون إماماً إلا أن يقوم بالجهاد في سبيل الله، لا أنه لا يكون جهاد إلا بإمام، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (34/176) . والسنة أن يكون للمسلمين إمام واحد والباقون نوابه، فإذا فرض أن الأمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها وعجز من الباقين أو غير ذلك فكان لها عدة أئمة لكان يجب على كل إمام أن يقيم الحدود، ويستوفي الحقوق،.... فمتى أمكن إقامتها من أمير لم يحتج إلى اثنين، ومتى لم يقم إلا بعدد ومن غير سلطان أقيمت، إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها" انتهى. وعمل أبي بصير -رضي الله عنه- في قصة الحديبية ومن معه من المهاجرين الذين قاموا بقطع الطريق على قافلة قريش أظهر دليل على عدم اشتراط وجود الإمام أو إذنه للجهاد في سبيل الله، بل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أبي بصير لما بلغه فعله في قريش: "ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحد" انظر صحيح البخاري (2731-2732) ، يؤكد عدم اشتراط وجود الإمام أو إذنه في الجهاد في سبيل الله، بل نجد أئمة الدعوة في نجد منعوا وأنكروا مثل هذا الاشتراط، فيقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ت1258) : (بأي كتاب أم بأية حجة أن الجهاد لا يجب إلا مع إمام متبع؟ هذا من الفرية في الدين والعدول عن سبيل المؤمنين، والأدلة على إبطال هذا القول أشهر من أن تذكر ... ) ، انظر الدرر السنية (5/97-99) . والله أعلم.

هجر الزوجة لزوجها أكثر من ثلاثة أيام!

هجر الزوجة لزوجها أكثر من ثلاثة أيام! المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/2/1427هـ السؤال هل يجوز للمسلم أن يهجر أخاه المسلم -لسبب- مدة ثلاثة أيام؟ وهل يجوز للزوجة أن تهجر زوجها مدة ثلاثة أيام؛ بسبب سوء تصرفه معها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالهجر نوع من العقوبات المشروعة لأجل الزجر والتأديب، وقد أرشد القرآن الكريم الأزواج إليه لمعالجة نشوز الزوجات، كما في قوله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع...." الآية [النساء:34] . ومارسه النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الثلاثة الذين خلفوا كما ثبت في الصحيح، انظر صحيح البخاري (4418) ، وصحيح مسلم (2769) . غير أنه حرَّمه إذا كان لحظ النفس أكثر من ثلاثة أيام كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام". صحيح البخاري (6065) ، وصحيح مسلم (2559) ، مما يدل على جوازه فيما دون ذلك. والهجر درجات، فقد يكون بالكلام بأن لا يحادث المهجور، وقد يكون بالمكان بأن لا يجالسه، وقد يكون بغير ذلك. لكن يجب على المسلم أو المسلمة مراعاة المصلحة الشرعية في تطبيق هذه العقوبة (أعني عقوبة الهجر) ؛ إذ المقصود بها زجر المهجور، وتأديبه، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفته كان مشروعاً، وإن كان لا يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث تكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التألف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التألف، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتألف قوماً ويهجر آخرين بحسب ما يراه من المصلحة. وفي رأيي أن هجر المرأة لزوجها لا يجوز؛ لما قد يترتب عليه من محاذير شرعية، كعدم الاستجابة لمطالبه التي يحرم على المرأة عصيانه فيها، وتسببه في تفاقم المشاكل بين الزوجين؛ لأن الهجر لايؤتي ثماره غالباً إلا إذا صدر من شخص له سلطة وولاية على المهجور، مثل الحاكم مع أحد أفراد رعيته، أو الوالد مع ولده، أو الزوج مع زوجته، ومعلوم أن موقف الزوجة بالنسبة إلى زوجها ضعيف، ولذا فأنجع علاج -في رأيي- لسوء تصرف الزوج أن تتمثل الزوجة قوله تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" [فصلت34] ، وأن تتحلى بالصبر وتحتسب في ذلك، وأن تكثر من الدعاء لها ولزوجها بأن يصلح الله أحوالهما. أسأل الله أن يصلح أحوال الجميع. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

هل رسوم الجمارك مكوس؟!

هل رسوم الجمارك مكوس؟! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/04/1427هـ السؤال هل الجمارك التي تأخذها الدولة هي المكوس التي يذكرها الفقهاء في كتبهم؟ وما حكم فتح محل للتخليص الجمركي؟ وهل ما يؤخذ منه حلال؟ الجواب الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالمكس هو ما يأخذه الظلمة وأعوانهم من عموم الناس من النقود وغيرها -بغير حق، ومعنى ذلك أنه لابد أن يتحقق في المكس أمران: 1- أن يؤخذ من صاحبه بغير رضاه. 2- أن يأخذه الآخذ لمصلحته الخاصة، لا لمصلحة المسلمين العامة، ومتى اختل أحد هذين الشرطين لم يكن مكساً. والمكس المحرم كان معروفاً منتشرًا عند العرب، ويعرف أحياناً بالإتاوة، ويؤخذ قسراً عند البيع والشراء. فيه يقول الشاعر: وفي كل أسواق العراق إتاوة *** وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم والمكس هو الذي عناه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قوله عن الغامدية -رضي الله عنها-، لما رجمت بعد زناها: "لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له" أخرجه مسلم (1695) . أي إن المكس المحرم مثل الزنا أو أشد. أما الجمارك اليوم فهي ضرائب مالية توضع على بضائع تدخل لبلاد المسلمين تقررها الدولة لصالح تشجيع البضائع والمنتجات المحلية لصالح المواطن والمستهلك، وما يجمع من هذه الضرائب يدخل خزينة الدولة لصالح الأمة عامة. وعلى هذا فالجمارك ليست هي المكوس السابق ذكرها، لتخلف الشرطين المشار إليهما سابقاً. وإنما شرعت الجمارك في الدولة الحديثة -وفي الإسلام خاصة- وفق المصلحة المرسلة في الشريعة، كما هو مقرر عند أهل العلم. وبناء على هذا فلا حرج عليك في فتح محل للتخليص الجمركي، وما يصل إليك من هذا المحل حلال -إن شاء الله-. أسأل الله للجميع التوفيق والسداد. آمين.

هل آثم بطلب الطلاق؟!

هل آثم بطلب الطلاق؟! المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/02/1427هـ السؤال ما حكم الزوجة التي تطلب الطلاق من زوجها، وتقول: إنها معمول لها عمل سحري؟ علماً أن لديها أولاداً من هذا الزوج. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالطلاق أبغض الحلال إلى الله تعالى، وإذا كان التفكير في الطلاق بسبب سوء العشرة فلا حرج في ذلك؛ لأن النهي إنما ورد في الطلاق من غير ما بأس، (أي بلا سبب ولا عذر يسوِّغ ذلك) ، وانعدام الألفة والمحبة من البأس الذي يسوِّغ طلب الطلاق، وكذا استمرار المشاكل الأسرية، بحيث لا يجد الزوجان سبيلاً للخلاص من ذلك، لكن في مثل وضعك لا أنصحك بطلب الطلاق، فليست المسألة مسألة حلال أو حرام، فأنت عندك أبناء وكانت حياتك السابقة جميلة وسعيدة، لكن عكَّر صفوها ما ذكرت من قضية السحر والعين أو التأزم النفسي، لذا عليك بالإكثار من الدعاء، والإلحاح على الله -تعالى- بإصلاح الحال. كما ينبغي أن تحرصي على الرقية الشرعية، سيما المعوذات، فترقي نفسك وزوجك مباشرة أو في ماء أو ما أشبه ذلك كأوراق السدر وتغتسلين بها. وقد يطول الوقت ولا تجدين الثمرة، فاحرصي على عدم الاستعجال؛ لأن غالب الأمور في مثل وضعك يحتاج إلى وقت وثقة عظيمة بقدرة الله تعالى على إصلاح الحال والانتفاع بالرقية، وإذا كانت العشرة سيئة جداً فبإمكانك الابتعاد عن الزوج لفترة دون طلب الطلاق، ولا يفوتك شرب ماء زمزم بنية صلاح حالك؛ فقد ورد: "ماء زمزم لما شُرب له" أخرجه أحمد (14320) ، وابن ماجه (3062) ، أعانك الله، ووفقك لسبل الخير والنجاة وصلاح الحال.

مشاركة الكفار للمسلمين في صلاتهم!

مشاركة الكفار للمسلمين في صلاتهم! المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 18/02/1427هـ السؤال نحن في الولايات المتحدة، وقد زار رئيس مدينتنا -وهو يهودي- المسجد؛ لكي يلقي كلمة للمسلمين بعد صلاة الجمعة، وعند زيارته حضر صلاة الجمعة في الصف الأول، وصلّى مع المسلمين، وقد تم ذلك بموافقة إمام المسجد، فهل يجوز لغير المسلم أن يصلي مع المسلمين في مثل هذه الظروف؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيجوز لغير المسلم -كاليهودي والنصراني- دخول مساجد المسلمين، فلقد كان الحبشة -وهم نصارى- قد ضربت لهم خيمة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وإذا جاز لهم دخول المسجد فلا يجوز منعهم من الصلاة مع المسلمين -إن رغبوا- ولكن لا أجر في صلاتهم تلك، وإنما هي مجرد حركات لا غير؛ لقوله تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء:48] وهم مشركون وإن كانوا أهل كتاب؛ لأنهم يقولون: عزيرٌ ابن الله. والمسيح ثالث ثلاثة، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. وتألف الكافر للدخول في الدين، أو دفع أذاه عن المسلمين مطلوب شرعاً. والله أعلم.

أيهما أفضل: دم الشهداء أم مداد العلماء؟!

أيهما أفضل: دم الشهداء أم مداد العلماء؟! المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 27/03/1427هـ السؤال أيهما أفضل: مداد العلماء أم دم الشهداء؟ وهل هناك دليل من القرآن أو السنة يؤكد ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالمعروف في هذه المسألة هو الموازنة بين مداد العلماء ودم الشهداء، ومما ورد في ذلك من الآثار قولهم: (يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء) . قال المناوي: وأسانيده ضعيفة، لكن يقوي بعضها بعضاً. انظر كشف الخفاء (2/400) برقم (3281) . وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- الخلاف في هذه المسألة، فقال: (وقد اختلف في تفضيل مداد العلماء على دم الشهداء وعكسه، وذُكر لكل قول وجوه من التراجيح والأدلة، ونفس هذا النزاع دليل على تفضيل العلم ومرتبته، فإن الحاكم في هذه المسألة هو العلم، فيه، وإليه، وعنده يقع التحاكم والتخاصم، والمفضل منهما من حكم له بالفضل) ، ثم قال: (فإن قيل فما حكمه في هذه المسألة التي ذكرتموها. قيل: هذه المسألة كثر فيها الجدال واتسع المجال، وأدلى كل منهما بحجته، واستعلى بمرتبته، والذي يفصل النزاع ويعيد المسألة إلى مواقع الإجماع الكلام في أنواع مراتب الكمال، وذكر الأفضل منهما، والنظر في أي هذين الأمرين أولى به وأقرب إليه) . ثم ذكر أن مراتب الكمال أربع: (النبوة والصديقية والشهادة والولاية، فأعلاها مرتبة النبوة والرسالة، ويليها الصديقية؛ فالصديقون هم أئمة أتباع الرسل، ودرجتهم أعلى الدرجات بعد النبوة، فإن جرى قلم العالم بالصديقية وسال مداده بها كان أفضل من دم الشهيد الذي لم يلحقه في رتبة الصديقية، وإن سال دم الشهيد بالصديقية وقطر عليها كان أفضل من مداد العالم الذي قصر عنها، فأفضلهما صديقهما فإن استويا في الصديقية استويا في المرتبة، والله أعلم. والصديقية هي كمال الإيمان بما جاء به الرسول علماً وتصديقاً وقياماً، فهي راجعة إلى نفس العلم، فكل من كان أعلم بما جاء به الرسول وأكمل تصديقاً له كان أتم صديقية، فالصديقية شجرة أصولها العلم وفروعها التصديق وثمرتها العمل فهذه كلمات جامعة في مسألة العالم والشهيد وأيهما أفضل. وهذا كلام رصين من إمام محقق فليتأمل. انظر مفتاح دار السعادة (1/80) . والله الموفق.

السنة في التعزية

السنة في التعزية المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار أستاذ جامعي في جامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/02/1427هـ السؤال أرجو من مشايخنا الكرام شرح كيفية تقديم العزاء لأهل المتوفى على نهج ما كان يفعله نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-. الجواب فالتعزية سنة، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الترغيب فيها، فقد رُوي عنه أنه قال: "ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة". رواه ابن ماجه (1601) . وتكون التعزية بكلمات طيبة تعين على الصبر، والرضا بالقدر، ومن ذلك: "أحسن الله أجرك"، "اصبر واحتسب"، "عظَّم الله أجرك"، وقول: "إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل إلى أجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب" رواه البخاري (1284) ، ومسلم (923) . وفقنا الله وإياك لاتباع السنة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

التخلص من الربا بإعطائه للأم!

التخلص من الربا بإعطائه للأم! المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 14/02/1427هـ السؤال ادخرت بالبنك قيمة مالية، وبما أنه بنك ربوي فإن هذه القيمة ارتفعت، وأريد التخلص منها, فهل يجوز لي أن أعطيها لأمي؟ علما بأنها أرملة ولا دخل لها إلا ما نجود به عليها. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإذ كنتم تجودون على أمكم من قدرتكم المالية بما لا يؤثرُ على ما تحتاجونه لأمور حياتكم المشروعة فاستمروا على ذلك، دون أن تعطوها من الفوائد الربوية. أما إذا كان ما تدفعونه للوالدة لسدِّ حاجاتها وضروراتها يؤثر عليكم، بحيث لا تسطيعون سد حاجاتكم؛ لأنكم تمنحون الوالدة جزءًا أقربُ ما يكون إلى عدم قدرتكم على سد الحاجات والضرورات فلا بأس أن تدفعوا لها الناتج الربوي، على أن يقتصر ما تدفعونه من ذلك على الضروريات أو الحاجات الملّحة للوالدة، والباقي من الفوائد الربوية الزائدة على حاجة الوالدة يدفع للمحتاجين من الفقراء الآخرين، والأولى دفع الباقي للمحتاج من الفقراء، وأحقهم الفقراء الأقارب غير الورثة. والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل لي أن أزوج نفسي؟!

هل لي أن أزوِّج نفسي؟! المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/05/1427هـ السؤال أبلغ من العمر أربعين سنة، أرملة وعندي ثلاثة أبناء أكبرهم عنده ست عشرة سنة. توفي زوجي قبل سبع سنوات. بعد هذه المرحلة خوفا من الوقوع في الفاحشة! أردت الزواج فتقدم رجل لخطبتي، فكان الرفض من الوالدين بدعوى أنني أم. هل بإمكاني أن أزوج نفسي بدون حضور والدي! وبحضور الشهود فقط؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الولي من شروط صحة النكاح، فإذا زوجت المرأة نفسها مع وجود ولي لها فنكاحها باطل، ويلزمها تجديد العقد، مستدلين بأدلة منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (8697) ، وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، ورواه الحاكم (2/185) من طرق كثيرة، وقال: "وقد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عائشة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، رضي الله عنهن جميعا -وقال قبل ذلك-: وفي الباب عن علي وابن عباس ومعاذ بن جبل.."ثم سرد تمام ثلاثين صحابياً، انظر: التلخيص الحبير (3/156) . لذا فالواجب عليك أختي الكريمة أن لا تزوجي نفسك فتقعي فيما لا تحمد عقباه، والواجب على والدك إذا تقدم لك من ترضين خلقه ودينه، أن يزوجك، فإن امتنع ورفض انتقلت الولاية إلى من يليه من الأولياء كجدك، فإن لم يوجد، زَوَّجَكِ أحد إخوتك، ثم من يليه، فإن امتنع الجميع انتقلت الولاية إلى القاضي، فعليك بالتقدم إلى المحكمة الشرعية في بلدك، ورفع ذلك لتجري المحكمة ما يقتضيه الوجه الشرعي من إتمام النكاح. فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل -ثلاث مرات- فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" رواه أحمد (4250) وأبو داود (2083) وابن ماجه (1879) وصححه أبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان (4074) ، والحاكم (2/182) ، قال ابن كثير: وصححه ابن معين، وغيره من الحافظ. سبل السلام (3/118) ، وانظر فتح الباري (9/191) . فإن كنت في بلد ليس فيه قاض شرعي تولى ذلك من رضيه المسلمون للقيام بذلك، كإمام الجامع، أو رئيس المركز الإسلامي، وليس لك أن تزوجي نفسك، ولتعلمي أختي الكريمة أنه لو تم النكاح على الصفة التي ذكرتيها فسيترتب على ذلك من المشاكل ما لا يعلمه إلا الله تعالى والله تعالى، أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل عقد النكاح بهذه الطريقة تام؟!

هل عقد النكاح بهذه الطريقة تام؟! المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/04/1427هـ السؤال أنا مأذون شرعي، وأقوم بإجراء عقود الأنكحة على الصفة التالية: قراءة خُطبة الحاجة، مع آيات التقوى، ثم صيغة الإيجاب والقبول، ثم الدعاء النبوي: "اللهم بارك لهما، وبارك عليهما، واجمع بينهما بالخير"، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء، فهل فعلي هذا صحيح؟ وهل يجوز تشبيك أيدي والد العروس والعريس عند الإيجاب والقبول؟ وما هو الوارد في السنة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم فعلك هذا صحيح وهو متفق مع السنة الواردة في هذا وهي خطبة الحاجة وإبرام العقد بعدما تتلو الآيات، وعندما تنتهي تصلي على النبي عليه الصلاة والسلام وتدعو لهما بالتوفيق. أما ما ذكرته من تشبيك الأيدي بين والد العروس والعريس فهذا لا أصل له في الشرع، ولا حاجة إليه، وليس له علاقة بالعقد من حيث التأثير، فلا يترتب على تشبيك الأيدي زيادة توفيق ولا عدمه. ولا يترتب عليه حكم شرعي، إلا إذا اعتقد أنه أمر مطلوب، فهذا الاعتقاد يعتبر نوعا من البدعة.

ما تباح فيه الغيبة

ما تباح فيه الغيبة المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/03/1427هـ السؤال نحن نتناقش في أمور تتعلق بزعماء البلد من قادة وسياسيين ووزراء، وكل منا يدلي برأيه وما يقرأه في الصحف عن هذه الفئة، ومعظم من نتكلم عنهم معروفون بالفساد على أوسع نطاق، فهل يُعدُّ كلامنا عن هذه الفئة من الغيبة المحرمة؟ علماً أننا نتكلم عن أفعالهم الفاسدة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ذكر العلماء أموراً تباح فيها الغيبة هي من الأغراض الصحيحة التي لا يمكن الوصول إليها إلا بها، فمن ذلك ما ذكره البخاري في "صحيحه"، باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والرِّيب، ومن ذلك ما ذكره ابن أبي الدنيا في كتابيه: كتاب (الصمت وأدب اللسان) ، وكتاب (الغيبة والنميمة) ، باب الغيبة التي يحل لصاحبها الكلام بها، وذكروا في ذلك أحاديث وآثارا. وقد جمع بعض العلماء الأمور التي تجوز فيها الغيبة في ستة أمور منظومة في هذين البيتين: الذم ليس بغيبة في ستة *** متظلِّم ومعرِّف ومحذِّر ولمظهر فسقاً ومستفت ومن *** طلب الإعانة في إزالة منكر وذكر الكبراء المعروفين بالفساد من قواد ووزراء إن كان داخلاً في أحد هذه الأمور الستة أو في أكثر من واحد منها فلا بأس به، وليس من الغيبة المحرمة، ويكون ذلك بأن يُتظلم منهم إلى من له ولاية أو قدرة على إنصاف المظلوم من ظالمه، أو يُستعان بمن له قدرة على إزالة ما يرتكبون من فساد ومنكرات، أو يذكرون على سبيل التحذير والنصيحة بعدم الاغترار بما وقعوا فيه من فساد، أو يذكرون بما جاهروا به من الفسق والبدعة دون ما لم يجاهروا به. ففي صحيح البخاري (6032) وصحيح مسلم (2591) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: استأذن رجل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ائذنوا له، بئس أخو العشيرة، أو ابن العشيرة". فلما دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله: قلت الذي قلت ثم ألنت له الكلام؟! قال: "أي عائشة إن شر الناس من تركه الناس -أو ودعه الناس- اتقاء شره". وفي صحيح البخاري (6067) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما أظن فلانا ًوفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً". وعن زيد بن أسلم قال: إنما الغيبة لمن لم يعلن بالمعاصي. وقال إبراهيم النخعي: ثلاث كانوا لا يعدونهن من الغيبة: الإمام الجائر، والمبتدع، والفاسق المجاهر بفسقه. وعن الصلت بن طريف قال: قلت للحسن: الرجل الفاجر المعلن بفجوره، ذكري له بما فيه غيبة؟ قال: لا ولا كرامة. وعن الحسن أيضاً أنه قال: ثلاثة ليس لهم غيبة: صاحب هوى، والفاسق المعلن بالفسق، والإمام الجائر. وقد جاء في هذا المعنى حديث ضعيف أخرجه البيهقي في السنن (10/210) والشعب (9664) فيه: "من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له". قال أبو العباس بن تيمية -رحمه الله-: "وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء" ا. هـ من مجموع الفتاوى (28/219) . والمراد بالنوعين المشار إليهما: أن يكون الرجل مظهراً للفجور، والثاني: ما كان على سبيل النصيحة والتحذير.

أما إذا ذُكر الكبراء الفاسدون على وجه لا تحصل به أي مصلحة من المصالح السابقة بل على سبيل السب والتهكم وإشغال المجالس وتقطيع الأوقات ومجارات الجلساء، أو كان ذكرهم مبنياً على ظنون لا صحة لها، أو على أفعال يظن المتكلم أنها من موارد ذمهم، وهي ليست كذلك، فإن ذلك لا يجوز، أو على أقل الأحوال هو من فضول الكلام الذي ينبغي تركه. وعلى المؤمن أن يشتغل بما ينفعه من الأقوال والأفعال، وليعلم أن الله –تعالى- لم يأمره إلا بما يستطيع، وقد عفى عنه فيما لا يستطيع، قال تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم". [التغابن:16] . قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- مبيناً الفرق بين الغيبة المحرمة والجائزة في حق الفاسق: "فإذا ذكرنا فسقه على وجه العيب والسب فإن ذلك لا يجوز، وإن ذكرناه على سبيل النصيحة والتحذير منه فلا بأس بل قد يجب" ا. هـ شرح رياض الصالحين (4/63) . ومما ورد في ذلك ما أخرجه ابن أبي عاصم في كتابه السنة (1015) عن أنس –رضي الله عنه- قال: نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب. وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7523) . وأنس –رضي الله عنه- تأخرت وفاته إلى 92-93هـ وقد أدرك زمن الحجاج بن يوسف وهو من الظلمة المشهورين. وفي كتاب آداب الحسن البصري لابن الجوزي (ص119) : سمع الحسن رجلاً يدعو على الحجاج، فقال: لا تفعل رحمك الله إنكم من أنفسكم أُتيتم إنما نخاف إن عزل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير؛ فقد روي أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "عمالكم كأعمالكم وكما تكونوا يول عليكم". [وانظر السلسة الضعيفة رقم (320) ] . ولقد بلغني أن رجلاً كتب إلى بعض الصالحين يشكو إليه جور العمال –الحكام ونحوهم- فكتب إليه: يا أخي وصلني كتابك تذكر ما أنتم فيه من جور العمال, وإنه ليس ينبغي لمن عمل بالمعصية أن ينكر العقوبة، وما أظن الذي أنتم فيه إلا من شؤم الذنوب والسلام. ولقد بلغني أن أبا بكر –رضي الله عنه- خطب على منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أيها الناس سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله جل ثناؤه يقول: أنا الله لا إله إلا أنا مالك الملوك قلوب الملوك بيدي، فمن أطاعني منكم جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشغلوا قلوبكم بسبب الملوك، ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم". انتهى. [والأثر لا يصح مرفوعاً، انظر الطبراني الأوسط رقم (8957) ، ومجمع الزوائد (5/249) قال فيه إبراهيم بن راشد وهو متروك] . وذكر الغزالي في الأحياء (3/303) عن رجل دخل على ابن سيرين، فتناول عنده الحجاج فقال ابن سيرين: إن الله حكم عدل ينتقم للحجاج ممن اغتابه كما ينتقم من الحجاج لمن ظلمه، وإنك إذا لقيت الله غداً كان أصغر ذنب أصبته أشد عليك من أعظم ذنب أصابه الحجاج. ا. هـ

وجماع ذلك أن الواجب على المؤمن أن يحفظ لسانه، ويعلم أنه محاسب ومحصى عليه كل ما يتكلم به، قال تعالى: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" [ق:18] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" أخرجه البخاري (6018) ، ومسلم (47) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وهذا الحديث جامع مانع، وهو قاعدة عظيمة لما يتكلم به المؤمن وما لا يتكلم به. أسأل الله -تعالى- أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يولي عليهم خيارهم ويكفيهم شرارهم، وصلى الله على نبينا محمد.

المشاركة في المجالس النيابية

المشاركة في المجالس النيابية المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 03/03/1427هـ السؤال اختلفت الاجتهادات بالنسبة لجدوى تغيير المنكر عن طريق المجالس النيابية، فبعض طلبة العلم يرى دعوة الناس مباشرة لا عن طريق مجلس الأمة، وأن الداعية إذا دخل معترك مجلس الأمة أصبح ملزماً به، فيتأثر بالعَلمانية بدل أن يؤثر في المجتمع بالكتاب والسنة، فكيف نوفق بين القولين في إطار الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واجب كفائي على الأمة، كما قال تعالى: "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [آل عمران:104] ، ولا يتم لهم ذلك إلا بالاتحاد والاتفاق، ولذلك حذرهم من ضدهما، فقال: "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [آل عمران:105] . فالواجب على أهل العلم، والدعاة، والمصلحين، من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- السعي بشتى السبل الممكنة لتحقيق هذه المصالح أو بعضها، والتخفيف من المفاسد أو بعضها، كما قال نبي الله شعيب -عليه السلام-: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" [هود:88] . وأن يتعاونوا، ويتناصحوا، فيما بينهم، وأن يشتغل كل منهم في المجال الذي يحسنه، ويسد الثغر الذي لا يسده غيره، مع الاجتهاد التام في إصابة الحق، والرجوع إليه عند الخطأ. وتأسيسا على ما مضى، فلا بأس أن ينتدب بعض أهل الإصلاح للدخول في المجالس النيابية؛ لتحصيل ما أمكن من المطالب الشرعية، وتخفيف ما قد يقع من المفاسد، دون أن يجترح شيئاً من المخالفات الكبرى؛ فإن المفسدة الصغرى، تنغمر بجنب المصلحة الكبرى، وفي ذات الوقت يبقى غيرهم من أهل العلم والدعوة على مشاريعهم العلمية والدعوية في توجيه الناس، وإصلاحهم. وعلى الدعاة والمصلحين وطلبة العلم أن يتآلفوا، ويتناصحوا، ويتعاذروا في الأمور الاجتهادية، ويغلبوا جانب حسن الظن فيما بينهم. وبذلك تصلح الأمور، وتستقيم الأحوال، بإذن الله وتوفيقه. والله -تعالى- الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.

ارتكاب الصحابة للمعاصي بعد آية الرضى!

ارتكاب الصحابة للمعاصي بعد آية الرضى! المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/04/1427هـ السؤال لقيت رجلاً من الشيعة، وجرى بيني وبينه هذا الحوار: قلت: قال الله في القرآن إنه راض عن جميع الصحابة فلماذا تبغضون بعضهم؟ قال الشيعي: إذا رضي الله عنهم ثم بعد نزول هذه الآية قام بعضهم بشرب الخمر، وفعل السيئات، فهل سيظل راضياً عنهم؟ وهذا يعني أنه يتهم الصحابة بفعل السيئات! فكيف أرد عليه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الخلاف بين الشيعة والسنة ليس في قضية الصحابة فحسب، بل أصل الخلاف في المصدر الذي يأخذون منه دينهم، والمصدر الذي نأخذ منه ديننا! وأما الرد على هذا الضال الساب للصحابة -رضي الله عنهم- فمن وجوه: الأول: أنه إذا سلم بأن الله قد رضي عنهم، فإن دعواه بعد ذلك بانتفاء هذا الرضا عنهم، أو إتيانهم بما ينقضه، دعوى باطلة فيها رد لنص القرآن "فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين" [التوبة:96] ، فكيف يكون راضياً عنهم أولاً. الوجه الثاني: أن من فهم أن ما ورد من ثناء على الصحابة كقوله -تعالى-:"لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة" [الفتح:18] ، من فهم أنه مختص بحال نزول الآية دون ما بعدها، فقد جاء بفهم من قبل نفسه لا يُسلم به أبداً، وهذا الفهم يسلب فائدة الآية، فلا يكون الرضا متحققاً لهؤلاء المؤمنين ولا مزية لهم تُذكر. الثالث: أن الاتهام لا بد له من دليل "ولو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء رجال وأموالهم" صحيح البخاري (2514) وصحيح مسلم (1711) ، فكيف إذا كان هذا الاتهام لصفوة الأمة ووزراء نبيها -صلى الله عليه وسلم-؟! فما دليله على اتهامه لهم بشرب الخمر، وفعل السيئات؟ وهل يُعقل أن يفعل ذلك جميع الصحابة، أو أكثرهم؟ سبحانك هذا بهتان عظيم. الرابع: أننا لو أجرينا الافتراض العقلي بوجود بعض المعاصي من بعض الصحابة -رضي الله عنهم- بعد نزول الآيات في الثناء عليهم والرضا عنهم، فهل يعد مثل ذلك ناقضاً للرضا؟. من لم يفقه ما جاء في الكتاب والسنة قد يفهم ذلك، ولكن من تأمل النصوص الكثيرة عرف أن المعاصي لها مكفرات كثيرة غير التوبة منها، فمن تلك المكفرات: الطاعات، والمصائب، والحسنات العظيمة السابقة، ودعاء الشخص نفسه، ودعاء غيره له، وغير ذلك ... فهب أن صحابياً وقع منه شيء من المعاصي، فمن ذا الذي يجزم بعدم تكفير تلك المعصية ومحوها؟! لا أحد يعلم بذلك إلا الله، وإذا محيت المعصية فنعلم أن الله قد علم حين رضي عنهم -سبحانه- أنهم وإن عملوا معصية فإنها ستكفر عنهم. ومن أظهر ما يستدل به في هذا الباب قصة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- وهي في الصحيحين البخاري (3007) ومسلم (2494) حيث كتب للمشركين يخبرهم بمسير النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم، فلما كلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إلى جنبه عمر -رضي الله عنه- فقال: دعني أضرب عنقه فإنه منافق، قال -عليه الصلاة والسلام-:"إنه قد شهد بدراً، وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم".

فماذا يقول هذا الرافضي في هذا الحديث؟ وهل المغفرة لأهل بدر ترتفع وتنتفي بمثل ما صنع حاطب؟ وكأن الله لا يعلم ما هم عاملون؟! - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

صحة حديث الدعاء الذي يهتز له العرش!

صحة حديث الدعاء الذي يهتز له العرش! المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 19/02/1427هـ السؤال أرجو بيان صحة الحديث الآتي: وهو دعاء مكتوب على باطن جناح جبريل عندما رفع عيسى -عليه السلام- إلى السماء: "اللهم إني أدعوك باسمك الواحد الأعز؛ وأدعوك اللهم باسمك الصمد؛ وأدعوك باسمك العظيم الوتر؛ وأدعوك باسمك الكبير المتعال الذي ثبت به أركانك كلها أن تكشف عني ما أصبحت وما أمسيت فيه". فقال ذلك عيسى عليه السلام؛ فأوحى الله تعالى إلى جبريل أن ارفع عبدي إلى السماء. وقال صلى الله عليه وسلم: "يا بني عبد المطلب سلوا ربكم بهذه الكلمات، فو الذي نفسي بيده؛ ما دعاه بهن عبد بإخلاص فيه إلا اهتز العرش، وإلا قال الله لملائكته: اشهدوا أني قد استجبت له بهن، وأعطيته سؤاله في عاجل دنياه وآجل آخرته". الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فبعد البحث وجدت الحديث قد رواه الخطيب البغدادي في تاريخه (11/379) ، وابن عساكر في تاريخه (47/471) ، وقد أورده ابن الجوزي في موضوعاته (3/430) ح (1662) ، وقال عنه: هذا حديث لا يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعامة رواته مجاهيل لا يعرفون.

ثوب منسوج من حرير ومن غيره

ثوب منسوج من حرير ومن غيره المجيب وليد بن علي الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/03/1427هـ السؤال قرأت في القواعد الكبرى للعز بن عبد السلام: أن المصالح الدنيوية عزيزة الوجود، وأن المصالح غالبا ما تقترن بالمفاسد، لذلك فإن المسلم عليه أن ينظر إلى الجانب الغالب منهما، فإذا غلبت المصلحةُ المفسدةَ جلبنا المصلحة رغم ارتكاب المفسدة، وإذا غلبت المفسدةُ أو تساوت مع المصلحة تركنا الفعل رغم فوات المصلحة. فهل إذا اقتنى المسلم الذكر ثوبًا يحتوي على نسبة أقل من 50 بالمائة من الحرير يحل له لباسه؛ على اعتبار أن الحرام فيه أقل؟ وكذلك الشأن مع الذهب إذا اختلط بمعدن يباح للمسلم استعماله؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن الفعل غالباً ما يكون مشتملاً على مصلحة ومفسدة، ويندر كون الفعل مشتملاً على مصلحة محضة فقط، أو مفسدة محضة، كما قال القرافي: "استقراء الشريعة يقتضي أن ما من مصلحة إلا وفيها مفسدة ولو قلت على البعد، ولا مفسدة إلا وفيها مصلحة"، فعند الحكم على الفعل ينظر إلى ما يغلب عليه من المصلحة أو المفسدة، فإن كانت مصلحته هي الغالبة عند مناظرتها مع المفسدة كانت هي المقصودة شرعاً، فيكون الفعل مطلوباً، وإن كانت مفسدته هي الغالبة كان رفعها هو المقصود شرعاً، ولهذا شواهد كثيرة في الشريعة، حيث ورد الأمر بما مصلحته غالبة على مفسدته، كمشروعية إقامة الحدود على الجناة -مثلاً- مع أن فيها مفسدة عليهم، لكن شرعت لمصلحة أعظم، وهي حفظ الضروريات الخمس. وورد النهي عن ما مفسدته غالبة على مصلحته، كالنهي عن سب آلهة الكفار بقوله تعالى: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام:108] . فسب آلهة الكفار من الأصنام وغيرها فيه مصلحة بيان عجزها وإهانتها، ومع ذلك نهى الله -عز وجل- عن سبها لما يؤدي إليه سبها من مفسدة أشد، وهي مقابلتهم ذلك بسب الله -عز وجل-. وقد بنى الفقهاء فروعهم وتطبيقاتهم على الموازنة بين مصلحة الفعل ومفسدته، والحكم على الغالب منهما، فأجازوا -مثلاً- شق بطن المرأة الميتة لإخراج الجنين، مع أن فيه مفسدة انتهاك حرمة الميت، لكن لمصلحة حفظ الروح التي هي أرجح، وغيرها من الأمثلة، وهذا معنى كلام العز بن عبد السلام -رحمه الله-. وأما ما ذكرته من أمثلة فلا يندرج تحت قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد، وإنما يندرج تحت قاعدة: "العبرة في الشيء للغالب الأعم"، وأن الشيء اليسير مغتفر في الشريعة. وقد دلت لهاتين القاعدتين شواهد كثيرة من الكتاب والسنة، فأما الحرير اليسير فقد أجاز جمهور العلماء لبس الحرير اليسير في الثوب؛ لأن العبرة بالغالب، ولأنه لا يطلق على الثوب أنه من حرير، لكون الحرير فيه يسيراً.

يقول ابن تيمية: "فإن نسج مع الحرير غيره كالقطن والكتان والوبر والصوف ونحو ذلك، فالذي ذكره أكثر المتأخرين من أصحابنا القاضي وأصحابه ومن بعدهم أنه إن كان الحرير هو الغالب حرم، وإن كان الحرير هو الأقل جاز، قال بعضهم قولاً واحداً، وإن استويا فوجهان: أحدهما: يحرم وهو أشبه بكلام الإمام أحمد؛ لأن الرخصة إنما جاءت في اليسير الذي هو مقدار أربعة أصابع، فألحقنا بذلك ما إذا كان الحرير هو الأقل؛ لأن الحكم للأكثر". كما أجاز بعض الفقهاء -ومنهم ابن تيمية- الذهب اليسير عند الحاجة في اللباس، وفي حلية السيف، ونحوها. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

هل ألام على بغض والدي؟!

هل أُلاَم على بغض والدي؟! المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 09/04/1427هـ السؤال السلام عليكم مشكلتي أنني أَكِنُّ لوالدي بعض البغضاء بسبب مشكلات منها أنه بخيل رغم أنه غني، أنا طالب وأحتاج إلى المال للدراسة أريد معرفة حكم هذه البغضاء المؤقتة! الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فلا يوجد عاقل يكره أباه، ولكن هذا من باب كراهة الأفعال، فأنت تكره البخل عند أبيك، وتود لو أنه كان أكثر سخاء مما هو عليه، خاصة وأنت طالب تحتاج إلى المال، وهذه الكراهة تسبب لك مضايقات، وتسبب لك وخز الضمير. والواجب عليك أن تصارح والدك بالكلمة الطيبة، والعبارة الحسنة، بأنك طالب في مقتبل العمر، وأنك تحتاج إلى الكثير من المال لتلبية متطلبات الدراسة، وأن أي تشاغل عن هذا الأمر يعرض دراستك للتأخر؛ وستجد أن كلامك مع والدك بلسان لبق، وعبارة جميلة يلين قلبه بل يفرح بك وبنشاطك وصراحتك؛ جرب؛ والله المقرب بين القلوب، لكن لا يخطر ببالك أن تجعل في قلبك ذرة كراهة لوالدك، والله يوفقك. والله أعلم.

هل تلزمها طاعة زوجها في المسائل الخلافية!

هل تلزمها طاعة زوجها في المسائل الخلافية! المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/04/1427هـ السؤال هل يلزم الزوجة طاعة زوجها في الأمور التي يختلف فيها العلماء، فإذا كان الزوج يأخذ بالقول المحرم، أو القول الأورع، ثم تأتي الزوجة وتقول: إن العالم الفلاني أجاز هذا، وأنا آخذ بقوله؟ فهل للزوج أن يلزم زوجته برأيه في هذه المسألة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالواجب على المرأة عموماً طاعة زوجها في غير معصية، وفيما لا يضرها، أو يضيع حقوقها، أما المسائل الخلافية بين العلماء، فإن القاعدة: أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد، والمقصود بها المسائل التي وقع فيها الخلاف بين العلماء لعدم وجود نص في المسألة، أما لو كان هناك خلاف بين العلماء لكن هناك نص قاطع في المسألة فالعبرة بالنص. والموقف من الخلاف أننا نحفظ للعلماء مكانتهم أولاً، وأما تقليدهم، فإن المسلم إذا كان يستطيع النظر في الأدلة ويرجح بين الأقوال، فإن الواجب عليه اتباع الدليل، لا الأقوال، وأما إن كان لا يستطيع النظر والترجيح، فإن الواجب عليه أن يسأل من يثق في علمه ودينه، ثم يعمل برأيه، ولا يكلفه الله أكثر من ذلك "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر.." [النحل:43-44] . وإن وقع الخلاف بين العلماء في مسألة معينة، فإن الواجب على من لا يستطيع النظر والترجيح، تقليد أكثرهم علماً وديناً، ويُعلم ذلك بالأدلة والأمارات، فكما يطمئن الإنسان إلى طبيب معين ويرى أنه الأحسن -مع أنه ليس متخصصاً بالطب- وذلك لما يرى من الأمارت إما لرجوع الأطباء إليه، أو لشهرته، ونجاحاته، ونحو ذلك مما يصل معه الإنسان إلى اطمئنان بأنه الأحسن، فكذلك مع المفتين، فإنه يبحث عن الأعلم، والأدين، بحسب ما يرى من الأمارات، ولا يجوز له تتبع الرخص أو الأخذ بفتوى فلان لأنه الأسهل فقط. وإذا تقرر ما سبق فإنه لا يمكن الحكم على كل المسائل التي تقع بين الزوجين مما أشير إليه في السؤال بحكم واحد، بل ننظر في المسألة فإن كانت من المباحات ولا يضر الزوجة طاعة الزوج فيها، فإن طاعته لازمة على المرأة، وأما إن كانت المرأة مقلدة لعالم يرى أن هذا الأمر محرم، فإن الزوج لا يجوز له إلزامها بهذا الأمر. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

اهداء ثواب قراءة القرآن للميت

اهداء ثواب قراءة القرآن للميت المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/02/1427هـ السؤال نلاحظ أن بعض الأبناء يقرأ القرآن الكريم كاملاً، ويقول هذه الختمة مهداة لروح والدي أو والدتي، أو أي ميِّت من الناس. فهل هذا مشروع؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه الأعمال لم تكن في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن ذكر العلماء وصول الثواب إلى الميت، أما من ولده فلا خلاف في ذلك، ففي صحيح مسلم (1631) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". وقال العلماء: أي عمل بنية الميت يصل ثوابه له، فقد قال ابن تيمية -رحمه الله- في شرح العمدة (2/237) : فأما إن حج عن نفسه، ثم أهدى ثوابها للميت؛ فهذا يجوز عندنا قولاً واحداً. وقال عبد الله بن قدامة المقدسي في عمدة الفقه (1/28) : وأي قربة فعلها، وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك. وفي الإنصاف للمراداوي (2/560) : أي قربة فعلها: الدعاء، والاستغفار، والواجب الذي تدخله النيابة، وصدقة التطوع، والعتق، وحج التطوع، فإذا فعلها المسلم وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إجماعًا، وكذا تصل إليه القراءة والصلاة والصيام. وفي روضة الطالبين للنووي الشافعي (5/191) : وإن قرأ ثم جعل ما حصل من الأجر له (للميت) ، فهذا دعاء بحصول ذلك الأجر للميت فينفع الميت. وقال المليباري الشافعي في فتح المعين (3/221) : وقد نص الشافعي والأصحاب على ندب قراءة ما تيسر عند الميت، والدعاء عقبها؛ أي لأنه حينئذ أرجى للإجابة، ولأن الميت تناله بركة القراءة؛ كالحي الحاضر. والله أعلم.

عمل المرأة في مجال التعليم

عمل المرأة في مجال التعليم المجيب د. جمال المراكبي رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 25/05/1427هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد: فضيلة الشيخ ما الحكم الشرعي عمل المرأة في مجال التعليم معلمة أو مدرسة للصف الابتدائي من6 سنوات إلى 12سنة مع العلم الالتزام بلباس الشرعي أفيدونا أفادكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين، وبعد: أهلا بك -أخي الكريم- ونسعد بتواصلك معنا عبر موقع "الإسلام اليوم" دائما، فهناك -كما هو معروف- علاقة وثيقة بين الأمومة والطفولة، وهو مقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها؛ لذا فإن التعامل مع الطفل في مراحله الأولى وبالأخص في مرحلة التعليم الابتدائي، يحتاج إلى معاملة رقيقة حنونة ما قد لا يتوفر إلا في المرأة وهي -إضافة لحكم الفطرة- إن أخذت قسطا وافرا من التدريب التربوي فهي أفضل من يقوم بمهمة التعليم في هذه المرحلة التي يكون فيها الطفل غضا طريا قابلا للتشكيل. كذا إن توافرت للمرأة المسلمة ظروف مناسبة؛ بحيث لا تَبرُّج، ولا تعرُّض للاختلاط بالرجال الأجانب، أو تتجشم ركوب المواصلات المرهقة، وألا يؤثر ذلك أيضا على خاصة نفسها وبيتها؛ زوجا وأولادا ومن تعول، نقول: إن توافرت تلك الشروط فليس هنالك حرج شرعي ولا مانع ديني من عملها معلمة أو مدرسة.. والله أعلم.

السكن مع عائلات في الغرب لتعلم اللغة

السكن مع عائلات في الغرب لتعلم اللغة المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 04/03/1427هـ السؤال ذهبت إلى بلاد الغرب لتعلم اللغة الإنجليزية، وسكنت مع عائلة نصرانية، وبعد ذلك قررت مع مجموعة من الأصدقاء أن نستأجر شقة، وهم من نفس الجنسية وجميعهم مسلمون، لكن المشكلة أني حائر: هل أترك أصدقائي وأرجع للعائلة لأكسب اللغة، أم أجلس مع الشباب، ونصلي مع بعض جماعة؟ علماً أن الشباب يسمعون الأغاني وكثيرو الهزل والضحك، وأنا أريد الثبات، فأعينوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فسكنك مع زملائك الشباب خير لك من السكن مع العائلة النصرانية، ولا سيما وزملاؤك -كما ذكرت- من أهل الخير والصلاح مواظبون على الصلاة، وسماعهم الأغاني وكثرة مزاحهم أخف ضرراً من سكنك ونومك وأكلك وشربك مع عائلة أجنبية، فأنت مخالف للشرع باختلاطك أو خلوتك بامرأة أجنبية عنك، فضلاً عما قد يترتب عليها من مفاسد أخرى لا تحمد عقباها في الدنيا والآخرة، ولا سيما مع وجود المغريات وعدم العفة واستحلال الزنا عند نساء الكفار، كاتخاذ الأخدان والأصدقاء، ومحافظتك على دينك -ولو تأخرت قليلاً في إتقان اللغة- خير لك من إتقان اللغة وضياع الدين. وفَّق الله الجميع إلى الخير، وعصمنا وإياك عن محارمه. آمين.

ثبوت حد الردة!

ثبوت حد الردة! المجيب عاصم بن ناصر القاسم القاضي بمحكمة تمير التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 24/05/1427هـ السؤال سمعت فتوى لبعض أهل العلم يقول فيها: إن حَدَّ الردة لم يرد في القرآن الكريم، أو السنة المطهرة، وأنه اجتهاد من العلماء المتأخرين، وذكر أن للمسلم مطلق الحرية في ترك دينه دون أي مساءلة! فما حكم الشرع في الرِّدَّة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعقوبة المرتد عن دين الإسلام هي القتل بعد أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، كما في صحيح البخاري (6922) وغيره، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من بدل دينه فاقتلوه". وفي الصحيحين عن معاذ -رضي الله عنه أنه- قال في مرتد رآه عند أبي موسى الأشعري في اليمن: لا أجلس حتى يقتل، -قضاء الله ورسوله- صحيح البخاري (6923) ، وصحيح مسلم (1824) . وقد حُكِي الإجماع على وجوب قتل المرتد، وروي ذلك عن أبي بكر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد وغيرهم ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة -رضوان الله عليهم- فكان إجماعاً. وأنصح السائل وغيره بالرجوع في مثل هذه المسائل إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما عليه صحابته الكرام -رضوان الله عليهم- وصلى الله وسلم على محمد.

الاعتراف المنتزع بالتعذيب

الاعتراف المنتزع بالتعذيب المجيب عاصم بن ناصر القاسم القاضي بمحكمة تمير التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 13/03/1427هـ السؤال ما حكم الشهادات والاعترافات التي تتم بطريقة التعذيب، وما حجيتها عند عرضها في المحاكم الإسلامية؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا يحتج بالإقرار المنتزع بالإكراه أو التعذيب، وكذلك الشهادة؛ لعموم النصوص الشرعية الدالة على رفع الحرج عن المكْرَه، ومنها قوله تعالى: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِن بِالْإِيمَانِ" [النحل:106] . وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" أخرجه ابن ماجه (2043) ، وغيره. وهذا هو المعمول به في المحاكم الشرعية. وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.

الحلف بالطلاق بقصد المنع!

الحلف بالطلاق بقصد المنع! المجيب هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/05/1427هـ السؤال حلف أخي بالطلاق عدة مرات على ابنه، قال له: عليَّ الطلاق إذا ما تزوجت مع أخيك في نفس اليوم، فلن أحضر عرسك، ولا أهلك يحضرون. والواقع أن الابن لم يتزوج مع أخيه في نفس اليوم، وقد مر على هذا الأمر قرابة سنتين، والابن يريد الزواج الآن، وأهله أخبروه أنهم لن يحضروا العرس خوفاً من وقوع اليمين. فهل يقع الطلاق إذا حضروا العرس؟. فهو لم يقصد وقوع الطلاق. وهل توجد فتوى بهذه الحالة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن كان الحال كما ذكر السائل من أن قصد الحالف بالطلاق حث ابنه على الزواج مع أخيه في يوم واحد، ولم يقصد إيقاع الطلاق في حالة عدم ذلك؛ فإن حكم ذلك حكم اليمين، على الصحيح من أقوال أهل العلم. وما دام أنه لم يتزوج معه في يوم واحد، فإن لم يحضر هو وأهله زواج ابنه فلا شيء عليه. وإن حضروا الزواج وهذا أفضل، وأحرى، وفيه خير وبر وصلة -فإن عليه كفارة يمين، وهي عتق رقبة مؤمنة، أو إطعام عشرة مساكين، -لكل مسكين نصف صاع من البر ونحوه ويضع معه بعض الإدام (كيلو ونصف تقريباً للمسكين الواحد) - أو كسوتهم. فإن لم يجد أحد هذه الثلاثة أشياء صام ثلاثة أيام. وأما إن كان قصد الحالف بهذا اللفظ إيقاع الطلاق بعدم زواج ابنه مع أخيه في يوم واحد ... فإن طلاقه يقع ما دام أن ابنه لم يتزوج مع أخيه في يوم واحد، وإن كان ظاهر اللفظ يدل على القصد الأول. وعلى كل فإن الحلف بالطلاق لا يجوز، وعليه التوبة، والاستغفار، وأن لا يحلف إلا بالله تعالى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" صحيح البخاري (2679) ، وصحيح مسلم (1646) . والله تعالى أعلم.

هل الإتلاف بغير قصد يوجب الضمان؟

هل الإتلاف بغير قصد يوجب الضمان؟ المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/05/1427هـ السؤال إذا أتلفت أو أفسدت شيئا من غير قصد، فهل يجب علي أن أدفع قيمة هذا الشيء، أو أصلحه على حسابي، أم أن ذلك لا يجب؟ وهل هذا هو ما يسمى بالغرامة أو العوض؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيجب على من أتلف أو أفسد أي شيء على أي إنسان أن يعوضه قيمة ما أتلف، أو قيمة ما أفسد، وعليه أن يصلح ما أفسد -ولو من غير قصد- على حسابه؛ لأنه أفسد، ولأن أموال الناس مصونة في الإسلام، والفرق بين القصد وغيره: أن من قصد إتلاف مال لإنسان فهو آثم مع ضمان القيمة، أما إن كان من غير قصد، فيضمن القيمة من غير إثم، والضمان على كل حال واجب، وبعض الناس يسميه غرامة. ويقول: لا تجوز الغرامة، وبعضهم يسميه: عوضًا، ويقول: لا تقبل العوض. وهذا خطأ كبير، ففي صحيح مسلم (2564) : "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه". والله أعلم.

السفر بالمصحف لبلاد الكفار!

السفر بالمصحف لبلاد الكفار! المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/05/1427هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم ما تفصيل الكلام في مسألة السفر بالقرآن إلى بلاد الكفار، وما حكم ذلك في هذا الزمن؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فأخرج البخاري (2990) ومسلم (1869) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. زاد مسلم: "مخافة أن يناله العدو". وفي رواية لمسلم: قال صلى الله عليه وسلم: "لا تسافروا بالقرآن، فإني لا آمن أن يناله العدو". والنص يدل على التحريم إلا لصارف، والعدو المراد به الكافر الحربي. ولذا أخرجه البخاري في كتاب الجهاد، ومسلم في كتاب الإمارة، وقد ذكر فيه جملة من أحاديث الجهاد. وأخرجه أبو داود (2610) وابن ماجة (2879) في كتاب الجهاد. وقوله: "مخافة أن يناله العدو"، "فإنى لا آمن أن يناله العدو" بيان لعلة النهي. وعلى ما تقدم فإنه لا يجوز الذهاب بالمصاحفِ لبلاد الكفار إذا خيف أنهم يأخذونها، ويعتدون عليها؛ إذ إن المشركين أنجاس، كما قال تعالى: "إنما المشركون نجس" والقرآن يجب تنزيهه عن الأقذار والأنجاس، وفي كونه عند أهل الكفر إهانة له. أما إذا أمن أن يناله العدو لقوة المسلمين، أو وجود مواثيق وعهود بينهم وبين الكفار، وكان المقصود بالسفر هم المسلمون، فلا بأس بذلك وهو الصحيح في هذه المسألة في هذه الأزمنة وقبلها. إذ إن من العلماء من منع ذلك مطلقاً، ومنهم من أجازه مطلقاً، ومنهم من فصل، وهو الراجح، كما تقدم. والله ولي التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل الراتب التقاعدي يقسم كالتركة؟!

هل الراتب التقاعدي يُقسم كالتركة؟! المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 23/05/1427هـ السؤال توفي أبي -رحمة الله- وترك لنا راتب التقاعد، ولدي أخوان صغيران في السن، فهل هذا الراتب يعد خاصا بهما، أم أنه كباقي التركة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالراتب التقاعدي، أو معاش التقاعد الذي يصرف لذوي الميت بعده، ليس سبيله سبيل الميراث يقسم على الورثة -حسب ما ذكره الله تعالى في كتابه- وإنما هو مما التزمه ولي الأمر لرعيته بشرط قيامهم بالأعمال، ولذا يصرف للعاجز، وغير المتزوجة، والصغير، ولا يصرف لهم إذا زال العذر، هذا على قول أكثر العلماء المعاصرين. وعليه فإن المال المخصص لأخويك الصغيرين هو حقهما، وعلى وليهما أن يقبضه بدلا منهما ويصرف عليهما منه بالمعروف، وما توفر منه فإنه يسلم لهما حال بلوغهما ورشدهما، قال تعالى: "وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا" [النساء:5-6] . قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا" [النساء:10] . وبذا يتم الجواب عما ذكر السائل، -والله أعلم- وصلى الله وسلم على نبينا محمد. وآله.

هل كان الدجال حيا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم؟!

هل كان الدجال حيًّا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم؟! المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 28/05/1427هـ السؤال قرأت في حديث أن الخضر عليه السلام قد توفي. وروى مسلم عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، صلى بهم العشاء في ليلة قبيل وفاته، ثم وقف، وقال: "هل ترون ليلتكم هذه؟ لا يأتي على الناس مائة سنة، وعلى الأرض عين تطرف ممن هو حيّ اليوم، والله إن رجاء هذه الأمة بعد مائة عام". قال ابن عمر: لم يفهم الناس هذه الكلمات، وقالوا: إن معناها يوم القيامة سيأتي بعد مائة عام. لكن معنى الكلام: أن لا أحد من الجيل الحالي إلا وسيفنى. فإذا صح هذا الحديث، فكيف ينطبق هذا الكلام على الدجال؟ ألم يكن حيًّا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالحديث الذي ذكرته جاء في صحيح مسلم -كتاب الفضائل- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم" حديث (2537) عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته، فلما سلم، قام، فقال: "أرايتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد". قال ابن عمر فوهل الناس في مقالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مئة سنة، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد" يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن. هذا نص الحديث. ومعنى وَهَلَ الناس. أي غلطوا. والمراد ذهب وهمهم إلى غير الصواب. وما ذكرته عن موت الخضر هو الصحيح وهو الذي عليه الجمهور. وأما ما أشكل عليك من كون الدجال كان حيًّا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن هذا قد أشكل على غيرك أيضاً، حتى أشكل على الصحابة -رضوان الله عليهم- وذلك مبسوط في موضعه، من قصة ابن صياد حيث اختلف في أمره اختلافاً شديداً، هل هو الدجال أم أنه دجالٌ آخر من الدجاجلة، قال ابن تيمية -رحمه الله-: (إن أمر ابن صياد قد أشكل على بعض الصحابة فظنوه الدجال، وتوقف فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال، إنما هو من جنس الكهان من أصحاب الأحوال الشيطانية، ولذلك ذهب ليختبره) ، انظر الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص77) . وقال النووي في شرح مسلم (18/46) : (قال العلماء: وقصته مشكلة، وأمره مشتبه في أنه هل هو المسيح الدجال المشهور أم غيره، ولا شك في أنه دجال من الدجاجلة) . والذي يظهر في هذا أن ابن صياد دجال من الدجاجلة، وليس هو الدجال المقصود الذي يظهر في آخر الزمان والله أعلم. وانظر بسط القول في ذلك في شرح مسلم للنووي (18/46-58) والنهاية في الفتن والملاحم (1/108،107) ، وجامع الأصول لابن الأثير (10/375،362) والتذكرة للقرطبي، وغيرها من الكتب التي ذكرت فيها أشراط الساعة، وقصة ابن صياد. والله الموفق.

شروط الزواج بالنصرانية

شروط الزواج بالنصرانية المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 01/06/1427هـ السؤال الزواج من النصرانيات جائز حسب علمي، لكن هل الزواج من الروس الذين يقولون: إنهم نصارى، وهم يشربون الخمور، ويمارسون الزنا، ويعرفون القليل من الديانة النصرانية، جائز؟ وهل نعتبرهم نصارى؟ وما هي شروط هذا الزواج؟ هل يشترط حضور ولي أمر الفتاة؟ وما حكم الآية: "الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" هل الآية منسوخة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيجوز للمسلم أن يتزوج كتابيّة سواء كانت متمسكة بدينها، أو لا تلتزم إلا بأصل الدين، وتخالف في فروعه، قال تعالى: "وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ" [المائدة:5] . والآية المذكورة ليست منسوخة، ومعناها النهي عن الزواج بالزانية، بل يتزوّج المسلم العفيفة، سواء كانت مسلمة أو كتابيّة. وفي الكتابيات نساء لا يرتكبن الزنا، ولا يفعلنه، إلا في ما يشابه النكاح من الروابط التي يعتبرونها نكاحاً. والحاصل أن الكتابية وكذلك المسلمة لا يجوز الزواج منها إذا كانت زانية، لكن العقد الذي حصل صحيح عند جمهور أهل العلم إذا تبينت براءة رحمها. ولابد في الزواج من وجود ولي للمرأة؛ وهو والدها، أو جدها، أو أخوها مع حضور الشهود. فإن لم يوجد لها ولي، فيكون وليها هو القائم بالمركز الإسلامي، فإن لم يوجد فإنها تختار من أقاربها أو غيرهم من كبار الناس من تجعله وليًّا عليها. وإذا احتاج المسلم للزواج هناك ولم يجد سوى هذه الطريقة للنكاح، فلا حرج عليه فيها. والله المستعان.

ضيفتها فأكلت لحم خنزير!

ضيفتها فأكلت لحم خنزير! المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/03/1427هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم دعوت بعض صديقاتي في العمل لتناول العشاء في أحد المطاعم، وعند طلب الطعام اكتشفت أن واحدة منهن طلبت شيئاً يحوي لحم خنزير، ولم أستطع أن أقول: لا، مع أنني أنا التي دفعت المال، والآن أشعر أنني ارتكبت إثماً كبيراً، فكيف أكفر عن هذا الإثم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإنك أيتها الأخت -بارك الله فيك- لم توضحي إن كانت من طلبت لحم الخنزير مسلمة أم لا، فإن كانت غير مسلمة وقد طلبت بنفسها لحم الخنزير أي من غير تقديم منك لها فلعل الأمر يكون أيسر، وإن كان الأولى أن تخبريها بأسلوب مناسب أنك مسلمة، ولا ترضين بتقديم لحم الخنزير، وتعتذرين إليها بذلك، فإن أخذته بنفسها واشترته بمالها فليس عليك -إن شاء الله- من حرج، وأما إن دفعت المال كما حصل منك فاستغفري الله تعالى وتوبي إليه، والله تعالى يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات. وأما إن كانت من طلبت لحم الخنزير مسلمة فإن الإثم أعظم، حيث قد اشتمل هذا العمل على أكثر من مخالفة شرعية؛ منها شراء لحم الخنزير وهذا محرم، ومنها إعانة المسلم على المحرم، والله تعالى يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] ، ومنها عدم إنكار المنكر، إذ كان عليك أن تزجريها عن أكل لحم الخنزير، ولا تجامليها في هذا أبداً، وما دمت يا أختي قد ندمت وتبت واستغفرت فأسأل الله تعالى لنا ولك التوبة والمغفرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل يلزم إتمام العقد إذا طرأ غلاء فاحش

هل يلزم إتمام العقد إذا طرأ غلاء فاحش المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 26/03/1427هـ السؤال تمّ عقد بيع بين طرفين بشرط تأجيل تسليم العروض، وعندما حان وقت تنفيذ العقد تغيَّرت الأوضاع الاقتصادية كثيرًا، بحيث يسبّب تنفيذ العقد خسارة فاحشة لأحد الطرفين. فهل يجوز شرعاً -في مثل هذه الحالة- أن تتدخّل الحكومة لمنع الأذى عن أحد الطرفين؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالذي يظهر من السؤال أن هذا من صور عقد السلم الذي يتم فيه تعجيل الثمن وتأجيل المثمن, لأن مراده بتأخير تسليم العروض (أي المعقود عليها) ، ثم حصل التغير في القيمة إما برخص شديد في العروض، بحيث تكون الخسارة على دافع النقود "المسلم"، أو بغلاء شديد تكون فيه الخسارة على المسلم إليه "آخذ الثمن"، وهذا يعد صورة من صور التضخم في الاصطلاح الاقتصادي المعاصر، وهو مشكلة تعرض لها الفقهاء قديماً وحديثاً من جهة التصرف في دين السلم قبل قبضه والاعتياض عنه, فجمهور العلماء على المنع من ذلك بناء على حديث: "من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره" أخرجه أبو داود (3468) وغيره. واختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم جواز بيع المسلم فيه قبل قبضه لمن هو في ذمته بثمن المثل أو دونه ولا يجوز بأكثر منه، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما [مختصر الفتاوى المصرية (345) ، ومجموع الفتاوى (29/503) ، وتهذيب السنن (5/111) ] . ولهم في ذلك تفصيلات، لكن عندي أن الصورة تأخذ نفس الحكم، باعتبار أن التضخم يستوجب التنازل من أحد الطرفين، والاعتياض عن دين السلم بأقل مما وقع التعاقد عليه لهذا الاعتبار دفعاً للضرر. ويمكن أن تخرج على مسألة أخرى وهي تعذر المسلم فيه، لأن التعذر قد يكون حقيقياً بعدم وجود المسلم فيه، أو حكمياً بارتفاع السعر ارتفاعاً ظاهراً يسبب ضرراً على الطرف الآخر. والجمهور من العلماء يرون أن المسلَّم إليه يخير بين الصبر إلى وجود المسلم فيه أو فسخ السلَّم والرجوع برأس المال إن كان موجوداً، أو عوضه إن تعذر، وهذا ينطبق على ما ذكرناه في هذه المسألة، وتدخل الدولة بالفصل حل في مثل هذه الحالات؛ لأنها خصومة في مسألة اجتهادية، وحكم الحاكم يرفع الخلاف. والله أعلم.

عمل الأجير بعد الدوام خارج المؤسسة

عمل الأجير بعد الدوام خارج المؤسسة المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 21/05/1427هـ السؤال أنا مهندس برمجة، هل يحل لي العمل بدوام جزئي لدى مصلحة أخرى إذا كنت أحصل على بعض أعمال البرمجة، وأقوم بها في بيتي؟ وماذا يشترط في مثل هذا العمل؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الموظف إذا كان التعاقد معه على زمن معين، كأن يطالب بالدوام من السابعة حتى الثانية ظهراً مثلاً، فهنا لا يحق له العمل مع جهة أخرى خلال هذه الفترة. وأما ما عداها، فيجوز له العمل، إن لم يكن في العقد شرط يمنع ذلك، ما لم يؤثر على أدائه للعمل الأصلي، سواء كان عمله الآخر بدوام جديد (مثلاً من العصر حتى العشاء) ، أو كان معلقاً بإنجاز عمل معين دون تقيد بزمن. وأما إن كان الموظف قد تم التعاقد معه لإنجاز عمل دون تقيد بزمن ودوام، وله مقابل كل عملٍ أجره، فيجوز له حينئذ أن يتلقى عملاً آخر ... ما دام باستطاعته إنجازها كلها خلال المدة المتفق عليها، والله أعلم.

فعل الشخص لما نهى عنه غيره

فعل الشخص لما نهى عنه غيره المجيب محمد محمد سالم عبد الودود عضو اللجنة العلمية بالموقع التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/05/1427هـ السؤال ما الحكم إذا أنا نصحت المرأة في شيء تستعمله، وكنت أنا أستعمله مثل تشقير الحواجب والعدسات؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: إن فعل الشخص لما نهى عنه غيرَه لا يخلو من أحد احتمالين: أ- أن يكون بسبب رؤية شرعية؛ بأن كان الشخص يرى حرمة الفعل وقت نهيه عنه، ثم تبين له أن الحكم بخلاف ذلك، أو كان نهيه عنه درءًا لمفسدة، وفعله له تحقيقا لمصلحة راجحة. وفي هذه الحالة لا يُعَدُّ ارتكابه للمنهي عنه تناقضا، بل يعتبر من الفقه في الدين، وتنزيل الأحكام على الواقع. إلا أن هذه الحالة لا يفقهها كثير من الناس. ب- أن تكون المخالفة إلى الفعل لا تنطلق من رؤية شرعية، وفي هذه الحالة تكون تناقضا من الفاعل، ودليلا على خلل في عقله، فضلا عن كونها سببا لاندلاق أقتابه في نار جهنم والعياذ بالله تعالى. 1- أما كونها دليلا على خلل في العقل فلقول الله تعالى: "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ" [البقرة:44] . وفي هذا أصرح دلالة على منافاة هذا التصرف لمقتضيات العقول السليمة. ومن هذا المعنى قول الشاعر: يا أيها الرجل المعلم غيره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى *** كيما يصح به وأنت سقيم وأراك تصلح بالرشاد عقولنا *** أبدا وأنت من الرشاد عديم إبدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم فهناك يقبل ما تقول ويُهتدى *** بالقول منك وينفع التعليم لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم 2- وأما كونها سببا في اندلاق الأقتاب في نار جهنم، فلقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُم بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ". أخرجه البخاري (3267) . وعند مسلم (2989) بلفظ: " ... فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ ... ". والانْدلاق - كما جاء في النهاية لابن الأثير (2 / 313) -: خُروج الشَّيء من مكانه؛ يُرِيد: خُروج أمْعَائه من جَوْفه. ثانياً: يجب التنبيه إلى أن وقوع الشخص في المنكر - حفظني الله وإياكم - لا يمنع مسؤوليته عن إنكار هذا المنكر على غيره، بل إن سكوته عن الإنكار يعتبر منكرا آخر. ومن جانب آخر فإن سكوت الشخص عن إنكار المنكر على غيره بحجة وقوعه هو في بعض المنكرات يؤدي إلى سكوت غالبية الناس -إن لم أقل: كلهم- عن إنكار المنكرات؛ لندرة السلامة من شيء من ذلك، وفي هذا تعطيل لهذه الشعيرة العظيمة، وضرر عظيم على الأمة. والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شروط قطع السارق

شروط قطع السارق المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 17/04/1427هـ السؤال متى تقطع يد السارق؟ هل دائماً السارق تقطع يده؟ أم يسجن؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيقول الله تعالى: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم" [المائدة:38] ، فحكم السارق القطع، هذا حد شرعي مقطوع به، لا خلاف بين العلماء فيه. والسارق في الشرع، هو: المكلف الذي أخذ مالا محترما لغيره من حرز مثله خفية من غير شبهة. فمن انطبق عليه التعريف السابق، فاجتمعت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع، فإنه يسمى سارقا ويقطع. نعم قد تحتف بالسرقة شبهات، وقد تختلف أعراف الناس في اعتبار مكان حفظ المال حرزا أم لا، فهذه نظرها إلى الإمام أو نائبه، وقد يعاقب السارق بالعقوبتين القطع والسجن، القطع حدا والسجن تعزيرا، وقد يعاقب بالقطع فقط، وقد يسقط عنه القطع لأي عذر يراه القاضي ويعاقبه بالسجن تعزيراً. والله أعلم.

متى تكون الزوجة ناشزا؟!

متى تكون الزوجة ناشزاً؟! المجيب هاني بن عبد الله الجبير قاضي بمحكمة مكة المكرمة التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 10/05/1427هـ السؤال متى تعد المرأة ناشزاً؟ وهل يمنع عنها المصروف؟ وهل تجب على الزوج نفقة أولاده منها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فتكون المرأة ناشزا إذا عصت زوجها فيما يجب عليها أن تطيعه فيه. مثل أن تمتنع عن مباشرته لها، أو تسافر من غير إذنه، أو ترفض السفر معه، أو المبيت عنده في فراشه، أو تخرج عن بيت الزوجيّة بغير إذنه ولا تعود. وفي حال النشوز تسقط نفقتها فلا يجب على الزوج أن ينفق عليها. ولو أنفق عليها حال نشوزها فهذا منه تطوع. وأما الأولاد فيلزم الأب أن ينفق عليهم سواء كانت أمهم ناشزًا أو لا، وسواء كانوا في حضانته أو في حضانة والدتهم، ما دام قادراً على الإنفاق عليهم قال تعالى: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة:233] . وأحسن أحوال المسلم أن يسعى لحل الخلافات بالصلح والإقناع، أو بالمفارقة مع رعاية الأولاد، والله الموفق.

عصير التفاح المغلي والمنقوع

عصير التفاح المغلي والمنقوع المجيب عبد الله بن علي الريمي ماجستير كلية الشريعة من جامعة الإمام التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 29/05/1427هـ السؤال سؤالي عما يحرم من الأطعمة التي تنقع أو تغلى؛ لأنني سمعت أن غليان عصير التفاح على النار يحوله لخمر بسرعة، فهل إذا أعددت هذا المشروب قبل الشرب مباشرة أي لن يجلس بعد التحضير إلا دقائق معدودة حتى يشرب، فهل حرام أم حلال؟ وما هي الأطعمة التي لو نقعت يحدث لها تخمر وتحرم؟ وما هي الأطعمة التي لو غليت حرمت؟ وكم الفترة الزمنية بعد الغلي أو النقع اللازمة لكل صنف حتى يصير حراماً علينا تناوله؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالقاعدة في الأشربة والأطعمة: 1- أن كل ما أسكر خمر، وكل خمر حرام، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام " رواه مسلم (2003) . وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البِتْع -وهو شراب يتخذ من العسل-، فقال: " كل شراب أسكر فهو حرام" رواه البخاري (5585) ومسلم (2001) . وفي صحيح مسلم (2002) عن جابر -رضي الله عنه- أن رجلاً قدم من جَيْشَان - جَيْشَان من اليمن - فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة، يقال له: المِزْرُ. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أو مسكر هو؟ " قال: نعم. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل مسكر حرام، إن على الله -عز وجل- عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال" قالوا: يا رسول الله: وما طينة الخبال؟ قال: "عرق أهل النار, أو عصارة أهل النار". وأخرجه البخاري (4343) ، ومسلم (1733) هي من حديث أبي موسى -رضي الله عنه- نحوه. وفي مسند الإمام أحمد (9174) عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال "كل مسكر حرام". ورواه النسائي (5588) ، والترمذي (1864) ، وابن ماجة (3401) وقال الترمذي صحيح. وفي سنن ابن ماجة (3388) عن ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "كل مسكر حرام". وفي حديث ديلم الحميري -رضي الله عنه- الذي أخرجه أبو داود (3683) بسند حسن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن شراب، فقال: "هل يسكر؟ " قال: نعم, قال: "فاجتنبوه" وفي سنن ابن ماجة أيضا (3389) عن معاوية -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل مسكر حرام على كل مؤمن" فدلت هذه الأحاديث على أن حكم الطعام أو الشراب مرتبط بالإسكار. فإن أسكر هذا الطعام أو الشراب حرم سواءً كان مغلياً، أو غير مغلي، من أي نوع كان من الفاكهة أو غيرها فالحكم متعلق بوجود الإسكار، فإن وجد الإسكار حرم، وإلا فلا. وهذا الإسكار متعلق بحال الطعام أو الشراب، لا بحال الشخص. ويوضح ذلك القاعدة الثانية:

2- ما أسكر كثيره، فقليله حرام. فعند أبي داود (3681) والترمذي (1865) وصححه ابن حبان (5382) من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره، فقليله حرام". وللنسائي (5607) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مثله, وسنده إلى عمرو صحيح. ولأبي داود (3687) من حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعاً, "كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفَرْق، فملء الكف منه حرام". ولابن حبان (5370) ، والطحاوي (4/216) من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره". فدلت الأحاديث على أن الطعام أو الشراب الذي إذا شرب، أو أكل كثير منه أسكر، حرم شرب أو أكل قليل منه؛ ولو لم يسكر الآكل أو الشارب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

نفقة المطلقة ثلاثا وعدتها!

نفقة المطلقة ثلاثا وعدتها! المجيب د. توفيق بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بتبوك التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 22/05/1427هـ السؤال هل للمطلقة البائن نفقة عدة ونفقة متعة؟. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: المطلقة الرجعية لها النفقة والسكنى، ما دامت في العدة؛ لأن الله جعلها زوجة وزوجها أحق بها، فلها ما للزوجات من النفقة، والكسوة، والمسكن. وهذا باتفاق العلماء. وأما المطلقة البائن التي لا سبيل إلى رجعتها إلا إذا تزوجت زواجا صحيحا من رجل آخر ثم طلقت من غير تحايل فقد اختلف العلماء في وجوب النفقة، والسكنى لها: فذهب فريق منهم: إلى أنها إن كانت حاملا، فلها النفقة لأجل حملها، لقوله تعالى: " وإن كن أولات أحمال فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن " [الطلاق: 6] . فإن لم تكن حاملا، فليس لها نفقة واجبة ولا كسوة. وذهب فريق آخر: إلى وجوب نفقة المطلقة على زوجها، سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنًا، وسواء أكانت المطلقة حاملا أم حائلا (أي غير حامل) . وهذه النفقة تستحقها المرأة طوال فترة العدة، وتقدر النفقة على حسب قدرة الزوج المالية. فإذا انتهت فترة العدة، فإن لم يكن للمطلقة طفل فلا شيء لها بعد ذلك، وإذا كان معها طفل فنفقة الطفل على أبيه. ولكن الصحيح، والله تعالى أعلم: أنها ليس لها نفقة واجبة ولا كسوة، لأنها أصبحت امرأة أجنبية عنه.

خطر تداول الصور الخليعة عبر الجوالات!

خطر تداول الصور الخليعة عبر الجوالات! المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/الجديد التاريخ 11/04/1427هـ السؤال كثر في الآونة الأخيرة انتشار الكاميرا، بما فيها من بلوتوثات تحمل في طياتها صوراً لنساء، ورجال عراة، ومقاطع فيديو لأفلام جنس خليعة، وفواحش من زنا ولواط. فما حكم تداول مثل هذه الصور، ونشرها، والنظر إليها، والاحتفاظ بها في الجوالات؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: أما بعد: فإنه لا يحل النظر إلى صور النساء غير المحارم، فضلاً عن أن تكون صوراً للعورات المغلظة؛ من نساء أو رجال. وأشد شناعةً من ذلك، النظر إلى فعل الفواحش من زناً ولواط، ونحوهما، عن طريق الفضائيات، والإنترنت، والبلوتوث، والاحتفاظ بها. ويتفاقم الجرم حين يسعى بعض السفهاء إلى بثها، ونشرها بين المسلمين، وتداولها عبر وسائط الجوال، فلهم كفل من إشاعة تلك الفواحش، قال الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" [النور:19] . فمن فعل ذلك طاله إثم من نظر إليها، أو ترتب على نظره اقتراف محرم؛ لأنه قد سنَّ سنة سيئة، عليه وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. ولا ريب أن هذه القاذورات إنما تسربت إلى فناء المسلمين من الأمم الكافرة الفاجرة، ليُردوهم، وليفسدوا عليهم دينهم، وينشروا بينهم الرذيلة، والأمراض الفتاكة؛ فإن إدمان النظر إلى هذه الصور العارية، والمقاطع الفاجرة، يؤدي إلى رقة الدين، وذهاب الحياء، والتطلع إلى مقارفة الفجور. ونتيجة لذلك كثرت المعاكسات الهاتفية، والعلاقات المحرمة، وحوادث الزنا، واختطاف الفتيات، والأحداث، جهاراً نهاراً. وهذا ما يتمناه أعداؤنا؛ قال تعالى: "وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا" [النساء:27] . فالواجب على الأولياء أن يتقوا الله فيمن استرعاهم الله عليه، من أولاد وزوجات، وملاحظة ما يتداولونه من صور أو رسائل أو غير ذلك. قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" [النور:6] . أصلح الله أحوال المسلمين، وحفظهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

ـــــ مراجعات الزوار ـــــ

مراجعات الزوار

تعقيب وجواب حول فتوى (دعوة الكافر إلى دينه في ديار الإسلام)

تعقيب وجواب حول فتوى (دعوة الكافر إلى دينه في ديار الإسلام) د. خالد بن ناصر الغامدي 30/5/1427 26/06/2006 نشر الموقع فتوى بعنوان: (لماذا لا نأذن لهم بالدعوة كما أذنوا لنا بها في بلادهم؟!) ، للشيخ الدكتور/ خالد بن ناصر الغامدي (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) ، - وقد ورد تعقيب على الفتوى المذكورة من أحد الإخوة زوار الموقع وبعد عرضه على الشيخ أجاب بما يلي: التعقيب: ملاحظته على السؤال "لماذا لا نأذن لهم بالدعوة كما أذنوا لنا بها في بلادهم؟! " يظهر لي أن جواب الشيخ على سؤال دعوة الكفار إلى دينهم غير مقنع لغير المسلمين وذلك لما يلي: 1. أنهم لا يؤمنون أن الإسلام خاتمة الأديان بل يعتقدون بطلانه ولو اعتقدوا أنه حق لاتبعوه والسائل لم يسأل إلا ليجد جوابًا لأهل الملل الأخرى. 2.لو قيل إن النظام في الغرب سيمنع إقامة المراكز الإسلامية فإن ذلك سيكون مقنعًا على جواب الشيخ لأنه تنظيم في الدولة لا دخل لأحد فيه. 3.ما هي علاقة الاحتلال والاعتداء بدعوة غير المحاربين وغير المحتلين ومن يجاهر بالرفض القاطع للاحتلال دعوة كل هؤلاء لدينهم. 4.آمل أن يطرح السؤال على الشيخ سلمان العودة علني أجد عنده جوابًا شافيًا مقنعًا وبالله التوفيق. الرد: أبدأ بالرد من حيث انتهى الدكتور خالد وهو تمنيه أن يكون الرد من الشيخ الدكتور سلمان العودة، وهنا مربط التعقيب، فهو يرى أن لا أحد يجيد الجواب غير سلمان ولقد صدق لعمرو الحق، ولكن هل يستطيع سلمان أن يرد على كل أحد ويجيب على كل سؤال؟؟ أعتقد والله أعلم لو أن الجواب للشيخ العودة، وكتبه بغير اسمه لأنكر! وتمنى أن يكون باسمه؟؟ ثانياً: يبدو لي أن الدكتور أصابه بعض الاستلاب الفكري والحضاري من حيث يشعر أو لا يشعر فقوله: إنهم لا يؤمنون بأن الإسلام خاتم الأديان، بل يعتقدون بطلانه! ولو اعتقدوا أنه حق لاتبعوه والسائل لم يسأل إلا ليجد جوابًا لأهل الملل الأخرى. وهل نحن مطالبون أن نجيبهم بجواب غير الذي ذكرته، وهل لما بعث سيد الخلق صلى الله عليه وسلم كانت العرب واليهود والنصارى، تؤمن بأنه رسول الله وخاتم الرسل؟؟ وهل قال لهم إلا ما حكاه ربنا عنه؟؟ لما قال: والله يا معشر قريش لقد جئتكم بالذبح. فنحن لا نقول للمسالمين منهم هذا ولكننا نعلن موقف ديننا بكل صراحة ووضوح، هل تريد منا يا دكتور أن نقدم تنازلات إثر تنازلات ليرضى الغربي، هل تريد منا أن نتساقط على أقدامهم ونقول لهم نرجوكم آمنوا فديننا سمح وطيب، ولا مانع لديه من جل ما تريدون؟؟ إذا فلا بد أن نقرر كما قلنا في الجواب: (أن دين الإسلام قد ختم الله به الأديان، ورسولنا قد ختم الله به الرسل) ، فكل شخص في هذا العالم مطالب باتباع دين الإسلام لا غيره، ومن هنا حرّم الله تعالى أن يدعو غير المسلم في بلاد المسلمين لإخراجهم عن دينهم الحق. وكذلك يجاب بأن هذه حرية شخصية للمجتمع المسلم الذي يفرض أنظمته وفق دينه فلماذا الغضب والاستنكار؟! وقد مارس المسلمون حقهم الشخصي، والطبيعي في تطبيق أنظمتهم.

ثم ألا ترى أن الغرب يمارس جميع أهوائه وفق ما يريد، وفوق ما يريد كتشريع الأنظمة العالمية التي تبيح كثيراً من المحرمات، وكاحتلال البلدان وفرض أنظمتهم عليها، وكإقصاء الأديان عن التأثير في مجريات الحياة العامة والخاصة.) فلو افترضنا أن المعقب كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم هل كان سيعجبه قول الله الذي بلغه نبينا لأهل الشرك من العرب، واليهود، والنصارى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ؟؟ وهل سيعجبه قوله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمه يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار) ؟؟ ثالثا: قول الدكتور المعقب: لو قيل إن النظام في الغرب سيمنع إقامة المراكز الإسلامية، فإن ذلك سيكون مقنعًا على جواب الشيخ، لأنه تنظيم في الدولة لا دخل لأحد فيه. هذه الجملة تدل على ما ذكرته أعلاه من الموقف الانهزامي للدكتور صاحب التعقيب وأمثاله أصلح الله شأننا وشأنه، فليس بالضرورة أن يمنع الغرب إقامة المراكز الاسلامية بل لو منع شعيرة من شعائر الاسلام لكان حجة عليهم، لأنهم يدعون الديمقراطية وحق الحرية الشخصية وحق حرية العبادة؟؟ ولم ندعها نحن المسلمين بل ادعينا أننا ملزمون بشرع الله ومطالبون بما سنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. والغرب هو الذي منع أهم شعائر الإسلام ممثلة في منع الطالبات من الحجاب في كثير من الدول التي تصيح صباح مساء بالحرية، والغرب هو الذي دافع عمن اعتدى على أهم مقدساتنا وهو عرض نبينا صلى الله وسلم، وهو الذي يسومنا خسفا صباح مساء بدعم المعتدين من اليهود، والنصارى، والبوذيين على ديننا، ومقدساتنا، وأوطاننا في فلسطين، والعراق، وأفغانسان وغيرها. والغرب يا سيدي هو الذي يسن القوانين هذه الأيام لتجريم كل من دفع ولو سنتيما واحدا للفلسطينيين تحت أية حجة أو دعوى. ثم هل يحق لمسلم أن يبني مسجداً في الفاتيكان؟ أو أن يقيم حفلا دعويا لدعوة النصارى بالفاتيكان؟ وأترك الجواب للدكتور!! رابعاً: قول الدكتور صاحب التعقيب ما هي علاقة الاحتلال والاعتداء بدعوة غير المحاربين وغير المحتلين، ومن يجاهر بالرفض القاطع للاحتلال دعوة كل هؤلاء لدينهم يدل على أنه استعجل ولم يفهم المراد، وهذا ما هو إلا ضرب مَثَلٍ: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) . وبعد فإنني أشكر الدكتور وأنصحه بأن يعمل فكره في الأفكار لا في الأشخاص مهما علا وعظم شأنهم، فالحق ضالة المؤمن. وصلى الله على سيدنا محمد.

تعقيب على فتوى (اشتراط الغرامة المالية لأجل التأخير)

تعقيب على فتوى (اشتراط الغرامة المالية لأجل التأخير) د. سامي بن إبراهيم السويلم 2/5/1427 29/05/2006 نشرت فتوى بعنوان: (اشتراط الغرامة المالية لأجل التأخير) ، للشيخ الدكتور/ سامي بن إبراهيم السويلم "باحث في الاقتصاد الإسلامي"، وقد ورد إلى الموقع تعقيب على الفتوى المذكورة من أحد الإخوة الزوار، وبعد عرضه على الشيخ أجاب بما يلي: التعقيب: آمل من فضيلة الدكتور بيان كيف كانت المسألة من قبيل ربا الجاهلية، ووجه السؤال أن الغرامة ليست في جانب دافع المال، وإنما في جانب بائع البضاعة -إن كان فهمي صحيحاً- وهذه الغرامة فيما يظهر لي من قبيل الشرط الجزائي. ولو أن التحريم بني على ما فيها من الضرر البالغ فلا إشكال. مجرد تساؤل أرجو أن يتسع له صدر فضيلة الدكتور. وشكراً للجميع. الرد: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أشكر الأخ الكريم على ملاحظته، وأرجو ألا يبخل القارئ بما يراه لأن هذا من النصيحة في الدين التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم. وأود أن أنبه الأخ إلى أن السؤال نص على أن الغرامة هي ألف ريال لكل يوم تأخير، دون أن يذكر تحديداً للحد الأقصى من الغرامة، ودون أن يربط الغرامة بالضرر الواقع على المشتري. وهذا يعني أنه بمجرد مضي الوقت يستحق المشتري مبلغ ألف ريال على البائع دون أي مقابل. ولا ريب أن هذا الشرط بهذه الصيغة من الظلم البين على البائع، ومن أكل المال بالباطل بالنسبة للمشتري، لأنه يحصل على هذا المبلغ دون أي مقابل لمجرد مضي الزمن، وهذا هو الظلم الحاصل في ربا الجاهلية، حيث يحصل الدائن على مبالغ مالية لا لشئ إلا لمجرد تأخر المدين في السداد. والشرط الجزائي الذي أجازه مجمع الفقه وهيئة كبار العلماء له شروط تحول بينه وبين أن يكون من باب الربا. فليس في الشرط الجزائي غرامة مفتوحة مرتبطة بمجرد التأخير، بل إما أن تكون مرتبطة بالضرر الذي تحمله الطرف الآخر، وإما أن تكون محددة بما لا يتجاوز مبلغاً محدداً (5% مثلاً من قيمة العقد) ، وفي هذه الحالة يعتبر الشرط الجزائي نظير العربون، كما أشار لذلك عدد من البحوث التي تناولت الموضوع (انظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة 12، مجلد 2) . وفي جميع الأحوال لا يمكن أن تصل غرامة التأخير إلى ما يساوي ثمن المبيع كله (أي 100% من قيمة العقد) لأن هذا يناقض أصل العقد القائم على المعاوضة، ويجعل الشرط سبباً للكسب وليس المبيع الذي هو سبب العقد ابتداء. وأما ما أشار له الأخ بأن الغرامة هي من جانب البضاعة وليس من جانب النقد، فإن هذا لا ينفي عنها الربا، كما أن الفائدة يمكن أن تكون خدمة، أو سلعة، إذا اشترطت في الدين ولا يلزم أن تكون نقوداً. فالزيادة في الدين مقابل التأخير ربا مطلقاً، سواء كان الدين نقوداً أو سلعاً، وسواء كانت الزيادة نقوداً أو سلعاً، ولهذا منع المجمع الشرط الجزائي في السَّلَمْ لأنه زيادة في الدين، مع أن الدين سلعة وليس نقوداً. والشرط الجزائي المتضمن للتعويض المالي، يشترط فيه ما يلي:

1. ألا يكون التعويض على المدين في عقد مداينة، فلا يجوز اشتراط التعويض على البائع في عقد السَّلَمْ، ولا على المشتري في البيع الآجل. وكذلك لا يكون على المشتري في عقود الاستصناع والتوريد ونحوها. ومن الفقهاء المعاصرين من يمنع التعويض عن التأخير مطلقاً في كل العقود لأن فيه شبهة ربا النسيئة (راجع بحوث المجمع ومناقشاته) . 2. أن يرتبط التعويض بالضرر الذي يلحق بالمشتري في عقود المقاولات والاستصناع والتوريد. وقد نص قرار المجمع على أن الضرر هنا يشمل الضرر المالي الفعلي، ولا يشمل الضرر الأدبي، أو المعنوي، ولا فوات الكسب المحتمل. 3. أن يكون هذا الضرر ناتجاً عن تفريط البائع وإهماله في الالتزام بالعقد، وليس لأمر خارج عن إرادته. كما لا يصح اشتراط التعويض إذا كان الضرر ناتجاً عن سبب آخر لا علاقة له بالبائع، ولا إذا انتفى الضرر. 4. وقد نص عدد من الفقهاء على أنه لا يجوز أن يتجاوز مقدار التعويض عن الضرر المالي قيمة الصفقة الإجمالية (كما في بحوث المجمع ومناقشاته) , لئلا يجتمع للمشتري الثمن والمثمن، فيفضي إلى الربح بدون مقابل. كما أنه من المقرر عند الفقهاء أن ضمان المتلفات يكون بالمثل أو بالقيمة، فإذا تأخر البائع في تسليم المبيع فإنه على أسوأ الأحوال يكون كما لو أتلف المبيع، فليس عليه حينئذ سوى المثل أو القيمة. فلا يجوز اشتراط تعويض مالي يزيد عن قيمة الصفقة (كما أفاده فضيلة الشيخ علي الندوي) . وفي الصورة محل السؤال فإن الغرامة وإن كانت على البائع لكنها غير محددة بالضرر، بل بمدة التأخير فحسب. وهذا لا يمكن أن يكون مقبولاً لأنه يؤدي إلى أن يربح المشتري من مجرد التأخير، وهذه هي حقيقة الربا. كما أنه يؤدي إلى أن يربح المشتري أكثر من قيمة الصفقة، فيكون كسباً دون مقابل وأكلاً للمال بالباطل. كما أنها تؤدي إلى ظلم البائع بتحميله مبالغ طائلة تتجاوز ما يستحقه المشتري. فسبب المنع هنا أمران: الظلم والربا، وهما متلازمان. والله تعالى أعلم.

استدراك وتعقيب على فتوى مشروعية الأذان الأول للجمعة

استدراك وتعقيب على فتوى مشروعية الأذان الأول للجمعة د. يوسف بن أحمد القاسم 6/3/1427 04/04/2006 نشرت فتوى بعنوان: (مشروعية الأذان الأول يوم الجمعة) ، للشيخ الدكتور/ يوسف بن أحمد القاسم "عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء"، وقد ورد إلى الموقع تعقيب على الفتوى المذكورة من أحد الإخوة الزوار، وبعد عرضه على الشيخ أجاب بما يلي: التعقيب: بسم الله الرحمن الرحيم الشيخ الفاضل: يوسف القاسم. تعليقاً على فتوى مشروعية الأذان الأول يوم الجمعة فقد ذكرتم عمل المسجد الحرام، والمسجد النبوي بهذه السنة الراشدة، والذي أراه أن في المسجدين الشريفين ليس السنة، إذ ليس بين الأذانين وقت حتى يستعد فيه من لم يستعد للجمعة، فهل هذا يعد من البدعة إذ ليس هو يقيناً من السنة، إذ السنة إما أذان واحد حين يجلس الإمام كما كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما- أو أذانين بينهما ما يستعد فيه الغافل كما في عهد عثمان - رضي الله عنه- أما ما يحدث الآن فماذا يسمى؟ ولماذا لم تنته هذه العادة التي لم توافق ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر - رضي الله عنهما- ولا وافقت ما كان عليه عثمان - رضي الله عنهم- جميعاً، وأما أثر الزهري عن السائب فقد توفي الزهري سنة (125) ، فبقاء هذا العمل إلى هذه السنة لا يستدل به على العمل في وقتنا هذا، ولم تتوفر الوسائل في عهد الزهري كما توفرت الآن وجزاك الله خيراً. الرد: فما ذكره السائل من عدم وجود وقتٍ كافٍ بين الأذان الأول والثاني في الحرمين الشريفين، فلا يتحقق المقصود من مشروعية الأذان الأول، هو كلام صحيح، وقد أشرت إلى ذلك في الجواب على السؤال عن مشروعية الأذان الأول، حيث قلت: ( ... مع قرب الأذان الأول للثاني بما لا يحقق الحاجة المعتبرة) ، والواجب حينئذ أن يتقدم الأذان الأول على الثاني بوقت يحقق المقصود من مشروعية الأذان. وأما أثر الزهري المشار إليه، فلا يفهم منه كما فهم السائل حيث ذكر أن وفاة الزهري - رحمه الله- في سنة (125هـ) فيبقى العمل بالأذان الأول إلى تلك السنة (!!) بل يفهم منه إجماع الأمة في ذلك العصر على هذا الأذان إجماعاً سكوتياً، كما صرح بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى [ (24/193-194) ] ، حيث قال: ( ... ويتوجه أن يقال: هذا الأذان لما سنه عثمان - رضي الله عنه- واتفق المسلمون عليه، صار أذاناً شرعياً ... ) اهـ. وبهذا الإجماع السكوتي احتجت اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية، كما في فتاوى اللجنة المنشورة (8/198-199) .

وأيضاً فإن العلة التي لأجلها شرع هذا الأذان هي كثرة الناس، كما أشار إلى هذا السائب بن يزيد حيث قال: ( ... فلما كان في خلافة عثمان -رضي الله عنه- وكثروا، أمر عثمان ... ) الأثر، وإذا كثر الناس تباعدت المنازل، وكثرت الأشغال الصارفة عن العبادة، فكان من المصلحة تذكير الناس بالجمعة ليستعدوا لها، وهذه العلة متحققة في هذا العصر بشكل أكبر، حيث كثر الناس، وضعف الوازع الديني لدى كثيرين، وأما الوسائل فلا أدري ما يعني بها السائل - تحديداً- وبكل حال فإن الأصل بقاء هذه الشعيرة، لحاجة الناس إلى التذكير بهذه الصلاة للاستعداد لها، ويمكن أن يقال: بأن بعض المراكز الإسلامية الموجودة في بلاد الكفر والتي لا يصرح لها برفع الأذان عبر المكبرات بأنه لا يسن لهم هذا الأذان، لعدم تحقق المصلحة المقصودة من هذا الأذان، ولكنه يبقى مشروعاً في سائر الأمصار، كما قاله الإمام بدر الدين العيني (ت855هـ) تعليقاً على قول السائب (فثبت الأمر على ذلك) ، حيث قال: أي ثبت أمر الأذان على أذانين وإقامة، كما أن اليوم العمل عليه في جميع الأمصار اتباعاً للخلف والسلف) اهـ عمدة القاري (6/214) ، ومع هذا فإنه يبقى أن الأمر واسع في هذه المسألة؛ لأنه لم يقل أحد بوجوب هذا الأذان، فهو سنة يثاب على فعلها، ولا يعاقب على تركها، ولذا فإنه لا ينبغي تفرق بعض المسلمين واختلافهم لمجرد الخلاف في بعض المسائل الاجتهادية من حيث تنزيلها على الواقع، كما هو الحال في بعض المراكز الإسلامية في بلاد الكفر. والله تعالى هو الموفق والهادي.

استدراك وتعقيب على فتوى دية المرأة

استدراك وتعقيب على فتوى دية المرأة أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان 1/3/1427 30/03/2006 نشرت فتوى بالموقع بعنوان (هل دية المرأة على النصف من دية الرجل) ، للشيخ الدكتور/ سعود الفنيسان، وقد ورد إلى الموقع استدراك من أحد الإخوة الزوار على الفتوى المذكورة وبعد عرضه على الشيخ أجاب بما يلي: الاعتراض: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد ذكر فضيلة الدكتور سعود الفنيسان - حفظه الله وأحسن إليه- في ترجيحه أن دية المرأة نصف دية الرجل في قتل الخطأ، وذكر في أول دليل له قال: (إجماع الصحابة على هذا الأمر - أي التنصيف- حيث لم ينقل عن أحد منهم قال بخلافه، ثم اتفاق الأئمة الأربعة على هذا بمثابة الإجماع أيضاً، والإجماع عند العلماء أقوى من النص، فهو يَنسخ ولا يُنسخ؛ لأنه لا يكون إجماعاً إلا وهو مستند على نص شرعي، سواء علمنا هذا النص أو جهلناه) ، وسؤالي: هل ورد أن هذه القضية عرضت أمام الصحابة -رضي الله عنهم- وحكم بها أمامهم بتصنيف دية المرأة وسكتوا عنها؟ وهل الإجماع السكوتي حجة ليعارض بها ظاهر النصوص العامة؟ وهل شهرة الحديث بين الفقهاء دليل على صحته؟ أنا لست ممن يعترض عليك فضيلة الدكتور - حفظك الله- ولا ينبغي لي، ولكني وجدت في مقدمة الفتوى قوة دليل للقول بتسوية الرجل والمرأة في هذه القضية قبل ترجيحكم. فلا أدري حفظكم الله، أرشدوني إن كنت مخطئاً وسامحوني دفع الله بكم أمة الإسلام، والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وصحابته أجمعين، وبعد: فقد تلقيت من بعض الإخوة من طلاب العلم اعتراضاً على الفتوى التي أفتيت بها في موقع (الإسلام اليوم) عن دية المرأة في القتل الخطأ، ورد دعوى أنها كالرجل تماماً وليست بنصف ديته، وأنا أشكرهم على اهتمامهم ومتابعتهم وحسن خطابهم، وأحب أن أبيّن لعامة زائري (نافذة الفتاوى) وهؤلاء الإخوة خاصة ما يلي: أولاً: بسطت رأي الجمهور ومخالفيهم في دية المرأة في القتل الخطأ، وناقشت أدلة الطرفين معاً، وظهر لي أن ظواهر الأدلة مع القائلين بعدم تنصيف الدية، ورجحت أخيراً مذهب الجمهور القائلين بالتنصيف بأدلة استنباطية عملية وواقعية، ويبدو أن عرض أدلة المخالفين للجمهور رجحت في أذهان الإخوة الكرام واستغربوا أن أرجح خلافها بعد وضوحها، وإنما فعلت ذلك مبسطاً للمسألة وإنصافاً واحتراماً للرأي المخالف والقائل به، والمشير له اليوم فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي - وفقه الله-. وهذا من تمام العدل الذي أمرنا الله به "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تتذكرون"، وبقوله: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"، والأخذ بظواهر الأدلة - ما لم تكن نصًّا في المسألة- من الفقه الظاهري أقل ما يقال فيه: إنه اجتهاد مقابل اجتهاد مثله، ولا مانع للمجتهد الناظر في الأدلة أن يرجح أحد الرأيين، وما ذكرته من أدلة للقائلين بتماثل الدية بين الرجل والمرأة إنما هو على طريقة العلماء في إعمال الذهن في نقد الأقوال لا غير.

ثانياً: قال أحد الإخوة - وفقه الله- متسائلاً: هل عُرضت قضية تنصيف دية المرأة على الصحابة - رضي الله عنهم- وحكم بها إمامهم وسكتوا عنها؟ وهل الإجماع السكوتي حجة تعارض به ظواهر النصوص؟ وهل شهرة الحديث بين الفقهاء دليل على صحته؟ وأنا أجيبه بالنفي عن سؤاليه الأول والثاني، فلا إجماع قولي ولا حجة في الإجماع السكوتي، ولكني أقلب عليه سؤاله، فأقول: هل نقل عن أحد من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين توفي عنهم وعددهم يزيد عن مائة ألف- هل نقل عن واحد منهم أنه قال بمساواة دية المرأة في القتل الخطأ لدية الرجل؟! بل هل نقل عن أحد الخلفاء الراشدين المهديين - خاصة شيء من هذا- إن وجد في هذه المسألة نقل عن صحابي تعين المصير إليه والوقوف عنده، وأنا أول من يقول به ويشهره بين الناس. ثالثاً: نعم إن شهرة الحديث عند العلماء إذا تلقي بالقبول دون نكير تغني عن إسناده سواء كان الإسناد ضعيفاً أو لم يعرف له إسناد أصلاً. وقد سئل الإمام أحمد عن حديث تلقين الميت بعد دفنه فاستحسنه واحتج عليه بالعمل - كما ذكره- ابن القيم في كتاب (الروح) ، وقال الإمام مالك: صحة الحديث بالمدينة تغني عن إسناده، وسئل القاسم بن محمد عن عدة الأَمة، فقال الناس يقولون حيضتان، وليس هذا في كتاب الله ولا سنة رسول الله، ولكن عمل به المسلمون) ، وقال ابن عبد البر في التمهيد: (روي عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- بإسناد لا يصح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدينار أربعة وعشرون قيراطاً"، وهذا الحديث وإن لم يصح إسناده ففي قول جماعة العلماء به وإجماع الناس على معناه ما يغني عن الإسناد فيه) ا. هـ. وقال الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح: ومن جملة صفات قبول الحديث التي لم يتعرض لها شيخنا الحافظ العراقي أن يتفق العلماء على العمل بمدلول الحديث، فإنه يقبل، بل يجب العمل به) ، وقال السخاوي بشرح ألفية الحديث: (وكذا إذا تلقت الأَمة الحديث الضعيف بالقبول يعمل به على الصحيح حتى إنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع به، ولهذا قال الشافعي - رحمه الله- في حديث: "لا وصية لوارث" إنه لا يثبته أهل الحديث ولكن العامة تلقته بالقبول وعملوا به حتى جعلوه ناسخاً لآية الوصية) ا. هـ، وقد نقل عن الإمام أحمد الأخذ بالحديث الضعيف كحديث "الناس أكفاء إلا الحائك والحجام والكساح"، فقيل له أتأخذ به وأنت تضعفه؟ قال: إنما نضعف إسناده ولكن العمل عليه، وفي رواية عنه أنه قال: إنما نضعفه على طريقة أهل الحديث، ونأخذ به على طريقة العلماء، أو قال الفقهاء. رابعاً: القول بتنصيف دية المرأة مستند إلى الإجماع العملي منذ عهد الصحابة - رضي الله عنهم- إلى يومنا هذا، وهو أقوى من الإجماع القولي والسكوتي معاً-، وهذا الإجماع من التواتر العملي الذي هو أقوى من التواتر اللفظي كما هو معلوم عند أهل الحديث.

خامساً: إن القول بمساواة دية المرأة للرجل في القتل الخطأ - لمن الأمر العجب كيف يخالف سلف الأمة من العلماء والفقهاء والقضاة والحكام في حكم استقر منذ خمسة عشر قرناً ولم يعرف لهم مخالف يعتد بخلافه، ثم يجيء بعض الناس في هذا العصر ليخرج على إجماعهم العملي بدعوى أنه لا يتفق مع القول بتكريم المرأة واحترامها! وكأن علماء المسلمين من السلف والخلف أهانوا المرأة ولم ينصفوها حين لم يساووا ديتها بدية الرجل! وهذه الدعوى لم تعرف إلا في العصر الحاضر، أطلقه الأعداء والمستغربين المهزومين من أبناء المسلمين، ثم كيف يجمع العلماء - إجماعاً عملياً منذ عهد الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين، ومروراً بعصر الأئمة الأربعة، وانتهاء بالأئمة المجتهدين كابن تيمية والعز بن عبد السلام وأبي بكر بن العربي والنووي، والحافظ ابن حجر وابن عابدين وعبد العزيز بن باز، وغيرهم كثير، كيف لم ينقل عن واحد من هؤلاء أو في مجمع أو هيئة شرعية القول بمساواة دية المرأة لدية الرجل في القتل الخطأ، ثم يأتي من يُخطِّئ كل هؤلاء ويصوب رأيه بلسان الحال أو المقال. وأكرر شكري للإخوة الذين أبدوا ملاحظاتهم وتساؤلاتهم، وفق الله الجميع إلى العلم النافع والعمل الصالح، آمين.

مراجعة فتوى البسملة في الفاتحة

مراجعة فتوى البسملة في الفاتحة سعد بن عبد العزيز الشويرخ 27/2/1427 27/03/2006 نشرت فتوى عن (حكم البسملة) وأنها ليست من الفاتحة، لفضيلة الشيخ/ سعد بن عبد العزيز الشويرخ، وقد ورد إلى الموقع إشكال متعلق بالفتوى المذكورة من أحد الزوار، وبعد عرضه على الشيخ أجاب بما يلي: أولاً: الإشكال: الشيخ الفاضل: سعد الشويرخ - حفظه الله- قرأت لك فتوى أن البسملة ليست من الفاتحة، فأرجو إلقاء الضوء على قوله صلى الله عليه وسلم عن الفاتحة: "السبع المثاني"، وإذا لم تدخل البسملة ضمن آياتها لا تصبح سبعاً. فكيف التوفيق بين هذا الحديث وغيره؟ جزاك الله خيراً. ثانياً: الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله، وبعد: البسملة ليست آية من أول الفاتحة ولا غيرها، بل هي آية مستقلة يفتتح بها كل سورة من القرآن ما عدا براءة، قال شيخ الإسلام: البسملة آية من كتاب الله في أول كل سورة سوى براءة، وليست من السور على المنصوص عن أحمد، وهو أوسط الأقوال وأعدلها، وبه تجتمع الأدلة. وقد دلت لذلك أدلة كثيرة، منها: 1- ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ماسأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، ولو كانت آية لعدها وبدأ بها. 2- عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً: سورة من القرآن ثلاثون آية تشفع لصاحبها حتى يغفر له، تبارك الذي بيده الملك" أخرجه أحمد والأربعة ولا يختلف العادون أنها ثلاثون آية بدون البسملة. أما حديث "السبع المثاني" فقد أخرجه البخاري وأحمد عن أبي سعيد بن المعلى وفيه" الحمد لله رب العالمين" هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" ورواه الترمذي والنسائي عن أبي بن كعب، وقال الترمذي: حسن غريب. فقد استدل به بعض أهل العلم على أن البسملة ليست من الفاتحة، لأنه لو كانت منها لبدأ بها. والفاتحة أجمعت الأمة على أنها سبع آيات، واختلفوا في السابعة، فمن نفى أن تكون البسملة آية منها، قال" صراط الذين أنعمت عليهم" سادسه، وغير المغضوب عليهم" إلى آخر السورة هي السابعة، ويترجح هذا لأن به يحصل حقيقة التنصيف في حديث أبي هريرة المتقدم، فيكون لله ثلاث آيات ونصف، وللعبد مثلها، وموضع التنصيف، إياك نعبد وإياك نستعين" فلو عدت البسملة آية ولم يعد" غير المغضوب عليهم" صار لله تعالى أربع آيات، وللعبد آيتان ونصف وهذا خلاف تصريح الحديث بالتنصيف، والله تعالى أعلم.

استدراك وتعقيب على فتوى (علاقة الحب قبل الزواج)

استدراك وتعقيب على فتوى (علاقة الحب قبل الزواج) سامي بن عبد العزيز الماجد 14/2/1427 14/03/2006 نشرت فتوى بعنوان: ((الحب بهدف الزواج!)) للشيخ / سامي بن عبد العزيز الماجد، وقد ورد إلى الموقع استدراك من أحد الزوار على الفتوى المذكورة، وبعد عرض لاستدراك على الشيخ أجاب عنه بما يلي: الاستدراك: شيخي الفاضل: يستدل من جوابكم للسائلة في عدم جواز ممارسة الحب قبل الزواج أن علاقة الحب جائزة بين الرجل والمرأة، أرجو إيضاح جواز هذه العلاقة بالأصل أم لا؟. وجزاكم الله خيراً. الإجابة: كون الرجل يجد في نفسه ميلاً نحو امرأة ما، وحباً لها بحيث لا يتجاوز الأمر هذا الشعور الداخلي، ولم تترجمه الجوارح إلى أفعال وأقوال كلحظات العين ولفظات اللسان وسعي الرِّجْل، وبطش اليد، فلا مؤاخذة عليه في ذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تكلم". أما إذا استحال هذا الشعور (الحب) إلى علاقات آثمة ومراسلات غرامية ولقاءات مثيرة ومهاتفات مهيجة، فهوا حرام بلا شك، ولم أقل إن الحب جائز بين الرجل والمرأة الأجنبية بإطلاق، ولكن قلت: إن الله العليم الحكيم لا يغضب من ممارسة الحب بين الحبيبين، لكنه اشترط لذلك شرطاً، وهو أن تكون الممارسة في نطاق بيت الزوجية، بعد أن تأخذ المرأة من الرجل ميثاقاً غليظاً - عقد النكاح-، وأظن أن الفتوى واضحة لو أعدت فيها النظر مرة أخرى. وفقك الله لكل خير، والسلام عليك.

استدراك وجواب على فتوى ضرب المتهم

استدراك وجواب على فتوى ضرب المتهم أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان 5/2/1427 05/03/2006 في زاوية الفتاوى، تم نشر فتوى بعنوان (ضرب المتهم عند التحقيق) للشيخ/ أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان، وقد وردت إلى الموقع إشكالات على الفتوى المذكورة، من الأخ/ مؤيد، وبعد عرضها على الشيخ أجاب عنها بما يلي: الإشكالات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي هو عن الفتوى: (ضرب المتهم عند التحقيق) أرجو من فضيلة الشيخ توضيح بعض الإشكاليات التي أعاني منها في الرد: 1- كيف يكون القياس في السماح بالضرب بين الحادثة في موقعة بدر حيث أن الأسرى من الكفار، وبين ضرب المسلمين؟ 2- ما هو الفاصل في تحديد كون الشخص فاسد ويجوز ضربه؟ 3- ألم يتوصل العلم الآن (كما قال عليه الصلاة والسلام قبل 1400) أن الضرب يؤدي لاعتراف الشخص بما يريد المحقق حتى يتوقف؟ فتوافق علمه صلى الله عليه وسلم مع علم ودراسات اليوم! 4- ألم تعرض نفس المسألة لعمر بن عبد العزيز ورفض أن يسمح بالضرب؟ في حادثة اختلاس أموال بيت المال؟ 5- أليس درء المفاسد أولى من جلب المصالح؟ فمع علمنا بأن أفراد الشرطة اليوم يضربون وينتقمون وينكلون، أليس من الأولى عدم الفتوى بالجواز وهذه الحال؟ أرجو العلم أني لست أسأل انتقاصاً من قدر الشيخ (حاشا لله) ولكن هذا ما انتهى إليه علمي وأرجو من فضيلة الشيخ الرد. جزاكم الله خيراً. الردود: أشكر الأخ مؤيد من نيوزيلنده على مداخلته واستشكاله على موضوع (ضرب المتهم) وأقول: 1- ليس كفر الكافر سبباً موجباً للاعتداء عليه وإنما موجب هذا ظلمه واعتداءه على الغير كحصول الظلم من المسلم لغيره لأن الله يقول "ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" وقد حرم الله الظلم على نفسه وعلى عباده جميعاً "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" فالقياس ظاهر جلي في وقعة بدر المشار إليها. ثم هذه سنة الرسول بقوله وإقراره فهي تشريع وعامة التشريعات النبوية هي قياس وتمثيل للأفعال في زمن الكفر أو على الكافرين يتعظ بها المسلمون. 2- والفاصل في تحديد كون الشخص المتهم فاسداً يجوز ضربه -مبين في الجواب عليه وهو كون المتهم مشتهراً بين الناس بالفساد أو كانت له سوابق معروفة ومسجلة عليه والناس شهداء الله في أرضه كما جاء في الحديث. 3- قد يؤدي الضرب إلى اعتراف المتهم وعند توقف الضرب يرجع عن اعترافه وقد يبقى على اعترافه أحياناً -بعد توقف الضرب عنه- فهذا يختلف باختلاف الأشخاص والجرائم والظروف والأحوال. 4- توقف الخليفة عمر بن عبد العزيز عن ضرب من اختلس من بيت مال المسلمين إنما كان لوجود الشبهة وهي أن الاختلاس من بيت المال العام وللمختلس نصيب منه لأنه فرد من المسلمين فدفع الخليفة عنه حد التهمة -الضرب- لوجود الشبهة عملاً بالقاعدة الشرعية (ادرؤا الحدود بالشبهات) لأن التهمة لم تتحقق في نظر الخليفة عمر.

5- إعمال قاعدة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) يختلف في نظر المجتهد واحتساب المحتسب من شخص إلى آخر حسب اجتهاده وفهمه للقاعدة وفق النازلة -القضية المنظورة- وإذا كان بعض رجال الشرطة اليوم يظلمون ويضربون هل يترك الحق ولا يبين للناس وهل ظلم الظالم يجعلنا نكتم الحق ومتى كان بيان العلم ونشره سبباً لزيادة الظلم!!؟ وشكراً مرة أخرى للأخ مؤيد على مداخلته واستشكاله. وصلى الله على نبينا محمد.

جوابكم غير مقنع

جوابكم غير مقنع عمر بن عبد الله المقبل 29/12/1426 29/01/2006 ورد نافذةَ الفتاوى سؤالٌ عن (مخالفة الصحابي للسنة هل تدل على نسخها؟!) فأحيل إلى الشيخ عمر بن عبد الله المقبل (عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم) ، ثم نشر جوابه في جديد الفتاوى، فوردنا تعقيب من أحد الزوار يستشكل فيه بعض المسائل، وبعد عرض التعقيب على الشيخ أرسل إلينا هذا التوضيح، فإليكم التعقيب والتوضيح. التعقيب: قرأت جوابكم عن مخالفة الصحابي لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو غير مقنع، بل شممت فيه روح التبرير. فأريد جواباً مقنعاً حول حرب السيدة عائشة -رضي الله عنها- لسيدنا علي، ولحرب معاوية، ولحرب الخوارج لسيدنا علي -رضي الله عنه-. لأني لو نظرت لامرأة، أو ارتكبت أي ذنب سيعاقبني الله، أما الذين خاضوا في دماء المسلمين، وقتلوا الآلاف فنظل نمجدهم لقرون ونبرر لهم، فبصراحة -ياسادتنا العلماء- إن مسألة: اجتهد فأخطأ فله أجر واحد لها قوانينها إن صحت، وفي مسائل فقهية بسيطة لا في أمور سياسية تقود لدماء وأحقاد. ثم ما الداعي لأن نعصم أو نقول بعصمة كل الصحابة بدون أن نصرح بذلك؟ فأزواج النبي كن أقرب إليه من أصحابه، ومع ذلك فالقرآن هددهن -إن هن عصين- بأن يضاعف لهن العذاب، فلماذا لا يحاسب من خاض في دماء الآلاف؟ أرجو جواباً مقنعاً يرضي الله. وبارك الله فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. التوضيح: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأشكر للسائل تواصله، وحرصه على الاستيضاح، آملاً أن يحاول أن يكتب الاستشكال والإيراد بنفس متأملة، ولغة هادئة؛ لأني لاحظت أن السائل كتب ما كتب بنوع من الانفعال -هكذا بدا لي- والذي يكتب بهذه الحال -إن صحّ ظني- قد لا يتصور الأمر كما ينبغي. ووصية أخرى، أن يكون رائدنا عند السؤال هو طلب الحق -كما قلتَ في آخر سؤالك- "أرجو جواباً مقنعاً يرضي الله"، فإن الإنسان إذا كان يبحث عن الحق فسيوفق له بإذن الله، أما إذا كان يسأل من أجل المماراة، أو ترسيخ قناعةٍ سابقة، ولو ظهر له -بالأدلة العلمية- أنها غير صحيحة، أو مجانبة للصواب، فقد يعاقب بحرمان التوفيق للحق، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً" أي فرقاناً تفرقون به بين الحق والباطل، رزقني الله وإياك هذا بمنه وكرمه. أعود إلى المهم، وهو الإجابة على الإشكال، وسألخصه في النقاط التالية -حسب إيراد الأخ السائل- سائلاً الله التوفيق للصواب: أولاً: كان جوابي -بورك فيك- يتعلق بالتقعيد للمسألة من ناحية حديثية وأصولية، بغض النظر عن الصحابي الذي اجتهد، هل هو أبو بكر، أو عمر، أو عثمان، أو علي، فضلاً عن بقية الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- فلا أدري لماذا حشر السائل قضية القتال بين الصحابة في هذه المسألة؟ ولا أدري -أيضاً- لماذا حشر حربَ الإمام السيد الكبير عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- للخوارج، مع القتال الذي وقع بينه وبين معاوية وعائشة -رضي الله عن الجميع-؟

فقتال الخوارج كان قتالاً شرعياً لا إشكال فيه عند أهل العلم قاطبة، ولا يترددون أن الحق فيه كان مع علي -رضي الله عنه- وقتال الخوارج من أفضل القربات التي نال عليٌ -رضي الله عنه- شرفها. أما قتال الفتنة -الذي وقع بين الصحابة -رضي الله عنهم- فكلام أهل العلم فيه طويل جداً، والذي تدل عليه الأدلة -وهو قول جمهور السلف- أن علياً كان أولى بالحق من معاوية -رضي الله عنهما- كما ثبت في الصحيحين -في شأن ذي الثدية الخارجي-: "تقتله أولى الطائفيتن بالحق"، وليس هذا مجال بسط الأدلة في ذلك. إلا أن الذي يجب أن يُعْلم هنا، أن ذلك لا يبيح وصف أحدٍ من الطرفين بالفسق، فضلاً عن التكفير -والعياذ بالله- فإنهم مجتهدون، وراغبون في الوصول إلى الحق -رضي الله عنهم- بغض النظر عن المصيب منهم في هذه القضية-، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنه قال: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا حكم فأخطأ فله أجرٌ واحد"، ولا يختلف أهل العلم أن كبار الصحابة الذين شاركوا في القتال هم من المجتهدين، وليس كل مجتهدٍ مصيب. ثانياً: من حيث العموم -وبعيداً عن قضية الاقتتال بين الصحابة- فقد أثبت الله تعالى الإيمان بين المقتتلين، فقال تعالى: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ... الآية) ، [الحجرات:9] ، فتأمل قوله: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا" فسماهم مؤمنين مع سل السيوف، وإزهاق النفوس! وهذا الحكم يشمل المؤمنين إلى قيام الساعة، وإذا كان هذا الحكم ثابتاً، ولو كان القتال على سبيل البغي والعدوان، فما ظنك إذا كان القتال بتأويل واجتهاد؟! كما أن الله -عز وجل- أثبت عقد الأخوة بين القاتل والمقتول في آية سورة البقرة، فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ... الآية"، [البقرة:17] . فتأمل -بارك الله فيك- كيف سمّى الله القاتل أخاً؟ كلُّ ذلك حفاظاً على أصل الأخوة الإيمانية حتى وإن وجد ما ينغصها، ويكدرها، وهو القتل. ثالثاً: قولك -وفقنا الله وإياك للصواب-: "فبصراحة -يا سادتنا العلماء- إن مسألة "اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحدٌ" لها قوانينها -إن صحت- ... "،فأقول: قد ذكرتُ لك قبل قليل -بورك فيك- أن هذا الحديث متفق على صحته، فلا مجال للتشكيك فيه، بل هذا الحديث من أعظم الأدلة على رحمة الله بهذه الأمة، وبأهل العلم خصوصاً، وهو من أعظم ما يعين على بذل العلم، والاجتهاد في البحث، إذْ الباحثُ لن يعدم أجراً -إذا بذل وسعه- والحمد لله على هذا. رابعاً: قولك: " ... لها قوانينها -إن صحت- وفي مسائل فقهية بسيطة، لا في أطماع سياسية تقود لدماء وأحقاد، وو ... ". أما قولك: "لها قوانينها"، فهذا صحيح من جهة أنه ليس كل أحدٍ له حق في الاجتهاد، بل هذا منوط بمن يحق لهم الاجتهاد، إما الاجتهاد المطلق، أو الاجتهاد الجزئي -كما هو معروف عند الأصوليين-.

واسمح لي أن أسألك سؤالاً -بعد هذا-: ما دليلك على تخصيص عموم حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بمسائل فقهية بسيطة؟! وما حجتك في تخصيصها بمسائل الفقه؟ ثم ما ضابط البساطة فيها؟! وهل المسائل الفقهية المتعلقة بالصلاة -مثلاً- أو بالزكاة، أو المتعلقة بالأنكحة والحدود، أو بغيرها من المسائل الكبرى= لا يعذر فيها المخالف؟! وهل قال بهذا التخصيص -الذي أشرت إليه- أحدٌ من أهل العلم؟! دعني أضرب لك مثلاً بهذه المسألة من المسائل الفقهية التي وقع فيها خلاف قديم بين الصحابة، ومن أشهر المخالفين لجمهور الصحابة -ومن بعدهم- فيها: أمير المؤمنين علي، وابن عباس -رضي الله عنهما- وهي عدة الحامل التي مات عنها زوجها: فجمهور العلماء من الصحابة ومن بعدهم، أن عدتها بوضع حملها، بينما ذهب أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- وابن عباس -رضي الله عنهما- في أصح الروايتين عنه- إلى أنها تعتد بأطول الأجلين: إما الولادة، أو انتهاء العدة، فيا أخي: هل نؤثم علياً، أو ابن عباس لأنهما خالفا قوله تعالى -في سورة الطلاق-: "وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ"؟! معاذ الله! فلهم عذرهم وتأويلهم، وليس هذا مقام بحث المسألة فقهياً، إنما أردت أن أبين لك خطورة هذا التشطير للحديث، والتخصيص له من دون دليل علمي. وأما قولك -غفر الله لك-: " ... لا في أطماع سياسة ... الخ" فكم تمنيت أن يعف لسانك عن هذا الكلام، فإن هذه تهمه خطيرة، وهي تدخلك في متاهات لا نهاية لها، ومحاذير كبيرة، وورطات عظيمة، إذ يلزم منها تفسيقُ وتضليل من قاتل علياً في وقعة الجمل! وهذا يجرك إلى الوقوع في المحذور الذي نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "لا تسبوا أصحابي"، وسيترتب على هذا هدم جزءٍ من السنة ليس باليسير روته عائشة، ومعاوية، وعمرو بن العاص، فضلاً عن بقية من كان معهم من الصحابة -رضي الله عن الجميع- إلى غير ذلك من المفاسد الكثيرة. فضلاً عن مخالفة هذا كله، لما أخبر الله تعالى به عن أهل الإيمان الذين يأتون من بعد الصحابة -من المهاجرين والأنصار-، بقوله عنهم: "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر:10] . فقوله: "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ" يشمل جميع المؤمنين إلى يوم القيامة -جعلني الله وإياك منهم-. فمن طعن في أحد من الصحابة بمثل هذه المسائل التي اجتهدوا فيها، فقد أعان على إخراج نفسه من هؤلاء الذين أثني عليهم في هذه الآية، ولهذا اتفق أهل السنة على أن أسلم طريق في التعامل مع هذه الفتنة الكبيرة، هو كف الألسن في الخوض في تفاصيلها -خصوصاً أمام عامة الناس- لأن الدخول في التفاصيل يوقع في إشكالات كثيرة -ذكرت بعضها قبل قليل-.

ثم لنفترض -أخي السائل- أن معاوية وعائشة -ومن شاركهم من الصحابة في القتال -رضي الله عن الجميع- كانوا مخطئين خطأً لا صواب فيه، بل اتبعوا أهواءهم، ورغبوا في مطامع سياسية -كما قلتَ أنت- أو أغراض شخصية، أفيصح أن تهدر بقية فضائلهم وحسناتهم بمثل هذا؟ أين فضائلهم، وعظيم حسناتهم، وسابقتهم في الإسلام؟! أليس لهم النصيب الأوفى من قوله تعالى: "أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ"؟! وكيف تخرجهم من قوله تعالى: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (التوبة:100) فمعاوية ومن كان مثله من مسلمة الفتح، داخلون بلا ريب في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ"، وقد بيّن الله تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه "وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"، وهم -أيضاً- موعودون بالحسنى، كما في قوله تعالى: "لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" فأخبر الله أن بين الفريقين تفاوتاً، وأثبت أن الجميع موعودون بالحسنى، ومعاوية ومن كان على شاكلته -كعمرو بن العاص، وخالد بن الوليد- داخلون في هذه الآية، إذ هم ممن أنفق من بعد الفتح، وقاتل، ولو لم يكن لهم منقبة إلا خروجهم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى تبوك لكفاهم، فهل بعد هذا تعشى العين، أو يعمى القلب عن إدراك الحقيقة؟!. ولهذا كان من أعظم مناقب الحسن رضي الله عنه وعن أبيه، أنه تنازل بالخلافة لمعاوية -رضي الله عنه- وتحققت فيه نبوءة جدِّه -صلى الله عليه وسلم-كل ذلك حقناًً لدماء المسلمين، والسؤال: أفكان الحسن -وهو أفضل أهل البيت في وقته- يتنازل بالخلافة لرجلٍ فاسق، فضلاً عن كافر -كما يقوله بعض الرافضة عن معاوية-؟! وعلى مذهب من يفسق معاوية، أو يكفره -عياذاً بالله- يجب أن تنقلب هذه المنقبة -التي مدحه بها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى نقيصة ومذمة، وهذا هو الضلال المبين، نعوذ بالله من ذلك. قال ابن تيمية -رحمه الله- "وإن قُدِّرَ أن لهم ذنوباً فالذنوب لا توجب دخول النار مطلقاً، إلا إذا انتفت الأسباب المانعة من ذلك، وهي عشرة، منها: التوبة، ومنها: الاستغفار، ومنها: الحسنات الماحية، ومنها: المصائب المكفرة، ومنها: شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنها: شفاعة غيره، ومنها-: دعاء المؤمنين، ومنها ما يهدى للميت من الثواب والصدقة والعتق، ومنها: فتنة القبر، ومنها: أهوال القيامة.

وقد ثبت في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "خير القرون القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"، وحينئذ فمن جزم في واحدٍ من هؤلاء بأن له ذنباً يدخل به النار قطعاً، فهو كاذبٌ مفترٍ، فإنه لو قال ما لا علم له به لكان مبطلاً، فكيف إذا قال ما دلت الدلائل الكثيرة على نقيضه؟!. فمن تكلم فيما شجر بينهم، وقد نهى الله عنه من ذمهم، أو التعصب لبعضهم بالباطل، فهو ظالم معتد، وقد ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق"، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال -عن الحسن-: "إن ابني هذا سيدٌ، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"، وفى الصحيحين -عن عمار أنه قال- "تقتله الفئة الباغية"، وقد قال تعالى: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ، فثبت بالكتاب والسنة، وإجماع السلف على أنهم مؤمنون مسلمون، وأن علي بن أبي طالب -والذين معه- كانوا أولى بالحق من الطائفة المقاتلة له، والله أعلم" [ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية 4/432] . خامساً: قولك: "ثم ما الداعي لأن نعصم، أو نقول بعصمة كل الصحابة بدون أن نصرح بذلك؟ " والجواب عن ذلك بأن أقول: من قال بأن الصحابة معصومون؟ لا أحد يقول بذلك ممن يعتد به من أهل العلم، بل هم -بالإجماع- يصيبون ويخطئون! ولم نسمع عن العصمة لغير الأنبياء -في أمة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- إلا عند الشيعة الإمامية الذي يدعون العصمة لأئمة أهل البيت، وقدوتهم في ذلك ابن سبأ الذي ادعى العصمة لعلي -رضي الله عنه-. وأفهم من قولك: "بعصمة كل الصحابة" أنك ترى أن بعضهم قد يكون معصوماً! وهذا ما لم يقل به أحدٌ أبداً من السلف -كما قلت لك- بل لن يستطيع أحدٌ أبداً أن يأتي بحرف واحدٍ عن أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- يقول فيه بعصمة أحدٍ منهم، وإذا كان هذا في حقهم ممتنعاً شرعاً، أفتظن أن العصمة ستكون لمن جاء بعدهم؟! سادساً: الآية التي استدللت بها لا تصلح للاستدلال على عدم ثبوت العصمة؛ لأن هذا في مقام بيان عقوبة مَن خالف الأمر والنهي، ولا يلزم منه الوقوع أصلاً، وهذا يستوي فيه جميع المكلفين، حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ألم تقرأ قول الله -عز وجل-: "وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [الزمر:65] ؟! وقوله تعالى: "وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً" [الإسراء:75-74] ؟! ولا يمكن لأحد أن يقول بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يمكن أن يشرك شرعاً، أو يركن إلى الذين كفروا -حاشاه من ذلك-.

والذي يصلح أن يستدل به على عدم العصمة لغير النبي -صلى الله عليه وسلم- هو اتفاق أهل العلم على أن كل أحدٍ يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي -صلى الله عليه وسلم- وهناك أدلةٌ أخرى ليس هذا مجال الحديث عن العصمة، فالبحث فيها طويل متشعب. سابعاً: قلت في ختام إيرادك -وفقني الله وإياك للحق-: "لماذا لا يحاسب من خاض في دماء الآلاف"؟!. وأنا أسألك -وفقك الله-: من هو الذي تريده أن يحاسب الصحابة في الذين شاركوا في تلك الفتنة؟!. ولعل قصدك -في كلامك هذا-: لماذا لا ينتقد من شارك في القتال؟ ولماذا لا يبين خطأه؟! وما هذا الكلام -الذي تقدم- إلا جواب عن هذا السؤال، وأجزم أنها إنما هي إشارات فقط، أرجو أن تكون كافية في إيضاح الحق، وإلا فإن المسألة كتب فيها كتب، وسطرت فيها مجلدات، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. وأختم جوابي بأمرين: الأول: كما أن الإنسان يشكر على بحثه عن الحق، فإنه يشكر أكثر ويغبط أكثر وأكثر، ويسلم دينه أكثر وأكثر حينما يعيش ويموت وقلبه سليم على إخوانه المسلمين، فضلاً عن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- حملةِ الشريعة، ومبلغي السنة لبقية الأمة -رضي الله عنهم وأرضاهم- وجزاهم عن الإسلام وأهله خير الجزاء-. والله العظيم لن يسلم دين المرء، ولن يرتاح باله إلا بهذا المسلك، وتجارب إخواننا الذين تابوا من هذا المسلك الوخيم -أعني: سب الصحابة كالشيخين، أو معاوية أو عائشة- أكبر شاهد على ذلك، فاسألهم تجد عندهم الخبر اليقين. واعلم -بارك الله فيك- أن القدح في خير القرون الذين صحبوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجرُّ إلى القدح في الرسول عليه الصلاة والسلام، كما قال الإمام مالك -وغيره من أئمة العلم-: هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله، وإنما طعنوا في أصحابه؛ ليقول القائل: رجلُ سوء كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلاً صالحاً؛ لكان أصحابه صالحين. وبهذا المسلك -أعني مسلك التسليم وترك الخوض فيما جرى- تسلم من بدعتين قبيحتين: الأول: بدعةِ الرافضة الذين أعملوا ألسنتهم في شتم الشيخين، وعثمان، ومعاوية وجمع غفير من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. الثاني: بدعةِ النواصب الذين يشتمون علياً وأشياعه -عياذاً بالله من ذلك-. وأنا -يا رب- أبرأُ إليك من هؤلاء، وأسألك بما سألك به عبادك الصالحون -الذين جاءوا من بعد أصحاب نبيك -صلى الله عليه وسلم-: "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ". وأرجو أن تتأمل معي هذين الموقفين اللذين وقفهما اثنان من كبار أئمة هذه الأمة: أما الموقف الأول: فهو موقف الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز عندما قيل له: ما تقول في أهل صفين؟ فقال: تلك دماء طهر الله يدي منها، فلا أحب أن أخضب لساني بها. وأما الموقف الثاني: فهو موقف الإمام أحمد، حينما قال: إن علياً كان الأحق بالأمر، وكانت طاعته واجبة، فأورد عليه بعضهم فقال: إذا قلت كان إماماً واجبَ الطاعة، ففي ذلك طعن على طلحة والزبير، حيث لم يطيعاه، بل قاتلاه! فقال لهم الإمام أحمد: إني لست من حربهم في شيء!

علق الإمام ابن تيمية على هذا الكلام، مفسراً كلمة الإمام أحمد، فقال: (يعنى أن ما تنازع فيه عليٌّ وإخوانه لا أدخل بينهم فيه؛ لما بينهم من الاجتهاد والتأويل الذي هم أعلم به مني، وليس ذلك من مسائل العلم التي تعنيني حتى أعرف حقيقةَ حالِ كل واحد منهم، وأنا مأمور بالاستغفار لهم، وأن يكون قلبي لهم سليماً، ومأمور بمحبتهم وموالاتهم، فلهم من السوابق والفضائل ما لا يهدر) [ينظر مجموع الفتاوى 4/440] . فهذان موقفان يريحان قلب المسلم، ويسلم له دينه، ويمثلان منهجاً وسطاً في التعامل مع هذه المسائل الكبار، والتي الخلل فيها -سببٌ من أسباب الضلال والانحراف في الاعتقاد- كما هو ظاهر في التاريخ، بل والواقع-. الثاني: مما أختم به جوابي -أن هذه الفتنة- التي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وقعت ومضت بما فيها "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون" فليس من العقل ولا من الشرع أن نختصر ديننا وعقيدتنا، وفهمنا للشريعة في هذه الفتنة العمياء! بل علينا أن نقرأها في سياقها التاريخي الذي يعين على فهم ملابساتها وأسبابها، وأن ننزلها منزلتها اللائقة بها، والتماس العذر فيها لمن أخطأ، فإن الفتنة إذا وقعت عمي أكثر الناس عن فهمها، وإذا أدبرت أدركها كل أحد، وأن نتجاوزها لنقف كثيراً عند السيرة المعصومة -التي أمرنا بالاقتداء بها، والتأسي بها -سيرة محمد -صلى الله عليه وسلم- (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) ، فهي السيرة الخطية التي ستجد فيها الترجمة الحقيقية لهذا الدين: تحقيقاً للتوحيد، وعناية ببقية الأركان، ونصاعة في الأخلاق، وعظمة في حسن المعاملة، وأن نحاول التأسي بها، وأن نطبقها عملياً في حياتنا قدر الإمكان، فذلك -والله- خير وأبقى. أسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شرور أنفسنا، وأن يهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب "ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم". وصلى الله وسلم على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

مراجعات الزوار حول فتوى اليوم الوطني

مراجعات الزوار حول فتوى اليوم الوطني د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه 22/8/1426 26/09/2005 سبق أن نشر موقع الإسلام اليوم فتوى لمعالي الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه حول الاحتفال باليوم الوطني بتاريخ 16/12/1424هـ وتلقى الموقع رسائل تناقش رأى معالى الشيخ في هذه القضية، ولذا نعيد نشر فتوى معالي الشيخ - حفظه الله - وأهم ما ورد من الرسائل حولها: السؤال: أصحاب الفضيلة المشايخ: سؤالي يا أصحاب الفضيلة عن اليوم الوطني، هل يجوز حضور الحفل؟ وإذا ألزمنا به كأعضاء سفارة ماذا علينا فعله؟ وهل يجوز لنا الحضور بنية إلقاء كلمة ذكر أو محاضرة نذكر فيها بطاعة الله ورسوله -عليه السلام-؟ أرجو إعطائي نصيحة ألقيها في هذا اليوم، أرجو الرد بأسرع وقت لأن اليوم الوطني قرب وأنا محتارة ولا أعرف ماذا أقول لزوجة السفير إذا دعتني؟. الجواب:

اليوم الوطني ليس عيداً، والأعياد التي لا يجوز إحداثها هي الأعياد الدينية وليست التجمعات التي يتجمع الناس بها لسبب أو لآخر، قد يحتفلون بالزواج وقد يحتفلون بالولادة، وقد يحتفلون بأي شيء فهذا ليس من الأعياد الدينية، لهذا يجب أن نزيل هذا الوهم، وهذه الشبهة التي يتعلق بها كثير من الناس، فيدخلون على الناس حرجاً وشغباً في دينهم، بحيث يصبح المتدين أو الملتزم في حرج يشعر وكأنه يأتي كبيرة ويأتي منكراً، هذا ليس بمنكر، فالأصل في الأشياء الإباحة، فلا حرج عليك أن تحضري فقد أجاز الحنابلة - رحمهم الله تعالى- العتيرة وهي ذبيحة كان أهل الجاهلية يعملونها في رجب كرهها المالكية باعتبار أنها كانت فعل الجاهلية ولكن الحنابلة أجازوها؛ لأنه لا يوجد نص يمنع من ذلك. أهل الجاهلية كانوا في رجب يذبحون ذبيحة اسمها الرجبية، واسمها العتيرة، فبعض العلماء يرى أن هذا باق على أصل الجواز، فإذا اجتمع الناس وذبحوا ذبيحة في رجب أو في شعبان أو في أي زمن فهذا لا مانع منه أن يحتفل الناس أو يفرحوا بحدث زوال الاستعمار في بلد مثلاً، هذا ما يسمى باليوم الوطني غالباً عندنا في أفريقيا، أو في البلاد التي كانت مستعمرة، فالأمر إن شاء الله لا حرج فيه، أما إذا كان ينبغي لك أن تلقي محاضرة فهذا شيء حسن إذا كانت المناسبة تسمح بإلقاء محاضرة أو خطبة تذكير ونحو ذلك فهذا لا بأس به، أما أن نتشبث: بأن أبدلنا الله عيدين، هذه أعياد كانت للأنصار وكانت أعياد جاهلية وأصنام، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- ذكر أن أعياد الإسلام الدينية عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى، وهذا لا يفهم منه أنه يمنع أن يتجمع الناس في تجمع حتى ولو كان كرهه المرء ورأى أنه إذا لم يكن هناك منكر فلا داعي إلى التشويش على الناس، وإثارة بعض الفتن والخصومات في أمور ليست ممنوعة، نصاً من كتاب أوسنة، ولا إجماعاً للعلماء ولا اتفاقاً داخل المذاهب، لأن التيسير في مثل هذه الأمور التي لا حرج فيها قطعاً، والأقوال التي تقول تحرج لا تستند إلى قاطع وهي أقوال ضعيفة، فلا مانع من أن نفسح للناس المجال وأن نيسر لهم، فاليسر أصل من أصول هذا الدين "، وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج: 78] ، "يريد الله أن يخفف عنكم" [النساء: 28] ، "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" [الشرح: 5-6] ، "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا" رواه البخاري (69) ، ومسلم (1734] من حديث أنس -رضي الله عنه-، فالأصل في هذا الدين اليسر نكررها مرة أخرى، والاجتهادات الأخرى للعلماء اجتهادات محترمة، لكنها ليست نصوصاً من الشارع. والسلام عليكم. هذه الملاحظة من: بندر الحازمي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد استوقفني استشهاد الشيخ عبد الله بن بيه -حفظه الله- لجواز الاحتفال باليوم الوطني؛ إجازة الحنابلة للعتيرة، وأردت أن أجمع لنفسي الإجمال في المسألة من دون ذكر تأصيل لها: • اختلف العلماء في تفسير العتيرة واتفقوا في أنها ذبيحة تذبح في رجب. • (العتيرة) ، وقد كان أهل الجاهلية يذبحونها فأبطل الإسلام ذلك، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا عتيرة في الإسلام". أخرجه أحمد: (2/229) .

قال أبو عبيدة: العتيرة: هي: الرجبية، ذبيحة كانوا يذبحونها في الجاهلية في رجب يتقربون بها لأصنامهم. [فتح الباري لابن حجر (9/512) ] . • اتفقوا أنها كانت من أمر الجاهلية، واختلفوا في حكمها في الاسلام بين الاستحباب والجواز والكراهة والتحريم. • قال بن القيم رحمه الله: قال ابن المنذر - بعد أن ذكر الأحاديث في عتيرة رجب -: (وقد كانت العرب تفعل ذلك في الجاهلية، وفعله بعض أهل الإسلام , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهما , ثم نهى عنهما فقال: "لا فرع ولا عتيرة"، فانتهى الناس عنهما؛ لنهيه إياهم عنها , ومعلوم أن النهي لا يكون إلا عن شيئ قد كان يفعل , ولا نعلم أن أحدا ً من أهل العلم يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان نهاهم عنهما ثم أذن فيهما , والدليل على أن الفعل كان قبل النهي، قوله صلى الله عليه وسلم في حديث نبيشة الهذلي - رضي الله عنه - قال: نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب , فما تأمرنا؟ قال: "اذبحوا لله في أي شهر كان، وبروا الله عز وجل وأطعموا". رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وفي إجماع عوام علماء الأمصار على عدم استعمالهم ذلك , وقوف عن الأمر بهما مع ثبوت النهي عن ذلك بيان لما قلنا. ا. هـ[الاعتبار (ص 159 -160) ] . • قال ابن رجب: ويشبه الذبح في رجب اتخاذه موسمًا وعيدًا كأكل الحلوى ونحوها. [لطائف المعارف: (27) ] . • ومال ابن المنذر إلى هذا، وقال: كانت العرب تفعلهما وفعلهما بعض أهل الإسلام بالإذن، ثم نهى عنهما، والنهي لا يكون إلا عن شيء كان يفعل، وما قال أحد إنه نهى عنهما ثم أذن في فعلهما ثم نقل عن العلماء تركهما إلا ابن سيرين، وكذا ذكر عياض أن الجمهور على النسخ، وبه جزم الحازمي. [فتح الباري - كتاب العقيقة] . • فقد كان استحباب بعض العلماء استنادا لحديث مخنف بن سليم -رضي الله عنه- قال: كنا وقوفا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرفات فسمعته يقول: "يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تسمونها الرجبية". وضعفه ابن حزم في المحلى (7/356) وعبد الحق - كما في تهذيب السنن (4/92) والخطابي في المعالم (4/92) ، وقال ابن كثير: وقد تُكلم في إسناده " ا. هـ • حديث آخر: حديث محنف بن سليم - رضي الله عنه -: "على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة"، وسيأتي، قال ابن الجوزي: وهذا متروك الظاهر، إذ لا يسن العتيرة أصلًا، ولو قلنا بوجوب الأضحية كانت على الشخص الواحد، لا على جميع أهل البيت، انتهى.

قوله: والعتيرة منسوخة، وهي شاة تقام في رجب على ما قيل. قلت: روى الأئمة الستة في " كتبهم " [عند البخاري في العقيقة، في باب الفرع، وفي باب العتيرة (ص 822 - ج 2) ، وعند مسلم في الأضاحي فيه (ص 159 - ج 2) ، وعند أبي داود فيه (ص 35 - ج 2) ، وعند النسائي فيه (ص 188 - ج 2) وعند الترمذي فيه (195 - ج 1) ] من حديث الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " لا فرع ولا عتيرة "، انتهى. زاد أحمد في مسنده: "في الإسلام "، وفي لفظ للنسائي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الفرع والعتيرة، وفي " الصحيحين " قال: "والفرع أول النتاج، كان ينتج لهم، فيذبحوه لطواغيتهم، والعتيرة في رجب"، انتهى. [نصب الراية (ج4) ] . • قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (المراد بـ "لا فرع ولا عتيرة" نفي كونهما سنة أي خلافاً لما يراه بعض أهل الجاهلية من أن ذلك سنة , لكن النفي يفيد البطلان كـ "لا عدوى ولا طيرة" أفلا يكون "لا فرع ولا عتيرة" إبطال لذلك؟! . فالأصل سقوط ذلك , ولا حاجة إلى تأويل , بل هو ساقط بالإسقاط النبوي , سقط سنة وفعلاً. هذا مع دلالة "من تشبه بقوم فهو منهم" مع دلالة أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع من مشابهة الجاهلية. [الفتاوى (ج6) ] . "نسال الله أن يهدينا إلى الحق، وأن يجمع الأمة على كتابه وسنة نبيه وصلى الله عليه وسلم. هذه الملاحظة من: أبي ماجد: اطلعت على فتوى سماحة الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه , والشيخ عالم له اجتهاده ورأيه المعتبر. ولكن في هذه المسألة أقوال أخرى يحسن عرضها , ولذا أرغب إليكم نشرها ليحصل اكتمال عرض المسألة في موقعكم. (فتوى رقم 9403- 3/59) . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: أولاً: العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد، إما بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع أو نحو ذلك، فالعيد يجمع أموراً منها: يوم عائد كيوم عيد الفطر ويوم الجمعة، ومنها: الاجتماع في ذلك اليوم، ومنها: الأعمال التي يقام بها في ذلك اليوم من عبادات وعادات. ثانياً: ما كان من ذلك مقصوداً به التنسك والتقرب أو التعظيم كسبا للأجر، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري ومسلم، مثال ذلك الاحتفال بعيد المولد، وعيد الأم، والعيد الوطني، لما في الأول من إحداث عبادة لم يأذن بها الله، ولما في الثاني والثالث من التشبه بالكفار، وما كان المقصود منه تنظيم الأعمال مثلاً لمصلحة الأمة وضبط أمورها، كأسبوع المرور، وتنظيم مواعيد الدراسة، والاجتماع بالموظفين للعمل، ونحو ذلك مما لا يفضي إلى التقرب به والعبادة والتعظيم بالأصالة، فهو من البدع العادية التي لا يشملها قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" فلا حرج فيه، بل يكون مشروعاً، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. والله أعلم. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز:

اطلعتُ على ما نشرته صحيفة (الندوة) في عددها الصادر بتاريخ (30 / 11 / 1384) هـ تحت عنوان (تكريم الأم.. وتكريم الأسرة) فألفيت الكاتب قد حبذ من بعض الوجوه ما ابتدعه الغرب من تخصيص يوم في السنة يحتفل فيه بالأم وأَوْرَدَ عليه شيئا غفل عنه المفكرون في إحداث هذا اليوم وهي ما ينال الأطفال الذين ابتلوا بفقد الأم من الكآبة والحزن حينما يرون زملائهم يحتفلون بتكريم أمهاتهم واقترح أن يكون الاحتفال للأسرة كلها واعتذر عن عدم مجيء الإسلام بهذا العيد؛ لأن الشريعة الإسلامية قد أوجبت تكريم الأم. ولقد أحسن الكاتب فيما اعتذر به عن الإسلام وفيما أورده من سيئة هذا العيد التي قد غفل عنها من أحدثه، ولكنه لم يشر إلى ما في البدع من مخالفة صريح النصوص الواردة عن رسول الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام، ولا إلى ما في ذلك من الأضرار ومشابهة المشركين والكفار فأردت بهذه الكلمة الوجيزة أن أنبه الكاتب وغيره على ما في هذه البدعة وغيرها مما أحدثه أعداء الإسلام والجاهلون به من البدع في الدين، حتى شوهوا سمعته ونفروا الناس منه وحصل بسبب ذلك من اللبس والفرقة ما لا يعلم مدى ضرره وفساده إلا الله سبحانه. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التحذير من المحدثات في الدين وعن مشابهة أعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه، وفي لفظ لمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ". والمعنى: فهو مردود على ما أحدثه، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة: " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " خرجه مسلم في صحيحه. ولا ريب أن تخصيص يوم من السنة للاحتفال بتكريم الأم أو الأسرة من محدثات الأمور التي لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته المرضيون، فوجب تركه وتحذير الناس منه، والاكتفاء بما شرعه الله ورسوله.

وقد سبق أن الكاتب أشار إلى أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بتكريم الأم والتحريض على برها كل وقت، وقد صدق في ذلك فالواجب على المسلمين أن يكتفوا بما شرعه الله لهم من بر الوالدة وتعظيمها والإحسان إليها والسمع لها في المعروف كل وقت، وأن يحذروا من محدثات الأمور التي حذرهم الله منها والتي تفضي بهم إلى مشابهة أعداء الله والسير في ركابهم واستحسان ما استحسنوه من البدع, وليس ذلك خاصا بالأم بل قد شرع الله للمسلمين بر الوالدين جميعا وتكريمهما والإحسان إليهما وصلة جميع القرابة وحذرهم سبحانه من العقوق والقطيعة وخص الأم بمزيد العناية والبر؛ لأن عنايتها بالولد أكبر ما ينالها من المشقة في حمله وإرضاعه وتربيته أكثر قال الله سبحانه: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" [الإسراء:23] ، وقال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" [لقمان:14] ، وقال تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" [محمد:22، 23] . وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر"؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين"، وكان متكئا فجلس فقال: "ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور". وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله، أي الناس أحق بحسن صحابتي؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك"، قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك ثم الأقرب فالأقرب". وقال عليه الصلاة والسلام: "لا يدخل الجنة قاطع"، يعني: قاطع رحم، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أجَله فليصل رحمه"، والآيات والأحاديث في بر الوالدين وصلة الرحم وبيان تأكيد حق الأم كثيرة مشهورة، وفيما ذكرنا منها كفاية ودلالة على ما سواه، وهي تدل مَنْ تأملها دلالة ظاهرة على وجوب إكرام الوالدين جميعا واحترامهما والإحسان إليهما وإلى سائر الأقارب في جميع الأوقات، وترشد إلى أن عقوق الوالدين وقطيعة الرحم من أقبح الصفات والكبائر التي توجب النار وغضب الجبار، نسأل الله العافية من ذلك. وهذا أبلغ وأعظم مما أحدثه الغرب من تخصيص الأم بالتكريم في يوم من السنة فقط ثم إهمالها في بقية العام مع الإعراض عن حق الأب وسائر الأقارب، ولا يخفى على اللبيب ما يترتب على هذا الإجراء من الفساد الكبير، مع كونه مخالفا لشرع أحكم الحاكمين، وموجباً للوقوع فيما حذر منه رسوله الأمين.

ويلتحق بهذا التخصيص والابتداع ما يفعله كثير من الناس من الاحتفال بالموالد وذكرى استقلال البلاد أو الاعتلاء على عرش الملك وأشباه ذلك فإن هذه كلها من المحدثات التي قلد فيها كثير من المسلمين غيرهم من أعداء الله وغفلوا عما جاء به الشرع المطهر من التحذير من ذلك والنهي عنه وهذا مصداق الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: " لتتبعن سَنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه"، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن! "، وفي لفظ آخر: " لتأخذن أمتي مأخذ الأمم قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع"، قالوا: يا رسول الله فارس والروم؟ قال: "فمن! "، والمعنى: فمن المراد إلا أولئك، فقد وقع ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم من متابعة هذه الأمة إلا من شاء الله منها لمن كان قبلهم من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من الكفرة في كثير من أخلاقهم وأعمالهم حتى استحكمت غربة الإسلام وصار هدي الكفار وما هم عليه من الأخلاق والأعمال أحسن عند الكثير من الناس مما جاء به الإسلام وحتى صار المعروف منكرا والمنكر معروفا والسنة بدعة والبدعة سنة عند أكثر الخلق بسبب الجهل والإعراض عما جاء به الإسلام من الأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة المستقيمة فإنا لله وإنا إليه راجعون ونسأل الله أن يوفق المسلمين للفقه في الدين وأن يصلح أحوالهم ويهدي قادتهم وأن يوفق علماءنا وكتابنا لنشر محاسن ديننا والتحذير من البدع والمحدثات التي تشوه سمعته وتنفر منه إنه على كل شيء قدير وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه ومن سلك سبيله واتبع سنته إلى يوم الدين. " مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (5 / 189) .

بزناس والتسويق الهرمي عودا على بدء

بزناس والتسويق الهرمي عوداً على بدء 17/11/1425 29/12/2004 سبق نشر فتوى للدكتور / سامي بن إبراهيم السويلم حول نشاط شركة بزناس والتسويق الهرمي وقد وردت إلينا رسالة تعقيبية من الأخ/ إبراهيم الكلثم تناقش هذا الرأي وقد عرضناها على الشيخ الدكتور / سامي السويلم وفضيلة المشرف العام على الموقع الشيخ/ سلمان بن فهد العودة للتعقيب عليها. وها نحن ننشر رسالة الأخ إبراهيم الكلثم والتعقيبات حولها شاكرين للجميع تعاونهم، مع يقيننا أن الحوار العلمي حول القضية هو السبيل الأمثل لاتضاح الرأي والوصول إلى الرؤية الواضحة المكتملة. رسالة إبراهيم الكلثم: فضيلة الشيخ ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد: فأود منك أن تبدي رأيك في هذه المسألة وتوجيهي إذا كنت مخطئا الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: فإن سبب الخلاف في شركة بيزناس هو عدم التصور الكامل لها والحكم على الشيء فرع عن تصوره, وقد اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال: القول الأول: التوقف. القول الثاني: التحريم. القول الثالث: الجواز إذا كان إحضار الزبائن غير مشروط الذين قالوا بالتوقف توقفوا لما فيها من التعقيد والغموض. حجة أصحاب القول الثاني الذين قالوا بالتحريم: (1) أنه أكل للمال بالباطل لأن هذا النوع من البرامج لا يمكن أن ينمو إلا في وجود من يخسر لمصلحة من يربح، سواء توقف النمو أم لم يتوقف. فالخسارة وصف لازم للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية للمستويات العليا. والخاسرون هم الأغلبية الساحقة كما سبق، والرابحون هم القلة , أي أن القلة كسبوا مال الأكثرية بدون حق، وهذا أكل المال بالباطل. (2) قياسها بالدولار الصاروخي، الذي أفتى عدد كثير من لجان الفتوى بأنه مقامرة محرمة. ووجه الشبه بين الاثنين: أ. أن العضو لا يحصل على أي عمولة قبل الشهر الثالث، أي أنه لا بد من نمو الهرم تحته بثلاثة مستويات قبل أن يحصل على العمولة. ب. وأن الأكثرية تخسر لكي تربح الأقلية. ففيها تدليس وتغرير وبيع للوهم للجمهور لمصلحة القلة أصحاب الشركة. ج. أي أن نحو 94% من أعضاء البرنامج خاسرون، بينما 6% فقط هم الرابحون. فالخسارة لازمة لنمو الهرم ولا يمكن في أي لحظة من اللحظات أن يصبح الجميع رابحاً بحال من الأحوال. وأما بالنسبة للمنتجات: فقالوا أن السلعة في هذه البرامج هي مجرد ستار وذريعة للبرامج الممنوعة، إذ النتيجة واحدة, وأن الهدف هو التسويق لما لجأ الأعضاء إلى إغراء الجدد بعمولات التسويق؛ ولذلك لا يمكن أن يسوّق العضو هذه المنتجات دون ذكر عمولات التسويق. وأن هذه المنتجات، مهما كانت فائدتها، لا يمكن أن تحقق للمشتري منافع تتجاوز في قيمتها تلك العمولات الخيالية الناتجة من التسويق. والعبرة، كما هو مقرر شرعاً، بالغالب. فقصد العمولات هو الغالب على قصد المنتجات، فيكون الحكم مبنياً على ذلك. وأن الشركة تشترط للاستمرار في البرنامج لأكثر من سنة دفع نفس المبلغ مرة أخرى.

وواضح أن هذا لا لشيء سوى استمرار التسويق، فالبرامج تم شراؤها من المرة الأولى، والبرامج الجديدة إن وجدت لا تعادل في القيمة المبلغ المطلوب , ولو كانت الشركة تبيع المنتجات فعلاً لكانت توجه دعمها لمنتجاتها، في حين تقدم الدعم لبرامج التسويق وكسب الأعضاء، كما تنص عليه اللائحة , فهل هذا صنيع من يبيع منتجات حقيقية؟ (3) ابتناؤه على الغرر المحرم شرعا؛ لأنه مقامرة , وأنها تشتمل على الغش والخداع وبيع الوهم وتتضمن غررا ولما فيه من الغبن الذي يقع على العميل أو العضو المسوّق من هذا الأسلوب فإن مقابل كل 9 أعضاء جدد يحصل المسوّق على 55 في حين يحصل أصحاب الشركة على صافي ربح 620 دولاراً. وهذا غبن فاحش، فكيف يقال مع ذلك إن تكاليف التسويق تصرف للأعضاء؟! فهذا المبلغ، وهو 75 دولار، هو في الحقيقة رسوم الاشتراك في البرنامج، ومعظمه كما ترى يذهب لأصحاب الشركة. (4) أن التسوية بين هذا الأمر وبين السمسرة كالتسوية بين البيع والربا من الذين حكى الله تعالى عنهم في القرآن: {ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا} , وهي كالتسوية بين البيع وبين العينة الممنوعة بالنص. (5) أن المنتجات التي تباع غير محسوسة كما نقل لي ذلك عن أحد العلماء. (6) أن هذه المسألة هي بيعتين في بيعة وعقدين في عقد. حجة أصحاب القول الثالث الذين قالوا بالجواز واشترطوا لجواز ذلك: (1) أن تكون صادقا وألا تغش أحدا أو تغرر به من أجل الحصول على الربح. (2) وأن تكون هذه المنتجات خالية من الأمور المحرمة. حجتهم: أن الشراء للمنتج ليس مشروطا بإحضار زبائن آخرين وهذا يسمى عمولة أو سمسرة وهذه نفسها هي صورة الجعالة الجائزة ودليلها قوله تعالى: " ولمن جاء به حمل بعير " وحديث اللديغ وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد. قال صاحب الزاد: والجماعة إذا عملوه يقتسمونه بالسوية لأنهم اشتركوا في العمل الذي يستحق به العوض فاشتركوا فيه. انظر حاشية الروض المربع ج 5 ص 497 ط 6 الترجيح: عندما تتبعت أقوال العلماء وأدلتهم واطلعت على أوراق الشركة وكيفية تعاملها تبين لي والله أعلم صحة القول الثالث ونجيب عن أدلة أصحاب القول الثاني القائلين بالتحريم بما يلي: قولهم: أنه أكل للمال بالباطل لأن هذا النوع من البرامج لا يمكن أن ينمو إلا في وجود من يخسر لمصلحة من يربح، سواء توقف النمو أم لم يتوقف. فالخسارة وصف لازم للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية للمستويات العليا. والخاسرون هم الأغلبية الساحقة كما سبق، والرابحون هم القلة. أي أن القلة كسبوا مال الأكثرية بدون حق، وهذا أكل المال بالباطل. الجواب عنه: أن هذا ليس أكلاً للمال بالباطل بل إن الزبائن دفعوا مقابل منتجات نافعة مفيدة وقد سألت من جربها فامتدحها، وقمت بتجربتها بنفسي فوجدت فيها النفع الكثير حيث إنها اشتملت على برامج تعليمية بالصوت والصورة والتطبيق وموقع شخصي بسعة كبيرة جدا يمكن بناءه بكل سهولة حيث إنه الموقع الوحيد ـ كما أعلم ـ الموجود حاليا ويمكن بناءه باللغة العربية , بالإضافة إلى البريد الاكتروني بمساحة كبيرة أيضا , فأين أكل المال بالباطل وأين الخسارة؟

وقولهم: الخسارة وصف لازم للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال. الجواب عنه: لا نسلم لكم ذلك, لماذا ننظر إلى التسويق، ونترك السلعة المباعة؟ فالمسألة بيع وشراء قبل أن تكون سعيا, وبالتالي أين الخسارة؟ ولو سلمنا لكم جدلا أنه لا يوجد بيع أصلا فإن الخسارة ليست وصفا لازماً للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال بل إن المستويات الأخيرة قد تربح بسعيها أضعاف ما ربحه من في المستوى الأعلى بل إن الذي في الأعلى قد لا يربح شيئا أبدا ويربح من تحته. قياسهم لها بالدولار الصاروخي، الذي أفتى عدد كثير من لجان الفتوى بأنه مقامرة محرمة. ووجه الشبه بين الاثنين: أ. أن العضو لا يحصل على أي عمولة قبل الشهر الثالث، أي أنه لا بد من نمو الهرم تحته بثلاثة مستويات قبل أن يحصل على العمولة. ب. وأن الأكثرية تخسر لكي تربح الأقلية. ففيها تدليس وتغرير وبيع للوهم للجمهور لمصلحة القلة أصحاب الشركة. ج. أي أن نحو 94% من أعضاء البرنامج خاسرون، بينما 6% فقط هم الرابحون. فالخسارة لازمة لنمو الهرم ولا يمكن في أي لحظة من اللحظات أن يصبح الجميع رابحاً بحال من الأحوال. الجواب عنه: هذا قياس مع الفارق وتشبيه هذا الأمر وبين الدولار الصاروخي كالتسوية بين البيع والربا من الذين حكى الله تعالى عنهم في القرآن: " ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا ". وهي كالتسوية بين البيع وبين العينة الممنوعة بالنص. ولكنني أرى القوم عفا الله عنهم قلبوا المسألة وجعلوا من قال بالجواز هم الذين شبهوا هذا بذاك. والبيع هنا ليس وهما بل حقيقة مشاهدة وأوصافها معروفة دون أي جهالة أو غرر ويعرفها من جربها بل إن أثر المنتج في تعليم الناس وتوجيههم لما فيه صالحهم واضح وضوح الشمس. قولهم: وأما بالنسبة للمنتجات فإن السلعة في هذه البرامج هي مجرد ستار وذريعة للبرامج الممنوعة، إذ النتيجة واحدة. وأن الهدف هو التسويق لما لجأ الأعضاء إلى إغراء الجدد بعمولات التسويق. ولذلك لا يمكن أن يسوّق العضو هذه المنتجات دون ذكر عمولات التسويق. وأن هذه المنتجات، مهما كانت فائدتها، لا يمكن أن تحقق للمشتري منافع تتجاوز في قيمتها تلك العمولات الخيالية الناتجة من التسويق. والعبرة، كما هو مقرر شرعاً، بالغالب. فقصد العمولات هو الغالب على قصد المنتجات، فيكون الحكم مبنياً على ذلك. وأن الشركة تشترط للاستمرار في البرنامج لأكثر من سنة دفع نفس المبلغ مرة أخرى. وواضح أن هذا لا لشيء سوى استمرار التسويق، فالبرامج تم شراؤها من المرة الأولى، والبرامج الجديدة إن وجدت لا تعادل في القيمة المبلغ المطلوب. ولو كانت الشركة تبيع المنتجات فعلاً لكانت توجه دعمها لمنتجاتها، في حين تقدم الدعم لبرامج التسويق وكسب الأعضاء، كما تنص عليه اللائحة. فهل هذا صنيع من يبيع منتجات حقيقية؟ الجواب عن ذلك: ما المانع من تسويق المنتجات؟ ولماذا ننظر من زاوية ضيقة ونغفل كل الغفلة ونتناسى المنتجات, وهي منتجات مباحة شرعا، فتسويقها عن طريق السمسرة وإن كانت العمولات التي تدفع خيالية فهل هذا يكفي في تحريمها أو تحريم التعامل معها.

فانظر إلى مكاتب العقار وكيف يأخذون السعي هل هذا حرام أم حلال؟ فإن كان حلال فما الفرق بينه وبين مسألتنا. أحرام على بلابله الدوح *** حلال للطير من كل جنس وإن كان حراما فيلزم منه تحريم ما أحل الله وهي الجعالة والعياذ بالله. قولهم: ابتناؤه على الغرر المحرم شرعا، لأنه مقامرة. وأنها تشتمل على الغش والخداع وبيع الوهم وتتضمن غررا ولما فيه من الغبن الذي يقع على العميل أو العضو المسوّق من هذا الأسلوب فإن مقابل كل 9 أعضاء جدد يحصل المسوّق على 55 في حين يحصل أصحاب الشركة على صافي ربح 620 دولاراً. وهذا غبن فاحش، فكيف يقال مع ذلك إن تكاليف التسويق تصرف للأعضاء؟! فهذا المبلغ، وهو 75 دولار، هو في الحقيقة رسوم الاشتراك في البرنامج، ومعظمه كما ترى يذهب لأصحاب الشركة. الجواب عنه: أين المقامرة والغش والخداع والغرر مع أن السلعة موجودة والفائدة متحققة. وأين الغرر والجهالة بل هو منفي في هذه المسأله ولك أن تسأل من شارك في بزناس هل غررت به الشركه أو وعدته بأمر وتملصت منه. هذا غير وارد في عمل الشركة بل إن كل من اشترى المنتج يعرفه جيدا ويعرف فائدته وفوق ذلك فإن الشركة تعطي الخيار لمن اشترى المنتج أن يجرب المنتج لمدة ثلاثة أيام وإن وجد فيه خلاف ما قيل له فله أن يعيده ويستلم ما دفع مقابله، وأما كون البعض منهم لم يحصل على عمولات فلم تعد الشركة الناس بأرباح بل فتحت المجال لمن آراد أن يسوّق وبينت طريقة التسويق وأوضحت شروط التسويق والمسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أوحرم حلالا, ولمن استهان بجدوى المنتج أوأنه غير مجد فإنّه يتحدث عن مناسبة المنتج له هو شخصيا فليس كل الناس مثله وليس كل الناس يحملون شهادات الدكتوراه أو التخصص في الحاسب. وأما قولهم: إن صافي الربح وهو 620 دولار يكون للشركة. فهو غير صحيح وإلا فأين المسوق الثاني الذي تحته الذي سيأخذ على الثمانية المتبقين في أسفله بعد أن يزيد عليهم واحداً فقط 55 دولار، والمسوق الثالث بعد أن يزيد إثنين، والمسوق الرابع.....، بل وأين المسوق الذي أعلى منه حيث سيأخذ على هذا المسوق مع ثمانيةٍ من هؤلاء التسعة 55 دولار والذي أعلى منه وهكذا ... أرأيتم عدم التصور الكامل للمسألة. قولهم: أن التسوية بين هذا الأمر وبين السمسرة كالتسوية بين البيع والربا من الذين حكى الله تعالى عنهم في القرآن: {ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا} , وهي كالتسوية بين البيع وبين العينة الممنوعة بالنص. الجواب عن ذلك: هذا قلب للمسألة رأسا على عقب وقد بينت ذلك أعلاه. قولهم: أن المنتجات التي تباع غير محسوسة. يلزم من ذلك تحريم بطاقات الانترنت وسداد فاتورة الكهرباء والهاتف وشراء المواقع في الانترنت وهذا لم يقل به أحد. قولهم: أن هذه المسألة هي بيعتين في بيعة وعقدين في عقد. الجواب عنه: هذه المسألة إذا كانت فيها عقدان لازمان، وأما هنا فهو عقد لازم (شراء) وعقد جائز (تسويق) وأنت غير ملزم بتسويق هذا المنتج ففرق بين المسألتين. وبناء على ما سبق بيانه وتوضيحه فإن الشراء والتعامل مع هذه الشركة جائز وما تدفعه الشركة مقابل السعي جعالة جائزة.

أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه, والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وعقب الدكتور / سامي السويلم على هذه الرسالة وما يشابهها بالتعقيب التالي: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد. فقد وقفت على بعض الردود على المقال الذي كتبتُه سابقاً عن شركة "بزناس"، ولم أكن حريصاً على الجواب عنها، إيماناً بحق الباحث المنصف في إبداء ما يراه صواباً، وبأن الحق سيظهر في نهاية الأمر لا محالة. لكن طلب عدد من الإخوة التعقيب على هذه الردود والجواب عما تضمنته من الإشكالات أملاً في بيان الصواب في هذه القضية. فرأيت أن أتناول الموضوع من زاوية تعالج الإشكالات من أساسها، دون الخوض في التفاصيل الفرعية، ورجوتُ أن يكون ذلك أنفع لي وللقارئ الكريم. نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا محبته واتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا بغضه واجتنابه، فهو سبحانه الموفق والهادي إلى سواء السبيل. حقيقة التسلسل الهرمي: ليس غريباً أن تختلف وجهات نظر الباحثين في هذا الموضوع الجديد على الساحة. فالجديد بطبيعته لا تتضح معالمه وخصائصه من أول وهلة، بل يحتاج الأمر إلى شئ من الوقت لتتبين الصورة كاملة. ومن أقرب الأمثلة على ذلك اختلاف الفقهاء في حكم الدخّان أول ما ورد للبلاد الإسلامية، بين مجيز ومانع. فلما تبيّن لهم ما فيه من المفاسد والأضرار الراجحة على منافعه، لم تختلف كلمتهم في تحريمه. والتسلسل الهرمي نظام نشأ أساساً في الغرب، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، تفتقت عنه أذهان هواة جمع المال بأقصر السبل وأيسرها دون اعتبار لحق أو باطل. فلما تبيّن لعقلائهم ما فيه من التغرير والخداع، حكموا بمنعه. هذا مع كونهم يجيزون الربا والقمار والميسر أساساً. فإذا كان هذا شأنهم، عُلم أنهم لم يمنعوا هذا النظام إلا لكثرة ما فيه من المفاسد. والشريعة الإسلامية هي أولى الشرائع بالعدل والإصلاح. فما من خير ومصلحة راجحة إلا تأمر به، ولا شر أو مفسدة راجحة إلا تنهى عنه. حتى قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "إذا ظهرت أمارات الحق وقامت أدلة العقل وأسفر صبحه، بأي طريق كان، فثم شرع الله (1) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالعدل هو الشرع، والشرع هو العدل. ... والذي أنزل الله هو القسط، والقسط هو الذي أنزله الله." (2) والتسلسل الهرمي يكفي تصوره على الوجه الصحيح للحكم ببطلانه، فينطبق عليه قول الليث بن سعد رحمه الله أنه: "أمرٌ لو نظر فيه ذو البصيرة بالحلال والحرام علم أنه لا يجوز." (3) التسلسل والفكرة في جوهرها بسيطة، لكنها تتعقد إذا أبرزت في صورتها النهائية. سأذكر فيما يلي جوهر العملية، وأما التفاصيل فأحيل على المقال السابق.

يبدأ الأمر بأن تدفعَ مبلغاً من المال لزيد، على أن تحصل من وراء ذلك على عمولات أو عوائد أو أرباح. لكن هذه العمولات التي تحصل عليها أنت تأتي من المبلغ الذي يدفعه عمرو لزيد. والعمولات التي يحصل عليها عمرو بدوره تأتي من المبلغ الذي يدفعه بكر. وهذا بدوره يحصل على العمولات مما يدفعه عبيد، وهكذا. فما يحصله الأول هو مما دفعه الثاني، والثاني مما دفعه الثالث، والثالث مما دفعه الرابع، وهكذا. ولا يرتاب عاقل أن هذا النظام، من حيث هو، باطل، لأن كل واحد في السلسلة إنما يربح مما يدفعه الذي يليه، فالأخير خاسر دائماً، ولا يربح إلا إذا وجد من يعقبه في السلسة. ومآل هذه السلسلة إلى التوقف حتماً، لأن هذا تسلسلٌ في العلل أو في الفاعلين، إذ علة ربح الأول هي اشتراك الثاني، وعلة ربح الثاني اشتراك الثالث، وعلة ربح الثالث اشتراك الرابع، وهكذا. والتسلسل في العلل ممتنع باتفاق العقلاء كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله. (4) وإذا كان ممتنعاً لزم توقفه عاجلاً أو عاجلاً، وإذا توَقَفَ كان الأخير خاسراً لمصلحة من قبله، وهذا هو أكل المال بالباطل المحرم بالنص والإجماع. الهرمية: وهذه السلسلة تكبر تدريجياً، بحيث تكون كل حلقة فيها أو كل طبقة أكبر من التي قبلها. وسبب ذلك أن مقدار الاشتراك الذي يدفعه الأعضاء ثابت. فإذا أراد الأول أن يحصل على رأسماله مع الربح لزم أن يليه في السلسلة ما لا يقل عن شخصين (بحيث يغطي اشتراك أحدهما رأسمال الأول، بينما يغطي اشتراك الآخر مقدار الربح، والباقي يذهب لمصلحة صاحب المشروع) . ثم كل من هؤلاء لكي يربح يحتاج ما لا يقل عن شخصين، فيتطلب ذلك أن يكون أعضاء الطبقة الثالثة لا يقلّون عن أربعة، وهكذا. فلا بد من النمو المطرد للسلسلة، فتصبح من ثم على شكل هرمي، كل طبقة فيه أكبر من التي فوقها. وفي كل مرة ينمو الهرم يصبح استمرار نموه أصعب من ذي قبل، حتى يؤول ذلك إلى التوقف التام لتعذر وجود العدد الكافي من الأعضاء لبقاء النمو. وهذا سبب آخر يضاف لما سبق حول ضرورة توقف الهرم. وفي هذه الحالة تصبح الطبقات الأخيرة خاسرة بالضرورة لمصلحة الطبقات العليا. وقد أشرت في المقال السابق أن الطبقات الأخيرة الخاسرة تمثل رياضياً 94% من الأعضاء، في حين تمثل الطبقات الرابحة 6% فحسب. وهذا مما يؤكد أن هذا النظام مبني على الاستغلال والتغرير بالأكثرية الساحقة لمصلحة الأقلية الرابحة. ما يقابل الاشتراك لما برزت فكرة التسلسل الهرمي، في غياب أي منتج أو بضاعة، وتبيّن فساد هذا النظام، حكمت المحاكم الغربية ببطلانه ومنعه. فاحتالوا لذلك بإدخال سلع أو منتجات يمتلكها الأعضاء مقابل الاشتراك، لا لشيء إلا لتجنب الملاحقة القانونية. وقد سبب وجود المنتج إشكالاً عند كثيرين، جعلهم يصححون هذا التعامل على أساسه. وسنبين إن شاء الله أثر المنتج في نظام التسويق، وأيهما تابع للآخر. إذ الحكم للمتبوع، والعبرة بالمقصود، كما هو متقرر شرعاً. لكن من المهم قبل كل شئ الاتفاق على أن النظام الهرمي في ذاته باطل، وأنه أكل للمال بغير حق. وإذا تقررت هذه النتيجة، يمكن النظر في وجود المنتج: هل يغير من مفاسد التسلسل الهرمي شيئاً؟ وهل مصلحته تجبر مفاسد النظام أم لا؟

ومن أجل تحرير محل النزاع، من الأفضل بيان الحالات المختلفة للمشترك في هذا البرنامج في وجود المنتج، وهي لا تخرج عن ثلاث: (1) أن يكون قصد المشترك هو التسويق وليس المنتج. (2) أن يكون قصده المنتج وليس التسويق. (3) ألا يتبيّن ما هو مقصوده، أو أن يتردد بينهما، أو يريدهما معاً. الحالة الأولى: المقصود هو التسويق وليس المنتج بمعنى أن المشترك هدفه التسويق أو السمسرة وما يترتب عليه من عمولات وأرباح، وليس شراء المنتج ولا الانتفاع به. ومن المتقرر فقهاً واقتصاداً وواقعاً أن السمسار يقوم بدور الوسيط بين التاجر بائع السلعة وبين المشتري. فإذا نجح السمسار في بيع السلعة نيابة عن التاجر أخذ عمولة مقابل عمله. لكن لا يقول أحد إن السمسار يجب أن يشتري من التاجر سلعة لكي يسمح له بتسويق بقية السلع. فالسمسار ليس قصده السلعة وإنما التسويق، وهذا هو الافتراض الذي انطلقنا منه في هذه الحالة. فإذا كان الهدف هو التسويق وليس السلعة فإن إلزامه بالشراء من أجل الحصول على عمولة السمسرة شرط ملجئ لا يجوز بنص الحديث النبوي في النهي عن بيعتين في بيعة. فالشراء بيعة شرطت في عقد السمسرة، والأخير نوع من البيع (لأن الإجارة بيع للمنفعة) . فاشتراط أحدهما في الآخر ممنوع بالنص. وإذا نظرنا إلى أنظمة شركة "بزناس" وجدناها تضع من الشروط ما يلجئ المسوّق إلى الشراء ولو لم يكن له أي رغبة في السلعة. فأنظمة الشركة تسمح لمن يرغب بالتسويق فقط ألا يشتري المنتج. لكنها لا تسمح له باستعمال موقع الشركة على الإنترنت في تسويق المنتج وعرضه على العملاء الجدد، بل من خلال الفاكس (تماماً كما هو حال الشركة الأمريكية سكاي بز التي سبق الحديث عنها في المقال السابق) . وفوق ذلك فإن المسوق لن يحصل على أي عمولة إلا إذا قام المسوّقون الذين يلونه في الهرم بالشراء. والقول في هؤلاء كالقول في الأول، سواء بسواء. فصارت النتيجة أنه لا يحصل المسوّق على أي عمولة إلا بالشراء، وهذا شرط باطل شرعاً، كما سبق. وحكمة النهي عن بيعتين في بيعة، وعن شرطين في بيع وعن سلف وبيع، التنبيه إلى وجود خلل في الصفقة أساساً، وأن مقصود الطرفين ليس ظاهر الصفقة، بل هو أمر محرم لم يتمكنا من تحقيقه مباشرة، فاحتالوا على ذلك بإدخال صفقة أخرى غير مرادة ولا تغير من حقيقة الأمر شيئاً، توصلاً للمراد الممنوع. فبيّن صلى الله عليه وسلم أن هذه الشروط لا تجعل الحرام الذي قصده الطرفان حلالاً، وأن العبرة في ما قصده الطرفان حقيقة، لا فيما أظهراه من البياعات والشروط الشكلية. والمحرّم الذي قصده الطرفان هنا هو الاشتراك في التسلسل الهرمي بقصد الكسب. ولما كان هذا محرماً شرعاً وممنوعاً قانوناً، أدخلوا السلعة احتيالاً وتلبيساً على الناس. وهذا التحايل قد يروج على بعض القوانين الأرضية، لكنه لا يروج على هذه الشريعة السماوية الكاملة. فالله تعالى عند قلب كل عبد ولسانه، ومهما حاول هؤلاء خداع الخلق فلن يفلحوا في خداع الخالق: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون} . الحالة الثانية: المقصود هو المنتج وليس التسويق

أي أن المشترك في هذه الحالة لا يريد التسويق ولا يطمح إليه، وإنما يريد المنتج والاستفادة منه فحسب. وإذا أردنا أن نتعرف على حقيقة هذه الصورة، دعنا نسأل السؤال التالي: لنفترض أن أحد التجار أعلن أن من يشتري من السلع التي لديه فسيدخل تلقائياً في عملية سحب على جائزة نقدية قيمتها عشرة آلاف ريال، مثلاً. وأن التاجر من أجل تمويل هذه الجائزة، رفع سعر السلع لديه بنسبة 10%. بمعنى أن من أراد أن يشتري سلعة ويدخل في السحب، فسيدفع مقابل السلعة التي قيمتها 10 ريالات ثمناً مقداره 11 ريالاً. فما حكم دفع هذه الزيادة؟ لا ريب أن دفع هذه الزيادة محرم، لأنها جاءت مقابل الدخول في السحب على الجائزة، وعملية السحب من الميسر المحرم بالنص والإجماع. فمن أراد أن يشتري فيجب أن يدفع الثمن الأصلي للسلعة، أو ثمن المثل، دون أي زيادة، ومن ثم عدم الدخول في عملية السحب. والآن نسأل سؤالاً آخر. ما الحكم إذا قال التاجر: أنا لا أبيع السلعة إلا بالسعر الزائد ابتداء، أي 11 ريالاً، ولا أسمح بالشراء بسعر المثل؟ الجواب: لا شك أن هذه الحالة أسوأ من التي قبلها، لأنها جمعت بين الميسر وبين الإلجاء. وإذا نظرنا للثمن الذي تطلبه شركة بزناس، بحسب ما تعلنه الشركة على الملأ وبوضوح ودون تردد، نجد أنه يتكون من جزئين: أحدهما لتمويل التسويق الهرمي، والآخر الثمن الفعلي للمنتج. فالثمن الإجمالي هو 99 دولاراً. ثلاثة أرباعه، أي 75 دولاراً، مخصص للتسويق، بينما يخصص المتبقي، وهو 24 دولاراً، للمنتج. وهم يقولون: بدلاً من صرف هذا المقدار المخصص للتسويق على الدعاية والإعلان وما إلى ذلك، من الأفضل أن يصرف على الأعضاء أنفسهم من خلال التسلسل الهرمي. لكن من حقنا أن نسأل: من الذي سيحصل على عوائد مخصص التسويق؟ أليسوا هم الذين يباشرون التسويق؟ فما ذنب المشتري الذي يريد المنتج ولا يريد التسويق؟ أليس في هذا إلجاء للمشتري بأن يمارس التسويق طلباً للعمولات الكبيرة التي يعدونه بها، طالما هو قد دفع ثمن الاشتراك مقدماً ودون اختيار؟ فإن كانت الشركة لا تلزم المشتري بالتسويق كما تزعم، فيجب أن تلغي مخصص التسويق من الثمن، وتبيعه السلعة بثمن المثل فحسب. أما أن تلزمه بدفع قيمة الاشتراك في التسلسل الهرمي مقدماً، مع كونه لا يريد التسويق ولا الاشتراك في الهرم، فهذا إلجاء واحتيال، شأنه شأن الاحتيال في الحالة الأولى. وإذا رضي المشتري بذلك كان حكمه حكم من رضي بدفع الزيادة في الثمن مقابل الدخول في الميسر في المثال السابق. وهذا الاحتيال في الحقيقة مقصود للشركة، لأنها لا تجرؤ على فصل التسلسل الهرمي عن السلعة، إذ الأول ممنوع شرعاً وقانوناً كما سبق. فاضطروا لأجل ذلك إلى دمج ثمن السلعة مع ثمن الاشتراك، ليبدو للناظر أن الثمن كله مقابل السلعة. والحال، بتصريح أصحاب الشركة أنفسهم، ليس كذلك. فلو لم يكن التسلسل الهرمي مقصوداً لما كان ثمن السلعة بهذا الشكل. فيقال هنا ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله: " أفلا أفردت أحد العقدين عن الآخر ثم نظرت هل كنت مبتاعها أو بايعه بهذا الثمن أم لا؟ " (5) .

فلو فصل نشاط التسلسل الهرمي عن المنتج لما كان الأخير بهذا الثمن. وإذا كان ثلاثة أرباع الثمن للتسلسل الهرمي، دل على أن المراد من الصفقة أساساً هو النشاط المحرم. وإذا كان كذلك، فالحكم للغالب، كما هو مقرر شرعاً. وأما الزعم بأنهم يدفعون مخصص التسويق للأعضاء بدلاً من صرفه على الدعاية والإعلان، فهو تضليل وتلبيس تلقفوه عمن سبقهم من الغربيين المنبوذين في بلادهم فضلاً عن بلاد الإسلام. وذلك أن الأفضل من ذلك هو إعادة هذا المبلغ للمشتري، وتخفيض الثمن من 99 إلى 24 دولاراً. وهذا أفضل في تسويق المنتج لمن يرغبون فعلاً الاستفادة منه. لكنهم بإلزام المشتري بدفع مخصص التسويق الهرمي، يلجئونه إلى الاشتراك في الهرم من أجل الانتفاع بما دفعه. فإن أراد المشتري الاشتراك في التسلسل الهرمي وقع في المحذور، وإلا كان مغبوناً لأنه دفع مقابل ما لا ينتفع به، وإذا رضي بذلك كان معيناً للشركة على أكل المال بالباطل. الحالة الثالثة: غموض القصد، أو التردد، أو إرادة الأمرين معاً من السهل الحكم على هذه الحالة بعدما تبيّن الحكم في الحالتين السابقتين. وذلك أن ما تردد بين أمرين كلاهما محرم، فهو محرم بالضرورة. أما الزعم الذي يقوله كثيرون من المنتسبين لهذه الشركة، من أنهم يريدون الأمرين معاً ومن ثم فلا خسارة عليهم، فيقال: إن الله تعالى أعطانا العقل لنستدل على ما غاب عنا بما شهدناه. فإذا عُرض على العاقل شراء محفظة لا تتجاوز قيمتها 100 ريال، بداخلها مبلغ نقدي قدره عشرة آلاف ريال، فهل تكون رغبته في الأمرين واحدة؟ وهل يستوي عنده هذا المال وهذه المحفظة؟ لا يمكن أن يقر بهذا عاقل يبحث عن مصلحته في معاوضة يراد بها الربح. وعلى أحسن الأحوال فإن رغبته لكل منهما ستكون بحسب قيمته. فإذا كان نسبة قيمة المحفظة إلى المال لا تتجاوز 1%، كان المقصود هو المال بنسبة 99%، والمحفظة بنسبة 1%. وفي التسويق الهرمي تَعِد الشركة الأعضاء بعمولات يبلغ مجموعها في نهاية السنة الأولى خمسين ألف دولار، أي ما لا يقل عن 187.500 ريال، بينما لا تتجاوز قيمة المنتجات التي تبيعها الشركة 385 ريالاً. فهل يعقل أن تكون رغبة الشخص في الأمرين متساوية؟ إن منطق العدل يقتضي أن تكون الرغبة في التسويق بحسب العائد المأمول، وفي المنتجات بحسب قيمتها المعلنة. ونسبة قيمة المنتجات إلى العائد لا تتجاوز 0.3%. أي أن العاقل يقصد عمولات التسلسل الهرمي بنسبة 99.7%. وسبق أن الحكم للغالب، فيكون الغالب هو إرادة التسلسل الهرمي. وإذا كان الأخير في ذاته محرماً لأنه أكل للمال بالباطل، لزم حرمة الشراء بناء على ذلك. التسويق على من؟ ومما يبيّن الفرق بين التسويق الهرمي والسمسرة المعروفة، أن السمسار يحصل على عمولة مقابل بيع السلعة لشخص أو عدد محدد من الأشخاص، لكن لا علاقة له بما يفعله المشترون بالسلعة. فعلاقة السمسار بالمشتري تنتهي بمجرد الشراء.

أما في التسويق الهرمي، فإن المسوّق لا يحصل على عمولة إلا إذا سوّق لمسوّقين آخرين، وهؤلاء بدورهم يسوّقون لمسوّقين (حتى يصل مجموع المسوّقين في الهرم إلى ما لا يقل عن تسعة، حسب أنظمة الشركة) . فهو يسوّق لمن يسوّق لمن يسوّق، ولا يحصل على عمولة إلا بهذه الطريقة. فليس من مصلحة أحد في الهرم أن يبيع على من يشتري السلعة لينتفع بها أو يستخدمها لنفسه دون أن يسوّقها. بل يحرص كل منهم على أن يبيع لمسوّقين. وهذا يؤكد أن السلعة غير مقصودة إطلاقاً، بل هي مجرد ذريعة لنمو هرم المسوّقين فحسب. بينما تهدف السمسرة العادية إلى البيع لعملاء هدفهم في النهاية الانتفاع بالمنتج وليس السمسرة. فمهما طالت سلسلة السماسرة الوسطاء إلا أنها لا بد أن تنتهي عند المشتري النهائي. والمشتري النهائي هو مصدر الربح والعمولات لكل منهم، وهذا هو المنطق الاقتصادي وهو الواقع العملي. أما في التسويق الهرمي فالأمور مقلوبة تماماً، لأن مصدر الربح ليس هو المشتري النهائي، بل هو الطبقات التالية من المسوّقين، الذين بدورهم يربحون ممن يليهم، وهؤلاء ممن يليهم، ... إلخ. وهذا هو التسلسل الباطل الذي سبق الحديث عنه. فكيف يقال بعد هذا إن التسويق الهرمي من جنس السمسرة العادية؟ خاتمة وبعض الردود التي وقفت عليها لم يتصور أصحابها للأسف حقيقة الأمر، فهم يشبهون التسويق الهرمي بالسمسرة المشروعة. ولا يمكن أن يقول بهذا التشبيه من تصور الأمر على حقيقته. ولا أجد أفضل من أن أطلب من هؤلاء الإخوة التريث في الأمر وإعادة دراسته دراسة متأنية. فتشبيه التسويق الهرمي بسمسرة العقار أو السلع العادية، كتشبيه بيع الوفاء بالإجارة، أو العينة بالمرابحة. ولو كان أصحاب هذه الشركة يقومون بالسمسرة فعلاً لما احتاجوا إلى الاستفتاء أصلاً، فهل رأيت مكاتب عقارية تحرص هذا الحرص على استصدار فتاوى بجواز عملها؟ فلولا ما يجدونه في أعماق قلوبهم من الشك والريبة لما حرصوا هذا الحرص، وقد قال أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم: "الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطّلع عليه الناس." (6) وقال عليه الصلاة والسلام: "البرّ ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك." (7) "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم." والحمد لله رب العالمين. كما عقب الشيخ سلمان بن فهد العودة المشرف العام على موقع (الإسلام اليوم) على رسالة الأخ إبراهيم الكلثم بالتعقيب التالي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،، قرأت بحثكم المرفق المتعلق بشركة (بزناس) وحكايتكم للأقوال وأدلتها، وأرى أنه بحث جيد وإن كانت المسألة من الفرعيات التي يسوغ الخلاف فيها. وقد سبق أن قرأت بحثاً آخر جيداً للأستاذ / سامي السويلم حول الموضوع وهو منشور في موقع (الإسلام اليوم) وإليك (رابط الفتوى) . وذهب فيه إلى التحريم.

والذي أميل إليه أن الحكم في هذه المسألة وما شاكلها يعتمد على حقيقة الحال، فإن كانت الخدمات المتوفرة قوية وملائمة ولها تميز عن غيرها، إما بجودة وإما برخص، وعلى هذا تم الاشتراك فيها للاستفادة من خدماتها وتسويقها للآخرين، فهذا جائز، وهذا ما أكده لي عدد من المشتركين في الشركة. ولو كانت الخدمات أو البرامج أو السلع في هذه الشركة أو في أي شركة أخرى تعتمد النظام ذاته صورية أو ضعيفة ولا قيمة حقيقة لها وإنما الناس يشتركون ويسوقون من أجل الحصول على المقابل المادي الذي ينتظرهم إذا أقنعوا أشخاصاً آخرين.. ففي هذه الحالة يكون الأمر محرماً والله أعلم.

____ 1-.إعلام الموقعين، دار ابن الجوزي، 6/513. 2- النبوات، مكتبة أضواء السلف، 2/615. 3- إعلام الموقعين 3/169. 4- درء تعارض العقل والنقل 1/321. 5- بيان الدليل في بطلان التحليل، المكتب الإسلامي، ص 238. 6- أخرجه مسلم. صحيح الجامع (2880) . 7- أخرجه الإمام أحمد. صحيح الجامع (2881) .

بيع قسيمة الشراء بأقل من قيمتها

بيع قسيمة الشراء بأقل من قيمتها د. سامي بن إبراهيم السويلم (*) 17/7/1425 02/09/2004 سبق وأن نشرنا في نافذتنا فتوى حول (بيع قسيمة الشراء بأقل من قيمتها) ثم وردنا تعقيب من أحد الإخوة يستشكل فيه جواز بيع هذه القسيمة بأقل من قيمتها إلى آخر ما ذكر-.فعرضنا هذا التعقيب على أحد المشائخ المشاركين معنا في الإجابة على أسئلة السائلين فتكرَّم بالتوضيح والبيان، فإليكم التعقيب والتوضيح. التعقيب: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الإخوة الكرام بموقع الإسلام اليوم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نسأل الله أن ينفع بكم، ولقد قرأت فتوى بموقعكم تحت عنوان: (بيع قسيمة الشراء بأقل من قيمتها) ، ولي على هذه الفتوى هذا الاستشكال، وأرجو عرض هذا الاستشكال على أهل العلم بفقه المعاملات من موقعكم، وخاصة الشيخ السويلم، نص الاستشكال: قسيمة الشراء هي بمثابة سند بقيمة مالية معينة تمنحها بعض الشركات لموظفيها إما على سبيل القرض، أو على سبيل الهبة، أو على سبيل المكافأة. هذه القسيمة بمثابة سند للموظف بقيمة مالية معينة، بشرط أن يشتري بها من مكان مخصوص، فهو داخل في مفهوم الأوراق التجارية كالشيك، والسند، والكمبيالة. فهل أجاز أحد من الفقهاء بيع الشيك أو السند؟ أو الكمبيالة بأقل من قيمتها؟! أليس هذا هو ربا الفضل المحرم؟ أليس هذا ما تحدث عنه علماء العصر مما يعرف بخصم أو حسم الأوراق التجارية بداية من الشيخ الهمشري، ونهاية بوقتنا هذا ... فكانت الفتوى على التحريم؟. إن إجازة هذه الصورة ينتج عنها جواز بيع بطاقة الائتمان بأقل من قيمتها. وخلاصة الأمر أن هذه القسيمة إما أن تمثل مالاً أو عروضاً. فإذا مثلت مالا فيجوز بيعه، ولكن لا يجوز بيعه بأقل من جنسه، وإلا وقع ربا الفضل. وإما أن يمثل عروضاً، والعروض يجوز بيعها بالثمن الذي يتفق عليه، ولكن البيع هنا لا يجوز؛ لأنه بيع قبل الشراء، وبيع قبل القبض، وبيع مجهول للطرفين. التوضيح: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: إذا كانت القسيمة المشار إليها صادرة من المحل التجاري، كما يفهم من السؤال من أنها باسم المحل وليست باسم الشركة، وتعطي حاملها الحق في الحصول على بضاعة من هذا المحل قيمتها 500 ريال، وليس الحصول على النقد، فهذه القسيمة تمثل سلعاً في الذمة، بمثابة دين السَّلم، ولكن هذا الدين لم يتحدد فيه نوع المبيع وقدره، وإنما تحدد مصدره وقيمته، وهذه الصورة لا حرج فيها شرعاً على الأظهر؛ إذ يجوز للرجل أن يسلم مبلغاً من المال للبقال على أن يأخذ منه كل يوم بضاعة بحسب حاجته، وبحسب سعرها، والتزام البقال بذلك من جنس دين السلم، وهو نظير التزام المحل هنا بالبيع لحامل القسيمة، وثمن القسيمة قد يكون دفعته الشركة مقدماً للمحل، وقد يكون التزم به صاحب المحل ابتداء، وفي كلتا الحالتين هو بمثابة دين السلم كما سبق.

إذا تقرر ذلك فدين السلم يجوز بيعه - قبل قبضه - عند الإمام مالك، ومنع من ذلك الجمهور؛ لأنه بيع لما لم يقبض، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية جواز بيع دين السلم قبل قبضه بشرط ألا يربح منه (أي لا يكون ثمن البيع أكبر من رأسمال السلم) ؛ لئلا يقع في ربح ما لم يضمن. والأقرب -والله أعلم- هو جواز بيع دين السلم قبل قبضه؛ لأنها معاملة تخلو من الربا، فليس فيها نقد بنقد، وإنما نقد مقابل سلع في الذمة، وفيما يتعلق بالقسيمة فالربح غير متصور؛ لأن الموظف حصل على البطاقة دون دفع مقابل، ثم يبيعها بأقل من قيمتها، وعدم تحديد نوع السلع وقدرها لا يضر بالعقد؛ لأنه لا يؤدي للنزاع، والجهالة المحرمة شرعاً هي التي تفضي للنزاع، والنزاع هنا منتف بتحديد المحل التجاري، وتحديد القيمة الكلية. وبهذا يتبين الفرق بين هذه القسيمة، وبين الورقة التجارية (الشيك والكمبيالة) التي أشار إليها الأخ الفاضل، فهذه الأوراق تمثل نقوداً في الذمة، بينما القسيمة تمثل سلعاً في الذمة، والفرق بينهما ظاهر، وبيع السلع في الذمة مقابل نقود حاضرة لا حرج فيه، بل هذا هو عقد السلم، إذ هو بيع لسلع في الذمة مقابل نقود حاضرة، وإنما المحذور بيعها مقابل نقود في الذمة؛ لأن ذلك من بيع الدين بالدين المجمع على تحريمه. أما مقارنة القسيمة ببطاقة الائتمان، وفق ما ذكره الأخ في رسالته، فالفرق بينهما من وجوه: (1) أن بطاقة الائتمان تصدر من البنك ولا تمثل سلعاً في ذمة البنك، بل ضماناً من المصرف بالسداد، بخلاف القسيمة فإنها تمثل سلعاً في ذمة المحل التجاري، فبيع البطاقة يعني المعاوضة على الضمان، وهو محرم شرعا؛ ً لأنه يؤول إلى الربا. (2) أن مشتري البطاقة لا تنتهي مسئوليته بقبض السلع من المحلات التجارية، بل يجب عليه سداد قيمتها للمصرف، فبيع البطاقة في هذه الحالة، حتى لو كانت تمثل سلعاً في الذمة، بمثابة بيع الدين بالدين، وهو ممنوع بالإجماع، بخلاف القسيمة فإن مشتريها لا يترتب في ذمته أي دين، فلا تتضمن بيع الدين بالدين. (3) أن البطاقة تسمح بالحصول على النقد من خلال أجهزة الصرف الآلي، بخلاف القسيمة، فبيع البطاقة بيع لحق الاقتراض من البنك، وهو يؤول إلى الاقتراض بفائدة، فقياس بيع القسيمة على بيع البطاقة الائتمانية قياس مع الفارق المؤثر. وبناء على ما سبق فالأظهر -والله أعلم- هو جواز بيع القسيمة المشار إليها إذا كانت تمثل سلعاً أو منافع في ذمة مصدرها، ولا تسمح لحاملها بالحصول على النقد، وكان ثمنها مدفوعاً نقداً. والله الهادي إلى الصواب، والحمد لله رب العالمين.

____ (*) مدير مركز البحث والتطوير بالمجموعة الشرعية بشركة الراجحي المصرفية للاستثمار.

غرابة محاولة الرسول صلى الله عليه وسلم التردي

غرابة محاولة الرسول صلى الله عليه وسلم التردي د. الشريف حاتم بن عارف العوني 18/2/1425 08/04/2004 ورد إلى نافذة الفتاوى سؤال يتعلق بخبرِ همّ النبي عليه الصلاة والسلام بإلقاء نفسه من ذروة جبل وهو في صحيح البخاري فأجاب عنه فضيلة الشيخ/ د. الشريف حاتم بن عارف العوني - حفظه الله - وذكر أن القصة لا تصح أصلاً وقد أظهر البخاري ضعفها. ثم وردنا تعقيب من أحد قرائنا الأعزاء على هذه الفتوى مفاده " لعل الانتحار لم يكن حرم في ذلك الوقت؟ " فعرضنا هذا التعقيب على الشيخ المجيب؛ فتفضَّل بالإجابة. جزاه الله عنا خيراً، فإليكم التعقيب والتوضيح التعقيب: فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لماذا لم يذكر الدكتور حاتم أن المبرر في همِّ الرسول بإلقاء نفسه من الجبل هو أن الانتحار لم يكن محرمًّا في ذلك الوقت؟ فمن المؤكد أن الواقعة المذكورة كانت في بداية الوحي والرسالة في مكة المكرمة، أما الحديث الشريف: "من قتل نفسه بحديدة...." إلى آخر الحديث، فقد كان في المدينة المنورة بعد الهجرة، وكما هي القاعدة فإن الأحكام اللاحقة تنسخ الأحكام السابقة. أرجو إفادتي وتصحيح المعلومة إن كانت خطأ والنشر إن كانت صواباً، وجزاكم الله خيراً. ***** التوضيح: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن غرابة (أو نكارة) خبر محاولة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتردى من جبال مكة ليست من قِبل أنه فقط قتل للنفس وانتحار، بل من عدة جهات: أولاً: هل يُتصوّر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شكَّ في كونه نبيًّا بعد نزول الوحي عليه؟! فإن شك هو فمن بُعث إليهم أولى بالشك!!! ثانياً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حين علم أن ما جاءه من الوحي يقتضي أن يتحمل أعباء الرسالة، فقد ألزمه ربه - عز وجل- أن يستعد لذلك للبلاغ والدعوة العظمى. فكيف يجوز له أن يتخلى عن أداء ما كلفه وشرفه به ربه - عز وجل-؟! وما أجل وأعظم ذلك التكليف والتشريف!!!، ولا شك أن تَرْك مهمة التبليغ بهذه الصورة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر مستنكر جداً، وقد عوقب نبي من الأنبياء لأمر أقل من هذا، كما قال تعالى: "وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" [الأنبياء: 87] ، وقال تعالى: "ولا تكن كصاحب الحوت ... " [القلم: 48] . ثالثاً: أن قتل النفس مما ارتكز في الفطر استقباحه، واتفقت عليه جميع الأديان والمذاهب والقوانين، فليس استقباح ذلك منوطاً فقط بورود الشرع به. وإلا فهل استجاز أحدٌ من المسلمين قَتْل نفسه قبل ورود الشرع به، مع ما كان ينالهم من الأذى والتعذيب، بل كانوا يؤمرون بالصبر وعدم الاستعجال. هذا والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

حول نكاح الكتابية

حول نكاح الكتابية د. محمد بن سليمان المنيعي 16/11/1424 08/01/2004 سبق وأن نشرنا في النافذة حول (نكاح الكتابية) و (الزواج من النصرانية) ثم وردنا تعقيب من أحد الإخوة يشير إلى أن منع الحاكم الزواج من الكتابية - إن رأى ذلك - هو تحريم لما أحله الله - تعالى - إلى آخر ما ذكر-.فعرضنا هذا التعقيب على فضيلة الشيخ المفتي، فتكرَّم بالتوضيح والبيان، فإليكم فإليكم التعقيب والتوضيح. التعقيب: السلام عليكم. بالإشارة إلى جواب الشيخ محمد المنيعي، والذي قال فيه إنه يجوز للحاكم المسلم منع الزواج من نساء أهل الكتاب مع كون ذلك حلالاً في القرآن الكريم، لكن الحاكم المسلم يكون بعمله هذا قد حرم ما أحل الله بآية صريحة في القرآن، فكيف نطيع الحاكم في ذلك؟ إذا جاز للحاكم أن يمنع زواج المسلم بامرأة نصرانية فهل يجوز أن يمنع تعدد الزوجات وأموراً أخرى صرَّح القرآن بإباحتها؟. ***** التوضيح فَرْقٌ يا أخي بين المنع والتحريم، خذ مثالاً على ذلك، لو منعت ولدك من أكل نوع من الطعام في الليل لمصلحة تراها فهل يعني هذا أنك حرمت أكل هذا النوع من الطعام على ابنك؟ وهل يجوز لولدك أن يقول: لم تحرم ما أحل الله لي؟ وعلى ذلك أقول: لولي الأمر أن يمنع شيئاً من المباحات أو يحرم العمل بها؛ لمصلحة يراها، تعود بالنفع على المسلمين. وهذا له شواهد كثيرة. فمنها أن عمرو بن العاص - رضي الله عنه- كان أميراً على جيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إحدى المغاري، فنهاهم عن إيقاد النار في الشتاء مع حاجتهم لذلك، ونهاهم عن أخذ الغنائم لمصلحة يراها، فالتزم صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك وأقرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يعترض عليهم ومن ذلك منع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- النكاح بنساء أهل الكتاب لمصلحة يراها، وامتثل ذلك صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. ومن ذلك أمر عثمان بن عفان زيد بن صوحان - رضي الله عنهما- أن يترك المدينة، ويرحل إلى الشام لخطأ ارتكبه، فامتثل ذلك، وسافر إلى الشام، وغير ذلك من الأمثلة الكثير،. انظر مصنف عبد الرزاق (7/176 - 179) ، ومصنف ابن أبي شيبة (33656) ، وتفسير ابن جرير (2/390) ، وسنن البيهقي (7/172) ، وتاريخ دمشق (46 / 144 - 145) وسير أعلام النبلاء (3/66) وتفسير ابن كثير (2/540) ، والدر المنثور (1/576) ، ويكفيك من ذلك كله قوله - تعالى -: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" [النساء:59] .

رقية المعيون بـ (حبس حابس، وحجر يابس، وشهاب قابس..)

رقية المعيون بـ (حَبسٌ حَابسٌ، وحَجَرٌ يابسٌ، وشهابٌ قابسٌ..) د. عبد الله بن عمر الدميجي 24/10/1424 18/12/2003 نذكِّر الإخوة القراء أن هذه الزاوية (في البدء) ؛ افتتحت لتكون إطلالة تواصل مع الإخوة (زوَّار الموقع) ، نعرض فيها قضايا نافذة الفتاوى، مع ما يمكن من الكلمات النافعة والفتاوى المختارة، كما نعرض فيها قضايا رسائل الزوار المتعلقة بوضع النافذة بشكل عام. وقد وردنا تعقيب من أحد الإخوة على فتوى (ما يقال للعائن لاتقاء عينه؟) نقل فيه قصة أبي عبد الله الساجي، وأنه قال: حبس حابس.... إلى آخر ما ذكر، فعرضنا هذا التعقيب على فضيلة الشيخ المفتي، فتكرَّم بالتعقيب والتوضيح. التعقيب: بسم الله الرحمن الرحيم، ذكر في فتوى للدكتور الدميجي إجابة على استفتاء أحد الإخوة حول ما يقال للعائن عند إلقاء عينه ما يلي: "أما ما سمعه السائل: (حبس حابس ... الخ) فهذه خرافة يقولها المستعينون بالجن، وهذا شرك لا يجوز أن يقال، وضرره مؤكد ولا نفع فيه" أهـ. فأنقل للشيخ ما يلي: "فصل في الرُّقى التي تَرُدُّ العين: ومن الرُّقى التي ترُدُّ العين ما ذكر عن أبي عبد الله الساجي، أنه كان في بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فَارهة، وكان في الرفقة رجل عائن، فما نظر إلى شيء إلا أتلفه، فقيل لأبي عبد الله: احفَظ ناقَتك من العائن، فقال: ليس له إلى ناقتي سبيل، فأُخبرَ العائنُ بقوله، فتحين غيبة أبي عبد الله، فجاء إلى رحله، فنظر إلى الناقة، فاضطربت وسقطت، فجاء أبو عبد الله، فأُخبرَ أن العائنَ قد عانها، وهي كما ترى، فقال: دلُّوني عليه، فدُل، فوقف عليه، وقال: بسم الله، حَبسٌ حَابسٌ، وحَجَرٌ يابسٌ، وشهابٌ قابسٌ، رددتُ عينَ العائن عليه، وعلى أحب الناس إليه، {فارجع البَصَرَ هَل تَرَى من فُطُورٍ. ثم ارجع البَصَرَ كَرتَين يَنقَلب إلَيكَ البَصَرُ خَاسئاً وهُوَ حَسيرٌ} فخرجت حدقتا العائن، وقامت الناقةُ لا بأسَ بها". فهل هذا زلة من الدكتور أم اجتهاد منه في موضعه؟ أرجو التوضيح من أصحاب الفضيلة. ***** التوضيح الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: فإني أشكر الأخ السائل على استفساره، وحرصه على التثبُّت في أمور دينه، وهذا هو المطلوب من كل مسلم، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، كما قال سعيد بن جبير لحصين بن عبد الرحمن، وكان عليه الرجوع إلى الحق إذا تبين، وسؤال أهل الذكر إذا كان لا يعلم، والتثبُّت مما يقف عليه أو يقال له، خاصة فيما يتعلَّق بعقيدته وإيمانه الذي هو أغلى ما يملك في هذا الوجود. ثم إن جميع الكلام المذكور في الاستفسار عدة ملاحظات منها: 1. أما بخصوص الرقى التي ترد العين فالصحيح أن ذلك موقوف على ما ورد به الشرع، وهذا ما لم يتوفر في هذه الرقية المذكورة، ونسبتها إلى أحد العلماء إذا لم يذكر دليلها الشرعي فإنه لا يعطيها الصبغة الشرعية، ولا تجوز المتابعة له في ذلك بغير دليل، خاصة وقد بين لنا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - الرقية الشرعية لمثل هذه الحالة، فلا يجوز العدول عن بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كلام غيره مهما كانت منزلته.

2. ثم إن هذا الكلام المذكور ليس دعاءً ولا استعاذة بأسماء الله تعالى وصفاته، وإنما هو من السجع المتكلف الذي هو أقرب إلى سجع الكهان، وليس له معنى ظاهراً يحكم عليه من خلاله، فما معنى حابس ومن هو هذا الحابس؟ وما المقصود بالحجر اليابس؟ وما علاقة الحجر اليابس والشهاب القابس بالرقية من العين؟ 3. ثم إن في العمل بهذه الرقية عدول عما دلنا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كلام غير ظاهر المعنى والمراد، وغير معروف المصدر كما تقدم، وهذا لا يجوز. 4. ثم إن في هذا الكلام المسجوع عدة مخالفات شرعية منها: أ. ما ورد فيه من قوله: "رددت عين العائن عليه، وعلى أقرب الناس إليه"، والسؤال ما ذنب أقرب الناس إليه؟ وقد بين لنا القرآن الكريم أنه "لا تزر وازرة وزر أخرى" و "وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى". ب. أن فيه استشهاد بالآية في غير ما سيقت إليه ومن غير مناسبة، وليس البصر المذكور في الآية هو بصر العائن كما هو ظاهر وجه الاستدلال. 5. ثم إن في صحة نسبة هذا الكلام إلى أبي عبد الله السياجي نظراً وذلك من وجوه: أ. أنه لم يذكر هذا القول بإسناد يمكن أن يحكم عليه من خلاله، ويتثبت من صحته إليه. ب. أنه يذكر في كتب التواريخ والسير والتراجم من القصص والحكايات ما لا يصح نسبته إلى قائلها، وخاصة فيما يتعلق بالكرامات والأمور الخارقة للعادة، ولا يجوز لنا أن نأخذ ديننا من مثل هذه الحكايات التي لا زمام لها ولا فطام، ونترك ما ثبت عندنا من قول المعصوم - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. ج. أنه لو ثبت ذلك - وهيهات أن يثبت - فلا تجوز لنا متابعته عليه، وإنما المتابعة للمعصوم - صلى الله عليه وسلم - كما ذكر آنفاً. 6. نعم قد روى أبو يعلى في مسنده (9/177) وابن السني في عمل اليوم والليلة رقم (510) والطبراني في الكبير (10/267 رقم (10518) حديثاً مفاده ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فلينادي يا عباد الله احبسوا، فإن لله حاضراً سيحبسه" فهذا الحديث مع أنه ليس موضوعنا صراحة إلا أنه لا يصح أيضاً؛ لأن فيه معروف بن حسان وهو منكر الحديث كما قال الذهبي في الميزان (4/143) ، وأعله الحافظ ابن حجر في الفتوحات الربانية (5/150) بالانقطاع، وفيه سعيد بن أبي عروبة مختلط ومدلس، وقد ضَّعف الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد (10/132) والبوصيري كما في الإتحاف بذيل المطالب العالية (3/239 رقم 3375) ومن المعاصرين الألباني في الضعيفة رقم (655) . وأما دعوى أنه قد تعتبر هذه الرقية شركاً، فهذا على اعتبار أن الحابس من الجن، وأن هذا دعاء له واستعانة من دون الله تعالى، فهذا لا يكون إلا بالجن والاستعانة بالجن في مثل هذا الأمر هو ضرب من ضروب الشرك. والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في السعودية هل فاتنا يوم من رمضان؟

في السعودية هل فاتنا يوم من رمضان؟ عبد الله بن سليمان بن منيع 19/10/1424 13/12/2003 انتشرت أخيراً شائعة بأن شهر رمضان قد ثبت دخوله ليلة الثلاثين من شعبان، وأن على من أفطر هذا اليوم باعتباره الثلاثين من شعبان قضاؤه، وعليه فإن على سكان المملكة قضاء يوم من رمضان، ولكثرة ما وردنا من تساؤلات حول هذا الموضوع عرضنا السؤال على سماحة الشيخ/ عبد الله بن سليمان بن منيع (عضو هيئة كبار العلماء) . ***** فأجاب - حفظه الله-:

لا شك أن أمر ثبوت الهلال مبني على ثبوته شرعاً برؤية معتبرة لدى الجهة المختصة بإثبات الهلال، وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، ولم يثبت لدى هذه الجهة المختصة رؤية معتبرة بأن يوم الأحد هو اليوم الأول من أيام رمضان، وإنما ثبت بأن يوم الأثنين هو أول أيام شهر رمضان بالنسبة لما عليه الأمر في المملكة العربية السعودية؛ ولئن كان الهلال مولوداً مساء السبت الساعة الرابعة إلا تسع دقائق، وأنه يتأخر عن الشمس في الغروب أربع دقائق، بحيث تغرب الشمس قبله يوم السبت بأربع دقائق، ويتخلف عنها بهذا العدد من الدقائق، فيستبعد أن يُرى في المملكة؛ لقصر المسافة الزمنية بين غروب الشمس وغروبه؛ ولئن ثبت في بعض البلدان الإسلامية كجمهورية مصر العربية والأردن واليمن والسودان، فهذا يعني أن هذه البلدان نحو الغرب بالنسبة للمملكة، فيحتمل أن يكون بين غروب الشمس وغروب القمر مدّة زمنية أكثر من أربع دقائق يتمكَّن فيها متراؤا الهلال أن يروه في هذا الوضع، وقد سبق أن صدر قرار من هيئة كبار العلماء ببحث موضوع ما إذا ثبت في إحدى البلدان الإسلامية هل يكون ملزماً للبلدان الأخرى أم لا؟ بحث هذا الموضوع في هيئة كبار العلماء، وكانت نتيجة البحث هو أن يوكل لأهل الحل والعقد في كل بلد إسلامية أمر ما يختارونه من أحد أمرين: وذلك في حال ثبوت الهلال في إحدى البلدان الإسلامية: فإما أن يختار أهل الحل والعقد في البلد التي لم ير فيها الهلال تقليد البلد الإسلامي الذي رآه، أو يختارون الاستقلال بالرؤية وعدم التقليد، ونظراً لأن الموضوع محل خلاف قوي، فقد أصدر مجلس هيئة كبار العلماء قراراً بأن ذلك راجع إلى أهل الحل والعقد في كل بلد إن اختاروا الاستقلال في الرؤية فلهم ذلك، وإن اختاروا تقليد غيرهم من البلدان الإسلامية الأخرى التي ثبت لديها الهلال، فلهم ذلك، ولكل رأي أو قول من هذين القولين، أنصار وعلماء قالوا بذلك، وفي الأمر نفسه لا يخفى أنه لا يجوز لدى مجموعة كبيرة من أهل العلم العمل بالحساب الفلكي في حال الإثبات، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، ولم يجعل - صلى الله عليه وسلم- المعيار أو الضابط في ذلك الحساب الفلكي، وإنما كان الأمر في ذلك راجع إلى الرؤية، والله - سبحانه وتعالى- يقول في محكم كتابه: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" [البقرة: من الآية185] ، أما في حال النفي فيجب العمل بالحساب الفلكي، فإذا قال الحساب الفلكي بأن الهلال لا يولد إلا بعد غروب الشمس، ثم جاء من يقول إنه رأى الهلال قبل غروب الشمس، فهذا في الواقع باطل؛ لأن هذه الشهادة لم تنفك عما يكذبها، فوجب ردُّها مهما كان قائلها، ومهما تعدَّد الشاهدون بها، والحاصل أنه ليس على من صام في المملكة قضاء يومٍ على أنه الأول من رمضان بل صومهم تام إن شاء الله. والله أعلم.

الزواج عبر الإنترنت

الزواج عبر الإنترنت سامي بن عبد العزيز الماجد 17/10/1424 11/12/2003 ورد إلى نافذة الفتاوى سؤال يتعلق بموضوع الزواج عبر الإنترنت، فأجاب عنه فضيلة الشيخ/سامي بن عبد العزيز الماجد - حفظه الله - وكان عنوان الفتوى (الزواج عبر الإنترنت) ذكر فيها بعض الضوابط للمراسلة، وحذر فيها النساء من الانخداع بالطرف الآخر، ثم وردنا تعقيب من أحد قرائنا الأعزاء على هذه الفتوى، وذكر أن المراسلة خطوة أولى من خطوات الشيطان؛ لأن المرأة ضعيفة، فعرضنا هذا التعقيب على الشيخ المجيب، فتفضَّل بالإجابة. جزاه الله عنا خيراً، فإليكم التعقيب والتوضيح. التعقيب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أسأل الله أن ينفع بكم وبعلمكم، وأن يهدينا وإياكم إلى سواء السبيل، عندي استفسار يا شيخ بخصوص فتوى الزواج من خلال الإنترنت، وقد ذكرتم بعض الضوابط للمراسلة، وحذرتم النساء من الانخداع بالطرف الآخر، ولكن مع ذلك ألا ترى أن هذه هي الخطوة الأولى من خطوات الشيطان؛ لأن المرأة أضعف من أن تتصدى للهجوم بمعسول الكلام، ولو تركت مراسلته فقد يستمر هو، ثم هل يرضى أحدنا لابنته مثل هذه الرسائل؟ أو لأخته مثلاً؟ لا أظن ذلك، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينكم على كل خير، وأن يعينكم علي وعلى أمثالي. والله يرعاكم. ***** التوضيح الأخ الفاضل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. جزاك الله خيراً على نصحك لأخيك، وعلى حسن أدبك ولطفك في حوارك. ما تساءلت عنه أمر وجيه، جدير أن يحترم مهما كانت درجة الاختلاف. لكن ألا ترى يا أخي أن المرأة التي ترتاب في رسائل التعارف قبل الزواج هي غير تلك المرأة التي تنساق بلا تردد ولا تساؤل إلى تلك المراسلات، بل برغبة ملحَّة وتلهف لا يني. ألست تجد الأولى يحيط بها شعور الحذر والاحتياط، بينما الأخرى لا يحيط بها إلا الشعور بالزهو والإعجاب، بثناء الطرف الآخر واللهث وراء معسول كلامه؟. إن من تأتيك لتستفتيك في هذه المكاتبات التي يعني كل طرف فيها أن يتعرف على شخصية الآخر وصفاته- لا تحتاج إلى هذا الاحتياط والتحرز الذي تطالب به، لأنها لم تسأل إلا وهي متخوفة مرتابة في نوايا الطرف الثاني. وهل يجسر أحد على تحريم هذه الرسائل ما دامت لم تند عن هذه الضوابط؟. والمرأة إذا هي انهزمت وانساقت للرجل في رسائل خارجة عن المقصود، فإنما ذلك لأنها قد أخلَّت بشيء من ضوابط المراسلة المباحة. أجده سائغاً أن تمنع المرأة من محادثة الرجال مباشرة بواسطة ما يعرف بـ (الماسنجر) ؛ لأن هذه المخاطبة المباشرة كثيراً ما تفضي بالمتحاورين إلى الاستطراد والخروج عن الهدف المقصود، وقد يستجرهما الشيطان بعد حين إلى الخوض في أمور لا تحمد عقباها.

ولكن ثمة فرقاً بين هذه المحادثة المباشرة وبين المراسلة عبر البريد الإلكتروني؛ فخطورة الاستطراد والاستدراج في المكاتبة المباشرة أشد منها في المراسلة غير المباشرة إلى حد بعيد، ففي الحديث المباشر يسهل على الشاب أن يختلق للفتاة أجواءً من الرومانسية، فيسيطر على مشاعرها ويستدرجها إلى مآرب غير معلنة بادئ الأمر، كما أن الفتاة قد تسرع إلى الاستجابة لمعسول كلامه من غير تفكير ولا روية، لأنهما يتداوران الكلام كما لو كانا يتحادثان عبر الهاتف، فمجال التروي والتفكير فيه قصير قصر ما بين تعاقبهما في الحوار. فالقول بتحريم المراسلة عبر البريد الإلكتروني بغرض الزواج -سداً للذريعة وخشية على المرأة أن تضعف وتستجيب لحبال أهل الشهوات - أراه من البالغة في العمل بسد الذرائع، فليس هو بمظنة الفتنة، وفي ذلك تضييق لمساحة المباحات والرخص. إن الإذن للمرأة بمراسلة الشاب فيما يخص موضوع الزواج ليس هو الذي يجعلها تضعف أمام تلك الرسائل التي تخرج عن الموضوع المقصود إلى العلاقات العاطفية المريبة. إنما الذي جعلها تضعف لمعسول الكلام، وتستجر لأهداف مريبة هو التقصير في توعيتها بالخطاب المؤثر، حتى خبت جذوة الإيمان في قلبها، وهان عليها مخالفة أمر الله. إن الأولى من انتهاج المبالغة في سد الذرائع أن نضاعف جهودنا في تجديد خطاب الوعظ، وأساليب الترهيب والترغيب، وأن نتوخى في ذلك ما هو أشد تأثيراً وأعذب لفظاً وألين أسلوباً، بحيث يبرز فيه احترام ذات المرأة وإحسان الظن بها بقدر ما تختفي فيه لغة الاتهام وإطلاق الأحكام جزافاً، وبحيث يجمع بين مخاطبة العقل وإحياء العاطفة، وبين المنطق العقلي والأسلوب البليغ المؤثر، والمرأة بحاجة إلى من يقنعها لا إلى من يقرعها ويضفي عليها الأوصاف المشنوءة. إن المرأة قد تخطئ وتزل قدمها في مزالق الشيطان، فيتعين حينئذ الأخذ بيدها وتخويفها، غير أن تحذيرها من هذه المزالق المردية لا يضطرنا أبداًَ إلى أن نسيء بها الظن، أو نطلق عليها الأحكام جزافاً، ونرميها بالتهمة، ونؤاخذها بالظنة. وأحسب أننا نخطئ التقدير حين نظن أن المرأة أضعف من الرجل أمام المغريات وذرائع الفتنة، وأنها أسرع استجابة وأيسر استدراجاً إلى مهيع الفاحشة. والذي يظهر أن الرجل هو الأضعف والأسرع استجابة، والأيسر في الاستدراج بشهادة الواقع. وخطاب الوحي المقدَّس يشي بهذا، كما في قوله تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما ... الآية"، فبدأ بالأنثى قبل الذكر، لأن الإغواء والإغراء أكثر ما يقع منها هي، يظهر أمامه ضعف الرجل، فيسارع للاستجابة والمطاوعة، ولكن في السرقة بدأ بالذكر قبل الأنثى، لأن حب المال في جنس الرجال أكثر منها في جنس النساء: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ... الآية". وإنما توهمنا أن المرأة هي الأضعف، لأن الرجل في الغالب طالب، والمرأة مطلوبة، ومن كان شأنه أن يكون مطلوباً ليس بمستغرب أن يرى الضعف والاستجابة والمطاوعة أكثر مما يرى من الرجل؛ لأنه في الغالب هو الذي يطلب الطرف الآخر، ويسعى للاستحواذ عليه.

وحتى يستبين لك هذا جلياً: انظر إلى كيف هو ضعف الرجل حين يكون مطلوباً تتعرض له المرأة بالإثارة والإغراء فهو- بلا شك- أمام إغراء المرأة أضعف وأقل صبراً وأسرع استجابة من المرأة أمام دعوته وتسويله. إننا لا نعترض على العمل بسد الذرائع، فهو دليل من الأدلة الشرعية، ولا على الغيرة على الأعراض، فقد أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على بعض الصحابة - رضي الله عنهم- غيرتهم، ولا على حماية المرأة من وسائل الإغواء، فزماننا قد كثر فيه الفساد وتسلَّط فيه أهل الشهوات، لكن الاعتراض يتوجه إلى المبالغة المفرطة في سد الذرائع، وفي المنع والتحرز إلى حد تشعر فيه المرأة أنها مسلوبة الثقة، وأنا هنا لا أتكلم بخصوص مراسلتها عبر البريد الإلكتروني فقط، بل عن أسلوب معاملتنا لها على وجه العموم، فمنعت من الإفادة من الإنترنت، وأحياناً من اقتناء الجوال، وكأن دخولها لعالم الإنترنت واقتناءها للجوال هو في ذاته وقوع في شرك الذئاب البشرية التي تتصيد النساء، وتستدرجهن إلى درك الفاحشة، نفعل ذلك في الوقت الذي منحنا فيه أبناءنا الشباب حق الإفادة والاستمتاع بهذه الوسائل، أحياناً برقابة، وأحياناً بلا رقابة!. يجب أن يضبط العمل بسد الذرائع؛ حتى لا نقع في دائرة التشديد وتحريم الحلال، وفي هذا السبيل يجب أن نحقق النظر بتأمل وتجرد وموضوعية في كل وسيلة من الوسائل، هل هي مظنة للفتنة وذريعة إلى الحرام؟ فمثلاً ذهاب الفتاة وحدها إلى الأسواق غير النسائية مظنة للفتنة يجب أن تمنع منه، ودخول الإنترنت باستخفاء في آخر الليل مدعاة للريبة يجب أن يمنع منه الابن والبنت على السواء، وخلوتها ب- الأجنبي حتى ولو كان سائقاً على كفالة والدها - ذريعة للفساد يجب أن تسدَّ. ومع كل ذلك يبقى من المبالغة في سد الذرائع، منع الفتاة من الإفادة من الإنترنت مطلقاً حتى ولو بمرآى من جميع الأسرة وفي وضح النهار، ومن الإفراط في الحذر وسلب الثقة أن تحرم من الجوال وهي محتاجة إليه، في الوقت الذي يمنح الابن حق الإفادة من الحاسوب والجوال بحرية مطلقة أو رقابة غير جادة. وهذا لعمر الحق من التناقض العجيب، وهو يدل على أن أسلوب تعاملنا مع المرأة فيه شيء من الإفراط والحذر وعدم الثقة، وأننا نأخذ بالرقابة وأسباب المنع أكثر مما نأخذ بأساليب التوعية ودعائم تحصين الفكر، فبالغنا في الاحتياط والرقابة والمنع، وأهملنا الجوانب الأخرى من التوعية والتثقيف والتحصين والتهذيب. والحاصل أن هذه المبالغة في سد الذرائع هي بلا شك مجانفة واضحة عن المنهج الوسط، لا يمكن تقويمه إلا بأن ينقص من هذه المبالغة بقدر ما يزاد من الحرص على تنويع الخطاب وتهذيبه والارتقاء بأسلوبه؛ حتى يكون مقنعاً لعقل المرأة مؤثراً في وجدانها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وظيفة المحامي في الشريعة الإسلامية

وظيفة المحامي في الشريعة الإسلامية أحمد بن عبد الرحمن الرشيد 6/8/1424 02/10/2003 ورد إلى نافذة الفتاوى سؤال يتعلق بالمحاماة، فأجاب فضيلة الشيخ/ أحمد الرشيد - حفظه الله - عنه وكان عنوان الفتوى (دراسة الحقوق والعمل في المحاماة) ثم وردنا تعقيب من أحد قرائنا الأعزاء على هذه الفتوى، يستشكل أن القوانين المتَّبعة في وظيفة المحاماة لا تستند إلى الشريعة الإسلامية، فيكون الأساس الشرعي ساقطاً شرعاً لهذه الوظيفة. وقد تم عرض هذا التعقيب على الشيخ المجيب، فتفضَّل بالإجابة. جزاه الله عنا خيراً، فإليكم التعقيب والتوضيح. التعقيب: لي تعليق على فتوى فضيلة الشيخ الرشيد، وأرجو من الشيخ أن يتَّسع صدره لجهلي، والفتوى على العنوان التالي: (دراسة الحقوق والعمل في المحاماة) أولا: هل هناك مجال لوظيفة المحامي المتعارف عليها في ظل تحكيم الشريعة الإسلامية؟ وإذا كان كذلك فهناك فرع في علوم الشريعة يهتم بتدريس هذا المجال وفق الضوابط الشرعية، وهنا لا خلاف إذا كان الجواب بنعم. ثانيا: إذا لم يكن كذلك فالشيخ تجاهل كون وظيفة المحاماة - التي يتخرَّج صاحبها بعد دراسة القوانين الوضعية من الجامعة - ومن ثم فهي تتحاكم إلى القوانين الوضعية، والقضايا المتَّصلة بها بالمحاكم يتم التعامل معها وفق الدستور والقوانين القضائية للدولة التي لا تستند إلى الشريعة الإسلامية، فضلاً عن إقصائها لها، إلا ما حصر في شيء من القوانين المدنية أو المحاكم الأسرية إذا صحّ الاصطلاح، وغير ذلك في الدوائر المختلفة بالمحاكم، ووفق ذلك فالأساس الشرعي لهذه الوظيفة يكون ساقطاً شرعاً لتحاكمه للطاغوت واعتماده عليه، وجزاكم الله خيراً. ***** التوضيح الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن وظيفة المحاماة المشهورة في العصر الحاضر لا يمكن إطلاق القول فيها بأنها حلال أو حرام؛ لأنه ليس لها حكم في ذاتها، ولكن حكمها يتبع الأمر الذي يقوم المحامي بالدفاع عنه، فإن كان أمراً واجباً أو جائزاً فإن المحاماة حينئذٍ تكون مشروعة. وإن كان الأمر الذي يقوم المحامي بالدفاع عنه محرماً فإن المحاماة حينئذٍ تكون غير مشروعة. ولذلك فإنه إذا طلب أحدٌ من المحامي الدخول في أي قضية، فإن عليه أن ينظر: فإن كان الحق معه دخل فيها، وإلا فإنه يحرم عليه أن يدافع عن باطل، بل ويجب عليه أن ينصحه ويبين له بطلان دعواه. ومن خلال ما سبق يتبين أن المحاماة عن الحق والدفاع عنه له أصل في الشريعة، وذلك داخل في أمر الشريعة بمساعدة المظلوم والانتصار له، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" رواه البخاري، وفي هذا العمل ردٌ للأمانات لأهلها، والله سبحانه وتعالى يقول: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، وفي العموم فإن في المحاماة عن الحق والدفاع عنه تعاوناً على البر والتقوى، والله سبحانه وتعالى يقول:" وتعاونوا على البر والتقوى".

أما ما سألت عنه حول وجود فرع في علوم الشريعة يهتم بتدريس هذا المجال وفق الضوابط الشرعية، فالجواب: نعم، وذلك من خلال معرفة الأحكام الشرعية للأمور التي يُحَامَى عنها، وما هو حلالٌ منها وما هو حرامٌ، ومن خلال معرفة الأصول والقواعد العامة التي تراعيها الشريعة وتأمر بها، وكذلك فإن المحامي يستفيد مما كتبه العلماء فيما يتعلق بدلالات الألفاظ والتراكيب؛ ليعرف ما تدل عليه الألفاظ الدائرة بين الناس، وكذلك ما كتبه العلماء فيما يتعلق بالتعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية ومدلولاتها، ونحو ذلك، وكل ما سبق ذكره يجده الإنسان في المؤلفات التي كتبها العلماء في مجالات: الفقه، وأصول الفقه، والقواعد الفقهية. وكذلك من الكتب المهمة في هذا الجانب ما كتبه العلماء في الطرق الشرعية للقضاء، ومن ذلك: كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم (ت:751) ، وكتاب: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لابن فرحون المالكي (ت:799هـ) ، وكتاب: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام للطرابلسي الحنفي (ت:844هـ) ، وغيرهم. أما إذا كان الإنسان يعيش في بلد يُتحاكم فيه إلى القوانين الوضعية، فإنه يجب عليه ألاّ يدخل في أي قضيةٍ إلا بشرط أن يعرف أن الحكم الذي يطالب به لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك لأنه لا تعارض بين جميع القوانين الوضعية وأحكام الشريعة الإسلامية، فما كان منها موافقاً جاز للمحامي المطالبة به، وما كان منها مخالفاً حرم عليه المطالبة به؛ عملاً بما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب التحاكم إلى ما شرعه الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

مراجعات على فتوى الفضائيات

مراجعات على فتوى الفضائيات سامي بن عبد العزيز الماجد 23/6/1424 21/08/2003 نذكِّر الإخوة القراء أن هذه الزاوية (في البدء) ؛ افتتحت لتكون إطلالة تواصل مع الإخوة (زوار الموقع) ، نعرض فيها قضايا نافذة الفتاوى، مع ما يمكن من الكلمات النافعة والفتاوى المختارة، كما نعرض فيها قضايا رسائل الزوار المتعلقة بوضع النافذة بشكل عام. حيث وردنا تعقيب من أحد الإخوة على فتوى (وضع الدش والتحكم فيه) يرى فيه إغلاق هذا الباب جملة وتفصيلاً؛ حتى لا يكون ذريعة توصل إلى ما حرم الله، وقد عرضنا هذا التعقيب على فضيلة الشيخ المفتي فتكرم بالتوضيح والبيان. التعقيب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع احترامي وتقديري لرأي الشيخ في هذه الفتوى إلا أنه فتح علينا باباً لا يغلق، أتعلم يا شيخ أن أقل دش تشتريه يحمل في طياته أكثر من خمسين أو ستين قناة، النافع منها واحدة أو اثنتان؟ إن أولادنا الآن - ومع تطور العلم - يستطيع ذو العشر سنوات منهم أن يفك التشفير، أو الحجب الذي قام بوضعه الأب, والأب لا يدري عن ذلك، ظانا أن الأمر كما تركه عليه، مستنداً إلى فتوى الشيخ سامي الماجد؟ يا شيخ لقد فتحت بفتواك هذه - في هذا الموقع الموثوق - باباً من الشر لا يعلمه إلا الله، وليس فقط فتح باب ولكن ذريعة لأهل الفساد أن يستهزئوا بأهل الخير، ولتعلم يا شيخ أن عامة الناس يعتبرون أناساً محافظين عاديين، يتأرجحون بين شراء الدشوش وبين عدمه، وبفتواك هذه أعطيتهم دفعة قوية للمضي قدما فيما ترددوا فيه، ويأتيهم الشيطان بقول لقد أفتاكم سامي الماجد، نسأل الله أن يغفر لك يا شيخ، وأرجو أن تراجع كلامك وتدرس المصالح والمفاسد من الدش، وتخرج لنا الرأي الشرعي, واعلم يا شيخ أن الخمر أيضا فيها منافع. ***** التوضيح الأخ الفاضل: وفقه الله لكل خير. أشكرك على غيرتك ونصحك لأخيك وصدق غيرتك على إخوانك. اعلم ـ أخي ـ أن جانب التورع والاحتياط في الفتوى أوسع من دائرة (الحذر من تحليل الحرام) ، إذ أول ما يجب أن يسعه الاحتياط في الفتوى (الحذر من تحريم الحلال) . ولقد كان أيسر شيء عليّ في الجواب على سؤالٍ كهذا أن أقول: (لا يجوز ذلك؛ لما فيه من الخطر المرتقب أو المحتمل) . هذا جوابٌ لم يعزب عني عند أول وهلة في إعداد الجواب، وهو كما تراه كليمات قليلات أستطيع أن احتاط فيها لنفسي، وأرضي بها كثيرين، وأدرأ عن نفسي غضبهم وسخطهم وانتقاداتهم. ألا ترى هذا الجواب ـ لو أجبتُ به ـ جواباً مختصراً في أمر يحتاج إلى تفصيل يفرضه اختلاف أحوال الناس وقدراتهم، فأنت تعلم ـ يا رعاك الله ـ أن الناس ليسوا كلهم موسرين قادرين على الاشتراك في هذه القناة، ولا كل الناس لديهم أبناء مراهقون متمرسون على فك التشفير وكشف المحجوب. يجب أن تكون خشيتنا من أن نحرِّم على الناس أمراً حلالاً كخشيتنا من أن نحلل لهم حراماً أو أشد خشية؛ لأن الأصل في الأشياء الحل، وهذا الأصل يقين لا يزول إلا بيقين. وانطلاقا من هذا الواجب فإني لا أستجيز لنفسي أن أحرم على أحدٍ أمراً يتأتى أن يكون حلالاً بضوابط مستطاعة.

وأما قولك ـ أخي الفاضل ـ: إن الدش الذي سيشتريه الأخ السائل يمكّنه أن يستقبل عشرات القنوات، فذلك لم يكن خافياً علي، ولأجل هذا قلت في الجواب: (فلا حرج إذن أن تقتنوا الدش، ولكن بشرط أن تحجبوا كل القنوات الفاسدة) . أما مسألة قدرة الأبناء على فك التشفير وفتح القنوات المحظورة، فلا أظن هذه أهون عليهم من زيارةٍ لإحدى المقاهي المنتشرة والتي تعرض قنوات مشفرة أفجر وأخلع من تلك القنوات التي يمكن أن يستقبلها الدش الموجود في البيت. كما أن هذا الاحتمال المخوف من الممكن درؤه بوضع جهاز الاستقبال (ما يسمى بالرسيفر) في صندوق محكم لا تنفذ إليه إشارات (الريموت) ، فلا يقدر أحد على فتحه أو تغيير قنواته وفك تشفيره. وإذا كنا نرى التخوف من قدرة الأبناء على فك التشفير ومشاهدة القنوات المحجوبة يوجب علينا منع الناس من اقتناء الدش مطلقاً ولو لمشاهدة قناة المجد سداً للذريعة، فليوجب هذا التخوف علينا أن نمتنع من تصفح الإنترنت في بيوتنا؛ لأنه ربما كان لأحدنا أبناء مراهقون قادرون على دخول المواقع الإباحية بطرقٍ هم أدرى بها منّا. ألا ترانا أخي نبالغ أحياناً في مسألة سد الذرائع حتى أصبح الاستثناء أصلاً والأصل استثناء، وأصبح الاحتمال السيء حاكماً على أمور حسنة راجحة ذات مصالح متحققة؟! أخي الحبيب: يجب ألا نجعل هذه الاحتمالات البعيدة موجباً لتحريم شيء ليس حراماً في ذاته، وغاية ما تدفعنا إليه هذه الاحتمالات أن نحكم الرقابة على هذه الأجهزة حتى لا تنقلب وسيلةً للمحرم. وشيء آخر مهم أُنبِّه إليه، وهو أن الفتوى ليست خاصة لأهل الجزيرة، والذين يغلب عليهم الاقتدار على الاشتراك في قناة المجد، فالموقع يتصفحه القاصي والداني، والمقيم في هذه الجزيرة والمقيم خارجها، فمن الحكمة أن يُراعى في شأن الفتوى العامة أحوال الناس المختلفة باختلاف الأقطار. كما أن السائل من أهل مصر، والاشتراك في قناة المجد في بلادهم وإن كان متاحاً لكنه على نطاق ضيق محدود جداً ـ كما أخبرني بذلك أحد المسؤولين في القناة ـ وقيمته باهظة بالنسبة لأكثر الناس هناك. فإذا كان من الممكن أن يفيد أحد هؤلاء (غير القادرين على الاشتراك في القناة) من برامجها مع تأتِّي حجب القنوات الفاسدة، فهل من الحكمة والحيطة أن نمنعه منها تخوفاً من أن يستطيع أبناؤه أن ينفذوا إلى القنوات المحجوبة؟ وما هو من قبيل هذا الاحتمال البعيد، والذي يمكن أن يُدرأ كما بينته سابقاً؟! وأما اعتراضك بكون الخمر أيضاً فيه منافع للناس، ومع ذلك حرَّمها الإسلام، فهو اعتراض معتبر لو أن السؤال كان عن مشاهدة القنوات كافة، والتي إثمها أكبر من منافعها، غير أن السؤال كان عن اقتناء الدش لمشاهدة قناة المجد التي لا نعلم عنها إلا خيراً. أراه رأياً فطيراً تُنتجه نظرة قاصرة محدودةٌ بحدود إقليمٍ أو بلد ما حين نجعل الناس كلهم محصورين بين خيارين لا ثالث لهما: فإما أن يشتركوا في قناة المجد فلا يشاهدونها إلا عبر جهازها الخاص، أو ليبقوا محرومين منها ما داموا غير موسرين. ألا يشرع لهم خيار ثالث يمكن أن تتحقق فيه المصلحة مع القدرة على درء المفسدة: وهو أن يقتنوا أي جهاز يستقبل هذه القناة بشرط أن يحجبوا القنوات الفاسدة.

إني لأجد في القول بالمنع من اقتناء غير دش المجد تخوفاً من اطلاع الأولاد على القنوات المحجوبة ـ أجد فيه حرماناً عظيماً لأناس كثيرين يرغبون في الإفادة من برامج هذه القناة ولكنهم عاجزون عن شراء طبقها الخاص. ينبغي أن تتسع جهودنا في تربية أولادنا لأدوات التربية كلها، فلا تقتصر على جانب دون آخر، ومن التقصير أن تنحصر جهودنا في وقايتهم من ذرائع الشر أن تصل إليهم بالمنع والحجب، فهذا وإن كان واجباً لا يغني شيء عنه، لكنه وحده لا يكفي قطعاً، فهناك وسائل تحصينية تربوية لا بد من الأخذ بها، وأن يكون لها الاهتمام الأكبر والوقت الأكثر؛ لتغذي عقول أولادنا بالفكر النير، وتنمّي في قلوبهم رقابة ذاتية تحصنهم وتمنعهم أن يسعوا للشر، أو يسارعوا إليه إذا غاب عنهم الرقيب. وقناة المجد بما فيها من برامج جادة مفيدة وأخرى مسلية هادفة أداة تُسهم في هذا المجال، فتملأ فراغ أولادنا وتشبع رغباتهم في الممتع المباح، وتفقههم في دينهم وتعلمهم الآداب الفاضلة وتغذي فكرهم وترقق قلوبهم. ولعل هذه القناة إذا أشبعت رغبات الأولاد، وملأت فراغهم، وشغلت أوقاتهم بالمفيد والممتع أن تكون عوناً لأوليائهم على صرفهم عن ابتغاء القنوات الفاسدة والخليعة، سواء بارتياد المقاهي أو فك التشفير واختراق القنوات المحجوبة. ومن الإجحاف والحيف أن نحسب هذه القناة الرائدة مجرد تسلية وترف، فلا تُقتنى إلا لتزجية أوقات الفراغ. نسأل الله القدير أن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يبصرنا ويفقهنا في الدين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. # # # كما وردنا تعقيب آخر على الفتوى المذكورة يؤكد على أن الأولى هو دعم هذه القناة عن طريق الاشتراك المباشر معها، وعلى ضرورة حجب القنوات الفاسدة عند اللجوء إلى شراء الأطباق العامة وفيما يلي نص هذا التعقيب. التعقيب: لعل من المهم اعتباره في هذا الصدد: أن المجد تحتاج دعماً مادياً بالاشتراك فيها، لكن هذه الطريقة تقلل من الاشتراكات، مما قد يرهق كاهل القناة، وهي إن لم ندعمها لم تستمر، لا قدر الله، ولذا تمنيت أن لو عرض الأمر على القناة أولاً لاستشارتها في الطرح العلني لمثل هذا النوع من الأسئلة، عذراً لا علاقة لي بالقناة إلا محبتها، والعزم على الاشتراك فيها، أمر آخر هو: هذا لو اشترط الجواب وجوب إلغاء القنوات السيئة قبل إدخال الطبق للمنزل، سداً للذريعة. ***** التوضيح أخي الكريم: لو تأملت الفتوى لوجدتني قد اشترطت أن تحجب جميع القنوات الفاسدة، أما مسألة الاشتراك فلم أقترحها على السائل؛ لأنه من مصر، ولا تخفى عليك أحوالهم المادية.

خلاف العلماء في الشروط في النكاح

خلاف العلماء في الشروط في النكاح نايف بن أحمد الحمد (القاضي بمحكمة رماح) 16/6/1424 14/08/2003 ورد إلينا تعقيب من أحد القراء الأعزاء يستشكل منه عدم بسط المفتي لآراء الفقهاء وأدلتهم على فتوى (طلب الطلاق إذا تزوج الزوج) وقد أجاب المفتي على تعقيبه وذكر الشيخ - حفظه الله- في نهاية المطاف السبب في عدم بسط آراء الفقهاء في هذه المسألة وفي غيرها، فإليكم التعقيب والتوضيح. التعقيب: شيخنا الفاضل سلمان بن فهد العودة حفظه الله تعالى وجميع العاملين في نافذتنا المطلة على عالم اليوم، بإسلام اليوم والغد والأمس؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولا إني أحبكم في الله تعالى ونسأله أن يثبتنا وإياكم آمين. أما بعد: فإني أود من فضيلتكم عند الإجابة على الأسئلة الفقهية طرح آراء الفقهاء وأدلتهم، لا طرح الرأي الراجح عند المفتي فقط، لاسيما وموقعكم الطيب لا يطلع عليه فقط العوام الذين يريدون فتوى دون أدلة الأطراف المتنازعة في الدليل وأرجحيته، وإن كنت معكم في أن العامة يحسن في مثلها تلك الإجابة القصيرة الواضحة، ولقد أجاد الشيخ نايف الحمد عندما قال: وهو أصح قولي العلماء هذا في نظره ونظر شيخ الإسلام ابن تيمية ومن نحا نحوه من المتقدمين، أما رأي الجمهور المتقدمين كالشافعي وأبي حنيفة ومالك فيرون أنه إذا تزوجها على شرط ألا ينكح غيرها عليها أو يتسرى أو بألا يخرجها من بلدها فالشرط باطل والنكاح جائز، ولا يخفى على فضيلتكم الدليل، والمسألة مبسوطة في مظانها، والخلاصة لو يفيدنا المفتي -حفظه الله تعالى- بالخلاف المختصر مع أدلته وما يراه هو راجحاً من قولي العلماء فذلك يعطينا مرجعا موثقا مختصرا، أقول هذا وأستغفر الله على هذا التعليق الذي لست أهلا له، والسلام عليكم. ***** التوضيح الحمد لله وحده، وبعد: فإني أشكر الأخ الفاضل على نصيحته الموفقة بإذن الله تعالى، والتي عرضها بثوب قشيب، وبأدب رفيع، وبعبارات منتقاة، فله مني كل شكر وتقدير واحترام، ودعاء بأن يرفع الله قدره، وأن يجزيه خير الجزاء، هذا أولاً.

وثانياً: ما ذكره الأخ الكريم من أن مذهب الأئمة أبي حنيفة ومالك والشافعي من أن الشرط باطل فصحيح، ولكن ما أفتينا به هو ما تبين لنا رجحانه بالدليل الصحيح الذي رواه عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري رقم (2572) ومسلم رقم (1418) ، ونحن لم نذكر أن النكاح يفسد أو يبطل بزواج الزوج من ثانية؛ بل قلنا إن لم يف به الزوج فللزوجة الفسخ؛ أي عند رغبتها به، أما إذا لم ترغب الفسخ فالنكاح باق والحمد لله، واتباع الدليل ليس فيه أي انتقاص للأئمة رحمهم الله تعالى، بل فيه تكريم لهم، أما مطالبتكم حفظكم الله ببسط المسألة والأدلة وذكر الراجح فلا يخفى عليكم أن الأسئلة كثيرة، والوقت ضيق لانشغالنا بأمور كثيرة، فلو بسطنا القول في كل مسألة فلن أتمكن من الإجابة إلا عن سؤال واحد في الأسبوع، وفي هذا ضرر بالغ على بقية المستفتين بسبب تأخر الإجابة على أسئلتهم، والتي كثيراً ما يطالبون فيها بسرعة الإجابة، فنحن نذكر ما ندين الله تعالى به مع دليله من غير انتقاص لمن خالفناه من العلماء الأجلاء، كما أن هذه النافذة هي نافذة للفتاوى، وليست نافذة للبحوث والدراسات، بحيث تبسط المسألة بذكر الأقوال، والأدلة، والترجيح، والجواب عن دليل القول الآخر، فهذا له نافذة أخرى في الموقع، هي نافذة بحوث ودراسات. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه والباطل باطلاً وأعنا على اجتنابه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

أخذ الأطفال إلى المسجد

أخذ الأطفال إلى المسجد د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى 12/5/1424 12/07/2003 وردنا سؤال من أحد الإخوة حول آداب الطفل في المسجد من حيث (الصلاة في الصف - الجري في المسجد - وما يتعلق بالمساجد من آداب ومسائل تتعلق بالأطفال) ، فأجاب عنه فضيلة الشيخ: د. محمد بن سليمان المنيعي، ثم جاءنا تعقيب حول هذه الفتوى، وقد عرضناها على الشيخ المفتي فتكرم بالتوضيح والبيان. التعقيب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الذي فهمته من الشيخ أنه لا يجوز أخذ الأطفال إلى المسجد، لكيلا يزعجوا المصلين، ما هو الدليل على هذه الفتوى؟ ماذا يقول الشيخ فيما ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر من الصلاة عندما كان يسمع بكاء الأطفال؛ حتى لا تفتن أمهاتهم عن صلاتهن، ومع ذلك فلم يمنع هؤلاء الأمهات من إحضار أبنائهن للمسجد، وأيضاً الرواية التي ذكر فيها أن الحسن والحسين كانا يركبان على ظهره - صلى الله عليه وسلم - في السجود، ولم يقل شيئاً لوالديهما، وعلاوة على ذلك لم يشأ أن يزعج الولدين، جزاكم الله خيراً على الفتوى، ولكن دعموا فتواكم بالأدلة. ***** التوضيح فهمك للفتوى غير مستقيم، بل الذي أجبت باختصار أن الطفل دون سن التمييز ينبغي أن يجنب المسجد؛ حتى لا يلوث المسجد أو يشوش على المصلين، إلا أن يحتاج المصلي إلى دخوله إلى المسجد لحاجة عارضة، أو تريد المرأة الصلاة في المسجد فلا بأس والحالة هذه، وأما ما ذكر من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر الصلاة عندما يسمع بكاء الطفل فهذا ورد في جوابي حيث قلت: (أو تريد المرأة الصلاة في المسجد وليس معها من يجلس عند طفلها) ، ثم لو تأملت حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة وقد مكث عشر سنوات فيها فتساءلت كم ورد أنه خفف الصلاة لسماعه بكاء طفل؟ أو أن الحسن أو الحسين ركبا على ظهره لوجدت ذلك مرة أو مرتين، فآلاف الفرائض تقام في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، ثم لم ترد مثل هذه الحالة إلا مرات يسيرة مع تواجد أولاد الصحابة - رضي الله عنهم - والتزامهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلاة الجماعة مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المسجد النبوي دليل واضح على تجنيبهم الصبيان ممن هم دون التمييز المساجد، وهو الأقرب إلى مقصد الشرع من بيوت الله، قال تعالى: "وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" [الحج: من الآية26] ، والله أعلم.

هل مرتب التقاعد ميراث؟

هل مرتب التقاعد ميراث؟ هاني بن عبد الله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة 28/3/1424 29/05/2003 وردنا سؤال من أحد الإخوة حول منحة التقاعد في الجزائر، وهل تعد ميراثاً أم لا؟ فأجاب فضيلة الشيخ هاني الجبير بأنها لا تعد إرثاً، ثم جاءنا تعقيب حول هذه الفتوى يبين ماهية هذه المنحة وخصائصها، وقد عرضناها على الشيخ المفتي فتكرم بالتوضيح والبيان. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ ـ هاني الجبير ـ حفظه الله جزاكم الله خيرا على إرسالكم لنا الفتوى بخصوص منحة التقاعد التي سألناكم عنها والمتعلقة بتقاعد فرنسي لأخ جزائري كان يعمل هناك، وقد أرسلتم بأن ما يعطى من منحة التقاعد لا يعتبر إرثا. وإني يا فضيلة الشيخ: أريد أن أبين لكم بعض التوضيح في خصوص هذه المسألة واستميحكم مبدئيا، فأقول: إن منحة التقاعد التي تعطى هاهنا في الجزائر أو ما أشبهها من الدول كفرنسا فالأمر يختلف يا شيخ حيث أن هذه المنحة ليست تكريما لهم، وإنما هي حصيلة ما كان يأخذه صندوق الضمان الاجتماعي من العامل حيث يأخذون من مرتبه ما نسبته 9 بالمائة وتخزن له في صندوق خاص ـ وهذه تؤخذ جبرا دون دخل للعامل فيها ـ وقد تختلف النسبة من بلد لبلد، ثم هذه الأموال يكون منها استرجاع قيمة الأدوية وتكون أيضا في حالة وقوع الحوادث، وفي آخر الأمر عند الكبر وبلوغ سن 60 سنة يعطى من ذلك منحة التقاعد وإذا مات فيعطى باسم زوجته، وعلى هذا يا شيخ: هل الفتوى تبقى كما هي مع هذه المعطيات أم تتغير. نرجو أن ترسلوا لنا الجواب مرة أخرى ومعذرة ثم معذرة على هذا التوضيح ولكن ربما تستدعيه الفتوى والله أعلم وبارك الله فيكم. البيان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فأشكر الأخ السائل الكريم على تواصله واستفهامه فهذا ما يسعد ويثلج الصدر زاده الله توفيقاً. وما ذكره من إيضاح للتقاعد كان معلوماً، وهو ما بنيت عليه جوابي السابق، وزيادة في الإيضاح فإني أقول: أولاً: إن خصم نسبة التقاعد من الراتب هو فيما يظهر خصم صوري لا حقيقي وذلك لأمور منها: 1. أن الموظف يخصم منه جبراً ولو لم يوافق ولم يرغب. 2. أن الموظف لا خيار له في زيادة أو نقص مقدار الخصم. 3. أن الموظف يعرف عند تقدمه للوظيفة راتبه مخصوماً منه تلك النسبة، فهو مدرك أن الراتب هو مقدار ما يستلمه بعد الخصم. 4. أن الموظف قد يعرف بالتحديد مقدار ما يخصم منه. ثانياً: إن الموظف قد يتقاعد أو يموت بعد عمله بمدةٍ يسيرة فيستحق هو أو ورثته تقاعداً قد يكون أكثر مما خصم منه، بل هذا في الواقع هو الغالب أن مقدار التقاعد المصروف يفوق نسبة الخصم. فلذا وحيث إن الخصم صوري في الواقع ولأنه قد يأخذ أكثر مما خصم منه علماً أن التقاعد منحة من الدولة للموظف ولمن لا يستقل بنفسه ممن كان ينفق عليهم في حياته، لكن جاء حسابها باعتبار زيادة تسعة في المائة من الراتب ثم خصمها منه شهرياً ليحسب بعد ذلك مقدار ما يأخذه بعد مقارنته بسنوات الخدمة.

ويتضح ذلك أكثر إذا عرفنا أن منشأ التقاعد إنما كان إعمالاً لمبدأ التأمين فالحكومة تؤمن مصدر دخل لكل من انقطع دخله بتوقفه عن العمل أو موت مورثه الموظف بهذا التقاعد ولذا فإنه متى استطاع الاستقلال بنفسه أو استغنى عنه مُنع استحقاقه وكذلك يقسم بين الورثة حسب قسمة الإرث الشرعيّة. هذا هو الظاهر لي وعليه فتوى بعض مشايخنا وممن وقفت على رأيه في ذلك فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع (مجموع فتاوى وبحوث 4/173) . وهو على كل حال محض اجتهاد يحتمل الخطأ والصواب والله أعلم. وفي المقابل لو كان الذي تدفعه الدولة هو نفس مقدار الخصم الذي يؤخذ من راتب الموظف تماماً فإن الحال يختلف إذ لا يكون الخصم صورياً بل حقيقياً أجبر الموظف عليه أو أخر تسليمه له. وفي هذه الحال فإنه يحتم قسمته بين ورثته حسب الإرث الشرعي ويكون جزءاً من حق الموظف لورثته تحصيله بما يستطيعون. ولعل هذه الفتوى إذا نشرت كان في تواصل الإخوة والمشايخ تعزيزاً أو استدراكاً لها. اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

تعقبات على حكم تمثيل الحيوانات

تعقبات على حكم تمثيل الحيوانات د. أحمد الخضيري 10/1/1424 13/03/2003 السؤال (ملاحظات على سؤال التمثيل والأناشيد المصحوبة بالدف) : هناك بعض الملاحظات على هذه الفتوى حيث أنها نازلة معاصرة وهي محل اجتهاد: 1) إشارة الشيخ المفتي -حفظه الله- إلى عدم جواز تمثيل دور الحيوانات وأن التشبه بها جاء في النصوص بصيغة الذم، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يجلس على أربع ويركب الحسن والحسين على ظهره ويقول:"نعم المطية مطيتكما"، رواه الطبراني وإسناده حسن وفي بعض الروايات "نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما" فدل على أن التشبه بالحيوان ليس مذموماً بكل حال. 2) منع الشيخ من استعمال الدف إلا في الأعراس أمر محل مناقشة فإن إباحة النبي -صلى الله عليه وسلم- استخدامه بالعرس يدل على استثناء هذه الآلة من التحريم ولا يقتصر على العرس فالحادثة لا تخصص العام ونظير هذا تحديد بعض الفقهاء عدم جواز الصلح مع الكفار إلا بقدر عشر سنين لأنه هو الذي حصل من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو مذهب مرجوح كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، ومما يدل على جواز سماع الدف في غير الأعراس ما رواه أصحاب السنن أن امرأة نذرت أن تضرب الدف أمام النبي -صلى الله عليه وسلم- فأقرها ولو كان ممنوعاً في غير الأعراس لمنعها. أرجو نشر ملاحظاتي إن لم يكن مانع أو إرسالها إلى الشيخ إن وجد مانع، وأنتم محسنون ولكم الخيار وما على المحسنين من سبيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أجاب عن السؤال الشيخ/د. أحمد الخضيري (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام) الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فيمكن توضيح الفتوى في تمثيل دور الحيوانات والأناشيد المصحوبة بالدف، والإجابة عن ملحوظات الأخ فيما يلي:

أولاً: ينبغي أن يعلم أن التمثيل في أصله محل خلاف بين فقهاء العصر، فهناك من أهل العلم من يمنعه مطلقاً، وهناك من يجيزه بقيود معينة، وليس هذا مقام التوسع في ذكر الخلاف وأدلته، ولكن الذي يهمنا منه أن من أجاز التمثيل قيده بقيود يلزم توافرها، ومن هذه القيود ألا يشتمل التمثيل على محاكاة البهائم ومشابهتها، لأن محاكاة البهائم ومشابهتها إذا نظرنا إليه في الكتاب والسنة نجد أنه يرد في مقام الذم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:"التشبه بالبهائم في الأمور المذمومة في الشرع مذموم منهي عنه، في أصواتها وأفعالها، ونحو ذلك، مثل: أن ينبح نبيح الكلاب، أو ينهق نهيق الحمير، ونحو ذلك، وذلك لوجوه: أحدها: أنا قررنا في اقتضاء الصراط المستقيم، نهي الشارع عن التشبه بالآدميين الذين جنسهم ناقص كالتشبه بالأعراب وبالأعاجم وبأهل الكتاب ونحو ذلك في أمور من خصائصهم، وبينا أن من أسباب ذلك أن المشابهة تورث مشابهة الأخلاق، وذكرنا أن من أكثر عِشرة بعض الدواب اكتسب من أخلاقها: كالكلاّبين، والجمالين، وذكرنا ما في النصوص من ذم أهل الجفاء وقسوة قلوب: أهل الإبل، ومن مدح أهل الغنم، فكيف يكون التشبه بنفس البهائم فيما هي مذمومة؟ بل هذه القاعدة تقتضي بطريق التنبيه النهي عن التشبه بالبهائم مطلقاً فيما هو من خصائصها، وإن لم يكن مذموماًَ بعينه، لأن ذلك يدعو إلى فعل ما هو مذموم بعينه، إذ من المعلوم أن كون الشخص أعرابياً أو عجمياً خير من كونه كلباً أو حماراً أو خنزيراً، فإذا وقع النهي عن التشبه بهذا الصنف من الآدميين في خصائصه؛ لكون ذلك تشبهاً فيما يستلزم النقص ويدعو إليه، فالتشبه بالبهائم فيما هو من خصائصها أولى أن يكون مذموماًَ ومنهياً عنه. الوجه الثاني: أن كون الإنسان مثل البهائم مذموم، قال تعالى:"ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون". والوجه الثالث: أن الله سبحانه إنما شبه الإنسان بالكلب والحمار ونحوهما في معرض الذم له كقوله:"فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون" وقال تعالى:"مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً" الآية، وإذا كان التشبه بها إنما كان على وجه الذم من غير أن يقصد المذموم التشبه بها، فالقاصد أن يتشبه بها أولى أن يكون مذموماًَ، لكن إن كان تشبه بها في عين ما ذمه الشارع صار مذموماً من وجهين، وإن كان فيما لم يذمه بعينه صار مذموماً من جهة التشبه المستلزم للوقوع في المذموم بعينه.

يؤيد هذا الوجه الرابع: وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح:"العائد في هبته كالعائد في قيئه، ليس لنا مثل السوء"، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر هذا المثل إلا ليبين أن الإنسان إذا شابه الكلب كان مذموماً، وإن لم يكن الكلب مذموماً في ذلك من جهة التكليف، ولهذا ليس لنا مثل السوء، والله سبحانه قد بين بقوله:"ساء مثلاً" أن التمثيل بالكلب مثل سوء، والمؤمن منزه عن مثل السوء، فإذا كان له مثل سوء من الكلب كان مذموماً بقدر ذلك المثل السوء"، ثم ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- الوجه السادس وهو: حرمة تشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال فيما يختص به كل جنس وقال عقب ذلك:"فإذا كانت الأمور التي هي من خصائص النساء ليس للرجال التشبه بهن فيها، والأمور التي هي من خصائص الرجال ليس للنساء التشبه بهم فيها، فالأمور التي هي من خصائص البهائم لا يجوز للآدمي التشبه بالبهائم فيها بطريق الأولى والأحرى، وذلك لأن الإنسان بينه وبين الحيوان قدر جامع مشترك، وقدر فارق مختص، ثم الأمر المشترك: كالأكل والشرب، والنكاح والأصوات والحركات، لما اقترنت بالوصف المختص كان للإنسان فيها أحكام تخصه ليس له أن يتشبه بما يفعله الحيوان فيها، فالأمور المختصة به أولى، مع أنه في الحقيقة لا مشترك بينه وبينها، ولكن فيه أوصاف تشبه أوصافها من بعض الوجوه، والقدر المشترك إنما وجوده في الذهن لا في الخارج. وإذا كان كذلك فالله تعالى قد جعل الإنسان مخالفاً بالحقيقة للحيوان وجعل كماله وصلاحه في الأمور التي تناسبه، وهي جميعها لا يماثل فيها الحيوان، فإذا تعمد مماثلة الحيوان، وتغيير خلق الله فقد دخل في فساد الفطرة والشرعة، وذلك محرم والله أعلم". مجموع الفتاوى (32/256-260) . وأما ما ذكره الأخ السائل من كون النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يركب الحسن والحسين على ظهره ويقول:"نعم المطية مطيتكما" رواه الطبراني وغيره، وفي بعض الروايات:"نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما". فليس في هذا ما يعارض ما سبق لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يداعب الحسن والحسين ويقول هذا عندما يبتدرانه بالركوب على ظهره، وهذا النوع من المداعبة شائع بين الأب وأبنائه ويتم بطريقة عفوية، ولم يقصد النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك تمثيل حال الحيوان ومشابهته وحاشاه من ذلك. وبهذا تبقى القاعدة على عمومها وهو أن التشبه بالحيوان جاء في الكتاب والسنة في مقام الذم. وعلى التسليم بكون التشبه بالحيوان في أحيان قليلة لا يكون وارداً في مقام الذم فهذا لا يؤثر في صحة الاستدلال بهذه القاعدة على منع تمثيل الحيوانات في الجملة، ويبقى الجواز قاصراً على ما ورد تخصيصه بالنص، وهو حال مداعبة الرجل لأبنائه كما في قصة الحسن والحسين مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن المعلوم أن الحال المستثناة من النص العام لا يقاس عليها. ثانياً: الضرب بالدف وقع فيه خلاف بين الفقهاء على ثلاثة أقوال: فهناك من قصر جوازه على الأعراس، وهناك من أجازه أيضاً في الأعياد وقدوم الغائب وبعض الولائم على خلاف في بعضها، وهناك من أجازه مطلقاً.

والذي يظهر لي أنه ينبغي أن يقتصر في الضرب بالدف على ما ورد النص به دون ما عداه، ومن أشهر ما ورد النص به، وهو محل اتفاق بين الفقهاء الضرب بالدف في الأعراس كما جاء ذلك في نص الفتوى. ويلحق به أيضاً الضرب بالدف في الأعياد وعند قدوم الغائب لما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فأقبل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"دعهما، فلما غفل غمزتهما، فخرجتا، وكان يوم عيد يلعب فيه السودان بالدرق والحراب...." متفق عليه. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا" متفق عليه. وما جاء عن بريدة -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، قال لها:"إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا" فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر وهي تضرب فألقت الدف تحت استها ثم قعدت عليه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"إن الشيطان ليخاف منك يا عمر ... "، رواه أحمد والترمذي وصححه. ولم تذكر هاتان الحالتان في الفتوى المنشورة لأن الغرض كان ذكر الحكم العام لاستعمال الدف والاختصار بذكر أشهر ما ورد النص بجوازه وهو الضرب بالدف في حال النكاح، والتنبيه بهذا المثال على الاقتصار على ما جاء به النص. وأما قول الأخ: إباحة النبي -صلى الله عليه وسلم- واستخدامه بالعرس يدل على استثناء هذه الآلة من التحريم ولا يقتصر على العرس فالحادثة لا تخصص العام ... إلخ، فهو استدلال غير وجيه في هذه المسألة، لأن تحريم الغناء والدف عام، والترخيص بهما في الأعراس والأعياد وقدوم الغائب خاص ومستثنى من الأصل العام، فلا يصح أن يكون المستثنى أصلاً يقاس عليه غيره، بل يجب أن يقتصر على محل الرخصة، ويبقى ما عداه داخلاً في حيز العموم. وطريقة الاستدلال التي ذكرها الأخ هي التي تمسك بها وسلكها من أباح الغناء، والمعازف، وهي لا شك طريقة خاطئة، فإباحة الغناء والدف في الأعياد والأعراس وقدوم الغائب على هيئة مخصوصة وصفة مخصوصة لا يكون مبيحاً للغناء بجميع أنواعه واللهو بجميع أدواته، وفي قول أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-:"مزمارة الشيطان؟! " ما يدل أنه على علم سابق بأن الغناء والدف منهي عنهما، ولهذا بادر في الإنكار، فاحتاج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعلل لهذا الحكم المخالف لما تقرر من منع الغناء والدف بقوله:"إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا" وكذلك فيما يتعلق بموقف عمر -رضي الله عنه- مع الجارية التي كانت تضرب بالدف بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم.

فتوى أنقذتني

فتوى أنقذتني عبد الله بن عبد الوهاب سردار 3/1/1424 06/03/2003 سبق نشر فتوى لفضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الوهاب سردار جواباً لسؤال وردنا من إحدى الأخوات، وقد تلقينا هذه الرسالة التي تفيض بمشاعر الأخت تجاه ما قرأت، وتدل على أثرها في نفسها، ومدى انتفاعها بها. وإن هذه الرسالة تعبر عما في نفوس كثير ممن يجدون ضالتهم في فتوى محررة، ورأي سديد، وإشارة ناصحة. بسم الله الرحمن الرحيم أرجو منكم إيصال رسالتي هذه الى الشيخ: عبد الله سردار فضيلة الشيخ أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يدخلك الفردوس الأعلى من الجنة بلا حساب ولا عقاب فبعد إجابتك على سؤالي المعنون بـ (هل نحن في آخر الزمان؟) أحسست وكأن حملا ثقيلا من فوق صدري قد أزاحه الله عني بفضله ومنه وكرمه ثم بفضل مساعدتك الكبيرة لي بالإجابة على هذا السؤال لقد كنت يا شيخ قبل قراءة السؤال والإجابة عليه أشعر بضيق في صدري فظيع وكلما نظرت إلى أمي واخوتي الصغار وهم نائمون رحمتهم وازددت ضيقا وبكاء فذهبت ودعوت الله وبكيت حتى خشيت إيقاظهم من صوت بكائي وكنت واثقة من إجابة الله لدعائي ثم فتحت الإنترنت لتمضية الوقت الكئيب فقرأت مقالا مليء بالتفاؤل لأحد الكتاب فأراحني ذلك نوعا ما ثم قلت: لأفتح على موقع الشيخ سلمان العودة لأرى الأخبار ولم يخطر ببالي أن أرى الإجابة على سؤالي فقد قطعت الأمل وقلت لعل سؤالي لم يصل إليهم وإذا بي أجده وأجد إجابة رائعة عليه ومختوم بدعاء أروع فبكيت لأنني أحسست أن هذه استجابة من الله جل شأنه في تفريج همي فجزاك الله كل خير وفرج عنك كل كرب من كرب الدنيا والآخرة وأرجو أن تدعو لي في صلاتك وسجودك خاصة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صالون الحلاقة في البلد الكافر

صالون الحلاقة في البلد الكافر د. حمدبن إبراهيم الحيدري 18/8/1423 24/10/2002 ورد إلى بريد النافذة سؤال عن حكم فتح محل للحلاقة مع ما يتضمنه من حلق للَّحى، وعمل لبعض القصات الأجنبية، وهل الكسب الحاصل من هذا المحل حلال أم حرام؟! فكانت إجابة الشيخ/ د. حمد الحيدري تقضي بتحريم هذا الفعل، وتحريم الكسب الحاصل منه. إلا أنه ورد سؤال من أحد الزوار عن حكم فتح محل بالصورة المذكورة، ولكن في بلد كافر فعرضنا السؤال على فضيلته فقال: الذي يظهر من النصوص والله تعالى أعلم حُرمة ذلك، أيضاً يدل على ذلك ما في الصحيح عن ابن عباس قال: إن رجلاً أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - راوية خمر، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل علمت أن الله حرمها؟ " قال: لا، فسار إنساناً، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بم ساررته؟ "، فقال: أمرته ببيعها، فقال: "إن الذي حرم شربها حرم بيعها". قال: ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها. رواه مسلم (1579) ، والنسائي (4664) وأحمد (2041) ، و (2978) و (3373) وغيرهم، واللفظ لمسلم. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله اليهود ثلاثاً إن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه" رواه أبو داود (3488) ، وأحمد (2221) ، وابن حبان (4938) فهذا يدل على حرمة ثمنها وبيعها على المسلم وعلى غيره يؤيده أن أبا طلحة سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أيتام ورثوا خمراً قال أهرقها قال أفلا أجعلها خلا، قال لا "رواه أبو داود (3675) ، وأحمد (12189) ، وأصله في مسلم (1983) ، ولو كان بيعها لغير المسلمين مباحاً لوجهه ببيعها لليهود مثلاً حفظاً لمال الأيتام الذين أمر القرآن بحفظ أموالهم، ولكن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم أخذ ثمنه، وأخذ الأجرة عليه من أي شخص مسلماً كان أو كافراً فكذلك هنا يقال: إن الله تعالى حرم حلق اللحى وحرم التشبه بالمشركين فيحرم أخذ الأجرة عليه مطلقاً، وفي الحلال مندوحة عن الحرام وعن المشتبهات، والله تعالى أعلم.

تعقيب على فتوى "شراء البيوت بالقرض الربوي"

تعقيب على فتوى "شراء البيوت بالقرض الربوي" د. سامي بن إبراهيم السويلم 22/5/1423 01/08/2002 كثيرة هي الفتاوى التي تردنا عن موضوع شراء البيوت عن طريق القرض الربوي حيث انتشر هذا الأمر في بعض البلدان، ولأهمية هذا الموضوع فقد نشرنا في وقت سابق فتوى بعنوان شراء البيوت بالقرض الربوي لفضيلة الشيخ الدكتور سامي السويلم والتي تقضي بتحريم هذا النوع من المعاملات،، إلا أنه وردنا تعقيب على هذه الفتوى من أحد زوار النافذة، وقد عرض هذا التعقيب على فضيلة الشيخ فتكرم بالتوضيح والبيان ... التعقيب: أود أن أبدي بعض الملاحظات حول فتوى حرمة الاقتراض من البنوك لأجل شراء البيوت، وهي ملاحظات تلجلجت في صدري كثيرا، وكنت أتساءل بداية قائلا من المعلوم أن التمر بالتمر يجري فيه الربا، ولا بد له من شرطين الأول التقابض، والمثلية، ومع أن الربا ذنبه عظيم وخطره جسيم، إلا أن نجد في الشريعة إباحة بيع العرايا وحقيقته أنه ربا، أبيح لحاجة الناس إلى التفكه بالرطب، وهذا حكم معروف لديكم، فقلت في نفسي متسائلا النبي صلى الله عليه يبيح الربا لحاجة يمكن أن يقال إنها نوع من الترفيه، فكيف بنا اليوم نحرم الاقتراض بفائدة من أجل شراء بيت ومعلوم أن البيت بالنسبة للإنسان الواجد لمن يؤجره من الحاجات العظيمة، هذا من جانب من جانب آخر وجدت العلماء قد اتفقوا على الضرورات تبيح المحظورات وصحيح أن شراء البيوت ليس من الضرورات لكنهم في المقابل أيضاً قالوا إن الحاجة تنزل منزلة الضرورة، هذا بعض ما تلجلج في نفسي حيال هذه القضية وثمة أمر أود لو استجاب له المفتون وهو التخلي عن الخلط بين لغتي الوعظ والفتوى، حتى تحرر المسألة تحريرا علميا أما أن يقول المفتي إن هذه المسألة لاتحتاج إلى فتوى ولا سيما أنه قد أفتى بها علماء آخرون هو نوع من المصادرة التي لا تنبغي وشكرا وجزاكم الله خيرا. ***** التوضيح: 1. أما مسألة العرايا فهي أولاً مقيدة بما دون خمسة أوسق، وثانياً هي استثناء من ربا الفضل وليس من ربا النسيئة. وبحسب اطلاعنا لم ينقل في السنة أي استثناء من ربا النسيئة في الأموال الربوية، وهي المنصوص عليها في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه مسلم (1587) . إذا تقرر ذلك فربا الفضل حرم لحكم متعددة، منها كونه ذريعة لربا النسيئة، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله. وما حرم سداً للذريعة أبيح للحاجة. يقول ابن القيم رحمه الله: "وما أبيح سداً للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب ... " (إعلام الموقعين 2/161) . أما ربا النسيئة فهو محرم تحريم المقاصد، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الربا في النسيئة" رواه البخاري (2179) ،مسلم (1596) واللفظ له. فلا يصح قياس ما حرم تحريم المقاصد على ما حرم تحريم الوسائل، لأنه قياس مع الفارق المؤثر.

ولو أبيح ربا النسيئة لشراء البيوت، ما الذي يمنع إباحته لشراء السيارات، وهي أيضاً في حق كثيرين من الناس حاجة تنزل منزلة الضرورة، وما الذي يمنع إباحته للزواج ابتداء، وهو أهم من المنزل ومن السيارة؟ وما الذي يمنع إباحته لتمويل التنمية وإنشاء المرافق الضرورية كالكهرباء والماء والهاتف وبناء المدن، وهي حاجة عامة أولى بأن تنزل منزلة الضرورة من الحاجة الخاصة؟ ثم لا تزال الحاجات تتوالى، ولا يوجد مرجع للناس يحدد ما هي الحاجة المستثناة من غير المستثناة، والنتيجة في نهاية الأمر هي استفحال الربا في الاقتصاد، وتفاقم الفوائد عليه، حتى تصبح ثروات المجتمع رهناً للمرابين على حساب الأجيال القادمة، وحتى يصبح الأصل في الربا الحل وليس المنع. 2. وأما ما اعتبره الأخ الكريم خلطاً بين الوعظ والفتوى، فهذه هي طريقة القرآن. فإذا تتبعت القرآن، وجدت فتاواه تجمع بين بيان الحكم وبين الوعظ. قال تعالى: "يسألونك عن الأهلة. قل هي مواقيت للناس والحج. وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون" [البقرة:189] . وقال تعالى: "يسألونك عن المحيض. قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض، ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين" [البقرة:222، 223] . فهذه فتاوى اقترنت بالأمر بالتقوى والاستعداد للآخرة، وهذا من الوعظ الذي أمر الله به. وأما في موضوع الربا، فآيات الربا هي التي حذرت من الحرب على الله ورسوله لبيان شدة حرمة هذا الأمر. فهي جمعت بين بيان الحكم وبين التخويف والتهديد. 3. أما اعتراض الأخ الكريم على عبارة "لا تحتاج إلى فتوى" وأنها نوع من المصادرة لفتاوى علماء آخرين، فلا ريب أن حرمة الربا مما لا يحتاج إلى فتوى مع النصوص الصريحة الصحيحة الجلية وإجماع الأمة عليها، إلا إذا كان المقصود هو بيان معاني هذه النصوص والتأكيد عليها. وأما فتوى بعض أهل العلم بجواز الاقتراض بربا لشراء المنازل لمن يقيم في الغرب، فقد أشير إلى أن ذلك محمول على حال الاضطرار. فالفتاوى ليست متعلقة بحكم الربا، بل الأمة مجمعة على حرمته، ومن يقول الربا حلال فقد خالف المعلوم من الدين بالضرورة، لكنها متعلقة بحالات خاصة قد يرى المفتي أنها من الضرورة التي تبيح المحرمات، ويرى غيره خلاف ذلك. لكن الأصل متفق عليه بين الجميع. والله تعالى أعلم.

تعقيب على فتوى"العامي الذي تربى على عقيدة فاسدة"

تعقيب على فتوى"العامي الذي تربى على عقيدة فاسدة" د. أحمد بن سعد الغامدي 14/4/1423 25/06/2002 ورد إلى بريد الموقع تعقيب حول فتوى بعنوان الحكم في العامي إذا تربّى على عقيدة فاسدة لفضيلة الشيخ أحمد بن سعد الغامدي والتي تفيد بأن العامي الذي تربى على عقيدة فاسدة ولم يجد من يصحح له عقيدته أنه لا مؤاخذة عليه، وقد عرضنا هذا التعقيب على فضيلته فتكرم بالتوضيح والبيان ... التعقيب:

أحب أن أنبه والنصيحة عامة للمسلمين، أن الفتاوى التي تصدر يجب أن تكون محكمة وفق الدليل من الكتاب والسنة، وإلا كل قول مخالف للكتاب أو السنة فهو مردود ولا عبرة في المخالف وتبياني لسؤالي المطروح أو المذكور وهو إنسان عامي نشأ وتربى على العقيدة الفاسدة من الصغر حتى نشأ وأصبح ينكر المعتقد الصحيح، ويرى أنه على حق وغيره على الباطل، وخصوصاً في أمور العقائد من الشرك والكفر، وأنتم أجبتم على سؤاله أنه معذور في التلبيس الذي نشأ عليه من الصغر، وهذا مخالف لكلام الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وإجماع أهل العلم، حيث لا عذر فيمن تلبس في الكفر والشرك، وهو يظن أنه على هدى، أو يحسب أنه مهتدٍ؛ لأنه لا عذر في المسائل التي تعلم من الدين بالضرورة، والتي هي من أصل الدين وقاعدته، والله -سبحانه- شدد في مسائل العقائد، ولن يعذر الله -سبحانه- من تلبس في الكفر أو الشرك وهو جاهل نص القرآن، والآيات الكثيرة، أما العذر في المسائل الخفية فجائز إذا كان لا توجد مظنة العلم أو كان في بادية أو كان حديث عهد بالإسلام، والله -سبحانه- أخذ الميثاق على العباد وهم كانوا ذراً من قبل الخلق على أن لا يشركوا به، قال -تعالى-: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ" [الأعراف:172-173] ، أي: لن يعذر الله -تعالى- أحداً التبس عليه في الشرك حتى لو كانوا صغاراً، أو تلبس عليهم، وأثبت لهم الوعيد وعدم العذر، وهذه الآية تخص حتى قبل البعثة على أنه من فعل الشرك هو مشرك، وعلى أن من ترك الشرك ولم يعبد الله لعدم وصول النذير فهو مسلم مالم يمسخ فطرته بفعل الشرك، أما الآية التي هي:"وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" [الإسراء: 15] ، فتخص بالشرائع التي تكون بعد البعثة من الأمور المفصلة وليس فعل الشرك والكفر، أي: أن الله لا يعذب أحداً على ترك الشريعة من العباد إلا بعد وصول النذير أو الرسول إليه وأعرض أو لم يقبل، ولم تخص هذه الآية عذر من فعل الشرك والكفر؛ لأن الله قال في آية الميثاق أنه لا عذر في فعل الشرك وإن كانوا ذرية وأثبت لهم العذاب، فيعلم أن آية:"وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" [الاسراء: 15] ، تخص، إذاً الشرائع، أي: الأمور المفصلة من فعل العبادات، وسائر شرائع الإسلام من غير فعل الشرك؛ لأن وظيفة الرسل تبليغ أمور الشريعة بالإجمال والتفصيل، ولكن الله فرق بآية الميثاق على من تلبس بالشرك، فأرجو النظر في تلك المسألة، -وجزاكم الله خيراً-، وهذا الكلام يرجحه الشيخ الشاطبي، والشيخ محمد عبد الوهاب، والشيخ محمد بن إبراهيم، وسائر أئمة الدعوة الداعين إلى التوحيد -رحمهم الله تعالى-. ***** التوضيح: اشتمل الاعتراض على عدة مسائل نذكر خمساً منها، ثم نذكر جوابها -إن شاء الله تعالى-، والمسائل، هي:

1-وجوب إحكام الفتوى. 2-الإشارة بأن كل قول يخالف الكتاب والسنة فهو مردود. 3-أن الفتوى مخالفة للكتاب والسنة والإجماع. 4-أن لا عذر لمن تلبس بالشرك والكفر بنص القرآن. 5-تفسير آية عدم المؤاخذة بأن المراد به في الشرائع. هذه هي أهم المسائل التي اشتمل عليها اعتراض المعترض، والإجابة على هذا الاعتراض من عدة أوجه: الوجه الأول: زيادة إيضاح الفتوى بذكر أقوال المفسرين وبعض علماء الأمة لبيان أن الفتوى اعتمدت على كتاب الله -عز وجل- ولم تخرج عنه فهم علماء الأمة، قال -تعالى-:"وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" [الإسراء: 15] قال قتادة: "إن الله -تبارك وتعالى- ليس يعذب أحداً حتى يسبق إليه من الله خبر"، [تفسير الطبري 15/54] . وقال الطبري: "يقول الله -تعالى ذكره-: وما كنا مهلكي قوماً إلا بعد الإعذار إليهم بالرسل، وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم" [المصدر السابق] . قال ابن تيمية -رحمه الله- بعد أن قرر أن معرفة الخالق فطرية، وأن تلك المعرفة حجة عليهم يوم القيامة، ولكنه -عز وجل- لا يعاقبهم إلا إذا خالفوا الرسل، فقال -رحمه الله- بعد أن أورد هذه الآية السابقة، وعقب عليها ببعض الكلام: "ثم إن الله بكمال رحمته وإحسانه لا يعذب أحداً إلا بعد إرسال رسول إليهم وإن كانوا فاعلين لما يستحقون به الذم والعقاب، كما كان مشركو العرب وغيرهم ممن بعث إليهم رسول فاعلين للسيئات والقبائح التي هي سبب الذم والعتاب، والرب -تعالى- مع هذا لم يكن معذباً لهم حتى يبعث إليهم رسولاً" [درء التعارض8/491-492] . وقال ابن كثير: " إخبار عن عدله -تعالى- وأنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه كقوله تعالى: "كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير؟ قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير" [الملك:8-10] ، وكذا قوله: " وسيق الذي كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين" [الزمر:71] ، إلى أن قال -رحمه الله- إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله -تعالى- لا يدخل أحداً النار إلا بعد إرسال الرسل إليه" [تفسير ابن كثير3/28] فهذه العبارات كلها تؤكد أن العذاب لا يكون إلا بعد إرسال الرسل. وابن القيم له بحث طويل نجتزيء ما يخص موضوعنا هنا: قال -رحمه الله- بعد تقسيم الكفار: "نتأمل هذا الموضع والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل ... ثم ذكر أربعة أصول في المسألة الأولى: أحدهما أن الله -سبحانه- لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة كما قال -تعالى-: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" (سبق تخريجها) ، إلى أن قال: "وهذا كثير في القرآن يخبر أنه إنما يعذب من جاءه الرسول وقامت عليه الحجة وهو المذنب الذي يعترف بذنبه. وقال تعالى: "وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين" [الزخرف/76] . والظالم من عرف ما جاء به الرسول أو تمكن من معرفته ثم خالفه وأعرض عنه.

وأما من لم يكن عنده من الرسول خبر أصلاً ولا تمكن من معرفته بوجه وعجز عن ذلك فكيف يقال إنه ظالم؟! الأصل الثاني: أن العذاب يستحق بسببين: أحدهما: الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها. الثاني: العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها. فالأول: كفر إعراض والثاني: كفر عناد. وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل، (طريق الهجرتين 727-729) . وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالته إلى الشريف: "وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي هو قبة عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم، فتاوى ومسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب/صـ11/آخر القسم الثالث. وقال الشيخ الشنقيطي بعد إيراد الآية السابقة: "ظاهر هذه الآية الكريمة أن الله -جل وعلا- لا يعذب أحداً من خلقه لا في الدنيا ولا في الآخرة حتى يبعث إليه رسولاً ينذره ويحذره فيعصى ذلك الرسول ويستمر على الكفر والمعصية بعد الإنذار والإعذار. ثم ذكر -رحمه الله- اختلاف العلماء في هذه المسألة ثم قال: "الظاهر أولاً هو أنهم معذورون بالفترة في الدنيا وأن الله يوم القيامة يمتحنهم ... "، (أضواء البيان/3/429) . الوجه الثاني: الإجابة على المسائل التي أوردها المعترض. 1-قوله: الفتوى التي تصدر يجب أن تكون محكمة وفق الدليل من الكتاب والسنة. بعد عرض زيادة الإيضاح أظن أنه تبين أن الفتوى محكمة وأنها وفق الكتاب والسنة وتقرير علماء الأمة. 2-قوله: كل قول مخالف لكتاب الله -عز وجل- أو للسنة فهو مردود ولا عبرة في المخالف. كلام صحيح ولكن لا ينطبق على الفتوى كما رأينا. 3-قوله عن الفتوى إنها: مخالفة لكلام الله والسنة وإجماع أهل العلم. أهذا الحكم يليق بطالب العلم أن يطلقه جزافا؟ فيزعم أن الفتوى مخالفة لكتاب الله وقد رأى أيضاً الآيات التي تدل على صحتها؟ ثم يزعم أنها مخالفة لإجماع أهل العلم!! أيليق بطالب علم يفهم ما يقول أن يطلق هذا الحكم وقد رأينا أن علماء أجلاء قرروها واعتمدوها؟! 4-قوله: لن يعذر أحد من تلبس في الشرك..، قال بعد آية الميثاق. والرد عليه قاله الشيخ الشنقيطي فقد أورد -رحمه الله- قوليه في الآية ورجح أن الحجة لا تقام إلا ببعثة الرسل فقال: "والآيات القرآنية مصرحة بكثرة بأن الله -تعالى- لا يعذب أحداً حتى يقيم عليه الحجة بإنذار الرسل" ثم استرسل بذكر الآيات الدالة على هذا المعنى. 5-قوله أن: الآية التي هي: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" (سبق تخريجها) -ذكر أنها- تخص الشرائع التي تكون بعد البعثة من الأمور المفصلة وليس الشرك والكفر. فهذا قول لم أجد أحداً قال به. وأخيراً أنصح هذا الأخ أن لا يتعجل في إطلاق الأحكام وأن يراجع كلامه وليعلم أن الرجوع إلى الحق فضيلة والله المستعان وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

مناقشة فتوى صيام يوم لنصرة فلسطين

مناقشة فتوى صيام يوم لنصرة فلسطين د. رياض بن محمد المسيميري 24/2/1423 07/05/2002 لقد نشرت فتوى الدكتور/ رياض بن محمد المسيميري والتي كانت تحت عنوان: (تخصيص صيام يوم وقيامه لنصرة فلسطين) بين أصحابي وكان رد أحدهم كما يلي، وأرجو من المشايخ الأفاضل توضيح هذه النقطة ولكم جزيل الشكر، إخواني وأخواتي في الله، عندما ينادى بنا لتخصيص يوم للقيام بعبادة معينة جماعيا بنية الدعاء لإخواننا المستضعفين في أرض الله المقدسة لا يدرج تحت بند البدعة؛ لأنه -والله أعلم بالنيات- النية التوجه لله وحده لا شريك له، على عكس كثير من أعمالنا اليوم نعتمد على المخلوق أولاً -والعياذ بالله- ثم الخالق، إذا كنا إخواني لم نتجمع على كلمة واحدة في الدنيا فاتركونا نتجمع ولو لفترات قصيرة على كلمة ورأي واحد مقصده ابتغاء مرضاة الله عنا؛ لأنه يا إخواني لن تنزل بنا نصرة الله ونحن لم ننل مرضاته عنا. أخيراً أحب أن أشارككم حكمة سمعتها " من وجد الله فماذا فقد؟ ومن فقد الله فماذا وجد؟ " تأملوا معناها، وهيا نجد الله في كل أعمالنا، وحتى لا نغضب أصحاب الرأي الموافق لهذه الفتوى فإن وجدنا الله حقاً فلِمَ تمنعني من تخصيص أيام للعبادات دون غيرها؛ لأنه والله عندما يرضى الله عنا ستكون جميع أعمالنا عبادة. في حديث قدسي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، -معنى الحديث-: "مازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى صرت بصره الذي يبصر به، وسمعه الذي يسمع به، ويده التي يبطش بها ... " إلى آخر الحديث، فطوبى لمن نال هذا الشرف والتقدير العظيم، وبالتأكيد لن يكون حال المسلمين كما هو عليه اليوم إن نلنا هذه المنزلة، ووالله العملية ليست بصعبة، فقط أردت الرد على هذه النقطة المطروحة في رد الشيخ على الفتوى، واستناده بالتالي:" وقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام أو يومها بصيام، فقال: "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" أخرجه مسلم، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ومن هنا يتبين أن أصل التطوع بالصيام والقيام مشروع، لكن التخصيص بأيام أو ليال معينة لا يجوز إلا في حدود المنصوص عليه والوارد شرعاً، وبناءً عليه فإن تخصيص يوم الاثنين الموافق السابع والعشرين من شهر الله المحرم بالصيام، وليلة الأحد بالقيام لنصرة فلسطين أمر محدث لا يجوز بالكيفية التي قصدت، حديث الرسول واضح وصريح والكلام عن يوم الجمعة بالذات ولا تلميح فيه أنه يطبق على أي يوم. فلا يكفي لعدم إجازة موضوع الفتوى المطروح. هذا والله أعلم. أجاب عن السؤال الشيخ/ د. رياض بن محمد المسيميري (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام) الجواب: إنني أشكر الأخ صاحب التعقيب على أدبه الجمّ، ورغبته الشجاعة في التوصل إلى حقيقة الأمر في القضية محل البحث والمناقشة، أعني: تخصيص يوم للصيام وليلة للقيام نصرة لفلسطين العزيزة. وملخص ما أود الإعراب عنه ما يلي: 1-أن الله -تعالى- تولى بعدله وحكمته تشريع ما يحتاجه العباد وما تقتضيه الحكمة، دون أن يخوّل لأحد من البشر التقدم بين يديه -سبحانه- أو بين يدي رسوله -عليه السلام-.

قال -جل وعز-: "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله"، (الشورى) . 2-أن الله -تعالى- أعلن كمال الدين، وتمام النعمة بقوله الكريم: "اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا"، فليس لأحد أن يجيء بجديد أو يبتدع من عند نفسه عبادة لا أصل لها مهما حسنت نيته، وسما قصده، وعلت همته. 3-أن العبادات مبنية على التوقيف أي: على الشارع الحكيم -سبحانه- فلا تخضع للأذواق، ولا تنطلق من الأهواء، ولا يمليها العقل البشري. أرأيت صلاة الظهر والعصر، ما بال ركعاتهن أربع فأربع؟ ولمَ لم تكن خمساً؟ إن العقل يعجز عن تفسير أمر كهذا فما عليه إلا أن يذعن للإرادة الإلهية، ويرضخ للحكمة الربانية الباهرة. 4-أننا لو أخضعنا عباداتنا للمقاييس العقلية، والمعايير الحسابية والأذواق الشخصية لوقعنا في دوامة من الحيرة والقلق، ولوجدنا أنفسنا ندور في حلقة مفرغة، بل نتخبط في متاهة مهلكة من الفتاوى المتضاربة، والانتقادات التعبدية المتصادمة، والأحكام الفقهية المتناقضة دون أن نجد مرجعية يتفق عليها الجميع لحل النزاعات المستشرية تلك، فلا مناص إذاً من ردّ النزاع في كل مسألة من المسائل أو قضية من القضايا إلى الله ورسوله -عليه السلام- امتثالاً لقوله -سبحانه-: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول"، (النساء) . وإذا رددنا المسألة هذه إلى الله ورسوله -عليه السلام- وجدنا نبينا قد نهى عن محدثات الأمور ووصفها بأنها ضلالات، ومن ذلك تخصيص أيام وليال للتعبد خلاف ما شرع وسنّ -عليه الصلاة والسلام-. أما ما ذكر السائل الكريم من قوله -عليه السلام-: "مثل المؤمنين في توادهم ... " الحديث فهو حديث صحيح لا مطعن فيه خرجه مسلم وغيره، ولكن لا وجه للاستشهاد به في مسألتنا هذه فنحن نمنع إحداث عبادات بلا دليل ولا نمنع أن يتواد المؤمنون ويتراحموا ويعطف بعضهم على بعض، بل شيوع المودة والمرحمة والمحبة بينهم هو غاية المنى، وبهجة الصدور ويمكن أن نحقق شيئاً من هذا المطلب بدوام الدعاء لبعضنا البعض، ووقوف بعضنا مع بعض في السراء والضراء، وهكذا. وأما دعوة وأمنية السائل بأن نجتمع ونتوحد فهذا مطلب لكل مسلم غيور، وينبغي أن يسعى إليه الجميع لكن لا سبيل للاجتماع إلا بذات الأسلوب والمنهج والركيزة التي اجتمع عليها سلفنا الصالح من التسليم المطلق إلى حكم الله ورسوله، ونبذ الأهواء المضلة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه. وأما الحكمة التي أعجبت السائل: (من وجد الله فماذا فقد ... إلخ) ، فأحسن وأبلغ منها قوله -تعالى-: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، فمن ادّعى محبة الله فليثبت صدق محبته بمتابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل صغيرة وكبيرة من أمور شريعته، ولذا سمّى العلماء هذه الآية آية المحنة؛ لأن فيها امتحان لصدق الناس من كذبهم في مسألة المحبة.

وأما الحديث القدسي الذي استدل به الأخ الكريم فهو حديث صحيح كذلك، لكن نيل محبة الله بأداء الفرائض والنوافل لا تتحقق إلا إذا كانت الفرائض والنوافل تؤدى بإخلاص لله -تعالى- وبمتابعة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانياً أي: حسب السنة، وعلى سبيل المثال لو أراد أحد أن يصلي نافلة بعد العصر، فهل يؤجر عليها؟ الجواب: لا طبعاً مهما كان مخلصاً محتسباً، وذلك لأن النبي -عليه السلام- جعل هذا الوقت من أوقات النهي الثلاثة، فلا تجوز مخالفته أليس كذلك؟ وعلى هذا قس، والله يرعاك والسلام.

التنويم بالإيحاء ليس المغناطيسي

التنويم بالإيحاء ليس المغناطيسي عبد السلام بن محمد الحمدان 9/2/1423 22/04/2002 شكر الله للأخ الكريم على تعقيبه، وعلى المعلومات التي زوّدنا بها، وهي معلومات مهمة من شخص ممارس للعمل، نسأل الله له التوفيق والسداد. د. خالد القاسم ****** مقدمة التنويم طريقة تعمل للوصول إلى إحدى مراحل النوم الطبيعية التي تحدث لكل إنسان وهي حالة ألفاtrans (التي تسبق النوم مباشرة) وتتميز بالسكون التام وهي الطريق الموصل إلى الاستغراق في النوم وفيها -كما يقول النفسانيون- يتبرمج العقل الباطن ويستقبل الرسائل الإيجابية التي يطلقها المعالج عن طريق الإيحاء بالكلمات المناسبة (وتسمى بالاقتراحات) ، مراحل النوم: عندما يهم أحدنا بالنوم يمر المخ بأربع مراحل من حيث الذبذبات التي تنطلق من المخ وتقاس بعدد الدورات في الثانية (أشواط) في الثانية الواحدة. - مرحلة بيتا: دورات سريعة (الصحو) وهي عندما يكون الإنسان واعياً وعياً تاماً. - مرحلة ألفا: دورات أبطأ من الأولى، وهي المرحلة التي تسبق النوم مباشرة وتسمى النشوة. - مرحلة ثيتا: أبطأ من الثانية، وهي الدخول في النوم (غير العميق) . - مرحلة دلتا: وهي أبطأ الجميع، وهي مرحلة الاستغراق في النوم والأحلام. وفي هذه المرحلة الساكنة (ألفا) ثبت أن العقل الباطن يستجيب مع الاقتراحات التي تملى عليه من قبل المعالج أو المنوٍّم وهذه الإيحاءات مثل ما نقوله لأنفسنا أو أولادنا من رسائل سواء كانت إيجابية أم سلبية، فلو قلت لابنك مثلاً أنت ممتاز وقد أعجبتني في عملك وأخذت تشجعه وترفع معنوياته.... أنت بذلك توحي (رسالة) له بأنه على قدر المسؤولية، ... وينطبق -أيضًا- في حالة الفشل والإحباط ... وهذه الاقتراحات المستمرة في حياتنا لا تقف، ابتداءً من حديث النفس، وحديث الناس وحديث الإعلام والدعايات.... وعندما نرى في التلفاز منظراً خلاَّباً وعبارة جميلة كـ (هذا وغيره الكثير يوجد في ربوع تركيا) هذه رسالة للمشاهد أن تركيا جميلة، ولابد من زيارتها.. إذاً هي دعوة إلى السفر والترحال.... هذا العلم قد ضرب بأطنابه في أصقاع المعمورة، واستعمل في العلاج لكثير من الحالات المرضية النفسية والعضوية، بل واستخدم في الطب بشكل واسع وله أفرع في كثير من جامعات العالم يسمى التنويم العلاجي، أو العلاج بالتنويم الإيحائي، واستخدمه بعض أطباء الأسنان بدلاً عن التخدير في علاج الأسنان مثلاً، وفي التحكم بالألم وفي التوقف عن التدخين والمخدرات، والبعد عن بعض السلوكيات السيئة. العقل الباطن يقسم العلماء العقل قسمين: واع مدرك وهو ما ندركه بالحواس الخمس، وعقل باطن أو غير واع وهو ما لا يظهر لنا كعمل القلب والرئة والتنفس وعمليات الخيال والإبداع.... - وسبحان الله- ما لهذا العقل من قوة خيالية مبدعة، فقط قد يعمل المعالج على قوة واحدة: قوة الخيال، الذي هو من أسس علم التنويم أو البرمجة اللغوية العصبية، وقد جمع بعض علماء الغرب قوانين خاصة بالعقل الباطن، من أبرزهم الكاتب الأمريكي: برايان تريسي.. وغيره

بعض الأغاليط حول التنويم بالإيحاء - تسميته (بالتنويم المغناطيسي) ، ليس لها أصل بل هي من نتاج الأفلام والخدع الكاذبة التي كانت تروج في تلك الأزمان يوم أن كان التنويم غامضاً. - (أن المنوَّم (بفتح الواو) يقع تحت سيطرة من يعالجه ولا يملك من أمره شيئاً وأن المعالج (الأخصائي) يكشف أسرار المريض (وفضائحه) ، والعكس صحيح فلا يمكن للمريض وهو في حال التنويم أن يبوح بسر لا يريد البوح به، أو أن ينطق بكلمة دون علمه.. بل إن من يخضع للتنويم له كامل حريته في كلامه وأفعاله وتصرفاته، ولا يمكن أن ينطق بكلمة أو فعل يخالف عقيدته أو مبادئه. - (أن التنويم من عمل الشياطين أو مساعدتهم) والحق أنه ظاهرة طبيعية، الغرض منها تطوير قدرات الشخص والتحكم بسلوكه نحو الأفضل. - (ربما يستغل هذا العلم ضعاف النفوس أو أصحاب النوايا الخبيثة) ، وهذا لا يخص هذا العلم وحده بل العلوم الأخرى مليئة بمثل هذا، فالتخدير ألا يمكن أن يستغل في الفساد؟؟ - استعجل بعض المشايخ الفضلاء بالإفتاء بتحريم التنويم؛ لأنهم لم يتعرفوا عليه. تطبيقات حية: بعض المختصين في هذا المجال- وكاتب هذه السطور منهم- قد مروا بتجارب ناجحة ومشجعة، باستخدام تقنية التنويم والبرمجة اللغوية العصبية، وهي تقنيات تعرف في بعض الأوساط (بتقنية إدارة العقل) أو الهندسة النفسية، وإليكم بعض الأمثلة التي عايشتها: - الشاب (عمر. ب) ، يدرس في الصف الثاني/الشرعي، كان لديه حالة من عدم التوازن، والاضطرابات النفسية التي تنتابه كل فترة، وحالات من الغضب المفاجئ، وبعد جلسات البرمجة تغيرت حاله. - الأستاذ (فهد. أ) يقول عن نفسه: أنا لا أخاف من أي شيء.. ولكن سافرت من حائل إلى الرياض عبر الطائرة, فوافقت أنها كانت في مطبات هوائية شديدة ,أيقن الجميع أنها النهاية، حتى أن الأكل في الطائرة وأدوات الملاحين سقطت، فانتابني خوف شديد من هذه الطائرة، وما وصلنا إلى الرياض إلا وأنا في منتهى الخوف من ركوب الطائرة ,فصرت كلما ركبت الطائرة وأغلقت الأبواب بدأت أرتجف ويقول أخوه: كان لا يحب الطائرات ودائما ً يؤذينا في السفر إلى مكة أو الدمام، ويصر على السفر بالسيارة، وبعدما عمل له بعض التقنيات في الخيال والبرمجة قال إنني ذاهب إلى مصر وشرم الشيخ أي أربع رحلات، وسأكتشف حقيقة هذه البرمجة، وبعد ذلك سافر مراراً بالطائرة وذهب عنه ذلك الخوف. مع أنني أقول - كما يقول النفسانيون والأطباء عموماً- لابد من المواصلة في العلاج وتوصيات المعالج وإلا انتكس المريض إلى حالة أسوأ من ذي قبل. ولدي العشرات من القصص في تشافي المرضى من أمراض وعوارض كانت تؤرقهم سنوات فبعضهم كان يعاني من القلق، الوسواس، الاكتئاب، الخوف (الفوبيا) .. وزال عنه ما كان يجد أو خفّت حدة المرض. وقبل أن أودعك أخي القارئ أبوح لك بسر من أسرار التراث الإسلامي، وهو لابن القيم طبيب القلوب والأبدان، في كتابه الجامع: زاد المعاد فهلا قرأته وتمعنت فيه؟ يتحدث العلامة ابن القيم عن أمور لابد أن توجد عند الطبيب وهي عشرون التاسع عشر منها: أن يستعمل أنواع العلاجات الطبيعية والإلهية، والعلاج بالتخييل، فإن لحذاق الأطباء في التخييل أموراً عجيبة لا يصل إليها الدواء، فالطبيب الحاذق يستعين على المرض بكل معين.

زاد المعاد - الجزء الرابع (الطب النبوي) - فصل: والطبيب الحاذق هو الذي يراعي ... ص 130 طبعة دار الرسالة - الجديدة - مع الفهارس والتخييل من صميم عمل الممارس بالتنويم والبرمجة اللغوية العصبية، وهناك كثير من الشواهد من القرآن والسنة في هذا المجال لعلها تبسط في حينها. وأخيراً قد يعترض بعض المختصين في علم النفس ذوي التوجه الشرعي ويقولون: الحديث عن العقل الباطن يذكر بفرويد ومدرسته في التحليل النفسي، فأقول: قد أفاد فرويد في بعض الجوانب، وأخطأ في بعضها فماذا يضير المسلم أن يأخذ الحق ممن جاء به؟ والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها..

صرف الزكاة في عمارة المسجد

صرف الزكاة في عمارة المسجد د. سعود الفنيسان 25/1/1423 08/04/2002 تسعدنا كثيراً تعليقات وتعقيبات إخواننا زوار الموقع على ما ينشر في هذه النافذة، وليس من منهجنا تجاهل أي رسالة مهما كانت، بيد أنا نراوح - حسب الإفادة- بين أن نخص المرسل بالجواب، أو ننشر سؤاله والجواب عليه إذا ظننا أن في ذلك فائدة لآخرين. وكان ممن راسلونا قريباً أحد الإخوة الذي عقب على فتوى فضيلة الشيخ (سعود الفنيسان) عن حكم صرف الزكاة في عمارة المساجد- المصليات.." والموجودة في خزانة الفتاوى" وكأنه استدرك على فضيلة الشيخ سعود نقله عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وشيخه محمد بن إبراهيم رحمهما الله، أنهما يجيزان صرف الزكاة للمساجد. وقد أحلنا هذا الاستدراك إلى فضيلة الشيخ سعود فأجاب عنه: مشرف النافذة ******* اطلعت على ما كتب احد متابعي نافذة الفتاوى في موقع الاسلام اليوم تنبيهاً لي على الفتوى التي أفتيت بها في موقع (الإسلام اليوم) عن جواز صرف الزكاة على المسجد والمدرسة الإسلامية، وأراد الأخ -جزاه الله خيراً- تنبيهي إلى فتوى للشيخين الإمامين سماحة الشيخ/ محمد بن إبراهيم، وسماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز -عليهما رحمة الله ورضوانه- وأنهما لا يريان صرف الزكاة في المساجد. أحب أن أنبه الاخ أنني أعرف رأيهما في هذين الموضعين الذيْن أشار إليهما، وأطلب منه يعيد قراءة ما أفتيت به في موقع (الإسلام اليوم) فإنني قلت بالحرف الواحد: "وقد أفتى بها بعض العلماء في هذا العصر كسماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز، وشيخه/ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -عليهما رحمة الله-، والشيخ يوسف القرضاوي أجازوا صرف الزكاة في عموم مجالات الدعوة إلى الله من إنشاء المراكز وطبع الكتب وتعليم الناس ... الخ. فقد أجاز الشيخان صرف الزكاة في عموم مجالات الدعوة إلى الله من بناء المراكز والمدارس وطبع الكتب النافعة (انظر فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم في فتاواه 4/142) وأجازها كذلك الشيخ ابن باز في أكثر من فتوى له، والنص على ذلك بما فيه المساجد انظره في قرارات مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة (القرار الرابع من قرارات المجلس المنعقد في ربيع الآخر سنة:1405هـ) . والشيخ عبد العزيز بن باز هو رئيس المجلس وقد وافق عليه أغلبية المجلس مع الرئيس، ولم يخالف فيه من الأعضاء الحاضرين البالغ عددهم (17) عضواً سوى ثلاثة فقط من المشايخ هم: صالح الفوزان، وبكر أبو زيد، ومحمد السبيل، وأحب أن أنبه إلى أن السائل المستفتي لموقع (الإسلام اليوم) هو في أمريكا، ومعلوم أنها تبنى على هيئة خاصة مخصصة للصلوات، بل المسجد لا يعدو أن يكون غرفة أو صالة تستعمل مسجداً وقت الصلاة المفروضة، وقبلها وبعدها هي مكان للأكل والشرب واللعب والمزاح مما تنزه عنه المساجد -عادة- فهو أشبه ما يعبر عنه في أكثر الدوائر الحكومية والمؤسسات عندنا بـ (المصلى) ومعلوم أن (المصلى) لا يأخذ حكم المسجد دائماً.

ولو استفتي الشيخان -عليهما رحمة الله- عن هذا المصلى المسمى مسجداً والذي لا يكاد يعدو أن يكون غرفة حيناً، ومستودعاً حيناً آخر، ومجلساً في بعض أحيان أخرى، لو فصّل لهما ذلك أكاد أجزم أن يفصّلا في حكم صرف الزكاة في بناء المساجد إن لم يرجعا عن رأيهما، فضلاً عن أن الشيخ/ عبد العزيز بن باز له رأيان في المسألة: رأي يجيز صرف الزكاة في بناء المساجد، ورأي مع قول الجمهور بعدم الجواز. ثم إن المفتي يفتي السائل على نحو سؤاله لا غير، وفقاً لما يفهمه من مصطلحات عنده في سؤال السائل كلفظة (مسجد) مثلاً، ونظرا لاختلاف المصطلحات وتجدد المفاهيم تختلف الفتاوى. فالمسجد في سؤال السائل ليس (المسجد) عند جمهور المانعين لصرف الزكاة فيه، فليس له مئذنة ولا محراب ولا منبر وأحب أخيراًَ أن أضيف أنني بحثت هذا الموضوع مستوفى بأقوال العلماء السابقين والمعاصرين، رصدت فيه أقوالهم من كتب التفسير والحديث والفقه، نشرته في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة العدد (40) سنة: 1419هـ، تحت عنوان (مصرف "في سبيل الله" بين العموم والخصوص) ، ثم نقحته وزدت عليه كثيراً واطمأننت على ما توصلت إليه من جواز دفع الزكاة في بناء المساجد وما يلحق بها من وسائل الدعوة إلى الله، والكتاب تحت الطبع الآن وسيصدر قريباً بإذن الله. جزى الله أخانا خيراً على تنبيهه ورزقنا وإياه العلم النافع والعمل الصالح آمين، وصلى الله على نبينا محم.

ـــــ قرارات فقهية ـــــ

قرارات فقهية تعرض للأمة في كل زمان حوادث نازلة، وهي في هذا العصر أكثر ما تكون، فكان أن أنشئت لأجل ذلك مجامع ومجالس فقهية، يجتمع فيها نخبة من أهل العلم للنظر فيما يجد من النوازل ومن ثم الخلوص فيها إلى رأي جماعي يكون أسد رأياً وأعمق نظراً وأوسع اجتهاداً، فصدرت من تلك المجامع والمجالس قرارات مهمة بعضها نشر مجموعاً في كتاب واحد، وأخرى نشرت مفرقة، وإدراكاً لأهميتها فقد أفرد لها موقع (الإسلام اليوم) نافذة مستقلة تعميماً لفائدتها وتيسيراً لطالبيها

القرآن الكريم

رقم القرار: 1 رقم الدورة: 12 بشأن موضوع: كتابة آية أو آيات من القرآن الكريم على صورة طائر أو غيره مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن موضوع: كتابة آية أو آيات من القرآن الكريم على صورة طائر أو غيره: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم السبت 15 رجب 1410هـ الموافق 10 فبراير 1990م إلى يوم السبت 22 رجب 1410هـ الموافق 17 فبراير 1990م قد نظر في موضوع كتابة آية أو آيات من القرآن الكريم على صورة طائر، وقرر بالإجماع: عدم جواز هذا العمل، لما في ذلك من العبث، والاستخفاف بكلام الله سبحانه وتعالى والاستهانة به. والله ولي التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله رب العالمين.

حكم برمجة القرآن الكريم والمعلومات المتعلقة به في الحاسب الإلكتروني

رقم القرار: 2 رقم الدورة: 9 بشأن حكم برمجة القرآن الكريم والمعلومات المتعلقة به في الحاسب الإلكتروني (الكمبيوتر) مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن حكم برمجة القرآن الكريم والمعلومات المتعلقة به في الحاسب الإلكتروني (الكمبيوتر) : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي المنعقد بدورته التاسعة في مكة المكرمة من يوم السبت 12/7/1406هـ إلى يوم السبت 19/7/1406هـ قد نظر في موضوع برمجة القرآن الكريم والمعلومات المتعلقة به وتخزينها في الجهاز الآلي (الحاسب الإلكتروني الذي يسمونه بالدماغ الإلكتروني) ، وذلك لحفظ العلوم القرآنية التي قد دونها علماء الإسلام السابقون في كتب ألفوها خصيصًا في هذا المجال، وإضافة كل ما يمكن أن يضاف إليها من معلومات تتعلق بالقرآن العظيم، مما قد يحتاج الباحثون في هذا العصر إلى معرفته في الجامعات وسائر المراكز العلمية في العالم. وكان هذا الموضوع قد طلب من مجلس المجمع أن يبدي فيه رأيه من الناحية الشرعية، وأجل النظر النهائي فيه حتى يستكمل المعلومات عن هذا الجهاز، وطريقة عمله وخصائصه، والإمكانات والنتائج التي يتيحها، واللغة التي تستخدم فيه، وما إلى ذلك مما يتوقف عليه البت في حكم هذه البرمجة العلمية القرآنية فيه، وكتب المجمع إلى عدد من الجامعات والمجامع والشخصيات العلمية أن يوافوه بإيضاح هذه النواحي، وجاءت تقاريرهم في هذا الشأن. وقد قدم أيضًا فضيلة الدكتور الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة عضو مجلس المجمع الفقهي الإسلامي تقريرًا إضافيًّا وافيًا في ضوء التقارير الواردة من الجهات التي طلب المجمع منها ذلك الإيضاح. وقد تبين أن هذا الجهاز الذي هو من مبتكرات هذا العصر يمكن أن يخزن فيه بطريقة فنية خاصة- تسمى البرمجة- كل ما يراد من معلومات ونصوص يحتاج إليها الباحثون، مهما عظمت كميتها، وتنوعت أنواعها، كما تمكن إضافة معلومات جديدة للتخزين فيه، وتقوم الجهات بتصنيفها، ثم يستدعى منه ما يراد الرجوع إليه من تلك المعلومات بسرعة مذهلة آنية، فيعرضه الجهاز على لوحة ضوئية «شاشة» فيه، فيرى فيه الطالب ما يشاء من المعلومات أو النصوص التي استدعاها. ونظرًا لأن مثل هذه البرمجة في هذا الجهاز قد أصبحت ممكنة باللغة العربية، كما أنه قد سبق لبعض الأساتذة المختصين في علوم الحديث النبوي والسنة المطهرة أن طبقوها على بعض كتب السنة فآتت أحسن النتائج من حفظ المعلومات في هذا الجهاز وتسهيل الرجوع إليها عند الحاجة، ولذلك وبعد المناقشة المستفيضة بين أعضاء المجلس حول الفوائد المحققة في هذا المشروع والمحاذير المحتملة فيه، تقرر بالإجماع في شأن برمجة علوم القرآن وبالأكثرية في شأن برمجة النص القرآني نفسه جواز القيام بهذه البرمجة للقرآن الكريم وعلومه في الحاسب الإلكتروني، بل استحسان ذلك بالنظر الشرعي لما فيه من خدمة جلى لعلوم القرآن، وتسهيل عظيم على الدارسين والباحثين، وذلك بالشروط التالية:

أولاً: الرجوع في الناحية الفنية إلى المختصين ليكون استعمال الجهاز بطريقة دقيقة وسليمة يؤمن معها من كل خلل يؤدي إلى تغيرات بسبب سوء الاستعمال. ثانيًا: أن تكون البرمجة باللغة العربية وأن تضبط بالشكل الكامل نصوص القرآن والحديث والكلمات المحتاج إليها من غيرها وأن يكون النص القرآني بالرسم العثماني. ثالثًا: أن يشترك الفنيون المتخصصون مع علماء المسلمين المتخصصين في القرآن وعلومه فيقوموا معًا بمهمة البرمجة، أي في إدخال المعلومات في الحاسب الإلكتروني وتخزينها فيه. رابعًا: أن يتولى بعد ذلك علماء ثقات مسئولون عن الناحية العلمية مراجعة النتائج للوثوق من دقتها وسلامتها. والله سبحانه وتعالى أعلم وهو الهادي إلى سواء السبيل وولى التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا والحمد لله رب العالمين.

حكم تغيير رسم المصحف العثماني

رقم القرار: 2 رقم الدورة: 7 حكم تغيير رسم المصحف العثماني مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حكم تغيير رسم المصحف العثماني: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، قد اطلع على خطاب الشيخ هاشم وهبة عبد العال، من جدة، الذي ذكر فيه موضوع (تغيير رسم المصحف العثماني إلى الرسم الإملائي) . وبعد مناقشة هذا الموضوع من قبل المجلس، واستعراض قرار هيئة كبار العلماء بالرياض رقم (17) وتأريخ 21/10/1399هـ. الصادر في هذا الشأن، وما جاء فيه من ذكر الأسباب المقتضية بقاء كتابة المصحف بالرسم العثماني، وهي: 1- ثبت أن كتابة المصحف بالرسم العثماني، كانت في عهد عثمان، رضي الله عنه، وأنه أمر كتبة المصحف أن يكتبوه على رسم معين، ووافقه الصحابة، وتابعهم التابعون، ومن بعدهم إلى عصرنا هذا، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عَلَيكُم بِسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدين المَهْدِيِّين مِن بَعْدِي". فالمحافظة على كتابة المصحف بهذا الرسم هو المتعين، اقتداء بعثمان وعليٍّ وسائر الصحابة، وعملاً بإجماعهم. 2- إن العدول عن الرسم العثماني إلى الرسم الإملائي الموجود حاليًّا، بقصد تسهيل القراءة يفضي إلى تغيير آخر إذا تغير الاصطلاح في الكتابة، لأن الرسم الإملائي نوع من الاصطلاح قابل للتغيير باصطلاح آخر. وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن، بتبديل بعض الحروف، أو زيادتها، أو نقصها، فيقع الاختلاف بين المصاحف على مر السنين ويجد أعداء الإسلام مجالاً للطعن في القرآن الكريم، وقد جاء الإسلام بسد ذرائع الشر، ومنع أسباب الفتن. 3- ما يخشى من أنه إذا لم يلتزم الرسم العثماني في كتابة القرآن، أن يصير كتاب الله ألعوبة بأيدي الناس، كلما عنت لإنسان فكرة في كتابته، اقترح تطبيقها، فيقترح بعضهم كتابته باللاتينية أو غيرها، وفي هذا ما فيه من الخطر، ودرء المفاسد أولي من جلب المصالح.

وبعد اطلاع مجلس المجمع الفقهي الإسلامي على ذلك كله، قرر بالإجماع: تأييد ما جاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، من عدم جواز تغيير رسم المصحف العثماني، ووجوب بقاء رسم المصحف العثماني على ما هو عليه؛ ليكون حجة خالدة على عدم تسرب أي تغيير أو تحريف في النص القرآني، واتباعًا لما كان عليه الصحابة، وأئمة السلف-رضوان الله عليهم أجمعين- أما الحاجة إلى تعليم القرآن، وتسهيل قراءته على الناشئة التي اعتادت الرسم الإملائي الدارج، فإنها تتحقق عن طريق تلقين المعلمين؛ إذ لا يستغني تعليم القرآن في جميع الأحوال عن معلم، فهو يتولى تعليم الناشئين، قراءة الكلمات التي يختلف رسمها في المصحف العثماني، عن رسمها في قواعد الإملاء الدارجة، ولا سيما إذا لوحظ أن تلك الكلمات عددها قليل، وتكرار ورودها في القرآن كثير، ككلمة (الصلوة) و (السموات) ونحوهما، فمتى تعلم الناشئ الكلمة بالرسم العثماني، سهل عليه قراءتها كلما تكررت في المصحف، كما يجري مثل ذلك تمامًا في رسم كلمة (هذا) و (ذلك) في قواعد الإملاء الدارجة أيضًا. والله ولي التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

حول تفسير خاطئ لسورة الإخلاص

القرار: 2 رقم الدورة: 6 حول تفسير خاطئ لسورة الإخلاص مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حول تفسير خاطئ لسورة الإخلاص: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، قد اطلع في جلسته الثانية صباح يوم الاثنين 10/4/1403هـ على ما نشرته جريدة السياسة الكويتية في عددها ذي الرقم (4776) الصادر يوم الخميس 17 ذي الحجة 1401هـ. 15/10/1981م. من كلام غريب مستنكر، تحت عنوانٍ بارزٍ خادعٍ جاء فيه: (معنى التوحيد: تفسير منطوق لسورة الإخلاص وترجمته الإنجليزية) موقَّع باسم شخص سمي: محمد أحمد الشمالي، يجترئ فيه على التلاعب بمعاني القرآن العظيم، ويأتي فيه بلون عجيب من الخلط والوهم والجهل والتصورات الخيالية المتفككة الملتبكة، لا تدل على شيء سوى الاختلاط العقلي، ويعلن على المسلمين أنه تفسير لسورة الإخلاص!! وقد استهل هذا المفسر الجديد تفسيره هذا لسورة الإخلاص بقوله: قل: خبر مقدم بمعنى فرد لا أحد له فيقال مثلاً: رجل قل!! هو: ضمير مبتدأ مؤخر خبره (قل) ، وهو أيضًا في مقام مفعول به للجملة الفعلية التي تليه!! الله أحد: أي أن الله أحده، بمعنى جعله واحدًا، أو بمعنى جعله حدا، أو بمعنى جعله حادا!! وهكذا يسير هذا الرجل المختلط، في تفسير بقية آيات سورة الإخلاص إلى أن يقول: ولم يكن له كفوًا أحد: ما كان لهذا الشخص أكفاء في الماضي، ولكن هذا لا يمنع ظهور أكفاء له فيما بعد، وإلا لتعذر عليه ذاته الظهور ثانية على وجه الأرض بعد المرة الأولي، وانقطعت رسله!!

هذا، ويرى المجمع الفقهي: أنه ليس مستغربًا أن يوجد في المختلين عقليًّا من يتصور نفسه عالمًا محققًا متعمقًا، أو فيلسوفًا مدققًا، فهذا مرض من الأمراض، ولكن الغريب كل الغريب، أن تنشر صحيفة عربية مشهورة، في بلد عربي إسلامي، مثل هذا الهذيان الذي لا يبلغه هذيان المحمومين، تحت عنوان بارز، بأن هذا هو معنى التوحيد المستفاد من سورة الإخلاص، تلك السورة القصيرة العظيمة، التي عبرت عن حقيقة التوحيد، بكلمات قليلة محكمة، كانت وستبقى على مدى الحياة أعظم من الجبال الشامخات بلاغة ورسوخًا، وتحديًا لعواصف الأفكار، والتيارات الزائفة، والشرك والإلحاد اللذين هما ضلال وانحطاط في بعض العقول البشرية بعوامل مختلفة. فإذا كان ذلك الهذيان تفسيرًا منطوقًا لسورة الإخلاص العظمية، فماذا ترك صاحبه للفرق الباطنية الهدامة، التي تتلاعب بآيات الله في كتابه العربي المبين، كما تشاء لها غاياتها الخبيثة ضلالاً وتضليلاً؟ فمثل هذا العمل، هو إجرام وعبث بآيات الله، وردة عن الإسلام. فكيف يسوغ لصحيفة عربية صاحبها ينتسب للإسلام في بلد إسلامي أن تجعل من صفحاتها منبرًا لأمثال ذلك؟ وكيف تنجو هي، والكاتب المستهزئ بآيات القرآن العظيم من المسئولية التي تقتضيها نصوص الدساتير، وقوانين العقوبات، والمطبوعات في بلدها، وسائر البلاد العربية؟ لذلك ولخطورة هذا السلوك غير المسؤول، في الصحافة والنشر فيما يجترأ به على العقائد والمقدسات الإسلامية- قرر مجلس المجمع الفقهي: لفت أنظار المسؤولين، الذين تقع على عاتق سلطاتهم حماية جميع تلك المقدسات من العبث بها، وإحالة هذا القرار إلى الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي، لتقوم بإرساله إلى المسؤولين في دولة الكويت وسواها، ليقوموا بواجبهم فيما يوجبه عليهم دينهم، وحقوق شعوبهم عليهم نحو كتاب ربهم، وسنة رسولهم صلى الله عليه وآله وسلم، من صيانة حرماته، وحمايتها من أن تكون ألعوبة في يد من يشاء تضليل الأفكار، وتزييغ الناشئة بسوء استعمال حرية النشر. والله ولي التوفيق. وصلى الله على خير خلقه، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الفرق والمذاهب الفكرية

حول قضية الحوار بين الأديان المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 18/2/1426 28/03/2005 قرار المجلس: يستعمل الكثيرون عبارة (التقريب بين الأديان) ، والأولى استخدام كلمات أخرى مثل الحوار والاشتراك والتعاون، وبخصوص ذلك ينبه المجلس إلى أنه إذا كان المقصود به إذابة الفوارق بينها من أجل اللقاء في منطقة وسطى جمعًا بين التوحيد والتثليث والتنزيه والتشبيه مثلاً، فذلك مما يأباه الدين الخاتم الكامل، قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة:49] . غير أن للحوار والاشتراك والتعاون بين رسالة الإسلام والرسالات السماوية الأخرى معاني مقبولة، لأمر الله تعالى بقوله: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: من الآية125] ، ولقوله عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران:64] . وتأسيًا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحوار مع نصارى أهل نجران وغيرهم (1) ، وذلك اعتبارًا لأصول الإسلام، في وحدة الألوهية والنبوات والأصل الإنساني، وفي عموم الرسالة وواجب الدعوة إلى الله عز وجل عن طريق الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن، بعيدًا عن كل ضروب الإكراه والإجبار والنيل من مشاعر المخالف في الملة، ذلك أنه ولئن تباينت رسالة الإسلام والرسالات السماوية الأخرى في أصول وفروع معروفة، فقد اشتركت معها في أخرى معتبرة، مثل عموم الإيمان بالله تعالى والنبوات واليوم الآخر وأصول الأخلاق، وأسس البناء الاجتماعي كالأسرة والمحافظة على البيئة وقضايا حقوق الإنسان والشعوب المستضعفة والتصدي للطغيان والمظالم على كل المستويات القطرية والدولية، وإشاعة روح التسامح ونبذ التعصب وحروب الإبادة والعدوان. ويؤكد هذه المعاني للتقارب مع أهل الملل الأخرى اشتداد عواصف الفلسفة المادية والإباحية والإلحاد والتفكيك لأواصر المجتمعات في ظل ثورة الاتصال التي جعلت من العالم قرية صغيرة توشك أن تشترك في المصير، بما يعزز مساعي الحوار والتعاون مع أهل الملل الأخرى ولا سيما مع أهل الكتاب إبرازًا للمشترك ودفاعًا عنه، بدل النكء المستمر لجراح الاختلاف، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: من الآية13] ، ولقد شهد صاحب الدعوة عليه السلام أن عباد الله كلهم إخوة (2) ، وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان} [المائدة: من الآية2] . [القرار1/4]

________ (1) قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع نصارى نجران مشهورة في كتب التفسير والسيرة، وجاءت الرواية فيها من حديث عبد الله بن عباس، عند ابن جرير في "تفسيره" (3/305) والبيهقي في "دلائل النبوة" (5/384) ، ومن حديث كرز بن علقمة، عند الطبراني في "المعجم الأوسط" (رقم: 3918) والبيهقي في "الدلائل" (5/382) ، ومن حديث جابر بن عبد الله، عند الحاكم في "المستدرك" (2/593) ، ومجموع الروايات يصح به وقوع ذلك، وأصل القصة في "صحيح البخاري" (رقم:4119) من حديث ابن مسعود مختصرًا. (2) إشارة إلى حديث زيد بن أرقم، قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر صلاته: "اللهم ربنا ورب كل شيء، أنا شهيد أنك أنت الرب وحدك لا شريك لك، ... " الحديث وفيه: "أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة". أخرجه أحمد (رقم:19293) وأبو داود (رقم: 1508) وإسناده ضعيف. لكن أخوة الإنسانية مما أثبته القرآن في آيات كثيرة في الخبر عن الأنبياء مع أقوامهم.

البهائية

قرار رقم: 34 (9/4) بشأن البَهائيَّة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 4، ج3 ص 2189) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخر 1408هـ الموافق6-11 شباط (فبراير) 1988م، انطلاقاً من قرار مؤتمر القمة الإسلامي الخامس المنعقد بدولة الكويت من 26-29 جمادى الأولى 1407هـ الموافق 26-29 كانون الثاني (يناير) 1987م، والقاضي بإصدار مجمع الفقه الإسلامي رأيه في المذاهب الهدامة التي تتعارض مع تعاليم القرآن الكريم والسنة المطهرة، -واعتباراً لما تشكله البهائية من أخطار على الساحة الإسلامية، وما تلقاه من دعم من قبل الجهات المعادية للإسلام، -وبعد التدبر العميق في معتقدات هذه الفئة والتأكد من أن البهاء، مؤسس هذه الفرقة يدّعي الرسالة، ويزعم أن مؤلفاته وحي منزل، ويدعو الناس أجمعين إلى الإيمان برسالته، وينكر أن رسول الله هو خاتم المرسلين، ويقول إن الكتب المنزلة عليه ناسخة للقرآن الكريم، كما يقول بتناسخ الأرواح، - وفي ضوء ما عمد إليه البهاء، في كثير من فروع الفقه بالتغيير والإسقاط، ومن ذلك تغييره لعدد الصلوات المكتوبة وأوقاتها، إذ جعلها تسعاً تؤدى على ثلاث كرات، في البكورة مرة، وفي الآصال مرة، وفي الزوال مرة، وغيرّ التيمم، فجعله يتمثل في أن يقول البهائي: (بسم الله الأطهر الأطهر) ، وجعل الصيام تسعة عشر يوماً، تنتهي في عيد النيروز، في الواحد والعشرين من آذار (مارس) في كل عام، وحوّل القبلة إلى بيت البهاء في عكا بفلسطين المحتلة، وحرم الجهاد وأسقط الحدود، وسوى بين الرجل والمرأة في الميراث، وأحل الربا. - وبعد الإطلاع على البحوث المقدمة في موضوع ((مجالات الوحدة الإسلامية)) المتضمنة التحذير من الحركات الهدامة التي تفرقّ الأمة، وتهز وحدتها، وتجعلها شيعاً وأحزاباً وتؤدي إلى الردة والبعد عن الإسلام، قرر ما يلي: اعتبار أن ما ادعاه البهاء من الرسالة، ونزول الوحي عليه، ونسخ الكتب التي أُنزلت عليه للقرآن الكريم، وإدخاله تغييرات على فروع شرعية ثابتة بالتواتر، هو إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة، ومنكر ذلك تنطبق عليه أحكام الكفار بإجماع المسلمين. ويوصي بما يلي: وجوب تصدي الهيئات الإسلامية، في كافة أنحاء العالم، بما لديها من إمكانات، لمخاطر هذه النزعة الملحدة التي تستهدف النيل من الإسلام، عقيدة وشريعة ومنهاج حياة. والله أعلم

القاديانية

قرار رقم: 4 (4/3) بشأن القاديانية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع - ع 2، ج 1/209 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 - 28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م. بعد أن نظر في الاستفتاء المعروض عليه من مجلس الفقه الإسلامي في كيبتاون بجنوب أفريقيا بشأن الحكم في كل من القاديانية والفئة المتفرعة عنها التي تدعي اللاهورية، من حيث اعتبارهما في عداد المسلمين أو عدمه، بشأن صلاحية غير المسلم للنظر في مثل هذه القضية، وفي ضوء ما قدم لأعضاء المجمع من أبحاث ومستندات في هذا الموضوع عن ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ظهر في الهند في القرن الماضي وإلية تنسب نحلة القاديانية واللاهورية، وبعد التأمل فيما ذكر من معلومات عن هاتين النحلتين وبعد التأكد أن ميرزا غلام أحمد قد ادعى النبوة بأنة نبي مرسل يوحي إليه، وثبت عنه هذا في مؤلفاته التي ادعى أن بعضها وحي أنزل عليه وظل طيلة حياته ينشر هذه الدعوة ويطلب إلى الناس في كتبه وأقواله الاعتقاد بنبوته ورسالته، كما ثبت عنه إنكار كثير مما علم بالضرورة كالجهاد، وبعد أن اطلع المجمع أيضاً على ما صدر عن المجمع الفقهي بمكة المكرمة في الموضوع نفسه، قرر ما يلي: أولاً: أن ما ادعاه ميرزا غلام أحمد من النبوة والرسالة ونزول الوحي عليه إنكار صريح لما ثبت من الدين بالضرورة ثبوتاً قطعياً يقينيا ًمن ختم الرسالة والنبوة بسيدنا محمد وأنه لا ينزل وحي على أحد بعده. وهذه الدعوى من ميرزا غلام أحمد تجعله وسائر من يوافقونه عليها مرتدين خارجين عن الإسلام. وأما اللاهورية فإنهم كالقاديانية في الحكم عليهم بالردة، بالرغم من وصفهم ميرزا غلام أحمد بأنه ظل وبروز لنبينا محمد. ثانياً: ليس لمحكمة غير إسلامية، أو قاض غير مسلم، أن يصدر الحكم بالإسلام أو الردة، ولا سيما فيما يخالف ما أجمعت الأمة الإسلامية من خلال مجامعها وعلمائها، وذلك لأن الحكم بالإسلام أو الردة، لا يقبل إلا إذا صدر عن مسلم عالم بكل ما يتحقق به الدخول في الإسلام، أو الخروج منه بالردة، ومدرك لحقيقة الإسلام أو الكفر، ومحيط بما ثبت في الكتاب والسنة والإجماع: فحكم مثل هذه المحكمة باطل. والله أعلم

حول (الوجودية) وحكم الانتماء إليها

رقم القرار: 2 رقم الدورة: 2 حول (الوجودية) وحكم الانتماء إليها مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حول (الوجودية) وحكم الانتماء إليها: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وبعد: فقد درس مجلس المجمع الفقهي، البحث الذي قدمه الدكتور محمد رشيدي عن (الوجودية) بعنوان (كيف يفهم المسلم فكرة الوجودية) . وما جاء فيه من شرح لفكرتها ولمراحلها الثلاث، التي تطور فيها هذا المذهب الأجنبي إلى ثلاثة فروع، تميز كل منها عن الآخر تميزًا أساسيًّا جذريًّا، حتى يكاد لا يبقى بين كل فرع منها والآخر صلة، أو جذور مشتركة. وتبين أن المرحلة الوسطى منها، كانت تطورًا للفكرة من أساس المادية المحض- التي تقوم على الإلحاد وإنكار الخالق- إلى قفزة نحو الإيمان بما لا يقبله العقل. وتبين أيضًا أن المرحلة الثالثة، رجعت بفكرة الوجودية إلى إلحاد انحلالي، يستباح فيه- تحت شعار الحرية- كل ما ينكره الإسلام والعقول السليمة. وفي ضوء ما تقدم بيانه، يتبين أنه حتى فيما يتعلق بالمرحلة الثانية المتوسطة من هذه الفكرة، وهي التي يتسم أصحابها بالإيمان بوجود الخالق والغيبيات الدينية، وإن كان يقال إنها رد فعل للمادية والتكنولوجيا والعقلانية المطلقة. وكل ما يمكن أن يقوله المسلم عنها في ضوء الإسلام: هو أن هذه المرحلة الثانية منها، أو عقيدة الفرع الثاني من الوجودية، رأي أصحابها في الدين على أساس العاطفة دون العقل، لا يتفق مع الأسس الإسلامية في العقيدة الصحيحة، المبنية على النقل الصحيح والعقل السليم، في إثبات وجود الله تعالى، وما له من الأسماء والصفات، وفي إثبات الرسالات على ما جاء في الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وبناء على ذلك يقرر مجلس المجمع بالإجماع: أن فكرة الوجودية في جميع مراحلها وتطوراتها وفروعها، لا تتفق مع الإسلام، لأن الإسلام إيمان يعتمد النقل الصحيح، والعقل السليم معًا، في وقت واحد. فلذا لا يجوز للمسلم بحال من الأحوال، أن ينتمي إلى هذا المذهب متوهمًا أنه لا يتنافى مع الإسلام، كما أنه لا يجوز- بطريق الأولوية- أن يدعو إليه، أو ينشر أفكاره الضالة.

حكم القاديانية والانتماء إليها

رقم القرار: 3 رقم الدورة: 1 حكم القاديانية والانتماء إليها مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حكم القاديانية والانتماء إليها: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. وبعد: فقد استعرض مجلس المجمع الفقهي موضوع الفئة القاديانية، التي ظهرت في الهند في القرن الماضي (التاسع عشر الميلادي) والتي تسمى أيضًا (الأحمدية) ، ودرس المجلس نحلتهم التي قام بالدعوة إليها مؤسس هذه النحلة، ميرزا غلام أحمد القاديانى 1876م مدعيًا أنه نبي يوحى إليه، وأنه المسيح الموعود، وأن النبوة لم تختم بسيدنا محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم (كما هي عليه عقيدة المسلمين بصريح القرآن العظيم والسنة) ، وزعم أنه قد نزل عليه، وأوحى إليه أكثر من عشرة آلاف آية، وأن من يكذبه كافر، وأن المسلمين يجب عليهم الحج إلى قاديان، لأنها البلدة المقدسة كمكة والمدينة، وأنها هي المسماة في القرآن بالمسجد الأقصى، كل ذلك مصرح به في كتابه الذي نشره بعنوان (براهين أحمدية) وفي رسالته التي نشرها بعنوان (التبليغ) . واستعرض مجلس المجمع أيضًا، أقوال وتصريحات ميرزا بشير الدين بن غلام أحمد القاديانى وخليفته، ومنها ما جاء في كتابه المسمى (آينة صداقت) من قوله: إن كل مسلم لم يدخل في بيعة المسيح الموعود (أي والده ميرزا غلام أحمد) سواء سمع باسمه أو لم يسمع، هو كافر وخارج عن الإسلام (الكتاب المذكور صفحة 35) . وقوله أيضًا في صحيفتهم القاديانية (الفضل) فيما يحكيه هو عن والده غلام أحمد نفسه أنه قال: إننا نخالف المسلمين في كل شيء: في الله، في الرسول، في القرآن، في الصلاة، في الصوم، في الحج، في الزكاة، وبيننا وبينهم خلاف جوهري في كل ذلك. صحيفة (الفضل) في 30 من تموز (يوليو) 1931م. وجاء أيضًا في الصحيفة نفسها (المجلد الثالث) ما نصه: إن ميرزا هو النبي محمد. زاعمًا أنه هو مصداق قول القرآن حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام: (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [الصف:6] . (كتاب إنذار الخلافة ص12) .

واستعرض المجلس أيضًا، ما كتبه ونشره العلماء والكتاب الإسلاميون الثقات عن هذه الفئة القاديانية الأحمدية لبيان خروجهم عن الإسلام خروجًا كليًّا. وبناء على ذلك اتخد المجلس النيابي الإقليمي لمقاطعة الحدود الشمالية في دولة باكستان قرارًا في عام 1974م بإجماع أعضائه، يعتبر فيه الفئة القاديانية بين مواطني باكستان أقلية غير مسلمة، ثم في الجمعية الوطنية (مجلس الأمة الباكستاني العام لجميع المقاطعات) وافق أعضاؤها بالإجماع أيضًا على اعتبار فئة القاديانية أقلية غير مسلمة. يضاف إلى عقيدتهم هذه، ما ثبت بالنصوص الصريحة من كتب ميرزا غلام أحمد نفسه، ومن رسائله الموجهة إلى الحكومة الإنكليزية في الهند، التي يستدرها، ويستديم تأييدها وعطفها من إعلانه تحريم الجهاد، وأنه ينفي فكرة الجهاد، ليصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية المستعمرة في الهند، لأن فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جهَّال المسلمين، تمنعهم من الإخلاص للإنكليز. ويقول في هذا الصدد في ملحق كتابه (شهادة القرآن) [الطبعة السادسة ص17] ما نصه: أنا مؤمن بأنه كلما ازداد أتباعي وكثر عددهم، قل المؤمنون بالجهاد، لأنه يلزم من الإيمان بأني المسيح، أو المهدي إنكار الجهاد. تنظر رسالة الأستاذ الندوي نشر الرابطة (ص25) . وبعد أن تداول مجلس المجمع الفقهي في هذه المستندات وسواها من الوثائق الكثيرة، المفصحة عن عقيدة القاديانيين ومنشئها، وأسسها وأهدافها الخطيرة في تهديم العقيدة الإسلامية الصحيحة، وتحويل المسلمين عنها تحويلاً وتضليلاً، قرر المجلس بالإجماع: اعتبار العقيدة القاديانية المسماة أيضًا بالأحمدية، عقيدة خارجة عن الإسلام خروجًا كاملاً، وأن معتنقيها كفار مرتدون عن الإسلام، وأنَّ تظاهر أهلها بالإسلام إنما هو للتضليل والخداع، ويعلن مجلس المجمع الفقهي أنه يجب على المسلمين حكومات، وعلماء، وكتابًا ومفكرين، ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم..... وبالله التوفيق

حكم الماسونية والانتماء إليها

رقم القرار: 1 رقم الدورة: 1 حكم الماسونية والانتماء إليها مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حكم الماسونية والانتماء إليها: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد نظر المجمع الفقهي الإسلامي، في قضية الماسونية والمنتسبين إليها وحكم الشريعة الإسلامية في ذلك. وقد قام أعضاء المجمع بدراسة وافية عن هذه المنظمة الخطيرة، وطالع ما كتب عنها من قديم وجديد، وما نشر من وثائقها نفسها فيما كتبه ونشره أعضاؤها وبعض أقطابها من مؤلفات، ومن مقالات في المجلات التي تنطق باسمها. وقد تبين للمجمع بصورة لا تقبل الريب، من مجموع ما اطلع عليه من كتابات ونصوص ما يلي: 1- أن الماسونية منظمة سرية، تخفي تنظيمها تارة وتعلنه تارة، بحسب ظروف الزمان والمكان، ولكن مبادئها الحقيقية التي تقوم عليها، هي سرية في جميع الأحوال محجوب علمها حتى على أعضائها إلا خواص الخواص، الذين يصلون بالتجارب العديدة إلى مراتب عليا فيها. 2- أنها تبني صلة أعضائها بعضهم ببعض في جميع بقاع الأرض على أساس ظاهري، للتمويه على المغفلين، وهو الإخاء الإنساني المزعوم بين جميع الداخلين في تنظيمها، دون تمييز بين مختلف العقائد والنحل والمذاهب. 3- أنها تجتذب الأشخاص إليها، ممن يهمها ضمهم إلى تنظيمها بطريق الإغراء بالمنفعة الشخصية، على أساس أن كل أخ ماسوني مجند في عون كل أخ ماسوني آخر، في أي بقعة من بقاع الأرض: يعينه في حاجاته وأهدافه ومشكلاته، ويؤيده في الأهداف إذا كان من ذوي الطموح السياسي، ويعينه إذا وقع في مأزق من المآزق أيًّا كان، على أساس معاونته في الحق والباطل، ظالمًا أو مظلومًا، وإن كانت تستر ذلك ظاهريًّا بأنها تعينه على الحق لا الباطل، وهذا أعظم إغراء تصطاد به الناس من مختلف المراكز الاجتماعية، وتأخذ منهم اشتراكات مالية ذات بال. 4- أن الدخول فيها يقوم على أساس احتفال بانتساب عضو جديد، تحت مراسم وأشكال رمزية إرهابية، لإرهاب العضو إذا خالف تعليماتها والأوامر التي تصدر إليه بطريق التسلسل في الرتبة. 5- أن الأعضاء المغفلين يُتركون أحرارًا في ممارسة عباداتهم الدينية، وتستفيد من توجيههم وتكليفهم في الحدود التي يصلحون لها، ويبقون في مراتب دنيا، أما الملاحدة أو المستعدون للإلحاد، فترتقي مراتبهم تدريجيًّا، في ضوء التجارب والامتحانات المتكررة للعضو، على حسب استعدادهم لخدمة مخططاتها ومبادئها الخطيرة. 6- أنها ذات أهداف سياسية، ولها في معظم الانقلابات السياسية والعسكرية والتغييرات الخطيرة ضلع وأصابع ظاهرة أو خفية. 7- أنها في أصلها وأساس تنظيمها يهودية الجذور، ويهودية الإدارة العليا العالمية السرية، وصهيونية النشاط. 8- أنها في أهدافها الحقيقية السرية ضد الأديان جميعًا، لتهديمها بصورة عامة، وتهديم الإسلام في نفوس أبنائه بصورة خاصة.

9- أنها تحرص على اختيار المنتسبين إليها من ذوي المكانة المالية، أو السياسية، أو الاجتماعية، أو العلمية، أو أية مكانة يمكن أن تستغل نفوذًا لأصحابها في مجتمعاتهم، ولا يهمها انتساب من ليس لهم مكانة يمكن استغلالها، ولذلك تحرص كل الحرص على ضم الملوك والرؤساء والوزراء وكبار موظفي الدولة ونحوهم. 10- أنها ذات فروع تأخذ أسماء أخرى، تمويها وتحويلاً للأنظار، لكي تستطيع ممارسة نشاطاتها تحت مختلف الأسماء، إذا لقيت مقاومة لاسم الماسونية في محيط ما، وتلك الفروع المستورة بأسماء مختلفة من أبرزها منظمة الأسود (الليونز) والروتاري - إلى غير ذلك من المبادئ والنشاطات الخبيثة، التي تتنافى كليًّا مع قواعد الإسلام وتُناقضه مناقضة كلية. وقد تبين للمجمع بصورة واضحة، العلاقة الوثيقة للماسونية باليهودية الصهيونية العالمية، وبذلك استطاعت أن تسيطر على نشاطات كثير من المسئولين في البلاد العربية وغيرها، في موضوع قضية فلسطين، وتحول بينهم وبين كثير من واجباتهم في هذه القضية المصيرية العظمى، لمصلحة اليهود والصهيونية العالمية. لذلك ولكثير من المعلومات الأخرى التفصيلية عن نشاط الماسونية وخطورتها العظمى، وتلبيساتها الخبيثة، وأهدافها الماكرة، يقرر المجمع الفقهي اعتبار الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على الإسلام والمسلمين، وأن من ينتسب إليها على علم بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالإسلام مجانب لأهله، لكن الأستاذ الزرقاء أصر على إضافة جملة (معتقدًا جواز ذلك) فيما بين جملة (على علم بحقيقتها وأهدافها) وبين جملة (فهو كافر..) وذلك كيما ينسجم الكلام مع حكم الشرع في التمييز بين من يرتكب الكبيرة من المعاصي مستبيحًا لها، وبين من يرتكبها غير مستبيح: فالأول كافر، والثاني عاص فاسق. والله ولي التوفيق.

اصول الفقه

الأحق باليمين في القسامة قرار هيئة كبار العلماء 11/4/1426 19/05/2005 أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الثاني 256-257 قرار هيئة كبار العلماء رقم (41) وتاريخ 13/4/1396هـ بشأن الأحق باليمين في القسامة الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمداً وآله وصحبه وسلم، وبعد: ففي الدورة الثامنة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الرياض في النصف الأول من شهر ربيع الآخر عام 1396هـ- اطلع المجلس على ما سبق أن أجله من الدورة السابعة إلى الدورة الثامنة من بحث القسامة، هل الورثة هم الذين يحلفون أيمان القسامة، أو أن العصبة بالنفس هم الذين يحلفون، ولو كانوا غير وارثين إذا كانوا ذكوراً بالغين عقلاء؟ وبعد استماع المجلس ما سبق أن أعد في ذلك من أقوال أهل العلم وأدلتهم ومناقشتها وتداول الرأي- قرر المجلس بالأكثرية: أن الذي يحلف من الورثة هم الذكور البالغون العقلاء ولو واحداً، سواء كانوا عصبة أولا؛ لما ثبت في [الصحيحين] من حديث سهل بن أبي حثمة في قصة قتل اليهود لعبد الله بن سهل: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن بن سهل: " تحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ " قالوا: لا، وفي رواية: " يقسم منكم خمسون رجلاً"، ولأنها يمين في دعوى حق، فلا تشرع في حق غير المتداعين كسائر الأيمان. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة الثامنة (1) عبد العزيز بن عبد الله بن باز (متوقف) (2) عبد الله بن حميد (3) محمد الحركان (4) صالح بن غصون (5) محمد بن جبير (6) عبد الله خياط (7) عبد المجيد حسن (8) إبراهيم بن محمد آل الشيخ (متوقف) (9) عبد الله بن غديان (لي وجهة نظر وهي العصبة هم الذين يقسمون) (10) صالح بن ليحدان (لي وجهة نظر وهي أن العصبة هم الذين يقسمون) (11) عبد الرزاق عفيفي (لي وجهة نظر) (12) عبد العزيز بن صالح (13) سليمان بن عبيد (14) راشد بن خنين (متوقف) (15) عبد الله بن منيع

توصيات الدورة الرابعة

قرار رقم: 38 (13/4) بشأن توصيات الدورة الرابعة لمجلس مجمع الفقه الإسلامي مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 4، ج3 ص 2354و2487) . إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخر 1408هـ الموافق6-11 شباط (فبراير) 1988م، أولاً: بعد الاطلاع على البحوث الواردة للمجمع في موضوع كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقية والتي أوضحت ما يعانيه العالم بأسره من المفاسد الأخلاقية التي أخذت تنتشر في عالمنا الإسلامي بصورة لا ترضي الله تعالى ولا تتوافق مع الدور القيادي المنوط بهذه الأمة في قيادة البشرية نحو الطهر العقدي والأخلاقي والسلوكي، وانسجاماً مع خصائص الإسلام المتكاملة، وكون الجانب الأخلاقي من أهم جوانب الدين، ولا تتحقق الثمار الكاملة للانتماء إلى الإسلام إلا بتطبيق الشريعة الإسلامية بجميع مبادئها وأحكامها وفي شتى مرافق الحياة، يوصي بما يلي: أ - العمل على تصحيح وتقوية الوازع العقدي، عبر القيام بتوعية شاملة، والتحسيس بآثار العقيدة الصحيحة في النفوس. ب - السعي إلى تطهير الإعلام، المقروء والمرئي والمسموع والإعلانات التجارية، في عالمنا الإسلامي من كل ما يشكل معصية لله تعالى وتنقيته تماماً من كل ما يثير الشهوة، أو يسبب الانحراف، ويوقع المفاسد الأخلاقية. ج- وضع الخطط العلمية للمحافظة على الأصالة الإسلامية والتراث الإسلامي، والقضاء على كل محاولات التغريب والتشبه واستلاب الشخصية الإسلامية، والوقوف أمام كل أشكال الغزو الفكري والثقافي الذي يتعارض مع المبادىء والأخلاق الإسلامية. وأن توجد رقابة إسلامية صارمة على الأنشطة السياحية والابتعاث إلى الخارج حتى لا تتسبب في هدم مقومات الشخصية الإسلامية وأخلاقها. د - توجيه التعليم وجهة إسلامية وتدريس كل العلوم من منطلق إسلامي، وجعل المواد الدينية مواد أساسية، في كل المراحل والتخصصات، مما يقوي العقيدة الإسلامية ويؤصل الأخلاق الإسلامية في النفوس، كما يجب أن تحرص الأمة أن تكون رائدة في مجالات العلم المتعددة. هـ - بناء الأسرة الإسلامية، بناء صحيحاً، وتيسير الزواج والحث عليه وحث الآباء والأمهات على تنشئة البنين والبنات تنشئة صحيحة، حتى يكونوا جيلاً قوياً يعبد الله على حق، ويتولى المهمة الدائمة لنشر الإسلام والدعوة إليه، وأن تهيأ المرأة لتقوم بدورها أماً وربة بيت، حسب ما تقضي به الشريعة الإسلامية، والقضاء على ظاهرة انتشار استخدام المربيات الأجنبيات، خاصة غير المسلمات. وتهيئة جميع الوسائل التي تحقق تربية النشء، تربية إسلامية، بحيث يلتزم بأركان الإسلام وسلوكياته، ويدرك واجباته تجاه ربه وأمته وويتخلص من الخواء الروحي الذي يتسبب في تعاطي المخدرات والمسكرات، والتفسخ الأخلاقي بأشكاله المتعددة، واشغال الشباب بمهمات الأمور، وإعطاؤه المسؤليات كل حسب قدرته وكفاءته، وإشغال أوقات الفراغ لديهم بما هو مفيد، وإيجاد وسائل الترفيه والرياضات والمسابقات البريئة الطاهرة، وأن توجه وجهة إسلامية كاملة.

ثانياً: بعد الاطلاع على البحوث الواردة للمجمع في موضوع مجالات الوحدة الإسلامية وسبل الاستفادة منها، وانطلاقاً من أولوية رابطة الإسلام بين شعوب الأمة الإسلامية، وهي رابطة لا انفصام لها، وأساس متين للتضامن المنشود، وقاعدة ثابتة لكل بناء حضاري يرمي إلى توحيد صفوفها وإلى التأليف بين الجهود المبذولة في مجابهة التحديات المعاصرة وتحقيق العزة والتقدم، وبما أن في رابطة الإسلام حافزاً قوياً وعاملاً باقياً لأحكام التوجه ولتنسيق سياسات الدول الإسلامية في مختلف ميادين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولتوثيق علاقات التناصر والتعاون والمرحمة بين شعوب الأمة في رفع ما يعوق سيرها من ألوان التبعية ويجابهها من التحديات المعاصرة وفي بلوغ ما تسعى لتحقيقه من رقي ومنعة وازدهار، يوصي أيضاً بما يلي: أ - الذود عن العقيدة الإسلامية، وتمكينها بصورتها النقية من الشوائب، والتحذير من كل ما يؤدي إلى هدمها أو التشكيك في أصولها، ويقسم وحدة المسلمين ويجعلهم مختلفين متنابذين. ب - تأكيد عناية مجمع الفقه الإسلامي بالأبحاث والدراسات الفقهية التي ترمي إلى مجابهة التحديات الفكرية الناشئة عن مقتضيات المعاصرة، واهتمام الفقه الإسلامي بمشكلات المجتمع، واعتماده كعنصر أساسي في النهضة الفكرية للأمة، وتوسيع دائرة اعتماده فيما تسنّه الدول الإسلامية من تشريعات وقوانين، في عامة شؤون المجتمع. ج - وجوب التناسق الوثيق، في ميدان التربية والتعليم، مضموناً ومنهاجاً، على السبل القويمة للحضارة الفكرية التي بناها الإسلام، بغية تكوين أجيال من المسلمين متوحدين في المرجع التعبدي، متقاربين في التوجه الفكري، متشاركين في الاعتزاز بالانتساب الحضاري. د - إعطاء درجة عالية من الأولوية للبحث العلمي، في مختلف ميادين المعرفة، وتخصيص نسبة 1% من الناتج الإجمالي، لتمويل البرامج البحثية وإنشاء المخابر العلمية على أساس وثيق من التكامل والتعاون بين الجامعات الإسلامية. هـ - العمل مع الجامعات الإسلامية على ضبط برنامج دراسي يتألف من عدد من المحاور الكبرى، تكون غرضاً للبحث الفقهي، وإنشاء لجنة عليا من المفكرين المسلمين لمتابعة هذه الأبحاث وإجازتها، وتخصيص جائزة تفوق لمكافأة أحسنها. وأن يكون الإعلام، في بلاد المسلمين، بكل أنواعه، المسموعة والمقروءة والمرئية، إعلاماً هادفاً إلى تحقيق العبودية لله في أرضه، وبث الخير ونشر الفضيلة والتحرر من المبادىء الهدامة للفكر والخلق، والملحدة في دين الله، والمنحرفة عن الصراط المستقيم. ودعم جهود توحيده. ز - إقامة اقتصاد إسلامي، لا شرقي ولا غربي، بل اقتصاد إسلامي خالص، مع إقامة سوق إسلامية مشتركة، يتعاون فيها المسلمون على الإنتاج وتسويقه، دون الحاجة إلى غيرهم، لأن الاقتصاد ركن مهم من أركان قيام المجتمعات، وتكامله سبيل للوحدة بين شعوب الأمة الإسلامية. ثالثاً: انطلاقاً من أن إسلامية التعليم، في الديار الإسلامية اليوم، ضرورة لا مناص منها، لبناء الأجيال الإسلامية، بناء سوياً متكاملاً، في الفكر والتصور والسلوك والعمل، يوصي أيضاً بما يلي:

جعل جميع العلوم محكومة بالإسلام في المنطلقات والأهداف، وأن يكون الإسلام، بنظمه وضوابطه، إطاراً لهذه العلوم، وأن تكون العقيدة الإسلامية قاعدة وأصلاً في بناء المنهج التربوي والتعليمي. وتتلخص أهم معالم المنهج المنشود في إسلامية التعليم فيما يلي: أ - جعل العقيدة الإسلامية قاعدة التصور الإسلامي الكبير الذي يعطي نظرة كلية شاملة للكون والإنسان والحياة، كما تُعرّف الإنسان بخالق الحياة وعلاقته بالكون، وعلاقة الإنسان بخالقه، وبمجتمعه. ب - اتخاذ الإسلام محوراً للعلوم الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والسياسية، وإبراز نظرياته الإنسانية وتعلقها بخالق الكون والإنسان والحياة، بالتنسيق مع المنظمات الإسلامية العاملة في هذا المجال، كالمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة. ج - العمل على إظهار فساد ما يخالف العقيدة الإسلامية، من علوم مادية وملحدة وأخرى مضللة، كالكهانة والسحر والتنجيم، والتحذير من العلوم التي ذمّها وحرّمها الإسلام، وكذلك العلوم التي تقوم على الفسق والفجور. د - إعادة كتابة تاريخ العلوم والمعارف، وبيان تطورها وإسهامات المسلمين في كل منها، وتنقيتها مما دُس فيها من نظريات استشراقية وتغريبية تُحرفّ المسار التاريخي الحق، وإعادة النظر في تصنيف العلوم ومناهج البحث، وفق النظرة الإسلامية، من خلال أنشطة مراكز ومعاهد البحث العلمي ومراكز الاقتصاد الإسلامي، في شتى البلاد الإسلامية. هـ - إعادة الوشائج بين العلوم التي تبحث في الكون والإنسان والحياة وبين خالقها، فإن العالم الباحث في هذه المجالات يجب أن ينظر فيها على أنها تمثل الإبداع الإلهي، والصنعة الربانية المحكمة. ووضع الضوابط والقواعد المستخلصة من الدين الإسلامي أو المتسقة مع أهدافه وغاياته، لتكون مبادىء لجميع العلوم أو لعلمٍ واحد منها، وإبراز عيوب المناهج الغربية التي أقامت فصاماً موهوماً بين الدين والعلم، أو بنت العلوم بناءً خاطئاً كعلم التاريخ والاقتصاد والاجتماع. وينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أن هناك مشروعاً يشكل ظهيراً لإسلامية التعليم، بل ربما كان من الوسائل الضرورية له، وهو مشروع إسلامية المعرفة، وينهض المعهد العالمي للفكر الإسلامي بمتطلباته، من حيث التخطيط ورسم سبل التنفيذ من خلال مقالات ومؤلفات وندوات. والله الموفق

مشروع موسوعة القواعد الفقهية

قرار رقم: 37 (12/4) بشأن مشروع موسوعة القواعد الفقهية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخر 1408هـ الموافق6-11 شباط (فبراير) 1988م، وبعد دراسة التقرير المعدّ عن مشروع معلمة القواعد الفقهية واطلاعه على تقرير اللجنة المكونة، في أثناء انعقاد هذه الدورة، لدراسة مشروع موسوعة القواعد الفقهية ومراحل السير فيه، والمشتمل على الصياغة النهائية للمشروع، ثم المراحل السبع المقترحة لإعداد الموسوعة، وما في المرحلة الأولى والخامسة من تعدد الرأي، قرر ما يلي: أولاً: اعتماد الصياغة النهائية لمشروع موسوعة القواعد الفقهية والمراحل المتفق على اقتراحها من لجنة المشروع. ثانياً: تكليف الأمانة العامة للمجمع متابعة تنفيذ ما يترك لها اختيار ما تراه مناسباً من الرأيين المطروحين من لجنة المشروع بالنسبة للمرحلة الأولى والخامسة من مراحل إعداده. والله الموفق

مشروع تيسير الفقه

قرار رقم: 35 (10/4) بشأن مشروع تيسير الفقه مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 4، ج3 ص 1809) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخر 1408هـ الموافق6-11 شباط (فبراير) 1988م، بعد دراسة التقرير المعدّ عن مشروع تيسير الفقه والمشتمل على الخطة المقترحة للمشروع كما وردت من اللجنة المكلفة بالإشراف عليه، وبعد اطلاعه على تقرير اللجنة الفرعية المكونة في أثناء انعقاد هذه الدورة لدراسة مشروع تيسير الفقه، وتوصيتها باعتماد الخطة المشار إليها، وتكليف الأمانة العامة للمجمع متابعة تنفيذه، قرر ما يلي: اعتماد الخطة الواردة في تقرير اللجنة المشرفة على مشروع تيسير الفقه، وفق التعديل المقترح منها، وتكليف الأمانة العامة للمجمع متابعة تنفيذه. والله الموفق

العرف

قرار رقم: 47 (9/5) بشأن العرف مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 5، ج4 ص 2921) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأول 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع العرف، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: يراد بالعرف ما اعتاده الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك، وقد يكون معتبراً شرعاً أو غير معتبر. ثانياً: العرف، إن كان خاصاً، فهو معتبر عند أهله، وإن كان عاماً، فهو معتبر في حق الجميع. ثالثاً: العرف المعتبر شرعاً هو ما استجمع الشروط الآتية: أ - أن لا يخالف الشريعة، فإن خالف العرف نصاً شرعياً أو قاعدة من قواعد الشريعة فإنه عرف فاسد. ب - أن يكون العرف مطَّرداً (مستمراً) أو غالباً. ج - أن يكون العرف قائماً عند إنشاء التصرف. د - أن لا يصرح المتعاقدان بخلافه، فإن صرحا بخلافه فلا يعتد به. رابعاً: ليس للفقيه - مفتياً كان أو قاضياً - الجمود على المنقول في كتب الفقهاء من غير مراعاة تبدل الأعراف. والله أعلم

الأخذ بالرخصة وحكمه

قرار رقم: 70 (1/8) بشأن الأخذ بالرخصة وحكمه مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 8، ج1 ص 41) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414هـ الموافق 21- 27 حزيران (يونيو) 1993م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الأخذ بالرخصة وحكمه، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: 1- الرخصة الشرعية هي ما شُرع من الأحكام لعذر، تخفيفاً عن المكلفين، مع قيام السبب الموجب للحكم الأصلي. ولا خلاف في مشروعية الأخذ بالرخص الشرعية إذا وجدت أسبابها، بشرط التحقق من دواعيها، والاقتصار على مواضعها، مع مراعاة الضوابط الشرعية المقررة للأخذ بها. 2- المراد بالرخص الفقهية ما جاء من الاجتهادات المذهبية مبيحاً لأمر في مقابلة اجتهادات أخرى تحظره. والأخذ برخص الفقهاء، بمعنى اتباع ما هو أخف من أقوالهم، جائز شرعاً بالضوابط الآتية في البند (4) . 3- الرخص في القضايا العامة تُعامل معاملة المسائل الفقهية الأصلية إذا كانت مُحققة لمصلحة معتبرَة شرعاً، وصادرة عن اجتهاد جماعي ممن تتوافر فيهم أهلية الاختيار ويتصفون بالتقوى والأمانة العلمية. 4- لا يجوز الأخذ برخص المذاهب الفقهية لمجرد الهوى، لأن ذلك يؤدي إلى التحلل من التكليف، وإنما يجوز الأخذ بالرخص بمراعاة الضوابط التالية: أ- أن تكون أقوال الفقهاء التي يترخص بها مُعتبرة شرعاً ولم توصف بأنها من شواذ الأقوال. ب- أن تقوم الحاجة إلى الأخذ بالرخصة، دفعاً للمشقة سواء أكانت حاجة عامة للمجتمع أم خاصة أم فردية. ج - أن يكون الآخذ بالرخص ذا قدرة على الاختيار، أو أن يعتمد على من هو أهل لذلك. د - ألا يترتب على الأخذ بالرخص الوقوع في التلفيق الممنوع الآتي بيانه في البند (6) . هـ - ألا يكون الأخذ بذلك القول ذريعة للوصول إلى غرض غير مشروع. وأن تطمئن نفس المترخص للأخذ بالرخصة. 5- حقيقة التلفيق في تقليد المذاهب هي أن يأتي المقلد في مسألة واحدة ذات فرعين مترابطين فأكثر بكيفية لا يقول بها مجتهد ممن قلدهم في تلك المسألة. 6- يكون التلفيق ممنوعاً في الأحوال التالية: أ- إذا أدى إلى الأخذ بالرخص لمجرد الهوى، أو الإخلال بأحد الضوابط المبينة في مسألة الأخذ بالرخص. ب - إذا أدى إلى نقض حكم القضاء. ج - إذا أدى إلى نقض ما عُمل به تقليداً في واقعة واحدة. د - إذا أدى إلى مخالفة الإجماع أو ما يستلزمه. هـ - إذا أدى إلى حالة مركّبة لا يقرها أحد من المجتهدين. والله أعلم

سد الذرائع

قرار رقم: 92 (9/9) بشأن سد الذرائع مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 9، ج3 ص 5) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1- 6 ذي القعدة 1415هـ الموافق 1- 6 نيسان (أبريل) 1995م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع سد الذرائع، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: 1- سدّ الذرائع أصل من أصول الشريعة الإسلامية، وحقيقته: منع المباحات التي يتوصل بها إلى مفاسد أو محظورات. 2- سدّ الذرائع لا يقتصر على مواضع الاشتباه والاحتياط، وإنما يشمل كل ما من شأنه التوصل به إلى الحرام. 3- سدّ الذرائع يقتضي منع الحيل إلى اتيان المحظورات أو إبطال شيء من المطلوبات الشرعية، غير أن الحيلة تفترق عن الذريعة باشتراط وجود القصد في الأولى دون الثانية. 4- والذرائع أنواع: الأولى مجمع على منعها: وهي المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أو المؤدية إلى المفسدة قطعاً أو كثيراً غالباً، سواء أكانت الوسيلة مباحة أم مندوبة أم واجبة. ومن هذا النوع العقود التي يظهر منها القصد إلى الوقوع في الحرام بالنص عليه في العقد. والثانية مجمع على فتحها: وهي التي ترجح فيها المصلحة على المفسدة. والثالثة مخلتف فيها: وهي التصرفات التي ظاهرها الصحة، لكن تكتنفها تهمة التوصل بها إلى باطن محظور، لكثرة قصد ذلك منها. 5- وضابط إباحة الذريعة: أن يكون إفضاؤها إلى المفسدة نادراً، أو أن تكون مصلحة الفعل أرجح من مفسدته. وضابط منع الذريعة: أن تكون من شأنها الإفضاء إلى المفسدة لا محالة - قطعاً - أو كثيراً أو أن تكون مفسدة الفعل أرجح مما قد يترتب على الوسيلة من المصلحة. والله أعلم

توصيات الدورة الثالثة

قرار رقم: 25 (13/3) بشأن توصيات الدورة الثالثة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 لمجلس مجمع الفقه الإسلامي إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 - 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م، بعد استماعه إلى بيان سمو ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية الهاشمية الأمير الحسن بن طلال، حول المشكلات الملحة التي يعاني منها المسلمون في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضرورة التوجه لتلبية الحاجات الملحة للمسلمين في مواجهة آثار الفقر والمرض والجهل، وتحقيق الحياة الكريمة للإنسان، وبعد اطلاعه على نداء سمو ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية الموجه إلى العالم العربي والإسلامي لإغاثة السودان، وبعد استشعاره، وهو ينعقد على مقربة من المسجد الأقصى المبارك، بضرورة مضاعفة الجهد من أجل استنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وفي ضوء قناعته بضرورة الاهتمام بالدرجة الأولى بالقضايا التي تتصل بحياة المسلمين الاجتماعية والاقتصادية والتضامنية، وبضرورة تعميق الدراسة والبحث فيها بالتركيز على الندوات العلمية والأيام الدراسية ونحوها، يوصي بما يلي: أولاً: ضرورة تبني برنامج إسلامي واسع للإغاثة ينفق عليه من صندوق مستقل ينشأ لهذا الغرض ويمول من أموال الزكاة والتبرعات والأوقاف الخيرية. ثانياً: مناشدة الأمة الإسلامية شعوباً وحكومات أن تعمل جهدها لاستنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وتحرير الأرض المحتلة بحشد طاقاتها وبناء ذاتها وتوحيد صفوفها والتسامي على كل أسباب الاختلاف بينها وتحكيم شريعة الله سبحانه في حياتها الخاصة والعامة. ثالثاً: اهتمام أعمال المجمع، في مجالات الدراسات والبحوث والفتوى والمشاريع، بالقضايا الهامة للمسلمين والتي تتصل بحياتهم الاجتماعية والاقتصادية وتوحيد صفوفهم وجمع كلمتهم وتحقيق أسباب التكافل والتضامن بينهم وتمكينهم من مواجهة كل التحديات ومن إقامة حياتهم على هدي من شريعة الله سبحانه. رابعاً: التميز بين قضايا الدراسات والبحوث وموضوعات الفتوى وذلك بالتركيز في البحوث والدراسات بصفة خاصة على الندوات العلمية والأيام الدراسية وفق خطة تعدها شعبة التخطيط في المجمع لتعرض على المجلس. والله الموفق

المشاريع العلمية للمجمع

قرار رقم: 24 (12/3) بشأن المشاريع العلمية للمجمع مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 - 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م. بعد دراسة تقرير شعبة التخطيط عن اجتماعها يومي 8 و 9 صفر 1407هـ 11-12 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م، والذي بحثت فيه عدداً من الأمور المدرجة على جدول أعمالها، قرر ما يلي: أولاً: الموافقة على المشاريع التالية بعد أن أدخل عليها بعض التعديلات: 1- الموسوعة الفقهية. 2- معجم المصطلحات الفقهية. 3- معلمة القواعد الفقهية. 4- مدونة أدلة الأحكام الفقهية. 5- إحياء التراث الفقهي. 6- اللائحة المالية للموسوعة الفقهية. 7- اللائحة المالية لمعجم المصطلحات الفقهية. 8- اللائحة المالية لإحياء التراث الفقهي. 9- منهج سير عمل ومناقشات وإدارة جلسات المجلس. ثانياً: تأليف لجنة علمية رباعية لوضع منهج لكل من مشروعي معلمة القواعد الفقهية ومدونة أدلة الأحكام الفقهية بالتشاور بين رئيس المجلس والأمين العام. والله الموفق

الاجتهاد

رقم القرار: 3 رقم الدورة: 8 بشأن موضوع الاجتهاد مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 بشأن موضوع الاجتهاد: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، في دورته الثامنة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي، بمكة المكرمة في الفترة ما بين 27 ربيع الآخر 1405هـ و 8 جمادى الأولى 1405هـ الموافق 18-29 يناير 1985م قد نظر في موضوع الاجتهاد، وهو بذل الجهد في طلب العلم، بشيء من الأحكام الشرعية، بطريق الاستنباط من أدلة الشريعة. فالهيكل الأساسي للاجتهاد، يتطلب تمام المعرفة، باستجماع الشروط، فلا مجال للاجتهاد إلا بها، تحصيلاً لهذا الفرض الكفائي، كما قال تعالى: (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) [التوبة:122] . فقد أفادت الآية، أن التفقه في الدين، يتطلب التفرغ له، فلابد في الاجتهاد من أخذ الحيطة الكاملة، للوصول إلى الفهم الفقهي الصحيح. وأوضح السيوطي إيضاحًا كاملاً، فرضية الاجتهاد، وأنه لم ينقطع، وذلك في كتابه (الرد على من أخلد إلى الأرض، وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض) فبابه لم يغلق، ولا يملك أحد إغلاقه، ولاسيما أن علماء الأصول- حين بحثوا مسألة جواز خلو الزمن عن مجتهد، أو عدم خلوه- اتفقوا على أن باب الاجتهاد مفتوح أمام من تتوافر فيه شروطه، وإنما تقاصرت الهمم عن تحصيل درجة الاجتهاد، وهي التضلع في علوم القرآن، والسنة المطهرة، وأصول الفقه، وأحوال الزمن، ومقاصد الشريعة، وقواعد الترجيح، عند تعارض الأدلة، مع عدالة المجتهد، وتقواه، والثقة بدينه. وينقسم الاجتهاد أربعة أقسام: القسم الأول: المجتهد المطلق. كالأئمة المقتدى بهم. القسم الثاني: المجتهد في المذهب، وله أربع أحوال ذكرها الأصوليون. القسم الثالث: مجتهد الترجيح. القسم الرابع: المجتهد في فن، أو في مسألة، أو مسائل، وهو جائز- بناء على أن الاجتهاد يتجزأ - وهو المختار. لذلك كله قرر المجلس بالإجماع: 1- أن حاجة العصر إلى الاجتهاد حاجة أكيدة، لما يعرض من قضايا، لم تعرض لمن تقدم عصرنا. وكذلك ما سيحدث من قضايا جديدة في المستقبل فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل، على الاجتهاد، حين لا يجد نصًّا من كتاب الله تعالى، ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم- وذلك حين قال معاذ (أجتهد رأيي، ولا آلو) - وحينئذ تحفظ للإسلام جدته وصلاحيته للعصور كلها، إذ تحل المشكلات في المعاملات، ونظم الاستثمارات الحديثة، وسواها من المشكلات الاجتماعية. وحبذا لو أقيم مركز يجمع ما يصدر عن المجامع، والمؤتمرات، والندوات، لينتفع بذلك، وتزود به كليات الشريعة، والدراسات العليا الإسلامية، وبذلك يشع الإسلام، وفي ذلك ضمان لحياة مستقيمة صالحة.

2- أن يكون الاجتهاد جماعيًّا، بصدوره عن مجمع فقهي، يمثَّل فيه علماء العالم الإسلامي، وأن الاجتهاد الجماعي هو ما كان عليه الأمر في عصور الخلفاء الراشدين كما أفاده الشاطبي في الموافقات، من أن عمر بن الخطاب، وعامة خيار الصحابة، قد كانت ترد عليهم المسائل، وهم خير قرن، وكانوا يجمعون أهل الحل والعقد من الصحابة، ويتباحثون ثم يفتون. وسار التابعون على غرار ذلك، وكان المرجع في الفتاوى إلى الفقهاء السبعة، كما أفاده الحافظ ابن حجر في التهذيب، ذكر أنهم إذا جاءتهم المسألة، دخلوا فيها جميعًا، ولا يقضي القاضي، حتى يرفع إليهم، وينظروا فيها. 3- توافر شروط الاجتهاد المطلوبة في المجتهدين، لأنه لا يتأتى اجتهاد بدون وسائله، حتى لا تتعثر الأفكار، وتحيد عن أمر الله تعالى، إذ لا يمكن فهم مقاصد الشرع، في الكتاب الكريم وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام إلا بها. 4- الاسترشاد بما للسلف، حتى يقع الاجتهاد على الوجه الصحيح، فلا يسلك إليه حديثًا إلا بعد معرفة ما سبق للسلف، في كل شأن، والاستعانة بما قدمه الأئمة المقتدى بهم، وإلا اختلطت السبل، فإن كتب الفقه الإسلامي المستنبط من الكتاب والسنة، أكبر عون على ما يعرض من المشكلات، إلحاقًا لها بنظائرها. 5- أن تراعى قاعدة أنه (لا اجتهاد في مورد النص) ، وذلك حيث يكون النص قطعي الثبوت والدلالة، وإلا انهدمت أسس الشريعة. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

الطهارة

القرار: 4 رقم الدورة: 11 بشأن حكم التطهر بمياه المجاري بعد تنقيتها مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن حكم التطهر بمياه المجاري بعد تنقيتها: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13رجب1409هـ الموافق 19 فبراير 1989م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبراير 1989م: قد نظر في السؤال عن حكم ماء المجاري، بعد تنقيته: هل يجوز رفع الحدث بالوضوء والغسل به؟ وهل تجوز إزالة النجاسة به؟ وبعد مراجعة المختصين بالتنقية بالطرق الكيماوية، وما قرروه من أن التنقية تتم بإزالة النجاسة منه على مراحل أربعة: وهي الترسيب، والتهوية، وقتل الجراثيم، وتعقيمه بالكلور، بحيث لا يبقى للنجاسة أثر في طعمه، ولونه، وريحه، وهم مسلمون عدول، موثوق بصدقهم وأمانتهم. قرر المجمع ما يلي: أن ماء المجاري إذا نقي بالطرق المذكورة أو ما يماثلها، ولم يبق للنجاسة أثر في طعمه، ولا في لونه، ولا في ريحه: صار طهورًا يجوز رفع الحدث وإزالة النجاسة به، بناء على القاعدة الفقهية التي تقرر: أن الماء الكثير، الذي وقعت فيه نجاسة، يطهر بزوال هذه النجاسة منه، إذا لم يبق لها أثر فيه. والله أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله رب العالمين. وجهة نظر في الاستعمالات الشرعية والمباحة لمياه المجاري المنقاة: الحمد لله، وبعد ... فإن المجاري معدة، في الأصل، لصرف ما يضر الناس، في الدين والبدن، طلبًا للطهارة ودفعًا لتلوث البيئة. وبحكم الوسائل الحديثة لاستصلاح ومعالجة مشمولها، لتحويله إلى مياه عذبة، منقاة، صالحة للاستعمالات المشروعة، والمباحة مثل: التطهر بها، وشربها وسقي الحرث منها، بحكم ذلك، صار السبر للعلل، والأوصاف القاضية بالمنع، في كل أو بعض الاستعمالات، فتحصل أن مياه المجاري قبل التنقية معلة بأمور: الأول: الفضلات النجسة بالطعم واللون والرائحة. الثاني: فضلات الأمراض المعدية، وكثافة الأدواء والجراثيم (البكتريا) . الثالث: علة الاستخباث والاستقذار، لما تتحول إليه باعتبار أصلها، ولما يتولد عنها في ذات المجاري، من الدواب والحشرات المستقذرة طبعًا وشرعًا.

ولذا صار النظر بعد التنقية في مدى زوال تلكم العلل، وعليه: فإن استحالتها من النجاسة- بزوال طعمها ولونها وريحها- لا يعني ذلك زوال ما فيها من العلل والجراثيم الضارة. والجهات الزراعية توالي الإعلام بعدم سقي ما يؤكل نتاجه من الخضار، بدون طبخ، فكيف بشربها مباشرة؟ ومن مقاصد الإسلام: المحافظة على الأجسام، ولذا لا يورد ممرض على مصح، والمنع لاستصلاح الأبدان واجب، كالمنع لاستصلاح الأديان. ولو زالت هذه العلل، لبقيت علة الاستخباث والاستقذار، باعتبار الأصل، الماء يعتصر من البول والغائط، فيستعمل في الشرعيات والعادات على قدم التساوي. وقد علم من مذهب الشافعية، والمعتمد لدى الحنبلية، أن الاستحالة هنا لاتؤول إلى الطهارة، مستدلين بحديث النهي عن ركوب الجلالة وحليبها، رواه أصحاب السنن وغيرهم، ولعلل أخرى. مع العلم: أن الخلاف الجاري بين متقدمي العلماء، في التحول من نجس إلى طاهر، هو في قضايا أعيان، وعلى سبيل القطع، لم يفرعوا حكم التحول على ما هو موجود حاليًّا في المجاري، من ذلك الزخم الهائل من النجاسات، والقاذورات، وفضلات المصحات، والمستشفيات، وحال المسلمين لم تصل بهم إلى هذا الحد من الاضطرار، لتنقية الرجيع، للتطهر به، وشربه، ولا عبرة بتسويغه في البلاد الكافرة، لفساد طبائعهم بالكفر، وهناك البديل، بتنقية مياه البحار، وتغطية أكبر قدر ممكن من التكاليف، وذلك بزيادة سعر الاستهلاك للماء، بما لا ضرر فيه، وينتج إعمال قاعدة الشريعة في النهي عن الإسراف في الماء. والله أعلم. عضو المجمع الفقهي الإسلامي بمكة: بكر أبو زيد

الصلاة

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الرابع ص459-446 القرار رقم (61) وتاريخ 12/4/1398هـ كيفية ممارسة الشعائر المتعلقة بالأوقات في الدول التي لا تغيب فيها الشمس إطلاقاً في فترة الصيف ولا ترى إطلاقاً في الشتاء هيئة كبار العلماء 13/10/1426 15/11/2005 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه وبعد: فقد عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة الثانية عشرة المنعقدة بالرياض في الأيام الأولى من شهر ربيع الآخر عام 1398هـ كتاب معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة رقم (555) وتاريخ 16/1/1398هـ المتضمن ما جاء في خطاب رئيس رابطة الجمعيات الإسلامية في مدينة (مالمو) بالسويد الذي يفيد فيه بأن الدول الاسكندنافية يطول فيها النهار في الصيف ويقصر في الشتاء؛ نظراً لوضعها الجغرافي، كما أن المناطق الشمالية منها لا تغيب عنها الشمس إطلاقاً في الصيف، وعكسه في الشتاء، ويسأل المسلمون فيها عن كيفية الإفطار والإمساك في رمضان، وكذلك كيفية ضبط أوقات الصلوات في هذه البلدان. ويرجو معاليه إصدار فتوى في ذلك؛ ليزودهم بها (اهـ) . وعرض على المجلس أيضاً ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ونقول أخرى عن الفقهاء في الموضوع، وبعد الاطلاع والدراسة والمناقشة قرر المجلس ما يلي: أولاً: من كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف ويقصر في الشتاء - وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً؛ لعموم قوله تعالى: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا " (1) ، وقوله تعالى: " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً" (2) . ولما ثبت عن بريدة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة، فقال له: " صل معنا هذين " يعني: اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعد ما ذهب ثلث الليل وصلى الفجر فأسفر بها ثم قال: " أين السائل عن وقت الصلاة؟ " فقال الرجل: أنا يا رسول الله قال: " وقت صلاتكم بين ما رأيتم " رواه البخاري ومسلم. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغيب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان" أخرجه مسلم في [صحيحه] .

إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس قولاً وفعلاً، ولم تفرق بين طول النهار وقصره وطول الليل وقصره ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم، وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان، فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم، ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل، وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط، وإن كان قصيراً، فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد، وقد قال الله تعالى:" وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل" (3) . ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله أو علم بالأمارات أو التجربة أو إخبار طبيب أمين حاذق أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى إهلاكه أو مرضه مرضاً شديداً، أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه أفطر ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء، قال تعالى: " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدة من أيام أخر" (4) ، وقال الله تعالى: " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" (5) ،وقال: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" (6) . ثانياً: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً ولا تطلع فيها الشمس شتاء أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً- وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدروا لها أوقاتها ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض؛ لما ثبت في حديث الإسراء والمعراج من أن الله تعالى فرض على هذه الأمة خمسين صلاة كل يوم وليلة، فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل ربه التخفيف، حتى قال: يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة، لكل صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة ... " إلى آخره. ولما ثبت من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خمس صلوات في اليوم والليلة" فقال: هل علي غيرهن؟ قال: " لا إلا أن تطوع.." الحديث. ولما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" نهينا أن نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك قال: "صدق" إلى أن قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، قال: "صدق" قال فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا، قال: "نعم.." الحديث.

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حدَّث أصحابه عن المسيح الدجال فقالوا: ما لبثه في الأرض؟ قال: " أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم".، فقيل، يا رسول الله، اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: " لا، اقدروا له"، فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم. فيجب على المسلمين في البلاد المسئول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلد إليهم، يتمايز فيه الليل من النهار وتعرف فيه أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة. وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب بلد إليهم يتميز فيها الليل من النهار، ويكون مجموعهما أربعاً وعشرين ساعة؛ لما تقدم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال وإرشاده أصحابه فيه عن كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه، إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة. والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

____ (1) سورة الإسراء، الآية، 78. (2) سورة النساء، الآية 103. (3) سورة البقرة، الآية 187. (4) سورة البقرة، الآية 185. (5) سورة البقرة، الآية 286. (6) سورة الحج، الآية 78. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة عبد العزيز بن صالح عبد العزيز بن باز عبد الله بن حميد عبد الله بن خياط عبد الرزاق عفيفي محمد الحركان عبد المجيد حسن سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ محمد بن جبير راشد بن خنين صالح بن غصون عبد الله بن غديان صالح بن لحيدان عبد الله بن منيع عبد الله بن قعود

توحيد الأذان في المسجد النبوي

أبحاث هيئة كبار العلماء. المجلد الرابع ص 27-32 قرار رقم (54) وتاريخ 4/4/1397هـ توحيد الأذان في المسجد النبوي هيئة كبار العلماء 13/10/1426 15/11/2005 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه وبعد: ففي الدورة العاشرة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الرياض في شهر ربيع الأول عام 1397هـ اطلع المجلس على ما ورد من المقام السامي برقم 4/ ب/ 28079 وتاريخ 23/11/1396هـ بخصوص توحيد الأذان في المسجد النبوي. وبعد البحث والمناقشة وتداول الرأي قرر المجلس بأكثرية الأصوات أنه يتعين توحيد الأذان في المسجد النبوي، كما هو الحال في المسجد الحرام؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحافظة على ما كان عليه العمل في عهده صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم من عدم وجود أكثر من مؤذن في آنٍ واحد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه لا يصار إلى التعدد إلا عند الحاجة إلى ذلك كما ذكره أهل العلم، وليس هناك حاجة؛ لوجود مكبر الصوت. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة العاشرة عبد الرزاق عفيفي عبد الله خياط عبد الله بن محمد بن حميدان عبد العزيز بن باز عبد العزيز بن صالح عبد المجيد بن حسن محمد الحركان سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ صالح بن غصون راشد بن خنين عبد الله بن غديان محمد بن جبير عبد الله بن منيع صالح اللحيدان عبد الله بن قعود وجهة نظر قد جرى في الدورة العاشرة في مجلس هيئة كبار العلماء المعقودة بمقر الهيئة بالرياض برئاسة فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي جرى بحث توحيد الأذان في المسجد النبوي الشريف. وقد أدلى المجتمعون بآرائهم بعد أن تلي البحث المعد لذلك من إدارة البحوث. والغريب في الأمر أن البحث الذي قدم كله يدل على جواز تعدد الأذان، والبعض يقول بمشروعيته، ومع هذا حصل الاختلاف في الآراء، ولكن هكذا الشأن حينما تعرض الآراء في مجلس ما. "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً" (1) . أما رأينا نحن الموقعين أدناه كل من: محمد العلي الحركان الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وعضو هيئة كبار العلماء، وعبد الله خياط إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء، وعبد العزيز بن صالح رئيس محاكم منطقة المدينة المنورة وإمام وخطيب المسجد النبوي الشريف وعضو هيئة كبار العلماء. رأينا في ذلك هو كما يلي: 1- معنى الأذان: هو الإعلام بدخول الوقت، وهو مشروع، ويحصل الإعلام منه بقدر الحاجة، وحيث إنه مشروع فإن تعداده في مسجد واحد أمر غير مؤثر في مشروعيته. ويحصل الإعلام بمؤذن واحد، ولكن لو زاد على مؤذن فأكثر فإنه لم يوجد دليل على منعه إطلاقاً، وإذاً فإن رأينا هو جواز تعداد الأذان في المسجد النبوي؛ وذلك للأدلة الآتية:

- قال النووي في [شرح مسلم] : على حديث عبد الله بن عمر (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان) قال: وفي هذا الحديث استحباب اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد ... إلى أن قال: (قال أصحابنا: فإذا احتاج إلى أكثر من مؤذنين اتخذ ثلاثة وأربعة فأكثر حسب الحاجة، وقد اتخذ عثمان رضي الله عنه أربعة للحاجة عند كثرة الناس ... إلى أن قال رحمه الله: فإن كان المسجد كبيراً أذنوا متفرقين في أقطاره، وإن كان ضيقاً وقفوا معاً وأذنوا، وهذا إذا لم يؤد اختلاف الأصوات إلى تهويش (2) . - قال في [فتح الباري] على حديث مالك بن الحويرث: ولو احتيج إلى تعددهم - أي: في الحضر- لتباعد أقطار البلد أذن كل واحد في جهة، ولا يؤذنون جميعاً ... وقال الشافعي في [الأم] : (وأحب أن يؤذن مؤذن بعد مؤذن، ولا يؤذن جماعة معاً، وإن كان مسجد كبير فلا بأس أن يؤذن في كل جهة منه مؤذن يسمع من يليه في وقت واحد) (3) . ونص الشافعي في [الأم] . قال: (فلا بأس أن يؤذن في كل منارة له مؤذن فيسمع من يليه في وقت واحد) (4) . وقال صاحب [الفتح] : وعن أبي حبيب أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رقى المنبر وجلس أذن المؤذنون وكانوا ثلاثة واحداً بعد واحد، فإذا فرغ الثالث قام فخطب، ثم قال: فإنه دعوى تحتاج إلى دليل، ولم يرد ذلك صريحاً من طريق متصلة يثبت مثلها) إلى أن قال: (ثم وجدته في مختصر البويطي عن الشافعي) (5) اهـ. وذكر النووي في [المجموع على المهذب] نحو ما ذكره في [شرح مسلم] وزاد: جواز زيادة المؤذنين إلى ثمانية في المسجد الواحد.. قال صاحب [الحاوي] وغيره: (ويقفون جميعاً عليه كلمة كلمة.. إلى أن قال: (وقال الشافعي في البويطي: النداء يوم الجمعة: هو الذي يكون والإمام على المنبر يكون المؤذنون يستفتحون الأذان فوق المنارة جملة حينما يجلس الإمام على المنبر ليسمع الناس فيأتون إلى المسجد، فإذا فرغوا خطب الإمام (6) .اهـ. وفي [صحيح البخاري] في باب رجم الحبلى من الزنا: (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فجلس عمر رضي الله عنه على المنبر يوم الجمعة، فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله..) الحديث. والاستدلال منه، قوله: (فلما سكت المؤذنون) (7) - وقال الباجي في [شرح الموطأ] على حديث بلال: (ويدل هذا الحديث على جواز اتخاذ مؤذنين في مسجد يؤذنان لصلاة واحدة، وروى على بن زياد عن مالك: لا بأس أن يؤذن للقوم في السفر والحرس والمركب ثلاثة مؤذنين وأربعة، ولا بأس أن يتخذ في المسجد أربعة مؤذنين وخمسة. قال ابن حبيب: ولا بأس فيما اتسع وقته من الصلوات؛ كالصبح والظهر والعشاء أن يؤذن خمسة إلى عشرة واحد بعد واحد) (8) .اهـ.

- قال في [المغني] : (فضل: ولا يستحب الزيادة على مؤذنين) وساق حديث بلال، ثم قال: (إلا أن تدعو الحاجة إلى الزيادة عليهما فيجوز، فقد روي عن عثمان رضي الله عنه، أنه كان له أربعة مؤذنين، وإن دعت الحاجة إلى أكثر منهم كان مشروعاً) ..إلى أن قال: (وإن كان الإعلام لا يحصل بواحد أذنوا على حسب ما يحتاج إليه؛ إما أن يؤذن كل واحد في منارة، أو ناحية، أو دفعة واحدة في موضع واحد. قال أحمد: إن أذن عدة في منارة فلا بأس، وإن خافوا من تأذين واحد بعد الآخر فوات الوقت- أذنوا جميعاً دفعة واحدة) (9) اهـ. ومن هذه النصوص التي جرى سردها أعلاه يعلم: أن تعدد الأذان في مسجد واحد ورد عن الصحابة منهم- عمر وعثمان - وورد فيه حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ذكره الشافعي، وقالت به الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة حتى أنه نقل أيضاً عن الإمام أحمد، كما أن ابن حزم ذكر ذلك. والغريب في الأمر أن من ضمن الآراء التي بحثت في المجلس أن تعداد الأذان في المسجد النبوي يثير الاستغراب والتساؤل، ونحن لا ندري هل الذي يثير الاستغراب والتساؤل هو العمل بشيء معمول به منذ عهد الصحابة حتى الآن ولم ينكره أحد، بل عليه الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. ومضى عليه العمل قرون متعددة في المسجد النبوي الشريف، ولم ينكر على الرغم من توفر العلم في المدينة منذ القدم، وعلماء المدينة هم الذين دائماً يحتج بأقوالهم. هل العمل على هذا الوضع هو الذي يثير الاستغراب والتساؤل أم الذي يثير التساؤل والاستغراب هو ترك عمل معمول به ودرج الناس عليه وألفه الناس، وفيه مظهر وروعة لهذه الشعيرة؟! أليس ترك هذا أو العدول إلى رأي آخر بعد العمل به في قرون متعددة، أليس هذا هو الذي يثير التساؤل والاستغراب والتشويش. وليس فعله منكر ولا بدعة؟! الذي نراه ترك العمل في المسجد النبوي الشريف على ما كان عليه الآن، فالمسجد حساس، وكل عمل يعمل فيه عكس ما كان مألوفاً فيه له عوامله الخاصة في الاستثارة والاستغراب، ولا ينبغي فعل شيء من ذلك إلا إذا كان هناك منكر تجب إزالته. أما تعداد الأذان فليس منكراً، ولو كان منكراً - والخير كثير في من مضى- لأنكروه. وهذا هو رأينا، والله الموفق للصواب.4/4/1397هـ.

____ (1) سورة النساء، الآية 82. (2) [صحيح مسلم بشرح النووي] (4/108) . (3) [فتح الباري] (2/110) حديث رقم (628) . (4) [الأم] (1/72) . (5) [فتح الباري] (2/395، 396) (6) [المجموع شرح المهذب] للنووي (3/119، 120) . (7) [فتح الباري] (12/144) ، رقم الحديث (6830) . (8) [المنتقى شرح موطأ الإمام مالك] للإمام الباجي (1/141) . (9) [المفتي] لابن قدامة (2/89) .

حكم السترة للمصلى

قرار هيئة كبار العلماء رقم (79) وتاريخ 21/10/1400هـ بشأن: حكم السترة للمصلى هيئة كبار العلماء 16/8/1426 20/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: ففي الدورة السادسة عشرة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الطائف، ابتداءً من يوم السبت الموافق للثاني عشر من شهر شوال حسب تقويم أم القرى عام 1400هـ حتى الحادي والعشرين منه - بحث المجلس موضوع السترة التي ينبغي أن تكون بين المصلي والمقبرة التي أمامه، بناءً على ما تقرر في الدورة الخامسة عشرة؛ لما نظر المجلس في خطاب سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الموجه للأمين العام لهيئة كبار العلماء برقم (3084/1/5) وتاريخ 12/10/1399هـ. والذي جاء فيه ما نصه: (نظراً لكون النصف الشمالي من مسجد ابن عباس بالطائف لا يفصله عن المقبرة الواقعة عنه غرباً سوى جدار المسجد، وأبوابه ونوافذه الغربية مشرعة على المقبرة، فاعتمدوا عرض الموضوع على المجلس؛ لتبادل الرأي في الكتابة إلى الحكومة لفتح شارع يفصل المسجد عن المقبرة. أهـ) . وكان المجلس في تلك الدورة رأى أن تعد اللجنة الدائمة للبحوث العملية والإفتاء بحثاً في ما يكفي من السترة التي يجب أن تكون بين المصلي والمقبرة التي أمامه.. ولما اطلع المجلس على البحث المذكور واستمع إلى كلام أهل العلم وآرائهم في المسألة، واستعرض الواقع الحالي لمسجد ابن عباس في الطائف والمقبرة التي تقع في قبلة المصلي من الجزء الشمالي منه - رأى بعض أعضاء المجلس أن جدار المسجد لا يكفي سترة للمصلى فيه؛ ولذلك ينبغي إقامة جدار آخر خاص بالمقبرة وفتح طريق للراجل بينهما وتنبش القبور التي تقع في مكان هذا الطريق إن كان فيها بقية من رفات الموتى. ورأى الآخرون أنه يكتفى بجدار المسجد القبلي سترة للمصلي فيه؛ لأن المصلي يستقبل جدار المسجد وهو مضاف إليه لا إلى المقبرة، ولأن إنشاء جدار آخر وفتح طريق بينه وبين جدار المسجد يترتب عليه نبش القبور دون ضرورة توجب ذلك، ولكن ينبغي أن يسد البابان اللذان في ذلك الجدار، وترفع النوافذ التي فيه إلى حيث لا يتمكن المصلي من رؤية المقبرة من خلالها، ويفتح باب في أدنى جزء من الجدار ليس أمامه مقبرة ليدخل منه الإمام يوم الجمعة، وتقدم معه الجنائز للصلاة عليها. وحيث كان الرأي الأخير للأكثرية من أعضاء المجلس- فقد صدر القرار برأيهم. والله الموفق. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة عبد الرزاق عفيفي عبد الله خياط عبد الله بن محمد بن حميد عبد العزيز بن باز محمد بن علي الحركان عبد العزيز بن صالح سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ محمد بن جبير راشد بن خنين عبد المجيد حسن صالح بن غصون عبد الله بن غديان صالح بن لحيدان عبد الله بن منيع عبد الله بن قعود

الجمع بين الصلوات

الجمع بين الصلوات قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 24/4/1426 01/06/2005 قرار المجلس: انتهى المجلس إلى جواز الجمع بين هاتين الصلاتين في أوروبا في فترة الصيف حين يتأخر وقت العشاء إلى منتصف الليل أو تنعدم علامته كليًا، دفعًا للحرج المرفوع عن الأمة بنص القرآن، ولما ثبت من حديث ابن عباس في صحيح مسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته" (1) . كما يجوز الجمع في تلك البلاد في فصل الشتاء أيضًا بين الظهر والعصر لقصر النهار وصعوبة أداء كل صلاة في وقتها للعاملين في مؤسساتهم إلا بمشقة وحرج وينبه المجلس على أن لا يلجأ المسلم إلى الجمع من غير حاجة، وعلى أن لا يتخذه له عادة. [الدورة الثالثة]

_____ (1) صحيح مسلم (كتاب صلاة المسافرين وقصرها -باب الجمع بين الصلاتين في الحضر- 1/490-491 رقم:705) .

حكم دفن المسلم في مقابر الكفار

حكم دفن المسلم في مقابر الكفار قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 16/3/1426 25/04/2005 قرار المجلس: هناك أحكام شرعية مقررة تتعلق بشأن المسلم إذا مات، مثل تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، ومن ذلك دفنه في مقابر المسلمين طريقة في الدفن واتخاذ المقابر، من حيث البساطة والتوجيه إلى القبلة، والبعد عن مشابهة المشركين والمترفين وأمثالهم. ومن المعروف: أن أهل كل دين لهم مقابرهم الخاصة بهم، فاليهود لهم مقابرهم، والنصارى لهم مقابرهم، والوثنيون لهم مقابرهم، ولا عجب أن يكون للمسلمين مقابرهم أيضًا، وعلى المسلمين في البلاد غير الإسلامية أن يسعوا -بالتضامن فيما بينهم- إلى اتخاذ مقابر خاصة بهم، ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً؛ لما في ذلك من تعزيز لوجودهم وحفظ لشخصيتهم. فإذا لم يستطيعوا الحصول على مقبرة خاصة مستقلة، فلا أقل من أن يكون لهم رقعة خاصة في طرف من أطراف مقبرة غير المسلمين، يدفنون فيها موتاهم. فإذا لم يتيسر هذا ولا ذاك ومات لهم ميت، فيدفن حيث أمكن ولو في غير مقابر المسلمين، إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ولن يضير المسلم إذا مات في هذه الحالة أن يدفن في مقابر غير المسلمين، فإن الذي ينفع المسلم في آخرته هو سعيه وعمله الصالح، وليس موقع دفنه {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:39] ، وكما قال سلمان الفارسي -رضي الله عنه-: "إن الأرض لا تقدس أحدًا، وإنما يقدس المرء عمله" (1) . هذا، وإن القيام بدفن الميت حيث يموت هو الأصل شرعًا، وهو أيسر من تكلف بعض المسلمين نقل موتاهم إلى بلاد إسلامية، لما في ذلك من المشقة وتبديد الأموال. وليس بعد المقبرة الإسلامية عن أهل الميت مسوّغًا لدفنه في مقبرة غير المسلمين؛ لأن الأصل في زيارة المقابر إنما شرعت أساسًا لمصلحة الزائر؛ للعبرة والاتعاظ، كما ثبت في الحديث: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها، فإنها ترق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة" رواه أحمد والحاكم عن أنس (2) . أما الميت فيستطيع المسلم أن يدعو له ويستغفر له، ويصله الثواب بفضل الله تعالى في أي مكان كان الداعي والمستغفر له (3) . [القرار 5/6]

___ (1) أورده مالك في "الموطأ" (رقم: 2232) ، ولفظة: "الإنسان" بدل "المرء". (2) حديث حسن هو عند أحمد (رقم: 13487) والحاكم في "المستدرك" (1/376) من طريقين عن أنس. (3) خالف عضو المجلس الدكتور محمد فؤاد البرازي هذا القرار بقوله: "أرى في حالة عدم وجود مقبرة إسلامية، فإنه يرخص لورثة الميت نقله إلى بلده إن كان في وسعهم ذلك، وإلا جاز دفنه في الجزء الخاص بالمسلمين من مقابر النصارى".

تشييع المسلم لجنازة قريبه الكافر

تشييع المسلم لجنازة قريبه الكافر قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 16/3/1426 25/04/2005 قرار المجلس: لقد أمر الإسلام ببر الوالدين والإحسان إليهما حتى ولو كانا غير مسلمين، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء: من الآية23] ، وقال تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان: من الآية15] ، كما أمر الإسلام بصلة الرحم وحث على ذلك. ويتأكد واجب البرّ والصلة في مناسبات الفرح والسرور، وفي مناسبات المصائب والكروب، ومن أعظمها الموت الذي يجمع الأقارب عند فقدان أحدهم، والإنسان بفطرته يجد حاجة للتعبير عن عاطفته نحو الميت من أقربائه وممن تربطه به صلة. ولذلك فقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت" رواه مسلم وأحمد وأهل السنن إلا الترمذي (1) . ويضاف إلى هذا ما دعا إليه الإسلام من احترام الإنسان، مؤمنًا كان أو كافرًا، في حياته وبعد مماته، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم، قوله عن اليهودي الذي قام لجنازته، ردًّا على من أخبره أنه يهودي، فقال عليه الصلاة والسلام: "أليست نفسًا؟ " (2) . فكيف إذا كانت نفس والدٍ أو والدة أو قريب ذي رحم؟ وبناء على ما سبق ذكره، فإنه يجوز للمسلم أن يحضر تشييع جنازة والديه أو أحد أقربائه غير المسلمين، ولا حرج في حضوره للمراسم الدينية التي تقام عادة للأموات في الكنائس والمعابد، على أن لا يشارك في الصلوات والطقوس وغيرها من الأمور الدينية، وكذلك يجوز له حضور الدّفن، ولتكن نيته في ذلك وفاءً بحق البر والصلة، ومشاركة الأسرة في مصابها، وتقوية الصلة بأقربائه، وتجنّب ما يؤدّي إلى الجفوة معهم في حال غيابه عن مثل هذه المناسبات. [القرار 4/6]

____ (1) هو عند أحمد في "مسنده" (رقم: 6988) ومسلم (رقم: 976) ، وأبي داود (رقم: 3234) والنسائي (رقم:2034) ، وابن ماجة (رقم: 1572) . (2) هو البخاري (رقم: 1250) ، ومسلم (رقم: 961) من حديث قيس بن سعد وسهل بن حنيف.

حكم المسعى بعد التوسعة السعودية

رقم القرار: 3 رقم الدورة: 14 بشأن حكم المسعى بعد التوسعة السعودية: هل تبقى له الأحكام السابقة أم يدخل حكمه ضمن حكم المسجد مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن حكم المسعى بعد التوسعة السعودية: هل تبقى له الأحكام السابقة أم يدخل حكمه ضمن حكم المسجد: الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة التي بدأت يوم السبت20من شعبان 1415هـ -21/1/1995م؛ قد نظر في هذا الموضوع، فقرر بالأغلبية أن المسعى بعد دخوله ضمن مبنى المسجد الحرام لا يأخذ حكم المسجد ولا تشمله أحكامه، لأنه مشعر مستقل، يقول الله عز وجل (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) [البقرة:158] . وقد قال بذلك جمهور الفقهاء، ومنهم الأئمة الأربعة، وتجوز الصلاة فيه متابعة للإمام في المسجد الحرام، كغيره من البقاع الطاهرة، ويجوز المكث فيه والسعي للحائض والجنب، وإن كان المستحب في السعي الطهارة. والله أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

مواقيت الصلاة والصيام في البلاد ذات خطوط العرض العالية

رقم القرار: 6 رقم الدورة: 9 بشأن مواقيت الصلاة والصيام في البلاد ذات خطوط العرض العالية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن مواقيت الصلاة والصيام في البلاد ذات خطوط العرض العالية: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12رجب1406هـ إلى يوم السبت 19رجب1406هـ قد نظر في موضوع «أوقات الصلاة والصيام لسكان المناطق ذات الدرجات العالية» . ومراعاة لروح الشريعة المبنية على التيسير ورفع الحرج، وبناءً على ما أفادت به لجنة الخبراء الفلكيين، قرر المجلس في هذا الموضوع ما يلي: أولاً: دفعًا للاضطرابات والاختلافات الناتجة عن تعدد طرق الحساب، يحدد لكل وقت من أوقات الصلاة العلامات الفلكية التي تتفق مع ما أشارت الشريعة إليه، ومع ما أوضحه علماء الميقات الشرعيون في تحويل هذه العلامات إلي حسابات فلكية متصلة بموقع الشمس في السماء فوق الأفق أو تحته كما يلي: 1- الفجر: ويوافق بزوغ أول خيط من النور الأبيض وانتشاره عرضًا في الأفق (الفجر الصادق) ويوافق الزاوية (18) درجة تحت الأفق الشرقي. 2- الشروق: ويوافق ابتداء ظهور الحافة العليا لقرص الشمس من تحت الأفق الشرقي ويقدر بزاوية تبلغ (50) دقيقة زاوية تحت الأفق. 3- الظهر: ويوافق عبور مركز قرص الشمس لدائرة الزوال ويمثل أعلى ارتفاع يومي للشمس يقابله أقصر ظل للأجسام الرأسية. 4- العصر: ويوافق موقع الشمس الذي يصبح معه ظل الشيء مساويًا لطوله مضافًا إليه في الزوال، وزاوية هذا الموقع متغيرة بتغير الزمان والمكان. 5- المغرب: ويوافق اختفاء كامل قرص الشمس تحت الأفق الغربي، وتقدر زاويته بـ (50) دقيقة زاوية تحت الأفق. 6-العشاء: ويوافق غياب الشفق الأحمر حيث تقع الشمس على زاوية قدرها (17) تحت الأفق الغربي. ثانيًا: عند التمكين للأوقات يكتفي بإضافة دقيقتين زمنيتين على كل من أوقات الظهر والعصر والمغرب والعشاء وإنقاص دقيقتين زمنيتين من كل من وقتي الفجر والشروق. ثالثًا: تقسم المناطق ذات الدرجات العالية إلى ثلاثة أقسام: المنطقة الأولى: وهي التي تقع مابين خطي العرض (45) درجة و (48) درجة شمالاً وجنوبًا، وتتميز فيها العلامات الظاهرية للأوقات في أربع وعشرين ساعة، طالت الأوقات أو قصرت. المنطقة الثانية: وتقع مابين خطي عرض (48) درجة و (66) درجة شمالاً وجنوبًا، وتنعدم فيها بعض العلامات الفلكية للأوقات في عدد من أيام السنة، كأن لا يغيب الشفق الذي به يبتدئ العشاء وتمتد نهاية وقت المغرب حتى يتداخل مع الفجر.

المنطقة الثالثة: وتقع فوق خط عرض (66) درجة شمالاً وجنوبًا إلى القطبين، وتنعدم فيها العلامات الظاهرية للأوقات في فترة طويلة من السنة نهارًا أو ليلاً. رابعًا: والحكم في المنطقة الأولى أن يلتزم أهلها في الصلاة بأوقاتها الشرعية، وفي الصوم بوقته الشرعي من تبين الفجر الصادق إلى غروب الشمس عملاً بالنصوص الشرعية في أوقات الصلاة والصوم، ومن عجز عن صيام يوم أو إتمامه لطول الوقت أفطر وقضى في الأيام المناسبة. خامسًا: والحكم في المنطقة الثانية أن يعين وقت صلاة العشاء والفجر بالقياس النسبي على نظيريهما، في ليل أقرب مكان تتميز فيه علامات وقتي العشاء والفجر، ويقترح مجلس المجمع خط (45) درجة، باعتباره أقرب الأماكن التي تتيسر فيها العبادة أو التمييز، فإذا كان العشاء يبدأ مثلاً بعد ثلث الليل في خط عرض (45) درجة يبدأ كذلك بالنسبة إلى ليل خط عرض المكان المراد تعيين الوقت فيه، ومثل هذا يقال في الفجر. سادسًا: والحكم في المنطقة الثالثة أن تقدر جميع الأوقات بالقياس الزمني على نظائرها في خط عرض (45) درجة، وذلك بأن تقسم الأربع والعشرون ساعة في المنطقة من (66) درجة إلى القطبين، كما تقسم الأوقات الموجودة في خط عرض (45) درجة يساوي (8) ساعات، فإذا كانت الشمس تغرب في الساعة الثامنة، وكان العشاء في الساعة الحادية عشرة جعل نظير ذلك في البلد المراد تعيين الوقت فيه، وإذا كان وقت الفجر في خط عرض (45) درجة في الساعة الثانية صباحًا كان الفجر كذلك في البلد المراد تعيين الوقت فيه، وبدئ الصوم منه حتى وقت المغرب المقدر. وذلك قياسًا على التقدير الوارد في حديث الدجال الذي جاء فيه: قلنا: يا رسول الله، وما لُبْثُه في الأرض؟ أي الدجال- قال: " أربعون يومًا، يومٌ كسنةٍ، ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كجمعةٍ..:. إلى أن قال: قلنا: يا رسول الله، هذا اليوم كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: "لا، اقْدُرُوا له قَدْرَه) . أخرجه مسلم وأبو داود. والله ولي التوفيق. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حكم الأذان للصلوات في المساجد عن طريق مسجلات الصوت «الكاسيتات»

بشأن حكم الأذان للصلوات في المساجد عن طريق مسجلات الصوت «الكاسيتات» مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن حكم الأذان للصلوات في المساجد عن طريق مسجلات الصوت «الكاسيتات» : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي المنعقد بدورته التاسعة في مكة المكرمة من يوم السبت 12/7/1406هـ إلى يوم السبت 19/7/1406هـ قد نظر في الاستفتاء الوارد من وزير الأوقاف بسوريا برقم 2412/4/1 في 21/9/1405هـ بشأن حكم إذاعة الأذان عن طريق مسجلات الصوت «الكاسيت» في المساجد، لتحقيق تلافي ما قد يحصل من فارق الوقت بين المساجد في البلد الواحد حين أداء الأذان للصلاة المكتوبة. وعليه فقد اطلع المجلس على البحوث المعدة في هذا من بعض أعضاء المجمع، وعلى الفتاوى الصادرة في ذلك من سماحة المفتي سابقًا بالمملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ- رحمه الله تعالى- برقم 35 في 3/1/1378هـ، وما قررته هيئة كبار العلماء بالمملكة في دورتها الثانية عشرة المنعقدة في شهر ربيع الآخر عام 1398هـ وفتوى الهيئة الدائمة بالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة برقم 5779 في 4/7/1403هـ، وتتضمن هذه الفتاوى الثلاث عدم الأخذ بذلك وأن إذاعة الأذان عند دخول وقت الصلاة في المساجد بواسطة آلة التسجيل ونحوها لا تجزئ في أداء هذه العبادة. وبعد استعراض ما تقدم من بحوث وفتاوى، والمداولة في ذلك، فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي تبين له ما يلي: 1- أن الأذان من شعائر الإسلام التعبدية الظاهرة، المعلومة من الدين بالضرورة بالنص وإجماع المسلمين، ولهذا فالأذان من العلامات الفارقة بين بلاد الإسلام وبلاد الكفر، وقد حكي الاتفاق على أنه لو اتفق أهل بلد على تركه لقوتلوا. 2- التوارث بين المسلمين من تاريخ تشريعه في السنة الأولى من الهجرة وإلى الآن، ينقل العمل المستمر بالأذان لكل صلاة من الصلوات الخمس في كل مسجد، وإن تعددت المساجد في البلد الواحد. 3- في حديث مالك بن الحويرث، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حضَرت الصلاةُ فلْيُؤذِّنْ لكم أحدُكم ولْيَؤمَّكم أكبرُكم".متفق عليه. 4- أن النية من شروط الأذان، ولهذا لا يصح من المجنون ولا من السكران ونحوهما، لعدم وجود النية في أدائه فكذلك في التسجيل المذكور. 5- أن الأذان عبادة بدنية، قال ابن قدامة- رحمه الله تعالى- في المغني 1/425: (وليس للرجل أن يبني على أذان غيره لأنه عبادة بدنية فلا يصح من شخصين كالصلاة) ا. هـ. 6- أن في توحيد الأذان للمساجد بواسطة مسجل الصوت على الوجه المذكور عدة محاذير ومخاطر منها ما يلي: أ - أنه يرتبط بمشروعية الأذان أن لكل صلاة في كل مسجد سننًا وآدابًا، ففي الأذان عن طريق التسجيل تفويت لها وإماتة لنشرها مع فوات شرط النية فيه. ب - أنه يفتح على المسلمين باب التلاعب بالدين، ودخول البدع على المسلمين في عباداتهم وشعائرهم، لما يفضي إليه من ترك الأذان بالكلية والاكتفاء بالتسجيل. وبناء على ما تقدم فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي يقرر ما يلي: أن الاكتفاء بإذاعة الأذان في المساجد عند دخول وقت الصلاة بواسطة آلة التسجيل ونحوها لا يجزئ ولا يجوز في أداء هذه العبادة، ولا يحصل به الأذان المشروع، وأنه يجب على المسلمين مباشرة الأذان لكل وقت من أوقات الصلوات في كل مسجد على ما توارثه المسلمون من عهد نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الآن. والله الموفق. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

خطبة الجمعة والعيدين بغير العربية في غير البلاد العربية واستخدام مكبر الصوت فيها

رقم القرار: 5 رقم الدورة: 5 خطبة الجمعة والعيدين بغير العربية في غير البلاد العربية واستخدام مكبر الصوت فيها مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 خطبة الجمعة والعيدين بغير العربية في غير البلاد العربية واستخدام مكبر الصوت فيها: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في السؤال المحال إليه، حول الخلاف القائم بين بعض المسلمين في الهند، بشأن جواز خطبة الجمعة باللغة المحلية غير العربية، أو عدم جوازها، لأن هناك من يرى عدم الجواز بحجة أن خطبة الجمعة تقوم مقام ركعتين من صلاة الفرض. ويسأل السائل أيضًا: هل يجوز استخدام مكبر الصوت في أداء الخطبة أو لا يجوز؟ وأن بعض طلبة العلم، يعلن عدم جواز استخدامه، بمزاعم وحجج واهية. وقد قرر مجلس المجمع بعد اطلاعه على آراء فقهاء المذاهب: 1- أن الرأي الأعدل الذي نختاره، هو أن اللغة العربية في أداء خطبة الجمعة والعيدين في غير البلاد الناطقة بالعربية ليست شرطًا لصحتها، ولكن الأحسن أداء مقدمات الخطبة وما تتضمنه من آيات قرآنية باللغة العربية لتعويد غير العرب على سماع العربية والقرآن، مما يسهِّل عليهم تعلمها وقراءة القرآن باللغة التي نزل بها، ثم يتابع الخطيب ما يعظهم وينورهم به بلغتهم التي يفهمونها. 2- أن استخدام مكبر الصوت في أداء خطبة الجمعة والعيدين، وكذا القراءة في الصلاة، وتكبيرات الانتقال، لا مانع منه شرعًا، بل إنه ينبغي استعماله في المساجد الكبيرة المتباعدة الأطراف، لما يترتب عليه من المصالح الشرعية. فكل أداة حديثة، وصل إليها الإنسان، بما علمه الله وسخر له من وسائل إذا كانت تخدم غرضًا شرعيًّا، أو واجبًا من واجبات الإسلام، وتحقق فيه من النجاح ما لا يتحقق بدونها، تصبح مطلوبة بقدر درجة الأمر الذي تخدمه وتحققه من المطالب الشرعية، وفقًا للقاعدة الأصولية المعروفة، وهي أن ما يتوقف عليه تحقيق الواجب فهو واجب. والله سبحانه هو الموفق. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حول أوقات الصلوات والصيام في البلاد ذات خطوط العرض العالية الدرجات

القرار: 3 رقم الدورة: 5 حول أوقات الصلوات والصيام في البلاد ذات خطوط العرض العالية الدرجات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حول أوقات الصلوات والصيام في البلاد ذات خطوط العرض العالية الدرجات: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع في جلسته الثالثة صباح يوم الخميس الموافق 10/4/1402هـ المصادف 4/2/1982م. على قرار ندوة بروكسل 1400هـ/1980م. وقرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية رقم (16) في 21/4/1398هـ فيما يتعلق بمواقيت الصلاة والصوم، في الأقطار التي يقصر فيها الليل جدًّا في فترة من السنة، ويقصر النهار جدًّا في فترة، أو التي يستمر ظهور الشمس فيها ستة أشهر وغيابها ستة أشهر. وبعد مدارسة ما كتبه الفقهاء قديمًا وحديثًا في الموضوع قرر ما يلي: تنقسم الجهات التي تقع على خطوط العرض ذات الدرجات العالية إلى ثلاث: الأولي: تلك التي يستمر فيها الليل أو النهار أربعًا وعشرين ساعة فأكثر بحسب اختلاف فصول السنة. ففي هذه الحال، تقدر مواقيت الصلاة والصيام وغيرهما في تلك الجهات، على حسب أقرب الجهات إليها، مما يكون فيها ليل ونهار متمايزان في ظرف أربع وعشرين ساعة. الثانية: البلاد التي لا يغيب فيها شفق الغروب حتى يطلع الفجر بحيث لا يتميز شفق الشروق من شفق الغروب، ففي هذه الجهات يقدر وقت العشاء الآخرة والإمساك في الصوم، ووقت صلاة الفجر، بحسب آخر فترة يتمايز فيها الشفقان.

الثالثة: تلك التي يظهر فيها الليل والنهار خلال أربع وعشرين ساعة، وتتمايز فيها الأوقات إلا أن الليل يطول فيها في فترة من السنة طولاً مفرطًا ويطول النهار في فترة أخرى طولاً مفرطًا. ومن كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس، إلا أن نهارها يطول جدًّا في الصيف، ويقصر في الشتاء، وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعًا، لعموم قوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء:78] . وقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) [النساء: 103] . ولما ثبت عن بريدة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة، فقال له: "صَلِّ مَعَنَا هَذَين". يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالاً، فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني، أمره فأبرد بالظهر فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة آخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعد ما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: "أين السائلُ عن وقتِ الصَّلاةِ؟ ". فقال الرجل: أنا يا رسول الله. قال: "وقتُ صلاتِكم بينَ ما رأيتم". رواه مسلم. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وقتُ الظهرِ إذا زالت الشمسُ، وكان ظِلُّ الرَّجلِ كطُولِه ما لم يَحضُرِ العصرُ، ووقتُ العصرِ ما لم تَصفَرَّ الشمسُ، ووقتُ صلاةِ المغربِ ما لم يَغِبِ الشَّفَقُ، ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نصفِ الليلِ الأوسطِ، ووقتُ صلاةِ الصبحِ مِن طلوعِ الفجرِ ما لم تطلع الشمسُ، فإذا طلَعت الشمسُ فأَمْسِكْ عن الصلاةِ؛ فإنها تَطلُعُ بينَ قَرْنَيْ شيطانٍ". أخرجه مسلم في صحيحه. إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس، قولاً وفعلاً، ولم تفرق بين طول النهار وقصره، وطول الليل وقصره، ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم، وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان، فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم، مادام النهار يتمايز في بلادهم من الليل، وكان مجموع زمانهما أربعًا وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط، وإن كان قصيرًا فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد، وقد قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة: من الآية187] . ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات أو التجربة، أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه، أن الصوم يفضي إلى مرضه مرضًا شديدًا، أو يفضي إلى زيادة مرضه، أو بطء برئه- أفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء. قال الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 185] . وقال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة: من الآية286] . وقال: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج: من الآية78] . والله ولي التوفيق ... وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الزكاة

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الأول ص146-147 قرار هيئة كبار العلماء رقم (24) وتاريخ 21/8/1394هـ في المراد بمصرف (وفي سبيل الله) في أصناف أهل الزكاة هيئة كبار العلماء 22/8/1426 26/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه وبعد: قد جرى اطلاع هيئة كبار العلماء في دورتها الخامسة المعقودة بمدينة الطائف بين يوم5/8/1394هـ ويوم 22/8/1394هـ على ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء من بحث في المراد بقول الله تعالى في آية مصارف الزكاة"وفي سبيل الله"هل المراد بذلك الغزاة في سبيل الله وما يلزم لهم، أم عام في كل وجه من وجوه الخير؟ وبعد دراسة البحث المعد والاطلاع على ما تضمنه من أقوال أهل العلم في هذا الصدد - ومناقشة أدلة من فسر المراد بسبيل الله في الآية: بأنهم الغزاة وما يلزم لهم، وأدلة من توسع في المراد بالآية، ولم يحصرها في الغزاة فأدخل فيه بناء المساجد والقناطر وتعليم العلم وتعلمه وبث الدعاة والمرشدين وغير ذلك من أعمال البر- رأى أكثرية أعضاء المجلس الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدِّثين وفقهاء من أن المراد بقوله تعالى"وفي سبيل الله": الغزاة المتطوعون بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد، وإذا لم يوجد صرفت الزكاة كلها للأصناف الأخرى، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الفقراء والمساكين وبقية الأصناف المنصوص عليهم في الآية الكريمة. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وآله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة الخامسة عبد العزيز بن عبد الله بن باز صالح بن لحيدان عبد الرزاق عفيفي عبد الله بن محمد بن حميد عبد المجيد حسن [مخالف وله وجهة نظر] عبد الله خياط [مخالف وله وجهة نظر] محمد الحركان [مخالف وله وجهة نظر] عبد الله بن منيع [مخالف وله وجهة نظر] صالح بن غصون [مخالف وله وجهة نظر] عبد العزيز بن صالح [مخالف وله وجهة نظر] عبد الله غديان محمد بن جبير سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ راشد بن خنين

اللائحة التنفيذية بجباية الزكاة

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد السادس قرار رقم 63 في 25/10/1398هـ اللائحة التنفيذية بجباية الزكاة هيئة كبار العلماء 20/8/1426 24/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد، وعلى آله وصحبه وبعد: فإن مجلس هيئة كبار العلماء المنعقد في مدينة الطائف في الفترة ما بين يوم 14/10/1398هـ حتى نهاية يوم 25/10/1398هـ. قد أعاد النظر في اللائحة التنفيذية لجباية الزكاة وما أعد بشأنها من بحث علمي من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في هيئة كبار العلماء، وذلك بناء على ما ورد من المقام السامي إلى الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برقم 3/ش/ 293في 4/1/1397هـ. وبعد تداول الرأي والنظر في أقوال أهل العلم وأدلتهم ولعدم وجود أدلة شرعية تدل على وجوب قيام ولي الأمر بمطالبة الناس بزكوات أموالهم الباطنة ومحاسبتهم على ذلك، بل إن كلام أهل العلم يدل على خلاف ذلك، فأكثر العلماء يقول: إن زكاة الأموال الباطنة، وهي النقود وعروض التجارة موكول أمر إخراجها لأصحاب الأموال، وهم مصدقون في ذلك فلا يحاسبون ولا يتهمون بأنهم قاموا بإخفاء شيء منها، بل ذلك أمر بينهم وبين الله سبحانه، ولكن إذا طلبها ولي الأمر فدفعوها له برئت ذمتهم منها. لما تقدم فإن مجلس هيئة كبار العلماء يرى بالأكثرية ما يلي: 1- الاكتفاء بما نص عليه أهل العلم من ترك أمر محاسبة الناس على أموالهم أو مطالبتهم ببيانات عما يملكونه من نقود وعروض تجارة، بل يؤخذ منهم ما دفعوه من الزكاة اتباعاً لما درج عليه سلف الأمة في ذلك، وما كان عليه العمل في عهد جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله، وما سبقه من عمل الدولة السعودية منذ نشأتها. 2- إبقاء العمل على ما هو عليه في جباية زكاة الحبوب والثمار، وأن يوكل إلى لجنة فيها مندوب من المحكمة والإمارة وهيئة الأمر بالمعروف تتولى جبايتها وصرفها على مستحقيها ويبقى العمل في جباية زكاة الماشية على ما كان عليه ويعطون مكافأة على عملهم ولو من الزكاة. 3- كل من تحقق لدى ولاة الأمر أنه لا يدفع الزكاة أو يجحد شيئاً منها فإن ولي الأمر يجري ما يلزم نحو أخذها منه وتعزيره التعزير الشرعي جزاء ما ارتكب بعد ثبوت ذلك عليه. 4- يوصي المجلس بإيجاد صندوق خاص يودع فيه ما يورد لصندوق الدولة من زكاة وتصرف منه بعد ورودها على مستحقيها بواسطة لجنة من أهل الثقة والأمانة في كل بلد. ولاشك أن ولاة الأمر -وفقهم الله- إذا انتهجوا ما أوضح في هذا القرار فإن ذمتهم بريئة، وسوف يكون لذلك أثره الحميد وعواقبه الطيبة؛ لأن الخير والبركة في اتباع سلفنا الصالح من عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا. وبالله التوفيق ... وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة محمد بن علي الحركان محمد بن جبير راشد بن خنين عبد الله خياط عبد المجيد حسن عبد العزيز بن صالح [غائب] عبد الله بن منيع [لي وجهة نظر] صالح بن لحيدان عبد الرزاق عفيفي عبد الله بن غديان إبراهيم بن محمد آل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز عبد الله بن محمد بن حميد سليمان بن عبيد صالح بن غصون [متوقف] عبد الله بن قعود [متوقف فيما عدا الفقرة الرابعة]

وجهة نظر الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده محمد، وعلى آله وصحبه وبعد: فبعد الاطلاع على خطاب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 3/ش/293 وتاريخ 4/1/ 1397هـ وعلى مشروع اللائحة التنفيذية لجباية الزكاة المقدم لمجلس الوزراء لدراسته وبعد التأمل والدراسة ظهر لي أن هذه اللائحة ليست لائحة تنفيذية بالمعنى الاصطلاحي المعروف لدى خبراء الإدارة والتنظيم بحيث تكون خاصة بالأعمال الإدارية لجباية الزكاة وإنما تشتمل اللائحة على مواد تشريعية، ومنها المواد الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة، وعلى مواد تنفيذية إدارية. وحيث إن المواد التشريعية في مشروع اللائحة ليست شاملة لأحكام الزكاة حتى يقال ببقائها للفائدة، وليست شاملة لأهم أحكام الزكاة حتى يقال بالاكتفاء بالأهم عن المهم، مع أن بعض ما تناولته موضع خلاف بين أهل العلم كما هو الحال في الديون على من تجب عليه الزكاة هل يسقط من الزكاة ما يقابلها من الأموال مطلقاً أم أن ذلك خاص بالأموال الباطنة أو أنها لا تسقط من الزكاة شيئاً، وكذلك الأمر بالنسبة للديون المملوكة للمكلف بالزكاة على مليء أو غيره هل يزكيها مطلقاً، ومتى يزكيها، وهل تقابل بما يزيد عند المكلف بها عن حاجته من أموال القنية غير الأثمان. وحيث إن الأمور التشريعية يرجع إليها في مصادرها كالحال بالنسبة لمسائل العبادات والمعاملات وما تقتضيه الخصومات من أحكام قضائية ومتى أشكل منها على الجهة المختصة بجبايتها ما يقتضي الأمر استجلاءه أمكن الرجوع إلى الجهة المختصة بالإفتاء. وعليه فإنني أرى استبعاد كل ما يتعلق بالأمور التشريعية من اللائحة لما ذكر وليصدق عليها أنها لائحة تنفيذية لجباية الزكاة مفروض في جميع موادها أن تكون إدارية محضة. وحيث إن غالب المواد التنفيذية الإدارية في هذه اللائحة مبني على المواد التشريعية المذكورة فيها فإن بقاءها بعد استبعاد المواد التشريعية فيها لا يستقيم إلا بعد إعادة النظر فيها وصياغتها صياغة إدارية لا تنبني على ما استبعد منها. وتستند على الأسس التالية: أ- إن لولي الأمر أن يطلب من الزكاة ما يرى المصلحة العامة تقتضي طلبه. ب- الأصل في المسلم أنه مؤتمن على شئون دينه من صلاة وزكاة وصوم وغير ذلك. ج- متى توفرت القرائن لاتهام من يتساهل أو يتلاعب بأداء الزكاة أو بعضها بأي طريق من طرق الاحتيال أو التهرب منأدائها فإن للقضاء الفصل في عدوانه بما يقتضيه الوجه الشرعي. وللجهة المختصة بجبايتها بذل الجهد في تحصيل ما يدعم الادعاء. د- تعيين الجهة المختصة بجباية الزكاة وإعطائها من الصلاحيات ما تستطيع به إنفاذ ما وكل إليها. هـ- الرجوع في تقدير العقوبات الجزائية إلى القضاء المختص. والأخذ بالأصل في أن الزكاة تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء. هذا ما ظهر لي، والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. عضو الهيئة عبد الله بن سليمان بن منيع 24/10/1398هـ

زكاة الأسهم في الشركات

قرار رقم: 28 (3/4) بشأن زكاة الأسهم في الشركات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 4، ج1 ص 705) إنَّ مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 صفر 1408هـ الموافق 6-11 شباط (فبراير) 1988م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع زكاة أسهم الشركات، قرر ما يلي: أولاً: تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه. ثانياً: تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخص واحد وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي، وذلك أخذاً بمبدأ الخلطة عند من عممه من الفقهاء في جميع الأموال. ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين. ثالثاً: إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة، لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار، لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك. فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة فإنه يزكيها زكاة المستغلات، وتمشياً مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإنَّ صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع. وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية وإذا لم يكن لها سوق، زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 5ر2% من تلك القيمة ومن الربح، إذا كان للأسهم ربح. رابعاً: إذا باع المساهم أسهمه في أثناء الحول ضم ثمنها إلى ماله وزكَّاه معه عندما يجيء حول زكاته. أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق. والله أعلم

صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي

قرار رقم: 27 (2/4) بشأن صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 4، ج1 ص 517) إنَّ مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخر 1408هـ الموافق6-11 شباط (فبراير) 1988م، بعد اطلاعه على المذكرة التفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته المقدمة إلى الدورة الثالثة للمجمع، وعلى الأبحاث الواردة إلى المجمع في دورته الحالية بخصوص موضوع صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي، قرر ما يلي: أولاً: لا يجوز صرف أموال الزكاة لدعم وقفية صندوق التضامن الإسلامي، لأن في ذلك حبساً للزكاة عن مصارفها الشرعية المحددة في الكتاب الكريم. ثانياً: لصندوق التضامن الإسلامي أن يكون وكيلاً عن الأشخاص والهيئات في صرف الزكاة في وجوهها الشرعية بالشروط التالية: 1- أن تتوافر شروط الوكالة الشرعية بالنسبة للموكل والوكيل. 2- أن يدخل الصندوق على نظامه الأساسي، وأهدافه، التعديلات المناسبة التي تمكنه من القيام بهذا النوع من التصرفات. ج- أن يخصص صندوق التضامن حساباً خاصاً بالأموال الواردة من الزكاة بحيث لا تختلط بالموارد الأخرى التي تنفق في غير مصارف الزكاة الشرعية، كالمرافق العامة ونحوها. د- لا يحق للصندوق صرف شىء من هذه الأموال الواردة للزكاة في النفقات الإدارية ومرتبات الموظفين وغيرها من النفقات التي لا تندرج تحت مصارف الزكاة الشرعية. هـ- لدافع الزكاة أن يشترط على الصندوق دفع زكاته فيما يحدده من مصارف الزكاة الثمانية، وعلى الصندوق - في هذه الحالة - أن يتقيد بذلك. ويلتزم الصندوق بصرف هذه الأموال إلى مستحقيها في أقرب وقت ممكن حتى يتيسر لمستحقيها الانتفاع بها، وفي مدة أقصاها سنة. ويوصي بما يلي: عملاً على تمكين صندوق التضامن الإسلامي من تحقيق أهدافه الخيرة - المبينة في نظامه الأساسي - والتي أنشىء من أجلها، والتزاماً بقرار مؤتمر القمة الإسلامي الثاني الذي نص على إنشاء هذا الصندوق وتمويله من مساهمات الدول الأعضاء، ونظراً لعدم انتظام بعض الدول في تقديم مساعداتها الطوعية له، يناشد المجمع الدول والحكومات والهيئات والموسرين المسلمين القيام بواجبهم في دعم موارد الصندوق بما يمكنه من تحقيق مقاصده النبيلة في خدمة الأمة الإسلامية. والله أعلم.

صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي

قرار رقم: 20 (8/3) بشأن صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 - 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م. بعد استماعه لبيان الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي حول أنشطة صندوق التضامن الإسلامي وحاجته الماسة إلى الدعم المادي، واقتراحه أن يكون مصرفاً من مصارف الزكاة، قرر ما يلي: تكليف الأمانة العامة بالتعاون مع صندوق التضامن الإسلامي بإعداد الدراسات اللازمة لبحث الموضوع وعرضها على مجلس المجمع في دورته القادمة. والله أعلم.

توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق

قرار رقم: 15 (3/3) بشأن توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع - ع 3، ج 1/ص 309 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 - 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م. بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في موضوع توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق، وبعد استماعه لآراء الأعضاء والخبراء فيه، قرر ما يلي: يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة، أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها، على أن يكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسائر. والله أعلم

زكاة الأسهم في الشركات

قرار رقم: 14 (2/3) بشأن زكاة الأسهم في الشركات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع - ع 4، ج 3/ص 705 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 - 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م. بعد مناقشته لموضوع زكاة الأسهم في الشركات من جميع جوانبه والاطلاع على البحوث المقدمة بخصوصه، قرر ما يلي: تأجيل إصدار القرار الخاص به إلى الدورة الرابعة للمجلس والله أعلم

زكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية

قرار رقم: 2 (2/2) بشأن زكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع - ع 2، ج 1/115 إن مجلس الفقه الإسلامي المنبثق عن المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ/22-28 كانون الأول (ديسمبر) 1958م، بعد أن استمع لما أعد من دراسات في موضوع زكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، وبعد أن ناقش الموضوع مناقشة وافية ومعقمة، تبين منها: أولاً: أنه لم يؤثر نص واضح يوجب الزكاة في العقارات والأراضي المأجورة. ثانياً: أنه لم يؤثر نص كذلك يوجب الزكاة الفورية في غلة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية. قرر ما يلي: أولاً: أن الزكاة غير واجبة في أصول العقارات والأراضي المأجورة. ثانياً: أن الزكاة تجب في الغلة وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم القبض مع اعتبار توافر شروط الزكاة، وانتفاء الموانع. والله أعلم

زكاة الديون

قرار رقم: (1/2) بشأن زكاة الديون مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة الفقه الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 - 28كانون الأول (ديسمبر) 1985م. بعد أن نظر في الدراسات المعروضة حول زكاة الديون وبعد المناقشة المستفيضة التي تناولت الموضوع من جوانبه المختلفة وتبين منها: أولاً: أنه لم يرد نص من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله يفصل زكاة الديون. ثانياً: أنه قد تعدد ما أثر عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم من وجهات نظر في طريقة إخراج زكاة الديون. ثالثاً: أن قد اختلفت المذاهب الإسلامية بناءً على ذلك اختلافا ًبيناً. رابعاً: أن الخلاف قد انبنى على الاختلاف في قاعدة هل يعطى المال الذي يمكن عليه صفة الحاصل؟ . قرر ما يلي: أولاً: تجب زكاة الدين على رب الدين عن كل سنة إذا كان المدين مليئاً باذلاً. ثانيا ً: تجب الزكاة على رب الدين بعد دوران الحول من يوم القبض إذا كان المدين معسراً أو مماطلاً. والله أعلم

استثمار أموال الزكاة

رقم القرار: 5 رقم الدورة: 15 بشأن استثمار أموال الزكاة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن استثمار أموال الزكاة: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الخامسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، التي بدأت يوم السبت 11رجب1419هـ الموافق 31/10/998م قد نظر في موضوع استثمار أموال الزكاة. وبعد التداول والمناقشة، والتأمل في أحكام إخراج الزكاة ومصارفها، قرر المجلس ما يلي: يجب إخراج زكاة الأموال على الفور، وذلك بتمليكها لمستحقيها الموجودين وقت وجوب إخراجها، الذين تولى الله- سبحانه- تعيينهم بنص كتابه، فقال-عز شأنه: (إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) [التوبة: من الآية60] . لهذا فلا يجوز استثمار أموال الزكاة لصالح أحد من مستحقيها، كالفقراء، لما ينطوي عليه من محاذير شرعية متعددة: منها الإخلال بواجب فورية إخراجها، وتفويت تمليكها لمستحقيها وقت وجوب إخراجها، والمضارة بهم. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

زكاة أجور العقار

رقم القرار: 1 رقم الدورة: 11 بشأن زكاة أجور العقار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن زكاة أجور العقار: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصبحه وسلم. فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13رجب1409هـ الموافق 19 فبراير 1989م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبراير 1989م قد نظر في موضوع زكاة أجور العقار، وبعد المناقشة، وتداول الرأي قرر بالأكثرية ما يلي: أولاً: العقار المعد للسكنى، هو من أموال القنية، فلا تجب فيه الزكاة إطلاقًا، لا في رقبته ولا في قدر أجرته. ثانيًا: العقار المعد للتجارة، هو من عروض التجارة، فتجب الزكاة في رقبته، وتقدر قيمته عند مضي الحول عليه. ثالثًا: العقار المعد للإيجار، تجب الزكاة في أجرته فقط، دون رقبته. رابعًا: نظرًا إلى أن الأجرة تجب في ذمة المستأجر للمؤجر، من حين عقد الإجارة، فيجب إخراج زكاة الأجرة، عند انتهاء الحول، من حين عقد الإجارة بعد قبضها. خامسًا: قدر زكاة رقبة العقار، إن كان للتجارة، وقدر زكاة غلته، إن كان للإجارة، هو ربع العشر، إلحاقًا له بالنقدين. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله رب العالمين. القرار الثاني: بيان من الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي بشأن الرواية التي كتبها المدعو سلمان رشدي، وما تضمنته من إساءات واعتداءات على عقائد وشخصيات إسلامية معظمة:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم: أما بعد: فإن الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي- وقد آلمها كما آلم سائر المسلمين، ما اشتمل عليه كتاب المدعو سلمان رشدي، من التشويه المتعمد للدين الإسلامي، والإساءات الشنيعة للشخصيات الإسلامية- تعلن: ما قرره مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409هـ الموافق 19 فبراير 1989م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبراير 1989م حول الرواية المذكورة، وجاء في القرار ما يلي: إن الرواية التي كتبها وأصدرها المدعو سلمان رشدي، الهندي الأصل من أسرة مسلمة، والبريطاني الجنسية، تلك الرواية التي نشرت باللغة الإنجليزية في كتاب بعنوان (آيات شيطانية) ، نقلت الصحف العالمية والعربية والإسلامية والأجنبية فقرات منها، وقد نشرت الكتاب دار بنجوين للنشر في بريطانيا، وفايكنج في الولايات المتحدة الأمريكية، وأعقبت الرواية المذكورة، ضجة استنكار في الأوساط الإسلامية وغيرها، بسبب ما جاء فيها من ألفاظ نابية، وافتراءات على الإسلام ومقدساته. وقد نظر المجلس في بعض الفقرات، والفصول التي تضمنتها الرواية المذكورة، فرأى مجلس المجمع الفقهي فيها أبشع وأقذر صورة للافتراءات، والأوصاف التي يصف فيها ذلك الكاتب نبي الإسلام، سيدنا محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجاته أمهات المؤمنين، وغير ذلك من المستنكرات، حتى إنه يتهجم على خليل الله سيدنا إبراهيم بكلمات لا تليق بحرمة الأنبياء، ويصف أمهات المؤمنين- زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم- بكلمات من سافل الكلام، الذي يخرج عن نطاق الكلام التاريخي، أو العلمي، أو الأدبي، ويدخل في نطاق التعدي على المقدسات الاعتقادية الإسلامية، بصورة تجرمها وتعاقب عليها قوانين جميع البلاد المتمدنة، التي يحكمها نظام، ودستور، وقوانين، تحفظ الحقوق والكرامات، لأن ما جاء في تلك الرواية، يتجاوز نطاق حرية الآراء، ويدخل في نطاق العدوان، والإيذاء بالكلام السافل، الذي يمس الكرامات المحترمة المصونة. وقد تداول مجلس المجمع الفقهي، في هذا الموضوع الخطير، وما يجب سلوكه تجاه هذا العدوان السافل، على الحرمات الإسلامية المقدسة، وانتهى المجلس إلى القرار التالي: 1- يرى المجلس: أن ما ورد في هذا الكتاب، المسمى (بالآيات الشيطانية) - من المفتريات المشار إليها، لا يستحق أن يواجه بردود علمية، لأنه من قبيل الشتائم، والأوصاف البذيئة، وليس آراء علمية، أو تاريخية تستوجب الرد العلمي. 2- يقرر المجلس: استنكار هذا العمل، الصادر عن هذا المجرم. ويعلن المجلس: أن هذا الرجل، بعمله هذا، يعتبر مرتدًّا عن الإسلام، الذي نشأ في ظله، وأنه يستحق أن يطبق عليه ما تنص عليه الشريعة الإسلامية.

3- يعلن المجلس: أنه يجب ملاحقة هذا الشخص، بدعوى قضائية جزائية، تقام عليه، وعلى دار النشر التي نشرت له هذه الرواية، في المحاكم المختصة في بريطانيا، وأن تتولى رفع هذه الدعوى عليه منظمة المؤتمر الإسلامي التي تمثل الدول الإسلامية وأن توكل في هذه الدعوى أقوى المحامين المتمرسين، في القضايا الجنائية، أمام محاكم الجزاء البريطانية، ممن يوثق بأمانتهم المسلكية. 4- يعلن المجلس: أنه يجب أن تقام أيضًا على هذا الكاتب السافل دعوى جزائية في بلد إسلامي، من قبل النيابة العامة فيه، يحاكم فيها غيابيًّا، ويحكم عليه بما توجبه الشريعة الإسلامية في أمثاله- حتى ولو لم يكن هذا الحكم مجال تنفيذ فوري- ويعلن ذلك إعلاميًّا. وذلك للتعبير عن سخط المسلمين في العالم، على هذا الأسلوب من العدوان السافل. 5- يقرر المجلس: أن الاعتذار الذي قدمه هذا الكاتب، إلى المراجع البريطانية، ونشرته الصحف، وقال فيه: إنه يأسف، لأنه أساء إلى مشاعر المسلمين. هو اعتذار فارغ، لا محصل له، ولا يغير شيئًا، من افتراءاته الشنيعة، لأن الاعتذار في مثل هذه الحال، يجب أن يتضمن الإقرار والاعتراف بأن ما ذكره في كتابه إنما هو محض كذب وافتراء، وأنه غير صحيح، وأن ينشر ذلك في وسائل الإعلام الموازية لتلك التي نشر فيها أكاذيبه. 6- يدعو المجلس الحكومات والشعوب والأفراد، في البلدان الإسلامية وغيرها إلى مقاطعة دور النشر التي نشرت هذا الكتاب، المسمى (آيات شيطانية) ، أو ساعدت على نشره، أو دفعت مكافأة لمؤلفه، أو قدمت جائزة له، مقاطعة تامة في الكتب التي تنشرها تلك الدور أيًّا كانت صفتها، وألا تتعامل معها بأية صورة. وإن الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي، إذ تنشر قرار المجمع الفقهي الإسلامي، بعد أن حذرت العالم الإسلامي من خطورة الكتاب، وضرورة مقاطعة دار النشر التي تولت تمويل الكتاب ونشره: تهيب بكل مسلم على وجه الأرض- وبخاصة في بريطانيا وأمريكا، حيث نشر الكتاب- أن يكشف زيف هذا الكتب، وأن يحث إخوانه المسلمين، والأشخاص المحبين للصدق والإنصاف، على مقاطعة دار النشر التي أصدرته، والدور الأخرى المتعاونة معها على توزيعه وتسويقه. والله الموفق.

حكم «صرف سهم المجاهدين من الزكاة في تنفيذ مشاريعهم الصحية والتربوية والإعلامية»

رقم القرار: 7 رقم الدورة: 9 بشأن حكم «صرف سهم المجاهدين من الزكاة في تنفيذ مشاريعهم الصحية والتربوية والإعلامية» مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن حكم «صرف سهم المجاهدين من الزكاة في تنفيذ مشاريعهم الصحية والتربوية والإعلامية» : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12رجب1406هـ إلى يوم السبت 19رجب1406هـ قد نظر في موضوع السؤال المقدم من رئيس لجنة الدعوة الإسلامية في جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت والخاص بجواز صرف أموال الدعوة الإسلامية التي تجمع للمجاهدين الأفغانيين، لتنفيذ المشاريع الصحية والتربوية والإعلامية، والذي طلب سماحة رئيس المجلس عرضه عليه في هذه الدورة. وبعد أن نظر المجلس في إجابات بعض الأعضاء، وبعد أن راجع ما صدر عنه من قرارات سابقة، وما صدر عن هيئة كبار العلماء في المملكة، واستمع إلى المناقشات حول الموضوع، قرر أن الصرف في الجهات التي تضمنها السؤال جائز من أكثر من جهة: أولاً: من جهة الاستحقاق بالحاجة، فهم- مجاهدين ومهاجرين- فقراء أو مساكين أو أبناء سبيل، فإن من كان من ذوي الأرض والعقار في بلده أصبح بالهجرة والتشريد من أبناء السبيل بعد انقطاعه. والإنفاق على الفقراء والمحتاجين من أموال الزكاة لا يقتصر على إطعامهم وكسوتهم فقط، بل يشمل كل ما تتم به كفايتهم وتنتظم به حياتهم، ومنها المشاريع الصحية والمدارس التعليمية ونحوها مما يعتبر من ضرورات الحياة المعاصرة. وقد نقل الإمام النووي عن أصحابه من الشافعية: أن المعتبر في الكفاية: المطعم والملبس والمسكن، وسائر ما لابد له منه، على ما يليق بحاله، لنفس الشخص ولمن هو في نفقته (المجموع 6/190) . وقوله: (سائر ما لابد له منه) . كلمة عامة مرنة تتسع للحاجات المتجددة والمتغيرة بتغير الزمان والمكان والحال، ومن ذلك في عصرنا: المنشآت الصحية والتعليمية التي تعتبر من تتمات المحافظة على النفس والعقل وهما من الضروريات الخمس، وقد اعتبر الفقهاء الزواج من تمام الكفاية، وكتب العلم لأهله من تمام الكفاية، نقل في (الإنصاف) :أنه يجوز للفقير الأخذ من الزكاة لشراء كتب يحتاجها من كتب العلم التي لابد منها لمصلحة دينه ودنياه (3/165،218) .

ثانيًا: من جهة أخرى يعتبر الإنفاق على المشاريع المسؤول عنها داخلاً في مصرف: (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) . حتى مع التضييق في مدلوله وقصره على الجهاد بالمعنى العسكري، فإن الجهاد اليوم لم يعد مقصورًا على أشخاص المجاهدين وحدهم، بل أصبح تأمين الجهة الداخلية وقوتها جزءًا لا يتجزأ مما يسمونه (الإستراتيجية العسكرية) . والمهاجرون بكل معاناتهم ومآسيهم هم بعض ثمار الحرب وإفرازها ونتاجها، فلابد من رعايتهم وتوفير ما يلزم لحياتهم الحياة المناسبة، وتعليم أبنائهم وعلاجهم حتى يطمئن المجاهدون إلى أن أهليهم وراءهم غير مضيعين، فيستمروا في جهادهم أقوياء صامدين، وأي خلل أو ضعف في هذه الجهة يعود على الجهاد بالضرر. ومما يؤيدنا في هذا من النصوص ما جاء في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن خَلَفَ غازِيًا في أهلِه بخيرٍ فقد غَزَا". فاعتبر رعاية أسرة الغازي المجاهد غزوًا وجهادًا، فلا غرو أن يكون الإنفاق فيه من باب الجهاد في سبيل الله. وعلى هذا نص بعض الفقهاء: أن الغازي يُعطَى من سهم (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) نفقتَه ونفقةَ عياله ذهابًا ومقامًا ورجوعًا (المجموع:6/227) . وأما ما يتعلق بالنشاط الإعلامي، فقد غدا من لوازم الحرب الناجحة في عصرنا كما يقرر ذلك المختصون من العسكريين، فهو لازم لتقوية الروح المعنوية للمجاهدين وتحريضهم على القتال، وهو لازم لزرع الثقة والأمل في نفس من وراءهم من المدنيين والمساعدين، وهو لازم لبث الرعب في قلوب أعدائهم، وقد يكون النصر بالرعب، وهو لازم لتجنيد الرأي العام العالمي للوقوف بجانبهم ونصرة قضيتهم. والقاعدة الشرعية: أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ثم هو بعد ذلك من أنواع الجهاد باللسان، الداخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جاهِدوا المشركين بأموالِكم وأنفسِكم وألسنتِكم". وبناء على هذا يرى المجلس جواز صرف أموال الزكاة فيما جاء في السؤال. والله أعلم. والله ولي التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

الاستفادة بأموال الزكاة لبناء المدارس والمستشفيات في البلاد الأوربية وتأسيس صندوق للزكاة فيها

رقم القرار: 5 رقم الدورة: 9 بشأن موضوعي "الاستفادة بأموال الزكاة لبناء المدارس والمستشفيات في البلاد الأوربية وتأسيس صندوق للزكاة فيها" مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن موضُوعَي «الاستفادة بأموال الزكاة لبناء المدارس والمستشفيات في البلاد الأوربية وتأسيس صندوق للزكاة فيها» :

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12رجب1406هـ إلى يوم السبت 19رجب1406هـ قد نظر في توصية مجمع البحث الفقهي الأوربي، التابع للمجلس الأعلى العالمي للمساجد، والمحال إليه من معالي الدكتور الأمين العام، نائب رئيس المجلس، والمتعلق بإمكان الاستفادة بأموال الزكاة لبناء المدارس والمستشفيات في البلاد الأوربية. وبعد النظر والاستماع إلى كلمات الأعضاء ومناقشاتهم قرر المجلس تأكيد ما ذهب إليه في الدورة الثامنة من دخول الدعوة إلى الله تعالى، وما يعين عليها، ويدعم أعمالها في مصرف: (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) . وهو أحد المصارف الثمانية المنصوص عليها في كتاب الله تعالى [الآية60 من سورة التوبة] اعتمادًا على أن الجهاد في الإسلام لا يقتصر على القتال بالسيف، بل يشمل الجهاد بالدعوة وتبليغ الرسالة، والصبر على مشاقها. وقد قال تعالى مخاطبًا رسوله صلى الله عليه وسلم في شأن القرآن: (فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) [الفرقان:52] . وجاء في الحديث الشريف: "جاهِدوا المشركين بأموالِكم وأنفسِكم وألسنتِكم". رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه. ويتأكد هذا المعنى في عصرنا الحاضر، أكثر من أي وقت آخر، فالمسلمون يُغزَون فيه في عقر دارهم من الملل والنحل والفلسفات الباطلة، وبالفكر والثقافة لا بالسيف والمدفع، وبالمؤسسات التعليمية والاجتماعية، لا بالمؤسسات العسكرية. ولا يفل الحديد إلا حديد مثله، فلابد أن تقاوم الدعوة إلى الطاغوت بالدعوة إلى الله، ويقاوم تعليم الباطل بتعليم الحق، والفكر المشحون بالكفر بالفكر المشحون بالإسلام. كما قال أبو بكر الصديق لخالد -رضي الله عنه: "حارِبْهم بمثلِ ما يُحارِبونك به: السَّيفُ بالسَّيفِ، والرُّمحُ بالرُّمحِ..". وقد تنوعت وسائل الدعوة وأساليبها في عصرنا تنوعًا بالغًا، فلم تعد مقصورة على كلمة تقال، أو نشرة توزع، أو كتاب يؤلف- وإن كان هذا كله مهمًّا- بل أصبح من أعظم وسائلها أثرًا وأشدها خطرًا: المدرسة التي تصوغ عقول الناشئة وتصنع أذواقهم وميولهم، وتغرس فيها من الأفكار والقيم ما تريد، ومثل ذلك المستشفى الذي يستقبل المرضى، ويحاول التأثير فيهم باسم الخدمات الإنسانية. وقد استغل هذه الوسائل أعداء الإسلام من دعاة التنصير وغيرهم، لغزو أبناء الأمة الإسلامية، وسلخهم من شخصيتهم، وإضلالهم عن عقيدتهم، فأنشؤوا المدارس، والمستشفيات وغيرها لهذا الغرض الخبيث، وأنفقوا عليها العشرات والمئات من الملايين، وأكثر ما يتعرض المسلمون وشبابهم خاصة لهذا الخطر حينما يكونون خارج ديار الإسلام. ولهذا يقرر المجلس أن المؤسسات التعليمية والاجتماعية من المدارس والمتشفيات ونحوها، إذا كانت في بلاد الكفر، تعتبر اليوم من لوازم الدعوة، وأدوات الجهاد في سبيل الله، وهي مما يدعم الدعوة ويعين على أعمالها بل هي لازمة للمحافظة على عقائد المسلمين وهُويَّتهم الدينية، في مواجهة التخريب العقائدي والفكري الذي تقوم به المدارس والمنشآت

التنصيرية واللادينية. على أن تكون هذه المؤسسات إسلامية خالصة، ممحضة لأغراض الدعوة والرسالة والنفع لعموم المسلمين، وليست لأغراض تجارية تخص أفرادًا أو فئة من الناس. أما ما يتعلق بتأسيس صندوق للزكاة، لجمعها من المكلفين بها، وصرفها في مصارفها الشرعية، ومنها ما ذكرناه أعلاه، فهو أمر محمود شرعًا، لما وراءه من تحقيق مصالح مؤكدة للمسلمين، بشرط أن يقوم عليه الثقات المأمونون العارفون بأحكام الشرع في تحصيل الزكاة وتوزيعها. والله أعلم. والله ولي التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

جمع وتقسيم الزكاة والعشر في باكستان

القرار: 4 رقم الدورة: 8 بشأن جمع وتقسيم الزكاة والعشر في باكستان مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 بشأن جمع وتقسيم الزكاة والعشر في باكستان: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، في دورته الثامنة المنعقدة بمكة المكرمة فيما بين 27 ربيع الآخر 1405هـ و 8 جمادى الأولى 1405هـ. بناء على الخطاب الموجه إلى سماحة رئيس المجلس الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، من سفارة الباكستان بجدة، رقم 4/سياسية63/83 وتاريخ 27 يونيو 1983م ومشفوعة استفتاء بعنوان: (جمع وتقسيم الزكاة والعشر في باكستان) ، والمحال من قبل سماحته، إلى مجلس المجمع الفقهي، بخطابه رقم 1062/2 وتاريخ 16 ذي القعدة 1403هـ. وبعد اطلاع المجلس، على ترجمة الاستفتاء الذي يطلب فيه الإفادة، هل أحد مصارف الزكاة الثمانية، المذكورة في الآية الكريمة، وهو: (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) . يقصر معناه على الغزاة في سبيل الله، أم أن سبيل الله عام لكل وجه من وجوه البر، من المرافق، والمصالح العامة، من بناء المساجد، والربط، والقناطر، وتعليم العلم، وبث الدعاة....إلخ. وبعد دراسة الموضوع، ومناقشته، وتداول الرأي فيه، ظهر أن للعلماء في المسألة قولين: أحدهما: قصر معنى: (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) . في الآية الكريمة على الغزاة في سبيل الله، وهذا رأي جمهور العلماء. وأصحاب هذا القول يريدون قصر نصيب (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) من الزكاة، على المجاهدين الغزاة في سبيل الله تعالى. القول الثاني: أن سبيل الله شامل، عام لكل طرق الخير، والمرافق العامة للمسلمين: من بناء المساجد وصيانتها، وبناء المدارس، والربط، وفتح الطرق، وبناء الجسور، وإعداد المؤن الحربية، وبث الدعاة، وغير ذلك من المرافق العامة، مما ينفع الدين، وينفع المسلمين، وهذا قول قلة من المتقدمين، وقد ارتضاه واختاره كثير من المتأخرين. وبعد تداول الرأي، ومناقشة أدلة الفريقين قرر المجلس بالأكثرية ما يلي: 1- نظرًا إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين، وأن له حظًّا من النظر، في بعض الآيات الكريمة مثل قوله تعالى (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى) [البقرة:262] . ومن الأحاديث الشريفة، مثل ما جاء في سنن أبي داود: أن رجلاً جعل ناقة في سبيل الله فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "ارْكَبِيها فإنَّ الحَجَّ في سَبِيلِ اللهِ". 2- ونظرًا إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح، هو إعلاء كلمة الله تعالى، وأن إعلاء كلمة الله تعالى، كما يكون بالقتال يكون- أيضًا- بالدعوة إلى الله تعالى، ونشر دينه: بإعداد الدعاة، ودعمهم، ومساعدتهم على أداء مهمتهم، فيكون كلا الأمرين جهادًا، لما روى الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم، عن أنس، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جاهِدوا المشركين بأموالِكم وأنفُسِكم وألسنتِكم".

3- ونظرًا إلى أن الإسلام محارب بالغزو الفكري والعقدي، من الملاحدة واليهود والنصارى، وسائر أعداء الدين، وأن لهؤلاء من يدعمهم الدعم المادي والمعنوي فإنه يتعين على المسلمين، أن يقابلوهم بمثل السلاح الذي يغزون به الإسلام، وبما هو أنكى منه. 4- ونظرًا إلى أن الحروب في البلاد الإسلامية، أصبح لها وزارات خاصة بها، ولها بنود مالية في ميزانية كل دولة، بخلاف الجهاد بالدعوة، فإنه لا يوجد له في ميزانيات غالب الدول مساعدة ولا عون. لذلك كله فإن المجلس يقرر- بالأكثرية المطلقة- دخول الدعوة إلى الله تعالى، وما يعين عليها، ويدعم أعمالها، في معنى (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) ، في الآية الكريمة. هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الصوم

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الثالث ص/46-48 قرار رقم (108) وتاريخ 2/11/1403هـ حكم إنشاء مراصد فلكية يستعان بها في رؤية الهلال هيئة كبار العلماء 22/8/1426 26/09/2005 الحمد لله، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وبعد: ففي الدورة الثانية والعشرين لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الطائف، ابتداء من العشرين من شهر شوال حتى الثاني من شهر ذي القعدة عام 1403هـ بحث المجلس موضوع إنشاء مراصد فلكية يستعان بها عند تحري رؤية الهلال، بناء على الأمر السامي الموجه إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برقم (4/ص/19524) وتاريخ 18/8/1403هـ، والمحال من سماحته إلى الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (2652/1/د) ، وتاريخ 1/9/1403هـ واطلع على قرار اللجنة المشكلة بناء على الأمر السامي رقم (6/2) وتاريخ 2/1/1403هـ، والمكونة من أصحاب الفضيلة: الشيخ عبد الرزاق عفيفي عضو هيئة كبار العلماء وأعضاء الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى، والشيخ محمد بن عبد الرحيم الخالد، ومندوب جامعة الملك سعود الدكتور فضل أحمد نور محمد، والتي درست موضوع الاستعانة بالمراصد على تحري رؤية الهلال، وأصدرت في ذلك قرارها المؤرخ في 16/5/1403هـ المتضمن: أنه اتفق رأي الجميع على النقاط الست التالية: 1- إنشاء المراصد كعامل مساعد على تحري رؤية الهلال لا مانع منه شرعاً. 2- إذا رئي الهلال بالعين المجردة، فالعمل بهذه الرؤية، وإن لم ير بالمرصد. 3- إذا رئي الهلال بالمرصد رؤية حقيقية بواسطة المنظار تعين العمل بهذه الرؤية، ولو لم ير بالعين المجردة؛ وذلك لقول الله تعالى: " فمن شهد منكم الشهر فليصمه" (1) ، ولعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم ... " الحديث يصدق أنه رئي الهلال، سواء كانت الرؤية بالعين المجردة أم بها عن طريق المنظار، ولأن المثبت مقدم على النافي. 4- يطلب من المراصد من قبل الجهة المختصة عن إثبات الهلال تحري رؤية الهلال في ليلة مظنته، بغض النظر عن احتمال وجود الهلال بالحساب من عدمه. 5- يحسن إنشاء مراصد متكاملة الأجهزة للاستفادة منها في جهات المملكة الأربع، تعين مواقعها وتكاليفها بواسطة المختصين في هذا المجال. 6- تعميم مراصد متنقلة؛ لتحري رؤية الهلال في الأماكن التي تكون مظنة رؤية الهلال، مع الاستعانة بالأشخاص المشهورين بحدة البصر، وخاصة الذين سبق لهم رؤية الهلال. اهـ. وبعد أن قام المجلس بدراسة الموضوع ومناقشته ورجع إلى قراره رقم (2) الذي أصدره في دورته الثانية المنعقدة في شهر شعبان من عام 1394هـ في موضوع الأهلة قرر بالإجماع: الموافقة على النقاط الست التي توصلت إليها اللجنة المذكورة أعلاه، بشرط أن تكون الرؤية بالمرصد أو غيره ممن تثبت عدالته شرعاً لدى القضاء كالمتبع، وأن لا يعتمد على الحساب في إثبات دخول الشهر أو خروجه. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة عبد العزيز بن صالح عبد الله بن قعود عبد الله خياط عبد الرزاق عفيفي إبراهيم بن محمد آل الشيخ عبد المجيد حسن عبد العزيز بن عبد الله بن باز راشد بن حنين صالح بن غصون سليمان بن عبيد عبد الله بن غديان صالح اللحيدان عبد الله بن منيع محمد بن جبير [أوافق على النقاط الخمس من قرار اللجنة أما النقطة الثانية فلا أوافق عليها]

_ (1) سورة البقرة، الآية 185.

حكم اعتماد الحساب الفلكي في إثبات العبادات

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الثالث ص/35-45 قرار رقم (34) وتاريخ 14/2/1395هـ بشأن حكم اعتماد الحساب الفلكي في إثبات العبادات هيئة كبار العلماء 22/8/1426 26/09/2005 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه، وبعد: فبناء على خطاب معالي رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء رقم (4680) وتاريخ 23/2/1394هـ المتضمن: أمر جلالة الملك بإحالة خطاب أمين عام هيئة الدعوة والإرشاد في (سورابايا) بشأن توحيد مواقيت الصلاة والصوم والحج إلى هيئة كبار العلماء، وإشارة لخطاب سعادة وكيل وزارة الخارجية رقم (300/5/6/855/3) في 15/1/1394هـ ومشفوعاته: ما تبلغته سفارة جلالة الملك في الجزائر من وزارة التعليم الأصلي والشئون الدينية من وثائق حول الاعتماد على الحساب الفلكي لتحديد مواقيت العبادات. وبناء على المحضر رقم (7) من محاضر الدورة الخامسة لمجلس هيئة كبار العلماء المشتمل على إعداد قرار مدعم بالأدلة يعرض على الهيئة في دورتها السادسة لإقراره. وبعد دراسة المجلس للقرارات والتوصيات والفتاوى والآراء المتعلقة بهذا الموضوع وإعادة النظر في البحث الذي سبق أن أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في موضوع توحيد أوائل الشهور القمرية، والاطلاع على القرار الصادر من الهيئة في دورتها الثانية برقم (2) وتاريخ 13/2/1393هـ ومداولة الرأي في ذلك كله - قرر ما يلي: أولاً: أن المراد بالحساب والتنجيم هنا معرفة البروج والمنازل، وتقدير سيركل من الشمس والقمر وتحديد الأوقات بذلك؛ كوقت طلوع الشمس ودلوكها وغروبها، واجتماع الشمس والقمر وافتراقهما، وكسوف كل منهما، وهذا هو ما يعرف ب (حساب التسيير، وليس المراد بالتنجيم هنا الاستدلال بالأحوال الفلكية على وقوع الحوادث الأرضية، من ولادة عظيم أو موته، ومن شدة وبلاء، أو سعادة ورخاء، وأمثال ذلك مما فيه ربط الأحداث بأحوال الأفلاك علماً بميقاتها، أو تأثيراً في وقوعها من الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله، وبهذا يتحرر موضوع البحث. ثانياً: أنه لا عبرة شرعاً بمجرد ولادة القمر في إثبات الشهر القمري بدءاً وانتهاءً بإجماع مالم تثبت رؤيته شرعاً، وهذا بالنسبة لتوقيت العبادات ومن خالف في ذلك من المعاصرين فمسبوق بإجماع من قبله. ثالثاً: أن رؤية الهلال هي المعتبرة وحدها في حالة الصحو ليلة الثلاثين في إثبات بدء الشهور القمرية وانتهائها بالنسبة للعبادات، فإن لم يُر أكملت العدة ثلاثين بإجماع. أما إذا كان بالسماء غيم ليلة الثلاثين: فجمهور الفقهاء يرون إكمال العدة ثلاثين؛ عملاً بحديث:" فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"، وبهذا تفسر الرواية الأخرى الواردة بلفظ: " فاقدروا له ". وذهب الإمام أحمد في رواية أخرى عنه، وبعض أهل العلم إلى اعتبار شعبان في حالة الغيم تسعة وعشرين يوماً احتياطاً لرمضان، وفسروا رواية: " فاقدروا له": بضيقوا، أخذاً من قوله تعالى: " ومن قدر عليه رزقه فلينفق مماءاتاه الله" (1) ، أي: ضيق عليه رزقه. وهذا التفسير مردود بما صرحت به رواية الحديث الأخرى الواردة بلفظ: " فاقدروا له ثلاثين "، وفي رواية أخرى: " فأكملوا عدة شعبان ثلاثين".

وحكى النووي في شرحه على صحيح مسلم لحديث: " فإن غم عليكم فاقدروا له" عن ابن سريج وجماعة، منهم مطرف بن عبد الله - أي: ابن الشخير- وابن قتيبة وآخرون - اعتبار قول علماء النجوم في إثبات الشهر القمري ابتداءً وانتهاءً، أي: إذا كان في السماء غيم. وقال ابن عبد البر: روي عن مطرف بن الشخير، وليس الصحيح عنه، ولو صح ما وجب اتباعه؛ لشذوذه فيه، ولمخالفة الحجة له ثم حكى عن ابن قتيبة مثله، وقال: ليس هذا من شأن ابن قتيبة، ولا هو ممن يعرج عليه في مثل هذا الباب. ثم حكى عن ابن خويز منداد أنه حكاه عن الشافعي، ثم قال ابن عبد البر: والصحيح عنه في كتبه وعند أصحابه وجمهور العلماء خلافه، انتهى. وبهذا يتضح: أن محل الخلاف بين الفقهاء إنما هو في حال الغيم وما في معناه. وهذا كله بالنسبة للعبادات، أما بالنسبة للمعاملات فللناس أن يصطلحوا على ماشاءوا من التوقيت. رابعاً: أن المعتبر شرعاً في إثبات الشهر القمري هو رؤية الهلال فقط دون حساب سير الشمس والقمر لما يأتي: أ- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصوم لرؤية الهلال والإفطار لها في قوله: " صوموا لرؤيته، وأفطروا لرويته"، وحصر ذلك فيها بقوله" " لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه "، وأمر المسلمين إذا كان غيم ليلة الثلاثين أن يكملوا العدة، ولم يأمر بالرجوع إلى علماء النجوم، ولو كان قولهم أصلاً وحده أو أصلاً آخر في إثبات الشهر- لأمر بالرجوع إليهم، فدل ذلك على أنه لا اعتبار شرعاً لما سوى الرؤية، أو إكمال العدة ثلاثين في إثبات الشهر، وأن هذا شرع مستمر إلى يوم القيامة، وما كان ربك نسياً. ودعوى أن الرؤية في الحديث يراد بها العلم أو غلبة الظن بوجود الهلال أو إمكان رؤيته لا التعبد بنفس الرؤية- مردودة؛ لأن الرؤية في الحديث متعدية إلى مفعول واحد، فكانت بصرية لا علمية، ولأن الصحابة فهموا أنها رؤية بالعين، وهم أعلم باللغة ومقاصد الشريعة، وجرى العمل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهدهم على ذلك، ولم يرجعوا إلى علماء النجوم في التوقيت، ولا يصح أيضاً أن يقال: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: " فإن غم عليكم فاقدروا له" أراد أمرنا بتقدير منازل القمر لنعلم بالحساب بدء الشهر ونهايته؛ لأن هذه الرواية فسرتها رواية: " فاقدروا له ثلاثين" وما في معناه، ومع ذلك فالذين يدعون إلى توحيد أوائل الشهور يقولون بالاعتماد على حساب المنازل في الصحو والغيم، والحديث قيد القدر له بحالة الغيم. ب- أن تعليق إثبات الشهر القمري بالرؤية يتفق مع مقاصد الشريعة السمحة؛ لأن رؤية الهلال أمرها عام يتيسر لأكثر الناس، بخلاف ما لو علق الحكم بالحساب فإنه يحصل به الحرج ويتنافى مع مقاصد الشريعة، ودعوى زوال وصف الأمية في علم النجوم عن الأمة لو سلمت لا يغير حكم الشرع في ذلك. ج- أن علماء الأمة في صدر الإسلام قد أجمعوا على اعتبار الرؤية في إثبات الشهور القمرية دون الحساب، فلم يعرف أن أحداً منهم رجع إليه في ذلك عند الغيم ونحوه، أما عند الصحو فلم يعرف عن أحد من أهل العلم أنه عدل على الحساب في إثبات الأهلة أو علق الحكم العام به.

خامساً: تقدير المدة التي يمكن معها رؤية الهلال بعد غروب الشمس لولا المانع من الأمور الاعتبارية الاجتهادية التي تختلف فيها أنظار أهل الحساب، وكذا تقدير المانع، فالاعتماد على ذلك في توقيت العبادات لا يحقق الوحدة المنشودة؛ ولهذا جاء الشرع باعتبار الرؤية فقط دون الحساب. سادساً: لا يصح تعيين مطلع دولة أو بلد- كمكة مثلاً- لتعتبر رؤية الهلال منه وحده، فإنه يلزم من ذلك أن لا يجب الصوم على من ثبتت رؤية الهلال عندهم من سكان جهة أخرى، إذا لم ير الهلال في المطلع المعين. سابعاً: ضعف أدلة من اعتبر قول علماء النجوم في إثبات الشهر القمري. ويتبين ذلك بذكر أدلتهم ومناقشتها: أ- قالوا: إن الله أخبر بأنه أجرى الشمس والقمر بحساب لا يضطرب، وجعلهما آيتين وقدرهما منازل؛ لنعتبر، ولنعلم عدد السنين والحساب، فإذا علم جماعة بالحساب وجود الهلال يقيناً وإن لم تمكن رؤيته بعد غروب شمس التاسع والعشرين أو وجوده مع إمكان الرؤية لولا المانع، وأخبرنا بذلك عدد منهم يبلغ مبلغ التواتر - وجب قبول خبرهم؛ لبنائه على يقين، واستحالة الكذب على المخبرين؛ لبلوغهم حد التواتر، وعلى تقدير أنهم لم يبلغوا حد التواتر وكانوا عدولاً فخبرهم يفيد غلبة الظن، وهي كافية في بناء أحكام العبادات عليها. والجواب: أن يقال: إن كونها آيات للاعتبار بها والتفكير في أحوالها للاستدلال على خالقها ومجريها بنظام دقيق لا خلل فيه ولا اضطراب، وإثبات ما لله من صفات الجلال والكمال- أمر لا ريب فيه. أما الاستدلال بحساب سير الشمس والقمر على تقدير أوقات العبادات فغير مسلم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم - وهو أعلم الخلق بتفسير كتاب الله - لم يعلق دخول الشهر وخروجه بعلم الحساب، وإنما علق ذلك برؤية الهلال أو إكمال العدة في حال الغيم، فوجب الاقتصار على ذلك، وهذا هو الذي بتفق وسماحة الشريعة وسهولتها مع ما فيه من الدقة والضبط، بخلاف تقدير سير الكواكب فإن أمره خفي عقلي لا يدركه إلا النزر اليسير من الناس، ومثل هذا لا تبنى عليه أحكام العبادات. ب- وقالوا: إن الفقهاء يرجعون في كثير من شئونهم إلى أهل الخبرة فيرجعون إلى الأطباء في فطر المريض في رمضان، وتقدير مدة التأجيل في العنين والمعترض، وإلى أهل اللغة في تفسير نصوص الكتاب والسنة، إلى غير ذلك من الشئون، فليرجعوا في معرفة بدء الشهور القمرية ونهايتها إلى علماء النجوم. والجواب: أن يقال: هذا قياس مع الفارق؛ لأن الشرع إنما جاء بالرجوع إلى أهل الخبرة في اختصاصهم في المسائل التي لا نص فيها. أما إثبات الأهلة فقد ورد فيه النص باعتبار الرؤية فقط، أو إكمال العدة دون الرجوع فيه إلى غير ذلك. ج- وقالوا: إن توقيت بدء الشهر القمري ونهايته لا يختلف عن توقيت الصلوات الخمس وبدء صوم كل يوم ونهايته، وقد اعتبر الناس حساب المنازل علمياً في الصلوات والصيام اليومي فليعتبروه في بدء الشهر ونهايته.

وأجيب: بأن الشرع أناط الحكم في الأوقات بوجودها، قال تعالى: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرءان الفجر" (2) ، وقال" وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل" (3) ، وفصلت السنة ذلك، وأناطت وجوب صوم رمضان برؤية الهلال ولم تعلق الحكم في شيء من ذلك على حساب المنازل، وإنما العبرة بدليل الحكم. د- وقالوا: إن الله تعالى قال: " فمن شهد منكم الشهر فليصمه" (4) ، إذ المعنى: فمن علم منكم الشهر فليصمه، سواء كان علم ذلك عن طريق رؤية الهلال مطلقاً أو عن طريق علم حساب المنازل. والجواب: أن يقال: إن معنى الآية: فمن حضر منكم الشهر فليصمه، بدليل قوله تعالى بعده: "ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر" (5) ، وعلى تقدير تفسير الشهود بالعلم، فالمراد: العلم عن طريق رؤية الهلال، بدليل حديث: " لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه". هـ - وقالوا: إن علم الحساب مبني على مقدمات يقينية، فكان الاعتماد عليه في إثبات الشهور القمرية أقرب إلى الصواب وتحقيق الوحدة بين المسلمين في نسكهم وأعيادهم. وأجيب: بأن ذلك غير مسلم؛ لأن الحس واليقين في مشاهدة الكواكب لا في حساب سيرها، فإنه أمر عقلي خفي لا يعرفه إلا النزر اليسير من الناس، كما تقدم؛ لحاجته إلى دراسة وعناية، ولوقوع الغلط والاختلاف فيه، كما هو الواقع في اختلاف التقاويم التي تصدر في كثير من البلاد الإسلامية، فلا يعتمد عليه ولا تتحقق به الوحدة بين المسلمين في مواقيت عباداتهم. ووقالوا: إن تعليق الحكم بثبوت الشهر على الأهلة معلل بوصف الأمة بأنها أمية، وقد زال عنها هذا الوصف، فقد كثر علماء النجوم، وبذلك يزول تعليق الحكم بالرؤية أو بخصوص الرؤية، ويعتبر الحساب وحده أصلاً، أو يعتبر أصلاً آخر إلى جانب الرؤية. والجواب: أن يقال: إن وصف الأمة بأنها أمية لا يزال قائماً بالنسبة لعلم سير الشمس والقمر وسائر الكواكب، فالعلماء به نزر يسير، والذي كثر إنما هو آلات الرصد وأجهزته، وهي مما يساعد على رؤية الهلال في وقته، ولا مانع من الاستعانة بها على الرؤية وإثبات الشهر بها، كما يستعان بالآلات على سماع الأصوات، وعلى رؤية المبصرات، ولو فرض زوال وصف الأمية عن الأمة في علم الحساب- لم يجز الاعتماد عليه في إثبات الأهلة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علق الحكم بالرؤية، أو إكمال العدة، ولم يأمر بالرجوع إلى الحساب واستمر عمل المسلمين على ذلك بعده. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. حرر في 14/2/1395هـ. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة السادسة عبد الرزاق عفيفي راشد بن خنين عبد الله بن حميد عبد العزيز بن باز عبد الله بن منيع [له وجهة نظر مرفقة] عبد المجيد حسن [لي وجهة نظر مكتوبة] محمد بن جبير [له وجهة نظر مرفقة] عبد العزيز بن صالح إبراهيم بن محمد آل الشيخ صالح بن غصون سليمان بن عبيد عبد الله بن غديان محمد الحركان عبد الله خياط صالح بن لحيدان وجهة نظر الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه. وبعد:

فقد استعرضنا البحوث المقدمة للمجلس في موضوع (حكم العمل بالحساب في ثبوت دخول الشهر أو خروجه) وقرارات المؤتمرات المنعقدة؛ لبحث ذلك الموضوع، وأعدنا النظر في البحث المعد من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في ذلك، ولم نجد فيما اطلعنا عليه من البحوث المذكورة بحثاً في الموضوع من أهل الاختصاص في علم الفلك. وقد رأينا في تلك البحوث من يدعي: أن نتائج الحساب الفلكي قطعية الدلالة وينكر أن تكون مبنية على ظن أو تخمين، كما وجدنا فيهم من يدعي: أن نتائج الحساب الفلكي مبنية على الحدس والظن والتخمين وينكر قطعية نتائجها. وليس في الفريقين من يعتبر أهلاً لقبول قوله في قطيعة النتائج أو ظنيتها؛ لكونه ليس من علماء الفلك. وحيث إن الحكم في رأينا يختلف بالنسبة للأمرين: قطعية النتائج أو ظنيتها، حيث إن القول بقطعية نتائج الحساب الفلكي يقضى برد الشهادة برؤية الهلال دخولاً أو خروجاً إذا تعارضت معها؛ لأن من شروط اعتبار الشهادة بالإجماع: أن تكون منفكة عما يكذبها حساً وعقلاً، فإذا قرر الحساب الفلكي عدم ولادة الهلال، وجاء من يشهد برؤيته - كانت شهادته ملازمة لما يكذبها عقلاً، وهو القول باستحالة الرؤية للقطع بعدم ولادة الهلال، كما أن القول بظنيه النتائج يقضي بردها- أي: النتائج- واعتبار الشهادة بالرؤية؛ لإمكانها، وظنيه النتائج الفلكية، وذلك في حالة تعارض الشهادة بالرؤية مع نتائج الحساب. ونظراً إلى أن القول بقطيعة نتائج الحساب الفلكي أو ظنيتها من قبيل الدعوى من الطرفين، وأن القول في الأمور الشرعية يقتضي التحقق والتثبت والاستقصاء - فقد طلبنا من المجلس استقدام أصحاب اختصاص في علم الفلك؛ لمناقشتهم في ذلك والتحقق منهم فيما يدعيه الطرفان، كما تقضي بذلك المادة () من لائحة المجلس، فرأى المجلس بالأكثرية عدم الحاجة إلى استقدامهم. وعليه فإننا نؤكد ضرورة استقدام خبراء في علم الفلك لِتُحَقَّقَ دعوى قطعية نتائج الحساب الفلكي أو ظنيتها، وعلى ضوء ذلك نقرر ما نراه. وبالله التوفيق. وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. حرر في 14/2/1395هـ. عضو الهيئة عضو الهيئة عضو الهيئة عبد المجيد حسن محمد بن جبير عبد الله بن سليمان بن منعي

___ (1) سورة الطلاق، الآية 7. (2) سورة الإسراء، الآية 78. (3) سورة البقرة، الآية 187. (4) سورة البقرة، الآية 185. (5) سورة البقرة، الآية 185.

حكم اعتبار اختلاف المطالع

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الثالث ص/32-34 قرار رقم (2) 1- حكم اعتبار اختلاف المطالع 2- حكم إثبات الهلال بالحساب هيئة كبار العلماء 22/8/1426 26/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد: فبناء على خطاب المقام السامي رقم (22451) وتاريخ 6/11/1391هـ المتضمن إحالة موضوع الأهلة إلى هيئة كبار العلماء نظراً إلى أن الموضوع عند دراسة مجلس رابطة العالم الإسلامي في جلسته المنعقدة في 15 شعبان عام 1391هـ واطلاعها على قرار اللجنة الفقهية المنبثقة من المجلس قدرت الموافقة على القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع، إلا أن بعض أعضاء المجلس التأسيسي رأى التريث في الأمر، وزيادة البحث والتقصي في هذا الموضوع. بناء على ذلك عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في دورتها الثانية المنعقدة في شهر شعبان 1392هـ ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في موضوع إثبات الأهلة المشتمل على الفقرتين التاليتين: أ- حكم اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره. ب- حكم إثبات الهلال بالحساب. وكذا قرار رابطة العالم الإسلامي الصادر منها في دورتها الثالثة عشرة المنعقدة في شهر شعبان عام 1391هـ، ومرفقة بحث اللجنة الفقهية المشكلة من بعض أعضاء مجلس الرابطة في الموضوع. وبعد دراسة المجلس للموضوع وتداول الرأي فيه، قرر ما يلي: أولاً: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً، ولم يختلف فيها أحد، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع من عدمه. ثانياً: مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال، والاختلاف فيها وفي أمثالها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين، وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجراً لاجتهاده. وقد أختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم ير اعتباره. واستدل كل فريق بأدلته من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد، كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى:" يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج" (1) ، وبقوله صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته ... " الحديث؛ وذلك لاختلاف الفهم في النص، وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به. وعند بحث هذه المسألة في مجلس الهيئة، ونظراً لاعتبارات قدرتها الهيئة، ولأن هذا الخلاف في مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه ليس له آثار تخشى عواقبها. وقد مضى على ظهور هذا الدين مدة أربعة عشر قرناً لا نعلم منها فترة جرى فيها توحيد الأمة الأمية على رؤية واحدة، فإن أعضاء الهيئة يرون بقاء الأمر على ما كان عليه، وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته. ثالثاً: أما ما يتعلق بإثبات الأهلة بالحساب:

فبعد دراسة ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك، وبعد الرجوع إلى ما ذكره أهل العلم- فقد أجمع أعضاء الهيئة على عدم اعتباره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته" الحديث، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه" الحديث. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن باز محضار عقيل محمد الأمين الشنقيطي عبد الله بن منيع عبد الله خياط عبد الله بن حميد عبد العزيز بن صالح عبد المجيد حسن محمد الحركان سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ صالح بن غصون راشد بن خنين عبد الله بن غديان محمد بن جبير صالح بن لحيدان

الأشهر القمرية

الأشهر القمرية قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 24/4/1426 01/06/2005 قرار المجلس: خلص المجلس بعد استعراض الأبحاث المقدمة والمداولة المستفيضة بشأنها إلى القرار التالي: يثبت دخول شهر رمضان أو الخروج منه بالرؤية البصرية، سواء كانت بالعين المجردة أم بواسطة المراصد، إذا ثبتت في أي بلد إسلامي، بطريق شرعي معتبر، عملاً بالأمر النبوي الكريم الذي جاء به الحديث الصحيح: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا" (1) ، وصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" (2) . وهذا بشرط ألا ينفي الحساب الفلكي العلمي القطعي إمكان الرؤية في أي قطر من الأقطار، فإذا جزم هذا الحساب باستحالة الرؤية المعتبرة شرعًا في أي بلد، فلا عبرة بشهادة الشهود التي لا تفيد القطع، وتحمل على الوهم أو الغلط أو الكذب، وذلك لأن شهادة الشهود ظنية، وجزم الحساب قطعي، والظني لا يقاوم القطعي، فضلاً عن أن يقدم عليه، باتفاق العلماء. ويؤكد المجلس هذا: أنه لا يعني بالحساب الفلكي (علم التنجيم) المذموم والمرفوض شرعًا، كما لا يعني به المدون في (الرزنامات) المعروفة في البلاد الإسلامية، كما قد يتوهم بعض أهل العلم الشرعي. إنما نعني بالحساب: ثمرة علم الفلك المعاصر القائم على أسس رياضية علمية قاطعة، والذي بلغ في عصرنا مبلغًا عظيمًا، استطاع به الإنسان أن يصل إلى القمر والكواكب الأخرى، وبرز فيه كثير من علماء المسلمين في بلدان شتى. [الدورة الثالثة]

______ (1) أخرجه مسلم (كتاب الصيام -باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال 2/760) من حديث عبد الله بن عمر، و (2/762) من حديث أبي هريرة. (2) متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 1810) ، ومسلم (رقم: 1081/18) من حديث أبي هريرة.

اعتبار اختلاف مطالع الأهلة من عدمه

مجلة البحوث العدد/28 قرار هيئة كبار العلماء رقم 2 وتاريخ 13/8/1392هـ في مسألة اعتبار اختلاف مطالع الأهلة من عدمه هيئة كبار العلماء 25/2/1426 04/04/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فبناء على خطاب المقام السامي رقم (22451) ، وتاريخ 6/11/1391هـ، المتضمن إحالة موضوع عند دراسة مجلس رابطة العالم الإسلامي في جلسته المنعقدة في 15 شعبان عام 1391هـ واطلاعها على قرار اللجنة الفقهية المنبثقة من المجلس قررت الموافقة على القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع، إلا أن بعض أعضاء المجلس التأسيسي رأى التريث في الأمر وزيادة البحث والتقصي في هذا الموضوع. بناء على ذلك عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في دورتها الثانية المنعقدة في شهر شعبان 1392هـ ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في موضوع إثبات الأهلة المشتمل على الفقرتين التاليتين: أ- حكم اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره. ب- حكم إثبات الهلال بالحساب. وكذا قرار رابطة العالم الإسلامي الصادر منها في دورتها الثالثة عشرة المنعقدة في شهر شعبان عام 1391هـ، ومرفقة بحث اللجنة الفقهية المشكلة من بعض أعضاء مجلس الرابطة في الموضوع، وبعد دراسة المجلس للموضوع وتداول الرأي فيه قرر ما يلي: أولاً: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حسا وعقلاً ولم يختلف فيها أحد، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع من عدمه. ثانياً: مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال والاختلاف فيها وفي أمثالها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين: أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد، وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين، فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم ير اعتباره، واستدل كل فريق بأدلته من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى: "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج"، وبقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته". الحديث ... وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به، وعند بحث هذه المسألة في مجلس الهيئة، ونظراً لاعتبارات قدرتها الهيئة، ولأن هذا الخلاف في مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه ليس له آثار تخشى عواقبها، وقد مضى على ظهور هذا الدين مدة أربعة عشر قرناً لا نعلم منها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة، فإن أعضاء الهيئة يرون بقاء الأمر على ما كان عليه وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.

ثالثاً: أما ما يتعلّق بإثبات الأهلة بالحساب فبعد دراسة ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك، وبعد الرجوع إلى ما ذكره أهل العلم فقد أجمع أعضاء الهيئة على عدم اعتباره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" الحديث ... ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه" الحديث ... وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة عبد الرزاق عفيفي محمد الأمين الشنقيطي محضيار عقيل عبد العزيز بن باز عبد الله بن حميد عبد الله خياط محمد الحاركان عبد المجيد حسن عبد العزيز بن صالح صالح بن غصون إبراهيم بن محمد آل الشيخ سليمان بن عبيد محمد بن جبير عبد الله بن غديان راشد بن خنين صالح بن لحيدان عبد الله بن منيع

العمل بالرؤية في إثبات الأهلة لا بالحساب الفلكي

رقم القرار: 1 رقم الدورة: 4 بشأن العمل بالرؤية في إثبات الأهلة لا بالحساب الفلكي مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 بشأن العمل بالرؤية في إثبات الأهلة لا بالحساب الفلكي: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، قد اطلع في دورته الرابعة، المنعقدة بمقر الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، في الفترة ما بين السابع والسابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة 1401هـ على صورة خطاب الدعوة الإسلامية في سنغافورة، المؤرخ في 16 شوال 1399هـ الموافق 8 أغسطس 1979م، الموجه لسعادة القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية هناك، والذي يتضمن أنه حصل خلاف بين هذه الجمعية وبين المجلس الإسلامي في سنغافورة في بداية شهر رمضان ونهايته سنة 1399هـ الموافق 1979م، حيث رأت الجمعية ابتداء شهر رمضان وانتهاءه على أساس الرؤية الشرعية، وفقًا لعموم الأدلة الشرعية، بينما رأى المجلس الإسلامي في سنغافورة ابتداء ونهاية رمضان المذكور بالحساب الفلكي، معللاً ذلك بقوله: (بالنسبة لدول منطقة آسيا حيث كانت سماؤها محجوبة بالغمام، وعلى وجه الخصوص سنغافورة، فالأماكن لرؤية الهلال أكثرها محجوبة عن الرؤية، وهذا يعتبر من الأعذار التي لابد منها، لذا يجب التقدير عن طريق الحساب) . وبعد أن قام أعضاء مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بدراسة وافية لهذا الموضوع على ضوء النصوص الشرعية، قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي تأييده لجمعية الدعوة الإسلامية فيما ذهبت إليه، لوضوح الأدلة الشرعية في ذلك. كما يقرر أنه بالنسبة لهذا الوضع الذي يوجد في أماكن مثل سنغافورة وبعض مناطق آسيا وغيرها، حيث تكون سماؤها محجوبة بما يمنع الرؤية، فإن للمسلمين في تلك المناطق وما شابهها أن يأخذوا بمن يثقون به من البلاد الإسلامية التي تعتمد على الرؤية البصرية للهلال، دون الحساب بأي شكل من الأشكال، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُم فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثين". وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَصُوموا حتَّى تَرَوُا الهِلالَ أوْ تُكْمِلُوا العِدَّةَ، ولا تُفْطِروا حتَّى تَرَوُا الهِلالَ أوْ تُكمِلُوا العِدَّةَ) . وما جاء في معناهما من الأحاديث.

المفطرات في مجال التداوي

قرار رقم: 93 (1/10) بشأن المفطرات في مجال التداوي مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 10، ج ص) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة في المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 23-28 صفر 1418هـ الموافق 28 - حزيران (يونيو) - 3 تموز (يوليو) 1997م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في المجمع بخصوص موضوع المفطرات في مجال التداوي، والدراسات والبحوث والتوصيات الصادرة عن الندوة الفقهية الطبية التاسعة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، بالتعاون مع المجمع وجهات أخرى، في الدار البيضاء بالمملكة المغربية في الفترة من 9 - 12 صفر 1418هـ الموافق 14 - 17 حزيران (يونيو) 1997م، واستماعه للمناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة الفقهاء والأطباء، والنظر في الأدلة من الكتاب والسنة، وفي كلام الفقهاء، قرر ما يلي: أولاً: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: 1- قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق. 2- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق. 3- ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس) ، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي. 4- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم. 5- ما يدخل الإحليل، أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى، من قثطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة. 6- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق. 7- المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق. 8 - الحُقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية. 9 - غاز الأكسجين. 10 - غازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية. 11- ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية. 12- إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء. 13- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها. 14- أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل. 15- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى. 16- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاج الشوكي. 17- القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد (الاستقاءة) . ثانياً: ينبغي على الطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق. ثالثاً: تأجيل إصدار قرار في الصور التالية، للحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة في أثرها على الصوم، مع التركيز على ما ورد في حكمها من أحاديث نبوية وآثار عن الصحابة: أ- بخاخ الربو، واستنشاق أبخرة المواد. ب- الفصد، والحجامة. ج - أخذ عينة من الدم المخبري للفحص، أو نقل دم من المتبرع به، أو تلقي الدم المنقول. د - الحقن المستعملة في علاج الفشل الكلوي حقناً في الصفاق (الباريتون) أو في الكلية الاصطناعية. هـ - ما يدخل الشرج من حقنة شرجية أو تحاميل (لبوس) أو منظار أو إصبع للفحص الطبي. والعمليات الجراحية بالتخدير العام إذا كان المريض قد بيّت الصيام من الليل، ولم يعط شيئاً من السوائل (المحاليل) المغذية. والله أعلم

بيان توحيد الأهلة من عدمه

رقم القرار: 7 رقم الدورة: 4 في بيان توحيد الأهلة من عدمه مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 في بيان توحيد الأهلة من عدمه:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. أما بعد: لقد درس المجمع الفقهي الإسلامي مسألة اختلاف المطالع في بناء الرؤية عليها، فرأى أن الإسلام بني على أنه دين يسر وسماحة، تقبله الفطرة السليمة، والعقول المستقيمة، لموافقته للمصالح، ففي مسألة الأهلة، ذهب إلى إثباتها بالرؤية البصرية لا على اعتمادها على الحساب، كما تشهد به الأدلة الشرعية القاطعة، كما ذهب إلى اعتبار اختلاف المطالع، لما في ذلك من التخفيف على المكلفين، مع كونه هو الذي يقتضيه النظر الصحيح، فما يدعيه القائلون من وجوب الاتحاد في يومي الصوم والإفطار مخالف لما جاء شرعًا وعقلاً، أما شرعًا فقد أورد أئمة الحديث حديثَ كريب، وهو أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، فاستهل علي شهر رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا نكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه مسلم في صحيحه) . وقد ترجم الإمام النووي على هذا الحديث في شرحه على مسلم بقوله: (باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم، وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد، لا يثبت حكمه لما بَعُدَ عنهم) . ولم يخرج عن هذا المنهج من أخرج هذا الحديث من أصحاب الكتب الستة (أبو داود والترمذي والنسائي) في تراجمهم له. وناط الإسلام الصوم والإفطار بالرؤية البصرية دون غيرها، لما جاء في حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَصُومُوا حتَّى تَرَوُا الهلال، ولا تُفطِروا حتَّى تَرَوْهُ، فإنْ غُمَّ عَلَيكُم فاقْدُروا لَه". رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. فهذا الحديث علق الحكم بالسبب، الذي هو الرؤية، وقد توجد في بلد كمكة والمدينة، ولا توجد في بلد آخر، فقد يكون زمانها نهارًا عند آخرين، فكيف يؤمرون بالصيام أو الإفطار؟ أفاده في بيان الأدلة في إثبات الأهلة- وقد قرر العلماء من كل المذاهب: أن اختلاف المطالع هو المعتبر عند كثير، فقد روى ابن عبد البر الإجماع على ألا تراعى الرؤية فيما تباعد من البلدان: كخراسان من الأندلس، ولكل بلد حكم يخصه. وكثير من كتب أهل المذاهب الأربعة طافحة بذكر اعتبار اختلاف المطالع، للأدلة القائمة من الشريعة بذلك، وتطالعك الكتب الفقهية بما يشفي الغليل. وأما عقلاً: فاختلاف المطالع لا اختلاف لأحد من العلماء فيه، لأنه من الأمور المشاهدة، التي يحكم بها العقل، فقد توافق الشرع والعقل على ذلك، فهما متفقان على بناء كثير من الأحكام على ذلك التي منها أوقات الصلاة. ومراجعة الواقع تطالعنا بأن اختلاف المطالع من الأمور الواقعية- وعلى ضوء ذلك قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي: أنه لا حاجة إلى الدعوة إلى توحيد الأهلة والأعياد في العالم الإسلامي؛ لأن توحيدها لا يكفل وحدتهم، كما يتوهمه كثير من المقترحين لتوحيد الأهلة والأعياد. وأن تترك قضية إثبات الهلال إلى دور الإفتاء والقضاء في الدول الإسلامية، لأن ذلك أولى وأجدر بالمصلحة الإسلامية العامة. وأن الذي يكفل توحيد الأمة وجمع كلمتها، هو اتفاقهم على العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع شؤونهم. والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

حول رسالة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود الموجهة إلى العلماء والحكام والقضاة في شأن رؤية الهلال

القرار: 6 رقم الدورة: 4 حول رسالة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود الموجهة إلى العلماء والحكام والقضاة في شأن رؤية الهلال مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حول رسالة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود الموجهة إلى العلماء والحكام والقضاة في شأن رؤية الهلال: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. أما بعد: فقد اطلع مجلس المجمع الفقهي الإسلامي على الرسالة الموجهة إلى العلماء والحكام والقضاة في شأن رؤية الهلال، والتي كتبها رئيس المحاكم بدولة قطر، الشيخ عبد الله بن زيد بن محمود. وبعد الاطلاع عليها تبين أنها قد اشتملت على أغلاط عظيمة وأخطاء واضحة:

أولاً: قوله إ ن عيد الفطر من هذه السنة- يعني سنة 1400هـ- قد وقع في غير موقعه الصحيح، بناء على الشهادة الكاذبة برؤية الهلال ليلة الاثنين، حيث لم يره أحد من الناس الرؤية الصحيحة، لا في ليلة الاثنين ولا في ليلة الثلاثاء.... إلخ. فهذا الكلام الذي قاله مؤلف الرسالة تخرُّصًا منه، جانب فيه الصواب، وخالف فيه الحق. وكيف يحكم على جميع الناس أنهم لم يروه؟ وهو لم يُحط علمًا بذلك، والقاعدة الشرعية أن من علم حجة على من لم يعلم، ومن أثبت شيئًا حجة على من نفاه، وكيف وقد ثبتت رؤيته ليلة الاثنين بشهادة الثقات المعدلين، والمثبتة شهاداتهم لدى القضاة المعتمدين في بلدان مختلفة في المملكة وغيرها. وبذلك يعلم أن دخول شوال عام 1400هـ، ثبت ثبوتًا شرعيًّا ليلة الاثنين، مبنيًّا على أساس تعاليم الشرع المطهر، المبلغ عن سيد البشر. فقد روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام، وأمر الناس بالصيام. قال الحافظ في التلخيص: وأخرجه الدارمي، والدارقطني، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وصححه ابن حزم. وروى أهل السنن عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن أعرابيًّا قال: يا رسول الله، إني رأيت الهلال. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أَتَشهَدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وأني رسولُ الِله؟ ". قال: نعم. قال: "فأذِّن في الناسِ يا بلالُ أنْ يَصوموا غَدًا". وأخرجه أيضًا ابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني والحاكم، والبيهقي، وروى الإمام أحمد والنسائي عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألتهم، وإنهم حدثوني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غُمّ عليكم فأتموا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا". وعن الحارث بن حاطب الجمحي- أمير مكة- قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية، فإن لم نر، وشهد شاهدا عدل، نسكنا بشهاداتهما. رواه أبو داود والدارقطني، وقال: إسناده متصل صحيح. وعن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من الأنصار، قال: غم علينا هلال شوال، فأصبحنا صيامًا، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوه بالأمس، فأمر الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا لعيدهم من الغد. رواه الإمام أحمد وأبو داود، والنسائي وابن ماجة. قال الحافظ في التلخيص: صححه ابن المنذر وابن السكن وابن حزم. وعن ربعي بن حراش، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: اختلف الناس في آخر يوم من شهر رمضان، فقدم أعرابيان، فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله أنهما أهلا الهلال أمس عشيةً، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا. رواه أحمد وأبو داود. وزاد أبو داود في رواية: وأن يفدوا إلى مصلاهم. وهذه الأحاديث تدل على وجوب الأخذ بشهادة الشهود الثقات والاعتماد عليها، وأنه يكفي الشاهدان العدلان في الصوم والإفطار، ويكفي العدل الواحد في إثبات دخول شهر رمضان، كما دل على ذلك حديث ابن عمر وحديث ابن عباس، رضي الله عنهما، كما تدل على أنه لا يلزم من ذلك أن يراه

الناس كلهم، أو يراه الجم منهم، كما تدل أيضًا على أنه ليس من شرط صحة شهادة الشاهدين العدلين، أو شهادة العدل الواحد في الدخول، أن يراه الناس في الليلة الثانية، لأن منازله تختلف، وهكذا أبصار الناس ليست على حد سواء، ولأنه قد يوجد في الأفق ما يمنع الرؤية في الليلة الثانية. ولو كانت رؤيته في الليلة الثانية شرطًا في صحة الشهادة لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه المبلغ عن الله، والموضح لأحكامه- عليه الصلاة والسلام. وحكى الترمذي: إجماع العلماء على قبول شهادة العدلين في إثبات الرؤية، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في الفتاوى (ج25ص186) بعد ما ذكر اختلاف أبصار الناس في الرؤية وأسباب ذلك ما نصه: لأنه لو رآه اثنان علق الشارع الحكم بهما بالإجماع، وإن كان الجمهور لم يروه، ولعل مراده بحكاية الإجماع وقت الغيم، لأن خلاف أبي حنيفة- رحمه الله- في عدم إثبات دخول الشهر في وقت الصحو بأقل من الاستفاضة أمر معلوم لا يخفي على مثله- رحمه الله- وهذا كله إذا لم يحكم بذلك، فإنه يرتفع الخلاف ويلزم العمل بالشهادة المذكورة إجماعًا، كما ذكر ذلك العلامة أبو زكريا يحيى النووي في شرح المهذب (ج/6 ص313) بعدما ذكر أسباب اختلاف أبصار الناس في الرؤية، وهذا نص كلامه: ولهذا لو شهد برؤيته اثنان أو واحد، وحكم به حاكم، لم ينقض بالإجماع، ووجب الصوم بالإجماع، ولو كان مستحيلاً لم ينفذ حكمه ووجب نقضه. ثم قال ابن محمود، بعد كلام سبق ما نصه: يا معشر العلماء الكرام، ويا معشر قضاة شرع الإسلام، لقد وقعنا في صومنا وفطرنا في الخطأ المنكر كل عام. اهـ. ولا يخفي ما في هذا الكلام من الخطأ العظيم، والجرأة على القول بخلاف الحق، فأين له تكرار الخطأ في كل عام في الصوم والإفطار، والقضاة يحكمون في ذلك بما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وأجمع عليه أهل العلم، كما سبق بيانه.

ثم قال ابن محمود، بعد كلام سبق: فمتى طلع- يعني الهلال- قبل طلوع الشمس من جهة المشرق، فإنه يغيب قبلها، فلا يراه أحد، أو طلع مع الشمس فإنه يغيب معها ولا يراه أحد لشدة ضوء الشمس. اهـ. وهذا خطأ بين، فقد ثبت بشهادة العدول أنه قد يرى قبل الشمس في صبيحة يوم التاسع والعشرين من المشرق، ثم يرى بعد غروبهما من المغرب ذلك اليوم. لأن سير القمر غير سير الشمس، فكل واحد يسبح في فلكه الخاص به، كما يشاء الله عز وجل. وأما الآية التي استدل بها على ما ذكره من عدم إمكان رؤيته بعد الغروب إذا كان قد رؤي صباح ذلك اليوم قبل طلوع الشمس، وهي قوله تعالى في سورة يس: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس:40] . فلا حجة له في ذلك، لأن علماء التفسير أوضحوا معنى الإدراك المذكور، وأنه لا سلطان للشمس في وقت سلطان القمر، ولا سلطان للقمر في وقت سلطان الشمس. قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله- في تفسير هذه الآية ما نصه: قال مجاهد: لكل منهما حد لا يعدوه ولا يقصر دونه، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا، وإذا ذهب سلطان هذا جاء هذا. إلى أن قال: وقال الثوري: عن إسماعيل بن خالد عن أبى صالح: لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا. وقال عكرمة في قوله عز وجل: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) . يعني أن لكل منهما سلطانًا فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل. اهـ. ثم قال ابن محمود، بعد ما ذكر كلام فقهاء الأحناف في اشتراط الاستفاضة في الرؤية وقت الصحو، وأنه لا يكتفي في رؤيته بشخص أو شخصين دون بقية الناس، لاحتمال التوهم منهما، إلى أن قال: وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في رسائله المتعلقة بالهلال، فقال: إنه لا يعتد برؤية الواحد والاثنين للهلال، والناس لم يروه، لاحتمال التوهم منهما في الرؤية، ولو كانت الرؤية صحيحة لرآه أكثر الناس. اهـ. وهذا الكلام الذي نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- عن عدم الاكتفاء بشهادة الواحد والاثنين بالهلال إذا لم يره غيرهم، لا أساس له من الصحة، وقد سبق كلامه- رحمه الله- الذي نقله عنه العارفون بكلامه، وهو الموجود في الفتاوى (ج25ص186) ، وفيه نقل الإجماع على تعلق حكم الشرع بشهادة الاثنين، ثم قال: تراءى الناس هلال رمضان، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بصيامه. رواه أبو داود وصححه الحاكم وابن حبان، ومثله حديث ابن عباس أن أعرابيًّا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال. قال: "أتشهد أن لا إله إلا الله؟ ". قال: نعم. قال: "أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ ". قال: نعم. قال: "فأذِّنْ في الناسِ يا بلالُ أن يصوموا غدًا". رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وصحح النسائي إرساله، فالجواب أنه ليس في الحديثين ما يدل على حصر الرؤية على هذين الشخصين، إذ من المحتمل أن يكونا أول من رأيا الهلال ثم رآه غيرهما. اهـ. المقصود. ولا يخفي بطلان هذا الجواب وتعسفه، لعدم الدليل عليه، والأصل عدم وجود غيرهما، إذ لو شهد غيرهما لنقل، فلما لم ينقل ذلك، علم عدم وقوعه، لهذا

احتج العلماء بهذين الحديثين على قبول شهادة الواحد في دخول شهر رمضان ووجوب العمل بها، وهو أصح قولي العلماء، كما تقدم بيان ذلك، وقد تقدم أيضًا أنه متى حكم بها حاكم شرعي، وجب العمل بها إجماعًا، كما سبق نقل ذلك عن النووي- رحمه الله- في شرح المهذب، فنعوذ بالله من القول عليهم بغير علم. ثم قال ابن محمود في ختام رسالته ما نصه: ولقد تقدم مني القول برسالتي لاجتماع أهل الإسلام على عيد واحد كل عام، فدعوت فيها الحكومة حرسها الله إلى تعيين لجنة عدلية استهلالية، من العدول الذين لهم حظ من قوة البصر، فيراقبون الهلال وقت التحري بطلوعه خاصة لشعبان، وحتى إذا حصل غيم أو قتر حسبوا له ثلاثين، ثم صاموا رمضان، ثم يراقبون عند مستهل ذي الحجة، لمعرفة ميقات الحج، وهذه اللجنة لا ينبغي أن تقل عن عشرة أشخاص من العدول الثقات، ولهم رئيس يرجعون إليه في لم شملهم. اهـ. المقصود. ولا يخفي ما في هذا الكلام من التكلف والتشريع الجديد، الذي لم ينزل الله به من سلطان، بل هو اقتراح في غاية الفساد، لا يجوز التعويل عليه، والالتفات إليه، لأن الله سبحانه قد يسَّر وسهَّل، وأجاز الحكم بشهادة عدلين اثنين في جميع الشهور وعدل واحد في شهر رمضان، فلا يجوز لأحد أن يحدث في شرع الله ما لم يأذن به سبحانه، ولم تأت به سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وقد قال الله عز وجل: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) [الشورى:21] . وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَن أحدَث في أمرِنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ". أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، من حديث عائشة، رضي الله عنهما. وفي رواية مسلم عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن عمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ". وهذا ما أردنا التنبيه عليه من الأخطاء الكثيرة التي وقعت في رسالة الشيخ عبد الله بن محمود. ونسأل الله أن يهدينا وإياه سواء السبيل، وأن يعيذنا وإياه وسائر المسلمين من القول على الله وعلى رسوله بغير علم، ومن الإحداث في دين الله ما لم يأذن به الله. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.

المناسك

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الثالث ص398-404 قرار رقم (35) وتاريخ 14/2/1395هـ نقل مقام إبراهيم من مكانه توسعة على الطائفين هيئة كبار العلماء 23/8/1426 27/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد: فبناء على خطاب المقام السامي رقم (30560) وتاريخ 9/10/1394هـ الموجه من جلالة الملك حفظه الله إلى فضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بخصوص عرض الرسالة التي هي من تأليف الشيخ/ على الصالحي، الخاصة بنقل مقام إبراهيم عليه السلام، والبناء بمنى، وبعض المقترحات في المسجد الحرام - على هيئة كبار العلماء لدراسة المقترحات التي تضمنتها الرسالة، وبيان الرأي فيها. وفي الدورة السادسة لهيئة كبار العلماء المنعقدة في النصف الأول من شهر صفر عام 1395هـ جرى من مجلس الهيئة استعراض الرسالة المذكورة، فوجدت تتلخص فيما يأتي: أ- اقتراح بنقل المقام من مكانه الحالي إلى مكان آخر، ليتسع المطاف للطائفين أيام الحج. ب- اقتراح بالبناء في منى بصفة جاء وصفها وتحديدها في الاقتراح. ج- اقتراح ببناء طرق معلقة في المسعى فوق الساعين تنفذ إلى الحرم دون أن يتأذوا أو يتأذى الساعون. د- اقتراح باستغلال هواء المطاف بتسقيفه بطريقة جاء وصفها وتحديدها في الاقتراح، واقتراحات بربط مبنى الحرم القديم بالجديد، وتبليط حصوات الحرم. ثم جرى من المجلس مناقشة هذه المقترحات، ومداولة الرأي فيها، وتقرر ما يلي: أولاً: بالنسبة لموضوع نقل المقام، فمما لا شك فيه أن وضعه الحالي يعتبر من أقوى الأسباب فيما يلاقيه الطائفون في موسم الحج من المشقة العظيمة والكلفة البالغة التي قد تحصل بالبعض إلى الهلاك، أو تقارب، وذلك بسبب الزحام والصلاة عنده، وقد سبق أن بحث موضوع نقله، وصدر من سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم- رحمه الله- وأسكنه فسيح جناته - فتوى بجواز نقله شرعاً، إلا أنه رؤي الاكتفاء بتجربة تتلخص في إزالة الزوائد المحيطة بالمقام، ويبقى في مكانه، فإن كان ذلك كافياً ومزيلاً للمحذور استمر بقاؤه في مكانه، وإلا تعين النظر في أمر نقله، وحيث مضى على هذه التجربة عدة سنوات واتضح أن بقاءه في مكانه الحالي لا يزال سبباً في حصول الزحام والمشقة العظيمة به، ونظراً إلى أن من قواعد الشريعة الإسلامية: أن المشقة تجلب التيسير، وأن النصوص الشرعية قد تضافرت في رفع الحرج عن هذه الأمة، قال تعالى " وما جعل عليكم في الدين من حرج"، وقال تعالى " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، وقال تعالى" يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً". وقد تتبعت الهيئة الآثار الواردة في تعيين مكان مقام إبراهيم عليه السلام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذكره بعض أهل التفسير والحديث والتاريخ أمثال: الحافظ ابن كثير، والحافظ ابن حجر، والشوكاني وغيرهم- فترجح لديها أن مكانه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وبعض من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في سقع البيت، ثم أخره عمر أول مرة؛ مخافة التشويش على الطائفين، ورده المرة الثانية حين حمله السيل إلى ذلك الموضع الذي وضعه فيه أول مرة.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره قوله تعالى " واتخذوا من مقام إبرايهم مصلى" بعد ذكره الأحاديث الواردة في الصلاة عنده- قال: قلت: وقد كان هذا المقام ملصقاً بجدار الكعبة قديماً، ومكانه معروف اليوم إلى جانب الباب مما يلي الحجر يمنة الداخل من الباب في البقعة المستقلة هناك، وكان الخليل عليه السلام لما فرغ من بناء البيت وضعه إلى جدار الكعبة، أو أنه انتهى عنده البناء فتركه هناك؛ ولهذا - والله أعلم- أمر بالصلاة هناك عند الفراغ من الطواف، وناسب أن يكن عند مقام إبراهيم حيث انتهى بناء الكعبة فيه، وإنما أخره عن جدار الكعبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أحد الأئمة المهديين، والخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم، وهو أحد الرجلين اللذين قال فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر، وعمر"، وهو الذي نزل القرآن بوفاقه في الصلاة عنده، ولهذا لم ينكر ذلك أحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. قال عبد الرزاق: عن ابن جريج، حدثني عطاء وغيره من أصحابنا، قال: أول من نقله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال عبد الرزاق أيضاً: عن معمر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال: أول من أخر المقام إلى موضعه الآن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال الحافظ أبو بكر أحمد ابن الحسين بن على البيهقي، أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان، أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن كامل: حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، السلمي حدثنا أبو ثابت حدثنا الدراوردي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أن المقام كان زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمان أبي بكر رضي الله عنه ملتصقاً بالبيت، ثم أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا إسناد صحيح مع ما تقدم، وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي، أخبرنا ابن أبي عمر العدني، قال: قال سفيان - يعني: ابن عيينة- وهو إمام المكيين في زمانه: كان المقام في سقع البيت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحوله عمر إلى مكانه بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعد قوله: " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى". قال: ذهب السيل به بعد تحويل عمر إياه من موضعه هذا فرده عمر إليه، وقال سفيان: لا أدري كم بينه وبين الكعبة قبل تحويله، وقال سفيان: لا أدري أكان لاصقاً بها أم لا. فهذه الآثار متعاضدة على ما ذكرناه، والله أعلم. وقد قال الحافظ أبو بكر بن مردويه: أخبرنا ابن عمر، وهو: أحمد بن محمد بن حكيم، أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن أبي تمام، أخبرنا آدم، هو: ابن أبي إياس في [تفسيره] ، أخبرنا شريك عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد قال: قال: عمر بن الخطاب: يا رسول الله، لو صلينا خلف المقام، فأنزل الله: " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" فكان المقام عند البيت فحوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضعه هذا، قال مجاهد: وكان عمر يرى الرأي، فينزل به القرآن، هذا مرسل عن مجاهد، وهو مخالف لما تقدم من رواية عبد الرزاق، عن معمر، عن حميد، عن مجاهد: أن أول من أخر المقام إلى موضعه الآن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا أصح من طريق ابن مردويه مع اعتضاد هذا بما تقدم، والله أعلم. اهـ.

وقال رحمه الله في معرض تفسيره قوله تعالى " فيه آيات بينات مقام إبراهيم" (1) : قد كان- أي المقام- ملتصقاً بجدار البيت حتى أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إمارته إلى ناحية الشرق، بحيث يتمكن الطواف منه، ولا يشوشون على المصلين عنده بعد الطواف؛ لأن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة عنده حيث قال: " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى".اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في الجزء الثامن من الفتح: كان عمر -رضي الله عنه- رأى أن إبقاءه -أي مقام إبراهيم عليه السلام- يلزم منه التضييق على الطائفين أو على المصلين فوضع في مكان يرتفع به الحرج. وقال الشوكاني في تفسيره [فتح القدير] على قوله تعالى: " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ". وهو- أي: المقام - الذي كان ملتصقاً بجدار الكعبة، وأول من نقله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما أخرجه عبد الرزاق والبيهقي بأسانيد صحيحة، وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق مختلفة. اهـ. وبناء على ذلك كله: فإن الهيئة تقرر بالإجماع جواز نقله شرعاً إلى موضع مسامت لمكانه من الناحية الشرقية؛ نظراً للضيق والازدحام الحاصل في المطاف، والضرورة إلى ذلك، ما لم ير ولي الأمر تأجيل ذلك لأمر مصلحي. ثانياً: بالنسبة إلى البناء في منى فلا يخفى أن منى مشعر من المشاعر المقدسة، وأنها مناخ من سبق، وأن أهل العلم رحمهم الله قد منعوا البناء فيها؛ لكون ذلك يفضي إلى التضييق على عباد الله حجاج بيته الشريف. ونظراً إلى أن سفوح جبالها غير صالحة في الغالب لسكنى الحجاج فيها أيام منى، وأنه يمكن أن تستغل هذه السفوح بطريقة تحقق المصلحة العامة، ولا تتعارض مع العلة في منع البناء في منى- فإن المجلس يقرر بالأكثرية: جواز البناء على أعمدة في سفوح الجبال المطلة على منى على وجه يضمن المصلحة للحجاج، ولا يعود عليهم بالضرر، ويكون هذا البناء مرفقاً عاماً، وما تحته لمن سبق إليه من الحجاج كبقية أراضي منى، على أن يكون الإشراف على هذا البناء للدولة. وقد توقف في ذلك صاحبا الفضيلة الشيخان: صالح الليحدان، وعبد الله بن غديان.. ثالثاً: بالنسبة لما يتعلق بتسقيف المطاف فيرى المجلس أنه لا حاجة إلى ذلك، ولما فيه من المضرة والمضايقات. رابعاً: بالنسبة لبقية المقترحات؛ كبناء الجسور في المسعى، وتبليط حصوات الحرم، وتخطيط منى، وربط مبنى الحرم القديم بالبناء الجديد- فما كان منها محققاً للنفع فإن الشريعة جاءت بتحقيق المصالح ودفع المضار، فتحال إلى الجهة المختصة لدراستها، وتقرير ما يحقق المصلحة في ذلك منها. وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة السادسة عبد الرزاق عفيفي عبد الله خياط عبد الله بن حميد عبد العزيز بن باز عبد العزيز بن صالح عبد المجيد حسن محمد الحركان سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ صالح بن غصون راشد بن خنين عبد الله بن منيع محمد بن جبير عبد الله بن غديان [متوقف في البناء في سفوح الجبال بمنى] صالح بن لحيدان [متوقف في أمر البناء في السفوح]

حكم إقامة أكشاك خشبية في منى

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الثالث. ص 353-356 قرار رقم (20) وتاريخ 12/11/1393هـ حكم إقامة أكشاك خشبية في منى هيئة كبار العلماء 23/8/1426 27/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد: فبناء على المعاملة المتعلقة بطلب المطوف سراج عمر أكبر السماح له بإقامة أكشاك خشبية في منى من دورين لاستيعاب حجاجه، المشتملة على الأمر الملكي الكريم رقم (13212) وتاريخ 4/6/1393هـ القاضي بأخذ رأي المشايخ في هذا الخصوص والإفادة. فقد جرى إدراج هذا الموضوع في جدول أعمال هيئة كبار العلماء في دورتها الرابعة، وفي هذه الدورة جرى الاطلاع على أوراق المعاملة بما في ذلك صورة المخطط المعد للأكشاك، كما جرى الاطلاع على البحث المقدم من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء والمعد من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وبعد الدراسة والمناقشة وتداول الرأي رأى المجلس بأغلبية الأصوات أنه لا يجوز إقامة أكشاك بمنى على الصفة الموضحة بالمخطط المرفق بالمعاملة، فإنها متى أقيمت على هذه الصفة، وكان تأسيسها مبنياً على تصميمات فنية، وأسس قوية يرتاح إلى متانتها وتحملها، كما جاء في قرار لجنة الحج العليا رقم (6) وتاريخ 23/2/1393هـ فهي إذن في حكم البناء، إذ لا فرق فيما أقيم على وجه من شأنه الثبات والدوام بين أن يكون من حجارة أو لبن أو أخشاب أو غير ذلك، ومع هذا فإنها قد تفضي على مر الأيام وطول العهد إلى الإبقاء عليها في مكانها، وتنتهي إلى الطمع في تملكها أو الاختصاص بها على الأقل، ودعوى أنها لا تكون ثابتة، وأنها يسهل فكها بعد تركيبها- لا تتفق مع إقامتها على الصفة الموضحة في المخطط، ولا مع الشرط الذي ذكرته لجنة الحج العليا في قراراها، بل إقامتها كذلك من شأنه ثباتها وبقاؤها، تفادياً من متاعب إقامتها كل عام، وحرصاً على عدم النفقات المتكررة، وحفاظاً للمال من الخسائر التي تنشأ عن تلف بعض ما أقيم على هذه الصفة عند فكها، وطمعاً في الانتفاع بها، ثم الوصول إلى دعوى الاختصاص بها على الأقل. أما الشيخان عبد المجيد حسن وعبد الله بن منيع فإنهما لا يريان في ذلك مانعاً شرعياً، ولهما وجهة نظر مرفقة. وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة الرابعة عبد الله بن محمد بن حميد عبد الرزاق عفيفي محمد الأمين الشنقيطي عبد الله خياط عبد العزيز بن باز عبد المجيد حسن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ محمد الحركان سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ صالح بن غصون راشد بن خنين عبد الله بن غديان محمد بن جبير عبد الله بن منيع صالح بن لحيدان

وجهة نظر الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإذا كان الأمر كما جاء في قرار لجنة الحج العليا من أن هذه الأكشاك بديل عن الخيام فقط، وأنها تزال بعد انتهاء موسم الحج من كل عام، فإذا لم يكن فيها تعريض لحجاج بين الله الحرام للأذى والمضرة، سواءً الساكن فيها وغيره من الحجاج- إذا كان الأمر كذلك ولم يكن في هذا الإجراء مضرة، ولا أذى، فلا يظهر لنا مانع شرعي يحول دون جواز ذلك؛ لأن للحاج الارتفاق بالأرض التي يحلها في منى أيام الحج بأي وجه يراه، مما لا يتعارض مع المقاصد الشرعية، فإذا انقضت أيام الحج انتهى حقه في الارتفاق بتلك الأرض ذلك العام، ولا يظهر لنا وجه القول بأن هذا وسيلة إلى التملك أو الاختصاص لثلاثة أمور: أحدها: أن إزالة هذه الأكشاك كل عام بعد انتهاء الحج كما تزال الخيام يمنع الاحتجاج بالاختصاص على فرض وروده شرعاً، مع أن احتمال دعوى الاختصاص غير واردة؛ لمعرفة الخاص والعام: أن منى مناخ من سبق. وألا اختصاص لأحد فيها بغير السبق. الثاني: ما عليه جمهور أهل العلم من منع التملك في منى مما هو مشهور ومعلوم لدى العموم، حيث لا يمكن تصور قيام أحد بدعوى التملك فيها شرعاً، ولا يرد على ذلك واقع ما في منى من أبنية يتمسك أهلها بدعوى تملك ما هي عليه، فإن دعوى تملكها دعوى باطلة. وقد بنت الحكومة أيدها الله بنصره- على بطلان دعوى التملك في تعويضها- ما قامت بهدمه من هذه المباني، حيث قصرت التعويض على الأنقاض فقط. الثالث: أن مجموعة من الحجاج والمطوفين قد اعتادوا أن ينزلوا في منى في أماكن معينة منذ سنين طويلة، ولم يكن هذا الاعتبار شافعاً لأحدهم بدعوى الاختصاص فيما لو سبقه غيره في ذلك المنزل وفوق ذلك كله فإن للحكومة - أعزها الله وأدام تمكينها- من الهيبة والقوة والحرص على رعاية مصالح حجاج بيت الله الحرام، والعناية وتمام الاهتمام بالمشاعر المقدسة بحال تقطع على أهل النوايا السيئة كل هدف وتفكير. والله من وراء القصد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. عضو هيئة كبار العلماء عبد المجيد حسن عضو هيئة كبار العلماء عبد الله بن سليمان بن منيع

حكم بناء طابق علوي فوق الجمرات

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الثالث ص287-288 قرار رقم (11) حكم بناء طابق علوي فوق الجمرات هيئة كبار العلماء 23/8/1426 27/09/2005 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وآله، وبعد: فبناء على خطاب صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة، ورئيس لجنة الحج العليا رقم (59/5/7/أم) وتاريخ 4/1/1393هـ، الوارد إلى رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد عن طريق وزارة العدل، والذي يطلب فيه إبداء الوجهة الشرعية، وبيان الحكم فيما اقترحته لجنة الحج العليا من بناء طابق على شارع الجمرات ورفع شاخص الجمرات، ورفع جدار حوض كل جمرة إلى منسوب يمكن معه رمي حصى الجمار من أعلى الطابق ومن أسفله بسهولة. بناء على ذلك درست هيئة كبار العلماء هذا الموضوع، وما أعدته اللجنة الدائمة من البحث عليه، ورأت بالاتفاق أن يؤجل النظر فيه والبت في حكمه إلى دورة أخرى حتى يصل الرسم الهندسي لهذا العمل، والذي سبق أن طلبته الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء؛ لتعرف الهيئة منه تفاصيل الأمر المطلوب وهل يحقق هذا الاقتراح مصلحة من غير استلزام مفسدة أم لا؟ وصلى الله وسلم على محمد، وآله وصحبه. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة الثالثة محمد الأمين الشنقيطي عبد الرزاق عفيفي عبد الله خياط عبد الله بن حميد عبد العزيز بن باز عبد المجيد حسن عبد العزيز بن صالح محمد الحركان سليمان العبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ محمد بن جبير راشد بن خنين عبد الله بن غديان صالح بن غصون عبد الله بن منيع صالح بن لحيدان

حكم السعي فوق سقف المسعى

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الأول ص40-42 قرار هيئة كبار العلماء رقم (21) وتاريخ 12/11/1393هـ حكم السعي فوق سقف المسعى هيئة كبار العلماء 22/8/1426 26/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: فبناء على الخطاب الوارد لفضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد من معالي وزير العدل رقم (267) وتاريخ 23/3/1393هـ المبني على خطاب سمو نائب وزير الداخلية رقم (26/10612) وتاريخ21/3/1393هـ بخصوص الرغبة في إبداء الحكم الشرعي في (حكم السعي فوق سقف المسعى) ليكون وسيلة من وسائل علاج ازدحام الحجاج أيام الموسم، وبناء على ما رآه فضيلته من إدراج هذا الموضوع في جدول أعمال هيئة كبار العلماء في دورتها الرابعة فقد تم إدراج ذلك، وفي تلك الدورة جرى الاطلاع على أوراق المعاملة المتعلقة بالاستفتاء، كما جرى الاطلاع على البحث المقدم من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، والمعد من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وبعد دراسة المسألة، واستعراض أقوال أهل العلم في حكم الطواف والسعي والرمي راكباً، والصلاة إلى هواء الكعبة أو قاعها، وكذا حكم الطواف فوق أسطحة الحرم وأروقته، وحكمهم بأن من ملك أرضاً ملك أسفلها وأعلاها. وبعد تداول الرأي والمناقشة انتهى المجلس بالأكثرية إلى الإفتاء بجواز السعي فوق سقف المسعى عند الحاجة، بشرط استيعاب ما بين الصفا والمروة، وأن لا يخرج عن مسامتة المسعى عرضاً لما يأتي: 1- لأن حكم أعلى الأرض وأسفلها تابع لحكمها في التملك والاختصاص ونحوهما، فللسعي فوق سقف المسعى حكم السعي على أرضه. 2- لما ذكره أهل العلم من أنه يجوز للحاج والمعتمر أن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة راكباً لعذر باتفاق، ولغير عذر على خلاف من بعضهم، فمن يسعى فوق سقف المسعى يشبه من يسعى راكباً بعيراً ونحوه، إذ الكل غير مباشر للأرض في سعيه، وعلى رأي من لا يرى جواز السعي راكباً لغير عذر، فإن ازدحام السعاة في الحج يعتبر عذراً يبرر الجواز. 3- أجمع أهل العلم على أن استقبال ما فوق الكعبة من هواء في الصلاة كاستقبال بنائها، بناء على أن العبرة بالبقعة لا بالبناء، فالسعي فوق سقف المسعى كالسعي على أرضه. 4- اتفق العلماء على أنه يجوز الرمي راكباً وماشياً، واختلفوا في الأفضل منهما، فإذا جاز رمي الجمرات راكباً جاز السعي فوق سقف المسعى، فإن كلاً منهما نسك أدي من غير مباشرة مؤدية للأرض التي أداه عليها، بل السعي فوق السقف أقرب من أداء أي شعيرة من شعائر الحج أو العمرة فوق البعير ونحوه؛ لما في البناء من الثبات الذي لا يوجد في المراكب. 5- لأن السعي فوق سقف المسعى لا يخرج عن مسمى السعي بين الصفا والمروة؛ ولما في ذلك من التيسير على المسلمين والتخفيف مما هم فيه من الضيق والازدحام، وقد قال الله تعالى:"يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"،وقال تعالى:"وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج:78] ، مع عدم وجود ما ينافيه من كتاب أو سنة، بل إن فيه ما تقدم من المبررات ما يؤيد القول بالجواز عند الحاجة.

وقد ذكر ابن حجر الهيثمي-رحمه الله- رأيه في المسألة: فقال في حاشيته على [الإيضاح] لمحي الدين النووي ص (131) : (ولو مشى أو مَرَّ في هواء المسعى فقياس جعلهم هواء المسجد مسجداً، صحة سعيه. اهـ أما المشائخ: محمد بن حركان، وعبد العزيز بن صالح، وسليمان بن عبيد، وصالح بن لحيدان، وعبد الله بن غديان، وراشد بن خنين-فقد توقفوا في هذه المسألة. وأما الشيخ محمد الأمين الشنقيطي فيرى عدم جواز ذلك، وله وجهة نظر في المنع مرفقة. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة الثالثة عبد الله بن محمد بن حميد محمد بن جبير محمد الأمين الشنقيطي [له وجهة نظر مخالفة] عبد الله بن خياط عبد الرزاق عفيفي عبد المجيد حسن عبد العزيز بن صالح عبد العزيز بن باز سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ محمد الحركان راشد بن خنين عبد الله بن غديان صالح بن غصون عبد الله بن منيع صالح بن لحيدان

حكم طواف الوداع للخارج من مكة مطلقا

قرار هيئة كبار العلماء رقم (70) وتاريخ 21/10/1399هـ حكم طواف الوداع للخارج من مكة مطلقاً هيئة كبار العلماء 16/8/1426 20/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبيه محمد، وآله وصحبه وبعد: فقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الرابعة عشرة المنعقدة بمدينة الطائف ابتداءً من 10/10/1399هـ حتى 21/10/1399هـ في حكم طواف الوداع للخارج من مكة المكرمة سواء كان حاجاً أو معتمراً أو غيرهما، وهل يفرق بين من كان سفره مسافة قصر ومن كان دون ذلك؟ واطلع على البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الموضوع بناءً على طلب المجلس في دورته الثالثة عشرة وقد تبين له أن العلماء مختلفون في تلك المسائل تبعاً لاختلاف اجتهادهم والخلاف فيها معروف بين العلماء ومدون في كتب الأحاديث وكتب الفقه والمناسك، وما زال عمل العلماء جارياً على الأخذ بما يترجح لهم دليله، وينبغي للحاج وغيره أن يحرص على الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله ما استطاع إلى ذلك سبيلا؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- "خذوا عني مناسككم"؛ لذلك يرى المجلس في هذه المسائل الخلافية أن يستفتي العامي من يثق بدينه وأمانته ومذهب العامي مذهب من يفتيه من أهل العلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة عبد الله بن محمد بن حميد عبد الله خياط عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن باز محمد بن علي الحركان راشد بن خنين سليمان بن عبيد عبد الله بن قعود إبراهيم بن محمد آل الشيخ [غائب] عبد الله غديان عبد المجيد حسن صالح بن لحيدان محمد بن جبير عبد الله بن منيع صالح بن غصن عبد العزيز بن صالح [غائب]

حكم نقل لحوم الهدايا والجزاءات خارج الحرم

قرار هيئة كبار العلماء رقم (77) وتاريخ 21/10/1400هـ حكم نقل لحوم الهدايا والجزاءات خارج الحرم هيئة كبار العلماء 16/8/1426 20/09/2005 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وبعد: ففي الدورة السادسة عشرة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بالطائف ابتداء من يوم السبت الموافق 12/10/1400هـ حسب تقويم أم القرى حتى الحادي والعشرين منه بحث المجلس [حكم نقل لحوم الهدايا والجزاءات خارج الحرم] . بناءً على ما تقرر في الدورة الخامسة عشرة من دراسة هذا الموضوع بعد أن تعد اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثاً فيه يوضح حكم نقل لحوم الهدايا والجزاءات ونحوها إلى أماكن تقع خارج الحرم، وهل يجوز توزيعها خارج الحرم مطلقاً أو عند استغناء فقراء الحرم، وهل يفرق بين الهدايا الواجبة من أجل التمتع والقران وبين الواجبة بفعل محظور أو ترك واجب؟ وقد درس المجلس البحث المذكور ورجع إلى قراره رقم (76) الذي أصدره في الدورة الاستثنائية الرابعة، المتضمن عدة مقترحات للاستفادة من اللحوم التي تكون في منى أيام الحج وهي: 1- تطوير المسالخ الحالية لتستوعب أعداداً كبيرة من الذبائح، وإنشاء مسالخ متعددة على مداخل ومخارج منى وفي أماكن متفرقة من الحرم، بالقدر الذي يكفي مع استمرار تمكين الحجاج من مباشرة ذبح هداياهم، إذا رغبوا في ذلك، وأخذ ما يشاؤون من لحومها. 2- العمل على إيجاد المجالب المناسبة بجوار كل مسلخ، ومنع الناس من بيع مالا يجزئ شرعاً؛ من الهزيل والمريض ونحوهما. 3- إيجاد البرادات الكافية لحفظ اللحوم الصالحة التي يستغني عنها الحجاج إلى أن توزع على فقراء الحرم حسب الإمكان. 4- أن تقوم الجهات المعنية بتوعية الحجاج من داخل المملكة وخارجها بأحكام الهدي، وما يجب أن يكون عليه، وما يلزمهم نحوه. 5- يجوز للحكومة تنظيم الاستفادة من سواقط الهدي التي تترك في المجازر مثل الجلد والعظام والصوف، ونحو ذلك مما ترى فيه المصلحة لفقراء الحرم، مما يتركه أهله رغبة عنه. وبعد مناقشة الموضوع وتداول الرأي فيه رأى المجلس بالأكثرية إصدار قرار يوضح الحكم في نقل اللحوم من الحرم إلى خارجه، حيث كان القرار السابق مختصاً باللحوم التي تبقى فيه. وبناء على هذا فإن ما يذبحه الحاج ثلاثة أنواع: 1- هدي التمتع والقران، فهذا يجوز النقل منه إلى خارج الحرم، وقد نقل الصحابة رضوان الله عليهم من لحوم هداياهم إلى المدينة، ففي [صحيح البخاري] عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث منى، فرخص لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "كلوا وتزودوا" فأكلنا وتزودنا. 2- ما يذبحه الحاج داخل الحرم جزاءً لصيد، أو فدية لإزالة أذى، أو ارتكاب محظور أو ترك واجب- فهذا النوع لا يجوز نقل شيء منه؛ لأنه كله لفقراء الحرم. 3- ما ذبح خارج الحرم من فدية الجزاء، أو هدي الإحصار، أو غيرهما مما يسوغ ذبحه خارج الحرم -فهذا يوزع حيث ذبح، ولا يمنع نقله من مكان ذبحه إلى مكان آخر.

وإن المجلس يوصي جميع الحجاج بأن يختاروا الجيد الطيب لهداياهم وذبائحهم، وأن يعلموا أنه يجب عليهم توزيعها حسب ما شرع الله ورسوله، ولا يجوز لهم ذبحها وتركها دون أن ينتفع بها أحد من المسلمين. والله ولي التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة عبد الرزاق عفيفي عبد الله خياط عبد الله بن محمد بن حميد عبد العزيز بن باز محمد بن علي الحركان عبد العزيز بن صالح سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ محمد بن جبير راشد بن خنين عبد المجيد حسن صالح بن غصون عبد الله بن غديان صالح بن لحيدان عبد الله بن منيع عبد الله بن قعود [متوقف]

حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم العيد

بشأن حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم العيد هيئة كبار العلماء 11/4/1426 19/05/2005 أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الثاني/ 388-389 قرار هيئة كبار العلماء رقم (3) وتاريخ 13/8/1392هـ بشأن حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم العيد الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمداً وعلى آله وصحبه. وبعد: بناءً على خطاب المقام السامي رقم (22310) تاريخ 4/11/1391هـ المتضمن الموافقة على اقتراح سماحة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بحث موضوع (حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم العيد ورميها في ليلة اليوم الأول من أيام التشريق، وكذا حكم تقديم الرمي أيام التشريق قبل الزوال، وحكم الرمي ليالي أيام التشريق) من قبل هيئة كبار العلماء- عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في دورتها الثانية، المنعقدة في شهر شعبان عام 1392هـ ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في موضوع الرمي المشتمل على المسائل الآتية: أ- حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم العيد. ب- حكم رمي جمرة العقبة ليلة القر. ج- حكم رمي الجمار أيام التشريق قبل الزوال. د- حكم رمي الجمار ليلتي اليوم الثاني والثالث من أيام التشريق. وبعد دراسة المجلس للمسائل المذكورة واطلاعه على أقوال أهل العلم وتداوله الرأي فيها قرر- ما يلي: 1- جواز رمي جمرة العقبة بعد نصف ليلة يوم النحر للضعفة من النساء وكبار السن والعاجزين ومن يلازمهم للقيام بشؤونهم؛ لما ورد من الأحاديث والآثار الدالة على جواز ذلك. 2- عدم جواز رمي الجمار أيام التشريق قبل الزوال؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، وقوله:" خذوا عني مناسككم"، ولقول ابن عمر أيام التشريق: كنا نتحين الرمي فإذا زالت الشمس رمينا. ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس وأنصح الناس وأرحمهم، فلو كان ذلك جائزاً قبل الزوال لبينه صلى الله عليه وسلم. 3- أما ما عدا ذلك من المسائل الخلافية من أعمال المناسك المشار إليها أعلاه، فإن الخلاف فيها معروف بين العلماء، ومدون في كتب المناسك وغيرها، وما زال عمل الناس جارياً على ذلك، وينبغي للحاج أن يحرص على التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم" خذوا عني مناسككم". ويرى المجلس في هذه المسائل الخلافية أن يستفتي العامي من يثق بدينه وأمانته وعلمه في تلك المسائل، ومذهب العامي مذهب من يفتيه. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة (1) عبد الرزاق عفيفي (2) محمد الأمين الشنقيطي (3) عبد العزيز بن باز (4) محمد الحركان (5) صالح بن غصون (6) محمد بن جبير (7) صالح بن لحيدان (8) عبد الله بن حميد (9) عبد المجيد حسن (10) إبراهيم بن محمد آل الشيخ (11) عبد الله بن غديان (12) عبد الله بن منيع (13) محضار عقيل (14) عبد الله خياط (15) عبد العزيز بن صالح (16) سليمان بن عبيد (17) راشد بن خنين

اعتبار اختلاف مطالع الأهلة من عدمه

مجلة البحوث العدد/28 قرار هيئة كبار العلماء رقم 2 وتاريخ 13/8/1392هـ في مسألة اعتبار اختلاف مطالع الأهلة من عدمه هيئة كبار العلماء 25/2/1426 04/04/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فبناء على خطاب المقام السامي رقم (22451) ، وتاريخ 6/11/1391هـ، المتضمن إحالة موضوع عند دراسة مجلس رابطة العالم الإسلامي في جلسته المنعقدة في 15 شعبان عام 1391هـ واطلاعها على قرار اللجنة الفقهية المنبثقة من المجلس قررت الموافقة على القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع، إلا أن بعض أعضاء المجلس التأسيسي رأى التريث في الأمر وزيادة البحث والتقصي في هذا الموضوع. بناء على ذلك عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في دورتها الثانية المنعقدة في شهر شعبان 1392هـ ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في موضوع إثبات الأهلة المشتمل على الفقرتين التاليتين: أ- حكم اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره. ب- حكم إثبات الهلال بالحساب. وكذا قرار رابطة العالم الإسلامي الصادر منها في دورتها الثالثة عشرة المنعقدة في شهر شعبان عام 1391هـ، ومرفقة بحث اللجنة الفقهية المشكلة من بعض أعضاء مجلس الرابطة في الموضوع، وبعد دراسة المجلس للموضوع وتداول الرأي فيه قرر ما يلي: أولاً: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حسا وعقلاً ولم يختلف فيها أحد، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع من عدمه. ثانياً: مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال والاختلاف فيها وفي أمثالها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين: أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد، وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين، فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم ير اعتباره، واستدل كل فريق بأدلته من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى: "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج"، وبقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته". الحديث ... وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به، وعند بحث هذه المسألة في مجلس الهيئة، ونظراً لاعتبارات قدرتها الهيئة، ولأن هذا الخلاف في مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه ليس له آثار تخشى عواقبها، وقد مضى على ظهور هذا الدين مدة أربعة عشر قرناً لا نعلم منها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة، فإن أعضاء الهيئة يرون بقاء الأمر على ما كان عليه وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.

ثالثاً: أما ما يتعلّق بإثبات الأهلة بالحساب فبعد دراسة ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك، وبعد الرجوع إلى ما ذكره أهل العلم فقد أجمع أعضاء الهيئة على عدم اعتباره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" الحديث ... ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه" الحديث ... وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة عبد الرزاق عفيفي محمد الأمين الشنقيطي محضيار عقيل عبد العزيز بن باز عبد الله بن حميد عبد الله خياط محمد الحاركان عبد المجيد حسن عبد العزيز بن صالح صالح بن غصون إبراهيم بن محمد آل الشيخ سليمان بن عبيد محمد بن جبير عبد الله بن غديان راشد بن خنين صالح بن لحيدان عبد الله بن منيع

عدم اعتبار جدة ميقاتا

مجلة البحوث/32 قرار هيئة كبار العلماء رقم 33 وتاريخ 21/10/1399هـ بشأن عدم اعتبار جدة ميقاتًا هيئة كبار العلماء 25/2/1426 04/04/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ففي الدورة الرابعة عشرة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في الطائف من 10/10/1399هـ، حتى 21/10/1399هـ، نظر المجلس في الرسالة التي بعثها الشيخ/ عبد الله بن زيد آل محمود رئيس المحاكم الشرعية والشئون الدينية بقطر إلى جلالة الملك خالد بن عبد العزيز المتضمنة جواز جعل جدة ميقاتاً لركاب الطائرات الجوية والسفن البحرية، والتي أحيلت إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد من معالي رئيس المكتب الخاص لجلالة الملك خالد برقم 5214/1 في 12/5/1399هـ وقد استعرض المجلس تلك الفتوى فوجد أنها تستند على: 1- أن الفتوى تتغير بتغير الأحوال والأزمان. 2- أن القضية موضع اجتهاد وتتطلب من العلماء تحقيق النظر في تعيين الميقات لهؤلاء القادمين على متون الطائرات. 3- إن مرور الطائرات فوق سماء الميقات وهي محلقة في السماء لا يصدق على أهلها أنهم أتوا الميقات المحدد لهم لغة ولا عرفاً. 4- ما يزعمه من أن فتواه تشبه ما فعله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين وقّت لأهل العراق ذات عرق. 5- قوله: "لو كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيّاً ويرى كثرة النازلين من أجواء السماء إلى ساحة جدة يؤمون هذا البيت للحج والعمرة لبادر إلى تعيين ميقات لهم من جدة نفسها لكونها من مقتضى أصوله ونصوصه" ا. هـ. وإن المجلس بعد دراسة هذه الأمور الخمسة وغيرها مما ورد في الرسالة يرى أن المسوغات التي استند إليها مردودة بالنصوص الشرعية وإجماع سلف الأمة، فقد روى البخاري وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: وقّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة، ولا يصح الاستناد في هذه المسألة إلى تغير الفتوى بتغير الأحوال والأزمان؛ لأنها من العبادات، وهي مبنية على التوقيف، كما أنها ليست من مواضع الاجتهاد لتحديدها بالنص من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن المعلوم عند أهل العلم أن الهواء تابع للقرار، كما هو مبسوط في موضعه وإنكار ذلك منه غير مسلم. أما احتجاجه بجعل عمر -رضي الله عنه- لم يجعل لأهل العراق ميقاتاً في الجهة الغربية أو غيرها من مكة يحرمون منه بدلاً من ميقاتهم الذي يمرون به في الجهة الشرقية منها، بل قال عمر -رضي الله عنه-: انظروا حذوها من طريقكم. وأما قوله: ولو كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حياً - إلى قوله- لبادر إلى تعيين ميقات لهم من جدة نفسها لكونها من مقتضى أصوله ونصوصه، فهو قول باطل؛ لأن الله أكمل الدين في حياة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وانتهى التشريع بوفاته، كما قال تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" [المائدة: 3] ، وقوله تعالى: "وما كان ربك نسيا" [مريم: 64] ، وأنه ليترتب على هذا القول أمور كثيرة خطيرة.

وبناء على ما تقدم، وبعد الرجوع إلى الأدلة وما ذكره أهل العلم في المواقيت المكانية، ومناقشة الموضوع من جميع جوانبه فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي: 1- إن الفتوى الصادرة من فضيلة الشيخ/ عبد الله بن زيد آل محمود رئيس المحاكم الشرعية والشئون الدينية بقطر الخاصة بجواز جعل جدة ميقاتاً لركاب الطائرات الجوية والسفن البحرية فتوى باطلة لعدم استنادها إلى نص من كتاب الله أو سنة رسوله أو إجماع سلف الأمة. ولم يسبقه إليها أحد من علماء المسلمين الذين يعتد بأقوالهم. 2- لا يجوز لمن مر بميقات من المواقيت المكانية أو حاذى واحداً منها -جواً أو بحراً- أن يتجاوزه من غير إحرام كما تشهد لذلك الأدلة، وكما قرر أهل العلم -رحمهم الله تعالى-. هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة عبد الله بن محمد حميد عبد الله خياط محمد بن علي الحاركان عبد العزيز بن باز سليمان بن عبيد عبد العزيز بن صالح عبد الرزاق عفيفي راشد بن خنين إبراهيم بن محمد آل الشيخ [غائب] عبد الله بن غديان صالح بن غصون عبد المجيد حسن عبد الله بن قعود عبد الله بن منيع صالح لحيدان

الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة

قرار رقم: 19 (7/3) بشأن الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع - ع 3، ج 3/ص 1419 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 - 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م. بعد اطلاعه على البحوث المقدمة بخصوص موضوع الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة. قرر ما يلي: أن المواقيت المكانية التي حددتها السنة النبوية يجب الإحرام منها لمريد الحج أو العمرة، للمار عليها أو للمحاذي لها أرضاً أو جواً أو بحراً لعموم الأمر بالإحرام منها في الأحاديث النبوية الشريفة. والله أعلم.

حكم الإحرام من جدة للواردين إليها من غيرها

رقم القرار: 2 رقم الدورة: 5 حكم الإحرام من جدة للواردين إليها من غيرها مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حكم الإحرام من جدة للواردين إليها من غيرها: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين وسيد المرسلين، نبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد ناقش في جلسته الثالثة صباح يوم الخميس الموافق 10/4/1402هـ. والمصادف 4/2/1982م موضوع (حكم الإحرام من جدة، وما يتعرض له الكثير من الوافدين إلى مكة المكرمة للحج والعمرة عن طريق الجو والبحر) ، لجهلهم عن محاذاة المواقيت التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم وأوجب الإحرام منها على أهلها، ومن مر عليها من غيرهم، ممن يريد الحج أو العمرة. وبعد التدارس واستعراض النصوص الشرعية الواردة في ذلك قرر المجلس ما يلي:

أولاً: أن المواقيت التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم وأوجب الإحرام منها على أهلها، وعلى من مر عليها من غيرهم، ممن يريد الحج والعمرة هي: ذو الحليفة لأهل المدينة ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى حاليًّا (أبيار علي) . والجحفة وهي لأهل الشام ومصر والمغرب، ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى حاليًّا (رابغ) . وقرن المنازل، وهي لأهل نجد ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى حاليًّا (وادي محرم) وتسمى أيضًا (السيل) . وذات عرق، لأهل العراق، وخراسان، ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى (الضريبة) . ويلملم، لأهل اليمن ومن مر عليها من غيرهم. وقرر: أن الواجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا أقرب ميقات إليهم من هذه المواقيت الخمسة جوًّا أو بحرًا، فإن اشتبه عليهم ذلك ولم يجدوا معهم من يرشدهم إلى المحاذاة، وجب عليهم أن يحتاطوا وأن يحرموا قبل ذلك بوقت يعتقدون أو يغلب على ظنهم أنهم أحرموا قبل المحاذاة؛ لأن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة ومنعقد، ومع التحري والاحتياط، خوفًا من تجاوز الميقات بغير إحرام تزول الكراهة؛ لأنه لا كراهة في أداء الواجب، وقد نص أهل العلم في جميع المذاهب الأربعة على ما ذكرنا، واحتجوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في توقيت المواقيت للحجاج والعمار. واحتجوا أيضًا بما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لما قال له أهل العراق: إن قرنًا جَورٌ عن طريقنا؟ قال لهم- رضي الله عنه: انظروا حذوَها من طريقكم. قالوا: ولأن الله سبحانه أوجب على عباده أن يتقوه ما استطاعوا، وهذا هو المستطاع في حق من لم يمر على نفس الميقات، إذا عُلم هذا فليس للحجاج والعمار الوافدين من طريق الجو والبحر ولا غيرهم أن يؤخروا الإحرام إلى وصولهم إلى جدة، لأن جدة ليست من المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا من لم يحمل معه ملابس الإحرام، فإنه ليس له أن يؤخر إحرامه إلى جدة، بل الواجب عليه أن يحرم في السراويل إذا كان ليس معه إزار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "مَن لم يَجِدْ نَعْلَيْن فَلْيَلْبَسِ الخُفَّين، ومَن لم يجد إزارًا فليلبس السَّرَاوِيلَ". وعليه كشف رأسه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عما يلبس المحرم قال: "لا يلبَسُ القميصَ ولا العمائمَ ولا السَّرَاويلاتِ ولا البرانسَ ولا الخفافَ إلا لمن لم يَجِدِ النَّعلين". الحديث متفق عليه. فلا يجوز أن يكون على رأس المحرم عمامة ولا قلنسوة ولا غيرهما مما يلبس على الرأس. وإذا كان لديه عمامة ساترة يمكنه أن يجعلها إزارًا اتَّزَر بها، ولم يجز له لبس السراويل، فإذا وصل إلى جدة وجب عليه أن يخلع السراويل ويستبدلها بإزار إذا قدر على ذلك، فإن لم يكن عليه سراويل، وليس لديه عمامة تصلح أن تكون إزارًا حين محاذاته للميقات في الطائرة أو الباخرة أو السفينة، جاز له أن يحرم في قميصه الذي عليه مع كشف رأسه، فإذا وصل إلى جدة اشترى إزارًا وخلع القميص، وعليه عن لبسه القميص كفارة، وهي إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز أو غيرهما من قوت البلد، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة، هو مخير بين هذه الثلاثة، كما خير النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة لما أذن له في حلق رأسه وهو محرم للمرض الذي أصابه. ثانيًا: يكلف المجلس الأمانة العامة للرابطة بالكتابة إلى شركات الطيران والبواخر لتنبيه الركاب قبل القرب من الميقات، بأنهم سيمرون على الميقات قبل مسافة ممكنة. ثالثًا: خالف عضو مجلس المجمع الفقهي الإسلامي معالي الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء في ذلك، كما خالف فضيلة الشيخ أبو بكر محمود جومي عضو المجلس بالنسبة للقادمين من سواكن إلى جدة فقط. وعلى هذا جرى التوقيع. والله ولي التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

القرض

قرار رقم: 53 (4/6) بشأن القبض: صوره وبخاصة المستجدة منها وأحكامها مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 6، ج1 ص 453) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410هـ الموافق14-20 آذار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع القبض: صوره وبخاصة المستجدة منها وأحكامها، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: قبض الأموال كما يكون حسياً في حالة الأخذ باليد، أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتباراً وحكماً بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حساً. وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضاً لها. ثانياً: إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعاً وعرفاً: 1- القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية: أ - إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية. ب - إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل. ج - إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغاً من حساب له إلى حساب آخر بعملة أخرى، في المصرف نفسه أو غيره، لصالح العميل أو لمستفيد آخر، وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية. ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي، للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي. 2- تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه المصرف. والله أعلم

استفسارات البنك الإسلامي للتنمية

قرار رقم: 13 (1/3) بشأن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع - ع 2، ج 2/ص 527 والعدد الثالث ج 1 ص 77 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407هـ /11 - 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986م. بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات التي تقدم بها البنك إلى المجمع، قرر ما يلي: (أ) بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإسلامي للتنمية: أولاً: يجوز أخذ أجور عن خدمات القروض على أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية. ثانياً: كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعاً. (ب) بخصوص عمليات الإيجار: أولاً: إن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعاً. ثانياً: إن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حيازة الوكيل لها، هو توكيل مقبول شرعاً، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك. ثالثاً: إن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد. رابعاً: إن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة جائز بعقد منفصل. خامساً: إن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالكاً للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه. سادساً: إن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية، كلما أمكن ذلك، يتحملها البنك. (ج) بخصوص عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن: أولاً: إن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية ببيع المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعاً. ثانياً: إن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك، بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل، هو توكيل مقبول شرعاً، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك. ثالثاً: إن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها، وأن يبرم بعقد منفصل. (د) بخصوص عمليات تمويل التجارة الخارجية: ينطبق على هذه العمليات المبادئ المطبقة على عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن. (هـ) بخصوص التصرف في فوائد الودائع التي يضطر البنك الإسلامي للتنمية لإيداعها في المصارف الأجنبية: يحرم على البنك أن يحمي القيمة الحقيقية لأمواله من آثار تذبذب العملات بواسطة الفوائد المنجرة من إيداعاته. ولذا يجب أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام كالتدريب والبحوث، وتوفير وسائل الإغاثة، وتوفير المساعدات المالية للدول الأعضاء وتقديم المساعدة الفنية لها، وكذلك للمؤسسات العلمية والمعاهد والمدارس وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية. والله أعلم

حكم التعامل المصرفي بالفوائد

قرار رقم: 10 (10/2) بشأن حكم التعامل المصرفي بالفوائد وحكم التعامل بالمصارف الإسلامية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع - ع 2، ج 2/ص 735 و 813 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 -28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م. بعد أن عرضت عليه بحوث مختلفة في التعامل المصرفي المعاصر، وبعد التأمل فيما قدم ومناقشة مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي، وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث، وبعد التأمل فيما جرَه هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله من تحريم الربا جزئياً وكلياً واضحاً بدعوته إلى التوبة منه، وإلى الاقتصاد على استعادة رؤوس أموال القروض دون زيادة ولا نقصان قل أو كثر، وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله للمرابين، قرر ما يلي: أولاً: أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد. هاتان الصورتان ربا محرم شرعاً. ثانياً: أن البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام هو التعامل وفقاً للأحكام الشرعية. ثالثاً: قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية، والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي لتغطي حاجة المسلمين كي لا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته. والله أعلم

الضمان

قرار رقم: 12 (12/2) بشأن خطاب الضمان مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع - ع 2، ج 2/ص 1035 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 -28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م. وبعد النظر فيما أعد في خطاب الضمان من بحوث ودراسات وبعد المداولات والمناقشات المستفيضة التي تبين منها: أولاً: أن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو إما أن يكون بغطاء أو بدونه، فإن كان بدون غطاء، فهو: ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيما يلزم حالاً أو مآلاً، وهذه هي حقيقة ما يعنى في الفقه الإسلامي باسم: الضمان أو الكفالة. ولإن كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي: الوكالة، والوكالة تصح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد (المكفول له) . ثانياً: إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد به الإرفاق والإحسان. وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعاً على المقروض، وذلك ممنوع شرعاً. قرر ما يلي: أولاً: إن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان - والتي يراعي فيها عادة مبلغ الضمان ومدته - سواء أكان بغطاء أم بدونه. ثانياً: إن المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعية جائزة شرعاً، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي، يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء. والله أعلم

الوقف

رقم القرار: 11 رقم الدورة: 10 بشأن موضوع: السؤال الوارد من المكرَّم أبى بكر محيي الدين (حول صرف ريع الوقف) مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن موضوع: السؤال الوارد من المكرم أبى بكر محيي الدين (حول صرف ريع الوقف) : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصبحه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته العاشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم السبت24صفر1408هـ الموافق 17 أكتوبر 1987م إلى الأربعاء 28 صفر 1408هـ الموافق 21 أكتوبر 1987م قد اطلع على السؤال الوارد من المكرم أبي بكر محيي الدين، رئيس جمعية الدعوة الإسلامية في سنغافورة، حول صرف ريع الوقف في المصالح العامة. وبعد تداول الرأي فيه قرر المجلس ما يلي: - إن لم يكن الوقف مشروطًا ريعه لجهة معينة، فلا مانع حينئذ من صرف الريع على المصالح العامة. أما إن كان مشروطًا لجهة معينة، فإن المجمع يقرر: عدم جواز صرفه في المصالح العامة. والله ولي التوفيق. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

البيوع

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الأول: ص727-729 قرار هيئة كبار العلماء رقم (44) وتاريخ 13/4/1396هـ المتعلق بمسألة الشفعة فيما لا يمكن قسمته من العقار هيئة كبار العلماء 22/8/1426 26/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد، وآله وصحبه وبعد: فبناء على ما تقرر في الدورة السابعة لمجلس هيئة كبار العلماء، والمنعقدة في مدينة الطائف في النصف الأول من شهر شعبان عام 1395هـ من إدراج مسألة الشفعة بالمرافق الخاصة في جدول أعمال الدورة الثامنة- فقد جرت دراسة المسألة المذكورة في دورة المجلس الثامنة المنعقدة في النصف الأول من شهر ربيع الآخر في مدينة الرياض. كما جرت دراسة مسألة الشفعة فيما لا تمكن قسمته من العقار. وبعد الاطلاع على البحث المعد في (مسألة الشفعة فيما لا تمكن قسمته من العقار) من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وبعد تداول الرأي والمناقشة من الأعضاء، وتبادل وجهات النظر قرر المجلس بالأكثرية: أن الشفعة تثبت بالشركة في المرافق الخاصة؛ كالبئر، والطريق، والمسيل، ونحوها. كما تثبت الشفعة فيما لا تمكن قسمته من العقار؛ كالبيت والحانوت، الصغيرين ونحوهما؛ لعموم الأدلة في ذلك؛ ولدخول ذلك تحت مناط الأخذ بالشفعة، وهو دفع الضرر عن الشريك في المبيع وفي حق المبيع، ولأن النصوص الشرعية في مشروعية الشفعة تتناول ذلك، ومن ذلك ما رواه الترمذي بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال"الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء"وفي رواية الطحاوي بإسناده إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن النبي-صلى الله عليه وسلم-"قضى بالشفعة في كل شيء".قال الحافظ: حديث جابر لا بأس برواته، ولما روى الإمام أحمد والأربعة بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائباً، إذا كان طريقهماواحداً" قال في [البلوغ] : ورجاله ثقات، ولما روى البخاري في [صحيحه] وأبو داود والترمذي في [سننهما] بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) . ووجه الاستدلال بذلك: ما ذكره ابن القيم رحمه الله في كتابه: [إعلام الموقعين] :أن الجار المشترك مع غيره في مرفق خاص ما، مثل: أن يكون طريقهما واحداً، أو أن يشتركا في شرب أو مسيل، أو نحو ذلك من المرافق الخاصة لا يعتبر مقاسماً مقاسمة كلية، بل هو شريك لجاره في بعض حقوق ملكه، وإذا كان طريقهما واحداً لم تكن الحدود كلها واقعة، بل بعضها حاصل، وبعضها منتف، إذ وقوع الحدود من كل وجه يستلزم أو يتضمن تصريف الطرق. اهـ. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وآله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة الخامسة عبد العزيز بن عبد الله بن باز عبد الرزاق عفيفي عبد الله خياط عبد الله بن حميد عبد العزيز بن صالح عبد المجيد حسن محمد الحركان [لي وجهة نظر] سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ صالح بن غصون راشد بن خنين عبد الله بن غديان محمد بن جبير [لي وجهة نظر مرفقة] عبد الله بن منيع صالح بن لحيدان

الشرط الجزائي

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الأول: ص293-296 قرار هيئة كبار العلماء رقم (25) وتاريخ21/8/1394هـ الشرط الجزائي هيئة كبار العلماء 22/8/1426 26/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد، وعلى آله وصحبه وبعد: فبناء على ما تقرر في الدورة الرابعة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة فيما بين 28/10/ و14/11/1393هـ من الرغبة في دراسة موضوع (الشرطة الجزائي) - فقد جرى إدراجه في جدول أعمال الهيئة في دورتها الخامسة، المنعقدة فيما بين5و22/8/1394هـ في مدينة الطائف. ثم جرى دراسة الموضوع في هذه الدورة بعد الإطلاع على البحث المعد في ذلك من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. ثم جرى دراسة الموضوع في هذه الدورة بعد الاطلاع على البحث المعد في ذلك من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وبعد مداولة الرأي والمناقشة، واستعراض المسائل التي يمكن أن يقاس عليها الشرط الجزائي، ومناقشة توجيه قياسه على تلك المسائل والإيراد، وتأمل قوله تعالى:"يا أيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود" [سورة المائدة 1] وما روى عنه صلى الله عليه وسلم من قوله:"المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً"ولقول عمر رضي الله عنه: (مقاطع الحقوق عند الشروط) والاعتماد على القول الصحيح: من أن الأصل في الشروط الصحة، وأنه لا يحرم منها ويبطل إلا ما دل الشرع على تحريمه وإبطاله نصاً أو قياساً. واستعراض ما ذكره أهل العلم من تقسم الشروط في العقود إلى صحيحة، وفاسدة، وتقسيم الصحيحة إلى ثلاثة أنواع: أحدها: شرط يقضيه العقد؛ كاشتراط صفة في الثمن؛ كالتأجيل، أو الرهن، أو الكفيل به، أو صفة في المثمن، ككون الأمة بكراً. الثاني: شرط من مصلحة العقد كاشتراط صفة في الثمن كالتأجيل أو الرهن، أو الكفيل به، أو صفة في المثمن، ككون الأمة بكراً. الثالث: شرط فيه منفعة معلومة، وليس من مقتضى العقد ولا من مصلحته، ولا منافياً لمقتضاه؛ كاشتراط البائع سكني الدار شهراً. وتقسيم الفاسدة إلى ثلاثة أنواع: أحدها: اشتراط أحد طرفي العقد على الطرف الثاني عقداً آخر؛ كبيع، أو إجارة، ونحو ذلك. الثاني: اشتراط ما ينافي مقتضى العقد؛ كأن يشترط في المبيع ألا خسارة عليه، أو ألا يبيع أو يهب ولا يعتق.

الثالث: الشرط الذي يتعلق به العقد، كقوله: بعتك إن جاء فلان. وبتطبيق الشرط الجزائي عليها، وظهور أنه من الشروط التي تعتبر من مصلحة العقد، إذ هو حافز لإكمال العقد في وقته المحدد له، والاستئناس بما رواه البخاري في [صحيحه] بسنده عن ابن سيرين: أن رجلاً قال لكريه أدخل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا فلك مائة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: (من شرط على نفسه طائعاً غير مكره فهو عليه) وقال أيوب عن ابن سيرين: أن رجلاً باع طعاماً وقال: إن لم آتك الأربعاء فليس بيني وبينك بيع، فلم يجيء، فقال شريح للمشتري: (أنت أخلفت) فقضى عليه، وفضلاً عن ذلك فهو في مقابلة الإخلال بالالتزام، حيث أن الإخلال به مظنة الضرر، وتفويت المنافع، وفي القول بتصحيح الشرط الجزائي سد لأبواب الفوضى والتلاعب بحقوق عباد الله، وسبب من أسباب الحفز على الوفاء بالعهود والعقود؛ تحقيقاً لقوله تعالى"يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود". لذلك كله فإن المجلس يقرر بالإجماع: أن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر، يجب الأخذ به، ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له يعتبر شرعاً، فيكون العذر مسقطاً لوجوبه حتى يزول. وإذا كان الشرط الجزائي كثيراً عرفاً، بحيث يُراد به التهديد المالي، ويكون بعيداً عن مقتضى القواعد الشرعية- فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف، على حسب ما فات من منفعة، أو لحق من مضرة. ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر؛ عملاً بقوله تعالى:"وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"وقوله سبحانه:"ولا يجرمنكم شنئان قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" [المائدة:8] وبقوله -صلى الله عليه وسلم-"لا ضرر ولا ضرار". وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة الخامسة عبد العزيز بن عبد الله بن باز عبد الرزاق عفيفي عبد الله خياط عبد الله بن محمد بن حميد عبد العزيز بن صالح عبد المجيد حسن محمد الحركان سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ صالح بن غصون راشد بن خنين عبد الله بن غديان محمد بن جبير عبد الله بن منيع صالح بن لحيدان

التراجع عن الوفاء بالعقد بعد توقيعه

حكم التراجع عن الوفاء بالعقد بعد توقيعه قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 16/3/1426 25/04/2005 قرار المجلس: توقيع العقد في أي صفقة ملزم للطرفين شرعًا، ولا يجوز لأحدهما أن يرجع فيه بإرادته المنفردة، دون رضى الطرف الآخر، فهذا مخالف لما أمر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وأكدته نصوص القرآن والسنة. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: من الآية1] ، وقال عز وجل: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} [الإسراء: من الآية34] ، وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} [النحل: من الآية91] . وحمل القرآن بشدة على الذين يتهاونون بالعهود وينقضونها من بعد ميثاقها، في آيات كثيرة، منها: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران:77] . واعتبر النبي صلى الله عليه وسلم نقض العهد من شعب النفاق، وخصال المنافق الأساسية: "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها" وذكر منها: "إذا عاهد غدر" رواه الشيخان عن عبد الله بن عمرو (1) . وليس من الضروري أن يكون العقد مكتوبًا، فمجرد الإيجاب والقبول مشافهة يكفي في إيجاد العقد، ولكن له خيار المجلس على ما نرجحه، فلو تبين له عقد آخر، وهما لا يزالان في مجلس العقد، فمن حقه أن يرجع، كما جاء في الحديث الصحيح: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" متفق عليه عن ابن عمر (2) . فقد جعل الحديث فرصة للتراجع لمن تسرع في التعاقد دون روية. ومثل ذلك لو كان مغبونًا غبنًا فاحشاً يرفع أمره إلى جهة تحكيم تثبت له خيار الغبن إذا تبين لها ذلك، عملاً بمذهب الحنابلة وغيرهم. ويستطيع المسلم أن يخرج من ورطة التراجع في العقد بعد إتمامه إذا اشترط لنفسه الخيار أيامًا معدودة، يستطيع فيها أن يرجع في صفقته خلالها، وهذا ما نصح به النبي صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة، حين شكا إليه أنه كثيرًا ما يخدع في البيع، فقال له: "إذا بايعت فقل: لا خلابة" أي لا خداع، وهذا في الصحيحين (3) ، وفي خارج الصحيحين: "ولي الخيار ثلاثة أيام" (4) ، والمسلمون عند شروطهم. [القرار 6/6]

____ (1) هو عند البخاري (رقم: 34، 2327، 3007) ، ومسلم (رقم: 58) . (2) أخرجه البخاري (رقم: 2001 ومواضع أخرى) ، ومسلم (رقم: 1531) من حديث ابن عمر، كما أخرجه البخاري (رقم: 1973) ومواضع أخرى) ، ومسلم (رقم: 1532) من حديث حكيم بن حزام. (3) البخاري (رقم: 2011 ومواضع أخرى) ، ومسلم (رقم: 1533) من حديث عبد الله بن عمر. (4) يعني أذن له أن يكون له الخيار ثلاثة أيام، كما أخرجه الدارقطني (3/54-55) ، والحاكم (رقم: 2210) والبيهقي (5/273) من حديث ابن عمر بإسناد حسن، وفي لفظه: "إذابعت فقل: لا خلابة، ثم أنت في كل سلعة تبتاعها بالخيار ثلاث ليال".

الأسواق المالية

قرار رقم: 59 (10/6) بشأن الأسواق المالية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 6/11/1425 18/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410هـ الموافق 14-20 آذار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة الأسواق المالية المنعقدة في الرباط 20 - 24 ربيع الثاني 1410 هـ / 20 - 24 /10 / 1989 م بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، وباستضافة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، وفي ضوء ما هو مقرر في الشريعة الإسلامية من الحث على الكسب الحلال واستثمار المال وتنمية المدخرات على أسس الاستثمار الإسلامي القائم على المشاركة في الأعباء وتحمل المخاطر، ومنها مخاطر المديونية، ولما للأسواق المالية من دور في تداول الأموال وتنشيط استثمارها، ولكون الاهتمام بها والبحث عن أحكامها يلبي حاجة ماسة لتعريف الناس بفقه دينهم في المستجدات العصرية ويتلاقى مع الجهود الأصيلة للفقهاء في بيان أحكام المعاملات المالية وبخاصة أحكام السوق ونظام الحسبة على الأسواق، وتشمل الأهمية الأسواق الثانوية التي تتيح للمستثمرين أن يعاودوا دخول السوق الأولية وتشكل فرصة للحصول على السيولة وتشجع على توظيف المال ثقةً بإمكان الخروج من السوق عند الحاجة، وبعد الاطلاع على ما تناولته البحوث المقدمة بشأن نظم وقوانين الأسواق المالية القائمة وآلياتها وأدواتها، قرر ما يلي: أولاً: إن الاهتمام بالأسواق المالية هو من تمام إقامة الواجب في حفظ المال وتنميته باعتبار ما يستتبعه هذا من التعاون لسد الحاجات العامة وأداء ما في المال من حقوق دينية أو دنيوية. ثانياً: إن هذه الأسواق المالية - مع الحاجة إلى أصل فكرتها - هي في حالتها الراهنة ليست النموذج المحقق لأهداف تنمية المال واستثماره من الوجهة الإسلامية. وهذا الوضع يتطلب بذل جهود علمية مشتركة من الفقهاء والاقتصاديين لمراجعة ما تقوم عليه من أنظمة، وما تعتمده من آليات وأدوات وتعديل ما ينبغي تعديله في ضوء مقررات الشريعة الإسلامية. ثالثاً: إن فكرة الأسواق المالية تقوم على أنظمة إدارية وإجرائية، ولذا يستند الالتزام بها إلى تطبيق قاعدة المصالح المرسلة فيما يندرج تحت أصل شرعي عام ولا يخالف نصاً أو قاعدة شرعية، وهي لذلك من قبيل التنظيم الذي يقوم به ولي الأمر في الحرَف والمرافق الأخرى وليس لأحد مخالفة تنظيمات ولي الأمر أو التحايل عليها ما دامت مستوفية الضوابط والأصول الشرعية. ويوصي بما يلي: استكمال النظر في الأدوات والصيغ المستخدمة في الأسواق المالية بكتابة الدراسات والأبحاث الفقهية والاقتصادية الكافية والله الموفق.

عقد المزايدة

قرار رقم: 73 (4/8) بشأن عقد المزايدة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 6/11/1425 18/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 - 28كانون الأول (ديسمبر) 1985م. بعد أن نظر في الدراسات المعروضة حول زكاة الديون وبعد المناقشة المستفيضة التي تناولت الموضوع من جوانبه المختلفة وتبين منها: أولاً: أنه لم يرد نص من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله يفصل زكاة الديون. ثانياً: أنه قد تعدد ما أثر عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم من وجهات نظر في طريقة إخراج زكاة الديون. ثالثاً: أن قد اختلفت المذاهب الإسلامية بناءً على ذلك اختلافا ًبيناً. رابعاً: أن الخلاف قد انبنى على الاختلاف في قاعدة هل يعطى المال الذي يمكن عليه صفة الحاصل؟ . قرر ما يلي: أولاً: تجب زكاة الدين على رب الدين عن كل سنة إذا كان المدين مليئاً باذلاً. ثانيا ً: تجب الزكاة على رب الدين بعد دوران الحول من يوم القبض إذا كان المدين معسراً أو مماطلاً. والله أعلم

بيع الاسم التجاري والترخيص

قرار رقم: 32 (7/4) بشأن بيع الاسم التجاري والترخيص مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخر 1408هـ الموافق6-11 شباط (فبراير) 1988م، بعد اطلاعه على الأبحاث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع بيع الاسم التجاري والترخيص، والتي تفاوتت في تناولها للموضوع، واختلفت المصطلحات المستخدمة فيها، تبعاً للأصول اللغوية التي تُرجمت عنها تلك الصيغ العصرية، بحيث لم تتوارد الأبحاث على موضوع واحد، وتباينت وجهات النظر، قرر ما يلي: أولاً: تأجيل النظر في هذا الموضوع إلى الدورة الخامسة للمجلس حتى تستوفى دراسته من كل جوانبه مع مراعاة الأمور التالية: أ- اتباع منهجية متقاربة في البحث تبدأ من مقدماته التي يتم فيها تحرير المسألة وتحديد نطاق البحث مع تناول جميع المصطلحات المتداولة في الأبحاث الحقوقية مع مرادفاتها. ب- الإشارة إلى السوابق التاريخية للموضوع وما طرح فيه من أنظار شرعية أو حقوقية لها أثر في إيضاح التصور وأحكام التقسيم. ثانياً: محاولة إدراج موضوع بيع الاسم التجاري والترخيص تحت موضوع عام لتكون الدراسة أحكم والفائدة أعم وأوسع، وذلك تحت عنوان الحقوق المعنوية، لكي تستوفى المفردات الأخرى من مثل: حق التأليف، حق الاختراع أو الابتكار، حق الرسالة، حق الرسوم والنماذج الصناعية والتجارية من علامات وبيانات. . الخ. ثالثاً: يمكن للباحثين أن يركزوا على مفردة معينة من الحقوق المشار إليها، كما يمكنهم توسيع نطاق أبحاثهم لتشمل المفردات المتقاربة في هيكل الموضوع العام. والله الموفق

إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة

قرار رقم: 52 (3/6) بشأن حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 6، ج2 ص 785) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 17- 23 شعبان 1410 هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، ونظراً إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات، وباستحضار ما تعرض له الفقهاء بشأن إبرام العقود بالخطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وما تقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له اتحاد المجلس - عدا الوصية والإيصاء والوكالة - وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف. قرر ما يلي: أولاً: إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد ولا يرى أحدهما الآخر معاينة، ولا يسمع كلامه وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول) ، وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الحاسوب) ، ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلي الموجه إليه وقبوله. ثانياً: إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي، فإن التعاقد بينهما يعتبر تعاقداً بين حاضرين، وتطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء المشار إليها في الديباجة. ثالثاً: إذا أصدر العارض، بهذه الوسائل، إيجاباً محدد المدة يكون ملزماً بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة، وليس له الرجوع عنه. رابعاً: إن القواعد السابقة لا تشمل النكاح لا شتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف لا شتراط التقابض، ولا السلم لا شتراط تعجيل رأس المال. خامساً: ما يتعلق باحتمال التزيف أو التزوير أو الغلط يرجع فيه إلى القواعد العامة للإثبات. والله أعلم

البيع بالتقسيط

قرار رقم: 51 (2/ 6) بشأن البيع بالتقسيط مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 6ج1ص 193 وع7ج2ص9) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17- 23 شعبان 1410 هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع البيع بالتقسيط، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال، كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقداً، وثمنه بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل. فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد، فهو غير جائز شرعاً. ثانياً: لا يجوز شرعاً، في بيع الأجل، التنصيص في العقد على فوائد التقسيط، مفصولة عن الثمن الحال، بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة أم ربطاها بالفائدة السائدة. ثالثاً: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط، لأن ذلك ربا محرم. رابعاً: يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حل من الأقساط، ومع ذلك لا يجوز شرعاً اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء. خامساً: يجوز شرعاً أن يشترط البائع بالأجل حلول الأقساط قبل مواعيدها، عند تأخر المدين عن أداء بعضها، ما دام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد. سادساً: لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة. ويوصي بما يلي: دارسة بعض المسائل المتصلة ببيع التقسيط للبت فيها إلى ما بعد إعداد دراسات وأبحاث كافية فيها، ومنها: أ- حسم البائع كمبيالات الأقساط المؤجلة لدى البنوك. ب- تعجيل الدين مقابل إسقاط بعضه وهي مسألة "ضع وتعجل". ج- أثر الموت في حلول الأقساط المؤجلة. والله الموفق

التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها

قرار رقم: 50 (1/ 6) بشأن التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 5ج4ص2773ع6ج1ص81) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17- 23 شعبان 1410 هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: إن المسكن من الحاجات الأساسية للإنسان، وينبغي أن يوفر بالطرق المشروعة بمال حلال، وإن الطريقة التي تسلكها البنوك العقارية والإسكانية ونحوها، من الإقراض بفائدة قلت أو كثرت، هي طريقة محرمة شرعاً لما فيها من التعامل بالربا. ثانياً: هناك طرق مشروعة يُستغنى بها عن الطريقة المحرمة، لتوفير المسكن بالتملك (فضلاً عن إمكانية توفيره بالإيجار) ، منها: أ- أن تقدم الدولة للراغبين في تملك مساكن، قروضاً مخصصة لإنشاء المساكن، تستوفيها بأقساط ملائمة بدون فائدة، سواء أكانت الفائدة صريحة، أم تحت ستار اعتبارها (رسم خدمة) ، على أنه إذا دعت الحاجة إلى تحصيل نفقات لتقديم عمليات القروض ومتابعتها، وجب أن يقتصر فيها على التكاليف الفعلية لعملية القرض على النحو المبين في الفقرة (أ) من القرار رقم 13 (1/3) للدورة الثالثة لهذا المجمع. ب - أن تتولى الدولة القادرة إنشاء المساكن وتبيعها للراغبين في تملك مساكن بالأجل والأقساط بالضوابط الشرعية المبينة في القرار 51 (2/6) لهذه الدورة. ج- أن يتولى المستثمرون من الأفراد أو الشركات بناء مساكن تباع بالأجل. د- أن تملك المساكن عن طريق عقد الاستصناع - على أساس اعتباره لازماً - وبذلك يتم شراء المسكن قبل بنائه، بحسب الوصف الدقيق المزيل للجهالة المؤدية للنزاع، دون وجوب تعجيل جميع الثمن، بل يجوز تأجيله بأقساط يتفق عليها، مع مراعاة الشروط والأحوال المقررة لعقد الاستصناع لدى الفقهاء الذين ميزوه عن عقد السلم. ويوصي بما يلي: مواصلة النظر لإيجاد طرق أخرى مشروعة توفر تملك المساكن للراغبين في ذلك. والله الموفق.

تحديد أرباح التجار

قرار رقم: 46 (8/5) بشأن تحديد أرباح التجار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمرها لخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأول1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تحديد أرباح التجار، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: الأصل الذي تقرره النصوص والقواعد الشرعية ترك الناس أحراراً في بيعهم وشرائهم وتصرفهم في ممتلكاتهم وأموالهم، في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وضوابطها، عملاً بمطلق قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالبطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) . ثانياً: ليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التجار في معاملاتهم، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة وظروف التاجر والسلع، مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق والقناعة والسماحة والتيسير. ثالثاً: تضافرت نصوص الشريعة الإسلامية على وجوب سلامة التعامل من أسباب الحرام وملابساته كالغش، والخديعة، والتدليس، والاستغفال، وتزييف حقيقة الربح والاحتكار الذي يعود بالضرر على العامة والخاصة. رابعاً: لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلاّ حيث خللاً واضحاً في السوق والأسعار، ناشئاً من عوامل مصطنعة، فإن لولي الأمر حينئذ التدخل بالوسائل العادلة الممكنة التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل والغلاء والغبن الفاحش. والله الموفق

التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها

قرار رقم: 45 (7/5) بشأن التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 5، ج 4ص2773ع6 ج1 ص81) . إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأول 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م، بعد عرض موضوع التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها، قرر ما يلي: تأجيل النظر في موضوع التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها، لإصدار القرار الخاص به إلى الدورة السادسة، من أجل مزيد من الدراسة والبحث. والله الموفق

الإيجار المنتهي بالتمليك

قرار رقم: 44 (6/5) بشأن الإيجار المنتهي بالتمليك مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 5، ج 4ص 2593) . إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأول 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبعد الاطلاع على قرار المجمع رقم 13 (1/3) في الدورة الثالثة، بشأن الإجابة عن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية، فقرة (ب) بخصوص عمليات الإيجار، قرر ما يلي: أولاً: الأوْلى الاكتفاء عن صور الإيجار المنتهي بالتمليك ببدائل أخرى منها البديلان التاليان: (الأول) : البيع بالأقساط مع الحصول على الضمانات الكافية. (الثاني) : عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في واحد من الأمور التالية: - مدّ مدة الإجارة. - إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجورة إلى صاحبها. - شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة. ثانياً: هناك صور مختلفة للإيجار المنتهي بالتمليك تقرر تأجيل النظر فيها إلى دورة قادمة، بعد تقديم نماذج لعقودها وبيان ما يحيط بها من ملابسات وقيود بالتعاون مع المصارف الإسلامية، لدراستها وإصدار القرار في شأنها. والله أعلم

بيع الوفاء

قرار رقم: 66 (4/7) بشأن بيع الوفاء مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 7، ج3 ص 9) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 - 14 أيار (مايو) 1992 م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع بيع الوفاء، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول بيع الوفاء، وحقيقته: "بيع المال بشرط أن البائع متى رد الثمن يرى المشتري إليه المبيع"، قرر ما يلي: أولاً: إن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعاً) ، فهو تحايل على الربا، وبعدم صحته قال جمهور العلماء. ثانياً: إن هذا العقد غير جائز شرعاً. والله أعلم

البيع بالتقسيط

قرار رقم: 64 (2/7) بشأن البيع بالتقسيط مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 6، ج1 ص 193 والعدد السابع ج 2 ص9) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 - 14 أيار (مايو) 1992م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع البيع بالتقسيط، واستكمالاً للقرار 51 (2/6) بشأنه، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: البيع بالتقسيط جائز شرعاً، ولو زاد فيه الثمن المؤجل على المعجل. ثانياً: الأوراق التجارية (الشيكات-السندات لأمر-سندات السحب) من أنواع التوثيق المشروع للدين بالكتابة. ثالثاً: إن حسم (خصم) الأوراق التجارية غير جائز شرعاً، لأنه يؤول إلى ربا النسيئة المحرم. رابعاً: الحطيطة من الدين المؤجل، لأجل تعجيله، سواء أكانت بطلب الدائن أو المدين (ضع وتعجل) جائزة شرعاً، لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق، وما دامت العلاقة بين الدائن والمدين ثنائية. فإذا دخل بينهما طرف ثالث لم تجز، لأنها تأخذ عندئذٍ حكم حسم الأوراق التجارية. خامساً: يجوز اتفاق المتداينين على حلول سائر الأقساط عند امتناع المدين عن وفاء أي قسط من الأقساط المستحقة عليه ما لم يكن معسراً. سادساً: إذا اعتبر الدين حالاً لموت المدين أو إفلاسه أو مماطلته، فيجوز في جميع هذه الحالات الحط منه للتعجيل بالتراضي. سابعاً: ضابط الإعسار الذي يوجب الإنظار: ألا يكون للمدين مال زائد عن حوائجه الأصلية يفي بدينه نقداً أو عيناً. والله أعلم

الأسواق المالية

قرار رقم: 63 (1/7) بشأن الأسواق المالية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 6، ج2 ص 1273 والعدد السابع ج 1 ص 73 والعدد التاسع ج2 ص5) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 - 14 أيار (مايو) 1992 م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الأسواق المالية الأسهم، الاختيارات، السلع، بطاقة الائتمان، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: الأسهم: 1- الإسهام في الشركات: أ- بما أن الأصل في المعاملات الحل فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة أمر جائز. ب - لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتاجرة بها. ج - الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة. 2- ضمان الإصدار (under writing) : ضمان الإصدار: هو الاتفاق عند تأسيس شركة مع من يلتزم بضمان جميع الإصدار من الأسهم، أو جزء من ذلك الإصدار، وهو تعهد من الملتزم بالاكتتاب في كل ما تبقى مما لم يكتتب فيه غيره، وهذا لا مانع منه شرعاً، إذا كان تعهد الملتزم بالاكتتاب بالقيمة الإسمية بدون مقابل لقاء التعهد، ويجوز أن يحصل الملتزم على مقابل عن عمل يؤديه-غير الضمان- مثل إعداد الدراسات أو تسويق الأسهم. 3- تقسيط سداد قيمة السهم عند الاكتتاب: لا مانع شرعاً من أداء قسط من قيمة السهم المكتتب فيه، وتأجيل سداد بقية الأقساط، لأن ذلك يعتبر من الاشتراك بما عجل دفعه، والتواعد على زيادة رأس المال، ولا يترتب على ذلك محذور لأن هذا يشمل جميع الأسهم، وتظل مسؤولية الشركة بكامل رأس مالها المعلن بالنسبة للغير، لأنه هو القدر الذي حصل العلم والرضا به من المتعاملين مع الشركة. 4- السهم لحامله: بما أن المبيع في (السهم لحامله) هو حصة شائعة في موجودات الشركة وأن شهادة السهم هي وثيقة لإثبات هذا الاستحقاق في الحصة فلا مانع شرعاً من إصدار أسهم في الشركة بهذه الطريقة وتداولها. 5- محل العقد في بيع السهم: إن المحل المتعاقد عليه في بيع السهم هو الحصة الشائعة من أصول الشركة، وشهادة السهم عبارة عن وثيقة للحق في تلك الحصة. 6- الأسهم الممتازة: لا يجوز إصدار أسهم ممتازة، لها خصائص مالية تؤدي إلى ضمان رأس المال أو ضمان قدر من الربح أو تقديمها عند التصفية، أو عند توزيع الأرباح. ويجوز إعطاء بعض الأسهم خصائص تتعلق بالأمور الإجرائية أو الإدارية. 7- التعامل في الأسهم بطريقة ربوية: أ- لا يجوز شراء السهم بقرض ربوي يقدمه السمسار أو غيره للمشتري لقاء رهن السهم، لما في ذلك من المراباة وتوثيقها بالرهن وهما من الأعمال المحرمة بالنص على لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.

ب- لا يجوز أيضاً بيع سهم لا يملكه البائع وإنما يتلقى وعداً من السمسار بإقراضه السهم في موعد التسليم، لأنه من بيع ما لا يملك البائع، ويقوى المنع إذا اشترط إقباض الثمن للسمسار لينتفع به بإيداعه بفائدة للحصول على مقابل الإقراض. 8- بيع الأسهم أو رهن: يجوز بيع السهم أو رهنه مع مراعاة ما يقضى به نظام الشركة، كما لو تضمن النظام تسويغ البيع مطلقاً أو مشروطاً بمراعاة أولوية المساهمين القدامى في الشراء، وكذلك يعتبر النص في النظام على إمكان الرهن من الشركاء برهن الحصة المشاعة. 9- إصدار أسهم مع رسوم إصدار: إن إضافة نسبة معينة مع قيمة السهم، لتغطية مصاريف الإصدار، لا مانع منها شرعاً ما دامت هذه النسبة مقدرة تقديراً مناسباً. 10- إصدار أسهم بعلاوة إصدار أو حسم (خصم) إصدار: يجوز إصدار أسهم جديدة لزيادة رأس مال الشركة إذا أصدرت بالقيمة الحقيقية للأسهم القديمة - حسب تقويم الخبراء لأصول الشركة - أو بالقيمة السوقية. 11- ضمان الشركة شراء الأسهم: يرى المجلس تأجيل إصدار قرار في هذا الموضوع لدورة قادمة لمزيد من البحث والدراسة. 12- تحديد مسؤولية الشركة المساهمة المحدودة: لا مانع شرعاً من إنشاء شركة مساهمة ذات مسؤولية محدودة برأس مالها، لأن ذلك معلوم للمتعاملين مع الشركة وبحصول العلم ينتفي الغرر عمن يتعامل مع الشركة. كما لا مانع شرعاً من أن تكون مسؤولية بعض المساهمين غير محدودة بالنسبة للدائنين بدون مقابل لقاء هذا الالتزام. وهي الشركات التي فيها شركاء متضامنون وشركاء محدودو المسؤولية. 13- حصر تداول الأسهم بسماسرة مرخصين، واشتراط رسوم للتعامل في أسواقها: يجوز للجهات الرسمية المختصة أن تنظم تداول بعض الأسهم بأن لا يتم إلا بواسطة سماسرة مخصوصين ومرخصين بذلك العمل لأن هذا من التصرفات الرسمية المحققة لمصالح مشروعة. وكذلك يجوز اشتراط رسوم لعضوية المتعامل في الأسواق المالية لأن هذا من الأمور التنظيمية المنوطة بتحقيق المصالح المشروعة. 14- حق الأولوية: يرى المجلس تأجيل البت في هذا الموضوع إلى دورة قادمة لمزيد من البحث والدراسة. 15- شهادة حق التملك: يرى المجلس تأجيل البت في هذا الموضوع إلى دورة قادمة لمزيد من البحث والدراسة. ثانياً: الاختيارات: أ- صورة عقود الاختيارات: إن المقصود بعقود الاختيارات الاعتياض عن الالتزام ببيع شيء محدد موصوف أو شرائه بسعر محدد خلال فترة زمنية معينة أو في وقت معين إما مباشرة أو من خلال هيئة ضامنة لحقوق الطرفين. ب- حكمها الشرعي: إن عقود الاختيارات - كما تجري اليوم في الأسواق المالية العالمية - هي عقود مستحدثة لا تنضوي تحت أي عقد من العقود الشرعية المسماة. وبما أن المعقود عليه ليس مالاً ولا منفعة ولا حقاً مالياً يجوز الاعتياض عنه فإنه عقد غير جائز شرعاً. وبما أن هذه العقود لا تجوز ابتداءً فلا يجوز تداولها. ثالثاً: التعامل بالسلع والعملات والمؤشرات في الأسواق المنظمة: 1- السلع: يتم التعامل بالسلع في الأسواق المنظمة بإحدى أربع طرق هي التالية: الطريقة الأولى:

أن يتضمن العقد حق تسلم المبيع وتسلم الثمن في الحال مع وجود السلع أو إيصالات ممثلة لها في ملك البائع وقبضه. وهذا العقد جائز شرعاً بشروط البيع المعروفة. الطريقة الثانية: أن يتضمن العقد حق تسلم المبيع وتسلم الثمن في الحال مع إمكانهما بضمان هيئة السوق. وهذا العقد جائز شرعاً بشروط البيع المعروفة. الطريقة الثالثة: أن يكون العقد على تسليم سلعة موصوفة في الذمة في موعد آجل ودفع الثمن عند التسليم وأن يتضمن شرطاً يقتضي أن ينتهي فعلاً بالتسليم والتسلم. وهذا العقد غير جائز لتأجيل البدلين، ويمكن أن يعدل ليستوفي شروط السلم المعروفة، فإذا استوفى شروط السلم جاز. وكذلك لا يجوز بيع السلعة المشتراة سلماً قبل قبضها. الطريقة الرابعة: أن يكون العقد على تسليم سلعة موصوفة في الذمة في موعد آجل ودفع الثمن عند التسليم دون أن يتضمن العقد شرطاً يقتضي أن ينتهي بالتسليم والتسلم الفعليين، بل يمكن تصفيته بعقد معاكس. وهذا هو النوع الأكثر شيوعاً في أسواق السلع، وهذا العقد غير جائز أصلاً. 2- التعامل بالعملات: يتم التعامل بالعملات في الأسواق المنظمة بإحدى الطرق الأربع المذكورة في التعامل بالسلع. ولا يجوز شراء العملات وبيعها بالطريقتين الثالثة والرابعة. أما الطريقتان الأولى والثانية فيجوز فيهما شراء العملات وبيعها بشرط استيفاء شروط الصرف المعروفة. 3- التعامل بالمؤشر: المؤشر هو رقم حسابي يحسب بطريقة إحصائية خاصة يقصد منه معرفة حجم التغير في سوق معينة، وتجري عليه مبايعات في بعض الأسواق العالمية. ولا يجوز بيع وشراء المؤشر لأنه مقامرة بحتة وهو بيع شيء خيالي لا يمكن وجوده. 4- البديل الشرعي للمعاملات المحرمة في السلع والعملات: ينبغي تنظيم سوق إسلامية للسلع والعملات على أساس المعاملات الشرعية وبخاصة بيع السلم والصرف، والوعد بالبيع في وقت آجل، والاستصناع، وغيرها. ويرى المجمع ضرورة القيام بدراسة وافية لشروط هذه البدائل وطرائق تطبيقها في سوق إسلامية منظمة. رابعاً: بطاقة الائتمان: أ- تعريفها: بطاقة الائتمان هي مستند يعطيه مصدره لشخص طبيعي أو اعتباري - بناء على عقد بينهما - يمكنه من شراء السلع أو الخدمات ممن يعتمد المستند دون دفع الثمن حالاً لتضمنه التزام المصدر بالدفع. ومن أنواع هذا المستند ما يمكن من سحب نقود من المصارف. ولبطاقات الائتمان صور: -منها ما يكون السحب أو الدفع بموجبها من حساب حاملها في المصرف وليس من حساب المصدر فتكون بذلك مغطاة. ومنها ما يكون الدفع من حساب المصدر ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية. -ومنها ما يفرض فوائد ربوية على مجموع الرصيد غير المدفوع خلال فترة محددة من تاريخ المطالبة. ومنها ما لا يفرض فوائد. - وأكثرها يفرض رسماً سنوياً على حاملها ومنها ما لا يفرض فيه المصدر رسماً. ب- التكييف الشرعي لبطاقات الائتمان: بعد التداول قرر المجلس تأجيل البت في التكييف الشرعي لبطاقات الائتمان وحكمها إلى دورة قادمة لمزيد من البحث والدراسة. والله أعلم

السندات

قرار رقم: 60 (11/6) بشأن السندات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 6، ج2 ص 1273ع 7 ج1 ص73) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410هـ الموافق 14-20آزار (مارس) 1990م، بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة الأسواق المالية المنعقدة في الرباط 20 - 24 ربيع الثاني 1410 هـ / 20 - 24 /10 / 1989 م بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، وباستضافة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو ترتيب نفع مشروط سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغاً مقطوعاً أم حسماً، قرر ما يلي: أولاً: إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغاً مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط محرمة شرعاً من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول، لأنها قروض ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة. ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكاً استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحاً أو ريعاً أو عمولة أو عائداً. ثانياً: تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها حسماً لهذه السندات. ثالثاً كما تحرم أيضاً السندات ذات الجوائز باعتبارها قروضاً اُشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع المقرضين، أو لبعضهم لا على التعيين، فضلاً عن شبهة القمار. رابعاً: من البدائل للسندات المحرمة - إصداراً أو شراءً أو تداولاً - السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات أو الصكوك ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلاً. ويمكن الاستفادة في هذا من الصيغة التي تم اعتمادها بالقرار رقم 30 (5/4) لهذا المجمع بشأن سندات المقارضة. والله أعلم

بطاقة الائتمان

قرار رقم: 96 (4/10) بشأن بطاقة الائتمان مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 8، ج2 ص 571 وع 10 ج ص) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة في المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 23-28 صفر 1418هـ الموافق 28 - حزيران (يونيو) - 3 تموز (يوليو) 1997م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع بطاقة الائتمان، واستماعه للمناقشات التي دارت حول الموضوع من الفقهاء والاقتصاديين، قرر ما يلي: أ- تكليف الأمانة العامة إجراء مسح ميداني لجميع نماذج الشروط والاتفاقيات للبطاقات التي تصدرها البنوك. ب - تشكيل لجنة تقوم بدراسة صيغ البطاقات لتحديد خصائصها وفروقها وضبط التكييفات الشرعية لها، وذلك بعد توفير المصادر العربية والأجنبية عن أنواع البطاقات. ج - عقد حلقة بحث لمناقشة الموضوع في ضوء التحضيرات السابقة وإعداد نتائج متكاملة عنه لعرضها على الدورة القادمة. ويوصي بما يلي: أ- ضرورة إعادة صياغة المصطلحات الاقتصادية ذات العلاقة والأبعاد الشرعية فيما يتعلق بالمعاملات الجائزة والمحرمة بما يناسب حقيقتها، ويكشف عن ماهيتها. وإيثار ما له وجود في المصطلح الشرعي على غيره، بحيث يترسخ لفظه ومعناه، خصوصاً ما تكون له آثار حُكْمية شرعية، لتقويم صياغة المصطلحات الاقتصادية، وانسجامها مع المصطلحات الفقهية، واستخراجها من تراث الأمة ومفاهيمها الشرعية. ب- مناشدة الجهات المعنية في البلاد الإسلامية منع البنوك من إصدار بطاقات الإئتمان الربوية، صيانة للأمة من الوقوع في مستنقع الربا المحرم، وحفظاً للاقتصاد الوطني وأموال الأفراد. ج- إيجاد هيئة شرعية ومالية واقتصادية تكون مسؤوليتها حماية الأفراد من استغلال البنوك والمحافظة على حقوقهم، في حدود الأحكام الشرعية، والسياسة المالية لحماية الاقتصاد الوطني، ووضع لوائح مُحْكمة لحماية المجتمع والأفراد من استغلال البنوك لتفادي النتائج الوخيمة المترتبة على ذلك. والله الموفق

المناقصات

قرار رقم: 88 (5/9) بشأن المناقصات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 9، ج1 ص 179) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1- 6 ذي القعدة 1415هـ الموافق 1- 6 نيسان (أبريل) 1995م، بعد اطلاعه على البحثين الواردين إلى المجمع بخصوص موضوع المناقصات، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، وجرياً على خطة المجمع في وجوب إعداد عدد من الدراسات في كل موضوع لاستقصاء التصورات الفنية له، واستيعاب الاتجاهات الفقهية فيه، قرر ما يلي: أولاً: تأجيل إصدار القرار الخاص بالنقاط التي درست في هذا الموضوع، نظراً لأهميته، وضرورة استكمال بحث جميع جوانبه وتغطية كل تفصيلاته، والتعرف على جميع الآراء فيه، واستيفاء المجالات التي تجرى المناقصات من أجلها، ولا سيما ما هو حرام منها كالأوراق المالية الربوية وسندات الخزانة. ثانياً: أن يقوم أعضاء المجمع وخبراؤه بموافاة الأمانة العامة - قبل انتهاء الدورة إن أمكن أو خلال فترة قريبة بعدها - بما لديهم من نقاط فنية أو شرعية تتعلق بموضوع (المناقصات) سواء تعلقت بالإجراءات أم بالصيغ والعقود التي تقام المناقصة لإبرامها. ثالثاً: استكتاب أبحاث أخرى في موضوع (المناقصات) يسهم فيها أهل الخبرات الفنية والفقهية والعملية في هذا الموضوع. والله الموفق

الاستثمار في الأسهم والوحدات الاستثمارية

قرار رقم: 87 (4/9) بشأن الاستثمار في الأسهم والوحدات الاستثمارية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 9، ج2 ص5 وع 6 ج2 ص 273 وع7 ج1 ص 73) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1- 6 ذي القعدة 1415هـ الموافق 1- 6 نيسان (أبريل) 1995م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الاستثمار في الأسهم والوحدات الاستثمارية، التي تبين منها أن الموضوع تضمن بين عناصره مسألة شراء أسهم الشركات، التي غرضها وأنشطتها الأساسية مشروعة لكنها تقترض أو تودع أموالها بالفائدة وهي لم يقع البت في أمرها، بالرغم من عقد ندوتين لبحثها، وصدور قرار مبدئي فيها للمجمع في دورته السابعة، ثم قرار لاحق في دورته الثامنة بأن تقوم الأمانة العامة باستكتاب المزيد من البحوث في هذا الموضوع ليتمكن من اتخاذ القرار المناسب في دورة قادمة، وبعد الشروع في المناقشات التي دارت حوله، تبين أن الموضوع يحتاج إلى الدراسات المتعددة المعمقة، لوضع الضوابط المتعلقة بهذا النوع من الشركات الذي هو الأكثر وقوعاً داخل البلاد الإسلامية وخارجها، قرر ما يلي: أولاً: تأجيل النظر في هذا الموضوع، على أن يعد فيه مزيد من الدراسات والأبحاث بخصوصه وتستوعب فيه الجوانب الفنية والشرعية. وذلك ليتمكن المجمع من اتخاذ القرار المناسب فيه حسب توصية الدورة الثامنة. ثانياً: الاستفادة مما تضمنته الأبحاث الثلاثة عن الصناديق والإصدارات الاستثمارية لإعداد اللائحة الموصى بوضعها في القرار 30 (5/4) . والله الموفق.

بيع العربون

قرار رقم: 72 (3/8) بشأن بيع العربون مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 8، ج1 ص 641) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414هـ الموافق 21- 27 حزيران (يونيو) 1993م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع بيع العربون، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: 1- المراد ببيع العربون بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع على أنه إن أخذ السلعة احتسب المبلغ من الثمن وإن تركها فالمبلغ للبائع. ويجري مجرى البيع الإجارة، لأنها بيع المنافع. ويستثنى من البيوع كل ما يشترط لصحته قبض أحد البدلين في مجلس العقد (السلم) أو قبض البدلين (مبادلة الأموال الربوية والصرف) ولا يجري في المرابحة للآمر بالشراء في مرحلة المواعدة ولكن يجري في مرحلة البيع التالية للمواعدة. 2- يجوز بيع العربون إذا قُيدّت فترة الانتظار بزمن محدود. ويحتسب العربون جزءاً من الثمن إذا تم الشراء، ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء. والله أعلم.

حماية الحسابات الاستثمارية في المصارف الإسلامية

رقم القرار: 3 رقم الدورة: 16 بشأن حماية الحسابات الاستثمارية في المصارف الإسلامية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن حماية الحسابات الاستثمارية في المصارف الإسلامية: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من 21-26/10/1422هـ الذي يوافقه من: 5-10/1/2002م، قد نظر في موضوع حماية الحسابات الاستثمارية في المصارف الإسلامية، وبعد استعراض البحوث التي قدمت، والمناقشات المستفيضة حول الموضوع، قرر ما يلي: أولاً: إن حماية الحسابات الاستثمارية في المصارف الإسلامية بوجهيها الوقائي والعلاجي أمر مطلوب ومشروع، إذا استخدمت لتحقيقه الوسائل المشروعة؛ لأنه يحقق مقصد الشريعة في حفظ المال. ثانيًا: يجب على المصارف الإسلامية أن تتبع في أثناء إدارتها لأموال المستثمرين الإجراءات والوسائل الوقائية المشروعة والمعروفة في العرف المصرفي، لحماية الحسابات الاستثمارية، وتقليل المخاطر. ثالثًا: إذا وقع المصرف المضارب في خسارة، فإن المجمع يؤكد القرار السادس له في دورته الرابعة عشرة، المنعقدة بتاريخ: 20/8/1415هـ، والقاضي بأن: (الخسارة في مال المضاربة على رب المال في ماله، ولا يسأل عنها المضارب إلا إذا تعدى على المال أو قصر في حفظه، وبذل العناية المطلوبة عرفًا في التعامل به) . رابعًا: يحث المجمع الجهات العلمية، والمالية، والرقابية، على العمل على تطوير المعايير والأسس المحاسبية الشرعية التي يمكن من خلالها التحقق من وقوع التعدي أو التفريط، كما يحث الحكومات على إصدار الأنظمة والتعليمات اللازمة لذلك. خامسًا: يجوز لأرباب الأموال أصحاب الحسابات الاستثمارية التأمين على حساباتهم الاستثمارية تأمينًا تعاونيًّا، بالصيغة الواردة في القرار الخامس للمجمع في دورته الأولى من عام 1398هـ. والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد.

موضوع بيع الدين

رقم القرار: 1 رقم الدورة: 16 بشأن موضوع بيع الدين مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن موضوع بيع الدين: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من 21-26/10/1422هـ الذي يوافقه: 5-10/1/2002م، قد نظر في موضوع: (بيع الدين) . وبعد استعراض البحوث التي قدمت، والمناقشات المستفيضة حول الموضوع، وما تقرر في فقه المعاملات من أن البيع في أصله حلال، لقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) [البقرة: 275] . ولكن البيع له أركان وشروط لابد من تحقق وجودها، فإذا تحققت الأركان والشروط وانتفت الموانع كان البيع صحيحًا، وقد اتضح من البحوث المقدمة أن بيع الدين له صور عديدة؛ منها ما هو جائز، ومنها ما هو ممنوع، ويجمع الصور الممنوعة وجود أحد نوعي الربا: ربا الفضل، وربا النّساء، في صورة مّا، مثل بيع الدين الربوي بجنسه، أو وجود الغرر الذي يفسد البيع؛ كما إذا ترتب على بيع الدين عدم القدرة على التسليم ونحوه؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ. وهناك تطبيقات معاصرة في مجال الديون تتعامل بها بعض المصارف والمؤسسات المالية، بعض منها لا يجوز التعامل به؛ لمخالفته للشروط والضوابط الشرعية الواجبة في البيوع. وبناء على ذلك قرر المجمع ما يلي: أولاً: من صور بيع الدين الجائزة: بيع الدين للمدين نفسه بثمن حَالّ؛ لأن شرط التسليم متحقق؛ حيث إن ما في ذمته مقبوض حكمًا، فانتفي المانع من بيع الدين، الذي هو عدم القدرة على التسليم. ثانيًا: من صور بيع الدين غير الجائزة: أ- بيع الدين للمدين بثمن مؤجل أكثر من مقدار الدين؛ لأنه صورة من صور الربا، وهو ممنوع شرعًا، وهو ما يطلق عليه (جدولة الدين) . ب- بيع الدين لغير المدين بثمن مؤجل من جنسه، أو من غير جنسه؛ لأنها من صور بيع الكالئ بالكالئ (أي الدين بالدين) الممنوع شرعًا. ثالثًا: بعض التطبيقات المعاصرة في التصرف في الديون: أ- لا يجوز حسم الأوراق التجارية (الشيكات، السندات الإذنية، الكمبيالات) ؛ لما فيه من بيع الدين لغير المدين على وجه يشتمل على الربا. ب- لا يجوز التعامل بالسندات الربوية إصدارًا، أو تداولاً، أو بيعًا؛ لاشتمالها على الفوائد الربوية. ج- لا يجوز توريق (تصكيك) الديون بحيث تكون قابلة للتداول في سوق ثانوية؛ لأنه في معنى حسم الأوراق التجارية المشار لحكمه في الفقرة (أ) . رابعًا: يرى المجمع أن البديل الشرعي لحسم الأوراق التجارية، وبيع السندات، هو بيعها بالعروض (السلع) شريطة تسلم البائع إياها عند العقد، ولو كان ثمن السلعة أقل من قيمة الورقة التجارية؛ لأنه لا مانع شرعًا من شراء الشخص سلعة بثمن مؤجل أكثر من ثمنها الحالي. خامسًا: يوصي المجمع بإعداد دراسة عن طبيعة موجودات المؤسسات المالية الإسلامية، من حيث نسبة الديون فيها، وما يترتب على ذلك من جواز التداول أو عدمه. والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد.

حكم بيع التورق

رقم القرار: 4 رقم الدورة: 15 بشأن حكم بيع التورُّق مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن حكم بيع التورُّق: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الخامسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، التي بدأت يوم السبت 11رجب1419هـ الموافق 31/10/1998م قد نظر في موضوع حكم بيع التورُّق. وبعد التداول والمناقشة، والرجوع إلى الأدلة، والقواعد الشرعية، وكلام العلماء في هذه المسألة قرر المجلس ما يلي: أولاً: أن بيع التورُّق: هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه، بثمن مؤجل، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع، للحصول على النقد (الورق) . ثانيًا: أن بيع التورق هذا جائز شرعًا، وبه قال جمهور العلماء، لأن الأصل في البيوع الإباحة، لقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) [البقرة: 275] . ولم يظهر في هذا البيع ربًا لا قصدًا ولا صورة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لقضاء دين، أو زواج أو غيرهما. ثالثًا: جواز هذا البيع مشروط بألاَّ يبيع المشتري السلعة بثمن أقل مما اشتراها به على بائعها الأول، لا مباشرة ولا بالواسطة، فإن فعل فقد وقعا في بيع العينة، المحرَّم شرعًا، لاشتماله على حيلة الربا فصار عقدًا محرمًا. رابعًا: إن المجلس- وهو يقرر ذلك- يوصي المسلمين بالعمل بما شرعه الله سبحانه لعباده من القرض الحسن من طيب أموالهم، طيبة به نفوسهم، ابتغاء مرضاة الله، لا يتبعه منّ ولا أذى، وهو من أجل أنواع الإنفاق في سبيل الله تعالى، لما فيه من التعاون والتعاطف، والتراحم بين المسلمين، وتفريج كرباتهم، وسد حاجاتهم، وإنقاذهم من الإثقال بالديون، والوقوع في المعاملات المحرمة، وإن النصوص الشرعية في ثواب الإقراض الحسن، والحث عليه كثيرة لا تخفى، كما يتعين على المستقرض التحلي بالوفاء، وحسن القضاء وعدم المماطلة. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه سلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

مسئولية المضارب ومجالس الإدارة عما يحدث من الخسارة

رقم القرار: 6 رقم الدورة: 14 بشأن مدى مسئولية المضارب ومجالس الإدارة عما يحدث من الخسارة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن مدى مسئولية المضارب ومجالس الإدارة عما يحدث من الخسارة: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الرابعة عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، والتي بدأت يوم السبت 20شعبان1415هـ-21/1/1995م: قد نظر في هذا الموضوع وأصدر القرار التالي: الخسارة في مال المضاربة على رب المال في ماله، ولا يسأل عنها المضارب، إلاّ إذا تعدى على المال، أو قصر في حفظه، لأن مال المضاربة مملوك لصاحبه، والمضارب أمين عليه ما دام في يده، ووكيل في التصرف فيه، والوكيل والأمين لا يضمنان، إلاّ في حالة التعدي، أو التقصير. والمسئول عما يحدث في البنوك، والمؤسسات المالية، ذات الشخصية الاعتبارية، هو مجلس الإدارة، لأنه هو الوكيل عن المساهمين في إدارة الشركة، والممثل للشخصية الاعتبارية، والحالات التي يسأل فيها مجلس الإدارة عن الخسارة التي تحدث في مال المضاربة، هي نفس الحالات التي يسأل فيها المضارب (الشخص الطبيعي) ، فيكون مجلس الإدارة مسئولاً أمام أرباب المال عن كل ما يحدث في مال المضاربة، من خسارة بتعدٍّ أو تقصير منه، أو من موظفي المؤسسة، وضمان مجلس الإدارة يكون من أموال المساهمين، ثم إذا كان التعدي أو التقصير من أحد الموظفين، فعلى مجلس الإدارة محاسبته، أما إذا كان التعدي أو القصير من مجلس الإدارة نفسه، فمن حق المساهمين أن يحاسبوه. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا

رقم القرار: 4 رقم الدورة: 14 بشأن حكم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن حكم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الرابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، والتي بدأت يوم السبت 20 من شعبان 1415هـ -21/1/1995م؛ قد نظر في هذا الموضوع وقرر ما يلي: 1- بما أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مباحة أمر جائز شرعًا. 2- لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها. 3- لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالمًا بذلك. 4- إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا، ثم علم فالواجب عليه الخروج منها. والتحريم في ذلك واضح، لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا، ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك، يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءًا شائعًا من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة، أو تقترضه بفائدة، فللمساهم نصيب منه، لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه، والتوكيل بعمل المحرم لا يجوز. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

المواعدة ببيع العملات بعضها ببعض

رقم القرار: 1 رقم الدورة: 13 بشأن موضوع المواعدة ببيع العملات بعضها ببعض، وهل يجوز أن يقوم المصرف، أو الشركة، بترتيب عمليات شراء مستقبلي لصالح أحد العملاء بطلب منه؟ مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن موضوع المواعدة ببيع العملات بعضها ببعض، وهل يجوز أن يقوم المصرف، أو الشركة، بترتيب عمليات شراء مستقبلي لصالح أحد العملاء بطلب منه؟: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الثالثة عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، والتي بدأت يوم السبت 5 شعبان 1412هـ الموافق 8/2/1992م. قد نظر في موضوع: بيع العملات بعضها ببعض، وتوصل إلى النتائج التالية: أولاً: أن بيع عملة بعملة أخرى يعتبر صرفًا. ثانياً: إذا تم عقد الصرف بشروطه الشرعية، وخاصة التقابض في مجلس العقد، فالعقد جائز شرعًا. ثالثًا: إذا تم عقد الصرف، مع الاتفاق على تأجيل قبض البدلين أو أحدهما إلى تاريخ معلوم في المستقبل، بحيث يتم تبادل العملتين معًا في وقت واحد، في التاريخ المعلوم، فالعقد غير جائز، لأن التقابض شرط لصحة تمام العقد، ولم يحصل. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

قيام الشيك مقام القبض

رقم القرار: 6 رقم الدورة: 11 بشأن: 1- قيام الشيك مقام القبض، في صرف النقود بالتحويل في المصارف. 2- الاكتفاء بالقيد في دفاتر المصرف عن القبض، من يريد استبدال عملة بعملة أخرى مودعة في المصرف. مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن: 1- قيام الشيك مقام القبض، في صرف النقود بالتحويل في المصارف. 2- الاكتفاء بالقيد في دفاتر المصرف عن القبض، من يريد استبدال عملة بعملة أخرى مودعة في المصرف: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13رجب 1409هـ الموافق 19 فبراير 1989م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبراير 1989م قد نظر في موضوع: 1- صرف النقود في المصارف، هل يستغنى فيه عن القبض بالشيك، الذي يتسلمه مريد التحويل؟ 2- هل يكتفي بالقيد في دفاتر المصرف، عن القبض، لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى مودعة في المصرف؟ وبعد البحث والدراسة قرر المجلس بالإجماع ما يلي: أولاً: يقوم استلام الشيك مقام القبض، عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف. ثانيًا: يعتبر القيد في دفاتر المصرف، في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى، سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

بحث المستشار القانوني إبراهيم بن عبد الله الناصر

رقم القرار: 5 رقم الدورة: 10 بشأن بحث المستشار القانوني إبراهيم بن عبد الله الناصر، بعنوان: (موقف الشريعة الإسلامية من المصارف) مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن بحث المستشار القانوني إبراهيم بن عبد الله الناصر، بعنوان: (موقف الشريعة الإسلامية من المصارف) : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته العاشرة، المنعقدة في مكة المكرمة، في الفترة من يوم السبت 24صفر 1408هـ الموافق 17 أكتوبر 1987 إلى يوم الأربعاء 28 صفر 1408هـ الموافق 21 أكتوبر 1987م قد اطلع على البحث الذي نشره المستشار القانوني، بمؤسسة النقد السعودي: إبراهيم بن عبد الله الناصر، بعنوان: (موقف الشريعة الإسلامية من المصارف) . الذي يدعي فيه إباحة القرض بفائدة والمضاربة بالرسم المحدود. والمجمع يستنكر بشدة هذا البحث: أولاً: لخروجه على الكتاب والسنة والإجماع بإباحته القرض بفائدة، حيث اعتبره الباحث مغايرًا لربا الجاهلية، الذي نزل بسببه القرآن. ثانيًا: لجهله أو تجاهله، بما علم من الدين بالضرورة، وقلبه للحقائق، حيث اعتبر معاملة المقترض بفائدة مع المصرف، تجارة مباحة، ومضاربة مشروعة. ثالثًا: لمخالفته اتفاق الفقهاء، بإباحته المضاربة بالربح المحدود، متمسكًا بكلام لبعض المعاصرين، لا دليل عليه. رابعًا: لدعواه الجريئة الظالمة، أنه لن تكون بنوك بلا فوائد، ولن تكون قوة إسلامية بلا بنوك، وأن المصارف التي تقرض بفائدة، مصلحة لا يتم العيش إلا بها. فإن الأمة الإسلامية-منذ نشأت- عاشت قوية بغير مصارف، والذي يدحض دعواه في هذا العصر، قيام المصارف الاستثمارية، في كثير من بلاد الإسلام. ودعواه أن هذه المصارف، التي تقرض بفائدة، مصلحة يحتاج الناس إليها مردود، بل الربا مفسدة، ولو صح أنه مصلحة فهي مصلحة ملغاة، بالأدلة المحرمة للربا. خامسًا: تسميته لبحثه اجتهادًا، مع أنه اجتهاد باطل، لمخالفته النصوص الواضحة، والإجماعات القاطعة، وترويج للشبه، والحجج الزائفة، بنقله عن الجهلة لمقاصد الشريعة: أن الربا تعويض عن حرمان المقرض بماله مدة القرض، وهي من شبه اليهود في إحلالهم الربا. والمجمع يناشد الذين يريدون الكتابة عن شريعة الإسلام، أن يتقوا الله، فلا يكتبوا إلا عن بينة، ولا يبحثوا إلا على بصيرة، ولا يفتحوا أبواب الشبه، ولا ينشروا الجهالات لئلا يصرفوا الناس عن الحق، ويلبسوا على المسلمين دينهم. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. وصلى الله على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

حول العملة الورقية

رقم القرار: 6 رقم الدورة: 5 حول العملة الورقية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حول العملة الورقية: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على البحث المقدم إليه في موضوع العملة الورقية، وأحكامها من الناحية الشرعية، وبعد المناقشة والمداولة بين أعضائه قرر ما يلي: أولاً: أنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة، وبناء على أن علة جريان الربا فيهما هي مطلق الثمنية في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة. وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة، وإن كان معدنهما هو الأصل. وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمنًا، وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها، وبها تُقَوَّمُ الأشياء في هذا العصر، لاختفاء التعامل بالذهب والفضة، وتطمئن النفوس بتمولها وادخارها، ويحصل الوفاء والإبراء العام بها، رغم أن قيمتها ليست في ذاتها، وإنما في أمر خارج عنها، وهو حصول الثقة بها، كوسيط في التداول والتبادل، وذلك هو سر مناطها بالثمنية. وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية، وهي متحققة في العملة الورقية، لذلك كله، فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، يقرر: أن العملة الورقية نقد قائم بذاته، له حكم النقدين من الذهب والفضة، فتجب الزكاة فيها، ويجري الربا عليها بنوعيه، فضلاً ونسيئةً، كما يجري ذلك في النقدين من الذهب والفضة تمامًا، باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياسًا عليهما، وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها. ثانيًا: يعتبر الورق النقدي نقدًا قائمًا بذاته، كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، كما يعتبر الورق النقدي أجناسًا مختلفة، تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة، بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس. وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه فضلاً ونسيئةً، كما يجري الربا بنوعيه في النقدين الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان. وهذا كله يقتضي ما يلي: (أ) لا يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض، أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى، من ذهب أو فضة أو غيرهما، نسيئة مطلقًا. فلا يجوز مثلاً بيع ريال سعودي بعملة أخرى متفاضلاً نسيئة بدون تقابض. (ب) لا يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بعضه ببعض متفاضلاً، سواء كان ذلك نسيئة أو يدًا بيد، فلا يجوز مثلاً بيع عشرة ريالات سعودية ورقًا، بأحد عشر ريالاً سعودية ورقًا، نسيئة أو يدًا بيد.

(ج) يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقًا، إذا كان ذلك يدًا بيد، فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقًا كان أو فضة، أو أقل من ذلك، أو أكثر. وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة ريالات سعودية، أو أقل من ذلك، أو أكثر، إذا كان ذلك يدًا بيد، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة ريالات سعودية ورق، أو أقل من ذلك أو أكثر يدًا بيد؛ لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه، لا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة. ثالثًا: وجوب زكاة الأوراق النقدية، إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة. رابعًا: جواز جعل الأوراق النقدية رأس مال في بيع السلم، والشركات. والله أعلم. وبالله التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الربا والصرف

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الأول ص88-93 قرار هيئة كبار العلماء رقم (10) وتاريخ17/4/1393هـ الورق النقدي هيئة كبار العلماء 22/8/1426 26/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد: فبناء على توصية رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والأمين العام لهيئة كبار العلماء -بدراسة موضوع الورق النقدي من قبل هيئة كبار العلماء؛ استناداً إلى المادة السابعة من لائحة سير العمل في الهيئة التي تنص على أن ما يجري بحثه في مجلس الهيئة يتم بطلب من ولي الأمر، أو بتوصية من الهيئة، أو من أمينها، أو من رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، أو من اللجنة الدائمة المتفرعة عن الهيئة- فقد جرى إدراج الموضوع في جدول أعمال الهيئة لدورتها الثالثة المنعقدة فيما بين1/4/1393هـ و 17/4/1393هـ، وفي تلك الدورة جرى دراسة الموضوع بعد الاطلاع على البحث المقدم عنه من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وبعد استعراض الأقوال الفقهية التي قيلت في حقيقة الأوراق النقدية من اعتبارها أسناداً، أو عروضاً، أو فلوساً، أو بدلاً عن ذهب أو فضة، أو نقداً مستقلاً بذاته، وما يترتب على تلك الأقوال من أحكام شرعية - جرى تداول الرأي فيها، ومناقشة ما على كل قول منها من إيرادات. فتنتج عن ذلك العديد من التساؤلات التي تتعلق بالإجراءات المتخذة من قبل الجهات المصدرة لها: وحيث أن الموضوع من المسائل التي تقضي المادة العاشرة من لائحة سير عمل الهيئة بالاستعانة بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والأنظمة العامة بما في ذلك القضايا البنكية والتجارية والعمالية، فإن عليها أن تشرك في البحث معها واحداً أو أكثر من المتخصصين في تلك العلوم- فقد جرى استدعاء سعادة محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أنور علي، وحضر معه الدكتور عمر شابريه أحد المختصين في العلوم الاقتصادية، ووجهت إلى سعادته الأسئلة التالية: س1:هل تعتبر مؤسسة النقد ورق النقد السعودي نقداً قائماً بذاته أم تعتبره سندات تتعهد الدولة بدفع قيمتها لحاملها، كما هو مدون على كل فئة من فئات أوراق النقد السعودي، وإذا لم يرد معنى هذه العبارة، فما معنى الالتزام بتسجيلها على كل ورقة، وهل يعني ذلك التعهد أن ورق النقد السعودي مغطى بريالات فضية أم لا؟ س2: هل لكل عملة ورقية غطاء مادي محفوظ في خزائن مصدريها، إذا كان كذلك فهل هو غطاء كامل أم غطاء للبعض فقط، وإذا كان غطاء للبعض فما هو الحد الأعلى للتغطية، وما هو الحد الأدنى لها؟ س3:ما نوع غطاء العملات الورقية، وهل توجد عملة لأي دولة ما مغطاة بالفضة، وله هناك جهات إصدار تخلت عن فكرة التغطية المادية مطلقاً؟ س4:المعروف أن الورقة لا قيمة لها في ذاتها، وإنما قيمتها في الخارج عنها، فما هي مقومات هذه القيمة؟ س5:نرغب في شرح نظرية غطاء النقد بصفة عامة، وما هي مقومات اعتبار العملة الورقية على الصعيدين الدولي والمحلي؟ س6:هل الغطاء لا يكون إلا بالذهب، وإذا كان بالذهب وغيره فهل غير الذهب فرع عن الذهب باعتبار أنه قيمة له، وهل يكفي للغطاء ملاءة ومتانة اقتصادها وقوتها ولو لم يكن لنقدها رصيد؟

س7:ما يسمى بالدينار، والجنيه هل هو مغطى بالذهب؛ ولذا سمي ديناراً أو جنيهاً رمزاً لما غطي به، ومثله الريال السعودي هل هو مغطى بفضة أم أن هذه التسميات يقصد منها المحافظة على التسميات القديمة للعمل المتداولة فيما مضى بغض النظر عمّا هي مستندة عليه من ذهب أو فضة؟ س8: ما السبب في عدم الثقة في النقد المتداول اليوم مما أدى إلى ارتفاع الذهب ارتفاعاً لم يسبق له نظير؟ وإجابة سعادته عنها بواسطة المترجم القائد الدكتور أحمد المالك إجابة جرى رصد خلاصتها في محضر الجلسة مع سعادته، وقد توصلت بها الأكثرية من الهيئة إلى الاقتناع بما ارتأته فيها من رأي. ثم بعد إعادة النظر في الأقوال الفقهية التي قيلت فيها على ضوء الإيضاحات التي ذكرها سعادة المحافظ- قرر المجلس بالأكثرية ما يلي: بناء على أن النقد هو كل شيء يجري اعتباره في العادة أو الاصطلاح، بحيث يلقى قبولاً عاماً كوسيط للتبادل، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال (وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبعي ولا شرعي، بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح؛ وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به، بل الغرض أن يكون معياراً لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها، بل هي وسيلة إلى التعامل بها؛ ولهذا كانت أثماناً..إلى أن قال: والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض، لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت) اهـ. (1) وذكر نحو ذلك الإمام مالك في [المدونة] من كتاب الصرف حيث قال: (ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة) اهـ (1) . وحيث أن الورق النقدي يلقى قبولاً عاماً في التداول، ويحمل خصائص الأثمان من كونه مقياساً للقيم ومستودعاً للثروة، وبه الإبراء العام، وحيث ظهر من المناقشة مع سعادة المحافظ: أن صفة السندية فيها غير مقصودة، والواقع يشهد بذلك ويؤكده، كما ظهر أن الغطاء لا يلزم أن يكون شاملاً لجميع الأوراق النقدية، بل يجوز في عرف جهات الإصدار أن يكون جزء من عملتها بدون غطاء، وأن الغطاء لا يلزم أن يكون ذهباً، بل يجوز أن يكون من أمور عدة الذهب والعملات الورقية القوية، وأن الفضة ليست غطاء كليّاً أو جزيئاً لأي عملة في العالم، كما اتَّضح أن مقومات الورقة النقديه قوة وضعفاً مستمدة مما تكون عليه حكومتها من حال اقتصادية، فتقوى الورقة بقوة دولتها وتضعف بضعفها، وأن الخامات المحلية؛ كالبترول والقطن والصوف لم تعتبر حتى الآن لدى أي من جهات الإصدار. (ج) يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقاً، إذا كان ذلك يداً بيد، يجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي، ورقاً كان أو فضة، أو أقل من ذلك أو أكثر، وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة أريلة سعودية أو أقل أو أكثر إذا كان ذلك يداً بيد، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة أريلة سعودية ورق أو أقل أو أكثر يداً بيد؛ لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنس ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة. ثانياً: وجوب زكاتها إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة إذا كانت مملوكة لأهل وجوبها.

ثالثاً: جواز جعلها رأس مال في السلم والشركات. والله أعلم، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة الثالثة محمد الأمين الشنقيطي [متوقف] عبد الله خياط عبد الله بن حميد [متوقف] عبد الرزاق عفيفي [لي وجهة نظر أخرى في الأوراق النقدية أقدم بها بياناً إن شاء الله] عبد العزيز بن باز عبد العزيز بن صالح عبد المجيد حسن محمد الحركان سليمان بن عبيد إبراهيم محمد آل الشيخ صالح بن غصون راشد بن خنين عبد الله بن غديان [متوقف] محمد بن جبير عبد الله بن منيع صالح بن لحيدان [متوقف]

استفادة الهيئات الخيرية من عوائد الحسابات الربوية

استفادة الهيئات الخيرية من عوائد الحسابات الربوية قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 24/4/1426 01/06/2005 قرار المجلس: عموم المسلمين في الغرب لا يجدون مناصًا من فتح حسابات في البنوك الربوية، ومعلوم أن هذه الحسابات تترتب عليها زيادات ربوية تلحق بحساباتهم، فيجدون أنفسهم بين خيارين: إما ترك هذه الفوائد للبنك، وفي هذا تفويت مصلحة للمسلمين، وربما كانت عونًا لمؤسسات تبشيرية، وإما أن يصرفوها في وجوه الخير العامة، وبما أن الحكم لا يتعلق بعين المال وإنما بطريقة تحصيله أو صرفه، فما كان منه حرامًا فحرمته في حق من اكتسبه بطريقة غير مشروعة، فالذي يحرم في شأن هذا المال الربوي هو أن ينتفع به الشخص لنفسه، أما بالنسبة للفقراء والجهات الخيرية فلا يكون حرامًا. وبناء على ذلك، فإن المجلس لا يرى بأسًا من أن تسأل المؤسسة الخيرية أصحاب هذه الحسابات أن يمكنوها من تلك الأموال، كما لا يجد فرقًا في تحصيل هذه الأموال من أي جهة أخرى كالمؤسسات والبنوك وغير ذلك. وينبغي للمؤسسة أن تتحاشى ما وسعها ذكر اسم البنك المتبرع على وجه الدعاية له، بسبب عدم مشروعية أصل عمله. ولا مانع كذلك من أن يفتح حساب خاص تودع فيه تلك الأموال. [الدورة السابعة]

شراء المنازل بقرض بنكي ربوي للمسلمين في غير بلاد الإسلام

حكم شراء المنازل بقرض بنكي ربوي للمسلمين في غير بلاد الإسلام قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 16/3/1426 25/04/2005 قرار المجلس: نظر المجلس في القضية التي عمّت بها البلوى في أوروبا وفي بلاد الغرب كلها، وهي قضية المنازل التي تشترى بقرض ربوي بواسطة البنوك التقليدية. وقد قُدمت إلى المجلس عدة أوراق في الموضوع ما بين مؤيد ومعارض، قرئت على المجلس، ثم ناقشها جميع الأعضاء مناقشة مستفيضة، انتهى بعدها المجلس بأغلبية أعضائه إلى ما يلي: * يؤكد المجلس على ما أجمعت عليه الأمة من حرمة الربا، وأنه من السبع الموبقات، ومن الكبائر التي تؤذن بحرب من الله ورسوله، ويؤكد ما قررته المجامع الفقهية الإسلامية من أن فوائد البنوك هي الربا الحرام. * يناشد المجلس أبناء المسلمين في الغرب أن يجتهدوا في إيجاد البدائل الشرعية، التي لا شبهة فيها، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، مثل (بيع المرابحة) الذي تستخدمه البنوك الإسلامية، ومثل تأسيس شركات إسلامية تنشئ مثل هذه البيوت بشروط ميسرة مقدورة لجمهور المسلمين، وغير ذلك. * كما يدعو التجمعات الإسلامية في أوروبا أن تفاوض البنوك الأوروبية التقليدية؛ لتحويل هذه المعاملة إلى صيغة مقبولة شرعاً، مثل (بيع التقسيط) الذي يزاد فيه الثمن مقابل الزيادة في الأجل، فإن هذا سيجلب لهم عددًا كبيرًا من المسلمين يتعامل معهم على أساس هذه الطريقة، وهو ما يجري به العمل في بعض الأقطار الأوروبية، وقد رأينا عددًا من البنوك الغربية الكبرى تفتح فروعًا لها في بلادنا العربية تتعامل وفق الشريعة الإسلامية، كما في البحرين وغيرها. * ويمكن للمجلس أن يساعد في ذلك بإرسال نداء إلى هذه البنوك؛ لتعديل سلوكها مع المسلمين. وإذا لم يكن هذا ولا ذاك ميسراً في الوقت الحاضر، فإن المجلس في ضوء الأدلة والقواعد والاعتبارات الشرعية، لا يرى بأسًا من اللجوء إلى هذه الوسيلة، وهي القرض الربوي لشراء بيت يحتاج إليه المسلم لسكناه هو وأسرته، بشرط ألا يكون لديه بيت آخر يغنيه، وأن يكون هو مسكنه الأساسي، وألا يكون عنده من فائض المال ما يمكّنه من شرائه بغير هذه الوسيلة، وقد اعتمد المجلس في فتواه على مرتكزين أساسيين: المرتكز الأول: قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) : وهي قاعدة متفق عليها، مأخوذة من نصوص القرآن في خمسة مواضع، منها قوله تعالى في سورة الأنعام: "وقد فصّل لكم ما حرّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه" [الآية: 119] ، ومنها قوله تعالى في نفس السورة بعد ذكر محرمات الأطعمة: "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم" [الآية: 145] ، ومما قرره الفقهاء هنا أن الحاجة قد تنزل منزلة الضرورة، خاصة كانت أو عامة. والحاجة هي التي إذا لم تتحقق يكون المسلم في حرج وإن كان يستطيع أن يعيش، بخلاف الضرورة التي لا يستطيع أن يعيش بدونها، والله تعالى رفع الحرج عن هذه الأمة بنصوص القرآن، كما في قوله تعالى في سورة الحج: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الآية: 78] ، وفي سورة المائدة: "ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج" [الآية: 6] . والمسكن الذي يدفع عن المسلم الحرج هو المسكن المناسب له في موقعه وفي سعته وفي مرافقه، بحيث يكون سكنًا حقًا.

وإذا كان المجلس قد اعتمد على قاعدة الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، فإنه لم ينس القاعدة الأخرى الضابطة والمكملة لها، هي أن (ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها) ، فلم يجز تملك البيوت للتجارة ونحوها. والمسكن ولا شك ضرورة للفرد المسلم وللأسرة المسلمة، وقد امتن الله بذلك على عباده حين قال: "والله جعل لكم من بيوتكم سكنًا" [النحل: 80] ، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم- السكن الواسع عنصراً من عناصر السعادة الأربعة أو الثلاثة، والمسكن المستأجر لا يلبي كل حاجة المسلم، ولا يشعره بالأمان، وإن كان يكلف المسلم كثيرًا بما يدفعه لغير المسلم، ويظل سنوات وسنوات يدفع أجرته ولا يملك منه حجرًا واحدًا، ومع هذا يظل المسلم عرضة للطرد من هذا المسكن إذا كثر عياله أو كثر ضيوفه، كما أنه إذا كبرت سنه أو قل دخله أو انقطع يصبح عرضة لأن يرمى به في الطريق. وتملّك المسكن يكفي المسلم هذا الهم، كما أنه يمكّنه أن يختار المسكن قريبًا من المسجد والمركز الإسلامي، والمدرسة الإسلامية، ويهيئ فرصة للمجموعة المسلمة أن تتقارب في مساكنها عسى أن تنشئ لها مجتمعًا إسلاميًا صغيرًا داخل المجتمع الكبير، فيتعارف فيه أبناؤهم، وتقوى روابطهم، ويتعاونون على العيش في ظل مفاهيم الإسلام. كما أن هذا يمكّن المسلم من إعداد بيته وترتيبه بما يلبي حاجته الدينية والاجتماعية، ما دام مملوكًا له. وهناك إلى جانب هذه الحالة الفردية لكل مسلم، الحاجة العامة لجماعة المسلمين الذين يعيشون أقلية خارج دار الإسلام، وهي تتمثل في تحسين أحوالهم المعيشية، حتى يرتفع مستواهم، ويكونوا أهلاً للانتماء إلى خير أمة أُخرجت للناس، ويغدوا صورة مشرفة للإسلام أمام غير المسلمين، كما تتمثل في أن يتحرروا من الضغوط الاقتصادية عليهم، ليقوموا بواجب الدعوة ويساهموا في بناء المجتمع العام، وهذا يقتضي ألا يظل المسلم يكد وينصب طول عمره من أجل دفع قيمة إيجار بيته ونفقات عيشه، ولا يجد فرصة لخدمة مجتمعه، أو نشر دعوته. المرتكز الثاني: هو ما ذهب إليه أبو حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن الشيباني، وهو المُفْتَى به في المذهب الحنفي. وكذلك سفيان الثوري وإبراهيم النخعي، وهو رواية عن أحمد بن حنبل، ورجحها ابن تيمية - فيما ذكره بعض الحنابلة-: من جواز التعامل بالربا وغيره من العقود الفاسدة، بين المسلمين وغيرهم في غير دار الإسلام. ويرجح الأخذ بهذا المذهب هنا عدة اعتبارات، منها: (1) أن المسلم غير مكلف شرعًا أن يقيم أحكام الشرع المدنية والمالية والسياسية ونحوها مما يتعلّق بالنظام العام في مجتمع لا يؤمن بالإسلام؛ لأن هذا ليس في وسعه، ولا يكلّف الله نفسًا إلا وسعها، وتحريم الربا هو من هذه الأحكام التي تتعلّق بهوية المجتمع، وفلسفة الدولة، واتجاهها الاجتماعي والاقتصادي. وإنما يطالب المسلم بإقامة الأحكام التي تخصه فردًا، مثل أحكام العبادات، وأحكام المطعومات والمشروبات والملبوسات، وما يتعلّق بالزواج والطلاق والرجعة والعدة والميراث، وغيرها من الأحوال الشخصية، بحيث لو ضيق عليه في هذه الأمور، ولم يستطع بحال إقامة دينه فيها لوجب عليه أن يهاجر إلى أرض الله الواسعة ما وجد إلى ذلك سبيلاً.

(2) أن المسلم إذا لم يتعامل بهذه العقود الفاسدة - ومنها عقد الربا- في دار القوم، سيؤدي ذلك بالمسلم إلى أن يكون التزامه بالإسلام سببًا لضعفه اقتصاديًا، وخسارته ماليًا، والمفروض أن الإسلام يقوي المسلم ولا يضعفه، ويزيده ولا ينقصه، وينفعه ولا يضره، وقد احتج بعض علماء السلف على جواز توريث المسلم من غير المسلم بحديث: (الإسلام يزيد ولا ينقص) (1) ، أي يزيد المسلم ولا ينقصه، ومثله حديث: (الإسلام يعلو ولا يُعلى) (2) ، وهو إذا لم يتعامل بهذه العقود التي يتراضونها بينهم، سيضطر إلى أن يعطي ما يطلب منه، ولا يأخذ مقابله، فهو ينفذ هذه القوانين والعقود فيما يكون عليه من مغارم، ولا ينفذها فيما يكون له من مغانم، فعليه الغُرم دائماً وليس له الغُنْم، وبهذا يظل المسلم أبدًا مظلومًا ماليًا، بسبب التزامه بالإسلام! والإسلام لا يقصد أبدًا إلى أن يظلم المسلم بالتزامه به، وأن يتركه - في غير دار الإسلام- لغير المسلم يمتصه ويستفيد منه، في حين يحرم على المسلم أن ينتفع من معاملة غير المسلم في المقابل في ضوء العقود السائدة، والمعترف بها عندهم. وما يقال من أن مذهب الحنفية إنما يجيز التعامل بالربا في حالة الأخذ لا الإعطاء؛ لأنه لا فائدة للمسلم في الإعطاء وهم لا يجيزون التعامل بالعقود الفاسدة إلا بشرطين: الأول: أن يكون فيها منفعة للمسلم. والثاني: ألا يكون فيها غدر ولا خيانة لغير المسلم، وهنا لم تتحقق المنفعة للمسلم. فالجواب: أن هذا غير مسلّم، كما يدل عليه قول محمد بن الحسن الشيباني في "السير الكبير"، وإطلاق المتقدمين من علماء المذهب، كما أن المسلم وإن كان يعطي الفائدة هنا فهو المستفيد، إذ به يتملك المنزل في النهاية. وقد أكد المسلمون الذين يعيشون في هذه الديار بالسماع المباشر منهم وبالمراسلة: أن الأقساط التي يدفعونها للبنك بقدر الأجرة التي يدفعونها للمالك، بل أحيانًا تكون أقل. ومعنى هذا أننا إذا حرّمنا التعامل هنا بالفائدة مع البنك حرَمنا المسلم من امتلاك مسكن له ولأسرته، وهو من الحاجات الأصلية للإنسان كما يعبر الفقهاء، وربما يظل عشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر، يدفع إيجارًا شهرياً أو سنويًا، ولا يملك شيئاً، على حين كان يمكنه في خلال عشرين سنة - وربما أقل- أن يملك البيت. فلو لم يكن هذا التعامل جائزًا على مذهب أبي حنيفة ومن وافقه، لكان جائزًا عند الجميع للحاجة التي تنزل أحيانًا منزلة الضرورة، في إباحة المحظور بها. ولاسيما أن المسلم هنا، إنما يُؤكِل الربا ولا يَأكُلُه، أي هو يعطي الفائدة ولا يأخذها، والأصل في التحريم مُنْصَبٌ على (أكل الربا) كما نطقت به آيات القرآن، إنما حرم الإيكال سدًا للذريعة، كما حرمت الكتابة له والشهادة عليه، فهو من باب تحريم الوسائل لا تحريم المقاصد. ومن المعلوم أن أكل الربا المحرم لا يجوز بحال، أما إيكاله (بمعنى إعطاء الفائدة) فيجوز للحاجة، وقد نصَّ على ذلك الفقهاء، وأجازوا الاستقراض بالربا للحاجة إذا سدت في وجهة أبواب الحلال. ومن القواعد الشهيرة هنا: أن (ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، وما حرم لسد الذريعة يباح للحاجة) ، والله الموفق. القرار [2/4] .

_____ (1) أخرجَ أبو داود رقم: (2912) ، ومن طريقه: البيهقي (6/205، 254-255) بإسناده إلى عبد الله بن بُرَيْدَة: أن أخوين اختصَما إلى يحيى بن يَعْمَر: يهودي ومسلم، فوَرَّثَ المسلم منهما، وقال: حدثني أبو الأسود، أنَّ رجلاً حدَّثه، أنَّ معاذًَا حدَّثه، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الإسلام يَزيد ولا يَنقص". فوَرَّثَ المسلم. وإسنادُه إلى أبي الأسود صحيحٌ، وإنما هو منقطع بين أبي الأسود ومعاذ، لجهالة الراوي بينهما، ويشهد للمرفوع منه حديث عائذ بن عمرو التالي، وهو به حسنٌ لغيره. (2) حديث حسن لغيره، أخرجه الروياني في "مسنده" رقم: (783) ، وأبو نُعيم في (أخبار أصبهان) (1/65) ، والبيهقي (6/205) ، وفي إسناده مجهولان، لكن يشهد له حديث معاذ بن جبل المتقدم قبله، كما جاء كذلك بإسناد صحيح عن ابن عباس موقوفًا، أخرجه الطحاوي في (شرح معاني الآثار) (3/257) ، وعلقه البخاري في (صحيحه) (1/454- كتاب الجنائز) ، وصححه ابن حجر في "الفتح" (9/421) . كما يصدِّقه والذي قبله قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) [التوبة: 33، الصف: 9] .

تغير قيمة العملة

قرار رقم: 42 (4/5) بشأن تغير قيمة العملة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 6/11/1425 18/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تغير قيمة العملة، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبعد الاطلاع على قرار المجمع رقم 21 (9/3) في الدورة الثالثة، بأن العملات الورقية نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامها، قرر ما يلي: - العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما، هي بالمثل وليس بالقيمة، لأن الديون تُقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أيا كان مصدرها، بمستوى الأسعار والله أعلم.

قضايا العملة

قرار رقم: 89 (6/9) بشأن قضايا العملة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 6/11/1425 18/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1- 6 ذي القعدة 1415هـ الموافق 1- 6 نيسان (أبريل) 1995م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع قضايا العملة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دلت على أن هناك اتجاهات عديدة بشأن معالجة حالات التضخم الجامح الذي يؤدي إلى الانهيار الكبير للقوة الشرائية لبعض العملات منها: أ- أن تكون هذه الحالات الاستثنائية مشمولة أيضاً بتطبيق قرار المجمع الصادر في الدورة الخامسة، ونصه: العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أياً كان مصدرها بمستوى الأسعار. ب - أن يطبق في تلك الأحوال الاستثنائية مبدأ الربط بمؤشر تكاليف المعيشة (مراعاة القوة الشرائية للنقود) . ج - أن يطبق مبدأ ربط النقود الورقية بالذهب (مراعاة قيمة هذه النقود بالذهب عند نشوء الالتزام) . د - أن يؤخذ في مثل هذه الحالات بمبدأ الصلح الواجب، بعد تقرير أضرار الطرفين (الدائن والمدين) . هـ - التفرقة بين انخفاض قيمة العملة عن طريق العرض والطلب في السوق، وبين تخفيض الدولة عملتها بإصدار قرار صريح في ذلك بما قد يؤدي إلى تغير اعتبار قيمة العملات الورقية التي أخذت قوتها بالاعتبار والاصطلاح. والتفرقة بين انخفاض القوة الشرائية للنقود الذي يكون ناتجاً عن سياسات تتبناها الحكومات وبين الانخفاض الذي يكون بعوامل خارجية. ز - الأخذ في هذه الأحوال الاستثنائية بمبدأ (وضع الجوائح) الذي هو من قبيل مراعاة الظروف الطارئة. وفي ضوء هذه الاتجاهات المتباينة المحتاجة للبحث والتمحيص. قرر ما يلي: أولاً: أن تعقد الأمانة العامة للمجمع - بالتعاون مع إحدى المؤسسات المالية الإسلامية - ندوة متخصصة يشارك فيها عدد من ذوي الاختصاص في الاقتصاد والفقه، وتضم بعض أعضاء وخبراء المجمع، وذلك للنظر في الطريق الأقوم والأصلح الذي يقع الاتفاق عليه للوفاء بما في الذمة من الديون والالتزامات في الأحوال الاستثنائية المشار إليها أعلاه. ثانياً: أن يشتمل جدول الندوة على: أ - دراسة ماهية التضخم وأنواعه وجميع التصورات الفنية المتعلقة به. ب - دراسة آثار التضخم الاقتصادية والاجتماعية وكيفية معالجتها اقتصاديا. ج - طرح الحلول الفقهية لمعالجة التضخم من مثل ما سبقت الإشارة إليه في ديباجة القرار. ثالثاً: ترفع نتائج الندوة - مع أوراقها ومناقشاتها - إلى مجلس المجمع في الدورة القادمة. والله الموفق.

السلم

قرار رقم: 85 (2/9) بشأن السَّلم وتطبيقاته المعاصرة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 9، ج1 ص 371) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1- 6 ذي القعدة 1415هـ الموافق 1- 6 نيسان (أبريل) 1995م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع السَّلم وتطبيقاته المعاصرة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: بشأن (السلم) : أ- السلع التي يجري فيها عقد السلم تشمل كل ما يجوز بيعه ويمكن ضبط صفاته ويثبت ديناً في الذمة، سواء أكانت من المواد الخام أم المزروعات أم المصنوعات. ب - يجب أن يحدد لعقد السلم أجل معلوم، إما بتاريخ معين، أو بالربط بأمر مؤكد الوقوع، ولو كان ميعاد وقوعه يختلف اختلافاً يسيراً لا يؤدي للتنازع كموسم الحصاد. ج - الأصل تعجيل قبض رأس مال السلم في مجلس العقد، ويجوز تأخيره ليومين أو ثلاثة ولو بشرط، على أن لا تكون مدة التأخير مساوية أو زائدة عن الأجل المحدد للسلم. د - لا مانع شرعاً من أخذ المُسْلِم (المشتري) رهناً أو كفيلاً من المسلّم إليه (البائع) . هـ - يجوز للمسلِم (المشتري) مبادلة المسلَم فيه بشيء آخر - غير النقد - بعد حلول الأجل، سواء كان الاستبدال بجنسه أم بغير جنسه. حيث إنه لم يرد في منع ذلك نص ثابت ولا إجماع، وذلك بشرط أن يكون البدل صالحاً لأن يجعل مسلماً فيه برأس مال السلم. وإذا عجز المسلم إليه عن تسليم المسلم فيه عند حلول الأجل فإنَّ المسلم (المشتري) يخير بين الانتظار إلى أن يوجد المسلم فيه وفسخ العقد وأخذ رأس ماله، وإذا كان عجزه عن إعسار فنظرة إلى ميسرة. ز - لا يجوز الشرط الجزائي عن التأخير في تسليم المسلم فيه، لأنه عبارة عن دين، ولا يجوز اشتراط الزيادة في الديون عند التأخير. ح - لا يجوز جعل الدين رأس مال للسلم لأنه من بيع الدين بالدين. ثانياً: بشأن (التطبيقات المعاصرة للسلم) : انطلاقاً من أن السلم في عصرنا الحاضر أداة تمويل ذات كفاءة عالية في الاقتصاد الإسلامي وفي نشاطات المصارف الإسلامية، من حيث مرونتها واستجابتها لحاجات التمويل المختلفة، سواء أكان تمويلاً قصير الأجل أم متوسطة أم طويلة، واستجابتها لحاجات شرائح مختلفة ومتعددة من العملاء، سواء أكانوا من المنتجين الزراعيين أم الصناعيين أم المقاولين أم من التجار، واستجابتها لتمويل نفقات التشغيل والنفقات الرأسمالية الأخرى. ولهذا تعددت مجالات تطبيق عقد السلم، ومنها ما يلي: أ- يصلح عقد السلم لتمويل عمليات زراعية مختلفة، حيث يتعامل المصرف الإسلامي مع المزارعين الذين يتوقع أن توجد لديهم السلعة في الموسم من محاصيلهم أو محاصيل غيرهم التي يمكن أن يشتروها ويسلّموها إذا أخفقوا في التسليم من محاصيلهم، فَيُقَدِّمُ لهم بهذا التمويل نفعاً بالغاً ويدفع عنهم مشقة العجز المالي عن تحقيق إنتاجهم.

ب- يمكن استخدام عقد السلم في تمويل النشاط الزراعي والصناعي، ولا سيما تمويل المراحل السابقة لإنتاج وتصدير السلع والمنتجات الرائجة، وذلك بشرائها سَلماً وإعادة تسويقها بأسعار مجزية. ج- يمكن تطبيق عقد السلم في تمويل الحرفيين وصغار المنتجين الزراعيين والصناعيين عن طريق إمدادهم بمستلزمات الإنتاج في صورة معدات وآلات أو مواد أولية كرأس مال سلم مقابل الحصول على بعض منتجاتهم وإعادة تسويقها. يوصي المجلس بما يلي: استكمال صور التطبيقات المعاصرة للسلم بعد إعداد البحوث المتخصصة. والله الموفق.

سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة)

رقم القرار: 1 رقم الدورة: 7 حول سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حول سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. وبعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، قد نظر في موضوع سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) ، وما يعقد فيها من عقود: بيعًا وشراء على العملات الورقية وأسهم الشركات، وسندات القروض التجارية والحكومية، والبضائع، وما كان من هذه العقود على معجَّل، وما كان منها على مؤجَّل. كما اطلع مجلس المجمع على الجوانب الإيجابية المفيدة لهذه السوق في نظر الاقتصاديين والمتعاملين فيها، وعلى الجوانب السلبية الضارة فيها. (أ) فأما الجوانب الإيجابية المفيدة فهي: أولاً: أنها تقيم سوقًا دائمة، تسهل تلاقي البائعين والمشترين، وتعقد فيها العقود العاجلة والآجلة، على الأسهم والسندات والبضائع. ثانيًا: أنها تسهل عملية تمويل المؤسسات الصناعية، والتجارية، والحكومية، عن طريق طرح الأسهم وسندات القروض للبيع. ثالثًا: أنها تسهل بيع الأسهم، وسندات القروض للغير، والانتفاع بقيمتها، لأن الشركات المصدرة لها، لا تصفي قيمتها لأصحابها. رابعًا: أنها تسهل معرفة ميزان أسعار الأسهم، وسندات القروض والبضائع، وتموُّجاتها في ميدان التعامل، عن طريق حركة العرض والطلب. (ب) وأما الجوانب السلبية الضارة في هذه السوق فهي: أولاً: أن العقود الآجلة التي تجري في هذه السوق، ليست في معظمها بيعًا حقيقيًّا، ولا شراء حقيقيًّا، لأنها لا يجري فيها التقابض بين طرفي العقد فيما يشترط له التقابض في العوضين أو في أحدهما شرعًا. ثانيًا: أن البائع فيها، غالبًا يبيع ما لا يملك، من عملات، أو أسهم، أو سندات قروض، أو بضائع، على أمل شرائه من السوق، وتسليمه في الموعد، دون أن يقبض الثمن عند العقد، كما هو الشرط في السلم. ثالثًا: أن المشتري فيها غالبًا، يبيع ما اشتراه لآخر قبل قبضه، والآخر يبيعه أيضًا لآخر قبل قبضه، وهكذا يتكرر البيع والشراء على الشيء ذاته قبل قبضه، إلى أن تنتهي الصفقة إلى المشترى الأخير الذي قد يريد أن يتسلم المبيع من البائع الأول، الذي يكون قد باع ما لا يملك، أو أن يحاسبه على فرق السعر في موعد التنفيذ، وهو يوم التصفية، بينما يقتصر دور المشترين والبائعين غير الأول والأخير، على قبض فرق السعر في حالة الربح، أو دفعه في حالة الخسارة، في الموعد المذكور، كما يجري بين المقامرين تمامًا. رابعًا: ما يقوم به المتمولون، من احتكار الأسهم والسندات والبضائع في السوق، للتحكم في البائعين الذين باعوا ما لا يملكون، على أمل الشراء قبل موعد تنفيذ العقد بسعر أقل، والتسليم في حينه، وإيقاعهم في الحرج.

خامسًا: أن خطورة السوق المالية هذه تأتي من اتخاذها وسيلة للتأثير في الأسواق بصفة عامة، لأن الأسعار فيها لا تعتمد كليًّا على العرض والطلب الفعليين من قبل المحتاجين إلى البيع أو إلى الشراء، وإنما تتأثر بأشياء كثيرة بعضها مفتعل من المهيمنين على السوق، أو من المحتكرين للسلع، أو الأوراق المالية فيها، كإشاعة كاذبة أو نحوها، وهنا تكمن الخطورة المحظورة شرعًا، لأن ذلك يؤدي إلى تقلبات غير طبيعية في الأسعار، مما يؤثر على الحياة الاقتصادية تأثيرًا سيئًا، وعلى سبيل المثال لا الحصر: يعمد كبار الممولين إلى طرح مجموعة من الأوراق المالية من أسهم أو سندات قروض، فيهبط سعرها لكثرة العرض، فيسارع صغار حملة هذه الأوراق إلى بيعها بسعر أقل، خشية هبوط سعرها أكثر من ذلك وزيادة خسارتهم، فيهبط سعرها مجددًا بزيادة عرضهم، فيعود الكبار إلى شراء هذه الأوراق بسعر أقل، بغية رفع سعرها بكثرة الطلب، وينتهي الأمر بتحقيق مكاسب للكبار، وإلحاق خسائر فادحة بالكثرة الغالبة، وهم صغار حملة الأوراق المالية، نتيجة خداعهم بطرح غير حقيقي لأوراق مماثلة، ويجري مثل ذلك أيضًا في سوق البضائع. ولذلك قد أثارت سوق البورصة جدلاً كبيرًا بين الاقتصاديين، والسبب في ذلك أنها سببت في فترات معينة، من تاريخ العالم الاقتصادي، ضياع ثروات ضخمة، في وقت قصير، بينما سببت غنى للآخرين دون جهد، حتى إنهم في الأزمات الكبيرة التي اجتاحت العالم، طالب الكثيرون بإلغائها، إذ تذهب بسببها ثروات، وتنهار أوضاع اقتصادية في هاوية، وبوقت سريع، كما يحصل في الزلازل والانخسافات الأرضية. ولذلك كله، فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، بعد اطلاعه على حقيقة سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) وما يجري فيها من عقود عاجلة وآجلة على الأسهم وسندات القروض، والبضائع والعملات الورقية، ومناقشتها في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية يقرر ما يلي: أولاً: أن غاية السوق المالية (البورصة) هي إيجاد سوق مستمرة ودائمة، يتلاقى فيها العرض والطلب، والمتعاملون بيعًا وشراء، وهذا أمر جيد ومفيد، ويمنع استغلال المحترفين للغافلين والمسترسلين الذين يحتاجون إلى بيع أو شراء، ولا يعرفون حقيقة الأسعار، ولا يعرفون المحتاج إلى البيع، ومن هو محتاج إلى الشراء. ولكن هذه المصلحة الواضحة، يواكبها في الأسواق المذكورة (البورصة) ، أنواع من الصفقات المحظورة شرعًا، والمقامرة، والاستغلال، وأكل أموال الناس بالباطل، ولذلك لا يمكن إعطاء حكم شرعي عام بشأنها، بل يجب بيان حكم المعاملات التي تجرى فيها، كل واحدة منها على حدة. ثانيًا: أن العقود العاجلة على السلع الحاضرة الموجودة في ملك البائع، التي يجري فيها القبض فيما يشترط له القبض في مجلس العقد شرعًا، هي عقود جائزة، ما لم تكن عقودًا على محرم شرعًا، أما إذا لم يكن المبيع في ملك البائع، فيجب أن تتوافر فيه شروط بيع السلم، ثم لا يجوز للمشتري بعد ذلك بيعه قبل قبضه.

ثالثًا: أن العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسات، حين تكون تلك الأسهم في ملك البائع جائزة شرعًا، ما لم تكن تلك الشركات أو المؤسسات موضوع تعاملها محرَّم شرعًا، كشركات البنوك الربوية، وشركات الخمور، فحينئذ يحرم التعاقد في أسهمها بيعًا وشراء. رابعًا: أن العقود العاجلة والآجلة، على سندات القروض بفائدة، بمختلف أنواعها غير جائزة شرعًا، لأنها معاملات تجري بالربا المحرم. خامسًا: أن العقود الآجلة بأنواعها، التي تجري على المكشوف، أي على الأسهم والسلع التي ليست في ملك البائع، بالكيفية التي تجري في السوق المالية (البورصة) غير جائزة شرعًا؛ لأنها تشتمل على بيع الشخص ما لا يملك اعتمادًا على أنه سيشتريه فيما بعد، ويسلمه في الموعد. وهذا منهي عنه شرعًا لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ". وكذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، عن زيد بن ثابت، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تُبتاع، حتى يَحُوزَها التُّجارُ إلى رِحالِهم. سادسًا: ليست العقود الآجلة في السوق المالية (البورصة) من قبيل بيع السلم الجائز في الشريعة الإسلامية، وذلك للفرق بينهما من وجهين: (ج) في السوق المالية (البورصة) لا يدفع الثمن في العقود الآجلة في مجلس العقد، وإنما يؤجل دفع الثمن إلى موعد التصفية، بينما الثمن في بيع السلم يجب أن يدفع في مجلس العقد. (د) في السوق المالية (البورصة) تباع السلعة المتعاقد عليها- وهي في ذمة البائع الأول- وقبل أن يحوزها المشتري الأول عدة بيوعات، وليس الغرض من ذلك إلا قبض أو دفع فروق الأسعار بين البائعين والمشترين غير الفعليين، مخاطرة منهم على الكسب والربح، كالمقامرة سواء بسواء، بينما لا يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبل قبضه. وبناء على ما تقدم، يرى المجمع الفقهي الإسلامي: أنه يجب على المسؤولين في البلاد الإسلامية، ألاَّ يتركوا أسواق البورصة في بلادهم حرة، تتعامل كيف تشاء من عقود وصفقات، سواء أكانت جائزة أو محرمة، وألاَّ يتركوا للمتلاعبين بالأسعار فيها أن يفعلوا ما يشاؤون، بل يوجبون فيها مراعاة الطرق المشروعة في الصفقات التي تعقد فيها، ويمنعون العقود غير الجائزة شرعًا، ليحولوا دون التلاعب الذي يجر إلى الكوارث المالية، ويخرب الاقتصاد العام، ويلحق النكبات بالكثيرين، لأن الخير كل الخير في التزام طريق الشريعة الإسلامية في كل شيء، قال الله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153] . والله سبحانه هو ولي التوفيق، والهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الشركة

قرار رقم: 30 (5/4) بشأن سندات المقارضة وسندات الاستثمار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425 04/12/2004 مجلة المجمع (ع 4، ج3 ص 1809) إنَّ مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخر 1408هـ الموافق6-11 شباط (فبراير) 1988م، بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة في موضوع سندات المقارضة وسندات الاستثمار، والتي كانت حصيلة الندوة التي أقامها المجمع بالتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية بتاريخ 6-9 محرم 1408هـ الموافق 2-8 أيلول 1987م تنفيذاً للقرار رقم (10/3) المتخذ في الدورة الثالثة للمجمع وشارك فيها عدد من أعضاء المجمع وخبرائه وباحثي المعهد وغيره من المراكز العلمية والاقتصادية، وذلك للأهمية البالغة لهذا الموضوع وضرورة استكمال جميع جوانبه، للدور الفعال لهذه الصيغة في زيادة القدرات على تنمية الموارد العامة عن طريق اجتماع المال والعمل، وبعد استعراض التوصيات العشر التي انتهت إليها الندوة ومناقشتها في ضوء الأبحاث المقدمة في الندوة وغيرها، قرر ما يلي: أولاً: من حيث الصيغة المقبولة شرعاً لصكوك المقارضة: 1- سندات المقارضة هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس مال المضاربة وما يتحول إليه، بنسبة ملكية كل منهم فيه. ويفضل تسمية هذه الأداة الاستثمارية صكوك المقارضة. 2- الصورة المقبولة شرعاً لسندات المقارضة بوجه عام لا بد أن تتوافر فيها العناصر التالية: العنصر الأول: أنَّ يمثل الصك ملكية حصة شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك لإنشائه أو تمويله، وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته. وترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعاً للمالك في ملكه من بيع وهبة ورهن وإرث وغيرها، مع ملاحظة أنَّ الصكوك تمثل رأس مال المضاربة. العنصر الثاني: يقوم العقد في صكوك المقارضة على أساس أنَّ شروط التعاقد تحددها نشرة الإصدار وأنَّ الإيجاب يعبر عنه الاكتتاب في هذه الصكوك، وأن القبول تعبر عنه موافقة الجهة المصدرة. ولابد أن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعاً في عقد القراض (المضاربة) من حيث بيان معلومية رأس المال وتوزيع الربح مع بيان الشروط الخاصة بذلك الإصدار على أن تتفق جميع الشروط مع الأحكام الشرعية. العنصر الثالث: أن تكون صكوك المقارضة قابلة للتداول بع انتهاء الفترة المحددة للاكتتاب باعتبار ذلك مأذوناً فيه من المضارب عند نشوء السندات مع مراعاة الضوابط التالية: 1- إذا كان مال القراض المجتمع بعد الاكتتاب وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال نقوداً فإنَّ تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد وتُطبق عليه أحكام الصرف. 2- إذا أصبح مال القراض ديوناً تطبق على تداول صكوك المقارضة أحكام التعامل بالديون.

ج- إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفقاً للسعر المتراضى عليه، على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعياناً ومنافع. أما إذا كان الغالب نقوداً أو ديوناً فتراعى في التداول الأحكام الشرعية التي ستبينها لائحة تفسيرية توضع وتعرض على المجمع في الدورة القادمة. وفي جميع الأحوال يتعين تسجيل التداول أصولياً في سجلات الجهة المصدرة. العنصر الرابع: أنَّ من يتلقى حصيلة الاكتتاب في الصكوك لاستثمارها وإقامة المشروع بها هو المضارب، أي عامل المضاربة، ولا يملك من المشروع إلا بمقدار ما قد يسهم به بشراء بعض الصكوك، فهو رب مال بما أسهم به، بالإضافة إلى أنَّ المضارب شريك في الربح بعد تحققه بنسبة الحصة المحددة له في نشرة الإصدار، وتكون ملكيته في المشروع على هذا الأساس. وأنَّ يد المضارب على حصيلة الاكتتاب في الصكوك وعلى موجودات المشروع هي يد أمانة لا يضمن إلا بسبب من أسباب الضمان الشرعية. 3- مع مراعاة الضوابط السابقة في التداول: يجوز تداول صكوك المقارضة في أسواق الأوراق المالية، إن وجدت، بالضوابط الشرعية، وذلك وفقاً لظروف العرض والطلب ويخضع لإرادة العاقدين. كما يجوز أن يتم التداول بقيام الجهة المصدرة في فترات دورية معينة بإعلان أو إيجاب يوجه إلى الجمهور تلتزم بمقتضاه خلال مدة محددة بشراء هذه الصكوك من ربح مال المضاربة بسعر معين، ويحسن أن تستعين في تحديد السعر بأهل الخبرة، وفقاً لظروف السوق والمركز المالي للمشروع. كما يجوز الإعلان عن الالتزام بالشراء من غير الجهة المصدرة من مالها الخاص، على النحو المشار إليه. 4- لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمناً بَطَلَ شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل. 5- لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار ولا صك المقارضة الصادر بناء عليها على نص يلزم بالبيع ولو كان معلقاً أو مضافاً للمستقبل. وإنما يجوز أن يتضمن صك المقارضة وعداً بالبيع وفي هذه الحالة لا يتم البيع إلا بعقد بالقيمة المقدرة من الخبراء وبرضا الطرفين. 6- لا يجوز أن تتضمن نشرة الإصدار ولا الصكوك المصدرة على أساسها نصاً يؤدي إلى احتمال قطع الشركة في الربح فإن وقع كان العقد باطلاً. ويترتب على ذلك: أ- عدم جواز اشتراط مبلغ محدد لحملة الصكوك أو صاحب المشروع في نشرة الإصدار وصكوك المقارضة الصادرة بناء عليها. ب - أن محل القسمة هو الربح بمعناه الشرعي، وهو الزائد عن رأس المال وليس الإيراد أو الغلة. ويعرف مقدار الربح، إما بالتنضيض أو بالتقويم للمشروع بالنقد، وما زاد عن رأس المال عند النقيض أو التقويم فهو الربح الذي يوزع بين حملة الصكوك وعامل المضاربة، وفقاً لشروط العقد. ج- أن يعد حساب أرباح وخسائر للمشروع وأن يكون معلناً وتحت تصرف حملة الصكوك.

7- يستحق الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض أو التقويم ولا يلزم إلا بالقسمة. وبالنسبة للمشروع الذي يدر إيراداً أو غلة فإنه يجوز أن توزع غلته، وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض (التصفية) يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب. 8- ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة، إما من حصة حملة الصكوك في الأرباح في حالة وجود تنضيض دوري، وإما من حصصهم في الإيراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال. 9- ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين، على أن يكون التزاماً مستقلاً عن عقد المضاربة، بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطاً في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه، ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به، بحجة أنَّ هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد. ثانياً: استعرض مجلس المجمع أربع صيغ أخرى اشتملت عليها توصيات الندوة التي أقامها المجمع، وهي مقترحة للاستفادة منها في إطار تعمير الوقف واستثماره دون الإخلال بالشروط التي يحافظ فيها على تأبيد الوقف وهي: أ- إقامة شركة بين جهة الوقف بقيمة أعيانه وبين أرباب المال بما يوظفونه لتعمير الوقف. ب- تقديم أعيان الوقف - كأصل ثابت - إلى من يعمل فيها بتعميرها من ماله بنسبة من الريع. ج- تعمير الوقف بعقد الاستصناع مع المصارف الإسلامية، لقاء بدل من الريع. د- إيجار الوقف بأجرة عينية هي البناء عليه وحده، أو مع أجرة يسيرة. وقد اتفق رأي مجلس المجمع مع توصية الندوة بشأن هذه الصيغ من حيث حاجتها إلى مزيد من البحث والنظر، وعهد إلى الأمانة العامة الاستكتاب فيها، مع البحث عن صيغ شرعية أخرى للاستثمار، وعقد ندوة لهذه الصيغ لعرض نتائجها على المجمع في دورته القادمة. والله أعلم

التأمين

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الرابع ص307-315 قرار رقم (5/10) وتاريخ 4/4/1397هـ عقود التأمين هيئة كبار العلماء 13/10/1426 15/11/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين. أما بعد: فبناء على ما ورد من جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله بخطابه رقم (22310) وتاريخ 4/11/1391هـ الموجه إلى سماحة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء بأن ينظر مجلس هيئة كبار العلماء في موضوع التأمين، وبناءً على ذلك تقرر إدراجه في جدول أعمال الدورة الرابعة. وأعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثاً في ذلك يتضمن أمرين: الأول: تعريفه وبيان أسسه وأنواعه وأركانه وخصائص عقده وأنواع وثائقه وما إلى ذلك مما يتوقف على معرفته الحكم عليه بالإباحة أو المنع. الثاني: ذكر خلاف الباحثين في حكمه وأدلة كل فريق منهم مع المناقشة، وفي الدورة السادسة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في الرياض ابتداء من 4/2/1395هـ استمع المجلس إلى ما يأتي: 1- صورة قرار صادر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية ورئيس القضاة رحمه الله برقم (570/2) في 18/8/1388هـ بشأن حكم صادر من محكمة جدة في موضوع التأمين بين شركة أمريكان لا يف وبين بدوي حسين سالم ومذكرة اعتراضية للشيخ على الخفيف عضو مجمع البحوث الإسلامية بمصر على الحكم المشار إليه. 2- البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. 3- قرار صادر من المستشارين بمجلس الوزراء وهما: الدكتور ظافر الرفاعي، وإبراهيم السعيد برقم (449) وتاريخ 26/11/1390هـ. 4- البحث المختصر الصادر عن مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة سنة 1392هـ، من إعداد فضيلة الشيخ: محمد أحمد فرج السنهوري عضو مجمع البحوث الإسلامية بمصر، يشتمل هذا البحث على بيان مراحل بحث التأمين بجميع أنواعه، وبيان آراء جماعة كبيرة من فقهاء العالم الإسلامي والخبراء والاقتصاديين والاجتماعيين. 5- ما لدى كل من الدكتورين: مصطفى أحمد الزرقاء وعيسى عبده عن هذا الموضوع، وقد استدعاهما المجلس بناءً على المادة العاشرة من لائحة سير العمل في هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة المتفرعة عنها الصادرة بالمرسوم الملكي رقم (1/137) وتاريخ 8/7/1391هـ (وبعد استماع المجلس إلى ما سبق استمرت المناقشة لأدلة القائلين بالجواز مطلقاً، وأدلة القائلين بالمنع مطلقاً، ومستند المفصلين الذين يرون جواز بعض أنواع التأمين التجاري ومنع أنواع أخرى، وبعد المناقشة وتبادل الرأي قرر المجلس بالأكثرية: أن التأمين التجاري محرم؛ للأدلة الآتية: الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش؛ لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ فقد يدفع قسطاً أو قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر.

الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة؛ لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها ومن الغنم بلا مقابل ومقابل غير مكافئ فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين وقد لا يقع الخطر ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: " يأ أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" (1) ، والآية بعدها. الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسأ فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة من العقد فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع. الرابع: عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم؛ لأن كلاً منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة الإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسنان وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقول صلى الله عليه وسلم: " لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل"، وليس التأمين من ذلك ولا شبيهاً به فكان محرماً. الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، والأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم؛ لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: " يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراض منكم" (2) السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب في حدوثه وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، والمؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً. وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً أو في بعض أنواعه: فالجواب عنه ما يلي: أ- الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح، فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة، وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين. والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه، وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه؛ لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة. ب- الإباحة الأصلية لا تصلح دليلاً هنا؛ لأن عقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة، والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم الناقل عنها، وقد وجد فبطل الاستدلال بها. ج- الضرورات تبيح المحظورات لا يصح الاستدلال به هنا، فإن ما أباحه الله من طرق كسب الطيبات أكثر أضعافاً مضاعفة مما حرمه عليهم فليس هناك ضرورة معتبرة شرعاً تلجئ إلى ما حرمته الشريعة من التأمين.

د- لا يصح لاستدلال بالعرف فإن العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام وإنما يبنى عليه في تطبيق الأحكام وفهم المراد من ألفاظ النصوص ومن عبارات الناس في أيمانهم وتداعيهم وأخبارهم وسائر ما يحتاج إلى تحديد المقصود منه من الأفعال والأقوال فلا تأثير له فيما تبين أمره وتعين المقصود منه، وقد دلت الأدلة دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها. هـ- الاستدلال بأن عقود التأمين التجاري من عقود المضاربة أو في معناها غير صحيح فإن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكه إلى ملك الشركة حسبما يقضي به نظام التأمين، وأن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه عند موته، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظاماً مبلغ التأمين ولو لم يدفع مورثهم، إلا قسطاً واحداً، وقد لا يستحقون شيئاً إذا جعل المستفيد سوى المستأمن وورثته، وأن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين نسباً مئوية مثلاً بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة، وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين أو مبلغ غير محدود. وقياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به- غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق بينهما: أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة بخلاف عقد ولاء الموالاة فالقصد الأول فيه التآخي في الإسلام والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع. ز- قياس عقد التأمين التجاري على الوعد الملزم عند من يقول به - لا يصح؛ لأنه قياس مع الفارق، ومن الفروق: أن الوعد بقرض أو إعارة أو تحمل خسارة مثلاً من باب المعروف المحض فكان الوفاء به واجباً أو من مكارم الأخلاق بخلاف عقود التأمين فإنها معاوضة تجارية باعثها الربح المادي فلا يغتفر فيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر. ح- قياس عقود التأمين التجاري على ضمان المجهول وضمان ما لم يجب - قياس غير صحيح؛ لأنه قياس مع الفارق أيضاً، ومن الفروق: أن الضمان نوع من التبرع يقصد به الإحسان المحض بخلاف التأمين فإنه عقد معاوضة تجارية يقصد منها أولاً الكسب المادي فإن ترتب عليه معروف فهو تابع غير مقصود إليه والأحكام يراعي فيها الأصل لا التابع ما دام تابعاً غير مقصود إليه. ط- قياس عقود التأمين التجاري على ضمان خطر الطريق - لا يصح، فإنه قياس مع الفارق كما سبق في الدليل قبله.

ي- قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد - غير صحيح فإنه قياس مع الفارق أيضاً؛ لأن ما يعطى من التقاعد حق التزم به ولي الأمر باعتباره مسئولاً عن رعيته وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة، ووضع له نظاماً راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف، ونظراً إلى مظنة الحاجة فيهم فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة؛ لأن ما يعطى في حالة التقاعد يعتبر حقاً التزم به من حكومات مسئولة عن رعيتها وتصرفها لمن قام بخدمة الأمة، مكافأة لمعروفه وتعاوناً معه، جزاء تعاونه معها ببدنه وفكره وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة. ك- قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظام العاقلة - لا يصح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق: أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد ما بينها وبين القاتل - خطأ أو شبه العمد - من الرحم والقرابة التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون وإسداء المعروف ولو دون مقابل، وعقود التأمين تجارية استغلالية تقوم على معاوضات مالية محضة لا تمت إلى عاطفة الإحسان وبواعث المعروف بصلة. ل- قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحراسة - غير صحيح؛ لأنه قياس مع الفارق أيضاً، ومن الفروق: أن الأمان ليس محلاً للعقد في المسألتين وإنما محله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس، أما الأمان فغاية ونتيجة وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس. م- قياس التأمين على الإيداع لا يصح؛ لأنه قياس مع الفارق أيضاً فإن الأجرة في الإيداع عوض عن قيام الأمين بحفظ شيء في حوزته يحوطه بخلاف التأمين فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمن يعود إلى المستأمن بمنفعة إنما هو ضمان الأمن والطمأنينة وشرط العوض عن الضمان لا يصح، بل هو مفسد للعقد وإن جعل مبلغ التأمين في مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جهل فيها مبلغ التأمين أو زمنه فاختلف عن عقد الإيداع بأجر. ن- قياس التأمين على ما عرف بقضية تجار البز مع الحركة - لا يصح والفرق بينهما: أن المقيس عليه من التأمين التعاوني وهو تعاون محض، والمقيس تأمين تجاري وهو معاوضات تجارية، فلا يصح القياس. لكن أجل إصدار القرار بأكثرية الأصوات حتى يبحث البديل عن التأمين التجاري، وفي الدورة العاشرة لمجلس هيئة كبار العلماء اطلع المجلس على ما أعدَّه بعض الخبراء في البديل عن التأمين التجاري، وقرر المتفقون على تحريم التأمين التجاري إصدار القرار، كما قرر المجلس - ما عدا فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع - إصدار قرار خاص يتعلق بجواز التأمين التعاوني بديلاً عن التأمين التجاري. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه,

____ (1) سورة المائدة، الآية 90. (2) سورة النساء، الآية 29. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة العاشرة عبد الرزاق عفيفي عبد الله خياط عبد الله بن محمد بن حميدان عبد العزيز بن باز عبد العزيز بن صالح عبد المجيد بن حسن محمد الحركان سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ صالح بن غصون راشد بن خنين عبد الله بن غديان محمد بن جبير عبد الله بن منيع صالح اللحيدان عبد الله بن قعود

التأمين وإعادة التأمين

التأمين وإعادة التأمين قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 24/4/1426 01/06/2005 قرار المجلس: ناقش المجلس البحث والأوراق المقدمة إليه في موضوع التأمين وما يجري عليه العمل في أوربا، واطَّلع عل ما صدر عن المجامع الفقهية والمؤتمرات والندوات العلمية بهذا الشأن، وانتهى إلى ما يلي: أولاً: مع مراعاة ما ورَد في قرارات بعض المجامع الفقهية من حرمة التأمين التجاري (الذي يقوم على أساس الأقساط الثابتة دون أن يكون للمستأمن الحق في أرباح الشركة أو التحمل لخسائرها) ومشروعية التأمين التعاوني (الذي يقوم على أساس التعاون المنظم بين المستأمنين، واختصاصهم بالفائض - إن وجد- مع اقتصار دور الشركة على إدارة محفظة التأمين واستثمار موجوداتها) ، فإن هناك حالات وبيئات تقتضي إيجاد حلول لمعالجة الأوضاع الخاصة، وتلبية متطلباتها، ولاسيما حالة المسلمين في أوروبا حيث يسود التأمين التجاري، وتشتد الحاجة إلى الاستفادة منه لدرء الأخطار التي يكثر تعرضهم لها في حياتهم المعاشية بكل صورها، وعدم توافر البديل الإسلامي (التأمين التكافلي) وتعسر إيجاده في الوقت الحاضر، فإن المجلس يفتي بجواز التأمين التجاري في الحالات التالية وما يماثلها: (1) حالات الإلزام القانوني، مثل التأمين ضد الغير على السيارات والآليات والمعدات، والعمال والموظفين (الضمان الاجتماعي، أو التقاعد) ، وبعض حالات التأمين الصحي أو الدراسي ونحوها. (2) حالات الحاجة إلى التأمين لدفع الحرج والمشقة الشديدة، حيث يغتفر معها الغرر القائم في نظام التأمين التجاري. ومن أمثلة ذلك: (1) التأمين على المؤسسات الإسلامية: كالمساجد، والمراكز، والمدارس، ونحوها. (2) التأمين على السيارات والآليات والمعدات والمنازل والمؤسسات المهنية والتجارية، درءاً للمخاطر غير المقدور على تغطيتها، كالحريق والسرقة وتعطل المرافق المختلفة. (3) التأمين الصحي تفاديًا للتكاليف الباهظة التي قد يتعرض لها المستأمن وأفراد عائلته، وذلك إما في غياب التغطية الصحية المجانية، أو بطئها، أو تدني مستواها الفني. ثانيًا: إرجاء موضوع التأمين على الحياة بجميع صوره لدورة قادمة لاستكمال دراسته. ثالثاً: يوصي المجلس أصحاب المال والفكر بالسعي لإقامة المؤسسات المالية الإسلامية كالبنوك الإسلامية، وشركات التأمين التكافلي الإسلامي ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً (1) . [القرار 7/6]

_____ (1) خالف عضو المجلس الدكتور محمد فؤاد البرازي هذا القرار بقوله: أرى جواز التأمين على ما يُلزم به القانون، إضافة إلى التأمين التعاوني في حال وجوده" ومنع ما سوى ذلك.

جمعيات الموظفين وغيرهم

مجلة البحوث/27 قرار رقم 164 وتاريخ 26/02/1410هـ في حكم جمعيات الموظفين وغيرهم هيئة كبار العلماء 25/2/1426 04/04/2005 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير الخلق أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. أما بعد: فقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الرابعة والثلاثين المنعقدة في مدينة الطائف ابتداء من 16/02/1410هـ إلى 26/02/1410هـ في الاستفتاءات المقدمة من بعض الموظفين مدرسين وغيرهم إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والمحالة من سماحته إلى المجلس عن حكم ما يسمى بجمعيات الموظفين وصورتها: "أن يتفق عدد من الموظفين يعملون في الغالب في جهة واحدة مَدرسة أو دائرة أو غيرهما على أن يدفع كل واحد منهم مبلغاً من المال مساوياً في العدد لما يدفعه الآخرون، وذلك عند نهاية كل شهر، ثم يُدفع المبلغ كله لواحد منهم، وفي الشهر الثاني يُدفع لآخر، وهكذا.. حتى يتسلم كل واحد منهم مثل ما تسلمه من قبله سواء بسواء دون زيادة أو نقص". كما اطلع على البحث الذي أعده فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع في حكم القرض الذي يجر نفعاً. ثم جرت مداولات ومناقشات لم يظهر للمجلس بعدها بالأكثرية ما يمنع هذا النوع من التعامل؛ لأن المنفعة التي تحصل للمقرض لا تنقص المقترض شيئاً من ماله وإنما يحصل المقترض على منفعة مساوية لها، ولأن فيه مصلحة لهم جميعاً من غير ضرر على واحد منهم أو زيادة نفع لآخر. والشرع المطهر لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها على أحد، بل ورد بمشروعيتها. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

التأمين بشتى صوره وأشكاله

رقم القرار: 1 رقم الدورة: 2 التأمين بشتى صوره وأشكاله مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 6/11/1425 18/12/2004 نص القرار: التأمين بشتى صوره وأشكاله: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.... أما بعد: فإن المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة، بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع أيضًا على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، في دورته العاشرة المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/1398هـ من التحريم للتأمين بأنواعه. وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك، قرر المجلس بالأكثرية: تحريم التأمين بجميع أنواعه، سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك من الأموال. كما قرر مجلس المجمع بالإجماع: الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني، بدلاً من التأمين التجاري المحرَّم والمنوه عنه آنفًا وعهد بصياغة القرار إلى لجنة خاصة. تقرير اللجنة المكلفة بإعداد قرار مجلس المجمع حول التأمين: بناء على قرار مجلس المجمع المتخذ بجلسة الأربعاء 14 شعبان 1398هـ المتضمن تكليف كل من أصحاب الفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد محمود الصواف، والشيخ محمد بن عبد الله السبيل بصياغة قرار مجلس المجمع حول التأمين بشتى أنواعه وأشكاله. وعليه فقد حضرت اللجنة المشار إليها وبعد المداولة أقرت ما يلي: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ... أما بعد: فإن المجمع الفقهي الإسلامي، في دورته الأولي المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي، نظر في موضوع التأمين بأنواعه، بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع أيضًا على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/1379هـ. بقراره رقم (55) من التحريم للتأمين التجاري بأنواعه. وبعد الدراسة الوافية، وتداول الرأي في ذلك، قرر مجلس المجمع الفقهي بالإجماع- عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا- تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه، سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك للأدلة التالية: الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية، المشتملة على الغرر الفاحش لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد، مقدار ما يعطي، أو يأخذ، فقد يدفع قسطًا أو قسطين، ثم تقع الكارثة، فيستحق ما التزم به المؤمِّن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئًا، وكذلك المؤمِّن، لا يستطيع أن يحدد ما يعطي، ويأخذ، بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر.

الثاني: عقد التأمين التجاري: ضرب من ضروب المقامرة، لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغُرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطًا من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة، كان قمارًا ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:90) والآية بعدها. الثالث: عقد التأمين التجاري: يشتمل على ربا الفضل والنسأ: فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها، فهو ربا فضل والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط وكلاهما محرم بالنص والإجماع. الرابع: عقد التأمين التجاري: من الرهان المحرم، لأن كلاًّ منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان، إلا ما فيه نصرة للإسلام، وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله: "لا سبقَ إلاَّ في خُفٍّ أو حَافَرٍ أو نَصْلٍ". وليس التأمين من ذلك ولا شبيهًا به فكان محرمًا. الخامس: عقد التأمين التجاري: فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذ المال بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم، لدخوله في عموم النهى في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) [النساء:29] . السادس: في عقد التأمين التجاري: الإلزام بما لا يلزم شرعًا، فإن المؤمِّن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، والمؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حرامًا. وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقًا، أو في بعض أنواعه؛ فالجواب عنه بما يلي: (أ) الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح، فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة. وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين. والقسم الثالث: ما شهد الشرع بإلغائه، لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة. (ب) الإباحة الأصلية: لا تصلح دليلاً هنا، لأن عقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة. والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم الناقل عنها، وقد وجد فبطل الاستدلال بها. (ج) الضرورات تبيح المحظورات لا يصح الاستدلال به هنا، فإن ما أباحه الله من طرق كسب الطيبات أكثر أضعافًا مضاعفة مما حرمه عليهم، فليس هناك ضرورة معتبرة شرعًا تلجئ إلى ما حرَّمته الشريعة من التأمين.

(د) لا يصح الاستدلال بالعرف، فإن العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام، وإنما يبنى عليه في تطبيق الأحكام، وفهم المراد من ألفاظ النصوص، ومن عبارات الناس في أيمانهم وتداعيهم وأخبارهم وسائر ما يحتاج إلى تحديد المقصود منه من الأفعال والأقوال، فلا تأثير له فيما تبين أمره، وتعين المقصود منه، وقد دلت الأدلة دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها. (هـ) الاستدلال بأن عقود التأمين التجاري من عقود المضاربة، أو في معناها غير صحيح، فإن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكه إلى ملك الشركة، حسبما يقضي به نظام التأمين، وأن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه عند موته، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظامًا مبلغ التأمين ولو لم يدفع مورثهم إلا قسطًا واحدًا، وقد لا يستحقون شيئًا، إذا جعل المستفيد سوى المستأمن وورثته، وأن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين، نسبًا مئوية مثلاً، بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة، وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين أو مبلغًا غير محدد. (و) قياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق بينهما: أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة، بخلاف عقد ولاء الموالاة، فالقصد الأول منه التآخي في الإسلام، والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال، وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع. (ز) قياس عقد التأمين التجاري على الوعد الملزم عند من يقول به، لا يصح، لأنه قياس مع الفارق، ومن الفروق أن الوعد بقرض أو إعارة أو تحمل خسارة مثلاً، من باب المعروف المحض، فكان الوفاء به واجبًا، أو من مكارم الأخلاق، بخلاف عقود التأمين فإنها معاوضة تجارية، باعثها الربح المادي، فلا يغتفر فيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر. (ح) قياس عقود التأمين التجاري على ضمان المجهول، وضمان ما لم يجب، قياس غير صحيح، لأنه قياس مع الفارق أيضًا، ومن الفروق: أن الضمان نوع من التبرع يقصد به الإحسان المحض، بخلاف التأمين، فإنه عقد معاوضة تجارية، يقصد منها أولاً الكسب المادي، فإن ترتب عليه معروف فهو تابع غير مقصود إليه، والأحكام يراعى فيها الأصل لا التابع، مادام تابعًا غير مقصود إليه. (ط) قياس عقود التأمين التجاري على ضمان خطر الطريق لا يصح، فإنه قياس مع الفارق كما سبق في الدليل قبله.

(ى) قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق أيضًا؛ لأن ما يعطى من التقاعد، حق التزم به ولي الأمر، باعتباره مسئولاً عن رعيته، وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة، ووضع له نظامًا راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف، ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم، فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين، الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة، لأن ما يعطى في حالة التقاعد، يعتبر حقًّا التُزم به من حكومات مسئولة عن رعيتها، وتصرفها لمن قام بخدمة الأمة كفاء لمعروفه، وتعاونًا معه جزاء تعاونه معها ببدنه وفكره، وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة. (ك) قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظام العاقلة لا يصح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد ما بينها وبين القاتل- خطأ أو شبه العمد- من الرحم والقرابة، التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون، وإسداء المعروف، ولو دون مقابل، وعقود التأمين التجارية استغلالية تقوم على معاوضات مالية محضة، لا تمت إلى عاطفة الإحسان وبواعث المعروف بصلة. (ل) قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحراسة غير صحيح، لأنه قياس مع الفارق أيضًا، ومن الفروق أن الأمان ليس محلاًّ للعقد في المسألتين، وإنما محله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس، أما الأمان فغاية ونتيجة، وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس. (م) قياس التأمين على الإيداع لا يصح، لأنه قياس مع الفارق أيضًا، فإن الأجرة في الإيداع عوض عن قيام الأمين بحفظ شيء في حوزته يحوطه، بخلاف التأمين فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمن، ويعود إلى المستأمن بمنفعة، إنما هو ضمان الأمن والطمأنينة، وشرط العوض عن الضمان لا يصح، بل هو مفسد للعقد، وإن جعل مبلغ التأمين فيه مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جهل فيها مبلغ التأمين أو زمنه فاختلف عن عقد الإيداع بأجر. (ن) قياس التأمين على ما عرف بقضية تجَّار البَزِّ مع الحاكة لا يصح، والفرق بينهما أن المقيس عليه من التأمين التعاوني، وهو تعاون محض، والمقيس تأمين تجاري وهو معاوضات تجارية، فلا يصح القياس. كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم (15) وتاريخ 4/4/1379هـ من جواز التأمين التعاوني بدلاً عن التأمين التجاري المحرم والمنوه عنه آنفًا للأدلة التالية: الأول: أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار، والاشتراك في تحمل المسئولية، عند نزول الكوارث، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية، تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، فجماعة التأمين التعاوني، لا يستهدفون تجارة، ولا ربحًا من أموال غيرهم، وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم، والتعاون على تحمل الضرر.

الثانى: خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسأ، فليست عقود المساهمين ربوية، ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية. الثالث: أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع، لأنهم متبرعون، فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة، بخلاف التأمين التجاري فإنه عقد معاوضة مالية تجارية. الرابع: قيام جماعة من المساهمين، أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون، سواء كان القيام بذلك تبرعًا أو مقابل أجر معين. ورأى المجلس أن يكون التأمين التعاوني على شكل شركة تأمين تعاونية مختلطة للأمور التالية: أولاً: الالتزام بالفكر الاقتصادي الإسلامي، الذي يترك للأفراد مسئولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية، ولا يأتي دور الدولة إلا كعنصر مكمل لما عجز الأفراد عن القيام به وكدور موجه ورقيب، لضمان نجاح هذه المشروعات وسلامة عملياتها. ثانيًا: الالتزام بالفكر التعاوني التأميني الذي بمقتضاه يستقل المتعاونون بالمشروع كله من حيث تشغيله، ومن حيث الجهاز التنفيذي ومسئولية إدارة المشروع. ثالثًا: تدريب الأهالي على مباشرة التأمين التعاوني، وإيجاد المبادرات الفردية، والاستفادة من البواعث الشخصية، فلا شك أن مشاركة الأهالي في الإدارة، تجعلهم أكثر حرصًا ويقظة، على تجنب وقوع المخاطر التي يدفعون مجتمعين تكلفة تعويضها، مما يحقق بالتالي مصلحة لهم في إنجاح التأمين التعاوني إذ إن تجنب المخاطر يعود عليهم بأقساط أقل في المستقبل، كما أن وقوعها قد يحملهم أقساطًا أكبر في المستقبل. رابعًا: إن صورة الشركة المختلطة، لا تجعل التأمين كما لو كان هبة أو منحة من الدولة للمستفيدين منه، بل بمشاركة منها معهم فقط، لحمايتهم ومساندتهم، باعتبارهم هم أصحاب المصلحة الفعلية، وهذا موقف أكثر إيجابية، ليشعر معه المتعاونون بدور الدولة، ولا يعفيهم في نفس الوقت من المسئولية. ويرى المجلس أن يراعى في وضع المواد التفصيلية للعمل بالتأمين التعاوني الأسس التالية: الأول: أن يكون لمنظمة التأمين التعاوني مركز له فروع في كافة المدن، وأن يكون بالمنظمة أقسام تتوزع بحسب الأخطار المراد تغطيتها، وبحسب مختلف فئات ومهن المتعاونين، كأن يكون هناك قسم للتأمين الصحي، وثان للتأمين ضد العجز والشيخوخة ... إلخ. أو يكون هناك قسم لتأمين الباعة المتجولين، وآخر للتجار، وثالث للطلبة، ورابع لأصحاب المهن الحرة كالمهندسين والأطباء والمحامين.... إلخ. الثاني: أن تكون منظمة التأمين التعاوني على درجة كبيرة من المرونة والبعد عن الأساليب المعقدة. الثالث: أن يكون للمنظمة مجلس أعلى يقرر خطط العمل، ويقترح ما يلزمها من لوائح وقرارات، تكون نافذة إذا اتفقت مع قواعد الشريعة.

الرابع: يمثل الحكومة في هذا المجلس من تختاره من الأعضاء، ويمثل المساهمين من يختارونه، ليكونوا أعضاء في المجلس ليساعد ذلك على إشراف الحكومة عليها، واطمئنانها على سلامة سيرها، وحفظها من التلاعب والفشل. الخامس: إذا تجاوزت المخاطر موارد الصندوق بما قد يستلزم زيادة الأقساط، فتقوم الدولة والمشتركون بتحمل هذه الزيادة. ويؤيد مجلس المجمع الفقهي ما اقترحه مجلس هيئة كبار العلماء في قراره المذكور بأن يتولى وضع المواد التفصيلية لهذه الشركة التعاونية جماعة من الخبراء المختصين في هذا الشأن. والله ولي التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. مخالفة الأستاذ الدكتور مصطفى الزرقاء:

إخواني الأساتذة الفضلاء أعضاء المجمع الفقهي.... إني أخالف ما ذهبتم إليه من اعتبار التأمين الذي أسميتموه تجاريًّا بمختلف أنواعه وصوره حرامًا، وميزتم بينه وبين ما أسميتموه تعاونيًّا، وأرى أن التأمين من حيث إنه طريق تعاوني منظم لترميم الأضرار التي تقع على رؤوس أصحابها من المخاطر التي يتعرضون لها، هو في ذاته جائز شرعًا بجميع صوره الثلاث وهي: التأمين على الأشياء، والتأمين من المسئولية المسمى (تأمين ضد الغير) ، والتأمين المسمى- خطأً- بالتأمين على الحياة. وإن أدلتي الشرعية من الكتاب العزيز والسنة النبوية، وقواعد الشريعة ومقاصدها العامة، والشواهد الفقهية، بالقياس السليم عليها، ودفع توهم أنه يدخل في نطاق القمار أو الرهان المحرَّمَين، ودفع شبهة أنه ربا، كل ذلك موضح تمام الإيضاح في كتابي المنشور بعنوان (عقد التأمين، وموقف الشريعة الإسلامية منه) وأنتم مطلعون عليه، مع بيان حاجة الناس في العالم كله إليه. وقد بينت لكم في هذه الجلسة أيضًا، أن التمييز بين تأمين تعاوني وتجاري لا سند له، فكل التأمين قائم على فكرة التعاون على تفتيت الأضرار وترميمها، ونقلها عن رأس المصاب، وتوزيعها على أكبر عدد ممكن، بين عدد قليل من الأشخاص الذين تجمعهم حرفة صغيرة، أو سوق، ويتعرضون لنوع من الأخطار فيساهمون في تكوين صندوق مشترك، حتى إذا أصاب أحدهم الخطر والضرر، عوَّضوه عنه من الصندوق الذي هو أيضًا مساهم فيه، هذا النوع الذي يسمى في الاصطلاح تبادليًّا وسميتموه (تعاونيًّا) لا تحتاج إدارته إلى متفرغين لها، ولا إلى نفقات إدارة وتنظيم وحساب ... إلخ. فإذا كثرت الرغبات في التأمين، وأصبح يدخل فيه الألوف، عشراتها أو مئاتها أو آلافها من الراغبين، وأصبح يتناول عددًا كبيرًا من أنواع الأخطار المختلفة، فإنه عندئذ يحتاج إلى إدارة متفرغة، وتنظيم ونفقات كبيرة، من أجور محلات وموظفين ووسائل آلية وغير آلية ... إلخ. وعندئذ لابد لمن يتفرغون لإدارته وتنظيمه من أن يعيشوا على حساب هذه الإدارة الواسعة، كما يعيش أي تاجر أو صانع أو محترف أو موظف على حساب عمله. وعندئذ لابد من أن يوجد فرق بين الأقساط التي تجبى من المستأمنين، وبين ما يؤدى من نفقات وتعويضات للمصابين عن أضرارهم، لتربح الإدارة المتفرغة هذا الفرق، وتعيش منه، كما يعيش التاجر من فرق السعر بين ما يشتري ويبيع. ولتحقيق هذا الربح يبنى التأمين الذي أسميتموه تجاريًّا على حساب إحصاء دقيق، لتحديد القسط الذي يجب أن يدفعه المستأمن في أنواع من الأخطار، هذا هو الفرق الحقيقي بين النوعين. أما المعنى التعاوني فلا فرق فيه بينهما أصلاً من حيث الموضوع. كما إني أحب أن أضيف إلى ذلك: أن هذه الدورة الأولى لهذا المجمع الفقهي الميمون، الذي لم يجتمع فيها إلا نصف أعضائه فقط، والباقون تخلفوا أو اعتذروا عن الحضور لظروفهم الخاصة، لا ينبغي أن يتخذ فيها قرار بهذه السرعة، بتحريم موضوع كالتأمين من أكبر الموضوعات المهمة اليوم خطورة وشأنًا، لارتباط مصالح جميع الناس به في جميع أنحاء المعمورة، والدول كلها تفرضه إلزاميًّا في حالات، كالتأمين على السيارات ضد الغير، صيانة لدماء المصابين في حوادث السيارات من أفئدة تذهب هدرًا إذا

كان قائد السيارة أو مالكها مفلسًا. فإذا أريد اتخاذ قرار خطير كهذا، وفي موضوع اختلفت فيه آراء علماء العصر اختلافًا كبيرًا في حله أو حرمته، يجب في نظري أن يكون في دورة يجتمع فيها أعضاء المجمع كلهم أو إلا قليلاً منهم، وعلى أن يكتب لغير أعضاء المجمع من علماء العالم الإسلامي، الذين لهم وزنهم العلمي، ثم يبت في مثل هذا الموضوع الخطير في ضوء أجوبتهم، على أساس الميل إلى التيسير على الناس عند اختلاف آراء العلماء، لا إلى التعسير عليهم. ولا بد لي ختامًا من القول بأنه إذا كانت شركات التأمين تفرض في عقودها مع المستأمنين شروطًا لا يقرها الشرع، أو تفرض أسعارًا للأقساط في أنواع الأخطار غالية بغية الربح الفاحش، فهذا يجب أن تتدخل فيه السلطات المسئولة لفرض رقابة وتسعير لمنع الاستغلال، كما توجب المذاهب الفقهية وجوب التسعير والضرب على أيدي المحتكرين لحاجات الناس الضرورية، وليس علاجه تحريم التأمين، لذلك أرجو تسجيل مخالفتي هذه مع مزيد الاحترام لآرائكم. دكتور مصطفى الزرقاء

معاملات مصرفية

قرار رقم: 78 (9/8) بشأن بطاقات الائتمان مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 6/11/1425 18/12/2004 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414هـ الموافق 21- 27 حزيران (يونيو) 1993م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع بطاقات الائتمان، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، ونظراً لأهمية هذا الموضوع وضرورة استكمال جميع جوانبه وتغطية كل تفصيلاته والتعرف إلى جميع الآراء فيه، قرر ما يلي: أن تقوم الأمانة العامة للمجمع باستكتاب المزيد من البحوث فيه ليتمكن مجلس المجمع من اتخاذ القرار المناسب في دورة قادمة. والله الموفق.

قضايا العملة

قرار رقم: 75 (6/8) بشأن قضايا العملة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 6/11/1425 18/12/2004 مجلة المجمع (ع 3، ج3 ص 1650 والعدد 5 ج 3 ص 1609) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414هـ الموافق 21- 27 حزيران (يونيو) 1993م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع قضايا العملة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: يجوز أن تتضمن أنظمة العمل واللوائح والترتيبات الخاصة بعقود العمل التي تتحدد فيها الأجور بالنقود شرط الربط القياسي للأجور، على ألا ينشأ عن ذلك ضرر للاقتصاد العام. والمقصود هنا بالربط القياسي للأجور تعديل الأجور بصورة دورية تبعاً للتغير في مستوى الأسعار وفقاً لما تقدره جهة الخبرة والاختصاص، والغرض من هذا التعديل حماية الأجر النقدي للعاملين من انخفاض القدرة الشرائية لمقدار الأجر بفعل التضخم النقدي وما ينتج عنه من الارتفاع المتزايد في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات. وذلك لأن الأصل في الشروط الجواز إلا الشرط الذي يحل حراماً أو يحرم حلالاً. على أنه إذا تراكمت الأُجرة وصارت ديناً تطبق عليها أحكام الديون المبينة في قرار المجمع رقم 42 (4/5) . ثانياً: يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد. وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة، الاتفاق يوم سداد أي قسط على أدائه كاملاً بعملة مغايرة بسعر صرفها في ذلك اليوم. ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة، مع مراعاة القرار الصادر عن المجمع برقم 50 (1/6) بشأن القبض. ثالثاً: يجوز أن يتفق المتعاقدان عند العقد على تعيين الثمن الآجل أو الأجرة المؤجلة بعملة تُدفع مرة واحدة أو على أقساط محددة من عملات متعددة أو بكمية من الذهب وأن يتم السداد حسب الاتفاق. كما يجوز أن يتم حسب ما جاء في البند السابق. رابعاً: الدين الحاصل بعملة معينة لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب أو من عملة أخرى، على معنى أن يلتزم المدين بأداء الدين بالذهب أو العملة الأخرى المتفق على الأداء بها. خامساً: تأكيد القرار رقم 42 (4/5) الصادر عن المجمع بشأن تغير قيمة العملة. ويوصي بما يلي: قيام الأمانة العامة بتكليف ذوي الكفاءة من الباحثين الشرعيين والاقتصاديين من الملتزمين بالفكر الإسلامي بإعداد الدراسات المعمقة للموضوعات الأخرى المتعلقة بقضايا العملة، لتناقش في دورات المجمع القادمة إن شاء الله، ومن هذه الموضوعات ما يلي: أ-إمكان استعمال عملة اعتبارية مثل الدينار الإسلامي وبخاصة في معاملات البنك الإسلامي للتنمية ليتم على أساسها تقديم القروض واستيفاؤها، وكذلك تثبيت الديون الآجلة ليتم سدادها بحسب سعر التعادل القائم بين تلك العملة الاعتبارية بحسب قيمتها، وبين العملة الأجنبية المختارة للوفاء كالدولار الأمريكي. ب- السبل الشرعية البديلة عن الربط للديون الآجلة بمستوى المتوسط القياسي للأسعار. ج - مفهوم كساد النقود الورقية وأثره في تعيين الحقوق والالتزامات الآجلة. د - حدود التضخم التي يمكن أن تعتبر معه النقود الورقية نقوداً كاسدة. والله الموفق.

الودائع المصرفية (حسابات المصارف)

قرار رقم: 86 (3/9) بشأن الودائع المصرفية (حسابات المصارف) مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع (ع 9، ج1 ص 667) إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1- 6 ذي القعدة 1415هـ الموافق 1- 6 نيسان (أبريل) 1995م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الودائع المصرفية (حسابات المصارف) ، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: أولاً: الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها وهو ملزم شرعاً بالرد عند الطلب. ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض) مليئاً. ثانياً: إن الودائع المصرفية تنقسم إلى نوعين بحسب واقع التعامل المصرفي: أ- الودائع التي تدفع لها فوائد، كما هو الحال في البنوك الربوية، هي قروض ربوية محرمة سواء أكانت من نوع الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) ، أم الودائع لأجل، أم الودائع بإشعار، أم حسابات التوفير. ب - الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعلياً بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، وتنطبق عليها أحكام المضاربة (القراض) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب (البنك) لرأس مال المضاربة. ثالثاً: إن الضمان في الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) هو على المقترضين لها (المساهمين في البنوك) ما داموا ينفردون بالأرباح المتولدة من استثمارها، ولا يشترك في ضمان تلك الحسابات الجارية المودعون في حسابات الاستثمار، لأنهم لم يشاركوا في اقتراضها ولا استحقاق أرباحها. رابعاً: إن رهن الودائع جائز، سواء أكانت من الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) أم الودائع الاستثمارية، ولا يتم الرهن على مبالغها إلا بإجراء يمنع صاحب الحساب من التصرف فيه طيلة مدة الرهن. وإذا كان البنك الذي لديه الحساب الجاري هو المرتهن لزم نقل المبالغ إلى حساب استثماري، بحيث ينتفي الضمان للتحول من القرض إلى القراض (المضاربة) ويستحق أرباح الحساب صاحبه تجنباً لانتفاع المرتهن (الدائن) بنماء الرهن. خامساً: يجوز الحجز من الحسابات إذا كان متفقاً عليه بين البنك والعميل. سادساً: الأصل في مشروعية التعامل الأمانة والصدق بالإفصاح عن البيانات بصورة تدفع اللبس أو الإيهام وتطابق الواقع وتنسجم مع المنظور الشرعي، ويتأكد ذلك بالنسبة للبنوك تجاه ما لديها من حسابات لاتصال عملها بالأمانة المفترضة ودفعاً للتغرير بذوي العلاقة. والله أعلم

النكاح

أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الأول ص655-658 قرار هيئة كبار العلماء رقم (26) وتاريخ 21/8/1394هـ النشوز وأحكامه هيئة كبار العلماء 22/8/1426 26/09/2005 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فبناء على ما تقرر في الدورة الرابعة لهيئة كبار العلماء من اختيار موضوع النشوز ليكون من جملة الموضوعات التي تعد فيها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحوثاً- أعدت في ذلك بحثاً، وعرض على مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة الخامسة المنعقدة بمدينة الطائف فيما بين الخامس من شهر شعبان عام 1394هـ والثاني والعشرين منه. وبعد اطلاع المجلس على ما أعد من أقوال أهل العلم وأدلتهم ومناقشتها، وبعد تداول الرأي في ذلك قرر المجلس بالإجماع مايلي: أن يبدأ القاضي بنصح الزوجة، وترغيبها في الانقياد لزوجها، وطاعته، وتخويفها من إثم النشوز وعقوبته، وأنها إن أصرت فلا نفقة لها عليه، ولا كسوة، ولا سكنى، ونحو ذلك من الأمور التي يرى أنها تكون دافعة للزوجة إلى العودة لزوجها، ورادعة لها من الاستمرار في نشوزها، فإن استمرت على نفرتها وعدم الاستجابة عرض عليهما الصلح، فإن لم يقبلا ذلك نصح الزوج بمفارقتها، وبين له أن عودتها إليه أمر بعيد، ولعل الخير في غيرها ونحو ذلك مما يدفع الزوج إلى مفارقتها، فإن أصر على إمساكها وامتنع من مفارقتها، واستمر الشقاق بينهما- بعث القاضي حكمين عدلين ممن يعرف حالة الزوجين من أهلهما حيث أمكن ذلك، فإن لم يتيسر فمن غير أهلهما ممن يصلح لهذا الشأن، فإن تيسر الصلح بين الزوجين على أيديهما فبها، وإلا أفهم القاضي الزوج أنه يجب عليه مخالعتها، على أن تسلمه الزوجة ما أصدقها، فإن أبى أن يطلق حكم القاضي بما رآه الحكمان من التفريق بعوض أو بغير عوض، فإن لم يتفق الحكمان، أو لم يوجدا وتعذرت العشرة بالمعروف بين الزوجين-نظر القاضي في أمرهما، وفسخ النكاح حسبما يراه شرعاً بعوض أو بغير عوض. والأصل في ذلك الكتاب والسنة والأثر والمعنى: أما الكتاب: فقوله تعالى:"لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقةٍ أو معروف إصلاح بين الناس" (1) ، ويدخل في هذا العموم الزوجان في حالة النشوز، والقاضي إذا تولى النظر في دعواهما. وقوله تعالى:"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن"الآية (2) ، والوعظ كما يكون من الزوج لزوجته الناشز يكون من القاضي؛ لما فيه من تحقيق المصلحة. وقوله تعالى:"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير" (3) ، فكما أن الإصلاح مشروع إذا كان النشوز من الزوج، فهو مشروع إذا كان من الزوجة أو منهما. وقوله تعالى:"وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما"الآية (4) ، وهذه الآية عامة في مشروعية الأخذ بما يريانه من جمع أو تفريق بعوض أو بغير عوض. وقوله تعالى:"ولا يحل لكم أن تأخذوا مما ءاتيتموهن شيئاً إلآ أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" (5) .

وأما السنة: فما روى البخاري في [الصحيح] عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر في الإسلام، فقال رسو الله-صلى الله عليه وسلم-:"أفتردين عليه حديقته؟ "قالت: نعم، فردت عليه، فأمره ففارقها. وقوله-صلى الله عليه وسلم-:لا ضرر ولا ضرار"فهذا يدل بعمومه على مشروعية الخلع عند عدم الوئام بين الزوجين وخشية الضرر. وأما الأثر: فما رواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين، قال معمر: بلغني أن عثمان بعثهما، وقال: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا ففرقا، ورواه النسائي أيضاً. وما رواه الدارقطني من حديث محمد بن سيرين عن عبيدة قال: جاء رجل وامرأة إلى علي مع كل واحد منهما فئام من الناس، فأمرهم، فبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، وقال للحكمين: هل تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا فاجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي، وقال الزوج: أما الفرقة فلا، فقال علي: (كذبت والله لا تبرح حتى تقر بمثل الذي أقرت به) . ورواه النسائي في السنن [السنن الكبرى] ورواه الشافعي والبيهقي، وقال ابن حجر: إسناده صحيح. وما أخرجه الطبري في [تفسيره] عن ابن عباس رضي الله عنهما في الحكمين أنه قال: (فإن اجتمع أمرهما على أن يفرقا، أو يجمعا فأمرهما جائز) . وأما المعنى: فإن بقاءها ناشزاً مع طول المدة أمر غير محمود شرعاً؛ لأنه ينافي المودة، والإخاء، وما أمر الله من الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان، مع ما يترتب على الإمساك من المضار والمفاسد والظلم والإثم، وما ينشأ عنه من القطيعة بين الأسر، وتوليد العداوة والبغضاء. وصلى الله وسلم على محمد، وآله وصحبه. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة الخامسة عبد العزيز بن عبد الله بن باز عبد الرزاق عفيفي عبد الله خياط عبد الله بن حميد عبد العزيز بن صالح عبد المجيد حسن محمد الحركان سليمان بن عبيد إبراهيم بن محمد آل الشيخ صالح بن غصون راشد بن خنين عبد الله بن غديان محمد بن جبير عبد الله بن منيع صالح بن لحيدان

التساوي بين الزوجين في الحقوق والواجبات الزوجية

التساوي بين الزوجين في الحقوق والواجبات الزوجية المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 15/3/1426 24/04/2005 قرار المجلس: تعد الزوجة مساوية للزوج في العلاقة الزوجية، حتى إن القرآن يسمي كلاً منهما (زوجًا) فالرجل زوج، والمرأة زوج، لأن كلاً منهما -وإن كان فردًا في ذاته- يحمل هموم الآخر وحاجاته، فهو (زوج) في الحقيقة. ونرى قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: من الآية21] ، {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [النحل: من الآية72] ، هذا الخطاب في الآيتين للرجال والنساء جميعًا، إذ لا دليل على اختصاص الخطاب بالرجال. وفي الآية التي خاطب الله بها الرجال خاصة، ذكر بعدها ما يفيد تساوي الجنسين في العلاقة الزوجية، وذلك قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: من الآية187] ، فالمرأة بمنزلة اللباس للرجل والرجل بمنزلة اللباس للمرأة، بما توحي به كلمة (اللباس) من القرب واللصوق والدفء والستر والزينة. وهذا التساوي في الأصل لا ينفي أن يختص الرجل ببعض ما يتميز به عن المرأة، مثل (القوامة) على الأسرة، كما قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: من الآية34] . ومن روائع البيان القرآني هنا: أنه لم يقل (بما فضلهم على النساء) بل قال: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ، أي أن الرجل مفضّل من بعض الأوجه، والمرأة مفضلة من أوجه أخرى، كالجانب العاطفي، والرجل هو الذي يدفع المهر ويؤسس البيت وينفق عليه، فإذا حاول أن يهدم الأسرة فإنما يهدمها على أم رأسه.!! وقد أرشد القرآن إلى أن الحقوق بين الطرفين مساوية للواجبات إلا ما استثني، وذلك قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: من الآية228] ، وجاء عن ابن عباس: أتجمل لامرأتي كما تتجمل هي لي، واستدل بالآية الكريمة (1) . وقد فسر الإمام الطبري (الدرجة) في الآية بمزيد من الأعباء المطلوبة من الرجل، وفسرها غيره بدرجة (القوامة) على الأسرة وكلاهما تفسير صحيح. والنبي صلى الله عليه وسلم يحمّل كلا من الزوجين المسؤولية، كما في حديث ابن عمر المتفق عليه "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... والرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها" (2) .

ومسؤولية المرأة في بيت زوجها توجب عليها أن يكون لها دور توجيهي أو إرشادي تجاه زوجها، يقوم على النصح له وحب الخير والسداد له، ودعوته إلى الخير وأمره بالمعروف إذا قصر فيه، ونهيه عن المنكر إذا وقع فيه، فهذا واجب على كل مسلم تجاه المسلم، حتى الابن مع أبيه، والتلميذ مع أستاذه، والمحكوم مع الحاكم، وكذلك الزوجة مع زوجها، ولكن في حدود وضوابط معينة ذكرها العلماء في مظانها، والله تعالى يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: من الآية71] ، والعلاقة الزوجية لا تسقط فرضية الأمر والنهي بل تؤكدها. وقد كانت المرأة من نساء السلف تقول لزوجها إذا خرج من البيت للتجارة والضرب في الأرض: يا أبا فلان، إياك وكسب الحرام فإنا نصبر على الجوع والطوى ولا نصبر على حر النار وغضب الجبار! ولو وجدت المرأة زوجها يقصر في أداء الصلاة المفروضة، فالواجب عليها أن تأمره بالرفق وبالموعظة الحسنة أن يحافظ على صلاته، ولو وجدته يشرب الخمر، فعليها أن تنهاه عن أم الخبائث وتنصحه أن يحافظ على دينه ونفسه وماله وولده باجتناب هذا الرجس من عمل الشيطان، ولو وجدته يهمل رعاية أولاده أو النفقة عليهم، فليزمها أن تنصحه وتحضه أن يقوم بواجبه. فإن قيل: هل للزوج سلطة على زوجته وإلى أي حد؟ فالجواب: أن للزوج سلطة (القوامة) ولكنها ليست سلطة مطلقة، بل هي سلطة مقيدة بأحكام الشرع ومقتضيات العرف. فأحكام الأسرة مقيدة -في القرآن الكريم- بقيدين: أحدهما: رباني، وهو ما سماه القرآن (حدود الله) وقد تكررت كثيرًا في شأن الأسرة. والثاني: إنساني، وهو ما سماه القرآن (المعروف) وهو ما تعرفه الفطر السليمة والعقول الرشيدة وأهل الفضل من الناس. نقرأ في القيد الأول قوله تعالى في شأن الطلاق: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: من الآية229] ، وفي مقام آخر بقوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: من الآية230] ، وفي سورة الطلاق بقوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: من الآية1] . وفي القيد الإنساني بقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: من الآية19] ، وقوله: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: من الآية233] ، وقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: من الآية2] ، وقوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: من الآية241] .

والأصل: أن يتم أمر الأسرة بالتشاور فيما بين الزوجين، والتشاور لا يثمر إلا خيرًا، وقد أشار إلى ذلك القرآن في قضية فطام الطفل الرضيع، كما قال تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: من الآية233] ، فإن اختلفا فالزوج هو صاحب السلطة في إطار (المعروف) ، ولا يجوز له أن يفرض على المرأة أهواءه باسم الطاعة الواجبة، فإنما يطاع في (المعروف) لا في غيره، بدليل قوله تعالى في بيعة النساء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: من الآية12] ، وفي الحديث المتفق عليه: "إنما الطاعة في المعروف" (3) . [القرار 6/4]

_____ (1) هذا معنى الرواية عن ابن عباس، وأخرجها ابن جرير في "تفسيره" (2/453) ، وابن أبي حاتم (رقم: 2196) عن ابن عباس قال: إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله تعالى ذكره بقول: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} . وإسناده صحيح. (2) أخرجه البخاري (رقم: 853 ومواضع أخرى) ومسلم (رقم: 1829) . (3) أخرجه البخاري (رقم: 4085، 4726، 6830) ، ومسلم (رقم: 1840) من حديث علي بن أبي طالب.

زواج الرجل ممن زنى بها

زواج الرجل ممن زنى بها المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 15/3/1426 24/04/2005 قرار المجلس: الزاني والزانية إذا تابا إلى الله تعالى، وأرادا أن يخرجا من الحرام إلى الحلال، ومن حياة التلوث إلى حياة الطهارة، فزواجهما صحيح بالإجماع، وجمهور الفقهاء لا يشترطون التوبة لصحة النكاح من الزانية، كما روي أن عمر رضي الله عنه: "ضرب رجلاً وامرأة في الزنى، وحرص على أن يجمع بينهما" (1) . والحنابلة هم الذين اشترطوا التوبة، لقوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور:3] . أما موضوع (العدة) وهل يجب على الزانية أن تعتد أم لا؟ ففي هذا خلاف بين الفقهاء. والذي نختاره هو: ما ذهب إليه الحنفية والشافعية والثوري: أن الزانية لا عدة لها. ولو كانت حاملاً من الزنى، وهو المروي عن ثلاثة من الصحابة الخلفاء: أبي بكر وعمر وعلي -رضي الله عنهم- (2) . وقد استدلوا بالحديث: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" (3) ، ولأن العدة شرعت لاستبراء الرحم حفظًا للنسب، والزنى لا يتعلق به ثبوت النسب، فلا يوجب العدة. وإذا تزوج الرجل امرأة حاملاً من الزنى من غيره صح عند أبي حنيفة وصاحبه محمد، وعليه الفتوى في المذهب الحنفي، ولكن لا يجوز له وطؤها حتى تضع، لحديث: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يسقي ماءه زرع غيره" (4) . وهذا بخلاف ما إذا كان الحمل من الزاني نفسه، فإن نكاحها جائز باتفاق الحنفية ومن يجوزون نكاحها، ويحل وطؤها عندهم جميعًا إذا الزرع زرعه، والحمل منه. [القرار 5/4]

____ (1) أخرجه الشافعي في "الأم" (10/38) ومن طريقه: البيهقي (7/155) عن أبي يزيد المكي: أن رجلاً تزوج امرأة، ولها ابنة من غيره وله ابن من غيرها، ففجر الغلام بالجارية، فظهر بها حمل، فلما قدم عمر مكة رفع ذلك إليه، فسألهما فاعترفا، فجلدهما عمر الحد، وحرص أن يجمع بينهما، فأبى الغلام. إسناده حسن. (2) ذكره محمد بن الحسن الشيباني في "الحجة على أهل المدينة" (3/388، 389) عن أبي بكر وعمر، وذكر معنى ذلك البيهقي في "السنن" (7/155) ، وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (9/476) عنهما، كما ذكر (10/28) عن عمر ما يدل عليه. (3) متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 1948 ومواضع أخرى) ، ومسلم (رقم: 1457) من حديث عائشة. ومعنى الحديث: (الولد للفراش) أي تابع لصاحب الفراش، وهو من كانت المرأة تحته عندما ولدت، (وللعاهر الحجر) : أي للزاني الحرمان والخيبة، ليس له حق في الولد. (4) حديث حسن، أخرجه أحمد (28/207) ، وأبو داود (رقم: 2158، 2159) والبيهقي (7/449) ، 9/124)

الزواج من أربع نسوة

الزواج من أربع نسوة قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث. 15/3/1426 24/04/2005 قرار المجلس: كان الناس قبل الإسلام يتزوجون من شاءوا من النساء بغير قيد ولا شرط، حتى جاء الإسلام فوضع لهذا التعدد حدًا وشرط له شرطًا. فأما الحد فجعل أقصى العدد أربعًا لا يزاد عليهن بحال: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: من الآية3] ، ولما أسلم رجل من ثقيف ومعه عشر نسوة، أمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعًا، ويطلق الباقي (1) . وأما الشرط، فيتمثل في ثقة الرجل في نفسه بالعدل، وإلا حرم عليه الزواج بالمرأة الأخرى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: من الآية3] . وهذا إلى جوار توافر الشروط الأخرى لأي زواج، مثل: القدرة على الإنفاق، والقدرة على الإحصان. وإنما أباح الإسلام ذلك؛ لأنه دين واقعي، لا يحلّق في مثاليات حالمة، ويترك مشكلات الحياة دون علاج مقدور عليه. فالزواج الثاني قد يحل مشكلة عند الرجل الذي لا تنجب امرأته، أو تطول عندها فترة الحيض، وهو قوي الشهوة، أو يصيبها المرض، ويستمر معها، ولا يريد أن يطلقها إلى غير ذلك. وقد يحل مشكلة عند المرأة الأرملة التي يموت زوجها ولا تطمع في الزواج من شاب لا زوجة له، ومثلها المطلقة وهي شابة، وخصوصًا لو كان لها طفل أو أكثر. وقد يحل مشكلة عند المجتمع كله، عندما يزيد عدد النساء الصالحات للزواج عن عدد الرجال القادرين على النكاح، وهذا قائم باستمرار، ويزداد تفاقمًا بعد الحروب ونحوها. فماذا نفعل بالعدد الفائض من النساء؟ إنها واحدة من ثلاث: 1- أما يقضين العمر كله محرومات من حياة الزوجية والأمومة، وهذا ظلم لهن. 2- وإما أن يشبعن غرائزهن من وراء ظهر الدين والأخلاق، وهذا ضياع لهن. 3- وإما أن يقبلن الزواج من رجل متزوج قادر على النفقة والإحصان، واثق بالعدل، وهذا هو الحل المناسب. أما سوء استعمال هذه الرخصة أو هذا الحق، فكم من حقوق يساء استخدامها، ويتعسف في استعمالها، ولا يؤدي ذلك إلى إسقاطها وإلغائها. الزواج الأول نفسه كم يساء استخدامه، فهل نلغيه؟ الحرية كم يساء استخدامها، فهل نلغيها؟ الانتخابات يساء استخدامها، فهل نلغيها؟ السلطة.. أيًا كانت يساء استخدامها، فهل نلغيها وندع الحياة فوضى؟ إن الأولى -بدل أن ننادي بإلغاء الحق- أن نضع الضوابط لاستخدامه، ونعاقب من يسيء في ذلك، قدر ما نستطيع. [القرار 4/ 4]

___ (1) أخرجه أحمد (رقم: 4609، 4631، 5027، 5558) والترمذي (رقم: 1128) ، وابن ماجة (رقم: 1953) من حديث عبد الله بن عمر. وصحح الحديث ابن حبان (رقم: 4156-4158) ، والحاكم (2/192) ، وابن حزم في "المحلى" (9/441) ، وأعله طائفة من أهل الحديث من جهة الإسناد، ولا خلاف في صحة معناه.

حول تفشي عادة الدوطة في الهند

رقم القرار: 4 رقم الدورة: 7 حول تفشي عادة الدوطة في الهند مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حول تفشي عادة الدوطة في الهند: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على ترجمة خطاب الأخ عبد القادر الهندي، الذي جاء فيه قيامه في محاربة (الدوطة) ، وهو المبلغ الذي تدفعه العروس في مجتمع الهند الإسلامي، مقابل الزواج، وأن يكتفي المسلمون الهنود فقط، بتدوين المهر في سجل الزواج، دون أن يدفعوه إلى الزوجة فعلاً، ولقد كتبت الكثير في هذا الصدد في كثير من صحف (التاميل) الإسلامية، ثم يستطرد الأخ عبد القادر في خطابه فيقول: (ومن ثم فإن هذا الزواج حرام، كما أن المواليد الناشئين عن هذا الزواج غير شرعيين، طبقًا للكتاب والسنة) . كما اطلع المجلس على خطاب فضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي الموجه إلى معالي الأمين العام للرابطة بتاريخ 16/3/1404هـ والذي جاء فيه: (إن قضية الدوري قضية متفشية في سكان الهند، وهي قضية الهندوس بالدرجة الأولي، دخلت على المسلمين بسبب احتكاك بناتهم ببنات الهنود، ويحارب قادة المسلمين هذه العادة، وبدأت الحكومة الهندية كذلك تستبعد هذه العادة أخيرًا.. وأرى أن يكفي لمجلسنا الفقهي إصدار فتوى وبيان حول هذه القضية، ينهى المسلمين عن اتباع عادة جاهلية ظالمة، مثل الدورى، تسربت إليهم من غيرهم، وأرجو أن قادة المسلمين في الهند جميعًا إذا بذلوا جهودهم في ذلك، لكان نجاحًا كبيرًا في إزالة هذه العادة. والله ولي التوفيق) .اهـ كلامه. وبعد أن اطلع المجلس على ما ذكره قرر ما يلي: أولاً: شكر فضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي، وشكر الأخ عبد القادر على ما أبدياه نحو عرض الموضوع، وعلى غيرتهما الدينية، وقيامهما بمحاربة هذه البدعة والعادة السيئة، والمجلس يرجو منهما مواصلة العمل في محاربة هذه العادة وغيرها من العادات السيئة، ويسأل الله لهما وللمسلمين التوفيق والتسديد، وأن يثيبهما على جدهما واجتهادهما. ثانيًا: ينبه المجلس الأخ عبد القادر وغيره، بأن هذا الزواج- وإن كان مخالفًا للزواج الشرعي من هذا الوجه- إلا أنه زواج صحيح، معتبر شرعًا عند جمهور علماء المسلمين، ولم يخالف في صحته إلا بعض العلماء في حالة اشتراط عدم المهر. أما الأولاد الناشئون عن هذا الزواج، فهم أولاد شرعيون، منسوبون لآبائهم وأمهاتهم، نسبة شرعية صحيحة، وهذا بإجماع العلماء، حتى عند الذين لا يرون صحة هذا النكاح، المشروط فيه عدم المهر، فقد صرحوا في كتبهم بإلحاق الأولاد بآبائهم وأمهاتهم بهذا الزواج المذكور.

ثالثًا: يقرر المجلس: أن هذه العادة سيئة منكرة، وبدعة قبيحة، مخالفة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع العلماء، ومخالِفة لعمل المسلمين في جميع أزمانهم. أما الكتاب؛ فقد قال تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء: من الآية4] . وقال تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [الممتحنة: من الآية10] . وقال تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) [النساء: من الآية24] . وغير ذلك من الآيات. وأما السنة؛ فقد جاءت مشروعية المهر في قوله صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره؛ فقد جاء في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود، عن جابر، رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَو أنَّ رجلاً أَعطَى امرأةً صَدَاقًا مِلءَ يَدَيْهِ طَعَامًا، كانت له حَلالاً". فهذا من أقواله. وأما فعله؛ فقد جاء في صحيح مسلم وغيره من كتب السنن عن عائشة قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونصف أوقية. فهذا فعله. وأما تقريره؛ فقد جاء في الصحيحين وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة. فقال: "ما هذا؟ ". قال: تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب. قال: "بارك الله لك". فهذا من تقريره وهو إجماع المسلمين وعملهم، في كل زمان ومكان، ولله الحمد. وبناء عليه فإن المجلس يقرر: أنه يجب أن يدفع الزوج لزوجته صداقًا سواء كان الصداق معجَّلاً، أو مؤجلاً، أو بعضه معجل وبعضه مؤجل. على أن يكون تأجيلاً حقيقيًّا يراد دفعه عند تيسره، وأنه يحرم أن يجرى الزواج بدون صداق من الزوج لزوجته. ويوصي المجلس بأن السنة: تخفيف الصداق وتسهيله، وتيسير أمر النكاح، وذلك بترك التكاليف والنفقات الزائدة، ويحذر من الإسراف والتبذير، لما في ذلك من الفوائد الكبيرة. رابعًا: يناشد المجلس العلماء والأعيان والمسؤولين في الهند وغيرهم، محاربة هذه العادة السيئة (الدوطة) ، وأن يجدوا ويجتهدوا في إبطالها وإزالتها من بلادهم، وعن ديارهم، فإنها مخالفة للشرائع السماوية، ومخالفة للعقول السليمة، والنظر المستقيم. خامسًا: أن هذه العادة السيئة، علاوة على مخالفتها للشرع الإسلامي، هي مضرة بالنساء ضررًا حيويًّا. فالشباب لا يتزوجون عندئذ إلا الفتاة التي يقدم أهلها لهم مبلغًا من المال يرغبهم ويغريهم، فتحظى بنات الأغنياء بالزواج، وتقعد بنات الفقراء دون زواج، ولا يخفي ما في ذلك من محاذير ومفاسد. كما أن الزواج عندئذ يصبح مبنيًّا على الأغراض والمطامع المالية، لا على أساس اختيار الفتاة الأفضل والشاب الأفضل. والمشاهد اليوم في العالم الغربي أن الفتاة غير الغنية تحتاج أن تقضي ربيع شبابها، في العمل والاكتساب، حتى تجمع المبلغ الذي يمكن به ترغيب الرجال في الزواج منها. فالإسلام قد كرم المرأة تكريمًا، حين أوجب على الرجل الراغب في زواجها أن يقدم هو إليها مهرًا تُصلح به شأنها وتهيئ نفسها، وبذلك فتح بابًا لزواج الفقيرات، لأنهن يكفيهن المهر القليل، فيسهل على الرجال غير الأغنياء الزواج بهن. والله ولي التوفيق.

حكم تزوج الكافر للمسلمة وتزوج المسلم للكافرة

رقم القرار: 3 رقم الدورة: 4 حكم تزوج الكافر للمسلمة وتزوج المسلم للكافرة مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425 28/11/2004 حكم تزوج الكافر للمسلمة وتزوج المسلم للكافرة: إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بعد أن اطلع على اعتراض الجمعيات الإسلامية في سنغافورة- وهي: (أ) جمعية البعثات الإسلامية في سنغافورة. (ب) بيراينز. (ج) المحمدية. (د) بيرتاس. (هـ) بيرتابيس- على ما جاء في ميثاق حقوق المرأة، من السماح للمسلم والمسلمة بالتزوج ممن ليس على الدين الإسلامي، وما دار في ذلك، فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي: أولاً: إن تزوج الكافر للمسلمة حرام لا يجوز، باتفاق أهل العلم، ولا شك في ذلك لما تقتضيه نصوص الشريعة؛ قال تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة: 221] . وقال تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) [الممتحنة: من الآية10] . والتكرير في قوله تعالى: (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) بالتأكيد والمبالغة بالحرمة، وقطع العلاقة بين المؤمنة والمشرك، وقوله تعالى: (وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) . أمر أن يُعطَى الزوج الكافر ما أنفق على زوجته إذا أسلمت، فلا يجمع عليه خسران الزوجية والمالية، فإذا كانت المرأة المشركة تحت الزوج الكافر تحرم عليه بإسلامها ولا تحل له بعد ذلك.... فكيف يقال: بإباحة ابتداء عقد نكاح الكافر على المسلمة؟ بل أباح الله نكاح المرأة المشركة بعد ما تسلم- وهي تحت رجل كافر- لعدم إباحتها له بإسلامها، فحينئذ يجوز للمسلم تزوجها بعد انقضاء عدتها، كما نص عليه قوله تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [الممتحنة: 10] . ثانيًا: وكذلك المسلم لا يحل له نكاح مشركة لقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) [البقرة:221] . ولقوله تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) [الممتحنة: من الآية10] . وقد طلق عمر، رضى الله عنه، امرأتين له كانتا مشركتين، لما نزلت هذه الآية. وحكى ابن قدامة الحنبلي: أنه لا خلاف في تحريم نساء الكفار غير أهل الكتاب على المسلم. أما النساء المحصنات من أهل الكتاب، فيجوز للمسلم أن ينكحهن، لم يختلف العلماء في ذلك، إلا أن الإمامية قالوا بالتحريم. والأولي للمسلم عدم تزوجه من الكتابية مع وجود الحرة المسلمة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يكره تزوجهن مع وجود الحرائر المسلمات. قال في الاختيارات: وقاله القاضي وأكثر العلماء؛ لقول عمر، رضي الله عنه، للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب: طلِّقوهن. فطلَّقوهن إلا حذيفة امتنع عن طلاقها، ثم طلقها بعد، لأن المسلم متى تزوج كتابية، ربما مال إليها قلبه ففتنته، وربما كان بينهما ولد فيميل إليها. والله أعلم.

الطلاق

الطلاق المعلق هيئة كبار العلماء 14/4/1426 22/05/2005 أبحاث هيئة كبار العلماء 462- 465 قرار هيئة كبار العلماء رقم (16) وتاريخ 12/11/1393هـ الطلاق المعلق الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فبناءً على قرار مجلس هيئة كبار العلماء رقم (14) الصادر عنها في دورتها الثالثة المنعقدة فيما بين 1/4/1393هـ و17/4/1393هـ القاضي بتأجيل دراسة موضوع الطلاق المعلق إلى الدورة الرابعة لمجلس الهيئة - فقد جرى إدراج الموضوع في جدول أعمال الهيئة الرابعة المنعقد فيما بين 29/10/1393هـ و12/11/1393هـ، وفي هذه الدورة جرى دراسة الموضوع بعد الاطلاع على البحث المقدم من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء والمعد من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وبعد دراسة الموضوع وتداول الرأي، واستعراض كلام أهل العلم في ذلك، ومناقشة ما على كل قول من إيراد، مع الأخذ في الاعتبار أنه لم يثبت نص صريح لا في كتاب الله، ولا في سنة رسوله باعتبار الطلاق المعلق طلاقاً عند الحنث وعدم اعتباره، وأن المسألة نظرية للاجتهاد فيها مجال بعد ذلك توصل المجلس بأكثريته إلى اختيار القول بوقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه، سواء قصد من علق طلاقة على شرط المحض، أو كان قصده الحث أو المنع، أو تصديق خبر أو تكذيبه؛ لأمور أهمها ما يلي: 1- ما ورد عن الصحابة والتابعين من الآثار في ذلك، ومنه ما أخرجه البخاري في [صحيحه] معلقاً بصيغة الجزم من أن رجلاً طلق امرأته البتة إن خرجت، فقال ابن عمر: إن خرجت فقد بانت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء. وما روى البيهقي بإسناده عن ابن مسعود في رجل قال لامرأته: إن فعلت كذا وكذا فهي طالق. فتفعله، قال: هي واحدة وهو أحق بها، وما رواه أيضاً بإسناده إلى أبي الزناد عن أبيه: أن الفقهاء السبعة من أهل المدينة كانوا يقولون: أيما رجل قال لامرأته: أنت طالق إن خرجت إلى الليل فخرجت طلقت امرأته، إلى غير ذلك من الآثار، مما يقوي بعضها بعضاً. 2- لما أجمع عليه أهل العلم إلا من شذ في إيقاع الطلاق من الهازل مع القطع بأنه لم يقصد الطلاق، وذلك استناداً إلى حديث أبي هريرة وغيره مما تلقته الأمة بالقبول من أن ثلاثاً جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق، والنكاح، والعتاق".فإن كلاً من الهازل والحالف بالطلاق قد عمد قلبه إلى ذكر الطلاق وإن لم يقصده، فلا وجه للتفريق بينهما بإيقاعه على الهازل به وعدم إيقاعه على الحالف به. 3- لقوله تعالى:" والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين" [النور: 7] ، ووجه الاستدلال بها: أن الملاعن يقصد بهذا الشرط التصديق، ومع ذلك فهو موجب اللعنة والغضب على تقديم الكذب. 4- إن هذا التعليق وإن قصد به المنع فالطلاق مقصود به على تقدير الوقوع، ولذلك أقامه الزوج مانعاً له من وقوع الفعل، ولولا ذلك لما امتنع.

5- إن القول بوقوع الطلاق عند حصول الشرط المعلق عليه قول جماهير أهل العلم وأئمتهم، فهو قول الأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وهو المشهور في مذاهبهم، قال تقي الدين السبكي في رسالته [الدرة المضيئة] : وقد نقل إجماع الأمة على ذلك أئمة لا يرتاب في قولهم، ولا يتوقف في صحة نقلهم، فمن ذلك الإمام الشافعي-رضي الله عنه- وناهيك به. وممن نقل الإجماع على هذه المسألة الإمام المجتهد أبو عبيد، وهو من أئمة الاجتهاد كالشافعي وأحمد وغيرهم، وكذلك نقله أبو ثور، وهو من الأئمة أيضاً، وكذلك نقل الإجماع على وقوع الطلاق الإمام محمد بن جرير الطبري وهو من أئمة الاجتهاد أصحاب المذاهب المتبوعة، وكذلك نقل الإجماع أبو بكر بن المنذر، ونقله أيضاً الإمام الرباني المشهور بالولاية والعلم محمد بن نصر المروزي، ونقله الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابيه: [التمهيد] و [الاستذكار] وبسط القول فيه على وجه لم يبق لقائل مقالاً، ونقل الإجماع الإمام ابن رشد في كتاب [المقدمات] له، ونقله الإمام الباجي في [المنتقى] ... إلى أن قال: وأما الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأتباعهم فلم يختلفوا في هذه المسألة، بل كلهم نصوا على وقوع الطلاق وهذا مستقر بين الأئمة، والإمام أحمد أكثرهم نصاً عليها، فإنه نص على وقوع الطلاق، ونص على أن يمين الطلاق والعتاق ليست من الأيمان التي تكفر ولا تدخلها الكفارة. أ. هـ. وقد أجاب من يرى خلاف ذلك عما ذكره السبكي- رحمه الله- من الإجماع بأنه خاص فيما إذا قصد وقوع الطلاق بوقوع الشرط. وفي [القواعد النورانية] لشيخ الإسلام ابن تيمية ما نصه: قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد بن حنبل عن الرجل يقول لابنه: إن كلمتك فامرأتي طالق وعبدي حر، قال: لا يقوم هذا مقام اليمين، ويلزمه ذلك في الغضب والرضا. اهـ. وقال أيضاً: وما وجدت أحداً من العلماء المشاهير بلغه في هذه المسألة من العلم المأثور عن الصحابة ما بلغ أحمد. فقال المروزي: قال أبو عبد الله: إذا قال: كل مملوك له حر فيعتق عليه إذا حنث؛ لأن الطلاق والعتق ليس فيهما كفارة. اهـ. أما المشايخ: عبد الله بن حميد، وعبد العزيز بن باز، وعبد الله خياط، وعبد الرزاق عفيفي، وإبراهيم بن محمد آل الشيخ، ومحمد بن جبير، وصالح بن لحيدان- فقد اختاروا القول باعتبار الطلاق المعلق على شرط يقصد به الحث أو المنع أو تصديق خبر أو تكذيبه، ولم يقصد إيقاع الطلاق يميناً مكفرة، ولهم في ذلك وجهة نظر مرفقة. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء رئيس الدورة (1) عبد الله بن محمد بن حميد (2) عبد الرزاق عفيفي (3) عبد العزيز بن باز (4) محمد الحركان (5) صالح بن غصون (6) محمد بن جبير (7) عبد الله خياط (8) عبد العزيز بن صالح (9) إبراهيم بن محمد آل الشيخ (10) عبد الله بن غديان (11) صالح بن لحيدان (12) محمد الأمين الشنقيطي (13) عبد المجيد حسن (14) سليمان العبيد (15) راشد بن خنين (16) عبد الله بن منيع

حكم طلب الزوجة الطلاق من الزوج الفاسق

حكم طلب الزوجة الطلاق من الزوج الفاسق قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 16/3/1426 25/04/2005 قرار المجلس: الزواج ميثاق غليظ، ورباط مقدس، يجمع بين الرجل والمرأة على كتاب الله تعالى وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويجعل كلاً منهما لصاحبه بمنزلة اللباس له كما قال الله تعالى في تصوير هذه العلاقة بينهما: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: من الآية187] ، بما توحي به كلمة (اللباس) من القرب واللصوق والستر والدفء والزينة. ولهذا يجب على كل من الزوجين أن يحسن عشرة صاحبه، وأن يصبر عليه، ولا يجوز للرجل أن يطلق زوجته للإضرار بها؛ لأن في ذلك هدم هذه المؤسسة المشتركة، وكسر قلب الزوجة، وربما فرق بينها وبين أولادها منه بغير مبرر ولا ضرورة، ومن هنا كان التفريق بين المرء وزوجه من الكبائر الموبقة، وهو من أحب الأعمال إلى إبليس كما جاء في بعض الأحاديث (1) . وإذا كان الزوج يحرم عليه إضرار امرأته بالطلاق بلا عذر، فكذلك لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها بلا عذر موجب، وقد جاء فيما رواه أحمد والترمذي وحسنه، عن ثوبان -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة" (2) . ومفهوم الحديث: أنها إذا طلبت الطلاق من بأس وبسبب، فلا إثم عليها. فهل يكون فسق الزوج سببًا موجبًا أو مجيزًا لطلب الطلاق من المرأة؟ ولا ريب أن الفساق يختلفون في مدى فسقهم وفي معاشرتهم لنسائهم، فمنهم من يريد من امرأته أن تعينه على فسقه، بأن تقدم له الخمر مثلاً، وهو حرام عليها، فيجوز لها أن تطلب الطلاق تفاديًا لما يمكن أن يصيبها من الإثم. ومنهم من يسيء عشرته لامرأته ويضارها ويؤذيها، فهذا يعطيها الحق في طلب الطلاق وخصوصًا إذا استمر في ذلك، ولم ترج منه التوبة ولا استقامة حال، ومنهم من لا يفعل هذا ولا ذاك، وهو حسن العشرة معها، فهذا هو الذي يختلف فيه. وجمهور الفقهاء يرون أن تارك الصلاة كسلاً إنما هو عاص فاسق لا كافر مرتد، وعلى هذا لا يجب التفريق بينه وبين امرأته. والذي نرجحه هنا: أن المرأة إذا كانت تأمل في رجعة زوجها إلى الله، وأنه يمكن أن تؤثر فيه النصيحة والموعظة، وأن حاله يمكن أن يتحسن، فعليها أن تصبر عليه، وإن كان فاسقًا بترك الصلاة وبشرب الخمر، وخصوصًا إذا كان معها أولاد من ذلك الرجل، وتخشى عليهم التشتت والضياع. وهذا بشرط ألا يستحل ترك الصلاة أو شرب الخمر، فينتقل بذلك إلى الكفر الصريح المفرق بين المرء وزوجه. [القرار 8/6]

_____ (1) كحديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت". أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم: 2813/67) . (2) هو في "مسند أحمد" (5/277) ، وجامع الترمذي (رقم: 1189) ، وكذلك أخرجه أبو داود (رقم: 2226) وابن ماجة (رقم: 2055) .

تطليق القاضي الكافر للمسلمات من أزواجهن في البلاد الكافرة

تطليق القاضي الكافر للمسلمات من أزواجهن في البلاد الكافرة قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 16/3/1426 25/04/2005 قرار المجلس: الأصل أن المسلم لا يرجع في قضائه إلا إلى قاضٍ مسلم أو من يقوم مقامه، غير أنه بسبب غياب قضاء إسلامي حتى الآن يتحاكم إليه المسلمون في غير البلاد الإسلامية، فإنه يتعين على المسلم الذي أجرى عقد زواجه وفق قوانين هذه البلاد، تنفيذ قرار القاضي غير المسلم بالطلاق؛ لأن هذا المسلم لما عقد زواجه وفق هذا القانون غير الإسلامي، فقد رضي ضمنًا بنتائجه، ومنها أن هذا العقد لا يحل عروته إلا القاضي، وهو ما يمكن اعتباره تفويضًا من الزوج جائزًا له شرعًا عند الجمهور، ولو لم يصرح بذلك، لأن القاعدة الفقهية تقول (المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا) ، وتنفيذ أحكام القضاء ولو كان غير إسلامي جائز من باب جلب المصالح ودفع المفاسد وحسمًا للفوضى، كما أفاده كلام غير واحد من حذاق العلماء كالعز بن عبد السلام وابن تيمية والشاطبي. [القرار 3/5]

حكم تطليق المرأة نفسها

حكم تطليق المرأة نفسها قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 16/3/1426 25/04/2005 قرار المجلس: إن المجلس قد قرر بعد بحث مستفيض ما يلي: أولاً: أن الطلاق من حيث الأساس حق أعطاه الإسلام للرجل. ثانيًا: يمكن أن تطلق المرأة نفسها إذا اشترطت ذلك في عقد الزواج أو إذا فوضها زوجها بذلك بعد العقد. ثالثًا: يمكن للمرأة أن تخالع زوجها إذا رغبت في ذلك أمام القاضي الذي يجب عليه أن يبذل كل جهد ممكن للإصلاح بينهما، فإن يئس قضى بالخلع. رابعًا: يمكن للمرأة أن تتفق مع زوجها على الطلاق ضمن أي شروط مشروعة يتراضيان عليها. خامسًا: يمكن للمرأة تطلب من القاضي التفريق بسبب الضرر المعتبر شرعًا، وله أن يحكم بذلك إذا أثبتت الزوجة ادعاءها، وبعد أن يبذل جهده في الإصلاح بين الزوجين كما أمر الله تعالى، وخاصة اختيار حكمين يساعدانه في هذه المهمة. [القرار 2/5]

مشروعية قيام المراكز الإسلامية وما في حكمها بتطليق زوجات المسلمين اللاتي حصلن على الطلاق من محكمة غير إسلامية

رقم القرار: 2 رقم الدورة: 16 بشأن مشروعية قيام المراكز الإسلامية وما في حكمها بتطليق زوجات المسلمين اللاتي حصلن على الطلاق من محكمة غير إسلامية مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن مشروعية قيام المراكز الإسلامية وما في حكمها بتطليق زوجات المسلمين اللاتي حصلن على الطلاق من محكمة غير إسلامية: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من 21-26/10/1422هـ الذي يوافقه: 5-10/1/2002م، قد نظر في موضوع: (مدى مشروعية قيام المراكز الإسلامية، وما في حكمها، بتطليق زوجات المسلمين اللاتي حصلن على الطلاق من محاكم غير إسلامية) . وبعد استعراض البحوث التي قدمت، والمناقشات المستفيضة حول الموضوع، قرر ما يلي: نظرًا لأهمية الموضوع وحاجته إلى مزيد من البحث، والتعرف على آراء المختصين وأصحاب العلاقة فيه، رؤي تأجيل البت فيه. وإن المجلس بناء على ذلك يوصي رابطة العالم الإسلامي بعقد ندوة متخصصة عن الأقليات الإسلامية ومشكلاتها، وذلك في أقرب فرصة يدعى لها العلماء، والمهتمون بهذا الموضوع من أصحاب العلاقة في البلاد غير الإسلامية، وأن توفر لهذه الندوة المعلومات، والإمكانات اللازمة لدراسة أوضاع الأقليات الإسلامية ومشكلاتها، وبخاصة ما يتعلق منها بشؤون الأسرة، وأن تضطلع رابطة العالم الإسلامي- وهي المؤسسة التي تمثل الشعوب الإسلامية جميعها- بمهمة الاتصال والتنسيق مع حكومات الدول التي توجد فيها أقليات مسلمة عبر الوسائل المشروعة المتاحة، وذلك من أجل أن يكون للمسلمين الموجودين فيها الحق في التقاضي في مجال الأحوال الشخصية إلى الشريعة الإسلامية، أسوة بما تتمتع به الأقليات الأخرى، على أن تعرض نتائج وتوصيات الندوة على المجمع في أول دورة تالية له، للنظر في هذه التوصيات. والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد.

الرضاع

قرار رقم: 6 (6/2) بشأن بنوك الحليب مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425 02/12/2004 مجلة المجمع - ع 2، ج 1/383 إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 - 28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م بعد أن عرض على المجمع دراسة فقهية، ودراسة طبية حول بنوك الحليب، وبعد التأمل فيما جاء في الدراستين ومناقشة كل منهما مناقشة مستفيضة شملت مختلف جوانب الموضوع وتبين منها: أولاً: أن بنوك الحليب تجربة قامت بها الأمم الغربية، ثم ظهرت مع التجربة بعض السلبيات الفنية والعلمية فيها فانكمشت وقل الاهتمام بها. ثانياً: أن الإسلام يعتبر الرضاع لحمة كلحمة النسب يحرم به ما يحرم من النسب بإجماع المسلمين. ومن مقاصد الشريعة الكلية المحافظة على النسب، وبنوك الحليب مؤدية إلى الاختلاط أو الريبة. ثالثاً: أن العلاقات الاجتماعية في العالم الإسلامي توفر للمولود الخداج أو ناقص الوزن أو المحتاج إلى اللبن البشري في الحالات الخاصة ما يحتاج إليه من الاسترضاع الطبيعي، الأمر الذي يغني عن بنوك الحليب قرر ما يلي: أولاً: منع إنشاء بنوك حليب الأمهات في العالم الإسلامي. ثانياً: حرمة الرضاع منها. والله أعلم

حكم نقل الدم من امرأة إلى طفل دون سن الحولين

رقم القرار: 2 رقم الدورة: 11 بشأن حكم نقل الدم من امرأة إلى طفل دون سن الحولين، وهل يأخذ حكم الرضاع المحرِّم، أو لا؟ وهل يجوز أخذ العوض عن هذا الدم، أو لا؟ مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425 29/11/2004 بشأن حكم نقل الدم من امرأة إلى طفل دون سن الحولين، وهل يأخذ حكم الرضاع المحرم، أو لا؟ وهل يجوز أخذ العوض عن هذا الدم، أو لا؟ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409هـ الموافق 19 فبراير 1989م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبراير 1989م: قد نظر في الموضوع الخاص بنقل الدم، من امرأة إلى طفل دون سن الحولين، هل يأخذ حكم الرضاع المحرم، أو لا؟ وهل يجوز أخذ العوض عن هذا الدم، أو لا؟ وبعد مناقشات من أعضاء المجلس، انتهى بإجماع الآراء: إلى أن نقل الدم لا يحصل به التحريم، وأن التحريم خاص بالرضاع. أما حكم أخذ العوض عن الدم وبعبارة أخرى: بيع الدم، فقد رأى المجلس: أنه لا يجوز، لأنه من المحرمات المنصوص عليها في القرآن الكريم، مع الميتة ولحم الخنزير، فلا يجوز بيعه وأخذ عوض عنه، وقد صح في الحديث: (إنَّ اللهَ تعالى إذا حرَّم شيئًا حرَّم ثَمَنَهُ) . كما صح أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الدم، ويستثنى من ذلك حالات الضرورة إليه، للأغراض الطبية ولا يوجد من يتبرع به إلا بعوض، فإن الضرورات تبيح المحظورات، بقدر ما ترفع الضرورة، وعندئذ يحل للمشتري دفع العوض، ويكون الإثم على الآخذ، ولا مانع من إعطاء المال، على سبيل الهبة، أو المكافأة، تشجيعًا على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري، لأنه يكون من باب التبرعات، لا من باب المعاوضات. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.

ـــــ خزانة الاستشارات ـــــ

خزانة الاستشارات خزانة الاستشارات....خزانة مفتوحة للجميع، هي نهاية مطاف الاستشارات الواردة إلى الموقع، ومستودَع ما أجيب عنه منها، نضعها بين يديك - بعد أن ترقّتْ في أطوارها فنضجت واكتملت - مصنّفة تصنيفاً موضوعياً، ويمكنك الاطلاع على استشارت ما شئت من الموضوعات المدرجة من خلال النقر على عنوان الموضوع.

ـــــ أولا: العلاقات الزوجية ـــــ

أولاً: العلاقات الزوجية

تأخر الزواج وعقباته

لم توفَّق لزواج ولا وظيفة المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 18/07/1426هـ السؤال أشعر بالاكتئاب جراء الظروف التي أعيشها، والتي من أهمها عدم توفقي في الزواج -حتى الآن- رغم تعدد المتقدمين لي. وكذلك عدم حصولي على وظيفة، بينما زميلاتي حصلن عليها. كما أنني أجد صعوبة في تأمين المواصلات لحضور الدورات. أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب أختي الكريمة: أنت مؤمنة بالقضاء والقدر، فما أصابك لم يكن ليخطئك، نوَّر الله قلبك أكثر وأكثر، لقد شعرت كثيراً بالتعاطف مع حالك، فهي بالفعل مواقف تهز الإنسان وتكدر عليه حياته، وقد تجلب له الهم والحزن، ولكن ألا تتفقين معي أنها كلها مواقف دنيوية فقط، فأين ما افتقدتيه في الآخرة منها؟ ثقي بنفسك أولاً، ولا تهتز قدراتك، ثقي أن الخالق -عز وجل- مسير الكون والأفلاك، رحيم بعباده عطوف جواد كريم. أنت لا زلت صغيرة في السن فلماذا اليأس والتسرع في الزواج؟ لا أتفق معك في أنك أحبطت جراء تقدُّم عدد من الأزواج لك ولم يتم الزواج، فهذا قد يكون بشير خير لك، فالزواج هو المستقبل والحياة، لذلك فإن الاستعجال قد لا يؤدي للزواج كما تتمنين، وما الخطَّاب الذين انسحبوا إلا توفيق لك من الله، وبالنسبة للوظيفة نعم أصبحت كثير من الدول تعاني شحاً في الوظائف، سواء للشباب أو الشابات، فقد يكون وضعك الأسرى والديني لا يرضى بأي وظيفة، فأنت -كما تقولين- ملتزمة، لذلك أعتقد أن لديك مواصفات معينة للتوظيف. لذلك يجب أن تعودي لنفسك قليلاً، وتدركي أنَّ ما افتقدتيه قد يكون فيه خيركثير، أنصحك بقراءة كتاب للشيخ عائض القرني، واسمه (لا تحزن) ؛ ففيه خلاصة لتجارب الناجحين في الحياة، وأنصحك بقراءة ملخص لكتاب الصحيحين البخاري ومسلم، ففيه من الأحاديث ما يرطب للإنسان حياته. ومن ثم ضعي لنفسك برنامجاً يومياً، فلا تعيشي عاطلة. وللأسف الشديد أغلب شبابنا وبناتنا ينتظرون الوظيفة الرسمية حتى تنظم حياتهم، فلا تكوني منهم، وضعي لك برنامجاً يوقظك في الصباح الباكر، سواء أكان هذا البرنامج تعليمياً أم ثقافياً أم دعوياً، أو تطوعياً في مجال اجتماعي أو تربوي، تستطيعين من خلاله أن تجدي نفسك في الحياة العملية، مارسي هوايات كنت لا تستطيعين ممارستها في زحمة الدراسة، ثقي أن الإنسان يريد والله يفعل ما يريد. ثم اعلمي أن مشكلات غيرك أكثر بكثير مما تعانينه، فقد أطلعتك الصحف والمجلات والأخبار على مشكلات أكثر من هذا، فأين مشكلتك من تلك المشكلات حتى تشعري بالتعاسة والإحباط؟! دعائي لك بالتوفيق، وأن يعوضك الله خيراً، وأن ينير قلبك لطريق الإيمان، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.

هل هذه خطبة شرعية؟

هل هذه خطبة شرعية؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 4/06/1426هـ السؤال تقدَّم لي شاب متدين، وبيننا صفات مشتركة كثيرة وتفاهم -الحمد لله-، ولكن عندما بدأ هذا الشخص في التحدث مع والدي في تفاصيل الزواج من شبكة ومهر وغير ذلك، تغالى والدي في بعض الأشياء في البداية، ولكن سرعان ما تراجع، وأدرك أنه يوجد بعض المغالاة فيما قال، وأبلغه أنه لا يريد أي شيء، وأنه موافق على كل ما يقوله، رغم أن الشاب في بداية الاتفاق رفض أن يقول إمكانياته، ولكنه لم يعط والدي رداً، وطلب مهلة للتفكير، والآن يوجد شخص آخر يريد أن يتقدَّم، وطلب من والدي أن يراني، ولكني أرفض رؤيته؛ لأني أرى حرمة ذلك، حيث يوجد خاطب سبقه، ولم ينه الموضوع بعد، وأيضاً أنا مقتنعة بالشخص الأول، وأشعر تجاهه مشاعر حب، وكنت أعتقد أنه هو أيضاً لديه نفس المشاعر، ولكني لا أفهم رد فعله هذا بعد أن أصبح كل شيء كما يريد، وبدون أي متطلبات، فهل يظن أنني ماديَّة؟ رغم أني -والله- بعيدة كل البعد عن المادية، لا أعلم ماذا أفعل لكي أصحِّح عنده هذه الفكرة؟ ولا أعلم هل أرى الآخر أم لا؟ وإذا لم يرد هذا الشخص أليس هذا حراماً أنه لا يعطي رداً، ويتركني هكذا؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: إلى الأخت الفاضلة -سلَّمها الله تعالى-. بناءً على ما ذكرتِ أرى أن أمامك حلين لا ثالث لهما. الحل الأول: هو الانتظار حتى يأتي منه الرد، وهذا الحل أنا لا أراه ولا أحبذه ولا أنصحك به؛ لأن هذه المواضيع الحسَّاسة والمصيرية لا تتحمل التأجيل أكثر من ذلك، الأمر الآخر ربما المدة تطول، وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، بعد انتظار مدة من الزمن يأتيك الرد من هذا الشخص بعدم الموافقة على إتمام هذا الزواج، وربما أنه قد يكون تقدم لك في هذه المدة أكثر من شخص، وقد حدث بالفعل، وعندها تصابين بحالة نفسية سيئة، وتعضين أصابع الندم ولات حين مندم، وأنت في غنى عن هذا كله. الحل الثاني: أن يتصل والدك بهذا الشاب، ويتخذ منه موقفاً حازماً، ولا بد من إبداء رأيه في الأمر وبكل وضوح، إما بالرفض أو القبول، وهذا الذي أراه وأنصحك به. يبقى هنا سؤال يطرح نفسه وهو: ما هي ردة فعلك إذا حدث أحد الاحتمالين، إما القبول أو الرفض؟ أولاً: إذا أتى جواب الشاب بالقبول فهذا لا إشكال فيه، وهذا غاية المنى عندك، ونسأل الله أن يجمع بينكما في خير. ثانياً: إذا جاء جواب الشاب بالرفض، فما عساك أن تفعلي؟. أختي الكريمة: إذا حدث ذلك فما عليك إلا أن تصبري، وتقولي: اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها. تأكدي بأن الله قد اختار لك الخير "فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم" [البقرة: 216] ، "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء: 19] . لا تنقمي هذا الشاب؛ فلعل عنده من الظروف التي خفيت عليك، ومنعته من إتمام هذا الأمر، فالتمسي له الأعذار.

الحياة لا تنتهي عند هذا الحد، فالحياة ما زالت أمامك مليئة بالخير والسعادة، ولكن عليك أن تحسني الظنَّ بالله. أكثري من الاستغفار والذكر والدعاء والتضرع إلى الله، بأن الله يصلح شأنك وييسر أمرك، ويقدِّر لك الخير حيث كان وكيف كان، ويرزقك الرضا بما قسمه لك سبحانه وتعالى. هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

شاب ملتزم يريد الزواج ووالده يرفض ...

شاب ملتزم يريد الزواج ووالده يرفض ... المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 26/6/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: أنا شاب بالغ من العمر 18سنة، حافظ لكتاب الله، وأنوب الإمام في المسجد، وأريد الزواج، ووالدي مقتدر لكنه لم يرض فأنا أقع في كثير من المعاصي مثل النظر إلى النساء والاستمناء بعض الأحيان فما نصيحتكم لي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد حسين عبد الرحمن الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على الهادي البشير، والسراج المنير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ومرحباً بك أخاً في الله، ونتمنى منك دوام الاتصال بالموقع. لقد قرأت رسالتك وسرني جداً أنك حافظ لكتاب الله -جل وعلا- نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق، وكذلك إنابتك الإمام في الصلاة بالمسجد أثناء غيابه، فهذا شيء طيب يبشر بخير. وبالنسبة لرغبتك في الزواج فهذا أمر طيب وتشجع عليه ما دام عندك الرغبة لذلك وترى من نفسك الفحولة والقوة والنشاط، ولكن كون والدك يرفض لعله يرى أنك ما زلت صغيراً، وأن هناك التزامات أخرى عليه يرى أنها أهم من زواجك، لكن كونك تمارس العادة السرية بعض الأحيان فهذا لا يحل لك، قال تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين* فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" [المعارج: 29-31] .فقوله تعالى: "فمن ابتغى وراء ذلك" أي بممارسة العادة السرية أو ما في حكمها، "فأولئك هم العادون" أي الآثمون المتعدون لحدود الله، وقد أفتى سماحة شيخنا الفاضل ابن باز - رحمه الله تعالى- بعدم جواز ممارسة العادة السرية استناداً لهذه الآية، وهذا هو الراجح من كلام أهل العلم في هذه المسألة. والله أعلم. لكن عليك الآتي: (1) غض البصر قال تعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" [النور: 30] . (2) عليك بالاستعفاف والتحلي به قال تعالى: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ... " [النور: 33] . (3) عليك بكثرة الاستغفار، فالاسغتفار مفتاح من مفاتيح الرزق قال تعالى "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا* يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً" [نوح: 10-13] . (4) عليك بتقوى الله في السر والعلن، وأبشر بالخير الكثير والفرج القريب قال تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] ، وقال تعالى: "ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً" [الطلاق: 5] .

(5) عليك بالصوم، إذا تاقت نفسك للزواج وازداد فوران الشهوة عندك فعليك بالصوم، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "يا مشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" أي وقاية من الوقوع في الحرام. والحديث متفق عليه. (6) عليك بالابتعاد عن كل ما يهيج شهوتك سواء مسموع أو مقروء أو مشاهد. (7) عليك بالانشغال بطلب العلم، ومجالسة العلماء، وطلبة العلم والدعاة، وحضور مجالس الذكر، وغيرها ممن يعينك على طاعة الله. (8) عليك أن تكلم والدك في هذا الموضوع بكل صراحة، وأنك تريد الزواج، لأن لك نفس تواقة إليه، وأنت تخشى على نفسك العنت والوقوع في الحرام والعياذ بالله، وأظن أنه لن يمانع بإذن الله وخصوصاً أنه مقتدر مالياً كما ذكرت. (9) إذا لم يلبِ والدك طلبك عليك أن توسط الوالدة أو أحد إخوانك الذين يكبرون عنك أو أحد أقاربك من عم، أو خال، أو صديق لوالدك ممن يكون لهم التأثير القوي والفعال على والدك، ولا يمنع أن توسط أهل الخير كأحد العلماء أو الدعاة المعروفين عندكم، أو إمام المسجد الذي أنت تنوب عنه، عسى الله أن ينفع بهم. (10) وخاتمة المسك عليك باللجوء إلى الله بصدق وتضرع إليه بالدعاء وتحري أوقات الإجابة، وادعوه دعاء المضطر، وأبشر باستجابة الدعاء فهو سبحانه القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة: 186] ، وقال تعالى: "أمن يجب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62] . هذا والله أعلم. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

طاعة الأم في الزواج

طاعة الأم في الزواج المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 25/7/1424هـ السؤال بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله. أختي تزوجت من ابن خالتي؛ لأنهما كانا متراضيين منذ زمن، وكلاهما كان يميل للآخر، والآن أمي الكريمة ترغمني من الزواج من ابنة خالتي، وكأن القضية أخذ وعطاء، وللعلم لا أملك أي شعور تجاه ابنة خالتي، واعتبرها كأخت لي، أضف إلى ذلك فهي متبرجة وتاركة للصلاة، ولا تتبنى ولو مجرد فكرة الالتزام، وأنا لا أعيب عليها شيء وإن كان ما ذكرته قد تعدَّى العيب وصار أمر جنة ونار، ولكن لا يمكن أن أربط مشروع حياتي بزوجة كهذه، فهل رفضي يعد عقوقاً لوالدتي؟ خاصة أنها متشددة في هذه الفكرة، وإذا أقدمت على مشروع الزواج دون أخذها للخطبة هل هذا عقوق؟ وفي حالة إذا ما دعت علي فهل دعوتها مستجابة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب جاب عن السؤال الشيخ/ خالد حسين عبد الرحمن الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير البريات، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. لقد قرأت رسالتك مرات عديدة وسرني جداً حرصك على برك بأمك فجزاك الله خيراً على ذلك، وسرني كذلك حرصك على ألا ترتبط إلا بزوجة صالحة صاحبة دين وخلق والتزام بشرع الله، نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر. اللهم آمين. كما هو معلوم لديك أن فضل الأم عظيم وبرها واجب على أبنائها، وأن عاقبة العقوق عاقبة وخيمة في الدنيا والآخرة. وبالنسبة لهذه الحالة التي أنت فيها أرى أن تتبع الآتي: (1) حاول أن تكلم الوالدة بأسلوب طيب وتوضح لها الأمر، وأنك تريد زوجة صالحة صاحبة دين كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه، البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، ومعنى قوله: "تربت يداك" أي فزت وربحت لزواجك بصاحبة الدين، وابنة خالتك لا يتوفر فيها الدين، فإن توفر فيها الدين فلا مانع من زواجها. (2) عليك أن توضح للوالدة مساوئ هذا الزواج، وهو ما يسمى في هذه الحالة: (زواج البدل) ، فلو قدر الله أنه حدث بين أختك وزوجها أي مشكلة، تنعكس عليك وعلى زوجتك والتي يفترض أن تكون ابنة خالتك، والعكس صحيح، وكم شاهدنا ورأينا، وسمعنا عن المشاكل التي حدثت في مثل هذه الحالات، وكم من عائلات وأسر تقطعت أرحامهم بمثل هذه الزيجات، فأنتم الآن في غنى عن ذلك.

(3) عليك أن تحاول مع ابنة خالتك إن هداها الله للالتزام بدين الله فبها ونعمت، ويمكن لك في هذه الحالة زواجها، وتكون بذلك أرضيت أمك، أما إذا أصرت ابنة خالتك على عدم الالتزام وترك الصلاة، والتبرج والسفور، وغيره فلا تتزوجها، وإن كان ذلك لا يرضي أمك، وتزوج بغيرها، ولا يكون ذلك عقوقاً بإذن الله تعالى. (4) عليك بالدعاء أن الله ييسر أمرك ويرزقك الزوجة الصالحة ويهدي أمك للحق. هذا والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أمه عقبة في طريقنا

أمه عقبة في طريقنا المجيب د. منيرة القاسم عضو هيئة التدريس بكليات البنات بالرياض. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 7/04/1426هـ السؤال أحب ابن الجيران ويحبني، عرض على أمه أن تطلبني للزواج به، ولم ترضَ كامل الرضا، أرجو أن نستطيع أن نفعل شيئاً بمساعدتكم، وشكراً. الجواب الابنة السائلة: أعجبني جداً قرار ابن الجيران حين بادر إلى طلبك للزواج عن طريق والدتك، مما يعني جديته في ذلك. أنصحك بالتريث وتفهم موقف والدته في عدم رضاها الكامل، وهل عدم رضاها يتعلق بك أو بمشروع الزواج نفسه؟ فقد يكون الشاب (ابنها) غير مهيأ للزواج الآن - لم تذكري شيئاً عن سنه، ولا تعليمه، ولا أخلاقه، ولا ظروفه الاقتصادية -. وأقترح عليك -يا عزيزتي- خلال الفترة القادمة أن تثبتيِ جدارتك أمام والدته وأسرته، فالضوء الآن مسلط عليك. ولا يغيب عن بالك -يا ابنتي- ضرورة التمسك بما أمر الله به، والابتعاد عما نهى عنه، فلا يجوز لك -بأي حال من الأحوال- مقابلة الشاب، والتصرف بأي تصرف لا يرضي الله (عليكِ بمراقبة الله في كل ما تقومين به) . وإذا أمكن معرفة السبب في عدم رضا الوالدة ومعالجة الأمر ففي الأمر متسع لذلك، ولا تنسي اللجوء إلى الله في كل أمورك، والتقرب إليه بالطاعات، فلن تجدي معيناً قادراً على كل شيء غيره، واصبري ولا يشغلك موضوع ابن الجيران عن التفكير في مستقبلك ودراستك وعبادتك.. وقبل الإقدام على الزواج أو التفكير فيه تأكدي من مناسبة الظروف ومناسبة الرجل للزواج، وكونه يتحمل المسئولية ويخاف الله، ويقدرك كزوجة، وأم لأولاده في المستقبل. فالزواج ليس حباً وعشقاً ورومانسية لا نجدها إلا في المسلسلات والقصص.. الزواج مشروع مستقبل وبناء أسرة واستقرار وعفاف، ورسالة سامية تحتاج إلى التفكير قبل اتخاذ القرار. فكلما أحسنت الفتاة والشاب في اختيار شريك الحياة على أساس الدين والعقل والخلق والتفاهم، كلما كانت الحياة الزوجية أكثر توافقاً وانسجاماً.

لم أعد أرغب في الزواج

لم أعد أرغب في الزواج المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 27/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: من كثرة ما عشت ورأيت من المشاكل بين أخواتي وأزواجهن وبين إخواني وزوجاتهم لم أعد أرغب في الزواج؛ لأني قرأت في كتاب الله أن الزواج أساسه السكن والمودة، والرحمة، وفي سيرة الرسول - عليه الصلاة والسلام- كذلك، ورأيت أن هذه الأمور لم تعد موجودة في هذا الزمن إلا من رحم ربي، وهم قليل جداً، إذاً أقول لنفسي لماذا الزواج؟ هل لأكون مثل أخواتي أو زوجات إخواني فلا أريد ذلك، ولا أريد أن أنجب أطفالاً يعيشون في وسط غير صحي، فما رأيك يا شيخي بهذا؟ ولك مني جزيل الشكر. وأسأل الله أن يحفظك من كل سوء. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- أما بعد: إلى الابنة الفاضلة: -أسال الله أن يرزقنا وإياك الفردوس الأعلى في الجنة- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بدايةً نشكر لك زيارة موقع الإسلام اليوم، وتفاعلك مع نافذة الاستشارات، فمرحباً بك -ابنتي الكريمة- زائرة مباركة على الموقع. أما بخصوص ما سألتِ عنه فمستعيناً بالله أقول: من الممكن أن يحدث ما سألت عنه، ولكن في الحدود النادرة على أغلب ظني - إن لم يكن يقيناً- إذ لا يعقل أن الإنسان تصدر منه أفعال تسيء للآخرين دون أي إساءة من الطرف الآخر، وخصوصاً إذا كان بينهما علاقة حميمة كعلاقة الزوجين. ولكن أود أن أقول ربما أنه يصدر من أحد الأطراف بعض التصرفات، ويظنها تصرفات عادية، ولكن الطرف الثاني يحملها على غير ذلك، ربما لفرط حساسيته أو غير ذلك من الأسباب، وربما تكون تصرفات غير عادية بالفعل مما تجعل الطرف الثاني يصدر منه ردة فعل غير لائقة للطرف الأول. وعلى كلٍّ نحن عند عرض الحلول في مثل هذه المشاكل لا نلقي باللوم على طرف واحد، بل نتحدث مع جميع الأطراف، ونذكر ماله وما عليه، وما نفعله أننا ننبه على أمور قد لا يفطن لها بعض الأطراف تكون هي سبب المشكلة من أساسها، وقد رُئى في جوابي لهذه الأخت ولغيرها في مثل حالتها أنني بعدما تحدثت معها وجهت الكلام إلى الزوج أيضاً؛ لأن من العدل أن نتكلم مع الطرفين بإنصاف دون تحيز لطرف على حساب الآخر. أما كونك لم تعد عندك رغبة للزواج لما رأيته من أحوال إخوانك مع زوجاتهم، أو حال أخواتك مع أزواجهن، فهذا كله وغيره لا يسوغ لك شرعاً الإعراض عن الزواج؛ لأن الزواج من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من رغب عن سنتي ليس مني" أخرجه البخاري (5063) ، ومسلم (1401) .

ابنتي الغالية: الحياة الزوجية ليست متمثلة فيما رأيت وشاهدت ممن ذكرت، ولكن الحياة أوسع من هذا كله، فلا داعي للتشاؤم، ودعي عنك هذه الأفكار السوداوية للحياة الزوجية، وإني سائلك فأجيبي: هل أخواتك أو زوجات إخوانك ملتزمات بشرع الله ويعلمن الحقوق الزوجية التي يجب عليهن أداؤها تجاه أزواجهن؟ وكذلك السؤال موجه للرجال، من إخوانك، وأزواج أخواتك، هل هؤلاء ملتزمون بشرع الله، ويعلمون ما لهم من حقوق، وما عليهن من واجبات فيؤدونها، أم ماذا؟ سؤال آخر: هل قام الزواج بين من ذكرت على أي أساس، بمعنى: ما هي المعايير التي تم بها الزواج؟ هل هي معايير دينية شرعية أم معايير دنيوية؟!. بنيتي: لقد وضع لنا الشارع الحكيم ضوابط لكل شيء فمن سار على هذه الضوابط نجا، ومن تخلف عنها هلك، ومن ذلك بخصوص أمر الزواج، فالزواج أمره عظيم، وخطبه جسيم، لذا سماه ربنا - جل وعلا- الميثاق الغليظ، ولذا أحاطه بسياج قوي؛ لحمايته من الانهيار، فكانت أول هذه المبادئ مسألة الاختيار بالنسبة للزوجين، فحث الشباب على أن يتزوجوا من صاحبة الدين فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" متفق عليه البخاري (5090) ، ومسلم (1466) . وكذلك حث الفتاة وولى أمرها على أن توافق على صاحب الدين إذا جاء يخطبها، فعن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ " أخرجه الترمذي (1085) بإسناد حسن. وعلى ذلك -يا بنيتي- عليك بالالتزام بشرع الله في كل شؤون حياتك، وعليك بالزواج من الرجل الصالح، صاحب الدين والخلق القويم، والذي يعرف حدود الله ويتقيه، فهو يعمل بقوله -تعالى- "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" [البقرة:229] . وقد سئل بعض السلف هذا السؤال: "جاء رجل يسأل أحد أئمة السلف، أظنه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- أو الحسن البصري - رضي الله تعالى عنه- المهم قال له: يا إمام إلى من أزوج ابنتي؟ قال: لا تزوجها إلا لتقي، قال له الرجل: ولِمَ؟ قال الإمام: إذا أحبها أكرمها، وإذا كرهها فلم يهنها"، قلت: وهذا تفسير قوله - تعالى-: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان". فيا بنيتي: عليك أن تستفيدي من التجارب التي تمر بك، وحاولي أن تكون حياتك حياة طيبة مباركة بعيدة عن أسباب الخلاف والشقاق، تكون حياة ملؤها السعادة والفرح، وذلك لا يكون إلا إذا أسس البيت الأسري على تقوى من الله من أول يوم، ولا يغرنك كثرة الهالكين، فليس العجب فيمن هلك كيف هلك، ولكن العجب فيمن نجا كيف نجا، فاسلكي أسباب النجاة تحمدي العقبى. هذا والله أعلم، والله أسأل أن يقر عينك بالزوج الصالح، والحياة الطيبة السعيدة؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، ونحن في انتظار تواصلك معنا، هذا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أنا في حيرة: أهلي يرفضون زواجه بي؛ لأنه متزوج

أنا في حيرة: أهلي يرفضون زواجه بي؛ لأنه متزوج المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 19/11/1424هـ السؤال أنا شابة متدينة ومتعلمة، وهناك شاب تقدم لي طالبا الزواج في الرابعة والعشرين من عمره، وهو على خلق عال ومتدين وفي خير ونعمة, ولكنه متزوج ولديه ابنتان، وأنا أجد هذا الشاب يناسبني أكثر من أي شاب تقدم لي، ولكن عائلتي ترفضه؛ لأنه متزوج، على الرغم من أنهم يمدحون أخلاقه, وذلك الشاب متمسك بي ولا يريد الزواج من غيري, وأنا في حيرة من أمري. ماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته" وفي رواية: "خلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة" رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. إن النبي - صلى الله عليه وسلم- جعل المعيار لقبول الزواج هو الدين والخلق للشاب والفتاة، وبالنسبة لقبول هذا الزوج أشير إلى ما يأتي: (1) أن يكون قصد الزوج من التعدد ونيته به نية صالحة، ومقبولة، بحيث لا تكون ردة فعل أو نتيجة لموقف معين؛ حتى لا تصبح الفتاة ضحية لهذا الزواج. (2) قدرة الزوج على التعدد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ... " الحديث رواه البخاري (1905) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - والاستطاعة تشمل الاستطاعة النفسية والمالية والجسدية وجميع أنواع الاستطاعة. (3) إدراك الفتاة وقبولها للتعدد ورضاها به، وعدم الغيرة الشديدة التي ربما تفسد الحياة مستقبلاً، وأنها تزوجت بنصف رجل، ويكون ذلك واضحاً في ذهنها حتى لا تفاجأ به مستقبلاً. (4) أما بالنسبة لعائلتها فهم لا يبحثون إلا عن سعادتك واستقرارك فهم يمتنعون عنه؛ لأنهم يرون أن الأفضل لك أن تتزوجي برجل غير متزوج، وهم لا شك في صدق محبتهم وإخلاصهم لك، والذي أراه هو إرضاؤهم وإقناعهم والتوسط في ذلك، والتوجه إلى الله أن يختار الخير. (5) وأما كون الشاب لا يريد غيرك فليس بمسلم لا لك ولا له، فإن القناعة تتغير، فلو وجد هذا الشاب من هو أفضل منك، فإنه لا يرفض الزواج بها من أصل.

زواج الأسود من البيضاء

زواج الأسود من البيضاء المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 12/3/1424 السؤال في بلدنا هذا لا يحق للأسود الزواج ببيضاء البشرة، وهذا ما عانيته كثيراً، لأني وجدت فتاة ملتزمة ومتخلقة، وهي بيضاء البشرة، ولم أستطع أن أخطبها، لأني أعيش هنا وأعلم ما يحدث، فأنا أتساءل في الكثير من المرات هل إذا دخل الأسود الجنة لا يستطيع الزواج من الحور العين، لم يقلها الله الذي نحن عباده، فكيف نقولها ونحن في سنة 1423هـ، حاولت التغيير من هذا إلا أني لم أفلح، فبماذا تنصحوني جزاكم الله خيراً؟ وخاصة عند إيجاد الزوجة الصالحة ذات البشرة البيضاء. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ عبد الرحمن علوش المدخلي (عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين) . الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن هذا السؤال يذكرني بالحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه (2/93) وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه، ووافقه الذهبي من حديث أنس - رضي الله عنه - أن رجلاً أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رجل أسود اللون، قبيح الوجه، لا مال لي، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل، أدخل الجنة؟ قال. نعم، فتقدم فقاتل حتى قتل، فأتى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مقتول، فقال: "لقد حسن الله وجهك، وطيب ريحك وكثر مالك" وقال: "لقد رأيت زوجتيه من الحور العين يتنازعان جبة عليه يدخلان فيما بين جلده وجبته". فيا أخي الكريم: في المنهج الشرعي لا فرق بين أسود وأبيض، بل: "إن أكرمكم عند الله اتقاكم"، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ... الحديث"، وقد امتثل الصحابة - رضي الله عنهم - هذا المنهج وأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فزوج - صلى الله عليه وسلم - قزمان وهو أسود فتاة من الأنصار، وزوج مولاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه - بنت عمته زينب بنت جحش - رضي الله عنها - وهي قرشية، فأنصحك يا أخي الكريم إذا وجدت الزوجة الصالحة ورضي أهلها أن يزوجوك فتقدم إليهم سواء كان في داخل بلدك أو خارجها، وإن لم تجد فاصبر واحتسب وابحث عن الدين والخلق أولاً، والله يرعاك.

أمي ترفض زواجي

أمي ترفض زواجي المجيب د. نادية الكليبي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 13/04/1425هـ السؤال مشكلتي هي أنني تخرجت من الجامعة حديثا والحمد لله، وقلت لوالدتي أنني أريد الارتباط بفتاة بعد التخرج مباشرة، وفعلاً سافرت إلى بلدي، وبدأت بالبحث عن فتاة بالمواصفات التي أطلبها، وفعلاً قابلت فتاة عمرها مناسب بالنسبة لي، وأخلاقها طيبة، وخجولة، وجميلة، -أي أنها كما أريد تماما-، وأبوها هو قريب لنا من جهة أمي، فخطبتها من أهلها، وأخبرتهم أني سأعود لأخبر أهلي. ولما علمتْ والدتي رفضت بشدة، وسبب الرفض هو أن لها عمة للأسف الشديد سجنت في قضية نصب واحتيال، وبنت هذه العمة نفسها تعمل مغنية في إحدى النوادي الليلية بشكل علني ومعروف، ووالد الفتاة تبرأ منها منذ زمن بعيد، ومقاطعها بشكل نهائي، فهي ترفض أن أتزوج هذه الفتاة بسبب سمعة عمتها وبنت عمتها! لكنني قلت لها بما أن الفتاة خلوقة ومتربية، ولا توجد علاقة بينها وبين عمتها، بل إنها لا تعرف عمتها، ولا تزورها أو تراها أبدا، وبما أن أباها وأمها محافظان، فما ذنب الفتاة؟! لكن أمي للأسف ما زالت مصرّة على رأيها، وأنا صراحة أحببت الفتاة وأريدها بشدة، فهل للبنت علاقة بها؛ وهل يسوغ أن يخرب بيتها ولا تتزوج بسبب عمتها؟ وماذا علي أن أفعل مع والدتي؟ أرشدونا جزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي السائل: مشكلتك يسيرة - بإذن الله تعالى- وتلخيصها فيما يلي: أولاً: هذه الفتاة لا ذنب لها مطلقاً بما تفعله عمتها وابنتها، بل ولو كان أقرب قريب فإن الله -تعالى- يقول: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الإسراء: 15] ، وقال تعالى: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه"، وهذا منهج واضح في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- دل عليه نصوص كثيرة لا مجال لإيرادها هنا. ثانياً: لكن يبقى الإشكال وهو رفض والدتك.. ماذا تصنع تجاهه؟ عليك بمحاولة إقناع والدتك إذا كنت راغباً في هذه الفتاة، وكانت كما وصفتها، تتميز بالصلاح وحسن الخلق، واستعن بوالدك أو المقربين إلى والدتك من أخواتها أو صديقاتها، ولا تستعجل في ذلك، فحاول أكثر من مرة بأساليب متنوعة، واطلب من والدتك أن تستشير طلبة العلم، أو الدعاة في رأيها، وعليك بالدعاء أن يوفقك الله -تعالى- لما فيه مصلحة لك وخير، فإن قبلت فذاك ما تبغي وهو من توفيق الله -تعالى- أولاً وآخراً. ثالثاً: وإن رفضت والدتك فإني أنصحك ألا تتزوجها، ودع عنك أنك أحببتها بشدة، فإنك ما زلت في مقتبل العمر، والنساء سواها كثير، وضع في ذهنك الاعتبارات الآتية: أ- أن هذا بر بوالدتك وحتماً وبإذن الله ستوفق ما دمت تفعله براً، فهو دين يرد إليك.

ب- أن هذا القرار مصلحته تعود عليك وعلى الفتاة فما ذنبها أن تعيش بين مجتمع يرفضها ولا يتقبلها، وقد رأيت الكثير من التجارب صرحت لي العديد منهن أنها لو كانت تعلم أن أهل الزوج لا يريدونها لما تزوجته لما رأت من العزلة أو الإساءة، أو غير ذلك، وينبغي أن تفكر في المستقبل. من مصلحتها أيضاً حتى يكون زواجك سعيداً بعيداً عن المنغصات، فهذه والدتك ومن الصعب جداً عليك وعلى الفتاة أيضاً أن يكون بينكم في بداية الزواج فجوة. أسأل الله -تعالى- أن يسعدك، وأن يوفقك لما يحب ويرضى، هذا والله أعلم وأحكم.

إلى متى أنتظر؟!

إلى متى أنتظر؟! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 10/11/1422 السؤال عقد قراني على أحد الشباب من معارف العائلة وذلك قبل اكثرمن عام من الآن، وكنت قبل ذلك مخطوبة له بعامين أي أنا مرتبطة به منذ أكثر من ثلاث سنوات ارتبطت به خلالها اسما وعاطفة ولكن المدة تطول وتطول ونفقد الصبر أحيانا على بعضنا فترانا نضجر ونملّ، ونخّرج لذلك كلمات قاسية في حوارنا علما بأنني متخرجة من الجامعة بينما هو لا يزال طالبا فيها وموظفا في وظيفة أخرى وأهله يرفضون الزواج حتى ينتهي من دراسته أولا، مع أن أهلي قدموا له كل التسهيلات حتى السكن ولكنهم يرفضون دائما لأنهم يريدونه أن يقوم بكل ذلك بنفسه..!! وأظل أنا ضحية أهله وضحيته..!! .. حاولت مرارا الانفصال ولكنه كان في كل مرة يعتذر وهو يحبني وأنا أحبه ولكن كل هذا لا يطاق.. بعد كل هذا الزمن أحتاج إلى وجوده بجواري.. أحتاجه بكل معنى الكلمة.. أحتاجه زوجا وأبا وأخا وصديقا وحبيبا.. أشعر أن حياتي تتحطم قبل أن تبدأ.. أشعر بحزن عميق لا أعرف ماذا أفعل.. يائسة تستجدي..!! الجواب أختي الكريمة، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً - صدقيني أقدر حجم ما تشعرين به، فالانتظار ثقيل وممل..خاصة إذا كان التاريخ النهائي لهذا الانتظار غير محدد!! فأسأل الله لك الإعانة والتوفيق والتيسير. ثانياً - لا أدري لماذا يقف أهله هذا الموقف الغريب. فالحمد لله مادام موظفاً فهو قادر على إعالة أسرته وربما كان زواجه عوناً له في دراسته وتخرجه.. وأهلك قد قدموا له - كما تذكرين - الكثير من التسهيلات لإتمام هذا الزواج.. فلماذا الرفض؟! والتعلق بهذا الشرط الغريب؟! ثالثاً- لنفترض أنه لسبب أو لآخر اخفق في تخرجه ولم يستطع استكمال دراسته، فهل سيؤجل الزواج إلى ما لا نهاية..؟! ما هذا الكلام..؟! رابعاً- أنت هنا من يدفع ثمن الانتظار، ويحترق بناره، وربما سارت الأمور على غير ما تريدون.. وأخفق " صاحبنا " في دراسته، ومرت الأيام والشهور والسنوات، وفي النهاية تقلبت القلوب.. وتغيرت المشاعر.. وذهب كل إنسان إلى طريق مختلف وعدت كما كنت تنتظرين خطيباً آخر.. قد يتأخر مجيئه هذه المرة طويلاً..بفعل المتغيرات!! فماذا ستفعلين؟! لا شيء يجدي وقتها.. حتى البكاء.. حتى الأنين!! خامساً - لذلك فأقترح عليك أن تختاري بين مشاعرك.. واحتياجك له كما تذكرين مع مرارة بل وحرارة الانتظار التي تصطلين بها دون تحديد واضح لنهايتها، وبين وضع حد واضح لهذا الأمر.. وتاريخ محدد لإتمامه أو إنهائه.. والخيرة فيما اختاره الله

سادساً - يجب أن يتدخل في هذا الموضوع أحد الرجال العقلاء من أقاربك.. كوالدك - مثلاً - أو أحد إخوتك ليقابل هذا الرجل أو والده.. ويتفق معه على تاريخ محدد لا يتجاوز بضعة أشهر.. لإتمام هذا الأمر - كما أسلفت - أو إنهائه. ويحاول بطريقته الخاصة طرح مجموعة من البدائل التي تيسر هذا الأمر وتسهله.. من ناحية السكن أو غير ذلك. سابعاً - لا تنسي يا أختي الكريمة- الالتجاء إلى الله بدعاء صادق بأن يوفقك ويسهل أمرك ويعينك.. ويقيض لك الصلاح والفلاح.. ولا تنسي أننا نقوم بعمل الأسباب. وأما الأقدار فإنها تجري كما قدر الله لها سبحانه.. فأحسني الظن بالله.. وألجئي إليه والحي بالدعاء.. وسيجعل الله بعد عسر يسراً. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك

إخوتي يرفضون مساعدتي!!

إخوتي يرفضون مساعدتي!! المجيب د. صالح بن حسن المبعوث عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 9-12-1423 السؤال أنا شاب في الثلاثينات من عمري وراغب في الزواج وقد وجدت الفتاة المناسبة بحمد الله تعالى, ولما تقدمت لها اتضح لي أن إخوتي لن يساعدوني في الزواج مع أن وضعي المادي الآن متواضع جداً, ولقد وجدت على إخوتي في نفسي كراهية كبيرة لأنهم رفضوا مساعدتي علماً أنهم ساعدوا غيري بأكثر مما قرروا أن يساعدوني به، وأنا في ضيق من أمري وكرب حتى أنني لا أقابلهم بوجه طلق كالسابق لأنهم خذلوني، ماذا أصنع؟ الجواب الأخ الكريم.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " أولاً: أدعو الله تعالى لك يا أخي أن يسهل عليك أمر زواجك وييسره لك وأن يبارك لك في زوجتك. ثانياً: موقف إخوانك منك موقف مؤلم ومحزن كونك وصفتهم بأنهم يساعدون الآخرين ولم يفعلوا معك ذلك، لكن ما يجب عليك علمه شرعاً أن إخوانك لا يجب عليهم شرعاً أن يساعدوك لكونك مكتسبا ولديك وضع مادي يسمح لك بالاقتراض لإعفاف نفسك، ومساعدة إخوانك لك من باب المعروف والإحسان وهم عندما لم يفعلوا ذلك فوتوا على أنفسهم باباً عظيماً للأجر والمثوبة والصدقة والصلة لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعل للصدقة على الأقرباء أجرين أجر الصدقة وأجر الصلة. فأنصحك بالصبر والاحتساب، وعدم حمل شيء في نفسك على إخوتك بل والتقرب إليهم والثناء عليهم والدعاء لهم فإنهم بذلك يحسنون إليك، ولا تجعل ذلك سبباً في قطيعة الرحم والصلة بينكم فإن الدنيا متاعها قليل وما عند الله خير وأبقى، وثق بأن الله سيعينك ويهيئ لك من يساعدك ولو من الأبعدين، وتوكل على الله واطرح عنك الوساوس وإياك أن تسمح لأحد من الناس أن يوقعك في فتنة مع إخوتك بسبب عدم مساعدتهم لك، وأدعو الله أن يوفق إخوتك لمساعدتك وإعانتك، والله الهادي إلى سواء السبيل.

الوظيفة شرط الزواج

الوظيفة شرط الزواج المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 30-4-1424 السؤال أنا متخرج من الجامعة ولم أحصل على وظيفة حتى الآن. ولكني شاب مهتد ولله الحمد..والقصة هي أنني قبل وقت وقعت في حب فتاة وفي نفس الوقت هي أيضا وقعت في حبها لي، ووظفنا هذا الحب بالطريق الأمثل والشرعي وهو الزواج..، ولكن والد هذه الفتاة لا يريد أن يزوج ابنته إلا لرجل ذي وظيفة ومرتب مرتفع وأنا على هذه الحال لا أستطيع إلا الصبر سنتين أو ثلاث حتى تأتي الوظيفة أو لا تأتي، وأنا لا أستطيع البعد عنها وهي لا تستطيع البعد عني، وكلانا لا يريد إلا الطريق الشرعي، مع العلم بأن أهلها يرفضون ذلك إلا بشروط،..أفيدوني ماذا أعمل؟؟. جزاكم الله خيراً الجواب نبارك لك زيارة موقعك الإسلام اليوم، وعرضك هذه المشكلة، أخي الكريم اعلم أني سأبعث لأبيها رسالة أنت حاملها، إنك أيها الأب المبارك تعيش المسؤولية وتؤدي الأمانة، فحرصك على إسعاد ابنتك مما يجب عليك، وحسن اختيار الزوج من رعاية الأمانة، مما يؤكد في اختيار الزوج أن يكون ذا مال يستطيع أن يسعد ابنتك، وقد جعل المال الذي هو مؤنة النكاح الاستطاعة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج"، ومعلوم أن القدرة على النكاح - الجماع- يستطيعها كل الشباب الأسوياء، فليس ثمة مراد للرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا المهر وما بعده، وقد أجر نبي من أولى العزم نفسه لأبي زوجته ثمان سنين. لإعفاف نفسه، فهل أراك تفرط في ابنتك وتزوجها من يعجز عن القيام بما تحتاج إليه كل زوجة؟ أيها الأب المبارك تذكر أن فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - استشارت الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيمن تقدم لخطبتها فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو جهم فكان لا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له أنكحي أسامة" - الحديث، فذكر لها الرسول - صلى الله عليه وسلم أن المانع من قبول معاوية أنه لا مال له مع أن أبا سفيان - رضي الله عنه - كان موسراً ومرجواً، وهو والده، وأمه من أعظم الأمهات رعاية وعناية هند بنت عتبة عالية الشرف - رضي الله عنهم -، فكأني بمن خطب ابنتك يحمل شهادة ولا يحمل مالاً كمعاوية، لديه أم عظيمة شريفة مشفقة وأب غني ومع ذلك فقد وصف حاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - "صعلوك لا مال له".

وأما الرسالة الثانية فإليك وحدك، إلى قلبك المعنى، إلى روحك الخفاقة، إلى شوقك وحبك، اعلم وفقك الله أن الزواج مسؤولية وواجبات وحقوق، وأن المال من أعظم أسباب سعادة الحياة بين الزوجين، وأن العاجز عن تلبية الطلبات هو المهموم وليس زوجه، وأن بيت الزوجية لا يصلح أن يكون خيمة ولا شقة خالية من المهمات والحاجيات، فلذا عليك بالصبر، فخير عيشنا الصبر، كما قال عمر - رضي الله عنه -، وفي الحياة منى لا تدرك، وآمال تحتاج إلى أعمال، فالعاقل من لم تطغ رغائبه على مصالحه، فاصرف النفس وألجم القلب، وأعرض بالبصر، ومن غاب عن البصر فإنه يخف عن القلب خياله، واحرص على نفع نفسك" أحرص على ما ينفعك ولا تعجز ... "، فإذا تحسن وضعك فأنت مطلوب لا طالب، ولا بارك الله ولا حيا الله حباً يلفك بالحاجة، ويذل نفسك فتقبل الإحسان والصدقة، ويزاح عنك الواجب من المناسبات لأنك مسكين لا تجد، فالعزة وقوة النفس والترفع عن الاحتياج للآخرين بوابة الرفعة، وقد قال بعض الصحابة - رضي الله عنهم - يقطع ذكره ولا يسأل الناس، هذا معنى قوله - رضي الله عنه - حفظك الله ورزقك الصبر، وانتظار الفرج، وهداك للتي هي أحسن من الأحوال، والله أعلم.

يخشى الفتنة، ولا يستطيع الزواج

يخشى الفتنة، ولا يستطيع الزواج المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 13/11/1424هـ السؤال السلام عليكم، أنا طالب جامعي في المرحلة الرابعة، وفي الجامعة فساد لا يتصوره العقل، فالمرأة عارية تعرض مفاتنها وتلبس ما يعرض جسدها، وأنا شاب وسيم وجذَّاب للفتيات، ولكني وبفضل الله حافظت على التزامي، ولكي أنجو من طاقتي الجنسية، ولكي لا أقع في الزنا حاولت الزواج، ولكني يتيم الأب والأم، ولم يكن عندي من يعينني على الزواج. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي السائل لقد قرأت رسالتك مرات عديدة، وشعرت وأنا أقرؤها بمدى المعاناة التي تعايشها وتمر بها، وأن هذا البلاء الذي يحيط بك في هذا الوسط الجامعي من تبرج وسفور وانحلال في الأخلاق، ومناظر تهيج النفوس، وتعمل على فوران الشهوة وتأججها وزيادة لهيبها المستعر، وذلك بواسطة أولئك الفاتنات السافرات، واللائي تجردن من الحياء والحشمة والعفاف قبل أن يتجردن من ثيابهن، وقد اتخذهن الشيطان جنوداًَ له؛ ليغويهن ويغوي بهن. نسأل الله السلامة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ولقد حذَّرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - من فتنة النساء، كما جاء في الحديث المتفق عليه عند البخاري (5096) ومسلم (2740) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" وفي رواية أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قوله - صلى الله عليه وسلم - في نهاية الحديث " ... فاتقوا الدنيا واتقوا النساء" رواه مسلم (2742) . فيا أخي الكريم كن على حذر من هذه الفتنة العظيمة. ولقد سرني كثيراً عندما علمت - رغم هذا الشر كله - بأنك ملتزم ومحافظ على دينك، نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يحفظنا وإياك من شر أنفسنا والشيطان اللهم آمين. أخي المبارك: ليكن لك في رسول الله يوسف - صلى الله عليه وسلم - الكريم ابن الكريم ابن الكريم صلوات ربي وتسليمه على نبينا وعليهم جميعاً وعلى سائر الأنبياء والمرسلين. فلقد فضل يوسف - صلى الله عليه وسلم - أن يرمى في غياهب السجن وألم القيد، على أن يفعل ما أمرته به امرأة العزيز من ممارسة الفجور والزنا معها، فقال - كما حكى عنه القرآن: "قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ" [يوسف:33] فما كانت النتيجة؟ (فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم) . وبعد هذا كله أظهر الله براءته وأطلق سراحه، وفوق هذا أصبح عزيز مصر يتحكَّم في خزائنها، وهذا جزاء من يتقي الله ويخشاه، (وإنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) . فعليك أخي الكريم بهذه الأمور: 1. عليك بغض البصر امتثالاً لأمر الله - جل وعلا -: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" [النور:30] .

2. عليك بالعفة والبعد عن كل ما يثير شهوتك، قال تعالى: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " [النور:33] . 3. عليك بالصوم قال - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري (1905) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - ومعنى (وجاء) ، أي وقاية وحرز أن يقع في الحرام. 4. إذا استطعت أن تقلل من حضورك للجامعة فافعل. 5. عليك بمصاحبة أهل الخير من العلماء والدعاة وطلبة العلم. 6. عليك بطلب العلم الشرعي والاجتهاد فيه. 7. عليك بالبعد عن كل شيء يثير شهوتك، سواء كان مقروءاً أو مسموعاً أو مشاهداً. 8. عليك باستحضار عظمة الله في قلبك، وتذكر ما أعد الله لعباده المتقين من النعيم في الجنة، والتي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وتذكر أن لك زوجات من الحور العين هن في انتظارك في الجنة، فلا تضح بهن من أجل قضاء شهوة عابرة تذهب لذتها وتبقى حسرتها في الدنيا والآخرة. 9. تذكر ما أعده الله للعصاة والزناة من العذاب الأليم والهوان الشديد، فاحذر أن تكون منهم.. 10. تذكر الناس وهم في عرصات يوم القيامة، وقد بلغهم من الهم والغم والكرب ما الله به عليم، فقد بلغ منهم العرق مبلغاً عظيماً، وإذا بهم والحالة هذه ينادى على أناس وعلى رؤوس الأشهاد تعالوا لكي تستظلوا تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، ومن بين هؤلاء الصنف من الناس شاب نشأ في طاعة الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين، فاجتهد أن تكون أحد الرجلين من ذلك الصنف، نسأل الله من فضله. 11. اجتهد في الدعاء وتضرع إلى ربك الكريم بأن يصرف عنك هذا البلاء، وأن يثبتك على طاعته، وأن يهيئ لك سبل الزواج إنه سميع مجيب وبالإجابة قدير، وإن استطعت أخي السائل أن تقرأ كتاب (عندما ينتصر العفاف) لأخينا الشيخ خالد أبو صالح - حفظه الله - فذلك خير، فالكتاب جيد في بابه، وقد أجاد فيه صاحبه وأفاد. نسأل الله -سبحانه وتعالى - بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يطهر قلبك، ويحفظ فرجك ويستر عيبك، ويغفر ذنبك، وييسر لك إعفاف نفسك بزوجة صالحة تسر بها إذا نظرت إليها، اللهم آمين هذا والله أعلم. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

معاقة تخشى من الزواج

معاقة تخشى من الزواج المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 23/1/1425هـ السؤال هل يجوز للمرأة المسلمة أن تمتنع عن الزواج؟ حيث إنها معاقة، وتخشى الحياة مع أي رجل؛ خوفاً من سوء العاقبة، وأنها ترى سوء العاقبة لكثير من الشابات بعد زواجٍ بدأ أسعد ما يكون، وهى تخشى هذه العاقبة، وتريد أن تفرغ حياتها في طاعة الله، وطاعة والديها، وأخواتها، وإخوانها، وحفظ كتاب الله، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فما رأي الدين في هذا؟. الجواب اسمحي لي أختي الكريمة أن (أتفلسف) قليلاً، وأقول إن الإعاقة الحقيقية ليست في الجسم، وإنما هي في القلب، حينما تخشاه ظلمات الإحباط، واليأس، وكره الدنيا، والناس. نعم، قد ترين إنساناً صحيح الجسم مكتمل البنية، بادي الصحة، ولكن نفسه مأسورة، فتضيق عليه الدنيا برحابتها، وسعتها، حتى تصبح مثل سم الخياط، فلا يزال يذبل ويذبل، ويذبل حتى لا يطيق انتظار الموت، يجيء إليه ويعاجل ربه بنفسه وينتحر!!. وفي المقابل تجدين من ابتلاه الله بإعاقة يدفعه شعوره بالتحري إلى المقاومة وإثبات الذات، حتى ينال ما قد لا يناله الإنسان الصحيح، ولا أزال أذكر صورة رجل قابلته قبل سنين؛ دخلت المجلس، وأول ما لفت انتباهي من الحضور جميعاً هو!! فإعاقته كانت شديدة ظاهرة للعيان، فامتلأ قلبي بمشاعر الرحمة والأسف، ولما أخذت مكاني، وبدأ الحديث دورته المعتادة، إذا بهذا المعاق يتصدره، وينطق لسانه بكلمات مليئة، واثقة تدل على ما يحمله في ثقافة ووعي فسألت صاحب المجلس عنه، فقال هذا المهندس فلان بن فلان، تخرج في كلية الهندسة بامتياز، فتحولت مشاعر الرحمة والأسف إلى مشاعر إكبار واحترام، وتقدير لهذه النفسية الجبارة التي تغلبت على ظنها وقهرتها، وخرجت للمجتمع بأحسن صورة. أنا لا أعرف عنك شيئاً وعن طبيعة حياتك، ولكن سؤالك أثار في نفسي شعوراً، أرجو ألا يكون صحيحاً!!، وهو أنك تبررين هروبك من الحياة، وانكفاءك على ذاتك برغبتك في التفرغ لطاعة الله -تعالى- وخدمة أهلك، وطلب العلم، وإبراز الصور السيئة للحياة الزوجية، من خلال أمثلة (استثنائية) عايشتها!!. نعم، قد يكون سؤالك غطاء تبررين به حالة نفسية أنت تعيشين فيها، لكن لن أكون عوناً لك على ذلك، أتدرين لماذا؟ لأنك مهما أوجدت من المبررات أمام الناس فلن تخدعي نفسك، بل ستبدين أمامها مهزومة عاجزة، تعيشين على هامش الحياة؛ ولأن كل المبررات التي ذكرتيها لا تمنع الزواج أبداً، بل قد تكون وزيادة!! قد تكون المرأة متزوجة وهي: - ناجحة في حياتها الزوجية. - طالبة للعلم. - مجتهدة في الطاعة. - تخدم زوجها وإخوتها ووالديها، وكل من له علاقة بها. هل أحتاج إلى إثبات ذلك من الواقع؟ كلا، فأنا أجزم أنك الآن تستحضرين مثالاً أو أكثر في ذهنك. إذن فلا تهربي من الواقع، وتجعلي خوفك من إعراض الأزواج عنك بسبب الإعاقة شبحاً يهدد حياتك، ويحطم نفسيتك، كلا، بل سلمي أمرك إلى اللطيف الخبير، فهو - سبحانه - أعلم بمن خلق وما يصلحهم وما يفسدهم.

ثم اصنعي أنت واقعك وليس العكس، فإن يسر الله لك الزواج فأمامك أفق رحب للأجر والثواب، والقرب من الله. - فإذا أطاعتْ المرأة ربها وصلت فرضها، وأرضت زوجها قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت! انظر ما رواه أحمد (1664) من حديث عبد الرحمن بن عوق - رضي الله عنه -. - وإذا اجتهدتْ في تربية أولادها، أخرجت للأمة رجالاً ونساء يصنعون التاريخ، وغير ذلك كثير. إن لم تتزوجي أهي النهاية؟ لا، وألف لا، بل أفق أرحب من الطاعات والخير، والدعوة، ونفع الناس، وتعليمهم، والعمل الخيري والثقافة، والاطلاع و....إلخ. هكذا نصنع واقعاً؛ بأن نكون كما نحب، وليس ما يحب هو، وليس ذلك اعتراض على قدر الله؛ بل بذل للأسباب؛ لنحقق قدر الله - سبحانه- وإرادته، ومشيئته، أسأل الله أن يمن عليك بالهداية، وييسر لك حياتك، ويرزقك التوفيق.

والدنا يرفض زواجنا ... مأساة

والدنا يرفض زواجنا ... مأساة المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 1/3/1425هـ السؤال نحن أربع بنات، والدي -الله يهديه- يرفض أن يزوجنا، ولا نعرف إذا كان يتقدم أحد لخطبتنا أم لا؟ هو دائما يقول لنا: ربما يكون الخير لكن أن تجلسن مع أبويكم، والمشكلة أنه لا يريد لأحد أن يرانا، صحيح هو لم يحرمنا من التعليم، وتعلمنا ولكن لا نخرج من البيت مطلقاً إلا للمدرسة أو للمستشفى فقط، لا نذهب إلى أفراح ولا حتى يريدنا أن نتكلم مع الجيران أو نتعرف عليهم. الوضع الآن في البيت هو كالآتي: والدي ووالدتي منفصلان يعيشان معنا في بيت واحد، ولكنهما لا يتكلمان مع بعضهما أبداً، وكل واحد منهما ينام في غرفة منفصلة، وكل ذلك بسبب مشاكل كثيرة حصلت بينهما منذ سنوات عديدة. هل والدتي تأثم؛ لأنها بإمكانها أن تساعدنا وهي تهدد والدنا وفي نيتها أنها لا تريد أن تزوجنا. أيضا إخواني الأولاد هل يتحملون الذنب ويأثمون؛ لأنهم أيضاً لا يريدون أن يساعدونا؟ تقدم لأختي الكبيرة وعمرها 35 سنة الآن خاطبان، وكان التفاهم مع أخي ولكنه لم يكن متفاهما معهما، وأختي رفضت؛ لأنها تخاف لو علم والدي ماذا يفعل بها؟ الآن يوجد المشروع الخيري للزواج، وقدمت طلب للزواج به، ووجدوا لي شخصاً مناسباً واتصلوا بي، ولكن الآن لو جاء وتقدم لوالدي سوف يرفضه، وأنا أفكر لو رفضه والدي سوف أذهب وأشتكي في المحكمة؛ لأنني سألت قاضياً في المحكمة، وقال لي اشتكي والدك حتى تتزوجي، وأنا الآن خائفة لو ذهبت لأشتكي أن يطلق والدي أمي ويطردها من البيت، ولكن القاضي قال لي مشاكل الزواج أكبر من أي مشاكل أخرى، فهل لو ذهبت واشتكيت لأزوج نفسي هل آثم على ذلك؟ الآن لو اشتكيت في المحكمة وسقطت الولاية عن والدي وربما رفض أخي أن يأخذ الولاية حتى يزوجني، ولكن في حالة أن أخي أخذ الولاية ووافق على تزويجي ولكن أمي مانعت وعارضت وأثرت على أخي وهو بالتأكيد سوف يقوم برضا أمي في هذه الحالة، هل يكون عليه إثم كبير؟ وأيهما الأهم أن يرضي أمي أم يزوجني؟ الجواب الأخت الكريمة: - سلمها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: أولاً: أدعو الله لكم بالثبات على الطاعة، وأن يصبركم على ما ابتلاكم به إنه رحيم ودود. ثانياً: لا شك أن ما تعرضتم له بلاء كبير يحتاج منكم الصبر والاحتساب، فإن الأجر مترتب على ذلك.

ثالثاً: لا يخفى عليكم أن بر الوالدين واجب، ولو قصرا في حق أبنائهم فلا يجوز أن يصور لكم الشيطان أن ما فعله والداكم يجيز لكم العقوق أو العنف أو الإساءة في حقهما، فإن الله سبحانه أخبرنا أن البر واجب على العبد ولو دعاه والداه إلى الشرك فلا يطعهما، ولكن يصاحبهما في الدنيا معروفاً، قال تعالى: "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [لقمان:15] . رابعاً: إذا كان أبواكما أو أحدهما يتعمدان عدم تزويجكم فإنهما آثمان في ذلك؛ لأن الزواج حق لكل واحدة منكن. خامساً: ما يتعلق بأخيك فالأصل أنه ليس وليك مع وجود والدك، وبالتالي لا يلحقه إثم في عدم تزويجك، ولكن لا ينبغي أن يكون سلبياً بهذه الصورة؛ بل الواجب عليه أن يتقي الله ويساعد أخواته في الزواج لأنهن عرضه وبقية أهله. سادساً: أما التقدم للجنة المهتمة بشؤون التزويج والخوف أن والدك يرفض ذلك الشاب، فالذي ينبغي أن لا يخبر والدك أنه جاء من طريق اللجنة هذا أولاً. وثانياً: لا تتعجلي الحكم برفضه فقد يشرح الله صدره لذلك الشاب، وبالإمكان إدخال خالك أو عمك أو أي أحد في العائلة له تأثير على والديك ليقوم بإقناع والدك في الموضوع بأسلوب مناسب. سابعاً: من المعلوم شرعاً أن الأب إذا منع ابنته من الزواج بغير سبب شرعي ومنطقي فإنه آثم وارتكب بذلك محرماً، وهو ما يسمى شرعاً بالعضل، فيجب تذكيره بذلك، وإذا ما أصرَّ على ذلك حق للفتاة أن تشتكيه إلى القاضي ليلزمه بتزويجها، فإن رفض نقل الولاية إلى أقرب ولي أو قام هو بتزويجها ممن يراه مناسباً، ولكن أرى أن لا تقدمي على هذه الطريقة حتى تستنفذي جميع الوسائل المتاحة للضغط عليه وإقناعه بأهمية تزويجك وبقية أخواتك، وعجباً لأب يرى الستر قادم لبناته فيرفضه، إنه يعرض نفسه للعار والشنار والأذى، وللإثم عند الله - عز وجل-. ثامناً: لو انتقلت ولايتك إلى أخيك فيجب أن يتقي الله في اختيار المناسب، وإذا ما رفضت أمك فالواجب أن ينظر ما علة رفضها؟ هل سبب شرعي أم مجرد هوى وتعصب؟ فإن كان الأول فيجب أخذه في الاعتبار، وإن كان الثاني فلا يلتفت إليها، لكن لا بد من التلطف معها وحسن العهد. والله أسأل لكم التيسير والإعانة والتوفيق والسداد إنه جواد كريم.

عزوف الشباب عن الزواج

عزوف الشباب عن الزواج المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 20/2/1425هـ السؤال أرجو من فضيلة الشيخ ذكر أسباب عزوف الشباب عن الزواج والرغبة في السفر للخارج؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته من قصور النظر ردُّ مشكلة عزوف الشباب عن الزواج وإدمانهم على السفر إلى الخارج إلى سبب واحد؛ كغلاء المهور مثلاً، أو تعنّت الفتيات ببعض الشروط. فلذلك أسبابه القريبة والبعيدة، والمباشرة وغير المباشرة، ومنها الصارفة عن الزواج المعيقة له، ومنها المهيجة لممارسة الرذيلة والفاحشة المغرية بالفتنة والمعصية. ولا يصح حل المشكلة من جانب واحد، أو من زاوية واحدة، كما أن من القصور أن يُلقى بواجب حلها ومعالجتها على عاتق الدعاة والعلماء وحدهم. فلا بد أن تجتمع الجهود، وتتضافر الطاقات، ويتوجه الغيورون من كافة التخصصات.. الشرعية والنفسية والاجتماعية والفكرية إلى الإسهام في حل المشكلة ومحاولة علاجها، إن تيسير أسباب الزواج وتشجيع أولياء الفتيات عليه هو سبب من أهم أسباب العلاج، ولا يشك أحد في ذلك. وإلقاء المواعظ والدروس والتخويف بالله والتحذير من الفواحش والرذائل هو الآخر سبب من أسباب العلاج، لا بد أن يُقام. ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة اقتصادياً، وتوعية الشباب من الناحية الفكرية جانب آخر لا بد من الأخذ به وعدم التفريط فيه. وإيجاد البديل عن القنوات الفاجرة، وشغل فراغ الشباب ببرامج تجمع بين المتعة والفائدة أيضاً لا بد أن ينبري له من يقوم به على الوجه المطلوب المأمول. وعلى كل حال حل المشكلة لا تقوم به جهة واحدة، يناط بها مسؤولية ذلك. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.

الرغبة عن الزواج

الرغبة عن الزواج المجيب يوسف بن أحمد القاسم المحاضر بالمعهد العالي للقضاء التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 17/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قررت عدم الزواج لهذه الأسباب 1/ البلد الذي أعيش فيه لا أضمن أنني أستطيع أن أربي فيه أولادي تربية صحيحة، والشواهد عندي كثيرة جداً (أرى وأسمع قصص وروايات) ، طبعاً لا تستطيع أن ترمي بابنك أو ابنتك في البحر مقيداً ثم تقول له إياك ثم إياك أن تبتل بالماء، بلدي الأصلي أسوأ من هنا، لا أدري شيخي الكريم إن كنت تعلم هذا أم لا (إرتيريا) .. 2/تكاليف الزواج غريبة عجيبة لا تحتاج إلى تفصيل. 3/ أقسم بالله العظيم لم أر السعادة في وجوه المتزوجين بل العكس. 4/أسرتي الفقيرة الكبيرة العدد حفظهم الله وهم في حاجة إلى مساعدتي بعد الله عز وجل. عمري 32 عاماً، أحيط نفسي بصحبة طيبة، أغض بصري قدر المستطاع، أحياناً أستمني؛ لكنني أحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- وأحب كل أهل السنة والجماعة. أخيراً شيخي الفاضل توصلت إلى هذه الفكرة (عدم الزواج مطلقاً) . السؤال: هل هذا حرام أن الشخص يقرر عدم الزواج مطلقاً؟ علماً أن شيخ الإسلام ابن تيميه لم يتزوج، وكذلك الإمام النووي رحمهم الله. هذا، وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فهذا الحل أو هذه الفكرة التي توصلت إليها غير مجدية؛ لأنك كالمستجير من الرمضاء بالنار، فهذه الغريزة الجنسية لا تستطيع أن تطفيء لهبها بهذه العادة السرية؛ لأنها في الواقع لا تزيدك إلا شوقاً نحو تلك اللذة، ولذا فإنه لا يمكن أن تطفيء هذه الشهوة أو الغريزة إلا بما يوافق الطبيعة التي طبع الله الناس عليها، وذلك بالزواج وحسب، ولا بالرهبانية أو بالسبل الأخرى المنافية للفطرة، ولذا أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك الصحابي - رضي الله عنه- الذي قال: "لا أتزوج النساء"، بقوله: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" والحديث مخرج في الصحيحين البخاري (5063) ، ومسلم (1401) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - ثم أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر أن الذي يطفئ هذه الغريزة هو إتيان الزوجة، فقال: "إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه" أخرجه مسلم في صحيحه (1403) ، وأوله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رأى امرأة، فأتى امرأته زينب وهي تَمْعَس منيئةً لها - أي وهي تدلك جلداً لها- فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه -رضي الله عنهم- فقال: "إن المرأة تقبل ... " الحديث، وقد علق النووي على هذا الحديث في شرحه على صحيح مسلم (9/178-179) ، فقال: قال العلماء: (إنما فعل هذا بياناً لهم وإرشاداً لما ينبغي لهم أن يفعلوه، فعلمهم بفعله وقوله ... ) ا. هـ.

هذا إذا قدر على مؤن النكاح، فإن عجز عن مؤمن النكاح ونفقاته فقد أرشد نبينا –صلى الله عليه وسلم- إلى ما يطفئ هذه الغريزة بالوسيلة المباحة والناجعة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" أخرجه البخاري (4779) ، ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه-. قال الحافظ ابن حجر تعليقاً على هذا الحديث كما في الفتح (9/112) : "واستدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء؛ لأنه أرشد عند العجز عن التزويج إلى الصوم الذي يقطع الشهوة، فلو كان الاستمناء مباحاً لكان الإرشاد إليه أسهل" ا. هـ. بقي أن نقول: إذا كان المجتمع الذي تعيش فيه يعج بالفساد والمغريات والفتن، فهاجر منه إلى بلدٍ آخر تأمن فيه على نفسك، وعلى أولادك، ولا يكن هذا الأمر عائقاً لك عن الزواج، لا سيما وأنت خائف للعنت، وواقع في ورطة الشهوة، وقد قرر عامة أهل العلم، أن النكاح واجب على من هذا حاله إذا كان قادراً عليه، كما أفاده ابن قدامة في المغني (9/341) ؛ لأن المسلم يجب عليه أن يعف نفسه، ويصونها عن الحرام، ولتكن قدوتك حبيبك محمداً – صلى الله عليه وسلم-، فهو الأسوة، وهو أخشانا لله وأتقانا له، لا شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- ولا غيره من علماء الدين والملة، علماً بأن أولئك الأئمة، ما تركوا النكاح رغبة عنه ولا زهداً فيه، وإنما لأن أحدهم كان مثقل الظهر بهموم العلم والدعوة والجهاد، ولهذا لما سئل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (32/5) ، عن شاب أو رجل أصابه سهم من سهام إبليس المسمومة- في إشارة إلى الوقوع في الشهوة المحرمة- فأجاب: (من أصابه جرح مسموم فعليه بما يخرج السهم ويبرئ الجرح بالترياق والمرهم، وذلك بأمور: منها: أن يتزوج أو يتسرى؛ فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا نظر أحدكم إلى محاسن امرأة فليأت أهله؛ فإنما معها مثل ما معها" رواه الترمذي (1158) وأصله عند مسلم (1403) ، من حديث جابر – رضي الله عنه -، وهذا مما ينقص الشهوة، ويضعف العشق. الثاني: أن يداوم على الصلوات الخمس، والدعاء، والتضرع وقت السحر، وتكون صلاته بحضور قلب وخشوع، وليكثر من الدعاء بقوله: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك وطاعة رسولك" فإنه متى أدمن الدعاء والتضرع لله صرف قلبه عن ذلك، كما قال تعالى: "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ... " [يوسف:24] ا. هـ. وأما قولك – أيها السائل الكريم-: (لم أر السعادة ... ) فهو غريب وربما لم تحظ – كما حظي غيرك- برؤية زوجين ينعمان بحياة زوجية سعيدة، وحسبنا قول نبينا –صلى الله عليه وسلم-: "خير متاع الدنيا المرأة الصالحة" أخرجه مسلم (1467) من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما- وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: "لم ير للمتحابَّين مثل النكاح" أخرجه ابن ماجة في سننه (1847) ، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/94) "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات" ا. هـ.

وقد علق على هذا الحديث ابن القيم - رحمه الله - في كتابه الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص364-367) بقوله: "فنكاح المعشوقة هو دواء العشق الذي جعله الله دواءه شرعاً وقدراً، وبه تداوى داود - صلى الله عليه وسلم- ... ولا ريب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قد حبب إليه النساء، كما عند النسائي (3939) وأحمد (11884) عن أنس - رضي الله عنه- عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة ... "، وهذا خليل الله إبراهيم إمام الحنفاء - صلى الله عليه وسلم- كان عنده أجمل نساء العالمين، وأحب هاجر وتسرى بها، وهذا سليمان - عليه السلام- كان يطوف في الليلة الواحدة على تسعين امرأة، وقد سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن أحب الناس إليه؟ فقال: "عائشة" رواه البخاري (3662) ومسلم (2384) من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه -، وقال عن خديجة "إني قد رزقت حبها" رواه مسلم (2435) من حديث عائشة - رضي الله عنها-، فمحبة النساء من كمال الإنسان، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "خير هذه الأمة أكثرها نساء ... " رواه البخاري (5069) ا. هـ. هذا، والله -تعالى- أعلم وأحكم.

هم الزواج يقلقني

هَمُّ الزواج يقلقني المجيب د. فؤاد العبد الكريم العبد الكريم عضو هيئة التدريس بكلية الملك فيصل الجوية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 12/05/1425هـ السؤال أنا محتارة، وصدري ضيق مما أنا فيه؛ فعندما أقرأ الحديث الشريف الذي يقول: "من كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له"، أشعر وكأنه يعبر عني، فبالرغم من أنني مواظبة على الصلاة، وعلى ذكر الله، وقيام الليل، إلا أن لدي هماً دائماً يشغل فكري حتى في صلاتي، وهو هَم الزواج، فدائما ما أدعو الله أن يفرج همي، حتى إنني دائمة الاستغفار طمعاً أن يرزقني الله بالزوج والذرية الصالحة، وهذا هَم من هموم الدنيا، لهذا دائماً أشعر بضيق الصدر والحزن، إلا أن الله سرعان ما يشرحه عندما أذكره وأدعوه أن يشرح صدري. فصرت أستحي من الله عندما أدعوه أن يفرج همي، وأقوم الليل كي أسأله أن يعطيني سؤلي، أفكر بالتوقف عن سؤال الله لحاجتي، لكنني أقول في نفسي: إن هذا من وسوسة الشيطان؛ فهو لا يريدني أن أسأل الله، وسرعان ما أقول لنفسي إن لم أسأل الله فمن أسأل، ومن يفرج همي غيره، وأقول يكفي أن الله منَّ عليّ بالانطراح بين يديه، والدعاء، وكثرة الاستغفار، فهذه بحد ذاتها نعمة، أفيدوني -أثابكم الله-، هل ينطبق عليَّ هذا الحديث؟ وكيف أخرج من هذا الهم وأجعل الآخرة همي، فأنا أستحي من الله الذي أنعم عليّ بالكثير من النعم التي لا تحصى بأن أجعل الدنيا همي. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخت السائلة ذكرت سؤالها ومشكلتها، وفي نفس الوقت ذكرت حل هذه المشكلة، هي تسأل الله - عز وجل- أن يرزقها الزوج الصالح والذرية الصالحة، وتقوم الليل وتدعوه، وتتوسل إليه أن يحقق سؤلها، ويفرج همها، ثم تخشى أن ينطبق عليها حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ... " الحديث رواه الترمذي (2465) وغيره من حديث أنس - رضي الله عنه-. وتفكر لأجل ذلك بترك الدعاء والمسألة، وفي نفس الوقت تخشى أن يكون تخوفها هذا من وسوسة الشيطان.

وأقول للأخت السائلة: نعم إن تخوفك هذا من وسوسة الشيطان، ولا شيء في ذلك؛ فالله - سبحانه وتعالى- ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، - كما في الحديث القدسي ويقول: "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه " الحديث رواه البخاري (1145) ومسلم (758) فكيف يطلب الله - جل وعلا- من عباده المؤمنين أن يسألوه من أجل أن يعطيهم سؤالهم، ثم يكون ذلك مما جاء به الوعيد من الحديث الذي أشارت إليه السائلة، والله -سبحانه وتعالى- يقول: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة:186] ، وقال تعالى: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم"الآية [غافر:60] والمشكلة عند - الأخت السائلة- هو خلطها بين دعاء الله الزوج الصالح، وبين أن يكون ذلك مما ورد الوعيد به في الحديث، والأمر ليس كذلك، فالزوج الصالح مما يعين الزوجة الصالحة على تكوين أسرة صالحة تعمر الأرض وفق منهاج الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان السلف يدعون الله فيما يساعدهم أن يصلح شسع نعالهم، وهو أقل بكثير من سؤال الله الزوج الصالح. والله أعلم.

أريد زوجا

أريد زوجاً المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 29/06/1425هـ السؤال أنا فتاة مسلمة، متدينة، عمري 34سنة لم أتزوج بعد، فهل الزواج نصيب؟ وهل الإنسان مسير فيه أم مخير؟ مع العلم أنه ليس لدي أي شروط، أريد فقط زوجا مسلماً ومتديناً، ولكم جزيل الشكر والعرفان. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد: لا ريب أن كل ما يحصل للمسلم في هذه الحياة فهو بقدر، والزواج أو عدمه من قدر الله، ولكن لا يعني هذا أن المسلمة لا تبحث عن الأسباب والعلاج، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم (2664) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-. فإذا كان في بلدكم أسباب معينة تدفع الرجل للزواج من المرأة، كأن يكون لها عمل فلتبحثي عن عمل مناسب ليس فيه محرم، ويمكنك التعرف على بعض الصالحات من النساء كصديقات، وطرح مشكلتك عليهن، فربما يكون لإحداهن أخ أو قريب يبحث عن زوجة صالحة، وكذلك يمكنك طرح معاناتك على بعض الخيرين الذين يسعون في هذه الأمور، ومراسلة بعض مواقع الزواج الموثوقة، علماً من يأتي عن طريق هؤلاء يحتاج إلى بحث وتحر من قبلك كبير، ولا ينصح بالتعجل في القبول من أول خاطب، ومع بذل الأسباب المعتادة سييسر الله أمرك، مع الدعاء والإلحاح على الله (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) . وإذا لم يقدر لك الزواج فاعلمي أن غيرك كثير من النساء لم يحصل لهن الزواج، ولست وحدك، ومشكلة العنوسة من أكثر المشكلات الاجتماعية في العالم انتشاراً. واعلمي أختي الكريمة أن السعادة يمكن أن تتحقق مع عدم الزواج، وذلك بالانشغال بالأعمال النافعة، من عبادة ودعوة وذكر لله، وتعليم ومشاركة في النشاطات الاجتماعية المفيدة. وتأكدي أنه ليس كل زواج ناجح وسعيد، بل ما أكثر حالات الزواج التي تكون فيها المرأة شقية ومظلومة من قبل الرجل، تتمنى أنها لم تتزوج أبداً.

أمي لا تريد زواجي

أمي لا تريد زواجي المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 08/08/1425هـ السؤال أريد أن أتزوج منذ 4 سنين أنا وأخي، وأمي لا تريد لنا أن نتزوج، ونفسيتي كل يوم تزداد سوءاً؛ لأني أريد أن أتزوج وأكمل نصف ديني، وأنا أحبها جداً، ولا أريد أن أغضبها، وكلما تعرف أني أريد أن أخطب تغضب وتنهار! ماذا أفعل معها؟ الدين يقول: "أمك ثم أمك ثم أمك". الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخ الفاضل: - حفظه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ذكرت في رسالتك أنك تريد أن تتزوج أنت وأخوك، وأن أمك تغضب إذا أردت أن تتقدم للعروسة، هذا الأمر -أيها الأخ الفاضل- يعاني منه البعض، وإذا عرفت السبب استطعت إيجاد العلاج، فالأمهات اللائي ينزعجن من زواج أبنائهن سببه حبهن الشديد لهم، لأبنائهن، وغيرتهن عليهم، وخوفاً من أن تفقد ابنها، وينصرف عنها إلى زوجته -كما ترى من بعض الحالات في المجتمع- حيث ينسى كثيرون أمهاتهم، وينصب كل اهتماماتهم بزوجاتهم، سأرشدك إلى اتخاذ بعض الخطوات، ويمكن أن تفكر بحلول أخرى مني لمعرفتك نفسية والدتك وما يصلح لها، ومن الحلول التالي: أولاً: الحوار والمصارحة: عليك أن تختلي أنت وأخوك بوالدتك، وتصارحاها عن سبب انزعاجها من زواجكما، وتحاولا أن تتبينا منها سبب ذلك. ثانياً: الإقناع: يمكنك عندما تجعلها تتحدث عن نفسها وأسباب انزعاجها أن تبدأ بالإقناع، كأن تقول: ألا تريدين أن نكمل نصف ديننا، ما شعورك لو أن أهلك منعوك من الزواج؟ ألا تريدين أن تري أطفالنا؟ ألا تريديننا أن نحصن أنفسنا؟ وهكذا تأتي بعدة تساؤلات وإقناعات تخاطب فيها مشاعرها وأحاسيسها. واعجبني قولك: "أنك تحبها كثيراً"، فهذا دليل على أن علاقتكما جيدة، وأن الحواجز بينكما يمكن إزالتها لتكون على جانب من الوضوح والشفافية والتفاهم. ثالثاً: الحزم: يمكن أن تشعر والدتك بتصميمك على الزواج، وأنك تتمنى أن تخطب لك هي، بدلاً من أن تأتي بامرأة لا تعجبها. إذا رأيت من أمك تجاوباً فأكثر الشكر والدعاء لها والتقرب منها، وإن رأيت منها صدوداً ورفضاً للمبدأ فما عليك إلا أن تجعلها تقف أمام الأمر الواقع، واقدم على الخطبة ولو سراً، حتى إذا انتهى كل شيء أعلنت لها زواجك أو قرب زواجك بأسلوب مؤدب، وبحزم وحنان، وليس في ذلك أي عقوق؛ لأن الزواج لا يشترط فيه إذنها، أما قوله - عليه الصلاة والسلام-: "أمك ثم أمك، ثم أمك"، فهو حث على الحرص على برها وطلب رضاها في كل أمر ليس فيه معصية. وعليكما -بعد الزواج- الحرص على مشاعرها وتعويضها عن فقدكما وزيادة برها، والطلب من زوجتكما أن تكونا مثل بناتها، فتكنا لها الاحترام والبر، والمساعدة حتى يذهب ما في نفسها وما هي متخوفة منه، والرجل الذكي الحصيف هو الذي يقنع زوجته ببر والدته، ويحسن التصرف مع الاثنتين ويحببهما لبعضهما، أعانكما الله ورزقكما الذرية الطيبة الصالحة. والله يحفظكم.

أريد الزواج.. ولكن..!!

أريد الزواج.. ولكن..!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 23-2-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أنا شخص في السنة الثانية من دراستي الجامعية، وفقني الله لطلب العلم وبرزت فيه ولله الحمد، أحس بعاطفة جياشة وميل نحو النساء أكثر من أقراني، وهذا يتعب نفسيتي أحياناً، بل أحس بأشياء عضوية، ذكر بعض الأطباء أنها طاقة جنسية زائدة. اعلم أن الحل الأمثل هو الزواج، لكن هناك عوائق: 1- ذاتية، وهي الخوف من أن يشغلني عن العلم خاصة في مقتبل العمر، وفي هذه السنين الذهبية. 2- اجتماعية، فلم يسبق لأحد من العائلة (بمفهومها الواسع) أن تزوج في مثل هذه السن، خاصة وأني أكبر اخوتي، فالوالدة لا تريد مني الاستعجال في زواجي. وأفيدكم علماً أنها من ناحية مالي ميسورة جداً ولله الحمد.. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: الأخ الكريم أشكر لك ثقتك وتعليقي على سؤالك بما يلي: الأمر الأول: الزواج في الحقيقة أمر في غاية الأهمية وفي غاية الحساسية كيف لا وهو نقطة التحول الكبرى في حياة الإنسان ينتقل من خلالها من الحياة العزوبية العامة إلى الحياة الأسرية الخاصة ليكون بذلك مسؤولاً عن زوجة وأطفال أمام الله ونفسه والآخرين. الأمر الثاني: ميلك نحو النساء أعتقد أنه أمر طبيعي في مثل هذا السن حتى ولو كانت بنسبة أكثر من الآخرين كما تظن، وكل الناس يمرون بمثل هذه التجربة وهي سنة من سنن الله في هذا الوجود وسر من أسرار خلقه سبحانه ليستمر بذلك الخلق في الانتشار ويحصل الاستخلاف الذي أراده المولى عز وجل على هذه الأرض. الأمر الثالث: الأمر في الزواج ليس محصوراً بالنواحي المادية والقدرة المالية فقط وإن كانت عنصراً بالغ الأهمية في المساعدة على اتخاذ قرار بهذا الأهمية، لكن الأمر الأهم في الزواج باعتقادي يتعلق بمدى استعدادك أنت لهذا الحدث العظيم في حياتك. إنه يتعلق بقدرتك على تحمل المسؤولية ومدى نضجك النفسي والسلوكي والاجتماعي ومدى انعكاس هذا النضج على واقعك الحياتي ... كثير من الناس وخاصة الآباء يستعجل بتزويج ابنه وخاصة الابن الأول لإشباع رغبة نفسية خاصة لديه ويغض الطرف عن مدى الاستعداد والقدرة لدى ابنه في تحمل مسؤولية تكوين أسرة جديدة. يوم الزواج وليلة العرس ليست هي الهدف النهائي من القضية بأكملها إنها حياة كاملة وعمر مديد وسنوات كثيرة، فلا تظن أن المسألة مسألة مادية فقط.. هي كذلك مع غيرها كثير يجب أن تنتبه لها أشد الانتباه. الأمر الرابع: أن الزواج لم يكن أبداً عائقاً من طلب العلم وتلقي الدروس والنهل من معين المعارف ومختلف العلوم.. بل إنه في مثل حالتك سيضيف إليك الكثير من صفاء ذهنك وذهاب ما كنت تعانيه من العاطفة الجياشة والميل القوي نحو النساء..

أنت بالزواج سيحصل لك التحصن الجسدي والنفسي والجنسي ليصفو لك ذهنك مما كنت تعانيه ويكون منصباً بأكمله إلى طلب العلم، وخاصة إذا رزقك الله زوجة صالحة لها نفس الهموم من الطلب الواعي للعلم الشرعي أو على الأقل تزيد في همتك وتساعدك وتحفزك على اللحاق بركاب العلماء. الأمر الخامس: نعم أوافق والدتك منظورها " أن الاستعجال في الزواج أمر غير محمود" ولكن السؤال هنا كيف نعّرف الاستعجال نفسه ... لا أظن أن سن العشرين سناً متقدمة أو متأخرة بالنسبة للزواج إذ الأهم في نظري كما أشرت سلفاً هو الشخص نفسه.. فكم من طفلٍ نراه وهو في سن الثلاثين وكم حكيم نراه وهو في سن المراهقة. وإذا كانت الأمور مناسبة للزواج من جميع النواحي فليس انعدام حدوثه في مثل هذا السن في العائلة أمر يوجب تأخيره. إذاًَ أختم كلامي لك أيها العزيز أن مسألة الزواج مسألة هامة وخاضعة للعديد من الاعتبارات التي يجب أن تزنها وتلاحظها بدقة لتساعدك على اتخاذ مثل هذا القرار المصيري في حياتك. وفقك الله للزوجة الصالحة والحياة الأسرية السعيدة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

أحبها وتحبني وأبوها يرفضني

أحبها وتحبني وأبوها يرفضني المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 29/5/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أنا متخرج من الجامعة الآن ولم أحصل على وظيفة حتى الآن، ووقعت في حب فتاة ما، وفي نفس الوقت هي أيضا وقعت في حبي، وكلنا عزم على توظيف هذا الحب بالطريق الشرعي وهو الزواج..، ولكن والد هذه الفتاة لا يريد أن يزوج ابنته إلا لشاب لا يقل راتبه عن خمسة آلاف ريال، وهذا يكلفني أن أصبر سنتين أو ثلاث حتى تأتي الوظيفة، وأنا لا أستطيع البعد عنها وهي لا تستطيع البعد عني، وكلانا لا يريد إلا الطريق الشرعي. فبماذا تنصحوني؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نبارك لك زيارة موقعك الإسلام اليوم، وعرضك هذه المشكلة. أخي: اعلم أني سأبعث لأبيها رسالة أنت حاملها: "إنك أيها الأب المبارك تعيش المسؤولية وتؤدي الأمانة، فحرصك على إسعاد ابنتك مما يجب عليك، وحسن اختيار الزوج من رعاية الأمانة، مما يؤكد في اختيار الزوج أن يكون ذا مال يستطيع أن يسعد ابنتك، وقد جعل المال الذي هو مؤنة النكاح الاستطاعة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج" رواه البخاري (1905) ، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، ومعلوم أن القدرة على النكاح - الجماع- يستطيعها كل الشباب الأسوياء، فليس ثمة مراد للرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا المهر وما بعده، وقد آجر نبي من أولى العزم (موسى - عليه السلام -) نفسه لأبي زوجته ثمان سنين لإعفاف نفسه، فهل أراك تفرط في ابنتك وتزوجها من يعجز عن القيام بما تحتاج إليه كل زوجة؟. أيها الأب المبارك تذكر أن فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - استشارت الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيمن تقدم لخطبتها فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو جهم فكان لا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد " - الحديث رواه مسلم (1480) ، فذكر لها الرسول - صلى الله عليه وسلم أن المانع من قبول معاوية - رضي الله عنه أنه لا مال له مع أن أبا سفيان - رضي الله عنه - كان موسراً ومرجواً، وهو والده، وأمه من أعظم الأمهات رعاية وعناية هند بنت عتبة عالية الشرف - رضي الله عنهم -، فكأني بمن خطب ابنتك يحمل شهادة ولا يحمل مالاً كمعاوية - رضي الله عنه -، لديه أم عظيمة شريفة مشفقة وأب غني ومع ذلك فقد وصف حاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - "صعلوك لا مال له".

وأما الرسالة الثانية فإليك وحدك، إلى قلبك المعني، إلى روحك الخفاقة، إلى شوقك وحبك، اعلم وفقك الله أن الزواج مسؤولية وواجبات وحقوق، وأن المال من أعظم أسباب سعادة الحياة بين الزوجين، وأن العاجز عن تلبية الطلبات هو المهموم وليس زوجه، وأن بيت الزوجية لا يصلح أن يكون خيمة ولا شقة خالية من المهمات والحاجيات، فلذا عليك بالصبر، فخير عيشنا الصبر، كما قال عمر - رضي الله عنه -، وفي الحياة مُنىً لا تدرك، وآمالٌ تحتاج إلى أعمال، فالعاقل من لم تطفى رغائبه على مصالحه، فاصرف النفس وألجم القلب، وأعرض بالبصر، ومن غاب عن البصر فإنه يخف عن القلب خياله، واحرص على نفع نفسك تحقيقاً لقوله - صلى الله عليه وسلم - " احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز ... " رواه مسلم (2664) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فإذا تحسن وضعك فأنت مطلوب لا طالب، ولا بارك الله ولا حيا الله حباً يلفك بالحاجة، ويذل نفسك فتقبل الإحسان والصدقة، ويزاح عنك الواجب من المناسبات؛ لأنك مسكين لا تجد، فالعزة وقوة النفس والترفع عن الاحتياج للآخرين بوابة الرفعة. أيها الابن الكريم: أعلم أن الذي يرضيك أن أحمل على هذا الأب حملة شعواء وأصفه بالطمع والجشع، وأبين لك أنك ما دمت تحب هذه الفتاة وهي تحبك فهي لك وأنت لها، وأن استمراركما في العلاقة والمكالمة والزيارة والمواعدة كل ذلك جائز وسائغ، ما دام أنكما عازمان على الزواج -وإن كنتما لا تستطيعان ذلك-، وما دام أن الزواج سيكون ولو بعد حين، فاستمرا في علاقتكما ولا تثريب عليكما. أعلم أن هذا الكلام هو الذي يسرك أن تقرأه جواباً على سؤالك، ولكن ثق يا بني أنك لن تسر به أبداً لو كانت هذه الفتاة أختك، أو ابنتك، ولو قرأته في تلك الحال لغلت الدماء في عروقك، ولقلت إن الولي على الفتاة لم يجعل إلا المراعاة مصالحها، وليضم عقله إلى عاطفتها، ويرشد اختيارها، ولقلت إن الحب وحده ليس مهراً، وإن الفقر إذا دخل من النافذة خرج الحب من الباب، ولأنكرت، وحق لك أن تنكر تصرف هذا الشاب الذي يساوم هذه الفتاة بعاطفتها، ويريد أن يظفر بها لتعلقها. أي بني: إنك لن تستطيع أن تعيش حياة زوجية مع امرأة تحبك إلا إذا كانت تحترمك، ولن تحترمك المرأة وهي تراك في حال من الفقر الشديد لعطالتك وعدم عملك، وكونك ستصبح محل إحسان الناس وموضع صدقاتهم وزكواتهم. كلا يا بني تذكر قول الله: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله" [النور:33] ، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" (سبق تخريجه) . وادع ربك واسأله، وأبشر بالخير، فهو القريب المجيب، وسيجعل لك الله من أمرك يسراً، حفظك الله ورزقك الصبر، وانتظار الفرج، وهداك للتي هي أحسن من الأحوال، والله أعلم.

لم يهرب الأزواج مني؟

لِمَ يهربُ الأزواج مني؟ المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 15-8-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أعرف لماذا يحصل هذا معي؟؟ دائما ما تتكرر نفس الحادثة فإذا قرر أحد التقدم والارتباط بي فإنه رغم قلة خطابي، رغم أني جميلة ومتعلمة ومحجبة وأخاف الله والحمد الله وأخلاقي عالية إلا أني أجد من هو دوني في ذلك يرزقهم الله بأحسن الأزواج أما أنا فإن أراد أحد خطبتي تعلق بي جدا وما أن يتقدم ليخطبني فإنه فجأة وبدون أسباب يبتعد دون مبررات رغم أنه مازال متعلقاً بي ولكن لا أدري. جميع من تقدم لي هم بهذه الصورة وآخر رجل عندما سألته ما الذي تغير أم أنه لم يعد يريدني زوجة له لسبب معين أجابني بأنه هو نفسه لا يدري وأنه مازال متعلقا بي ولا يعيبني شئ بنظره لكنه لا يدري وهذا مما جعلني أعتقد بأنه ربما يكون معمولا لي سحر أو شئ من هذا القبيل. لكن لا أدري هل يغير السحر مصير الإنسان بهذه الصورة؟ والغريب أن جميع من تقدم لي أو القلة التي تقدمت لي تنسحب بنفس الصورة. هل سأعيش وحدي؟ ماذا أفعل أين أذهب لأتأكد من وجود السحر والتخلص منه؟ علما أن كل أحلامي عن القطط والأطفال الصغار!! أرجو منكم مساعدتي ولكم جزيل الشكر. الجواب الأخت الكريمة.. وعليكم السلام ورحمة الله شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" بداية؛ لا شك أن السحر له تأثير على الإنسان، وهذا التأثير منه ما هو من قبيل التخييل كما حدث للسحرة مع موسى - عليه الصلاة والسلام - قال -تعالى-: "يخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى"الآية، [طه: 66] ، ومنه ما يؤثر على الإنسان تأثيراً حقيقياً كما قال - تعالى -: "فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ" الآية، [البقرة: 102] ، إلا أن ذلك كله مرتبط بإذن الله تعالى، قال - سبحانه -: "وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ" الآية، [البقرة: 102] . ولكن في أحيان كثيرة يكون السحر مهرباً للبعض من مواجهة الواقع، والتعرف على الأسباب الحقيقية لمشكلاتهم، أو يكون عذراً (وجيهاً) لمواجهة أسئلة الفضوليين، بينما في الحقيقة لا يوجد سحر، بل أوهام يعيشها الإنسان بإرادته أو بغير إرادته. وما يقال عن السحر يقال أيضاً عن العين والحسد. ومن خلال قراءتي لسؤالك أرى أنك وقعت في هذا الأمر، فأنت لم تجدي تفسيراً أفضل من السحر لتطاير الخطاب من حولك، مع أن هناك أسباب كثيرة قد تؤدي إلى ذلك، وأنا لا أستطيع أن أحدد هذه الأسباب من خلال قراءتي لما كتبتِه، لكني على يقين أن السحر ليس أحدها، فعلامات السحر واضحة معروفة.

ولابد أن تعلمي - أختي الكريمة - أن مسألة الزواج هي رزق من الله تعالى، فكما يرزق الإنسان المال يرزق الزوج، ولا يخفى عليك أن رزق الله تعالى له أجل لا يتقدم ولا يتأخر، فقد يكون ما كتبه الله لك لم يحن أجله بعد، ولابد أن تعلمي أيضاً أن ما يقدره الله - عز وجل - في طياته خير للمؤمن ولا شك، فقد يكون من تقدم لك ليسو أهلاً لإقامة حياة زوجية مستقرة، وفي نظري أن بقاءك في بيت أهلك معززة مكرمة خير من حياة مهينة في كنف زوج لا يقدرها. وعلى فرض أن الله تعالى لم يكتب لك الزواج فهل معناه النهاية!! والدخول في مقبرة اليأس والإحباط. تساؤلك (هل سأعيش وحيدة) يعطيني انطباعاً بأن نفسيتك مؤهلة للدخول في هذا العالم البئيس. أختي الكريمة: إن الإنسان لديه قدرات هائلة للتخلص من المآزق والتغلب على صعوبات الحياة، فقط يحتاج إلى إرادة قوية وسوف يرى نفسه في عالم آخر مليء بالتفاؤل والعطاء والبذل. من أكبر أخطائنا أن نظن أن المرأة التي تجاوزت سن الزواج (العانس) عبء على المجتمع، ومشكلة اجتماعية، نعم هي ظاهرة غير طبيعية، لكن ذلك لا يمنع أبداً أن نستثمر ما تملكه المرأة من طاقة هائلة للعطاء فبدلاً أن يكون ذلك محصوراً في الزوج والأولاد، لم لا يكون للمجتمع بكامله؟ وهناك نماذج مثالية مشرفة من أخوات كريمات أدرن مشاريع دعوية ناجحة، وأقمن مناشط متميزة، وكان لهن أثر كبير في الدعوة إلى الله تعالى. كما قلت لك يحتاج الأمر إلى إرادة قوية. فلا تتعبي نفسك بالبحث عن خيال، فلست مسحورة، ولن تحتاجي إلى التخلص من السحر، وإنما تحتاجين فقط إلى التخلص من الأوهام وأحلام اليقظة والتعامل مع واقعك، وأن تنتظري رزق الله لك، وحتى يحين وقته. أمامك أفق رحب من العمل المثمر النافع الذي يقربك من الله ويجعل السعادة ترفرف حولك. ثبتك الله على طاعته وحقق كل أمانيك.

أكره الحرام ولا أملك الطول

أكره الحرام ولا أملك الطول المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى التاريخ 12-2-1424 السؤال نشئت نشأة طيبة بعيدة عن الزلل ولله الحمد ... ولكني الآن ينتابني شعور كبير جداً بالرغبة بالارتباط بأي فتاة مع سهولة الوقوع في الحرام إلا أنني أدعو ربي ليل نهار أن يجنبني الوقوع فيه. الحالة المادية لا تسمح أبداً بالزواج.. وأنا أخشى حقيقة أن أسلب إيماني بالوقوع في الحرام.. مع العلم أني شديد الحرص على الابتعاد عن مواطن الفحش والنظر إليه. أرجو إرشادي سريعاً ولكم مني الدعاء بالتوفيق. الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" وأشكرك على حرصك على دينك وإيمانك ومصارحتك بما تشعر به من منازعات نفسية تحاول جذبك إلى المعصية ثم إن حل معضلتك يكون بالتالي: أولاً- أكثر من الاستعانة بالله عز وجل، وخاصة من قولك: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثانياً - استمر في البعد عن كل المثيرات للشهوة. ثالثاً - ابذل قصارى جهدك في السعي في أمر الزواج ولو بالاقتراض من أصدقائك وأحبابك واعلم أن من سعى لإعفاف نفسه فإن الله في عونه كما ثبت بذلك الحديث وأرجو ألا تيأس ولا تستصعب الأمر فإني أعرف إخواناً لك كانوا من أشد الناس فقراً فلما سعوا في أمر الزواج تيسر أمرهم وانقضت حوائجهم. رابعاً - أحسن الظن بالله عز وجل في تيسير أمرك وإعانتك طالما أردت طاعته والبعد عن معصيته. خامساً - أنبئك عن توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- لمثلك يوم قال:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإن له وجاء" فالصوم لمن عجز عن الزواج حل لتضييق مجاري الشهوة في البدن. سادساً - اشتغل بالعلم والدعوة فإن فيهما سلوة عن التفكير في هذه الأمور سابعاً - اصحب من تراه أكثر منك تقوى وورعاً وعلما وفضلا فإن فيه إعانة لك على غض بصرك واشتغالك بما ينفعك. ثامناً - انهمك في متابعة قضايا المسلمين المأساوية فإن فيها تخفيف لحدة مطالب النفس وشهواتها وبالأخص قضية فلسطين الجريحة. والله أسأل لك التوفيق والسداد والإعانة والثبات على الحق والموت عليه إنه جواد كريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبي يرفض زواجي!!

أبي يرفض زواجي!! المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 24-7-1424 السؤال أنا شاب عمري 22 عاماً، جميل الهيئة، مشكلتي أنني أعمل في عمل مختلط بالجامعة، والفتن كثيرة حوالي، وقد كنت أعقد علاقات غرامية محرمة مع الطالبات، ولكن الحمد لله تبت عن هذا العمل. والآن عرفت فتاة متدينة خلوقة وأريد العفاف وحفظ الدين بالزواج منها ولكن أبي يرفض ذلك بتاتاً بحجة صغر السن. ماذا عليَّ أن أعمل؟ أرشدوني وفقكم الله. الجواب أيها الأخ المبارك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قرأت رسالتك، وإليك الجواب: مشكلتك لها ثلاث جهات. أولاً: أنت عملك في سلك نسائي وهناك اختلاط ولك ماض غير مناسب فالحذر والحرص على الابتعاد عن النار خشية الاحتراق، والنصوص النبوية صريحة وواضحة في الفصل بين الجنسين، منها أن المرأة نهيت أن تحقق الطريق فلا تمشي في وسطه، ومنها أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يترك باباً للنساء في مسجده، ولا يزال يسمى باب النساء في المسجد النبوي، وكان يتأخر في الاستدارة على المؤمنين حتى تخرج النساء بعد صلاته - صلى الله عليه وسلم -، ونهى عن الدخول على النساء ولو كان من قرابات الزوج "إياكم والدخول على النساء " قال أصحابه أرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت"، ونهى الواحد أن يدخل على المغيبة (وهي التي غاب عنها زوجها) ، ونهى عن الاختلاط "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"، ونهيت المرأة عن السفر بغير محرم، فهذه النصوص مع قوله "ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء" تحتم عليك وإن لم يكن في عملك خلوة بواحدة إلا أن ماضيك وصفتك وصفة من يعمل معك كما ذكرت تجعل من الحزم الأخذ بالحيطة وعدم حسن الظن بالنفس، فالحذر الحذر والخشية الخشية. وأما موقفك من الوالد فالطاعة والبر هو الواجب عليك، ولعل من يتولى تمرير طلبك غيرك من العائلة ويشرح حاجتك لذلك، فلعل ولعل هذا إذا كان الوالد مقتدراً، وأما مع العجز فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فإن تمكنت من الزواج أثناء الدراسة فنعما هي وإن تكن الأخرى فقد صبر من هو أشد منك قوة وفحولة وحبا للنساء، وأحسن منك شكلاً، فلذ بالله واعتصم به، وخذ نفسك بطرق الخير، وألزم نفسك مع رفقة صالحة تحفظك وتعينك، واعلم أن من دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله فهو مع السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه، وقوِّ عزيمتك، واقرأ بتمعُّن سورة يوسف مع تفسيرها، حفظك الله وحفظ لك.

الزواج والمواقع الجنسية

الزواج والمواقع الجنسية المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 30-6-1424 السؤال أكتب لكم هذه المشكلة التي تؤرقني، أملاً في أن أجد عندكم حلاً لها..وهي أن لي أخا يكبرني بـ9 سنين..وهو والحمد لله موظف وظيفة مرموقة، ولا ينقصه شئ لو أراد أن يتزوج، وهو فعلا يريد بشدة أن يتزوج، ونحن أول ما طلب منا أن نختار له عروساً سارعنا في الأمر وبدأنا في البحث له، إلا أنه غريب فهو يريد أن يعذب نفسه بأي شكل، لأننا كلما عرضنا عليه فتاة لابد أن يُخْرِجَ فيها عيباً..ويكون عيباً تافهاً، إلى أن جاء اليوم الذي اكتشفت فيه أن أخي يدخل على مواقع جنسية وبالطبع انصدمت عندما رأيت ما رأيت، لأنني لم أتوقع أن أخي وصل لهذا الحد، ولكن الظاهر أن تأخره في الزواج جعله يسلك هذا الطريق. أصبحت أنا أكثر شخص يبحث له عن عروس وأكثر شخص يكرر هذه المسألة في البيت..خوفاً على أخي من الضياع هذه هي المشكلة التي والله تؤرقني كثيرا..فأرجوا أن تساعدوني، وجزاكم الله خيراً.. الجواب أختي الكريمة الغيورة السلام عليك ورحمة الله، أما بعد: فإني أفخر بأن يوجد من بنات اليوم من تملك هذه الغيرة على حرمات الله، وهذا الحرص الرائع على استقامة أهلها.. أما المشكلة التي طرحتيها فهي حقا من المشكلات التي باتت تؤرق عددا من بيوتات المسلمين، فلقد تسبب الاستخدام السيئ للإنترنت في هدم أسر هانئة، وبعثرة شملها بعد التئام، كما تسبب في زيادة ضلال قوم وانتكاس آخرين.. أسأل الله لي ولك الثبات على دينه.. وهنا سوف أحاول أن أضع أمامك مجموعة من الخطوات حاولي أن تقومي بتتبعها واحدة واحدة. بحيث إذا نجحت في إحداها تنتقلين إلى الأخرى.. والله ـ وحده ـ له الفضل وبيده الهداية: أولا: اقتربي من نفس أخيك أكثر.. بالتقليل من عتابه، والإكثار من الثناء عليه والافتخار بمميزاته التي ترينها عيانا دون تهويل أو مزايدة.. حتى ترين أنه بدأ يرتاح من جلوسك معه.. ثانياً: شاوريه في أمورك الخاصة التي ليست أسرارا لا يصح أن يطلع عليها مثله، واعملي بمشورته إذا رأيت فيها خيرا، وأخبريه بالنتائج. واستمري في هذه الخطوة حتى تشعري بأنه بدأ يحب أن يستشيرك هو في أموره الخاصة.. وخلال ذلك اسأليه عن حاله، وعن سبب ضيقه بالآخرين أو حتى بنفسه دون إلحاح.. ثالثاً: افتحي الموضوع معه وأنتما بمفردكما، وأغلقي الحديث العام في المنزل تماما حتى لا تقعوا في إحراجه ومن ثم استمرار عناده. رابعاً: تنبهوا إلى أمور في غاية الأهمية قد تمنع من الزواج؛ كالعجز الصحي، أو صديق سوء يسول له في داخل العمل. أو الخوف من الزواج بسبب وقوع حادث زواج فاشل في البيت أو الأسرة. خامساً: إذا تأكدت من أثر المواقع الإباحية على أخيك، فعظيه في نفسه موعظة بليغة، ولو أن تبكي أمامه ليقلع عن متابعة هذه المفاسد التي تحرك الجماد، فكيف لا تفتن الشباب، وعليك بالأشرطة النافعة في هذا الاتجاه.

سادساً: حاولي أن تقنعيه بشتى الطرق المناسبة لإخراج الإنترنت إلى الصالة العامة في المنزل، ولو في صندوق خاص يفتح بطريقة سهلة إذا رغب العمل عليه، فإن الشيطان لا يأكل من الغنم إلا القاصية. سابعاً: عليك في كل خطوة تقومين بها بالدعاء الواثق المطمئن إلى وعد الله بالاستجابة، فإن الله وحده بيده مفاتيح القلوب. جزاك الله خيرا، ووفقك وسدد خطاك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشباب وعقبات الزواج

الشباب وعقبات الزواج المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 20-6-1424 السؤال لا يخفى على فضيلتكم الفتنة الكثيرة التي يتعرض لها الشباب والفتيات في هذا الزمن حيث سهولة الوقوع فيها وانتشار المهيجات للغريزة حتى أصبح الزنا وللأسف الشديد أسهل من الزواج وما يحتويه من تكاليف لا تطاق مما يساهم بكل أسف في انحراف الكثير من الشباب الباحث عما يمكن أن يشبع شهوته. قال لي أحد الشباب أنه لا يستطيع أن يلتزم ما دام أنه لم يتزوج بعد وهو يرى ما يرى كل يوم. فضيلة الشيخ: ما حكم الزواج في هذا الزمن، خاصة لدرء مفاسد عظيمة مثل الزنى واللواط وغير ذلك؟. وما حكم تكفل الأب بمصاريف زواج ابنه إن كان الابن لا يملك راتباً أو وظيفة (طالب) ؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: فأولاً: أشكرك أيها الطالب النجيب على حماستك الدينية، ووقوفك عند حدود الله، وصبرك عن ممارسة الحرام عياذاً بالله سبحانه. ثانياً: أبشرك بما أعده الله لك ولأمثالك من الشباب الصالحين من الثواب العظيم، والنعيم الأبدي، وأعلم -حماك الله- أن الفرج قريب، وأن مع العسر يسراً، فالله يقول: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً". ثالثاً: تذكر أن ما يحيط بك من فتن الأفلام والصور وتبرج النساء وكثرة الخبث هو من الابتلاءات والمحن، "ليميز الله الخبيث من الطيب، ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم"، وأن على الشاب الصالح أن يستعيذ بالله من شرها ويلح على الله بأن يعصمه من شؤمها وشررها. فالله تعالى متى وجد صدق النية من عبده، ولمس منه صحة السعي في مرضاته، وتجنب أسباب غضبه، أحاطه برعايته ورحمته، وهيأ له أسباب نجاته وسلامته. ورابعاً: ينبغي عليك أن تجتهد في تجنب أسباب الإثارة من صور ومجلات، وأفلام، وإنترنت، فتعتزلها كلها لله تعالى لتغيظ الشيطان قبحه الله، وتريح ضميرك من وخزه الحاد، وتسكن نفسك من التفكير في الحرام، عياذاً بالله، واعلم أن "من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه". وخامساً: احرص على الالتحاق برفقة طيبة كحلق التحفيظ في المساجد أو جماعات التوعية، في المدارس لتنتفع بصحبتهم، وتأنس بمجالستهم، وتستعين بهم في طرق دروب الخير، وسلوك مسالك الفضيلة والعفة والعلم. سادساً: لا أرى مانعاًً أن تسعى جاداً لإقناع والديك بتزويجك مبكراً، فإنني أشعر من خلال كتابتك رجاحة عقلك، ونضج فكرك، وسداد رأيك. وقد تجد ممانعة في بداية الأمر، لكن بالصبر وكثرة عرض الفكرة على والديك ومحاولة إقناعهما بأسباب رغبتك -ولو بطريق غير مباشر- سيتحقق مرادك بإذن الله، وقد حاول كثير ممن هم في سنك فنجحوا، وأعفوا أنفسهم، فأحسن الظن بالله ولن يضيعك. وسابعاً: فبالنسبة لسؤاليك فهاك الجواب: (1) أما حكم الزواج فإنني أرى أن الزواج تجري عليه الأحكام الخمسة، فقد يكون واجبا، ً وقد يكون مستحبا، ً وقد يكون مكروهاً، وقد يكون حراماً، وقد يكون مباحا.

وليس هذا موضع تفصيل هذه الأحكام، لكن في الحالة التي سألت عنها فأرى وجوب الزواج على من تاقت نفسه إليه وقدر على مؤنته، وخشي الوقوع في الحرام. (2) وأما السؤال الثاني: فأرى أن على الأب الحرص على تزويج أولاده، والتكفل بمصاريف زواجهم، طالما عجزوا عن الحصول على مصدر رزق يقتاتون منه. هذا والله أسأله أن يحفظك ويسددك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

أريد الزواج ودخلي قليل ...

أريد الزواج ودخلي قليل ... المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 3/9/1424هـ السؤال أنا شاب أريد الزواج ودخلي قليل، سؤالي: هل يجب على والدي تزويجي؟ علماً أنه تزوَّج مرة ثانية هذه الأيام ويبني بيتاً، وهو يقول إنه لا يملك نقوداً. وشكراً. الجواب الحمد لله، وبعد: قبل أن أشرع لك في الإجابة على سؤالك وحل مشكلتك بإذن الله أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات، أخاطب فيها قلبك الطيب، فأرعني سمعك يا رعاك الله، واستمع إلي بأذن قلبك لا بأذن رأسك، فمستعيناً بالله أقول: اعلم وفقني الله وإياك لكل خير وبر، وصرف عنا وعنك كل سوء وشر، أن فضل الوالدين عظيم وبرهما واجب أكيد، أوجبه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، وجاء التحذير الشديد من عقوقهما أو أحدهما، فاحذر أن تعرض نفسك في الوقوع في هذا الذنب العظيم، فعليك بالبر بهما والإحسان إليهما، والتلطُّف معهما قال تعالى، "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً" [الإسراء: 24] ، هذا ما أردت التنبيه عليه بداية. أما بالنسبة لسؤالك: هل يجب على والدك أن يزوجك من ماله؟ فأقول لك: نعم يجب عليه أن يزوجك؛ لأنك ممن يلزمه النفقة عليه، ومن جملة هذه النفقة نفقة الزواج، قال تعالى: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم ... " [النور: 32] . قال العلامة السعدي في تفسيره ص (516) ، -وغيره من أهل العلم- يأمر الله تعالى الأولياء والأسياد بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامى وهم: من لا أزواج لهم من رجال ونساء ثيبات وأبكار، فيجب على القريب وولي اليتيم أن يزوِّج من يحتاج للزواج ممن تجب نفقته عليه، ا. هـ. فهذا جواب سؤالك أخي الكريم، ولكن أود أن أقدم لك بعض النصائح لعل الله يجعلها سبباً في قضاء حاجتك: (1) عليك أخي الكريم: أن تتكلَّم مع والدك بكل أدب واحترام، وتبث له شكواك بأنك تريد أن تعف نفسك عن الحرام، لأنك تخشى على نفسك العنت والوقوع في الحرام، فلا بد وأن يسعى في تزويجك بمن تكون كفئاً لك. (2) إذا لم تستطع مواجهة والدك فعليك أن توسِّط أحد أفراد العائلة من والدة وغيرها، أو أحد الأقرباء أو الأصدقاء ممن له تأثير وإقناع على والدك، ويتكلَّم له في هذا الموضع لعل الله أن يهدي والدك ويزوجك. (3) عليك بالتحلِّي بالعفة والبعد عن كل ما يثير شهوتك حتى ييسر الله أمرك، قال تعالى: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله.." [النور: 33] . (4) وإذا تاقت نفسك للزواج، وثارت عليك الغريزة فعليك بالصوم كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم-، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أحصن للفرج، وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه البخاري (5065-5066) ، ومسلم (1400) ، ومعنى قوله: "وجاء" أي وقاية من الوقوع في الحرام.

(5) عليك بكثرة الاستغفار فإن الاستغفار سبب من أسباب تيسير مثل هذه الأمور. قال تعالى: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" [نوح: 10-12] . (6) عليك باللجوء إلى الله وكثرة الدعاء، وتحري ساعة الإجابة وأبشر بالخير قال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة: 186] ، وقال تعالى: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62] . هذا والله أعلم، ونسأل الله أن ييسِّر أمرك ويزيل همك، ويكشف كربك ويقضي حاجتك، ويحفظنا وإياك من كل سوء وشر، ويقدر لنا ولك كل خير وبر. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أبي يرفض زواج أختي

أبي يرفض زواج أختي المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 6/11/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم لي أخت تقدم لها شاب متدين، ولكنه بسيط المادية، وأبي لا يريده لهذا السبب، ماذا تفعل؟ أفتوني بها بشكل مفسر. وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: أهم ما يجب على ولي المرأة أن يتابعه هو مسألتا الدين والخلق؛ لأنهما هما الأصلان العظيمان اللذان تدوم بهما المودة ويحفظ بهما العهد، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" أخرجه الترمذي (1084) من حديث أبي حاتم المزني - رضي الله عنه -، فعليك أن تخوف والدك بالله وتذكره هذا الأمر العظيم، وأنه قد يحصل فتنة لرد المتقدم الكفء. وأما مسألة المادة فإنها تابعة والرزق عند الله عز وجل؛ بل قد تكفَّل الله بالعون لعبادة الصالحين، قال سبحانه: "وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم" [النور:32] . وقال عليه الصلاة والسلام: "ثلاثة حق على الله عونهم: وذكر منهم: الناكح يريد العفاف" أخرجه الترمذي (1655) وقال حديث حسن ووافقه الألباني الحديث.. ثم إن ميسور الحال إذا لم يكن لديه دين يردعه فإنه قد يظلم المرأة ولا يعطيها حقوقها الواجبة لها شرعاً، وعندئذ لا ينفع المال. أسأل الله لأختك الزوج الصالح والذرية الصالحة ولعموم المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

من أجل هذا رفضوا زواجي منه

من أجل هذا رفضوا زواجي منه المجيب حصة البازعي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 12/06/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أما بعد: أنا فتاة تخرجتُ من إحدى الكليات من أسرة معروفة وميسورة، تقدَّم لي شاب وهو ذو خلق ودين وسمعة طيبة، وقد وافقت عليه، وأرجو أن يكون زوجاً لي، ولكن والدي -سامحه الله- لم يقبل به, أما والدتي فهي موافقة عليه، وكذلك عمي، فلا يوجد عائق في المسألة سوى أبي، وأما السبب الذي جعل أبي يرفض فهو أن أحد أقارب الخاطب سيِّئ السمعة، علماً أن أبي يعرف تمام المعرفة بأنني أريد الزواج من هذا الإنسان بالتحديد ولا أقبل بغيره، وقد أعلنت رغبتي هذه على الجميع، فازداد رفض أبي لهذا الزواج، مع العلم أن والدي يعلم بأمور الدين والشرع، ويعلم أن ما يفعلهُ بي هو الحرام بعينه, ولكنه من الناس الذين يتخذون دينهم على هواهم، حيث إنه يفسر الدين على هواه، وقد هددني بأنه سوف يقتلني إذا تزوجتُ هذا الشاب، أو يحرمني من الميراث ويتبرأ مني، أو يطلق أمي إذا ما تمت هذه الزيجة. ملاحظة: أرجو أن تشرح لي قول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس"، فوالدي يربط معنى هذا الحديث بالأخلاق، فإنها في نظره تنتقل جينياً مع الأجيال، وليس عن طريق التربية أو الصحبة، سواءً كانت فاسدة أو صالحة، ويحجب النظر عن القول الذي يقول: يخلق الفاسق من ظهر عالم والعالم من ظهر فاسق, وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- "من جاءكم من ترضون دينهُ وخلقهُ فزوجوهُ إلا تفعلوا تكن فتنه في الأرض وفسادٌ كبير", قيل يا رسول الله وإن كان فيهِ؟ قال: "وإن كان فيه فزوجوهُ ثلاثاً".وجزاكم الله خيراً عنا، ووفقكم لخير الأعمال وصالحها. الجواب الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فقد اطلعت على -معاناتك- بسبب رفض والدك لزواجك، وأود في البداية أن أشير إلى بعض الملاحظات التي خرجت بها عند قراءتي لمشكلتك: أولاً: أعجبني مبادرتك إلى الاستشارة تحرياً للحل السليم لمشكلتك، وهذه ميزة إيجابية بدلاً من التهور أو الاستسلام والعجز. ثانياً: إن مثل هذه المشكلات كثيرة الحدوث، وإن اختلفت في حدتها وصورتها، وهي تنشأ غالباً من اختلاف الرؤى، ووجهات النظر بين الأجيال. ثالثاً: أنه لا توجد حلول سحرية للمشاكل، كما أن أحداً لا يستطيع مساعدة صاحب المشكلة أكثر من صاحب المشكلة نفسه، إلا أننا هنا نقدم أو نقترح طرقاً ووسائل قد تساعد السائلة - بإذن الله- على الاستبصار ورؤية الحل أو المفتاح لمشكلتها أو معاناتها بصفة عامة، ومن ذلك:

(1) اللجوء الصادق إلى الله، وهو مفتاح الحل لكل ما يعانيه الإنسان من آلام وصراعات ومشاكل، ذلك أن نور البصيرة لا ينقدح إلا بالتعلق بالله، وقد يكون حلّ مشكلتك قاب قوسين أو أدنى منك، ولكن حاولي لكي تُبصريه وتتناوليه، إشعال مصابيح الإيمان والتوكل والاستعانة والاستغاثة والخوف والرجاء والدعاء، اجعلي من مشكلتك فرصة عظيمة لتجديد إيمانك، فتتحول نقطة ضعفك هذه وعجزك إلى قوة -بإذن الله-. وإخفاقك إلى نجاح، ففي مثل هذه المواقف يمتحن المؤمن في صلته بالله، ومدى استكانته وتضرعه إلى ربه، وفي صبره وقدرته على العمل، وفي رضاه وأمله، وروحه التي لا تعرف اليأس "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" [يوسف: 87] ، إن صلتك بالله ستمنحك الطمأنينة والبصيرة والأمل، وربما سخر الله لك والدك من حيث لا تعلمين. (2) الأمر الآخر الذي قد يخفى علينا جميعاً- خصوصاً عندما نواجه المشكلات -هو أمر (الخيرة) فإن الإنسان- بسبب قلة علمه، وعدم إحاطته بالموضوع وملابساته، والمستقبل وما يخفيه، قد يرغب أو يحرص على حصول أمر ليس في صالحه، وقد يكره أمر هو غاية ما يُصلحه، ولهذا شرعت الاستخارة ليبرأ الإنسان من جهله وعجزه إلى علم الله وقدرته، فإنه تعالى يعلم ولا نعلم، ويقدر ولا نقدر، قال تعالى: "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم" [البقرة: 216] ، فالاستخارة تُشعر بمعية الله وعونه، فيعلم أن هناك من يعينه فيطمئن، كما تعلمنا أنه لا يوجد حل واحد للمشكلات، فهناك خيارات أخرى قد تكون هي الأفضل، وأن دورنا هو تحري الصواب والحق والخير، وهذا لا يعلمه أحد إلا الله، مما يقلل من الضغط النفسي عند محاولة اتخاذ أي قرار. (3) والمطلوب منك -يا أختاه- تحري ما فيه خيرك في الدنيا والآخرة، والإلحاح على الله -عز وجل- مع الاستمرار في بذل الجهد المستطاع للخروج من معاناتك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "استعن بالله ولا تعجز" رواه مسلم (2664) ، فحاولي كما تحاولين اليوم ولا تيأسي أبداً، واعلمي أنك صاحبة الدور الأكبر في حل مشكلتك، وتأكدي أنك تملكين – بإذن الله- القدرة على ذلك، فأنت تعانين، وهذا أكبر دافع للبحث عن مخرج. حاولي الاقتراب من أبيك، دعيه يشعر من قرب بمعاناتك، واستعيني ببعض الوسطاء للتأثير عليه وشرح وضعك له، وابتعدي عن الجفاء والبعد والعناد، فهذا يزيد من سخط النفوس وتنافرها. (4) أما حديث "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس" فليس بحديث بهذه الصيغة، وهو مركب من حديثين كلاهما في سنده ضعف، ولا يحتج به، إلا أن بعض أهل العلم يرون ضرورة المكافأة في النسب بين الزوجين، كما أن أعراف الناس -وهي ما تعارفوا عليه من تقاليد وعادات- التي لا تنافي أصول الدين ينبغي مراعاتها، خصوصاً إذا كانت مخالفتها تؤدي إلى مفسدة أشد، وهو ما تخشى منه الأخت السائلة، وفقك الله إلى ما يحبه ويرضاه.

(5) أوصيك ثم أوصيك بعدم التهور، فإن الزوج يعوِّض بزوج آخر، أما الأبوان فلا عوض عنهما، فإياك وسخط الوالدين، وحاولي قدر المستطاع التودد إليهما، وطلب رضاهما، ففي ذلك رضا الله تعالى، واعلمي أن ذلك هو - بإذن الله- عين الصواب مهما كان صعباً، وستعلمين -بإذن الله- إن عاجلاً أو آجلاً صدق ما أقول لك، وفوضي أمرك إلى الله، والله بصير بالعباد.

والدتها ترفض زواجي منها

والدتها ترفض زواجي منها المجيب سلوى بنت صالح بابقي مساعد إدارة النشاط الثقافي بتعليم البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 04/03/1426هـ السؤال تقدمت لفتاة عن قصة حب وتم الاتفاق على الخطوبة وإتمام الزواج بعد 3 سنوات، وأثناء الخطوبة حدث تعارض في الأفكار بيني وبين والدتها وانتهت الخطوبة على الرغم من أني أحبها وهي مازالت تحبني رغم معارضة أهلها فماذا أفعل؟ هل أتزوجها بدون رضاهما؟ مع العلم أني لا أستطيع أن أتقدم لها مرة أخرى لرفض أهلها، وهي لا تريد الزواج من أحد غيري أرجو الإجابة أفادكم الله. الجواب المكرم الأخ سيد وفقه الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته- وبعد: فإن الرسالة لم تتضح منها المميزات التي دعتك لخطبة تلك الفتاة، والذي ظهر أن اختيارك لها (زوجة وأماً لأولادك) ، مبني على قصة حب. عليه أقول لك إن الحياة الزوجية عمادها واعتمادها على تحلي الطرفين الرجل والمرأة بالدين والخلق الحميد إذا تحقق قبول كل منهما للآخر، بهذا تنشأ وتنمو وتقوى علائق المودة والرحمة بين الزوجين، لذا لا يكفي أن نعلق على قولك أنك تقدمت لها عن قصة حب؛ لأن هذا الميل فطري ومتوقع وليس مقياساً لصحة الاختيار من الطرفين، بل إنه شرعاً (قصة حب) علاقة غير جائزة (وإن كانت أوضاع المجتمع تسهل ذلك) من هنا أجد من المهم أن تجلس مع نفسك جلسة مواجهة وتفكر وتجيب عن بعض الأسئلة، مثل: لماذا اخترت هذه الفتاة؟ هل فعلاً تصلح أن تكون راعية لبيتي وأولادي؟ ( ... والمرأة راعية في بيت زوجها) ، هل الأمور التي اختلفت فيها مع والدتها شكلية يمكن تجاوزها؟ أم أنها جوهرية وتعتبر مواقف تكشف من قيم الأسرة ولا يمكن التساهل فيها؟ ولا يغيب عنك أن شخصية الأم وأفكارها تؤثر على أولادها، بالذات البنات، فهل شعرت أنها مسيطرة؟ وأي خير ترجوه من الزواج بفتاة دون رضاء والديها؟ وكيف تستقيم الحياة الزوجية بينكما وهذا حالها؟ بل إن قبلتْ هي بذلك أياً كان سبب رفضها يجعلك تعيد النظر في الارتباط بها، فرضا الوالدين لا مساومة فيه، والزوج يعوّض بآخر، ولكن الوالدين لا عوض عنهما. وما يدريك فقد يكون هذا التعارض مع والدتها خيراً لك لتتخذ قراراً أصلح لك في الدين والدنيا، ومع مراجعة نفسك لا تغفل عن أمر مهم وملازم، وهو الدعاء والاستخارة (ما خاب من استخار) ، وآخر وهو استشارة ذوي الحكمة والثقة والنصح (ما ندم من استشار) ، ولا يخفاك أن حداثة السن تجعلك بهذا الاندفاع العاطفي، وستتكشف لك حقيقة هذه المشاعر، بحيث يكون القرار المتخذ من قبلك قراراً مدروساً مسؤولاً يترتب عليه مستقبل أسري بكامله ما دمت تترسم لهدي دينك. ادع الله وأنت موقن أنه سميع مجيب، وأنه أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، نسأل الله أن يلهمك رشدك ويقيك شر نفسك.

هل أنتظرها أم أتركها؟

هل أنتظرها أم أتركها؟ المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم (رئيس كتابة عدل المزاحمية) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 5/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أعرض عليكم مشكلتي، وأرجو منكم تقديم رأيكم وخبراتكم، فأنا شاب أبلغ من العمر27 سنة، أحمل شهادة جامعية، موظف ومرتبي جيد -ولله الحمد والمنِّة من قبل ومن بعد-، مثلي مثل كل شاب في هذا العمر تقدمت إلى إحدى الفتيات خاطباً، ولم يمانعوا في ذلك، بشرط زواج البنت الكبرى، وعمرها يقترب من عمري، والبنت التي أريدها هي الصغرى عمرها عشرين سنة، وكما تعلمون جميعكم أن الزواج أمر بيد الله، لا أحد يعرف متى يأتيه نصيبه، والأيام تمضي والسنوات تسير وهي محسوبة من أعمارنا، سؤالي: هل أنتظر حتى يأتي نصيب الأخت الكبرى؟ وكم ترون المدة اللازمة للانتظار؟ ولو افترضنا أنني تركتها وبحثت عن غيرها، هل سيبقى في ذهني ذكرى لهذه الفتاة وندم على تركها؟ وكيف أتخلص من ذكرها إلى الأبد؟ ساعدوني جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قبل الإجابة على سؤالك أحب أن أبيّن أن ما يفعله بعض الناس من عدم تزويج بناتهم بحجة وجود بنت أكبر من المخطوبة أن هذا أمر خطأ، ولا يجوز للولي أن يرد الرجل الكفء صاحب الدين والخلق بهذه الدعوى، فإن لكل بنت رزقها الذي كتب الله لها، وكلنا يعلم أن هذه الطريقة قد تسببت في عنوسة كثير من بنات المسلمين. أما قولك: هل تنتظر حتى تتزوج أختها الكبرى، فأقول: إن هذا تعليق على أمر لا يعلم متى حصوله، كما أنه في مقابل حث النبي -صلى الله عليه وسلم- الشباب على الزواج متى ما توفرت أسبابه واستطاع الشاب ذلك، انظر صحيح البخاري (5066) ، ومسلم (1400) ، وعلى هذا فإني أدلك على توسيط أهل الخير في إقناع أهل هذه الفتاة، فإن لم ينفع ذلك، فتذكّر قول الحق سبحانه: "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء: 19] ، كما أن الاستخارة مشروعة في مثل هذه الأمور. وفق الله الجميع لمرضاته، والسلام.

سمعة أبي عقبة في طريق زواجي

سمعة أبي عقبة في طريق زواجي المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 18/01/1426هـ السؤال أخي الفاضل: أنا فتاة، على خلق قويم ومن عائلة معروفة بخلقها، مشكلتي أن أبي يزاول عادة (الزار) ، وهي -كما قرأت- نوع من أنواع الشرك والعياذ بالله، وقد اعتزلنا أبي منذ زمن لرفض أمي وإخوتي هذه العادة؛ لأنها تسيء إلى سمعة العائلة وهي محرمة كذلك، وبالطبع فقد شوهت سمعتنا كثيراً، مشكلتي هي -أنا وأخواتي- نعاني من رفض الخطَّاب لنا كلما تقصوا وعرفوا عن سمعة أبي، وما ذنبنا في ذلك سوى أننا نحمل اسمه، ساءت حالة أمي الصحية وأصبحت تفكر بنا، وخاصة أننا ست أخوات في البيت لم يطرق خاطب بابنا إلا ورجع، ما هي نصيحتكم؟ مع العلم أننا طرقنا سبيل النصيحة وإرسال أولي العلم وكبار السن لنصحه، لكن لا فائدة ترجى من ذلك، والعمر يمضي وقطار الزواج يفوتنا، وأمي تسوء حالتها يوماً بعد يوم، وهي ترى أن بناتها من خريجات الجامعات ومن ذوات الخلق لا يخطبهن أحد، أرجو إرشادنا، أثابكم الله. الجواب أختي السائلة سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد: فنفَّس الله كربتك وأسعدك وأخواتك، وبارك الله فيك على هذا التواصل لموقعنا. أختي المباركة آلمتني رسالتك وشق على نفسي معاناتك وأخواتك، ولكن اعلمي أن المصائب جزء من طبع هذه الحياة لا تنفك عنها، فالزمي الصبر وانتظري الفرج فكل ذلك حسنات لك ولأخواتك، فما يصيب المؤمن من هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها سيئات -كما صح ذلك عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام- متفق عليه أخرجه البخاري (5642) ، ومسلم (2573) . أما الجواب: فهو من شقين أحدهما: جهدكن مع الوالد، فلا بد من مواصلة الصلة والنصح وأداء حقه كأب ويعامل بالتي هي أحسن؛ لعل الإحسان والرعاية يؤثر في نفسه، فيقبل قولكم ولو كان بعيداً عنكم. أما الشق الثاني: فهو رسالة لكن مع الوالدة أن تدركن جميعاً أن في مقدوركن عملاً لأنفسكن، فجناية الوالد عليكن واضحة، فهل تتقوقعن وتسكتن وتلذن بالاستسلام، فلا بد من كسر الحاجز بالمشاركة بالأعمال والمناشط الخيرية في المجتمع في جمعيات واجتماعات مباركة حتى تبيضن ما سوده عمل والدكن، ويكون لكن ذكر حسن في المجتمع، ثم بخصوص النكاح فالحرص على الاتصال بمن يعتني بهذا الأمر، كالمسؤولين عن جمعيات الأسرة والخطَّاب والخاطبات والمعتني بذلك من المشايخ، مع الإشارة إلى أن أزواجكن من خارج المدينة أو الدولة قد لا يترك أثره في نفس الزوج كمن يشارككم في المدينة أو الدولة، والاتصال ببعض المواقع المأمونة بالإنترنت كذلك مما يسهل الأمر، وكذلك مما يسهله التنازل عن بعض الميزات في الزواج، كأن تكون زوجة ثانية، وقد تسامح الزوج من القسم الليلي، وبعض النفقة ونحو هذا، والرضى بزوج قد لا يكون متعلماً فالقصد الذرية الصالحة والعيش الهنيء.

وقبل أن أختم مشاعري هذه آمل أن تقنعن أنفسكن للوالدة بأن رواق الأمل والنجاح يكون من داخل النفس لا من خارجها، وكم من معوق كافح حتى خط اسمه في سجل الخالدين، فهل جناية الوالد منعت من الطعام والشراب ونحو ذلك، بل قد رأينا من الناجحين من لا يعرف لهم أب، عجل الله لكن الفرج ومنّ سبحانه على الوالد بالهداية، وعلى الوالدة بالشفاء، وعلى الجميع باجتماع الشمل والرخاء.

أراد أن يخطبها فسبقه إليها غيره

أراد أن يخطبها فسبقه إليها غيره المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 29/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا شاب مقبل على الزواج، وقد اخترت فتاة قريبة لي ذات أخلاق عالية، وحافظة لكتاب الله، فأردت أن أخطبها، استخرت الله -تعالى-، بعد ذلك أحسست بارتياح، ولكن الطامة بعد ذلك فقد فوجئت بأن هذه البنت قد خطبها غيري، بعدها أحسست بهم وضيق، وأن الدنيا قد أظلمت في عيني، ولم تعد عندي رغبة في الزواج، وأشعر دائماً بضيق عند الحديث عن الزواج، وأصبحت هذه البنت تشغل بالي دائماً، وهذا قد يؤثر على زواجي من أخرى، أسأل الله أن يوفقكم لحل مشكلتي. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب كما يأتي: (1) المسلم لا يجوز له أن يخطب على خطبة أخيه؛ لما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن ذلك. صحيح البخاري (5144) ، ومسلم (1408) . (2) المسلم يرضى بقدر الله، ويتقبل ذلك برضا "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" رواه مسلم (2999) . فهو يتقلب بين الشكر والصبر. (3) مآلات الأمور ونهايتها وحقائقها لا يعلمها إلا الله - سبحانه وتعالى-، وربما توقع الإنسان أن هذا الأمر خير له، أو أن ذلك الأمر شر له، والعكس هو الصحيح. (4) الخير فيما اختاره الله لك، وعسى أن يكون في بعدك عن هذه الفتاة خير لك أو لها في الدنيا والآخرة. (5) الحسد من الصفات السيئة التي نهى عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحذر المؤمنين منها، فلا تحسد هذا الخاطب. (6) البنات كثر، وإذا خطبت هذه فعليك البحث عن غيرها، ولعل الله أن ييسر لك من هي خير من هذه الفتاة. (7) عدم التعلق بشخص بعينه، وإنما عليك أن تضع المواصفات التي ترغب فيها وتبحث عن المناسب. (8) تذكَّر أن الأمر قسمة ونصيب، وأن عليك الإلحاح في الدعاء وطلب الخير. والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل لها أن تظل على صلة به؟

هل لها أن تظل على صلة به؟ المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 13/11/1425هـ السؤال السلام عليكم والرحمة والبركات. أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عامًا، لم يكن ببالي فكرة الارتباط، حتى صادفت شابًّا متدينًا إلى حد ما، أحسست تجاهه بأحاسيس لم أحسسها تجاه أي شاب آخر، وكذلك هو، وقد صارح كل منا الآخر بشعوره، تعارفنا عن طريق الإنترنت (كافيه) يمتلكه هو، وتصارحنا عن طريق الإنترنت، وكنا نتحدث أحيانًا في التليفون، ولكني طلبت منه ألا يكون بيننا سوى التحادث عن طريق الإنترنت؛ إرضاء لله، كما طلبت منه ألا يكون بيننا سوى الكلام الذي لا يغضب الله، والحق يقال إنه استجاب لطلبي منه بنسبة كبيرة، وقد رأيت- وهو أيدنى في ذلك- أنه باستطاعتي تغييره كثيرًا، فقد شجعته على عدم التدخين، وعدم سماع الأغاني، وفي نيتي إعانته على الكثير، فكنت أود أن أعرف: هل علاقتنا بهذا الشكل مغضبة لله، خاصة وأني لست مستعدة لأي ارتباط إلا بعد 3سنوات على الأقل؛ حتى أتمكن من تثبيت أقدامي بالكلية التي سألتحق بها، فأنا مقدمة على السنة الأولى من الكلية، وهذا يعني أننا سنظل على علاقة ارتباط 3سنوات أو أكثر دون معرفة أهلي، فهل من الممكن الاستمرار بتلك العلاقة بشكل لا يغضب الله؟ أرجوكم أرشدوني والسلام عليكم. الجواب ابنتي الفاضلة: أسعدك الله في الدارين، وحماك من كل مكروه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: كم كان سروري كبيرًا حين قرأت بياناتك، فإذا بشابةٍ في مثل عمر أولادي، شابة في عمر الزهور تسأل عن دينها خوفًا من غضب ربنا عز وجل، وحرصًا على تجنب الزلل، فالسؤال عن الأمور الشرعية خصلة حميدة سررت بها وأشكرك عليها. وكان سروري أكبر- يا بنيتي- حين رأيت فيك حرصًا على التدين، وظهر هذا من عباراتك التي منها: (طلبت منه ألا يكون حديثنا بالهاتف؛ إرضاءً لله) ، (طلبت أن يكون بيننا الكلام الذي لا يغضب الله) ، (شجعته على عدم التدخين وعدم سماع الأغاني) ، فكان فرحي كبيرًا بهذا التوجه الديني، وتمنيت أن يكون التوجه صحيحًا سليمًا كاملًا، لذلك رفعت يديَّ- وأنا صائم- إلى الله العلي الكريم، فقلت: اللهم ارزق هذه الفتاة تدينًا صحيحًا، وثبتها على الدين القويم، واهدها إلى الصراط المستقيم. بنيتي: أقدر كثيرًا ما هو مكنون في كل شاب وشابة من الرغبة في الطرف الآخر من الجنس الآخر، لكن هذه الرغبة يجب أن نحكِّم فيها الشرع، ثم نحكِّم فيها العقل؛ حتى لا تنحرف الفطرة البشرية السوية إلى أودية الانحراف والهلاك. بعد هذه المقدمات أجيب على رسالتك بما يلي:

أولًا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الإِثْمُ مَا حَاكَ في صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيه النَّاسُ". رواه الإمام مسلم (2553) ، رحمه الله. وفي حديث آخر: "الإِثْمُ مَا حَاكَ في النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ". رواه الإمام أحمد (18006) ، رحمه الله. فلو طبقتِ هذا الحديث النبوي، وهذه القاعدة النبوية على هذه العلاقة التي بينك وبين هذا الشاب لخرجت بموقف شرعي صحيح واضح من هذه العلاقة. فأنت لست مطمئنة إلى هذه العلاقة، وترددت كثيرًا فيها، وأنت تكرهين أن يطلع أهلك والناس على هذه العلاقة، وهذه علامة واضحة على أن ما تفعلينه خطأ، وأنا أسألك السؤال التالي: غدًا ستتزوجين وتصبحين أمًّا- إن شاء الله- هل سترضين حينها أن تحادث ابنتك شابًّا عن طريق الإنترنت أو الهاتف؟ أتوقع أن تقولي: (لا، وألف لا) . فإذا كان الأمر كذلك، فهذا دليل على أن عقلك الكبير يرفض هذه العلاقة، لكن العواطف أحيانًا تكون قوية لا تستجيب لنداء العقل فتُلحق الضرر بالإنسان. وبناءً على ما سبق أقول جوابًا عن سؤالك: لا يمكن الاستمرار على هذه العلاقة بينكما ولو كانت هناك وعود بالزواج، ولو كانت هذه العلاقة على أمل الزواج قريبًا أو بعيدًا، فافعلي ما يرضي الله عز وجل، واتركي المحادثات على الإنترنت والاتصالات الهاتفية. ثانيًا: لا تغتري بما قد يظهره الشاب من التدين؛ فكثير من الشباب كالصائدين المهرة يضعون في الصنّارة لكل سمكة ما يعجبها من الطعام، وهؤلاء الشباب يتكلمون مع كل فتاة بما يعجبها، ويظهرون بالمظهر الذي تحبه. وفي الحقيقة فإن الشباب الذين يكلمون بنات الناس ويتابعونهن أكثرهم -إن لم يكن كلهم- ذئاب بشرية، يوقعون البنت في الحبائل ثم يسجلون المكالمات الهاتفية حتى يبتزوا البنت بها ابتزازًا بلا رحمة، وإذا استطاعوا أن يحصلوا على صور للفتاة مع الشاب نفسه جعلوها وسيلة للضغط على البنت المسكينة، وأكثرهم يَعِدون البنات بالزواج وهم كاذبون، يريدون أن يطمئنوا الضحية؛ حتى تعطيهم ما يريدون، وأكثر هؤلاء الشباب يظهرون حبًّا كبيرًا، وهم في الحقيقة مدّعون، إنما يريدون الإيقاع بالفتاة لتخرج معهم، فإذا تمكنوا منها تركوها تبكي حسرةً على وعود الزواج، وادعاءات الحب الكبير، وتبكي أكثر على عفتها المسلوبة. ثالثًا: أنا أسألك: أين التدين في حياة هذا الشاب وهو يتكلم مع بنات الناس خفية؟ وهذا اعتداء صريح على خصوصياتهم، أين التدين وهو يسمع الأغاني ويدخن، والله أعلم بالباقي؟ أيرضى هذا الشاب أن يكلم أحد أخته في الإنترنت، أو الهاتف؟ الجواب: لا. فيكيف يرضاه للناس؟ ! رابعًا: مجموعة وصايا: (1) أغلقي منافذ الشر التي توقعك في محادثة الشباب. (2) لا يجوز للمرأة أن تكلم الرجال إلا عند الحاجة وفي حدودها. (3) المرأة إذا شعرت بميول نحو رجل فلا تخبره بذلك إلا إذا صار زوجًا لها، وإلا فإنها تدعو الله أن يصرف عنها ذلك الميل. (4) حاولي إشغال نفسك بشيء نافع؛ حتى تنصرفي عن (الشات) والمحادثات.

أخيرًا: أسأل الله أن يعف لسانك وقلمك، وعينك وأذنك، وأن يطهِّر قلبك، اللهم أشغلها بالطاعات عن المحرمات، واجعل في قلبها نورًا، وفي لسانها نورًا، وفي وجهها نورًا، اللهم ارزقها زوجًا صالحًا؛ يذيقها متعة وسعادة الدنيا، ويعينها على تحصيل متعة الآخرة، آمين.

هل يتزوج بمن زنى بها؟

هل يتزوج بمن زنى بها؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 15/11/1425هـ السؤال أنا شاب، أبلغ من العمر 24 عاماً، ومتعسر في دراستي، وأنوي أن أطرق بابًا آخر بجانب الدراسة حتى أستطيع أن أفتح بيتاً، مع العلم أن والدي متيسر ماديًا، ولدي شقة، وأنا على علاقة بفتاة غلبتني نفسي وشهوتي وتطورت علاقتي بها حتى وقعنا في الفاحشة، وأريد عدم الرجوع لهذا الذنب لأني أعلم أنني اقترفت كبيرة. وأعلم أيضا أن الذنوب محق للبركة. وأنا الآن في حيرة من أمري؛ لأني كنت أحلم دائما "بأن أتزوج من فتاة ملتزمة ذات دين كما أمر رسول الله، وأخاف أن تزوجت من تلك الفتاة أن أكون قد جنيت على نفسي، مع العلم أني لا زلت أحبها؛ لأني أعلم أنها فعلت ذلك معي بدافع حبها لي وضعفها أمام شهوتها، ولكني خائف ليس منها، وإنما من تكرار فعلنا لهذا الذنب، فأخاف أن يكون زواجي منها عقاب من المولى -عز وجل-. مع العلم أنها لا تزال بكرًا، ومع العلم أيضا أني استطعت بعون الله أن أصلح من بعض عيوبها، وهي تحاول دائمًا إرضائي ولكن المشكلة في هذه المصيبة التي اقترفناها، فتكرار فعل هذه الفعلة يجعلني أشعر في بعض الأحيان بالاشمئزاز من نفسي ومنها، وأحيانا أخرى بالحيرة، وأحيانا أخرى بالذنب تجاهها لأني أنا الرجل صاحب العقل الذي جعل الله له القوامة. ولي عدة استفسارات في هذا الشأن: 1-كيف التوبة من هذا الذنب لي ولها؟ 2-هل أقدم على الزواج منها أم أتركها؟ ولماذا؟ 3-وإن كان رأي الشرع هو الزواج منها، فكيف ستكون العلاقة بيني وبينها حتى أتقدم لخطبتها، مع العلم أني لا أستطيع التقدم لها الآن لأني في تلك اللحظة التي أكتب فيها لكم لا أملك ما يعينني على أن افتح بيتا؟ 4-هل يستطيع مذنب مثلي -وقع في تلك الفاحشة مع الفتاة التي ستكون زوجة له وأماً لأولاده- أن يصنع أسرة مسلمة تتخذ من كتاب الله وسنة رسول الله منهجاً لها. آسف للإطالة، وجزاكم الله كل خير عني وعن الإسلام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: أخي الكريم: أما بالنسبة للتوبة من هذا الذنب الذي وقعت فيه -أنت، وهذه الفتاة- فإن التوبة تكون بالإقلاع عن الذنب أولاً، والندم على فعله ثانيًا، والعزم على عدم العودة إليه ثالثًا، ومن تاب تاب الله -عز وجل- عليه، والله أفرح بتوبة عبده، والله -عز وجل- يفرح بتوبة عبده إذا تاب، وليس هناك ذنب إلا ومغفرة الله أعظم منه وأوسع، "إن رحمة الله وسعت كل شيء"، فأقبل على الله يقبلك، وأقبل على رب رحيم هو أرحم بك من أمك التي ولدتك، ولا بد -مع العزم على التوبة- من إصلاح حالك ووضعك الذي يجرؤك على هذا الأمر، فتقطع الصلة بهذه الفتاة، وتبتعد عن المثيرات الجنسية، وتبتعد عن الأماكن التي تذكرك بهذا الفعل، وتبين لهذه الفتاة أن مكانتها عندك بمحافظتها على نفسها منك أولاً كما هو من غيرك. ثانيًا: قولك: هل أقدم على الزواج منها أم أتركها؟ ولماذا؟

هذا الأمر يرجع إلى اعتبارات أنت أعلم بها، فإن كنت ترى أن هذه الفتاة مناسبة لك في حياتك الزوجية، وأنها فتاة عفيفة، ولم تقع في هذا الأمر إلا معك، بسبب ما ذكرته من حبها لك وتعلقها بك استسلمت لك، وتعلم أنها لا تقع في هذا الأمر مع غيرك، فإنها إذا تابت إلى الله توبة نصوحًا، وتبت أنت كذلك إلى الله توبةً نصوحًا فإن الزواج بينكما جائز. أما إذا كانت هذه الفتاة تقع في هذا الأمر معك ومع غيرك فلا يصح أن تتزوجها، وكذلك إذا لم تتوبا، فلا يجوز لكما الزواج إلا بعد التوبة من هذا الأمر؛ لأنه لا يجوز الزواج بالزانية. ثالثًا: تقول: إذا كان رأي الشرع هو الزواج فكيف ستكون العلاقة بيني وبينها حتى أتقدم لخطبتها، مع العلم أني لا أستطيع التقدم لها الآن؟ لأنني في تلك اللحظة التي أكتب فيها إليكم لا أملك ما يعينني على أن أفتح بيتًا. كما قلت لك الشرع يبيح لك الزواج، لا يوجبه عليك، وإنما أنت الذي تقرر إن كانت هذه المرأة تتوفر فيها الشروط وتناسبك للارتباط بها أو لا. أما كيف تكون العلاقة بينك وبينها إلى أن تتزوجا؟ فهي كالعلاقة بأي امرأة أجنبية، ولا يجوز لك معاشرتها ولا مصافحتها، ولا النظر إلى زينتها؛ لأنها أجنبية عنك، فيبقى بينك وبينها الاتفاق على الزواج، وخلال تلك المدة أنتما أجنبيان عن بعضكما إلى أن يتم عقد النكاح، ولا يصح أن يكون بينك وبينها لقاءات ولا علاقات حتى يتم عقد النكاح، فهي كأي امرأة أجنبية منك، أما قولك: هل يستطيع مذنب مثلي -وقع في تلك الفاحشة مع الفتاة، والتي ستكون زوجة له وأمًا لأولاده- أن يصنع أسرة مسلمة؟ نقول: هذا الأمر يترتب على معرفتك بهذه الفتاة، فإن كنت ترى أنها ستتوب توبة نصوحًا، وأنها مناسبة لك في بقية صفاتها وبقية أحوالها، فإن ذلك ممكن، أما إذا كان يتحرك في خاطرك أدنى ريبة أوشك فإني لا أنصحك بالارتباط بها؛ لأن الحياة لا تؤسس على الشك، وربما ترتبط بإنسان غيرك، وترتبط أنت بفتاة غيرها، وتستقيم أموركما. أما إذا كان لا يوجد في نفسك أدنى شك فيها، وترى أنها امرأة عفيفة مع غيرك فإن ما فعلتما تغسله التوبة، ويمحوه الإقلاع عن الذنب. أسأل الله لك التوفيق والسداد.

هل الوعد بالزواج ملزم؟

هل الوعد بالزواج ملزم؟ المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 14/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم. واعدني رجل على الزواج، أحسبه من الصالحين والله حسيبه-، لكن أخاه رفض هذا الزواج؛ لأن واحدة من بلدي سببت لزوجها مشاكل كثيرة، فاتصل بي الرجل الذي وعدني بالزواج، قال لي أنا آسف وسامحيني، رغم أنه كان مقتنعاً بي، وأنا كذلك اقتنعت به، والحمد لله أنا ملتزمة ومحترمة من الجميع، وكذلك عائلتي عائلة طيبة جداً، مع العلم أنني لم يسبق لي الزواج وعمري اقترب من الأربعين، لقد تألمت من هذا جداً وجرح قلبي، وجعلني في إحراج مع عائلتي، وخاصة أخي الذي تعرف عليه، ما حكم الشرع في عدم الوفاء بالوعد من هذا الرجل للفتاة؟ وهل هذا يعتبر ظلماً، وأنا أعرف أن المظلوم دعاؤه ليس بينه وبين الله حجاب؟ وكيف يمكن أخذ حقي منه بالدعاء طبعاً؟ وجزاكم الله كل خير، وجعلكم من أهل الجنة إن شاء الله. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: الجواب كما يأتي: 1- المؤمن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، جعلنا الله جميعاً منهم. 2- الخير فيما يختاره الله للعبد، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً. 3- الإنسان لا يقدر مصالحه بنفسه، فيظن أن هذا الأمر فيه خير، وأنه مناسب له، والعكس هو الصحيح، فهذا الشاب الذي وعدك واعتذر لك قد يكون الخير لك في اعتذاره وبعده عنك. 4- إذا كان المقصود أنه وعد فقط، ولم يحصل عقد، فأنت لك الخيار وهو كذلك، والوعد ليس ملزِماً لكل واحد منكما، وعدم التزامه بذلك لا يعد ظلماً لك، ولا يجوز لك الدعاء عليه، بل الواجب حمد الله على جميع ما حصل، والخير فيما اختاره الله. 5- عليك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله أن يرزقك زوجاً مناسباً لك، يسعدك وتسعديه، والأمور بيد الله. والله أعلم.

أريد حفلة زفاف شرعية

أريد حفلة زفاف شرعية المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 08/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي هي أنني علي أن أفكر بالزواج، ولكن ما يؤرقني هو ما سيصاحب الزواج من أمور لا أدري كيف التغلب عليها، ومنها حفلة العرس، إذ إن أهلي أو بالأحرى أقاربي غير ملتزمين بموضوع الغناء للأسف، فأنا أتمنى أن تكون حفلتي على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كيف لي أن أصنع ذلك؟ مع العلم أنه لا يوجد أحد من العائلة قد أتم حفلة زفاف شرعية، فلا أدري ما أصنع، هل أنساق لهذا الواقع؟ أم هناك أمور أستطيع أن أصنعها لإتمام حفلة الزفاف على أجمل ما تكون؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا، علمًا بأن حفلاتنا غير مختلطة- ولله الحمد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخ السائل- حفظه الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولًا: أبارك لك هذا التفكير، فإن الزواج إحصان للمرء، حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري (1905) وصحيح مسلم (1400) من حديث عبد الله بن سعود - رضي الله عنه- خاصة أنك تريد أن تتم مراسم الزواج على المنهاج الإسلامي الصحيح. ثانيًا: على الإنسان المسلم الملتزم بأحكام الشرع ألا ينساق وراء الواقع الذي يعيشه إذا كان مخالفًا للشرع، وأن يسعى جاهدًا على تغيره بما يوافق شرع الله، وله الأجر في ذلك، وكما ورد في الحديث: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا". أخرجه مسلم (2674) . فإذا غيرت المنكر وعملت به، ثم عمل به مجتمعك فلك الأجر متواصلًا إلى يوم القيامة، وهذا فضل من الله عظيم، وعلى العكس من ذلك من دعا إلى ضلالة ومنكر فالإثم لا يتوقف على عمله فقط بل على عمله وعمل من اقتدى به بعد ذلك، فلذا علينا أن نحرص على أن يكون عملنا موافقًا للشرع. فمثلًا: إذا عملت حفلة زفاف وكانت على المنهج الإسلامي الصحيح، ثم عمل بعد ذلك من عمل بعدك كان لك من الأجر العظيم إلى يوم القيامة؛ لأن هذا دعوة إلى الهدى، ومن المعلوم في حفلات الزواج أن من السنة الضرب بالدف فقط (المفتوح من جانب واحد) ، أما غيره من الآلات فهي محرمة غير جائزة، فيجوز لك أن تضرب بالدف في حفلتك، ويصاحب الدف الأناشيد ذات المعاني النبيلة التي تدل على البهجة والفرح، وبهذا يحصل الابتهاج ويدخل الفرح على الجميع، هذا إذا كنت تقدر على فعل ذلك، أما إذا كان لا يوجد من ينشد هذه الأناشيد فالأولى أن يقتصر الحفل على الاجتماع فقط، وتناول العشاء بدون فعل المنكرات؛ لأن الغناء منكر لا يجوز سواء كان معه الآلات المحرمة أو كان الدف ومعه غناء ماجن يحتوي على الغزل المحرم. بارك الله لك في زواجك، ورزقك الذرية الصالحة.

مطلقة ... وتخاف من الزواج مرة أخرى

مطلقة ... وتخاف من الزواج مرة أخرى المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 6/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تزوجت منذ حوالي سبع سنوات ممن لم يتق الله فيّ، ثم طلقت بعد عام ونصف، ومررت بتجربة غاية في القسوة لا أزال أعاني منها حتى الآن؛ نظراً لأخلاق طليقي وعدم التزامه الخلقي والديني - هدانا الله وإياه وسائر المسلمين، والحمد لله على كل حال- فأنا بخير وأحاول قدر استطاعتي الالتزام بطاعة الله - تعالى- نسأل الله لنا ولكم الثبات. المشكلة في أنه يتقدم لي الكثير للزواج، البعض يعلم بطلاقي ويكون لديهم أبناء وأنا -ولله الحمد - لم أرزق بأبناء من زوجي السابق، والبعض الآخر ربما لا يعلم وأشعر بحرج بل بخوف إذا أخبرتهم بسابق زواجي، فيرفضون فأحرج؛ لذا فأنا أرفض بدون إبداء أي أسباب، ومنذ عدة أيام تقدم لي رجل ملتزم، لديه ثلاثة أبناء حديث الطلاق، ويكبرني بعشر أعوام وربما أكثر، ويعيش في أمريكا، وقد رفضته لشعوري أنه غير كفء، ولكني أخاف أن أكون قد رفضت من يُرضَى دينه وخلقه، وأخشى غضب ربي، خاصة وأني أتمنى أن يرزقني الله زوجاً صالحاً. فهل أخطأت في ذلك؟. الجواب الأخت مسلمة: - سلمها الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة: والجواب على ما سألت كالتالي: لا شك أن رد الرجل الذي يُرضَى دينه وأمانته فيه مخالفة شرعية؛ بل قد يعقب الرد عقوبة إلهية؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم- كما في الترمذي (1085) بسند حسن عن أبي حاتم المزني - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه؛ إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "، وفي رواية: "وفساد عريض"، قالوا: يا رسول الله: وإن كان فيه؟ قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه"، قالها ثلاث مرات والرواية الأخرى عند الترمذي (1084) وابن ماجة (1967) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، فإذا كان الرجل - كما تقولين في سؤالك - ملتزماً أي مستقيماً، ولا يعاب عليه في دين أو خلق فتوكلي على الله وتزوجيه، تُؤتي بركة الاستجابة لله والرسول - صلى الله عليه وسلم-، وأما خوفك بإخبار من تقدم لك بزواجك السابق ففي غير محله، وليس بالضرورة أن يخبر بالسبب، ويكفيك أن تقولي: لم نتوافق فيما بيننا، أو لم يكتب الله العشرة بيننا، وليس في زواج المرأة من أحد ثم طلاقها منه عيباً أو عاراً يُستحى منه، فلست أول من طلقت من النساء، ولن تكوني آخرهن، وهو أمر -أي الطلاق- مأذون فيه شرعاً، حينما تستحيل العشرة الطيبة بين الزوجين، ومن ثم لا إشكال البتة من الإخبار به، فتمالكي، وكوني أكثر ثقة في نفسك، وتوكلي على الله، والله معك ولن يترك عملك، ونرجو الله لك التوفيق والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل تخبره بفقد عذريتها

هل تخبره بفقد عذريتها المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته التاريخ 9/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. الشيخ الفاضل: إني أرسل لك سؤالي، وأنا في غاية التردد، إذ أني مسلمة -والحمد لله-، ومن الخليج، ولكني قد ارتكبت معاصٍ كثيرة، ونتيجة هذه المعاصي قد فقدت عذريتي، وأهلي ليس لهم علم بذلك، ولا أستطيع إخبارهم، وقد تبت إلى الله خاضعة، وأطلب منه المغفرة، وأصبح لي الآن عامان من التوبة، سؤالي هو: ماذا أفعل في حال تقدم لي خاطب؟ هل أصارحه أم أكتم الأمر، وأستر على نفسي؟ أو أرفض الزواج تماماً؟ والله أعلم بما في القلوب أني تائبة ونادمة؟ مع العلم لا أستطيع القيام بعملية رقع أو السفر، وقد سمعت من بعض الشيوخ في التلفاز أن الستر أوجب. أفيدوني -أفادكم الله-، أسأل الله المغفرة والتوبة لي ولكم،-جزاك الله خيراً-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فالأصل لمن واقع شيئاً من الحدود أن يستتر بستر الله - تعالى- ولا يجاهر بها خاصةً بعد التوبة، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال -تعالى-: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا" إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان: 68-70] ، ولا يلزمك إخبار أحد بذلك، قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قام بعد أن رجم الأسلمي - رضي الله عنه- فقال: "اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها، فمن ألمَّ فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله فإنه من يبدلنا صفحته نقم عليه كتاب الله - عز وجل-" رواه الحاكم (4/272) ، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ا. هـ، وقال مسروق: خرج ابن مسعود - رضي الله عنه- على أهل الدار فقال لهم: "من جاء منكم مستفتياً فليجلس حتى نفتيه، ومن جاء منكم مخاصماً فليلزم خصمه حتى نقضي بينهما، ومن جاء منكم مطلعنا على عورة سترها الله فليستتر بستر الله ويسرها إلى من يملك مغفرتها، فإنا لا نملك مغفرتها، ونقيم عليه حداً" رواه الطبراني (9/184) ، ولا أعلم نصاً من كتاب أو سنة يأمر بالإقرار أو يحث عليه، بل النصوص واردة بالحث على الستر كما ذكرنا، وقد عرض النبي - صلى الله عليه وسلم- لماعز - رضي الله عنه- لما أقر بالزنا بالرجوع، كما رواه البخاري (12/135) ، بل تعدى ذلك إلى أمر من رأى من وقع على كبيرة وتاب منها بستره كما قال - صلى الله عليه وسلم- للذي حث ماعزاص على الإقرار: "يا هزال لو سترته بثوبك لكان خيراً لك" رواه النسائي في الكبرى (4/306) ، والحاكم (4/403) وصححه. والله - تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

اختيار الزوج أو الزوجة

رفضه أهلي وهو ذو خلق ودين! المجيب حصة البازعي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 29/07/1426هـ السؤال تقدم لخطبتي رجل ذو خلق ودين، أهلي يريدون رفضه؛ لأن وظيفته غير رسمية، فهو يعمل تاجراً، علماً أنه شخص مكافح يبحث عن الأفضل، أمي تريد مني رفضه لهذا السبب، أنا في قرارة نفسي راضية؛ وأشعر براحة كبيرة له؛ فنحن في زمن قلما تجد من يُرضى دينه وخلقه، إخواني جعلوا الأمر مسئوليتي، بعضهم يقول لي إن طُرِد من وظيفته فأنت التي ستصرفين عليه، فأنا في حيرة من أمري، هل أوافق لقناعتي أن أمر الدين والخلق هما الأساس، وهو ليس عاطلاً فعنده دخل مادي لا بأس به، والرزق أولاً وأخيراً بيد الله، أم أرضخ لآراء أهلي وأرفض؟! أرشدوني جزاكم الله خيراً. الجواب أختي السائلة -وفقني الله وإياك-: اعلمي أن أمور الزواج هي من توفيق الله -عز وجل- فاستخيري ربك أولاً، واستعيني به، فبيده مقاليد الأمور. وإذا كان الرجل -كما ذكرت- ذا دين وخلق، فلا أرى مبرراً لردِّه، وأما المال فيذهب ويأتي، والرزق ليس في الوظيفة فقط، والتجارة أكثر بركة، والزمان القادم هو للتجارة وليس للوظيفة، والمطلوب منك ما يلي: - الدعاء، مع الإكثار من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله". - إقناع الأهل بالتي هي أحسن، مع توسيط من ترينه مناسباً للقيام بهذا الدور. وفقك الله.

التدخين ... هل يوجب رد الخاطب؟!

التدخين ... هل يوجب ردَّ الخاطب؟! المجيب محمد العبد الكريم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 13/09/1426هـ السؤال تقدم لأختي شخصان فرفضتهما لأنهما مدخنان، وأعتقد أن من يبتلى بالدخان لابد وأن يكون مبتلىً بمعاصٍ أخرى، وأن فيه تقصيراً في التدين. فما رأيكم بذلك؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي العزيز: إذا تقدم لكم من لا ترضون دينه وخلقه فلا تزوجوه، وهذا هو المفهوم المخالف لحديث أبي حاتم المزني -رضي الله عنه-، والذي فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد". قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه، قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه". ثلاث مرات؟ رواه الترمذي (1085) وقال: هذا حديث حسن غريب. والمقصود من الحديث أن يكون التدين والخلق ظاهراً في خلق الإنسان مرضياً بمقاييس الشريعة وليس بمقاييس العادات والتقاليد. وليس في مقاييس الشريعة الكمال المطلق من جميع الوجوه؛ فإن النقص والتقصير صفة لازمة للإنسان لا ينفك عنها بحال. وعليه فإن التدخين أحد الأوصاف التي تُنقص من قدر المرء، ولكن إن كان هذا النقص يكمله صفات أخرى فما الذي يمنع من قبوله زوجاً، بشرط: أن يكون الغالب على أحواله حسن الخلق والتدين؛ مصداقاً لما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أما إن كان يجمع إلى الدخان صفات أخرى تعيبه في خلقه أو دينه، ويظهر منها أنه إلى الفساد أقرب من الصلاح؛ فاستغنوا عنه، واسألوا الله تعالى له الهداية والتوفيق، واسألوه أن يرزقكم خيراً منه. أما إطلاق قاعدة: بأن كل أو أكثر المدخنين سيِّئو الخلق ضعيفو الديانة فلا دليل واقعي يشهد لذلك، فالدخان كغيره من المعاصي، ولو رُفض كل عاصٍ يتقدم للزواج لما تزوج أحد، فكلنا خطاؤون، ولكن العبرة بما يغلب على المتقدم. والجواب السابق يصلح في حال خشية فوات الوقت، أوانصراف الخُطاب عن المرأة، وسبب ذلك أن الدخان ضرره متعدٍ وليس قاصراً على المدخن فقط، فالزوجة أكثر المتضررين، ومن بعد ذلك الأولاد، فالأفضل أن يحصر القبول في حالات الفوات. فإن كان في الوقت متسع وهناك خيارات أخرى غير المدخنين وغلب على الظن تقدمهم فلا شك أن الانتظار أفضل؛ لأن الانتظار هنا لأجل طلب الكمال في الخلق والتدين وليس لشيء آخر! وحري بمن كان هذا قصده أن يوفق بمن يخاف الله -تعالى- فيمن ولاه الله عليهم. والله أعلم.

أحببت شخصا وخطبني آخر!

أحببت شخصاً وخطبني آخر! المجيب سحر المساعد التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 08/09/1426هـ السؤال تعرفت على شاب وأحببته حتى إنني لا أستطيع أن أفارقه، والآن تقدم لي ابن عمي لخطبتي فوافقت، وأريد أن أترك هذا الشاب الذي أحببته، وأبدأ حياة أخرى، ولكنني لم أستطع، أريد مساعدتكم بإعطائي الحل المفيد، جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: عزيزتي: أنت لم توضحي لماذا لا يتقدم هذا الشاب لخطبتك إن كان صادقاً ومناسباً لك؟ ولكن مشكلتك -حسب قولك- أنك لا تستطعين ترك هذا الشاب، ولا أعلم أيضاً لماذا؟ إذا كان هذا الشاب يبتزك أو يهددك بأي شكل فيجب عليك اللجوء فوراً إلى والدتك، أو أي أحد من الأسرة يمكن أن يساندك، وإياك والسكوت عن هذا الموضوع. أما إذا لم يكن هناك مشاكل فإنك ستتمكنين -إذا عقدت العزم على بدء حياة جديدة مع ابن عمك- أن تنسي كل شيء إذا كان زوجك القادم طيب العشرة ويحبك، فلا شك أنك ستستطيعين؛ لأن الإنسان لديه القدرة من الله -سبحانه- أن يبدأ من جديد دائماً، فهو ينسى وفاة والديه وأبنائه وأحبائه وفراقهم ويكمل حياته، أنوي بإخلاص، وأكثري الدعاء فإنه يساعد كثيراً، وتأكدي أن الله سيعينك. كما أن العديد غيرك مروا بهذه التجربة، وتزوجوا وبدأوا حياة جديدة وعاشوا حياة مستقرة، فأنت لست الأولى ولا الوحيدة، وبالإخلاص أقول لك: تزوجي من ابن عمك إذا كان زوجاً مناسباً لك، ولا تقلقي واتركي الباقي للمولى عز وجل. حماك الله ورزقك.

أتمناه ولا يريدني

أتمناه ولا يريدني المجيب نورة الرشيد التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 02/09/1426هـ السؤال أعرف شاباً تقياً وملتزماً، لا زلت أدعو الله أن يكون زوجاً لي، ولكن الظروف تمنعه من الزواج بي، وطلب مني ألا أنتظره؛ حتى لا تضيع عليَّ أي فرصة زواج أخرى، أريد النصيحة في هذا الأمر، وكيف أدعو الله في هذه الحالة؟ وهل لي أن أطلبه من الله سبحانه وتعالى بالاسم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: الإجابة تقتضي تفصيلاً: (1) أنت تقولين: (تقي وملتزم) وهذا خطأ، فإذا كنت ستصفينه بالصلاح فقولي: أحسبه كذلك والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحداً، فالله أعلم بتقواه، وإن كان الناس يحكمون على الظاهر، والعبرة بالثبات. (2) أنصحك ألا تتمني رجلاً معيناً ليكون لك زوجاً، فالله -سبحانه وتعالى- يقول: "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة:216] ، وإذا صدقت نيتك، وألححت على الله بالدعاء أن يرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك فإن الله -سبحانه- قادر على كل شيء. (3) اعتذار الشاب عن خطبتك، وطلبه منك ألا تنتظريه يدل على تعقله، فما قاله لك هو الصواب. فالذي يبدو أن الشاب ليس عنده استعداد للزواج منك، وقد يكون لا يرغب فيك أصلاً. وأنت لا بد أن تفكري بمصلحتك؛ فالمصلحة تقتضي ألا تذهب زهرة عمرك وأنت تنتظرين شاباً ربما يأتي وربما لا يأتي. فإن تقدم لك رجل آخر ترضين دينه وخلقه، فوافقي بعد أن تستخيري الله -عز وجل- وتستشيري، ولا تضيعي على نفسك الفرص، فلربما تندمين ولات ساعة مندم. فأكثري من الدعاء، ولا تتشبثي وتتعلقي بشخص ربما يكون اقترانك به شراً، والله أعلم وأحكم، وما يختار لعبده إلا ما فيه الخير. -ثقي تمام الثقة أنك مهما عملت فليس لك إلا المكتوب، فقد كتب في اللوح المحفوظ رزقك، فاطمئني، ولا تجزعي لفوات الشاب واعتذاره؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. أخرجه ابن ماجة (2144) . - أنصحك مرة أخرى ألا تطلبي الشاب باسمه عند الدعاء، بل سلي الله الخيرة. أخيراً إن كان قد جرى بينك وبين الشاب -الذي ذكرتِ- كلاماً لغير ضرورة، فاستغفري الله، فالشرع ينهى المرأة المسلمة عن إقامة العلاقات قبل الزواج باسم الحب، كما ينهاها عن مخاطبة الرجال الأجانب لغير ضرورة. وفقك الله لكل خير، ورزقك زوجاً صالحاً، وذرية صالحة، آمين.

حرمت حنان والدي فبحثت عنه في مكان مشبوه

حُرمتُ حنان والديَّ فبحثت عنه في مكان مشبوه المجيب نهى نبيل عاصم داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 28/08/1426هـ السؤال أنا فتاة عشت أتعس لحظات الحرمان، عشت من غير حب وعطف وحنان، رغم أنه لي أم وأب وأسرة كبيرة، لكن أبي مشغول بعمله وسفره، وأمي بعيدة كل البعد عني، فلم أجلس معها، ولم أتكلم معها كأي بنت مع أمها. تعبت من الحرمان إلى أن وصلت لحال لا تطاق، حتى جاء اليوم الذي دخلت فيه الشات، وكان أول يوم أدخل فيه، وقد تعرفت فيه على شاب وأحببته كثيراً، ووجدت عنده ما حرمته، ووجدته إنساناً ذا خلق طيب، واتفقنا على أن نتزوج على سنة الله ورسوله، وبنينا أحلامنا على ذلك، لكن الشيء الوحيد الذي وقف حاجزاً بيني وبينه أنه من بلد غير بلدنا. تقدم لخطبتي شخص آخر فرفضت بشدة، وجاء آخر ووافق عليه أهلي؛ وذلك لأنه ذو وضع طيب، فهو يعمل مهندساً، ومع ذلك لم أوافق عليه؛ لأنه يسافر كثيراً، ويختلط بالبنات ويعاكسهن. يريد أهلي أن يزوجوني وأنا رافضة، لأني في انتظار حبيبي الذي وعدني بالزواج. أرشدوني ماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي في الله: ترددت كثيراً قبل الرد عليكِ، وربي يعلم أنني أخذت أفكر كثيراً في رسالتك حتى أرسل لك رداً أتمنى أن يُرضي الله عني. في البداية أحب أن أوضح لك أمراً هو آية كريمة واضحة، أورد الله فيها الإحسان للوالدين مباشرة بعد عبادة الله الواحد الأحد، قال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي" [لقمان: 14-15] . وحتى ولو كانا مشركين فإننا مطالبون بطاعتهم والإحسان إليهم دوماً. وكي نتحدث معاً في موضوع الوالدين وقسوتهم، علينا التحدث عن شيء مهم جداً، وهو هل أنتِ متدينة وقريبة من الله تعالى؟ هل تقرأين القرآن بصورة منتظمة يومياً؟ إن كان هذا فلي عندك سؤال آخر: هل استشعرتِ من قبل أن ديننا الحنيف يتطلب منا أن نرى أخطاء ونتعظ منها؟ فإن كان الأب قاسي الفؤاد كنا نحن حنونين، وإن كانت الأم متباعدة، كنا نحن قريبين من أبنائنا وأخواتنا؟ علينا دوماً النظر لمن هم أسفل منا، سواء على مستوى المعيشة أو الأخلاق، وبالطبع فعلينا التحدث عن شيء مهم، ألا وهو "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". بإمكانك رفض هذا العريس حتى لا تظلميه - كما تقولين- والاستعانة بالأهل والأقارب ممن لديهم سلطة على والديك، وعليكِ بالتحدث برفق ولين معهم والتشاور في الأمر. أما بالنسبة للشاب الذي تتحدثين عنه، فأطلب منك التريث والتفكر، أمامنا هنا حالة تستوجب التفكير، فالله تعالى أمرنا بطاعة الوالدين، وزواجك من وراء أهلك زواج مرفوض لا يحله الشرع، وهو باطل طالما كان العقد بدون إذن الوالد: "فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان" [النساء: 25] .

وقد جاءت السنة بمنع ذلك، فيما روى أبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجه (1881) ، وصححه ابن حبان والحاكم، عن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا نكاح إلا بولي". وروى أبو داود (2083) ، والترمذي (1102) ، وابن ماجه (1879) ، وغيرهم، عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له". ومنه أيضاً ما رواه ابن ماجة (1882) وغيره بإسناد رجاله ثقات، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها". وروى مالك في الموطأ (1138) عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان". أما النقطة الثانية: فهي أن هذا الشاب ليس من بلدك، وهي نقطة هامة؛ فالزواج من أجنبي أو أجنبية وإن كان مسلماً هو -والله أعلم- زواج محفوف بالمخاطر، وأمامنا الحالات الكثيرة. فإذا ما فكرنا بروية فهل توافقين على السفر إلى بلاد الزوج؟ ماذا تعرفين عن معيشته ووسطه الاجتماعي؟ في البداية بريق الحب يكون خادعاً، وينطفئ مخلفاً حسرات وأسى، أتمنى أن تتريثي وتفكري، ودوماً الأهل لهم نظرة، ويدرون عنا ما لا نعلمه نحن، فاستخيري الله -أخيّتي- أنا لا أقول لك تزوجيه، ولكن فكري مرة ومرتين، وردي علي في رسالة بما قمتِ به، والله يوفقك لما يحبه ويرضاه.

نتبادل مشاعر الحب عبر وسيط، فهل أخطأنا؟

نتبادل مشاعر الحب عبر وسيط، فهل أخطأنا؟ المجيب د. أميرة علي الصاعدي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 24/08/1426هـ السؤال أنا طالبة جامعية أحب طالباً جامعياً وسوف يتخرج معي -إن شاء الله- ونحن لا نتحدث أبداً، ولكن أخته صديقتي، وتؤكد لي حب أخيها لي، وأنا أؤكد لها حبي له, فنحن الثلاثة متدينون، ولا نريد أن نغضب الله, فهل هذا الفعل صحيح؟ علماً أننا نريد الارتباط بعد التخرج -إن شاء الله-. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: أسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينعم عليك بنسائم الإيمان، وأن يلهمك الرشد والسداد. أختي: وصلني سؤالك، وقد لمست فيه صدق حديثك، واستشعارك لمراقبة الله لك، وخوفك من غضبه وعقابه، وهو أمر تحمدين عليه، أسأل الله لك الثبات وعدم الزلل، فاحذري من نزعات الشيطان فهو يتسلل خفية، ويزين لك الأمر ويهونه عليك، ثم ما يلبث أن يوقعك في شراكه من حيث لا تشعرين، والشيطان يحرص على أمثالك من النشء الصالح -أحسبك كذلك ولا أزكي على الله أحداً- وهو قد ألقى في نفسك محبة هذا الشاب، وأوهمك بهذا الحب، وهو مدخل خطير جداً. ولعلك -يا أخية- تدركين أن هناك فرقاً بين الإعجاب والحب، فالإعجاب أمر طارئ ظاهري، فقد يعجب الشخص بجمال شخص آخر، أو يأسره جميل كلامه ومظهره، بينما الحب أعظم من ذلك، فهو لا يأتي إلا بعد العشرة والمواقف الطيبة، وقد جعله الله -عز وجل- بين الزوجين لتدوم الحياة، وتحصل الألفة، فهو لا يكون قبل الزواج أبداً. وهذا الشاب إن كان مستقيماً في الدين، وذا خلق حسن، فالأولى به أن يبادر إلى خطبتك من أهلك، بدون أن يبث إليك مشاعره عن طريق أخته، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، فعليه أن يغض بصره ويحفظ جوارحه، وأنت كذلك؛ حتى لا تقعا فيما لا تحمد عقباه، ولا مانع من الخطبة الآن، ثم يكون الارتباط بعد التخرج؛ حتى تستقر النفوس ويطمئن القلب ولا تجعلا للشيطان عليكما سبيلاً. وأنا لا أرى لك أن تعلقي حياتك بهذا الخيط الذي قد يكون وهماً أو سراباً، فربما يتقدم إليك في هذه الفترة من هو كفء صالح فترفضينه، بحجة أنك تنتظرين هذا الشخص، والقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف شاء، فلعله بعد التخرج يتغير فكره، أو يحصل له ظرف يمنعه من الزواج بك، فالأمر في علم الغيب، ولا تعلمين أين الخير. ونصيحتي لك: ألا تشغلي ذهنك الآن بهذا الموضوع، وأن تطلبي من صديقتك أن لا تتكلم في هذا الموضوع إلا بعد التخرج أو يتقدم الآن لخطبتك، كما أنصحك بالدعاء، ادعي الله أن يختار لك الخير في أمرك، ولا تطلبي هذا الأمر بعينه، فإنك لا تدرين أين الخير. وأقبلي على طاعة ربك، واحذري الاختلاط مع الشباب في الدراسة، فإن هذه الخلطة تفسد القلب، وتعين الشيطان، وإياك والنظرة فإنها سهم مسموم من سهام إبليس، ولا تسترسلي في التفكير في هذا الشخص، فهي خطرة ثم فكرة ثم نظرة ثم كلمة، ثم لا تدرين ما يحصل بعد ذلك. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم، أن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه، ويريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

صراع بين الحب والشك

صراع بين الحب والشك المجيب د. راشد بن سعد الباز عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 22/08/1426هـ السؤال ارتبطت بإحدى الفتيات ارتباطاً عاطفياً قويا وحدث معها بعض التجاوزات التي كادت أن تؤدي للزنا، وكانت دائماً ما تقول: إنني أول من لمسها، وصدقتها، وبالفعل أسعى للارتباط بها جدياًّ، وكلمت أهلها للزواج بها، ولكن ساورتني حولها بعض الشكوك، وكلما أضعها في اختبار تفشل فيه ويزيد شكي فيها..لا أستطيع تحمل أن أتزوجها على هذا الشك الرهيب، رغم أنني أحبها جداً، وتلك هي مصيبتي الكبرى، ويعلم الله بنيتي، لكن الشك يقتلني نحوها، على هذا الوضع حوالي سنة، وكلما أجدد فيها الثقة يعود إليَّ الشك من أقل الأسباب، وهى تحبني جداً كما تقول، فهل إذا تركتها مرغماً بفعل الشك ولم أتزوجها وتبت إلى الله عما فعلته معها، فهل تركي لها حرام، وهل يقبل الله توبتي لو كانت هي مظلومة، ولكن مرض الشك لا أستطيع الفكاك منه، وشكراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: بالنسبة للمشكلة التي أشرت إليها فأولاً يجب عليك التوبة مما أقدمت عليه من أفعال؛ لأن ذلك يتنافى مع تعاليم الإسلام، وأحمد الله أنّ فعلك لم يصل إلى ارتكاب الفاحشة، واعلم أنّ الله تواب رحيم يغفر الذنوب، جميعاً، يقول الله سبحانه: "أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" [المائدة: 74] ، ويقول سبحانه: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله " [الزمر:53] ، وقد جاء في الحديث الشريف: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" أخرجه ابن ماجه (4250) . وفي الحديث الآخر: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم". أخرجه مسلم (2749) ، وفي حديث آخر: "كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون". أخرجه الترمذي (2499) ، وابن ماجه (4251) . وفي الحديث القدسي: "يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة" أخرجه الترمذي (3540) . وقد بين العلماء شروط التوبة وهي: (1) الإقلاع عن الذنب. (2) الندم على ما تم اقترافه من ذنب. (3) العزم على عدم العودة إلى اقتراف الذنب. (4) الاستغفار. وفيما يتعلق بزواجك من الفتاة التي تشك فيها، فقد أشرت في عرضك للمشكلة أنّه "كلما وضعت الفتاة في اختبار فشلت ويزيد شكي فيها" و"كلما جددت الثقة فيها عاد الشك فيها من أقل الأسباب"، وكذلك "مرض الشك لا أستطيع الفكاك منه" ويبدو أنّ شكك فيها سيُلازمك حتى بعد زواجك منها، وأعتقد أنّ الفتاة أيضاً تحمل نفس الأفكار تجاهك أي أنها تشك فيك. وحسب خبرتي في مثل هذه الحالات فإنّ الزيجات التي تبدأ بشكوك أحد الطرفين في الآخر تكون حياتهم -عادةً- غير مستقرة وتنتهي إلى الفشل.

أخي الكريم: يجب أن تُفكر بعقلك وليس بقلبك وتتحكم في مشاعرك، لذا فمن المناسب والأفضل لك ولها أن تبتعدا عن بعض، وكلٌّ يسيرُ في طريقه، وكل منكما سيجد الطرف الآخر الذي يبدأ معه حياة زوجية بعيدة عن الشكوك، بإذن الله. وفي بحثك عن زوجة المستقبل أبعد عن الطرق غير الشرعية في تكوين العلاقة ولا تستغل عاطفة الفتاة وضعفها واحرص على محارم أخواتك المسلمات. أسأل الله أن يُنير لك الطريق ويرزقك بالزوجة الصالحة.

الحب الصامت

الحب الصامت المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 10/08/1426هـ السؤال أنا فتاة غير متزوجة، أحببت شخصاً، وتمكَّن حبه من قلبي، مع أنني لم أسع لهذا الحب، بل هو من تسبَّب في حبي له؛ بسبب صفات معينة فيه، وإن كانت فيه صفات أخرى أكرهها, وأريد معرفة حكم هذا الحب، مع العلم بأنه لم يصدر شيء مني له يبين حبي الصادق، وإن قلت صادقاً فذلك لأنه مضى أكثر من سنة، وأنا أحب هذا الشخص وما أزال، ولأنني أدعو له بالخير والهداية في كل دعوة أدعوها لنفسي في الدنيا والآخرة, مع علمي بميله لي من تصرفاته، مع حرصي الشديد على عدم إعطائه فرصة للحديث معي، أو تواجده عندي، أو الإسهاب معه في الكلام، ولأن ميله لي قد يجعله يرتكب حماقة أنا لا أستطيع أن أتفاداها, وأنا لا أخاف من نفسي في الوقوع بالخطأ؛ لأنني أخاف الله كثيراً، وأتجنب جميع الطرق التي تؤدي إلى فتح باب للشيطان، وأحاسب على تصرفاتي، بل وحيائي وقوة شخصيتي يساعداني على ذلك، ومشكلتي هي معرفتي بأن هذا الشخص فاسق، ولكن قلبي ليس ملكي, فقط عقلي وإيماني وخوفي من الله يجعلني أرفض البوح بمشاعري، أو أتقبل إبداء حبه لي شفهياً، وحتى لو أراد الزواج مني فلن أوافق؛ لأنني أخاف من حياة الفسوق التي هو عليها، وأريد حياة كلها تقوى وعبادة, وإن تمنيت الزواج منه فقط لمساعدته على عبادة الله ورجوعه إليه وتركه للسيئات. لقد تقدم لي أشخاص يمتازون بالصفات الحسنة، ولكنني أرفضهم من غير أن أراهم؛ لأنني لا أستطيع الزواج وقلبي متعلق بهذا الشخص, فأنا لست من النساء اللاتي يستطعن النسيان بعد زمن، أو التأقلم مع حياة جديدة, فأنا لا أستطيع أن أتقرب من رجل آخر مهما يكن. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أيتها الابنة الكريمة: أعلم أن عواطفك المشحونة، وأن مشاعرك المشبوبة لا تستأمرك في التوقد، ولا تستأذنك في التوجه، ولكن لابد أن تكون العاطفة مزمومة بزمام العقل، ولذلك اشترِط الولي للمرأة؛ لأنه يضيف عقله إلى عاطفتها، ولذا لا بد من اتخاذ التدابير التي تعالج حالة التعلق من قبلك. أذكِّرك -ابنتي- بأن هذا التعلق بشخص متزوج، وله حياته الخاصة التي -هي باعترافك- حياة عامرة بالفسوق ليس في مصلحتك، وأنا على شبه اليقين أنه لو تم بينكما زواج فإن حالتك ستكون في غاية السوء والتعاسة؛ لأنك لن تتعاملي مع ضرة، ولكن ستتعاملين مع ضرائر كثر، وعلاقات محرمة أو مشبوهة، وهذا من أكثر ما ينغص الحياة، ويسرع بالفشل لهذا الزواج، ويقلب حياة المرأة إلى تعاسة دائمة، ونصيحتي لك هي الابتعاد عن شخص بهذه الصفات حتى ولو تقدم لك، وإذا كان زواجه من امرأة لم يعفه ويحصنه من الفسوق، فإن زواجك به أيضاً لن يعفه ويعصمه من الفسوق، ما لم يفتح الله عليه بهدى من عنده.

كما أنبه إلى أن ما تظنينه تعلقاً منه أو حباً لك هو شيء تصنعينه أنت بنفسك، ولا أعتقد أنه شيء حقيقي، ولكنها قرائن تؤملين بها نفسك، ولذلك فربما تفسرين محاولات تقربه منك ولقاءه بك على أنها حب، وهذا غير صحيح، فالمحب من الرجال يكون صاحب مبادرة يتقدم ويطلب الحلال، ويأتي البيوت من أبوابها. أما قولك: فقد تقدم لي أشخاص لهم صفات حسنة ورفضتهم، فأنا لست مثل النساء اللاتي يتأقلمن على حياة جديدة، فأنا لا أستطيع أن أتقرب لرجل آخر مهما يكن. فأقول: هذا التصرف منك تصرف خاطئ، والذي أراه أنه إذا تقدَّم لك شخص فادرسي حاله، وانظري إليه وانظري في صفاته، ثم إذا رأيته مناسباً من جميع النواحي، واستعنت بالله فتزوجي به، فلا يعالج الحب إلا حب آخر جديد، وأتوقع أنك إذا تزوجت بإنسان ذي خلق ودين، وفي الوقت نفسه ذو مشاعر عاطفية، فإنه سوف ينسيك هذا التعلق بهذا الشخص. مثلما تدفع الغيوم الغيوما.... الغرام الجديد يمحو القديما ولا يُنسي الرجل إلا رجل، فما دام أنك تردين كل من تقدم من غير تفكير فيه، بسبب تعلقك بهذا الشخص فستتفاقم حالتك، وأنصحك بالتفكير الجدي في كل متقدم لك، واختيار الذي ترينه مناسباً، والتوكل على الله والزواج، فإن العمر يمضي سريعاً، وهذا الشخص ممكن أن يتعلق بغيرك ويتركك، ويجد في حياته سعة من اللهو والمتعة، في حين أنك تخسرين عمرك وسنوات حياتك. إذا تقدم لك أشخاص فاستخيري الله -عز وجل- وصلي صلاة الاستخارة المعروفة، واختاري من ترين أن صفاته أمثل، وأن قلبك إليه أميل. ولا أرى أن ترفضي من تقدم لك تشبثاً بأمل هدايته، فإن الهداية بيد الله -عز وجل- وأنت لا تعلمين هل هذا الشخص قد كتبت له الهداية أم لا؟ وهل كتبت له الهداية عاجلاً أم آجلاً؟ ولا يصلح انتظار أمل بعيد، وإهدار الفرص السانحة القريبة. كما أني أنصحك في النهاية بإحداث نقلة في حياتك تعيد علاقاتك مع أخواتك الصالحات، والدخول في مناشط دعوية، وإحلال قضايا جادة في حياتك، وأؤكد مرة أخرى على فتح باب قبول الخطَّاب والراغبين، والتفكير الجدي في كل متقدم، وإزاحة فكرة التعلق بهذا الشخص، والبحث عن البديل المناسب، كل هذه أمور تساعدك على التخلص مما أنت فيه. والله يعينك.

رفضه أهلي وهو ذو خلق ودين!

رفضه أهلي وهو ذو خلق ودين! المجيب حصة البازعي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 29/07/1426هـ السؤال تقدم لخطبتي رجل ذو خلق ودين، أهلي يريدون رفضه؛ لأن وظيفته غير رسمية، فهو يعمل تاجراً، علماً أنه شخص مكافح يبحث عن الأفضل، أمي تريد مني رفضه لهذا السبب، أنا في قرارة نفسي راضية؛ وأشعر براحة كبيرة له؛ فنحن في زمن قلما تجد من يُرضى دينه وخلقه، إخواني جعلوا الأمر مسئوليتي، بعضهم يقول لي: إن طُرِد من وظيفته فأنت التي ستصرفين عليه، فأنا في حيرة من أمري، هل أوافق لقناعتي أن أمر الدين والخلق هما الأساس، وهو ليس عاطلاً فعنده دخل مادي لا بأس به، والرزق أولاً وأخيراً بيد الله، أم أرضخ لآراء أهلي وأرفض؟! أرشدوني جزاكم الله خيراً. الجواب أختي السائلة -وفقني الله وإياك-: اعلمي أن أمور الزواج هي من توفيق الله -عز وجل- فاستخيري ربك أولاً، واستعيني به، فبيده مقاليد الأمور. وإذا كان الرجل -كما ذكرت- ذا دين وخلق، فلا أرى مبرراً لردِّه، وأما المال فيذهب ويأتي، والرزق ليس في الوظيفة فقط، والتجارة أكثر بركة، والزمان القادم هو للتجارة وليس للوظيفة، والمطلوب منك ما يلي: - الدعاء، مع الإكثار من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله". - إقناع الأهل بالتي هي أحسن، مع توسيط من ترينه مناسباً للقيام بهذا الدور. وفقك الله.

هل أتزوج بها؟

هل أتزوج بها؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 22/07/1426هـ السؤال أنا شاب مستقيم -والحمد لله- ومقبل على الزواج, ولكني في حيرة لا يعلمها إلا الله، مشكلتي تكمن في أني وقعت في حب متبادل مع ابنتي عمتي, ثم انفصلت العلاقة التي كانت مجرد نظر وكلام؛ لأننا من عوائل محافظة, وقد أحببتها حباً عظيماً, حتى عقدت العزم على الزواج بها متى سنحت الفرصة لي, والآن مازلت أحبها، لكن عقلي يمنعني منها؛ وذلك لأنها تكبرني سناً, وهي فتاة مترفة, مرت بمرحلة مراهقة تشاهد فيها القنوات الفضائية والأفلام , وتذهب إلى الأسواق بكثرة، والداها غير منسجمين يكثر الخلاف بينهما، وما يجذبني إليها هو جمالها وتدينها، أهلي لا يرغبون بها وجعلوا الخيار لي، مع أني أخشى إن تزوجت غيرها لم أوفق في زواجي، لأني سأتذكرها وألوم نفسي على عدم زواجي بها، أرجو أن ترشدوني ماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: أرى أن تتريس وتقلب الأمر من جميع وجوهه، وعليك بالاستخارة، ولا تعجل، ولا يستهوينك جمال الفتاة، فليس الجمال هو الذي يُشبع رضا الزوج لزوجته، ولا بالذي يمنع حدوث المشكلات بينهما، وأسأل عن أخلاقها ومعاملتها مع الناس، وقدر التزامها بحجابها ومحافظتها على صلاتها وبرهاً بأمها. ولقد قلت: إنها تديَّنت، لكن ما مفهوم التدين لديها، هل هو مجرد محافظة على الصلوات والأذكار والتزام الحجاب؟ أم هو إضافة إلى ذلك خُلُق حسن وعفة لسان وسلامة صدر وصدق في المعاملة والحديث وغض بصر و ... الخ؟. فمن النساء من ينحصر تدينها في الحجاب والصلاة، ويغيب في معاملتها مع الناس، فربما كانت سليطة اللسان كثيرة الكذب والحسد والغل والسخرية والاحتقار وقلة الاحترام والتعالي والكبر والنشوز لوليها وعدم الاكتراث لمخالفة أمره. ولا أقول هذا لأزهدك فيها، لكن لا بد أن تراعي تحقق تدينها في أخلاقها، كما تراعي تحققه في صلاتها وحجابها. ثم لماذا أهلك لا يرغبون بها؟ أرى أَنْ تستفسر منهم سبب ذلك، فإما أن يقنعوك أو تقنعهم، واستشر أمك فإنها ترى ما لا ترى، وتراعي ما لا تراعيه أنت بحكم خبرتها ودرايتها بالفتيات. وفقك الله.

زواج.. عن طريق البريد الإلكتروني..!!؟

زواج.. عن طريق البريد الإلكتروني..!!؟ المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 13/7/1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا في حيرة وتردد كبيرين.. وليس لي بعد الله إلا أنتم لا ستشيره في مشكلتي.. حيث أرسل لي أحد الأشخاص عن طريق الإيميل رغبته في الارتباط بي.. وأخبرني عن حالته وعن الأمور الأساسية كعمره وعمله واقامته وأسرته وكان هناك نوع من الاتفاق فيما بيننا بالرغم من أننا لم نتراسل إلا ثلاث مرات فقط..!! لكن كانت هذه المراسلات صريحة بحيث فهمت كل أوضاعه. الآن هذا الرجل يريد مكالمة هاتفية واحدة بدعوى زيادة التعارف تمهيداً للزواج..! ولا أدري هل يحق لي أن أكلمه.. أم ماذا أفعل..؟ آمل الرد بسرعة للأهمية..!! وإن كان رأيك بالاعتراض فلماذا؟! خاصة إذا كان يقسم بأنه صادق.. وبأنه مستعد لكي اسأل عنه من أشاء إذا رغبت.. أفيدوني عاجلاً.. فثقتي بكم كبيرة وجزاكم الله كل خير. الجواب أختي الكريمة اشكر لك ثقتك وتواصلك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وان يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنظل كما أساله تعالى أن يحفظك من كل مكروه بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولا - ثقي يا عزيزتي إن هذا الطريق شائك!! ومليء بالآلام والدموع!!؟ اقسم لك على ذلك عشرات من الفتيات البريئات هن الآن يدفعن ثمنا باهضا لمثل هذه الخطوات والاتصالات التي ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب!!! فتيات عفيفات أخذن الأمر في البداية من باب التسلية وإضاعة الوقت و (التعرف على الآخر) والآخر هنا ذئب شرس لن يتوانى عن افتراسها وابتزازها وتركها بعد ذلك تجتر آلامها وعارها وحيدة منكسرة وقد فقدت اثمن ما تملك!!! صدقيني المآسي تكرر نفسها بطريقة مفجعة وأليمة!!؟؟ والضحايا بالمئات وهؤلاء الذئاب لا يرعون في فتيات المسلمين إلا ولا ذمة همهم إشباع رغباتهم الدنيئة وجمع اكبر عدد من الخليلات المخدوعات! ولو تكلم الليل - أختي الكريمة -لغلبه البكاء والنواح من بكاء المخدوعات وانين المجروحات وفداحة العار والظلم والخسة التي يبيتها مثل هؤلاء الشباب لامثالك!!!! ثانيا - لا تنخدعي يا عزيزتي بالأيمان المغلضة التي تسمعينها منهم فوالله انهم لكاذبين وهم يبرورن لانفسهم كل شيء الكذب والخيانة والغدر وانتهاك الحرمات تحت مبرارت سخيفة يقدم لهم فيها الشيطان ألف حجة ألف خدعة!! فا حذري ثم احذري ثم احذري!!!!!!! ثالثا - لا ترخصي نفسك وتعرضيها هكذا بالمزاد العلني!! صدقيني أعرف منطق هؤلاء الشباب أكثر منك وأحفظه جيدا!!! والله لن يفكر فيك كزوجة وقد تعرف عليك بهذا الشكل ولو قدر لهذا الأمر (الزواج) أن يتم لسبب ما رغم إن النسبة لا تتجاوز الواحد في عشرة آلاف.. فسينتهي سريعا بعد رحلة من الآلام والشك وغيرها والعاقل - أختي الكريمة - من وعظ بغيره لامن وعظ بنفسه

رابعا - طلبه محادثتك بالهاتف هي بداية طريق الهاوية بالنسبة لك وبداية تنفيذ خطته الدنيئة تجاهك التي ربما جربها كثيرا على غيرك ممن يتجرعن مرارة الغدر والخيانة والعار فاحذري مرة أخري أن تقعي في هذا المستنقع الآسن أو تتيحي له أو لغيره مثل هذه الفرصة لأن الكلمة تجر الكلمة والمكالمة تجر المكالمة ووسائل التقنية تخدمه كثيرا في ابتزازك ومن ثم افتراسك وتركك للبحث عن فتاة أخرى خامساًَ _ اعتراضي هو على مبدأ التعارف نفسه فاني أخشى عليك أختي الكريمة من تبعاته إن قبل الزواج أو بعده وشواهدي هنا كثيرة وغير مشجعة!!!! صدقيني سادساًَ - إن كان هناك إمكانية لسؤال اهلك عنه من مصادر موثوقة وكانت النتيجة مشجعة فأسال الله لك التوفيق والسداد ولكن احذري _ أختي الكريمة _ من محادثته عبر الهاتف من أي مكان!! لماذا؟ لأنني أخشى عليك كما أسلفت من تبعات ذلك!! فقد يتبع الاتصال لقاء لمزيد من التعارف والتفا هم ثم والشيطان مستعد دائما لتوفير التبريرات والمسوغات وما إلى ذلك من أعذار أو غيرها!! والإنسان ضعيف ولا أراك مضطرة لخوض هذه التجربة فنتائجها غير مضمونة!!؟ سابعاًَ - ثم إنكما حتى ولو أراد الله لكما أن تتزوجا فستضل بداية التعارف عالقة في مخيلة زوجك وربما حملها الكثير من التهيؤات السلبية والشكوك المريضة وقلب حياتك جحيما ثامناً - ثقي أختي الكريمة أن نصيبك من الدنيا مقدر بيوم وساعة لن يتجاوزها أو يتقدم عليها مهما حاولنا أو بذلنا من الجهد (فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف) ولذلك فاتكلي على الله واتركي الأمر لصاحب الأمر وابقي معززة مكرمة مصونة تاسعاًََََ - اكثري أختي الكريمة من الدعاء بأن يحفظك الله من كل سوء واكثري من قراءة الورد اليومي فهو حصنك الشرعي الذي يقيك بإذن الله من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبيسه اعاذنا الله جميعا منه وفقك الله وحماك من كل مكروه وسدد على طريق الخير والحق خطاك

تاب من الزنا.. فهل أتزوجه؟

تاب من الزنا.. فهل أتزوجه؟ المجيب سلطانة عبد الله المشيقح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 10/07/1426هـ السؤال أنا مطلقة وتقدم لي رجل يصغرني بسنوات، متزوج من قبل، ومتعلم ووضعه ممتاز، هذا الرجل كان زانياً، وقد اعترف لي بهذا الأمر، ويقول إنه تاب منذ حمس سنوات، وقد استخرت قبل أن أعرف هذه المعلومة عنه واستخرت بعدها، فشعرت بالارتياح تجاهه، فهل أقدم على الزواج منه؟ الجواب أولاً: عليك تكرار الاستخارة، فإذا وجدت بعد ذلك ارتياحاً تجاهه فتوكلي على الله، واعزمي على الأمر. كما أخبرك بأنه قد تاب من هذا العمل، ومن تاب تاب الله عليه، فإذا كان الله -عز وجل- قد تاب عليه أفلا نقبله نحن البشر ونتجاوز عن زلته ... ؟! ثانياً: عليك بالسؤال عنه وعن أخلاقه ودينه قبل اتخاذ أي قرار، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال:. "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ... ". سنن الترمذي (1085) . فإذا كان يقيم واجبات الدين، وشهد له بذلك من تثقين في صدقه وأمانته، فلا تترددي في الأمر؛ لأن صاحب الدين والخلق لن يظلمك، بل سيكرمك ويُحسن إليك. ثالثاً: لا تنسي أن تطلبي منه الفحص، فلعله يكون مصاباً بمرض بسبب علاقاته السابقة -المحرمة- فينتقل إليك هذا المرض بعد الزواج، فيكون هذا الأمر سبباً في شقائك مستقبلاً.

خطب لي أبي من غير إذني!

خطب لي أبي من غير إذني! المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 3/06/1426هـ السؤال خطب لي والدي ابنة عمي دون علمي، ولا أرغبها رغم أنها صالحة، ولم يخبرني إلا أخي، فسكتُّ عن الموضوع، غير أن أمي أخبرتني بعد مدة، فلم أجبها إلا بأني لن أتزوجها إلا بعد سبع سنوات، فقالت: إنك لن تجد أحسن منها، كما أن عمك ردَّ خطَّاباً كُثر بقوله: إن بنتي مخطوبة لابن أخي، علماً أني قد فشلت في دراستي الجامعية بسبب التفكير في هذا الموضوع، فأرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: ما دام قد بلغك أن أباك قد خطب لك ابنة عمك، حيث أخبرك أخوك، وأخبرتك أمك ولم ترد على أخيك بشيء، ولم توضح لأمك عدم الرغبة في هذه الخطبة خاصة، فليس لك عذر، فالعلم قد بلغك وأنت لم تعتذر، فلا تجعل البنت المخطوبة ضحية عدم رغبتك غير المؤكدة والمعلنة، ومادامت أنها فتاة صالحة وهي ابنة عمك، فإن القبول والرضا بها فيه خير كثير، وسد لباب شر ربما يحصل لا قدَّر الله. فقبولك الزواج بابنة عمك -لا سيما وأنك لم تمانع ولم تعترض بعد علمك الخطبة- أمر واجب؛ لأنه إرضاء لوالديك، وستر لنفسك، ووفاء للبنت التي رضيت بك، ومنع لشر ربما يحصل لو امتنعت الآن، وذلك بفرقة وخلاف بين القرابة وصلة الرحم مبتداها سيكون بين أبيك وعمك، لاسيما وقد مضت مدة على الخطبة وأنت ساكت مع علمك. ثم لماذا ترفض وهي بنت عم أحبك، ورضي بك زوجاً لابنته، وهي امرأة صالحة كما تقول أنت؟ فاتق الله، وتغلَّب على هواك، وقدِّم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة لنفسك؛ لما في ذلك من خير كثير، ولما في رفضك من شر متوقَّع سيضر الأسرتين، وبإمكانك إخبار أمك بذلك، بأسلوب يجعلها تعزرك وتسعى لإقناع والدك بذلك، وبأنك قد بذلت جهدك وقدَّمت ما استطعت. ولعل والدك إذا علم بفشلك بطريقة مناسبة يسعى لمساعدتك في وظيفة مناسبة، ويرشدك إلى حل أوفق في دراستك. فاستعن بالله وتوكَّل عليه، وفوِّض أمرك إليه، وسترى الخير كل الخير بإذن الله.

هل يزوجني القاضي ووالدي موجود؟؟

هل يزوجني القاضي ووالدي موجود؟؟ المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 29-8-1423 السؤال تقدم لخطبتي رجل من بلد مجاور لبلدي ولكنه يعمل ويعيش في هذا البلد.. هو إنسان صالح وخلوق ومتدين بشهادة الجميع ولدي رغبة في الارتباط به ولكن والدي رافض بحجة أنه إنسان ليس غنياً ومن بلد غير بلدنا ويظن أنه في حال زواجي منه فإنني سوف أصرف عليه. قلبي متعلق به بشدة وراغبة من الزواج منه فأنا متدينة وأهلي غير ملتزمين ومبتعدين عن الدين.. فهل ألجأ إلى القاضي ليزوجني منه؟ أفيدوني وجزاكم الله خيراً الجواب يا أختي الكريمة.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم" مشروع الزواج من أهم المشاريع في الحياة. فما هي السبل لإنجاح هذا المشروع؟ وكل إنسان رجل أو امرأة إذا وصل إلى ساحل الزواج وبدأ يفكر فيه فإنه يجعل نصب عينيه أن يستمر هذا المشروع حتى الممات، بل هذا هو الأصل أن يستمر، فما هي العوامل المساعدة على إنجاح هذا المشروع؟ . وهذا يجب أن نقدم صوت العقل على العاطفة. ويظهر لي والله أعلم أن طريقة تعارفكما تمت بطريقة لا يقرها الشرع. وهو اللقاء والمحادثة ورؤية كل منكما الآخر - حسب قولك - فمن الذي أجاز لك مثل هذا الحديث خارج الأطر الشرعية. هذا أول خلل.. والشيء إذا بدأ مختلاً قد ينهار. فمن عوامل نجاح هذا المشروع أن تكتمل عناصره. ومن العناصر الدائمة لبقائه إقرار الولي ورضاه فإذا كان الوالد هنا لم يرض زال عنك الداعم لك وانقلب إلى ضدك. فتخسرين والدك فما حال المرء إذا خسره والده وخسر هو ولده وهو حي؟؟ ودائماً الوالد أكثر رؤيةً وشمولية وأعرف بتجارب الحياة من أبنائه وبناته وقطعاً هو يريد مصلحتك. فهو يقدر أن الحب وحده لا يكفي في مشروع الزواج. ومن العوامل الهامة لإنجاح المشروع التوافق الاجتماعي من عدة نواحي. وأن تكون الزوجة قريبة من بيت أهلها لأنها محتاجة إلى الحنان الأسري بالإضافة على الحنان الزوجي. والبنت تمر بأطوار مختلفة أثناء الحمل وغيره وهي محتاجة إلى دفئ أمها. فكيف سيكون حالك لو انتقلتِ معه إلى بلده؟ وقولك أنك ملتزمة (غريبة) كيف التقيت به وكلمتِه؟ وأنك تصارعين الرغبة الجامحة. وكأنك تلمحين بالتحديد. إذا لم تتزوجيه فسيكون هناك أمراً محظوراً قد ترتكبانه..؟ ويظهر والله أعلم أنك عاطفية جداً وتتأثرين بالمؤثرات من حولك وقد يكون هذا بسبب معاناة مررت بها وهو تعويض لحنان فقدتِه أثناء الطفولة. وقد تكونين وجدتِ من هذا الشخص رقةً وحناناً عوضك ذلك. آمل أن تفكري بصوت العقل. لأن صوت القلب أحياناً يخدع والبيوت لا تقوم على الحب وحده. مع ملاحظة أن الشرع لا يمنع مثل هذا الزواج من حيث الحكم ولكن للزواج شروط لا بد من توفرها. ومن أهمها - الولي - يعرفها القاضي ولو أن كل بنت أحبت شخصاً تم رفض والدها. أسرعت إلى القاضي وقالت:"زوجني ". فماذا ستكون النتيجة؟؟ فكري ثم فكري ... ألف مرة قبل أن تقدمي على مثل هذا المشروع ... أعانك الله وأرشدك إلى الصواب،،،،

أرغب في خطبة من أحببتها وأهلي يريدون لي أخرى!

أرغب في خطبة من أحببتها وأهلي يريدون لي أخرى! المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 02/07/1426هـ السؤال أنا شاب مقتدر ومؤهل لمسؤولية الزواج، كنت -وما زلت- أحب بنت الجيران منذ الصغر إلى أن أصبحنا ناضجين، وأقدِّر هذا الحب بالنقي الخالي من جميع الشوائب، ويوم عزمت على خطبتها أبلغت أهلي بهذا الخبر (علماً أن أهلي وأهلها يعلمون منذ زمن أن فلان لفلانة) ، ولكن المفاجأة أن أهلي رفضوا هذا الارتباط دون سابق إنذار، وحججهم واهية، مثل: أن هذه البنت ليست من أهلنا، وأن العائلة لا تسمح بأي شكل من الأشكال أن يتزوج شبابها وبناتها من غير العائلة، وبعد مداولات ومناوشات ومناقشات استمرت قرابة السنتين، قررت أن أرضي والديّ وأن أخطب بنت عمي، علماً أنها تصغرني بثماني سنوات، ولا أعلم ماذا أفعل؟ رغم أني والله لا يمر يوم أو ساعة إلا وأنا أتذكر فيها البنت التي أحببت، ولا أخفي عليكم أنني استشرت واستخرت واعتمرت أكثر من مرة، ولا زال هناك حنين وشوق إلى ماضي زماني، أيضاً لا أخفي عليكم أنني أخاف أن يستمر هذا الحب بعد الذي صار، ويزداد أكثر من ذي قبل. أفيدوني مأجورين. الجواب أخي الكريم: لا أدري من أين أبدأ الإجابة على مشكلتك، فهي من السهل الممتنع. أولاً: لا ألومك على ما أبديت من حب لبنت الجيران، بغض النظر عن الطريق الذي سلكته؛ لأن الحب قد يتخطى كل الحواجز والسدود، وقلت إنها تملكت عليك شغاف قلبك، وتقول: إنك أحببتها منذ الصغر، لكن المهم عندنا حبكما بعد النضج، كيف استمر هذا الحب؟ فقد يكون بين الأطفال اندماج حال الصغر، ويكبر معهما، ولكن إذا (حجبت البنت) وكبر الولد، قد يبتعدان عن بعضهما، ولكن قد تكون هناك وسائل اتصال بينهما حتى بعد الحجاب، إما بالنظر أو المحادثة (وهذا غير جائز شرعاً) ، فليتك وصفت كيف استمر هذا الحب، وعن أي طريق؟ وأنا سأناقش موضوعك على أنها مسألة قضيت، وسكنت إلى قلبك. يا أخي الكريم: هل تحققت للناس كل أمانيهم ونالوا ما يريدون في هذه الحياة؟ الواقع لا، والحياة لم تتوقف، والقوي الشديد الذي يفكر بعقله لا بقلبه، هو الذي يتحدى الصعاب، ويشق طريق الحياة على أنها فترة زمنية، وتنتهي، والمهم فيها ما هو الشيء الذي أفعله ويقربني إلى الله -سبحانه وتعالى-. أما رفض أهلك وأسرتك لهذا الزواج، فقد يكون له ما يبرره أصلاً، وأشم من رائحة ما تقول أنكما مختلفين من الناحية القبلية، وهذا موجود في المجتمع، وكثير من العوائل تعتبر هذا من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها. أخيراً أخي الكريم: أين التسليم والرضا بما يقضي الله للعبد؟ فإذا كان الله قد قدَّر أنك لن تظفر بهذه الفتاة، فلن تظفر بها، وعليك التسليم هنا، وتذكر قول ربك سبحانه وتعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم" [البقرة: 216] ، وقوله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب:36] .

أخي الكريم: انظر إلى الأمام، واقبل بما قسم الله لك، ولا تزهد ببنت عمك، فقد يكون الخير لك معها، وكثير من أمور العشق والحب، التي تكون بهذه الطريقة، تنتهي بالفشل، فقد يجري عليها تلك المقولة التي تنسب إلى قيس بن الملوح، عندما قال: شغلني حب ليلى، عن ليلى ... والشيء إذا ملكناه نزهد فيه بعد حين، والذي ندمن عليه لا نحب طعمه، والذي ننظر إليه كل يوم نمل من شكله. أعانك الله، وحقق لك ما تريد. والسلام عليكم ورحمة الله.

ثأر قديم..!! وزواج جديد..!؟ هل يتوافقان؟؟

ثأر قديم..!! وزواج جديد..!؟ هل يتوافقان؟؟ المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 19/4/1422 السؤال لي أخت تقدم لخطبتها أحد أبناء عمي أخو أبي من أمه، وجد الخاطب من أمه قتل جدي أبو والدي، المشكلة أن الناس أخذت تتكلم عن كيفية تزويج هذا الرجل الذي كان بالإمكان رفضه لحساسية الموقف لأن جده هو قاتل جد من خطبها والمشكلة أنني اتصلت على الوالدة وقمت بمهاجمتها وتأنيبها على تزويج أختي من هذا الشخص لأنه ممكن يؤثر على حياتها الزوجية وخاصة أن هذا الشخص رجل بدوي وأختي بنت عاشت في الحضارة وممكن يكون هناك عدم تكافؤ بينهم، وأختي وافقت لكي تتخلص من ضغط المعيشة مع أهلي دون أن تفكر في النتائج، خاصة أنها تبلغ من العمر 23 سنة وأيضاً هذا الرجل لا أحقره رجل صغير البنية وممكن أختي تنصدم فيه، أنا خائفة من هذا، أرجو الرد علي بسرعة وجزاكم الله خير الجواب أختي الكريمة.. حقيقة.. قرأت رسالتك.. أو مشكلتك أكثر من مرة.. ورأيت فيها تداخلاً بين أمور كثيرة عامة وخاصة.. شكلية ومعنوية.. وأمور أخرى..!! وتعليقي عليها من وجوه عدة.. أولاً: لا شك أنك مجتهدة إنشاء الله.. في موقفك.. ولكني أذكرك بقوله تعالى: " ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ... الآية " ولذلك.. فأنا أتمنى لو كان حديثك مع والدتك بعيداً عن المهاجمة والتأنيب!! فذلك أحق بها وأجدر بك.. وأجدى بوجه عام. ثانياً: مسألة عدم التكافؤ.. واردة.. وقد تؤثر وقد لا تؤثر!! ومادامت أختك صاحبة الشأن قد وافقت - بغض النظر عن الأسباب التي ذكرتيها - وهي صاحبة الشأن هنا.. وليست صغيرة أو جاهلة.. فالأمر هنا يعنيها.. ولك عليها حق النصح فقط أما هي فتتحمل تبعات قرارها. ثالثاً: ثقي أنه لن يحدث إلا المقدر.. والمكتوب.. فإذا كان مقدراً ومكتوباً لهذا الزواج أن يتم.. فسيتم في وقته وساعته.. مهما كان تحفظنا أو اعتراضنا عليه وإن لم يكتب له التمام.. فسيكون دونه ألف عائق.. مهما رغبنا فيه وحرصنا عليه. رابعاً: لعلك متشائمة أكثر مما يجب حيال هذا الزواج.. فما يدريك إن أراد الله له التمام.. أن يكون فاتحة خير وصلح على الجميع.. وسعادة وهنا لأطرافه.. " وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" خامساً: لا داعي " لاستعادة الماضي" ونقض الجراح ولا جدوى من نبش القبور " فما مضى قد مضى " ولا تزر وازرة وزر أخرى" ولا عليك مما يقال " فمن راقب الناس مات هماً "!! أما بنية الرجل وشكله.. فهذا مما لا يعيب الرجال فالرجال مخابر وليسو مظاهر. سادساً وأخيراً انصحي والدتك.. وأختك بالاستخارة واللجوء إلى الله بأن يلهمها طريق الصواب.. والحّو جميعا ً بالدعاء بأن يوفق الله الجميع لما فيه الخير

تردد.. وحيرة!!!

تردد.. وحيرة!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 22/4/1422 السؤال أنا شاب ملتزم من أحد البلاد العربية أودى فروضي وواجباتي الدينية ومشكلتي التي عذبتني وأقلقتني طويلا هي مايلي تعرفت عليها عن طريق الكمبيوتر (المحادثة عن طريق الشا ت) وكان هدفي من التعرف عليها إصلاحها لأنها لم تكن تتصرف بطريقة منضبطة!!! بل هي منفتحة اكثر مما يجب!!؟ المهم أشعت بين المتحدثين أنني أود الارتباط بها لولا سلوكها وقد نجحت الخطة وحاولت إصلاح شأنها جزئيا!! ومع الوقت تخرجت وسافرت للعمل لفترة من الزمن وعدت مرة أخرى ووجدتها كما هي وقد حاولت توسيط بعض الزملاء " لمعرفة شعورها ناحيتي " حتى أتقدم لخطبتها " ألانها ترد أحيانا بأنة من العيب أن أسال عنها "وأحياناً أرى في ملامحها من بعيد أنها لا تمانع لو تقدمت لخطبتها ومرة أخرى تخبر بعض الزملاء بأنها لا تفكر بالزواج الآن قبل أن تكمل تعليمها. المهم أنا في حيرة كبيرة.. وتردد أثر على حياتي إلى درجة لا تتصورونها.. فهل أتقدم لها.. وأخشى أن ترفضني..!! أم هل أتركها؟؟ .. وأخشى أن أظلمها وهل لمثل هذا الزواج لو تم أن ينجح ويستمر..؟؟ صدقوني إنني في حيرة!! الجواب أخي الكريم - قرأت رسالتك الطويلة أكثر من مرة ورأيي فيها ما يلي: أولاً: اشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى أن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.. وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل!! كما اسأله أن يوفقنا ويسدد خطانا إنه ولي ذلك والقادر عليه. ثانياً: موضوعك متداخل إلى حدٍ كبير.. وفيه أكثر من طرف.. وبعض الحلقات المفقودة!!! وبالتالي يصبح الأمر.. مشوشاً.. والرؤية ضعيفة!! وقصتك غريبة وعجيبة إلى حد كبير!! ويظهر أنها تجتر أحداثها بطريقة رتيبة ومتداخلة يغلب عليها اللون الرمادي الباهت الذي لا يحدد مقاطعها بقوة..!!! والحكم غالباً في مثل هذه الأمور.. وهذه الظروف.. يشوبه بعض الكدر..!!! ثالثاً: مشكلتك كما يظهر لي أنك - أنت - لم تحدد ما تريد.. حتى الآن.. ولم تقطع في الأمر بعد.. وهذه مشكلة!!! جعلتك تعيش صراع.. الأقدام والأحجام.. القبول والرفض.. وتغرق نفسك في تفاصيل وجزيئات لا تقدم ولا تؤخر إلا بقدر ما تسقط عليها من تفسير؟!! رابعاً: صدقني.. أتفهم مشاعرك.. وادرك الجانب العاطفي فيها.. وهو ما يسبب لك كل هذه الحيرة البادية في رسالتك..! والألم الذي ينضح بين ثناياها..!! ولذلك - أخي

الكريم - قالوا قديما (إن الحب أعمى!!) ولو كان مبصرا لرأيت الصورة كما اراها الآن..!!؟ علاقة مفككة منذ بدايتها.. مبنية على تهيؤات وخيالات..!!! مهما كانت نسبة الصواب فيها فهي لم تصل إلى الحقائق الكاملة الناصعة..!! ومثل هذه العلاقات المهلهلة - صدقني - ليست مهيأة للاستمرار..!!! بل أنى أرى الفشل يلوح في محياها..!! إضافة إلى انك أنت حتى الآن لا تعرف مشاعر هذه المرأة تجاهك..!! وما يحدث يبدو لي.. مشهد عبثي ورواية مفككة.. ستنتهي نهاية " عائمة " وغير مقنعة ... كما بدأت!! خامساً: لكل ذلك.. اقترح عليك أخي الكريم أمران.. اختر أحدهما.. واستخر.. واسأل الله أن يلهمك طريق الخير.. وهما:- · الأول - أن تغلق الستار على هذا المشهد.. وتنهي هذه الرواية عند هذا الحد.. وهذا رأيي الخاص في هذا الأمر.. فحيثيات هذه القصة وبدايتها - صدقني - لا تنبئ لها عن نهاية إيجابية..!! ولا جدوى من التعلق بالأوهام.. والأحلام الرومانسية. · الثاني - أن تقطع الشك باليقين.. وتتقدم لأهلها.. وتسمع الجواب الواضح. .وأنا - حقيقة - لا أحبذ هذا الخيار.. لأنها إن رفضتك.. ازداد ألمك.. وانتقض جرحك فالشعور بالرفض.. شيء ثقيل ومؤلم عند البعض.. وأخشى أن تكون منهم..!! وأن قبلتك.. فإني - حقيقة - لا أتوقع لعلاقة زوجية بدأت بهذا الشكل الغريب.. أن تستمر وتنتهي كما تتمنى. أسأل الله لنا ولك الهداية والسداد والرشاد والتوفيق لما فيه الخير

زواج من الخارج!!!

زواج من الخارج!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 10/10/1422 السؤال أنا غير متزوج وأريد الزواج من خارج المملكة ولكن هناك عقبات منها الموافقة من هنا أي التصريح فهل أذهب وأتزوج وأترك الأمر لله فهو الرازق كذلك لم أجد هنا من أشعر أن في جمالها ما يعفني ولدي رغبة ملحة للزواج من هناك. المشكلة الثانية: أنني من قبيلة ترفض أن أتزوج من غير البلد. الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد. أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: يا عزيزي مسألة الزواج من الخارج.. مسألة تحتاج إلى التفكير بها بعمق وتروٍّ..!! فالمسألة (زواج وأبناء وأخوال وقيم وعادات وزيارات وأمور كثيرة.. إلخ) وليست مجرد رغبة وارتباط وتنتهي الأمور عند هذا الحد.!! ثانياً: أما مسألة الجمال فتأكد أن الجمال مطلب ولكنه ضمن مطالب أخرى..!! فهل فكرت في ذلك..؟ وهب أنك بحثت حتى أعياك البحث فوجدت امرأة جميلة وتزوجتها.. فماذا عن صفاتها الخلقية وطبائعها ومعاملتها؟ ثم قبل هذا كله.. " دينها"!! يا عزيزي، أنت لست تبحث عن اقتناء " لوحه جميلة.. لتعلقها في إحدى زوايا البيت.. وتنظر إليها بين وقت وآخر مستمتعاً بألوانها وأبعادها وزواياها..!! الأمر هنا مختلف جداً فالجوهر هو الأساس الذي يبقى لتنعم به أو تكتوي بناره، أما المظهر فتعتاد عليه ويبقى جزءًا من المشهد.. وقد يبهت..!! وقد تمقته لسبب أو لآخر!! ثالثاً: أما أن تذهب وتتزوج دون ترتيب، وتترك الأمر للظروف فذاك خيار لا أحبذه ولا أوصي به؛ ففي تجارب غيرك في مثل هذا الأمر ما يعفيك من تكرار التجربة.. لأن تبعاتها - غالباً - غير مشجعة إطلاقاً. رابعاً: ".. فأظفر بذات الدين تربت يداك.. الحديث ". هل نسيت هذا الحديث، وهذا التوجيه النبوي الكريم الذي لا ينطق عن الهوى؟! خامساً: فكّر - أخي الكريم - بقضية الأهل ووجهة نظرهم بشكل جيد وكبير.. وتأكد أنهم عزوتك.. ولن تنعزل عنهم أنت أو زوجتك، واحسب الأمر بدقة قبل الإقدام على أي خطوة. سادساً: تأكد.. أننا نفعل الأسباب، وأن الأقدار تسير بمقاديرها، وأن نصيبك قد كتب لك. فأحسن النية، وانظر إلى الزواج بنظرة أكثر شمولية من مجرد (الشكل والإطار الخارجي) ولا بأس من فعل الأسباب مع الاتكال على الله والرضا بما قسم (فعَسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) .. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

عيب خلقي يحول دون زواجي!!

عَيْب خَلْقِي يحول دون زواجي!! المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 18-12-1423 السؤال أنا فتاة متمسكة بديني والحمد لله، وتعرفت على شابّ وهو أخو صديقتي وطلبني للزواج لكن أهلي رفضوا لسبب بسيط وهو أن لديه رِجلاً أقصر من الأخرى على الرغم من أنه شاب ملتزم وذو أخلاق فاضلة، وأنا لا أريد مخالفة أهلي فماذا أفعل حتى أقنع أهلي؟ ولا أريد أن أخسر أيّاً منهما، أفيدوني أفادكم الله. الجواب الأخت الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" من روائع هذا الدين أن جعل للمرأة مكانة عظيمة، وجعل لها حقوقاً كثيرة. ومن هذه الحقوق جعل أمر الزواج بيدها فهي لها الحق في اختيار شريك حياتها. ولكن لا تكون بمعزل عن والديها وذويها لأن لذلك أهمية كبيرة لا تخفى. وبالنسبة لك يا أختي الفاضلة فأنت قلت أنك ترغبين بالزواج من هذا الشاب مع العيب الخلقي (بفتح الخاء) الذي فيه وأن أهلك قد رفضوا هذا الزواج، وأنك في جدٍ من أمرك.. الذي يظهر لي أنك عاطفية، وقد قلتِ أنك قد تعرفت عليه وأنه أخ لصديقتك. فهل يحق لك شرعاً أن تتعرفي على شاب لا يمت لك بصلة إ لا أنه أخ صديقتك. ويتضح بين سطور سؤالك أنه قد حصل معاملات بينكما وإلا كيف تفسري حكمك عليه أنه يحمل هذه الأوصاف.. وأخشى أن تكون هذه نوبة شهامة منك لحالة الإعاقة التي فيه فتأكدي من عواطفك من هذه الخاصية فقد تكون نزوة. مع العلم أن الإعاقة لا تعيب الرجل إذا كان يحمل المواصفات الشرعية وإذا كنت ترين بعد تفكير عميق أنه هو الشاب الذي تريدينه فلو تم إقناع الوالد بطريقة لبقة ولعلها لا تكون من قبلك. فبإمكانك إقناع الوالدة أو الأخ أو العم أو الخال. حسب الأقدر منهم على مفاتحة الوالد، ولكن انتبهي إذا وافق الأهل وهم لم يقتنعوا قد ينهار هذا الزواج لأن حبال التواصل بينكما ستكون هشة، ويكون هو غير مرغوب فيه في محيط العائلة، وأنتِ لا تستطيعين أن تعيشي في مفردك وبعيدة عن أهلك وأسرتك مدى الحياة. أليس كذلك؟ فكري ثم فكري ثم فكري ألف مرة وأعيدي النظر في اللحظات الأولى لطريقة التعارف بينكما تتضح لك معالم طريقك. والقاعدة الشرعية في الزواج هي [ ... إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته وفي رواية وخلقه فزوجوه ... ] الحديث لا تنسي الاستخارة وطلب العون من الله تعالى أعانك الله على اتخاذ الأنسب والأصوب،،، والله الموفق،،،

كيف أرضي والدي في زواج لا أريده؟

كيف أرضي والدي في زواجٍ لا أريده؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 11-12-1423 السؤال مشكلتي أنني لم أتزوج إلى الآن والسبب أنه في بداية حياتي ومنذ تخرجي من الجامعة تقدم لي الكثيرون، ولكن كان أهلي يرفضونهم لأسباب عديدة، وأنا لم أعترض على تصرفاتهم لأنني لا أريد إغضابهم وخاصة أبي، والآن تقدم لي أحد أقربائي وهو يصغرني بالعمر, والله يعلم أنني لم أكن أتخيله زوجاً لي في يومٍ من الأيام، ولكن أبي أصر عليه وحاولت الاعتراض وغضب مني كثيراً ولم يكلمني منذ شهرين بحجة أنني عاصية لأوامره، وأنا التي ضيعت عمري من أجل إرضاء أبي وتحملت الكثير, ولأنني أعتقد أن التقبل أهم شيء في الحياة الزوجية. أفيدوني ماذا أفعل جزاكم الله خيراً؟ الجواب الأخت الكريمة ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فأشكرك على حرصك على السؤال والاستفتاء في أمر دينك وأسأل الله لك التوفيق، وبالنسبة لموضوع زواجك وموقف أبيك منه، فأولاً: من الضروري أن تتذكري أن طاعة الوالدين واجبة ما لم يأمرا بمعصية وأن الإنسان منا ينال بطاعتهما الأجر والثواب، ويحقق بها عبادة عظيمة يحبها الله تبارك وتعالى وبالتالي لا ينبغي أن يحزن لذلك أو يتحسر على بره بوالديه أو يشعر بأن عاقبة ذلك البر إلى بؤس وحزن وحسرة بل الواجب حسن الظن بالله فإنه لا يأمرنا إلا بما فيه الصلاح والخير لنا والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، ثم إن الرجل إذا تقدم للزواج وكان ذا دين وخلق فلا ينبغي رده لأن عاقبة ذلك وخيمة كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ففي الحديث الصحيح يقول -عليه الصلاة والسلام-:"إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، وعلى هذا فلا وجه لرد ذلك القريب إذا كان ذا خلق ودين ولو كان أصغر منك سناً ولك في أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها أسوة، ثم إن الرضى والقبول للشخص ليس بالضرورة أن يكون في أول الأمر، وإنما يكون ذلك بعد معرفته جيداً ومعرفة منطقه وسلوكه وبالتالي أرى أنه من السابق لأوانه الحكم على الشخص بعدم مناسبته أو أن الزواج سيكون فاشلاً قبل السماع منه والسؤال عنه ومعرفة ما عليه من الصلاح والاستقامة. فأنصحك بعدم التعجل في الرد وعدم معارضة والدك وتأكدي أنه لا يريد إلا الخير والصلاح لك والله الموفق وهو المستعان، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبي يجبرني على الزواج

أبي يجبرني على الزواج المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 26-11-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكلتي هي أن عائلتي كلها تريد مني أن أتزوج من ابن عمي، ولكني أبغضه ولا أرى فيه الخير لي، وهو ليس بملتزم ولا تعجبني أخلاقه ولا شخصيته. المشكلة هي أنني لا أستطيع التحدث مع والدي فهو شديد كما أنه يحب أعمامي وجدي ولا يرفض لهم طلباً أبداً، وأعرف أنني إذا رفضت فهو لن يسامحني أبداً. وأمي تخاف أن تكلمه فكيف أتعامل مع أبي عندما يعلم برفضي لأنني إن شاء الله سوف أرفض ابن عمي ولا أريد أن أكون سبباً في خلق المشاكل. ملاحظة: هم إلى الآن لم يتقدموا لي، ولكن منذ سنتين وأنا أسمعهم يقولون إنهم ينتظرون ولدهم إلى أن يكمل الجامعة ثم على حد قول عمي " سيزوجني إياه". أرشدوني كيف العمل؟؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:- من فضل الله على عباده المؤمنين من أتباع هذا الدين الإسلامي جعل لكل حقوقاً وعليه واجبات، فالمرأة في الإسلام جعل لها حقوقاً لا يجوز لأحد أن يمسها، ومن أهم حقوق المرأة الزواج، لذلك جعل أمرها في يدها، فهي صاحبة القرار لها أن توافق ولها أن ترفض. [هذه قاعدة عامة] فأنت يا أختي الفاضلة لك الحق أن تقولي بأعلى صوتك لا أرغب ابن عمي أن يكون شريكاً لحياتي. لكن أن تقولي إن هناك عقبات قد تحول بينك وبين إعلان رفضك، وهي أن والدك غليظ وقاس وأنا أقول أعانك الله عليه. لذلك أنصحك لفعل الآتي:- 1-الالتجاء والتضرع إلى الله حال أوقات الإجابة. بأن يصرفه عنك. 2-صدق التوبة والتوجه إليه سبحانه. فإذا كنتِ قد تلبستِ بشيء مما يغضب الله سبحانه فتخلصي منه. 3-الرفق التام لهذا المشروع إذا كنت غير محبة له أو تعرفين عنه أشياء تخل بدينه وشرفه. لأنك إن وافقت فستدفعين أنت الفاتورة لوحدك. فإن تصبري على غضب الوالد خير من أن تصبري على مرارة الزواج والمشاكل والطلاق بعد ذلك. 4-يقال إن من يحسن طرق الأبواب يجد الطريق سالكة لدخوله؛ وأنت تعرفين والدك. فتحيين الفرصة التي يكون فيها هادئاً. وفاتحيه بتودد بأنك تعتبرين ابن عمك مثل أخيك، ولكن انتبهي لا تبادري بالحديث عن هذا المشروع وهو الزواج حتى يفاتحك أبوك أولاً… 5-هل يمكن أن تكوني مؤثرة على هذا الشاب فيما لو تزوجت به. 6-لو حصل وأن أجبرت عليه، فحاولي الاستفادة من الآخرين مثل العم، أو الخال أو من يؤثرون على اتخاذ القرار من قبل والدك. 7-محاولة إرسال رسالة شفهية مع أي أحد له صلة بابن العم أنك تعتبرينه مثل أخيك، لعله أن يزهد هذا هو قبلك، ولا يقدم على خطبتك. 8-لا تستبقي الأحداث في افتراض شيء قد لا يحصل وتقعين أسيرة الهم، وهذا له عواقب وخيمة. 9-قد يكون في هذا الزواج مصلحة فيما لو أجبرت عليه، فمن يدري؟ أخيراً أسأل الله أن يعينك. وأن ييسر أمرك. وقد يكره الإنسان أمراً قد يكون فيه الخيرة، والإنسان في هذه الدنيا يسير على ما كتب الله له.. وصلى الله على محمد،،،

أحببنا بعضا ولم نتصارح بذلك

أحببنا بعضاً ولم نتصارح بذلك المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 24-11-1423 السؤال أنا طالبة في الكلية من بلاد النيل ودائماً يقال أني صاحبة عقل متزنة فأنا أكبر أخوتي وعلى خلق وتربية دينية سليمة. كان هنالك شاب يتكلم واستشعرت من كلامه أنه يكنّ لي بعض المشاعر ولكن لم يصرح بها والمشكلة أني بدأت أرتاح إليه وهو فعلاً رجل في كل معاملاته وهو عاقل وأنا مقدرة أنه لا يستطيع أن يصرح بمشاعره لأنه ما زال طالباً لكن المشكلة أني حقاً أحبه وأتمناه لي زوجاً وليس حب الطيش وحاولت مراراً أن أنساه وأنشغل بأشياء أخرى ولكن لم أستطع. أريد المشورة وأطلب النصيحة أو الحل. الجواب الأخت الكريمة.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" حينما أتاك ذلك الشعور بالحب والميل العاطفي نحو ذلك الشاب الذي وصفتيه بالرجولة والاتزان والتدين فإنما هو شعور طبيعي جداً ولا أحد يستطيع لومك عليه. فالمرأة أو الرجل وفي هذا السن بالذات حينما توجد مثل هذه المشاعر وهي الميل نحو الجنس الآخر والتفكير فيه أو الاغتباط به إذا وجد فإنما هي مشاعر تمليها الطبيعة البشرية والسنة الكونية التي خلقها الله في جوانحنا وداخل أفئدتنا وما ذلك إلا معجزة إلهية قدرها الخالق سبحانه وتعالى كي يستمر البقاء والإعمار لهذا الكون ويحصل الاستخلاف الذي أراده المولى جل وعلا. فهذه المشاعر إنما هي مشاعر طبيعية ولكنها مع الأسف الشديد وكما يثبته الواقع المشاهد وتشهد بذلك جميع الأمور الحياتية هي مشاعر ذات حدين فهي إما أن تصان وتراعى خصوصيتها وتبقى محفوظة يحفظها الإيمان والتعقل والاتزان إلى أن تحين الفرصة الجيدة والوقت المناسب والأجل المكتوب ليبثها صاحبها ويخرجها من جنانه العميق ويسعى بالطرق الشرعية والأصول المعتبرة للقرب من صاحبه بالخطبة والزواج ليباركه الله عز وجل فيعم بذلك النعيم والسعادة والمودة والسكن الذي أشار إليه ربنا عز وجل بقوله: (وَمن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون) [سورة الروم: 21] . هذه المودة وهذا السكن وهذا النعيم أنى يتأتي لأي أحد من الجنسين المتحابين والمتعاشقين إذا لم يكن اجتماعهما والتقائهما وتواصلهما تواصلاً والتقاءً شرعياً يقوم ويتأصل ويتأسس بأسس السنة النبوية المحمدية الطاهرة وترعاه عين الله وتكلئه بحفظه، وتحفّه بالهناء والسعادة؟

وفي الجانب المقابل وهو الجانب الخطير لهذه المسألة وهو أنه إذا استعجل الرجل أو المرأة في أمرهما وسعيا دون تحفظ في بث شجونهما وأبرزاها وأخرجاها من دون مراعاة لوقت مناسب أو فرصة ملائمة ولم تحفَّها أصول شرعية يرتكز عليها ولم تخيفهما كذلك عادات وأعراف معتبرة تحجّم من ذلك الاندفاع فإن العاقبة لن تكون إلا حسرة تعقب لذة قليلة وندامة بعد هناء مؤقت وهمٌّ طويل طغى على زهرة الشوق بينهما وغم ثقيل يبدد حرارة العشق ويئدها وهي لا زالت في مهدها ويغلف ذلك كله ويختم عليه غضب الله عز وجل ومقته والابتعاد عن مباركته، كيف لا وهما قد استعجلا ولم يراعيا في سلوكهما رضى الله والبعد عن عصيانه وسخطه. صدقيني أيتها الأخت الكريمة أن مثل ما أنت فيه لن يصلح معه إلا أمران مهمان وهما الصبر والدعاء. أما الصبر فالوقت لا زال مبكراً في التفكير في الزواج كما أشرت بذلك في ثنايا سؤالك فقد لا تلاقي فكرة الزواج ترحيباً من المحيطين بكم من الأهل والأقارب وربما كذلك من ذلك الشاب نفسه حتى يتخرج من الجامعة على الأقل ويتحصل على عمل يؤسس من خلاله عش الزوجية. وحتى تستطيعين الصبر على ذلك والهروب من شبح الزلل بعقد علاقات محرمة مع ذلك الشاب واستعجال اللقاء قبل الأوان فإن مصدر قوتك في ذلك هو الدعاء والالتجاء إلى الله ليعصمك ويحفظك والتقرب إليه بالطاعة والبعد عن المعصية فإنه سبحانه إن عرف صدقك أنالك ما تتمنينه وبارك له فيه. وهذه المشاعر التي تجدينها تجاه ذلك الشاب احفظيها ولا تقتليها، ارعيها كما يرعى الإنسان زهرة جميلة لديه وستجدين أنه لن يدوم الحال حتى تتأكدي أن وقت قطافها قد حان وأمام الناس والملأ ولا خشية من أحد ما دام أن ذلك القطف لتلك الوردة الجميلة كان بأصول معتبرة. أخيرا أذكرك بأن البنت وفي مثل هذا السن جميل منها أن تكون على علاقة خاصة بأمها تبث إليها مثل هذه الأشجان فسنك الآن يسمح لك بمشاورتها وإعلامها بالدقيق والجليل من أمور حياتك خاصة إذا كانت الأم واعية وعاقلة وتزن الأمور بروية وأناة بالغَيْن، وصدقيني أنك لن تجدي منها إلى العون والسداد في الرأي. أعانك الله وحرسك وأنالك مُناك،،،

تنام مع أخيها في سرير واحد

تنام مع أخيها في سرير واحد المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 28-5-1424 السؤال خطبت فتاة من بيت محافظ، وقد انزعجت كثيراً وذهلت عندما أخبرتني هي أنها تنام مع أخيها الذي يصغرها بسبع سنوات في سرير واحد، وهي تتحدث عن هذا الأمر بعفوية تامة وتلقائية ودون حرج رغم معرفتها أن هذا الأمر حرام وخطأ شرعاً. أنني أفكر جدياً بإنهاء الخطوبة ولكن المشكلة هي في التأثيرات العائلية، أفيدوني فأنا في حيرة قاتلة تكاد تخنقني. الجواب الأخ المبارك الكريم ... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد آلمني ألمك وأحزنني حزنك وأفرحني حرصك وغيرتك. أخي المبارك.. أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالتفريق بين الإخوة والأخوات إذا بلغوا العاشرة في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأوله "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع"رواه أحمد (6756) وأبو داود (495) ، ولا شك أن هذا الأمر من الشارع فيه استباق للشهوة، فلا تستيقظ شهوة الشاب غالباً إلا بعد هذه السن، فهو من باب الوقاية، فما وقع من خطيبتك لا شك أنه تفريط منها وأهلها هذا هو الشرع، أما الواقع فهي تنام معه في سرير واحد كبير في غرفة خاصة، وتتحدث عن الموضوع بتلقائية، وذكرت أن الأمر عادي وأنه يصغرها بسبع سنوات وقالت: ... إنها لا تتصور أن تنام وهو ليس بجنبها. أخي الكريم ... اعلم أن الشكوك والغيرة قد اختلطت عليك ومنعتك من الرؤية المنصفة فقد حكمت عليها بشبهة وليست يقيناً، ولم تسمع إلى شهادة الشهود، فالشاهد الأول أن الأخوة تمنع من وقوع المكروه، فهي أخته فهل يعقل أن تعبث به ويعبث بها وقد خرجا من رحم واحد، وهما من بيت متدين، نعم هناك حوادث، ولكن الشذوذ كما يقول أهل العلم يؤكد القاعدة لا ينفيها، فالأصل أن المحرمية بنيت على هذا الحاجز النفسي الذي يدفع الأخ لحماية أخته، والحوادث الشاذة لا تصح للقياس بل تبقى شاذة، الشاهد الثاني أنها تتحدث بتلقائية وعفوية فهل من تواقع المكروه تكلم مخطوبها بمثل هذا. ذلك لا يعقل، فلولا ثقتها بنفسها لما تحدثت بمثل ذلك. والشاهد الثالث محافظة البيت وهذه وقاية بإذن الله من أن يقع المكروه الأعظم، فلو فهمت الأمر على أنه إلف بين هذا الأخ وأخته وقد تكون ترعاه من الصغر واستمرت.

أيها المبارك استعذ بالله من الشيطان وحكم العقل والواقع فإن كان فيها ما يدعو لنكاحها من حرصها على نفسها وبعدها عن الأجانب وعن الارتباط بالأصدقاء فهذا هو التدين الذي يحتاجه الرجل حتى لو كانت سافرة غير محجبة، وقد جاء في الحديث في سنن أبي داود "إن الغيرة التي يحبها الله الغيرة في الريبة والتي يبغضها الله الغيرة في غير ريبة" أو كما قال -صلى الله عليه وسلم- وهو حديث جابر بن عتيك رواه أحمد (5/446) وأبو داود (2659) والدارمي (2/149) وفيه جهالة ابن جابر بن عتيك الراوي عن أبيه، لكن يشهد له حديث عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - عند عبد الرزاق (19522) وأحمد (4/154) وهو حديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي ووثق رجاله الهيثمي، فالمأمول منك أيها المبارك الجريان مع الشرع لا مع الطبع، ومع اليقين لا مع الشك، واعلم أن الظن أكذب الحديث كما صح عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم- سددك الله وحفظك وحفظ بك.

ورطة الإنترنت!!

ورطة الإنترنت!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 17-4-1424هـ السؤال مستشاري الكريم ... أنا متفوق دراسياً بحمد الله تعالى وقد استطعت إنشاء مواقع حوارية على الانترنت فكانت سبباً في التعرف على العديد من الناس بما فيهم الجنس الآخر. بداية أنا لست مقتنعاً البتة بالزواج عن طريق الانترنت وحتى إقامة علاقات عاطفية.. ولازلت أناصح الكثير من الزملاء حول هذه القضية فأنا مؤمن أن الزواج هو غاية أسمى بكثير من علاقة تنبني عل الهاتف أو الانترنت. ولذلك فلم أدخل بحمد الله مع أي نوع في علاقات من هذا القبيل. المشكلة أن إحدى الفتيات تعلقت فيّ وأعجبت بشخصيتي وأخبرتها بموقفي من الزواج ولكنها رفضت ذلك واستمرت بالاتصال وطلبت أن أكون كالأخ لها على الأقل إن لم يكن هنالك زواج. أخبرت والدتي بالموضوع لاستشارتها حول هذه القضية فهي إنسان متعلمة وبيننا تفاهم كبير فكان موقفها التقبل وأخبرتني أنها ستوافق إذا كنت أنا مقتنعاً بهذا الأمر. المشكلة أنني لا أعلم كيف أتصرف الآن ففكرة الزواج ليست واردة لدي الآن حتى أكمل دراستي الجامعية ولا أعلم كيف أتصرف مع هذه الفتاة. أما تلك المواقع فقد توقفت عنها ليقيني بأن الفائدة المرجوة منها ليست كما كنت آمل. أرشدوني جزاكم الله خيراً الجواب أخي الكريم.... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " لقد قرأت رسالتك بتمعن ونحن يردنا الكثير كل يوم من مثل هذه المشكلة، فالانترنت فتح باباً واسعاً وكبيراً لمثل هذه الآمال والآلام في نفس الوقت وإن كانت الفتيات لهن النصيب الأكبر من الآلام والعذاب العشقي وذلك بحكم رقتهن وعاطفتهن وبحثهن عن الرجل الذي يملئ عليهن مشاعر الحب والحنان. أنا لن أتكلم معك في حالك وسلوكياتك ورجولتك وآثار العلاقات مع الجنس الآخر فهذا الموضوع قد أشبع طرحاً وأنت في مثل هذا السن وهذه الرجاحة في العقل والحكمة الغالبة على تصرفاتك لا تخفاك جوانب مثل هذه العلاقات سواء الإيجابية أو السلبية. أخي الكريم ... أنا في الحقيقة سأبدأ معك من النهاية وسأكون واضحاً قدر الاستطاعة وفي غاية المباشرة والبعيدة عن التلميح أو التعريض فأنت فوق ذلك. لنتصور بداية أنك قررت الاقتران بها أو على الأقل لم يكن لديك المانع في ذلك.. هل ترى أنت أو تظن أن الصوت أو الكتابة فقط كافيين لأخذ صورة شاملة عن شريكة الحياة؟ ماذا لو كانت قبيحة المنظر؟ أو على الأقل متواضعة الجمال؟ أو فيها من العيوب الخلقية ما يجعلك تنصرف عنها ولا تريدها؟ فقط أريد أن أسألك سؤالاً واحداً هنا؟ وهو ماذا سيكون موقفك منها؟ هل ستضحي بمشاعرك من أجلها فيكون الزواج هنا فقط للمجاملة ومراعاة لمشاعر تلك المرأة؟ أم أنك سوف تعرض عنها وتتركها في عذابها وحطام آمالها فيك مما سيؤثر على حياتها المستقبلية بكل تأكيد. هذه قضية هي في نظري في غاية الخطورة ولا بد من الوقوف معها بكل وضوح لأن في ذلك مصلحة لك ولها.

المشكلة بحق هي أن وسيلة التعارف هي فقط اللسان أو الكتابة بواسطة الانترنت وهنا تكمن المخاطرة كما ذكرت. الزواج يا أخي حياة أبدية وسنين طويلة تعاشر فيها زوجتك كل يوم وكل ساعة تأكلان معاً وتنامان معاً وتقيمان معاً وتسافران معاً ... هي روحك وأنفاسك فلا تتهاون بهذه القضية أبداً. إنها مسألة حياة ومسألة عمر وسنين طويلة. هذه الفتاة غارقة في غرامك وهذا شيء طبيعي جداً بل يوجد الكثير مثل ذلك لدى العديد من الفتيات وبالفعل هي تسعد وتطير فرحاً بمجرد سماع صوتك ولذلك فإن قولها وطلبها بأن تصبح كالأخ لها ليس له معنى إلا المحاولة للحفاظ على هذا الأنس الذي تشعر هي فيه من خلالك. الفتاة تذوب وتنهار قواها عند سماعها كلمات من شاب أجنبي عنها وأملّت فيه مشاعرها.. ولذلك فإنها وبمجرد اتصالها بك تبدأ طيور الرومانسية تحلق في عقليتها وبيانات الخيال العاطفي تعلو شاهقاً بين جوانحها خاصة وهي رأت فيك صدقاً في المعاملة وبعداً عن الخنا والمغامرات المحرمة. إذاً سوف تسأل ما الحل؟ والجواب عدة أمور:- أولاً:- محاولة معرفة نيتك أنت الصادقة وتوجهك نحوها هل الرغبة في الزواج منها من حيث المبدأ أم لا؟ ثانياً:- ينبني على السؤال السابق إن كانت الإجابة بالإيجاب هو أن تحاول قدر الاستطاعة التعرف عليها خلقياً وخلقياً من خلال والدتك أولا.. وهي كما هو واضح من سؤالك امرأة في غاية العقل ما شاء الله تبارك الله ... وأنا في الحقيقة لم أستغرب تصرفاتك وهذه هي صفاتها حفظها الله لك. أقول يجب عليك التعرف على هذه الفتاة وأنها فعلاً الفتاة المناسبة لك وخلال هذه الفترة لا بد أن تقطع جميع اتصالاتك بها بحيث لو لم تجد فيها الصفات المناسبة لزوجة المستقبل يسهل عليك الإعراض عنها. ثالثاً:- من ناحيتها هي فإن غرامك قد أنشب أظفاره في عروق قلبها ولذلك فلن تتنازل عنك بسهولة مطلقاً وهذا ليس لسوءٍ فيها.. كلا.. بل للعذاب الذي تجده هي في قلبها تجاهك، ولذلك فإن كانت الإجابة على السؤال السابق بالنفي وأنك لا ترغب الارتباط بها أو أنك بدا لك من خلال السؤال عنها أنها لا تصلح لك أو على الأقل أنه ليست الفتاة التي كنت تأمل الاقتران بها فإنه لا بد هنا من وضع حدٍ لهذه العلاقة بالتوضيح لها أولاًَ أنك غير راغب بالارتباط بها ثم أيضاً أنك سوف تقترن بفتاة أخرى ولذا يجب عليك إخبارها بأن تقطع العلاقة معها لمصلحتها هي أولاً وهذه هي الحقيقة التي يجب أن تعيها.... لأنها لن تفكر بأي شاب يتقدم إليها ما دام أن علاقتها فيك قائمة لذا ستكون وفياً لها ومحباً لها الخير إذا قطعت مثل هذه العلاقة رأفة بها ورحمة بعواطفها وإعانة منك لها على نفسها. أنا أذكر لك هذا الكلام ليقيني أن في مثل هذه المسائل يكون جانب الحيطة والاحتراس وتغليب الجوانب الأسوء هو الأفضل وهو مقدم على غيره.. لأن ذلك كما ذكرت بداية لحياة وعمر طويل، وإلا فإنه ليس كل حالة مشابهة محكوم عليها بالفشل من أو الطريق بل هناك زيجات قامت وأسر وبيوت بنيت بمثل هذه الطريقة وكان النجاح حليفاً لها.. لكن ذلك مع الأسف قليل جداً، بل هو أقل من النادر.

والإنسان الحكيم من لا يجعل العواطف تتحكم في مصيره وحياته بل العقل والحكمة يجب أن يسودا في مثل هذه المواقف ويجب أن تكون لهما الكلمة الأخيرة والقرار النهائي.. أخيراً ... الإنسان يسعى ويبذل الأسباب وما يكون له إلا ما قد كتبه الله له فكن قريباً من الله داعياً له وملحاً عليه بأن يوفقك للزوجة الصالحة الطيبة التي تسعدك وتملأ عليك حياتك بالحب والأنس والمودة فهو سبحانه قريب ممن دعاه. أعانك الله وسدد خطاك،،،،

تقدم لي شاب ولكني أحب آخر

تقدم لي شاب ولكني أحب آخر المجيب د. عبد الله بن ناصر السدحان مستشار أسري بمشروع ابن باز الخيري التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 29/1/1425هـ السؤال أنا فتاة أنهيت دراستي بكلية الهندسة، والمشكلة التي أرجو استشارتكم بها تخصني، فأنا الآن تقدم لي شاب للزواج مني، وهو من سني، كان زميلي منذ أن كنت في المدرسة، وأنا أعلم أنه يحبني، منذ زمن، وهو شاب هادئ، خجول، مؤدب، وهو الآن طبيب، وإن كان العيب الوحيد الذي فيه هو أنه قصير، أي يماثلني طولاً، فأنا أيضاً أميل إلى القصر، كما أنه ليس وسيم الصورة، وأسرتي لا تفرض عليّ أبداً رأياً، وخاصة في الزواج، ولذلك فإنها ليست مشكلة معهم أني أرفض هذا الزواج، خاصة وأن لهم بعض التحفظات على المستوى الاجتماعي والعائلي له، لكنهم يمنحوني الحرية الكاملة في الرفض أو القبول، بدون أي ضغط علي، والمشكلة تكمن في أني فتاة أخاف الله، ولا أحب أن أظلم أحد، وخاصة هذا الشخص، علماً بأنني لم أخبره في أي يوم أنني أحبه، أو أوافق عليه، وإن كنت أحترمه، وكنت ونحن في المدرسة معجبة بتفوقه، وأخلاقه، ولكن هل يجب أن أحب وأتزوج كل من أحترمه؟ كما أنني لا أستطيع أن أخبره أنني أرفضه؛ لأنه ليس وسيماً؛ ولأنني لا أحب أن أجرح أي إنسان في مشاعره، وخاصة لسبب ليس له ذنب فيه، كما أن هناك سبباً آخر وأهم، وهو السبب الرئيسي، والذي لا أستطيع أن أصارح به أي أحد، بل أحتفظ به لنفسي، ولا أجرؤ على إخبار أي مخلوق في العالم عنه، وهذه أول مرة أتحدث عنه، وهذا السبب أنني أحب زميلاً لي، كان زميلي منذ أيام الدراسة في الكلية، وهو أيضا يحبني منذ سنوات، وأخبرني أنه يريد الزواج بي، ولكن لديه مشكلة مع أسرته، حيث إن والده يرفض أن يرتبط قبل أن يزوِّج البنات أولا، حيث إن له شقيقة لم تخطب بعد، وأخبره أنه يريد الاطمئنان على البنات أولاً، ولذلك لم يتقدم لي حتى الآن، والآن فإن والدتي تريد زواجي بالطبيب، وترى أنه من الظلم أن أرفضه، وأنه إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، فإن لم تفعلوا تكن فتنة، وأنا أخاف الله، وأريد رأيكم، أليس من الظلم والخداع أن أتزوج شخصاً وأنا أحب شخصاً آخر، وأفكر فيه طوال الوقت؟ علماً بأن زميلي المهندس هو أيضاً متدين وهادئ، وخجول، ويحبني جداً منذ رآني أول مرة، ويتميز عن الطبيب بأن ظروفه العائلية والاجتماعية أكثر ملائمة لظرفنا، وأنا هنا لا أتحدث عن الظروف المادية، إذ أنني لا أضعها كمعيار للمفاضلة، أبداً، كما أنه وسيمٌ جدا، ً ويلفت انتباه كل من يراه، وكذلك طويل، وممشوق القوام، ولذلك كانت كثير من الزميلات يعجبن به، وينظرن إليه، ولكنه لم يحب، أو حتى ينظر لأحد سواي طوال هذه السنوات، وأخبرني في المرة التي حدثني فيها بأنه إذا لم يتزوجني فلن يتزوج سواي طول عمره، وهو يحدث والده كل فترة، ولكن والده على موقفه، ولكني ماذا سأفعل إذا لم تخطب شقيقته؟ هل سأظل طول عمري أنتظرها؟ وماذا إذا لم تتزوج؟

وبعد أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم بهذه الرسالة المطولة، ولكن هذه أول مرة أتحدث عما بداخلي، وأطلب الرأي فيه، فإنني أيضاً أشعر بتأنيب ضميري تجاه الطبيب، إذ أخبرتني أمي أنه مريض، وقد ساءت حالته النفسية في عمله؛ لأنه استشعر عدم قبولي، فهل سيحاسبني الله على ذلك؟ وكيف أخبره برفضي؟ وكيف أجيبه عن السبب؟ وماذا عن مشاعري؟ أرجو ألا تأخذوا عنى فكرة أنني سطحية، وأهتم بالمظهر فقط، كما أنني لست مسئولة عن كل من أحبني، فقد تقدم لي زملاء كثيرون؛ يريدون الارتباط بي؛ لهدوئي؛ وأخلاقي؛ والتزامي مع الجميع. هل أنا على صواب أم لا؟ أرجو منكم الرد سريعاً؛ حتى أبلغ الطبيب، فأنا لا أريد أن أعلقه أكثر من هذا، وأرجو أن أكون قد أوضحت الصورة؛ حتى يكون ردكم على رؤية سليمة وواضحة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بدايةً أشكر للسائلة ذلك التفصيل الذي تفضلت به، فهو مما يعين المرشد الاجتماعي، ويكشف جوانب كثيرة تساعد على دلالة المرشد والمسترشد للحل الأمثل – بإذن الله-، وهذا ما تحقق في هذه السائلة بشكل عام. وبدايةً دعيني أُقدم بعدد من المقدمات من المصلحة استحضارها في الذهن، وأنتِ على وشك اتخاذ القرار النهائي في هذا الموضوع المصيري: (1) التريث مطلوب، بل واجب؛ لأن القرار الذي ستتخذينه مصيري؛ ولأنه مستقبل عمر، وقرار سيترتب عليه المضي فيه؛ حتى يترك الإنسان الدنيا في الغالب. (2) الإسلام شرع الرؤية بين الخاطبين لحكم عظيمة وعديدة، ومنها: التأكد من عدم وجود موانع خلقية كبيرة تمنع قبول كل طرف من الآخر، ومنها طرح القبول المبدئي بين الطرفين، ومنها التأكد من وجود الارتياح النفسي لشكل الطرف الآخر الجمالي، وهو أمر معتبر في الإسلام، وإن كان غير مقدم، ولكنه معتبر، وله وزنه، والدليل حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري (5090) ، ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -. (3) ضرورة أن تتعدد موازين الاختيار لديك في زوج المستقبل، وعدم التركيز على جانب دون آخر إلا في جانب الدين، كما أمر بذلك المصطفى – صلى الله عليه وسلم-، وأقصد بذلك وضع عدد من المحددات في قرار الاختيار – وكلها بعد الدين بالطبع- ومنها: الشكل، القبول النفسي العام، الود الظاهر، الارتياح العام- بعد صلاة الاستخارة – رضا الوالدين، ورغبتهما. (4) كأني فهمت من الرسالة أن أسرتك لا تفضل الطبيب كثيراً؛ بسبب وضعه الاجتماعي، في حين وضع المهندس الاجتماعي، والعائلي يتقارب مع وضعكم الاجتماعي، وهذه نقطة هامة، وهي ضرورة وجود تقارب إلى حد ما في الوضع الاجتماعي والعائلي بين الزوجين؛ لضمان استمرار العلاقة، وفهم كل منهما الآخر.

(5) كأني فهمت من الرسالة أسرتك تحثك على الزواج من الطبيب؛ خوفاً عليك من التقدم في العمر، دونما زواج، وفي ظني أو كما يظهر من الرسالة أنهم لا يعلمون بموضوع المهندس ومكانته في الموضوع بشكل عام، وهذا ما يجعلهم يحثونك على سرعة الزواج من الطبيب، ومن هنا لو تقدم المهندس ليطلب يدك سيتغير موقف الأسرة من الإصرار على الطبيب. (6) يتضح من الرسالة أن الطبيب بدأ يشعر بعدم قبوله زوجاً لك، وقد يكون هذا سبب مرضه، وجهة الإخبار هي والدتك، وقد تكون هذه وسيلة من أمك للضغط عليك؛ لسرعة قبولك بالزواج منه؛ لرغبتها فيه زوجاً لك، وقد لا يكون هذا هو سبب مرضه، كما أنه قد يكون غير مريض أصلاً، ولكن بالجملة هذا الاستشعار المبدئي منه نحو عدم موافقتك على الزواج منه مرحلة تدريجية مهمة؛ لتلقيه القرار النهائي منك بالاعتذار عن الزواج منه، ولا أرى في ذلك إثم على المسلم، فمصلحتك الشخصية مقدمة ومعتبرة. (7) لا يوجد ما يلزم الأسرة أن تذكر كل المبررات التي تدعوها لرفض المتقدم لها للزواج من أحد بناتها، بل قد تكون المصلحة عدم الإخبار بالأسباب الحقيقية كاملة، وضرورة التورية بأي سبب من الأسباب، أو ذكر أسباب عامة؛ حتى لا يجرح شعور أي إنسان، ومما يحسن بالمتقدم للزواج أن يفهم ذلك، ولا يسأل تفصيلاً عن سب الرفض، ولا بد أن يفهم المتقدم للزواج أن الأسرة والفتاة هما أصحاب القرار في قبوله من عدمه، وليست ملزمة أن تراعي ظروفه الصحية أو النفسية، كما يحسن التأكيد على أمر آخر، وهو أنه لا يوجد مبرر لتأنيب الضمير حين رُفض الطبيب، أو الاعتذار له، أو غيره من المتقدمين، طالما هناك مراعاة منك بمحددات الاختيار في الزواج في الإسلام. أخلص من كل ذلك إلى أني أميل إلى الاعتذار من الطبيب بأسباب غير جارحة، والأسباب كثيرة جداً، ولا حاجة فيها للكذب، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب، كما قال عمران بن حصين – رضي الله عنه – انظر الأدب المفرد (266) كما أنك لست ملزمة أن تخبريه عن سبب الرفض الحقيقي أو أسباب الرفض كاملة. كما أن الذي يدعوني لتشجيعك على الزواج من المهندس، والاعتذار للطبيب عدد من الأمور منها: - وجود الميل القلبي منك له، ووجود الرغبة القوية منه للزواج منك. - وحدة التخصص العلمي والعملي، والزمالة العملية السابقة مدعاة لمزيد من الألفة بينكما مستقبلاً – بإذن الله-. - احترامه لرأي والده وحتى الآن دليل قوي على بره بوالده، وحرصه على مصلحة أسرته، وشقيقته، وهي نقطة إيجابية في شخصيته. - الصفات الخَلقية والخُلقية دافع قوي للمرأة للقبول به كزوج. وهنا يتبقى نقطة أرى أنها تمثل مشكلة، ولكنها ليست كبيرة، وهي إصرار والد المهندس على عدم زواجه إلا بعد زواج شقيقته، وفي ظني أن تجاوز هذه المشكلة تكمن في محاولة السعي من قبل المهندس للضغط الأدبي، المؤدب على والده للبدء بمشروع الزواج، والبدء بالخطبة كمرحلة أولى وليس زواجاً، ثم تواصل الطلب من المهندس لوالده لإكمال الزواج، كما أنه قد يكون من المناسب إشراك شقيقته في الضغط على والدها لاستكمال زواج أخيها المهندس، وهذه الخطوة مطلوبة منه، وليست منك، ويمكنك التلميح له بذلك، مع ضرورة الانتباه إلى عدم الإصرار عليها.

أختي المسترشدة إن مقتضى النصح لك أختي الفاضلة يدعوني إلى القول بكل وضوح وصراحة، ومن قلب ناصح: إنه من المصلحة الشرعية والشخصية إنهاء هذه العلاقة القائمة بينك وبين المهندس الآن بالطريقة الشرعية، وهي الزواج؛ لتكون علاقة شرعية قائمة على مرضاة الله - عز وجل- بدلاً من الاستمرار في الوضع الحالي الذي لن يخلو ولا يخلو من محذورات شرعية، حتى وإن كانت مثل هذه العلاقات مقبولة اجتماعياً، أو مغضوضاً عنها الطرف في بعض المجتمعات. أختي المسترشدة: أذكرك بمواصلة الدعاء أن يكتب الله لك الخير في مستقبل حياتك، وأن يجعلها قائمة على التقوى، وأسأله - عز وجل- أن يوفقك في حياتك، وينفع بكما وذريتكما الإسلام والمسلمين، إنه ولي ذلك، والقادر عليه. وختاماً لا بد من الاعتذار عن التأخر في الرد، ولكنه جزء من تأمل الموضوع؛ لتحقيق براءة الذمة في النصح، وتقدم الاستشارة. والله الموفق.

طاعة الأم في الزواج

طاعة الأم في الزواج المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 24/1/1425هـ السؤال أختي تزوجت من ابن خالتي؛ لأنهما كانا متراضيين منذ زمن، وكلاهما كان يميل للآخر، والآن أمي الكريمة ترغمني من الزواج من ابنة خالتي، وكأن القضية معاوضة، أخذ وعطاء، وللعلم لا أملك أي شعور تجاه ابنة خالتي، واعتبرها كأخت لي، أضف إلى ذلك فهي متبرجة وتاركة للصلاة، ولا تتبنى ولو مجرد فكرة الالتزام، ولا يمكن أن أربط مشروع حياتي بزوجة كهذه، فهل رفضي يعد عقوقاً لوالدتي؟ خاصة أنها متشددة في هذه الفكرة، وإذا أقدمت على مشروع الزواج دون أخذها للخطبة هل هذا عقوق؟ وفي حالة إذا ما دعت علي فهل دعوتها مستجابة؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد سرني جداً حرصك على برك بأمك فجزاك الله خيراً على ذلك، وسرني كذلك حرصك على ألا ترتبط إلا بزوجة صالحة صاحبة دين وخلق والتزام بشرع الله، نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر. اللهم آمين. كما هو معلوم لديك أن فضل الأم عظيم وبرها واجب على أبنائها، وأن عاقبة العقوق عاقبة وخيمة في الدنيا والآخرة. وبالنسبة لهذه الحالة التي أنت فيها أرى أن تتبع الآتي: (1) حاول أن تكلم الوالدة بأسلوب طيب وتوضح لها الأمر، وأنك تريد زوجة صالحة صاحبة دين كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه، البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، وابنة خالتك لا يتوفر فيها الدين، فإن توفر فيها الدين فلا مانع من زواجها. (2) عليك أن توضح للوالدة مساوئ هذا الزواج، وهو ما يسمى في هذه الحالة: (زواج البدل) ، فلو قدر الله أنه حدث بين أختك وزوجها أي مشكلة، تنعكس عليك وعلى زوجتك والتي يفترض أن تكون ابنة خالتك، والعكس صحيح، وكم شاهدنا ورأينا، وسمعنا عن المشاكل التي حدثت في مثل هذه الحالات، وكم من عائلات وأسر تقطعت أرحامهم بمثل هذه الزيجات، فأنتم الآن في غنى عن ذلك. (3) عليك أن تحاول مع ابنة خالتك إن هداها الله للالتزام بدين الله فبها ونعمت، ويمكن لك في هذه الحالة زواجها، وتكون بذلك أرضيت أمك، أما إذا أصرت ابنة خالتك على عدم الالتزام وترك الصلاة، والتبرج والسفور، وغيره فلا تتزوجها، وإن كان ذلك لا يرضي أمك، وتزوج بغيرها، ولا يكون ذلك عقوقاً بإذن الله تعالى، وإن دعت أمك عليك ولحالة هذه فلا تخشي من ذلك؛ لأن هذا الدعاء ليس محل إجابة لأن فيه تعدي وظلم وجور، ولكن عليك بحسن صحبتها والإحسان إليها مهما حصل لك منها. (4) عليك بالدعاء أن الله ييسر أمرك ويرزقك الزوجة الصالحة ويهدي أمك للحق. هذا والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف أتعامل مع هذا الشاب؟

كيف أتعامل مع هذا الشاب؟ المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 17/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أستشيركم في أمر احترت فيه كثيراً. أولاً: أنا فتاة أحب الدين وأهله، وغالبية الناس ينظرون إلي أني فتاة ملتزمة (وإن كنت لا أرى ذلك) ، دخلت النت، ومع الوحدة والفراغ حادثت بعض الشباب الذين أظن أنهم إن لم يكونوا صالحين فإنهم أقرب للصلاح، المهم إنه من ضمنهم شاب كنت قد تعرفت على أخته من قبل، وهي أخت صالحة، -أحسبها كذلك- وهم من أسرة طيبة، هو شاب ممتاز، تتمناه أي بنت؛ لما فيه من الصفات الطيبة، من استقامة ومحافظة على الصلوات، وحب الجهاد وغيرها، كان قد ألمح لي بحبه، وتفكيره بالزواج مني، غير أني كنت أتجاهل كل ذلك، إلا أنه استطاع أخذ رقم جوالي (ليس عن طريقي) وأخذ يبعث لي برسائل تحمل في طياتها الحب والحزن، وجعلني في موقف لا أستطيع تجاهل مشاعره، غير أنه إنسان كتوم، ولم يصارحني بشيء، وكأنه يريد أن أبدأ أنا، وفي الحقيقة أنا لا أبادله نفس الشعور، وكذلك أني أشعر أني غير مناسبة له، وأني لست الفتاة التي رسمها في مخيلته وأحبها، وكذلك أشعر أني لست أهلاً لأن أكون زوجة له؛ لأني لا أجيد شيئاً من أعمال المنزل، لذلك أرفض فكرة الزواج عموما، إلا أني أخاف أن يتقدم بي العمر وأندم، وأخاف إن رفضت هذا الشاب أو صددته أن أندم كذلك لأني ضيعت فرصة لن تتكرر؛ ذلك لأني من عائلة قبيلية، وفرصة الزواج نادرة، فقليل من قريباتي من تزوجن، والباقي منهن بلغن الثلاثين ولم تتزوجن بعد، وكذلك فرصة الزواج من شخص ملتزم أندر وأندر. فما نصيحتكم لي؟ وكيف أتعامل مع الشاب؟. -وجزاكم الله كل خيراً-. الجواب إلى الأخت الكريمة: التي رمزت لنفسها باسم (الألم) - سلمك الله من كل ألم وفتح لك باب كل أمل- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: أهنئك على هذا الشعور الطيب، وأعني بذلك حب الدين وأهله؛ لأن هذا الحب للدين دليل على الوفاء لرب هذا الدين، خلقك وأكرمك، وأسأل الله العظيم أن يزيدك حباً للدين وأن يفيض عليك من نسائم الإيمان؛ حتى تكوني عاملة بالدين على الوجه الذي يحبه رب العالمين - جل جلاله-. ثانياً: أؤيد الأفكار التالية (وذلك مما ورد في رسالتك) : 1- الحرص على الزواج من شاب صالح محافظ على الصلوات، مستقيم على الدين، مع الحرص على كونه من أسرة طيبة. 2- الحذر من تقدم العمر بدون زواج، وتضييع الفرص المتاحة خشية الندم في المستقبل، وأنت أمانة عند نفسك فلا تحرميها من بعض ما هو من خصائصها، ودواعي استقرارها وأمانها وسرورها. 3- مراعاة الوضع الاجتماعي والتنازل عن بعض الرغبات مجاراة لهذا الوضع الاجتماعي، والوضع الاجتماعي الذي أقصده (قلة فرص الزواج في عائلتك) فهذا الوضع يحتم عليك التنازل عن بعض الآمال في زوج المستقبل خشية عدم تكرر الفرصة. ثالثاً: لا أؤيد الأشياء التالية (وذلك مما ورد في رسالتك) :

1- الدخول عبر الإنترنت إلى المحادثات مع الشباب ولو كانوا كما ذكرت (صالحين أو أقرب للصلاح) ، فهذا مجال غير مأمون ومزلق أخشى عليك منه ثم هو لا يرضي رب هذا الدين الذي تحبينه وتحبين أهله، واستشعري أن الله يرى الحروف المكتوبة بينكم، وأنه لم يأذن لكم بذلك، ولا يرضى عن ذلك. 2- الضعف أمام رسائل الشاب العاطفية والمثيرة للحزن على حاله فلقد عرفنا من التجارب الكثيرة، والقصص الواقعية التي شاهدنا حلقاتها الأخيرة، وهي تنتهي بالمآسي، أقول عرفنا أن كثيراً من الشباب يستخدم هذا الأسلوب المحزن للتأثير العاطفي على الفتاة، ولجرها إلى ما يريدون. 3- رفض فكرة الزواج؛ لأنك لا تجيدين أعمال المنزل؛ وذلك لأن الحل هو تعلم أعمال المنزل لا ترك فكرة الزواج أصلاً، فهل الحل للتي لا تعرف الحج وأحكامه أن تترك الحج نهائياً؟! كلا، بل الحل هو تعلم أحكام الحج ثم تؤديه، فهل الحل للتي لا تحسن استخدام الكمبيوتر أن تتركه؟ كلا، بل هو أن تتعلم استخدامه ثم تستفيد منه. رابعاً: بخصوص الموقف من هذا الشاب: 1- أنا أرى أن الزواج الشرعي لا يبنى على طريقة غير شرعية في التعارف، فالتعرف على الفتاة عن طريق المحادثة بالإنترنت، وعن طريق رسائل الجوال طريقة ليست شرعية، مع أنه كان بإمكان هذا الشاب أن يفاتح أهله بالموضوع حتى يصل إليك بطريقة شرعية، فلماذا لم يفعل ذلك؟ ثم إني أخشى أن الذي يراسلك عبر الجوال يراسل غيرك أيضاً، والذي يحادثك عبر الإنترنت يحادث غيرك أيضاً، وهذا ما يخشى منه كثيراً على مستقبل الحياة الزوجية، إضافة إلى أنه معصية لله - عز وجل-. 2- ومع هذا الذي ذكرته أعلاه أقول: إذا ثبت أن هذا الشاب مستقيم في أموره الأخرى تائب من خطئه هذا، وليست له علاقات أخرى مع الفتيات فلا بأس بقبوله زوجاً، ولكن لا تستعجلي، وتأكدي من استقامته وتوبته، وليكن تأكدك من ذلك بطريقة خفية، وليس عن طريقه هو، كما أؤكد على الأمر التالي: لا تقرئي رسائله عبر الجوال، ولا تردي عليها، ولكن أرسلي الآن له رسالة واحدة، تقولين له فيها: (الشاب الصالح يأتي البيوت من أبوابها، فاتق الله) . اللهم أحفظها من كل ما لا يرضيك، اللهم أرزقها قلباً مطمئناً بالإيمان، اللهم حبب إليها الإيمان وارزقها العمل الصالح، اللهم أرزقها زوجاً صالحاً خلوقاً يسعدها، ويجعلها تعيش جنة الدنيا، ومتعها في الآخرة بجنة الفردوس.

عرضت نفسي عليه، فهل أنا مخطئة؟!

عرضتُ نفسي عليه، فهل أنا مخطئة؟! المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 16/1/1425هـ السؤال التمست في شاب متدين كل الصفات التي أريدها، ولرغبتي في الحفاظ على نفسي طلبت الزواج منه، فرفض؛ لعدم قدرته على الزواج؛ ولانشغاله بالدعوة، ولكني أمهلته شهرين للرد علي مرة أخرى! أنا حائرة، لا أدري ما أفعل، فأنا أحس بأني لا أريد أحداً غيره، فهل انتظر رده أم أبادر بالسؤال؟ طبعاً كل ذلك بالرسائل، فأنا لم أكلمه قط. -وجزاك الله خيراً-. الجواب جميل جداً أن تحرصي على الارتباط بشاب تتوسمين فيه الخير، والتدين، والاستقامة، وهذا الحرص يدلني على صفتين فيك: الأولى: أنك فتاة مستقيمة، تطمحين لبناء حياتك، كما أمر الله - سبحانه وتعالى-. الثانية: أنك تملكين عقلاً راجحاً بالرغم من صغر سنك. وهاتان الصفتان يقل وجودهما في فتيات هذا الجيل، -مع الأسف الشديد- ولكن، بمجرد قراءتي لسؤالك، قفز إلى ذهني تساؤل: كيف عرفت أنه شاب متدين، وفيه كل الصفات التي تريدينها، بالرغم من أنك لم تكلميه، ومن باب أولى لم تريه؟! (وليس بينكما إلا الرسائل فقط؟!) . بما أن سؤالك لا يوحي بإجابة عن هذا التساؤل فسأضع عدة افتراضات: أولها: أنك تعرفت على صفاته من خلال برامج الحوار، أو منتدياتها على شبكة الإنترنت، فاستمعت إلى حديث، أو قرأت كلماته، وبالتالي أعجبت به، ولكن هذا لا يعني أبداً أنه يحمل الصفات التي تتخيلينها فيه؛ إذ إن الفتاة إذا أحبت فإنها تتخيل في محبوبها الصفات التي تتمناها هي، لا الصفات التي هو متصف بها بالفعل، وهذه المشاعر هي التي تسببت في انزلاق كثير من الفتيات نحو الخطأ، وسهلت كثيراً لذئاب البشر اقتناصهن، وهنا يلح سؤال لا بد أن يجد منك إجابة منطقية، تستخدمين للبحث عنها عقلك لا عواطفك: هل هو فعلاً كما تخيلته أنا؟ أو كما أوحى به إلي؟! مجرد معرفتك به بهذه الصورة تجيب عن هذا السؤال إجابة صحيحة، فالإنترنت عالم (أشباح) يستطيع كل داخل أن يتشكل فيه كما يريد، ويتصف بالصفات التي يريد، وإذا تحققت من الواقع قد تصدمين بشكله، وجنسه، وصفاته، كما صدم غيرك كثيراً! وتذهب أحلامك أدراج الرياح. ثانيهما: أن تكوني عرفتيه حقيقة بأي طريقة من الطرق، وتأكتدي من صفاته، وكونه الإنسان المناسب لك، وهنا لا بد أن تعي عدة أمور: 1- عرض المرأة نفسها على الرجل بهذه الصورة أخشى أن يؤدي إلى ابتذالها، فهو وإن كان جائزاً في الأصل، لكننا في زمن لم يعتد الناس فيه على هذا الأسلوب، وقد يؤثر هذا الفكر العام على مكانتك وكبريائك، ولذلك دائماً أنصح الأخوات أن يعرضن أنفسهن إذا اضطررن لذلك، بطريق غير مباشر عن طريق قريب، أو صديقة، أو غيرها، ولذلك أنصحك بالتوقف عن مراسلته، وسؤاله عن قراره؛ حفاظاً على كرامتك.

2- من أهم مقومات الزواج الناجح قناعة كل من الطرفين بالآخر، والقناعة ليس بالضرورة أن تكون بالشكل فقط، بل أهم منها القناعة بالإقدام على الزواج أصلاً، ولذلك غالباً ما يفشل الزواج الذي يتم بالإكراه، أو الإجبار، أو الإحراج، أو غير ذلك. وما دام الرجل أبدى لك عذره، وعدم قدرته فلا تلحي عليه؛ لأني أخشى - إن هو تزوجك- أن يفشل زواجكما، ثم تعيشين معاناة جديدة ما أنت فيه الآن أهون منها بكثير. 3- هنا افتراض لا بد أن تضعيه في ذهنك، وهو أنه قد يكون لديه عذر آخر، لا يستطيع البوح لك به، فالدعوة قد لا تشغل الإنسان عن الزواج، وعامة من عرفنا من الإخوة الدعاة المؤثرين متزوجون، وبعضهم معدد، ولم يمنعهم من الدعوة، ربما كان الزواج معيناً عليها إذا وفق الرجل إلى امرأة تهتم بأمر أمتها، ولذلك قد تضعينه أنت بهذا الإلحاح في موقف محرج بين أن يحافظ على مشاعرك، وأن يراعي ظروفك. بقي أمر مهم: تقولين: (أحس بأني لا أريد أحداً غيره) هل تعلمين أنك بهذه الكلمة تحكمين على نفسك بالإعدام وحياتك بالنهاية؟!. أستغرب كيف تصدر مثل هذه الكلمة من فتاة عاقلة مثلك، وأنت تعلمين أن في الحياة من هم خير منه بمراحل؟!. وهل كل فتاة حولك تزوجت من الرجل الذي كانت تتمناه؟ وهل أصبحت حياتها جحيماً بسبب ذلك؟! بالطبع لا. اسألي من تعرفين من النساء هل تزوجن من كان يداعب خيالها في سني المراهقة؟ من النادر أن تجدي من تقول لك: نعم، ومع ذلك سارت حياتهن مستقرة سعيدة، وأنجبن الأولاد وعمرن البيت. إنك بهذا الإحساس تدفعين نفسك دفعاً على الشقاء والتعاسة، وتحجبين عنها أفقاً رحباً من التفاؤل بالمستقبل، والعطاء، والإيجابية. لا يا أختي: في الحياة أشياء أجمل وفي الرجال من هم أكمل، ولا أدعى للراحة من التسليم لله الذي يقول: "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنت لا تعلمون" [البقرة:216] . وإياك أن يدفعك خوفك من شبح العنوسة لمثل هذا الشعور، فإن الله كما قدر لك رزقك، وأكلك، وشربك، وعمرك، قدر أيضاً زواجك، ولا راد لقدر الله إذا جاء، ولا مقدم له، ولا مؤخر. أسأل الله أن يرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك، وتسكن إليه نفسك، ويرزقك الله به النية الصالحة.

هل تتزوج دون رضى أهلها؟

هل تتزوج دون رضى أهلها؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 8/1/1425هـ السؤال أنوي الزواج بدون موافقة أهلي، ثم أخبرهم بما فعلت لاحقاً، أنا فتاة عمري 23 سنة متعلمة جداً، عشت حياةً معذبة مع أهلي بين ثلاثة أشقاء، وهم يريدونني أن أكون حسب النظام العربي القديم، فتاة مسكينة لا حول لها ولا قوة، ثم يزوجونني بنفس الوضع، لكنني كبرت، وتغيرت، وصرت عدائية، أحمل لأهلي أنواع الكره، والحقد، لكنني مع ذلك أعامل والداي بما أمر به الإسلام، عندي حزن دفين على طفولتي، ومراهقتي، وما كان لي فيها من عذاب، عرفت الله أنه الوحيد الذي يساعدني، وكنت أصلي من سن عشر سنوات، وأهلي لا يصلون، ولا يصومون، ولا يحترمون الإسلام، تعرفت على شخص ألماني مسلم، وأشعر أنه صادق، وأحببته، طلبت منه أن يصلي، فبدأ يصلي، وأن يترك الخمر، فتركه، وللدلالة على صدقه قال: إنه لا يستطيع تركه دفعة واحدة، بل بالتدرج، الآن عرض علي هذا الشخص الزواج، وأنا موافقة عليه، لكن أهلي لم يوافقوا عليه؛ لأنه لا يملك عقلية عربية مثلهم، هذا الشخص عرض علي السفر لألمانيا للزواج هناك بدون موافقة والدي، وأنا لن أفعل ذلك إذا كان مخالفاً للشرع. أرجو التوجيه منكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فمن شروط صحة النكاح الولي، ولا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (4/394) ، وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه-، ولحديث عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيما امرأة نُكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل" رواه أحمد (6/165) ، والدارمي (2184) ، والترمذي (1102) ، وقال: هذا حديث حسن، والحاكم (2/182) ، وصححه، وإن صح ما ذكرتيه من أن والدك، وإخوتك لا يصلون، ولا يصومون، فإن كانوا لا يصلون أبداً لا في المسجد، ولا في البيت، فلا ولاية لهم عليك، فتنتقل الولاية إلى من بعدهم من الأولياء، فإن امتنعوا، أو لم يوجد ولي غيرهم، فعليك التقدم للمحكمة الشرعية، وطلب عقد النكاح؛ ففي حديث عائشة - رضي الله عنها- المذكور أعلاه: "السلطان ولي من لا ولي له"، وأنصحك بما يلي: أولاً: عليك نصح والديك وإخوتك، وتذكيرهم بأهمية الصلاة ووجوبها. ثانياً: ادفعي ما تلاقينه من أذى أهلك بالتي هي أحسن، واحتسبي الأجر من الله -تعالى-، قال -جل ذكره-: "وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" [فصلت:34-35] .

ثالثاً: لا تستعجلي في الزواج بمن ذكرت بما أنه يشرب الخمر، ولم يصلِّ إلا بناء على طلبك، فقد لا يلتزم بذلك بعد الزواج فتندمي ندماً عظيماً، بل عليك الصبر والتأني، والسؤال عنه جيداً، فإن صحت توبته فلا مانع من الاقتران به بعد توفر شروط النكاح، وأركانه، وانتفاء موانعه أما مجرد شعورك أنه صادق فلا عبرة به وحده. رابعاً: لا يجوز لك السفر بدون محرم؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام-: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري (1036) ، ومسلم (1341) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أبحث عن صديق بعد منتصف الليل

أبحث عن صديق بعد منتصف الليل المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 11/05/1425هـ السؤال كانت لي استشارة عبر الهاتف لأحد الفضلاء، تفاعل معي في حل مشكلتي؛ فقد كانت لي علاقة مع السائق الذي أذهب معه للمدرسة، والذي تقدم لي فرفضه أهلي، ومرت شهور وانتهت علاقتي مع السائق. اتصلت على ذلك الرجل الذي استشرته وأخبرته بذلك، بعد فترة وجيزة تقدم لخطبتي، قال لي إنه كلم السائق الذي كنت على علاقة به لمحاولة أو إمكانية التوسط لإتمام زواجنا، لكن كان رده أن قال: إن والدته قد خطبت له. يقول: فرأيت أنه ما بقي إلا أنا؛ لذا سأتقدم للزواج بك. وافقت، فما كنت أحلم بأن يخطبني مثل هذا الرجل، لكن أمي رفضت، ثم رفض أخي، وشعرت بالظلم يتجرد لي بوجهه القبيح، ويجرعني كؤوسه المريرة التي لا تطاق، ماذا يريدون مني وهم في كل سنة يرفضون من يتقدم لي؟!. أصبح عندي شبه عقدة من الموضوع، وما هي أسبابهم؟ القبيلة والوظيفة والمزاج هذه أسبابهم، عدت فراسلت الرجل، ولكن استقبل رسائلي برفق وتحفظ، ولكن صرح عن بعض مشاعره لما أرسلت له آلامي ومعاناتي، وأنه مثلي يعاني، ولكن هو منضبط بالشرع حسب ما يقول، وفي الأخير طلب عدم مراسلتي له، وكل ذلك برفق ومراعاة لي، ولم يعد يرد على رسائلي، أو ينقطع فترة ثم يرد، إذا استشرته في شيء ردوده مقتضبة جداً، أنا أرسل له باستمرار، وإن انقطعت لأشهر أجد نفسي أعود للرسائل، أنا الآن أشعر أني خسرت كرامتي، وخسرت هذا الرجل الفاضل، وخسرت نشاطي وهمتي، شعوري بالظلم يتأجج لظى في داخلي، والأدهى والأمر أني أريد أن أبحث عن علاقة مع أي رجل؛ حتى أجد متنفساً لرغباتي، يعني يكون صديق بعد الواحدة ليلاً، هذا لن يزعج أهلي بالتأكيد، وسينسيني هذا الخطيب. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الفاضلة: - حفظها الله ورعاها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: اسمحي لي أن أبدي رأيي في كل ما حصل مما قرأته في رسالتك: 1- أهنئك على موقفك في إنهاء القضية مع السائق، وهذا الذي فعلته هو الذي يرضي الله ويرضي رسوله - صلى الله عليه وسلم-، ويحقق لك الخير في الدنيا والآخرة. 2- أقدر لك الحرص على الزواج، وأن يكون الزوج رجلاً صالحاً، وهذا ما تأمر به الشريعة ويوافق العقل، ويوافق الفطرة. 3- أشاركك في مشاعر الألم التي تعيشينها بسبب رفض أهلك لكثير ممن يتقدمون لك دون مبرر مقبول، وأسأل الله أن يبلغك ما تحبين. 4- تعبير الرجل عن مشاعره نحوك، وعن معاناته بسبب رفض أهلك الزواج منه، تمنيت عدم صدور هذا مِن مثله- وفقه الله-؛ لأنه بهذا التعبير زاد من رغبتك فيه وتعلقك به، وبالتالي زادت معاناتك بسبب الرفض العائلي، وهذا يزيد من الإضرار بنفسيتك. 5- رأيي في الزواج من هذا الرجل: أنا لا أؤيد زواجك به، وأرجو أن يتسع صدرك لفهم رأيي، وسبب عدم التأييد ما يلي:

أ- لأن هذا الرجل يعرف علاقتك مع السائق – مهما كانت غير خطيرة-، وأخشى أن يبقى متذكراً لهذه العلاقة حتى بعد الزواج، وأخشى أن تحدث عنده شكوك بسبب هذا الأمر، مما قد يسبب المشكلات الزوجية، وأرى أن يكون زواجك من شخص لا يعرف شيئاً سلبياً عنك؛ حتى لا تثار عنده الشكوك، وحتى لا يمن عليك في يوم من الأيام بأنه ستر عليك، وله الفضل عليك –وما شابه ذلك-. ب- لأن هذا الرجل الذي استشرتيه قد يكون تقدم للزواج بك من باب التعاطف معك، أو الرغبة في حل مشكلتك دون أن يتعرف على جوانب شخصيتك وصفاتك الطيبة، ومثل هذا التعاطف أخشى أن يكون وقتياً لا يصلح لتأسيس حياة زوجية عليه. 6- رأيي في مراسلتك له بعد عدم موافقة أهلك: أنا لا أؤيد هذه المراسلات حتى إذا كانت للاستشارة؛ لأنها تبقي التعلق والارتباط القلبي، وبالتالي تطول مدة المعاناة والتضايق النفسي، وأنا أريد لمعاناتك هذه أن تنتهي، وأن تفتحي صفحة جديدة من كتاب حياتك، وأن تنسي الماضي بحلوه ومره، وسروره وألمه، فمن أكثر النظر إلى الوراء في مسيره أسقطته أصغر المعوقات، فانظري إلى الأمام تسلمي – إن شاء الله-. 7- أختي الفاضلة: لقد شعرت بوجود جوانب متعددة من الخير فيك، فأنت المسلمة المتراجعة عن خطئها، التائبة إلى ربها (والتائب حبيب الرحمن) ، وأنت المسلمة التي تستشير أهل العلم الشرعي، وأنت المسلمة تفرح بالعفاف والزواج من رجل محافظ، وأنت المسلمة التي كانت لك (همة ونشاط) ، كما يظهر من رسالتك. اسمحي لي أن أسألك يا أختي: هل المرأة التي فيها هذا الخير تقول: أريد أن أبحث عن علاقة مع أي رجل ... ؟! أنا أعتقد أن هذا خطر ببالك في حالة ضعف ناتج عن ضغطين (ضغط الرغبة الطبيعية في وجود أليف) ، (ضغط الشعور بالظلم من الأهل) ، ومع هذا لا يقبل من امرأة خيرة مثلك أن تقول هذا أو تفكر فيه، ثم إن مثل هذا التصرف سيزعج أهلك جداً، بل ربما يؤدي إلى أضرار جسيمة، ومثل هذا التصرف لن ينسيك الرجل. ومثل هذا التصرف – الذي لن يقع إن شاء الله- لن يحل مشكلاتك، ويذهب همومك، بل سيزيد مشكلاتك، فتنشأ مشكلة الشعور بالذنب ولوم النفس دائماً، وتنشأ مشكلة التفكير في صدق الطرف الآخر ومن المعلوم أن الرجال الذين يقيمون علاقات غير شرعية كلهم أنانيون ذئاب، طلاب جسد، لا يعرفون معنى الحب ولا الرحمة، بل هم منافقون أخلاقياً، وتنشأ مشكلة القلق والخوف من انكشاف العلاقة غير الشرعية. أختي الكريمة: أوصيك بالوصايا التالية: 1- اللجوء إلى الله بصدق وإلحاح، وإكثار دون ملل، أسأل الله أن يزيل همومك، ويكشف غمومك، وأن يرزقك زوجاً صالحاً خلوقاً. 2- الاشتغال بما هو نافع ومفيد كالعبادات والقراءة، وأوصيك كثيراً بالأنشطة النافعة في المدارس والمؤسسات الإسلامية، والمراكز الصيفية النسائية، وغير ذلك. 3- الصبر على ما يصيبك، "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب ... " الحديث رواه أحمد (2800) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما-. 4- الثبات على الطاعة والاستقامة على الدين "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من لا يحتسب" [الطلاق:2-3] . 5- (في رأيي) لا بأس بأن توصي بعض الأخوات العاقلات بأن يكن عوناً لك في موضوع الزواج.

اللهم طهر قلبها وفكرها، اللهم حصنها من كل ما لا يرضيك، اللهم اغن نفسها، وعَمِّر قلبها بالإيمان، اللهم اجعلها كالغيث يفرح بها الناس إذا أقبلت، ويدعون لها إذا رحلت عنهم، اللهم متعها بزوج صالح يسعدها، وذرية طيبة تفرحها؛ إنك على كل شيء قدير.

أختها سيئة السمعة، فهل اتزوجها؟!

أختها سيئة السمعة، فهل اتزوجها؟! المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 10/05/1425هـ السؤال أنا شاب، أبلغ من العمر 25 عاماً، كان لي صديق طيب له بنت متدينة، ولكن سمعة الأسرة بسبب البنت الكبيرة ليست جيدة، فسيرتها غير طيبة، ولذلك طلقها زوجها. ولكني متأكد أن الأخت الصغرى متدينة، وأنا أريد الزواج منها، ولكني أخشى أن أفاتح أهلي في هذا الموضوع، مع العلم أنني تقدمت لفتيات أخر، ولكن..إما أنهن لم يعجبنني، وإما أن ظروفي لم تعجب أهلهن، مع أن أبا هذه الفتاة راضٍ بي، وأنا أحبه جداً، ولكني أخشى من سوء السمعة الذي يلاحقهم، وأنا من عائلة كبيرة، وهم فقراء ومن عائلة صغيرة، وأقاربهم لا يشرّفون اجتماعيا، وهم الأسرة الوحيدة الملتزمة في عائلتهم. وأنا أخشى أن أنتظر حتى أتخرّج أن يتقدم بي العمر، كما أني أكبر إخوتي، فأخشى أن أفاتح أهلي وأضغط عليهم؛ لأنني أعتمد على نفسي ثم أندم بعد ذلك، وأهلي يقترحون علي أن أنتظر ثلاث سنوات؛ حتى أتخرج، مع العلم أنني أحس أنني سأستريح جدا مع هذه الأسرة، ولكني متردد جداً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-. أخي الحبيب: واضح من كلامك الصدق، ورغبتك في المشورة، فأقول وبالله التوفيق إنك رجل عصامي تعمل وتدرس، وهذا حسن، وتتركز المشكلة في قضية الحيرة في الاختيار من فتاة بقصد الزواج، وبعد دراسة المشكلة أرى ما يلي: 1- وضع الأسرة المراد الزواج منها في بنائها الاجتماعي بعض الخصال غير المرغوبة كالسمعة، والفقر، وسوء في نسبها وأقاربها. 2- مستوى أسرتك أفضل من حيث المستوى الاقتصادي والسمعة، والذي يتضح في ارتفاع المستوى التعليمي لك ولإخوتك كماً ونوعاً. وبتحليل الموضوع اجتماعياً نجد أن التوافق الأسري عامل مهم لنجاح الزواج، وبخاصة في الجانب الاجتماعي والاقتصادي، وهذا يرجح كما نراه في توقع عدم نجاح الزواج الذي تريده. يتضح من كلامك - أخي الكريم- حرصك على رضا والديك، وموافقتهم على الزواج، وهذا أمر تثاب عليه؛ فرضا الله من رضا الوالدين، إلا أن قولك: إنك تعتمد على نفسك، فتذكر أنك ومالك لأبيك، وأن الجنة تحت أقدام الأمهات، وأنك الولد البكر، والفرحة بك ينتظرها والديك، وهنا الأمر يرجح انسحابك من الزواج من هذه الفتاة؛ ابتغاء الأجر والمثوبة. أخي الحبيب: في العلوم الاجتماعية نرى أن الوصمة التي تصاب بها أي أسرة من الصعب زوالها، وهذه الأسرة التي ترغب الزواج من ابنتها سمعتها -كما تقول- سيئة بسبب ابنتهم الكبرى، وهذا زواج فيه استمرارية وأبناء وحياة، فهل ستتحمل ذلك؟ وما ذنب أولادك أن يأتوا في وضع أسري ملوث إلى حد كبير، وأنت تعلم أن المجتمع لا يرحم، وهذه حقيقة من الصعب تجاهلها، أو أنك ستعيش لوحدك!

كما أن والدك له عليك حق كبير في أن تسعى للحفاظ على سمعته وعزته، وهذا متوقع منك بصفتك الابن الأكبر، فكيف يأتي منك العكس، والعاطفة هنا لا يجب أن تلغي العقل، وهذا دورك كشابٍ، بحيث يكون تفكيرك بحقوق والديك قبل حقوقك، خاصة وأن والديك لم يرغموك على الزواج بفتاة بعينها. أخي الحبيب: حتى تتقبل الأمر ضع نفسك مكان إخوتك وأخواتك عند إصرارهم على الزواج، وربط أسرتك بنسب مع مثل هذه الأسرة، وارجع لأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- ووصفه لخضراء الدمن انظر ما رواه الواقدي من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - بسند قال فيه الألباني ضعيف جداً انظر السلسلة الضعيفة (14) ، أو قوله - صلى الله عليه وسلم ="تخيروا لنطفكم، وأنكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم" رواه ابن ماجة (1968) من حديث عائشة - رضي الله عنها-. أما الفتاة فالتزامها - إن شاء الله- قد يتيح لها الزواج برجل يناسبها، وينتشلها من مثل هذه الأسرة، فقد يأتي زوج مناسب في المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وقد تسعد به أكثر من سعادتها معك. أضف إلى ذلك فإنك ستكون ضحية للشكوك والمخاوف، وقد تتعرض لعاصفة من الأمراض النفسية، فمهما يكن تظل رجلاً في تفكيرك وأسلوبك في الحياة. الاستشارة: الرأي الراجح انسحابك من الزواج من هذه الفتاة والدعاء لها بالتوفيق، ومحاولة الخروج من دائرة الصداقة لهذا الرجل؛ للخروج من دائرة التفكير، ولتغيير النظرة العاطفية للآخر ولو على حساب الذات، وعدم التركيز على جلد الذات وتوبيخها، وإعطاء عقلك التصرف في مثل هذه الحالات. وفي الختام أسأل الله العلي القدير لك بالتوفيق، وأن يعوضك الله بزوجة أخرى، وأن يمن على جميع أسرنا المسلمة بالستر والعفاف؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والدي يريد أن يزوجني بمن لا أريدها

والدي يريد أن يزوجني بمن لا أريدها المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 17/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو الإجابة عن هذا السؤال بأسرع وقت؛ لأنه مهم جداً، وربما أستطيع تعديل شيء مما حصل: سماحة الشيخ: والدي ذهب إلى عمي قبل سنتين، وطلب يد ابنته التي في سني لي -وهي أكبر مني بخمسة أشهر-، ولم يخبرني بالموضوع، ومضت الأيام حتى وقتنا الحاضر -أي بعد سنتين-، فأخبرني بأنه يريد أن يعلن الخطوبة بعد شهر من الآن وأنه قد تم تجهيز كل شيء للخطوبة، فعندما سألني طبعاً رفضت يا شيخ؛ أنا أحب بنت عمي، ولكنها غير متدينة البتة، وكما أعلم لا تعلم من الدين إلا الصلاة وفي رمضان، وتكثر من فعل المعاصي من مقابلة غير محارمها، واستماع الأغاني و ... و ... الخ، وهي متعجرفة قليلاً، فقبل ما يخبرني والدي عليها كنت قد بغضتها، والآن يريد مني أن أخطبها، ووالدي عندما يريد شيء يفعله ولو كلفه ذلك أي شيء، يعني لربما قتلني لكي أخطبها لو استطاع، ويقول بأنه قد مضى له سنتين وهو حاجز لها من أجلي بدون علمي، وبدون علمها أيضاً، وإنما بين الآباء، وأنا شخص متدين -ولله الحمد-، وأيضا لا أريد أن أسبب المشاكل إلا بوقت الضرورة، فأرجو أن تدلوني إلى الطريق الصحيح. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم: - وفقك الله لما يحب ويرضى-. إن كان كما ذكرت بأن ابنة عمك غير صالحة لك البتة، فعليك بالتزام الحكمة باتباع الخطوات التالية: - احذر من الصدام مع والدك. - ادعو الله أن يكتب لك الخير. - تصدق بصدقة تدفع بها الخطيئة، وتداوي بها همك وألمك. - ادخل في الأمر عمك واقنعه بأن نظرتك إلى ابنته هي نظرة احترام وأنها كأختك في نفسك ولا تجعلها زوجة ولا تريد أن تدمر حياتها بزواج ليس فيه توافق، وسرب مثل هذه المعلومة إلى ابنة عمك لعلها تتخذ موقفاً مشابهاً يخفف الضغط عليك، إن كان ذلك يجدي. - أشرك في أمرك أهل الرأي ومن لهم كلمة عند والدك؛ إمام المسجد، شيخ القبيلة..إلخ. - اكتب ورقة أو تكلم مع والدك في جلسة صريحة توضح ما سيكون عليه مآل الزواج لو تم من خلاف، أو قد يكون فراق ثم قطيعة رحم - لا قدر الله-. - إذا ضاقت بك الأمور فتذكر أن الله - عز وجل- قادر على حل الأمور حتى بعد الزواج، وما يدريك لعل الله أن يشرح صدرك لها، وصدرها لك، وأن تكون على طاعة. - احذر من الأفعال المتشنجة مع والدك. وأبشر بخير -بإذن الله-.

أحبها وأمي ترفض زواجي بها

أحبها وأمي ترفض زواجي بها المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 16/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أنا شاب في السنة السادسة من كلية الطب، وأعجبت بزميلة لي تعمل معنا في المستشفى، وأرغب في الزواج منها والارتباط بها، وأمي من النوع الشديد جداً والمتعصب في التفكير، حيث إنها لا تحب إلا أن تكون العروس من اختيارها؛ لأنها تعتقد أنه لو لم تكن من اختيارها فأنها ستكون سيئة معها، مع العلم من أن هذه الإنسانة قمة في الأدب والأخلاق، والكثير يمدحونها ويمدحون أخلاقياتها وعائلتها، المشكلة الآن هي كيف تقتنع أمي بالوضع، وتوافق على خطبتها لي، خصوصاً أن عائلتها تعود إلى أصل شرق أسيوي، وأمي دائماً تقول يستحيل أن أزوج أبنائي من هؤلاء، ويعلم الله أني أحب الفتاة حباً طاهراً، وقلبي متعلق بها بشدة، وأريدها بالحلال، ولم يحصل شيء بيننا أبداً، ولكني معجب بها بشدة، وأحبها كثيراً، وأشعر بالأسى إن فقدتها، وأنا محتار جداً بعد كلام أمي، فقد كان كالسهم الذي مزقني، كيف لي أن أقنعها بأن الفتاة ليست كما تظن؟ حيث إنها رافضة حتى أن تزور أهلها، وأنا الآن في حالة سيئة؛ نظراً لرفض أمي، وهي تقول: أنت تعرف الفتاة وبالتالي هي ليست أهلا للثقة، أرجو مساعدتي في أقرب وقت ممكن، ولكم مني جزيل الشكر والتقدير. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابه أجمعين، أما بعد: أخي الكريم: وفقك الله ورزقك الزوجة الصالحة، والجواب كما يأتي: 1- اختيار شريكة العمر، ورفيقة الدرب ليس بالأمر الهين، وخاصة في هذا الزمان. 2- قد يعجب الشاب بفتاة كزميلة له أو صديقة لأخواته، ولكن قد لا يكون من المناسب أن تكون زوجة له. 3- يفكر بعض من يريد الزواج بالشكل والجمال، وقد يغرى بالفتاة، ولكن بعد الزواج، وبعد الحمل، والولادة، وإنجاب الأطفال يشعر بأنه قد أخطأ، وكان من المفترض أن يحسن الاختيار، وهذا لا يعرفه إلا من جربه. 4- الشاب يعيش في مجتمع وفي أسرة، وتختلف هذه الأسرة عن غيرها في سلوكياتها وأخلاقها، وأعرافها، وقد يكون من المألوف عند بعض الأسر أن تخرج المرأة مع الرجال الأجانب، وتتحدث معهم، وتبيت خارج البيت، وتذهب إلى من تريد بلا حسيب ولا رقيب، وترى أسرة أخرى أن ذلك لا يجوز، وأنه أمر حرام لا توافق عليه الأسرة مهما كلف الأمر. 5- في المثل العامي (رقعة الثوب منه) ، وقد ذكر الفقهاء - رحمهم الله- التكافؤ بين الأزواج، فكلما كان كلاً من الزوجين من بيئة واحدة متقاربين في الثقافة والأمور العامة، كلما كان ذلك سبباً من أسباب بقاء العلاقة الزوجية وصفائها. 6- إذا كانت هذه الفتاة على درجة من الدين والخلق، ونفسك متعلقة بها، فإن إقناع أمك يكون بأن تزوركم هذه الفتاة مع أمها، وتتحدث مع أمك بعد الزيارة، وترى ما عند أمك، فربما حطم ذلك كثيراً من التصورات المسبقة لدى والدتك وجعلها تنظر إليها بإيجابية واحترام.

7- أوصيك ألا تقدم على الزواج إلا وأمك راضية من زواجك؛ فهي لا تريد لك إلا الخير ولذلك فكن رفيقاً بها صبوراً على إقناعها بلطف وإن كان من حقك الزواج بمن تحب فمن حق أمك حسن التلطف معها في طريقة اتخاذ هذا القرار. والله أعلم.

هل أرضى بهذا زوجا؟

هل أرضى بهذا زوجاً؟ المجيب محمد العبد الكريم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 8/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة محافظة، بعد سنين مضت في غفلة وإعراض عن الله، وفي الآونة الأخيرة تقدم لي عدة خطّاب ولكني دائمة الرفض لهم؛ على أساس أن تدينهم ليس بذلك، ولا يصلون إلا في البيوت، فهل موقفي هذا صحيح؟ أفيدوني، جزاكم الله خيرا. ً الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخت الكريمة: أنت الآن على مشارف نهاية العقد الثالث من عمرك، وهذا السن يعتبر متقدماً بالنسبة للفتاة، ومع تقدم العمر يبدأ القلق والخوف من المستقبل، مما ينعكس بصورة سلبية على مجمل الوضع النفسي عندك. وقد ذكرت في سؤالك أنه تقدم لك عدد من الرجال طالبين الزواج منك، وكان سبب الرفض عدم التزامهم، ولا شك أن هذا السبب في الرفض من أقوى الأسباب، وحسبك أن يكون من أجل الدين، فأنت تريدين أن تبني لك حياة مستقيمة، وهذا لا يتأتى إلا مع رجل يخاف الله، مرضي في دينه وخلقه. إذاً أنت بين خيارين: خيار القبول برجل التزامه ضعيف، ويدفعك لذلك عمرك الذي يشارف الثلاثين وربما لو تأخرت أكثر لربما زاد القلق وزاد التوتر. وخيار التصبر حتى يأتي الله بالفرج، ويرزقك بالزوج المناسب الذي ترضين دينه وخلقه. ولذلك أنصحك أختي الكريمة بالتالي: إن كنت قادرة على الانتظار والتريث حتى تجدين الزوج المناسب الذي يخاف الله، وكنت ترين الفرصة ممكنة والخيارات متاحة ولا يحتاج الأمر منك إلا إلى شيء من التروي، فلا شك أن هذا أفضل بالنسبة لك، وهو أولى الحلول؛ ذلك أن الحياة الزوجية يجب أن تبدأ صحيحة حتى تستمر وتستقر. والبداية الصحيحة الموفقة بإذن الله لا تكون إلا مع من يستحي من الله ويخاف منه. وأما إن كان الانتظار يضر بك كفتاة تحدثها نفسها كل يوم بالرجوع إلى الطريق السابق، أو كنت ترين الفرص تتناقص وتضيق وأن الانتظار قد لا يأتي بالمراد، أو كنت كثيرة التقلب، ـ وإن شاء الله أنك لست كذلك ـ لكن على فرض ذلك، فإن قبولك برجل لا يقيم الصلاة إلا في البيت؛ أخف ضرراً من بقائك بدون زوج، وأنت لا تثقين في صبرك مدة طويلة. وبالله التوفيق.

تعلقت بشاب وتقدم لي غيره

تعلقت بشاب وتقدم لي غيره المجيب د. خالد بن حمد الجابر مستشار طب الأسرة. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 20/7/1425هـ السؤال إخوتي في الله: أود أن أتفضل بسؤالكم في قضية مهمة جداً تتعلق بحياتي، وقد أتعبتني جداً، بالرغم من أنني إنسانة مؤمنة بمعنى الكلمة، ومتعلقة بالله بشكل كبير، وأدعوه دائماً وأنتظر الإجابة، المهم هو أنني منذ صغري لم أهتم يوماً لشيء اسمه العلاقات المحرمة بين الفتيات والفتيان، وأعرف أنها حرام في الدين، ولهذا ابتعدت عنها بقدر الإمكان، وانشغلت بالصلاة وذكر الله طوال السنين الماضية، وعندما دخلت الجامعة تعرَّفت على شاب من بعيد، ولم يحدثني يوماً أبداً، وقالوا إن هذه شخصيته، وصدقوني أحببته حبًا شديداً، وبالرغم من ذلك لم أغضب الله في هذا الحب، وظللت أدعو طوال ثلاث سنين كاملة أن يجمعني الله معه بالحلال، ولكن الآن سأتخرج من الكلية والشاب مازال على حاله ينظر من بعيد فقط، وأنا تعقدت حياتي بهذه الطريقة، وتقدم لي شاب آخر ذو خلق، وله مواصفات مميزة، وأخبرني أنه يحبني ويريدني بصدق بما يرضي الله منذ زمن، ولكن الآن أنا في حيرة شديدة لا أستطيع الارتباط بهذا الشخص وقلبي ملك لآخر، ولا أريد أن أكذب عليه، وبعدها سوف أظلمه معي، وصليت خمس مرات صلاة الاستخارة، ولكن قلبي مازال متعلقاً بشدة بالأول، وها أنا في دوامة لا أعرف لحياتي معنى، وقد أتعبتني المشكلة، وقلَّ نومي جداً، ولا أعرف ما الحل، وأعرف أن الله كريم جداً ورؤوف بعباده.. أخبروني بالتفصيل ماذا أفعل، وأنا لن أتردد أبداً؟ والسلام عليكم، وجزاكم الله كل خير. الجواب الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. لقد قرأت رسالتك الرقيقة مرات ومرات، وجعلت أتأمل فيها عدة أيام، ليس لأني لم أواجه حالة تشبهها من قبل، كلا! ، فالحالات المشابهة لحالتك لا تعد ولا تحصى، لكن لما لمست من معاناتك وتألمك، فقد وصفت مشكلتك بأنها قضية مهمة جداً تتعلق بحياتك، وأنها أتعبتك جداً جداً، وأن حياتك تعقدت بهذه الطريقة، وأنك في دوامة، ولم تعودي تعرفين لحياتك معنى، وقلَّ نومك جداً، وأنك لا تعرفين ما الحل؟. كان الله تعالى في عونك!. أختي الكريمة: طلبت منا شيئاً عجيباً، وهو أن نخبرك بالتفصيل عما يجب أن تفعليه، ثم لن تترددي إطلاقاً في تنفيذه بحذافيره، فهل أنتِ متأكدة مما قلتِ!. حسناً! دعينا نبدأ على بركة الله، وستجدين فيما نكتبه لك - بإذن الله - ما يكون خير مساعدٍ لك على تجاوز هذه المحنة العصيبة، لكن يا أختي الكريمة نحن لا نعطي حلولاً سحرية؛ لأننا ببساطة لا نملكها! كل ما نفعله -وهو ما تحتاجينه- أن نجعل الصورة أكثر وضوحاً، والحلول المتاحة أكثر بياناً بحيث لا تسيطر العاطفة، ولا يزيغ العقل، ثم أنت بعد ذلك تختارين من هذه الحلول ما ترينه أقرب للصواب. وسنناقش الموضوع كعادتنا في جزئين، دراسة الحالة بشكل أفضل، وطرح الحلول المتاحة لاختيار أفضلها. والله المستعان. دراسة الحالة بشكل أفضل لقد لخصتِ لنا مشكلتك بوضوح:

فأنتِ تعرفتِ في الكلية على شاب من بعيد، وأحببتيه حباً شديداً، مع أنه لم يحدثك يوماً أبداً، وظللت في أحلام الحب والعشق ثلاث سنوات كاملة، وأنت خلالها تدعين الله تعالى أن يجمعك معه بالحلال، لكنه لم يتقدم لك ولم يحادثك في الموضوع إطلاقاً، وأكدت لنا أنك لم تغضبي الله في هذا الحب أبداً، وهذا يعني أنك محجبة، ولا تمازحين الرجال الأجانب وتضاحكينهم بما لا يليق بالمسلمة. ثم حصل أن تقدم لك شاب آخر، ذو خلق وله مواصفات مميزة، وأخبرك أنه يحبك هو الآخر، ويريدك بصدق بما يرضي الله منذ زمن، مع أنه -كما يبدو- لم تشعري أنت بحبه لك! تماماً كما كنت أنت تحبين الآخر وهو لا يدري!! حتى صرت في حيرة شديدة؛ لأنك كما تقولين: - لا تستطيعين الارتباط بهذا الشخص وقلبك (ملك!!) لآخر - ولا تريدين أن تكذبي عليه فتظلميه معك. - وقلبك مازال متعلقاً بشدة بالأول وهذه بعض النقاط حول حالتك، ما رأيك لو تدارسناها سوياً؟. (1) بعض بلايا الاختلاط ما جرى لك -يا أختي الكريمة- نتيجة متوقعة للاختلاط بين الجنسين في بلاد المسلمين، وأنت واحدة من ضحايا الاختلاط المحرم، وهن بالملايين، ولئن كان حجزك عما يغضب الله أنك - كما ذكرت عن نفسك- "إنسانة مؤمنة بمعنى الكلمة!، وأنك تدعين الله دائماً وتنتظرين الإجابة، ولم تهتمي يوماً لشيء اسمه العلاقات المحرمة بين الفتيات والفتيان؛ لأنك تعرفين أنها حرام، ووفقك الله حين انشغلت بالصلاة وذكر الله طوال السنين الماضية". أقول لئن كان حجزك عن الحرام مراقبتك لله وخوفك منه، فإن كثيرين وكثيرات وقعن في الأمر المكروه! . يا لله! ، من كان يصدق أن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي الأمة العفيفة الشريفة المحافظة، يبلغ بأهلها الأمر أن يجمعوا بين الفتيان والصبايا في قاعات الدرس جنباً إلى جنب! . أليس فينا رجل رشيد -وامرأة رشيدة- يقول لهذا التهييج الغرائزي والاستنزاف العاطفي أن يتوقَّف، وترجع الأمة إلى ما كانت عليه من عفة وحشمة وشرف!؟ اللهم عجل بهذا يارب. (2) ما أرق عاطفة الأنثى.. تهيج عاطفة الفتاة في هذه السن، بصورة قوية عنيفة، فتصبح أكثر حديثاً عن الحب والمحبة، والوله والعشق. وقد تكون هذه العاطفة بين فتاة وأخرى من جنسها، وقد تكون هذه العاطفة بين فتاة وآخر من عالم الرجال، وهي حديثنا هنا. عاطفتك -يا أختي- جياشة حية متدفقة، إني أراها كموج بحر هادر يضرب في صخور الشاطئ! . الفتاة كالزهرة الندية، في صباح لطيف باسم، رقيقة المشاعر مرهفة الحس ناعمة الوجدان، تطربها الكلمة الودودة، وتنعشها الابتسامة الحانية، ويغرس الاهتمام بها في قلبها البهجة والسرور. إن مقصودي أنه لابد أن تدركي أن ما تشعرين به من مشاعر وعواطف جياشة هو من طبيعة المرحلة العمرية التي تمرين بها، وجزء أيضاً من طبيعتك الأنثوية الرقيقة، وعندما تمتد بك الحياة على خير وهدى، ستتذكرين كلامي هذا جيداً. (3) هل هو الحب الصادق..

الحب شعور قد يكون جبرياً قسرياً قهرياً في أحيان ليست قليلة، ومشاعر الفتاة رقيقة ناعمة سريعة التأثر، والمرأة حين تحب رجلاً فإنها تنطلق من عاطفتها وليس من عقلها في الغالب، بعكس الشاب الذي تكون عواطفه عقلانية فلسفية في الغالب، وهذا من الفروق المشاهدة بين الذكر والأنثى. وحين تقولين: "صدقوني أحببته حبا شديداً" فنحن نصدقك، ولا نجرؤ أن نقول إن حبك غير صادق، وإنما نسأل عن الحب نفسه هل هو حب صادق أم لا؟ هل هو حب نفس لنفس وروح لروح؟ أو هو حب صور وأشكال وأصوات وجسوم؟ هل هو محبة عرضية أو ذاتية؟ ، وهل هو استحسان روحي وامتزاج نفسي، أم هو استحسان مادي جسدي؟ إن إجابتك على هذه الأسئلة بنفسك سيعينك كثيراً -بإذن الله تعالى- على اتخاذ القرار المناسب. (4) "وهم العشق المتبادل" لا تتصوري يا أختي أنك العاشقة الوحيدة "عن بعد! "، عذراً فهذا المصطلح "العشق عن بعد" اخترعته بعدما رأيت كثرة الحالات الواقعة فيه، وقد لخصه لنا أحد الكتاب المعروفين في بلادنا، وحكى قصة حب عنيفة وقعت له، وهي قصة رمزية لها دلالة مهمة أنا متأكد أنك ستفهمينها بسرعة. يقول الكاتب إنه كان في طريقه من بيتهم إلى المدرسة (قبل أكثر من 40 سنة) يمر على بيت لأحد جيرانهم، وكان كلما مر رأى من خلف الباب فتاة متلفعة بعباءتها السوداء تطل عليه من فتحة الباب، فطار قلبه بها، وعشقها عشقاً عظيماً، مع أنه لم يرها ولم يدر من هي، غير أنه يعرف أن لجارهم هذا بنتاً في سنه. وصار كلما مر على بيت جارهم خرجت له هذه الفتاة المتلفعة، ولم تكن تخرج بكاملها إنما كان لا يبدو منها إلا طرف العباءة، واشتعل العشق في قلب صاحبنا، وصار ينسج الأحلام الوردية والآمال الزوجية على هذه الفتاة التي بلغ اليقين عنده أنها تحبه وتتعمد الخروج له كلما مر من باب بيتهم. حتى كان ذلك اليوم المشهود، وقرر صاحبنا الانتظار أكثر؛ عله يظفر بكلمة أو رسالة من المعشوقة المحبوبة، وفعلاً أطال المكث عند الباب، حتى انفتح أكثر وبانت له معشوقته كأحسن ما أنت راء من "شاة" سوداء أنيقة بديعة! ، مربوطة بحبل قصير لا يوصلها إلا إلى طرف الباب!. هذه هي القصة ودلالتها الرمزية ظاهرة، إنها تتحدث عن "وهم العشق المتبادل"، ومن العبارات الجميلة المأثورة "ليس المهم أن تُحِبَّ ولكن المهم أن تُحَبَّ "، ومن قصص الصحابة في هذا، القصة المشهورة للصحابية الجليلة "بريرة"، فقد كان زوجها يحبها غاية الحب، بل كان يهيم بها هياماً لم يقدر أن يخفيه عن الناس، حتى عجب النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه من هذا، كيف يحبها هذا الحب وهي تبغضه هذا البغض. (5) تأثير الكلمات المسيطرة.. لقد قلت -يا أختي- في رسالتك الرقيقة: إن قلبك "ملك للأول"! وهذه كلمة في غاية العجب!، كيف بعت قلبك له، وهل اشتراه منك، البيع لابد فيه من قبول وإيجاب، ثم هل تباع القلوب؟. كلمتك هذه "قلبي ملك للأول" نسميها نحن "كلمات مسيطرة"، وهي كلمات تشير إلى قناعات نفسية لدينا، اقتنعنا بها دون محاكمة لها.

"قلبي ملك للأول".. سبحان الله! ، هل قمت يا أختي بمحاكمة هذه الجملة الخطيرة من قبل؟ ، هل فعلاً قلبك ملك للأول؟ . جربي! حاكميها إلى العقل والمنطق؟ واخبرينا بماذا ستخرجين. وذكرت يا أختي الكريمة "أنك لا تستطيعين الارتباط بالشاب الذي تقدم لخطبتك". والحقيقة أنني أكره مثل هذه الكلمات: لا أستطيع! ، لا أقدر! ، مستحيل! ، غير ممكن! .. إلى آخر القائمة من "الكلمات ذات السيطرة والهيمنة"، إنها كلمات تؤثر علينا بل وتتحكم في حياتنا دون أن نشعر. ونظراً للدور الخطير الذي تحدثه مثل هذه الكلمات وأمثالها نشأ في الطب النفسي الحديث تخصص جديد اسمه "علم النفس المعرفي" أوالعقلاني، وهو ينادي بضرورة محاكمة هذه الأفكار التي سماها "الأفكار السلبية التلقائية". جربي يا أختنا الكريمة أن تحاكمي كثيراً من الألفاظ والعبارات والقناعات المتعلقة بحالتك هذه، وستجدين العجب! . وفي خصوص هذه الكلمة بالذات "لا أستطيع الارتباط بهذا الشخص"، ماذا تقصدين؟ هل تقصدين أن أحداً يمنعك من ذلك، أو أنك تقصدين "لا تريدين الارتباط به"!؟ ، وبينهما فرق كبير. يا أختي! . أنت تستطيعين الارتباط بهذا الشاب أو غيره، إذا اكتملت شروط الزواج، ولكنك تقصدين: أنا أريد الارتباط بالأول لكنه لم يتقدم لي، فالذي أريده لم يتقدم لي، والذي تقدم لم أفكر فيه أصلاً!! . (6) الاكتئاب ذكرت عن نفسك قلة النوم بشكل كبير، وأن الحياة لم يعد لها عندك معنى، فإذا انضاف إلى هذا نوبات من الضيق والحزن والبكاء، مع الكسل والخمول، وضعف التركيز، وقلة الشهية للطعام، والرغبة في الموت، فهذه ربما تكون علامة أنك أصبت بالاكتئاب، وهو مرض نفسي معروف، يكثر نتيجة الضغوط العاطفية. فإذا كان الأمر كذلك، فلابد أن تبادري بعرض نفسك على طبيب العائلة الخاص بكم، أو إذا لم يكن هذا النظام الصحي متبعاً عندكم فاعرضي نفسك على طبيب نفسي موثوق، ولا تتأخري في هذا -يا أختي - أو تتساهلي فيه؛ لأنه إذا كان فعلا لديك اكتئاب نفسي، فالحمد لله تعالى ستجدين عند الطبيب جلسات نفسية وأدوية مناسبة يشفيك الله –سبحانه- بسببها من هذا المرض. (7) الحب قبل الزواج؟ (.. مسكينات هن فتياتنا يبلغ الظن بهن أن الحب قبل الزواج بحلاوته وطلاوته سيستمر بعد الزواج، قوياً كما هو، ليت شعري كيف لو عرفوا عن الدراسة الأمريكية العجيبة، التي أثبتت أن الغالبية العظمى من الزيجات التي تنشأ عن قصة حب كبيرة، أنها تنتهي بالفشل والطلاق، والسبب ظاهر، فحرارة الحب قبل الزواج حرارة خداعة، سرعان ما تطفئها أمواج الواقع، وهذا معنى قول عمر "وهل تبنى البيوت بالحب وحده"، خاصة أن هذا النوع من الحب يكون عادة متركزاً على جانب واحد من شخصية المحبوب، كالشكل والمظهر، أو الكلام المعسول، دون التفات إلى بقية صفات الشخصية، التي ستبقى فعلاً بعد الزواج، وأنا أتساءل: لو تزوَّج قيس ليلى أو كُثير عزة أو جميل بثينة أو عروة عفراء، فهل سيبقى حبهم بعد الزواج كما هو؟!. والخلاصة.. أرجو أن يكون قد تبين لك -حتى الآن- أن حالتك هي: · بعض بلايا الاختلاط،

· وأن مشاعرك الجياشة القوية التي تعيشينها هي بسبب عاطفة الأنثى، وطبيعة المرحلة العمرية. · وأن الحب الذي وقعت في شباكه أمر قد لا يملكه الإنسان، لكن عليه أن يسأل هل هو حب صادق.. · وأنك ربما تكونين وقعت في "وهم العشق المتبادل". · وأن حالتك ربما تكون واقعة تحت تأثير بعض الكلمات المسيطرة، وأن عليك محاكمة هذه الكلمات. · وأنك بحاجة للمرور على الطبيبة للتأكد من الاكتئاب النفسي. ·وأن الحب قبل الزواج ليس دائماً ينتهي بحياة زوجية سعيدة. الحلول المتاحة: ليس في الدنيا شيء أكثر من الحلول، بدليل أن المشكلة الواحدة يكون لها عدة حلول، لكن الموفَّق –وأنتِ منهم إن شاءالله تعالى- من وفقه الله لاختيار أفضل هذه الحلول. (1) "أعرف أن الله كريم جدا ورؤوف بعباده" هذه عبارتك أنت، وقد جعلتها عنوانا للفقرة لجمالها وروعتها! . لا أستطيع أن أخفي فرحي بعباراتك الرائعة حين قلت: لم اهتم يوماً لشيء اسمه العلاقات المحرمة بين الفتيات والفتيان، وأعرف أنها حرام في الدين؛ ولهذا ابتعدت عنها بقدر الإمكان، وانشغلت بالصلاة وذكر الله طوال السنين الماضية. إن كنت صادقة –وأنتِ كذلك- فأنت فعلاً موفقة محظوظة، وهل شيء في هذه الدنيا أحلى من العفة، وأجمل من الصلاة، وأفضل من ذكر الله تعالى! . لئن انشغلت بهذه العبادات الجليلة في سنواتك التي سبقت الجامعة، فأنت الآن أكثر حاجة إليها، أليس كذلك؟! . ولا تملي فإن الله لا يمل!، ولا تتوقفي ففضل الله لا يتوقف! . إن ما تقومين به ليس مجرد عبادة، لكنه علاج نفسي يدرس في جامعات السوربون وهارفارد وإكسفورد! ، نعم هم لا يعرفون صلاتنا، لكنهم يعرفون ما يسمى "بالإشباع العاطفي والنفسي"، وهو أن النفس والعاطفة بحاجة إلى ما يشبعها، وهي تشبع بما تعودينها أنتِ عليه، فإذا كنت تعودينها على الحب والعشق والجنس واللهو والعبث، لم تعد ترضى بغيره، وإذا أشبعتها بحب الله والرسول والقرآن والصلاة شبعت وأي شبع! ، ورويت وأي ريّ! . واصلي! واثبتي! واستمري! ، فأنت على خير كبير. (2) أين المصلحة؟ كيف ندعو ربنا؟ .. يبدو سؤالاً سهل الإجابة، لكنه ليس كذلك، فأنت جلست تدعين الله ثلاث سنوات أن يجمعك معه بالحلال، فهل عندك ميثاق من الله أنه خير لك إذا توزجتيه؟ ، وأنه لن يقلب حياتك جحيماً لا يطاق؟ ، وأن هذا الهدوء الذي رأيته منه إنما هو ظاهر يخفي باطناً الله أعلم به، أنا لا أسب الرجل فالمؤمن ليس بالسباب، ثم كيف أسب من لا أعرف، ولكني كعادة المجيبين يضربون الاحتمالات لتوسيع آفاق التفكير. لا تسألي الله أن يجمعك معه بالحلال، ولكن اسأليه أن يرزقك بالزوج الصالح الذي يسعدك، سواء كان هو الأول أو الثاني أو شخصاً آخر غيرهما تماماً!!. إن كثرة إلحاحك أن تتزوجي من الأول بالذات يوقعك في هم شديد، فقد يكون سبق في علم الله أن الأول ليس خيراً لك، فيصرفه عنك لمصلحتك.

ليكن همك يا أختي أن تقترني بالزوج الصالح الذي يسعدك وتسعدينه، ولا تختزلي الأزواج كلهم في ذاك الشاب الأول، ومن الأمثال العامية عندنا "الله يدبر الصالح"، وهو مثل قوي جداً، وله سلطة معرفية كبيرة؛ لأن معناه أن الله -تبارك وتعالى - بيده مقاليد الأمور وهو يدبر الأصلح لعباده، ولكن العباد قد يرون المصلحة في أمر ما والله -عز وجل- يعرف أن مصلحتهم ليست فيه، فيصرفه عنهم وهم يصرون عليه!. تعلمت من هذه الدنيا أن الواحد منا قد يرى مصلحته في أمر ما فيسعى له ويجتهد في تحصيله، ويصيبه الهم لو لم يتحقق، ويغتم لذلك.. مسكين هو! ، هل عنده من الله ميثاق، أو هل كشف الله له سجف الغيب فعلم مكان المصلحة!؟ . ومن أمثالنا العامية أيضاً وهو مثل في غاية القوة "لا تحب! ولا تكره! "، أي إذا أعجبك أمر أو رأي أو فكرة فلا تحبها حباً شديداً عنيفاً وتقاتل من أجلها، بل اجعلها "مجرد تفضيل" مع استعدادك للتراجع عنها إذا تبين لك أن المصلحة في غيرها، وكذلك الأمر في الكره. وفي الأثر عن علي رضي الله عنه: "أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما!! " (3) المقارنة بين الشابين اعقدي مقارنة بين الشابين، لكن ليس وحدك، بل استعيني على ذلك بأهل العقل من صديقاتك وقريباتك، ممن يعرف الاثنين. واجعلي المقياس دقيقاً متكاملاُ وليس متركزاً على نقطة واحدة فقط، وقد أخرج البعض معايير اختيار الزوج، وهي موجودة على الإنترنت كما أذكر، وإن كنت نسيت موقعها الآن. والمعايير في الجملة كالتالي: 1.الدين 2.النفسية 3.التعامل 4.التعليم 5.العائلة 6.التوافق 7.وغيرها.. واستعيني -بعد ذلك كله- بالله –تعالى- وصلي صلاة الاستخارة حتى ينشرح صدرك، فإذا بقيت في حيرة فلا تستعجلي؛ لأن هذا معناه أن الأمر يحتاج لإعادة دراسة، وربما تصرفين النظر عن الإثنين كليهما! . كان الله معك وأرشدك إلى الصواب وألهمك الحكمة، آمين يا رب. (4) مفاتحة الشاب الأول إذا قررت يا أختي بعد السؤال والتحري أن الأول قد يكون زوجاً صالحاً لك، فأقترح عليك مفاتحته بالموضوع، وهل يريدك زوجة له أصلاً أم لا! . لكن لا تفعلي ذلك أنت! ، فهذا ليس من سلوك المؤمنات، بل أرسلي له من يفعل ذلك من الرجال أو من محارمه النساء. فأنتِ ربما لم تخطري على باله أصلاً، ولم يفكر فيك بتاتاً، ولو سئل عن اسمك لمال برأسه ينظر للسماء يستذكر: هل مر عليه هذا الاسم من قبل!! . وربما يعرفك لكن لا يريدك. فإذا كان يريدك فليتقدم، فإن تلكأ وتأخر وماطل، فاتركيه يعوضك الله خيراً منه، وقولي كما قالت أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- حين مات زوجها: "اللهم آجرني في مصيبتي، واخلفني خيراً منها" أخرجه مسلم (918) وغيره من حديث أم سلمة – رضي الله عنها -، فكان الخلف هو زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه!. (5) أنت فتاة ناضجة.. أنت يا أختي الكريمة فتاة ناضجة واقعية، تعرفين أن الحياة لا تتوقف عجلتها عند حب متعثر، ولا ينقطع سيرها لأجل أمنية لم تتحقق، ولذلك فأنا واثق أنك سرعان ما تنعتقين من قيد الأزمة، لتصبحي أكثر خبرة ونضجاً واستقراراً.

إن الفتاة في مثل سنك يصعب عليها أحياناً، أن تقتنع أن العلاقات في الدنيا ليست إلى دوام أبداً، مهما بدت لنا في بدايتها قوية متينة لا يمكن أن تنقطع، وطالما أحببنا أشخاصاً في صغرنا ظننا أن الدنيا لن تفرق بيننا مهما كانت الظروف، لكن حالما تركنا الحي أو المدرسة، انتهى كل شيء، بالتدريج غالباً والبتر السريع في أحيان ليست قليلة، هذه طبيعة الحياة الدنيا، لكن عنفوان العاطفة لدى المرأة في هذه السن تعميها عن هذه الحقيقة. إن العاطفة كفصول السنة تكون حارة حيناً، باردة حيناً، جافة يابسة حيناً، وتكون حيناً مورقة مزهرة! . ومن يظن أن العاطفة القوية المزهرة ستبقى كذلك أبداً فقد خالف ناموس هذا الكون الذي يسير عليه. اللهم يا من قلوب العباد بين أصابعك، أطفئ لواعج قلب أختنا، واصرفه إلى طاعتك ومحبتك، واختر لها يا رب ما تكون به سعيدة هانئة في الدنيا والآخرة.. آمين.

الزواج من الداعية

الزواج من الداعية المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 11-7-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ثم أما بعد.. تقدم لي أحد الدعاة إلى الله من الذين نذروا حياتهم لله، وعاشوا لأمتهم، وكم كنت أتمنى الارتباط برجل يحترق هماً لأمته وينصهر في بوتقة الدعوة إلى الله، اقتنعت به تماما ً أملاً بأن يعين كل منا رفيقه في طريق الطلب - مع أن في الساحة راغبون غيره من طلاب العلم وشباب لم يسبق لهم الزواج ولكن ليسوا كهمته ونشاطه - أحسبه كذلك - ولكن كل من حولي لا ينصحني بالارتباط برجل لديه زوجة ومشغول في حقل الدعوة لأني - بزعمهم - لن أطيق صبراً، وضرب البعض لي أمثلة من الواقع باءت بالفشل الذريع ومن ثم كانت نهايتها الطلاق.. أرجو إرشادي،،، الجواب الأخت الكريمة.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع" الإسلام اليوم" حينما ضرب البعض لك أمثلة من الواقع بائت بالفشل وكانت نهايتها الطلاق لم يضرب لك أمثلة أخرى لزوجات وأزواج انتهى المطاف بهم بالفراق والطلاق أيضاً وهم لم يكونوا معددين أو سبق لهم الزواج، وفي المقابل لذلك هناك زيجات كانت موفقة وناجحة وهي موجودة وشاهدة لكلا النموذجين النموذج التعددي أو الأحادي، وقصدي من هذا الكلام أن التوفيق والنجاح أو الفراق والطلاق في مسألة الزواج قد تحدث للمتزوج لأول مرة وقد تحدث أيضاً للمتزوج للمرة الثانية أو أكثر إلا أن الإحصاءات تشير أن احتمال الفشل لدى الزواج التعددي يقع بصورة أكبر من غيره وذلك للكثير من الأسباب منها على سبيل المثال أن تواجه الزوج مشاكل لم يحسب لها حسابها من جانب زوجته الأولى أو أولاده أو حتى بسبب الظروف المادية أو بسبب عدم وجود المودة للزوجة الثانية أو قد تكون كذلك بسبب الأمور الجنسية والعشرة الزوجية مع زوجته الثانية والإنسان المجرب قد تؤثر فيه مثل هذه الأمور أكثر من الزوج الذي يمر بهذه التجربة لأول مرة. وأما رأيي حول موضوعك أيتها الأخت الكريمة فهو أنك لا بد أن تحكمي عقلك وقلبك بجانب استشارة وليِّكِ ومن تثقين فيه بالطبع. أما عقلك فهو يساعدك أن تزني هذا الأمر المصيري بكامل الروية والأناة وبعين الحكمة لتنظري فيه إما بالإقدام وإما بالإحجام وأما قلبك فهو يطلعك على ميلك ورغبتك أين تتجه هل هو إلى مثل ذلك الرجل أم إلى شاب لم يسبق له الزواج. والأمر الذي يجب أن أذكرك فيه هو أخذك بعين الاعتبار عددا من المسائل منها: أولاً: أنك باتخاذك هذا القرار يجب أن تتحملي نتيجته بكامل المسؤولية ومن ضمنها الصبر حال الأذى والصبر حين غياب مثل هذا الزوج سواء في عمل دعوي أو ملازمته أولاده من الزوجة الأولى.

ثانياً: أن تقدِّري مستوى التحمل لديك من لذعات الغيرة وكبح جماحها حينما تتأجج في قلبك، ولا تظني أنك ستكونين في مأمن منها كلا فأمهات المؤمنين كان بينهن من الغيرة الشيء العظيم وغيرهن من باب أولى ولذلك فالسؤال هنا ليس عن إمكانية وجود الغيرة من عدمها بل عن مدى تحملك لها ومدى نجاحك في كبح زمامها وتهذيبها بصورة لا تجعلها سبباً في تحطيم بيتك وزواجك. ثالثاً: يجب أن تتأكدي أيضاً من طيب معشر هذا الرجل إذ لا يعني انشغاله بالدعوة والعمل الإسلامي نزاهته وطيب معشرة لزوجته وأولاده، صحيح أن التزامه وانشغاله بأمور الدعوة ستكون دافعاً كبيراً له في بذلك الخير والمعروف والخلق الحسن لأهل بيته لكن يبقى أن الاحتمال في التقصير تجاه أهل بيته وارد فلا بد أن تكون نظرتك بهذا الرجل أو غيره نظرة شاملة ولا تقصريها فقط على مجال واحدٍ دون غيره بل حاولي سبر جميع المجالات لديه الخلقية والنفسية والسلوكية بالإضافة طبعاً للأمور الدينية. أعانك الله ووفقك للزوج الصالح.

مضى القطار ولم أتزوج بعد!!!

مضى القطار ولم أتزوج بعد!!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 26-5-1423 السؤال بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: لا أعرف من أين ابدأ ولا أعرف أن كنتم تعتبرون هذه مشكلة ولكنها تسبب لي القلق. ككل فتاة يداعبها الحلم منذ الصغر بأن تكون زوجة وأما هكذا كنت منذ صغري ومازلت. إلا أن هذا لم يتحقق وقد بلغت من العمر ستاً وثلاثين سنة. أكملت الثانوية وعندي إحساس بان بعدها سيأتون الخطاب إلا أن هذا لم يحصل فأكملت دراستي الجامعية وتخرجت ولم يتقدم لي أحد وبعدها حصلت على وظيفة وأنا أنتظر ابن الحلال. علماً بأني ولله الحمد أتمتع بقدر من الجمال والعلم والأخلاق حيث أنني تربيت في بيت محافظ على الدين والتقاليد الحميدة ولم أعرف الطيش ثم قررت إكمال دراستي فحصلت على درجة الماجستير وحصلت على وظيفة في الجامعة. إلا أنني لم أنسى أني أنثى وأشتاق إلى أن أكون مطلوبة وأكون زوجة وأما صالحة. المرة التي تقدم شخص لخطبتي كان من قبل امرأة جاءت إلى بيتنا لتطلب يدي إلى شخص من خارج البلاد لا أعرف عنه شيئاً إلا انه متزوج ولديه أطفال. وطبعاً بدون تفكير رفضت. لا أعرف لماذا وفي هذا العام جاءني الشخص الذي طالما حلمت به وهو من أقربائي وقد كنت أكنّ له شعوراً خاصاً منذ صغري إلا أنني شديدة الاعتزاز بكرامتي ولم أفصح عن هذا الشعور. واتضح أنه كان يبادلني نفس الشعور ولكن ظروفه العائلية حالت دون أن يصارحني فتزوج من أخرى ليرضي والدته. والآن بعد خمسة عشر سنة جاء يطلب يدي وبالرغم من أنه متزوج قبلت لأسباب عديدة منها أنني سمعت الشيوخ والمفتين ينكرون على التي ترفض بأن تكون زوجة ثانية. كما أنني في سن لا يسمح لي بالحلم بفتى أحلام. وأخيراً وهو الأهم أنه الشخص الذي طالما حلمت به. واتفق معي بأن يخبر الأهل بعد أن ينتهي من بناء المنزل المقرر لي. إلا أنني أصررت بأن أخبر أخته فوافق فأخبرتها برغبة أخيها فثارت وقالت عنه أشياء أخافتني منه وقالت إنني سأكون سبب خراب عائلته وإن أهلها سيظنون بأنها سبب زواجي منه لأنها زوجة أخي. ويعلم الله أنني لم تكن نيتي خراب عائلته. وبدون تردد أخبرته بأن ينسى فكرة الزواج بي. لكنني ندمت بعدها وما زلت نادمة لأنني لم أستطيع إبعاده عن تفكيري وكرامتي وحيائي لا يسمحون لي بالرجوع إليه وإخباره بأنني نادمة خاصة وأنه تقبل رفضي وزعل مني ومن أخته. إلى حد الآن وأنا في حيرة وعذاب وما زلت أفكر فيه فكرت في إكمال دراسة الدكتوراة إلا أنني لا أستطيع السفر بدون محرم. بلدي لا يوجد فيها هذه الدرجة أعرف إن هذا امتحان من الله سبحانه وتعالى لكن دائماً أسأل نفسي لماذا لم يرزقني ربي بابن الحلال لأرتاح نفسياً وماذا أستطيع أن أعمل حيال هذا الشخص الذي لا يفارق تفكيري للحظة بالرغم من أنني دائما مشغولة ولا يوجد لدى وقت فراغ. إلا أنني لا أشعر بطعم لحياتي هذه مشكلتي باختصار أرجو منكم النصح وجزاكم الله خيرا الجواب الأخت الكريمة.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع" الإسلام اليوم"

أولا: يجب أن تدركي جيداً أن هذا إنما هو كما قلت أنت امتحان وابتلاء من الله سبحانه ربما لحكمة عظيمة ومنفعة كبيرة لك ستجدين نتاجها بعد حين. والابتلاء والامتحان ليس شيئاً هيناً أو سهلاً كلا بل هو في بعض الأحيان عذاب متواصل ربما جسدي أو نفسي وإيمانك بأن ما تعانين منه ربما يكون ابتلاء من الله شيء طيب لأن في هذا الاعتقاد الدافع القوي لأمرين اثنين نحن جميعا مأمورون بعملهما وهما أولاً الصبر فكلما تذكر الإنسان أن ما به إنما هو امتحان من الله دفعه هذا الشعور إلى الصبر وعدم التسخط وانتظار الفرج من المولى سبحانه. والأمر الآخر هو الالتجاء إليه سبحانه بالدعاء والإلحاح عليه بصدق وإخلاص النية في ذلك.. وهذا حقيقة هو ديدن الأنبياء عليهم السلام جميعهم فهم أكثر الناس بلاءً وأكثرهم صبراً وأكثرهم لجوءاً ودعاءً إلى الله بفك هذا البلاء وسؤال الفرج منه عز وجل. فوصيتي لك هو عدم إغفال هذين الأمرين الهامين فهما سلاحك الوقاد وهما مفتاح الفرج بإذن الله تعالى. ثانياً: جميل منك قناعتك وقبولك برجل حتى ولو كان متزوجاً فهذا شيء جيد، وقد أخطأت حينما أصررت على إخبار أخت هذا الخطيب الذي تقدم لخطبتك خصوصاً أنه لم يكن موافقاً على مثل هذا العمل لولا إصرارك فما كانت النتيجة إلا فشل هذا المشروع.. والسبب في ذلك في ظني إننا في مثل مجتمعاتنا التي يوجد فيها التعدد بنسبة ليست قليلة وحينما يقدم الرجل على التعدد والتفكير فيه فإنه يريده في بداية الأمر أن يسير بهدوء وأن يتم بشكل هادي جداً إذا ما أراد النجاح لمشروع زواجه.. وما عملته أنت إنما كان تفجيراً للوضع وتأليباً للزوجة الأولى وللأولاد وهذا ما جعله يهرب منك من مشروع زواجه بك. على كل حال ثقي أنه إن كان صادقاً في مبتغاه فسيعود إليك ويطلبك مرة أخرى أو يرزقك الله خيراً منه فلربما كان هذا الفشل في إتمام عملية الزواج إنما لخيرٍ أراده الله لك فالغيب عنده سبحانه. الأمر الآخر.. وهو طلب خاص مني إليك أن تخفّفي من حدة الكبرياء والعزة والأنفة عندك.. هي جميعها أمور حسنة أن توجد لدى الفتاة ولكن زيادة الجرعة منها قد تقلبها إلى سلبية تجلب لصاحبها النكد والخسران، إذ ما المانع لك من اتصالك بهذا الرجل مرة أخرى اتصالاً غير مباشر عن طريق وسيط مثلاً أو رسالة أو اتصالاً مملوءاً بالأدب والحشمة والعفاف، تبدين فيه مشاعرك نحوه.

ومن جهة أخرى.. لا أدري هل أنت خالية من الأب والأخوة والأقارب الرجال الذين يذكرونك لمن هو كفؤ لك. كثير من الرجال ربما الذين لم يسبق لهم الزواج وكبروا عن سن الزواج ربما يبحثون كثيراً عن مثلك ولكن لقصور قنوات الاتصال والتعريف يفشلون في الوصول إليك خاصة وأنت على هذا المستوى من العلم والتعليم والثقافة، ولذلك وبسبب الكثير ممن هم في مثل حالتك فإن وجود لجان التعريف بالزواج والتعرف على الشباب والشابات يصبح أمراً ملحاً جداً والسعي إلى إنشاء مثل هذه اللجان والمراكز أصبحت ضرورة يجب السعي إلى إيجادها. وإن كان يوجد لديكم مثل هذه اللجان فلا بأس عليك الاتصال بهم وتعريفك نفسك عليهم إذ لا يحتاج هذا الأمر إلا قليلاً من الشجاعة، وأيضاً حاولي مرة أخرى مع هذا الرجل كما قلت لك ومع هذا وذاك لا تدعي الدعاء واللجوء إلى المولى سبحانه وبإلحاح فهو سبحانه نعم المعين. وفقك الله ورزقك الزوج الصالح الذي يسعدك,,,.

يريد أن يتزوجني لكن أمه تكرهني

يريد أن يتزوجني لكن أمه تكرهني المجيب د. راشد بن سعد الباز عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 27/3/1425هـ السؤال أحببت رجلاً، ودامت علاقتي معه 4سنوات، وكان عدم خطبته لي هي أمه فهي لا تحبني، وتريد زواجه من أقربائه، لا أعرف تحديداً سبب كرهها لي، وطلب مني أن أتزوجه، وعندما يتزوجني يذهب إلى أمه ويخبرها بكل شيء بعدها لا تستطيع فعل أي شيء ضد ابنها، وهو مستعد أن يضحي من أجلي بكل شيء؛ لأنه يحبني بكل جنون، ولا يستطيع أن يتزوج من فتاة أخرى أو يحبها وأنا كذلك مثله. فضيلة الشيخ! أنا أنتظر جوابك بفارغ الصبر. وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: هذه من المشكلات التي يواجها بعض الشباب والشابات عند الزواج، ولكن من الضرورة سؤال الإنسان نفسه، هل مجرد كونك من غير أسرة الزوج هو السبب الوحيد في كره أم الشاب لك، أم أن هناك عوامل أخرى مساعدة في إيجاد أو استمرار هذا الكره؟ فقد يكون من الأسباب ما يرجع إليك انت شخصياً؛ بسبب طبيعة علاقتك بأمه؛ كعدم الاهتمام بها. أمر آخر ... خلال الأربع سنوات التي لم ينجح ابنها في اقناعها بزواجه منك، فلا أعلم ما هي المحاولات التي قام بها ابنها في هذا السياق، لا أعلم موقف والد الشاب، وهل هو حي أم متوفى. في الحقيقة أنا لا أؤيد أن يتم الزواج من غير رضى والدته؛ لأنّ ذلك قد يجر إلى مشكلات عديدة، كما أنّه من الصعب أن تبدأا حياتكما الزوجية بسخط والدته، ولو تم الزواج بغير إذن والدته فإنّ أي مشكلة تحصل قد يُرجعها الزوج إلى عدم موافقة والدته على الزواج. وعموماً هناك عدد من الخطوات التي أعتقد أنّها مفيدة: 1- البحث بصراحة عن سبب كرهها لك. 2- العمل على التقرب إلى أمّ الشاب والتودد إليها ويُمكن إرسال بعض الهدايا عن طريق ابنها خاصة في المناسبات. 3- الطلب من أحد الأشخاص الذي أو التي تُقدره وتحترمه أم الشاب للتوسط في ذلك. 4- الاستمرار في محاولات الشاب في إقناع أمه وإظهار الصفات الحسنة التي تتمتعين بها. 5- هناك سلاح نغفله دائماً، وهو الدعاء خاصة في الصلاة وفي القيام، حيث قال الله تعالى: "ادعوني أستجب لكم" [غافر:60] ، ويقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: "لا يرد القضاء إلا الدعاء" رواه الترمذي (2139) من حديث سلمان الفارسي - رضي الله عنه -. والله الموفق.

أهلي والزواج ... ؟!

أهلي والزواج ... ؟! المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 12/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شيخنا الفاضل: أنا شاب تعرفت على شابة وأود الزواج منها، ولكنها ليست من بلدي وأهلي رافضون، وأهلها أيضاً، ونحن تعدينا سن العشرين فهل من الممكن أن نتزوج على سنة الله ورسوله عليه السلام، دون الرجوع للأهل؟ أم أننا ننتظرهم يحددوا ما يريدون وما علينا إلا القبول بما يريدون؟ أنا لا أعني العقوق بالوالدين، لكن هذا الأمر يعد شيئاً شخصياً وحقاً من حقوق أي مسلم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فيا أخي الكريم.. إن في سؤالك عدداً من الوقفات التي ينبغي أن نقف عندها: أولا: إن طريقة تعرفك على هذه الشابة، والذي يظهر أنه تم من وراء أهلها أمر لا يجوز شرعاً؛ لأنه انتهاك لحرمات الآخرين، ولا يجوز عرفاً؛ لأنه انتهاك للأعراف التي تسير عليها البيوتات المسلمة اليوم في بلادك. ثانيا: إن طاعة الوالدين وبرهما واجبة في كل أمر من أمور الحياة، فكيف في شأن مثل هذا الشأن؟ ألا تتمنى دعوة طيبة مباركة منهما لعلها تستجاب فيبارك الله لك في زوجك ومستقبلك، فإذا كانت فتاة صالحة ترضى دينها وخلقها فحاول أن تقوم باسترضاء والديك ووالديها بإدخال وسائط خارجية؛ مثل الأقارب والأصدقاء، ثم لا بد أن ترضى بما قسم الله لك فهو خير بلا شك، فإن الله تعالى يقول: "وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم " [البقرة:216] . ثالثا: إن رضا الولي شرط في صحة الزواج بالنسبة للزوجة، فلا يجوز لها أن تزوج نفسها في حال وجود أبيها أو أخيها أو وليها إلا برضا الولي، ولا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها فإذا كان لها ولي يزوجها وإلا فوليها ولي أمر المسلمين. رابعا: إني أذكِّرك بأن أي زواج مبني على معصية لا خير فيه. فاتق الله في والديك ووالديها، واعلم أن الخير فيما يختاره الله، ولعل الله ـ إن تركت التزوج منها خوفا من الله وإرضاء لوالديك ووالديها ـ أن يرزقك خيراً منها، ويرزقها خيراً منك. والله المستعان.

هل أتزوجه بعد ما وقع منا هذا؟!

هل أتزوجه بعد ما وقع منا هذا؟! المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 25/04/1425هـ السؤال أنا فتاة عمري خمس وعشرون سنة، وأهلي لهم شروط متعسفة في زوج المستقبل، مما أدى إلى رفض الكثير من الخطاب، وأفيدكم بأنه تمت خطبتي سابقاً لمدة ثمانية أشهر، وبعد ذلك رفض أهلي هذه الخطبة والزواج بدون أسباب شرعية، فمشكلتي الآن هي أنني تعرفت على شاب بنية الزواج، وهو صادق من زواجه مني، ومما يدل على ذلك أنه قابل أبي بنية المعرفة المسبقة قبل الخطوبة، وفي يوم من الأيام أغراني الشيطان بأن أقدم له هدية، وبسبب الظروف الصعبة أخبرته بأن يأتي إلى بيتنا لكي يأخذها، وشاء الله بأن يأتي أخي في نفس الوقت، مما اضطرني إلى إدخاله داخل البيت، ولكن أخي عرف بذلك واستدعى الشرطة، وحرصاً علي وعلى النية الصادقة منه اضطر بأن يقول للشرطة بأنه داخل البيت من أجل الشغالة المسيحية، مع العلم بأن أخي كان يعرف أنه في البيت من أجلي، وبعد أن انتهى موضوع الشرطة بدون ذكر اسمي في الموضوع أخبرت أهلي بأنه يريد أن يتقدم لخطبتي، ولكن أهلي كانوا معارضين بشدة، بسبب أن لي علاقة مسبقة به، وأنا أريد أن أتزوجه وهو رجل على خلق ودين، وأن الإنسان ليس معصوماً من الخطأ، وأن الله -سبحانه غفور رحيم -، وكانت التوبة بأنه ستر علي في موضوع الشرطة، ويريد أن يتقدم لخطبتي بكل جدية، فما الرأي الشرعي في هذه الحالة؟ وأنا مصممة على الزواج منه، ولكن أهلي لا يريدون ذلك. وجزاكم الله عنا كل خير والله يوفقكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: لقد أخطأت في هذه القضية عدة أخطاء: أولها: الذي سبب لك كل هذه المشاكل: (كيف تعرفت على هذا الشاب وبأي طريق تمت مكالمته؟) فمهما كانت الإجابة فأقول لك هذا غير جائز شرعاً، حتى المكالمات بالإنترنت أو الهاتف مع رجل أجنبي وعقد صداقة معه وإن كانت على زعمه (بنية الزواج) ، فهي غير جائزة؛ لأنه رجل أجنبي عنك؛ وقد قال تعالى: "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض" [الأحزاب:32] ، وهذا جر عليك حب الإهداء وهكذا، إلى أن وصل إلى إدخاله إلى البيت، وهو تصرف خاطئ؛ لذا عليك التوبة إلى الله من هذا العمل، والندم على ما حصل، وعدم العودة إلى مثل تلك المسائل بعقد علاقات مع شاب قبل الزواج، والله يقبل توبة التائبين ويحبها ويفرح بها. ثانياً: قال الله -تعالى-: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا" [النساء:36] فأمر بعبادة الله ثم عطف عليها طاعة الوالدين والإحسان إليهما ومن الإحسان إليهما الأخذ برأيهما ومشورتهما في كل هذه الأمور وعدم التحايل عليهما، فإذا رفضا هذا الشاب لأسباب مقنعة كما في هذه الحال فعليك الطاعة لهما وسيعوضك الله خيراً منه.

ثالثاً: رجل عرف أهلك أنه دخل منزلهم بدون إذنهم، فلو ارتبطت به فسوف تستمر النظرة الدونية له ولن يحبوه، ولا أولاده بعد ذلك، وسيكون ذلك وصمة عار في جبينه عندهم وعندك مع مرور الزمن، فلذا أنصحك نصيحة حريص عليك بأن تعيدي النظر فيه، فلن تكون بينكما ثقة ما دام أنه بينكما علاقة مسبقة، وسيكون الشك دائماً هو المقدم في الحياة، وإذا كانت الحياة ستبنى على ذلك فهي حياة فاشلة، وأن عليك أن تثني العزم عنه وتطيعي والديك؛ ففي طاعتهما الخير الكثير، (تخيلي لو صارت مشكلة في الحياة أدت إلى الانفصال إلى من ستلجئين عندئذ بعد الله؟) . رابعاً: أنصحك بالدعاء والتضرع إلى لله بأن يرزقك الزوج الصالح، وييسر الله أمره لدى أهلك، بأقصر الطرق، والله قريب ممن يدعوه، واعلمي أن مع الصبر الفرج، أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، ويرزقه الزوجة الصالحة أيضاً. والله أعلم.

أمي أم زوجتي؟!

أمي أم زوجتي؟! المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 7/2/1425هـ السؤال أنا شاب بار بوالدتي، ومقيم معها في البيت، ومسؤول عنها وعن شقيقتي الصغيرة وغير المتزوجة، لذلك تعتبرني الوالدة رب البيت؛ وذلك لوفاة والدي، مشكلتي تتلخص في رغبتي الجادة والصادقة في الزواج، ولكن الوالدة خائفة أن أتزوج واتركها بناء على طلب الزوجة، كما حصل مع أشقائي، حاولت إقناعها بوجود فتيات صالحات، واقتنعت، وبدأنا البحث عن فتاة ترضى بالعيش مع والدتي، ولكن الجميع يعتذر. اطلب نصيحتكم ورأيكم، كيف أوفق بين أمي وزوجتي في بيت واحد؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: أسأل الله - عز وجل- أن يثبتك على حرصك بأن تبر بأمك، ففي الحديث: "بروا آباءكم تبركم أبناءكم" ضعيف، انظر ضعيف الجامع الصغير (2329) ، أنظر ضعيف الجامع الصغير (2329) ويزداد هذا الحق لهما عند الكبر، كما قال الله - عز وجل-: "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيراً" [الإسراء: 23:24] الآية ... فاستعن بالله ولا تعجز في هذا العمل الجليل، والذي فرط فيه الكثير في هذا الزمن، ولذا فإني أذكرك بارك الله فيك ببعض الوصايا، ومن أهمها: 1- التذكير بتقوى الله - عز وجل- فإن تقوى الله - سبحانه- مفتاح الفرج لكل كرب وشدة؛ قال -تعالى-: " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً" [الطلاق:4] ، وقال -تعالى-: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" [الطلاق:2] . 2- الصبر على ما قد يعرض لك من المشقة في طلب رضا والدتك بعد رضا الله - سبحانه- وتذكر في ذلك معية الله - سبحانه- مع الصابرين قال - عز وجل- "إن الله مع الصابرين" [البقرة:153] . 3- الزواج ضرورة شرعية لكل شاب يريد إعفاف نفسه، وخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن، وإياك أن تشعر بالتعارض بين الواجبين - أعني طاعتك لوالدتك وشروعك في الزواج- فكلاهما هام وضروري لحياتك، وسيتحقق - بإذن الله - التوفيق بينهما، ولا تكن مثل بعض الناس الذين بالغوا في طاعة والديهم فأعرضوا عن الزواج، وهذا إذا لم يكن له مبرر شرعي فهو مخالف للشرع. 4- اجتهد في تحصيل مرادك، وابحث فليس من المعقول أن تخلو الحياة من امرأة صالحة تكون في خدمة أمك وتساعدها، فلا يزال الناس فيهم بقية من خير، وتذكر قول الله - عز وجل-: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" [العنكبوت:69] . 5- أرى ألا تتنازل عن هذا الشرط في طلب زوجة المستقبل ففي الغالب بأن المرأة التي ترضى بالعيش مع والدتك هي امرأة تتميز بالصبر والتحمل، وتلك صفة نفيسة قل ما تجدها إلا في النساء المؤمنات، حتى ولو أدى بك ذلك إلى التنازل عن بعض الشروط الكمالية، وتذكر في ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله إلا أعطاك الله خيراً منه" أخرجه أحمد (20739) والبيهقي في الكبرى (5/335) وإسناده صحيح.

وختاماً أسأل الله - عز وجل- لي ولك التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة، وأن يوفقك للتعامل الحسن مع هذا الموقف والذي أرجو إن أنت أخذت بهذه الأسباب سالفة الذكر فإنك ستتجاوز مشكلتك -بإذن الله تعالى-. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل أتزوجها؟

هل أتزوجها؟ المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 3/2/1425هـ السؤال لدي خطيبة، والمشكلة تكمن أنني وبعد فترة اكتشفت أموراً لم أعلمها من قبل، وهي كالتالي: (1) أنها غير ملتزمة بالحجاب الإسلامي دائماً. (2) أن خالاتها غير محافظين نهائياً (يشربون الدخان والشيشة, لا يعترفون بالحجاب أبداً, يسافرون بدون محارم معهم , يدخلون أماكن غير لائقة، مثل ديسكو ومرقص وحدهم) . وعندما سألت خطيبتي عن أمرهم، قالت لي: لا دخل لي بهم علماً أنها تحب الذهاب لهم، وتقول لي: عادي، أي أن الأمر عادي عنهم، ولا توجد مشكلة، علماً أن الأخوال الذكور يعلمون عن أمر أخواتهم، الآن أنا في حيرة من أمري، هل أستمر معها؟ وأفرض عليها بعض القيود علماً أنني قلت لها الآن: ألا تذهب أبداً لهم إلا في حالات محدودة، قلت لها: بعد الزواج يجب عليكِ قطع علاقاتهم نهائياً إلا في مناسبات هامة جداً، وتكون الزيارة محدودة في الوقت، ولكنها قالت لي: هذا رحم، وقلت لها ألا تخرج مع أمها إلى السوق، أو غيره إلا نادراً، ويكون معهم محرم ثقة، هل ما فعلته صحيح أم لا؟ هل أستمر أم لا؟ علماً أنني لم آخذ الموافقة منها إلى الآن، علماً أنني أحبها وتحبني كثيراً، ما رأيكم؟ -جزاكم الله خير الجزاء- علماً أنني من عائلة محافظة، وأنا حالتي يرثى لها بعد معرفتي لهذه الأمور. الجواب جميل جداً منك - أخي الكريم- أن بادرت بطلب المشورة بمجرد اكتشافك لهذه الملاحظات، وأنت لا زلت في سعة من أمرك قبل أن يتم الزواج، وتتعقد الأمور أكثر فأكثر، وهذا يدل على أنك تملك عقلاً وافراً، فأسأل الله أن يتم عليك نعمته. أقول هذا الكلام لأني أرى الكثير من الإخوة والأخوات تعميهم سكرة الزواج وفرحته، عن رؤية المصائب، واكتشاف الأخطاء، فإذا ذهبت الشدة، وثاب العقل إلى رشده، بدأت تظهر تلك المعايب، وتطفو على سطح الحياة الزوجية، ثم تتحول إلى مشكلات، فأزمات، فطلاق، وفراق، ولا تسل بعد ذلك عن آثارها على الزوجين وأولادهما، وأهليهما، وقد كان في إمكانهم أن يوفروا على أنفسهم ذلك التعب النفسي والتكاليف المادية، لو أعملوا عقولهم قليلاً، اسمح لي بداية أن أقلب سؤالك، وأبدأه من آخره، فأنت تقول: (علماً أنني أحبها وتحبني كثيراً كثيراً) ، وهذه نقطة إيجابية سيكون لها أثر في حل مشكلتك؛ ذلك أن من يحب يكون مستعداً للتضحية في سبيل الحفاظ على من يحبه أياً كانت هذه التضحية حتى لو كانت على حساب رغبات نفسه، ومحابها، وهذا معيار يمكن أن تميز به الحب الحقيقي عن الحب الذي ينتج عن الميل الفطري، وحداثة التعارض، ووهج العلاقة العاطفية.

أنت تعرف مقدار محبتك لها لكن هل هي فعلاً (تحبك كثيراً كثيراً) ؟ أم أنك مجرد (نصيب) لا بد أن ترضى به؟ يمكن أن تتأكد من ذلك إذا وجدت الالتزام الحقيقي منها برغباتك، خاصة وأنك لم تطلب منها مستحيلاً ولا مشقة، وإنما الالتزام بما أمر الله -تعالى- من الحجاب والقرار في البيت، وعدم الاختلاط بمن تضر معرفتهم، ولا تنفع فإن هي التزمت بذلك حقيقة، وعن رضا نفس وفرح بتنفيذ رغبة محبها الذي هو أنت، فاعلم أنها فتاة مناسبة صادقة في حبها لك، وأيامها المقبلة - بعد زواجكما ستكون أسعد - بإذن الله تعالى- ولا يضرها أبداً إن كان أخوالها كما وصفت فإن الله - عز وجل- قال: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الأنعام:164] فلا تؤخذ بسيئة غيرها. أما إن وجدت منها التذمر، والتأفف، والشعور بالتقصير، أو إنها تتعهد أمامك، وتخالف من خلفك، أو أن قناعاتها ضعيفة بما تأمرها به، فإني أنصحك أن تعيد النظر في ارتباطك بها، فلئن ظهر منها ذلك في وقت الخطوبة التي عادة ما تكون فترة إصلاح وسعادة، ونظرة مشرقة للمستقبل فسيكون الأمر أشد بعد الزواج، حين تعود الحياة إلى طبيعتها، وتسير برتابتها المعهودة. وإياك أن تقول: (سأؤثر عليها بعد الزواج) ، فأنت تقدم على مجازفة نسبة فشلها أكبر من نجاحها، يثبت ذلك قرائن الحال، وتجارب الواقع، فإن الإنسان يريد أن يتزوج؛ ليكن قلبه، وتستقر نفسه، لا أن يبدأ عاصفة جديدة تكدِّر عليه حياته. صدقني أني أعلم وقع هذه الكلمات على قلبك الذي يحلق في عوالم الحب، وأعذرك كثيراً في ذلك، لكن لا يجوز أبداً أن يغيب عنا في هذا الوقت بالذات النظر إلى المستقبل بعين البصيرة -العقل- حتى لا تندم ساعة لا ينفع الندم. جانب آخر يجب ألا يغيب عن ذهنك، وهو أنك كما ذكرت عن نفسك من عائلة محافظة، فكيف ستكون علاقة عائلتك بعائلتها، وهم مختلفان في هذا الجانب؟ المهم في الحياة الاجتماعية، والذي على أساسه تقوى الصلات وتضعف، إني أخشى أن تكون معلقاً بين انفتاح زوجتك وأهلها، ومحافظة أهلك، فتعيش في دوامة من المشكلات لا نهاية لها. ولذلك دائماً ننصح المقبل على الزواج أن يختار فتاة تتقارب معه في المستوى الفكري والتعليمي، والاجتماعي؛ لأنه أحد الركائز المهمة التي ترتكز عليها العلاقة الزوجية، ألمس من خلال كلماتك أنك إنسان حساس، وهذا قد يزيد معاناتك، ولكن لا بد من ذلك حتى تجني العاقبة حلوة نضرة. وألخص نصيحتي لك في النقاط التالية: (1) أن تكون إنساناً واضحاً صريحاً في مطالبك، وأنك تريد أن تبني حياتك وفق ما شرع الله - تبارك وتعالى- وأن يرزقك الله ذرية صالحة مستقيمة، فإن هي رغبتك بهذه الصورة فعلى العين والرأس، إلا فلكلٍّ وجهة هو موليها، وهذه القوة والصراحة ستخدمك في المستقبل؛ لتقوية موقفك إن احتجت إلى ذلك، وإياك أن تستجيب لدواعي نفسك، أو ضغوط أهلك أن تؤجل ذلك إلى ما بعد الزوج، فأخشى أن تسير الأمور على غير ما تحب. (2) لا تجعل عواطفك تسيطر على تفكيرك، فكم من أمر تهمس فيه العواطف بـ (نعم) ، بينما يصرخ العقل بـ (لا) فإذا غاب صراخه في همس العواطف فلا تسل عن سوء العواقب (غالباً) .

(3) قد تصور لك النشوة العاطفية أن هذه هي الإنسانة الوحيدة التي يمكن أن ترتبط بها، وأنه لا عيش لك بدونها، ولا سعادة بغير قربها، وهنا سيصعب عليك كثيراً اتخاذ القرار المناسب، ولكن إذا علمت أن في المجتمع فتيات مثل المزن طهراً، وطيبة، ونقاء سوف تفكر بهدوء، وروية، وعقل. (4) إياك أن تتعجل باتخاذ أي قرار بل استجل الواقع بوضوح ثم اعمل فكرك فيه، واستشر واستخر الله -تعالى-، ثم قرر بعد ذلك. (5) أكثر من دعاء الله -تعالى- في كل وقت أن يوفقك، ويسعدك، ويطمئن قلبك، ويكفيك شر نفسك وشر الشيطان وشركه، فسوف يفتح لك أبواب إجابته. أسأل الله أن يلهمك الصواب، ويوفقك لما فيه الخير والسعادة في الدنيا والآخرة.

هل أقبل به أم لا....؟

هل أقبل به أم لا....؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 2-7-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا فتاة كتب كتابي على رجل لا أحبه، وفي نفس الوقت كنت أحب رجلاً وهو متدين وكنت أتمنى أن أتزوجه، وبعد فترة من كتب الكتاب علم ذلك الشاب بالخبر، فجاء إلي وبين لي مشاعره تجاهي وقال أنه لا يريد أن يكون سبباً في تحطيم أسرة، ولم أره بعد ذلك وكنت قبل ذلك أدع الله وألح عليه أن يكون هذا الشاب من نصيبي، واستخرت الله كثيرا بعد هذا الأمر في أمرهما وأن يكون أفضلهما وخيرهما من نصيبي، وبعد ذلك ساءت علاقتي مع خطيبي - وهو غير متدين - كثيرا وأشعر بنفرة تجاهه وكره فهو يسيء التعامل معي، مع العلم أن خطيبي يعلم بمشاعري تجاه الشاب الآخر وأهلي يقولون لي بأنه إذا طار هذا الشاب من يدك فلن تتزوجي بعد ذلك وأن الفتيات كلهن تزوجن وأنت ستبقين في البيت من غير زوج ... شيخنا الفاضل ماذا أفعل هل أبقي معه أم أنفصل عنه مع أني لا أطيقه؟ أنا في حالة ضيقة لا يعلمها إلا الله. أرشدوني ما العمل؟ الجواب الأخت الكريمة … وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" الأمر الذي أشير فيه عليك أن لا تستمري ولا تواصلي أمر الخطوبة والزواج من هذا الرجل لعدد من الأسباب: أولا: إنه غير متدين مما يعني هذا أن الكفاءة في الدين غير موجود لديه وغير متوفرة فيه" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.." الحديث، وهذا الرجل لم يكن بالشكل المرضي من الناحية الدينية. ثانياً: أنك كما تقولين قد أحسست بنفور منه وعدم رغبة فيه وهذا بحد ذاته سبب وجيه لتركه وعدم إتمام الزواج منه. ثالثاً: أنه على علم مسبق بمشاعرك تجاه الشاب الآخر وهذه سوف تكون الشرارة التي تنطلق منها نيران العذاب ولهيب الشك والريبة الذي سوف يخيّم على زواجك من أول يوم ويقيني أنه سينتهي بالانفصال كنتيجة طبيعية لمثل هذه الأمور. رابعاً: قول أهلك أنك لن تتزوجي أبداً لو ذهب هذا الرجل غير صحيح فالله سبحانه المقسم للأرزاق وهو الذي كتب لك الرجل الذي سوف تتزوجينه فلا تتعجلي فتقعي في الاختيار الغير مناسب ثم ما تلبثين أن تجنين مرارة هذه العجلة في أمر الزواج. وأخيراً: قد يرجع ويعود الرجل الذي أحببتِه أو قد لا يعود لكن المهم أن لا ترتبطي بإنسان لا ترغبين فيه وعليه ملاحظات كثيرة بحجة خوفك من العنوسة. أيضاً لا تكوني كالذي يتعلق بالسراب فإن لم يعد ذلك الرجل ويرجع فحاولي نسيانه كي لا تربطي حياتك في رقبته فتعيشين تعيسة طول حياتك. تذكري الله دائماً واستمري بالدعاء الخالص له أن يعينك ويرزقك الصالح من خلقه. وفقك الله وأسعدك،،،.

وحيد أهله

وحيد أهله المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 19-4-1424 السؤال أنا فتاة تقدم لخطبتي شاب ذو أخلاق طيبة ومتدين ولكن المشكلة في الموضوع كما يراها جميع أهلي أنه الولد الوحيد لأبويه وله عدد من الأخوات مما يعني أن الأمر يتطلب فتاة ذات قدرة ممتازة على التأقلم وكسب محبة أخواته البنات ... وأمي ترى أني لست تلك الفتاة فهي تقول أني انطوائية وجدّية ولا أحب كثرة الكلام كما أنني حساسة جدا وبما أنه الولد الوحيد فسيتحمل كل المسئولية وبالتالي أنا.... يعني زيارات ... مناسبات ... حل مشاكل أخواته ... الخ ... وهي تعتقد أني لا أملك الكفاءة التي تؤهلني لتحمل مثل هذه الضغوطات، فأنا عشت حياة كلها في هدوء ولم يصادفني في حياتي مشاكل ذات أهمية كبيرة وفي الغالب كانت أمي تساعدني في حلها في الحقيقة أنا محتارة فالشاب جيد جدا وفي الحقيقة أعجبني بالخصوص في مسألة تدينه ولكني أخاف أن أظلمه معي ... ملحوظة أخيرة من ضمن أسباب الرفض التي ذكرتها أمي لي أنه متزمت عندما سمعت عن أسلوب تدينه ... فهو لا يحب مخالطة الفتيات أبدا حتى مجرد الحوار العادي يتجنبه قدر الإمكان كما أنه لا يحب الذهاب إلى الأماكن العامة المزدحمة كالمنتزهات وغيرها ولا يحب السفر للخارج لوحده في الواقع القرار النهائي ترك لي كي أتخذه وأنا خائفة ومحتارة أوافق أم لا....أرجوكم انصحوني ولكم مني خالص الشكر والتحية الجواب الأخت الكريمة شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" لقد قرأت رسالتك وتعليقي على حالتك فيما يلي:- أولاً:- حرصك على الدين في المتقدم لخطبتك أمر يحبه الله سبحانه وتعالى إذ الدين هو جوهر الإنسان وقيمته الحقيقية ويضاف إليه بالطبع الخلق فالدين دون خلق يكون كذباً ولا طعم له والعكس كذلك صحيح ولذلك شدّد النبي صلى الله عليه وسلم فيهما معاً "ترضون دينه وخلقه " ولم يفصل بينهما. ثانياً: أرى أن في قول والدتك الكثير من الصحة حول هذا الشاب وعلاقاته بوالديه وأهله إذ كونه وحيد أهله مع عدد من الأخوات يجعل المسئولية الملقاة على عاتقه كبيرة جداً.... ثالثاً: لا يعني كون الفتاة اجتماعية وتحب الخلطة بالناس والاجتماع معهم أنها لن تكسب المشاكل معهم بل جميع الشواهد تثبت أن المشاكل بين زوجة الإبن وأمه أو أخواته أمر لا بد وأن يحصل ولكن الفروقات بين الناس هي في طريقة تعاملهم معها واحتوائهم لها أما انتفائها وعدم حصولها فهذا أشبه بالمستحيل.

رابعاً: يجب أن تعلمي أيتها الأخت الكريمة أن الإنسان في هذه الدنيا محتاج إلى الآخرين والاستئناس بهم ولذلك فبقدر ما يريده من الآخرين بقدر ما يكون واجباً عليه أن يقدم لهم أيضاً. وأنت أختي الكريمة مثل غيرك من النساء محتاجة إلى الزوج وتكوين أسرة طيبة ترفرف عليها السعادة ويملؤها الحب ولذلك فلا بد أن تضعي في مخيلتك وفي حساباتك أنك يجب أن تقدمي وتبذلي من نفسك للآخرين وفي مقدمتهم زوجك ووالده وجميع أهله. لا تتصوري أنك ستكونين في معزل منهم حتى لو أردت ذلك فالزوج أياً كان وصفه يريد من زوجته مشاركته حياته الاجتماعية وفي مقدمتها بالطبع أهله وأخواته. وفي الحقيقة فإن غالب المشاكل التي توجد بين الزوجين حول هذا الموضوع إنما تنشأ من أحد سببين هما: إما أن أحدهما يريد أن يأخذ على طول الخط ولا يريد أن يعطي ولو مرة واحدة. والسبب الثاني إنما ينشأ بسبب سوء التقدير منهما في مقدار ما يمكن بذله للآخر من جهد في هذا المجال. خامساً: قول والدتك ووصفها لذلك الشاب بالتزمت خطأ وغير صحيح إذ الإسلام ينهى عن الاختلاط بغير المحارم وما يفعله ذلك الشاب إنما هو الوقوف عند حدود الله تعالى ... ثم إنها لمنقبة عظيمة أن يتجنب الشاب المواطن العامة والسفريات الخارجية لوحده التي ربما قد تدفعه لفعل الحرام أو السعي إليها فهذه في نظري هي ميزة وصفة إيجابية بحق وعلامة صدق في التدين. سادساً: من الصعب أن أشير عليك بالإقدام أو الأحجام لأنني لا أعلم حالك وصفاتك سوى ما ذكرت وهي لا توضح بشكل تفصيلي صفاتك النفسية الخلقية. ولكن بشكل عام هنالك مفتاح ربما يساعدك على اتخاذ مثل هذا القرار المصيري. هذا المفتاح هو متعلق بشخصيتك وطبيعتك إذ أنت أعلم الناس وأعرفهم بحالك فانظري فيها ثم احكمي بنفسك، من خلال عدد من التساؤلات مثل: هل أنت من الناس سريعي الغضب؟ حادة الطبع؟ عصبية المزاج؟ تتضايقين بسرعة ممن هو أمامك؟ لا يستطيع المحاور لك محاورتك بأريحية؟ فيك شيء من العناد؟ الإصرار على الرأي؟ لا تتنازلين عن رأيك بسهولة؟ ولا ترضين بسهولة إذا استرضاك أحد قد أخطأ عليك؟. أم أنك على العكس من ذلك تماماً إذ تتميزين بالهدوء التام والصبر الكبير وقلة الكلام وعدم الحنق بسرعة ولست بالفتاة الغضوب التي تغضب في اليوم أكثر من مرة. وبالجملة هل أنت بالمرأة العصبية العسيرة بعض الشيء أم أنك فتاة هادئة لينة؟ أنت أقدر الناس على إجابة هذه الأسئلة فإن كنت من النوع الأول فالأولى لك رفض هذا الخطيب لأنك هنا ستصدق فيك توقعات والدتك وستعيشين عذاباً مستمراً. أما إن كنت من النوع الآخر أو قريباً منه فإني أقول لك بكل ثقة اقبلي بهذا الرجل وكل السلبيات التي فيه أنت قادرة بإذن الله على تجاوزها وسوف تستطيعين التعايش معها وامتصاصها خاصة إذا أخذت بالاعتبار ما أشرت إليه في النقطة الرابعة. أخيراً لا أنسى أن أذكرك بأمر الاستخارة لله رب العالمين وأن تلجئي إليه أن يدلك الطريق الأصلح لك وأن يلهمك القرار الصائب ويرزقك الزوج المناسب. وفقك الله وأسعدك وأنالك ما ترغبين في الدنيا والآخرة،،،

تكرهه لخفة دينه ... وتخاف

تكرهه لخفة دينه ... وتخاف المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 4/8/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري، خطبني ابن خالي وبدون سابق إنذار تركني، وكانت هذه أول صدمة لي، وأخذ البنات في المدرسة (غير الملتزمات صاحبات العلاقات بالرجال) يعيرنني ويقلن إنني بشعة، وهذا ولَّد عندي حب الانتقام وإثبات العكس، ولكن ديني منعني من أن أرد بأسلوب غير ديني، وأفعل المحرمات مثل العلاقات المشبوهة والمكالمات وغيرها، وفي نفس الوقت خُطِبت أختي الأصغر مني، حيث خطبها ابن عمي ووافق أبي وأختي، وتقدَّم لي بعد ذلك بفترة ابن خالي الآخر (أخوه من أم ثانية) ، وبسبب الجرح الماضي وكلام زميلاتي في المدرسة وافقت مع أنني لا أعرفه كثيراً، ولا أكن له أي شيء، وكتبت الكتاب ولم نتزوج فعلياً؛ والمكالمات بيني وبينه بالتلفون فقط ولكن العلاقة فاترة، وأنا أصبحت أكرهه ففيه كثير من الصفات السيئة، فهو لا يصلي دائماً، وأحياناً يسب الدين والرب كما تعوَّد، ويقول إنه يقوله بغضب ولا يقصد معناه، والمشكلة الكبرى أن ابن عمي خطيب أختي المفترض تراجع عن رأيه؛ وذلك لأنه انحرف وتعرَّف على بنات وغيره، وكانت هذه الصدمة الثانية لي ولوالدي ولأسرتنا، وكانت في كل مرة تسبب لنا الهم الكبير، والمشكلة أن نظرة المجتمع للمرأة أنها هي المعيوبة لو كانت جيدة لما تركها، هكذا يقال في المجتمع، وغير الإشاعات، وهذا ما أغضب والدي.... والمصيبة الكبرى أن خطيبي وبسبب الفتور وشعوره بأنني لا أريده- وهذا صحيح فأنا وافقت في الظروف التي ذكرتها- اتَّصل بي وقال لي أريد جوابا نهائياً هل تريدينني أم لا؟ سوف آتي في الصيف وأحسم الأمر، ووالداي لا يعرفان ما قاله لي، أرجوكم أرشدوني أنا في مأزق، إن قلت له لا أريدك سوف أقضي على والدي، وعلى سمعة العائلة بسبب هذه الصدف والبلايا، وإن قلت له أريدك فسوف أتزوج من رجل دينه خفيف، وبسبب كرهي له سوف أدمِّر حياة أسرة قادمة ... ما الحل؟ هل أقع في الحفرة الأولى أم الثانية؟ وما رأيكم؟ أرجو التوضيح والإسراع فالموضوع عاجل؟. جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. في البداية أحمد الله - عز وجل - الذي أكرمك بالدين وحفظك من الوقوع في أسلوب غير ديني - كما قلت - وجعلك حريصة على بر الوالدين. الابنة الفاضلة: أنت تقولين إنك أمام خيارين: الأول: أن ترفضي الرجل وتقولي له: لا أريدك وتتخلصين من هذا الزوج، وهذا قد يسبب الهم الكبير لوالديك وتشويه سمعة العائلة. الثاني: أن تقبلي الرجل زوجاً، وهو رجل دينه ضعيف كما ذكرت - إضافة إلى أنك لا تحبينه بل تكرهينه. وبناء عليه أقول: إن أمامك سلبيات ومفاسد متعددة تحدث بسبب أحد الخيارات التي ستختارينها. المفسدة الأولى: الهم الذي يصيب والديك. المفسدة الثانية: تشويه سمعة العائلة. المفسدة الثالثة: الزواج من رجل لا تحبينه بل تكرهينه.

المفسدة الرابعة: الزواج من رجل ضعيف الدين، حتى يصل الأمر فيه إلى ترك الصلاة وسب الدين، بل وسب الرب تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. والقاعدة الشرعية في مثل هذا الأمر أن تعملي العمل الذي يؤدي إلى صرف أعظم المفاسد عنك، ولو ارتكبت مفسدة أصغر. والذي أراه والعلم عند الله تبارك وتعالى أن أعظم مفسدة من هذه المفاسد الأربع هي (الزواج من رجل ضعيف الدين، بل يسب الدين ويسب الله ولا يصلي) ؛ لأن مثل هذا الزواج يسبَّب الفتنة في الدين والوقوع في هذه المنكرات العظيمة، التي وقع فيها الرجل وبعض هذه المنكرات من القوادح في أصل الدين. وبناءً على ما سبق ذكره أرى أن ترفضي هذا الرجل، وفي الوقت نفسه اهتمي بما يلي: أولاً: احرصي على تخفيف الصدمة عن والديك، وذلك بشرح الأمر لهما وتعريفهما بأسباب الرفض وهي: 1. معاصي الرجل العظيمة. 2. أنك لا تطيقينه ولا تحبينه. وبيني لهم أن هذا سيدمِّر دينك ودنياك، وهما لا يرضيان لك بذلك، ولو لم تستطيعي فعل هذا بنفسك يمكنك أن توسطي من يقوم بذلك، مثل أختك الكبرى أو خالتك أو عمتك أو عمك أو خالك. ثانياً: الصبر والاحتساب أمام كل ما يحدث من آثار سيئة، وتذكري أن الصبر مفتاح تفريج الكربات وأن الله مع الصابرين. ثالثاً: تذكري أن من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه، فعليك بالدعاء بصدق وإلحاح أن يعوضك خيراً من هذا الرجل. وختاماً أسأل الله الكريم أن يفرج كربتك ويزيل همك، وأن يثبتك على الدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حياتي..أم سمعة العائلة؟؟

حياتي..أم سمعة العائلة؟؟ المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 6-6-1424 السؤال مستشاري الكريم.. أنا فتاة عمري 19 سنة خطبني ابن خالي وشاع ذلك الأمر بين الناس، ولكنه وبدون إنذار سابق تركني مما سبب لي الجرح الأليم والحرج الكبير عند الكثير من الناس حيث أن السبب عادة ما يرمى به الفتاة وليس الشاب. وبعد فترة تقدم إلي ابن خالي الثاني وبسبب الحرج الماضي وكثرة الشائعات وافقت عليه من دون السؤال عن أخلاقه ودينه ومع مرور الزمن اكتشفت أنه سيئ الدين لا يصلي وأحياناً يسب الدين والرب، وازدادت المشكلة أن أختي الصغرى تمت خطبتها ثم انفسخ هذا الأمر بينها وبين خطيبها مما جعلنا في وضعية وسمعة ليست بالحسنة إطلاقاً وهذا ما أغضب والدي جداً.. أنا في الحقيقة في مأزق شديد حيث إن وافقت على ذلك الشاب فإنني سأجني على نفسي من الزواج برجل أكرهه لأنه غير صالح، وإن قبلت به أغضبت والدي وقضيت على سمعة العائلة. أرشدوني جزاكم الله خيرا. الجواب الابنة الكريمة.. رعاها الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في البداية أحمد الله - عز وجل - الذي أكرمك بالدين وحفظك من الوقوع في أسلوب غير ديني - كما قلت - وجعلك حريصة على بر الوالدين. الابنة الفاضلة: أنت تقولين إنك أمام خيارين: الأول: أن ترفضي الرجل وتقولي له: لا أريدك وتتخلصين من هذا الزوج، وهذا قد يسبب الهم الكبير لوالديك وتشويه سمعة العائلة. الثاني: أن تقبلي الرجل زوجاً وهو رجل دينه ضعيف كما ذكرت - إضافة إلى أنك لا تحبينه بل تكرهينه. وبناء عليه أقول: إن أمامك سلبيات ومفاسد متعددة تحدث بسبب أحد الخيارات التي ستختارينها. المفسدة الأولى: الهم الذي يصيب والديك. المفسدة الثانية: تشويه سمعة العائلة. المفسدة الثالثة: الزواج من رجل لا تحبينه بل تكرهينه. المفسدة الرابعة: الزواج من رجل ضعيف الدين حتى يصل الأمر فيه إلى ترك الصلاة وسب الدين بل وسب الرب. والقاعدة الشرعية في مثل هذا الأمر أن تعملي العمل الذي يؤدي إلى صرف أعظم المفاسد عنك ولو ارتكبت مفسدة أصغر. والذي أراه والعلم عند الله تبارك وتعالى أن أعظم مفسدة من هذه المفاسد الأربع هي (الزواج من رجل ضعيف الدين بل يسب الدين ويسب الله ولا يصلي) لأن مثل هذا الزواج يسبب الفتنة في الدين والوقوع في هذه المنكرات العظيمة التي وقع فيها الرجل وبعض هذه المنكرات من القوادح في أصل الدين. وبناء على ما سبق ذكره أرى أن ترفضي هذا الرجل وفي الوقت نفسه اهتمي بما يلي: أولاً: احرصي على تخفيف الصدمة عن والديك وذلك بشرح الأمر لهما وتعريفهما بأسباب الرفض وهي: 1. معاصي الرجل العظيمة. 2. أنك لا تطيقينه ولا تحبينه. وبيني لهم أن هذا سيدمر دينك ودنياك وهما لا يرضيان لك بذلك، ولو لم تستطيعي فعل هذا بنفسك يمكنك أن توسطي من يقوم بذلك مثل أختك الكبرى أو خالتك أو عمتك أو عمك أو خالك. ثانياً: الصبر والاحتساب أمام كل ما يحدث من آثار سيئة، وتذكري أن الصبر مفتاح تفريج الكربات وأن الله مع الصابرين.

ثالثاً: تذكري أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، فعليك بالدعاء بصدق وإلحاح أن يعوضك خيراً من هذا الرجل. وختاماً أسأل الله الكريم أن يفرج كربتك ويزيل همك وأن يثبتك على الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مستوى تعليمه أقل مني.. فهل أقبل به زوجا؟

مستوى تعليمه أقل مني.. فهل أقبل به زوجاً؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 11/06/1426هـ السؤال أنا فتاة على وشك التخرج من الجامعة بإذن الله تعالى، ويرغب أحد أقاربي في خطبتي بعد تخرجي، علماً أن هذا الشاب أقلّ مني بكثير في المستوى التعليمي، فهل سيعيق هذا الفارق نجاح الحياة الزوجية؟ أرشدوني بارك الله فيكم. الجواب جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند الترمذي (1084، 1085) ، وابن ماجة (1967) ، والحاكم (2742) : "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض"، فالدين والخلق هما المقياس الشرعي في قبول الخاطب أو ردِّه، وما عدا ذلك من المستوى المعيشي أو الدراسي أو المنزلة الاجتماعية، فكل هذه الأمور لا ينبغي أن ينبني عليها القبول أو الرد للخطاب؛ فهي تخضع للأعراف والعادات والميول والرغبات. واختلاف المستوى التعليمي بين الزوجين لم يكن سبباً معيقاً للعشرة الحسنة بين الزوجين يوماً من الأيام، ولعله لا يخفى عليك أن عدداً من الزيجات تكون الزوجة فيها أميَّة، والزوج يحمل أعلى المؤهلات الدراسية أو العكس، ولم يحصل بينهم خلاف أو نزاع. فنصيحتي لك أن تقبلي هذا الشاب المتقدِّم لخطبتك، ما دام أنه ليس فيه عيب - غير أن مستواه التعليمي أقل من مستواك- وستجدين العاقبة خيراً -إن شاء الله-.

خطبني متدين فرددته فهل آثم؟!

خطبني متدين فرددته فهل آثم؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 10/06/1426هـ السؤال أنا فتاة متديِّنة من عائلة ميسورة ولله الحمد، تقدَّم لي شاب متدين من عائلة متوسطة مادياً، وعندما جلست معه لم أرتح له كثيراً، ورفضته بعد الاستخارة؛ والمشكلة أنه وعائلته ألحوا في الخطبة، ولأني رفضت قبله أكثر من عشرين شاباً، وأغلبهم للسبب نفسه، وبعد ضغط الأهل وافقت؛ وذلك تنفيذاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه". ولكني الآن ألوم نفسي على موافقتي، وأكره خطيبي، ولا أبادله المشاعر رغم أنه أحبني، ويعاملني جيداً، إلا أني لا أستطيع أن أتصوره زوجاً لي في المستقبل. والمشكلة أني أكبت كل ذلك في نفسي، ولا أظهر لأحد حتى خطيبي، وأتظاهر أمامه أني إنسانة عادية، وأخشى إذا تزوجته ألاّ أقوم بحقوقه أو أقصِّر فيها، فأرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ذكرتِ أنكِ رفضت قبله عشرين خاطباً، فأخشى أن يكون ما تشعرين به تجاه هذا الخطيب شعوراً يلازمك مع كل خاطب، وأن يكون راجعاً إلى حالة نفسية معينة، هل أنتِ ترهبين الزواج؟! هل تخافين المسئولية؟! هل يؤرقك الخوف من الفشل؟! هل عدم ارتياحك لهذا الشاب يعود إلى شيء في نفسه هو؟! إذا كان الأمر كذلك فلا يلزمك أن تقبلي به كرهاً. والحديث لا يشملك؛ لأن الحديث وارد فيمن ترد الشاب لا لشيء إلا لدينه وخلقه، ووارد كذلك في أولياء الفتيات حين يردون الخاطبين لاعتبارات دنيوية، ولا يراعون ما يوجد فيهم من اعتبارات دينية جيدة من العفة والتدين وحسن الخلق. وانت لم تعيبي عليه في دين ولا خلق، ولكنك تكرهين الارتباط به؛ لعدم ارتياحك له، وأنت تخشين لو تم ذلك ألا تقومي بحقه عليك. فلا حرج عليكِ ألا تقبلي به زوجاً وأنتِ تحسين في نفسك رغبةً عنه وكرهاً ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر (أي: كفران العشير) . فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟. فقالت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت: اقبل الحديقة وطلقها تطليقه". ووجه الدلالة: أن النبي عليه الصلاة والسلام لم ينكر عليها طلبها للخلع من أجل أنها تكرهه مع شهادتها له بحسن تدينه وعشرته. والمقصود أني لا أجد ما يسوَّغ إكراهك على هذا الشاب، وبخاصة أنك قد استخرتِ فلم تجدي في نفسك ميلاً إليه. وأنبهك إلى أمر خطير -أراك قد وقعت فيه فيما يبدو لي من رسالتك، وفيما فهمت من سياق كلامك- وهو خروجك ولقاؤك بخطيبك، فاعلمي أن الخاطب لا يزال أجنبياً عنك لا يجوز الخلوة به، ولا الخروج معه، ولا مضاحكته والاسترسال معه في أحاديث لا تدعو إليها الحاجة، ما لم يعقد عليك عقد النكاح، فيصبح حينئذ زوجاً لك ولو لم يدخل بك، ويحل له منك ما يحل لكل زوج من زوجته.

فإياك وتعدِّي حدود الشرع، والتهاون في سبيل الشيطان. والله الموفق.

أرغب في زواجها ولكنها أكبر مني!

أرغب في زواجها ولكنها أكبر مني! المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 20/05/1426هـ السؤال تراودني فكرة الزواج من إحدى قريباتي من أولات الدين والخلق (وهذه ليست تزكيتي، بل تزكية كل من عرفها) ، ولكن يقف أمامي حائل الفارق العمري، فهي أكبر مني بحوالي أربعة أعوام، لدي الرغبة في الزواج منها، ولكني محتار لا أدري كيف سأتعامل مع هذا الموقف، هل ترون أن فارق السن يعني عدم الكفاءة في الزواج؟ فأنا لا أريد أن أندم على قرار مثل هذا. أفتوني مأجورين، وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: جوابك -يا أخ- كما يلي: (1) الظفر بذات الدين مما أوصى به الرسول- صلى الله عليه وسلم- ولن يندم من عمل بوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم-. (2) إذا اجتمع في المرأة الدين والخلق والقرابة فإن ذلك كله يرغِّب في الزواج بها، وقد عرفنا أناساً كثر تزوجوا بقريباتهم، وكان زواجهم موفق، بل إنه تحقَّق به ما لم يكن ليتحقق لو كان زواجهم بأباعد عنهم، فالزواج بالقريبة فيه إيجابيات كثيرة، وفيه بعض السلبيات. (3) فارق العمر بين الأزواج ليس له أثر في الحياة الزوجية ما دام هناك ما يعوِّض عنه من الخلق والدين، فقد يزوّج الرجل ممن هي أصغر منه أو أكبر وينجح الزواج، فنجاح الزواج أو عدمه راجع بالدرجة الأولى لكل من الزوجين، نعم قد يسهم تقارب العمر في ذلك، ولكن ليس وحده. (4) الحديث وعدم الاستعجال في اتخاذ القرار في هذا الأمر مطلوب، فعليك بدراسة الموضوع من جميع جوانبه، وعدم الاستعجال، وفي النهاية الأمر راجع إليك. (5) الاستخارة وكثرة الدعاء والاستشارة، والنظر إلى الأمر في استقلالية تامة وبدون ضغوط حتى من نفسك، وإقناعك بنجاح هذا الزواج أو عدمه. والله أعلم.

خطبتها ولكني متوجس خيفة من أمها!

خطبتها ولكني متوجس خيفة من أمها! المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 13/05/1426هـ السؤال خطبت فتاة لكني علمت أن أختها التي أكبر منها مطلقة، وسبب طلاقها أن أمها تحرضها على زوجها، علماً أن زواجهما لم يستمر أكثر من شهرين، وأنا في حيرة من أمري، حيث إني لا أريد أن أقع فيما وقع فيه غيري، ولا أريد أن أحبط تلك الفتاة، لأنها بدأت تستعد للزواج، أرجو أن ترشدوني للحل ... بارك الله فيكم ورعاكم. الجواب أخي الكريم: بارك الله فيك، ووفقك في الزواج من امرأة تكون لك عوناً ورفيقاً في مشوار الحياة. أولاً: لا تربط بين ما قامت به الأم، وتوقعك لما قد تفعله معك عند زواج ابنتها، فما هي الظروف والملابسات التي دعت الأم للتصرف بهذا الشكل، وإجبار ابنتها على الطلاق؟ كثيراً منا يكون قاسياً على الحماه، أو أم الزوجة، وللأسف أسهمت الأفلام والمسلسلات في رسم صورة عن أم الزوجة بأنها شخصية متسلِّطة لا تحب الخير لابنتها، وتتدخل كثيراً في شؤون ابنتها، وهذا قد لا يكون صحيحاً على الإطلاق. فهناك متغيرات كثيرة تحكم مستوى تدخل الأم أو سيطرتها على ابنتها، لذلك لا تحكم على زواجك بالفشل منذ الآن، إلا إذا كان لديك إدراك كامل عن وضعهم الأسري، وأن بالفعل شخصيات البنات انقيادية جداً، فالبنت قد تكون هي التي تطلب من والدتها التدخل، وهذا هو السبب في انهيار الحياة الزوجية لكثير من البنات مع الأسف الشديد. أنصحك بالتعرف أكثر وأكثر على التركيبة الأسرية للأسرة التي تريد نسبها، ومستواها التعليمي، ووضعها الاجتماعي، ومع الأسف هناك تسرُّع في الزواج من الشباب لمجرد إعجابه بفتاة معينة، متناسين أن الزواج هو نسب بين أسرتين. ولعلك تخرج بنتيجة ترضيك عند إدراكك الظروف المحيطة. أما بالنسبة لعطفك على البنت فقد يكون الانسحاب الآن خيراً من الزواج، ومن ثم المشكلات تتوالى. أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يوفقك في زواجك من زوجة صالحة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.

تشترط على خاطبها حفظ القرآن

تشترط على خاطِبِها حفظ القرآن المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 25/05/1426هـ السؤال أنا فتاة أتممت حفظ كتاب الله تعالى -ولله الحمد- وأسعى لنيل العلم الشرعي وما زلت في البداية، كلما يتقدَّم أحد لخطبتي أشترط عليه أن يكون حافظاً لكتاب الله؛ لأنني أراه أهلاً لتحمل المسؤولية، وأنه أكثر حفاظاً على دينه وخلقه، وأكثر تخلقاً بأخلاق القرآن، وهذا هو ظني، مع أنه قد يتقدَّم لي من هم ملتزمون بصلاتهم وصيامهم، ولكنهم قد يسبلون إزارهم، أو ممن لا يعفون اللحى، وهذا ما لا أستطيع تحمله؛ لأنني في رأيي أن الملتزم بصلاته وصيامه يجب أن يطبق الشرع في ملبسه، ولكن لا يغفل الباطن. وهذا الموضوع حيَّر أمي وأهلي، فكلما يتقدَّم إلي أحد أوصي أخي، وأقول له: كم يحفظ من القرآن؟ وبالطبع البعض يشعر بالإحراج إذا أجاب بأنه يحفظ سوراً قليلة، (أشعر أن سؤال أخي هذا يثير الإحراج، ويشعر الخاطب كأنه في مدرسة، وربما تركني وذهب؛ لأنه يظن أنني أتكبَّر عليه) ، وهذا ما حدث بالفعل معي، رغم أن الخاطب ملتزم لحد كبير، وحتى أزيل هذا العائق جعلت مهر المتقدِّم لي إن لم يكن حافظاً للقرآن أن يقوم بحفظه حتى يشعر بالتشجيع، ولكن أخشى أن تفسد نيته، وبالتالي لا يكون حفظه خالصاً لوجه الله تعالى. أرشدوني أفادكم الله. الجواب أختي الفاضلة! هنيئاً لك ما بذلت وقتك فيه، وأنت وأمثالك مفخرة لهذه الأمة، ولكن لا أوافقك على ما اشترطيه في خاطبك، فحفظ القرآن وإن كان عملاً جليلاً فاضلاً لكنه لا يضمن حسن الخلق والعشرة، وإن كان الأولى بحافظ القرآن أن يكون خلقه القرآن، وسمته على ما جاء في القرآن، لكن المفروض شيء والواقع شيء آخر، فقد عايشنا وخالطنا أناساً حفظة لكتاب الله، لكنهم -وللأسف- سيِّئو العشرة والخلق، وفي بعضهم من الحمق والنزق وسوء المعاملة ما ينفر عنهم القريب والبعيد، وكم عايشنا وخالطنا أناساً لا يحفظون من القرآن إلا الشيء اليسير، لكنَّ خلقهم القرآن، وسمتهم على ما جاء في القرآن، يعملون بالقرآن وإن لم يكونوا له حافظين قارئين. ونصيحتي لك أن تأخذي بنصيحة النبي -صلى الله عليه وسلم- "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" أخرجه الترمذي (1084، 1085) ، وابن ماجة (1967) ، والحاكم (2742) . فلم يشترط النبي -صلى الله عليه وسلم- حفظ القرآن، وإنما أكَّد على حسن الخلق والدين، فارضي بأول خاطب ترضين دينه وخلقه، فإذا تزوجتيه فابذلي وسعك في حثه على حفظ القرآن، وليكن حفظه للقرآن على يديك. وفقك الله.

هل هذه الاتصالات لتشويه سمعة خطيبتي؟

هل هذه الاتصالات لتشويه سمعة خطيبتي؟ المجيب سعد بن عبد الله الماجد عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 27/04/1426هـ السؤال تقدمت لخطبة فتاة، وفي اليوم التالي أفاجأ بابن عمها يتصل بي تلفونياً ليخبرني بأنه كان على علاقة بتلك الفتاة وأنه يحبها، ويطلب مني أن أحافظ عليها وأصونها، بعدها بعدة أيام جاءني اتصال آخر منه يخبرني فيه أنه كان على علاقة جنسية بهذه الفتاة، وفي لحظتها شعرت بأنه يكذب، وإنما يحاول قول ذلك ليبعدني عنها، وبما أن عملي ليس في نفس المدينة التي أسكن فيها فقد سبب لي ذلك بعض القلق فقررت الاتصال بالوالد وإخباره، فطمأنني بأن الفتاة يشهد لها ولأهلها بالشرف والأخلاق الحميدة والتدين، لكن رغم ذلك أصبحت لا أستطيع النوم؛ لأن هذا الموضوع يقلقني جداً، فأرجو المساعدة في كيفية التصرف والتأكد من ذلك، من دون أن أظلم الفتاة أو أغضب ربي. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد قرأت سؤالك، ويعجبني فيك التأني وطلب الاستشارة في الأمر، ومفاتحة والدك في الأمر، واعلم -يا أخي الكريم- بأن الله -تعالى- قال: "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، فما كل ما يقال يصدَّق، كما أن الأصل في أعراض المسلمين السلامة وهذا يقين لا يزول بالشك، وإنما بيقين، وعليه فما دمت قد خطبت بعد سؤال عن هذه المرأة وصلاحها في دينها وعرضها، فتوكَّل على الله واعزم ولا تشك، ولا يكن في نفسك شيء من الشك والريبة. وأما عن ابن العم هذا؛ فحتى يزول شكك فاسأل عنه، فقد يكون حاسداً أو مضمراً عداوة له لأسباب كثيرة، أو مغتماً لزواجك من قريبته، وإلا فهل هناك عاقل يقول بمثل قوله؟ ما الذي منعه من الزواج بها؟ ولماذا هذا التناقض في اعترافه، وكثرة الاتصال بك.. كل ما سبق يدل على كذبه. وهذا الآثم يعلم في قرارة نفسه أنك ستتأثر، ولن تبلغ عنه عمه والد عروسك؟ وهذا كيد شيطان يريد أن يستدرجك إليه مع بعدك عنهم في مدينة أخرى. ثبتك الله في أمرك كله، وبارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير.

هل يجوز الزواج من هذه المرأة؟!

هل يجوز الزواج من هذه المرأة؟! المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 11/03/1426هـ السؤال هل يجوز الزواج من امرأة ذات دين ولكن أسرتها غير ذلك، أي يعملون المنكرات؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والبريات، نبينا محمد الهادي البشير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال بالموقع. لقد قرأت رسالتك أخي الكريم وسرني جداً حرصك على أن تتزوج من امرأة ذات دين، أسأل الله أن ييسر أمرك ويوفقنا وإياك لما يحب ويرضى اللهم آمين. أما بالنسبة لسؤالك فلا حرج بأن يتزوج الإنسان امرأة ذات دين وخلق وسيرة طيبة، وسمعة حسنة بين الناس؛ وذلك: لقوله - صلى الله عليه وسلم- تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، وعلى ذلك -أخي الكريم- فلا بأس بأن تتزوج بهذه المرأة إن كانت صاحبة دين كما ذكرت في سؤالك. أما بالنسبة لأهلها وما هم عليه من بعض المنكرات، نسأل الله لنا ولهم الهداية، وحالهم هذا لا يؤثر على مسألة زواجك من هذه المرأة، ولكن بشرط أن لا يكون لهم تأثير في حياتك فيما بعد وعلى أولادك، وعليك الاستخارة قبل إقدامك على هذا الأمر، وكذلك الاستشارة لمن تشعر فيهم بالخير والصلاح. وأود أن ألفت نظرك لشيء آخر، ربما يرد على خاطرك حديث "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس" فهذا الحديث ضعيف جداً ولا يثبت. أضف إلى ذلك بأن الله سبحانه وتعالى لا يحاسب أحداً بذنب أحد قال تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الإسراء: 15] ، فسر يا أخي على بركة الله بعد الاستخارة والاستشارة، إلى ما ييسره الله لك، نسأل الله أن يقدر لنا ولك الخير والفلاح في كل أمر إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه. هذا والله أعلم. وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل هذا زواج غير متكافئ؟

هل هذا زواج غير متكافئ؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 21/01/1426هـ السؤال السلام عليكم تقدم لي شاب أحسبه متديناً وعلى خلق، لكنه أقل مني في التعليم والحالة الاجتماعية والمادية، وهو متمسك بي ويقول إنه محتاج إلى أن أكون بجانبه، وأنا أرتاح إليه لكني أخاف أن يعاملني بعد الزواج بطريقة مختلفة؛ نظراً لشعوره بالنقص تجاهي، أرجو إفادتي وتوضيح حكم الشرع في الكفاءة بين الزوجين، وشكراً لكم. الجواب ما ذكرتِه يا ابنتي عن هذا الشاب الذي تقدم لك، وهو أقل منك تعليماً وحالة اجتماعية ومادية ومتمسك بك، ويقول: إنه محتاج أن تكوني بجانبه، أرى أن هذه ليست مؤهلات لأن تقبلي به، فتمسكه بك وادعاؤه احتياجه إليك ليس مؤهلاً للقبول به، ولكن المؤهل للقبول به هو ما تلاحظينه عليه من تدين أولاً، وخلق ثانياً، ونجاحٍ في حياته ثالثاً، فإن كان هذا الشخص عنده من النجاحات في حياته ما يعوض انخفاض مستوى تعليمه، فلا أرى مانعاً من الارتباط به، أما إذا كان منخفضاً في التعليم ومنخفضاً في الناحية الاجتماعية والمادية، وليس في حياته نجاحات مغرية فلا أرى في وضعه ما يغري بالارتباط به، على أنني لا أرتاح للشاب الذي يلقي نفسه على الفتاة بهذه الطريقة، ويتوسل إليها ويظهر احتياجه لها، فهذا النوع لا يوثق به، فإن أردت المناصحة فلست متحمساً في الارتباط بشاب بهذا النوع. أما الكفاءة بين الزوجين فهي معتبرة في أمور دون أمور تعتبر في النسب، وقبل ذلك في الدين، وأما التعليم ونحوه فليس مجال الكفاءة التي يترتب عليها صحة عقد النكاح، ولكني أتكلم إليك -الآن- من باب المشورة، وليس من باب صحة عقد النكاح، والله يوفقك.

تقدم لي شاب لكنه متهاون في الصلاة

تقدم لي شاب لكنه متهاون في الصلاة المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 30/12/1425هـ السؤال تقدم لي عريس غير متدين، اعترف لي أنه زنا بفتاة، ولكن يقول إنه تاب وندم على فعل ذلك، وهو أيضا لا يلتزم بالصلاة في وقتها، وأحيانا لا تهمه. ماذا أفعل؟ هل أقبله وآخذ بيده للطريق إلى الله أم أرفضه؟ مع العلم أني فتاة متدينة والحمد لله، وأتمنى أن يرزقني الله بالزوج الصالح الذي يأخذ بيدي للطريق إلى الجنة، مع العلم أن هذا العريس متمسك بي جداً، ومتعلق بي ويحبني كثيرًا، أرجو من فضيلتكم الرد على سؤالي؛ لأني في حيرة، رغم أني استخرت الله ولكن أجد نفسي في حيرة. وشكراً لكم والله الموفق وجزاكم الله كل خير. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير البريات نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ما دامت الأرض والسماوات، وبعد: إلى الأخت السائلة: - سهل الله أمرها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. لقد قرأت رسالتك، وسرني جداً التزامك بشرع الله، وإقدامك على الزواج فالزواج نعمة عظيمة ومنحة من الله جسيمة امتن الله بها على عباده، قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [الروم:21] ، فالزواج سنَّة من سنن الله في خلقه، وله فضائل كثيرة فلذلك عني الشرع الحنيف بهذا الأمر أيما عناية، فبين المعايير التي عليها يتم هذا العقد، والذي سماه سبحانه: "الميثاق الغليظ" قال - صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد " أخرجه الترمذي (1085) ، وفي حديث آخر عند الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) : "وفساد عريض". فالأصل في الزواج الدين سواء للشاب أو الفتاة. فيا أمة الله: هل هذا الشاب المتقدم إليك صاحب دين وخلق قويم وسيرة طيبة بين الناس، إذا كان كذلك فنعم به وحيهلا، أما إذا كان غير ذلك فلا خير فيه، واحرصي على صاحب الدين تفوزي وتسعدي في الدنيا والآخرة، ويكفي أن ترفضي هذا الشاب لتهاونه بالصلاة وعدم اهتمامه بها، فالصلاة عماد الدين، والفارق بين المؤمنين والكافرين، قال - صلى الله عليه وسلم-: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم (82) ، وقال أيضاً: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" أخرجه الترمذي (2621) ، وابن ماجه (1079) ، والنسائي (463) ، فتارك الصلاة كافر في أصح قولي أهل العلم، وإذا كان متهاوناً فيها فله الويل والهلاك، قال تعالى: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" [الماعون:5،4] ، وقال تعالى: "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوق يلقون غيا" [مريم:59] ، سئل بعض السلف عن الغي هذا فقال: واد في جهنم خبيث طعمه بعيد قعره.

فيا أمة الله: عليك بالحرص على الزوج الصالح الذي يأخذ بيدك إلى الجنة، ودعي عنك أمثال هؤلاء، ولا تقولي بأنك تأخذي بيده إلى الهداية، فربما هو الذي يأخذ بيدك إلى الضلال والغواية، وخصوصاً أنه سيصبح هو الزوج أي الرجل له القوامة والكلمة الأولى والأخيرة في البيت، وخصوصاً في مثل هذه المواضيع، وكم سمعنا ورأينا عن كثير الناس في مثل حالتك فكانت النتيجة إما الفشل في الزواج وهذا يعني الطلاق، وما أدراك ما الطلاق؟ وإما الانتكاسة من قبل الطرف الملتزم، وربما يحدث أن الطرف المنتكس يلتزم، وهذا في النادر القليل، فلا تعرضي حياتك لمثل هذه العواصف المدمرة، وعليك بصاحب الدين. وكون هذا الشاب متعلقاً بك ومصراً عليك، وهذا طبيعي جداً؛ لأنك ملتزمة، وهو بالتأكيد له علاقات سابقة، فهو لا يستطيع أن يتزوج من أي واحدة ممن كان يعرفها في السابق، وكان بينهما علاقة؛ لأنه لا يثق بها ويريد أن يتزوج من فتاة ملتزمة مثلك، وأقول لك معظم الشباب الفاشل والذي له علاقات محرمة بفتيات مثلهم في الأخلاق المنحطة لا يحب أن يرتبط بأي واحدة منهن؛ لأنه يعلم أنهن فاسقات ليس لديهن دين ولا شرف، ولا عرض، ولا أخلاق، وإذا أراد أن يتزوج يبحث عن ذات الدين، فأولى بك شاب مستقيم على شرع الله خير لك من غيره مهما كانت الفوارق المادية والاجتماعية، فالدين والأخلاق لا يعدله شيء، وعلاوة على ذلك أنك ذكرت حيرتك الشديدة رغم استخارتك في الأمر، فهذه بعض المؤشرات القوية أن تصرفي نظرك عن الزواج من هذا الشاب، هذا ما أردت بيانه. والله أعلم بالصواب، ونسأل الله لنا ولك ولكل مسلم التوفيق والسداد، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أريد الزواج ولكن ...

أريد الزواج ولكن ... المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 17/04/1425هـ السؤال عرفت فتاة ذات خلق ودين، وهي من عائلة فقيرة، وقد أحببتها حباً طاهراً وشريفاً، وقد تقدمت لخطبتها، إلا أن أهلي رفضوا ذلك؛ لأنها من جنسية غير جنسيتي، وقد رفض أهلي هذا رفضاً قاطعاً، علما أن الفتاة سمراء اللون مما أدى أيضاً إلى رفض أهلي لهذه الفتاة، وأنا الآن بين نارين، الأولى هم أهلي الذين يرفضون هذا، والثانية هي الفتاة ذات الدين والخلق التي لا أريد أن أفوت على نفسي فرصة الزواج منها؛ لأني قد استخرت الله في هذا، وقد أراني الله بعض الإشارات والعلامات مثل (أنه في أحد الأيام وفي روضة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد قمت بأداء صلاة الاستخارة، وبعد نصف ساعة من خروجي إذا بأحد الأشخاص الغرباء يلتقي بي، وبعد بعض الوقت يتبين بأنه من أهلها وأنه يعرفني) علماً بأن هذا ليس حلماً بل حقيقة، وغيرها الكثير من الأحلام التي راودتني بعد أدائي لصلاة الاستخارة، والآن أنا حيران في أمري، فكيف أقنع أهلي بأن الله كتب لي هذه الفتاة؟ وكيف أقنعهم بأن يتقبلوها بينهم؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخ السائل الكريم: قال الله -تعالى-: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" [النساء:36] ، فعطف الإحسان إلى الوالدين وبرهما على عبادته، مما يدل على عظم هذا الأمر ووجوبه على الإنسان، وعلى هذا فإذا أراد الإنسان أن يقترن بفتاة، ولم يرغب فيها الأهل فالأولى أن يلبي رغبتهم، خاصة أن الجنسية تختلف، واللون يختلف، مع أن التفاضل في الإسلام بالتقوى، والله سيعوضك خيراً ما دام تركت هذا الأمر طاعة لهما، هذا أولاً. ثانياً: إذا اقترنت بفتاة لا يرغب فيها أهلك فستكون بعد ذلك منبوذة بينهم، مما يؤدي إلى النفرة من أولادك بعد ذلك؛ لكون أمهم بصفة لا يرغبون فيها، وهذا مما يقلل قدرها بعد ذلك عندك، وقد تواجه كثيراً من المشاكل بهذا السبب. ثالثاً: التعرف على الفتاة قبل الزواج ومخاطبتها والخلوة بها والالتقاء بها هذا كله محرم شرعاً، لا يجوز، وإن كنت تقول إنه: (حب طاهر شريف) ؛ لأن الخلوة بالأجنبية محرم؛ قال صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"، رواه الترمذي (2165) وأحمد (115) من حديث عمر - رضي الله عنه - وكذلك مكالمتها بالهاتف هي أجنبية وفي هذا فتنة لك، وهذا كله من تسويل الشيطان، يزين للإنسان ذلك على أنه حب طاهر وشريف، فهذه العلاقة التي قامت بينك وبينها محرمة أصلاً، إذاً فالأولى ألا تبني عليها حياتك الزوجية؛ لئلا تنهدم بعد ذلك، وعليك التوبة إذا كنت قد خلوت بها، أو تكلمت معها بما لا ينبغي شرعاً. رابعاً: قولك: (كيف أقنع أهلي بأن الله كتب لي هذه الفتاة؟!) ، خطأ؛ لأن المكتوب لك إلى الآن لا تعلمه، وإن كان الله كتب لك هذه الفتاة فثق أن الله سيسيرك لها.

خامساً: أنصحك بالدعاء المستمر بأن يرزقك الله الزوجة الصالحة التي تحفظ لك أولادك ومالك، وثق ثقة تامة بأن الله قريب ممن يدعوه؛ قال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعانِ" [البقرة:186] وسهام الليل قوية لن يضيعها الله، وقد يرزقك الله لهذا السبب امرأة من جنسيتك، ومقاربة لأخلاقك أو أحسن، ومحبوبة عند أهلك ترضيك في الدنيا والآخرة، وهذا هو المطلوب لكل إنسان. سادساً: الإنسان قاصر النظر قد يرى في الاقتران بهذه الفتاة هو المصلحة، ويعلم الله أن الاقتران بها مضرة على هذا الشخص، وأن الاقتران بغيرها أصلح للإنسان؛ فلذا عليك الدعاء وعدم الإصرار، وربما بعد فترة من الزمن يتضح لك مثل هذا الأمر بارك الله فيك. والله أعلم.

هل تفسخ العقد لتتزوج بمن تحب؟

هل تفسخ العقد لتتزوج بمن تحب؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 25/1/1425هـ السؤال أنا شابة مقبلة على الزواج، عمري فوق العشرين سنة، مشكلتي مع شابين مسلمين، يصعب تفضيل أحدهما على الآخر؛ لما يتمتعان به من خُلُق ودين. الأول: تعرفنا على بعضنا البعض منذ سنة تقريباً، وأعجب كل منا بالآخر، فوقعت في حبه، واتفقنا على الزواج حين تسمح الظروف بذلك. الثاني: فُرِض علي من قبل عائلتي، وخصوصاً أمي التي ألحت عليَّ كثيراً، فقبلت الزواج منه رغماً عني، فتم إبرام عقد الزواج بيني وبينه على أن يتم الزفاف في عطلة الصيف المقبل (لم يتم الدخول بعد) . لكن المشكلة تكمن في كوني معلقة بالأول، وأفكر فيه دائماً؛ لأنني أحبه، ولا يمكنني العيش بدونه، فهل يجوز لي فسخ عقد الزواج هذا إرضاءً لمشاعري؟ أم يجب علي إبقاؤه إرضاءً لوالدتي؟ مع علمي أنها لن تمانع إن تزوجت من الأول، وأحيطكم علماً أنني قبل التعرف على كلا الشابين، كنت قد حلمت حلماً أفزعني، ويخيفني من المستقبل، وهو كالتالي: حلمت أنه في يوم من الأيام عدت من دراستي إلى البيت، وإذا بأهلي قد زوجوني برجل لا أعرفه، ورغم محاولاتي للرفض، فلم أفلح في ذلك، بل يجيبونني دائماً بأن الأمر قد حُسِم، ولا مجال للتراجع، ولكن في يوم الدخول (الزفاف) طلبت من الزوج ألا يلمسني، ورغم محاولاته، قَبِل في الأخير ما طلبته منه، وبقي هذا الحلم يراودني لعدة أيام، إلى أن وقع ما وقع لي مؤخراً، وأخاف أن يصبح حقيقة. لذلك أرجوكم أن تنصحوني بما يجب عليَّ فعله، وهل في ذلك معصية وإثم إن أنا فسخت العقد؛ لأتزوج بمن أحب، وهرباً من كابوس الحلم الذي رأيته؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، وبعد:

فقد ذكرت - حرسك الله- أنه قد تم عقد نكاحك للرجل الثاني، ولم يدخل بك، وأنه ذو خلق ودين، ومرغوب عند عائلتك، فهذه الميزات التي ذكرتها ميزات حسنة، فهنيئاً لك بذلك، وبما أنه قد تم عقد النكاح فأنصحك بإتمام الزواج، وتمكينه من الدخول، وعدم طلب الطلاق؛ لعدم وجود ما يبرر ذلك، خاصة أنك لا تكرهينه، أما ما ذكرتيه من حبك لشخص آخر فهذا سيزول - بإذن الله تعالى- بعد الدخول، وجاهدي نفسك على عدم التفكير بذلك وقطع كل صلة به؛ لكونه أجنبياً عنك، قال -تعالى-: "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" [البقرة: من الآية216] ، كما أوصيك باللجوء إلى الله -تعالى-، وكثرة دعائه بأن يجعله زواجاً مباركاً، وكذا عليك بصلاة الاستخارة، كما في حديث جابر -رضي الله عنه-، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: "إذا هَمّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به، قال: ويسمي حاجته"، رواه البخاري (1109) ، أسأله -تعالى- أن يبارك لكما وعليكما، وأن يجمع بينكما في خير، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يواقعها ثم يشك في حبها!

يواقعها ثم يشك في حبها! المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 03/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب في مقتبل عمري، مستقيم إلى حد ما (شخص عادي) ، حاصل على بكالوريوس وأعمل في غير مجالي- ولدي إعاقة في قدمي اليمنى (شلل أطفال) ، وفي هذا العمل تعرفت على فتاة تبلغ من العمر 20 سنة، طالبة بكلية التربية، وجدتها فتاة طيبة، رقيقة المشاعر، تقربت إليها، صارحتها بحبي لها، وكانت في البداية رافضة هذا الحب من أجل أنها لن تحب، إلى أن استسلمت لضغوطي عليها، واعترفت بحبها أيضاً لي، تطورت علاقتنا بسرعة فائقة الحدود على عكس الذي يتخيله أي إنسان، وحتى لا أطيل عليكم وصلت علاقتنا للمعاشرة الجنسية غير الكاملة، وفعلنا كل شيء عدا ذلك، وأنا الآن في حيرة، ماذا أفعل؟ أترك الفتاة التي أحبتني وأحببتها وسلمتني نفسها كاملة؟ أم أتقدم لزواجها مع وجود فارق مادي لصالحها، وكذلك يوجد شك في نفسي منها أنه لو لم أكن أنا لكان شخص ثانٍ استسلمت له؟ أعيش حياتي بالطول والعرض؟ أرجوكم أفيدوني. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخ الفاضل: قرأت رسالتك وجلست عدة أيام لم أجب عليها، فلقد أصبت بحيرة، وتعجُّب وألم مما ذكرت في رسالتك، ذكرت - حفظك الله- أنك مستقيم إلى حد ما (شخص عادي) ، ثم ذكرت أن علاقتك بمحبوبتك وصلت إلى المعاشرة الجنسية غير الكاملة، ثم تريد أن تهرب من هذه الفتاة المسكينة التي استستلمت لضغوطك! الكلام العملي القابل للتطبيق كما طلبت في رسالتك هو أن تتوقف عن هذه التصرفات السيئة، ولا تتجاوز حدود الله، فإياك أن يراك الله حيث نهاك، ويفتقدك حيث أمرك، وسارع في التقدم لها، وعلى عجل اعقد قرانك بها، ولا تفكر بأنها: (لو كانت مع إنسان آخر لاستسلمت له....إلخ) ، لأنك أنت السبب في ذلك، فعالج خطأك بنفسك، وحب لأخيك ما تحب لنفسك، وتصوَّر لو كنت مكانها، وتصور لو أن ابنتك أو أختك مكانها ... ، ماذا ترجو لها؟!، واحذر من هذه الألاعيب، وأُقنعك بما أقنع به الرسول - صلى الله عليه وسلم- ذلك الصحابي - رضي الله عنه- الذي استأذنه في الزنا، حيث قال له عليه الصلاة والسلام: "أتحبه لأمك؟ أفتحبه لأختك؟ ... "، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في ذلك كله "ولا الناس يحبونه". أخرجه أحمد (22211) . فعليك يا أخي الكريم: إن رفض أهلها هذا الزواج للفوارق بينكما محاولة إقناعهم، وإن لم يقتنعوا فاتركها وابتعد عنها؛ لعل الله أن يعوضها خيراً، وإياك والاستمرار في هذه العلاقة؛ فإن أبواب الحلال كثيرة، وأنت في غنى عن المحرمات، واعلم أن المعاصي تتكاثر على القلب حتى يطمس عليه "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" [المطففين:14] ، ثم لم يعد القلب يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، أعيذك بالله من ذلك. نسأل الله لك زواجاً هنيئاً وأبناء صالحين يسعدونك في الدنيا والآخرة، والله يحفظك.

العلاقة بين الخطيبين

خطيبتي لا تبادلني المشاعر المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/العلاقة بين الخطيبين التاريخ 30/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا شاب عمري 20 سنة، وقد خطبت فتاة عمرها تقريبا 17عاماً, والحمد لله أنا مقتنع بهذه الفتاة وأريدها زوجة لي -بإذن الله-,وقد مضى الآن على خطبتنا حوالي 3 أشهر، وأنا أحببتها, ولكن المشكلة أن خطيبتي لا تشعر بأي شيء تجاهي حتى الآن, فإذا قلت لها: لقد اشتقت لك، وأسألها إن كانت قد اشتاقت لي؟ فتقول: (عادي) ، أو أسألها: هل تريدين أن آتي لكي أراك فتقول: (عادي) ، مع العلم أني لا أراها إلا مرتين في الشهر أو ثلاث, وذلك بسبب بعد المسافة, ولكنني أبعث لها رسائل على الجوال تقريباً يومياً وأبعث لها أيضاً كروتاً, وأيضاً مشكلة أخرى وهي أنها ترفض الانتقال إلى المنطقة التي أعيش فيها، وأنا لا أستطيع أن أنتقل إلى المنطقة التي تعيش فيها, فما الحل؟ أرشدوني بارك الله فيكم, كيف أستطيع أن أجعلها تحبني؟ وكيف أقنعها بالانتقال؟ وأنا أظن دائما أن هناك شيئاً خطأ فيَّ أنا ربما, أرشدوني بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: أيها الأخ العزيز: هناك عدة نقاط لا بد من الحديث حولها للإجابة عن سؤالك: (1) الخطبة لا تبيح للخاطب أن يتعامل مع مخطوبته كما يتعامل الزوج مع زوجته، بمعنى لا يصح له أن يراسلها برسائل الحب والغرام، ولا أن يكلمها في مواضيع من هذا القبيل، حتى وإن كان يحس ميلا إليها، فالمخطوبة امرأة أجنبية لا يجوز النظر إليها إلا حال الخطبة إذا لم يكن يعرفها، ولا الخلوة بها، ولا غير ذلك مما يجوز للرجل فعله مع أي امرأة أجنبية. (2) قد يطلق عند البعض الخطبة، وهم يريدون بها عقد النكاح الشرعي، فإن كانت حكاية الأخ كذلك فنقول هذه المرأة زوجة شرعية لك، وبناءً على ذلك أوصيك بوصايا: أ- التمس العذر لهذه الفتاة فقد تكون لا تظهر لك مشاعرها من منطلق الحياء الفطري الموجود في نفس كل فتاة عفيفة. ب- فتش في نفسك فقد تكون بك خصلة لا ترغبها هذه الفتاة، ولا ترتاح لها. ج- حاول أن تتعرف على ما تحبه هذه الفتاة، وحقق لها رغبتها، إن كانت شرعية. د- عليك بالقراءة في الكتب التي تعنى بالحياة الزوجية، واحرص أن تكون كتباً فيها عناية بالجانب الشرعي، لا أن تكون كتباً تلائم الحياة الغربية الكافرة.

تعرفت عليه ولا أريد أن أخسره

تعرفت عليه ولا أريد أن أخسره المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/العلاقة بين الخطيبين التاريخ 4/6/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. أريد أن أطرح عليك مشكلتي: فمشكلتي هي أنني تعرفت على شاب من خلال الهاتف، فهو في الأصل كان يبحث عن زوجة، وقد أخبر صديقتي بأن تبحث له عن زوجة، وهي بدورها أخبرتني، وأنا هاتفته وتحدثت معه، علماً أنه شاب رائع؛ فيه جميع الميزات التي أتمناها في شريك حياتي، ولكن مشكلتي أنه يريدني أن أخرج معه، وأن أهاتفه دائماً بدون علم أهلي طبعاً، وأنا الشيء هذا لا يرضيني، ولكني ولأني خائفة أن يضيع مني هذا الرجل بدأت في مهاتفته، ولا أريد أن أخسره، فهو ليس له غرض إلا الزواج، ولكن لا يريد أن يتزوج من فتاة لا يعرفها جيداً، فعلى هذا الأساس لا يريدني أن أمتنع عن مهاتفته. أرجوكم الحل المناسب؛ فأنا لا أريد أن أخسره، أرجوكم ساعدوني. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: إلى الأخت الفاضلة والابنة العزيزة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن طلبك للزواج ورغبتك في ذلك أمر طبيعي لا غبار عليه، ولكن حدَّد لنا الشارع الحكيم الطرق الصحيحة والسليمة التي تحفظ لنا كرامتنا وتصون عرضنا من أن يدنس، وهذه الطرق عبارة عن ضوابط شرعية على ضوئها تكون العلاقة بين الرجل والمرأة، وعلى ذلك فقد أخطأتِ كثيراً عندما استجبتِ لهذا الشاب بأن يهاتفك أو يخرج معك دون علم أهلك، فهذا الأمر لا يجوز بحال من الأحوال، وأود أن تطرحي عليه سؤالاً ألا وهو: أيحب لأخته أن تخرج مع شاب بدون علمه وعلم أهلها؟ حتى ولو كان صادقاً في نيته في الزواج منها؛ أنا متأكد أنه يرفض ذلك في قرارة نفسه، وإن تظاهر بعدم الرفض. الأمر الآخر: أرى أنكِ متسرعة في الحكم على الناس، وتفكرين بالعاطفة دون النظر في العواقب مع غياب العقل؛ وهذا ظهر لي من كلامك على هذا الشاب عندما قلتِ: (إنه شاب رائع! وفيه جميع المميزات التي تتمنيها في شريك حياتك ... ) من الذي أدراك بهذا كله؟ مع أن العلاقة بينكما لم تتجاوز الحديث الهاتفي العابر! كل منكما يتجمل للآخر، ويجامله ويخفي عنه الكثير!. بنيتي: أنت طلبتِ مني النصيحة والمشورة، فإن لم أكن صادقاً معك في النصيحة، مخلصاً في المشورة فلا خير فيَّ إذاً، فلا تغضبي من كلامي؛ فأنا أحب لك الخير كما أحبه لنفسي تماماً، وكما أحبه لأختي أو ابنتي، وإليك الآتي: (1) عليك بقطع الصلة مع هذا الشاب وفوراً، ولا تخافي من أن يفوتك هذا الشاب؛ فالله يعوضك خيراً منه بإذنه -تعالى-.

(2) إذا أراد أن يتقدم لك -وهو صادق- فلا بد من أن يأتي من الباب؛ وذلك بالتقدم إلى ولي أمرك، وطلب يدك منه، وإبرام العقد الشرعي بينكما؛ حتى تكون العلاقة بينكما علاقة شرعية، ولابد من مصارحته بقوة ووضوح، وأنك لا تقبلين باستمرار العلاقة على هذا النحو أكثر مما استمرت، ولا تقبلين لنفسك هذا الاستمرار، ولن تقبلي برجل يستمر مع فتاة على هذا النحو، وثقي أنه إذا كان جاداً في الزواج فسيأتي سريعاً، وسترتفع قيمتك وقدرك عنده بذلك، وإن كان لعوباً فسيذهب، ويتظاهر بالغضب لعدم الثقة، فليذهب غير مأسوف عليه. (3) احرصي على الزواج من رجل صاحب دين وخلق قويم، واستقامة على شرع الله، وسيرة حسنة بين الناس. (4) لا تنخدعي بما يقوله لك بأنه: لا يريد أن يتزوج من فتاة لا يعرفها جيداً، إلى نهاية كلامه ... فهذا كله من خطوات الشيطان التي أمرنا الله بعدم اتباع خطواته، فإن أراد أن يتعرف عليك جيداً يكون ذلك في فترة الخطبة، وعلى وفق الضوابط الشرعية المعروفة في ذلك، وبمعرفة من أهلك (أبوك وإخوتك) . (5) أكثري من الدعاء بأن الله ييسر أمرك، وييسر لك الزوج الصالح الذي تقر به عينك. (6) احذري أشد الحذر من الخروج والخلوة معه أو مع غيره من الرجال الأجانب، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان " أخرجه الترمذي (2165) وغيره، فما ظنك يا - أمة الله- باثنين الشيطان ثالثهما؟!. (7) كثير من مثل هذه العلاقات انتهت بالفشل، وكثير منها انتهى بالعار والشنار على الفتاة وأهلها؛ والقصص في ذلك مشهورة، فاعتبري بغيرك، واحذري أن تكوني عبرة لغيرك. (8) كثير من هذا الصنف من الشباب لا يثق بمن تم التعارف بينهما بتلك الصورة، والأمثلة في ذلك كثيرة جداً، وقد سمعنا وشاهدنا وقرأنا عن مئات الحالات في هذا الصدد، فاحذري يا - أمة الله- أن تنضمي إلى تلك القافلة البائسة، أعيذك بالله العلي العظيم من ذلك. هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عاقبة التساهل مع الخاطب

عاقبة التساهل مع الخاطب المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/العلاقة بين الخطيبين التاريخ 10/09/1425هـ السؤال السلام عليكم. كنت مخطوبة، وكان خطيبي يجبرني بعمل أشياء مخلة (ما يشبه الزنا) ، وعمري ما كنت أتخيل أني أعمل هذا، ولم أكن أرغب في عمل كهذا، كان يجبرني ويقول لي: أنا زوجك، فأثبتي لي أنك تحبيني، وكنت كارهة لفعل ذلك، وبعد كل هذا تركني، حسبي الله ونعم الوكيل، ولا أدري ماذا أفعل لكي يغفر الله لي؟ لدي إحساس أنه شيطان دخل حياتي فأفسدها وهرب. ماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب كما يأتي: (1) ما يحصل عند الخطوبة قبل العقد من خلوة بالمخطوبة، وما يصاحب ذلك -من لمس وتقبيل، أو فوق ذلك أو دونه- عمل محرم لا يجوز، وأصله مبني على أمر محرم، وهو الخلوة غير الشرعية، وقد حرّم الشرع ذلك؛ صيانة للمجتمع، وحفظاً للفتاة من الانزلاق في الرذيلة والفساد. (2) يزعم بعض من يفعل ذلك أنه يريد التعرُّف على الفتاة، وما يناسبها ويناسبه مما يسهم في الحياة السعيدة، والذي يقارن بين المجتمعات التي تعمل بذلك وتتوسع فيه، وبين المجتمعات والأسر المحافظة يرى اختلافاً كبيراً في نسبة الطلاق، والتوافق عند المحافظين والمتمسكين بالدين، فضلاً عن الحياة السعيدة في الزواج وما يتبع ذلك. (3) يحصل في بعض المجتمعات والأسر التساهل في العلاقة قبل الزواج فيما يسمى بالخطوبة، الأمر الذي يلحق الأذى بالأسرة وبالفتاة، ويحصل الندم، ولكنه لا ينفع. (4) ما حصل من هذا الخطيب لا يستغرب على مثله، وذلك لقلة دينه، وعدم خوفه من الله، وربما لو حصل الزواج لما استمر هذا الزوج، وأسأل الله أن يكتب الخير ويدلنا عليه. (5) الواجب عليك التوبة إلى الله، وكثرة الاستغفار والندم، وعدم العود لمثل ذلك، قال تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود:114] . والله أعلم.

خطيبها يتحرش بها

خطيبها يتحرش بها المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/العلاقة بين الخطيبين التاريخ 27/08/1425هـ السؤال أنا مخطوبة، ويحدث أن يتحرَّش بي خطيبي في كل مرة، أحاول المقاومة في البداية، ولكن لا أستطيع كبت جماح الشهوة التي يثيرها بي، وفي كل مرة أعود متضايقة جداً، وآخذ عهداً على ألا أكررها ولا فائدة، طلبت منه أن يتوقف أكثر من مرة، ولكنه لا يصغي أبداً، والمشكلة أني أشعر أن لدي شهوة عالية، وهذا أحد الأسباب التي خطبت من أجلها؛ حتى لا أقع في الخطأ. فما الحل؟ أريد التوقف قبل التمادي في هذا الأمر، وأريد أن تتوقف هذه الأمور حتى يتم الزواج. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: الأخت الكريمة: نسأل الله - عز وجل- لنا ولك التوفيق والستر والعافية، ما تمارسينه - يا أختي- هو لعب بالنار، لاسيما وأن الشيطان يحضر في هذه المواطن، ويسهل للإنسان الوقوع في الحرام، حتى ما إذا وقع في ذلك شعر بالندم والأسف الشديد في وقت لا ينفع فيه الندم، ولذا فإني أذكِّرك بعدة أمور: أولاً: أنك على وشك الزواج، فاحرصي ألا يبدأ هذا الزواج بمعصية الله - عز وجل-، والله إنك لربما تكرهين هذا الزواج بعدما تقترنين بزوجك، إذا تذكرت أنك ابتدأت هذه العلاقة بحرام. ثانياً: تذكَّري عظم العقوبة من الله - سبحانه وتعالى- في هذا الأمر، وأن الله - سبحانه- يغار على محارمه. ثالثاً: تذكَّري بأنه لو حصل ما لا تحمد عقباه، فإن هذا في الغالب لا يؤثر على الرجل، لكنه بالنسبة إليك هو تحطيم لحياتك. رابعاً: عليك المبادرة وبأسرع وقت بعقد القران على خطيبك، حتى لو تأخرت ليلة الزواج؛ لأن هذا العقد يجعلك زوجة له بسنة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-. خامساً: إياك والمقابلة الحضورية الشفهية؛ لأن هذا هو ما يمهِّد الطريق ويسهّله إلى الفواحش. سادساً: أكثري من الدعاء والتضرع لله -عز وجل- بأن ينجيك من هذه الفتنة. أسأل الله - عز وجل- لي ولك التوفيق والستر والعافية، والله يحفظك.

طالت فترة الخطبة وأخشى الوقوع في الحرام

طالت فترة الخِطبة وأخشى الوقوع في الحرام المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/العلاقة بين الخطيبين التاريخ 21/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب عمري 15 عاماً، أحببت ابنة خالتي حباً لم أكن أتصوره، وأخذنا نتبادل الرسائل فيما بيننا إلى أن وصل الأمر إلى اللقاء، وبحمد الله لم نرتكب أي نوع من أنواع الحرام نهائياً حتى مجرد اللمس لم نلمس بعضنا، وأيضاً هي منقبة، أنا لا أرى وجهها، والحمد لله عندما أصبح عمري 20 عاما وهي 19 عاما طلبت من أهلي أن يخطبوها لي، وبالفعل ذهبوا إلى والدها لكي يطلبوها لي، وما كان منه إلا أن يقول هذه ابنتي لابنكم، وابنكم لبنتي، ولكن بعد أن يتما الدراسة نكتب الكتاب، وأنا وافقت على ذلك، ولكن بعد سنة تقريبا أنا وهي اتفقنا على أن نعيد الكرة وأطلبها من أهلها حتى لا نقع في الحرام، ولكن ما زال ابوها مصراً على رأيه. فهل وقع أبوها في الحرام لأنه يؤجل أمر زواجنا. أرجو الإفادة في أقرب وقت ممكن؛ حتى لا أرتكب ما يدور في عقلي، وأن أخطفها وأهرب. والسلام عليكم ورحمة الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عليك بالصبر، وأن تُشغل نفسك ببرامج نافعة تملأ فراغك، وتشغلك عن التفكير في حبيبتك، واحمد الله أن قبل أبوها خطبتك لها ووعدك أن يزوجكها بعد إتمامك الدراسة، ولا أرى في هذا ما يدفعك للقلق والحزن والتبرم من تعليق النكاح على إتمام الدراسة، فما هي إلا سُنيّات ثم تدخل بها إن شاء الله، ولا أرى أن أباها آثم بهذا التأجيل، ففيه مراعاة لمصلحتكما، فأنت الآن غير قادر على أن تنفق على نفسك وعليها، وربما لو تزوجت بها على هذا الحال لعجزت عن النفقة، وتوّلد من هذا مشكلات تفصم عرى الزوجية، وتحيل حالكما إلى الطلاق والفشل، فإياك إياك أن ترتكب حماقة من الحماقات، تهدم ما قد بنيته وسعيت إليه، فتنفسخ الخطبة، ثم يصبح المأمول المنتظر الذي لم يبق بينك وبينه إلا سنيات معدودة أمراً مستحيلاً، فتندم ولات حين مندم، زيادة على ما في هذه الحماقات من إغضاب الله سبحانه، واستحقاق مقته وسخطه وتعد لحدوده. والله أعلم.

أسس بناء السعادة الزوجية

نتشاجر على أتفه الأسباب المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / أسس بناء السعادة الزوجية التاريخ 14/09/1426هـ السؤال عندي مشاكل مع زوجي، ونتشاجر على أمور تافهة بصورة شبه يومية، وعندما نتشاجر لا أستطيع الامتناع عن رفع صوتي؛ لأنني إذا حاولت التكلم معه بهدوء يعتبرني مخطئة، وكثيراً ما يقلب الحقائق. وعندما يأتي من العمل لا يفعل شيئاً سوى أنه يأكل وينام، فهذا يغضبني كثيراً، ويجعلني أعتقد أنني غير مرغوبة. كما أنه لا يخرج بنا للنزهة؛ فهو دائم الشكوى من العمل، مع أنه لا يعمل إلا ثماني ساعات في اليوم، ويقضي بقية وقته نائماً. أرشدوني ماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فأقترح عليك أن تراعي المشكلات الكبرى بينكما وتتغاضي عن المشكلات الصغرى، فلا تثيريها حتى تشعري أنك قد تجاوزت معه تلك الكبرى، وأرى أن أصل المشكلة بينكما في سرعة الغضب والانفعال لأتفه الأسباب، وكذلك قلة الاحترام، فلا أنت مبرأة ولا هو متهم بالذنب وحده، فعليك أن تتصبري وتُظهري له قدراً كبيراً من الاحترام والعناية، حتى ولو كنت ترين أنه هو المقصر في هذا الجانب، جربي ذلك فلعل هذا يدفعه إلى أن يبادلك الشعور نفسه، والاحترام بمثله، وإذا تخاصمتما فإياك إياك أن ترفعي صوتك أو تقابليه بمثل ما يتفوه به عليك من الشتائم، وإذا وقع شيء من هذا فغادري المكان إلى مكان آخر في البيت. وإذا رجع من العمل فليسمع منك كلاماً حلواً؛ يرد له ارتياحه، ويُذهب عنه ما كان يجد من الإرهاق والضجر، وليشعر أنك بانتظاره ساعة رجوعه، وابعدي عنه الأولاد، وهيِّئي له جو الراحة، وتفنني له في الطبخ، واجتهدي في التحمل له، وحددي له وقتاً خاصاً بكما لا يشارككما فيه أحد حتى الأولاد، بحيث يفضي إليك وتفضين إليه بما يهم، ويعبر عن خلجات النفس، وثقي بعد هذه التجربة أن أخلاقه معك سوف تتغير إلى الأحسن -إن شاء الله- ولتعلمي أن هذه التنازلات التي تقدمينها -مع شعورك بأنك لم تخطئي في حقه- سوف ترد لك بعض حقوقك، وإياك أن تحسبيها من ضعفك، أو أنها تدل على أنك أنت المخطئة المقصرة وهو المحُقّ غير المقصر؛ فهذا من تسويل الشيطان ووسوسته ليردك عن إصلاح البيت. جربي هذا، فلعل الله أن يجعل فيه المخرج مما أنت فيه من المعاناة. وفقك الله.

دعوة الزوج

دعوة الزوج المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / أسس بناء السعادة الزوجية التاريخ 9/4/1422 السؤال ماهي الطريقة المثلى لدعوة الزوج بطريقة محببة؟ الجواب أهنئك من الأعماق على هذا الهم.. وهذه الهمة.. جعل الله ما تقومين به في ميزان حسناتك.. ورزقنا جميعاً الصدق والاحتساب.. وسدد على طريق الخير خطانا.. انه ولي ذلك والقادر عليه. بالنسبة لاستشارتك.. فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: لتكن بداياتك أختي الكريمة بالدعاء الخالص.. بأن يهديك الله ويهدي بك ويهدي لك.. وأن يصلحك ويصلح بك.. وأن يعينك ويسدد خطاك.. والحي على الله بالدعاء.. واحسني النية. ثانياً: اجعلي من بيتك جنه لزوجك.. يجد فيها الراحة والاطمئنان والسرور.. بل يهرب من كل الدنيا إليها.. فإذا جاء وجد زوجه صالحه ناضجة تستقبله بأطيب كلام وأطيب ريح.. وابتسامة صادقة عندها..بدأت أول الخطوات نحو الهدف. ثالثاً: لا اعرف- حقيقة- ظروف الأسرة الاجتماعية والبيئية.. ولكن أنت أدرى بها.. فإذا كان زوجك ممن يستمع- مثلاً إلى الأغاني.. والموسيقى.. فحاولي إقناعه بهدوء.. إلى إلغاء صوت التلفزيون أو المذياع أو المسجل فترة هذه الفقرة وان رفض فلا تيئسي.. ولا تظهري السخط والتأفف.. بل أدعي له بالهداية والتوفيق. ومع الوقت سيغير موقفه إنشاء الله وإذا كان ممن يتأخر عن الصلاة فذكريه إذا حان وقتها بهدوء وهكذا في بقية الأمور. رابعاً: لابأس من اختيار بعض المطويات أو الأشرطة المناسبة.. واستغلال بعض المناسبات لتقديمها له على شكل هدية مع هدية أخرى رمزية.. كبطاقة تهنئة أو زجاجة عطر أو كتاب أو أي شي ترينه يناسب طبيعة زوجك.. وفوق هذا بسمة صافية ودعوة صادقة. خامساً: لا تيئسي ولا تقنطي.. فأنت مسؤولة عن فعل الأسباب.. ولست مسؤولة عن النتائج.. فالهادي هو الله تعالى.. وهو القادر والمعين. سادسا ً: حافظي أختي الكريمة على سننك ورواتبك وفرائضك وأورادك.. وثقي أنك إذا استمريتي.. فيكفي منك بعد القبول إنشاء الله.. تنشئه أبناءك في بيئة صالحة يكون لك فيها عند الله الأجر العظيم. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

اكتشفت أن زوجها يتعاطى المخدرات

اكتشفت أن زوجها يتعاطى المخدرات المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / أسس بناء السعادة الزوجية التاريخ 10/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاكم الله خيراً على موقعكم المتميز، وأريد أن أستشيركم في موضوع مهم، وهو أن امرأة اكتشفت بعد فترة من زواجها أن زوجها يتعاطى المخدرات، وقد أنجبت منه بنتاً، فما العمل مع زوجها؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. كل الناس يبتلون بأنواع من البلايا، فقد ابتلي زوجك، وابتليت أنت ببلوى زوجك، فتحملي -يا أختي- واصبري، واستعيني بالله على مناصحته، بعد أن تتوددي إليه وتتقربي إليه بما يحبه فيك. وزيدي من حسن فعلك لما يحبه الزوج من زوجته، كالتجمل والتلطف، والخدمة، والقيام برعاية البيت والأولاد أكثر مما كنت تقومين به من قبل أن تعلمي ما هو عليه من الفعل القبيح. افعلي هذا ليحسه ويلمسه منك قبل أن تنصحيه؛ ليكون ذلك أدعى للقبول، وحدثيه -بأسلوب مناسب- عن قصص وحوادث بعض المدمنين للمخدرات، الذين لحقهم المرض والفقر وفراق الأهل وضياع الأولاد، حدثيه وكأنك لا تعلمين عن حاله التي هو عليها، وعليك أن تتحسسي حاله، وتطلبي عدم فراقه عنك؛ ليبقى في البيت أطول وقت ممكن. وعليك أن تدعي له بالهداية في صلاتك وخارجها. وأسمعيه الدعاء له ولوالديه بالهداية والتوفيق والاستقامة، فإذا أخذت بهذه الأسباب ولم تنفع فلا بد من مصارحته، ثم كشف الأمر لأهله وأهلك، وطلب الفراق منه. والله أعلم.

لا أشعر بالسعادة مع زوجي

لا أشعر بالسعادة مع زوجي المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /أسس بناء السعادة الزوجية التاريخ 02/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. مشكلتي أني متزوجة منذ خمس سنين، ومع ذلك عشتها في خصام مستمر مع زوجي في الغالب على أمور لا تستحق، فأنا لم أشعر بالسعادة معه، مع أنه إنسان عادي ولا أدري هل السبب عدم حبي له، مع أني مقتنعة به، أم أنه لا يفهمني ولا أفهمه ولا أحس بعاطفة قوية نحوه وأعتبره كأي إنسان، ولا أهتم إلا بأكله فقط. فما الحل؟ (لي منه طفلان) ولكم الدعاء. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: الجواب كما يأتي: 1- البيوت كما قال عمر - رضي الله عنه- لا تبنى على المحبة والعشق فقط، وإنما تبنى على المودة والرحمة التي ذكرها الله تعالى وأنها من آيات الله. 2- المحبة والمودة قد لا تكون على المستوى المطلوب في بداية الزواج، وقد تحدث في أثنائها، ولكن ينبغي السعي في إيجادها وتنميتها والبحث عن الأسباب الجالبة لها والبعد عن أسباب نفعها، فقد تحصل ابتداء وقد تكتسب في ثنايا العلاقة الزوجية. 3- البعد عن الخصام والنزاع، وخاصة مع الزوج؛ لأن ذلك له آثار سلبية وعكسية كبيرة على الحياة الزوجية. 4- لا يعني عدم الإحساس بعاطفة تجاه الزوج أن تقصر المرأة في حق زوجها، بل عليها أن تعلم أن التبعل للزوج واحترامه وتقديره أنها عبادة لله تعالى وأنها تؤجر على ذلك. 5- أن الأكل والشرب يحصل عليه الرجل في البيت أو غيره من الزوجة أو من غيرها، ولكن الأمور الأخرى من عواطف وأحاسيس ومشاعر لا تكون إلا من الزوجة، فعليك الاهتمام بذلك. 6- التفكير في مصير الأولاد وأنهم الضحية لما يحصل بينكما. والله أعلم.

زوجته تفشي أسرارهما الزوجية

زوجته تفشي أسرارهما الزوجية المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / أسس بناء السعادة الزوجية التاريخ 05/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا رجل متزوج حديثاً، ومشكلتي أن زوجتي تفشي أسرار بيتي إلى أختها، والذي يتعبني أن أختها تؤثر عليها بشكل ملحوظ، حاولت توضيح ذلك لها وأنه يسبب لها دماراً لحياتها، توافقني الرأي وتحلف بالمصحف أنها لا تفشي أسراري، لكن الواقع عكس ذلك فهي تخرج من عندي بوجه وتعود بوجه آخر، ذكرتها بأدلة من الكتاب والسنة، لكن لا فائدة، أخبرت أمها أن هناك من يؤثر على زوجتي (لم أقل لها أنها أختها لأن لا يوجد لدي دليل قاطع على أنها هي) ، أيضاً لم ينفع، هددتها بالطلاق، تمادت أكثر فما العمل؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولا: عليك يا - أخي- بالصبر على زوجتك، وإقناعها بأن هذا قد يدمر حياتها وأن من صفات المرأة الصالحة أن تحفظ زوجها وأسرار بيتها، وأنه يجب عليها ذلك، خاصة إذا كان زوجها لا يرضى بنقل هذه الأسرار وإفشائها. ثانياً: يجب عليك أيضاً أن تتأكد من ذلك، وأنها فعلاً تفشي السر، وأنه ليس مجرد إساءة ظن بها؛ لأن بعض الرجال يسيئون الظن بالزوجة ويتوقعون أنها تفشي السر مع أنها على العكس، ومسألة أخرى مهمة لا بد من التنبه إليها: ما هذه الأسرار التي تُفشي؟ هل هي فعلاً أسرار؟ أو أنها مجرد أمور بسيطة لا تعتبر من إفشاء السر، لأنها تحكي مثلاً لأختها بذهابها وإيابها وأكلها إلى غير ذلك من الأمور اليسيرة، فهذا لا يعتبر إفشاءً للسر، أما إذا كانت تنقل أموراً تخص زوجها وكيفية إنفاقه في بيته فهذا من الأسرار التي يجب على المرأة أن تحفظها، وممكن أن تذكر لها بعض قصص الصحابيات - رضي الله عنهن- والتابعيات في كيفية حفظ المرأة لأسرار أزواجهن وصبرهن على ضنك العيش. أخيراً: أذكرك بالالتجاء إلى الله - عز وجل- أن يحفظ عليك زوجتك، وأن يهديها إلى جادة الصواب، فتكون كاتمة لسر زوجها، حامية لحياة الزوجية، والتضرع إليه بذلك، قال تعالى: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" [غافر:60] . وفقك الله وأعانك.

العلاقة العاطفية بين الزوجين

كلما هَممتُ بالزواج عليها أصابتني مصيبة! المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / العلاقة العاطفية بين الزوجين التاريخ 28/10/1426هـ السؤال مشكلتي تكمن في أنني متزوج، وزوجني مطيعة وعفيفة وخدومة، ولدي منها أبناء -ولله الحمد- إلا أنه ينقصني منها شيء واحد وهو الجمال، فهي ليست جميلة على الإطلاق، عرفت ذلك منذ الخطوبة، لكن تزوجتها إرضاء لمشاعر ورغبة والدي -رحمه الله- حاولت الزواج من أخرى إلا أنني كلما أعزم على الزواج تحصل لي مصيبة، وقد أصبت باكتئاب لا يزول إلا حين أصرف الفكرة عن الزواج من الثانية، أنا محتار في أمري، وأخشى الوقوع في الحرام، وقد كنت على وشك، ولكن الله أنقذني من ذلك. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: لا شك أن جمال المرأة أمر يسعى إليه الرجال، بما تقتضيه فطرتهم البشرية، لكن الجمال ليس أهم عناصر الزوجة الصالحة، إن أهم عنصرين في الزوج والزوجة الدين والخلق. وأنت يا أخي الكريم تتمتع -بفضل الله- بزوجة عفيفة مطيعة ودود ولود، وهذا فضل عظيم من الله. لكن إن قلت لي: إن عدم جمالها ربما أدى بك للوقوع في الحرام. فأقول لك: إن علمت من نفسك القدرة على العدل بين زوجتين، وغلب على ظنك ذلك، فلا بأس عليك من الزواج من الثانية، مع إكرامك للأولى وتقديرها وإعطائها حقها الشرعي كاملاً، فهذا قد أحله الله، وزواجك من الثانية خير من الوقوع في الحرام. وإن خشيت عدم العدل فعليك بالعفة، من غض البصر وعدم الاختلاط بالنساء، وتجنب مواطن الفتن، والقناعة بزوجتك، فهي امرأة على خير ولله الحمد. أما ما تقوله من وقوع المصائب كلما فكرت في زواج الثانية، فلا أساس له من الصحة، بل هي أقدار الله توافق وقوعها مع تفكيرك وليس بسببه، وهذا من وسوسة الشيطان. أسأل الله أن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى.

زوجتي ... لا أشعر بأي رغبة فيها!

زوجتي ... لا أشعر بأي رغبة فيها! المجيب د. صلاح العادلي أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / العلاقة العاطفية بين الزوجين التاريخ 06/10/1426هـ السؤال متزوج منذ سبع سنوات ولا أجد في نفسي أي ميل لزوجتي، وليس فيها ما يجذبني إليها وهذا ليس بجديد، وأحس أنني أخطأت في زواجي منها، وما يجعلني أمسك بها هم الأولاد، وليس رغبة فيها، لا أدري هل كل النساء مثلها (لا أعتقد) ، وصبرني عليها قوله تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرًا", وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يفرك مؤمن مؤمنة"، وأيضاً أنني رُغِّبتُ فيها لدينها، لكنها متعبة جداً، لا أقول بكثرة الطلبات، لكن جامدة ليس فيها أنوثة، ولا أجد لها مكاناً في قلبي، فبم تنصحونني؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد بدأت رسالتك بما كنت سأوصيك به، وهو عدم اليأس وترك القنوط، ومحاولة النظر إلى الأمور نظرة أكثر واقعية؛ ففي الحياة الزوجية -يا أخي-شهد ومُر، وقبح وجمال، وفيها -كذلك- إقبال وإدبار، ثم إن سبع سنوات مرت على زواجك من تلك الأخت المتدينة -كما تقول - كان نتاجها ولدين وبنتاً؛ فأسألك -بالله عليك- ألم يجمل أولادك نظرتك للحياة؟! ألم يعينوك على التصبر على ما في زوجك من نقص تشتمل عليه كل النساء مع تنوع هذا النقص؟ حقاً.. أنا معك في أن المرأة باردة المشاعر، فاترة العواطف، غير الآبهة بتأجيج مشاعر الحب وتجديدها هي امرأة تنقصها خبرة زوجية، تمثل في واقع الأمر حماية لبيتها، وصيانة لقلب زوجها من الانفلات أو التحول عنها إلى غيرها، وأرى ألا تستسلم لمشاعر يائسة، أو لنظرة ظلامية، صارحها بما ينفرك منها بهدوء وإخلاص، وبنية أنك تريد صلاحها وإصلاحها، ولا مانع أن توجه إليها أختاً مستأمنة ترى فيها الحكمة وحسن التصرف لتنبهها وترشدها، حاول بلا يأس، فقد تكتشف فيها ما يقر عينك ويثلج صدرك.. وفقك الله وأسعدك.. والله أعلم.

عقدت عليها.. وهكذا بدأ شعوري نحوها!

عقدت عليها.. وهكذا بدأ شعوري نحوها! المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / العلاقة العاطفية بين الزوجين التاريخ 18/06/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا شاب عقدت على زوجتي قبل شهرين، ومنذ ذلك الحين وأنا أتحدث معها يومياً، وأذهب لزيارتها كل أسبوعين تقريباً، ولكن المشكلة أنني لم أشعر بأي انجذاب أو ميل نحوها إلى الآن، بل أشعر بالملل في الحديث معها أحياناً، وقد تبقَّى على الزواج ثلاثة أشهر، وأخشى أن يزداد الملل بعد الزواج، ولا يولد الحب بيننا، وأضطر إلى الطلاق لا قدَّر الله، أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فهمت موضوعك، ولكن ليتني عرفت: هل أقدمت على خطبة هذه الفتاة، ثم عقدت عليها وصارت زوجة لك عن رغبة منك بها، أم هي تقاليد وأعراف فرضها الأهل عليك؟ ثم أيضاً ما موقف الزوجة منك، وهل تحس منها فتوراً نحوك؟ فأنا أتوقع أن الخطبة والعقد جاء بمحض رغبتك وقناعتك، وعلى هذا فالأمر طبيعي، ولا تخف مما تتوقعه من استمرار الملل وازدياده، فلن يحصل بإذن الله تعالى، ولكي نعالج الحال قبل توسع مداها نفسياً عندك. أوصيك بما يلي: (1) قلِّل من الزيارات إليها، وتعلَّل بأنك مشغول، وقلِّل كثيراً من الاتصالات اليومية، ولكن بطريقة ذكيَّة، وبحكمة في التصرف؛ حتى لا تصاب هي أيضاً بوساوس وخيالات تسيطر عليها فتتأذى هي بها فتظن بك سوءاً وتصاب بخيبة أمل، فكثرة الاتصالات يومياً، وزياراتك نصف الشهرية لها وأنتما لم تنفردا في عش الزوجية الذي له طعم خاص في العلاقة الصادقة والسكن النفسي، والإحساس بالاستقلالية الزوجية الممتعة، والحب المبني على المودة الصادقة، فإن عدم انفرادكما واستمرار اللقاءات والاتصالات على هذه الحال وهي في بيت أهلها جعلك تحس بالملل والرتابة، مما جعلك تشعر وكأنك تزور قريبة من أقربائك ليس إلا. (2) فلا عليك -يا ابني- فلا تخف، وأحسن الظن بربك، فإنك -بإذن الله- ستهنأ بزوجتك، وستهنأ هي أيضاً بك بعدما تتزوجان وتنفردا ببيت الزوجية الذي ستظلله السعادة، ويرفرف علم المودة والحب، وما عليك إلا الدعاء إلى الله أن يوفقك وزوجتك، ويزيد في رباط المودة بينكما. وفقك الله، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير.

الحقوق الزوجية

زوجي لا يهتم بي! المجيب د. هاني عبد الشكور عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز - قسم الدراسات الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 28/05/1427هـ السؤال أنا متزوجة ولي أطفال. وقد زوجني أهلي من شخص لا أحبه، رغم محاولاتي أن أحبه ولكن لم أستطع. لم يحس بي ولم يهتم بي، مما أثر علي نفسيًّا. فماذا أفعل حتى أحس به وأكسب اهتمامه، وأقوم بواجبي نحوه؟.. علماً بأنني أصلي كثيراً، وأذكر الله، وأقوم الليل. فما العمل حتى نقيم بيتنا على المحبة والرحمة؟ وجزاكم الله خيراً.. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: فأسأل الله أن يهدي لك قلب زوجك، ويديم العشرة بينكما على ما يحب ويرضى. أيتها الأخت الكريمة: ليست كل البيوت التي تبنى على الحب، ولكن حسن العشرة وتبادل الحقوق والواجبات كفيل مع الزمن بإنشاء المحبة والرحمة بينكما، حاولي أن تصارحي زوجك وتطلبي منه أن يهتم بك. وقبل ذلك لابد أن تنظري من ناحية أدائك لحقوقه، واهتمامك به، وخدمته، وطلب مودته ورضاه، فالذي أخشاه أن يكون شعوره نحوك كشعورك نحوه، بسبب عدم اهتمامك ببيت الزوجية، أو حسن الرعاية للأطفال، أو قلة اهتمامك به. وثقي تماماً أن الزوج لو وجد منك الاهتمام والرعاية لبادلك ذلك مثلاً بمثل ولو بعد حين، ولا تستعجلي النتائج، وذكرت أنك -لله الحمد- ممن يذكرون الله ويصلون، فهلا أكثرت من الدعاء أن يصلح الله ما بينك وبين زوجك، وأن يديم العشرة بينكما على المحبة والرحمة، والله سبحانه قادر على كل شيء. وحاولي أن تستشيري من تثقين برأيها، وعقلها، ودينها. فقد تكون هناك أمور بين النساء، وأسرار لكسب اهتمام الزوج تدلك عليها وترشدك. أسأل الله لك التوفيق والهداية. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد الله رب العالمين.

زوجتي مدمنة إنترنت

زوجتي مدمنة إنترنت المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 07/03/1427هـ السؤال زوجتي أصبحت مدمنة إنترنت، فهي تهمل كل شيء في حياتها، ولا تهتم بأمور البيت. حاولت بكل السبل إرجاعها إلى صوابها فلم أستطع (من إرشاد ونصيحة والسفر إلى العمرة فلم يثنيها شيء عن النت) . كما أنها لا تقوم بواجباتها نحوى، ولا تريد أن ألمسها، وتسهر حتى الفجر على النت بحجة صلاة الفجر، ولكن أنا أعرف ما بداخلها، ولا أستطيع أن أطلقها؛ حفاظاً على الأولاد وسمعتهم، أرشدوني ماذا أفعل؟ فقد تعبت من المحافظة على استقرار البيت أو هدمه. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلدي يقين أن وراء كل سلوك دافعاً، وفي ظني أنك لو فتشت في (دفتر) علاقتكما الزوجية لم يصعب عليك أن تعثر على ذلك الدافع الكامن وراء مشكلة زوجتك، أو إدمانها على النت، ومن ثم ربما سهل عليك التغلب على المشكلة، وعلاجها. أخي الكريم: أحسب أن رسالتك تعكس (شدَّة) انفعالك الداخلي؛ فقد ورد في ختامها قولك: (تعبت من المحافظة على استقرار البيت أو هدمه) ، وهي عبارة، وإن أبدت شعورك بالتعب، إلا أن الغموض يلف معناها، وهذا الانفعال أخشى أن يكون هو الذي يحكم علاقتك بزوجتك، إي إن علاقتك بزوجتك تحكمها لغة الرياضيات، وصرامة الأعداد، افعلي ولا تفعلي، أنت لم تنجزي هذا، هذا يثبت أنك مهملة، فلت لك مراراً وتكراراً، تعبت من الكلام معك!! حين يكون ذلك صحيحاً فمن المؤكد أن المشكلة في طريقها للتفاقم والتصعيد. إن لغتك لغة المطالب، لغة حقوقية، لغة تحدها- من الجهات الأربع - (واجباتها) المنزلية والزوجية، ومن ثم فربما إن زوجتك تجد في النت ما تفتقده لديك. إن من أبرز أسباب الإدمان على النت (الهروب) من الواقع، والبحث عن واقع (بديل) ، ومع مرور الوقت يتكيّف الإنسان على ذلك، ويصبح من الصعوبة عليه التخلص.. ولأنه لم يبدُ في رسالتك أيّ نقدٍ أو تحفظ على ما تتعاطاه زوجتك من معلومات أو تبحث عنه داخل الشبكة، فإنني أستبعد دوافع الإدمان الأخرى. أخي الفاضل: إن بعض الفضلاء يظن أن مجرد تديّّن زوجته أو مستواها التعليمي العالي يفترض أن يكون هو دافعها لخدمته وخدمة أولاده وبيته، بل وغض الطرف عن مشكلاته معها، وأخطائه عليها.. وقد يتساءل بدهشة: ألا يكفيها أنها إذا ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة؟! والحقيقة التي لا تحتاج إلى إيضاح أن الزوجة إنسان له مشاعره وأحاسيسه، وأن كلمة الشكر تدفعها، وكلمة الثناء تحفزها، ولكن أهمّ من ذلك ضرورة إدراك أن الزوجة كامرأة تختلف في أمور كثيرة عن الزوج كرجل، حتى لكأنما -كما عبّر بعض الباحثين المختصين- قدم الرجال من المريخ، وقدمت النساء من الزهرة.

ومن هنا فهناك مشكلة كثيراً ما تترك بصمات سلبية على العلاقة بين الزوجين؛ وذلك حين يتعامل الرجل مع زوجته تعامله مع زميله الرجل، وتتعامل الزوجة مع زوجها تعاملها مع صديقتها المرأة، ولعل أبرز ما يشار إليه هنا حاجة المرأة إلى المشاركة الوجدانية، إن المرأة قد تشكو من شيء، وقد تبدي ذلك الشيء (أضخم) من حقيقته بكثير، لا لأنها تريد من زوجها أن يتطوع بذكر الحلول (الحقيقية) ، ولكنها تريد الاعتراف والمشاركة الوجدانية. إن كلمة ثناء على كلمة كتبتها زوجتك في أحد المنتديات قد تدفعها أكثر إلى الارتباط بالنت، في ظل كونك لا تعترف بموهبتها، أو لا تكترث بمشاركاتها، إن لم تكن تزري بها، وتنعى عليها قائلاً: لا قيمة -إطلاقاً- لما تكتبين، وحياتك معي، ومع أولادي، فاشلة. أخي الكريم: لو لعبت مع زوجتك لعبة مسلية، فعرفت المنتديات التي تشارك فيها زوجتك، وسجلت فيها دون أن تعرف زوجتك، ثم بدأت تعلق -بقدر من الثناء- على كلمات ومشاركات زوجتك، وحين يمضي بعض الوقت تفاجئها بأنك صاحب ذلك التوقيع، ثم تنطلق في تغيير أجواء البيت من كونك ترى أن الوظيفة الأساسية للزوجة هي (خدمة) الزوج والأبناء، إلى كون الزوجة (مديراً تنفيذياً) للبيت، يحتاج إلى الدعم والتشجيع، وغض الطرف عن بعض الأخطاء التي لابد منها. أخي الكريم: أنا واثق أنك عاقل وناضج، وقد بسطت لك الأمر فانظر فيه برويّة؛ وحاول إعادة النظر في تعاملك معها، خاصة وقد أشرت إلى إخلالها معك حتى بالعلاقة الخاصة بينكما، بقولك: (ولا تريد أن ألمسها) ، وهو ما يعني -ربما- أن هناك خللاً في ممارستك لتلك العلاقة معها.. إذ إن هناك فروقات بين الرجل والمرأة حتى في رؤيته وأدائه للجانب الجنسي يحسن بكلٍّ منهما أن يكون ملماً بها، ليستطيع التفاعل مع صاحبه، ويدفعه إلى التفاعل معه. وفقك الله إلى كل خير، وأزال عنك ما يهمك، وأصلح لك زوجك وولدك.

أنا وهجران زوجي!

أنا وهجران زوجي! المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 07/08/1426هـ السؤال زوجي مقصر معي ومع أولاده، فهو لا يحب الجلوس معنا، ويجلس في مكان منعزل لمشاهدة الفضائيات، وفي نهاية الأسبوع يذهب إلى الاستراحات والمزارع طيلة الأيام الثلاثة (أربعاء وخميس وجمعة) ، كذلك يتهرَّب من المسؤوليات، ويقول: عندما أجلس أحس أني سواق عندكم فقط، كذلك لديه فراغ عاطفي كبير بيننا، والمشاكل كثيرة أيضاً، السؤال: هل يلحقني إثم عندما أترك التحدث والنوم معه؛ لأن قلبي ملآن بالحقد عليه وعلى تصرفاته؟ الجواب الحمد لله، وبعد: أختي الكريمة: عندما قرأت سؤالك تذكرت حكاية قديمة قرأتها، وهي أن رجلاً صالحاً حكيماً مرّ على عدد من الناس، وقد اجتمعوا على شخص يوبخونه وينهرونه، فسأل عن الأمر، فأُخبِر أن ذلك الرجل قد وقع في معصية، فقال: أرأيتم لو وجدتموه ساقطاً في بئر ما كنتم تفعلون؟ قالوا: نسارع في إخراجه. قال: فإن صاحبكم قد وقع في بئر المعصية، فلا تعينوا الشيطان عليه. إن صيغة سؤالك تدل على عقل ومعرفة، لكن مطلبك من السؤال لا يتناسب مع ذلك أبداً، إذ يتمحور سؤالك على النحو التالي: (هل يلحقني إثم عندما أترك التحدث والنوم معه؛ لأن قلبي ملآن بالحقد عليه وعلى تصرفاته) ؟

أختي الكريمة: أنا أقدِّر (ضخامة) المشكلة، لكن يتراءى لي أن حلها ليس مستحيلاً. وأنت الآن -بعقلك ومعرفتك- تتجهين -ربما دون شعور-منك لتوسيع دائرة المشكلة وتعميقها. إن المسألة -أختي الكريمة- ليست انتصاراً (حاضراً) للنفس، ولكنها حياة أصابها بعض الاعوجاج، هي بحاجة إلى تعديل، وإعادة قطارها إلى قضبانه، ومن المهم أن تسألي نفسك: هل كان هذا سلوك زوجك منذ اقترنت به؟ أما أنا فأشك. ومن خلال تجربتي في الاستشارات فإن الزوجين إذا لم يدخلا بيت الزوجية بوعي وحب فإن جذوة الارتباط -مهما كان وهجها- لابد أن تذوي، فالزوجان يدخلان وحدهما بيت الزوجية يملأ أنفسهما الفرح، وتملأ أذهانهما الأحلام، ويحسان بالقرب الشديد، لكن لأن هذا القرب جسدي فلن يلبث الجسدان أن يملا، ومن ثم يبدأ الابتعاد، ويسهم في الابتعاد مجيء الأطفال، الذين تنشغل بهم الزوجة عن الزوج، فمع مجيء كل طفل تنسحب أكثر، حتى تصبح العلاقة أحياناً مجرد الاجتماع في بيت، وعلى الطعام، والاستجابة -ربما على مضض- للحاجات الخاصة، ووقتها قد يتحوَّل الزوج إلى إنسان عصبي، يتنرفز عند أدنى موقف، أحياناً لأنه يحس أنه بدأ يعطي أكثر مما يأخذ، كما هو حال زوجك، الذي يرى أنه -حسب تعبيره- (أصبح سواقاً عندكم) ! وهو يدرك أنه في وقت مضى كان في (بؤرة) الاهتمام، واليوم صار على الهامش، وإذا كان موقعه بالأمس يدفعه للجلوس في البيت أكثر، والاحتكاك بأسرته، فإنه بات يجد من الاهتمام به من (شلته) أكثر مما يجد من أسرته، ويزداد الأمر سوءاً عندما تبدأ الزوجة تصب عليه (سوط) عتاب، أو لوم بصورة مستمرة، حينها يتحول الأمر إلى شعور عميق بضرورة الدفاع، أو إيثار الانسحاب والهروب! وفي كل الحالات فالزوجان بهذا يكونان قد سارا في طريق الإجهاز على ما تبقَّى من أسس العلاقة، ومن هنا تنطلق الزوجة تندب حظها مع هذا الزوج المتخلي عن مسؤولياته، المستهتر بحياته الزوجية والأسرية، وقد تظل (تنفّس) عند بعض الصديقات أو القريبات، حتى ربما أصبحت قصتها رواية تمضغها الأفواه. والزوج من جهته يصبح يبحث عما يملأ به وقته، وقد يجد في الفضائيات وسيلة جذب ترضي لديه بعض الجوانب، وقد يصبح لصيقاً بـ (الشلة) ، أو مدمناً للسهر والسفر. إن كلامي السابق لا يعني بالضرورة أنه يمثل حياتك وزوجك، ولكني في الوقت نفسه أحسب أنه ليس بعيداً عنه جداً، ولكن من المهم أن تدرك امرأة عاقلة مثلك أنه يمكن -حين تصح العزيمة- تأسيس علاقة جديدة، ترجع فيها الأمور ربما أفضل مما كانت، ولكن لابد من إرادة قوية، ومخطط لبناء، وصبر على مراحله، ووسائل مساعدة؛ منها الأساسية، ومنها ما يحتاج إليه للتزويق. إن (مرآة) العلاقة الزوجية قد يصيبها الصدأ، لكن مهارة الزوجين أو أحدهما يمكن أن ترجعها إلى درجة كبيرة من الصفاء.

إن من الحكمة والعقل أن يراجع الزوجان سلوكهما مع بعضهما، وربما وجد كلٌ منهما أنه شريك ببعض الأخطاء، وقد يبرر أخطاءه بأن الطرف الآخر هو الذي دفعه لذلك. وإذا كان الإسلام يحث على العفو والصفح بعامة، فإن ذلك في الحياة الزوجية أولى وألزم، وكم من الزيجات انفصلت عراها بسبب عناد الزوجين، فالكل ينتظر من الآخر أن يقرّ بأنه هو المخطئ. ولا شك أن الشيطان يعمّق تلك المشاعر لدى كلٍّ منهما؛ مع أنه من الواضح أن هناك حباً بينهما، وأن كلاً منهما يجد لدى الآخر جملة من الأشياء التي يرتاح لها، لكن رياح هذه الخلافات تظل تدفن المحاسن، وتكشف عن المساوئ، حتى يحصل بينهما الطلاق النفسي وربما وصلا للانفصال، وقد تقول الزوجة: إنها ظلت زمناً طويلاً هي التي تحاول إرضاء الزوج حين يغضب، حتى أصابها الملل، واعتاد الزوج منها على ذلك، وهنا أقول بأن تلك العلاقة الزوجية من البداية كانت منطوية على قدر من الخلل، فالزوجة ربما لم تتفهم حاجات الزوج، أو الأسلوب الأمثل في التعامل معه، فبدأ يعبّر عن ذلك بـ (الزعل) أو يجسّد عدم ارتياحه بـ (الصمت) ، وبدلاً من أن تبحث الزوجة عن الخلل تتعب نفسها في ترضية الزوج كلما أحست بـ (زعله) ، وهو ما ينتهي بها غالباً إلى الملل. أختي الكريمة: حين أقرأ في رسالتك قولك: (هل يلحقني إثم عندما أترك التحدث معه والنوم معه؛ لأن قلبي ملآن بالحقد عليه وعلى تصرفاته) .. يذهب بي التفكير إلى تخيّل مستوى حديثك مع زوجك، ومستوى أدائك الجنسي معه، فمن الطبيعي على زوجة تصف قلبها بأنه ملآن بالحقد على زوجها أن تكون نظراتها إليه حادة، ولغتها معه حادة، وربما ماطلته في الاستجابة لمطالبه الجنسية، وحين يقدر أن تستجيب له فمن الطبيعي أن ترى أنه لا (يستاهل) من يستعد له. أختي الفاضلة: بدلاً من هذا أتمنى أن تقومي بدور تمثيلي، لكن شريطة أن تكوني فيه ممثلة ماهرة، وليكن دورك التمثيلي دور عاشقة، تركض وراء من تعشقه، وليكن ذلك المعشوق هو زوجك، واجعلي أولادك يمثلون (الكورس) الذي يكمل اللوحة التمثيلية، فيساعد (البطلة) في الترحيب بالبطل، ولتأخذي كلَّ ما يمكن أن تأسري به البطل، ولتعملي كلَّ ما يمكن أن يجذبه إليك، ولتعطي لهذا الدور (التمثيلي) ما لا يقلّ عن ثلاثة أشهر، أتوقع بعدها أن تجدي زوجاً مختلفاً في نظرته إليك، واشتياقه إليك، وجلوسه معك. قد يكون تراكم المشكلات يجعلك تستبعدين ذلك أو لا تصدقينه، ولكن أرجوك جربي، فربما تمنيت أن تكوني فعلت ذلك منذ زمن، وإن كنت آمل منك أن تقرني ذلك بسؤال الله التوفيق، واللجوء إليه في إصلاح الحال، والاجتهاد في ذلك، وتعمّد الأوقات التي ترجى فيها إجابة الدعاء. فرّج الله همك، ونفس كربك، وآلف بينك وبين زوجك، وأصلح لكما النية والذرية.

زوجي يكثر السهر

زوجي يكثر السهر المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 02/08/1426هـ السؤال أريد أن أعرف هل من حق الزوج السهر يومياً أو شبه يومي؟ مع العلم أن يومي الأربعاء والخميس يعتبرهما من حقه، ويصر على السهر فيهما. وحتى أكون صادقة فهو لا يقصر معي في شيء، إلا أني أعرف أن الجلسة التي يجلسها مع زملائه كلها معاصٍ، لذا أود أن يبتعد عنهم، فبماذا تنصحوني؟ جزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: (1) أعجبني في رسالتك أمران: الأول: الحرص على بعد الزوج عن معصية الله، وهذا الأمر من أهم لوازم الحياة الزوجية. الثاني: الإنصاف وبيان الحقيقة، وهذا من أعظم الصفات في الإنسان عموماً. (2) أختي الكريمة: في الحياة الزوجية والأسرية مقاصد كبرى وأساسية، وفيها مقاصد صغرى رغم أهميتها، فمن المقاصد الكبرى: المحافظة على الكيان الأسري، واستمرار الحياة الزوجية. ومن المقاصد الصغرى: أداء بعض الحقوق الزوجية ذات المرتبة الثانية في الأهمية. إذن: الحقوق أيضاً تنقسم إلى حقوق النفقة، والحد الأدنى من حسن المعاشرة. ومن الحقوق الثانية الكمالية: حق أهل البيت في بقاء الزوج معهم بعض أيام الأسبوع، وسهره عندهم، وإدخال الأنس عليهم. والذي أريد أن أقوله بعد هذا كله هو ما دامت المقاصد الكبرى متحققة، والحقوق الأولية مؤداة، فاحرصي -بارك الله فيك- على المحافظة على تماسك الأسرة، وعلى دوام الزوجية، ولو بتقصير في بعض الحقوق الثانية الكمالية. وبناءً على ما سبق أدعوك إلى اللطف والترفق في المطالبة ببقاء الزوج معكم في الأيام والليالي التي ذكرتها حتى يرتفع مستوى حسن العشرة، دون أن يقع شيء من الشقاق داخل الأسرة. (3) أختي الموفقة: إن سهر الرجل خارج البيت جميع ليالي الأسبوع أمر مزعج، لكن الأمر الأشد إزعاجاً هو حصول المعاصي في تلك السهرات، وهذا الأمر مقلق ويستحق تركيزاً أكبر، فأوصيك بما يلي: أ- الدعاء: دعاء المحتاجة المفتقرة إلى الله، الدعاء العامر بالصدق والإخلاص واليقين، دعاء المشفقة على زوجها من خطر المعاصي، دعاء السجود وآخر الليل وبين الأذان والإقامة. ب- الحديث المباشر مع الزوج: حاولي إقناعه بهدوء، وحوار عقلاني بخطر مجالس المعصية، حاولي نصحه وترغيبه في الصحبة الصالحة من خلال الآيات والأحاديث وأقوال العلماء. ج- الحرص على إغرائه بما يجعله يعود إلى البيت مبكراً، ويقلل الخروج منه. فربما كان بعض الكلام الحسن والمجالس العامرة بالأنس جالبة الزوج ليعود إلى البيت مبكراً، وربما كانت العناية باللباس والحلي والزينة والعطور جاذبة الزوج ليعود مبكراً. وربما كانت السفرة الرائعة -شكلاً ومضموناً- جاذبة الزوج ليعود مبكراً. د- توفير بعض النصائح عن طريق الوسائل المقروءة، كالمطويات والكتب أو الوسائل المسموعة كأشرطة التسجيل، أو الوسائل المشاهدة كأشرطة الفيديو. أسأل الله الكريم أن يسعدكما في الحياة الزوجية، وأن يصلح أولادكما، كما أسأله سبحانه أن يعينك ويسددك في إصلاح زوجك. والله ولي التوفيق.

زوجي يضايقني بتصرفاته

زوجي يضايقني بتصرفاته المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 10/07/1426هـ السؤال أنا حديثة عهد بالزواج، يضايقني زوجي بتصرفاته، علماً أني عاملة وأشعر بالتعب دون وجود تقدير من زوجي، أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أقول وبالله التوفيق: إن مشكلتك كثيراً ما تعاني منها المتزوجات حديثاً؛ وذلك لنقص الخبرة لديهن، وعدم تعودهن على مثل هذه المشكلات، ولا نستطيع أن نقول إن لديك مشكلة بقدر ما هو سوء تقدير للمواقف من قبلك أنت وزوجك، ويبدو أنكما صغيران في السن لم تتعودا على بعضكما البعض حتى الآن، ولا يعني مثل هذه السلوكيات أنه لا يريدك، ولكن الإنسان في عالم اليوم يتعرض لكثير من الضغوط في الحياة، خاصة مع تعدد الأدوار الاجتماعية التي يمارسها والالتزامات الكثيرة. فلا تقلقي وتشعري نفسك بالبؤس والتعاسة، ولكن ينقصك كيفية إدارة منزلك. فأنا اتفق معك أن المرأة العاملة تعاني كثيراً في كيفية المواءمة بين مسئولياتها في العمل، ودورها في العيش كزوجة وأم. بمزيد من الخبرة سوف تكتسبين القدرة على التعامل مع مثل تلك المواقف، فموقفك من زوجك وموقفه منك طُرِح كثيراً في الدراسات العلمية المتخصصة في العلوم الاجتماعية والنفسية. نصيحتي لك إذا أنت مقتنعة بتقصير زوجك أن تقتنعي أيضاً بتقصيرك، فكلاكما ضحية لمسؤوليات العمل، ولكن الاختلاف أننا في المجتمعات الشرقية رغم التوسع في مجال علم المرأة إلا أن الرجل الشرقي يريد منها مسؤوليات أكثر في المنزل، فهو يريد منها تنفيذ متطلباته، حيث إنه يرى نفسه المسؤول الأول. لعلك تبادرين باقتناء كتب عن حياة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع زوجاته، سواء في كتيب أو شريط إسلامي ليكون على طاولة المنزل الرئيسية. تحاملي على نفسك ونظمي برنامجاً يومياً لكما للمقابلة بينكما. اتفقا على برنامج يومي أو أسبوعي للقاء مشترك للتقارب العاطفي فيما بينكما، لابد أن تشعري أن الزوج بحاجة لزوجته، وتدركي أن الزوج إذا لم يتوافر لديه المسكن الهادئ، فهذا يزيد من إحباطه، وثقي أن خدمتك وطاعتك لزوجك هي عبادة تؤجرين عليها، فصبرك واحتسابك الأجر علامة على إيمانك، وما مبادرتك بالسؤال إلا دليل على ما تشعرين به من أهمية ذلك في حياتك الدنيوية والأخروية. دعائي لك -أختي الكريمة- بأن يسدد الله خطاك، وأن ينير قلبك أكثر وأكثر، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.

المحبة بين الزوجين والحلقة المفقودة

المحبة بين الزوجين والحلقة المفقودة المجيب د. منيرة القاسم عضو هيئة التدريس بكليات البنات بالرياض. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 23/04/1426هـ السؤال جزاكم الله خيراً، بماذا تنصحون الشاب والفتاة في مرحلة عقد النكاح من نصائح وملاحظات؛ بحيث تقوى المحبة بين الزوجين في مرحلة عقد النكاح، وبعد إتمام الزواج؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخ السائل الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بخصوص سؤالك حول تقوية المحبة بين الزوجين: - ننصح المقبلين على الزواج من الشباب والفتيات بزيادة ثقافتهم الزوجية، وأول ما يبدأون به هو معرفة حقوق وواجبات كل منهما تجاه الآخر، وذلك من خلال كتب الفقه والشريعة الإسلامية. - من المفيد جداً التعرف على الآداب المتعلّقة بالعلاقة الزوجية والتحلي بها، مما يزيد من أواصر الحب والاحترام بين الزوجين، وأنصح بقراءة سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته، ففيهما أنموذج حي ومثالي لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الزوجين. - كما لا يفوتني أن أذكر بعض الأمور التي أرى أهميتها لبناء علاقة زوجية سعيدة - بإذن الله-: (1) القراءة في هذا المجال، فهناك العديد من الكتب المفيدة للمقبلين على الزواج. (2) حضور الدورات، والتي تتعلّق بتطوير الذات في مجال العلاقات الزوجية، مثل دورة (عروس على الأبواب) ، ودورة (سنة أولى زواج) ، وغير ذلك.. مما يتاح لكم في منطقتكم. (3) هناك أشرطة سمعية جيدة في هذا المجال لعدد من المشايخ والمتخصصين، مثل أشرطة الأستاذ/ جاسم المطوع، والدكتور صلاح الراشد، والشيخ إبراهيم الدويش في شريطه (السحر الحلال) ، وغيرها ... (4) هناك مواقع إلكترونية جيدة في هذا المجال، مثل موقع (الفرحة) ، و (لها أون لاين) ، و (الإسلام اليوم) في صفحات الأسرة والاستشارات. (5) كما أنصح كل زوجين، وكل المقبلين على الزواج الحفاظ على الخصوصية الزوجية، وحفظ الأسرار، وعدم السماح للآخرين بالتدخل في حياتهما الخاصة. (6) الاحترام المتبادل بين الزوجين، وهذا لا يعني المجاملات المصطنعة والنفاق، ولكن أن يراعي كل من الزوجين مشاعر الآخر، وظروفه النفسية، وأن يقدرها ويضع كل واحد نفسه مكان الآخر. (7) التودد بين الزوجين، بأن يبحث كل منهما عما يسعد شريك حياته فيحرص عليه - من غير معصية لله، ومن ذلك الكلمة الطيبة، والتبسم والهدية، ومشاركته اهتماماته وهوايته، والحرص على السؤال عن أهل زوجه، وتكريمهم وصلتهم والإحسان إليهم ... إلخ. (8) ومن المهم أن يرسم الزوجان هدفاً سامياً لعلاقتهما في بناء أسرة مسلمة مؤمنة سعيدة. وفقكم الله ورعاكم.

هل أطلب الطلاق؟؟

هل أطلب الطلاق؟؟ المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 18-7-1424 السؤال أنا فتاة تزوجت من شاب ملتزم..، ولم أمكث معه إلا 13 يوماً فقط، وبعدها بدأ يشق طريقه نحو الجهاد، ولكن سؤالي هل أبقى معه أم لا؟؟ فأنا أكبر أخواتي ... وعشت حياة جميلة مع أهلي ... ولم أعتد الجفاف في المعاملة والقسوة، أما الآن فأمه بعد أن كنت أتصل عليهم وأسأل عن حالهم كانت تجرحني وتَمنّ عليَّ أن زوجتني ابنها ... ، ثم وصل إلى كلام التجريح.. وإساءة الظن بي.. مع أنهم يعلمون أنه ليس لي أي دخل في ذهابه وجهاده.. غير أني الآن سأغلق الشهر الثالث من سفره ... فأنا أصبحت فرداً منهم ... وتركت التدريس من أجل ابنهم الذي ألحت أمه كذلك أن أتركه من أجله.. فأصبحت من دون مال، ولا أجد من يصرف عليَّ، كذلك زوجي حرمني ومنعني من أشياء كنت أزاولها.. وكنت أتلذذ بها ... التدريس وهو أعظم مجال دعوي أعمل فيه ... !! وأيضاً منعني من استخدام بعض الأجهزة الحديثة. وأسألك يا شيخ: هل أبقى معه أم لا؟؟ فأنا أحب دينه والتزامه ... ولكن أكره معاملته ومعاملة أهله بالذات. الجواب الأخت الكريمة.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" جوابي لسؤالك باختصار: نعم ابقي معه. وذلك لعدة أمور: 1. أن الطلاق هو أبغض الحلال إلى الله، وهو هدم لكيان أسرة مسلمة كان من الممكن أن نجني منها الخير الكثير. 2. أن زوجك متدين ملتزم وزاد على ذلك بأن سمت همته لينذر نفسه ويبذلها رخيصة في سبيل الله، وهذا خلق سام إذا التزم صاحبه منهج الاعتدال الذي رسمه الله في كتابه وأوضحه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، وبإمكانك أن تقارني حالك بحال من تشتكي زوجها الذي يعود في آخر الليل مخموراً، أو تكتشف أنه على علاقة محرمة مع امرأة أخرى، أو أنه إنسان تافه لا هدف له في هذه الحياة حتى تعرفي مقدار ما أنت فيه من نعمة. 3. وحتى لا تفوتي على نفسك الأجر العظيم بصبرك على فراق زوجك الذي (يشق طريقه نحو العز ونصرة إخوانه) ، واحتسابك الأجر على ما يصيبك من ذلك من عنت ومشقة. 4. أن ما ذكرته من الجوانب السلبية في حياتك يمكن أن تتجاوزيها إذا أحسنت التصرف بالتفكير الهادئ، والتعامل الحكيم والصبر وطول النفس.

هذا ما جعلني أوصيك بأن لا تطلبي فراقه، بقي أن أوضح لك بعض المعالم المهمة في علاج ما تواجهينه من غطرسة أهل زوجك، وآراء زوجك التي فيها نوع من التشدد الذي لا يقر عليه، أما والدته فإنني أستطيع أن أفسر ولا أبرر تصرفها، إذ هي ترى فلذة كبدها وقطعة قلبها يذهب ليموت، وفي هذه الحالة ربما يذهل الإنسان عن التصرف الصحيح فيبدر منه ما قد يندم عليه إذا ثابت إليه نفسه، والبعض يحاول أن يتخفف من ثقل الهم بإلقاء المسؤولية على الآخرين، وأنت إذا أصبحت أما فربما تشعرين بهذه المشاعر، لذلك أرى أن تصبري وتقابلي إساءتها بالإحسان فسوف تحمدين العاقبة إذا انجلت هذه الغمة. أما زوجك فإن مثل هذه الآراء التي يتبناها غالباً ما تسبق فترة النضج عند من يهتم بمثل اهتماماته، وأنت - بشيء من الصبر والحكمة - تستطيعين أن تتوصلي لإقناعه، فاستخدامك للأجهزة الحديثة في المنزل لتوفري أكبر قدر من الوقت له فتستعدي لاستقباله بالهيئة الحسنة والنفسية الهادئة، وأنت تحتاجين إلى الوقت للذكر والصلاة وقراءة القرآن، وإذا رزقكما الله الذرية فسوف تستغرق رعايتهم وقتاً أكبر، لذلك أنت تستخدمين هذه الأجهزة. وبإمكانك أن تستعيني بفتاوى أهل العلم في ذلك. تقولين (زوجي حرمني ومنعني من أشياء كنت أزاولها) وهذه طبيعة الزواج، فإن ارتباط الإنسان بشخص آخر يحد كثيراً مما كان يتمتع به قبل زواجه، وبإمكانك أن تسألي بعض قريباتك المتزوجات لتتأكدي من ذلك، نعم، قد يختلف حجم هذه القيود من شخص لآخر، ولكنها موجودة ولا شك، أما راتبك فإني لن أتحدث عنه إذ الرزق بيد الله تعالى وما كتبه فلن يتقدم أو يتأخر، وكل ما عليك هو التحلي بالصبر فلا زلت في بداية زواجك، وسوف يفرج الله عنك قريباً بإذنه تعالى أسأل الله أن يجمع قلبيكما على طاعته إنه سميع مجيب.

ما هي حقوق الزوج على زوجته؟

ما هي حقوق الزوج على زوجته؟ المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 18/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو إفادتي في بيان حق الزوج على الزوجة فيما إذا طلب منها السكن مع أمه أو الذهاب إليها في مواعيد محددة معه، أو أمرها بزيارتها، أو بخدمتها وما شابه ذلك، وإن كان ذلك له فما يتوجه به عليها؟ وإن لم يكن له وطلبت أمه منه ذلك وإلا فقد تطلب منه فراقها، أو في حالة ما إذا كانت السكنى مع الأم لازمة؛ لكبر سنها ونحوه وحاجتها إلى الخدمة، وهل من حق الزوج منع زوجته من الخروج لطلب العلم مع إحضار الدروس المختلفة المسموعة والمرئية لها في المنزل؟ وماذا لو أصرت على الخروج وفعلت؟ أفيدونا مأجورين، -وجزاكم الله خيراً-. الجواب جميع ما تسأل عنه يأتي ضمن ما يسميه الفقهاء «العشرة الزوجية» ، وهو باب جاءت معالمه الرئيسة محددة واضحة في الكتاب والسنة، لكن غالب تفاصيله مسائل اجتهادية، تقوم على المقايسة ومراعاة مقاصد التشريع السامية، والراجح في غالب هذه المسائل الاجتهادية أنها منوطة بما اعتاده الناس وتعارفوا عليه، والعرف أحد الضوابط المعتبرة، بعد الضوابط الشرعية والضوابط اللغوية. وما ورد السؤال عنه تحديدًا حول سكنى الزوجة مع والدتك، فالأصل توفير السكن للزوجة بنص الكتاب والسنة، ولكن إفرادها بالسكن مرجعه للعرف، كما أشير قريبًا، فإن كان المتعارف عليه في مجتمعك إفرادها بسكن فيتعين إفرادها إلا أن ترضى السكنى مع الأم، وإن كان المتعارف عليه أن تسكن مع أهل الزوج فلا يجب إفرادها بالسكن إلا أن تشترط على الزوج، ومن حيث مستوى السكن فعلى الزوج أن يسكنها فيما يسكن أمثاله فيه مثيلاتها. ومن الممكن تحقيق القرب من الوالدة ورعايتها لكبر السن ونحوه بالسكنى بجوارها، دون أن يكون السكن مشتركًا. كذلك الأمر في خدمة الأم وصلتها، المرجع فيه العرف. لكن على المرأة طاعة زوجها في المعروف، وعلى الزوج مراعاة أحوال زوجته وأخذها باللين وتوجيهها إلى ما فيه صلاحهما، دون أن يكون على وجه الغلظة والاستبداد؛ فإن الحياة الزوجية مبناها على التكافل والتراحم والألفة التي لا تحصل في بعض الأحيان إلا بنوع من التنازل والتغافل وغض الطرف عن الهفوات، وكلا الزوجين معرض للقصور في حق الآخر فيتعين عليهما عدم الإلحاح في الحصول على كل شيء باسم الحقوق؛ فمن الذي ضمن أداء كل ما عليه من واجبات وحقوق حتى يتفرغ لمطالبة غيره بحقوقه. وبخصوص خدمة الأم ولو كانت مسنة، فلا يجب على الزوجة إلا أن تخدم الزوج فقط في أصح قولَي متقدمي العلماء، ومع ذلك فإن هذه المسألة كسابقاتها على ما اعتاده الناس فيما بينه وأصبح عرفًا هو المرجع، فإذا لم يكن للناس عرف موحد فالأصل براءة ذمة الزوجة من هذه المطالبات.

وليس للأم طلب طلاق زوجة الابن؛ وربما تكون آثمة في ذلك لو استجاب الابن لطلبها، متسببة في الفراق بين زوجين، ما لم يبدُ من الزوجة قصور في حق زوجها أو عيب في دينها يدعو للمفارقة، فالمفارقة حينئذٍ لما لحق الزوجة لا لطلب الأم. وأين كانت الأم حين حصلت الخطبة وسعى الناس في التحري عن الزوجة، ولماذا لا يكون الاشتراط قبل الزواج؟. وفيما يتعلق بخروج الزوجة من بيتها، فإن تحرير المسألة على هذا النحو: إذا كان خروج الزوجة لضرورة فإن للضرورات أحكامًا تقدر بقدرها. إذا كان بين الزوجين شروط تتعلق بالخروج تم الاتفاق عليها أثناء العقد ولا تتعارض مع أحكام شرعية فيتعين الالتزام بها، فإن كانت تتعارض فتقدر بقدرها. إذا منع الزوج زوجته من الخروج صراحة؛ فإن عليها الاستجابة لنهيه، ولو كان خروجها لمقصد مشروع كصلة رحم أو عيادة مريض. إذا أذن الزوج لزوجته إذنًا مطلقًا في الخروج فإنه يجوز لها الخروج مطلقًا شرطَ الالتزام بالضوابط الشرعية في خروج المرأة وألا يكون الخروج والدخول سمتًا لها كما لو كانت رجلاً. ومحل النزاع إذا لم يأذن الزوج لزوجته بالخروج إذنًا مطلقًا ولم يمنعها، فهل لها أن تخرج؟ أو بمعنى آخر: هل عليا أن تستأذنه في الخروج؟ مرد حكم هذه المسألة إلى العرف، فإن كان المتعارف عليه في مجتمعهما أن المرأة لا تخرج إلا أن تستأذن زوجها في كل مرة تعزم الخروج فيه، فإن الخروج حينئذ لا يجوز إلا أن يأذن لها زوجها. وإن كان المتعارف عليه أنها تخرج متى ما رغبت إلا أن يمنعها فمعنى ذلك أن يجوز لها الخروج، وتمتنع عنه وجوبًا إذا منعها زوجها. ومع ذلك فينبغي ألا يترتب على خروجها تقصير في حق زوجها وحق أولادها وبيتها. ولو خرجت (وقد منعها) فيجوز له تأديبها بالصورة المشروعة من وعظها وهجرها والتقليل في النفقة عليها إلى حد إسقاط حقها في النفقة. وبمناسبة هذا الملحظ تجدر الإشارة إلى أنه قد يغفل بعض الأزواج عن فرصتهم هم في أن يعينوا زوجاتهم على القيام بواجباتهم، من خلال مبادرتهم بتوفية الزوجة ما تحتاج إليه، وإطلاعها على الأجر العظيم الذي كفله النبي e للزوجة المطيعة المتبعلة لزوجها، دون أن يكون ذلك على وجه الأمر والقسوة. أخيرًا، فإن العلاقة الزوجية أسمى من كونها علاقة بين رئيس ومرؤوس، أو طالب ومطلوب، ولكن لكون أكثر الناس يمارسون حياتهم بسجيتهم وبما إمكاناتهم الفطرية، دون مراعاة ما تتطلبه بعض المواقف من حسن التدبير والمعرفة، فكثرت حالات الخصام وتعثرت فرص التوفيق في الأعمال والتواصل مع الآخرين. وأرجو ألا يكون خافيًا على السائل وغيره ما أصبحت عليه صورة الحياة المعاصرة من تغير يستدعي تعرف وسائل التعامل معها (الحياة في صورتها الجديدة) والتصرف الحكيم إزاءها مما لا يخالف الشرع مباشرة أو مستقبلاً. وعليه فنصيحتي إلى الأخ السائل (وغيره ممن يطلع على هذه الإجابة) أن يتعلم ما أصبح يعرف بـ «الثقافة الزوجية» أو «الثقافة الأسرية» . وبخاصة أن كثيرًا من المشكلات لا تحل بمفردها، بل هي فقرة في منظومة كبيرة من العلاقة الوثيقة المتشابكة بين الزوجين. والله أعلم.

زواج بلا حقوق

زواج بلا حقوق المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 08/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الطيب، وبعد، سؤالي هو أنا الزوجة الثانية، وزوجي ما زال معي، ولكن ما وفر لي السكن الخاص- ولا نفقة أي مصرف لي-ولا المبيت عندي، وترك الإنجاب؛ خوفاً من ردة فعل زوجته الأولى، مع العلم أنها تعرف حاليا بأني مطلقة، ولكن العكس صحيح فما زلت على ذمته، مع العلم أني صبرت الكثير، ومر على زواجنا خمس سنوات، ولا أخفي عليكم بأنه يحبني كثيراً ولكن قليل العمل، وأنا حائرة، أتطلق أم لا؟ وكيف الحل الشرعي. وجزاكم الله كل الخير، والسلام عليكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخت السائلة - حفظها الله- أولاً: لم توضحي - حفظك الله- هل كان زواجك ما يسمى بزواج المسيار الذي يشترط فيه الزوج على زوجته سقوط النفقة وعدم تهيئة السكن، وإسقاط المبيت أم لا؟، وحكم زواج المسيار فيه الخلاف المعروف عند العلماء. ثانياً: إذا لم يكن زواجك هذا الزواج، ولكن الزوج اشترط ذلك في العقد فالمسلمون على شروطهم. ثالثاً: نصيحتي لك يا - أختي- أن تتفاهمي مع زوجك على الإنجاب؛ لأن من أكبر أهداف الزواج بالنسبة للمرأة الإنجاب، وتنشئة ذرية صالحة، والذرية هي زينة الحياة الدنيا، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، "وذكر منهم: "أو ولد صالح يدعو له"، وأيضاً المطالبة بالمبيت، وحسن العشرة إذا لم يشترط عليك ذلك. أما إذا امتنع زوجك عن الانجاب وعن الانفاق وعن أداء الواجبات الزوجية فلا ندري ماذا بقى من دعوى الحب التي يدعيها. أما هل تطلبين الطلاق فهذا ما لا يمكن الإشارة به إلا بعد معرفة ظروفك فهل عمرك ووضعك يسمح لك بالزواج إذا حصل الطلاق أم لا؟ فهذا ما يحتاج إلى توضيح ويترتب عليه إتخاذ القرار. رابعاً: عليك التوجه إلى الله بالدعاء بأن يصلح الله الحال، ويرزقك الصبر؛ وأن يدل زوجك على الطريق الصحيح، فهو الهادي إلى الخير. بارك الله فيك.

أليس من حقي أن أستقل ببيت؟

أليس من حقي أن أستقل ببيت؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 23-4-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (لا يكلف الله نفسا ًإلا وسعها) شيخنا الفاضل.. مضى على زواجي عدة سنوات وقد اخترت زوجي وقد كان على قدر من الالتزام.. كان شرط أهلي قبل الزواج أن يكون السكن منفصلا عن سكن أهل زوجي لأن هناك نوعاً من التقييد لوجود الإخوان.. وكانت الموافقة.. قدر الله أن نسكن مع أهله ليعض الوقت.. وقد مرت بعض المواقف التي رآني فيها إخوانه مع العلم بأني متنقبة..!! كان أبي قد أهدانا منزلاً إلى حين أن تتيسر أمور زوجي ويوفر لي سكناً.. ووافق زوجي.. وعشنا في البيت لمدة شهر.. وبعد أن حملت بطفلي الأول اقترح على زوجي العيش في هذا المنزل لشدة حبه لأهله. يعلم الله كم أحببت أهله وهو كذلك ولكن المشكلة أنه لم تعد هناك خصوصية في حياتي..أريد أن أعيش حياتاً أسرية أربي فيها أطفالي تربية صالحة بلا مشاكل.. هل هذا من حقي أم لا..؟ لماذا يرضي الزوج أهله دائما على حساب راحة زوجته.. يعلم الله وحده مدى شعوري بالحزن لدرجة أنني أحس بأنني لا أقدر على مواصلة الحياة الزوجية معه..!!! طموحي محدود.. وحلمي بسيط. ألا وهو الانفراد في منزل الزوجية وكان الرد بالرفض التام.. لذلك سؤالي هل أنني آثمة إذا لم أستطع طاعة زوجي في هذا الأمر.. وخيرته بين الموافقة على طلبي أو الانفصال ... يا شيخ هذه قدرتي في التحمل ولا أستطيع أكثر من ذلك ... والسلام عليكم الجواب الأخت الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" أوافق تماماً أن السكن الخاص والبيت الأسري الصغير والمستقل هو ما تفضله كل زوجة وما تسعى إليه جميع الزوجات فهو مملكتها الصغيرة الذي تأخذ فيه حريتها وتسعد بترتيبه وتنظيفه وتجميله حتى ولو كان ذلك المسكن شقة صغيرة المهم أنه ملك لها وهي صاحبة القرار فيه مع زوجها بالطبع. وهذا بعكس ما إذا كانت الزوجة تعيش مع أهل زوجها إذ تفتقد فيه إلى الحرية في التصرف بهذا المنزل اللهم إلا في حدود غرفتها أو جناحها الخاص وتفتقد فيه حرية الحركة واللباس والدخول والخروج أو حتى في طريقة الطبخ ونوعية الأكل وغير ذلك كثير. ملحظ قرأته في رسالتك وربما يكون هو السبب خلف هذا التمنع حيث ذكرت أن والدك أهداكم مسكناً موقتاً وقد سكنتم فيه مدة وجيزة ثم عدتم إلى بيت أهله ... صدقيني أن الذي جعله يعود لم يكن أهلة أو حبه لهم.. بل هو أمر آخر يجب عليكم معاشر الزوجات التنبه إليه وهو في ظني السبب الرئيسي خلف مثل هذا التصرف.

الزوج يرى أن من أهم المهام المنوطة به كرجل وكزوج هو تأمين سكن لأسرته ولأن زوجك لم يستطع إتمام هذا المطلب بنفسه بل كان عن طريق والدك فإنه يشعر بان رجولته قد خدشت، وأنه لم يوف بمسؤولياته كزوج بل هو يعيش في كنف والد زوجته..!! هذه المسألة في ظني انه لم يتحملها ولم يستطع التعايش معها وفي نفس الوقت هو لا يستطيع المصارحة معك فيها ولذلك لم يكن أمامه إلا العودة إلى بيت أهله بهذه الحجة أو تلك. هذا الأمر يؤسفني أن الكثير من الزوجات لا يستطعن تفهمه وتقبله مع أنه شيء عظيم في نظر الزوج أما الزوجات فإنهن لا ينظرن إليه بنفس الحجم. كان بودّي لو وضحت شيئاً عن المستوى المادي والوضع الاقتصادي لزوجك لأتعرف من خلاله هل كان بمقدوره الاستقلال ببيت أم لا.. وعلى كل حال.. ثقي إنه هو نفسه يرغب الاستقلال ولكن لا بد أن تكون منه نفسه وليس من أحد آخر وتكبر الأنفة وتعظم لو أتت من أهل زوجته.. ويبقى دورك أنت متمثلاً في أمرين هامين هما.. أولاً: الصبر وعدم الاستعجال فالنهاية السعيدة التي وجدناها بالتجربة هي غالباً قرينه الصبر وعدم الاستعجال.. ثانياً: حاولي الإيحاء لزوجك بصبرك وتحملك حتى وجود الأمر الذي يساعد على الاستقلال ببيت يكون من نفقته هو لا من غيره حتى ولو كان هذا البيت شقة أو دوراً متواضعاً ولكنها منه شخصياً ولم تكن من غيره. هذا مع عدم إغفالك التشجيع المستمر فهي أمور عظيمة يحب الأزواج جميعهم سماعها من زوجاتهم وتأسر قلوبهم أسرًا.. واحرصي على البعد كلياً عن الفخر بأهلك ووالدك وأنه تبرع ببيت لكم فهذه لن تزيد المشكلة إلا تتأججاً. أما قضية طلبك الطلاق فهذا أمرٌ أربأ بك عن التعامل معه فليس له هنا أي معنى خصوصاً وأنه قد رزقك الله مولوداً من هذا الرجل الذي أحببته كزوج.. فأرجو منك إغلاق هذا الباب البغيض. وإن بدا لك المزيد من التساؤلات فلا تترددي المراسلة وفقك الله ورعاك

الخيار الصعب

الخيار الصعب المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 24/5/1425هـ السؤال تزوجت من امرأة في نهاية العشرين من عمرها، وكلانا مثقف ومن أصحاب الشهادات المحترمة، وهناك قدر من الود والمحبة بيننا، وبعد قضائنا خمس سنوات من حياتنا الزوجية برزت -بشكل ملفت- مشاكل حادة وصلت إلى حد الخطر، وتتلخص المشكلة في التالي: أولاً: زوجتي موظفة، وأخذت إجازة لمدة خمس سنوات، انتهت الآن، وهي مهددة بالفصل من وظيفتها، وهي تطالبني بالعودة إلى وظيفتها، أو تقديم عوض مالي لقاء تضحيتها بالوظيفة، وأنا رافض للأمرين، وخاصة أن وظيفتها في بلد آخر غير البلد الذي نعيش فيه. ثانياً: عدم التأقلم بين أهلي وأمي تحديداً، وبين زوجتي لدرجة تؤذيني كثيراً، ونتيجة لهذه التراكمات طلبت زوجتي الفراق إن لم أستجب لمطالبها، وأنا أرى أن في هذه الاستجابة حقاً غير مشروع لها، كما أنه ضعف في الوفاء للعلاقة الزوجية وتحويلها إلى علاقة مادية، وربما كان سلسلة لمطالب أخرى، بينما ترى هي في المقابل أن ذلك من حقها لتضمن مستقبلها المهدد جراء وضعي الصحي المتدهور، كما أن رفضي فيه نوع من عدم التضحية المتبادلة، أنا أمام خيار صعب. أرجو منكم الرأي والمشورة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: العلاقات الزوجية مبنية على المودة والرحمة، وأعظم أساس لها طاعة الله وتقواه، فهي الوسيلة التي تجدد في الحياة الزوجية، وتجعلها جميلة وممتعة، فاحرص على ذلك، واحذر أن تكون حياتكما جافة ومقتصرة على أمور حسية مادية، فلها من الأثر السلبي الشيء الكبير. لم تذكر أن بينكم أولاداً، والأولاد ـ إذا وفق الله ـ سبب في تجديد الحياة، واستمرار في الحياة الزوجية السعيدة، وإذا كان لكما أولاد، فمراعاة ذلك مهم جداً. - القضية ليست كبيرة جداً، وأنت قادر - بإذن الله- على حلها. - وعليك تقدير الانقطاع عن عملها في تلك الفترة من أجل البيت، فواجب عليك إعطاؤها من المال ما يتناسب مع وضعها وحاجتها. - حاول أن تعالج إصرارها على ترك المنزل، بإدخال والدها في كل الأمر. - علاقتها مع أهلك، لك أنت دور كبير في تحسينها من خلال قوامتك وإقناعك لها، وإدخال السرور على الزوجة والأهل، وتبادل الهدايا، وغيرها من الخطوات التي تسهم في تجاوز هذه القضية - بإذن الله-. - أوجد عملاً بديلاً في نفس المنطقة التي أنت فيها، أو ابذل ما تستطيع لنقلها بجوارك. - أنت بذلك قد عملت ما عليك. وأسأل الله أن ييسر أمركما.

وجدت منها بعض المنفرات، فهل أطلقها؟!

وجدتُ منها بعض المنفّرات، فهل أطلقها؟! المجيب نهى نبيل عاصم داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 8/05/1426هـ السؤال خطبتُ فتاة منذ خمسة أشهر، وقابلتها مقابلة شرعية في بيتها، وسألت عنها وأنها من عائلة طيبة وملتزمة، وبقيت فترة ثلاثة أشهر بعد الخطوبة، وكلمتها في الهاتف أكثر من مرة، وهي مقتنعة بكل شيء يرضي الله ورسوله، لذلك عقدت نكاحي عليها, وبعد عقد النكاح جلست قريباً منها، فإذا بأشياء لم تعجبني في خلقتها، كشعر ينمو على وجهها ورائحة فمها، وهذا جعلني أشمئز، مما جعلني أفكِّر كثيراً هل أطلِّق أم أكمل؟ وهو أمر طبيعي، والله إني لمحتار، مع العلم أنه شعر قليل، والرائحة تظهر أحياناً وتغيب أحياناً, وأعلمك أني لم أعد أرغب كثيراً بها، مما جعلها تشك في الموضوع, وأعلمك أيضاً أنها فتاة طيبة جداً. أرشدوني رحمكم الله. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أخي في الله: قال نبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "اتقوا الله في النساء" أخرجه مسلم (1218) ، وقال الله عز وجل: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة آية 216] . أنت تقول: إن خطيبتك إنسانة طيبة وعلى خلق، ولكن هناك أشياء تنفرك منها كشعر الوجه وهو أمر يسهل التخلص منه كل فترة قصيرة، وهناك من يقوم الآن بإزالة شعر الوجه بالليزر في المراكز المتخصصة. أما بالنسبة لرائحة الفم، فلا شك أن موالاة تنظيف الأسنان بعد الوجبات، وقبل الصلوات، وعند الاستيقاظ وقبل النوم (وفقاً لسنة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم) كفيلة بحل هذه المشكلة أثناء النهار، أيضاً يمكن بقرص من النعناع أو العلكة (اللبان) أن يجدّد رائحة الفم تحسباً لأي ميل من الزوج أو الزوجة، ورائحة الفم قد تكون بسبب التهاب مزمن في اللثة أو الأسنان أو الأنف والأذن والحنجرة، والعلاج سهل متاح. وطالما أصبحت زوجتك فمن السهل الحديث معها، ولكن لي عندك نصيحة، إنك إن حدثتها بنفسك ستتأثر ولن تنسى لك، فأنصحك بالتحدث إلى والدها أو والدتها بصورة طيبة حسنة، وحتى يتم علاج تلك المشكلة، صدقني الأمور سهلة والحل يسير، وقد تكون في كامل نظافتها، ثم يطرأ طارئ ـ بعد زواجكما ـ فتصاب بمثل ذلك، فهل تطلقها حينها، هناك أصول وفروع، فإذا كانت الأصول قوية وراسخة، فمن السهل علاج مثل هذه الفرعيات، فاتق الله فيها، فمن يدريك -أخي- علَّ هناك شيئاً ينفرها منك، ولكنها من أجلك تتحمل كل ذلك منك، ولا تتحدث به لأحد، وفقك الله.

زوجي يطالبني بحقوقه ويتناسى مؤثرات عملي

زوجي يطالبني بحقوقه ويتناسى مؤثرات عملي المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية التاريخ 7/06/1426هـ السؤال أنا حديثة العهد بالزواج، وزوجي يضايقني بشدة، تارة بسبب تبرمه من عمله، وتارة أخرى بسبب الوضع المادي، وأنا إنسانة عاملة، فلا بد من أن أشعر بالتعب والإرهاق، ورغم ذلك فإني لا أقصر بحق زوجي بشيء، فهو يكره كرهاً شديداً أن أقول له: إني متعبة، أشعر أحيانا أنه يريدني، وأشعر أحيانا أخرى أنه يحاول أن يبعدني عنه، رغم أنه حارب الجميع لأجل أن يتزوجني، وحاول المستحيل مع أهلي ليوافقوا، لا أعرف ماذا أعمل؟ أشعر بالبؤس والتعاسة وأنا أوكل أمري لله، لكن أفعاله تقتلني، ما علي أن أفعل؟ كيف أتصرف؟ أرجو أن ترشدوني إلى طريق الصواب؟ الجواب أقول وبالله التوفيق: أن مشكلتك كثيراً ما تعاني منها المتزوجات حديثاً، خاصة لنقص الخبرة لديهن، وعدم تعودهن على مثل هذه المشكلات، ولا نستطيع أن نقول: إن لديك مشكلة بقدر ما هو سوء تقدير للمواقف من قبلك أنت وزوجك، ويبدو أنكما صغيران في السن لم تتعودا على بعضكما البعض حتى الآن، ولا يعني مثل هذه السلوكيات أنه لا يريدك، ولكن الإنسان في عالم اليوم يتعرض لكثير من الضغوط في الحياة، خاصة مع تعدد الأدوار الاجتماعية التي يمارسها والالتزامات الكثيرة، فلا تقلقي وتشعري نفسك بالبؤس والتعاسة، ولكن ينقصك كيفية إدارة منزلك. فأنا اتفق معك أن المرأة العاملة تعاني كثيراً في كيفية المواءمة بين مسئولياتها في العمل، ودورها كزوجة وأم. بمزيد من الخبرة سوف تكتسبين القدرة على التعامل مع مثل هذا المواقف، فمواقفك من زوجك وموقفه منك طرح كثيراً في الدراسات العلمية المتخصصة، وفي العلوم الاجتماعية والنفسية. نصيحتي لك أن تعترفي بتقصيرك كما أنت مقتنعة بتقصير زوجك، فكلاكما مقصر؛ وذلك لمسئوليات العمل، ولكن الاختلاف أننا في المجتمعات الشرقية رغم التوسع في مجال عمل المرأة إلا أن الرجل الشرقي يريد منها مسئوليات أكثر في المنزل، فهو يريد منها تنفيذ متطلباته، حيث إنه يرى نفسه المسئول الأول. لعلك تبادرين باقتناء كتب عن حياة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع زوجاته، سواء في كتيب أو شريط إسلامي ليكون على طاولة المنزل الرئيسة، تحاملي على نفسك ونظمي برنامجاً يومياً للمقابلة بينكما. اتفقوا على برنامج يومي أو أسبوعي للقاء مشترك للتقارب العاطفي فيما بينكم، لابد أن تشعري أن الزوج بحاجة لزوجته، وتدركي أن الزوج إذا لم يتوافر لديه المسكن الهادئ، فهذا يزيد من إحباطه. وثقي أن خدمتك وطاعتك لزوجك هي عبادة تؤجرين عليها، وصبرك واحتسابك الأجر علامة على إيمانك، وما مبادرتك بالسؤال إلا وأنت تشعرين أهمية ذلك في حياتك الدينية والأخروية. دعائي لك -أختي الكريمة- بأن يسدد الله خطاك، وأن ينير قلبك أكثر وأكثر، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.

ليلة الزفاف

متخوف من الزواج..!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /ليلة الزفاف التاريخ 7/6/1422 السؤال أنا شاب مقبل على الزواج ومتخوف منه يعني اللقاء الأول وتعرفون أنا من بيئة مسلمة لا تسمح بالاختلاط من السعودية ومحتار جداً من طريقة المعاشرة والتفهم أرجو مساعدتي في ذلك ولكم تحياتي الجواب أهنئك على خطوتك المباركة إن شاء الله..وهي الزواج..وأدعو الله لك صادقاً بأن يوفقك ويبارك لك..ويبارك عليك ويجمع بينكما بخير..كما أسأله تبارك وتعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة الناصحة التي تعينك على الخير وتدلك عليه..وأن يرزقك الذرية الصالحة إنه ولي ذلك والقادر عليه.. أما عن استشارتك فأجيبك عليها من وجهين:- أولاً - تأكد يا أخي الكريم أنك قد اتخذت القرار الصحيح -بإذن الله - وامتثلت لقول نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-[يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج..الحديث] فكن واثقاً من نفسك..ولا تعطي الأمر اكثر من حجمه..فلست أول من خاض هذه التجربة (الزواج) ..بل سبقك إليها الملايين من مجتمعك..وتتابعت على ذلك أجيال فالأمر يسير..بل هو أمر فطري جداً وأما ما تجده من تخوف!!! فصدقني - أخي- انه شعور طبيعي يجب أن تتعامل معه بشكل طبيعي..!! ولا تسمح له أن يتجاوز حده..!! فهو نتاج مجموعة كبيرة من المشاعر المتناقضة والمتداخلة، فأنت مقدم على حياة جديدة..وشريك جديد..ونقله اجتماعية جديدة..!! كل هذه الأمور لابد أن تثير لدى الإنسان بعض "الترقب" و " التخوف" وهو شعور طبيعي - كما أسلفت - إلا أن البعض قد يسئ فهم هذه الأمور..ويُحملها أكثر مما تحتمل..فتؤثر عليه سلباً..!! وعلى أي حال- صدقني- الأمر أبسط من ذلك..وكما اسلف تذكر الملايين ممن خاض هذه التجربة بنجاح..فلست أقل منهم بأي حال..وكن واثقاً بنفسك أشد الثقة..متكلاً على ربك.. ولا تنس الدعاء الصادق لنفسك بالتوفيق والرشاد. ثانياً: هناك الكثير من " الكتيبات" المختصرة والمفيدة جداً..وكذلك العديد من الأشرطة المهمة والمليئة بالقواعد المثلى للتعامل بين الزوجين..وكذلك فنون العلاقة الزوجية..والأساليب المثلى للحوار والتفاهم..وما إلى ذلك..أنصحك أخي الكريم بزيارة أقرب مكتبة أو تسجيلات إسلامية لطلبها والاستفادة منها..ولا بأس من استشارة أحد الرجال الثقاة..القريبين إلى نفسك إن وجد مكرراً دعائي لك بالتوفيق.

ليلة زواجي الأولى.. آمال ومخاوف وتساؤلات..!!!

ليلة زواجي الأولى.. آمال ومخاوف وتساؤلات..!!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /ليلة الزفاف التاريخ 6-3-1423 السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أحسن الله إليكم، ونفع بموقعكم، وجعل علمكم وعملكم خالصاً لوجهه الكريم. أرجو أن تقبلوا اعتذاري لإرسال أكثر من سؤال في رسالة واحدة. ولكني أرى أنها مرتبطة ببعضها إلى درجة كبيرة. قبل أن أكتب أسئلتي، تساءلت هل سيجاب عنها كلها، أم لا؟ هل دخلت في المحظورات؟ إذا لم أجد منكم الإجابة، فهل سيكون حديث الأصدقاء والمعلومات التي أشك في صدقها هي ما أبني عليه تصرفاتي؟ سأتزوج بعد حوالي شهرين , ولدي العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى مختص أو أكثر للإجابة عنها بشيء من التفصيل، أنا ملتزم بتعاليم ديننا الحنيف، كما أعتقد بأهمية استشارة المختصين في أمور كثيرة، منها الأسئلة التالية: السؤال الأول نفسي: من الناحية النفسية يبدو لي أن الاستعداد النفسي لعلاقة حميمة في ليلة الزواج قد لا يتوفر، فمن وجهة نظري أن كثير من العلاقات الحميمة التي تحدث ليلة الزواج هي لكسر حاجز الصمت، أو لارتباطها بمفاهيم اجتماعية عما يتوجب علي الرجل عمله في تلك الليلة كإثبات الرجولة، أو غير ذلك، أعتقد أن هناك تجارب مأساوية لكثير من النساء في تلك الليلة، لا أعلم بالضبط، فهذه مجرد تأملات، أو تخيلات، ولكني لا أريد لزوجتي أن تخوض أي تجارب غير جيدة وخصوصاً في علاقتنا الجسدية، لذلك أرى تأخير ذلك الأمر حتى نكون مستعدين نفسياً، فلم نتزوج من أجل تلك الليلة ولن، كما نقول باللهجة الدارجة، " تطير الطيور بأرزاقها " ونفلس لو لم يحدث شيء في تلك الليلة. ما رأي المختص، في هذه الليلة: هل هناك أفكار لقضاء ليلة ممتعة لا يوجد فيها ذكرى غير طيبة؟ عندما يجد، فجأة، الرجل والمرأة أن الجميع قد تركوهما، لم يعتادا على التعبير عن نفسيهما، لم يعتادا على الحديث سوى مع محارمهما، عندما تتعطل اللغة؟ السؤالين الثاني والثالث طبية: الثاني: وهو خاص، وقد يكون فيه شيء من الحرج لطرحه , ولكن إن لم أسأل عنه، ولو يوجد إجابة له في موقعكم فأين أجد وغيري الإجابة العلمية الدقيقة؟ هل هناك أدوية أو كريمات لتسهيل الاتصال الجنسي الأول بالنسبة للمرأة؟ ما هي أسمائها، وهل تحتاج إلى وصفة طبية أم أنها متوفرة بدون وصفة من طبيب؟ هل يحتاج الزوجين إلى فترة راحة قبل المعاشرة مرة أخرى، يوم أو أسبوع مثلا ً، حتى تلتئم الجروح؟ هل هناك أدوية أو كريمات لعلاجها؟ ما هي وسائل التهيئة لذلك الاتصال الأول، وخصوصاً أن تعبير كل من الزوجين عن نفسه في تلك الفترة سيكون صعبا ًأن لم يكن مستحيلاً؟ ما توجيهكم للرجل، والذي يقرر كل شيء؟ ما هي النصائح التي تودون إسداؤها إلينا معشر الرجال؟ الثالث: سأناقش مع زوجتي (بعد الزواج - إن شاء الله تعالى) قضية الحمل وتأخيره لسنة مثلاً، وأسئلتي هي:

ما هو رأيكم في استخدام وسائل منع الحمل الطبية أو العلاجية لتأجيل الحمل في بداية الزواج: هل هناك مخاطر على الحمل فيما بعد (زوجتي عمرها 19 سنة) ؟ ما هي أنواع وسائل الحمل الموجودة، وما مدى فاعليتها، وهل لها أضرار جانبية أو طويلة المدى، وما الوسائل التي ترون سلامتها؟ وهل تلك الوسائل أو الأدوية متوفرة في الصيدليات للجميع أم أنها تحتاج إلى وصفة طبية؟ على المستوى الشخصي، لا أعتقد من أني سأخجل من زيارة طبيب أو طبيبة مختصة أنا وزوجتي لمناقشة هذه الأمور معه أو معها، فلابد مما ليس منه بد، (ولكني لا أعرف ما إذا كانت زوجتي ستكون، مثل الكثير في مجتمعنا، ممن ينظرون إلى زيارة أخصائي صحة الأسرة أو النساء والولادة كنظرهم إلى الذهاب للطبيب النفسي) . أتمنى منكم أن لا يكون الرد خاص بي، ولكن أرجو أن ينشر في موقعكم كي يستفيد الجميع منه، وخصوصاً أن كثير منا يشعر بالحرج من طرح بعض ما تطرقت إليه. الجواب أخي الكريم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أشكرك لثقتك وتفاعلك ومراسلتك لنا في هذا الموقع. أخي الكريم رسالتك تنم بشكل واضح عن عقلية متزنة واضحة واثقة بنفسها تحسب للأمور المستقبلية بكل وضوح وروية واتزان، بعيدة عن التسرع والطيش وإن كان لي من أمل بحق وبكل صدق فهو أن يكون هذا المستوى من التفكير والحكمة هو ديدنك في شأنك كله وفي أمور حياتك جميعها ولا يكون فقط مجرد أحلام عسلية مثلما تلاعب عقليات الكثير منا نحن الشباب خاصة قبل الزواج فترانا نسبح ونسرح في أحلام وردية سرعان ما تغتال عندما تصطدم مع صخور الواقع. هذه المشاعر أيها الأخ النبيل ليست مشاعرك وحدك بل هي مشاعر الكثيرين من بيننا ولكن للأسف تبقى مجرد مشاعر ومجرد آمال وتطلعات يصعب على الكثيرين تطبيقها. وبمجرد النزول إلى الميدان لنكتشف بعد ذلك أن السهولة كل السهولة واليسر كل اليسر في الكلام وفي التنظير فقط مما يجعلنا نزداد يقينا أن الخلق والحكمة والاتزان والروية إنما هي ممارسات سلوكية وأخلاق عملية وليست فقط ألفاظاً كلامية واستعراضاً لغوياً.. غالبا ما نجيده ونحصل على قدم السبق فيه ومن ثم لا نرى له أي أثر على أرض الواقع..!!! أيها الأخ الكريم.. سأقلب الإجابة في الترتيب مع أسئلتك لأجعل إجابة السؤال الأول في الأخير وأبدأ بالسؤال الثاني ثم الثالث فأقول. إن المعاشرة الجنسية بين الزوجين في المرة الأولى سيكون لها وقع خاص على الزوجين معاً، وكما تعلم فنحن أمة مسلمة تحرم الزنا والاتصال الجنسي قبل الزواج وهذا ما يجعل الفرد المسلم في هذا الوقت يشعر بالخوف والاضطراب ليس لأجل الممارسة الجنسية التي سوف يقدم عليها بل لأجل أنها خبرة وممارسة تمر عليه وعلى زوجه للمرة الأولى فالخوف والاضطراب ناتجان عن الإقدام على ممارسة سلوك وفعل جديد على الفرد، ولذلك سرعان ما يزول هذا الهاجس وهذا الاضطراب بعد المرور بالتجربة الأولى أو الثانية ... الأزواج والزوجات مختلفون كثيرا في مرورهم بهذه التجربة، ولكن يمكن أن نلقي الضوء على عدة أمور تكاد تكون عامة عند كثير من الأزواج:

*أولا: أن النساء يختلفن خلقياً في قضية فض البكارة، فكما تواجه بعضهن عسراً كبيراً وصعوبة مفرطة في قضية فض البكارة مما يستوجب في بعض الأحيان التدخل الطبي للمساعدة في حل هذه القضية بسبب قوة هذا الغشاء، فإنه أيضا يوجد بين النساء من يكون هذا الغشاء لديهن رقيقاً جداً حتى أنه في بعض الأحيان لا يحس الزوج بفضه. كما أن بعض النساء يمكن أن تكون قد فقدت عذريتها نتيجة سقوط أو ارتطام أو حادث مباشر بسبب هذه الخاصية لدى مثل هذا النوع من البكارة. وعلى ذلك يجب التنبه أنه ليس بالضرورة إذا لم تفرز المرأة الدماء الكثيرة في أول اتصال جنسي أن يتجنّى عليها الزوج ويرميها بالفاحشة وهي منها بريئة. *ثانيا: يجب أن يتنبه الزوج أنه يفضل تجنب الاتصال المباشر بعد الاتصال الأول ليعطي بذلك فرصة لالتئام الجرح وسكون الألم في مكان الإيلاج لتمتد هذه الفترة من 24 ساعة إلى 48 ساعة أو تزيد وذلك بحسب الحالة وظروفها. *ثالثا: توجد هناك بعض المراهم يمكن للزوجين استعمالها ولكن بشرط استشارة الصيدلي قبل الاستخدام والابتعاد عن الأخذ بتجارب الآخرين من الزملاء وغيرهم فالذي يصلح لحالة ما ليس بالضرورة صالحاً لكل الحالات. *رابعاً: عليك التنبه أيها الأخ الكريم أنه ليس من الضروري أن يتم الاتصال الأول أو فض البكارة في اليوم الأول أو الأيام الأولى ولا تقلق إن لم يتحقق شيء مما تريده، فما لم يتم اليوم يمكن أن يتم غداً أو بعد غد ونحن نعرف الكثيرين الذين لم تتم لهم العملية الجنسية مع أزواجهم بشكل كامل إلا بعد مرور عشرة إلى عشرين يوماً أو ربما أكثر.. إذ يجب أن تتذكر أنها حياة مديدة وسنين عديدة فلا تحكم عليها بيوم أو يومين. أما فيما يتعلق بالسؤال الثالث وهو أمر تأخير الحمل فهذا أمر لا بأس به إذا كان باتفاق الطرفين ولم يلحق الضرر أحدهما كما يفتي بذلك علماءنا الأفاضل، ولكن يجب التذكير في هذه المسألة إلى أمور: أولا: أن وسائل منع الحمل تنقسم إلى قسمين هما: 1-عمل سلوكي وهو محاولة تجنيب ماء الرجل الوصول إلى رحم المرأة عن طريق الحساب أو العزل أو غيرها من الوسائل الطبيعية. 2-التعامل مع الأدوية الطبية وهي ما تسمى بالوسائل الصناعية. أما العزل فطريقته أن ينزع الرجل العضو التناسلي إذا شعر أنه اقترب من الإنزال كي يقذف في خارج الرحم وبتجنب بذلك تلقيح البويضة في رحم المرأة ثم بعد ذلك يتجنب الحمل. المشكلة في هذه الطريقة أن كثيراً من الأزواج قد لا يستطيع امتلاك رغبته الجنسية عند الإنزال فلا ينزع، وأيضاً هذه الطريقة قد تجنب المرأة اللذة واستكمال المتعة الجنسية لديها. أما طريقة الحساب فهي بإيجاز الامتناع عن الاتصال المباشر في وقت الخصوبة التي تمر بها الزوجة وهي أيام وجود البويضة واستعدادها لتلقف الحيوان المنوي ليتكون بذلك الجنين بإذن الله ولذلك فالمرأة يمكن تقسيم الأيام لديها إلى أربعة أقسام هي: أيام الدورة أيام الأمان أيام الخصوبة أيام الأمان

ومتوسط أيام الدورة لدى كثير من النساء هو 6 إلى 7 أيام وعلى ذلك فيجب على الزوجين حساب اثنا عشرة إلى أربعة عشر يوماً بعد أول يوم من أيام الدورة لنبدأ بذلك فترة أيام الخصوبة فتكون سبعة أيام هي للدورة وسبعة أيام هي أيام الأمان وعدد أربعة أيام هي أيام الخصوبة أو الأيام الخطرة ثم بعد ذلك تعود إلى أيام الأمان إلى حين مجيء الدورة مرة أخرى، وكلما زادت أيام الخصوبة وابتعد فيها الزوج عن زوجه كلما كان احتمال حصول الحمل أقل لكن تبقى المشكلة أن هذه الطريقة ليست مضمونة حتى بنسبة 80% ولذلك عادة ما يلجأ إليها الزوجان إذا كان الحمل ليس مرغوبا فيه ولكن في نفس الوقت ليس لديهما مشكلة لو حصل ذلك الحمل. أما الطريقة الثانية من وسائل منع الحمل هي تناول الأدوية والتعامل مع الأشياء الطبية كتناول أقراص منع الحمل أو الحقن أو استخدام اللولب أو الواقي " الكبوت" وغير ذلك كثير. فهذه الأشياء كلها منها ما هو مستخدم من قبل الزوجة ومنها ما هو مستخدم من قبل الزوج ولكل واحدة إيجابياتها وسلبياتها ولعل الأمر الذي لا بد أن نؤكد عليه هو ضرورة مراجعة الطبيب أو الطبيبة المختصة في هذا الشأن إذ من أكثر الأخطاء شيوعاً عندنا هو تناول الزوجات للعدد الكبير من أنواع حبوب منع الحمل ولكن بدون استشارة من طبيب مختص، وهذا هو في الحقيقة سبب ما نسمعه كثيراً منهن عندما يشكين من الآثار الجانبية جراء تناول هذه الأنواع من الأدوية كآلام الرأس والصداع والاضطراب النفسي أو الشعور بالغثيان ... ولذلك يجب أن نذكر أن كل امرأة هي حالة خاصة وتختلف عن غيرها فما يناسب إحداهن قد لا يناسب الأخرى بل ربما يكون خطراً عليها. أمرٌ آخر أنه في حال تناول الزوجة شيئاً من هذه الأقراص فإن الزوجين يحسن بهما إعطاء جسم المرأة فترة راحة من هذه الأدوية الكيميائية كأن تتناولها الزوجة مدة شهرين ثم تتوقف شهرين آخرين ثم تعاود الكرة مرة أخرى. .. وهكذا.. هذا مع إعادة التنبيه إلى ضرورة استشارة المختصين من أطباء الأسرة في هذا الأمر. أعود هنا إلى السؤال الأول وهو قضية الليلة الأولى في الحياة الزوجية وما يمكن عمله في مجال التهيئة النفسية للزوجين.. لعلّ أبرز وأنجح وأصدق نصيحة يمكن إسداؤها إلى الزوجين في الليلة الأولى من وجهة نظري المتواضعة يمكن اختزالها في كلمات معدودة وبسيطة ولكنها تحمل في طياتها المعاني العظيمة والحياة الناجحة بإذن الله، هذه الكلمات هي: " العفوية وعدم التكلف" وأقصد بالعفوية وعدم التكلف من قبل الزوجين هو انتحال شخصيات غير شخصياتهم وتكلف سلوكيات وتصرفات هي أبعد ما يكون عن حقيقة صفاتهم وأصل أخلاقياتهم وإنما هو دور وظيفي يظنون خطأً أنه يجب القيام به كأحد مهام الليلة الأولى من الزواج.. الأمر السيئ في هذا التكلف وغياب العفوية أنه سرعان ما ينكشف حالما تنطفئ حرارة أيام الزواج الأولى ليكتشف كل منهما أنه كان يتعامل مع شخصين وحالتين في جسم واحد أحدهما مستعار جميل والآخر باق سيئ أو على الأقل هو مختلف عن الحالة الأولى. أيها الأخ الكريم..

دع الأمور في ليلة الزواج تسير بطبيعية تامة لا تتكلف أمراً أنت في غنى عنه، كن مطمئناً لا تتوقع النتائج قبل حدوث أسبابها.. عش ليلتك كما هي وكما تريد أنت لا كما يجب أن تكون في أعين الناس المحيطين بك ولذلك يجب ملاحظة الأمور التالية: *أن الزوجة وشريكة الحياة هي في حال نفسية مثلها مثلك أو أشد فلا تنتظر منها ما يمكن أن تعجز أنت عنه. *توقع حدوث الخطأ في شيء من التصرفات أو السلوكيات سواء منك أو منها ولا تفسره بغير حجمه الطبيعي، بل لتكن رهبة هذه الليلة مخرجاً تجد فيه عذراً لصاحبك. *استفد ولا تطبق كل النصائح من مختلف الشرائح في المجتمع من أهل أو زملاء أو أصدقاء وتذكر أن لكل فرد ولكل زوجة خصائص يختلف فيها عن الغير فما يكون قد مرّ بالآخرين من مختلف التجارب ليس ضرورياً أن تمر به أنت وزوجتك. *احذر أشد الحذر من التجني والتعسف في معاملة الزوجة في الساعات الأولى، وكن رقيقاً بقدر المستطاع فالرقة واللطافة مطلوبة هنا. *ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.. فالله الله في الرفق في كلامك وملمسك ومعاشرتك لأهلك في هذه الليلة وفي كل أوقاتك. *تذكر أن الاتصال الجنسي الأول سيكون من أجمل اللحظات للإنسان إذا تم بعد التهيئة النفسية والراحة القلبية وانتشار المودة والابتسامة بين الزوجين والكلمة العذبة بينكما والشعور بأن الوقت مناسب لهذه العملية.. ربما في اليوم التالي أو قد يتأخر قليلاً فلا بأس بذلك إذا كان هنالك ضرورة على أن لا تطول هذه المدة. *تذكر أن ذكرى ذلك الاتصال الجنسي الأول سيكون من أقبح وأشنع اللحظات العمرية وربما سيكون سبباً في فشل الزواج إذا ما تم تحت القهر والإكراه والدخول بمزاج إثبات الرجولة أو الفحولة وعدم تفهم الطرف الآخر والتصرف بكامل الأنانية والبعد عن مشاعر وأحاسيس الآخر. *الزوجة تنتظر منك الكثير فلا تحرمها هذه المشاعر، فهي ربما يمنعها حياؤها من المبادرة في الكلام أو النظرات أو الابتسامة أو المزاح الرقيق أو حتى الضم والمعانقة اللطيفة والبعيدة كل البعد عن الخشونة والعنف، أعط نفسك وزوجك حقكما من هذه الأمور وحاول التقدير في الزمن والوقت المناسب لفعل هذه الأشياء وتذكر أنه لا يلزم أن تكون هذه الأشياء جميعها في الليلة الأولى. *إياك والمعاشرة أو الاتصال الجنسي المباشر.. تحل بالصبر وأعط كل عضو من العين واللسان والأنف والأذن وسائر الأعضاء حقها في الاستمتاع.. *أكثر من الملاعبة والمداعبة حتى تظن أو يغلب على ظنك أن الوقت قد حان في الاستمرار، وإن وجدت ممانعة فلا تسرف في الطلب إلا أن تكون هذه الممانعة ممانعة المتقبّل مع شيء من العزم. *اختم هذه الاستشارة بالقول أن البعد من الآخرين والخلوة لعدة أيام بالزوج في مكان ومنطقة بعيدة ربما يكون له أثر بالغ في تفهم كل منكما للآخر. وفقك الله وجميع أزواج المسلمين للحياة السعيدة ورزقكم الذرية الصالحة.

الغيرة

لا ذنب لها ولكني غرت عليها المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة التاريخ 16-1-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: حملت زوجتي منذ فترة.. ثم قدر الله لها أن تسقط..! وحصل معها نزيف شديد.. فذهبت بها إلى المستشفى حيث أجريت لها عملية تنظيف. تكمن المشكلة في أن من أجرى لها هذه العملية طبيب وليست طبيبة..!! (حيث أن نوبته كانت في وقت إجراء العملية) وعندما قرأت عنها فيما بعد علمت أن المرأة تكون في وضع "شبه عارية أمام الطبيب "، ومنذ ذلك الوقت وأنا في ألم نفسي شديد حتى أنني أشعر كثيرا بعدم الرغبة في زوجتي وفكرت في فراقها لولا وجود الأطفال. بالطبع هي ليس لها ذنب فيما جرى لكن هذا هو الإحساس الذي يتملكني، لذا أرجو مساعدتي بأي نصيحة، كما أرجو توجيهي كيف أرضى بقضاء الله في ذلك رغم أن الشرع يأمرنا بالغيرة على العرض.. وحتى الموت دفاعا عنه. الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنضل أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولا: ما حصل لك في موضوع زوجتك - أخي الكريم - حصل للعشرات " اضطرارا " لا رغبة أو تساهلا..أو عدم غيرة..!!! ولكنها ضرورات أباحت لهم المحضورات..! فلو علمت أن المعالج رجل..وأن البديل لعدم رضاك به هو " تضرر زوجتك..أو وفاتها " لا قدر الله..فماذا كنت ستصنع؟! لو رفضت إدخالها ونتج عن ذلك ضرر لها..لكنت ملاما..!! ولا بأس في المستقبل من التحري في هذه الأمور قدر المستطاع والسؤال عن ذلك..ولكن عند الاضطرار لا قدر الله.. بين الحياة والموت..فرغم صعوبة الخيار..إلا أن الحياة أولى..!! ثانيا: لا يعني ذلك التسليم وقبول تواجد الأطباء الرجال في أقسام الولادة.. بل إننا نتمنى ألا نجد منهم أحدا في هذه الأقسام.. ولكني أتكلم عن أمر انتهى ولم يكن لك أنت وزوجتك منه بد. ثالثا: تمر على هؤلاء الأطباء عشرات الحالات من هذا النوع سواء في أقسام الولادة أو العمليات الأخرى.. وكثرة هذه الأمور تجعلهم يتعاملون معها بآلية باردة.. بل ومزعجة لكثير منهم..!!! فلا تتوقف - أخي الفاضل - كثيرا عند هذا الأمر.. أو تتعامل معه بهذا القدر من الحساسية. رابعا: أما نظرتك لزوجتك في الوقت الراهن..فإني أرى أنك ظلمتها كثيرا..!! فما هو ذنبها أولا فيما حدث..؟! ثم هي ليست الوحيدة التي تمر بذلك..ولم تختار الظرف أو المكان؟!! فلماذا هذه الأفكار من قبلك؟!! خامسا: نسأل الله تعالى أن يستر عوراتنا ويؤمن روعاتنا وأن يعيننا ويقيظ لنا في مشا فينا الأصلح دائما للرجال وللنساء.. ولا بأس من تفعيل هذا الموضوع بشكل متوازن وموضوعي عبر وسائل الإعلام المختلفة. سادسا: يلزمك - أخي الفاضل - الرضاء بقضاء الله وقدره.. وتناسى هذا الأمر.. والتعامل معه بشكل عادي.. حتى لا تظلم نفسك.. وتظلم زوجتك.. وأما موتنا دفاعا عن أعراضنا فأنت محق في ذلك.. ولكن في أمور أخرى ليس من بينها ما حدث لزوجتك.. لأنه كما أسلفت يدخل ضمن الضرورات التي تبيح المحضورات.. كما أنك لم تختاره أنت أو هي.. أو تتساهل فيه! وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

شدة الغيرة على الزوج

شدة الغيرة على الزوج المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة التاريخ 26-5-1424 السؤال سيدي الفاضل إني متزوجة من أربع سنوات، وأنا سعيدة مع زوجي، مع العلم أنني وزوجي ملتزمين ولله الحمد، ولكن هناك ما غيَّر حياتي إلي جحيم وهي الغيرة فأنا غيورة بقوة ولا أدري هل صارت الغيرة جزءاً مني لدرجة أني صرت أغار عليه من أخواته. أرجوك ساعدني وأنقذ حياتي. الجواب شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " أحمد الله - عز وجل - على أن من عليك بهذه السعادة، وأسأله سبحانه أن يديمها عليك، فهي أساس استقرار الأسرة ونشأة جيل سوي لينفع الله به الأمة. كما أن الواقع مر فعلاً حينما نرى الأسرة تعصف بها المشكلات والأزمات التي ربما قوضت أركانها. الغير -أختي الفاضلة- هي نتاج الحب -غالباً- إذا تتولد رغبة في النفس بالاستئثار بالمحبوب دون الآخرين، وهي شعور جميل إذا قارنه الاعتدال، ولكن إذا زاد عن حده ربما كان طريقاً إلى الشك وإلى مشكلات أخرى أنت في غنى عنها. حينما تشعرين أن الغيرة صارت جزءاً منك سوف يصعب عليك علاجها، ولكن إذا أقنعت نفسك أنها صفة دخيلة يمكن تجاوزها والتخلص منها فسوف يهون الأمر عليك. وأنت قادرة على مقاومتها بطرق كثيرة، ولكن المهم الآن أن تحاولي بكل طاقتك ألا تظهر على تصرفاتك تجاه زوجك، لأن هذا يوهي حبال المحبة في القلوب، وخلال فترة المقاومة هذه يمكنك فعل الآتي: 1. أن تزيدي الثقة بنفسك، فإن الغيرة المفرطة هي غالباً نتاج نقصان الثقة بالنفس، فالمرأة غير واثقة في مشاعر زوجها تجاهها وقدرتها على استمالة قلبه وإثارة الإعجاب بشكلها ومعاملتها وطريقة كلامها في نفسه، لذلك حاولي أن تتعرفي على ما من الله به عليك من مميزات وإمكانات، في تدينك ومحافظتك، في شكلك ومظهرك، وألا تظهري أمام زوجك إلا في أحسن صورة يراها، في أسلوب حديثك وطريقة كلامك ورقة تعاملك، فإذا تعرفت على حقيقة ذلك فيك فسوف تزيد ثقتك في نفسك بلا شك. 2. أن تمنحي زوجك قدراً كبيراً من الثقة، فما دام متديناً فسوف يعصمه دينه عن العلاقة المحرمة بإذن الله، وما دام يحبك فما الذي يجعله يتطلع إلى امرأة غيرك، وأن تحذري كل الحذر من الشك وسوء الظن، فإضافة إلى كونها ظلم وتعد فهي من أسباب إفساد العلاقة الزوجية. 3. أن تتعرفي على الآثار السيئة التي تترتب على الغيرة المذمومة، وأنها نار في قلبك تحرقك، وقيود وضغط نفسي على زوجك يؤذيه، وتوتر في العلاقة الزوجية يقلقها، لكي تستشعري ضرورة التخلص منها. 4. أن تدعي الله بإلحاح أن يذهب عنك هذه الغيرة، فإن الله عز وجل قادر على ذلك. طمأن الله قلبك ووفقك وزقك الذرية الصالحة.

حياتي والغيرة

حياتي والغيرة المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة التاريخ 5/8/1424هـ السؤال سيدي الفاضل إني متزوجة منذ أربع سنوات، وأنا سعيدة مع زوجي، مع العلم أنا وزوجي ملتزمان ولله الحمد، ولكن هناك ما غيرَّ حياتي إلي جحيم وهي الغيرة، فأنا غيورة بقوة، ولا أدري هل صارت الغيرة جزءاً مني لدرجة أني صرت أغار عليه من أخواته؟ أرجوك ساعدني وانقذ حياتي. الجواب أحمد الله - عز وجل - على أن منَّ عليك بهذه السعادة، وأسأله سبحانه أن يديمها عليك، فهي أساس استقرار الأسرة، ونشأة جيل سوي لينفع الله به الأمة. كما أن الواقع مر فعلاً حينما نرى الأسرة تعصف بها المشكلات والأزمات التي ربما قوضت أركانها. الغيرة - أختي الفاضلة - هي نتاج الحب - غالباً - إذ تتولَّد رغبة في النفس بالاستئثار بالمحبوب دون الآخرين، وهي شعور جميل إذا قارنه الاعتدال، ولكن إذا زاد عن حده ربما كان طريقاً إلى الشك، وإلى مشكلات أخرى أنت في غنى عنها. حينما تشعرين أن الغيرة صارت جزءاً منك سوف يصعب عليك علاجها، ولكن إذا أقنعت نفسك أنها صفة دخيلة يمكن تجاوزها والتخلص منها فسوف يهون الأمر عليك. وأنت قادرة على مقاومتها بطرق كثيرة، ولكن المهم الآن أن تحاولي بكل طاقتك ألا تظهر على تصرفاتك تجاه زوجك؛ لأن هذا يوهي حبال المحبة في القلوب، وخلال فترة المقاومة هذه يمكنك فعل الآتي: 1. أن تزيدي الثقة بنفسك، فإن الغيرة المفرطة هي غالباً نتاج نقصان الثقة بالنفس، فالمرأة غير واثقة في مشاعر زوجها تجاهها، وقدرتها على استمالة قلبه، وإثارة الإعجاب بشكلها ومعاملتها، وطريقة كلامها في نفسه، لذلك حاولي أن تتعرفي على ما منَّ الله به عليك من مميزات وإمكانات، في تدينك ومحافظتك، في شكلك ومظهرك، وألا تظهري أمام زوجك إلا في أحسن صورة يراها، في أسلوب حديثك، وطريقة كلامك، ورقَّة تعاملك، فإذا تعرفت على حقيقة ذلك فيك فسوف تزيد ثقتك في نفسك بلا شك. 2. أن تمنحي زوجك قدراً كبيراً من الثقة، فما دام متديناً فسوف يعصمه دينه عن العلاقة المحرمة بإذن الله، وما دام يحبك فما الذي يجعله يتطلع إلى امرأة غيرك، وأن تحذري كل الحذر من الشك وسوء الظن، فإضافة إلى كونها ظلم وتعد، فهي من أسباب إفساد العلاقة الزوجية. 3. أن تتعرفي على الآثار السيئة التي تترتب على الغيرة المذمومة، وأنها نار في قلبك تحرقك، وقيود وضغط نفسي على زوجك يؤذيه، وتوتر في العلاقة الزوجية يقلقها، وعليك أن تستشعري ضرورة التخلص منها. 4. أن تدعي الله بإلحاح أن يذهب عنك هذه الغيرة، فإن الله عز وجل قادر على ذلك. طمأن الله قلبك ووفقك وزقك الذرية الصالحة.

ماضي زوجتي يتعبني!!

ماضي زوجتي يتعبني!! المجيب سعد الرعوجي مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة التاريخ 19-7-1424 السؤال أنا متزوج ولله الحمد، والمشكلة أنني بعد أربعة أشهر من زواجي وجدت في جهاز الكمبيوتر الخاص بزوجتي صورتها مع صورة رجل غريب (وهي مركبة تركيب) فثارت أعصابي وأجريت تحقيقاً مع زوجتي واعترفت أنها تعرفت عليه وأقسمت بالله أنها لم تره وأنه يعيش في أمريكا.. وأنها فقط تتكلم معه بواسطة النت والهاتف.. زيادة على أنها كانت تعرض جسمها بالكاميرا له وهو يعرض لها أيضا. (وكل الذي اعترفت به تأكدت من صحته بما لا يدع مجالاً لشك) . فضربتها وكنت أريد أن أطلقها، ولكنها بكت كثيرا وقالت إن هذا حدث قبل الزواج وأنها تابت إلى الله ولا يوجد أي نوع من الاتصال معه. وللحق والحق يقال إنني لم أر عليها من زواجي أي شي يغضبني وهي إنسانة محجبة ومحافظه على الصلوات. السؤال: ماضي زوجتي يؤلمني كثيراً , ولكنها حامل , وأعلم أن ابغض الحلال إلى الله الطلاق وأنا أخاف من الله وأخاف أن أظلمها إذا طلقتها، ولكن أيضاً الغيرة تحرقني ويعلم الله أني بكيت لوحدي كثيراً وتمنيت أني لم أزوج بها لأنني محتار فلا أعلم ماذا أفعل أرجو من فضيلتكم التوجيه السريع حيث إنني أعيش حالة قلق، ولا أدري ماذا أفعل، هل أطلقها أم لا؟ وجزاكم الله خيرا الجواب الأخ الكريم ... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " حقيقة يا أخي أن ما تعانيه أمر مؤذي وشيء محرج ومقلق فعلاً ولا يمر بإنسان إلا ويكون في ما أنت فيه من حال، وأنت يا أخي كذلك رجل فيك ولله الحمد صدق ورجاحة عقل تذكر ما لك وتذكر لزوجتك ما لها وما عليها، ولذا فإني أتوقع منك أن تصل إلى ما يريحك بإذن الله. أخي الكريم أود أن أحدثك من خلال أمرين مهمين هما:- أولاً:- الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ضعيفاً (ذكراً أو أنثى) وخلقه مجبولاً على النقص والخطأ يقع فيه مرات ومرات فهذا أبونا آدم عليه السلام يذكره الله سبحانه وتعالى بمكر إبليس وينبهه إلى عدم الاستماع إليه أو طاعته ومع ذلك فأبونا وهو في الجنة التي هي أعظم نعيم، يسمع لوساوس إبليس ويطيعه ويأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها.... إلى آخر القصة. وهنا أذكرك بأننا نحن البشر إلا من عصم الله لا بد لنا من الوقوع بالذنب والخطأ ولكن الله سبحانه وهو أرحم الراحمين جعل لنا مخرجاً من هذا الأمر وهو الاستغفار والتوبة والإقلاع عن الذنب ولذلك أعطني إنساناً لم يقع في ذنب أو إثم سوى الأنبياء المعصومين حتى صحابة رسول الله رضوان الله عليهم لم يسلموا من هذا الأمر والرسول صلى الله عليه وسلم يعيش بين أظهرهم والقرآن يتنزل عليهم صباح مساء، إذاً هكذا نحن بني البشر كلنا ذو خطأ وخير الخطاءين التوابون، والإنسان المذنب والمقصر متى ما تاب إلى الله توبة صادقةً فكأنه لا ذنب له حتى أعظم الذنوب وهو الإشراك بالله لذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص [التوبة تجب ما قبلها]

لذا أخي الكريم الواضح من خلال كلامك عن زوجتك ووصفك المنصف لها أنها إنسانة محجبة محافظة على الصلوات مطيعة لا تفعل شيئاً يغضبك وهذه كلها إمارات التوبة الصادقة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى واعلم أن زوجتك وقعت في خطأ عظيم ولكنها أيضاً تابت وأنابت إلى ربها وربنا سبحانه يقبل التوبة فلعل هذا يشفع لها. كذلك زوجتك ولله الحمد لم تقع معه مباشرة وأنت تزوجتها بكراً وهذا شيء يهون من المشكلة كثيراً. فابدأ حياتك معها من جديد بعيداً عن الشكوك والغيرة واحتسب ذلك عند الله سبحانه وتعالى وستجد لذته بإذن الله تعالى. ثانياً:- الزواج رباط شرعي مقدس أحاطه الله سبحانه وتعالى بحصون كثيرة تمنعه بإذن الله من الاهتزاز والسقوط وأمرنا جميعاً بأن نتعاون ونعمل على حماية هذا البناء بكل الوسائل الممكنة وأن نتجاوز كثيراً من الأمور التي يمكن تجاوزها ولا نجعلها سبباً لإسقاط البناء قال رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم [استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء] (متفق عليه) وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم [لا يفرك - لا يبغض- مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر] وفي حديث آخر يقول [خياركم خياركم لنسائكم] وقال أيضاً [ولقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم] وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم [أي النساء خير فقال التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله] أولاً:- الرسول يقول لا يفرك (لا يبغض) مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر فأنت إذا كرهت ما سبق وقوعه من زوجتك فلعلك رضيت منها خلقها معك وطاعتها لك. ثانياً:- أحد مقاصد الخيرية التي يعني بها الرسول عليه السلام خياركم خياركم لأهله أو كما قال هي غض الطرف والتجاوز. وأخيراًً: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أي النساء خير فقال التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولاتخالفه فيما يكره...... الحديث"، وهذه الأشياء المذكورة في الحديث موجودة في زوجتك، حسب شهادتك لها وبالتالي يا أخي فإني متفائل كل التفائل بأن زوجتك امرأة صالحة قد تابت إلى ربها وتكن لك الكثير من المودة والمحبة وهي أيضاً أم لولدك القادم بإذن الله والذي سيكون بذرة صالحة تنشأ تحت رعايتك ورعاية أمه التي عرفت ربها وأطاعت زوجها وصامت شهرها وصلت فرضها فسيقال لها بإذن الله ادخلي الجنة من أي باب شئت أو كما قال رسول الله فيا أخي الكريم أعود وأكرر تخلص من قلقك وغيرتك واحتسب ذلك عند الله وأمسك عليك زوجتك وابدأ حياتك من جديد وإذا أخلصت أمرك لله فإنه سيوفقك ويهديك سبيل الرشاد وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

من أجل غيرتي قررت الابتعاد عن زوجي

من أجل غيرتي قررت الابتعاد عن زوجي المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة التاريخ 16/05/1425هـ السؤال تزوجت من رجل كان متزوجاً وطلق زوجته لعدة أسباب، وله منها أطفال وهو يصرف عليهم، وبعد مضي سنتين من زواجنا وطلاقها فكَّر في مراجعتها، ولم أعارض ولكن بعدما راجعها شعرت بالغيرة الشديدة ولم أستطع أن أتمالك نفسي، وخائفة من خراب بيتي بيدي، دعوت الله كثيراً أن يصبرني، ولكني الآن أشعر أني مصدر نكد لزوجي، فكرت أن أتركه، وأذهب عند أهلي ولا أطلب الطلاق، فأنا أحبه جداً وهو كذلك، ولكن من أجله ومن أجل راحتي أفكر أن أبتعد عنه، فهل أنا مذنبة بذلك؟ أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله كل خير. الجواب أختي الكريمة: - وفقك الله- تذكري أن كثيراً من أخواتك الفتيات يتمنين الزواج ولو من رجل متزوج من قبل ولا يجدن ذلك، الغيرة يجب أن تكون منضبطة وفي حدود، حتى لا تنعكس سلباً على حياتك، "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه" كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - فما رواه البخاري (13) ومسلم (45) من حديث أنس - رضي الله عنه - فلها حق مثلما لك. وجود الزوج الصالح والحياة المستقرة مطلب عزيز وبما أنك وجدتيه، فلا تضيعينه بيدك ثم تتحسرين ولا ينفع الندم. الحياة الزوجية لا تخلو من منغصات فهي طبيعية، فاسعي لتصحيح وضعك لحياة أفضل. إن استمرارك بهذه التصرفات السلبية مع الزوج تجعل حبه لك يقل تدريجياً، فاحرصي على أن لا يكون ذلك. ادعِ الله في أوقات الاستجابة أن يرزقك الصبر والحلم وعدم الغيرة المفرطة. والله يحفظك ويرعاك.

زوجتي شديدة الغيرة

زوجتي شديدة الغيرة المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة التاريخ 10/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا رجل متزوج منذ ثلاث سنوات، ولي طفلة، هادئ الطبع ولله الحمد- مشكلتي متعددة ومتشعبة، وآمل أن أجد لديكم الجواب الشافي، المشكلة في زوجتي، شديدة الغيرة حتى الجنون، دائمة الظن والشك بي، فمثلاً عندما أخرج معها إلى أي مكان، وتمر امرأة- والله يشهد أني لم أنظر إليها- تتهمني بالنظر إليها، وتبدأ تقذفني بالتهم التي لا تنتهي، وعندما أريد الذهاب إلى أصحابي وأجتمع معهم في الأسبوع مرة واحدة فقط، ومدة لا تتجاوز ثلاث ساعات كحد أعلى تفعل المستحيل لعدم ذهابي، علماً أن عملي يتطلب مني السفر، ولكن ليس الدائم، ولو غبت عن المنزل فلا يتجاور اليومين إطلاقاً تتهمني بعدم حبي لها، وأني مللت منها، علماً -والله يشهد على ما أقول- أني غير مقصر معها في النواحي العاطفية والنفسية والمالية، مع العلم أني أخبرتها أن لها حقوقاً ولغيرها حقوق، ولنفسي حقوق، ويجب أن أعطي كل ذي حق حقه، ولكنها لا تبالي بما أقول، تحب النكد المتواصل ولا تمل، وهذا ليس ضعفاً في شخصيتي، ولكن حلمي وصبري جرَّأها، فإلى متى سأصبر وهي كثيراً ما تطلب الطلاق، وكم مرة كادت نفسي أن تزل وتنطقها، ولكن الله يلطف بي ويلهمني الصبر، من وجهة نظري أنها تريد أن تحتويني لها فقط، دون غيرها من العالم كله. أفيدوني ولكم من الله الأجر والثواب. والسلام عليكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. غيرة زوجتك الشديدة ليس لها تفسير عندي سوى محبتها الشديدة لك، والحل ألا تقابل محبتها التي أساءت التعبير عنها بالطلاق الذي ترددت فيه، حاول أن تشعر زوجتك بغيرتك عليها، واطلب منها أيضاً المحافظة على نفسها، وانتهز أي فرصة في تهاونها بحجابها، أو في بعض مواقفها مع الرجال، وبيِّن لها أنك تغار عليها، ومتضايق من تهاونها في هذا الأمر؛ حتى تشعر أيضاً بما تفعله وتقابلها بالمثل. -حاول أن تبين لها انزعاجك من بعض النساء المتبذلات واحتقارك لهن، وبيِّن لها ذلك بأساليب مختلفة باستمرار. - حاول كذلك أن تثبت لها أن غض البصر واجب عليك من ربك وخالقك، وضِّح لها أنك تحاول مع نفسك تطبيق ذلك، وتسأل الله أن يعينك على ذلك لحرصك على دينك، وليس خوفاً منها، ولعلمك بأهمية هذا الأمر، وليس من أجلها فقط، إنها بهذا الأسلوب سترتاح كثيراً من ملاحقتك. - اجلس معها جلسات إقناع وتحاور، وقل لها: لو أن كل امرأة فعلت ما تفعلين ما بقي بيت سعيد، حتى ولو وجد الحب بين الزوجين، فإن زيادة هذا الأمر عن حدوده سيهدم بيت الزوجية.

- ذكرت أنك لست ضعيف الشخصية، ولكنك حليم وصبور، وهذا أمر تشكر عليه؛ فإنه ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، ولعلك مأجور على هذا الصبر والحلم، لكن لا بد لك من خطوات تتبعها في التفاهم معها قبل أن تفقد صبرك وحلمك، فتحدد مثلاً معها الأوقات التي ستمكثها معها، والأوقات التي لأهلك، والأوقات التي لأصدقائك، نفذ ذلك بشخصية ثابتة عاقلة، تعرف ما لها وما عليها، وإذا عدت لها من خارج المنزل فعد بابتسامة جميلة، وكلمات رقيقة، وليس بوجه عابس، وشخصية فظة، وجرِّب أساليب مختلفة لتعرف العلاج النافع معها. - حاول أن تعبِّر عن مشاعرك نحوها في بعض الأوقات، وفرحك بالتقدم الذي حصل بينكما، كما أنصحك بالاطلاع على ما كتب من علاج للغيرة الشديدة، وبإمكانك إذا استفحل الأمر استشارة طبيب نفسي. أعانك الله وأسعدك بحياتك الأسرية.

هل هذه نزوة أم إدمان؟

هل هذه نزوة أم إدمان؟ المجيب سعد الرعوجي مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة التاريخ 16/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أنا امرأة متزوجة من ابن عمي منذ عشر سنوات، وكانت الحياة الزوجية بيننا على أكمل وجه، ويوجد لدى زوجي محل يعمل به، وفي يوم من الأيام اكتشفت أنه يتكلَّم مع نساء، ويجتمع بهنّ، لكنه -كما أكّد لي هو- لم يتجاوز معهن إلا الكلام فقط، وقال لي: أنا أفعل هذا لكي يغار خالي وينزعج، فله خال له ماض وحاضر عريق مع النساء، ولوالد زوجي مثل ذلك، إلا أن زوجي كان ينتقدهم، وأحياناً يهددهم إن استمروا على ذلك، والمؤلم في الأمر أنه وقع في نفس الغلطة التي وقع فيها أبوه وخاله من قبله، وأنا أنصحه وأرجوه بكل الوسائل، ولكن لم ينفع معه، وهو يعدني أنها نزوة وستمر، وتعود السعادة إليك وإلى بيتنا، ومؤخراً بدأ يطالبني أن أتفرغ له، وأن ألبس له وكأننّا في بداية زواجنا، مع علمه أنني مشغولة دائماً بتربية الأولاد (3 ذكور وبنت) ، وبيتنا لا يخلو من الناس أبداً، فزوجي له عدداً كثيراً من الأخوات، وكل يوم تكون عندنا أخت من أخواته مع أولادها من الصباح وحتى المساء، فتصوّر وضعي وحالتي، ولا أدري ماذا أفعل لكي يعود إلى رشده وحياته الشريفة؟! أهي نزوة فعلاً؟! أم هي وراثة؟! أم ماذا؟! أنا حائرة جداً وقلقة، وخائفة على مستقبلي وأولادي معه، أرجو منكم الحل بالتفصيل، وأرغب أيضاً بكلام خاص منكم شخصياً له؛ لعله يرتجع إلى دينه وربه وحياته، ولكم مني كل الشكر، وأنا أحبكم في الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي الكريمة: بداية أسأل الله لك التوفيق والسداد في حياتك الزوجية، والصلاح لزوجك والرجوع إلى دائرة الحق، إنه سميع مجيب، ثم أما بعد: فبعد اطلاعي على مشكلتك خرجت بثلاث نقاط، علها تفيد في حل مشكلتك: النقطة الأولى وهي: تهاونك وتفريطك في تحديد حجم الخطر بعد اكتشافك للعلاقة المحرمة عند زوجك منذ البداية، وهذا الأمر قد يكون سببا رئيساً في استمرار العلاقة المحرمة؛ لأني أعتقد جازماً أنه لو كان موقفك منذ البداية حازماً لا تخاذل فيه ولا تفريط، لما استمر الحال واستشرى المرض، عموماً قدمت بهذا الكلام ليكون لك إنذاراً على عدم الرجوع لتفريطك الذي حدث قبل، ومن ثم القبول بالأعذار الواهية من زوجك، فالمرأة عادة بسبب حبها لزوجها وعاطفتها القوية قد تضعف وترضخ؛ حتى لا يهرب الزوج ويختفي من حياتها، وأنا لا أقول هذا الكلام مشجعاً على الطلاق والانفصال، ولكن مثل هذه الأمور لا يمكن التغاضي عنها والسكوت، وإنما لا بد من وضع وإيجاد مجموعة من الحلول لهذه المشكلة، ولعلك فعلت أولها بهذه الاستشارة، إذاً النقطة الأولى هي ضرورة الحزم وعدم التهاون في هذه القضية، مع البحث بجد وحرص عن حلول لهذه المشكلة بطرق مختلفة تؤدي في النهاية إلى عودة المياه إلى مجاريها.

النقطة الثانية وهي البيئة، فيبدو من خلال سؤالك أن زوجك بيئته فاسدة وسيئة، تعينه على الباطل وتدفعه إليه، وطالما استمر بالقرب منها سيستمر المرض، ولذا فإن ابتعاده عن هذه البيئة الفاسدة أحد الحلول الهامة، ولعلك تعرفين قصة الرجل الذي قتل مائة نفس، وأمره العالم بالخروج إلى القرية الصالحة، وبالتالي فهذه دعوة إليك لإخراج زوجك من هذه البيئة والهروب به بعيداً عنها، مع البقاء على الصلة الضرورية والشرعية فقط. النقطة الثالثة وهي: أني من فمك أدينك وأحملك جزءاً كبيراً من المسئولية، بل إنها سبب رئيس، فأنت تقولين إنه بدأ يطالبك بالتفرغ له واللبس، وهذا دليل واضح على تقصيرك وانشغالك، مما أدى به إلى الهروب واللجوء إلى غيرك بالحرام -للأسف- والبحث لديهن عما افتقده لديك؛ لذا لا بد من الانتباه لهذا الأمر، فانشغالك بتربية أولادك والزيارات المتكررة من أخواته لا يعني أبداً أن يكون ذلك على حساب الزوج، ولابد من التفرغ له واللبس بأجمل ما يريد، والتقرب، والتحبب، والتودد إليه، وإشباع غريزته العاطفية والجنسية بكل الطرق المباحة والشرعية، حتى لو كان ذلك كل يوم؛ فهو حق طبيعي ولا مشاحة فيه للزوج، وواجب شرعي على الزوجة محاسبة عنه أمام الله، لذا عليك الاهتمام والعناية بهذا الأمر، خاصة وأنت لا زلت في مقتبل العمر، وقادرة عليه. أخيراً أرجو وأسأل الله لك الإعانة والتوفيق في الدنيا والآخرة.

تغار على زوجها من زوجات إخوانه

تغار على زوجها من زوجات إخوانه المجيب د. فيصل بن سعود الحليبي أستاذ مساعد بكلية الشريعة بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة التاريخ 04/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سأسرد مشكلتي باختصار، وهي غيرتي على زوجي التي أظن أنها في محلها لأنها غيرة من زوجات إخوانه, فهم من نوع العائلات التي يختلط رجالها بنسائها بحجاب بسيط رقيق يغطي الرأس فقط, أما عن تبادل الأحاديث والمزحات والضحكات فحدِّث ولا حرج، وقد كنت فيما مضى مثلهم، ولكن فتح الله عليَّ وهداني وواجهت المشكلات والاعتراضات من زوجي وأهله، وأطلقوا علي لقب المتشددة والمتزمتة، ولكن كل هذا لا يعنيني، فكل ما يعنيني هو رضا الله ثم رضا زوجي، والحمد لله فبعونه -تعالى- اجتزت تلك المشكلات، ورضوا بالأمر الواقع، ولكنني - بالرغم من اعتزازي بحجابي - فأنا منبوذة، فعند زياراتي لهم أجلس وحدي في غرفة وهم جميعاً في غرفة، وأنا بصراحة أغير على زوجي منهن، خاصة حين أسمعهن يتحدثن ويضحكن، وكأنه محرم لهن، وقبل ذلك كله فأنا أحزن على حالهم حينما أراهم يتساهلون في أمر قد حرمه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فأود منكم الإرشاد والنصح والطريقة التي أقنع بها زوجي بحرمة ما يفعلون، وكيف أحثه وأساعده على الالتزام, وكيف أتعامل مع أهله، ومع عدم اعتبارهم لوجودي كإنسانة؟ وجزاكم الله عني كل خير. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فيا أختنا الكريمة، أضع جوابي بين يديك على نقاط، فانتبهي لها: أولاً: أشكر فيك هذا الثبات، وأسأل الله -تعالى- أن يزيدك إيمانًا وتقوى، وتيقظي أن يضعف إيمانك مع طول طريق الإصلاح والتغيير، واستعيني بالله في كل أمورك. ثانيًا: اجتيازك لكثير من مشكلاتك يدل على حكمتك ونجاحك في أول الطريق، وهذا يبشر بخير كثير، وأن المستقبل سيكون أكثر نجاحاً، والفأل حث عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في صحيح البخاري (5755، 5756) ، وصحيح مسلم (2223، 2224) . ثالثًا: أهم طريقة لحل هذه القضية -بعد توفيق الله تعالى- هو كسب قلب زوجك لك، وذلك بالتودد له، والمبالغة في ذلك، وأظهري له الحنان والشوق إليه، والاعتناء بمشاكله الخاصة، والقرب من نفسه في كل الأحوال، والابتسامة في وجهه في الوقت المناسب، مع التزين والتعطر، والهدية بين الفترة والأخرى إذا كان ذلك بمقدورك، فإن المحب لمن يحب مطيع. رابعًا: ستكسبين من التودد له عدة أمور: عدم اكتراثه بما يسمع أو يرى من النساء، سواء من تحدثت عنهن، أو ما يشاهده عبر الإعلام وغيره، لأنك ملأت عليه قلبه وفؤاده، كما أن قلبه سيكون أكثر تقبلاً لما تنبهينه إليه من أمور لا يرضى بها الله ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم-، كما أنه سيقتنع بشخصيتك بعد ذلك لينطلق بعد هذا التأثر إلى الهداية، وليكون بعد ذلك مؤثرًا معك على مجتمعه الذي يعيش فيه من بيت وعمل.

خامسًا: امتهان أهله لك أو انعزالهم عنك حالة ربما تكررت مع غيرك من الصالحات والثابتات، ولا غرابة فهذا من الغربة التي تحدث عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "طوبى للغرباء.." أخرجه مسلم (145) ، وعند غيره: قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: " الذين يصلحون إذا فسد الناس" أخرجه أبو عمرو الداني في السنن االواردة في الفتن (288) وعند الترمذي (2630) نحوه وانظر السلسلة الصحيحة (1273) ، فلا يهمك إهمالهم، بقدر ما يهمك سعيك في إصلاح هذا الوضع. سادسًا: لا مانع أن تكون لك خطة في دعوة هذا البيت، والتجربة أثبتت نجاح بعض الداعيات في إصلاح بيوت أهليهم، ولكن بعد فترة تحتاج منك الصبر، كما صبر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإذا كان لك قدرة على الصبر على بعض أخطائهم في حديثهم مع محاولة التأثير عليهم فهذا طيب؛ بشرط ألا تتأثري بهم، وذلك بتوزيع شريط أو مطوية، من باب الهدية، ولو ثقل ذلك عليهم في البداية، وأرى أن هذه الخطوة تكون بعد التأثير على الزوج بما تقدم. لا تنسي الدعاء والقراءة في سير الأنبياء وقصصهم مع أهليهم وذويهم.. والله يوفقك لكل خير وسعادة.

الشك

اغتصبت وهي طفلة ... فهل أطلقها؟! المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 10/10/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ أنا متزوج منذ ثماني سنوات، ولما دخلت بزوجتي في أول ليلة لم أجدها بكراً، فسألتها عن أمرها ولكنها أقسمت لي أنها لم تزن، وكانت متدينة للغاية، وبعد تفكير وتقدير مني قررت أن إحسان الظن بالمسلم هو المتعين إن لم يكن هناك يقين يدل على التهمة، وقلت: لعلها سقطت من عل، أو انفضت بكارتها بسبب سقوط أو نحوه مما يذكره العلماء، وتحملتها واحتسبت الأجر عند الله في سترها وعدم إفشاء أمرها لأحد، ولكنها وبعد أن أنجبت عدداً من الأطفال أخبرتني في ليلة هادئة بمحض إرادتها بالمشكلة، وقالت لي: إن أحد أبناء عمها وهو رجل كبير اغتصبها وهي بنت ست سنوات في بيتها، وحلفت بأنها لم تكن تعلم أي شيء ساعتها سوى أنها تألمت كثيراً، ثم هددها بأنها لو أخبرت أمها فإنه سيقتلها، وبالتالي لم تخبر أمها، وكانت تعاني أياماً من المرض النفسي الذي أصابها من جراء هذه الجريمة، ولقد لاحظت فيها أنها تكره الجماع، وكنت أتساءل دوماً عن سر هذا الأمر، ولكنها أخبرتني الآن بأن تلك الليلة المشؤومة أصابتها بمرض نفسي تكره بسببه كل الرجال، وتكره المعاشرة الزوجية كلما تصورت هذا الذئب، فسؤالي يا شيخ هو: هل أصدقها وأبقيها تحتي وأتجرع مرارة الألم كلما أراها، أم أفارقها وأصدق نفسي التي توهمني أحيانا بأنها ربما فعلت ذلك بمحض إرادتها؟ علما بأنها متدينة وحلفت بالله أنه ليس لها يد في هذا الذنب؟ وأنها أخبرتني بسبب أن ضميرها يؤنبها من جراء إخفاء هذا الأمر عن زوجها. أرشدوني ماذا أفعل، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: لو كنت مكانك لأصابني ما أصابك من الهم والغم، لأن الأمر ليس يسيراً، وقد أحسنت صنعاً أن تمالكت أعصابك، ولم تتصرف بتصرف طائش تندم عليه فيما بعد. وأوجز لك مشورتي على شكل نقاط: 1- زوجتك لها معك ثمان سنوات، وأنجبت منها أربعة أطفال، وأظنك طول هذه المدة لم تشك فيها يوماً، لأنها -كما تقول- متدينة. ألم تكفك هذه السنوات كلها للتعرف على حقيقة زوجتك؟!! إنها لو لم تخبرك بمحض أرادتها لم تعرف شيئاً، وهذا دليل على براءة هذه المرأة وطهارتها، إذ لو كانت سيئة ما أخبرتك بشيء. 2- وقعت هذه الجريمة النكراء وعمر زوجتك ست سنوات، فأي ذنب ارتكبته هذه المسكينة البريئة!! إنها لو زنت وهي مختارة بالغة ثم تابت للزمك إعانتها، فكيف وهي صغيرة مكرهة....!! 3- كان ينبغي على زوجتك، ومن في مثل حالها أن لا تخبرك، حتى لا تدخل الوساوس إليك، لكنها أخبرتك لبراءتها من ناحية، ولرغبتها في مساعدتك من ناحية، فهي رأت فيك صلاح الدين ورجاحة العقل، فكن عند حسن ظنها. 4- اعتبر هذه القصة كأنها لم تحصل، وتناساها تماماً، ولا تخبر بها أحداً، حتى لا تكون مدخلاً للشيطان عليك. 5- استعن بالله، ولا أظنك ستندم على إبقائها معك، وليكن ما أصابها درساً لك في متابعة أولادك، وانظر دائماً للأمام، ولا تنظر إلى الوراء، وفقك الله لكل خير، وأسعدك وأهلك في الدارين.

زوجي كثير الشكوك

زوجي كثير الشكوك المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 6-9-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أُرسل سؤالي هذا وهو يتعلق بالمعاملة الزوجية. زوجي كثير الشكوك والظنون بي ولا أعرف ماذا أعمل لكي أكسب ثقته حتى أنه يطلب مني عدم لمس الأشياء الخاصة به مثل الجوال والسيارة والأوراق وكذلك ملابسه فالرجاء منك مساعدتي على الطريقة وهل تستمر الحياة هكذا مع هذه الشكوك. الرجاء الرد ولكم جزيل الشكر. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" إن هذا السلوك الذي يقوم به الزوج هو سلوك مرضي فزوجك يعاني من مرض عصابي يعرف باسم " الوسواس القهري"وهو مرض نفسي، ولا تقلقي عندما تسمعين أنه مرض نفسي، فالأمراض النفسية أنواع كثيرة إلا أن مرض الزوج من خلال ما ذكرتِ فهو مرض نفسي عصابي، وبفضل الله يمكن علاجه وذلك من خلال الذهاب إلى طبيب نفسي لأخذ عقار دوائي يخفف من حدة هذه المشكلة حتى تنتهي أو الذهاب إلى معالج نفسي حتى يستطيع معاونته من خلال الجلسات واتباع المنهج العلاجي المناسب له حسب حالته فقد يتخذ منهج العلاج السلوكي أو العلاج بالتحليل، وهذا يرجع إلى طبيعة الحالة بعد كشف الستار عن الأسباب الحقيقية المؤدية للمشكلة من خلال الجلسات والمقابلة عدة مرات وأنصح بسرعة التوجه كما ذكرت للطبيب النفسي أو المعالج النفسي حتى لا تتفاقم المشكلات بينكما ومن ثم لا تستمر حياتكما نتيجة ما تعانيه من آلام أيتها الأخت العزيزة. أنتِ أيتها الأخت الكريمة يجب عليك كزوجة صالحة وهو ما بدا واضحاً حينما قلتِ أنكِ تريدين كسب ثقته فأنتِ ثقة بإذن الله وأرجو أن تتقبلي سلوك الزوج، ولا تخرجن عن شعورك أو يضيق بك الحال من كثرة هذه الوساوس التي تراود الزوج إذا كانت بصفة مستمرة أو بصفة دورية فهو يعاني من مرض وليس على المريض حرج حتى يتم شفاؤه. والواجب عليك كزوجة صالحة أن تتفهمي الموقف وتحاولي إقناع الزوج بأنها مشكلة مرضية وربنا خلق العلاج وخلق من يعاون على تقديمه ويجب أن ننظر للمرض النفسي نظرة رضا ولا تتجاهل المرض لأن التجاهل يعمل على تفاقم الظاهرة ويزيدها تعقيداً كما أرجو إقناع الزوج للذهاب للعلاج كما ذكرت آنفاً. آملاً من الله التوفيق والشفاء العاجل.

شك في غير محله

شك في غير محله المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 06/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي هي: أنا شاب -ولله الحمد- ناجح في دراستي وعملي، ومحبوب لدى أقاربي ومَنْ حولي، ولكن مشكلتي أني كثير الشك حتى في أقرب الناس لدي، وهي زوجتي، حيث إنني أتخيل أنها تخونني مع أحد أقربائي، حتى في مجامعتي لها أتخيل أنها تفكر في ذلك الشخص، وأعلم أن ذلك خطأ، وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ومع ذلك ما زالت تراودني مثل هذه الأفكار من وقت لآخر - وهو حالي مع أقربائي-، أرجو من الله ثم منكم الرد عن هذا السؤال. الجواب بسم الله، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الحبيب: تسأل عن فكرة أصبحت مثار شك لديك، والتي تتمثل في تخيلك في خيانة زوجتك لك مع أحد أقاربك، وسيطرة هذا الشك عليك، حتى أثناء المعاشرة الجنسية، رغم أنك متفوق في دراستك وعملك. أخي الكريم: إن كثيراً منا في ممارسة سلوكياته الحياتية يتناسى كثيراً الضابط الشرعي في إجراءات تنفيذ مثل هذا السلوك، وبخاصة القيم المرجو منه التحلي بها، اقتداء بما نص عليه ديننا الحنيف، فمثلاً المعاشرة الجنسية مع الزوجة لها أسس شرعية، علك تجاهلتها فدخل الشيطان من خلالها. أما الشك في زوجتك فقد أرجعه لعدة أسباب، منها حبك الزائد لها، جعلها محور تفكيرك، والتي قد تأتي بصورة الشك في أحيان كثيرة، وقد قالوا (ومن الحب ما قتل) ، أو قد يكون الشعور العكسي المتمثل في إحساسك بالنقص أمام ما تحمله زوجتك من المزايا جعل هذا الشك يسيطر على تفكيرك، كأن تكون تفوقك علماً أو جاهاً أو جمالاً ملفتاً، وغيره من المتغيرات التي عادة ما تؤثر على العلاقة الزوجية السليمة، التي من أسسها العلمية السلمية التكافؤ بين الزوجين.

إذا كانت الفكرة تتقمصك دائماً فقد تكون مصاباً بمرض الشك، وعليك التوجه للطبيب النفسي والخضوع لجلسات نفسية لاسترجاع التاريخ التطوري لحياتك، فقد تكون بحاجة لتدخل دوائي معين لخفض درجة الشك، والتي يصاحبها أعراض من القلق والتوتر والذي بدوره ينعكس على حياتك الأسرية بعامة، ولا أخفيك أنني أخشى أن تكون من بعض الحالات السادية، وهي حالات مشهورة في الطب النفسي، بحيث لا يمارس نوعاً من المعاشرة إلا من خلال سلوكيات معينة قد تكون التخيلات إحداها، ولكن اعتراضك على هذا السلوك هو ما يجعلني أميل أن العارض لديك يحتاج للتعرف أكثر على بعض المتغيرات في حياتك، فأنت تبدو حديث عهد بالزواج، وبالتالي أتوقع أن تكون الغيرة -مع وجود حساسية لديك في العلاقة الزوجية، قد تكون ناجمة عن تجارب غير إيجابية اتجاه النساء - جعلت مثل هذه الفكرة تسيطر عليك. الدراسات أثبتت أن من كان لديه علاقات محرمة قبل الزواج ينعكس ذلك على علاقاته الزوجية، اعرض نفسك ولا تتردد على من تثق به من المختصين في الطب النفسي، وأعد ترتيب أوراقك والتزامك بواجباتك الدينية، فلا يكفي الإنسان أن يقول إنه فائق علمياً وعملياً حتى يعيش حياة سليمة، فالالتزام الديني والقيام بأداء الواجبات قبل هذه وتلك. أسأل الله - عز وجل- لك الشفاء وأن يمتعك بالصحة والعافية.

زوجي أصبح لا يثق بي، فكيف أعيد ثقته

زوجي أصبح لا يثق بي، فكيف أعيد ثقته المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 8/10/1424هـ السؤال أنا امرأة متدينة ومتزوجة من رجل لا يحافظ على الصلاة دائماً، ويحب التميّز والأناقة، ويصاحب رفقة سوء، وذات مرة أخطأت خطأ يؤثر في عرضه وكرامته ولم يصل إلى الكبيرة، وتبت منه، لكنه أثّر فيه وأدّى إلى انحرافه، ولم يطلقني حفاظاً على أولاده الستة مني، وأنا الآن ومنذ أربع سنوات أعاني من عدم ثقته بي وظنه المستمر بنزاهتي، مع أني بريئة من كل ذلك، أريد حلاً لإعادة الثقة لي وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخت الكريمة:- وفقها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أسأل الرحمن الرحيم أن يثبتك على الدين، وأن يذيقك حلاوة الإيمان حتى تسعدي في الدنيا بطاعة الله - عز وجل-. الذي أراه في موضوعك هذا أن تعتني بالأمرين التاليين: الأول: في علاقتك مع الله تبارك وتعالى، وأنصحك فيه بما يلي: (1) كثرة الدعاء بصدق وإلحاح في أوقات الإجابة على وجه الخصوص، وتوسلي إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وبإيمانك به أن يفرج كربتك، وأكثري من قول: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"، وأكثري من الدعاء له أن يهديه الله، وأن يرقق قلبه عليك (ولا تستهيني بالدعاء) . (2) صدق التوبة من هذا الذنب خاصة، بحيث تكون التوبة خالصة لوجه الله فإذا قبلت التوبة فرجت المصائب، وأكثري من الاستغفار فإن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق فرجاً، ومن كل هم مخرجاً. (3) كثرة الطاعات؛ كالصلاة والذكر وقراءة القرآن، وبذلك تحصل لك التقوى التي هي سبب في تفريج الهموم، قال الله - عز وجل-: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] . الثاني: في علاقتك مع زوجك -أصلحه الله- وأنصحك فيه بما يلي: (1) سلوك الطريق المستقيم والحذر من كل خطأ قد يزيد النار اشتعالاً، وبخاصة ما يشبه الخطأ السابق. (2) فتح الموضوع معه ومحاولة إقناعه بتوبتك وندمك، ووعده بعدم الوقوع في الخطأ مرة أخرى، وأكدي كلامك بالقسم بالله تبارك وتعالى. وذكريه بأن الله - عز وجل- يقبل توبة العبد: وأن من تغاضى عن عثرات الناس عفا الله عن زلاته يوم القيامة، وفي هذا قال الله - عز وجل-: "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم" [النور:22] . وقال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله-: "ما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله به يوم القيامة". (3) إظهار التصرفات الحسنة التي تزيل ما في نفسه، مثل العناية بالزينة التي تعجبه والاهتمام بالطعام الذي يفضله، ومحاولة التأثير على مشاعره بلطيف الكلام وإسعاده في فراشه- إن تيسَّرت الأمور - وملاعبه أولاده ورحمتهم أمامه وغير ذلك. وأختم بالدعاء لك: اللهم يا رحمن يا رحيم فرج كربتها، واكشف غمها وحقق مرادها، وتمم سعادتها وأصلح زوجها وأصلح بينها وبينه وأرزقها حياة هانئة. وصلى الله وسلم على نبينا وحبينا محمد والحمد لله رب العالمين.

زوجتي ليست بكرا

زوجتي ليست بكراً المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 19/12/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ: أنا شاب مسلم، وأعمل في دولة من دول الخليج، سافرت قبل شهرين وتزوجت في بلدي، واكتشفت أول يوم في الزواج بأنها ليست بكراً، ولم أتأكد بهذا إلا بعد مضي حوالي شهر، حيث إنني كنت أشك فقط وكنت أتجادل معها حتى صارحتني بعد شهر بأنه كان لها علاقة مع أحد الناس، وأنها أخطأت معه، وباشرها أكثر من ست مرات، ومن يومها لا أعرف ماذا أفعل؟ هل أطلقها؟ ولكني أحبها لدرجة كبيرة جداً، بالرغم مما أشعر به من مرارة، وبالرغم من الشك الذي لا يجعلني أنام، وخصوصاً وأنا في بلد غريب وتركتها وحدها، فلو طلقتها فلن تتوب، ولقد أقنعتها بلبس الحجاب وقامت بذلك بالفعل، بالله عليك دلني لأفضل عمل أقوم به في نظر الإسلام، ولك شكري. الجواب الحمد لله، وبعد: إلى الأخ الكريم: - حفظه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في الحقيقة أشعر بمدى الأسى والحزن والحيرة والشك الذي تعيش فيه ويسيطر عليك، وحق لك ذلك، فإن مصابك ليس بالهين، فجرحك عميق، وأن ما تعانيه أمر مؤذٍ وشيء محرج للغاية، ولا يمر بإنسان هذا الموقف إلا ويصيبه مثلما أصابك، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لكن أخي الكريم أود أن ألفت نظرك لعدة أمور منها: (1) أن الله - سبحانه وتعالى - خلق الإنسان ضعيفاً بطبعه ذكراً كان أو أنثى، وخلقه مجبولاً على الخطأ والنقص، وهذا الأمر متأصل في الإنسان منذ بداية الخليقة، فهذا أبونا آدم - عليه السلام - كان يعيش في جنة الخلد، ومع ذلك لم يسلم من الخطأ وإغواء الشيطان له والقصة معروفة، فيا أخي الكريم كلنا ذو خطأ وخير الخطائين التوابون. وأنا أقول لك هل هناك إنسان لم يخطئ أبداً؟ أنت نفسك عندك من الخطايا والذنوب والآثام ما الله به عليم، وكلنا كذلك. من الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط

فليس هناك أحد معصوم من الخطأ والزلل إلا الأنبياء - صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً - حتى الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم جميعاً- لم يسلموا من هذه الأخطاء، وتلك الذنوب، وما حديث المرأة الغامدية - رضي الله عنها - التي زنت وذهبت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكي يقيم عليها الحد عنك ببعيد، وكذلك حديث ماعز - رضي الله عنه - الذي زنى هو الآخر، وذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- ليقيم عليه الحد، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- برجم كل من الغامدية وماعز - رضي الله عنهما- حتى قال - صلى الله عليه وسلم- عن الغامدية - رضي الله عنها -: "لقد تابت توبة لو قُسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله - عز وجل -؟! " أخرجه مسلم (1696) ، من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما- فالله - سبحانه وتعالى - أرحم بعباده، فقد جعل لهم مخرجاً ومنفذاًُ إذا وقعوا في الخطأ، وذلك بالتوبة والاستغفار وفعل الخير، لذلك قال - تعالى -: "إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" [هود: 114] ، وكذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لأمنا عائشة - رضي الله عنها- لما رماها المنافقون بالزنا - وحاشها ذلك- قال لها: "يا عائشة، إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه وتاب إلى الله تاب الله عليه" رواه البخاري (4750) . (2) هل كان اختيارك لهذه الزوجة على أساس ديني أم ماذا؟ قال - صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك" متفق عليه عند البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم-: "تربت يداك" أي فزت وربحت لاختيارك صاحبة الدين على من سواها، فهل كان اختيارك لهذه الفتاة على هذا الاختيار أم ماذا؟. (3) الزواج نعمة عظيمة ومنحة من الله جسيمة، فهو رباط شرعي مقدَّس، وقد سماه الله - سبحانه وتعالى - ميثاقاً غليظاً، وقد أحاطه الله - سبحانه وتعالى - بحصون كثيرة تمنعه من الاهتزاز والسقوط، وأمرنا جميعاً أن نتعاون فيما بيننا ونعمل على حماية هذا الصرح الشامخ، وذلك بكل الوسائل المحكمة والمتاحة لنا، وأن نتجاوز عن كثير من المشاكل والعقبات التي قد تؤدي إلى انهيار هذا البناء، قال -تعالى -: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء" متفق عليه عند البخاري (5184) ، ومسلم (1468) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. فبناء على ما تقدم أرى أن عليك الآتي: (1) إذا تابت هذه المرأة من هذا الذنب العظيم توبة نصوحا، ً وأحسستَ منها صدق التوبة فليس لك عليها سبيل فامسكها وأحسن إليها، أما إذا كانت باقية على هذا الذنب فلا يحل لك البقاء معها؛ لأن الله حرم ذلك على المؤمنين قال -تعالى-: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور: 3] .

(2) إذا تابت هذه المرأة فينبغي عليك أن تنسى هذا الأمر بالكلية، وتعيش معها حياة طيبة وكأن شيئاً لم يكن. (3) عليك أن تزيل هذه الوساوس من نفسك، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلاً، فلا تجعل من نفسك أرضاً خصبة للشيطان يرتع فيها ويجول، ودع عنك هذه الوساوس والشكوك؛ لأن هذه الوساوس والشكوك إذا تحكمت منك جعلت حياتك جحيماً، وحدث ما لا يحمد عقباه. (4) إذا كنت لا تستطيع أن تسيطر على نفسك، وقد تحكمت الشكوك والوساوس في نفسك فالأولى والأفضل لك ولها الانفصال؛ حتى لا تظلمها ولا تؤذيها، وعسى الله أن يبدلك خيراً منها ويبدلها خيراً منك. (5) عليك بالاستخارة والإكثار من الدعاء وصدق اللجوء إلى الله أن ييسر أمرك، ويريح نفسك، ويهدئ روعك، ويذهب غيظ نفسك، ويبعد عنك وساوس الشيطان، وأن يبدل هذه الشكوك إلى ثقة واطمئنان. (6) حاول واسع جاهداً ألا تبتعد عن زوجتك مدة طويلة؛ فأنت شاب وحديث عهد بعرس، وكذلك زوجتك والشيطان حريص على إضلال العباد وإفسادهم، فكن على حذر منه، فاجتهد بأن تأتي بزوجتك عندك في البلدة التي تعمل فيها، ويكون ذلك أدعى لذهاب هذه الوساوس والشكوك التي تعتريك وتنغص عليك حياتك، ويكون ذلك سبباً في إنقاذك من الحيرة التي أنت تعاني منها. هذا والله أعلم، نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير وبر، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر، ويقر عينك بصلاح زوجك اللهم آمين، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أريد أن أسترجع ثقة زوجتي بي

أريد أن أسترجع ثقة زوجتي بي المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 04/05/1425هـ السؤال حدث في يوم من الأيام أن زوجتي وجدت رقمًا غريبًا في جوالي، وهو لامرأة، وقبلها قد وجدت تسجيلاً بذيئًا مع إنسانة تستثيرني جنسيًّا أثناء حديثنا، وأقسمت لها بكل الأيمان ألا أعود لهذه التفاهات، وحاولت بكل الطرق أن أستعيد ثقتها بي ولم أستطع، فأصبحت تشك فيَّ، على العلم أن جميع هذه العلاقات غير جادة نهايئًّا، وقد ذهبت إلى غير رجعة، ولكنني أحس بأنها قد تفعل أي شيء حتى الخيانة كي تحس بنوع من الارتياح الوهمي الذي يمليه عليها الشيطان. الآن نحن نعيش في بيت واحد ولنا ولدان وبنت، وما جعلها تجلس في البيت ولم تغادر إلى بيت أهلها هو الأولاد وخسارتها معي في بناء بيت الزوجية، حيث يكاد يكون بيتي هو الفريد في قريتي التي أسكن فيها من حيث الجمال والتكاليف، مع العلم أنني رومانسيٌّ جدًا ولكن لست جميلاً، وهي باردة غالبًا وجميلة جدًا. أريد أن أسترجع ثقتها بي بأي شكل من الأشكال، حيث إنه كل ما يحدث في الكون من خيانة ومن مشاكل زوجية أصبحت تربط بينها وبين ما بيننا، وإذا تذكرت ضاق بها البيت يومين أو ثلاثة أو أكثر. ماذا أصنع. أفيدوني فأنا أعيش عيشة بدون طعم رغم أنها تقوم بجميع ما أطلبه منها ماعدا أنها تقول إذا رأيتك أحس بغلطة عمري، وتقول إنها لم تستطع نسيان ما جرى وخاصة كلما أتيتها. جزاكم الله ألف خير. الجواب من خلال استعراض سؤالك والحوار معك، وتغليب جانب الصدق في قولك وما وصفت به حال زوجك معك؛ أشعر أن موقفها هو نوع من التهرب منك بصورة أنك أنت السبب، ولأنها لا تشعر بكثير من الشوق إليك جاء هذا الحدث - الذي بدوت فيه ضئيلاً أمامها - ليقنعها بالفرصة السانحة في التخفف من رغبتك الجامحة التي لا تتناسب مع مستوى رغبتها هي. وسأقترح عليك بعض المقترحات، مع شعوري أن السؤال جاء متأخرًا؛ حيث مضى على هذه المشكلة نحو 10 أشهر، ولكن أرجو الله أن يوفقك لتجاوز المشكلة: 1. أن تحاول إقناعها بأن تتصل هي بجهات الاستشارات الموثوقة، وهي إن كانت تريد تجاوز هذه المشكلة فعلاً فستجد حلاً يطمئنها ولو عرضت المشكلة برؤيتها هي. 2. حاول أن تبني جسوراً جديدة من غير محاولة الإلحاح على التبرئ والتأكيد على التغير، دعها تلمس هذا التغير تعاملاً ومعاملة، وأشعرها بالأهمية والحب، وسافر معها سوياً في نزهة، واخرج معها للعشاء في مطعم، فاجئها بهدية، أكثر إطراء إيجابياتها، قم وإياها سوياً بالعمرة؛ إن مثل هذه الأشياء تسعدك كما تسعدها وترمم العلاقة وتأسوا الجراح. 3. كنت سألتك عن أقرب مدينة إليك يتوقع أن يوجد فيها مراكز تدريب، وأعني بها ذلك النوع من المراكز التي تقدم دورات في العلاقات الاجتماعية بحيث يلتحق كلاكما بها، وتحسنان من مستوى العلاقة التي وصفت في حديثك بأنها كالموج تعلو حينًا وتهبط حينًا.

4. أرجو ألا تكون غافلاً عن سؤال الله -تعالى- أن يصلح لك زوجك، وأن يجعلها لك قرة عين كما هو دعاء المؤمنين (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا) [الفرقان] . 5. إذا لم تستجب للفكرة أو لم تقتنع بالجواب أو لم يتحسن تفاعلها معك إلى الحد الذي يشبع شوقك وشهوتك؛ فالمقترح الزواج بأخرى تستدرك فيها ما فاتك من زوجتك الأولى، مع إبقائك الأولى في عصمتك فإنها أم أبنائك وستسهم في تحقيق من رغبتك، وربما كان زواجك بالأخرى دافعًا لها لأن تحاول كسب قلبك إليها. 6. وأخيرًا أقترح أن تكون لكما عناية بالثقافة الأسرية من خلال بعض الكتب المتخصصة في هذا الشأن أو متابعة بعض المجلات، ففيها خير لكما. جمع الله بينكما على البر والتقوى، وجعل كل واحد منكما قرة عين للآخر.

زوجتي ليست عذراء

زوجتي ليست عذراء المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 3-6-1423 السؤال أنا شاب تزوجت وأنا في بداية العشرينات، وأنجبت مع زوجتي أولادا ومن هنا تبدأ المشكلة، وهي أنني عندما تزوجت ودخلت بزوجتي ليلة الدخلة وجدت زوجتي ثيباً، فالتزمت الكتمان على السر وهنا كانت الصدمة الكبرى وأصبح القلق يعيش معي وكنت أعيش غريباً حزينا كئيباً كلما تذكرت أن أحلامي وطموحاتي قد تحطمت، أصبحت لا أحترمها ولا أطيقها، لا أتكلم معها كثيراً وأصبح لا يوجد حب بيننا فهل لمشكلتي من حل بعد سنوات من الزواج؟ والسلام عليكم الجواب الأخ الكريم.. شكرا ً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" وددت لو وضحت أكثر عن حالك وحال زوجتك وموقفها من هذا الأمر الذي اكتشفته ليلة الزواج.. هل كان لديها علم بهذا أم أنك اكتشفته بنفسك ولم يكن لديها خلفية عنه ومن جانب آخر كنت أود أيضا التوضيح عن حالك هل هذا الهم والحزن والبغض كان مستمرا معك طيلة هذه السنوات في حياتك الزوجية أم هو أمر حادث قريباً ليكن في علمك أخي الكريم أن مسألة البكارة لدى النساء تختلف من امرأة إلى أخرى. فهذا الغشاء لدى البعض منهن رقيق جداً إلى درجة أنه ربما يحصل له تمزق أثناء سقوط المرأة من درج السلم مثلاً أو القفز المتكرر أو غيرها من الحوادث البسيطة والتي لا نتصور نحن بأنها يمكن أن تحدث أثرا بالغاً في غشاء البكارة لدى الفتاة. وهذا بعكس البعض الآخر من النساء اللاتي يتصفن بقوة شديدة في غشاء البكارة لديهن حتى أنه يتطلب أمر فضها تدخلاً جراحياً من قبل الأطباء. وهذا الأمر وارد جداً في حال زوجتك فلا تستعجل الاتهام والرمي بالزنا قبل التأكد من ذلك. الأمر الأخر.. أنت الآن لديك أطفال من هذه الزوجة التي لم تشتك أنت من حالها معك وتبعّلها إليك وحسن معشرها لك.. وهؤلاء الأبناء هم فلذة كبدك ويستحقون حقيقة تضحيتك من أجلهم.. فلا تدع الشيطان يجد فيك مرتعاً خصباً لوسوسته عليك.. ومنبعاً واسعاً لبث همومه وآلامه فيك. الأمر الثالث: أن الله سبحانه وتعالى أرشد فقال (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) وقال المفسرون أن الأولاد الصالحين المفلحين هم ربما من الخير الكثير الذي وعد الله به الصابرين على زوجاتهم اللاتي كرهوهن ولم يطيقوهن وهذا بالإضافة إلى الأجر الكبير والثواب العظيم لمن يحسن إلى زوجته وهو لها كاره. الأمر الرابع: أنت الآن لك سنوات عديدة في هذا الزواج والسؤال المهم هنا هو كيف حال ذلك الزواج؟ وكيف هو التفاهم بينك وبين زوجتك؟ وكم نسبة المشاكل الحادثة في بيتكم بينك وبين زوجتك؟ وما منهج زوجتك وطريقتها في حرصها على إسعادك وجلب الراحة إلى نفسيتك؟ وكيف هو تبعّلها لك وحرصها على البعد عن إسخاطك؟ هذه كلها أسئلة عليك أخي الفاضل أن تزنها في ميزان عقلك بعيداً عن هوى الشيطان الحريص جداً على التفريق بين كل زوجين مسلمين. وفقك الله وأسعدك.

زوجي يشك في

زوجي يشك فيّ المجيب د. راشد بن سعد الباز عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 11/04/1425هـ السؤال مشكلتي هي زوجي يشك فيَّ لحد الوسوسة؛ فهو يربط بين كلامي وكلام الناس ليثبت شكه فيّ، فإذا تكلمت معه بكلام عادي ثم سمع قريباً منه من أصحابه، عندها يشك أني متفقة مع أصحابه عليه، وأيضاً يستدل بالتوافق في الألوان على صحة شكه، فعندما ألبس أي لبس ويخرج خارج البيت ويرى الناس خارج البيت لابسين مثلي يقول لي أنت متفقة معهم علي! وأيضاً عندما يخرج عند أصحابه يتصل كل دقيقة علي، وهكذا حياتي معه. أرجوكم ما الحل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: الأخت السائلة: -وفقها الله-، سلام عليكم ورحمة منه وبركاته. الشك قد يكون نابع من الغيرة والتي هي أحد مؤشرات حب الزوج لزوجته واهتمامه بها، لكن إذا زادت عن حدها وانقلبت إلى شكّ فتُصبح مشكلة تهدد الحياة الزوجية، عرضك للمشكلة لم يتبين متى بدأت وكم لكم من الزمن متزوجين، وهل هناك أطفال، لكن يبدو أنّ جلوسه مع الرفقة وما يدور فيها من أحاديث قد تكون عامل مهم في وجود هذا الشك. من الخطوات التي يُمكن اتباعها: 1-عند خروجك مع زوجك أو عند زيارة الأقارب والصديقات خذي رأيه في اختيار ملابسك التي ستردينها. 2- قللي من طلعاتك وخروجك من البيت لفترة من الزمن. 3- عند استخدامك للهاتف للحديث مع قريباتك أو صديقاتك حاولي أن تكلمي وهو موجود لكن لا تطيلي في الكلام. 4- من الضرورة الجلوس مع زوجك والحديث معه والتعبير له عن حبك له وحرصك عليه أولاً ثم مصارحته لمعرفة أسباب شكوكه فقد يكون هناك أسباب وهمية لشكوكه يمكن أن تُصحيحها وتزيلها من تفكيره. 5- لا تنسي الدعاء له؛ فالدعاء سلاح المؤمن، وقد وردت آيات قرآنية عديدة وأحاديث شريفة تُبين أهميته، منها قوله تعالى: "ادعوني استجب لكم". وقوله تعالى: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء". 6- إذا استمرت المشكلة ولم تُحل وسطّي إحدى قريباته العاقلات والتي لها مكانة عنده أو أحد محارمك العقلاء ممن يكن له احترام وتقدير. 7- إذا استمرت المشكلة فأعرضي عليه بأسلوب طيب ومناسب استشارة طبيب نفسي لأنّ استمرار مشكلة الشكّ يعني وجود مرض أو اضطراب نفسي. عليكِ يا أختي بالصبر والتعاون مع زوجكِ في مواجهة هذه المشكلة والتي قد تكون خارجة عن إرادته، وهذه من الأمور التي يُثاب عليه المسلم بإذن الله. أسال الله لك العون والصبر.

اكتشفت تاريخ زوجتي

اكتشفتُ تاريخ زوجتي المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 17/03/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم. أنا رجل، متزوج منذ 12 سنة، ولي عدد من الأولاد، وكان زواجي من فتاة زميلة لي، وكانت بيننا علاقة شريفة في حدود المعقول والمسموح، وكان زواجنا بعد التخرج على سنة الله ورسوله، وفجأة وقبل عدة أشهر اكتشفت أنها كانت على علاقة بشخص قبل معرفتي بها، وأنها عاشرته دون الخدش بعفتها والعياذ بالله، فاحتقرتها بقدر ما كنت أحبها وأكثر، ولا أستطيع ملامستها رغم أني سألتها قبل الزواج إن كانت تعرف أحداً قبلي، فمدت يدها على القرآن الكريم وحلفت أنها لا تعرف سواي، ولأن نفسي عزيزة ولا أستطيع أن ألمس واحدة مرت بتجربة سواء شرعية أم لا، علماً أني عرفت عن طريق الصدفة وضغطت عليها فأجابت بالتفاصيل، فو الله لم أضربها ولم أمارس قساوة الرجولة عليها، ولم أخبر أحداً من أهلي أو أهلها، ولكنني شبه هاجر لها، فأخبروني وانصحوني أثابكم الله، علماً أن علاقتنا الزوجية والعائلية جيدة جداً، سواء من أهلي أو أهلها أو بيننا، وأود المحافظة على سمعة أولادي وسمعة عائلتي، فأخبروني ماذا أفعل وأنا رجل وحاج بيت الله ولا أقبل الحرام ولا أستطيع ملامستها، علماً أن أي شيء لا يغضب الله أقبله. وفقكم الله وسدد خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: دعني أولاً: أحيي فيك رجولتك، ونبل أخلاقك في تعاملك مع زوجتك عندما علمت عنها ما علمت، وأسأل الله أن يجزيك عن ذلك أفضل الجزاء وأوفاه. ثم ثانياً: دعني أقف معك وقفة مصارحة ومعاتبة: أخي الكريم إنك تعيش مع هذه المرأة منذ اثنتي عشرة سنة، وبينك وبينها أولاد، أصبح عمرها الحقيقي هو عمرها معك، وحياتها الحقيقية هي حياتها معك، لم تر منها خلال تلك المدة الطويلة ما يسوؤك ولا ما تنكره عليها، فهل بعد هذه المدة تبدأ في حفر الماضي، وتقيم محاكم التفتيش لتسألها عن شيء حصل قبل أن تعرفك، وقبل أن ترتبط بك، وقبل أن يكون بينكما حرمة!. أخي الكريم: إن الله -جل وعلا- قال عن الكافرين: "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف" [الأنفال: 38] ، فجعل مجرد كفهم عن الكفر سبباً للمغفرة، أفلا يكون سبباً للمغفرة عندك هذه العشرة الطويلة، وهذه العلاقة الشريفة، وهذا الخلق الكريم منها معك ومع أهلك، ومن أهلها معك، ولذلك فإني أرى أن التصرف السليم الذي كان عليك أن تفعله عندما بلغك هذا الخبر أن تدفنه وألا تصارحها به، وألا تتحدث معها فيه ما دام أنك لم تر منها طوال حياتك ما يريبك، أما تلك الزلة التي حصلت منها في تلك الفترة فينبغي أن تعلم أن كل الفتيات عرضة للإغواء، ولكن واضح من حال زوجتك أنها كانت مستعصمة ولم تقع في الهاوية، وهذا بحد ذاته منقبة كريمة لها.

وأما أنها حلفت بعد أن استحلفتها، فماذا تتوقع من فتاة تُسأل مثل هذا السؤال القاسي والمحرج إلا أن تستتر بستر الله عليها، وأن تكتم ما جرى منها، وأنت تعلم أن لكل منا في حياته أموراً لا يرغب أن يطلع عليها أحد، فلماذا تجعل هذه المرأة في هذا الامتحان العسير؟! إن عليك -أخي الكريم- أن تضرب صفحاً عن الماضي كله، وأن تعتبر بحال العُشرة بينكما، وأن تتذكَّر أن الإنسان لا يصح أن يكون متهماً بخطيئة وقعت منه، أو هفوة سلفت في ماضي عمره. أخي الكريم: إن الشيطان لا يفرح بشيء كما يفرح أن يفرق بين الرجل وزوجه، ولذلك فلا تدع للشيطان فرصة أن يهدم ما بنيتماه طوال هذه المدة الطويلة. استعذ بالله من الشيطان، وصارح زوجتك بأن ما جرى منها هفوة يغفرها لها حالها معك وجميل عشرتها، وأنك لا تحتبس هذه الذكرى الآن في مخيلتك، وإنك إنما تتعامل معها من خلال عشرتك معها، وعلاقتك الطويلة بينك وبينها، ولا تجعلها تعيش في حال توجس وقلق وهي تعاشرك؛ فإنها لا يمكن أن تسعدك وهي بهذه الحال. أنصحك -أخي الكريم- أن تأخذ زوجتك الآن في رحلة إلى العمرة، أو أي منتجع جميل هادئ، وتبدأ معها علاقة جديدة حارة، تشعرها بالأمن بقربك، وتشعرها بثقتك بها، وتجعلها تتجاوز هذه المحنة، وإياك أن تتعامل معها بما يشعر باستغرابك منها في هذا الوقت، ولعل عفوك عنها يكون سبباً لعفو الله عنك، وإحسانك إليها يكون سبباً في إحسان الله إليك. أسأل الله أن يصلح شأنكما، ويؤلف ما بينكما، ويغفر لي ولكما، والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته.

زوجته على علاقة محرمة برجل!

زوجته على علاقة محرمة برجل! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 14/03/1426هـ السؤال ثبت لدي بأن زوجتي لها علاقة برجل آخر من خلال بحثي بتلفونها النقال، حيث وجدت رسائل صادرة وواردة غير أخلاقية بينهما، وكذلك مكالمات هاتفية صادرة وواردة مع الرجل الذي تحادثه، وعند مواجهتها، قالت بأنها لا تعرف شيئاً عن هذه الرسائل، علماً أن هذا هو تلفونها الجوال الخاص بها، وأنا أخاف الله أن أظلم نفسي أولاً ثم أظلمها، وكذلك لا أقدر أن أعيش بدون أن أتصرف تصرفاً يحثني عليه ديني. فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: جزاك الله خيراً على غيرتك، وأصلح لك زوجك، وحببها إليك، وحببك إليها، ما تذكره -أخي السائل- أمر محزن ولا شك، وهو طليعة نذير لك، ينبهك إلى وجوب تدارك الأمر قبل أن يتفارط عقده ولات حين مندم، ولا زالت المشكلة في بدايتها، وأنت -بعون الله- قادر على احتوائها وحلها، ولا سبيل لذلك إلا بالحلم، والصبر والتأني، والتثبت، ومعالجة الوضع بالحكمة. أولاً: يجب عليك وجوباً قطعياً ألا تترك فرصة للشيطان ليرديها في هذا الطريق المظلم الخطير، فلا تمنحها كامل الثقة، فتضيع الأمانة، ولا تمنحها كامل حريتها بأن تتركها تخرج متى شاءت، وإلى أي مكان تشاء، أو لا تسألها إلى أين هي خارجة، بشرط ألا يصل الأمر إلى حد التجسس والوسوسة. ثانياً: تفقَّد حالك، عليك أن تسأل نفسك: ما الذي دفعها إلى هذه العلاقة الآثمة على فرض ثبوتها؟ ربما كنت أنت السبب في ذلك، ربما كنت مقصراً معها في الجوانب العاطفية الرومانسية، ربما كنت مقصراً في إشباع رغبتها وشهوتها، إن سد هذا الخلل، وتفادي هذا النقص يتطلب منك أن تمد من فترة بقائك في البيت بجانبها وأولادها، كما يتطلب منك مزيداً من العطف والحنان، واللمسات الحانية، المظهرة لمكنون الحب في قلبك تجاهها، ولا تظن أن السخاء بالنفقة عليها يعوض ما نقص من الجوانب العاطفية، والحاجة الغريزية، فمهما بلغ الرجل من الكرم والسخاء والنفقة على زوجته فإن ذلك لا يعوض النقص في الجوانب الأخرى. ثالثاً: تفقَّد بيتك: فربما كنت قد تركت الحبل على الغارب، ومكنت لقنوات الخناء والفحش أن تتسلل إلى بيتك وتلوثه بالأفكار المسمومة، وتلطخه بالصور والمشاهد الخليعة، وتحسين مشاهد المنكرات، والعلاقات الآثمة، وربما كانت زوجتك ضحية هذا التفريط، فتدارك الأمر وطهِّر بيتك من هذا الفجور، ولا تبقي من القنوات إلا ما يخلو من هذه المنكرات. وتذكَّر أخيراً قوله تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم" [الشورى:30] أي بذنوبكم، ومن الذنوب التقصير في أداء الحقوق، ومنها حق الزوجية، ومن الذنوب أيضاً التفريط في الأمانة. وفقك الله.

مشكلات التعدد

تزوجني الثانية ... وظلمني! المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 02/04/1427هـ السؤال أنا على وشك الطلاق وأنتظر بعض الإجراءات الروتينية لاستلام ورقة طلاقي. كنت في السابق متزوجة وتوفي أبو أولادي وترك لي ولدين ربيتهما وحدي بعون رب العالمين ولا أنوي التخلي عنهما. الحمد لله أنني متدينة ولا أزكي نفسي، ولكنني أرجو من الله وآمل أن ينطبق علي وصف (الزوجة الصالحة) تزوجت منذ قرابة الثلاث سنوات من رجل متزوج، ونظرا لأن ظاهره التدين كنت أظن أنه لن يظلمنى. لم نتفق على سرية زواجه بل على ضرورة إعلام زوجته أو أبنائه، وبعد الزواج صار يماطلا مما ترتب عليه قيامه بالكذب عدة مرات وخداعي وعدم العدل بيني وبين زوجته خصوصا أنه يسكن في بلد آخر معها وأنا يأتيني من حين لآخر فحتى عندما يأتي لبلدي مع زوجته يبقى معها ويزورني كالضيوف، طلبت منه الإنجاب رفض بشدة، رغم أننا اتفقنا على عدم الإنجاب في البداية إلا أنني عندما رأيت منه عدم الإلتزام بوعوده خفت على نفسي من مصير الطلاق فطلبت الإنجاب، رفض، كان يتركني فترة طويلة أعاني الوحدة وحاجتي الغريزية لزوجي، لم يكن يأتي إلي إلا عندما يريد هو ذلك. الآن هجرني مدة خمس شهور دون أن يسأل عني؛ كان يرسل لي مصروفي الشهري عبر حوالة بنكية دون أن يتصل بي. كل ذلك أصابني بفقدان الثقة بالرجال. هل هكذا يفعل المتدين؟ الذي يخاف عقاب الله؟ وهل يضيع حقي عند الله؟ ولماذا يمكنه الله من أن يفعل بي ذلك؟ لقد صبرت وسكت وقررت أن أصبر طوال فترة هجرانه لي فهل أستحق تلك النهاية؟ لا أحتمل أن أحمل لقب مطلقة بعد أن حملت لقب أرملة. أتمنى أن أرى عدل الله فيه. فهل يجوز أن أتمنى ذلك؟ وهل يحق للرجل أن يطلق دون إبداء الأسباب مكتفياً بأن ذلك حقه؟ هل ما فعله بي يعتبر من الظلم؟ أم أنه استعمل حقه كما استعمله أول مرة في التعدد؟ وحسبي الله ونعم الوكيل. وجزاكم الله خيراً. الجواب أختي الغالية: وصلتني معاناتك وكم لهجت لك بالدعاء، وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجيرك في مصيبتك ويخلفك خيراً من زوجك إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين. - تساؤلات عديدة تم طرحها وأسأل الله الكريم بمنه وكرمه أن تنعمي بعد هذه المأساة بحياة كريمة تنسين فيها كل ما جال في خاطرك ودار في ذهنك، كما أساله بمنه ورحمته أن يثبتك على دينك ويجنبك الشقاء والفتن، وألا تكون هذه المعاناة سبباً لزعزعة ثقتك بعدل الشريعة وكمالها، فهذا امتحان من الله عز وجل ليرى منك ما تصنعين فأري الله من نفسك خيراً ورددي آمنا بالله وعليه توكلنا وبحكمه وثقنا ولأمره أنفذنا وأطعنا غير كارهين ولا ساخطين بل راضين مُسَلِّمين. - وأذكرك بأن قوماً كفروا وارتدوا مع انقيادهم بسبب كرههم أمر الله فقال الله -عز وجل- في سورة محمد: "ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم". [محمد:9] .

- كما أذكرك وأهمس في أذنك: أن الله تعالى إذا أحب عبداً ابتلاه، والابتلاءات إذا لم يكن صاحبها معروفاً بالفسق بل من الصالحين كانت دلالة على خيريته عند الله عز وجل لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) . - والرضَي تسليم القلب وطمأنينته وسكونه لحكم الله وقضائه وقدره، ولله دَرُّ السلف كان بعضهم إذا مرت به سنة لم يُصب فيها ببلاء خاف على نفسه وقال: "ما لنا تودَّع الله منا" ذلك أنه استقر في أنفسهم أن الله تعالى: إذا أحب عبداً ابتلاه ليكفر عنه خطاياه ويرفع درجته في الجنة ويُعظم صلته به سبحانه. - ثم أدعوك عزيزتي إلى التأمل والتفكر في عظيم نعم الله عليك، فعندك نعمة العافية والذرية والديانة والجمال والأمن والعافية وسلامة المعتقد والخلق. - أما فيما يخص تساؤلاتك العديدة فلا ريب أن ما قام به الزوج المذكور من عدم العدل في القسم والمبيت وإخفاء النكاح مع الاتفاق السابق على إعلانه ومنعك من الإنجاب وتركك فترة طويلة مما يتسبب في معاناتك النفسية والجسدية من الظلم الذي يحاسب الله تعالى عباده عليه، ولن يضيع عند الله شيء، فعنده كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. - وهذا كله وإن وقع من رجل يتسم ظاهره وكثير من باطنه بالصلاح والتقى فليس وصفاً لازماً في كل صالح تقي، بل هي ممارسات خاطئة من الشخص المشار إليه يقع فيها غيره إلا من رحم الله وليست من أمر الإسلام في شيء، لكن ليكن في ذهنك أن كثيراً من الصالحين بمنأى وبعد تام عن هذه المغالطات والحمد لله، بل إن بعضهم يعاني من جفاء زوجته وسوء طباعها مالا يطيقه أحد ومع ذلك يتودد إليها ويصبر ويعفو ويصفح.. فالتقصير والجفاء والعفو والصفح والتقوى موجود في كلا الجنسين. - أما كونه طلقك بدون مبرر ولا تقصير منك فقد لا يكون قصدًا منه إلى الظلم؛ إذ قد يكون وجد نفسه ضعيفاً عن تحمل امرأتين وبيتين وأخطأ في قرار النكاح الثاني فلم يشأ أن يجعلك تعيشين حياة مأساوية.. لكن لم يكن ينبغي أن يتخلص من ذلك بالطلاق؛ لأن الشرع الحكيم أباحه عند تعذر العشرة أما مع إمكانيتها والتسديد والمقاربة فلا يقره الشرع ولا الشارع، ولذا كُره الطلاق شرعاً في بعض الأحوال، ولما طلَّق النبي -صلى الله عليه وسلم- حفصة -رضي الله عنها- لم يقره الله -عز وجل- على ذلك بل أرسل إليه جبريل -عليه السلام- يقول له: "راجع حفصة فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة". أخرجه الحاكم وأبو نعيم، وانظر السلسلة الصحيحة (2007) .

بالرغم من أن الطلاق حسب ما ذكر أهل السير كان بسبب مشكلة وقعت بين أزواجه تسببت فيها حفصة -رضي الله عنها-، ولما كان الحسن بن علي -رضي الله عنهما- يتزوج ويطلق بين وقت وآخر تكلم علي -رضي الله عنه- وقال: "إن ابني هذا مطلاق فلا تزوجوه"، فالمقاصد الشرعية لا تقر مطلقاً العبث بالنكاح والطلاق، وما يفعله كثير من الرجال اليوم من الزواج بقصد الاستمتاع فذلك ليس من الإسلام في شيء، بل ألحقه بعض العلماء إذا كان ينوي الطلاق بعد زمن بنكاح المتعة المجمع على تحريمه، لأن الأصل أن يراد من النكاح دوام العشرة لتحقيق مصلحة تكثير سواد الأمة وإعفاف المرأة وإحصانها، أما نكاحها بقصد الاستمتاع فقط ثم تطليقها أو مضارتها للتنازل عن بعض حقوقها فهو عدول بالنكاح الشرعي عن المقصود منه، وأشبه ما يكون بأنكحة المشركين التي أبطلها الإسلام. - وأخيراً آمل أن تنظري للحياة بنظرة متفائلة، فليست الدنيا نكاح وطلاق فحسب بل فيها العبادة والتعارف وبذل الخير للناس وغيرها من أسباب السعادة فإن حصلت لك حياة زوجية كريمة فالحمد لله، وإن لم تحصل فلا تضيقي وتحجري واسعاً، فانظري كم في المجتمع غيرك ممن حُرمت متعة النكاح تماماً أو الاقتران برجل صالح أو حرمت ذرية طيبة، ولقد نِلْت من ذلك والحمد لله سنوات وكان لك من الذرية ما نسأل الله عز وجل أن تقرَّ به عينك.. أما نظرة المجتمع فلا تبالي بها؛ لأنها لا تصدر إلا من ذوي الثقافة المحدودة أما أولو العلم وسعة الأفق فلا يقرون هذه النظرة سيما أنك أحسنت التبعل، وفقد زوجك الأول أمر خارج عن إرادتك، ثم أي عيب وغضاضة في وصفك بأنك أرملة وحتى مطلقة، ويكفيك أن الله تعالى امتن على نبيه -صلى الله عليه وسلم- في سورة التحريم إن أراد أن يبدله أزواجاً خيرا من زوجاته وَصَفَهُن بأنهن: "مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً" [التحريم:5] فسوَّى بين النساء في هذين الوصفين وهو مقام امتنان. - أما الدعاء عليه فيجوز بقدر ما ظلمك من بخس حقك في المبيت والقسم والاستمتاع لا أكثر، لكن بالدعاء عليه تفوتين على نفسك أجر الصبر، فقد قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "الدعاء قصاص، ومن دعا على من ظلمه فما صبر" فاحتسبي ذلك عند الله عز وجل ليثقل به موازين أعمالك رفع الله قدرك وجلا همك وخلف عليك خيراً.

هل عدل زوجي بيننا؟

هل عَدَل زوجي بيننا؟ المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 26/03/1427هـ السؤال كتب زوجي لزوجته الثانية شقة باسمها في مدينة أخرى، ولم يكتب لي شيئًا, ولقد أصرت زوجته الثانية على الذهاب والعيش في تلك المدينة، بعيدًا عني وعن والدته، وأيضًا بعيدًا عن عمله هنا، ولقد أثث لها زوجي الشقة، وترك لها سيارته ووفر لها سائقًا، والآن ليس لديه سيارة، ويستعمل السيارة الخاصة بابني، فهل يحق له أن يترك سيارته لزوجته الثانية، ويرغمني أن أركب سيارة والدته، أو أن يأخذ سيارة ابني؟ وهل يحق له أن يتركنا ويذهب لها هناك لأي سبب من الأسباب من مرض أو ولادة؟ علما أنه لم يكن يعوضني عن الأيام التي كنت أسافر فيها لزيارة أهلي، ويبقى معها بحجة أنني أنا التي كنت أذهب برغبتي. فهل ما يقوم به زوجي صحيح؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأسأل الله -عز وجل- أن يزيل همك، وينفس كربك، ويحرم على النار جسدك، ويجعلك والمسلمين أجمعين من عتقائه من النار في هذا الشهر العظيم، إنه خير مسؤول وأكرم مأمول. - أسئلتك كلها تدور حول العدل مع الضرة، وبلاريب أن هذا الأمر شغلك -للأسف- كثيراً حتى سطرتِ هذه الكلمات، والأمر شرعاً أهون بكثير مما وقع في مخيلتك. - إن كان ما نقلْتِ صحيحاً ومطابقاً للواقع من أن الزوج كتب لضرتك مسكناً باسمها وقد اشتراه من ماله فيلزمه العدل في ذلك بين زوجتيه، فيكتب لكل واحدة مسكناً مناسباً لحاجتها ومستواها. - أما كونه ترك لها سيارته لحاجتها فلا بأس، وليس في استعمال سيارة والدته أي مخالفة شرعية ما دامت والدته ترضى بذلك، وليس هناك أي مبرر لانزعاجك من الركوب فيها إلا ما تجدين من نار الغيرة، وحرارة العاطفة، وشدة الانفعال الذي تتسم به النساء، ولو تأملت حالك وحال ضرتك ونظرت إليه من منظور شرعي لوجدت أن في الأمر سعة.. كيف وهي أختك في الإسلام وتحسبينها مسلمة مؤمنة، وقد أحوجتها الدنيا أن تتزوج برجل عنده زوجة وازداد الأمر سوءً بحاجتها للسكنى بعيداً عنه، فهل ترغب زوجة في ذلك؟! لكنها الظروف وتقلبات الدهر. - أيضاً ما ذكرت من أخذه لسيارة ابنك سواء كان اشتراها له من ماله أو اشتراها الابن، فإن للوالد أن يمتلك من مال ولده ما شاء، بشرط إلا يدخل بذلك الضرر على الولد ولا تتعلق به عين مصلحته، عملاً بحديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "أنت ومالك لأبيك" وما دام أن ابنك يستطيع أن يسدد ويقارب فلا حرج في ذلك شرعاً، أما إن لم يستطع مع بذل الجهد -وهذا نادر- فلا يصح للوالد أن يأخذ ما تتعلق به مصلحة الولد كما ذكر ذلك أهل العلم. - ويبقى أخيراً ما ذكرت من ذهابه إلى الزوجة والمبيت عندها، فأفيدك بأن هذا هو الواجب عليه، فقد ذكر أهل العلم في أحكام القسم والمبيت: أنه يلزم الزوج أن يقسم لزوجته إذا انتقلت من بلد لبلد بإذنه، لكن يجب عليه العدل بينكما في ذلك بحسب ما تتفقون عليه (ليلة وليلة أو أسبوع وأسبوع) .

أما ما ذكرتِ من أنه لم يكن يعوضك عن الأيام التي كنت تسافرين فيها لأهلك، فهذه مسألة تختلف عن حال ضرتك الآن كما بيَّن ذلك أهل العلم، فمجرد السفر لفترة لحاجة الزوجة ولو بإذن الزوج يسقط حقها في القسم، بخلاف السكنى الدائمة بإذنه. - أخيراً أود أن أذكرك بفضيلة العفو والتسامح والسخاء.. فلا تُلام أختي فيما تجد من حُرقة حين ترى قِلة العدل أو اللامبالاة، لكن لتذكر أن الدنيا لا تصفو لأحد، وقد قال تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" ولا عيش إلا عيش الآخرة، فشدي العزم لتهنأ أختي هناك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وليكن العفو والإيثار سبيلين لذلك.. فمهما فعلت وناقشت لن تظفري بمرادك كله وأبى الله -عز وجل- أن يكون الهناء التام في العيش إلا في الآخرة، فأعرضي عما لا تملكين، وشدي الوثاق إلى الله والدار الآخرة. والله أعلم.

زوجة أبي تقسو علي

زوجة أبي تقسو علي المجيب فوزية بنت إبراهيم الغربي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 18/03/1427هـ السؤال أعيش مع خالتي التي هي زوجة أبي. وذلك لانفصال والدي عن والدتي، وهي متكفلة بي، ولكني أحياناً أشعر بالألم لمعاملتها القاسية لي، وشكها الزائد عن الحد، ولكني أحبها في الله، فهل يجب عليّ أن أقوم بوأجبي نحوها كواجبي نحو أمي؟ وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فأقول لكِ إن نبيك الكريم محمداً -صلى الله عليه وسلم- قد ذكر لنا أن حسن الخلق مع الأبعدين عند الله تعالى بمكان. وقد أوصى أن نتعامل مع الناس بالحسنى، وأن ندفع بالتي هي أحسن، فإذا كانت هذه وصيته مع الأبعدين، فما بالك -أخية- بحق الأقربين من الناس، وذوي الفضل وأصحاب الحق، مثل الوالدين والخالات والأخوال والأعمام والعمات والإخوان والأخوات وغيرهم. فإن معاملتهم بالحسنى أحرى، والصبر على أذاهم من محاسن الأخلاق. واعلمي أن لخالتك فضلاً عظيماً عليك مهما صدر منها من قسوة وشك. ركزي النظر على ما فيها من خير، وما قدمته لك من فضل وجميل، واصرفي نظرك عن سلبياتها. فما من أحدٍ يبلغ الكمال من الخلق إلا الأنبياء الذين عصمهم ربهم تعالى. لذا عليك أن تعامليها بالحسنى، وأن تتحملي ما يصدر منها، وعليك بالكلمة الطيبة والابتسامة والهدية وتقبيل الرأس وطلب المشورة منها، وأشعريها دوماً أنك تحبينها جداً، وأنها هي صاحبة الفضل، وأنها بمقام أمك. فإذا فعلت ذلك فتأكدي أنك قد سلكتِ الصواب، وتذكري قول حبيبك -صلى الله عليه وسلم-: "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلقٍ حسن" أخرجه الترمذي (1987) ، وغيره. وفقك الله لخيري الدنيا والآخرة، وألف بين قلوبكم.

تزوج عليها فحاولت قتله!

تزوج عليها فحاولت قتله! المجيب عبد الإله بن سعد الصالح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 22/02/1427هـ السؤال لدي صديق عزيز، مشكلته أنه قرَّر أن يتزوج امرأة ثانية، رغم اعتراضي على هذا القرار؛ وذلك لعدم وجود مبرر له؛ فزوجته الأولى امرأة طيبة، لكنه ذكر لي أنها لا ترفض أن يتزوج بأخرى، فلم أصدقه، فكلمتها هاتفيًّا وأجابت بالقبول، وبعد عقد النكاح جنّ جنونها، وحاولت الانتقام منه ومن زوجته، فأصابتهما بأضرار بالغة، وأذى جسيم. فبماذا تنصحون هذا الرجل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد تم لصديقك الزواج من الثانية، وله الحق الشرعي في ذلك، ودليل على خيرية الرجل الذي يريد أن يحصن نفسه، حتى لو لم يكن لزواجه من الثانية سبب ظاهر. فتصرف هذه الزوجة بهذا الفعل المشين الخاطئ ينم عن أسباب نذكر منها على سبيل الافتراض. - إما أن يكون الزوج ضعيف الشخصية، غير قادر على إدارة المنزل. - أو تكون الزوجة قوية الشخصية شديدة الطباع مسيطرة على المنزل. - أو أن تكون الزوجة مريضة مرضاً نفسياً يحدث معها تصرفات سلبية كبيرة. ولهذه الافتراضات نقول: - حتى لا يقع الزوج في مشكلات دائمة ومستمرة في حياته، وحتى مع زوجته الثانية، فلابد أن يراجع نفسه، وأن يعرف شخصيته ويقويها ويعدلها، فتكون تصرفاته وتعامله متوازياً يستشعر من القوامة الشرعية وإعطاء الحقوق وترسيخ هذا الأمر في نفسه، ثم العمل به مع زوجاته ومن هو مسؤول منهم. - وإن كانت المرأة مريضة أو شديدة الغضب أو الغيرة، فعليه السعي في علاجها والصبر عليها، مع البعد الوقتي عنها حتى تهدأ الأمور، ثم يسعى في إصلاح الوضع بالحكمة والعدل، فلعل ذلك -بإذن الله- يكون طريقاً لإصلاح الوضع. إما إذا خشي أذيتها واستمرارها على ذلك، فله الحق في إيقافها عند حدها؛ سلامة على نفسه وعليها. والله الموفق.

رضيت لي بالتعدد ثم انقلبت علي!

رضيت لي بالتعدد ثم انقلبت علي! المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 15/11/1426هـ السؤال أنا أعمل، وطبيعة عملي قد أتعرض فيها للفتن، وقد تزوجت قبل 13سنة امرأة صالحة طيبة ومطيعة لزوجها، وقد رغبت في الزواج بالثانية رغبة في التعدد وليس قصوراً في الأولى، وعندما صارحتها برغبتي في التعدد لم تمانع، ولكن اشترطت علي شروطاً، وهي كالآتي: أن لا ترى الثانية، ولا أذكرها عندها، وأن أعدل ولا أهمل تربية الأولاد؛ فوافقتُ على ذلك، وعندما عرفت أني قد ملكت غضبت غضباً شديداً، وقالت: إما أنا أو هي، وتركتْ بيتها، وذهبتْ إلى أهلها، وطلبتْ الطلاق. أنا الآن في حيرة من أمري، فأرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: لقد تجسدت حيرتك في خط رسالتك، وحُقَّ لك أن تحار، لكن -مع توفيق الله- ما خاب من استشار، ولا ندم من استخار. أخي الكريم: من الجوانب التي قلّ أن تقبل بها المرأة وجود ضرة لها، حتى يصل الأمر أن تفضّل بعض الساذجات موت زوجها على زواجها عليها، لو خُيّرت!. إن الزوجة حين تكون عاقلة محبة لزوجها قد تحاول الضغط على نفسها في قبولها لما يرضيه حتى لو كان ربما يجلب لها التعب؛ لأنها تدرك أن ذلك يعلي مكانها في نفسه حين يكون عاقلاً. ومن أصعب ما تقبل به مثل تلك الزوجة موافقتها لزوجها في الزواج من أخرى تقاسمها إياه، ولذلك فليس غريباً أن تنتهي قدرتها على الضغط على نفسها لتنفجر في لحظة ما، وهو ما حدث مع زوجتك، ولاحظ أن ثورتها جاءت في لحظة يبدو أنها لم تستطع إمساك عنان نفسها، في ظل الغيرة التي فطر الله عليها بنات حواء. أخي الكريم: وجهة نظري أن تزور زوجتك عند أهلها، وتجلس معها بهدوء، وتثني عليها كثيراً، في جوانب حياتها المختلفة معك.. قل لها: إنك لن تتجاوز إطلاقاً ما لا يرضيها، وأنك كنت تتمنى أنْ لم تكن أذنت لك بالزواج!!.. أعد الحديث معها على أن زواجك لا يعني إطلاقاً نقصاً فيها، ولن يقلل إطلاقاً من قيمتها، وأنها ستظل في بؤرة اهتمامك، هي وأولادها، كيف لا، وهي التي شعرت معها بطعم السعادة، وأدركت من كبير عقلها ما يندر أن يوجد مثله في دنيا النساء.. حدثها على أنك لم تكن لتعمل شيئاً قبل أن تستأذنها، خاصة في أمر يمسها كهذا، وأنك حين رأيت رضاها، أخذت شروطها -بجدية- ومضيت في أمرك. ثم ذكرها بأنه في الوقت الذي تحمد الله على أن علاقتك بها وطيدة، فإنك لا تدري ما يحدث الله بينك وبين الزوجة القادمة، ثم إنك لو رأيت -من بعد- أن زواجك ذاك سيترك آثاراً سلبية على حياتك مع زوجتك وأولادك، فمن المؤكد أنك ستبعد عن طريقك كل شيء يحدث ذلك، ولو كان الزوجة الجديدة. أثر لديها الجانب العاطفي، وأنك حين تنسحب -وقد تملكت، وأنت الذي تقدمت لها، وطلبت يدها- تخشى أن يلحقك إثمٌ بتركها دون أن يكون هناك سبب فعلي يدفع لتركها، بل وتخشى أن يلحق زوجتك إثم أو دعوة تطلقها تلك المرأة بسبب كونها السبب في تركها، وقد أذنت من قبل لزوجها بالزواج.

وعدها بأن أول ما سوف تعمله معها أن تجدد لها غرفة النوم، وأنك تنوي شراء هدية مناسبة لها. قد تقول: إني كلمتها، لكن رجائي أن تعيد النظر في كلماتي، وتعيد الحديث مع زوجتك على ضوئها. إنك بذلك تجمع لها بين أطراف الأمان؛ الحاضر والمستقبلي، فلا تشعر أن زواجك لنقص فيها، ولا أن زواجك سيلحقها بنقص. أخي الكريم: ثمة احتمال أن يكون أحد ما قد لامها على موافقتها لك بالزواج، وربما -لو كان- اقترح عليها الضغط عليك بمثل الصورة التي تعيشها أنت وإياها، ومن هنا فمن الجميل أن يشمل حديثك معها الإشارة إلى أن بعض الزوجات يعتري علاقتها مع زوجها قدر من الفتور أو المشكلات، ومن ثم يعمد إلى تأديبها بالزواج، وهي تشعر حين يقدم على الزواج أن حياتها معه انتهت أو كادت، لكن علاقتك معها -أي زوجتك- تختلف جداً، فقد عشتما بسعادة غامرة، ولا يزال حبها يملأ قلبك، ولذلك فربما جرى حديث بينكِ وبين إحداهن، وخوّفتكِ بانصرافي عنكِ بعد الزواج؛ لأنها تقيس علاقتك بزوجك على علاقتها بزوجها، وهو قياس بعيد، فعلاقتها بزوجها -كما أسلفت- قد تكون مغلفة بالمشكلات، أو ممزوجة بالفتور، على حين أن علاقتكما تمثل قمة السعادة. أخي الكريم: إن يكن أحد أبوي زوجتك أو أحد إخوانها أو أخواتها على درجة من العقل فيمكن الإفادة منه في هذا الموضوع، فيمكنه إثارة بعض التساؤلات معها، كأن يطارحها مثل هذه الأسئلة: افترضي أن زوجك قد طلقك.. هل ستبقين بلا زوج أم ستتزوجين؟ ولو أردت الزواج فمن الذي سيتقدم لك غير كبير سنٍّ -غالباً- يريدك (ممرضة) ، ثم ما الذي سيكون عليه مصير أبنائك؟ هل ستبقينهم عند والدهم، وترضى نفسك أن يفقدوا ما يحتاجونه من حنانك؟!، أم تأخذينهم عندك ليحرموا هيبة والدهم وتأديبه؟!.. ثم إنك -بفعلك هذا- قد توقعين نفسك في إحراجٍ لست بحاجة له؛ فربما بعد انكشاف عاصفة الغضب، وإعادة قطار التفكير إلى قضبانه، تندمين على قرارك وخروجك، أو إلحاحك في طلب الطلاق، وتتمنين أن يتوسط أحد لدى زوجك في إرجاعك إليه. إذا رأيت أن موقف زوجك -بعد ذلك- ليس بالصلابة التي كان عليها أول مرة، فأمضِ على بركة الله في مشروع زواجك، وإن رأيت أنها -رغم حديثك معها، وتدخّل أكثر من شخص في الحديث معها- بقيت على صلابة موقفها فراجع نفسك في موضوع الزواج. ولا شك أن معرفتك بنفسيتها، وأسلوبها في اتخاذ القرارات، والاستمساك بالمواقف، سيكون عوناً لك في اتخاذ موقفك الجيد. أخي الكريم: إن إبداء تلك الفتاة استعدادها لتقبل الأبناء، والقيام عليهم هو من حسن خلقها، لكن الذي يحدث غالباً أن الكلام يكون سهلاً، ولكن الأمر يختلف بعد الوصول إلى ساحة التطبيق، فالأطفال قد يكونون على طباع لا تحتملهم فيها سوى أمهم، وربما أدى انصرافك إليهم، ومحاولتك سدّ فراغ أمهم إلى إثارة غيرة الزوجة، واتهامها إياك بتفضيلهم عليها، وحتى ربما لو تحمّلتْهم بعض الوقت فربما جاءها من يدفعها للانسحاب، مؤكداً لها أنها تتعب نفسها في غير ما فائدة، وربما أنها لم تستطع تحمّل شقاوة الأطفال، أو حركات المراهقين فأرهقتك بالشكوى، وربما وُجد من يئز الأبناء لمضايقة الزوجة، بزعم أن ذلك سيدفع والدهم لطلاقها، واسترجاع أمهم. أسأل الله أن يفرج همك، ويمزق ستار حيرتك، ويهديك إلى ما هو خير لك في الدنيا والآخرة.

رغبتي في زوجة أخرى.. أغضبت زوجتي!!!

رغبتي في زوجة أخرى.. أغضبت زوجتي!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 15/3/1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقد قمت بخطبة امرأة كزوجة ثانية ولم يتم إكمال الخطبة بسبب استخارتي في الزواج منها والمشكلة أن زوجتي الأولى علمت بهذه الخطبة مما نتج عن ذلك مشكلات بسبب أن المرأة المخطوبة حمقا منها نصحت زوجتي بالمحافظة علي وأخبرتها بما أحتاج إليه من زواجي الثاني ودخلت مع زوجتي في أدق التفاصيل بل وقامت بتحليل شخصيتي حتى جمعت بين الصدق والكذب في حديثها مع زوجتي الأولى وسؤالي هو:- كيف أستطيع إصلاح ما أفسدته تلك المرأة خصوصا وأن زوجتي بيني وبينها محبة وعشرة زوجية دامت 15سنة وإن كان قد تخلل تلك السنوات أيام عصيبة كادت تعصف بزواجنا والله يحفظكم ويرعاكم وعليك السالم ورحمة الله وبركاته.. الجواب أخي الكريم.. بغض النظر عما قامت به تلك المرأة.. وهل ندخله في سياق الاجتهاد منها.. أو الحمق - كما أسميته أنت - أو أمر آخر..!! وبعيداً عن الكثير من الأسئلة التي أراها تبحث عن إجابات في هذا الأمر.. مثل كيف عرفت المرأة المخطوبة زوجتك.. لتكلمها..؟ وكيف عرفت شخصيتك بدقة.. لتمللها..؟! وكيف عرفت ما ينقصك.. وما تحتاجه من زواجك الثاني.. لتنجد به زوجتك الأولى؟!! أعني أنها تفاصيل لا يمكن معرفتها إلا عن طريقك أنت..!! فإن كان كذلك.. فيما سيفيد مستقبلاً من تجاربك فيما يتعلق بهذه الجزئية..!!! ولا تفرط في ذكر التفاصيل.. لأنها قد تسيئك أو تسيء غيرك بطريقة أو بطريقة أو بأخرى..!!! وأما ما يتعلق بسؤالك.. عن كيفية إصلاح ما أفسدته تلك المرأة.. بينك وبين زوجتك.. والعشرة التي بينكما.. مع ما يتخللها أحياناً من مشاكل..؟! فتعليقي عليه من وجوه عده:- أولاً - لا تلقي - أخي الكريم - بكل الملامة على هذه المرأة فأنت من اتخذ القرار.. وأنت من اخبرها بالتفاصيل وربما بالعنوان التي اتصلت من خلاله على زوجتك أو قابلتها ولعلها في هذا الأمر ((مجتهدة)) فإن أصابت فلها أجران وإن أخطأت فلها أجر واحد.. ثم لعلها قالت لزوجتك ما لم تستطع أنت قوله لها كل هذه السنين.. وبيّنت لها بعض الحقائق الخافية عنها.. ورب ضارة نافعة. ثانياً - للتعدد يا أخي الكريم حكمة عظيمة.. وفق ضوابطه وشروطه.. فإن كنت أقدمت عليه اضطراراً فالحمد لله.. أمر مشروع.. سبقت إليه.. ولن يسوءك.. ولكن!!! عليك بمراقبة الله عز وجل في العدل والإحسان وعدم الجور أو الحيف بين زوجاتك. واشرح لزوجتك الأولى بحكم العشرة الطويلة وما كان بينكما من معروف.. لأسباب التي دفعتك إلى هذا الزواج شرحاً وافياً واضحاً يحفظ لها قدرها وقيمتها وكرامتها وأظنها ستتفهم الموضوع.

أما إن كان إقدامك على هذا الأمر.. نوع من ردة الفعل أو التقليد فتمهل يا أخي الكريم حتى لا تظلم نفسك وتظلم غيرك وعلم أن الحياة لا تخلوا من بعض المنغصات والصعوبات ولا كنها بكل الاحوال تسير ولا تتوقف وأنت أدرى الناس بظروفك وإمكاناتك فكن منصفاً مع نفسك ومع غيرك ولا تتعجل واستخر ثانية وثالثة كما فعلت في الأولى وتأكد أن المقدر كائن لا محالة ثالثاً - بالنسبة لإصلاح ما ترى أنه فسد مع زوجتك الأولى فالجلسة الهادئة التي توضع فيها كثيراً من النقاط على حروفها كفيلة بايضاح الكثير من الجمل والعبارات ومن ثم القدرة على قراءتها..!! وشرح الأسباب التي دفعتك.. لخطوتك تلك تعطي الطرف الآخر الفرصة لإصلاحها إن كان باستطاعته ذلك وإلا - على الأقل - وجد لك عذراً وتقبل الأمر..!! رابعاً - يجب علينا جميعاً أن نتفهم نفسية المرأة وغيرتها وشدة جزعها من مشاركتها بزوجها من امرأة أخرى ولكن الكثير من هذه المشاعر تزداد أو تتلاشى بسبب الرجل..!!! نعم هذه هي الحقيقة.. فإذا كان الرجل عاقلاً ومدركاً.. وعادلاً.. وكريما ً بين زوجاته يعطي كل ذي حقٍ حقه لا يجور ولا يميل.. ولا يفضل أحداً على أحد على الأقل فيما يملك.. سادت الطمأنينة والهدوء وقبل الأمر من الجميع وسارت سفينة الحياة. وإن كانت الأخرى فقد ظلم نفسه وظلم غيره وأسرف على نفسه في دينه ودنياه. خامساً وأخيراً ادعوا الله الكريم أن يصلح لك ويصلح بك وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وأن لا يجعله ملتبساً علينا فنظل. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

زوجي يريد ثانية.. لا مانع!

زوجي يريد ثانية.. لا مانع! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 25/9/1422 السؤال أنا امرأة متزوجة ولدي بنت وزوجي يرغب بالزواج من ثانية لكي تساعده وتحسن من وضعه المادي وأنا لا أمانع وأنا وهو متفاهمان فهل أنا مخطئة؟ انصحوني جزاكم الله خيرا. الجواب أيها الأخت الكريمة.. يبدو من سؤالك أنك وزوجك وأسرتكما في وضع مادي متدنٍ إذ ذكرت أنك لا تمانعين من زواج زوجك بامرأة أخرى تكون ضرة لك تشاركك بل وتناصفك هذا الزوج في سبيل تحسين وضعه المادي والمعيشي، ولذا يمكن النظر إلى هذه المسألة من أمور.. أولا: لا ينازع أحد أن ما تقومين به هو من النوع النادر لدى النساء، فطبيعتهن ترفض هذا الأمر بشدة فحالتك في حكم القليل النادر إذ ترفض المرأة عادة أن يتزوج الزوج بأخرى تشاركه فيه زوجها وحياتها، وما يجر ذلك من مسائل مجبولة عليها النساء من الغيرة المتبادلة بين الزوجات. ثانيا: أيضا لا ينازع أحد أن التعدد مباح للزوج. فله بنص القرآن الزواج باثنتين وثلاث وأربع إذا قدر على المؤونة وحرص على العدل بينهن، وأقام بينهن بشرع الله، وتجنب الحيف والظلم. ثالثا: أرى أن قصد الهدف لزوجك من زوجة ثانية على الرغبة في تحسين الوضع المادي ما يدعو إلى مراجعة هذا القرار بينكما، إذ أن مثل هذا الزواج إذا حدد بهدف مادي فقط معرض أكثر من غيره لأسباب الفشل، إذ قد يبدر سؤال عن مصير هذا الزواج إذا لم يتحقق هذا الهدف المنشود، ولم تتحسن حالته المعيشية والمادية.. هل سيستمر في الارتباط بتلك الزوجة مع ما يتوجبه من زيادة في العبء المادي المثقل لكاهله أصلا أم سيختار الخيار الثاني وهو الأصعب؟ ثم هل سيعاود المحاولة مرة أخرى ونعود إلى نفس التساؤل؟؟ هذه الأسئلة يجب أن تأخذيها وزوجك بعين الحساب قبل الإقدام على اتخاذ القرار. رابعا: أخيرا قد يتغير الوضع عليك بعد زواج زوجك؛ فأنت الآن ربما لا تشعرين بمرارة الجوار والزواج الثاني لزوجك، فالكلام النظري غير الواقع العملي فعليك أن تتحملي تبعة هذه الموافقة وتحمل الألم النفسي الذي قد يأتيك جراء زواج زوجك، وإياك والتشنج أو الاضطراب أو تدمير حياتك الزوجية فيما بعد إذا ما أحسست بعدم التحمل والصعوبة في العيش مع زوج متزوج من امرأة أخرى، فالخاسر في النهاية هم أنت وابنتك.. هذا على أسوأ الأحوال وإن كنت أرجو ألا يحصل معك مثل هذه الأمور، إذ الواقع والتجربة يشهدان بنجاح وسعادة كثير من البيوت القائمة على التعدد في الزواج مادام التفاهم بين الزوج من ناحية والزوجات من ناحية أخرى قائم، والعدل والإنصاف موجود والتسامح والمغفرة متبادلة فيما بين الجميع. وفقك الله وأسعدك وجميع بيوت المسلمين.

يصبو إلى التزوج بثانية

يصبو إلى التزوج بثانية المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 18-6-1424 السؤال أتعرض لفتنة شديدة من قبل النساء، وأرغب أن أتزوج بثانية، ولكن هذا الأمر في مصر غير مقبول، زوجتي تعارض بشدة وتهدد بترك المنزل إن فعلت ذلك، وتترك لي أولادي الأربعة ماذا أفعل؟ هل أتزوج دون إخبارها؟ إذ يغلب عليها الإرهاق والتعب وعدم الاكتراث بالناحية الجنسية. الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم". لا شك أن الفتنة قد عظمت وتطاير شررها في هذا الزمن، وخصوصاً إذا كان الإنسان يعيش في بلد منفتح، لا تراعي فيها الضوابط الشرعية في سلوكيات الناس وعاداتهم. وفتنة النساء هي إحدى إفرازات هذا التدهور الأخلاقي، الذي أصاب بعض المجتمعات المسلمة مع الأسف. والإسلام قد أحاط المسلم بعدة حصون لحمايته من هذه الفتن، منها ما أشرت إليه من إباحة التعدد، ولكن من خلال سؤالك تظهر بعض الصعوبات في الإقدام عليه، وفي هذه الحالة يجب عليك ألا تستعجل في اتخاذ مثل هذا القرار، وأن توازن بين المصالح المتحققة منه، والمفاسد المترتبة عليه، وأن بقاء البيت في حالة مستقرة هادئة من أعظم الأهداف التي ينبغي الاهتمام بتحقيقها، لما لها من أثر في نشأة الأولاد نشأة صالحة. وافترض أنك صرفت النظر عن التعدد، ففي هذه الحالة يجب عليك أن تتعامل مع واقعك بشيء من الحكمة، وأن تسعى لتغييره بصورة تهيأ لك الاستقرار الذي تنشده. أشرت إلى أن زوجتك يغلب عليها الإرهاق والتعب وعدم الاكتراث بالناحية الجنسية، وهذا شيء طبيعي لمن تتحمل مسؤولية بيت وأربعة أولاد وزوج، فذهنها مشغول بهمومهم، وجسدها منهك بخدمتهم، فمن أين يأتي لها الاهتمام بما تريد؟! لذلك بإمكانك أن تخفف عنها مسؤولية الخدمة بأي وسيلة ممكنة، كالإتيان بخادمة تساعدها في عمل البيت، وأن تشاركها في حمل همومها، وتساعدها في تجاوز الكثير من المشاكل، وتجلس معها جلسات مصارحة توضح لها أهمية أن تراعي جانب إعفافك باعتنائها بنفسها، وتتفقان على أسلوب مناسب لظروفكما فيما يتعلق بالجوانب الخاصة بين الزوجين. وربما يكون من المناسب أيضاً أن تقوما برحلة خاصة -ولو قصيرة- لتجديد حياتكما ووصل ما انقطع -بسبب مشاغل الحياة وأعبائها- من العلاقة العاطفية الحميمة التي تكون عادة بين الزوجين في بداية حياتهما. ولكن لابد أن تعلم أن هذا الأسلوب لن يكون مجدياً إلا إذا استطعت أن تقنع زوجتك بأهميته، ليكون التعاون بينكما في إنجاحه. وحتى يحقق الله لك ما أردت وقبله وبعده لابد أن تهتم بغض بصرك، فإن البصر هو أول بوابة للوقوع فيما حرم الله -جل وعلا -، ولذلك قال ربنا سبحانه: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" [النور:30] ، ومهما تهيأت لك ظروف الإعفاف وأنت تطلق بصرك فلن تكون مجدية، لتكون كمن يشرب الماء المالح لا يروى أبداً!! أسأل الله أن يعصم قلبك ويؤلف بينك وبين زوجك على طاعته، وأن يوفقك لما يحب ويرضى.

تخشى أن يتزوج بأخرى

تخشى أن يتزوج بأخرى المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 21/10/1424هـ السؤال المشكلة التي تتعب كثيراً من النساء الآن خوف المرأة من زواج زوجها بزوجة ثانية، وذلك لانتشار الزواج الثاني بشكل هائل، والمصيبة أنه من عربيات، وأنت تعلم ما يترتب عليه ذلك، فهن لا يعاملن الزوج كما نعامله نحن، والمشكلة الحقيقية أن من ابتلى بهذا الزواج أفسد على الباقين، فلم يعد الرجال مقتنعين بزوجاتهم، وفتحوا عقولهم على أشياء لم يكونوا يعلمون عنها، وأخذوا يبالغون في وصف زوجاتهم وطريقة تعاملهن معهم حتى في لبسهن ونومهن، حتى تقاطر لعاب أزواجنا لذلك، وطربت آذانهم لهم، فمنهم من تزوَّج ومنهم من يهدِّد، ولكن السؤال: ماذا نفعل نحن الزوجات لتصدي هذا الخطر، فقد أحسنّا التبعل ورعاية الأطفال ونظافة المنزل، فما الحل؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد: فلا شك أن أهم مقاصد الزواج غض البصر، وحفظ الفرج، وهل تكفي الرجل زوجة واحدة؟ أم أنه يحتاج إلى أكثر من زوجة؟ كل رجل تقدر حالته بقدرها. وأوجه السائلة إلى ما يأتي: (1) الخوف من أن يتزوج الرجل بأخرى لم يحل المشكلة، وإنما الذي ينبغي على الزوجة فعل الأسباب التي تديم المحبة والألفة بينهم، وشعور الزوجة بحق الزوج. (2) في الغالب أن زواج الرجل بأخرى له هدف يختلف بحسب الرجل وحاله، أو أنه حل لمشكلة فتفكر الزوجة في ذلك. (3) أن الزواج بأكثر من زوجة لا يعني أن الزوج فعل محرماً أو مكروهاً، وإنما فعل أمراً مباحاً أو مستحباً، فيكون التفكير كيف تكون الحياة بعد الزواج؟. (4) أن كثيراً من الأزواج الذي يحملهم على الزواج بالأخرى هو الزوجة، وذلك بإهمال الزوج وعدم احترامه وتقديره، وبذل ما أحل الله له بنفس طيبة. لا شك أن كل إنسان في هذه الحياة يبحث عن ما يريحه ويسعده، فلو وجد في الزوجة الأولى ذلك لما تزوج بأخرى. (5) ما ذكرته السائلة عن بعض الزوجات الأجنبيات من طريقة النوم والحديث وغير ذلك فهذا ليس حكراً عليهن، وإنما كما قيل: من كان له عين ورأس فليفعل كما يفعل الناس، وخاصة إذا كان في دائرة المباح. (6) أذكرك وصية غالية وهي: لا يشم منك إلا أطيب ريح، ولا تقع عينه على قبيح. (7) وليست المشكلة هي الزواج بأخرى، وإنما ما يحصل بعد الزواج من هجر للزوجة الأولى، وإهمال لها وعدم عدل بين الزوجات. (8) وأخيراً الأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة، فإن حسن الخلق سبب للفوز في الدنيا والآخرة.

هددني بالزواج!

هدّدني بالزواج! المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 5/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا متزوجة منذ 11 سنة، وبيني وبين زوجي مشكلة مزمنة تتعلق بالعلاقة الخاصة بيننا، باختصار هو يرى أنني أقل من المعتاد (في الرغبة من حيث عدد المرات أسبوعيا مثلا، وأنا أرى أنه هو الذي أكثر من المعتاد، كل حياتنا منحصرة في هذه المشكلة فلا مشاكل جوهرية بيننا سواها، أصبحت مجريات حياتي مزاج زوجي، تعامله رضاه عنى، تقييمه لي كل شيء متوقف على هذا الموضوع، أنا حاولت أن أزيد من نفسي بقدر ما استطعت لكنى لم أصل أبداً إلى ما يريد، لم أعد أستطيع فعل المزيد، ودائما ما أعيش بشعور بالتقصير والذنب الذي أنا متهمة به من قبل زوجي، وأصبح إلحاحه يأتي بنتيجة عكسية، وأشعر أنني أفعل ما يريده مني فقط لتجنب المشاكل والغضب ودخول النار واتقاء عذاب الله، ولهذا كله آثاره النفسية طبعا، ولا أتصور فكرة أن أهميتي ودوري الأساسي هو مجرد هذه العلاقة، وأن كل ما أتميز به من صفات لا قيمة له، وطبعا التهديدات بالزواج الثاني مستمرة سواء بجد أو بمزاح، المهم مؤخرا قال لي زوجي إنه يئس مني، وأنه فقط يتحملني من أجل الأولاد، وسيبقى علي فقط من أجل الحفاظ على كيان الأسرة، وأثناء هذا يحاول إقناعي بقبول فكرة الزواج الثاني، أنا لا أستطيع تقبل هذا الوضع وأريد الانفصال، فالجميع يشهد لي بالطيبة وحسن الخلق، والتفوق والتعامل الطيب مع الجميع، والأصل الطيب و ... وزوجي لا يقيمني إلا على أساس رضاه عن هذه العلاقة، ولا يأخذ علي أي عيب سوى هذا، كما أني أشعر أنه سوف يكون سبباً في دخولي النار لعدم رضاه المستمر، وأنا لا أستطيع أن أفعل أكثر مما فعلت لأرضائه، ولا يمكن أن أقبل وجود زوجة ثانية، ولا يمكن أن أصور أن زوجي يقبلني على مضض..على علاتي. فما رأيكم؟ جزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إلى الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة بالموقع، فهذا مما يسعدنا ويثلج صدورنا. أختي السائلة: قد سرني حرصك على إرضاء زوجك، وخوفك من إغضابه لما يترتب على ذلك غضب الله عليك، وهذا يدل على فهمك للحقوق الزوجية وحرصك على الكيان الأسري، وهذا أمر تحمدين عليه. وكذلك سرني حب زوجك لك، فنسأل الله أن يجعل حياتكما حياة طيبة سعيدة. أما بالنسبة لمشكلتك فأنا أرى في الحقيقة أنه ليس هناك مشكلة كبيرة، وخصوصاً مع وجود الحل لهذه المشكلة، لكن كونك لا تقبلين بهذا الحل فأنت -وبكل صراحة- السبب في هذه المشكلة وفي تطورها. فبداية ليس عيباً أن تكوني محدودة الرغبة الجنسية، وليس عيباً أيضاً أن يكون زوجك شديد الشهوة، فهذا أمر قدره الله على كل منكما، والحل يسير جداً، وهو كما قال الله - جل وعلا-: "فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ" [النساء: 3] .

ولقد كان رسولنا - صلى الله عليه وسلم- عنده أكثر من امرأة، وكان صلى الله عليه وسلم- قد أوتي جماع أكثر من امرأة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه طاف على نسائه بغسل واحد في ليلة واحدة، والأحاديث والأخبار عن حياة السلف الصالح في ذلك كثيرة، والواقع الذي نعيشه يشهد لذلك، فهناك من الرجال من لا تكفيه زوجة واحدة، أيقضي شهوته في الحرام من أجل أن زوجته لا تريد شرع الله؟ كلا والله. فكونك أختي السائلة لا تتقبلين فكرة الزوجة الثانية فهذا أمر خطير، فالتعدد شرع الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأنا أعيذك أن ترفضي شرع الله، وتعترضي على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن هذا الأمر عواقبه وخيمة على دينك، فيا أختي السائلة عليك بقبول شرع الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فهذا خير لك في دينك ودنياك، فمن دواعي الزوجة الثانية الحالة التي يمر بها زوجك، فأنت غير كافية له، فيحق له الزواج بثانية شرعاً وعقلاً، وكونك صاحبة خلق طيب، وتعامل حسن مع الجميع ومن أصل طيب إلى غير ما ذكرت من هذه الصفات الحسنة هذا كله ليس مبرراً بأن تعترضي على زوجك؛ لأنه يريد الزواج بثانية، فما أنت عليه من أخلاق أمر تحمدين عليه وينبغي أن تكوني كذلك، لأن هذا الأصل في المسلم، وقضية الزوجة الثانية أمر آخر، فلا تخلطي الأمور بعضها ببعض، ولا يحل لك طلب الطلاق من زوجك؛ لأنه يريد الزواج بثانية، فليس هذا سبب شرعي من أجله تطلبين الطلاق، وقد جاء الوعيد الشديد لمن تطلب الطلاق من زوجها دون سبب شرعي واضح، فعن ثوبان مولى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة" أخرجه الترمذي (1187) ، وقال: هذا حديث حسن. فإياك ثم إياك أن يلعب بك الشيطان، وتطلبي الطلاق من زوجك لهذا السبب، والذي لا يحق لك ذلك، فزوجك له حق عظيم عليك، فهو جنتك ونارك، كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو طريقك إلى الجنة، فاحذري أن يغلق هذا الطريق في وجهك، ولا تجعليه سبيل لك إلى النار عياذاً بالله من ذلك. فيا أختي المسلمة ارضي بشرع الله واستسلمي لأمر الله، وارضي بقضاء الله وقدره، يرضيك الله، ويرضى عنك زوجك، فتفوزي بجنة ربك، عن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة" أخرجه الترمذي (1161) وقال حديث حسن. ويا أختي المسلمة لا تعلمي أين الخير، فلعل في زواج زوجك بثانية يكون خير لك،" "وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا" [النساء:19] "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم والله يعلم وأنت لا تعلمون" [البقرة:216] .

فلا تلتفتي لكلام أحد، ولا يغرنك ما ينقله الإعلام الخبيث من تشويه قضية الزوجة الثانية، وإياك ثم إياك وطلب الطلاق، أكرر ذلك عليك، أفيقي يا أخيه ولا تهدمي بيتك بنفسك، ولا تحرمي نفسك من متعة العيش مع رجل يحبك ويحب أولادك الذين هم في أمس الحاجة إلى حنانك وعطفك ورعايتك، فضلاً عن نظرة المجتمع للمطلقة، وقد قيل في المثل المصري عندكم (ظل رجل ولا ظل حيطة) ، فخير لك أن تكوني مع رجل يسترك ويعفك ويقوم على شؤونك ويرعى مصالحك، حتى ولو كانت هناك زوجة ثانية، أفضل من أن تكوني مطلقة، كلمة ثقيلة الوطء على النفس. فاتقي الله وارضي بحكمه، وحافظي على زوجك وبيتك، ويعلم الله أني لك ناصح، وعليك مشفق، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد. هذا والله أعلم. والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زوجي غير عادل بين زوجاته

زوجي غير عادل بين زوجاته المجيب د. عبد العزيز الشهوان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 14/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا امرأة، قد أكملت الأربعين من العمر، وقد التزمت من فضل الله تعالى قبل عشر سنوات، وعدّلت سلوكي وأسلوب حياتي إلى ما يرضي الله، وأصبحت أعمل للدعوة بشكل كبير وأساهم بمالي فيها في الداخل والخارج، ولازمت حلق الذكر ودور التحفيظ، وحفظت أجزاء كثيرة من كتاب الله تعالى. لقد كنت مطلقة قبل الالتزام، وبعد التزامي تزوجت برجل محافظ، لكن غير عادل بيني وبين زوجته الأولى في المبيت والسفر والمشاوير غير الضرورية، وهو مصر على الاستمرار على نفس النهج، فهو يسافر معها كل إجازة وأنا لم أسافر معه مطلقاً مع أنني طالبته كثيراً بذلك، أما المبيت فحدّث ولا حرج، والمشاوير عندما أطلبها منه يقول لي: دعي سائقك يأخذك إلى أي مكان تريدينه. ليست مشكلتي الآن في العدل أو عدمه، ولكن مشكلتي الحالية التي بدأت أعاني منها هي أن أفكاري تجاه الدين بدأت تتغير، وقناعاتي قد انحدرت إلى حد ما، لا أريد منكم أن تبحثوا مشكلة العدل لأنها لن تُحل بالإضافة إلى أن نفسي قد انغلقت تجاه حقوقي المهدرة، ولا أريدها الآن بعد سنوات الحرمان، فأنا قد ادّخرتها عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون، ولكني أرجوكم أن تخبروني كيف أنقي قلبي وأنظف عقلي تجاه ديني بعد ردة الفعل التي حدثت لي خلال هذه السنوات الخمس، فأنا لم أغير أعمالي ولا سلوكياتي التي بدأتها بعد الالتزام، ولكن أفكاري بيني وبين نفسي هي التي تغيرت، وذلك الشغف للعبادة والدعوة والبذل قد خفّت حدتهما، ولم أعد أشعر بتلك المتعة التي وجدتها في بداية الالتزام، هل أنا مريضة نفسياً، أم أن ما أشعر به من تغير أمر طبيعي؟ أنتظر ردكم بفارغ الصبر، وجزاكم الله عني وعن المسلمين خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم ثبتك الله يا أختنا الكريمة، وهداك سبيل الرشاد، وزادك توفيقاً وهداية ورشداً، فاحمدي الله على ما هداك إليه من الخير، وحاولي الثبات عليه بكل الوسائل فهو الغنيمة الباقية، وللمتقين العاقبة. ولعل ما ذكرت من زوجك تمحيصاً لك، وزيادة في رفع درجاتك عند الله تعالى، فإنه يبتلى الأمثل فالأمثل، فاشكري الله - عز وجل- على ما أنت عليه من الانشغال بالدعوة والترقي في درجات الخير، "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ... " [فصلت:33] . فهذه منة عظيمة أن هداك الله للإيمان والعمل الصالح، وهي خير مما يجمعون من حطام هذه الدنيا وزخرفها الفاني. لكنني أعتب عليك وأنت من أنت في مضمار الخير وقد عرفت الإيمان وحلاوته! كيف تعلقين تدينك بمخلوقين ضعفاء لا يملكون نفعاً ولا ضراً، فإن وفقوا للخير والعمل به فهو من توفيق الله لهم وإن عدلوا عن الخير فهو من الخذلان لهم، ونسأل الله أن يسددهم، ومتى كان الحق معلقاً بالبشر؟ سواء التزموا به أم لم يلتزموا.

فلا بد لك من اليقين التام بأنه لا ارتباط بين الدين وبين من يتدينون به سواء أصابوا أم أخطئوا، وتذكري مقالة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- حينما قال لما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، فالمسلم يتعلق بربه ويلتزم دينه فمن التزم به وفقه الله، ووجد ما عمل سعادة في الدنيا والآخرة ومن حاد فلا ينسب إلى الدين تقصيره، فالحق لا يقاس بالرجال فإن الجماعة مع الواحد إذا كان محقاً، ولو خالفه من في الأرض جميعاً، حتى إن رأيتِ من زوجك أنموذجاً في التدين كما ذكرت، فهذا لا يعني أنه لا يقع في الخطأ وقد يكون مجتهداً ولم يهتد للصواب، وأود أن أنبه إلى مسائل: المسألة الأولى: فأنصحك بنصائح لعلها تنفعك ويكون لك فيها خير ومخرج مما تعانين منه. 1- لا تجعلي ما ذكرت من تقصير زوجك نحوك شغلك الشاغل فالحمد لله فإنك قد عرفت الخير والأمر بالمعروف والدعوة إليه فاجعليه همك الأول فتهون عليك جميع مصائب الدنيا، ففيه رفعتك في الدنيا والآخرة، وانشغلي بالصلاة والذكر ونحوه من الأعمال الصالحة. 2- التمسي لزوجك العذر ولو في نفسك؛ حتى تطمئنين وتسرين به إذا حضر لأنه قد يكون تصرف هذه التصرفات لظروف خارجية فوق طاقته، ولا يستطيع التعامل بحنكة معها خاصة إن كان له أولاد في سن المراهقة فهم محتاجون إليه ومتابعتهم في هذه السن ضرورية، لا سيما في الإجازات والأسفار، كما أنك لم تذكري أن لك أولاد أم لا، فإن لم يكن لك أولاد أولك لكنهم صغار فاعلمي أن المسؤولية تجاهكم أقل وسترين السنوات المقبلة اهتمامه بهم إن شاء الله، وبناء عليه ترضى نفسك وتوقنين أن هذا التصرف ليس عن سبق تعمد وإصرار وإهمال لكم، بل لمشاغل الدنيا وعلائقها. ثم إنه ليس كل الرجال لديهم القدرة على إدارة أكثر من أسرة فارضي بالقليل في الدنيا واعلمي أن الذي لم تسمح به نفسك كما ذكرت مدخر لك يوم لا ينفع مال ولا بنون، وإن كان مقام العفو أفضل عند الله تعالى. المسألة الثانية: حاولي الاهتمام به إذا حضر وأشعريه بحاجتك إليه في الجوانب الاجتماعية والدعوية دونما عتاب يولد جفاء، فستجدينه مع مرور الأيام يتبنى مشاكلك الدعوية وغيرها، لا سيما وأن له اهتماماً بالدعوة وسيكون بينكما قاسماً مشتركاً تتبادلان فيه الحديث والهموم، ولا تنسي اهتمامك بنفسك ومظهرك أمامه، وعدم الانشغال عنه في وقت حضوره حتى يكون أدعى لقربك منه وشعوره باهتمامك به دون لوم أو عتاب على تقصير سابق. فالأيام كفيلة بحل هذه المشاكل اليسيرة إذا لم تضخميها، ومع الإلحاح بدعاء الله أن يصلح ذات بينكم ويوفقكم لبناء أسرة سعيدة ينفع الله بها الإسلام والمسلمين. أما ما ذكرت من تساؤلك حول مرضك فلا أظن أن هذا مرضاً نفسياً، بل منه شيء من الغيرة التي يمكن أن توجه وجهة صحيحة بالانشغال بعلو الهمة ومعالي الأمور عن هذه الشواغل والعلائق التي تؤثر على عطائك وحبك للخير. والله أعلم.

أختي تهددني إن تزوجت بثانية

أختي تهددني إن تزوجت بثانية المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 23/7/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا رجل حائر، أرجو منكم أن ترشدوني وتعظوني، أنا رجل متزوج، وأرغب في الزواج ثانية، فاخترت الفتاة التي كنت أرغب بها، وهي فتاة مستقيمة ومتدينة، وأخبرتها بنيتي، ووافقت، إلا أنها أخبرت أختي بنيتي، فرفضت أختي وهاجت، وهددتني بأنها ستنفصل من زوجها إن أنا تزوجت، فتخليت عن الفتاة بعد أن تعلقت بي، وأخبرتني بأني جرحتها بهذا، فما زلت أفكر فيها، وبعد سنتين عدت ثانية وأخبرتها أنني ما زلت أريد الزواج منها، ووعدتها بأن لا أتخلى عنها هذه المرة، وحصلت نفس المشكلة، وتخليت عنها مرة ثانية، لم أراعي شعورها، وأنا أعلم أنها الآن تتألم، مع العلم أنني ما زلت أرغب بها، أخشى أن أكون ظلمتها، ويعاقبني الله بنفس العمل. ماذا أعمل كي أريح ضميري؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. أما بعد: فالجواب كما يأتي: 1- التعدد مما شرعه الله بشروطه التي ذكرها الله، وبحثها العلماء - رحمهم الله-، ولا أحد يعارض في ذلك. 2- الزواج يشرع عند الاستطاعة والقدرة عليه، وهي شاملة لجميع أنواع الاستطاعة، ولعل من ذلك الاستطاعة النفسية، والقدرة على ذلك، وهذا ربما غفل عنه البعض، وأن يجد في نفسه ذلك. 3- حدد موقفك أنت تماماً، هل أنت راغب حقيقة في هذا الزواج ومستعد له أم أنها متعة التحضير للزواج ثم الانسحاب عندما يجد الأمر بمثل هذه الحجج الضعيفة التي ذكرتها في سؤالك. 4- تعليقك لهذه الفتاة بهذه الطريقة إساءة إليها لا تقبل مثلها لأختك أو بنتك، ولذا فلابد من حسم الموضوع؛ لأن ذلك ليس في صالحك ولا في صالحها. 5- إخبارها بالحقيقة وما حصل منك وترددك في ذلك حتى تكون على بينة. 6- الإكثار من الدعاء والاستخارة في ذلك. 7- أختك ليس لها علاقة بالموضوع من أساس، وأنت الذي أعطيتها الفرصة في أن تتدخل في هذا الأمر الهام، ويبدو أن المشكلة فيك أنت، فلو كنت صادق العزم في ذلك لما سمعت كلام أختك، والأعجب من ذلك أنك لم تذكر رد فعل زوجتك والتي يعنيها الأمر أكثر من أختك بكثير، ويبدو أن زوجتك لم تمانع من ذلك، فإن كان الأمر كذلك، وأنك صادق في مشاعرك تجاه هذه الفتاة فتوكل على الله بعد الاستخارة والاستشارة. والله أعلم، وصل الله على نبينا محمد.

ألا يسع الحب لأكثر من زوجة؟!

ألا يسع الحب لأكثر من زوجة؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 16/3/1425هـ السؤال أنا متزوج من أمريكية، وكلانا بنفس العمر (43 سنة) ومتزوجان منذ 13 شهراً، مشكلتي أنني لا أحب ممارسة أي علاقة جنسية مع زوجتي، زوجتي جميلة ومتدينة (منقبة) ، ولم يكن لي مشاكل سابقة معها. الآن أشعر بالاشمئزاز إذا رغبت أن أجامعها وتخيلت أنها كانت مع رجل قبلي. أنا ـ والله ـ أحبها من كل قلبي؛ لكنني لا أريد أن أجبر نفسي على الأمور العاطفية معها. أنا أفضل أن أتزوج بكراً، وهل يناقض هذا حبي للأولى. هل الرغبة في الزواج بثانية يدل على عدم حب الأولى؟ هل يكون من الصواب أن أطلب من زوجتي أن تعلم زوجتي الثانية لتكون مثلها، ثم يكون لي منها ولد؟ بماذا تنصحونني؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن على الزوج أن يطأ زوجته كل أربعة أشهر مرة، إن لم يكن له عذر شرعي صحيح؛ لأن الله قدّره بأربعة أشهر في حق المُولي "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" [البقرة:226-227]ـ والمقصود به: هو الذي يحلف لا يطأ زوجته، فيُمهل أربعة أشهر، فإن وطئ فيها، وإلا طلِّقتْ منه زوجته ـ واختار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وجوب الوطء بقدر كفايتها ما لم ينهك بدنَه أو يشغله عن معيشته من غير تقدير بمدةٍ، فإذا كان لا يكفيها إلا أن يطأها في كل شهر مرة وجب عليه أن يطأها أكثر من ذلك حتى يرى أنه قد أشبعها؛ ولأن النكاح قد قصد به إعفاف الزوج والزوجة عن ابتغاء الحرام، فوجب أن يظهر فيه هذا المعنى المقصود، ولعل هذا القول هو الراجح. وما أعجب قولك، من أنك تشعر بالاشمئزاز إذا رغبتْ أن تجامعها، وتخيّلتَ أنت أنها كانت مع رجل قبلك. سبحان الله!! وما ذنبها أنها كانت مع رجل قبلك؟! أفي ذلك ما يضير أو يشين؟! ألم يتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر نسائه ثيِّبات، كنَّ من قبلُ مع أزواج آخرين؟!! أأنت أكرم أم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ أأنت أشد غيرةً أم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -؟ ثم إنه عليه الصلاة والسلام كان يحب عائشة - رضي الله عنها -، ومع ذلك تزوج عليها بأُخريات، وليس بالضرورة أن كل من تزوج أو بدت منه رغبةٌ في الزواج بثانية فهو لا يحب الأولى. ثم إن كونها لا تنجب عذرٌ يسوِّغ لك شرعاً وعقلاً أن تتزوج بثانية، لكنه لا يسوِّغ لك مطلقاً أن تتجافى عن وطئها، أو تهجرها في مضجعها. فاتق الله في زوجك، وقم بحقِّها، فإنها كالعاني ـ أي الأسير ـ عندك، وقد وصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنساء خيراً، وقال: "خيركم خيركم لأهله" رواه الترمذي (3895) وأبو داود (4899) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. وقال سبحانه: "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:19] .

إن أمامك خيارين اثنين (إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان) فإما أن تمسكها بمعروف وتعاشرها بمعروف وتحسن صحبتها وترفق بها وتبرها وترحمها، وإلا فطلِّقها بإحسان، وتسريحها بإحسان خير من إمساكها بغير معروف. فإن كانت عاقراً لا تلد، فلك الحق كل الحق أن تتزوج بأخرى، فإن أبتْ زوجتك أن تتزوج بأخرى واختارتْ الطلاق على التعدد، فطلِّقها وتزوج غيرها، ولكن قبل أن تطلقها حاول جهدك أن تقنعها بحاجتك إلى الزواج بأخرى، وأن تذكِّرَها بالله، وأن تخبرها بأن هذا هو شرعه في حال السعة (ولو لم يكن بالإنسان من ضرورة إلى الزواج بثانية) فكيف في حال الضيق والحاجة؟!!. وأذكرك إن هي رضيت بأن تتزوج عليها بأن من حقها أن ترفض أن تجمع بينهما في مسكن واحد إلا برضاها، فإن اشترطت عليك أن تسكن هي في بيت والأخرى في بيت فشرطها شرعي صحيح. وفقك الله لكل خير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أريد الزواج بثالثة ولكن ...

أريد الزواج بثالثة ولكن ... المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 12/04/1425هـ السؤال تزوجت وعمري 19سنة بامرأة ذات جمال ومتدينة إلى حد ما، أمها من قطرٍ آخر، وأبوها من قطرِنا نفسه. أنا متدين وكان لاختلاف البيئة بيننا وكون زوجتي هي الوحيدة، لا أخوات لها سبب في كثير من المشكلات بيننا خصوصا في الصيف، حيث أضطر للسفر لبلد أمها إرضاء لها، وهناك تكثر المشكلات بسبب بيئة أخوالها المليئة بالمعاصي، وطوال حياتي معها17 سنة لم أجد الراحة النفسية والاستقرار سوى أننا نحب بعض وبشدة إلى درجة العشق أحيانا، ولي منها خمسة أطفال، واضطررت للزواج عليها؛ لأني صرت أضعف مما سبق في تديني، فتزوجت امرأة متدينة، فكانت نعم المرأة العابدة والخلوقة إلى حد لا أستطيع وصفه، لكنني لم أهتم بالجمال لوجود ذلك عند زوجتي الأولى، ولكن بدأت حالتي النفسية في التدهور بسبب طلب الأولى للطلاق بإلحاح شديد، غير أن الثانية زادت تعلقا بي، ففكرت في طلاق الأولى لكن الثانية لا تستطيع إعفافي لتشوهات خلقية في أماكن تحرمني من المتعة الجنسية، ثم فكرت في طلاق الثانية فرأيت من الصعوبة العيش مع الأولى بعد زواجي الثاني، ثم فكرت في طلاق الثنتين والزواج بأخرى تجمع الجمال والدين والخلق وهو ما أميل إليه، أما الزواج بثالثة فلا أستطيع ذلك مادياً؛ ولأني أظن أنه لا يوجد امرأة تتوفر فيها شروطي وتقبل بي، وعندي زوجتان، وأنا الآن أعيش لوحدي بعيداً عن زوجتي الثنتين، وفي حيرة شديدة، فما مشورتكم لي؟ الجواب أشيد ـ ابتداءً ـ بحرصك على التمسك بالتدين والدعوة ونفع الأمة رغم ما تتعرض له، كما أرجو أن يكون في زواجك المبكر توفيق أراده الله لك، وما جرت الإشارة إليه من جهلك بـ «عالم حواء» وكيفية المعاشرة الزوجية ليس مشكلة التبكير بالزواج بشكل مباشر، بل السبب الحقيقي عدم التأهيل بشكل عام، وهذه قد يقع فيها من هو أكبر سنًا. ومن الواضح أنها لم تكن سببًا في المشكلات التي تعانيها الآن. ومع أنك ذكرت عددًا من الخيارات التي ترى أنها وسائل لتجاوز المشكلة، فلا أميل لواحدة منها (في ضوء ما كشف عنه السؤال) وبالتالي فلن تكون الإجابة ترجيحًا لأحد الخيارات على الأخرى (طلاق إحداهما، أو طلاق الاثنتين معًا، أو الزواج بثالثة) . القرار الصواب أن تبقي الاثنتين؛ فإن بينك وزوجتك الأولى علاقة مودة كبيرة، وهي أم أولادك، وربما ترتب على الانفصال عنها سفر أولادها (ولو حينًا بعد حين) إلى أخوالهم وهو ما عانيت منه أنت. وزوجتك الثانية أثنيت على تدينها وصلاحها، ولعلها تكون المعين لك في تحقيق ما تصبو إليه، كما أنها أكرمتك بمحبتها إياك، ولا يوجد مسوغ لطلاقها من جهتها؛ حيث إن مشكلتك، في الواقع، هي مع زوجتك الأولى قبل زواجك بالثانية، وإن كان زواجك الثاني قد ركز نوعية الشجار والخصام. وبالتالي لا أتوقع أن يكون طلاق الثانية حلاً لعدم استقرارك النفسي.

والذي أراه الأنفع لك أن تتجه إلى إصلاح زوجتك الأولى، وتعمل على الارتقاء بوعيها واهتماماتها، بالإضافة إلى تلبية حاجتها من الترويح الذي يقنعها بقدراتك، فلا تنتظر أن تقترح هي عليك سفرات الإجازة، بل امنح أسرتك جزءًا من وقتك للتفكير فيما يمكن تسميته بالمفاجآت، وهذا يتطلب استشارة الإخوة المتدينين (مشافهة أو عبر الإنترنت للمواقع الإسلامية التي تعنى بمثل هذا) عن الأماكن التي تجمع بين الجودة والمحافظة وما الأوقات المناسبة للوصول إليها. كما أقترح أن توظف أولادك لصالح بناء علاقة زوجية ناجحة، فمن المتوقع أن يكون بعض أولادك راشدين يعينونك في بعض الأفكار التي تنشر الراحة في الأسرة؛ فإن قدرًا من رضا الزوجة معقود برؤيتها سرور الأولاد ورضاهم. ولا تنسَ مع ذلك، العدل في العطية بين الزوجتين. أنت بحاجة إلى أن تتعرف إلى وسائل إقناع زوجتك الأولى بالثانية وكيفية تقبلهما لبعض؛ لأن ذلك مهم في استقرار حياتك الزوجية، ولا يصح أن يمرر مفهوم مراعاة مشاعر الزوجتين بإنشاء جدار فاصل بينهما، نقدر الغيرة التي جبلت عليها النساء ونتفهم متطلباتها، لكن ذلك لا يعني القطيعة التي قد تصل إلى أولادهما الذين هم إخوة لأب. وإذا كان ما سبق دعوة لإصلاح زوجك؛ فإني أتوقع حاجتك (كما هي حاجة كثير من الناس) إلى تعرف وسائل من شأنها تزويدك بقدرة على إدارة نفسك وأسرتك وقيادتها بشكل شجاع وهادئ، ولا تقف عند حدود العاطفة التي ربما سيطرت على نفسك حينًا، فجرتك إلى تصرفات لا تحمدها، وبفضل الله نجد هذا النوع من البرامج قد توفر مؤخرًا في الساحة، فقط امنح نفسك فرصة البحث عن إدارة الحياة الزوجية ومهارات الاتصال والتأثير والإقناع. النوع السابق يسمى البرامج المتعدية، وهناك البرامج الذاتية وهي التي تعنى بتطوير الشخصية من خلال توسيع قاعدة الفهم وتصور الأشياء، وتقوية القلب والشجاعة والتخلص من القلق والتردد ونحو ذلك من البرامج، وهي ليست محصورة في الدورات (كما قد يتوقع البعض) بل هناك القراءات في هذا الموضوع، وثمة كتب ثقافية ومجلات محتشمة تقدم أطروحات جيدة بهذا الخصوص، وهناك الأشرطة السمعية والجلسات التي يعقدها بعض المختصين. أرجو أن تكون معينة لك على تجاوز ما تعانيه من مشكلة. أسأل الله أن يجمع بينكم على البر والتقوى، ويجعل أهلك وذريتك قرة عين لك.

زوجي استرجع زوجته الأولى

زوجي استرجع زوجته الأولى المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 4/6/1425هـ السؤال أنا متزوجة من زوج متزوج سابقاً، وله من زوجته الأولى طفلان، قرر إرجاعها، وهو الآن يعيش حالة حب وشوق معها، تغير علي ولم يعد يهتم بي، وأنا صابرة، وأقول: صبرٌ جميل والله المستعان، أصبح يهاتفها كثيراً ويراسلها، وأنا لا أكذب عليك ضايقني هذا الشيء، ولكن والله صابرة وأُؤدي واجباته ومتطلباته، ومهتمة به كثيراً، ولم أبين له انزعاجي، وقد عزمت على أن أتركه أسبوعاً أو أسبوعين عند رجوع زوجته إليه ثم أرجع؛ عله يفتقدني ويحس بي؟ أرشدوني. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخت الكريمة: أسأل الله - عز وجل- أن يجمع بينكما على طاعته، وأن يوفقكما لكل خير، وأن يرزقك الذرية الصالحة، والبيت السعيد في رضا الله - سبحانه وتعالى-. أما ما سألت عنه: فأنت أعلم بطبيعة زوجك، فقد تقولين بأنك إذا تركتيه مع زوجته الأولى، وغبت عنه في وقت جلوسه معها بأن هذا أدعى لاشتياقه إليك بعد مدة من الزمن، هذا احتمال وارد وليس أكيداً ولا مناسباً مع كل أحد، وقد تكون له نتائج عكسية، لكني أؤكد على عدة مسائل أرجو أن تراعيها: أولاً: أن يكون ذلك باتفاق ودي بينك وبين زوجك، ولا تشعريه بأن هذا عقاب منك أو هجر له. ثانياً: ألا تطول مدة غيابك عنه؛ إذ إن طول مدة غيابك قد يجعله يتعود على فقدك. ثالثاً: تأكدي من قيامك بواجبك كاملاً من حيث البشاشة وحسن العشرة، وإياك أن تطغى الغيرة فتؤثر في حسن تعاملك معه بحيث لا يرى منك خيراً، بل إن من المروءة ألا يتأخر المسلم عند بذل المعروف للآخرين، حتى ولو قصروا هم في ذلك. رابعاً: إياك أن يحصل في قلبك وحشة وبُعد من زوجك وخاصة بعد عودتك إليه، بل عليك أن تظهري له الشوق والمحبة. خامساً: ارضي بما قسم الله -عز وجل- فإن الله - سبحانه- قسَّم الأرزاق على العباد بحكمة يعلمها سبحانه ولا نعلمها، والمؤمن يصبر على ما أصابه، ثم يرضى بما قسم الله، ولا يظهر الامتعاض والقنوط، فإن الله - عز وجل- يقول: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم" [البقرة:216] . وفقكم الله لكل خير، ورزقنا وإياكم الصبر والاحتساب. والله -تعالى- أعلم.

تزوجت حديثا وأرغب الزواج بأخرى

تزوجت حديثاً وأرغب الزواج بأخرى المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 3/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: الإخوة الأفاضل: أنا شاب متزوج منذ 5 أشهر، وأرغب في الزواج من امرأة ثانية، ولكن زوجتي ترفض أشد الرفض، بل تقول لي: لو تزوجت الثانية فارجعني إلى بيت أهلي، وحاولت معها مرات ومرات، ولكن دون جدوى، وأنا أرغب في التعدد لأعف نفسي ولأعف غيري، ولأحقق سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فكيف أقنع زوجتي؟ وجزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: الأخ الفاضل: لقد تلقيت رسالتك، وأرجو الله أن أوفق بتقديم الاستشارة الناصحة, فبعد اطلاعي على رسالتك أقول مستعينا بالله ما يلي: اعلم يا -أخي الكريم- إن دواعي طلب التعدد في مثل عمرك وعمر زوجتك محل نظر، فلم يوجد بعد مسوغ كاف للتعدد، فأنت شاب في مقتبل العمر وكثير من الشباب في مثل سنك لم يتزوجوا بعد، ولكن صدقني أني أستوحي من طلبك التعدد وأنت لم تمض سوى خمسة أشهر من الزواج هو أنك لم تشعر ولم تحقق بعدُ الحياةَ التي تتمناها والتي ترغب بها مع زوجتك، -وهذا ليس تقليلا منها-، ولكن حياتكم الزوجية في بدايتها، ويحتاج كل واحد منكم أن يفهم الآخر بشكل جيد، وخذ مني هذه النصائح، وكن جاداً صبوراً في الأخذ بها، وسترى -بإذن الله- التغير الكبير في تحسن حياتك الزوجية: أولاًً: ابتعد تماماً عن التفكير بالزواج وطرقه على مسامع زوجتك بين حين وآخر، وأعد إليها الثقة بك، وأشعرها بعطفك، وحبك، وحنانك. ثانياً: زوجتك فتاة في مقتبل العمر، والحياة الزوجية والأمور المتعلقة بها جديدة، فلا تتوقع منها أن تكون مهيأة بالشكل الذي تريده بين يوم وليلة، فالأمر يحتاج منك إلى تروٍ وحكمة، واعمل على إشباع الحالة العاطفية لزوجتك، فصدقني وثق بقولي إنها ستملأ عليك حياتك، وستحقق لك السعادة الزوجية التي تبحث عنها. ثالثاً: أن البعض من فتياتنا وخاصة في الخليج العربي يجهلن الكثير عن الحياة الزوجية ومتطلباتها، فإذا قوبل هذا الجهل باندفاع لدى الشاب وعدم قدرة على التروي وتحمل الأمر نشأت من هنا الخلافات الزوجية، فلا تتعجل الأمر؛ فقد تكون زوجتك بحاجة إلى الوقت لكي تنسجم حياتكما الزوجية، ويشعر كل واحد منكم بالرضا العاطفي، ولكن ينبغي أن تختار الوقت المناسب لمصارحة زوجتك بما يجول بخاطرك دون مساس بمشاعرها أو إقلال من شأنها. رابعاً: كن واقعيا في أحلامك ولا تتأثر بما ترى أو تسمع، وخاصة في وسائل الإعلام والفضائيات إذا كنت من متابعيها؛ فالحياة الواقعية تختلف كثيراً عما يصوره مروجو تلك المواد. وأخيراً: أشير عليك مشورة الناصح لك ألا تستعجل الأمر، وخذ بما أدليت لك به من مشورة، وأسال الله -سبحانه- أن يجعل زوجتك ناصية مباركة، والله ولي التوفيق.

أريد أن أتزوج من أرملة ولكن ...

أريد أن أتزوج من أرملة ولكن ... المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 11/2/1425هـ السؤال السلام عيكم. أريد أن أتزوج أرملة لأنها فعلا تحتاج إلى رجل بجانبها وأنا من كثرة إشفاقي عليها أصبحت أحبها حباً شديداً وذلك لتدينها وأدبها وأصبحت لا أستغني عنها ولكن أريد أن أتزوجها في الحلال بدون معرفة أحد منعاً للمشاكل لأن هذه المرأة تكون زوجة أخو زوجتي المتوفى وأنا معي ثلاث أطفال ولو عرفت زوجتي ستحدث مشاكل كثيرة لا تنتهي، ماذا افعل؟ بالله عليك لا تقول لي أي سبب يبعد هذه المرأة عني. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن. الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: إلى الأخ أشرف -سلمه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، أرى أنك قطعت علينا طريق النصح والإرشاد معك، حيث أنك قلت في نهاية رسالتك "بالله عليك لا تقول لي أي سبب يبعد هذه المرأة عني" هكذا قلت، فما دام أن هذا حالك فلماذا أرسلت إلينا إذاً؟ وعلى كل حال أود أن أقول لك: بداية من حيث المبدأ الأمر جائز وليس فيه شيء، ولكن انظر إلى العواقب المترتبة على إقدامك على هذا الأمر، والذي أراه أنك منساق بعاطفة جياشة دون تعقل ولا تفكير سليم، حيث أنك عطلت عقلك عن التفكير، وسيطر عليك تفكير أنه لا غنى لك عن هذه المرأة، وأن حياتك بدونها ستصبح جحيم إلى غير ذلك. أخي الكريم إن العاطفة في مثل هذه الأمور تؤدي إلى مشكل معقدة، فالذي أراه قبل إقدامك على هذا الأمر الهام أن تفكر في الموضوع من جميع جوانبه من حيث السلبيات والإيجابيات، وعليك باستشارة أهل الخبرة والخير عندك، وكذلك استخر الله في هذا الأمر الهام وأكرر وأقول: فكر في أولادك وزوجتك وبيتك، ولا تكن كالتي نقضت غزلها. هذا والله أعلم وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم

والدي..وزوجتي..وأنا المجيب د. راشد بن سعد الباز عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم التاريخ 16/05/1425هـ السؤال أنا متزوج منذ عشرة أشهر تقريباً، ورزقت ببنت ولله الحمد-، ومشكلتي يا شيخ أني طلبت من أهلي الزواج، وفعلوا، ولكنهم لم يجعلوا لاختياري أي أهمية، حيث إنني طلبت منهم أن تكون غير متعلمة، وأن تكون بين 18-20سنة، وأن تكون غير متينة، وعندما خطبوا لي كانت كل هذه الشروط بالعكس، مع العلم أن حالتنا المادية طيبة ولله الحمد- ولكن الوالد اختار المدرسة لكي تساعدني في الحياة، وأنا قبل المادة أبحث عن الراحة، وأنا يا شيخ أعاني من هذا الأمر، وأذكر لك أنني عندما نظرت إليها النظرة الشرعية كانت تلبس لباساً ملوناً بألوان، ولم ألاحظ (المتن) مع الألوان، وهي تبلغ من العمر 27 عاماً، مع العلم أني وافقت أن تكون مدرسة؛ لأني كنت لا أريد أن أتأخر في الزواج، وعرفت أنها رغبة والدي؛ لأن أبي هو الذي سيزوجني، وقد خاف علي ألا أستطيع مواجهة الحياة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، مع العلم يا شيخ أنني لا أحب زوجتي، وقد حاولت وأنا أشعر بفرق بيني وبينها، وهو أن راتبي 3500 ريال، وهي 5800 ريال، فأشعر بفرق كبير وخيبة أمل؛ إذ إنني كنت أود أن أشعر بالمسؤولية، وأتحمل أعباء الحياة، ولكن والدي يريد أن يسيطر علي دائما في قراراته. الجواب أخي الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في طرح مشكلتك يجدر بنا تناولها من عناصر عدة: 1- تعرف أنّ الوالدين لا يمُكن أن يُفكرا إلا بمصلحة أبنائهما، لكن نظرتهما للأمور وطريقتهما في التفكير تختلف عن الأبناء، فقيام والدك بخطبة شابة موظفة لك نابع من نظرته أنّ من المصلحة أن تكون زوجتك موظفة تُساعدك وتُساعد نفسها في الجوانب المادية التي أصبحت تُمثل عبئاً كبيراً على كثير من الأسر خاصة مع الظروف الاقتصادية في المجتمع، كما أنّ والدك نظر إلى المستقبل، فالإنسان مُعرض في حياته لكثير من المصاعب والمتاعب كمرض وغيره، ولعل وجود شخص آخر بجانبه كالزوجة تُساعده عند الحاجة مصدر أمان له، ولا أُخفيك أنّ في الوقت الحاضر من أهم شروط الشباب في اختيار الزوجة أن تكون موظفة، وربما أنّك لا تشعر بأهمية ذلك في الوقت الحاضر؛ لأنّه ليس لديك إلا طفلة واحدة، لكن حينما يكون لديك عدد من الأطفال ستعرف أهمية ذلك، فاحمد الله. 2- كثيراً من الأحيان نلوم الآخرين على قرارات اتخذناها بأنفسنا، إذا وجدنا أنّها فيما بعد لا تناسبنا أو أخطأنا في الاختيار، فأنت رأيت الفتاة وتعرف أنّها متعلمة وموظفة، وتعرف عمرها وأنّها متينة، أي أن المعلومات المهمة كلها كانت لديك، بل أشرت في عرضك للمشكلة أنّك وافقت عليها، أي أنّ القرار كان قرارك، لماذا أقدمت على الزواج منها؟ لو أنّك أخبرت والدك أنّك لا تُريد الزواج من هذه الفتاة، وأصررت على رأيك هل سيتم الزواج؟ أعتقد ـ والله أعلم ـ أنه لن يتم هذا الزواج.

3- قضية أنّها متينة، لا تجعل هذا عاملاً في حدوث المشكلات أو عدم حبك لها، أولاً أنّك رأيتها وهي على هذا الحال، ثانياً أنّ هناك أساليب عديدة للتخفيف، فيُمكن بالاتفاق مع زوجتك اختيار الطريقة المناسبة، مثل (الرجيم) ، ممارسة بعض الرياضات الخفيفة، وهناك بعض الأجهزة والأدوات التي يُمكن اقتناؤها واستخدامها في البيت، استخدام بعض العلاجات تحت إشراف الطبيب، لكن لا تجعل هذا سبباً يُفرق بينك وبين زوجتك، ولا أخفيك أنّ هناك من الأزواج من يُفضل أن تكون زوجته متينة. 4- يبدو أنّ العامل الأساسي في مشكلتك أنّك تشعر بالفرق المادي بينك وبين زوجتك، مما سبب لك إحباطاً وخيبة أمل. يا أخي يجب أنّ تكون المادة ليس لها علاقة بقيمة الإنسان وتقديره، فالدين والأخلاق هما المحكان الأساسيان في الحكم على الشخص، والأرزاق بيد الله، وأنت تعلم أنّه في الوقت الحاضر هناك زوجات تفوق رواتبهم رواتب أزواجهم بعدة مرات، فهناك طبيبات وأكاديميات في الجامعات، ومن يعمل في الأعمال الحرة، متزوجات بأزواج في مراتب بسيطة، لكن لم يكن هذا عاملاً في زعزعة العلاقات الزوجية. فلا تجعل الفارق المادي بينك وبين زوجتك يُضايقك، وقد يهدد حياتكم الزوجية، وليس لهذا العامل علاقة بتحمل المسئولية، وتحمل أعباء الحياة، فيُمكن أن تُخبر زوجتك بأنّك لا تريد منها الصرف ولا ريالاً واحداً على البيت، وتقوم الزوجة بادخار راتبها لها، أو تدخره لزمن قد تكون الأسرة في أشد الحاجة إليه. 5- تقول إنّ زوجتك عمرها كبير، لكن في الحقيقة نجد هناك تناسباً بين أعماركما فهي27 وأنت 29 سنة. 6- أشرت إلى أنّك لا تُحب زوجتك، لكن لم تشر إلى أسباب منطقية لذلك، فيبدو أنّه ليس هناك تقصير من جهتها أو أخطاء ارتكبتها. 7- تقول إنّ والدك يُسيطر عليك في قراراتك، إذا كان ذلك صحيحاً فمن الأفضل أن تجلس مع والدك، وكذلك مع والدتك؛ للتفاهم حول هذا الموضوع بأسلوب طيب، وإخبار والدك بأنّك وصلت مرحلة من العمر تستطيع اتخاذ قراراتك بنفسك، لكن مشورة الوالدين فيها الخير والصلاح. يا أخي الكريم: أنت تزوجت من الفتاة وباختيارك، ولك منها ابنة، ما هو الحل في نظرك هل تُريد طلاقها، مع أنّه ليس هناك عامل وجيه لحدوث المشكلات أو الطلاق، واعلم أنّ ارتفاع راتب زوجتك من المفترض أن يكون عاملاً إيجابياً وليس سلبياً، فاحرص على استمرار حياتكما الزوجية، وابحث عن الخصال الحميدة الموجودة في زوجتك وستجدها كثيرة بإذن الله، كما قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام "لا يفرك مؤمن مؤمناً مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر" رواه مسلم (1469) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، واعلم يا أخي الكريم أنّ الزواج عبادة يُثاب عليها المسلم، حيث حثّ عليه الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فاحرص على استمرار هذه العبادة. أسال الله لك العون والتوفيق.

هل لها أن تطلب الطلاق؟

هل لها أن تطلب الطلاق؟ المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم التاريخ 11/04/1425هـ السؤال مشكلتي باختصار هي أن زوجي يتصف بالغباء وبعض الحمق، فهو لم يأخذ إلا الشهادة الابتدائية، أما أنا فأحمل الشهادة الجامعية - وإن كنت أؤمن بأن هذا ليس مقياساً- لكن بعد عُشرة تقارب 3 سنوات تبين لي عدم خبرته في الحياة، بل وسفهه في كثير من تصرفاته، علاوة على ذلك فهو السبب في عدم الإنجاب وفرصة علاجه ضعيفة جداً، فما رأيكم في طلب الطلاق من ناحية شرعية اجتماعية؟ (أضيف بأنه يصغرني في العمر وأنا من يتحمل نفقة المنزل، فهو قد ترك وظيفته) . ولتحري الإجابة العادلة فإن الرجل صحيح العقيدة محب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أما ما يتعلق بمستوى الزوج التعليمي فالذي يظهر أن - الأخت السائلة- على علم به قبل الزواج، لذا فإنه ليس من حقها الرجوع عن موافقتها، وعليها نصحه بأهمية العلم ومواصلة دراسته. هذا أولاً. ثانياً: ما يتعلق بعدم الإنجاب وأن الزوج هو السبب في ذلك، فهنا أنصح - أختي السائلة- بمراجعة الجهات المختصة بعلاج العقم للنظر في محاولة علاجه، فإن تيسر ذلك فالحمد لله، وإن ثبت عقمه ولم ترغب في الاستمرار معه، فلها التقدم للمحكمة الشرعية للنظر في ذلك؛ لكون العقم في حال ثبوته من العيوب التي يفسخ بسببها النكاح. ثالثاً: نفقة الزوجة واجبة على الزوج ولا تسقط بمضي الزمن ما لم تسقطها الزوجة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما-، لذا فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته ولو كانت غنية وهو فقير ما لم تسقطها الزوجة. وختاماً أنصح - أختي السائلة - ألا تستعجل في طلب الطلاق خاصة وأنها تثني على زوجها بأنه صحيح العقيدة، فلا تدري فقد تتزوج رجلاً بعده تشكو دينه وخلقه، وتتمنى لو بقيت مع زوجها الأول، فالزوج الكامل في هذا الزمان عزيز. والله -تعالى- أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مشكلتي أني عصبية جدا

مشكلتي أني عصبية جداً المجيب نهى نبيل عاصم داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم التاريخ 1/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا أم لثلاثة أطفال -بفضل الله وحمده- متدينة وأسعى للمزيد -إن شاء الله-، وأحاول مع زوجي أن نربي أبناءنا على حب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وأحلم أن أكون لزوجي ولأبنائي كما يحب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. مشكلتي هي أنني عصبية جداً، وصوتي مرتفع، وكلما اشتد العراك بيني وبين زوجي أغضب وأتعصب وأطلب الطلاق، وأنا واثقة أن ذلك هو الحل الأمثل في تلك اللحظة، ثم بعد ذلك أندم وألوم نفسي، علماً أني أحاول دوماً أن أكون هادئة في الخلافات البسيطة، ودائما أدعو الله -عز وجل- أن يغير من طبعي هذا، ولكن لم أنجح إلى الآن أن أكون هادئة في الخلافات الحادة. أرجو من فضيلة الشيخ أن يدلني على الطريقة المثلى للتخلص من هذا العيب، وكيف لي أن أصبح إنسانة هادئة ورصينة؟ وجزاكم الله عني خير الجزاء. الجواب أختي في الله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. من أهم الأمور التي تجعل المرء هادئًا هو الخوف من الله، فكلما ارتفع صوتك تذكري أن القوامة جعلها الله للرجل، قال تعالى:"الرجال قوامون على النساء". ورسولنا- صلى الله عليه وسلم- قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، ومن أهم الأشياء التي تبعث على طمأنينة النفس تلاوة القرآن بصورة دائمة بعد كل فرض ولو حزب واحد، والاستماع لأشرطة الرقائق والآداب والعقاب الخاص بالغضب ومعصية الزوج، والله -يا أختي- إن صفاء النفس، ومعرفة أن الله دوماً يرانا مهما حاولنا الاختباء هو علاج جيد في حالتك، كلما شعرتِ بالغضب استشعري الخجل من أن الله يراكِ على حالتك تلك، وضعي نفسك في موقف يوم القيامة، كيف ستواجهين الله القدير؟ وما هو عذرك؟ العصبية؟ عذر واهٍ لا يقبله الله.. هداكِ الله وعافاكِ من شرها، وتذكّري أنكِ قدوة لأبنائك في كل شيء، فحاولي ـ أختي في الله ـ أن تسيطري على نفسك، وأن تتحكمي في انفعالاتك، ثم لتكوني على وعي من أن البيت المسلم هو فرع من المسجد؛ تطلب فيه السكينة والهدوء كما تطلب في المسجد، ومن دخله شعر باطمئنان نفس وراحة بال، وتذكّري نصيحة لقمان لابنه وهو يعظه، كما جاء في القرآن الكريم: "واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" [لقمان: 19] ، وروي أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- أوصني، قال: "لا تغضب"، فردد مراراً قال: "لا تغضب" رواه البخاري. وفقك الله.

زوجتي والخجل

زوجتي والخجل المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم التاريخ 19/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... سؤالي بعد شكري لكم على هذا الموقع النافع هو: أنني متزوج منذ ثلاث سنوات وأحمد الله على ما وهبني من زوجة كريمة طيبة هادئة؛ لكن مشكلتها أنها شديدة الخجل متلبسة بحياء يجعلني أحيانا أعتقد أنه ظاهرة مرضية تحتاج إلى معالج نفسي ... حاولت كثيرا في تغيير هذا السلوك لكني بؤت بالفشل، والذي يؤلمني أكثر أنها عند الآخرين تمارس نفس الأسلوب، بحيث إنها تجلس في المجالس النسائية العامة والخاصة دون أن يكون لها أدنى مشاركة حوارية، وبالتالي بدأ الحديث حولها وحول شخصيتها المنغلقة المتقوقعة ... لفت انتباهها كثيرا إلى أني غير راض عن سلوكها هذا، فأخبرتني أنها لن تستطيع أن تغيره.. ترى ما الذي يمكن أن أصنعه مع شريكتي أكثر مما صنعت (من تنبيه وحوار دائم حول مشكلتها وما قد تسببه من معاناة لي ولها في حياتنا كشركاء) ؟؟ .. أتمنى أن أقرأ ردكم سريعا ... الجواب الأخ الكريم / وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،، وبعد: شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع (الإسلام اليوم) . رسالتك هذه تزيد من إيماني بشيئين اثنين نغفل عنهما كثيراً: أولهما: أن هذه الدنيا دار مشقة ودار نكد فلا يسلم من نكدها أحد حتى من يتصور البعض أنه قد حصل له من النعم الشيء الكثير إلا أنه تبقى له بعض المنغصات التي تزيل عنه اللذة والمتعة لما تحت يديه. ثانيهما: أن الشيطان يعظم للزوج والزوجة مساوئ صاحبه، حتى لكأنه لا يرى فيها إلا هذا الخلق الذي لم يرتضه، أو العيب الذي لا يرغب وجوده لدى صاحبه. قبل فترة ليست بالبعيدة كتب إليَّ زوج مثلك يشكو من عكس ما تشتكي منه أنت تماماً، إذ لديه زوجة قوية الشخصية مبادرة تحب النشاط وتبادل الكلام والآراء، ويذكر أنه يتأذى كثيراً جداً من هذه الصفة التي في زوجته، وأنه لم يستطع حتى الآن النجاح في علاج ذلك، بل يضيف أنه يتمنى لو أن الله كان قد رزقه زوجة هادئة مطيعة تتحمل منه، وتكون سبباً في إخماد الكثير من المخاصمات الكثيرة بينهما ولا تؤججها وتزيدها. يا رجل والله إن الكثير من الأزواج ليتمنون وجود مثل هذه الصفة عند زوجاتهم؛ لأن الحركة والممارسة والحديث والقيادة لها ضريبتها وهي قوة الشخصية، وجلب الكثير من المتاعب بين الزوجين، خاصة إذا لم يستطيعا أن يديرا شؤون علاقاتهما بحكمة وروية. المرأة النشيطة في نظرك والقيادية، والتي تمتلك المجلس إذا حضرت ثق أن لذلك ضريبة. صفات زوجتك توحي بأنها قلما تعاندك أو تماريك أو تلاغطك وتخاصمك، ولكنه في النوع الآخر من النساء يوجد بكثرة، إذ قوتها وتمكنها من الحديث يساعدها على مماراة زوجها ومناكفته حتى يصل بها الأمر إلى النزاع المستمر، وذلك -كما قلت- إذا لم يحسن التعامل معه. صدقني أن في زوجتك الكثير من الأمور الإيجابية، ولكنها العادة حينما يحس كل زوج بالحرمان إذا ماركَّز النظر على السلبيات وترك الإيجابيات. تعديل سلوك الهدوء والدعة والسكون والخجل لدى زوجتك شيء ممكن، ولكنه يحتاج إلى وقت طويل لتغييره، وكذلك هذا التغيير يكون محدوداً. أعانك الله ووفقك وزوجتك لما فيه كل الخير لكما.

زوجي يريد أن يسكن أخاه معنا

زوجي يريد أن يُسِكن أخاه معنا المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم التاريخ 8/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد أن أشرح مشكلتي، ولا أدري هل هي مشكلة في نظري أنا وحدي أم لا. أنا والحمد لله امرأة متزوجة، وأبلغ من العمر 26 سنة، ورزقني الله بطفلين والحمد لله، ونحن عائلة بسيطة، نصوم ونصلي، ونعبد الله والحمد لله، طلب مني زوجي منذ فترة أن يسكن أخاه الأصغر منه سناً (23) سنة، معنا في نفس الشقة، علماً أن بيتنا مقسَّم إلى غرفة نوم، وغرفة طعام، والصالون، أي البيت ليس كبيراً؛ بل هو والحمد لله يكفيني أنا وزوجي وولديَّ. من جهتي أنا رفضت هذا الموضوع وغضبت كثيراً من زوجي، علماً أنني متحجبة، وأنا أرتدي الحجاب الشرعي أمام إخوة زوجي، وتعليل زوجي على هذا الموضوع أن أخوه لم يجد عملاً مناسباً بعد، وحتى وإن وجد عملاً من وجهة نظر زوجي أن يوفر الأموال التي سوف يدفعها لاستئجار بيت آخر، أفيدوني أفادكم الله، لأن هذا الموضوع أحدث خلافاً كبيراً بيني وبين زوجي، حيث لمح لي بأنني لست الزوجة المطيعة التي تساعد زوجها وقت الأزمات. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد حسين عبد الرحمن الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إلى الأخت إيمان: - زادنا الله وإياك إيماناً وتقى-. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة عبر الموقع. لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة وسرني جداً التزامك بشرع الله وتحجبك عن الرجال الأجانب عنك، زادك الله حرصاً وثباتاً على الحق آمين. وفي الوقت نفسه ساءني جداً موقف زوجك، لكن يبدو أن زوجك - حفظه الله - صاحب قلب طيب ويحب أخاه، وهذا مطلوب، وكذلك هو لا يدري عن الحكم الشرعي وما يترتب على وجود أخيه معكم، وخصوصاً وأن منزلكم لا يتسع لأحد غيركم، فلعلك تلتمسين له العذر، وسيكون لي معه كلام بعد قليل إن شاء الله تعالى. ولكن بالنسبة لك أنت فلا تغيِّري موقفك من رفضك لإتيان أخي زوجك ليجلس معكما في المنزل، ولكن عليك أن تكلِّمي زوجك بحسن خلق ومودة، وحاولي إقناعه بالتي هي أحسن، وذلك عن طريق إحضار بعض الكتب والرسائل الدعوية التي تتناول هذا الموضوع، وكذلك عن طريق الشرائط الإسلامية التي تتحدث عن هذا الموضوع أيضاً، وعن طريق استفتاء بعض المشايخ عندكم، ويسمع زوجك ذلك حتى يقتنع، ويعلم سبب رفضك لهذا الموضوع؛ لأن الشرع الحنيف يحرِّم ذلك. وحاولي أن لا تزيد الفجوة بينك وبين زوجك وأكثري الدعاء والاستغفار والتضرع إلى الله أن يزيل هذه المشكلة، ويتفهم زوجك الأمر، ونسأل الله لنا ولك ولكل مسلم التوفيق والسداد. همسة في أذن الزوج: الرجاء أن يطَّلع زوجك على هذه الكلمات عسى الله أن ينفعه بها: أيها الزوج الطيب المبارك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات فأرعني سمعك يا رعاك الله. أخي: يا من منَّ الله عليه بزوجة صالحة نحسبها كذلك إن شاء الله ولا نزكي على الله أحداً - رزقك الله بزوجة ملتزمة بشرع الله، وتلتزم بالحجاب الشرعي في زمن كثر فيه الفتن والمغريات، وخصوصاً من جهة النساء، فاحمد الله على هذه النعمة واعمل على صيانتها وشجعها على طريق الالتزام والتحجب والتستر عن أعين الرجال الأجانب عنها، لأنها ملك لك وحدك لا يحق لأحد أن يرى منها شيئاً إلا محارمها وفي حدود، أما أنت فلك أن ترى منها كل شيء. فزوجتك الفاضلة تعتب عليك أنك تريد أن تأتي بأخيك الشاب، والذي يبلغ من العمر 23سنة، لكي يسكن معكم في منزلكم المبارك، وكلما علمت من زوجتك أن المنزل لا يسع غيركما بالنسبة للإقامة الدائمة، ولكنك غضبت منها، لأنك تريد أن تساعد أخيك، وهذا بالفعل أمر طيب وشعور نبيل منك أن تشعر بأخيك وتعطف عليه وتبر به، فهذا أمر تحمد عليه، لكن لا يترتب على ذلك مخالفة شرعية، ربما يحدث من جرائها عواقب لا يحمد عقباها. أخي: لك الحق أن تسأل وتقول: ما هي المخالفة الشرعية يا شيخ التي تحدث من وجود أخي في البيت معنا؟ فأنا أخوه وزوجتي مثل أخته ما الغريب في ذلك؟. أقول لك: هو أخوك نعم، أما زوجتك فهي أجنبية عنه ولا يحل له ولا لها أن يحدث بينهم خلوة إلا في وجودك، أو وجود محرم لها من أب أو أخ، أو ابن بالغ وما في حكمهم هذا أمر، الأمر الثاني: لا يحل له أن يراها ولا ينظر إليها، وهي كذلك لا يحل لها أن تكشف وجهها أمامه، لأن هذا حرام شرعاً، وبالتأكيد هي لا تجلس في بيتها على طول الوقت مرتدية حجابها، فالمرأة في بيتها لا بد وأن تأخذ راحتها مع نفسها ومع زوجها أظن أن كلامي صحيح. ربما تقول: أنا أثق في زوجتي وفي أخي، أقول لك: الثقة شيء وشرع الله شيء آخر، لا نقول لك بأنك لا تثق في زوجتك وأخيك، ولكن نقول لك استجب لشرع الله، وإليك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والذي يرد على جميع تساؤلاتك: عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت" متفق عليه أخرجه البخاري (5232) ، ومسلم (2172) . والحمو أي قريب الزوج كأخيه، وابن أخيه، وابن عمه، وابن خاله ... إلخ.. فالنبي - صلى الله عليه وسلم- شبه دخول الحمو الذي هو قريب الزوج على امرأة الزوج بالموت، أي أنه شر عظيم وبلية ومصيبة كبيرة كالموت، لذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما" أخرجه الترمذي (2165) ، من حديث عمر - رضي الله عنه- وقال حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه أخرجه البخاري (5223،3061،3003،1862) ،ومسلم (1341) .

فيا أخي الكريم هذا شرع الله، وهذا حكم الله ورسوله، فلا يسعك بعد ذلك إلا أن تقول سمعت وأطعت يا رب؛ لأن هذا من خصال المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله قالوا سمعنا وأطعنا، فلا تغضب من زوجتك، بل يجب عليك أن يزداد حبك لها ورحمتك بها، وكذلك لا تتخلَّ عن أخيك فمن حين لآخر يزورك في البيت في وقت الإجازة الأسبوعية مثلاً، أو في المناسبات، وأنت كن دائماً على اتصال به، وبين له كذلك الحكم الشرعي، وأن هذا شرع الله، وحكم الله ورسوله حتى لا يغضب وتطيِّب خاطره، وبهذا تكون أرضيت ربك، ولم تغضب أخيك منك، ولم يحدث نفرة ومشاكل بينك وبين زوجتك، وفي الختام أقول لك استمع إلى قول الله تعالى وهو يخاطب الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم جميعاً-: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب:53] ، فهذا الخطاب الرباني موجه إلى صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهم من هم أطهر الناس قلوباً وأنقاهم سريرة وأحسنهم نية وأفضلهم طوية ظاهرهم يخبرك عن باطنهم، ومع هذا كله يقول لهم سبحانه إذا أردتم شيئاً من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم- أو من غيرهن فلا تسألهون إلا من وراء حجاب؛ وذلك صيانة لقلوبكم وقلوبهن من الزيغ والفتنة والضلال، فإذا كان هذا في حق هؤلاء فمن باب أولى أن يكون ذلك في حقنا نحن مع فساد الزمن وكثرة الفتن هنا وهناك. أخي الكريم أود منك بعد قراءتك لهذه الكلمات أن تصطلح مع زوجتك وتعود المحبة والإلفة بينكما مرة أخرى. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الخيانة

زوجي على علاقة بكاهنة! المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 08/02/1427هـ السؤال ذهب زوجي إلى كاهنة، وبينتُ له أن ذلك حرام، لكنه لا يقبل ما أقول، وشغفت به هذه الكاهنة حباً، وهو يكذب ويقول لي ليس ثمة شيء، وأنا أجد رسائلهما والصور. ويقول لي: إنه لا يرغب في الزواج، ويقول لها عكس ذلك. وأنا أكره عالم هؤلاء الكهان، ولا أريد أن تشاركني هذه المرأة في زوجي، فماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، وبعد: فنِعَم ما فعلت -أيتها الأخت- حين نهيت زوجك عن الذهاب لهذه الكاهنة، وأخبرتيه أنه حرام، بل إن ذلك من كبائر الذنوب. قال صلى الله عليه وسلم: "فلا تأتوا الكهان" أخرجه مسلم (537) من حديث معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه-. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس بشيء" أخرجه البخاري برقم (5762) ، ومسلم برقم (2228) . وعن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" أخرجه مسلم برقم (2230) ، بل قد جاء أن تصديق الكاهن فيما يقول كفر -والعياذ بالله- والعراف والكاهن جنس واحد. كما أنك أحسنت في كراهة عالم الكهان، وعدم رغبتك في أن تشاركك هذه المرأة في زوجك بهذه الطريقة المنكرة، إذ لا يجوز لزوجك أن يتصل بهذه المرأة ويعقد معها صداقة حب وتبادل صور وهي أجنبية منه، فإن هذا من أعظم أسباب الفواحش وأضر الفتن. قال صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" أخرجه البخاري برقم (5096) ، ومسلم برقم (2740) من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-. وقال صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" أخرجه مسلم برقم (2742) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- فاستمري على ما أنت عليه فلست بمخطئة، وعليك بالصبر واختيار أحسن الطرق لإقناع زوجك للكف عما يفعل، وإذا كنت كذلك فأنت على خير وأجر -بإذن الله تعالى- وفقك الله وهدى زوجك للخير، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله.

هل أطلقها أم أستر عليها؟!

هل أطلقها أم أستر عليها؟! المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 08/08/1426هـ السؤال اكتشفت أنَّّ زوجتي كانت قد تكلَّمت مع أحد الأشخاص، وركبت معه السيارة في خلوة دون زنا بعد مكالمات بينهما، وقبل أن أكتشف ذلك كانت قد ندمت وتركته، وعرفت ذلك عن طريق المكالمات الهاتفية من الفواتير السابقة لها واعترافها بذلك، حيث لم تعترف إلا بعد المواجهة. أنا الآن تعبان نفسياً وأريد حلاً، فهل الطلاق حل؟ وهل أستر عليها أم أبلغ الأهل؟ الجواب أخي الكريم: بارك الله فيك، وأسأل الله لك العون والتوفيق، لا شك أن الاتصال الهاتفي مثل ما قلت من السلوكيات المنحرفة المنهي عنها شرعاً وعرفاً. وما قامت به زوجتك من المنكرات غير المقبولة، خاصة وأنها امرأة مسلمة مؤتمنة على زوجها وبيتها وأطفالها. تفكيرك في الطلاق أعتقد أنه لا يحل المشكلة، عليك بتثبيت توبة زوجك وندمها بما يجعلها تأخذ من ذلك درساً، وعليك أن تقف على أسباب ذلك. وللأسف الرجال عادة ما يجعلون زوجاتهم يلجأن لمثل هذه السلوكيات. فعليك أن تعيد حساباتك الخاصة، وكيف تدبر منزلك من جديد، فربما اكتشفت نواحي التقصير والخلل، خاصة في طبيعة العلاقة القائمة بينكما، وأقصد بها العلاقة العاطفية والجنسية، فانتبه لذلك، واسع لإشباع رغبات زوجتك، ولا تدعها تهيم بنفسها تبحث عما يشبعها، وهذه المرة سلمت زوجتك، ولكن المرة الثانية عليك أن تنتبه، ولا تجعل زوجتك لوحدها عاطفياً ووجدانياً. ثم أنتما في بلاد الغربة، وهناك قد يكون الانفتاح أكثر بحكم اختلاف الثقافة، لذلك عليك الحرص على هويتك وثقافتكم النابعة من قيمك الدينية، وزد أسرتك تثقفاً في دينها، فبتكون القيم والبناء الذاتي نستطيع التعامل مع مثل هذه المشكلة التي قد يكون من أسبابها الانبهار الثقافي، خاصة عندما تضعف القيم الدينية لدى الفرد، فالبشر ضحايا ثقافاتهم، فهي إما ثقافة تبني أو ثقافة تهدم. أكثر من الاتصال بزوجتك واعبرا طريق الغربة سوياً، اجلسا مع بعضكما، وتحاورا كثيراً، زد من وعيها الديني وبنائها القيمي. أخيراً لا تذهب بعيداً، فكل بني آدم خطاء، والله -عز وجل- يقبل توبة العبد مهما كبرت، فكيف نحن البشر، أعد الثقة من جديد، وابحث عن الأخطاء، واكملا المشوار سوياً بتوفيق الله، ثم لم تذكر لي أين أطفالك من حياتكم الأسرية، فإذا لم تنجبا بعد فكرا في ذلك؛ فالأطفال يعيدون للحياة حلاوتها وللمنزل أنسه، وللعلاقة قوتها. أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن ينير قلبك، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تمتنع عن معاشرة زوجها؛ لأنه يزني

تمتنع عن معاشرة زوجها؛ لأنه يزني المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 27/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو التكرم بالرد على سؤالي التالي والحكم فيه: ما حكم المرأة التي يدعوها الزوج إلى فراشه وترفض ذلك؛ بسبب معرفتها بخيانته لها، وارتكابه الزنا مع أخرى، هل صحيح أنها تكون ملعونة منه ومن الله لرفضها معاشرته؟ أرجو التكرم بالرد سريعاً ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله خيراً. الجواب إلى الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة عبر الموقع. الأخت السائلة: لقد قرأت رسالتك، وساءني جداً ما قرأته، لكن قبل الشروع في الإجابة عن هذا السؤال أود أن أقول: هل هذه المرأة تأكدت وتيقنت بالأدلة والتي لا تدع مجالاً للشك في كون زوجها يزني؟ أم هي مجرد أوهام فقط، أو ربما يكون هذا الرجل على علاقة غرامية مع تلك المرأة الأخرى، ولكن هذه العلاقة لا تصل إلى حد الزنا -والعياذ بالله - فهذا الأمر خطير، ولا بد فيه من الشهود العدول، والبينة الواضحة والتي لا تتحمل الشك أو التأويل، فلا بد من الأخت أن تتثبت من الأمر قبل إطلاق هذا الحكم على زوجها قال -تعالى -: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات: 6] . ثانياً: ينبغي أن تعلم هذه الزوجة أن لزوجها حقاً عظيماً عليها، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" أخرجه الترمذي (1159) ، وغيره، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، فحق الزوج على زوجته عظيم جداً، ومن حقه أنه إذا دعاها للفراش أن لا تمتنع عنه، بحال من الأحوال إلا أن يكون لديها عذر شرعي من حيض ونفاس، أو يكون ذلك في نهار رمضان، أو أي سبب شرعي آخر يمنع من هذا اللقاء، ما عدا ذلك فلا يحل لها ولا يحق أن تمنع نفسها من زوجها متى طلبها. عن طلق بن علي - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور" أخرجه الترمذي (1160) وغيره، وقال: حديث حسن صحيح. وقد جاء الوعيد الشديد لمن أرادها زوجها وامتنعت عنه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" وفي رواية أخرى: "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها" متفق عليه، أخرجه البخاري (3237) ، ومسلم (1436) .

فإذا امتنعت الزوجة عن تلبية رغبة زوجها إذا دعاها إلى فراشه أصابها الوعيد الذي جاء في الحديث، أما إذا كان امتناعها عن تلبية رغبة زوجها من باب العقاب والزجر له على ما يرتكبه من خيانة زوجية وممارسة الزنا، والفجور مع النساء البغايا، ففي هذه الحالة يكون امتناعها عقاباً لا نشوزاً، ولا يُعد هجراً لفراش زوجها، وعليه فإن الوعيد الذي جاء في الحديث المتقدم عمن تمتنع عن تلبية رغبة زوجها إذا دعاها للفراش لا ينطبق عليها والحالة هذه والله أعلم. فالزوجة في هذه الحالة غير آثمة -إن شاء الله -، إن أرادت بامتناعها عن زوجها زجره عما هو عليه من الفساد والفجور والخنا. وعلى هذه الزوجة إذا تأكدت من خيانة زوجها لها، وأنه يمارس هذه الجريمة القبيحة عليها الآتي: (1) عليها أن توضح لزوجها شناعة هذا الجرم، وبشاعة هذه الفعلة القبيحة، وذلك عن طريق بعض الأشرطة الإسلامية والكتب الدعوية التي تتناول مثل هذه الأمور. (2) عليها أن تصارح زوجها بهذا الأمر إن لم يكن وراء ذلك ضرر يقع عليها. (3) عليها أن تخبر أحد محارمها العقلاء، أو أحداً من أهل زوجها كأبيه أو أخيه أو من يقوم مقامهما حتى يتدخل، وينهي هذه المشكلة على خير. (4) يمكن للزوجة إذا لم تستطع مواجهة زوجها بهذا الأمر أن تكتب له رسالة توضح له بشاعة هذا الأمر، وأن عواقبه وخيمة في الدنيا والآخرة، فعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني الأرض المقدسة فذكر الحديث إلى أن قال: فانطلقنا على مثل التنور، فإذا فيه لغط وأصوات، قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا" وفي آخر الحديث: "وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني" أخرجه البخاري (1386) . وعن أبي أمامة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "بينا أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي، فأتيا بي جبلاً وعراً، الحديث وفيه: "ثم انطلق بي، فإذا أنا بقوم أشد شيء انتفاخاً، وأنتنه ريحاً، كأن ريحهم المراحيض، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانون والزواني" الحديث. أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1986) وابن حبان في صحيحه (7491) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/611-612) (2393) . والآيات والأحاديث في بيان عاقبة الزنا والزناة كثيرة جداً. (5) لا يمنع أن هذه الزوجة تهدد زوجها بالانفصال عنه وطلب الطلاق؛ لأنها لا تحب أن تعيش مع رجل خائن، وربما يصاب بأمراض جنسية كالإيدز نتيجة هذه الممارسات الآثمة، فيجر على زوجته الويلات. (6) على هذه الزوجة أن تلجأ إلى الله بالدعاء أن يفرج عنها هذه الغمة، وأن يهدي زوجها إلى طريق الحق والتوبة إلى الله. هذا والله أعلم. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زوجي والخادمة!!

زوجي والخادمة!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 19-3-1424 السؤال أنا سيدة متزوجة من 18 سنة ولي أبناء وحياتي الزوجية مستقرة إلى أن قدر الله أن يفضح زوجي بعد أن أخبرتني الخادمة بأنه تحرش بها في غيابي وعندما رفضت هددها بالضرب وبقطع راتبها ... وكانت خائفة وتبكي وأنا انصدمت فكيف يحدث ذلك وزوجي يصلي الفرائض في المسجد ... أنا الآن مصدومة جدا يا سيدي ... فأنا جميلة ورشيقة وألبي رغبته الجنسية وصابرة على نزواته وعصبيته فهل هذا جزاء صبري معه.. وقد استفزني عندما أمرني أن لا تمس الأكل تلك الخادمة القذرة وهنا انفجرت به صارخة.. إذا كانت قذرة كما تسميها فلماذا تريد مضاجعتها؟؟ وهنا طار عقله واخذ يضربني بشدة وعندما أتت الخادمة على صراخي ضربها هي أيضا ضربا مبرحا.. فيا سيدي نحن الآن لنا أسبوع لا نكلم بعضا وأخاف أن أترك البيت ويطلقني..أنا الآن تحول حبي له واحترامي إلى كره شديد واحتقار.. أرجوك أنا محتاجة للتوجيه فأنا أخاف أن يضيع أبنائي وأصبح مطلقة علما بأنه لا مكان لي أذهب إليه بعد الطلاق. أرجوك ساعدني بأسرع فرصة قبل أن يضيع كل شيء. الجواب الأخت الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" لقد أخطأت كثيراً حينما انفجرت أمام زوجك وكاشفتيه بالحقيقة وهو حين ضربك وضرب تلك الشغالة كان في حالة مثل حال الغريق الذي يرى نفسه يغوص في الماء ويواجه الموت، ومثل القط إذا حشره العدو إلى أقصى الزاوية فلا يرى أمامه إلا الانقضاض عليه حتى لو كلفه حياته. الأمر الآن انتهى ولا يصلح التلاوم على شيء انقضى، ولذلك فإن الحكمة هي التفكير بما يمكن عمله الآن وفي هذا الوقت بالذات. وأول هذه الأشياء هي الحذر من ترك البيت فهذا لن يحل المشكلة ولن يكون في صالحك ولن تثمر هذه الخطوة إطلاقاً. الإنسان قد يزل ويخطئ وهو ليس بالمعصوم من ارتكاب الخطأ والشيطان يزين الحرام في نظر الرجل إلى أن يستهويه ويغريه فما يلبث أن يقع فيه إن لم يعصمه الله منه. الخادمة امرأة أجنبية عن زوجك وأنت فرطت كثيراً وتتحملين جزءاً من الخطأ عندما خرجت وأبقيت الخادمة لوحدها في البيت مع علمك بوجود زوجك أو دخوله وخروجه عليها. ثانياً: صمتك لمدة أسبوع عن الكلام مع زوجك هو حل لا بأس به في نظري كي تهدأ النفوس بعد إخبارك له وضربه لك. ولكن عليك الحذر من أن يستمر هذا الصمت المطبق لأن ذلك سيعقد الأمور. اجعلي علاقتك مع زوجك فيما بعد علاقة عادية جدا.. قومي بطاعته ... كلمات مقتضبة جداً ... الكلمة ورد غطاها فقط، وأحذرك من فتح هذا الموضوع أمامه مجدداً لأنني متيقن من أنه سوف يقدم على الطلاق فالرجل لا يريد من ينغص عليه معيشته ويذكره أو يذله بخطئه في كل لحظة وخاصة أمام الأولاد. انسي الموضوع تماماً لأن زوجك جاءه من الدروس ما يكفيه ... ولن تستطيعي أن تفعلي معه أكثر مما قلتيه. وبذلك ستكتشفين أنه بعد حين سوف يعتدل ويفيق إلى رشده ويعلم مدى وعظم الخطأ الذي وقع فيه.

ثالثاً: أوصيك ثم أوصيك بأن تجعلي هذا الأمر في بئر عميق وتدفنيه، وإياك وإخراجه مهما عظم الأمر إن كنت حريصة على بقاء زوجك والبعد عن الطلاق. نعم لقد تجرع هو ألم ما اقترفت يداه بما فيه الكفاية من الألم النفسي العميق والشعور بالمذلة الكبير وهذا سوف يكون له درساً بليغاً وأي زيادة في هذه الجرعة من الآلام لن يكون لها إلا الأثر الأسوء والنتيجة السلبية عليك وعلى أولادك وعليه هو شخصياً. رابعاً: استمري في البرود في المشاعر تجاهه والجمود في الأخذ والعطاء أو الكلام معه فهذا فيه من العذاب عليه ما يكفيه خاصة وأنك كما قلت تجدين الاحتقار تجاهه بشرط أن لا تطول مدتها. هذه الوسيلة كفيلة بإذن الله بأن تعيد إليه رشده وأن تفيق له عقله ثم بعد ذلك صلاح شأنه ولو بعد حين. وعندما يصلح حاله وترين من توبته وأسفه ما يطمئن له قلبك فلا بأس عليك حين إذٍ أن تصفحي عنه وأن تقبلي عذره كي تتسنى المياه للعودة إلى مجاريها وتعود السعادة ترفرف على بيتكم من جديد، فهو في النهاية بشر معرض للخطأ.. وأب لأولادك وزوجك وشريك حياتك. أعانك الله وأصلح زوجك وردّه إليك رداً جميلاً،،،

أريد معاقبة زوجي

أريد معاقبة زوجي المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 2-3-1424 السؤال أريد أن أعطي زوجي درساً لا ينساه دون أن أخسره، وأريده أن يتوب ويقلع عن خيانتي التي عندما اكتشفتها وأنا مريضة، لم أصارح زوجي بشيء، ولكن هو يشعر بشكي فيه ولأنه مقاطعني ويدعي علي لأني أعامله بجفوة لدرجة أنه طردني من الغرفة. هو يخونني مع امرأة متزوجة عندما أذهب إلى عملي تتصل عليه لتوقظه في الصباح وعندما أتصل أجد الخط مشغولاً أنا الآن أعرف رقم بيتها وأفكر أن أهددها بأن أخبر زوجها أو أن أفضحها. أريد المساعدة في أسرع وقت الجواب شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" أسأل الله أن يمن عليك بالشفاء، وأن يكتب لك الأجر، ويوفق بين قلبك وقلب زوجك على طاعته. مرض الشكوك مرض خطير، ومقيت إذا دخل الحياة الزوجية قوض أركانها وهدم بنيانها وتركها خراباً ينعق فوقها البوم!! ولأجل خطورته جاءت نصوص كثيرة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالتحذير منه وبيان خطورته. منها قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم" [الحجرات:12] ، ولأن الظن السيئ والشك يستميل قلب صاحبه فيدفعه إلى التحقق من ذلك جاء بعد هذا المقطع من الآية مباشرة النهي عن التجسس بقوله تعالى:"ولا تجسسوا". وهكذا يغلق الإسلام باباً عظيماً من أبواب إبليس على الأسرة، بأن لا يلتفت الزوجان إلى الشكوك ولا يدعاها تهدم بيتها السعيد. قدمت بهذه المقدمة -أختي الكريمة- لأني لمست أن الكثير من الشكاوى المشابهة لشكواك ليست لها حقائق ثابتة، بل تؤججها الغيرة أحياناً والرغبة في الانتقام بسبب سوء المعاملة أحياناً أخرى. لذلك أريدك -أيتها الأخت الفاضلة- أن تتجردي من كل المؤثرات وتنظري إلى هذه القضية نظرة عدل وإنصاف. هل لديك دليل قاطع لا يتطرق إليه شك بأن زوجك يخونك فرأيت بعينيك أو سمعت بأذنيك ما يثبت علاقته بتلك المرأة؟؟ أم أنها مجرد شكوك لا دليل قاطع عليها؟! إن كانت مجرد شكوك فالحل ما ذكره الله عز وجل باجتناب الظن السيئ. وأما إن كانت حقائق فأنصحك بما يلي: 1- أن تصارحي زوجك بهذا الأمر وتذكريه بخطورته وعقوبة الله تعالى العاجلة والآجلة، وليكن ذلك بأسلوب رقيق مشفق يشعره بخوفك عليه ورأفتك به. هذا حل ... لكن أحياناً قد تدفع المصارحة الزوج للمكابرة وربما تمادى إلى الإضرار بك أو طلاقك وهنا قد لا يكون من المناسب مصارحته، وأنت أدرى بنفسية زوجك. 2- إذا تأكدت من شخصية تلك المرأة فكلميها وذكريها بالله تعالى وأخبريها بأنها تهدم بيتاً مسلماً، ومن فعل ذلك كان حرياً بعقوبة الله تعالى، وهدديها بإخبار زوجها إن هي استمرت على ذلك، ولكن -كما قلت- وبعد أن تتحققي من شخصيتها تماماً. 3- لا بد أن يدفعك هذا الأمر إلى أن تقفي مع نفسك وقفة مصارحة وتتساءلي ما الذي جعل زوجك يخونك؟!

لا أخفيك أن الزوجة أحياناً تدفع زوجها لمثل هذه التصرفات بسبب سوء معاملتها له وعدم حرصها على أن تظهر له زينتها وجمالها، وتشبع رغباته وبالتالي يبحث الزوج عن البديل، وقد يكون البديل حلالاً بالزواج من أخرى أو حراماً بارتكاب الفواحش!! 4- المعاصي والذنوب من أكبر أسباب المصائب والمشاكل التي تقع في حياة الإنسان، قال تعالى:"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير". فراجعي علاقتك بربك وأدائك لأوامره سبحانه، فقد يكون ما أصابك بسبب تقصيرك في ذلك. 5- عليك بالدعاء خاصة في أوقات الإجابة، فهو نعم المعين، وربنا سبحانه كريم جواد لا يرد سائلاً. أخيراً: قد تسد في وجهك أبواب الحلول كلها وهنا قد يكون الفراق حلاً، وهو خير من بقائك مع زوج لا يراعي محارم الله تبارك وتعالى، لكن هذا الحل يكون بعد تفكير طويل واستشارة واستخارة، عوضك الله خيراً.

زوجها يهجرها في الفراش

زوجها يهجرها في الفراش المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 21/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي صديقة متزوجة منذ سنوات طويلة، ولم تنجب أطفالاً، والسبب من الزوج، ومنذ عدة سنوات هجرها في الفراش، ولم يعد يكترث بها ولا بحقوقها الزوجية، فعلت معه كل شيء كي ترجعه إلى سابق عهده، لكن دون جدوى، لاحظت اهتمامه بشاب معين، فركبها الشك في علاقته به، نظراً لاهتمامه الشديد وتعلقه به، واكتشفت منذ أيام قليلة رسالة بخط يد زوجها تصف جمال ذلك الشاب، وكلام خطير لا يصح أن يذكر من شخص مثله، ويدل عن شذوذه الجنسي. لا تدرى صديقتي إلى من تلجأ؟ فالكل لن يصدقها، وهي عازمة على الطلاق من هذا الشخص، فطلبت مني، كتابة هذه الرسالة لفضيلتكم لاستشارتكم في هذا الأمر، وحكم الشرع في هذه الكارثة. جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ما تتعرض له صاحبتك بلاء يستوجب الصبر والالتجاء إلى الله - تعالى -، فإنه نعم المولى ونعم النصير، والصبر ليس خاصاً بمصيبة الموت أو المرض، ففقد فرصة الإنجاب وما وصفت به علاقة زوجها بها مؤخراً من الهجران مدة طويلة، والتقصير في حقوقها الزوجية، وما تتهمه به من علاقة غير سوية تشير إلى تعرض زوجها لموجة من (مرض القلب) ، وما قد تشعر به لاحقاً من فقد زوجها الذي عاشت معه زمناً طويلاً، وربما تملُّكها مشاعر المحبة التي يزرعها الله في قلب الزوجين غالباً، كل ذلك يستدعي احتساب الأخت الأجر عند الله، فإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، والإيمان نصفان: نصفٌ شكر، ونصفٌ صبر، وقد ذكر الله الصبر في القرآن في نحو تسعين آية، نسأل الله أن يربط على قلبها. والذي يمكن قوله مما يمكن الأخت أن تعمله أمران: (1) أن تطلب الانفصال عن زوجها، ما دام أن مشكلة عدم الإنجاب من جهته، وأنه أضاف إلى هذا العيب تقصيره في حقوقها وهجرانها، وفي هذه الحالة ليس بالضرورة أن تذكر للناس شيئاً عما لاحظته من سلوكه المريب بذلك الشاب، سواء توقعت تصديق الناس لها أم لم تتوقع، وإنما تركز على الأسباب التي عادة يتقبلها الآخرون ويعرفونها، وهي كافية شرعاً وعقلاً للانفصال، نرجو الله أن يخلف لها خيراً منه. (2) في حالة رفضه طلب الانفصال يمكنها مصارحته بما لاحظت من سلوكه، مما لا يتفق مع السلوك الشرعي العام.

(3) أن تجتهد في مناصحة زوجها وتنبيهه على المسلك الخطير الذي وقع فيه، وسواء كان ذلك مشافهة أو مراسلة، أو عن طريق إيصال بعض المواعظ المكتوبة أو المسموعة إليه، أو تخويفه في مرحلة متأخرة بالتشهير به، وتنبيه الناس على عدم الاغترار به، وسواء كان ذلك قبل الانفصال أو بعده؛ لأن الهدف هو إنكار المنكر الذي وقع فيه، وإصلاح حاله، وقد كتب الإمام ابن القيم - رحمه الله- في بلية زوج صاحبتك كتاباً مطولاً باسم: (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) ، وقد يوجد باسم آخر: (الداء والدواء) ، وقد تستعين الأخت كما استعانت بك بعد الله، بمن يناصح الزوج وينبهه ويعظه. وأسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العافية واليقين.

زوجي مبتلى بعلاقات محرمة

زوجي مبتلى بعلاقات محرمة المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 9/2/1425هـ السؤال أنا متزوجة منذ عام ونصف، لديَّ طفل عمره أقل من سنة، مشكلتي أنني اكتشفت أن زوجي له علاقات محرمة منذ الأيام الأولى لزواجنا، وهي علاقات قديمة ومتينة، بعضهن متزوجات وأمهات لأطفال، إحداهن أولادها في مثل عمري، لكنهن لا يخفن الله، زوجي مبتلى بعلاقات محرمة، وقد تأكدت من هذا الأمر مليون في المائة، قرأت رسائل هاتفه المحمول، وتصنت على مكالماته، تأكدت من كل شيء، صارحته لكنه ينكر دائماً، ويغضب، ويقلب الموضوع علي، ويصبح أكثر حذراً في كل مرة، أحيانا أنهار فأصرخ في وجهه، وأطلب الطلاق، لكنني أعود عن قراري؛ لأنني أحبه، وأتمنى له الهداية،-أيضاً- لا أريد أن أشتت ابني الصغير، حاولت الإبلاغ عن أولئك النسوة، لكنني أخشى المشاكل، وأخشى أن يعاقبني الله، صبرت كثيراً. هل بإمكانكم مساعدتي؟. الجواب أسأل الله أن يفرج همك، ويكشف كربك، ويلهمك الصواب، ويفتح على قلب زوجك، ويرده إليك رداً جميلاً. حقيقة ألمح من خلال كلماتك أنكِ تملكين عقلاً راجحاً، ونظراً في عواقب الأمور؛ وهذا سوف يسهل عليَّ الإجابة كثيراً. أختي الكريمة: لو استشرتيني من البداية لقلت لك من الأفضل ألا تخبري زوجك مباشرة بأنك على علم بعلاقاته المحرمة، فلهذا فائدة كبيرة في حل مشكلتك؛ ذلك أن من أكبر ما يعين الإنسان على الاستقامة حرصه على سمعته ومكانته عند الآخرين، وخوف الفضيحة، فإذا فقدنا هذا العنصر فقدنا ورقة رابحة في الحل، إذ أن الأمور تقوى لديه، فما دام الأمر قد انكشف فلم يعد لديه ما يخشى عليه. أقول لك ذلك؛ حتى تستفيدي منه في المستقبل، ولتعلمي أن المواجهة هي أسهل الحلول، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هي أنجحها. أما وقد صارحته بذلك فلا بد من تغيير استراتيجية الحل لتناسب المقام، من الواضح أن علاقاته قوية ومتينة بأولئك النسوة - كما أشرت إلى ذلك- كما أن من الواضح أيضاً أن زوجك بلغ درجة متقدمة من الانحراف. فنشوة الزواج - فرحته- لم تمنعه من مواصلة العلاقة بهن، فقد اكتشفتِ كما قلتِ أيام زواجكما، كونه على علاقة مع نساء متزوجات ولهن أبناء، وهذه العلاقة يأباها حتى الكفار الذين يتمتعون بقدر كبير من حرية العلاقات في بلادهم، وفي المقابل يظهر لي أن لك مكانة في قلبه، فرغم اكتشافه له إلا أنه ينكر العلاقة، ولو كان الأمر غير ذلك لما أقام لك وزناً، وكل هذه المؤشرات تعطينا أطراف الحل الحكيم -بإذن الله تعالى-، ولكن لا بد أن تعلمي أن علاج مثل حالة زوجك صعب، يحتاج إلى قدر كبيرة من الصبر، والحكمة، والحزم، فقد قطع في انحرافه مشواراً طويلاً من الصعوبة الرجوع عنه، ولذلك أنصحك بما يلي:

(1) لا تستبعدي فكرة الطلاق من رأسك أبداً فهو خيار قوي في ظل ما ذكرته لك، إضافة إلى ذلك فإن العلاقات غير الشرعية تسبب أمراضاً فتاكة معروفة كالإيدز وغيره، وليس من العقل أن تغمضي عن هذا الخطر الذي ربما انتقل إليك، كما أن نشأة الأولاد وهم يرون قدوتهم يمارس الرذيلة سينعكس سلباً على نفسياتهم، وربما أخلاقاياتهم، أنا لا أحثك الآن على طلب الطلاق، ولكن أريد أن تستخدميه لحل هذه المشكلة، فإذا كان زوجك يحبك ولك عنده مكانة فسوف يؤثر فيه تهديدك بطلب الطلاق، أو أن يترك ما هو عليه، فإن استجاب فهذا هو المطلوب، وإلا فلا خير في بقائك مع زوج منحرف لا يقيم لك وزناً، وقد يكون من المناسب أن تذهبي مغاضبة إلى بيت أهلك، وتجلسي عندهم؛ حتى يرعوي عن غيه وانحرافه. (2) في وقت الحوار معه لا تحاولي استفزازه بانفعالك وصراخك في وجهه، بل أظهري الاحترام له، والشفقة عليه، والرحمة به بالرفق والحنان، وفي المقابل حزمك وجديتك في حل هذه المشكلة. (3) أحرجيه بالمقارنة، فلو بدر من الزوجة نفس التصرف، وأقامت علاقات غير شرعية مع رجال آخرين فكيف ستكون مشاعره؟ فلم يستحل لنفسه ما يحرمه على غيره؟. (4) أن تذكيره بالله -تعالى- وتخويفه من أليم عقابه وما أعده الله للزناة والزواني، ويمكن أن تهديه شريطاً أو كتاباً من هذا الموضوع. (5) قد يكون من المناسب أن تستشيري شخصاً عاقلاً حكيماً؛ يعرفكما ليساعدك في حل المشكلة، ويفضل أن يكون أحد محايك، أو أحد المشايخ الثقات ويكون عن طريق أحد محايك. (6) أن تكثري من الدعاء له ولك، ولأولادك بالهداية في كل وقت خاصة وقت إجابة الدعاء، فالله لا يخيب من رجاه. ختاماً: إذا شعرت أن محاولاتك لا تأتي بنتيجة فاستخيري الله- تعالى- في طلب الطلاق حقيقة بعد أن تدريسه من كل النواحي، الاجتماعية، والنفسية، والمادية، فهذا حفظ لكرامتك، ولأولادك. أسأل الله أن يفتح على قلوبكم جميعاً، وييسر لكم سبل السعادة في الدنيا والآخرة.

أريد أن أسترجع ثقة زوجتي بي

أريد أن أسترجع ثقة زوجتي بي المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك التاريخ 04/05/1425هـ السؤال حدث في يوم من الأيام أن زوجتي وجدت رقمًا غريبًا في جوالي، وهو لامرأة، وقبلها قد وجدت تسجيلاً بذيئًا مع إنسانة تستثيرني جنسيًّا أثناء حديثنا، وأقسمت لها بكل الأيمان ألا أعود لهذه التفاهات، وحاولت بكل الطرق أن أستعيد ثقتها بي ولم أستطع، فأصبحت تشك فيَّ، على العلم أن جميع هذه العلاقات غير جادة نهايئًّا، وقد ذهبت إلى غير رجعة، ولكنني أحس بأنها قد تفعل أي شيء حتى الخيانة كي تحس بنوع من الارتياح الوهمي الذي يمليه عليها الشيطان. الآن نحن نعيش في بيت واحد ولنا ولدان وبنت، وما جعلها تجلس في البيت ولم تغادر إلى بيت أهلها هو الأولاد وخسارتها معي في بناء بيت الزوجية، حيث يكاد يكون بيتي هو الفريد في قريتي التي أسكن فيها من حيث الجمال والتكاليف، مع العلم أنني رومانسيٌّ جدًا ولكن لست جميلاً، وهي باردة غالبًا وجميلة جدًا. أريد أن أسترجع ثقتها بي بأي شكل من الأشكال، حيث إنه كل ما يحدث في الكون من خيانة ومن مشاكل زوجية أصبحت تربط بينها وبين ما بيننا، وإذا تذكرت ضاق بها البيت يومين أو ثلاثة أو أكثر. ماذا أصنع. أفيدوني فأنا أعيش عيشة بدون طعم رغم أنها تقوم بجميع ما أطلبه منها ماعدا أنها تقول إذا رأيتك أحس بغلطة عمري، وتقول إنها لم تستطع نسيان ما جرى وخاصة كلما أتيتها. جزاكم الله ألف خير. الجواب من خلال استعراض سؤالك والحوار معك، وتغليب جانب الصدق في قولك وما وصفت به حال زوجك معك؛ أشعر أن موقفها هو نوع من التهرب منك بصورة أنك أنت السبب، ولأنها لا تشعر بكثير من الشوق إليك جاء هذا الحدث - الذي بدوت فيه ضئيلاً أمامها - ليقنعها بالفرصة السانحة في التخفف من رغبتك الجامحة التي لا تتناسب مع مستوى رغبتها هي. وسأقترح عليك بعض المقترحات، مع شعوري أن السؤال جاء متأخرًا؛ حيث مضى على هذه المشكلة نحو 10 أشهر، ولكن أرجو الله أن يوفقك لتجاوز المشكلة: 1. أن تحاول إقناعها بأن تتصل هي بجهات الاستشارات الموثوقة، وهي إن كانت تريد تجاوز هذه المشكلة فعلاً فستجد حلاً يطمئنها ولو عرضت المشكلة برؤيتها هي. 2. حاول أن تبني جسوراً جديدة من غير محاولة الإلحاح على التبرئ والتأكيد على التغير، دعها تلمس هذا التغير تعاملاً ومعاملة، وأشعرها بالأهمية والحب، وسافر معها سوياً في نزهة، واخرج معها للعشاء في مطعم، فاجئها بهدية، أكثر إطراء إيجابياتها، قم وإياها سوياً بالعمرة؛ إن مثل هذه الأشياء تسعدك كما تسعدها وترمم العلاقة وتأسوا الجراح. 3. كنت سألتك عن أقرب مدينة إليك يتوقع أن يوجد فيها مراكز تدريب، وأعني بها ذلك النوع من المراكز التي تقدم دورات في العلاقات الاجتماعية بحيث يلتحق كلاكما بها، وتحسنان من مستوى العلاقة التي وصفت في حديثك بأنها كالموج تعلو حينًا وتهبط حينًا.

4. أرجو ألا تكون غافلاً عن سؤال الله -تعالى- أن يصلح لك زوجك، وأن يجعلها لك قرة عين كما هو دعاء المؤمنين (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا) [الفرقان] . 5. إذا لم تستجب للفكرة أو لم تقتنع بالجواب أو لم يتحسن تفاعلها معك إلى الحد الذي يشبع شوقك وشهوتك؛ فالمقترح الزواج بأخرى تستدرك فيها ما فاتك من زوجتك الأولى، مع إبقائك الأولى في عصمتك فإنها أم أبنائك وستسهم في تحقيق من رغبتك، وربما كان زواجك بالأخرى دافعًا لها لأن تحاول كسب قلبك إليها. 6. وأخيرًا أقترح أن تكون لكما عناية بالثقافة الأسرية من خلال بعض الكتب المتخصصة في هذا الشأن أو متابعة بعض المجلات، ففيها خير لكما. جمع الله بينكما على البر والتقوى، وجعل كل واحد منكما قرة عين للآخر.

هل أخبر جاري بخيانة زوجته؟

هل أخبر جاري بخيانة زوجته؟ المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 27/04/1425هـ السؤال زوجة جاري تمارس الرذيلة (الزنا) مع شخص آخر، مستغلة غياب زوجها الذي يعمل بنظام الورديات (آخر الليل) لدى إحدى الشركات، وكنت أنا ممن اطلع على الوضع عن كثب، وشاهدت الشخص يسرح ويمرح معها، وهي بملابس فاضحة، أقول هذا والله رقيب علي أني لم أقل إلا الحقيقة، أرشدوني -جزاكم الله خيراً-، ماذا أفعل تجاه هذه المصيبة؟ أنا حائر كيف أبلغ جاري وأحافظ على علاقاتنا في البيت والعمل؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد: أشكرك على غيرتك وحرصك على جارك، وفقد وردت النصوص الكثيرة في ذلك، وبالنسبة لما يتصل بعلاقة هذا الرجل مع زوجته، والواجب تجاه هذه المشكلة نلخصه فيما يأتي: (1) بالنسبة للمرأة عليك بنصحها وإرشادها إما عن طريق الهاتف أو المراسلة، أو المصارحة، أو عن طريق زوجتك، وتذكيرها بالله، والفضيحة في الدنيا والعقوبة في الآخرة، وفتح باب التوبة لها، فإن أقلعت وقطعت العلاقة فالحمد لله، وإلا فإن الواجب عليك تدارس الموضوع مع أهل الخير عندكم، وخاصة إمام المسجد، ورجال الحسبة ولا يمنع كذلك أن يستخدم أسلوب التهديد مع هذه المرأة؛ حتى تقلع عن هذا الذنب. (2) أما بالنسبة لزوجها فعليكم بتذكيره، وتوجيهه إلى الاهتمام ببيته وكثرة الفتن الموجودة، والفساد، وأن زوجته أمانة في بيته، وذلك بالتلميح دون التصريح. (3) مراعاة وضع كل من الزوجين الاجتماعي والنفسي، والمالي فإذا كان هناك مشكلة فيُساعدان على حلها. (4) أما بالنسبة للشخص الذي يأتي إلى بيت هذا المرأة في غياب زوجها فعليكم بنصحه وإرشاده، وأنه لا يرضى مثل هذا العمل في زوجته، ولا بنته، ولا أخته، فإذا لم يستجب لكم فعليك بتهديده، وذلك بفضح أمره، ورفعه إلى الجهات المختصة لإجراء اللازم معه، وردعه عن هذه الفعلة النكراء، هذا، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زوجي خائن.. فماذا أعمل..؟!!

زوجي خائن.. فماذا أعمل..؟!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 29-4-1423 السؤال أنا امرأة متزوجة منذ عشر سنوات تقريبا ولدي أطفال.. مؤخرا قال لي جيراني بأنهم رأوا زوجي يخونني مع امرأة أخرى في بيتي ولم أشأ أن يعرف زوجي أنني سمعت بهذا الكلام ومؤخرا أردت أن اعرف بنفسي وقلت له أنني ذاهبة إلى عملي. لما ذهب هو كذلك إلى العمل رجعت إلى المنزل لأتحقق من ذلك فتخبأت فما هي إلا ساعة حتى أتى إلى المنزل ومصاحبا بامرأة معه فلم أصبر فدخلت عليهم وهم في وضع مخجل جدا.. وقلت ماذا أفعل الآن هل آتيكم بالبوليس أو ماذا؟!! فقال يجب أن نتفاهم بلا شجار وأخذ يطلب السماح ولكنه جرح عواطفي وحطم قلبي الذي يحبه بصدق فهو قال أنه يحبني ويحب أولاده ولا يريد أن يطلقني فبماذا تنصحوني ولكم ألف شكر والله وليي. الجواب الأخت الكريمة: شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع الإسلام اليوم ماذا عساي أن أقول وقد اكتشفت زوجك مع امرأة أخرى لا تحل له وليست زوجة له في منزلك..!! أنه حقيقة لأمر محزن جدا أن يكتشف المرء خيانة صاحبه له فكيف إذا كان هذا الزوج وكان مكان هذه الخيانة هو عش الزوجية.. والجريمة الكبرى وهي الزنا والعياذ بالله. كما تذكرين..!!! إني أشاطرك تماماً هذا الحزن الذي أنت فيه لما جرى لك مع زوجك، واقدر تماماً هذا الجرح العاطفي الذي طعنك فيه زوجك، ولا أقول إلا أعانك الله ووفقك للسيطرة على هذه الصدمة وانتشال نفسيتك مما هي فيه الآن. وإن كان لي توصية لك في هذه الاستشارة فأقول:- أولا - يجب أن يدرك الزوج عظم ما عمله في حق الله سبحانه أولاً ثم في حقك ثانياً وبناءً على ذلك يجب أن تصدق توبته واعتذاره مع الله لأنه من غير توبة يكون بقاءك معه أمر متعذر وهو يقترف مثل هذه الفاحشة. ثانيا - وهذا مبني على الأمر السابق.. وهو أن تعلمي أن بقاء الزوجة مع رجل زان ويتخذ الصاحبات ويتركب معهن الفاحشة المحرمة أمر لا يبيحه الشرع الحنيف اللهم إلا إذا توقف عن مثل هذه الأفعال المشينة وصدق في توبة مع الله. فأنت هنا يجب عليك التحقق من هذا الأمر مع زوجك. ثالثاً - الشرع لا يسوغ لك اتهام ذلك الزوج بالزنى الصريح حتى لو كنت قد رأيته على تلك الحال لأن الشرع يلزم بأربعة شهود يشهدون على مثل شهادتك وإلا فإن الأمر في نظر الشرع الحنيف يعد قذفا يعاقب عليه صاحبه. هذا إذا أردت الانفصال عنه والطلاق منه على أنه وفي أكثر المجتمعات يعتبر قول الزوجة في طلب الطلاق إذا كان الزوج يخونها ووجد الشهود عليه مثل هذه الأعمال.

رابعاً: إذا علمت منه الندم والتوبة الصادقة وكان محقاً في ذلك فإني أظن المصلحة لك ولأطفالك على الأقل هو عدم التسرع باتخاذ قرارات حاسمة كخلع أو طلب للطلاق.. بل ربما يكشف الله لك أمرا يكون فيه العون لك والخلاص من هذا الجرح النازف في قلبك. كأن يتبدل حال هذا الزوج ويعود إلى رشده ويرجع إلى الله بقلب مؤمن تقي..ورحمة الله واسعة وشفقته على عباده واضحة وكم ارتكب غيره أعمالا أشنع وأفضح في حق الله منه ومع ذلك تابوا وتاب الله عليهم وصلحوا وانقلبت حالهم إلى أحسن مما كانت عليه في السابق بكثير. خامساً - تبقى هذه الحادثة قنبلة يجب أن تفجر في نفسك تساؤلات عنيفة من سلوك مع زوجك وتبعلك له ومدى إشباعك لرغباته العاطفية والجنسية والروحية. وهذا ليست لوماً لك واتهاماً لتقصيرك وهو أيضاً ليس اعتذاراً لزوجك أو دفاعاً عن تصرفاته المشينة، ولكنها وخزة مؤلمة يجب أن تكسر لديك أموراً صلبه في حياتك العاطفية مع هذا الزوج لينكشف الحال أمام ناظريك فتبصري مكامن القصور التي ربما كانت سبباً في تفكير زوجك في البحث عنها لدى غيرك من النساء حتى لو كانت بالطريق الحرام. أعود وأكرر عليك التوجيه بعدم التعجل في اتخاذ القرار خاصة إن علمت صدقاً في ندمه، واجعلي الأطفال ومصيرهم ونفسياتهم أمام عينيك. فإن كان والدهم لم يراع مشاعرهم فلا تزيديهم أنت كذلك ألماً. حرسك ورعاك وأصلح زوجك وهداه الطريق المستقيم،،،

هل أسامحها أم أطلقها؟

هل أسامحها أم أطلقها؟ المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 07/04/1425هـ السؤال أنا متزوج منذ سنتين، وأحب زوجتي التي لم تقصر معي في شيء، وتظهر لي الحب وحسن المعاملة دائماً، لكن حدثت حادثة رهيبة أقضت مضجعي، فقد لاحظت منذ أسابيع أن زوجتي تغيرت علي، فقد ازداد خروجها من البيت، وبدأ الشك يدخل قلبي، وقررت أن أواجهها بشكوكي، فاعترفت بأنها على علاقة برجل آخر، حلفتها إن كانت ارتكبت الفاحشة معه، فنفت، الآن تعدني بالتوبة، وأنا أحبها. هل يجوز لي معاشرتها ومسامحتها؟ أم يجب علي تطليقها؟. الجواب أخي الكريم: سلام الله عليك. أما بعد: فأسأل الله -تعالى- لك أن يستر عليك، وأن يحفظ عرضك. أخي إن هذه القضية التي تطرحها في غاية التعقيد، وليس من عادتي إلا بث روح التسامح والعفو بين الناس، والتيسير عليهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا.. ولكني لا أستطيع ـ أبدا أن أتهاون في أمر كهذا.. إن عليك ـ بعد أن حلفتها أنها لم ترتكب جرما مع هذا المجرم ـ أن تغلظ عليها في الكلام والوعيد، وبيان الجريمة النكراء التي قامت بها حتى لو لم ترتكب جريمة الزنا، ذلك لأن الحديث مع رجل أجنبي في حد ذاته بعيدا عن علم الزوج وفي مجال غرامي مخالفة شرعية وخيانة زوجية، والأمر أعظم مما يتصور الإنسان، فالأمر يتعلق باختلاط المياه في الأرحام، وضياع الأولاد في نسبهم بين الرجال.. والله المستعان، وعليك ـ إذا رغبت في إبقائها عندك أن تطلب منها الآتي: 1ـ التوبة النصوح، التي تقلع فيها عن الفعل، وتندم على ما فعلت، وتعزم ألا تعود مرة أخرى أبدا. 2ـ ألا تتحدث في الهاتف حتى تأذن لها لمدة تحددها معها وكلما طالت كان خيرا، دفعا للشكوك، وإبعادا وتيئيسا للمجرمين، وعقوبة لها. 3ـ أن تأخذ منها الجوال والإنترنت نهائيا. 4 ـ أن تقول لها: إن الفراق بينكما سيكون عند أول حادث أو ملاحظة من هذا النوع مستقبلا لا قدر الله. ثم اعلم أن هذه المشكلة تنشأ بأسباب كثيرة أشير إلى شيء منها: 1ـ بعد الزوج عن زوجته جسديا بحيث لا يكون حاضرا في بيته كثيرا، أو لا يعاشرها جنسيا. 2 ـ الفراغ الكبير في حياة المرأة حين يوفر لها كل ما يخدمها، ولا تشغل بخير. 3ـ الفراغ العاطفي، حين لا يعبر الزوج لزوجته عن حبه لها، ولا يلتفت إلى جمالها أو زينتها ويتلفظ بمشاعر هي أمامها، ويتحدث معها حديثا نفسيا، فيؤدي ذلك كله إلى شغفها بمن يتيح لها هذه الأمور جميعا. 4ـ وجود الفضائيات المغرية، والإنترنت الخليع، والجوال المفتوح على كل الأرقام في يد الزوجة غير الثقة. هذه لمحات تستحق الإفاضة، ولكن لعل فيها ما ينفع. والله أعلم وصلى الله على محمد وآله.

لا أريد أن أهدم بيتي

لا أريد أن أهدم بيتي المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 19/3/1425هـ السؤال أنا امرأة متزوجة منذ سنين، والحمد لله أنا موفقة في زواجي ولي عدد من الأولاد ولكن المشكلة أنني اكتشفت أن زوجي منذ شهر أنه يتكلم مع امرأة عبر الهاتف النقال، وهذه المرأة متزوجة، واكتشفت هذه المكالمات عن طريق فواتير الهاتف، ولا أدري ماذا أفعل؛ لأني أحب زوجي وأولادي، ولا أريد أن أهدم بيتي، بالله عليكم أن ترشدوني للطريق الصحيح، وبماذا تنصحوني؟ الرجاء منكم الرد على مشكلتي بسرعة، شاكرة لكم حسن استماعكم لي. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. إلى الأخت الفاضلة: - سلمها الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. من قراءة رسالتك يبدو لي أنك تتمتعين برجاحة العقل، والحكمة في التعامل، وحسن التصرف في المواقف الحرجة، وهذا يسهل علي أموراً كثيرة حال الحديث معك. أختي الفاضلة: اعلمي أنه ليس هناك إنسان معصوم من الخطأ، إلا من عصمه الله من الأنبياء والرسل -صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً-، وصدق من قال: من الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط. فيا أمة الله: كلنا ذو خطأ، "وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"؛ كما صح بذلك الخبر عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الترمذي (2499) وابن ماجة (4251) عن أنس - رضي الله عنه -، وليس من الضير أن يخطأ الإنسان، ولكن الخطأ الكبير هو الاستمرار على الخطأ والذنب، وعدم الإقلاع عنه، وعدم الاستفادة منه. أريدك أن تتأكدي من طبيعة العلاقة التي بين زوجك وهذه المرأة، حيث إنك ليس عندك دليل سوى فواتير الهاتف، وكون أنك عرفت هذه المرأة من خلال وجود رقمها في الفواتير، لا يعطيك الحق في إلصاق هذه التهمة الخطيرة بزوجك، فلعل هناك أمر آخر، هذا أمر. الأمر الثاني: يبدو أنك تعرفين هذه المرأة حق المعرفة، بدليل أنك عرفت عنها كل شيء بمجرد معرفتك لرقم الهاتف الخاص بها، فهل هذه المرأة سيئة الخلق أم ماذا؟. سؤال آخر: ما الذي دفع زوجك لتكوين مثل هذه العلاقة مع هذه المرأة على حسب زعمك، لا بد وأن هناك خلل ما في العلاقة التي بينك وبينه، ففتشي في نفسك، واعرفي موطن الخلل واجتهدي على إصلاحه، والذي أراه عليك الآتي: 1- إحسان الظن بزوجك حتى يتبين لك صدق اتهامك له. 2- الإصلاح من شأنك تجاه زوجك، وحسن التبعل له. 3- احتواء زوجك احتواءً كاملاً؛ بحيث لا تجعليه يفكر في غيرك. 4- معرفة الأشياء التي يحبها زوجك والعمل على الإكثار منها، ومعرفة الأشياء التي لا يحبها والعمل على تجنبها. 5- لا يمنع أن تجلسي مع زوجك جلسة مصارحة، يكسوها الود والحب وتظللها الرحمة، وتظهر فيها الشفقة؛ لمعرفة الإيجابيات والسلبيات في حياتكما، والعمل على تفعيل الإيجابيات، والحد بل المنع من السلبيات، ولا تخبريه بأنك تعرفين علاقته بهذه المرأة. 6- اشغلي زوجك بأمور الأولاد وأشركيه في شؤونهم والعمل على حل مشاكلهم، وأنه هو القدوة لهم، فيجب ألا يروا منه إلا كل فعل جميل، وقول حسن، وعمل طيب.

7- عليك بإحضار بعض الأشرطة الإسلامية النافعة، والكتب الدعوية، والتي تتكلم عن الحقوق الزوجية، وكذلك التي تتناول مثل هذه القضايا، وما هي الآثار السيئة المترتبة عليها. 9- إذا تبين لك أن العلاقة بين زوجك وهذه المرأة علاقة شرعية، أي أنه متزوجها ولكنه لا يريد إخبارك فاحذري من اتخاذ أي تصرف همجي، وعليك بتقبل الأمر بصدر رحب؛ لأن ذلك شرع الله، ولا يقارن أبداً بالعلاقة المحرمة. 8- عليك بتقوية العلاقة بينك وبين الله، ومن ثم ستصلح أمورك كلها، وإذا تأكدت بطبيعة العلاقة بين زوجك وهذه المرأة، وأنها علاقة محرمة فعليك الآتي: 1- إرسال رسائل على جوال هذه المرأة من مجهول، بأن أمرها قد كشف، وإذا لم تنتهي عن ذلك سيتم فضحها على الملأ، وكذلك الحال بالنسبة لزوجك. 2- مصارحة زوجك بالأمر، ولكن عليك بالهدوء وضبط النفس، والحكمة في التعامل معه، وذكريه بحبكما وأبنائكما ومستقبلهم، إلى غير ذلك. 3- مصارحة بعض أهلك ممن يتصف بالحكمة في معالجة مثل هذه الأمور، أو بعض أهله من أب أو والدة، أو أخ، أو غير ذلك ممن يكون له التأثير الإيجابي عليه. 4- إياك والإنهيار والعصبية والتعنيف له على ذلك، ولكن عليك بحسن العشرة، وطيب الكلام، وجميل الأفعال مع إظهار الغضب لما فعله، وبيان حبك له، وشفقتك عليه وعلى الأسرة من الإنهيار. 5- إذا تاب وندم ورجع عن ذلك فبها ونعمت، وإن أنكر علاقته بهذه المرأة، أو قام بأي تبرير لهذه العلاقة فاقبلي منه، ولكن كوني على حذر. 6- إذا استمر وعاند فالأمر إليك فانظري ماذا ترين. 7- عليك بالدعاء وصدق اللجوء إلى الله - جل جلاله- أن يلهمك حسن التصرف، وأن يرجع إليك زوجك رجوعاً جميلاً. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

خانها زوجها مرتين

خانها زوجها مرتين المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 8/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أسأل عن خيانة زوجي لي مرتين وماذا أفعل معه؟ وهل من الأفضل لي الطلاق بعدما جربت معه كل الطرق؟ مع العلم أنني لم أقصر معه في أي شيء حتى يكون عنده المبرر لهذه الخيانة، من فضلكم أرجو منكم الرد سريعاً وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله وحده، وبعد: فإن كانت الأخت السائلة تقصد بالخيانة الزنا فلا شك أن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب قال تعالى:"والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما*يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً* إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68-70] ، وقال تعالى:"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً" [الإسراء:32] . وحد الزاني الثيب الرجم بالحجارة حتى يموت لما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رجلاً من أسلم أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحدثه أنه قد زنى فشهد على نفسه أربع شهادات فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجم وكان قد أحصن. رواه البخاري (6429) . فإن ثبتت صحة ما ذكرته السائلة من زنا زوجها فلها شرعاً أن تتقدم للحاكم الشرعي لطلب فسخ النكاح إن رغبت بذلك، وإن أحبت أن تصبر وتناصحه على ترك ذلك فلها ذلك، وأُشير إلى أن من قذف غيره بالزنا وجب عليه حد القذف وهو جلده ثمانين جلدة دفعة واحدة إن لم يتمكن من إثبات دعواه بأربعة شهود أو إقرار المقذوف بالزنا، قال تعالى:"والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون" [النور:4] ، وجاءت إلى علي -رضي الله عنه- امرأة، فقالت: إن زوجي وقع على جاريتي بغير أمري، فقال للرجل: ما تقول؟ قال: ما وقعت عليها إلا بأمرها، فقال: إن كنت صادقة رجمته، وإن كنت كاذبة جلدتك الحد، وأقيمت الصلاة، وقام ليصلي، ففكرت المرأة في نفسها، فلم تر لها فرجا في أن يرجم زوجها ولا في أن تجلد، فولت ذاهبة، ولم يسأل عنها علي. انظر: الطرق الحكمية (243) سنن البيهقي مختصراً (8/419) ، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

وقفات مع مدمن معاكسات

وقفات مع مدمن معاكسات المجيب سعد بن عبد الله الماجد عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 12/05/1426هـ السؤال السلام عليكم. في بداية شبابي سلكت طريق المغازلات النسائية بالهاتف، وما تبعه من خلوات غير شرعية، واستمر معي ذلك حتى بعد الزواج. لا أبرِّر فعلتي، ولكن أجد أن زوجتي سهَّلت لي طريق العودة لطريق الشيطان؛ بعدم مشاركتها لي المشاركة النفسية أو الشعورية في إطار الزواج، فقد كانت أمامي جسداً فقط، حرمتني الحوارات الزوجية، وحرمتني المشاعر الغرامية، وإحساس الرجل برجولته في بيته، وحرمتني نعمة احتواء الزوج لزوجته. ونتيجة لما حصل فقد فقدت بيتي وزوجتي وطفلي، وطلبت الطلاق بسبب ما اقترفته من غزل غير شرعي. أرجو منكم نصحي وإرشادي لأتوب وساعدوني، فأنا مفتقر للحنان أبحث عنه ولو عن طريق المكالمات الهاتفية. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أمَّا بعد: لقد قرأت سؤالك، وتفهَّمت شعورك وبحثك عن طريق لترك المعاكسات الهاتفية وغيرها. اسمح لي -أخي الكريم- بعدة وقفات تجيب فيها بنفسك عل نفسك. الوقفة الأولى: هل أشبعت هذه المكالمات هذا الجوع العاطفي، وإلى أي مدى؟ ... ألا تشعر بأنك في حالة جوع دائم، وترقُّب دائم للمكالمات.. ألم تشغلك هذه المكالمات والمغازلات عن كثير من مهامك وطموحاتك؟ ألم تُحدِّث نفسك بأن هذه المكالمات العاطفية كذب على المكشوف، تقول بأنك تحبها ولا تستطيع فراقها، فإذا اتصلت بأخرى قلت نفس الكلام. ألا تشعر بأنها تكذب في حبها وعاطفتها، وأن هناك مائة غيرك؟! الوقفة الثانية: ماذا عنك لو سمعت زوجتك تحدث رجلاً غريبًا بأنها تحبه، وتفصِّل الكلام في الغرام والهيام، بل وفي أخص ما يكون في فراش الزوجية ما هو موقفك؟. أمر آخر وما يدريك لعل من تكلمها أنت متزوجة؟ فكيف لا ترضى في كلتا الحالتين؟ الوقفة الثالثة: كم من عمرك قد أضعته؟ كم من المال قد أنفقت في سداد أجرة تلك المكالمات؟ أضف إلى ذلك طلب الطلاق من قبل زوجتك، ومفارقتك أبناءك، وحرمانك لهم من عاطفة الأبوة والقيام على رعايتهم؟ (وقد يفعل أبناؤك مثل فعلك، فيبحثوا عن عطف الأبوة الذي حرمتهم منه ... ) الوقفة الرابعة: ماذا عن علاقتك بربك؟ لقد انشغلت بالخلق من بنات حواء، وتركت ربك فلا تعطيه إلا أقل الأوقات في صلاة غير خاشعة، والتفكير فيمن تتصل بها، وفيمن قطعت الصلاة عن وصالها! لعلك بعد أن تجيب عن هذه الأسئلة، وتقف مع نفسك تلك الوقفات تلحق بسفينة النجاة، فتركب قبل أن تغرق في مستنقعات الرذيلة، فتخسر في الدارين، ولات حين مندم. الوقفة الخامسة: إن الكثير يريد من زوجته أن تهبه الشيء الكثير من الحب والعاطفة والحنان، وهو لا يهبها إلا السباب والشتم والاستهزاء بخلقتها.

فكيف تريد أن تتغزل فيك زوجتك؟ وأنت مقصِّر في حقها (وفاقد الشيء لايعطيه) . إنه على قدر معاملتك لزوجتك تعاملك بمثله أو أحسن. إن المرأة أرق خُلقاً وأسرع تأثراً من الرجل، مع ما جبلت عليه من عاطفة وحنان فياض يعطي بلا حساب-في أكثرهن- لا يعرف ذلك إلا من عرف التعامل الطيب مع زوجته؟. الوقفة السادسة: لتنشيط الحياة الزوجية الفاترة هناك طرق منها: (1) بدلاً من مغازلة بنات الناس اللاتي لا يجوز لك مغازلتهن؛ غازل زوجتك بكلمة طيبة، ابتسامة، غمزة عين، وصف لما حباها الله به من جمال من أخلاق، من دين، من عاطفة، من حنان، ترتيب منزل، طهي طعام، تعامل معك ومع أهلك.. لابد أن تجد لهذه المرأة حسنات كثيرة، نعم كثيرة عليك، فاحمد الله واشكره. (2) أرسل لزوجتك رسالة تصرح فيها بحبك لها، وتمنياتك لها بكل خير، أظهر أُثرها في حياتك، استمع لشكواها ليكن سماعك لها أكثر من كلامك، وسوف تجد اهتمامها بك وحبها لسماع حوارك مع عملها على تكميل النقص الموجود عندها، مشكلة البعض أنه لا يعرف كلام الغزل والحوار إلا مع الغير، وأما مع زوجته فالصراخ والعصا؟! أخي الكريم، كما أن زوجتك وأبناءك أحق الناس بنفقتك عليهم، فكذلك بعطفك وحنانك عليهم، كيف تصرف من هذا الحب وهذه العاطفة على من لا تعرف من بنات الناس، وتجعل زوجتك وأبناءك عالة يبحثون عن الحب والعاطفة من البعيد والقريب، حيث لا يجدون إلا أقل القليل مع منة الناس عليهم في ذلك. إن الحب الذي تبحث عنه ما هو إلا كرائحة في مطعم تمر به ولا تأكل منه، فيبقى الجوع ملازماً لك مع عذاب نفسي لعدم قدرتك على الشراء، وإن حاولت أخذه بقوة كنت مغتصباً تحال إلى السجن. أو كسراب في أرض قفراء في رابعة يوم حار يستدرجك المسافات الطويلة، فإذا ما وصلت إليه لم تجده شيئاً، وخارت قواك، وكان في ذلك هلاكك؟.

الوقفة السابعة: حكم المغازلات الهاتفية: أيها الأخ المبارك: ينبغي لك أن تعلم أن هذا الطريق -أعني مكالمات الغزل والعشق- محرمة، فالله -تعالى- حرم الزنا وحرم وسائله، وهذه المكالمات طريق رئيس لارتكاب الزنا، قال تعالى: "وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً" [الإسراء: 32] ، وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن) أخرجه البخاري (2295) ، وعن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه) ، أخرجه البخاري في صحيحه (5774) ، كما أن فيه إفساداً لنساء المسلمين، والله -تعالى- لا يحب المفسدين، وفيه إضاعة مال وعمر، ففي الحديث عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس، عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وماذا عمل فيما علم" أخرجه الترمذي في سننه (2340) ، كما أن فيه مما جاء النهي عنه من قيل وقال: أخرج البخاري بسنده قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة أن اكتب إلي بشيء سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم- فكتب إليه: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله كره لكم ثلاثاً، قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال" (1383) ، فعليك بالتوبة النصوح، وعدم الرجوع لذلك، قال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله *إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر:53] ، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" أخرجه مسلم في صحيحه (4872) ، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لله أشد فرحًا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها" أخرجه مسلم في صحيحة (4928) ، فباب التوبة مفتوح، فمتى التوبة يا عبد الله؟ اعزم على التوبة ولا تسوف؛ فإنك لا تدري متى يفجأك الموت، أم تريد تأخيرها حتى تكون عبرة ومثلا يتعظ به (والسعيد من وعظ بغيره..) الوقفة الثامنة: كيفية التوبة، والتخلص من إدمان هذه المعصية: أولاً: للتوبة شروط منها: (1) الإخلاص في التوبة؛ بأن يكون الباعث على التوبة هو الخوف من الله، والرجاء فيما عنده من الأجر الذي أعده للتائبين، والمستقيمين على شرعه. فلا تكون التوبة خوفًا من الزوجة أو المجتمع، وماذا يقول الناس عنك، أو من أجل السجن وغيره. (2) الإقلاع عن هذا الذنب، فكيف يكون تائبًا من كان مقيمًا على هذا الذنب؟ هذا وربي خداع للنفس وكذب عليها.. (3) الندم على ما فات في الماضي من ارتكاب للمعصية وتلذُّذ بها، وجراءة على فعلها. (4) العزم على عدم العودة مستقبلاً، فلا يكون في نفسه أنه يعود، وإلا فتوبته غير مقبولة لأن في هذا مخادعة وكذب.

ثانياً: من الطرق العملية للتخلص من المكالمات الغزلية: (1) مفارقة هذا الهاتف محل المعصية، إما بفصله عن الخدمة مدة من الزمن، حتى يُنسى هذا الرقم من جانب تلك الفتيات، وإما بتغيير الرقم إلى آخر، والعمل على إتلاف أو حذف قائمة أرقام المغازلات الهاتفية. (2) المحافظة على القيام بأعمال العبادة من صلاة وصيام وحج وغيرها، فرضها ونفلها (السنن الرواتب، وصدقة التطوع، والعمرة إلى العمرة) مع المحافظة على الأذكار، وكثرة الاستغفار، ودعاء الله، وطلب هدايته.. (3) اربط نفسك بصحبة صالحة تعينك في دينك ودنياك، فتعلمك إذا جهلت، وتذكِّرك إذا نسيت، وتحفظك في غيبتك، (وهم -بحمد الله- كثير تجدهم في المساجد وحلق العلم) . (4) تجنب الخلوة في غير طاعة، ومنفعة دنيوية راجحة. (5) تجنب قول السوء وسماعه (محادثة النساء الأجنبيات عنك غير المحارم، سماع الأغاني) . (6) تجنب الاختلاط بالنساء، وغض بصرك عن مشاهدتهن (في الأسواق، وفي شاشات التلفاز والفضائيات، والمجلات، والإنترنت..) ، ويلحق بذلك الاختلاط بالفسقة، ومن همه لا يتعدى ما بين السرة إلى الركبة، ويكثرون الحديث الفاحش في النساء، ويزينون الرذيلة. وفقك الله للتوبة النصوح، وهداك لخير الأعمال والأقوال، فإنه الهادي الرحيم.

اكتشف أنها تخونه!

اكتشف أنها تخونه! المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة التاريخ 24/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. لدي صديق متزوج وكلا الزوجين يحب الآخر كثيراً، وهما متزوجان قرابة العشرين سنة، ولهم أولاد، اكتشف الزوج في الآونة الأخيرة أن زوجته على علاقة بشخص آخر- نسأل الله العافية- وعندما واجهها بكت كثيراً، وندمت على فعلتها، وأعلنت توبتها أمامه، شرح لي المشكلة لأجد حلاً، ولكني عجزت عن مساعدته، هو يقول: هل أطلقها وأضيع أولادي؟ هل أصدقها وأصفح عنها؟ ولكنه يقول: لا أستطيع أن أثق بها بعد الآن، لا أستطيع أن أراها أمامي، أحس أنها خانت الله، وخانت العشرة الطويلة التي بيننا، خانت أولادنا، ولكن بكاءها وندمها وتوبتها جعلته يتردد في تطليقها. فما الحل؟ رجاء الإفادة بحل يريح الكل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد. جوابي إلى الزوج يتلخص في النقاط الآتية: أولاً: بالفعل الوضع صعب جداً، وفعلها خطير وخاطئ، وخيانة لله ثم لك، وربما كنت أنت - لا مؤاخذة- طرفاً أو سبباً أو على الأقل كنت غافلاً عن رعيتك طوال المدة، أو هكذا بدأ لي من السؤال. ثانياً: أصارحك بأنه لا يمكنني بهذه الحروف أن أوجد حلاً سرياً لك، لكن مساعدة وتشاور. ثالثاً: مسألة الطلاق: لك الحق فيه، والعقدة بيدك، ولا إثم عليك بذلك، وإن كان من أبغض الحلال إلى الله، ويعتبر آخر الحلول بمنزلة الكي من الأدوية. رابعاً: من نظري أن الأمر مختلف، هل العلاقة وصلت لحد الزنا عياذاً بالله، أم أنه مجرد مكالمة وبين ذلك درجات، ولكل حادث حديث، ولكل درجة معاملة مختلفة (هذا ما لم يتضح لي في السؤال) . خامساً: يمكنني أن أقترح عليك التالي: ابق زوجتك ما دامت أعلنت توبتها وندمها، اجعلها تحت المراقبة الشديدة، اظهر تذمرك وآهاتك على ما صدر منها، املأ وقت فراغها بأي عمل نافع، تابع زوجتك وأولادك بالصلاة؛ فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، والذكر فإنه يطرد الشياطين، كن رقيباً على لباسها وهيئتها ومكالماتها ودخولها وخروجها. سائلاً الله لي ولك ولها العفة والصيانة والستر في الدنيا والآخرة.

سوء العشرة

نشوز زوجتي لا يطاق! المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 30/05/1427هـ السؤال تدور بيني وبين زوجتي مشكلات تتمحور في الآتي: أولها: كان في الدين والتبرج والحجاب والمحافظة على الصلاة في وقتها. الثاني: عدم تأدية حقوقها الزوجية، والعناد في كثير من الأمور، وعدم الاهتمام بنفسها لي من التزين وغيره، وعدم تقدير الجهد الذي أبذله في عملي. وتدور في مخيلتي عدة تساؤلات: 1- هل أتزوج من امرأة أخرى؟ 2- بدأت أحس بأني لا أحبها وأريد الابتعاد عنها، فكيف أتصرف؟ 3- هل تنصحوني بإخبارها بأني سوف أتزوج من الثانية ومتى؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: أخي الفاضل أنصحك بما يلي:- 1-أذكرك بأن إصلاح النفس البشرية يحتاج إلى وقت كبير، وخصوصاً إذا لم يكن ذلك بعد دَفْعةٍ قوية ناتجة عن هداية، أو حدث حياتي مؤثر. لذلك أدعوك إلى الصبر على زوجتك كثيراً حتى تستقيم على شرع الله، وعلى نمط حياتيٍّ ترضاه أنت. أرجو الله الكريم أن يعجل بذلك. 2- ومع هذا الصبر تستمر محاولات التأثير عليها، وتسلك: أ- التأثير القلبي الإيماني بالتذكير بالله عز وجل وثوابه وعقابه، ورضاه وغضبه، وحبه وبغضه، وغير ذلك. وتسلك أيضاً:- ب- التأثير القلبي العاطفي الذي يدغدغ المشاعر، ويذكر بالسعادة الزوجية، وسعادة الأولاد، وإقامة أسرة سعيدة ترفع الرأس، وغير ذلك وتسلك أيضاً:- ج- التأثير العقلي بالإقناع بالصواب والخطأ عن طريق الحجج العقلية، وذكر الآثار السيئة الناتجة عن التصرفات الخاطئة. وهذا الأمر يحتاج إلى بعض الاستعداد منك، كما يحتاج إلى الصبر. وأسأل الله لك التوفيق. 3- من الأمور المستحسنة بعد المحاولات الشخصية المتعددة: إدخال أحد الحكماء من العائلة ليقوم بنصحها وإرشادها، ويُكتفى بشخص واحد حتى لا تتعدد وتكثر وجهات التوجيه والإرشاد. 4- بعد استخدام الأسلوب السابق وعند عدم الجدوى: ينظر إن كان الهجر يتوقع أن ينفع ويأتي بمردود جيد فلا بأس باستخدامه. 5- إن لم ينفع ذلك أيضاً يمكن استخدام وسيلة إظهار الرغبة بالزواج من ثانية، ولكن قبل استخدام هذا الأسلوب فكر في جدواه فليس يصلح مع كل النساء، وأفضل أن يكون هذا الأمر بينكما لا يسمعه طرف ثالث حتى لا يكون سبباً لتحطيمها وبالتالي عنادها. وبعد وصول الخبر إلى مسامعها أعطها فرصة طويلة لتصل الفكرة إلى أعماقها، وتفكر في تبعاتها وآثارها لعل ذلك يكون أبلغ في ردها إلى الصواب. 6- إن لم يؤثر هذا الأسلوب واستمرت في عصيانها لله عز وجل، واستمرت في تقصيرها في حقوقك الزوجية، فاصبر عليها إن أردت واستطعت فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: "فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً". [النساء:19] .

7- وإن لم تستطع الصبر فخوفها من الطلاق، وذكرها بالله عز وجل، وذكرها بآثار الطلاق عليهما وعلى ابنكما، وأشعرها بأنك أنت أيضاً ستتأثر بالطلاق، وأنك تفقد أم عيالك ورفيقة دربك. وصرح لها بكراهيتك للتطليق، وأرى -إذا لم تستقم- أن تشعر أهلها حتى يشاركوا في نصحها، ولا تقدم على الطلاق حتى يستنفذوا ما عندهم من الوسائل. 8- فإن لم ينفع ذلك كله انتظر طهراً بعد حيض وطلقها طلقة واحدة فقط. وأشعر أهلها بذلك واكتب تلك الطلقة وأشهر عليها، وإني أرجو أن تكون مُدة العدة كافية لإيقاظها وتعقلها. 9- وأثناء عدتها قم بجهد كبير في دراسة أمر الزواج بأخرى. فإن استطعت أن تجمع بين زوجتين في آن واحد، وغلب على ظنك أنك تستطيع العدل بينهما، فأعدها وأرجعها رجعة شرعية، واكتب ذلك، واحرص أن تكون الرجعة قبل انتهاء العدة. فإن لم تستقم بعد الرجعة تزوج بأخرى إن أردت ذلك، ولا تنس فضلها، وعشرتها فإنها أم أولادك وابنة خالتك. (أرجو أن تفهم الخطوات السابقة جيداً ولا تستعجل) أسأل الله العظيم أن يصلح زوجتك، وأن يؤلف بينكما.

الإنترنت.. اختطفته مني!

الإنترنت.. اختطفته مني! المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 23/05/1427هـ السؤال فاجأت زوجي عدة مرات يستمني وهو يتصفح الإنترنت ويتحادث مع غيره في غرف المحادثات حول الجنس، وإذا دعوته إلى الفراش تعذر بأنه قادم من العمل متعب، فبماذا تنصحوني؟ الجواب أختي العزيزة، تعانين ويعاني غيرك من الزوجات مرارة سلبيات الإنترنت القاتلة والتي دمرت أو تكاد تدمر حياتهن الزوجية مع أزواجهن، لم تذكري هل أنت قريبة عهد بالزواج أو تزوجت منذ وقت طويل، هل لديك أطفال أو لا، وهل كان زوجك على حال حسن ثم تدهور إلى الوضع الذي ذكرت. وعلى كل حال فإن كان زوجك في أول حياتك معه حسن العشرة، ولم يكن تغيره إلا منذ فترات قريبة، فتحسُن وضعه معك قريب ووشيك إن شاء الله، لكن يحتاج منك إلى صبر ومصابرة، حاولي الخروج معه للتنزه، ومفاجأته بالمواقف التي تغير عواطفه تجاهك، فمرة قومي بعمل حفلة خاصة لكما، وهيئيه ذهنياً ونفسياً لذلك قبل قدومه من العمل، فإن رأيت إهماله لك، وجلوسه على الحال الذي ذكرت فادخلي عليه وكلميه وعيناك مليئتان بالدموع، فمهما يكن الزوج قاسياً غير مبالٍ فستؤثر فيه دمعات زوجته سيما إذا كان بينهما مودة ورحمه ومحبة. ابتعدي عن الجدال والخصومة فليس لهما أي جدوى مع الرجال غالباً، فقد جعل الله تعالى قوة المرأة في ضعفها، أما أن أتيت له بالقوة والجدال فالرجل أقوى وأشد بطبيعته التي خُلِق عليها. ثم إن رأيت تحسنًا فالحمد لله، أما إن استمر الحال فبإمكانك طلب الفراق، فحينئذٍ إما أن يبذل ما في وسعه للتغيير، وإما أن يستمر على ما هو عليه، عندها يكون الخيار لك إما الصبر والتضحية لعل الله تعالى يحدث بعد ذلك أمرا، أو البحث عن حياة زوجية كريمة أخرى. أسأل الله تعالى أن يقر عينك بصلاح الحال والنية والذرية.

والداي يتهاجران

والداي يتهاجران المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 13/03/1427هـ السؤال أنا شاب متدين -والحمد لله- إلا أن أبي وأمي قد جعلا حياتي جحيما، فمع أنهما يصليان ويزكيان ويصومان، ويعلمان أنه لا يجوز للمسلم أن يخاصم أخاه فوق ثلاثة أيام، إلا أنهما لا يتكلمان أو يجتمعان، والسبب الرئيس في ذلك مادي، رغم أن كليهما ميسور الحال والحمد لله!! حيث إن أمي طلبت من أبي مبلغا يقدمه لها حتى تتيح له الاجتماع معها، بحجة أن هدا المبلغ يعد صداقًا جديدًا لها، بحكم أنهما لم يجتمعا لعدة أشهر، أما أبي فقد رفض بحكم أن هذا الأمر مشين ومخزٍ أن تطلبه امرأة مسلمة. فما نصيحتكم لهما؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإنه لا يجوز أن يستمر والداكم على هذه المقاطعة والهجر كل هذه المدة ما دام السبب مادياً وحطام دنيا. سيذهب الجميع ويتركه للورثة، ولكنه الشيطان الذي ينزغ بينهم ويحرش بعضهم على بعض، قال تعالى: "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجئ أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئاً ثم يجئ أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته فيدنيه منه ويقول: نعم أنت، وفي رواية "فيلتزمه" أخرجه مسلم برقم (2813) من حديث جابر -رضي الله عنه- وفي صحيح مسلم أيضاً برقم (2565) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس فَيُغْفَرُ لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا". إن الواجب على والديكم أن يصطلحا ويقطعا هذا التهاجر والتقاطع وقد أفاء الله عليهما من فضله ورزقهما الذرية. فهل من شكر نعمة الله تعالى أن يصرا على معصيته؟ لا والله، ولكنه حب الدنيا والشغف بها وتمكن حبها من القلوب، وهي متاع زائل وأيام معدودة، وما عند الله خير وأبقى: "يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ" وقال تعالى: "بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى". مسكين ابن آدم العاصي يحرص على المال ويبخل ويشح وهو ذاهب وتاركه للناس، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت" وفي رواية "وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس" أخرجه مسلم برقم (2958) من حديث عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه- برقم (2959) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- كما أنه ينبغي أن تسعوا في الصلح بينهما بتذكيرهما بالله تعالى ولقائه، وتقريب وجهات النظر، والنظر في أسباب الخلاف والسعي في إزالتها ولو تكلفتم بعض المال، واصبروا واحتسبوا فما دمتم على ذلك فأنتم على خير وأجر بإذن الله تعالى.

وما ذكر في السؤال أن أمك طلبت مالاً بمثابة صداق جديد هذا لا وجه له ومن التلبيس. نعم من أعظم أسباب الإصلاح بينهما أن يدفع مال بينهما صلحا قال تعالى: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا". كما أن من أسباب الإصلاح بينهما أن ينصحا ممن له تقدير عندهما، كالعم والعمة والجد والخال والخالة أو صديق يعزانه، فيتحدث مع الأب وينصحه، ويتحدث مع الأم وتنصح، ولعل الله تعالى ينفع بالأسباب. أسأل الله تعالى أن يصلح ما بين والديك، وأن يردهما للصواب والاجتماع، وأن يوفقك ويسددك. والله أعلم.

مشكلة الزوجة القلق والانفعال..

مشكلة الزوجة القلق والانفعال.. المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 25/6/1422 السؤال أخي مشرف النافذة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أنا شاب متزوج منذ ثلاث سنوات تقريباً حالتي المادية متيسرة والحمد لله رزقني الله تعالى منذ سنة طفلاً جميلاً أحبه حباً لا يوصف. مشكلتي الكبرى هي زوجتي القلقة والمنفعلة فقد لاحظت قلقها هذا منذ الأيام الأولى للزواج ولكنني كنت أقول مع الأيام ستزول هذه المشاكل ولكن الأمور لم تزدد إلا استفحالاً وتعقيداً وأهم المشاكل أنها تعترف بكل هذا وكل أفراد عائلتها يشهدون بذلك ومع توالي الأيام فقدت طعم الحياة وأصبحت أكرهها وأكره البيت وكم من مرة كاد عقد الزواج أن ينفرط لولا أنني كنت أفكر في طفلي الذي سيشرد وستضيع تربيته الشيء الذي أوقعني في حيرة من أمري وجعلني أعيش حياتاً كئيبة جداً فالمرجو منكم أخواني الكرام إفادتي.. ولكم مني خالص الدعاء الجواب أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك واسأل الله تعلى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وبالنسبة لمشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: اسأل الله تعالى أن يصلح لك ويصلح بك.. وأن يحفظ لك ابنك ويهديه ويقر عينك بصلاحه وهدايته.. وأن يجعله من الدعاة في سبيله السائرين على منهجه.. الذائد ين عن حوضه.. هو وجميع أبناء المسلمين وأن يعينك ويوفقك ويسدد خطاك إنه ولي ذلك والقادر عليه. ثانياً: لا أدري ما درجة القلق لدى زوجتك.. ولا شدة الانفعال..!!! فهل هما دائمين..؟ أم أنهما مرتبطين بسلوك معين أو موقف معين؟!! وما هي أعراضهما..؟!! وأسبابهما؟! لا بد أخي الكريم من معرفة ذلك.. فإذا عرف السبب بطل العجب كما يقال..!! وبعبارة أخرى.. هل تستطيع زوجتك التحكم بمشاعرها وانفعالاتها..؟ أم أن الأمر خارج عن إرادتها.. وله امتداد نفسي لا يمكن السيطرة عليه من قبلها؟! الإجابة هنا هامة جداً.. لمعرفة مكمن المشكلة والطريقة المثلى للتعامل معها.!!! . ثالثاً: لذلك فإني أقترح عليك فتح حوار مطول مع زوجتك حول هذا الأمر.. القلق وشدة الانفعال.. فربما كانت هناك أسباب معينة.. لو عرفتها أنت لهانت عليك بعض الأمور.. ولعذرتها في البعض الأخر.. ولربما أمكنك مساعدتها لتجاوز هذا الأمر والتغلب عليه. رابعاً: أما إن كانت الأسباب نفسية.. ولها بعض الجذور في أعماق العقل الباطن.. أي أنها لا تعرف لها سببًا ظاهراً فلا بأس - أخي الكريم - من مراجعة بعض المختصين النفسيين الثقاة.. فلربما استطاعت من خلال بعض الجلسات النفسية الخاصة بالتنفيس الانفعالي والاسترخاء والتدعيم والتبصير النفسي تجاوز هذا الأمر.. والتعامل معه بشكل إيجابي. خامساً: ماذا عن أقاربها.. هل حاولت الاستعانة بأحد العقلاء منهم.. لتقريب وجهات النظر.. واصلاح ذات البين.. فهي طريقة مناسبة.. ومجربة.

سادساً: حاول أخي الكريم.. أن تنظر للأمر نظرة شمولية.. تعدد فيها الإيجابيات والسلبيات.. فلربما كان لها من الإيجابيات ما يجعلك تتغاضى عن هذا الأمر رغم " ثقله "!! ولكن تذكر دائماً قول الشاعر: ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء فخراً.. أن تعد معايبه. سابعاً: أما ابغض الحلال " الطلاق " فتأكد يا عزيزي أنه خيار أخير.. تلجأ اليه اضطراراً.. خاصة مع وجود الأبناء.. فحاول ما استطعت معرفة الأسباب الحقيقية للمشكلة.. واصلاح ما يمكن إصلاحه مع التغاضي عن بعض الهفوات. ثامناً: الجأ - أخي الكريم - إلى الله بالدعاء الصادق بأن يصلحك الله ويصلح لك ويصلح بك.. وأن يعيذكما جميعا من كيد شياطين الجن والأنس.. وأن يريكما الحق حقاً ويرزقكما اتباعه والباطل باطلاًَ ويرزقكما اجتنابه إنه - سبحانه - القادر والمستعان.

نكث بوعده..!! فهل اطلب الطلاق..؟؟!

نكث بوعده..!! فهل اطلب الطلاق..؟؟! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 4-4-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات تقريبا. قبل عقد القران اشترطت على زوجي متابعة الدراسة فوافق بكل سرور، فسافرت معه إلى حيث يعيش في بلد أوروبي، على أن نسكن مع أهله مؤقتا، ثم نرحل إلى بيتنا الخاص لكن بعد شهور قليلة وجدت هذا الزوج يقول لي بكل بساطة بأننا لن نستقل أبدأ ببيتنا الخاص، وأنه على أن أسمع لكلام أمه وأمتثل لكل أوامرها. مع العلم بأن هذه الأم هي وبناتها يدرسن وأنا علي أن أبقى في البيت لأهتم بإعداد الطعام وما إلى ذلك وهم يقولون لي بكل صراحة هذا هو الأمر الواقع فاختاري بين البقاء أو الرحيل واللحاق بأهلك. لا أستطيع ذكر كل التفاصيل إلا أنني أعاني وضعاً غاية في الصعوبة حيث المسألة بالنسبة لي هي مسألة كرامة، وصرت فعلاً أفكر بالرحيل وطلب الطلاق. بماذا تنصحونني، وجزاكم الله خيراً الجواب أيها الأخت الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع الإسلام اليوم.. حقيقة أتفهم جداً لموقفك في هذا البلد وفي هذه الغربة البعيدة عن أهلك وبلدك.. أنت لم توضحي البلد الأصلي.. ولم توضحي كيفية التعرف على هذا الزوج وكيف تم الزواج بينكما.. لذلك فأنا لا أعلم هل كان ذلك الزواج قد بني على تفهم وحرص وتدقيق في السؤال عن هذا الزوج قبل إتمامه؟ أم أنك كنت فقط غارقة في أحلام الفارس الذي سوف يطير بك إلى أصقاع الأرض؟ هل كان العيش في بلدٍ أوربي هو غاية المنتهى ونهاية الأحلام التي شغلت ذهنك كثيراً قبل الزواج ولم تستطيعي مقاومة هذه المشاعر عندما تقدم إليك هذا الرجل وخطبك فوافقت في الحال ودون استشارة وسؤال عن حاله وحال مجتمعه الذي يعيش فيه؟ هل كنت على معرفة تامة بصفات هذا الزوج الخلقية ورجولته وشهامته ومدى تدينه وارتباطه بالله ومخافته له قبل الزواج؟ أم أن الهجرة إلى بلد أوربي قد أعماك عن كل ذلك؟ هذه في الحقيقة مجموعة من الأسئلة كنت أودّ منك لو ذكرتها في ثنايا سؤالك.. أنت أيضاً لم تذكري شيئاً عن حال زوجك الآن سوى أنه مستسلم لرغبات والدته وأخواته، فلم تذكري موقفه من هذه القضايا بينك وبين أهله.. هل هو مؤيد؟ أو متضايق؟ أو هو سلبي وكأن الأمر لا يعنيه؟ على أية حال.. الذي يمكن أن أسدي به إليك هو أن لا تتعجلي الأمور ولا تطلبي الطلاق هكذا وبهذه السرعة فالشرع أباحه كآخر فرصة وحلٍ لكل من الزوجين وهو الباب الأخير الذي يمكن أن يلجا من خلاله.. إذ دون ذلك أبواب ومسالك عليك ولوجها وطرقها قبل التفكير بهذا الحلال البغيض. حاولي مكاشفة زوجك بكل ما يختلج في صدرك في وقت ومكان مناسبين توضحين فيه أسباب الضيق الذي تمرين به والأزمة النفسية التي تعصف بك. ذكريه بوجوب الإيفاء بالعهد الذي قدمه لك عند الزواج.. اقترحي عليه الانتقال إلى مسكن قريب ومجاور لبيت أهله ليكون قريباً منهم ومطمئناً عليهم طول الوقت.

وقد جرى العرف والعادة عند جميع الناس في البلاد الغربية استقلال الزوجين عن أهلهما حال الزواج وهي عادة منتشرة حتى عند المسلمين والعرب المقيمين هناك ولذا فإنني أرى في حالتك نوعاً من الغرابة بعض الشيء.. أمر آخر يمكنك عمله وهو أن تحادثي وتخابري أحداً من قرابتك هناك إن كان يوجد أحدٌ أو من زملاء وأصدقاء ومعارف زوجك ويرتاح هو له، حاولي أن تحدثيه في هذه القضية وأن يتكلم فيها معه عسى أن يستمع إليه.. الأمر الثالث: تذكري أن ما تلاقينه من أهل زوجك من معاملة سيئة لا يتطلب منك الرد بالمثل بل بالعكس حاولي كسب مودتهم باللين والخلق الحسن.. أحسني إليهم كلما أساءوا إليك.. حسّني من خلقك معهم..تعاملي معهم بالكلمة الطيبة حتى وإن لم تجدي منهم مقابلاً جميلاً ومعاملة حسنة لأنك في النهاية سوف تكسبين ودّهم حتى وإن عادوك في البداية، الخلق الحسن يأسر القلوب ويلين العواطف.. الأمر الرابع: كوني مع الله في جميع أحوالك.. الجئي إليه ... ألحّي عليه بالدعاء بكشف ما أنت عليه.. تذكري أن الله سيأجرك ويثيبك فيما ابتليت به في هذه الغربة.. كيف لا وقد وعد الله إذ قال (سيجعل لله بعد عسرٍ يسراً..) الآية. هذه الأمور أذكرها لك وقناعتي أن ما تعانين منه ليس مسألة ذهابك للدراسة من عدمها فهذه ليست قضية شائكة بل هو أمر أظن أنه بدأ يستفحل في حياتك الزوجية ويمكن أن يهزها إن لم يدمرها ألا وهو العلاقة بينك وبين أهل زوجك.. ولذلك فقضية الدراسة إنما هي وجه من أوجه الخلاف المستفحل معهم تشكلت وتبلورت وبرزت إلى السطح كثمرة، ونتاج لخللٍ غرس جذوره مع قدومك وعيشك مع أهل زوجك.. أعانك الله في غربتك.. ولا تتردّدي بالاتصال بنا إن احتجت إلى ذلك.. والله المولى يرعاك والسلام عليكم

زوجي سليط اللسان

زوجي سليط اللسان المجيب د. علي با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 7/4/1424هـ السؤال أفيدوني فأنا زوجة لزوج لا أستطيع أن أتجنب شر لسانه وتقلباته ومزاجيته إلا بتلاوة الآية "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"، لا أدري لماذا يعاملني بهذه الطريقة مع أنني والله يشهد أعامله بما يرضي الله، وعيبي الوحيد في نظره أنني غيرت حياته من حياة لهو ومجون إلى حياة مستقرة، علما أنه أكبر مني بعشرين عاماً، ولا أسمع كلمة رضى منه إلا وقت المعاشرة الزوجية. الجواب الأخت الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " لا يخفى على أحد ما جاء به الإسلام من إكرام المرأة ورعاية حقها والإحسان إليها في سائر الأحوال، فإن كانت أماِّ فقد جاء القرآن بالوصية العامة بالوالدين؛ كما في قوله: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً"، وخُصت الأم بمزيد من الذكر والعناية والرعاية؛ كما في قوله "حملته أمه وهناً على وهن"، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن البر عندما سأله السائل: أي الناس أحق بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال "أبوك". وإن كانت بنتاً، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - خص رعايتها والقيام بشأنها بمزيد من الترغيب والحث، وذكر عظيم الأجر، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -:"من عال جاريتين....". وأما الزوجة فقد عظمت الوصية بها كذلك؛ كما في قول الله تعالى:"وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً"، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" استوصوا بالنساء خيراً"، وكان يقول:" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" وغير ذلك مما هو معلوم. والمخالف لهذا يقع في أمور: أولها: المخالفة لأمر الله سبحانه وتعالى وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم. والثانية: المعارضة لمتطلبات الرجولة والشهامة. والثالثة: التناقض بين الانتفاع بالزوجة في حسن تدبيرها لبيتها، وقيامها بشأن زوجها وأبنائها، إضافة إلى قضاء الشهوة وتحقيق اللذة، ثم لا يقابل الزوج ذلك ولا يتمه بالإحسان والإكرام وحسن المعاملة، بل يأتي بما يتناقض مع ذلك من الإساءة، وفحش القول، وسوء التصرف. وهذه الزوجة قامت بواجبها في أداء حق زوجها والإحسان إليه، وخاصة بالقول امتثالاً لأمر الله تعالى: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن"، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "والكلمة الطيبة صدقة"، ولكنها هنا تجد أن زوجها لا يتحدث إليها إلا بالعنف والشدة، ولا يخاطبها إلا بفاحش القول، وينعتها بالقبيح من الصفات، ولا شك أن هذا الأمر غير مقبول شرعاً ولا عرفاً. وأقول لهذه الزوجة:

1- أن تصبر وتحتسب، وألا يدعوها تصرف زوجها إلى أن تغير سلوكها من الإحسان إلى الإساءة، أو أن ترد على إساءته بالإساءة، بل أوصيها ورغم صعوبة ذلك أن تواصل الإحسان لأن في هذا خيراً كثيراً بإذنه سبحانه وتعالى، والله جل وعلا يقول: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"، وأنقل إلى الأخت الفاضلة هذه الكلمات الرائعة من تفسير السعدي لهذه الآية: فإذا أساء إليك مسيء من الخلق خصوصاً من له حق كبير عليك كالأقارب والأصحاب ونحوهم إساءة بالقول أو بالفعل فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فصله، وإن ظلمك فاعف عنه، وإن تكلم فيك غائباً أو حاضراً فلا تقابله، بل اعف عنه وعامله بالقول اللين، وإن هجرك وترك خطابك فطيّب له الكلام وابذل له السلام، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان حصلت فائدة عظيمة، "فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"؛ أي كأنه قريب شفيق، "وما يلقاها" أي وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة "إلا الذين صبروا" نفوسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحب الله، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه فكيف بالإحسان، فإذا صبّر الإنسان نفسه وامتثل أمر ربه وعرف جزيل الثواب، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله لا يفيده شيئاً ولا يزيد العداوة إلا شدة وأن إحسانه إليه ليس بواضع قدره، بل من تواضع لله رفعه، هان عليه الأمر وفعل ذلك متلذذاً مستحلياً له. 2- تذكير الزوج بالله عز وجل وأهمية إحسانه إلى زوجته، وتحذيره من خطر اللسان، وتنبيهه إلى الإثم في القول البذيء، والكلام الفاحش، ويمكن أن يكون ذلك بوسائل مباشرة وغير مباشرة على النحو التالي: أ- إن كانت الزوجة لديها القدرة العلمية، وحسن الأسلوب، ويمكن أن يصغي لها الزوج فإنها تقوم بذلك بنفسها وبتدرج مناسب، وتختار الأوقات الملائمة التي توافق هدوء الزوج وحسن استعداده. ب - الاستعانة بالمواد العلمية المقروءة والمسموعة والمرئية، كإعطائه كتيبات أو أشرطة سمعية أو مرئية حول هذا الموضوع، وتكون جيدة ومؤثرة، ويمكن أن تعطيها الزوجة له، أو تختار من يكون مناسبا لإعطائها أو إهدائها له. 3- الاستعانة - بعد الله - بأشخاص آخرين ممن لهم صلة قوية بالزوج وقدرة على التأثير عليه، سواء من محارمه النساء كوالدته أو شقيقته، أو من الرجال الأقرباء أو الأصدقاء، وتخبر الزوجة بخلاصة عامة عن الموضوع ويتم التشاور في كيفية عرض الموضوع بطريقة غير مباشرة، بحيث لا يعلم الزوج أن الزوجة أخبرت بذلك أحداً، ويمكن أن يكون الموضوع بتدرج خلال مدة معينة وفي مناسبات وأوقات مختلفة. 4ـ الاستعانة بدعاء الله عز وجل بأن يصلح الزوج، ويهذب خلقه، ويحسن قوله، وأن يصبر الزوجة ويعظم أجرها. 5_ إذا لم ينفع شيء مما سبق وكان الحال بالنسبة للزوجة غير محتمل فيمكن أن تبدي للزوج استياءها وتطلب منه التغيير بصراحة ووضوح، ثم تخبر أولياءها ليتحدثوا معه ويطالبوه بالتزام الشرع في معاملته زوجته، وإن احتاج الأمر إلى أن يطرح الموضوع بين حكم من أهله وحكماَ من أهلها فذلك مشروع، وقد يؤدي إلى نتيجة إذا استشعر الزوج الجدية. والحمد لله رب العالمين.

زوجي يظلمني من أجل أمه وأخته

زوجي يظلمني من أجل أمه وأخته المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 7/9/1424هـ السؤال ماذا تقول لرجل ظلم زوجته من أجل أن يرضي أهله، ويقول لها: أنا لن أمسك العصا من النصف بل سأمسكها من طرف وأضربك بالطرف الآخر، ويقول أيضا لن أصدقك وأكذب أختي أو أمي (حتى وإن كانت كاذبة) هل لزوجته الحق في أن تطلب الطلاق لذلك، خاصة وأن أهل زوجها سببوا لها كثيراً من المشا الجواب لقد قرأت رسالتك، والتي تبثين فيها شكواك من ظلم زوجك لك من أجل أهله، فأود أن أقول لك بعض الأمور قبل الشروع في حل هذه المشكلة. أولاً: اعلمي بأن لأهل زوجك حق عليه ولا سيما والداه، وخصوصاً الأم، فحقها عظيم، وفضلها كبير، فيجب عليه أن يبرها. ثانياً: وكذلك أخوات زوجك وأرحامه لهم حق على زوجك، فيجب عليه أن يصلهم ولا يقطعهم ففضل صلة الرحل عظيم، وعاقبة قطعه وخيمة. ثالثاً: أنت لك حق أيضاً على زوجك ويجب عليه أن يؤديه إليك على أكمل وجه، من معاشرة بالمعروف، ومعاملة بالحسنى، والنفقة عليك، وعدم إهانتك، وعدم ظلمك إلى غير ذلك من الحقوق التي لك على زوجك، فينبغي على زوجك أن يراعي تلك الحقوق، ولا يقصر في حق أحد على حساب طرف آخر، بل يعطي كل ذي حق حقه. أما بالنسبة لمشكلتك، فلا ينبغي لك أن تطلبي الطلاق من أجل ذلك، ولكن يجب عليك أن تفعلي الآتي: 1. إذا كان يصدر منك أخطاء في حق زوجك أو في حق أمه أو أخته أو أي طرف من أهله، فعليك أن تقلعي عن ذلك، وإن لم يحدث منك لهم أي خطأ أو إساءة، فعليك تجنب الأشياء التي قد تؤدي إلى مشاكل بينكم. 2. عليك أن تحسني إلى والدة زوجك وأخته، من احترامهم ومعاملتهم معاملة طيبة، وشراء هدية لكل منهما، أشركيهم في بعض أمورك العامة، والتي لا تؤثر عليك معرفتهما إياها، إلى غير ذلك من أساليب التودد لهم والبر بهم، وتأكدي بإذن الله أن هذه المشاكل ستنتهي إذا أحسنت إليهما. 3. عليك أن تعلمي أن لزوجك حقاً عظيماً عليك، فيجب عليك أن تراعي هذه الحقوق، وتعملي على إرضائه وحسن التبعل له، فإنما هو جنتك ونارك، كما ثبت ذلك في الحديث الذي أخرجه أحمد (18524) عن الحصين بن محصن عن عمته، وهو سبب من أسباب دخولك الجنة بإذن الله تعالى. عن أم سلمة - رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة" أخرجه الترمذي (1161) وقال حديث حسن.

4. عليك أن تستخدمي هذا السلاح الفعال ألا وهو الدعاء والتضرع إلى رب الأرض والسماء، وقد غفل عن ذلك كثير من الناس اليوم إلا من رحم، فالجئي إلى الله بصدق وإخلاص وخشوع وتبتل واسأليه أن يهدى زوجك وأهله، وأن يسود الحب بينكما وتنتهي هذه المعاناة على خير، وعليك أن تتحري ساعات الإجابة، كأوقات السحر في جوف الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي آخر ساعة من يوم الجمعة، وعند الإفطار من الصيام إلى غير ذلك من هذه الأوقات التي يرجى فيها الاستجابة، وكوني على يقين باستجابة الله لك؛ أليس هو القائل سبحانه: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون" [البقرة:186] . ادع ربك دعاء المضطر في دعائه فهو القائل سبحانه: "أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62] فهو سبحانه المجيب وأنت المضطرة. الله أسأل أن يفرج همك، وينفس كربك، ويكشف عنك هذه الغمة إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه. همسة في أذن الزوج. الرجاء أن تطلعي زوجك على هذه الكلمات: عسى الله أن ينفع بها أيها الزوج العاقل: ألم تعلم أن الله قد أوصاك بأهلك (زوجتك) خيراً، وأوجب عليك حقوقاً تجاههم يجب عليك أداؤها إليهم. قال تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19] ، هل امتثلت هذا الأمر الإلهي، وعاشرت زوجتك بالمعروف، أو بماذا عاشرتها؟ ألم تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أوصى بالنساء خيراً قبل موته فقال - صلى الله عليه وسلم - "الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم" أخرجه أبو داود (5156) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء" متفق عليه البخاري (5184) ومسلم (1468) . وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم". أخرجه الترمذي (1162) وقال حديث حسن صحيح. والنصوص في ذلك كثيرة، لكن فيما ذكر كفاية لمن أراد الهداية، واللبيب تكفيه الإشارة. فعليك أخي الكريم أن تمتثل لأمر الله، وتتأسى بخلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع أهلك من حسن العشرة، وعدم ظلمهم، فإن الظلم عاقبته وخيمة، وقد حرمه الله جل وعلا فقال عز من قائل سبحانه في الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" الحديث، أخرجه مسلم (2577) في صحيحه من حديث أبي ذر - رضي الله عنه. فالظلم ظلمات يوم القيامة على أهله، وقد حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من دعوة المظلوم فقال - صلى الله عليه وسلم - "اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" الحديث متفق عليه البخاري (1395، 2448) ، ومسلم (19) مطولاً من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.

اعلم بأن لأمك حقاً عظيماً وكذلك لأختك وباقي أرحامك، وأيضاً لزوجتك حق عليك وهو أيضاً عظيم، فلا تقصر في حقها على حساب حق آخر، فأنت مسؤول أمام الله على أداء هذه الحقوق لأهلها، فكما أنك مثاب على برك بأمك وأختك، فأنت كذلك معاقب إذا قصرت في حقوق زوجتك، والعاقل من وازن بين الأمور، فبدلاً من أن تقول لزوجتك بأنك لا تمسك العصا من النصف، بل تمسكها من طرف واحد وتضرب بها زوجتك، يجب عليك أن تلطف الأمور، وتسعى في إصلاح ذات البين. هذا والله أعلم. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زوجها كثير الخروج، ولا يجلس معها إلا قليلا

زوجها كثير الخروج، ولا يجلس معها إلا قليلاً المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 24/8/1424هـ السؤال أنا متزوجة منذ سنتين تقريباً ولم أرزق بأطفال حتى الآن، والحمد لله أن زوجي لم يتضايق من هذا الأمر، بل يشجعني ويفهمني أن الرزق بيد الله، ولكن فيه عدة أمور تضايقني وتجعلني أبكي بحرقة في بعض الأحيان؛ وهي أنه كثير الخروج من المنزل ويقضي مع أهله الساعات فهو يأتي من عمله متأخراً ثم يتناول وجبة غدائه وينام ولا يقوم إلا قبيل المغرب، ثم يصلي المغرب ويجلس على الإنترنت إلى أذان العشاء، ثم يصلي ويذهب إلى أهله، ولا يعود إلا متأخراً ويحدثني قليلاً ثم ينام، وأنا أقضي معظم وقتي لوحدي، لدرجة أني عندما أتذكر أيامي وأنا مع أهلي أبكي وأتندم أني تزوجت وصرت أكره أهله وأغار منهم، لكن لم أوضح له ذلك، فما نصيحتكم لمثل هذا الزوج؟ وما هو الحل الذي أعمله لأني صرت أخاف كثيراً بسبب الوحدة الجواب الحمد لله، وبعد: أختنا السائلة، وفقها الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: لقد قرأت رسالتك بعناية فلم أجد كبير مشكلة لديك ولم أر ما يستدعي مللك من هذه الحياة وتمنيك عود الزمان إلى آخر ما ذكرت. فزوجك بحمد الله مؤمن بالقضاء والقدر، وعالم بأن الأرزاق بيد الله، فضلاً عن كونه ساعياً في الاسترزاق وإعفاف نفسه وأهله بالعمل، كما أنه مؤد للصلوات، بار بوالديه، قائم بصلتهم. وهي كما ترين صفات حميدة، ومناقب حسنة لو تاملتها بهدوء وإنصاف. نعم، لديه تقصير تجاهك بكثرة الغياب عنك، وقلة مجالستك، لكن هذا أمر يسهل علاجه بلطيف العبارة، وجميل المناصحة. عليك أن تثني على خصاله الجيدة، وتجعلين ذلك مقدمة بين يدي مفاتحته بحقوقك المشروعة، ومن حسن العشرة ودوام الصحبة. وقد تجدين - وفقك الله - في بداية الأمر شيئاً من اللامبالاة أو عدم أخذ الأمر بالجدية الكافية من قبل زوجك لأي سبب كان ... بيد أن هذا لا ينبغي أن يدفعك إلى اليأس أو القنوط من حصد النتائج الجيدة التي ربما تتأخر بعض الوقت. لا أنصحك بكراهة أهله أو الندم على الزواج، إذ من حق أهله أن يزورهم ابنهم ويرد بعض جميلهم عليه، وما المانع أن ترافقيه عند زيارته لأهله مرة، ولأهلك أخرى فلا تشعرين بالوحدة وتجعلين الفرصة متاحة لنشأة العلاقة الجيدة بينك وبين أهله بإذن الله. جربي هذه الحلول بصبر وروية، وستجدين أحوالك تتغير إلى الأحسن - بحول الله - تدريجياً، سيما إذا صحابها إلحاح في الدعاء، وحسن ظن بالله الكريم، وفقك المولى لما يحب ويرضى.

زوجي يضربني، فهل أطلب الطلاق؟

زوجي يضربني، فهل أطلب الطلاق؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 6/10/1424هـ السؤال هل يجوز للمرأة المسلمة أن تطلب الطلاق إذا كان زوجها يضربها (ليس دائماً, مرة أو مرتين في السنة في حالة غضب) مع العلم أن زوجها يحس بالندم كلما ضربها، وهذا الزوج مسلم يحافظ على صلاته, لكن عنده بعض المخالفات الشرعية كحلق اللحية وغير ذلك. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنَّا سيئ الأخلاق، فإنه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، والصلاة والسلام على المنعوت بأحسن الأخلاق نبينا محمد الذي وصفه ربه بقوله: "وإنك لعلى خلق عظيم" [القلم: 4] ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد: إلى الأخ السائل: - حفظه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. أخي الكريم: لقد قرأت رسالتك وهذا جوابها: (1) اعلم يا رعاك الله أن الزواج نعمة عظيمة، ومنحة من الله جسيمة، وقد امتن الله بها على كثير من عباده، وذلك من أجل عمارة الأرض، ومن أجل راحة الزوجين في هذه الحياة، قال تعالى ممتناً على عباده: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [الروم: 21] . فمن أهداف الزواج وأغراضه النبيلة السكن بين الزوجين، والمودة والرحمة المتبادلة بينهما، أما إذا تحولت الحياة بين الزوجين إلى خصام وعتاب ونكد وإيذاء من كلا الطرفين فعندئذ يفقد الزواج الغرض الذي شرع من أجله، ومن ثم ينهدم بيت الزوجية، وتنتهي الحياة الأسرية، مما يكون لذلك الأثر السيئ على الفرد والمجتمع والأمة. (2) الزواج رباط شرعي مقدس، قد سماه الله سبحانه وتعالى الميثاق الغليظ، ولذلك أحاطه الله سبحانه وتعالى بحصون منيعة كثيرة تمنعه من السقوط والاهتزاز، وأمرنا جميعاً أن نتعاون فيما بيننا، ونعمل على حماية هذا الصرح الشامخ من الانهيار، وذلك بكل الوسائل الممكنة والمتاحة لنا، وأن نتجاوز عن كثير من المشاكل والعقبات التي يمكن لنا غض الطرف عنها، والتي بدورها قد تؤدي إلى انهيار هذا البناء الأسري، ومن هذه الوسائل المعاشرة بالمعروف بين الزوجين، قال تعالى:"وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19] . (3) لقد وضع الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- نظاماً للبيت المسلم، والذي به يضمن استمرارية الحياة الزوجية بين الطرفين، فقد جعل حقوقاً للزوجة على زوجها، وللزوج على زوجته، وأمر كلاً من الطرفين أن يعطي للآخر حقه ولا يقصر فيه، فمن حقوق الزوج على زوجته السمع والطاعة له ما لم يكن في معصية، وأن لا تعمل على إغضابه وإثارته، وأن تتجنب حدوث المشاكل التي تحدث بينهما قدر الإمكان، وإن حدثت بعض المشاكل فيجب أن تحل بأيسر الطرق وأحكمها.

وكذلك من حقوق الزوجة على زوجها، أن يحسن معاشرتها وأن يعاملها بالمعروف، وأن يتجاوز عن بعض الأخطاء ويعالجها بشكل شرعي، فمثلاً قضية ضرب الزوج لزوجته، وهي بيت القصيد في رسالتك، فقد وضع الله علاجاً قرآنياً لهذه القضية والذي غفل عن هذا العلاج كثير من المسلمين اليوم إلا من رحم ربي، وإن شئت فقل كثير من المسلمين اليوم أخذ بنهاية العلاج وهو الضرب. قال تعالى: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً" [النساء: 34] ، فعلى الزوج العاقل أن يتبع هذا التوجيه الرباني إذا صدر من زوجته ما يدعو لتأديبها، فيبدأ بالوعظ، فإن لم يؤثر انتقل إلى الهجر ويكون في المضجع، فإن لم يؤثر انتقل إلى الضرب فما هو صفة الضرب إذاً، اقرأ هذا الحديث ليوضح لك صفة الضرب الذي تتخذه مع زوجتك، عن عمرو بن الأحوص- رضي الله عنه- أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع أن يقول بعد حمد الله تعالى، وأثنى عليه وذكّر ووعظ، ثم قال: "ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك؛ إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن" أخرجه الترمذي (1163) ، وقال: حديث حسن صحيح. فتأمل قوله - صلى الله عليه وسلم-: "واضربهون ضرباً غير مبرح" أي لا تكسر ضلعاً، ولا تسبب عاهة، ولا تترك أثراً. واقرأ هذا الحديث الآخر: عن معاوية بن حيدة - رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" أخرجه أبو داود (2142) ، وابن ماجة (1850) ، وغيرهما، وقال النووي: حديث حسن. وعلى ذلك فنقول لكل من الزوجين: (1) على الزوجين الكريمين أن يراعى كل منهما حق الله في صاحبه. (2) على الزوجة أن تبتعد عن كل ما يغضب الزوج ويثيره، حتى لا يؤدي ذلك إلى تصرف الزوج معها تصرفاً سيئاً كالضرب ونحوه. (3) وعلى الزوج إذا فعلت زوجته أمر ما أغضبه أن يتبع التوجيه الرباني والهدى النبوي في التأديب على نحو ما قد بيناه آنفاً. (4) على الطرفين أن يذكِّر كل منهما الآخر بالحقوق الشرعية التي فرضها الله ورسوله عليهما، وخصوصاً إذا ظهر من أحد الطرفين تقصير في حق الآخر. (5) على الزوجة أن تعلم بأن الضرب ليس سبباً من أسباب طلب المرأة الطلاق، وعليها أن تعلم كذلك بأن زوجها يحبها حباً كثيراً، بدليل أنه يندم إذا ضربها، وكذلك كونه يضربها مرة أو مرتين في السنة لا يعد هذا ضرباً إذا قورن بحال الآخرين، فهناك من الرجال من يضرب زوجته في اليوم مرات عدة، نسأل الله العفو والعافية، فعلى الزوجة أن تحمد الله على أن رزقها زوجاً يحبها.

(6) على الأخ الزوج أن يملك نفسه عند الغضب، ويحاول أن يبتعد عن المكان الذي حدث فيه الغضب أو ينهي الموضوع الذي يسبب ذلك، أو أي طريقة أخرى المهم أنه يسيطر على نفسه عند الغضب، فلا يجعل للشيطان عليه سبيلا. (7) على الزوج أن يقلع عن كل المخالفات الشرعية المتلبس بها كحلق اللحية وغيرها، ونحمد إليه الله على أنه مواظب ومحافظ على الصلاة، فهذا خير عظيم ودليل على صلاحه إن شاء الله. (8) على الزوجين أن يلجآ إلى الله بالدعاء في كل وقت، وخصوصاً في وقت الأزمات والمشاكل، ويسألاه أن ينهي المشاكل التي تحدث بينهما على خير. هذا والله أعلم، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

علقها زوجها فتعلقت بآخر ووعدها بالزواج

علّقها زوجها فتعلّقت بآخر ووعدها بالزواج المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 28/11/1424هـ السؤال أنا امرأة متزوجة، علقني زوجي منذ سنتين، وهجرني وأولادي من كل شيء، تعرفت عن طريق النت على شاب كان أحن إنسان عليَّ، ثم تطورت العلاقة بيننا وعرفنا عن بعض كل شيء أكثر مما أعرفه عن زوجي، وعدني بالزواج بعدما أرفع قضيه طلاق على زوجي، فأصبحنا على اتصال هاتفي، كان يكلمني بحنان، ويساعدني على قضاء شهوتي بالهاتف، والآن -فضيلة الشيخ- أنا أحس بالذنب والخيانة، طلبت منه أن نقطع علاقتنا فوافق على شرط أن أطمئنه على أخباري وصحتي. فضيلة الشيخ: أنا الآن أمر بظروف، وأحتاج لإنسان حنون بجانبي، ونفسي تحدثني بأن أرجع للحديث معه مرة أخري، ولكنى خائفة من الوقوع في الزنا ... ماذا أفعل؟ فضيلة الشيخ: هل أنا بهذه الطريقة وقعت في الزنا؟ كيف أطهر نفسي؟ زوجي، علقني، وتزوج وقضى شهوته بالحلال، وأنا إلى متى على هذه الحال؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فليس هجر الزوج لزوجته مبرراً لأن ترتبط الزوجة برجل آخر، وتتبادل معه أطراف الحديث فيما حرم الله - تعالى- من كلمات غزلية وقضاء الوطر عبر الهاتف، فهذا لا شك محرم شرعاً وخطوة متقدمة للوقوع في الزنا، قال - تعالى-: "فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً" [الأحزاب: من الآية32] ، وما فعلته الأخت السائلة لا يأخذ حكم الزنا من ناحية العقوبة، ولكنه طريق إليه، لذا يجب عليها هجر هذا الشخص وعدم محادثته أبدا، ً وحتى لو طلقت وتزوجها هذا الذئب فإنها -حسب معرفتي واطلاعي- فلن تعيش معه حياة طيبة بل سيعاملها معاملة سيئة بسبب كثرة الشكوك، فلن يثق بها، ولن تثق به؛ لوجود سابقة لهما في هذا المسار. أما ما يتعلق بهجر زوجها لها وتركها معلقةً فهو أمر محرم، لا يجوز له فعله، قال الله - تعالى-: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" [البقرة: 229] ، ويمكن علاجه بمناصحته، فإن لم تجد المناصحة فلها التقدم للمحكمة الشرعية للنظر فيما ادعته، فإن ثبت صحته ولم يراجعها فسيفرق بينهما. كما يجب على الأب أن ينفق على أولاده وزوجته، وللمرأة المطالبة بذلك؛ لما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت" رواه أبو داود (1692) ، والنسائي في الكبرى (9177) ، وصححه ابن حبان (4240) . وعلى الأخت السائلة أن تشغل نفسها بالطاعة؛ حتى لا تشغلها بالمعصية، وعليها أن ترتب لها جدولاً يومياً لحفظ كتاب الله، وجملة من أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم- وقراءة الكتب النافعة، والاستماع لإذاعة القرآن الكريم، والأشرطة المفيدة، كما عليها أن تجتنب الخلوة بنفسها قدر المستطاع؛ لأن النفس أمارة بالسوء، وعليها اختيار الصحبة الصالحة من النساء؛ لأن المؤمن قوي بإخوانه ولتحذر كل الحذر من ذئاب الشات وشياطينه، وذلك بقطع صلتها به كلياً. والله - تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

زوجي بنفسية متقلبة

زوجي بنفسية متقلبة المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 14/11/1424هـ السؤال أنا امرأة متزوجة منذ مدة، ولم أنجب أطفالاً، مشكلتي هي أن زوجي تأتيه حالات لا أدري فجأة يتضايق مني، وأحس أنه لا يطيقني ويستمر عدة أيام على ذلك، ويقول لي بعض الأشياء التي تضايقني وأبكي، مع العلم أنه يحبني وأنا أحبه، وعندما يرجع إلى طبيعته يعتذر لي في كل مرة وبعدها كأنه شيء لم يكن، ولكنه لا يريد مني أن أتعالج من أجل الإنجاب ويقول لي لماذا تتعالجين؟ أجلي الموضوع كيف تحملين وأنا في هذا الوضع؟ ولا نريد أن نتورط في طفل وأنت عالمة بالوضع. وبعد أيام طلبت منه أن أكشف حتى أعرف سبب تأخير الحمل، طبعاً وافق ولم يقل أي شيء، دلوني ماذا أعمل؟ طبعاً الطلاق ليس بالشيء السهل، وأنا بصراحة أحبه وأحس أنه لم يكرهني، بل يحاول أن يرضيني ولا يزعلني، لكن الحالة التي يمر بها أحياناً أحس أنها بسبب زملائه، خصوصاً أنهم عزاب وأهل سفر، وكم مرة قال أنا سأسافر مع الشباب، طبعاً أرفض وأقول: إذا سافرت فلن أبق عندك، خصوصاً أن جميع أصدقائه شباب وسيئين جداً، وهو يحكي لي عنهم بنفسه، أرجوكم أرشدوني وقولوا لي رأياً سليماً في أسرع وقت وجزاكم الله خيراًن وللعلم زوجي يحترم والديه ويعمل لها ألف حساب، ويحترم والدي كذلك. الجواب الأخت الكريمة: سلمها الله وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. أما جواب مشكلتك فكالتالي: أولاً: لا يخفى عليك طبيعة الإنسان، وما يمر به من تقلبات وتغيرات نفسية لاعتبارات مختلفة، منها ما هو من داخل نفسه، ومنها ما هو خارج عنه، كمشاكل في العمل، أو مع بعض الأصحاب أو أهله، أو غير ذلك من ضغوط الحياة المختلفة، مما تجعل مشاعره تختلف تجاه من يعيش معه بين فترة وأخرى. ثانياً: أما ما صدر من زوجك تجاهك فهذا لا يخلو من حالات: ومنها: قد يكون ما يقوله ناتجاً عن مرض حقيقي يمنع من الإنجاب من جهته، ويخاف من ردة فعلك أو من كلام الناس، فأراد أن يتخلص من حياته معك بهذه الطريقة، وإنما تزداد لديه الرغبة في ذلك كلما تذكر مرضه، وما يمكن أن ينتج من كلام الناس لو انتشر الخبر عنه، وهذا يتوقف عليه مدى قناعتك بالبقاء مع رجل قد لا ينجب، وهل ترغبين في الصبر أم الفراق؟. ومنها: قد يكون السبب وراء هذه الحالة ما ذكرتيه في آخر الرسالة من أنه يشعر بوقوفك أمام رغباته في السفر مع أصحابه، وأنه يريد أن يتحرر من أي التزام لينطلق وراء رغباته. ومنها: أنها حالة نفسية ناتجة عن مرض نفسي بسبب أمر فسيولوجي جسماني يتطلب تدخل طبيب.

وعلى أي اعتبار أرى أن الأمر إنما يحكمه الغالب من حاله، فإذا كانت تلك الكلمات رددها أحيانا قليلة فلعله خاضع لحالة يمر بها أحيانا، فعليك الصبر على هذه الحال وتحسس الدافع الذي يدفعه لمثل هذا الموقف، وهل هي حالة نفسية أم رغبة حقيقية في الفراق؟ وما الذي يدفعه لذلك هل فعلا أصحابه يدعونه لمثل هذا؟ أم رغبته في السفر والتنقل مع أصحابه حيثما يذهبون. لذلك أنصحك بالصبر، وسد حاجته النفسية والجنسية وما شابه من أمور ملحة لقطع الطريق على شياطين الجن والإنس الذين يحاولون إفساد بني آدم. كما ينبغي عليك محاولة النقاش معه بهدوء، ولا بأس بتحسس السبب الحقيقي في طلاقه الأول من أجل ضمه للاحتمالات السابقة؛ لتبني رؤية واضحة في التعامل معه بالرفق والهدوء والتؤدة، مع الوضع في الاعتبار أنه إذا ما تطورت الأمور أن تخبري والديه أو أحدهما طالما أنه يحسب لهما حساباً كما ظهر في رسالتك. والله أرجو لكما التوفيق والسداد والسعادة في حياتكما العلمية والعملية.

يسيء معاملتها ويشتمها بحضرة أهله

يسيء معاملتها ويشتمها بحضرة أهله المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 6/11/1424هـ السؤال زوجي يا شيخ يسمع كلام أمه في كل صغيرة وكبيرة، يبوح لها بأتفه الأمور، لا يسمع كلامي، يشتمني أمام أهله وأخواته، وأمام ربعه عندما أكلمه في الهاتف، لا ينزهني، لا يهتم بي، أمامي عادي ومن خلفي يشتمني ويهينني، لا يحبني ويسخر مني، ماذا أفعل يا شيخ؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آل بيته وصحابته الطيبين، وبعد: الأخت السائلة - حفظها الله تعالى - لقد قرأت سؤالك مرة تلو أخرى، وكل مرة أقرأ فيه سؤالك أدعو الله جل جلاله بأن يجعل لك من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، اللهم آمين. ولكن أود أن أسير مع شكواك في سؤالك خطوة خطوة، فأقول: بداية كون زوجك يسمع كلام أمه في كل صغيرة وكبيرة، فهذا الأمر ليس فيه شيء ينكر، فهذا من باب البر بأمه، وكما تعلمين بأن للأم فضل عظيم بينه ربنا في كتابه العزيز، وحث عليه نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من حديث صحيح، إلا أن يكون زوجك يبوح لأمه بأسرار تخصكما سوياً مما لا ينبغي لأحد أن يطلع عليها، ولا يجوز شرعاً إفشاؤها، كعلاقته بك في الفراش وما شابه ذلك، فهذا الأمر لا يجوز إفشاؤه لأي أحد كائناً من كان، فإن كان الأمر كذلك ينصح زوجك ويوضح له الأمر الشرعي في ذلك، وإذا كان الأمر خلاف ذلك - وأظنه كذلك - فلا يحق لك أن تغضبي من زوجك لأنه يسمع كلام أمه في كل صغيرة وكبيرة كما ذكرت. ثانياً: قولك إنه لا يسمع كلامك، أي كلام تقصدين؟ فربما أن كلامك بالفعل لا ينبغي أن يسمع إليه، أو لربما أن عرضك لهذا الكلام عرض غير جيد أو لأي سبب آخر هو يرفض من أجله أن يسمع كلامك، ولكن لا أظن أنك إذا كان كلامك فيه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر أنه لا يسمعه، أو إذا كان كلامك هذا في الصالح العام لك وله لا أظن أنه لا يسمعه. ثالثاً: أما قولك أنه يشتمك ويسبك أمام أهله وإخوانه وغيرهم وكذلك في الهاتف، فهذا الأمر لا ينبغي منه بحال من الأحوال، ويجب أن ينصح بالتي هي أحسن، ويعلم بأنك إنسانة لك احترامك وتقديرك، فلا ينبغي له أن يهينك بهذا الشكل ... ولكن ما هو السبب؟ وما هي الدوافع التي تجعله يفعل ذلك؟ أيفعل ذلك من تلقاء نفسه دون أي إثارة منك سواء بقصد أو بغير قصد؟ أظن الأمر صعباً، فلا يعقل أن هناك رجلاً متزناً يفعل ذلك إلا إذا صدر منك ما يحمله على فعل ذلك، فالرجاء أختي الطيبة أن تنظري في نفسك، وفي تصرفاتك فلابد وأن هناك أمر ما يصدر منك يجعله يفعل معك هذا التصرف السيئ، وعليك محاولة تجنب أي شيء يثيره وخصوصاً أمام أهله وإخوانه وغيرهم، حتى لا يتصرف معك هذا التصرف السيئ، ويعرضك لمثل هذه الإهانة.

رابعاً: أما قولك بأنه لا ينزهك ولا يهتم بك ... إلخ، ما هي حدود النزهة التي تريدين؟ هل تريدين أن تكوني خارجة ولاجة؟ أيمنعك من الذهاب إلى أهلك؟ ألم يذهب معك للأسواق وغيرها لشراء ما تحتاجين إليه؟ ألم يأخذك أحياناً لقضاء عمرة، أو لزيارة قريب؟ ألم يصحبك يوماً في الأسبوع مثلاً على قدر استطاعته وظروف عمله إلى بعض الاستراحات مع الأهل والأقارب؟ هل ظروف زوجك متاحة دائماً وأبداً لكي يخرج بك إلى كل مكان تهواه نفسك؟ أليس عنده أعمال ومشاغل ومصالح؟ أليس هو الذي يسعى ويكد ليوفر لك عيشة كريمة؟ أليس هو الذي إذا أصابك مكروه تكدر لذلك وبذل ما في وسعه لإزالة هذا الشر عنك؟ أليس ... أليس. خامساً: أما قولك إنه يشتمك من خلفك من الذي أخبرك بذلك؟ أصادق هو أم كاذب؟ إن الذي أخبرك بذلك يريد أن يهدم بيتك وينغص عليك عيشك فانتبهي لا تهدمي بيتك بنفسك. سادساً: أما قولك بأنه لا يحبك ويسخر منك، من قال لك بأنه لا يحبك، فإذا كان لا يحبك فلماذا أقدم على الزواج منك بداية؟ هل كان مضطراً لذلك؟ هل هناك أحد أجبره لكي يقترن بك بقية حياته - إن شاء الله - هل تزوجك طمعاً في مالك؟ هل.... هل. أنا أقول لك أختي الطيبة زوجك يحبك، وإلا ما أقدم على الزواج منك، إلا أن يكون رأى منك قبل الزواج ما جعله يحبك ويقترن بك، ثم بعد الزواج فوجئ بما لم يألفه منك قبل الزواج فتغير عليك، وهذا الأمر أنت التي تعرفينه دون غيرك، أو ما الذي جعله لا يحبك؟ وأما كونه يسخر منك، فقد نهى ربنا جل جلاله على أن يسخر المسلم من أخيه المسلم، فقال عز من قائل سبحانه "يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم" [الحجرات:11] ، وإذا كان قولك هذا صحيحاً فمالدافع الذي يحمله عليه؟ لابد، وأن يكون هناك سبباً يدفعه لذلك. وفي الختام أود أن أقول لك عليك بالتودد إلى زوجك بقدر ما تستطيعين، وعليك كذلك التقرب إلى أم زوجك وكسب قلبها وحبها وعطفها، بإظهارك احترامها، ومشورتها في بعض أمورك، واجعليها تشعر بأنك طوع أمرها، وأنك ما تفعلين شيئاً إلا بإذنها ومشورتها، وعليك إحضار بعض الهدايا لها، إلى غير ذلك من الأمور التي تقلل من الفجوة التي حدثت بينكما، وتأكدي - إن شاء الله - بأنك إذا أرضيت أم زوجك سيرضى عنك زوجك وكل من حولك بإذن الله وقوته، وعليك بالإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يؤلف بينك وبين زوجك، واعلمي أختي السائلة أن حق الزوج على زوجته عظيم، أسأل الله أن يفرج همك وهم كل مسلم ومسلمة آمين. همسة في أذن الزوج:

أخي الزوج عليك أن تتقي الله في زوجتك، وأن تعاملها معاملة طيبة، فكما أن لك حقوقاً عليها، فهي كذلك لها حقوق عليك، ومن جملة هذه الحقوق، احترامها وعدم سبها وشتمها وإهانتها، وخصوصاً أمام أهلك وإخوانك وغيرهم من باب أولى، وليكن لك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة فهو القائل: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" أخرجه الترمذي (3895) وقال حديث حسن غريب من حديث عائشة - رضي الله عنها - وأخرجه ابن ماجة (1977) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وعند الدارمي (2260) عن عائشة - رضي الله عنها - مختصراً، وثبت عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "في مهنة أهله" أو "في خدمة أهله" أخرجه ابن سعد في الطبقات، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زوجي يضربني ثم يزعم حبي!

زوجي يضربني ثم يزعم حبي! المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 24/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أنا متزوجة من شخص يقوم بضربي -باستمرار- ضرباً مبرحاً جداً، في بداية الأمر لا أدافع عن نفسي، وبعد فترة حين يضربني أقوم بالدفاع عن نفسي بضربه؛ لأني لا أطيق هذا الضرب، ويضربني في أتفه الأسباب، إذا قلت له: لماذا تضربني؟ قال: إني أحبك! وماذا أفعل؟ هل ما أقوم به صحيح حينما أدافع عن نفسي؟ أرجو أن تفيدوني، جزاكم الله ألف خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. من خلال تمعني في مشكلتك مع زوجك يظهر لي أن زوجك وبتصرفه معك فعلاً يحبك، وما يدفعه لهذا التصرف معك إحدى الأمور التالية: الأول: أنه يحبك لدرجة حب التملك، ويثيره أي صدود أو عدم اكتراث منك، مما يدفعه لهذا التصرف الأحمق. الثاني: زوجك يتعرض لضغوط نفسية كبيرة خارج المنزل، مما يجعله عرضة للاستثارة والانفعال لأقل الأسباب مما يدفعه لهذا التصرف. الثالث: قد يكون زوجك اعتاد -منك منذ بداية حياتكم الزوجية- ذوبان شخصيتك بشكل كبير، وقبول أي شيء في سبيل إرضائه، ومع مرور الوقت بدأ يتغير عليه الحال، ويفسر هذا التصرف بتفسيرات أخرى. ولأي سبب كان أستطيع أن أبدي لك النصائح التالية، التي أسأل الله -سبحانه- أن يكون فيها الحفاظ على حياتك الزوجية، وتحقيق الاستقرار العائلي لك: أولاً: ابحثي بنفسك عن الأسباب الحقيقية التي تدفع زوجك لهذا التصرف، وعالجيها بالابتعاد عن تلك المسببات، وليس مقابلة هذا السلوك غير المقبول بسلوك مثله، مما يزيد المشكلة تعقيداً، بالإضافة إلى أنه من غير اللائق أن تقومي بذلك التصرف (ضرب الزوج) . ثانياً: احرصي تماما وخاصة في البداية على أن يجد زوجك منك الاهتمام، من خلال الاهتمام بحسن المظهر، والكلمة الرقيقة، وحسن المعشر، والاهتمام به شخصياً، وابتعدي تماما عمّا يثيره، فالمنزل والزوجة هما ملاذ الرجل وراحته، وحافظي على تحمل زوجك وعصبيته، خاصة في الساعات الأولى من قدومه، فهو يستحق منك ذلك، فهو -كما يصرح لكَ- يحبك. ثالثاً: صدقيني يا أختي أنك قادرة، كما هو الحال لدى كثير من الزوجات على جعل الحياة الزوجية هانئة مستقره بشيء من العقل وحسن التدبير، فالزوجة هي القلب الكبير الذي يلوذ إليه الرجل، وخاصة في ساعة صفائه أو ضعفه، والزوجة الصالحة هي التي تتحمل الزوج في الساعة العصيبة، فالكثير من المشاكل في هذه الحالة تؤد في مهدها. وفي الختام -أختي الكريمة- مشكلتك حلها بين يديك، فأنت الوحيدة القادرة على حلها، وما قدمته لك من نصائح لعلها تكون الشمعة التي ستعيدين من خلالها سعادتك الزوجية. والله أسأل أن تكون كذلك، والله ولي التوفيق.

لسان زوجي حداد علي

لسان زوجي حِداد علي المجيب د. عبد الله بن ناصر السدحان مستشار أسري بمشروع ابن باز الخيري التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 28/07/1425هـ السؤال الشيخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أم لعدد من الأبناء ما بين ذكور وإناث، تزوجت منذ سنوات عديدة، متعلمة، وكنت داعية في بلدي قبل الزواج، وحافظة لكتاب الله -عز وجل- ومنذ زواجي وإلى الآن وأنا بعيدة عن بلدي، زوجي على قدر كبير من التدين، ولكنه عصبي، ويدقق على كل صغيرة وكبيرة، ويغضب أحياناً بسبب أمور تافهة، وإذا غضب ينسى محاسن الشخص المقابل -وخصوصاً أنا زوجته- وكذلك أولاده، حيث يتكلم بكلام جارح يؤذيني، مع العلم لو أن أحداً غريباً سأله عني لأبدى إعجابه بي، وذكر خصالي الطيبة أمامه، فأنا لم أقصر معه، بل لا آلوه إلا ما عجزت عنه، ولكني حساسة جداً، وأحزن كثيراً من كلام زوجي عندما يكلمني بطريقة تشعرني أني غير مطيعة، أو أني مقصرة، وهذا الشعور الذي استمر معي خلال هذه السنين سبَّب لي ردَّ فعل، حيث إني عندما أكلم بناتي وأولادي - عندما يعتدي عليهم أحد أو يؤذيهم - أقول لهم: أنتم ما دمتم غير مقصرين وغير مخطئين فلا تبالوا بكلامه؛ لأني أخاف عليهم أن يصيروا حساسين مثلي. كما أني ألاحظ على ابنتي الكبرى (البكر) وعمرها أربعة عشر عاماً، أنها لا تبالي بي ولا بأوامري ولا بغضبي، مع أني لم أؤثرها وإخوانها على نفسي، أما إخوانها الآخرون فألاحظ عليهم العكس، حيث إنهم يخافون من العقوبة سواء عقوبة الدنيا - إذا عاقبتهم أنا أو أبوهم - أو عقوبة الآخرة، - يا شيخ - أنا في حيرة مع ابنتي، فهل أخطأت في تربيتها؟ أم أن أباها وتدقيقه مع أولاده، وتتبع أخطائهم هو سبب ذلك؟ كذلك أريد أن أقول لك يا شيخ - بارك الله فيك - إن حالتنا المادية ضعيفة وبيتنا صغير، وأولادي أعمارهم متقاربة وكلهم صغار، وأنا ضعيفة البنية، وشغل البيت الكثير يتعبني، وكذلك السهر في الليل من أجل طفلي الصغير يجعلني أحتاج لمساعدة ابنتي كثيراً، وهي لا تهتم بهذه الأمور، وقد كانت قبل سنتين أو ثلاث أحسن بكثير من الآن؛ لأنها كانت تسمع الكلام وتساعدني في شغل البيت، أما الآن فتغيرت كثيراً وأنا أغضب منها، ولست راضية على تصرفاتها، أرشدوني وفقكم الله. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر للسائلة ثقتها في الموقع، والتجاءها إليه بعد الله - عز وجل- في حل مشكلتها، ومما تحسن الإشارة إليه أنه لا بد من التعامل مع مشكلة الأخت بشكل أكثر تفريقاً لما ذكرته في كتابتها، فمن الواضح أنها عرضت لعدد من المشكلات التي تعاني منها، فيمكن تحديدها في الجوانب الآتية: 1- عصبية الزوج. 2- تدقيقه على كل كبيرة وصغيرة. 3- غضبه لأتفه الأسباب. 4- نسيانه لمحاسن زوجته إذا غضب. 5- تصرفات بنتها ذات الأربعة عشر عاماً، مثل عدم سماعها لكلامها ... إلخ. 6- حساسية السائلة، وتأثرها -نفسياً- جراء هذه المشكلات، وإعاقتها عن بعض الأعمال.

ولكل واحدة من هذه تصرف خاص، إلا أنه من الواضح أن المرتكز في هذه المشكلات التي ابتلاها الله بها هي: (عصبية الزوج وقسوته اللفظية) ، ولا شك أن التعرُّف على سبب هذه الحالة والقسوة التي يعيشها الزوج سيخفف على الزوجة كثيراً، فقسوة الأزواج - وأقصد بها القسوة اللفظية- إن لم يكن لها أسباب خلقية وشخصية متأصلة في الزوج نفسه، أو بسبب مرض نفسي فيه، فإنه عادة ما يكون خلفها أسباب غير معلنة من قبل الزوج، وقد تستطيع الزوجة اكتشافها، ويؤكد هذا النظر فيما إذا كان يعامل الزوجة معاملة حسنة أو عادية، ثم تغير عليها بعد فترة من الزمن، أو بعد مرور الأسرة بظروف معينة مادية أو اجتماعية، كالانتقال من بيئة إلى أخرى -كما في حال السائلة الكريمة-، والذي يظهر لي أن زوج السائلة من الصنف الأخير، فهناك مؤشرات تدل على وجود منغصات وضغوط على الزوج، وهي غير ظاهرة للزوجة، أو لا يتحدث بها الزوج لطبيعته الشخصية، أو أنه من النوع الكتوم، وبخاصة أن الأخت الكريمة تذكر أنهم في بلد غير بلدهم، والمنزل صغير، والأولاد كثر، فقد يكون زوجك يعيش ضائقة مالية خانقة، أو مشاكل وظيفية، أو إشكالات إدارية بسبب إجراءات السفر والإقامة، والغربة وتبعاتها الإدارية والرسمية والمادية ظروف قاسية مُرة يتجرعها من قدَّر الله عليه المرور بهذه التجربة. ولكن رغم هذا أقول للسائلة بالرغم من سرد هذه الأسباب: ينبغي عليها أن تراجع نفسها كذلك، ومواقفها، وطريقتها، وحياتها، وعلاقتها مع زوجها ومع نفسها في التهيئة للزوج، فقد يكون هناك سبب منها لم تشر له السائلة في سؤالها إما جهلاً أو نسياناً، أو قصداً، ففي بعض الحالات تكون مواقف الزوجة نفسها هي السبب خلف هذه النفسية المتردية للزوج دونما شعور منها، وأحياناً كثيرة دونما قصد منها كذلك، ومن هنا يحسن التوكيد باستمرار على مراجعة المواقف الشخصية للزوجة، وطريقة المحاورة مع الزوج، فقد تكون من الأسباب، وليست السبب الوحيد. وبعد ذلك كله أهمس في أذن السائلة وأقول لها: من الجميل جداً في خصالك -أختي الفاضلة- استحضار نعم الله وعدها في ثنايا الاستشارة، فقد استطعت رصد عدد من الجوانب الإيجابية في حياتك، وأنا متأكد أنها أكثر مما ذكر، ولكن الاختصار في السؤال جعلك لا تذكرينها كلها، فمن ذلك على سبيل المثال: 1- صلاح الزوج في نفسه والتزامه، وأنه صوّام قوّام، فكم من زوجة ابتلاها الله بزوج سكيِّر، تارك للصلاة، مضيع لحق الله - عز وجل-، وهذه خصلة حميدة ستعينك على علاج المشكلة أو التخفيف منها - بإذن الله-. 2- أنك متعلمة وصالحة في نفسك، وحفظك للقرآن الكريم، وممارستك الدعوة إلى الله - عز وجل- في بلدك، فتأملي من حولك ممن حرمن نعمة التعلم وقراءة القرآن، فضلاً عن حفظه.

3- عدم تقصيرك في حقوق الزوج، وطاعته وصبرك عليه، وهي نعمة من الله -عز وجل-، فزوجك جنتك أو نارك، كما ذكر ذلك المصطفى - عليه الصلاة والسلام-، ففي الحديث أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما ألوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين منه فإنما هو جنتك ونارك" رواه الإمام أحمد (18524، 26806) من حديث الحصين بن محصن عن عمته أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث. 4- رضا زوجك بك وذكره للخصال الطيبة فيك بعض المرات، وأنه ليس من الناكرين للجميل أو الجاحدين - وبخاصة أمام الآخرين-، فكم من زوج جحود، نكور للجميل الذي رزقه الله في هذه الدنيا، وتلك نعمة أخرى. 5- طريقتك في تربية أبنائك، وبخاصة مع من يعتدي عليهم أو يؤذيهم، وهي إيجابية تسجل فيما لديك من خصال طيبة وصفات حميدة. وهذه الخصال والصور المشرقة - أختي الفاضلة- ضعيها نصب عينيك وأنت تصارعين هذه الصعاب في الحياة، فكم من زوجة تعيش ظروفك، وبدون هذه الجوانب الإيجابية في حياتها، وبكل حال فأنا أذكر لك بعض الخطوات العملية التي أعتقد أنها قد تنهي المشكلة في نفسك أولاً، ثم في الواقع - بإذن الله- أو ستخفف عليك كثيراً، وترين بعدها ما يسرك - بإذن الله-، فمن ذلك: 1- الدعاء المتواصل ليفرج الله كربتك، ويخفف من معاناتك، ويصلح ذريتك، ويجعل زوجك يحنو عليك، ويزيل عنه الظروف التي جعلته يعيش بهذه النفسية العصبية المتوترة. 2- لا بد من إبداء التعاطف مع المشاكل التي يعيشها الزوج، سواء كانت هذه المشاكل مادية أو غيرها، وإشعار الزوج بهذا التعاطف، وإشعاره بمحبتها له، ورغبتها الأكيدة في مواصلة مشوار هذه الدنيا معه؛ حتى يكونا زوجين في الجنة - بإذن الله- مع التصريح له -بوضوح- عن سبب شدَّة تمسكها به وهو صلاحه، والصفات الإيجابية فيه، ثم قومي بتعديدها أمامه. 3- يحسن بالزوجة إطراء الزوج بما فيه من إيجابيات وصفات حسنة، فقد يمارس دوراً تقليدياً مشابهاً لما تمارسه الزوجة، ويقوم بنفس الأمر ومبادلة المدح بالمدح، والثناء بما فيك من صفات حسنة ترد لك بعض الروح، وترفع من معنوياتك. 4- الاستغراق في العبادات، وبخاصة الدعوة إلى الله كما كنتِ تمارسينها قبل زواجك، إضافة إلى الإحسان إلى من حولك - وفي مقدمتهم زوجك وأبناؤك-؛ فهم ثروتك الحقيقية، ففي ذلك فضل عظيم، ثم إشغال لنفسك في أمور أخرى تخفف عليك استرجاع مواقف الزوج نتيجة عصبيته وقسوته اللفظية. 5- إشعار الزوج بمعاناتك، والضغوط النفسية الواقعة عليك، وأنها بسبب قسوته اللفظية وعصبيته، وتكالب الظروف الصحية والاجتماعية عليك، ويمكن أن يكون ذلك من خلال جلسات المحاورة الهادئة، ويحسن التوكيد أنها جلسات محاورة هادئة، ثم المصارحة اللطيفة غير الجارحة، فقد يكون لا يعرف أثرها عليك بسبب كتمانك للموضوع وعدم إخباره، ولكن احذري أن يكون هذا الإخبار وهو في ثورة غضبه.

6- إن تعذرت جلسات المصارحة -التي سبقت الإشارة إليها- قد يكون من الممكن طرح بعض الكلمات والعبارات العارضة أثناء حديث عابر مع الزوج أو عندما يكون في لحظة صفاء، كأن تقول له وهو في كمال راحته النفسية: ليتك تدوم على هذه الحالة، أو ما أفضلك من زوج لو تريح نفسك من العصبية الزائدة التي تنتابك بعض الأحيان، وتنغص علينا حياتنا ... إلخ، وغيرها من العبارات التي لا شك أن الزوجة أعرف بها من غيرها من الناس بحكم قربها من زوجها. 7- حاولي ثم حاولي وجاهدي نفسك، فكلما زاد قسوة حاولي أن تكوني أكثر في العطف ولين الكلام، ففي ظني أن التزامه وصلاحه في نفسه سيجعله مع الوقت يخجل من نفسه، حيث يرى إساءته تقابل بالإحسان. 8- الصبر وعدم استعجال النتائج، والاستمرار على هذه الخطوات، وبخاصة الأخيرة منها، وستجدين كل خير - بإذن الله-. أما ما يتعلق ببنتك ذات الأربعة عشر ربيعاً، فلم تتبين لي المشكلة منها بشكل واضح، إلا أني أعتقد أن ما لديها من مظاهر تمردية أو عصيان إنما هي من مظاهر مرحلة المراهقة، وهي مرحلة تحتاج إلى تعامل خاص، وقبل ذلك أنصحك - أختي السائلة - بقراءة بعض الكتب المتعلقة بهذه المرحلة؛ لكي تساعدك على فهمها، ومن تلك الكتب: كتاب (علم نفس المراحل العمرية) للدكتور: عمر المفدي، وكتاب (المراهقون) للدكتور: عبد العزيز النغيمشي، إلا إذا رغبتِ في توضيح أكثر، فيمكن لك أن ترسلي سؤالاً مستقلاً عن موضوع ابنتك مع تفصيل كامل لما تجدينه منها، وسيقوم الإخوة في الموقع بعرضه على أحد المختصين - بإذن الله-. ختاماً: لا بد من الاعتذار عن التأخر، ولكن جزءاً منه تأمل الموضوع لتحقيق براءة الذمة في النصح وتقديم الاستشارة، والله أسأل أن يفرِّج كربة السائلة، ويرزقها الصبر والصلاح في نفسها وزوجها وذريتها، والإعانة على كبد هذه الحياة الدنيا. والله الموفق.

زوجتي لا تقدر ظروفي

زوجتي لا تقدر ظروفي المجيب د. عبد العزيز حمود الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 22/7/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: يرجى الصبر على قراءة الموضوع والرد جزاكم الله عني خيراً، تنعتني زوجتي بالتقصير بحقها؛ وذلك في المدة التي أقضيها معها، وذلك بسبب عملي والخارج عن سيطرتي، حيث إني أخرج لعملي الساعة 7 صباحاً وأعود الساعة 9 مساءً لمدة خمسة أيام أسبوعياً، وأما في الإجازة الأسبوعية -وهي يومان- أبقى معها أغلب الوقت، وأذهب معها لزيارة والدي ووالدتي، وبعض الأحيان وبمعدل ثلاث ساعات أسبوعياً أخرج مع أصدقائي، وأقوم ببعض الأعمال الرسمية، وباقي الوقت معها، فهل أنا مقصر؟ وأما الأمر الآخر فأنا من ذوي الدخل المحدود وعلي ديون، فقد استدنت للزواج وأقوم الآن بسداد ديني، ولي إخوة متزوجون، ووضعهم أكثر استقراراً -مادياً- مني، وتبقى زوجتي بمقارنة ما هي فيه بهم، وذلك مثلا وليس حصراً في الخروج في رحلة سياحية كشهر عسل حرمت منه، وشراء الماس واللؤلؤ والذهب كباقي نساء العائلة، والذهاب إلى السهرات، وطلب أغلى وألذ المأكولات، علماً بأنني لا أقوم بذلك لنفسي، ولا يبقى معي في آخر الشهر شيء من المال، ولا أنفق على أهلي إلا القليل، وأشعر دوماً بشعورهم أيضاً بتقصيري معهم، فأنا بين نار زوجتي ونار أهلي، فما العمل وهل أنا مقصر؟ شيخي: لقد بكيت كثيراً بيني وبين نفسي لكل هذا، وأزيدكم فضيلة الشيخ أنا أشعر بعدم أحقيتي وأحقية أهلي بمالي هذا للأمور الرفاهية والكمالية غير الضرورية، وأمة الإسلام والمسلمين -وخاصة في بلدي فلسطين- بحاجة لعلاج المصابين، وكفالة الأيتام، وتزويج الشباب، أنا لا أقوم بشيء من هذا إلا القليل والقليل جداً، لذلك أغض الطرف عن ترفيه نفسي وزوجتي وأهلي، فكيف لي أن أقوم بهذا وأنا كان من الممكن أن أكون تحت النار، أو أفقد أخاً أو صديقاً أو حبيباً في الحرب، كيف لي أن أكون سعيداً وأرى الدموع في أعين الأيتام؟ شيخي: أنا لست إنسانا مثالياً ولكني ضعيف وضعيف جداً، فهل أنا مقصر؟ شيخي: أرجو الشرح في الرد مع ذكر الأمثلة في واجباتي تجاه زوجتي وأمي وأبي وأهلي والمسلمين، مع جزيل الشكر والامتنان. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم يبدو أنك إنسان جاد وواقعي وتقدِّر مشاعر الآخرين، وهذا خلق طيب، ولكن اعلم أن الناس -أياً كانوا- لا يرحمون من يكون كذلك، إذا كان ضعيفاً يستجدي عطفهم وتقديرهم لموقفه، وينزعج لأي تصريح أو تلميح بانتقاده، كن واثقاً من نفسك واستمر في عمل الخير، ومراعاة زوجتك وأهلك بقدرما تستطيع. اعلم أن الله -تعالى- لا يكلف نفساً إلا وسعها، لا تلق بالاً لكل ما تشير إليه زوجتك من مقارنة حالك بحال إخوتك أو غيرهم، فهذا الأمر كثير لدى النساء، ولو قدمت لها جميع ما يقدمه إخوتك لزوجاتهم لذكرت لك الفرق بين حالها وحال من هو أغنى منكم؛ لأن القناعة خلق وطبع يطبع عليه الإنسان، وليس مستوى معينا يصل إليه ثم يصبح قنوعاً.

فيما يتعلق بغيابك عن البيت لظروف العمل، فهذا أمر ليس بيدك، بل هو من مصلحتها هي أيضاً، حيث بدون العمل لن تكون قادراً على توفير شي من متطلباتها. كن حليماً وحكيماً في تعاملك مع زوجتك، وبين لها أن الظروف التي تمرّ بها، والدين الذي عليك لن يستمر طويلاً، وأن غيرك قد مرّ بأصعب مما تمرّ به، ولكن لا يكون حديثك معها بأسلوب يشعرها بضعفك، أو أنك تستجديها أن تصدقك، تحدث بأسلوب الواثق المطمئن، لأن الله -تعالى- لم يوجب عليك لها إلاً أن تسكنها من حيث سكنت، وتكسوها إذا اكتسيت، وتطعمها مما تأكل "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله. لا يكلف الله نفساً إلاّ ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا" [الطلاق: 7] ..بالنسبة لأهلك فقد ذكرت أن إخوتك ميسوري الحال، فهم أولى بالإنفاق على أهلك، وأنت تقدم لهم ما تستطيع بعد سداد دينك والإنفاق على أسرتك. حاول أن تكون متوازناً فيما تعمله، واعلم أن الصدقة والإنفاق في سبيل الخير ومساعدة المحتاج من المسلمين هي باب من أبواب الخير يكفي فيه صدق النية وإخلاص العمل وبذل المستطاع، فلو شاء الله تعالى لأغناهم عن هذا ولكن ليبلوا بعضنا ببعض. النصيحة الهامة لمثلك هي (احذر من الاستدانة لتلبية طلبات الزوجة ومجاراة الآخرين) فإنها لن ترحمك إذا تكالبت عليك الديون. قدم لها ما تستطيع مع الكلمة الطيبة، والعشرة الحسنة، وعدها خيراً إذا تحسنت الظروف، ولكن كن واثقاً وأشعرها أنك راض بما أعطاك الله، ولست مهتماً بالفرق بينك وبين الآخرين. وفقك الله وأعانك.

زوجي سليط اللسان!

زوجي سليط اللسان! المجيب د. علي با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 23/10/1424هـ السؤال أفيدوني فأنا زوجة لزوج لا أستطيع أن أتجنب شر لسانه وتقلباته ومزاجيته إلا بتلاوة الآية "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"، لا أدري لماذا يعاملني بهذه الطريقة مع أنني والله يشهد أعامله بما يرضي الله، وعيبي الوحيد في نظره أنني غيرت حياته من حياة لهو ومجون إلى حياة مستقرة، علما أنه أكبر مني سناً، ولا أسمع كلمة رضى منه إلا وقت المعاشرة الزوجية. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا يخفى على أحد ما جاء به الإسلام من إكرام المرأة ورعاية حقها والإحسان إليها في سائر الأحوال، فإن كانت أماِّ فقد جاء القرآن بالوصية العامة بالوالدين؛ كما في قوله: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء:23] ، وخُصت الأم بمزيد من الذكر والعناية والرعاية؛ كما في قوله "حملته أمه وهناً على وهن" [لقمان:14] ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن البر عندما سأله السائل: أي الناس أحق بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال "أبوك" البخاري (5971) ومسلم (2548) . وإن كانت بنتاً، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - خص رعايتها والقيام بشأنها بمزيد من الترغيب والحث، وذكر عظيم الأجر، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -:"من عال جاريتين...." مسلم (2631) . وأما الزوجة فقد عظمت الوصية بها كذلك؛ كما في قول الله تعالى:"وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:19] ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" استوصوا بالنساء خيراً" البخاري (5186) ومسلم (1468) ، وكان يقول:" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" الترمذي (3895) والنسائي (4619) وابن ماجة (1977) وصححه الألباني وغير ذلك مما هو معلوم. والمخالف لهذا يقع في أمور: أولها: المخالفة لأمر الله سبحانه وتعالى وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم. والثانية: المعارضة لمتطلبات الرجولة والشهامة. والثالثة: التناقض بين الانتفاع بالزوجة في حسن تدبيرها لبيتها، وقيامها بشأن زوجها وأبنائها، إضافة إلى قضاء الشهوة وتحقيق اللذة، ثم لا يقابل الزوج ذلك ولا يتمه بالإحسان والإكرام وحسن المعاملة، بل يأتي بما يتناقض مع ذلك من الإساءة، وفحش القول، وسوء التصرف. وهذه الزوجة قامت بواجبها في أداء حق زوجها والإحسان إليه، وخاصة بالقول امتثالاً لأمر الله تعالى: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" [الإسراء:53] ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "والكلمة الطيبة صدقة" البخاري (2989) ومسلم (1009) ، ولكنها هنا تجد أن زوجها لا يتحدث إليها إلا بالعنف والشدة، ولا يخاطبها إلا بفاحش القول، وينعتها بالقبيح من الصفات، ولا شك أن هذا الأمر غير مقبول شرعاً ولا عرفاً. وأقول لهذه الزوجة:

1- أن تصبر وتحتسب، وألا يدعوها تصرف زوجها إلى أن تغير سلوكها من الإحسان إلى الإساءة، أو أن ترد على إساءته بالإساءة، بل أوصيها ورغم صعوبة ذلك أن تواصل الإحسان لأن في هذا خيراً كثيراً بإذنه سبحانه وتعالى، والله جل وعلا يقول: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" [فصلت:34] ، وأنقل إلى الأخت الفاضلة هذه الكلمات الرائعة من تفسير السعدي لهذه الآية: (فإذا أساء إليك مسيء من الخلق خصوصاً من له حق كبير عليك كالأقارب والأصحاب ونحوهم إساءة بالقول أو بالفعل فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فصله، وإن ظلمك فاعف عنه، وإن تكلم فيك غائباً أو حاضراً فلا تقابله، بل اعف عنه وعامله بالقول اللين، وإن هجرك وترك خطابك فطيّب له الكلام وابذل له السلام، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان حصلت فائدة عظيمة، "فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"؛ أي كأنه قريب شفيق، "وما يلقاها" أي وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة "إلا الذين صبروا" نفوسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحب الله) ، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه فكيف بالإحسان، فإذا صبّر الإنسان نفسه وامتثل أمر ربه وعرف جزيل الثواب، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله لا يفيده شيئاً ولا يزيد العداوة إلا شدة وأن إحسانه إليه ليس بواضع قدره، بل من تواضع لله رفعه، هان عليه الأمر وفعل ذلك متلذذاً مستحلياً له. 2- تذكير الزوج بالله عز وجل وأهمية إحسانه إلى زوجته، وتحذيره من خطر اللسان، وتنبيهه إلى الإثم في القول البذيء، والكلام الفاحش، ويمكن أن يكون ذلك بوسائل مباشرة وغير مباشرة على النحو التالي: أ- إن كانت الزوجة لديها القدرة العلمية، وحسن الأسلوب، ويمكن أن يصغي لها الزوج فإنها تقوم بذلك بنفسها وبتدرج مناسب، وتختار الأوقات الملائمة التي توافق هدوء الزوج وحسن استعداده. ب - الاستعانة بالمواد العلمية المقروءة والمسموعة والمرئية، كإعطائه كتيبات أو أشرطة سمعية أو مرئية حول هذا الموضوع، وتكون جيدة ومؤثرة، ويمكن أن تعطيها الزوجة له، أو تختار من يكون مناسبا لإعطائها أو إهدائها له. 3- الاستعانة - بعد الله - بأشخاص آخرين ممن لهم صلة قوية بالزوج وقدرة على التأثير عليه، سواء من محارمه النساء كوالدته أو شقيقته، أو من الرجال الأقرباء أو الأصدقاء، وتخبر الزوجة بخلاصة عامة عن الموضوع ويتم التشاور في كيفية عرض الموضوع بطريقة غير مباشرة، بحيث لا يعلم الزوج أن الزوجة أخبرت بذلك أحداً، ويمكن أن يكون الموضوع بتدرج خلال مدة معينة وفي مناسبات وأوقات مختلفة. 4ـ الاستعانة بدعاء الله عز وجل بأن يصلح الزوج، ويهذب خلقه، ويحسن قوله، وأن يصبر الزوجة ويعظم أجرها. 5_ إذا لم ينفع شيء مما سبق وكان الحال بالنسبة للزوجة غير محتمل فيمكن أن تبدي للزوج استياءها وتطلب منه التغيير بصراحة ووضوح، ثم تخبر أولياءها ليتحدثوا معه ويطالبوه بالتزام الشرع في معاملته زوجته، وإن احتاج الأمر إلى أن يطرح الموضوع بين حكم من أهله وحكماَ من أهلها فذلك مشروع، وقد يؤدي إلى نتيجة إذا استشعر الزوج الجدية. والحمد لله رب العالمين.

زوجي يضربني ويسئ معاملتي

زوجي يضربني ويسئ معاملتي المجيب د. شيخة بنت المفرج المفرج عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 27/3/1425هـ السؤال أنا سيدة متزوجة من عشر سنوات وعندي ولدين، أعاني من سوء معاملة زوجي لي، وتكرر ضربه وإيذائه لي بالقول كثيراً، مما أسفر عن كرهي الشديد له حتى أني أصبحت لا أطيق وجوده داخل البيت، أو حتى رؤيته، أو أن يقترب مني، وهو لا يريد طلاقي خوفا على الأولاد وليس تمسكاً بي. فماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي الفاضلة أم محمد: - حفظها الله- سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد: فأرجو أن تكوني ممن أحبهم الله فابتلاهم في دنياهم، كما أرجو أن تكوني ممن إذا ابتلي صبر. عزيزتي: كلنا نرى في هذه الدنيا أننا مظلومون، وأن الطرف الآخر هو الظالم، ولكن لو وقفنا مع أنفسنا وقفة عدل وإنصاف لتبين لنا الحق، فاسألي نفسك لم يعاملك زوجك بهذه المعاملة التي تصل إلى حد الضرب، وبصورة أدق أسألك كيف تعاملك معه؟ هل أنت إنسانة تصرين على رأيك؟، هل أنتِ إنسانة عصبية؟ ولقد قال الله للصحابة - رضي الله عنهم- عندما هُزموا في معركة أُحد: "قل هو من عند أنفسكم" [آل عمران: 165] ، وقال سبحانه مخاطباً البشرية: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى: 30] . عزيزتي: أقترح لك لإنهاء هذا الإشكال ما يلي: 1- الاستغفار: أكثري منه، واعلمي أن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، استغفري بالليل والنهار، أثناء عملك وأثناء خروجك، وفي كل وقت؛ فقد أثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه يستغفر في اليوم والليلة مائة مرة فيما روه مسلم (2702) من حديث الأغر المزني - رضي الله عنه -. 2- الدعاء: الجئي إلى الله بالدعاء وأنت مؤمنة بأن الله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأنه سبحانه القادر على تحويل حالك؛ قال تعالى: "أمن يجيب المضطرَّ إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل:62] . 3- اعلمي أن طلب الكمال محال، فكما أن المرأة فيها نقص ينبغي للزوج تحمله، فكذلك في الزوج نقص ينبغي للزوجة تحمله، فيكمل كل منهما الآخر. 4- استعيذي بالله من الشيطان الرجيم؛ فإنه هو الذي يعظم عليك المشكلة ويكبرها في نظرك؛ لأن من أهم ما سعى إليه - أعاذ الله منه- التفريق بين المرء وزوجه. 5- اسمحي لي أن أقول لك أن هذا الزوج فيه ميزة عظيمة، ولم تلتفتي لها، وقَلَّ من الرجال من يتحلى بها، وهي حرصه على أولاده ألا يضيعوا إذا فقدوا أحد والديهم، مع أن كثيراً من الأزواج إذا كره الزوجة طلقها ولم يفكر بالأولاد.... وأخيراً أنصحك بما يلي: (1) اعلمي أن من أسباب دخول الجنة طاعة الزوج ورضاه، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة" رواه الترمذي (1161) وابن ماجة (1854) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -، وقال عليه السلام: "انظري أين أنت منه فإنه جنتك ونارك" رواه أحمد (26806) من حديث الحصين بن محصن - رضي الله عنه -.

(2) الحياة الدنيا ما هي إلا مرحلة انتقال نتزود فيها لدار القرار، فاحرصي على التزود منها بما يقربك لله. (3) قال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" [فصلت:34] ، جربي إحسان التعامل، وغض الطرف، والصفح والعفو، وستجدين بإذن الله أفضل النتائج. (4) احرصي على بقاء الود بينكما لأجل وليدكما؛ فإن من أكثر ما ينغص على الأولاد تخاصم الأبوين. (5) لا تعرضي مشكلتك إلا على من تثقين في دينه وحكمته ممن حولك؛ لأن البعض يعظم الأمر الحقير، ويثير في النفس ما لا يستحق الإثارة. (6) لا تعطي نفسك هواها في شدة الكره أو التحامل على هذا الرجل؛ فإنه الزوج، والنفس أمارة بالسوء. وختاماً - أخيتي الفاضلة- أنصحك بسماع سلسلة أشرطة: (بيوت مطمئنة) ، للشيخ الفاضل/ د. ناصر العمر، وهي عبارة عن ثلاث إصدارات، الأول عن علاقة الزوجين بعنوان: (لتسكنوا إليها) ، والثاني: عن علاقة الآباء بالأبناء بعنوان: "وأصلح لي في ذريتي"، والثالث: عن علاقة الأبناء بالآباء، بعنوان: "وبالوالدين إحساناً". أسأل الله بمنه وفضله أن يصلح حالك، ويوفق بينكما، ويصلح ولديكما؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.

زوجي يضربني وأسرته تظلمني

زوجي يضربني وأسرته تظلمني المجيب د. خالد بن حمد الجابر مستشار طب الأسرة. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 9/3/1425هـ السؤال زوجي أصبح صعباً للغاية، مضت علي مشاكل كثيرة كان زوجي يتعامل معي بقسوة وأسرته أيضاً، كان يضربني ويشتمني ظلماً لمجرد أنني أحب أن أكون مستقلة بعيدة عن مشاكل أسرته التي تظلمني في أية فرصة تسمح لهم، وما زالوا، لكن مشكلتي الحقيقية هي أني ما عدت أحب زوجي بسبب ذلك، وأحاول أن أعطيه حقوقه بصعوبة، كيف أساعد نفسي على محبته والصبر معه؟ مع العلم أن لي ابناً منه. أجيبوني أرجوكم، وشكراً. الجواب السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد.. أسأل الله -تعالى- الذي قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء - كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم (2654) -، أن يحببك إلى زوجك ويحبب زوجك إليك، ويحننه عليك ويحننك عليه، آمين. أختي الكريمة: شكوت من زوجك وأهله قسوة وضرباً وشتماً، كان الله في عونك. وما تشكين منه يا أختي الكريمة مشكلة شائعة جداً في العالم كله، حتى البلاد التي يسمونها بلاد الحرية، نسبة ضرب الأزواج لزوجاتهم فيها عالية جداً، وهي أخطر مما عندنا بسبب كثرة تعاطيهم الخمر. ومن المعلومات التي أوردتيها عن نفسك، فأنت لا زلت في ريعان الشباب، ويبدو أن زواجكما حديث. وفي سؤالك أشياء كثيرة أود معرفة تفاصيلها حتى يكون الجواب مطابقاً للسؤال، لكن سأستعين بالله تعالى وأجيبك إجابة عامة، وستكون شافية وافية تفيدك إن شاء الله وتفيد زوجك، وتفيد كل من كان عنده نفس مشكلتكم بإذن الله تعالى. لماذا يتعامل بعض الأزواج بقسوة مع زوجاتهم؟ هذا هو السؤال الجوهري. وله أسباب كثيرة، ليس المجال لاستقصائها، وكتبت فيها دراسات كثيرة، لكن سأتناول هنا أهمها مع الإشارة إلى بعض الحلول الممكنة لكل سبب، وأنت إن شاء الله تتأملين في هذه الأسباب وتنظرين منها ما يكون أقرب لحالتك، وفقك الله وأعانك. 1) قسوة الزوج بطبيعة شخصيته.. وهذا السبب ليس قليل الانتشار، خاصة في البيئات التي يقل فيه العلم، وتقل فيها مخافة الله، وهؤلاء ربما لم يسمعوا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" رواه الترمذي (3895) وغيره من حديث عائشة - رضي الله عنها-، وقوله "استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان (أي أسيرات) عندكم" رواه الترمذي (1163) وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص - رضي الله عنه، يعني بسبب ضعفهن وعاطفتهن فهن كالأسيرات، وهذا واقع فالمرأة مهما تجبرت فهي في النهاية محتاجة إلى بيت الزوجية، والعامة يقولون "نار زوجي ولا جنة أبوي!! "، وهذا المثل ليس على إطلاقه. والحل مع مثل هذا الزوج أن تسعى الزوجة بحكمتها وبدون توجيه اتهامات إلى محاولة إيصال هذا المفهوم لزوجها، بكل ما يمكنها من وسيلة، ومن أهمها الذهاب إلى من بيده مفاتيح أخلاق الناس وقلوبهم وهو الله سبحانه وتعالى، بالدعاء واللجوء والتضرع والإلحاح عليه، شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة. ومن صبر ظفر، والعجلة والتسرع تعقبها الندامة.

ومن الطرق إهدائه الأشرطة والكتب العامة التي تتكلم عن الحياة الزوجية. ومنها: جلسات المصارحة والمكاشفة، والملاحظ أن كثيرا من الأزواج يخبرني أن جلسات المصارحة هذه تزيد الأمور تعقيدا بسبب ما يكون فيها من الصراخ وتبادل الاتهامات، وهذا سببه أننا للأسف الشديد في كثير من الأحيان لا نعرف كيف نحاور، فنحن ندخل للحوار عادة متشنجين منفعلين لأنه يكون عقب حدث معين، وهذا لا ينفع فلابد للحوار أن يكون مجدولا في موعد يتفق عليه، في جلسة هادئة في مكان هادئ والله يعينكما؛ لأنه قال "إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما" [النساء:35] . ومنها: أن الزوجة كلما زاد زوجها قسوة تزيد معه لينا ورفقا ورقة وتوددا، فإن كان فيه خير فستعلمه الأيام أن يقابل إحسانك بإحسان، لكن إذا كانت الزوجة تعامل زوجها القاسي الغليظ بمثل صنيعه وأخلاقه، فالنار لا تزيدها النار إلا ضراما، وللأسف فالانتقام للنفس أحيانا يعمي ويصم. 2) قسوة الزوج بسبب مرض نفسي أو ضغوط نفسية.. وهذا كثير جداً وتغفل عنه النساء، لكني رأيته كثيرا في العيادة؛ ولهذا كلما اشتكت لي زوجة من زوجها طلبت حضوره لأتحقق من ذلك بنفسي. وعلى الزوجة أن تلاحظ زوجها، فربما كان يمر بظروف صعبة أو تحت ضغوط نفسية أو ما هو أدهى قد يكون متورطا في مخدرات أو شراب. 3) سوء تعامل الزوجة ورداءة أخلاقها. وربما تنكر الزوجة هذا وتقول: "عجزت عنه! "، والواقع أن بعض قسوة الأزواج سببه سوء خلق الزوجة، فلتنظر المرأة في حال نفسها، ولتكن مع زوجها لطيفة رقيقة ودودة.. فمثلا قد يكون سوء تعامل الزوجة مع أهل زوجها أو نفرتها منهم سببا في قسوته وغلظته. ومن ذلك إلحاحها المستمر للخروج في بيت مستقل، فهو وإن كان أمرا تحبه المرأة لكن لكل زوج ظروفه الخاصة.. وهكذا 4) ضعف آليات الحوار والنقاش بين الزوجين.. ولو قال قائل إن نصف مشاكل البيوت من ضعف آليات الحوار بين الزوجين لكان صادقا. يا جماعة نحن لا نعرف كيف نتحاور في الظروف العادية، فكيف في حالات الخلاف!! ، اسألي عن دورات في فن الحوار وبالذات الحوار العائلي، وستكتشفين بإذن الله إن وفقت في دورة جيدة وقمت بتطبيق مهاراتها كيف ستتغير حياتك بعون الله. 5) تدخل أطراف خارجية: وهذا أيضا ليس قليلا في مجتمعاتنا العربية. وإني والله لأعجب من أم أحد الزوجين أو أبيه كيف يكون سببا في تدمير بيت بنته وولده! ، إنها فعلا كارثة!، لكن ماذا نصنع؟! ليست أخلاق الناس على سنن مشط واحد، ولله في خلقه شئون. وفي هذه لحالة فالحكمة واللطف والرفق حل وأي حل. 6) قلة الصبر. وربما تعجبين يا أختي من كلامي هذا، لكن الواقع غير المثالية. فالصبر واحتساب الأجر في الآخرة وانتظار الفرج قد يكون هو غاية ما تقدر المرأة على صنعه. وكثير من النساء تقول: أنا لا أطيقه ولا أريده، لكن لو طلقني فأين أذهب؟ وأنا أقول هذا هو عين العقل أحيانا، إذا لم يكن بد من البقاء معه. 7) آخر الدواء الكي..

فإذا لم ينفع شيء مما مضى، ولم تتعجل المرأة وحاولت سنوات، وليس مجرد شهرين او ثلاثة، ولم يقض الله تعالى لحكمته أن يستجيب لدعائها وإلحاحها وتضرعها، فإن هذا إيذان من الله تعالى بأن الحل هو "التسريح"، ويرزق الله كل واحد منهما من واسع فضله. اللهم حبب أمتك (ريا) لزوجها وحببه إليها، وحننها عليه وحننه عليها، وآلف بين قلبيهما، واجعلهما من خير زوجين في أرض المغرب المبارك.. آمين.

أنقذوني من جحيم زوجي

أنقذوني من جحيم زوجي المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 03/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا امرأة متزوجة منذ 9سنوات، ولديّ أولاد، كانت حياتي في بدايتها سعيدة، يتخللها المرح والاحترام المتبادل بين الزوجين، فزوجي شخص حنون وملتزم التزاماً حسناً، ويكثر من قراءة القرآن وحضور المحاضرات، -هذا ما علقني به أول الأمر-، وبعد سنتين من الزواج بدأ زوجي -مع التزامه- عند حدوث أي مشكلة يستخدم الكلمات البذيئة، ثم بعدها بفترة استخدم الضرب، سواء بيده أو بأي شيء معه ما عدا الحديد، ومع سكوتي وسرعة رضائي عنه أصبح يتمادى في ضربي في أي مكان من جسمي، وأنا مهما تكن حالتي أثناء المشكلة لا أحب أن أخبر أحداً من أهلي بذلك، ولا أحب تصعيدها؛ لأني أحس أنها مشكلة عائلية خاصة جداً جداً. وقد مرت فترة 4 أشهر تقريباً عاهد فيها نفسه ألا يضربني؛ بحجة أنه لا يريد الاحتكاك معي، وأنه سوف يتجاهلني، وأنا أحس أنه في تلك الفترة قد حس بالذنب، ولكن لا يفصح، فرجع بعدها أشد من ذي قبل، فأصبح -تقريباً- في الأسبوع مرة أو مرتين يضربني، حتى بدأت معالم في جسمي جراء الضرب المبرح أخفيها عن الناس، وكلٌّ يسألني عن هذه الآثار التي في يدي ورجلي؟ وقد تحدث لي -كامرأة- بعض المضاعفات الداخلية من أثر الضرب على الظهر وعلى البطن، لأنه يتهور إذا بدأ يضرب، وقد أدافع أنا بدفع يده أو إبعاده بقدمي، لكن لا تقارن قوتي بقوته كرجل، ويقول لي: في القرآن كلمة (واضربوهن) . أنصحوني ماذا أفعل في حياتي الزوجية الخالية من أي معالم الكرامة؟ فأنا أحس باليأس منها، ولا أريد إفسادها، وماذا أفعل لإصلاحها، وهل يمكن ذلك؟. الجواب الابنة الصابرة وفقها الله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فلقد سببت لي رسالتك -أيتها الصابرة- ألماً نفسياً شديداً بسبب هذه المعاناة التي صورتها كلماتك، وزاد ألمي وصفك لهذا الزوج بالالتزام، وقراءة القرآن، وحضور المحاضرات. وأصارحك بأني لا أبرئك من خطأ يستثير زوجك، ويكون سبباً في قسوته وعدوانه، وأن عليك تفقد نفسك أن تكوني سبباً للإثارة، ولكني أعلم يقيناً أن الأخطاء لا تعالج بهذا العدوان، وأن خطأ الزوج الذي يتعامل بهذه القسوة أكبر من خطأ الزوجة، وأن هذا التعامل القاسي لا يصح صدوره من مسلم يخشى الله ويتقيه. فأين هو -هداه الله- إذًا من قول الله -عز وجل-: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] . وقوله صلى الله عليه وسلم: "إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة" أخرجه أحمد (9666) ، وابن ماجه (3678) . وقوله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله" أخرجه مسلم (1218) . أين هو -هداه الله- من شهامة الرجل الذي ينظر للمرأة على أنها محل الرعاية والحماية والعطف، وليس على أنها ميدان لاستعراض القوة، وإظهار البطولات، وتحقيق الانتصارات، ولذا قالت العرب: "لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم، يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام".

أي بنيتي: إني أرى أن عليك أن تجلسي إلى زوجك في ساعة صفاء؛ تبثين فيها إليه -بكثير من الهدوء والمنطق والعقل- معاناتك، وتتحدثين معه على أنه زوجك وأقرب الناس إليك، وأنك ما صبرت هذا الصبر إلا محبة للبقاء معه، وكرهاً للبعد عنه. حدثيه وهو المسلم الملتزم كما وصفتِه: بأن الإسلام أسس لتعامل أسري رائع، وحياة دافئة ناعمة، بعيدة عن التوتر والخشونة؛ ليتحقق الإشباع العاطفي والاستقرار الأسري والصحة النفسية العالية لجميع أفراد الأسرة. فللزوجة الحب وحسن المعاملة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك" صحيح البخاري (2742) ، وصحيح مسلم (1628) . وقال -عليه الصلاة والسلام-: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله" أخرجه الترمذي (2612) ، وغيره. حدثيه: أن الشريعة جاءت أيضًا بإقامة العوازل ضد تصرفات القسوة والعنف. فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو يربي المجتمع لتخليصهم من أوضار الإرث الجاهلي: "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يضاجعها في آخر اليوم" أخرجه البخاري (5204) . ولينظر إلى المقارنة الرائعة التي تبين أن دفء الاحتضان الليلي لا يمكن أن يكون ثمرة لشراسة العنف النهاري. وعندما اشتكى نساء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ضرب أزواجهن تفاعل -بأبي هو وأمي- مع هذه الشكاية، فقال: "إنه قد طاف بأبيات آل محمد نساء كثير كلهن يشتكين أزواجهن، أولئك ليسوا بخياركم" أخرجه النسائي في الكبرى (9176) . وقد كان صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في ذلك، فهو زوج لتسع نسوة، وأب لبنات وأحفاد، ومع ذلك ما ضرب -صلى الله عليه وسلم- بيده امرأة ولا خادمًا ولا أحدًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله. بل كان صلى الله عليه وسلم هو الحماية والملاذ للزوجة، فقد مر أبو بكر -رضي الله عنه- ببيت عائشة، فسمع صوتها مرتفعًا، فاستأذن ودخل غاضبًا على ابنته، وهو يقول: ترفعين صوتك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهمَّ أن يتناولها بيده، فلم يكن لها ملاذ إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي حماها منه، وخرج أبو بكر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينظر إليها، ويقول: "كيف رأيتيني أنقذتك من الرجل" أخرجه أبو داود (4999) ، وغيره. حدثيه يا بنتي: أن العنف والقسوة في الأسرة سبب نضوب العاطفة، وبناء عوازل نفسية بين أفراد الأسرة ورب الأسرة، وأن هذا العنف يحول علاقة الحب إلى رعب، والتآلف إلى نفرة. إن المرأة مهما كانت نبلاً ومثالية لن تعطي لزوجها وآثار عنفه على جسدها، ولن تبادله حبًا وعاطفة وآثار جراحاته النفسية غائرة في وجدانها، ولذا تقع هذه المرأة عرضة لأنواع الإصابات النفسية الشديدة التي تعوقها عن القيام بدورها زوجة وأماً. ذكِّريه أن الأب والزوج القاسي لن يكون مصدرًا للتوجيه، ولا نموذجًا للقدوة، وصلوات الله على خير معلّم للناس الخير، حيث قال: "إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف" صحيح مسلم (2593) . "إنها رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" صحيح البخاري (1284) ، صحيح مسلم (923) . ذكِّريه بأن استدلاله بقوله تعالى:"واضربوهن.." استدلال غير صحيح؛ لعدة أمور:

أولهما: أن الله ذكر الضرب بعد أدبين قبله، فهو غير مشروع إلا إذا لم يفد ما قبله، وهو قوله تعالى:"فعظوهن واهجروهن في المضاجع" [النساء: 34] ، فالرجل يقدم الموعظة، فإذا لم تجدِ هجر هجراً جميلاً، فإذا لم يجدِ انتقل إلى الضرب، فالضرب هو الوصفة الأخيرة والنادرة، ولكن صاحبك -هداه الله- جعلها الوصفة الأولى والدائمة. ثانيهما: أن الضرب المأذون به هو ما وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "ضرباً غير مبرح" صحيح مسلم (1218) . إنه ضرب توجيه وتأديب، لا ضرب قسوة، وتشفٍّ وانتقام، ضرب يشعر بالعتب ولا يتلذّذ بالألم، يستعمل فيه الرجل قوة شخصيته، وليس قوة جسمه. فأين هذا وما تصفينه من ضرب هذا الزوج -هداه الله-. ذكريه -بنيتي- وسائليه هل يرضى بمثل هذه المعاملة لأخته أو ابنته؟ وهل ستغمض له عين لو علم أنها تلاقي مثل ما تلاقينه؟ ذكِّريه أن قوته عليك فوقها قوة الله الذي وهبه قوته، وقد يسلبها منه في أي لحظة، أو يسلِّط عليه من هو أقوى منه، وأن الله -عز وجل- يملي للظالم ثم يأخذه بعزته وقهره "ولا تحسبن الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون" [إبراهيم: 42] ، "دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب -عز وجل-: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين" أخرجه أحمد (9743) . حدثيه بهذا ومثله، فإن كان ممن يخشى الله، فقد قال الله: "سيذكر من يخشى" [الأعلى: 10] . وتكونين قد أديت واجبك نصحاً وتفاهماًَ. ثالثهما: أحذرك من الخضوع والخنوع لهذا الوضع المهين، وعليك بالمحافظة على حقوقك، وليس السكوت والاحتمال هو الحل دائماً. ولذا فإذا حصل أن كرر مثل هذا التصرف فإن عليك الاستعانة بأهلك، ووضعهم في الصورة، واستخراج تقرير عاجل عن الحالة من المستشفى، ثم التقدم بشكاية فورية للمحكمة. واعلمي -يا ابنتي- أن المحاكم لم توضع إلا لحماية الحقوق، وردع من لا يرتدع إلا بقوة الحق. أي بنيتي، إني أخشى أن يكون زوجك -هداه الله- مأزوماً بأزمة نفسية، ويجعلك محطة تفريغ انفعالاته المريضة، ولذا فإن المواجهة توقف هذا النوع عند حده، وتشعره أن التمادي بلا حدود لا يمكن استمراره. فإن توقف وارتدع فالحمد لله، ولعلها تكون نهاية المعاناة، وأن يؤلف الله بينكما بحياة مستقرة هانئة. وإن أدى ذلك إلى أن يطلقك ويذهب عنك، فلا أظنك ستخسرين ما يؤسف عليه، وسيغني الله كلاً من سعته، وكان الله واسعاً حكيماً. أعانك الله، ويسر أمرك، وفرج همك، ونفس كربك، والسلام عليك.

هل الطلاق حل مشكلتي؟

هل الطلاق حل مشكلتي؟ المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 20/01/1426هـ السؤال مشكلتي أني تزوجت منذ سنوات عدة، من شاب يكبرني بقليل، ومتزوج من بنت عمته، ورزقت منه بأولاد ذكوراً وإناثاً، أخبرنا أن حالته جيدة، وصاحب تجارة، ولكن المفاجأة بعد الزواج اكتشفت أن عليه ديوناً وكل يطلبه، مما اضطره لبيع محلات كانت عنده وبخسارة، كان يطلب ذهبي لبيعه ليصرف علينا، وإخوانه الذين يسكنون معنا، والمشكلة أنه كلما باشر عملاً خسر فيه وزادت الديون، وأصبح الراتب لتسديد الديون، حتى حاجاتنا الأساسية يبخل بها علي، وخاصة أنني اضطررت للعمل بعد الزواج بسنتين، لا يعطينا إلا القليل جداً، وحجته الدين وزوجته الأولى وعيالها يصرف عليهم حتى الجوال أخرجه لهم بدون حاجة له، اشتريت بيتاً وسيارة لأنني إدارية فقط، ولم يفد فيه ذلك، بل أخذ يطالبني بجميع المصاريف، وأن أبحث له عمَّن يسدد له، مع العلم أن أخلاقه ساءت معي، يسهر وأحياناً ينام في الاستراحات، وذلك كل يوم، لا يأتي للبيت إلا للنوم والأكل وتغيير الملابس، ولا يعرف أي توجيه أو تربية لأولاده، إلا إذا أخطأ أحدهم ضربه في وجهه، ويقول: أنتِ فرقت بيني وبين عيالي، وقد أصبت ببعض الأمراض بسبب سوء معاملته لي وللأولاد، أنا أعيش ضغوطاً نفسية شديدة منه، لدرجة أحياناً إذا ناقشته ضربني ضرباً مبرحاً وكل المسئولية على عاتقي، علما بأنه يسافر للخارج أو الداخل بدون أن يخبرنا، أو يضع مصروفاً حتى للأولاد. سؤالي: هل أنفصل عنه وأرتاح منه، أم ماذا أفعل؟ حيث إنني تعبت من الوظيفة ولا أستطيع تركها، فماذا أفعل؟. الجواب الأخت الفاضلة أعانها الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: 1- لاحظت أن زوجك كثير الأخطاء بحقك من الناحية المالية والاجتماعية، ولا شك أنه مفرط كثيراً بحقوقك - كما ذكرت-. 2- أرى ألا تنفصلي عنه رغم السوء الكثير الصادر منه؛ لأن الانفصال قد يكون أكثر ضرراً من الناحية المعنوية والناحية الاجتماعية، فقد يحرمك من أولادك، وهذا حرمان من القرب منهم والأنس بهم، وحرمان لهم من رعايتك وتربيتك لهم، وبخاصة أنه -كما ذكرت- لا يهتم بالتربية والتوجيه، والانفصال يشتِّت شمل الأسرة، وهذا يؤدي على المدى البعيد إلى أضرار نفسية واجتماعية على الأولاد. 3- ومع بقائك زوجة له أوصيك بما يلي: أ- الصبر حتى يقضي الله أمراً حسناً طيباً. ب- احتساب الأجر عند الله -عز وجل-. ج- محاولة إصلاح الزوج عن طريقك أو طريق غيرك، مثل كبار العائلة أو لجنة إصلاح ذات البين. د- المطالبة بحقوقك الاجتماعية والمالية؛ حتى لا يألف التفريط فيها ولا يتمادى في الاعتماد على جهودك. هـ- دعاء الله - عز وجل- أن يصلحه ويوفقه للصواب. أسأل الله برحمته أن يهدي زوجك للصواب، وأن يؤلف بينكما، وأن يسعد العائلة كاملة تحت مظلة الحب والتعاون والوفاء.

ما زلت بكرا وزوجي مدمن خمر، و ...

ما زلت بكراً وزوجي مدمن خمر، و ... المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 7/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أرسلت مشكلتي لعدة مشايخ، ولكن -للأسف- لم أجد منهم أي رد، أنا عروس من منذ عدة أشهر، مشكلتي هي زوجي من أول يوم عرفت أنه يشرب الخمر، ولكني أحبيت أن أقف بجانبه، وحاولت أن أبعده عن هذا الطريق، وكل يوم أنصدم فيه أكثر، حتى إنه لم يقترب مني أو يلمسني إلى الآن، وفي رمضان تركت بيت عمي بناء على كلام عمي وعمتي؛ لكي يحس أنه غلطان بحقي، خصوصاً أنه لا يرجع البيت كل يوم إلا الفجر، وللأسف أحاول أن أنصحه، ولا أجد منه إلا السب والشتم والصراخ، حتى أمام إخوانه الشباب وزوجاتهم، ومن يوم ما طلعت من بيت عمي لم يسأل عني، وجاء بيتنا يوم العيد، وسلم على الرجال في المجلس وذهب، لم يسأل عني ولا يصرف علي، وكأني لست زوجته، أنا مقهورة ونفسيتي سيئة للغاية، الحمد لله الشيء الذي يصبرني هو الدعاء، وإني دوماً ألجأ إلى ربي، عرفت أنه عنده شقة ويعيش فيها وحده -والعياذ بالله- ولهذا السبب كرهته، والآن أريد أن أطلب الطلاق، لكني خايفة على سمعتي؛ لأن الناس سيقولون تزوجت قبل أشهر وطُلقت، وأنا لا أريد أحداً يتكلم عني بالشر، ولا أستطيع أن أكمل مع هذا الإنسان، حتى أمه وأبوه يدعوان عليه. أرجوكم ساعدوني، أنصحوني -جزاكم الله خيراً- يعلم الله كم أنا محتاجة للنصيحة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، وأتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. أختي الفاضلة: لقد قرأت رسالتك مرة تلو أخرى، وتفاعلت معها تفاعلاً شديداً، وعلمت أنك في حيرة من أمرك، وحق لك ذلك، ويعلم الله أنه قد ساءني ما أساءك، وأحزنني ما أحزنك، لكن هوني على نفسك "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسراً" [الشرح: 5-6] وقبل الشروع في حل المشكلة والإجابة عن سؤالك أود أن أقول: إن السبب الرئيسي في هذه المشكلة التي حلت بساحتك هو أنت وأهلك، نعم، لا تتعجبي من قولي، هل كان اختيار أهلك لهذا الشاب على أساس ديني أم ماذا؟ وكذلك أنت، بمعنى آخر على أي أساس تم اختيارك لهذا الشاب ليكون زوجاً لك؟ أين أنتِ وأهلك من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".

هل هذا الشاب من الملتزمين بالدين ويتمتع بخلق قويم؟ وسيرة طيبة بين الناس؟، أم ماذا؟ هل كنتم تجهلون حاله من هذا الفسق والفجور؟ إذا قلت إننا لم نعرف وهذا يستبعد؛ لكونه قريباً منكم، لماذا لم تسألوا عنه وعن دينه، وأخلاقه، وسلوكه؟ ألم تلاحظوا عليه أي سلوك غريب ومريب أثناء فترة الخطوبة؟ ألم تلاحظي عليه عدم التزامه بشرع الله من عدم الصلاة وغيرها؟ وكيف حالك أنت بالالتزام بشرع الله؟ هل أنت ملتزمة بالصلاة والحجاب، وعدم مشاهدة ما يغضب الله، أو السماع إلى الأغاني، وغير ذلك من المنكرات، مشكلتنا أننا لا نلجأ إلى الدين إلا بعد فوات الأوان، ونقول نريد حلاً على ضوء الشريعة، فأين نحن أولاً من الشرع؟ حتى نلجأ للشرع ثانياً!! أختي المسلمة: لا تغضبي من كلامي، فأنا أود أن ألفت نظرك لهذا الأمر الهام، حتى لا يتكرر الخطأ مرة أخرى، وبناء على ما ظهر من رسالتك، إذا لم يكن هناك أمل في إصلاح هذا الرجل، فلا تبقي معه ساعة واحدة، وخصوصاً إذا كان تاركاً للصلاة، وأظنه كذلك، فتارك الصلاة كافر في أصح قولي العلماء، وعليه فلا يحل لك البقاء معه ما دام أنه تاركاً للصلاة، فضلاً على ما هو عليه من شربه للخمر وفجوره، ويبدو أنه ليس له رغبة فيك بالمرة، بدليل أنك ما زلت بكراً، وهذا الأمر، أي كونك بكراً خير لك. فيا أمة الله: اطلبي الطلاق من هذا الرجل، ولا تلتفتي إليه، وعليك بالالتزام بشرع الله، وسيعوضك الله خيراً منه -بإذنه تعالى-. أما خوفك من كلام الناس فلا تلقي بالاً لذلك الأمر، ولا يعنيك كلامهم في شيء، ولا تلتفتي إليهم، ولكن اعملي ما يرضى الله ولو بسخط الناس، ما دخل الناس في شؤونك الخاصة؟! هذه هي حياتك ومستقبلك، وأنت لك مطلق الحرية في أن تختاري لك حياة طيبة هادئة، تقوم على تقوى من الله من أول يوم، وحياة يسودها الحب والمودة والرحمة، والتي من أجلها شرع الله الزواج قال - تعالى-: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون". فيا أختي المسلمة: عليك بالمبادرة وطلب الطلاق من هذا الرجل، وخذي العهد على نفسك ألا تتزوجي إلا من رجل صاحب دين وخلق قويم، وسيرة طيبة بين الناس حتى يعوضك عما رأيت من هذا الرجل السيئ، وحتى يكون بيتك بيتاً إسلامياً، ينشأ فيه الأولاد على طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-. ولا بد أن تعلمي أهلك بما يحدث؛ حتى يكون لهم موقف حازم مع هذا الشاب العابس بأعراض المسلمين، المضيع لحدود الله وحقوق من له حقوق عنده. وعلى ضوء ما ذكرت في رسالتك فلا أجد شيئاً يجعلك تستمرين مع هذا الرجل السيئ، فاتركيه غير مأسوف عليه، ولا تزال الفرصة أمامك في أن تتزوجي رجلاً خيراً منه، فبادري بالأمر ولا تتقاعسي، حتى لا يضيع عليك الوقت، وعندها تعضين أصابع الندم ولات حين مندم. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عصبيتها وصلت إلى حالة مرضية

عصبيتها وصلت إلى حالة مرضية المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 07/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. أخي: أنا في محنة من عصبيتي، وصلت لحالة مرضية، وكان السبب فيها ظلم زوجي لي ولأولادي، كان يتعمد إثارتي، حتى إنني بسبب عصبيتي أضغط على أعصابي بشدة ولا أملك زمام نفسي، حتى إني خسرت الكثير، وانفصلت عن زوجي الذي يعيش في بذخ، ويفضِّل الكماليات والأشياء الترفيهية على أن ينفق على أطفاله، وينفق على أطفاله من زوجته الأولى، ويحرم هؤلاء الأطفال من حقهم الشرعي، وأنا صابرة عليه أكثر من 6 سنوات، ولعله يتقي الله، ولكن لا جدوى، بعت ما أملكه، وأخذ ذهبي مني حين تركته وسافرت بحجة أني تركته، ويقول ليس لك حق فيه وأنت تركتيه، وأنا لا أعرف إن كان سكوتي عليه ظلم لأطفالي أم لا، لا أريد أن أذهب للقضاء ولا للمحاكم، ماذا أفعل معه؟ وماذا أفعل لعلاج العصبية؟ مع العلم يا فضيلة الشيخ أني طيبة القلب جدًا ولا نزكي على الله أحداً، ومع العلم أن مطلقي دكتور في الشريعة والفقه، ولكن يعلم الله به في فتواه وأفعاله، والله المستعان على أمثاله. أرجو الرد علي حتى لا يضيع أطفالي ولا أجد لهم ما يعينهم على الحياة، ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد

فمرحبا بك ـ أختنا الكريمة ـ وندعو الله تعالى أن يرفع عنك ما أهمك وما أغمك، وأن يبدل حالك إلى أحسن الأحوال، واعلمي يا أختاه أن دوام الحال من المحال، وأن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء، وهو الذي يقلب الليل والنهار، فلن يبقى الظالم ظالمًا ولا المظلوم مظلومًا، واعلمي أن الدنيا دار ابتلاء وشقاء، فقد يبتلى الرجل بزوجة سيئة الخلق يشقى بها، وكذلك المرأة قد تبتلى بزوج ظالم يسيمها سوء العذاب، وما على هذا تقوم حياة الأسرة المسلمة، فللإسلام رأيه ومنهجه في حالة الحب والكره، في الاستقرار والانفصال، ولم يترك أهله دون تشريع ينظم لهم أمورهم، ولقد أوصى الإسلام الزوج بزوجته، وكذلك أوصى المرأة بزوجها، وأوصى كلاهما بأولادهم حفظًا ورعاية ونفقة، كما أن في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الأسوة في علاقته مع أزواجه: يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ (وكانت سيرته مع أزواجه: حسن المعاشرة، وحسن الخلق. وكان يسرب على عائشة بنات الأنصار يلعبن معها. وكانت إذا هوت شيئًا لا محذور فيه تابعها عليه. وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عرقًا ـ وهو العظم الذي عليه لحم ـ أخذه فوضع فمه موضع فمها ... ) ويضيف ابن القيم (وكان لطفه وحسن خلقه أنه يمكنها من اللعب ويريها الحبشة، وهم يلعبون في مسجده، وهي متكئة على منكبيه، تنظر وسابقها في السير على الأقدام مرتين.. وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة) . (وكان يقول: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله") أخرجه الترمذي (3895) كما أن الشريعة ـ يا أختنا الكريمة ـ ويفترض أن يكون مطلقك ـ دكتور الشريعة ـ سامحه الله ـ أعلم بذلك، أقول: إن الشريعة أوجبت على الزوج أن يوفر لامرأته المطالب المادية من النفقة والكسوة والمسكن والعلاج ونحوها، بحسب حاله وحالها، ومن الآداب الزوجية التي ذكرها الغزالي في "إحياء علوم الدين": أن يزيد على احتمال الأذى منها، بالمداعبة والمزاح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء، أما إذا استحالت العشرة ووصل الأمر إلى الطلاق؛ فينبغي أن يكون بالمعروف، قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) [النساء:19] ؛ لذا فإني ـ وفي حالتك هذه ـ أنصحك يا أختنا بالآتي: 1ـ تكرار المحاولة مع زوجك هذا بتذكيره بحقوقكم عليه أنت والأولاد، وليكن هذا ـ مثلاً ـ عن طريق الأولاد فربما لان قلبه، ورق فؤاده 2 ـ توسيط بعض أقاربه أو أقاربك ممن تتوسمين فيهم الحكمة والصلاح، وإلا فبعض من زملاء مهنته من أساتذة الفقه والشريعة 3- فإن لم تفلح هذه المحاولات ولم تأت بنتيجة، ولم تصل بك إلى حق، فلا عليك أن تلجئي إلى مقاضاته لأخذ حقك وحق أولادك، وإن كنا نفضل أن يمتثل لأمر الله ورسوله من قريب، وأن يعطي الحق لأهله، وألا ينسى الفضل بينكم،

أما عن "العصبية" التي تعانين منها فهي نتيجة طبيعية لما مر بك من محنة وألم، لكن ـ يا أختنا الطيبة ـ هوني على نفسك، فستمر المحنة وتنكشف الغمة، وستدور الأيام دورتها، ولن يبقى الحال على ما هو عليه، قال تعالى:"وتلك الأيام نداولها بين الناس.." [آل عمران:140] ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر المؤمن بصبره وشكره في جميع أحواله. فعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له". رواه الإمام أحمد (18934) ، ومسلم (2999) . كما أنصحك بكثرة صلاة النوافل؛ فهي من أعظم أنواع القرب من الله والاستعانة به، قال تعالى:"واستعينوا بالصبر والصلاة" [البقرة: آية 45] . وكذلك أكثري من تلاوة القرآن، وذكر الله تعالى، وخصوصا الاستغفار، ففيه تفريج الهموم، والرزق الكريم، فعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب " رواه أبو داود (1518) ، وابن ماجه (3819) .

تعيش في تعاسة مع زوجها

تعيش في تعاسة مع زوجها المجيب عفاف بنت حمد الونيس عضو في الإدارة العامة لتقنية التعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة التاريخ 16/11/1425هـ السؤال أنا امرأة مسلمة، متزوجة منذ سنوات عدة، وعندي طفلة عمرها بضع سنوات، أعيش حياة تعيسة مع زوجي من جميع النواحي، ولا توجد بيننا علاقة، وقد ظلمني كثيرًا خاصة أنه يشرب الخمر، ودائم السهر خارج البيت، وله عشيقة من الجنسية الروسية، وأنا تربيت في أسرة طيبة ومسلمة، لكني أحس الآن ببعدي عن الله، خاصة أنني مقصرة في الصلاة، وفي لحظة ضعف تعرفت على شخص محترم ومتزوج، ويريدني زوجة، وتعددت لقاءاتنا وحضنني وقبلني، وأنا الآن نادمة، وأخاف الله كثيرًا، وقلبي يحب هذا الرجل لكني أخاف الله ولا أعرف ما عقوبتي، وأخاف أن أقع في الزنى مع أنني طلبت الطلاق من زوجي كثيرًا لكنه لا يبالي لشيء، أنا تعيسة لأنني تغيرت وأغضبت الله، فهل ما فعلته عندما قبَّلني هذا الرجل يعتبر زنى، وما علي أن أفعل حتى يغفر الله لي؟ أرجوكم ساعدوني أنا تعيسة جدًّا. الجواب الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: في البداية أسأل الله سبحانه وتعالى، لك الثبات على دينه، وأبشرك أن شأن المؤمن كله خير؛ كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ! إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ". أخرجه مسلم (2999) . أما جواب السؤال فمن شقين: الأول: يخص الزوج. والثاني: يخص وضعك مع هذا الرجل. أولًا: أريد أن أسألك: هل جربت مع زوجك سهام الليل؟ كما قال الشاعر: سِهَامُ اللَّيلِ لَا تُخْطِي وَلَكِنْ لَهَا أَمَدٌ وَلِلْأَمَدِ انْقِضَاءُ فإن كنت جربت الدعاء له في جوف الليل بالهداية والصلاح، وأن يرده الله إليك وإلى ابنته- ومع ذلك لم يحصل تحسن، فلعل ذلك من الابتلاء الذي لك أجر الصبر عليه، فإن لم تستطيعي الصبر فاسألي الله العافية. أما بالنسبة لطلب الطلاق فهو أبغض الحلال إلى الله، ولكن إن كنت ترين أن المودة قد انقطعت بينكما لتعلق كل واحد منكما بآخر، فلا بأس من طلب الطلاق إن كان تاركًا للصلاة، جاحدًا لوجوبها، فإن أبى ففي دين الله سعة؛ فلك طلب الخلع عند القاضي الشرعي، وأنت، ولله الحمد، في بلد إسلامي لا يخلو من المحاكم الشرعية. ثانيًا: هذا الرجل الذي وصفتيه بالمحترم فأسألك: ما معنى الاحترام؟ هل من يخلو بامرأة ويفعل معها ما ذكرت يسمى محترمًا؟! ما مقياس الاحترام، واحترام ماذا؟ هل هو احترام شعائر الله والوقوف عند المحرمات؟! أقول: لابد من قطع علاقتك بهذا الرجل إلى حين إنهاء إجراءات الطلاق أو الخلع وانتهاء العدة، ثم يتقدم لخطبتك على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أو لعل الله أن يبدلك خيرًا منه.

أما سؤالك: هل ما فعلت عندما قبَّلك يعتبر زنى؟ فالجواب: أن هذا ليس زنى وإنما هو من مقدمات الزنى المحرمة، وليس له حكم الزنى من الرجم لكل محصن قارف الجماع لمن لا تحل له، وعليك التوبة من هذا الذنب العظيم. أما إحساسك بالتقصير تجاه رب العالمين، فهذا لأن من تخالطين لا يذكرونك بالله سبحانه وتعالى، فاحرصي على اتخاذ صديقة تذكرك بالله وبالطاعات، وأوصيك بقراءة كتاب الله تعالى؛ فهو شفاء وهدى ورحمة، قال تعالى: (أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28] . وأكثري من النوافل والذكر على كل حال؛ عسى الله أن يغفر لك، فهو سبحانه القائل: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الفرقان: 68-70] . فالتوبة تجب ما قبلها إذا كان العبد صادقًا لله تعالى. وختامًا: أسأل الله لك الإعانة والتوفيق وصلاح الحال، آمين.

أهل الزوجة

معاناتي مع أم زوجي! المجيب مريم الثمالي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة التاريخ 02/11/1426هـ السؤال أنا امرأة متزوجه منذ خمس سنوات، وزوجي مغترب في أحد البلدان العربية، ومشكلتي مع أم زوجي، فهي دائماً تختلق المشاكل بيني وبين زوجي، وتصفني بعبارات بذيئة، حتى إنها جعلت زوجي يطلقني، ولكنه أعادني بعد تدخل أهلي، فقد حولت حياتي إلى جحيم، وجعلتني أبدو أمام أهلي المخطئة والمتطاولة عليها؛ بحجه أني لا أقوم بواجبات البيت، والله لقد حاولت الانتحار ذات يوم، وعندما تأتي اللحظة الحاسمة أتذكر عذاب القبر وخوفي من الله، وأتراجع عن ذلك، علماً أن زوجي يحبني وأنا كذلك، ولكنه ضعيف الشخصية، وسرعان ما يستسلم لإرادة أمه الشيطانية. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: في بداية الأمر اعلمي أن من أعظم أبواب الأجر الصبر على أذى الناس ... احتسبي ذلك، وأكثري من الدعاء، وقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم- حسبي الله ونعم الوكيل- اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ... عظمي الله -عز وجل- فمن عظَّم الله -عز وجل- يعظمه الناس، ثم عليك بالخطوات التالية: 1- بعد تفويض الأمر كله لله عليك بأن تكسبي طرفاً لصالحك يعد هو صمام الأمان بالنسبة لك..أهلك أو زوجك الأقرب إلى تفهم وضعك، والذي يأمن جانبك ويثق بك، وفي المقابل تأمنينه وتثقين به. هذا الأمر مهم جداً لك من الناحية النفسية، فهو يعتبر الأذن الصاغية لمعاناتك -المرشد لك- المدافع عنك. 2- اعملي جاهدة وفي أسرع وقت أن تكوني برفقة زوجك، وحاولي تذليل العقبات التي تحول دون ذلك.. بالدعاء وبإقناع زوجك وتشجيعه على ذلك. 3- لن أقول لك حاولي كسب أهل زوجك؛ لأنك لاشك حاولتِ ذلك مع الوقت من تنوع الأساليب معهم بالتقرب إليهم من هدايا -ومشاركتهم فيما يهمهم- ملامسة معاناة أحدهم، اعملي ذلك واحتسبي ولا تنتظري ولا تنظري إلى ردة فعلهم تجاه ما تعملينه، لأنها لا شك ستكون في البداية قاسية، ومع الوقت حتماً ستبدأ بالتغير للأفضل. 4- لن يكون كل الحل هو التودد والتقرب لهم؛ لأن هذا الأمر بطيء الأثر قصير المفعول كما يبدو لي مما ذكرتيه عنهم.. عليك بفهم ما وراء سلوك عمتك (أم زوجك) ، هل هي مشاعر غيرة؟ هل هي مشاعر الابن؟ هل كنت أنتِ السبب وراء سفر الابن (أقصد) صعوبة أمور النفقة عليه بعد الزواج ألجأه للسفر بعيداً أو كسب العيش؟ عموماً عليك بعد توقع السبب الجلوس مع العمة بمفردها، وبدء حوار مناسب معها بأنك تتفهمين مشاعرها، وربما تكون لأجل كذا أو كذا وغير ذلك. محاولة تطمينها بأن الأمر لن يطول، وبإذن الله ستسير الأمور على ما يرام. 5- حاولي قدر الإمكان الانفصال عن عالمهم وتقليل الاحتكاك بهم. 6- عليك -وهذا ما يهم- أن تقوي من ثقتك بنفسك قدر المستطاع، فأنت في هذا الظرف الذي تعيشينه بحاجة إلى القوة أكثر من الاستسلام والانسحاب، (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) .

تحتاجين إلى أن تتعرفي على ذاتك بسلبياتها وإيجابياتها بإنصاف، تحتاجين أن تحبي ذاتك بلا شروط مهما كان نبذ من حولها لها، ومهما كانت السلبيات، فنفسك أولى الناس بحبك والاهتمام بها، وهذا كافٍ مغنٍ عمن حولك إلى حد كبير، وهذا الأمر سيجعلك تبحثين عن الأفضل دائماً لنفسك، وتقللي من لوم ذاتك والوقوف على سلبياته، بل بالعكس سيعودك على التفكير بإيجابية تجاه المواقف وتجاه نفسك.. سيجعلك تبحثين دائماً عن الحلول بدلاً من الوقوف بأسى على المواقف السيئة في حياتك، عبري عن مشاعرك السلبية والإيجابية بإنصاف، بعيداً عن المراعاة الزائدة لمشاعر الآخرين أو جرحهم، فهذا الأمر سيقلل من مستوى الكبت الذي لديك. أكثري من التنفيس بواسطة الكتابة إذا لم تجدي من يسمعك، فهذا له دور بارز في مساعدتك، ولا تنسي أن هناك باباً أعظم للتنفيس، وهو دعاء الله، وبث الشكوى إليه وانتظار الفرج. 7- انتبهي جيداً لسيل أفكارك التلقائية السلبية التي تلي أي موقف سلبي تواجهينه.

أم الزوجة

أم الزوجة المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة التاريخ 18-9-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا رجل تزوجت منذ سنة ولكن لم أعش مع زوجتي إلا شهرين ولي منها الآن ولد ولله الحمد. وكان سبب انفصالنا والدتها وذلك بسبب تدخلها في حياتنا الزوجية وبالذات توجيه ابنتها في أمور كثيرة ومنها المطالبة المالية التي لا نهاية لها. وإن لم أنفذ أي طلب اتصلت أم زوجتي على هاتفي وتأمرني بتنفيذ هذا الطلب بحجة أن فلاناً يعطي فلانة وغيرهم من الناس بل وأتشاجر معها حتى أني لا أستحمل الشجار معها وأغلق الخط في وجهها، حتى أصبح هذا سبب انفصالنا. والآن أريد أن أعيدهاوأريد منكم إرشادي إلى الخطوات التي أتبعها. وجزاكم الله خيراً الجواب الأخ الكريم.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع"الإسلام اليوم" لا أدري ما ذنب زوجتك حتى تطلقها وتنفصل عنها إذا كانت أمها سيئة؟ أيضاً لا أدري مدى ارتباطك وحبك لهذه الزوجة وكيف عز عليك طلاقها إن كنت صادقاً في حبها؟ هل انتهت بك السبل والطرق في مفارقة هذا الخصام القبيح مع والدة زوجتك ولم تجد حلاً لذلك إلا الطلاق لابنتها؟ ألا ترى معي أن في ذلك نوعاً من الظلم وقع على تلك الزوجة التي لم يكن ذنبها إلا أن تكون بنتاً لامرأة سيئة ولا تعرف مصلحة أولادها أو حسن التصرف مع أزواج بناتها. على كل حال إذا أردت العودة لزوجتك فهذا أمر طيب جداً خاصة وأن لديك ولد منها ولكن عليك مراعاة ما يلي: أولاً: يجب أن تقيّم العلاقة بينك وبين زوجتك بمعنى هل هي علاقة متينة وملئها الحب والعاطفة والمودة؟ أم أنها علاقة ناشفة سيئة؟ أم هي علاقة عادية لا ترى فيها ما هو مختلف عن بقية الأسر الأخرى؟ أقول هذا لأنني أعتقد أنه سوف ينبني على ذلك نجاح رجوعك إلى هذه الزوجة وفشله. ثانياً: يجب أن تدرك زوجتك الخصوصية القائمة بين الزوجين وتبعد والدتها عن معرفة شؤونكما ولا أظنها سوف ترفض ذلك المطلب وهي قد عاشت ولامست عاقبة تدخل أمها في حياتها الزوجية وما نتج عنه من انفصال بينكما. ثالثا: مخاصمتك ومشاجرتك مع والدة زوجتك هو وقود الاستمرارية في ذلك النزاع القائم بينك وبين زوجتك، ولا أدري لماذا تدخل مع هذه الأم في مثل هذه المهاترات؟ . واعلم يا عزيزي أن مثل هذا الجنس من البشر يصلح معه أمران هما: أولا: إما تركها وعدم الدخول معها حتى بالكلام وخسرانها والصمت عندها بحيث لا ترى منك إلا صمتاً مطبقاً حتى وإن أرادت هي مفاتحتك فلا تدع لها مجالاً بالكلام لا في الهاتف ولا في الزيارة.. وتبقى بعيداً عنها تماماً وعن مقابلتها والتحدث إليها.

الحالة الثانية: وهي على العكس من الأولى.. بحيث لا تجني منك إلا الكلام فقط.. إذا طلبت منك حاجة استجب لها بالكلام فقط دون العمل والتنفيذ.. كن ليّناً معها وأعطها من معسول الكلام الكثير ولا تريها من الفعل والعمل مقدار حبة من خردل، وما دام الكلام رخيصاً لا يباع ولا يشترى فلا تبخل عليها بالحلو من الكلام والأماني وكل ما تريده هي فلا ترى منك إلا لساناً حلواً مطيعاً ليس له من الواقع إلا السراب. هذا الجنس من النساء تصلح معهم مثل هذه الطريقة ولكن بشرط تفهم زوجتك لهذه الطريقة وعدم إلحاحها مع أمها عليك. أخيراً حاول تجنب كثرة الزيارة لأهل الزوجة والدخول معهم في شؤون حياتهم أو الزيارات المتبادلة صباح مساء.. أم الزوجة تجلّ كثيراً زوج البنت المعتد بنفسه الغائب عنهم وليس الذي تراه في اليوم مرّة أو مرتين أو كل أسبوع. اجعل زيارتك أنت وليس زوجتك مرة كل شهر أو شهرين مثلاً، واجعلها زيارة خفيفة ربع إلى نصف ساعة مثلاً. أما زوجتك فلا بأس بزيارتها لأهلها ويبقى دورك هو إيصالها ثم الذهاب سريعاً حتى السلام أبقه سلاما عابراً ثم امض إلى حال سبيلك، وما جرأ أم زوجتك عليك إلا كثرة دخولك عليهم وكثرة معاشرتك لهم. حاول التعذر إليهم كلما طلبوا منك الزيارة باللطف والكلام الجميل ولكن لا تمكنهم منك ومن مخالطتك لهم لأن ذلك في النهاية سوف يعيد ابتزاز هذه الأم وتصرفاتها المشينة معك. وفقك الله وأسعدك,,,

حماتي تسيء إلي كثيرا

حماتي تسيء إلي كثيراً المجيب د. لولوة المطرودي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة التاريخ 27/3/1425هـ السؤال مشكلتي هي حماتي فأنا بشهادة الجميع جميلة ومهذبة وهادئة وعاقلة، -كما يقولون عني- لدرجة ضعف الشخصية، فأنا مسالمة إلى أبعد الحدود، وسهلة الانقياد، رغم أنني متعلمة وجامعية، المهم أنني تزوجت عن طريق الأهل من شاب ليس وسيماً، ولكنه متدين ومن عائلة متدينة، فوافقت على الفور رغم اندهاش الآخرين من موافقتي للزواج بشاب أنا أجمل منه بكثير، لكنني أصررت على الزواج به لدينه وأخلاقه، وفعلا تم الزواج، ووجدت نفسي أعيش مع زوجي حياة سعيدة جداً، فنحن متزوجان منذ عام ونصف، وأنا أراعيه وأهتم به وأخدمه دون شكوى أو ملل أو كلل، وهو ابن حلال، ولكن المشكلة أمه، فهي لا تكف عن توجيه الإهانات لي، وإسماعي ما أكرهه من الكلام، وتعمل على تحريض زوجي علي، وكلما التقينا بها عدنا إلى البيت ليبدأ الشجار بيننا بسببها بعد أن تكون قد نفثت بذور الفتنة بيننا، وكل هذا دون سبب! يقول لي إن أمه مخطئة ولكن ماذا عساه يفعل؟ فإذا نبهها إلى أن تنتبه إلى كلامها أخذت تبكي كالأطفال لمدة ست ساعات على الأقل دون توقف. زوجي يقول لي إنها مريضة نفسية، وأنني لم أخطئ معها، بل على العكس تحملت إهاناتها كثيراً من أجل زوجي، ولكن يبدو أنها تمادت في ذلك، لا أدري ماذا تريد الأم من ابنها غير أن يكون سعيدا في حياته! نحن الآن نعيش في بلد آخر بحكم عمل زوجي، ولكن كلما ذهبنا في زيارة إلى بلدنا تنغص علينا حياتنا، وزوجي ضعيف الشخصية أمامها، ولا يدافع عني حتى لو كنت على حق، بل يقوم بشتمي إرضاء لها، وهذا ما يغضبني، فقد تحيرت كلما قابلتها بالمعروف والحسنى تسيء إلي، هل يجب أن أكون لئيمة وشريرة حتى تحترمني؟ أم أن الطيبة في هذا الزمن أصبحت ضعف شخصية يستغلها الناس؟ أرجوكم أرشدوني؛ فأنا غاضبة جداً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم بارك الله فيك ووفقك لكل خير وزادك الله رفعة في الدنيا والآخرة لتواضعك، فمن تواضع لله رفعه، فهذه محمدة لك تثابين عليها - إن شاء الله- وأهنئك على اختيارك لهذا الزوج المتدين الصالح تمثلاً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ... " رواه الترمذي (1084) وابن ماجة (1967) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فنعم الاختيار الذي اخترته، ويدل على رجاحة عقلك، وعسى الله أن يتمم عليك نعمة حسن التصرف - كما امتنها عليك أولاً-. وإليك بعض التوجيهات التي يمكن أن ينفع الله بها: (1) الصبر على ما أصابك، واحتساب الأجر، والمثوبة من الله -تعالى-، فالصابرون لهم أجرهم عند ربهم بغير حساب، فإذا رضيت بقضاء الله على ما أصابك هانت عليك جميع العقبات، فالدنيا دار كبد. (2) الإلحاح في دعاء الله -تعالى- أن يصلح ذات بينكم.

(3) عدم الالتفات إلى ما توجهه أم زوجك إليك من إهانات ومحاولة تهميش ما لا ترضينه منها، فهذا حقيق بأن لا يؤثر على نفسيتك، لاسيما وأن زوجك متفهم للمشكلة، ويعرف حالة أمه، ويحاول أن يلقى لها العذر فيما تفعله تجاهك، وليس له تأثر على سلوكه نحوك - كما ذكرت- أنه يعمل على تهدئتها. فنصيحتي لك أن تتفقي مع زوجك على سماع كلامها، ومحاولة احتواء انفعالها بعدم التذمر من تصرفاتها، أو أن يكون لأقوالها مردود سيئ عليكما، فبمجرد سماعك لما لا ترضينه من القول اجعليه يذهب أدراج الرياح ولا تلقين له بالاً فيسهل عليك التعامل معها؛ لأنه قد يكون هذا التصرف منها نحوك لمرض نفسي عندها- كما ذكر زوجك- أو تقلبات سن اليأس التي تؤدي إلى مثل هذا عند بعض النساء، وقد تكون غيرة على ابنها، فبعض النساء لا تتفهم نوع العلاقة بين الزوج وزوجته وتظن أن الزوجة استحوذت على ابنها، ولذلك أنصحك ببعض النصائح: 1- لا تظهري أمامها حبك لزوجك وتعاملي معه كأخ عند حضورها، ونبهي زوجك على أن يتصرف معك كذلك حتى لا تشعر بالغيرة، وكذلك عدم اطلاعها على كل ما يثير غيرتها كالمشاوير والمشتريات الخاصة بكما، وحاولا الذهاب بها إلى السوق لتشتري ما تحتاجه، واصحبوها معكم في رحلة إلى منتزه من المنتزهات حتى تشعر بأهميتها. 2- أشعريها باهتمامك بها في تصرفاتك وما تحملينه لها من الهدايا اليسيرة التي تناسبها، وكذلك حثِّ زوجك على رعايتها والاهتمام بها، وإظهاره التعاطف معها، أما دفاعه عنك فليس في مصلحتك؛ لأنها لن تتفهم ذلك، بل سيزيد الأمور اشتعالاً، ويكفيك تفهمه لك فيما بينك وبينه. 3- نصيحتي لك ألا تحملي الموقف أكثر مما يحتمل وحاولي جعله آنياً في وقت المجلس فحسب، ولا تعيدي ذكره تارة أخرى عند زوجك، فتقسو القلوب فإن من مصلحتك ومصلحة زوجك رضاء والدته عنه، وستجدين مردود بركما بها على أولادكما فيما بعد. والعاقبة للمتقين، والله أعلم.

حماتي نكدت علي حياتي

حماتي نكدت عليَّ حياتي المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة التاريخ 24/04/1425هـ السؤال أم زوجتي تحرض زوجتي علي دائماً، وتتدخل في كل صغيرة في حياتنا، وقد حدث خلاف صغير بيني وبين زوجتي، وتدخلت أمها بتحريضها لها بأخذ عفشها والذهاب إلى بيت أبيها، ووجدت موقف أبوها سلبي جداً حتى أنني بدأت أفكر في تركها لولا الأولاد، سؤالي أنني أعاني من تدخلات أمها غير المباشرة طبعا، وأصبحت لا أدخل بيت أهلها مطلقا لتفادي مقابلة أمها؛ لأنني عندما أراها أضطرب وأتغيظ، هل عليّ ذنب إذا لم أدخل بيتهم تفاديا لسماع أي كلمة قد تثير المشاكل - أريد نصيحتكم كيف أتعامل مع أهلها؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: الأخ الكريم: -حفظه الله - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو المعذرة على التأخر في الجواب. أخي الكريم: عندي عدة تساؤلات حول مشكلتك هذه: تساؤلي الأول: هل أنت متأكد من أن أم زوجتك هي التي تحرض زوجتك أم أنه ظن وتوقع منك؟ فإن كان ظناً وتوقعاً فأرجو أن تبحث عن السبب الحقيقي للمشكلات بينك وبين زوجتك. تساؤلي الثاني: كيف تدري أم الزوجة عن تفاصيل حياتكم حتى تتدخل فيها؟ هل تبحث هي وراءكم وتتبع الأخبار حتى تصل إلى ما تريد؟ أم أن زوجتك من النوع الذي ينقل كل أمور البيت ومشكلاته إلى هناك؟ فإن كانت الزوجة هي التي تنقل كل شيء فالعلاج أسهل؛ وذلك بمنع الزوجة من توصيل الأخبار إلى هناك، ويكون المنع قاطعاً جازماً مع الإقناع بمساوئ هذا العمل، ومع التذكير بالله - عز وجل- في التسبب في المشكلات، وإحداث القطيعة بسبب نقل الأخبار إلى هناك، وأما إن كانت أمها هي التي تبحث عن أخباركم؛ فالأمر أصعب قليلاً ولكنه مقدور عليه - إن شاء الله -، وأوصيك أن تكون حازماً قليلاً في منع الزوجة من التجاوب مع أمها حين تفتش الأم عن أخباركم. التساؤل الثالث: كيف أنت في علاقتك بأم زوجتك؟ هل تؤدي حقها من الصلة والسؤال والإحسان بالكلمة الطيبة، وبالزيارة والأدب والتقدير؟ أم أنك مقصر في ذلك كله أو بعضه؟ فإن كنت مقصراً فلا بد أن تعود إلى الصواب وتؤدي الذي عليك من الأدب والاحترام والصلة بالسؤال عنها والاتصال والزيارة، بل وتزيد على ذلك فتحسن إليها بالهدية ونحو ذلك، والنفوس جُبلت على حب من يحسن إليها. إذاً: احرص على كسب أم زوجتك وستنتهي مشكلتك هذه، بل ستعينك على إصلاح ابنتها (زوجتك) . أخي الكريم: حاول إصلاح زوجتك وتعليمها هذا الجانب من العشرة الزوجية واستخدام الوسائل التالية لعلها تفيد: أولاً: الوسائل المباشرة: أ- الإقناع المباشر منك بأن تجمع سلبيات هذا الموضوع ثم تطرحها عليها بأسلوب هادئ مقنع يخاطب العقل ويعرض المفاسد، وقد يكون هذا الإقناع عن طريق إجراء حوار بينك وبينها، تطرح هي دوافعها إلى هذا العمل وتقوم أنت ببيان الخطأ في ذلك. ب- الوعظ والتذكير بالله - عز وجل- وبيان ما في هذا العمل من مخالفات شرعية مثل: معصية الزوج، إفساد العلاقة بين اثنين ما، تخريب بيت أسرة مسلمة.

ج- سماع شريط متعلق بالموضوع تقومان بسماعه سوياً، وتتناقشان حول بعض المقاطع المهمة. ثانياً: الوسائل غير المباشرة: أ- أخذها إلى المحاضرات أو الدورات المتعلقة بالعشرة الزوجية. ب- توفير الوسائل الإعلامية التي تخدم هذا الجانب في البيت، بحيث تكون تحت نظر الزوجة لتقوم بمشاهدتها أو قراءتها أو سماعها، وذلك مثل المجلات المتعلقة أو الكتب الخاصة، أو بعض الأشرطة السمعية أو المرئية. ثالثاً: الحزم مع الزوجة في الالتزام بعدم نقل مشكلات البيت إلى بيت أم الزوجة وعدم إقحام الزوجة في المشكلات. أخي العزيز: أما موضوع القطيعة مع أهلها (أقصد عدم زيارتهم) فلا تلجأ إليه إلا عند عدم جدوى كل المحاولات، وعند وجود ضرر واضح عليك، وعلى أسرتك، فالشريعة تدل على صلة الأصهار، ثم إن المقاطعة لا تقرب القلوب بل تبعدها في كثير من الأحيان، وتمتد الآثار السيئة للمقاطعة إلى بقية أفراد الأسرة كأبنائك وبناتك. أخي الكريم: أما ما ذكرته من أنك تفكر في ترك الزوجة لأجل هذه المشكلة فأرجو أن تنسى هذا الأمر ولا تفكر فيه؛ لأن له آثاراً سيئة كثيرة من هدم البيت وتضييع الأولاد، والحرمان من الحياة الزوجية وإن كان هناك ما يكدرها. أسأل الله الكريم بمنه وكرمه أن يصلح حياتكم ويجعلها سعيدة أبداً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

والداي يكرهان زوجي!

والداي يكرهان زوجي! المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة التاريخ 28/05/1426هـ السؤال زوجي رجل مهذَّب ويرحِّب بأقاربي، والآن والداي يعيشان معي، إضافة لابن أخي. المشكلة أن والديَّ دائماً يتكلمان بالسوء عن زوجي، لكنني أعلم أنه رجل محترم ومهذَّب ويحترمهما جداً، فهما يظنان أنه شرِّير وبخيل. وزوجي يحبني ويحب أهلي، فأنا لا أريد إهانة والديّ، وفي الوقت نفسه أريد منهما أن يحترما زوجي، أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب أختي الكريمة، مشكلتك تتمثل في إحساسك باضطهاد والديك لزوجك، وعدم تقديرهما له، رغم أنه يستقبلهما في بيته ويقدرهما ويحترمهما، وهذا في تصوري لا يمكن تحديد أسبابه مباشرة دون أن يكون لدينا خلفية اجتماعية عن والديك وعن زوجك من حيث المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي. ولكن أدرك الصراع الذي تعيشينه، ولعلي في حروفك أقرأ كثيراً من التعب النفسي الذي تشعرين به، فأنت بين والديك وزوجك. يبدو من الوهلة الأولى أن زوجك أكرم والديك، فهما يقيمان عنده، وهو الذي ينفق على المنزل، وتقبله إيجابي لهم، ولكن من المتعارف عليه أن كثيراً من كبار السن -عند بلوغهم مرحلة متقدمة في العمر- يصعب اقتناعهم بكرم الآخرين، أو العطف من الآخرين عليهم. لذلك تصدر منهم السلوكيات التي تثير الاحتقان ضدهم، والمتخصِّص في بحوث الشيخوخة يراها طبيعية في ضوء التغيرات السلوكية التي يعانون منها. هناك كتب مفيدة عن الحياة السعيدة لكبار السن، لعلك تقتنيها، والفائدة ستكون لزوجك كثيراً، فهو سيدرك طبيعة تلك التغيرات، حتى يستطيع تقييم تلك السلوكيات وتقديرها عند وضعها الطبيعي. لا أنصحك بتضخيم الموضوع، وثقي أن كبار السن من الصعب الحصول على قناعاتهم بسهولة، فلديهم زيادة في الحساسية، خاصة عندما يرتبط ذلك بعدم وجود ما يشغل عليهم أوقاتهم، ويتصرفون أحياناً بدون تجمل، ودائماً ما ينتقدون الأجيال الشابة، فهم قد يشعرون بقرب نهايتهم، ولديهم تغيرات نفسيه كثيرة علينا إدراكها. لذلك تعاملك مع والديك سيكون غير مباشر، فمثلاً عليك إعطاؤهم من البرامج -بالتنسيق مع المؤسسات المحلية لديكم- ما يستطيعون به قضاء وقت فراغهم والالتقاء بغيرهم، وعمل صداقات جديدة، ويمكنكم تأمين بعض الألعاب القديمة لهم داخل المنزل. وشكري وتقديري لزوجك على حسن أخلاقه وتقديره لوالديك، فهذا هو الأصل في التعامل الراقي مع من يحب، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقدِّر صديقات وقريبات خديجة -رضي الله عنها- أم المؤمنين زوجته الأولى، تقديراً وحباً في خديحة -رضي الله عنها- فاحترام زوجك لوالديك علامة على حبه وتقديره لك، فبارك الله لكما. دعائي لك أختي الكريمة بأن يستر الله عليكم، ويحفظكم بحفظه، وأن يهدينا للصراط المستقيم، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.

والداي يسألاني النفقة ولو من مال زوجي!

والداي يسألاني النفقة ولو من مال زوجي! المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة التاريخ 18/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد تزوجت من رجل متدين جداً، وحالته المادية ممتازة، ونعيش في إحدى الدول الأوربية ليكمل دراسته، وكان من شروط الزوجة التي أرادها هو أن تكون ديِّنة، تصون بيته وعرضه، فرضيتُ به على هذا الأساس، وأصبح زواجنا على هذا الهدف، أما والداي فقد قبلوا به زوجاً لي قناعة بيسر حاله وتفوقه العلمي، وطمعاً في الاستفادة منه ومن ماله، وبدأ كل منهما يحمل الكره الشديد له ولأهله؛ لأنه دائماً يرسل مالاً إلى والديه، ولكن والديَّ يقولان لي: لماذا لا يرسل إلينا أيضاً؟ يتوجب عليه أن يرسل لوالديك مثلما يرسل لوالديه؛ فقد أعطيناه امرأة مؤهلة، فواجب عليه أن ينفق علينا، علماً أني تركت طموحي في الماجستير، والتعيين معيدة في الكلية؛ من أجل أن أحافظ على العهد الذي قطعته مع الله في الحفاظ على بيتي وزوجي وأطفالي، لذا ليس لدي مال خاص بي فقط، أنا وزوجي نجمع المال لشراء منزل، والرجوع إلى الوطن، ولكن والديَّ يطالباني بمصروف شهري لهما، أو بالأحرى من زوجي، مع العلم أن حالتهما جيدة ومستورة والحمد لله، ولكنهما يبغضان أهل زوجي؛ لأنهم يتمتعون بمال ولدهم، فكيف أتعامل مع والديَّ دون أن أجرحهما؟ أو أشيروا علي ما هو المناسب في القضية؟ وجزاكم الله ألف خير. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بك ـ أختنا الكريمة ـ في موقع (الإسلام اليوم) ، ونفعك الله بما يُقدَّم فيه.. مشكلتك ـ أختنا الموقَّرة ـ هي مشكلة العديد من العائلات ممن تبني اختياراتها على نظرة مادية بحتة، وتتطلع إلى الكم قبل الكيف، ومن فضل الله عليك أن جمع زوجك بين التدين والالتزام، وبين حالة مادية (ممتازة) -كما تذكرين-؛ لكن دعينا نتعامل مع هذه المشكلة حسب معطيات الواقع المعاش، والذي يشكِّل ضغطاً نفسياً واجتماعياً شديداً قد يكون من المتعذّر تجاهله: فأولاً: ذكرت أن والديك غير متعمقين في الدين، وهذا مبرِّر أول لوجود تلك النظرة المادية للأمور. وثانياً: في مجتمعاتنا العربية -أو في بعضها على الأقل- إذا وصلت الفتاة إلى ما بعد التعليم الجامعي (مرحلة الدراسات العليا) ، ثم إلى درجة التوظف كمعيدة -كما تذكرين- فمعنى ذلك أن هذه الأسرة التي بذلت جهدها، وأنفقت حتى أوصلتكِ إلى هذا المستوى من التعليم، هي في انتظار شيء من المساعدة، وإن شئت فسميها (رد الجميل) ، وبما أنك تعاهدت على التفرغ لبيتك وزوجك وأبنائك؛ فقد كان والداك ينتظران منكما ما كانا يتوقعانه، صحيح قد لا يكون واجباً على الزوج أن ينفق على أهل زوجته، كما هو واجب عليه تجاه والديه؛ لكن لماذا لا يعتبر زوجك أن له والدين آخرين هما أبوك وأمك، وهو رجل ـ كما قلت ـ متدين جداً؟

فالزواج ليس بين رجل وامرأة فقط؛ بل هو تراحم عائلتين جمعهم النسب والمصاهرة.. لذا أرى أن تصارحي زوجك الكريم في هذا الأمر إذا كنتِ تعلمين عنه حسن تقديره، وإدراكه لأبعاد هذه الأمور؛ وإلا فلا عليك ـ إن كان زوجك يعطيك مالاً خاصاً بك أنتِ لشراء بعض ما يلزمك ـ أقول لا عليك أن ترسلي منه ولو كل مدة إلى أبويك ولو في صورة هدية؛ علَّ ذلك ينزع البغضاء والغل ويخرج الضغينة.. أختنا الكريمة.. ما أعظم حقوق الوالدين، وما أجل صلة الأرحام، يقول الله تعالى: "فاتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً" [النساء: 1] . وأرجو أن تذكّري زوجك الفاضل بقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: "إن أفضل الصدقة.. والصدقة على ذي الرحم الكاشح" أي: العدو المبغض [أخرجه أحمد / 3: 402] ، والدارمي (1679) عن حكيم بن حزام. بسند حسن (الجامع الصحيح) . وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:"تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأجل" [أحمد / 2 / 374] و [الترمذي / 1979] ، و [الحاكم / 4 / 161] ، وصحَّحه وأقرَّه الذهبي والألباني في الصحيحة (276) .

تريد الرجوع إلى زوجها وأبوها يرفض!

تريد الرجوع إلى زوجها وأبوها يرفض! المجيب د. نادية الكليبي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة التاريخ 3/01/1426هـ السؤال لدي مشكلة زوجية، أنا متزوجة منذ ثلاث سنوات، عشت مع زوجي سنة ونصف، والباقي في بيت أهلي، ذهبت بسبب: أولا: ولادتي لطفلي، وثانياً: علمت بأنه متزوج عليَّ من امرأة كان يحبها، وأنا لا أعرف بهذه القصة، ثم سامحته، ولكن كنت معه الزوجة الصالحة المطيعة لزوجها، وكنت أهتم بلبسي وأناقتي، أحس أنه كان يحبني بشكلي فقط، وجاء مرتين ليأخذني من بيت أهلي ولكن والدي رفض، يريد بأن يأتي معه إخوانه؛ ليكونوا شهوداً على كلامه بالمحافظة علي، ويطمئن علي معه، والآن رافض المجيء مرة ثالثة، قال: تريدين العيش معي سوف آخذك من عند المنزل ولا أدخل البيت، وأنا الآن محتارة، ماذا أفعل، أريد أن أرضي أهلي وزوجي وابني، ولكن فكرت بأن أحل المشكلة بالصلح في المحكمة، أخاف أن يرفض وتكون النتيجة الطلاق، ولكن لا أريد هذا، أريد الصلح. ماذا أفعل؟ أرجوكم ساعدوني شكراً لكم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخت الكريمة: لقد وقعت في مأزق فعلاً عندما تركت الأمور تسير إلى طريق مسدود - بدون تدخل منك منذ البداية- فيتصلب كل طرف برأيه، وخاصة أنك تريدين الصلح، وقبل أن نقترح ما يمكن عمله، أود منك في البداية: أن تطيلي التفكير وتقومي بعمل موازنة، بل ورسم جدول إن تيسر بالإيجابيات في زوجك والسلبيات، ومدى المناسبة لك، وركِّزي كثيراً على مدى محافظته على الفرائض الدينية وخاصة الصلاة، وأيضاً معرفة الأسباب التي تجعلك راغبة في الصلح بدون ضوابط رغم هذه الفترة، ثم استخيري وأكثري من الدعاء بالسداد والتوفيق. عزيزتي: 1- صارحي والدك بحقيقة رغبتك في الرجوع إلى زوجك، وحاجتك أنت وطفلك إلى حياة مستقرة مع زوجك، وأن خيار الطلاق أو التشدد في الرجوع لا يناسبك، وإن صعُب عليك القيام بهذا فاختاري من المقربين لوالدك من يقوم عنك بالمهمة، فإذا نجحت مساعيك في ذلك عليك بالمرحلة الثانية. 2- رتبي أفكارك واختاري أهم الموضوعات الأساسية في مشكلتك مع زوجك، واعقدي معه جلسة مصارحة - بحزم وحنان- أنني راغبة في العودة، وأنه ينبغي أن تقدِّر موقف والدي، وإذا كنت ترى أنك تنازلت مرتين فلقد تنازلت ثلاث سنوات، وحتى نبني بيتنا ونجمع شملنا مع طفلنا نبدأ صفحة جديدة.... ثم تخبريه بما استطعت الوصول إليه مع والدك. 3- هذه نصائح عامة، ومعلوم -يا أختي الفاضلة- أن المشكلات الزوجية تحتاج إلى تفصيلات أوسع، وحلول دقيقة، فلذا أنصحك بالاتصال على إحدى الأخوات الداعيات؛ حتى تقف عن كثب على معرفة أبعاد مشكلتك لعلها تنفعك بنصيحة مباشرة. وأسأل الله -تعالى- أن يسعدك وأن يجمع شملك بزوجك وطفلك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

نشوز الزوجة

هل أطلقها؟! المجيب د. نذير بن محمد أوهاب باحث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 26/02/1427هـ السؤال زوجتي تخالف أمري، وقد صبرت عليها كثيراً، كما أنها تنقل أخبار بيتي إلى بيت والدها، وأخيراً قامت بإهانة أمي!. فهل ترون أن أطلقها؟! الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فاعلم -أخي الفاضل- أن الضرر الذي يلحقك مع الصبر على زوجتك، أقل بكثير من الضرر الواقع عليكما بالطلاق. - وضرر انتشار أخبار بيتكما في بيت أهلها، أقل من الضرر الواقع عليكما بالطلاق يقيناً، ولو تأملت قليلاً لوجدت نفسك تحدث أهلك بأخبار بيتكما بلا حرج، وهذا الأمر الأخير يجب أن تستبعده نهائياً من الأسباب التي تدعوك لطلاق زوجتك. - وإهانة زوجتك لأمك أمامك أو في غيبتك منكر، وسوء خلق، يجب أن تزجر عنه وتؤدب، إلا أن الضرر الواقع على أمك أولا وعليك بعدها، لا يوازي بأي حال من الأحوال الضرر الواقع بالطلاق عليكما. والطلاق أخي الكريم؛ إذا لم تدع إليه حاجة منهي عنه باتفاق العلماء، إما نهي تحريم أو نهي تنزيه؛ لما فيه من ضرر في الدين والدنيا، ما لا خفاء فيه، أما في الدين فإنه مكروه باتفاق الأمة مع استقامة حال الزوجين، وما كان مباحاً للحاجة قُدِّر بقدر الحاجة، وقد عرضت عليك موازنة بين الأضرار الواقعة بصبرك على زوجتك، ومواصلة تأديبها ليستقيم حالها، خاصة وهي خالية الذهن مما قد يلحقها من مفاسد بطلاقها. أما في الدنيا فإن ألم الفراق أشد على المرأة -وبعض الرجال- من الموت أحياناً، وأشد من ذهاب المال، وأشد من فراق الأوطان، خصوصاً إن كان بينهما أطفال يضيعون بالفراق ويفسد حالهم، ثم يفضي ذلك إلى القطعية بين الأقارب، ووقوع الشر لما زالت نعمة المصاهرة التي امتنّ الله تعالى بها في قوله: "فجعله نسباً وصهراً" [الفرقان:54] ، ومعلوم أن هذا من الحرج الداخل في عموم قوله تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج:78] . ومن العسر المنفي بقوله" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة:185] . والله أسأل أن يوفقكما إلى ما يحبه ويرضاه. والسلام عليكم ورحمة الله.

عناد الزوجة..!!!

عناد الزوجة..!!! المجيب د. عبد العزيز الصمعاني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 10-2-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أكاد أبكي وأنا أكتب هذه الرسالة لقد أتعبتني زوجتي بعنادها. تغضب من كلمة لا وإن كانت في مكانها، جاءت والدتي لتزورني، فاتصلت بأخيها لتذهب عنده لأنها تتضايق منها فأغضبني ذلك التصرف..وألزمت نفسي أمامها بعدم إحضارها..!!! وهي الآن في بيت أخيها وفي نيتي أن لا أراجعها لأني أحس بالمذلة عندما أذهب وأراجعها علماً بأني لم أقصر في أي شيء من حقوقها.. وهي تشهد بذلك ومكرمها كل الإكرام، فهل أتركها حتى ترجع لأنها هي المخطئة؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أخي الكريم أولاً أشكرك على إعطائنا الثقة والفرصة لمشاركتك في تخفيف بعض معاناتك العائلية ومما لا شك فيه أن مثل هذه المشاكل موجودة بين كثير من الأزواج وخاصة عند من يسكن عند أهله بعد الزواج. ولعله لا يخفي عليك أن حق الأم مقدم على حق الزوجة في كل الأحوال مالم يكن في الأمر معصية وهذا ليس معناه هضم حق الزوجة ولكن سددوا وقاربوا. ويتضح لي من سؤالك أن هناك وضوحا بينك وبين زوجتك وهذا مهم لبناء الحياة الزوجية السليمة وخاصة إذا كان هذا الوضوح متوازنا ولم يزد عن حده لذا ينبغي أن تنطلق من هذه النقطة في تقوية العلاقة والتفاهم الإيجابي مع زوجتك. ومما لا شك فيه أن كل راع ناجح يحتاج إلى قوة شخصية ولكن هذه القوة تنعكس بحسب اتصافه بالحلم والحكمة والصبر وبعد النظر حيث أن بعض الحالات تتطلب وقتاً طويلاً للمعالجة وخاصة التربوي منها، حيث أن الحياة الزوجية بناء وهذا يتطلب أحياناً سنوات كثيرة ليكتمل. فنصيحتي لك أخي الكريم هي التركيز على الاستفادة من الصفات الإيجابية عند زوجتك لتنطلق في بناء الحياة الزوجية والتي يجب أن يكون الحب أساساً لها فكلما قوي الحب بين شخصين كلما تجاوزا كثيراً من المصاعب والمشاكل وهانت عليهما، فمثلاً لا تستطيع أن ترغم زوجتك على حب أمك ولكن عندما تنجح في زراعة الحب والتفاهم بينكما سوف - إن شاء الله - تتجاوزا هذه المشكلة وهذا يتطلب منك جهدا وصبرا ورفقا. أما كونك عاهدت نفسك أن لا تراجع زوجتك من بيت أخيها فهذا في اعتقادي ليس مسوغا أن تفعل لأنه لا يعالج الخطأ بالخطأ حيث أنك كنت بحالة غضب، بسبب ذهابها مع أخيها، وقلت ما قلت وهذا طبيعي ولكن عندما تهدأ يجب أن يكون التصرف مختلفاً. فإذا كان أخوها متفاهماً فلماذا لا تتفاهم معه في إرجاعها إلى بيتك وتخبره أن الأمر لم يتطلب خروجها ومثل هذه المشاكل الصغيرة ينبغي أن لا تخرج عن إطار الزوجين وخاصة أنك تحبها وتكرمها. وفقك الله لما فيه الخير،،

هل أطلقها؟؟

هل أطلقها؟؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 14-7-1423 السؤال مشكلتي مع زوجتي حيث لم أذق طعم السعادة منذ زواجي بها قبل سنة، فهي تفضل أهلها على زوجها وتصر دائماً على الذهاب إليهم حتى دون إذني وهم يؤيدون فعلها ذلك بل الأخطر أنهم يعتبرون أن طاعة الزوج غير ملزمة هذا بالإضافة إلى وقوعها في الكثير من الأخطاء كشرب الدخان والتلفظ على الزوج بألفاظ بذيئة والسفر بدون محرم رغم أنها ترتدي الحجاب وتحافظ على الصلاة!. أصبحت مهموماً وغير راغب في هذا الزوج بل أصبح في نظري نكداً وغماً وليس مودة ورحمة أرجو الإعانة وإرشادي عما فيه الصواب،،، بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: أخي في الله، لا يسعني وقد قرأت رسالتك عدة مرات باهتمام شديد إلا أن أشكرك بحرارة على صبرك الجميل، وأخلاقك العالية، وحلمك وسعة صدرك. وهذه القضية أخي الكريم هي قضية كثير من البيوت في مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة. وأحسب أن مردّ ذلك إلى ضعف الوازع الديني، وقلة العلم الشرعي بالحقوق والواجبات، وغلبة الأهواء وأنانية الطباع. بيد أن ما تعانيه من زوجتك في نظري أهون بكثير من عشرات المشاكل التي تصلنا أو نسمع عنها، فزوجتك -بحمد الله- قائمة بفريضة الإسلام الكبرى وهي الصلاة، كما أنها تلبس الحجاب -كما ذكرت لنا- وهذا لعمري مؤشر خير ذو أهمية بالغة يدل على وجود الاستعداد الكبير لديها لتحقيق مزيد من الاستجابة لشرائع الدين، والانسجام مع ما تأمله أنت كزوج، لك حقوقك الشرعية المعروفة. وأعتقد أن سنة واحدة من عمر زواجكما غير كافية لتوصلك إلى جحيم اليأس، والشعور بالملل، والاطمئنان إلى الفشل، سيما وأنت إنسان متدين، فخور بإسلامك، معتز بقيمك تؤم المصلين، وتحظى باحترام الناس وتقديرهم. أخي في الله، الجأ إلى الله أولاً بالدعاء الحار الصادق بأن يفرج همك ويصلح لك زوجتك، ألح بالدعاء بلا ملل أو كلل، واغتنم ساعات الإجابة فما خاب من دعاه -سبحانه- وهو الكريم المنان. ثانياً: داوم على مناصحة زوجتك بالرفق واللين، صارحها بحبك لها وحرصك على البقاء معاً، وذكرها بالله، امتدح جوانب الخير عندها، شجعها على مزيد من الصلاح والتقرب إلى الله. تحبب إليها بالهدية التي يهواها قلبها، اعمل ما في وسعك لكسب قلبها، وابتعد عن الانفعال والتشنج أثناء مناصحتها أو الحديث معها. ثالثاً: ناصح أقاربها وخاصة من تشعر بأنه يحرضها عليك أو يشجعها على معاندتك، فالكلمة الطيبة والابتسامة اللطيفة تفعل الأعاجيب، وحاول وسترى -بإذن الله- النتيجة التي تحب. رابعاً: حاول أن تبين لزوجتك أولاً ولأهلها ثانياً حقوق الزوج التي كفلها له الإسلام، ومن أهمها: الطاعة بالمعروف، وحاول أن تزيل بكل هدوء الشبه العالقة بأذهانهم حول قضية سفر المرأة بلا محرم أو غيرها من النقاط التي أشرت إليها. خامساً: حاول الانتقال إلى منطقة أخرى، بعيداً عن أهلها حتى تبتعدا عن جو المشاكل، ومن ثم تفتقد زوجتك العناصر المؤججة للشقاق بينكما، ولتكن هذه المرحلة بعد استنفاذ الوسائل السابقة. وختاماً أتمنى لك حياة هانئة، وسعادة مستقرة، وثواباً جزيلاً، والله يحفظك والسلام عليك.

زوجتي هجرت بيتي

زوجتي هجرت بيتي المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 25-3-1424 السؤال أنا متزوج ورزقت من زوجتي بأربعة أطفال، نسكن في بيت إيجار، وتسكن معنا والدتي المطلقة، منذ فترة حصل شجار بينهما وخرجت زوجتي إلى بيت والدها تاركة أطفالها في عهدة والدتي، وتصر أنها لن ترجع للسكن مع والدتي، وتريد سكنا خاصا بها. لقد أكملنا خمسة أشهر على هذه الحال. أفيدوني أفادكم الله. الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" حقيقة أقدر هذا المأزق الذي تمر به!! أسأل الله أن يفرج عنك. كثير من مشكلاتنا - أخي الكريم - هي مشكلات وهمية وليست حقيقية، تستطيع أن تعرف ذلك إذا عدت إلى نقطة بداية الخلاف، فغالباً ما يدخل تحت اختلاف وجهات النظر، ولكن سوء معرفتنا للحوار ولأساليبه، وتقديرنا للآراء واستعدادنا لفهم الآخرين يجعل الصغير كبيراً ووجهات النظر أزمات، وربما تعصف ببناء الأسرة كلها، وهكذا تنهار العلاقات بسبب حماقات!! وحل هذه المشكلات ربما لا يكون سهلاً بل يحتاج إلى قدر كبير من الصبر والحكمة في التعامل، وحسن تقدير لعواقب أي قرار يمكن أن يتخذ. لم تذكر في سؤالك طبيعة المشكلة، ولا تفاصيلها لأن هذا له دور في اقتراح الحلول بشكل مفصل، ولذلك سأكتفي ببعض النصائح والتوجيهات التي أرى أنها مناسبة في مثل مشكلتك: من الصعوبة بمكان أن تضحي بأحد الطرفين، لا والدتك وهي التي ربتك صغيراً وحنت عليك، وأعطتك من صحتها ومن نفسها ما لم يعطك أحد، ولا زوجتك أم أولادك وشريكتك في حياتك وشقيقة قلبك، ولكن أقترح عليك ما يلي: أولاً: استعن بالله تعالى قبل كل شيء، فإن هو أعانك فلا تلبث هذه المشكلة أن تتلاشى، وإن حبس عنك عونه فمهما بذلت فسوف تذهب محاولاتك أدراج الرياح. إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأول ما يجني عليه اجتهاده. ثانيا: لن تعدم في كل مشكلة حلاً وسطاً تستطيع أن تقنع به الآخرين، ويجب ألا يكون هذا الحل على حساب أحد الطرفين وإلا لما كان وسطاً، وهذا يعتمد على قدرتك على التعامل مع المشكلة ومعرفتك لأساليب الإقناع. ثالثاً: لكل إنسان نقطة ضعف تستطيع التأثير عليه عن طريقها، وبمعرفتك لوالدتك وزوجتك، ابحث عن هذه النقطة واستخدمها بذكاء لحل مشكلتك. رابعاً: في بداية الأمر لابد أن تلتزم الحياد، فميلك لأحد الطرفين ولو بحق سيفقدك الطرف الآخر، ولتشعرهما أنك تسعى للإصلاح لا للانتصار. خامساً: استخدم أسلوب الوعظ والتذكير بالمسؤولية والأمانة والتخويف بالله والتذكير بثوابه فإن لذلك أثراً كبيراً في ترقيق القلوب وإزالة سيطرة الشيطان عليها. سادساً: قد يكون من المناسب أن يتدخل بعض الأقارب (العقلاء) لحل المشكلة، أركز على (عقلاء) لأن هناك من يزيد المشكلة ضراماً بتدخله غير الحكيم بدل أن يخمدها. وربما يصل بك الأمر إلى طريق مسدود فلا مناص من الخيار المر وهو أن تضحي بأحد الطرفين، وأرجو ألا يخطر ببالك أن يكون أمك!! حتى وإن كانت هي المخطئة!! فإذا كان الشرك وهو أعظم الظلم قد أمر الله تعالى ببر الوالدين حتى وإن جاهداك عليه، فما بالك بما هو أقل خطراً، ثم إنك قد تجد امرأة تحنو عليك وعلى أولادك وتعوضك شيئاً مما فقدته، ولكن لا يمكن أبداً أن تجد بدلاً من أمك، وإذا أحسنت نيتك ببرك لوالدتك فثق أن الله تعالى لن يضيعك "إنك لن تدع شيئاً اتقاء لله إلاّ أعطاك الله خيراً منه" رواه أحمد (20739) ، والبيهقي (5/335) . أسأل الله أن يفرج همك ويكشف كربك ويذهب حزنك، ويجمع شملك.

حياة كلها نكد

حياة كلها نكد المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 1/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فضيلة الشيخ الجليل وفَّقك الله، أود أن أوجز سؤالي وهو كالتالي: أعيش مع زوجتي منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً في خصام ونكد دائم لا ينقطع، وأحاول دائما تهدئة الأمور ولكن هيهات، فهي ترفع صوتها وتصرخ وتكسر بعض الأشياء في بداية الحياة الزوجية، وبعد ذلك توقَّفت عن التكسير ولكن لم تتوقف عن الصراخ، فهي مرة تغير من أحد أصدقائي، ومرة من أهلي فلا أعرف كيف أرضيها، وعندما يبلغ الأمر مبلغاً أضطر اضطراراً لأن أصفعها وأضربها، ولا أخفيك أنني ضربتها عدة مرات وطلقتها مرة واحدة، ولكنني عجزت عن تقويمها، ووالدها - مع الأسف - يستمع إلى كلام ابنته، مع العلم أنها تصلي فروضها وتصوم بعض أيام الأسبوع وخجولة أمام الآخرين، ولا تتحدث إلا نادراً، علما أن لدي من الأبناء ثلاثة أولاد وبنت واحدة عمرها سنتان، والله لقد تعبت واستخدمت معها كل الأساليب وأفهمتها أنني لا أسهر كثيراً مع زملائي ألا مرة في الشهر، وأنني مستقيم وأصلي والحمد لله جميع الفروض في المسجد، وأشعرتها أن تحمد الله على ذلك، وأن تنظر حولها وتقرأ وتطالع وتسمع قصص الآخرين وتعتبر، ولكن لا فائدة، نهدأ أسبوعاً أو أسبوعين وتبدأ في مشكلة تافهة. أفيدوني كيف أتعامل في هذه الحالة، وماذا أعمل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي السائل: اعلم يا رعاك الله أن ملخص المشكلة أن زوجتك تحبك حباً جماً، وصل حداً تفعل معه كل ما ذكرت من هذه الأفعال، ويبدو أنها تغير عليك جداً، ولكن يجب أن تعلم زوجتك أن هذه الغيرة المفرطة مذمومة وليست محمودة. عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من الغيرة ما يحب الله عز وجل ومنها ما يبغض الله عز وجل ... فأما الغيرة التي يحب الله عز وجل فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغض الله عز وجل فالغيرة في غير ريبة ... " أخرجه النسائي (2511) وأبو داود (2286) وأحمد (22630، 22634) . فالغيرة التي عند زوجتك من الغيرة المذمومة التي لا يحبها الله، لأنها في غير الريبة وليس لها ما يبررها، فعليك أخي السائل أن ترفق بزوجتك في التعامل، وذلك بنصحها بالتي هي أحسن وتذكيرها بالله، وأن هذه الأمور لا يجوز فعلها، وأن ذلك مما يؤدي إلى الانفصال بينكما، مما يؤدي إلى خراب بيت الزوجية، وبالتبعية يكون له الأثر السيئ في تربية الأولاد، ويؤدي ذلك إلى تشتتهم وضياع مستقبلهم، إلى غير ذلك من الأضرار التي تترتب على ذلك. 2. عليك بإحضار الكتب الإسلامية والنشرات الدعوية والشرائط الإسلامية النافعة، والتي تتناول هذه المشكلة وتتحدث عن الحياة الزوجية السعيدة، ووسائل تحقق ذلك والتي تتحدث أيضاً عن الحقوق الزوجية بين الطرفين، وتذكِّرها كذلك أن ما تفعله هي من الأسباب التي تجعلك تغضب عليها، وقد أتى الوعيد الشديد للزوجة التي تعمل على إغضاب زوجها.

3. ربما أن زوجتك تعاني من حالة نفسية أو مرضية، فعليك أن تعرضها على مختصين في ذلك دون أن تجرح مشاعرها. 4. لعل هناك أموراً أنت مقصر فيها نحوها، أو أنك تفعل أموراً تضايقها وتحملها على هذه التصرفات، وهي لا تبوح لك بذلك، فإن كان الأمر كذلك فعليك أن تجلس معها واجعلها تبوح لك بكل شيء، وما هي الدوافع التي تجعلها تتصرَّف مثل هذه التصرُّفات، والتي ينبغي أن تترفَّع عنها؟ وعندها يمكن أن تكون المشكلة قد حُلَّت بمعرفة أسبابها، وذلك بتجنُّب هذه الأسباب وتلك السلبيات التي قد تقع منك دون أن تدري بها. 5. لا يمنع أن تجعل إحدى أخواتك من محارمك - وتكون عاقلة رشيدة - تقوم بنصحها وتبين لهال مغبة هذا الأمر، وأن عواقبه وخيمة عليها وعلى بيتها وأبنائها. 6. عليك بالصبر عليها، وخصوصاً أنك ذكرت من حسن أخلاقها الشيء الكثير، وكما هو معلوم أن النساء خلقن من ضلع أعوج، وأن أعوج مافي الضلع أعلاه، وإن ذهبت تقيمه كسرته، وكسرها طلاقها، فاستمتع بما بها من عوج، وإن كرهت منها خلقاً أحببت منها آخر، كما ثبتت بذلك الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- انظر البخاري (5184) ، ومسلم (1468، 1469) . 7. أكثر من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يصلح شأن زوجتك، فإن للدعاء سر عجيب، هذا والله أعلم. همسة في أذن الزوجة: أيتها الزوجة الفاضلة أود أن ألقي على مسامعك بعض الكلمات، فاقبليها فإني لك ناصح وعليك مشفق. 1. يجب أن تعلمي أن زوجك يكِن لك كل الحب والاحترام والتقدير، وإلا ما تحمَّل منك هذا كله. 2. اعلمي أن غيرتك على زوجك بهذه الصورة غير مطلوبة، وربما تأتي بنتائج عكسية، وقد وقع ذلك بالفعل لك، من ضربه إياك وطلاقك مرة. 3. يجب عليك بذل ما في وسعك لتهيئي لزوجك حياة هادئة طيبة، لابد وأن يشعر بالهدوء والسكن والراحة والود والرحمة معك؛ لأن الزواج شرعه الله من أجل ذلك. قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] بالله عليك هل حياتك مع زوجك - وبهذه التصرفات التي تقومين بها من صراخ وتكسير وتخريب للبيت - حياة فيها سكن ومودة ورحمة؟ .أظن الإجابة واضحة. 4. لو نظرت حولك لرأيت أنك في نعم يجب عليك أن تشكري عليها الله في كل وقت، فزوجك لم يقصِّر معك في أي شيء، متواجد معك في أغلب الأحيان يلبى لك طلباتك، يعمل ويتعب ويجتهد من أجل أن يوفر لك ولأبنائك حياة طيبة كريمة، فهل يكون هذا جزاؤه، "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" [الرحمن:60] . 5. اعلمي أنك لو استمريتِ على هذا الحال ستكون العاقبة وخيمة لك أنت وحدك، وعندها لا ينفع الندم ولا يفيد العقاب، فالعاقل بصير نفسه، واللبيب بالإشارة يفهم، والظمآن يكفيه من الماء اليسير. 6. احذري من غضب الله عليك إذا أغضبت زوجك، فاجتهدي في إرضاء زوجك؛ فإنما هو جنتك ونارك، كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم-. 7. اجتهدي في الدعاء بأن الله يصرف عنك هذه الغيرة المفرطة، وأن يجعل حياتك مع زوجك حياة طيبة يسودها الحب والود والرحمة، وتظلل عليها السكينة والهدوء. نسأل الله أن يوفق الجميع لكل خير، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وفيما ذكر كفاية لمن أراد الهداية، هذا والله أعلم، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زوجتي تسيء معاملة أهلي

زوجتي تسيء معاملة أهلي المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 30/1/1425هـ السؤال حدث خلاف بيني وبين زوجتي بسبب معاملة أهلي، مما جعلني أفقد صوابي عدة مرات، وقمت بإرشادها إلى ما أريد منها، ولكنها مُصرة على ما تريد، مما جعلني أضربها عدة مرات، ومع ذلك تعود لنفس الأسباب التي ضربتها من أجلها. ما هو الحل؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: أخي الكريم: أذكرك ونفسي ببعض الأمور التي لا بد من أشعارها دائماً في الحياة الزوجية: أولاها: أهمية الصبر على الأذى الذي يصيب الإنسان، قال -تعالى-: "وَالْعَصْرِ إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" [العصر:1-3] ، والإنسان لا يعلم متى يكون الفرج، لكنه إن وطنَّ نفسه على الصبر، واحتساب الأجر عند الله؛ انقلبت في نظره المحنة إلى منحة ربانية، ترفع بها درجاته، ويحط بها من سيئاته. الثاني: أنه لا يخلو بيت من عقبات وخلافات بين الطرفين، وقد وقع ذلك في أزكى البيوت، وأشرفها، وهو بيت المصطفى - عليه الصلاة والسلام- مع أزواجه اللائي هن أمهات المؤمنين، فإذا عرف الإنسان ذلك كيف به يطمع في بيت خال من المشاكل والخلافات، ذلك أن الحياة الزوجية عشرة دائمة في جميع الأحوال والأزمان، من فرح وحزن في ليل أو نهار، وحصول الاتفاق بين اثنين في كل شيء من المستحيلات. الثالث: على كل طرف أن يتأمل الجوانب الخيرة والإيجابية في الطرف الآخر، قال - عليه الصلاة والسلام-: "لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" رواه مسلم (1469) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فإذا رأيت حسن ترتيبها في بيتها وصيانتها لأبنائك، وكرهت منها صفة الغضب مثلاً فاصبر على ذلك، وإذا رأيت منها الحرص على العبادة والعلم مع التقصير في بعض أمور المنزل فاصبر على ذلك، وهكذا. الرابع: أن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإنك إن ذهبت تصلحه أو تقومه كسرته، وإنَّ كسرها طلاقها، فالطمع في الحصول على زوجة كاملة في كل شيء هو من المحال، بل على الإنسان أن يعلم أن مقاصد الزواج تحقق - بإذن الله- مع التقوى والصلاح.

لذا فإنني أنصحك ونفسي بالصبر والحلم، والتضحية، وعدم الاستعجال في تعديل مسار الزوجة، بل عليك أن تبتهج بأي تحسن في حالة الزوجة، ولو كان هذا التحسن طفيفاً، وعليك أن تشجعها وتذكر لها ذلك إن رأيت منها تحسناً؛ حتى تواصل تغيرها - بإذن الله-، وإياك إياك والضرب؛ فإنه سبيل شر عظيم، ولم يرخص في الشرع إلا في حالات محددة على أن يكون ضرباً غير مبرح، واتق الله فيها، واخش من عقابه إن أنت ظلمتها وآذيتها، واحرص عل الخير الذي أرشد إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم- بقوله: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" رواه الترمذي (3895) وغيره من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وتذكر حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام-: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم (2594) من حديث عائشة - رضي الله عنها - وقوله- عليه الصلاة والسلام-: "إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه" رواه مسلم (2593) من حديث عائشة - رضي الله عنها - أو كما قال - عليه الصلاة والسلام-. أسأل الله - عز وجل- أن يجمع بينكما على طاعته، وأن يؤلف بين قلبيكما، ويكفيكما شر الشيطان وشركه، والله يحفظكم.

كيف أصلح حال زوجتي؟

كيف أصلح حال زوجتي؟ المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 23/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. قبل 3 سنوات توفي والدي، وبدأت بعد أن شعرت بأني مقصر في حق الله- بالالتزام -أسأل الله الثبات على الحق-، ولكن مشكلتي أن زوجتي لم يعجبها ما آلت إليه حالي، وقالت لي: إنها لا تتدخل في شؤون حياتي، وتطلب مني ألا أتدخل في شؤون حياتها وحياة أولادها -أسأل الله لهم الهداية- علماً بأنني لم أضغط عليها، وإنما أتيتها باللين وبالكلام الهادئ، وبتقديم الأشرطة والكتيبات الإسلامية، ولكني أخطأت في إحدى المرات ظاناً أن ذلك سينفع، وقلت لها إنها إذا لم تنته عن العناد والإصرار على ما هي عليه، فمن الواجب أن نفترق، ولكن عدت فاعتذرت منها، وهي لا تكلمني الآن، وتحاول بكل ما استطاعت أن تعلم أولادنا المنهج الذي هي تعيشه، كما أنها طلبت مني الطلاق في إحدى المرات، فقلت لها: ليس لدي مانع على أن يبقى الأولاد عندي، فتراجعت، علماً بأنها أمام أهلي لا تظهر ما تكنه من معارضة لي، وفي الختام أرجو منكم الدعاء لنا بما يصلح حالنا وحال المسلمين، وإرشادي إلى الوسائل التي أستطيع من خلالها -بعد توفيق الله- أن يصلح أحوال أسرتنا لنوال خيري الدنيا والآخرة. وجزاكم الله كل خير، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب - أخي الكريم- كما يأتي: 1- الهداية نعمة عظيمة من نعم الله، لا يتلذذ بها إلا من وفقه الله إليها. 2- الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، وهذه من صفات عباد الله الصالحين. 3- أنت - أخي الكريم- تملك شيئاً لا تملكه زوجتك، وهذا من فضل الله عليك، لكن عليك أن تحرص إلى إيصاله إلى زوجتك، وتتذكر أن الزوجة تشبه الغريق الذي يحتاج إلى إنقاذه من الهلكة التي هو فيها، بل إن حال البعيدين عن هدى الله أعظم من الغريق. 4- أوصيك بالرفق، والصبر، والتحمل في سبيل دعوة زوجتك ودلالتها على الخير. 5- الاستفادة من تجربة إخوانك، وزملائك، وأصدقائك الأخيار، مع مراعاة الفروق الضرورية بينكم في ذلك. 6- التوجه إلى الله، وكثرة الدعاء، وطلب الدعاء لزوجتك من أهل الخير، وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم- لأم أبي هريرة- رضي الله عنه-ولدوس ولعمر، وغيرهم. 7- إظهار الشفقة عليها، والحرص، والرأفة بها. 8- بعد هدايتك عليك أن تشعرها بأنك تغيرت في تعاملك، وأخلاقك، وعلاقتك بمن حولك؛ حتى تعجب بك، فتتأثر بذلك فيكون سبب هدايتها. 9- اصطحبها معك إلى مجالس الذكر وحلقات العلم. 10- حاول ربطها برفقة صالحة من النساء الخيرات من زوجات أصدقائك ومن تعرف فيهن الخير، وذلك بطريقة غير مباشرة، لا تشعرها أن هذه العلاقة مفروضة عليها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

زوجتي لا تطيعني

زوجتي لا تطيعني المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 12/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا متزوج بزوجة لا تطيعني إلا بعد عناء شديد، وإذا دعوتها للفراش تطلب التأجيل، ودائماً تصرُّ أن أرحلها إلى بيت أهلها، وآخذها منه بالرغم من قربه من بيتنا، تعبت من الحياة معها، لي منها بنت وولد، وهي حامل، هل أطلقها، أم ماذا؟ فعيوبها كثيرة جداً، وأنا أرغب في الزواج بأخرى. أرشدوني، ماذا أفعل؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يعد ارتباط الزوجة بأهلها من المشكلات الشائعة لدى الشباب المتزوج حديثاً، فعليك أولاً أن تعرف أن غيرك -وهم كثر- يشاركك نفس المشكلة، ولا يعني هذا تشابه الأسباب، فهي قد تختلف من حالة لأخرى تبعاً لمتغيرات عدة، أجد - أخي الحبيب- أن مشكلتك تتلخص في إحساسك بعصيان زوجتك لأوامرك، وتقصيرها في حقوقك، وجعلت من بعض السلوكيات الصادرة منها تأكيداً على مسئوليتها اتجاه ذلك، وقبل مناقشتك في المشكلة عليك أن تجيب مع نفسك على بعض التساؤلات، كيف هي حالتها وأنت تطلب منها حقوقك الزوجية؟ ما الخبرات التي تحملها هي عن معاشرتك لها؟ هل تسعد بذلك؟ هل أنت تركز على إشباع رغبتك دون مراعاتها؟ وكيف وضع زوجتك بين أخواتها؟ هل تشعر بنقص معين أو مستوى أقل؟ ما ظروف أسرتها التي تدفعها لكثرة الذهاب إليهم؟ ما طبيعة العلاقات الوجدانية بينك وبينها؟. كل هذه متغيرات تعطي مؤشراً على أسباب هذا الوضع لديك، والزوج دائماً هو الذي تسلَّط عليه الأنظار فيما يتعلَّق بسعادة الزوجة، هذا من جانب، والجانب الأهم ما مستوى البيئة الأسرية التي تعيشها أسرتك - أقصد طبيعة التربية الدينية التي تمارسونها داخل منزلكم-،هل هو خالٍ من المعازف والصور والمجلات الماجنة وغيرها مما يجذب الشيطان للمنزل؟ كيف وضعك الاقتصادي؟ ومدى قدرتك على أداء واجباتك الأسرية؟ عليك - أخي الكريم- بمراجعة إدارتك لشؤون أسرتك، والأسلوب الذي تتبعه في تربيتها وقيادتها، مشكلتك لا تتضجر منها، لا تعتبرها معيقاً عن محاولتكم إصلاح شأنكم، ولكن ابدأ بالتهيئة الذاتية من نفسك، ولا تركز على السلبيات ضد المنظار الأكبر للمحاسن والإيجابيات، وتأكد أن تركيزك على السلبيات هو الذي أجج المشكلة لديك، حيث فسرتها بأنها تغيير رجولتك عند عدم قيام الزوجة بواجباتها وتلبية حقوقك، الأسرة لها جناحان أنت أحدهما، والزوجة الجناح الآخر، لا يمكن التحليق بدون أحدهما أو عند كسر فيه. ضع منظاراً وانظر دائماً أن إصلاح أي مشكلة أسرية يبدأ بمراجعة الذات أولاً، وعندما يتحقق يحق لك حينها تعديل ما تريده من الآخرين، أما قضية إصرارها على أن توصلها لمنزل أهلها فأعتقد أن النظرة السلبية لها جعلك تكبر من حجم الموضوع، فنعرف رجالاً يصرون هم على إيصال زوجاتهم، ولا يسمحون للغير حتى من أهلها بإيصالها.

على كل حال لا تشعر بأني ألومك في التقصير، ولكن بمنظور علمي دائماً المشكلات الزوجية تكون في التركيز على قضايا بسيطة، وجعلها مثار خلاف، وهذا دائماً ما يؤدي للعلاقة الهشة بين الزوجين، فإذا كان لديك إصرار وعزيمة على المحافظة على أسرتك فتعامل مع الأحداث دائماً بمنظور منطقي، ولا تكبر ما لا يستحق أن يكبر، وأوصيك بتذكر نعم الله عليك من صحة وأطفال، وتأكد بأنك ستنجح، وكن متفائلاً دائماً، وانظر لمشكلتك -إن كانت مشكلة- بأنها عارض بسيط يمكن إصلاحه، وتأكد أن هناك الكثير لديهم مشكلات أكثر تعقيداً من مثل مشكلتك. دعائي لك ولكل شبابنا وأسرنا بأن يتم الله عليهم نعمته، وأن يديم صلاح بيوتنا لتسهم في نشأة جيل يعيد للأمة عزها ومكانتها اللائقة بها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

حينما تكون الزوجة سليطة اللسان

حينما تكون الزوجة سليطة اللسان المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 20/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. زوجتي كثيراً ما تؤذيني بلسانها، وأريد أن أعرفها بخطورة ذلك، وهذا سبب الخلاف بيننا، أنها دائماً تسبني وتسب عائلتي، وأريد أن أوعيها بخطورة ذلك عند الله. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: أخي الكريم: نسأل الله - عز وجل- أن يصلح لك زوجك، وأن يؤلف بين قلوبكما وأدلك - بارك الله فيك- على بعض الإرشادات الهامة، والتي من شأنها أن تساعدك في حل مشكلتك، ومن ذلك ما يلي: 1- عليك - يا أخي- أن تتحلى بالصبر والأناة، وأن تحتسب هذا الأذى عند الله - عز وجل-، وألا تستعجل الفرج، أو تستطيل الطريق. 2- عليك بالموعظة الحسنة لهذه الزوجة وتذكيرها وتخويفها بالله - عز وجل-، والرجوع في ذلك إلى كتب أهل العلم التي تورد النصوص الشرعية التي تحض على طاعة الزوجة لزوجها من نحو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمراً أحداً لأن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها"، وغيرها في هذا الباب كثير، ولعلك أن تبحث عن ذلك في الشبكة العنكبوتية. 3- عليك بممارسة الأساليب التعزيزية؛ فإذا رأيت ما يسرك من خلقها وأفعالها، فأذكر ذلك لها، وشجعها عليه، فمثلاً بإمكانك أن تقول: أحس بالراحة اليوم في البيت، وجئت مشتاق للجلوس مع الأولاد، كل ذلك عندما رأيت منكِ ضبط لأعصابك في الأمس، أو تقول لها: أني لأرجو أن يجازيك الله بالجنة لما رأيت منك اليوم من فعل حسن، وتذكر هذا الفعل، وبإمكانك أن تمارس الإطفاء للسلوك السيئ، إذ بإمكانك أن تحرمها من المنتزه في يوم من الأيام، أو من التسوق، وتبين لها السبب في ذلك، وأن سلوكها السيئ لا يعين على الاستمتاع بالنزهة ... وهكذا. 4- إياك والجدل الكثير أو زيادة العصبية أثناء النقاش؛ فهذا مما يزيد الأمر سوءاً، بل إنه في تلك اللحظات يزداد الأمر سوءاً ويحضر الشيطان - نعوذ بالله منه- كي يوصل الزوجين إلى ما لا تحمد عقباه. 5- وأخيراً أوصيك بالدعاء والتضرع لرب الأرض والسماء في مواطن الإجابة المعروفة؛ كما بين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، وفي السجود، وأكثر من الدعاء الذي ورد في كتابه الكريم؛ وهو قول الله سبحانه: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً". نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

أنا حائر مع زوجتي

أنا حائر مع زوجتي المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 19/04/1425هـ السؤال أنا شاب، لي وظيفة مرموقة جداً، ومعروف بحسن علاقتي مع الناس، وأدبي الجم معهم، ومساعدتي لهم في حوائجهم الخاصة، والفضل لله وحده, إضافة إلى ذلك فأنا أحمل هم الدين والدعوة بما يتيسر لي، وظاهري يدل على اتباع السنة والفضل لله وحده, أنا متزوج الآن منذ ما يقارب ثلاث سنوات من فتاة متدينة عفيفة، تدعو إلى الله بقدرها والحمد لله, ولكنها شديدة الغيرة، فلا تتورع حين تأخذها الغيرة أن تسبني وتشتمني وتدعو علي بما يؤذيني، وتعيرني بما كان مني قبل التزامي، ولا مانع عندها من أن تعرض بأهلي تصريحاً أو تلميحاً، أو تهددني بطلب الطلاق، وقد أفهمتها بحرمة ما تصنع، إلا أنها تعود وكأن لم يكن شيء, وحجتها حين تهدأ أنها خلقت من ضلع أعوج، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قد أوصى بهن؛ لأنهن عوان عندنا، وما يزيد الطين بلة أنني أعمل في قطاع صحي له مساس بالنساء، وأنا أجتهد ألا يصدر مني ما يخالف الله فيما أستطيع، وعسى أن يغفر لي الله ما يبدر مني خطأ أو إكراها, لكن زوجتي تقلب حياتي جحيماً بسبب ذلك. وقد حدث في أول الزواج أن ضربتها عدة مرات بسبب شدة الغضب، فكنت اعتذرت لها حتى إنني قبَّلت أخمص قدميها. عذراً فللموضوع زاوية أخرى: فأنا إلى الآن لم أعاشر زوجتي كما يفعل الأزواج, فهي تعاني من مرض خوف أو هلع يمنعها من مساسي لها، وقد راجعنا بسببه متخصصين عدة, ويعلم الله أني لم أبخل عليها بشيء فمن طبيب إلى آخر, حتى ذهبنا إلى أحد الأئمة ليقرأ عليها, ولا فائدة, فقد امتنعت مراراً عن أخذ العلاج، أو أداء بعض التمارين المتخصصة تكاسلاً، أو لعدم اقتناعها بجدوى ذلك، ووالله لقد تحملت تساؤلات الناس عن عدم الإنجاب وهم من أهلها أكثر من أهلي، وأنا محتسب كتماني السر؛ لئلا تتأذى هي, فضلاً عن تحملي ما يعتمل في نفسي من رغبة شديدة ومن نداء للفطرة, وقد حاولت شرح موقفي لها صراحة دون تلميح، وهي تتعذر وتتأفف أحيانا، ًوتهددني بالنكد والطلاق إذا أنا تكلمت مع أحد من أهلها، لا أنكر أني أصبحت أفرغ ما في جوفي بيدها إلا أن ذلك لا يغنيني تماماً, وأصبحت وأنا المتزوج وطالب العلم أمارس العادة السرية, وأنا قد كرهت نفسي وأظلمت حياتي من جراء مقتي الشديد لما أصبحت فيه, فأنا أنكر على الناس ما آتيه, وأرشد الناس لطرق السعادة التي أنا أبعد ما أكون عنها، ولما علمت زوجتي أنني أمارس تلك العادة, هددتني مراراً بفضحي والتشهير بي، تهددني بالتشهير بي عند أهلها والناس، ولما حاولت إصلاح الوضع, لم يفلح شيء، لا أنكر أني فكرت في طلاقها، ولا يمنعني إلا الحرص على الأجر، وعسى أن يجعل الله فيه خيراً كثيراً, إلا أن السيل قد بلغ الزبى,, فأدركوني برأي سديد, فأنا والله غريق. جزيتم خيراً. الجواب في تقديري، ما تشكو منه بخصوص زوجتك مركب من ثلاث مشكلات (غيرتها الشديدة وما تتسبب به) ، (انفعالها وما يترتب عليه) ، (خوفها من الجماع) ، ويغلب على ظني أن بين هذه المشكلات علاقةً طردية.

غيرة النساء سلوك طبيعي، لكنه يعد مرضًا إذا تجاوز حده، وهو ما أشرت إليه، بالإضافة إلى الانفعال الذي يعتريها، ويجرها إلى عدم السيطرة على نفسها. من المحتمل أن زوجتك تعاني نوعًا من (الشك والريبة) مع شيء من (الصلف) ، وهما وصفان يتقاربان في بعض الشخصيات، لا أجزم بهذه الوصف لكن سياق وصفك يوحي بذلك، هناك صفات (قد تجتمع كلها أو بعضها) في (الشخصية المرتابة) ، منها: تغليب سوء الظن، والحذر والتوجس، ومحاولة التحليل، والاطلاع على ما في نفوس الآخرين، والحساسية من أي نقد يصدر منهم، وصعوبة اعتراف هذه الشخصية بالخطأ أو الجهل، حفظ المواقف والأقوال التي يمكن أن تشكل إدانة لاحقة لو حدث شجار ما وتطلب استدعاءها، تغليب مشاعر الغلظة والصرامة على الألفة واللطف، نادرًا ما يميل صاحب هذه الشخصية إلى المزاح، وغالبًا ما يتسم بضعف الإصغاء، ليس بالضرورة كل هذه الصفات تجتمع في الشخصية المرتابة، يكفي أن يوجد ثلاث على الأقل. هذه النفسية التي تعاني منها زوجتك قد يكون لها تأثير في الحالة العصبية والنفسية العامة التي تسبب اضطرابات جنسية (سواء في الرغبة أو في الممارسة) ، وقد لا يوجد لها سبب عضوي عند الفحوص الطبية. يغلب على ظني أن زوجتك تعاني من الخجل من مسائل الجنس، وترى فيه عيبًا (وأحيانًا لا تشعر بذلك) ، أو أنها سمعت عنه معلومات مغلوطة تتعلق بالألم فتوهمته شيئًا مخوفًا، زاد الأمر إشكالاً الأسلوب الصارم الذي أتوقع زوجتك تتصف به، ومثل هذا يتطلب علاجًا عند مختصٍ نفسي، حيث إن هناك جوانب تحتاج إلى تفكيك، وبالتالي تتطلب جلسات يمكنكما بعدها -إن شاء الله- تجاوز المشكلة. أحيانًا، قد تُفهم المشكلة على أنها مس أو عين، وهو ما يبدو أنكما تتوقعانه مما استدعى زيارتكما لبعض الرقاة الذين يقرؤون القرآن الكريم، وقراءة القرآن مسلك نافع إن شاء الله، لكنه يبعد أن تكون مشكلة زوجتك متعلقة بالعين أو السحر إذا صح تقديري؛ ولأن المشكلة تتعلق بالتصورات والمخاوف فإنها تتطلب التعليم والإفهام بالطرق العلاجية المناسبة. أقترح عليك المبادرة إلى طبيبة نفسية ممن عرفت بالحكمة في تخصصها، (أو طبيب إذا تعذرت الطبيبة) ، واعرض عليه مشكلة زوجتك سريعًا، وامنح نفسك (مهلة) في حدود الأربعة أشهر بعد أول زيارة للطبيبة، فإذا لم ترحب زوجتك بالعلاج أو لم ينفع معها فأقترح عليك الزواج بأخرى؛ طلبًا لإعفاف نفسك وسلوكك السبيل المستقيم، فإن تحسنت أحوال زوجتك (وأنا متفائل بتحسنها إذا أعنتها على تعديل سلوكها بشكل عام) وإلا فقد ترى الانفصال عنها، ولعل الله يخلف على كل واحد منكما خيرًا من الآخر.

هكذا بدأت حياتنا الجديدة، فهل نستمر؟!

هكذا بدأت حياتنا الجديدة، فهل نستمر؟! المجيب د. عبد العزيز حمود الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 18/04/1425هـ السؤال عقدت على زوجتي منذ شهرين، وأنا لا أسكن مع زوجتي؛ لأننا لم نعلن زواجنا بعد، وأنا الآن أكتشف في زوجتي عيوبا خطيرة منها: طلبها للطلاق عندما يحصل نقاش حاد، فهي -بشهادة أهلها- عنيدة جداً لا تحسسني برجولتي بقولها أنت لست كفلان؛ هو رجل وأنت طفل، كثرة العتاب وعدم نسيان أخطاء الزوج، إلى غير ذلك من المشاكل، ونحن لم ندخل بعد عش الزوجية، كما انها لا تثق بآرائي، أنا حائر في أمري، لا أدري هل أستطيع أن أغير طريقة تفكيرها. ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: أولاً: لا بد أن تدرك أنك إن كنت خلوت بها بعد العقد فإن لذلك أحكاماً متعلقة بالمهر والعدة. ثانياً: أنت عمرك عشرون عاماً حسب ما ذكرت، فهذا يعني أنها أصغر منك عمراً، وقد تكون في عمر الانتقال من مرحلة عمرية إلى أخرى تكثر فيها الاضطرابات الجسدية والنفسية، فيحسن مراعاتها، فقد تعتدل أخلاقها بعد ذلك. ثالثاً: قد تكون مرغمة من أهلها عليك، أو تعجلت هي بالموافقة فندمت فتريد الفراق منك؛ حتى لا ترد لك ما دفعته لها، أو أنها ترغب في صفات أخرى في الرجال لم تكتشفها فيك بعد. رابعاً: أنصحك أن تتأكد من أمر رغبتها فيك قبل الدخول وقبل حصول الولد، صارحها بما قلته لنا عنها، وشاورها وشاور أهلها في ذلك. خامساً: أعتقد أنها بحاجة أن ترى منك شيئاً من القوة في إرادتك بحزم، وإظهار رجولتك بمعناها الشرعي، من الغيرة عليها، وحملها على الخير، وعدم التردد في رأي تريد طرحه، وابتعد عن كل ما يشعر بفترة مراهقتك سواء في مظهرك أو ألفاظك أو لباسك فهي تريد رجلاً، فأرها صوراً من الرجولة الصادقة. كتب الله لكما ما فيه الخير ووفقكما.

خصومات زوجية

خصومات زوجية المجيب د. راشد بن سعد الباز عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 18/04/1425هـ السؤال أنا متزوج منذ سنتين ونصف ولله الحمد، ورزقني الله بنتاً ولله الحمد، زوجتي على قدر من التدين، وتعاملها جيد مع الناس، إلا أنها معي سيئة خلق وترفع صوتها علي، وحساسة ومزاجية، وغير مهتمة بشئون المنزل من نظافة وغير ذلك، وأنا ولله الحمد رجل حليم، وأستغرب منها رفع الصوت لأدنى مشكلة، مع العلم بأني لا أرفع صوتي عليها، وأنا والله أحبها وأشفق عليها، وأرفق بها، وأحاول إسعادها بشتى الوسائل، ولا أقصر عليها بشيء البتة ولله الحمد، وأحنو عليها، وأنفذ لها جميع ما تطلبه مني، وأصل أهلها وأقاربها، ولكني أجد منها سوءاً في التعامل في كثير من الأحيان! وجحد لما أقوم به تجاهها! وأيضاً تتلفظ بألفاظ سيئة وبذيئة مع ابنتي، وأحيانا ً تتصرف بتصرفات رعناء، وهكذا حياتي في عذاب، لا بد من وجود مشكلة شبه يومياً، فما العمل معها؟ أرجو منكم توجيهي، وفقكم الله لكل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الفاضل: هناك بعض المعلومات الضرورية الناقصة مثل عمر الزوجة والمستوى التعليمي لكما والحالة الاقتصادية، وعموماً، أعتقد أنّ جزء من المشكلة الاختلاف بين شخصيتك وشخصية زوجتك، فهي ذات شخصية قوية وأنت من أصحاب الشخصيات المسالمة، خاصة أنّ لها نشاطات في المجتمع، كما أنّ بعض النساء يرون في حب زوجها الشديد لها واهتمامه بها نقطة ضعف في الزوج، كما قد يكون سلوكها ذلك نتيجة عدم اقتناعها فيك، لكن من الضرورة الجلوس مع زوجتك والتفاهم معها بموضوعية خاصة فيما يتصل بالتضارب بين سلوكها الفعلي، وبين ما تدعو إليه، ومعرفة الأسباب التي تجعلها تعاملك بهذه الطريقة فقد يكون هناك صعوبات أو مشكلات تواجهها ولا تُفصح عنها. وإن كان هذا ليس مبرراً لسلوكها؛ بالإضافة إلى ذلك عليك بتذكيرها بآداب وقيم الإسلام وبقول الرسول - عليه الصلاة والسلام-:"إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً" رواه الترمذي (2612) وغيره من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وفي الحديث: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ... " الحديث رواه الترمذي (2018) عن جابر - رضي الله عنه - وأولى الناس بحسن الخلق والمعاملة هم أقرب الناس إليها ومن أقرب الناس إليها زوجها. كذلك تذكيرها بأهمية المحافظة على بيت الزوجية خاصة أنّ لكما ابنة ولابد أن تعيش في بيت يسوده الود والاحترام المتبادل بين الوالدين، ولابد من إفهام زوجتك أنّ حبك لها واهتمامك بها من المفترض أن تشكر الله على ذلك فهناك الكثير من الزوجات اللاتي يعانون من افتقادهم لحب أزواجهم؛ لذا لابد أن تُقّدر ذلك ولا يعني هذا الحب ضعف منك أو أنّك ترضى بسوء معاملتها لك، كما لا يجوز لها، وهي بالتأكيد تعرف ذلك، بأن تمنعك من الصلاة أو أي عبادة فرضها الله على عباده. والله الموفق.

زوجتي لا تطيعني

زوجتي لا تطيعني المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 24/5/1425هـ السؤال سؤالي يتعلق بطاعة المرأة لزوجها فيما تحب وتكره، أكرر تكره ما لم يكن ذلك في معصية الله؟ وما حكم المرأة التي تصر على رأيها حتى وإن كان زوجها يرفضه؟ وما حكم من تعتقد أنها على حق والعالم أجمع على غير ذلك؟!. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: وفقنا الله وإياك لكل خير، والجواب كما يأتي: 1- نصوص الكتاب والسنة تبين ضعف المرأة ونقصان عقلها، وضعفها وحاجتها إلى الرجل، ولعل من المعاني العظيمة لذلك هو مراعاة هذا المخلوق الضعيف، والصبر عليه، فإن أقمته على ما تريد كسرته. 2- الحياة الزوجية ليست أمر ونهي، ودونية فوقية وآمر ومنفذ، ولكنها شركة يقوم كل طرف بما عليه مع مراعاة الطرف الآخر، وتقدير مشاعره، وتقلبات مزاجه. 3- لا شك أن الطاعة في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن حتى الأمور المباحة، وما فيها وجهات نظر وهي من قبيل المباح فليس من الضروري أن تحسم برأي الزوج في نظري. 4- استشعار أن الكريم من تغلبه زوجته ولا يغلبها؛ وقد قيل: (ما أكرم النساء إلا كريم) وكل رجل يحب أن يكون كريماً لا لئيماً. 5- العقول تتفاوت في إدراك الحقائق والحكم عليها وتصورها، وكلما اتسعت دائرة المعلومات اتسعت دائرة المجهولات.

غير مرتاح مع زوجته

غير مرتاح مع زوجته المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 10/04/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. رجل يسأل عن حكم الشرع في الآتي: متزوج من امرأة وله منها ولد وبنت، ويحسن معاشرتها، ويوفيها حقوقها من مأكل ومشرب وملبس، وقليلاً نوعا ما زيارات لبعض صديقاتها، أما أهلها فهم جيران لها، ولكنه -داخلياً- غير مرتاح معها؛ بحكم ميول قلبه لامرأة أخرى، ولكنه يراعي حدود الشرع، فلا يتعرض لتلك الفتاة إلا من خلال الرسائل بينهما، والسبب في ميوله عدم إحساسه بالراحة مع زوجته، فكثيراً ما تسبه وتتجرأ عليه، ومهملة في حقوقه وبيته، وتضرب أولاده، وعدم النظافة المظهرية والتزين لزوجها، وفي منتصف الليل إذا بكى الطفل تلعنه وتلعن أباه. ويود السائل أن ينوه بأن زوجته ليست على علم بأمر المرأة الأخرى. نرجو من فضيلتكم بيان رأي الشرع في هذه العلاقة الزوجية. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. علاقتك بتلك الفتاة - ولو من خلال الرسائل - حرام لا يجوز، سواء علمت زوجتك أم لم تعلم، وعليك أن تتوب وتقلع عن فعلك هذا. ولعل تسلط زوجتك وبذاءتها معك ومع الطفل الصغير إنما هو بسبب ذنبك، بل من المؤكد أن الشيطان أوقع في نفسك محبة الفتاة وبغض زوجتك عندك. وإن المرء ليحرم الرزق والراحة والأنس بذنب يصيبه، وعليك أن تنصح وتعلّم زوجتك في أمور الخدمة والنظافة والتجمل لك، وعليك أن تتحمل ما قد يصدر منها من لغو القول - إذا لم يكن دائماً أو خطأ غير متعمد، فالبيت والأسرة لا يعيشان في سعادة ووئام إلا إذا تحمل كل من الزوجين ما يصدر من الآخر بحسن نية وطيبة خاطر، وعدم المحاسبة والمخاصمة في صغائر الأمور وكبائرها. يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه- لزوجته أم الدرداء: (إذا رأيتني غاضباً فرضيني وإذا رأيتك غضبى أرضيك". فبالود والمسامحة والمحبة تدوم العشرة، وبدونها لا توجد ألفة ولا عشرة. والله الموفق.

المشكلات الجنسية

دياثة منظمة المجيب الجوهرة العنقري التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 23/04/1427هـ السؤال أعاني من مشكلة مع زوجي فقد أجبرني على الكلام هاتفيا مع رجال أجانب! مكالمات جنسية، حتى يستمتع وهو معي بالمكالمات!؟ يطلب مني إحضارهم إلى المنزل، ولكني رفضت. وللأسف قد تعرفت على رجل آخر من خلال النت وأحببته، وعلم زوجي بذلك، وعلم أهلي كل شيء عني وعن ما يفعله زوجي معي، وأنا الآن أريد الطلاق، ولكن زوجي يرفض ويقول: إنه تاب، ولكني لا أصدقه، فماذا أفعل؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن لكل مسلك ونهج يسلكه الإنسان أثره على قلبه، وكما أن للجسد أسباب صحة وأسباب مرض وعلة، فالقلب كذلك، وما تشتغل به الجوارح مؤثر في القلب لأنها نوافذ إليه، فإذا غض الإنسان بصره حفظ قلبه، وإذا تهاون بالنظرة، والكلمة، قاد قلبه إلى العلة والمرض، بل الموت، فمن أرسل جوارحه في المحرمات فهي سموم يمرض بها القلب وتتراكم عليه الذنوب فتهلكه، روى أحمد (7611) ، والترمذي (3334) ، وابن ماجه (4244) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، فإن زاد زادت، فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه: "كلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" [المطففين:14] . قال الحسن في تفسير الآية: هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب فيموت. وعلى هذا فإن التساهل في الذنوب، والسير في طريق الفتنة خطير الأثر، والله سبحانه وتعالى قد بين لنا طريق العفة، وحذرنا من مزالق الشهوات والأسباب المؤدية إليها، فالله سبحانه وتعالى صان المرأة بنهيها عن أمور عديدة، عن الخضوع بالقول، وعن التبرج والسفور سداً لذرائع الزنا وإغلاقاً لأبواب الفتنة على المرأة والرجل سواء. وأنت يا أخيه تساهلت بأمر عظيم، وهو الاستجابة لزوجك في هذا المنكر العظيم، وهو مهاتفة الرجال والحديث معهم حديثاً جنسياً -كما ذكرت- فإذا كان الخضوع بالقول وتليين الكلام محرماً، يقول الله تعالى "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا" [الأحزاب:32] . فما بالك بما هو أعظم من ذلك مما ارتكبتيه من الحديث الفاحش الصريح؟ واعلمي أنك لا تعذرين بكون زوجك هو الذي طلب منك ذلك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. أما ما ذكرت أنك ابتليت به من التعلق برجل آخر عن طريق المحادثة بالنت؛ فأتت التي فتحتِ على نفسك باب الفتنة، ولو راقبتِ الله تعالى في جوارحك وحفظتيها من المحرمات لم تصلي إلى هذا السبيل.

وطريق الخروج مما أنت فيه أن تتوبي إلى الله توبة نصوحاً فتقلعين عما أنت فيه وتعزمين على عدم العود، وتندمين على ما فرط منك، ومتى صدق العبد في التوبة تاب الله عليه أياً كان ذنبه، يقول الله تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا" [الزمر:53] . أما ما ذكرت من طلب الطلاق من زوجك فهذا زنيه بميزان الشرع، فإن كان زوجك مقيماً على هذه المنكرات مصراً عليها، تاركاً للواجبات، فهذا يبرر الانفصال عنه. أما إن كان صادقاً في دعوى التوبة فأعينيه على ذلك وابقي معه، واعلمي أنه ليس من السهل أن تطلب المرأة الطلاق من غير بأس. وقد يكون رفضك الحالي لزوجك لتعلقك بهذا الذي تعرفتِ عليه عن طريق النت، وهذا طريق مشبوه، وهذا الرجل قد يكون أسوأ من زوجك فأبعديه عن حياتك، والجئي إلى الله تعالى بالتوبة، والاستغفار، والمحافظة على الواجبات، وتضرعي إليه في أوقات الإجابة كأدبار الصلوات، وبين الآذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل وجاهدي هواك، وسيهديك الله تعالى كما وعد. "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا". أسأل الله لنا ولك الهداية والثبات.

زوجي لا ينام معي!

زوجي لا ينام معي! المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 04/02/1427هـ السؤال زوجي لا ينام على نفس الفراش الذي أنام عليه، ولكنه يأتيني بصورة طبيعية، وعندما يقضي إربه يذهب لفراشه، فهل يحق لي أن أطالبه بالنوم معي على فراش واحد؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن من الحكمة أن يبحث كلٌّ من الزوجين عما يقرِّبه من الآخر، ويدنيه منه، وفي المقابل يحاول أن يسد الفجوات التي تباعده منه، وتفصله عنه. وربما كان أحد الزوجين حريصاً على القرب، لكنه لم يحسن وسيلة الإقناع، ولم يُجِدْ لغة الخطاب، فزاد في مساحة البعد. والحياة الزوجية ليست عملية اقتصادية عمادها: ماذا لكَ، وماذا لي؟، وماذا عليكَ، وماذا عليّ؟! ولكنها عملية وجدانية، يتحدث لغتها القلب، ويمثل ألفاظها السلوك. أختي الكريمة: إن من الطبيعي أن يدخل الزوجان بيت الزوجية، وكلٌّ منهما يحمل طبائع وعادات قد تخالف ما نشأ عليه الآخر من طبائع وعادات.. وحسب الزوجين الحريصين على إنجاح حياتهما الزوجية أن تكون تلك الطبائع المختلفة (هامشية) ، وليست في صلب التعامل الزوجي. إذ إن كلاً من الزوجين يمثل (شجرة) نبتت في (حوض) عائلي مختلف، وتغذّت من تربة ذلك الحوض، وتشكّلت بذلك الغذاء. وإذا كان من المهم جداً أن يراعي كل من الزوجين الطرف الآخر فيما يختلف عنه فيه من عادات، فإنه قد ثبت بالتجربة أن إعطاء فرص أكثر من الحب يسهم في هدم (جدار) الطبائع المختلفة وسرعة (إذابة) كل من الزوجين في الآخر. والمرأة جعلها الله أكثر قدرة في التأثير العاطفي، وأعمق جذباً من الرجل، وهي حين تفهم نفسية الرجل (الزوج) ، وتتقصّد التأثير عليه فإنها تملك إمكانات هائلة. ولكن ما يلفت النظر أن بعض الزوجات قد تصل إلى حد الإرهاق من تفانيها في خدمة زوجها وأولادها، ولكنها تفسد ذلك العسل بـ (خلّ) سوء الاستخدام لقاموسها اللغوي!.. فهناك من الزوجات من تستخدم مع زوجها اللوم، وربما في لحظة انفعال تنشر بين يديه (ملفات) قضايا سابقة، وربما صفعته بكلمة (عجزت عنك) !.. وكأنها تفترض أن يلغي عقله، وأن يسارع بالاستجابة لها، أو إنها ستستخدم ضده أسلوباً (آخر) مخيفاً!!.. وهو ما يستفز الزوج، ولأن نفسيته منبنية على الصراع والمنافسة، فقد يقوم بـ (رد) على الزوجة قد لا يكون متوقعاً عندها، خاصة مع تكرار تلك المواقف. وقد أشار المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إلى أن (من البيان لسحراً) ، فإجادة استخدام كلمات اللغة، والتأكيد على الكلمات الجميلة، والتلبّس بالرفق، والتذرع بالصبر، له أثر غير محدود في التأثير.. والعامة تقول: (اللسان اللّين يغلب الحق البيّن) .

وكم من النساء اللاتي قد يكون لدى الواحدة منهن بعض التقصير فيما يتصل بأمور المنزل، لكنها استطاعت أن تحتوي زوجها بلغتها (الراقية) معه، فاستطاعت أن تجعله يغضّ الطرف عن تقصيرها، وفي المقابل قد (تقتل) بعض الزوجات نفسها في الاهتمام بالزوج والأولاد والبيت، لكنها (تقتل) زوجها بـ (طلقات) الكلمات العنيفة، الصادرة في جوّ الانفعال، ولذا ينسى الزوج -عند ثورته- كل ما تقدمه تلك الزوجة! وحين سأل عبد الملك بن مروان عبد العزيز بن زرارة الكلابي عن أفضل النساء، قال: التي يقول أهل الزوج قد سحرته!!.. ومن المؤكد أن السحر في اللغة أوضح منه في السلوك. أختي الكريمة: قد يكون كلامي السابق حاضراً في ذهنك، لكني أعدته لأدعوك إلى (تفعيله) ، فكم من الأمور التي تختزنها ذواكرنا ولم ينطبع بها سلوكنا، فصارت حجة علينا! أما بالنسبة لمشكلتك مع زوجتك -التي كتبتِ تتساءلين عنها- فالذي يبدو أن (سماء) علاقتكما الزوجية (صافية) سوى من هذه (الغيمة) الخفيفة.. وزوجك -مادام يؤدي وظيفته معك بصورة جيدة- فمن حقه أن ينام في المكان الذي يجد راحته فيه. وأتمنى ألا يؤدي ضيقك بهذا الأمر إلى تحويل هذه (الغيمة) إلى (سحب) داكنة، تقلب هناءكما إلى شقاء، وتجرف أمطارها كل الذكريات الجميلة السابقة. ولكن من خلال كلامي السابق أعتقد -جازماً- أنك قادرة على القرب النفسي من زوجك، والتأثير فيه من خلال اللغة والسلوك.. حدثيه أنك تتفهمين (جيداً) ظروفه التي تجعله ينام في فراش مختلف، وأنك تحرصين على راحته، لكنك تحسين بفقده حين يكون بعيداً عنك، فكيف حين تستيقظين من نومك وتشعرين أنه بعيد وهو قريب!!.. عرّفيه أنك تتفهمين دوافعه، وابدئي معه راجية منه النوم معك، ولو مرة في الأسبوع.. فقد تتغير نظرته ويعتاد النوم معك، ولكن لو لم يتمّ شيء من ذلك إطلاقاً، أو رأيت أن حديثك معه في ذلك الأمر يضايقه، فمن الحكمة والعقل أن ترضي بوضعك، وهو وضع عادي لدى بعض الأزواج. وفقك الله لهداه، وسلك بك سبيل التوفيق في الدنيا والآخرة.

غيبة زوجي طالت حتى أضرتني!

غَيْبة زوجي طالت حتى أضرَّتني! المجيب مصطفى محمد الأزهري داعية وباحث إسلامي بوزارة الأوقاف المصرية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 29/01/1427هـ السؤال تزوجت منذ عام، وبقي معي زوجي مدة 15يوماً، ثم سافر إلى بلاد الغرب حيث إقامته، وأنا محتاجة له كثيراً، وأحس باكتئاب كبير؛ وذلك بسبب حاجتي العاطفية والجسدية. كنت ألجأ للعادة السرية، والآن تبت من ذلك والحمد لله. ساعدوني مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأهلا بك -أيتها العروس الكريمة- ونهنئك على زواجك، ونسأل الله أن يبارك في زواجك وأن يسعد حياتك، ويملأ أيامك أُنساً بالله والقرآن والصلاة والعمل الصالح.. أولاً: أشكر فيك -أختي الكريمة- صراحتك في طرح مشكلتك، وهو ما يشير إلى نفسٍ تسعى إلى سلامة دينها، وعصمة سلوكها.. لعلك كنت تعلمين قبل الزواج طبيعة عمل زوجك، ومنها تغيبه عنك بالسفر؛ لذا كان عليكما أن تبحثا عن صيغة للتفاهم حول هذه المسألة، فإما أن يصحبك معه في سفره، أو يرتب أحواله على عدم التغيب مدة طويلة تتسبب لك في عَنَتٍ لا تتحملينه. أما توبتك من "العادة السرية" فهو شيء محمود ثبتك الله على الإقلاع عنه، فهو -يا بنيتي- أخطر على المتزوجين منه على غيرهم، "ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستعفف يعفه الله"، لكن عليك أن تراسلي زوجك، وأن تبثي إليه ما في نفسك بهذا الخصوص، فأنت زوجته والحرج بينكما مرفوع، {وقد أفضى بعضكم إلى بعض} . وحتى يتيسر الحل ويعود زوجك -بإذن الله- سالماً غانماً- استعيني بالصبر والصلاة والقرآن وصيام النوافل، وراسلي زوجك كثيراً، واتصلي به ما وسعك الأمر. شرح الله صدرك، وآنس وحدتك، ورد لك زوجك، وعمّر أوقاتك بالخير والعمل الصالح.. والله أعلم.

هجر الزوج في الفراش تأديبا له!

هجر الزوج في الفراش تأديباً له! المجيب سلطانة عبد الله المشيقح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 23/11/1426هـ السؤال تقع خصومات بين الزوج والزوجة من حين إلى آخر، فالغالب أن الزوجة تكون مظلومة، وهي في كل الأحوال تذهب وتعتذر لزوجها، لكن الزوج يأخذ حقه في الفراش من زوجته، وطول اليوم يعاديها ولا يكلمها، ولا يعاملها معاملة حسنة، فهل لها الحق أن تهجر الفراش ولا تكون آثمة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا ريب أن الواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف، وتبادل وجوه المحبة والأخلاق الفاضلة مع الصبر وطيب البشر؛ لقول الله -عز وجل- "وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19] ، وقوله: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" [البقرة:228] . وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- "البر حسن الخلق" رواه مسلم (2553) . وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق" رواه مسلم (2626) . وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم". رواه الترمذي (1162) . ويجب عليك الصبر وتحمل الجفاء وسوء خلق زوجك، قال تعالى: "واصبروا إن الله مع الصابرين" [الأنفال:46] وقال: "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين" [يوسف:90] ، وقال: "فاصبر إن العاقبة للمتقين" [هود:49] ، وعليك مداعبة زوجك ومخاطبته بالألفاظ التي تلين قلبه، وتسبب انبساطه إليك. لكن لا يجوز لك هجر الفراش؛ لما قد يلحقك من إثم بذلك، بل يجب إعطاؤه كامل حقه عليك، وعليك بالدعاء أن يصلح الله حال زوجك ويلهمه رشده، ويمنحه حسن الخلق وطيب المعشر ورعاية الحقوق، إنه خير مسؤول، وهو الهادئ إلى سواء السبيل. أخيراً: عليك بمحاسبة نفسك، وأن تبادري إلى التوبة مما قد يكون صدر منك من سيئات وذلات، فلعله قد سلط عليك -هذا الزوج- لمعاصٍ اقترفتيها. قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى:30] . أسأل الله أن يصلح حالكم، ويهدي زوجك ويرده إلى الصواب، وأن يجمعكما على خير وهدى إنه جواد كريم.

أحس بفتور جنسي بعدما خطب

أحسَّ بفتور جنسي بعدما خطب المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 26/8/1424هـ السؤال هناك شاب كان مسرفاًً على نفسه وخاصة في النظر إلى المحرمات والعادة السرية، مع أن ظاهره كان الالتزام، وقد حاول أن يتوب، وبعد أن انقطع مدة عن هذه المنكرات أحس برغبة في الزواج ورغبته بفتاة ملتزمة توجهه وتعينه على طاعة الله تعالى، وكان هذا الشاب قد عمل عملية فتاق، وبعد ما خطب وكتب العقد أحس بفتور وضعف في القوة الجنسية، والآن هو يخاف من أن يكون ذلك عقاباً من الله تعالى على ما سبق من معاصيه، فهل يتم الزواج أو يوقفه؟ وما هو توجيهكم؟. الجواب أخي السائل: أسأل الله أن يرزقك توبة نصوحاً ويثبتك على طاعته. أخي الفاضل: الله - عز وجل- حليمٌ، عفوٌ، وقد بين أنه - جل وعلا- لو يؤاخذ الناس على كل ما كسبوه في الدنيا من ذنوب لما ترك على ظهر الأرض من دابة، ولذا فليس بالضرورة أن يكون إحساسك بضعف القدرة الجنسية حقيقياً وواقعاًَ في نفس الأمر، ولكنه ناتج عن إحساس بالذنب، أسأل الله أن يجعله كفارة وتطهيراً لك، لكن لا ينبغي أن تبني عليه عملاً أو قراراً بترك الزواج بل لا بد أن: (1) تكشف كشفاً طبياً عند طبيب مختص في هذا الشأن لمعرفة ما إذا كانت هناك علاقة بين الفتاق وما تعانيه من شعور بالضعف الجنسي. (2) أن تعلم أن بعض ما يقوله بعض الوعاظ والمشايخ عن أثر العادة السرية لم يثبت علمياً وطبياً، فلا تربط بين هذا الشعور بالضعف وبين ممارستك السابقة للعادة السرية. (3) إن أخبرك الطبيب الثقة بعدم وجود تلازم بين الفتاق والشعور بالضعف، وقرر أنك طبيعي، وأن ما تعانيه جانب نفسي أو وقتي فلا تتردد في إمضاء الزواج. وإن أخبرك بغير ذلك وأنك تعاني ضعفاً حقيقياً لأي سبب فأخبر الفتاة التي كتبت العقد عليها حتى تكون على بينة فإن رضيت بالزواج فالأمر إليها والحمد لله، وإن رفضت، فسرحها بإحسان. وصلى الله على نبينا محمد وآله.

فتور.. الزوج..!!!

فتور.. الزوج..!!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 6/4/1422 السؤال أنا امرأة متزوجة منذ عشر سنوات من رجل لم أكن أعرفه تمام المعرفة ولكن كما تعلمون الزواج المتعارف عليه في مجتمعاتنا الخليجية، في بداية زواجنا كانت حياتنا تسير على ما يرام مع حدوث الكثير من الحوادث التي كنت دائماً أقوم على حلها له حتى رزقنا الله بأربعة من الأبناء والبنات بعد العناء والمعالجة في المستشفيات حيث أن الحمل كان في بداية الأمر صعب عندي ولكن الحمد لله على كل حال، والآن تغيرت حياتي وانقلبت رأساً على عقب فزوجي أشعر أنه لا يرغب بي كالسابق ولا يحترم آرائي ولا يهتم بها ولا حتى ابسط حقوقي الزوجية وهو حق المعاشرة الزوجية لا يقوم به حتى أنه لتمضي الشهور على ذلك ولا أدري كيف أتصرف معه؟ أرشدوني للحل أفادكم الله؟ الجواب أيتها الأخت الكريمة يبدو أن مشكلتك تدور حول محاور أربعة وفي فهم تلك المحاور قد تخرجين بفائدة أرجو أن تساهم ولو جزئياً في حل مشكلتك هذه المحاور هي أنت كزوجة وزوجك والعوامل الخارجية المحيطة بكما كزوجين وأخيراً العلاقات والروابط المشتركة بينك وبين زوجك. قد يتبادر لذهن كثير من الناس أن وجود مثل هذه المشكلة إنما يتمثل بسبب الزوجة كعامل رئيسي لوجود مثل هذا الفتور في العلاقات الزوجية فالزوجة هي الملومة الأولى في مثل هذه الحالة فالحياة الروتينية رسّخت عندها عدم المبالاة في مراعاة زوجها ومراعاة مشاعره ورغباته. هذا الروتين وخصوصاً بعد هذه المدة الزمنية المديدة ووجود الأطفال جعلها أقل حرصاً على التجمّل والتفنن إن صح التعبير في عرض جمالها ورونقها لزوجها لتجذبه إليها وتجعله مشغوفاً بها على الدوام بحيث لا يجد السأم إليه طريقاً ولا يرى الملل إليه مسلكاً ينبعث من خلاله عند فئة من الناس الزوجة هي المفتاح الجاذب والماسك في نفس الوقت لزوجها فإن شاءت أرسلته وتركته وإن شاءت احتفظت به فلا تراه يشغف تفكيرها. أيضاً قد يرى آخرين أن الزوج إنما حصل له مثل هذا الفتور في العلاقات الزوجية هو نتيجة طبيعية لإتباع نفسه هواها، فإطلاقه البصر والنظر إلى ما حرم الله ومشاهدة الأفلام الهابطة وبعض القنوات الفضائية وما تعرضه من صور رخيصة جعلته يزهد فيما عنده من الحلال، بل أصبح لا يجد تلك اللذة والسعادة الزوجية التي كان يراها ويستمتع بها في السابق، وهنا يجب أن أشير إلى أن هذا لا يعني أن كل بروديه في العلاقات الزوجية عند الأزواج إنما مردّها إلى هذا السبب، لا، بل هناك أسباب أخرى عديدة ولكن هذا السبب موجود لدى عينة غير صغيرة في مجتمع الرجال.

الصراحة والمكاشفة بين الزوجين هما في نظري الحل الناجح والأجدر بالعمل به لكل زوجين أرادا أن تدوم الألفة والمحبة بينهما، ولكن المشكلة أن هذه الوسيلة هي في حد ذاتها مشكلة تحتاج إلى حل. إذا أنها غائبة تماماً عند كثير من الأزواج. المصارحة والمكاشفة بين الواحد والآخر هي مع الأسف آخر ما يمكن أن يفكر في طرقه وعمله كل من الزوج والزوجة، يأخذ الزوج أو الزوجة على خاطره ويتعب على الآخر وربما يتضايق من تصرف معين أو عادة يقوم بها أحدهما باستمرار ولا تجد الآخر يحاول مكاشفتة فيها، أصبح كل منها مخزوناً مليئاً بكل نقد وعتب على الآخر ولكن وبسبب معين أو لجدار وهمي ساهم في بنائه كل منها على مرّ الزمن لا يستطيعان أو قل لا يملكان القوة والشجاعة الكافية التي تمكنهما من مصارحة إحداهما الآخر بما يجد في نفسه عليه. وكنتيجة طبيعية لهذا العمل نجد أن هذا المخزون من العتب والسأم يتحول وبطريقة لا إرادية إلى أشكال مختلفة من التصرفات والنزاعات وربما المشاجرات بين الزوجين، كثير من حالات الخصام والشجار بين الزوجين تبدأ بسبب تافه وبسيط ربما يخجل كل منهما حتى الإفصاح عنه فيما بعد لتفاهته وصغره وهو في الحقيقة إنما هو قناع حاول كل من الزوجين تفريغ ما في جعبته من شحنات العتب التي طالما تكدّست عندهما من خلاله فما برح أن أنفجر حالما وجد فرصة ولو بسيط أو سامجة إن صح التعبير ليكون بذلك بذرة وبداية لنزاعات يجر بعضها بعضاً. إذا الحل كما أراه أنا ويراه كثيرون غيري والمتمثل في الحوار والمصارحة والمكاشفة إنما هو مشكلة بحد ذاته وذلك في غيابه التام عن الساحة الزوجية وبعده الساحق عن العلاقة الزوجية المتردية، ولذلك فإني أنصح أختي السائلة وأرشدها في أن تبدأ في مد خطوط المكاشفة مع الزوج وأن تبدأ في بناء حلقة مناقشة جادة هادئة وتشييد حوار صريح ولطيف مع زوجها تحاول فيه من التعرف على مكمن الخلل الحاصل لهما في علاقتهما الزوجية، وبالطبع فإن للمصارحة والمكاشفة الزوجية والحوار بينهما آداباً وسلوكيات يحسن بك أختي الإلمام بها ولعلي أرشدك إلى محاضرة نفسية في هذا المجال للشيخ عبد العزيز المقبل هي بعنوان " لا صداع مع الجوار " وفيه تعرض الشيخ لهذه المسألة باستفاضة وشمول أرجو أن تجدي فيها الفائدة وما يعينك في مهمتك القادمة. أمران أخيران أود التنبيه إليهما قبل أن أنهي هذه الاستشارة: - أولاً: إياك أن يأتيك الشيطان ويوحي إليك أن سبب عزوف زوجك عنك هو بسبب إنجابك أو نوعية إنجابك فيوحي إليك بامور قد تتعبك من الناحية النفسية وهي ابعد ما تكون عن الواقع!! ، إنك يجب أن تعلمي وتؤمني أن هذا كله بأمر الله وحكمته ولا يسع المؤمن إلا الرضى بما قسمه الله - الأمر الآخر: وهو شائع جداً بين الناس وهو إرجاع مثل هذه المشاكل الزوجية القائمة بين الأزواج لظروف خارجية مثل العين والحسد والسحر، نعم هناك مشاكل زوجية سببها هذه الأشياء ولكنها محدودة جداً بحمد الله، فلا يسعنا كزوج وزوجة أن نجعلها شماعة نعلق عليها كل ما يدّب بيننا من خلافات ونزاعات.

إن العين والسحر أصبحت لدى كثير من الأزواج والزوجات المفر السهل والمخرج الأقرب الذي يخرجون به من أخطائهم ويهربون من خلاله ومن مواجه المصاعب ويزيد الأمر سوءاً وتعقيداً إذا رُمي به إنسان بري فاعتقد أحد الزوجين أن فلاناً سحره أو فلاناً حسده بعين وهو في الحقيقة بريء من ذلك براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام. قبل الخوض في مسألة العين والسحر وهما حق بلا شك يجدر بالزوج أو الزوجة أن يتغوص كلٌ في نفسه ويصارح شريك حياته فربما توصلا إلى حل ناجح يقطعان به وساوس الشيطان واتهام غيرهم من المسلمين. والله ولي التوفيق.

هل أنا فاشل.. كزوج؟؟!

هل أنا فاشل.. كزوج؟؟! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 1/3/1422 السؤال أنا شاب عربي تزوجت حديثاً على سنة الله ورسوله.. وكان حفل زفافي ولله الحمد خال من كل المنكرات.. كان حفلاً سنياً حسب الشرع.. والمشكلة بدأت عندما أردت معاشرة زوجتي.. فشلت رغم أنني كنت مستعداً ومهيئاً حتى اللحظات الأخيرة..!! ولكن ما أن هممت باستكمال الأمر كما يفعل الأزواج.. حتى شعرت بالفتور.. وفشلت.. وتكرر الفشل مرة أخرى.. ولي حتى الآن حوالي عشرة أيام. وقد أفادتني زوجتي بأنها استعملت سحراً في صغرها حتى لا يقترب منها أي رجل.. وكان هذا السحر متمثل في شربها من عين ماء كان يشاع أنها مسكونة بالجن.. أفيدوني مأجورين.. فأنا في حيرة واضطراب.. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. وبعد:- أخي الكريم.. اشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. بالنسبة لاستشارتك.. فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: ما تعاني منه.. ليس أمراً جديداً.. بل أنه يتكرر كثيراً في بدايات الحياة الزوجية لعدد من الأزواج وغالباً ما تنتهي المشكلة بعد وقت فيتم الأمر وتسير سفينة الحياة على أكمل وجه. ثانياً: غالب الأسباب هنا ((نفسية)) في بداياتها.. بمعنى أن الزوج يكون متحفزاً بعض الشيء لإتمام هذا الأمر.. أو متخوفاً من فشله فيه.. فيفشل فعلاً..!!! وبعد فشله في المرة الأولى.. تهتز ثقته في نفسه.. فيتوالى الفشل.. وتستمر المعاناة. ثالثاً: الحيثيات التي ذكرتها بالفصيل تؤكد أن المشكلة هنا نفسية..!! وبفضل الله أنها مسألة بسيطة.. وستتجاوزها - بعون الله - عاجلاً فيجب عليك أن تثق بنفسك وتستعين بربك.. وتتأكد أن المسألة مسألة وقت.. وتنتهي المشكلة.. فأسترخ تماماً.. ولا تتحفز أثناء اللقاء.. وضع أمام نفسك حقيقة الآلاف الذين مروا بهذه المشكلة وتجاوزوها. رابعاً: يجب على زوجتك أن تتفهم الوضع.. وتقدره.. وتعينك.. وتيسر الأمر لك.. قبل الاتصال وأثناءه ولا تستعجل النتائج.. صدقني - بإذن الله - ستتجاوز هذا الأمر.. فتعامل معه بشكل عادي.. وثق بالله ثم بنفسك - كما أسلفت - فهذا أمر ضروري وهام.. ثم احفضا هذا الأمر بينك وبين زوجتك.. وسيجعل الله بعد عسر يسرا. خامساً: أما حكاية السحر.. وشربها من العين.. فهذا من توهيمات الشيطان وتلبيسه عليكما.. فاجعلا إيمانكما بالله ويقينكما.. أقوى من ذلك.. واستعيذا بالله من كيد الشيطان وهمزه ولمزه.. إن كيد الشيطان كان ضعيفا. سادساً: لا تنسى أخي الكريم الالتجاء إلى الله بالدعاء الصادق بأن يعينك ويوفقك.. وتحر في ذلك مواطن الإجابة.. أثناء السجود.. وأدبار الصلوات.. وآخر الليل.. والله تعالى قريب مجيب.. يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. سابعاً: لا بأس أخي الكريم من استشارة طبيب مختص - إذا أردت - ليشرح لك ولزوجتك الأمر.. ويبسطه بوضوح وقد يقترح عليك بعض الأدوية.. أو غيرها وفقك الله وأعانك.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

إعراض الزوجة. . ما الحل؟

إعراض الزوجة. . ما الحل؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 24-12-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. فإني أشكو لكم وضعي مع زوجتي، فهي لا تقصر معي في التعامل إطلاقاً وأنا أحبها، ولكنها ليس لها رغبة في الجماع وهذا ليس أحياناً بل على الدوام، وهذا الأمر يضايقني جداً علماً أنني متزوج منذ سنتين ولم نُرزق بمولود، فهل يحق لي الطلاق والزواج من أخرى لهذا السبب؟ أشيروا عليَّ جزاكم الله خيراً. الجواب شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" أما التعدد فلا يملك أحد أن يحرِّمه عليك أو ينهاك عنه وقد أذن لك بذلك ربّك، وأما الطلاق فلا، والمشكلة لا تحتمله، فهي أهون بكثير من أن تدفعك لطلاق امرأتك، ومجرد تفكير الزوج بالطلاق من أجل هذه المشكلات الصغيرة يدل على أنه ليس به طاقة على الصبر والحلم والأناة، وإذا كان الرجل تهزمه هذه المشكلات الصغيرة كل مرّة فليعلم -إذن- أنه لن تستقر معه امرأة على حياة. فما من امرأة إلا وفيها نقص وعيوب. ولو أن كل زوج طلق امرأته متى رأى فيها عيباً خُلقياً أو خَلْقياً لما بقيت زوجة مع زوجها. والطريقة الصحيحة التي ينبغي أن يأخذ بها الزوج حينما يرى شيئاً من هذه المشكلات والمنغصات أن يسترشد بما أرشد إليه الحبيب -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"لا يفرك -أي لا يبغض- مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر" أخرجه مسلم (1469) . فإذا رأى الزوج في زوجه شيئاً من العيوب والنقص، فليتأمل ما يرضاه منها من خَلق أو خلُق، فذلك أدعى ألاّ يبغضها فضلا عن أن يطلقها، اللهم إلا ما يعيبه عليها من العظائم التي تمس الدين والعرض. وإني لأعجب من هذا الذي تراوده نفسه بطلاق زوجته في الوقت الذي يزعم أنه يحبها وأنها لا تقصِّر في حقِّه، فإن هذه نعمة كان ينبغي أن يقابلها بالشكر لا بالكفر، وبالعرفان لا بالنكران، فاحمد الله -يا أخي- واشكره على هذه النعمة، وأمسك عليك زوجك واتق الله. ولا ينبغي أن تفهم من هذا أننا ندعوك إلى أن ترضى بهذه المشكلة وتستسلم لها فلا تلتمس لها حلاً، كلاّ! ولكننا ندعوك إلى أن تكون أكثر نضجاً وعقلاً وأناة من أن يطيش عقلك لمثل هذه المشكلات الصغيرة فلا ترى لها حلاً إلا الطلاق، وبئس الحل هو، لا سيما وأنت حديث عهد بالزواج، والسنة والسنتان نحسبها أقصر من أن تبلغ بالمشكلة درجة الميؤوس منه الذي يستعصي على العلاج. وقبل أن نلتمس وإياك حل هذه المشكلة ينبغي أن تتفهم طبيعة المرأة وتكوينها النفسي والجسدي، فإن المرأة يغلبها الحياء، لا سيما في أول سني الزواج، ورغبتها في الجماع أقل من الرجل، واستجابتها لمؤثرات الشهوة أبطأ وأضعف منه، وبخاصة إذا كانت صغيرة، ولذا فهي محتاجة إلى المقدمات الممهدات من المداعبة والملاطفة حتى تتهيأ رغبتها لذلك.

فمن الخطأ المبين، بل ومن الأثرة أن ينزو الرجل على امرأته متى اشتهى بلا مداعبات ولا ممهدات من تهيئة جو الرومانسية المرغِّب، كما ينزو الفحل على بهيمته، حتى إذا قضى منها وطره ولّى مدبراً ولم يعقب!. ولنكن أكثر صراحة ووضوحاً: فنحن أحياناً نشكو من أزواجنا بعض الأمور، ولو أنصفنا أنفسنا من أنفسنا وأنصفنا منها أزواجنا لوجدنا أن هذا الذي نشكوه منهن إنما هو نتيجة مباشرة لتقصير وخلل يشكونه منا أزواجنا. وما يدريك -أخي- أن هذا الذي تشكوه أنت من زوجك يقابله خلل وتقصير تشكوه منك زوجك؟ فحتى تأخذ لا بد أن تعطي، وحتى تستمتع لا بد أن تُمتِّع. فتفقَّد طريقتك في هذا الأمر الذي لا تجد لزوجك فيه رغبة، وتزيّن لها كما تحب أن تتزين هي لك، ولا تجعل قضاء وطرك واستمتاعك بزوجك مثل قضاء حاجتك -أعزك الله-، فإذا بذلت جهدك في ذلك وعجزت فلا مانع من أن تلجأ أنت وزوجتك إلى طبيبة تناسلية أو طبيبة نفسية ربما تكشفه ما لا تكشفه أنت. أسأل الله أن يسددك ويهديك، وهو الهادي إلى سواء السبيل. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

البرود الجنسي

البرود الجنسي المجيب سعد الرعوجي مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 8-6-1424 السؤال أنا سيدة متزوجة منذ ما يقارب أربع سنوات وزوجي ولله الحمد ذو خلق عالي يحبني وأحبه ولكن مشكلتي معه منذ الشهر الأول للزواج أنه بارد جنسيا، وقد يمر تقريبا ما يقارب الشهرين لا يقربني وقد تناقشت معه كثيرا في هذا الموضوع مما دفعه للذهاب إلى الطبيب واستشارته وعمل التحاليل اللازمة لذلك وكانت النتيجة سلامته عضويا المشكلة الآن أن زوجي لا يعطي للموضوع أهمية ووضعني أمام حلين لا ثالث لهما إما أن أرضى بهذه الحال وأتكيف نفسياً وطبعياً عليها وإما الانفصال، طبعا أنا فضلت الحل الأول ولكنني لا أعرف كيف أستطيع أن أكيف نفسي على ذلك ولقد سمعت كثيرا عن المتزوجين والعواطف بينهم والأجواء المشاعرية والذكريات الرومانسية ولم أجرب هذه الأمور. أرجوكم أن ترشدوني. الجواب أختي الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" من المألوف أن تشكو بعض النساء أن أزواجهن المسنين لديهم عنة والعنة هي ضعف في أداء الوظيفة الجنسية لكن غير المألوف أن تشكو زوجات صغيرات في السن من نفس الشكوى وأزواجهن لا يزالون في مقتبل الشباب والإجابة هنا يجب أن تكون بعد إجراء فحص دقيق واستكمال المعلومات والحصول على إجابات لعدة أسئلة توجه للزوج والزوجة كلٌّ على حده لأنه أحياناً قد يخجل أحد الطرفين أن يعترف بالحقيقة أمام شريك حياته وربما كان في هذه الإجابة الحل الشافي لهذه المشكلة. أما أسباب العنة والضعف بشكل عام فيقول المختصون هناك أسباب عضوية وأسباب نفسية وأخرى اجتماعية. الأسباب العضوية لا مجال لبحثها لأن زوجك كما تقولين أثبت الفحص الطبي سلامته أما الأسباب النفسية منها ما يعود للرجل ومنها ما يعود للأنثى ونحن هنا نتناقش حال زوجك وقد ذكر الدكتور رمضان حافظ في كتابه "كيف تسعدين زوجك وتحافظين عليه" عدداً من الأسباب المختلفة فمن الأسباب النفسية لدى الزوج ربما:- 1-كثرة الضغوط والمشاكل الاجتماعية التي تواجه الزوج. 2-العجز المالي المستمر أو المؤقت ووجود ديون يجب سدادها. 3-شعور الرجل بالضعف أو النقص أمام زوجته الأرقى علمياً أو مالياً أو اجتماعياً وعدم إحساسه بالتكافؤ 4-السمنة الشديدة أو الهزال الشديد. 5-جهل الزوج بالعلاقة الجنسية الصحيحة. 6-الإصابة بالأمراض النفسية كالاكتئاب أو العقلية كالانفصام. 7-وجود عقدة نفسية في زمن الطفولة له أو المراهقة. 8-الانحراف الجنسي ولعل هذا بعيد عن زوجك إن شاء الله. وهناك أسباب تكون المرأة وراءها مثل:- 1-جهل المرأة بالعلاقة الجنسية ونفورها منها بطريقة مستمرة. 2-قذارة المرأة ووجود رائحة كريهة من جسدها أو فمها أو فرجها أو ثيابها. 3-كثرة انتقاد المرأة لطريقة الرجل في الممارسة وتوجيهه قبل وأثناء وبعد الممارسة. 4-كثرة طلبات المرأة المالية لزوجها قبل وأثناء الجماع. 5-جرح المرأة لكرامة زوجها وتعييره بالعجز والقصور. 6-استفزاز الزوج حين يعود من العمل واختلاق النكد.

7-إظهار الشفقة على الزوج حين يفشل أو يعجز عن إتمام ما بدأ عند الجماع. 8-ارتداء ثياب داخلية غير نظيفة وغير جذابة كالتي ترتديها العجائز والأمهات. 9-المبالغة في التمنع والتهرب حتى يمل الزوج وينام. 10-محادثة الزوج بلغة الأمر والنهي كما كانت تصنع أمه. 11-الزوجة المتسلطة أو سليطة اللسان. 12-الانحراف الجنسي 13-وجود عقدة نفسية منذ الطفولة أو المراهقة. هذه الأسباب نحن نذكرها ولا يلزم وجودها ولكن هذا تساؤل موجه للزوجة حتى تحيط بالمشكلة من جميع جوانبها. أما الأسباب الاجتماعية فهناك أسباب ربما أدت إلى مثل هذا الضعف الجنسي. ونستعرض على عجالة بعض الأسباب الاجتماعية مثل 1-ضيق المسكن ونوم الأطفال الصغار مع آبائهم وأمهاتهم في نفس الغرفة. 2-وجود الجد أو الجدة في البيت باستمرار مع الزوجين مما يقلل فرص العواطف إلا في داخل الغرفة. 3-وجود مشاكل أسرية بين الزوج وأهل الزوجة أو العكس. 4-عدم الشعور بالأمن والاستقرار في السكن. وهكذا تتعددالأسباب وتتنوع وقد قالوا:"إذا عرف السبب زال العجب" لذلك عزيزتي الزوجة ابحثي مع زوجك عن سر عدم وجود متعة بينكما، ناقشي الأمر بصراحة ولا خجل فلا حياء في الدين ولا حياء في طرح موضوع حيوي مهم يهم علاقتكما. واستشيرا طبيباً متخصصاً في الأمراض الجنسية أو النفسية واحذرا الدجالين والنصابين والمرتزقة الذين يدعون أن العمل والسحر والجان هم السبب وحدهم وراء مشكلتكم وأنهم قادرون على علاجكم فالعنة داء لها دواء بإذن الله عند أهل الخبرة والاختصاص. وفقكم الله لما يحب ويرضى,,,

زوجها يهجرها في الفراش

زوجها يهجرها في الفراش المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 21/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي صديقة متزوجة منذ سنوات طويلة، ولم تنجب أطفالاً، والسبب من الزوج، ومنذ عدة سنوات هجرها في الفراش، ولم يعد يكترث بها ولا بحقوقها الزوجية، فعلت معه كل شيء كي ترجعه إلى سابق عهده، لكن دون جدوى، لاحظت اهتمامه بشاب معين، فركبها الشك في علاقته به، نظراً لاهتمامه الشديد وتعلقه به، واكتشفت منذ أيام قليلة رسالة بخط يد زوجها تصف جمال ذلك الشاب، وكلام خطير لا يصح أن يذكر من شخص مثله، ويدل عن شذوذه الجنسي. لا تدرى صديقتي إلى من تلجأ؟ فالكل لن يصدقها، وهي عازمة على الطلاق من هذا الشخص، فطلبت مني، كتابة هذه الرسالة لفضيلتكم لاستشارتكم في هذا الأمر، وحكم الشرع في هذه الكارثة. جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ما تتعرض له صاحبتك بلاء يستوجب الصبر والالتجاء إلى الله - تعالى -، فإنه نعم المولى ونعم النصير، والصبر ليس خاصاً بمصيبة الموت أو المرض، ففقد فرصة الإنجاب وما وصفت به علاقة زوجها بها مؤخراً من الهجران مدة طويلة، والتقصير في حقوقها الزوجية، وما تتهمه به من علاقة غير سوية تشير إلى تعرض زوجها لموجة من (مرض القلب) ، وما قد تشعر به لاحقاً من فقد زوجها الذي عاشت معه زمناً طويلاً، وربما تملُّكها مشاعر المحبة التي يزرعها الله في قلب الزوجين غالباً، كل ذلك يستدعي احتساب الأخت الأجر عند الله، فإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، والإيمان نصفان: نصفٌ شكر، ونصفٌ صبر، وقد ذكر الله الصبر في القرآن في نحو تسعين آية، نسأل الله أن يربط على قلبها. والذي يمكن قوله مما يمكن الأخت أن تعمله أمران: (1) أن تطلب الانفصال عن زوجها، ما دام أن مشكلة عدم الإنجاب من جهته، وأنه أضاف إلى هذا العيب تقصيره في حقوقها وهجرانها، وفي هذه الحالة ليس بالضرورة أن تذكر للناس شيئاً عما لاحظته من سلوكه المريب بذلك الشاب، سواء توقعت تصديق الناس لها أم لم تتوقع، وإنما تركز على الأسباب التي عادة يتقبلها الآخرون ويعرفونها، وهي كافية شرعاً وعقلاً للانفصال، نرجو الله أن يخلف لها خيراً منه. (2) في حالة رفضه طلب الانفصال يمكنها مصارحته بما لاحظت من سلوكه، مما لا يتفق مع السلوك الشرعي العام.

(3) أن تجتهد في مناصحة زوجها وتنبيهه على المسلك الخطير الذي وقع فيه، وسواء كان ذلك مشافهة أو مراسلة، أو عن طريق إيصال بعض المواعظ المكتوبة أو المسموعة إليه، أو تخويفه في مرحلة متأخرة بالتشهير به، وتنبيه الناس على عدم الاغترار به، وسواء كان ذلك قبل الانفصال أو بعده؛ لأن الهدف هو إنكار المنكر الذي وقع فيه، وإصلاح حاله، وقد كتب الإمام ابن القيم - رحمه الله- في بلية زوج صاحبتك كتاباً مطولاً باسم: (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) ، وقد يوجد باسم آخر: (الداء والدواء) ، وقد تستعين الأخت كما استعانت بك بعد الله، بمن يناصح الزوج وينبهه ويعظه. وأسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العافية واليقين.

دخل بها منذ أشهر ... ولكن لا تزال بكرا

دخل بها منذ أشهر ... ولكن لا تزال بكراً المجيب د. فاطمة الحيدر طبيبة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 12/09/1425هـ السؤال منذ ثلاثة أشهر مضت وأنا متزوج في ظاهر الأمر، حيث إن زوجتي -إلى الآن- ما تزال بكراً؛ وذلك بسبب خوفها الشديد، علماً أنني ذهبت بها إلى طبيبة نفسية، ولكن لا جديد, كثيراً ما تبكي هي لهذا السبب، وتطلب مني السماح، فهي تخاف من ذنب قد يصاحب غضبي، فهي مقرَّة بذنبها، فما حكمها؟ وكيف لي أن أتصرف؟ فقد مللت، علماً أننا نحب بعضنا كثيراً. وشكر الله لكم. الجواب قد يواجه بعض الأزواج صعوبات في بداية الحياة الزوجية فيما يتعلَّق بإتمام ونجاح العلاقة الخاصة؛ وهذا يرجع إلى عوامل كثيرة، لعل من أهمها التصور المسبق لما ستكون عليه شخصية الزوجين، ومستوى القلق لديهما مردُّه إلى معلومات خاطئة عن العلاقة نفسها وكيفيتها، وعن فشل المحاولة الأولى، ومدى استقرار الحياة الزوجية بين آباء وأمهات الأزواج الجدد، وغير ذلك.. هذه الصعوبات لا تعني بالضرورة فشل الحياة الزوجية، أو عدم تقبُّل الطرفين لبعضهما، في مثل هذه الحالات ينصح بالتركيز والاهتمام والاستمتاع بجوانب الحياة الزوجية الأخرى، وألا يكون الهم الوحيد هو هذه الصعوبة، وكيفية حلها، كذلك الاعتقاد الداخلي بأن هذا الأمر عارض وسيزول - بإذن الله تعالى-، والطمأنينة والاسترخاء، وتقليل مستوى القلق بطرق مختلفة، لعل أهمها الصلاة والدعاء، يضاف لها برامج الاسترخاء المتعددة. إن استشارة مختصين في هذا الأمر - لا شك أنه أمر هام-؛ إذ يعطي المستشار توصيات حول المهارات الزوجية لكلا الزوجين، مع برامج سلوكية لتخطي هذه الصعوبة، أود أن أطمئنك بأن النجاح غالب - بإذن الله-، وأقترح التواصل مع العيادة النهارية النفسية بمستشفى الملك عبد العزيز الجامعي. والله الموفق.

زوجته تهجره في الفراش!

زوجته تهجره في الفراش! المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية التاريخ 22/10/1424هـ السؤال أنا متزوج ولي عدد من الأبناء وزوجة صالحة، لكن هناك مشكلة منذ أكثر من سنة احتملها طيلة هذه الفترة، ولكني لم أعد أحتمل، وهي أن زوجتي تتمنع عني طول الوقت، فإذا رغبت في جماعها أكثر من مرة في الأسبوع رفضت وبشدة، حاولت أن أفهمها أكثر من مرة أن هذا حرام شرعاً، لكنها على موقفها منذ هذه المدة، ماذا أفعل وأنا أريد أن أجامعها كل يومين على الأقل؟ هل أجد الإجابة عندكم أفادكم الله؟ جزاكم الله عنا والإسلام خيراً. الجواب لعل من أكثر ما يعكر على الزوجين هو ضعف احتواء أحدهما للآخر جسدياً، وعدم قدرته على إشباعه جنسياً، والذي من صوره البرود الجنسي وضعف الاهتمام به، إلى الضعف في ممارسته أو الاستعجال فيه قبل استتام نهمة الآخر، وقد يحتمل ذلك بادئ الأمر، ولكنه إذا تكرر يتسبب في إيجاد حالات من البرود العاطفي بين الزوجين، واندلاع الشجار لأدنى مشكلة. ولسنا بصدد تعداد آثاره، فالغالب على الظن إدراك أحد الزوجين لأبعاد المشكلة بمجرد الإشارة إليها، إلا أني أردت التعبير عن الاتفاق في أصل المشكلة. ولحل مشكلتك نشير إلى أن جزءاً من المشكلة، في أحيان ليست قليلة، هي من الزوج نفسه، وعليه أن يتحرى هو عن أسباب تهرب زوجته منه، فربما يكون الزوج يتسبب في شيء من إيذائها، أو لا ينصف من نفسه، بحيث يفرغ هو من عملية الجماع قبل أن تفرغ هي، فترى في هذا الفعل شيئاً من الأنانية الذي يدعوها للقسوة عليه، أو أنه يقلل من الاهتمام بالتزين لها خلال الأيام التي تسبق عملية الجماع، أو لضعف في معززات المحبة بينهما، فالتقبيل نوعان: نوع شهوة وهو ما يحدث في مقدمات الجماع، ونوع معزز للمودة بين الزوجين، وهو الذي وردت به السنة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل عائشة - رضي الله عنها- قبل خروجه من بيته، وبعد وضوئه ... فليس هذا من تقبيل الشهوة بل هو معزز للعلاقة السامية بين الزوجين، وإهمال مثل هذه المعززات يؤثر سلباً على نفسية الزوجة التي قد تجد في التمنع عن الزوج نوعاً من العقوبة والتأنيب. ومع ذلك فإن عملية المعاشرة بين الزوجين ينبغي أن يتعامل معها على أنها حلقة عاطفية من أولها إلى آخرها، وليست عملية آلية كإعداد أكلة أو تجهيز غرض ما، وبالتالي فليس بالضرورة أن يطلب الزوج من زوجته ذلك أو أن تستعد لذلك، بل يبادئها به من خلال عمليات استثارة، وربما دون أن يسبق ذلك أية إشارة لرغبته في ذلك، حتى تجد نفسها راغبة فيه. هناك فروق بين استثارة شهوة الرجل واستثارة شهوة المرأة، فالرجل غالباً تكون استثارته بالتفكير في الأمر إلى مجرد البدء بمقدمات الجماع، في حين أن المرأة تحتاج إلى وقت أكبر حتى تستجمع عاطفتها لذلك، وهو ما يؤكد على ضرورة تحلي الزوج بقدر من الصبر في الوصول إلى هذه الحالة.

من الفروق بين الجنسين في عمليات الجماع، أن الرجل يهدف من الجماع إلى العملية نفسها، في حين أن المرأة ترى أن في العملية نوعاً من المحفز للزوج ليحقق لها الإشباع العاطفي الذي تتلقطه من خلال الضم واللمس والتقبيل، وأهم من ذلك التعبيرات الدافئة عن المشاعر العاطفية. يجهل بعض الأزواج شيئاً من أدبيات الجماع الناجح، مما يجعل في ممارسته شيئاً بارداً غير مرغب (محمس) لمعاودته، والمقترح في ضوء ما أفاد به السؤال، ما يلي: (1) أن تحاول استثارة الزوجة بطريقة غير مباشرة (دون أن تطلب منها الاستعداد لذلك) ، فتغتنم الاجتماع بها على الفراش في التحدث عن مودتك لها وسعادتك بالاجتماع معها في بيت واحد، وتقبلها تقبيلات حانية بادئ الأمر. (2) أن تزيد من ثقافتك بما يتعلق بعوامل نجاح الجماع، ونقترح عليك الإفادة من كتاب (تحفة العروس) للأستانبولي، فإنه تحدث عن ذلك بأسلوب مؤدب لا يخدش الحياء. (3) استفد من الأوقات التي تقبل فيها الزوجة على هذا الأمر، كبعد منتصف الشهر أو بعد حضورها مناسبة زواج أو نحوها، وحاول أن تتأخر عن الجماع، وإذا وجدت منها إقبالاً جاداً فقدّم لها بطريقة غير أستاذية بعض ما وقفت عليه لتحقيق جماع مشبع. (4) قد تكون زوجتك تعاني من مشكلة البرود الجنسي، وحينئذ سيكون الأجدر بهذا السؤال هو الجهات الطبية. والله نسأل أن يجمع بينكما على البر والتقوى، وأن يجعلكما قرة عين لبعضكما.

المشكلات العاطفية

هل أطلقها لأتزوج بأجمل؟! المجيب عبد الإله بن سعد الصالح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 18/05/1427هـ السؤال زوجتي لا تناسبني ولدي طفلة منها، والآن مضت سنتان من زواجنا، أريد الزوجة الجميلة ذات الخلق، والجمال من باب العفة، فما رأيكم في ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فمن المعلوم أن الكمال عزيز، وأن النقص من لوازم البشر في الطباع، والأخلاق، والخلقة، ثم انظر من حولك. هل تحقق لهم ما يريدون في هذه الحياة، في الزوجة، والولد، أو المكسب.. إلخ مما يحتاجه ويتمناه الإنسان في الحياة. لكن هناك أسس هامة في إختيار المرأة قد وضحها لنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي الباقية مع الزمن والصالحة له، قال صلى الله عليه وسلم: " تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" صحيح البخاري (5090) ، وصحيح مسلم (1466) . فالدين الذي يشمل المخافة من الله في الزوج، وحسن المعاشرة له، والعمل على تربية الأبناء وإعطاء الرجل حقوقه، وحفظها لنفسها وأولادها في حال غربته ... إلخ من الصفات التي لا يمكن أن تجتمع إلا لمن كانت متدينة، فهذا الذي أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم. - أخي الكريم كم رجل سعد بجمال زوجته لفترة من الزمن ثم كان ذلك وبالاً عليه، لم يجد للحياة سعادة بسبب قلة الدين حينا، والغرور أحيانا. - إن كانت زوجتك وأم ولدك لا ينقصها إلا ما ذكرت فهذا ليس عيباً بل حافظ عليها وعلى بنتك حتى تكون في رعايتكما وبين حنانيكما، فأنت مسؤول عن ذلك. - وإن وجدت رغبة ملحة في الزواج من أخرى وأنت قادر على العدل، فأقبل على الزواج مستعيناً بالله. وفقك الله.

اشعر أني غريب عن زوجتي!!

اشعر أني غريب عن زوجتي!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 20/4/1422 السؤال أنا متزوج منذ عشر سنوات وكان عمري 17 سنه وعندي ولدان وبنت والمشكلة التي أعاني منها هي عدم الراحة النفسية مع زوجتي مما أدى إلى جفاف العلاقة بيننا إلى درجة كأني غريب عنها وهي غريبة عني مع أنها حاولت بكل الطرق إصلاح هذه المشكلة ولكن بدون فائدة ويعلم الله أنها امرأة صالحة ولم تضيع أي حق من حقوقي طوال هذه الفترة التي قضيناها مع بعضنا وهي لم تحصل إلا على القليل والقليل جداً من حقوقها فارجوا من الله ثم منكم الرد على هذه المشكلة التي أعاني منها من 9 سنوات والله يحفظكم ويرعاكم. الجواب أخي الكريم:.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ((عدم الراحة النفسية)) عنوان كبير وعرض - ربما - مرضي لأسباب كثيرة ومتفاوتة من حيث الوضوح والحدة والعمق!! ولكي نعرفها نحتاج إلى تفاصيل كثيرة تتعلق بحياتك الخاصة والعامة وطبيعتك وعلاقاتك مع الآخرين، ومستوى دخلك وما إلى ذلك من تفاصيل قد تراها أنت بعيدة عن المشكلة ونراها نحن أساس المشكلة، لأن المشاكل النفسية أخي الكريم غالباً ما تكون نتيجة تراكمات وضغوطات كثيرة وممتدة تلبدت غيومها وتلاقحت عبر الزمن نتيجة لأسباب وتفاعلات كثيرة وأمطرت في وقت معين ظن صاحبها أن الوقت الذي أمطرت فيه تلك الغيوم هو السبب الحقيقي لها وهذا جزء من المشكلة ولكن ليس بالضرورة المشكلة كلها. ولذلك فإنني ومن الحيثيات القليلة التي ذكرتها لواقعك اعتقد أن ما تعاني منه هو ((الملل)) . ويعرف الملل بأنه حالة نفسية معينة تنشأ نتيجة لغياب الدافع وراء العمل أو النشاط الذي نقوم به أو بعبارة أخرى (قيام الفرد بمزاولة نشاط ينقصه الدافع أو استمراره في عمل لا يميل إليه ولا يرغبه، والنتيجة هنا قلة الاهتمام وضعف النشاط، وربما كراهية الزمان والمكان الذي يربطه بهذا العمل، وربما كره الإنسان نفسه وتلاشت همته وحماسه للعطاء بشكل عام فدخل من حيث لا يدري في دائرة مفرغة، ودوامة لا يعرف كيف يخرج منها. فالملل أصلاً حالة (نوعية) مرتبطة كما أسلفنا بنشاط أو موقف أو شخص معين ولكنها قد تتطور بسببنا إلى حالة عامة نكره معها كل شيء، بدل أن نتفهم هذا الأمر ونضعه في إطاره الصحيح ونحاول أن نتعامل معه كما يجب. بل على العكس من ذلك غالباً ما ترانا أدخلنا أنفسنا في دائرة الملل والحيرة وأغلقناها وضخمنا هواجسنا وحاصرنا أنفسنا وكرهنا ما حولنا ولن نعدم في كل الحالات إيجاد التبرير الذي نقنع به أنفسنا ونسقط أوجاعنا وأمراضنا على الآخرين ونعلق على مشاجبهم مآسينا التي وضعناها وصدقناها ولم نحاول أن نكون موضوعيين في تقديرها ووضعها في حجمها المناسب. أخي الكريم ما سبق مدخل لواقع عام يعاني منه الكثيرين في أوقات متفاوتة بين مقل ومكثر ومنصف وظالم والأمور هنا نسبية وعلى أية حال فإنني أقف معك ومع واقعك الذي ذكرته عدة وقفات:

أولاً - تأكد يا أخي أن الكمال عزيز وأنه لله سبحانه وتعالى وأنك إن وجدت في زوجتك ما تكره فستجد حتماً ما تحب فأنصفها من نفسك ولا تحملها ما لا تطق خاصة وأنها تسعى جاهدة - كما ذكرت - لإصلاح هذا الأمر والبحث عما يسعدك ويرضيك وأنها قد أدت إليك حقوقك ولم تضعها وصبرت على الحد الأدنى من حقوقها، فماذا تريد؟ ثانياً - إنصافك في عرض واقعك وذكر حسنات زوجتك يجعلني أثق بعقلك ومرؤتك ولذلك فإني أهنئك على هذه الزوجة الصالحة وادعوا الله لكما بالصلاح والفلاح وأن يعيذكما الله من نزغات الشيطان ثم أخبرك صادقاً أن حياتنا من صنع أفكارنا فحاول أخي الكريم أن تنظر للجوانب المضيئة من حياتك الزوجية، الأبناء، الأقارب، واجعل لك هدفاً سامياً وهو بناء أسرة مسلمة صالحة وغيِّر من روتينك اليومي، سواء في ذهابك وعودتك ونومك ويقضتك وزياراتك.. الخ. ولا بأس من تغيير أو تجديد بعض الأثاث لكي تخرج من ذلك الروتين القاتل الذي سبب لك هذا الملل وعدم الارتياح، وقبل هذا وذاك تغيير كما أسلفت بعض أفكارك السلبية، والإقبال على حياتك وبيتك بروح متفائلة قدر الإمكان. ثالثاً - تذكر أن الكثيرين لم يدركوا كل ما كانوا يتمنون بل أن الغالبية العظمى رسموا أحلاماً قبل الزواج وكان واقعهم غير متطابق تماماً مع ما رسموه، ولكنهم في الغالب كيفوا أنفسهم وسارت بهم سفينة الحياة بشكل هادئ رغم ما يعتري الرحلة أحياناً من منغصات وأمواج وعواصف فهذه سنة الحياة إلا أنها تسير. رابعاً - مسألة ((جفاف العلاقة)) بينكما ربما احتاجت إلي تفصيل اكثر لمعرفة نمط الحياة بينكما، ومن المتسبب بهذا الجفاف، إلا أنني اعتقد أن ما ينقصكما هو الوضوح في طرح أفكاركما، والمصارحة بينكما في كثير من الواجبات والحقوق التي يريدها كلاً منكما من الآخر وأحملك أنت درجة كبيرة من هذا الأمر فتجب عليك المبادرة والوضوح والإنصاف في مثل هذه الجلسات لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، ولا تنسى أخي الكريم الدعاء الصادق بأن يصلح الله ما بينكما، ويهديكما لما فيه الخير والسداد. خامساً - إذا لم تثمر كل تلك الأمور وصدقت أنت مع نفسك وبذلت ما تستطيع لمعالجة هذا الأمر من مختلف جوانبه، فالحمد لله في الأمر سعة ورخصة ((التعدد)) بشروطه وضوابطه المعروفة من العدل والإحسان والرحمة وعدم الجور والحيف بين زوجتيك وربما كان هذا الأمر أخف وطأة على زوجتك من (الهم) والإحساس بالذنب الذي وضعتها أنت فيه والعجز عن معالجة واقع ليست مسؤولة عنه بشكل مباشر، بل ربما انعكس ذلك الأمر بشكل إيجابي على حياتكما. وفقك الله لما فيه الخير وأصلحك وأصلح لك.. وسدد على طريق الحق خطاك.

جفاف المشاعر.. أحرقني!!!

جفاف المشاعر.. أحرقني!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 22/4/1422 السؤال أنا امرأة متزوجه من رجل صالح ولله الحمد يكبرني ببضع سنوات ولكن مشكلتي أن ذلك الزوج جاف وكذلك عصبي عليّ أنا وأطفالي صحيح زوجي طيب ولا يبخل علينا ولكنه حرمني من أشياء كزوجة أشياء لا يمكن أن أجدها إلا منه مثل الكلام الجميل وللمسات الحانية فكل ذلك لا أجده إلا إذا أراد المعاشرة الزوجية فقط، لقد أصبحت أخاف على نفسي من الشيطان فأنا بحاجة تلك الأشياء كزوجة فإذا لم أجدها منه ماذا أفعل أقسم لك أني لو كنت أنا الرجل لتزوجت امرأة أخرى ولكن ما حيلتي وأنا امرأة فهل الجأ إلى الحرام والعياذ بالله حتى إذا تكلمت لا يصغي إليّ باهتمام، لقد فكرت في الطلاق ولكني بقيت من أجل أطفالنا فقط وليس من أجل زوجي لأن حياتنا أصبحت جافة جداً، لا تقل صارحي زوجك فلقد صارحته وأخبرته أنني بحاجة قربه مني ولكن لا حياة لمن تنادي فهو أن تغير تغير يوم ويرجع ودائماً أعطيه أشرطة نافعة , لا تقل ممكن أن أكون أنا السبب بل لم أٌقصر معه وهو يعترف بذلك فأنا دائماً أتزين له واهتم به، أنا حياتنا هذه أثرت حتى على أطفالنا، نسبت أن أخبرك أن زوجي أكثر ما يهتم بزملائه. أرجوك أن تساعدني فهذه المشكلة أعاني منها أنا وكثير من النساء فنحن في كل يوم بل كل ساعة يقتل أزواجنا الحب الموجود في قلوبنا. آسف للإطالة وجزاك الله خيراً. الجواب أختي الكريمة.. اشكر لك ثقتك.. وأسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ولا يجعله ملتبساً علينا فنظل إنه ولي ذلك والقادر عليه. بالنسبة إلى استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: صدقيني أشعر بمعاناتك.. وما تجدينه.. تجده بكل أسف كثير من النساء من أزواجهن.. حيث ينشغل الزوج بتفاصيل الحياة.. ومشاغلها.. وينسى أحياناً بعض اللفتاة الحانية والكلمات العاطفية التي قد تعني لزوجته الكثير..!! وكثير منهم لو علم وتأكد ماذا تعني مثل هذه ((الأشياء)) البسيطة لزوجته.. لقالها وكررها عن طيب نفس.. ولكنها المشاغل وروتين الحياة والنظر للعلاقة الزوجية من زاوية واحدة.. وهي زاويته فقط..!! وربما نظر بعض الأزواج إلى ذلك الأمر نظرة ازدراء بحجة أن ذلك من أعمال المراهقين.. وأنهم قد كبروا عليه..!! فضعي هذا الأمر - أختي الكريمة - في هذا الحجم.. وانظري له من هذا المنظار.. حتى لا تحمليه أكثر مما يحتمل.. وتفسيره بأنه لا يشعر بقيمتك ولا تعنيه مشاعرك.. ولا أحاسيسك..!! ثانياً: حاولي - أختي الكريمة - أن تنظري للجوانب الإيجابية من علاقتك بزوجك.. المنزل.. الأبناء.. الاستقرار.. الستر.. وغيرها الكثير.. وتذكري إيجابياته الصلاح.. الطيبة.. عدم البخل.... الخ.. وتأكدي أن الكمال لله سبحانه وتعالى.. وقد قال الشاعر:- ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء فخراً أن تعد معايبهُ

ثم تذكري.. بعد ذلك.. حال الآلاف من النساء اللواتي يعشن في كنف رجال ظلمة.. أو منحرفون.. أو مدمنون نسأل الله السلامة.. وتذكري من حرمت من الزواج.. ومن حرمت من الصحة.. أو من الإنجاب.. أو غير ذلك..!! فذلك أجدر أن نتذكر نعمة الله علينا فنشكرها. ثالثاً: لا تسمحي للشيطان - أعاذنا الله جميعاً منه - بأن يدخل في هذه الأمور..!! فهمه الإفساد ونشر الرذيلة وهدم الأسر العامرة.. وإثارة الشحنا والبغضاء.. بتكبير بعض الأوهام والنفخ فيها وتيئيس المرء ودفعه - ما استطاع إلى ذلك سبيلا - إلى مواطن الزلل ولن يعدم - قاتله الله - ألف حجة ليدخل من خلالها.. فيملأ النفوس الخالية.. هماً وغماً ويأساً وإفساداً.. فاستعيذي - أختي - قائمة وقاعدة من نزغات الشيطان وتلبيسه وتوهيمه.. [إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا] .. رابعاً: فكرة الطلاق.. فكرة غريبة ... !! هذا ما يريده الشيطان وما يسعى إليه..!! ولماذا الطلاق..؟! وماذا بعده؟! وما هو البديل..؟!! وما ذنب الأولاد..؟! وأين التضحية..؟!! ثم هل وصلت الأمور إلى هذا الحد..؟!! مهما كان.. فالأمر أسهل من ذلك.. صدقيني.. ولكن لا تتعاملي معه بكل هذه الحساسية.. وحاولي أن تتكيفي معه.. وافترضي أن الأمر أسواء من ذلك فكيف ستفعلين..؟! وتأكدي أن ملايين النساء في مختلف أنحاء العالم يعشن نفس المشكلة..!! ولا أبالغ فالغالب الأعم من الرجال ينسى.. بل ويلغي القاموس الرومانسي من ذاكرته بعد الزواج بفترة وجيزة..!!! ومع روتين الحياة وانشغاله بهمومها وتفاصيلها كما أسلفت.. ولكل منهم تبريره الخاص بذلك..!! ولا علاقة بين ذلك وبين نظرتهم لزوجاتهم عند الغالب منهم!! خامساً: بعض النساء تتأثر كثيراً ببعض الروايات والقصص الرومانسية.. وتعيش في أجوائها.. وتحلق بعيداً عن الواقع..!!! ومن ثم تنقم عليه وتراه بمنظار أسود.. يلغي من ذاكرتها كل الأشياء الإيجابية في حياتها.. ويقصر السعادة ومن وجهة نظرها على بعض الكلمات أو المجاملات.. التي وإن اتفقنا على أهميتها.. وتأثيرها.. إلا أنها تظل في النهاية جزء من المشهد.. يجب إلا يقتصر تقييمنا لحياتنا وسعادتنا عليه فقط. سادساً: استمري - أختي الكريمة - في برنامجك الإيجابي ناحيته.. في الاهتمام بنفسك وبأبنائك وببيتك وبإهدائه بعض الأشرطة والمطويات.. ولا تنتظري تغيراً سريعاً.. بل ربما - تحسناً بطيئاً.. تقبليه واشكريه عليه.. ويجب عليك أنت.. ألا تسمحي لهذا الأمر أن يؤثر على أطفالكما..!! سابعاً: كثرة اهتمامه بزملائه - موجودة بكل أسف عند بعض الرجال بشكل مبالغ فيه!!! ويؤثر فعلاً على واجباته والتزاماته الأسرية..!! أما إن كان الأمر في حدود المعقول.. فتأكدي أنه لا يمكن أن يترك أصدقائه لمجرد أن ذلك يغضبك.. فكوني أكثر دهائاً وتقبلي الأمر.. ولا تضيقي عليه.. حتى لا يملك.. ويشعر بأنك تحاصريه!!! وحاولي بهدوء أن تستقطبيه على المدى الطويل.. ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.

وهناك شريط أقترح لو سمعتموه جميعاً.. وهو بعنوان (لا صداع مع الحوار، للشيخ عبد العزيز المقبل) ويوجد العديد من الأشرطة في أماكن التسجيلات بعناوين مختلفة تدور جميعها حول التعامل بين الزوجين.. وآليات العشرة الزوجية. ثامناً: أكثري - أختي الكريمة - من الدعاء بأن يصلح الله لك زوجك ويهديك ويهديه.. ويحفظكما من نزغات الشيطان وتوهيمه.. وأن يريكما جميعاً الحق حقاً ويرزقكما اتباعه.. والباطل باطلاً ويرزقكما اجتنابه ولا تستبطئي الإجابة. وفقك الله وحماك من كل سوء.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

زوجتي حساسة..جدا!!!

زوجتي حساسة..جداً!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 14-12-1423 السؤال أنا شاب متزوج منذ بضعة أشهر وعلاقتي بزوجتي طيبة ولله الحمد، ولكن هناك مشاكل لا تخلو منها الحياة الزوجية، غير أن زوجتي تتعامل مع هذه المشاكل بحساسية زائدة، ولو حصل خلاف ومشادة في الكلام ضاق صدرها وحزنت بل إنها مرضت مرة بسبب خلاف عادي، وتقول لي إن قلبها يؤلمها ويرتفع ضغطها، وأنا أريد حلاً أفيدوني جزاكم الله عني خيراً. الجواب أخي الكريم ... أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً:- الحياة الزوجية - أخي الكريم - لا تخلو من تباين في وجهات النظر أحياناً أو الخلاف حول هذا الأمر أو ذاك ... وربما تجاوز الأمر إلى نوع من المشادة التي يليها عتب ظاهر أو غضب خفي.. وربما غضب ظاهر ... !! ثم تعود المياه إلى مجاريها وتسير الحياة بشكلها المعتاد ... وهكذا دواليك!! ثانياً:- يجب أن يدرك الزوجان أنهما يحملان نظامين للحياة ورؤيتين مختلفتين لها بشكل أو بآخر..!! ولا يلزم أن يتطابقا في كل شيء.. فهذا مما لا يحدث إلا في القليل النادر جداً..!! فنشأتهما وتربيتهما وثقافتهما وربما قيمهما ومبادئهما وبرامجهما العقلية العليا.. تختلف بشكل أو بآخر.. وهذا مما يجعل فهمهما للأحداث وتفسيرهما لها.. وانسجامهما معها.. لا يتفق بالضرورة..!!! وليسا مطالبين بأن ينصهرا مع بعضهما ويذوبا الفوارق إلى هذا الحد!! لأنه لن يتسن لهما ذلك بشكل كامل.. إلا مع مرور السنوات وتجاوز الكثير من العقبات!! ثالثاً:- من المهم جداً أن يدرك الزوجان تلك الحقيقة.. ويدركا معها أنهما بصدد بناء شراكة خاصة جداً وبناء أسرة كريمة.. وأنهما مطالبان بتقدير تلك الفوارق الموجودة بينهما وتضييق مساحة التباين إلى حدها الأدنى بإحسان الظن وتقديم العذر وسعة الصدر ... والمحاولة الجادة لكليهما بتفهم الآخر وتقديره.. وإبعاد كل ما يثير كوامن الخلاف والاختلاف.. وعدم إتاحة الفرصة للشيطان ليحقق مآربه بهدم أسرة مسلمة والتفريق بين زوجين فذاك غاية مناه..!! رابعاً:- أما حساسية زوجتك تجاه هذه الأمور.. فيجب عليك تبصيرها بهذا الأمر ... وأن جميع الأسر لا تخلو من مثل ذلك..!! وأن تحاول أن تفهم طبيعتها.. وتساير هذا الجانب بشكل أو بآخر ... مع اختيار الوقت والمكان المناسبين للتنبيه على الملاحظات وبشكل خاص.. وبعيد عن الآخرين مهما كانوا.. صوناً لخصوصية ما بينكما وحفظاً لماء الوجه كما يقال!! والاتفاق على أن المرء يتعلم من أخطاءه وملاحظات أحبائه وأصدقائه..!! وأن العتاب دليل المحبة!! ـ أما الصمت على الملاحظات وعدم البوح بها أو استيضاح ما خفي منها فهو بداية غير مشجعة لاستمرار الحياة الزوجية!!! وفقكما الله وأصلح ما بينكما وجمعكم على الخير والحق والهدى والتوفيق ورزقكما الذرية الصالحة إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه،،،.

زوجتي سلبية

زوجتي سلبية المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 6-10-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... سؤالي بعد شكري لكم على هذا الموقع النافع هو: أنني متزوج منذ ثلاث سنوات وأحمد الله على ما وهبني من زوجة كريمة طيبة هادئة؛ لكن مشكلتها أنها شديدة الخجل متلبسة بحياء يجعلني أحيانا أعتقد أنه ظاهرة مرضية تحتاج إلى معالج نفسي ... حاولت كثيرا في تغيير هذا السلوك لكني بؤت بالفشل ... والذي يؤلمني أكثر أنها عند الآخرين تمارس نفس الأسلوب بحيث أنها تجلس في المجالس النسائية العامة والخاصة دون أن يكون لها أدنى مشاركة حوارية.. بالتالي بدأ الحديث حولها وحول شخصيتها المنغلقة المتقوقعة ... ترى ما الذي يمكن أن أصنعه مع شريكتي أكثر مما صنعت (من تنبيه وحوار دائم حول مشكلتها وما قد تسببه من معاناة لي ولها في حياتنا كشركاء) ؟؟. أتمنى أن أقرأ ردكم سريعاً ... الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " رسالتك هذه تزيد من إيماني بشيئين اثنين نغفل عنهما كثيرا: أولهما: أن هذه الدنيا دار مشقة ودار نكد فلا يسلم من نكدها أحد حتى عندما يتصور البعض أنه قد حصل له من النعم الشيء الكثير إلا أنه تبقى لديه بعض المنغصات التي تزيل عنه اللذة والمتعة لما تحت يديه. وثانيهما: أن الشيطان يعظم للزوج والزوجة مساوئ صاحبه حتى لكأنه لا يرى فيها إلا هذا الخلق الذي لم يرتضيه أو العيب الذي لا يرغب وجوده لدى صاحبه. قبل فترة ليست بالبعيدة كتب إلى زوج مثلك يشكو من عكس ما تشتكي منه أنت تماماً إذ لديه زوجة قوية الشخصية مبادرة تحب النشاط وتبادله الكلام والآراء ويذكر أنه يتأذى كثيراً جداً من هذه الصفة التي في زوجته وأنه لم يستطع حتى الآن النجاح في علاج ذلك، بل يضيف أنه يتمنى لو أن الله كان قد رزقه زوجة هادئة مطيعة تتحمل منه وتكون سبباً في إخماد الكثير من المخاصمات الكثيرة بينهما ولا تؤججها وتزيدها. أيها الأخ الفاضل إن الكثير من الأزواج ليتمنون وجود مثل هذه الصفة التي في زوجتك عند زوجاتهم لأن الحركة والممارسة والحديث والقيادة لها ضريبتها وهي قوة الشخصية وربما جلب مثل هذا الأمر الكثير من المتاعب بين الزوجين خاصة إذا لم يستطيعا أن يديرا شؤون علاقاتهما بحكمة وروية وتفاهم متبادل يتعرفان من خلال ذلك على حدود المسئوليات المناطة بكل منهما. المرأة النشيطة في نظرك والقيادية والتي تمتلك المجلس إذا حضرت ثق أن لذلك ثمنه من وجود خصال أخرى قد لا تعجبك بالضرورة أو قد تكون سبباً في انزعاجك منها وتمنيك لو كانت بعكس ذلك. أيها الأخ الكريم صفات زوجتك توحي بأنها قلما تعاندك أو تماريك أو تلاغطك وتخاصمك ولكنه في النوع الآخر من النساء يوجد بكثرة إذ قوتها وتمكنها من الحديث يساعدها على مماراة زوجها ومناكفته حتى يصل بها الأمر إلى النزاع المستمر وهذا كما قلت إذا لم يحسن الزوجان التعامل معه بالشكل المطلوب والمفترض. صدقني أن في زوجتك الكثيرَ من الأمور الإيجابية ولكنها العادة حينما يحس كل زوج بالحرمان إذا ما ركز النظر على السلبيات وترك الايجابيات. تعديلُ سلوك الهدوء والدعة والسكون والخجل لدى زوجتك شيءٌ ممكن ولكنه يحتاج إلى وقت طويل لتغييره وكذلك هذا التغيير يكون محدوداً. أعانك الله ووفقك وزوجتك لما فيه كل الخير لكما،،،

رغم أنه ملتزم ... زوجي لا يهتم بي

رغم أنه ملتزم ... زوجي لا يهتم بي المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 19/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا سيدة، زوجي من أبناء عمومتي، يتَّصف بأخلاق عالية، لديه علم شرعي، سمعته طيبة جداً عند كل الطبقات التي يتعامل معها، المشكلة فيه توزيع الاهتمامات والأولويات، فنحن أسرته في المرتبة بعد العاشرة، والأصدقاء في المرتبة الأولى، هذا ليس مبالغة ولكنه شيء من الحقيقة، جلوسه مع أصدقائه ليس في طلب علم، وإنما مؤانسة وهذا باعترافه، البيت تقريباً للنوم وقضاء حاجاته الفسيولوجية أو للنت، إجازته أشد من أيام عمله، فوقت الظهيرة وأوقات الطعام خارج المنزل في الغالب مع أقربائه، مشكلتي أيها الشيخ الفاضل الإحساس بالوحدة، وعدم وجود من أبوح له بمشاعري، خاصة أني لا أريد من حولي يعرف شيئاً عن حياتي، والأمر الآخر عدم وجود من يلبي طلباتي، فأنا أكره الشعور بالمهانة وطلب شيء من أشخاص آخرين، لا تقل لي عيشي حياتك وقللي من الاعتماد عليه، فقد حاولت ولكن كيف؟ حضور المحاضرات، توفير الكتب والمجلات، توفير احتياجاتي واحتياجات أبنائي، زيارة الأصدقاء والأقارب، كل ذلك أنا في حاجة إليه، أكبر المشكلة هو ما أحسه في الآونة الأخيرة من جمود في مشاعري نحوه، إحساسي بأني آلة لتفريغ شهوته والعناية بحاجياته، جعلني أتهرب من حقوقه الشرعية بأسباب واهية، حتى أصبح هذا الأمر مصدر إزعاج لي وله بعد أن ظننت أني استنفذت جميع طرقي لتوصيل معاناتي له من رسالة أو حوار أو منع مما اعتاده من إغراق بمشاعر فياضة، أنا الآن لا أستطيع إعطاءه أبسط حقوقه، فاهتمامي الأول أصبح أبنائي، أتمنى الرد بأسرع وقت فالأمر يزداد سوءاً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لقد شعرت بمدى المشكلة التي أنت تعانين منها إنها حقاً "مأساة حقيقية" لكن يبقى هنا أمور منها: (1) هل لجأت إلى الله بصدق وإخلاص وذل وانكسار، ودعوت ربك بأن ينهي هذه الأزمة على خير، ويعود إليك زوجك كما كان في سابق عهده من الاهتمام بك وبأولادك، والجلوس معك والعناية بك وبشؤونك على اختلاف تنوعها؟. (2) هل قمت بتذكيره بالله بأن لك حقوقاً عليه أنت وأبناؤك، ويجب عليه أن يعطي هذه الحقوق أولى اهتماماته؛ لأنه مسؤول عن ذلك أمام الله، وأن الله استرعاه عليكم، فيجب عليه أن يعطي لهذه الرعية حقها على الوجه الأكمل، وإلا سيحصد ثماراً لا تروق له في الدنيا، فضلاً عما ادخره الله له من الجزاء في الآخرة. (3) هل بالفعل أنت غير مقصِّرة في حقه، وما هي الدوافع التي جعلته ينصرف عنك وينشغل عن بيته وأولاده، ويتجه إلى قضاء معظم وقته مع أهله وأقربائه، وأصدقائه؟ فإذا كان عندك بعض الأمور التي قصرت فيها، فالرجاء استدراك ما فاتك، لعل الله أن يرده إليك رداً جميلاً. (4) حاولي أن تتجملي له وتتفاني في القيام بخدمته، ولا تجعلي أن يظهر منك نوع من الضيق والضجر لما يفعله، ولكن أشعريه بنوع من العقاب الممزوج بالحب له والشفقة عليه وأنك تحبين قربه، ويشق عليك بعده عنك، وأنك أولى الناس بوقته والأنس به.

(5) حاولي أن تشغليه بالأولاد وبالحديث عن تربيتهم، وأنهم في وقت هم أحوج إليه وإلى نصحه وتوجيهه، حتى ينشأوا نشأة إسلامية صحيحة يتشرف بهم أمام الناس، ولا يكون ذلك إلا بتوفير وقته لهم، كما أنه يوفر لهم أسباب الحياة من مأكل ومشرب ومسكن وخلافه من ضروريات الحياة. (6) اجعلي الأولاد أنفسهم هم الذين يشغلونه بطرح مشاكلهم أمامه، وأنه يجب عليه أن ينظر في حلها، وأنهم أحق بمن يقضي معهم الوقت ويراعي شؤونهم. (7) لا يمنع أن تصارحي زوجك بالحالة التي أنت وصلت إليها من جمود المشاعر، والإحساس بالملل والضيق وأنت تخشين على نفسك أن يسوء الحال بينكما أكثر من ذلك، وأن هذا يؤثر على مستقبل الأولاد والذين هم حصيلتكم من هذه الحياة. (8) لا يمنع أن تكلمي أحد محارمك الثقات العقلاء ممن يستطيع أن يتفهم الأمر، ويقدر على عرض القضية بوضوح وفطنه وذكاء على زوجك، ولا بد أن يصلا إلى حل يرضي الجميع، وخصوصاً أنك تطالبين، بحق من حقوقك، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير ويصرف عنا وعنك كل مكروه وشر اللهم آمين. والله أعلم. همسة في أذن الزوج: أيها الزوج الطيب أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات فهل يتَّسع لها صدرك، وتنشرح نفسك لسماعها، أرجو ذلك فأرعني سمعك يا رعاك الله، إني لك محب وعليك مشفق ولك ناصح ومذكر، فأنت - كما علمت - صاحب دين وخلق وعلم، وتتمتع بسيرة طيبة بين الناس. أخي الكريم: أليس لأهلك عليك حق أوجبه الله عليك ورسوله - صلى الله عليه وسلم- وقد استرعاك الله عليهم، وهو سائلك عن هذه الرعية، هل أديت الأمانة المنوطة بك أم قصرت في أدائها؟ أليس من حق زوجتك عليك أن تعطيها حيزاً كبيراً من اهتماماتك، وتوفر لها جزءاً ليس بالقليل من وقتك؟ أليس من حق زوجتك أن تبث إليك مشاعرها وشكواها وهمومها، وكل ما يعتريها في حياتها، فإن لم تجدك فإلى من تذهب؟ الأمر خطير. أليس من حق زوجتك بأن تشعر بأن زوجها يحبها ويحرص عليها ويهتم بها ويلبي لها طلباتها، ويغذي مشاعرها كزوجة وأنثى أصبحت حكراً عليك أنت، وأنت فقط؟ أليس من حق أولادك أن تجلس إليهم وتسمع منهم وتتفقد مشاكلهم، وتغمرهم بعطفك وحنانك وتوجيهاتك ونصحك وإرشادك؟ لا تقول لي بأنك موفر لهم عيشة طيبة من مأكل ومشرب ومسكن ومركب وخلافه، معذرة هذه الأمور متوفرة لكثير من الناس، ولا أحب أن أقول لكثير من الدواب فصاحب الدواب يوفر لها المأكل والمشرب، والمسكن، والعلاج إلى غير ذلك ويهتم بها كثيراً؛ لأن ذلك هو رأس ماله. أما أبناؤك - وهم فلذة كبدك وربيع عمرك، ومهجة فؤادك ورياحين قلبك - فمحتاجون إلى جلوسك معهم، تحن عليهم ترفق بهم، توجههم ترشدهم تقدم لهم النصح، لا بد وأن يشعروا بوجودك معهم في كل كبيرة وصغيرة، وخصوصاً إذا كانوا في مثل هذا السن، وإلا ستجني ثماراً لا يحمد عقباها، وعندها تعض أصابع الندم، ولكن في وقت لا ينفع فيه الندم ولات حين مندم. ألم تقرأ عن الحقوق الزوجية؟ أظنك قد قرأت الكثير. ألم تقرأ حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" أخرجه الترمذي (3830) من حديث عائشة - رضي الله عنها - وقال هذا حديث حسن غريب صحيح.

ألم تقرأ قول أمنا عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف حال النبي -صلى الله عليه وسلم- وتقول: "كان - صلى الله عليه وسلم- في مهنة أهله أو في خدمة أهله" أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/158) فليكن لك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة. أنا لا أقول لك لا تجلس مع أصدقائك، ولا تزور أهلك وأقربائك، ولا تروِّح عن نفسك مع خلانك، ولكن أقول كن متوازناً في حياتك، وأعط كل ذي حق حقه، والحقوق تعطى على حسب وجوبها وأهميتها، فأهلك هم الأولى بأداء حقوقهم بعد أدائك للحقوق الشرعية الأخرى التي فرضها الله عليك، كأداء الصلاة وغيرها. أخي الكريم: أرجو ألاّ تكون غضبت من كلامي، فالله يعلم أني أحب لك الخير، وأدعو لك بظهر الغيب، لكن ما أردت من ذلك كله إلا نصحك وتذكيرك، "فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" [الذاريات:55] هذا والله أعلم. وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل علي إثم إن طلقتها؟

هل علي إثم إن طلقتُها؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 2/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد تزوجت لمدة عام، وتركت زوجتي لمدة عام آخر؛ بسبب أعمالي، وعندما أتى اليوم الذي سأرجع فيه لنعيش حياة لا فراق فيها, طلبت زوجتي الطلاق! بحجة أننا لا نتوافق، ولا يوجد حب يجعلها تتشوق لي، وهي تريد زواجاً فيه حب ورومانسية، طلبت منها أن نعالج الوضع، وهي ترفض وتطلب الطلاق، علماً أن زواجنا في السنة الأولى لم يخل من المشاكل، والسنة الثانية كانت مجرد مكالمات كل أسبوعين، للعلم, تزوجتها وعمرها لا يزيد عن 19 سنة، هل علي إثم إن طلقتها؟ وهل عليها إثم؟ وهل هناك أحكام شرعية يجب أن نتبناها عند الطلاق وبعدها الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: كأني بك لا تكره طلاقها، وقد تكونُ عازماً عليه ميّالاً إليه، أحسستُ بذلك حينما حصرتَ سؤالك في مسألة الإثم بطلاقها، والأحكام الشرعية المترتبة على الطلاق. ولكن هل جرَّبت أن تصلح من حالها، وتحببها إليك ... بالمعاملة بالحسنى..والكلمة الطيبة ... واللين والمسامحة؟! ألم تفكر يوماً ما: لماذا لا ترضى بالبقاء معك؟! ألم تتحسَّس نقصك وتقصيرَك وأنت ترى جفاءها ونفورها؟! أنت تعلم أني لم أطلع على تفاصيل حياتك، ولكن من خلال بضعة أسطرٍ بعثت بها إلينا تعرَّفتُ على عظيم ما أنت عليه من التقصير في حق زوجتك المسكينة....تركتها سنةً كاملة اغتربتَ فيها ... وتركتها وحيدةً بلا زوج ... وأنت تعلم أن في حياتها ـ بدونك ـ نقصاً لا يسده أم ولا أبٌ ولا أخٌ ولا صديقة ... استكثرتَ عليها مكالمةً كل أسبوعين....ربما كانت هي الأخرى مكالمةً جافةً لا رقة فيها ولا لون ولا طعم ولا رائحة ... فهل تلومها إذا ارتابت في حبك لها؟ هل نسيت أم تناسيت أنها لم تزل بعدُ صغيرةً في عمرها وعقلها وتجربتها؟! دع عنك التفكير في الطلاق، وحاول بصبر جميل وحلم واسع أن تعيد العلاقة على أفضل مما كانت عليه أول مرة. أرى أن تستعين - بعد الله -بأبويها ومن له تأثير عليها؛ ليردوها ويحبِّبوها إليك. أما ما سألت عنه من إثم طلاقها، فإنه لا إثم عليك لو طلقتها؛ لأن الرغبة في طلاقها جاء من جهتها، فهي الكارهة للبقاء معك. ولا يجوز لك أن تطلقها في طهر قد جامعتها فيه، ولا وهي حائض، بل يجب أن يكون الطلاق في طهر لم تجامعها فيه اتباعاً للسنة في الطلاق وتجافياً عن البدعة. والطلاق ثلاث، فإن طلقتها واحدة لم تخرج من عصمتك ما دامت في العدة، فإن انتقضت العدة ولم تراجعها فقد بانت منك، ووجب عليها أن تخرج من بيتك وتحتجب منك. ولا تحل لك حينئذ إلا بمهر جديد وعقد جديد، ولا يشترط أن تنكح زوجاً غيرك. فإن راجعتها أثناء العدة فهي زوجتك، وكذا لو طلقتها ثانية، فإن طلقتها ثالثة فقد بانت منك، ولا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، فيذوق عسيلتها وتذوق هي عسيلته، فإن طلقها حل لك نكاحها بعقد جديد ومهر جديد. وفقك الله لكل خير.

زوجتي شخصيتها نرجسية

زوجتي شخصيتها نرجسية المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 04/09/1425هـ السؤال كيف أتعامل مع الشخصية النرجسية، حيث إن زوجتي مصابة بها، وبها صفات ممتازة، جميلة، وشاطرة، ومثابرة، وواثقة من نفسها، وذات مسؤولية، إلا أنها عنيدة، وسريعة الاستثارة، وحساسة، ومتشائمة، مما تسبَّب لي في مشاكل كبيرة، علماً أن شخصيتها من نوع نمطي معين (تحليلي -عملي - قيادي) وأنا على عكسي ذلك تماماً فأنا إنسان (ودود- معبر -ابتكاري) ،إنسان مرهف، عاطفي، هي عاشت طفولة انعزالية، وليس لها إخوة، بل كلهن أخوات، والشخصية النرجسية موجود فيها حب الذات، وعدم تحمل أي رأي، بل تعتبره نقداً، ويجب معاملتها معاملة خاصة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: من سنك أستشف أنك حديث عهد بالزواج، وقد تكون تربيتك مع أهلك وإخوتك وأخواتك أثَّرت عليك في نظرتك للنساء، وجعلت المشكلة تتركز في زوجتك في أنها متسلطة وعنيدة وحساسة، وتريد اتخاذ القرارات وقيادة البيت، وغيرها من السمات المتوقعة من النساء في بداية الزواج، أنت قد لا تكون أسهمت في دلالها في أول الزواج، فكانت ردتها عكسية عليك، كذلك وصفك لشخصيتك قد يكون دفعها لاتخاذ القرارات، فهي كما تقول واثقة من نفسها ومثابرة، وبها صفات جميلة، فأنت ركزت على قضية تمس شخصيتها، وجعلتها مشكلة في حياتك الزوجية. في تصوري المشكلة بسيطة جداً، فحداثة عهدك بالزواج جعل تفكيرك يرمي باللوم على صفات الزوجة، بل على العكس تماماً، فصفاتك قد تكون دعت زوجتك لأخذ هذا الدور، فأنت هادئ، عاطفي، ودود، تميل للابتكار والإبداع، وهي كلها صفات لا نقلل منها، إلا أن مسؤولية الزوج، وواجباته أهم من هذه الصفات، فإذا توافق حسن القيادة وتحمل الأعباء والمسؤوليات مع صفاتك، فهذا حسن، أما الأخرى، - أخي الكريم- قد لا تكون مطلوبة من الزوج بشكل مباشر، فلا بأس أن تكون عاطفياً وهادئاً، وفي نفس الوقت تقوم بمسؤوليتك، فوصفك للنرجسية قد لا يكون دقيقاً في حق زوجتك، ولا يعني عدم توافقها مع ما تريد أنه عيب فيها، لا تكن قاسياً وانظر للكوب المملوء ولا تنظر للجزء الفارغ، كل نساء الدنيا لو خيرن بين قيادة أسرهن أو أزواجهن لاخترن الأولى، فلا تضيق، ومع ازدياد الخبرة ستدرك الكثير والكثير من أسرار الحياة الزوجية، لا تركز على هذا الموضوع وتجعله في بؤرة تفكيرك، انظر لمثابرتها وجمالها، وقُدْ أسرتك قيادة حكيمة، أما الزوجة ففي بداية الحياة، فلا تكن قاسياً عليها.

مع ذلك اسع لتعديلها، ولكن تأكد أنك لا تستطيع تفصيلها وفق ما تريد، أنشئ مكتبة صغيرة، اجمع فيها كتيبات صغيرة عن الحياة الزوجية، اقرأ في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم- وتعامله مع زوجاته، اجمع كتباً عن الطفولة والآمال والأحلام، لا تكن رومانسياً مغلقاً، ولا تكن جافياً مبعداً، خذ الأمور من الوسط، واسأل نفسك سؤالاً دائماً أين الكمال؟ هو لله - عز وجل- هذه بعض النصائح متمثلة في جملة قيم اجتماعية، أتوقع -بتوفيق الله- أن تكون عوناً في حياتك الزوجية، فمشكلتكم لا تحتاج إلا بداية حقيقية منك، انظر للأمام ولا تندم على قرارك، فأنت في أول الطريق. أسأل الله العلي القدير أن يوفقك في حياتك الزوجية، وأن يكون بيتك بيتاً صالحاً - إن شاء الله-.

هل تأثم بكرهها لزوجها؟

هل تأثم بكرهها لزوجها؟ المجيب د. عبد الله الرميان عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى - كلية الدعوة وأصول الدين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 27/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أعمل، وزوجي لا ينفق علي منذ سنين طويلة، ولم يساهم في تربية وتعليم أولاده، وقد علمتهم أحسن تعليم، وزوجتهم، عدا واحداً ما زال يتعلم، وزوجي لا يبرني بأي شيء حتى في المعاملة، ونحن تقريبا متقاطعون كلياً، حيث إننا نسكن في بيت اشتريته من حر مالي وهو يقيم معي، ولكنه لا يساهم بأي شيء في مصاريف المنزل طلبت منه الطلاق من قبل خوفاً من أن آثم في حقه، أو أن يأثم في حقي ولم يفعل، فهل يحاسبني الله فيما يخص كرهي له، وإحساسي بأنه عالة علي، مع العلم بأنني طلبت منه الطلاق خوفاً من عقاب الله؟ ماذا أفعل وليس في العمر بقية؟.. حاولت أن أكون طبيعية معه ولم أستطع. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي الكريمة: الزواج عقد شرعي يلزم به حقوق وواجبات، فللزوج على زوجته حقوق، ولها كذلك عليه حقوق "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228] ، وقد وردت أحاديث كثيرة تبين هذه الحقوق، والرجل هو المسؤول عن النفقة، ويتعاون مع زوجته في الرعاية والتربية، وما ذكرتيه عن زوجك من عدم قيامه بالحقوق الزوجية من النفقة والمعاشرة فهو تنصل من المسؤولية، وإخلال بالأمانة التي سيسأله الله عنها، وللزوجة الحق في طلب الفراق إذا امتنع أو عجز عن القيام بواجباته، وليس له الامتناع من ذلك، وإلا أجبر عليه شرعاً، لكن ما ذكرت من قيامك بالإحسان إليه والنفقة عليه أمر تؤجرين عليه، والله يحب المحسنين، وحيث بلغتما من العمر هذه السن فالأصلح لحالك والأرفق بأسرتك الصبر ومواصلة الإحسان، وأما إحساسك أنه عالة فهو عالة ما دام على هذه الحالة، وكرهك له لا يحاسبك الله عليه، ما لم يصل إلى الاعتداء أو الأذى، أسأل الله -تعالى- أن يصلح حاله، وأن يجمع بينكما بخير ويختم لكما بالصالحات.

لا تحبه، فهل يطلقها؟

لا تحبه، فهل يطلقها؟ المجيب سعد بن عبد الله الماجد عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 18/08/1425هـ السؤال تزوجت منذ أكثر من شهر، ولم أر الزوجة- التي هي بنت عمي- قبل الزواج، ولم أكلمها, وبعد الدخول عليها بدأت الصدمات تظهر لي, فأخبرتني بأنها لا تحبني وأنها مُكْرهة على الزواج مني, وبأنها تزوجتني إرضاءً لوالديها, كما أنها تهينني ببعض الكلمات السيئة والبذيئة، ولم أسمع منها كلمة طيبة منذ تزوجنا، أصبحت محطماً ومهموماً, أرشدني بعض الإخوة إلى اللين معها ومعاملتها معاملة حسنة، والصبر عليها، وفعلا أعاملها معاملة حسنة، وسافرت معها ولكن كانت هذه السفرة أتعس رحلة في حياتي، ملخص برنامجنا اليومي (تصلي الفجر ثم تنام إلى الظهر, وآتي من العمل فلا تقدم لي كوب ماء, أتغدى مع الأهل ثم أدخل لأنام, وهي تجلس مع أخواتي إلى العصر, ثم أذهب إلى العمل وأعود في العشاء فأسهر مع الوالد, وهي مع أخواتي، ثم أنام على طرف السرير وهي على الطرف الآخر. خواطر: 1. لا أحد من أهلي أو أهلها يعلم بحالنا. 2. أنا متدين- إن شاء الله - وهي تحب الأغاني. 3. لاحظت كثرة حبها وذكرها لأحد الأحرف التي ترمز لبداية اسم شخص تحبه - تكتب الحرف على يديها، وعلى الأوراق. 4. عمرها 18 سنة، وعمري 24 سنة. 5. هل أطلقها؟ ساعدوني؛ فحياتي أصبحت جحيماً لا يطاق. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الزواج نعمة عظيمة منَّ الله بها على العباد حيث قال: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [سورة الروم: 21] . فيجتمع الرجل والمرأة في مكان واحد بميثاق الزواج وعنوان الاتفاق، فكل منهما يقدم للآخر ما يستطيع، وتسود بينهما المحبة والرحمة. وعندما يترفع أحدهما عن الآخر، وينساق وراء رغبات نفسية بعيدة عن رابط الزوجية تحدث الاختلافات التي تنذر بفساد الحياة الزوجية. وسبب المشكل واضح هنا، وهو عدم رغبة ابنة عمك فيك، كما أن مشكلة بعض الآباء في أخذهم ببعض العادات التي لا تمت للإسلام بصلة، وهي (الحجر) ، فبنت العم لابن العم، والذي جر وراءه مشكلات طويلة ومآس عظيمة. أيضاً هناك من الآباء من يصادر آراء بناته، فلا يريهم إلا ما يراه، ولا يهديهم إلا إلى سبيل الذي يراه؛ فلا يأخذ رأي بنته في الزواج، وهذا مخالف لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "الايم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها" أخرجه مسلم (1421) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وأصله في البخاري (6971) من حديث عائشة - رضي الله عنها - دون ذكر الايم "،وأنت أيها -الأخ الكريم- أوصيك بأمور منها: 1-حاول النصح والوعظ، وبيان حقك الشرعي من الطاعة والاحترام والتقدير، فإن لم يجد ذلك فاهجرها في الفراش. 2-إن لم يحدث تحسن أخبر والدها مباشرة، أعني لا يكون في الهاتف والعم بمقام الأب. 3-فإن لم يحدث تحسن فعليك بطلاقها، وهذا آخر العلاج. سددك الله لكل خير، ووفقك لصالح العمل.

زوجي مشغول!

زوجي مشغول! المجيب فاطمة الرشودي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 14-3-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أكتب لكم عن حالي وأنا واثقة أن الكثيرات يشاركنني الشكوى مشكلتي باختصار " زوجي مشغول " فهو ولله الحمد رجل ملتزم ومهتم بالعلم والدعوة لذلك فنصيبي أنا وأولادي منه الأكل والنوم، قليلاً ما نجلس معا ونتحدث أو نخرج فهو دائما مشغول إما محاضرة أو درس أو ضيوف..!!! طلبات المنزل والأولاد أصبحت تمثل لدي مشكلة كبيرة وسبب دائم للخلاف، السوق لا يعجبه ولا يريد دخوله وأيضاً لا وقت لديه لإضاعته في الأسواق وهو غائب عنا سواء كان خارج البيت أو داخله فإذا كان في المنزل فهو مشغول بهذا البحث أو هذا الكتاب أو الإنترنت..!! أنا أقدر أهمية دوره في المجتمع وأنا مستمرة على الصبر والاحتساب ولكني بدأت أضعف وأشعر أن الأولاد زادت مسؤوليتهم ولا أستطيع تحملها بمفردي وأنا لا نصيب لي في النشاطات النسائية من محاضرات وغيرها أو الاجتماعات الأسرية وأشعر بالوحدة كثيرا فأرجو منكم توجيه النصيحة لي وله وجزاكم الله خيراً الجواب الأخت المجاهدة الصابرة حفظها الله ووفقها وثبتها كما ذكرت بنفسك إن مشكلتك يشاركك فيها الكثير من الزوجات وهي عدم وجود الزوج بالمنزل لانشغاله، ولكن هذا الانشغال يختلف من زوج لآخر، فمن الأزواج من هو مشغول بتجارته ومنهم من هو مشغول برفاقه ومنهم من هو مشغول بهواياته. أما أنت وأمثالك ممن انشغل أزواجهن بالدعوة وطلب العلم فهنيئاً لكن بمثل هذا الانشغال فكم واحدة تتمنى أن يذهب زوجها إلى درس علمي أو محاضرة أو يسمع شريطاً إسلامياً مفيداً أو يتصفح كتابا مفيداً بدلاً من الأفلام الهابطة والمجلات الخليعة أو الفاسدة فكرياً أو مشاهدة المباريات والسهر في المقاهي والاستراحات دون فائدة ترجى في الدنيا ولا في الآخرة بل هي حسرات عليهم وعلى من يعولون..!!! وتأكدي أختي الكريمة أنه لا يخلو بيت من مشكلة وأن الإنسان خلق في كبد، ولكن النظرة لحجم المشكلة ونوعيتها والتعقل في ذلك يعالج كثيراً من المشاكل. أيضاً أنبهك لأمر هام وهو ألا تتملك مشكلتك عليك عقلك ونفسيتك فهذا يفسد الحياة. فيفترض في الإنسان أن يحاول جاهداً أن يعزل المشكلة عن نفسه ويبتعد عنها.. فلا تدعي المشكلة تأتي على الأخضر واليابس في حياتك فتفسدها. وحاولي عزل المشكلة عن السلوك مع الزوج بالفعل والكلام وكذلك سلوكك مع أولادك، تم عليك أن تنظري إلى محامد زوجك وفضائله فإن هذه النظرة تقارب بين الزوجين وتزيل كثيرا من العقبات والمشاكل كما أنها تساعد الزوجة في تحسين نفسيتها كلما ذكرت نعم الله عليها. اجعلي أيضا لنفسك برنامجاً ونظمي وقتك مع أولادك فوقت للحفظ والمراجعة وآخر للمذاكرة ووقت للترويح فأنت كمن يزرع نباتات يسقيها كل يوم ويراها تنمو وتكبر وهو فرح مغتبط بذلك لأنه يعلم أنها سوف تثمر ويجنى ثمارها يافعة بإذن الله. وأخيراً وراء كل رجل عظيم امرأة.. فتذكري كم لك من الأجر والمثوبة إزاء كل ما يقوم به زوجك لنفسه ومجتمعه فأنت عونه بعد الله تعالى في ذلك كله.

أما عن زوجك: فأقول له إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه فزوجتك وأولادك رعية وأنت راعيها ائتمنك الله عليها فاحرص على قيامك عليها فالدعوة اقتداء وخير قدوة لنا جميعاً وكما تعلم هو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إذ قال " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" فلا تكن عوناً للشيطان على زوجتك. فاستوص بها خيرا كما أوصاك بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا تجعلها تحتاج لأحد في شراء احتياجاتها وأنت موجود فهي تريد أن تكون عزيزة حفظكما الله ووفقكما لكل خير ورشاد

بعد 25 عاما.. هل سيطلقني زوجي؟؟

بعد 25 عاما ً.. هل سيطلقني زوجي؟؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 22-5-1423 السؤال بعد 25 سنة زواج أقول لا أستطيع التفاهم مع زوجي كل ما تحدث مشكلة في المنزل أو مع الأبناء نخرج بمشكلة ومع مرور تلك السنين أرى أن حياتي خاوية من عطف الزوج وحنانه ووقوفه بجانبي وقت الأزمات وافتقد صديقا ناصحاً أرجو منك مساعدتي لأن زواجي على وشك الانهيار ولي من الأبناء ثمانية. الجواب الأخت الكريمة: شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة وحاولت تقليب مشكلتك في مخيلتي.. إذا تشكين كزوجة من جمود العاطفة في زواجك بعد خمس وعشرين سنة من الزواج.. هذا الزواج الذي أثمر ثمانية من الأبناء.. وهو في رأيك على وشك الانهيار إن لم يجد من يمكنه من رأب الصرع الذي يزداد تساعاً مع الوقت.. وفي تناولي لهذه القضية سأكون صريحاً معك كثيراً وأذكر لك بأن حالتك ليس أمامها من وجهة نظري إلا ثلاث خيارات وهي جميعها مفتوحة أمامك الآن فاختاري منها ما يناسبك وما ترضينه لنفسك راجياً أن لا يكون فيما سأذكره قسوة عليك ولكنه جهد مني عسى أن تنتفعي به. هذه الخيارات الثلاثة هي باختصار أولاً بقاء الأمر على ما هو عليه بكل ما يتضمنه من إزعاج بالنسبة إليك، والأمر الثاني وهو على النقيض من ذلك وهو أن يتم الانفصال بينكما والطلاق، والأمر الثالث والأخير هو استمرار الزواج والبعد عن الانفصال ولكن بالقيام بالعلاج وهو أمر قد يكون فيه شيء من الصعوبة والتعب النفسي. هذه أمور ثالثة سأتناول بالتفصيل كل واحد منها على حدة: أما الأمر الأول فأنت لا تحتاجين إلى من يذكر لك صفاته ولا شكله ولا آثاره فأنت واقعة فيه الآن ومعايشة له في كل يوم كما تقولين فالتفاهم مفقود مع زوجك والمشاكل لا تكاد تنتهي والعطف الزوجي والحنان قد غاب عن حياتك حتى أصبحت تفتقرين إلى من يقف بجانبيك وقت الأزمات وإلى الصديق الناصح الذي تلجئين إليه عند الحاجة.. هذا مجمل ما ذكرته في سؤالك وربما هناك الكثير والذي لم تبينيه ولم توضحيه ... ولكن الإشكالية الكبيرة في نظري أن هذا التشكي حاصل بعد خمسة وعشرين عاماً من الزواج والسؤال الملح حقيقة هل كان هذا حال الزواج وحال حياتك الزوجية طيلة هذه الأعوام؟ فإن كانت الإجابة بالإيجاب فكيف صمد هذا الزواج كل هذه المدة الطويلة وإن كانت الإجابة بالنفي فما السبب في تغير الحال وتغير الأوضاع وتغير السلوك الزوجي في هذا البيت الأسري القائم؟ أسئلة متشعبة تحتاج إلى وقفة متأنية، وربما يمكننا التعريج عليها أثناء تناولنا الخيار الثالث. الخيار الثاني أمامك في هذه القضية هو الانفصال عن الزوج وهو حدوث الطلاق وهو الأمر الذي تخشينه ورجوت المساعدة من اجل التمكن من عدم الوصول إلى هذه المرحلة. أعلم أن هذا الأمر وهذا الخيار الذي أطرحه أمامك لا ترغبين الولوج فيه ولا الدخول إليه أو حتى التفكير به، ولكنك ذكرته في ثنايا سؤالك فأجدني محتاجاً للخوض فيه والوقوف الصريح معك عليه.

أعجب كثيراً للنساء اللاتي يطرحن قضية الطلاق وانهيار الزواج بهذه السهولة وبهذه السرعة فعند كل خلاف مع الزوج تسارع الزوجة للم أغراضها وذهابها إلى بيت أهلها مطالبة بالطلاق والانفصال عن الزوج.. أعرف أن هناك أزواجاً لا يقدرونه الحياة الأسرية، ولا يتفهمون للواجبات الزوجية. وهناك من يسيئون لزوجاتهم وربما تصل بهم الحال إلى الشتم والعنف أو الضرب المستمر عند كل حادثة صغيرة أو كبيرة فهم حقيقة لا يستحقون أن يكونوا أزواجاً من الأساس.. ولكن تبقى أن مثل هذه النوعية من الأزواج هي نوعية محدودة والطلاق أو الانفصال هو في حقيقته رحمة أباحها الله لزوجات مثل هذه النوعية من الرجال ليتخلصن من العذاب المستمر.. ولكني لست عن هؤلاء التحدث، وإنما عن الأسر العادية التي تعصف بها الحوادث والأزمات والمشكلات وسوء التفاهم الحادث بين الرجل وزوجته بعد كل فترة فلا تجد الزوجة لذلك حلاً.. يتفتق عنه ذهنها إلى لملمة أغراضها وذهابها إلى أهلها طالبة الانفصال.. هذه الأزمات والمشكلات نادر جداً جداً أن يخلو منها بيت الزوجية، بل حتى أشرف البيوت والزواجات وهو بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يخل من هذه المنغصات فما بل الكثير من الزوجات يسارعن إلى طرق مثل هذا الحلال البغيض. والذي يبدو لي أن السبب خلف مثل هذه التصرفات اللا مسؤولة هو أن المرأة في تركيبتها النفسية لا تبصر عقلياً حين الغضب ووقوع المشكلة مع الزوج وحين المخاصمة الزوجية إلا طريقاً واحداً يمثل أمامها وهو الهروب إلى بيت الأهل وطلب الطلاق.. وهذا على كل حال ليس عند كل النساء ولا يمكننا التعميم عليهن ولكنه يوجه لدى الكثير منهن. والعجيب أن مثل هذه الأحادية في التبصر والرؤية لدى الزوجة سرعان ما تزول عندما تهدأ النفس وتسكن الخواطر ويزول الغضب وتبدأ التفكير بالكثير من الوسائل العلاجية البعيدة كلياً عن مسلك الطلاق والانفصال. والمرأة سيئة الحظ هي التي يكون لديها زوج أحمق وطائش غير متعقل وغير متزن يتعجل أمر الطلاق والانفصال حالما تطلبه منه الزوجة ولا يدرك أن طلبها ذلك كان فقط نوعاً من التنفيس يخرج في حال الغضب وهي في حقيقتها لا تريد معناه. أمر آخر يضاف إلى هذه النقطة أن الزوجة ما عساها أن تجني إذا ما انهار زواجها وتم الطلاق؟ هل يا ترى ستكون أحسن حالاً مما هي فيه الآن؟ في مثل حالتك ممن هي في سن الأربعين ولديها العديد من الأولاد لن تجني إلا الخسارة المضاعفة.. الأولاد ستنهار عزائمهم.. وتسوء حالتهم، وتشين نفسياتهم.. وتسود الدنيا في عيونهم.. الأب في جهة والأم في جهة أخرى، هم ليسوا صغاراً فيمكن أن يمنع سنهم وإدراكهم الصغير الآثار السيئة لمثل هذا الخراب الذي حل بأسرتهم والانفصال الذي تم بين والديهم.

الزوجة نفسها هل ستتزوج من جديد وتبدأ حياة أسرية جديدة؟ والسؤال الأهم هل سيتقدم لها وهي في مثل هذه الحالة من تظن هي أنه كفؤ لها؟ وهل ستحصل على السعادة التي لم تجدها في بيت زوجها الأول؟ وهل ستخلو حياتها الجديدة من المنغصات والمشاكل أم أنها ستطلب الطلاق مرة أخرى من ذلك الزوج أيضاً؟ أمور كثيرة جداً وأسئلة ملحة بشدة يجدر بالمرأة التفكير بها كثيراً قبل أن تتعجل وتطلب الانفصال من زوجها وبيتها وترك أبنائها. أيها الأخوات الأمهات يجب أن تدركن جيداً وتعين الحقيقة أن الزوجة إذا أنجبت أولاداً فإن هذا يعني ذلك نقصاً في حرية اتخاذ القرارات المصيرية لديها.. هي ليست وحدها الآن فتقرر الاستمرار أو الانفصال، هناك أولاد يجب أن يكون لهم حق ونصيب من تفكيرها وعند اتخاذها مثل هذا القرار.. وأعود وأكرر أن هذا الكلام ليس موجهاً لأولئك النساء اللاتي يتعذبن حقيقة في بقائهن مع أزواج وحوش لا يعلمون شيئاً عن معاني الرحمة والرقة بل ديدنهم الضرب والهجر والفحش ونقص الدين داخل وخارج بيوتهم. الأولاد ومستقبلهم يجب أن يكونوا نصب أعين والديهم قبل اتخاذ مثل هذه القرارات.. ونحن نعلم الكثير من الأزواج والزوجات لم يتم التوافق بينهم ولكنهم صبروا وضحوا لا لشيء إلا من أجل أولادهم فما كانت عاقبة ذلك إلا السعادة فيما بعد حينما كبر الأبناء وأصبحوا رجالاً ونساءً يافعين وصدق الله حين أوصى الأزواج والزوجات بالصبر فربما تأتي النتيجة الحسنة والنهاية السعيدة فيما بعد فقال عز وجل:" وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً " [سورة النساء] فالصبر.. الصبر أيها الأزواج والزوجات ولا تجعلوا العناد وحب الذات هو صاحب الكلمة الفصل في قضاياكم والطلاق أو الانفصال هو الفيصل أمامكم حتى وإن كان على حساب أولادكم وقرّ ة عيونكم. ومن هنا قلنا أن نقول لك أيها الأخت الكريمة ولكل زوجة تمر بمثل حالتك انه يوجد أمامكن خيار ثالث بجانب الخيار الأول وهو الاستمرار في المعيشة على هذا النحو من النزاع والمشاكل المستمر والخيار الثاني وهو الانفصال والطلاق والذي نتفق جميعاً على وجوب البعد عن التفكير فيه أو حتى طرقه. هذا الخيار هو خيار الإصلاح والترميم في بنية الحياة الزوجية، ولا أظن أنه يعجزك وغيرك من الزوجات التفكير فيه أو حتى التفنن في تطبيق أساسياته فلا أشك أبدا أنك قرأت وسمعت مارست الكثير من هذه الأساسيات التي تقرب الزوج من زوجته وتذيب الجمود المتعمق بكل جذوره في بنيان العلاقة الزوجية. هذه الأساسيات من القواعد الزوجية كالتزين والتطيب والمعاشرة باللطف والكلمة الجميلة كلها وغيرها الكثير لن أعيد على مسامعك التوصية بها فهي وغيرها كما ذكرت أنا متأكد من انك حاولت الكثير منها إذ هي جميعها كما تلاحظين تدخل في إطار الأمر بالفعل والعمل والعلاقة الزوجية الناجحة قائمة في حقيقة الأمر على مبدأين اثنين هما مبدأ الفعل وهو ما ذكرته آنفاً وغيرها من الأمور الواجب على الزوجة فعلها من أجل بناء زواج ناجح والمبدأ الثاني هو مبدأ الترك بمعنى تجنب الأمور التي تخدش جدران الزوجية وتحفرها وتزيد التصدع فيها.

ولكي لا أطيل في هذه الاستشارة فإنني سأكتفي بأمر واحد فقط وأظنه أم المشكلات القائمة ولبها ومسببها الرئيسي في كثير من الخلافات الزوجية، ولو تمت السيطرة عليه لتمت السيطرة على الكثير من المنغصات التي يتحدث عنها الكثير من الأزواج والزوجات. هو ليس سهلاً السيطرة عليه ولكنه هو يحتاج إلى صبر كبير.. وإلى مراس ومران مستمر.. هذا الأمر يعاني منه الأزواج والزوجات معاً وإن كان في أوساط الزوجات أكثر. هذا الأمر هو كثرة التشكي والتذمر وكثرة التأنيب من قبل الزوجة إلى زوجها." التشكي" والتذمر أوصلت الكثير من الأزواج إلى الهروب من البيت. يعمد الزوج إلى البقاء خارج البيت لفترات طويلة ربما يكون فيها مصطنعاً للعمل والأشغال وهو في حقيقته هروبٌ من زوجته وكثرة تسخطها وشكايتها.. هي ساخطة من كل شيء.. من الأولاد.. ومن الزوج وتعامله معها.. ومن قلة الخروج والنزهات.. ومن قلة المصروفات على الملابس والزينة.. تريد السفر.. تريد الزيارات.. تريد الزوج بجانبها.. وتريده أن يسعى لكسب لقمة العيش في نفس الوقت.. وهكذا في تسخط وتذمر لا ينتهي حتى يمل الزوج التحدث لها أو الاستماع إليها إذ ليس لديها غير التشكي والتذمر والتسخط وكثرة اللوم. أيها الأخوات الكريمات أقلّوا من هذا اللوم المزعج.. ليس ضرورياً أن يستمع الزوج إلى قائمة الشكوى كل يوم.. والغريب أن هذه المسألة تزيد عند الكثير من النساء مع الزمن، فكلما طالت مدة الزواج كلما كثر التشكي لدى العديد من الزوجات. يجب أن تعي المرأة أن الزوج طاقة ونفسية وأثقل ما عليه سماعه أن يسمع الشكوى والتذمر من الزوجة وإذا ما أمعنا النظر في المشكلات القائمة بين الأزواج نجدها بدأت من تشكي وتذمر من قبل الزوجة وقابله عدم تفهم من الزوج ثم انفرط عقد الخصام بعد ذلك ليزداد الهيجان التلاومي بينهما ينتهي بعد ذلك بمشكلة تتطلب وقتاً لحلها. أما كيفية التخلص من هذه الصفة القبيحة فهي: أولاً باللجوء إلى الله بطلب العون ولنعلم جميعاً أن ما يحدث لن من مشاكل في بيوتنا إنما هو نتاج تقصير منا مع واجباتنا تجاه ربنا. ثانياً المران والمحاولة المستمرة في التقليل من التسخط والإيقان بان ما فات يمكن تداركه. ثالثاً: المعاهدة والمحاسبة الشخصية في كل فترة " أسبوعياً "مثلاً على عدد المرات الذي يحصل فيه مثل هذا التشكي ومحاولة وضع جداول زمنية ولو لفترات قصيرة يكون فيها المنزل خالياً من التشكي والتذمر من قبل الأزواج على بعضهم البعض. ثقوا جميعاً أن الخلاص والتخلص من هذه العادة السيئة هي سر بدية النجاح لكلا الطرفين، وبداية النهاية لكثير من المشكلات الأسرية القائمة وفقك الله ورعاك وأصلح حالك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أطيق زوجتي.!!

لا أطيق زوجتي.!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 19-4-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة لله وبركاته بداية جزاكم الله خيرا الجزاء على هذا الموقع القيم وجعل الله جميع ما تقومون به في ميزان حسناتكم ونفعنا بعلمكم بدية أنا رجل متزوج منذ ما يقارب الثلاث سنوات وأحب زوجتي ويشهد الله أني أعاملها بما يرضي الله. هي وأهلها والذين هم بمثابة أهل لي، ولكني لا أعلم لماذا تمر أيام علي لا أشعر بميل نحوها وأحاول الابتعاد عنها رغم أنه لم يصدر منها أي شيء يضايقني، حيث أبقى متوترا حال رجوعي من العمل وتلح هي علي لمعرفة ما بي ولكني لا أستطيع مصارحتها بأني لا أطيقها. وبعد أيام يعود الحال إلى ما هو عليه. أفيدوني ماذا أفعل حيث أن هذه الحالة تعودني كثيراً ولا أريد ظلماً لزوجتي ولكن أشعر أن الأمر خارج عن إرادتي. الجواب الأخ الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" النفس البشرية مخزون مليء بالأسرار والعجائب والكنوز المعرفية لمن حاول التأمل فيها والتبصر في حالتها والتمعن في تقلباتها، إنها معين أعجز الكثيرين من علماء النفس والروحانيات والأخلاقيات والفضائل عن الإحاطة بالقدر القليل منها والنزر اليسير من أسرارها، وكل الذي فعلوه هو فقط محاولة سبرٍ لأغوارها المتقلبة وتفتيش لأشكالها المختلفة علَّهم بذلك يدركون شيئاً من كنهها العجيب وجسمها اللطيف وصفاتها المتعددة وصورها الكثيرة.. إنها حقيقة آية من آيات عظمة الله في هذا الكون.. ومعجزة من معجزات خلقه العظيمة فتبارك الله أحسن الخالقين. الإنسان في خلقته التي خلق الله عليها مركب من عنصرين اثنين هما روح وجسد. وهو يحسن التعامل مع الجسد بشكل بارع.. هو بارع في علاجه إذا ما احتاج إلى ذلك حال المرض وهو بارع في تجميله وتحسين صورته بالاعتناء به ليل نهار في حال الصحة والعافية، أما الشق الآخر وهي النفس فإنها أمر يصعب التعامل معها ويستعصي على الكثيرين فهمها ناهيك عن احتوائها وعلاجها وقد يحزن الإنسان ولكن لا يدري من أين يأتيه الحزن.. وقد يغتم ويهتم ولكن لا يعلم مصدر ذلك الغم والهم.. وفي المقابل فقد يسعد ويحس بانشراحٍ في الصدر وتبتهج نفسيته وهو لا يعلم مصدر ذلك كله. هي منبع الخير كله، وهي نفسها منبع الشر كله لدى الإنسان..تخطو القدم.. وتبطش اليد وتبصر العين وتسمع الأذن ويتكلم اللسان كل ذلك يتم بأمر من هذه النفس وتكف جميعها عن العمل بأمر منها أيضاً. إنها كما ذكرت سر عجيب أودعه الله سبحانه في ذواتنا

أنت تحب زوجتك وتريد إسعادها ولا تريد لها ظلماً وفي نفس الوقت فإنك تجد من نفسك في بعض الأحيان عدم راحتك معها ولا تطيقها.. إنها لدى بعض الناس أمور متناقضة.. ولكني أتفهمها وأصدق بحدوث مثل هذا الأمر معك وهي مشاعر تخالج النفوس كثيراً.. ومثل هذه المشاعر لا تحدث مع الزوجة فقط، بل قد يشعر الإنسان بمثل هذه الأحاسيس مع صديق عزيزٍ مثلا، أو مع العمل والوظيفة أو مع بعض الأقارب أو قد يكون مع مكان معين كمنزل أو سيارة أو غير ذلك، وهذه صفة من صفات هذه النفس البشرية إذ تجنح إلى الملل والسأم في تعاملاتها مع بعض الأمور خاصة إذا كان التعامل مع مثل هذا الأمر له صفة الديمومة والتكرار مع الإنسان. وكعلاج لما تجده تجاه زوجتك من ضيق فإنني أوصيك بما يلي: أولا: إبقائك هذا الأمر بعيدا عن علم زوجتك شيء رائع منك في الحقيقة ودليل حب لها فأنت لا تريد مضايقتها بهذا الأمر خاصة إذا لم يبدر منها تصرف مشين مسبب لهذا التضايق. ثانياً: حاول التعرف على نواة المشكلة ولبها والمسبب الأساسي لمثل هذه الأحاسيس في زوجتك.. هل هي الرائحة المنبثقة منها مثلاً؟ أو نوعية اللبس؟ أو المظهر الخارجي وشكل ونوعية التسريحة لديها؟ أو غير ذلك، إذ ان هذا الا معان والتدقيق قد يرشدك إلى أمر يسبب لك الضيق في العقل الباطن واللاشعوري فتشعر بمثل هذه الأحاسيس حالما يتواجد الباعث لها في زوجتك فيكون ما تشعر به إنما هو استجابة لا شعورية لهذا المثير. ثالثا: لا بأس من مراجعة أخصائي نفسي والجلوس إليه وتوضيح مثل هذه المشاعر لديك أمامه، فربما يكتشف أموراً لديك يستطيع التعامل معها فتنكشف مثل هذه الغمة من نفسيتك. رابعاً: لا تدع الأذكار والاستغفار فقد أثبتت التجارب المتكررة أثرها البالغ في كشف الهم وانجلاء الأحاسيس السيئة وانشراح الصدر. الأوراد الصباحية والمسائية وأذكار الدخول والخروج من البيت كلها أمور طيبة فلا تهجر العمل بها. وفقك الله وأسعدك.

زوجي لا يعرف (الرومانسية)

زوجي لا يعرف (الرومانسية) المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 2/2/1425هـ السؤال تزوجت منذ عدة سنين برجل عربي مسلم من بلد آخر أحببته وأحبني، فتزوجنا، علماً أنه أكبر مني سناً، مضت الأشهر الأولى على خير وتفاهم، وبعد المولود الأول انقلبت حياتنا، يوماً نكون فيه متراضين، وعشرة نكون متخاصمين وهكذا، بعد المولود الثاني وأنا لا أجد من زوجي كلمة جميلة، لا أجد منه ما أريد إلا الصرف على البيت والأولاد، وأنا امرأة عاطفية جداً، وهو إنسان جدي جداً، لا يعرف الرومانسية، ولا طول البال، على أقل شيء يغضب ويشتم، وما يحزنني أكثر أنه في بعض الأحيان يدعو علي، وأنا لا أرد عليه، ولكني أسرها في نفسي، وأذهب أبكي، حتى عندما أبكي فإنه لا يأتي ليصالحني، أو يرضيني، ولديه تلك الفكرة أن الحق معه دائماً، وأنه حتى لو كان هو مذنباً فيجب علي أن أرضى، وأنْ آتي إليه، وأنا لا أستطيع أن أفعل أي شيء جميل له إذا كان هو ظالمني. أظل أفكر في أيامنا الحلوة، وأقول في نفسي: لماذا تغير علي هكذا؟ مع العلم أنني ناقشته عدة مرات في هذا الموضوع، وطلبت منه أن ينتبه لحاله معي، وأحاول دائماً أن أطلعه على مواقع، أو كتب تهتم بشؤون الحياة الزوجية، ولكن لا حياة لمن تنادي، لقد مللت وسئمت؛ لأنني حاولت بكل الطرق معه، لكنه هكذا، مع العلم أنه يقول لي دائماً: إنه يحبني، وإنه راض وسعيد بالعيش معي، ودائماً يمدحني بين الناس، وليس لديه المشكلة التي أعاني منها أنا، ولكني لا أجد حبه لي، فهو لا يجالسني، وليس لديه قيم الخصوصية، والرومانسية الزوجية، كل شيء لديه عائلي، أي كل همه هو الأولاد، حتى عندما أتزين له، وأتطيب، وأعمل كل الأمور الجميلة له، فهو لا يهتم، ولا تتحرك مشاعره نحوي، مع أنني جميلة، وأصغر منه بكثير، حتى عند المعاشرة فإنه يقضي وطره مني بلا مقدمات كأنما يقوم بمهمة ما، وهذه المعاشرة لا تحدث إلا مرة في الأسبوع، أو كل عشرة أيام، أو ربما في بعض الأحيان تصل قرابة الشهر من دون أي لمس بيننا، ماذا أفعل؟ أصبحت أفكر بالانفصال عنه، ولكن يصعب علي ذلك؛ لأن لدي ابنتين، إضافة إلى ذلك فأنا أحبه، ولا يمكن أن أتصور حياتي من دونه، ماذا أفعل؟ علماً أنني وحدي ليس لي أهل وأقارب، وهو أيضاً، أرجو أن تساعدوني، -وجزاكم الله خيراً-. الجواب من المتوقع ألا يختلف اثنان في أن ما ذكرته من حالك مشكلة، لكن قد يقع الخلاف في حجم المشكلة؛ فقد أشرتِ إلى أنك امرأة عاطفية و (رومانسية) ، والعلاقة العاطفية والرومانسية تشكل أولوية بالنسبة لك، وهذا من شأنه أن يجعل شعورك بالإشباع العاطفي يتأخر حتى في الأوضاع الطبيعية. ومن الصعوبة تشخيص حالة زوجك في حدود الوصف الذي ذكرته؛ لأن قدرًا كبيرًا مما ذكر، هو في الواقع يعبر عن نظرتك له، وأتوقع ألا يكون الوصف دقيقًا بشكل كافٍ لسببين: أن ما ذكرته يعبر عن رأيك، ونظرتك، وتفسيرك للمواقف، وقد لا تكون هي المواقف نفسها. السبب الثاني: أن هناك مواقف متبقية يتعين معرفتها؛ لإعطاء تشخيص لحالة الزوج.

ومع ذلك، فإنك تشيرين إلى أن زوجك يعبر عن محبته لك، ورضاه، وسعادته أمامك، وأمام معارفه، وهذا من دلائل الخير وبشائر المحبة. يمكن تشخيص مشكلتك في وصفين: - عدم إشباع زوجك لك عاطفيًا في مقابل شعورك بعدم القدرة على الحياة بدونه. - سرعة انفعال الزوج لأي سبب والتجاوز في التعبير عن ذلك (الشتم والدعاء) . والمقترح لحل المشكلتين أن تستمري في منح زوجك عاطفتك، وهذا يسهم -بإذن الله- بتوفير قدر من العاطفة الراجعة، والتزين له، والتحبب إليه، وإذا كان تغيره عليك بسبب ضغوط عمل طرأت عليه فأثرت في نفسيته، فلعلها تخف لاحقًا، وحتى لو كان ما طرأ عليه هو نوع من البرود الجنسي والعاطفي (مع أن في السؤال ما يخالف هذا التوقع) فلعل الاستمرار في محاولة إقناعه أو التدبير له عن فرص للارتقاء بالثقافة الأسرية والاجتماعية يسهم في تحسن حاله، ولا أجد مناسبًا التفكير في الانفصال عنه لعدد من الأسباب: (1) أنه أبو ابنتيك -أصلحهما الله-، وأنتم في دار غربة، ولا يضمن الإنسان السلامة لنفسه ولا لأولاده في تلك البلاد. (2) أن الانفصال عنه لا يضمن العثور على زوج بديل، يحقق ما تطمحين فيه، كما أن البديل قد يكون مثل زوجك في أول الأمر ثم يتغير. (3) أن مشكلة زوجك قابلة -بإذن الله- للعلاج، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-:"ما أنزل الله داءً إلا وله دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله" رواه أحمد (3568) وابن ماجة (3438) من حديث بن مسعود - رضي الله عنه -. (4) مع أن المودة بين الزوجين مطلب وجزء من السعادة الزوجية، فإن كثيرًا من البيوت تقوم على الاحترام المتبادل بين الزوجين، ورحمة أحدهما للآخر، ولو لم يصل ذلك إلى حد المحبة، كما قال عمر -رضي الله عنه-: فليس كل البيوت يبنى على الحب، ولكن معاشرة بالإسلام، والحسان" رواه الطبري في تهذيب الآثار (1482) ، ولذلك وصف الله ما يكون بين الزوجين بأنه مودة ورحمة، فأحياناً تكون وشيجة العلاقة بين الزوجين مودة، وأحياناً تكون العلاقة رحمة، وأحياناً تكون مودة ورحمة، وهذه أعلى الدرجات، كما أن هناك من يفتقد كلا الوصفين، فتصعب العلاقة بين الزوجين.

أنا وزوجتي مشاكلنا كثيرة

أنا وزوجتي مشاكلنا كثيرة المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 8/3/1425هـ السؤال شيخنا الفاضل: أنا وزوجتي نكن لبعضنا الحب العظيم، ونعرف ذلك في أوقات صفائنا، لكن ما يكدر علينا حياتنا هي مشاكلنا الكثيرة التي لا حصر لها، فلأتفه الأسباب نثور ونتلفظ على بعضنا وندعي على بعضنا كالحاقدين حتى نصل لمرحلة لا تطاق تطلب بعدها زوجتي الطلاق، لكننا نتراجع ونضع شروطاً ومواثيق يلتزم بها كلانا، لكن لا تلبث أن تعود المشاكل، فنحن متزوجان منذ 7 سنين، ولدينا أولاد والحمد لله، أرجو نصحي وتوجيهي. الجواب الخلاف بين الزوجين الذي يصل أحياناً إلى حد التغاضب أمر شائع قلما يخلو منه بيت، حتى أكثر البيوت استقراراً، ومردّ ذلك إلى أن جنس الاختلاف في وجهات النظر وتباين الأمزجة لصيق بجنس الإنسان، فإذا صاحبه شيء من الحدة وتعكر المزاج تحول إلى غضب وشقاق. وفي حديث سهل بن سعد الساعدي في الصحيحين البخاري (441) ومسلم (2409) ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما سأل فاطمة عن زوجها علي - رضي الله عنهما- قالت: "كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج"، فسعى - صلى الله عليه وسلم- إلى تطييب خاطر علي دون أن يستفصل أو يحدث بينهما شيء من هذا القبيل، كما أن (بيت النبوة) الذي يمثل أعلى درجات الاقتداء ربما حدث فيه شيء من ذلك ومن أحب الناس إليه، ففي الصحيحين البخاري (5228) ، ومسلم (2439) عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى، قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم ... " الحديث. فالمقصود أن جنس الخلاف وربما المغاضبة ليست مشكلة في حد ذاتها، لكن المشكلة تتجلى في صورتين كبيرتين، تندرج ضمنهما عشرات الأمثلة الصغيرة: (1) أن تتكرر المغاضبة حتى تغلب على حياة الزوجين، فيتسلل إليها برود العاطفة ثم يسود الجفاء بينهما، حتى يتكدر العيش. (2) أن تصل المغاضبة بهما إلى حد مكروه من السباب والإهانة التي يترفع المسلم عنها أو القطيعة والظلم، والدعاء بالإثم الذي قد يوافق الإجابة. والحقيقة أننا لا نستطيع أن نفصل بين الخلاف وعموم سير الحياة الزوجية، بل الحياة الاجتماعية بشكل عام، وعليه فإن أية مشكلة (الخلاف الزوجي أو غيره من مسائل العبادات أو المعاملات) التي يجدر بنا أن نسعى لحلها، ينبغي أن لا نقتصر على الحل إذا ما وجدناه؛ لأن غالب الحلول أشبه ما تكون بالترميم أو الترقيع، وفي كثير من الأحوال تحل المشكلة وتبقى جذورها وأسبابها.

وعليه، فالشجار بين الزوجين -إذا كثر- فإنه يشعر بأن المشكلة في تركيبة شخصية الزوجين أو أحدهما، فإذا كان أحدهما سريع الانفعال، أو متقلب المزاج أو يتعرض لضغوط نفسية فرضتها طبيعة عمله أو علاقاته الاجتماعية، أو قلق يتعلق بالمال، فالأولوية لعلاج الطبيعة غير السوية وتعويدها السلوك الصحيح، فإن أي تحسن يطرأ على جانب من جوانب الشخصية ينعكس بصورة ما، على حاله وسلوكه بشكل عام، وهذا واحد من المجاهدات التي نرجو أن يثيب الله عليها، والذي يمكن قوله في حدود ما كشف السؤال عنه، أن على الزوجين أن يتعاونا على منع أسباب الخلاف أصلاً، وبخاصة إذا غلب على ظنهما أنه من الصعب أن يضبطا انفعالهما حينئذ، وذلك من خلال مراعاة جملة أمور، منها: (1) أن تقدر الأمور بقدرها، فإن مما يؤتي المغاضب من قبله هو عدم تقديره للأمور ووضعها في نصابها، وكثيراً ما تضخم أمور استجابة لتكدر المزاج غالبا وزنها الحقيقي دون ذلك بكثير، فكلمة خرجت لم تضبط أو أريد بها المزاح، أو عمل لم يتم على الوجه المطلوب أو في الوقت المحدد، أو رأي لم يرق للآخر، كل ذلك إذا وافق نفسية مستاءة أو مزاجاً متعكراً يصبح قنبلة ضحيتها الزوجان على الأقل. (2) أن يغلب المسلم على حاله الأريحية وانشراح الصدر، ويقلل من تجهم الوجه، ويكثر من التبسم، فإن التبسم زيادة على ما فيه من الأجر، أظهرت التجارب أنه سبب لإنتاج (هرمونات) تسهم في الاستقرار النفسي والإحساس بالسعادة. (3) أن يعتني الزوجان بالثقافة الأسرية، ويطالعا ما يكتب في هذا الشأن، رغبة في توظيفه في حياتهما، وفي الساحة مجلات محافظة ذات عناية بهذه الموضوعات، فضلاً عن الكتب والأشرطة، وكم سيكون لطيفاً إذا أعان زوج زوجته على هذه الثقافة وأعانت زوجة زوجها على ذلك. (4) الإفادة من أوقات الاستقرار والصفاء في تعميق العلاقة الزوجية، وكسر الرتابة التي قد توفر فرص الخلاف، وعادة الناس ليست واحدة في التعبير عن مشاعر المودة بين الزوجين، ولكن على كل زوج أن يتحسس ما يحبه زوجه مما أباحه الله، فيباشره ويحتسب الأجر في ذلك عند الله. وإذا ما حدث الخلاف فليكن خلافاً ناجحاً! أعني أن يستوفي آداباً يرقى به الزوجان إلى مصاف العقلاء، ومن ذلك: (1) يتعين على الزوجين أو أحدهما أن يمسكا عن تأجيج الخصام الذي اتقدت شرارته، فيبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان، فإن الغضب مطيته لتحقيق أسوأ مراميه وهو التفريق بين الزوجين، وعليهما أن ينصرفا إلى ما يهمهما فيتوقف عن الجدال، وبخاصة ذلك النوع الذي لا يعدو أن يكون ترامياً بالمسؤوليات وتراشقاً بالتهم. (2) أن لا يجر الخلاف إلى استدعاء خلافات سابقة عفا عليها الزمن، فيزج بها في حلبة صراع اليوم، وكأن الموقف تصفية حسابات، بل يقدر كل خلاف بحسبه، والقصد من النقاش أو حتى (التلاوم) هو الوصول لحل، لا أن تقام الحجج والبينات على صحة دعوى ما. (3) أن يحترز الزوجان أن يجري على ألسنتهما سبة لا تليق، أو ما من شأنه تحقير الآخر وتسفيهه، أو التهكم بشيء لا يد لهما فيه، كبلد أحدهما أو أسرته أو والديه، فإن هذا غالباً يحدث في النفس جرحاً عميقاً قد لا يمحى بسهولة، أو يدعو بدعوة تصادف إجابة.

(4) على الزوجين ألا يكونا صريحين في إبداء مشاعرهما السلبية تجاه الطرف الآخر، مهما كانا صادقين، فإن الصدق لا يعني التعبير عن مشاعر قد تهدم البناء الزوجي، وإذا كان هذا ليس خاصاً بحالة الشجار، فإنه يتأكد عندها. (5) ليستحضر الزوجان أن الله لم يذم إنسان لغضبه ولم يمدحه لعدم غضبه، ولكنه أثنى على من إذا غضب كظم، وأعلى من شأن الذين إذا غضبوا هم يغفرون، وهنا تتجلى قوة النفس في ضبط الانفعال، لا في جزالة ألفاظ الشجار، ولا في قوة الصراخ، وما أعظم أجراً ادخره الله للكاظمين الغيظ، فقد خرج الإمام أحمد (15066) والترمذي (2021) وأبو داود (4777) وابن ماجة (4186) بسند حسن عن معاذ بن أنس الجهني - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كظم غيظاً وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره الله من أي الحور شاء". (6) ألا يفرح الزوجان ولا أحدهما بالخلاف، حال وقوعه، ويستجيبا لانفعالات أنفسهما فيزيدا في اتقاد الشجار، ويتخذا قرارات خطيرة من جرائه، وفي حديث عائشة - رضي الله عنها- المذكور طرف منه، قالت: "أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك" (سبق تخريجه) . نسأل الله أن يهدينا لمحاسن الأخلاق والأعمال والأقوال، ويعيذنا من مساوئ الأعمال والأخلاق والأهواء والأدواء.

أنا حائر مع زوجتي

أنا حائر مع زوجتي المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة التاريخ 19/04/1425هـ السؤال أنا شاب، لي وظيفة مرموقة جداً، ومعروف بحسن علاقتي مع الناس، وأدبي الجم معهم، ومساعدتي لهم في حوائجهم الخاصة، والفضل لله وحده, إضافة إلى ذلك فأنا أحمل هم الدين والدعوة بما يتيسر لي، وظاهري يدل على اتباع السنة والفضل لله وحده, أنا متزوج الآن منذ ما يقارب ثلاث سنوات من فتاة متدينة عفيفة، تدعو إلى الله بقدرها والحمد لله, ولكنها شديدة الغيرة، فلا تتورع حين تأخذها الغيرة أن تسبني وتشتمني وتدعو علي بما يؤذيني، وتعيرني بما كان مني قبل التزامي، ولا مانع عندها من أن تعرض بأهلي تصريحاً أو تلميحاً، أو تهددني بطلب الطلاق، وقد أفهمتها بحرمة ما تصنع، إلا أنها تعود وكأن لم يكن شيء, وحجتها حين تهدأ أنها خلقت من ضلع أعوج، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قد أوصى بهن؛ لأنهن عوان عندنا، وما يزيد الطين بلة أنني أعمل في قطاع صحي له مساس بالنساء، وأنا أجتهد ألا يصدر مني ما يخالف الله فيما أستطيع، وعسى أن يغفر لي الله ما يبدر مني خطأ أو إكراها, لكن زوجتي تقلب حياتي جحيماً بسبب ذلك. وقد حدث في أول الزواج أن ضربتها عدة مرات بسبب شدة الغضب، فكنت اعتذرت لها حتى إنني قبَّلت أخمص قدميها. عذراً فللموضوع زاوية أخرى: فأنا إلى الآن لم أعاشر زوجتي كما يفعل الأزواج, فهي تعاني من مرض خوف أو هلع يمنعها من مساسي لها، وقد راجعنا بسببه متخصصين عدة, ويعلم الله أني لم أبخل عليها بشيء فمن طبيب إلى آخر, حتى ذهبنا إلى أحد الأئمة ليقرأ عليها, ولا فائدة, فقد امتنعت مراراً عن أخذ العلاج، أو أداء بعض التمارين المتخصصة تكاسلاً، أو لعدم اقتناعها بجدوى ذلك، ووالله لقد تحملت تساؤلات الناس عن عدم الإنجاب وهم من أهلها أكثر من أهلي، وأنا محتسب كتماني السر؛ لئلا تتأذى هي, فضلاً عن تحملي ما يعتمل في نفسي من رغبة شديدة ومن نداء للفطرة, وقد حاولت شرح موقفي لها صراحة دون تلميح، وهي تتعذر وتتأفف أحيانا، ًوتهددني بالنكد والطلاق إذا أنا تكلمت مع أحد من أهلها، لا أنكر أني أصبحت أفرغ ما في جوفي بيدها إلا أن ذلك لا يغنيني تماماً, وأصبحت وأنا المتزوج وطالب العلم أمارس العادة السرية, وأنا قد كرهت نفسي وأظلمت حياتي من جراء مقتي الشديد لما أصبحت فيه, فأنا أنكر على الناس ما آتيه, وأرشد الناس لطرق السعادة التي أنا أبعد ما أكون عنها، ولما علمت زوجتي أنني أمارس تلك العادة, هددتني مراراً بفضحي والتشهير بي، تهددني بالتشهير بي عند أهلها والناس، ولما حاولت إصلاح الوضع, لم يفلح شيء، لا أنكر أني فكرت في طلاقها، ولا يمنعني إلا الحرص على الأجر، وعسى أن يجعل الله فيه خيراً كثيراً, إلا أن السيل قد بلغ الزبى,, فأدركوني برأي سديد, فأنا والله غريق. جزيتم خيراً. الجواب في تقديري، ما تشكو منه بخصوص زوجتك مركب من ثلاث مشكلات (غيرتها الشديدة وما تتسبب به) ، (انفعالها وما يترتب عليه) ، (خوفها من الجماع) ، ويغلب على ظني أن بين هذه المشكلات علاقةً طردية.

غيرة النساء سلوك طبيعي، لكنه يعد مرضًا إذا تجاوز حده، وهو ما أشرت إليه، بالإضافة إلى الانفعال الذي يعتريها، ويجرها إلى عدم السيطرة على نفسها. من المحتمل أن زوجتك تعاني نوعًا من (الشك والريبة) مع شيء من (الصلف) ، وهما وصفان يتقاربان في بعض الشخصيات، لا أجزم بهذه الوصف لكن سياق وصفك يوحي بذلك، هناك صفات (قد تجتمع كلها أو بعضها) في (الشخصية المرتابة) ، منها: تغليب سوء الظن، والحذر والتوجس، ومحاولة التحليل، والاطلاع على ما في نفوس الآخرين، والحساسية من أي نقد يصدر منهم، وصعوبة اعتراف هذه الشخصية بالخطأ أو الجهل، حفظ المواقف والأقوال التي يمكن أن تشكل إدانة لاحقة لو حدث شجار ما وتطلب استدعاءها، تغليب مشاعر الغلظة والصرامة على الألفة واللطف، نادرًا ما يميل صاحب هذه الشخصية إلى المزاح، وغالبًا ما يتسم بضعف الإصغاء، ليس بالضرورة كل هذه الصفات تجتمع في الشخصية المرتابة، يكفي أن يوجد ثلاث على الأقل. هذه النفسية التي تعاني منها زوجتك قد يكون لها تأثير في الحالة العصبية والنفسية العامة التي تسبب اضطرابات جنسية (سواء في الرغبة أو في الممارسة) ، وقد لا يوجد لها سبب عضوي عند الفحوص الطبية. يغلب على ظني أن زوجتك تعاني من الخجل من مسائل الجنس، وترى فيه عيبًا (وأحيانًا لا تشعر بذلك) ، أو أنها سمعت عنه معلومات مغلوطة تتعلق بالألم فتوهمته شيئًا مخوفًا، زاد الأمر إشكالاً الأسلوب الصارم الذي أتوقع زوجتك تتصف به، ومثل هذا يتطلب علاجًا عند مختصٍ نفسي، حيث إن هناك جوانب تحتاج إلى تفكيك، وبالتالي تتطلب جلسات يمكنكما بعدها -إن شاء الله- تجاوز المشكلة. أحيانًا، قد تُفهم المشكلة على أنها مس أو عين، وهو ما يبدو أنكما تتوقعانه مما استدعى زيارتكما لبعض الرقاة الذين يقرؤون القرآن الكريم، وقراءة القرآن مسلك نافع إن شاء الله، لكنه يبعد أن تكون مشكلة زوجتك متعلقة بالعين أو السحر إذا صح تقديري؛ ولأن المشكلة تتعلق بالتصورات والمخاوف فإنها تتطلب التعليم والإفهام بالطرق العلاجية المناسبة. أقترح عليك المبادرة إلى طبيبة نفسية ممن عرفت بالحكمة في تخصصها، (أو طبيب إذا تعذرت الطبيبة) ، واعرض عليه مشكلة زوجتك سريعًا، وامنح نفسك (مهلة) في حدود الأربعة أشهر بعد أول زيارة للطبيبة، فإذا لم ترحب زوجتك بالعلاج أو لم ينفع معها فأقترح عليك الزواج بأخرى؛ طلبًا لإعفاف نفسك وسلوكك السبيل المستقيم، فإن تحسنت أحوال زوجتك (وأنا متفائل بتحسنها إذا أعنتها على تعديل سلوكها بشكل عام) وإلا فقد ترى الانفصال عنها، ولعل الله يخلف على كل واحد منكما خيرًا من الآخر.

أنا لا أحب زوجي، ومن أجل ذلك....

أنا لا أحب زوجي، ومن أجل ذلك.... المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 13/04/1425هـ السؤال أنا فتاة متزوجة متدينة -ولله الحمد-، ولي سنتين مع زوجي الذي يكبرني بأربع سنوات وهو متدين، وأنجبت منه بنتاً عمرها سنة الآن, ونعيش في منزل مستقل, حالته المادية مستورة, مشكلتي هي: أنني لا أحب زوجي, حاولت أن أحبه وأن أكيف نفسي مع الوضع لكنني لم أستطع! قررت الإنجاب عسى ولعل أن أزيد قرباً منه لكني مازلت على حالي! هو يحبني ويصرح بذلك، لم استطع مبادلته نفس الشعور! فكرت عدة مرات في الطلاق لكني محتارة، كيف سأواجه أهلي؟ ما مصير ابنتي الوحيدة؟ تحدث المشاكل بيننا مراراً ولكني أتجاهلها أما في بعض الأحيان فإنني لا أستطع، وأذهب إلى أهلي، وأنا في نيتي عدم العودة لكن إجبار أمي وإصرارها أعود بعد يوم أو يومين، تعبت. زوجي إذا مرض فهو دائم الشكوى لا يريدني أن أبتعد عنه، أحتاج إلى زيارة أهلي, ولكنه يتعلل بأنه مريض ويحتاجني! عندما أذهب إلى أهلي يتصل بي ويتشكى بأنه مريض وو..، لا يجعلني أرتاح وأجلس مع أهلي مرتاحة! ومرت بي الأيام على هذا الحال إلى أن تعرفت على شاب خلوق عن طريق الإنترنت! نمت علاقتنا وتعرفت عليه أكثر يكبرني بسنة، تطورت علاقتنا وأحببته من كل قلبي! حتى صرت أفكر فيه في كل وقت أستمتع بكل كلمة يكتبها! حتى وصلت بي الحال إلى أن أعطيته رقم هاتفي! أكلمه بغياب زوجي! تطورت علاقتنا حتى قابلته مرة من المرات في مكان عام, أحببته إلى درجة الهيام, قد يكون تعرفي على هذا الشاب هو سبب تدهور علاقتي مع زوجي في الوقت الحالي إلا أنني لا أريد الاعتراف بذلك! اعلم أنني أخون الله وأخون العهد وأخون زوجي ولكن ما العمل؟ دائما ما أدعو الله أن ينجيني من هذا الطريق الوحل الذي انزلقت فيه، ولكن دائما ما بين نفسي بأن علاقتي مع زوجي وافتقاري للحب المتبادل هي السبب فيما أنا فيه الآن، مر على علاقتي مع هذا الشاب ثلاثة أشهر وفي كل يوم تزيد رغبتي فيه! حاولنا ألا نسمح لأنفسنا بالتمادي أكثر وحاولنا أكثر من مرة بأن نبتعد عن بعض إلا أننا في كل مرة نعود بأقرب من السابق! أتمنى منكم إفادتي بالحل بشكل سريع؛ لأن وضعي الحالي سيء للغاية. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: الأخت الكريمة: - وفقها الله - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: تمنيت أنني لم أصل إلى الجزء الآخر من الرسالة، لقد كنت أقرأها والألم يعتصر قلبي؛ لأني أرى الخيانة الصريحة لله وللمواثيق والعهود ولهذا الزوج المسكين، أي تدين هذا الذي ذكرتيه في بداية رسالتك؟! ترى ما مدى شعورك بالذنب والمعصية التي عصيت الله بها، أنني أسأل الله لك الهداية والرشاد، وأن يأخذ بيدك إلى الحق والخير، ويزيدك ثباتاً عليه.

أختي الكريمة: لم تذكري سبب بغضك لزوجك، هل أبغضتيه لشكله الخارجي؟ أم لسوء خلقه ودينه؟ أم أنك كرهتيه ولا تعلمين سبب ذلك؟ وهذه هي المصيبة العظيمة والطامة الكبرى، ورد في الحديث الصحيح أن الشيطان يكون على عرش على الماء ويعبث أتباعه في الناس ثم يأتون إليه مرة أخرى، فيسألهم ماذا فعلوا فيقولون بعضهم: لا يزال به (أي بالعبد) حتى يوقعه في المعصية والآخر يقول لا أزال به حتى أوقعته في البدعة، إلى أن يقول الأخير: لا أزال بهما حتى فرقت بينهما (أي الزوجان) فيدينه الشيطان ويلبسه تاجاً. إذاً من أعظم ما يقوم به الشيطان هو التفريق بين الأزواج وهدم حياتهما، وأرى أن الشيطان قد اختارك هذه المرة لهذا العمل، فانتبهي لذلك واعلمي أنك على خطر عظيم قد تخسرين به ثواب الدنيا والآخرة، واعلمي بأن الدراسات الاجتماعية والنفسية أثبتت بأن الارتياح المتبادل بين الزوجين لا يمكن أن يحصل في غضون سنتين وكيف يحصل ذلك، وكل منهما مكث في دار أهله أكثر من عشرين عاماً، فهل سيتقبل هذا الطرف الآخر تقبلاً كاملاً في زمن يسير، بل إن دراسة أثبتت أن أكثر حالات الطلاق كانت وللأسف في خلال السنتين الأُول. وأنا ومن خلال رسالتك أستطيع أن أذكر بعض صفات زوجك الرائعة والتي أعماك عنها الشيطان ربما منها طيبة القلب.. ومنها العاطفية الشديدة والتصريح بهذه العاطفة تجاه الزوجة، مع العلم بأن كثير من الأخوات يشتكين بأن أزواجهن لا يصرحون لهن بالحب والهيام فانظري كيف جعل الشيطان هذه الخصلة، صفة نقص في نظرك، ثم انظري -رعاك الله- إلى هذا الشاب الذي تعرفت عليه وأعجبك كثيراً.. ما الذي أعجبك فيه؟ هل هو شكله؟ قد يكون ذلك ولكن ثقي تماماً بأن أصحاب الأشكال المميزة في الغالب قد يكون لديهم من الغرور والكبر والانحراف أحياناً. وقد تقولين أن الذي أعجبك هو فكره وروحه، وأنا أقول كيف عرفت ذلك في غضون فترة بسيطة، أم كيف تعتقدين ذلك وأنت ترين أسلوبه في التعرف عليك، بل لو كان لديه دين ومروءة تردعانه عن المحارم لما رضي بالتعرف عليك وانتهاك خصوصيتك فضلاً عن كونك متزوجة ولديك أطفال. فأوصيك بالتوبة والرجوع إلى الله ولن يتحقق ذلك إلا بالإقلاع الصادق الكامل عن هذه المعصية بالتوبة والرجوع عنها، إقلاعاً تأخذين العزم فيه على ألا تتحادثي مع هذا الشاب مرة أخرى، وإلا فإني أخشى عليك من الوقوع فيما لا تحمد عقباه، وعندئذ لا ينفع الندم ولا البكاء، وستتمنين حينذاك بأن أمك لم تلدك. إن زيادة تعلقك بهذا الشاب ليس هو الحل، بل هو زيادة في العذاب والعناء وركض خلف سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً، بل هل تعتقدين أنك ستنالين منه ما تريدين، لا والله، وأكاد أجزم بأنه لو تيسر له الزواج منك لرفض رفضاً قاطعاً ونفض يده منك. أختي الكريمة: لا تيأسي من رحمة الله؛ فإن الله كريم ولطيف بعباده، ويستر لهم عيوبهم، إياك أن تشعري بالقنوط من رحمة الله تعالى.

واستدركي نفسك فما زلت في بداية الطريق، والحمد لله الذي ردك إلى الحق وعرفت خطأك وأوصيك بلزوم الصدق مع الله ومع زوجك وستجدين مشقة في ذلك في البداية، ولكن ستجدين النهاية - بإذن الله- وتذكري قول الله - عز وجل-: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين". فثقي بمعية الله ونصرته لمن يريد الهداية بصدق، وأظن أنك كذلك - إن شاء الله-. سدد الله خطاك، وأعانك على لزوم الحق والثبات عليه، والله يحفظك ويرعاك.

أعاني من فقدان العاطفة

أعاني من فقدان العاطفة المجيب التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 28/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا سيدة متزوجة منذ فترة طويلة، تزوجت في سن صغير، ولي من الأولاد خمسة، اعترضت على فارق السن، لكن الأهل أصروا على الزواج، والحمد لله زوجي طيب، حنون، وأخلاقه ممتازة، المشكلة أني أعاني من فقدان العاطفة من بداية زواجي، إذ زوجي يعتبرها كلاماً فارغاً، وأعاني من مشكلة أني كثيراً أحن إلى العاطفة، لكن هو يستحقرني، أفتقد الحنان، هو يهتم بأولاده كثيراً، والحمد لله أني أقوم بواجباتي على أكمل وجه، زوجي له نظرة خاصة للحياة؛ لأن مطلق الحرية له، تشجعت وبحثت عمّا أفتقده خارج البيت، وعن طريق الإنترنت تعرفت على شخص مقارب لسني، ويعاني نفس مشكلتي، واقتصرت علاقتي به على تبادل الآراء والفائدة فقط، ولم نتبادل معلومات بخصوص الأهل، كل الأمور كانت زرع الثقة، وإحساسي أنه شخص يهتم بي ويخاف علي وينصحني، بعكس زوجي الذي لا يهتم بهذه الأمور، أريد أن أعرف هل ما فعلته يعتبر جرماً؟ أعرف أني ارتكبت خطأً، لكن حاولت الابتعاد ولم أستطع؛ لأني أفتقد للحنان والإحساس بالاهتمام. أرجو إفادتي ولكم جزيل الشكر. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخيتي في الله: من قراءتي للرسالة يتضح أنك عاطفية -كما تقولين- ولكنك لا تملكين زمام المبادرة، فإذا كان زوجك - كما تذكرين- على قدر من الطيبة والأخلاق، فابدئي معه وغيري من نمط حياتك، وابدئي أنت بالحنان عليه، وحسسيه بذلك؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فأنت الآن أم لخمسة أطفال، فالواجب عليك حبهم والحنان عليهم، ومعنى ذلك أنك لست مراهقة تبحث عن هذه الأمور بطرق غير شرعية، اتقي الله في نفسك وفي أسرتك، وامتثلي قوله الله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً" [النساء: 34] . ختاماً: أرجو أن تكوني سيدة الحور في الجنة بطاعتك وبرك لزوجك، وأذكِّر نفسي وإياك وكل أخت مسلمة بحق الأزواج علينا، ويكفيك في هذا المقام أن من ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة. وفي الحديث الآخر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت" أخرجه أحمد (1664) من حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-. أسأل الله لنا ولك الثبات على طاعته.

مضى عمري معه ولا أحبه

مضى عمري معه ولا أحبه المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 7/01/1426هـ السؤال تزوجت منذ عشرين سنة، وعمري 28 سنة، وكنت أعيش في بيت إخوتي في وضع غير مستقر، وعندما تقدم لي أول خاطب وافقت حالاً؛ كي أتخلص من الواقع الذي أعيشه، ولكن اتضح لي بعد أني لا أحبه، ولا أستطيع التحمل عندما يقربني، وأمثِّل كي لا أشعره بذلك، وأتهرب منه عندما يطلبني، وأتشاغل عنه، وأعلم أنه يصبر علي كثيراً، وأنا أتعذب من الداخل من أجله، ولا أستطيع مصارحته؛ كي لا أجرح شعوره، عندي منه عدة أولاد، وهو ملتزم وحسن الخلق، ولكن ضعيف الشخصية، وأنا أفوقه بذلك ومتعلمة. سؤالي: هل أنا آثمة وسيحاسبني الله على ذلك؟. أرجوكم أفيدوني أنا أخاف الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب ابنتي الكريمة، أما حالتك ومعاناتك فهي واضحة، أما سؤالك فلم يتضح لي، هل أنتِ تسألين عن مشاعرك، هل هي مما تأثمين به؟ فالجواب أن مشاعرك ليست مما تملكين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" أخرجه الترمذي (1140) ، وأبو داود (3124) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وليس من السهولة أن يحدد الإنسان اتجاه مشاعره، فإذا كنتِ لا تشعرين بحب له فهذا أمر فطري راجع إلى تكوينك النفسي ولا ذنب لك فيه، ولكن الشيء المهم هو ألا يتجاوز ذلك إلى التعامل بطريقة سيئة فيها سوء عشرة، والذي ظهر لي من خلال سؤالك أنك لست كذلك، وأنك تجاهدين نفسك كي تحافظي على مشاعره وكرامته وقيمته الشخصية. فأنت -بحمد الله- غير آثمة، بل مثابة على صبرك ومعاناتك وتحملك ما لا تتقبله نفسك، والله يعظم لك الأجر والمثوبة، أما إذا كنت تسألين: هل لك الحق بطلب الطلاق؟. الجواب نعم، لك الحق بطلب الطلاق إذا كنت تشعرين بنفرة منه، كما أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- جميلة بنت أبي بن سلول زوجة ثابت بن قيس بن شماس أن ترد عليه حديقته، ولم ينكر عليها طلبها الطلاق منه. صحيح البخاري (5273) . وكما فعلت بريرة زوجة مغيث التي كان زوجها يحبها أشد الحب، ولكنها كانت تبغضه، فأذن لها النبي -صلى الله عليه وسلم- بمفارقته بعد أن تحررت من الرق، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لعمه العباس: "ألا تعجب من حب مغيث لبريرة وبغض بريرة لمغيث" صحيح البخاري (5283) . أما إن كنت تسألين: هل من المصلحة أن تطلبي الطلاق منه؟، فإن الذي يظهر لي أن المصلحة ليست في ذلك، والسبب أنك قد تأخرت كثيراً في اتخاذ هذا القرار، فبعد عشرين سنة من العُشرة، وبعد عدة أولاد ليس في مصلحتك إطلاقاً مفارقة هذا الرجل مهما كانت عواطفك؛ لأن مضي عشرين سنة معه أثبتت أنك قادرة على احتمال هذه الحياة، كما أن طول هذه المدة وإن لم يصنع حباً فإنه يوجد إلفاً وتفاهماً ووفاءً متبادلاً، وفي المقابل فإن هذا الطلاق لن يفتح أمامك خيارات أفضل، خصوصاً مع ما ذكرت من استقامة هذا الرجل، ووداعته وحسن خلقه.

الذي أتصوره لحالك بعد الطلاق -وأنت في هذا السن، وهؤلاء الأولاد معك- أن خيارات الزواج الثاني معك ستكون محدودة جداً، وأشك في أنك ستتزوجين بشخص تجدين عنده ما يلاقي عواطفك ومشاعرك؛ ولذلك فإن الصبر وتمضية بقية العمر مع الأولاد ربما كان هو الخيار الأفضل لك، وألا تشعري زوجك بشيء من مشاعرك، وتحاولي ما أمكن القيام بحقوقه؛ لأني -كما قلت لك- لا أنكر حقك في طلب الطلاق، ولكن ينبغي التفكر والتفكير في الخيارات المستقبلية، هل هذا الطلاق سيؤدي إلى حياة أفضل أم سيؤدي إلى تشردك وبقائك بلا زوج، وبعدك عن أولادك وتشتت حياتك؟!. فكري في الأمر بروية، واسألي الله الخيرة والله يوفقك لما يحب ويرضى.

لا يشعر برغبة نحو زوجته

لا يشعر برغبة نحو زوجته المجيب سعد بن عبد الله الماجد عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 06/01/1426هـ السؤال سؤالي هو: أنني متزوج منذ عدة أشهر، وأهل زوجتي من منطقة بعيدة، ومشكلتي ترتكز على أمور: بُعد أهلها وكثرة روابطهم الاجتماعية يزعجني. ليست على ما أريد، وقد استعجلت في زواجي ولم أراع الشكل. أشعر دائما أنني (لو أفارقها) سأرتاح. نظرة أقاربي وأهلي لها فيها نوع احتقار. أشعر أحيانا بعدم الرغبة في معاشرتها. لم أجد طموحي فيها، ولكن ما جعلني أصبر عليها أنها ذات دين، وخلوقة، وتحترم أهلي، وكذلك أجد احتراما من أهلها. سؤالي: كيف أزيل هذا الشعور، وهل تنصحني بالاستمرار معها؟ أرجو أن تكون الإجابة مفصلة. وشكراً. الجواب سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فأشكرك أخي على ما كتبته من سؤال الاستشارة قبل الإقدام على فعل تندم عليه مستقبلا، واسمح لي بمناقشتك فيما كتبت: أولا ً: هل بُعد مكان أهل الزوجة مما يزعج؟ أنت تعلم عن الكثير ممن يتزوج من دول أخرى عربية وغير عربية بيننا وبينهم آلاف الكيلومترات، ومع ذلك لم نجد من يرغب في فراق زوجته لبُعد أهلها!؟ بل إن بعد الزوجة عن أهلها يجعلها تلتفت إلى زوجها، فيكون هو أهلها فتسعى لكل ما يسعده. أما بالنسبة للروابط الاجتماعية كما قلت، فهذا مما ينفعك ولا يضرك؛ لذا كان الزواج من خارج الأسرة والقبيلة مما يقوي مكانتها، ويكون فيه تعارف وتعاون في مصالح شتى، كما أن في الزواج من خارج الأسرة نجابة للأولاد وقوة في أبدانهم وعقولهم. ثانياً: تقول استعجلت في زواجي ولم أراع الشكل؟ قولك لم أراع الشكل؟ هل تقصد مواصفات تريدها؟ إن كان كذلك فاعلم بأن الجمال الحقيقي هو في تقوى الله والاستقامة على شرعه، كما أن الإنسان لا يخلق نفسه وصفاته وأفعاله بل الله -تعالى- هو الخالق، فلا تعترض على خلق الله عز وجل. وصفات الجمال وغيرها مما يدندن حولها بعض الجهلة، حيث يرسمون في مخيلتهم صورة فتاة شقراء وبمواصفات أخرى لا يهم ذكرها هي من آثار المسلسلات والأفلام التي تعرض على وسائل الإعلام الفاسدة. بل إن الكثير من تلك الصور قد شكلت بأقلام وألوان المكياج، وقصات الكوافير. (وهذه هي ثقافة العولمة المرة؟) كما أن المستوى -أعني الجمال- في الناس هو الوسط، وكل يحمل عيباً بين جنبيه قد يعلم به، وقد لا يتفطن لذلك إلا من شاء الله وسع ربي كل شيء علما. كما أنه جاء في مسند الإمام أحمد (11356) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة على إحدى خصال ثلاث تنكح المرأة على مالها، وتنكح المرأة على جمالها، وتنكح المرأة على دينها، فخذ ذات الدين والخلق؛ تربت يمينك". فأي نصح بعد نصيحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى.

وهل هناك عاقل لا يحب أن يتزوج امرأة صالحة، وفي الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما نزلت هذه الآية "والذين يكنزون الذهب والفضة" قال كبر ذلك على المسلمين، فقال عمر -رضي الله عنه- أنا أفرج عنكم فانطلق فقال يا نبي الله إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم فكبَّر عمر ثم قال له ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته". رواه أبو داود في سننه (1664) . وعن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الدنيا متاع وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة" رواه ابن ماجه في سننه (1855) . وعن سعد بن أبي وقاص-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء" رواه أحمد في مسنده (1448) . احمد الله تعالى على نعمة الزواج بالمرأة الصالحة، فهي نعمة من أعظم النعم لو تستشعر ذلك. تطيع الله تعالى فيك وتحفظك في مالك وفي فراشك وتربي أبناءك على طاعة الله، مطيعة لك في نفسها طاهية طعامك وغاسلة ثوبك، تفرح لفرحك، وتحزن لحزنك فماذا يكون الجزاء؟ ... إلا أن تطيع الله فيها وتحسن وتحفظ لها كرامتها. وفي الحديث عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" أو قال غيره رواه مسلم (1469) . -وأمر آخر افترض أن أختك مكانها، فهل ترضى لها الطلاق والتعاسة..بعد عز الزواج، تكون حملت لقب مطلقة؟ ونفسية المرأة ليست كالرجل بل هي حساسة جدا تخدشها الإشارة فضلا عن القول..... - لا تكن عونا للشيطان على نفسك وعليها، فأنا أعرف من النساء الصالحات العاقلات من تغيرت بعد الطلاق، فطلقت الاستقامة وطمأنينة النفس؛ بعد طلاق زوجها لها؟! - أمّا قولك بأنك سترتاح بعد الطلاق فهذا من تلبيس الشيطان ليخرجك من جنتك، كما أخرج آدم وحواء من الجنة بأكلة؟!! - ينبغي عليك يا أخي أن تكون رجلا في سمعك وكلامك، فأي كلام يزلزلك ويبغض زوجتك لك؟ ألم تخترها من بقية النساء، أليس فيها ما يُحبَ؟ أليس للدين الصالح، والخلق وتصريحها بحبك ما يردعك عن سماع كلام الآخرين فيها، ينبغي أن تعلم بأن كل ذي نعمة محسود، وأنت في نعمة. بعض الأقارب -وللأسف- إذا تزوج ابنهم وصلح حاله حسدوا زوجته عليه، أو أبغضوها لأمر يعلمه مقلب القلوب. فاحترس واحذر. - إنك إذا فعلت ما سبق من إكرام الزوجة، وعدم الإنصات والتفكير في كلام الآخرين في زوجتك، وعدم التفكير في الطلاق وإنفاذه سوف تشعر بنعمة عظيمة، وندم على تلك الساعات والدقائق التي فكرت خلالها في طلاق زوجتك، وتنغيص عيشك. كما ستزيد من رغبتك في جماع زوجتك وذلك برهان على محبتك وودك لها! وفقك الله.

أشعر بنفرة شديدة وكره لزوجتي

أشعر بنفرة شديدة وكره لزوجتي المجيب عفاف بنت حمد الونيس عضو في الإدارة العامة لتقنية التعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 26/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعرض عليكم مشكلتي وأرجو من الله ثم منكم أن أجد لها حلا، أنا شاب تزوجت من قريبة لي، وذلك قبل مدة يسيرة، الحقيقة شعرت بعد عقد القران بضيق صدر وكره لزوجتي، لكن كنت أقول هذه وساوس من الشيطان وأستعيذ منها، وأحاول أن أصرف نفسي عن التفكير في ذلك من خلال الانشغال بأمور أخرى، آملاً بأنني إذا تزوجنا ودخلت بها تتغير الأمور وتزول هذه الأوهام. مرت الأيام وتزوجنا، وأنا قبل يوم الزواج أحس بكره شديد لها حتى كنت أتمنى أن أتعرض لحادث فتكسر يدي أو رجلي، ويتأجل الزواج الذي لم أكن أجرؤ على طلب تأجيله قبل موعده بثلاثة أيام أو أقل، والدعوات قد وزعت، والزواج قد أُعلن وقته، ولكن ما زال لدي أمل في أن تتغير الأمور قبل الزواج، تزوجنا وكنت أرى في نفسي النفرة من زوجتي والكره الذي لا أدري ما سببه, صحيح أن لديها نواقصاً جسدية لم أكن أتوقعها، حيث إن نظرتي لها والتي لم تتجاوز الخمس ثوان لم تكن شافعة أن ألاحظ تلك النواقص، فقررت ألا أجامعها حتى تتحسن نفسيتي تجاهها، واتفقت معها على عدم الجماع بما لا يجرح كبرياءها بزعم أني لا أريد أولاداً خلال هذه السنة، المهم أنني لا يمر يوم إلا وأزداد منها نفرة، ولا أرغب بالبقاء معها، بل أشعر دائماً بضيق النفس، فلا أستطيع الجلوس معها أو التحدث إليها حتى ونحن في السيارة نمضي المشوار الطويل ونحن في صمت ولا أرغب بجماعها البتة. أنا متأكد أنها تريد أن تتكلم معي وتريد أن تفرح وتشعر كأي زوجة، لكن -للأسف- لا أستطيع أن أعطيها ذلك، وقد حاولت جاهدا لكن لم أستطع، حيث قرأت على نفسي كثيراً وأحافظ على الأذكار، وذهبت إلى مقرئ وعولجت عند طبيب نفسي، ولكن لم ألحظ أي تحسن، بل الأمر يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. لدي خيارات كثيرة: * إما أن أطلقها الآن فأرتاح مما أنا فيه، وترتاح هي من هذه الحياة البائسة معي، حيث إن زوجتي يعلوها الحزن والكآبة، وتبقى على بكارتها. * إما أن أجامعها وأبقى على ما أنا عليه من كره لها - مع أني لا أتوقع أن يخف عدم تقبلي لها-, ثم أطلقها فأرتاح مما أنا فيه وتفقد بكارتها، وقد تحمل وتنجب فيعيش ابننا بين والدين منفصلين وهذا ما لا أرغب فيه. * إما أن أبقيها وأتزوج عليها، وهذا ما لا أستطيعه، فليس لدي تقبل الزواج من امرأتين أبداً، خصوصاً أنني سأدرس في الخارج لعدة سنوات. إن هناك عدة أمور تجعلني حيران وكثير التفكير، وهي رحمتي لهذه البنت، والخوف على علاقة القرابة التي بيننا من التدهور، ولكنني لا أستطيع أن أتحمل هذه الحياة التي أعيشها، ولا أتخيل أن أستمر في علاقتي مع هذه البنت؛ فأنا فاقد الآن لمتعة الحياة وللسعادة.

أرجوكم.. انظروا في أمري, وكما يفكر الكثير من أهلي في حياة البنت لأنها الأضعف أرجو منكم أن تفكروا أيضاً في حياتي التي والله ما عدت أستلذ فيها بشيء، ولا عدت أرغب منها في شيء، وأصبحت كارهاً لحياتي ولعملي حتى تأثرت عبادتي وأصبحت في صلاتي كثير التفكير والهواجس، بل فترت عن كثير من المستحبات بسبب ما أنا فيه من المصائب. أريد أن أخبركم أني استخرت في الأمر كثيراً، ودعوت الله كثيراً ولم أجد لي رغبة إلا في الانفصال. بارك الله لي ولكم.. ووفقكم لكل خير. الجواب الأخ الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: قبل الإجابة أود أن أذكرك بأمور: 1- هل قمت بالاستخارة قبل الزواج وبعده في مسألة الطلاق؟. 2- أن الكمال لله، فإن كرهت منها خلقاً رضيت منها آخر. 3- أن أبغض الحلال عند الله الطلاق، ولكن قد يكون فرجاً. الجواب: عليك اتباع الخطوات التالية: 1- صارح زوجتك وأخبرها أنك لا تريد إتعاسها، وأنك تشعر أنها ليست مرتاحة معك، وأن هذا الأمر ليس بيدك أو بيدها، وأن المودة بين الزوجين أمر يضعه الرحمن في قلوب البشر، ولا بد أن تشعرها بالجميل الذي فعلته من أجلها، وهو البقاء على بكارتها، وأن هذا لمصلحتها. 2- اجعلها هي التي تفاتح أمها بالأمر وتطلب الطلاق؛ لأنها تشعر من بداية الزواج أنك مثل الأخ ولست بزوج، وأنك تبادلها نفس الشعور لتبقى العلاقات الأسرية قائمة. 3- أخبرها أنك صبرت -وطوال تلك المدة- خوفاً على مشاعرها، وأنك تتمنى لها حياة زوجية سعيدة. وختاماً: إياك والإقدام على الزواج حتى تجد الرغبة الأكيدة من المخطوبة، ولو كان السؤال قبل الزواج لكان أفضل لك ولها بإعطاء حل من نوع آخر. والله المستعان.

زوجي عنيد وبخيل

زوجي عنيد وبخيل المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 21/11/1425هـ السؤال أنا أعاني من زوجي؛ وذلك لكثرة عناده وقلة عطائه، وأنا لا ينقصني شيء والحمد لله، ولكن أريد منه المحبة، والكلمة الطيبة، والهدية التي تجدِّد المحبة وإن كانت قليلة. أفتوني، ماذا أصنع؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: الجواب يا - أخ أحمد- كما يأتي: 1- الحياة الزوجية حياة شراكة يأخذ الشريك فيها ويعطي، وكلما فهم كل واحد من الزوجين دوره، وقام به على الوجه الصحيح، كلما تجددت هذه الحياة وحسنت. 2- كل من الزوجين ينبغي أن يعطي أكثر مما يأخذ، ولا ينظر للطرف الآخر، بل يكون صاحب مبادرة، وربما بسبب ذلك تأثر الطرف الآخر فتغير. 3- العادة لها أثر على الإنسان، فقد يكون أحد الزوجين تعود على شيء، والآخر تعود على شيء آخر، فيحتاجان إلى وقت حتى ينسجما مع بعض. 4- الرضا بما هو موجود، وما يقدمه الزوج يزيد من عطائه - بإذن الله-. 5- الصبر على الآخر والتحمل، ومع العسر يأتي اليسر. والله أعلم.

أحبها ... وتزوجت غيرها.. فكيف أنساها؟!

أحبها ... وتزوجت غيرها.. فكيف أنساها؟! المجيب د. راشد بن سعد الباز عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 09/11/1425هـ السؤال تزوجت من بنت عمي قبل 8 سنوات، جدي -الله يرحمه- زوجني إياها غصباً عني، وحتى الآن لم أعش معها إلا وقتاً قليلاً، وأنا كنت أحب وقتها فتاة أخرى، والآن أريد أن أعيش مع زوجتي لأنها القدر، لكني حينما أفكر؛ لا أفكر إلا في الفتاة التي أحبها، وهي لم تتزوج حتى الآن؛ لأنها تريدني أن أطلق زوجتي، وأنا أعرف أن الطلاق أبغض الحلال عند الله، لكن لا أستطيع أن أنساها. دلوني على دعاء حتى أنساها. أفيدوني أحسن الله إليكم، وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: أخي السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيما يتعلق بالمشكلة التي أشرت إليها هناك معلومات ناقصة، لا أعلم لماذا لم تعش مع زوجتك إلا لوقت قصير، لكن في ضوء ما طرحته يبدو أنّ أساس المشكلة هو أنّ زوجتك كانت مفروضة عليك، ولم يكن لك رأي في اختيارها؛ لذا قد يكون ولّد ذلك عندك ردة نفس، فلم تشر إلى أنّك لا تحبها، أو أنّ هناك قصوراً فيها، أو أنّها زوجة غير مناسبة. وأعتقد أنّ نظرتك لحياتك الزوجية ولزوجتك فيها قصور؛ حيث قلت: (أريد أن أعيش مع زوجتي لأنّها القدر) ، فالمسلم لا بد أن يكون متفائلاً، وأن يرضى بما قسمه الله له، فقد يكون قدراً كتب الله فيه الخير لك. وأمر آخر ذكرت أنّك تُحب الفتاة الأخرى منذ 8سنوات -أي أيام المراهقة-، ومن المعروف أنّ الحب في سنوات المراهقة يغلب عليه النظرة الحالمة غير الواقعية، والقرارات التي تُتخذ في تلك المرحلة قرارات ارتجالية؛ لذا فإنّه من الخطأ أن تدمر حياتك الزوجية بسبب حب في سن المراهقة، ولا تعلم كيف ستكون حياتك لو تزوجت بها. بل إنّ كثيراً من الزيجات التي تمت بسبب حب في سن صغيرة لم يكتب لها التوفيق. واعلم أنّ الحياة الزوجية لا تقم فقط على الحب. كما يجب أن تُفكر في مشاعر الفتاة التي ارتبطت بك خاصة أنّها قريبتك، وإذا كانت الفتاة التي تقول أنّها تُحبك فلتضحي من أجلك، وتقبل بأن تكون زوجة ثانية لك. لكن لا تُفكر في طلاق زوجتك، حيث لم يصدر منها شيء يُسيئ إليك. أنصحك بالتقرب من زوجتك، وضع في حسبانك أنّه ليس هناك إنسان كامل؛ فالكمال لله سبحانه، وتذكر الخصال والصفات الحميدة في زوجتك، وإذا كان ليس هناك توجه جدي في الزواج من الفتاة التي تقول إنك تحبها فلا تفكر فيها؛ لأنّ ذلك قد ينتج عنها أموراً لا تحمد عقباها، واشغل نفسك بأمور أخرى تُفيدك، كالرياضة، والقراءة، وحاول أن تُوجد أنشطة محببة تشترك فيها مع زوجتك. أسال الله لك العون والتوفيق.

من أجل هذا تبلدت مشاعري تجاهه!!

من أجل هذا تبلدت مشاعري تجاهه!! المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية التاريخ 03/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا سيدة متزوجة من رجل يتصف بأخلاق عالية، لديه علم شرعي، سمعته طيبة جدًّا عند كل الطبقات التي يتعامل معها، المشكلة فيه توزيع الاهتمامات والأولويات، نحن أسرته في المرتبة بعد العاشرة، والأصدقاء في المرتبة الأولى، هذا ليس مبالغة ولكنه شيء من الحقيقة، جلوسه مع أصدقائه ليس في طلب علم، وإنما مؤانسة، وهذا باعترافه، البيت تقريبًا للنوم وقضاء حاجاته الفسيولوجية أو للنت، إجازته أشد من أيام عمله، فوقت الظهيرة وأوقات الطعام خارج المنزل في الغالب مع أقربائه، مشكلتي أيها الشيخ الفاضل الإحساس بالوحدة، وعدم وجود من أبوح له بمشاعري خاصة أني لا أريد لمن حولي أن يعرف شيئًا عن حياتي، والأمر الآخر عدم وجود من يلبي طلباتي فأنا أكره الشعور بالمهانة وطلب شيء من أشخاص آخرين، لا تقل لي عيشي حياتك وقللي من الاعتماد عليه، فقد حاولت ولكن كيف؟ حضور المحاضرات، توفير الكتب والمجلات، توفير احتياجاتي واحتياجات أبنائي، زيارة الأصدقاء والأقارب، كل ذلك أنا في حاجة إليه، أكبر المشكلة هو ما أحسه في الآونة الأخيرة من جمود في مشاعري نحوه، إحساسي بأني آلة لتفريغ شهوته والعناية بحاجياته، جعلني أتهرب من حقوقه الشرعية بأسباب واهية، حتى أصبح هذا الأمر مصدر إزعاج لي وله بعد أن ظننت أني استنفدت جميع طرقي لتوصيل معاناتي له من رسالة أو حوار أو منع مما اعتاده من إغراق بمشاعر فياضة، أنا الآن لا أستطيع إعطاءه أبسط حقوقه، فاهتمامي الأول أصبح أبنائي، أتمنى الرد بأسرع وقت فالأمر يزداد سوءًا. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: إلى الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بداية نشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع [الإسلام اليوم] ، نسأل الله أن نكون عند حسن ظنك وزيادة. لقد قرأت رسالتك مرات عديدة، ووقفت عند كلماتها وقفات كثيرة، وشعرت بمدى المشكلة التي تعانين منها، إنها حقًّا "مأساة حقيقية"، لكن يبقى هنا أمور منها: (1) هل لجأت إلى الله بصدق وإخلاص وذل وانكسار، ودعوت ربك بأن ينهي هذه الأزمة على خير، ويعود إليك زوجك كما كان في سابق عهده من الاهتمام بك وبأولادك والجلوس معك والعناية بك وبشؤونك على اختلاف تنوعها؟ (2) هل قمت بتذكيره بالله بأن لك حقوقًا عليه أنت وأبناؤك ويجب عليه أن يعطي هذه الحقوق أولى اهتماماته؛ لأنه مسؤول عن ذلك أمام الله، وأن الله استرعاه عليكم، فيجب عليه أن يعطي لهذه الرعية حقها على الوجه الأكمل، وإلا سيحصد ثمارًا لا تروق له في الدنيا، فضلًا عما ادخره الله له من الجزاء في الآخرة. (3) هل بالفعل أنت غير مقصرة في حقه، وما الدوافع التي جعلته ينصرف عنك وينشغل عن بيته وأولاده، ويتجه إلى قضاء معظم وقته مع أهله وأقربائه، وأصدقائه؟ فإذا كان عندك بعض الأمور التي قصرت فيها، فالرجاء استدراك ما فاتك، لعل الله أن يرده إليك ردًّا جميلًا.

(4) حاولي أن تتجملي له وتتفاني في القيام بخدمته، ولا تجعلي أن يظهر منك نوع من الضيق والضجر لما يفعله، ولكن أشعريه بنوع من العقاب الممزوج بالحب له والشفقة عليه وأنك تحبين قربه، ويشق عليك بعده عنك، وأنك أولى الناس بوقته والأنس به. (5) حاولي أن تشغليه بالأولاد وبالحديث عن تربيتهم، وأنهم في وقت هم أحوج إليه وإلى نصحه وتوجيهه، حتى ينشؤوا نشأة إسلامية صحيحة يتشرف بهم أمام الناس، ولا يكون ذلك إلا بتوفير وقته لهم، كما أنه يوفر لهم أسباب الحياة من مأكل ومشرب ومسكن وخلافه من ضروريات الحياة. (6) اجعلي الأولاد أنفسهم هم الذين يشغلونه بطرح مشاكلهم أمامه، وأنه يجب عليه أن ينظر في حلها، وأنهم أحق مَن يقضي معهم الوقت ويراعي شؤونهم. (7) لا يمنع أن تصارحي زوجك بالحالة التي وصلت إليها من جمود المشاعر، والإحساس بالملل والضيق وأنك تخشين على نفسك أن يسوء الحال بينكما أكثر من ذلك، وأن هذا يؤثر على مستقبل الأولاد والذين هم حصيلتكم من هذه الحياة. (8) لا يمنع أن تكلمي أحد محارمك الثقات العقلاء ممن يستطيع أن يتفهم الأمر، ويقدر على عرض القضية بوضوح وفطنه وذكاء على زوجك، ولابد أن يصلا إلى حل يرضي الجميع، وخصوصًا أنك تطالبين بحق من حقوقك، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير ويصرف عنا وعنك كل مكروه وشر، اللهم آمين. والله أعلم. همسة في أذن الزوج: أيها الزوج الطيب أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات فهل يتسع لها صدرك، وتنشرح نفسك لسماعها، أرجو ذلك فأرعني سمعك يا رعاك الله، إني لك محب وعليك مشفق ولك ناصح ومذكر، فأنت، كما علمت، صاحب دين وخلق وعلم، وتتمتع بسيرة طيبة بين الناس. أخي الكريم: أليس لأهلك عليك حق أوجبه الله عليك، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد استرعاك الله عليهم، وهو سائلك عن هذه الرعية، هل أديت الأمانة المنوطة بك أم قصرت في أدائها؟ أليس من حق زوجتك عليك أن تعطيها حيزًا كبيرًا من اهتماماتك، وتوفر لها جزءًا ليس بالقليل من وقتك؟ أليس من حق زوجتك أن تبث إليك مشاعرها وشكواها وهمومها، وكل ما يعتريها في حياتها، فإن لم تجدك فإلى من تذهب؟ الأمر خطير. أليس من حق زوجتك بأن تشعر بأن زوجها يحبها ويحرص عليها ويهتم بها ويلبي لها طلباتها، ويغذي مشاعرها كزوجة وأنثى أصبحت حكرًا عليك أنت، وأنت فقط؟ أليس من حق أولادك أن تجلس إليهم وتسمع منهم وتتفقد مشاكلهم، وتغمرهم بعطفك وحنانك وتوجيهاتك ونصحك وإرشادك؟ لا تقول لي بأنك موفر لهم عيشة طيبة من مأكل ومشرب ومسكن ومركب وخلافه، معذرة هذه الأمور متوفرة لكثير من الناس، ولا أحب أن أقول لكثير من الدواب فصاحب الدواب يوفر لها المأكل والمشرب، والمسكن، والعلاج إلى غير ذلك، ويهتم بها كثيرًا؛ لأن ذلك هو رأس ماله. أما أبناؤك وهم فلذة كبدك، وربيع عمرك، ومهجة فؤادك، ورياحين قلبك فمحتاجون إلى جلوسك معهم، تحن عليهم، ترفق بهم، توجههم، ترشدهم، تقدم لهم النصح، لابد وأن يشعروا بوجودك معهم في كل كبيرة وصغيرة، وخصوصًا إذا كانوا في مثل هذا السن، وإلا ستجني ثمارًا لا يحمد عقباها، وعندها تعض أصابع الندم، ولكن في وقت لا ينفع فيه الندم ولات حين مندم. ألم تقرأ عن الحقوق الزوجية؟ أظنك قد قرأت الكثير.

ألم تقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي". أخرجه الترمذي (3895) . ألم تقرأ قول أمنا عائشة، رضي الله عنها، وهي تصف حال النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (كان- صلى الله عليه وسلم- يكون في مهنة أهله) . تعني: خدمة أهله. أخرجه البخاري (676) . فليكن لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم، الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة. أنا لا أقول لك: لا تجلس مع أصدقائك، ولا تزر أهلك وأقربائك، ولا تروِّحْ عن نفسك مع خلانك. ولكن أقول: كن متوازنًا في حياتك، وأعط كل ذي حق حقه، والحقوق تعطى على حسب وجوبها وأهميتها، فأهلك هم الأولى بأداء حقوقهم بعد أدائك للحقوق الشرعية الأخرى التي فرضها الله عليك، كأداء الصلاة وغيرها. أخي الكريم: أرجو ألاّ تكون غضبت من كلامي، فالله يعلم أني أحب لك الخير، وأدعو لك بظهر الغيب، لكن ما أردت من ذلك كله إلا نصحك وتذكيرك؛ (فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات: 55] . هذا، والله أعلم. وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ضعف الوازع الديني

فقدت حلاوة الإيمان وكرهت الحياة المجيب عبد العزيز بن عبد الله الحسين التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 25/02/1427هـ السؤال منذ الصغر كنت أحس أني قريبة من الله، وكنت أعرف حلاوة الإيمان، فأغضب عندما أجد أحداً يقوم بمعصية الله في أي أمر كان، وأقول في نفسي: لماذا لا يفهمون قول الله بأن هذا حرام؟ كنت أعيش للآخرة فقط، تزوجت وكان زوجي غير ملتزم؛ حيث إنه يسمع الأغاني، ويحلق اللحية، ويؤخر الصلاة، ويصلي بعض الفروض في المنزل، حزنت وبدأت أحاول معه قليلاً، ونفعت معه هذه المحاولات، ولكن المشكلة مع مر السنين تملكني الشيطان بوجود هذه الممنوعات في منزلي. علماً أني كنت امرأة شديدة الغيرة على زوجي، فكان -هداه الله- يسعى إلى إثارة غيرتي، حتى إنه يمثل أمامي أنه يكلم النساء، فكنت شديدة الغضب، ووسوس لي الشيطان، إلى أن أصبحت مريضة نفسيا، وضعف إيماني، وبدأت أعامل زوجي بالمثل، ولكن في حدود، مثل: (لبس عباءة الكتف -سماع الأغاني-والالتفات إلى الرجال) وكان كل هذا مني لأغيظه وأحسسه بما في داخلي، ولكن كان للشيطان مدخل علي إلى أن أصبحت لا أستطيع أن أعود إلى ما كنت عليه، فأصبحت أتذكر نعمة حلاوة الإيمان التي منَّ الله علي بها، وأحاول أن أعود إلى ما كنت عليه، ولكن أصبح كل شيء صعبًا. لقد كرهت الدنيا وأصبحت حياتي جحيمًا. أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأسأل الله أن يرزقك حياة طيبة ملؤها السعادة والهناء، وأن ييسر ما تمنيتِ في دنياك وأخراك. قرأت رسالتك: وشعرت فيها بعميق إحساسك ونقاء سريرتك وحرصك على الخير، وهو ما دفعني أن أكتب هذه اللفتات والإشارات؛ علها تكون عوناً لك في تجاوز الفترة التي تعيشينها: 1- إن وقوع الواحد منا في جانب من التفريط والخطأ لا يبرر له الاستمرار عليه، وعدم التوبة منه، والإنابة والرجوع لربه وخالقه، قال أنس -رضي الله عنه-: سمعت النبي صلى -صلى الله عليه وسلم- يقول: "قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة" رواه الترمذي (3540) . وصححه الألباني. وأظن -أيتها الأخت الطيبة- أن من الخلل في أنفسنا أن ندع الشيطان يستثمر أخطاءنا، ويرابي في سيئاتنا حتى يبعدنا عن طريق الاستقامة ومحبة أهل الخير والصلاح، ولو أننا حين وقعنا في الخطأ والزلل عدنا إلى ربنا وخالقنا لقطعنا على الشيطان أكبر طريق يستدرجنا فيه لصرفنا عن هداية ربنا وهداه.

2- إنها لتمرّ بكل الناس أوقات نشاط تحيا بها قلوبهم وأبدانهم، وتعقبها أوقات أخر فيها فتور وخمول وبعد عن الطاعات، وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه قال: "لكل عمل شرّة (نشاط وهمة) ولكل شرّة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك". وفي رواية "فإن كان صاحبها سدد وقارب فأرجوه، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدُّوه"رواه أحمد (6473) والترمذي (2453) ، وصححه الألباني. ومن هنا ينبغي أن يتفطن المرء لنفسه بأن يكون كما قال عمر -رضي الله عنه-: "إن لهذه القلوب إقبالاً وإدباراً، فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل، وإن أدبرت فألزموها الفرائض" فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تخرجه عن فرض ولم تدخله في محرم: رجي له أن يعود خيراً مما كان عليه. 3- إن أفضل الأعمال وأجلها عند الله: أداء الصلاة في وقتها، وحظنا من الإسلام بقدر محافظتنا على هذه الصلاة، وهي النبع الثرّ الذي يمتاح منه المسلم القوة والثبات، ويغسل به أدرانه وذنوبه وخطاياه، قال الله تبارك وتعالى: "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" [هود:114] ، وما أحسبك إلا ممن يوليها جلّ همه، لأنها سبب في راحة النفس وقربها من الله عز وجل. وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد (1573) وصححه الألباني. 4- إن الراحة والسعادة في هذه الحياة هي بمعرفة الله ومحبته والطمأنينة بذكره، وهذه هي جنة الدنيا التي من أعرض عنها فإن له معيشة ضنكا كما أخبر الله عز وجل. قال ابن تيمية رحمه الله: "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة". وذكر ابن القيم رحمه الله طرقاً لراحة القلب وطمأنينة النفس، وعدَّد أسباباً للقرب من الله ومحبته، حيث ذكر: "قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه، ومجالسة الصالحين، ودوام ذكر الله في كل الأحوال، والتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، والخلوة بالله وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه، ومباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل". ومن هنا ينبغي أن نستشعر أهمية وضع برنامج عملي -أسبوعي أو شهري- نسعى فيه بتكميل أنفسنا وحياة قلوبنا، كأن نرتّب أوقاتاً لدار تحفيظ القرآن الكريم، وزيارة المؤسسات الدعوية النسائية، وصلة الأرحام، والكثير من الأعمال الصالحة الأخرى التي يمكن أن تمارس في المنزل… حتى نكون قد أصبنا من الأعمال ما يرضي ربنا جلّ في علاه.

5- أيتها الأخت الكريمة: إن مما يميز المرأة المسلمة من بين سائر النساء: سمتها وهديها وسلوكها، كيف لا وهي المتميزة بطهرها وعفافها وبعدها عن مواقع الريبة والشك، وإن وقعت في الخطيئة والذنب عن غفلة وجهل: فهي سرعان ما تعود إلى رشدها وتنيب إلى ربها وتتوب إليه، كما قال ربنا جلّ شأنه: "إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون" [الأعراف:201] . فحرص الفتاة المسلمة على عفتها وكرامتها وحيائها والتزامها بأمر ربها هو سرّ تميزها وحبّ الناس لها، وهو سبب رفعتها عند خالقها وباريها. 6- لا أظن أن يغيب عن مثلك: أن المرأة متى أظهرت حبها لزوجها وأدامت التجمل له والتزين والتطيب، ثم حرصت على حسن معاشرته والتودد إليه وملاطفته وبذل كل ما تستطيع لجذبه إليها فإنه لن يدخر وسعاً في إرضائها والسعي في راحتها ... إذ فرحه منوط بفرحها وسعادته مرتبطة بسعادتها، كيف بك يا أخية إذا استشعرت حقيقة هذه الحال وامتثلت قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟: الودود الولود العؤود على زوجها، التي إذا غضبت أو أُسيء إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك: لا أكتحل بغمضٍ حتى ترضى" رواه النسائي في الكبرى (9139) والطبراني وغيرهما وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (287) . ومتى فعلت المرأة ذلك: كان له كبير الأثر في الدخول إلى قلب الرجل وتغيير سلوكه وتبديل قناعاته، إذ النفوس مجبولة على محبة من أحسن إليها، ولكثرة الفتن والمغريات في هذا العصر فإن الحاجة تشتدّ أكثر إلى المداومة والاستمرار لهذه الحال، والتفاني في البذل والتوجيه والأمر بالمعروف: بحكمة وموعظة تلامس القلب، وهذا هو دورك في إصلاح حال المنزل، وتقويم حال الزوج والأولاد فستسألين عنهم يوم القيامة، إذ "المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها". 7- آمل أن تطلعي على كتابين مهمين في موضوع الرسالة: - (شخصية المرأة المسلمة كما يصوغها الإسلام) للدكتور محمد علي الهاشمي. - (أسعد امرأة في العالم) للشيخ د. عائض القرني. وبإمكانك الاطلاع على كتب أخرى مهمة تتعلق بالمرأة المسلمة في نسخ إلكترونية على موقع (saaid.net/book/list.php) . كما يحسن أن تطلعي زوجك على كتابين في هذا الشأن: - (30 رسالة من زوجة إلى زوجها) لسلطان العمري، وهو من إصدارات دار الوطن. - (أخي الحبيب) للشيخ د. عبد الوهاب الطريري، ويوجد نسخة إلكترونية له وفق الرابط التالي: (saaid.net/book/list.php) 8- إليك ثلاثة اقتراحات آمل أن تراعيها ولو في فترات متباينة: 1- توفير البديل المناسب في المنزل كقناة المجد الفضائية، وإذاعة القرآن الكريم. 2- توفير مكتبة منزلية مصغرة تتضمن: تفسيراً للقرآن: كتفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي. سيرة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ككتاب: فقه السيرة لمحمد الغزالي. كتاب رياض الصالحين للإمام النووي. كتاب "فتاوى إسلامية " لمحمد المسند. صور من حياة الصحابة لعبد الرحمن الباشا. أشرطة سمعية لأشهر قراء القرآن الكريم، وبعض الأناشيد الإسلامية. 3- الاشتراك في مجلة إسلامية (كمجلة الأسرة أو حياة أو نحوها) .

ختاماً: أذكرك بما جاء في صحيح مسلم (2577) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم ... ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه". أدعو الله تبارك وتعالى أن يجعل حياتك حياة سعيدة، وأن يجنبك الشيطان وخطواته ومزالقه، وأن يجعلك مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

زوجي يكرهني على سماع الغناء!

زوجي يُكرهني على سماع الغناء! المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 28/01/1427هـ السؤال أعلم أن سماع الأغاني والموسيقى حرام، وأنا لا أسمعها أبداً -والحمد لله- فهل عندما يطلب مني زوجي -مستقبلاً- أن أستمع معه إلى أغنية معينة، أو يطلب مني أن أرقص على نغمات هذه الموسيقى، هل أوافقه وأقوم بطاعته، أم لا أوافقه في رغبته، وأقول له: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟ علماً بأنني الآن مخطوبة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فترك الشاب والشابة سماع الأغاني -وقد تفشَّى في أوساط الشباب، وأشرب حبه نفوسًا كثيرة- أمر يحسب لهما، وهو مؤشر على قوة الإرادة، ونسأل الله أن يكون - أيضًا -من قوة الإيمان، ومع أن الاحتياط للمستقبل والاحتراز من المخاطر أمر محمود، فإن القلق (لما يستقبل) أمر مرهق، وله تبعاته على النفس والجسد. وأنا أعجب من التخوف الذي تبدينه؛ فربما لا يكون شيء من ذلك، بل لعل الله أن يكتب هداية زوجك على يديك، أو يزيده ثباتًا على الاستقامة، وليس من السائغ إشعار النفس بالضعف وتوقع الرضوخ، بل على العكس الاستعداد بالقوة والتعبير عن الموقف بشجاعة، على أن القوة والشجاعة المذكورَتين لا تعنيان الصلف والفظاظة، بل ربما صاحب الاعتذار الراسخ ابتسامة مملوءة بالود، وقارن الرفض فيض من الشفقة. ومع ذلك كله فلو طلب زوج من زوجته أن تفعل شيئًا من ذلك، فإنها تراعي الخطوات الآتية: -بيان عدم جوازه، وأن القول بتحريم الاستماع للأغاني هو الراجح، وتذكيره بأن إجبار غيره على الاستماع للأغاني أعظم إثمًا من استماعه هو. -الاعتذار إليه، وإظهار التشاغل بما يحبه الزوج مما أحل الله في شأن البيت ونحوه. -ملء وقته بالخير والمباح، وتقليل الوقت الذي يشوقه لاستماع الأغاني. -تحين أوقات صفاء نفسه وإقباله على زوجته بتذكيره بالله تعالى، وأهمية إقبال العبد على الله، وتحبيب الله إليه، وتبغيض المعصية في قلبه بطرق متنوعة متعددة، وفي هذا الموقع أفكار منها. ومع ما تقدم فلو أجبر الزوج زوجته على الاستماع للأغاني ففعلته -والله يعلم من قلبها كراهيتها لذلك- فلا تثريب عليها إن شاء الله، بل هذا من البلاء الذي يأجرها الله عليه، وعليها أن تصبر وتحتسب وتجاهد نفسها ألا تنزلق، وتحافظ على شعورها بالتحدي مع زوجها في أن تنتشله مما هو واقع فيه. ولتحذر الأخت الكريمة أن تجعل أمر الاستماع للأغاني أمرًا مفصليًا في زواجها أو استمرار علاقتها بزوجها، فإن على المرء أن يوازن بين المصالح والمفاسد، ولا شك أن العشرة الزوجية وبناء أسرة مسلمة متعففة تقع في شيء من المعصية خير من طرفين منفكين عن بعضهما نفوسهما مشتتة. والله ولي التوفيق.

زوجتي لا تلتزم بالزي الشرعي

زوجتي لا تلتزم بالزي الشرعي المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 9-5-1424 السؤال جزاكم الله كل خير عن هذه الأمة، سؤالي هو أنني رجل ملتزم والحمد لله، وأعاني من مشكلة مع زوجتي أساسها العناد الشديد، وأنا الآن على خلاف معها في لباسها فهي محجبة، ولكنها تلبس ملابس ضيقة قليلا، ولا ترتدي المانطو الشرعي، وهي لاترضى لبسه حتى الآن، مع العلم أنها مصلية ومقيمة لمعظم النوافل، وأنا لم أعد أتحمل هذا اللباس ولا أستطيع أن أكون ممن يرتضون الفاحشة بأهله، الرجاء الإجابة لأن المشكلة قد تتطور وشكر الله لكم. الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " قبل أن أجيب على سؤالك أود - أخي الكريم - أن تعطي الأمور حجمها الحقيقي بلا مبالغة أو استهانة، فالمبالغة تسد الكثير من طرق العلاج المتاحة، كما أن الاستهانة تبقي المشكلات بدون علاج. إن مواجهة مشكلاتنا بتوتر يفوت علينا فرصاً كثيرة يمكن أن نستفيد منها، ويظهر لي توترك من قولك (ولا أستطيع أن أكون ممن يرضون الفاحشة بأهله) مع أني لا أرى في سؤالك ما يدل ولو من بعيد على ذلك. وافتراضك أنه أساس مشكلتك مع زوجتك العناد يقابل بافتراض آخر، وهو أن تشنجك في علاجها ولَّد هذا العناد، فهما أمران متلازمان لا يكادان ينفصلان عن بعضهما. أخي الكريم: لم تأت الشريعة بشكل أو لون أو فريضة محددة في لبس الحجاب، وإنما هي ضوابط إذا توفرت كان الحجاب شرعياً بغض النظر عن مسماه، وهي: 1. أن يستر به جميع البدن. 2. أن لا يكون زينة في نفسه. 3. أن يكون فضفاضاً غير ضيق. 4. أن يكون صفيقا لا يشف. 5. أن لا يكون مطيباً. 6. أن لا يشبه لباس الرجال. 7. أن لا يشبه لباس الكافرات. 8. أن لا يكون لباس شهرة. وبإمكانك أن تقارن هذه الشروط بما تلبسه امرأتك، وعلى أساسها يكون الحكم، لا أن يكون الحكم على أساس رغبتك أنت في لباس معين!! ثمة أمر مهم أود أن يكون حاضراً لديك، وهو أننا أحياناً قد ننفر الناس من تديننا حينما نشدد فيما لا يستند إلى دليل شرعي، وإنما أملاه علينا الواقع أو عادات المجتمع، أو الآراء الشخصية البحتة، وهذا تضييق لم يأمر الله سبحانه وتعالى به. ونصيحتي لك أخي الكريم ما يلي: أولاً: أن تسلك مسلك الرفق والروية والهدوء في معالجة مشكلاتك، وأن تعلم أنك إذا استطعت أن تتوصل لما تريد بالإقناع فلا تعدل عنه إلى غيره، فإن الأمر الشرعي إذا أخذ عن قناعة أخذ بقوة، فكان أدعى للثبات أمام المغريات، أما إذا لم يؤخذ بقناعة فلا يلبث أن يتغير بتغيرات الزمان أو المكان. ثانياً: لو كانت زوجتك غير متدينة لربما كان لك شيء من العذر، ولكن ها أنت تصفها بأنها (مصلية، مقيمة لمعظم النوافل) ، وهذا يعني أن لديكما قدراً مشتركاً من القناعات يمكن أن يساهم في حل المشكلة. ثالثاً: ليس هناك أسهل من التأثير على المرأة إذا أحسنت استغلال بعض صفاتها الفطرية، فالكلمة اللطيفة الحنونة والهدية تفعل ما لا يفعله العنف والتسلط، وما دام بينكما حب ومودة سيكون الأمر أسهل مما تتصور بكثير. جمع الله قلبيكما على طاعته.

كيف أدعو زوجي؟

كيف أدعو زوجي؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 2-4-1424 السؤال زوجي مشكلتي..، تزوجته على أنه إنسان ملتزم ولكن تبين لي فيما بعد أنه يؤخر الصلوات. وقد أصابني الفتور، وكثرت الخلافات بيننا فكثيرا ما تفوته صلاة الفجر كليةً بطلوع الشمس، لا يحضر المحاضرات، ولا يقرأ القرآن إلا في الشهر مرة واحدة، ولا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ولا يعين على الطاعة ولا يذكر بالآخرة ماذا أعمل معه؟؟ الجواب الأخت الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " أرجو أن لا يتحول التدين لديك إلى وظيفة إدارية أو حركات عملية بعيدة عن روح التدين الفعلي والطمأنينة القلبية التي تملأ قلب الإنسان بالرحمة والرأفة والمحبة. التدين أيتها الأخت الكريمة هو في مجملة عبارة عن أخلاق كريمة مع الله ومع عباده. اسمحي لي أن أقول لك بأن خلافاتك مع زوجك هي أبعد ما تكون عن الالتزام والتدين ... بل إنك تهدمين حياتك وبيت الزوجية بيديك بحجة القيام بأمور الدين وهذا من الغبن العظيم. ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهل زوجك إلا أحق الناس بهذا الرفق منك. كوني لينة معه بالكلام والمعاملة والنصيحة والتذكير، لا يأخذك الغرور بالالتزام فتحبط أعمالك من حيث أردت الإحسان.. قد لا تشعرين بذلك ظاهرياً لكنه ليس بالضرورة أن لا يكون موجوداً. الالتزام الظاهري أو الالتزام المخادع يصاب به مع الأسف الشديد بعض الأخيار من الشباب والفتيات، إذ يكون الشاب ملتزماً في ظاهره في إطلاقه اللحية وتقصيره لثوبه ولكنه لا يصلي الفجر إلا في الضحى أو أن يكون والداه أبعد الناس عن إحسانه وبرّه أو أن مجالسه لا تغيب عنها النميمة أو الغيبة أو القول السيّئ ... وبعض الزوجات أيضاً يظهر من لبسها وشكلها إذا خرجت من بيتها ما يدل على التزامها من احتشام وحرص على الحجاب حتى في لبس القفازين ولكنها مع الأسف الشديد لا تتواني في مخاصمة زوجها مرات ومرات في اليوم الواحد. كل هذه المظاهر تتعارض صراحة مع الالتزام الحقيقي ومع التدين الذي يحبه الله. الادعاء بالالتزام بالشكل أو بالمظهر لن يغني عنا من الله شيئاً ... تماماً كمن يدعي حب الله ورسوله وهو يعصيهما صباح مساء. المرأة المسلمة والملتزمة حقيقة هي التي تعلم وتوقن تمام اليقين أن حسن التبعل للزوج هو سبب رئيس في دخول الجنة وإن كان ذلك في نظر الرجال عملاً ليس بالعسير أو الصعب ولكنه في حقيقته أثقل عليهن من الجبال والتجارب تبرهن ذلك. الزوج هو جنة المرأة أو نارها.. ولكن أغلب النساء المتدينات لا يفهمن ذلك أو ربما لا يردن أن يفهمنه مع الأسف الشديد..

يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه [لو كنت آمر أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها] لما له من الحق العظيم عليه. وفي الحديث الآخر الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح] . ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي صححه الألباني عليه رحمة الله [إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهره، وحصنت فرجها وأطاعت زوجها دخلت الجنة] وفي رواية أخرى "قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت". أيتهاالأخت الكريمة..خلافاتك المستمرة مع زوجك تتعارض تعارضاً كاملاً مع التزامك وتدينك حتى لو كان زوجك لديه بعض التقصير، التزام الزوجة الحقيقي وتدينها الصافي هو حسن التبعل للزوج..حسن الأدب مع الزوج..حسن القيام بأمور الزوج ... أنت تشكين التقصير لدى زوجك تجاه بعض واجباته الشرعية ... فهل حاولت علاج مثل هذا التقصير أو تغييره بأسلوب غير تقليدي بل يكون مشكلاً أو مغلفاً بطابع زوجي مميز.. ويكون مختلفاً جذرياً عن الأساليب التقليدية المتبعة عادة في تعديل السلوكيات أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. هل فكرت يوماً في إيقاظ زوجك لصلاة الفجر من دون خصام؟ هل تطبعين عليه قبلة حارة أو ضمة حانية ملؤها الحب والشوق وأنت تأمرينه بالصلاة..أوأي فعلٍ للخير آخر ... ؟ هل فكرت بوضع برنامج تشرفين عليه أنت لقراءة القرآن مع زوجك بوضعية زوجية خاصة تحببه وتشوقه للقراءة ... مثل هذه الأعمال الحانية هي بالفعل قمة الدعوة بالتي هي أحسن، هي بالفعل سر نجاحك مع زوجك إذا أردت له الصلاح. هو سوف يحب الصلاة ويحب فعل الخير إذا جاءه الأمر بها بطريقة زوجية خاصة ... وإلا ما الفرق أن يكون الآمر هو الزوجة أو أي أحد من الناس. إذا أحب الزوج زوجته وأحب عملها معه وحسن لطافتها له أحب كل عمل يسعدها فلا تبخلي على زوجك بحسن التبعل ابتعدي كل البعد عن المخاصمة والمشاجرة وأنت عرفت حقه عليك وعظم حرمة فعل ما يوجب سخطه. وفقك الله وأصلح حالكما،،،

زوجي.. مدمن!!!

زوجي.. مدمن!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 8/3/144 السؤال أخي الكريم مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:- إنني أعاني من تصرفات زوجي التي تدل على إدمانه لنوع من المخدرات برغم صلاته الدائمة فكيف أصارحه وأتناقش معه في هذا الموضوع أو أطلب الطلاق برغم أن عندي ثلاثة أبناء هم من المتفوقين ولله الحمد دلني على حل لمشكلتي. وجزاكم الله خير. الجواب أختي الكريمة.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الطلاق لا يحل المشكلة في هذا الوقت.. خاصة مع وجود الأبناء أصلحهما الله وحفظهما لوالديهما، ولذلك فرأيي في هذه المشكلة ما يلي:- أولاً: لا أدري ما هي الإعراض والتصرفات التي استنتجي منها إدمانه على نوع من المخدرات؟! وما هو هذا النوع يا ترى، فالفرق بين الأنواع كبير من ناحية أعراض أو طرق علاجه ولذلك إن رأيت فوافينا بشرح مفصل لهذه التصرفات لكي تكتمل الصورة أكثر. ثانياً: ما دام زوجك - هداه الله وحماه - محافظاً على الصلاة، فلعل الله أن يجعل له بها شفاءاً عاجلاً غير آجل، وهذه نعمة كبيرة وخير كثير، فأعينيه على نفسه أختي الكريمة.. بتوفير أجواء هادئة تجعله يجد في بيته الراحة النفسية التي تبعده عن البحث عنها خارج البيت، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً. ثالثاً: لا أدري إن كانت معاناتك قديمة أو جديدة حتى نعرف من خلالها منذ متى هو على هذه الحال!! وعلى أية حال لا بأس أحياناً من الإتيان ببعض المطويان أو الأشرطة أو الكتيبات المختلفة ومن ضمنها ما يحذر من خطورة المخدرات على النفس والمال والأسرة، فلعل الله أن يجعل فيها تذكرة له وعبرة. رابعاً: من المهم في هذه المرحلة وإذا كان الأمر لم يصل إلى مرحلة الخطر عليك وعلى أبناءك وما زال يداري الأمر عنك ألا تشعريه بشكوكك حتى لا تتساوى عنده الأمور ويبدأ يعلن عن وضعه أمامك بكل وقاحة وتحدي!!. خامساً: إن تطور الأمر إلى ما تخشين من خطورته على نفسك وعلى أبنائك، كأن تكرر مجيئه إلى البيت بوضع مزعج.. ومحاولته الاعتداء عليكم فيجب عليك هنا أن تعلمي أحد أقاربك الرجال الثقاة العقلاء، لكي يحاول أن يعالج الأمر بطريقته، والحمد لله أماكن العلاج متوفرة وبشكل سري. سادساً: الله.. الله.. أختي الكريمة بالدعاء الصادق بأن يهدي الله زوجك ويحميه ويشفيه، والحِّي على الله بالدعاء، وتحري مواطن الإجابة كالسجود وأدبار الصلواة وآخر الليل، وآخر ساعة من يوم الجمعة فالله سبحانه قريب مجيب.. يجيب دعوة المضطر إذا دعاه , ويكشف السوء، وفقك الله وحماك، وهداك وأصلح لك وأصلح بك، وشفى الله زوجك وجميع مرضى المسلمين.

زوجي لا يصلي؟!

زوجي لا يصلي؟! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 17/9/1422 السؤال زوجي لا يصلي , أو يصلي ولكنه لا يواظب على الصلاة وهذه إحدى مشاكلنا.. ويقوم بشتمي كثيراً حتى أصبحت في بعض الأحيان عندما يشتمني أقوم برد بعض المسبات إليه مع أنني لست راضية عن هذا الوضع , وأنصحه بان يقترب من الله ويصلي يعدني وكل مرة نتشاجر فيها بأنه لن يسب مرة أخرى , ولن يشتمني أنا ولا أهلي , ولكنه يعود مرة أخرى. هل عندكم حل لمشكلتي , أرجوكم رجاءً حاراً أن تردوا عليّ وجزاكم الله خيرا. الجواب أختي الكريمة أشكر لك ثقتك , وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه , وألا يجعله ملتبساً , علينا فنضل ّ , أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: المناصحة الهادئة - أختي الكريمة - لها أثر عظيم.. فعليك بها بعيداً عن الانفعال , مع اختيار الوقت المناسب لها , والدعاء الصادق المتكرر بأن يهدي الله زوجك، ويصلحه ويوفقه للحق والصراط المستقيم.. وتحري مواطن الإجابة كالسجود , وآخر ساعة من يوم الجمعة , وفي آخر الليل حين ينزل ربنا تعالى إلى السماء الدنيا فينادي: هل من داع فأستجيب له.. هل من مستغفر فأغفر له وثقي بأن الله تعالى قريب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. ثانياً: لا بأس من الإيحاء إلى أحد أقاربه أو أقاربك الثقات بالاقتراب منه ونصحه , فلعل الله أن يهديه على يديه. ثالثاً: أتمنى ألا تجاريه في ألفاظه السيئة وسبه وشتمه وتأملي قوله تعالى {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} فهل جربت هذا الأسلوب؟ . رابعاً: عندما يغضب.. وينفعل حاولي أن تهدئي , وتردي عليه بقولك " سامحك الله " أو "هداك الله " أو " غفر الله لك " وثقي أن لهذه الكلمات أثراً عظيماً عليه بعد أن يهدأ مقارنة بردك الإساءة بالإساءة.. واحتسبي ذلك عند الله يكن لك به الأجر العظيم إن شاء الله. خامساً: أقترح إحضار بعض الأشرطة الدينية أو الكتيبات الشرعية أو أشرطة للقرآن الكريم داخل المنزل، واستماعها بكثرة.. فلعلها تجد في لحظة من اللحظات أذناً واعية منه، فيتأثر بها، وتفوزي بإذن الله بسعادة الدارين. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

وسام شرف لأم ناجحة..

وِسام شرفٍ لأمّ ناجحة.. المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 4/6/1424هـ السؤال مستشاري الكريم: أنا لدي عدد من الأولاد والبنات أكبرهم في الجامعة وأصغرهم لم يدخل بعد المرحلة الدراسية. مشلكتي أن زوجي مدمن على شرب الخمر أمام الأولاد وسيئ الخلق ويمد يده عليَّ بالضرب المبرح الذي طالما عانيت منه ... لقد قابلت كل ذلك العذاب بالصبر والاحتساب من أجل أبنائي وليس لأي شيء آخر، وبالفعل تعبت معهم حتى أصبحوا طلاباً ناجحين بل ومن الأوائل في الدراسة وبناتي حفظن القرآن كاملاً والحمد لله كثيراً. المشكلة الحاضرة والتي فجرت الموضوع هي حينما منعني زوجي والأولاد من الذهاب إلى إحدى المناسبات الخاصة وهدد بالطلاق مما جعلني أغضب وأذهب إلى بيت أهلي حيث أوصلني ابني وبالفعل ارتحت واستقرت نفسي حيث لم أعد اتحمل هذا العذاب المستمر منه.. جميع أولادي يعذروني ويعرفون شدة معاناتي مع هذا الزوج القاسي وأنا والله حائرة جداً هل أستمر في طلب الطلاق وأترك الأولاد أم أعود إلى بيتي وأظلم نفسي بالصبر مع هذا الرجل، أشيروا عليَّ جزاكم الله خيراً. الجواب الأخت الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" اسمحي لي أن أرفع لجانبك كامل التقدير والاحترام وأن أعلنها صراحة بأنك زلزلت بعض القناعات التي كانت لدي في مثل حالتك وظروفك، إنك امرأة عظيمة بحق وتستحقين والله أعلى الأوسمة الشرفية في تربية الأبناء والصبر والنجاح الباهر والقدرة على تخطي الحواجز والعقبات مهما كانت كبيرة وعظيمة. قبل قرائتي لحالتك كنت لا أتردد بنصح من هي في مثل حالتك وتحت زوج سكير بأن ينجين بأنفسهن من العذاب الذي يتعرضن له صباح مساء، خاصة ممن يكون سكرهم شديداً على أسرهم حتى إنه ليتحول إلى جحيم لا يطاق جراء ما يتعرضون له من الضرب والتنكيل والعذاب المستمر من هذا الأب وهذا الزوج الذي يتحول إلى وحش كاسر حالما يغيب عنه عقله وتفتك به خمرته.. ولكني الآن وبكل صراحة سوف أنتظر قليلاً وأتريث قبل إسداء مثل هذا النصح. أنت أختي الكريمة من المفترض أن تكوني أنموذجاً ومثالاً يحتذى للأم الصابرة، للأم المكافحة، للأم القوية، للأم المربية، إنك والله مصداق لما كناَّ دائماً نردّده من أن التربية والنجاح فيها يحتاج إلى عاملين أساسيين لا بد للآباء والأمهات من الأخذ بهما سوياً وهما أولاً سؤال الله دائماً والإلحاح عليه بالدعاء المستمر بأن يصلح الأولاد، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وأن ينبتهم النبات الحسن، وأن يعيذهم من الشيطان الرجيم، والأساس الثاني هو ترجمة هذا الدعاء إلى أخذٍ بالأسباب من العمل المتواصل والجهد المستمر مع الأبناء في تربيتهم التربية المستقيمة بأركانها وأبعادها المختلفة الروحية، والخلقية، والغذائية، والعقلية، والدينية، والتعليمية، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بهم هذان الأساسان والركيزتان هما في ظني سر نجاحك في قدرتك على تخطي عقبة ذلك الأب المنحرف.

إن النجاح الذي يتمناه كل أحد لأولاده هو أن يكونوا قريبين من الله تعالى بخشيته وتقواه على الدوام، وفي نفس الوقت يكونوا أفراداً ناجحين ومتميزين في حياتهم الدراسية والعملية. إن أولادك حينما يكونوا طلاباً ناجحين ومتفوقين دراسياً، وحينما تكون بناتك حافظات للقرآن الكريم وهن في مثل هذا السن لهو وسام شرف يجب أن تعتزي به وشهادة نجاح تربوية يجب أن تفتخري بها، وما عليك إلا مواصلة هذا المشوار الناجح الذي سلكتيه واخترتيه حينما اكتشفت أن زوجك ليس بالرجل الذي يتحمل المسؤولية، وضحيت بنفسك من أجل هؤلاء الأبناء وأملت فيهم سعادتك وهو ما تشاهدين بوادره وعلاماته الآن، وما ذلك إلا من توفيق الله وجزائه لك على صبرك واحتسابك. أنت أيتها الأم الناجحة حينما تحسين بمرارة العيش مع هذا الزوج سيئ الخلق وفي كنف ذلك الرجل المتعاطي لأم الخبائث وبصعوبة الصبر عليه وعلى أفعاله، وحينما تطلبين الطلاق منه فإن ذلك مطلب له حظه ونصيبه من الصحة والحق وأنت معذورة تماماً في طلبك هذا، كما أنه لك كامل الحق في البحث عن عيشة وحياة هادئة تحت ظل رجل يمكن أن يوفر لك شيئاً من الحنان الذي فقدتية وحرمت منه طيلة هذه السنوات الماضية، إن كان ذلك هو وضعك مع هذا الزوج وهذه هي حياتك معه فأنا أقول أن لك تمام الحق في هذا الطلب بالانفصال ... ولكن ... أيتها الأم العظيمة ... حينما أقول بأن لك الحق في طلب الانفصال فإنه لا يعني أنها الخطوة الأنسب لك في نظري، بل هنالك خطوات وأمور أرى وأحسّ بأنها أكثر أهمية وأجدى نفعاً وأعظم أجراً ويجدر بك طرقها قبل البدء بخطوات التفكير بالطلاق والانفصال. أنت أيتها الأم الكريمة بدأت مشوار التربية لفلذات كبدك ونجحت نجاحاً باهراً والحمد لله.. والسؤال الملح هو لماذا لا تواصلين هذا المشوار وهذا الطريق وأنت قد رأيت بنفسك عاقبة الصبر ونتيجة التحمل وأن الله لم يهملك بل كان لك معيناً وناصراً؟ .. أنت لا زال لديك أولاد صغار جداً وهم بحاجة ماسة لرعايتك وقيامك بشؤونهم خاصة وأن والدهم كما تذكرين غير مؤهل البتة للقيام بمسؤولياته تجاههم.. أنت صبرت فواصلي الصبر وواصلي التحمل يا رعاك الله واطمئني وأبشري وأنا واثق بإذن الله من أن القادم والمستقبل سيكون أفضل وأفضل.. أولادك سيستمر نجاحهم إن في دراساتهم أو في أعمالهم وأسرهم، وبناتك ستلحق بهن بركة صبرك بإذن الله بنجاحهن وزواجهن ممن يستر عليهم ويعشن معهم عيشة هنيئة بعيدة عن النكد والخوف الذي عاشته والدتهم. نصيحتي لك أيتها الأم الفاضلة هي العودة إلى بيتك متسلحة بالصبر والاحتساب ومواصلة الكفاح والجهاد ونعم به من كفاح لتخرج ثمرة جهدك وصبرك أزهاراً يانعة وأجيالاً نافعة لأمتها ولدينها ولبلدها.. عودي إلى بيتك وكوني واثقة بعون الله لك ووقوفه معك بحوله وقوته، واعلمي أن النهاية ستكون من حظك وفي صفّك، واصلي أيتها الأم هذا الطريق الذي سلكتيه واخترتيه من البداية.

أما هذا الزوج فإن صلاحه بإذن الله سيكون عن طريق هؤلاء الأبناء الصالحين الذين تخرجوا من مدارسك التربوية الناجحة وسيفيق بإذن الله إلى رشده طال الوقت أم قصر، خاصة وهو يرى ثمار الصلاح بادية على تصرفات أولاده الذين يسعون لبره والإحسان إليه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. كوني عوناً لهم على برّ والدهم وادفعي وإياهم أذاه بالتي هي أحسن كي ينقلب إليكم بحنانه ورقته.. تحملوا منه الأذى فهو في النهاية والد أولادك ومحرم عليهم عقوقه حتى وهو على هذه الصفة من الانحراف، متسلحين جميعاً بالصبر عليه والدعاء له بالهداية. أصلح الله لك النية والذرية ولجميع المسلمين.

تعبت مع زوجي!!!

تعبت مع زوجي!!! المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 14-5-1424 السؤال أنا شابة متزوجة منذ عدة سنوات ولدي أطفال والحمد لله. مشكلتي هي مع زوجي الذي يعول أسرته وهم والداه وأخوته.. حتى بدأت تضيق بنا الحال من الناحية المادية حيث أصبحنا لا نمتلك قوت يومنا.. المشكلة في اختصار هي معاملة زوجي لي فهو يصاحب رفقة سيئة.. وله علاقات محرمة.. وشكوت له ذلك ولكنه يصفني بأنني متوهمة.. حتى صرنا نتخاصم بالأيام والليالي.. وتعبت كثيراً مما أثر ذلك في تربيتي لأولادي. أنا الآن لا أدري هل أسكت على أفعال زوجي المحرمة أم أطلب الطلاق؟ أنا لا أريد أن أبوح بمشاكل بيتي لأحد لأنني أتمنى أن أصونه حتى آخر لحظة. بذلت له أشرطة وكتب عن معاشرة وحقوق الأزواج ولكن لا فائدة. التحقت أنا وأبنائي بدورة تحفيظ القرآن كي نسلي عنه وهو لا يمانع من ذلك. فهل من حل وإرشاد وجزاكم الله خيراً،،،، الجواب الحمد لله، وبعد: أختي في الله.. شكر الله لك دعواتك الصادقة لنا ومشاعرك النبيلة تجاهنا، كما نثمن لك اتصالك بنا ونتمنى دوام تواصلك معنا. وأما بخصوص ما تفضلتِ بالاستشارة والسؤال عنه، فيسعدنا إتاحتك الفرصة لنا لنشاطرك همومك ونساعدك بما استطعنا، وأملنا بالله كبير أن تجدي من خلال هذه السطور ما يثلج صدرك ويخفف معاناتك، أختي الكريمة، أعتقد جازماً أن مشكلتك تهون كثيراً أمام نظيراتها من المشاكل الأسرية التي لا يكاد يخلو منها بيت من بيوت المسلمين، فالخلافات الزوجية، وحالات الخصام بين الزوجين لم تخل منها حتى بيوت الصحابة - رضي الله عنهم-، لكن الحكمة والصبر وسعة الصدر دعائم أساسية لاحتواء كل خلاف مهما كان مصدره أو سببه، إنني ألمس من خلال رسالتك تمتعك بصفات ضرورية لنجاح أي بيت مسلم ينشد السعادة، إن خوفك من الله، وسعيك لإرضائه - سبحانه- وإنصافك لزوجك ودعائك له، وصبرك على تصرفاته، وفرارك من الظلم ومسبباته، كل هذه المزايا عوامل رئيسة - كما ذكرت- تساعدك للإبقاء على كيان أسرتك وإنقاذها من غوائل الفتن، وأسباب الفشل. ولابد أن تتذكري أن لدى زوجك جوانب خيرة تدل على وجود استعدادات فطرية لديه قد تساندنا جميعاً للتغلب على عيوبه، وأخطائه. إن سماحه لك بممارسة عباداتك وقيامك بواجباتك الدينية دون لمز أو تهكم أمر مهم كما ترين، بل إن قبوله بانضمامك وأولادك لحلق التحفيظ عامل مثير للتفاؤل يدل على إمكانية التصحيح. لابد لك - حفظك الله-من طرح اليأس أولاً قبل أن تقومي بأي إجراء إصلاحي عملي، فاليأس في حد ذاته محرم شرعاًُ، مستقبح ذوقاً خصوصاً، حين يسيطر على أمثالك من حاملات العقيدة وناضجات الفكر وعاقلات المجتمع. إن بأيدينا سلاحاً لا يخيب، لكننا كثيراً ما ننساه أو نتناساه، وهو الدعاء أليس الله يقول: "ادعوني أستجب لكم" ويقول: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوت الداع إذا دعان".

ولم لا تدعينه دعوة المضطر؟! وهو القائل: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" إن ساعات السحر وجوف الليل وساعة الجمعة وعند الآذان أوقات بركة وإجابة، فلم لا نرفع أكف الضراعة بخشوع وخضوع وانطراح بين يدي الرؤوف الرحيم؟! حاولي بارك الله فيك ملاطفة زوجك بالكلمة الطيبة، والابتسامة الدائمة مهما تطلب ذلك من جهد عصبي للتغلب على حظوظ النفس. قال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم". استغلي حب أهله لك كي يساعدوك في حل المشكلة بمناصحة ابنهم وليكن طلبك المساعدة منهم بأسلوب تدريجي حتى لا يثير استغرابهم. لا أنصحك بطلب الطلاق حالياً إلا إذا كان الزوج يمتنع عن الصلاة خاصة، فإن كان كذلك فهو كافر لا يحل لك البقاء معه فامتنعي عن معاشرته وبيني له الحكم الشرعي في تارك الصلاة فإن أصر على تركها وجب عليك مفارقته وسيجعل الله لك مخرجاً ويبدلك خيراً منه. وفقك الله وأعانك، والسلام عليك.

زوجي.. القدوة السيئة!!

زوجي.. القدوة السيئة!! المجيب د. علي الرومي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 11-6-1424 السؤال مشكلتي تكمن في زوجي، فهو إنسان طيب ولا يقصر في واجباته المنزلية، ويحاول أن يرضي رغباتي، ولكن المشكلة في أنه لا يصلي، هو ليس منكرا للصلاة ويعلم حكم تاركها، ولذلك فهو أحيانا يصلي والغالب لا، ويعلم حكم الأغاني، وإذا طلبت منه عدم سماعها يرفض أحيانا تكبرا وأحيانا يستجيب، وخاصة أن ذلك يؤثر في نفسية الأطفال، فهم في مدارس التحفيظ ويرون أباهم لا يصلي ويسمعهم الأغاني ويدخن على الدوام وحتى إن حاولوا التكلم معه نهرهم بحجة انه أبوهم وأنه يعلم أنه على خطأ، وأنا لم أتمن في حياتي كلها سوى رجل صالح عابد لربه، يعينني على فتن الدنيا ويصلحني إن أخطأت، ومن هنا بدأت مشكلتي لأني بدأت أوهم نفسي أنى أعيش مع رجل صالح غير زوجي، حتى أستطيع تأدية حقوق ربي علي لأني عندما أراه بهذه الحالة تذهب عزيمتي للعبادة، فتأثير زوجي في المنزل كبير فهو السبب بأن أطفالي لا يتشجعون للقيام إلى الصلاة، وأنا الآن أحاول أن أتجنب الجلوس معه، لأني وبصراحة بدأت أكره تصرفاته وأكره شخصه، فهل تعتبر هذه خيانة زوجية يحاسبني عليها ربي؟ مع أنها أحلام فقط لا تتعدى مجرد تفكير، وماذا أفعل مع زوجي مع العلم أني قد مللت الجواب أختي السائلة.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم". مشكلتك تتلخص في أن زوجك لا يصلي في الغالب، يسمع الأغاني، يدخن، أطفالك يرون أباهم لا يصلي ويسمع الأغاني ويدخن باستمرار، زوجك يرفض النصيحة أحياناً تكبراً من أن يسمعها ممن هو تحت يده. وينهر أبناءه عند مناصحته بحجة الأبوة والعلم بالحرمة، انفصالك عن الواقع بتوهم العيش مع رجل صالح غير زوجك، تجنبك الجلوس مع زوجك، بدأتِ تكرهين تصرفات زوجك وشخصه، شعورك بالملل. أختي السائلة.. لا شك أن كل ذلك لم يكن وليد اللحظة وإنما له جذوره التي تعود في الغالب إلى بداية الزواج، ففي بداية الزواج. يميل كل طرف إلى المجاملة والتحكم بطباعه وما اعتاد عليه ليتطلع طباع الآخر وما اعتاد عليه، ومن ثم يحاول التأقلم مع الآخر بالتنازل أو دفع الآخر للتنازل أو إحداث حل وسطي. ومحاولة التأقلم تعتمد على أمور منها: درجة القبول والرفض، وأساليب تشجيع السلوك المقبول، أو أساليب إنكار وتغيير السلوك المرفوض. وهذا يعني أن لك إسهاماً في المشكلة التي تعيشينها مع زوجك، خاصة فيما يتعلق بالصلاة، إما من حيث درجة الرفض أو أساليب التغيير والإنكار.

فدرجة الرفض ينبغي أن تصل إلى الحد الذي يعي فيه الزوج أنها في النهاية مع إصراره على عدم الصلاة سوف تنتهي بنهاية العلاقة الزوجية. وفيما يتعلق بالإنكار لا بد من تبرئة الذمة وعدم العجلة بقطع العلاقة الزوجية. وإنما لا بد من التدرج ودفع الزوج بالوسائل الممكنة إلى القيام بواجب الصلاة. وعليك أن تفكري بالوسائل التي قمت بها سابقاً والوسائل الممكنة التي لم تستخدميها. خاصة وأنك ذكرت جوانب إيجابية تدل على قابلية الزوج للتغيير كما تدل على أنك قادرة على تغييره والتأثير عليه. من ذلك أن (زوجك إنسان طيب) ، (لا يقصر في واجباته المنزلية) ، (يحاول إرضاء رغباتك) ، (يعلم ولا ينكر وجوب الصلاة) ، (أطفالك في مدارس تحفيظ القرآن) ، (أمنيتك رجل صالح يعينك على نفسك) . فينبغي لك أختي السائلة أن تستغلي هذه الجوانب لتغيير زوجك. واجعلي من أمر الصلاة أهم رغبة لك. واستخدمي الوسائل التي تستخدمينها لدفعه لتحقيق رغباتك. وإذا لم تجد تلك الوسائل-مع أني أظنها كافية- فيمكنك الاستعانة بآخرين قادرين على التأثير عليه من أخ أو أب أو نحو ذلك بالطريقة المناسبة. أختي السائلة.. هل ما ذكرتيه من إيهام نفسك بأنك تعيشين مع رجل صالح مجرد خواطر تتحكمين بها أو تحولت إلى أفكار ذات سلطة على تفكيرك. ثم ما مدى الاندماج مع هذا الوهم. أنصحك أختي السائلة أن تعرضي الحالة على أخصائية نفسية قادرة للتعرف على مدى عمق المشكلة وتساعدك على التخلص منها. لكنني أنصحك ألا تتساهلي في ذلك فالخاطرة تتحول إلى فكرة والفكرة تتحول إلى عمل. وقد ينقل صاحب الفكرة فكرته الملحة إلى عالم التخيل والوهم عندما لا يستطيع تحويلها إلى عمل، فعليك بالحذر. واعلمي أن الله وهب الإنسان القدرة على التغيير، فلا تشعري بالعجز، ولا تستعجلي النتائج. ثم اعلمي أن النتائج بيد الله - سبحانه وتعالى-، وما عليك إلا بذل الجهد وعمل المستطاع. ومشكلة الإنسان من نفسه فعندما تواجهه المشكلة ما يعاني من ضغوط نفسية (أحدها الشعور بالذنب) تدفعه إلى أحد خيارين: مواجهة المشكلة والبحث عن حل لها أو الانسحاب منها إلى عالم آخر ينسى فيه مشكلته ويتجنب الشعور بالذنب. فيبدو أنك اخترت الانسحاب وتجنب الشعور بالذنب بتخيل العيش مع شخص آخر. ويؤكد ذلك ما ورد في آخر السؤال من التساؤل حول ما قد يلحقك من إثم نتيجة لذلك وهل تعد خيانة زوجية أن تتخيلي العيش مع غيره؟ وميلك إلى الإجابة أو توجيهها حرصاً منك على تجنب الشعور بالذنب. وكما قلت فإن الله لا يحاسب على الخواطر بل إن من خطرت له خواطر سيئة وتجنبها كان له أجر لأن ذلك من الجهاد. لكن المشكلة في حالتك وهي تحتاج إلى مزيد إيضاح أنها انتقلت من الخواطر إلى معايشة تخيلية تعيقك عن القيام بحقوق زوجك عليك. بل ربما تعيقك عن القيام بحقوق أبنائك عليك. فعليك أختي السائلة ألاّ تتهاوني بهذا الأمر. وفقك الله وسدد خطاك.

لم أعد أطيق زوجتي

لم أعد أطيق زوجتي المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 6/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي باختصار أنني وبعد أن تبت إلى الله توبة نصوحاً، وأنا على الالتزام حالياً، نسأل الله الثبات وحسن الخاتمة -بإذنه عز وجل-، أقول: مشكلتي أنني لم أعد أطيق زوجتي؛ لأنها على المنكرات اليومية، من تفويت لأوقات الصلاة بالنوم، ولا أعلم إن كانت تقضيها أم لا، فأنا نادراً ما أراها تصلي، فأقول: ربما تكون قد صلت كما تدعي, أيضاً ليلها سهر على الأحاديث غير المجدية، والغيبة، وما لا ينفع، ونهارها نوم، وتفويت للصلوات عن وقتها، تسمع الأغاني بشراهة، وتنام على أنغامها، وتقرأ المجلات الماجنة وتقتنيها، وتشاهد القنوات الفضائية، وبالذات الأغاني والأفلام، لا تحب البقاء في البيت، وترغب التسوُّق وزيارة الصديقات باستمرار، وتستعمل الجوال بصفة مستمرة، لدرجة إني أسدد ما قيمته 5000 إلى 6000 للفاتورة، عندها مالا يحصى من الصور، وتحب الرقص بالزواجات على نغمات الموسيقى، ولبس الكاسي العاري، ومن قبل التزامي أنا شخصياً أسرفت في زواجي، وتحملت الديون الثقيلة بالرغم من أن راتبي جيد، وصدق الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فيما معناه: "أبركهن أيسرهن مهوراً"، وقال أيضاً: "فاظفر بذات الدين تربت يداك"، أنا الآن أكرهها في الله، ولن أرضى بذلك كله، وسأعرض عليها الاختيار إما الالتزام على طريق الخير، أو اختيار طريق الشيطان والطلاق، أنا الآن مبتعث بالخارج، وسافرت وحدي، وتركتها؛ لبغضي لتصرفاتها وعدم تحملي لها، وكذلك لأرتاح، وبالرغم من ذلك أنفق عليها وأكلمها للمواصلة والاطمئنان؛ خوفاً من الله، وهي وافقت على مضض البقاء هناك من دوني. فما رأيكم؟ -والله يرعاكم-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم: نسأل الله لك الثبات حتى الممات، وأن يتقبل الله توبتك، ويجعلك ممن يبدل الله سيئاتهم حسنات، إنه على كل شيء قدير، ولا شك أن التوفيق بيد الله، وما على المسلم إلا أن يأخذ بأسباب النجاة له ولأهله، ومن ذلكم: (1) تذكر نعمة الهداية وأنها من الله - عز وجل- يمن بها على من يشاء من عباده. (2) الحرص على دوام التوبة واستمرارها، وذلك بفعل الطاعات، والبعد عن المعاصي، وجلساء السوء. (3) الإكثار من مجالسة الصالحين وأهل الخير، وقراءة سير الصالحين والتائبين منهم خاصة. (4) الإكثار من قراءة القرآن، وغير ذلك من الأسباب المعينة على دوام التوبة، نسأل الله لنا ولك الخاتمة المباركة. وجواباً عن سؤالك وما هو الواجب عليك تجاه زوجتك نوصيك بما يلي: (1) الأسباب التي أثرت عليك فتبت ربما تكون عوناً لك في سبيل توبة زوجتك. (2) تغيير معاملتك لزوجتك، وتقديرها واحترامها أكثر من قبل، والرفق بها، وإن كانت لا تزال على المعاصي. (3) الصبر عليها، وتحمل الأذى منها في سبيل إصلاحها، وتوجيهها، ومساعدتها على التوبة.

(4) صحبتها معك إلى زملائك وإخوانك أثناء زيارتهم، وخاصة من عرف عن زوجاتهم الصلاح، والدعوة، والرفق، وكذلك المحاضرات والدروس، وأماكن الطاعة ودور العبادة. (5) هذه الزوجة تشبه الغريق، وتحتاج إلى من يجيد فن السباحة، والقدرة على إنقاذها، وربما تكون إمكانياتك لا تتيح لك ذلك؛ نظراً لقرب توبتك وصلاحك؛ ولذلك أوصيك بالاستفادة من أهل التجربة والخير، ومعرفة طرق الدعوة العملية، والحرص على ذلك. (6) ترغيب زوجتك في أعمال البر والثواب عليها، ومن أعظم الأعمال الصالحة التوبة. (7) تعامل زوجتك كما هي، ولا تعاملها كما أنت، فإن الواقع في المعاصي ليس مثل التائب الراغب فيما عند الله. (8) تحتسب الأجر في دعوة زوجتك ودلالتها على الخير، وتصبر على ذلك، ولك الأجر العظيم من الله - تعالى-. (9) ذكِّر زوجتك بالسعادة التي تغمرك، والتي بحثت عنها طويلاً، وأنها في تقوى الله، والتمسك بالدين، والرجوع إلى الله. (10) أما بالنسبة لسفرك بدونها فيا حبذا لو صحبتها معك؛ فلعل ذلك سبب من أسباب توبتها، وذلك ببعدها عن صديقات السوء، ورفقاء المعصية، ولا يخفى عليك أهمية البيئة الصالحة وتأثيرها على العلاج والاستقامة، والذي أراه أن تتصل عليها، وتشعرها بأنك تأثرت كثيراً لسفرك بدونها، وأنك لا تستطيع البقاء بدونها، وغير ذلك مما تراه مناسباً؛ عسى أن يكون سبباً من أسباب الهداية. (11) الدعاء لها والإلحاح في ذلك فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء. (12) أن الهداية التي تملكها هي هداية الإرشاد والدلالة، وهداية التوفيق بيد الله - سبحانه وتعالى-، فعليك القيام بما أوجب الله عليك، والنتيجة ليست لك، قال الله -تعالى-: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" [القصص:56] . - وصلى الله على محمد-، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعاني فجور زوجها ... ولكن لا تريد تشتيت الأسرة

تعاني فجور زوجها ... ولكن لا تريد تشتيت الأسرة المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 22/11/1424هـ السؤال أنا مغتربة مع زوجي منذ 18عاما عانيت خلالها الكثير من المشاكل، تمكنت بفضل الله من التغلب على بعضها كعدم أدائه للصلاة، حيث وفقني الله بعد جهد كبير ومعاناة نفسية وقلق وتوتر ونصح تارة باللين وتارة بالشدة والحمد لله منذ خمس سنوات أصبح يؤدي الفروض، ولم أكن أرغب الطلاق لميزات كثيرة فيه، فهو لم يقصر يوماً بالمادة على بيته ولا بالرعاية الصحية لنا، وطيب ومتسامح ولا يمنعني من عمل الخير، ولكنه للأسف صامت ولا يشركني في آرائه أو مشكلات عمله، وصامت على طول ويتهرب من المواجهة أو الحوار والنقاش في شئون الأولاد، وتارك كل القرارات المنزلية لي، وبذلك أنا أشعر أنه لا يحترم عقلي وتفكيري مع أني إنسانة ذكية ومحبوبة وصريحة وواضحة، وأسعى إلى الأفضل في كل شيء، وهو مسرف ولا يعمل حساباً للمستقبل أبداً، وأنا معتدلة ومتوازنة. ب مشكلتي الرئيسية معه والتي دفعتني لطلب الرأي منكم، هي أنه يشرب الخمر ولا يستجيب لنصحي له؛ بل يصر ويقول لي لا تحاولي أبداً سيهديني الله يوماً ما، وأنا لا أطيق رؤيته على معصية؛ بل ويطلب مني أن أسهر معه مما يرهقني نفسياً وجسدياً، ويطيل المعاشرة الزوجية عدة ساعات، ويأتيني من الخلف أحيانا ولا يستجيب لرفضي. أحيانا أضغط على نفسي وأسهر معه، خاصة ونحن في بلد مفتوح والمغريات فيه كثيرة وسهلة، وهو مخلص لي ويحبني جداً، وأحياناً أتضايق وأنفر منه، فأنا طوال حياتي معه في قلق وتوتر بسبب المعاصي التي يرتكبها، وأعتبره قدوة سيئة لأبنائه، فهو لا يربيهم معي على الأخلاق الإسلامية، وابنتي في سن حرجة ومحتاجة إلى توجيهنا معاً، وابني على وشك الدخول في مرحلة المراهقة، وفي حاجة إلى توجيه ديني وأخلاقي وأسأل الله أن يوفقني على ذلك، وعندما ألومه أو أتضايق من تصرفه يذهب للسهر خارج المنزل ويأتي مع الفجر، لا أستطيع أن أستعين بأي شخص للتفاهم معه؛ لأنه عنيد وشخصيته قوية، ولن يستجيب لأحد، وهو يحذرني من ذلك، أصبحت أشعر بكراهية له رغم حبي وحناني له دائما، وهو يعترف بذلك ويقول عيبك أنك عصبية ومتسلطة على كل من في المنزل، وأنا والله أشعر أن رأيي سديد، وأريد من الكل أن يعمل به، وقد امتدت يده علي في إحدى الليالي، ويتلفظ علي بألفاظ قاسية، وأشعر أن حاله ازداد سوءاً، وأن الموضوع يوشك أن يفلت من يدي، وأنا لا أريد الطلاق من أجل أضراره الاجتماعية علي وعلى أبنائي ومستقبلهم، وهو لا يجبرني على البقاء معه ما دمت غير مرتاحة، علما بأنني تركت وظيفتي من أجله ومن أجل أبنائي، وأنا لا أريد تشتت الأسرة. أفيدوني أفادكم الله، وجعل هذا العمل خالصاً لوجهه وفي موازين حسناتكم يوم القيامة. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أسعد كثيراً حينما أرى أو أسمع نماذج لا يمنعها عيشها في المجتمعات المفتوحة من التمسك بدينها وقيمها ومبادئها، بل تصمد وتجاهد على مواجهة هذا العالم المفتوح بكل ما فيه من فتن ومغريات. وأنت أحد هذه النماذج، فها أنت تمتلئين هما وخوفاً على أولادك، وتجاهدين في سبيل تربيتهم تربية دينية صالحة بالرغم من سلبية زوجك!. لقد رأيتُ ورأيتِ أنت بعض المسلمين - هداهم الله- كيف ذابوا في تلك المجتمعات، فلم يعد يربطهم بالدين إلا الاسم وبعض العادات والتقاليد المرتبطة بمناسبات معينة!. فالحمد لله الذي منّ عليك بالهداية، وأسأله سبحانه أن يثبتك على طاعته، وأن يفتح على قلب زوجك، ويصلح لك ذريتك، فمشكلتك فيها عدة موضوعات تحتاج بسطاً فاعذريني على الإطالة. قبل أن أتحدث عن زوجك أود أن أتحدث عنك أنت: لا بد أن تعي جيداً أختي الكريمة أنك أنثى، وهذه الكلمة تنطوي على الكثير من معاني الرقة والنعومة واللطافة ... وهذه الصفات هي أسلحة المرأة التي تواجه بها قوة الرجل وسطوته وجبروته، فلو واجهته بأسلحته فسوف تخسر المعركة، -ولا شك- لأنها لا تملكها، ولكن لو استخدمت أسلحتها بذكاء لكان لها فرصة كبيرة لكسب النتيجة. ومن خلال قراءتي لسؤالك عدة مرات شعرت أن هذا الجو القلق الذي تعيشين فيه أثر على نفسيتك وبالتالي تعاملك مع زوجك، فأصبحت تتعاملين معه كما يتعامل الأستاذ مع التلميذ الكسول، أو الشرطي مع اللص، توبيخ، لوم، تقريع، تأفف صراخ، عصبية، ... إلخ، من القاموس النكد الذي يقلب حياة الرجل الطبيعي، فما بالك بمن هو مثل زوجك؟!. لا تتوقعي أن هذا الأسلوب - مهما وجدت له من المعاذير - سوف يصلح زوجك ويغير حياته، فها هو زوجك نفسه يدلك على أصل المشكلة، ولكنك لم تنتبهي لها (عيبك أنك عصبية ومتسلطة على كل من في المنزل) ، ومعنى ذلك أنك مجموعة من الصفات الإيجابية لا يكدرها إلا هاتين الصفتين، ولولاها لكنت في نظره امرأة كاملة!! هذه هي الرسالة التي يريد أن يوصلها لك، كيف يمكن أن يشركك في آرائه ومشكلاته وهموم عمله، أو يناقشك في هموم الأولاد ومتاعب الحياة والتخطيط للمستقبل وأنت (عصبية ومتسلطة) ؟! ضعي نفسك مكانه، لو كانت إحدى صديقاتك بهذه الصفة هل ستعاملينها بما تطلبينه من زوجك؟، ثم إنك كما ذكرت في مجتمع منفتح فإن هرب منك فما أسهل أن يقع في أحضان الكثيرات ممن تمتلئ بهن شوارع الليل!!. لا يمكن أن تجدي التجاوب حتى تكوني له الحضن الدافئ الوحيد الذي إذا وضع رأسه عليه تبخرت كل الهموم التي تحتمل في رأسه، لا بد أن تجعليه يرى ألا غنى له عنك، وأنت الملجأ بعد الله الذي يلجأ إليه، وأنت الأمان الذي يأوي إليه، ولا يكون ذلك إلا حينما تستخدمي أسلحتك المعطلة: لطفك، رقتك، زينتك، نظراتك، الحنونة، كلماتك الدافئة..إلخ. وسوف تؤتي هذه الوسائل ثمارها مع زوجك فأنت قد وصفتيه بأنه: - يؤدي الصلاة المفروضة. - كريم لا يقصر في المادة. - متسامح. - لا يمنعك من عمل الخير. - مخلص لك. - يحبك جداً.

وهذه الصفات كلها تؤكد أن التأثير عليه سهل، ولكن حين تعرفين كيف؟ أخشى أنك تقولين الآن: ما باله وضع اللوم كله عليّ؟ صدقيني أنا لا ألومك أبداً، أنا أضع على مكان الجرح وأشخص لك الحالة وأرشدك إلى العلاج المناسب الذي أراه، جانب مهم آخر يجب أن تنتبهي له وهو ترتيب الأوليات في مشكلاتك. أحياناً في خضم الهموم التي يعيشها الإنسان في يومه تختلط عليه الأوليات فيعالج الأسهل، ويستنفد طاقته فيها ويترك الأهم والأعظم، أراك راعيت هذا الجانب حينما استطعت بعد جهد كبير ومعاناة نفسية وقلق وتوتر ونصح تارة باللين وتارة بالشدة، أن تجعليه يحافظ على الصلوات الخمس، وهذا أعتبره إنجازا كبيراً. بقي أمر مهم وهو أولادك بأن تجعليهم الآن أولوية في حياتك، فلا تؤثر معاناتك مع زوجك على تربيتك لهم، وأسلوب تعاملك معهم، أرأيت لو كتب الله على زوجك الوفاة، - لا قدر الله- ألا تكرسين حياتك لهم؟ هذا ما أريده أن يسيطر على مشاعرك الآن، وأن تهبي حياتك لأولادك وتفرغي قلبك من الهموم وعقلك من المشاغل لتحقيق هذا الهدف السامي (تربية أولادك تربية إسلامية صحيحة) ، وأن تغمريهم بحنانك فلا يذهبوا للبحث عنه في الخارج، وأن تكوني لهم صديقة يبوحون لك بأسرارهم وهمومهم ومشكلاتهم، وأن تشاركيهم أفراحهم وأحزانهم، وتربطيهم بالله تعالى وحبه والخوف منه ومحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم- والصالحين من عباد الله، وأن توصلي إليهم الكتب والأشرطة المؤثرة، وغيرها كثير من وسائل التأثير. أعود إلى زوجك وأنصحك بما يلي: (1) ما دام زوجك في حالته الطبيعية فاحرصي كل الحرص ألا يرى منك إلا كل حسن سواء في المظهر أو في التعامل والكلام، فقد يكون الأمر صعباً عليك خاصة في البداية ولكن لا علاج بدون جهد وصبر. (2) إياك أن تجالسيه على معصية، أو تستجيبي له إذا دعاك إلى معصية، فإذا شرب الخمر فأخبريه أنك لا ترضين بذلك، وأنها كبيرة من كبائر الذنوب، وأن من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، وأن من شرب الخمر سقاه الله من ردغة الخبال وهي عصارة أهل النار انظر ما رواه البخاري (5575) ومسلم (2003) من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - فإن أبى فلا تجلسي معه عليها، فرضا الله - سبحانه - أولى من رضاه حتى إن خرج من البيت ولم يعد حتى الفجر، وقد نهانا الله تعالى عن الجلوس مع من يقارف المعصية. وإذا طلب أن يأتيك من الدبر (مخرج الغائط) فلا تستجيبي له أبداً مهما عمل، فهي معصية كريهة بذيئة نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. (3) احرصي على الموعظة الحسنة بتخويفه من الله وغضبه، وأليم عقابه، وإن استطعت أن تقرئي عليه آيات وأحاديث في تحريم الخمر، وبقية أفعاله التي تخالف أمر الله - تعالى -، فإن الوعظ بالكتاب والسنة له أثر بالغ في النفس، وإن لم يظهر لك الآن. (4) احرصي كل الحرص ألا تظهري خلافاتك مع زوجك أمام الأولاد، أو أن تناقشيه في أفعاله أمامهم، فلذلك أثر سيئ على نفسياتهم.

(5) لا تظهري التعصب لآرائك أمامه، وإن كنت تشعرين أن رأيك سديد وترين أن يعمل الكل به، فإن كنت مقتنعة بذلك فليس بالضرورة أن يكون لدى غيرك نفس القناعة، بل اطرحيها على شكل مشورة إن قبلها فحسن وإلا فقد أديت ما عليك، فإن التعصب للرأي يولد نفس الموقف لدى الطرف الآخر، فيتعصَّب لرأيه أيضاً. (6) عليك بالدعاء فكم هم فرجه وعسير يسره وبعيد قربه، خاصة في أوقات الإجابة وبإلحاح على الله تعالى، فإنه قريب مجيب سبحانه وتعالى. أسأل الله أن يجمع شملكم على طاعته، وأن يثبتك ويهدي زوجك ويصلح ذريتك.

زوجتي وأهلها غير ملتزمين

زوجتي وأهلها غير ملتزمين المجيب جماز عبد الرحمن الجماز مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 29/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. تزوجت زوجة من أسرة شديدة البعد عن الله، التزمتُ والحمد لله بعد زواجي منها مباشرة، وزوجتي شديدة البعد عن الله بحكم ما زرع فيها أهلها، وهم يعارضوني في كل شيء ويؤثرون عليها كثيرا مما يعوق هدايتها واستماعها لنصحي، طلقتها بعد أن تعبت كثيرا في المحاولة معها لمدة سنتين، لكن ارتباطها الشديد بأهلها أعاق ذلك، لدي منها طفل رضيع أخشى عليه منهم، أعلم بأن فيها خيرا كثيراً، مستعد لردها قبل العدة والصبر عليها، ولكني أخشى أن أحمل وزرها بحكم قوامتي، فهل حقا أحمل أثم أفعالها بالرغم من محاولتي معها أن رددتها أفيدوني بأسرع وقت أرجوكم قبل انتهاء العدة. الجواب الحمد لله رب العالمين وبعد: فنرى لك إرجاعها قبل نهاية العدة، ورجعتك إليها يحصل بقولك: راجعتك، أو راجعت زوجتي فلانة، أو بجماعها، أو كلاهما معاً. ويحتسب عليك طلقة إن كانت هذه هي الطلقة الأولى كما هو الظاهر في سؤالك. ولم يبق لك إلا طلقتان. وهذا الكلام إذا ثبت طلاقك لها كما في السؤال. ونقترح عليك، إعادة المحاولة مرة أخرى في سبيل إصلاحها، ولعل طلاقك لها، قد أعطاها درساً هو آخر الدواء - إن شاء الله -. ومتى كنت جاداً، فعليك بالآتي: 1. استعن بالله - عز وجل -، ولا تعجز، وفوّض أمرك إلى لله، وادعه دائما أن يسددك ويوفقك ويصلح زوجتك وذريتك. فالدعاء سلاح غفل عنه الكثير. 2. إذا أرجعتها، فأشعرها بحبك لها، وأنك راغب فيها، وامدحها بصفات هي فيها. 3. أطلب منها أن تتعاون معك، وأن أمنيتك الوحيدة في الدنيا هي هدايتها واستقامتها. 4. خلصها من صديقات السوء، وأبدلها بصديقات طيبات خيرات يرتبطن بها من خلال معرفتك بزملائك الأخيار؛ لأن تأثير المرأة على المرأة أقوى من تأثير الرجل على المرأة، ولو كان زوجها أو والدها. 5. لا تجعلها عند أهلها كثيراً، كن لها في مقام أهلها، أشعرها أنك جزء منها، أجلس معها كثيراً، إسمع منها كثيراً، تبادل معها الأحاديث كثيراً، مرضها إذا مرضت، اخدمها إذا احتاجت. 6. لا يكن لديها فراغ، أشغلها بما يعود عليها بالنفع [قراءة+كتابة+حياكة+صنعة] ، واهتم أن يكون ذلك في تخصصها أو ميولها، ولا تتخلى عنها، ساعدها وشجعها. 7. أخرج من بيتك الحرام [مقروءا + مسموعا + مشاهداً] واستبدله بالحلال مهما كانت الظروف والأحوال، والآن توفرت وسائل التسلية الحلال. 8. حاول أن تسكن قريباً من أناس مستقيمين متدينين، وابتعد عن السكن قرب أهلها أو أماكن تخشى فيها على دينك وأخلاقك. 9. عاملها بلطف، لا تكن قاسياً في الأمر والنهي، لا تفتش عن كل صغيرة، لا تسأل عن كل تافه، لا تفهم منك أنك متشدد، تريد كل شيء لا غبار عليه، أرضى باليسير. فسوف تجني الكثير الكثير، ولو بعد حين. 10. لا تقتر عليها في أكلها أو شربها أو ملبسها أو زيارتها، ابذل ما تقدر عليه بالمعروف، وسع عليها للمصلحة التي ترجوها، ولو كان الأفضل تركه.

11. روى مسلم (1469) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر". يعني: لا تبغض الزوجة، إن كرهت منها خلقاً فلها حسنات كثيرات وأخلاق جميلة، هذا أصل في المعاملة والعشرة الزوجية، وهي كذلك لو كرهت منك خلقاً رضيت منك بأخلاق أخرى حميدة. 12. أخرج بها منزها في أماكن محتشمة، وأشبع ما لديها من تطلعات، لا تجدها إلا عند أهلها [نزهة + أكل وشرب + ولائم + أحاديث محددة + لقاء بقريبات لها....] . 13. اجعل لتطبيق هذا العلاج مدة شهرين أو ثلاثة، واصبر على ما يصدر منها من مخالفات ومنكرات، وحاول أن تخفف منها في سبيل إصلاحها، ولا يغيرك ما فعلت هي، أستمر في العلاج. 14. إذا لم ينفع شيء مما سبق، فابحث عن رجل صالح، أو امرأة صالحة، من أهلك أو أهلها، ليعظوها ويذكروها بالله- عز وجل -. 15. إذا أعيتك الحيل، ورأيت أنك بذلت جهداً كبيراً من أجل إصلاح زوجتك، ولم ينفع شيء، استخر الله - عز وجل - واطلب الخِيَرة. 16. الاستخارة أن تصلى ركعتين نافلة، كالنوافل المعتادة، وبعد التشهد وقبل السلام تدعو بدعاء الاستخارة المشهور الصحيح "اللهم إني أستخيرك بعملك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر [بقاء زوجتي فلانة معي واستمرار الحياة معها] خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به". وأقرأ ما شئت في الركعتين، ولا يسن سور معينه، وصل صلاة الاستخارة مرة واحدة، وبعدها افعل ما بدا لك، انشرحت له نفسك أولاً، فإن فيه الخير لك، لو كنت تعلم هذا. 17. اعلم أن دينك وصلاح ذريتك، أعز عليك من زوجتك، وأخلاقك وأخلاق ذريتك أغلى عندك من كل شيء. 18. إن قدر الله فراقها، فليكن تركك لها لوجه الله - عز وجل -، تخشى الإثم من استمرارها معك، وأنت قادر على مفارقتها وهي مقيمة على المعصية، إذ أنه لا يجوز لك اتخاذها زوجة وهي بهذه الصورة من اقتراف المعاصي وأنت تجد غيرها. وإنك إن أبقيتها وهي على ذلك، فسوف تعض أصابع الندم، ولو بعد حين. 19. قد يكون ذلك صعباً عليك؛ لأنك ترى أن زوجتك ليس مثلها أحد في جمالها، أو حسن منطقها، أو جودة لباسها عليها أو...... ولكن خذها:- سوف تتزوج بامرأة أخرى، تفوق زوجتك هذه، جمالاً وحسن منطق وحسن أدب وحسن سيرة، وصاحبة خدمة، وخير زوجة لخير زوج، وسوف تحمد الله - عز وجل - على ما أنزل بك من مصيبة، وأنها كانت خيراً لك وأنت لا تعلم وهذا معني قوله- صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه "إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله- عز وجل - إلا أعطاك الله خيراً منه" رواه أحمد (20739) والبيهقي في السنن الكبرى (5/335) . وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

زوجتي متبرجة

زوجتي متبرجة المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 18/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي زوجة عاصية، متبرجة ولا تريد لبس العباءة، وحاولت معها شتى الطرق وإن كنت شديداً قالت طلقني، ولدي منها ثلاثة أولاد، وقد مضى على زواجنا عشر سنوات، ولا تحب الخوض في الدين ولا النصيحة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الزوجة هي شريكة الرجل في الحياة، والرجل هو الذي بيده القوامة على النساء قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض" [النساء: 34] ، لذا عليك النصح لهذه الزوجة بأن الدين يأمر بالحجاب والستر؛ وبيان الأدلة الدالة على ذلك، وأن عمر الإنسان مهما طال فقصير، ثم يوضع الإنسان في حفرة ويحثى عليه التراب؛ لذا على الإنسان أن يسعى للعمل الصالح، فالتذكير بمثل هذه الأمور قد يجدي، فإذا لم تستجب فلا بد من الأمر بذلك والحزم على مثل هذه الأمور الواجبة شرعاً؛ لأن "الرجل راع على أهل بيته ومسؤول عن رعيته" كما في الحديث الذي رواه البخاري (893) ومسلم (1829) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وإذا لم تستجب اعتبرت امرأة ناشزة، تعامل كما تعامل المرأة الناشزة، فبعد النصح الهجر ثم الضرب "ضرب غير مبرح"، من المجدي أن تجعلها مع صديقات أو جارات صالحات يؤثرن عليها، فالصديق له دوره الإيجابي في ذلك. كذلك جلب الأشرطة والكتيبات الدالة على فرضية الحجاب، وأنه ملزم ولا يرجع فيه لهوى النفس، أيضاً منعها من بعض الأشياء التي تحبها في مقابل عدم الاستجابة للبس الحجاب، وقبل هذا كله عليك بالدعاء لها بالهداية، وأن تكون زوجة صالحة ومربية ناجحة لأولادك؛ فقد قال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة:186] فهو خير مسؤول، فما يدريك قد يستجيب الله لك فتتغير الحال. أسأل الله ذلك.

زوجتي ليست ملتزمة!

زوجتي ليست ملتزمة! المجيب د. عبد العزيز الصمعاني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 18-2-1423 السؤال الإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته زوجتي ليست ملتزمة بينما أنا ملتزم، هي تستمع إلى الأغاني.. وتنظر إلى الرجال الأجانب بكثرة..!!! خصوصا الذين لهم حظ من الجمال..!! ولكني لم أرد التسرع في معاقبتها، فما هي الطريقة المثلى للتعامل في تلك الحالة؟ الجواب أخي الفاضل.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في البداية أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد..أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- إن التوافق بين الزوجين في الفكر والالتزام ولو لم يكن بنسبة كبيرة ضروري جدا لاستمرارية الحياة الزوجية دون خلافات مؤثرة، ولعل ما واجهته يكون خبرة لك تفيد بها مستقبلا من يريد الزواج ويكفي قول النبي صلى الله عليه وسلم.. (فاظفر بذات الدين تربت يداك.) أما حب استماع الأغاني ومتابعة المطربين فهي مشكلة ليست بسيطة حيث أن مثل هذا العمل قد يؤدي إلى عمل منكر آخر مثل نظر المرأة إلى الرجال الأجانب لذلك أعتقد أن استماع زوجتك للأغاني قد يكون سبب نظرها إلى الرجال الأجانب فلو حاولت تربية زوجتك وإقناعها على عدم الاستماع إلى الأغاني لانتهت المشكلة الأخرى وهي النظر إلى الرجال الأجانب. إذا دورك الآن هو مساعدة زوجتك، بالتربية، لتصل إلى فكرك والتزامك وهو تجنب الحرام، والاستماع إلى الأغاني حرام كما ذكر علماؤنا، وأنا ذكرت كلمة التربية قصدا لأشير أن العلاج يحتاج إلى وقت وعوامل تساعد على ذلك. ومن أسباب الاستماع إلى الأغاني عدم معرفة الحكم الشرعي الصحيح وضعف الوازع الديني والفراغ ووجود مسوغ للاستماع إلى الأغاني مثل وجودها بكثرة في بيئة الشخص وهكذا. نصيحتي لك أن تأخذ بالاعتبار أولا أن كل شخص فيه نقص أو سلبية معينة، ولكن النقص يختلف بحجمه وسوءه من شخص لآخر ثانيا وهي مهمة أن ملاحظة استماع الأغاني عند زوجتك قد لا تلام فيه كل اللوم لأنها قد تربت على ذلك قبل الزواج ولم تجد فرصة كافية لمعرفة الخطأ وحجمه. لذا أنصحك أن تبحث عن العوامل أو الأسباب التي دفعت زوجتك إلى الاستماع إلى الأغاني أو النظر إلى الرجال الأجانب لإزالتها أو تجنبها مع محاولة النصح والإقناع أن هذا العمل بالإضافة إلى أنه لا يجوز شرعا فهو لا يساعد كذلك على تقوية العلاقة والحب بينكما لأنك لا ترضاه لزوجتك والتي بالمقابل لا ترضى لك أن تفعل شيئا تكرهه هي أو يثير غيرتها مثلا. ولا أنسى أن أذكرك دائما بالدعاء الذي ينبغي أن يسبق أي عمل تجاه هذه المشكلة أو غيرها. ملخص ما ذكر: 1-التوافق بين الزوجين في الفكر أو الالتزام أمر ضروري. 2-حب استماع الأغاني ومتابعة المطربين قد يؤدي إلى عمل منكر آخر. 3- العلاج تربوي وبالتالي يحتاج إلى وقت كافي. 4- أسباب الاستماع إلى الأغاني..!!! 5-أن كل شخص لا يخلو من نقص أو سلبية معينة 6- قد لا يلام الشخص وحده في بعض الملاحظات. 7-البحث عن العوامل أو أسباب ذلك الخطأ. 8-الحجة والإقناع. 9- الدعاء. وفقك الله ورزقك الذرية الصالحة.

أنا بين خيارين مرين: نزع الحجاب أو الطلاق!

أنا بين خيارين مُرَّين: نزع الحجاب أو الطلاق! المجيب د. نذير بن محمد أوهاب باحث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 21/05/1426هـ السؤال أنا متزوجة منذ سبع عشرة سنة، ولدي بنت، وزوجي يعتني بي وببنتي، يعاملنا بلطف -والحمد لله-. والآن يقول: إنه سيطلقني؛ والسبب في ذلك أنني ألبس الحجاب. صحيح أنني لم أكن ألبس ذلك عندما تزوجني، ولكن -الحمد لله- الآن أرتدي الحجاب بدون أي إشكال، إلا أن زوجي يقول: إن الحجاب ليس بواجب في الإسلام، وعليَّ نزع الحجاب إذا كنت أرغب في البقاء معه، وإلا سيطلقني، فهل أطيع زوجي وأنزع الحجاب، أم أستمر في لبس الحجاب ويطلقني؟ هو لا يصلي منذ عدة سنوات، وأنا سئمت نصحه والتغاضي عنه، فهناك انقطاع بيننا على جميع المستويات، لكنه لم يغادر البيت بعد. يشرب الخمر والدخان ويرجع إلى البيت في ساعات متأخرة، مع أن عمره يزيد عن الخمسين سنة. وقبل أيام قال لي: إننا سنذهب إلى القاضي، أو عليَّ أن أنزع الحجاب. أحبه جيداً، وأحب الاحتفاظ على أسرتي كما كانت، لكني أحب الله أكثر. أرشدوني ماذا أفعل، وجزاكم الله خيراً. الجواب يعتقد الإنسان أحياناً أن فراقه لشخص يحبه، أو تحوّله عن مكان ألفه، أو فقدانه لشيء اقتناه لمصلحته، واغتبط به ... أن ذلك نهاية سعادته، وبداية مأساة لا يعرف عواقبها، وقد أثبتت التجارب أن مثل هذا الشعور الذي يسيطر على المرء، والناتج عن طبيعة بشرية مليئة بالعواطف والمشاعر الحساسة، هو إحساس سرعان ما يزول ويتلاشى متى ما دخل الإنسان تجربة أخرى، وقد يجد نفسه في وضع أفضل من ذلك الذي كان يعيشه متى كانت المنغصات في الأول لا تفارقه، والضغوط النفسية متحكِّمة في حياته، والخوف على مستقبله، ومستقبل أولاده -من سوء العواقب- مسيطر على تفكيره، وأي خوف أشد على دين الإنسان، وتعريض فلذة كبده لما لا تحمد عواقبه في الدنيا والآخرة. أختي المؤمنة.. إن الحال التي وصفت بها زوجك -إن لم يكن منها سوى تركه للصلاة، وتعاطيه المسكر (الخمر) بالصورة التي ذكرت في السؤال، والتي يفهم منها تضييعه لزوجته، وإهماله تربية ابنته، والحال أنكم تعيشون في الغرب، حيث الغربة غربتان - جدير بالانفصال عنه، وطلب الطلاق منه، لا خوفك أنت من مبادرته هو بالطلاق؛ ذلك أن تركه للصلاة بالكلية -مع نصحك له- قد كفر به عند طائفة من العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" أخرجه الترمذي (2621) ، والنسائي (463) ، وابن ماجة (1079) . وقوله صلى الله عليه وسلم:" بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم (82) . ومن لم يكفر بها فهي كبيرة من كبائر الذنوب التي يستتاب منها، فإن تاب ورجع وإلا قتل، وقد قال عمر -رضي الله عنه- في من ضيَّع الصلاة لا في من تركها:"إنه لما سواها أضيع"، وهل هناك أضيع من تعاطي المسكر، ودخول البيت مع الفجر مع انسلاخ عن تربية الأولاد، وعدم الاكتراث لمصيرهم ومستقبلهم؟!

وأمر زوجك لم يتوقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى مصادرة حريتك في تدينك المكفول حتى من الكفار، حين يطلب نزع الحجاب، فهو يأمر من تحت يده بمعصية الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إنما الطاعة في المعروف" أخرجه البخاري (7257) ، ومسلم (1840) ، وفي رواية أخرى:"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1095) ، وتبجحه بعدم وجوبه في الإسلام، كلام تافه صادر من جاهل بأحكام الإسلام، وقد يكون مقلداً لبعض من زلَّت بهم الأقدام في هذا الباب، قال تعالى:"يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" [الأحزاب: 59] ، وقوله تعالى:"وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... "الآية [النور: 31] ، قالت عائشة رضي الله عنها:"لما نزلت هذه الآية شققن مروطهن فاختمرن بها". رواه البخاري (4758) . والظاهر من سؤالك أنك تدركين ذلك؛ بدليل تمسُّكك بالحجاب، وحبك لله -تعالى- وطاعته، وخوفك من مخالفة أمره. ثبتك الله على الحق، وفرّج عليك، ورزقك من يملأ حياتك سعادة وفرحاً. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

زوجي يأمرني بالنقاب وعملي يهددني بالإقالة

زوجي يأمرني بالنقاب وعملي يهددني بالإقالة المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 30/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الرجاء المساعدة فأنا في مشكله كبيرة، حيث إني أعمل كمحاسبة بمؤسسة دولية لتشغيل اللاجئين، وأنا متزوجة بشاب ملتزم، ويريد مني أن ألبس النقاب، وأنا مقتنعة بذلك، ولكن إن ارتديته سيتم إقالتي من العمل، مع العلم أن زوجي عاطل عن العمل. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الواجب ستر الوجه عند الأجانب، ورضا الله لا يعدله شيء، والتفريط في مرضاته واستعراض غضبه ومقته لا تعدلها خسارة، والرزق بيده سبحانه، ولا ينبغي من مثلك -في إيمانها وعفتها وديانتها والتزامها بدينها- أن تفرط في شيء من شعائر الإسلام الواجبة خشية فقر أو حرمان رزق؛ فالرازق في السماء، وهو الواهب الواسع المتفضل، ومن يتّقه ويصبر يعوّضه خيراً، ويرزقه من حيث لا يحتسب، فالتزمي الحجاب الشرعي الصحيح، ولا يستهوينك الشيطان ويخوفك حرمان رزق أو فقدان وظيفة، وما يدريك لعل ما تحسبينه من حرمانك الوظيفة بارتداء النقاب اليوم مجرد أوهام وظنون خاطئة، فأطيعي في الله زوجك الذي لم يأمرك إلا بمعروف وطاعة واجبة. وفقك الله.

كيف أتعامل مع كذب زوجي؟

كيف أتعامل مع كذب زوجي؟ المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 17/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. كيف أتصرف عندما أكتشف أن زوجي يكذب، لقد اكتشفت ذلك في عدة مواقف ومن ثم صرت أشك في كلامه ولا آخذه كله على محمل الجد، بل أتساءل بيني وبين نفسي يا ترى أين الجزء الصحيح وأين غير الصحيح في كلامه؟ تعبت من شكي في صدقه، مع العلم أنني كنت أثق بكلامه إلى أن اكتشفت وصدمت أول مرة بأنه سافر إلى مكان آخر غير الذي أخبرني به، وعندما واجهته لأعرف سبب خداعه لي برر موقفه بأنه يريد أن يرضيني، وكان يعلم أنني لم أكن أريد له أن يسافر، إذا اختار طريق الكذب تجنباً لأي خلاف معي، المشكلة أن يستسهل الكذب (الأبيض) لحل العديد من الأمور، لذلك صرت أشك في أنه يخدعني في بعض الأمور، ولكن لا أملك الأدلة، تعبت أعصابي من التفكير والتحليل بأسلوب بوليسي لأكشف الغموض والتكتم الذي يحيط نفسه به، فهل المشكلة عندي بأنني شكاكة؟ أم عنده بأنه يكذب؟ والمهم هو كيف أتعامل مع أسلوبه؟ هل أمر حكيم أن أواجهه دوما، أم الأفضل أن أتجاهل الأمر؟ ولكنني لا أريد أن يستغفلني ويشعر أنه تمكن من خداعي، ما هي أفضل وسيلة للتعامل مع شخص يكذب؟ وذلك قبل أن أفقد احترامي له، أتمنى معرفة طريقة عملية بإعطائي أمثلة لو أمكن، مثلا: عندما طلبت منه إحضار شيء معين، وادعى أنه لم يجده، ثم اكتشفت أنه موجود في ذلك المكان الذي ذهب إليه، فكيف أواجهه؟ طبعاً هذا قد يبدو مثلا سخيفا بعض الشيء ولكنه أمر يتكرر، فأرجوكم ساعدوني وانصحوني قبل أن تنهار أعصابي، وقبل أن تتغير نظرتي له وأفقد احترامي له. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي الكريمة- وفقها الله لكل خير- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الذي أراه ألا تكوني واضحة تماماً أمام أسلوب تعامله، بل أظهري له بأنه على حق في غالب أموره، فلا تواجهينه بالمكاشفة والمتابعة حتى تضطرينه إلى التحدي ثم إعلان قراره النهائي، فربما يقول بصراحة: نعم كذبت ونعم فعلت، فماذا ستفعلين معي؟ وربما يلجأ إلى شيء أشد وأعظم فيضرك وتكونين أنت السبب؛ لأنك جعلت من نفسك رقيباً ومحاسباً دقيقاً على أعماله وتصرفاته. فاقبلي منه قوله ولا تحرجينه، لكن كوني على حذر إذا كان الخبر فيه مضرة مباشرة عليك، أما إذا لم يكن فيه ضرر عليك فلا تهتمي كثيراً، والذي يظهر أنك أنت فعلاً شديدة الحساسية وكثيرة الشكوك، فلا تتعبي نفسك، ولا تكوني سبباً لفقد ثقة زوجك بك، فإن ظهر لك شيء من كذبه دون متابعة منك، وملاحقة فلا تظهري الشماتة به إنما اعذريه ومع ذلك انصحيه بلطف ورفق، ولا تكثري اللوم له، وإن كان الشيء الذي حصل منه وكذب فيه من الأمور المحرمة فخوفيه بالله وفي نفس الوقت حبِّبي له التوبة والرجوع إلى الله، وإذا طلبت منه - مثلاً- شيئاً معيناً ثم أخبرك بأنه لم يجده قولي له لا بأس سأبذل جهدي أنا لإحضاره فلعلك لم تعرف مكانه، عندها سيضطر إلى التخلص من أسلوبه هذا. والله أعلم.

زوجتي تريد أن أحلق لحيتي

زوجتي تريد أن أحلق لحيتي المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 24/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. جزاكم الله خيراً على مجهودكم في نشر الخير بين الناس، وجعله في ميزان حسناتكم. فضيلة الشيخ سؤالي: أنا حديث عهد بالزواج، وقد فتح الله علي بإعفاء لحيتي؛ وذلك أسوة بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن هذا أدَّى إلى نفور زوجتي مني، وأنا في حيرة من أمري، هل أستمر بإطلاق لحيتي أم أخفف منها؟ وذلك بناءً على رغبة زوجتي التي بدأت تتأذى من هذا الموضوع، وهل حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم - بقوله (امش وراء الأسد ولا تمش وراء المرأة) يُعمل به في ركوب السيارة، أي هل من الأولى أن تركب المرأة من الأمام إلى جانب زوجها وخلفها رجل آخر، أم تركب في الخلف والشخص الغريب يركب أمامها؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على الهادي البشير، والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. إلى الأخ السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، ومرحباً بك أخاً في الله على طريق الحق والدعوة إلى الله، ونتمنى منك دوام المراسلة والاتصال بالموقع. ثانياً: أشكر لك الدعاء للقائمين على الموقع، ونقول لك وجزاك الله خير الجزاء. لقد قرأت رسالتك وسرني جداً التزامك وإعفاءك للحيتك اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم- نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يجنبنا وإياك مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، كما نقدم لك التهنئة على زواجك، والله أسأل أن يكون زواجاً مباركاً طيباً بإذن الله. لكن بالنسبة لسؤالك بأن زوجتك تنفر منك بسبب إعفاء لحيتك، فيجب عليها أن تتقي الله في نفسها، وتعلم أن إعفاء اللحية واجب على كل مسلم، وهذه هي سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم- وكذلك سنة الأنبياء صلوات الله عليهم جميعاً من قبله، ونحن قد أمرنا بالاقتداء والتأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم-، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر: 7] ، وقوله تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" [الأحزاب: 21] . فيجب عليك -أخي الكريم- ألاَّ تلتفت إلى كلامها، وتذكِّرها بالله، وأن هذا الأمر لا يجوز، فلا يحل لك بحال من الأحوال أن تأخذ من لحيتك فضلاً عن حلقها إرضاءً لزوجتك، فرضا الله مقدَّم على رضا من سواه من البشر كائناً من كان، وحب الله وحب ما يحبه الله مقدَّم على حب زوجتك قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" [آل عمران: 31] ، وكذلك لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم-.

فعليك أخي الكريم أن تقدِّم حكم الله وأمره، وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم-وسنته على كل شيء حتى لو كانت زوجتك، نسأل الله لنا ولك ولها ولسائر المسلمين حسن الاتباع والاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ولا يمنع كذلك أخي الكريم أن تحضر لزوجتك بعض الكتب والأشرطة الإسلامية، والتي تتحدث عن وجوب التمسُّك بالسنة واتباع النبي - صلى الله عليه وسلم- بكل ما أمر به، وكذلك الكتب التي توضح لها حكم إعفاء اللحية؛ حتى تكون على بيِّنة من أمرها، وكذلك عليك بالدعاء لها بأن يهديها الله للحق، هذا والله أعلم. أما بالنسبة للحديث الذي ذكرته ونسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو "امش وراء الأسد ولا تمش وراء امرأة" فهذا ليس بحديث، ولكنه روي من قول سليمان بن داود -عليهما السلام-، كما في الزهد للإمام أحمد (ص40) . وعلى ذلك فيكون سؤالك عن ركوب المرأة بجوار زوجها في السيارة، وركوب رجل آخر خلفهم أو العكس، فالذي أراه - والعلم عند الله- أن الرجل يركب في الأمام والمرأة في الخلف، لنصوص عامة، منها قوامة الرجل على المرأة، والثاني هذا أستر للمرأة حتى لا ينظر إليها الرجل الأجنبي عنها، الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- جعل صفوف النساء في الصلاة خلف الرجال، وعلى هذا يقاس ذلك، الرابع: قد ورد في كتب التفسير أن سيدنا موسى عليه السلام لما أتته إحدى المرأتين تمشي على استحياء، وطلبت منه أن يذهب معها إلى أبيها، طلب منها عليه السلام أن يمشي أمامها ثم ترشده إلى الطريق؛ حتى لا ينظر إليها، هذا ما يظهر لي في ذلك والله أعلم. وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يقسو عليها ويصدها عن الاستقامة

يقسو عليها ويصدها عن الاستقامة المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني التاريخ 17/11/1425هـ السؤال مررت بحياة قاسية، فقدت والديَّ في لحظة واحدة في حادث سير، ومررت بظروف نفسية صعبة، وأشدّ ما عذَّبني أنني لم أكن بارة بوالديَّ، كما ينبغي، لجهلي، وأمور أخرى كثيرة، ولم أكن أرتدي الحجاب، إنما كنت سافرة متبرجة، وكنت على قدر كبير من الجمال، تزوجت على أمل أن الشخص الذي سأتزوجه سأشعر معه بالأمان والحب والحنان، فجاء الأمر أقسى وأمر، فعشت معه ذليلة، مكسورة، حتى عندما فقدت والديّ، وكان قد مضى على زواجي سنة واحدة، ازداد معي ظلمًا وقسوة، وأصبحت حياتي مملوءة بالمرارة والضيق والألم، وحيدة أعاني همي، إلى أن هداني الله تعالى، وأردت التوبة والإصلاح، وعزمت، وتوكلت على الله، ولم أجد لنفسي مخرجًا غير أن أقرأ القرآن وأحفظه، وأتعلم أمور الدين، التحقت بمعاهد شرعية على الإنترنت، وبدأت رحلة حفظ القرآن- والحمد لله. أنا اليوم أدعو الله تعالى- أن يسامحني والديَّ، وأدعو لهما في كل وقت، وارتديت الحجاب، وحاولت التدين، وسألت الله الصبر والتيسير، ودعوت زوجي للإصلاح بيني وبينه وبين جميع الناس، لكنه كان قاسيًا، يضطهدني وينهرني، ويقلِّل من هذا الأمر- الالتزام والتدين- ولا أجد حتى كلمة طيبة منه تطيب خاطري، واليوم أبكي حسرة وندامة على الماضي، وعلى عمر مضى، مشكلتي اليوم تتحدد في علاقتي بزوجي، فهو يقف ضد التزامي، ورغم أنه يدرك أمورًا كثيرة من الدين إلا أنه غير ملتزم كما ينبغي، ماذا أفعل؟ تعبت كثيرًا ولم أعد قادرة على تحمل جبروته وإهانته، وأدعو الله أن ييسر لي، لكن بلاء الله يشتد، والامتحان صعب، وأنا مجهدة ولا أجد من يعينني على التزامي وتوبتي، فبلادنا يسودها الجهل، وينعدم فيها الوازع الديني، دلني على الطريق، هل أنزوي بنفسي وأعيش ملتزمة متدينة، أم أجامل في أمور في غاية الفجور والفسوق، أحتاج منكم النصيحة والدعاء. وجزاكم الله خيرًا، أنقذوني قبل أن أغرق. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم

أبارك لكِ- يا أخية- هذا التمسك بدين الله، رغم الظروف القاسية التي تعيشينها، وأذكرك بما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد امتُحن وابتُلي من أقرب الناس إليه، من عمه وقومه، ومن ذلك ما حدث من قبل أهل الطائف، حيث ذهب إليهم يدعوهم، فرموه بالحجارة حتى أدميت قدماه، ويسأله جبريل عليه السلام: هل أطبق عليهم الأخشبين (الجبلين؟) . فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا؛ لَعَلَّ اللهَ أنْ يُخْرِجَ مِن أَصْلابِهِم مَن يَعْبُدُ اللهَ". صحيح البخاري (3231) ومسلم (1795) . وفعلًا، مع مرور الزمن أسلم أهل الطائف، وأخرج الله من أصلابهم من يعبد الله، لذا أقول لك: ِ عليك- يا أختي- التمسك بدين الله وأوامره، وشرائعه، وإن كنت في هذا المجتمع الفاسق، وأيضًا الدعوة إليه، وكما ورد في الحديث: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا". أخرجه مسلم (2674) . فإذا استمررتِ أنت في الدعوة إلى الله، فلعل الله أن يهدي على يديك أحدًا منهم، ثم يكون لك أجره وأجر من اهتدى بعده على يديه إلى يوم القيامة، وهذا فضل عظيم من الله، فيكون لك الأجر، وأيضًا يكون عونًا لك في هذا الطريق، واحذري من مشاركتهم في الفجور والفسوق المحرم، والمجاملة على حساب أمور الدين، وعليك اللجوء إلى الله والدعاء، وتحري أوقات الإجابة، كثلث الليل الأخير، وما بين الأذان والإقامة، وفي السجود، وعند فطر الصائم؛ أن يهدي الله زوجك، وأن يرده إليك ردًّا جميلًا، فيكون عونًا لك على الطاعة، وأن يجعل قلبه يميل إليك ويحبك، ويحنو عليك، وما حصل لك فهو من الابتلاء، ويحتاج إلى صبر وتحمل، كما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم. أما بالنسبة لوالديك- رحمهما الله تعالى- فعليك أولًا التوبة إلى الله من عدم برهما، والتوبة تَجُبُّ ما قبلها، ثم عليك الدعاء لهما دائمًا في كل وقت؛ لأنه كما ورد في الحديث: "إذَا مَاتَ الإنسان ُانقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلاثٍ". وذكر: "أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". أخرجه مسلم (1631) . فادعي الله دائمًا أن يغفر لهما، وأن يرفعهما في عليين، وأن يتقبل توبتك في عدم برهما، وأيضًا من الأمور التي تعمل لهما بعد موتهما: الصدقة عنهما؛ فإخراج المال منك عنهما مما يعوِّض ما حصل منك من قبل، وإخراجه في وجوه الخير، وقد ورد في الحديث: "إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ". أخرجه ابن ماجه (3660) . أعانك الله، وبارك فيك، ونفعك بعلمك.

عدم الإنجاب

المشاكل مع الزوجة بسبب عدم الإنجاب.. المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب التاريخ 3/8/1422 السؤال أخي المستشار السلام عليكم ورحمة الله: مشكلتي إنني متزوج من فترة أربعة أعوام ولم يرزقني الله بالخلفة لعدم إرادة الله حتى الآن أولاً 00 وبعض العوارض الصحية لزوجتي هذا من جانب آخر رغم حبي لزوجتي وحبها لي غير العادي إلا أننا دائما الخلاف والمشاكل التي يصعب وصفها والتي لا ننتهي مما تسبب في انفصالي عنها ثم إعادتها مرة أخرى والآن أنا في خلاف كبير معها للمشاكل السابق التنويه عنها ولدي ضيق نفسي إلى جانب المشاكل من عدم الإنجاب فما الرأي أدام الله فضلكم وجزيتم عنا خير الجزاء.. الجواب أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا جميعاً الحق حقا ويرزقنا إتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.. وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. أما بالنسبة لمشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: فيما يتعلق بتأخر الإنجاب.. فالحمد لله أولاً وأخيراً ولكل أجل كتاب.. وهذا أمر مقدر ومكتوب.. في وقته وأوانه.. وما دمتم قد فعلتم الأسباب.. فاتكلوا على رب الأرباب.. وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.. ثم عليك بالدعاء وكثرة الاستغفار.. قال تعالى: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا..) وتحر في دعائك مواطن الإجابة وألح بالدعاء ولا تستبطئ الإجابة.. وسيجعل الله بعد عسر يسراً. ثانياً: أما عن المشاكل التي تكون بينك وبين زوجتك.. فالحياة إجمالاً لا تخلو من ذلك.. ولكن إذا تجاوز الأمر حده فإن ذلك يعني وجود خلل ما..!! فما هو هذا الخلل يا ترى 00؟ هل هو يتعلق بتباين الآراء تجاه تفاصيل الحياة وأولويات المهام بالنسبة لأسرتكما الصغيرة..؟! أم يتعلق ببعض المحيطين بكما.. وتدخلهما في حياتكما مثلاً..؟!! أم أن الأمر يتعلق بحساسية أحد الأطراف أو كليهما تجاه الأخر..؟! أم ماذا؟!! (لقد أجملت في السؤال) . ثالثاً: اقترح عليك عقد أكثر من جلسة حوار ومصارحة مع زوجتك لبيان وجهة نظر كل طرف..ومعرفة ما يريد وما لا يريد.. مع حفظ المقامات.. وعدم تجاوز الضوابط والأعراف الشرعية والعرفية والقيمية.. وما سوى ذلك قابل للأخذ والعطاء..!! ولا بأس من الإعداد لهذا اللقاء أو هذه الجلسة بكتابة كل طرف ما يريد.. وما يتمنى.. وما يعتب عليه أو يرفضه.. ثم نقاشها نقطة نقطة ومحاولة الالتقاء في المنتصف.. وتقديم بعض التنازلات ربما الشكلية.. والرضى بالحد الأدنى من الكمال.. والتغاضي عن بعض الهفوات.. والاتفاق على منهج واضح في التعامل.. وتقسيم الأدوار والواقعية هنا مهمة جداً وأنت كرجل مطالب بالكثير من التحمل والعقلانية.. في حدود المتغيرات دون الثوابت.!! خاصة وأن الحب موجود بينكما كما تقول.. مما يسهل الكثير من الأمور.. ويكون مدعاة للتفاهم بشكل أسرع وأبلغ.

رابعاً: لا تنسى أخي الكريم أن المرأة خلقت من ضلع أعوج وأن النساء إجمالاً ضعيفات والشيطان أعاذنا الله جميعاً منه.. لا يألو جهدا ً في إثارة المشاكل بين الزوجين.. وشحن النفوس.. أملاً في التفريق بينهما.. ولذلك كله وازن بين هذه الأمور.. واستعن بالله. خامساً: إن لم تثمر هذه الخطوات.. فهل بالإمكان الاستعانة بأحد الأقارب أو الأصدقاء الثقات.. لمعرفة نقاط الاختلاف وتقريب وجهات النظر والسعي للإصلاح.. فهي طريقة مجربة ولها نتائج إيجابية غالباً. سادساً: قد تغلق جميع الطرق.. وتصبح الحياة الزوجية جحيماً لا يطاق.. بل ربما أثر على صحة الإنسان ودينه ودنياه وانتهى مفعول المسكنات والمهدئات.. وحانت ساعة الحقيقة.. فاستخر الله.. واستشر من تثق به.. فما خاب من استخار ولا ندم من استشار.. وبعد ذلك ستجد الخيارات كلها متاحة لك.. فأنت الرجل وأنت من يملك القوامة.. وفقك الله وأصلح لك وأصلح بك.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

هل من دعاء للإنجاب؟

هل مِنْ دعاء للإنجاب؟ المجيب د. فيصل بن سعود الحليبي أستاذ مساعد بكلية الشريعة بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب التاريخ 22/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا شاب أبلغ من العمر 32 عاماً، متزوج وقد مضى على زواجي أربع سنوات، ولم أرزق بمولود حتى الآن، عملت الفحوصات اللازمة وتبين أن النتائج طبيعية، ولا يوجد سبب عضوي رئيسي في سبب تأخر الإنجاب، أعلم علم اليقين أن هذا الأمر بيد الخالق -عز وجل-، فتوجهت لله أدعوه ليل نهار وأخص أوقات الإجابة، وأستغفر الله كثيراً وأذكره بالغدو والآصال، لله الحمد والمنَّة، فهذا التوجه قد أصلح من حالي الكثير، فقد تبت إلى الله من أمور وآثام شتى كنت أتساهل بها، سؤالي إلى فضيلتكم: هل هناك عمل معين يقرّب إلى الله بالدعاء فيما يخص الإنجاب؟ وهل هناك عمل قد أكون مقصِّراً فيه منع -إلى الآن- الإنجاب؟ أفيدونا أفادكم الله. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فيا أخي الكريم: أضع جوابي لك على عدد من النقاط، فتيقظ لها: أولاً: أن الله أخبر في كتابه أنه قسم الأرزاق على عباده بما يقدره لهم من أموال وأولاد لحكمة يعلمها سبحانه، فقال في شأن الذرية: "لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ" [الشورى: 49-50] ،فتأمل هذه الآية الكريمة، واملأ قلبك إيمانًا بربك، واشرح صدرك بما قدره عليك، فهذا من أرفع الإيمان. ثانيًا: لا تيأس، بل تفاءل برزق الله لك، ولا مانع من بذل السبب لذلك من البحث عن العلاج والصبر عليه، فإن الله قد فتح لخلقه من العلم اليوم ما نرى منه فك المعضلات، وانكشاف الكربات، والله عليم حكيم. ثالثًا: عليك بالدعاء بكل لفظ تراه يسهل عليك، ويلبي حاجتك، فأنت تخاطب من لا تختلف عليه اللغات، ومن يعلم السر وأخفى سبحانه، وادع بدعاء زكريا عليه الصلاة والسلام، حيث حكى الله عنه ذلك فقال: "وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ" [الأنبياء: 89] ، فرزقه الله رزقًا حسنا، وعليك بأوقات الإجابة، كالثلث الأخير من الليل، وفي أدبار الصوات، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصيام. رابعًا: أهنئك على أول خطوة لحل مشكلتك وانفراج كربتك، وهي التوبة، فإنها طريق السعادة الحقيقية، وسبيل التوبة: الاستغفار، والاستغفار طريق إلى إنجاب الذرية بنص كلام رب العالمين، حيث قال: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا" [نوح: 10-12] ، وليس فقط بنين بل وأموالاً ونعماً أخرى معها، فأكثر من الاستغفار. خامسًا: لتعلم أن الإنسان لم يخلق لإنجاب الأولاد وإن كانت هذه نعمة يشتاق إليها، وإنما خلق لأمر أعظم وهو العبادة "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات:56] فانشغل بمهمتك الأصلية عن غيرها ذهنًا وعملاً، ولا تنس نصيبك من الدنيا، ولا مانع أن تبحث عن متعك ولذتك المشروعة، ولكن لا تجعلها مسيطرة على فكرك أو مقللة من خدمتك لدينك، فانشغل بما يفيدك لعل هذا يخفف عليك من وطأة الهم، فرج الله عنك همك، ورزقك الذرية الصالحة التي تسعدك، وجعل الجنة مأوانا ومأواك. اللهم أمين.

زوجي لا يريد الإنجاب

زوجي لا يريد الإنجاب المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب التاريخ 22/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. المسألة أن زوجي لا يريد الإنجاب، لا يريد أطفالاً، متزوجة قبل عشرة أشهر، ومن أول شهر لزواجي وزوجي لا يريد الإنجاب، مع أنه يحب الأطفال، لكن حجته أن أهلي وإخوتي لهم بعض التصرفات التي لا تعجبه وتجعله يرفض الإنجاب بالعزل، أما أنا فإني ألح عليه بأن يرغب بهذا الأمر، ويقوم بالاتصال المباشر والطبيعي لأي زوجين، وأنا أرغب رغبة شديدة في هذا الأمر لدرجة أني أبكي كثيرا وأقول له رغبتي، وأشعر أنه بدأ يلين للتقبل لكنه إلى الآن رافض الأمر تماماً، ماذا أفعل؟ وما حكم الدين في هذا الأمر؟ هل يجوز فعله؟ وأرجو توجيه كلمة له من قبلكم..وأرجو إرشادي ماذا أعمل..وجزاكم الله كل الخير أفيدوني. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. إن الواجب على الرجال إنصاف النساء وإعطاؤهن حقوقهن، ومن ذلك إنجاب الأطفال فإن كان قصد الزوج من عزله عن زوجته مدة معينة أو بسبب يزول بعد مدة، فإن هذا من الأمور التي قد يرخص فيها، وخاصة في بداية الزواج ولمدة قصيرة يتفق عليها كلاً من الزوجين، حيث إن كلاً من الزوجين لا يعرف الآخر ولا يدري هل تستمر هذه العلاقة أم لا؟ فإنه قد يكون من المناسب عدم التعجل في الإنجاب، أما أن يستمر الرجل أو المرأة في عدم الرغبة في الذرية فإن هذا مما يخالف الشرع والفطرة. وأوصيك أيتها الأخت المباركة بما يأتي: (1) الصبر وكثرة الدعاء بأن يرزقك الله ذرية صالحة، تسعدين بهم في الدنيا وتدعو لك بعد الموت. (2) مناقشة الزوج ومصارحته في صدق محبته لك، وأنه راغب فيك وليس عنده نية الطلاق. (3) أن الخطأ الذي يقع فيه الأهل والإخوة ليس مبرراً له في بغضك ومنعك من الذرية، وأنه ينبغي عليه أن يطبق هذا الأمر على نفسه وهو الذي اختارك ورضي بك وأهلك. (4) يذكر الزوج بنصوص الشرع الكثيرة، والتي تحث على كثرة الذرية وترغب فيه، وأن الميت ينقطع عمله إلا من ثلاث وذكر - صلى الله عليه وسلم- ولد صالح يدعو له انظر ما رواه مسلم (1631) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (5) قد ذكر الفقهاء - رحمهم الله - أن العزل عن الحرة لا بد فيه من رضاها؛ لأنها لا تقضي حاجتها الفطرية، ولا بد من بيان ذلك للزوج، وأن الواجب عليه ألا يكون إنساناً همه نفسه فقط. (6) وكذلك ينبغي على الزوج بأن يعلم بأن للمرأة الحق الشرعي في الولد مثله تماماً، وهذا حق ثابت للزوجين بمجرد الزواج وليس لأحد الطرفين أن يمنع الأخر من حصوله على هذا الحق الشرعي وهل يسقط هذا الحق بالاشتراط قبل الزواج؟ فيه نظر المهم أن الزوجة لها الحق في الولد.

(7) أما الزوج فأوصيه بتقوى الله والخوف منه، فإن الزوجة كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنهن عوان عندكم" يعني أسيرات انظر ما رواه الترمذي (1163) وابن ماجة (18751) من حديث عمر بن الأحوص، وأن هذه الزوجة عزيزة عند أهلها، ولولا قدر الزوج ما زوجوها له، وأن الواجب عليه تلبية رغبة زوجته الفطرية، وقد يسبب تقصير الرجل في ذلك إلى مفاسد لا يعلمها إلا الله، وكذلك فإن الإنجاب بين الزوجين أدوم لبقاء العشرة بينهما، وقد أثبتت الإحصائيات أنه كلما زاد عدد الأولاد قلَّت نسبة الطلاق وحصل الاستقرار النفسي للأسرة، وزالت كثير من المشكلات. (8) وأخيراً أوصيك أيتها الأخت المباركة بحسن العشرة لزوجك ومراقبة ربك في ذلك، وأن ذلك جزء من الحل، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجي لا يريد أطفالا مني

زوجي لا يريد أطفالاً مني المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب التاريخ 8/2/1425هـ السؤال عشت حياة صعبة جداً، فقد تزوجتُ وأنا في سن صغيرة، واكتشفت بعد ذلك أن زوجي يشرب، ويعاشر النساء، وصبرت، وتحملت، واكتشفت أيضاً أنه عقيم، ولم يخبرنا بذلك، فصبرت أيضاً، وانشغلت بدراستي حتى وصلت للمرحلة الجامعية، فطلبت الطلاق، وحصلت عليه، ولكن بعد تعب. وقبل أن أتم السنة تزوجت برجل ذو منصبٍ كبير جداً، وذو خلقٍ بشهادة الجميع، ولكنه يكبرني بعشر سنوات، وكنت الزوجة الثانية له، وسبب زواجه مني هو انشغال زوجته بأطفالها الأربعة ووظيفتها، ومن هنا بدأت رحلة معاناتي الثانية، فقد اكتشفت أنه يريدني للمتعة فقط، ولا يريد أن ينجب مني أطفالاً، مع العلم بأن قلبي يتقطع شوقاً في اليوم ألف مرة على طفل ألاعبه، حاولت معه مراراً وتكراراً، وبجميع الوسائل، ولكن دون جدوى، (يقول لي: فيما بعد إن شاء لله) ، مع العلم بأن لي مبيضاً واحداً فقط، أي أن فرصتي بالإنجاب تقل كلما تقدم بي العمر، صبرت ثم صبرت، وأخيراً التجأت إلى الدعاء، فحَملتُ بتوفيق الله، إذ أنه يعزل وأنا ليس لدي بويضات كبيرة ولكنها قدرة الله، فرحت، بل كدت أطير من الفرح، وازداد تعلقي بزوجي، واهتمامي به أكثر من ذي قبل بأضعاف مضاعفة؛ حتى لا يشعر بالغيرة. ولكن والحمد لله على كل حال، لم تكتمل فرحتي فبعد عشر أيام من فرحتي أسقطت، حمدت الله كثيراً، ولازلت أحمده، لكنني أشك أن زوجي هو الفاعل؛ لأنه سبق وأن فعلها مع طليقته، قاومت شكوكي، وحاولت أن أنتصر عليها، فقد وعدني بأنه سوف يعوضني بأحسن منه، ولكنه أخلف وعده كالعادة، وبدأ يعزل مرة أخرى، ولكن بحرص أكبر لدرجة تثير جنوني، فماذا أفعل؟ أنا أحبه ولكنني خائفة جداً من أن يطلقني بعد أن يمر بي الزمن، فهل ألحق نفسي وأطلب الطلاق؟ أم أصبر؟ أم ماذا؟ مع العلم بأن عمري الآن يقترب من الثلاثين، أنقذني، الله ينقذك من حر جهنم. الجواب مشكلتك تتلخص في أنك تحبين زوجك، وترغبين جدًا في حصول الولد، في مقابل عدم رغبة الزوج في ذلك. حصول الولد حق شرعي لكلا الزوجين، وهو ثابت لهما بمجرد الزواج، وليس لأحدهما منع الآخر منه، وهل يسقط الحق بالاشتراط قبل الزواج؟ فيه نظر. ولإعانتك على حل المشكلة افترضي زوجك عقيمًا لا ينجب ماذا عساك تفعلين مع محبتك له ورغبتك في الولد؟ هذه مثل هذه، إلا أن في حالتك أملاً بأنك يمكن أن تحملي منه أو أن يغير رأيه. لا يترك الإنسان محبوبًا إلا لمحبوب أعظم منه، ولعلك تراعين اختيار أحدهما بنفسك، فإذا اخترت الولد فاتبعي الخطوات التالية حسب ترتيبها: - راجعي زوجك بجدية وصراحة أكثر. - أدخلي في موضوعك بعض أهلك أو أهله لإقناعه بالولد أو الانفصال "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" [البقرة:229] . - ارفعي دعوى قضائية ضده، وتوقعي أن تكون نهاية العلاقة بينكما مع صدور حكم القضاء. أما إذا اخترت زوجك، فاغتنمي حالات صفائه معك، وإقباله عليك، وتدللي عليه للحصول على موافقته في المولود، مثل ما أتوقع أن تلحي عليه فيما ترغبين فيه، حاولي الحمل منه، واحذري أن يتسبب في إسقاطه (إذا صح اتهامك له) ولو لجأت إلى الذهاب إلى أهلك لأي عذر مدة حملك أو فترتها الأولى حسبما ترشد إليه الطبيبة المختصة. المهم تأكدي أن لك حقًا في الولد، لا يسقطه عدم رغبة الزوج فيه إلا أن يكون قد اشترط قبل الزواج؛ فإن هذه تفصل عند القضاء.

أنجبت البنات فهددني بالطلاق

أنجبتُ البنات فهددني بالطلاق المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب التاريخ 19/08/1425هـ السؤال زوجي بين الحين والآخر يهددني بالزواج بأخرى أو الطلاق؛ وذلك بسبب إنجابي ست بنات، ماذا أفعل؟ وأين أذهب؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخت الفاضلة: إذا كان زوجك يهددك بالزواج أو بالطلاق بسبب إنجابك ست بنات، فعليك- حفظك الله- مصارحة زوجك والحديث معه، بكل هدوء وحنان، وأثناء مصارحتك خوفيه بالله، وذكريه أنك لست السبب في ذلك، وأن هذه إرادة الله - عز وجل-، وقدره، ولعل الله أراد به خيراً، فكم من فتاة أفضل من كثير من البنين رحمة ومودة، وشعور بأهلها وبر وخدمة....، بيني له فضل تربية البنات، وذكريه بالأحاديث التي تدل على ذلك، ويكفيك أن كثيراً من الأنبياء كانوا آباء للبنات، اشتري العديد من الكتيبات التي تذكر برعاية البنات وفضل تربيتهن، واهدي له هذه الكتيبات، واكتبي مع هذا الإهداء كلمات جميلة تلمسين فيها أحاسيس ودعوات له، مثل أن تقولي: "أسأل الله أن تكون هذه البنيات ستراً لك من النار إن أحسنت تربيتهن"، انصحي زوجك بسماع شريط "نساء" للشيخ العودة، ويمكنك أن تخوفي زوجك من أن يأتيه ابن مشوه أو مريض يشغله في حياته كلها، أو عاق سيئ يتمنى موته ويفرح به والعياذ بالله، وفي المجتمع حالات كثيرة مثل ذلك، احرصي ألا يكون هناك طلاق، وإن أراد أن يتزوج فلا تمانعي ما دام أن الشرع أباح له ذلك، ولكن أوصيه بالعدل، وإن لم يعدل فاعلمي أن لك الأجر وعليه الإثم، كوني حكيمة في حل مشاكلك، ولا تكوني متسرعة، فربما يكتب له ابن من امرأة أخرى يكون محرماً لبناتك وراعياً لهن، وابناً باراً لك، فلا تكرهي ذلك ولا تكثري لومه وعتابه، واعلمي أن أجرك عند ربك محفوظ، فعليك بالصبر والتصبر، وكظم الغيظ، ولن تجدي - بإذن الله تعالى- إلا سعادة الدارين، واشغلي نفسك بما ينفعك، ولا تجعلي همك تزوج أو لم يتزوج، والله - عز وجل- لا يضيع أجر من أحسن عملا. وفقك الله إلى كل خير، وأعانك على إيجاد حلول لمشاكلك، والله يحفظك ويجعل لك من كل هماً فرجاً.

زوجي غير قادر على الإنجاب

زوجي غير قادر على الإنجاب المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب التاريخ 8/8/1424هـ السؤال تزوجت منذ أربع سنوات، وكل سنة أنتظر أن يرزقني الله مولوداً، إلا أنني في هذه الأيام الأخيرة عملت تحاليل أنا وزوجي، لكنني فوجئت بأن تحاليل الزوج سيئة جداً، وأنه غير قادر على الإنجاب، فوضت أمري لله، عائلتي ترى أن أطلب الطلاق وألا أستمر في الحياة معه، والله محتارة هل أفوِّض أمري لله وأعيش معه بدون أولاد، أم أطلب الطلاق؟ الزوج عمره 40 سنة، ساعدوني جزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله مسبِّب الأسباب، وخالق الناس من تراب "يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير" [الشورى: 49-50] ، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد: إلى الأخت السائلة حفظها الله ورعاها. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام المراسلة والاتصال على الموقع. أختي المسلمة: لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة، وشعرت بمدى الحيرة التي تسيطر عليك، فقد ساءني ما أساءك، وأحزنني ما أحزنك، لكن لا نقول إلا ما يرضي الرب - جل وعلا-: "إنا لله وإنا إليه راجعون". اعلمي - وفقني الله وإياك- أن كل شيء بقضاء الله وقدره، فيجب علينا أن نستسلم لقضاء الله ونرضى بقدره سبحانه وتعالى، ويجب علينا أن نصبر على ما ابتلانا الله به، فإن الصبر على البلاء أجره عظيم، وفضله كبير، قال تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" [الزمر: 10] ،وقال تعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" [البقرة: 155-157] . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من يرد الله به خيراً يصب منه" أخرجه البخاري (5645) . وعن أنس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (2398) ، وقال: حديث حسن. فيا أختي المسلمة: إنما أنت في جملة هذا البلاء الذي وعد الله عباده الصابرين بحسن الجزاء وعظيمه في الدنيا والآخرة. مما لا شك فيه أن الأولاد نعمة من نعم الله العظيمة على عباده، وهم زينة الحياة الدنيا كما أخبر ربنا بذلك في محكم كتابه العزيز، لكن كما قال سبحانه: "ولله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثاً ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير" [الشورى: 49-50] .

فالله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي ويمنع، والإنسان ليس عليه إلا التسليم لقضاء الله وقدره، الإنسان كذلك لا يعلم أين الخير، فلعل الخير لك ولزوجك عدم الإنجاب "والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة: 216] . ولكن أختي المسلمة: لو طلبت الطلاق من زوجك لهذا السبب فهذا حق شرعي لك، وليس عليك إثم في ذلك، ولكن إذا صبرت واحتسبت العشرة مع زوجك، وذلك من باب قوله تعالى: "ولا تنسوا الفضل بينكم" [البقرة: 237] . فنسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على ذلك. ولا يمنع كذلك من الأخذ بالأسباب من علاج ونحوه، وخصوصاً مع تقدم الطب في هذه الآونة تقدماً كبيراً، فلعل الله أن ييسِّر أمرك وأمر زوجك، وعليكما كذلك بكثرة الدعاء والاستغفار، والإلحاح في الدعاء، وأبشرا بخير، قال تعالى: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" [نوح: 10-12] ، وأكثرا من قوله تعالى: "رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين" [الأنبياء: 89] . أما إذا خشيت على نفسك الضرر والعنت، ونفسك لم تطق الصبر على هذا الوضع فكما قال الله تعالى: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" [البقرة: 229] وقال تعالى: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً" [النساء:130] ، وفي هذه الحالة يكون طلبك الطلاق أولى. وفي الحقيقة لقد شاهدت أناساً كثيرين مثلك، وصبروا على ما ابتلاهم الله به، وكانت العاقبة خير، فهناك أناس قد رزقهم الله الولد بعد عمر طويل، وهناك آخرون لم يرزقوا بأولاد، لكن حياتهم من أحسن ما يكون، وهم نفس حالتك تماماً، أي أن أزواجهم غير قادرين على الإنجاب، ومع ذلك فهم في أهنأ عيش وأهدأ بال. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تأديب الزوجة بمنعها من الإنجاب؟

تأديب الزوجة بمنعها من الإنجاب؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب التاريخ 5/3/1425هـ السؤال هل يجوز لي أن أمنع زوجتي الثانية من الإنجاب حتى أؤدبها؟ مع العلم بأنني متزوج من ثلاثة أعوام، وأريد أن أؤدبها من طول اللسان، فهي مطيعة، وتنفذ أوامري، ولا تعصي لي أمراً، ولكنها إذا غضبت تفقد السيطرة على نفسها، وتتلفظ بألفاظ بذيئة، فهل يجوز أن أمنع الإنجاب حتى أرى إذا كنتُ سوف أستمر معها أم لا؟ علماً بأنها تتحرق شوقاً لإنجاب الأطفال. أفيدوني، فأنا محتار جدا ً، -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا يجوز العزل بأي صور من صوره إلا برضى الزوجة، وإذا أنت رغبت في تأخير الإنجاب فليس السبيل أن تفرض رغبتك عليها وتحرمها حق الأمومة بالإكراه، وخير من ذلك أن تقنعها بالحجة، وتحسِّن لها رأيك الذي تراه صواباً بذكر محاسنه وإيجابياته وبيان مساوئ العجلة في الإنجاب في حالتكم الخاصة، قل لها مثلاً: ألا تشعرين أن حياتنا غير مستقرة، وفيها كثير من المشكلات والخلافات؟ ألا ترين أن الإنجاب في هذا الظرف الراهن يعقد المسألة، ويضاعف المأساة، وأن الطلاق بعد الإنجاب -لو حصل - سيكون له ضرره البالغ على الأطفال؟ أخي الفاضل: هل ضاقت بك السبل في تهذيب أخلاق زوجك وإصلاح منطقها ومعاملتها، فلم تجد طريقاً لذلك إلا تعزيرها بحرمانها من الإنجاب حتى تتأدب؟! وهل سيؤدبها هذا فعلاً؟ أظن أن استطالة لسانها عليك بالكلام البذيء ناتج عما تراه منك من استفزاز وإغضاب وتعنيف في معاملتها، وتقصير في حقها. المرأة -أخي الحبيب - عاطفية، يؤثر فيها من الكلام المعسول، والتعامل الرقيق، والحس المرهف، واللمسة الحانية ما لا يؤثر على الرجل. فتلطّف معها في معاملتك ومخاطبتك، وأشعرها بحبك لها بالكلام الحسن، امتدح ما فيها من الأخلاق الحسنة والصفات الجميلة، اجعل لك يوماً في الأسبوع تتفرغ فيه للجلوس واللعب معها، هل جربت أن تضيِّفَها في أحد المطاعم التي يتهيئ فيها جو الرومانسية في خصوصية تامة، تُراعى فيها الحرمة والقيود الشرعية؟ ربما تستسخف هذه الأمور ولا تراها تؤثر شيئاً، وهذا صحيح لو أن المرأة مطبوعة على خلق الرجال وطباعهم، ولكنها جنس لطيف، ناعم، عاطفي، رومانسي، تؤثر فيه الكلمة واللمسة والإشارة والبسمة أكثر مما تؤثر في جنس الرجال. هل فكّرت يوماً أن تفاجئها بهدية ثمينة؟ أو سفرٍ تستريحان فيه من رتابة الحياة المملّة، وتخلو لها من كل أشغالك وهمومك؟ هلاّ انتهزت لحظةَ رضاها عنك؛ لتبث إليها رجاءك منها: وهو أن تحترمك وألا تكلِّمك بالكلام البذيء الذي لا يليق بمثلها. أرى أن تراجع نفسك ومعاملتك معها؛ فقد يكون السبب فيك أنت لا فيها هي. -وفقك الله لكل خير-، والسلام عليك.

لم أنجب فنصحوني بالذهاب للسحرة

لم أنجب فنصحوني بالذهاب للسحرة المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب التاريخ 8/04/1426هـ السؤال تزوجت منذ عدت شهور ولم يتم الحمل، وبعد الذهاب إلى بعض الأطباء لم أجد أي مانع للحمل، وأوصاني البعض بالذهاب إلى بعض الذين يفكُّون السحر، وقال لي ذلك الرجل: إنه قد عُمِل لكم عمل بعدم الخلفة، فهل هذا صحيح؟ وما هو الحل بالقرآن لأنني أخاف الله؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: إلى الأخ السائل -سلمه الله تعالى-. بداية أهنئك على الزواج المبارك، والله أسأل أن يوفقك في حياتك الزوجية والعملية، وباقي نواحي الحياة. أما بخصوص ما سألت عنه من تأخر الحمل فهذا أمر طبيعي جداً، وخصوصاً أنك حديث عهد بزواج، فلا داعي للقلق، ويجب أن تعلم - أخي الكريم- أن مسألة الإنجاب هذه -وغيرها مما هو مقدَّر على الإنسان- كلها بتقدير الله - سبحانه وتعالى-، فقال الله -تعالى- في قضية الإنجاب: "لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير" [الشورى: 49-50] ، فتأمل معي - أخي الكريم- قوله تعالى: "لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور" الآية ... فهذا الكون كله ملك لله - سبحانه وتعالى- يتصرف فيه بحكمته البالغة، ومشيئته المطلقة، وقدرته العظيمة، فهو سبحانه يعطي هذا ويمنع ذاك؛ لحكمة بالغة وغاية عظيمة، ربما لا تدركها العقول في أحيان كثيرة، فهو سبحانه يتفضل على من يشاء من عباده بالذرية، سواء كانوا إناثاً فقط أو ذكوراً فقط، أو يجمع بين الأمرين، أو يمنع بالكلية، فهذا كله من عطائه وكرمه، فيجود به على من يشاء، ويمنعه على من يشاء؛ وذلك لأنه سبحانه على ما يشاء قادر، وعليم بما يصلح شئون العباد، فكن مطمئناً لهذا الأمر ولا تقلق. علاوة على ذلك فقد قرر أهل الطب أن الذين هم حديثو عهد بالزواج تعد الفترة من سنة إلى سنتين بدون إنجاب مدة طبيعية جداً، بعد هذه المدة ينبغي البحث عن العلاج، فأنت ما زلت في المدة الطبيعة المقررة طبياً. أما ذهابك للسحرة والمشعوذين فلا يجوز لك ذلك بحال من الأحوال؛ لأن هذا كفر بالله، والعياذ بالله من ذلك، ولكني أنصحك بأمور منها. (1) كثرة الدعاء والتضرع إلى الله أن يرزقك الذرية الصالحة، وتحري أوقات الإجابة. (2) كثرة الاستغفار؛ فالاستغفار له شأن عظيم. (3) المتابعة مع طبيب مسلم أمين مختص. (4) أما إذا كان هناك سحر فعلاً صنع لكما بعدم الإنجاب، فإننا سوف نرسل لك الطريقة الشرعية الصحيحة لفك هذا السحر. هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

يعيروني بعدم الإنجاب

يعيروني بعدم الإنجاب المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب التاريخ 26/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي -أخي الكريم- هي أنني متزوجة من قريب لي، ولم يرزقنا الله بطفل إلى الآن، وأهل زوجي يعيرونني بذلك، وأن أمه تدعو عليه بالسوء، مع العلم -والله شاهد- أنه لا يعاملها إلا بالإحسان، فهل دعاؤها مستجاب، وهي من غير سبب تعمل ذلك؟ ماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الجواب كما يأتي: 1- الذرية هبة من الله يهبها لمن يشاء من عباده، وهي لا تعني السعادة أو عدمها، وإنما هي من أسباب دوام العلاقة الزوجية. 2- الإيمان بقضاء الله وقدره بعد الأخذ بالأسباب التي شرعها الله - عز وجل- والاتكال على الله في النتيجة. 3- تعيير الإنسان أو تنقصه في أمر لا يقدر عليه، وليس من صنعه يدل على ضعف العقل وقلة الدين. 4- الاعتداء في الدعاء مما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وكذلك الإثم وقطيعة الرحم، وليس كل دعاء مستجاب، بل قد يأثم الداعي، ويعاقب من الله سبحانه وتعالى. والله أعلم.

الوظيفة

زوجتي تتذمر من عملي المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الوظيفة التاريخ 08/11/1426هـ السؤال أعمل طبيباً، وعملي يستمر من 13 إلى 19 ساعة في اليوم، وأقيم في نفس المستشفى، ولا يمكنني الذهاب إلى زوجتي إلا مرة كل أسبوعين، وأبقى عندها يومين فقط. وقبل الزواج أفهمت زوجتي ما سيكون عليه عملي وارتباطي بالمستشفى، وأنني يجب أن أكون رهن الإشارة عندما يحتاجون إلي في العمل. في البداية كان زواجنا سعيداً، وكانت زوجتي راضية بعملي، وتقابلني بشوق عندما أزورها، لكن الآن تغير الوضع، وأصبحت تتذمر من عملي، ولا تكن لي نفس المحبة. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإني أسأل الله لك حياة سعيدة مع زوجك، تكون معينة على طاعة الله. أخي الكريم: إن المرأة حساسة بطبعها، رقيقة المشاعر، جياشة العواطف، تحب أن يكون زوجها -الذي يمثل لها كل شيء في حياتها إذا كانت تحبه- بقربها أكبر قدر ممكن، وهذه فطرة وضعها الله فيها. غيابك الطويل عنها لا شك أنه سبب لزيادة الضغوط النفسية عليها، فهي تعيش بين لوعة الحب وألم الفراق. وأظن أن ما يصدر منها نابع من شدة حبها لك، ولذا أرى في موضوعك أموراً: 1- حاول الانتقال إلى عمل قريب من زوجتك، أو اجلب زوجتك إليك. 2- إذا لم يمكن فعليك بتعويضها -قدر المستطاع- وذلك بإشباع عاطفتها من خلال الهاتف والرسائل والهدايا ... 3- عند قدومك عليها أشعرها بأنك لم تقدم إلا من شدة شوقك لها، وحاول أن تفرغ وقتاً كافياً للجلوس معها. 4- كن متهيئًا نفسيًا لما ستقوله لك زوجتك من عبارات العتب، وتقبل ذلك منها بصدر رحب، وأشعرها بأنك تعيش نفس المشاعر، وأن الظروف أقوى من إرادتكما. وفقك الله لكل خير.

البيت أم الوظيفة؟

البيت أم الوظيفة؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الوظيفة التاريخ 12/1/1424هـ السؤال أنا زوجة وأم لثلاثة أولاد أكبرهم عمره 4 سنوات وأصغرهم عمره 4 شهور. مشكلتي أنني لا اعرف ما أريد. فبعد أن أنهيت دراستي الجامعية جلست في البيت بانتظار التوظيف. غير أنني لا أجد في نفسي الرغبة بترك أولادي الصغار وحدهم مع الخادمة طوال فترة الدوام صباحاً، والآن بعد أن تم قبولي في وظيفة وجدت دوامها طويلاً، وزوجي يتهمني بالكسل وقلة الطموح وحب النوم، صحيح أنني لم أكن الزوجة المثالية له، وأنني لم أكن قادرة على تحمل أعباء المنزل والأولاد دون وجود خادمة تساعدني في أعمال المنزل، إلا أن وجود الخادمة في المنزل يغيضني، فأنا أغار على أولادي منها ولا حتى أن تلاطفهم أو تلعب معهم. ماذا أفعل إن أصرّ زوجي على خروجي للعمل بعد أن يكمل صغيري عامه الأول؟ أفيدوني. ولكم جزيل الشكر. الجواب الأخت الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع" الإسلام اليوم" إن ما تحتاجين إليه هنا هو فقط إعادة ترتيب الأوراق لديك فيبدو لي أنك تعانين من العشوائية في الحياة وإيقاعها عليك. الوظيفة إذا لم تكوني مقتنعة منها وحالتك المادية جيدة من دونها فلماذا الغلبة ولماذا الشقاء؟ ألا تدركين أن وظيفة الأم لا تقتصر فقط على العام الأول للأطفال؟ بل هي عملية مستمرة حتى نضوجهم وبلوغهم سناً متقدمة، لماذا تظنين أن وظيفتك هي فقط ترضيع الطفل وتلبيسه أو التغيير له أو تلعيبه في السنة الأولى من العمر؟ الابن والبنت يصبح أكثر نضجاً وأسعد حياة أو أوفر خطاً بالنجاح الدراسي والعملي إذا كانت أمه ملازمة له ومشاركة له جميع همومه: هي تداعبه وتدارسه وتلاعبه وتحادثه، يجد عندها الحنان والقلب المفتوح، مشغولة من كل شيء إلا من رعايته والوقوف إلى جانبه، أنا لا أتحدث عن الطفل في السنة الأولى بل الابن والبنت في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية وحتى بعد ذلك. إنها فعلاً أعمال مكثفة على الأم فهل تظنين أن جلوسك لرعايتهم هو فراغ؟ وهل يظن زوجك أن مكانتك لا يمكن أن تتحقق إلا في مكتب وعلى كرسي الوظيفة؟ إنه بلا شك اعتقاد خاطئ. على كل حال أنت لا زالت الفرصة أمامك مفتوحة لفعل الكثير وإقناع الزوج بما ترغبين فيه ليس بالقول فقط وإنما كذلك بالفعل ... فأنت أمامك على الأقل ثمانية أشهر وهي فرصة كافية جداً لأن تغيري من أسلوب حياتكِ مع زوجكِ وأيضاً مع أطفالكِ وأهل بيتكِ، زوجكِ يريد لكِ العمل لأنه يرى منك كسلاً واضحاً يتجلى في كثرة نومك وإهمالك بعض الشيء لأمور بيتك ولذلك هو يظن أن الوظيفة ستكون علاجاً ناجحاً لتغيير مسار حياتك وإنعاشها وبث روح النشاط والحيوية التي قتلتِها أنتِ بكسلكِ المتواصل. إذن ما عليك فعله الآن هو أن تعيدي النظر في حالك وإعادة ترتيب أولوياتك. أما من ناحية الخادمة فلا شك أن غيرتك منها أمر زائد عن حدّه وإن كان مظهراً صحّياً أن لا تدعي أولادك في رعاية امرأة غريبة عنهم ترعى شئونهم، إلا أنها تبقى إنسانة قد ألجأتها الحاجة إلى العمل في بيتك واذكري أن الذي ألجأها قادر على أن يسلب نعمته منك فاحذري غضب الله فيها وحاولي أن تكوني معتدلة في هذا الأمر وابذلي جهدك في القيام بوظيفتك على أتم وجه. وفقك الله،،،

مشكلات الطلاق

صدمة انتهاء العلاقة المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق التاريخ 17/08/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا مطلقة حديثاً، فكيف أتخلص من الحقد على مطلقي حيث كان مجرد عقد النكاح، واستمر لمدة أربعة أشهر فقط، في بداية الأمر كان جيداً، كان يعاملني معاملة جيدة، وكان يقول: سيحقق لي كل ما أتمناه، وعلى الرغم من أنني لم أطلب منه أي شيء، بحيث إنني أعمل وأعتمد على نفسي، ولكن بعد مدة بدأت معاملته لي تتغير، بعد أن طلب مني أن أتكفل بتكاليف الزواج؛ لأنه لا يستطيع بسبب ديونه، على الرغم من أنه من عائلة غنية جداً، وأنا علي ديون، وعندما شرحت له ذلك قال بأنه لا يستطيع تكاليف الزواج وتم الطلاق، المشكلة هي أنني لا أستطيع أن أنساه، فأفكر فيه دائماً؛ لأنه كان أول شخص في حياتي، لقد بدأت أشك في نفسي بأنني أنا المخطئة، وإلا لما عاملني بتلك المعاملة، وأنه أظهر هذا العذر؛ لأنه لا يريدني لشخصي على الرغم من أنني هادئة جداً وأحب الخير لكل الناس، وأنا أبكي طول الليل، ولا أستطيع أن أصرح لأحد من أهلي بالحزن الذي يعتريني؛ لأنني في نظرهم القوية، وأن ذلك لن يؤثر علي. إنني حقاً لا أستطيع أن أنساه لكلامه المعسول في البداية، لقد تعلقت به كثيراً رغم الوقت القليل، أصبحت إنسانة ثانية دائمًا حزينة وأجلس لوحدي، ودائما أشعر بالحزن عندما أرى أخواتي سعيدات مع أزواجهن، ودائما أدعو لهن بالتوفيق، لكن الحزن لا يفارقني، وأنا تقربت من الله كثيراً، ولكن لا أستطيع أن أنسى، فماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ابنتي الكريمة! أولاً: إن الشيء الطبيعي في حياة الفتاة أن يكون تعلقها بأول شخص تعلقاً قوياً؛ لأنه هو أول من اقتحم عليها حياتها، وحرك مشاعرها، ودغدغ عواطفها، وأثار مكامن الثورة في جسدها، ولذلك فما شعرت به من انجذاب لا يدل إطلاقاً على أن هذا الشاب متميز، وأنه يستحق هذه العواطف، ولكن يدل على أنك كنت مندفعة، وبحاجة إلى أن تفرغي مشاعرك مع الشخص الذي ارتبطت به هذا الارتباط الشريف، وهو عقد الزواج. فطريقة تعلقك أمر طبيعي، لأنك أنت متهيئة لذلك، لا لأن هذا الشاب متميز، أو عنده ما ليس عند غيره.

ثانياً: أما انسحاب الشاب من حياتك بهذه الطريقة فإني أصارحك وأقول: ينبغي ألا تأسفي عليه، فإن الشاب المحب للمرأة، المقتنع بها يبذل المستحيل ليحصل عليها، وطبيعة الرجل تحول بينه وبين أن يظهر أمام المرأة بمظهر الإنسان الضعيف أو العاجز، فيقول لها: إنه فقير ومديون ولا يملك شيئاً، وإنما طبيعة الرجل أن يتظاهر أنه قادر ويملك وعنده وعنده، ونحو ذلك، وإذا تعذَّر بهذه الأعذار دل على أن رغبته أصلاً غير حقيقية، وأنه قد غير رأيه، فيبدو أن الله أنقذك من شاب ملول وعاجز، وبمجرد أن ارتبط معك هذه المدة تغيرت مشاعره، فالحمد لله - بنيتي- أن هذا الأمر لم يقع بعد إعلان الزواج، وبعد الدخول، وبعد الحمل، وإنما حصل في فترة مبكرة، بحيث إنك خرجت من هذه العلاقة بأقل خسائر ممكنة. ثالثاً: عليك ألا تلومي نفسك، وتفترضي أنك أنت وقعت في خطأ، وأنه لم يصارحك بهذا الخطأ، وأنك ملومة ونحو ذلك، كلا يا بنيتي فهو المخطئ، فهو إنسان ملول تغيرت نفسيته معك بمجرد أنه ملكك واحتواك، والحمد لله أن هذا التغير وقع في فترة مبكرة، أما أنت فلا لوم عليك، أنت بذلت مشاعرك، وبذلت حبك وكل ما عندك، وواضح من رسالتك أنك لم تكوني بخيلة عليه، لا بمشاعرك ولا بعواطفك، ولكنك وجهت هذه المشاعر إلى من لا يستحقها، إلى إنسان متغير متقلب، فأهنئك من قلبي بأن الله -عز وجل- قد خلصك منه، وأنك لم ترتبطي به ارتباطاً كاملاً. رابعاً: أرى أنه يفيدك أن تفضي إلى من يتفهم مشاعرك، كصديقة قريبة أو زميلة، ولا حرج عليكِ في ذلك، فإن هذا يريحك، ولا تكتمي هذه المشاعر وتتظاهري بضدها، وإنما ابحثي عن صديقة صدوقة تبثين لها مشاعرك، وتفضين إليها بها، وتنفسين عما في نفسك. خامساً وختاماً: أحذرك من التفكير فيه والعودة إليه، فإن الله قد أنقذك منه، فهذا الشخص لا يناسبك ولا تناسبينه، وانظري إلى الأمام، ولا تنظري إلى الخلف، وفكري جدياً بأي خيار جديد، وادرسي أحوال كل خاطب يتقدم لك، فإن التفكير في المستقبل خير علاج لآلام الماضي، وأسأل الله -عز وجل- أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يعوضك خيراً مما فقدت، وأكثري من هذا الدعاء النبوي الكريم: اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، فإن الله -جل وعز- سيعوضك خيراً مما فقدت. والله يوفقك ويسددك.

أخشى أن يطلقني..!!!

أخشى أن يطلقني..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق التاريخ 28/7/1422 السؤال أخي مشرف الاستشارات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أعيش في هم وغم كبيرين ولا ادري كيف اخرج من مشكلتي فلقد حصل بيني وبين زوجي مشكلة وأخطأت بحقه أخطاء اعرف انه لايمكن أن يسامحني عليه ولا أمل في ذلك، حيث ثرت عليه وأسأت اليه.. وأخشى أن يطلقني بسببه!!! علما أنني أحبه ولا يمكن أن أتخيل فراقه أتمنى منك الحل السريع.. ولك الشكر. الجواب أختي الكريمة اشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. كما اسأله تعالى أن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً - لا أدري لماذا جزمت بأنه لا أمل بأن يسامحك على هذا الخطأ ولا أدري ما نوعيته.. وهل انتهى عند مجرد الثورة فقط.. ثم ما هي أسبابها.. وهل كانت أمام أحد أم لا..؟! كل هذه أمور تؤثر كثيراً في درجة غضبه.. وإمكانية عودة الأمور إلى مجاريها. ثانياً - اقترح عليك أن توسطي أحد الأقارب أو الأصدقاء الذين يثق زوجك فيهم.. ويحترمهم.. ليمهد لجلسة عتاب ومصارحة تعتذرين فيها عما بدر منك بقوة وتعدين زوجك بإصلاح أي خلل نتج عن هذا الموقف.. بمعنى أن كانت ((ثورة الغضب)) تمت أمام الآخرين.. فيكون الاعتذار أمامهم.. وإن كان سوء الفهم نتج عن خطأ أو تصرف ما.. فتبادرين في إصلاح هذا الخلل دون تردد. ثالثاً - اسمحي لي أختي الكريمة.. إذا قلت أننا كثيراً ما نفسد على أنفسنا.. ونحطم قلوبنا بأيدينا.. ونغرق في جزئيات تافهة.. ينفخ فيها الشيطان حتى يفسد فيها بين الزوجين فينفصلا.. وهذا ما يتمناه قاتله الله. رابعاً - مرة أخرى.. أصلحي ما يمكنك إصلاحه.. واستفيدي من هذه التجربة.. ورب ضارة نافعة.. والجئي إلى الله بالدعاء الصادق بأن يصلح لك ما بينك وبين زوجك.. وأن يهديكما.. ويبعد عنكما كيد الشيطان. خامساً - بعد ذلك.. تكوني قد فعلت الأسباب.. فاتكلي بعدها على الله.. ولن يصيبك إلا ما كتبه الله لك.. فعلينا فعل الأسباب.. أما النتائج فمرتبطة بأقدارها وفقك الله.. وحماك من كل سوء..

تزوجت.. واستعجلت!!

تزوجتُ.. واستعجلتُ!! المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق التاريخ 5-1-1424 السؤال أردت الزواج قبل سنوات وبعد عقد النكاح وإعلان المأذون له وكتابته دخلت بزوجتي دون علم أهلها وبعد سفري أخبرتني أنها حامل، فحاولت استقدامها بالطرق النظامية وغيرها.. دون جدوى ... فحدثت مشاكل واتصلت بها وقلت لها أنها طالق ... وذهبت إلى قاضي محكمة وشرحت له ما حدث فانتهرني وأمرني باستفتاء المشايخ في بلدي، وأنا لا أريد الطلاق، فهل ما قلته طلاق؟ أم يمين تكفر؟ ثم ولدت زوجتي طفلة ولما زرت بلدي مُنعت من رؤيتها فهل العقد صحيح أم باطل؟ وإذا كان باطلاً فما الحل؟ وهل دخولي بها شرعي أم باطل؟ وإن كان باطلاً فما الحل؟ هل يمين الطلاق طلاق؟ وإن كانت طلاقاً فما الحل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: أولاً: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكر الله لكم حرصكم على معرفة أحكام دينكم، وما يحل ويحرم. وأما ثانياً: فقبل تناول مشكلتك بالبحث والمناقشة، ومحاولة حلها بما تيسر من أحكام شرعية سليمة، أودُّ أن ألفت نظرك، وأوجه عنايتك إلى أن من شأن المؤمن أن يُبتلى بما يعكّر صفو حياته، ويضيق صدره، ويشغل باله، ويكون ذلك من خلال أزماتٍ مادية، أو خلافاتٍ زوجيةٍ، أو صداماتٍ ونزاعاتٍ مع رؤسائه في العمل أو غير ذلك مما جرت به الأقدار بأمر الله ومشيئته -سبحانه-، وذلك الابتلاء الرباني إنما هو تمحيص للذنوب، وتخفيف منها، ورفعة للدرجات وزيادة لها، متى قُوبل ذلك الابتلاء بالصبر والاحتساب والرضا والتسليم، فعّود نفسك -يا أخي- على الصبر والاحتساب، وتأكد بأن الفرج قريب، وأن الشدة ذاهبة، وأن العسر سيعقبه يسر وتنفيس -بإذن اللطيف الخبير-. وأما ثالثاً: فمشكلتك في الحقيقة هي من قبيل الخصومات ذات الأطراف المتعددة، ولا يمكن وضع حلٍ لها عن طريق الفتوى إذ الأصل في مثل هذه القضايا أن تتولاها المحاكم الشرعية، ويفصل فيها القضاة الشرعيون بعد سماع أقوال الأطراف المتنازعة جميعاً، وهذا في نظري هو السبب الذي جعل القاضي يوجهك إلى مراجعة المحكمة الشرعية في بلدك. ومع ذلك أجيب على بعض ما ورد في رسالتك من سؤالات ويبقى فصل القضية بينك وبين زوجتك للمحكمة الشرعية -كما أسلفت-. 1- أما دخولك بزوجتك بعد عقد النكاح عليها بحضور وليها، بدون علم أهلها وأهلك فهو دخول شرعي مباح لا يشترط فيه علم أحد من الناس بعد إتمام العقد، إذ بإتمام العقد وإبرامه أصبحت زوجةً شرعية، لك معاشرتها معاشرة الأزواج للزوجات، وكان الأولى أن تصبر حتى يدخلك وليُها عليها، حسماً للمشاكل، ولكن قدر الله وما شاء فعل.

2- ظهر لي من خلال رسالتك أنك تلفظت بالطلاق، وكانت زوجتك وقتها حاملاً، وهذا يعني أنه طلاق صحيح تترتب عليه آثاره شرعاً، ومنها: وقوع الطلاق، وانتهاء العدة بوضع الحمل، ولذا فلم تعد زوجة لك الآن، إلا بخطبة جديدة وعقد جديد بموافقة الزوجة ووليها وبمهر جديد، ولذا أنصحك بإنهاء العلاقة معها أو محاولة الاتصال بها هاتفياً أو بريدياً ريثما ينظر القاضي الشرعي في قضيتكما أو تحل ودياً عبر وسطاء مرضيين عدالة وعدلاً. 3- أؤكد لك، وأطمئنك أن المشكلة في نظري سهلة وميسورة الحل، فالنكاح صحيح، والدخول شرعي، والمولودة ابنة شرعية لك، والرجعة إلى الزوجة ممكنة، ولكن الأمر يتطلب أن تتعامل معه بحكمة ورويّة، وتبحث عن أسهل السبل لإرضاء الزوجة وأهلها بالمعروف، وأرجو أن يتحقق ذلك عبر الاعتذار المهذب، والكلام اللطيف، وإشراك الوسطاء الخيريين، وكن دائماً رابط الجأش واثقاً بالفرج، طارداً لليأس، والله معك والسلام. تنبيه: ورد في كلامك أنك لجأت إلى طرق غير شرعية في محاولة استقدام زوجتك، وهذا حرام فتب إلى الله واستغفره، واعلم أن في المشروع من الأسباب والوسائل غنية عن غير المشروع، وأن كل شيء بقضاء وقدر، وها أنت قد رأيت أن اللجوء إلى طرق غير مشروعة لم يغن عنك شيئاً، فاستعن بالله وحده ولا تعجز.

هل الخلع يحقق لي السعادة؟

هل الخلع يحقق لي السعادة؟ المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق التاريخ 12/02/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم كنت موظفة بسيطة، قابلت رجلاً يكبرني في السن بأكثر من عشرين سنة، وأقمنا علاقة جنسية ولمدة طويلة، ثم تزوجنا، هو متزوج من زوجة أخرى، ومع ذلك وافقت، علاوة على أنني كانت لي علاقات سيئة مع رجال أجانب، وقد تزوجت زواجاً عرفياً أكثر من مرة، وقمت بأربع عمليات إجهاض، وغير ذلك من الذنوب والمعاصي والآثام والمنكرات، وطبعاً أهلي لا يعرفون شيئاً عن هذا، وقد حججت أنا وزوجي، لكني لا أصلي ولا ألتزم بالحجاب الشرعي، ومنذ حوالي ثلاث سنوات وأنا أفكر في الطلاق، رغم أنني مازلت أحبه وهو يحبني جداً، أنا أحس أنه يكذب علي كثيراً، أنا متأكدة أنه لا يخونني، ولكن إحساسي يقول لي يوجد شيء خطأ، وهو رافض الطلاق ويحاول أن يجعلني أُصلِّي، ولكني عنيدة، وكلما يسألني صليتِ؟ أقول: لا، هذا أمر بيني وبين ربنا، وأنا لا أحب أي شخص يفرض علي شيئاً، وحتى أجبره ليطلقني أقوم بالخروج من البيت كل يوم لوحدي، أذهب عند أهلي، ونروح سينما، أو أجلس على مقهى، وألبس لبساً ضيقاً، وأعمل مكياجاً جميلاً، وأرجع منتصف الليل، وأذهب إلى المصيف مع البنات لوحدنا، وألبس (المايوه) ، وحتى الآن هو رافض موضوع الطلاق، ويقول غداً ربنا يهديني، والآن أنا أفكر في الخلع، ولكن ليس عندي سبب غير أنني غير مرتاحة، وأنا متأكدة أن مستقبلي سوف يكون أحسن بدون زوجي هذا، صديقة لي قالت: إذا طلبت الخلع سوف يأخذ منك كل شيء مثل الشقة، والسيارة، والذهب، وحتى الملابس من حقه أن يطلبها، وصديقة أخرى قالت: طالما كتب هذه الأشياء باسمك فلا يستطيع، أريد أن أعرف هذه الأشياء حتى أعرف ما أفعل، زوجي لم يضربني مرة واحدة، ولم يسبني أيضاً، ولم يعايرني بالماضي، ولكن أنا لا أريده، علماً أن ظروفه المالية الآن تعتبر حرجة، ولكن ليس هذا هو السبب. ماذا أفعل؟ والسلام عليكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخت السائلة: لقد قرأت كلامك في هذا السؤال أكثر من مرة، ووجدت أنك تكلمت بكل صراحة ووضوح، ولذا فإني أطلب منك أن تفتحي لي قلبك وترعي لي سمعك، وتقرئي ما سأكتبه لك؛ لأني سأتكلم بكل صراحة ووضوح، فأقول:

واضح أنك تبحثين عن الراحة والسعادة، ولكنك والله أخطأت طريقها، واضح أنك غافلة عما خلقت لأجله، قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56] إنك - يا أختي - في أمسّ الحاجة إلى شيء واحد، هو التوبة النصوح مما اقترفتيه من الذنوب، أنت تعلمين أن الصلاة واجبة، بل هي ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفي الحديث قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" أخرجه الترمذي (2616) ، وغيره من حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، وأنت تعلمين أن ترك الصلاة حرام، بل هو كفر، قال صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة" أخرجه مسلم (82) من حديث جابر -رضي الله عنه-، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: (لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة) أخرجه مالك (84) في الموطأ، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه-: (من ترك الصلاة فلا دين له) . فكيف تريدين السعادة والراحة وأنت لا تغتسلين من الجنابة ولا تصلين؟! إنه يجب عليك أن تتوبي إلى الله -تعالى- من الفواحش التي اقترفتيها بأي اسم سميتيها، فهي الزنا بعينه الذي قال الله - عز وجل- عنه: "ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً" [الإسراء: 32] ، لقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- حال الزناة والزواني في قبورهم أنهم في تنّور أسفله واسع، وأعلاه ضيق، وهم عراة يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا - أي صاحوا من شدة حرّه-. انظر ما أخرجه البخاري (1386) من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- نسأل الله العافية. عند قوله تعالى: "لها سبعة أبواب" أي لجهنم، قال بعض السلف: (أشد الأبواب غمًّا وحرًّا وكرباً وأنتنها ريحاً للزناة الذين ارتكبوا الزنا بعد العلم) .

أنت تعلمين أنه يجب عليك أن تتحجبي، وقد ذكرت أنك حاولت ولم تفعلي كيف لا تفعلين ذلك، وقد أمرك ربك وخالقك والذي شق سمعك وبصرك، وأصحّ بدنك، ورزقك العافية بقوله سبحانه وتعالى: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن" [النور: 31] ، فيأمر الله -تعالى- المؤمنات -أسأل الله أن يجعلك منهن- ألا ينظرن بأبصارهن إلى ما حرم الله، ويحفظن فروجهن من الزنا والفواحش، ولا يظهرن زينتهن إلا ما ظهر منها، ولا يمكين سترة من الثياب والعباءة ونحوها، وليرخين بخمرهن -أي حجابهن- على جيوبهن أي أعلا صدورهن، ولا يظهرن زينة إلا للمحارم ثم ذكرهم وهم: (الزوج، والأب، والابن ... إلخ..) ، وقال تعالى: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب" [الأحزاب: 53] ، وقال تعالى: "وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" [الأحزاب: 33] ، أتدرين ما هو تبرج الجاهلية الأولى الذي نهى الله -عز وجل- عنه؟ إنه خروج المرأة ومشيها بين الرجال متكشفة -كما هو حالك الذي ذكرتيه في السؤال-، وقال تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً" [الأحزاب: 59] ، فهذا أمر الله -تعالى- لنبيه- صلى الله عليه وسلم- أن يأمر النساء بإدناء أي تقريب جلابيبهن، والمراد بها العباءة أن تقربها من رأسها وبدنها حتى تسترها وتتميز المرأة الحرّة بذلك. يا أختي الكريمة: إن الحجاب للنساء عبادة وفطرة وحياء، وطهارة، وعفة، وكرامة، وسعادة، فإذا كنت تريدينها فدعي عنك التبرج والتهتك والتفسخ، ولا عذر لك في ذلك. إنني أنصحك بالبقاء مع زوجك هذا ما دام يحبك وتحبينه، وتتوبي إلى الله أنت وإياه مما اقترفتموه سابقاً، وتنجبون الأولاد، وتعيشون حياة هانئة سعيدة، إنه زوج فيه خير كثير، يأمر بالصلاة، ولا يعيرك، ولا يسبك، ويحبك، وأنت متأكدة أنه لا يخونك، فكيف تفرطين فيه؟ إن سبب ذلك هو ما تعيشينه من غفلة عما خلقت له حتى ظننتي أن السعادة في الحرية من كل شيء، لا تريدين أحداً يفرض عليك شيئاً، كأنك تريدين أن تعودي لما كنت عليه سابقاً من علاقات كثيرة، وزواج عرفي، وفساد، وهذا والله هو الضياع والتعاسة؛ ولذا أنت تقولين: (إن إحساسي بيقول فيه حاجة غلط، (إنني غير مرتاحة) ، (وأنا متأكدة أن مستقبلي سوف يكون أحسن بدون زوجي هذا) ، وأنا والله الذي لا إله غيره ولا رب سواه - سبحانه وتعالى- متأكد أن حالك سيكون أشد تعاسة إذا طلقك زوجك وبقيت على حالة الغفلة التي أنت فيها.

إنه لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها بدون سبب مقنع -كما هو حالك-، قال صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غيرما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" أخرجه الترمذي (1187) ، وأبو داود (2226) ، وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان -رضي الله عنه-، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن المختلعات هنّ المنافقات" أخرجه الترمذي (1186) ، وأبو داود (2226) ، وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان -رضي الله عنه-، إنني أكرر عليك مرة أخرى بأن تتوبي إلى الله -تعالى- وتعودي إليه، فإنه يحب التوابين ويفرح بهم، ويغفر ذنوبهم، ويستر عيوبهم، ويسعدهم مهما كانت الذنوب عظيمة، فإن الله يغفرها لمن تاب. قال عز وجل: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر: 53] . احمدي الله -تعالى- أنه أمهلك إلى الآن ولم يقبضك وأنت على تلك الفواحش والعظائم، واستدركي حالك قبل أن يفاجئك الموت فتندمي ولا ينفع الندم، إنك مع الإيمان والتوبة النصوح والعمل الصالح، وتلاوة القرآن الكريم وتدبره، تسعدين وينشرح صدرك، وستقولين أين أنا من هذه السعادة، وعند الموت تعودين إلى ربك الذي وعد المؤمنين بالروح والريحان، ودخول الجنان، والنجاة من النيران، كم ستعيشين؟ مائة سنة؟ ثمانين سنة؟ سبعين سنة؟ أقل؟ أكثر؟ وكلها مليئة بالمنكرات والمنغصات، ثم تنتقلين إلى الآخرة، وهناك السعادة الأبدية أو التعاسة والشقاوة السرمدية. إن تلك السنوات المعدودة لا تساوي شيئاً عند حياة أبدية لا تنقطع، فلا تضيعيها بشهوة عابرة وضحكة ساخرة، وضياع وغفلة، قال تعالى: "يا قومي إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار" [غافر: 39] . أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، واسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب أن يشرح صدرك، ويتوب عليك، ويمن عليك بالسعادة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

استغلني ثم طلقني!

استغلني ثم طلقني! المجيب نزار بن صالح الشعيبي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق التاريخ 07/11/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ الجليل- حفظكم الله: لقد تزوجت قبل سنوات، وذهبت إليه في بلدنا، حيث كان هناك، وتم الزواج ورجعت إلى محل إقامتي؛ لكي أعمل له الأوراق، وأخذت مني مدة سنة وأربعة أشهر، وطيلة هذه الفترة كان أهلي يبعثون له مصروفه في بلدنا، من مسكن ومأكل ومشرب، حيث كانت التكاليف كثيرة- كما تعلمون كم تكلف مثل هذه الأمور- أكملت المعاملة وبعثت له أجور التذكرة، وجاء إلى البلد الذي أقيم فيه وفرحنا بقدومه كثيرًا بعد صبر طويل، وحمدت الله على سلامته. لقد فوجئت بعدم شوقه لي، وعدم تحدثه بكلام الحب الذي أسمعني إياه عندما كنت في بلدنا، بعد أسبوعين من وجوده معي وإذا بي أفاجأ بأنه يتصل بي ويخبرني بأنه ترك البيت، لم أصدق، ذهبت إلى غرفتي، وفعلًا رأيت أنه قد أخذ معه حقيبته، كانت صدمتي كبيرة لدرجة؛ ولا زلت إلى هذا الحين تحت العلاج طيلة هذه السنين وحتى الآن وأنا معلقة لم يسأل عني، ولم يبعث لي أي مصروف، وأذكر أنه قبل يومين من تركه البيت قال لي: طالق. وكنت أتصوره يعاني من مشكلة نفسية، وقد تأكدت عندما قالت لي والدتي بأنه قد قال لها بأنه قد طلقني، وفي نفس اليوم ترك البيت بعد أن وجد صديقه ليسكن معه، حيث إنه استغلني وأهلي في سبيل الحصول على تسهيلات السفر والهجرة! وعدم مخافة الله في أنه قد ظلمني وحطمني وأساء إلى سمعتي، وبقيت أخاف أن أخرج من البيت لكي لا أواجه الناس؛ لأن زوجي تركني بعد أسبوعين من مجيئه، ولا زال الناس تأتي لكي تبارك لي زواجي الفاشل مع الأسف. شيخنا الفاضل: إنني ضحية البساطة والطيبة في هذا الزمن الذي كثر فيه الغدر والكذب والخداع، فضيلة الشيخ الجليل: ما الحكم الشرعي لحالتي هذه؟ هل أعتبر طالقًا؟ حيث إنني أريد أن أخرج من أزمتي هذه وأرى مستقبلي؛ لأنني أشعر أنني مكبلة بالهموم والخوف، وعدم الثقة بالبشر- مع الأسف الشديد- حيث كنت بكامل ثقتي بنفسي وبالناس. شيخنا الفاضل: إنني بانتظار رأيكم السديد، الرجاء عدم وضع رسالتي هذه في الصفحة. أثابكم الله. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي السائلة: لا تحزني ولا تقلقي على ما جرى لك، وأوصيك بالصبر والاحتساب، وإني على يقين تام بأن الله تعالى- قد رحمك بأن صرف عنك هذا الرجل الاستغلالي اللئيم، وقد اختار الله تعالى- لك ما هو خير لك في دينك ودنياك، وأحب- يا أختي- أن أذكرك بأمور:

1- أن المؤمن في هذه الحياة مبتلى، فدار الدنيا دار ابتلاء وامتحان، والله سبحانه وتعالى- يبتلي عباده المؤمنين، وكلما زاد إيمان الشخص زاد بلاؤه، فنوحٌ عليه السلام، ابتلي بابنه وزوجته، وإبراهيم عليه السلام، أمر بترك زوجته وابنه الرضيع في وادٍ غير زرعٍ، ولما بلغ ابنه معه السعي أمر بذبحه، فامتثل لأمر ربه، ورُمي به في النار، فصبر، وأيوب عليه السلام، مرض سنين عددًا، وموسى عليه السلام، خرج من مدينته خائفًا يترقب، وأمر بإعلان الدعوة فلحقه من الأذى من قومه عنادًا واستكبارًا ما بسط بآيات من القرآن الكريم، ويوسف عليه السلام، رُمي في الجُبِّ مِن قِبَل أقرب الناس إليه (إخوانه) ، ويباع رقيقًا بثمن بخس، وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، ثم تعرض عليه الفتنة فيرفضها حتى أودع في السجن بضع سنين، ها هو ذا والده يعقوب عليه السلام، تبيضُّ عيناه من الحزن على ابنه يوسف عليه السلام، وهو كظيم، فدعا بدعائه المشهور: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) [يوسف: 86] . وقال عندما وصله نبأ ابنيه: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) [يوسف: 83] . ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله وعليه وسلم، خليل الرحمن المبعوث رحمة للعالمين، ينشأ يتيم الأبوين، ويُرمَى عليه سَلَا الجَزُورِ، وهو ساجد لربه تعالى عند الكعبة، وتتوالى عليه الأحزان في عام الحزن، فتموت أحب الناس إليه زوجته خديجة، رضي الله عنها، وعمه أبو طالب، ويخرج من أحب البلاد إليه، ويقاتله قومه حتى يُشجَّ جبينه الشريف، وتُكسر رَبَاعِيَتُه، وهو صابر لله تعالى، ومحتسب، وتتوالى المصائب والابتلاءات عليه حتى آخر لحظة من حياته، فتتوالى عليه سكرات الموت حتى يغمى عليه، صلى الله عليه وسلم، ويدخل عليه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، ويلاحظ شدة الألم عليه، صلى الله عليه وسلم، فيقول له: يا رسول الله، إنك توعك وعكًا شديدًا. قال صلى الله عليه وسلم: "أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ". أخرجه البخاري (5648) ومسلم (2571) . ويسأله، صلى الله عليه وسلم، سعدُ بن أبي وقاص، رضي الله عنه- عن أشد الناس بلاء؟ فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: "الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ؛ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ". أخرجه ابن ماجه (4023) والترمذي (2398) وقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وصححه الألباني. 2- أن المصائب التي تصيب الإنسان، وإن كانت في الظاهر شرًّا له إلا أنها في الحقيقة تحمل معها خيرًا للمؤمن إذا صبر واحتسب، ولم يجزع ويسخط؛ فعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا الْمُسْلِمُ إِلَّا كُفِّرَ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا". أخرجه البخاري (5640) ومسلم (2572) .

واسمعي هذه البشرى العظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم، والتي يزفها لنا الصحابيان الجليلان أبو هريرة وأبو سعيد الخدري، رضي الله عنهما؛ إذ يرويان لنا حديثًا هو سلوى لكل مسلم؛ إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ". أخرجه البخاري (5642) ومسلم (2573) . ويقول أيضًا، صلى الله عليه وسلم: "مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ". أخرجه الترمذي (2399) وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وحسنه الألباني. وكلنا ذو خطأ ومعصية، وتقصير، وكلنا بحاجة إلى تطهير من الذنوب والمعاصي. 3- أن على المسلم الصبر والاحتساب إذا أصابته مصيبة، والشكر والحمد عند حصول السراء، وهذا من خصائص المؤمن فهو بين الصبر والشكر، هكذا يسير في حياته، ويروي لنا صهيب، رضي الله عنه، تعجب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم- من حال المؤمن، فيقول صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ". أخرجه مسلم (2999) . فهذا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم- يخبر بأن الصبر عند الضراء هو خير للمؤمن. 4- أن الصبر خير عطاء يمنحه الله تعالى- لعبده المؤمن؛ فعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنْ الصَّبْرِ". أخرجه البخاري (1469) ومسلم (1053) .

5- تذكري- يا أختي- أن على العبد ألا يستسلم لمثل هذه الأحزان، وأن عليه أن يواجهها بقوة وشجاعة وإيمان؛ فالمصيبة الكبرى هي مصيبة الدين، وكل ما سواها هين وسهل، وعليه أن يتجاوزها؛ فهي فترة زمنية يعقبها فرج الله تعالى، فليس من الصواب أبدًا استمرار هذا الحزن معك سنتين كاملتين، واسمعي إلى هذه التوجيهات العظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم- لابن عمه عبد الله بن عباس، رضي الله تعالى عنهما، وهو غلام، وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "يَا غُلَامُ، أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ؟ ". فَقُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ؛ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا". أخرجه أحمد (2803) والترمذي (2516) وقال: حسن صحيح. وصححه أحمد شاكر. 6- أن المشروع للمؤمن في مثل هذه الحالات الإكثار من الدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى- يسأله تفريج الكرب، وإزالة الهم، ويلح على الله تعالى بالدعاء؛ فالدعاء هو العبادة، والله سبحانه وتعالى- يحب الملحِّين في الدعاء، وهناك أدعية مأثورة يستحب للمسلم الإكثار منها، من ذلك قول العبد عند المصيبة: (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) [البقرة: 156] . قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155-157] . وعن أم سلمة، رضي الله تعالى عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا. إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا ". أخرجه مسلم (918) . ولقد كانت أم سلمة، رضي الله عنها، تدعو بهذا الدعاء عندما فقدت زوجها أبا سلمة، رضي الله عنه، فأبدلها الله تعالى- خيرًا من أبي سلمة، رضي الله عنه، حيث تزوجت بعده رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ونالت شرف أم المؤمنين.

7- تذكري أن الصابر يوفَّى أجرَه بغير حساب؛ قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10] . والصبر من صفات البر؛ قال تعالى: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [البقرة: 177] . فلا تكبلي نفسك بالهموم واتركي عنك الخوف، وسيري على توجيهات ربك، ونبيك صلى الله عليه وسلم، وعاهدي نفسك بفتح صفحة جديدة من حياتك، ولا تسمحي لمثل هذا المخادع أن يدمر حياتك، واحمدي الله تعالى- أن صرفه عنك في أول حياتك قبل أن تتورطي معه بأطفال، وتذكري دومًا قول الله تعالى: (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: 19] . وأما سؤالك: هل يعتبر ما صدر من زوجك طلاقًا؟ أقول: إذا صدر هذا اللفظ منه صريحًا، كما تذكرين فهذا طلاق، إلا أني أنصحك أن تقومي بتوثيق هذا الطلاق بصفة رسمية لدى أقرب محكمة. وأسأل الله تعالى- لك التوفيق والرشاد في الدنيا والآخرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هل تصبر أم تسأله الطلاق؟!

هل تصبر أم تسأله الطلاق؟! المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق التاريخ 4/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أنا متزوجة منذ ثمانية أشهر، والآن حامل في شهري الثالث، هذا الحمل الذي منذ بدأ بدأت المشاكل، طلب مني زوجي مساعدته في مصاريف البيت، ففعلت، ولكن أصبح مؤخراً يطالبني بمرتبي كله، أقوم بجميع الأشغال المنزلية لوحدي؛ لأنه لا يريد أن آتي بخادمة لمساعدتي، ولا يريد هو مساعدتي، بل يريد فقط إعطائي الأوامر، وإذا أجبته بكلمة يقوم بضربي؛ مدعياً أنه الرجل، أفكر أحياناً في طلب الطلاق، ولكن أفكر في الجنين الذي في أحشائي، فمادياً لن ينقصه شيء، ولكن لا أريد أن يكبر بدون أب. أرشدوني جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما ذكرتِه من تصرفات زوجك تصرفات خاطئة محرمة لا يقرها الإسلام ولا يجيزها، والإسلام أمر الرجل بالإنفاق على المرأة والقوامة عليها، لا أن يقتات من عملها وكدها وجهدها. وليست الرجولة في ضرب المرأة، وإنما الرجولة في القوامة عليها، وإكرامها وإعزازها، وتوفير ما تحتاج إليه، فما يفعله زوجك -حسب ما ذكرته- خطأ كبير. تبقى القضية: هل الأولى الاستمرار معه، أو المفارقة؟ أقول هذا أمر لا يستطيع أحد تقديره أكثر منك، فإن كنت ترين أن أمامك فرصة بالزواج ممن هو أفضل منه إذا تركتِه فإنني أرى أن تتركيه، لعل الله يبدلك خيراً منه، وكونك حملت بجنين فهذا الجنين لن يضيع -بإذن الله-، ولا يصح أن تكون حياتك كلها مرتهنة لهذا الطفل، فالذي جاء بالطفل سيأتي بأطفال آخرين، وأبوه هو الملزم به أن يتولى رعايته والقيام عليه وليس أنت، وأنت الآن في مستقبل حياتك والمستقبل أمامك، فإن كنت ترين أن لديك فرصة في الزواج من رجل أفضل من هذا الرجل، فلا تلامي في البحث عن خيار أفضل، خاصة أن سلوك زوجك معك بهذه الطريقة في أول سنة الزواج، بل في أشهُره الأولى يدل بوضوح على ضعف عاطفته تجاهك، وأن محبته لك قليلة أو معدومة، وسوء عشرته في هذا الوقت الباكر لا يبشر بخير في المستقبل. وأما إذا كنت ترين أن الفرص أمامك ستكون معدومة، وأنك أن تعيشي مع هذا الرجل أولى من أن تعيشي بدون رجل، فهذا أمر آخر يرجع لك أنت، ولكن أرى مع ذلك أن تطالبي بحقوقك، وألا تخضعي لطلباته؛ فراتبك حق لك، وضربه لك -بغير حق- لا يجوز ولا يحق له، والمحاكم لم تقم إلا لرفع الظلم عن المظلومين، وحماية حقوق المستضعفين، وهناك صنف من الرجال لا يعطي الحق من نفسه إلا أن يؤخذ منه. والله يعينك ويتولاك.

ـــــ ثانيا: العلاقات الأسرية ـــــ

ثانياً: العلاقات الأسرية

معاملة الوالدين

رسالة إلى عاق المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 11/03/1427هـ السؤال ما حكم الابن الذي يشتم والدته، ويقول لها كلامًا بذيئًا وغير لائق أخلاقيًّا، ويهددها بإدخالها السجن، وإخراجها من المنزل، ويتمنى لها الموت، وقد سبق أنْ رفع دعوى قضائية في المحكمة علينا وعلى والدته التي هي والدتنا جميعًا، فهل من نصيحة لأمثال هذا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن صح ما ذكره السائل من شتم أخيه لوالدته وتهديدها بالسجن ... الخ فإن هذا العمل من كبائر الذنوب، قال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [العنكبوت:8] . وقال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [الأحقاف:15] . وقال تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" [النساء:36] . وقال تعالى: "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" [الأنعام:151] . وقال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" [الإسراء:23] . وقال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" [لقمان:14] .

ففي هذه الآيات يبين الله تعالى عظم حق الوالدين، حيث قرنه بعبادته سبحانه مما يظهر المنزلة العالية التي جعلها الله تعالى لهما، قال القرطبي -رحمه الله- تعالى: "وبالوالدين إحساناً" أي وأمرناهم بالوالدين إحساناً، وقرن الله -عز وجل- في هذه الآية حق الوالدين بالتوحيد؛ لأن النشأة الأولى من الله، والنشء الثاني وهو التربية من جهة الوالدين، ولهذا قرن تعالى الشكر لهما بشكره، فقال (أن أشكر لي ولوالديك) والإحسان إلى الوالدين معاشرتهما بالمعروف والتواضع لهما وامتثال أمرهما" ا. هـ تفسير القرطبي (2/13) وقال -رحمه الله تعالى-: "قوله تعالى وبالوالدين إحساناً إلى الوالدين برهما وحفظهما وصيانتهما وامتثال أمرهما وإزالة الرق عنهما وترك السلطنة عليهما" ا. هـ التفسير (7/132) . وتوعد المقصرين في حقوقهم، فقال تعالى: "وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ" [الأحقاف:117-18] . وحق الأم أعظم من حق الأب؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رجل: يا رسول الله من أحق بحسن الصحبة؟ قال -صلى الله عليه وسلم- "أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك" رواه مسلم (2548) . والأم إن كانت كبيرة في السن فهي في عمر تكون أحوج ما تكون لبر أولادها ويتأكد البر في هذا السن جداً، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف) قيل: من يا رسول الله؟ قال (من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة) رواه مسلم (2551) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وعن معاوية بن جاهمة السلمي -رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال: (ويحك أحية أمك) ؟ قلت: نعم قال: (ارجع فبرها) ، أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال (ويحك أحية أمك) قلت: نعم يا رسول الله قال (فارجع إليها فبرها) ، ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال: (ويحك أحية أمك) قلت: نعم يا رسول الله قال: (ويحك ألزم رجلها فثم الجنة) رواه عبد الرزاق (9290) ، وأحمد (3/429) ، وابن أبي عاصم (3/59) ، وابن ماجه (2781) ، واللفظ له.

وعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إني أذنبت ذنباً عظيماً فهل لي من توبة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ألك والدة) ، وفي رواية ابن قتادة (أما لك والدة) قال: لا. قال: (ألك خالة) قال: نعم قال: (فبرها) . رواه الترمذي (1904) وابن حبان (435) والحاكم (4/171) وصححه. والبيهقي في الشعب (7864) واللفظ له. وروي عن عمر -رضي الله عنه- أن رجلاً قال له: قتلت نفساً؟ قال: أمك حية؟ قال: لا. قال: فأبوك؟ قال نعم. قال فبره وأحسن إليه، ثم قال عمر: لو كانت أمه حية فبرهما وأحسن إليها رجوت أن لا تطعمه النار أبدا. (جامع العلوم والحكم/173) ، وقال رجل لعبد الله: إني قتلت نفساً فهل لي من توبة؟ قال: ألك أبوان؟ قال: أمي حية. قال: ألزمها وبرها واجعل التراب على رأسك وابك على نفسك، وإياك أن تيأس من رحمة الله فإنك إن أيست من رحمة الله كان أعظم عليك من هذا الذنب الذي ركبته. رواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (702) ونحوه عند ابن أبي شيبة (5/434) . ومع الأسف أن قضايا عقوق الوالدين قد كثرت في هذا الزمان؛ لضعف الديانة وقلة الرادع، لذا فإني أهيب بالمسئولين في كل دولة بإيجاد مؤسسة مختصة بقضايا الوالدين المرفوعة ضد أولادهم بسبب العقوق أو الاعتداء والاستعجال في البت فيها مما سيحد كثيراً من قضايا العقوق، فالله تعالى يزع بالسلطان من ما لا يزع بالقرآن.

لا أستطيع بره ... فهل يعد عقوقا؟!

لا أستطيع برّه ... فهل يعد عقوقاً؟! المجيب سعد بن عبد الله الماجد عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 13/02/1427هـ السؤال والدي -هداه الله- هجرني وتركني بعد طلاقه لوالدتي، ولكنه كان راضياً عني. وأنا الآن لا أستطيع الوصول إليه، أو حتى بره، فهل يعتبر ذلك عقوقاً مني، وهل عليّ ذنب؟ علماً أنه كان قبل طلاقه لأمي يعاملني معاملة سيِّئة، وما كان مني إلا الصبر عليه واحترامه. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالله تعالى أمرنا ببر الوالدين، حتى وإن كانا مشركين، فقال: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا" [لقمان:15] . ولكن لا يطاعان في معصية الخالق جل وعلا، إذ إن بر الوالدين أوأحدهما واجب عليكِ. وأما قولك: لا أستطيع الوصول إليه، فالحمد لله أسباب الاتصال أصبحت الآن متوفرة، إما عن طريق المواصلات أو المراسلة أو التليفون، فإن لم تستطيعي -على حد قولك- فادعي له بالهداية والصلاح والمغفرة، وعليك تذكر الأجر المترتب للبر وصلة الرحم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ". أخرجه أحمد (8513) ، والترمذي (1979) ، وهو في البخاري (5985) بلفظ مختلف دون أوله. وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ يَعْنِي بِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْعُمُرِ، ومن وصل رحمه وصله الله، وكم سمعنا من قصص ممن عقوا والديهم وقطعوا أرحامهم، وكيف كانت عقوبتهم في الدنيا قبل الآخرة. قال تعالى "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" [محمد:22] وأما ما حصل من أبيك فعفا الله عما سلف، وحقه عليكِ أعظم من حقكِ عليه، لذلك أمر الله تعالى الأبناء ببر الآباء، ولم يأمر الآباء ببر الأبناء، فقال تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا" [النساء:36] فقرن الإحسان إليهما مع عبادته في موضع واحد، وقال سبحانه: "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا" [الأنعام:151] وقال: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما" [الإسراء:23] "ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون" [العنكبوت:8] . وفي الحديث الذي أخرجه البخاري (527) ، ومسلم (85) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها"قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين". قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله؟ قال: حدثني بهن ولو استزدته لزادني. فجاهدي نفسك على بر والدك والاعتذار عنه فيما سلف والدعاء له، والله يعينك على ذلك، وبالله التوفيق والسداد.

استدراك ما فات من بر الوالد بعد وفاته

استدراك ما فات من بر الوالد بعد وفاته المجيب هند بنت سالم الخنبشي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 05/02/1427هـ السؤال ماذا يفعل الإنسان إذا توفي والداه وهما غضبانان عليه؟ هل من سبيل لبرهما؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأشكرك -يا أختي- على اهتمامك، وسؤالك عن أمر مهم من أمور دينك، أمر قرنه الله بتوحيده وعبادته، وها أنا أبشرك يا أختي بأن أبواب البر تظل مفتوحة أمام العبد حتى بعد وفاة والديه. نعم قد يخطئ الإنسان أو يُغضِب والديه في لحظة سيطر الشيطان فيها عليه، لكن باب التوبة مفتوح، وسبل البر متوفرة ولله الحمد، وهذا من عظمة هذا الدين. فمن أبواب البر: 1- الدعاء للوالدين، وهذا قبل وبعد الممات، وقد ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" فلا يزال الوالد يصله من الأجر ما دام ولده يدعو له. 2- الاستغفار للوالدين: وهذا دأب الأنبياء والصالحين، قال نوح -عليه السلام- "رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً" والاستغفار يرفع درجة الوالد في الجنة، فقد ورد في الحديث أن الرجل يبلغ درجة في الجنة لم يبلغها بعمله، فيسأل عن ذلك فيقال له باستغفار ولدك لك. 3- الصدقة عن الوالدين. 4- أداء العمرة أو الحج عنهما. 5- صلة أقارب الوالدين وأحبابهما، قال ابن عمر: "إن من البر أن يصل الرجل أهلُ أبيه". وقبل ذلك كله عليك بالتوبة من ذنبك والاستغفار؛ علَّ الله أن يقبل توبتك ويغسل حوبتك. كما أحب التنبيه أن الواجب هو بر الوالدين في الحياة وبعد الممات، نسأل الله أن يهدينا ويرزقنا بر آبائنا وأمهاتنا إنه على كل شيء قدير.

المرض النفسي لوالدنا ... أحرجنا!

المرض النفسي لوالدنا ... أحرجنا! المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 21/01/1427هـ السؤال يعاني والدي من حالة نفسية، وأعراض هذه الحالة خطيرة جداً، وسأشرح لك جزءًا قليلاً من تلك الأعراض. هذا المرض أصاب والدي منذ سنوات، حيث يقل نومه ويقل أكله ويتصرف تصرفات غير سوية وجنونية، فيقوم بالتوهم بأنه تاجر أحياناً، وأحياناً شاعر وأحياناً قوي لا يقهر، وأحياناً شيخ ورجل مهم في الدولة، ويقوم بقضاء معظم وقته في المقاهي، ويصرف أمواله في أمور لا ترضي الله ولا رسوله، ويستغل من قبل أناس كثيرين لا يخافون الله، ويكون عدوانياً بشكل كبير لمن نصحه أو عارضه في بعض الأمور، ويقوم أيضاً بالقيادة بشكل جنوني. وقبل سنوات قام بإطلاق النار على عدة قرى، وعرَّض حياته للخطر، وجرح الكثير من الناس هناك، حتى وصل به الأمر إلى التهجم على أعراض الناس. ولقد حاولت أن أنصحه وأثنيه لكن دون جدوى، نصحني البعض بالحجر عليه ولكني لم أستطع فعل ذلك، كما أفيدكم بأنه لا يصلي ولا يصوم، ويجاهر بالمعصية، ويشهر بأهل بيته وبنات أخيه، أفيدوني ما العمل في مثل هذا الموقف؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ملأ الله قلبك رضى، وكان الله في عونك. رسالتك تنطوي على ثلاثة أبعاد بشكل رئيس: 1. بُعد صحي. بُعد شرعي. بُعد اجتماعي. البُعد الأول (الصحي) أقترح استمرارك في السعي لعلاج والدك -جمع الله له بين الأجر والعافية- وتحرى المراكز التي تعتني بهذه الحالات وأمثالها، وبخاصة ذلك النوع الذي يجعله تحت العناية الداخلية، أقترح أن تتحرى بشكل جيد في دولتك؛ فهم أقدر منا على إرشادك، وربما استفدت من الإنترنت في هذا الغرض. البُعد الثاني: يعد والدك معذوراً شرعًا في الفترة التي يغشاه فيها المرض مما قد يتلفظ به أو يعمله أو يتركه، لكنه - وإن كان معذورًا فيما بينه وبين الله - فإنه يتحمل قيمة ما يتلف (لو حصل شيء من ذلك) ، ولا يلحقك إثم فيما يتلفظ به هو، وعليك بعرض حاله على المحكمة الشرعية، فربما رأى القاضي الحجر على ماله مطلقًا أو مؤقتًا، ونقل الولاية على أسرتك منه إليك، فهذا الأمر لا تكفي فيه الفتوى أو الاستشارة، بل لا بد من حكم قضائي. البُعد الثالث: وهو ما يتعلق بعلاقة والدك بأسرته وعلاقته بالناس، وما تشعر به من الحرج الشديد، لا أتوقع أن أحدًا يلومك فيما تشعر به، بل هو أمر يبعث على التعاطف معك من وجهين: أنه والدك الذي جعل الله له حقوقًا شرعية فضلاً عن العاطفة الفطرية المشتركة، والثاني من الناس الذين تقرأ في وجوههم ونظراتهم معاتبتك ولومك، ولذا فأكرر جعل والدك في العناية الداخلية للمراكز النفسية، حتى يتماثل للشفاء، أو أن يقترح عليك القاضي إمساكه في البيت وتحمل ما يتلفظ به، ومن المهم في هذه الحالة أن يكون بعيدًا عن مرأى الصغار خاصة، وأن يبدو منك -بشكل واضح- تضايقك أن تمارس مع والدك هذا الحبس. وفي كل الحالات حافظ على ما أبديته سابقًا من الشفقة عليه والمحبة له مهما كان من حاله، والله يأخذ بأيديكم للفرج، فـ (سيجعل الله من بعد عسر يسرًا) .

لم أوفق بسبب دعاء والدتي

لم أوفَّق بسبب دعاء والدتي المجيب علي بن عبد الله العجلان مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 20/01/1427هـ السؤال أنا فتاة متخرجة منذ أكثر من سنتين، لم أجد وظيفة، ولم أتزوج، وأشعر بغربة رغم كثرة من حولي. والدتي أكبر مشكلة في حياتي، فهي دائماً تدعو عليَّ بعدم التوفيق، وهذا ما أحس به، فأنا لا أوفق في أي طريق أسلكها، فلا وظيفة ولا زواج، وأصبحت أكره نفسي بالرغم من أنني أملك طاقة هائلة بداخلي، ولكن لا أستطيع إثبات ذلك، وكأنني عصفور داخل قفص لا يريدون له الخروج. أفيدوني مأجورين. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: الجواب -أختي الكريمة- كما يأتي: 1- قرأت رسالتك أكثر من مرة، وقد عشت مع سطور رسالتك شيئاً من معاناتك، أسأل الله لك الفرج. 2- القلق وكثرة الهم لا تحل المشكلة، بل هي مشكلة أخرى ينبغي التنبه لها، فبدلاً من أنك كنتِ تعيشين مشكلة تحولت إلى مشكلتين، وهكذا كلما زاد القلق وقلَّ الصبر. ولذا قيل: وجدت خير عيشنا بالصبر. 3- العمل الإيجابي وكذلك التفكير هو الذي يحل المشكلة أو يخفف منها، بل يجد الإنسان في ذلك الوسيلة الصحيحة لحل مشكلته. 4- الاشتغال بما يفيد وينفع من أمر الدين والدنيا سبب من أسباب السعادة في الدنيا وراحة البال، وطمأنينة النفس، هذا حسب مشاهدتي للواقع. 5- نحن المسلمين نؤمن بالقدر خيره وشره وأنه من الله، وهذا الإيمان النظري يحتاج إلى تطبيقه على الواقع العملي، وأن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما قدِّر عليك سوف يقع، وهذا لا يعني ترك الأسباب وعدم الأخذ بها. 6- معاناتك قد يكون سببها طموحك وذكاؤك وقدرتك على تحقيق الكثير، إلا أنك ترين أن المجال لم يفتح لك، وما تفكرين فيه لم تستطيعي تحقيقه، فعليك فعل ما تستطيعين وتقدرين عليه. 7- كثرة الدعاء والذكر والعبادة سبب من أسباب زوال ما تعانينه. وفقك الله وأعانك.

هل يستحق أبي البر؟!

هل يستحق أبي البِر؟! المجيب مصطفى محمد الأزهري داعية وباحث إسلامي بوزارة الأوقاف المصرية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 15/01/1427هـ السؤال اكتشفت أن والدي على علاقة بامرأة متزوجة منذ زمن بعيد، وذلك قبل أن تتوفى أمي، وكعادة جميع الأمهات، فقد كانت أمي -رحمها الله- تعلم ذلك، ولكنها لا تريد أن تفسد حياتها. فوالدي لا يخجل حتى من أن يتحدث مع هذه المرأة على التلفون مع وجودي في البيت، أو حتى أن يتركني وحدي في البيت ليقابلها ويقضي معها اليوم، بينما كانت أمي تجلس مريضة في الغرفة المجاورة له. وكل ما أتمناه من الله أن يوفقني في إيجاد عمل؛ لكي أستطيع الاعتماد على نفسي ماديًّا، خاصة بعدما فقدت الإحساس بالأمان، فأبي هو المصدر الوحيد لرزقي، وأنا لا أعلم ما يضمره لي. أرجو أن ترشدوني. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأسأل الله تعالى أن يرحم أمك برحمته التي وسعت كل شيء، وأن يجعل ما عانته في حياتها من مرض ونشوز الزوج في ميزان حسناتها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. هناك -للأسف- صنف من الناس تمتد بهم فترة المراهقة امتداداً مزرياً يجعلهم سخرية الزمان؛ فرجل ذو مال وعيال وأسرة مستقرة، ما الذي يدفعه إلى ما ذكرت من انحراف سوى نفس ضعيفة وهوى جامح، لم يردعه رادع من تقوى الله أو حتى كبر سن.. وماذا يملك المرء لمن فقد الحياء وانعدم منه الاستحياء، فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستحي فاصنع ماشئت". صحيح البخاري (3484) . وأمام هذا السلوك الشاذ من والدك -هداه الله- لا أملك لك إلا بعض الوصايا التالية: * التحلي بالصبر على هذا البلاء. *النصيحة المباشرة لأبيك، أو عن طريق أحد أفراد العائلة الراشدين، عم أو خال..إلخ. *بري أباك وأحسني معاملته، فلا يجوز معاملته بالمثل؛ يقول عليه الصلاة والسلام: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك". أخرجه الترمذي (1264) ، وغيره. *اقبلي من أبيك إنفاقه عليكم ولو كان قليلاً، ولا بأس أن تبحثي عن عمل مناسب يكفيك حاجتك. * لو تقدم لخطبتك شاب صالح فلا تترددي من القبول منه، فقد يخرجك الزواج من كنف أبيك ومن ذكريات محزنة وكئيبة. * احذري من اليأس من رحمة الله، فليست الدنيا كلها هي "أبوك"، ففي الحياة خير وشر، وتعاسة وسعادة، وحزن وأفراح. * اشغلي نفسك بأعمال طيبة، ولا تستسلمي لتلك المشكلة، فأكثري من تلاوة القرآن الكريم، وقراءة قصص الأنبياء، وسير الصحابة وحكايات الصالحين؛ ففي كل ذلك سلوى وبشرى وتخفيف من آلامك وجراحاتك. * أكثري من الدعاء لأبيك بالهداية والتوبة؛ عسى الله أن يتوب عليه وأن يبدل حاله إلى أحسن الأحوال. * كوني على يقين أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا. أسال الله تعالى أن يهدي أباك، ويرحم أمك، وأن يبدل حزنك فرحاً..

بيني وبين بر والدي ضرة والدتي!

بيني وبين بِرِّ والدي ضرَّة والدتي! المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 08/01/1427هـ السؤال تزوج والدي بزوجة ثانية، وقد أصبح تابعاً لها في كل شيء، ويأخذ رأيها في كل شيء حتى ولو كان خطأً، وأصبح إرضاؤه لا يتحقق إلا بإرضائها هي، وبما أنها ليست راضية عني وعن أختي فأصبحت تكيل لنا التهم لتغضب علينا الوالد، مع أننا نحاول إرضاءهُ بكل الوسائل، علماً أن هذه الزوجة لا يرضيها إلا أن نتبعها في كل شيء، حتى ولو كان حراماً، فكيف أتعامل مع هذه المرأة وأرضي أبي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: رضا الوالد فرض لازم لا خيار لك فيه، فاتبع مراضيه بكل سبيل إلا فيما حرم الله تعالى، فحسن العلاقة مع زوجته وإرضاؤها واجب عليك؛ لأن والدك يريد ذلك، فاجتهد غاية الاجتهاد في هذا. ثانياً: زوجة والدك عاملها باللين وقضاء الحاجة لها وخدمتها، وأحسن العلاقة فيها حتى ترى أنك صادق في ذلك، فربما تُبدل عادتها معكم. إن أصرت على مثل ما ذكرت فواجبك الصبر والدعاء، والحذر الحذر من مبادلتها السيئة بمثلها، فإن هذا عقوق للوالد، وسبب في ازدياد المشكلة، وإذا اجتهدت مع أختك في بناء العلاقة الطيبة فسوف يرضي الله عنك الوالد، ويعرف أنك رجل بار ووفي. وإذا علم الله منك الصدق فسيعينك ويوفقك.

رفضت العلاج لتوفر تكلفته لأولادها!

رفضت العلاج لتوفر تكلفته لأولادها! المجيب محمد بن إبراهيم الحمد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 04/11/1426هـ السؤال والدتي مصابة بالتهاب الكبد الوبائي، ويحتاج علاجه إلى تكلفة باهظة -والحمد لله- نملكها، ولكن التكلفة هي معظم ما نملك، وأمي ترفض الخوض في هذه التجربة، وتكتفي بالعلاج المجاني من التأمين الصحي، ولكنه ليس علاجاً بل هو منشطات للكبد؛ معللة أننا -أنا وأختي- أحق بتلك الأموال، وأن الشفاء يأتي من الله -عز وجل- وهذا صحيح، ولكن ألا يجب أن يبذل المؤمن كل ما في وسعه طلباً للشفاء من الله -عز وجل-؟ ثم ما هي الأدعية الشرعية الموجبة للشفاء من الأمراض المستعصية؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فجزاكم الله خير الجزاء على هذا البر، وأبشروا فإن البر لا يضيع لا في الدنيا، ولا في الآخرة. أما بالنسبة للعلاج فحاولوا إقناع الوالدة بالأخذ به، والسعي إليه، وإذا رفضت فلا شيء عليكما ولا عليها. ومع السعي في العلاج الحسي عند المستشفيات خذوا بالعلاج المعنوي الروحاني، وهو العلاج بالرقية الشرعية بالقرآن الكريم، والأدعية النبوية؛ فإن أثرها عظيم لا يستهان به. وكم من الناس من أيس الأطباء من علاجه، فشفاه الله بالرقية الشرعية. فلو واصلتم القراءة عليها، وأكثرتم من الدعاء لها لرأيتم أثر ذلك -إن شاء الله- ولو لم يأتكما من ذلك إلا انشراح الصدر، والرضا بالقدر. والرقية تكون بالقراءة مع النفث، وتكون بمسح الجسد باليد، وتكون بالنفث بالماء، ثم تشربه الوالدة أو تغتسل به. والرقية تكون -كما مر- بآيات القرآن الكريم والأدعية الشرعية، كقراءة الفاتحة، وأوائل سورة البقرة، إلى قوله تعالى: "ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير"، وكذلك أواخر سورة البقرة، وكذلك أواخر سورة الحشر، وكذلك سورة الشرح، وألهاكم التكاثر، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، وغيرها من آيات القرآن الكريم. ومن الأدعية النبوية ما يلي: 1- (بسم الله أرقيك، من كل شيءٍ يؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك) . 2- (امسح الباس، رب الناس، بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت) . 3- (أذهب الباس، رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقما) . 4- (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) . إلى غير ذلك من الأدعية النبوية. وأخيراً ... أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يشفي والدتكم، وأن ينزل عليها الرضا والسكينة.

دعوات أمي تلاحقني

دعوات أمي تلاحقني المجيب عبد العزيز بن عبد الله الحسين التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 17/10/1426هـ السؤال أنا فتاه أرفض الزواج؛ لأنني أخاف أن أفشل في حياتي الزوجية بسبب أمي؛ لأنها دائما تدعو علي بعدم التوفيق، فهل أستمر على الرفض، أم أوافق على الزواج؟ لأني أخاف أن تستجاب دعوتها، فدعوة الأم مستجابة؟ أفيدوني مأجورين. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نشكرك -أختنا الفاضلة- على تواصلك معنا، ونسأل الله لنا ولك حياة سعيدة. إن هذا الشعور الذي يتملكك نحو والدتك، وهذا الإحساس الذي ينتابك هو أول الطريق الصحيح لكي تسعدي في حياتك الزوجية بإذن الله تعالى. تعلمين -يا أخية- عظم حق الأم في الإسلام، وأنها سبب في دخول الجنة كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في وصيته بها، حيث قال: "الزم قدميها فثم الجنة". إن كل أم تتمنى كل السعادة والراحة والطمأنينة لفلذة كبدها وقرة عينها لابنتها وابنها، فهي ترعاهم وتحفظهم منذ الصغر، فتفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم، ولا تغمض لها عين حال مرضهم.. وأما لحظات الغضب فهذه لا يسلم منها أحد، ودائماً ما تندم الأم على تفريطها وتقصيرها في حق أولادها. حتى تسعدي -يا أخية- في حياتك الزوجية من الآن فاسعي وقبلي رأس والدتك، واستدري عطفها وحنانها ولترفع يديها لك بالدعاء أن يوفقك الله في حياتك الدنيوية والأخروية، وإذا جاءك من ترضين دينه وخلقه فأقدمي غير خائفة ولا وجلة؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا هداة مهتدين.

أرشدوني فقد هجرني والدي

أرشدوني فقد هجرني والدي المجيب سعد بن عبد الله الماجد عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 07/09/1426هـ السؤال أريد حلاً لمشكلتي مع والدي فهو لا يريد أن يكلمني ولا أن يراني مع أني ملتزم، والمشكلة بدأت منذ صغري، وفي كل مرة يزعل ويرضى، أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: -وفقك الله لكل الخير-. ما ذكرته عن معاملة والدك لك، وعدم حديثه معك له أسباب لم تذكرها وأمور أغفلتها في سؤالك. ولتعلم بأن أرحم الناس بك -بعد الله- والداك، وقد أمر الله -عز وجل- بالبر بالوالدين والإحسان إليهما، وحذَر من عقوقهما، ولا تخفى عليك الآيات في ذلك والأحاديث. والوالد بشر من الناس يصيب ويخطئ؛ ومع ذلك فلابد من البر والإحسان به والتواضع له، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وهل جزاء من ضحى بجهده وكده، ومن أخذت من قلبه الحنان والعطف والاهتمام إلا الشكر والعرفان ومحاولة رد جزء يسير من ذلك. أما بالنسبة لموقف والدك منك، وعدم كلامه معك، فابحث عن السبب مستعيناً بالله ثم بمن حولك: والدتك، إخوانك، واعمل على استرضائه؛ فحقه عليك أعظم من حقك عليه، كما أنبهك على أمور تنفعك في بر والديك ومنها: - تجنب عقوقهما قولاً وفعلاً، والزمْ القيام بخدمتهما مع التواضع وخفض الجناح لهما والصبر عليه، وأن يقوم بنفسك أن ما تعمله لا يقارب ولا يداني شيئاً وفّراه لك أو عاملاك به من حنان ورحمة وعطف واهتمام في حال صغرك أو كبرك. - الصبر على أخطائهما والاعتذار عنهما، وأنهما لم يتعمدا الخطأ، وأن خطأهما كان عن جهل أو اجتهاد؛ والله يغفر لهما بمنه وكرمه. - التعامل بالحكمة معهما في تصحيح الأخطاء، سواء كانت معاصي وذنوباً في حق الله، أو كانت في حق الآدميين. - اصرف شيئاً من وقتك ومالك في بر والديك، ولا تبخل عليهما؛ فقد أعطياك أكثر. - استمع لوالديك ولا تقاطعهما، اسمع لشكواهما وما يطلبانه، وحاول القيام به وتنفيذه ما لم يكن معصية للخالق، (فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) . - ليس هناك فجوة -كما يتخيلها بعض الناس- بين جيل الآباء والأبناء؛ ولكن هناك تجارب من علمته الحياة، وهناك من غررت به الحياة وبهرته بزخرفها، فتخبط فيها وعادى من نصحه وكان أكثر منه علماً. أخي الكريم: أحمد لله أن بلغك هذا السن ووالدك على قيد الحياة، وكم من الناس من لم ير والده؛ حيث توفي والده وهو صغير؛ بل لا وجود لصورته في ذاكرته، ولا يشعر بضمه له وحنانه!؟ أخي الكريم: كم من الأجور نجنيها في حياة والدينا؟ البر والإحسان له أجر عظيم لا يعلم مقداره إلا الله، كما أن البر بهما باب عظيم لرضا الله -عز وجل- ودخول جنته. دعاء الوالدين مستجاب، فكم من الخير والتوفيق والحفظ إنما بلغته بدعائهما. وفقك الله لبر والدك، وجعلك من عباده الصالحين.

والداي يكرهان تديني فهل أضيفهما؟

والداي يكرهان تديُّني فهل أُضَيِّفهما؟ المجيب د. أحمد بن محمد صالح الخضيري عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالرياض - قسم الفقه التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 30/07/1426هـ السؤال أنا حديثة عهد بالإسلام، وأعيش في إحدى دول الغرب وأهلي في دولة أخرى، ووالداي رافضان دخولي الإسلام، وسيقومان بزيارة لي بعد أيام، وسيقيمان عندي لمدة أسبوع واحد، وأمي تكره بشدة كوني مسلمة. فقد أجد مشقة في أداء الصلوات، خاصة صلاة الفجر؛ لأنهما سيتضجران من صوت المنبه. أنا أرغب في حضور والديَّ لزيارتي، لكنني أتضايق من منعي أداء شعائر ديني. فماذا أفعل؟ علماً أن والديَّ من أشد الناس إلحاداً. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الذي أراه ألا تتضجرّي من زيارة والديك لك، بل ينبغي أن تظهري لهما السرور والانشراح بزيارتهما، وهذا من البرّ بهما، ولو كانا مشركين، فالله تعالى يقول: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً"-[لقمان:15] ، وقال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقطسين". [الممتحنة:8] . والواجب عليك أن تستثمري وجودهما عندك في إظهار الصورة الحسنة للإسلام، وذلك بإكرامهما والتلطف معهما، وإدخال السرور على نفسيهما، فلعل إحسان معاملتك لهما تتسبب في دخولهما في الإسلام أو القرب من ذلك، وعليك -إذا وجدت فرصة سانحة- أن تعطيهما بعض الكتب أو الأشرطة التي تشرح الإسلام، وتوضح مبادئه بطريقة سهلة مباشرة، وتستطيعين إحضار هذه الكتب أو الأشرطة من المركز الإسلامي في منطقتكم، ويمكنك أن تعرضي عليهما زيارة المركز الإسلامي والالتقاء ببعض الدعاة هناك، أو تقومي بدعوة بعض الدعاة للالتقاء بهما عندك، أو في أي مكان مناسب إذا وجدت أنهما لا يمانعان في ذلك، وأن صدورهما مفتوحة لهذا، وهذا يحتاج منك إلى تمهيد وحسن تعامل إلى أن تصلي إلى هذه المرحلة، وأنت أعرف من غيرك بالطريقة المناسبة للدخول إلى قلبي والديك. وأما ما ذكرتيه من خشيتك من الإخلال بأداء الصلاة في حال وجودهما عندك، فهذا مجرد احتمال، ولا أظنه يقع إذا أحسنت التدبير وتنظيم الوقت، بأن تجعلي مثلاً وقت خروجك إلى الأسواق في الأوقات التي لا تصادفك الصلاة فيها، أو يمكنك أن تصلي في أي مكان مناسب ولو كان في السوق وليس في هذا حرج. وأما صلاة الفجر فتستطعين إيجاد وسيلة للاستيقاظ لا يترتب عليها إزعاج والديك، وذلك بخفض صوت المنبه مثلاً، أو النوم في غرفة أخرى، ونحو ذلك من الوسائل. مع أني أظن أنك إذا أحسنت معاملة والديك، وكنت صريحة معهما، وأخبرتيهما منذ البداية بأنك ملتزمة شرعاً بأداء الصلوات في أوقاتها، ولا تستطعين التفريط فيها، فإنهما على أقل تقدير سيحترمان رأيك وإرادتك، ولن يبديا شيئاً تكرهينه في مقابل ما يجدانه منك من لطف وحسن تعامل. وعليك في كل ذلك أن تتحلي بالصبر، ولا تبدي التضجر والاستياء أمامهما، وبخاصة أن مدة إقامتهما قصيرة، فيحسن احتمالهما واحتساب هذا من تأليفهما ودعوتهما إلى الإسلام. ولا تيأسي من واقع حالهما الآن، فهما وإن كانا الآن من أشد الناس إلحاداً، فقد يتغير ذلك إلى العكس تماماً، فكثير من الصحابة كانوا قبل الإسلام من أشد الأعداء للإسلام والمسلمين، ثم بعد أن هداهم الله تعالى إلى الإسلام انقلب حالهم تماماً، وأصبحوا من أقوى أنصار الإسلام، ولا تنسي الدعاء لهما بأن يكتب الله تعالى لهما الهداية، وأن يبصرهما بالدين الحنيف.

أحب الخصوصية في مشاعري

أحب الخصوصية في مشاعري المجيب نهى نبيل عاصم داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 24/07/1426هـ السؤال وجدتْ أمي مفكرتي الخاصة، وقرأتْ فيها عن شعوري نحو شخص أحبه كثيراً، وعرفتْ كل شيء. ولكنها لم تقل شيئاً. فكيف أخبر أمي أن مفكرتي خاصة بي؟ فأنا لا أريد إخفاء شيء عنها، لكنني أحبّ الخصوصية في أعمق مشاعري الخاصة. أريد أن أكون واضحة مع أمي وأواجهها بأنني انزعجتُ من اطلاعها على دفتري، مع علمها بالخصوصية. فكيف أفهّمها أن عليها أن تبتعد قليلاً عن خصوصياتي، مثل غرفة نومي ومفكرتي، حفاظاً على نفسيتي؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً أرحب بك وأشكرك على تواصلك معنا على موقع (الإسلام اليوم) ، كما أشكر لك صراحتك ووضوح ملامح شخصيتك، وأتمنى لك أن تمر هذه المرحلة "المراهقة" في حياتك بهدوء ودون عواصف، فهي فترة معروفة في حياة الشباب بهواجسها وتخيلاتها وأحلامها، كما أتمنى لك أن تتسم تصرفاتك في خلال هذه المرحلة بالاتزان، وبما يحب الله -سبحانه وتعالى- ويرضاه. عزيزتي: أسعدني كثيراً أن تكوني على علاقة طيبة بأمك التي هي -بلا شك- تحب لك الخير من أعماقها، وهي إن حاصرتك وفتشت في أوراقك الخاصة، فهي أيضاً تريد أن تتابع تصرفاتك؛ حتى لا تقعي في خطأ يصعب تداركه إن فات الأوان. ونصيحتي لك أن تنقلي مشاعرك هذه لأمك؛ فإذا كنتِ صارحتِها بمشاعرك نحو هذا الرجل، وتفهمت الأمر بطريقة هادئة، فلتصارحيها بالأمر الآخر، وهو ضيقك بتفتيشها في خصوصياتك؛ وليكن كل هذا في إطار الحب والأدب الجم، والبر بأمك التي تحبك وترجو لك الخير، وإياك -يا بنيتي- أن تغرك هذه المشاعر مهما كانت شديدة التوهج، فتندفعي نحوها بعيداً عن الأصول التي يجب مراعاتها؛ فأحلام المراهقة ينبغي ضبطها والتعامل معها بالإقبال الأكثر على طاعة الله تعالى، وشغل الوقت بما يفيد، حتى لا يسحبك تيار العاطفة الجياشة والخيال الجامح وأحلام فترة المراهقة إلى قاع ليس له من قرار.. وفقك الله لكل خير.

والدي يستطيل في أعراض المحصنات!

والدي يستطيل في أعراض المحصنات! المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 23/07/1426هـ السؤال أريد أن أسأل عن عقوبة قذف المحصنات في الدنيا والآخرة، حيث إن والدي -للأسف الشديد- لا يثق أبداً في أي امرأة؛ نظراً لمغامراته العديدة قبل الزواج، والتي يفتخر بها أمامنا، فيتهمني دائما بأني على علاقات مريبة وغيرها من الاتهامات التي أخجل من ذكرها، ولم تسلم أمي ولا زوجة أخي منه، فاتهمهما في شرفهما حتى حوَّل حياتنا جميعاً إلى جحيم وخوف دائم من الفضائح، وأعترف بأني لا أكن له أي شعور بالحب أو الاحترام، ولكني أتعامل معه بما لا يغضب الله، وأخشى أن أنفجر في يوم ما ولا أستطيع أن أعامله بما ينبغي، أما أمي فقد طفح بها الكيل، وتفكر دائماً في اعتزاله في الفراش، بعد أن أصبحت غير قادرة على مجرد النظر إليه، مع أنها أيضاً تراعي الله في تصرفاتها معه إلى الآن. فما حكم الشرع في مثل هذا الرجل؟ وما الحكم إذا لم أستطع البر به كما ينبغي؟ وهل على أمي شيء لو اعتزلته؟ علماً أنها ترفض الطلاق؛ حتى لا تفضحنا، فنحن في مراكز محترمة؟ أفيدوني أفادكم الله. الجواب الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: فمن صور الابتلاء التي تجري في حياة الناس، أن يكون بعضهم فتنة لبعض، ولعلها إحدى سنن الله تعالى في خلقه، إذ يقول جل وعلا: "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة.." [الفرقان: 20] ، ومن هذه الفتن أن تكون في أحد أفراد الأسرة، وأشدها ـ دون شك ـ ما يكون في قيّم الأسرة وراعيها والمسئول عن حمايتها ودرء السوء عنها كالأب والأم وغيرهما؛ وفي الحديث الصحيح: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.." أخرجه البخاري (893) ، ومسلم (1829) . ولم يكثر القرآن الكريم في الوصية بالأولاد؛ لأن رعايتهم وحسن كفالتهم وتربيتهم على القيم الرفيعة والآداب السامية هو من مكونات الفطرة التي خلق الله الناس عليها، ومع هذا فقد ضرب الله مثلاً بلقمان -عليه السلام- وأفرد له سورة باسمه تحمل بعض آياتها أسس التربية التي يجب على الوالدين غرسها في نفوس أبنائهم.. أما أن يكون الأب (راعي الأسرة) وسترها وغطاؤها -كما يقال- هو معول هدمها، وهو من يعمل على تخريبها وتفككها، فهذا أمر عجيب، بل هو من البلاء المرّ.. وأنا أعجب -كذلك-؛ فكيف لرجل يحمل بين ضلوعه شيئاً من الغيرة أو بعضاً من النخوة أن يطلق لسانه زاهياً ومفتخراً بمغامراته ومعاصيه التي سترها الله عليه؛ فإذا به يكشفها -كما ذكرتِ- أمام أسرته زوجته وابنته وغيرهم، ألم يسمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل الناس معافى إلا المجاهرين ... " أخرجه البخاري (6069) ، ومسلم (2990) . هذه أولى المصائب.

أما الجريمة الثانية فهي قذفه لنساء أسرته وسبهن وطعنهن في أعراضهن (وهن عرضه) ، وهي جريمة لا تقل عن سابقتها؛ قال تعالى: "إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون" [النور: 23- 24] ، وقال تعالى: "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ... " إلى أن قال: " ... إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا.." [النور: 4-5] . وأخرج الشيخان البخاري (2766) ، ومسلم (89) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اجتنبوا السبع الموبقات ... " وذكر منها: وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات". وما كان هذا الوعيد الشديد إلا لما في هذا العمل من تشويه لحرمات المسلمين، وطعن في أعراضهم، وحب لإشاعة الفاحشة في وسط المجتمع المسلم. قال تعالى: "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [النور: 19] . وقال صلى الله عليه وسلم: "إن شر الرعاء الحطمة، فإياك أن تكون منهم". أخرجه مسلم (1830) . ومعنى الحطمة: العنيف برعاية الإبل، فقد ضربه النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلاً لوالي السوء، الذي يظلم من هو تحت ولايته من أهل وغيرهم، وما فيه من قسوة وخلافه، وعنف وعدم رحمة، وبعده عن الرفق والشفقة. وقال صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً" أخرجه البخاري (5186) ، ومسلم (1468) . فلا أوصيك -بنيتي- بأكثر من الصبر على هذا الوالد والدعاء له، وتجنب إساءته قدر الاستطاعة، أما أمك -ثبتها الله- فكوني أكثر براً بها، والأقرب لها تحناناً، فأنتم شركاء في البلاء، وربما لو اعتزلته أمك في الفراش زاد فسقاً واشتد غيًّا وأطلق لسانه عنها بالسوء، وذكريها بقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك" أخرجه أبو داود (3535) ، والترمذي (1264) . وأكثري من دعائك بأن تقولي: (اللهم اكفنيه بما شئت وكيف شئت) صرف الله شره، ورده إلى الحق والهدى رداً جميلاً.. والله أعلم.

بين حفظ القرآن وشواغل البيت

بين حفظ القرآن وشواغل البيت المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 05/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة، همي الأكبر هو حفظ القرآن الكريم، ولكن المشكلة أن والدتي ترفض أن أنظم وقتي، وتريدني دائماً بجوارها، حاولت أن أشرح لها اهتماماتي, أنني أتمنى أن أكون من الحفظة، وأن هذا يتطلب تنظيم الوقت وتقسيمه، وأنه لا بد أن يكون هناك وقت لهم ووقت للحفظ، ووقت للنوم، لكنها -حفظها الله- لا تريد، وتحملني مسؤوليات كثيرة وخاصة بعد التخرج! أنا أتمنى أن أخدمهم؛ ولكن لا بد من التنظيم حتى أستطيع الإنتاج ونفع نفسي أولاً، ثم نفع الأمة الإسلامية ثانياً, في الآونة الآخيرة بدأت أشعر أنني لا يمكنني الإنتاج بالمستوى الذي أطمح إليه؛ نظراً لهذا التعنت المستمر. أنا لست الوحيدة بالمنزل ولكنني الأفضل خدمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إلى الأخت السائلة - حفظها الله ورعاها-: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: أشكرك على حرصك وعلو همتك، وأسأل الله - عز وجل- أن يحقق لك ما تتمنين عاجلاً غير آجل، وأن يجعله عوناً على طاعته، وسبباً موصلاً لجنته ومرضاته. اللهم آمين. أختي المباركة: حماس طيب تتسمين به، لكن - للأسف- أدى نتيجة لعدم الشمولية في فقه الأحكام والتكاليف إلى الوقوع في الزلل والخطأ، وعدم فقه الأولويات. آلمني كثيراً ما ختمت به كلامك، حيث قلت: (في الآونة الأخيرة بدأت أشعر أنني لا يمكنني الإنتاج بالمستوى الذي أطمح إليه نظراً لهذا التعنت المستمر) . هل يليق بك أن تصفي محبة والدتك وقربك منها ونفعك لها بالتعنت؟! قد تخون العبارة صاحبها فانتبهي - رعاك الله-. عزيزتي: كثير ممن هن في سنك يشكين ذات الشكوى، وحقيقة الأمر أن المشكلة لا تكمن في رفض الأسرة تنظيم البنت وقتها، وإنما لأن الفتاة لا تحسن كيف تنظم وقتها بالطريقة التي تحقق آمالها وترضي ربها، ومن له حق عليها. تأملي لِمَ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة" بعدما قال: "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا" أخرجه البخاري (39) . مشاغل الناس تختلف، ومتطلبات الأسر كثيرة، وما يناسب فلانة من الأوقات لأعمال الخير والبر قد لا يناسب غيرها لاختلاف المسؤوليات، ولذا ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أوقات: "الغدوة" وهي أول النهار، "والروحة" وهي وسط النهار، و"الدلجة" وهي الليل، فيستغل المرء شيئاً منها، فانظري ما يناسبك منها. في تصوري أن الإشكال وقع لأنك تريدين التضرع بشكل كافٍ، أو لأنك رسمت لنفسك برنامجاً قد يكون مريحاً نوعاً ما، وأقول: إن كنت جادة فعلاً، وذات طموح، فبإمكانك إيجاد الوقت المناسب لنيل هدفك وتحقيقه، فبإمكانك مثلاً أن تستيقظي قبل الأهل بساعة وتنامي بعدهم بساعة، وتستغلي قبيل الفجر أو بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، أو قبيل الفريضة أو بعدها بخمس دقائق.

كل هذه أوقات خالية من المزاحمة، فهلا حرصتِ عليها! لا أخفيك أن فتى قد ختم حفظ كتاب الله في أيام الاختبارات الفصلية للفصل الثاني من المرحلة التوجيهية.. فهل هناك شغل أشد على الطلاب من أيام كهذه؟! لكن الحاجة والعزيمة تفتت الحيلة. أخيراً: أنصحك بقراءة كتاب الأدب من فتح الباري لابن حجر - رحمه الله- شرح صحيح البخاري؛ ففيه مسائل عظيمة ولطيفة تتعلق ببر الوالدين، وأود أن أهمس في أذنك: إن بر الوالدين والقيام بحاجتهما عند احتياجهما للخدمة مقدم على النوافل وفروض الكفايات، وللوالدين أن يمنعا ولدهما من صيام التطوع أو الذهاب لمجالس الذكر إذا كان ذلك يعيق الولد عن القيام بحقهما، ويأثم الولد إن خالف؛ لما فيه من إلحاق المشقة بالوالدين. ثم وجود غيرك لا يعفيك عن الامتثال إذا عُيِّنت لغرض صحيح - ككونك الأفضل خدمة-، ويكفيك من شرف وفضل طاعة والدتك، أن الوالد أوسط أبواب الجنة كما في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- انظر جامع الترمذي (1900) ، وسنن ابن ماجة (2089) . فرب عمل يحتقره العبد - وللأسف- يكون هو سبيله لمرضاة ربه والفوز بجناته. أكرر سروري بحرصك، وأسأل الله -تعالى- أن ينفع بك الأمة، ويجعلك من خير القدوات، بارك الله فيك، وحقق لك خيراً مما تتمنين.

كيف أرغب الأب في الصلاة؟

كيف أرغب الأب في الصلاة؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 25/08/1425هـ السؤال كيف يمكن ترغيب الأب بالصلاة؟ وكيف يمكن ترغيب طفلة بالصلاة إذا لم يكن الأب يصلي؟ الجواب الأخت الكريمة: -سلمها الله ورعاها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع [الإسلام اليوم] ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. ونعتذر عن التأخير في إجابة سؤالك، والجواب على ما سألت كالتالي: أولاً: تذكيره دائماً وأبداً بالنصوص الشرعية المرغبة في الصلاة وبيان فضلها؛ لأن ذلك مما يعطي النفس دفعة قوية لأدائها، والنصوص في ذلك كثيرة جداً، وأنصح بمراجعة كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري؛ فإنه مفيد جداً في هذا الأمر. ثانياً: وفي المقابل أيضاً يذكر بالنصوص المرهبة من ترك الصلاة، وأن بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة، وما يدخل ضمن هذا اللون من النصوص التي تخيف العبد من التهاون في أمر الصلاة. ثالثاً: يزود ببعض الكتب والأشرطة التي تتحدث عن هذا الموضوع. رابعاً: يخبر إمام المسجد وبعض الجيران المصلين بضرورة زيارته للنصح والتذكير. خامساً: يزار به المقبرة؛ ليتذكَّر الموت والقبر، ووجوب الاستعداد لذلك. سادساً: يمكن أن يناصحه من عرف من الأقارب بالتأثير عليه؛ ليكون نصحه أوقع في نفسه، ويراعى في ذلك الأسلوب المناسب. سابعاً: على أبنائه أن يظهروا الصلاة النافلة أمامه في البيت؛ لتذكيره بطريق غير مباشر بالفريضة. ثامناً: لو أمكن ذكَّر بعض القصص أمامه بطريق غير مباشر عن عاقبة من مات وهو لا يصلي، وكذلك قصص عن حسن خاتمة المصلين يكون حسناً. تاسعاً: كذلك يذكر بعظيم فوائد الصلاة على الإنسان في الدنيا من تيسير أمره وتفريج كربه، ودفع البلاء، وشفاء المرض، وفي الآخرة من تحقيق الأجر ورضا الرب سبحانه، ودخول الجنة والنجاة من النار. عاشراً: يدعى له بظهر الغيب أن يهديه الله ويشرح صدره للصلاة، ويلح على الله بذلك؛ فإن الله -سبحانه- يحب من عبده أن يلح عليه في الدعاء. وأما بالنسبة للطفل أو الطفلة فيمكن إضافة إلى ذكر فضل الصلاة، وما يجنيه الإنسان من المحافظة على الصلاة، يذكر بأنها واجبة على المسلم، بصرف النظر عن غيره فعلها أم لم يفعلها. وبالإمكان ترغيبه ببعض الهدايا والعطايا، إذا هو حافظ على الصلاة في أوقاتها. وما أجمل أن يربط بحلقة قرآن في المسجد؛ ليتعلَّق بالمسجد وبمن فيه من الطيبين، ليكون له ذلك دافعاً على المحافظة، وجيد لو تيسَّر وضع جدول في غرفته ليؤشر على الصلاة التي يؤديها؛ حتى تحسب في نهاية الأسبوع فيكافأ عليها، وقد جُرِّب هذا فنفع كثيراً. ويمكن الإيعاز لمدرسه في المدرسة أو مدرستها ليقوم أيضاً بدوره في ذلك. ولا يُنس الدعاء له بالهداية والرشاد. والله الموفق.

والدتي.. هي المشكلة..!!!

والدتي.. هي المشكلة..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 8/5/1422 السؤال أعاني من والدتي منذ عشر سنوات من أول يوم في زواجي فهي تريد أن تتدخل بيني وبين زوجتي وأولادي في غير طاعة الله وأنا وهي في نقاش حار جداً بعدم التدخل علماً أنني حاولت بكل الوسائل أن أرغبها في الدين والتمسك بكتاب الله بشدة دون جدوى علماً أنني لا أريد أن أغضبها ولكن ما في فائدة معها علماً أنها تصلي ولها بعض الأعمال الطيبة 00 ولكنها في الأمور الأخرى مثل الزواجات تذهب وتسمع الأغاني وتريد أن تفرض عليّ أن تأخذ زوجتي إلى هذه المنكرات هي وأولادي أو إلى الحدائق المختلطة أو إلى الملاهي وأنا لا أريد ذلك وأبقى أنا وهي في نقاش حاد معها أرجو من الله ثم منكم إفادتي في موضوعي هذا.. الجواب أخي الكريم اشكر لك ثقتك أسال الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد وان يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه والايجعله ملتبسا علينا فنظل أما بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه.. أولاً - لست بحاجة أخي الكريم لا ذكرك بحق الوالدين عموماً.. والأم خصوصاً وهو حق عظيم قرنه الله تعالى بحقه حيث قال: [وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا * إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا] . ثانياً - تذكر يا عزيزي دائما هذه الحقيقة وحاول بكل ما تستطيع أن تدعوا لوالدتك بالهداية وحسن الخاتمة وأن تتعامل معها بهدوء ورفق ولا يعني ذلك موافقتها في مسائل تتعلق ببعض المخالفات الشرعية وخاصة في زوجتك وأبنائك فلك حق القوامة الشرعية ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ثالثاً - أتمنى لو أنك أٌقنعت زوجتك وأبنائك بوجهة نظرك وحاولت التأثير عليهم فيما يتعلق بأمور مثل استماع الغناء أو الذهاب إلى الملاهي أو الحدائق المختلطة وعوضتهم أنت عن ذلك بالذهاب بهم إلى أماكن مناسبة للترفيه البري وهي متوفرة والحمد لله، فإذا أشبعته أنت لديهم بطريقة صحيحة ومعتدلة فلن يشتاقوا إليه بنفس الدرجة فيما لو كانوا محرومين منه.!! رابعاً - لا تيأس يا عزيزي وحاول بوالدتك مرة أخرى بل ومرات أخرى لعل الله أن يهديها للخير على يديك فتنال بذلك سعادة الدارين، ولكن الله.. الله بالهدوء والصبر والرفق وكثرة الدعاء والالتجاء إلى الله، وتحري مواطن الإجابة بأن يصلح الله لك ويصلح بك ويهديك ويهدي لك ويهدي بك إنه ولي ذلك والقادر عليه. خامساً - لم تذكر لي أخي الكريم ظروفك في المنزل وهل لديك اخوة وأخوات كبار وهل والدك موجود في المنزل وهل بالإمكان استغنى الأهل عنك لوجود البديل، فإن كان كذلك ففكر في مسألة الاستقلال عن الأهل وإن لم يكن فاصبر واحتسب وعليك بصدق الالتجاء إلى الله وتطبيق الخطوات السابقة، وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

لقد كبرت فمتى يدركون؟!

لقد كبرت فمتى يدركون؟! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 8/4/1422 السؤال أرجو منكم مساعدتي بأسرع وقت. أنا فتاة كنت دوما المدللة لدي أبي لأني الصغرى بين أخواتي والمشكلة كيف اقنع من حولي أنني كبرت خاصة والدي. الجواب أختي الكريمة.. اشكر لك ثقتك.. وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: صدقيني ذلك الشعور كثيراً ما يعتري الشباب في هذا العمر.. ويشغلهم كثيراً.. فهم فعلاً قد كبروا في عيون أنفسهم.. وحساب أيامهم.. ولكن أمام والديهم مازالوا أطفالا صغاراً. يخافون عليهم ويوجهونهم في كل صغيرة وكبيرة..!! فيحدث هنا التقاطع بين وجهات نظر الطرفين..!! والمعول هنا على الأبناء بأن يفهموا ويقدروا مشاعر الوالدين تجاههم.. وإنها لا تعني الاحتقار والتقليل من شأنهم.. بقدر ما تعني الخوف عليهم.. وعدم أدراك حقيقة أن الأيام تمر وأن الصغير يكبر..!! ثانياً: حاولي ـ أختي الكريمة ـ أن تتفهمي وجهة نظر والديك ولا تحمليها اكثر مما تحتمل.. ومهما كبرنا.. فنظل أمام والدينا صغاراً نلتمس منهم العطف والتوجيه والحماية ونشعرهم بأننا كبار إلا عليهم..!! وهذه أول خطوة لا قناعهم بأنك فعلاً كبرت.. وأدركت مالك وما عليك تجاههم. ثالثاً: حاولي أن تكوني إيجابية وعملية داخل المنزل.. وذلك بتولي بعض المهام وإتمامها من غير من ولا أذى.. والالتزام بذلك.. بشكل مستمر. وشاركي في إبداء وجهة نظرك " المتزنة " في بعض ما يطرح من قضايا الأسرة والمنزل.. ولا يشترط أن يؤخذ بها..! بل يكفي أن تطرحيها.. وتشعريهم بوجهة نظرك..ومع الوقت سيتضح لمن حولك..أن تلك الطفلة السابقة قد كبرت واصبح لها رأياً ووجهة نظر.. وشيئاً فشيئاً. . تحققين ما تريدين. رابعاً: لا بأس من مكاشفة والدتك أو والدك بشكل مباشر.. أو عن طريق وسيط.. بهذا الشعور.. ولا تتوقعي تغيراً سريعاً.. ولكن يكفي أن تصل الفكرة إليهم. خامساً: هذا الشعور غالباً يتلاشى بعد فترة.. وتتضح الأمور للجميع.. فلا يشغلك كثيراً.. وحاولي أن تشغلي نفسك ـ أختي الكريمة ـ بمكارم الأخلاق.. وأحسنها.. فيعزك الله ويرفع قدرك أمام الجميع. وفقك الله وحماك من كل سوء. وحفظك وحفظ لك.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

حياتي معهم لا تطاق..!!

حياتي معهم لا تطاق..!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 5/11/1422 السؤال أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري مستواي المادي متوسط، غير متزوجة، مشكلتي هي أنني أشعر بضيق في نفسي وملل يكاد يقضي علي - حقاً - وأنا في المدرسة، والسبب هو أنني لا أكاد أطيق أمي، أحس أنها تغيرت علي وباتت تشك فيّ كل شيء، وتشك أيضا في باقي أخواتي، ولكني لا أحتمل أن يشك فيني أحد، وخاصة وأنها قد وضعتني في موقف محرج مع إحدى قريباتي..!! ووضعتني في مشاكل كثيرة، لا أعرف.. أصبحت بصراحة أكرهها، لا تقل إني أبالغ بل فعلاً أنا أكرهها؛ لأنها حولت حياتي إلى جحيم، وأخشى أن أنتحر، ولماذا أخشى ما دمت أفكر بهذا الشيء؛ لأنني فعلا لا أستطيع الاحتمال، فكرت بمصارحتها بأني أريد أن أعيش مع خالتي في بيتها للتخلص من المشاكل التي سوف تؤدي بي إلى الموت قريباً، ولكنها صرخت في وجهي وقالت لي: من تظنين نفسك؟ فقلت لها: وإذا كنت أريد أن أنتحر، ولا أريد العيش معك؟ فقالت لي: افعلي ما تشائين فأنا لا أهتم.. لذلك لا أريد العيش في وسط هذا العالم القذر، لا تقل: إن أمي تحرص على مصلحتي إنها تريد لي أن أموت ولا تريدني كفرد في الأسرة. حاولت أن أصارح خالتي بأني أريد أن أعيش معها؛ لأني بصراحة أشعر معها بارتياح؛ لأن حياتهم مبنية على أسس محبة وتراحم، في بيتنا لدي عادة حاولت التخلص منها وهي تأخير الصلاة عن وقتها، أما في بيت خالتي فإني أصلي جميع الصلوات في أوقاتها، فأرجو أن تلحقني بحل وإلا انتحرت، وأعرف أن هذا الشيء حرام ولكن ماذا أفعل مادمت لست مرتاحة بحياتي وأخشى أن يضيع مستقبلي بسبب هذا الضيق، فأريد حلاً (عاجلاً جداً) وجزاك الله خيرا. الجواب الأخت الكريمة، أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: ثلاثة أمور اجتمعت فيك من خلال أسئلتك السابقة هي دلالات وعلامات واضحة وجلية تدل على ضعف إيمانك وضعف ارتباطك بالله - عز وجل - وطريقه المستقيم. هذه الأمور الثلاثة التي فيك والتي لا أقول: إنها من الذنوب بل هي من كبائر الذنوب هي أولاً نظرتك الموغلة السلبية تجاه والدتك، والنظرة السلبية تجاه الوالدين هو ضرب من العقوق المحرم في الإسلام، ثانياً تفكيرك في الانتحار وقتل نفسك بغير ما ذنب أو إثم، والأمر الثالث هو تأخيرك للصلوات عن أدائها في وقتها في حياتك اليومية. وهذه الأمور الثلاثة كما تلاحظين هي أمور جد عظيمة في نظر الإسلام بل الإخلال بواحدة منها يعد كما أسلفت وقوعاً في كبيرة من كبائر الذنوب التي تخدش وتنقص من إيمان الفرد المسلم فكيف وقد اجتمعت فيك ثلاثة منها عظام؟! إذاً المسألة لديك من وجهة نظري ليست في علاقتك مع والدتك، وإن كان لها قدر كبير من الأهمية إذ إنها قد حولت حياتك إلى جحيم، ولكن المسألة متعلقة بك وبعلاقتك بربك قبل والدتك. وإن كان لي من نصيحة لك يمكن أن أسديها في هذا المجال فأوجزها في الأمور التالية:

أولاً: وقبل كل شيء، العمل الجاد من قبلك على تقوية صلتك بالله بالمحافظة على الصلاة في وقتها والعمل على تهيئة نفسك على ذلك بالمناخ المناسب عن طريق الرفقة الصالحة وكثرة الذكر والإكثار من عمل النوافل والتطوع وقراءة القرآن والكتب الدينية وسماع الأشرطة النافعة التي تذكر الإنسان بخالقه، وأعيد وأكرر على الالتزام بالرفقة الصالحة؛ فهي - بالتجربة - خير معين على تقوية الإيمان والارتباط بالله عز وجل. ثانياً: لا شك انه قد تعترض العلاقة بين الآباء والأبناء بعض المناوشات والخلافات في كثير من البيوت، ولكن لم يكن أبداً الانتحار هو الحل الأمثل في علاج مثل هذه المشاكل. ووجود بعض الآباء أو الأمهات غير المتفهمين لمشاكل أبنائهم أو غير العابئين بها - وربما الازدراء والتحقير لهم - لا يعني بأي حال من الأحوال أن الأمل قد فقد، وأنه لا مجال للإصلاح أو إعادة الثقة المتبادلة بين الطرفين، لا بل يوجد أمل، ولكل مشكلة عشرات الحلول، ولكن يجب التحري والبحث عنها في مكامنها وستجدين عندئذ أنك كنت جدّ مخطئة حينما فكرت بالانتحار كحل سريع لمشكلتك. خالتك على سبيل المثال أرى أنها فرصة سانحة أمامك حيث ذكرت أنك ترتاحين معها، حاولي مفاتحتها بموضوع مشكلتك فربما تتقبل أمك منها أكثر منك بحكم الأخوة وقرب السن. اجعليها واسطتك مع والدتك بل حاولي إعادة بناء العلاقة شبه المعدومة مع والدتك من خلالها. أمرٌ أخير قد يساعدك كثيراً في مدّ جسور الألفة والمحبة الطيبة مع والدتك من جديد هو معرفة نفسيتها بصورة جيدة، فأنت من أقرب الناس إليها وتعيشين معها في بيت واحد فأنت تعرفين ما تحبه هي وما تبغضه وما يرضيها وما يسخطها وغير ذلك كثير. فمعرفتك نفسية والدتك وطبيعتها السلوكية تساعدك كثيراً في امتلاك قلبها وعقلها معاً ومن ثم تكونين أنت المؤثرة فيها وأنت القريبة إليها أكثر من الأفراد الآخرين. حاولي التزام الهدوء في مناقشاتك ومحاوراتك مع الكل وأمك من أولى الناس بذلك لا تكوني سريعة الغضب؛ فهو يعمي القلب والبصر عن رؤية الإيجابيات ومحاسن الأمور. توكلي على الله في شأنك كله واعلمي أن كل كدرٍ وغم يصيب الإنسان إنما هو جزاء ما يصنعه من ذنوب. حفظك الله ورعاك.

أدب الحوار مع الأم..

أدب الحوار مع الأم.. المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 20-8-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أسأل عن أمي التي أخاف أن أكون عاقاً لها بسبب كثرة المناقشات التي تحدث بيننا علماً أن الوالدة تعاني من مشاكل نفسية والدي توفي قبل فترة ثم بعدها أصابتها مشكلة مادية بعد ذلك أحست أن الناس كلهم لا يحبونها وابتعدوا عنها ولهذا السبب صارت كثيرة العصبية وهي أصلاً غير متعلمة ولذلك تفهم هي الأمور على غير مرادها، ونحن نحبها كثيراً ولا نود أن نجعلها تغضب علينا ولكن عندما نبدأ بالكلام يرتفع الصوت أكثر فأكثر ولا أحد يريد أن يتنازل عن رأيه. أرجوكم أن تشيروا عليّ بما هو أنسب علماً أنني أعلم أن هذا قد يكون من عقوق الوالدين؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ما أجمل أن يعرف الإنسان ما يشكو منه.. فهذا يريح من سيعالجه.. وأنت أخي السائل عرفت داءك.. ويظهر أن لديك استعداداً إن شاء الله لتقبل ما تجاب عليه.. لو حدثتك عن حق الوالدين لطال بنا المقام.. إذ حقهما مقدم على رغبات النفس وسطوتها.. هذا في حالات الوالدين الطبيعية.. أي يكون الوالد والوالدة في وضع نفسي مستقر يمارسان حياتهما بشكل طبيعي أما إن كانا في وضع غير طبيعي.. كحالة والدتك.. فالأمر يزداد مسؤولية - خاصة الأم - إذن إن كنت تريد الأجر العظيم وترضي الله سبحانه فعليك باتباع الآتي مع والدتك التي هي بأمس الحاجة إلى برك وعطفك.. 1- الإذعان لأمرها مهما يكون ثقيلاً على النفس حتى ولو أمرتك أن تحملها على ظهرك في ليلة باردة مطيرة وتسير بها في الصحراء. 2- الإنصات لها وسماع حديثها حتى ولو لم تستفد منه أو لم يكن كلاماً مهماً.. المهم أن يدخل على نفسها الراحة.. 3- تجنب الأمور التي تغضبها أو تثير أعصابها. 4- تحين الفرص المناسبة لمناقشتها تجنبا ًلإثارتها. 5- التعامل معها على تقدير أنها مريضة.. فماذا يريد المريض من أقرب الناس إليه.. 6- تهيئة الجو الملائم لها لإعادة التوازن لنفسها بسبب ما أصابها. 7- الإكثار من زيارة الأقارب لها وحثهم على ذلك.. حتى ولو اصطنعت أنت مناسبة لإشعارها أن الناس لا زالوا يحبونها. ثق بأن الله سبحانه وتعالى سيعينك على برها إن احتسبت الأجر وأن عملك هذا ما هو ألا تعبد وانقياد له سبحانه. وتأمل قوله تعالى (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً) . لا تنس ما هي الحالات التي تصيب كبار السن.. وتذكر إذا كنت كبيراً ماذا تريد من أبناءك. وللمعلومية.. الأبناء يضلون أبناءاً صغاراً في نظر آبائهم وأمهاتهم مهما تقدمت بهم السن.. أعانك الله على برها..

أبي لا يعطيني مالا!!

أبي لا يعطيني مالاً!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 29-9-1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله عندي مشكلة في البيت وهي أن أبى لا يريد أن يعطني نقودا لأذهب إلى العمرة فهل يجوز أن آخد النقود لأّهب؟ مع العلم أنه يملك النقود وهذه الحالة متكررة دائماً في أى شيء أطلبه منه وشكرا مع العلم أنني لا أملك عملاً. الجواب الأخ الكريم شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم" المسألة في نظري ليست مسألة سفرك للعمرة أم لا ... وإنما هي أنك كيف تطلب من أبيك المال دائماً لقضاء حاجاتك وأنت في هذا السن. إنها مسألة أكبر من سفر للعمرة إذ أنك وفي هذا السن لا تزال دون عمل ولا تزال تطلب المال من أبيك لقضاء حاجاتك فمتى إذاً تعتمد على نفسك؟. ومتى إذا تعمل وتصرف على حالك بنفسك إن لم تكن كذلك الآن؟ اسمح لي أن ألومك على تقصيرك في هذا المجال فأنت رجل وأفترض أن من العيب على الرجل أن يسأل والده أو أهله أن يصرفوا عليه إذا كان هو صحيح ولا مشاكل أو أمراض لديه. فقم يا رجل وكن شجاعاً وابحث عن عمل وواجه هذه الحياة بنفس قوية وهمة عالية وطموح كبير، حتى لو اقتضى الأمر أن تسافر وترتحل فطلب العيش والمعاش فخر الرجال ولم يذكر في التاريخ أن رجلاً لامه الناس لأنه بحث عن عمل إلا إذا كان ذلك العمل دنيئاً أو محرماً أما غير ذلك فإنه شرف وعزة ورفعة وتعفف عن الخلق وتعلق بالخالق سبحانه. فقم وانهض واستعن بالله ولا تعجز واسأل الله العون وسترى كيف تنفتح عليك الدنيا بأرزاقها وكنوزها وعندها لن تحتاج إلى أن يتفضل عليك أحد أو أن تمد يدك وأنت في هذا السن لأي أحد حتى لو كان والدك. أعانك الله ووفقك،،،

معاناتي مع أمي!!

معاناتي مع أمي!! المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 11-7-1424 السؤال خلال ال23 سنة الماضية وأنا أواجه إساءة نفسية وبدنية من أمي الحبيبة، خلال كل هذه الفترة وأنا أحاول أن أبتلع ألمي وأتحمل، فقط لأنها أمي مهما يكن، ولكن مع الأسف وبعد أن أصبح عمري 23 سنة ليس لدي الاستطاعة أن أتحمل أكثر من ذلك. ضربها المستمر وسبها لي جعلني مريضة جدا، ماذا فعلت لأجازى بكل هذا؟ مؤخرا أخبرني والدي بأنها مريضة نفسيا ولكن هذا لا يحل مشكلتي. لأن تعاملها مع باقي إخوتي عكس تعاملها معي. والذي يحزنني فعلا أنها تسبني كثيرا وتدعو علي بأدعية سيئة، يا ترى هل سيستجيب الله من هذا الدعاء؟ وبسبب تعاملها بهذه الطريقة تعرفت على شاب لطيف، يخاف الله ومشهود بذلك عند الناس الذين حوله، وهو متعلم ومن عائلة محترمة، وجدت عنده الحب والحنان الذي أحتاجه منذ زمن، وعندما تقدم إلينا ليطلب يدي، رفضت أمي بشدة، لأنها علمت أنه كان بيني وبينه علاقة حب قبل أن يتقدم إلينا، خوفا من كلام الناس أن فلانة زوجت بنتها من شخص من الشارع. أرجو أن تساعدني وتخبرني بحقوقي وواجباتي كابنة مسلمة، هل للأمهات أن يفعلوا ذلك فقط لأنهم أمهات؟ والجنة تحت أقدامهم؟ وماذا عن الأطفال؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أختي في الله، سلام الله عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد: فأهنئك على نعمة الهداية، وبرك والدتك، وحلمك وصبرك على معاملتها إياك، وما أجمل أن تلتمسي لها المعاذير، وتغفري لها زلاتها تجاهك وما يدريك لعلها كما قال أبوك تعاني من حالة نفسية وليس ثمة مانع - عقلاً - أن تكون كذلك تجاهك أنت بالذات دون سائر إخوتك، وهذا من الابتلاء الذي قدره الله عليك رفعة لدرجاتك وتكفيراً لسيئاتك فاحمديه على كل حال، واصبري واحتسبي فإن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الأمثل فالأمثل. إن أمك عافاها الله لا يمكن أن تضمر لك سوءً أو تحقد عليك أو تسيء معاملتك إلا لأمر خارج عن إرادتها وهو فيما أرى عقدة نفسية أو اضطراب فكري لا قدرة لها في السيطرة عليه أو تجاوزه فسلي الله لها الشفاء، وداومي الصبر عليها، والإحسان إليها فهي بأمس الحاجة إليك بالذات لصلاحك واستقامتك. وأما دعاؤها عليك فلا يضرك بحال، لأنه لا ذنب لك، ولا عقوق منك تجاهها فإن حصل شيء مما دعت به عليك فذاك قدر مقدور، ولوح مسطور ابتلاءً منه سبحانه وامتحاناً لك ثوابه وأجره، لا لاستحقاقك العقوبة، وأما موقف الله منك فأجزم بأن الله لن يضيع لك أجراً متى صبرت واحتسبت وأحسنت إلى والدتك. وأما موقف الله من والدتك فاغفري لها وسامحيها حتى يتجاوز الله عنها، وأما تعرفك على شاب لطيف يخاف الله إلى آخر ما ذكرتيه فليس لك ممارسة هذه التصرفات ولنا أن نتساءل من أين تعرفت عليه؟ وما الذي أدراك بأنه لطيف وما إلى ذلك!. إنك يا أختاه مأمورة بالحذر من كل أجنبي عنك مهما أظهر لك من دماثة الخلق ولين الجانب. إن الرجل العفيف المراقب لربه تعالى لا يرضى أن يقيم علاقات عاطفية مع امرأة لا تحل له، وإن زعم رغبته بالزواج، ذلك أن البيوت إنما تؤتى من أبوابها وأبواب النكاح هي عن طريق الأولياء لا عن طريق المحادثات والمهاتفات وغيرها. وأحسبك الآن قد عرفت واجباتك وحقوقك كابنة مسلمة وملخصها: لزوم برك والدتك وإحسانك إليها ولك على والديك حسن المعاملة والعدل بينك وبين إخوتك وفقك الله وأعانك والسلام عليكم.

أشعر بجفوة بيني وبين أبي!

أشعر بجفوة بيني وبين أبي! المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 15/9/1424هـ السؤال مشكلتي في العلاقة بيني وبين أبي، حيث إنه منذ صغري عانيت كثيراً من معاملته السيئة لي ولأمي، فهو لا يحترمها ودائم الصياح عليها وعلينا، وهو دائماً صوته عالي وأنا الآن اصطدم به كثيراً، حيث أني عرفت كثيراً عن أمور الحياة، ودائماً أراه يخطئ أمامي وقد قطع كل رحمنا، فهو يقاطع جميع أهل أمي ويمنعها ويمنعنا من زيارتهم، فنحن لا نستطيع أن نرى جدتنا وهي في بلدة بعيدة عنا، وإذا حاول أحدهم المجيء يعاملهم معاملة سيئة، ولسان حاله يقول أخرجوا من بيتي. كما أنه قطع علاقته بأخيه الأكبر، وهو دائم الإهانة لي أمام الناس، وهكذا فأنا تعودت منذ صغري على حب أمي وتضحيتها من أجلنا، وعلى تجنب أبي تماماً، فنشأت جفوة بيني وبينه، أخذت تزداد بمرور السنين، والمشكلة الآن أني لا أستطيع أن أغفر له ما حدث طوال حياتي، وأخاف من ربي وأعلم أنه وصانا ببر الوالدين ولكنه رغماً عني، علماً بأني أبر أمي وأقبل يدها دائماً، ولكني لا أستطيع فعل المثل معه، فأنا لم أتعود على احترامه أو حبه، فأرجو أن ترد علي سريعاً، مع العلم أنه لا يسمع كلام أحد ولا يوقر أحداً، وهو يصر على عمل أمي خارج البيت، ويرفض تركها له، وهي الآن تقدمت في السن ولا تستطيع العمل، وأنا الآن أشك في كل الرجال، وأرتاب منهم وأخاف الارتباط بأحدهم، فأرجو الرد سريعاً. الجواب إلى الأخت السائلة بعد حمد الله تعالى أقول: اعلمي أن بر الوالدين واجب حتى ولو كانا سيئين، ويحرم العقوق حتى ولو كان الأب شديداً أو سيئ المعاملة، وقد أمر الله بحسن المصاحبة بالمعروف حتى وإن جاهدا على كفر ولدهما "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً ... " [العنكبوت:8] وأمر بصلتهما والإحسان إليهما حتى ولو كانا كافرين كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأسماء وقد وفدت إليها أمها وهي كافرة لحاجة فقال:"صلي أمك" متفق عليه البخاري (2620) ومسلم (1003) ووالدك ليس إلى هذا الحد، فينبغي الابتسامة في وجهه والإحسان إليه، وتعمد الرضى بخدمته، واللجوء إلى الله بهدايته، وأراك بصدودك آثمة ينبغي الإقلاع والتوبة إلى الله تعالى وتحملي فهو جهاد، بل من أعظمه الاجتهاد في خدمة الوالدين. ولا داعي للشك في جميع الرجال، وارتبطي حلالاً بالصالح منهم، وتزوجي ذا الدين المستقيم فمع مثله تكون السعادة بإذن الله حتى ولو كان فقيراً "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [النور:32] فقد ذكر الله هذه البشارة عند تزويج الصالحين من عبادكم، واحذري من الارتباط بالفاسد غير الصالح حتى ولو كان غنياً، أو ابن عم ونحوه. توبي إلى الله وبري والديك، واضرعي بالدعاء، وأحسني يحسن الله إليك. وفقك الله، وتاب علينا جميعاً وسامحنا بعفوه آمين.

أبي شاك في الإسلام، فكيف أعامله وأدعوه!

أبي شاكٌ في الإسلام، فكيف أعامله وأدعوه! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 15/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. انفصلت أمي عن أبي لأنه لا يصلي أو أنه لا يصلي الصلوات كلها "شاكه في أحد الأمرين"، المهم وبعد محاولات عدة من أمي في مناصحة أبي انفصلت عنه بعد زواج دام ثلاثة عشر سنة، وبعد أن كبرت وزادت معلوماتي أناقش أحيانا أبي فأشعر أنه لا يدري أي الأديان الموجودة على الأرض هو الصحيح؟ ذات مرة قلت النصارى واليهود كفار, فقال: أكفار هم؟ لا أعرف كيف أتعامل مع هذه الأزمة الفكرية، وأظنها نتاج دراسته في بريطانيا مدة عشر سنين، فهم لم يستطيعوا إدخاله النصرانية ولكنهم استطاعوا أن يشككوه في الإسلام، حتى الشيعة يقول: لهم أدلتهم , ليش كل شي أنتم اللي صح، مع أن فيه من الإعراض عن تعلم الإسلام شكل فظيع، هل أبي كافر؟ وإذا كان كذلك كيف أعامله؟ هل أؤاكاله وأشاربه؟ هل أضحك معه؟ هل لأحد العلماء مناقشته؟ ما السبيل إلى ذلك؟ مع العلم أنه يميل جدا إلى الردود العقلية، أتمنى أن أكون على اتصال مع العالم الذي سيرد عليه لنتوصل إلى طريقة يمكن فيها أن يصل إلى محاورة أبي. أتمنى أن ينقذ الله بكم أبي. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فما أجمل أن نجد منك هذا الحرص على هداية أبيك، واستياءك لحاله، إن هذا الشعور الذي تبدينه تجاه أبيك هو شعور إيجابي متى أحسنت تصريفه وترجمته إلى عمل مؤثر يصلح من حاله ويغير من فكره ونظرته للإسلام. غير أنه قد يتحول هذا الشعور - وهو حزنك على حال أبيك - من حالته الإيجابية إلىحالته السلبية من الهم والقلق والتوتر، ونفرتك من والدك واستيحاشك منه وسوء علاقتك به حين يظل هذا الحزن منك واستياؤك لحاله حبيس صدرك، لا تبدينه إلا في صورة التشكي والتبرم والضجر. فاحذري أن ينقلب شعورك هذا إلى جانبه السلبي، إلى مجرد الهم والقلق فإن بدا لم يزد على عبارات التشكي. فجسِّدي هذا الشعور في واقع عملي إيجابي مؤثر يهدف إلى تغيير فكر والدك وإزالة كل شبهة كانت سبباً في صرفه عن الصراط المستقيم، ولا بد لك في هذا السبيل من سعة الصدر والحلم وطول النفس والصبر الجميل، واستعيني بالله واصبري، وخذي بهذه الأسباب عسى أن يهدي الله أباك ويشرح صدره لدينه: (1) اجتهدي في الدعاء، وتضرعي إلى الله، وتحيني المواطن التي هي مظنة الاستجابة، كالثلث الأخير من الليل، وآخر ساعة من عصر يوم الجمعة، وبين الأذان والإقامة، وغير ذلك مما ورد من مواطن إجابة الدعاء. (2) أطلعي أباك على كتب المشهورين من المفكرين الإسلاميين، والتي تناقش قضايا عصرية وفكرية وإيمانية بأسلوب عقلي منطقي يناسب طبيعة أبيك.

(3) كثير من القضايا التي تتعلق بها بعض الشبه لدى أبيك لن يجدي فيها نقاشك معه، لقلة بضاعتك في العلم، والذي أراه أن تستعيني بعد الله بأحد الدعاة المفكرين المشهورين، ولك أن تستعيني بموقع الإسلام اليوم للاتصال بهم؛ والتفاهم معهم لإيجاد طريقة مناسبة لمناقشة أبيك وإزالة ما لديه من شُبهٍ، عسى أن يكون ذلك سبباً ناجعاً في إصلاحه. كذلك أرى من الأصلح لرد والدك إلى الطريق القويم: أن تمضي في معاملتك له على ما كنت عليه من حسن الأدب والتلطف في الخطاب، ويستدعيك هذا أن تؤاكليه وتشاربيه وتجالسيه، وهذا داخل في المصاحبة بالمعروف التي أذن الله بها لمن كان والداه يدعوانه للشرك بالله، فكيف بمن هو أقل شراً من ذلك، ممن هو في حيرة لم يتمكن الإيمان من قلبه، لكنه لم يدع غيره ليعيش معه حيرته ويشككه في دينه ولم يصده عن سبيل الله "ووصينا الإنسان بوالديه ... وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان:14 -15] ، ولا بأس بمضاحكته، فأظهري حسن المصاحبة حتى يشعر بأنك تحبين الخير له، وأنك لم تنسي حقه عليك ومعروفه الواصل إليك. أعانك الله، وفرج همك، وأصلح بالك، وثبتك على دينه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

طاعة الأم في قطع الرحم

طاعة الأم في قطع الرحم المجيب د. عادل العبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 14/10/1424هـ السؤال ما حكم قطع صلة الرحم بسبب خلافات الأم مع الأقارب؟ فهي لا تريدني أن أذهب إليهم، ولا آخذ المال منهم، ولا أتودد إليهم، فهل أعصي الله في عدم طاعة أمي وأصل رحمي؟ أم أعصي الله في قطع رحمي وأطيع أمي؟ خاصة أن الإصلاح بين الطرفين ليس خياراً، فماذا أفعل؟ الجواب أولاً: أسأل الله لك الإعانة والثبات وزيادة الحرص على ما ينفعك أبداً. ثانياً: من المعلوم أن صلة الرحم واجبة وقطعها محرم، وطاعة الأم واجبة وعقوقها محرم، وعليه: فإنه ينبغي عليك أن تمتلك قلب أمك، وتكسب ودها، وذلك بحسن التعامل، وجميل الأخلاق وساميها، وأن تتوجه بصدق إلى الله تعالى بالضراعة والإلحاح في الدعاء بأن يصلح أحوال الجميع. أخي السائل: لا بد من مفاتحة الأم في الإصلاح، فالصلح خير، فلا تقطع رحمك، ولا تنو القطع كلاً، ولكن "سددوا وقاربوا"، فتأخر في زيارتهم مثلاً، وليكن قصدك الإصلاح، وليس قطع الرحم، وهناك فرق بين القطع ونيته، وبين التأخر بالزيارة، والتواني في الوصل بنية الإصلاح، فتنبه لهذا. ثالثاً: السرائر يعلمها الله، فإن أخلصت وصدقت لن تعدم وسيلة للإصلاح فقلوب العباد بيده وسيصلهم ويقرب بين متباعديهم إن علم في ذلك خيراً. رابعاً: أما إذا بذلت كل هذا وصدقت وأخلصت، ولم تتمكن من جمع المتباعدين وإصلاح بين متخالفين، فلا شك أن حاجة أمك لبرها، أولى من حاجة أقاربك في وصلهم، وقد يصلهم غيرك، ولا يوجد من يبر أمك سواك فقم ببرها، دون القطع أو نية القطع، ولك ألا تشعرها بالوصل إن أمكن وصلهم، - وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه-.

والدته تريد نفس أعطياته لزوجته

والدته تريد نفس أعطياته لزوجته المجيب فهد السنيد التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 5/12/1424هـ السؤال أنا أحب أن أكون باراً بوالدتي، إلا أنها تطالبني بأن أعطيها مثل ما أعطي زوجتي، سواءً بعلمها أو بغير علمها أي: (تقول بأنها لا تحللني ولا تبيحني إن أنا أعطيت زوجتي شيئاً ولم أعطها مثله) ، فما رأي فضيلتكم؟ علماً أن لي إخوة ثلاثة متزوجين وتطالبهم بما تطالبني به، فهل أكون عاقاً لها إذا أنا اشتريت لزوجتي بدون علمها أو بما لم أعطها مثله أو قيمته؟. ولكم خالص تحياتي. الجواب نعم نقول: لا يجب العدل بين الزوجة والأم، الزوجة لها نفقة خاصة بعقد النكاح؛ لأن فيه استمتاع. أما أن المرء كلما أنفق على زوجته أنفق على أمه هذا لا يجب إلا إن كانت الأم بحاجة إلى النفقة، وابنها غني ينفق عليها نفقة الأمومة، أما أنه كلما اشترى كسوة لامرأته اشترى كسوة لأمه، وكلما سافر بامرأته سافر بأمه، فالأم ليست بضرة حتى يعدل بين زوجته وبينها في الكسوة والسفر، والمبيت، ونحو ذلك. الأم لها نفقة خاصة بشرط أن تكون محتاجة ويكون الابن غنياً، أما الزوجة فلها نفقة واجبة بكل حال، ولو كانت غنية والزوج فقير، ولكن في مثل هذه الحالة لا شك أن الأحسن أن يداري أمه، ولا يظهر لها أنه أنفق على زوجته، وإذا جعل ذلك سراً ولم تعلم به فهذا طيب، ومع ذلك لا ينسى أمه من الهدايا ونحو ذلك، وإذا كانت محتاجة فيجب عليه أن ينفق عليها. والنفقة على جميع الإخوان، إذا كان عنده إخوان متزوجون وكلهم أغنياء وهي محتاجة، فالنفقة عليهم جميعاً كل على حسب حاله. فخلاصة الجواب نقول: لا يجب عليه أن يعدل بين أمه وزوجته؛ بل ينفق على زوجته، إذ يجب ذلك لها بعقد النكاح، ولو كانت غنية وهو فقير، وأما الأم فالنفقة عليها غير واجبة إلا بشرط أن تكون فقيرة وهو غني.

هل هذا من العقوق؟

هل هذا من العقوق؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 25/11/1424هـ السؤال أنا فتاة أبواي منفصلان، وأعيش وحدي مع أخي الذي يصغرني بعدة سنوات، أرتدي الحجاب كاملاً مع تغطية الوجه والكفين، ولكن مشكلتي أن والدي ليس ملتزماً، فتسبَّب لي سابقاً في مشاكل كثيرة عند ارتدائي الحجاب، ومنذ ذلك الحين وبعد أن ثبتُّ على قراري في ارتداء الحجاب وهو يعاملني على أني متشددة وغير سوية، والآن أريد أن أغير دراستي وهي الطب؛ وذلك لما يلي: أولا: لأني غير محبة لها، وأضطررت لإعادة السنة. ثانياً: لأن الاختلاط شديد جداً، ولا أجد وقتاً إلا فقط لأداء الصلاة المفروضة مع كثرة المذاكرة وضيق الوقت، وبدأت أشعر بالضيق والنفور. وثالثاً: أني متحملة مسؤولية البيت كاملة، فبعد التزامي بدأت أشعر أني بلا هدف، وأني أدرس الذي يريده مَنْ حولي ليس ما أحب، وأنا الآن أريد أن أدرس دراسات إسلامية في الجامعة، وسؤالي هو: هل بهذا التصرف أكون قد عققت والديَّ إذا أرادا مني الاستمرار في الطب، وأنا صممت على الدراسات الإسلامية؟ آسفة على الإطالة لكني أعاني شديداً بسبب هذا الموضوع، وأنا كارهة لدراستي للطب مُحِبَّةٌ لوالدي، وقد أصبت بحالات اكتئاب كثيرة، وقد استخرت الله، ثم ها أنا ذا أستشيركم وجزاكم الله خيراً. الجواب أختي السائلة: - نوَّر الله قلبك بالطاعة- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فأشكر لك ثقتك بموقع (الإسلام اليوم) ، وعرضك مشكلتك على القائمين عليه، راجياً من الله - تعالى - أن يجعل في ما تقرئينه مخرجاً وحلاً لمشكلتك. أختي الكريمة: أهنئك في البداية على اختيارك ارتداء الحجاب، والتشبه بأفضل من تقتدي بهن المرأة المسلمة، ألا وهن أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن أجمعين-، فأسأل الله - تعالى - لك الثبات على الحق. أما ما ذكرتيه من الأذى الذي لحقك من والدك بسبب ارتداء الحجاب الشرعي، فهذا نوع من الابتلاء الذي يعرض للمتمسك بالسنة، خاصة في زمان غربة الدين، وغربة المكان - كحالك التي أنت فيها- وهو- أي الابتلاء- سنة ماضية لكل من اختار طريق الجنة، ولذا قال الله - جل وعلا- لمن هم خير منا - من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله" [البقرة:214] فيأتي الجواب من الرب الرحيم- الذي يعلم ما يلاقيه عباده من شدة وضنك وعناء-: "ألا إن نصر الله قريب" [البقرة: 214] ، ولقد قال الله - تعالى - مسلياً لنبيه - صلى الله عليه وسلم-: "ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون" [الأنعام:10] .

أمي سريعة الغضب

أمي سريعة الغضب المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 5/1/1425هـ السؤال أنا إنسان ملتزم -ولله الحمد- منذ فترة ليست ببعيدة من 6 أو 7 أشهر، المهم أنا مشكلتي في أمي عدم توافقي معها، فهي عصبية، وتمر بظروف نفسية كثيرة جداً، وأنا عصبي، وحار بمعنى أصح، وهي لا تقدر أبدا رغم أنها متعلمة، لكن صدقني حاولت جاهداً إرضاءها، ولكن دون جدوى، كثيرة الشكوى، رغم أننا في الحياة اليومية جدا متوافقان، ومتفاهمان، لكن تحدث المشاكل وقت الطلبات، تحدث المشكلة رغم أني لا أخرج كثيراً طول الأسبوع، فقط في عطلة الأسبوع، أخرج قليلاً أيضاً، ولكن تحدث مشاكل، ولا أستطيع أن أمسك نفسي، فأغضب، تعبت يا شيخ، لكن مع العلم لي أخ أكبر مني، لا يهتم بها كثيراً، في الشهر مرة أو مرتين، ومع ذلك ينفذ له كل أمر، وهو يسبها، ويشتمها، وأنا عكس ذلك، أهتم أن ترضى علي، لكن تعبت. الجواب أحمد الله الذي منَّ عليك بالهداية يا أخي، وأسأله أن يتم نعمته عليك بالثبات على طاعته. مشكلتك أخي العزيز هي مشكلة الكثير ممن يمرون بنفس المرحلة التي تمر بها الآن، فلست الوحيد الذي يعاني منها، وسببها -غالباً- عدم تفهم الوالدين بطبيعة مرحلة المراهقة، وحاجة الابن أو البنت خلالها إلى إبراز نفسه، وتحقيق ذاته، وإثبات استقلاليته، بل ربما تفهم هذه المشاعر على أنها تمرد وعصيان على سلطة العائلة، ومن هنا تنطلق المشاكل. يضاف أمر آخر لوالدتك، وهو أنها تمر (بظروف نفسية) ، ومعنى ذلك أنها قد تتصرف تصرفات هي ليست مقتنعة بصحتها، ولكن تحت ضغط هذه الظروف قد يصدر عنها ما لا تحب من الانفعالات؛ ولذلك أجزم أنها - في نفسها - تشعر بتأنيب الضمير؛ لأنها تعاملك بهذا الأسلوب؛ لأنها أولاً: أم، وثانياً: لأنها تعرف ظروفها التي تمر بها، ولكن قد لا تصرح لك بذلك، بل تترجمه بتعويضك بالحنان الزائد وقت الهدوء أو منحكم بعض المال أو غيره، والذي عليك أن تفهم أن هذا نوع من الاعتذار لك بطريقة غير مباشرة. جانب آخر لا بد أن تتفهمه وهو أن تصرفها معك بهذا الأسلوب-وإن كان خطأ لا أؤيدها عليه - إلا أنه دلالة على مكانتك المتميزة في قلبها، فهي تخاف عليك من الخروج- ولا ألومها على ذلك- لأننا نعيش في زمن مخيف حقاً، فتحت أبواب الانحراف فيه على مصارعها، وهي تخاف أن يخطفك إحداها، فتخسر فلذة كبدها. وهي لا تعامل أخاك بنفس الاهتمام؛ لأن منزلته أقل من منزلتك بكثير في قلبها، وكيف لا يكون ذلك، وهو (يسبها ويشتمها) ،أعوذ بالله من سخطه وعقابه، وهي تخاف أن تخسرك أنت كما خسرت أخاك، والذي أريده منك يا عزيزي ما يلي: 1- أن تتفهم مشاعر والدتك، فهي أم، وقد لا تعرف -الآن- دلالة هذه الكلمة، ولكن إذا كبرت - بإذن الله- وتزوجت، ورزقك الله الذرية سوف تدرك هذه المشاعر تماماً، فكل تصرف منها لا يعني أنها تكرهك أو تقلل من شأنك، بل تخاف عليك.

2- أعجبتني جداً حينما تفهمت أن والدتك تمر بظروف نفسية كثيرة جداً، ومعنى ذلك أنك تملك عقلاً راجحاً، وهذه الصفة يقل وجودها فيمن هم في مثل سنك؛ يدل عليها أيضاً أنك تحاول جاهداً إرضاءها برغم أنها تعاملك بهذا الأسلوب، وأنك تهتم بها بخلاف أخيك، وبما أنك شاب عاقل فيجب أن تعلم أن أسلوب المواجهة، والصدام قد لا يجدي، بل ربما زاد المشاكل اشتعالاً!. هل مر بك يوم، ورأيت كيف تقبل مياه السيول على الأودية؟ تقبل بقوة، وعنف، وهدير مخيف، فلو كنت في وسط الوادي لجرفتك ورمت بك في مكان سحيق، ولكن لو ملت يميناً أو شمالاً عن وجهها حتى تهدأ لخضت فيها بكل هدوء واستمتاع. وأريدك أن تعامل والدتك بنفس الأسلوب، وتستخدم في ذلك عقلك، ففي وقت غضبها وهيجانها كن هادئاً، وألجم أعصابك، أو أخرج من المكان الذي أنت فيه إلى مكان آخر في البيت، أو توضأ وصل ركعتين، وتعوذ بالله كثيراً من الشيطان الرجيم، فإذا ذهب غضبها وهدأت نفسها فبإمكانك أن تنال منها ما تريد. قد لا ينجح هذا الأسلوب في البداية، ولكن إذا تعودت أنت عليه، وتعودت منك أمك عليه، فسوف يتغير أسلوبها معك بشكل قد لا تصدقه الآن وهذا واضح مجرب. 3- أن تقرأ كثيراً في الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في فضل بر الوالدين، وخاصة الأم؛ لكي تعلم أنك وإن حرمت نفسك مما تحب طاعةً لها فسوف تنال رضا الله وأجره، وثوابه، وهو خير وأبقى. 4- أن تحاول مناقشتها بهدوء، في وقت توافقكما، وتفاهمكما في أسلوبها الذي تتعامل به معك، وأن تشعرها أن هذا الأسلوب يفتح عليك باب الشيطان؛ ليزين لك عصيانها، وعقوقها، وتطلب منها أن تعينك هي على برها والإحسان إليها بأن تتعامل معك بأسلوب أفضل. 5- أن تجعلها تثق بك وتطمئن إليك، فكما قلت دافعها لمنعك من الخروج هو خوفها عليك، خاصة وأنك قريب عهد بالهداية، فإذا استطعت إقناعها بأنك أهل للثقة، وأن لك أصدقاء صالحين مهتدين، وأشعرتها بالاطمئنان لخروجك بأن تلتزم بالوقت المحدد لرجوعك إلى البيت، وخلال خروجك تتصل عليها؛ لتطمئنها على نفسك، وتسألها إن كانت محتاجة لشيء تحضره لها من احتياجات للبيت، وإذا طلبت منك قطع خروجك والعودة حالاً أن تفعل سوف تجدها بعد فترة لا تمانع أبداً من خروجك، والتجربة خير برهان. أخي: سوف يأتيك يوم تلهج فيه بهذا الدعاء: "رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" [الإسراء: 24] حينما ترزق بالأولاد وتحس بمعاناة الأبوين في التربية، وثقل هذه المسؤولية العظيمة. وفقك الله، وثبتك على طاعته، وهداك لما يحب ويرضى وشفى والدتك.

كيف أتعامل مع والدي الظلوم؟!

كيف أتعامل مع والدي الظلوم؟! المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 28/2/1425هـ السؤال أنا غضب المزاج، سريع الانفعال، عشت مظلوماً، وكابدتُ وحدي، وطُلقت أمي وطُردتُ من البيت لأشهر كثيرة، ووالدي يكرهني ويتلفظ علي بأقوال، بينما يحب إخواني من عماتي من غير أمي المطلقة، وأنا الآن بعد عمر 24 عاماً لا أطيقه، وكثيراً مايردِّد كلاماً يزعجني فيه قذف لأمي وسب لأخوالي، وزواره قليل جدًّا، ويقوم بطرد ضيوفي، فهم يأتون في بيتنا (أنا وأخواتي من أمي) ، ما كيفية التعامل معه؟ حيث إنه يردد كلاماً جارحًا، ويذكرنا بأخطائنا ونحن صغار، وكلنا لا نرغب عندما يأتي إلينا، فهو يأتي في اليوم أكثر من 10 مرات، لكنه يذهب بعد أن يغضبنا ويتكلم أمام أبنائه من عماتنا، ما كيفية التعامل معه رغم أننا ضافرنا جهودنا، وحاولنا معه، لكنه كما هو. الجواب كنت أرغب الاستفصال أكثر عن بعض الفقرات الواردة في الاستشارة، وخاصة أسباب انفعال الأب ونوعية الكلام والأخطاء التي يقرّعكم بها، وحيث مضى زمن لم يرد أي اتصال وحتى لا يتأخر الرد عليك إليك هذه الإجابة التي أرجو الله أن يوفقني فيها ويوفقكم لتجاوز المشكلة. من الواضح أن مشكلتك التي ترغب الاستفسار عنها هي حال والدك معكم وموقفك منه وكيفية التعامل معه، ولكنك أشرت في السياق نفسه إلى مزاجك الغضبي على حد وصفك. ولذلك أقترح عليك أن تتعرف على وسائل وأسباب ضبط النفس، وأن تعود نفسك على ملك غضبك وتتيح لنفسك شيئًا من سعة الصدر وتحمل الضغوط؛ فإنك بهذه الحال تستحق الأجر من الله، وتسلم من مغبة الاسترسال في الغضب الذي لا تقتصر نتيجته على الآثار السلبية المتعدية بسبب الغضب، بل من المتوقع أن يفتك بك ويسبب لك أزمات عضوية كقرحة المعدة أو القولون العصبي، فضلاً عن الإنهاك العام الذي يعم سائر الجسد والنفس. وأما عن والدك فلا أعرف لأي شيء يقف هذا الموقف أو يتصرف بذلك التصرف، ولا أكاد أتبين شيئًا من ذلك، وبخاصة أن وصفك للأمر جاء في سياق انفعالي من نفسية عصبية، وربما كتبت السؤال بعد موقف من هذا النوع، ومع ذلك فالذي يمكنني اقتراحه ما يلي: - أن تطلب تدخل بعض الأقارب الذين يحظون بقبول لدى والدك، إما بأن يصارحوه بخطأ تصرفاته معكم، أو على الأقل يقنعوه بأن يراجع جهة استشارية للحد من العصبية والانفعال اللذين أتوقع أن يكون والدك متصفًا بهما. - إذا كان من الممكن أن تنتقلوا عن البلد الذي يقيم فيه والدكما ولو لفترة وجيزة؛ لأي مبرر، فربما كان هذا نافعًا حتى تبدو أمامه أكثر نضجًا فيتفهم شأنكم. - إذا لم يمكن السفر فقد ترون الابتعاد في السكن شيئًا ما، على الأقل يقل عدد زياراته لكم، وهذا ممكن في البلد الذي ذكرت أنك تسكن فيه. - من المتوقع أن موقفه منكم نتيجة لموقفه من أمكم - مثلاً -، وبالتالي فلا بد من تحري السبب والتعامل معه بإنصاف. - ربما كانت المشكلة موقفكم من إخوانكم لأبيكم، ومن حق إخوانكم تقبلهم والإحسان إليهم، ولعل في التعامل معهم ما يكون سببًا في تخفيف حدة والدكم.

- لماذا يتشاجر معكم في كل مرة يزوركم؟ ألا يستحق هذا منكم البحث والتحري والتعامل مع الموقف بقدر من التروي والتشاور فيما بينكم للخروج بحل مشترك تتوقعون أنه الأنفع لكم. - هل تبادلونه النقاش مما يجعله يحتد أكثر؟ وهل هناك أسباب مالية تجعله يتصرف بهذا الشكل، أو أنه في بيئة تعوده على القسوة ... وكما ترى؛ فهي أسئلة لا أجد إجابة عنها، وأنتم من يعرف الإجابة أو يتوقعها. - ولا أنسى أن أوصيكم بالاحتساب على البلاء؛ فإن مجرد التجلد (ولو بدا كأنه صبر) لا يحقق الأجر الذي وعد الله به المبتلين. كما أن من المهم تقبل والدكم ومحاولة الإحسان إليه؛ فلعل بعض الإحسان يكون سببًا في كسب مودته وأبوته. والله أعلم.

أمي مدمنة أسواق

أمي مدمنة أسواق المجيب محمد العبد الكريم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 28/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. مشكلتي ببساطة: أمي تكثر الذهاب إلى الأسواق، وأنا أعلم خطورة كثرة الخروج من المنزل، لكن أمي لا تأخذ برأيي، وأنا لا أستطيع عصيان أمي، فمتى ما طلبتْ مني الذهاب بها إلى السوق ألبي ندائها لكي لا تغضب علي ويحصل العقوق، ما الحل لهذه المشكلة، علمًا أن والدتي متعلمة وتعلم الأحكام الشرعية، لكن تعلمون حب المرأة للسوق. جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخ الكريم: استنكارك لكثرة ذهاب أمك للسوق، دليل حبك وتقديرك لوالدتك العزيزة، وخشيتك من عقوقها دفعك للاستجابة لرغباتها المتكررة للتسوق، وعدم اعتبارها لرأيك جعلك لا تدري ماذا تفعل؟! وما دام أن أمك متعلمة فتأكد أنها لن تكترث برأيك كثيراً، فمن الواجب عليك أن ترتفع بمستواك العلمي أثناء حديثك مع أمك، وأن تمارس معها شيئاً من الهندسة النفسية وعلى سبيل المثال: يُفضل أن يكون حديثك مع أمك عاماً قبل أن ترسل لها الرسائل المباشرة عن ذهابها للسوق. وفي هذا الحديث العام كن مستمعاً جيداً ومنصتاً مهتماً لما تقول ومثنياً على ما يستحق المدح. فهذه مداخل لما بعدها. إذا كانت أمك عنيدة ولا تقنع إلا برأيها، ولا يصلح معها كثير من الأساليب السلوكية الجيدة، فدع الأشرطة تتحدث أثناء ذهابك بها في السيارة وحاول أن تنتقي أفضل المحاضرات من خلال سؤالك لأصحاب التسجيلات ولا يلزم أن تكون المحاضرة مباشرة. وأخيراً: شارك أمك دائماً كلما ذهبت وكن بجانبها ومعها في السوق وحاول أن تصل إلى مرحلة تعتمد فيها عليك حتى ترسلك في المرات القادمة نيابة عنها لتشتري أنت بدلاً عنها. وذلك لا يتم إلا إذا وثقت برأيك؛ ولذلك حاول أن تقترح عليها بعض الأذواق الجيدة فيما تريد أن تشتريه أو تختاره. وبالله التوفيق.

نصائحي تصدم بتعنت أخواتي

نصائحي تصدم بتعنت أخواتي المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 23/06/1425هـ السؤال والدي من النوع السلبي في المنزل بعكسي حيث أحاول قدر الإمكان إصلاح وتعديل ما أراه يستحق الإصلاح من شأن أمي وأخواتي حيث إنه لا إخوة ذكور غيري، ولكن نصحي لهم يصطدم بتعنت أمي وأخواتي حيث لا يتقبلن مني أي نصح، فهن تعودن على إدارة أمورهن بأنفسهن، ويحاولن الاستقلال بكل الأشكال، وعندما تصل الأمور لدرجة يجب استخدام القوة معهن لمنعهن من القيام بمنكر أفاجأ بتدخلها لصالحهن بدون أي تردد أو تحكيم للعقل، مع أن والدتي متعلمة وتدعي الالتزام. آسف على الإطالة ولكنها معاناة سنوات. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: أخي الفاضل: هذا قدرك فالحمد لله على قضاء الله وقدره. معاناتك مع أقرب الناس لك والديك وأخواتك فلا مناص من العمل والدعوة بالصبر والحكمة، فأنت على أجر، وعلى خير، وكل عمل تعمله احتسب عند الله ذلك ولو لم يتحقق لك ما تريد. من أعظم وسائل تغير الأسرة لطريق الخير والهدى هو الدعوة بالحكمة والأخلاق الفاضلة من ابتسامة، هدية، تقديم الحاجات التي يطلبونها، الجلوس معهم، تحريك عواطفهم للخير وعمله من خلال عرض نماذج من أعمال الخير التي تحتاج إلى مساعدة، أدخل مع الهدايا بعض الأشرطة النافعة الجذابة. ينبغي أن يكون لك حضور في حياتهم بالاتصال بهم والسؤال عنهم وقضاء حوائجهم، وألا تكون علاقتك بهم مجرد تقديم النصائح وإصدار الأوامر، وتذكر "فبما رحمة من الله لنت لهم"، ودعني أعتب عليك ذكرك لاستخدام القوة، فهل تستطيع بناء القناعة بالقوة أم بالإقناع. تذكر أن الله رفيق يحب الرفق، وأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وأن الله يعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف. التأكيد على الهدايا لأن لها أثر عظيم في تغير النفوس وتوجه القلوب؛ كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تهادوا تحابوا" رواه البخاري في الأدب المفرد (594) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وحسنه الألباني- رحمه الله-. نحن متأكدون - بإذن الله- سترى الآثار التي تحبها على أهلك، ولكن لا تعجل وأبشر بخير. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

أمي.. ورسائل الجوال..!!!

أمي.. ورسائل الجوال..!!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 7-4-1423 السؤال أنا شاب من أسرة كريمة والدي متوفى وأسرتي تتكون من خمسة أشخاص: أمي، وإخوتي. وفقني الله لطريق الهداية.. واهتدى على يدي بعض الأحبة ولله الحمد، وأنا الآن واقع في مشكلة كبيرة جداً..!!! مشكلتي أنني اكتشفت بمحض الصدفة أن هناك رجل غريب يتصل بوالدتي عن طريق الجوال ويرسل لها بعض الرسائل.. التي استشفيت منها رغبته في الارتباط بها..!! مع العلم أن والدتي امرأة فاضلة متعلقة بربها إلى حد كبير..أنا الآن في حيرة شديدة ولا أعرف ماذا أصنع فأنا مشتت الفكر كلياً أرجو إفادتي بأسرع وقت ممكن. الجواب الأخ الكريم شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع الإسلام اليوم الحمد لله الذي وفقك للهداية وللرفقة الصالحة التي تدل على الخير وتعين عليه. لا أدري هل اكتشافك بمحض الصدفة وجود رسائل لوالدتك عن طريق الجوال هي في حقيقتها تمثل مشكلة؟؟ لا بد أن تضع الأمور في حجمها الطبيعي وتتعامل معها من خلال ذلك الحجم. ويمكنك وضع هذه المسألة في حجمها الطبيعي من خلال معرفتك أن هناك أموراً يجب الوقوف معها ومنها: أولا: هل وجود مثل هذه الرسائل والاتصالات يعني بالضرورة رضى والدتك بها رغم ما تقوله في صفاتها من فضل وعلم وتعلق بالله عز وجل. فكم أزعج كثير من الشباب العديد من البيوت باتصالاتهم الغير أخلاقية وربما الوقحة في بعض الأحيان ولم يكن لأهل هذه البيوت من حل إلا الدعاء بالتخلص ممن يزعجهم بمثل هذه الأعمال هذا من جانب.. ثانياً: من الجانب الآخر.. يجب أن تشعر أن والدتك ليست صغيرة وفيها من العقل ما يمنحها التحكم والتصرف المناسب في مثل هذه الأمر بل أن الشرع أعطاها الحق المطلق بقبول الخاطب من رفضه ونزعه من وليها تماماً بخلاف المرأة البكر. ثالثاً: كذلك يجب أن تشعر أن المرأة مثلها مثل الرجل - إن لم تكن أكثر في احتياجها إلى الأنس والعطف الزوجي الذي لا يمكن أن يوفره لها غيره من الناس حتى البنين والبنات. فلماذا لا تريد أن تتصور أنه يمكن لوالدتك أن تتزوج مرة أخرى بعد وفاة والدك فهذا حق مشروع لها، خاصة إذا كانت لا زالت في سنٍ مبكر ولم تواجه تشنجاً سيِّئاً بالرفض من قبلك أنت وأخواتك. رابعاً: من خلال ما سبق يمكن أن أفيدك أن هذه الحال مع والدتك لا تخلو من حالين من وجهة نظري. الحال الأولى: أن لا تكون لدى والدتك الرغبة في الزواج البتة ولا ترى الخوض في هذه المسألة نهائياً وفي هذه الحال يجب أن تعلم أن ما اكتشفته إنما هو عملية إزعاج من طرف آخر سيِّئ ووالدتك غير راضية تماماً ولم تسعى إليه مطلقاً ولن تخدع به.

الحال الثانية: هي أن يكون لدى والدتك شوق ورغبة في الزواج وملء عاطفتها وأحاسيسها بالدفء الزوجي الذي افتقدته بعد وفاة والدك وهنا يجب عليك التدخل في الموضوع وإشعارها أنك وإخوانك تشعرون بالسعادة والرضى في حال زواج والدتك، إذ هذه اللفتة منك ستعطيها الدفعة القوية التي تحتاجها هي في مصارحتك وكشف ما تكنّه في نفسها إليك، فأنت في سن العشرين وأهل لكسب ثقة والدتك وسندها بعد الله. حاول التحدث معها في مثل هذه القضايا " أقصد قضايا الزواج " ولو عن طريق المزاح والتلميح وحاول التبصر بردة الفعل لديها وكن ليّنا هيناً معها واعلم أنك ستعذرها كثيرا وستقدر مشاعرها إذا ما مررت بتجربة الزواج لاحقاً بمشيئة الله وسترى كيف يعز على الإنسان فقدانه لمشاعر الحنان الزوجي والعاطفة الفياضة والأحاسيس الزوجية الجميلة، وستعلم حينئذ كم هي أنانية مفرطة أن يرفض الأبناء والبنات أو يغضبوا حين يعلمون بتقدم عريس لوالدتهم الأرملة. وفقك الله لبر والدتك بالحسنى.

معاناتي مع أبي

معاناتي مع أبي المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 04/04/1425هـ السؤال أنا شاب أبلغ من العمر الـ20 عاماً، ومشكلتي مع والدي الذي يبلغ تقريبا من العمر 45 عاماً، ولكنه لا يصلي، لا يذكر الله، فظ غليظ، لا أذكر مرة أنه تحدت معي في مشاكلي، أو حدثني، أو آنسني، أو جالسني، أو قبلني، أو عانقني، لا بل كان جليسه الجهاز المرئي، والأفلام الأجنبية، فقد كنت أشعر كأنهم أبناؤه ولست أنا. والدي رجل مقتدر ويمنع عني المصروف، والأنكى من هذا يمنعني من العمل! لا أشعر اتجاهه بالمشاعر، بل بالعكس، أحس أني بدأت أكرهه! شيخنا الفاضل! ذات مرة تأخرت عن البيت، ولا أنكر أني أخطأت بعض الشيء، حيث تأخرت عن البيت حوالي الـ 3ساعات، من الساعة 4:30 إلى 7:20 مساءً، وفي هذه الفترة كان أحد اخوتي ينتظرني لإيصاله لعمله، وقد ظننت أن زميلا له سيوصله، وعندما دخلت للبيت قام أبي بضربي بالسوط أمام إخوتي صغاراً وكباراً، وأمام عمتي التي كانت في زيارة لنا، شعرت كأني طفل، والله أني أهنت، ومنعني من الذهاب وصلاة العشاء في المسجد! فيا شيخي: ارشدني كيف يكون التصرف مع مثل هذا الأب -هداه الله-، هل يجوز لي ترك البيت بنية الفرار بالدين؟ وهل يوجد حل آخر؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: فعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: وصلتني رسالتك التي تذكر فيها حال أبيك - حفظه الله -، وعلاقته معك، وقد تعاطفت كثيراً معك، ودعوت الله لك وأنا في بيت من بيوت الله أن يفرج كربتك. ابني الحبيب: أهنئك على الهداية والاستقامة، وأسأل الله لك الثبات حتى تلقى الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة؛ فتشرب من حوضه الشريف شربة هنيئة. ابني العزيز: أوصيك بالوصايا التالية لحل مشكلتك -إن شاء الله-: الوصية الأولى: الصبر الجميل، اصبر على معاملة والدك لك، وتذكر أن الصابر له الجزاء الذي لم يخطر على بال أحد؛ قال تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"، "وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً"، وتذكر دائماً أن الصبر سبب في تفريج الكرب، وتحقيق الأهداف؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "واعلم أن النصر مع الصبر"، فاصبر وإن طال الأمر العسير، واصبر وإن عظم الكرب، واشتد العسر؛ قال تعالى: "فإن مع العسر يسرا* إن مع العسر يسرا"، فاصبر صبراً جميلاً، وتذكر قول القائل: سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري*** وأصبر حتى يأذن الله في أمري وأصبر حتى يعلم الصبر أني*** صابر على أَمرَّ من الصَّبِرِ. الوصية الثانية: أشغل نفسك داخل البيت وخارجه؛ اشتغل بتخصصك الدراسي وبالقراءة النافعة، وبأنواع العبادات، وبغير ذلك من النافع من الأمور، وهذا الانشغال يحقق لك ما يلي: 1- تخفيف أثر المشكلة على نفسيتك. 2- استفادتك من وقتك في شيء نافع. 3- زيادة هدايتك واستقامتك. 4- انظر الوصية القادمة (الثالثة) .

الوصية الثالثة: الابتعاد عن أسباب الاصطدام بالوالد - حفظه الله-، ابتعد عن كل ما قد يسبب غضبه، ويسبب التوتر بينكما حتى لو كان على حساب بعض آرائك أو رغباتك؛ وهذا سيخفف سخونة الموقف بينكما، وبالتالي ستشعر براحة أكبر. الوصية الرابعة: حاول أن تكون سبباً في تغيير والدك - رعاه الله- ولكن دون أن تكون أنت في الواجهة أمامه، ولكن بطرق غير مباشرة؛ كما يقال - من وراء الكواليس-، وهناك وسائل كثيرة: أذكر لك منها ما يلي: 1- توفير بعض المواد الإعلامية الدعوية، وتوصيلها إلى الوالد - وفقه الله- بطريقة مناسبة عن طريق شخص كبير؛ مثل: الوالدة - حفظها الله-، أو بعض الأقرباء، أو إمام المسجد، واحرص على اختيار المادة المناسبة واستشعر بعض الدعاة الموجودين حولك، وقد اخترت لك - على عجل- بعض المواد التي تجمع بين المتعة والطرافة والفائدة: أ- الشريط الإسلامي النافع المؤثر مثل أشرطة السيرة النبوية للدكتور/ طارق السويدان أو غيره، أشرطة التاريخ الإسلامي للدكتور/ أحمد الدعيج، إضافة إلى بعض أشرطة التربية. ب- الكتيبات الصغيرة. ج - أشرطة الفيديو: مثل أشرطة بعض حفلات الجوالة الطريفة، وكذلك أشرطة التربية، وكذلك أشرطة فلسطين مثل (أبطال الانتفاضة) ، (أطفال سطروا التاريخ بدمائهم) . د - المجلات الهادفة: مثل: (مجلة الأسرة - مجلة مساء) ، ومجلة (ولدي) . 2- طلب المساعدة من بعض الكبار ليكونوا عوناً في حصول الخير- للوالد الكريم حفظه الله - مثل الوالدة، إمام المسجد، بعض الأقرباء، أو أي شخص آخر يكون مناسباً, واحرص على السرية التامة حتى لا يعرف الوالد- سدده الله- ذلك الأمر. 3- الدعاء له بكثرة وإلحاح وصدق في أوقات الإجابة؛ لعل الله أن يجعل ذلك سبباً في حصول الخير لوالدك الكريم- رعاه الله- وأذكر لك هنا قصة صغيرة واقعية: كان أحد الشباب الصغار يعاني من بعد والده عن الله، فجعل يجتهد في الدعاء لأبيه، وظل على ذلك وقتاً طويلاً حتى أنه كان يقوم الليل ويدعو لوالده، وفي إحدى الليالي قام الأب من نومه في آخر الليل ليقضي بعض حاجته، فسمع صوتاً يصدر من غرفة ابنه، فلما اقترب، وإذا بالابن قائم يصلي ويدعو الله لأبيه، ويبكي مع دعائه، فتأثر الأب، وكان ذلك سبباً في هداية الأب. الوصية الخامسة: يجب عليك- حفظك الله - أن تعرف أن كل الوسائل ستنفع أباك أكثر وأكثر إذا كان معها أداؤك الحقوق الواجبة عليك؛ مثل طاعة الأوامر وتنفيذ المطلوب منك، ومثل عرض الخدمة عليه، وإن لم يطلب منك شيئاً معيناً ومثل معاملته بأدب واحترام وإجلال بأن تجمع بين الأدب القولي والأدب العملي. الوصية السادسة: تذكر دائماً أن والدك - حفظه الله - هو جنتك أو نارك، فلا تفقده مهما حصل. الوصية السابعة: احذرك من الخروج والفرار من البيت؛ لأن ذلك سيزيد المشكلة، ويعقدها، وسيخسر الجميع الراحة والأمان، وربما تكون أنت الخاسر الأكبر. وختاماً: أسأل الله - عز وجل- أن يعينك ويحفظك ويثبتك، وأن يجعل أباك من خير الناس مع الله ثم معكم جميعاً، تحيتي العطرة لشخصك الكريم، وأنا معك بقلبي ودعائي.

أداء الشهادة إذا كانت تغضب الوالدين

أداء الشهادة إذا كانت تغضب الوالدين المجيب جماز عبد الرحمن الجماز مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 29/3/1425هـ السؤال طلبني شخص للشهادة معه، ولكن هذا الشخص على خلاف مع أهلي، المهم سمع أهلي بهذا الموضوع، فخيروني بين البقاء معهم في البيت أنا وزوجتي وأولادي أو الخروج إن شهدت مع الشخص المقصود، ولقد ذهبت إلى المعني لأخذ منه شهادتي، ولكنه لم يوافق بالرغم من أني شرحت له الموقف وأنه سيسبب لي مقاطعة الأهل والتي تجر إلى عقوق الوالدين، فماذا أعمل؟ أنا في حيرة من أمري ولا أريد أن أخسر أبى وأمي بالذات، مع العلم بأن أبي من النوع الصعب والذي لا يتراجع في كلامه. الجواب الحمد لله رب العالمين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن كانت الشهادة لصاحبك يترتب عليها إحقاقاً لحق أو إبطالاً لباطل، فواجب عليك إبقاء شهادتك - إذا لم يقم غيرك بالواجب-؛ لأنه هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ... " [المائدة:2] ، وقال تعالى: "ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ... " [البقرة:283] ، وغضب والديك عليك، بسبب تلك المشكلة، لا يضيرك، وليس عقوقاً لهما، وفي حديث علي - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف" خرجه مسلم (1840) ، ولو أنهم أخرجوك من البيت، فأخرج وابدأ حياة جديدة، كلها طاعة وإيمان، وعش عيشة هنيئة، مليئة بالصالحات، فقد وعدك الله بالجنات، وفر بدينك خشية أن يدنس، وحافظ على استقامتك خشية أن تخدش، ومتى لم تجد المال للسكنى استقلالاً، وليس لك إلا بيت أبيك، كما لو تعذر بيت لأخيك أو أختك، أو ... أو.. تسكن معهم، مع كونه بيتاً أفضل من بيت أبيك أو مثله من حيث الديانة والاستقامة، وخلوه من المنكرات، فحافظ على رأس مالك، واقعد عند أهلك، واترك الشهادة اضطراراً، وعالج مشكلة والديك حيث أصرا على إرغامك لارتكاب المنكر، ولم يجعلا لك الخيار، وفق الآتي: 1- الزم خدمتهما، وقم على شؤونهما، وعاملهما برفق، ولا تكدر خاطرهما. 2- لا تتردد في التضحية لأجلهما بمالك أو نفسك أو ولدك. 3- اهتم دائماً بمحادثتهما في الأمور الشرعية، وعلمهما الأساسيات في الدين. 4- حاول التأثير عليهما في العلاقات الاجتماعية والجوانب الأسرية. 5- كن أنت المسؤول عن البيت، وكأنه بيتك، اصرف عليه وأصلح ما تعطل فيه. 6- وفر من مالك الخاص لجلب بعض الهدايا لأبويك، أو الأطعمة والأشربة للبيت.

فإذا ما وقع شيء ما، وأظهرت رأيك لوالديك أنه حرام أو واجب، فسوف يسمعان لك، وكأنك الآمر الناهي، وأما إن كانت الشهادة تتعلق بأمور خاصة من أملاك أو أراضي أو محلات تجارية، أو إثبات لشيء أو نفي لشيء من أمور الحياة، وليس فيها ظلم لأحد وصادف كما ذكرت أن هذا الشخص على خلاف مع أهلك، أو حتى ليس على خلاف معهم، وإنما منعوك من الشهادة لشيء يرونه أو يتوقعونه، أو يخشون من عواقب وخيمة في العلاقات الاجتماعية أو نحو ذلك، فواجب ترك الشهادة معه؛ لأن ذلك من البر الواجب بالوالدين، حيث فيه إرضائهما، ولا مضرة على أحد، واعلم أن صاحبك سوف يجد غيرك، وعليك بذل الجهد في سحب شهادتك، وعليك إخبار والديك بتراجعك، ولئن تخسر صديقك، خير من أن تخسر والديك، فالصديق بدله ألف صديق، بينما الوالدين لا بديل عنهما، ولو ألف ألف أبوين. أسأل الله -تعالى- لك التوفيق والسداد، وأن يهئ لك من أمرك رشدا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

العلاقة بين الآباء والأبناء

العلاقة بين الآباء والأبناء المجيب جماز عبد الرحمن الجماز مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 13/3/1425هـ السؤال ما حكم المعاملة السيئة التي يعاملها الآباء للأبناء؟ وما حكم التفضيل بين الأبناء؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، وبعد: فالمعاملة التي يعاملها الوالدان لأولادهم ذكوراً وإناثاً، يجب أن تكون طيبة، وهذا هو هدي الإسلام دون غيره من الأديان؛ حفظاً لكرامتهم، وصيانة لحقوقهم؛ قال تبارك وتعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً" [الإسراء:70] . والمعاملة السيئة للأولاد بلاء كبير، وشر مستطير، لن يجني منه الوالدان أو أحدهما إلا المعيشة النكدة، والفرقة المقيتة، والعقوق المتبادل، والسباب المتلاطم، والإثم الكبير، قال أبو مسعود البدري - رضي الله عنه -: كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعت صوتاً من خلفي، اعلم أبا مسعود، فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فإذا هو يقول: "اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود، قال: فألقيت السوط من يدي، فقال اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، قال: فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً"، وفي لفظ: "فالتفت فإذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله: هو حر لوجه الله، فقال: "أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار" وكلا اللفظين عند مسلم (1659) ، وهذا في ضرب المملوك، فكيف بضرب الولد؟!. وفرق بين الإساءة إلى الأولاد بالضرب وإيقاع الأذية بهم، أو منعهم حقوقهم، أو التنكيل بهم بالألفاظ، وبين تأديبهم، فالتأديب مجاله غير ذلك، بل هو من الرحمة لهم، والتربية الحسنة، ويكون ذلك برفق ولين وتلطف، فالولد المعوج، لا ينبغي أن يترك، بل تأديبه رحمة له. عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبعة سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" خرجه أبو داود (495) وغيره وهو صحيح. والعرب تقول: الضرب للولد مثل السماد للزرع. وأما العدل بين الأولاد ذكوراً أو إناثاً في العطية فواجب، عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- قال: أعطاني أبي عطية.. فقال صلى الله عليه وسلم: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ... " رواه البخاري، ومسلم (1623) وفي لفظ: قال- صلى الله عليه وسلم -: أله إخوة؟ " قال: نعم، قال: "أفكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ " قال: لا، قال "فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق" رواه مسلم (1624) من حديث جابر - رضي الله عنه -.

ومتى فرق الوالدان أو أحدهما في العطية بين الأولاد وقعوا في الإثم؛ لأن تفضيل بعضهم على بعض في العطية، يوغر صدور بعضهم على بعض، ويزرع بينهم العداوة والبغضاء، وليس الذكر كالأنثى، فما صلح للبنات، وأعطي كل واحدة منهن شيئاً، لا يجب إعطاء مثله أو عوضه للذكور، كالذهب واللباس الخاص بالمرأة وتوابعها مما لا يصلح للذكور، وهكذا ما صلح للذكور كالكرة أو الدراجة أو السيارة، وأعطي كل واحد منهم شيء، لا يجب إعطاء مثله أو عوضه للإناث. ويستثنى من ذلك المعوق أو المريض أو الفقير، أو من قام على خدمة والديه، أو أحدهما، والبقية تركوه واشتغلوا بأمورهم، أو من تفرغ لعلم ولم يعمل، ونحو ذلك من أصحاب الحاجات الضرورية، فيجوز للوالدين أو أحدهما تخصيصه بشيء دون البقية لسد حاجته تلك، ويجوز للوالدين أو أحدهما أن يصرف عطيته عن بعض أولاده إذا كان مبتدعاً، أو لكونه يعصي الله فيما يأخذه كما لو أنفقها في المحرمات، كالدخان والمخدرات، والمسكرات، أو ما يعين على أعمال الخنا والحرام والفواحش. ومتى أراد أن يعطيهم مالاً أو لباساًٍ أو مشروبات أو مأكولات أو كماليات من ضرورات وخلافها، هدية أو تشجيعاً، أعطاهم بالسوية، الذكر والأنثى سواء، الذكر له مائة، الأنثى لها مائة، وهكذا. وأما العدل بين الأولاد ذكوراً أو إناثاً في المحبة والميل بالقلب، فلا يجب، ويجوز للوالدين أو أحدهما محبة بعض الأولاد أكثر من بعض، ما لم يصاحبها ظلم وتجاوز، أو بخس لحقوق الأخوة أو الأخوات؛ لأن المحبة شيء جبلي يقذفه الله في قلوب عباده لمن يشاء، وليس من مقدور الإنسان أن يعدل بينهم في ذلك، فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها، غير أن العدل بينهم في ذلك مشروع ومنقول عن السلف، وليس للوالدين أو أحدهما المبالغة في أظهار هذه المحبة؛ خشية ملئ صدور الآخرين هماً إلا لعلة، كما لو كان أحدهم صاحب طاعة، أو محافظاً على الصلاة، أو باراً بوالديه، أو صاحب أدب فلهما أن يثنيا عليه خيراً؛ تشجيعاً له، وقد رخص بعض السلف تفضيل الصغير والمريض ونحوهما عند استقبالهما بالبشاشة والترحيب، شفقة عليهما، ومواساة لهما. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا ما جناه علي أبي من تفضيل أخي!

هذا ما جناه علي أبي من تفضيل أخي! المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 10/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أنا شاب، أبلغ من العمر ما يقارب 40 عاماً، متزوج ولي عدد من الأبناء، أعيش مع والدي أنا وإخواني، ولي شقيق يتَّصف أبناؤه بالمكر، والجحود، والحقد، والحسد، ونكران الجميل لي ولأبنائي، والله يعلم أني لا أتقول عليهم، وسببوا لنا المشاكل والتعب، وأصبحت علاقتي بوالدهم (شقيقي الأكبر) يشوبها الكدر والتوتر. والأمر الثاني أن شقيقي محبوب للوالدة أكثر منا، وتتغاضى عنه كثيراً، خاصة وأنه يسهر في الليل وينام في الصبح، مع أن عمره تجاوز الخمسين عاماً، وتشفق على حاله، ولكنها لا تقر بخطئه، وجميع من في البيت يعلم ذلك، ويعلم ما تفعله زوجة أخي ولكنهم يتغاضون، وبعض الأحيان يبررون خطأها، وتفاجأت في الآونة الأخيرة أنهم أصبحوا كتلة واحدة، والدي وإخواني علي وعلى أبنائي، فأصبحوا يأكلون سوياً ويذهبون سوياً، وزوجتي وأبنائي كأنهم ليسوا في البيت، حتى أنهم يطلبون مني أن أسكن لوحدي حتى أغاظني ذلك، فأصبحت أدعو على أبناء أخي بالموت ليلاً ونهاراً؛ لأنهم سبب المشاكل، وسيفرقون بيني وبين والدي وإخواني، وأنا والله في حيرة، فإن خرجت وسكنت لوحدي فستكون مقاطعة بيني وبين أخي وأبنائه، فلن أسامحهم ما حييت؛ لأنهم هم السبب في الفرقة بيني وبين والدي، وهم الذين أثاروا والدي علي؛ لأنني أتمنى أن أعيش تحت أقدام والديَّ وأخدمهم، خاصة أن أموري المادية جيدة جداً، وليس عندي مشكلة في المال، فلدي سكن أؤجره، ودخلي جيد جداً، وما ينقصني وما أبحث عنه هو طاعة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ثم رضا الوالدين، وإن بقيت في منزل والدي فسوف تبقى المشكلات كما هي. أرجو نصيحتك، وهل دعائي على أبناء أخي ظلم؟ مع أنني أعلم أن الله -سبحانه- رخَّص للمظلوم الدعاء ووعد بالإجابة. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الحبيب: حتى يرتاح بالك، ثق أنه مثل هذه المشكلات شائعة في الأسر الممتدة أي التي يعيش فيها عدة أجيال في مسكن واحد، وسلوك زوجة أخيك مع أبنائها ومع أبنائك هو سلوك متوقَّع إلا من هدى الله. ثانياً: كنت أتمنى أن أعرف الخصائص التعليمية والاجتماعية لزوجتك وزوجة أخيك؛ حتى يمكن تقييم سلوكهم من واقع تلك الخصائص. ثالثاً: أخوك عمره فوق الخمسين عاماً، وهو يعمل بالليل ويشعر بالتعب، ألا يكفي أن تعرف أنه خدم والديك أكثر منك، وإذا كان هو أول الأبناء، ألا تعرف الرضا الذي يشعر به أول الأبناء رغم وجود أخطاء عليه، فقد يكون حبهم مرده مواقف عاشاها سوياً، ولا يعني نقصاناً في تقديرهم لك، ولكن حبهم قد يطغى، وهذا لا يعد قضية أبداً، وواضح أن سلوك أخيك طيب، ولم يبدر منه سلوك سيئ اتجاه أبنائك، ولكن يبدو أن زوجته قوية الشخصية، لها التأثير الأكبر على قراره وعلى أبنائه أكثر منه، ويبدو أن ظروف عمله وإرهاقه جعله يوكل لها تلك المهمات.

رابعاً: لا أدري ماذا نقول لك، ولماذا أصبحت تفكر بالانسحاب وشخصيتك - كما تقول- ناجحة في العمل، ولديك قدرة مالية، وكيف هزمك الشيطان في تغيير نظرتك لوالديك، وهل البر شيء بسيط؟ لا والله أمك ثم أمك ثم أمك، فهل بعدها شيء آخر؟ كثير منا يريد تفصيل الآخرين على مزاجه، كثيراً قد يحمل الآخرين تقصيراً ما، لماذا أخوك مقرب لوالديك، هل عرفت السبب وأدركته؟ فقد تكون ابتسامته لهما، كلمته معهما، خدمته لهما، فيها من الإذلال والشفقة والعطف الكثير والكثير. أخي الحبيب: إن الآباء يدركون فطرياً بر أبنائهم، فلا تعتقد أنك بتقبيلهم بريت بهم، أو بسؤالك عنهم، أو شراء الدواء لهم، لا والله، فإذا كنت وصلت أن تفكِّر في حماية أبنائك وتعزف عن والديك فأعتقد أن في قلبك خصال جفاء. أخي الحبيب: هناك كثير من السبل التي قد تجعل البيت سعيداً، تتوقف على موقف الأسرة ذاتها، فأنت جزء من الأسرة وليس منفرداً عنها، رغم أنك - كما تقول- تشعر بعزلتهم لك، فهم يذهبون سوياً ويأكلون سوياً، بل وصارحوك في رغبتهم في خروجك، وما من شخص يتفق عليه اثنان إلا عليه بمراجعة حساباته قبل أن يسقط ما يشعر به على الآخرين. اجتمع مع أخيك وابحثا الموضوع بكل شفافية، لماذا بينكما الجفاء، أكثرا من الرحلات والنزهات المشتركة بين الأبناء، أكثرا من البرامج الثقافية داخل المنزل بين الأبناء، اجعلوهم يخرجون سوياً للمسجد. بادر بإقامة مناسبة لوالديك أو أحدهما، ولو من ابتكار أفكارك، ادعُ أخيك وعائلته، انتهز فرص الأعياد والمناسبات للمبادرة ببرامج أسرية مشتركة. مشكلتك - أخي الكريم- قد تكون في شخصيتكم، أنت قد تخجل من مواجهة أخيك، من إيضاح موقفك من بعض السلوكيات، فتراكمت في قلبك، وزادها الزمن قسوة، وهذا ما نحذّر منه، فالتفريغ الوجداني ونقل ما في الجوف لشخص آخر يسهم في تخفيف تراكم المشكلة. صارح والديك بما يخالجك بكل أدب واحترام، ادع لهما بالمغفرة أن يرضيا عنك، قل لهما أنك تبحث عنهما قبل أن يأتيا إليك، أشعرهما أنك محتار في تقصيرك معهما، لا تخجل من مصارحة والديك. دع عنك كلمة مظلوم، التي قد تثير مشاعرك كرجل أمام زوجتك، أمام أبنائك، واحرص على السلوك القويم أمام والديك، حتى لا تندم على ذلك، اعتبر واحفظ قوله تعالى: "وتلك الأيام نداولها بين الناس" [آل عمران: 140] ، ومن عفا وصفح فهو الرابح وأجره على الله، فافتح قلبك ولا تجعل للشيطان مدخلاً للتنفير بينك وبين إخوتك، وخذ من سورة يوسف في كتاب الله -عز وجل- العبرة والعظة. فاستعن بالله وابدأ بتعديل بعض سماتك الشخصية التي تقلق، وبخاصة قدرتك على المواجهة الشفافة، عندها قيم التحسن، وإن لم تشعر به لا مانع من أن تأخذ شقة مؤقتة وتقيس التقدم، وهكذا بالتدريج قد نصل للحل، ولكن تأكد أن كلنا ندافع عن أنفسنا، ونبالغ في الثناء على الذات دون إدراك لرؤية الآخرين نحونا، فقد يكون بها كثير من الصحة. دعائي لك بالتوفيق، وأن يجمع بينك وبين والديك، وزوجك وإخوتك بالحب والسعادة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.

معاناتي مع أمي

معاناتي مع أمي المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 03/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة، وعلاقتي مع والدتي جميلة لكوني ابنتها الوحيدة، وأنا أحاول وأجاهد نفسي على رضاها، ولكن والدتي كثيًرا ما تثيرني وأنا عصبية بطبعي، ودائما تردد على مسامعي كلام التجريح..ونادرًا ما أسمع منها كلام التدليل والحب، وأنا أعلم أنك تقول: ما هذا التناقض؟ ولكن لا يوجد تناقض؛ لأن والدتي -هداها الله- تفضل إخوتي الذكور علي، ولا تجعل لي حرية التعبير أمامهم، حيث إذا قال لي أحد إخوتي أن أفعل أمراً ولست مقتنعة تقول: إنني أكرههم، وأني أعصيها، ولقد قلت لها أكثر من مرة، وتوعدني أن تغير معاملتها معي، ولكن ترجع إلى ما كانت عليه، وهناك أمر آخر سبَّب لي الإزعاج الكثير والضعف في شخصيتي، وهو ذمها لي وللبسي، ومدحها للغير، وكأنها لا ترى إلا عيوبي، فماذا أفعل معها؟ أعانك الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي الكريمة: طهَّر الله قلبك مما فيه من بعض الانزعاج من والدتك، وتفضيل الأبناء الذكور - للأسف- ظاهرة قديمة، ولا زالت في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وهذا لا شك لا يقرها ديننا الإسلامي الحنيف، لكن الناس تقبلوا هذا السلوك، وقد وردت آيات قرآنية تنهى عن مثل هذه السلوكيات، بل - للأسف- الحملات التي توجه لأمتنا أخذت من هذا الموضوع مطية لها لصب النقد السام علينا، والمطالبة بتحرير المرأة من سيطرة الذكور وغيرها من الرؤى الخبيثة. لعل طبيعة التركيبة الأسرية لديكم أسهمت في مثل هذه السلوكيات، فالأسر التي يكثر بها الذكور لا شك أنها تكون أسرًا جافة في سلوكها وعباراتها؛ مما ينعكس هذا على سلوك أعضائها، وأنا أتفق معك أنك قد تعانين من ذلك ولكن بالقناعة بأن هذا السلوك غير متعمد، ولكنه لطبيعة التركيب الأسري ونقنع بذلك إلى حد كبير، إضافة إلى أن البنت داخل الذكور هي ذاتها يصبح سلوكها غير متزن، فهي قد تأخذ من سلوك إخوتها الذكور، فأنت مثلاً عصبية سريعة الغضب، وهذه طبيعة شائعة في الشباب الذكور، بينما البنت تكون عاطفية سهلة حالمة هادئة، وهذا تأثر بالتنشئة الاجتماعية، والدتك صدقيني لا تقصد إيذائك النفسي أو المعنوي، فهي قد تكون فطرية لم تتعلم كيف تمازح أو تداعب، بينما قد يكون الأمر لديك مختلفًا، فقد تكون الثقة في سلوكك، بينما تصرفات أمك مثيرات لها، أي أصل المشكلة لديك، خاصة وأنك البنت الوحيدة تتوقعين أو تسمعين أنك يجب أن تحظي بالدلال كونك الوحيدة، كنت أتمنى أن أتعرف على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي لأسرتك وإخوتك؛ حتى يمكن تفسير بعض التأثيرات على السلوك. بشكل عام تذكري أن الأهل كثيراً ما يحاولون استشارتك وقد يرونها غروراً فيك ولا يدركون أنها عصبية، قد تكون مناقشتك لإخوتك وإحساسك الذاتي بالحاجة للحنان المفقود بحكم التربية مع الذكور، كل هذه قد تكون مجموعة أسباب تعينك في إدراك نوعية السلوك الموجه لك. إذا كان لديك خالة فاجعليها وسيطاً، وحاولي أن تعرفي رأي من هم خارج الأسرة في ما ترينه من نقد أسرتك لك، قارني ثم تدركين أين موقفك مما يقوله إخوتك من نقد، هل يخرج عن الصحيح، أم هو مجرد مناكفة إخوة فيما بينهم. تذكري أن لوالدتك حقوقًا في برها والعطف عليها مقدمة على حقك أنت، فاحرصي - وفقك الله- على التلطف مع أمك وأخذها باللين والنزول لها رحمة وشفقة. دعائي لك - أختي الكريمة- بأن يسدد الله خطاك، وأن يحفظك وأسرتك، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

لماذا يقاطعوني وزوجتي؟

لماذا يقاطعوني وزوجتي؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 06/02/1426هـ السؤال بعد التحية. زوجان متزوجان حديثاً جداً، والمشكلة هي أن الزوجة قررت ارتداء النقاب والزوج أيضا ملتح, والعائلتان ترفضان ذلك، وقاطعوا الزوجين مقاطعة تامة، وطلباتهم أن يحلق الزوج لحيته، وتخلع الزوجة النقاب، وتكتفي بارتداء الخمار أو الحجاب، أي ستر الشعر فقط مع كشف الوجه, والزوجة لا تريد إغضاب أمها، وحريصة على علاقاتها معها، كما أن الزوج لا يريد إغضاب أبيه أيضاً، كما أنه يعمل معه، وقد اشترط والده لاستمراره في العمل أن يحلق لحيته، وإن لم يحلقها فلا عمل له، وهو زوج حديث ومحتاج للعمل لإعالة زوجته، فبماذا تنصح هذين الزوجين؟ وماذا ترى فضيلتكم أن يتعين عليهما أن يقوما به. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على إمام الهدى نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: إلى الأخ الفاضل: - سلمه الله تعالى-، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت رسالتك الطيبة المباركة، وكم شعرت بالسعادة والسرور وأنا أرى شاباً حديث عهد بعرس يسلك طريق الاستقامة والخير هو وعروسه، فبداية أقول: بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير، والله أسأل أن يجعل لكما من كل بلاء عافية، ومن كل ضيق سعة، ومن كل هم فرجاً، ومن كل حزن فرحاً، ومن كل كرب نجاة.

أخي الحبيب: إن ما تعاني منه يعاني منه فئام كثيرة من البشر، بل لقد عانى منه الأنبياء والرسل - صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً- وكذلك من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، قال تعالى: "الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" [العنكبوت1 -3] ، فإن ما أنت فيه بلاء عظيم، واختبار من الله لك ولزوجك؛ لينظر مدى صدقكما في الاستقامة على شرع الله، وهذا البلاء سنة الله في خلقه، قال تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" [البقرة:155] ، إذاً يجب عليكما الصبر على هذا البلاء، والتمسك بدين الله، وأبشرا بالعاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة، فهذا وعد الله للصابرين بالبشرى، ولن يخلف الله وعده أبداً، يقول صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم؛ حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها خطاياه" متفق عليه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري: البخاري (5642) ، ومسلم (2573) - رضي الله عنهما-، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (2396) ، وابن ماجه (4031) من حديث أنس -رضي الله عنه- وقال الترمذي: حديث حسن. وقد ثبت عَنْ سَعْدٍ أَنهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ.." الحديث ... أخرجه الترمذي (2398) ، وابن ماجه (4023) فيا - أخي الكريم- اثبت على ما أنت عليه، وتذكر أنبياء الله ورسله، وفي مقدمتهم نبينا محمد - صلى الله عليه وعليهم جميعاً- كم لاقوا من الأذى والتعب، والنصب من قومهم وذويهم، بل من أقرب الأقربين، ولكنهم ما ضعفوا ولا استكانوا، وتمسكوا بالدين، فكانت العاقبة الطيبة لهم ولمن تبعهم إلى يوم الدين، فاحرص على أن تكون أنت وزوجك مع هذا الركب المبارك. فإن أصر والدك على موقفه فلا تضعف، وسيعوضك الله خيراً مما فقدته من أبيك، قال صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله إلا أعطاك الله خيراً منه" أخرجه أحمد (20739) . وكذلك زوجتك لا يضرها موقف أهلها وأمها، فيجب عليكما أن تقدما ما يحبه الله ويرضاه على ما يحبه أهلوكم، ومع الأيام سترون النتيجة الطيبة والتي تكون في صالحكما، قال صلى الله عليه وسلم: "من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" أخرجه ابن حبان (276) . وإني أقدم لك ولزوجك بعض النصائح فاتبعاها:

(1) عليكما بتقوى الله في السر والعلن، فتقوى الله أساس كل خير، وفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ... " [الطلاق: 2-3] . (2) عليكما بكثرة الاستغفار والذكر؛ قال تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً *وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً" [نوح:10-12] . (3) عليكما بحسن الظن بالله والثقة فيما عنده؛ فإن الله عند حسن ظن عبده به، فليظن العبد بربه ما شاء. (4) عليكما بالصبر على هذا البلاء، يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (إن للرب على العبد عبوديتان: عبودية في الرخاء وهي الشكر، وعبودية في الشدة والبلاء وهي الصبر) أ. هـ، وقد تعبدنا الله بالصبر في أكثر من آية من كتابه العزيز. (5) عليكما بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله بصدق أن يكشف الله عنكما هذا البلاء، وأبشرا بالخير؛ فهو سبحانه تكفل بإجابة الدعاء، قال تعالى:"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة:186] ، وقال تعالى: "أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ... " [النمل: من الآية62] ، فأنتما المضطران، وهو سبحانه المجيب. (6) عليكما بتحري أوقات الإجابة، مثل ما بين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل؛ حيث النزول الإلهي، ودبر كل صلاة، وفي الساعة الأخيرة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، وعند الإفطار، وأثناء السفر، إلى غير ذلك من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء. (7) عليكما بالإكثار من قراءة القرآن وتدبر معانيه، وكذلك قراءة سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، وصحابته الكرام - رضي الله عنهم-، وغيرهم من علماء السلف، ففي قصصهم عبرة لأولي الأبصار. (8) عليكما بتوسيط أحد الدعاة أو الأقارب ممن يكون له تقدير عند أهليكم؛ حتى يوضح لهم خطأ ما هم عليه، وصواب ما أنتما عليه. (9) إذا بارت الحيل ونفدت السبل فلا تخافا الضيعة -يا أخي-. والزم يديك بحبل الله معتصماً، فإنه الركن إن خانتك أركان. ولا تظن بأن الله سيتخلى عنكما، بل سيفتح لكما من أبواب الرزق ما لم يكن في الحسبان ولم يخطر لكما على بال؛ فهو سبحانه القائل: " وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: من الآية3] . وأخيراً أقول لك: يا صاحب الهم إن الهم منفرج ... أبشر بخير فإن الفارج الله وإذا بُليت فثق بالله وارض به.... إن الذي يكشف البلوى هو الله الله يحدث بعد العسر ميسرة ... لا تجزعن فإن الصانع الله والله ما لك غير الله من أحد ... فحسبك الله في كل لك الله هذا والله أعلم، ونحن في انتظار رسالتك للاطمئنان عليك، وصلِّ الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أنا عصبية ولكن على أمي وحدها!

أنا عصبية ولكن على أمي وحدها! المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 03/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أنا امرأة في الثلاثين من عمري، أغلب من يتعامل معي يحبني ويثني علي، لكني حسَّاسة وعاطفية بعض الشيء إلا أن علاقتي مع أمي ليست جيدة، أنا عاقة لها رغما عني، فكثيراً ما أغضب منها وأرفع صوتي عليها وأجرحها بكلمات نابية، وهي كذلك، أنا وهي عصبيتان ومتشابهتان في أغلب الصفات، حاولت كثيراً معاملتها بلطف ولين، ولكن سرعان ما أثور عند أتفه الأمور، دعوت الله كثيراً أن أكون بارة بها حتى من قبل زواجي إلى الآن، وأنا أدعو وسأظل أدعو، فهي -هداها الله- عصبية، ولا تزن كلامها ولا تبدي عاطفتها إلا عند مرضي، وهي كذلك مع إخواني أيضاً يعانون مثل ما أعاني منه. سؤالي: لماذا معاملتي مع الناس تختلف عن أمي، رغم أن هناك من يعاملني من الناس بقساوة، ولكن أخلاقي جيدة ولينة وحكيمة معهم، لماذا هذا التناقض؟ هل الله غاضب علي؟ هل أنا شقية؟ هل الخير الذي أنا فيه استدراج؟ هل أنا منافقة؟ هل أنا شقية وهذه صفات أهل الشقاوة؟ ساعدني أرجوك، لقد تعبت نفسيتي من هذا الموضوع سنين طويلة، نصف عمري ذهب وأنا أعاني من هذه المشكلة مع العلم أني أبرها من الناحية المادية فقط، أما العاطفية فلا. أرجوك ساعدني أرجوك. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أسأل الله تعالى أن تكوني خيراً مما ذكرتيه في الرسالة، من حرصك على الخير ورغبتك في نشره، وكراهيتك للغيبة والنميمة، وحماستك في نشر فضائل الإسلام، فهذه لا شك صفات حميدة، وأرجو أن يزيدك الله منها الكثير، وأن تكون واقعاً ملموساً في سيرتك وتعاملك، وأن يرزقك الإخلاص في كل ما تقومين به من خير.

ولكن يا أخت (ضائعة) ربما هذا الوصف منك (ضائعة) صحيح على ما تذكرينه من علاقتك مع والدتك، فأنت فعلاً ضائعة، وأي ضياع أكثر ممن عقَّ والديه، فأنت حريصة على الناس في كسب ودهم، ونشر الخير فيهم ونصحهم، وتَسْعين جادة لتحسين علاقتك أكثر بهم، وأنت في الوقت نفسه على النقيض تماماً فيما بينك وبين والدتك، وإن كنت تقولين بأنك متضايقة من تصرفاتك الخشنة والقاسية مع أمك، وتتمنين أن تكوني هينة وأكثر رقة وتسامحاً ولطفاً ومودة، فالقول شيء، وكل يستطيع أن يقول مثل قولك هذا، بل وأكثر، لكن ما رصيد هذا القول من الواقع عندك، إنه مخالف تماماً، فلماذا لا يكون نصيب أمك أعظم وأفضل وأسمى من رصيد عامة الناس؟! فالعاطفة قولاً لا تفيد بمثل البر واقعاً ملموساً، فأنت على هذه الحال مع أمك مثل النخلة التي جذعها في البيت وتمرتها عند الجيران؛ لأنها مائلة، فأمك لا تستفيد منك سوى العاطفة غير ذات الأثر في الواقع، ومن الخطأ أن تقارني حالتك بحالة أمك، فتقولين: إنها هي أيضاً عصبية، فما دامت أمك عصبية وأنت وإخوانك تعانون منها في هذه الحال، فليس هذا بعذر لكم عند الله، بل يلزمكم جميعاً -وأنت خاصة- أن تراعوا حالتها وتدارونها وتصبرون على حالتها؛ حتى يكتب الله لكم الأجر مرتين، مرة لأنكم ستبرون بها، والثانية لأنكم صبرتم واحتسبتم عليها، ولا يجوز لكم أبداً أن تعاملوها بمثل ما تعاملكم به، وإن الإثم لعظيم جداً على كل من فرط في واجب البر بوالديه، وخاصة فيما يخص الأم؛ لأن حقها أعظم وألزم. فاتقي الله -أيتها الأخت- وانتقلي بتصرفاتك مع أمك من (ضائعة) ومن (ضارة) إلى (بارة) ومن (عصبية) إلى (حبيبة) ، واستعيني بالله، واصدقي اللهجة معه بالدعاء، واستغفري الله، وتوبي إليه، وأكثري من طلب السماح من أمك وأشعريها بتبدل حالك، واسألي الله لك ولها المعونة، فإذا هي غضبت يوماً منك وتحولت إلى عصبية فاكتمي أنفاسك كأنك أنت المخطئة، وسترين من الله التوفيق لكل خير، وأوصيك بأن تكثري من قراءة كتب المواعظ والرقائق، وسماع أشرطة النصح، وخاصة فيما يتعلّق بالجنة والنار وبر الوالدين، فأنت -حسب ما فهمت من كلامك - بحاجة ماسة إلى مزيد من الوقود الإيماني ليلين قلبك وتتذكري نفسك، وتتعظين لتنفذي نفسك من حلول العقوبة وفوات الوقت واحذري أن يفعل معك أبناؤك مثل ما تفعلينه مع أمك، فالجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان. أعانك الله ورفعك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

لا أستطيع أن أحب أمي

لا أستطيع أن أحب أمي المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 27/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعاني من أنني لا أستطيع أن أحب أمي، فطريقة تفكيرها مختلفة عن طريقة تفكيري، وهي دائمة الانتقاد لي ودائماً تحبطني وتشعرني بالفشل مع أنني مهندس ناجح. دائماً ما تحدِّث الآخرين عني بأنني شخص غير سوي. ودائماً ما تحس بأنني مضطهدها ولا أرد عليها وأعاملها معاملة سيئة، مع أنني لو عاملتها بنفس الطريقة التي تعاملني بها فلن أكلمها بقية حياتي؛ لما تضعني فيه من مواقف وأزمات نفسية، فكلما يحل بالأسرة مشكلة أو مصيبة تنسبها لي، وأنا أعاني من التهابات عصبية في المعدة بسبب هذا الموضوع. وأحياناً أتعصب عليها. فهل هذا حرام؟ علماً بأنني استشرت طبيباً نفسانياً، وقال لي: إن من أسباب حالتي عدم التعبير عما بداخلي من غضب، وسببه ضغط نفسي معين في حياتي، وهو لا يعرف هذا الموضوع. وأنا لا أدري ماذا أفعل. علماً بأنني لا أستطيع أن أرضيها؛ لأنها تريد التحكَّم بي فقط. أحس بفقدان حنان الأم التي تدافع عن أولادها في كل المواقف، والتي توفر لأبنائها الجو الهادئ بالمنزل حتى يبدعوا في أعمالهم، باختصار (أنا أعيش في جحيم) خصوصاً عندما أسمعها تدعو علي، وتهددني بعدم رضاها عني ومسامحتي، وذلك لعلمها أني أخاف الله جداً، آسف؛ لأنني قد أطلت عليكم. أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: أيها الابن الكريم: لا شك أن معاناتك مع والدتك معاناة صعبة، وذلك أنك تواجه هذه الشدة من المخلوق الذي هو مصدر الحنان والرحمة والشفقة، وبدلاً من أن تنعم بحنان الأمومة أصبحت تعاني هذه المصاعب والله يعينك ويعظم أجرك. أذكرك أولاً بأن بر الوالدين من أعظم القربات إلى الله -عز وجل- ومن أعظم الأسباب لدخول الجنة، كما في الحديث الصحيح أن جبرائيل قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- "رغم أنف عبد أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة" أخرجه مسلم (2551) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، يعني أنه لو برهما دخل الجنة، واعلم أن من أسباب مضاعفة أجر بر الوالدين أن يكون الأب أو الأم لا يعينان الابن على برهما، فإن الأب والأم إذا كان يعين كل منهما ابنه على بره، فلا فضل للابن في هذا البر، بينما إذا بر الابن أباه أو أمه مع أن حاله لا تعينه على البر، كأن يكون أحدهما -أو كلاهما- سيئ الخلق أو مضطرب النفسية، كما في حال أمك أو نحو ذلك فإن ذلك أعظم للأجر، وتكون نتيجته أن يوفى هذا الابن جزاءه موفوراً كاملاً، وهو أعظم أجراً ممن يبر أباً حنوناً وأماً حنونة. وتذكَّر أن الله قد أمر ببر الأبوين اللذين يجاهدان ولدهما على الكفر، ومع ذلك أمر أن يقابل هذا كله بالقول المعروف (وإن جاهداك على أن تشرك بما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) [لقمان:15] .

فإذا كان الأب المشرك الذي يأمر الولد بالشرك ويجاهده على ذلك يصاحب بالمعروف، فكيف بالأب والأم المسلمين، مهما كان سوء أخلاقهما؟ ثانياً: الذي يظهر لي أن والدتك تعاني من اضطراب نفسي، وهي التي كانت بحاجة إلى الذهاب للطبيب النفسي وليس أنت، ولذلك كان عليك أن تذهب إلى طبيب نفسي تشرح له معاناتك مع أمك، وتطلب منه أن يشخِّص لك طريقة العلاج والتعامل معها. فهذا التصرف من أمك ليس تصرفًا سويًا؛ لأن كل الأمهات جبلت على رحمة الأبناء والشفقة عليهم، فإذا خالفت الأم هذه الطبيعة فإن ذلك يدل على أنها مصابة باضطراب نفسي يحتاج إلى علاج. ثالثاً: أطمئنك بأن هذا الدعاء الذي تدعو به أمك عليك ليس مما يخيفك، فإذا دعت الأم أو الأب دعاءً بغير حق فهو لا يجاب ولا يقبل عند الله -عز وجل- وليس كل دعاء من الوالدين مقبولاً، وإنما الدعاء الذي ينبغي أن يخشى منه هو الدعاء الذي سببه العقوق وسببه التقصير في حق الوالدين، أما إذا دعا الوالد أو الوالدة على ابنهما لأنهما في حالة غضب واضطراب نفسي، من غير أن يكون من الابن تقصير فإن الله -عز وجل- حكيم عدل لا يضع الأمور في غير مواضعها (إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون) [يونس:44] فأحسن علاقتك بالله، وثق بأن الله -عز وجل- أحكم وأعلم من أن يعاقبك باستجابة دعوة دعيت عليك بغير وجه حق، ولو كان الداعي أمك. رابعاً: أنصحك بأن يكون لك صديق تفضي إليه بمعاناتك، وتبثه شجونك فقد قالت العرب قديماً: ولابد من شكوى إلى ذي حفيظة *** يواسيك أو يسليك أو يتوجع. فليكن لك صديق تبثه شجونك وتفضي إليه بمعاناتك، وليس هذا من العقوق، ولا يعتبر هذا من إفشاء الأسرار، فإن الإنسان بطبعه يميل إلى التنفيس عن معاناته وفضفضة همومه، لعل ذلك يكون من أسباب التنفيس عنك. أسأل الله أن يثيبك على صبرك ومصابرتك، وأن يجعل لك من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا، وأن يعظم لك الأجر والمثوبة، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

أمه متبرجة

أمه متبرجة المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 19/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. إخوتي في الله: أريد أن ترشدوني إلى الطريق جزاكم الله خيراً، أمي متبرجة، وعندما أتكلم معها على الحجاب تصرخ علي وتشتمني، فقد تكلمت معها عدة مرات على الحجاب، فلا جدوى، فلقد يئست منها وصرت أكره تصرفاتها، وصارت تخاصمني وتقول لي لا تتكلم معي، وبعض الأحيان تقول لي أنت يهودي، وأنا في بعض الأحيان أحقد عليها، وأصبحت لا أطيعها. فأرشدوني، جزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم:- سلمه الله ورعاه- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو من الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: أشكرك مرة أخرى على حرصك على دعوة أمك للالتزام بالحجاب الشرعي، ولا ريب أن ذلك واجب عليك، وهذا أقل ما تقدمه لها لتحميها من النار، لكن اعلم -بارك الله فيك- أن اللطف والكلمة الطيبة أوجب ما تكون مع الوالدين، وليس دعوتهم إلى أمر واجب شرعا مبررا للعنف معهم أو الغلظة في دعوتهم، وتذكَّر أن الله قال لنبييه موسى وهارون -عليهما السلام- حين بعثهما لأشقى وأطغى من في الأرض، من زعم أنه الإله والرب فرعون قال لهما: "فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" [طه 20/44] ، فما بالك بالأسلوب مع المسلم، بل ومع الوالدين، وخاصة الأم، لا شك أنه أولى باللطف والصبر، ثم انظر توجيه الرب -سبحانه- لنا عندما يجتهد الوالدان علينا في دعوتنا إلى الشرك الذي هو أعظم ذنب عصي الله به، ومع ذلك يقول لنا ربنا في محكم تنزيله: "وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إلي ثُمَّ إلي مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" [لقمان 31/15] . فواجب عليك أن ترفق بأمك وتنصحها بأدب ولطف وخضوع، ثم حاول أن تزودها بكتب وأشرطة تتحدث عن خطورة التبرج والسفور، وإن استعطت أن توسط امرأة صالحة داعية فاهمة لتنصحها عنك، وتصحبها معها في الخير يكون حسناً، ولا تنس أن تدعو لها في ظهر الغيب بصدق وإخلاص، وخاصة في أوقات الإجابة كالسجود وآخر الليل، وبين الأذان والإقامة، وما شابه ... والله معك وهو ولي التوفيق. والسلام عليكم.

والدي والربا

والدي والربا المجيب سعد الرعوجي مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 18/01/1426هـ السؤال والدي رجل محافظ على الصلوات، وحريص على فعل الخير كثيراً -والحمد لله- إلا أنه يتعامل بالربا منذ سنوات، وقمت بنصحه عدة مرات، وبيّنت له عظم هذه المعصية، إلا أنه لا يزال عليها ولا يستطيع التخلُّص منها لكثرة ديونه، والآن بدت صحته ليست كالسابق. فما نصيحتكم له، وكيف أتعامل معه لحل هذه المشكلة؟ أفتونا مأجورين. الجواب أخي الكريم: لا شك أن هذه المشكلة وهي الربا خطيرة في حق والدك، فهو أمر لا بد أن تنقذ والدك منه بأسرع وقت؛ ففيه حرب على الله ورسوله، وعليك ببعض الأمور الآتية: 1) دائماً وأبداً استخدم سياسة الأدب واللطف واللين مع والدك حتى لو فعل هذا الأمر الشنيع واستمر فيه، ولعلك قرأت قول الله تعالى "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان: 15] . إذاً الله سبحانه وتعالى أمرنا بالإحسان إلى الوالدين حتى لو كانا مشركين يدعوننا إلى الشرك، ووالدك -والحمد لله- مسلم يصلي وحريص على فعل الخير كما تقول، ولم يَدْعُك إلى معصية، فالأولى الرفق به. 2) لا تمل ولا تقف في دعوة والدك والنصح له وبيان خطورة عمله وتذكيره كلما منحت الفرصة، ويكون ذلك بآيات الله وأحاديث نبيه حول هذا الإثم العظيم، ولكن كما قلنا سابقاً تغلف ذلك باللطف واللين. 3) حاول أن تستفيد من العقلاء والفضلاء في أسرتك والتعاون معهم، فإذا سمعت من والدك ثناء على أحد هؤلاء الأقارب فاطلب منه أن يتعاون معك لتوجيه والدك ونصيحته بدون أن يشعر والدك بدورك. 4) كذلك ابحث في تأنٍ عن شخص يُعجب به والدك من المشايخ أو طلبة العلم، ثم اعرض عليه أن يتعاون معك لتوجيهك في أفضل الطرق لدعوة والدك أو قيامه هو بتوجيه مباشر وغير مباشر لوالدك ونصيحته وتذكيره بالله سبحانه وتعالى، ولعل من أفضل هؤلاء إمام المسجد الذي يصلي فيه والدك، خاصة إن كانت علاقتهما جيدة. 5) الدعاء ... الدعاء ... فهو أعظم سلاح أعطانا الله إياه، وقد وعدنا الله بالاستجابة وجعل هناك أوقاتاً تتعاظم فيها الفرص بالاستجابة، فعليك بها ولا تكسل أو تتهاون في الاستفادة من هذا السلاح. 6) إن استطعت أخي تسديد ديون والدك ليتجنب الربا فإنه أمر عظيم وجليل، ويساعد -بإذن الله- على تقبل والدك لمحاولاتك والانتهاء عن الربا. وفقك الله لما يحب ويرضى،،،،

والدي سيئ الخلق معنا

والدي سيئ الخلق معنا المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 12/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمته الله وبركاته. لا أدري كيف أتكلَّم في هذا الموضوع، وهو أنني لا أحب التعامل مع والدي؛ لأن فيه صفات كثيرة لا أحبها فيه، منها أنه بخيل يهين أمي كثيراً ويضربها ضرباً مبرحاً، لدرجة أنه في مرة تأثرت من الضرب، وجلست شهراً لا تتحرك، وأهم شيء عنده نفسه فقط، وتزوَّج على أمي عدة مرات، بصراحة كلما أحاول أن أتقرب إليه من أجل صلة الرحم أجده يبعدني عنه بكل الطرق، أنا لا أدري كيف أتعامل معه، كثيراً ما يسبِّب لنا مشاكل على أي شيء، لا يحب أن نفعل أي شيء فيه خير أنا وأخي وأمي، وإذا حدث شيء من ذلك تقوم المشاكل بيننا وبينه، وهو لا ينفق عليَّ، أنا الذي أنفق على نفسي منذ أيام الكلية، أنا لا أريد منه شيئاً سوى أن أشعر أن لي أباً مثل باقي الناس، وكذلك هو لا يصلي إلا إذا كان يريد شيئاً من الله يقضيه له، ولا يشجِّع إخواني الشباب على الصلاة، بل العكس إذا وجد أمي تشجعهم على الصلاة تقوم المشاكل بينهما، بالإضافة إلى ذلك فهو يكذب ومنافق، ولا أجد صفة جميلة يتصف بها أبداً. الحمد لله على كل حال، أكيد هذا ابتلاء واختبار من الله لنا، ونسأل الله أن يرزقنا الصبر على هذا البلاء، وأن يصرفه عنَّا، وكل ما أريده من فضيلتكم نصيحة في كيفية التعامل مع هذا الوالد. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبي الرحمة وآله وصحبة أجمعين، وبعد:

فأسأل الله تعالى لك ولأمك ولإخوتك أن يحفظكم من كل سوء، وأن يرزقكم القرب منه ـ سبحانه ـ وأن يعوضكم خيرًا عن هذا الأب الظالم لنفسه المفرط في حق الله وحق من يعول، وهو ـ كما جاء في رسالتك الكريمة ـ اختبار من الله تعالى، حيث قال ـ عز وجل ـ:"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"، وكما قال أيضًا:"وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك قديرا"، لكن على كل حال هذا أب - للأسف- سيئ ولا يؤدي للأبوة حقها؛ لأن الأبوة ليست مجرد أن الإنسان ينجب الأولاد ويصرف عليهم وينفق عليهم ـ هذا إن كان ينفق ـ، الأبوة رعاية "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الأب راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته"، "قوا أنفسكم وأهليكم ناراً"، يقول سيدنا علي في هذه الآية: (علِّموهم الخير) ، فالأب عليه مسؤولية.. وتربية الأولاد لا بد أن تكون بإظهار المحبة للأولاد وإظهار العاطفة، وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل رجل، وجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبِّل الحسن أو الحسين، قال: (أوتقبِّلون أولادكم والله إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت واحداً منهم) ، قال: "أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك"، فالإنسان لا بد أن يظهر لأولاده منه هذه العاطفة.. الرحمة والحنان والإشفاق والمحبة وإلا يكون إنساناً ناقصاً، هذا قصور في الإنسان وقصور في عاطفة الأبوة، وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود، وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت"، فعلى الوالد أن يرعى أولاده، ولا يوردهم موارد التهلكة، وأن يقوم عليهم بالمعروف، وأن يحوطهم بنصحه، وأن يدلهم على الخير حيث كان، وأن يتخيّر لهم من الحال أحسنه، وهو أمين على ذلك، ومسؤول من الله تعالى على هذا، وموقوف بين يديه تعالى، وفي الأمثال الراشدة (الرائد لا يكذب أهله) أي يدلهم على ما يعتقد أنه الصواب دون أن يخونهم، وعموماً -عليك يا أخت ـ أن تصبري أنت وأمك وإخوتك على سوء معاملة والدك وأن تحسنوا إن أساء، وأن تجتنبوا إساءته ما استطعتم، وأن تكونوا أكثر التصاقًا بوالدتكم الصابرة، وألا تيأسوا من صلاح حاله بكثرة الدعاء له بالهداية؛ فعسى الله أن يتقبل منكم الدعاء، ونسأل الله أن يغيّر الحال إلى أحسنه. والله أعلم.

والدي يبدد مالي

والدي يبدد مالي المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 10/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا يا شيخي لي أب متزوج بغير أمي، وله منها أولاد، أنا وإخوتي نعمل سوياًَ ونصرف على أبي وزوجته وأولاده، ولكن أبي وزوجته دائما يحاولون أن يجعلونا في صورة غير لائقة أمام الجميع، أنا لي شركة -والحمد لله- ولكن أبي لا يراعي هذه المسألة، ودائماً مديون، ودائما يطلب من الناس على أساس أني أدفع لهم، وأنا والله العظيم ما بخلت عليه بشيء، وبالعكس أدفع ديونه وأدفع له مصاريف شخصية، زوجته تقول له خذ أموالاً من الناس وابنك غصباً عنه سيردها لأصحابها خوفاً من سمعته والفضائح، وأنا أشتري الأرض وهو يبيع ويمضي شيكات وأنا أدفع خوفاً من الفضيحة على نفسي لو دخل السجن، وأنا عندي المال، المهم في هذه الأيام أنا ظروفي في النازل، وهو لا يراعي لهذه الظروف أي شعور، يذهب ويبيع ما عندي من بهائم في مزرعتي، وعندما رفضت دعا علي، وأنا أخاف من دعائه، مع العلم أنني قلت له يا أبي (خذ ما تريده من مال ولا تبع البهائم أمام الناس) ، رفض وقال: (أنت تتحكم فيَّ أنا حر أنا سآخذ ما أريد وأنت لا تتكلم) وفعلا أخذ البهائم وأنا غير راض؛ لأنها بآلاف الأموال، وأنا تعبان في جمع هذه الأموال أنا وأخواتي والله يعلم، السؤال هنا هل دعوة والدي تجوز ويتقبلها الله منه؟ مع العلم أنني والله رب السماوات والأرض لم أحوجه لشيء لكن زوجته سبب كل شيء، مع العلم أن من يعطيه أموالاً منا أنا وأخواتي يكون ابنه الوحيد، وابنه البار، والذي لا يعطيه يدعو عليه ويقاطعه. فماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الهادي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فأشكر لك ـ أخي الكريم ـ مرورك على موقع (الإسلام اليوم) ، ومراسلتنا عليه، ونرجو أن نكون عند حسن ظنك بنا، كما أشكر لك حرصك على برك بوالدك، وكذلك خوفك الشديد من دعائه عليك، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على خلق نبيل، وحسن أدب مع من أوصى الله تعالى ببرهما، وهذا ما نؤكد عليه، فقد قال تعالى في كتابه: "وقضى ربك إلاَّ تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء:23] ، فللحق ـ يا أخي ـ فإن للوالدين مقاماً وشأناً يعجز الإنسان عن إدراكه، ومهما جهد القلم في إحصاء فضلهما فإنَّه يبقى قاصراً منحسراً عن تصوير جلالهما وحقّهما على الأبناء، وكيف لا يكون ذلك وهما سبب وجودهم، وعماد حياتهم وركن البقاء لهم. لقد بذل الوالدان كل ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعاية أبنائهما وتربيتهم، وتحمّلا في سبيل ذلك أشد المتاعب والصعاب والإرهاق النفسي والجسدي، وهذا البذل لا يمكن لشخص أن يعطيه بالمستوى الذي يعطيه الوالدان.

ولهذا فقط اعتبر الإسلام عطاءهما عملاً جليلاً مقدساً استوجبا عليه الشكر وعرفان الجميل، وأوجب لهما حقوقاً على الأبناء لم يوجبها لأحد على أحد إطلاقاً، حتى أن الله تعالى قرن طاعتهما والإحسان إليهما بعبادته وتوحيده بشكل مباشر، فقال: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" [النساء:36] . لأن الفضل على الإنسان بعد الله هو للوالدين، والشكر على الرعاية والعطاء يكون لهما بعد شكر الله وحمده، "ووصينا الإنسان بوالديه ... أن أشكر لي ولوالديك إليَّ المصير" [لقمان:14] . وقد اعتبر القرآن العقوق للوالدين والخروج عن طاعتهما ومرضاتهما معصية وتجبراً، حيث جاء ذكر يحيى بن زكريا بالقول: "وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصيا" [مريم:14] . ولا يقل حق الأب أهمية وجلالاً عن حق الأم، فهو يمثل الأصل والابن هو الفرع، وقد أمضى حياته وشبابه وأفنى عمره بكد واجتهاد للحفاظ على أسرته وتأمين الحياة الهانئة لأولاده، فتعب وخاطر واقتحم المشقات والصعاب في هذا السبيل، وفي ذلك يقول الإمام زين العابدين: "وأمَّا حق أبيك فتعلم أنَّه أصلك وإنَّك فرعه، وإنَّك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مِمَّا يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، واحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله". ولذلك حذّر الإسلام من عقوق الوالدين لما له من دلالات ونتائج، وقد حدّد تعالى المستوى الأدنى لعقوق الوالدين في كتابه المجيد، حيث يقول جلّ وعلا: "إمَّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما" [الإسراء:23] . وعن هذا الحد فقد رُوي: "لو علِمَ الله عز وجل شيئاً من العقوق أدنى من أُفّ لحرمه ". أخرجه الديلمي (5063) . لكن هل هناك حدود لطاعة الوالدين، نعم ـ يا أخي ـ لقد رسم الله تعالى للإنسان حدود الطاعة لوالديه عندما قرن عبادته وتوحيده وتنزيهه عن الشرك بالإحسان إليهما والطاعة لهما، وقد جعل رضاه من رضاهما، ووصل طاعته بطاعتهما، فقال عزَّ من قائل: "واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة" [الإسراء:24] . فعندما يصل الأمر إلى معصية الله والشرك به يتوقف الإنسان عند هذا الحد، فلا يطيعهما فيما أمرا لأنَّه بحسب الحديث المعصوم: " لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ" أخرجه البخاري (7257) ، ومسلم (1840) . فالواجب على الولد تجاه أبويه أمران: (الأول) الإحسان إليهما، بالإنفاق عليهما إن كانا محتاجين وتأمين حوائجهما المعيشية وتلبية طلباتهما فيما يرجع إلى شؤون حياتهما في حدود المتعارف والمعمول حسبما تقتضيه الفطرة السليمة، ويعدّ تركها تنكراً لجميلهما عليه، وهو أمر يختلف سعة وضيقاً بحسب اختلاف حالهما في القوة والضعف. (الثاني) مصاحبتهما بالمعروف، بعدم الإساءة إليهما قولاً أو فعلاً وإن كانا ظالمين له، فيما يرجع إلى شؤونهما، وأما فيما يرجع إلى شؤون الولد نفسه مما يترتب عليه تأذي أحد أبويه فهو على قسمين: 1 ـ أن يكون تأذيه ناشئاً من شفقته على ولده، فيحرم التصرف المؤدي إليه سواء نهاه عنه أم لا.

2 ـ أن يكون تأذيه ناشئاً من اتصافه ببعض الخصال الذميمة كعدم حبّه الخير لولده دنيوياً كان أم أخروياً، ولا أثر لتأذي الوالدين إذا كان من هذا القبيل، ولا يجب على الولد التسليم لرغباتهما من هذا النوع. وبذلك يظهر أن طاعة الوالدين في أوامرهما ونواهيهما الشخصية غير واجبة في حد ذاتها. وعليه؛ فلا يجب عليك ـ شرعا ـ أن تطيع والدك فيما يأخذه من مالك ليتصرف فيه بالطريقة التي أشرت لها، وعليك أن تبين له أنك ستمتنع عن إعطائه هذا المال إذا أقدم على هذا التصرف، وأنك لن تسدد عنه دينه إن لجأ إلى الاستدانة بغير حاجة، ما دمت ـ حسب قولك ـ تنفق عليه وتعطيه من مالك ما يحتاجه، كل ذلك بحسن أدب، أما دعاؤه عليك بغير حق فلا أثر له لأنه دعاء بغير حق، فعن جابر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم". رواه مسلم (3009) ، وأبو داود (1532) . والله أعلم.

والدي لا يغفر لي زلة

والدي لا يغفر لي زلة المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 01/12/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم والدي قاسي القلب معي ولا يغفر لي أي خطأ، وأحاول أن أصطلح معه وهو يصدني ويردني ولا يقبل، ماذا أفعل؟ علماً بأن أخطائي بسيطة لا فيها كبائر ولا سرقه، ولا زنا، أمور عادية من الحياة، ولكن يسامح غيري من إخواني، أما أنا فلا، ودائماً أسلم عليه وأتقرب وهو يردني ولا يريد الصلح معي، ويميز بيني وبين إخواني، هل أنا آثم؟ هل علي حرام؟ ماذا أفعل؟ إنه حصن منيع ضدي, في السنة لا نصطلح إلا شهراً أو أكثر. أفيدوني هل أنا عاق لوالدي، أم ماذا؟ هل الله يغضب علي؟. الجواب أخي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: لا شك أن رضا الوالدين وبرهما من الأمور المهمة، وأن رضا الله في رضا الوالدين، وقد اهتم الإسلام وشدّد في أمر الوالدين، حتى إن الله -تعالى- قرن برهما بأمره الناس بعبادته وحده، فقال سبحانه: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" [النساء:36] ، ونهى عن أذيتهما حتى ولو بكلمة يسيرة من الأذية "ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً" [الإسراء:23] ، والرسول - صلى الله عليه وسلم- أوصى باحترام الوالدين وحذّر من عقوقهما. أخي الكريم: يظهر لي من رسالتك ما دامت علاقة والدك بإخوانك حسنة إنك أنت السبب في مضايقة أبيك لك -إن كان فعلاً يضايقك-، ولو سألت أنت نفسك لماذا ينصف إخوانك ويعاملهم معاملة حسنة لتبين لك السبب، فلماذا لا تصارح أباك وتسأله أنت؟ لماذا أنت غاضب عليّ ولا ترضى عني؟ وإذا أردت أن يجيبك بصدق فاختر الوقت المناسب لتسأله فيه، بحيث يكون في وقت مرتاح فيه نفسياً وغير مشغول بشيء، وإن لم تستطع سؤاله فاطلب من والدتك أن تسأله، أو اطلب من أحد إخوانك المقربين إليه حسب وجهة نظرك، فإن تبين لك السبب وأنه سبب وجيه، ويلزمك طاعته فيك فعليك بالاستجابة والاعتذار منه، وإن تبيّن أشياء لك فيها وجهة نظر، وأنت ترى نفسك محقا فيها شرعاً وعقلاً فناقشه بهدوء واحترام، فإن قبل فالحمد لله، وإن لم يقبل فحقق رغبته ما لم يضرك ذلك بشيء في دينك واستجب لطلبه، وسترى الخير والتوفيق من الله. وفقك الله وأرشدك للخيرات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

والدي شحيح

والدي شحيح المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 28/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. والدي شحيح على والدتي وإخوتي، على الرغم من يسر حاله، فهو يمتلك شركة ومصنعًا، ويعطيهم مصروفًا أقل بكثير مما يحتاجون، بل ويعامل من ينفعونه ماديًّا بسخاء كبير، غير سوء المعاملة والإهانة منه لوالدتي وحتى لأصغر إخوتي، رغم عدم استقرار حالتهم الصحية، فكيف يتصرفون؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخت السائلة- حفظها الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولًا: إن من أعظم الأبواب المفتوحة للمسلم (باب الدعاء) ، فعليكم الالتجاء إلى الله، بأن يفرج عنكم هذه الغمة من سوء المعاملة وعدم الإنفاق بما يكفي مع أنه غير معذور؛ لأن حالته المادية ميسورة، فما يدريك لعل الله يغير الحال. ثانيًا: إن كان والدكِ لا يتقبل منكم، فحبذا أن تبحثوا عن أحد يثق فيه والدكم، ويسمع منه، ويتقبل منه، فينصحه ويبين له وجوب النفقة عليه على زوجته وأولاده، وكذا وجوب حسن المعاملة للزوجة وللأولاد، وأن الإنسان سيحاسب على ذلك، ثم يبين له بعد ذلك أنه قد يموت ويترك جميع المال لهم، فكونه ينفق عليهم ويؤجر على ذلك في حياته أولى وخير له، وحبذا لو أعطي بعض الكتيبات والفتاوى التي تدل على ذلك. ثالثًا: إذا كان بالإمكان أن تأخذوا منه، ولو بدون علمه، فإذا كان لا ينفق فيجوز ذلك، ويكون بالمعروف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم- لهند بنت عتبة - رضي الله عنها-، لما اشتكت أبا سفيان بأنه رجل شحيح لا ينفق، فقال لها صلى الله عليه وسلم: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بالمَعْرُوفِ". أخرجه البخاري (5364) ومسلم (1714) . وإذا كان لا يمكن ذلك، ولم يمكن حله إلا بالرجوع إلى القضاء فلكم ذلك، ولكن حبذا أن يكون آخر الأمور. بارك الله فيكم.

هل هذا من البر بالأم؟

هل هذا من البر بالأم؟ المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية التاريخ 24/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد تم عقد قران ابنتي بدون موافقتي، حيث إنني ربيت أبنائي الأحد عشر ولداً وبنتاً منفردة دون مساعدة أحد حتى كبروا بعد أن تخلى الأب عن الانفاق عليهم منذ حوالي 18 سنة، وبعدها طلب الطلاق وحدث، المهم تعذبت في حياتي أشد العذاب، وشاء الله أن يسجن الأب بعد سنوات بتهمة بيع الخمور، وحُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات، وخلال هذه السنوات تقدم شاب لخطبة ابنتي الكبيرة، فرفضت، وبعد تكرار المحاولة في خطبتها طلبت من المتقدم لخطبتها أن يأخذ الرجال من أهله ويذهبوا إلى السجن؛ حتى يأخذوا موافقة الأب في خطبة ابنته، وهذا حقه الشرعي بغض النظر عن المكان الموجود فيه، وبعد سنوات خرج الأب من السجن، ومرت ثلاث سنوات، وانقلبت حياة الأسرة إلى جحيم؛ بسبب أكاذيب ألفها الأب، وصدقه الأبناء رغم أن الأبناء يعيشون معي، يعرفون الحقيقة لكنهم يكابرون؛ لأن الذي يروي القصص والدهم، صادف يوماً من الأيام أن خرج الأخ مع أخته إلى المكتبة الإسلامية لشراء بعض الأغراض، فأعجب بها صاحب المكتبة من أخلاقها، وهو رجل متدين إلى أبعد الحدود، المهم أخذ رقم هاتف أخيها واتصل به، وحددا موعداً في مطعم، وجلسا وفاتحه بالأمر (الخطبة) ، ولما عاد الأخ إلى المنزل أخبرنا، فحددنا موعداً مع الرجل، فأبى أن يأتي إلا بموعد هو يحدده، فأخذنا نجاريه، وقبلنا، وجاء إلى المنزل، وأخبرنا بأنه متزوج ولديه من الأبناء أربعة أطفال، وأخذ يمدح نفسه، ويقول إنه عصبي، وهو على خلاف مع زوجته، وهي الآن عند أخيها، ويقوم بإجراءات الطلاق، اتصل الرجل بوالد الفتاة، وحددا موعداً في المطعم، وأخذ يتكلم عن المهر والشروط في المطعم، واتفق علي الملكة (عقد القران) في المطعم مع الأب، وأخذ الأب والأخوان والفتاة ببعض الكلام، وأخذهم بسرعة إلى المحكمة دون علم واستئذان الأم، وعقد القران) واتصل بعدها بالفتاة، وقال لها: رأي والدتك غير مهم، والنساء قاصرات عقل ودين، وإن أتت والدتك إلى المحكمة لعرقلت الأمور، وقال لها: هل سمعت القاضي يسألك هل أمك موافقة؟ أي أن رأيها غير مهم، وبعد هذا كله تأتي البنت وتقول: لماذا يا أمي أنت زعلانة؟ أنا لم أفعل شيئاً؟، أين رضا الأم؟! وأين كلام الرجل المتدين من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ "أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أبوك"، وأنا آسفة جداً لطول رسالتي، وأريد استشارة موضحة بدلالات إسلامية الجواب ما يمكن الإجابة به هنا (بالذات) لا يعدو أن يكون جوابًا للاستشارة التي طلبتها، وإلا فالسؤال ينبئ عن نوع من المخاصمة، وبالتالي فلا بد من الاستماع إلى الطرفين والبحث في الأقوال المدلى بها عن الحكم الصواب أو الأصوب. أهم شيء أن يتحرى الإنسان الحق، ويجاهد نفسه في التخلي عن رغباته الذاتية، وبخاصة إذا كانت تتعارض مع الحق، ويحذر نزغات الشيطان؛ فإنه يغتنم فرط الشهوة وفرط الغضب.

إذا كان الرجل الذي خطب البنت متدينًا (إلى أبعد الحدود) على حد وصفك، فلأي شيء موقفك من الزواج، قد أُدْرِكُ أنه من الصعوبة البالغة أن تتقبلي تهميشك وإبعادك عن موضوع زواج ابنتك، ولا يلتفت إلى رأيك، لكن إذا كان في زواجها مشكلة تتوقعينها فلا بأس بموقفك، لكن إذا كان اعتراضك على الزواج لكونك طالبتِ بأشياء فلم تحقق ولا تخدش في الزواج نفسه فلا أرى أن هذا لائق. وإذا كانت اعتراضاتك على أشياء لها تأثير حقيقي في زواج ابنتك هذه أو غيرها ممن سيلحق بها -إن شاء الله- فإن أول شيء تحتاجين إليه السعي لإسقاط ولاية الأب على البنات، وهذه تتم من خلال رفع دعوى للمحكمة تذكرين فيها جوانب الفسق التي لحقت بالزوج، ومن جرائها أُدخل السجن، وحرمانك وأبناءك النفقة طيلة 18 عامًا على حد قولك، ومن هنا نرجو أن يسقط القاضي حق ولايته على أبنائه وبخاصة مسألة تزويج البنات، وتنتقل الولاية إلى غيره. أسأل الله أن يصلح أحوالك، ويفرج همك، ويشرح صدرك، ويرزق بنتك الرجل الصالح الذي يكون لها قرة عين في الدنيا والآخرة.

أكره أمي وأحتقرها

أكره أمي وأحتقرها المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 28/11/1424هـ السؤال علاقتي بأمي مضطربة، بل وأكثر من ذلك! أنا أكرهها، وأحتقرها كثيراً؛ تعاملني أنا وجميع إخوتي بقسوة، وجفاف، دائماً تحاول أن تكرهني في عماتي، وبنات عمي، منذ فترة بسيطة بدأت أشعر بصداع لا يحتمل، وعندما أستيقظ من النوم أرى بأنني جرحت نفسي، وقطعت يديَّ في أثنائه، دائماً أحلم بالكوابيس، وإذا جلست في مكان وكانت أمي موجودة فيه أحس بضيق في التنفس، فأرجو إرشادي إلى الحل، علماً بأنني جربت وحاولت بجميع الطرق أن أكسبها إلا أنني لم أستطع، ويئست منها!!. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على ما لا نبي بعده، أما بعد: إلى الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كم آلمني هذا الكلام السيئ الذي وصفتي به حالك مع أمك، أتدرين عمَّن تتكلمين؟ تتكلمين عمن حملت بك تسعة أشهر، وكلما زاد الحمل زاد الضعف، والتعب، ورغم ذلك يزداد مع هذا التعب، والضعف الفرحة بقدومك إلى هذه الحياة، وعندما اقترب موعد الولادة وبلغ بها الضعف مبلغاً عظيماً، تدعو الله من أعماق نفسها أن يسلمك من كل شر، واقتربت ساعة قدومك إلى هذه الحياة، وازداد الأمر سوءاً، وهي مع ذلك متحملة ومتصبرة؛ لأنها في أشد الشوق إلى لقائك، وعندما قدمت إلى هذه الحياة، ورأتك بجوارها تبكين تارة، وتلعبين أخرى، نسيت جميع الآلام التي أصابتها عندما نظرت إلى محياك الجميل، كم كانت سعيدة بك، كم أزالت عنك الأذى، وأنت ضعيفة لا حول لك ولا قوة، كم مرة سهرت من أجل راحتك! كم مرة بكت عندما أصابك مكروه! كم مرة فرحت عندما تراك في سعادة! كم كانت فرحتها وهي تنظر إليك تكبرين أمام ناظريها يوماً بعد يوم! كم ضحت من أجلك! كم حرمت نفسها من أمور كثيرة وبذلت لك كل شيء! كم..وكم..! وبعد هذا كله تأتين يا مسكينة وتقولين بأنك تكرهين أمك وتحتقرينها!! - سبحانك- ربي هذا ظلم عظيم، لماذا تحملين لأمك كل هذا الكره؟ وتقولين: لأنها تعاملك بقسوة، ما هي الأسباب التي تدفعها لهذا المعاملة؟ لا بد وأنه يصدر منك ما يستدعي ذلك، لعلك تقولين: يا شيخ أنا لم أفعل شيئاً، ولكنها تعاملني بهذه القسوة دون أي خطأ مني، أقول: لعلها مريضة، أو مصابة بحالة نفسية، أو لأي سبب آخر، فكان ينبغي عليك أنت وإخوانك أن تسعوا في علاجها، وبذل قصارى جهدكم في ذلك، وكان ينبغي عليكم دعاء الله لها بالشفاء إذا كانت مريضة، أو دعاء الله بأن يفتح على قلبها وتعاملكم معاملة طيبة، ولكنك لم تجدي حرجاً في أن تشتكي منها، وزين الشيطان لك كرهها واحتقارها، والله ثم والله ثم والله، إن لم يكن معروف أسدته إليك أمك سوى حملها بك، وتحمل المشاق من أجلك حتى جئت إلى هذا الوجود لكفى، مهما أساءت لك باقي الحياة.

يا بنيتي: أنا أشفق عليك من غضب الله عليك؛ لأني أخشى عليك عاقبة العقوق، فقد توعد الله عاق والديه بحرمانه من دخول الجنة؛ فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ثلاث لا يدخلون الجنة، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه...." الحديث أخرجه أحمد في المسند (6145) ، وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة منَّان، ولا عاق لوالديه، ولا مدمن خمر" أخرجه أحمد (6843) . فيا بنيتي: عليك ببر أمك، والإحسان إليها، فقد أمرنا ربنا بذلك في محكم التنزيل، فقال -تعالى-: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغنك عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهم أُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً وخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيراً" [الإسراء: 23-24] ، وقال -تعالى-: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان: 15] ، فهذا أمر الله ينطق بالحق، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟ فربنا يأمر الأبناء ببر آبائهم حتى وإن أمر الوالدين أو أحدهما الابن بالكفر أو الشرك، - والعياذ بالله- ليس بعد الكفر ذنب، فما بالك بما دون ذلك؟ ولا أظن أن أمك وصلت معك إلى هذا الحد، وحتى إذا وصلت جدلاً فعليك بالإحسان إليها، والبر بها، فهذا حكم الله - جل جلاله-،وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- السيدة أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما- بأن تبر أمها على رغم من أن أمها مشركة، فقال لها - صلى الله عليه وسلم-: "صِلي أمك" متفق عليه، فلا يسعك بعد ذلك أن تستجيبي لأمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم- ببر أمك، والإحسان إليها، وأن ما يعتريك من هذه الكوابيس أثناء النوم فهذه أضغاث أحلام، وينبغي عليك معرفة السنة، والهدى النبوي في مسألة النوم، فينبغي عليك إذا أويت إلى فراشك أن تكوني على وضوء، وتنامي على شقك الأيمن، واضعة يدك اليمنى على خدك الأيمن، وبعد ذلك تقولي أذكار النوم، فعند ذلك ستنامين نوماً هادئاً بدون كوابيس - بإذن الله تعالى- وما ينتابك من ضيق في النفس عندما تتواجدين أنت وأمك في مكان واحد، فهذا كله من الرواسب التي أوغل بها الشيطان صدرك تجاه أمك، فعليك بتقوى الله في أمك، وأكثري من الدعاء لها، ولك بأن يصلح الله شأنكما، ويزيل هذا البغض من قلبك لها، ويحل محله الحب والود، والرحمة لها، والشفقة عليها. ولكن كون أمك تحاول أن تكرهك في عماتك، وبنات عمك، فلا يحق لها إلا إذا كانت هناك أسباب شرعية لذلك، بأن تحذرك منهن لأمور شرعية أيضاً، أما غير ذلك فلا، ولكن هذا كله لا يسوغ لك أن تكرهي أمك إلى هذه الدرجة، وتحتقريها. يا بنيتي: تذكري بأنه إذا طال بك العمر ستصبحين أُماً - إن شاء الله تعالى- فاتقي الله في أمك، بريها حتى يبرك أبناؤك بعد ذلك، والجزاء من جنس العمل، واعملي ما شئت كما تدينين تدانين، اللهم قد بلغت فاللهم فاشهد. هذا، والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

والدي يرفض زواجي

والدي يرفض زواجي المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 9/11/1424هـ السؤال السلام عليكم. أنا شاب، أبلغ من العمر 21 عاماً، أحببت فتاة، وأريدها أن تكون زوجة لي، ولكن أبي رفض ذلك، وذهب يقول: أتمم دراستك أولاً، وأنا لا أريد أن أتزوج أريد أن أخطبها فقط، وتحدثتُ مع والدتي، وقالت لي: إنها فتاه ذات أخلاق، وجميلة، ووالدتي موافقة، لكن أبي يقول: لا أريدك أن تتزوج هذه الفتاة، هذه الفتاة هي التي أحببتها، ولن أتزوج غيرها، وما رأيكم في الموضوع؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن. الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، وبعد: إلى الأخ محمد: - سلمه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم: لقد قرأت رسالتك، وعلمت مرادك، وهذا جواب ما سألت عنه، فمستعيناً بالله أقول: لا شك أن حرصك على الزواج من فتاة صاحبة دين وخلق قويم، وسيرة طيبة- إلى غير ذلك من الصفات- أمر طيب، وتحمد عليه، لكنك كما ذكرت ما زلت طالباً تدرس، والزواج له تبعيات ومسؤوليات، لعلك تجهل الكثير منها، والذي يجب عليك طاعة والدك فيما أمرك بأن تهتم بالدراسة أولاً، ثم بعد ذلك فكِّر في مسألة الزواج؛ لأن الزواج أو على الأقل الخطوبة ستشغلك عن الدارسة، وربما تعوقها إلى حد ما، فالأولى أن تجتهد في إتمام الدراسة، وتطيع والدك، واحذر من العقوق، وكم من أناس تركوا أشياء محبوبة لهم من أجل البر بأبائهم وأمهاتهم، وعوضهم الله خيراً مما تركوا، وقد جاء في الحديث: "من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه". هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل الخروج من بيت الوالدين بعد الزواج من العقوق

هل الخروج من بيت الوالدين بعد الزواج من العقوق المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام التاريخ 27/10/1424هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أنا متزوج ولدي أربعة أطفال، أكبرهم عمره تسع سنوات، وأسكن مع والدي في شقة صغيرة، في الحقيقة البيت صغير وأردنا أن نستقل في منزل جديد، استأجرت بيتاً في نفس البلد بعد أن استأذنت والدي ووالدتي، وبعد ذلك ساءت حالة والدتي حتى إنها حلفت أنها لن تدخل بيتي، مع العلم أني أحضر إليهما في الصباح الباكر وأتناول معهما القهوة وأحضر لهما إفطارهما، وأحضر قبل صلاة الظهر وفي المساء، ولكن والدتي كلما حضرت إليها بكت وقالت أنت هربت عنا، وأنا الآن لا أعرف ماذا أفعل؟ هل أرجع وأسكن معهما من جديد؟ أماذا أفعل؟ وهل أنا آثم أو تسببت في عقوقهما؟ مع العلم أن والدتي في البداية وافقت على خروجي من المنزل. أفتوني مأجورين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الأخ السائل: - سلمه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة، والجواب على ما سألت كالتالي: لا أرى أنك آثم فيما فعلت، لا سيما وأنك استأذنتهما قبل الخروج، وتقوم كما تقول بوصلهما باستمرار، لكني أتصور أنها مرحلة طبيعية بعد العشرة الطويلة أن تشعر أمك بذلك، فأنت جزاك الله خيراً اصبر على سماع تلك الشكوى، وحاول الإطالة عندها وعند والدك قدر المستطاع في بداية الشهور الأولى، ثم سترى الأمور تخف رويداً رويداً، واجتهد في كسب رضاهما قدر استطاعتك، وإن استطعت أن لا تدخل البيت إلا بهدية أو شيء من الأغراض البيتية أو شيء تحبه أمك أو أبوك فافعل، فإن هذا له تأثير على تخفيف حدة الفراق وكرهها له، واسأل الله لها دائماً انشراح الصدر لخروجك، وأن يرضيها عنك والله معك ولن يترك عملك. إن شاء الله.

أرضي من وأغضب من أمي أو زوجي؟

أرضي مَنْ وأغضب مَنْ أمي أو زوجي؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 8/8/1424هـ السؤال أنا من عائلة معروفة بتحكُّم النساء فيها على الرجال، يعني الكلمة الأولى والأخيرة للزوجة وتربَّيت على ذلك، هذا غير التفضيل بين الأبناء، فأمي كانت ولازالت تفضل أختي الكبيرة، وأبي حماه الله قال لي في يوم من الأيام: رضاي عليك برضا أختك عليك، وأختي هذه مستبدة تريد أن تكون مثل أمي الكل في الكل، مرت سنوات وأنا على هذا الحال إلى أن طرق بابنا الزوج السعيد إن شاء الله، وتزوجت وعقدت النية أن أعيش حياة زوجية تعوضني الحرمان الذي رأيته في منزل أهلي، وفعلاً وجدت زوجاً رائعاً بكل ما تحمله هذه الكلمة، عوضني الكثير، وهو رجل بمعنى الرجولة يعني لا يحب أن تمشي المرأة كلامها عليه، وأنا بطبيعتي ضعيفة الشخصية، ولما رأيت الخير منه اشتريته بالطاعة العمياء، وبنيت حياتي على كل ما يحبه زوجي، وأبغضت كل ما يبغضه زوجي، ولكن بقيت لي المشكلة الأزلية، لم تتعود أمي وأختي على أن تكون لي حياة خاصة بي لا يعلمون شيئاً عنها، وأنا في بداية حياتي كنت أخبر أمي بأشياء وتفاجأت أنها تخبر أختي الكبيرة بكل شيء، ولما واجهت أمي لم تنكر، وقالت هذه أختك الكبيرة ولا بد أن تعرف عنك كل شيء، بعدها قطعت أخباري الخاصة عن أمي واكتفيت بالحياة العادية، لم تروق حياتي لأمي وأخواتي، على فكرة أراد الله أن تتزوج أختي الكبيرة، لم تستطع أمي أن تغير شيء من نظام حياتي، فبدأت من طريق آخر وهي الأمور الاعتيادية فمثلاً الخروج من المنزل يغضب أمي كثيراً لو علمت أني ذهبت لزيارة إحدى صديقاتي أو جاراتي؛ لأنها تريد أن يكون كل هذا بأمرها، وباستئذان منها شخصياً، تحملت على نفسي فترة من الزمن فأخبرها عند خروجي، ووجدت أن من يروق لها أذنت لي بزيارته، وأما من لا يروق لها حتى لو كانت أعز صديقاتي لا تأذن لي، تضايق زوجي كثيراً من تصرفات أمي؛ لأنني كنت أتأثر كثيراً وأبكي بحرقة، خصوصا لما أرى إخوتي وهن يذهبن حيث أردن، وذلك بمباركة أمي لهن؛ لأنهن سلمن حياتهن وأزواجهن لأمي، وقف زوجي لأمي في السر دون أن تشعر، وصرت أزور صديقاتي بالسر، ثم بدأت أمي حماها الله تتحكَّم في حياتنا وقراراتنا أنا وزوجي، لدرجة أنها منعتني من الحج في إحدى السنوات؛ لأنها ترى أبنائي صغاراً وزوجي يقول أنا أعلم من أمك بأولادي، وزوجي حنون جداً على أبنائنا، ولما لم أستمع إليها وذهبت مع زوجي إلى الحج غضبت ولم تزرني، وغير ذلك، واستمرت حياتي على هذا المنوال طوال الـ 13سنة، هي عمر زواجي، ازداد الأمر سوءاً بتدخل أخواتي مع أمي في حياتي، وكذلك تشكيلهن جبهة موحدة كي يشعر أبي أني منعزلة عن أخواتي، وحتى يذهبن إليه طوال الوقت: انظر يا أبي كلنا مع بعض ونأخذ من بعض، ونهدي الناس مع بعض إلا هي إنها وإنها، وإنها فكانت الطامة الكبرى أن أعلن أبي تبرؤه مني ومقاطعتي، وصارت مشكلة طويلة عريضة، حاول كبار العائلة التدخل، ولكن كما ذكرت سابقاً هناك جبهة قوية تسيطر على أبى وتقنعه بقوة، وأنا في هذه الفترة لازمت الدعاء ولا زلت انتظر فرج رب العالمين، تصالحنا بواسطة رجل كبير وقدير في العائلة لا ترد كلمته تولَّى زمام الأمر وكلمني وحقق معي في ادعاءات أخواتي، فقال لي بالكلمة: يا بنتي هذه غيرة وحسد من أخواتك جعلتهن يتصرفن كذلك، كانت رجعتي

بشروط أن لا أذهب ولا أخرج من بيتي وكل صغيرة وكبيرة في حياتي أخبر بها أمي وأخواتي، رأيت الفرحة العارمة بالانتصار في وجه أخواتي فأبيت على نفسي أن لا أهدم عش الزوجية، وقررت أن أستمر على نفس نظامي وهو: زيارة أسبوعية لأبي وأمي، إهداء أمي وأبي في العيد وبعض المناسبات، أن تكون علاقتي بأخواتي في إطار الرسميات حتى أتجنب المشاكل، لم يرق هذا الحال لأمي طبعا، وعادت لعادتها القديمة، والوضع الجديد الآن هو أن المصادمات انتقلت من أخواتي إلى أمي، وأصبحت معها في صراع مستمر لدرجة أنها تغضب لأتفه الأسباب وتتوعدني في أولادي، وأنت عاقة لوالديك، والله تعبت وأنا أحاول أن أكسب رضاها، ولكن رضاها لا يأتي إلا بشيء واحد فقط، وهو ما تأكدت منه طوال الأعوام الماضية وهو: أن تكون حياتي أنا وزوجي كلها تحت تصرفها المطلق، وأن لا نعمل شيئاً إلا بعد مشورتها مع الأسف، أنا أحمِّل أبي الذنب؛ لأنه ترك لأمي التحكٌّم فيه فأصبحت لا تريد أحد يخرج من سيطرتها، وأمي إنسانة مزاجية، يعني مثلاً علاقاتها بأخواتها وإخوانها ليست على ما يرام، وأنا على عكسها فأخوالي وخالاتي يعزوني جداً، لذا تمنعني من الذهاب لهم إلا معها، ولقد كانت لها محاولات في فرض السيطرة على إخوانها، ولكن بعد ما كبروا وتزوجوا لم يستمعوا لها، علماً أن أخوالي وخالتي يشتكون نفس شكواي في أمي، حيث إن جدتي هداها الله لا تأتمر إلا بأمر أمي ودائما تغضب على من يغضب أمي، علما أن أحد أخوالي علاقة زوجته مع أمي ليست على ما يرام، لذا تجد جدتي دائمة الغضب عليه، اعذروني على الإطالة ولكن قلبي يحترق، فأنا أعيش بين نارين إما طاعة زوجي وغضب أمي، أو طاعة أمي وغضب زوجي ومعناه طلاقي، ما هو الحل في رأيكم؟ وهل تصرفي في حياتي واختياري لزوجي صحيح أم لا؟. بارك الله فيكم، وجزاكم خير الجزاء. ملاحظة: الرجاء عدم عرض سؤالي في الموقع بأي حال من الأحوال. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد حسين عبد الرحمن الجواب: الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على إمام المتقين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إلى الأخت السائلة: أزال الله عنا وعنها الحيرة. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوم الاتصال والمراسلة عبر الموقع. لقد قرأت رسالتك وسرني جداً ثناؤك على زوجك، نسأل الله أن يديم بينكما الحب والود والرحمة والوفاق، إنه على ذلك قدير.

ولقد ساءني جداً موقف أمك المتسلّط هداها الله، وكذلك أخواتك. والذي زاد الطين بلاً هو الموقف السلبي والسيئ في نفس الوقت وهو موقف والدك المحترم - هدانا الله - وإياه للحق، وبكل صراحة أمك وأبوك واقعان في مخالفات شرعية كثيرة، منها التفريق بين الأولاد وتمييز البعض على الآخر، وهذا الأمر قد حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم- ونهى عنه، لأن هذه الأشياء تولِّد الحقد والضغينة والكره بين الإخوان، بدلاً من المحبة والمودة والرحمة فيما بينهم، ومن قرأ قصة سيدنا يوسف عليه السلام مع إخوته عليهم السلام علم ذلك، فالذي حملهم على ما فعلوا مع أخيهم هو تمييز أبيهم -وهو سيدنا يعقوب- ليوسف على إخوته عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام، فماذا كانت النتيجة؟ حقد وحسد وبغض وكره، أدى بهم أن يفعلوا بأخيهم ما أخبر به ربنا في كتابه العزيز في سورة يوسف، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لمن أعطى أحد أبنائه عطية أو هدية، ولم يعط باقي أولاده: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم" متفق عليه من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- البخاري (2586) ، ومسلم (1623) . فاحذري أختي المسلمة أن يحدث ذلك لأولادك حتى لا تتكرر هذه المأساة التي أنت تعانين مرارتها وتعيشين قسوتها مع أهلك. وقبل أن أشرع في تناول حل المشكلة أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات أخاطب بها قلبك الطيب، فأرعني سمعك يا رعاك الله، واستمعي إليّ بأذن قلبك لا بأذن رأسك فمستعيناً بالله أقول: اعلمي وفقني الله وإياك لكل خير وبر، وصرف عنا وعنك كل سوء وشر أن لوالديك فضلاً عظيماً عليك وبرهما واجب عليك، والإحسان بهما والعطف عليهما، والتودد إليهما مهما حدث منهما، فهذا الحق أوجبه الله عليك ورسوله - صلى الله عليه وسلم- كما جاء ذلك مستفيضاً في كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم-، والسمع والطاعة لهما ما لم يكن ذلك معصية، أو يترتب عليه معصية أو إحداث خلل في حياتك مع زوجك، ففي هذه الحالة لا سمع ولا طاعة لهما في معصية الله، وهذا لا يعد من العقوق إن شاء الله تعالى. أما بالنسبة لحل مشكلتك فأقول: (1) عليك بالبر بهما والإحسان إليهما بقدر استطاعتك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. (2) ما أنت عليه من الزيارة الأسبوعية والإهداء لهما في المناسبات، إلى غير ذلك لا شيء فيه، بل هو عين الصواب بالنسبة لحالتك هذه، ولكن يمكن أن تكثري من الاتصال عليهما إن لم يترتب على ذلك مشاكل. (3) عليك بطاعة زوجك وعدم إغضابه؛ لأن في ذلك عرضة لأن تتعرض لغضب الله وملائكته الكرام، كما جاء ذلك في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه فزوجك حقه عظيم عليك، فكما أن والديك باب لك إلى الجنة فكذلك زوجك هو الآخر باب لك إلى الجنة، وذلك بإرضائه، والقيام بحقوقه الشرعية التي أوجبها الله عليك ما لم يكن في ذلك أيضاً معصية لله ورسوله، وهنا لا سمع ولا طاعة في معصية الله؛ لأن الطاعة في المعروف كما ثبت الحديث بذلك. (4) لا تهتمي بما يحدثه أخواتك من تكوين جبهة عليك عند والديك، وكذلك لا تهتمي بتوعُّد أمك في أولادك، وأن هذا عقوق وسيحدث لك من أبنائك مثل ما يحدث منك لأمك على حد زعمها، فهذا ليس بعقوق فلا تلتفتي لذلك.

(5) لا تغفلي عن الدعاء والاستغفار واكثري من ذلك وتحري ساعات الإجابة وأبشري بالخير، قال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة: 186] . وقال تعالى: "أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62] ، هذا والله أعلم. والله أسأل أن يكشف همك وينفس كربك، ويزيل غمك، ويصلح شأنك في الدنيا والآخرة، ويهدي والديك وأخواتك إلى الحق والعمل به. (6) لا يمنع أن تحضري بعض الرسائل الدعوية والأشرطة الإسلامية، والتي تتناول مثل هذه المواضيع وتعطيها إياهم لعل الله يفتح على قلوبهم. (7) لا يمنع أن يتدخل أحد المشايخ أو الدعاة وطلبة العلم لفض هذا النزاع وتوضيح الأمر الشرعي لأهلك، وأن ما هم عليه من هذا التسلُّط لا يجوز لهم بحال من الأحوال.

أمي لا تحبني

أمي لا تحبني المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 15/10/1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. حالتي المادية جيدة والحمد لله، وأنا أقوم بواجبي تجاه والدي إن شاء الله على أكمل وجه، أقوم بإعطاء أبي وأمي كل شهر تقريباً ما يعادل 100 دولار أمريكي، وكل ما طلب مني أبي زيادة عن ذلك أعطيه وأمي كذلك، وطلبت مني العام الماضي مبلغاً من المال كي تذهب إلى العمرة، فلم أتردد في إعطائها، وطلب مني أيضاً أبي مبلغاً من المال لكي يجري عملية جراحية في عينه، أيضاً فلم أتردد، ولم أجلب أي شيء إلى البيت إلا وأجلب لأبي وأمي، من طعام وملبس، مع العلم أن لي أخوين أعزبين يعملان بوظيفة محترمة، ويبغضاني كثيراً، وحالتهما المادية وسط، يقيمان مع والدي ووالدتي، وهذا العام أيضاً طلبت مني والدتي مبلغاً من المال من أجل العمرة أيضاً فلم أتردد في ذلك. السؤال: إن والدتي لا تظهر لي أي حنان أو محبة تجاهي وتقول كل مرة بأن أخوتي هم من قاموا بتأمين المبالغ التي ستذهب بها إلى العمرة، وأن هذا يحز في نفسي، مع العلم أنها تهينني حتى أمام أولادي، وأمام الجيران، ولكنني لم أفكر يوماً أن أزعجها أو أقول لها أي كلمة، وحتى بعض الأصدقاء يقولون لي إن أمك تطمع بك كثيراً خفف المبلغ قليلاً عنها سوف تقدرك، أما أبي فإنه حنون جداً ويحضن أولادي ويرضى علي كثيراً، أما والدتي فتطرد أولادي إذا أتوا إلى بيت جدهم، أفيدوني ماذا أفعل، لأنني دائماً أفكر بأبي وأمي لأنهما طاعنان في السن؟ علماً أنني أحب بل أعشق والدي ووالدتي كثيراً، لأنني في غربة ولا أشاهدهم إلا قليلاً، جزاكم الله عنا كل خير. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/د0 عبد الرحمن بن علوش المدخلي () الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فيا أخي الكريم، أولاً: احمد الله تعالى حمداً غير منقطع أن أمك ما زالت على قيد الحياة وأنك تستطيع أن تبرها وتحسن إليها فهذه نعمة كبرى لا يعرف قيمتها إلا من فقدها، والأمر الآخر لا ينبغي لك أن تمنَّ على والديك بما تنفقه عليهما فلو أنفقت كل ما تملك إلى أن تلق الله تعالى ما جازيتهما، وقد شاهد ابن عمر -رضي الله عنهما- رجلاً يمانياً يطوف بالبيت وهو يحمل أمه على ظهره فقال له: يا ابن عمر أتراني جازيتها؟ قال: لا، ولا بزفرة واحدة (أي: مما يعرض للمرأة عند الوضع) . وقال علي -رضي الله عنه- أيضاً لطيسلة بن ميَّاس: أتفرق من النار -أي: تخاف- وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: أي والله! قال: أحي والداك؟ قلت: عندي أمي، قال: فوالله لو ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ما اجتنبت الكبائر.

وأما أنك تظن أن أمك لا تظهر لك أي حنان فلا تلفت لهذا الظن فلعله من وساوس إبليس لما رآك باراً بوالديك، بل إن المسلم مطالب ببر والديه وإن ظلماه يقيناً فقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ما من مسلم له والدان مسلمان يصبح إليهما محتسباً، إلا فتح له الله بابين -يعني من الجنة- وإن كان واحد فواحد، وإن أغضب أحدهما لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه" الآثار أخرجها البخاري في الأدب المفرد، فلا ينبغي أن يعامل المسلم والديه معاملة المثل والند فليس الواصل بالمكافئ. وإياك يا أخي حمزة أن تصغي أو تستمع لما يقوله لك بعض الأصدقاء بل أوصيك بزيادة البر بهما والإكثار من الهدايا لهما فإن الهدية تبعد وغر الصدر، كما أوصيك بتوثيق العلاقة الأخوية بأخويك الأعزبين وأن تهدي لهما وتحسن إليهما فلعل ما تظنه من عدم إظهار أمك المحبة لك مما تسمعه من أخويك. كما أوصيك بالإكثار من الدعاء لوالديك وأخويك وأن تكثر من الجلوس معهم فلا يدري الإنسان كم بقي من عمر والديه أو من عمره هو سيما وأنك تذكر أنك في غربة، أسأل الله لك التوفيق والسداد وأن يؤلف بين قلوبكم والله يحفظك ويرعاك.

ضرب الأب أبناءه

ضرب الأب أبناءه المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين التاريخ 24/3/1423 السؤال أرجو منكم أن تساعدوني وتجاوبوني بسرعة، والدي عندما يغضب من شيء خارج البيت فإنه يزجرنا وأحياناً يضربنا، في يوم كان غاضباً ومريضاً وكان يتجادل مع أختي وأنا جالسة على الأرض آكل التوت ولا دخل لي بهذا الجدال، وفجأة يركلني على رأسي، ثم على يدي، ثم على رأسي، علماً أني كبيرة وعمري عشرين، ولست صغيرة حتى ينفس غضبه فيني، فهل هذا يجوز أم أنه ربما يكون ذلك مرضاً نفسياً؟ وأيضاً دكتاتوري وشكراً لكم. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ عبد الرحمن المجيدل (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام) الجواب: السلام عليكم ورحمة الله، أختي الكريمة قرأت رسالتك، وتألمت لما ذكرت، وإليك الجواب، أسأل الله أن يصلح حاله وحالكم: 1- الأبناء والبنات نعمة من نعم الله -سبحانه- في هذه الحياة، والآباء يحلمون أن أولادهم يكونون مصدر عون وشفقة ورحمة لهم، فمهمة الزوجة والأبناء مشاركة الأب همومه، وتخفيف معاناته، وتأجيل الطلبات إن كانت تقبل التأجيل، وجعل البيت أنساً وسكناً مريحاً تعود فيه للأب روحه وطمأنينته، فالحل لما ذكرت ترك الاحتجاج بما يجب عليه إلى ما يجب عليكم تجاهه، وعدم إثارته وذكر ما يكره مطلقاً، وتحين الفرص لذكر الطلبات والرغبات إذا ارتاح وهدأت نفسه، ومساعدته وخاصة في الأمور المالية. 2- محاولة أن يكون لكم سلوك طيب داخل المنزل من الحرص على الواجبات الشرعية والنوافل، فهي مما يسكن النفس، وينشر الطمأنينة، فعسى ما تفعلون يكون دافعاً لأبيكم على فعله فتنعمون بالهدوء والطمأنينة، فإن التقصير بالواجبات وارتكاب المحرمات مما يحزن النفس، ويفسد المزاج، ويفقد الصبر تجاه ما يلقاه في هذه الحياة من آلام، فمشاكل الحياة عامة لجميع الناس وهم يختلفون في المواقف بناء على اختلاف نفسياتهم وأخلاقهم وأهليتهم، فكونوا نعم الأبناء والبنات عله أن يكون نعم الأب، وعسى الله أن يقر عينه بكم وأعينكم به، ويجمع القلوب على الخير، والسلام عليكم ورحمة الله.

العلاقات مع الأقارب

كيف التعامل مع القريب الفَتَّان؟! المجيب محمد محمود الأمين باحث بموقع الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 25/05/1427هـ السؤال لي قريب يتسبب لي في كثير من المشاكل والأذى بسبب نقله للكذب والإشاعات والسعي في ذلك بين الناس، كما أنه يعمل على إفساد زوجات أقربائه، فكيف يمكن التعامل معه؟ الجواب أخي الكريم/ الواجب عليك حيال هذا القريب هو النصح وكثرة الدعاء، والصبر على الأذى الصادر منه. - ولعل العلاج الناجع لهذا وأمثاله يكمن في الإحسان إليهم، وعدم الالتفات إلى ما يصدر منهم من تصرفات -غير محمودة-. - وسأجعل نصيحتي لك في شكل نقاط: 1- عليك بكثرة الدعاء له بالهداية والتوفيق. 2- يجب عليك عدم معاملته بالمثل، وإن نُبِّهَ على زلاته فَلْيكن ذلك في شكل إيحاء وتلميح، دون تصريح أو تجريح.. فلعل ذلك يدفعه للخجل من هذه السلوكيات الممقوته. 3- يجب أن يوجه وينصح من قبل واحد من أهل النصح ويبين له حرمة هذه الممارسات -ولكن على انفراد-. 4- عدم المبالغة في التأثر بهذه السلوكيات، وإنما نقدر الأمور بقدرها. أسأل الله العلي العظيم أن يوفقنا وإياكم لطاعته. والله أعلم.

هل أجازي قطيعته بقطيعة!

هل أجازي قطيعته بقطيعة! المجيب محمد محمود الأمين باحث بموقع الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 24/04/1427هـ السؤال لي عم قطع صلته بوالدي طول حياته، حتى في مرضه الذي مات فيه والدي لم يزره، هل لي أن أقطع صلتي بهذا العم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم/ ما قام به عمك من قطع صلة رحم أبيك لا يجوز -وإن كنت لم تبين ملابسات الموضوع- ولكن سنفترض أسوأ الأحوال، وهو أن يكون عمك هو الظالم لأبيك في هذه القضية. فعليك أن تعلم أخي الكريم أن الواجب عليك هو صلة رحم عمك، وترميم ما تصدع من بنيان الأسرة، فعمك في منزلة أبيك، والخطأ يحصل من كل أحد، ولكن التمادي في الباطل أمر مذموم شرعاً ممقوت طبعاً، فعليك بالمبادرة بزيارته، ومحاولة رأب الصَّدْعِ بأسرع وقت ممكن، فالمشاحنات لا تزيد المسلم إلا بعدا من الله تعالى، وليس الواصل بالمكافئ، فإن من أحب الأمور إلى النفس الإحسان إلى من أحسن إليك، لكن الإحسان إلى من أساء منزلة رفيعة لا ترنو إليها إلا النفوس العالية التي تطمع في جزاء الله -عز وجل- والتي تُصَنِّفُ إساءات الآخرين في ميزان الحسنات والمدخرات ليوم الفزع الأكبر. فنصيحتي لك أخي الكريم هي أن تصل عمك -بل ذلك هو الواجب عليك شرعاً- ومن أسباب فتح القنوات التي سدها الشيطان على مر الأيام، ما يلي: 1- إخلاص الأعمال كلها لله سبحانه وتعالى، وقصد القرب منه. 2- الدعاء لعمك بأن يهدي الله قلبه، ويوفقه لما يحبه ويرضاه. 3- قدم له هدية مناسبة -دون تكلف-، فالهدايا لها أثر عجيب في النفوس. 4- قم بزيارته باستمرار، حتى ولو لم تجد منه الاستقبال اللائق. 5- لا تذكر له ما كان بينه وبين أبيك من أمور. 6- عامل أولاده معاملة حسنة وبش في وجوههم، وأظهر السرور عند اللقاء بهم. 7- تعمد الاتصال به في كل مناسبة، واسأله عن أحواله، واقترح عليه بعض الحلول لبعض القضايا الخاصة به. 8- حاول عودته إلى بيتك، وبالغ في إكرامه، وعامله معاملة الوالد. - وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يوفقني وإياك لطاعته، ويبعدنا جميعاً عن سخطه. والله أعلم.

تغيرت للأحسن ولكن علاقتي بأقاربي فترت!

تغيَّرت للأحسن ولكن علاقتي بأقاربي فترتْ! المجيب مريم الثمالي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 05/03/1427هـ السؤال أنا فتاة ذات قلب رحيم، أحب الصغار والكبار، وأحب الحيوانات وأرحمها. أتذكر نفسي في الماضي وأتذكر براءتي وقلبي الكبير الذي يحب الجميع، لم أكره أحدًا من أقاربي، لكن (دوام الحال من المحال) كبرنا وكبرت عقولنا، وأصبحنا ندرك ما لم نكن ندركه في السابق، بدأت أبعد عن أقاربي؛ لأنه بالفعل كان يجب أن أبتعد. ما حصل معي أنه كنت أشعر بالضيق بعد كل اجتماع لنا، مع أنني أحبهم وكنا نضحك إلا أنني أشعر بالضيق، مررت بظروف جعلتني أعتزل الجميع، وبقيت مع نفسي كثيراً، وتجلَّت لي أمور ما أروعها والحمد لله. عرفت الله، اقتربت منه، ووجدت السعادة التي لم أذقها في حياتي إلا في عزلتي ورجوعي إلى الله، فلم تعد علاقتي بهم مثل السابق، أنا تغيرتُ ولكن أشعر بتأنيب الضمير. فهل أعود معهم مثل السابق؟ لا أستطيع وجدت فارقاً كبيراً بين تفكيري وتفكيرهم، شخصيتي تغيرت، لم أعد تلك التي أعرفها، أنا لا أدعي أنني أحسن منهم، لكني لا أستطيع أن أرجع معهم مثل السابق أصبحت أقرأ كثيراً لعلماء الماضي مثل ابن قيم الجوزية. وعلماء الحاضر، وكتب تطوير الذات، ووجدت فيها سلوتي، وعشت نعيمًا لا يعلم به إلا الله، وما يؤلمني حقاً أنني تغيرت ولم أعد أعرف كيف أتعامل مع الآخرين مع شخصيتي الجديدة، فهل يعاقبني الله إذا ابتعدت عنهم؟ علمًا أني لم أقطعهم بل أعاملهم بالحسنى وأقابلهم بوجه طلق. أسألكم بالله أن ترشدوني للصواب. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأسأل الله أن يهديك إلى سواء السبيل، ويثبتك على الحق والهدى. * أنت تسيرين في خط التغيير، لكن إلى أين؟ هذا هو المهم، والجميل أنك لم ترضي بوضعك، وتحركتِ وتغيرتِ لكن عليك أن تقودي هذا التغيير لا أن يقودك هو. * واضح جداً أنك تعيشين في حالة تخبط داخلي وعدم استقرار، وهو ما ظهر من عباراتك وتعبيرك بكلمة صراع، وهذا أمر طبيعي بالنظر لوضع التغيير الذي تعيشيه. فما بقي من ترسبات الماضي مع تجديدات الحاضر أمر يسبب لك نوعًا من التلف، ثقي أنها مسألة وقت وهدوء واستعانة بالله، وتتضح بعدها لك الصورة. * في بدايات طريق الاستقامة يحاضر الإنسان خليط من المشاعر بين خوف وتأنيب ضمير وشعور بالحزن العميق قد يصل إلى شعور باليأس في حالة عدم الثبات والاستسلام، أو فهم الاستقامة فهماً خاطئاً.. أنتِ تحتاجين -يا أخية- أن تخففي من مشاعر الخوف وتأنيب الضمير بحسن الظن بالله أنه سيعينك ويوفقك لما يحبه ويرضاه، اسأليه ذلك بإلحاح. تحتاجين كذلك أن تتدرجي في هذا الطريق، وأن تدركي أن الأمر فيه سعة، فلا يعني أن حالك مسبقاً وحال أهلك أنه عالم منفصل تماماً، وما تطمحين الوصول إليه عالم آخر، كلاهما واقع تعيشينه لكن الاختلاف في شخصيتك وإدراكك الآن، الاستقامة -يا أخية- تعني أن نتقبل الآخرين ونعاملهم بأخلاقنا التي تسمو باستقامتنا واتباعنا لهدي نبينا -عليه الصلاة والسلام- في ذلك، قد تحتاجين بعد أن يستقر وضعك أن تجتهدي وتكثفي من عطائك لكسب من حولك والتأثير فيهم.

* اعكسي استقامتك بصورة حسنة، فالاستقامة ليست انطواء وعزلة وحزن، الاستقامة نور وراحة وبهجة وحسن خلق، ولا أرى تعارضاً بين أن تجدي سلوتك في العزلة، وبين أن تخالطي أهلك وأقاربك، فكلاهما بابان عظيمان للأجر، وبإمكانك أن تخصصي لعزلتك وقتاً مناسباً تغذين فيها روحك، ووقتاً آخر لأقاربك وأهلك تحتسبين فيه الأجر، فلا يخلو الحديث من وجود فرصة أن تذكري فائدة أو تأمري بمعروف أو تنهي عن منكر، كذلك نية جلوسك صلة رحم أو إدخال سرور على قلب مسلم وكلها من أعظم القربات. * الإيمان حياة -يا أخية- والحياة في الإيمان، ولا استقرار في العيش ولا حلاوة إلا بذلك، فقط عليك -لآن- بأن تدعمي نفسك بصحبة صالحة لها نصيب من وقتك؛ حتى تساعدك على السير برشد ودراية وتستقر بها مشاعرك. ونصيحتي: عليك بالعلم الشرعي؛ فهو نور لك وللآخرين من حولك بإذن الله.

هل من حقي هجران أختي؟!

هل من حقي هجران أختي؟! المجيب سعد بن عبد الله الماجد عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 11/2/1427هـ السؤال حصلت بيني وبين أختي مشكلة بسبب تقدم الخطَّاب لي، علماً أنها غير متزوجة، وأزعجها هذا الأمر كثيراً؛ فهي لا تريدني أن أتزوج قبلها، وأنا لست صغيرة في العمر، لقد آذتني كثيراً، وفضحتني أمام أقاربي، وخلقت لنا مشكلات كثيرة، وجرحتني بتصرفاتها وكلامها السيئ، وقد سبَّب لي هذا الأمر أزمة نفسية كبيرة. مشكلتي أنني غير قادرة على مسامحتها أو على الكلام معها، فهي لم تندم على ما فعلت كما أشعر، وأخاف أن يعاقبني الله على قطيعتي للرحم. أرشدوني ماذا أفعل. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأختكِ تعاني من العنوسة، وتأخرها عن الزواج، فوقع منها شيء من الحسد والبغض لكِ، وقد تكونين سبباَ في ذلك؛ حيث تجاهلتِ مشاعرها ونسيتها في غمرة الفرح. لذا عليكِ بمسامحتها، وأعلنيها صريحة لها؛ وفي هذه الحالة لن تملك نفسها من الندم والبكاء، وتواضعي لها، فإنه سوف تطلب منكِ مسامحتها. اذكري لها حبكِ لها، وحزنكِ على مفارقتها، وأن باب الأمل مفتوح، وأنها ستتزوج بأفضل من زوجكِ، بزوج يملأ عليها الدنيا حباً وحناناً. أختي الكريمة: الدنيا أهون وأحقر من أن تجعلنا نحمل في قلوبنا غلاً وبغضاً لمن نحبه من إخواننا وأخواتنا! وإياكِ وقطيعة الرحم؛ فقد جاء التحذير منها: 1-قطيعة الرحم من الإفساد في الأرض، قال الله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" [سورة محمد:22-23] وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال له مه قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى يا رب.. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوا إن شئتم فهل عسيتم ... ) [رواه البخاري: 4455] . عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) [رواه مسلم: 4634] . 2- قاطع الرحم لا يدخل الجنة، فعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يدخل الجنة قاطع قال ابن أبي عمر قال سفيان: يعني قاطع رحم) [رواه مسلم: 4636] . 3-قاطع الرحم كالقاتل المتعمد، فعن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) [رواه أبو داود:4269] . 4- قاطع الرحم لا يرفع له عمل صالح من صلاة وصوم وغيرها، وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا) [مسلم: 4956] . وعن ابن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال) [رواه البخاري:5611] . وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) [رواه البخاري:5613] والرجل والمرأة في ذلك سواء مخاطبون بأوامر الشرع. وفقكِ الله لكل خير، ولا حرمكِ الأجر.

لا أريد الكسب الخبيث.. وأخشى من أخي

لا أريد الكسب الخبيث.. وأخشى من أخي المجيب د. عبد المهدي عبد القادر أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 26/11/1426هـ السؤال لي أخ أكبر مني يمتلك (مقهى إنترنت) ، وما من أحد يأتيه إلا ويشغل الأغاني أو يحادث البنات على الشات، أو يشاهد الصور الرديئة، وأخي ذهب إلى عمله وألزمني أن أحل مكانه في هذا العمل، علماً أني لا أقدر على منع أحد من تشغيل هذه الأشياء، ولا أقدر على إغلاق المحل أثناء الصلاة؛ لأن أخي له شريك، ولا يوافق على آرائي، ولو تركت هذا المكان وعصيت أخي سيكون هناك مشاحنات بيني وبينه، فما حكم عملي في هذا المكان؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فبشراك -أخي الكريم- بهداية الله لك والتزامك بالحق، وزادك الله ورعاً وحرصاً على سلامة دينك؛ فإن من أعظم المصائب مصيبة المرء في دينه؛ وإن من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم قوله: "ربنا لا تجعل مصيبتنا في ديننا.." رواه الترمذي (3502) أما عن عملك -بعد التزامك- في هذا المكان الذي لا يخلو من معصية ترتكب، أو إثماً يقترف، فإن على صاحب المكان -إن لم ينصح ويحذر- وزر الإعانة والمساعدة، وسكوته عن النهي عن هذه المنكرات دليل إقرار ومشاركة في المعصية؛ وعليه: فقد بحث الفقهاء والعلماء هذه القضية وخلصوا إلى الآراء الآتية: •وجوب تجنب العمل في تلك الأماكن، حيث إن في ذلك إعانة مباشرة لأهل المنكر، والواجب النهي عن ذلك، والدليل هو قول الله تبارك وتعالى: "وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [آل عمران: 104] ، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم (49) . •يجب على من يعمل الآن في هذه الأماكن سرعة البحث عن عمل آخر، حتى لو كان أقل راتباً ومنصباً، وأن يكون مخلصا في سعيه، وأن يستشعر قول الله سبحانه وتعالى: ".....وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [التوبة: 28] ، وقوله عز وجل: " ... وَمَن يَّتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَّتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" [الطلاق: 32]

*-يجب عليك- أخي- أن تبحث عن عمل، وأن تتجنب مجالات الشبهات مهما كانت مغرية، وربما قد يجد هذا الشخص ميلا في ذاته للعمل فيها بسبب ضغوط الحاجة أو لهوى النفس، أو غير ذلك؛ فعليك أن تستفتي قلبك، فعن وابصة بن معبد -رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "جئت تسأل عن البر؟ ". قلت: نعم، قال: " استفت نفسك، استفت قلبك، يا وابصة ثلاثا- البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك". رواه أحمد (17538) ، والدارمي (2533) . وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".رواه الترمذي (2518) ، والنسائي (5711) ، وغيرهما. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. •أجاز فريق من الفقهاء العمل في هذه المجالات، أو استمرار العمل فيها عند الضرورة المعتبرة شرعا والتي تقدر بقدرها دون تعد أو تنزه أو ترف، وكل أعلم بضرورته، ودليل ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى: "فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [البقرة: 173] ، ويجب استشعار مراقبة الله عز وجل، ولا تحايل على شرعه. *يرى فريق من الفقهاء أنه عند الضرورة، وجوب تطهير الأرزاق بأن يجتهد العامل في مثل هذه الأماكن، ويقدر نسبة المال المكتسب من حرام في حالة اختلاط المعاملات الحلال بالحرام، ويتم التخلص منه في وجوه الخير وليس بنية التصدق، ولا تنفق في مجال العبادات. • وفي كافة الأحوال السابقة يجب الحذر وتجنب المشتبهات، ولقد كان صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتركون تسعا وتسعين بابا من الحلال خشية أن يقعوا في باب واحد من الحرام، وهذا من الورع والخشية من الله سبحانه وتعالى، فعن أبي عبد الله النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". رواه البخاري (53) ومسلم (1599) . • أخيراً.. سواء اضطررت للتواجد في هذا المكان أو فارقته فإن عليك واجب النصيحة بالمعروف لأخيك بالحرص والحب واللين والكلمة الطيبة والمعلومة النافعة، عسى الله -تعالى- أن يشرح صدره لما شرح صدرك له.. والله الموفق والمستعان.

أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين

أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين التاريخ 05/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم. أريد أن أستشيركم في موضوع يعذبني، أحس بأنني سأنفجر إذا لم أتحدث مع شخص يساعدني، أخاف أن أحكي لإحدى صديقاتي، ومن ثم أندم؛ أنا فتاة عاملة ولي أخت أصغر مني، والدي طيب جداً ومكافح، يتعب طوال اليوم ليريحنا من هموم الدنيا، والدتي طيبة جداً، وذات قلب أبيض، وعلى نياتها، المشكلة هي أختي، فقد دمرت حياتي وثقتي بالناس، أصبحت أكره كل شيء ولا أثق بأحد، كنت مخطوبة لأحد الزملاء في العمل، اعتقدته طيباً وعلى خلق ويحبني، ولكن الصدمة كانت كبرى، لم أتحملها، أصبت بانهيار ودخلت المستشفى لمدة أسبوعيين، وبعدها استقلت من العمل، ووجدت عملاً آخر، ولكن لا أستطيع نسيان ما حدث، ففي أحد الأيام أحسست بتعب في العمل، واستأذنت حتى أعود للمنزل وأرتاح، عندما دخلت لم يكن يوجد أحد، أبي في العمل وأمي عند أختها، فدخلت إلى الغرفة، وتمنيت أنني مت في تلك اللحظة، فقد وجدت أختي مع خطيبي في سريري، لم أصدق ما رأيت، تجمدت مكاني حتى أحسّا بي، فقام وخرج من المنزل، لم أعرف ماذا أفعل، أخذت أضرب أختي وسحبتها من شعرها وذهبت بها للطبيبة، وتأكدت من أنها ما زالت عذراء، خفت عليها وهي لم تهتم لمشاعري، وعندما اطمأنيت لم أحس بنفسي إلا وأنا في المستشفى، لا أحد يعلم بما حدث، الكل يعتقدون أن سبب الانهيار أنني تركت خطيبي، لا أحد يعلم بشيء، لكني منذ ذلك اليوم لم أتحدث مع أختي، واهتزت ثقتي بالناس، وأصبحت خائفة من كل شيء حولي، أحس بالخيانة في الهواء حولي، لاحظ أبي وأمي أنني لم أعد أتحدث مع أختي، حاولا أن يحلا المشكلة، ولكن لا أستطيع أن أسامح أو أغفر لها؛ فهي ليست طفلة ليلعب بعقلها، وهي تعلم كم كنت أحبه، كم غضبت عندما أراد أن يرى شعري ورفضت؛ فأنا متحجبة، كيف تفعل بي هذا وأنا أعتبرها كنفسي لا أمنع عنها شيئاً؛ فهي أختي الوحيدة التي أحببتها، لا أستطيع أن أسامحها، والآن أفكر بالسفر بعيداً عنها؛ حتى لا أراها ثانية. أرجوكم ساعدوني.. ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: الأخت الكريمة: - حفظها الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أسأل الله - عز وجل- أن يرزقنا وإياك العفاف والرضا والغنى، ما حصل لا شك أنه أمر خطير، ولكن يجب أن نصفه في حجمه الطبيعي؛ حتى نحسن التعامل معه، إذ المبالغة في أي شيء قد تقود إلى ضد المراد حتى في الدين، فإن دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه؛ ولذا فإني أذكرك ببعض النقاط، ومنها: 1- الإيمان الكامل، واليقين الجازم بأن ما حصل هو من قضاء الله وقدره، ولا بد للإنسان في تغييره بعد حدوثه، والمسلم إذا وقع له من أمثال ذلك يقول: "قدَّر الله وما شاء فعل"، وهذا - أي الإيمان بالقضاء والقدر- أحد أركان الإيمان الستة.

2- على المؤمن أن يتفاءل لما حصل، وألا يكره، فكثير من الأشياء نكرهها ونفاجأ بأن الخير العظيم فيها، وأحياناً نتمنى أشياء ونسعى لها ونفاجأ بأن فيها أحزاننا ومآسينا. 3- من أعظم فوائد هذه الحادثة أن هذا الخطيب شر صرفه الله عنك، وهذه نعمة عظيمة لو جلست طول حياتك تحمدين الله عليها، لما أديت حقها، وكما يقال: (كم وراء المحن من منح) ، بل كما قال الله - عز وجل-: "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:19] . 4- أختك أخطأت، وكلنا ذو خطأ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" أخرجه مسلم (2749) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، والتصرف الصحيح هو أن تحاولي دعوة أختك للحق، وتدلينها عليه، وألا تعيني الشيطان عليها، وأن تفتحي لها طريق الخير والتوبة، لا طريق اليأس والقنوط. 5- يجب على الإنسان أن يكون عادلاً في حكمه على المجتمع، فكلما رأى مظاهر الفجور والفسق تذكر الخير والدعوة، بل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه الفأل، إن التفاؤل والنظر للمستقبل بإشراق -والثقة بنصر الله - له مردود عجيب على النفس، وخاصة عند تعاظم الشر، وهذا ما حصل للمسلمين في غزوة الخندق. 6- لعلك تأخذين العبرة من هذه التجربة، وأن تتعاملي بصبر وأناة، وعدم استعجال في حل ما يعتريك من أذى، بل المسلم سيستفيد من أخطاءٍ حصلت له في الحاضر ليسخرها في خدمة المستقبل. والله يحفظك ويرعاك.

أختي همازة لمازة

أختي همازة لمازة المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/السخرية والاحتقار التاريخ 19/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. لدي أخت تبلغ من العمر 32 سنة، وهي إنسانة تتبع أسلوب إيذاء الغير بلسانها والاستهزاء والسخرية، وعدم احترام الآخرين، وعمل مشاكل بين جميع أفراد العائلة، الرجاء أن توضح لي هل هي تشكو من أي حالة نفسية، وما هو الحل معها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أشكر لك تواصلك مع موقع (الإسلام اليوم) . أختي الكريمة: إن هناك معلومات ناقصة حول أختك، وهي مهمة للتعرف بشكل أوسع عن سبب ظهور المشكلة السلوكية التي تعاني منها أختك، كتاريخ ظهور المشكلة والظروف الأسرية التي عاشتها وتعيشها، وهل هي متزوجة أم لا؟ ومدى استقرارها الأسري، ومستوى تعليمها. لذلك ستكون الإجابة بشكل عام، لعل الله أن يجعل فيها الخير. أولاً: إن التنشيئة الاجتماعية من حيث السلب والإيجاب لها تأثير كبير جداً على سلوك البنت أو الابن. ثانياً: القسوة في التعامل والحرمان والدلال الزائد والتمييز بين الأبناء من أسباب ظهور المشاكل السلوكية اللفظية والحركية. ثالثاً: معاناة أحد الوالدين من مشكلة الاستهزاء بالآخرين واحتقارهم والتقليل منهم، وزرع المشاكل لها تأثير على سلوك الابناء من حيث المحاكاة لذلك السلوك. رابعاً: التعرض لمشاكل مع الأقرباء بسبب سوء تعاملهم ينشئ السلوك العدواني لدى الشخص. وهناك أمور أخرى مسببة لتلك المشكلة، وما ذكرته سابقاً ليس للحصر، ولكن المتوقع أنها أكثر الأسباب المنشئة للسلوك غير السوي، وما تعاني منه أختك لا شك أنها مشكلة نفسية تحتاج لتعامل خاص، ومن أهم الطرق التي أرى أنها الأفضل في التعامل معها: 1- تقوية الوازع الديني لديها، بتخويفها من خطورة ما تفعله تجاه الآخرين على دنياها وآخرتها، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" [الحجرات: 11] . 2- تبصيرها بخطورة فعلها أسرياً واجتماعياً من حيث زرع الحقد والكراهية تجاهها، وتخلي الأقرباء عن مجالستها وتنامي سوء عملها بينهن. 3- أن تستشعر أنه لا أحد كامل إلا وجهه الكريم، وأنه كما للآخرين عيوب تراها فيهم، فللآخرين كذلك عيون، ولها عيوب يرونها فيها. لسانك لا تذكر به عيب امرئ ... فإن لك عيباً وللناس أعين 4- الامتناع عن مصاحبتها في الزيارات العائلية والمناسبات، وتعليل ذلك باستمرار سلوكها، ومحاولة إقناعها بالامتناع عن ذلك السلوك مقابل مرافقتها، وتكرار تلك المحاولات بهدف تعديل سلوكها للأفضل. 5- استخدام أسلوب العلاج العقلاني بتصوير موقعها مع الآخرين، (الأقرباء) حينما تبتعد عند إيذاء الآخرين وتتعامل معهم بالمثل، ويكرر ذلك معها عدة مرات لما لذلك من أثر في السلوك.

6- تكليف إحدى الأخوات الفاضلات من القريبات بكثرة مجالستها ومكالمتها، وتوجيهها الوجهة السليمة في الطرق المثلى للتعامل مع الآخرين، والمحاسن التي يجب أن تلتزم تجاههم، مقابل أن تجد منهم الاحترام والتقدير، وتكرار ذلك، والتحلي بالصبر معها. 7- تشجيعها بالالتحاق بإحدى الدور النسائية الخيرية لمجالسة الخيرات، وما له من أثر على سلوكها بعون الله. 8- إهدائها بعض الكتيبات والأشرطة النافعة التي تتحدث عن خطورة الاستهزاء بالآخرين وطرق الوقاية منها، ومن الأفضل أن تكون بشكل مسابقة يتطلب حلها السماع أو القراءة، وتكون موجهة لها بطريقة غير مباشرة. 9- الصبر معها واحتساب الأجر من الله في تبصيرها، وتعديل سلوكها وحمايتها من شر نفسها والشيطان. هذا ما تيسر لي، سائلاً الله الكريم أن يمن عليها بالهداية والصلاح، وأن يجعلها من الصالحات المصلحات، إنه جواد كريم.

عمه لا يكترث للدين، فكيف يعامله؟ وهل يصله؟

عمه لا يكترث للدين، فكيف يعامله؟ وهل يصله؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 20/11/1424هـ السؤال عندي عم لا يكترث للدِّين بتاتاً يفعل المحرمات ويبيعها، إلخ ... وفوق كل هذا فإنه يتفوه بعبارات الكفر كثيراً، كأن يقول: إنه أفضل من الملتزمين بالدين، وأن الله لا بد قد أعد له جنة خاصة به؛ لأنه لا يغش الناس في تجارته، ولا يأكل أموال الناس بالباطل، وأحياناً يتهجم على الرسول صلى الله عليه وسلم، فمثلا إذا أراد أن يقول: إن كل من يجلس على الصندوق لمحاسبة الزبائن يصبح لصاً، فإنه يقول "لو أن محمداً عمل بهذا العمل لصار لصا" والعياذ بالله من هذا الكفر، وإذا ملَّ من حديث شخص قال له: "حل عن ربي"والعياذ بالله، وغير ذلك من كفريات كثيرة لا مجال لحصرها ولا لذكرها، يندى الجبين لسماعها أو لكتابتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والصحيح أن هذا الموضوع يؤرقني ويحزنني جداً. سؤالي من شقين: الأول كيف أتعامل مع عمي؟ علماً أن والدي المتوفى كان يحسن معاملته، ويصبر على أذاه؛ لأنه أخوه، وأنه لا يقصر في مساعدة الأقارب سواء من نصيحة أو مساعدة مالية، وهو يدعونا إلى بيته كثيراً للطعام، وكثيراً ما يتفوه بالكفر أمامنا عندما نكون في بيته، فهل نجيب دعوته؟ وهل أصله براً بوالدي؟ هل أزوره؟ فإذا قال عبارات الكفر أنصحه ثم أتركه؟ هل أنصحه فترة فإذا لم يتعظ أتركه؟ هل نهجره؟ علماً أن هجره سيعني بالضرورة شرخاً في العائلة؛ لأن أولاده سوف يهجروننا إذا هجرناه. بماذا تنصحني؟. الشق الثاني، أهل بيت عمي لا يقرونه على ما يفعل، ولكن لا يقدرون عليه، وأنا أعلم أن الكافر أو المرتد لا يورث، فماذا يحصل بالنسبة لهم إذا مات؟ هل يرثونه أم لا؟ وإن كان لا فماذا يحصل لأموال المرتد إذا ارتد؟ هل يأخذها الورثة فوراً؟ جزاكم الله خيراً. الجواب أما الشق الأول فأقول: يجب عليك السعي في إنقاذ عمك من هذه المصيبة العظيمة التي يقع فيها، وذلك باتخاذ كافة الأسباب والوسائل لإصلاحه، ومن ذلك ضبط ما يقول، وما يصدر عنه، والبحث في فتاوى العلماء وفي أدلة الشريعة عن حكم ذلك، ثم تنبيهه بطريقة ملائمة على خطر تصرفاته، وتحذيره من الخاتمة السيئة والمصير المظلم، مع ضرب الأمثلة له بمن صاروا عبرة لغيرهم، وتذكيره بنعمة الله عليه بالعافية والمال والولد، وتحذيره مكر الله وأن الله يمهل ولا يهمل، ويكون ذلك بالكتابة له حتى لا يعرف الكاتب، وحتى تكون النصيحة على بصيرة. ومن أسباب استصلاحه مناصحة أولاده بأن عليهم لوالدهم واجب النصيحة والتحذير والحث على التوبة وحفظ اللسان، فإذا كثر الإنكار عليه تأثر، وأنت ذكرت أن أهل بيته لا يقرونه على ما يفعل، ولكن لا يقدرون عليه، فإذا كانوا لا يقرونه فواجب عليهم أن ينكروا عليه، وإذا لم يرتدع هجروه فإن ذلك يحمله على الأقل على عدم المجاهرة.

وأما إجابة دعوته وحضور مجالسه فإذا علمت أنه يصدر فيها ما ذكرت من المنكر والزور فلا يجوز لك حضورها، وإن حضرتها فلابد أن تنكر وتبادر بالقيام عند حصولها قال الله - تعالى -: "والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً" [الفرقان:73] ، وتذكر أن من ابتغى رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس انظر ما رواه الترمذي (2414) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، لكن لا تقسو على عمك بل خاطبه باللين وبالتي هي أحسن، وإذا ثار وقسا فلا تقابل قسوته بمثلها، بل عليك بالسكوت وعدم الاسترسال والانصراف، واسلك معه هذا الأسلوب مع الدعاء له بالهداية والتوبة. وأما الشق الثاني: فإنه إن صدر منه ما يوجب الكفر والخروج من الملة واستمر على ذلك وثبت عليه إلى أن مات ولم يتب فلا يجوز إرثه، وماله ليس بميراث لأولاده المسلمين، وإن تاب فالأصل إرثه، وهذا من الأمور التي يُحث بها أولاده على السعي في هدايته ليكون ماله إرثاً حلالاً لهم. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وجنبنا جميعاً الفتن، والله أعلم.

صلة أقارب الزوجة

صلة أقارب الزوجة المجيب د. علي با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 1-9-1423 السؤال أنا رجل متزوج، وأَفهم أن لي أرحاماً تجب عليَّ صلتُهم وزيارتهم. لكن الذي أريد الاستفسار عنه هو: ما مدى وجوب صلة رحم زوجتي عليَّ أنا؟ بمعنى هل يجب علي زيارة أهلها وإخوتها وأخواتها وأعمامها وأخوالها؟ أو بصورة أخرى هل تجب علَى الأنثى صلةُ رحمها من الذكور؟ أم أنه واجب عليهم هم زيارتها مثلا؟ الجواب الأخ الكريم.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" أَوْلىَ الإسلامُ صلةَ الرحم أهميةً كبيرةً، لأن البعد الإنساني والعلاقات الاجتماعية ذات أثر كبير في حياة البشر، والإسلام دين شامل، عني بكل ما يحتاجه الإنسان من حوائج حياته ومعاشه، ومن متطلبات فطرته وغريزته، وقد جعل الله عز وجل لصلة الرحم أهمية كبرى، ورعاها رعاية عظمى، وكما جاء في قول الله عز وجل (وَاتَّقُوا الله َالَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحاَمْ) وهذه الآية قرن فيها الله عز وجل بين صلة الرحم والتقوى ومراعاة أمر الله سبحانه وتعالى. ومعلوم أن من النصوص التي وردت في صلة الرحم قول الله سبحانه وتعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَاَمَكُمْ) ، وهذا على سبيل الذم، فيكون سمة الإسلام المدح في صلة الرحم لا في قطيعتها. وكذلك نجد أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم تدل على ذلك، كما في حديثه في الحديث القدسي "إن الله عز وجل قال خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي وجعلت لها أن أصل من وصلها وأقطع من قطعها". وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم عظيم أثر صلة الرحم كما في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال: "من أراد أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" وغير ذلك من الأحاديث. والسائل يسأل عن علاقته بأهل زوجته ويوصفهم كذلك من أهل رحمه، ولا شك أن صلته وبره وإحسانه وحسن معاملته لوالد زوجته ووالدتها وذوي قرابتها في الجملة، لا شك أنه من إكرام زوجته ومن حسن عشرتها لأن ذلك يدخل السرور على قلب الزوجة. ومن جهة أخرى إن كانوا مسلمين فينبغي صلتهم كذلك باعتبار الإسلام وباعتبار قرابة الزوجة، أما الوجوب بمعنى الفرض اللازم، فهذا ليس عليه دليل بحد وقدر معين، كأن يجب أن يزورهم في الأسبوع مرة أو نحو ذلك، فلا دليل يوجبها بالجملة، والحاجة في مثل هذه الأمور غالباً لا ينظر إليها بهذه النظرة الضيقة التي ربما تعتمد على المكافأة، أو بمعنى أن يزورهم مرة في كل كذا ليزوره في كل كذا! كلا هذه قائمة على حسن الصلة والمودة والسماحة "وما لم يدرك كله لا يترك جله"، فإن تعذرت الزيارة لأمر أو لآخر فهناك وسائل الاتصال الهاتفي أو الكتابة مما يحقق الغرض المنشود، من وجود التقدير والاحترام والعناية والاهتمام ونحو ذلك.

أما الزوجة فالذي يجب عليها من البر بر أبويها وبر محارمها وصلة محارمها من أعمامها وأخوالها، لكن دون أن يكون ذلك مؤثراً على طاعة زوجها، ودون أن يكون ذلك مؤثراً على واجبها اتجاه أسرتها، أو معارضا لها في طاعة زوجها، والأصل العناية بالأهم فالمهم، فالوالدان هما الأهم وهو واجب عليها، وعلى زوجها واجب أن يعينها على بر والديها، لأنه إعانة على واجب شرعي. وأما ما وراء ذلك فإن هذه الأمور بحسب العرف، فإن كان لهذه الأسر لقاء أسري جامع في المناسبات مثل الأعياد وغيرها، فحسن أن تتاح للزوجة الفرصة، للزيارة لترى جميع محارمها من الرجال وقرابتها من النساء، وتكون على صلة بهم. أما إذا كانت زيارة الزوجة لأهلها - ضمن قياس الشرع وليس بالمقياس الشخصي للزوج كأن تترتب عليها مفاسد في دينها، حيث يكون أهلها مثلاً ليسوا حريصين على التزام الإسلام، وقد يحثونها على ارتكاب المعاصي ونحو ذلك، فهذا له أن يمنعها إذا كان هناك سبب شرعي حقيقي، وله أثر غالب في الفساد، وإن كانت صلة الرحم في الأصل ينبغي أن يحرص عليها، حتى مع وجود ذلك؛ بما يعمل على تغيير ذلك الفساد، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بصلة الأم مع كفرها، وهذا هو الواقع في آيات القرآن الكريم كما نعلمه: (وصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْياَ مَعْرُوفاً) والله أعلم.

الصمت ليس من ذهب..دائما..!!

الصمت ليس من ذهب..دائما..!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 5/8/1422 السؤال أخي الكريم مشرف نافذة الاستشارات الموقر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: لا أصل رحمي.. لسبب تكمن صعوبته بالنسبة لي في تفاهته، وهو أني أستحي كثيراً أن أثقل على من أصلهم بصمتي وذلك كوني أجلس ساكتاً لا أجد ما أقول بعد السلام والسؤال عن الحال إلا إذا سألني فيكون ردي مختصراً بقدر السؤال. وأن أجد من ذلك حرج شديد.. لا أدري.. قد تكون تلك مشكلة نفسية أو مشكلة متعلقة بشخصيتي؟! الله أعلم.. كل ما أعرفه أني لا أحب الكلام بقدر الاستماع.. وهذا ما يمنعني من زيارة أقربائي رغم ما أعرفه من فضل صلة الرحم المذكور في الكتاب والسنة. برأيكم السديد.. هل أنا في مشكلة؟ وما حلها؟؟ وقبل هذا.. هل أنا آثم؟؟ الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. أما عن مشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: لا شك أنك تعرف - أخي الكريم - فضل صلة الرحم وثوابها العظيم.. بل وعظم قطعها أو عدم وصلها.. وهو كلام يطول.. وشواهده من الشرع كثيرة جداً لا أظنها تخفاك. ثانياً: الصمت غالباً ما يكون حكمة.. فلا تجزع من صمتك إلى هذه الدرجة.. التي تدفعك إلى تجنب أمر واجب كصلة الرحم..!! ثالثاً: تستطيع أن تحقق الكثير من المشاركة مع الآخرين بدون أن تتكلم كثيراً..!! أي عن طريق الاستماع والإنصات ولا بأس من طرح بعض الأسئلة على جليسك حول طبيعة عمله - مثلاً - أو هواياته.. أو تفسيره وتحليله لبعض شئون الساعة.. أو استشارته في أمر يهمك مهما بدا لك بسيطاً.. فهدفك الحقيقي هنا إيجاد نوع من المشاركة بشكل أو بآخر.. والإنصات إليه.. ومتابعته وهو يتحدث باهتمام واضح.. مع بعض الإيحاءات الدالة على الاستفادة مما يقول.. وبعض التعليقات الإيجابية.. والاستفسارات البسيطة عما خفي عليك.. صدقني ستصبح لديهم من أخلص الجلساء..!! لماذا؟ لأن الناس غالباً يبحثون عمن يستمع إليهم أكثر بكثير مما يبحثون عمن يحدثهم..!! هذا أمر.. والأمر الآخر.. أنك بهذه الطريقة ستكسر حاجز الصمت الثقيل.. وستجد نفسك تندمج مع جليسك ببساطة متناهية!!! . رابعاً: الزيارات - أخي الكريم - ليست مرتبطة بوقت معين لا يمكنك تجاوزه أو نقصه..!! فإذا قدر أنك قمت بزيارة ما.. وران الصمت عليك وعلى جليسك لسبب أو لآخر.. ولم تستطع إيجاد مفاتيح لطرح أي موضوع والسؤال عنه.. فلا بأس من الاستئذان والانصراف تحت أي عذر.. وتكون بذلك قد حققت المعادلة.. صلة الرحم.. وعدم استثقال الجلسة..!! خامساً: تعامل مع هذا الأمر ببساطة.. ولا تحمله أكثر مما يحتمل.. فالناس لا ينظرون إليه بهذا المنظار الذي تنظره.. ولا يستثقلونه كما تتصور إلى هذه الدرجة..! وتأكد.. أنك لست مطالباً دائما ً بأن تتكلم مع الجميع وتثير النقاش.. فالأمر يسير جداً..!! ومع ذلك تستطيع كما أسلفت أن تدرب نفسك على إيجاد بعض المواضيع كمفاتيح للحديث.. والكلام يجر بعضه كما يقال.

سادساً: لا أعتقد أن ما تعاني هو مشكلة.. بقدر ما هي سمة أو صفة شخصية.. وليست سيئة إلى الحد الذي يقلقك ويزعجك.. وبإمكانك أن تنمي لديك هواية الإطلاع والقراءة.. ومتابعة أحداث الساعة.. فكل ذلك يثري لديك جوانب معينة تخدمك كثيراً في إيجاد لغة مشتركة مع الآخر. سابعاً: بقي هنا أمر هام.. وهو انك لم تشر إلى علاقاتك مع أصدقائك.. هل هي بنفس الطريقة.. وهل لديك أصدقاء..؟! فإن كانت بنفس الطريقة.. فحاول من خلالهم.. تجاوزها عن طريق مشاركتهم في نقاشهم.. مهما كانت مشاركتك رمزية.. والاستماع إليهم.. وإن لم يكن لك أصدقاء فبادر منذ الآن بإيجاد رفقة صالحة.. تعينك بعد الله.. على الخروج من دائرتك الضيقة إلى دوائر أخرى أكثر سعة. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

التجارة مع الأقارب!!

التجارة مع الأقارب!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 1-2-1423 السؤال ما رأيكم بإقامة علاقة مادية بين الأقارب كالاشتراك في صفقة تجارية أو الدخول في شراكه في شراء عمارة ونحو ذلك؟؟؟ الجواب أخي الكريم ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. أما عن رأيي في إقامة علاقات تجارية مع الأقارب فإني أصارحك وأقول أن الأمر يتعلق بشكل كبير فيك أنت وفي خصالك النفسية والاجتماعية، ولا أعلم شيئا عن أقاربك وعن صفاتهم ومدى التزامهم بعهودهم ومعاملاتهم مع الآخرين. ولكني سوف أركز حديثي إليك أنت ومن ثم تستطيع أن تحكم على نفسك من خلال ذلك. وقبل الدخول في معاملات تجارية مع الناس وبالأخص مع الأقارب يجب عليك الوقوف مليا مع نفسك لأن المال وللأسف الشديد يعمل أشد فتكا في العلاقات مما تعمله أشد الأسلحة الفتاكة في قطع التواصل بين الناس بل ساهم بشكل كبير على مر التاريخ في قطيعة الأرحام بل كان سببا في قتال ومخاصمة الأب مع أبنائه والأخ مع اخوته ولعلك ربما كنت قد سمعت من القصص في هذا الشأن الشيء الكثير. وكلامي هذا لا يعني حرمة التواصل مع الأقارب وإقامة العلاقات التجارية معهم ولكن يجب كما قلت لك اختبار نفسيتك ومدى استعدادها وتقبلها لمثل هذا الأمر، حاول مكاشفة نفسك حول عدد من الأمور من مثل ... * هل أنت شديد التحمل والصبر والحلم أم لا؟ *هل أنت كثير الغضب وسريعه أم لا؟ * هل تغتم كثيرا وقد تخرج من طورك إذا فقدت شيئا معينا؟ * هل تصف نفسك بأنك شديد الحب للمال وللكسب حتى ولو عن طريق غير مشروع؟ * هل تغيضك مظاهر الترف والرفاهية عند الآخرين وخاصة عند الأقارب أم أنك لا تكترث كثيرا بذلك؟ * هل تحسد غيرك على ما حباهم الله من المال؟ وكن صريحا مع نفسك في إجابتك لهذا السؤال. * هل تبذل وتنفق كثيرا في سبيل الله وفي أوجه الخير في الخفاء أم أنك تحرص على معرفة الآخرين بأعمالك الطيبة وفي نفقاتك؟ * هل تصنف نفسك بالنفس الأريحية الحالمة أم بالنفس سريعة الغضب خصوصا عند الاستثارة من قبل الآخرين والاستهزاء منهم؟ * هل تعتبر نفسك محبوبا من الآخرين؟ أم أنت من الذين يتعوذ الإنسان من لقياهم؟ * أم أنك لست من هؤلاء ولا أولئك ولكنك بينهما؟ * هل تعتقد من نفسك استعدادا قويا لتقبل الظلم الواضح والظاهر أو الجلي من أقاربك فيما لو عمدوا إلى ظلمك وأنك سوف تؤثر القرابة وصلة الرحم على قطعها بسبب تجنيهم عليك وعلى مالك؟ هذه مجموعة من الأسئلة صارح فيها نفسك ولا تغشها فلا أحد يمكنه معرفة مكنونها غيرك ومن خلال مصارحتك في إجابتك على هذه الأسئلة مع نفسك سوف تدرك جليا مدى إمكانية إقامة علاقات تجارية مع أقاربك أم لا.. وفقك الله لصلة الرحم وحب الناس وسدد خطاك،،،

لا أشعر بالأخوة معهم

لا أشعر بالأخوة معهم المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 15/08/1425هـ السؤال توفيت والدتي، وأوصتني أن أسكن مع أبي ولا أخرج، ويسكن مع أبي زوجته وأولادها الذين هم إخوتي من الأب، ولكن لم أجد طعم الحياة معهم، فأنا أجامل في ابتسامتي، ولا أحس بقربهم إلا أخت واحدة فقط، أعيش في غرفة مستقلة لوحدي، لست صغيراً ولا فقيراً، ولا قبيحاً، ولا مريضاً، ولا كئيباً، أتعامل معهم بكل أدب واحترام، ولكن لأني أخ لهم من أب، فجزائي أن يكون التعامل معي تعاملاً روتينياً بارداً، لا يوجد به طعم للإخوة، لست معبّساً للوجه، بل أفرح عندما يطلب مني أحد شيئاً؛ لأني أحس بطعم الإخوة المفقود في حياتي كلها! لا أخ شقيق، ولا أخت شقيقة، حين يطلبوني إخوتي من أبي ترتسم عندي الإخوة بكل ألوان الطيف، ولا أفكر بأن هذا الطلب كان لمصلحة! والآن قررت الخروج من البيت هذه الأيام والعودة لمنزل والدتي، منزلها رائع، كل شيء متوفر فيه، ولكني ترددت، أخشى أن أعود وأشاهد بصمات والدتي، وأماكن جلوسها ونومها وأكلها، بل أماكن طهي الطعام! وأخشى من الوحدة التي ربّما تجعلني أتجرأ على نفسي بشيء محرم! ها أنا اليوم أستشيركم، فما الحل بالله عليكم؟. الجواب الأخ الكريم - حفظه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قرأت الرسالة منذ وصلتني، فتأثرت بها كثيراً، حتى دمعت عيناي تأثراً بما قرأته، تركت الرسالة عدة أيام، وكنت أفكر فيها أحياناً، ثم عدت إليها وقرأتها عدة مرات، وبدأت أبحث عن إساءات أو اعتداءات قامت بها الأسرة نحوك، فلم أجد شيئاً يذكر، وأكثر شيء وجدته هو أن تعاملهم معك روتيني لا يوجد به طعم للأخوة، ووجدت أنك تفعل معهم نفس الشيء تقريباً (لم أجد طعماً للحياة معهم، أجامل في ابتساماتي) ، لذلك أدعوك - أخي الكريم- إلى مراجعة موقفك منهم، فأنا أخشى أن تكون مبالغاً في فهم بعض الأمور بسبب حساسية الموقف بينك وبينهم. أخي الكريم: بعض تصرفاتهم معك فسرتها أنت بتفسير خاص بك، مع أنها قد تفسر بتفسيرات أخرى، وأنا أرى أن تحاول فهم الأمور بحسن ظن، فمثلاً تقول إنك تفرح إذا طلب أحد منهم شيئاً منك، وأنا أقول: تفسير هذا أنهم لا يحبون أن يكلفوك ما لا تطيقه، وربما يخشون أن يشعروك بما يجرح مشاعرك، كأن تفهم أنهم يمارسون لغة الأمر والنهي عليك، ومثلاً: كونك تعيش في غرفة مستقلة، أقول: حاول أن تفهم هذا الأمر فهماً حسناً، اعتبره نوعاً من التكريم لك، اعتبره نوعاً من الحرص على راحتك؛ حتى لا يزعجك مشارك في الغرفة، وأنا أعلم أن كثيراً من الشباب يطالب بغرفة مستقلة حتى يعشر بالاستقلال والراحة؛ وحتى لا يعبث أحد بممتلكاته. أخي الكريم: قد لا يكون الأمر كما فهمته أنا، وتكون الإساءة إليك موجودة حقيقة، فإذا كان الأمر كذلك فأنصحك بما يلي: 1- اكسر حاجز الجفوة بينك وبينهم، فابدأهم بالسلام وبالهدية، ولو كانت (حلاوة) (بسكويت) (عصير) ، وحاول أن تلعب معهم بعض ألعاب التسالي الشبابية. 2- عبر لهم عن حبك بكلمة منطوقة أو كلمة مكتوبة.

3- اقرأ أو اسمع بعض الإصدارات المتعلقة بهذا الجانب (كيف تكون محبوباً) ، وهذا سينمي قدراتك، ويكسبك مهارات في هذا الجانب. 4- إذا شعرت أن أحداً منهم سلبي أكثر من الآخرين استوص به أكثر، ولا تنس قول الله - عز وجل-: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" [فصلت: 34] . 5- عامل خالتك معاملة الوالدة (السلام، المصافحة، الطاعة، عرض الخدمة، مباشرة القيام بالخدمة دون طلب منها ودون عرض منك، الثناء على أعمالها الحسنة مثل الطبخ) . أخيراً: أسأل الله العلي العظيم أن يهدي المقصرين، وأن يرزقك السعادة مع إخوانك. ملاحظة: إياك أن تعود إلى بيت والدتك - رحمها الله-؛ لأن ذلك يعتبر مخالفة لأمرها، ولأن الوحدة أشد كآبة من الغرفة المستقلة في بيت خالتك. وأوافقك على الخوف من الوحدة.

هل يقبل عمل المتقاطعين؟

هل يقبل عمل المتقاطعين؟ المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 1/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا عندي سؤالان: الأول: هو أنني لا أتكلم مع أخي؛ فنحن متقاطعان منذ فترة ليست بالقصيرة، وأكلمه كلاماً مختصراً مثل الوالد يبغاك، الوالدة تبغاك، وهذه المقاطعة ليس فيها كره ولا غيره، حيث إن كلامي معه ليس به جدوى، والكلام كما تعلمون يجلب السيئات وغيره. الثاني: هل يقبل عملي الصالح؟ وهل يغفر لي ربي ذنوبي يوم الاثنين؟ علماً أني خجول من الرجعة. الجواب إلى السائل الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تذكر أنك مع أخيك متقاطعان إلا كلاماً مختصراً، وأنك لا تكرهه، وأن الحديث معه لا يفيد؛ لأن الكلام يجلب السيئات. أخي الفاضل قطيعتك لأخيك محرَّمة لا تجوز، وكفى إثماً أنك مقيم على معصية الله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" متفق عليه البخاري (6077، 6237) من حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه، وأما قولك إن المقاطعة ليس فيها كره، فهذا غير صحيح؛ لأن القطيعة تولد الكره وتضخم المشكلة، وتجلب العداوة ويفرح بها الشيطان، والأعمال ترفع يوم الإثنين والخميس إلا ما كان بين المتشاحنين فلا يرفع لهما عمل صالح حتى يصطلحا انظر مسلم (4652) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. أخي الكريم لماذا ترضي الشيطان ونفسك، وتغضب الرحمن وتقاطع أخاك ابن أمك وأبيك؟! ولو كان أبعد الناس عنك فإنه يحرم عليك هجره، فكيف بأخيك الشقيق، تذكر أنك تخجل من الرجوع معه إلى الإلف، والحديث يقول إن المؤمن الصادق هو الذي لا يجد بنفسه أي حرج لإرضاء ربه وصلة رحمه، لو أن الناس كلهم سخروا منه أو غضبوا عليه فإنه يقدم محبوب الله ورضاه على هوى نفسه والشيطان والناس، فارجع إلى أخيك واصطلح معه وكن أنت صاحب الخيرية يقول النبي: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" انظر الحديث السابق، وكن المسامح الذي يعفو، والصابر والمغالب لنفسه، وجاهد هذه النفس فإنها هي سبب العلل. وفور قراءتك لهذه الرسالة صالح أخاك، واكتب لي لتبشرني بهذا، شكر الله سعيك وأصلح حالك والله يغفر لنا ولك.

الهداية وسط بيئة فاسدة

الهداية وسط بيئة فاسدة المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 23-4-1424هـ السؤال أريد التقرب من الله، وأن أصبح متدينة، لم أكن محجبة في سفري في الماضي حتى أصبت بمرض وشفاني الله بقدرته، بعدها تحجبت عن قناعة وراحة نفسية وشكرت رب العالمين، وأريد المزيد من الهداية، ولكن لديّ مجتمع لا يساعد (هو مجتمع مسلم يصلي ويصوم ويتصدق) ، ولكن من نواحي أخرى النميمة شائعة، تعطر المرأة بعطور فواحة، مصافحة الرجال، الغرور في كل عائلة على الأخرى (الكبر والتعالي) الخروج مع السائق من غير محرم، حفلات الزواج الضخمة المصحوبة بالطرب والموسيقى، فإما أن أجاريهم فيما يفعلون وإلا أقطع رحمي؟ أنا في حيرة من أمري، دلوني على الطريق الصواب قبل أن يأتي هادم اللذات. الجواب الأخت الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " أحمد الله تعالى أن مَنَّ عليك بالهداية والعودة إلى رحابه الكريم، إلى السعادة الحقيقية التي لا تشترى بمال، ولا تنال بجاه. إلى الراحة التامة التي يلهث للوصول إليها هذا العالم البائس المنهك بالضلالات. ثم أود أن أنبه إلى أمر مهم جداً، أعتبرك أنت أحد النماذج الواقعية عليه، وهو أن ما يصيب المسلم من الابتلاء في حياته خير له، فمهما بلغت شدة المصيبة ووقعها في نفسه فلله فيها رحمات ربما لا يدركها المصاب ولكن سوف يجني عاقبتها حلوة نضرة في الدنيا والآخرة إذا صبر. فها أنت قد ابتلاك الله بالمرض وعانيت ألمه وقاسيت شدته، ولكنه كان مفتاحاً لقلبك لتدخله أنوار الإيمان والهداية، فالحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وسراً وجهراً. أختي الكريمة: لا شك أن البيئة التي يعيش الإنسان فيها لها أثر كبير في تثبيته وتقوية إيمانه؛ ولكن هذا لا يعني أن يلغي قدراته الذاتية على المقاومة والإصرار والتمسك بمبادئه ومسلماته!! حفظ لنا التاريخ نماذج مشرقة للثبات على الإيمان رغم العنت والمشقة وقلة المعين منها ما قصه الله علينا في كتابه العزيز في سورة التحريم (ضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذا قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين) آية 11. امرأة فرعون هي آسية - رضي الله عنها- عاشت في كنف ملك مصر، ولك أن تتخيلي عيشة امرأة في بيت الملك كيف ستكون؟! لا شك أنها ستكون مليئة بالمتع تطلب فيحقق وتأمر فتطاع، لكنها استعلت على هذه المتع الدنيوية، وشخصت ببصرها إلى الملكوت الحقيقي إلى الجنة، بل واعتبرت هذه المعيشة التي تتمناها أغلب النساء شراً ودفعاً وبلاء تستعيذ بالله منه، وتطلب منه النجاة!! ولم يرهبها أيضاً بطش فرعون وتسلطه وجبروته وطغيانه، ولم تستجب لضغوط بيئتها ومجتمعها، بل وقفت وحدها في هذا الزخم الضال ورفعت رأسها إلى السماء قائلة (رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة) .

فعلاً هي نموذج عالٍ للتجرد لله تعالى والتخلص من المؤثرات والأواصر والتغلب على كل المعوقات والمغريات، ولذلك استحقت أن يخلد ذكرها في هذا الكتاب العزيز، واستحقت وصف النبي - صلى الله عليه وسلم- وثناءه عليها حين قال: "كَمَلَ من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" رواه البخاري (3411) ، ومسلم (2431) فما أحوجنا إلى مثل هذا النموذج الراقي!! إذاً أختي الكريمة ليس معنى فقد البيئة المعينة النهاية؛ بل بداية طريق مليء بالصبر والمصابرة والمقاومة وتحقيق الذات، وأنت - ولله الحمد- بالرغم من كل ما ذكرتيه من انحرافات في مجتمعك إلا أنه (مجتمع مسلم يصلي ويصوم ويتصدق) كما أشرت في معرض كلامك، وهذا جانب إيجابي يمكن أن يوفر عليك عناءً كبيراً من الاحتمال، كما يمكن أن تستغليه لإيصال الهداية إلى من حولك. والانعزال عن هذا المجتمع هو أحد الحلول ولا شك، ولكنه يجب أن يكون آخرها، لأنك بانعزالك عنه تفوتين فرصة النصح والتوجيه لأهلك وأقاربك، فهو أسهل الحلول على الإنسان وأشدها راحة، بينما مخالطة الناس، والصبر على أذاهم، والحرص على هدايتهم؛ يكلف الإنسان الكثير من الجهد والعناء ولذلك استحق الخيرية التي قال عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) . ولذلك - أختي- الذي أتمناه منك أن تتحولي من السلبية إلى الإيجابية، ومن التأثر إلى التأثير. قلت: "إما أن أجاريهم فيما يفعلون وإلا أقطع رحمي" وأنا أقول لك هناك خيار ثالث!! أن تخالطيهم وتتوجهي إليهم بالنصح والموعظة الحسنة بالرفق واللين، وأن تهدي إليهم بعض الكتب والأشرطة، وأن تبني معهم علاقات مودة تفتح قلوبهم لك ولنصحك، وصدقيني مهما قلت عن المنكرات التي يمارسونها فسوف تجدين لكلماتك وقعاً ولنصحك تأثيراً ولغرسك أرضاً خصبة، ولكن كلامي هذا لا يعني أن تريهم على منكر وتجالسيهم!! لا بل تناصحيهم فإن لم يستجيبوا فاتركي ذلك المجلس الذي يعمل فيه المنكر مع إبقاء صلتك بهم طيبة. ربما تقومين بذلك كله وتصبرين ولكن لا تجدين استجابة بل تجدين إصرار على المعصية!! ربما!! فهنا قد تفكرين في قطع المجالس التي تتوقعين أن يكون فيها المنكر وهجر من يفعله ولكنه كما قلت آخر الحلول. أرأيت أنك تستطيعين أن تكوني إيجابية مؤثرة مع احتفاظك بمبادئك!!. بقي أن أوجه لك هذه النصائح: 01- اعلمي أن الإيمان شجرة إذا لم تجد ما يغذيها في القلب ذبلت وهزلت حتى تموت والعياذ بالله، وتغذيتها بقراءة القرآن وحفظه وتدبر آياته والعمل بها، حضور مجالس الذكر، طلب العلم وتعلم الأمور التي لا يستغني عنها مسلم في عبادته لربه. 02- الصحبة الصالحة عنصر منهم جداً فابحثي عن أخوات صالحات في حيك أو في مدرستك أو جامعتك في أي مكان وتواصي معهم بالحق والصبر. 03- لا تنظري إلى من حولك بعين المقت والاحتقار لأنهم عصاة بل بعين الشفقة والرحمة أن تمسهم النار. 04- كرري هذا الدعاء في سجودك وفي كل وقت (يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على طاعتك) أسأل الله أن يثبت قلبك ويعمره بالإيمان ويرد أهلك إليك رداً جميلاً.

يسخر مني لأني ملتزم

يسخر مني لأني ملتزم المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 13/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد منَّ الله علي بالالتزام والتوبة من المعاصي منذ خمس سنوات، ومازلت ولله الحمد والمنَّة، وحيث إني أطلقت اللحية وقصرت ثيابي واجهت صعوبة في البداية كعدم رضا الكثيرين من الأهل والزملاء سواء بالتلميح، أو الكلام، وبالاستهزاء أحيانا، وبالرغم من ذلك فقد أعانني الله على التحمُّل والدفاع عن الالتزام والسنة، إلا أنه وحتى اللحظة الحالية هناك شخص هو أخ الزوجة من الأب وهو يكبرني في السن بحوالي ثماني سنوات كلما رآني استغبلني بالسلام، وقول: أهلاً بالشيخ، أهلا مولانا (أسلوب سخرية) ، وقد تكرر منه ذلك مرات عديدة، وكنت أرد عليه في كل مرة بابتسامة: أنا لست بمولاك وفي المرة الأخيرة لم أتحمل هذه السخرية، وخصوصاً أنها كانت في المجلس وبحضور والد الزوجة وإخوانها وزوج أخت الزوجة، حيث دخلت المجلس بعد عودتي من صلاة المغرب في شهر رمضان، وتوجهت إليه للسلام فكان الاستقبال من هذا الشخص بالأسلوب المعتاد (أهلاً بالشيخ، أهلا مولانا) ، فردت عليه: إذا لم يعجبك أضرب رأسك بالجدار، ثم مسكت لحيتي، وقلت له: إذا لم تعجبك هذه فهي سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقلت له: لو كنت أنا من الفسقة أو أهل الفن لما سخرت مني، ثم خرجت من المجلس، ولقد اتصل بي والد الزوجة بعد صلاة التراويح؛ ليعتذر وأنه غير راضٍ عن تصرفات ابنه وأسلوبه، وبالرغم من ذلك فقد دعيت له بالغيب بالهداية، وأن ينتبه من الغفلة، فضيلة الشيخ: هل تصرفي هذا مناسب؟ وخصوصاً مع هذا الشخص الذي لم يسلم منه الكثير من الناس حسب قول والده وزوجتي. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي امتن علينا بالهداية والإيمان، وعلمنا الحكمة والقرآن، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، إن ربي لغفور رحيم، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين، نبينا محمد الهادي البشير - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين - وبعد: إلى الأخ السائل: - سلمه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، فمرحباً بك أخاً في الله على طريق الحق والدعوة إلى الله، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. أخي الكريم: لقد قرأت رسالتك، ويعلم الله أنه قد سرني جداً توبتك إلى الله، والتزامك بشرع الله، وتمسكك بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نسأل الله لنا ولك الثبات في الدنيا والآخرة. أما كونك لاقيت مضايقات من بعض الأقارب والأصدقاء إما بالتلميح أو التصريح، فهذا أمر طبيعي لمن سلك هذا الطريق القويم، طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

فابشر بخير؛ فأنت تسير في نفس الطريق الذي سار فيه هذا الجمع المبارك سالف الذكر، ومن الطبيعي جداً أن تجد من المضايقات والمحاربة والاستهزاء، لأنك سلكت طريق الرحمن وتركت طريق الشيطان، سلكت درب الهداية وتركت سبيل الضلال والغواية، فمن سار في هذا الطريق لا بد وأن يناله الأذى والاضطهاد، وليكن لك في رسل الله، صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً القدوة الحسنة والأسوة الطيبة، فما من نبي ولا رسول إلا وقد آذاه قومه بأنواع شتى من الإيذاء وصنوف متفرقة من العذاب، ولعلك إذا قرأت سيرة سيد البشر - صلى الله عليه وسلم- تجد مصداق ما أقول، وليس الأنبياء فحسب هم الذين يُعذبون ويُضطهدون بل وأتباعهم كذلك، فهذا بلال بن رباح، وعمار بن ياسر، وأبوه، وأمه سمية، وابن مسعود، وصهيب الرومي، وخباب بن الأرت، وعثمان بن عفان وهشام بن الحكم، وعياش بن ربيعة، وأبو بكر الصديق، وغيرهم الكثير من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ماذا فعل بهم قومهم لما آمنوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم- أذاقوهم أشد العذاب، وصبوا عليهم من ألوان التعذيب وصنوف الهوان ما لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالى - وبعد ذلك لمن كانت العاقبة؟ كانت العاقبة لأولئك المستضعفين، أصبحوا هم سادة الدنيا وعلماءها ودعاتها مع علو منزلتهم في الدار الآخرة. فيا أخي الكريم: هوِّن على نفسك، فإنَّ ما يفعله صهرك معك لا يعد شيئاً بالنسبة لغيرك، فهناك من يسامون سوء العذاب لماذا؟ لأنهم قالوا ربنا الله "وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد" [البروج: 8] . أخي: أود أن تقرأ معي قوله - تعالى -: "إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين" [المطففين: 29-31] إلى نهاية السورة، فأنت يا أخي الكريم، يا من استُهزئ بك، لأنك على الحق المبين شهد الله لك بالإيمان وكفى بها شهادة، وشهد على من يستهزئ بك بالإجرام وبئست الشهادة، فلا تغضب ولا تحزن؛ إن الله معك ومؤيدك بنصره، ويريد أن يرفع منزلتك، ويعلي قدرك، وأن تنال شرف الإيذاء في سبيل الله، فكن صابراً متصبراً؛ فإن العاقبة للمتقين، وأود منك أنْ توطن نفسك على ذلك، وإن كان هذا الشخص السفيه يسخر منك فالله يسخر منه ويستهزئ به، قال - تعالى -: "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون. الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون" [البقرة: 14-15] أضف إلى ذلك كم إنسان يحبك، ويحترمك، ويقدمك على غيرك! أظن أن هناك كثيراً ممن يكنون لك الحب والاحترام والتقدير، وهذا الشخص نفسه الذي يستهزئ بك هو في داخله يعلم أنك أفضل منه، وهو يريد أن يكون مثلك، لكن الشيطان مسيطر عليه ومزين له الباطل فأضله عن السبيل القويم الطريق المستقيم، نسأل الله لنا العافية وله الهداية. وأريد منك أيضاً أن تكون من عباد الرحمن "الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً" [الفرقان: 63] .

فيا أخي الكريم: إن مثل هذا الشخص مسكين؛ لأن الشيطان قد استخف به واستهواه، فارفق به، وألن له القول، وتلطف معه، فقد أمر ربنا موسى وهارون - عليهما السلام - أن يتلطفا مع فرعون الطاغية في القول؛ لعله يفيء إلى أمر الله، ويرجع عن غيه وكفره، قال - تعالى -: "اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا ليناً لعله يتذكر أو يخشى" [طه: 43-44] ، ولكن لا يعني ذلك أنك تعرض نفسك للإهانة والذل من قبل هؤلاء السفهاء أمثال صهرك، ففي بعض الأحيان يستلزم الأمر الشدة مع مثل هؤلاء الجهلة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ذكرت كتب السير أنه -صلى الله عليه وسلم - كان يطوف بالكعبة، وكان الملأ من قريش جلوساً عند الكعبة، فما أن رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يطوف، إلا وأخذوا في غمزه ولمزه والسفه عليه بأسوأ العبارات، وأقبح الألفاظ، فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلا أن وقف عليهم وقال لهم بكل قوة وشجاعة وإقدام: "يا معشر قريش، لقد جئتكم بالذبح" فوقعت هذه الكلمات على صناديد الكفر والإلحاد والصد عن سبيل الله كوقع الصاعقة على عاد وثمود، فما كان من أهل الكفر إلا أن تلطفوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى يقول راوي الحديث: فقام إليه عتبة بن ربيعة وكان أشدهم قولاً عليه: قام يتلطفه ويستميحه ويلين له القول ويقول له: انصرف راشداً يا أبا القاسم، والله ما عهدناك جهولا" الشاهد أن الشدة مطلوبة في بعض الأحيان مع مثل هؤلاء الجهلة، وعلى ذلك فإن تصرفك مع هذا الرجل تصرف سليم وسديد بإذن الله - تعالى - ولكن يجب عليك تجاهه أيضاً الآتي: (1) دعوته بالتي هي أحسن إذا سمحت الفرصة بذلك. (2) إهداؤه بعض الهدايا والتي بدورها تذهب ما في النفوس من شحناء وضغينة. (3) لا يمنع بأن تدعوه إلى بيتك لوليمة، وأشعره بأن هذه الوليمة من أجله. (4) إهداؤه بعض الكتب الإسلامية والأشرطة الدعوية النافعة والتي تعالج هذا الموضوع الذي هو واقع فيه، وأيضاً الأشياء التي ترقق القلب وتقوي الإيمان، والتي تتحدث عن الموت وشدته والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، والصراط وحدته، والجنة ونعيمها، والنار وجحيمها. (5) استمر في الدعاء له بظهر الغيب أن يهديه الله، وأبشر بالخير فهو - سبحانه - القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي ... " [البقرة: 186] . (6) إذا أمكن أن تصحبه ذات مرة إلى بعض المحاضرات الدينية والتي تقام عندكم لعل الله أن يجعل ذلك سبباً في هدايته، هذا والله أعلم. والله أسأل أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يهدي ضال المسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إقامة البدعة أم قطيعة الرحم؟

إقامة البدعة أم قطيعة الرحم؟ المجيب د. عبد الله بركات وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 08/07/1425هـ السؤال لدينا في مجتمعنا عادة إقامة وليمة كل سنة القصد منها الترحم على الميت بجمع القراء لقراءة القرآن وإطعامهم الطعام، وأنا مقتنع بأنها بدعة ولكني أخشى إن رفضت إقامتها في منزلي أن أقطع صلتي ببعض أقاربي؛ لأنه رغم محاولاتي معهم لم يستسيغوا بدعية هذا العمل، فأيهما أختار قطع الرحم أم إقامة هذه البدعة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: أخي الكريم: زادك الله حرصًا على إقامة السنة، والنفور من البدعة، كما يحمد لك حرصك على صلة أرحامك وبرك بأقاربك أحياء وأمواتًا؛ لكن -أخي الحبيب - عليك -فيما يخص سؤالك- أن تجرد نيتك، وتصحح مقصدك وأن تجعله اجتماعًا على الطعام، فهو - إن صحت النية - باب من أبواب الخير الذي حث عليه الكتاب والسنة؛ فضلاً عن أن أضيافك هم أرحامك وأقاربك مَن أوصى الله -تعالى- بهم في قوله تعالى: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ... " [النساء: من الآية: 1] ، كما أنصحك أن تجعل اجتماعهم على القرآن نوعًا من الاجتماع على الخير، وبابًا من أبواب التعاون على البر والتقوى، ودعوة طيبة للاستماع بتدبر لآي الذكر الحكيم، كل ذلك بشرط ألا تعتقد مشروعية أو سنية أو وجوب هذا العمل على الأحياء بالنسبة لموتاهم. ولتجعل ذلك فرصة لمحاورتهم بالتي هي أحسن في بيان يدعيه هذا الأمر، وأن الفوز والفلاح فيما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ولا تمل من ذلك، بل قد تبحث عن بعض العلماء الذين يأخذون برأيك في هذه المسألة، ولهم قبول عند قومك، فيحضرون معكم تلك الجلسة وتطرح أنت المسألة في شكل سؤال ويجيبون هم، فيبينون الصواب في المسألة بالحكمة والموعظة الحسنة.

ذلك الحاجز الوهمي..!!!

ذلك الحاجز الوهمي..!!! المجيب د. عبد العزيز الصمعاني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 29-3-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: سؤال ارقني وأتمنى عرضه على الأخصائي.. أنا شاب في مقتبل العمر أصغر أخوتي وعندي مشكلة هي أن أخي الذي يكبرني ببضع سنوات كافح وكون نفسه مادياً والمشكلة يا أخي أنه لم يقصر على بعد أن أنعم الله عليه ولكن أجده بعيدا عني..!! أي ليس مثل أصحابي بالنسبة لتعاملي معه وأيضا ليس كباقي إخوتي الذين أكبر منه وأنا دائما أتساءل: لماذا هذا؟! هو يحبني وأنا أيضا ولكن ليس هناك ذاك المزاح الذي يحدث بين الإخوة كما نرى وأنا دائماً أحاول التقرب بالكلام اللطيف ولكن لا أقدر وحتى هو كلمني قال إني أريد أن أكون لطيفا معك وتكون أنت أيضا وأن لا يكون بيننا ذلك الحاجز..!! ولكن أنا وهو كأننا من طينة واحدة أنا عن نفسي أهابه لأنه كان في طفولتي شديد ومتزمت وأيضا دائما يطالبني بالاعتماد على النفس وأنا صغير لأنه كان عليه عبء ويريدني أن أكبر بسرعة وأيضا كان متدينا وله مواقف معي بأن كان كالمخبر علي في المنزل أي خطأ كان يخبر به رئيس المكتبة وكنت من الناس الذين يستحون ولا أريد أحد يتدخل في أموري وحتى لو كان الدافع مصلحتي فمن الخطأ أن يخبر أحدا كرئيس المكتبة نضرته عني جيدة بل يكتفي بنصحي، وهناك تراكم من المواقف في الطفولة أتوقع أنها تحول بيني وبينه والحقيقة هو الآن ليس كالسابق بل أن شخصيته الدينية قلت بكثير. والله العظيم الذي لا إله إلا هو أنه لم يقصر علي بالنسبة لما أطلبه منه وهو دائما يطلب مني أشياء وأنا لم أقصر ولكن المشكلة هي أن علاقتنا ليست علاقة ضحكات وسوا ليف طويلة وإنما علاقتنا جادة أنا أسعى لبر والدي وهو أيضا، وكلنا متعاونين بهذا الخصوص وأيضا، هو من النوع الحساس والذي يقول كلاما قاسيا ولا يجامل في كلامه وأنا أيضا عندي نقطة الحساسية، وما أريده أن تنصحني بفك عقده أنه إذا جلسنا يكون الكلام سؤال وجواب وإذا كان هناك مشكلة أو أي مناسبة يكون الكلام عنها فقط وأنا ولله الحمد من الذين يؤمنون أنه لا يخلو إنسان من مشكلة نفسية وأيضا لست من الذين يدعون أنهم أعقل الناس وإنما إذا حصل لي أي مشكلة أرجع للكتب وأقرأ وأتثقف لأعالج نفسي ... أعلم أن الكلام متداخل بعضه ببعض ويحتاج إلى قاموس لفك طلاسمه..!! أتمنى أن أكون صديقاً لكم ... وعلى فكرة ما اعنيه بقولي أن أخي كان تدينه أقل ليس هذا سبب اعتدال علاقته معي.. وإنما لوصف الواقع وشكرا. الجواب أهلا بك صديقا وأخا لنا وسؤالك واضح لا لبس فيه ومن سؤالك يتضح أنه ليس عندك مشكلة وإذا كان ثم مشكلة فهي عند أخيك ولكن أحتاج أن أعلق على بعض النقاط من سؤالك.

أحيانا العلاقة بين الزملاء تختلف عنها بين الإخوة فمثلا ما تشارك فيه زميلك من أسرار أو هموم قد لا تجد لها مجالا مع أخيك ولذلك هناك عاملان أساسيان خلقا مثل هذا الشعور عندك وهو وجود مشكلة بينك وبين أخيك وهذا غير صحيح. العامل الأول تركيب الشخصية والمفاهيم والاهتمامات عند أخيك تختلف عنك وبالطبع عن زملائك. الثاني فارق السن بينك وبينه وأنك الأصغر. فهذه الفوارق كفيلة بخلق حاجز أو غموض بينك وبينه وزادت هذا الفوارق بصفة الحساسية عندك كما وصفت نفسك. فمن سؤالك يبدو أن أخاك جاد في شخصيته محافظ على وقته ويحاول أن يعتمد على نفسه ونجح. أما كلمة متزمت لا أعرف ماذا تقصد بها وهل معناها مثلا انه شديد ودقيق في تعامله فهذا يؤكد سبب الفجوة بينك وبينه ولست أوافق بأن الجدية في الشخص أو فارق السن ينبغي أن تكون سببا في بعد الأخ عن أخيه فإذا كان الأب متوقع منه أن يصادق ابنه الراشد فمن باب أولى أن يفعل الأخ الأكبر الذي هو مهتم في تربية أخيه الأصغر، ولكن مفاهيم واهتمامات الشخص هي التي تحدد الطريق له لتحقيقها. وليس معنى هذا أنها تحدد حبه وكرهه للأشخاص وخاصة الأقرباء منهم ويؤكد هذا أخوك الذي تشتكي من موقفه نحوك وفي نفس الوقت تؤكد لنا أنه لم يقصر عليك وأنه في تصرفاته معك، والتي لم تعجبك، أنه يبحث عن مصلحتك. والناس يختلفون في تعبيرهم في حبهم وكرههم للآخرين. فأنت مثلا ربطت حب أخيك لك أو عمق العلاقة معه في ابتساماته وانفتاحه بالكلام معك فقط ولكن قد يكون مفهوم أخيك يختلف في طريقة إظهار حبه وهي البحث عن مصلحتك وأن تعتمد على نفسك كما فعل هو ونجح. وملخص ما أقول هو أن الأسلوب أو طريقة التعامل ليست دائما تعكس عمق العلاقة بين شخصين. صحيح أن الغاية لا تبرر الوسيلة ولكن أحيانا حسن التعامل مع الآخرين مواهب وما كل يجيدها. وفقك الله لما فيه الخير

الحياء يمنعنا من قسمة التركة!

الحياء يمنعنا من قسمة التركة! المجيب د. أميرة علي الصاعدي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 15/06/1426هـ السؤال توفي والدي -رحمه الله- وترك لنا إرثاً، وبيني وبين إخوتي وأخواتي من الحب والتقدير الشيء الكثير -والحمد لله- والمشكلة أننا نستحي من بعض حيال تقسيم التركة، ولا نرغب في تقسيمها حفاظاً على بقاء الألفة بيننا، إضافة إلى أن شقيقاتنا رفضن أخذ نصيبهن من التركة؛ بحجة أنهن لا يرغبن أن يعيرهنّ أحد أنهن اقتسمن مع إخوتهن، أرجو التوجيه، والله يحفظكم. الجواب أولاً: أسأل الله -تعالى- أن يديم بينكم المحبة والاجتماع. وثانياً: تأخير تقسيم التركة بينكم هو الذي قد يسبِّب الخلاف بينكم، لذلك أرى المبادرة إلى تقسيم الإرث، ويمكن أن توكِّلوا شخصاً تثقون به ليقوم بتقسيم الإرث بينكم. أما رفض شقيقاتكم أخذ نصيبهن حتى لا يعيرن فهذا خطأ؛ لأن هذا الأمر ليس فيه عيب - بحمد الله- بل هو حق قسمه الله لها وهو أعدل العادلين، وما زال المسلمون يقتسمون الإرث للذكر نصيبه وللأنثى نصيبها حسب شرع الله تعالى، ولم ير أحد أن أخذ الأنثى نصيبها فيه عيب أو خطأ، وإذا كان من العادة عندكم أن تُعيَّر المرأة بأخذها الإرث مع إخوتها فيجب عليكم المبادرة إلى تقسيم الإرث، وإعطاء الأخوات حقهن؛ لإبطال هذه العادة الجاهلية.

خالاتي يسئن إلي وإلى زوجي

خالاتي يسئن إليَّ وإلى زوجي المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 3/1/1425هـ السؤال أنا متزوجة من ابن خالي، عندما حدثت الخطبة حصلت مشاكل بيننا وبين خالاتي، فهن خمس خالات، حاولنا اجتناب المشاكل معهن، ولكن بلا فائدة، فهن دائما يتحدثن عني، ويقلن كلاماً سيئاً، لا يسيء إلى خلقي، ولكن يسيء إلى زوجي، فمثلا أن زوجي لم يكن لديه شقة عندما خطبني -والحمد لله- بعد الخطوبة وفقنا الله، وهكذا، يعيبوننا من ورائنا،، لا ندرى ماذا نفعل؟ غير أننا اجتنبناهن فلا نزورهنّ، ولا يزرننا، حتى تزوجت أنا وزوجي، فتوقف الكلام، وذهبت أمي إليهن، وصالحتهن جميعا، ً ولكنهن لم يأتين أيضاً، فهل علي أنا الأخرى أن أذهب إليهن علماً بأنني أحلم بهن، وأنا مشتاقة إليهن، ولكن أخشى بعد الرجوع إليهن حدوث مشاكل بيني وبين زوجي، فهن أبكوني سنتين كاملتين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أذكرك - أختي الكريمة - ببعض الجوانب الهامة لمثل هذه القضية، أسأل الله - عز وجل- أن يفرج عنا وعنك، فأقول: 1- إياك أن تتداخل الأمور لديك، فحياتك مع الزوج شيء، كما أن البيئة المحيطة بكما شيء آخر، ومن الخطأ الجسيم أن نخلط بين الأمرين، أو أن نترك أحدهما يؤثر على الآخر، لذا فأوصيك ألا تدعي مجالاً لسوء خلق خالاتك أن تؤثر على علاقتك بزوجك، وألا تضعي عليه اللوم في شيء هو لا يملكه أصلاً. 2- على المرء أن يتقي الله قدر ما يستيطع، هذا في حق الله، فكيف في حق الناس، قال -تعالى-: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ، فإذا كنت تتعرضين للأذى منهن، فعليك أن تقومي بزيارتهن، وصلتهن، قدرما تستطيعين، فإذا كنت لا تقدرين على زيارتهن إلا ثلاث أو أربع مرات شهرياً فلا تكلفي نفسك أكثر من ذلك. 3- سأل أحد الصحابة - رضوان الله عليهم- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أن له قرابة يصلهم، ويقطعونه، فقال له الرسول - عليه الصلاة والسلام-: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المَلُّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك" رواه مسلم (2558) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- والمَلُّ هو: يعني الرمل الحار. وهذه الحالة هي أكمل الحالات، وأعظمها أجراً، وهي التي يتضح فيها الإخلاص لله -تعالى- لا رياءً ولا سمعة؛ لأنه يقوم بصلة الرحم، قربة لله، صبراً على أذى أرحامه. 4- عليك أن تسألي الله الصبر والإعانة، وأن تصبري على ذلك، قال - سبحانه-: "إن الله مع الصابرين" [البقرة: 153] ، وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "ما وجدنا طيب عيشنا إلا بالصبر"، فالصبر يحصل الخير العظيم، والمعية الربانية، ثم الظفر والفوز، في الدنيا والآخرة، وضد الصبر التذمر، والتسخط، والاستعجال، وهذا لا يغير من الأمر شيئاً، بل ربما زاد الطين بلَّة.

5- عليك بالدعاء في مواطن الإجابة كالسجود، وبين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، فالدعاء هو عدة الصابرين، وذخيرة الشاكرين، وأكثري من قول الله - عز وجل-: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً" [الفرقان:74] ، فهذا هو والله مفتاح الفرج، وهو المنحة الربانية من رب البرية، أن هدى عباده للتضرع إليه، والتوسل إلى جنابه. 6- راجعي نفسك - يا أختي- إن كنت فرطت في شيء من الواجبات، أو سقطت في بعض المحرمات، فالمعاصي ومخالفة أمر الله هي رأس كل شر وبلية، ولها أثر كبير في حصول الوحشة والنفرة بين الناس بعضهم بعض، وما يدريك لعل الله ابتلاك بذلك حتى ترجعي إليه وتتوبي إليه، قال -تعالى-: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم" [البقرة: 216] . وقال الشاعر: وربما صحت الأجساد بالعلل. ففتشي في نفسك، واستعيني بربك. والله-تعالى- أعلم.

أقاربي سحرة فهل أصلهم

أقاربي سحرة فهل أصِلُهم المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 21/03/1426هـ السؤال ما حكم صلة رحم من يقوم بعمل سحر لأقاربه؟ وهذا السحر يكون في كنيسة، فهل إذا قاطعنا هذا الخال أو الخالة يكون ذلك قطيعة للرحم؟. الجواب الأخت الكريمة: شكراً على سؤالك، وحرصك على تعلُّم أمور دينك. أما الجواب على سؤالك، فنقول بارك الله فيك: لقد عظَّم الله شأن الرحم في كتابه، فقال سبحانه: "وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" [سورة النساء:1] ، وقال جل وعز: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [النحل:90] . وحذّر سبحانه من قطيعة الرحم، وتوعَّد القاطع باللعن والصمم والعمى، فقال سبحانه: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [سورة محمد 22-23] . ورغّب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في صلة الرحم، ووعد على ذلك من الله بثواب عظيم وعطاء جزيل في الدنيا والآخرة، ومما جاء عنه في ذلك: ما ثبت في الصحيحين البخاري (5986) ، ومسلم (2555) من حديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". وجاء في الصحيحين البخاري (2067) ، ومسلم (2557) كذلك من حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه"، وجاء في الصحيحين البخاري (6138) ، ومسلم (47) . من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل بمجموعها على عظم الرحم، ووجوب الصلة لها، وفي المقابل خطورة القطيعة وعظيم الإثم فيها، ويكفي من ذلك أن القاطع محروم من دخول الجنة، ففي الصحيحين البخاري (5984) ، ومسلم (2556) من حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل الجنة قاطع"، قال سفيان: يعني قاطع رحم.

ولا يجوز شرعاً أن يكون وقوع القريب في ذنب مبرراً لقطيعته، بل الواجب استمرار وصله، وتقديم النصح له، وبذل المستطاع في هدايته إلى الحق، وعدوله عن الباطل، ولنا فيما جاء عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- سلوى تصبر المؤمن على الصلة، ولو تأذى بصلته، ففي صحيح مسلم (2558) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال:"يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال:"لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل (وهو الرماد الحار) ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"، فلم يجز له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقطعهم مع ما يجد من أذاهم له، فكيف والأذى الصادر منهم على أنفسهم أو على غيرنا، فهذا من باب أولى أن يحتم علينا الصلة مع نصحهم وتذكيرهم بخطورة هذا الذنب، وبخاصة السحر، وقد رأينا أن من قطع رحمه لبعدهم عن الحق ما ازدادوا بقطيعته لهم من الله إلا بعداً واستمراراً في الباطل والغي. فالواجب عليك -يا أختي- الاستمرار في وصلهم، مع تقديم المناصحة بجميع أشكالها وألوانها التي تجعلهم يتركون ذلك الذنب العظيم، مع الدعاء لهم في ظهر الغيب بالصلاح والاستقامة، واعلمي أن عدم صلتك لخالك أو خالتك بسبب ذلك الذنب هو من القطيعة الواجب تركها. والله نرجو لكم التوفيق والسداد، والله أعلم.

هل تصل أقاربها وقد قذفوها؟

هل تصل أقاربها وقد قذفوها؟ المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 23/12/1425هـ السؤال بسم الله أستاذي الفاضل: أنا أعلم أن من وصل رحمه وصله الرحمن، ولكن إذا كان لدي أقارب قذفوني في عرضي، وأقسم لك أنني إذا وجدتهم أبدأ عليهم بالسلام؛ خشية من الله فقط، ولكن لا أعتقد أنني في يوم سوف أدخل بيتهم، ولذلك أخاف من غضب الله وألا يستجيب دعائي في الدنيا، وألا يدخلني الجنة، فهل يكفي أنني عندما أتصادف معهم أحييهم أم ماذا أفعل؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم أولاً: من صفات المسلم "العفو عند المقدرة"، فإذا قدرت على العفو عنهم مع ما حصل منهم، فهذا أفضل عند الله؛ لقوله تعالى في صفات المؤمنين: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس" [آل عمران:134] ، ومعلوم قصة الرجل الذي أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- أنه من أهل الجنة فبات عنده أحد الصحابة - رضي الله عنهم- ولم ير منه كثير صلاة وقيام، فسأله في الليلة الثالثة فأخبره أنه إذا أراد أن ينام عفا عن كل مظلمة لإنسان له، وهذا هو السبب في دخوله الجنة انظر مسند أحمد (12697) ، وسنن النسائي الكبرى (10699) . ثانياً: إذا سلمتِ على هؤلاء إذا لقيتهم فهذا هو الذي يقطع الهجران، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ " أخرجه البخاري (6077) ، ومسلم (2560) ، فإذا لقيتهم فابدئي بالسلام؛ حتى لا تعتبري هاجرة لهم. ثالثاً: عليكِ اللجوء إلى الله بالدعاء أن يزيل ما في قلبك عليهم؛ حتى تستطيعي أن تصليهم، ويكون في ذلك ذخر لك عند الله. أسأل الله لي ولكِ التوفيق في الدارين.

صلة الرحم مع الساحر

صلة الرحم مع الساحر المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب التاريخ 28-4-1424iهـ السؤال ما حكم صلة رحم من يقوم بعمل سحر لأقاربه؟ وهذا السحر يكون في كنيسة، فهل إذا قاطعنا هذا الخال أو الخالة يكون فيه قطيعة للرحم؟. وجزاكم الله خيراً الجواب الأخت الكريمة: شكرا على سؤالك وحرصك على تعلم أمور دينك.

أما الجواب على سؤالك فنقول بارك الله فيك: لقد عظم الله شأن الرحم في كتابه فقال سبحانه: "وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" [سورة النساء:1] ، وقال جل وعز: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [سورة النحل:90] ، وحذّر سبحانه من قطيعة الرحم، وتوعد القاطع باللعن والصمم والعمى، فقال سبحانه: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [سورة محمد 22-23] ، ورغب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في صلة الرحم، ووعد على ذلك من الله بثواب عظيم وعطاء جزيل في الدنيا والآخرة، ومما جاء عنه في ذلك: ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". وجاء في الصحيحين كذلك من حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه"، وجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل بمجموعها على عظم الرحم، ووجوب الصلة لها، وفي المقابل خطورة القطيعة وعظيم الإثم فيها، ويكفي من ذلك أن القاطع محروم من دخول الجنة، ففي الصحيحين من حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل الجنة قاطع"، قال سفيان: يعني قاطع رحم. ولا يجوز شرعا أن يكون وقوع القريب في ذنب مبرراً لقطيعته، بل الواجب استمرار وصله، وتقديم النصح له، وبذل المستطاع في هدايته إلى الحق، وعدوله عن الباطل، ولنا فيما جاء عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- سلوى تصبر المؤمن على الصلة، ولو تأذى بصلته، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال:"يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال:"لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل (وهو الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"، فلم يجز له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقطعهم مع ما يجد من آذاهم له، فكيف والأذى الصادر منهم على أنفسهم أو على غيرنا، فهذا من باب أولى أن يحتم علينا الصلة مع نصحهم وتذكيرهم بخطورة هذا الذنب، وبخاصة السحر، وقد رأينا أن من قطع رحمه لبعدهم عن الحق ما ازدادوا بقطيعته لهم من الله إلا بعداً واستمراراً في الباطل والغي. فالواجب عليك يا أختي الاستمرار في وصلهم مع تقديم المناصحة بجميع أشكالها وألوانها التي تجعلهم يتركون ذلك الذنب العظيم، مع الدعاء لهم في ظهر الغيب بالصلاح والاستقامة، واعلمي أن عدم صلتك لخالك أو خالتك بسبب ذلك الذنب هو من القطيعة الواجب تركها، والله نرجو لكم التوفيق والسداد والله أعلم.

مشكلات أسرية

زوجة أبي تقسو علي المجيب فوزية بنت إبراهيم الغربي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد التاريخ 18/03/1427هـ السؤال أعيش مع خالتي التي هي زوجة أبي. وذلك لانفصال والدي عن والدتي، وهي متكفلة بي، ولكني أحياناً أشعر بالألم لمعاملتها القاسية لي، وشكها الزائد عن الحد، ولكني أحبها في الله، فهل يجب عليّ أن أقوم بوأجبي نحوها كواجبي نحو أمي؟ وبارك الله فيكم. الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فأقول لكِ إن نبيك الكريم محمداً -صلى الله عليه وسلم- قد ذكر لنا أن حسن الخلق مع الأبعدين عند الله تعالى بمكان. وقد أوصى أن نتعامل مع الناس بالحسنى، وأن ندفع بالتي هي أحسن، فإذا كانت هذه وصيته مع الأبعدين، فما بالك -أخية- بحق الأقربين من الناس، وذوي الفضل وأصحاب الحق، مثل الوالدين والخالات والأخوال والأعمام والعمات والإخوان والأخوات وغيرهم. فإن معاملتهم بالحسنى أحرى، والصبر على أذاهم من محاسن الأخلاق. واعلمي أن لخالتك فضلاً عظيماً عليك مهما صدر منها من قسوة وشك. ركزي النظر على ما فيها من خير، وما قدمته لك من فضل وجميل، واصرفي نظرك عن سلبياتها. فما من أحدٍ يبلغ الكمال من الخلق إلا الأنبياء الذين عصمهم ربهم تعالى. لذا عليك أن تعامليها بالحسنى، وأن تتحملي ما يصدر منها، وعليك بالكلمة الطيبة والابتسامة والهدية وتقبيل الرأس وطلب المشورة منها، وأشعريها دوماً أنك تحبينها جداً، وأنها هي صاحبة الفضل، وأنها بمقام أمك. فإذا فعلت ذلك فتأكدي أنك قد سلكتِ الصواب، وتذكري قول حبيبك -صلى الله عليه وسلم-: "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلقٍ حسن" أخرجه الترمذي (1987) ، وغيره. وفقك الله لخيري الدنيا والآخرة، وألف بين قلوبكم.

أخشى أن أصلها فيقاطعني إخوتها!

أخشى أن أَصِلَها فيقاطعني إخوتها! المجيب سعد بن عبد الله الماجد عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 27/01/1427هـ السؤال لي عمة أخطأتْ في حق أخواتها، وهنّ الآن قاطعات لصلتها، وأنا محتارة لو كلمتها سوف تقاطعني جميع عماتي، فما الحل في ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فعمتكِ من أرحامكِ الذين عليكِ صلتهم، والعمل على برهم: 1-قطيعة الرحم من الإفساد في الأرض، قال الله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" [سورة محمد:22-23] . وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال له مه قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب.. ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اقرأوا إن شئتم فهل عسيتم ... ) [رواه البخاري: 4455] . عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) . [رواه مسلم:4634] 2- قاطع الرحم لا يدخل الجنة، فعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يدخل الجنة قاطع قال ابن أبي عمر قال سفيان يعني قاطع رحم) . [رواه مسلم:4636] . 3-قاطع الرحم كالقاتل المتعمد، فعن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) . [رواه أبو داود:4269] . 4- قاطع الرحم لا يرفع له عمل صالح من صلاة وصوم وغيرها. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا) . [مسلم: 4956] . أختي الكريمة، هل تريدين أن تكوني ممن حلَّت عليه عقوبة قاطع الرحم؟ إن المدة التي سمح الشرع في الهجر هي ثلاث ليال فأقل كما جاء في الحديث، وعن ابن الزبير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال) . [رواه البخاري:5611] . وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) . [رواه البخاري5613] . والرجل والمرأة في ذلك سواء مخاطبون بأوامر الشرع. فعليك بالتوبة وصلة رحمك، ولا تلتفتي إلى من يأمرك بمعصية الله؛ لأنه لا طاعة له. في الحديث عن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف". [النسائي: 3145] . وعليك برضا الله عز وجل، ففي الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس) . [الترمذي: 2338] . فعليك بالتوبة والمبادرة إلى الاتصال بعمتك وإصلاح ما بينكما، ومن ثم العمل على التوفيق بينها وبين أخواتها اللاتي هن عماتك! والصبر في ذلك واحتساب الأجر، فها أنتِ علمتِ وبلغكِ حكم الشرع، فليس لك بعد ذلك حجة بالجهل وعدم العلم، أو أنّ عمتكِ أو عماتكِ هنّ السبب. فكوني مفتاح خير، وأفسدي مخطط الشيطان الذي يحب إفساد وقطيعة الرحم. وفقكِ الله وجنبك قطيعة الرحم.

طاعة الأم في قطع الرحم

طاعة الأم في قطع الرحم المجيب د. عادل العبد القادر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 13-4-1424 السؤال ما حكم قطع الرحم بسبب خلافات الأم مع الأقارب؟ فهي لا تريدني أن أذهب إليهم، ولا آخذ المال منهم، ولا أتودد إليهم، فهل أعصي الله في عدم طاعة أمي وأصل رحمي؟ أم أعصي الله في قطع رحمي وأطيع أمي؟ خاصة أن الإصلاح بين الطرفين ليس خيارا، فماذا أفعل؟ الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" أولاً: أسأل الله لك الإعانة والثبات وزيادة الحرص على ما ينفعك أبداً. ثانياً: من المعلوم أن صلة الرحم واجبة وقطعها محرم، وطاعة الأم واجبة وعقوقها محرم، وعليه: فإنه ينبغي عليك أن تمتلك قلب أمك، وتكسب ودها، وذلك بحسن التعامل، وجميل الأخلاق وساميها، وأن تتوجه بصدق إلى الله تعالى بالضراعة والإلحاح في الدعاء بأن يصلح أحوال الجميع. أخي الكريم.. لا بد من مفاتحة الأم في الإصلاح، ولكن بعدما تقدم فالصلح خير، فلا تقطع رحمك، ولا تنو القطع كلاً، ولكن "سددوا وقاربوا" رواه البخاري، ومسلم (2816) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فتأخر في زيارتهم مثلاً، وليكن قصدك الإصلاح، وليس قطع الرحم، وهناك فرق بين القطع ونيته، وبين التأخر بالزيارة، والتواني في الوصل بنية الإصلاح، فتنبه لهذا. ثالثاً: السرائر يعلمها الله، فإن أخلصت وصدقت لن تعدم وسيلة للإصلاح فقلوب العباد بيده وسيصلهم ويقرب بين متباعديهم إن علم في ذلك خيراً. رابعاً: أما إذا بذلت كل هذا وصدقت وأخلصت، ولم تتمكن من جمع المتباعدين وإصلاح بين متخالفين، فلا شك أن حاجة أمك لبرها، أولى من حاجة أقاربك في وصلهم، وقد يصلهم غيرك، ولا يوجد من يبر أمك سواك فقم ببرها، دون القطع أو نية القطع، ولك ألا تشعرها بالوصل إن أمكن فوصلتهم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.

في بيتنا فتنة، فهل أهجره؟!

في بيتنا فتنة، فهل أهجره؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 06/08/1426هـ السؤال أعيش في بيت مليء بالدشوش والخادمات المتبرجات، وللأسف يا شيخ فأنا أعاني كثيراً من بقائي في البيت؛ نظراً لوجود الخادمات، خصوصاً أن بيتنا ذو التصميم المفتوح، مما يجعلني أواجه الخادمات كثيراً، مع العلم أني شاب، وأخشى على نفسي الفتنة، فهل أخرج من البيت أم أنعزل في غرفتي؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: كان الله في عونك، وأسأل الله أن يثبتك ويسددك، قلت: هل أخرج من البيت؟ ولكن أين تخرج وأنت في هذا العمر ولا عائل لك؟! قد يكون في خروجك من المفاسد ما هو أشد من مفسدة ما ذكرتّ، ولا أعني بالمفاسد في الخروج ما هو من جنس المفسدة التي تعاني منها في البيت، ولكن أعني ما هو أوسع من ذلك من قطع الرحم ومغاضبة الوالدين بما قد يحملهما إلى بغض ما أفضى بك إلى الخروج من البيت (وهو تدينك) وغير ذلك من المفاسد المحسوبة وغير المحسوبة ولا المتوقعة. ولذا فأنصحك بالبقاء في بيت والديك، مع مناصحتهما وغض البصر والاجتهاد ما استطعت في مجانبة ملاقاة الخادمات، ولا يعني هذا اعتزال أهل البيت وملازمة غرفتك، فلا بد لك من الجلوس مع والديك والإحسان إليهما، وتحبيبهما إلى ما أنت عليه من التدين، وهذا لا يكون إلا بمصاحبتهما بالمعروف وبرهما، ومن أحسن إلى الناس استعبد قلوبهم، فاجعل من حسن خلقك ودماثته وبشاشتك طريقاً تصل من خلاله إلى قلبي والديك، وأقترح عليك أن تشكو إليهما ما تعانيه في البيت جرّاء تبرج الخادمات وسفورهن وتجملهن، واسألهما أن يُلزماهن لباساً محتشماً، هذا في أول خطوة، ثم تأتي الخطوة التالية وهي إلزامهن بالحجاب ولو مع كشف الوجه، فالتدرج منهج شرعي لا شك فيه. وعليك بإشغال نفسك بالأعمال الجادة المثمرة، حتى إذا خرجت كان خروجك إلى مصلحة تقتضي الخروج، وإذا لازمت غرفتك وكنت ملازمتك لها في عمل مثمر تخرج عن مشابهة ملازمة السجين لسجنه، ولا تنس الاستعانة بالله أولاً وأخيراً، فأكثر الدعاء واستعن بالله ولا تعجز به. وفقك الله وثبتك.

قد نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي..!!

قد نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي..!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 29/5/1422 السؤال الأخ الكريم مشرف نافذة الاستشارات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ... مشكلتي التي أرقتني أن والدي يفرقون بيني وبين أخوتي في المعاملة المادية والمعنوية، علماً أننا متقاربون في كل النواحي من حيث الحالة الاجتماعية والدخل وعدد الأولاد. الأمر الآخر هو ما أجده بيني وبين أخوتي من وحشة غريبة وجفاء حاولت إصلاحه ولم أستطيع. وسؤالي: مع كل هذا نحن نسكن متجاورين وكل واحد في بيت مستقل ولكن الأمور لا تخلوا من كثير من المنغصات وفي مثل هذه الأجواء ومعاناتي النفسية وكذلك زوجتي وحتى أطفالي لم يسلموا، أفكر بالانتقال إلى حي آخر لتأكدي أن هذا الأمر سيعود علينا جميعاً بالخير والراحة أريد النصيحة مأجورين إنشاء الله الجواب أخي الكريم.. مشكلتك بشكل عام تحدث في بعض الأسر لأسباب كثيرة ومتباينة، إما لأسباب مادية أو اجتماعية أو تربوية وغالباً ما تكون نتيجة لسوء فهم أو نميمة نفخ بها أحد شياطين الجن أو الأنس أعاذنا الله منها وهي ذات شقين الشق الأول: ما يتعلق منها بنوعية العلاقة مع الأهل والاخوة، والشق الثاني: ما يتعلق بالجوار وتبعاته، وإن كان الشقين مرتبطين ببعضهما ويمثل أحدهما سبباً للآخر أو نتيجة له، إلا أنني سأتكلم عنهما بشكل منفصل إلى حدٍ ما.. أولاً: بالنسبة يا أخي الكريم لعلاقتك مع والديك واخوتك، فهل سألت نفسك يوماً عن الأسباب، وحاولت أن تكون موضوعياً في البحث عن الإجابة، بمعنى ألا يمكن أن تكون أنت السبب في ذلك أو أحد أبناءك أو زوجتك مثلاً، بقصد أو بدون قصد، تأكد من هذه النقطة حتى تنصف من نفسك وتعرف الأسباب، ومن ثم تستطيع أن تتعامل معها. والأسباب أخي الكريم قد تكون أحياناً تافهة من وجهة نظرك ولكنها تراكمت عند الآخر حتى أحدثت عنده هذه الجفوة الغريبة. ثانياً: أقترح عليك أن تجلس مع والديك كل على حدة وتسأله عما يجد في نفسه تجاهك، وتخبره بما تجد وهذه نقطة هامة جداً قد تزيل كثيراً من سوء الفهم، وتوضح الصورة، وتزيل ما علق في الأنفس، وفي نفس الوقت تراجع فيها أنت نفسك فربما كنت السبب، كما أسلفت، وربما أنت من النوع ((الحساس)) أكثر من اللازم، فتحمل الأمور أكثر مما تتحمل، وفي كل الحالات ((كن هادئاً)) أثناء نقاشك مع والديك مهما كان إحساسك بالغبن فللوالدين حق عظيم قرنه الله تعالى بحقه قال تعالى: [وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا] وقال تعالى: [ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما] والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة ومعلومة.

ثالثاً: بالنسبة لإخوانك، وهذه الوحشة التي تشعر بها بينك وبينهم، فيا عزيزي كن صاحب المبادرة واجلس مع كل واحد منهم منفرداً، وعاتبه واسمح له بعتابك واعتذر إن بدأ لك خطأ من قبلك تجاهه، واسمح للأخر بأن يصلح خطأه ويعتذر، صدقني هذا لن ينقصك بل سيزيدك رفعة، وستزيل من خلال هذه الجلسات وهذا العتب الكثير من سوء الفهم، قال تعالى: [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم] . ثم اكمل مبادرتك بوضع وليمة تدعوا فيها والديك وإخوانك لترميم هذه الشروخ، وعلاج هذه الأوجاع متمثلاً قول الشاعر: وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جدا إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا ولا أحمل الحقد الذي يحملونه وليس كبير القوم من يحمل الحقدا رابعاً: بعد كل هذه الخطوات وقبلها، أكثر أخي الكريم من الدعاء بأن يصلح الله شأنك وأن يهديك ويهدي لك ويهدي بك وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه والباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه ولا يجعله ملتبساً عليك فتظل وإن يعيذك الله من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبيسه وكيده ,فهو المستفيد الوحيد من تقاطع الأرحام. خامساً: موضوع السكن بجوار بعضكما البعض له وعليه والعقلاء - وأراك منهم - يوازنون المصالح والمفاسد في هذا الأمر، ففي الأمر فسحة والحمد لله وما دمت قادراً على الانتقال وبناء البيت، فهذا بفضل الله أمر رائع، فاستخر أولاً، واسأل الله أن يلهمك الصواب، ولا تتردد، فربما كان في هذا الأمر الخير الكثير، ولكن!! أوصيك أن عزمت على الانتقال أن يكون بعد الخطوات السابقة حتى لا يظهر انتقالك وكأنه فرقة لا لقاء بعدها!! ثم أوصيك بالوالدين مهما بدأ منهما من حيف وجور، من وجهة نظرك، فأحسن لهما وبرهما وادع لهما بالرحمة ولن تندم ستجد ذلك إنشاء الله راحة في نفسك وبركة في رزقك وصلاحاً في أبناءك وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

هذه الأم، هل تستحق البر؟!

هذه الأم، هل تستحق البر؟! المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 04/07/1426هـ السؤال أنا فتاه والحمد لله متدينة، ولكن مشكلتي هي أمي، فهي غريبة الطباع فلا أشعر منها بأي حنان، فهي قاسية للغاية، دائماً ما تدعو علي أنا وإخوتي، وهي بجانب كل ذلك تسيء معاملة والدي جداً، ولا تحترم مشاعره أبداً، فأنا لا أتذكر لها أي ذكرى جميلة، وأنا -والله- أحاول كثيراً أن أمسك نفسي من الوقوع معها في مشاكل، ولكن أحيانا لا أستطيع أن أتحمل، وبالتالي أقول أشياء دون رغبتي. أحوالها غريبة جداً معنا ومع أهلها -وبالأخص والدتها- ومع كل الناس، فهي لا تحب أحداً، أرجو منكم أن ترشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبي الهدى رسول الله، وبعد: فمرحباً بك ـ فتاتنا الكريمة ـ على موقع " الإسلام اليوم" ونرجو أن يكون فيه ما يسرك..نعم.. هناك ـ للأسف ـ من الأمهات من لا تعرف "فقه الأمومة"، ولا تقدر خطورة المسئولية الملقاة على عاتقها، ولا ترعاها حق رعايتها، فتدفع أبناءها بسوء تصرفاتها وعنفها وقسوتها معهم إلى عقوقها والتمرد عليها، فينهدم صرح الأمومة في البيت، ويتصدع جدار البر الواجب على الأبناء، فتعيش أسرة هذا حالها في جو مشحون بالعنف والغضب والكراهية والتربص وسوء الظن. وفي الحديث "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها" صحيح البخاري (893) صحيح مسلم (1829) . ومشكلة أمك ـ يا بنيتي ـ أنها ربما تعاني من آثار قسوة ذاقت مرارتها في طفولتها أو صباها ـ والله أعلم ـ، أو أنها لم تتشبع بمفهوم الأمومة السوية، فالأم في البيت هي الراعية، والحانية، والحادية، والحادبة، والبانية.. وقد تكون (الجانية) إن هي فقدت المكونات النفسية والاجتماعية للأمومة. ولذا فإن علماء الاجتماع يحللون نفسية الأم العنيفة القاسية على أولادها، فيرجعون قسوتها تلك إلى عدة أسباب فيقولون:" والأسباب ذات الجذور القديمة تكون نابعة من مشكلات سابقة أو عنف سابق، سواء من قبل الآباء أو أحد أفراد العائلة، أما الأثر الحاضر فتكون جذوره مشكلة حالية، على سبيل المثال خلاف الأم مع زوجها، قد يدفعها إلى ممارسة العنف على أولادها، وبالتالي فإن الشخص الذي ينحدر من أسرة مارس أحد أفرادها العنف عليه، ففي أغلب الأحيان أنه سيمارس الدور نفسه، لذا من الضروري معرفة شكل علاقة الأم المعتدية على أولادها بوالدتها في صغرها، وفي الغالب تكون تعرضت هي نفسها للعنف، لذا فبالنسبة لها تعتقد أن ما تقوم به من عنف تجاه أولادها هو أمر عادي كونه مورس عليها، ومن حقها اليوم أن تفعل الشيء نفسه رغم معاناتها منه سابقاً. إن الوالدين الفاقدين للحنان والحب منذ الصغر غير قادرين على إمداد الحنان والرعاية لأطفالهما.

وفي بعض الحالات ينصب عنف الأم على ابنة محددة؛ نتيجة تدليل الأب أو الحماة لها أو تشبيهها بهم، وهذا يكون مع تردي العلاقة مع الزوج أو الحماة، ومن جهة أخرى تحفز غيرة الأم من ابنتها ممارسة العنف ضدها، فهناك أم تغار من نجاح ابنتها وتفوقها بالدراسة، لذا تلجأ إلى أساليب كثيرة كي تعيق تفوقها، أو تغار من جمال ابنتها، فتفتعل معها المشكلات وتضربها لدرجة الأذى كي تشوّه جمالها. كما يرى البعض أن المشكلة تكمن في عدم وعي الأمهات لمتطلبات المراحل العمرية للأبناء والتي تتغير باستمرار، وبمدى أهمية توفير العاطفة قبل المادة للأولاد. وهذه الحالة تدفع الفتيات خاصة إلى البحث عن بديل يمدها بالعاطفة والحنان الذي تحتاجه، مما يؤدي إلى غيرة الأم، من هنا يبدأ الشرخ في العلاقة بين الأم وابنتها" ولعل من آثار هذا الشرخ النفسي لدى الأم تفضيل بعض الأولاد على بعض، أو تفضيل الولد على البنت ـ كما في حالتكِ أنتِ ـ وهي مخالَفة شرعية يقع فيها بعض الآباء أو الأمهات دون أن يدروا، وفي هذا ورد في صحيح البخاري (2586) ، وصحيح مسلم (1623) عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أن أمه سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لابنها، فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ما وهبت لابني، فأخذ أبي بيدي، وأنا غلام فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله إن أم هذا -بنت رواحة- أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ ". قال: نعم، فقال: " أكلهم وهبت له مثل هذا؟ ". قال: لا، قال: " فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور" وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً: " سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء" أخرجه البيهقي في السنن (6/177) وحسن إسناده الحافظ ابن حجر. لكن ـ يا بنيتي ـ عليك أن تذكري بأن غداً ـ بإذن الله ـ ستكونين أمًّا، فإياك ثم إياك أن تعقي أمك، بل برّيها على ما فيها من قسوة، وذكريها بالله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأحسني صحبتها ولا تيأسي من روح الله فبيده قلوب الخلق ونفوسهم يقلبها كيف يشاء، ومهما يكن من أمرها معكم فعليك حسن صحبتها؛ ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-:يا رسول الله أي الناس أحق مني بحسن الصحبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمك". قال: ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم:"ثم أمك" قال: ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم: "ثم أمك" قال: ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم:"ثم أبوك" صحيح البخاري (5971) وصحيح مسلم (2548) . وما كنت أود منك ـ غفر الله لك ـ أن تقولي عن أمك ـ رغم قسوتها عليك ـ! "لا أذكر لها أي ذكرى جميلة"!! لماذا.. ألم تذكري أنها كانت سبباً في وجودك، وأن بطنها كانت لك وعاء، وثديها كان لك سقاء؟ ألم تسهر على رعايتك وتربيتك حتى صرتِ شابة تملئين السمع والبصر؟ مهما قلتِ.. فتلك منزلتها التي منحها الله إياها ووصى الأبناء ببرها، من أجل هذا قال تعالى:" ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن" [لقمان:14] . هوني على نفسك، واعلمي أن البر لا يبلى، وأن الصبر ضياء، وكوني قريبة من أبيك، وعوضيه بتدينك وحسن خلقك ما قصرت فيه أمك، وأكثري من الدعاء لوالديك بصلاح الحال والمآل.. وأسأل الله لك صلاح الحال وهدوء النفس وراحة البال.. والله أعلم

أهمله أبوه فكرهه

أهمله أبوه فكرهه المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 5/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: سماحة الشيخ: أنا شاب مسلم نشأت في رحاب القرآن والسنة، لكن والدي أهمل تربيتي والإنفاق علي، مكتفياً بالجلوس وكفى، كما أنه لا يعطيني مالاً، ويعطى كل شيء لأخي، كما أنه ترك صلاة الجمعة تهاونا، كما أن إخوتي لا يعطوني نصيبي من مال أمي، فأصبحت أكره الجميع وأسبهم، وأتمنى موت أبي الذي أهملني صغيراً فعانيت كثيراً. ما الحل؟. الجواب إلى الأخ العزيز: - وفقك الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أولاً: الواجب عليك البر بأبيك وحسن المعاشرة ولين الجانب، والشفقة عليه والخوف من أن يموت وهو لا يصلي، فعليك بالدعاء له ودعوته إلى الله بالتي هي أحسن، وأن توجه إليه من يدعوه ويخوفه. ثانياً: أخي الكريم تذكر أنك نشأت في رحاب القرآن والسنة، من كان كذلك فهو جدير بأن لا يجازي على السيئة بمثلها؛ بل إن ديننا يأمرنا بالعفو مع الأبعدين فكيف بالأقربين، وأنت عاديت أباك وإخوتك من أجل أنهم حرموك حقك من المال، ولأن أباك أهملك صغيرا، ً فلا تنس أخي أن الله أوجب عليك بر الوالدين ولو كانا مشركين، ومن البر العفو والصفح ونسيان الإساءة، ولا تنتظر من أبيك أن يصلحك وهو لا يصلي، فما أجمل أن تدفع بالتي هي أحسن، فيرفع الله قدرك ويشرح صدرك ويثيبك، وربما كانت هداية الوالد على يديك إذا علم الله منك الصدق وطهارة القلب، ومحبة الخير لمن عاداك وظلمك. ثالثاً: إخوتك لم تذكر سبب منعهم حقك من والدتك، ولكن عليك بالدعاء لهم، والله الله في المعاملة الحسنة، وجميل الصبر، وأن لا يروا منك إلا خيراً، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، راجياً لك التوفيق.

أخي وزوجته ونحن!!

أخي وزوجته ونحن!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 18/9/1422 السؤال أخي رجل فيه غيرة، ولكن فقط على أخواته، وأما زوجته فقد تخرج بملابس عارية كاسية ولا يقول لها شيئا كما يحضنا ويطالبنا بالذهاب مع أمي لأداء المناسبات الاجتماعية. زوجته لا تعرف عائلتنا إطلاقا منذ خمس سنوات. منذ تزوج وهو لا يطيق جلستنا، وإن جلس بقي ساكتاً عكس أفعاله تماماً قبل الزواج. حتى بعد أن خرج إلى منزل وحده بجوارنا لم يتغير حاله. والكثير مما استحي من كتابته..!! . أخي الفاضل، نخاف من الله ونخاف أن تدخل علينا هذه المرأة ابناً ليس لنا، وأجزم أنها سحرته بعمل!! وهو لا يمكن أن يرضى بشيخ يقرأ عليه، ولا يمكن أن يقبل بهذه الفكرة، وسبق أن لمحت إليه، ولكنه رفض أن يكون به شيء!! فهل يجوز لنا أن نبحث عمّن يفك سحر أخي بساحر مثله؟! وجزاكم الله خيراً.؟ الجواب لقد تعجبت كثيراً لهذا الاستفسار منك بشأن أخيك الذي ذكرت أنه مغرم بزوجته حتى الثمالة، حتى إنه رضي معها بالكثير من التنازلات الشرعية الواجبة لا لشيء إلا سعياً في كسب وِدّها ورضاها مما جعلك تستنتج استنتاجات عجيبة في نظري لعل أخفها أنها ربما تكون قد سحرته بسحر قد لا ينفك إلا بسحر مثله كما تقول!! وبجانب الحكم الشرعي الذي لا يخفى عليك بحرمة التداوي بحرام وهو السحر والبقاء على العلاج المشروع كالرقية والإكثار من قراءة القرآن وغير ذلك من وجهة نظري هو طريقة رؤيتك لهذا الشأن من أخيك. لقد جمعت في استفسارك هذا وطريقتك في عرضك لهذا الموضوع الأعاجيب من سوء الظن والتهم الباطلة. بل والأنكى من ذلك تساهلك بالتعريض بالقذف لزوجة أخيك وهو وأيم الله لشأن عظيم. كل هذه التبريرات التي قمت بعرضها كشواهد على سحر أخيك لم أرها أنا بنفس المنظور الذي رأيته أنت بل هي أمورٌ توجد عند غيره من الأزواج بل وأكثر من ذلك بكثير ولم نرَ أحداً رماهم بالسحر أو عرض بأزواجهم ولمح بالقذف كما فعلت أنت!! نعم قد توجد تجاوزات من أخيك أو زوجة أخيك، وقد يوجد تقصير منهما - وكلنا نقصر - ولكن الحل ليس بالاعتقاد بالسحر أو الذهاب إلى الكهنة والسحرة بل بالتأمل والنظر في أصل المشكلة والتعامل معها بالطرق المشروعة، وما أكثرها!! أنت كأخ لهذا الزوج ليس دورك هو الدخول في النوايا وإطلاق التهم جزافاً أو تأجيج المشاكل بين الزوجين بحجة المصلحة لأخيك وحمايته من المشاكل الشرعية والاجتماعية جراء الارتباط بهذه الزوجة. دورك الصحيح والأساسي هو النصح لأخيك ولزوجته بالحسنى وتوضيح الخطأ الشرعي إن وجد- ومجادلتهم بالتي هي أحسن، ومعاملتهم بالرفق واللين والكلام الطيب وإفشاء المحبة والمودة معهما، وليس بالظن السيئ، والمبادرة بإطلاق التهم المشينة جزافاً، فالناس لهم حرمة وحذار من كشفها أو انتهاكها. أخيراً همسة أهمسها في أذنك أن تجعل الظن الحسن والنية الطيبة هي أساس التعامل منك مع الآخرين، اجعل قلبك محباً للآخرين، تعاهده بالخير دائماً، لا تجعل للشك إلى قلبك طريقاً سهلاً يمكن من خلاله أن يسيطر عليك وعلى أفكارك، فإنه مؤذٍ ومحبط للعمل الصالح، وأكثر من الدعاء بسلامة القلب والجوارح من لحوم المسلمين واتل دائماً هذه الآية: (ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) ..

أبي لا يهتم بالبيت!!

أبي لا يهتم بالبيت!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 4/12/1422 السؤال إن أبي لا يعير اهتماماً للبيت؛ لا حب ولا حنان بل أبسط الأشياء التي يوفرها ويسعى لها أي أب من الآباء لأبنائه (المأوى، والمسكن) لا يستطيع أن يوفرها، فالحمد لله أنا أعمل وأعين إخوتي كلهم.. وأنا صابر وراضٍ ولكن المشكلة هي أنه بدأ يمد يده على أمي بالضرب مرة وبالشتم مرة أخرى.. لكن والدتي دوماً تنصحه وتقول له: ابحث عن عمل، وعُلْ أبناءك وبناتك من لهم غيرك؟! افعل أي شيء ولكن لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لما تنادي.. لا يهتم بأبنائه من مريض وماذا ينقصهم؟! صراحة حاولت معه ببعض التلميحات مرة وبالتصريحات مرة أخرى.. حتى أصبح الجميع لا يحبه، ومحبتهم له فقط كاحترام وطاعة له دون إيذاء لا بالقول أو بالفعل، وحتى أنا أصبحت في حيرة إن الوالدة جمعت كبار السن (المقربين) في الأسرة لنصحه لكن دون جدوى إن إخوتي من كثرة الضغوط والمشاكل أصبحوا في حالة لا يعلم بها إلا الله علماً أنهم في سن حساسة جداً. فأعطيك صورة عن والدي: لا يسأل أين نحن، ولا كيف نعيش وهل نحن سعداء أم مرضى؟! مع هذا كله والحمد لله لم يردعني إلا ديني والإحسان له مهما أساء، وكذلك إقناع الوالدة والإخوان بذلك، لكن إلى متى؟! أصبحت حياتنا جحيماً. فماذا نفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أخي الكريم، أشكر لك ثقتك.. وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأما استشارتك فلا أعلم هل كان والدك من الأصل عاطلاً عن العمل مُذْ كنتم صغاراً أم أنه أمرٌ طارئ عليه وعلى سلوكه، ولم تلمسوا هذا التغيّر إلا من زمن قريب؟ أما إن كان هذا الأمر قديماً عنده (بمعنى أنه كان من الأصل عاطلاً عن العمل أي من زمن بعيد) فلا أقول: إنه يستحيل عليك وأنت ابنه أو والدتك وهي أقرب الناس إليه وزوجته تعديل سلوكه بل أقول إن أمره صعب وفيه شيء من المشقة؛ لأن الإنسان إذا اعتاد أمراً ولمدة طويلة فإنه يصعب عليه تغييره إلا بجهد جهيد. لكن إن كان أمر والدك حالة حادثة، ومن مدة ليست بالطويلة فإن العمل على إصلاح شأنه لن يكون عسيراً كالأمر السابق إن شاء الله تعالى. والوقوف على حالته بالتفصيل والنظر في مسببات الحالة التي وصل إليها سوف يساعد بلا شك في علاج حالة والدك. والذي عليك هو التواصل مع أهل هذا الشأن وأخذ مشورتهم، وعرض حالة والدك عليهم تفصيلاً وذهابه هو نفسه إليهم سوف يساعد في هذه القضية كثيراً، خصوصاً وأن الأمر بدأ يستفحل وذلك من خلال مدّ يده على والدتك وإخوانك بالضرب والعنف.

أمر آخر، حاول الاتصال بأقرب الناس إليه من الناحية النفسية أي الذين يرتاح والدك إليهم كثيراً ويأنس بالقرب منهم؛ فهم الطريق الأقصر لقلب والدك وإقناعه بضرورة علاج وإصلاح الظروف التي يمر هو بها لأن العلاج ومحاولة التعديل من سلوكه لن تنجح إذا فقدت العزيمة والشعور والاعتراف بالمشكلة. لابد أن يعي والدك أنه في مشكلة وأنه محتاج إلى حلٍ وعلاجٍ لهذا الوضع الذي هو فيه ويعايشه في الوقت الحاضر فإذا فهم ذلك كان هذا هو النقطة التي منها يبدأ العلاج. الأمر الثاني: هو دورك أنت وإخوتك ووالدتك في التعامل معه، فهو في النهاية والدكم ومحتاج لوقوفكم بجانبه وتفهم مشكلته وعليك أن تحمد الله عز وجل أن هيأ لك أسباب الاستقامة والشعور بالمسؤولية تجاه أهلك وإخوانك، والمطلوب منك عدم اليأس بل الاستمرار بهذه الهمة القوية تحمّل مسؤوليتك على أتم وجه، وستجد أن الله معك، وسوف يوفقك في النهاية، وسترى عاقبته بعد حين. أمر أخير: حاول ألا يشغلك أمر والدك عن النظر في إصلاح حالك وحال إخوانك معنوياً ونفسياً وسلوكياً كن معهم وقريباً منهم؛ فهم وإن فقدوا اهتمام والدهم مؤقتاً فقد رزقهم الله بك عوضاً، علَّ الله أن يكشف ويصلح حال والدك. والله يرعاك ويحفظك.

هل أقاطعهم..؟

هل أقاطعهم..؟ المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 26/11/1422 السؤال الوالد متوفى، أنا أوسط إخوتي، الوالدة لديها مشاكل كثيرة مع إخوتي وزوجاتهم. أحد اخوتي الذي يكبرني يتجرأ على الوالدة كثيراً وأحيانا أمام الناس، ويستطيع أن يفرض عليها ما يريد سواء كان شيئاً طيباً أو غير ذلك. في الفترة الأخيرة أجبرها على أن نجتمع عندها نحن الإخوان والأخوات يوماً كل أسبوع، وهي لا تريد ذلك لكنها استجابت إما خوفا منه أو لأنها تحبه. لا أعلم، وفي هذا اليوم يكون التلفاز بالقنوات الفضائية يعمل وبشكل أساسي أي لابد منه وبصوت مرتفع سواء كانت قناة إخبارية أو سواها، ودائما كنت أحاول أن أتحكم لتكون القناة إخبارية إضافة إلى بعض المعاصي الأخرى. السؤال: هل أقاطع هذا الاجتماع؟ مع العلم أني أزور والدتي يومياً تقريباً أما إخوتي فنادراً، وإذا كان الجواب بمقاطعة الاجتماع هل أخبرهم بالسبب؟ مع العلم أنهم لا يتقبلون نصحي ويرون أني معقد، ربما أسلوبي هو السبب. أرجو إفادتي وجزاكم الله خيراً. الجواب يا أخي الكريم، مشكلتك ذات شقين: الأول: تعامل أخيك مع الوالدة وسلبيتها، والثاني: موقفك معهم. أما من ناحية الوالدة فأنت أدرى بها. هل شخصيتها ضعيفة؟ وهل هي متعلمة..؟ هل هي من النوع الذي يمكن تقويته..؟ فإن كانت كذلك فعليك تقوية الجانب النفسي فيها وبث الثقة في نفسها. وإيضاح مالها من الحقوق الشرعية عليهم؛ من أجل أن تجابه الأخ المشاكس. ثم حاول تقوية الوازع الديني لديها لعلها تقاطع هذا الاجتماع الذي فيه بعض المعاصي. فإن استطعت ذلك فاعلم أنك قد انتصرت عليهم. وما أجمل الإقناع بالحسنى خاصة مع الوالدة. ولا تنس أن تؤثر عليها من ناحية ضجرها من أخيك. أما من جهة مقاطعتك لهذا الاجتماع فإن كان وجودك سيؤثر عليهم وقد يستجيبون لك أو قد تغير منكراً فإن جلوسك؛ له أهمية فقد ينفع الله بك، أما إن حاولت معهم ولم تصل إلى نتيجة فقد تكون مقاطعتك زاجراً لهم وأخبرهم عن سبب مقاطعتك أنه بسبب وجود هذا المنكر، وكن على استمرار في التواصل مع والدتك خارج هذا الاجتماع. أخيراً قضية عدم تقبل النصح.. المسلم يا أخي مأمور بالنصيحة على قدر الاستطاعة} فاتقوا الله ما استطعتم {ونتائج النصح ليست بأيدينا فأمرها إلى الله. وما يدريك فقد تلقي البذرة ويأتي بعدك من يسقيها أو قد يستيقظ ضمير المنصوح وتأكد أنك لا تهدي من أحببت ولكن ما أجمل الصدق في هذا المجال.. واثبت على ما أنت فيه حتى ولو كنت وحدك. أسأل الله لنا ولك الإعانة والقبول؛ فأنت على خير عظيم.

افتراق الأخوة

افتراق الأخوة المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 15-11-1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم شكراً للقائمين على هذا الموقع المميز فضيلة الشيخ لي الكثير من الإخوة والأخوات غير الأشقاء والحمد لله لكن المشاكل دبت بينهم منذ فترة ليست بالقصيرة وأصبحت التراكمات النفسية الناتجة عن هذه المشاكل كبيرةً جداً لدرجة أنه أصبح التوفيق معها شبه مستحيل ولا حول ولا قوه إلا بالله. وهم الآن متقاطعون، لا يرى بعضهم البعض حتى في الأعياد والمناسبات ولعدة سنوات طويلة، حتى أصبحت القلوب مرتعاً خصباً لشياطين الأنس والجن. والله المستعان ما هو توجيهكم لهم؟ وما هو الأسلوب الأمثل للإصلاح بينهم؟ وجزاكم الله خيراً الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: الأخ الكريم ... شكراًلثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" ما أبشع أن يفترق الإخوة والأقارب بسبب أمر تافه. والشيطان يعتبر هذا الأمر مرتعاً خصباً إذا وجد مثل هؤلاء. ولا شك أن العوامل الدنيوية هي التي تجعل أنفس الأقارب تتباعد. إما حسداً على نعمه أو بسبب بعض النساء. أو مشاكل الأبناء. أو غير ذلك ولكن السؤال الملح كيف العلاج؟. مثل هذه المشاكل قد نجد صعوبة في حلها إلا إذا كانت في أولها ولكن لا يوجد مشكلة إلا ولها حل بشرط توفر الأجواء الملائمة لها. وصدق النية والاستعداد لتقبل مراحل الإصلاح من الأطراف جميعها أما التوجيه لهؤلاء فلا أدري هل سيطلعون على هذا الجواب حتى يناصحون أم لا؟ ولكن سأفترض ذلك. أو لعلك أنت توصل لهم هذا الحديث.. إن من لوازم ديننا الترابط والإسلام قد جعل الرابطة القوية بين أفراد الجماعة المسلمة من مقوماته، وهذا بالنسبة لمن نسميهم الأقرباء الأباعد. فكيف بالأقارب؟ قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) والخطاب هنا عام فإذا كان هذا نداء رب العالمين لنا، فلماذا لا نستجيب لندائه سبحانه حتى ولو كنا لا نريد هذا الشخص فإذا سعينا في أمر يرضي الله. فهو سبحانه سيوفقنا للأصلح. ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قال:"مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد".. الحديث. هذا بالنسبة للعموم فكيف بالأخوة الذين ولدوا من أبوين -سبحان الله - كيف نغفل عن هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم..؟ لذلك لو استطعت أن يجعل كل واحد من إخوانك يفكر بهذا لتغيرت نظرتهم. أما طريقة الإصلاح، فأقترح عليك أن تبدأ بهم واحداً واحداً وتبدأ بالأسهل منهم وتحاول أن تقنعه بضرورة الإلفة وإزالة الحواجز بينكم. وسأذكر لك قصة جميلة عن ابنين من الإخوة تقاطعا زمناً مثلكم:

فاتفق أبناؤهم على حبك مسرحية للجمع بينهما دون أن يشعرا بذلك. وعملوا وليمة في استراحة ثم ألبسوا الصغار جميعهم ملابس كتب عليها أسماء الأخوين جميعاً في ذلك ثم اتصلوا على أحدهم لوحده. وقالوا إنك اليوم مدعو في الاستراحة الفلانية. وقالوا للأخ الآخر كذلك. فلما وصل الأول أخروا سيارته وأبعدوها من أجل أن لا يراها الأخ إذا حضر. فلما حضر الأخ الآخر أوقف سيارته ودخل فلما شاهد المنظر العجيب والصغار قد استقبلوهم جميعاً بهذه الصور أقبل على أخيه يقبله وهو يبكي والصغار من حولهم. هلا جربت مثل هذه الحيلة وجمعتهم، وعقدتم مؤتمر مصالحة. جرب وسترى. أعانك الله،،،

حينما تغيب الحكمة

حينما تغيب الحكمة المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 4-7-1424 السؤال مشكلتي باختصار أنه في يوم من الأيام وفي وقت متأخر من الليل رفعت سماعة الهاتف بالصدفة فوجدت أختي تتكلم مع ابن عمتي كلاماً غير لائق فجن جنوني ولفرط الغيرة قمت على الفور ولم أتركها حتى سقطت على الأرض وكنت أحسبها ماتت وإلا ما تركتها، وفعلت الشيء ذاته للآخر وقد حملت مسدسا لأضربه في صدره بعد أن أثقلتني طعنته من الخلف ولكنه فر هاربا وتمت المقاطعة النهائية بين العائلتين، وبعد مرور سنة أتتني أختي تعتذر فطردتها وأرسل لي هو رسول وأبيت الصلح والله يعلم أن أبغض شي عندي رؤيتهما أو سماع أصواتهما، سؤالي هل علي إثم في هذه المقاطعة والسبب هو الخيانة والغدر وانتهاك الحرمات؟ أرجوكم أفيدوني لأنه مضى الآن سنتان على الحادثة والمقاطعة مستمرة وأنا لا أحب حتى أن أعرف أخبارهم سواء أختي أو ابن عمتي. الجواب الأخ الكريم ... حفظه الله. شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم". في البداية أقدر فيك غيرتك على محارمك وغضبك من وجود مثل هذه السلوكيات ومثل هذه الأحاديث، ومن ناحية أخرى أوافقك الرؤية أن الكلام الهابط بين المرأة والرجل لأجنبي عنها وما يندرج ضمن ذلك من معاكسات وكلمات غزل ولهو أنه من الأمور التي تغضب الله سبحانه وتعالى ولا يرضاها لعباده المؤمنين. وأنا وإذ كنت أرى خطأ الفعل مثلك تماما، إلا أنني أرى أيضا أن العملية العلاجية التي قمت بها كان يشوبها الخطأ أيضا والاندفاع والعجلة والبعد عن التروي والحكمة ... والتمادي في طاعة الشيطان والهوى وتغليب الجاهلية المقيتة على الشرع الحكيم، وإلا فمن الذي يسوِّغ لك أخي الكريم من الناحية الشرعية قتل نفس معصومة لم ترتكب جرما يستحق ذلك العقاب؟ إنها الغيرة الجاهلية والحمقاء البعيدة كل البعد عن الهداية والصلاح والحكمة ومراقبة الله سبحانه وشرعه الحكيم. إذا كان ذلك الغضب منك إنما كان لله تعالى فكيف تفسر عصيانك له بفعل جريمة القتل؟ أخي الكريم الذي يحزن لحرمات الله تعالى عندما تنتهك لا يعمل على انتهاكها هو أيضا ... هذا ما يجب أن تدركه عاجلا وأن تتضح لك الصورة فيها من دون أن يكتفها أية شائبة. قطيعة الرحم محرمة، وحرامها شديد عند الله تعالى، بل إنني أقولها لك بكل صراحة أن عملك في هذه القطيعة هو أشد جرما وحرمة عند الله تعالى مما فعله ذلك الرجل وأختك.. هذا هو شرع الله حتى لو غضبت من ذلك ... التقاليد ليست هي الشريعة يا أخي، وليست هي أوامر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ... يجب أن تدرك ذلك جيدا.

ومن ناحية أخرى.. فإنه يأسفني أن أقول لك أنك جانبت الحكمة بتلك التصرفات الهوجاء بغض النظر عن الجانب الشرعي إذ نحن نعيش في مجتمع تعتبر القضايا الشرفية من أهم عرى المجتمع وأصوله، ولذلك فإن الواجب على من يقع عليه شيء من هذه المشاكل أن يستر عليها ويعالجها بأكبر قدر من المسئولية والحكمة.. وأنت ما الذي استفدته حينما علم القاصي والداني بهذا الأمر غير فضيحة أختك وذلك الشاب؟ ألم يكن أفضل حالا لو تمت الأمور بكل هدوء ولم يعرف بها أحد غيركم؟ ألم يرشدك عقلك أن تبحث عن سبب وجود مثل هذه العلاقة؟ فإن كانت طيبة محترمة حاولت إنجازها بالعمل الشرعي الحكيم، وغلفته بعلاقة شرعية تقوم بينهما عن طريق الزواج بالحلال وطبقا لشرع الله. لماذا هذه العجلة والاستعجال؟ وهذا الغضب والتشنج وفقدان الروية وغياب العقل والحكمة عند حدوث مثل هذه الأمور؟ بل التصرف الأهوج والغاشم والمدمر هو المسيطر على المرء في مثل هذه الأجواء. وإجابة على ذلك أقول أن مصدر مثل هذه الأفعال والتصرفات وسببه يعود بشكل رئيسي إلى أمرين، هما في نظري في غاية الأهمية: أولا: الغيرة الشديدة والمفرطة والبعيدة عن الانضباط بضابط الشرع والخلق والحلم والعقل السليم. ثانيا: وهو مع الأسف الشديد الأكثر وقوعا هو الخشية من الناس ومن أقوالهم ومن نظراتهم والخوف الشديد من ذلك إلى أن يصبح مسيطرا على سلوكياتنا وتصرفاتنا وكأن الناس هم الفيصل في ذلك وعبارة "ماذا سيقول الناس؟ " تصبح بعبعا يدمر جميع قدراتنا العقلية لتساعدنا على الخروج من ذلك المأزق، وتنشل تلك القدرات ولا يصيح بمقدور الإنسان إلا الطيش والحمق ليسودا في ذلك الموقف، فما تكون النتيجة إلا مزيدا من الأسى وتمادياً في إغضاب الرب جل وعلا واستمراراً في ترضية إبليس اللعين وإسعاده بتلك الشقاوات التي تتوالى جراء فعلٍ كان في الأصل بسيطاً أو على الأقل كان يمكن احتوائه بصورة أفضل وأكثر هدوءا وعقلية. " وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمْ".

تفكر في الانتحار لمشكلات أسرية

تفكر في الانتحار لمشكلات أسرية المجيب د. نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 23/2/1425هـ السؤال هذه هي المرة الأولى التي أستشير فيها العلماء في أمر يخصني، لكنني لم أستطع سؤال أي شخص من عائلتنا؛ لأنني أخاف أن تصيبني مشاكل ولا أستطيع السكوت؛ لأنني أريد معرفة وضع أخي في المجتمع، فهناك مشاكل كثيرة بين أمي وأبي، وهم دائماً يتشاجرون على أتفه الأسباب، وقبل شهر اكتشفت أن أبي يقيم علاقة مع امرأة أخرى، فأخبرت أمي، وتشاجرا بعنف، وبعدها أخبرتني أمي كيف وافقت على الزواج منه ولقد أخبرتني بأنه كان يقص عليها كلام الحب والغزل، إلى أن وقعت في شباكه وأقاموا الفاحشة، ولم يعلم أحد بالأمر، وبعدما حملت أمي في أشهرها الأولى تزوجوا. في الحقيقة لم أصدق ما سمعته ذلك اليوم، وأنا أعيش في كوابيس وأوهام؛ لأن أمي هي مثلي الأعلى، وآخر ما توقعته منها هذا الشيء؛ لأنها تعرف الله وتصلي وتصوم، وحريصة على طاعة الله -عز وجل-، لكن بعد ما سمعته أحس أن محبتي لها قلَّت، وأنني أكره أبي كرهاً جماً، وأنني أشفق على أخي الأكبر الذي كان قبل أن يتزوجا، ولا أعرف إن كان ولد حلال أم حرام، فأنا أعيش في حالة يرثى لها، لا أستطيع التوقف عن البكاء، ولا عن التفكير، وامتحاناتنا قريبة، ولكنني لا أستطيع التركيز، فكل تفكيري: هل أخي ابن حلال أم حرام؟ كانت أمي مثلي وقدوتي، والآن تغيرت وجهة نظرتي لها، فلا أود أن أكون مثلها، ولا أريد عمل أي شيء مثلها. ومع الأسف فأمي حرمتني من الخروج مع أصدقائي، والآن لا يوجد عندي أصدقاء، فأمي كانت صديقتي، والآن فقدتها وفقدت كل شيء، فأنا وحيدة، وحتى إنني كنت أكلم شاباً أحببته فكان صديقي وأخي وكل شيء بالنسبة لي، فقد منعوني من الكلام معه، مع أنه والله شاب جيد، حتى إنه يخاف علي أكثر من نفسه، لا أريد أن أطيل عليكم، لكنني محتارة وأريد الحل في أسرع ما يمكن؛ لأنني تعبت وأنا أفكر. ومع الأسف الشديد أنا فتاة لا أذكر الله، وكل وقتي أضيعه في اللهو واللعب؛ لكي أشغل نفسي عن مشاكل الوالدين، وفي بعض الأحيان أفكر في الانتحار أو الهروب من المنزل فإنني أرى بعيني أبي يضرب أمي ويهينها أمامنا، ويطردها من المنزل، ويخرب حاجاتها، ولا حتى يصرف عليها، ويلعنها، فماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فسؤالك أختي الكريمة- اشتمل على عدة مسائل، وكل مسألة منها بحاجة لبسط القول فيها، ولكن سأوجز الجواب فأقول مستعيناً بالله تعالى:

أولاً: ذكرت - حفظك الله- أن والدك يقيم علاقة مع امرأة أخرى، ولا أدري ممن استفدت هذه المعلومة؟ هل أقر بذلك والدك؟ أو من أحد الناس؟ وأنت على كل حال وقعت في خطأين: الأول: قذفك لوالدك بأنه يقيم علاقة محرمة مع امرأة لا تحل له، فإن صح ذلك فقد تكون زوجة ثانية له، وإن لم تكن زوجة له فلا يحل لك قذفه بذلك؛ لأن القذف محرم شرعاً، ولا يتثبت صحته إلا بإقرار المقذوف، أو بأربعة شهود يشهدون على أنهم رأوه يواقع امرأة لا تحل له، قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور:4] ، ولو رأيت ذلك بعينيك فالجواب عليك مناصحته وستره، لا التشهير به وفضحه، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لهزال الأسلمي - رضي الله عنه- لما أقر عنده ماعز - رضي الله عنه- بالزنا فأمره أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم- ليقر بذلك قال له: "يا هزال لو سترته بثوبك كان خيراً لك مما صنعت" رواه ابن أبي شيبة (5/540) ، وأحمد (5/216) ، وأبو داود (4377) ، والنسائي في الكبرى (4/305) . الثاني: إخبارك لوالدتك بذلك مما تسبب في وقوع المشاجرة بينهما بسبب معلومة لا يدرى أصحيحة هي أم لا؟. ثانياً: قولك عن والدك إنه غير مؤدب ومفترس!، ومثل هذا الكلام لا يجوز للولد أن يقوله عن والده، ولو كان الأب كذلك؛ لأن حق الوالد عند الله تعالى عظيم، قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً" [الإسراء:23] ، فالأدب مع الوالدين واجب شرعاً لعظم حقهما علينا، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"، رواه مسلم (2558) ، فانظري كيف أمرنا أن نتعامل مع الأقارب المسيئين فكيف بالوالدين؟. ثالثاً: ما ذكرتيه عن والدتك من أنها تعرف الله وتصلي وتصوم، وحريصة على طاعة الله ... فهذا من توفيق الله تعالى لها، وعليك أن تحمدي الله تعالى على أن جعل أمك كذلك. رابعاً: ما ذكرتيه أن والدتك قد أقامت علاقة مع والدك قبل الزواج، وحملت منه ثم تزوجته ... فهذا الكلام قد تكون أمك قالته ساعة غضب، فلا يؤبه به، وهو من الأمور التي ينبغي أن لا تشغلي بالك بها، فإن صح فقد تابت من ذلك حسب ما ذكرتيه من استقامتها، وهو أمر يخص والديك وهم أعلم بالحال، أما إن كان الأخ الأكبر ولد زنا- والأمر ليس كذلك بإذن الله- فلا عليك، فهو أخ لك ومحرمٌ لك؛ لكونه منسوباً لأمك شرعاً، وأنصحك بعدم الخوض في ذلك. خامساً: ذكرت - وفقك الله- أنك تكرهين والدك، وهذا خطأ كبير، بل الواجب عليك الرجوع عن ذلك، فمحبة الوالد -خاصة المسلم- عبادة يتقرب بها المرء إلى الله تعالى لأدلة كثيرة ذكرنا طرفاً منها أعلاه.

سادساً: ذكرت أنك لا تحبين أن تعترفي به كأب ... وهذا ظلم لك وله، فلو انتسبت لغير والدك لوقعت في كبيرة من كبائر الذنوب، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر" رواه البخاري (3508) ومسلم (61) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه-، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا" رواه أحمد (1/81) ، ومسلم (1370) من حديث علي -رضي الله عنه-. سابعاً: ذكرت - وفقك الله- أن والدتك منعتك من الخروج مع أصدقائك، ومنعتك من الحديث مع شاب أحببتيه، أقول: قد أحسنت والدتك إليك كل الإحسان بمنعك من الخروج مع الأصدقاء، ومنعك من الحديث مع ذلك الشاب؛ لأنه يحرم عليك شرعاً الخروج مع رجال أجانب عنك وليسوا من محارمك، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه عند البخاري (5233) ، ومسلم (1341) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، وما ذكرتيه عن ذلك الشاب لا يشفع له في الخلوة والخروج معه، فقد كان والدك حسب ما ذكرتيه كذلك مع والدتك يكلمها بالكلام المعسول حتى وقع ما وقع بينهما ... لذا المؤمن دائماً يتعظ بغيره ولا يكون عظة لغيره، وهذا الشاب إن كان صادقاً فعليه التقدم لخطبتك والزواج بك. ثامناً: ذكرت أنك لا تذكرين الله، وكل وقتك تضيعينه في اللهو واللعب.. أقول: قال الله تعالى: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" [طه:124] ، فلعل ما ذكرتيه من مشاكل سببها بعدك عن الله تعالى فبذكر الله تعالى ولزوم طاعته كل خير وفلاح دنيوي وأخروي، قال تعالى: "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً" [الأحزاب:35] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل همٍ فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب" رواه أحمد (1/248) ، وأبو داود (1518) ، والنسائي (10290) ، وابن ماجة (3819) ، والحاكم (4/291) ، وصححه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.

تاسعاً: ما ذكرتيه - حرسك الله- من تفكيرك بالانتحار للتخلص مما أنت فيه ... أقول لا شك أن الانتحار من كبائر الذنوب، فلو انتحرت لفررت من مشاكل يسيرة إلى نار عظيمة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا" رواه البخاري (5778) ، ومسلم (109) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة" رواه البخاري (3463) ومسلم (113) . عاشراً: ذكرت أن والدتك مشغولة بأختك المريضة ولا تهتم بكم، أقول: أنت الآن امرأة بالغة، والواجب عليك مساعدة أمك في أعمال البيت والقيام بشئونه، وكذا مساعدتها في تمريض أختكم لا أن تكثري الطلبات على أمك؛ بل الواجب عليكم خدمتها وتطييب خاطرها، وطلب رضاها، أسأل الله تعالى أن يمن علينا بطاعته، وأن يعيننا على بر والدينا إنه جواد كريم، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أختي تسيء معاملتي

أختي تسيء معاملتي المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 18/5/1425هـ السؤال أنا شاب أبلغ من العمر 28 سنة، ولدي أخت تصغرني بأربع سنوات، وهي معتدلة الالتزام، وطيبة، وخلوقة، ولكنها -للأسف ـ تعاملني بخلاف ذلك، حيث إنها لا تستجيب لنصحي، ولا تحترمني إلا قليلا، وأيضا تعامل أهل البيت بجفاف نوعاً ما، بخلاف معاملاتها مع صديقاتها، وهي في نفس الوقت لا تشعر أنها تعاملنا بجفاء. أرجو توجيهي لسبب هذه المشكلة، وللطريقة المثلى للتعامل معها. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: أخي الكريم: لقد اطلعت على رسالتك، وأسأل الله أن يوفقني إلى الطرح المفيد في حل موضوعها, وأقول مستعينا بالله وتوفيقه ما يلي: أقدر لك -أخي الكريم- اهتمامك بأمر شقيقتك، وهذا ينم عن وعيك وإحساسك بالمسؤولية، مما يجعلني أثق كثيرا بأن المسألة التي ذكرت بشأن أختك أمر علاجها ميسر بإذن الله، وقبل أن أخوض في غمار حل المشكلة ينبغي علينا دائماً أن ننظر إلى مسبباتها ولا نتطلع دائماً إلى العلاج السطحي، وعلى سبيل المثال عندما يتعرض شخص ما إلى وعكة صحية، وتظهر عليه أعراض المرض كارتفاع درجة الحرارة، فإن الغالبية يسعون إلى البحث عن المسكنات والأدوية الخافضة للحرارة، بينما الطبيب البارع يسعى من خلال التشخيص إلى التعرف على أسباب تلك الأعراض المرضية وعلاجها. ومن هنا يجدر بنا أن ننظر إلى جذور المشكلة بهدف علاجها أو التخفيف من آثارها قدر الإمكان، وبصفتنا نتحدث عن مشكلة خاصة بفتاة، فقبل أن نتحدث عنها أحب أن أشير إلى أمرين نراهما كثيراً في مجتمعنا ولهما آثار لا تحمد عقباها على الفتاة، وهما أمران نقيضان: الأمر الأول يتمثل بمعاملة الفتاة -منذ سن مبكر جداً- بمعاملة تسلطية وقهرية، وتحميلها أعباء ومسؤوليات كبيرة جداً، فهي التي تتحمل أعباء المنزل ومسؤولياته، وخدمة إخوتها، والعمل على تلبية كافة مستلزماتهم وتهيئتها ... الخ. والأمر الآخر: ما شاع مؤخراً من الدلال الزائد، والاعتماد الكبير على الخادمات في تدبير المنزل دون أدنى مسؤولية على الفتاة, وهذا التوجه قد يلقى -للأسف- الدعم الكامل من بعض الأمهات، اللاتي لا يدركن خطورة هذا التصرف على مستقبل بناتهن (أمهات المستقبل) . أخي العزيز: لن أذهب بعيداً، فسأعود إلى مشكلتك مع شقيقتك، فسأطرح عليك بعض الاقتراحات التي ستساعدك -بعون الله- على حل تلك المشكلة: 1- بداية لا تتوقع أن تتعامل شقيقتك معك مثل تعاملها مع صديقاتها، فهذا شيء طبيعي لعدة اعتبارات، من أهمها صديقاتها من بنات جنسها وفي سنها، وبالتأكيد تجمعهن اهتمامات معينة ... الخ، بالإضافة إلى أن أسرتها تتحمل (زعلها) وعنادها، بينما صديقاتها قد لا يتحملن ذلك. 2- شقيقتك لا تتعمد عدم احترام أسرتها كما أوضحت، وإنما قد يكون هذا السلوك اعتادت عليه باكراً، وقد يرجع ذلك إلى الدلال الزائد منذ سن مبكر. 3- لقد ذكرت عدم تقبل شقيقتك إلى النصائح، لذا آمل أن تستخدم السلوك العملي في التعامل مع شقيقتك فجرب أحد الأمرين التاليين: أ- حاول أن تتعرف عن قرب عن اهتمامات شقيقتك وشاركها في الحديث عن تلك الاهتمامات، وأسعدها بإحضار بعض الهدايا محل اهتمامها، وإذا أصبحت قريباً منها أشعرها بأهمية تغيير سلوكها معك وباقي الأسرة. ب- إذا لم يفد الأمر الأول عالج الأمر بعدم الاكتراث، وتجاهل المواقف محل الخلاف، وقلل من اهتمامك بها؛ حتى تشعر بذلك وتبحث عن الأسباب التي ستكون فرصة مواتية لك وأسرتك لمصارحتها بأن تصرفاتها لا تروق لكم، وهي سبب جفائكم لها ... وبالله التوفيق.

المشكلات تسكن في بيتنا

المشكلات تسكن في بيتنا المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 28/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا فتاة أعاني من مشكلات كثيرة في البيت، وكذلكً أمي وأبي، وأحياناً أخي وزوجاته، وأحياناً تأتي لنا المشكلات والمصائب من كل مكان، ولا أعرف ماذا أفعل، هل هي العين الحاسدة أم ماذا؟ لقد سئمت أمي هذه العيشة، حتى إن أبي لا يسمح بدخول أهل أمي لبيتنا، وقال لها: إذا تريدين الذهاب إليهم فاذهبي، ولكن لا أريد أن يأتوا في بيتي؛ وذلك لحدوث مشكلة وشجار مع أبي وأهل أمي، والخصام هذا لم تنحل عقدته بعد، ولم يلتق الأحبة حتى الآن، ماذا نفعل الكل يسب الثاني ويشتمه، الكل يكره الثاني، لا سعادة لا حب في هذا البيت، لا توجد بسمة مشرقة في الصباح، ولا كلمة طيبة تسعد النفس في المساء، الكل مشغول في عمله، وعندما يكتمل العمل يبدأون في اختلاق المشاكل، والمتسبِّب في أكثر المشاكل هو أبي وأخي الأكبر، لا يوجد تفاهم في البيت، أتمنى أن تفيدوني بآيات قرآنية أو شيء من هذا القبيل؛ حتى أقرأها وتهدأ الأوضاع، أو أي حل آخر ترونه مناسباً لنا. الجواب الأخت الكريمة/ سلمها الله ورعاها السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: لا أشك أن البعد عن الله، وعن طاعته، وعن التقرُّب إليه بما شرع من أسباب المشاكل في البيوت، وخلوها من الخير والاطمئنان، وحضور الملائكة وتمكن الشياطين الذين يزرعون الشقاق والخلاف وسوء الأخلاق بين الناس، وصدق الله إذ يقول: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا" [طه:124] وقال: "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون" [الزخرف:36] ؛ ولذلك بقدر ما تحاولين بث الطاعة والخير في بيتكم بقدر ما تقل تلك المشاكل، ثم لا بد من النظر إلى أسباب المشاكل؛ ليتم تلافيها حتى تخف أو تزول، وأقترح عليك بعض الاقتراحات ومنها: 1- إيجاد بعض الكتب والأشرطة التي تتحدث عن حسن الخلق وطيب العشرة مع الأهل والأقارب، وما لهم من حقوق على الإنسان. 2- التحدث مع بعض أهل الخير من أهل العلم والصلاح من الأقارب، أو غيرهم لزيارة الوالد والأخ الأكبر لنصحهما، وتذكيرهما بالله دون ذكر التفاصيل في ذلك؛ حتى لا تقع بسبب ذلك مشاكل. 3- محاولة الحوار والنقاش مع الوالد عن سبب العنف والشدة في التعامل، وتلك النفرة الواقعة بينكم، والحرص أثناء ذلك على الرفق معه، والرقة والتأدب والبعد عن الإساءة. 4- أن يكون لك جهد وبدء في إشاعة الرفق وحسن الخلق، والتحبُّب مع أهلك وإخوانك. 5- أن تلحي على الله بالدعاء أن يصلح أهلك، وأن يمن عليهم بالهداية والصلاح وحسن الخلق. 6- أن يكون لك ورد من القرآن تقرئينه في البيت، وفي أماكن مختلفة منه؛ حتى تحضر الملائكة وتطرد الشياطين وخاصة سورة البقرة. 7- حاولي أن تقدمي هدايا رمزية لوالدك ولأخيك؛ حتى تكسبيهم إليك، فيكون هناك قبول لحديثك معهم. 8- اعملي للبيت كله وليمة أو (عزومة) مصغرة تحتفلين فيها بهم، وتدخلي السرور على الجميع بذلك. 9- تحلي بالصبر ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فإن المشكلة تكمن في سوء الخلق ورداءة الطباع، وهذه تحتاج إلى وقت لإصلاحها، أو التخفيف من حدتها. والله أسأل أن يصلح أهلي وأهلك جميعاً، وأن يمن عليهم بالخلق الكريم، والطباع الحسنة، وأن يصلح لهم قلوبهم، ويملأها بالخير والإيمان إنه جواد كريم.

أهلي قاطعوني

أهلي قاطعوني المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 20/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي الوحيدة هي مع أهلي الذين كنت أنفق عليهم، وأقوم بشؤونهم بمعاونة أخي حتى كبروا وتوظفوا، ثم تزوجت وسكنت مع أهلي فترة، وبعد سنة من زواجي أنجبت زوجتي طفلة، وقمت بالسكن خارج المنزل في بيت مستقل، ومن يومها وأنا في حال لا يعلمها إلا الله، حيث إن هناك من قام بالدسائس على والدتي، والتفريق بيني وبينها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلى مقاطعتي، ويشهد الله أنني لا زلت -حتى تاريخ كتابة هذه الرسالة- أصرف على بيت أهلي، ولكن لا زالت المشاكل تأتي من الأهل، بل إنهم قاطعوني ولم يقوموا بزيارتي، مما أجبرني على مبادلتهم الشعور، ويعلم الله أنني أتألم لذلك، ولكن كلما أردت التقرب لهم وجدت منهم البعد والتكبر - بل إن مما زاد الطين بلة أن إحدى أخواتي والتي تكبرني بسنة هي التي تطلب من الوالدة مقاطعتي، مع أنه قد قمت بتجهيزها للزواج، ويعلم الله أنني صادق في ذلك لوجود القرائن، والآن يا شيخي هل من حل لهذه المشكلة - لا تقل عليك بالصبر؛ فإن هذا الموضوع له تقريباً 8 سنوات، ولا زالت المشاكل بدون حل، علماً بأن إخوتي جميعهم قد تزوجوا وخرجوا ليسكنوا في بيوت مستقلة، فهل سبب مشاكلي هي خروجي من البيت، أم أن أمي هداها الله تسمع القيل والقال؟! علماً -ويشهد الله على ذلك- أني لم أقصر معها في شيء، ولكن إذا كان هذا الحال فإنني أفكر في تركها وترك زيارتها وقطع المصروف عنها - نسيت أن أخبرك بأن الوالد موجود، ولكن لا عمل له ومتزوج من أخرى، ونحن من يقوم بالصرف عليه، وقد ظهر عليه البعد عنا بسبب تصرفات زوجته معنا، والتي لا تشكر المعروف، ومن ذلك أن بنتها والتي هي أختي من أبي عندما أرادت الزواج يعلم الله أننا علمنا بموعد زواجها من الناس، وأقسم على ذلك. فهل في هذه العائلة عيب لا شفاء منه أم ماذا؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما أسعد الإنسان الذي يعمل الخير مع أقرب الناس إليه، وما أعظم الأجر إذا كان من يعمل المعروف يؤذى وهو يصبر! أحسبك يا - أخي منهم- بإذن الله-، فما أجمل أن تتمسك بحبائل الصبر، إذا كنت تنوي بعملك هذا وجه الله، فلا تتضجر، أما إذا كان غير ذلك فالأمر يختلف. هذا أولاً. أما من ناحية حيثيات المشكلة فهي متشعبة وفيها عدة أطراف: أمك وأختك وأبوك وأنت.. نصيحتي لك أن تستمر في الإحسان إلى والدتك مهما تكن الصعاب التي تواجهك، فهو خير لك، ولكن فقط غير الطريقة والوجهة والأسلوب، حاول استمالة قلبها بالهدية، أما زيارتها فاجعلها بالاتصال الهاتفي، ومن ثم حدِّد يوماً معيناً في الأسبوع تزورها فيه حتى تتجلى الأمور، وإذا أتيت لا تكن يدك خالية؛ لأن والدتك يظهر أنها متأثرة نفسياً وعاطفياً بسبب موقف والدك الذي أهملها كثيراً.

أما أختك فهي من النوع الغيور، وعلاجها بالهدية أيضاً، وإذا لم ينفع معها يمكن تجاهلها مع الإحسان إليها، ولكن قبل ذلك ليتك تجلس معها جلسة مصارحة، وتسألها عن سبب تصرفها هذا معك، وضع في ذهنك أنك تعاملها بعقلك لا بعقلها، فيظهر أن عقلك راجح، وقضية أن الاستشارة في مواضيع الأسرة، فهذا أمر سهل فلا تهتم لذلك، وأحسن لك على أقل تقدير تريح أعصابك من مشكلات الأسرة، وموضوع الوالد وزوجته فلا تعره أي اهتمام، فقط أحسن إلى والدك بالدعاء له وزيارته، وتفقد أحواله المادية ولك الأجر من الله على فعلك، ثم اهتم بنفسك وأسرتك، واجعل شعارك في التعامل معهم بالود والاحترام والزيارات المرتبة، وإذا رأيت أنه سيأتيك ضرر فاقصر الزيارة عليك أنت فقط، ثم تذكر أن البر أجره عظيم عند الله، كذلك الإحسان إلى الأقارب، وقد ثبت في السنة أن رجلاً قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ... " الحديث أخرجه مسلم (2558) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-. أعانك الله وسدد خطاك.

شقيقتي تقيم مع كافر!

شقيقتي تقيم مع كافر! المجيب د. أحمد بن محمد الخليل (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) . التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 11/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. أرجو أن ترشدوني كيف أتصرف مع شقيقتي البالغة من العمر 25 سنة؟ شقيقتي عندها ولدان وحامل الآن، وهي غير متزوجة، وتعيش مع رجل غير مسلم بلا زواج، لقد آذت شقيقتي عائلتنا كثيراً خلال الأربع سنوات الماضية، وهي ترفض العودة إلينا؛ لأنها تريد العناية بأطفالها، وهي تخاف من والدنا؛ لأنه لا يقبلها ولا يقبل عائلتها. كيف يمكنني معالجة الوضع؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته: يظهر لي من خلال عرضك أن أختك قد انعزلت عنكم واتخذت لها حياة خاصة، وانقطعت علاقتكم بها بسبب عيشها مع رجل غير مسلم، وعملها هذا لا شك أنه محرم ولا يجوز أن يقع من امرأة مسلمة، ولكن مادام أن الأمر قد وقع وأنت الآن تسأل عن كيفية تلافي الضرر، فالذي أراه أن تحرص على الاتصال بأختك، والحوار معها حول المشكلة التي وقعت فيها بالأسلوب الذي تراه يمكن أن يستميل قلبها، وناقش معها الأسباب التي تجعلها تستمر في علاقتها المحرمة، واحرص على أن تقنعها بضرر ذلك عليها من الناحية الدينية والاجتماعية، وذكرها بما سيؤول إليه حالها في المستقبل إذا لفظها الناس، واستعن في القيام بهذه المهمة بكل الوسائل التي تعتقد أنها تؤثر في نفسية أختك وتحملها على التوبة، وترك ما هي مقيمة عليه، وأخبرها أن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال الله تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر: 53] . وإذا كنت لا تملك المقدرة على شرح هذا فاستخدم الوسائل الدعوية الأخرى كإهداء شريط أو كتيب واصطحبها معك إلى محاضرة أو درس ديني أو أي برنامج نافع يقام في المركز الإسلامي، وحبذا لو رتبت مع بعض الأخوات الداعيات للقيام بزيارتها بصفة مستمرة، وكرر هذا ولا تيأس، وقبل هذا وأثناءه وبعده عليك أن تكثر من الدعاء لها بالهداية، والتمس أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل وبين الأذان والإقامة وآخر ساعة من يوم الجمعة. وأما مشكلة الأطفال فتستطيع أن توجد لهم حلا يكفل العناية بهم، سواء قمت بذلك بنفسك احتسابا، أو أقنعت أباك للقيام به. فإذا استجابت لك ووجدت منها تقبلا لما تقول ورغبة في الرجوع إلى الله فإنك تحاول أن تصلح بينها وبين أبيك، ولا أظن أن أباك إذا رأى هذا التحول الإيجابي فيها سيمانع -إن شاء الله- في إيوائها ورعايتها مع الأطفال، وإذا استعصى عليك أمر أبيك فيمكنك أن توسط ذوي العلم والمكانة من الذين يثق بهم أبوك ممن هم في بلدك, وهم سيقومون بهذا الأمر نيابة عنك مع الحرص على أن يتم ذلك بستر تام، وعليك بعد ذلك أن تحرص على جعلها تستمر في حضور مناشط المركز الإسلامي، وترافق أخوات صالحات من المعروفات بالعفاف والالتزام. ولو قدر أن الرجل الذي تعيش معه دعي إلى الإسلام فاعتنقه عن قناعة وحسن إسلامه فلا بأس أن يتزوجها وتعيش معه، وعليهما أن يستقيما على أحكام الإسلام. أسأل الله تعالى أن يعينك، وأن يمن على أختك بالهداية ويعفو عنها، وأن يصلح شأنها إنه سميع مجيب.

أخت زوجها متبرجة فكيف تنصحها؟

أخت زوجها متبرجة فكيف تنصحها؟ المجيب د. منيرة القاسم عضو هيئة التدريس بكليات البنات بالرياض. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية التاريخ 6/12/1425هـ السؤال أخت زوجي مطلقة ولديها أولاد، وهي أصغر مني سناً، مع هذا فهي لا تلاطفني، ولا تكن لي وداً؛ لأني أرتدي النقاب وأخاف الله، ولكنها تظهر شعرها وزينتها، ناهيك عن المكياج الذي تضعه، فقد عجز زوجي -الذي هو أخوها- عن تجنب ذلك، حتى إنه لجأ إلى الضرب ولكن دون جدوى، أشار علي بعض الأصدقاء، فقالوا لي: الدين النصيحة، وبعضهم أمرني أن أصادقها؛ ربما تكتسب وتعي الدين وأوامره. فبماذا تشيرون علي؟ أفادكم الله. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أدعو الله - سبحانه وتعالى- أن يثبتك على دينه ويزيدك تقى، موضوع أخت زوجك يحتاج منكما إلى صبر وحلم، فأسلوب الضرب غير مناسب لعلاج حالتها، هي بحاجة إلى الملاطفة والإشعار بالحب والعطف، وهذا يتطلب منكما التودد إليها والإحسان لها، ولأولادها، خاصة وأنها بدون زوج، كما أن التدين والاستقامة لا يكون بالقوة، وإنما تنبع من ذات الشخص وقناعاته وحبه لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم- ولشريعته؛ لذا أوصيك وزوجك أن تغيرا معاملتها، وتعاملاها بالمعروف والإحسان والدعوة بالحسنى واللين، وأن تكونا قدوة في ذلك، حتى وإن أظهرت عناداً وتكبراً، فلا تتعجلا النتائج، ولا تنسيا الدعاء لها وإظهار ذلك أمامها وفي ظهر الغيب، فزوجك لن يحاسب على أفعال أخته في الوقت الذي هو مسؤول فيه عن إحسان معاملتها والإنفاق عليها إذا كان هو وليها، والنصح والموعظة الحسنة؛ لأن إساءة معاملتها ستزيد من المشكلة، وستولد الكراهية لكما، وللمتدينين، وقد تأخذها العزة بالإثم وترتكب المزيد من المعاصي. احتسبا الأجر واصبرا، وعليكما بحسن الظن بالله، وستجدان أفضل النتائج بإذن الله، تقربا إليها بالابتسامة والهدايا؛ فهي مفتاح عجيب للقلوب، دعواتي لكما بالثبات ولها بالهداية والسداد.

مشكلات الخدم

ابني والخادمة: علاقة آثمة! المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات الخدم التاريخ 17/9/1424هـ السؤال لدي ولد عمره 19 عاماً، اكتشفت أن له علاقة جنسية مع الخادمة، واجهته بالأمر وأغلظت له في القول والزجر، ولكنه أنكر أن له علاقة معها، مع أنني متأكدة من ذلك تماماً، استغرب أن يفعل ذلك فهو من الشباب الهادئ الخلوق، ليس له مشاكل في المدرسة أو الحي، محبوب من الجميع، ولكنه من المقصرين في أداء الصلاة، ومن يومها أصبحت علاقتي معه سطحية، أخبرت والده بالأمر، ولكنه لم يحرك ساكناً، طلبت منه أن يسفِّر الخادمة، ولكنه لم يفعل، فما هو الحل برأيك؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير نبينا محمد الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة وساءني جداً ما أساءك، وأحزنني ما أحزنك، ولكن قبل الشروع في حل هذه المشكلة، أود أن ألقي على مسامعك بعض الأسئلة والرجاء أن تتحملي: أولاً: كيف سمحتم لأنفسكم أن تهيئوا الجو المناسب لابنكم حتى يخلو بالخادمة الآثمة؟ وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما" أخرجه الترمذي (2165) من حديث عمر_ رضي الله عنه_ وقال: حديث حسن صحيح غريب. وصححه الألباني فما ظنك باثنين الشيطان ثالثهما؟! ثانياً: هل بيتكم قائم على الطاعة والذكر، خالياً من المنكرات سواء المسموعة أو المشاهدة أو المقروءة، والتي بدورها تثير الشهوة وتأجج لهيبها في نفوس المراهقين أمثال ولدك. ثالثاً: هل قمتم بتربية أولادك التربية الإسلامية الصحيحة، وتتابعونهم وتتفقدون أحوالهم، وتقوِّمون انحرافهم، وهل عرفتم من يصاحب ابنكم؟. هل تظنين أن ابنك انحرف بين عشية وضحاها؟ الأمر ليس كذلك، ولكن وراء انحراف ابنك أسباب كثيرة أنتم عنها غافلون أو متغافلون. رابعاً: هل لزوجك الدور الفعال في تربية الأولاد لا أظن، كيف أن زوجك لا يحرك ساكناً عندما أخبرتيه بما فعله ابنك مع هذه الخادمة الآثمة؟ إن زوجك وللأسف لم يراع الله في الرعية التي استرعاه الله عليها، فأين هو من قوله -صلى الله عليه وسلم-:"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" متفق عليه البخاري (2554) ، (5188، 5200) ومسلم (1829) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. وأين أنت من هذا الحديث كذلك؟ إن تصرف زوجك حيال هذه المشكلة تصرف خاطئ بجميع المقاييس، فهو بذلك يكون غاشاً لله في تلك الرعية، فهو الذي يعين ابنك على هذا الفجور والمجون وسيسأله الله عن هذا كله إذا لم يتدارك الموقف، إن زوجك آثم بتصرفه ذلك من عدم تأديب ولده وعدم إبعاده لهذه الخادمة الفاجرة.

خامساً: هل زرعتم في ابنكم الإيمان وحب الخير وفعل الطاعات أم ماذا؟ تقولين بأن ابنك محبوب من الآخرين وليس عنده مشاكل في المدرسة وغيرها، وهو شاب هادئ وخلوق، ولكنه متهاون في أداء الصلاة، الله أكبر متهاون في أداء الصلاة، وكأن تهاونه في أداء الصلاة أمر عادي أو سهل عندك، وتزعمين أنه هادئ وخلوق، أي أخلاق وأي هدوء تقصدين؟. يا أمة الله من تهاون في أداء الصلاة وضيَّعها كان لغيرها أضيع، فالصلاة عماد الدين والفارق بين أهل الكفر والإيمان قال -صلى الله عليه وسلم-:"إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم (82) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- وعن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" أخرجه الترمذي (2623) وقال حديث حسن صحيح، والنسائي (1/231-232) وابن ماجة (1079) وابن حبان في صحيحه (255) وغيرهم. فالتهاون في أداء الصلاة ليس بالأمر الهين، بل هو عنوان الاستقامة على شرع الله، فالصلاة في حد ذاتها تنهى عن الفحشاء والمنكر كما قال ربنا جل وعلا:"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون" [العنكبوت:45] . سادساً: أود أن ألفت نظرك إلى خطورة الزنا، فالزنا جريمة منكرة، وكبيرة مهلكة، وعدوان على الشرف والعرض وهتك للستر، وقتل للعفاف والحشمة والفضيلة، ونشر للرذيلة، فلا يميل إليه ولا يرضى به إلا كل فاسد وفاسدة وفاجر وفاجرة؛ لذلك قال ربنا:"الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور: 3] . والأدلة في كتاب ربنا وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- كثيرة على تحريم هذه الجريمة البشعة، وبيان خطرها وأضرارها على الفرد والمجتمع، والمآل المهين لصاحبها يوم القيامة. قال تعالى:"والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68-70] ، فهذه الفاحشة البغيضة أدرجت في سلك الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وارتقت عقوبتها إلى حيز الخلود في نار جهنم والعياذ بالله، وما ذلك إلا لبشاعتها وقبحها وخطرها المدمِّر للفرد والمجتمع والأمة. ومع ما تقدم فإن هذه الجريمة المنكرة تنافي الإيمان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" متفق عليه البخاري (2475) ومسلم (57) . وقد أعد الله للزناة يوم القيامة عذاباً مهيناً يتناسب على ما كانوا عليه من الدناءة في الدنيا، وذلك إن لم يتوبوا إلى الله من هذه القاذورات النتنة.

عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى الأرض المقدسة فذكر الحديث إلى أن قال:"فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور، فإذا فيه لغط وأصوات، قال: فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا" وفي آخر الحديث قال:"وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني" أخرجه البخاري (1386) . والأحاديث في بيان عقاب وعذاب الزناة يوم القيامة كثيرة جداً. سابعاً: ها أنت قد وقفت على خطورة الأمر، وعظيم شأنه فما عساك أن تفعلي أنت وزوجك حيال ولدك؟ هل تحبين أن يكون مصير ولدك يوم القيامة هذا المصير الأليم والهوان الشديد والعذاب العظيم؟. هل فكرت أنت وزوجك - ولو مرة- أن يكون ابنكم من حملة كتاب الله، فقمتم بتشجيعه على ذلك، وحرصتم على أن تسجلوه في إحدى حلقات التحفيظ، والتي هي منتشرة هنا ولله الحمد بكثرة. فهل فكرتم أن يكون ابنكم من الشباب الذين نشأوا في طاعة الله، حتى يكون من الذين قال فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم-:"سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ... " منهم "وشاب نشأ في طاعة الله" متفق عليه البخاري (660، 1423، 6479، 6809) ومسلم (1031) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. أما بالنسبة لحل هذه المشكلة فعليك بالآتي: (1) أولاً وقبل كل شيء يجب عليكم أن تسفِّروا هذه الخادمة الآثمة من غير رجعة. (2) عليكم أن تهتموا بتقوية الإيمان في قلب ابنكم، وذلك بتشجيعه على حضور مجالس العلم ومصاحبة العلماء والدعاة وطلبة العلم والاهتمام الكبير بأمر الصلاة والحرص على أدائها في أوقاتها، ولتكونوا الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة له ولباقي أبنائكم. (3) عليكم بإتلاف أي مظاهر للفساد عندكم من دش وأغان وغيرها من الأشياء المحرمة، والتي تثير الشهوات وتلهب نارها. (4) عليكم بمتابعة ابنكم متى يخرج ومتى يأتي، ومع من يخرج ومن هم أصحابه، فلا بد من إبعاده عن قرناء السوء. (5) إحضار الأشرطة الدعوية والكتب الإسلامية والتي تركِّز على تقوية الإيمان، وتحض على فعل الطاعات وتحذِّر من فعل المنكرات، وخصوصاً التي تتكلم عن الموت وشدته، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، والصراط وحدّته والحساب ورهبته، والجنة ونعيمها والنار وعذابها. (6) عليكم أن تأمروا ابنكم بغض البصر عن كل ما حرم الله، امتثالاً لقوله تعالى:"وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" [النور:30] . (7) عليكم بالإسراع والمبادرة بتزويج ابنكم؛ حتى لا يتورَّط أكثر في الحرام، قال -صلى الله عليه وسلم-:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه له أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه البخاري (5065) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، ومعنى قوله:"وجاء" أي وقاية وحماية من الوقوع في الحرام. فإن لم يتيسر لكم ذلك في الوقت الراهن فعليكم إرشاده للصوم، فإن الصوم يهذب النفس ويحد من ثوران الشهوة كما تقدم في الحديث السالف الذكر.

(8) عليكم باللجوء إلى الله والدعاء بصدق وإلحاح أن يهدي ابنكم، وأن يعصمه الله من الشيطان، وأن يبعد عنه الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأبشروا بخير فإن الله هو القائل:"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة:186] وقال تعالى:"أمن يجيب المضطر إذا دعاه" [النحل:62] . (9) عليكم أن تحثوا ابنكم على التوبة والإقلاع عن هذا الذنب وغيره، والعزم الأكيد على عدم العودة إلى المعاصي مرة أخرى، وأخبروه بأن رحمة الله واسعة، وأن الله يفرح بتوبة العبد إذا تاب ورجع إليه كما ثبت ذلك في الحديث المتفق عليه عند البخاري (6309) ومسلم (2747) من حديث أنس -رضي الله عنه-. (10) عليكم أن تظهروا له الضيق والضجر والغضب لما فعله حتى يتضح له قبح فعله، ويكون كلامكم معه على قدر الحاجة، حتى يكون ذلك رادعاً له، ولكن لا يدوم هذا الحال مدة طويلة، حتى لا يأتي بنتائج عكسية. (11) عليكم أن تشغلوا وقته بما هو نافع ومفيد، من حفظ قرآن وطلب علم، وممارسة رياضة، إلى غير ذلك من الأمور النافعة. (12) عليكم بتشجيعه إذا وجدتم منه إقبال على الطاعة، وشعرتم منه بحسن التوبة وصدقها، وهنا يجب عليكم أن تتناسوا الماضي بكل قبحه، ولا تحاولوا أن تذكروه به إذا صدر منه شيء خطأ، فهو على كل حال إنسان وشاب في سن المراهقة وغير معصوم، فالرفق به مطلوب، هذا ما تيسَّر والله أعلم بالصواب، ونسأل الله أن يهدي ابنكم وأبناءنا وأبناء المسلمين إلى طريق الحق والهدى والاستقامة على دين الله اللهم آمين، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حتى لا يقع في شرك الخادمة

حتى لا يقع في شَرَك الخادمة المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات الخدم التاريخ 20/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كيف النجاة من شراك الخادمات، حيث تقف خادمتنا إلي بالمرصاد لكي أقع بها، حتى بدأت أفكر بها كثيراً، وربما لا أنام الليل من التفكير بها، فكيف أبتعد عنها قبل أن يقع الفأس بالرأس؟. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الحبيب: أنت تسأل عن تأثير وجود الخادمة لديكم في المنزل، ومحاولتها التحرش بك، مما جعلها تحتل مكانة عالية في تفكيرك، ولا تنام الليل من التفكير فيها. لا شك أن موضوع الخادمات أخذ حيزاً كبيراً من الدراسات والبحوث في مجتمعنا السعودي، ومثيله من المجتمعات الخليجية، وكلها أكدت على خطورة الاعتماد الكلي على الخادمات، وانعكاس ذلك على القيم الاجتماعية والوضع الأسري بعامة، وبخاصة تأثيرهن على الأطفال في ظل اعتماد الأسر عليهن في التربية، مما جعل الأطفال يتأثرون بثقافة الخادمات!. لذلك لعلي أمارس معك دور المبصر لك، فأقول: إن قضايا الخادمات والغرباء في المنزل كثيرة جداً، وتأخذ الجانب المهم عندما تستشعر الخادمة مثلاً الاعتماد الكلي عليها، فتبدأ تمارس دور السيادة داخل المنازل، إضافة إلى السحر الذي نشرته بعض الخادمات، وما سببه من هدم للبيوت والأسر، هذا بخلاف الجوانب الأخلاقية والسرقات والتغرير بالصغار، وغيرها، وهي كثيرة جداً، ففي البدء تذكر أن كثيرين يعانون من وجود الخادمات، ولكن كما يقول المثل (أصبحت شراً لا بد منه) في ظل التغيرات الاجتماعية، والثقافية التي نعيشها مع الأسف الشديد. أخي الكريم: أمرك عجيب، فالدراسات دلت على وجود تحرش من بعض المراهقين والأزواج بالخادمات، فحالتك معكوسة هنا، والغريب أن سنك كبير، فهل الخادمة في منزلك أنت؟ أي مع زوجتك وأبنائك، أم في منزل أسرة والدك؟ فإذا كانت في منزلك فلا تتردد في التخلص منها ومغادرتها لمنزلك وبسرعة، مع تزويدها ببعض الكتيبات بلغتها؛ علها تعيد حساباتها إذا كانت من المسلمات، أما إذا كانت في منزل أسرتك فالخطر عظيم، فعليك إبلاغ ولي أمرك في المنزل لضرورة التخلص منها. أخي الكريم: إن زيارة واحدة لدور الحضانة الخاصة بالصغار اللقطاء والأيتام تعطيك مؤشراً عن آخرين أخطؤوا الطريق، واستمروا فيما أنت حائر فيه، فوقع الفأس بالرأس -كما تقول- فالخادمات وللأسف الشديد- نحن نراهن من غير غرائز، بل بعضنا لا يراهن بشراً فتكون الثقة كبيرة، وبالتالي تكون النتائج عظيمة مخيفة. أسأل الله - عز وجل- لك الشفاء، وأن يمتعك بالصحة والعافية.

ـــــ اجتماعية أخرى ـــــ

هكذا تعارفا، فهل نزوِّجهما؟ المجيب عبد الإله بن سعد الصالح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 03/03/1427هـ السؤال تقدم لخطبة أختي شخص، وقد رفضتُ للأسباب التالية: لقد تم تعارفهما عن طريق الإنترنت، ولا يمكن التعرف عليه مباشرة؛ لأنه يقطن بمدينة أخرى كما أن الفارق بين عمر أختي وعمره كبير (عشرون عامًا) ، وقد سبق له أن تزوج. سألت أختي عن سبب موافقتها فأجابت بأنه مادام قد قطع تلك المسافة فإنه يحبها، علما أن أختي ليست محجبة، ولا أعرف كيف يمكن التعرف على الجانب الديني بالنسبة له، فهل يحق لي الرفض؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فنشكر لك حرصك على معرفة الطريقة الصحيحة في قبول الشاب المتقدم لأختك، نسأل الله أن ييسر أمرك وأمرها. أخي الكريم: لا شك أنكم ترغبون بأن يكون زواجاً ناجحاً ملؤه المودة والرحمة والمحبة، لكن لابد من توفير أسبابه، والعمل على ذلك من جوانب نذكرها. - الحرص على أن من يأتيكم أن يكون صاحب دين وخُلُق، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: الذي يقول "إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ". أخرجه الترمذي (1084) وابن ماجه (1967) والحاكم (2742) . وهذا هو سبيل النجاح في اختيار الزوج. ولتعلم الأخت ذلك.. - الرجل الديِّن وصاحب الخلق أيضاً لا يقبل إلا بالمرأة الصالحة التي يأمل أن تعينه على العيش بحياة سعيدة. - طريقة التعارف بهذه الصورة غير صحيحة وغير مناسبة؛ لقلة فرص التعارف على الرجل، وبُعْد المسافة، والتعارف الذي يتم بينهما غير مكتمل، ويميل للجانب العاطفي ولا يعطي الحقيقة التامة. - مع ذلك إن كان الرجل الذي تقدم لكم كفئاً وعلى درجة من الدين، بعد التأكد من ذلك، فما يعيب الرجل عمره إن كانت الفتاة قد رضيت به. - إن كانت الحياة التي تعيشونها في بلدكم ملؤها الفتن، ولا تستطيع أن تسيطر على ضبط أختك من واقع المجتمع الذي تعيشونه، فالزواج سيحصنها ويحفظها فلا تتردد. نسأل الله أن يوفقها ويسعدها دنيا وآخرة.

حقوق المرأة في الإسلام.. وهم أم حقيقة؟!

حقوق المرأة في الإسلام.. وهم أم حقيقة؟! المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 06/01/1427هـ السؤال لقد تعبت كثيراً من التفكير بهذا الأمر، وأخشى أن يلحقني ذنب بما أفكر فيه، لكنني أريد المصارحة؛ لعل أحداً يرشدني إلى الفعل الصحيح. أرى الكثيرين يتشدقون بحقوق المرأة في الإسلام، وهم أصلا في حياتهم لا يقيمون وزناً للمرأة وكأنها في مرتبة ثانية؟ هل حقاً عدها الإسلام كذلك؟ أريد أجوبة واضحة ومحددة، لا أريد لعباً بالألفاظ كعادة من أسألهم، ولماذا الإسلام عدَّ حقوق الرجل أهم من حقوق المرأة؟ ولماذا الرجل يفعل أي شيء ولا أحد يسأله، بينما المرأة لا يحق لها الحديث عن حقوقها، وإلا أصبحت من (قليلات الأدب) ؟ أريد أن أسأل سؤالا مهماً: ما هي حقوق الزوجة على زوجها؟! وكيف تطالبه بها إن كان أحمق، ويتكبر عند محاولتها المطالبة بحقوقها، وكأنه يقول: تريدينني هكذا أو اذهبي!!؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي السائلة الكريمة: سأجيب عن فقرات سؤالك فقرة فقرة، وإن لم تكتفي بالإجابة فيمكنك أن تعيدي الإشكال الذي بقي لديك بطرحه في سؤال آخر. فقد قلتِ: (أرى الكثيرين يتشدقون بحقوق المرأة بالإسلام، وهم أصلاً في حياتهم لا يقيمون وزناً للمرأة وكأنها في مرتبة ثانية) . (لقد تعبت كثيراً من التفكير بهذا الأمر وأخشى أن يلحقني ذنب. بما أفكر فيه، لكنني أريد المصارحة لعل أحدا يرشدني إلى الفعل الصحيح) !! فهذا التساؤل لا يرد في حق المرأة فحسب، بل هو واقع الرجال والنساء في كثير من علاقاتهم، فالكثير مثلاً يدعي محبة الله -عز وجل- ثم يعصيه ويبارزه بالقبائح. ولو سألت أي رجل مسلم: هل تحب النبي محمداً -صلى الله عليه وسلم-؟ لقال: نعم. ثم ترينه يكره سنته في اللحية وغيرها وقد يستهزئ بمن يعفيها وهو بحلق لحيته يقلد من نهى النبي -صلى الله عن تقليدهم. وترين من يزعم أنه مسلم -رجلاً أو امرأة- وهو تارك لأعظم أركان الدين وهي الصلاة التي قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من تركها فقد كفر". أخرجه الترمذي (2621) ، وغيره. وقد ترين من يتشدق بحقوق الوالدين، وهو مقصر كل التقصير في حق والديه!. وترين من يتشدق بأخلاق العمل وهو مقصر في عمله فلا يلتزم بالدوام، ولا يحافظ على أدوات العمل. وبهذا ترين أن الأمر لا يقتصر على التشدق بحقوق المرأة ثم التقصير فيها، فهذا الأمر واقع في حقوق الله، وحقوق نبيه، وحقوق الوالدين، وحقوق العمل والعمال، وكثير من الحقوق الأخرى. فهوني عليك، واعلمي أن الناس قد ضعف فيهم وازع الإيمان، فإذا لم يخافوا من وازع السلطان ارتكبوا كل مخالفة تهواها نفوسهم. ولعل هذا الإيضاح لا يجعلك تشغلين نفسك كثيراً بهذا الأمر. وأنت تعلمين أن من الناس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، ويأتي وقد ظلم الناس، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن لم تكف حسناته أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار. كما صح بذلك الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم (2581) ، وغيره.

وظلم النساء موجود في البلاد الإسلامية والكافرة، حتى تلك التي تتشدق بحقوق المرأة، بل إن سهولة الحصول على المرأة في تلك البلاد جعلها تتعرض لمظالم أكثر مما يتصور. أما تساؤلك حول هل يلحقك ذنب بسبب التفكير بهذا الأمر؟ فجوابه في في قول الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم". رواه البخاري (5269) ، ومسلم (127) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فالله عز وجل حكيم عليم، لا يشرع شيئاً إلا لحكمة بالغة قد ندرك بعض جوانبها وقد لا ندركها. ثم تساءلتِ: (هل حقاً هي في مرتبة ثانية، هل الإسلام عدها كذلك؟ أريد أجوبة واضحة ومحددة، لا أريد لعباً بالألفاظ كعادة من أسألهم، ولماذا الإسلام عد حقوق الرجل أهم من حقوق المرأة) ؟ مسألة المرتبة هل الرجل هو الأول أم المرأة؟ فلو قلنا المرأة أولاً لثار تساؤل آخر: ولماذا لم يكن الرجل أولاً؟ ولا يمكن القطع بأن الرجل مقدم في كل شيء على المرأة فهناك تقديم للمرأة على الرجل في عدد ليس بالقليل من أحكام الشرع وسأذكر لك موضعين فقط كمثال: حق المرأة باعتبارها أماً مقدم على حق الرجل الأب، وذلك في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟. قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "أبوك". صحيح البخاري (5971) ، وصحيح مسلم (2548) . فهنا المرأة مقدمة على الرجل. والموضع الآخر: تربية البنات فهو في الفضل أعظم وأعلى منزلة من الأبناء حيث جاء في فضل تربية البنات من الأجر والفضل ما لم يأت في تربية الأبناء، روى مسلم (2631) وغيره عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو" وضم أصابعه. وفي بعض مواضع الإرث ترث المرأة أحياناً أكثر من الرجل، كما لو توفي رجل عن زوجة وابنتين وعم، فللبنتين الثلثان وللزوجة الثمن وللعم الباقي. ولكن في الجملة فإن الرجل مقدم على المرأة في رعاية الأسرة ورعايتها والقوامة عليها، قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" [النساء:34] . فالله عز وجل أحكم منا وأعلم حين جعل حق الزواج أعظم، ونحن البشر خرجنا إلى الوجود لا نعلم شيئاً فكيف نخاصم ربنا جل وعلا في تشريعه بسبب أخطاء بعضنا؟ قال تعالى: "أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين" [يس:77] . فالمسلم الموقن بأن الله هو الخالق المدبر الحكيم العليم يؤمن بأن ما شرعه الله هو الحق والهدى، ويستعيذ بالله من شر وساوس شياطين الجن والإنس. ولا تكون أخطاء البشر في حقه سبباً في اعتراضه على حكم ربه. ثم تساءلتِ: (ما هي حقوق الزوجة على زوجها؟ وكيف تطالبه بها إن كان أحمق ويتكبر عند محاولتها المطالبة بحقوقها، وكأنه يقول: تريدينني هكذا أو اذهبي) !

الحياة الزوجية ليست مبنية على المحاسبة على الحقوق بل على المودة والرحمة والتسامح والعفو، ولهذا أمر الله -عز وجل- ونبيه -صلى الله عليه وسلم- الرجال بحسن معاشرة نسائهم قال تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19] . وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر". صحيح مسلم (1469) . وأمر النساء بحسن التبعل لأزواجهن والقيام بحقوقهم. لكن بعض الرجال -من قليلي المروءات- يسيؤون عشرة المرأة؛ لعدم خوفهم من الله، وأحياناً بسبب عدم قدرة المرأة على استجلاب محبة الزوج بحسن العشرة والصبر. ويمكن للمرأة أن تحصل على حقوقها من الزوج -إن كان عاقلاً- بحسن المعاشرة والصبر، أما إن كان سفيها عاصياً فمن الصعب أن تحصل على حقوقها منه إذا لم يكن راغباً في بقائها معه ومحبا لها فهو -كما قلت في سؤالك- يقول: تريدينني كذلك أو اذهبي. وهي كذلك إن لم تكن راغبة فيه لعدم قيامه بحقوقها يمكنها أن تطلب الطلاق منه، وتبين الأسباب المسوغة لهذا الطلب أو الخلع، بأن ترد عليه ما دفعه من مهر لها. والله أعلم.

يعيروني بأني لقيطة!

يعيّروني بأني لقيطة! المجيب عبد الإله بن سعد الصالح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 24/12/1426هـ السؤال أعيش في أسرة عادية، يكسوها طاعة الله ورضوانه، وبين أب وأم وإخوة، وفي السنوات الأخيرة من عمري اكتشفت أني لست ابنتهم، بل أنا لقيطة، وأصبحت الأفكار ونظرات الناس والمجتمع لا ترحمني، فكل مكان أذهب إليه أشعر بأني صغيرة بين الناس، وحتى الناس يعاملوني وكأني إنسانة غير سوية خلقيا، أنا لا أدري كيف أتيت إلى هذه الدنيا، هل بطريقة شرعية أم أني بنت زنا؟! كل الأقارب وحتى زوجات إخوتي أصبحن يعيِّرنني بأني لقيطة. تدمرت حياتي، تركت الدراسة، انعزلت عن الناس، حاولت مراراً وتكراراً التكيف معهم بشتى الطرق، ولكن بين الحين والآخر تتزاحم علي الأفكار، وكلمات الناس الذين يقذفونني بأني أتيت بطريقة غير شرعية. تقدم أحد الإخوة لخطبتي، واتفقنا، وعندما صارحته صارحت والدته بأني لقيطة انصرفوا عن الموضوع. وعرفت أن والدتي على قيد الحياة، ولكن لا أعرف لها طريقاً. فهل لي حق بالرجوع إليها بعد هذا العمر الذي تركتني فيه، أم أبتعد عنها لأنها هي سبب حياتي القدسية؟ أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أسأل الله بمنه ورحمته أن يشرح لكِ صدركِ، وأن ييسر لك أمركِ، وأن يجعلك من الهداة المهتدين. أختي الفاضلة: لنتأمل سوياً، خلق البشر فمنهم مؤمن ومنهم كافر، وقد منّ الله عليك وعلينا أن هدانا للإسلام، وجعلنا مؤمنين به، والإيمان له أصول منها الإيمان بقضاء الله وأقداره، فهي علامة على صدق وإحسان ظنه بربه، كما قال -صلى الله عليه وسلم- "لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه" ومن آمن بما قدر الله وقضى عاش مطمئناً مستقراً، ثابتاً مرابطاً، لا تزعزعه ولا تعرضه للمحن والمصائب، ولابد أننا نعتقد أنه لا يحدث شيء بدون إرادته سبحانه، قال تعالى: "إن ربك فعال لما يريد". وقال سبحانه وتعالى: "وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له" إذا عُلم هذا فإذا نزلت النازلة وحلت المصيبة تذكر أنه بإرادة الله ومشيئته، فلا يجزع الإنسان فإنه يأوي إلى ركن شديد. ونؤمن أيضاً أن الله سبحانه لا يقدر شراً محضاً ليس فيه خير، بل كل ما قدر وإن ظهر لنا أنه شر كله فإن من ورائه من الخير ما لا يعلمه إلا الله، كتكفير السيئات ورفعة الدرجات ونحو ذلك من المصالح التي لا تخطر على بال. وتؤمن بأن الله سبحانه رحيم بالمؤمنين، بل هو أرحم بهم من أمهاتهم، لذا كان على العبد إيماناً بالله أن يصبر على أقدار الله ويرضى بها وهو سر الهداية والفلاح في الدنيا والآخرة، فإن ألمت بنا المحن نستعين بالصبر قال تعالى: "واستعينوا بالصبر والصلاة" فهي الحياة لا تقوم إلا على الصبر والمصائب، وعلاجها لا يكون إلا بالصبر فكان أجر الصابرين عظيم.

قال تعالى: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم وأولئك هم المهتدون" ألا أحدثكم بحديث لا يحدثكم به أحد غيري يقولها أنس بن مالك -رضي الله عنه- قالوا بلى، قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- جلوساً، ثم قال أتدرون مما أضحك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال -عليه الصلاة والسلام- عجبت للمؤمن أن الله -عز وجل- لا يقضي عليه قضاء إلا كان خيراً له". وتذكري أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، وقدر الابتلاء وشدته على قدر محبة الله لعبده، وفيها من الحكم العظيمة التي لا تخفى. أختي الكريمة: - نخاطبك لأنك مسلمة -مؤمنة بفضل الله- ونلمس من حديثك اتزانك وحكمتك وقوة إرادتك. - لا لوم عليك أمام الله وأمام خلقه، فأنت عزيزة بشرفك وإيمانك. - ونعلم أن الله جعل الكرامة والمنزلة الرفيعة عنده لما كان أقرب بالتقوى، قال تعالى: "إن أكركم عند الله أتقاكم". - مما ذكر سابقاً كافياً للمؤمن إذا احتسب وعمل صالحاً كان في مصاف السعداء في هذه الدنيا، وشرح الله صدره. - ومع تأملنا للناس فمتهم بين والديه، وزوجه، وأبنائه، لكنهم لا يجدون للحياة طعماً ولا راحة ولا للإيمان في قلوبهم سبيل، فهم في حسرة وندامة وضيق من العيش. - وابتلاءات الله للعبيد كثيرة، فمنهم من عاش مريضاً معاقاً، أو مريضاً نفسياً، أو ابتلي أو زوجه..الخ. أختي الكريمة: - عليك أن تقلعي جذور الإحباط واليأس من نفسك، وأن تكوني متفائلة إيجابية ثقة بالله وعونه وفضله عليك. - اعلمي أنك إذا دفعت هذه الهموم واختلطت مع الناس ورجعت لما كنت عليه سابقاً أو أكثر فإنك قادرة -بإذن الله- على تجاوز هذه المرحلة تدريجياً إلى أن تستقر في نفسك الثقة والطمأنينة، بل حتى من حولك يتأثرون بتصرفاتك وثقتك بنفسك وبإيمانك ما تجدينه منهم، ثم تجدين كل احترام وتقدير. - استغلي أوقاتك فيما ينفع نفسك وينفع غيرك كالأعمال التطوعية والمجالات الخيرية، أو في الأعمال الأخرى النافعة فهي سبيل لإشغال النفس بما يفيد، ومجال لتقديم الخير للآخرين، ووسيلة كبيرة لتقديرهم واحترامهم لك، وأجر وثواب من الله. -كوني فاعلة في أسرتك، وأظهري عدم تأثرك، وتعاملي بنفس ما كنت سابقاً. وكوني إيجابية، يعينك ربك بإذنه على تجاوز ما في نفسك. وطبيعة البشر أن المصائب تذهب تدريجياً من النفس. - المبدعون والناجحون كثيرون ممن كانوا على شاكلتك، ونعرف منهم مشهورين دعاة صادقين نفع الله بعلمهم ودعوتهم، والله لهم مكانة عظيمة في النفوس. ارتبطي بمن ترين أنها مؤثرة في حياتك من الخيرات. - وأما سؤالك عن والدتك فإذا رأيت أن ذلك سيكون شراً ووبالاً عليها فارحميها، وتجنبيها، واكملي حياتك بدونها، فاللوم عليها لا عليك، واحرصي على الدعاء لها ولك ولمن كان له إحسان عليك. والله يحفظك ويرعاك.

أنا والتهميش الوظيفي

أنا والتهميش الوظيفي المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 16/12/1426هـ السؤال ما أفضل ما يفعله الإنسان في فترة الابتلاء والتهميش والتجميد الوظيفي والعملي والاجتماعي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقضية التهميش الوظيفي تختلف عن التجسيد الوظيفي؛ فالتهميش الوظيفي إجراء تقوم به جهة العمل لموظف قد يكون غير كفء أو صدرت منه مخالفة، أو لا يتوافق مع السياسة الجديدة لجهة العمل وغيرها من الأسباب، أما التجميد الوظيفي يعني تأخير الموظف في الترقي أو تقليد مناصب عليا، وطول فترة بقائه على نفس وظيفته، وبالتالي الأمر مختلف، ولا أدري حقيقة أيهما يطبق عليك، فلو أنك تقصد روتين الحياة ككل عملياً واجتماعياً، فعادة الشعور بالملل يدخل إلى بعض النفوس المضطربة التي لا تجد ما تشغل به وقتها بشكل إيجابي. أما إذا كنت تعاني من التهميش الوظيفي في عملك، فأعتقد أنه يجب أن يكون لديك أولاً قناعة بأسباب التهميش بشكل دقيق ولا تغالط فيه نفسك، وعادة ما يكون التهميش فرصة للموظف كي يعيد حساباته وينظر لنفسه من جديد. أما إذا كان ما تعانيه التجميد الوظيفي -وهو ظاهرة موجودة في القطاع الحكومي بشكل عام- فأعتقد أن طبيعة الأعمال حالياً تؤيد ضرورة زيادة الجرعات التدريبية التي يتلقاها الموظف حتى يطور من نفسه ومن قدراته، لحين انتهاز فرصة مناسبة، فالموظف عليه أن لا يكتفي بما لديه من خبرات أو مهارات، فمن المعروف أن المهارات في تغير في ظل تطور استخدام التقنية في العمل. فالموظف عليه تطوير قدراته حتى يقلل من التجميد الوظيفي الذي قد يقع عليه. لذلك أخي الحبيب بادر في تطوير قدراتك، وانفتح أكثر على مؤسسات العمل، وعالم العمل بحد ذاته قد يجد فيه الموظف الكثير مما يحقق من مكانة أو دور اجتماعي معين. ولكن البعض -مع الأسف- قد يرى أن العمل هو دخل أو راتب فقط، بينما الحقيقة العملية هي عكس ذلك، فالعمل -أخي الكريم- هو الدور في الحياة الاجتماعية والذي من خلاله يستطيع الفرد ضبط إيقاع أدواره الاجتماعية الأخرى. وبفقدان دور العمل أو تأثره تضطرب بقية الأدوار، ويحدث الصراع النفسي والاجتماعي للفرد، وحالات التهميش الوظيفي أو التجميد هي مواقف لما يفتقده الفرد في عمله، لذلك يشعر بالملل أو الكبت أو القتل البطيء، كما ذكرت في رسالتك. وأعتقد أن عمرك صغير جداً، فلا تركن لليأس ففي العمر فسحة من أمل، فاستعن بالله وتقدم خطوة للأمام، ويتلوها خطوات بإذن الله، وانظر للعمل وفق ما ذكرت لك، لجعله محور الاهتمام، وستجد نفسك في تناغم كبير في ممارستك لحياتك الاجتماعية. أسأل الله العلي القدير لك التوفيق والسداد، وأن يوفقك في عملك وفي حياتك.

ما زال يلاحقني بعد توبتي!

ما زال يلاحقني بعد توبتي! المجيب نورة الرشيد التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 25/10/1426هـ السؤال أنا فتاة تعرفت على شاب عن طريق الإنترنت، وتطورت علاقتي به حتى أصبحت أكلمه هاتفياً ثم قطعت علاقتي به، وتبت إلى الله -تعالى- وتركته ولم أعد أكلمه، لكنه لم يتركني، فاستمر يتصل بي بعد فترة من قطع علاقتي به، وعندما أصريت على رفض علاقتي به هددني بأن يتصل بأهلي، ويخبرهم بأنني لا زلت على علاقة به، وأنني خرجت معه قبل ذلك، فرفضت أن أعود إلى علاقتي به، فاتصل بأخي، وقال له ما هددني به، وبعد ذلك ظننت أنه لن يعود للاتصال بي، ولكنه عاد مرة أخرى يزعجني باتصالاته، رغم أنني غيرت رقم جوالي، ولا أعلم من أين عرفه؟ أرجوكم أرشدوني ماذا أفعل مع هذا الشاب؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد قرأت رسالتك، وأسأل الله أن يتوب عليك، ويغفر لك ذنوبك، ويثبتك على الحق، وأقول رداً على رسالتك: 1- الإنترنت سلاح ذو حدين، فاستغني عنه بقراءة ما ينفعك، والانشغال بالعبادة والدعوة.... والانضمام إلى دور تحفيظ القرآن الكريم، والارتباط بالصحبة الصالحة. 2- استمري على تجاهل هذا الذئب، ولا تردي على أي رقم لا تعرفينه في جوالك، وبإمكانك أن تقفلي الجوال ولا تفتحيه إلا إذا أردت الاتصال الضروري، ولا بأس أن تقطعيه مؤقتاً حتى ينقطع ذلك الشاب وييأس منك. 3- ادعي الله أن يكفيك شره، وقولي: "اللهم اكفنيه بما شئت"، (حسبي الله ونعم الوكيل) ، (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) ، (لا حول ولا قوة إلا بالله) . فالاستغفار، والحسبلة، والحوقلة ... تدفع عنك الشرور، ويكفيك الله ما أهمك. 4- إذا كان لديك في البيت أخ عاقل، حكيم، يحسن التفاهم، والتصرف، وغير متهور، فأبلغيه بمضايقة الشاب لك، وأعطيه رقمه؛ حتى يتعاون مع الهيئة في القبض عليه ومعاقبته. 5- إذا لم يكن لديك رجل عاقل من أقاربك، فعليك بالاتصال بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقتكم، أعطيهم الرقم وهم سيتعرفون عليه، ويراقبونه، ليسلِّموه إلى من يعاقبه. وختاماً: أطمئنك أن الله -سبحانه -سيصرف عنك شره مادمت قد صدقت التوبة مع الله، ولكن حاولي تجنب الذنوب والمعاصي، لأنه ربما سُلِّط عليك بسبب ذنوبك، فحافظي على أورادك، وعلى الخشوع في الصلاة، وعلقي قلبك بالله، وثقي أن هذا الشاب سييأس ويملّ ويتركك، ولكن لا بد أن يوقف عند حدِّه ويؤدب -إذا طالت مضايقته-. أسأل الله لك التوفيق.

في أسرتنا منحرفة!

في أسرتنا منحرفة! المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 14/10/1426هـ السؤال لدي أخت تزوجت وهي صغيرة من شخص غير سوي، وبدأت تنحرف أخلاقياً وهي عند زوجها، اكتشف زوجها أنها تخونه مع شخص فقام بطلاقها، وبعد مدة قام بإرجاعها، ولكنها لم ترجع إلى الله وتتوب إليه، بل استمرت في انحرافها. ومشكلتي التي أعيشها الآن هي أن زوجها اكتشف أنها على علاقة مع صديقه، ونزلت علينا المصائب والفضائح والأمراض من هذه الأخت، وبعد هذه الفضائح فكرت كثيراً في قتلها؛ لأنها دمرت حياتي وحياة أمي وأبي وأولادها. وقد اقترح علي أحد الأقارب أن أودعها مستشفى الأمراض النفسية، وعلى الفور قمت بذلك، ولكنها هربت من المستشفى، وقامت بالإبلاغ عني لدى مركز الشرطة بحجة أنني تهجمت عليها في بيتها، وآخر ما توصلنا إليه هو أن نتبرأ منها أمام الله والقانون وقد قمنا بذلك. أفيدونا مأجورين. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإني أسأل الله -تعالى- أن يفرج كربك، ويزيل همك، وألا يحمِّلك ما لا طاقة لك به، فمعاناتك مع شقيقتك -حقاً- مؤلمة موجعة، وللدنيا مع أهلها ابتلاءات وتقلبات، وما على أهل الإيمان إلا الصبر والاحتساب وحسن التوكل على الله تعالى، لكني أرى -يا أخي- أنكم بذلتم مع تلك الشقيقة كل حيلة، وسلكتم معها سعياً لهدايتها ولكبح جماحها كل وسيلة، لكني بعد كل هذا أنصحك بالآتي: 1- الصبر والاحتساب. فقد قال صلى الله عليه وسلم، فيما رواه الإمام البخاري (5642) ومسلم (2573) : "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه". وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا". رواه أحمد (3712) وصححه الألباني 2- تذكر ابتلاء الله لنبيه نوح -عليه السلام- في ولده، ومع ذلك لم يقصر في نصحه ووعظه إلى ساعة الطوفان، وإلى أن حال بينهما الموج فكان من المغرقين، فلا تيأس ولا تمل من نصح شقيقتك مهما بلغت من تمرد وعصيان، وأرسل لها من النساء الصالحات من يعظها وينصحها ويأخذ بيدها إلى سواء السبيل. 3- لا تملكها أي مال فربما كان في تصرفها سفاهة مع ما ذكرت من تمرد. 4- خذ أبناءها وارعهم وعلمهم الدين، وربهم على الخير والفضيلة بعيداً عن أمهم فليست هي أمينة عليهم. 5- إياك ثم إياك أن تفكر في قتلها حتى لا تخسر دينك ودنياك مهما بلغت من معصية؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً". أخرجه البخاري (6862) .

6- لا تحمِّل نفسك ما لا تطيق، فوراءك مسئوليات أخرى -كما تقول - وعلى رأس ذلك والداك ثم أخواتك، وربما أبناء تلك الشقيقة- هداها الله للصواب، فإن الله تعالى يقول: "ولا تقتلوا أنفسكم" [النساء: 29] ، وقوله سبحانه: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة: 195] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه". قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: "يتعرض من البلاء لما لا يطيق" رواه الترمذي (2254) وابن ماجة (4016) ، عن حذيفة -رضي الله عنه-، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. 7- اعتزل هذه المرأة، ولا تجعلها تحطم عائلة بأكملها فـ"كل امرئ بما كسب رهين" "ولا تزر وازرة وزر أخرى". 8- جدد طلبك لها بالرجوع لتعيش في بيت والدك؛ لتكون بذلك تحت نظرك، فإن أبت فتبرأ منها مع متابعة أخبارها ولو من بعد. 9. إن تابت أختك هذه وعادت إلى الحق والتزمت وتركت ما هي فيه فاقبلوا منها ذلك وشجعوها على ممارسة حياة جديدة ولو في سكن جديد. وأخيراً أرجو أن تراسلني على الموقع؛ لنعلم ماذا فعل الله بكم ولعله خير "واصبر وما صبرك إلا بالله".. فرج الله كربك وهدى أختك..

حبها استولى على عقلي!

حبها استولى على عقلي! المجيب د. إبراهيم الزامل (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 12/10/1426هـ السؤال أنا طالب في إحدى الكليات، ومشكلتي أني أحب فتاة، وهي عالقة بذهني ومسيطرة على تفكيري، فلا أستطيع أن أنام ولا أدرس إلا وأنا أفكر فيها، أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الحبيب: إن كانت تلك المرأة التي تتردد صورتها على ذهنك ممن يُرضى دينها وخلقها، وما ترغب أنت فيه، فلا مانع من الزواج بها، وأما إن كان ثمة موانع، فأوصيك بأمور: (1) أكثر من الدعاء واللجوء إلى الله بأن يصرفها عنك، فما خاب من رجا ربه. (2) تذكّر أن هذا لا يأتي إلا من الشيطان؛ ليشغلك عن دنياك وآخرتك وما يهمك، فاستعذ بالله منه، وتجنب كل ما يقربه منك، واحرص على كل ما يبعده عنك. (3) اعلم أن أعظم سبب لمثل تلك الأمور هو الفراغ، فاشغل نفسك ما استطعت، فمن قراءة قرآن إلى سماع شريط، إلى قراءة كتاب، إلى حضور محاضرة.. وإذا حزبك الأمر فافزع إلى الصلاة. (4) تجنب الوحدة، وحاول الالتفاف حول صحبة خير تذكِّرك بالله والدار الآخرة. (5) تذكّر أن من فرغ قلبه من حب الله تخبط في حب عباده، فابحث عما يملأ قلبك بحب الله، وأكثر من القراءة حول آياته وقدرته ونعمه ورحمته، وما أعد لعباده في الآخرة. (6) أما إن كنت لا تستطيع نسيانها بسبب اضطرارك إلى الالتقاء بها أو سماع صوتها فتجنب كل طريق يقربها منك، واسع إلى غرس اليأس منها في نفسك، واصدق مع الله يصدقك ويعينك "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا". وفقك الله للصالحات، وأشغلك في الطاعات، ومنَّ عليك وأكرمك بحبه.

جدتي لا تصلي، فكيف ننصحها

جدتي لا تصلي، فكيف ننصحها المجيب أمل الجليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 21/08/1426هـ السؤال سؤالي بخصوص جدتي لأمي، فحالتها الصحية سيئة فهي لا تغادر السرير، ونحن نقوم بخدمتها والمشكلة أنها أصبحت تتحسس من أي كلام وتغضب بسرعة على أتفه الأسباب، وهي لا تتكلم معنا إلا إذا طلبت شيئاً، تظل معظم النهار مستلقية ومغمضة العينين، والشيء الذي يضايقنا هو أننا لا نراها تصلي مع أنها عندما كانت صحيحة كانت تصلي كل صلاة في وقتها، أما الآن فهي تقول: إنها لا تستطيع؛ لأنها مريضه وغير قادرة على الطهارة في كل وقت للصلاة، وهي تقول: إن الله يعلم بنيتها وبحالها، ولو ألححنا عليها في أمر الصلاة تغضب، وتقول: ألا ترون حالي؟ فأحياناً تقول للذي ينصحها بالصلاة لا أريد أن أرى وجهك، الله يعلم بمرضي. مع العلم أن عقلها سليم. فأرجو منكم أن تدلوني وتنصحوني بكيفية التعامل معها، سواء بإخراجها من الغضب الذي هي فيه، وكيفية نصحها للصلاة بالطريقة التي تريحها ولا تغضبها. وجزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فقد ذكرت في خطابك الحالة الصحية لجدتك الكبيرة في السن، وشدة غضبها لأتفه الأسباب، وأردفت بقضية تركها للصلاة مع كامل وعيها وقدرتها عليها ولو على جنب، وتسأل عن كيفية التعامل معها، وإخراجها من حالة الغضب الدائمة، وكيفية حثها على إقامة الصلاة دون إغضابها، فأود أن أوضح -والله المستعان- عدة نقاط مهمة، نحتاج التعرف عليها للتعامل مع المسن، أولاً يا أخي -رزقك الله البر والأجر- لابد من معرفة نفسية المسن، وكيف يفكر وماذا يريد؟ فالمسن يشعر بأنه أصبح غير قادر على العطاء، وأنه بعد أن كان المعيل والمنفق، أصبح اليوم يحتاج إلى من يعوله، ويحتاج إلى من يخدمه، وهذا يجعل لديه حساسية شديدة لأي نقد أو إرشاد أو توجيه مباشر، فهو يشعر أنه عالة على المجتمع، وأنه ثقيل على من حوله، وأنهم يرتقبون اليوم الذي يتخلصون منه فيه. ولذلك ركز الله في وصيته بالوالدين على هذه المرحلة العمرية، قال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما.....الآية" [الإسراء:23] فركز على هذه المرحلة العمرية، وهي حين يبلغ الوالدان الكبر؛ لأن الوالدين يكون لديهما حساسية شديدة، وملاحظة شديدة لأي عبارة أو حركة أو إشارة تدل على التضجر أو الضيق أو التأفف، فنهى عن كلمة بسيطة صغيرة في حجمها، كبيرة في معناها، وهي كلمة أف، للدلالة على ما هو أكبر منها، فتأمل معي -يا أخي- فلابد من ملاحظة ما يصدر من الأبناء والأحفاد من تصرفات بدقة أكثر والانتباه للغة، فالمسن يلاحظ ما لا يلاحظه الآخرون، من تعابير الوجه والعينين كعلامات الضيق، والضجر، والتقرف، والسخرية والاستعجال، وكل هذه الإشارات لها الأثر البالغ في نفسية المسن، فهو يشعر بالمهانة وعدم الاهتمام، ويفسر بعض التصرفات بقلة الاحترام، والتطاول. فلا بد من مراعاة حسن التصرف بإلانة القول واختيار العبارات وإظهار الاحترام والتوقير، وعدم الاستغناء عن الدعاء، والرضا منهما ومشاورتهما، وإظهار الفرح بنصيحتهما حتى وإن كانت شيئاً معروفاً، ومطروقاً بالنسبة للولد، وإظهار الاهتمام بسماع ما يقصان من حكايات قديمة قد تكون مكررة ومسموعة، وكأنها تسمع لأول مرة!! فهذه بضاعتهم! لا يملكون إلا اجترار الذكريات ومداومة الاعتراف بالجميل للوالدين، وتذكيرهم بالمواقف الرائعة، والتضحيات التي قدموها في تربيتهم، وعطائهم، وكأننا نقول لهم: إننا ما نسينا ما قدمتم من أجلنا وما جحدنا فضلكم علينا، وأيضاً الاهتمام بالعلاقة الجسدية التي لها الأثر الكبير في إيصال معانٍ كبيرة قد لا يستطيع اللسان التعبير عنها، مثل تقبيل الأيدي والرأس والقدمين، أيضاً اهتمام البنات بمباشرة عملية الإطعام، والتنظيف وتمشيط الشعر برفق ولطف، وعدم ترك هذه الأمور للخادمة، وتبادل الجلوس معها، وإن تيسر (دون الإضرار بها) إخراجها للتنزه والعمرة ورؤية الناس، وإحضار ما تشتهي من الطعام والتنويع في ذلك، ونقل الأخبار السارة لها، وكل هذا مع استعمال العبارات الرقيقة اللطيفة، مثل يا أمي يا حبيتي، يا تاج رأسي، الله لا يحرمني منك، الله يطول في عمرك، الله يديمك خيمة على روؤسنا يا ست الحبايب يا أغلى الحبايب. قال

تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً" [الإسراء 23-24] . ثانياً: بالنسبة لقضية الصلاة فهي داخلة تحت موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال -صلى الله عليه وسلم- " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" أخرجه مسلم (49) . فالواجب على المسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يقدر عليه بحسب قدرته بحسب التدرج المذكور في الحديث، ولكن في موضوع الوالدين فالأمر مختلف، فمقام الوالد مختلف عن غيره من الناس، حيث قرر علماؤنا أنه لا يجوز الإنكار على الوالدين بغير الرفق واللين، وفي مثل حالة الجدة هذه قد يكون الأجدى معها التعريض وليس النصح المباشر، وذلك بإدارة الحديث عندها عن فضل الصلاة وحسن الخاتمة وسرد القصص المشوقة في ذلك، وليس بتوجيه الكلام لها مباشرة، بحيث تستمع لحديثكم دون أن تشعر أن هناك نقداً مباشراً لسلوكها، ثم بعد هذا لا تملكون لها غير ذلك، والدعاء لها بظهر الغيب، فالهداية بيد الله، والله أعلم بخفايا النفوس. و" ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" وقوله تعالى: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء". وفقك الله لكل خير، فهو الهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.

لماذا لا يشرع التعدد للمرأة؟!

لماذا لا يشرع التعدد للمرأة؟! المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 15/07/1426هـ السؤال أود أن أعرف لماذا لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتخذ أكثر من زوج بخلاف الرجل؟ فإذا كان الرجل له أن يعدد إلى أربع نسوة، فلِم لا يجوز ذلك للمرأة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هناك حكمة إلهية عظيمة في منع تعدد الأزواج، لأننا نعلم أن معظم الأمراض التي تنتج عن الممارسات الجنسية المحرمة (الزنا) سببها تعدد اتصال المرأة برجال في وقت متقارب دون أن يزول أثر الاتصال السابق، وهذا ما سيحدث في حال إباحة تعدد الأزواج. الحقيقة العلمية ناطقة من خلال الإحصائيات التي تؤكد أن نسبة عالية من سرطان الرحم تحدث بين النسوة اللائي يمارسن البغاء، لتعدد مصادر الماء في المكان الواحد (فرج المرأة) ، وكان هذا عقوبة للزناة في الدنيا قبل الآخرة، ولهذا حرم الله على المرأة أن تتزوج فور وفاة زوجها؛ لأن ذلك يؤدي إلى تقارب فترة جماعها لرجلين مما يؤدي إلى أمراض ومخاطر صحية تحصل للنساء اللواتي يتصلن بأكثر من رجل في وقت واحد. ولهذا كان من أسرار العدة أن يتنقى الرحم من أثر الزوج. وفي حالة الحمل فقط يجوز للمرأة أن تتزوج فور وضع حملها وتنتهي عدتها بوضع الحمل؛ لأن وضع الحمل ينهي كل أثر لما قبله من اتصال، نظراً لما يخرج مع الحمل من ماء وإفرازات تنتهي معها كل الآثار السابقة. وتعدد الزوجات للرجل الواحد لا يترتب عليه شيء من هذه الآثار، ولهذا أبيح للرجل أن يعدد، كما أن تعدد الأزواج للمرأة يؤدي إلى اختلاط الأنساب، فلا يعود أبٌ يعرف ابنه، وفي هذا تفكيك للأسرة وتعارض مع بداهة العائلة. فالإنسان -سواء أكان رجلاً أم امرأة- مفطور على معرفة ولده. وحرم تعدد الأزواج لأنه ينافي الفطرة السليمة، ويعادي الطبيعة المستقيمة، ويؤدي إلى فساد النسل، ويجر إلى اختلاط الأنساب. ومن جهة أخرى فإن الإحصاءات تدل على أن عدد الرجال أقل من عدد النساء، وفي كل إناث الحيوانات العدد أكبر، والرجال دائماً عرضة للإصابات في أحداث الحياة التي يتعرضون لها في مجالات أعمالهم بالإضافة للحروب، فكان من مصلحة المجتمع البشري أن يشرع التعدد للرجل. فضلاً عن حكم كثيرة يمكن مراجعتها في الكتب التي تتحدث عن أسرار التشريع الإسلامي.

تتمنى الزواج بالنبي صلى الله عليه وسلم في الجنة

تتمنى الزواج بالنبي صلى الله عليه وسلم في الجنة المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 11/07/1426هـ السؤال أنا فتاة معجبة كثيراً بشخصية النبي -صلى الله عليه وسلم-. فهل يجوز لي أن أحبه، وأتمنى أن يكون زوجاً لي في الجنة؟ هل يحرم علي مثل هذا التفكير؟ الجواب الحمد لله، لا شك أن من الإيمان محبة النبي -صلى الله عليه وسلم -بل تجب محبته فوق محبة النفس والوالد والولد والناس أجمعين، كما ثبت في الصحيح عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" صحيح مسلم (ح: 44) وقال سبحانه وتعالى: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" [الأحزاب: 6] كما تجب طاعته في كل أمر ونهي، وتصديقه في كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، والتسليم لحكمه والرضا بحكمه، قال تعالى: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر: 7] وقال: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما" [النساء: 65] . وهذا تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله. والإعجاب بالنبي - صلى الله عليه وسلم- بمعنى محبته؛ لأنه رسول الله، ولأنه على خلق عظيم كما وصفه الله، فهذا الإعجاب وهذه المحبة حق، وأعظم ثمراتها اتباعه - صلى الله عليه وسلم- وذلك برهان على محبة العبد لربه، وسبب لنيل محبة الله، قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" [آل عمران: 31] . ولم يرد عن واحدة من المؤمنات الصحابيات الدعاء بأن تكون زوجة للنبي - صلى الله عليه وسلم- في الجنة، وهن أعظم حبّاً للنبي -صلى الله عليه وسلم - من غيرهن، ولم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه تكون له زوجات من المؤمنات سوى أمهات المؤمنين، فإنه قد اتفق أهل السنة على أنهن زوجاته في الجنة، وخيرهن وأفضلهن خديجة وعائشة، رضي الله عنهن جميعاً. وعلى هذا فلا يجوز لك أن تتمني، أو أن تدعي أن تكوني زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة؛ فإن سؤال ما لا يمكن من التعدي في الدعاء، بل سلي الله الجنة، وسليه الفردوس الأعلى؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا سألتم الله تعالى الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة" رواه البخاري (ح: 2790) ، ولابد أن يُتْبع هذا الدعاء بالجد والاجتهاد في طاعة الله، والاستقامة؛ فإن ذلك هو السبب للفوز بالجنة. قال تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم" [التوبة: 71-72] . وقال تعالى: "يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم" [الحديد: 12] . فهذا هو الطريق لنيل السعادة الأبدية، نسأل الله أن يوفقك - أيتها السائلة - للفوز بجنات النعيم. والله أعلم.

زوجتي والمواقع النسائية

زوجتي والمواقع النسائية المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 20/06/1426هـ السؤال نحن أسرة محافظة -ولله الحمد- وزوجتي تتصفح بعض المواقع النسائية على الإنترنت. فما رأيكم، هل أفتح لها المجال, أم أمنعها بالكلية, أم هناك ضوابط يمكن السير على ضوئها؟ علماً أني أخاف على زوجتي من المواقع الهدّامة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: أنصحك بعدم منعها من دخول المواقع النسائية المحافظة الموثوقة، لأن منعها من كل شيء قد يؤدي إلى استباحتها لكل شيء، ولأن في انشغالها في تصفح تلك المنتديات والمواقع النسائية المحافظة صرفاً لها عن شغل الوقت بكثرة الخروج إلى الأسواق، أو كثرة المحادثات الهاتفية التي لا تخلو -غالباً- من آفات اللسان، على أن تحدِّد لها وقتاً لتصفح تلك المواقع لا يمتد إلى ساعة متأخرة من الليل، وأن تكون عالماً باسمها الذي تشارك به في تلك المواقع، وأن تحذرها من مغبة التساهل والتعرف على الأسماء المجهولة، أو استضافتها على الماسنجر؛ فربما يكون رجلاً له مآرب أخرى. واجتهد أن تنظما وقتكما؛ بحيث لا يطغى عمل على آخر، ولا يشغل مفضول عن فاضل، وحبذا لو تعاهدتما على حفظ أجزاء من القرآن كل مدة، والله الموفق.

متاعب الحياة تشغلها عن الطاعات

متاعب الحياة تشغلها عن الطاعات المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 19/06/1426هـ السؤال في ظل هذه الحياة العصيبة من الناحية المادية، فإن الواحد منا لا يستطيع فعل الكثير من الطاعات. فما الحل؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: أخي الكريم: نشكر لك تواصلك مع موقعك (الإسلام اليوم) . وجواباً عن سؤالك أقول: دائماً عندما تلم بالمسلم حالة طارئة تخرجه عن مسار حياته المعتاد، لأي سبب، فإنه بلا شك يبحث عن منفذ ومخرج لهذه الحالة، وتختلف حالات الناس تبعاً لاختلاف عقولهم، وتحمل قلوبهم، ودرجات التحمل المغروسة أصلاً في نفوسهم، فعنصر الصبر موجود عند الناس، لكن يختلفون في تطبيقه عند الأحداث الطارئة، وتجد بعضهم تعصف به الأحداث بينما تجد غيره يقف كالطود الشامخ، والريح تعصف به وهو لا يتحرك، ويسير في مساره لا يحيد عنه. فلو تأملت صفحات التراث الإسلامي المجيدة، تجد أمثلة تشدك لتأمل سيرها، فقد يقدم أحدهم لقطع رأسه في سبيل الله وهو صابر محتسب، بل يتلذذ بذلك، على سبيل المثال الصحابي الجليل خبيب بن عدي، ما الذي جعله يقف تلك الوقفة، ويعلنها مدوية للعالم؟ إذاً ما هو الشيء الذي أهم من الحياة؟ والصحابي الآخر حرام بن ملحان، يعلنها صرخة قوية، بعدما طعن وهو يلفظ أنفاسه ودمه يتقلب، وهو يقول: فزت ورب الكعبة، ترى بماذا فاز؟ وعروة بن الزبير -رضي الله عنه-، يصاب برجله، فلا علاج لها إلا القطع، ويتجاوز المحنة، فقط بدخوله في الصلاة. إذاً هناك سر عظيم -يا صاحبي- هو الذي جعل هؤلاء يصمدون عند المحن، فالنفس تحيط بها الهموم العواصف، بدرجات متفاوتة، حسب الأشخاص أنفسهم، ويشكو كثير من الناس ما تشكو منه، نتيجة الأحداث العاصفة التي تمر بالأمة اليوم، وأهمها فقدان الهوية الذي جعل أفراد الأمة كقطعان تسير في ليلة مطيرة، حيث تجد كثيراً منهم بدأ يتوارى الأنظار مخافة أن يوصم بالتدين، وبعضهم بدأ يتنازل عن بعض الشعائر التعبدية، من أجل أن يقال هو متفتح وعصري. أما السؤال الذي يبحث عن إجابة، فهو كيف الخروج من هذا المأزق؟ وهو فكرة سؤالك. ولا أكتمك سراً إذ أقول لك إن سؤالك هيج مشاعري، وكوامن نفسي، فجاءت هذه الخواطر عبر إجابة سؤالك، فالواحد منا قد تمر عليه هذه الخواطر التي تجعل سحائب الفتور تخيم على نفسه، فإذا عرفنا أن حياتنا أصلاً -منذ بلوغ سن التكليف إلى الممات- هي عبادة لله سبحانه وتعالى، فأنت إذا عرفت هذا وأيقنت به تغير مسار حياتك، فهذا الهم الذي تحس به هو عبادة تقربك إلى الله؛ لأنك ستلجأ إليه تطلب منه المعونة، والدعاء عبادة، فأنت تثاب مرتين للدعاء واللجوء إليه.

ثم إنك إذا تأملت منطوق التكاليف الشرعية تجدها بنيت على الاستطاعة والمقدرة، فالله -سبحانه وتعالى- لا يطلب منك إلا ما تستطيع تأديته، على حسب الحالة التي أنت فيها (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة: 286] ، (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 16] تعطيك هذه النصوص مساحة من الطمأنينة تجعلك تمشي الهوينا، ولا تضطرب وتتأثر في ممارسة الشعائر التعبدية بسبب موقف ألم بك؛ لأن حياتك كلها أصلاً عبادة، والغاية من إيجادنا في هذه الحياة أصلاً هو العبادة، (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات: 56] إذاً ما تحصل عليه من إمكانات وغيرها إنما هي عوامل مساعدة لك لتأدية هذه العبادة بيسر وسهولة، فإذا أقبلت عليك النعم تسلك طريق الشكر والثناء والحمد، وإذا أحاطت بك النقم وأسرتك الهموم والأوجاع سلكت طريق الصبر، والشكر والصبر هما من أروع العبادات. فإذا أصابتك الهموم وجعلتك قلقاً حائراً، ولا تدري ماذا تفعل، فعليك بالفرائض تمسك بها بأنيابك وأسنانك، لأنها هي الأصل، والمحاسبة معولة على إتمام الفرائض، نقصاً أو إتماماً، أما النوافل فإنك تثاب على فعلها الأجر العظيم، ولا تحاسب على تركها، فإذا هبت عليك نسائم الربيع فعليك بها، أي النوافل أدها وأكثر منها، حسب ما تطيق منها، أو تجد نفسك فيه ولو كان قليلاً، لكن تفطن للمداومة، كما قال عليه الصلاة والسلام: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل". أخرجه البخاري (5983) ، ومسلم (1302) ، هذه وصيتي لك على حالتك التي أنت فيها، تشبث وتمسك بفرائض الله، وعض عليها بأسنانك، وانشب أظفارك فيها، فهي المخرج والنجاة، وعليها مدار الفلاح. أعانك الله، وفرج الله همك.

معاناتي بين الرياء وترك العمل

معاناتي بين الرياء وترك العمل المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 13/06/1426هـ السؤال كيف أفرق بين منع نفسي من الرياء، وبين منعها من أداء عمل خوفاً من أن يخالجه رياء، فقد سمعت: أن الخوف من الرياء رياء، فخفت من ذلك خصوصاً في مجال التعامل مع الآخرين، أو النصح في الملتقيات. وجزاكم الله خيراً. الجواب قال الحسن -رحمه الله-: (العمل من أجل الناس رياء، وترك العمل من أجل الناس شرك) ، وعلى العبد أن يصحح نيته قبل العمل، وأثناء العمل، وبعد العمل، وأن يكون دائماً طلب الإخلاص منه على بال، وأن يجاهد نفسه على الإخلاص؛ لأن النفس تحب المدح واطلاع الناس على الأعمال، فلا تدع عبادة الله والتقرب إليه من أجل مراعاة الناس وخوف الرياء، مع الحرص التام على إخفاء الأعمال إلا ما ليس منه بُد، كالدعوة إلى الله وصلاة الجماعة، وسؤال الله الإعانة والتوفيق، ومما يعين على الإخلاص أربعة أمور: (1) الاعتصام بالله، وسؤاله الإعانة والتوفيق والقبول. (2) الحذر من الشيطان. (3) الحذر من النفس. (4) الانصراف بالقلب عن المخلوقين، قال الله تعالى: "الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية" [البقرة: 274] . ويقول تعالى في الحديث القدسي: "من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" رواه مسلم (2985) .

كيف أحافظ على هذه الحياة الأسرية السعيدة؟

كيف أحافظ على هذه الحياة الأسرية السعيدة؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 29/04/1426هـ السؤال سؤالي يختلف نوعاً ما عن الأسئلة التي تطرح في هذا الموقع، حيث إن الغالب عليها طلب المساعدة لحل المشاكل الأسرية والخلافات العائلية، أما أنا فملخص قضيتي ما يأتي: وهي أن إحدى الأسر حصل لها حادث سيارة، فمات في هذا الحادث الأب والأم لهذه الأسرة، وتركوا وراءهم تسع بنات وولداً واحداً هو أصغرهم، وعمره حوالي خمس سنوات، في تلك الفترة كنت في الدراسة الجامعية، وعلى وشك التخرج، وقد أضمرت في نفسي حينها الزواج من إحدى هذه البنات؛ شفقة عليها وبراً وإحساناً بها، ويبدو أن هذه النية كانت لدى كثير من أصحابي، ففي السنة الأولى من هذا الحادث تزوجت ثلاث من هذه البنات في ليلة واحدة، وفي السنة التالية تزوجت اثنتان في ليلة واحدة، تخرجت من الجامعة ولا زالت فكرة الزواج من هذه الأسرة تراودني، وفعلا تقدمت لخطبة إحداهن وكان عمرها ثلاث عشرة سنة، ولي معها حوالي ست سنوات، وهي إنسانة متدينة، أمينة، عفيفة، وجميلة الخَلق والخُلق، وقد رزقني الله منها ولدين، وأقولها بكل صدق: إنني أعيش معها حباً عظيماً، وحياة طيبة، وكوّنت معها أسرة سعيدة، ووجدت فيها كل الصفات التي يتمناها الزوج في زوجته، وقد أصبحت بالنسبة لي مصدر سعادة وأنس وطمأنينة وهناء، وراحة نفسية أجد حلاوتها وأنا أكتب هذه الكلمات، سؤالي هو كيف أحافظ على هذه الحياة وهذه الأسرة، خاصة وأنني لا أصنف نفسي من أهل الصلاح، لكنني -بحمد الله- من المحافظين على جميع الصلوات في المسجد، ومحافظ على قيام الليل، وعلى وشك حفظ القرآن الكريم، ومطهر بيتي من القنوات والغناء وصور النساء، سؤالي كيف أحافظ على زوجتي؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: إلى الأخ السائل الكريم: سلام الله عليك ورحمته وبركاته. بداية أسأل المولى جلت قدرته أن يحفظ علينا وعليك نعمه الظاهرة والباطنة، وأن يديم علينا وعليك الأمن والاستقرار الأسري والعاطفي، وأن يجعل لنا ولك من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، إنه ولي ذلك والقادر عليه. بكل صراحة وأنا أقرأ رسالتك الطيبة المباركة، وكلما أقترب إلى نهايتها أتوقع أنها ستنتهي بمشكلة، وأن ما أقرأه هو عبارة عن مقدمة لمعرفة الحال؛ وذلك لأن معظم -إن لم يكن الكل فيما ندر- تنتهي رسائلهم بمشاكل، ويريدون منا الحل والنصح والإرشاد، حتى وصلت إلى نهاية الرسالة، وجدت نفسي أدعو لك ولأهلك بدعوات كثيرة، وإذا بي أجد نفسي أمام مشكلة، ولكنها من نوع خاص، وهي سؤالك: كيف تحافظ على أهلك، وأن يدوم عليك هذا الجو الأسري الطيب المبارك؟ فقلت في نفسي: يا ليت رجال ونساء المسلمين يقرؤون هذه الرسالة مثلما قرأتها أنا. في الحقيقة انتابني شعور جميل جداً وأنا أقرأ هذه الرسالة الجميلة الرقيقة، شعور تلاشت عنده الهموم والأحزان التي تنتابني، وأنا أقرأ يومياً عشرات المشاكل الأسرية، والتي بعضها يدمي القلب قبل العين. أخي الحبيب: إن جوابي لك عما سألت عنه كالتالي:

(1) قال تعالى: "وإذا تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم"، فعليك بمزيد الشكر لله على تلك النعم العظيمة التي تحاط بك، من استقامتك على شرع الله، صلاح زوجتك وأبنائك الصحة والعافية، وطيب العيش، وغيرها من النعم الكثيرة التي تعيش في ظلها. (2) استقم كما أمرت، عليك بمزيد من الاستقامة على شرع الله، فصلاح البيت يكون من استقامة أهله على شرع الله تعالى. (3) احذر من المعاصي والذنوب؛ لأنها سبب في زوال النعم ونزول النقم، وصدق من قال: إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم (4) كثرة الاستغفار، قال تعالى: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً". (5) وأد كل مشكلة تطل برأسها في بيتكم السعيد، فلا تجعل للمشاكل سبيلاً إلى حياتكم، وهذا لا يكون إلا بتجنب سبل الشيطان الرجيم. (6) ابذل كل ما في وسعك في إسعاد أهلك وأولادك في حدود الشرع - من غير إفراط ولا تفريط-. (7) عزّز وقوِّ العوامل الإيجابية في حياتكم الزوجية، والعمل على محو وإماتة العوامل السلبية. (8) أشعر زوجتك بمزيد من الحب والحنان والعطف والاحترام، واجعلها دائماً في تلهف وشوق للحديث إليك والجلوس معك. (9) ومسك الختام أكثر من الدعاء، بأن يديم الله عليك هذا الخير. هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تخلصت من جنينها من أجل حبيبها

تخلّصت من جنينها من أجل حبيبها المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 21/04/1426هـ السؤال عندي مشكلة ولا أنام الليل منها، وهي أن جارتي تتكلم بالهاتف من عندي مع حبيبها، وهي متزوجة وحامل، وأنا أسمع حديثها، وبعد أن تخلّصت من الجنين من أجل صاحبها أخبرتُ زوجها بالقصة كاملة، ويريد أن يطلقها. فهل أنا ظالمة لهذه المرأة؟ وإذا قالت لي: ربنا لن يرضى عنك؛ لأنني سبب طلاقها، هل يكون كلامها صحيحاً؟ الجواب كان الأولى بك أن تناصحي جارتك، وتخوفيها بالله من عاقبة فعلها في الدنيا والآخرة، فإن لم ترتدع فلا عليك شيء من إبلاغ زوجها بذلك. ولا أظنك -إن شاء الله- إلا قد فعلتِ هذا معها قبل أن تخبريه، أما دعاؤها عليك (بأن الله لن يرضى عنك) فلا يضرك هذا؛ لأنها ظالمة لك وأنت لم تظلميها حسب قولك - والله يقول "والله لا يهدي القوم الظالمين" [البقرة: 258] . وعسى أن يكون طلاقها من زوجها هذا بداية هداية واستقامة لها في بقية عمرها، وقد أهديت لها ولنفسك من حيث تدرين أولا تدرين "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة: 216] . والله أعلم.

كيف تتخلص من مشاعر حبها له؟

كيف تتخلص من مشاعر حبها له؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 20/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود النصح من فضيلتكم، حيث إنني وقعت في مشكلة عاطفية مع رجل، تعرفت عليه من إحدى المنتديات، وبدأت العلاقة قبل سنتين تقريباً، بدأت بالرسائل الخاصة، ثم الماسنجر، ثم الجوال.. أنا أشعر أني السبب في ذلك؛ لأني قلت له: أحبك في الله في رسائل الهوتميل، أنا مستعدة للزواج منه، ولكن لا يوجد أي توافق من الناحية الاجتماعية والعمرية، أنا واثقة جداً أن أهلي سيرفضونه؛ لأن عمره يقارب الأربعين ومتزوج، حاولت أن أقطع علاقتي به، وصرت طريحة الفراش، فقلبي لا يحتمل؛ لأني أحبه كثيراً، أخلاقه كريمة، وشخصيته تعجبني كثيراً، ماذا أفعل؟ أرجوكم وجهوني بالنصائح، كيف أتصرف؟ علماً أنه لا يحتمل فراقي، فإذا غبت يومين اتصل يسأل عن حالي، أنا خائفة كثيراً من أهلي، لو عرفوا أني أكلمه وأحادثه بالجوال سوف يقتلوني، كيف أتخلص من مشاعر الحب تجاه هذا الشخص، ومن مشاعر الخوف تجاه أهلي؟ كما أنني أشعر دائماً بتأنيب الضمير، أرجوكم ساعدوني. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا أعلم لكِ حلاً إلا أن تسارعي في قطع علاقتك بهذا الرجل؛ فما دمت تعلمين أن توثيق العلاقة بينكما بالزواج غير ممكن، فما الذي يجعلك تصرِّين على بقاء العلاقة بينكما؟ إن ما تحسينه من الوجد والشوق والميل والتعلّق تجاه هذا الرجل سببه تساهل منك في البداية بقبوله صديقاً لك إلى أن تقوَّت بينكما الصلة، وزاد بينكما التعلّق، فسدّي هذا الباب تريحي نفسك من عناء وعذاب، ومن ورائه عذاب شديد، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع…" الحديث… وفقك الله.

هل أرجع لبلدي أم أواصل دراستي في بلد الكفر؟

هل أرجع لبلدي أم أواصل دراستي في بلد الكفر؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 13/04/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أنا شاب ملتزم -ولله الحمد- أبلغ من العمر 19 عاماً، ومشكلتي كالآتي: تخرجت العام الماضي من الثانوية العامة، وحصلت على المركز الأول على مستوى منطقتي، فحصلت على جائزة، وهي عبارة عن بعثة للدراسة في أمريكا في التخصص الذي أرغبه، فاحترت حيرة لا يعلم بها إلا الله، واستخرت مرات عديدة، وشاورت الكثيرين، واختلفت الآراء، في العطلة قمت بالتقديم لإحدى الجامعات في بلدي، فتم قبولي ولله الحمد والمنة، وطبعاً وافقت على البعثة استجابة لرغبة الأهل وغيرهم- وهي لم تكن رغبتي-، وقبل نهاية العطلة قمت بالتقديم لتأشيرة طالب في السفارة الأمريكية ببلدي، وتم قبول طلبي، وخرجت التأشيرة بعد أسبوع، وقد أخذت موافقة من الكلية في بلدي بأني ربما أعود السنة القادمة إذا حصل لي أي ظرف أو عدم ارتياح للدراسة بالخارج أو غيره، سافرت لأمريكا وأنا أكتب مشكلتي منها الآن، سافرت وليس لدي رغبة في السفر، وأنا الآن أدرس اللغة الإنجليزية في مركز متخصص لذلك، وبرنامج البعثة هو أن أكمل دورة اللغة ثم التحق بالجامعة التي أريد، افتقدت صلاة الجماعة، فقليل ما نصلي جماعة؛ حيث إني أسكن بعيداً عن المساجد، وافتقدت حلقات القرآن، وافتقدت الجو الروحاني، والإخوة الذين كانوا معي في الجامعة في بلدي، فهنا كل من حولي كفرة، والمسلمون الذين معنا لم أجدهم كما توقعت - أعني من هم في سني-، بدأت أقصر كثيراً في ديني والله المستعان، لست كما سبق، افتقدت كل شيء، لحسن الحظ وجدت أن تأشيرتي مدتها 8 أشهر، حيث تنتهي قبل عطلة الصيف في بلدي بأسابيع، وبالتحديد في اليوم الذي أكمل فيه الدراسة في مركز اللغة الإنجليزية، أتمنى أن تنصحوني وترشدونني إلى الصواب، هل أكمل الدراسة في أمريكا وأصبر برغم كل ما سبق؟ أم أعود لأكمل الدراسة في بلدي، حيث إن ذلك أصلح لديني وأسعد لنفسي؟ أرجو نصحي جزاكم الله عني خير الجزاء؛ فأنا في حيرة. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الفاضل: أنت بعقل الرجل الراشد ذي الأربعين، وإن كنت في سن التاسعة عشرة، أنت رجل بحق، وقليل من يكون في مثل عقلك وهو في مثل سنك، أُكْبِر هذا العقل، كم من شاب في مثل سنك يحلم أن يقيم حيث تقيم، حيث لا رقيب ولا تقييد لحرية ... يختار ما يشاء ويفعل ما يريد، فالشهوات مباحة، والعلاقات المحرمة متيسرة، والمحظورات مرفوعة. أما أنت ففي قلبك البذرة الصالحة التي تكوَّنت في ذلك المجتمع الطيب مع الصحبة الأبرار في جامعتك السابقة، وحسن تربية أبيك لك ودعاء أمك، هذه البذرة ليست إلا الإيمان والخوف من الرحمن، وهي التي دفعتك إلى أن ترسل هذه الرسالة تطلب المشورة.

أخي: أحسب أن ما أمضيته من الوقت هنالك كافٍ لتعلّم الكثير من هذه اللغة الضرورية في تخصصك، فعُد أدراجك إلى وطنك، وانتظم في الجامعة التي قبلتك؛ ففيها الصحبة الصالحة، والبيئة الإيمانية، حيث لا اختلاط ولا فتن، ولا شهوات، تحوطك فيه صحبة صالحة، يذكرونك إذا نسيت، وينشطونك إذا فترت، ويعينونك على طاعة الله، ولا أرى ما يوجب بقاءك فيما أنت فيه الآن، فأنت مقبول في جامعة ناجحة قوية وفي وطنك، وينتظرك - إن شاء الله- مستقبل زاهر، وأنت بذلك تحفظ نفسك أن تستهويها نزوة الفاحشة، أو يصيبها فتور عن الطاعة، والقلب كما يقوى إيمانه بالطاعة واجتناب الكبائر، فإنه كذلك يضعف إيمانه بما يألفه من الكبائر، وإصلاح دنياك لا يكون بإفساد آخرتك، فأصلح دنياك بما لا تفسد معه آخرتك. أما التعويل على الصبر والمصابرة طيلة بقائك هنالك فمغامرة، قد لا تنجح في غالب الظن، فالمدة طويلة، وأنت شاب عزب، غريب في بلدٍ الحرية فيه مطلقة، والشهوات فيه ضاربة بأطنابها، ونصيحتنا إليك أن تعود إلينا حيث أهلك وصحبتك الصالحة، وبلدك الذي تسمع فيه ذكر الله، وتُعان فيه على الصلاة والصيام. أسأله سبحانه أن يجعلك مباركاً أينما كنت، وأن يصلح لك شأنك كله.

كيف أزور مريضا؟

كيف أزور مريضاً؟ المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 9/04/1426هـ السؤال ما هو أجر المريض المحتسب للأجر؟ وما هو أجر زيارة هذا المريض؟ وما يقال عند زيارته؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فلا شك أن الاحتساب من أفضل القربات؛ قال تعالى: "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون". وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مؤمن يشاك شوكة في الدنيا فما فوقها فيحتسبها إلا قضى بها من خطاياه يوم القيامة"، رواه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات، وإسناده حسن. وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال لعطاء: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إني أصرع وأني أتكشف، فادع الله لي، قال صلى الله عليه وسلم: "إن شئت صبرتِ ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك" قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف فادع الله ألا أتكشف، فدعا لها. والاحتساب يضاعف الأجر، ويزيد من ثقة العبد بربه، ويدفع الحزن، ويجلب السرور، وهو دليل الرضا بقضاء الله وقدره، ودليل على حسن الظن بالله تعالى. وأما عيادة المريض فقد حث عليها النبي- صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة، فعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني". وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز"، ولزيارة المريض فضل عظيم، فقد ورد في صحيح مسلم من حديث ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة"، قيل يا رسول الله: وما خرفة الجنة؟ قال: "جناها". وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من عاد مريضاً نادى مناد من السماء: طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا" رواه الترمذي وحسنه الألباني. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعود أصحابه - رضي الله عنهم- إذا مرضوا، وإذا عاد المسلم مريضاً دعا له، ولا يطيل عنده المكث؛ حتى لا يملّه، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أتى مريضاً، أو أُتي به إليه قال عليه الصلاة والسلام: "أذهب البأس، رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً" متفق عليه. قال الإمام الغزالي: وأدب العائد - أي للمريض- خفة الجلسة، وقلة السؤال، وإظهار الرقة، والدعاء بالعافية، وغض البصر عن عورات الموضع، وعد إلى كتاب الأذكار للنووي لمعرفة ما يقال عند زيارة المريض غير ما ذكر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

طريقة مكشوفة لعلاقة مشبوهة

طريقة مكشوفة لعلاقة مشبوهة المجيب د. أماني سعيدة طبيبة نفسية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 9/04/1426هـ السؤال كنت على برنامج (البال توك) ، فإذا بشخص يحدثني على (البرايفت) ويزعم أنه يحبني، وأخبرته إذا كان يحبني فعليه الحضور لبلدي، - فهو ببلد آخر- على أن يرى كل منا الآخر؛ لأن الحب بغرض الزواج عن بعد لا يصلح، فلا بد أن نتعرف على بعض، وأجابني بعزمه على ذلك، واعترضت عليه؛ لأنه يصغرني بثلاث سنوات، فردّ علي بأن فارق السن لا يضر، ثم اتخذت قراراً أن أقطع علاقتي به؛ لأنه غلب على ظني أنه كذاب ومخادع، ولو كانت نيته صادقة لأتى إلى بلدي، وخطبني من أهلي. فهل أنا مخطئة؟ أرجو إفادتي، ولكم جزيل الشكر، وبارك الله فيكم. الجواب أيتها الأخت الفاضلة: هل تعتقدين أن شخصية هذا الشاب من البساطة والوضوح لدرجة أنه يمكنه أن يعرفك من خلال صوتك، ويعرف خصائصك ومميزاتك وعيوبك؟ إذا كانت إجابتك بلا، فإنه بالفعل لن تستطيعي أن تثقي في شخص كل ما يظهر من شخصيته هو صوته، أو طريقته في المحادثة من خلال النت، وهذا يدلك على أن ما تفعلينه هو بالفعل شيء بعيد عن المنطق والمعقولية، وقد يرجع ذلك إلى وجود وقت فراغ لديك، أو وجود فراغ عاطفي جعلك تتجهين نحو أول إشارة لك بإشباع هذا الجانب، لذلك أنصحك - أيتها الأخت الفاضلة- التي تشعر بأنها تقوم بشيء خاطئ، لكنها لا تقوى على الاعتراف بهذا الخطأ بصوت عالٍ أمام نفسها، أنصحك أن توطدي علاقتك بالله - سبحانه وتعالى- أولاً، ثم تبحثي عن صداقة من بني جنسك؛ لتكون صداقة حقيقية تقومين من خلالها بإشباع فراغك وتبادل الآراء والمشاعر، فجميعنا يجد نفسه في بعض الأحيان أحوج ما يكون إلى التقدير من الآخرين، لكن المهم من هم الآخرون الذين نترجى منهم هذا التقدير؟. كما أنصحك بممارسة هوايات مثل الرياضة حتى لو كانت المشي؛ لأنها من أفضل الأنشطة التي تساعد على وجود توازن نفسي داخلي، وتبدد الملل والإحباط والكبت والمشاعر السوداء.

تحاصرني ديوني

تحاصرني ديوني المجيب يوسف السيف مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 14/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. منذ عشر سنوات وأنا مبتلى بهم الدَّين، مهموم بالليل مذلول بالنهار، أخشى أن أموت قبل أن أسدد ديني، أنا في ورطة والله. ما العمل؟. لا تنسوني من دعائكم الصادق. الجواب الأخ السائل حفظه الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: نشكر لك تواصلك معنا في موقع (الإسلام اليوم) ، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد. أما جوابي على مشكلتك فأقول: حرصت تعاليم الإسلام الخالدة وتوجيهاته السامية على حقوق العباد حفظاً وصيانة وتقديراً واحتراماً حتى قرر أهل العلم قاعدتهم المشهورة: حقوق الله مبنية على التيسير والمسامحة، وإلى جانب من جوانب تعظيم حقوق العباد ينبه المولى جل وعلا في كتابه فيقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [النساء: 29] ، ويشير إلى ذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه" أخرجه أحمد في المسند (20172) ، ويقول صلى الله عليه وسلم في قاعدة التشريع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" متفق عليه، أخرجه البخاري (1741) ، ومسلم (1679) من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-. * الإسلام حذر من التهاون في أداء الدين أو المطل والتأخير فيه أو التساهل في أدائه. * إن دَين الآدمي في نظر الإسلام أمانة عظمى ومسئولية كبرى، يقول تعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" [النساء: 58] . * فأنت أخي، لا بد لك أن تؤدي حقوق الناس، وأن تضع في بالك أن تسدد حقوقهم، وفي هذا الحال فإن الله سوف يعينك فعليك بما يلي: 1- تضرع إلى الله تعالى في كل وقت وكل لحظة بأن ييسر لك قضاء هذه الديون التي عليك. فإن الله خير معين للعبد على قضاء ديونه. 2- لا بد أن تكلم أصحاب الخير من تجار ومؤسسات وجمعيات فربما يساعدونك ولو بجزء بسيط مما تعانيه من هذه الديون. 3- لا بد أن تخبر من عليك حقوق لهم بأن أموالهم سوف تدفع لهم، واطلب منهم الصبر والتسامح فربما يراعوا ظروفك. 4- حاول أن تعمل عملاً آخر إضافياً من أجل أن يساعدك في توفير المال لسداد هذه الديون. 5- احذر من معالجة المشكلة بمشكلة أخرى، وذلك بالاستدانة لسداد الدين؛ فإن هذا يجعلك في دوامة لا تستطيع الخروج منها. تذكر أخي ... أن هذه الهموم والغموم التي تصيبك من جراء هذه الديون هي سبب في تكفير ذنوبك وسيئاتك إن شاء الله. ولكن عليك الصبر والاحتساب. وأخيراً أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويقضي عنك دينك. إنه سميع مجيب الدعاء.

ـــــ استشارات تربوية وتعليمية ـــــ

استشارات تربوية وتعليمية

ـــــ أولا: تربية الأولاد ـــــ

أولًا: تربية الأولاد

مرحلة الطفولة

كيف اغرس في ولدي ثقته بنفسه؟! المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 09/04/1427هـ السؤال ماذا أفعل لتصحيح الأخطاء التي ارتكبتها في حق ابني؟ ابني الكبير يدرس في الصف الرابع الابتدائي وبفضل الله وتوفيقه مستواه الدراسي ممتاز ولكنه للأسف الشديد وقع ضحية أم قاسية وأب أشد قسوة منها، فأصبح بذلك يخاف أن يبوح لنا بما يحدث له من مشكلات في المدرسة وفي نفس الوقت لا يستطيع الدفاع عن نفسه، فضلاً عن أن الولد أصبح واضحاً عليه علامات الارتباك والخوف منا، علماً بأنني اكتشفت أنه يكذب حتى لا يتعرض للضرب. ما إن يقول له أحد المدرسين سأتصل بوالدك إلا وترتعد فرائصه ويبكي ويتوسل حتى لا يتصل بي المدرس ليخبرني عن أي مشكلة حدثت له. قبل أيام اشتكى لي من بعض الطلاب في المدرسة وأخبرني بأنهم يضربونه وطلب مني أن أكلم مدير المدرسة بما حدث له. فاتصلت بأحد المدرسين وطلبت منه حل هذه المشكلة وبالصدفة اكتشف المعلم أن القضية ليست قضية ضرب كما يدّعي، بل هي قضية أخلاقية كان فيها هو الضحية وبإصرار من ذلك المدرس اعترف بما حدث له من أولئك الطلاب. وقد أدى ذلك الفعل إلى إصابته باكتئاب نفسي! أفيدوني: كيف أعالج هذا الوضع الذي حدث له علماً بأنني نقلته من المدرسة؟ كيف أصحح الخطأ الذي ارتكبناه أنا ووالدته في حقه؟ كيف أتمكن من غرس الثقة في نفسه؟ كيف أتمكن من القضاء على مشكلة الكذب؟ أفيدوني فأنا والله أعيش في دوامة، ولكم مني جزيل الشكر والتقدير، ومن الله الأجر والثواب. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أيها الأب المبارك أحمد لك هذا الاستيقاظ والانتباه بعد مرور بعض الوقت، والتجاوز في حق فلذة كبدك، ابنك، وإليك الرأي عبر هذه الوقفات. الأولى: النهوض من العثرات النفسية، والاجتماعية في تقويم النفس يحتاج إلى بعض الوقت، فلابد أن يكون الزاد الصبر مع الإصرار، والثقة بالتغيير، وكمال الانتباه. الثانية: زرع الثقة بالنفس بترك جميع وسائل التقليل من الذات، من التحقير والنقد، ودفعه للاعتماد على نفسه فيما يصغر من الأعمال، ومساعدته فيما كان زائداً على قدرته، مع ترك الإتمام له، وإسماعه عبارات التكريم والفخر، وتستحسن القراءة حول هذا الموضوع في الكتب التي تعنى بالثقة بالنفس عامة، وبالأطفال خاصة، مع مطالعة لبعض المواقع في الإنترنت حول هذا الموضوع. الثالثة: الابن في السنة العاشرة، فلابد من مفاتحته حول نموه الجسدي، والغريزي، وضرورة تحليه بالآداب الخاصة بالستر، وإعطائه بعض ما يهم في هذا الباب، فقد أوصى الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- بالتفريق بين الأبناء في المضاجع وهم أبناء عشر، ويحسن تعليمه بعض وسائل الدفاع عن النفس، ولن يدافع عن نفسه مسحوق الكرامة ذليلاً، يقتله الخوف من أعز الناس إليه "والداه". الرابعة: ثقتكما أنت ووالدته بتجاوز هذه الغلطة، وأن لا تكون محبطة لكما مخلة بتوازنكما فتنقلانه من غلطة إلى أخرى، فليس البديل للقسوة إعطاؤه ما لا يستحق، وجعله لا يسمع كلمة "لا" منكما، فهذا خطأ آخر. والخاتمة أن يشعر أنكما مصدر الحب ومورده فضمه وتقبيله ومشاركته في ألعابه وحل لمشاكله مما يقوي الرابطة بينكما وبينه، ويشبع غريزة فطرية لديه. جعله الله ذخراً، وذكراً، وعزاً، ومجداً، وأجراً.

طفل ... وهمة عالية!

طفل ... وهمة عالية! المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 25/03/1427هـ السؤال لقد سمعنا في الآونة الأخيرة عن انتشار الأمراض النفسية الحديثة مثل: (الخوف المرضي-الرعب الداخلي-نوبات الذعر -القلق المرضي-الخفقان وزيادة ضربات القلب عند التحدث أمام الآخرين) ، فهل كان الصحابة الكرام -كخالد بن الوليد وعمر وحمزة وأسامة وسلمان وغيرهم- مصابين بأحد منها، وهل كانوا يعرقون أو يرجفون عندما يحدثهم أحد؟ وهل كانت ضربات قلوبهم تزداد عندما يواجهون هذه المواقف؟ وهل كانوا يتدربون للقتال بروح قتالية عالية وحماس، ويستخدمون عقولهم في التدريب مثل الجيوش اليوم؟ وهل كانت لديهم شجاعة الإرادة (القدرة على ضبط شهوات النفس، ومنع جنوحها إلى مهاوي الردى والمهالك- التغلب على مخاوف النفس وهواجسها وقهر أوهامها - ألا ينقاد المرء للجلساء وأصحاب المنافع أو الشهوات التي تخل برجولته أو كرامته أو مروءته) . أرجو الإفادة، فأنا طفل، وأريد أن أبني شخصية قوية لأخدم الإسلام. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أيها الابن المبارك، لقد سررت -والله- عندما قرأت رسالتك المباركة التي شدتني إليها شداً لم أجد له تفسيراً إلا أن تكون صادرة من شاب صغير السن كبير الهمة. نعم قرأت الرسالة ملياً فشدني فيها أمور، منها: 1- ذكرت شخصيات وأمراضاً ومواقف قلما يعرفها شاب في مثل سنك، فقلت في نفسي: بارك الله في والدَي هذا الشاب اللذين فتحا له باب الاطلاع على النافع والمفيد، وأصلح الله ابنهما، وجعله قرة عين لهما ولأمته. 2- دخولك لموقع إلكتروني جاد كموقع (الإسلام اليوم) ، مع أن أمثالك من الشباب ربما بحثوا عن مواقع مسلية إن لم تضرهم في دينهم وديناهم لم تنفعهم، وهذا دليل على جديتك وحرصك. 3- لمست في رسالتك همة عالية تشبه همم الرجال الذين ذكرتهم في سؤالك، وولاءً كبيراً لدينك وأمتك. لا أريد ذكر ما شدني في سؤالك، فهو ليس مطلوبك، ولعل فيما ذكرت لك كفاية. أما عن سؤالك فأقول: 1- هؤلاء الرجال الذين ذكرت هم ليسوا ملائكة، أو خلقاً غيرنا، بل هم بشر لهم مشاعر وأحاسيس وآمال، وغير ذلك مما يشترك فيه كل بني آدم. ولكن هؤلاء الرجال تربوا على قوة التعلق بالله، والارتباط به من خلال أمور: أ- الحرص التام على الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. ب- كثرة العبادة، لا سيما ما كان خفياً منها. ج- علو همتهم التي لا تقف إلا عند بلوغ الفردوس الأعلى من الجنة. د- حسن الخلق والتواضع للخلق. هـ- طلبهم للعلم، خاصة فيما يخص عباداتهم وقلوبهم. وتوكل لا محدود على الله وحده. ز- الوقوف عند آيات الكتاب العزيز، وأحاديث السنة النبوية، والعمل المباشر بما فيهما. م- ملازمتهم للعلماء الربانيين، وذلك كونهم ورثة الأنبياء. وغير ذلك كثير مما لا يتسع المقام لذكره. 2- استخدم هؤلاء الرجال كل ما هو متاح لهم في زمنهم لاستثماره في تدريب أنفسهم على القتال والصبر والجلد والشجاعة، وغيرها من الصفات.

3- هؤلاء الرجال قد تعتريهم بعض الأمور النفسية الطارئة، فهم بشر، لكنهم بقوة تعلقهم بالله، ثم بقوة عقولهم وقلوبهم يتغلبون عليها. 4- لعل من أقوى ما تميز به هؤلاء الرجال وغيرهم من عظماء الأمة: أ- علو الهمة. ب- الصبر واليقين، قال تعالى: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون" [السجدة:24] . وقد قيل: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين. هذا بعض ما تيسر فيما يتعلق بجزء رسالتك الأول. وبالنسبة للجزء الآخر من رسالتك، وهو ما يخصك أنت، فأوصيك بالآتي: 1- احرص بارك الله فيك على طلب العلم مبكراً، وابدأ بالقرآن، حفظاً وفهماً وعملاً. 2- احرص على العبادة، لا سيما الخفية منها، وأخص مها قيام الليل وصيام النهار، بما تقدر، ولا تثقل على نفسك فالقصد القصد. 3- احرص على القراءة فيما يتعلق بعبادة القلب، وفي أمراض القلوب، وأحسن من أعلم قد تكلم في ذلك العلامة ابن القيم. 4- لازم رفقة من الصالحين الجادين، واحرص على مواصلة العلماء الربانيين، وإياك إياك من أخذ الأمور بالعاطفة المجردة عن العلم الأصيل، وأحسن سبيل لذلك أخذ المشورة من العلماء الربانيين. 5- وسع ثقافتك المعرفية -دينياً ودنيوياً-. 6- ربِّ نفسك على الصبر والجلد والشجاعة والتعقل، وغيرها من الصفات التي يحسن بالمسلم أن يتحلى بها. 7- لا تنم ليلة حتى تطمئن على رضا والديك عنك. 8- وهو أهم ما أقول، الجأ إلى الله بالدعاء، بل عليك بالإلحاح، وتحرَّ ساعات الإجابة. اللهم وفقه وثبته، وانصره بالإسلام، وانصر أمته به يا رب العالمين.

توجيهات في تربية الأولاد

توجيهات في تربية الأولاد المجيب د. إبراهيم الزامل (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 01/11/1426هـ السؤال أنا أم لطفلة عمرها سنة واحدة، أريد النصائح والتوجيهات لتربية هذه الطفلة تربية إسلامية صحيحة -بإذن الله تعالى- وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الطفل منذ لحظة خروجه إلى الدنيا تبدأ بذور التربية تغرس معه، مثل التحنيك والأذان والتسمية والختان وما إلى ذلك، وحيث إن ابنتك قد بلغت السنة فقد فاتك شيء من ذلك، ولكن بقيت لك أشياء أخرى عظيمة، ومنها: 1- نشأتها على الآداب الشرعية، ولا تظني أنها لن تعيها، بل إنها ستنفذها مثلك، وإن لم تدرك معانيها وأسبابها وتأويلاتها، وذلك مثل التيامن، فإذا أردت أن تلبسيها فابدئي باليمين، حتى لو قرب لك اليسار فرديها وقربي الأخرى، وإذا أرادت أن تأكل وتناولت باليسار فرديها وقدمي اليمين ... وهكذا في بقية الأمور. وإني أكرر لك أخية أن ثمة أموراً لا يدركها الطفل، لكن هذا لا يعني أن نتغافلها ونتساهل بها، بل نطبقها على أنفسنا وعليه حتى يعتادها تقليداً واحتذاءً، وأكبر شاهد على ذلك ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الحسن ابن ابنته فاطمة، عندما أكل تمرة من تمر الصدقة، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم بذلك، فلما حمله سقط من لعابه على يد النبي -صلى الله عليه وسلم- فرآه ممزوجاً بالتمر، فعلم أنه أكل منه، فقال: كخ كخ ألم تعلم أنا لا نأكل الصدقة؟ فقوله كخ يدل على أن الطفل مازال صغيراً، ومع ذلك لم يمنعه ذلك من توجيهه، ثم إنه قال: "أنا لا نأكل" فأشرك نفسه معه؛ ليفهمه أنه ليس وحده الممنوع منه، بل النبي -صلى الله عليه وسلم- ممنوع معه، وقولي مثل ذلك في الاستئذان وإلقاء التحية وآداب النوم والأكل. 2- احذري الأخلاق السيئة والألفاظ النابية، فإن ابنتك في فترة تلقٍ ومحاكاة لك حتى لو لم تري أنت ذلك فإنها تحفظ في ذاكرتها التصرفات والكلمات، وتصدرها في حينها. احذري الكذب عليها؛ فإنه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها تكتب عليك كذبة، وتفقدي بذلك مصداقيتها عندك. 3- الزمي الحكمة في ردات فعلك عند صدور كلمات نابية أو أخلاق سيئة منها فإن ردة الفعل لها دور إيجابي أو سلبي في العلاج، فمثلا إذا سمعت منها كلمة نابية لأول مرة فاحذري الغضب والانفعال اللذين يجعلانها تعلم أنها سبب لغضبك فيدفعه إلى تكرارها، ولكن أنسيها تلك الكلمة، إما بإشغالها عنها أو تحويرها إلى كلمة طيبة مشابهة لها، فتظن أنها أخطأت في لفظ الكلمة، وتنتقل منها إلى الجديدة. وإذا رأيت منها خلقاً سيئاً، مثل إذا أغضبها أحد ثار غضبه ورمى بما في يده وما إلى ذلك فلا تعنفيه، بل امتصي غضبه وجاهدي نفسك، وامسكي أعصابك، وهدئي الموقف ما استطعت، بل مهما عانيت وتأذيت؛ حتى تجديها بدأت تهدأ رويداً رويداً، أما لو ثارت ثائرتك بسبب غضبها وما رمته أو كسرته فستستمر على هذا المنهج رغبة فيما يثيرك.

4- وبالمقابل عوديها الأخلاق الحميدة والألفاظ الطيبة، مثل الحلم والهدوء وحب الخير للناس، واحترام الآخرين، وبرك وأبيها، واحرصي أن تكرري أمامها الألفاظ الطيبة وتجنبي القبيح منها؛ فهي -كما ذكرنا- في مرحلة تلقٍ. 5- تذكري دوماً في كل تصرفاتك أنه ثمة من يطلع عليك ويحاكي كل تصرفاتك، فكوني له قدوة، وجاهدي نفسك تصلح حالك وحال ابنتك. 6- لا تغفلي أمرين هامين هما أساس وسلاح كل عامل: الأول: الإخلاص، فمن أخلص بلغ مراده، ولم يندم على ما حصل ولا على ما فات. الثاني: الدعاء، وعليك بسهام الليل التي لاتخطئ، فكم من نعمة ظاهرة وباطنة استجلبت بالدعاء، وكم من كرب كشفه الله بالدعاء، وكم من ذنب غفره الله بالدعاء.. فأكثري من التضرع بين يدي الله أن يعينك ويسددك ويصلح ذريتك. واستصحبي معك دوماً قوة العزيمة وصدق النية، فكلما فترت زودي نفسك بما يقويها ويرفع همتها لتواصل مسيرتها في طريق التربية الصحيحة، وأكثري من الاطلاع على كتب التربويين في هذا المجال، وأخص الإسلامية منها، مثل: تربية الأولاد في الإسلام، لعبد الله ناصح علوان.

طفل مشاكس!!..

طفل مشاكس!!.. المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 29/5/1422 السؤال آمل منكم مساعدتي في حل مشكلة ابني.. الذي يبلغ الثامنة من عمره ويدرس في الصف الثاني الابتدائي.. متفوق إلى حدٍ ما في دراسته وهادي في المدرسة كما أفادوني ..!!! وترتيبه الثاني بين إخوانه وأخواته حيث تكبره أخته في الصف الخامس.. ويوجد أخ وأخت أصغر منه (5 سنوات و3 سنوات) ومشكلة ابني الذي أرهقنا جميعا أنهً يعاند في كل صغيرة وكبيرة.. كثير الصراخ بسبب وبدون سبب.. ولا يلتزم بأوامري.. بل يحاول أن يثير غضبي بأي طريقة وبشكل مستمر.. رغم أني أحاول إرضاءه بكل السبل.. وانهض إليه مسرعة عندما ينادي أو يصرخ.. محاولة تهدئته ولكن دون جدوى..!! حيث تزداد حالته سوءاً وازداد معها حيرة.. وفي الفترة الأخيرة بدأت حالتي النفسية تتأثر لذلك.. وتزداد سوءاً..!!! فماذا أفعل أفيدوني.. وجزاكم الله خيراً الجواب بالنسبة لمشكلة ابنك..ووضعه المتناقض في المدرسة (هدوء تام) وفي البيت (إزعاج كبير) !!! وبالنظر إلى مستواه الدراسي المتميز إلى حد ما كما أفدتِ..وقدراته العقلية المناسبة لعمره كما يظهر ... أفيدك بالآتي أولاً: لم تذكري أي معلومة عن والده..ودوره في الأسرة..وعلاقته بها بشكل عام..وبابنه بشكل خاص..!! فدور الوالد الطبيعي في أي أسرة يمثل الرمز..والقدوة..والسلطة بشقيها "الثواب والعقاب" ثانياً: مما يظهر والله أعلم..أن ما يقوم به ابنك نوع من المشاكسة والعناد يقصد لفت النظر وجلب الاهتمام فهناك بعض الأطفال الذين يطالبون آبائهم ومربيهم بهذا الانتباه في أوقات غير مناسبة وربما طرق غير مناسبة!!! وهؤلاء الأطفال يكونون في العادة غير قادرين على فهم الموقف وعلى إدراك حاجات الآخرين..فهم يتصورون أنهم لا يمكن أن يكونوا مهمين للآخرين إلا عندما يكونون محور انتباههم بأي طريقة كانت!!! ثالثاً: لعلاج مثل هذا التصرف من قبل الطفل..يجب علينا اتباع العلاج السلوكي أو ما يسمى بـ "فنيّات تعديل السلوك "وتتلخص الخطوات المطلوبة في مثل هذه الحالة بـ أ-الإطفاء والتجاهل: ونعني به إشعار الطفل بشكل غير مباشر..بأن حركاته وإثارته للفوضى لا تلفت انتباهنا ولا تعنينا بأي حال..ويجب هنا أن تكون ملامحنا "محايدة"عند وقوع أي مشاكسة أو عناد منه..ولا يظهر علينا أي آثار للغضب أو الإنزعاج. بل تجاهل تام وانصراف عن الموضوع برمته..كنوع من الإطفاء. وبالتالي فإن قيامك له..ومحاولتك الاستجابة لطلباته وإرضائه كما ذكرتِ..يحقق له الهدف الحقيقي الذي يتمناه وهو لفت الانتباه..وبقاءه تحت دائرة الضوء والاهتمام..!!! ب-إذا تجاوزت تصرفاته حدود المعقول..إلى تصرفات "عدوانية"وذات أثر خطير على نفسه أو على اخوته..فيأتي موضوع آخر من فنيات تعديل السلوك..وهو " الإقصاء " حيث يبعد الطفل فور حدوث الموقف عن المكان المحبب له داخل المنزل..ويقف في زاوية أو ركن من أركان البيت لوحده..ولمدة محددة تزيد بازدياد حدة الموقف السلبي..ويبلّغ بأسباب إقصائه!!

ج -أخيراً..يستخدم معه"التعزيز الإيجابي"وذلك عن طريق [لوحة النجوم] ..وتتلخص هذه اللوحة..بتقسيم اللوحة حسب أيام الأسبوع..ويوضع في كل يوم نجمة أو أكثر لكل استجابة إيجابية من الطفل.. [الهدوء..تنفيذ الأوامر..ترتيب غرفة نومه..الخ] فإذا وصلت إلى عدد معين اتفق مع الطفل عليه سلفاً [5،6 أو أقل أو أكثر] يمنح الطفل هدية أو مبلغ مادي..أو أي معزز يرغيه الطفل..ويُبلغ الطفل أن هذه النجوم مثلما تزيد بالعمل الإيجابي..فإنها تنقص بالعمل السلبي وهو ما يسمى بـ"تكلفة الاستجابة" د- وأخيراً..مع ذلك..اظهري الاهتمام المناسب لطفلك..في لحظات هدوءه واسندي له بعض المهام البسيطة التي تشعره بقيمته واشكريه بصدق عند إتمامها..ووازني بكل ما تستطيعين في توزيع اهتمامك بينه وبين اخوته..فالأطفال حساسون جداً في هذه النقطة..وان كانوا لا يستطيعون التعبير بوضوح وعقلانية عن مشاعرهم. هـ-لا تَرْكَني إلى ذلك فقط..بل اسألي الله لهم الهداية والصلاح وألحي بالدعاء. أقر الله عيوننا جميعاً بصلاح أبنائنا،،،

ابني خجول بشكل ملفت!!

ابني خجول بشكل ملفت!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 1/6/1422 السؤال بعد شكري الكبير لكم ودعائي الخالص بمزيد من التوفيق أسألكم عن حل لمشكلة فاجأتني..وحيرتني معاً..وهى مشكلة ابني.. طالب يدرس في الصف الأول الابتدائي وهو بالمناسبة أكبر أبنائي..يذهب كل يوم ويعود..ولم ألحظ عليه شيء غير عادي داخل المنزل..رغم انشغالي إلا أن والدته كذلك لم تلحظ عليه أي شيء في علاقته معها أو مع اخوته الأصغر منه. والذي حدث.. أنني تفاجأت في نهاية العام الدراسي عندما أفادني المسؤولين في مدرسته.. بأنه " في الفترة الأخيرة " أصبح خجولاً إلى درجة كبيرة وصلت إلى حد أنه لم يعد يكلم أياً من مدرسيه أو زملائه..بأي شيء..!! بل يلزم الصمت في كل الأحيان رغم المحاولات الكثيرة والملحة من مدرسيه له ولكن دون جدوى! مما اثر على دراسته سلباً! والغريب أنني لم الحظ هذا التغيير داخل المنزل هو يتكلم ويلعب كما عهدناه..!! وعندما أخبرتهم بذلك لم يصدقوني..ونظروا إلي باستغراب وقد لاحظت " أخيراً أنه أيضاً يخجل أمام الغرباء بنفس الطريقة تقريباً..ويلتزم أمامهم الصمت المطبق..!! والآن أنا محتار فعلاً..كيف أخرج ابني من هذا الخجل الكبير..؟ وماهي الحلول التي تقترحونها أثابكم الله وحماكم من كل سوء. الجواب ما تذكره يا أخي عن إبنك: ليس خجلاً كما تتوقع ... وكما أفادك بعض مسؤولي مدرسته.. بل هو نوع من الاضطرابات النفسية يسمى (البكم الاختياري) وهو نوع من الاضطراب النفسي الذي يصيب الأطفال عادة كرد فعل مبدئي لدخول المدرسة.. ولكنه نادر كمشكلة طويلة المدى.. ويتساوى حدوثها في البنين مع البنات.. وقد وجد الباحثين أن معدل حدوثها كمشكلة دائمة 0.8% في كل ألف ويعتقد بشكل كبير أن مشكلة البكم الاختياري يصعب علاجها بعد العاشرة من العمر.!! ومن المتابعة لكثير من الحالات التي أصيبت بـ (البكم الاختياري) اتضح أن معظم الأطفال الذين أصيبوا بهذا (البكم) تعرضوا في تاريخهم المرضي إلى إساءة معاملة جسدية أو نفسية أو حماية زائدة!!! ولتتذكر يا أخي الكريم أن الأولوية والاهتمام في مثل هذه الحالة يكون بشخصية الطفل وليس بتحصيله الدراسي.. وإنه يجب التعامل مع الطفل بشكل عادي.. وعدم إشعاره بوجود مشكلة معينة لديه.. إما بالحديث أمامه.. أو بكثرة السؤال من قبل الآخرين عنها ... وماذا تم بشأنها؟! أمام الطفل.. أو بكثرة التنقل به بين العيادات المتخصصة ... !!! إضافة إلى الحذر الكبير من الاستهزاء بالطفل بسبب وضعه..!! أو التهديد بأي نوع من العقاب البدني أو اللفظي له!!!

والتحلي قدر الإمكان بالصبر.. والرضاء بالتحسن الجزئي لحالته وتحميل الطفل بعض المسئوليات والأدوار داخل البيت وخارجه.. تدعم ثقته بنفسه وتشجيعه بعد أدائها. كل ما سبق يعتبر أرضية ومقدمة ضرورية للتعامل مع الطفل الذي يعاني من ((البكم الاختياري)) أما العلاج فيتم عن طريق ((فنيات تعديل السلوك)) وقد يلجأ أحياناً إلى بعض الأدوية في الحالات المتقدمة منه. ولكن كلا الحالتين يحتاج إلى مقابلة الطفل من قبل المختص " ومعرفة درجة الاضطراب وعمقه عن طريق بعض الجلسات النفسية. عموماً ((بادر أخي الكريم بمراجعة إحدى العيادات النفسية المتخصصة ولا تتردد أبداً.. خاصةً وأن تأخير مثل هذه الحالة قد يزيدها سوءاً..!!! أما المبادرة فيها فقد حققت - بفضل الله - نتائج إيجابية لكثير من الحالات.. وخصوصاً إذا التزمت الأسرة التزاما كاملاً بتوصيات الطبيب المعالج. وفقك الله.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

ما العمل..؟ طفلي يحيرني ... ؟!!

ما العمل..؟ طفلي يحيرني ... ؟!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 8/7/1422 السؤال عندي ابن في الحادية عشرة من عمره.. لا أعلم ما به.. أحاول أن اجعله يحفظ القرآن فيتهرب.. ويبكي ويقول أنه لم يلعب بعد.. مع أنه دائم اللعب ولا يمل.. ولديه طاقات هائلة.. فلا يبقي كرسي لا ينط عليه.. ولا يبقي شئ ما لأيعبث به.. فتراه ينكش وينبش كل شئ.. ويخرب.. كل ما يضع يديه عليه.. وكثير الكذب، مع أنني دائماً أوضح له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب يهدي إلى الفجور.. والصدق يهدي إلى الجنة.. كنت أضربه عندما يخطئ وبعض الأحيان أوبخه فقط.. أنا أعلم أنني كنت قاسية أحياناً عليه ولكن الله يصلحه دائم الأخطاء ودائم ما يضرب أخته التي تصغره بست سنين.. ولكن الآن أحاول أن أضبط نفسي معه.. ولا أضربه حتى لو أخطأ وأحاول أن أوجهه ولكن دون جدوى فهو على طول يبكي.. إذا حاولت أن أوبخه ويقول أننا (نوبخه لوحده ونترك أخته مع أنها لا تخطئ) ولكنه يكذب فأخته أكثر منه هدوء ولا تخطئ مثله.. مع أننا لا نحاول التفريق بينهما.. ولا نشتري لواحد دون الأخر.. ودائمي التشجيع له.. حتى لو عمل شئ بسيط.. أفيدونا جزاكم الله خيراً ... الجواب اطلعت على استشارتك.. المرسلة إلينا.. فنشكر لك ثقتك ونسأل الله تعالى أن يلهمنا جميعا طريق الخير والصواب.. وأما تعليقي فمن وجوه: أولاً: لم تذكري شيئاً عن والده.. وهذه مسألة مهمة جداً في تشخيص المشكلة ووضع البرنامج العلاجي.. ومتابعته..!! فالطفل يحتاج إلى وجود الرمز ليقتدي به.. (والسلطة) لكي يهابها أيضاً.. ولذلك.. إن لم يكن والده موجود لسبب أو لآخر فيحبذ إيجاد رمز بديل (خاله مثلاً) لكي يعرف الطفل أن هناك سقف أعلى وضابط لكل شئ.. وأن هناك ثمن لبعض التجاوزات يجب عليه أن يدفعه.!!! ثانياً: أخشى أن يكون الطفل يعامل معاملة خاصة كونه الابن الأكبر.. ولذلك اعتاد على هذا النمط.. ويرفض تغييره.. وأن أساليبكم في التغيير جاءت متأخرة بعض الشيء.. فخانكم فيهما التوقيت.. ودقة المتابعة!!! وقد يكون.. إ حساس الطفل بالغيرة من أخته التي جاءته بعد كل هذه السنين لتشاركه اهتمام والديه ولتسحب من تحت أقدامه امتيازات الطفل الوحيد كونت لديه ردة الفعل تلك.. وتطورت مع الوقت لتظهر بهذا الشكل.. مشاكسة مستمرة.. وحركة دائمة والسبب الحقيقي (رغبته بلفت الأنظار إليه حتى يكون مثار الاهتمام.. والطفل بحكم تكوينه النفسي والعقلي قد لا يميز بين العناصر الإيجابية في إثارة الاهتمام والعناصر السلبية.. وربما أدرك بعض الجوانب.. ولكنها تحقق له متعة إثارة اهتمام من حوله!! ثالثاً: لكل ذلك.. فإن أول الخطوات.. للتعامل مع طفلك أن تغمريه باهتمام واضح.. وتسندي إليه بعض المهام البسيطة التي تشعره بقيمته.. وتشجعيه بعد إنهائها وترددي على مسامعه أنه (رجل البيت) بعد والده وأنك تعتمدين عليه كثيراً.

رابعاً: مسألة تكليفه بحفظ القرآن الكريم.. مسألة رائعة جعلها الله في ميزان حسناتك.. ولكن أهم مافي هذا العمر عنصرين (الوقت) و (الحوافز) فحاولي أن تختاري له الوقت المناسب لهذه المسألة وذلك بترتيب وقته.. بحيث لا يتعارض وقت الترفيه مع وقت الحفظ مثلاً.. وإعطاؤه بعض الحوافز لاتمام كل مرحلة من الحفظ.. وحاولي ألا تكثري عليه.. حتى لا يمل. وأما (الكذب) فجميل منك مسألة تنبيهه إلى خطورته بشكل هادئ.. ولكن مشكلة الأطفال معنا غالباً أننا قد ننهاهم عن أمور.. ويلاحظون أن الكبار يمارسونها بشكل أو بآخر.. والأمثلة هنا كثيرة!! والطفل لا يميز - عادة - بين الدوافع.. ولا تعنيه الأسباب بقدر ما يعنيه الفعل الذي أمامه..!! وعلى أية حال.. استمري في توجيهه بهدوء.. وإياك ووصمه (بالكذاب) فهذا قد يؤثر عليه.. ويجعله يستمرئ هذا الفعل وتتساوى عنده الأشياء!!! وجميل لو تم إلحاقه.. بإحدى حلق تحفيظ القرآن الكريم داخل الحي.. ومتابعته من قبلكم. وحاولي - أختي الكريمة - أن تقتربي منه في لحظات هدوئه.. وتتكلمي معه.. وتشجعيه على الحديث معك عما مر به في المدرسة والشارع من أحداث.. حتى ولو كانت أحداث بسيطة وتروي له بعض الحكايات المسلية والهادفة.. وخاصة قبل النوم.. وأما بكاؤه المستمر - أحياناً - فيظهر والله أعلم.. أنها وسيلة منه للتخلص من بعض المواقف.. واستجلاب العطف.. فلا تتوقفي عندها طويلاً. خامساً: قد يكون ما يعاني منه الطفل هو ما يسمى في علم النفس (النشاط الحركي الزائد) .. ولكننا لا نستطيع الجزم بذلك إلا بعد التأكد وملاحظة سلوكه.. فإذا كان يتصرف بهذا الشكل في أماكن أخرى غير المنزل.. مثل الشارع والمدرسة وعند الأقارب.. وغيرها.. رجحنا هذا الخيار.. وعموماً.. حتى النشاط الحركي الزائد تجدي معه كثيرا ما تسمى بـ (فنيات تعديل السلوك) . سادساً: أجبت على مشكلة (حركة الأطفال الزائدة) في المواقع تحت ما عنوان (طفلي عنيف!!) واقترحت مجموعة من فنيات تعديل السلوك.. ستجدين فيها بإذن الله بعض الأفكار المفيدة.. آمل الاطلاع عليها في الاستشارات النفسية. سابعاً: وأخيراً لا تنسي - أختي الكريمة - الدعاء الصادق والمستمر.. أن يصلح الله لك أبناءك ويحفظهم من كل سوء.. وأن يقر عينيك بصلاحهم وهدايتهم وتوفيقهم.

طفلي عنيف..؟!

طفلي عنيف..؟! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 12/4/1422 السؤال لدي طفل عمره 5 سنوات ويقوم ببعض التصرفات السيئة من ضرب للكبار أو الضيوف أو تكسير للأواني ويتلفظ بألفاظ سيئة من لعن وسب للكبار والصغار فما هو التصرف المناسب مع مثل هذه الحالة التي تكثر في الأطفال علماً أننا جربنا معه التوجيه واللوم والتخويف والتهديد والضرب المبرح وغير المبرح ويزداد مع ذلك سوءاً. الجواب أخي الكريم..بالنسبة لمشكلة ابنك.. فلا ادري هل هو الطفل الوحيد لكم..أم لا..؟ أو ما هو ترتيبه بين اخوته وأخواته.. فلوا اتضحت هذه الأمور لكان تشخيص هذه المشكلة اكثر دقة. وبشكل عام تعليقي عليها من وجوه: أولاً: يظهر والله اعلم أن ما يعاني منه ابنك هو ما يسمى علمياً بـ " النشاط الحركي الزائد " ويعرف بأنه عدم الاستقرار في مكان واحد لاكثر من لحظات والجري بسرعة من مكان إلى آخر بشكل ـ ربما ـ فوضوي وخطر على الطفل..! وكثرة الكلام.. وإثارة الضجيج.. وعدم الالتزام بالأوامر والنواهي.. أو بالنظام.. وما إلى ذلك من أعراض المشاكسة المستمرة. ثانياً: ثبت علمياً أنه للوراثة ـ أحياناً ـ دور في ظهور هذا " النشاط الحركي الزائد " إضافة إلى العوامل البيئية والاجتماعية والأسرية..!! والذي أريد التأكيد عليه هنا.. هو أن لا يتم القطع بأن ما يعاني منه الطفل هو " النشاط الحركي الزائد " إلا إذا تكرر مع الطفل هذا النشاط في اكثر من مكان.. مثلاً في المنزل وعند الأقارب وفي الشارع وفي المدرسة.. إلخ وكذلك يجب مراعاة البداية الحقيقة لهذه الأعراض.. أو بعضها على الأقل. ثالثاً: قد يكون ما يعاني منه الطفل.. نوع من التدليل الزائد.. وربما الرغبة في لفت الانتباه إليه وهي من الأشياء الواردة بقوة لدى بعض الأطفال..!! رابعاً: التوجيه واللوم والتخويف والتهديد والضرب المبرح.. كلها مراحل وخطوات لتقويم السلوك 00 وأمور قد نضطر إليها أحياناً.. ولكن أهم ما فيها هو عنصر التوقيت والمتابعة!! بمعنى ألا استخدم التهديد في وقت التوجيه.. أو الضرب في وقت التخويف..إلخ. وبالتالي قد لا التزم بوعدي (ووعيدي..!!) فالأطفال عامة أذكياء.. ويعرفون مالدى والديهم.. ومدى جديتهم في تنفيذ ما يقولون. خامساً: لعلاج مثل هذه الحالات تستخدم عادة أساليب وفنيات تعديل السلوك.. بنجاح كبير.. واقترح عليك من هذه الفنيات في مثل موضوع طفلك مايلي:

1- الإطفاء أو التجاهل.. أي تجاهل السلوك غير المرغوب فيه وعدم الوقوف عنده.. أو الالتفات إليه.. خاصة إذا كان هذا السلوك غير ضار بشكل مباشر ويفيد هذا التجاهل.. بإطفاء السلوك غير المرغوب فيه والذي يقصد الطفل من وراءه إلى لفت الانتباه!! ويفضل عند تجاهل السلوك السلبي.. تعزيز السلوك الإيجابي المضاد للسلوك السلبي كأن يجد الطفل التشجيع عند الانضباط. ويجب التنبيه هنا لأمر هام جداً.. وهو عدم التراجع عن سياسة التجاهل لأن الطفل قد يزيد من سلوكه السيئ بفترة الاختبار والتي قد تمتد لأيام وربما أسابيع.. وقد يتزايد فيها السلوك السلبي اكثر مما كان.. والمهم هنا هو عدم التراجع مع تجنب الاحتكاك البصري بالطفل حتى لا يرى تعير اتك. 2- تكلفة الاستجابة.. ونعني بها فقدان الطفل لجزء من المعززات التي لديه. كالمكافآت مثلاً.. واصطحابه لنزهة.. أو بعض الألعاب والبرامج الترفيهية التي يحبها فنحرمه منها أو من بعضها لفترة مؤقتة " حسب ما يصدر من سلوكيات غير مرغوبة " أو مزعجة " ونخبره بذلك.. بأن هذا الإجراء في مقابل ذاك السلوك.. وقد يوعد الطفل بالحصول على كمية من المعززات بمجرد حصوله على عدد من النقاط.. وبخسارة عدد منها عند حصوله على نقاط سلبية.. ويقترح لذلك عادة.. ما يسمى بلوحة النجوم والدوائر.. فتوضع في مكان بارز في المنزل.. ويكتب فيها أيام الأسبوع.. وأمام كل يوم يوضع خانات لتعبئتها.. فالنجوم ترمز للسلوك الإيجابي.. والدوائر ترمز للسلوك السلبي وتحسب المحصلة في النهاية.. فإذا حصل على عدد من النجوم كانت له مكافأة رمزية متفق عليها " تعزيز موجب " وإن طغت الدوائر حرم من أمر مرغوب لديه.. والمهم هنا هو الالتزام والدقة والمبادرة في التنفيذ مع شرح هذه الطريقة للطفل.. ومع الوقت تخفف شيئا فشيئاً. وتتباعد فترات التقييم حتى تتلاشى.. ويتجاوز الطفل هذه المرحلة. 3- التصحيح الزائد ووالتصحيح البسيط.. وهو تدريب الطفل على السلوك الملائم من خلال تصحيح الطفل لأخطائه والطلب منه إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي.. وعادة ما يشتمل هذا الأسلوب على توبيخ الفرد بعد قيامه بالسلوك غير المقبول مباشرة.. وتذكيره بما هو مقبول.. والطلب منه إزالة الأضرار التي نتجت عن سلوكه.. وإعادة الأمر إلى ما كان عليه.. بل ربما تكليفه بأعمال أخرى إضافية!! مثلاًِ.. طفل كثير الحركة.. اعتاد على بعثرة الأشياء في المنزل " سلوك سيئ " والتصحيح هنا.. توبيخه والطلب منه بإعادة كل شيء إلى مكانه. 4- الإقصاء: ونعني به إبعاد الطفل.. فور ظهور السلوك الغير مرغوب فيه.. عن المكان لفترات قصيرة.. وتحديد مكان معين في المنزل كأحد الزوايا.. أو الغرف.. التي لا تحتوي على ما يشد انتباه الطفل أو يثيره ويسره.. ليكون مكان الإقصاء.. وبمجرد ظهور أي سلوك مزعج من الطفل..يبعد إلى مكان الإقصاء لمدة عشر دقائق مثلاً.. ويبلغ بسبب إقصائه وإن عاد لسلوكه.. أعادوه للإقصاء.. وزادوا المدة.

سادساً: لتكن ـ أخي الكريم ـ لغتك واضحة مع طفلك سواء في الأوامر أو النواهي.. وتجنب قدر المستطاع مزج الجد بالهزل في توبيخك وتهديدك.. فالطفل لا يميز بينهم 00!! .. وسيأخذ الأمور على أنها هزل دائماً.. وربما استغرب تناقض والديه!! ولذلك فالوضوح مطلب ضروري وهام جداً.. في الوعد والوعيد.. والصدق أساس كل ذلك. سابعاً: في حالات قليلة جداً.. يحتاج " النشاط الحركي الزائد " إلى بعض الأدوية المهدئة.. التي يراها الطبيب النفسي مناسبة.. وتقلل تدريجياً مع الوقت. ثامناً: يجب على الأهل.. تجنب المنبهات الشديدة.. والإثارة الزائدة للطفل.. والحرص على الهدوء قبل موعد النوم بمدة كافية.. ولا تنسى ـ آخي الفاضل ـ قبل هذا وبعده الدعاء الصادق بأن يصلح لك ويصلح بك وان يقر عينك بصلاح أبناءك انه ولي ذلك والقادر عليه.

التربية بالضرب والتخويف

التربية بالضرب والتخويف المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 27/06/1426هـ السؤال هل من الممكن ضرب الطفل أو تخويفه بالكبريت أو الشمعة لو كان لا يرتدع بالعصا؟ وهل يجوز ضرب الأطفال على حفظ القرآن؟. الجواب أخي الكريم حفظك الله ورعاك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. "يا غلام سمِّ الله وكُل بيمينك، وكُل مما يليك"، هكذا قال المربي الأول، نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حينما كانت يد عمر بن أم سلمة تطيش في الصحفة. صحيح البخاري (5376) ، صحيح مسلم (2022) .فلم يستخدم معه الضرب أو التأنيب، ولكن وجَّهَه إلى الآداب الصحيحة عند الأكل. علينا أن ندرك أن هناك حقيقة مرتبطة بطبيعة البشر وهي أننا جميعاً خطاؤون، فالكل مفطور على صدور الخطأ منه صغيراً كان أو كبيراً، ومن الخطأ يتعلم الرجال. وحينما يكون تعاملنا مع أبنائنا قائماً على المحاسبة فقط دون التوجيه، فإننا نرتكب خطأً تربوياً سيكون له تأثير سلبي على الأبناء سواءً كانت المحاسبة لفظية: (.. أنت لا تفهم، أنت غبي..) ، أو كان بدنياً كالضرب باليد أو بأي أداة أخرى.. فإننا نكون جعلنا من الخطأ سبباً ودافعاً لتحطيم معنويات أطفالنا والتنقيص من قدراتهم وسلب الثقة منهم، وبالتالي الوقوع في مشاكل نفسية كثيرة كالخوف والانطواء، والتبوّل اللا إرادي، واضطرابات النطق، إلخ ... فالطفل سينشأ وفي ذهنه تلك الصور العقابية المحبطة، كارهاً من كان يمارس معه تلك السلوكيات الخاطئة، وقد يكبر ويتقمص تلك السلوكيات مع الآخرين. لذلك - أخي الكريم- لا بد أن نقف ونتساءل قبل أن نحاسب أبناءنا عن أخطائهم. * هل علّمنا أطفالنا الطريقة الصحيحة للسلوك المرغوب؟ * هل الضرب واستخدام الألفاظ المحبطة هو الحل الناجح لإطفاء تلك السلوكيات وتعلمهم سلوكيات مرغوبة؟ ولكي نجعل من أخطاء أطفالنا وسيلة للتعلم والإبداع، علينا الآتي: (1) أعد الثقة للطفل بعد الخطأ؛ فالثقة دائماً هي العلاج الذي يبني حاجزاً متيناً بينه وبين تكرار الخطأ. (2) علّمه الطريقة الصحيحة للتعامل مع الموقف. (3) علّمه تحمُّل مسؤوليته عن أخطائه ليكتسب مهارة التحكم في ذاته، فالطفل الذي يحدث منه كسر كوب الماء لا تنفعل عليه، بل كن هادئاً واطلب منه أن يقوم بتنظيف المكان وكافئه لفظياً، ومن ثم وجهه للطريقة الصحيحة لحمل الأكواب. (4) ابتسم وأنت تقنعه بخطئه وتشعره به. (5) افصل الخطأ عن شخصية الطفل. (6) كوّن عند الطفل المعايير السليمة التي من خلالها يتعرّف على الخطأ. (7) أنصت إليه بتمعّن واهتمام؛ لتفهم أصل الخطأ. (8) لا تجعله يقع فريسة للخوف من الفشل. (9) لا تيأس من طفلك مهما تكرر خطؤه. تأكد - أخي الفاضل- أن الحب والتسامح مع الأطفال أقوى وأنفع من الغضب والانفعال، ولنكن قدوةً لأطفالنا بكل أمور الحياة. فحاول بقدر ما تستطيع أن تنشئ علاقة ود وصداقة مع أطفالك؛ كي يتعلموا منك الصواب ويساعدهم على تكراره. حفظ الله لنا ولك النية والذرية.

الغيرة بين الأطفال

الغيرة بين الأطفال المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 14/10/1424هـ السؤال عندي من الأولاد اثنان، بنت عمرها سنتان ونصف، وولد عمره سنة، والمشكلة التي نعاني منها هي شدة الغيرة من البنت الكبيرة، فكلما أعطينا شيئاً للولد تأخذه منه وتضربه، ونحاول بكل الجهد أنا وأمها أن نحببها فيه، لكنها كلما رأته سعيداً تنكِّد عليه، ولا أدري ما أفعل؟ الولد مظلوم والبنت كذلك لتقارب السن ورغبة كل واحد في أخذ أكبر قسط من الدلع، هل من نصائح مفيدة تقلل من هذه الغيرة؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: في الحقيقة أن هذه المشكلة التي أنت تعاني منها مع أولادك هي مشكلة يعاني منها الكثير من البيوت، وخصوصاً إذا كان سن الأولاد في مثل سن أولادك، وهذه المشكلة تنتهي بمرور الأيام، وتقدم سن الطفل، ولكن هناك بعض النصائح ننصح بها حيال هذه المشكلة فمستعيناً بالله أقول: (1) لا بد من إشعار هذه البنت بالاهتمام والرعاية والحب، وخصوصاً إذا اجتمعت هي وأخيها في مكان واحد. (2) في حالة لعب الابن الأصغر ينبغي أن يتواجد أحدكم أو كلاكما مع الأولاد؛ حتى لا يحدث ما يحدث من البنت تجاه أخيها. (3) إحضار بعض اللعب خاصة للبنت ووضعها عند أخيها، ثم إعطاء هذه اللعب للبنت وإقناعها بأن أخاها هو الذي أحضر لها هذه اللعب حتى تحبه. (4) كرروا دائماً على لسان ابنتكم حبي أخيك، قبلي أخيك، وجعلها تحمله على رجلها بمساعدتكم طبعاً. (5) إحضار بعض الألعاب الخاصة بالطفل وإعطاؤها للبنت، وجعل البنت تعطي هذه الألعاب لأخيها، وبذلك تسود روح المحبة بينهما. (6) احذروا من إنزال العقاب الشديد على البنت إذا قامت بضرب أخيها مثلاً، ولكن أشعروها بأن هذا خطأ وأن أخاك يحبك فلا تؤذيه. (7) وخاتمة القول عليكم بالدعاء واللجوء إلى الله بصدق أن ينهي هذه المشكلة على خير. هذا والله أعلم، ونسأل الله التوفيق للجميع، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف أجيب على أسئلة ابني؟

كيف أجيب على أسئلة ابني؟ المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 21/7/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد: عندي ولد في السنة الخامسة من عمره، وفي الآونة الأخيرة بدأ يكتشف عضوه التناسلي، ويأتي إلى أمه ويسألها عن سبب انتصابه، ولا يسألني ربما لخوفه، وسؤالي - بارك الله فيكم - كيف نتعامل معه في هذه القضية؟ أسأل الله أن يكتب أجركم وأن ينفع بكم. الجواب الأخ الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أسأل الله العظيم أن يحفظ لك ذريتك وبيتك، ويهدينا وإياك طريق الحق ويرزقنا اتباعه إنه جواد كريم. أخي الفاضل: إن الطفل يستطيع أن يتعرَّف على أجزاء جسمه منذ العام الثاني، سيتعرف على أن العين للرؤيا، والأذن للسمع، والفم للأكل والشرب، والأرجل للمشي، ولكن معرفته عن أعضائه التناسلية أنها للإخراج البولي، وحينما يحدث أمراً جديداً وطارئاً لها قد تكشف أن هناك أموراً جديدةً تتأثر بها كالإحساس بالنشوة حين لمسها، وقد يكون هذا الأمر الطارئ قد حدث بفعل فاعل، وعمر الطفل يجعله لا يميز بين المسموح والممنوع!! أو من خلال رؤيته لمشاهد رسخت في ذهنه وفتحت لهُ أموراً لا تتوافق مع عمره الزمني، ولذلك -أخي الكريم- تلمس ما يحدث حول ابنك من بواعث تساعده على أن يلفت اهتمامه لعضوه التناسلي، فقد تكشف ما كان غائباً عن ذهنك، اعتقاداً منك بأنه أمر عاديٌ لا يؤثر على الأطفال لضعف مداركهم.. ورؤيتي حول مواجهة تلك المشكلة هي كالتالي: أولاً: الحرص على إعطاء الابن العطف والحنان، وعدم الانشغال الطويل عن ملاعبته وملاطفته، وعدم تركه للغوص في اكتشاف أعضاء جسمه، وليكن هناك ألعاب توافق عمره تشغله دائماً معها باللعب والتعلُّم. ثانياً: أن تتحدث الأم مع الابن حول أعضاء في الجسم مسموح لمسها من الغير، وهناك أعضاء لا يسمح للغير -وللشخص نفسه- لمسها؛ لأنها معرضة لأن تتعرض للجراثيم التي تسبب الأمراض، ومحاولة استخدام لغة توافق عمره وبطريقة مشوقة ولينة. ثالثاً: إن كان الطفل تحت رعاية خادمة يفضل التأكد من تعاملها مع الطفل، والحرص على التقليل من الاختلاط بها ما استطعت، وإن اهتمت الأم برعايته بشكلٍ دائمٍ فهو أفضل! رابعاً: لا تجعل بينك وبين ابنك حاجز الخوف، بل قدِّم له العطف والحنان ولاطفه، وحاول أن تشركه في بعض مشاويرك القصيرة، كالذهاب للأماكن العامة لكي يعتاد الاختلاط مع الآخرين، ويتعلم من خلال المشاهدة والممارسة كيف يتصرف مع الآخرين! خامساً: لا تعط الأمر أكبر من حجمه؛ فقد يكون طارئاً، ومع التجاهل التام لتصرفاته تختفي تدريجياً بإذن الله تعالى. حفظ الله لك الذرية، وأقرَّ عينك بصلاحهم جميعاً. والله ولي التوفيق.

ماهي الطريقة المثلى في تربية الطفل؟

ماهي الطريقة المثلى في تربية الطفل؟ المجيب د. أسماء الحسين الأستاذ المشارك في الصحة النفسية والعلاج النفسي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 13/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. لدي طفل يبلغ من العمر سنة وتسعة أشهر، وأحب أن أسأل عن الطريقة الصحيحة في التربية، حيث لاحظت أني عندما أخاصمه يذهب إلى أمه، وعندما تخاصمه أمه يأتي إلي. فهل هذه الطريقة صحيحة؟. أرشدوني حفظكم الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: أولاً: اسمح لي أن أقدِّر لك حرصك على السؤال عن الطرق السليمة في التعامل مع الطفل، ومما ذكرته في رسالتك يبدو أن طفلك من النوع الحسَّاس أو الغيور، الأمر الذي يجعله يبحث عمن يحميه ويرد إليه اعتباره، ويحبه ويعطف عليه كذلك، ولكن نصيحتي لكما - أنت ووالدته- الثبات في تطبيق الأنظمة، وقوانين الثواب والعقاب مع هذا الطفل؛ لأن ازدواجية التعامل، أو الذبذبة فيه قد يسبِّب الإرباك لطفلكما، ويجعله غير قادر على تحديد ما هو مقبول منه وما هو مرفوض، بل إن اختلاف الوالدين في الحكم على سلوك ما سلبي ارتكبه الطفل من شأنه أن يجعل الطفل يقع تحت ضغط نفسي، فينبغي احترام الطفل وتشجيعه على السلوك الحسن، ولا بد من توجيه الطفل التوجيه السليم، والاتفاق على أخذ موقف منه، مع إغفال بعض المواقف التافهة التي تصدر منه، ودراسة ما إذا كان الطفل يريد لفت انتباهكما لأمر ما.

مشكلتها: عدم الصبر على أولادها

مشكلتها: عدم الصبر على أولادها المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 28/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي هي عدم الصبر على الأولاد، وهم: بنت عمرها أربع سنوات، وولد عمره ثلاث سنين، والثالث قادم -بإذن الله-. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي: إن عدم الصبر على الأولاد وتربيتهم ومتابعتهم أمر طبيعي لدى الوالدين بشكل عام؛ لأن تربيتهم مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الوالدين، وأمانة يجب الالتزام بها، ومع ذلك قد تكون المشكلة أكبر بتقارب أعمار أطفالك، ولكن تذكري شيئاً مهماً وهو الأجر العظيم من الله - سبحانه وتعالى- عند تربية الأولاد تربية حسنة واحتساب الأجر في ذلك، والاستعانة بالله، والدعاء لهم بالصلاح، والصبر منهك، ولكن عواقبه جميلة - إن شاء الله-، ولا أعرف حقيقة أسباب عدم صبرك تجاه أبنائك، ولكن: (1) يمكن أن تغيري من روتين حياتك اليومية؛ حتى يخفف عنك عناء المنزل والأولاد، والزوج. (2) إذا كنت حريصة جداً على الأولاد فغيري من طريقتك، فأعطيهم حريتهم، ولا تقيديهم أو تخافي عليهم من كل شيء، حتى في لعبهم، فالحرص الزائد يزيد الضغط النفسي لديك، فتشعرين بعدم الصبر. (3) حاولي أن تجربي تمارين الاسترخاء، أو تمارين رياضية خفيفة داخل المنزل. (4) أيضاً ابتعدي عن مقارنة أطفالك بأطفال آخرين، وارضي بما قسم الله لك. (5) عوديهم على الخروج مع والدهم من دونك؛ حتى يكتسبوا بعض الخبرات، وتشتاقي أنت إليهم. (6) كلفيهم ببعض الأشغال المنزلية البسيطة. (7) ضعي برنامجاً يومياً لهم، وهذا مهم، وهم في هذا العمر؛ لترتاحي مستقبلاً. وفقك الله.

الأنسب في تعليم اللغة للناشئين

الأنسب في تعليم اللغة للناشئين المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 05/05/1425هـ السؤال ما الأنسب لتعليم الناشئة: هل البدء معهم باللغة العربية أو اللغة المحلية؟ فاللغة المحلية فيما يبدو لا تفي بالمقصود والله أعلم، أما تعليم اللغة العربية فيأخذ وقتاً غير قليل. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فلا شك أن تعلُّم اللغة العربية وتعليمها من أهم المهمات وأولى الواجبات على من أراد تعليم نفسه أو غيره، لا سيما من كان في مقتبل العمر، وما ذاك إلا لأن اللغة العربية هي لغة هذا الدين الخالد، فالقرآن الكريم نزل بلغة العرب، قال تعالى: "إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون" [الزخرف:3] ، وكما أن القرآن الكريم عربي فالسنة النبوية عربية كذلك، فكلاهما عربي الألفاظ والمقاصد والمعاني، ولأجل هذا قرر أهل العلم أن فهم النصوص الواردة في الكتاب والسنة إنما يكون حسبما تقتضيه اللغة العربية، وحسب ما كان يفهمه العرب الأوائل. وإذا كان الإنسان الذي يريد طلب العلم ليس من أهل اللسان العربي، فإنه يجب عليه تعلُّم هذه اللغة وفهمها؛ ليتمكن من فهم الأدلة الشرعية الواردة في الكتاب والسنة، ومن ثم يستطيع امتثال أوامرهما واجتناب نواهيهما ونحو ذلك، إلا أن فهم اللغة العربية على وجهها ليس أمراً هيناً ولا مطلباً سهلاً-خصوصاً لمن لم يكن من أهل اللسان العربي-، ولو أراد الطالب إتقانها أولاً ثم يبدأ بطلب العلوم الشرعية لما اتسع وقته لذلك؛ لأن تعلم اللغة العربية يحتاج إلى وقت طويل كما هو مشاهد وواقع، ولذلك فإن الأنسب أن يجمع الطالب بين الطريقتين، فيتعلم اللغة العربية ويحاول فهمها والإحاطة بعلومها وما إلى ذلك، وفي الوقت نفسه يطلب العلم من الكتاب والسنة، ومما ألفه العلماء في العقيدة والتفسير والحديث والفقه وسائر علوم الشريعة باللغة المحلية التي يفهمها ويستطيع تطبيق ما درسه عن طريقها، وذلك عن طريق الكتب المؤلفة باللغة المحلية، أو عن طريق الترجمة؛ حيث يقوم العالمون باللغة العربية والمحلية بترجمة ما جاء في تلك الكتب. وإذا جمع الطالب بين هاتين الطريقتين فإنه سيحصّل خيراً كثيراً إن شاء الله، وسيرى بعد مرور الوقت أنه حصّل من العلم طرفاً لا يستهان به، وإذا أتقن اللغة العربية استطاع الاستمرار في طلب العلم من منابعه الأصيلة التي كتبها مؤلفوها باللغة العربية ولا يجد في ذلك صعوبةً؛ لأنه فهم اللغة التي كُتِبَتْ بها هذه الكتب. ومن المناسب للسائل أن يستفيد من الطرق التي سلكتها الأقليات الإسلامية في عدد من دول العالم، حيث وضع القائمون على تعليم الأجيال الناشئة هناك برنامجاً مناسباً للجمع بين تعليم اللغة العربية، وتعليم الأحكام الدينية المهمة باللغة المحلية، ويمكن الحصول على هذه البرامج عن طريق الجمعيات الخيرية المهتمة بهذا الجانب. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الحيرة مع الأولاد..!!

الحيرة مع الأولاد..!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 29/4/1422 السؤال أنا امرأة متزوجة وعندي أطفال ألان نقيم في إحدى دول الغرب والمشكلة هي أن زوجي يريد أن أضع الأطفال عند مربية وأنا أخرج للدراسة وأنا لست مرتاحة لهذا الوضع وأقول له دائما سيضيع الأطفال هكذا ولن نستطيع السيطرة عليهم في المستقبل 00وأيضاً الدين مختلف وأخاف عليهم كثيراً من هذا المجتمع. هل أنا على حق أم اسمع كلام زوجي وأنهم لن يتغيروا بسرعة ماذا أفعل؟ أرشدوني ولكم جزيل الشكر. الجواب الذي يبدو من استفسارك أنك زوجة أحد المبتعثين للدراسة في الغرب، وبحسب تجربتي فإن الوضع السائد والمنتشر بين المبتعثين في العادة هو أن الزوجة هي التي عادة ما تلح وتناشد زوجها بالسماح لها في الدراسة ونيل درجة علمية عالية أو على الأقل دبلوم لغة إنجليزية أما في وضعك أنت أيتها الأخت الكريمة فالأمر يبدو معاكساً إذ الزوج هو الذي يرغب منك بالالتحاق بالدراسة حتى ولو كان في ذلك بعض المحاذير. يمكن تناول موضوعك من جانبين الأول هو الوضع الدراسي والبيئة الدراسية والأمر الثاني أو الجانب الثاني هو وضع الأطفال ووجودهم تحت رعاية مربيه غريبة عنهم، أما الجانب الدراسي فالمعروف هناك أن الدراسة تتوجب عليك الاختلاط بالرجال ومحادثتهم والنقاش معهم وهذه أمور فيها محذورات شرعية كما لا يخفى عليك وأنت لم توضحي ما نوعية تلك الدراسة والحاجة إليها من قبلك وأيضاً حاجة المسلمين لمثل دراستك فنستطيع أن نجعلها في خانة الضرورة التي تستوجب علينا كمسلمين وجود امرأة مسلمة تشغل هذا الثغر وهذا الجانب بدلاً من رجل أو امرأة غير مسلمة. أما إن كانت هذه الدراسة غير ضرورية ولا حاجة إليها ولم يضرك تركها أو لم تخسري شيئاً بالابتعاد عنها فإنك والحالة هذه تدخلين تحت دائرة لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فلا طاعة لزوجك والحالة هذه في أمر يحتوي ويتضمن معصية الله. ومن هذا المنطلق فإنك في ضوء ما سبق أنت التي تحكمين في حالتك وترين الأمر المناسب لوضعك ووضع أسرتك. أما الجانب الآخر وهو وضع الأطفال فلا يشك المربون بأن الاستقرار النفسي والعاطفي لدى الأطفال يكون في أكمل صورة وأحسن حالاته حينما تملاء أوقاتهم وحياتهم بالحنان والعطف المتدفق من الأبوين لكن هذا في نفس الوقت لا يعني بالضرورة أن وجود الأطفال تحت رعاية امرأة غير أمهم أو أجنبية عنهم يستوجب ويستلزم منه انحراف أو ضياع الأطفال نفسياً أو عاطفياً ولكن احتمال التعرض لمثل هذه المشاكل لدى الأطفال واردة عندهم أكثر من غيرهم. وفي حالتك أيتها الأخت الكريمة فإن وجود الأطفال بين يدي المربية أو الحاضنة فإنه إن كان لمدة وجيزة ويسيرة وهذا ما يبدوا لي والله أعلم يقلل الضرر الديني عليهم خصوصاً في مثل سنهم وكذلك إقامتكم ليست دائمة وإنما هي مدة زمنية معينة ومن ثم تعودون إلى بلادكم وقد يكون الأطفال لم يبلغوا سن التمييز بعد. وفي الأخير أحب أن أهمس في أذنك آيتها الأخت أنك أنت كما ترين الأعرف بشأنك وشأن دراستك وأولادك حاولي أن تزني كل هذه الأمور في ميزان الشرع أولاً ثم العقل والمصلحة الراجحة ثانياً. وفقك الله وأسرتك لكل خير ونجاح وأعادكم إلى دياركم وأهليكم سالمين غانمين، وصلى الله على محمد.

أريد لها الصلاح.. ولكن..!!

أريد لها الصلاح.. ولكن..!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 24-1-1423 السؤال لدي فتاة في الصف الرابع الابتدائي وأحاول جاهدا أن تكون من الصالحات وذلك من خلال الحرص على صلاتها وأدائها في أوقاتها ولكن يبدو أن الضغط عليها أدى إلى تهربها والإدعاء بأداء الصلاة وهي الآن تقوم بأداء الصلاة في الدور العلوي مع حرصي أن تؤديها أمام أمها وأمام الجميع في الدور السفلي، ولذلك فقد حاولت تغيير منهجي معها والتشديد في مراقبتها من خلال الحوافز المادية التي تحبها كثيرا فقد اتفقت معها على أي صلاة أشهدها أو تشاهدها أمها سوف تحصل على ذلك الحافز، كما طلبت من أخيها الصغير بمراقبتها لمعرفة هل أدت الصلاة أم لا، أرجو توجيهي حول هذا الموضوع وتزويدي بوسائل علمية لذلك. الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أكاد أجزم أن ابنتك هي أكبر أولادك من خلال تعاملك معها وحرصك عليها هذا الحرص الشديد لتكون من الصالحات. يتحمس الآباء كثيرا في تربيتهم لأولادهم وخاصة في الطفل الأول فتجدهم يمارسون أساليب شتى في تطبيقات طرق التربية سواء من الناحية السلوكية أو من الناحية التعليمية أو الدينية ... ولو نظرنا إليهم بعين المتفحص والمتجرد لوجدناهم في الحقيقة إنما يلبون حاجات نفسية لديهم هم قبل أولادهم.. ولسان حالهم يقول أريد أولادي رجالا صالحين متميزين ومنضبطين وناجحين في جميع شؤونهم الدنيوية والأخروية.. فتجد أحدهم يحاول ويجتهد حتى ولو كان يمارس طريقة خاطئة ولكنه وبسبب ذلك الدافع القوي تجده يعمى عن سلبيات مثل هذه الأساليب والطرق التي يعمل بها ولا يفيق إلا بصدمة قوية يفاجأ من خلالها أن ابنه أو ابنته هما أبعد ما يكون عن الهدف والسلوك الذي طالما حلم به. أيها الأخ الكريم.. ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.. أنت بدت لك بعض من نتائج أسلوبك مع ابنتك ولكن للأسف لم تتعلم من هذا الدرس بل جنحت إلى أمر أسوأ من خلال مراقبتها والتشديد في ذلك. يا أخي لا تجعلها تصلي من أجلك أو أجل أمها.. ازرع فيها المراقبة الذاتية.. ذكرها بأمر الصلاة وعظم شأنها في الإسلام وأنها سبب في التوفيق في الدنيا والآخرة، حاول ربط ما يحدث لها من منغصات في العيش بالابتعاد عن الله واتركها.. ليكن عملك التذكير والنصح بالحسنى ولا تراقبها بهذه الطريقة السيئة وصدقني أنه سوف ينشأ لديها حب الصلاة والخير في ضميرها مع الوقت وليس مع الشدة والمراقبة والحزم الزائد أو توصية إخوانها بالقيام بمهمة الرقيب، وصدقني أن النتائج بهذه الطريقة ستكون عكسية راجيا ألا تكتشف خطأ أسلوبك من خلال سلوك أبنائك فيما بعد، حيث في ذلك الحين يكون الوقت متأخرا جدا للإصلاح أو للعودة لتجريب أسلوب آخر يكون أكثر ليونة وأكثر حكمة. زادك الله حرصا وروية ووفقنا للسلوك القويم مع أنفسنا ومع أبنائنا. والله يحفظك ويرعاك،،،

السنة الدراسية الأولى: هم الوالدين وآمال الطفل

السنة الدراسية الأولى: هم الوالدين وآمال الطفل المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 5-7-1423 السؤال ها قد بلغ ابننا السنة النظامية للالتحاق بالمدرسة وبدأ الخوف يأخذ مكانه في قلبينا نحن والده ووالدته والرهبة من مشكلة التعب ومصاعب التكيف لدى ابننا مع العملية التعليمية أنها مشاعر مختلطة فهي آمال بالنجاح العلمي وهو شعور يخالج قلب كل والدين يحب لولده الاستفادة العلمية قدر الإمكان وفي نفس الوقت خوف من الفشل وهو ما نشاهده عند أطفال صغار لم يستطيعوا المواصلة في الدراسة فكانت معاناتهم مستمرة حتى عند الكبر. فهل لنا أن نستمع منكم شيئاً يفيدنا في هذا الموضوع؟. الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم" لا شك أن تجربة الطفل في سنته المدرسية الأولى ستكون مزيجاً من الفرح والسعادة إذ طالما جلس بفكر فيها بل ويلج على والديه إرساله لها ... وإذا ما كان له أخوة كبار فإن الشوق لها أكبر بكثير كيف لا وهو يشاهد إخوانه يذهبون صباحاً ويعودون ظهراً كل يوم وهم على الدوام مشغولون إما بالدراسة أو عمل الواجب أو على الأقل في الحديث عن المدرسة وما يدور فيها من أحداث مع المعلمين وزملاء الفصل هذا التكرار اليومي الملقى على مسامعه بطريقة غير مباشرة ولا متعمدة ولدت لديه الحب الكبير في الخضوع لهذه التجربة نتيجة ما يراه من أخوة بشكل يومي. وقد وقفت على كتابة جميلة في هذا الصدد كتبها أخصائي في علم النفسي هو الدكتور كمال الدسوقي وضمنها في كتابة الجميل " النمو التربوي للطفل والمراهق " وأنا أنشرها هنا مع بعض التصرف لما فيها من الفائدة في هذا الموضوع إذ يقول: "يعتبر الذهاب إلى المدرسة زمنياً وسيكولوجياً نهاية عهد وبداية عهد آخر بالنسبة للصغير، فحتى سن الخامسة الصغير يتفاعل مع والديه وأشقائه أكثر مما يتعامل مع أي أحد آخر. الحقّ أنه قد يكون له في جيرته رفاق لعب، لكن الوالدين هما من يعرف من الكبار معرفة وثيقة: هما اللذان يرسمان نمط حياته اليومية، موافقتهما هي ما يهمّه. وإرضاؤهما هو ما يسعى إليه، لكن مع بداية المدرسة يتسع عالم الطفل ويصبح أكثر تعقيداً. فهو يقضي وقتاً أطول بعيداً عن البيت في صحبة أناس آخرين غير أعضاء أسرته. وتصبح آراء وأحكام وأوامر هؤلاء ذات أهمية متزايدة.. وإن كان ليشعر نحوهم باحتياج أكبر - لكنهم هم الذين أرادوا له هذا.

إن دخول ما نسميه الصف الأول بالمدرسة هو علامة تغير مفاجئ في خبرات الصغير. فلأول مرة في حياة أغلب الصغار يتوقع منهم أن يتمشوا مع نمط جماعي فرضه أحد الكبار وفي عهدته صغار كثيرون ليكون واعياً طوال الوقت بكل واحد منهم كفرد. اللوحات تعرض على المجموعة كلها مرة واحدة وبسرعة البرق، القصص تحكى وعلى كل واحد أن يصغي أراد أو لم يرد، ورق الرسم والأقلام توزع سواء تصادف الإحساس بالرغبة في الرسم بتلك اللحظة أم لا. إن أحد هؤلاء الصغار - وقد وجد هذا التحول فرق ما يحتمل - ليبدي ملاحظته بعد أول يوم له في المدرسة بقوله: " هذا شنيع، كل ما تفعله هو أن تنصاع (للأوامر وتنتبه للتعليمات) طوال اليوم " وقوله في يوم آخر: إنها شناعة حقاً، كل ما تفعله هو " أن تجلس، وتجلس، وتجلس ". وسواء أكانت أوّل مدرسة يذهب إليها الطفل هي الحضانة أو رياض الأطفال أو المدرسة الابتدائية التي بحكم النظام لا ينبغي أن يتخلف عن اللحاق بها الأطفال عند سن السادسة، فالذهاب إلى المدرسة في نظر الصغار جميعاً معناه أنهم قد كبروا وقد كانوا يتطلعون بشوق إلى اليوم الذي يكبرون فيه ويصحبون إخوتهم وأخواتهم الكبار إلى المدرسة ويشاركون في هذه الخبرات التي يسمعون عنها من هؤلاء عما يسمى المعلم أو المعلمة والفصل والحصة ... بدلاً من أن يتعلقوا بهم عند خروجهم في الصباح باكين متوسلين ليأخذوهم معهم فيتركوا لأنهم "صغار" لكنّ دراسات اتجاهات الصغار نحو المدرسة قد كشفت عن أنه " بينما أغلب الصغار يدخلون المدرسة بآمال عريضة وتوقعات كبرى فالكثير جداً منهم يشعرون أنهم قد خدعوا في المدرسة قبل أن يتموا عامهم الأول بالصف الأول. وقد يكره بعض الأطفال الحضانة أو رياض الأطفال بعد انتظامهم فيها، لكن ذلك أقل بكثير مما يحدث للصغار في كراهيتهم للمدرسة الابتدائية. والسبب في هذا واضح: فالتغير المفاجئ في الحضانة وروضة الأطفال ليس أكبر بكثير مما هو في البيت والأسرة - رغم أن الصغار يلحقون بهما في سن أكثر تبكيراً. أما بالنسبة للمدرسة وفي السنة الأولى منها فالفرق كبير بين جو الأسرة (الوالد والوالدة والاخوة) وجو المدرسة (المعلم أو المعلمة والزملاء ... ) الرسمي الغريب. ويتوقف حب الصغير للمدرسة وكراهيته لها على أولى خبراته بها. إن تشوقه للذهاب إلى المدرسة ليتبدّد لو أنه - عندما يدخل المدرسة - يجد نفسه غير أهل لما تتوقع منه المدرسة. إذ تطغي حينئذ بسرعة المخاوف ومشاعر النقص وعدم الاستعداد على السرور والابتهاج اللذين طالما حلم بهما الطفل. ولا يقل خطراً عن عدم الاستعداد للذهاب للمدرسة الإعداد لها بالطريقة الخاطئة. فبعض الآباء - رغبة منهم في تحبيب المدرسة إلى صغارهم، يزينون لهم صورة المدرسة ولو على غير الحقيقة الواقع. فحين يقال للصغير الذي تركه الجميع وحيداً بالبيت إنه حين يذهب للمدرسة سوف يجد زملاء كثيرين يلعب معهم. ثم يتصادف حين يذهب ألا يحب الآخرون اللعب معه. والصغير الذي تؤكد له أمه أنها ستكون عند باب المدرسة للعودة به إلى البيت قبل موعد الانصراف، ثم يتكرر تأخرها في الحضور وهو في انتظارها جائعاً تعباً ... كيف يحب هؤلاء المدرسة؟

إن البداية الحسنة أو براعة استهلال ذهاب الصغير للمدرسة تأتي أهميتها من أن أول خبرة بالمدرسة - سواء سبقها الإعداد السليم أو الخاطئ أو عدم الاستعداد أصلاً - تشكل كل اتجاه الصغير نحو المدرسة لسنوات قادمة. والخبرة المريرة بالمدرسة تتطور إلى خشية تتزايد عاماً بعد آخر، حتى يجيء الوقت الذي يثور فيه الشاب على والديه طالباً عدم الذهاب لهذه المدرسة ويضطر هؤلاء لإخراجه منها. من ناحية أخرى، يتوقف تكيف الصغار بالمدرسة على الطريقة التي تستقبلهم بها أول أيام التحاقهم بالصف الأول منها، فنظام المدرسة، وشخصية المدرسين، بصرف النظر عن المعدات المادية لحجرات الدراسة والمواد الدراسية أو جداول الحصص والكتب المقررة ... الخ هي التي ستهيئ الجو النفسي الاجتماعي اللازم لتوافق الصغير بالمدرسة وحبه لها، وبالتالي نمو شخصيته في المدى البعيد، ونجاحه التحصيلي في المدى القريب. والعلاقات التي تخلق هذا الجو الصحيّ العقلي أو المرضي اللاتوافقي فيما بين المعلم والتلميذ الصغير وزملاء الدراسة هي التي ستحدد للمستقبل ما إذا كانت المدرسة تخرج المواطن الصالح أم الحدث المنحرف. مؤشرات الأهبة للتكيف المدرسي: إن خبرة الذهاب إلى المدرسة نقلة كبرى من بيئة البيت إلى بيئة غريبة مختلفة تماماً، ومعنى هذا ضرورة التوافق مع أناس ومواقف وأحوال سلوك جديدة على الصغير ولا عهد له بها بعد. فهل من سبيل لمعرفة متطلبات هذا التوافق قبل سن الدخول للمدرسة للإعداد لها حتى يمر الطفل بخبرتها أكثر سهولة ويسراً؟ وما هي الخبرات قبل المدرسية الأولية؟ أثبتت البحوث أن التلاميذ الذين يرسبون بالصف الأول أقل نضجاً جسمياً من جماعة الناجحين بالصف كما سبق القول فالنضج الجسمي يبدو أنه يتصل بالأهبة للمدرسة. إن القدرة على إيجاد توافقات بمواقف جديدة يتوقف - في جزء منها - على الذكاء لكن أهم من ذلك خبرات الصغير السابقة في توافقاته. فإلى أن تكون قد استقرت عادات سلوكه الأساسية فيزيولوجياً، وحركياً، واجتماعياً، ينبغي لبيئة الصغير أن تظل من الثبات وعدم التغير قدر الإمكان، وأي تغير ولو طفيف عرضةً لأن يقلب رأساً على عقب الطفل دون الثالثة، أما منذ تلك السن فإن تنويعات الروتين - إن لم تكن كبيرة جداً مفيدة أكثر منها ضارة، لأنها تساعد الصغير على القيام بتوافقات بالظروف المتغيرة التي سوف يتعلم عاجلاً أو آجلاً التعود عليها. كذلك فكل توافق بأشخاص ومواقف جديدة يصبحه قدر معين من التوتر الانفعالي. والكبار أنفسهم في مواجهة المواقف الجديدة أو القيام بأدوار لم يتدربوا عليها كتسليم الوظيفة، والانتقال لبلد آخر أو السكن بحي جديد مع جيران جدد، والزواج كعشرة شريك الحياة ... يعانون الشد الانفعالي ويلزمهم الوقت للتوافق - هذا الذي هو أصعب في حالة الطفل بالنظر لقلة خبراته، حيث يتبدّي توتره الانفعالي الحاد بمختلف الطرق التي أكثرها شيوعاً قابلية الإثارة عموماً، الميل للصرّاخ من غير سبب ظاهر، فقدان الشهية، صعوبات النوم، القيئ، نقصان الوزن، اضطرابات الكلام: مضغاً وتهتهة وتمتمة.

ابني يكره الصلاة

ابني يكره الصلاة المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 15/2/1425هـ السؤال لدي ابن عمره عشر سنوات ومشكلته أنه يكره الصلاة، إذا كان والده موجود فهو يذهب معه إلى المسجد بكل طواعية، المشكلة إذا لم يكن والده موجود فهو يتأفف كثيرا من أداء الصلاة في المنزل، مع العلم أنه لا يوجد مسجد قريب من المنزل وإلا أرسلته إلى المسجد، لكن لبعد المسجد فأنا أخشى عليه، وإذا طلبت منه أداء الصلاة في المنزل يتأفف، وإذا ألححت عليه يصلى أحياناً بلا وضوء ويقول أنا طاهر وهو على غير طهارة، أو يصلى بسرعة ويكثر الحركة فيها ينظر يميناً وشمالاً، ويلاعب أخوه الصغير وهو في الصلاة، حاولت معه بالترغيب مرة والترهيب مرة أخرى ولكن دون فائدة. أرجو مساعدتي وجزاكم الله خيراً. الجواب إلى الأخت الكريمة. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، أشكر لك تواصلك مع موقع الإسلام اليوم عبر البريد الإلكتروني سائلاً الله - تعالى - أن يحفظ لك ذريتك ويجعلهم ذخراً للإسلام والمسلمين ويعينك ووالدهم على تربيتهم التربية الإسلامية. أختي الفاضلة إن اهتمامك بابنك بالمحافظة على الصلاة لهو شعور طيب وحرص كبير تجاه الأبناء وهذا أمر غفل عنه كثير من الآباء والأمهات أسأل الله -تعالى- أن يكلل جهودك بالخير والبركة. من خلال قراءتي لاستشارتك فإنك بحاجة ماسة إلى الطريقة التربوية المناسبة للتعامل مع الأطفال؛ لأنه ما يعمله ابنك تجاهك من خلال إهمال الصلاة واللعب فيها إنما هو محاولة جذب الاهتمام والسعي لامتلاك السلطة والسيطرة، واهتمامك بتلك السلوكيات الخاطئة من خلال الصراخ والتهديد قد حققت أمرا خاطئا وهو تشجيعه عل تكرار هذا السلوك في حين يختفي هذا السلوك مع والده؛ لأنه لديه من وسائل الترغيب الكثير التي يحتاجها الطفل فلذلك يستجيب بشكل إيجابي معه. لذلك سأورد لك بعض الطرق التي أسأل الله أن تكون عونا لتعاملك مع ابنك أولا: الحرص على الدعاء لابنك بالهداية والصلاح وتحري ذلك في موطن الإجابة كسجود وصلاة الليل وأوقات الإجابة والبعد تماما عن الدعاء عليهم حال الغضب فقد نجد بابا مفتوحا وتكون سببا في شقائهم. ثانيا: الانتباه إلى كل سلوك إيجابي يحدث من ابنك وتشجيعه لفظيا وماديا" أحسنت بارك الله فيك"، "أنت ممتاز"، "تستاهل هدية" فذلك من شأنه أن يجعل أبنائنا يحرصون على تكرار تلك السلوكيات طالما يجدون الاهتمام والرعاية. ثالثاً: الحرص على تكليفه بمهام تتناسب مع عمره كتكليفه بشراء حاجات للمنزل لبناء ثقته بنفسه وإشعاره بالمسؤولية. وهو بحاجة لتلك المهام خاصة وهو مقبل على مرحلة مهمة في حياته.."مرحلة المراهقة" وتغيراتها المختلفة. رابعاً: وضع استمارة النجوم وهو أسلوب ناجح مع كثير من الأطفال وهي عبارة عن استمارة فيها أيام الأسبوع وكل يوم أمامه خمس خانات مربعة يوضع فيها نجوم. وتكون النجمة مقابل أن يتوضأ ويصلى الصلاة في وقتها سواء كان مع والده في المسجد أو في المنزل. خامساً: تجاهل أي سلوك سلبي يحدثه ابنك بهدف إثارتك فذلك مدعى لأن ينطفئ هذا السلوك، وفي المقابل احرصي على تشجيع السلوك الإيجابي ولو كان بسيطاً في نظرك فتكراره سيزيد من حجمه شيئاً فشيئاً. سادساً: التحلي بالصبر وعدم الاستعجال في ظهور النتائج فقد تحتاجين إلى عدة أسابيع لتعديل سلوكه. حفظ الله لك الذرية والنية إنه جواد كريم.

كيف أعلم ابني آداب قضاء الحاجة؟

كيف أعلم ابني آداب قضاء الحاجة؟ المجيب د. فؤاد العبد الكريم العبد الكريم عضو هيئة التدريس بكلية الملك فيصل الجوية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 21/06/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي ثلاثة أبناء، وهم ابنان وبنت، وأكبرهم ابن يبلغ من العمر تسع سنوات، وهو هادئ الطباع، ذكي، محب للخير، ولكن مشكلتي معه في طريقة تبوله -أكرمكم الله-، فهو يتبول وهو واقف، ولا يتنزه من البول، وقد نصحته عدة مرات ووبخته، ولكنه يصر على الإنكار، ويقول إنه يقعد ويتنزه، ولكني أعلم يقيناً كذبه؛ لرؤيتي بقايا بول في الحمام في وضع يدل على أنه واقف، وأرى آثار بول في ملابسه الداخلية، وكلما وبخته أنا أو والده أنكر بشدة، وقد دخلت عليه الحمام وأنا لا أعلم بوجوده، ورأيته واقفاً، وعندما خرج وبخته، فقال إنه كان يهم بالجلوس، ولا أعلم كيف سأجعله يتعلم آداب قضاء الحاجة. وأشكركم على سعة صدوركم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لقد أوجب الإسلام على الآباء والأمهات، والمعلمين والمربيين، تعليم الأبناء الأحكام الشرعية بما يتناسب مع أعمارهم. ومن تلك الأحكام: أحكام الطهارة، والتنزه من البول، وهذه الأحكام ينبغي تعليمها وتربية الطفل عليها منذ أن يبدأ الطفل باستخدام دورة المياه دون مساعدة من أحد والديه؛ حتى يشب، وقد أتقن هذا الأمر، وأصبح من السمات بالنسبة له. وأما ما يتعلق بموضوع السائلة، فإن عمر ابنها (التاسعة) يعتبر عمراً متقدماً نسبياً، وهي لم تذكر منذ متى وهي تعلم ابنها آداب قضاء الحاجة، وعلى العموم فإن أسلوب التوبيخ والنهر بشدة قد يأتيا بآثار عكسية، والذي أنصح السائلة به، هو استخدام أسلوب الإقناع مع الابن، وأن صلاته لا تقبل إذا كانت ملابسه أو جسده نجساً، وأن المسلم لا بد أن يكون متطهراً على الدوام، ومع الصبر والمصابرة والدعاء، والإيعاز إلى مدرسيه الذين يدرسونه بهذه المشكلة؛ حتى يساهموا في حل هذه المشكلة بطريقة غير مباشرة، والأطفال يستجيبون لمدرسيهم، أكثر من استجابتهم لوالديهم. والله أعلم.

ابنتي الصغيرة عنادها وبكاؤها

ابنتي الصغيرة عنادها وبكاؤها المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 07/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. ابنتي الوحيدة عمرها الآن قرابة السنتين -حفظها الله - يستغرب الكثير من الناس من إصرارها على تنفيذ ما تريد وترغب بصورة مزعجة، حتى إن والدتها في بعض الأحيان تعطيها ما تريد ولو كان الأولى حرمانها؛ وذلك خوفاً عليها من كثرة البكاء، وكما هو معلوم فإن هذه عادة غير محببة، وأخشى أن تنمو بنموها، آمل التكرم بإفادتي عن أفضل السبل للتخفيف من ذلك لديها، شاكراً لكم سلفاً حسن تعاونكم. والسلام عليكم. الجواب الأخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يحفظ لك ابنتك، ويجعلها قرة عين لك ولوالدتها إنه جواد كريم. إن ما ذكرته في استشارتك حول سلوك ابنتك من بكاء للحصول على ما تريد -وبالفعل تحصل على مبتغاها -أمرٌ يبدو طبيعياً لكل طفل يماثلها في عمرها. أخي الكريم.. إن الطفل في بداية عمره لا يملك أي وسيلة اتصال مع الآخرين للتعبير عن مشاعره تجاه أي شيء أمامه سوى البكاء، حين يكون الرفض أو الرغبة في الحصول عليه، وهناك الضحك للتعبير عن الرضا بالشيء. لذلك -أخي الفاضل- إن ما يحدث من ابنتك حين الرغبة في تنفيذ ما تريد من بكاء مزعج للأقربين ناتج من تعلُّم خاطئ عزَّز عندها هذا السلوك المرفوض من قبلك ومن والدتها، وقد يكون عزَّز بصورة مباشرة أو غير مباشرة بحكم أنها هي باكورتكما حفظها الله، وكما تعلم كيف يكون تعامل الأب والأم مع المولودة الأولى من عطف وحنان تجاهه، ويصل إلى تحقيق كل شيء للطفل بالاستجابة الفورية لأي حالة بكاء من الطفلة، مماّ جعلها تربط بين تحقيق الأشياء وبين البكاء، وتنامى هذا السلوك، وإن كان في بدايته، وبالاستطاعة -بحول الله وقوته - تدريب الطفلة على ما لها وما عليها، خاصةً وهي في عمر مناسب جداً لذلك. وإليك الطرق التربوية المناسبة التي ستكون لك عوناً على تعديل سلوكها: أولاًَ: الدعاء لها بأن يصلحها الله ويهديها ويجعلها قرة عين لك ولوالدتها، وتحرى ذلك في مواطن الإجابة كالسجود وصلاة الليل. ثانياً: الطفلة لا زالت في مراحل سنوات عمرها الأولى، وفي بداية التعرُّف على القيم والعادات التي يجب أن تتعلمها من خلال الممارسة والمشاهدة للسلوكيات التي تحدث من حولها من الوالدين والأقرباء والأقران. ثالثاً: يجب أن تتفق مع والدتها أن يكون تعاملكما واستجابتكما لسلوكياتها واحدة، بحيث تعطى الاهتمام والتشجيع للسلوكيات الإيجابية التي تحدث منها، وتكون إماّ لفظية أو الاحتضان والتقبيل؛ مماّ يعزِّز هذا السلوك ويجعلها تكرره. وفي المقابل يجب أن يكون العقاب والحرمان من الإثابة له دور في إطفاء السلوك غير المرغوب فيه، واقصد بالعقاب العقاب غير البدني، كنظرة عدم الرضا وحركة الرفض باليد أو الإصبع، أو تقطيب الوجه أو الزجر والنهي بالكلام. ولا شك أن تلك الأساليب لها دور كبير في تشكيل أو إطفاء أي سلوك نريد أن تتمثله الطفلة.

رابعاً: حينما يصدر من ابنتك البكاء رغبةً في تحقيق أمرً تراه ليس لها، فأفضل الطرق المناسبة لذلك هو الإهمال والتجاهل التام لسلوكها، حتى ولو طال وقت بُكائها حينما لا يكون هناك خطر عليها، فإن التجاهل والإهمال رسالة لها بأن هذا السلوك غير مجدٍ تماماً، مماّ سيساعد على تقليله في المرات القادمة بعون الله. وأهمية أن يكون التجاهل للسلوك لا للطفلة، أي حينما تكف عن البكاء نعاود مع الحنان والعطف اللفظي والحركي. خامساً: أخي المبارك ... ابنتك صغيرة، وعمرها الحالي هو بداية تعليمها وتدريبها على السلوك السوي من خلال تطبيق ما سبق من حيث الثواب والعقاب، مع أهمية البعد عن التناقض والتباين في أسلوب المعاملة بينك وبين والدتها، وهنا ستجد أنك استطعت ترسيخ الجوانب المفيدة في سلوكها وتخفيف الجوانب السلبية، بل في إزالتها تماماً بعد توفيق الله. سادساً: التحلي بالصبر في ظهور النتائج؛ لأن التعامل مع النفس البشرية يحتاج إلى وقت، ويختلف من شخص لآخر. حفظ الله لك أسرتك ورزقك الذرية الصالحة.

عناد الطفل

عناد الطفل المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 27/3/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا أم لطفلين، طفلي الأول وهو صبي عنيد جداً لدرجة أني لا أستطيع السيطرة عليه ولا على عصبيته الزائدة، وهو يبلغ من العمر خمس سنوات ونصف، أما أخته فهي ليست كذلك، فمثلاً مرة وهو ينتظر حافلة المدرسة قالت له الخادمة بعد أن وقفت الحافلة تماماً "اركب" فما كان منه إلا أن بكى وقال: "لن أركب"، والسبب أنه لماذا طلبت منه الخادمة أن يركب ولقد كان سيقوم بذلك لوحده، وبسبب عناده وإصراره على عدم الركوب لم يذهب في ذلك اليوم إلى المدرسة. وكذلك الحال بالنسبة لبعض الطلبات التي أطلبها منه مثل أدخل الحمام، وأذكر مرة وخلال تعليمي له الأحرف الهجائية طلبت منه كتابة حرف القاف فما كان منه إلا أن كتب الحرف والنقاط بداخله لا على رأس الحرف، وعندما قلت له ليس كذلك يكتب الحرف قام بالصراخ وقال إنه يريد كتابة الحرف بتلك الطريقة وقال "بكيفي"، وهو لا يقوم بتلك الحركات أمامي فقط بل حتى مع عماته أو أي شخص في محيط العائلة. أرشدوني كيف التعامل معه علماً بأن الضرب كذلك لا يجدي. وجزاكم الله خيرا. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، العناد سلوك قد يهدد الأسرة أحيانا ويقودها نحو طريق مسدود، فالآباء والأمهات يبذلون ما بوسعهم لتنشئة ورعاية أطفالهم، إلا أن الإخفاق في إيجاد الحلول المناسبة قد يسبب مشاكل عديدة. ويتضح العناد في عدم قبول الطفل الوضع القائم ويرى أن الوضع الآخر أكثر مناسبة وراحة له. ويرى بعض علماء النفس على أهمية التعامل مع الطفل العنيد بطريقة الاستجابة لتصرفه بمعنى ألاّ تقوم بالصراخ، ولا توجه له عبارات جارحة إذا استخدم عبارات عنيفة. بل الذي يجب هو الكلام والحديث الذي يناسب موقف وعقلية الطفل، وبذلك نجعله ينتقل من حالة الهجوم إلى الدفاع فتخف حدة انفعاله. وفي حالة الأخت السائلة قد يكون للدلال الزائد دوره في وجود العناد إضافة إلى أنه قد يرغب الطفل في لفت الانتباه لوالديه خاصة مع وجود طفل آخر في الأسرة وهي أخته التي قد تكون سحبت منه بعض الحنان والحب من والديه. وقد يكون فقدان الأم في مسألة أن الخادمة هي التي توصل الطفل إلى السيارة التي تنقله إلى المدرسة لها دور في مسألة العناد الذي يحتاج فيه الطفل إلى الحوار والحب والحنان. وقد يكون لمقارنة الأم بين الطفل وأخته له دور في تضخيم العناد، بحكم أن الأخت قد تكون مسالمة ومطيعة؛ ولذا يجب الانتباه أن لكل طفل شخصيته الخاصة به. والله الموفق.

تربية الأطفال والعلاقات الأسرية

تربية الأطفال والعلاقات الأسرية المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 9/3/1425هـ السؤال أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات، لدي طفلة، وأنا متخرجة من كلية الاقتصاد والتجارة تخصص إدارة أعمال، ولا أعمل حالياً، وأرغب في أن يكون لدي خبرة في مجال تربية الأطفال والعلاقات الأسرية حتى أستطيع العمل في هذا المجال؛ وذلك لأن مجتمعنا أحوج ما يكون إليه الآن, فكيف السبيل إلى ذلك وخاصة أنني لا أستطيع ترك زوجي وأطفالي والالتزام بالجامعات، فإمكانياتي هي: 1 - الدراسة في البيت عن طريق التعلم عن بعد (من غير التكلف بمبالغ طائلة بل تكون متوسطة) . 2 - الالتزام بشكل فصلي بالجامعات أي مرتين في السنة. 3- أو إعلامي بمناهج أستطيع دراستها والاستفادة منها دون الحصول على شهادة. وجزاكم الله عنا كل خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت المباركة: - حفظها الله ورعاها-. أعجبني فيك هذا الحرص، وأسأل الله -تعالى- أن ييسر لك ما تمنيت وأكثر، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم. يمكنك اكتساب الخبرة في مجال تربية الأطفال والعلاقات الأسرية عن طريق: أ- القراءة في المواقع التربوية عن طريق الإنترنت، ومنها: موقع المربي للشيخ محمد الدويش - حفظه الله-، وكذا المواقع الإسلامية الأخرى التي تعتني بالأمور التربوية كموقع "لها أون لاين"؛ فقد سبق طرح موضوعات عديدة عن تربية الأبناء والعلاقات الناجحة. ب- يمكنك القراءة في الكتب التربوية الهادفة، ومنها: 1- مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة لعدنان باحارث. 2- الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة في مرحلة الطفولة (والكتاب من إصدار المنتدى الإسلامي) . 3- التقصير في تربية الأولاد لمحمد إبراهيم الحمد. 4- فنون الحوار العائلي د. عمر المديفر. 5- المراهقون: د. عبد العزيز النغيمشي. 6- المراهقون (الوجه الآخر) شريط للشيخ محمد الدويش. 7- فهم النفسيات (شريط) ، وكذا أشرطة الدكتور طارق الحبيب. 8- كتيبات د. عبد الله الخاطر - رحمه الله-، ومنها: أ- فن التعامل مع الناس. ب- الطب النفسي والدعوة إلى الله. ج- الالتزام عقبات ومراحل، وكلها من إصدار المنتدى الإسلامي. جـ يمكنك متابعة ما ينقل من دورات تربوية ودروس علمية عبر الإنترنت. د- أنصحك بالالتحاق بالدورات التربوية الرائعة في فنون العلاقات الناجحة (من التعامل مع الناس، فنون الحياة الزوجية فن التعامل مع المراهق ... إلخ) التي تعقد في المؤسسات الخيرية التطوعية، ويعقدها كوكبة من الداعيات المدربات في الرياض وجدة برسوم رمزية أو مجانية، أو المحاولة على الحصول على المذكرات التي تسجل فيها المادة العلمية المطروحة، ومن ثم تكونين بعد مدة من المراس مدربة وناجحة في بلدك إن شاء الله.

هـ- يمكن التنسيق مع طالبات العلم الشرعي في الجامعات الإسلامية؛ كالجامعة الإسلامية بالمدينة، وأم القرى بمكة، وجامعة الإمام بالرياض، لتزويدك بمذكرات الطالبات المنتظمات للقراءة والاستفادة منها سيما في مجال أصول التربية الإسلامية ومقومات الفكر الإسلامي. ويمكن التنسيق لك من خلال الموقع في حال رغبتك في ذلك. أخيراً: أود تنبيهك إلى عدم الاستعجال في الالتحاق بأي جامعة أو دورة تدريبية إلا بعد استشارة أهل العلم سيما في هذا الموقع، وموقع المسلم، وكذلك موقع لها أون لاين، إذ لا يخفاك أنه ليس كل ما يطرح في الساحة يكون سليم القالب والمحتوى، فاحرصي على صون فكرك وجعله في النافع فقط. وفقك الله وأعانك.

تربية الأولاد في بلاد الكفر

تربية الأولاد في بلاد الكفر المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 23/5/1425هـ السؤال صديقتي تسأل، لها أخت تعيش في بريطانيا لإكمال دراستها الجامعية، (طب) ومعها زوجها وبناتها وأولادها، وهم يدرسون السبت والأحد في السفارة السعودية، وبقية الأيام في مدارس بريطانية، ولديها أصغر بنت أدخلتها روضة بريطانية؛ لعدم وجود روضة سعودية، في أيام عيد الميلاد عندهم أمرتهم الروضة أن يزينوا شجرة (الكريسماس) في ليلة العيد! وأنهم إذا زينوها سيأتيهم بابا (نويل) ويعطيهم هدايا! طبعا البنت صغيرة وتأثرت بالموضوع، لكن أمها أفهمتها أن هذا عيد الكفار، وغيبتها في يوم العيد عن الروضة، ومنعتها أن تزين الشجرة، اليوم التالي راحت البنت الروضة ورجعت بهدية كبيرة، وتقول: تخيلي (يا ماما إن بابا نويل جا اليوم عشاني وجاب لي هدية) ، شوفي لأي درجة الكفار طيبين، يا رب نصير كفاراً! عشان أزين مع صاحباتي شجرة العيد) ! طبعا أمها فجعت لما وجدت بنتها منحازة ومعجبة بهم، وأيضا تدعو على نفسها بالكفر، فيا شيخ: ما هو الحل؟ وكيف التصرف مع البنت؟ علماً بأنها متعلقة بالروضة لدرجة أنها أيام مرضها لا تتغيب، فما الحل؟ وما هو العمل؟ هل يتركونها اعتباراً بأنها مرحلة وتمضي؟ أم يخرجونها؟ وما هي نصائحكم لمثل الأسر التي تسافر إلى هناك؟، نأمل أن تضعوا لنا حلولاً، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الكريمة -سلمها الله ورعاها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. ونعتذر عن التأخير في إجابة سؤالك، والجواب على ما سألت كالتالي: أولا: يجب التذكير بأن مرحلة الطفولة مرحلة مهمة في حياة الإنسان؛ فهي مرحلة تأسيس لكثير من أخلاقه وطباعه وتفكيره، وبالتالي أرى وجوب إخراج هذه الطفلة من هذه الروضة، وإلحاقها بأي روضة مسلمة؛ لتعالج الخلل الذي حدث جرّاء هذه الحادثة المذكورة، وإن تعذر وجودها في منطقتكم فبتعجيل إدخالها إلى المدرسة أو تكثيف الجهد عليها من قبل والديها لتحبيب الله والإسلام في قلبها من خلال القصص والروايات وغيرها. ثانياً: أنصح كل مسلم لا يقدر على الحفاظ على دينه ودين أبنائه في بلاد الكفر أن يعجل بالهجرة إلى بلاد المسلمين وجوباً، وسيعوضهم الله خيراً مما تركوه، ولتذهب الدنيا وليسلم الدين والإيمان، فليس هناك أغلى على المرء المسلم من دينه يحافظ عليه ويصونه من الضعف أو الاضمحلال. ثالثاً: يجب الاستعانة بالله دائما وأبداً في تثبيت الدين في القلوب، ثم الاستعانة بالأخوة الكرام في المراكز الإسلامية هناك لتزويدهم بما يعين على الحفاظ على الأبناء ودينهم من التغريب في بلاد الكفر والذوبان في معتقدات القوم.

رابعاً: إن الحوار الهادئ مع الأبناء لإقناعهم بمسلمات العقيدة الإسلامية من الضروري بمكان، ولا بأس من التفنن في الأساليب والوسائل والاستعانة بالخبراء في ذلك لتعميق الإيمان بالله وبالرسول - صلى الله عليه وسلم- وبغيره من متطلبات الدين والإيمان، فإن ذلك من الأمانة الملقاة على عاتق الأولياء وهم مسئولون عن ذلك غداً أمام الله -عز وجل-، وليتذكرا قول الله -عز وجل-: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة" [التحريم:6] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" رواه البخاري (893) ومسلم (1829) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-. خامساً: ينبغي كسب قلوب الأبناء واحتوائهم وشمولهم بالرعاية، والحنان، والحب، والعطف، والهدايا، والحفلات؛ لينهلوا مع ذلك حب الدين الذي أنتم عليه ووجوب التمسك به. سادساً: لا بد أن يكون بين المسلمين هناك تواصل وتزاور يهدف لإيجاد البيئة المسلمة للأطفال؛ حتى يزدادوا قناعة بدينهم لما يجدوا غيرهم من إخوانهم متمسكين به وبمبادئه. سابعاً: يجب أن يكون الآباء والأمهات قدوة صالحة لأبنائهم، من خلال التمسك بالدين والفرح به والاعتزاز بمبادئه وتعاليمه. ثامناً: لا تنسوا كثرة الدعاء إلى الله وحده أن يثبتكم على الدين، وأن يربط على قلوبكم بالحق فإنه لا يضيع عباده ولا يخذلهم إذا ما لجأوا إليه وتوكلوا عليه واعتصموا بأمره. والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

كيف نعالج أخطاء الأبناء؟

كيف نعالج أخطاء الأبناء؟ المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 03/03/1426هـ السؤال هل الصواب عندما نرى أخطاء الأبناء أن نقرهم بالخطأ ثم نخبرهم بالصواب، أم نعالج الخطأ دون إخبارهم أنهم أخطأوا؟ الجواب الأخ السائل الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي الحبيب: إن السلوكيات التي تصدر من أطفالنا إنما هي سلوكيات متعلمة، يكتسبها الطفل من والديه وإخوته، ومن البيئة التي يعيش داخلها، فإن كان الجو الأسري قائماً على التربية الإيمانية الحقة التي وجهنا إليها ديننا الحنيف، فبلا شك أن الطفل سينشأ طفلاً صالحاً ورجلاً نافعاً لدينه ومجتمعه، ونبتة صالحة حتى يكون شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين. وحينما تكون الأسرة مهملة لأبنائها، مساعدة على تنشئتهم بشكل عشوائي يصطادون من السلوكيات صائبها وخاطئها، فإن ذلك مدعاة لأن ينشأ الطفل نشأة خاطئة، ويصبح مزعجاً لأسرته ومجتمعه، وذكري للمقدمة السابقة إنما لتوضيح أثر الأسرة الصغيرة والكبيرة في سلوكيات الأبناء، فهم الركيزة الأولى في رسم شخصية الابن، وحينما يكون لدى الوالدين معرفة كاملة بخصائص مرحلة الطفولة المبكرة والوسطى، فإن المشاكل التي تحدث لكثير من الأطفال ستقل بشكل كبير، بل قد لا يحتاج الابن سوى التدعيم والتشجيع والتدريب على السلوكيات التي لا توجد في ذخيرته. ولكن حينما تظهر لدى أطفالنا سلوكيات خاطئة كـ الألفاظ البذيئة والسرقة، والكذب والعدوانية..... إلخ. فإننا بهذه الحالة نحتاج إلى تعامل خاص باستخدام فنيات تربوية تساعدنا على تخليص أطفالنا من السلوكيات غير المرغوبة، وإحلال مكانها سلوكيات مرغوبة، أي أن المسألة تكون وفق التالي: تعلم خاطئ محو تعلم تعلم جديد مرغوب. وما يحتاجه الطفل هو أن يدرك أن سلوكه غير المرغوب لا يحقق له اهتمامًا وتدعيمًا، ويتم إيضاح ذلك له بأن السلوك الذي تفعله لن يجدي في أن تحصل على ما تريد! وفق قدراته العقلية والمعرفية. ثم نقدم له الطريقة المثلى (السلوك المرغوب، إما لفظياً أو مشاهدة أقرانه كيف يتصرفون سلوكياً) "القدوة" مع تبصيره بالنتائج التي يحصل عليها حينما يتصرف بشكل خاطئ بالنتائج التي يحصل عليها بعد أن يتصرف بشكل صحيح. هنا يستطيع أن يدرك الصواب من الخطأ. وتستخدم تلك الطريقة بحسب المرحلة العمرية للطفل، أي لا تكون عامة لجميع الأعمار والأطفال، فالبعض قد يفيد معه طريقة إيضاح الصواب مع التدعيم الإيجابي لفظياً ومادياً، ويدرك السلوك ويساعده على تكراره كحال ابن أم سلمة مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك" الحديث متفق عليه أخرجه البخاري (5376) ، ومسلم (2022) من حديث عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنهما-. وهناك عينة من الأطفال يحتاجون إلى توضيح أخطائهم، وأنها سبب في عدم حصولهم على نتائج مرضية لهم، ثم تبصيرهم بالسلوك الأفضل والصحيح، وبالتالي الحصول على نتائج مرضية. سائلاً الله لنا ولك التوفيق والسداد.

الطفل والسؤال المحرج

الطفل والسؤال المحرج المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 17/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي أخت في العاشرة من عمرها، سألت أمي سؤالا محرجاً، وهو: لماذا لا تنجب المرأة غير المتزوجة؟ وما الذي يجعل المتزوجة فقط هي التي تحمل وتلد؟ لماذا يجب أن يكون هناك رجل وامرأة؟ فاحتارت أمي ووعدتها بالإجابة لاحقاً، فجاءت أمي تطلب مشورتي، وأنا بدوري أنقلها إليكم؛ لأنكم خير من يقوم بذلك.. فكيف نجيب عليها بالضبط؟ وجزيتم خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: إلى الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إنّ الأطفال في هذا السن الحرج يبدأون بمحاولة التعرف على بعض المصطلحات الغريبة، ومن ثم يبدأون بطرح بعض الأسئلة المحرجة، ولاسيما إذا أحسَّ الطفل أن هذه الأشياء تفتح له باباً إلى عالم لم يكن يعلم عنه شيئاً من ذي قبل-وهذا السؤال الذي طرحته أختك على أمك من هذا القبيل-، ومن شدة الحرج الذي يقع فيه الآباء والأمهات يحدث عندهم ردة فعل تتفاوت من إنسان لآخر، فأحياناً يلجأ الأب أو الأم إلى الإجابات الكاذبة؛ لكي ينهي هذا الموقف الذي تعرض له، وهذه الإجابات الكاذبة في العادة لا تقنع الطفل، مما تجعله يبحث عن الحقيقة بأي شكل كان، مما يجر الطفل أن يكون فريسة للوقوع مع رفقة سيئة يجد عندهم إجابات لكثير من تساؤلاته التي تدور في رأسه، ولا يجد لها إجابة صادقة مقنعة عند أهله، وهذا له من السلبيات الشيء الكثير ما لا يخفى على أحد. وفريق آخر من الآباء والأمهات يلجأ إلى نهر الطفل ومحاولة صرفه، على ألا يسأل مثل هذه الأسئلة مرة أخرى، فيتظاهر الطفل بالتغافل عن ذلك، وهو في حقيقة الأمر قد صمَّم وعزم وعقد النية على بذل ما في وسعه حتى يتعرف على هذا الشيء الممنوع والمحجوب عنه، وهذه طبيعة البشر الفضولية وحب الاستطلاع، وقد قيل: "الممنوع مرغوب" ومن السلبيات المترتبة على ذلك شعور الطفل بالنقص والإهانة، وهذا بدوره يدفع الطفل لسلوك أفعال غير سوية.

والحل الأمثل لمثل هذه الحالات أن يجاب على الطفل عن هذه الأسئلة بأسلوب مبسط مهذب بعيد عن اللف والدوران، فمثلاً للإجابة على مثل هذا السؤال المطروح أن تقول أمك لأختك: يا بنيتي: المرأة بمفردها لا تستطيع أن تنجب أطفالاً، فلا بد من رجل تتزوجه حتى تستطيع أن تنجب أطفالاً؛ لأن الله هو الذي أمر بذلك، ولا بد لنا أن نطيع الله، فمثلاً -ولله المثل الأعلى- والدك قال لك: لا تفعلي كذا، أو لا تستطيعي أن تحملي هذا الشيء بمفردك، أو غير ذلك، فلا بد وأن تسمعي كلام والدك؛ فالمولى - جل وعلا- أمر الرجال أن يتزوجوا النساء حتى ينجبن أطفالاً صغاراً، ويجب علينا أن نسمع كلام الله، وأن الذي لا يتزوج لا يستطيع أن ينجب أولاداً؛ لأن هذا كله من الله، والله هو القادر على ذلك وحده، فلا بد للمرأة حتى تنجب أولاداً أن تتزوج برجل، أما المرأة التي لم تتزوج فلا تستطيع أن تنجب أطفالاً، وهكذا؛ بذلك تكون أمك قد أجابت أختك بأسلوب مبسط ومهذب، ونجت من الكذب أو أن تنهرها، وبذلك تقتنع أختك بالجواب، وهذا له الآثار الطيبة في مستقبل الناشئة. هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

طفلتي وحب التملك

طفلتي وحب التملك المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 06/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود استشارتكم في مشكلة حب التملك الزائد لدى الأطفال، لدي بنت عمرها ثلاث سنوات لا تحب مشاركة أحد في ألعابها إلا إذا كان طفلاً أكبر منها بـ (ست سنوات وأكثر) ، فابن خالتها الذي في نفس عمرها وتراه بشكل دائم لا تعطيه أو تسمح له بأخذ أي شيء من أشيائها إلا نادراً، مع أنهما دائما يلعبان سويا، وهو يعطيها ألعابه وحاجياته ويشاركها في كل شيء، بينما هي تصرخ وتحاول إيذاءه إذا أخذ أي شيء يخصها، وحتى إن لم يكن يخصها وهي تريده تصرخ وتبكي وكأنها صاحبة حق، وهذا يحدث بشكل يومي، كما أنها إذا رأت شيئا في السوق أو عند غيرها من الأطفال تنسبه إلى نفسها (لعبتي..سيارتي ... الخ) ، وأنا لا أعلم هل تفهم معنى هذا أم أنها تقصد أنها تريده؟ مع العلم أنها عصبية وحادة الطبع، ولا يمكن التفاهم معها بسهولة..أرشدوني إلى منهج أتعامل معها به. جزاكم الله خيراً. الجواب الأخت الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن الأبناء يبدأون باللعب مع الآخرين بداية من السنة الثالثة، ويكون لديهم رغبة في ذلك، وهذا ما يسمى باللعب الاجتماعي، فتبدأ مرحلة التفاعل مع أقرانه بطرق خاطئة كمراقبة لعبهم، ومن ثم محاولة الاستيلاء عليها واستخدام (نا) الملكية. وهذا نابع من عدم فهم كثير من الأمور التي يجب أن تكون في العلاقات بين الأطفال؛ لأن الطفلة ترى العالم من زاويتها وموقعها ومشاعرها ورغباتها، ولم تتعلم كيفية أن اللعب والاشتراك مع الآخرين يتطلب منها أن تعطي كما تأخذ، وقد تكون هناك أسباب أخرى مرادفة، وتعمق السلوك مقارنة بأقرانها نتيجة نوعية التنشئة الحياتية للعامين الماضيين من توفير اللعب بكافة أشكالها وتحقيق رغباتها بشراء ما تريد. لذلك - أختي الكريمة- لا تنزعجي كثيراً من سلوك ابنتك؛ فهي الآن في عمر مناسب جداً لكي تساعدينها على نهج سلوك يساعدها على الاندماج مع الآخرين وإقامة علاقات طيبة والتخلص من العناد والصراخ بهدف الحصول على مبتغاها. لذا عليك بما يلي: 1) راقبي سلوك ابنتك حينما تكونين في لقاء أسري وتعاملها مع أقرانها، وشجعيها على التعاون مع مثيلاتها عمرياً. 2) قدمي لها مجموعة من الحلوى، واطلبي منها توزيعها على الأطفال لتغرسي داخلها سلوكاً مثالياً لكيفية مساعدة الآخرين. 3) استخدمي أسلوب التعزيز الإيجابي اللفظي والمادي لأي سلوك إيجابي يحدث منها. 4) أهمية أن يكون تصرفك ووالدها بمعيار واحد لا تضاد بينكما؛ حتى لا يخلق سلوكاً مضطرباً لدى ابنتكما، ومن ذلك تشعر البنت بالطمأنينة والأمن ويتعدل سلوكها. فالطفلة التي تنشأ على الثقة بوالديها وبأسلوبهما مهما كان طبعها ومزاجها فيكون لديها فرصة جيدة لتبدأ درب الحياة بشكل واثق وهادئ.

5) الأطفال عموماً يتعلمون بعض السلوكيات نتيجة تعليم خاطئ من الأسرة، فالصراخ والعويل ناتج من عدم تجاوبنا السابق حينما تطلب أشياءها أو تريد تحقيق رغباتها بصوت منخفض، ولعدم تدريبنا لها بأن تتحدث بصوت هادئ لكي نحقّق لها ما تريد، مع أهمية تعليمها التعبير بالكلمات عن غضبها بدلاً من الصراخ. 6) الحرص على أن يكون تجاهلنا للطفلة حينما تصرخ وهي تبتعد عنا أن نتجاهل سلوكها، وحينما تهدأ نقربها ونقدم لها العطف والحنان، حيث إننا في تلك الطريقة نكون أوصلنا رسالة للطفلة أن سلوكها مرض وهي ليست كذلك ... ! 7) طفلتك تحتاج إلى صبر وعدم استعجال النتائج، وستتعدل سلوكياتها مع مرور الوقت بعون الله. حفظ الله ابنتك ويسر لك أمرك، وجعلها قرة عين لك ولوالدها.

طفلي كثير الحركة

طفلي كثير الحركة المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 2/02/1426هـ السؤال طفلي الآن قد بلغ من العمر سنة وعشرة أشهر، وألاحظ عليه أنه كثير الحركة منذ أن يستيقظ إلى أن ينام وهو في حركة مستمرة، يلعب ويزعج في البيت، والعجيب أن أهل بيتي من إخواني وأخواتي كلهم يحبون حركته الكثيرة؛ لأنها ممزوجة بالمرح والفكاهية. وسؤالي يا شيخ: ما هو السبيل الأمثل في التعامل مع هذا النوع من الأطفال؟ وهل من توجيهات عامة تنصحني بها في تعاملي مع طفلي؟ بارك الله فيكم وسدد على طريق الحق خطاكم. الجواب الأخ الكريم حفظه الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي الحبيب إن اللعب المقرون بحركة نشطة من الأمور الهامة في حياة الإنسان، فالطفل من خلال مراحل تكوينه تختلف درجة حركته داخل المنزل، وعن طريق اللعب يستمتع الطفل بذلك ويتعلم أشياء كثيرة وتعطيه فرصة لأن يعبِّر عن مشاعره وأحاسيسه فيما يتعلّق بعلاقته مع الآخرين، خاصة وأن ابنك - كما تذكر- يعيش داخل أسرة متعددة الأفراد مما يساعده على تطوير مداركه وتعزيز سلوكياته، ومنها الحركة الدؤوبة التي تختلف من طفل لآخر بحسب البيئة الأسرية التي يعيش فيها. والطفل لا يدرك أن اللعب للتعلّم ولكنه يلعب من أجل المتعة والتسلية، ومن خلالهما يتعرف كذلك على نفسه وعلى قدراته ومهاراته، خاصة وابنك في مرحلة عمرية مبكرة تتسم بالطاقة الهائلة من النشاط وتحتاج إلى تفريغ، ولا يكون ذلك إلا عن طريق اللعب والمرح وكثرة الحركة، وهو لن يتوقف عن ذلك حتى يشعر بالتعب، وبالتالي الخلود إلى النوم، وهو أمر طبيعي لمثل عمره. لذلك أريد أن أؤكد بأن تحرص على متابعة ابنك في لعبه ومرحه لتتعرف كيف يحاول اكتشاف بيئته وتعلَّم المهارات، وكيف يتصرف حينما تعترضه مشكلة أو عقبة، وتتعرف على طبيعة شخصيته التي بدأت تتبلور، هل هو عنيد أو مسالم، هل هو سلبي مخرب أو إيجابي يحب مساعدة الآخرين، وهل هو على مراده أم يلزم السكوت والقناعة، هل هو اجتماعي يحب مشاركة أقرانه؟ فمن خلال متابعتك تستطيع أن تأخذ فكرة جيدة عن شخصية ابنك وتساعده على اجتياز مشاكله متى ما تأكدت من وجودها وتأثيرها عليه. لذا عليك الاهتمام بأن ترى العالم بعيون ولدك؛ ليساعدك ذلك على تفهم حركته الدؤوبة واستمتاعه بها، وكذلك اهتم بتوفير اللعب المتوافقة مع عمره لتساعده على تسخير حركته ليتعلم أشياء جديدة. حفظ الله لك ابنك وجعله قرة عين لك ولوالدته.

طفلي يرفض التعلم

طفلي يرفض التعلُّم المجيب د. فاطمة الحيدر طبيبة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 24/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي طفل في الخامسة من عمره، لديه درجة من الذكاء لا بأس بها، ولكنه يرفض استعمالها، ويرفض الاستماع إلى المعلمة، كما أنه -دائماً- مشتَّت الذهن، نرجو التفضل ومساعدتنا في التعامل معه. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. رفض الأطفال الصغار (مرحلة ما قبل المدرسة) الاستماع للمعلم، أو عدم التجاوب مع الوالدة عند محاولة تعليمهم أمر معتاد، ولا يعكس أي مشكلة نفسية أو تعليمية في غالب الأحوال، ولكنه يتطلب الصبر والحكمة وسعة البال من قبل المعلم، لكن هناك حالات استثنائية تحتاج للتقييم والدراسة، وذلك حين يصاحب المشكلة تشتت في التركيز أو علامات تدل على انخفاض الذكاء، أو مشاكل مرتبطة بالمدرسة، ونحو ذلك. بالنسبة لابن السائلة الفاضلة أقترح عليك وضع جدول زمني ثابت للطفل، وتكون فترة التعليم قصيرة لشعوره بالملل، وبالتالي تشتت تركيزه - كما ينبغي ألا تكون حوله مثيرات ومشتتات للتركيز، مثل وسائل الترفيه وكثرة الداخلين والخارجين من المكان، فأسلوب التعليم لهذا الطفل ينبغي أن يكون تحبيباً ممتعاً وليس جاداً مملاً. كما أن القائمة على تعليم هذه الفئة -سواء من الأمهات أو المعلمات- لا بد أن تكون على قدر من الصبر والحلم والتروي، كما يفضل أن يدعم أساليب التعليم التشجيع وليس الشدة والقسوة. النقطة الأخيرة: لا بد من الانتباه لقدرة الطفل على إنجاز ما يطلب منه، ويكون متناسباً مع قدراته ومرحلته العمرية، وليس كما يريد الأهل ويرغبون، أو كما يرون في إخوته الآخرين وأقرانه. والله الموفق.

ابنتها عصبية المزاج ...

ابنتها عصبية المزاج ... المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 06/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. أرجو منكم مساعدتي في حل مشكلتي مع ابنتي الوحيدة التي عمرها سنتان ونصف، فهي عصبية المزاج، وعنيدة لدرجة كبيرة، ولا تطلب شيئاً إلا بالبكاء والأنين ولو كانت تضحك أو تلعب، وعندما أكلمها أو أناديها أو أنبهها لأي شيء لا تلتفت إلي، حتى شككت في سمعها، ولكني تأكدت من سلامتها، وما زلت لا أعلم سبب عدم ردّها علي، سواء كنت ألاعبها أو أعاتبها! وفي كثيرٍ من الأحيان أحس أنها تعيش في عالمٍ آخر، وتنسى ما حولها عندما تلعب أو تلهو بأي شيء، وفي الآونة الأخيرة أصبحت تضربني بكثرة، فعندما أضربها أو أوبّخها أو أنظر إليها نظرة عتاب تتوجه نحوي بعصبية وتضربني وتشتمني، جربت معها أساليب كثيرة لكنها لم تنفع، مع العلم أن والدها يعاملها معاملةً سيئة في كثير من الأحيان، وقد كان يضربها منذ الشهور الأولى، ولم يفرح لا بحملها ولا بولادتها، ماذا أفعل معها؟ لقد تعبت، وأخاف أن يتطور الأمر. ساعدوني، بارك الله فيكم وفرّج همومكم. الجواب الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أختي الكريمة: إن الطريقة التي يتربى بها الطفل في سنواته الأولى لها دور مهم في تكوينه النفسي، فأسلوب التربية الذي يثير مشاعر الخوف وانعدام الأمن في مواقف التفاعل يترتب عليه تعرض الطفل لمشكلات نفسية قد تؤثر بشكل مباشر في حياته داخل محيط أسرته، وما يحدث من ابنتك من تصرفات سلوكية غير مرغوبة تجاهك، إنما هو انعكاس طبيعي لما يحدث لها من تعامل قاسٍ من والدها - هداه الله-، وقد تكون تمارس نفس الدور بحركاته وألفاظه معك، وتزداد ترسيخاً حينما تجد اهتماما منك تجاه تصرفاتها، فرغبتها إثارتك ومشاكستك، بالإضافة إلى إحساسها بالتخلص من القيود التي قد تحول دون تحقيق رغباتها، تزيد من استمرارها في سلوكها. ولمواجهة مشكلة ابنتك رؤيتي للتغلب عليها الآتي: 1) تأكدي - أختي الكريمة- أن ابنتك لا زالت صغيرة، وقد تكون تصرفاتها طبيعية لا تستدعي القلق، وما تحتاجه بعضاً من المهارات التي ستساعدك على تعديل سلوكها بطريقة تربوية بعيدة عن العنف أو وسائل العقاب المختلفة. 2) تحدثي مع والدها بصدق حول تعامله القاسي معها وخطورته على مستقبلها، وشعورها بعدم أهليتها للثقة بذاتها، وبالتالي انعكاسها على سلوكها مستقبلاً. 3) عززي عندها النواحي الإيجابية وامتدحيها، وقدمي لها المعززات اللفظية والمادية والمعنوية لتدرك أهميتها وتبادر إلى تكرارها رغبة في المعززات، وهذه المهارة تسمى "التعزيز الإيجابي".

4) من الممكن أن سلوكها معك من خلال ضربها لك تعزز بشكل سلبي، حيث إنها ربطت لفت اهتمامك لها بتلك السلوكيات فأدركت أنها الوسيلة الوحيدة لتحقيق مطالبها. لذلك عليك بتجاهل تصرفاتها حينما تبدأ بضربك وتغيير مكان جلوسك بطريقة تدرك بأنك غير مهتمة بما تفعله، وهذا يساعدك كثيراً على إطفاء سلوكها معك، وهذه مهارة رائعة مع الأطفال تسمى (الإطفاء أو التجاهل) ، مع أهمية عدم الاحتكاك البصري لكي لا ترى تعبيرات الضيق عليك. وحينما ترى توقف السلوك بادري باحتضانها وتقبيلها ومكافأتها مادياً بإعطائها قطعة حلوى وغيرها، كرسالة بأن سلوكها الإيجابي وهو الكف عن ضربك حقق لها تلك المعززات. 5) أشركي ابنتك معك في بعض الأعمال البسيطة داخل المنزل التي تتوافق مع عمرها، وستلاحظين تغيراً حقيقياً في سلوكها بعون الله. 6) ابتعدي عن مقاطعة ابنتك حينما تكون منهمكة في لعبها وتخيلاتها الواسعة، فالطفل يدافع بشدة حينما يقطع أحد عنه خلوته، رغبة في تمتعه في خياله الواسع. 7) بدأت ابنتك مرحلة مهمة في حياتها، وهي مرحلة بناء الشخصية، فساعديها بتعزيز سلوكياتها الإيجابية وشاركيها ألعابها، فهي مساعد مهم لذلك، وتجنبي وسائل العقاب المحبطة كالضرب والإقصاء، وكذلك الألفاظ لأنها وسائل سلبية محبطة. 8) تحلي بالصبر ولا تستعجلي النتائج، وستجدين تغييرا إيجابياً في سلوكها تجاهك حينما تتغير الظروف المحيطة بها داخل الأسرة وتتبدى وتكون ثابتة وواضحة. ولا تنسي الدعاء، ثم الدعاء لها بالصلاح والهداية، حفظ الله لك ابنتك وجعلها قرة عين لك ولزوجك.

بعد ولادتي لأخيه تغيرت طباعه

بعد ولادتي لأخيه تغيرت طباعه المجيب سلوى بنت صالح بابقي مساعد إدارة النشاط الثقافي بتعليم البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة التاريخ 4/01/1426هـ السؤال سؤالي عن ابني البالغ أربع سنوات ونصف، وهو الطفل الرابع من ترتيب خمسة أطفال، ثلاث بنات أكبر، وطفل عمره أربعة أشهر، فمنذ ولادتي تغير ابني تغيراً كاملاً في تصرفاته، فأصبح عنيفاً وعنيداً جدا، ومشكلتي مع الروضة، فلا يريد الذهاب، فمن أول يوم ظل يصرخ بعنف ولا يريد البقاء في المدرسة، وظل هذا حاله مدة شهرين، واتبعت معه كل الوسائل بالهدايا والحلوى مرة، وبالتشجيع والمديح مرة، وبالترهيب مرة، وكل يوم أسوأ من الذي قبله. أرشدوني ماذا أفعل، وهل سيظل ابني هكذا إلى أن يصل إلى سن المدرسة، أنا أعرف أن الغيرة هي السبب، لكنني أحاول أنا ووالده بأقصى جهودنا أن نعوِّضه الحنان، أرجو الرد السريع، فأنا محتارة في أمره، لعلي أجد عندكم الطريقة الصحيحة للتعامل معه. الجواب المكرمة الأخت وفقها الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فإن ابنك هو ابن السنوات الأربع التي عاشها، لا ينافسه منافس، ولا ينازعه أحد اهتمام العائلة من تودد، وترحم، وغيره، خاصة الأم، وفجأة يظهر مولود منافس له يقاسمه عدة أمور، خاصة ارتباطه بأمه مباشرة، والرعاية المستمرة منها، لذا فإن إدخال ابنك الروضة في وجود طفل آخر في حضن أمه يعتبر في مفهومه أن الهدف هو إبعاده عن أمه أحب الناس إليه وحرمانه منها في الوقت الذي يحظى بذلك أخوه العنيد. من هنا فالرأي ألا يجبر ابنك على دخول الروضة وهو بهذا الحال، فإن دخول الروضة ليس إلزاماً في هذه السن المبكرة خاصة مع رفضه الشديد لذلك، لبّي رغبته في البقاء معك في البيت، وأشبعي عواطفه بحنانك وقربك، بحيث لا يشعر بتغير منك في وجود الضيف الجديد، واستغلي وجوده معك بأن تقربيه من الصغير وتحببيه إليه، وتربطيه بأن تجعلي له شيئاً من المشاركة والاهتمام والمحافظة على أشياء خاصة بالصغير، وفي حدود ما يقدر عليه وتحت إشرافك وملاحظتك، وهذا يتطلب منك حكمة وصبراً وحسن تصرف، فأنت أدرى الناس بمفتاح قلب هذا الابن، ومداخل رضاه وسروره أو غضبه وتمرده، وهذه أمور ليست جديدة عليك، ولست حديثة الخبرة في الأمومة، والجديد هو الاعتدال، فلا إفراط ولا تفريط؛ حتى لا تكون النتائج عكسية، ولا تجعلي هاجسك دخوله الروضة فليست قضية، أما مستقبله الدراسي فهو أمر سيحل - إن شاء الله- تلقائياً متى وجهت اهتمامك وتفكيرك إلى غرس الاطمئنان في نفسه على مكانته عندك، ووثقت علاقته بأخيه الصغير، على أنه بإمكانك أن تشغلي بعض وقته بما كان سيشغل في الروضة من تربية وتعليم، والوسائل لذلك متعددة ومتوفرة، ويكفي أنه سيمارس ذلك في المكان الذي يراك فيه، ويستقي من حنانك واهتمامك، وإن سياج كل ذلك هو صدق اللجوء إلى الله بأن يعينك وييسر أمرك، ويصلح حال صغيرك ويلهمك الرشد والصواب.

مرحلة المراهقة

العلاقات الأسرية لدى المراهقين المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 25/10/1422 السؤال لدي أخ يصغرني عمره سبع عشرة سنة المشكلة أنه دائم الخروج من المنزل عديم الإحساس بالمسؤولية إذا اجتمع مع أعمامي - وهذا نادرا-، يلزم الصمت وإذا سأله أحد عن أحواله يجيب بصوت منخفض، وهو من النوع الذي يخجل من الصحيح ولا يخجل من الخطأ، وفي البيت دائما يرد على أمي وأبي، ولا يبالي، ولا أنسى أنه قد فعل منكرا ورآه أبي، وأبي - هداه الله - لم يترك أحدا إلا وأبلغه، وهذا أثر في نفسه، أرجو منكم أفيدونا كيف نكسبه ونعطيه الثقة بنفسه ثم بنا؛ لأنه يثق بأصدقائه ولا يثق بنا. ولكم مني جزيل الشكر. الجواب أختي الكريمة أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق السداد.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً- لا شك أن أخاك يعيش مرحلة المراهقة بكل ما يعنيه ذلك - أحياناً - من توتر وقلق وتقلب وتمرد واندفاع وتهور.. وبحث لا يتوقف عن هوية أو شخصية يعتمدها لنفسه ويلتزم بها..!! وأحاسيس ومشاعر داخلية متباينة تختلج في نفسه وتتصارع في أعماقه.. وإن اختلف التعبير عنها بين مراهق وآخر.. وبين بيئة وأخرى!! ثانياً - فهمنا لواقع المراهق ونفسيته يجعلنا نتعامل معه على هذا الأساس، ولا نستغرب منه بعض التصرفات التي- ربما - بدت لنا غريبة بعض الشيء..!!! ونتغاضى عن بعض هفواته البسيطة، ونشعره بذاته التي قد تتضخم لدى بعض المراهقين بصورة كبيرة ربما أساء التعبير عنها بتمرده ورفضه للتوجيهات وملاسنته لمن هم أكبر منه سناً وقدراً!! ثالثا- لا يعني ذلك أن جميع المراهقين يتصرفون كذلك.. ولكنهم غالباً يشعرون بمثل ذلك بشكل أو بآخر.. وإن تباينت منهم درجة الإحساس حسب سماتهم الخلقية والخلقية.. وكذلك تباينوا بطرق التعبير عن هذه الأحاسيس حسب بيئاتهم ومحيطهم وسماتهم أيضاً!! إلا أنهم ينطلقون إجمالاً من نفس الأحاسيس والمشاعر بصورة أو بأخرى!! رابعاً- لقد جانب الوالد - غفر الله له - في هذه النقطة الصواب بإبلاغ الجميع عن الخطأ الذي وقع فيه ابنه؛ لأن هذا أصاب الابن بمقتل إذ أفقده احترامه لذاته أمام الآخرين، وإحساسه بأن نظرات الآخرين تعني فيما تعني تذكيره بما حصل منه في يوم ما..!! ولعل هذا ما يفسر محاولته تجنب أقاربه وعدم التفاعل معهم كما يجب!! خامساً -أما علاقته القوية بأقرانه وزملائه فهي مفهومة ومعروفة إلى حد كبير.. وهي جزء من طبيعة المراهق ورغبته في البحث عن هويته وإثبات ذاته كما أسلفت ولكن.. ما نوعية هؤلاء الأصدقاء..؟! هذا سؤال هام جداً.. يجب أن تهتموا به كثيراً.. فالمرء من جليسه.. والواجب عليك أو على أحد أقاربه القريبين منه نفسياً الاهتمام بهذا الأمر وتذكيره بأهمية اختيار الرفقة الصالحة ومتابعته بشكل ودي في ذلك؛ لأنكم بذلك تقطعون مسافة كبيرة نحو إصلاحه وحمايته من مواطن الزلل بعد حفظ الله وتوفيقه

سادساً - يلزم على والده أو أحد أقاربه الثقات أن يقوم برد الاعتبار النفسي له عن طريق جلسة خاصة معه، ويذكره بأننا جميعاً قد نخطئ.. وليست هذه هي المشكلة، بل إن المشكلة هي الاستمرار على الخطأ..!! وإن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، وجل من لا يخطئ، والحسنات يذهبن السيئات، وإن مجرد الاستقامة تزيل من أذهان الجميع ما علق فيها من الماضي.. وإن الناس -عالباً- مشغولون بأنفسهم ومشاكلهم عما سوى ذلك فتراهم قد نسوا كل ما سبق.. ومثل ذلك من الكلمات والأحاديث التي تلملم نفسية هذا المراهق وتعيد له احترامه لذاته وثقته بنفسه أمام الآخرين. سابعاً - لم تذكري لي أي تفاصيل حول الأسرة بشكل عام، وهل لهذا الشاب أخوة كبار ذكور أم لا؟ وعموماً أقول: حاولوا جميعاً الاقتراب منه وإشعاره بالمسؤولية وبثقتكم الكبيرة فيه، وأسندوا له بعض المسؤوليات داخل الأسرة، وشاركوه في همومه وآماله وآلامه قدر المستطاع واستشيروه في بعض الأمور.. وتجاوزوا الماضي بكل تفاصيله. ثامناً - وقبل هذا وبعده صدق الالتجاء إلى الله العلي القدير بالدعاء بأن يهديه ويصلحه ويحفظه من كل سوء، ويقر عيون والديه بصلاحه وتوفيقه وهدايته. ومواصلة الدعاء وتحري مواطن الإجابة. وفقكما الله وحماكما وسدد على طريق الخير والحق خطا الجميع.

حتى لا تخسر ولدك!

حتى لا تخسر ولدك! المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 18/9/1422 السؤال أنا رجل رزقني الله بولد عمره الآن تسع عشرة سنة تخرج من الثانوية العامة هذا العام، ولكن لارتفاع النسب المطلوبة للتسجيل في هذه الجامعة الموجودة ببلدتنا اضطررت إلى تسجيله في جامعة تقع في مدينة أخرى. ومع ذهابنا للصيف في المدينة التي يدرس فيها رأيت حاله تغير، وأصبح مدمنا للسهر مع أبناء أخواله والمنتسبين للجامعة نفسها، الآن أنا في مشكلة كبيرة مع ولدي أصبحت أشك في كل شيء، أجرى معه اتصالات تصل إلى مرتين أو ثلاث مرات في اليوم الواحد أصبحت في قلق شديد على سلوكياته ومستقبله، وأصبحت أكره أبناء خاله رغم أنه لم يظهر لي أي شيء جلي، مجرد عدم رضا عن سلوكياتهم. ومن كثرة تعقبي له بالتلفون أحسست أنه بدأ يتذمر مني وأصبحت في قلق شديد. أرشدوني: ماذا أفعل حتى يرتاح بالي؟ أخشى أن أفقد وده، وهو كان في البيت ابني وصديقي في نفس الوقت، لكنه طيب وهين ممكن التأثير عليه وجزاكم الله خيرا. الجواب في البداية أقول لك لا تجعل الوساوس تتملكك وتسيطر عليك لدرجة أنك تشك في سلوك الابن لمجرد أنك ذهبت في زيارة في وقت الصيف إليه عند أخواله ولاحظت أن هناك تغيراً قد طرأ على أحواله - فكنا نود أن نعرف ما هي هذه التغيرات التي قد طرأت عليه؟ وليس لمجرد السهر مع من هم في نفس سنه من أبناء أخواله وقت الصيف ذلك الوقت الذي يعتبره المراهق الشاب هو وقت الاستمتاع بإجازة صيفية أتت بعد عام دراسي، ولا تنس أن الابن في هذا الوقت يختلف عما كان عليه قبل ذلك خاصة وأنه قد استقل بعيداً عنك أي أصبح تفكيره مختلفاً عما كان عليه قبل ذلك في طفولته، وبداية مراهقته، ومن طبيعة هذه المرحلة: الاستقلالية، والتفرد، وتأكيد الذات - والذي يهمنا هنا هو هل أنت رأيت -لا قدر الله -شيئاً غريباً يشكل خطورة على الابن من خلال سلوكياته ولاحظت على أبناء الخال سلوكيات شاذة لا يقبلها الوالد ولا المجتمع - ولا العادات أو التقاليد؟ بحكم أن الابن مقيم معهم وهم من نفس عمره وفي نفس الجامعة؟ ولكن من خلال عرضك للمشكلة لم تفصح بالقول بأنك لاحظت شيئاً سيئاً من كل ذلك بل لمجرد أن الابن أصبح محباً للسهر وقت الصيف مع أبناء الخال. لا يا عزيزي الأب -يمكنك أن تعرف كل شيء بطريقة ذكية دون أن يشعر الابن لأن هذا الشيء يثير في قلبه وفي نفسه التذمر تجاهك. أولا ً: أنت وافقت على التحاقه بتلك الجامعة بعيدا عنك، وكان الاطمئنان يملأ قلبك لوجود أحد أقاربك بها، ولولا أنك تثق بهم وفيهم على ابنك وإقامته بجوارهم لما أرسلته للجامعة هناك - فهم لهم أبناء ويخشون عليهم، كما تخشى أنت على ابنك أن يسلك سلوكاً مخالفاً أو سلوكاً شاذاً فهم مثلك تماماً.

وكان يمكنك بطريق غير مباشر من خلال هذا القريب الذي يعمل بالجامعة أن يراقب الابن دون أن يشعر، ويمكنك أن تعلم منه ما الجديد الذي طرأ على سلوك ابنك، أو تكلف أحد الأخوال بطريقة طيبة، تقول له: أرجو مراقبة سلوك الابن وأبنائك لأنني أخشى أن يكونوا - لا قدر الله - قد وقعوا في مشكلة لأنك بصراحة قد لاحظت تغيراً في كذا، وكذا على ابنك، والأولاد جميعهم أبناء لي، وبالتأكيد سيتعاون الأخوال في متابعة سلوكيات ابنك وأبنائهم وستعلم بكل شيء قبل أن تجعل الابن يحس بالشك تجاهه وفي تصرفاته. أضف إلى ذلك - يا عزيزي الأب - أن الالتزام منك ومن أمه بالحدود الدينية في تنشئته الاجتماعية في طفولته الأولى وعدم تخطيكم لأي سلوك غير مقبول هو أساس سياسة أسرية سليمة. كما أن ذلك يجعل ابنك ملتزماً بما شب عليه، وهذا ليس نابعا من سلطتك كأب ولكن من الله الخالق العليم، والتزام الآباء يجعل التزام الأبناء مبدأ لا مناص منه، وهو أحسن دفاع يمكن إعطاؤه للأبناء لوقايتهم في مثل هذه المرحلة من الضغوط التي تواجههم، ولن يستطيع أقران السوء التأثير عليهم. بالإضافة إلى أنك قلت: إن الابن نشأ على طاعة الله والصلاة في المسجد، وهو كما تقول ابن وصديق في نفس الوقت، فهذا يدل على حسن التنشئة السوية في صغره مما يجعله قوياً في مثل هذه المرحلة ولن يكون فريسة سهلة للتأثير عليه ليسلك سلوكا تخشاه، علما بأنك تقول: لم يظهر لك أي شيء جلي تستطيع أن تحكم على أبناء الخال بالانحراف سوى السهر في وقت الصيف، وهذا ليس دليلا ً قاطعاً للحكم على الابن بأنه قد تغير سلوكه وأقول لك: يمكنك خلال الإجازة عندما يعود الابن إليك لقضائها معك ومع أمه وإخوته أو خلال إجازات الأعياد، في هذه المدة يمكنك أن تراقب الابن دون أن يشعر، لتحكم عليه بمدى التغيير الذي طرأ على سلوكه - أي يجب عليك أن تتبين قبل أن تجعل للشك الشديد مكانة في نفسك فتندم مستقبلاً - فإذا كنت تخشى أن يقع الابن في مشكلة مثل التدخين -لا قدر الله - يمكنك خلال جلسة أسرية جميلة أو في وقت الاسترخاء والراحة وقد يكون من المناسب الحديث عن ذلك عندما يكون هناك مشكلة منشورة في الصحف أو في التلفزيون عن مأساة شخص معين، وتوضيح الآيات والأحاديث القرآنية والدينية عامة التي تتحدث عن خطورة المخدرات سيجعل الحديث أكثر قبولاً وأسرع تأثيراً في نفس الابن. عزيزي الأب! أقول لك من خلال تحليك أنت وأمه بالخلق والتدين السليم فإنكما تحفظان أبناءكم من السلوك المنحرف فأنتما العامل الأساسي في وقاية أبنائكم. قال الله تعالى) وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا (. إن قبول ابنك لك كأب وعدم وجود أي انحراف في النموذج الأبوي يؤدي إلى تأثر ابنك بشخصيتك وثبات معتقداته وقدرته على اختيار أصدقائه. أخيرا يا عزيزي الأب نرجو أنه نكون قد وفقنا في الوصول لحل لمشكلتك، والله الموفق

مراهق يغير صداقاته ... ويحب المال

مراهق يغير صداقاته ... ويحب المال المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 15/4/1422 السؤال لي ابن أخت أكبر الذكور بعد ثلاث فتيات ويليه فتاتين.. الأب متعلم.. ولكن إنسان بسيط متدين عامي.. والأم.. مجتهدة إلا أنها تظل امرأة وتفتقد إلى دور الزوج الحازم مع الأولاد.. كثيراً ما تئن وتشتكي أختي من وضع ابنها فهو غير مستقر أبداً (عمره 17 سنة تقريباً) كثيراً ما يبدل صداقاته فهي كثيرة ومتقلبة رغباته قد جعل المال نصب عينيه ويظن ذلك مفرحاً لأبويه - كما يبديه لهم.. سؤالي ما الذي يجب أن أقوم به بخاصة وأن أبويه يطلبان مني التدخل ومناصحته ولا أشك أنه سيقع في محاذير كثيرة لعل أقلها الدخان - ولا يوجد في العائلتين من يدخن بحمد الله , والذي يعتبر صاعقة عندنا.. كما أنه ينجرف مع أي رأي خارج المنزل.. أرجو تنويري وإرشادي في هذه الحالة ومع أي مراهق.. الجواب أخي الكريم اشكر لك ثقتك أسال الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد وان يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنضل انه ولي ذلك والقادر عليه أما عن استشارتك فتعيقي عليها مايلي: أولاً: ما تذكره عن ابن أختك شئ متوقع في هذا العمر وهذه المرحلة (وهي مرحلة المراهقة) مرحلة حرجة متقلبة.. يحاول فيها المراهق التمرد على كثير من الأشياء.. والتعرف على الكثير أيضا..!!؟ خاصة وأنني اعتقد أن هذا الشاب كان مثار إعجاب وحب والديه بشكل ـ ربما ـ مبالغ فيه بعد مجيئه إلى الدنيا عقب ثلاث أخوات..!! وهو ما يحدث عند كثير من الأسر.. فيصبح هذا الطفل هو الآمر الناهي ... لا يرد له طلب ولا يناقش في أمر، تحيطه الرعاية والمداراة من الجميع..!! وتمر الأيام ويكبر الصغير وتتضخم لديه ((الذات)) بشكل غير عادي فيشب على الطوق ويتمرد على الجميع..!! وتجتمع لديه حساسية المرحلة العمرية.. وهشاشة التربية الأسرية.. وهنا مكمن الخطر..!! ثانياً: لا بد للمراهق أن يعلم أن هناك خطوطاً حمر لن يسمح له بتجاوزها.. مهما كان.. ويترك هذا التحذير في آخر القائمة.. وتحاول أنت بمكانتك ومنزلتك أن تقترب منه كصديق.. شاركه في اهتماماته.. واستمع إليه.. واستشره في بعض الأشياء الخاصة بك.. واشعره بأنك تثق به.. وبأنه ـ فعلاً ـ رجل ناضج.. واوعز إلى أهله بأن يسندوا إليه بعض المهام.. ويشكروه على إنجازها.. ولا يستغربوا منه تقلبه في الصداقات وفي الرغبات.. فهذه سمة المرحلة كما أسلفت.. لانه مازال يبحث عن ذاته.. ولم يحدد بعد ماذا يريد..!!! فأعنه على ذلك.. من غير إفراط ولا تفريط.. وحبذا لو بدأت معه " بهديه " ترى أنها مناسبة لاهتماماته.. ثم شجعه مع الوقت على تنمية هوايات معينه وشاركه في بحثها والنقاش حولها وحاول أن تعينه على اختيار رفقه صالحة ... أو على الأقل ليست سيئة.. ليدلوه على الخير ويعينوه عليه.. والمهم هنا الاتنقطع شعرة معاوية بينك وبينه بقدر المستطاع.. ولا تنتظروا منه الكمال!! ثالثاً: الله.. الله ... بالدعاء الصادق بأن يصلحه الله ويحفظه من كل سوء.. وان يريه الحق حقاً ويرزقه اتباعه.. والباطل باطلاً ويرزقه اجتنابه.. واكثروا من الدعاء ولا تستبطئوا الإجابة. رابعاً: أعانك الله وحفظك وجعل ما تقوم به ف ميزان حسناتك.. انه جواد كريم.. ووفقك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

أبناؤنا ومزالق المراهقة

أبناؤنا ومزالق المراهقة المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 01/07/1426هـ السؤال ما هي الطرق الشرعية والأمثل لوقاية الأب والأم لابنهما المراهق من الوقوع في الخطأ، وخاصة الناحية الجنسية؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الطرق الشرعية حسب وجهة نظري: أن تكون صلتهما به صلة قوية، فيها تقدير لمشاعره، واعتبار لإنسانيته، وأن يكونا على بيِّنة ودراية في كيفية التعامل معه، وذلك من خلال معرفة خصائص المرحلة، فمتى ما وجد منهما حسن الصحبة وعدم العنف معه، وسمع منهما ذكر محاسن أخلاقه والثناء عليه لتعزيزها، وعدم الإكثار من اللوم والتعنيف، واختيار الوقت والحال التي يلزم توجيه النصح له فيهما. فإنه -والحالة هذه- سيبادلهما الاحترام، وتتهيأ نفسه لقبول ما يسمعه منهما. وعلى الأب أن يكون لابنه بمثابة الصديق ويكلفه بمهام تناسب سنه وحالته لشراء أغراض المنزل، وأن يشعره بالاهتمام بآرائه فيستشيره ببعض الأمور، ويأخذ برأيه في بعضها، وإن كانت أقل في مستواها مما يرجوه ليشعر بالاعتزاز والتقدير. وأن يهتم الأب بالتعرف على زملاء ابنه ويرفق بهم، ويشعر ابنه باحترامهم؛ حتى يطمئن الابن لأسلوب أبيه، ويمكن للأب بعد فترة أن يرشده إلى من يلزم الاعتذار من العلاقة به من الزملاء. على الوالدين الدعاء إلى الله كثيراً بأن يهدي ابنهما، وأن يعينهما على معرفة وسائل وطرق التعامل معه، والتوفيق للنجاح فيها. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الاستقلالية والذات

الاستقلالية والذات المجيب د. أبو بكر مرسي محمد مرسي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 15-9-1423 السؤال أنا إنسانة ناجحة في حياتي الدراسية فأنا أدرس الهندسة الآن لكن مشكلتي أنني رغم وصولي إلى هذا السن إلا أنني لا زلت أتصرف بشكل طفولي. فسلوكياتي لا توحي ولا تعكس الفترة العمرية التي أعيشها. لا أستطيع اتخاذ القرارات مهما كانت صغيرة ووالدتي تقوم بذلك بدلاً عني في كل شيء.. في اختيار الملابس وطريقة الكلام وفي كل شيء ... تعبت من تدخل الوالدين في جميع شئوني وقلت حيلتي واستطاعتي في اتخاذ القرارات مهما كانت صغيرة فهل من حل؟ ساعدوني مشكورين ... الجواب إن الفترة العمرية التي تمرين بها يكون فيها الفرد لا هو بالطفل ولا هو بالراشد ومن ثم يعيش الصراع بين طفولة تمضى ورشد تلوح تباشير شروقه ويصاب الفرد بالحيرة والارتباك والقلق من جراء عدم نضجه الكامل للتحرر من أفعال الطفولة والرغبة في القيام بأفعال الراشدين ولكنه يفشل لعدم اكتمال دعائم النضج نفسياً واجتماعياً. واعلمي أيتها الابنة العزيزة أنك تحتاجين لبعض الوقت فقط للتحرر من أجل تجاوز تلك السلوكيات الطفلية والدخول إلى عالم الراشدين ولهذا كثيراً ما نجد تدخل الوالدين في اختيارات الأبناء كما يحدث لك وهو تدخل من باب الحرص على الأبناء وعليك أن تقدري هذا الأمر منهم كما أن طاعتهم واجبة بل أن ذلك من سبيل سعادة الأبناء فيما بعد إن شاء الله. ونصيحتي تتلخص في: * الثقة في اختيارات الآباء ومناقشتهم بكل هدوء واحترام ما يرفضونه من اختيارات، مع طرح البديل الذي يصطبغ بالقيم والأخلاقيات المستمدة من الشريعة الإسلامية. * سرعة تجاوز التصرف بشكل طفلي من خلال اتخاذ قرارات ناضجة ومسئولة تعطى الثقة للوالدين. * المزيد من النجاح الدراسي الذي يدعم الإحساس بالهوية الذاتية ويؤدى إلى ثقة الآباء في فترات الأبناء. * البحث عن مزيد من الإنجازات التي تقوى دعائم الشخصية أمام الآخرين خاصة من ذوى الأهمية في حياتنا. وأنصح الآباء بمراعاة ما يلي: * إذا كانت المراهَقة يصاحبها كثير من المشكلات النفسية والاجتماعية فإن ثقة الفرد تزداد إذا ما واجه تحديات هذه المرحلة بنجاح لذا يجب مساعدة الأبناء على كيفية المواجهة وطرح الحلول. * الاستمرار في إعدادهم وتربيتهم في ظل معطيات الشريعة الإسلامية إبان المراحل النمائية الأولى لمواجهة تحديات ومشكلات المراهقة وتغيراتها، وهذا يؤهلهم لمزيد من النضج والقدرة على الاختيار السليم في المستقبل وتتضح إسهامات الدين الحنيف الإسلام فيما ذهب إليه من ضرورة حسن التربية بحيث تنشأ الشخصية وتنتظم في ظل القيم الإيمانية فتكون الصلابة والقوة والاستقامة وتصبح السلوكيات متوافقة وأحكام الإسلام وآدابه السامية تلك الآداب التي تمثل حصناً لمقاومة التوتر والمعاناة والمشكلات التي تعد المراهقة أرضا خصبة لرواحها.

* التساؤل الرئيسي الذي يواجه به المراهق (من أكون؟) يثير القلق والتوتر إذ يتحتم على المراهق أن يحدد إجابة لسؤاله وهي إجابة يتحدد على غرارها هويته لذا يجب العمل على توجيه الابن إلى كل ما من شأنه أن يدعم لديه بناء هوية إيجابية قادرة على العمل والتواصل الخلاق. * إن الحاجات التي تحقق للمراهق إحساسه بالهوية هي: الاستقلالية والتفرد والاضطلاع بدور اجتماعي وإقامة علاقات ناضجة. * يجب ألا تتسم وسائل الضبط بالقسوة وأن توضع حدود ولا تصادر حرية الابن في الاختيار " فالحرية لا تعنى إلغاء الحدود" كما يجب ألا تمارس الحدود بشكل تلغى فيه الحرية.

لا أعترف بالمراهقة

لا أعترف بالمراهقة المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 25/06/1426هـ السؤال السلام عليكم. أفيدونا في موضوع المراهقة، فقد كنت أناقش أحد الأشخاص، وقلت له: إني شخص مقتنع بأنه لا يوجد شيء اسمه سن المراهقة في الإسلام.. فأغلب الناس يتحججون بتصرفات الشباب الخاطئة بأنهم في سن المراهقة، ولذلك يتركونهم على خطئهم..فهل ذكر الإسلام شيئاً عن المراهقة أم هو مصطلح غربي سائد ... ؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. المراهقة: معناها في اللغة. راهق الغلام فهو مراهق إذا قارب الاحتلام (كما جاء في كتب اللغة) . إذن المراهقة معترف بها، ومعلومة أصلاً. المراهقة في مصطلح علماء النفس هي الاقتراب المتدرج نحو النضج والكمال الجسمي وليس الكمال الجنسي. فالكمال الجنسي هو البلوغ المعلوم في مصطلح الفقهاء، وسن المراهق تكون ما بين انتهائه من مرحلة الطفولة، وبدايته مرحلة الشباب والفتوة، أي ما بين 13سنة إلى 20أو 22سنة, وهي للبنين والبنات على حد سواء، ولهذه المرحلة التي هي مرحلة المراهقه خصائص وحالات خاصة بها، -فالمراهق ذكراً أو أنثى- له خصائص وحالات مثل: (1) يميل إلى النقد ويرغب في الإصلاح. (2) يسرع في مساعدة الآخرين يما يمكنه. (3) يختار أصدقاء بنفسه، ويرفض تدخل والديه في ذلك. (4) قد يسهل تغيير الأصدقاء أحياناً. (5) يميل إلى تولي المسؤوليات والزعامة. (6) يميل برغبة إلى تأكيد ذاته وفرض شخصيته. ومما يلزم الوالدين الاهتمام به لحماية المراهق -ذكراً أو أنثى- من الانتكاسة في سيرته وأخلاقه: (1) التعامل برفق وصبر. (2) محاولة تفهم خصائص وطبيعة تصرفاته حتى يسهل التعامل معه. (3) حمايته من الميوعة والانحلال بالوسائل والطرق السليمة. (4) عدم العنف والعتاب الكثير. (5) اتخاذ وسائل مناسبة للتعرف على أصدقائه، مع إظهار الاحترام لهم أمام ابنهم. هذا مختصر شديد. فالمراهقة حالة عُمْرية وفترة زمنية يمر بها كل شاب وشابة، وتستدعي من الأبوين إحسان التعامل مع هذه الحالة.

مشكلة أبنائي الثلاثة

مشكلة أبنائي الثلاثة المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 10/1/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم شيخي الكريم: لدي ثلاثة أبناء، أكبرهم في الصف الثالث الثانوي، يميل للبدانة، كسول، انطوائي منذ الصغر، لا يذاكر إلا بعد إلحاح وبدون تركيز، كثير السرحان، يحب يتكلم مع من هم أكبر منه، متفوق في دراسته مع تراجعه قليلاً، والأوسط كثير الحركة، يحب الاختلاط بمن هم في سنه، يحب المزاح كثيراً إلى حد الاستهزاء، فيه نوع من الغرور والتعالي، يساعد في المنزل بدون طلب، متسلط، أناني، يدرس في الصف الثالث المتوسط، يذاكر من نفسه، متفوق في دراسته، أما الأصغر في الصف الثالث ابتدائي، خجول، يحب اللعب كثيراً إلى حد إهمال واجباته، يقلد أخاه الأوسط في كل شيء مع أنه يتعرض منه للأذية، الثلاثة يحفظون جزءاً كبيراً من القرآن، وأمهم شديدة عليهم، وهم صريحون معها، المشكلة أن الابن الأكبر لا يتقبل من أخيه الأوسط أية كلمة، والأوسط يستهزئ به دائماً، مع أننا نؤنبه كثيراً، ولا يعترف بخطئه، وإذا اعترف يقول: إنني أمزح، ويعتقد أننا نظلمه مقارنة بإخوانه، مع أننا نشرح له أخطاءه، ولا نؤنبه من أول مرة، أما الأصغر فهو يقلد أخاه الأوسط في كل شيء، أرجو منكم المساعدة-مع محاولتي بقراءة القصص، وجلسات الذكر، وعدم حرماني لهم من وسائل الترفيه، حيث نخرج أسبوعياً للنزهة-. الجواب أخي الكريم: الاستشارة تركزت في سؤال جاء في نهايتها، ولكنها حملت مشكلات عديدة لا بد من الحديث عنها ولو إجمالاً: الكبير: مشكلاته البدانة والكسل والإنطوائية والسرحان. فالبدانة تحل بالتالي: 1- إقناعه بأنها تمثل مشكلة بالنسبة له شخصياً في المستقبل، في العمل والعلاقات العامة، والزواج، والصحة، والحركة بشكل عام. 2ـ مساعدته على تركها؛ بتذكيره بين آونة وأخرى، وتشجيعه على الاستمرار على حمية يكون وضعها طبيعياً جدا؛ وذلك بوضع إناء محدود السعة أمامه في الأكل معكم، ويختار فيه ما يملؤه من الأطعمة المفيدة بعيداً عن النشويات، والسكريات، والغازيات، ثم لا يزيد عليه إذا أكله، ولا يأكل بين الوجبات أبدا. 3ـ عليه بالرياضة اليومية، ولا سيما المشي. وصفة الكسل تحل مشكلتها بالتالي: 1ـ ربما كان منشؤها بسبب كونه الولد الأول، فيحظى بكثير من الدلال والإطعام والراحة، والكسل ناشيء عنها، فلا بد أن يبدأ الحل من هنا، أي بمعاملته كغيره في هذه الناحية، ثم تشجيعه على القيام بمهام مفيدة له ولبيته، وربما لو كلفته بأمور لا تعرف إلا منه لكان أفضل؛ كتنظيف المجالس الرجالية، ومكتبتك، وشراء بعض المستلزمات إضافة إلى غرفته الشخصية. 2ـ تشجيعه على قراءة كتب الرجال العظماء أصحاب الهمم العالية في القديم والحديث. 3ـ إيقاد روح المنافسة بينه وبين أقرانه في المدرسة، والجامعة في المستقبل -إن شاء الله-. ولا أعني المقارنة بينه وبين إخوانه في المنزل فتلك القاصمة التربوية. والانطوائية تحل مشكلتها بالتالي:

قد توجد هذه المشكلة عند من يرى أن في شكله ما يوحي للناس بالاستهزاء منه، فربما وجدت عند البدين جدا، وعند النحيف جداً أو عند ذوي العاهات، أو حتى عند غيرهم بسبب نفسي آخر. وما أراه هنا أن الأب يمكنه أن يقضي على هذه الظاهرة -بإذن الله- لو أنه قرر أن يجعل من ابنه صديقاً له في كل مهامه، دون إشعاره بالدونية، بل يشعره بأنه في حاجة إلى مساعدته. ومشكلة السرحان تعالج بالتالي: معرفة سبب ذلك السرحان، الذي يمكن أن يكون بسبب علاقة ما مع صديق أو نحو ذلك، فهذا السن سن خطير النفسية، فربما كان يطوي بين جنحيه مشكلة لم يكشف عنها، وخاصة إذا كان الأب بعيداً عنه بأعماله، والأم شديدة التصرفات إزاء أولادها، وهنا يهرب الولد إلى مسربين، الأول الأحلام في المنام واليقظة، والثاني الأصدقاء، وهنا تباح الأسرار لعامة الناس وربما كان هناك مكمن الخطورة، فلابد إذن من التقرب إلى الولد، ومعاملته معاملة حسنة رقيقة، والخروج معه بمفرده، وفتح الحديث معه بكل هدوء وطمأنينية؛ حتى يتحدث بأريحية، هذا التنفيس هو الدواء. أما الأوسط فكل الصفات التي ذكرتها فيه تعني أنه (مبدع) ، وعليك ألا تكبت إبداعه، بل وفر له من الأدوات ما يتيح له مجال تنمية إبداعه، وإذا لم تفعل فسوف يصرف طاقته هذه في الشجار، والسخرية من الآخرين؛ إذ يرى أنها فرصة إبراز تفوقه على الآخرين، على أنه لا بد من علاج التعالي على الآخرين بقصص المتواضعين وأحاديث الرسول الأمين -صلى الله عليه وسلم-. وأما الصغير فربما كان مثل أخيه الأوسط، ولذلك يحب أن يدركه ويتشبه به وإن آذاه. وأما المشكلة فواضح منها أنكم لا تزالون تعاملون الكبير بما يرسخ عنده عاداته السيئة، فأنت لم تذكر علاجاً وسطياً رغم أن المشكلة التي ذكرت هي ذات طرفين، بل جعلت العلاج كله موجها للأوسط، ولذلك هو يحس بالظلم، أرجوك اتركهما يحلان المشكلات بينهما إلا إذا خشيت من أن يؤذي أحدهما الآخر إيذاء شديداً. إنَّ تدخلنا في شجار أولادنا هو الذي ينزع من الشجار خصائصه التربوية العالية، ويوجهه إلى مساوئه. إن الأسرة التي يتشاجر أولادها في حدود معقولة هي أسرة ممتازة، والتفصيل في هذا الأمر في دورات أقدمها، من بينها دورة الذكاء العاطفي، وأفكار طريفة في تربية الأولاد، ولا أستطيع هنا أن أزيد. ولكني أوصيك أن تتفق مع زوجتك على أساليب التربية، ولا تختلفا أو تتلاوما أمام الأولاد، ولا تكثرا من اللوم أو مدة الحديث عن الأخطاء، وفقكم الله وسدد خطاكم.

كيف نتعامل مع هذا المراهق؟

كيف نتعامل مع هذا المراهق؟ المجيب د. صالح بن علي الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 19/3/1425هـ السؤال لدي أخ يبلغ من العمر 16 سنة، وهو طيب الخلق، ومحافظ على الصلاة، وكل شيء فيه جيد؛ إلا أنه في الفترة الأخيرة أصبح يجلب أفلام أجنبية ويخفيها عنا، وبحكم مراقبتي له طبعا من غير أن يشعر رأيت أحد الأشرطة، وكان عبارة عن مطاردات فقط، لكن لم أستطع رؤية باقي الأشرطة بحكم أنني متزوجة ولا أعيش مع أهلي، كيف نتعامل معه؟ مع العلم أنه يعتقد أننا لا نعلم شيئاً عنها. كيف ننصحه؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت السائلة: أخوك يعيش مرحلة المراهقة، وفي هذه المرحلة يمر الفرد بتغيرات مختلفة، تغيرات جسمية، ونفسية، وعقلية، هذا التحول في جسد المراهق، وفكره، وعواطفه، وانفعالاته، يصحبه حاجات ملحة ينبغي أن تستثمر وتوجه بالأسلوب المفيد؛ لأنه من الصعب تجاهلها أو الاصطدام بها، كما أنه قد يكون من غير المناسب ترك العنان لها وتلبيتها دون قيود أو شروط، ومن حاجات المراهق الحاجة إلى الاستطلاع والاستكشاف، وهي حاجة موجودة لدى كل فرد، ولكنها تكون ملحة في هذه المرحلة بالذات نتيجة التغيرات العقلية والعاطفية، وهذه الحاجة هي ما تدعو المراهق إلى اقتناء بعض الكتب والمجلات، والقصص، والأفلام، وخصوصاً في ظل وجود وقت فراغ كبير، وعدم تكليفه بما يناسب من الأعمال والمسؤوليات، والمراهق مع هذه الحاجة الملحة ولقوة غرائزه وقلة خبرته قد يتعرض للاستهواء، وقد تؤدي به تلك المناشط إلى الانحراف الفكري والسلوكي، وللتعامل مع هذه الحاجة يمكن القيام بما يلي: فينبغي على الأسرة حماية المراهق من الأفكار المنحرفة والمواد الإعلامية المنحرفة التي تدعو إلى الرذيلة وسوء الخلق؛ وذلك بضبط كل الوسائل التي توفر ذلك، وعلى وجه الخصوص القنوات الفضائية، فالتلفزيون، والفيديو، والكمبيوتر ينبغي أن تكون في مكان يشترك فيه كل أفراد الأسرة، ولا تكون خاصة بالمراهق في غرفته. - توفير القدوة الحسنة، والمراقبة غير المباشرة، والتوجيه، والنصح غير المباشر. - الحوار مع المراهق، ومناقشته، والاتصال المفتوح معه، واستثارة تفكيره، واستطلاعه بقضايا جذّابة ومفيدة له. - ربط المراهق بالرفقة الصالحة التي تدعوه إلى الخير، فالرفقة وخصوصاً في هذه المرحلة لها تأثير كبير على سلوك المراهق وتفكيره، فالمراهق يقضي كثير من الوقت مع رفاقه فهو يتأثر بهم ويؤثر فيهم، والرفقة السيئة قد تكون هي التي تعرض على المراهق هذه الأفلام والأشياء السيئة، وقد تدعوه إلى تجريب بعض الممارسات والسلوكيات المخلّة والضَّارة. - توجيهه إلى استشعار عظمة الله -سبحانه وتعالى- واطلاعه علينا ومراقبته لنا، واتباع ما أمر به من غض للبصر وحفظ للسمع، فالله - سبحانه وتعالى- وهبنا هذه الحواس لتعيينا على طاعته وليس لاستخدامها في معصيته. - تزويد البيت بكل ما هو مفيد من الكتب والآلات والأدوات، التي يمكن له أن يقضي وقته فيها، وتلبي حاجته، وتنمي قدراته ومواهبه، وتعود بالنفع والفائدة عليه. والله أعلم.

إخوتي والرفقة السيئة

إخوتي والرفقة السيئة المجيب د. عبد اللطيف الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 10/04/1425هـ السؤال السلام عليكم. عندي أخوة مراهقون ولهم أصحاب فاسدون، وقد بذلت ما أستطيع لإبعادهم عنهم ولكنهم ازدادوا تعلقاً بهم؛ فكيف يمكنني إبعادهم عنهم، وما هي الوسائل الجيدة لذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد. شكر الله للأخ السائل على جهوده الطيبة في مناصحة إخوته المراهقين، وأوصيه بعدم التضجر أو اليأس من دعوتهم، وأذكِّره بالتحلي بالصبر الجميل والمصابرة، وبكثرة الدعاء بصلاحهم، وأنوِّه على مراعاة الحكمة والموعظة الحسنة من أجل إقناع إخوانه المراهقين بمخاطر الأصحاب الفاسدين. وليعلم أن مرحلة (المراهقة) من أخطر المراحل التي يجب الانتباه لها، ذلك أن المراهقين لديهم قابلية خاصة (للاستهواء) بمعنى التقليد والمحاكاة، فربما أعجب بعض الشباب بأناس فاسدين ومغنين ماجنين أو ممثلين وغيرهم. وكما قال ابن شوذب:"إن الشاب لينشأ؛ فإن آثر أن يجالس أهل العلم كاد أن يسلم، وإن مال إلى غيرهم كاد أن يعطب". ومن هنا فإننا أمام نمط جديد من فترات العمر تحتاج إلى مداراة وترفق وتأليف القلوب، وإلى بذل جهود مضنية ووسائل جديدة وهادفة في احتواء المراهقين من خلال إيجاد الجو الملائم لأعمارهم، والملبي لإشباع هواياتهم واستنفاذ طاقتهم، فيما هو مباح ونافع، فهناك الرياضة والسباحة وبعض الهوايات كالصيد والرحلات والتعرف على المناطق والمدن والمعالم، وحبذا تقديم الهدايا لهم، من الأشرطة المفيدة والمجلات وغير ذلك. وأوصيه بالإكثار من الجلوس معهم، والنزول معهم في الحديث على قدر مستواهم، ومشاركتهم في اهتماماتهم من أجل إزالة الحواجز النفسية والاجتماعية فيما بينه وبينهم، فيعقد لهم المساجلات الشعرية، والمسابقات الخفيفة، ويذكر لهم القصص والطرائف ونحو ذلك. وجميل أن يقتني لهم قناة إعلامية هادفة؛ كقناة "المجد" الفضائية حتى يشغل وقت فراغهم فيما هو خير. كما لا ينسى الأخ السائل أن إيجاد الصحبة الطيبة أعظم سبب - بعد الله- في التأثير عليهم في سلوك الخير والهدى. وأخيرًا أقترح عليه التشاور مع بعض الأخيار من الأساتذة والمربين في علاج مشكلة إخوته المراهقين، فعن طريق الشورى والتعاون يتم التغلب على كثير من المشكلات لا سيما فيما يتعلق بالشباب. كما أُذكّر بأهمية الاتصال بأولئك الغافلين من أصحاب إخوته، ومناصحتهم، ودعوهتم إلى الخير. أسأل الله العلي القدير أن يهدي شباب الإسلام ويحفظهم من الفتن.

أعايش وضعا صعبا..

أعايش وضعاً صعباً.. المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 26/5/1422 السؤال أعايش وضعاً صعباً أحاول التعامل بحذر وحرص شديد مستعينا بالتضرع إلى الله بالدعاء ثم مشورة من أظن فيهم الخير والمعرفة أمثالكم - ولا نزكي على الله أحد - فلدي الولد الأكبر يدرس في المرحلة الأخيرة من المتوسطة وقد بدت عليه منذ فترة سلوكيات أقلقتني مثل سوء الخلق وشدة في التعامل معي ومع والدته وانفعال سريع وعدوانية مع إخوانه وأصبح لا يرتاح لمجالسنا ويرفض مشاركتنا في نزهاتنا وأسفارنا، وأضحى التفاهم معه صعبا للغاية، وتدني مستواه العلمي بعد أن كان من المتفوقين خلال سني دراسته السابقة والأعظم أنه بدأ لا يحرص على أداء الصلاة خاصة صلاتي الفجر والعصر وبمشقة وجهد كبيرين ابذلهما معه يؤديهما، وأخذ يعلن بصراحة معارضته الانضمام لمجالس الذكر وحلق تحفيظ القرآن بعد أن كان في العام الماضي أحد طلبتها ولكنه انقطع لسفرنا للخارج للدراسة , ويرفض طلبي له برفقتي لحضور المحاضرات والدروس العلمية أو المشاركة في إحدى المراكز الصيفية، وبعد أن أنهى امتحاناته الآن يقول إن من حقه أن يستمتع بإجازته بالسهر حتى صلاة الفجر مع أبناء خالاته وعماته علما أن مجالسهم داخل البيوت ولا يخالطهم غيرهم، وبصعوبة بالغة وتحت ضغط شديد اقتنع 00 بالعموم هذه مشكلتي أضعها بين يديكم مؤملا مساعدتكم شاكرا ومقدرا سلفا حسن الاستجابة وجميل التعامل والتعاون للمصلحة العامة فابني جزء ولبنة في هذا المجتمع نسعى جميعا لتأهيلهم لتحمل المسؤولية العظيمة المنتظر أداؤها منهم. الجواب الأخ الكريم صاحب السؤال: يبدو أنك دللت الولد في تنشئته الاجتماعية الأولى (في مراحل النمو السابقة على المراهقة) ونتيجة طبيعية أن تتغير سلوكياته والتي منها ما ذكر (سوء الخلق.. الانفعال السريع.. العدوانية وشدة في التعامل معك ومع أمه) وبحكم طبيعة المراهقة والتي منها الاستقلالية والتأثر بالأقران فكان لازما عليكم أن تعرفون من هم أصدقاء الدراسة وكذلك مستوياتهم العلمية) وكان لازما عليكم متابعة مستواه العلمي بالذهاب للمدرسة والسؤال عليه والاطمئنان عليه.. لكن يبدو أن هناك ما يشغلكم عن الأبناء في مثل هذه المرحلة العلمية.. أما معارضته للانضمام لمجالس الذكر فلا بد أنه قد تأثر بأفكار أقرانه ممن يتصفون بنفس هذه الصفة.. فعليكم أيها الأب الكريم من تصحيح الوضع مع الابن في الأسرة بالأتي: (1) - كن محددا وواضحا في قضية الأمر بالصلاة والالتزام الأخلاقي في مبادئ الدين والانتظام في هذه القواعد. (2) - يجب أن تعطيه من الوقت وأن تستمع إليه وتتحدث معه فهذا بداية تعلم الاحترام المتبادل وهو عنصر هام في بناء الثقة بالنفس. (3) - يجب أن يعلم الابن أن هناك حدود للسلوك يجب عدم السماح بتخطي هذه الحدود. (4) - يجب أن تعلم كل شيء يثير الضيق في نفس ابنك وهنا يجب أن تكون العلاقة طيبة وذلك بعدم إهانته إذا كان مرتكبا لذنب والتقليل من شأنه بل يجب أن توضح له أنك لم ولن تقبل هذا السلوك.

(5) - عزيزي الأب حاول تستقطب الابن في هذه المرحلة حتى يكون صريحا معك حتى لا يتحول إلى الإنكار والدفاع عن نفسه ويرفض المساعدة، حيث إن غضبك سوف يشغلك عن عزمك واهتمامك بصلاحه. وحاول أن تبتعد أثناء حديثك معه عن الآتي: (أ) - الأحاديث الساخرة التي تلحق به العار. (ب) - أحاديث لوم النفس (هذه غلطتي عندما لم احسن تربيتك) وبالنسبة لقضاء الابن وقت مع أبناء خالته وابناء عمته فإن ذلك شيء طيب طالما أنك تجد أنهم أناس مناسبين ولكن يجب أن يعرف أنه له حدود من الوقت يجب ألا يتجاوزها معهم ولا بد أن يعلم أن عليه واجبات وله حقوق وأن السهر إلى وقت متأخر من الليل شيء غير طيب مهما كان أنه في إجازة صيفية لأن السهر لوقت متأخر يحول بينه وأداء صلاة الفجر. وأخيراً أقول لك أيها الأب وكل الآباء أنه يجب أن نراعي أبنائنا ونشرف على تنشئتهم اجتماعيا منذ اللحظة الأولى.. ولا نترك لهم الحبل على الغارب بتلبية كل متطلباتهم في الصغر حتى لا يصبحون اعتما ديون ويتحولون لعدوا نيون في مراحل مثل المراهقة.. نتيجة عدم تحقيق كل الرغبات كما علمناهم من قبل بتحقيق كل رغباتهم.

كيف أربي أخوتي!!!

كيف أربي أخوتي!!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 23/9/1422 السؤال ما أود السؤال عنه هو أني أنا الأخ الأكبر لإخواني ووالدتي توفيت عليها رحمة الله قبل عام وإخوتي فيهم الأولاد والبنات والأطفال والمراهقون، تزوج والدي من خالتي التي تسعى جاهدة في العناية بأمورنا لكنها كثيرا ما تخطئ في كيفية التعامل مع الأولاد الصغار خصوصة مع العلم أن أحدهم يميل إلى الإنطوائية والسكوت المحزن. سؤالي يا شيخنا كيف لي كشاب عليه التزامات دراسية أن يصنع من هؤلاء الأطفال رجالا يخدمون الدين، ويربيهم على الالتزام بالشرع مع وجود عقبات منها تعامل الخالة الخاطئ وفقدان الوالدة؟ وما السبيل الصحيح إلى التعامل مع الأطفال الذين وصفت لك حالتهم يا شيخ؟ والله يحفظك ويرعاك؟ الجواب أيها الأخ الكريم. أوافقك الرأي وبكل تأكيد أن غياب الأم عن المنزل يترك فراغا كبيرا يصعب ملئه بأي شخص كان مهما كان ذلك الشخص متفانيا ومخلصا في محاولة سد ذلك الفراغ الذي نشأ بوفاة الأم. إذ هي تاج البيت الذي يزينه ونوره الساطع الذي يملؤه بأشعة الحب والحنان والتربية الدافئة. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإني أحيي فيك هذا الشعور المملوء بالعطف على إخوانك وأخواتك الذين فقدوا حنان أمهم، كما أحيي فيك هذا الحرص عليهم كي يكونوا صالحين يتربون على المعاني والآداب الشرعية الصالحة وحتى يترعرعوا متمسكين بدينهم حريصين على أخلاقهم وسلوكياتهم. هذا الشعور منك بهذا الواجب الملقى على عاتقك هو في الحقيقة إشارة وبداية النجاح في تعاملك مع هذه القضية. وإن كان لي من مجال للنصح فإنني أذكرك بما يلي: أولا: عليك الاقتراب قدر الإمكان من والدك، حدثه بهمومك، اجعله في الصورة دائما، استشره فيما يشكل عليك، أشعره أنك قادر على القيام بالمسئولية تجاه نفسك ودراستك واخوتك وذلك في محاولة لبناء جسر ثقة كبير بينكما إذ بذلك سيخف العبء عليك بل وسوف تتشاركان معا في مواجهة كل ما يمكن أن يعصف ببيتكم من مشاكل تحيط بكما أو بأخوتك. ثانيا: جميل منك لطفك ومراعاتك لخالتك ((زوج أبيك)) ، واستمر معها بهذا اللطف واللين فبها ستصلح كثيرا من الأخطاء بل هي سوف تتقبل منك نقدك وما تراه أنت مناسبا في كيفية التعامل مع إخوتك الصغار والمراهقين. نعم هي يمكن أن تخطئ وهذا ليس عيبا ولكنك بلطفك معها وتأدبك واحترامك لها ستجد أنها ستكون أذنا صاغية لكل آرائك ومناقشاتك معها. وكما تفعل مع والدك، افعل معها من بناء جسور الثقة بينكما لتشعرها أنك قادر على حمل المسئولية تجاه إخوانك، وأنك سند لها معين لها على تحمل هذا العبء. ثالثا: أما عملك تجاه إخوتك المراهقين والصغار فلا أرى أفضل لك من الاقتراب الشديد منهم نفسيا ووجدانيا وروحيا وجسديا. كن معهم ولاطفهم ولا عب صغيرهم وأصغ إلى الكبير منهم واستمع لشكواهم وبادلهم الهموم والأفراح. لا تلهك أمورك الشخصية عنهم أو الابتعاد عن أنظارهم فلا يرونك إلا قليلا. أعطهم شيئا وفسحة من وقتك ووقت خروجك وتحمل منهم أخطاءهم تجاهك ففي النهاية وعند كبرهم سيثمنون لك وقفتك معهم وتعليمك إياهم السلوك المتزن والالتزام بالدين والقيام بالواجبات والتي لن تتأنى لهم إلا بصبرك معهم وإرشادك لهم ومسك ذلك كله هو كونك قدوة صالحة لهم. إذ ستكون أنت المرآة التي سوف يرون أنفسهم من خلالها. وأخيرا تذكر وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم ((احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك)) إذ بحفظك لنفسك سيحفظك الله ويحفظ اخوتك وبيتك وسائر أسرتك. أعانك المولى ورفع من قدرك. والسلام.

هذا ما يفعله ابني.. فماذا اصنع؟!!

هذا ما يفعله ابني.. فماذا اصنع؟!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 28-12-1422 السؤال أعاني من حركات ابني المحافظ على الصلاة وعمره 19 سنة حيث أنه يستمع إلى الغناء ويحمل أشرطتها في سيارته وإذا أردت الذهاب بسيارته ذهب إليها قبلي ونظفها من تلك الأشرطة أو أخفاها، وأنا ألاحظ عليه تلك الحركات ولكني لا أريد أن استخدم معه العنف والقوة (وباستطاعتي فعل ذلك لو أردت) كيف أتعامل معه حيث أنه لا يمكن أن يكذب علي في أي موضوع أرجو إفادتي؟ الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنضل..أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولا: أعتقد -أخي الكريم - أن ابنك يتصرف معك كرجل يحفظ لك قدرك ويبحث عن رضاك ولا يريد إغضابك بأي حال بدليل أنه يحاول أن يسبقك إلى السيارة لإزالة ما بها من أشرطة حتى لا تراها فتغضب..! وهذا تصرف ناضج من شاب في هذا العمر وفي هذا الزمن!!! ثانيا: مادام يحاول مداراتك فاحفظ له ذلك واسأل الله له الهداية.. وألح على الله بالدعاء بأن يصلحه ويحفظه من كل سوء.. وأن يقر عينك بصلاحه وتوفيقه.. وضع له مساحة يتحرك من خلالها..فهو شاب ويرى أقرانه.. وأخشى أن يصل إلى مرحلة يعلن فيها تمرده ومجاهرته أمامك بما يداريك به احتراما لك.. ولو أراد إعلانه فإنه لن يعدم الوسيلة التي يجده فيها مهما حاولت منعه..!! وتذكر قول الشاعر:- ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومهالمتغابي ثالثا: هب أنك أعلنت له أنك تعرف حركاته.. وأنك اكتشفتها..!! ثم ماذا..؟! هل تضمن امتناعه..؟ وهل تضمن عدم تهوره وتحدي قرارك؟! وهل..؟ وهل..؟ رابعا: مادام محافظا على الصلاة.. ولا يكذب عليك.. فإنها بإذن الله علامة خير ودليل حسن تربية.. ومرجعه إلى الطيب كما يقال..فاقترب منه.. وصادقه وامنحه الثقة وكن موضوعيا وواقعيا في تعاملك مع شاب في مثل هذا العمر..وتعامل معه كصديق..وشاركه في همومه.. وأحلامه..! خامسا: مرة أخرى..الله الله بصدق الالتجاء إلى الله بأن يهديه ويوفقه ويصلح شأنه كله..ولا بأس من إحضار بعض المطويات والكتيبات التي تدور حول حرمة الغناء وحكمه الشرعي.. وجعلها متوفرة في المنزل ليستفيد منها الجميع بمن فيهم هذا الابن.. وقد ينفتح بسببها بعض المواضيع فتدلي برأيك بشكل غير مباشر.. وتوصل من خلالها بعض الرسائل..وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير خطاك.

تربية الفتيات.. فن له أصوله

تربية الفتيات.. فن له أصوله المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 16/11/1422 السؤال أريد منهجًا تربويًا علميًا لتعليم الفتيات في سن الثالثة عشرة فأكثر. الجواب أيها الأخ المبارك، هل لديك ُبَنيّات؟ أم أنك معلم؟ ما أجمل التنظير في أمور التربية ولكن ما أصعب التطبيق. والفتاة التي تصل إلى سن الثالثة عشرة تكون قد انغرس في ذهنها أشياء يصعب اقتلاعها منها. خاصة في بعض المجتمعات المنفتحة!! فالأولى أن تكون التربية قبل ذلك وهي في سن التلقي والبحث عن المجهول والتقليد.. فأول مقومات التربية هي: 1- القدوة الحسنة المحبوبة؛ فالبنت أو الولد يقلد من يحب فانظر أنت ماذا تصنع فستجد أبناءك يقلدونك في كل أمورك الإيجابية منها والسلبية..!! 2- التطبيق لما تأمرهم به، فلا تأمرهم بالصدق وهم يرون فيك غير ذلك، ولا تحدثهم بفضل الصدقة وهم يرون أنك تعرض إذا رأيت سائلا محتاجا. 3-الحوار الهادئ معهم، ومحاولة الإقناع إذا ارتكبوا الخطأ، وإذا أردت أن تأمرهم بأمر نافع فإن الصغار عادة ما يجادلون ويكثرون الأسئلة. 4-محاولة فهم نفسيّاتهم وميولهم. 5- لا تلق بسلاحك دفعة واحدة إذا أردت أن تعاقبهم، اجعل لك خط رجعة. 6- إذا وعدت فأنجز وعدك، وإلا فقدوا الثقة بك خاصة فيما يتعلق بالعقاب، فإذا قلت: إن حصل منك كذا فسأفعل كذا، فإن فعلت فعاقبها بما قلت وإلا فستكون تهديداتك مثل الرياح. 7- إثراء خيالهم بقصص ذات مدلول إسلامي تربوي وخاصة قصص شباب الصحابة والسلف؛ فأنت تستفيد مرتين: تثري عقلياتهم بقصص رائعة وتنمي فيهم سلوكيات مأمونة. 8- الثناء على ما يقومون به من أعمال حسنة وتشجيعها مثل: تأدية الفرائض. 9- زرع حب القراءة المفيدة فيهم بجلب الكتب النافعة المبسطة وإعطائهم فرصة لاستخراج الفوائد أو استكشاف الأخطاء خاصة فيما يتعلق بالدين والسلوك والآداب. 10- غرس روح الإعتزاز بالإسلام من خلال التمسك بتعاليمه الظاهرة مثل: التستر عن الرجال الأجانب وصيانة النفس، والحياء مما يستحيا منه، مع الإقناع: لماذا يكون التحجب بالنسبة للمرأة والفتاة؟ فإذا فهمت الحكمة سهل التطبيق. 11- حث الأبناء ـ على قدر الاستطاعة ـ على التزود من النوافل مع تحفيظهم الأوراد اليومية وتنظيم مسابقة في ذلك. 12- إعطاؤهم مساحة مناسبة من اللعب والترفيه المباح. 13- وضع مسابقة لحفظ القرآن وتلاوته ووضع حوافز تشجيعية. 14- زرع الثقة في نفوسهم بإعطائهم مبالغ من المال لشراء احتياجات خاصة بالمنزل أو تكون أمانة عنده أو إعطائه نصيبه من المصروف لمدة أسبوع دفعة واحدة لتعويده على ضبط الإنفاق والأمانة. 15- لا تصرخ.. لا تصرخ؛ فكثرة الصراخ أو الزجر تفقد الهيبة. هذه هي بعض النقاط لعلها تفيدك وهي اجتهادية. أعانك الله

ابني سيئ الخلق

ابني سيئ الخلق المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 28-7-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ لدي ابن في السابعة عشر من عمره يتصرف بوقاحة وحماقة وقلة أدب مع والدته وأخواته. في كثير من الأحيان عندما لا أكون موجوداً في البيت، يضرب أخواته بشكل جنوني ويكسر بعض الأغراض , ويتطاول في كلامه وفي رده على والدته وعلى أخواله وفي بعض الأحيان علي أنا ويعاندنا بشكل وقح وبالمقابل يتعامل مع أقرانه بأدب جم ورفقته رفقة جيدة. ولدي هذا أصبح كالكابوس لنا وتأتيني أفكار في بعض الأحيان لطرده ولكني أخاف أن أفقده وأكون سبباً في ضياعه في الدنيا والآخرة، شددت العزم وبشكل يومي تقريباً أن أدعو له ولله الحمد أصبح هادئاً بعض الشيء مع أنه يحاول التمرد والتطاول ولكني أحاول تهدئته أرجو من الله أن تبعثوا لي بنصائح في التعامل مع هذا الابن. آملاً من الله أن ينفعنا وينفع جميع المسلمين بنصائحكم، أدعو الله أن يتقبل جميع أعمالكم الحسنة وأن يجمعنا وإياكم في الفردوس الأعلى وجزاكم الله عنا كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الجواب الأخ الكريم.... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" أحسن ما أعجبني في سؤالك أيها الأخ العزيز هو ذكرك بأنك التجأت إلى الله بالدعاء والإلحاح عليه بطلب الصلاح لأبنائك ومن هم تحت يدك، فهي بحق خطوة جيدة بل هي أولى الخطوات التي يحتاج الإنسان إليها عند طلب العلاج. إن ما يمر به ابنك ذو السبعة عشر ربيعاً هي فترة شبه طبيعية عند الكثير ممن هم في مثل سنه، إنها فترة المراهقة، فترة التخلص من القيود والانعتاق منها، فترة إثبات الذات وإثبات الرجولة ولو كان هذا بالطريقة الخاطئة كالضرب للإخوة والأخوات أو الأفراد الآخرين خارج البيت، فترة التجربة لأمور طالما نهي عنها، فترة المغامرة في الولوج إلى أمور طالما سمع القصص عنها كالسرقة والاجتماع مع الأصحاب على أمور سيئة مثل شرب الدخان وربما الحشيش والمخدرات أو غير ذلك من الأمور. ولو دققت النظر أيها الأخ الكريم في الذين مالوا عن الطريق الصحيح وابتعدوا عن الهداية بل هم أقرب إلى الغواية بارتكاب أنواع الجرائم والآثام لوجدت أن بداية الشرارة التي انطلق منها هذا التوجه إنما كان في الغالب عند سن المراهقة والإحساس بوجوب إثبات الذات خاصة إذا صاحب ذلك قلة الرقيب من الأهل والعنف السلطوي من قبل الولدين وانعدام روح التفاهم المفترض أن يسود داخل أسوار البيت وزيادة الثقة بالنفس ووجود صحبة نائهة وسيئة تزين له الوقوع في شرك هذه الأوحال وتبسطها وتسهلها في عينيه.

إذا علمت ذلك فالدور الكبير سوف يبقى مربوطاً في عنقك وقد تسألني عن كيفية الخلاص فأقول إن أحسن جرعة دوائية سوف تجني ثمارها بإذن الله هو البعد كل البعد عن العنف مع هذا الابن بل على العكس يجب أن يقوم التعامل بينك وبينه ليس على أساس أنك أب وهو ابن، تأمر ويطيع، تتكلم ويصمت كلا بل علاقة ودية جداً وعلاقة صداقة وزمالة وأحذرك كل الحذر من عملية العنف والضرب أو الطرد فهذه لم تكن أبداً علاجاً وكل الذين عمدوا إلى فعلها ندموا أشد الندم فيما بعد لأنهم باختصار اختزلوا المراحل العلاجية وأتوها من النهاية بأن ابتدأوا بالضرب وتركوا الوسائل السابقة فما كانت النتيجة إلا خسارة الابن والعلاقات الطيبة معه وفي نفس الوقت لم يجن هؤلاء الآباء الأمنيات التي ظنوا أنهم سيحصلون عليها باتباعهم ذلك الأسلوب القاسي. والذي يظهر لي أن عملية العقاب والضرب أو الطرد حينما يلجأ الأب إليه ما هي إلا عملية تنفيس وعملية بث للغيظ والحنق الذي أدركه وأتت على كامل جوارحه جراء عصيان ذلك الابن له وعدم امتثاله لأوامره ولم يدرك ذلك الأب المسكين أنه بهذا التصرف وإن انتصر لنفسه على ذلك الابن بهذا الضرب أو الطرد أنه إنما سكب الوقود على النار فلم يزدها إلى اشتعالاً وإلا فإن الحكمة لو كانت حاضرة لديه والتعقل والصبر كانا موجودين معه في سلوكياته لأدرك أن الحكمة لا تقتضي أبداً الضرب لإنسان قد بلغ من السن هذا المبلغ حتى ولو كان هذا الإنسان هو ابناً شخصياً. نعم نحن ندرك أن بعض الأبناء أو الكثير منهم ممن هم في مثل هذا السن يجلبون فعلاً الهم والنكد بتصرفاتهم الحمقاء وسلوكياتهم الرعناء وأخلاقياتهم الهوجاء ولكن هذا لا يعني مطلقاً أن تقابل مثل هذه السلوكيات السيئة بسلوكيات مماثلة لها في الحماقة أو السوء فالابن قد يلتمس له العذر بحكم الصبابة والمراهقة ولكن المشكلة حينما تأتي من الأب نفسه والذي يفترض فيه وصوله إلى سن الرشد والحكمة ويبتعد كل البعد عن التصرفات الناتجة من لا شيء سوى الغضب والانتصار للنفس من الابن والبعد عن الحكمة والأناة. وعلى هذا فالواجب الذي أوصيك به هو اتباع ثلاث خطوات هي في نظري من أهم الأمور التي تحتاج إليها في الوقت الحاضر: أولاً: الابتعاد كلياً عن العنف مع هذا الولد وابحث عن وسيلة أخرى تعبر فيها عن غضبك عليه كالمصارحة مثلاً بأن مثل هذا الأمر يغيظك ولا يعجبك وأنك مستاء جداً من هذا الفعل. ثانياً: وهي خطوة مقابلة تماماً للنقطة السابقة ومتممة لها في نفس الوقت وهي أن تبني علاقة صداقة وزمالة مع ابنك.. كن صريحاً معه استمع إليه واجلس كثيراً معه وبث إليه مشاكلك وهمومك واجعله في كامل الصورة في ما يتعلق بأمور دنياك وحتى أعمالك ونشاطاتك. واستمع إلى رأيه فيما يعرض عليك من أمور مختلفة. ثالثاً: الشاب في مثل هذا السن يحب أن تناط به المسؤوليات ليثبت لنفسه أولاً ولمن حوله ثانياً بأنه قادر على حمل المسؤولية فلماذا لا تشركه في حمل عناء الاهتمام بالأسرة، ادفع إليه مسؤولية بعض الأمور التي تحتاج إليها الأسرة وثق به ولا تقلل من شأنه فيها خاصة في الأمور التي لا يحصل من جراء الفشل من القيام بها أي ضرر. أعانك الله وأصلح ولدك وأولاد المسلمين.

ابن أختي مراهق..

ابن أختي مراهق.. المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 22-11-1423 السؤال لدي ابن أخت عمره 16 سنة المشكلة لديه أنه كثير الكذب ويصاحب شباباً ليسوا على خلق حسن ولا يمكن تغييرهم لأنهم الوحيدون الموجودون بجوار منزلنا، والمشكلة الأعظم أنه يسرق المال من أقاربه الموجودين في نفس البيت ليصرفه على ملابسه وسيارته بالرغم من أن أمه تعطيه مصروفاً شهرياً. كيف نتعامل مع مثل هذا الإبن؟ أفيدوني حفظكم الله. الجواب الأخت الفاضلة ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أشكر لك تواصلك عبر البريد الإلكتروني لموقع" الإسلام اليوم" سائلاً الله أن يعيننا في اتباع الحق واجتناب الباطل. أختي الفاضلة إن المعلومات التي أوردتيها عن ابن أختك تعتبر ناقصة لكي يكون التشخيص والعلاج مناسباً للحالة!! حيث أن المعلومات الأسرية ناقصة " أين والده - هل والدته مطلقة؟ هل له أخوة أو أخوات؟ " وكذلك المعلومات الدِّراسية " مستواه الدراسي والصف الذي يدرس فيه وعلاقته بالمدرسة ... " مع أني أستغرب أن يكون بهذا العمر ويملك سيارة مع كثرة المحاذير في هذا الأمر!!! لذا ستكون إجابتي عامة نوعاً ما لعلها تجدين فيها ما يعينكم على مواجهة تلك المشكلة بعون الله تعالى: أولاً: إن ابن أختك يعيش مرحلة حرجة في حياة كل إنسان إنها " مرحلة المراهقة " هي تمتد من عمر 11 سنة حتى 18 سنة تقريباً ويختلف المراهقون عن بعضهم في اجتياز تلك المرحلة فمنهم من تمر عليه دون أن يحدث ما يكدر حياة الأسرة وتسير حياتهم بشكل هادئ ومريح. وبعضهم يشعر أهله كأنهم أمام إنسان غريب لم يعرفوه من قبل بطباعه وانفعالاته ورغباته، ويجعل بيتهم كأنه محطة ومعبر لحياته الخاصة بما فيها من ضوضاء وإزعاج للأهل والآخرين من خلال تصرفاته السيئة!!! والاختلاف الذي حدث للمراهق ما بين متزن وغير متزن إنما يعود إلى الحياة التي عاشها في الطفولة فإن كانت حياة الطفولة قد وجدت علاقة طيبة وتعامل مثالي مع الأهل فإن المرحلة تمر بشكل منسجم ومريح وطبيعي!! أما عكس ذلك فالمشاكل والسلوكيات الخاطئة ستتفجر وتزداد تعقيداً كلما وجدت تعاملاً خاطئاً. ثانياً: إن حرص ابن أختك على مظهره وعلى سيارته أمر طبيعي حدوثه في هذه المرحلة لأن الاعتناء بالملبس والشكل الخارجي وتزيين السيارة له أثركبير على الهوية الذاتية له، لذلك يجب أن نحذر من أن نوجه له كلمات تقلل من عمله لأن ذلك مدعاة لثوران غضبه وانفعاله وقد يؤدي إلى ضعف الثقة بنفسه!! وزيادة تمرده على الأوامر. ثالثاً: إن الظاهرة السيئة التي ظهرت على سلوكه وهي السرقة لا شك أنها سلوك غير سوي يحتاج إلى علاج وطرق العلاج تعتمد بشكل أساسي على معرفة الظروف الأسرية الغير واضحة في تلك المشكلة لذا أقترح ما يلي: 1-البحث عن أحد أفراد الأسرة الذين يتمتعون بتأثير قوي على الشاب للمساعدة في تغيير سلوكه الغير سوي إلى سلوك سوي، والتركيز على سلوكه الخاطئ " السرقة ".

2- إبعاد الشاب قدر الإمكان عن الرفقة الحالية بكافة السبل لان وجودها في حياته معناه صعوبة تقويمه!! 3- البحث عن رفقة صالحة وإلحاق الشاب معها وتكرار المحاولة بشكل غير مباشر والحرص على ذلك قدر الإمكان. 4-عرض المشكلة على المرشد الطلابي في المدرسة أو أحد المعلمين القادرين على التعامل مع المراهق والتأثير عليه. 5-البعد عن توبيخ الشاب وتوجيه التهم المدان بها أمام أفراد الأسرة لان ذلك يزيد من سلوكه السيئ وحدوث سلوكيات سيئة أخرى لذلك يجب الحرص على النقاش الهادئ المنفرد لبحث ما يريده في مقابل ما سيعمله تجاه نفسه وأسرته وهذا الدور لا بد من قيام كما أسلفت شخص ذو تأثير عليه في إقناع الشاب والتعرف على رغباته ومتطلباته، " العلاج العقلاني " 6-زرع الثقة في نفسه بإشعاره بأهمية وجوده في الأسرة وتكليفه بمسؤوليات تتطلب اختلاطه برجال أكبر منه سناً وأكثر اتزاناً لإكسابه تعاملات مثالية وهذا أسلوب " النمذجة" يستخدم لبناء سلوكيات مرغوبة جديدة وتعديل سلوكيات غير مرغوبة. 7-في حالة الوصول إلى طريق مسدود لعدم وجود أي تحسن في سلوكه بعد عدة محاولات، فيتم اللجوء على أسلوب العقاب السلبي كحرمانه من قيادة السيارة وقطع المصروف عنه!! ومن ثم تهديده بإلحاقه في دار التوجيه الاجتماعي لمحاولة تقويم سلوكه!! وليكن أخر العلاج بعد التحلي بالصبر وبذل الجهد من كافة الأقرباء!! 8- الالتجاء إلى الله الكريم من قبل والديه بالدعاء له بالهداية والصلاح والإلحاح في ذلك وخاصةً في الثلث الأخير من الليل لعل الله أن يصلحه ويهديه إلى الصواب ويجعله قرة عين لوالديه إنه القادر على ذلك! وبالله التوفيق.

والدي يحقرني ولا يرى في إلا العيوب

والدي يحقرني ولا يرى فيَّ إلا العيوب المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 13/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: لولا محبتكم لما راسلتكم، كان لي أخ يصغرني بسنة، وكان مضرب المثل في الخلق ومحبة الناس له والاحترام، وكنت من أقرب الناس له (أسراره - مساعدته -تفكيره-..الخ) والكل يقول أنتم مثل بعض، وكان أبي يرى فيه كل حسن، وكان لا يرى فيَّ غير العيوب، ويهملني ويعنفني أمام الناس ويظهرني بمظهر الغبي في كل تصرف، (أبي غير ملتزم وقالوا له: ولدك هذا يصلي الفجر وأخذ يستهزأ بي) ..قس على ذلك، أخي توفي قبل أربع سنوات، وحزن الجميع وعلى رأس القائمة أبي، أما أنا أكلتها (أقولها بحرقة) ! ولازلت أعاني من ذكريات أخي حتى الآن -رحمه الله-، المشكلة أن أبي يريدني (سوبر مان) . فهو دائم التركيز علي, في كلامي، في نظراتي, في مشيتي, دائم الملاحظة لي بشكل غير طبيعي، حتى في زرار رقبة ثوبي ويقول: (أنت هذا عمرك ما تعرف تزر أزرارك) إذا بداله أمر مهم فإنه لا يعتمد علي؛ لأنني غير جدير بالثقة حسب رأيه، ولا يعرف كيف يبدأ معي حوار بعكس إخوتي الصغار فالوضع عادي معهم، لا تقل لي ابدأ أنت؛ لأنني لا أتجرأ أصلاً، يستعمل قاعدة: (أنت مذنب حتى تثبت براءتك) لقد تعبت من هذه الأوضاع كلها، وفضلت عدم الاحتكاك مع أبي كثيراً (مع العلم أنني أدرس بالرياض وهو خارجها) . ماذا أفعل لكي أخفف من هذه الأوضاع الشائكة؟. الجواب كم أتمنى أن يردني هذا السؤال من الأب نفسه؛ لأن المشكلة منه هو، والمشكلة التي عرضتها يتعرَّض لها عدد من الشباب، ولا يوجد تبرير منطقي لكثير من الآباء لتصرفهم ذلك، وهم في واقع الأمر يمارسون ما يعرف بـ (الحب المشروط) ، أي عدم تقبل الأب لابنه كما هو، وقد يكون حدث موقف، قد لا يتذكره الابن أو لا يعرفه، تسبب في إيقاد شرارة هذه النظرة. أجد في عمرك ما يشجعني على تقديم بعض النصائح التي ستجد إن شاء الله أثرها في تقدير والدك لك: (1) ثمة أشياء تحظى بتقدير واهتمام بالِغَين، من لدن والدك، احرص على أن تتقنها. (2) اجعل من مشروعاتك القادمة أن تطور نفسك، ليس من أجل والدك، بل من أجلك أنت، وستجد والدك، فيما بعد، مشدوهاً من المستوى الذي وصلت إليه، ويأتي في مقدمة وسائل تطوير الذات التعرف على (أسس النجاح) و (الإلقاء الجيد) الذي يمنحك مهارات في التحدث قد لا تتوقع أثرها الآن. (3) ألمس في استشارتك نوعاً من (ضعف الثقة) في نفسك، وقد لا تلام على ذلك في ظل الظروف التي مرَّت بك، لكن هذا لا يعني الاستسلام، بل يستدعي تقوية الثقة والشجاعة، وأن تعرف أن لديك إمكانات وقدرات تؤهلك لفعل أشياء مذهلة، وتذكر أن الناس (ومنهم والدك) يثقون في الشخص بقدر ثقته في نفسه. (4) قد يسيطر على بعض الشباب نوع من الإحباط واليأس، فتذكر أن اليأس لا يصنع شيئاً، ومشكلة المحبط أنه يضخم المشكلة ولا يغتنم الفرصة، ولذلك أقترح أن تجعل من نفسك في حال تحد مع والدك، بأن تقنعه بأن تصوراته عنك غير دقيقة. (5) أرجو أن يكون في ابتعادك عن والدك سبب في وضوح نموك وتطورك، فإن بعض الناس يستمر في نظرته لابنه أنه ما يزال طفلاً، بحكم المعايشة وعدم ملاحظة فرق النمو، ولكن إذا وجدت فترة غياب فغالباً تكون لصالح وضوح النمو والتغير. (6) ومع ما تقدم هناك احتمال يغلب على من يشكو من ضعف الثقة، وهو زيادة الحساسية، وبالتالي فليس بالضرورة كل انتقاد أو توجيه هو لون من الازدراء والانتقاص، بل ربما كان في محله، أقول هذا مع قناعتي بصحة توصيفك لحالتك مع والدك على سبيل الاحتياط والاحتمال. وفقك الله لفعل الخير، ورزقك البر بوالديك، وجعلك قرة عين لهما.

كيف نتعامل مع هذا المراهق؟

كيف نتعامل مع هذا المراهق؟ المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 20/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فأنا عندي مشكلة أقلقتني وأقلقت أسرتي كلها هي: أننا في بيتنا منذ فترة بدأنا نفقد بعض النقود وبعض الجوالات وأشياء ثمينة، وبعدها شككنا في أحد إخواني (مع العلم لا يوجد لدينا خادمة) ، وأخذنا منه الأيمان بأنه لم يفعلها واستجاب لذلك، مع العلم أنه توأم مع أخيه الذي يدرس في المعهد ويستلم مكافآت، بينما هو فاشل في الدراسة، وتأخر كثيراً، وحاول أن يدخل المعهد ولم تسعفه معدلاته، وكلاهما في حلقة تحفيظ القرآن، وبعد فترة وجدنا عنده أكثر من مرة نقوداً في جيبه، وعندما نسأله عن مصدرها يقول إنها لصديقه أو من صديقه، مع أن الوالدة لم تقصر معه على حسب الموجود عندها، والوالد أكثر أوقاته مسافر، وأنا الكبير أدرس بعيداً عنهم، أرجو من الشيخ أن يدلنا عن كيفية التعامل مع أخي، وكيف نمنعه من السرقة (إن كان هو السارق؟) مع عدم فقد الثقة فيه وعن الروابط الأسرية، أرجو الرد سريعاً وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: أخي السائل الكريم: عليك أن تعلم أن أخاك يعيش في مرحلة حرجة من العمر، وهي كما يسميها التربويون (مرحلة المراهقة) ، ولذلك لا بد أن تتعامل مع هذه المرحلة بشيء من الحذر الشديد. إن إنكار أخيك للسرقة - مع عدم وجود دليل قاطع على سرقته - تجعل من الشك فيه أمراً غير مناسب، لأنكم بذلك تجعلونه يفقد الثقة بكم، وأنتم تفقدون الثقة به، وهذا أمر له من التبعات الشيء الكثير، والذي ليس هذا مقام بسطه، والذي أراه في هذا المقام أن تقوموا بأمور: (1) إخفاء المال والأشياء الثمينة فترة من الزمن، تكون كفيلة بإظهار السارق الحقيقي. (2) عدم تحسيسه أنه أقل من أخيه التوأم، الذي هو أفضل منه دراسياً. (3) إشعاره بأن ثقتكم به لم تهتز، حتى ولو ثبت أنه هو السارق. (4) إعطاؤه ما يحتاج من مصاريف - حسب قدرتكم - بحيث لا يضطر للسرقة. (5) توفير عمل أو تجارة له إن أمكن - تكون سبباً في بعده عن أكل الحرام، وهو أهم ما يذكر تأصيل وغرس الخوف من الله في نفسه، فهي رأس الخير. (6) التأكد من سلامة الرفقة التي يصاحبها، وأنهم على مستوى جيد من التدين. هذه بعض اللمحات الشرعية التي أرى - والعلم عند الله- أنها ضرورية للعمل بها في مثل هذه المواقف. أسأل الله أن يصلح لنا النية والذرية.

ابنتي لا تحترمني

ابنتي لا تحترمني المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 15/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي ابنة، تبلغ من العمر 15 عاماً، كثيرة المشاكل، وهي تسكن معي في منزل والدي، حيث إنني منفصلة عن والدها، وهو لا يسأل عنها إلا نادراً، وكلما أتناقش معها تبدأ برفع صوتها، وتثور، ثم أقول لها: والله سوف أرسلك إلى منزل والدك؛ كي تقيمي، معه وأنا كثيرة الحلف. فبماذا ترشدوني؟. الجواب الأخت الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن هناك عدداً من الاستفهامات التي تحتاج إلى إيضاحات حول هل تقصدين بيت والدك أم ولدك؟! ومدى الثقة المتبادلة بينك وبينها، ودرجة علاقتك وتعاملك في ظل ظروف المرحلة التي تعيشها؟ وكذلك ظروف انفصالك عن والدها، وعمرها حين الانفصال؟ ومن يعيش معكم في المنزل؟ لأن التعرف على تلك التساؤلات يساعد على وضع العلاج المناسب لمثل حالة ابنتك، وتعاملها السلبي تجاهك. أختي الفاضلة: إن علاقة الأم بابنتها تحتاج إلى تفهُّم من الأم لكل مرحلة عمرية تمر فيها الفتاة، وهي علاقة تراكمية يؤثر بعضها ببعض، فمتى ما كانت مرحلة الطفولة مرحلة مساعدة لبناء الشخصية من خلال زرع الثقة بالنفس، والمساعدة على الاعتماد الشخصي، ومواجهة المشكلات وطرق حلها، ويسودها احترام متبادل، وخاصة احترام وجهة نظر الفتاة، وتوجيهها الوجهة السليمة الخالية من التعنت والصراخ، فلا شك أن تلك السلوكيات ستنعكس بشكل إيجابي على سلوك الفتاة، وستخلو مرحلة المراهقة من أي منغصات تؤثر على العلاقة بين الأم والبنت، حينما تشعر البنت بأنها أصبحت في مرحلة تعتقد اعتقاداً جازماً بأنها مسؤولة مسؤولية كاملة عن تصرفاتها، لا ترغب بأي إملاءات، كما كانت تتقبلها في مرحلة طفولتها. لذلك - أختي الكريمة- إن المشكلة التي تعانين منها من خلال سلوكيات ابنتك هي تبعات لظروف حياتية عاشتها ابنتك في مرحلة طفولتها، وكانت فيها تستجيب للأوامر بالرغم من حالات الإحباط الداخلية من حرمان، وعدم الشعور بالمشاركة الوجدانية، والوحدة وانعدام الصديقات، وغيرها، أدت فجأة إلى الخروج على شكل تمرد وعصيان، والبحث عن إثارة المشاكل بأي وسيلة ترى أنها تسبب الإزعاج لك ولمن حولها!، وكذلك يجب - أختي الكريمة- أن تتفهمي أن التوتر والغضب من الفتاة قد يكون ناتجاً من تجاهلك التام للمتغيرات التي حدثت لها مع دخولها مرحلة مهمة في حياتها، وعدم إلمامك للحاجات الأساسية لمثل عمرها!.

هناك مشكلة تعانين منها، ويتطلب منك التخلص من تلك المشكلة، والتي يتضح لي أنك سريعة الغضب، وبالتالي يؤدي بك ذلك إلى كثرة الحلف، مما يساعد على إغلاق لغة الحوار الهادئة إلى لغة الصراخ، وبالتالي التلفظ بكلمات تتعدى لغة العقل، لذلك من المهم - أختي الفاضلة- تدريب نفسك على تمالك أعصابك، والابتعاد -فوراً- عن مكان المشكلة مع ابنتك أو غيرها؛ حتى تهدأ أعصابك، وبالتالي تتصرفين بحكمة مع المقابل مع أهمية السلوكيات التي حثنا عليها المصطفى - صلى الله عليه وسلم- من تغيير الهيئة، والوضوء، وتغيير المكان، وكذلك احرصي على تعويد نفسك على التأني في أمور حياتك الأخرى، كأداء الصلوات، وكذلك في الأكل والتعامل مع الآخرين في الحالات الطبيعية لك؛ لأن الاهتمام بتلك السلوكيات تساعد على تعويد النفس على الضبط في حالة الغضب، وبالنسبة للتعامل الأمثل مع ابنتك، فهناك عدد من الطرق التربوية المناسبة للتعامل مع ابنتك عليك تنفيذها؛ لعل الله أن يجعل فيها الخير لك، ولابنتك، ولأسرتك عموماً: 1- الدعاء لابنتك بالهداية والصلاح، والحرص على ذلك في أوقات الإجابة والإلحاح في ذلك. 2- البعد التام عن الصراخ والغضب لأي تصرف يحدث خطأ كبيراً، بل عليك بالحلم والأناة، والتعامل بحكمة تجاه الخطأ بعدة طرق منها: أ- تجاهل الخطأ تماماً، وأشعريها بأنك لم تري خطأها، خاصة الأخطاء الصغيرة. ب- عدم اللوم المباشر للخطأ إن كان كبيراً، وتحري أوقات مناسبة للنقاش حول خطئها بعد أن تشعري أنها في وضع نفسي جيد، كوقت قبل النوم، ويكون بجلسة انفرادية. ج- تجنب اللوم تجاه الخطأ أمام أحد أفراد الأسرة؛ لأن ذلك مدعاة لثوران البنت والدفاع بأي وسيلة كالصراخ وخلافه؛ تعبيراً عن رفض الأسلوب. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه" رواه مسلم (2594) من حديث عائشة-رضي الله عنها-. 3- المراهقة تحرص كثيراً على مظهرها الخارجي بشكل غير عادي، ولهذا المظهر والاهتمام أهمية كبيرة على شخصيتها، لذلك عليك عدم تأنيبها العلني لتصرفاتها، وهذا قد يكون من أسباب ثوران وغضب المراهقة. 4- أكثري من الجلوس مع ابنتك ومدح الإيجابيات التي تمتلكها، حتى ولو كانت صغيرة، والحرص على مدحها أمام الأسرة؛ فتلك من الطرق المناسبة للتقرب إليها أكثر، ولإشعارها بأهميتها عندك. 5- أشركيها في بعض الأمور الخاصة بك، وكذلك في أمور الأسرة، واطلبي رأيها حتى ولو لم تأخذي به، وتعاملي معها كصديقة، لا كبنت تمارسين معها دائماً دور الموجِّه والمصوب لأخطائها دائماً. 6- أهمية أن تشعري بحاجة ابنتك للقبول؛ لأنه مطلب نفسي واجتماعي، ولا يمكن أن يستغني عنه أي إنسان، فمن ذلك تأتي أهمية تقديرها واحترامها، ومساعدتها على فتح صفحة صداقة معها تنفذي فيها ما يحدث بين الصديقة وصديقتها. 7- تجنبي مقارنتها بقريباتها، وبأنها أقل منهن اهتماماً واحتراماً لوالدتها، أو في سائر الأمور الحياتية. 8- ابتعدي تماماً عن التهديد والوعيد، كإرسالها لمنزل والدها؛ لكي لا تغرسي داخلها كره والدها من خلال ربط العقوبة بذلك.

9- ساعديها في إشغال وقتها بما ينفعها في دنياها وآخرتها، من خلال تشجيعها على دراستها، وزيارتها في مدرستها، والالتقاء بمعلماتها ومدحها أمامهن، وبسلوكها في المنزل، وكذلك شاركيها بالالتحاق بأحد الدور النسائية المنتشرة ولله الحمد- في هذه البلاد الطاهرة، وكوِّني معها صداقة حميمة تزول فيها حواجز وهمية قد أوجدتيها من خلال تعاملك الجاف معها. 10- احرصي على أن تكون صديقاتها من النوعية الطيبة، واللائي يساعدنها على السمو بأخلاقها، واهتمي بدعوتهن لزيارتها في المنزل والتواصل معهن دائماً. 11- تعرفي على صديقاتها في الفترة الحالية من خلال مصادر، بحيث لا تشعر بذلك؛ فإن كن طيبات فعززي تلك الصداقة، وإن لم يكن فحاولي بطريقة غير مباشرة قطع علاقتها معهن بالتدرج عن طريق التقليل من الزيارة والالتقاء والتوجيه من قبلك، أو من قريبات لهن تأثير قوي عليها بطريقة تربوية مناسبة. 12- لا ترسمي داخلها صورة سيئة لوالدها وأخواتها من الأب إن وجد؛ فالخلاف بينك وبين والدها لا يجب أن ينتقل للأبناء؛ فهي في حاجة لوالدها، كما هي في حاجة ماسة إليك، لذلك نمي في داخلها الحب والتقدير لوالدها، ووجهيها للقيام بزيارته أسبوعياً، وأشعريها بأهمية صلة الرحم وعظمه في الإسلام. أسأل الله العظيم أن يحفظ لك النية والذرية، وأن يعينك على تربيتها، ويقر عينك بصلاحها، وأن يجعلنا وإياك هداة مهتدين صالحين مصلحين، إنه جواد كريم. والله أعلم.

حائرة مع بناتي..!!

حائرة مع بناتي..!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 25-4-1423 السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته: فضيلة الشيخ أنا أم أقوم بتربية بناتي وهن الآن في سن المراهقة لكني أواجه معهن صعوبات كبيره في التعامل حيث أن إحداهن ذات شخصيه جريئة جدا ولا اشعر أن لديها الحياء المطلوب وكثيرا ما ترد على باسلوب قوي واكتشفت أيضا أنها تتحدث مع بنات في مثل سنها تقريبا عن أمور لا يجب الخوض فيها مثل أمور الزواج وعن الشباب وهكذا 00 وأنا خائفة عليها جدا وقلقه كثيرا لاني لا ادري كيف أتعامل معها وماهو الأسلوب الصحيح لإيقافها عند حدها هل يكون بالمصارحة والشدة مثل الضرب أم بالتفاهم والحوار..؟! مع اني أخشى إن فاتحتها وتحاورت معها بهدوء أن توهمني بأنها مقتنعة وهي غير ذلك وان تأخذ الموضوع بعد ذلك بصورة عادية وتتمادى اكثر على اعتبار اني على علم بالموضوع فهي ذكيه جدا وتفكر بطريقه تجعلها تأخذ الأمور دائما في صالحها..!! واما أختها الأخرى فهي على العكس فلقد كانت خجولة ولا تتكلم باسلوب غير مهذب وكتومه أيضا ولاتعطي أسرارها الا لأخواتها لكنها بدأت تتشرب من أختها بعض الصفات فبدا حيائها يقل وخاصة في الملابس والخوض في الكلام في بعض المواضيع التي ذكرتها سابقا 0فارجو منكم مساعدتي بنصائح عاجله لأنني أخاف من تطور الأمر إلى ما لا تحمد عقباه. الجواب أختي الكريمة أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنضل..أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولا: لم تذكري لي شيئا عن والدهما..! وهل هو موجود في المنزل أم لا..فدور الوالد مهم جدا في مثل هذه الأمور. ثانيا: أما بالنسبة للتعامل مع ابنتك الأولى وتجاوزاتها التي ذكرت.. فلا شك أن التفاهم والحوار مطلب وضروري في البداية ويمكن أن يكون بشكل عام تعتمدين فيه على التلميح بدل التصريح..وتنتقدين بعض التصرفات والكلمات التي تمارسها دون أن تعرف بأنك قد اطلعت عليها..!! ويمكنك كذلك انتقاد بعض الفتيات ((التافهات)) ..!! وتذكري بعضا من سلوكياتها..مع إشعارها بنوع من الثقة واستشارتها ببعض الأمور لإشباع ذاتها فهي في سن تبحث فيه عن ذاتها وتحاول أن تلفت الانتباه إليها وتبني شخصيتها..ولذلك فمتى ما شعرت بذاتها فإن كثيرا من هذه التصرفات سيخف شيئا فشيئا. ثالثا: من المهم جدا عدم التساهل في بعض أنواع الملابس وبيان أنك لن تقبلي بها تحت أي مبرر لأن ذلك يعني إغلاق هذا الباب..! الذي لو تركتيه مفتوحا فسيدخل من خلاله الكثير..الكثير من الأمور المؤسفة!! والحزم هنا إذا لزم الأمر مطلب ضروري.. ويمكنك الاستعانة بوالدها مثلا أو بأحد أعمامها أو أخوالها.. لأن شعورها بأنها ((حرة)) تفعل ما يحلو لها.. سيجلب لها ولكم الكثير من المشكلات وربما الفضائح لا قدر الله!! ومن تساهل بالصغيرة جاءته الكبيرة..!! كما يقال.

رابعا: أقترح عليك توفير بعض المجلات الهادفة كمجلة (الأسرة) ومجلة (حياة) ومجلة (الشقائق) في المنزل لكي يطلعن عليها.. وعدم توفير بعض المجلات الساقطة التي تركز على الإثارة الرخيصة.. وتلمع أصحاب الفن الهابط..!! لآن المراهقين والمراهقات لن يفرقوا بين الغث والسمين.. وقد يتأثرون ببعض ما يطرح ويقلدون بعض هؤلاء ((المأزومين)) !!! وجميل لو ناقشتي وإياهن بعض ما تذكره تلك المجلات الهادفة وتبادلت معهن الرأي حوله..وشجعيها هي وأخواتها على القراءة الحرة.. والفتي انتباههن إلى الأهمية الكبيرة في اختيار الجليس. خامسا: هناك كتيبات وأشرطة تتحدث عن نعيم الجنة وعذاب النار..فتوفير مثل ذلك سيجعلها هي وأخواتها يستشعران هذه الحياة على حقيقتها وأهمية الاستعداد للآخرة وعدم الانخداع بالدنيا.. ولا يعني ذلك الزهد بكل ما في هذه الدنيا.. بل الاستمتاع بجميع المباحات من مأكولات ومشروبات وملابس وإكسسوارات..ولكن ((التحفظ الكبير)) هو عن الانسياق في الإثم. سادسا: لو جعلت لهن برنامجا يوميا أو أسبوعيا لدخول المطبخ والتدرب على بعض الأطباق وتجهيزها..وما إلى ذلك لزرعت لديهن الثقة في النفس..وتحمل المسؤولية..والجدية والبعد عن التفاهة!! سابعا: وقبل هذا وبعده.. عليك بصدق الالتجاء إلى الله بالدعاء بأن يصلحهن الله ويحفظهن من كل سوء.. وأن يقر عينك بصلاحهن وتوفيقهن. وفقك الله وحماك من كل سوء وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،،

ابني والإنترنت

ابني والإنترنت المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 16/3/1425هـ السؤال عندي ولدي الأكبر يبلغ من العمر سبعة عشر سنة، ويخرج من المنزل ليلا، ويرفض إخباري إلى أين يذهب، وبعد مدة اكتشفت أنه يذهب إلى مقهى الإنترنت, علماً أن البيت ولله الحمد لا يوجد فيه تلفزيون ولا غيره، فماذا أفعل له؟ (تعاملت معه بعدة طرق ولكن دون فائدة معه) ، هل أمكنه من التعامل مع الإنترنت، وهو يريد المواقع المحرمة (غير الإباحية طبعا) الله يهديه، أم يخرج إلى المقهى (غصباً عني؟) دلوني على الطرق في التعامل معه. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر لك ثقتك وتواصلك الإلكتروني مع موقع الإسلام اليوم، سائلاً الله -تعالى- أن يصلح لنا ولك النية والذرية، وأن يرينا وإياك الحق حقاً، ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً، ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه. أخي الكريم: من خلال قراءتي لاستشارتك وإشارتك أنك استخدمت عدة طرق، لا أدري ما هي تلك الطرق ولم توضحها، ولكن سأجيب عليك بقدر ما ورد في استشارتك، وسأبين لك بعض النقاط المهمة؛ لعل الله -تعالى- أن تجد فيها ما يعينك على فتح صفحات جديدة مع ابنك حفظه الله لك ورزقك برّه. أخي: إن المرحلة التي يعيشها ابنك هي مرحلة المراهقة، فهي مما لا شك فيه مرحلة تتميز بالقلق وعدم الاستقرار والمعاناة الذاتية، وتبرز خلالها محاولات من المراهق لإثبات الشخصية وقدراتها، وتأكيد الهوية الفردية، والصفات الخاصة التي يملكها المراهق أو يتمنى امتلاكها. وما تمرّد الأبناء المراهقين على من حولهم هو نتاج وانعكاس لنوع المعاملة تجاههم، فالتعامل المثالي معهم واحترام شخصياتهم واستشارتهم، وتحميلهم مسؤوليات تجعل العلاقة رائعة مع من حولهم خالية من الصراع المتبادل؛ بعكس التعامل بطريقة أفعل لا تفعل، فهي طريقة لا يحبذها المراهقون من الأقربين، فهي تجعل العلاقة يشوبها الشد والرفض والتمرد، وهو أمر طبيعي لا يلام فيه المراهق نتيجة قلة الخبرة والتجربة، وحاجتهم إلى فهم شخصياتهم واحترامها. ما سبق مقدمة مختصرة جداً لحال المراهقة، وسأورد لك بعض النقاط التي أتمنى أن تعينك، ولا أدعي فيها الكمال: أولاً: الدعاء الصادق دائماً وتحرّي ذلك في أوقات الإجابة بأن يهديه، ويصلحه، ويقيه الشر، وأهله، وهي لا شك أنها نقطة لم تغفل عنها، ولكن ذكرها من باب الذكرى. ثانياً: إن اهتمام ابنك بالإنترنت وهو اهتمام يحتاج إلى التوجيه والتشجيع، وأنت تريد حرمانه منها بقصد حفظ وقته وفكره من الانحراف، مما أوجد صراع بينكما مما تسبب بأن يخرج في أوقات غفلتك لإشباع رغباته، لذلك أسألك ما المانع من اقتناء جهاز حاسب آلي ووضعه في مكان عام داخل المنزل وتقديم اشتراك سواء بالساعة أو الشهر كهدية لابنك ليمارس هوايته أمام ناظريك ومع التشجيع له بتكوين مكتبة لعدد من العلوم والمعارف تكون مأخوذة من الإنترنت.

ثالثا: اطلب المساعدة من المدرسة من خلال المرشد الطلابي أو أحد المعلمين المحببين لابنك لكي يكون هناك متابعة لنوعية زملائه الطلاب وكذلك تكليفه ببحث الكثير من الموضوعات النافعة من الإنترنت وكذلك بتكليفه بأعمال خاصة يكتبها الابن في المنزل. رابعاً: تقرب أكثر لابنك من خلال المشورة في شؤون المنزل وتكليفه بترتيب زيارات ورحلات خاصة للعائلة. خامساً: ساعد ابنك على تكوين رفقة حسنة واطلب منه استقبالهم بالمنزل وابتعد عن الرقابة المركزة؛ لأن المراهق شخصية حساسة جداً لكل تصرف يحدث من الأقربين له. سادساً: تجنب تعنيفه أو الاستهزاء بأي تصرف قد يحدث منه، وتعامل مع ذلك التصرف بتجاهل تام في البداية على أن تقدم له النصح والتوجيه في وقت آخر، وقدم له رأيك حوله: لو كان تصرفك تجاه هذا الموقف هكذا أليس ذلك أفضل؟. سابعاً: يجب أن تدرك أن ابنك لا يعيش في عالم معزول عن الآخرين فهو يرى ويدرك ما يتمتع به أقرانه، فهو في حاجة ماسة لإشباع رغباته، تتنازل عن بعض قناعاتك بحيث لا تكون ذات تأثير كبير على سلوكه وعن طريقها تتقرب إليه أكثر لتكوِّن صداقة معه، يتحدث معك بكل أريحية لا خوف ولا رهبة!، وحتى لا يلجأ إلى غيرك قد يكون سيئاً فيسوء معه، لذلك ابتعد عن تأويل أخاف إن فعلت كذا حصل له من ذلك انحراف عقدي وفكري. ثامناً: تحدث معه بصدق عن مخاطر النظر إلى الصور المحرمة وسماع الأغاني وشرب الدخان وتناول المخدرات واللواط، واجعله في صورة واضحة، فتلك الطريقة من أفضل الطرق التربوية للتحاور مع الأبناء وتبصيرهم بالطرق السيئة لكي يرسم في داخله خطوطاً حمراء يجعلها نبراساً له في حياته. ووضح له سبب تقديمك جهاز الحاسب والاشتراك في الشبكة العنكبوتية وإنها بهدف تنمية ثقافته وإطلاعه على كل جديد ومفيد، وشاركه الإطلاع وشجّع قدراته، وتعاقد معه على وقت محدد للإنترنت ووقت للمذاكرة ووقت لقضاء حوائج المنزل، واحرص على تحديد وقت إغلاق الجهاز ليلاً بالاتفاق معه، وتدرج معه في ذلك. حفظ الله لك أبناءك وجعلهم قرة عين لك ولوالدتهم.

ابني انخفض مستواه

ابني انخفض مستواه المجيب جماز عبد الرحمن الجماز مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 19/04/1425هـ السؤال عندي ولد يبلغ من العمر 15 سنة، وكان متفوقاً دراسياً، ويحصل على المراكز الأولى، ولكن الآن انقلبت الموازين وبدأت درجاته تتدنى شيئاً فشيئاً، ولا أدري لماذا؟! مع العلم كان ينافس المتفوقين سابقاً على المراكز الأولى، وأيضاً أن أمه مدرسة، وتطبق عليه اختبارات ذكاء، وكانت تهتم به لدرجة كبيرة، وتتابعه كصديق له، وأنا ضابط في الجيش، وكنا نوفر له كل شيء ونحفزه للتعليم بمحفزات، حتى صعقنا بدرجاته ومستواه المتدني جداً، والآن أطلب خطوات علاجية لحل هذه الظاهرة في أسرع وقت. وشكراً جزيلاً لكم. الجواب الحمد لله رب العالمين، وبعد: فهذه المشكلة يجب تشخيصها، هل هي بسبب واضح يمكن تلافيه وعلاجه، مثل عدم المذاكرة أو انشغاله بصوارف معينة (رحلات - تنزهات- إمضاء الأوقات في مشاهدة أو قراءة أو سماع أشياء أخرى - رفقة دائمة - خروج من المنزل - أعباء وتكاليف اجتماعية - أذى وتحرشات من آخرين- وقوعه في معصية معينة ... ) ، أو بسبب غير واضح مع وجود مؤشرات، تدل على أنه قد يكون مصاباً بعين نظراً لتميزه وتفوقه دراسياً على أقرانه، وما يصاحب ذلك من كثرة الكلام حوله من معلمين أو طلاب أو أقارب أو نحوهم، ومن هذه المؤشرات التي يستدل بها ما يلي: 1- عدم رغبته في مذاكرة الدروس وحل الواجبات أو لا يستطيعها. 2- عدم رغبته في الذهاب إلى المدرسة. 3- حزنه وتخييم ضيق الصدر عليه إذا ذكر المدرسة أو ذكرت عنده. 4- كرهه المفاجئ لبعض الطلاب أو المعلمين أو الأقارب أو حتى الهروب من مجالستهم وافتعال الأسباب لعدم الرغبة في الحديث معهم. 5- سروره وفرحه إذا انتهت فترة الاختبارات مثلاً أو إذا انقضت الدراسة وبدأت الإجازة مثلا أو حتى في جو المدرسة وتبعاتها. 6- التغير المفاجئ في السلوك والتصرفات مع والديه أو أحدهما أو إخوانه. 7- حُبُه للعزلة والانفراد وعدم الاجتماع مع ما يصاحب ذلك من تفكير طويل وشرود ذهن، وهذه المؤشرات قد تكون كلها أو بعضها أو واحداً منها بدرجة قوية أو ضعيفة، وفي هذه الحالة تستخدم له الرقية الشرعية. وهناك أمران: الأول: ينبغي أن تقوم والدته بالحوار مع الولد؛ لأنها أقرب منك إليه، وتعرف أسباب ما هو فيه، وتستدرجه حتى تصل إلى الحقيقة، - بداية المشكلة ووقتها وطبيعتها-. الثاني: ينبغي لك أن تقوم بزيارة مَدرسته ومحاورة المرشد الطلابي أو الأخصائي الاجتماعي عن سبب تدني مستوى الولد، فقد تكون المشكلة من معلم أو طالب تعرض أحدهما له بتهديد أو أذية، أو مشاركته في بعض البرامج والأنشطة، وهو لا يستطيع معهما موازنة أموره ومتابعة دروسه. وهذه لا شك كفيلة في إشغاله عن تفوقه الدراسي والاستمرار فيه، وفي مثل هذه المشكلة ينبغي توفير الحماية له؛ وذلك بربطه برفقة صالحة طيبة تعينه على أمر دينه ودنياه، وتحفظ له أمره وحتى نقله إلى مدرسة أخرى قد يفيده ذلك، وأما إذا تبين لكم غير ذلك وأنه قد يكون مصاباً بعين، فاستخدموا له الرقية الشرعية إذا لم تعرفوا من عانه؛ لأنه إذا عرف من عانه فالأفضل أن يؤخذ منه سبب، وإلا يرقى (يُقرأ) عليه بعض الآيات والدعوات من قبلك أو من أمه أو من أحد أقاربه، فإذا لم تعرفوا فعليكم بأهل العلم والفضل والصلاح تذهب إليهم، وبرفقته جواب عن سؤال في الرقية، للاستفادة منه. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

أختي والمراهقة

أختي والمرَاهَقَة المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 2/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا شاب ملتزم والحمد لله. لكن أختي -وهي مراهقة في الرابعة عشرة من عمرها-تقوم بالعديد من المعاصي، فهي لا تطيع والديَّ، وتكره الصلاة، كما أنها تحب التبرج، وكلما حاولت نصحها لا تعيرني اهتماماً، بل إنها صارت تكرهني، وتتهرب مني. كما أن والديَّ لا يحاولان إرشادها إلى الطريق السوي، بل يكتفيان بضربها أحيانا وزجرها أحياناً أخرى، وكلما حادثت والدتي في هذه المسألة تقول لي: إن أختي لا زالت صغيرة السن، لكني أخاف عليها أن تتعود على المعاصي، حيث يصعب أن تعود إلى الجادة، كما أني مقتنع أن العقيدة الصحيحة يجب أن تغرس منذ الصغر، أرجو أن ترشدوني إلى الصواب. وجزاكم الله عني خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: أولاً: لا تقل أنا شاب ملتزم، بل شاب مستقيم (ولا تقل ملتزم) ؛ لأن الله قال: "فاستقم كما أمرت"، والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "قل آمنت بالله ثم استقم"، فأهنئك على الاستقامة، وأسأل الله أن يثبتك على الخير ويحفظك. ثانياً: أن للمراهقة تعاملاً خاصاً؛ فالمراهق يعيش فترة حرجة تحتاج ممن يعيش معه أن يراعي مشاعر المراهق ويعتني بها، فهو بحاجة إلى الرفق والتشجيع على الأمور الإيجابية، وعدم العقاب الكثير والمستمر على الأمور السلبية. فإن العتاب يولِّد لديه كراهية المعاتب، والسعي لمعاندته، ولا يساعد على تهذيب سلوكياته. فالذي أوصي به -لإصلاح حال أختك- ما يلي: (1) تشجيعها والثناء عليها كلما نفَّذت عملاً طيباً، والإكثار من الثناء عليها أمام الآخرين. (2) غض الطرف عن هفواتها ومخالفاتها، وعدم تصيُّد أخطائها بل الصبر عليها. (3) إحضار الهدايا لها. (4) إشراكها في المناقشات، وأخذ رأيها في بعض الأمور. (5) ذكر أخبار المستقيمات أمامها بطريقة غير مباشرة؛ حتى لا تفهم أنها موجهة إليها. (6) لا تحاول نصحها أمام أهلها أو أحد منهم، وإن حصل النصح ممن هو أكبر منك؛ فهو أفضل وأكثر تأثيراً، ولكن على ألا يكون دائماً ولا مباشراً باستمرار. (7) يكلفها الأب والأم بأعمال منزلية، كإصلاح بعض الأطعمة تشجيعاً لها وزرعاً للثقة بها. وسترون -بإذن الله- تحسناً في أخلاقها، واستفادة من وسائل العلاج هذه، حتى تتخطى هذه المرحلة. والله الموفق.

التربية الجنسية للأبناء

التربية الجنسية للأبناء المجيب د. عبد اللطيف الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة التاريخ 7/6/1425هـ السؤال السلام عليكم. ما هي الطرق المثلى لتربية الأبناء تربية جنسية صحيحة؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. التربية الجنسية هي تعليم الأولاد وتوعيتهم بقضايا البلوغ والغريزة والزواج، حتى إذا شبوا وكبروا عرفوا ما يحل لهم، وعرفوا ما يحرم عليهم، وأصبحوا متمثلين الأخلاق الإسلامية في سلوكياتهم. إن علماء التربية والأخلاق يعدون مرحلة المراهقة هي أخطر المراحل في حياة الإنسان، فإذا عرف المربي كيف يربي الولد، ويحسن توجيهه وملاطفته كان ذلك توفيقاً وسداداً بإذن الله - تعالى -. ولا شك أن الأولاد إذا بلغوا وشبوا عُلِّموا آداب الاستعفاف إذا لم يقدروا على الزواج، ويجب على الآباء والأمهات أن يتخذوا الأسباب والوسائل التي تجنب الهياج الغريزي، والإثارة الجنسية، حتى ينشأوا صالحين وفضلاء، ولمزيد من الإفادة وبعدا عن التطويل في جانب التربية الجنسية وأثرها على الأبناء في مرحلة البلوغ آمل الرجوع إلى كتاب: (يا بني لقد أصبحت رجلاً) لمحمد بن عبد الله الدويش، من صفحة 27 إلى صفحة 42، ففيه تنبيهات قيمة لمعالجة قضية الشهوة لدى الأبناء بأسلوب سهل وميسَّر. أسأل الله العلي القدير أن يحفظ أولاد المسلمين من شر الفتن والشهوات المضلات.

تعلق الفتاة بمهاتفة الشباب

تعلق الفتاة بمهاتفة الشباب المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/مشكلات المراهقين التاريخ 23/8/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز للفتاة التحدث مع شاب عبر الهاتف ولكن في حدود الأدب والاحترام سواء أكان قريباً أو غريباً؟ لأنني بطبعي أحب التحدث معهم، ولكن مع الذي فعلاً أحس أنه محتاج لمساعدة في حل مشكلة ما، أو للذي يريد التحدث وإخراج الهم أو الكلام من داخله، فعادة عندما أتحدث مع شاب فإما أن يكون الكلام بيننا هو كيف الحال؟ والصحة والأخبار؟ أو مثلاً يقول لي إنني تعبان وأريد التحدث معك لأنني فعلاً أحب الاستماع لمشاكل الناس ومشاركتهم فيها وتقديم الحل لهم إن استطعت، سواء كانوا شباباً أم شابات، ولكن الشابات أكيد تجوز محادثتهن، ولكنني محتارة فيما إذا كان يجوز ذلك مع الشباب أم لا؟ ونحن نعلم أن البنت إذا كانت تحب شخصاً (علاقة حب) فإنها تكلمه عبر الهاتف، فهل يجوز لها ذلك (حتى وإن كان الأهل يعلمون بذلك) ؟ أرجو التفصيل في الرد أيضاً على هذا السؤال. الجواب أولاً أريد أن تعلمي أن الإسلام حصر العلاقة التي تكون بين الرجل والمرأة، فهي إما أن تكون إحدى محارمه، أو تكون زوجته بالعقد الشرعي، أو أن تكون غريبة عنه؛ - أقصد غريبة أي ليست من محارمه، حتى لو كانت بينهما قرابة، فهنا لا بد أن تكون العلاقة في حدود الأمور الضرورية، وأن تحاط بالأدب والحشمة والحياء، وعدم تليين الكلام أو التباسط غير المقبول فيه، وعدم الخلوة، وحينما وضع الإسلام هذه الضوابط راعى الجوانب الفطرية في النفس البشرية، والمتمثلة في ميل الذكر للأنثى والأنثى للذكر، وأن هذا الميل في ظل غياب الضوابط ربما ساق إلى علاقة محرمة، ولو كانت بدايته بريئة كما يقال!. ولذلك يقول الله جل وعلا "فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً" [الأحزاب: من الآية32] ، ويقول عليه الصلاة والسلام "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" أخرجه الترمذي (2165) من حديث عمر - رضي الله عنه - وقال حديث حسن غريب وصححه الألباني. إذن فحديثك مع الشباب في الحالة التي ذكرت - حتى وإن كان محاطاً بالأدب والاحترام لا يحل أبداً، فنحن إذا اطمأننا من جانبك وأنك ولله الحمد نقية القلب بعيدة عن التفكير في الحرام، فليس معنى ذلك أن الشاب في مثل حالتك، بل ربما كان حديثه معك باباً من أبواب الشيطان عليه فتكوني قد ساهمت في انحرافه. كما أن المؤمن مهما بلغت قوة إيمانه فلا يصح أن يأمن الشيطان على نفسه، وأن يثق بنفسه ثقة زائدة تجعله يغفل عن هذا العدو، والذي أقسم على إضلاله وغوايته منذ أن خلق الله عز وجل أبانا آدم عليه السلام، وكم سمعنا وقرأنا عن قصص بعض الصالحين الذين استطاع الشيطان أن يضلهم.

ولذلك أنصحك بالحذر من التمادي في مثل هذه المكالمات، وأن تقطعيها مباشرة، وإذا كنت تشعرين أنك تملكين القدرة على تفهم المشكلات وحلها فمن الممكن أن يكون ذلك عبر المواقع المأمونة على الإنترنت التي تضع زوايا خاصة للاستشارات، بحيث تشاركين في الإجابة عما يعرض من المشكلات، وأن تقصري المكالمات الهاتفية على بنات جنسك فقط. بقي أن أشير إلى قولك (ونحن نعلم أن البنت إذا كانت تحب شخصاً (علاقة حب) فإنها تكلمه عبر الهاتف فهل يجوز ذلك) ؟ الجواب: بالطبع لا يجوز، لأن خطر هذه الحالة أعظم، ولكن أود أن أوضح لك أن الكثير من الشباب - ذكوراً وإناثاً - قد اختلط عليهم مفهوم هذه الكلمة (الحب) ، وذلك بسبب وسائل الإعلام الهادمة، إذ أصبحوا يبررون نزواتهم وانحرافاتهم بها، بينما الحب الحقيقي الذي يقوم على العطاء والبذل وبناء المستقبل، ومواجهة أعباء الحياة بعيد كل البعد عن واقعهم. أسأل الله أن يعصم قلبك وأن يوفقك لطاعته.

التعامل مع مشكلات الأولاد

أخي المراهق ... أرهقنا! المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 02/05/1427هـ السؤال مشكلتي مع أخي الصغير فهو مهمل وغير مبالٍ بمستقبله، ويحب أن يقلد الفاشلين يتظاهر بالبراءة أمامي وهو إنسان كذوب، أنا في الحقيقة أخوه الأكبر وأنا أستمع للغناء ولكن لا أستمع إليه أمامه، ولا أمام إخوتي وأهلي، مع أنهم يعلمون ذلك لكن أفعل هذا احترامًا لهم، قال لي أحد الأصدقاء: كن صديقاً ديمقراطيا مع أخيك، دعه يفعل ما يشاء أمامك أفضل من أن يفعله من خلفك، وأنكر عليه ولكن لا تكن مزعجاً فينفر منك، هو يعصيني ويمشي مع أولاد أخلاقهم سيئة، وأتاني خبر بأنه يدخن، وينظر للأفلام الإباحية في الجوالات! علماً أن إخوتي -ولله الحمد- يهتمون بالحلال والحرام، ويحرصون على الابتعاد عن المنكرات، ما العمل؟ علماً أن عمر أخي 16 سنة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً بارك الله في فيك رغم صغر سنك على استشعارك لمسئولية الأخوة، وحرصك على مستقبل أخيك وتقويم سلوكه. أخي الحبيب أنت تدرك أن أخاك في سن المراهقة، وهذا السن هو أول أزمة يمر بها الإنسان في دورة الحياة الاجتماعية والأسرية بل أخطر تلك الأزمات، وتتميز هذه المرحلة بكثير من الخصائص والممارسات، لاعتبارات كثيرة لعل من أهمها عدم اكتمال النمو والنضج النفسي والعقلي والاجتماعي والانفعالي لمن هو في هذه المرحلة، مما يجعل المراهق شخصية لا تطاق في كثير من بيوتنا لصعوبة التعامل معه إذ هو يتصف بالعناد، والتمرد، وصعوبة الإقناع، والرغبة في الانفراد بالرأي، والتسرع، والمجازفة، وغيرها الكثير والكثير من السلوكيات والخصائص فكثير مما يمارسه المراهق في ظل غياب الرقيب الأسري تحز في النفس كثيراً، بل إن ما انتشر الآن من ممارسات من بعض المراهقين -هداهم الله- ليعطي مؤشراً خطيراً على أبنائنا ممن يمرون بهذه المرحلة، والدراسات التربوية والنفسية والاجتماعية كثيرة جداً في هذا المجال، بل أصبحت المراهقة حقيقة علمية في مختلف المجتمعات لا يمكن تجاهلها، بل تكاد تتفق خصائصها في كل مجتمع. وتعاملنا مع المراهقة لا يعني إطلاقاً القضاء على كل سماتها وسلبياتها، بل نحن دائماً ومن خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية نسعى للتقليل من تأثيرها وأن يتجاوزها الابن بسلام، في ظل توافق كبير بين الوسائل التربوية والإجتماعية التي تقوم بها كل مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية. لذلك أقول لا تعطي الموضوع حجماً كبيراً فيصعب حله، ولا تهمله فيستفحل خطره، فأخوك في هذه المرحلة لا تستطيع أن تعرض عليه كل ما تريد، فمثل هذا الطلب قد يكون متعذر جداً، ومنعه من أصدقائه وزملائه دون تعويض أيضاً صعب، فأنت لا تستطيع سجنه في المنزل وعزله، خاصة وأن وسائل الاختلاط بين الأصدقاء تطورت كثيراً من خلال التقنية الحديثة، فقد يجتمعان في غرفة واحدة، بينما كل منهم في منزله. لذلك عليك القيام بعدة إجراءات تعيد تنظيم علاقتك بأخيك وتعويضه ببرامج إيجابية لما يمكن أن يفقده من جراء ابتعاده عن زملائه.

عليك بمتابعته في المدرسة بطريقة لا يشاهدها ولا يشعر بها، مثل مشاركتك مع مرشده الطلابي في المدرسة. اسع في نقله من المدرسة إذا كان معظم أصدقائه يدرسون فيها. ثم أين دور والدك؟ فإذا كان قد توفي، فأين دور أخيك الأكبر؟ لأن فقدان القيادة الأسرية قد يكون أسهم في انفراط سلوكه. فالأسر السوية هي التي يكون لديها قائد له وضعه واحترامه لدى جميع أعضاء الأسرة، كذلك يجب مشاركة أخيك في برامج لشغل وقت الفراغ، فمن الممكن أن يلحق بدورات تدريبية، أو أنشطة طلابية منضبطة، وللأسف كثيراً ما نضع آمالاً وأحلاماً لأبنائنا إلا أننا لا نبذل الجهد الكافي لتحقيقها. فكم من مراهق وأسرته طيبة إلا أنه لم يكن كذلك، فأمور التربية والتوجيه لا يجب أن تعتمد على الجانب الوراثي، فالإنسان كثيراً ما تكون شخصيته البيئة المحيطة. أنصحك بالإسهام في إعادة الرقيب الذاتي لأخيك، وهذا يحتاج منك بذل الجهد لبناء علاقة وثيقة بينكما، خاصة وأن الفرق العمري بينكما ليس كبيراً، وقد يكون لأسلوبك في فرض رؤيتك أو قرارك على أخيك دورٌ في تمرده عليك، انزل لمستواه بطريقة حكيمة، حتى تعرف الكثير عن عالمه، أعد شريط ذكرياتك إلى ما كنت تمارسه من سلوكيات عندما كنت في نفس سنه حتى تقيم الضغط الذي كان يدفعك لممارسة سلوك سرعان ما تندم عليه، وأنت أخي الحبيب كما تقول لا زلت تجني ثمرة غياب التوجيه في استمرارك لسماع الأغاني وفي الخفاء، وهذا أيضاً خلل، فأين الرقيب الذاتي لديك، وهل من حرم الغناء هم البشر أم أسرتك. لا أريد منك أن تيأس، اركب الطريق وابدأ الخطوة الأولى وركز في البدء على مرحلته الدراسية، لأنه الآن على ما يبدو في بداية المرحلة الثانوية، وهذه قمة ضغط المراهقة خاصة وأنه في بداية النمو والتغير البيلوجي لدى المراهق، والتي يحتاج فيها لمن يكون قريباً منه لتوجيهه التوجيه السليم، بدلاً من أن يبدأ في استشارة المراهقين أمثاله، وأنت بالتأكيد تعرف ما أقصده. أسأل الله العلي القدير أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يعيد أخاك لطريق الحق، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. أسأل الله عز وجل أن يشفيك، وأن يوفقك لعلم الخير، وأن يعود الوئام والصفاء لحياتك.

ابنتي الصغيرة تسرق!

ابنتي الصغيرة تسرق! المجيب د. أمين صبري نور الدين (علم النفس/ كلية العلوم جامعة الإمام) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 24/03/1427هـ السؤال لدي طفلة عمرها أربع سنوات، سافرتُ وتركتها مع أمها، فأخبرتني أمها بتصرفات غريبة تصدر عنها، فبينما أمها كانت عند الطبيب للكشف على الطفلة فقد شاهدتها تأخذ آلة تخص الطبيب وتخبئها؛ فأخشى أن يستمر هذا الأمر معها. فماذا نفعل معها حتى نقوِّم هذا السلوك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن سلوك طفلتك هذا سلوك طبيعي وعادي، فأخذ الأشياء أو تخبئته عن صاحبه لا يعد عند الطفل سرقة، بل له دوافع كثيرة غير ذلك، منها لفت الأنظار إليها، أو حب التملك، أو محاولة اقتناء شيء بعينه، أو مجرد اللعب واستثارة الكبار، وهو سلوك منتشر عند أطفال كثيرين في هذا السن. ولا يصح أن تضرب ابنتك على السلوك، ولكن عليك أن تنبهها إذا كان الأمر متعلقاً بأغراض الآخرين، ومن الممكن أن تلعبا معاً هذه اللعبة، بأن تخبرها بأنك ستخبئ عنها شيئا ما، وعليها أن تبحث عنه في الغرفة، وكلما اقتربت هي منه يصدر عنك صوت محدد، وهكذا تشبع حاجاتها، وتلعب هي وتستنج وتخمن وهكذا، فلا تخف من استمرار هذا السلوك؛ فالطفل يتعرض لتغيرات كثيرة في فترات طفولته.

ابني تغير!

ابني تغيَّر! المجيب هند بنت سالم الخنبشي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 20/03/1427هـ السؤال لي ابن في الثالثة عشرة من عمره، توفي والده قبل ثلاثة أعوام، وقد كان ابني مثالاً في الأدب والطاعة، ثم تبدل به الحال كلية، وبدأ في العصيان والتعامل معي بمنتهى القسوة، وأحياناً يسبني، علمًا أني لم أقصر معه في شيء، ولكنه لا يريد أن يسمع مني أي نصيحة، حتى الصلاة أهملها، فماذا أفعل معه؟ أرشدوني جزيتم خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: أقول لك أعانك الله وثبت قلبك، ثم إني أود أن أشير إلى أمور مهمة: 1- اعلمي أن خصائص هذا السن حب إثبات الشخصية، ويعبر بعض المراهقين عن ذلك برفضه لكل الأوامر الموجهة إليه، وتمرده على كل التوجيهات الصادرة من الآخرين. 2- كون والد ابنك قد توفي -رحمه الله- فهذا يساعد ابنك كثيراً في التمرد والعصيان؛ لأن الأب هو الطرف الحازم في العائلة، وفقده يسبب للطفل معاناة قد يحاول دفعها بتمرده وعصيانه. 3- عليك أن تراقبي وتتبعي لتعرفي من هم أصحاب وأقران ابنك، فلربما كان لهم الأثر في كثير من تصرفات ابنك التي تستنكرينها، فقد يكون أقرانه من أقران السوء الذين يؤيدون مثل هذه التصرفات، بل ويحرضونه عليها. 4- إذا كانت لديك وسيلة ضغط، كأن يكون لديك مال تستطيعين حرمان ابنك منه فلا بأس من استخدام هذه الوسيلة عند صدور هذه التصرفات منه، أو إن كانت مقاطعتك له في الكلام تؤثر فيه فلا بأس من استخدام هذه الوسيلة، بشرط أن لا تجعل ديدناً لك بل تستخدم بين الفينة والأخرى؛ حتى لا يصبح ابنك مادياً لا يعمل إلا لمصلحته فقط، بل اجعلي هذه الوسائل طرق تأديب. 5- إن كان هناك من أقارب ابنك من له سلطة عليه وتثقين أنت به فلا بأس من الاستعانة به على تربيته، كأن يعاقبه عند تركه للصلاة، أو يعنفه إذا سبك أو عصاك. 6- استعيني بربك وألحي عليه بالدعاء فهو القادر -سبحانه- أن يصلح حال ابنك، ويعيده إلى رشده ويبدل إلى الأفضل. أسأل الله لك العون والتوفيق.

أبي لم يعد يثق بي!

أبي لم يعد يثق بي! المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 15/02/1427هـ السؤال مشكلتي أن والدي لم يعد يثق بي؛ وذلك بسب غلطة ارتكبتها، وهي أن الشيطان وسوس لي بأن أدخل الشات، وفي البداية كنت أقرأ ما يكتبون، ثم بعد ذلك انجرفت وأخذت أكتب ولم أصل إلى درجة الإدمان، ولم أتجاوز حدودي، وفي يوم اكتشف والدي أمري، في البداية اكتفى بالسكوت، ثم قال: لقد فقدت ثقتي بك، وهذه العبارة هي التي هزتني بقوة، ثم اعترفت بغلطتي، وأعلنت توبتي، وحلفت له بأني لن أعيدها مرة أخرى، وأنا نادمة أشد الندم على ما فعلت، ولكن المشكلة الكبرى أن والدي لم ينس ذلك، رغم مرور فترة على هذا الموضوع، بل أخذ يوصي أختي الصغرى بأن لا أقترب من الإنترنت، رغم أنها كانت تشاركني في غلطتي، بدأت أشعر بالحزن والضيق، أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي الكريمة: أحمدي الله أن وفقك للتوبة النصوح، واسأليه القبول، نعم، ما تعيشينه أزمة ليست باليسيرة، لا سيما إن كانت متعلقة باستعادة ثقة والدك بك. ولذا أوجز مشورتي بأمور: 1- لا تلومي أباك، فهو حريص عليك، وما غضبه منك إلا بسبب حرصه عليك، فإنه ربما أمَّل عليك آمالاً كثيرة رأى أنك حطمتيها، وربما أراد أن يلقنك درساً قاسياً حتى لا تعودي لما فعلت، وربما غير ذلك من المبررات التي يرى أنها صحيحة. 2- لا شك أن رضا والدك مهم للغاية، ولكن الأهم منه رضا الله، فلا يأتيك الشيطان ويوهمك أنك قد خسرت كل شيء، فيقنِّطك من رحمة الله، واعلمي أن الله إذا رضي عنك سيرضي عنك والدك. 3- من الطبيعي أن تكون استعادة ثقة الناس بك أصعب من بناء الثقة ابتداءً، فامضي على ما أنت عليه من الخير، وستعود المياه لمجاريها مع الوقت بإذن الله. 4- حاولي التقرب من والدك قدر المستطاع، ولا تملي، فمآله -إن شاء الله- أن يرضى عنك ولو بعد حين. أسأل الله لك الثبات.

طفلتي خجولة وعنيدة

طفلتي خجولة وعنيدة المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 26/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ابنتي تبلغ من العمر 5 سنوات، تبكي كثيراً، وخجولة في نفس الوقت. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وددت من الأخ السائل، لو ذكر درجة الخجل لدى الطفلة، ومم تخجل؛ لأن الخجل طبيعي في بعض المراحل وليس دائماً سيِّئاً، فعلينا أن نميز بين الخجل السوي والخجل الشديد الذي يعيق الثقة عند الفرد. والخجل خاصية شائعة لدى الإنسان، ففي كثير من الدراسات الحديثة بينت أن غالبية من طبقت عليهم الدراسة قد مروا بالخجل في إحدى مراحل حياتهم، وخاصة الخجل والخوف عند معظم الناس هو التحدث عند مجموعة، وللوراثة دور أيضاً في الخجل، ويختلف الخجل عند الأطفال عنه عند الراشد، حيث يظهر لدى الطفل بينما يستطيع الراشد إخفاءه، ولعلاج الخجل يجب أولاً تدعيم الثقة بالنفس عن طريق حب الفرد النفسية وشعوره بقيمته، وتقبله لنفسه مهما كان، وتطلعه للمستقبل. والطفل في سن الرابعة والخامسة تقريباً كثير المقارنة مع من هم في سنه، فمتى رأى من يفوقه في أي شيء بدأت ثقته في نفسه تقل. وللتعامل مع الطفل الخجول يمكن اتباع بعض الإرشادات الآتية: 1- تدعيم ثقته بنفسه عن طريق الاستقلالية، وتشجيعه على الأعمال التي يقوم بها. 2- الابتعاد عن النقد للطفل كانتقاد الملبس أو المظهر، أو العادة، وعدم وصفهم بصفات غير لائقة مثل الغباء وغيره من الصفات السيئة. 3- تشجيعه على التعبير عن نفسه. 4- تنمية بعض المهارات والجوانب الإيجابية لديه. 5- عدم المغالاة والحرص في الحماية الزائدة للطفل. 6- عدم وصف الطفل بالخجل أمامه، أو أمام الآخرين.

طفلي.. والبديل!!!

طفلي.. والبديل!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 9-1-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: لي طفل يبلغ من العمر 3 سنوات وكثير الشقاوة ويضرب أخوه الصغير وعمره سنة وأنا أقترح على أبيه أن يحضر له فيديو وأشرطة علمية ومسلية لكن أبوه يرفض وبشدة أن يدخل الفيديو أو الشاشة في البيت بحجة أن الولد سيكبر ويأتي بأشرطة فاسدة تفسده وأنا حامل بابني الثالث ولا أستطيع التوفيق بين أعمال المنزل والأطفال بكاؤهم وإزعاجهم وأنا في ضيق من أمري لا أشكوه إلا الله ثم إليكم لعل في أيديكم طريقة تستطيعون بها إقناع زوجي وجزيتم خيراً!! الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أختي الكريمة اشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.. وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: بالنسبة لكثرة حركة طفلك وشقاوته كما تذكرين.. فإنني قد نشرت في الموقع في " منتدى: زوايا المشكلة" ملفاً حول " النشاط الحركي الزائد " للأطفال وتستطيعين الدخول إليه من خلال نافذة الاستشارات. آمل الاطلاع عليه لكي يتسنى لك الاستفادة من الكيفية التي يتم بها التعامل مع الطفل كثير الحركة. ثانياً: وأما اقتراحك على زوجك بإحضار بعض الأشرطة والأفلام الكرتونية ذات الطابع التربوي المفيد فهو اقتراح وجيه جداً.. بل ومهم.. لأن توفير البديل للأطفال في هذا الزمن ضرورة ملحة خاصة وأنه يتوفر بالأسواق مجموعة كبيرة من أفلام الفيديو الكرتونية ذات الطابع التربوي والتعليمي ويجد فيها الأطفال المتعة والتسلية. ثالثاً: وأما وجهة نظر الوالد حول خشيته من أن يحضر الابن أشرطة غير مناسبة عندما يكبر.. فأسأل الله العلي القدير أن يصلح لنا ولكم أبناءنا وأن يجعلهم قرة عين لنا في الدنيا والآخرة.. والوالد معذور في تخوفه ذلك..! إلا أن المشكلة أننا في هذا الزمن الذي تنوعت فيه وسائل الإعلام وتوسعت من بث مباشر وإنترنت حتى وصلت إلى غرف نومنا لن نستطيع أن نمنع أبناءنا من كل شيء.. وحتى لو منعناهم صغاراً فلن يعدموا ألف طريقة عندما يكبروا للوصول إلى ما يريدون..!! بل ربما كانت ردة فعلهم على المنع مزيد من التهور والاندفاع في البحث عن تلك الأمور!!! ولذلك فالموضوعية هنا مطلوبة.. ويجب أن يكون التركيز الحقيقي في التربية على التحصين الداخلي للأبناء مع صدق الالتجاء إلى الله بأن يصلحهم ويهديهم إلى الخير وأن يحميهم من كل شر إنه ولي ذلك والقادر عليه.

طفلي.. يخاف ويكذب!!

طفلي.. يخاف ويكذب!! المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 27/9/1422 السؤال مشكلتي أن طفلي الذي عمره ست سنوات يخاف ويكذب.؟ الجواب عزيزي الأب: تقول إن لديك طفلا عمره ست سنوات يخاف، ويكذب. تلك هي مشكلتك والتي قمت بسردها في خمس كلمات، وكم كنا نود أن نعرف الكثير عن طبيعة المشكلة مثل: 1-علاقتك الزواجية هل هي علاقة متوافقة أم يغلب عليها عدم التوافق؟ 2-مدى المعاملة الوالدية التي يتلقاها طفلك من خلالك ومن خلال أمه: هل يشعر الطفل بقبوله في الأسرة؟ أم يشعر بأنه مرفوض؟ 3-كنا نود أن نعرف ترتيب الطفل بين إخوته بمعنى: هل ترتيبه الأول أم الثاني أم الثالث.. إلخ.. 4-كنا نود أن نعرف: هل الطفل تعرض لحادث أو شاهد موقفاً مخيفاً من قبل؟ 5-كنا نود أن نعرف: هل يسمع الطفل ممن يكبرونه حكايات مخيفة (مثل الجنية - الوحش -أو العفاريت، وغيرها مما يتحاكى به الكبار أمام الأطفال. عموماً عزيزي السائل، سنسعى جاهدين ونرد على سؤالك ببعض الأسطر وأنت تعلم من خلال النقاط السابقة الرد: ما هو، والسبب الحقيقي لخوف الطفل، وكيف يمكنك القضاء على هذا الخوف، وكذلك مشكلة الكذب. أولاً: لو تناولنا النقطة الأولى والتي تخص العلاقة الزوجية فيما بينك وبين زوجتك فإذا كانت العلاقة مضطربة أي لا يوجد انسجام بينك وبين زوجتك وكان العداء مزمنا أي أن جو البيت مليء بالمشاحنات المستمرة، فإن الطفل يتأثر سلبياً، فالشجار يضع أمام الطفل، ويتيح له الفرصة ليشعر بعدم الأمان والرفض، ويصبح الطفل أكثر قلقاً ومن ثم الخوف من عالمه الحاضر والمستقبل نتيجة انهيار القاعدة الآمنة. ثانياً: من حيث المعاملة من قبل الأب والأم للطفل فمهما كنت تحبه وهو وأقصد "الطفل" لا يشعر بهذا الحب - فالحب هنا ليس ذا قيمة - لأن المهم هو شعور الطفل بالحب من الأب والأم بصرف النظر عن الحقيقة التي بداخلك - فقد يكره أبًٌ طفله - إلا أن الطفل لا يشعر بتلك الكراهية، ومن ثم فلن يكون لها أي تأثير سلبي عليه، وكذلك العكس فإذا كنت تحب طفلك وهو لا يستشعر هذا الحب - فحبك لطفلك ليس له أي قيمة، فلا بد إذاً من أن يحس ويستشعر الطفل حب الوالدين وقبولهما له - لأن ذلك ينعكس عليه بالأمن وعدم الخوف.

ثالثاً: إذا كان الطفل هو الأول، ويليه طفل آخر أو طفلة أو الثاني ويليه طفل ثالث بفارق زمني عام أو اثنين - فمن المعروف أن الطفل يغار ممن يليه خاصة وأنه قد تربع على عرش والديه ونال حبهما - فشيء طبيعي أن يغار ممن أتى وجاء ليشاركه ويتقاسم معه هذا الحب - وهنا وجب عليك أن تراعي ذلك، فقبل أن تقوم بتقبيل الأصغر يجب عليك أن تقبله وتضع في ذهنه أن أخاك أو أختك أحبه كما أحبك، وأن الحب متساوٍ، وإذا اشتريت شيئا للصغير وجب عليك أن تأتي بمثله لأخيه الأكبر - خاصة وأن الأطفال دائماً يحبون تملك الأشياء (الألعاب - الملابس الجديدة) وهنا يجب أن توضح للطفل أن لكل منهم أشياء خاصة به، ولا يوجد تمييز بين الصغير والكبير، ودائماً عليك أن تدفعه وتحفزه بحب إخوته وتعلمه على العطاء وعدم الأنانية - لأنك إذا فعلت غير ذلك فتكون قد أشعرت الطفل بالرفض والقسوة عليه - ويكون التعبير عن كل ذلك العدوانية، الخوف، والكذب وذلك للفت انتباه الكبار إليه - لتغيير المعاملة معه. رابعاً: وإذا كان الطفل قد تعرض لموقف مخيف في وقت أو مرحلة سابقة من عمره فإنه يعمم الخوف من كل المواقف المتشابهة - وهنا يجب عليك أن تعرضه تدريجياً لتلك المواقف التي خاف منها من قبل، وتكون ملاصقاً له، ثم تتركه رويداً رويدا حتى يتأكد بنفسه أن لا شيء يخيف. خامساً: إذا كانت الأم قد قامت بسرد حكايات مخيفة، وتحدثت أمام الطفل عن العفاريت - أو الجن -.. إلخ - من الأساطير التي تخلق الخوف في نفوس الأطفال - فهنا أقول: إنه يجب عليكم تصحيح هذه المفاهيم لديه، فقد كانت أم الطفل كلما أرادت أن ينام طفلها وهو في الثالثة من عمره فكانت تخيفه وتقول له: نم الآن قبل أن يأتي أبو رجل مسلوخة ويأكلك! فكان الطفل يمسك بشدة في رقبتها ويصرخ قائلاً: لا تتركيني يا أمي فتحتضنه وينام. وهو ما انعكس عليه في مراحله المستقبلية - وكان يتخيل صورة شيء "لأبو رجل مسلوخة" ويخشى البقاء في المنزل بمفرده رغم أنه يبلغ من العمر اثنى عشر عاماً. فهكذا استطاع الطفل أن يستجيب انفعالياً ويتأثر بخبرته السيئة من خلال أساليب تنشئته الاجتماعية غير السويّة. أما الكذب:- فأسبابه عديدة، فقد يكذب نتيجة التفرقة في المعاملة بين من يصغره أو يكبره وهو هنا يقول لكم بطريق غير مباشر: إنه موجود، وهنا أقول: إنه نفس السبب والذي يؤدي للخوف وذكر في النقطة الثالثة عند الحديث عن الخوف. -وكذلك المعاملة الوالدية أيضاً لا بد وأن تقسم بالقبول والحب وشعور الطفل بالأمن والأمان والاستقرار بمعنى: لو ارتكب خطأً فيجب على الوالدين أن يقوما بتعريف الطفل بهذا الخطأ مرة، مرتين وعدم تعريض الطفل للعقاب على الخطأ الصغير والكبير - وليس معنى ذلك ألا نعاقبه - فالعقاب مطلوب ولكن يراعى أن يعطى الطفل الفرصة لمعرفة الصواب - أما إذا أصر على الخطأ - فلا مانع من عقابه بحيث يتساوى العقاب مع ما ارتكبه من خطأ سبق وأن تم إيضاحه له - ويجب أن يكون العقاب عقب الخطأ مباشرة، من حيث الوقت ولا يجب تأجيله أسبوعاً أو شهراً ثم يعاقب.

-وكلما كان الأب متسامحاً في تنشئته للطفل كلما انعكس ذلك إيجابياً على نفسية الطفل، وأعني بالتسامح أي عدم التمسك الشديد بالتأديب أي لا تكن صلباً فتكسر ولا ليناً فتُعْصر فالتساهل الشديد الزائد يضر بنمو الطفل الانفعالي، ويجعله في حالة من "الاعتماد الطفلي". فالقسوة في المعاملة وعدم التسامح من شأنهما أن يدفعا الطفل للكذب خشية العقاب من الوالدين. وقد يقع بعض الآباء في خطأ فادح بطريق غير مباشر، فحينما يأتي أحد للسؤال عن الأب أو الأم فقد يدفع الأب الطفل ليقول له إنهما غير موجودين، وكذلك عندما يتصل أحد تليفونياً ويسأل عن الأب أو الأم - فيقول أحدهما لطفله: قل له: إن أبي أو أمي غير موجودين وفي ذهنهما أن هذا شيء بسيط - لكن على العكس تماماً فهما هنا قد قاما بتنشئة الطفل بطريقة خاصة، واكتسب الطفل الكذب، والمراوغة، من خلال والديه. عزيزي الأب، أسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون قد وضعنا نقاطاً على أحرف صامته لتستطيع أن تتبين السبب الحقيقي لمشكلة طفلك وتستطيع معالجتها، والله الموفق.

وعليكم.. حركته الزائدة.. تخيفيني..!!!

وعليكم.. حركته الزائدة.. تخيفيني..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 25/6/1422 السؤال أخي الكريم مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: احد أبنائي يتمتع بطاقة كبيرة جدا!! لدرجة انه لاستطيع أن يلبث في مكانه أكثر من خمس دقائق وهو حساس جدا ويبلغ من العمر خمس سنوات تقريبا.. ويدرس الآن في الروضة وخوفي عليه من معاملة مدرسيه. فقد يهملونه أو يضعونه في آخر الصف دون العناية به بسبب كثرة حركته!!! كما إن هذه الحركة تقلقني جدا ... فماهي مشكلته الحقيقية!؟؟ أرجو منكم المساعدة في كيفية التعامل معها.. ولكم جزيل الشكر الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. بالنسبة لاستشارتك.. فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: الذي يظهر لدى ابنك من طاقة كبيرة -كما تسميها- هو ما يسمى علمياً بـ" النشاط الحركي الزائد " أو " فرط النشاط " وتتمثل أعراضه كثرة الحركة وعدم الاستقرار في مكان واحد لأكثر من دقائق.. وكثرة التململ حتى أثناء الجلوس.. والجري هنا وهناك والتعلق بالأشياء.. وربما تسلق بعض الأشياء الخطرة..!! وعدم التركيز على ما يقال أو استكمال الشيء حتى نهايته.. والشرود وكثرة النسيان.. وكثرة الكلام.. وعدم القدرة على الالتزام بالنظام.. والتحول من نشاط إلى آخر بسرعة وعدم الاستماع لما يقال.. ومقاطعة المتكلم والإجابة دون تفكير..!؟! وغيرها من أمور تؤكد للمتابع والملاحظ أن ما يعاني منه هذا الطفل مزيج من الفوضى والنشاط الحركي الزائد عن الحد.!!! ثانياً: يعتقد البعض أن ما يسمى " بـ النشاط الحركي الزائد " هو مرض مستقل قائم بذاته. .وهذا اعتقاد خاطئ..!! فالنشاط الحركي الزائد يعتبر عرض لكثير من الاضطرابات المختلفة أو بعضها.. فقد يكون الطفل زائد النشاط بسبب تلف مخي أو اضطراب انفعالي أو ضعف عقلي.. أو خلل سمعي.. كما أن للوراثة أحياناً دور في ذلك. ثالثاً: أثبتت العديد من الدراسات أن فرط النشاط كثيراً ما يزول أو يتحسن مع التقدم في السن.. وأن تبقى منه بعض الأعراض البسيطة التي لا تكاد تلحظ.. كما أن النشاط الحركي الزائد يصيب الأطفال العاديين.. وقد يصيب الأطفال شديدي الذكاء.. وقد يصيب الأطفال المتخلفين عقلياً.. إلا أنه في هذه الفئة يكون غير هادف وربما مؤذي بشكل أو بآخر!!! رابعاً: من المهم هنا أن نشير إلى أنه يجب عدم الجزم بالتشخيص بشكل قاطع ما لم يكن ظهور هذه الأعراض أو بعضها في أكثر من مكان.. كالبيت والشارع والمدرسة وعند الأقارب وأن يكون ظهورها تم قبل سن السابعة.

خامساً: يمكن التعامل مع الطفل في مثل هذه الحالة عن طريق وضع برنامج يومي واضح يجب أن يطبقه بدقة.. والإصرار على ذلك عن طريق ما يسمى بـ" تكلفة الاستجابة " وهي إحدى فنيات تعديل السلوك وتعني هذه الطريقة [فقدان الطفل لجزء من المعززات التي لديه نتيجة سلوكه غير المقبول.. مما سيؤدي إلى تقليل أو إيقاف ذلك السلوك] ومثال ذلك إلغاء بعض الألعاب..بل وسحبها مقابل كل تجاوز يقوم به الطفل خارج حدود التعليمات.. وفي نفس الوقت يمكننا استخدام أحد الفنيات الأخرى وهي " الإقصاء " أي إبعاد الطفل إلى زاوية من زوايا المنزل تكون منعزلة إلى حدٍ ما وغير مرغوبة وإبقاءه لفترة من الوقت [خمس دقائق أو عشر دقائق] نتيجة لقيامه بتجاوز الحدود والتعليمات بشكل مزعج على أن يكون الأقصاء مباشرة بعد إتيانه لهذا التجاوز الملفت.. وفي نفس الوقت نستخدم أحد الفنيات الأخرى لتعديل السلوك وهي " التعزيز الموجب " وذلك يمنح الطفل مجموعة من النقاط عند التزامه بالتعليمات تكون محصلتها النهائية الوصول إلى عدد من النقاط تؤهله للحصول على مكافأة أو هدية أو مشاركة في رحلة أو غيرها وهذه الأساليب لتعديل السلوك ناجحة ومجربة في كثير من السلوكيات السلبية ومن ضمنها " النشاط الحركي الزائد" ولكن يجب التعامل معها بجدية ووضوح حتى لا تفقد معناها وقيمتها عند الطفل.. مع الأخذ في الاعتبار طبيعة الطفل وأنه لا يمكنه الاستمرار والهدوء لفترة طويلة.. ولذلك فتستخدم في الأمور التي تجاوز حد القبول إما لضررها أو لخطرها..!! مع توضيح ذلك للطفل وذكر الحدود التي لا يمكنه تجاوزها.. وسيتخذ بحقه الإجراء المتفق عليه حيالها.. ويمكن أيضاً تكليف الطفل بإزالة الضرر الناتج عن سلوكه " التصحيح الزائد أو البسيط " كترتيب المكان.. أو تجفيف الماء المنسكب.. أو غيره.. ومع الوقت سيجد الطفل نفسه إمام مجموعة من الإجراءات التي تلزمه بالتفكير قبل الإقدام.. وهذه بداية التصحيح لسلوكه. سادساً: إن لم تثمر هذه الطريقة.. فيجب زيارة الطبيب النفسي المختص لتشخيص الحالة بدقة.. ووضع البرنامج المناسب لها.. والذي قد يتظمن إعطاء الطفل بعض الأدوية لمدة وجيزة تساعده على تجاوز هذا الأمر.. والاستفادة من برنامجه للعلاج النفسي. سابعاً: بالنسبة لمعلميه فالواجب زيارتهم وشرح مشكلة الطالب لهم.. والاستنارة بآرائهم.. وأخبارهم أن هناك برنامجاً علاجياً تطبقه مع الطالب.. وأنك تحبذ إشراكهم فيه بما يخصهم.. ولا اعتقد أبداً أن يمانعوا في ذلك.. متى ما تفهموه بل على العكس ستكون النتائج أسرع وأشمل بإذن الله. ثامناً: لا تنسى أخي الكريم.. قبل ذلك وبعده.. صدق الالتجاء إلى الله بالدعاء بأن يصلح الله لك أبناءك ويحفظهم من كل سوء.. وتحر في ذلك مواطن الإجابة.. وألح في الدعاء.. فالله سبحانه قريب مجيب.

كذب الأطفال..!!

كذب الأطفال..!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 12/7/1422 السؤال أخي مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد.. أخي الكريم: لدي ابن في السابعة من عمره تقريباً لديه عادة الكذب علماً أنني لست من الآباء الذين يضربون إلا في حدود الضرورة القصوى أو لعمل عظيم ويكون ذلك بعد المناقشة وبيان أنه أخطأ ويستحق الضرب.؟ الجواب وعليكم والسلام ورحمة الله وبركاته.. أما بعد.. أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يصلح الله لنا ويصلح بنا ويدلنا إلى الخير ويوفقنا إليه إنه ولي ذلك والقادر عليه.. فما يتعلق باستشارتك فتعليقي عليها من وجوه.. أولاً: هناك أسباب كثيرة ومتباينة قد يفسر من خلالها كذب الأطفال.. فبعض الأطفال قد يكذب لكي يضفي على نفسه نوع من الأهمية التي - ربما - شعر بفقدانها.. ولذلك تراه يذكر الكثير من القصص الوهمية التي يثبت من خلالها مدى قدرته وسيطرته على أقرانه وقيمته عنهم..! وبعض الأطفال قد يكذب رغبة منه في تحقيق غرض شخصي أو مطلب خاص يشعر حياله بالنقص بين أقرانه.. ويشعر في قراره نفسه أنه لا يمكن أن يحقق هذا الشيء إلا بهذه الوسيلة.. أما لعدم ثقته بوالديه أو أخوته الكبار.. أو ليقينه - الخاطئ غالباً - بأن هؤلاء يقفون في طريقه وأنهم لن يحققوا أهدافه.. بل وربما عاقبوه عليها..!! فيضطر حينها للكذب!!! وقد يكذب الطفل من باب العناد.. وتحدي السلطة.. كسلطة الأبوين أو المعلم.. وهذا الكذب يشعره باللذة والسعادة.. لمجرد استطاعته الكذب عليهما.. خاصة إذا كانت هذه السلطة شديدة الرقابة والضغط.. ولا تتيح المجال للحوار الإيجابي..!! وبعض الأطفال يكذب انتقاماً.. حيث يتهم غيره بأمور معينة انتقاماً منه.. وذلك لشعوره بالغيرة تجاهه.. وغير ذلك من الأسباب التي تنشأ عموماً من إحساس غامض بالدونية.. وأن اختلفت أسباب هذا الإحساس أو إعراضه! ثانياً: هناك من الأطفال من يكذب لخصوبة الخيال لديه..!! ولأنه في مرحلته العمرية القريبة من عمر طفلك.. لا يفرق عادة بين ما يتصوره في خياله.. وما يراه حقيقة أمامه فيتداخل لديه الخيال والواقع.. ويذكرهما جميعاً على أنهما قصة واحدة!! ثالثاً: من الأسباب الهامة التي يغفل عنها كثير من الناس.. أن الأطفال يقلدون ويحاكون الكبار.. ويتأثرون بهم إلى حد كبير فترى الطفل يرى والديه أو أحدهما.. وربما أحد أقاربه أو مدرسيه يكذب لسبب أو لأخر.. أما لكي يعتذر عن مناسبة أو موقف معين ... أو غير ذلك.. فيكتسب هذا الطفل هذا الأمر..!! وهو لا يفرق عادة بين الأسباب والدوافع والمواقف..بل يتأثر بها وربما أصابته الحيرة الشديدة والاضطراب من هذا التناقض الذي يراه أمامه.. أناس ينهونه عن الكذب ويعاقبونه عليه.. ومع ذلك هم يكذبون؟!!

رابعاً: من المهم جداً توضيح الأمور للطفل يشكل واضح وإنه حتى ولو رأى كبارً يكذبون.. فإن هذا السلوك خاطئ.. ولا يجوز.. وذكر بعض القصص والأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي تتناول مثل هذا الموضوع بأسلوب مبسط يتناسب مع مستوى الطفل ومرحلته العمرية. خامساً: محاولة فتح حوار مباشر وبسيط مع الطفل لمعرفة آماله وأحلامه.. ورؤيته للأشياء لتحقيق بعض هذه الأحلام.. وإشعاره من خلال هذا الحوار بقيمته.. وتدعيم ثقته بنفسه.. وبأن عدم وجود هذا الأمر أو غيره من وسائل ترفيه أو كماليات لا يضيره ولا ينقصه.. بل إن الله تعالى خلق الناس ومايز بينهم في القدرات والإمكانات.. وغير ذلك من أمور تشعر الطفل بقيمته الذاتية.. وأهميته.. وتزيل منه أي إحساس بالنقص قد يستشعره لسبب أو لآخر.. وذلك بأسلوب يسير مبسط.. مطعم بالقصص الهادفة وبعض الطرائف المناسبة. سادساً: المحاولة الجادة وغير المباشرة لمعرفة الأسباب التي قد تدفع الطفل لهذا المسلك.. وبالتالي المحاولة الجادة لإزالتها وعلاجها. سابعاً: وأخيراً.. الدعاء.. بأن يصلح الله لك ويصلح بك وأن يذيقك حلاوة بر أبناءك وهدايتهم أنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير، وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

عند غضبه يضرب رأسه بقوة، وعنيد أيضا

عند غضبه يضرب رأسه بقوة، وعنيد أيضًا المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 30-1-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: طفلي عمره سنتين وعند غضبه أو عدم تلبية حاجته يضرب برأسه الأرض أو الجدار بقوة ولعدة مرات مع البكاء الشديد وإذا نهيناه بلطف ازداد.. وإذا أغلظنا عليه انتهى وعاد يطالبنا بتنفيذ ما يقع أما ناظره!!! سؤالي: كيف أستطيع أن أخلص طفلي من هذا؟ كما أن طفلي يرفض ترديد بعض الكلمات التي نريدها مثل: ماما فيرفض ويقول بابا عناداً وإلى الآن لا يستطيع النطق ببعض الكلمات السهلة؟ الجواب - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: لم تذكر لي ترتيب هذا الطفل بين اخوته وأخواته.. وهل هو الطفل الأول أم لا.. وهل يوجد له أخ أصغر منه..؟! وما هو ترتيبه بين إخوته..؟ وأهمية مثل هذا الأمر هو لمعرفة الدافع لهذا العمل ومعرفة أسبابه.. فقد يكون الرغبة في لفت الانتباه إليه وإثارة الاهتمام به..!! وهو سلوك مفهوم لدى الأطفال..!! وقد تكون لذلك أسباب أخرى..!! ثانياً: لمعالجة مثل هذا الأمر يجب التعامل مع سلوك هذا الطفل بطريقة "الإطفاء" أو التجاهل..؟! فإذا ما قام الطفل بضرب رأسه بالحائط والبكاء.. فلا تلتفت إليه أنت أو والدته ولا تعيراه أي اهتمام مهما كانت عواطفكم تجاهه.. وهو في النهاية سيتألم وسيبكي ويبكي.. وفي النهاية سيصمت..!! .. وربما حاول إيذاء نفسه بشكل أو بآخر.. وهنا يلزم أيضاً التجاهل وتصنع اللامبالاة والحيادية في الملامح.. مع إبعاد ما قد يشكل خطورة على الطفل كبعض الآلات الحادة وغيرها. ثالثاً: إذا عرفنا السبب بطل العجب كما يقال.. فإذا فهمنا أن الهدف لفت الانتباه والضغط العاطفي على الوالدين و " ابتزازهم ".. فيجب ألا أحقق ذلك للطفل في هذا الموقف بالذات.. بل أحققه في مكان آخر وسلوك آخر.. مهما بدا على الطفل من تأثر وبكاء.. بل أرقبه من بعيد.. وأتجاهل سلوكه وكأنه لا يعنيني. وهنا سيتوقف الطفل عن ذلك. رابعا: إذا استمرت الحالة لدى الطفل ولم تثمر هذه الطريقة معه.. فيجب هنا عرضه على احد العيادات النفسية المتخصصة لفحصه بشكل مباشر ومعرفة أبعاد هذا الأمر عن قرب. خامسا: أما عن رفضه ترديد بعض الكلمات واستبدالها بأخرى فلا تتوقف طويلاً أمام ذلك.. ولا تشعر الطفل بغضبك لذلك.. بل أظهر له سرورك مهما كنت " حانقاً " ولاطفه.. ولا تلح كثيراً على نطق كلمة بعينها فالأمر يسير.. وربما كان نوعاً من العناد.. علاجه - كما أسلفت - التجاهل!!! وأما عن عدم نطق بعض الكلمات البسيطة فلا تستعجل كثيراً على الطفل في هذه المرحلة وثق أنه سيتجاوز كل ذلك بإذن الله.. لأن هذا الأمر يتكرر كثيرا ًفي هذه المرحلة وإن كان بصور مختلفة!!! سادسا: من الممكن إحضار بعض.. الأفلام الكرتونية التعليمية والترفيهية والتربوية.. ليستفيد منها لطفل.. ويمكن أن تكون وسيلة تستخدم كتعزيز إيجابي للطفل عندما يتصرف بشكل إيجابي مقبول. وفقك الله لكل خير.. وأقر عينك بصلاح أبناءك وهدايتهم وتوفيقهم..

ابني يكذب!!

ابني يكذب!! المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 25-4-1424 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ابني عمره 12 سنة، طيب القلب، مطيع، هادئ الطبع، إلا أنه كثير الكذب بعكس إخوانه الذين تم تربيتهم على الصدق والصدق فقط حتى ولو على أنفسهم. أرجو الإفادة عن أسباب ذلك والحل للتخلص من هذا الطبع الذي يقلقنا كثيراً وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب أخي الكريم ... أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع "الإسلام اليوم" أخي! أسال الله الكريم أن يحفظ لك أبنائك ويجعلهم قرة عين لك ولوالدتهم وأن يصلحهم ويهديهم إلى سواء السبيل وأن يرزقك برهم وإحسانهم. أخي الكريم إن الأطفال هم زهرة الحياة ومتعتها متى ما تفهمنا طريقة التعامل معهم وتربيتَهم التربية الإسلامية لكي تعدهم كرجال المستقبل محصنين من المشاكل بكافة أشكالها!! ولا شك أن الطفل يأتي للحياة كصفحة بيضاء نضع فيها ما نشاء من السلوكيات والعادات سواءً السلبية أو الإيجابية!! ما أريد أن أصل إليه أن خصلة الكذب التي يعاني منها ابنك لم تأته من أثر الوراثة ولكنه سلوك مكتسب اكتسبه من البيئة التي يعيش فيها سواء من الأسرة أو الأقرباء أو المدرسة أو الرفقة وتنامت لديه تلك الخصلة طوال فترة الطفولة ولم تجد رادعاً وموجهاً لها!! وللكذب لدى الأطفال أسباب كثيرة سأورد لك ما تيسر لي:- 1-ممارسة القسوة معه منذ الصغر بدون مناقشة عن أسباب خطئه مما يجعله يلجأ للكذب كي يتجنب العقاب!!! 2-قد يستخدم الطفل الكذب تقليداً ومحاكاةً للكبار المحيطين به. 3-ويلجأ الطفل للكذب للتفوق على أقرانه دراسياً أو مهارياً!! 4-ويلجأ الطفل للكذب لحماية نفسه من اعتداء أقرانه عليه 5-ويلجأ الطفل للكذب لرفض الذكريات المؤلمة التي لا يعرف كيف يتصرف معها!! 6-التشجيع والضحك لحيلة الكذب في صغره قد تكون سبباً لترسيخ تلك الخصلة!! 7-التخيل النفسي حيث أن كثرة ترديد كلمة كاذب على مسامعه يؤثر في نفسيته ما يجعله يصدق ذلك. 8-عدم الثقة بكلام الطفل من الآباء حتى ولو كانت الحقيقة فيلجأ للكذب!! 9-الاكتساب لكي يحصل على شيء لذاته يلجأ للكذب لعدم وجود طريق آخر للحصول عليه!! أما طريق العلاج التي أرى أنها مناسبة مع ابنك بعون الله تعالى فهي: 1-ساعد ابنك على التعلم بواسطة التجربة وبيِّن له أن الصدق أفضل من الكذب وعقوبة الكاذب في الدنيا والآخرة. 2-شجعه على الصدق ولو كان قد أخطأ في المنزل أو أخفق في امتحان وأخبره أن صدقه يقابله ثناء وتشجيع وتحفيز مادي لأنه قد ذكر الحقيقة وإن اعترافه أفضل بكثير من إخفاء الحقيقة!! مارس معه تلك الطريقة وكررها عدة مرات وتجنب بتاتاً إظهار الغضب لأي خطأ يعترف فيه!! فالنتيجة ستكون إيجابية بإذن الله. 3-تجنب مقارنته بإخوانه أو أصدقاءه فقد تزيد المشكلة إلى تنامي الكذب والعدوانية في نفسه تجاه من تقارنهم معه!! 4-اسرد له ولإخوته بعض القصص المفيدة مبيناً فيها فضل الصدق ونتيجة الكذب السلبية بدون إشعاره بأنه هو المعني بذلك!

5-وفر له بعض الأفلام الكرتونية الهادفة ليتعلم قيمة الصدق وما يؤول بصاحبه!! 6-تفقد وضعية زملائه في المدرسة والحارة فقد يكونوا من أسباب تنامي تلك الخصلة وحاول إبعاده أو إصلاحهم بالتأثير المباشر وغير المباشر! 7-قم بزيارة المدرسة والالتقاء بمعلمه وبالمرشد الطلابي للمساعدة في القضاء على تلك الخصلة لئلا تتنامى في داخله خاصةً وهو مقبل على مرحلة مهمة في حياته تحتاج رعاية خاصة!! 8-ليكن العقاب آخر المراحل بعد أن تعمل ما سبق وتصبر على تحقيق النتائج ويكون العقاب بعدة صيغ! مثل: أ - الحرمان: بحيث يتم حرمانه من الخروج من المنزل أو اللعب في ألعابه المفضلة بمقدار عدد أكاذيبه!! ب- العزل ويتم عزله في غرفة لمدة ربع ساعة تزيد أو تنقص بمقدار الكذب!! أسأل الله لنا ولك صلاح النية والذرية،،،

ابني كثير المشاجرة

ابني كثير المشاجرة المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 17-2-1424هـ السؤال ابني عمره ست سنوات ونصف ومشكلته هي أنه: يتشاجر مع زملائه سواء في المدرسة أو الشارع ويبصق عليهم أحيانا وهو سريع البكاء عندما يتضايق من مواقف تواجه. وهو يحب العزلة عن الأطفال في معظم الأوقات ويلجأ إلى تسلية نفسه بعيداً عنهم في منزلنا حيث يلجأ إلى الكتابة والرسم ولعب بعض الألعاب على الكمبيوتر. ورغم ذلك، فهو متفوق دراسياً. كيف أعالج سولكياته المذكورة أعلاه حيث أنها كثيرا ما تسبب لنا الإحراج الاجتماعي. هو الكبير بين أخوته حيث يوجد لديه أخوين أحدهما عمره 4 سنوات ونصف الصغير عمره 8 شهور. برجاء الإفادة سريعاً لو تكرمتم وشكراً. الجواب الأخت الفاضلة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشكر لك تواصلك مع "موقع الإسلام اليوم" عبر البريد الإلكتروني أختي الكريمة: إن البيئة التي يعيش فيها الطفل لها تأثير كبير على نفسية الطفل وسلوكياته إماّ سلباً أو إيجاباً، لذلك فإن الجو المشحون بالخصومة والخلاف بين الأبوين وتكرار ارتفاع الصوت والغضب بينهما!! يجعل الطفل عرضة للمخاوف والاضطرابات!! وقد يكون الطفل من النوع المزاجي فيسقط انزعاجه وقلقه عل الآخرين من زملائه في المدرسة أو الحارة أو أقربائه إماّ بالشجار أو الألفاظ بهدف جذب انتباه والديه له بعيداً عن مشكلاتهم الخاصة. وهو يصبح عاجزاً عن تمييز هذا القلق الداخلي مماّ يضعف قدرته على الحديث عماّ في نفسه!! وقد يكون أسباب عدوانيته ملاحظته لأحد أفراد الأسرة وهو يتصرف بتلك الطريقة فيقوم بتقليد واتخاذه قدوة في تصرفاته.!! ومن الأسباب كذلك الحماية الزائدة التي افتقدها الطفل بعد مجيء أطفال جدد فيستخدم تلك الطريقة لجذب الانتباه.! أو تكون القسوة في التعامل فيتبلور السلوك في داخله فأصبح يتعامل مع الآخرين بنفس الطريقة. لذلك أختي الكريمة أفضل الطرق المناسبة لمواجهة المشكلة هي:- 1- الدعاء لهم أوقات الإجابة بأن يهديهم ويصلحهم ويجعلهم قرة عين لك ولوالده. 2- التجاهل لكل ما يصدر من الطفل من ألفاظ وعدم إعطاءها أي انتباه لأن معرفته لأهمية لفت انتباهك حينما تصدر منه يجعله يكررها ويستحسن إثارتها لكسب انتباهك. لذا عليك تجاهل الألفاظ التي تصدر منه تماماً وعدم إعطائها أي أهمية فإن ذلك مدعاة لانطفائها لعدم وجود صدى لها من قبلك!! 3- تظاهري بعدم فهم الكلمات الصادرة منه!! بسؤالك له ما هي الكلمات التي استعملتها؟ لأفهم معناها!! 4- استخدام أسلوب " التعزيز الموجب " ويتطلب مكافئة أي سلوك إيجابي يصدر من الطفل تجاهك أو تجاه إخوته أو أقرانه مادياً أو لفظياً ليربط بين السلوك الإيجابي وبين التعزيز فيساعده على تكرارها. 5- إن استمر الطفل على العدوان مع أقرانه واستخدام الألفاظ السيئة يستخدم معه العقاب بالأوجه التالية: أ - حرمانه من الذهاب مع والده لأي مشوار يرغب الذهاب إليه ويحبه! كالذهاب لمدينة الألعاب أو زيارة الأقارب والحرص على تطبيقه مهما حدث منه من بكاء.

ب - استخدام العزل في غرفة لمدة خمس دقائق تزداد بتكرار السلوك السلبي مع إفهامه سبب هذا العقاب. 6- ساعدي طفلك لدعوة أصدقائه للمنزل ومشاركتهم ألعابه فإن ذلك يساعده على فهم الصداقة مع الأقران وشجعي أسلوبه وتعامله معهم وحثيه على تكرار ذلك وقدمي له الكلمات التشجيعية وكافئيه. 7- جنبي الطفل المواقف التي قد تساعده على تنامي العداوة كرؤية أفلام عنف أو مشاهدة تصرفات داخل الأسرة لأن المعالجة يجب أن تكون أولاً القضاء على الأسباب. 8- اطلبي من المدرسة " المرشد الطلابي + معلم الصف " المساعدة في القضاء على سلوك الطفل العدواني واستبداله بسلوك إيجابي. وليكن بينكم تعاون تجاه القضاء على سلوك العدوانية لدى الطفل!! 9- أخيراً تجنبي مقارنة ابنك بأحد أقربائه كأن يقال له إن ابن فلان أفضل منك أو أخوك أهدأ منك فإن ذلك قد ينشئ الغيرة في داخله فتنعكس على سلوكه عداوة لأقرانه! 10- تحلي بالصبر وعدم استعجال النتائج! أسأل الله الكريم أن يحفظ لك الذرية ويصلح النية،،،

ابني متعلق بالقنوات

ابني متعلق بالقنوات المجيب د. عبد العزيز الشهوان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 03/04/1425هـ السؤال عندي أحد أبنائي مصرٌّ على الإطلاع على القنوات الفضائية إلى درجة أننا أبعدنا الأجهزة عن المنزل، فقام بجلب غيرها، وأنا ووالدته دائماً في جدال بهذه المسألة، فهي مصرّة وملحة على إخراج هذا الجهاز من غرفة نومه، وأنا لست راض على تصرفه هذا، ولكني متبع سياسة (سددوا وقاربوا) ، خوفا من خروج الولد عن المنزل لوقت طويل بحثاً عما تطلبه نفسه من مشاهدة هذه القنوات، وقد تفضي به إلى شيء أعظم من هذا، مع العلم أنني حريص على متابعتهم في الصلاة، خاصةً صلاة الفجر مع الجماعة، ولكن الشباب والسن الذي هو فيه يجعلني أغض الطرف عن بعض التصرفات حتى يكون قريب مني ومن المنزل، وأراقب تصرفاته وسلوكه عن قرب، لكن والدته دائما تحاول استشارتهم إلى درجة أنه يحصل على أجهزة بدلاً عن ما سلب منه بطريقة لا نعرفها، إضافةً أن الولد -هداه الله- فيه خجل عجيب مني مع أني أنا الذي بصفِّه دون والدته، ويرتاح مع والدته في طلباته والحديث معها أكثر مني، مع أني معه بالذات دون إخوته لين الجانب، أرجو التوجيه فيما ترونه. علما أن ابني في السابعة عشر من عمره. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وفقك الله أخي الكريم وزادك ثباتاً على الحق، وأشكر غيرتك، والله أسأل أن يقر عينك بصلاح أبنائك وأبناء المسلمين جميعاً. أما ما طرحته من تساؤل حول إيجاد حلول لهذه التيارات الفكرية والأخلاقية التي قد تعصف بأخلاق وعقائد الشباب فهي معاناة كثير من المسلمين اليوم، ويمكن إيجاد بعض الحلول التي تعين المسلم على ثباته على دينه، منها: (1) دعاء الله - سبحانه وتعالى- بأن يصلح نيته وذريته. (2) الحرص على التربية الصالحة منذ الصغر وإلحاقهم بحلق تحفيظ القرآن الكريم، وهذا كفيل بشغل أوقاتهم فيما ينفع في الدنيا، والآخرة مع حثهم على المشاركة في الرحلات والمخيمات التي تقيمها هذه الحلق. (3) إلحاقهم في وقت الصيف بالمراكز الصيفية التي تقوم على الترفيه المباح، وتعليم السباحة وركوب الخيل. (4) ارتياد الأماكن المسلية التي ليس فيها منكرات كالمنتزهات التي تهتم بإيجاد برامج خاصة للشباب، واحرص على أن تكون بصحبتهم. (5) اعتزال مواطن الفتنة؛ وذلك بإزالة القنوات الفضائية الإباحية التي تفسد على الشباب دينهم وأخلاقهم، والحمد لله توجد بدائل لهذه القنوات بقنوات تحمل هم الإسلام والدعوة إليه. (6) محاولة دمجهم مع رفقة صالحة في سنهم، وتبادل الزيارات فيما بينهم، ويمكن التعرف عليهم عن طريق المناشط الصيفية وحلق التحفيظ وأبناء زملائك الذين تثق بهم، ومحاولة المباعدة في الزيارات للأقارب الذين لديهم بعض المنكرات أو شباب قد انغمس بها. فتزورهم وأبناؤك تحت ملاحظتك دون تفردهم بهم. (7) شارك أبناءك في الاستماع إليهم وتفهم مشكلاتهم، واجعل من نفسك صديق لهم حتى يحبوك ويقتدوا بك، ويطلعوك على مشاكلهم.

أما ما ذكرته من خجل ابنك منك، فحاول استغلاله بالتوجيه اللين ومؤاخاته حتى يكون أدعى للاستماع إليك والتأثر بتوجيهاتك لاسيما وأن هذه الفترة من العمر تعتبر من فترات المراهقة الحرجة التي تحتاج إلى معاملة خاصة مع هؤلاء الشباب فراقبه ووجهه دون شعوره بأنك تملي عليه توصياتك، فهو في هذا العمر يحاول أن يثبت شخصيته ووجوده، ولا يتحمل سيطرة الوالدين المباشرة. وحاول أن توجد بدائل كالقنوات الصالحة وأشرطة الفيديو الهادفة؛ حتى تملأ فراغه بشيء مفيد، فمنعه دون إيجاد بدائل قد يفضي به إلى البحث عنها في أماكن أخرى. ثم انصح أمه بعدم استثارته والضغط عليه حتى يتقبل منها ما تود توجيهه نحوه، بل ينبغي أن تكون قريبة منه، يفضي إليها بأسراره ومشاكله الشخصية؛ لأنه إذا شعر ببعدها عنه فسيخفي عنها كل شيء، وقد يشير رفقة سوء فيؤدي به ذلك إلى عواقب وخيمة، والحمد لله أن أخلاقه وتعامله مع والدته لا يزال في مرحلة جيدة - كما ذكرت- فلتحاول أن تكون قريبة منه. أسأل الله أن يصلح شباب المسلمين لما فيه خيرهم في الدنيا والآخرة، والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.

ابنتنا مدمنة أغان

ابنتنا مدمنة أغانٍ المجيب محمد العبد الكريم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 08/05/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: أود أن أطرح عليك هذه المشكلة، والتي تتعلق بابنة أخي البالغة من العمر 12 سنة، فهي مدمنة على قنوات الأغاني والفيديو كليب، ولا تتقبل النصيحة، وهذا الاهتمام بقنوات الأغاني يؤثر على دراستها، أمها تشكوها لي، وتطالبني بنصحها، لكنني أجدني عاجزة عن التواصل معها وإيجاد السبيل لإقناعها بالاهتمام بأمور أخرى غير التلفزيون، أتمنى أن تساعدوني، ولكم منا وافر الشكر. جزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخت الكريمة: جزاك الله خيراً على اهتمامك بابنة أختك، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. أختي الكريمة: عندما يدمن الشخص على شيء ما فإنه في الغالب يربط السعادة والراحة بهذا الذي أدمن عليه، ويربط التعاسة والألم بالبعد عنه؛ ولذلك فإنك بالقدر الذي تستطيعين فيه فك الرابط بين هذه الأشياء ستنجحين في إقناعها - بإذن الله تعالى-. حاولي - أختي الكريمة- أن تتعرفي على اهتماماتها الأخرى والأشياء التي تجذبها وتستطيعين توفيرها وإشغالها بها، فإن هذه المرحلة؛ مرحلة مراهقة وفيها يهتم الشاب أو الشابة بالأشياء المثيرة التي يود من خلالها أن يحقق ذاته، فابنة أختك أدمنت على تلك الأغاني وهي في هذا السن؛ لأنها رأت في تلك الأغاني الإثارة والمتعة والتسلية، وربما تحقيق شيء من ذاتها لا سيما إذا كانت تحفظ الكلمات والرقصات، فلا شك أنها تريد أن تثير اهتمام من حولها مما جعلها تدمن، وما لم تكوني قادرة على ملئ هذا الفراغ النفسي لديها، وتحقيق شخصيتها من خلال معرفة الاهتمامات الأخرى لديها فإنها لن تقتنع، وربما تزيد في إصرارها على الإدمان. في البداية ليحاول أهلها تحديد أوقات محددة لمشاهدة التلفاز حتى لا تتمكن من المشاهدة في كل وقت، ثم ليحاول أهلها إشغالها أيضاً في الوقت المسموح به لمشاهدة التلفاز بأن تشغل هذه الفتاة بأشياء تحبها كالزيارات، وما إلى ذلك. أخيراً: شجعيها مثلاً إذا كان صوتها جميلاً أن تحفظ القرآن الكريم، وأن تقرأه أمامك وعطريها بالثناء وعندما ذكرت لك القرآن لأني لا أجد ألذ، ولا أطعم، ولا أفضل لها، ولنا جميعاً من بديل آخر عن كتاب الله -تعالى-. حاولي، واصبري، وابدئي معها شيئاً فشيئاً؛ وستجدين النتيجة إن في الدنيا وإن في الآخرة. وصلى الله على نبينا محمد.

ابنتها المراهقة والمحادثات الغرامية

ابنتها المراهقة والمحادثات الغرامية المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 26/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: أنا لي ابنة عمرها 14سنة، فاجأتني قبل أيام أنها تحب شاباً عمره 16سنة تقريباً، ولم تتجاوز العلاقة بينهما المحادثات الهاتفية، يوهمها أنه يحبها ويريد الزواج بعدما ينتهي من دراسته، وفترة العلاقة 3 أشهر تقريباً، ماذا أفعل معها؟ هل أضربها وأحبسها أو ماذا أفعل معها؟، أفيدونا أفادكم الله، وأسأل الله العظيم أن يجعله في موازين أعمالكم. ملاحظة: عندما علم أبوها أراد أن يضربها، فهدأته، وقلت دعنا نسأل أهل العلم، فأرجو أن تردوا بأسرع وقت. ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا شك أن ما حصل من البنت مشكلة خطيرة، وهي ليست بمستغرب أن تحصل من بعض البنات والشباب وهم في مثل هذه الفترة العمرية (14-16 سنة) ، وهي جزء من فترة متعبة جداً للشاب وللفتاة، ولمن لم يحسن معرفة التعامل معهما من الآباء أو الأمهات، وهذه الفترة تسمى فترة المراهقة. وهذه الفترة تحتاج من الوالدين الاستعداد لها والاهتمام بأمرها في وقت مبكر قبل أن يبدأ الابن أو البنت بها، ويتم الاستعداد لها بالتربية السليمة وتعويدهم على الفضائل، وتعريفهم وهم صغار بالحرام، وتخويفهم بالعقوبة يوم القيامة وبأمرهم بالطاعات، والحرص على الصلوات، وأن يكون البيت خالياً من وسائل تسهيل المنكر، مثل الأغاني والموسيقى، والأفلام، والمسلسلات التلفزيونية، والبرامج غير المنضبطة بضوابط شرعية صحيحة، ويلزم حرص الأب والأم على حسن العلاقة بالأبناء التي تساعدهم على سماع النصيحة والثقة بالأبوين؛ حتى لا يحتاج الوالدان إلى استخدام وسائل خاطئة كالقسوة في المعاملة والحرمان، والأساليب، والألفاظ غير المناسبة، مما يزيد في نفور وعقوق الأبناء للآباء والأمهات، وأن يحرص الأب على مساعدة الابن، وتحرص الأم على مساعدة البنت، قبل أن يصل الابن وتصل البنت إلى هذه الفترة التي تبدأ من (14-18 أو 20 سنة) فيحسن الأب اختيار الأصدقاء لابنه، والأم تحسن اختيار الصديقات لابنتها، أو على الأقل مراقبتهما مع أصدقائهما بطريقة صحيحة. ومتى فرَّط الأب وتخلت الأم عن كل ما سبق ذكره فربما تحصل المشكلات بسببهما، ثم يندمان ولا ينفع حينئذ الندم. أما مشكلة البنت التي ذكرتها هنا فهي -بحمد الله- لا تزال في بدايتها، ويمكن لك ولأبيها تدارك الأمر، وقطع الشر قبل أن تتطور المشكلة، فتحصل أمور لا تحمد عقباها من هذه العلاقة بين مراهقين لا قدَّر الله. فالشاب المراهق الذي تعرَّفت عليه البنت لا يزال صغيراً وهي أصغر، ولن يحدث - إن شاء الله- شر إذا سارعت أنت وأبوها إلى تنفيذ التوصيات والنصائح؛ لذا أنصح بما يلي:

(1) اجلسي مع البنت في وقت مناسب وعلى انفراد بينك وبينها لتوضحي لها خطورة هذه الصداقة وشرها العظيم إذا تمت بسبب مكالمات هاتفية وليست بأمور شرعية، وتوضحي لها أن الشاب يزعم أنه سيتزوجك بعد التخرج، فإن كان صادقاً فلماذا العلاقة غير الصحيحة من الآن، ولماذا تتم بدون ترتيب مع الوالدين لكل من البنت والولد، وقولي لها لا تنخدعي بكلامه، فكم من علاقة تمت مثل هذه، وانتهت بالسجن والمخدرات والفاحشة، ثم بعدها لم ينفع الندم، وقولي لها: سننظر في حال هذا الشاب إن كان عاقلاً ونيته سليمة وهو من أسرة متدينة، فلا مانع من الزواج، ولكن ليس الآن ولا بهذه العلاقة غير الشرعية، وخوفيها بالله وأكثري من مدحها بالأعمال الطيبة. (2) من الأفضل أن يتصل الأب بالشاب ويجلس معه لمناقشته وتخويفه بالله أن هذه طريقة خاطئة، ويوضح له الطريق الصحيح إن كان صادقاً في نيته، فإن وجده شاباً عاقلاً ومتديناً لكنه متعجل ومخطئ ينصحه أن ينتظر، وبعد التخرج يتقدم لكم عن طريق والديه، فإن وافقتم يتم كل شيء بأسلوب صحيح، وإلا تعتذرون أو ربما هو يتغير رأيه فيما بعد، وعلى الأب أن يحذِّر الشاب من أي اتصال بالبنت بعد اليوم. (3) : فكري وتفحصي، ما هي أسباب بدء هذه العلاقة بين البنت وهذا الشاب، هل تربية البنت عندكم قد تمت على أصول حسنة وسليمة؟ فلا أغاني ولا أفلام، ولا قنوات فضائية غير منضبطة؟! وهل أهل البيت كلهم محافظون على الطاعات وأهمها أداء الصلوات والحشمة؟! وهل وصول البنت إلى المدرسة وعودتها منها يتم بضوابط شرعية صحيحة؟ وهل البنت لا تخرج للسوق إلا للضرورات، وإذا خرجت تخرج محتشمة ومعها من يرعاها؟ فهي في سن المراهقة، ومثل هذه الفترة تحتاج من الوالدين عناية واحترازاً شديدين، فإن كانت أسرتكم مهتمة وحريصة على هذا بفضل الله، فما حصل لا شك أمر خطير، ويلزمكم الحرص الشديد والعاجل على معالجته بالحكمة، سواء مع البنت أو مع الشاب الذي ابتليتم به، وإن كان الإهمال من البيت بسبب المخالفات الشرعية فإن هذه المشكلة واحدة من النتائج الحتمية لهذا التسبب، فاتقوا الله وسارعوا للتوبة حتى لا تتطور هذه المشكلة، وقد يحصل مثلها أو أشد وأعظم. أما حل المشكلة هذه: فنوصيك ونوصي والدها بالحكمة والتعقل، وعدم العجلة، ما حصل أمر يمكن تداركه - بإذن الله- والخلاص منه بسهولة، إن وجهتموه الوجهة الصحيحة. وفقكم الله.

التعلق بالرضاعة بعد الفطام

التعلق بالرضاعة بعد الفطام المجيب د. فاطمة الحيدر طبيبة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 10/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. مشكلتي مع طفلي البالغ من العمر ثلاثة أعوام ونصف، فمنذ فطامه منذ سنتين وأنا ألاحظ تعلقه بالرضاعة، فهو يطلب مني أنه عندما يرجع طفلاً أن أعود أرضعه، ويحب النظر لصدر المرأة عموماً كلما تذكَّر، الأمر الذي يسبب لي الإحراج مع القريبات من جهة، وأخاف أن يستمر هذا معه من جهة أخرى فيتحول لسلوك غير سوي، كيف أتصرف؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما ذكرتيه - يا عزيزتي- لا يعد مشكلة، بل إنه تعلق طبيعي في هذه المرحلة العمرية- فبعد التوقف عن الرضاعة والتي لا تمنح الحليب فقط، بل تعطي أكثر من ذلك من خلال الشعور بالحنان والإحسان والاطمئنان، وبعض الأطفال يستمر في البحث عن ذلك عن طريق المطالبة بمزيد من الرضاعة، والبعض الآخر يستبدله بالالتصاق المبالغ فيه بالوالدة والإمساك بيدها خاصة عند النوم، هذه التغيرات وغيرها قد تلاحظ زيادة فيها بعد ولادة مولود جديد، وكأن الطفل الأول يقول: إنني لا زلت بحاجة لنفس الرعاية والاهتمام، كل ما عليك - يا عزيزتي- هو إشباع الحاجة الطبيعية للحنان لديه بتقبيله واحتضانه، وملاطفته، وإشعاره بأنك قريبة منه، خاصة في فترة ما قبل المنام، والتي تدعها كثير من الأمهات من مهام العاملة المنزلية، وحينما يطلب منك الرضاعة أو ملامسة الصدر بيده كوني لطيفة، ولكن حازمة في رفض ذلك، وتذكيره بأنه قد كبر، ثم اشغليه بشيء محبب، وداعبيه بطريقة أخرى. والله الموفق.

كيف يرغب ابنه الصغير في الطاعات؟

كيف يرغب ابنه الصغير في الطاعات؟ المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 10/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ابني يبلغ من العمر ست سنوات وعشرة أشهر، وهو يدرس بالصف الأول الابتدائي، وأرغب في عدة أمور: 1- تسجيله في حلقة تحفيظ قرآن، لكنه يرفض بقوة، فهل أجبره؟. 2- المحافظة على الصلاة: أحياناً يرفض الصلاة في المسجد والبيت، فهل ألزمه وأعطيه الهدايا لترغيبه فيها، أو أحرمه من بعض الأشياء؛ بسبب عدم أدائه للصلاة. 3- المحافظة على أذكار الصباح والمساء، فابني يحفظ بعض السور القصيرة وبعض الأذكار، لكن أحياناً كثيرة يرفض قراءتها. أرشدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم: - حفظه الله- إن ممارسة الكثير من الضغوطات على الطفل ليتعلَّم ويحقِّق نتائج جيدة ليست مفيدة، وإن تعَّلم أشياء مثل القراءة والكتابة والأرقام في عمر مبكر جداً، فهي أشبه ما تكون بمحاولة بناء السقف قبل الأساس. فقدرات الطفل وطاقاته تنمو على مراحل تراكمية تتلاحق، وتفيد بعضها البعض، وتعتمد كل منها على سابقتها، والطفل يتعلَّم بطريقة أفضل إذا ما هيأ له الأبوان والمعلمون فرصة لتعلُّم الأشياء المناسبة لعمره. لذا - أخي- ينبغي أن يكون لديك جزء كبير من المهارة والصبر، فمراقبة الطفل عن قرب، ومعرفة الوقت الذي يصبح معه الطفل محبطاً أو ضجراً مهم جداً؛ لأنه يجب أن نضع الطفل أمام فرص جديدة، وتحديات مناسبة لعمره، وبعث الاهتمام لديه لكي يطبق ما يريده الأبوان، لذا - أخي- ينبغي عليك أن تسعى إلى تطبيق الآتي: 1- مراقبة الطفل بشكل جيد؛ لكي يمكن أن تطلب ما تريد في أوقات مناسبة. 2- احترام رغباته وتوجهاته؛ حتى تستطيع أن تصل إلى ما تريد. 3- الامتناع عن العقوبة المسبقة، واتباع مبدأ التعزيز الإيجابي (الثواب) ، ومبدأ العقاب، والذي يكون بالحرمان مثلاً وليس بالضرب. 4- التشجيع المستمر للطفل إذا تعلَّم أشياء جديدة خارج المدرسة وداخلها. 5- الصبر وعدم استعجال النتائج، فما يرفضه الطفل اليوم قد يقبله في الغد. 6- الدعاء له بالهداية والصلاح. ولا تنس - أخي- أن تعبر لطفلك عن سرورك الكبير لأي شيء يتعلَّمه حتى لو كان صغيراً. والله يحفظك. أما مسألة العناد فهو سلوك إنساني سوي، فالإنسان قد يرفض موقفاً ما، ويتخذ موقف الرفض منه، فيكون الشخص في صراع بين سلوكيه، والتمسك الشديد بأحدهما يطلق عليه العناد. والأطفال عندما يتمسكون بموقفهم فهم يرونه أكثر مناسبة وراحة لهم، ولذلك يجب عدم مواجهة الطفل في إصراره، فلا تصرخ إذا كان يصرخ، ولا توجه له عبارات جارحة، بل يجب اللجوء إلى الحديث الذي يناسب الحوار، بحيث ننقل الطفل من حالة الهجوم إلى الدفاع، فيكون هناك قنوات للحوار أكثر إيجابية. فقد يكون الطفل محقاً بعناده، وهذا ما يجب أن يعرفه الوالدان، فالحوار هو الوسيلة الرائعة لفهم ما يريده الطفل، وهو وسيلة ناجحة لعلاج حالات العناد.

وعادة يتخذ الطفل العناد جزءاً من تعلمه واستكشافه، ومحاولة التعبير عن ذاته واستقلاليته أو لتحقيق ما يريد، أو لفت الانتباه، أو قدوم طفل جديد. ومن الأساليب التربوية التي على الوالدين اتباعها مع طفلهم ما يلي: 1 -يجب معرفة طبيعة الطفل وحاجاته والفروق الفردية بين الأطفال. 2- التغاضي عن بعض المواقف الصغيرة والبسيطة. 3- توجيه الطفل بطريقة غير مباشرة. 4- عدم إرغام الطفل على إيقاف سلوكه الخاطئ أو عناده، وخاصة بالضرب أو الألفاظ الدالة على التحقير؛ لأن ذلك لا يزيده إلا عناداً. 5- الحوار الهادئ مع الطفل، والصبر في التعامل من دون استعجال النتائج. أما ما يخص البكاء الكثير فهو عادة يكون ملازماً للعناد، فهو من الأساليب المرغوبة لدى الكثير من الأطفال في سن الثالثة إلى الخامسة؛ لتحقيق ما يريدون، ولعل الدلال الزائد من أهم مسبباته. والله يحفظكم.

طفلة لا تنام وتشعر بالخوف

طفلة لا تنام وتشعر بالخوف المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 19/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المشكلة عند ابنة شقيقتي، وهي طفلة في السابعة تقريباً، انطوائية كثيراً, ذكية, حساسة جداً، بدأت المشكلة قبل أشهر بأنها أصبحت لا تنام في الليل، وتشعر بالخوف، تطرح أسئلة غريبة مثل: إذا جاء اليهود وقتلوك يا ماما، وقتلوا أبي أين نذهب؟ وأسئلة أخرى غريبة، طبعًا يحاول والداها تطمينها، لكن المشكلة الكبرى أنها لا تنام في الليل، هم يعيشون في منطقة ريفية، بيت مستقل يشاركها إخوة أصغر منها، وجدتها لأبيها، آمل أن ترشدونا لكيفية معالجة المشكلة والتعامل معها. وجزاكم الله خيراً ونفع بكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الفاضل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم: إن الخوف حالة شعورية وجدانية يصاحبها انفعال نفسي وبدني ينتاب الطفل عندما يتسبَّب مؤثر خارجي في إحساسه بالخطر، وقد ينبعث من داخل الطفل، وهو حالة طبعية تشعر بها كل الكائنات الحية، ويظهر في أشكال كثيرة متفاوتة بين الحذر والحيطة إلى الهلع والفزع والرعب، وكلما كانت درجة الخوف في الحدود المعقولة كان الإنسان طبعياً، ويمكنه التحكم في انفعاله، ولكن حينما يشعر الطفل -وخاصة بعد سن السادسة- بخوف من أشياء لا تمثل خطراً حقيقياً، فإن هذا الخوف يعد خوفاً مرضياً، ويحتاج إلى علاج نفسي ... ما تقدم نبذة مختصرة عن الخوف، وما تعيشه بنت شقيقتك إنما هو خوف نشأ من مصدر، أو مؤثر خارجي ساعد على زرع الخوف المرضي داخلها، وأرسل لها صوراً مؤثرة رسخت في العقل الباطن لديها، مما جعلها تعيش في خوف مستمر، وقد تكون تلك الرسائل أرسلت بقصد أو بدون قصد من خلال القصص حول وضع فلسطين وأطفالها ونسائها ورجالها مع اليهود المغتصبين، وما يتعرضون له من قتل وتشريد. نسأل الله -تعالى- لهم النصر القريب، وبما أن ابنة أختك ذكية وحساسة جداً فإن تلك الصفات ساعدت على أن يكون إدراكها للواقع أفضل وأسرع من الأطفال الأقل ذكاءً؛ لأن الطفل الذكي أكثر حذراً لقدرته وإمكاناته التي تؤهله لتوقع الأخطار وسرعته في الوعي بها، وقدرته على التمييز بين الأخطار الحقيقية والوهمية. وإليك أفضل الطرق المناسبة التي قد تكون عوناً لمواجهة مشكلتها، آملاً من الله - عز وجل- أن تجد فيها الخير: أولاً: مساعدة الطفلة للاندماج مع غيرها من الأطفال، وعدم تركها تعيش داخل ذاتها، أي أنها تستقبل ولا ترسل، لأن ذلك مدعاة لأن تترسخ داخلها صوراً سلبية، وتظهر على سلوكياتها كطفلة هادئة توضع كنموذجاً لغيرها مما يرسخ لديها الانطوائية، فأهمية إشراكها مع الأطفال وتنمية روح الجماعة داخلها مهم جداً، فضروري جداً مساعدتها على الذهاب للمناسبات الاجتماعية ومدن الترفيه- ولو كان شهرياً-.

ثانياً: توفير وسائل ترفيه ذات القيمة المادية القليلة من خلال شرائها من المكتبات؛ لاستثمار قدراتها العالية، ولإشغالها عن التفكير المستمر عن الأحداث الراهنة داخلياً وخارجياً. ثالثاً: البحث عن المصدر الذي ينبعث منه رسائل التخويف من اليهود والموت وفقدان الأقرباء، وإيقافه عن بث تلك الرسائل، وقد يكون المصدر الجدة لحرصها على إشراك الأطفال بهموم الأمة، أو لحرصها على تخويفهم من الخروج من المنزل وخلافه، وقد يكون المصدر متابعة التلفاز، ومشاهدة صور تحكي واقع فلسطين ما غرس داخلها الخوف المرضي؛ لذلك يجب الحرص على إبعاد الطفلة من استقبال أي مصدر تسبَّب في نشوء تلك المشكلة. رابعاً: أسلوب المحاورة.. يجب التحاور مع الطفلة حول ما تختزله من مخاوف، وتطمئنها بأن تلك الأحداث سنة إلهية، وأن مكانهم بعيد جداً لن يستطيعوا وصولنا ... ويكون الحديث معها بقدر إدراكها، والهدف هو المساعدة على اطمئنانها بإخراجها من الأفكار السلبية التي سيطرت عليها. خامساً: الطفلة تحتاج إلى مساعدة من قبل المدرسة، من خلال إيصال وضعها للأخصائية في المدرسة، أو إحدى معلماتها المفضلات لها؛ لتكون مصدر عون لإخراج الطفلة من عزلتها وتصحيح أفكارها؛ لكي يكون هناك توافق بين ما يقال في المنزل وما يقال في المدرسة. حفظ الله ابنة شقيقتك، وحرسها من شر الشيطان وشركه، سائلاً الله لنا ولك التوفيق والسداد.

ابنتي الصغيرة والعناد

ابنتي الصغيرة والعناد المجيب د. أسماء الحسين الأستاذ المشارك في الصحة النفسية والعلاج النفسي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 01/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. أرجو منكم مساعدتي في حل مشكلتي مع ابنتي وعمرها سنتان ونصف، فهي عصبية المزاج، وعنيدة لدرجة كبيرة، ولا تطلب شيئا إلا بالبكاء والأنين، ولو كانت تضحك أو تلعب، وعندما أكلمها أو أناديها أو أنبهها لأي شيء لا تلتفت إلي، حتى شككت في سمعها، ولكني تأكدت من سلامتها، وما زلت لا أعلم سبب عدم ردّها علي، سواء كنت ألاعبها أو أعاتبها! وفي كثير من الأحيان أحس أنها تعيش في عالم آخر، وتنسى ما حولها عندما تلعب أو تلتهي في أي شيء، وفي الآونة الأخيرة أصبحت تضربني بكثرة، فعندما أضربها أو أوبّخها أو أنظر إليها نظرة عتاب تتوجه نحوي بعصبية وتضربني، وقد جربت معها كل ما أستطيع، فكنت أتجاهلها ولا أنظر إليها، ثم غضبت منها وأبعدتها عني، وأخبرتها بأنني لا أكلمها، وأخرجتها من الغرفة وأغلقت الباب، ثم جربت أن أضربها، وبعض الأحيان أمسك يديها حتى تهدأ، وفي كل مرة ترجع وتضربني في الحال، مع العلم أن والدها يعاملها معاملة سيئة في كثير من الأحيان، وقد كان يضربها منذ الشهور الأولى، ولم يفرح لا بحملها ولا ولادتها، وكثيراً ما يثور عليها بسبب أو دون سبب، ويعاندها وكأنها تفهم، حتى إنه في بعض الأحيان يرمي عليها كل ما حوله، أو يضربها بشدة، ويرميها على الأرض ويرفسها، ثم يتندم بعد لحظات على ما فعل، وكأنه فعله دون إرادته، مع أنه قبل الزواج كان معروفاً بحبه الشديد للأطفال، لدرجة أن الجميع كانوا يعتقدون أن البنت تعيش في دلال وفرح مع والدها، ولم يصدقوا الحقيقة، فهل يكون سببا في حالتها العصبية؟ وماذا أفعل معهما؟ لقد تعبت وأخاف أن يتطور الأمر، ساعدوني؛ فأنا ليس لي خبرة، مع أن والدتي حفظها الله لاحظت قبلي كل شيء، وحاولت مساعدتي فاحتارت ولم تستطع. بارك الله فيكم وفرّج همومكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عزيزتي: من أكثر المشكلات التي تواجه الوالدين عملية التشخيص الصحيح لما أصاب أبناءهم من تغيرات أو اضطرابات، أو تصرفات غير طبيعية، والتشخيص هنا ليس سهلاً؛ لأنه مشابه لاضطرابات كثيرة، منها اضطراب المزاج، والعصبية أو العناد، وصعوبة التواصل، والتعلم، وكذلك مرض التوحد الذي يظهر في مثل هذا العمر، ولو تأملنا مرض التوحد، وبعض الصفات المصاحبة له، فأبرزها التالي: 1- أن الطفل يتصرف كأصم أو لا يسمع. 2- أن الطفل يضحك أو يصرخ بشكل غير مناسب، ولديه نوبات من الصراخ والبكاء والاكتئاب لأسباب غير واضحة. 3- لا يظهر عواطفه، ولا يحب أن يحضنه أحد. 4- لا ينظر في عيون الآخرين. 5- إما يظهر نشاط جسدي زائد أو خمول مبالغ فيه. 6- لا يخاف من الخطر. 7- اهتمام غير مناسب لبعض الأشياء. 8- يظهر وكأنه لا يحس بالخطر. 9- يقاوم التغيير في الروتين. 10- يجد صعوبة في الاختلاط بالآخرين. 11- يحب لف الأشياء. 12- الاستمرار في اللعب بأشياء غيره من الأطفال. 13- طاقة جسمانية زائدة وواضحة. 14- يعبر عن حاجته بالإشارة.

فإذا ما حاز الطفل على سبع أو ثمان من الصفات المشار إليها فإنه يشخص بمرض التوحد، وهنا يتدخل العلاج النفسي والطبي الدوائي، وعلاج التصرفات والسلوك من خلال التعليم الخاص، وقبل ذلك لا بد من عرضها على طبيب مختص لتشخيص حالتها بدقة، وليس بالضرورة أن ما لدى طفلتك - حفظها الله- هو التوحد، بل ربما لما ذكرت من سوء معاملة من قبل والدها دور في ظهور الحالة لديها، فالطفل إذا لم يجد التفهم والاحتواء الكافي، والمشاركة الحانية في مثل هذه السن المبكرة بالذات، فإنه إما أن ينعزل ويكتئب أو يتمرد على السلطة بدءاً بالوالدين، وكما قيل في المثل: (إذا كان الكلام حلواً، كان الصدى حلواً) ، فكيف نتوقع من طفلة تعامل المعاملة السيئة في كثير من الأحيان، وتُضرب منذ الشهور الأولى أن تكون علاقتها مع أبويها دافئة حميمة وسوية؟! من أهم احتياجات الأطفال التقبل والتفهم، وإظهار الحب لهم، وهنا المعالجة واضحة بعد إرادة الله، وهي التقرب إلى الطفلة، وتقديم الحب والاهتمام لها من قبل الوالدين، والصبر في ذلك وإشعارها بالاحترام الذي يشعرها بالانتماء للأسرة والحب لها. وفقك الله.

ابني جهوري الصوت!!

ابني جهوري الصوت!! المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 25-6-1424 السؤال لي ابن عمره ثمان سنوات ومشكلته أنه جهوري الصوت بشكل غير طبيعي، وقد عملت كل جهدي كي يغير من هذه العادة السيئة ويخفض من صوته ولكن دون فائدة..كما أن المدرسة تشكو من هذا الأمر إلينا حيث أنه يناقش المعلمين بصوت مرتفع مما يجعل المقابل يظن أنه يسيء الأدب معه. أرجو الإفادة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخت الكريمة ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع "الإسلام اليوم". إن حدوث سلوكيات غير مرغوبة للآباء من الأطفال نتيجة لبحث الأطفال عن وسائل يجدوا فيها الطريقة المثلى لجلب انتباههم، وكذلك لتأثير التنشئة الاجتماعية على سلوكياتهم. ومن أهم الأسباب التي أرى أنها قد تكون سبباً لسلوك ابنك " رفع الصوت " ما يلي:- أولاً:- أسباب صحية فقد يكون ابنك يعاني من ضعف في السمع فلذلك يرفع صوته اعتقاداً بأن الآخرين يماثلونه بالمشكلة السمعية!! ثانياً:- قيام ابنك برفع صوته رغبة في جلب انتباهك أو والده أو معلميه لشعوره الداخلي بأنه مهم ويستحق الانتباه وقد يكون هناك تشجيع لهذا السلوك من قبلكم فأصبح عادة لأنه وجد معززات في السابق!! ثالثاً:- قد تكون محاكاته لأحد الأقرباء أو الأصدقاء سبباً لذلك السلوك!! رابعاً:- ومن الأسباب صرف انتباه الآخرين عن سلوكيات أخرى يحاول أن يبعد الآخرين عن ملاحظتها!! ما سبق بعضاً من الأسباب التي قد تكون مما ساعد على تنامي السلوك لدى ابنك!!. وسأورد لك أفضل الطرق المناسبة التي أسأل الله تعالى أن يجعل فيها الخير لك ولابنك:- أولاً:- عرض الابن على أخصائي قياس السمع ليتعرف على درجة السمع فقد يكون حاسة السمع ثقيلة!! ثانياً:- الحرص على خلق جو أسري مناسب للطفل يتصف بالهدوء والاستلطاف مما يساعد على تقليل سلوك ابنك!! ثالثاً:- تجاهلي تماماً سلوك ابنك وهذا أسلوب ناجح جداً لتقليل أي سلوك صادر غير مرغوب فيه من الأبناء وهذا الأسلوب يجعل الطفل يقتنع بأن الطريقة غير ذات تأثير على الكبار لجلب انتباههم!! رابعاً:- تعزيز المواقف التي يصدر فيها سلوك مرغوب مادياً ومعنوياً مما يساعد على تنامي السلوك الإيجابي " خفض الصوت " وربط ذلك بالمعززات الإيجابية!! خامساً:- الصبر على ما يحدث من ابنك من خلال الاستمرار بوسائل العلاج وعدم الاستعجال بظهور النتائج!! سادساً:- تشجيع الطفل على قراءة بعض الكتيبات المصورة التي فيها قصص قصيرة والطلب منه بسرد القصة بصوت عادي وتقديم الحافز المعنوي مباشرةً في حالة نجاحه بذلك!! سابعاً:- التعاون مع معلميه في المدرسة وإحداث توافق بينكم لتقويم سلوكه وفق خطة موحدة وتعامل مشابه!! هذا ما تيسر لي ذكره حول مشكلة ابنك سائلاً الله تعالى أن يحفظه ويجعله قرة عين لك ولوالده إنه جواد كريم!!

كيف نتعامل مع أبنائنا الذين لا يصلون؟

كيف نتعامل مع أبنائنا الذين لا يصلون؟ المجيب د. عبد اللطيف الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 04/05/1425هـ السؤال ما أفضل طريقة للتعامل مع الأولاد الذين لا يصلون؟ وإذا صلوا يصلون بدون وضوء؟. الجواب شكر الله للأخ السائل لطرحه هذا السؤال؟ فإن موضوعه مهم، ولا بأس لو تحدثنا بعض الشيء عن أمر الصلاة: جدير بأولياء الأمور والأساتذة، والمربين أن يعنوا أيما عناية بأمر الصلاة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب - عز وجل-: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمَّلُ بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك" رواه النسائي (465) وابن ماجة (1425) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. ومن هنا فقد حثَّ النبي - صلى الله عليه وسلم- على أداء الصلاة للصبيان في قوله: "مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها" رواه أبو داود (494) من حديث سبرة بن معبد -رضي الله عنه-، وقوله: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أبو داود (495) من حديث ابن عمرو -رضي الله عنهما-. فحري بالأبوين أن يأمرا أولادهم بالصلاة منذ السابعة، والحكمة في أمر الأطفال بالصلاة في هذا السن الصغير كي يستأنسوا بها، ويعتادوها، فيسهل عليهم إقامتها إذا كبروا، ولنتصور حث الوالدين في كل يوم خمس مرات، لمدة ثلاث سنوات، لوجدنا أكثر من خمسة آلاف مرة، يحث فيها الأبناء على الصلاة، ولا شك أن ذلك خير عون على أداء الصلاة، ومما ينبه عليه في هذا المقام، التأكيد على الأب بمرافقة ابنه معه إلى المسجد، وتشجيعه دوماً، وقل مثل ذلك بالنسبة للأم بمتابعة صلاة ابنتها في البيت، وبهذا فمن اعتاد الصلاة، ونشأ عليها لم يكد يتركها - إن شاء الله- فيما بعد، وكما عبَّر الشاعر: وينشأ ناشئ الفتيات منَّا *** على ما كان عوَّده أبوه. وإذا بلغ الأولاد العاشرة وقصروا في الصلاة فيضربون حتى ينزجروا، ولا يكون بالضرب الشديد، إنما ضرباً غير مبرح، وأن يُتقى الوجه في الضرب، فلا يضرب الصبي بعصا غليظة تكسر العظم، ولا رقيقة تؤلم الجسم، بل تكون وسطاً، مع ملاحظة أن المقصود من الضرب هو تأديبهم وتوجيههم إلى الحق وأداء الصلاة، مع اتخاذ وسائل الترغيب والتحبيب دوماً. ونشيرُ إلى أنه ربما كان التقصير في أداء الصلاة بالنسبة للصغار، نتيجة الإهمال من قبل الوالدين في أداء الصلاة والتوجيه والمتابعة لأبنائهما، يقول ابن القيم - رحمه الله-: "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سُدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوها صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً". وأما عن الصلاة بلا وضوء، فيجدر تنبيه الصغار على أهمية الطهارة، والوضوء وترغيبهم في ذلك، وتحذيرهم من الصلاة بلا طهارة البتة، وعدم قبول الصلاة، ولا سيما إخواننا الأساتذة في المدارس لصلاة الظهر للطلاب. كما أنصح الآباء والمربين والأساتذة: أن يعرفوا الأبناء بالتوحيد، ويعرضوه عليهم بأسلوب مبسط يناسب عقولهم، ويبعثوا روح المراقبة لله والخوف منه: بيان توحيد الأسماء والصفات، كالسميع، والبصير، والرحمن، وتأثيرها في سلوكهم، وأداء الصلاة. والله الهادي إلى سواء السبيل.

ابني والدراسة متنافران..!!

ابني والدراسة متنافران..!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 29/10/1422 السؤال سؤالي حول ابني المراهق. الذي يبلغ من العمر ست عشرة سنة، فهو ميت القلب أي لا يبالي بمستقبله. لا يذاكر دروسه ولا يحل واجباته، ولا يحفظ شيئاً من المواد التي تحتاج إلى حفظ، وكثير الكذب. في ليلة الاختبارات ينام قرير العين بدون أن يفكر في فتح كتاب أو مذاكرة درس. حاولت كثيراً معرفة السبب ولم استطع تعاونت مع المشرف الاجتماعي بالمدرسة وبعض المدرسين ولم تخرج بنتيجة، أخذته لطبيب نفسي، ولم أحصل على نتيجة مرضية..ما زال غير مكترث بالحياة العلمية لا يشعر بالخوف من المستقبل ولا يهتم بدراسته.. كلمته على انفراد عدة مرات، وحاولت إقناعه بأهمية الدراسة وأنها هي الأمان للمستقبل، وللحصول على عمل أفضل ومنصب أفضل ولم أجد أي استجابة. علماً أنه لا يعاني من نقص بالذكاء ولا الحافظة. ولا أعتقد أنه يواجه مشاكل مع زملائه بالمدرسة، إذ تم متابعته بشكل مكثف من قبل مدير ومشرف المدرسة للقضاء على مشاكله مع زملائه. آسف للإطالة.. أخيراً هذه السلوكيات مصاحبة له منذ بداية دراسته بالابتدائية وهو الآن في المرحلة الثانوية. ولا تقولوا كيف وصلها؛ فقد أراني وأرى والدته نجوم الليل في عز النهار حتى تمكنا من اجتيازه للامتحانات بدرجات مقبول وجيد فقط.. فهل من طريقة لحل هذه المشكلة؟؟!! الجواب أخي الكريم، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد، أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً - لتعلم -يا عزيزي- إن مرحلة المراهقة -إجمالاً- مرحلة "مزعجة " للمراهق وللمحيطين به ... فهي بالنسبة للمراهق مرحلة انعدام وزن وبحث عن هوية.. أي أن المراهق لم يستقر بعد على الشخصية التي يريدها لنفسه ويرضى بها.. فهو متذبذب بين نظرته لنفسه ونظرة المحيطين به!! يرى نفسه كبيراً لا يحتاج إلى التوجيه، وقد فهم الحياة وأدرك أسرارها.. ويرونه صغيراً.. يحتاج إلى التوجيه في كل صغيرة وكبيرة..!! هو يبحث عن ذاته.. فيراها أحياناً في اكثر من شخصية فيتقلب بينها ويقلدها إن بطريقة الحديث.. أو اللباس أو التعامل ... !! الخ وقد تصل هذه الشخصيات إلى حد التناقض في صفاتها وأمزجتها ويصل تقليد المراهق لها إلى حد الاستفزاز لمن حوله لسرعة تقلبه وتأثره..!!! إضافة إلى ما يعتلج في نفس المراهق وأعماقه من تيارات وعواصف رهيبة وأسئلة كثيرة عن ذاته ومجتمعه وأسرته.. وأهوائه ورغباته.. والمرغوب والممنوع والإقدام والإحجام.. وما إلى ذلك من أمور قد تصرفه عما يريده الوالد له ولو بشكل جزئي!! ثانياً- فهمنا لواقع المراهق يجعلنا نتعامل معه بواقعية وهدوء بعيداً عن الفعل ورد الفعل.. مع التغاضي عن بعض الهفوات، وتجاهلها، ومحاولة الاقتراب منه، وتحميله بعض المسؤولية في شؤون المنزل واستشارته في بعض الأمور، والأخذ برأيه أحياناً، ومحاولة النظر للأمور من زاويته كمراهق!!

ثالثاً- ما يتعلق بالدراسة: كثيرون هم أولئك الذين يعانون مما تعاني - صدقني- والأسباب كثيرة جداً لا تتحمل الأسرة أو الطالب إلا جزءاً منها.. وما دمت قد بذلت الأسباب فاستمر في بذلها "بهدوء"، واترك الأمر لمسبب الأسباب ورب الأرباب فهو الهادي والمعين. ثم هناك أمر آخر وهو أن فشل الإنسان في دراسته لا يعني فشله في حياته.. بل ربما تفوق الإنسان في مجال آخر وأبدع فيه رغم فشله في دراسته وما أعنيه هنا هو ألا يكون تقييمنا لهذا الإنسان أو ذاك نجاحه أو فشله في دراسته المنهجية؛ فالحياة مدرسة كبيرة والأسرة مدرسة أخرى وأصدقاؤه مدرسة ثالثة.. وهكذا.. فمقاييس النجاح والفشل تتعدد. رابعاً- في هذا الزمن أصبحت المغريات كثيرة جداً وعوامل اللهو تتغلب على عوامل الجد.. وأنت في سؤالك لم تذكر لي شيئاً عن الظروف والتفاصيل الأسرية.. مثل عدد أخوته وترتيبه بينهم ووسائل الترفيه المتاحة له داخل المنزل.. وغير ذلك، لأن الخلل قد يكون فيها..!! وعلى أي حال هب أن هذا الابن تفوق في دراسته حد الامتياز.. واخفق في تربيته أو تعامله أو أخلاقه حد الفجيعة - لا قدر الله - فأيهما تريد..؟! وأيهما يسرك كثيرا..؟! خامساً- لذلك كله فإنني أقول: ليكن همك الأول أخلاقه وتربيته وحسن تعامله.. ونوعية أصدقائه؛ فهي الاستثمار الأساس، وأما دراسته فيمكنك تجربة ما يسمى بـ" التعاقد الشرطي" معه أي أنه إن جد في دراسته واجتهد فستحقق له بعضاً من مطالبه، مع حثه كما أسلفت وتشجيعه، ومساعدته في تنظيم وقته ومشاركته في همومه وآلامه وآماله قدر المستطاع. سادساً - وقبل هذا وبعده.. الدعاء. الدعاء.. وصدق الالتجاء إلى الله بأن يوفقه ويهديه ويحفظه من كل سوء.. وأن يقر عيونكما بصلاحه وبره وتوفيقه.. وتكرار الدعاء وتحري مواطن الإجابة فالله تعالى قريب مجيب. وفقك الله وهداك وهدى ابنك وأصلح لك ذريتك إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أفعال وسلوكيات.. مخلة!!!

أفعال وسلوكيات.. مخلة!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 15-3-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: مشكلتي مع ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات ونصف حيث أنني احترت ولم أجد أي حل وأنا الآن أرغب وأتمنى ممن يعرف الحل أن يدلني عليه وله جزيل الشكر والدعاء في ظهر الغيب. عندما نقوم بزيارة أحد الأقارب أو الإخوان في الله ويكون عندهم أبناء في نفس سن ابني فإنه يقوم بالدخول مع أحدهم في إحدى الغرف ويغلق عليه الباب ويقوم بخلع سرواله وإظهار ذكره ويطلب من الابن الآخر فعل الشيء نفسه ثم يقومان بالمداعبة..!!! قد تستغربون مثل هذا الفعل فلقد جننت من هذا المشهد ولم استطع فعل أي شيء تجاهه، وقد يتبادر للذهن أنه رأى أباه عندما يجامع أمه أو شاهد فلم أو مسرحية أو أو.... فهذا من المستحيلات..! ولم يحصل أي شيء من ذلك حتى إن هذه الحركة التي يفعلها لم يفعلها أبوه حتى لا يظن البعض أنه رأى والده. هذه المشكلة حصلت أكثر من مرة..!! وأنا الآن أبحث عن الحل فهل من مغيث..؟!! الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أخي الكريم.... أشكر لك ثقتك وتواصلك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: لتعلم - أخي الكريم - أن ما حدث مع ابنك ذي الثلاثة أعوام نوع من العبث الطفولي البريء!! لأن الطفل في هذا العمر لا يدرك أو يستوعب أبعاد هذا الفعل وما وراءه.. بل حتى لا يجد الدافع إليه وربما استقذره واشمئز منه.. وهو يمارسه أو يمارس معه!!! فالبراءة والطهر والنقاء والعفوية هي ما يصبغ مرحلة الطفولة بوجه عام.. وهذه المرحلة بوجه خاص. ثانياً: ولذلك فإن تنبيه الطفل لخطأ هذا الأمر وقذارته بما يناسب عمره وتفكيره يعتبر خطوة هامة وكافية في هذا الجانب الخاص بالطفل.. مع الأخذ في الاعتبار أن العقاب قد يأتي لاحقاً إذا تكرر الفعل وبعد أن ينبه الطفل كما أسلفت لتجنب هذا الموضوع وما قد يترتب عليه من العقاب سواء المادي أو المعنوي المتناسب مع عمر الطفل ثم المبادرة فوراً باتخاذ الإجراء المناسب وشرح أسبابه.. ثم تناسيه وعدم تعيير الطفل بما بدر منه بين فترة وأخرى بل مساعدته على تجاوزه ونسيانه! ثالثاً: الخطورة هنا يا عزيزي تكمن في أن الطفل لا يمكن أن ينشئ أو يبتكر هذه الطريقة وبهذا الشكل.. فعفوية الطفل وبراءته تجعله أحياناً يعبث بأعضائه التناسلية بشكل أو بآخر.. ولكنه سرعان ما ينشغل بأي أمر آخر..! أما ما يحدث من طفلك فإنه والله أعلم نوع من المحاكاة أو التقليد أو التعويد..!!! ولذلك فهو يحتاج إلى وقفة..! بل وقفات جادة لبحث هذا الأمر ومعرفة أسبابه وعلاجه من جذوره..!! حتى لا تغرق السفينة كما يقال.

رابعاً: هناك العديد من التساؤلات والفرضيات التي يجب أن نضعها في الاعتبار ونوسع من خلالها دوائر البحث الهادئ المتزن.. والجاد في نفس الوقت.. حتى نتدارك ما فات ونصلح ما يمكننا إصلاحه..!! فمثلاً: مع من يحتك ويختلط الطفل داخل المنزل وخارج المنزل؟! هل هناك عمالة منزلية لديكم من خدم أو سائقين أو لدى أحد أقاربكم ممن تختلطون معه؟ وسع الدائرة قليلاً.. وتتبع برنامج الأسرة الأسبوعي أو الشهري.. وحاول أن تفترض بعض الفرضيات ولا بأس من سؤال الطفل بهدوء وتروي عمن أغواه في هذا العمل..؟! وتأكد أنه قد يؤتى الحذر من مأمنه!!! والمهم لديك هنا علاج هذه المشكلة من جذورها حتى لا تتطور لما هو أسوء ضرراً وأشد خطراً..!!! والعاقل من وعظ بغيره! وقد تكتشف أن البداية انتقلت إلى طفلك عن طريق طفل آخر ... وهكذا.. والهدف من كل ذلك كما أسلفت معرفة الأسباب وعلاجها والعمل على متابعة أبناءنا وإرشادهم وتبصيرهم.. والوضوح معهم في ذلك بما يتناسب مع إدراكهم وفهمهم وعدم التهاون مع أنفسنا لأننا نحن المسؤولون بغفلتنا وتساهلنا وربما بحسن نوايانا!!! وسوء فهمنا بأن هؤلاء الأطفال لا يجب أن يبصروا بأمور لا يفهمونها حتى لا ينتبهوا لها..!!! وهذا خطأ ولا شك..!! فطفولتهم وبراءتهم وجهلهم تجعلهم عرضة للاستغلال أو التغرير من قبل بعض أصحاب النفوس المريضة أو المنحرفة!!! وتبصيرهم بشكل واضح بما قد يتعرضون له.. والطريقة المثلى للتعامل مع ذلك..وتسمية الأشياء بأسمائها بشكل وأضح مطلب ضروري وهام. خامساً: اقترب أخي الفاضل من أطفالك.. ولاعبهم.. ومازحهم وحدثهم واقصص القصص الهادفة عليهم واستمع إليهم وأوصل لهم العديد من الأفكار والقيم الإسلامية والمعاني التربوية العظيمة عن طريق القصص والحكايات البسيطة.. وعلمهم بعض الأذكار اليومية والأوراد الشرعية ولاحظ استجابتهم لك وانسجامهم معك وهذب سلوكهم وقوم أخلاقهم من خلال مثل هذه الجلسات القصيرة والقصص البسيطة..!! وستزيل بطريقتك تلك الكثير من الحواجز الوهمية والنفسية التي قد تحول بين طفلك ومصارحته لك ببعض الأمور التي قد لا يدرك خطورتها أو يفهم أبعادها.. فتستطيع أنت بفطنتك تداركها وعلاجها. سادساً: ولا أنسى قبل الختام أن أوصيك ونفسي بصدق الالتجاء إلى الله بطلب العون والسداد والرشاد في تربية أبناءنا وأن يقر عيوننا بصلاحهم وهدايتهم وتوفيقهم كما اسأله تعالى أن يحفظهم وجميع أبناء المسلمين من شياطين الجن والإنس إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.. وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ابني يضرب عن الطعام

ابني يضرب عن الطعام المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 14/6/1425هـ السؤال ابني يتأثر عندما أقوم بتأنيبه على خطأ وقع فيه، وقد يمتنع عن الطعام بسبب تأثره فما الحل؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يجب أن ألفت انتباهك إلى أن الاستشارة قصيرة، ولم يتضح فيها عدة استفسارات، كنوع التأنيب، والألفاظ المستخدمة فيه، ومتى تستخدم التأنيب، وهل لديك أبناء غيره؟ وترتيب الابن بينهم، وعمر هذا الابن. ومما تجدر الإشارة إليه، إن تربية الأبناء والسمو بأخلاقياتهم إلى أعلى مستوى هو مراد كل الآباء والأمهات، ولكن كثيراً من الآباء والأمهات قد يفشلون في اتباع الأساليب التربوية، سواء الفكرية منها أو النفسية في التعامل مع أبنائهم، والتي قد تؤثر في شخصية الابن، وعلى هذا الأساس فلا بد من أن تدار عملية التأديب إدارة دقيقة جداً، باعتبار أن المسألة قد تؤثر في شخصية الابن، وقد تسبب لهذا الابن عقدة، فيفقد ثقته في نفسه، أو يتعقد من الناس الذين من حوله؛ بسبب الأسلوب الذي انطلق منهم، لذا يجب علينا ألا نتكلم مع الأبناء بالكلمات القاسية، كالسباب، والشتائم، والإهانة؛ إذ إن ذلك يؤثر سلباً على نفسياتهم وسلوكهم، وهناك بعض النقاط التي يستعان بها في تعديل السلوكيات الخاطئة لدى الأبناء: 1- تجنب الصراخ أثناء التأنيب؛ فالصراخ يعلم الصراخ، والحديث بالصوت الهادئ يعلم الهدوء واللباقة. 2- وضح للابن السلوك الحسن والمقبول عند تأنيبه على السلوك الخاطئ. 3- تجاهل الأخطاء الهامشية وغير المهمة في السلوك. 4- لا تؤنب الابن على السلوك الطبيعي الذي يصدر في مثل سنه. 5- الثبات والانتظام في تطبيق القواعد التأديبية. 6- وجِّه الطفل بعطف ومودة، خاطبه كما تحب أن يخاطبك الناس، وتجنب التعنيف والاحتقار؛ فالطفل يتعلم من أسلوبك وألفاظك. 7- يجب وقوع التأنيب حال وقوع الخطأ؛ فإن تأخير العقاب يقلل من فاعليته. 8- ذكِّر الطفل في جملة واحدة بالقاعدة السلوكية التي تعاقبه على خرقها، وذكِّره بالسلوك المرغوب فيه. 9- عامل الطفل بعد تأنيبه (بفترة كافية) بمحبة وثقة، ولا تعود للتعليق على الخطأ، وتذكيره بخطئه كل مرة. 10- وجِّه العقاب للسلوك الخاطئ لا للابن نفسه، وتجنب الإهانات والتعميم كـ (أنت لا تعمل صواباً أبداً، أو غيرها) . 11- تعزيز السلوك الحسن، ابذل جهداً خاصاً في تتبع السلوك الحسن، وكافئه بنظرة حانية، وتربيتة على الكتف وكلمة طيبة. 12- من الأفضل استخدام أساليب عقابية تربوية لا تترك آثاراً نفسية في الطفل، كالحرمان والإقصاء. أما بالنسبة لامتناع الابن عن الأكل فنرى أن تتجاهل هذا السلوك، وألا تشعره بأن ذلك يقلقك، وألا تحاول إقناعه واستعطافه للقيام بالأكل؛ لأن ذلك سوف يعزز من إصراره على ذلك، لاعتقاده بأن ذلك العمل وسيلة ضغط واحتجاج على تأنيبك له، ولكن لو أن هذه التوجيهات طبقت مع الابن تطبيقاً صحيحاً فإنه - بإذن الله- سوف يكف عن السلوك السيئ، ولن تكون له ردود أفعال سيئة كـ (الامتناع عن الأكل وغيره) ، وعليك بالتحلي بالصبر، وعدم استعجال النتائج، مع التذكير بأهمية التخاطب معه بطريقة عاطفية تستطيع توجيه سلوكه مع المحافظة على محبته وتقديره لك، حفظ الله لك النية والذرية.

ابني يتحرش جنسيا

ابني يتحرش جنسياً المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 12/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي ابن عمره 17 سنة، بيتنا -ولله الحمد- محافظ، لا دش، ولا تلفزيون، ولا ذهاب للأسواق إلى آخر هذه القائمة، زوجتي -ولله الحمد- نعم الزوجة، صوَّامة قوَّامة، ابني الأكبر حافظ لكتاب الله، ومدرس حلقات، هو بحق قرة عين، لم أر منه إلا كل خير، مشكلتي أن ابني ذا السبعة عشر عاماً سبق وأن قام باستراق النظر إلى أخته، وهي في دورات المياه قبل سنتين، وقد تمت مراسلتكم بهذا الشأن، وتفضلتم مشكورين بالرد، المصيبة أن هذا الابن قام بتكرار الأمر في شهر محرم الماضي، بأخذ إحدى قريباته (عمرها 9سنوات) ، وتلمس المناطق الحساسة من جسدها، والتصق بها، لم أعلم بالمشكلة -وكذلك زوجتي- إلا قبل أسبوعين عن طريق أمها، الحقيقة جُنَّ جنوني، وقمت بضربه ضرباً مبرحاً، بل إنني هممت بذبحه، لولا تدخل ابني الأكبر، وقمنا بهجره أنا وأمه، وجلس معه أخوه الأكبر وذكره بوعوده السابقة بأنه لن يكرر ما أقدم عليه مع أخته، جلست معه أنا أيضاً، إلا أنني أعتقد أن عدم ضربه في المرة السابقة والاكتفاء بالتهديد هو ما جعله يقدم على هذه الفعلة، كلما تذكرت الموضوع أحسست بأن جبال الدنيا كلها على صدري، لا أحس للحياة بطعم، زوجتي دائمة البكاء من هذا الفعل، شيء لم نكن نتصوره، نحن الآن خائفون لئلا يقدم على فعل أشنع، أرجوكم ساعدوني، ما هو الرأي؟ -حفظكم الله- والسلام عليكم. الجواب أيها المبارك: فهمت سؤالك، وأسأل الله الإعانة، وإليك الجواب: (1) بالرغم من بشاعة ما جرى من ابنك، إلا أني لا أراه سبباً صحيحاً لهذا الضيق والكرب الذي أصابك؛ فنحن مطالبون بالحفاظ على أبنائنا والحرص على هدايتهم، وليس بأيدينا عصمتهم، فهذا نوح - عليه السلام- لم يمنع ابنه من الكفر، فكيف بنا فيما دونه؟! فضع الأمر في حجمه الطبيعي، وأدِ ما عليك، واسأل الله المعونة. (2) ابنك في سن الثورة والفوران الجنسي، وليس كل الفتيان يسيطرون على شهواتهم، ولذا يجدون أقرب هدف وأيسره قريباتهم؛ ولذا فلا بد من تشديد الرقابة، وتكثيف الحماية على البنات في هذا السن، وحماية الأبناء من أن تكون الأهداف السهلة في متناولهم. (3) يجب أن تولي هذا الابن عناية خاصة، ويسأل عنه طبيب نفسي واجتماعي. (4) لا يكن كل الجهد منصباً على علاج المشكلة فقط، ولكن لا بد من معرفة الأسباب والدوافع، فهل هو يشاهد أفلاماً أو يتعرض لإثارة جنسية؟ أو يجالس رفقة غير سوية؟. (5) لا بد من إشغاله بأمور جادة تستهلك طاقته وتشغل فكره، وتكفه عن الانسياق وراء شهوته الجنسية. (6) لا بد أن يشارك الرجال في ذهابهم وجلوسهم؛ فيصحب والده ليرقى بمشاعره واهتماماته إلى منزلة الرجال. (7) الحرص على أن تكون أخواته بعيدات عنه وقت المبيت، فيتحقق قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أبو داود (495) وغيره، فلا بد من إدراك هذه الحقيقة التي لفت إليها الشارع الحكيم في سن مبكرة. (8) المبادرة إلى تزويجه متى ما ناسب وضعه لذلك.

تشعر أن ولدها لا يحبها

تشعر أن ولدها لا يحبها المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 11/09/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم إن ابني لا يحبني، ولا يرتاح لي أبداً، عمره 13عاماً، وهو ولد طيب، لكن لم أستطع أن أحببه فيَّ، رغم أنه ولدي البكر، وعندي ولد آخر عمره ثماني سنوات، وابنة عمرها أربع سنوات، لكن ماذا أفعل؟ فولدي مثقف وذكي جداً، طموح، لكن لا يتنازل عن مبدأ لو أحرمه من كل شيء في سبيل إجابة طلباتي، لم يتنازل أبداً، لكن يحب والده بجنون، وهذا يفرحني، سؤالي: أنا خائفة على ولدي من العقوق فيّ، وأنا أحبه. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: في الواقع - أختي- أرغب في أن أخبرك أنك تتوهمين أن ابنك لا يحبك من خلال بعض التصرفات والسلوكيات التي ينتهجها معك، فلا يوجد - إن شاء الله تعالى- من المسلمين من يكره أباه أو أمه، ولكن يتبادر لك ذلك مع وساوس شيطانية تصور لك هذا الشيء. أختي: ابنك البالغ من العمر 13 سنة، ليس طفلاً حتى تتعاملي معه بالحرمان، فهو الآن في بداية المراهقة، والتي يحتاج معها إلى تعامل من نوع خاص، فهو يريد أن يثبت أنه بات رجلاً، ويجب أن نحترمه ونقدره، ونسمع كلامه، لذا فإن التعامل مع سن المراهقة هو الحوار والتفاهم في إطار من الصداقة، وهو يريد أن يقول: أنا موجود، ويريد أن يعبر عن نفسه، وبعصيان والدته بالذات، ورفع صوته عليها، ومن هنا يجب أن تقدم له الطريق الطبيعي لإثبات ذاته، من غير أن نضطره لمهاجمة الآخرين، فنحترمه ونأخذ برأيه في كل ما يخصه، ونجعله يشعر من خلال الحوار أنه صاحب القرار، ونقدم رأيه على رأينا أحياناً، وبذلك يشعر أولاً بالحب من والديه، ثم يشعره ذلك أيضاً بالثقة في نفسه، وكذلك يمكن تكليفه ببعض المهام الخاصة له شخصياً أو بإخوته، أو بالمنزل، ونثني دائماً على جهوده، فيشعر عندها بالراحة والرغبة في إرضاء والديه. وأخيراً: - أختي- فلا تقلقي؛ لأن كثيراً من المراهقين يتعاملون مع والدتهم بالذات بتصرفات غير لائقة، كعدم تنفيذ الأوامر، أو رفع الصوت بوجه أمه بسبب تعاملها معه، على أنه لا يزال طفلاً، بعكس أبيه الذي يعامله على أنه رجل، ولذا يجب الاعتماد على مبدأ الحوار والتفاهم والحكمة، وفهم طبيعة المراهق، ولن يكون هناك عقوق - بإذن الله تعالى-.

ابني يكرهني!

ابني يكرهني! المجيب حمد بن محمد الرسيني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 08/08/1425هـ السؤال لي ابن يبلغ من العمر 12سنة، يعتقد أنني لا أحبه، ويقول بأنه يكرهني، ويتكرر منه هذا السلوك بصفة مستمرة، ويشك بتصرفاتي، ويتأكد من الأرقام التي تصلني على الجوال، أفيدوني جزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وددت أن يكون هناك توضيح أكثر في استشارتك حول الكثير من الأمور الخاصة في الأسرة، (وجود الأب، ظروف التنشئة الاجتماعية للأسرة، وجود إخوة آخرين) .. لذلك - أختي الفاضلة- سأجيبك بقدر ما اتضح لي من استشارتك - لعل الله أن يجعل فيها الخير لك ولأسرتك-. أختي الكريمة: إن الشخصية (الشكَّاكة) إحدى اضطرابات الشخصية الهامة؛ نظراً للآثار الخطيرة التي تترتب على سلوكيات هذه الشخصية بالنسبة للأهل والآخرين والمجتمع.... وهي تتميز وتشخّص من خلال مجموعة من الصفات والتصرفات والسلوكيات المتكررة والمميزة في عدد من النواحي، مثل طرق التفكير وأساليب التعبير الانفعالي ونمط العلاقات الاجتماعية، وغير ذلك. وهذه السلوكيات والصفات تنشأ مبكرة منذ مرحلة الطفولة والمراهقة وتستمر طويلاً، والشخصية (الشكَّاكة) تتميز صفاتها وسلوكياتها بشكل أساسي باعتداء الفرد على حقوق الآخرين، وانتهاك حرمتها، وأيضاً باستعمال كافة الأساليب والطرق غير المشروعة، مثل الكذب والاحتيال والغش للحصول على فوائد مادية أو معنوية، مخالفاً بذلك القوانين الاجتماعية السائدة. ومن العوامل المهيئة والمسببة لظهور الشخصية (الشكَّاكة) : 1- النبذ والإهمال من قبل الوالدين في مراحل الطفولة الأولى. 2- عدم ثبات أساليب التربية والعقاب من قبل الوالدين مع القسوة الزائدة. 3- الإيذاء الجسمي أو الجنسي للطفل. 4- تغيير مستمر في الأشخاص الذين يقومون برعاية الطفل في حالة انفصال الوالدين، وبالتالي اختلاف طريقة التربية. 5- مصاحبة الطفل لمجموعات ذات سلوكيات غير سوية تساعد على تنامي الشك. 6- وجود أب أو أم أو أخ لديه شخصية (شكَّاكة) ، وبالتالي انعكاسه على سلوك الأبناء. 7- الحرمان العاطفي للطفل، كأن يكون الطفل قليل الجاذبية، أو غير مرغوب فيه، مما يؤدي إلى فقدانه لمشاعر الحب والقبول والرعاية الإيجابية. 8- العلاقة المضطربة بين الأب والأم، ووجود الصراع المستمر حول علاقة أحدهما بالآخر، والنقاش الحاد والاتهامات المتبادلة بوجود الأبناء. 9- قد تكون الأم من العاملات خارج المنزل، ولها اتصالات متعلِّقة في العمل، وقد تكون مع فئة الرجال. 10- ومن الأسباب كثرة الاتصالات، ومحاولة الابتعاد عن الجالسين حال وجود اتصال، مما ينمي مشكلة الشك في نفوس الآخرين. 11- كثرة مشاهدة الأفلام والمسلسلات التي تحكي مثل تلك القصص، والتي قد ترسخ في عقل الابن، ومن ثم ظهور ذلك كسلوك لفظي وفعلي تجاه الوالدين والأقرباء. 12- كثرة خروج الأم من المنزل للسوق أو لزيارة الصديقات، وقد تكون مع السائق وحدها، وترفض مرافقة الابن معها، مما يولد الشك والريبة تجاه ذلك في نفس الابن.

والحلول المقترحة لمواجهة المشكلة: 1- فهم طبيعة المرحلة التي بدأ فيها الابن (مرحلة المراهقة) ، وأنها مرحلة تتميز بالحساسية المفرطة، والحاجة إلى القبول من الآخرين، وضعف الخبرة تجاه الحياة. 2- أهمية تقدير شخصية الابن، وتغيير طريق التعامل خلاف السابق، بحيث يتم التعامل معه بالمشورة والحوار، واحترام وجهة النظر. 3- إبعاد الابن عن أي مواطن تثير في داخله الشك من خلال التعامل الواضح، والبعد عن أي تصرفات تحدث في نفسه الريبة والشك، كالتحدث بعيداً عنه حينما يكون هناك اتصالات هاتفية أو تبادل رسائل يشعر بأنها تخفى عنه، والحرص على مرافقة حال الخروج من المنزل للسوق أو للزيارة. 4- الابتعاد عن المحاسبة الزائدة تجاه تصرفاته، فقد تكون طبيعية، ولكنها قد تحمل على أنها شكوك. 5- الحرص على إشغال وقت الابن بما يعود عليه بالنفع، كإلحاقه بمراكز صيفية أو إلحاقه بإحدى الدورات في إحدى الصالات الرياضية، وكذلك إلحاقه بحلق القرآن الكريم المنتشرة في هذه البلاد الطيبة، حيث يكوِّن له صداقات طيبة تقوّم سلوكه، وتساعده على نبذ الشك من نفسه. 6- إبعاد الابن -بطريقة غير مباشرة- عن مشاهدة ما ينمي الشك داخله، وكذلك الحرص على تلمس من يرسخ داخله هذا الداء، والتقليل من الاحتكاك منه تدريجياً. 7- زرع الثقة في نفس الابن، وإثبات حب الأم له بطريقة مباشرة، وبأشياء فعلية حسية ... 8- تقديم الهدايا المناسبة لمثل عمر الابن؛ للتقرب والتودد إليه أكثر.. "تهادوا تحابوا". 9- الحرص على الدعاء له بالصلاح والهداية، وتحري ذلك في مواطن الإجابة، كمواضع السجود وصلاة الوتر.

انحراف أبنائي

انحراف أبنائي المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 27-6-1423 السؤال لي عدد من الأبناء وقد حرصت على تربيتهم التربية الإسلامية وتحفيظهم القرآن إلا أنهم عندما كبروا وصاروا يتعلمون العادات السيئة من الأصدقاء والأقارب مثل سماع الأغاني وحلق اللحى والكذب ومشاهدة القنوات وكل هذا يحدث خارج المنزل وفي السر وقد أكتشفه أحياناً فأرجو توجيهي بطريقة ترد علي أبنائي إلى طريق الخير والهداية. الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" أما قولي في استشارتك في أمر أبنائك فهو كما يلي: أولا يجب أن تدرك أن الهداية من الله سبحانه وتعالى ومهما حرص الوالدان على التربية الصحيحة فليس بالضرورة أن يخرج الأبناء صالحين كما يتمنى كل والد ولعلك تعلم أن ابن النبي نوح عليه السلام كان من العاصين الكافرين وغرق مع الغارقين فهل نشك لحظة أن نوحاً عليه السلام لم يقم بواجب التربية الصالحة مع ابنه؟ أبداً ولكنها إرادة الله حيث قال: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) ثانياً: "وهذا مبني على ما سبق في النقطة الأولى وهو أنه يجب أن ندرك جميعاً أن وجود بعض التقصير والمآخذ لدى الأبناء مثل ارتكاب بعض الذنوب والآثام لا يعني بتاتاً انحرافهم الكلي وبعدهم التام عن الله، فإن كانوا محافظين على الفرائض مثل الصلاة ومبتعدين عن الجرائم العظام مثل السرقة والفواحش والعقوق وغيرها فإن الرجاء لهم كبير والأمل بهم واسع فلا تستعجل في الحكم عليهم بالفساد أو الانحراف أو اليأس من صلاحهم. ثالثاً: قد يكون الأمر متأخراً في استعراض طريقة التربية التي سلكتها معهم أو لومك في المسلك الذي انتهجته في تربيتهم وفي تعاملك معهم ولكن الذي يرجح سبب تقصيرك هو انتهاج جميع أبنائك هذا المنهج الذي ذكرت وولوجهم هذا الطريق وسلوكهم هذا المسلك، فلو كان أحدهم أو اثنان منهم أو البعض منهم على الطريقة المذكورة والآخرون على أحسن حال لكان من الممكن أن نرجع الأسباب إلى أمور غير التربية كالصحبة أو المدرسة أو الجيرة أما أن يسلك جميع الأبناء هذا المسلك الذي لم يعجبك فإني لا أبرئ ساحتك البتة في الطريقة المستخدمة من قبلك في توجيههم. رابعاً: حال أبنائك تشابه إلى حد كبير الكثير من الحالات التي ينشأ فيها الابن في بيت وعند والدين شديدين يحرمانه من الكثير مما يراه في الخارج وليس له من الحق في التصرف إلا الامتثال والطاعة لقلة الحيلة لديه ولصغر السن الذي هو فيه وإن كان في قرارة نفسه غير راضٍ عن الوضع الذي يعيشه من أسلوب الترهيب والأوامر الصارمة من قبل والديه التي يتلقاها صباح مساء.. وما يكاد يبلغ سن المراهقة والنشوة بالرجولة حتى يتمرد على تلك المراسيم السائدة في البيت ولا يجد مفراً من القيام بثورة عارمة على والديه وأهل بيته فلا يريد منهم المزيد من الأوامر ولا يريد هو المزيد من الامتثال والطاعة، بل على العكس فهو يريد ممارسة كل أمر كان ممنوعاً عنه في السابق وكان يراه عند أصدقائه وخلاّنه.

هذه القسوة وهذه الشدة من الوالدين وهذا الإلزام العجيب منهما والإصرار المتكرر على الأبناء في الامتثال ووجوب الطاعة ووجوب التدين والصلاة والالتزام بالطرق القاسية أو على الأقل المفتقدة للمرونة والليونة والتي تصور الصلاح أنه متأتي وحاصل مع الأمر والنهي، وينسى الوالدان أن الصلاح إنما هو قناعة وإيمان قلبي قبل أن يكون حسي أو ممارسة ظاهرية فقط. الأبناء هنا أمام الوالدين صالحون وملتزمون ولكنهم في السر يرتكبون الأخطاء.. هذه الازدواجية ما كان لها أن توجد لو كان الوالدان لينين سهلين رفيقين بأبنائهم.. خامساً: على كل حال.. الشيء الجميل الذي يجب أن تدركه أيها الأخ العزيز أن البذرة الطيبة تبقى طيبة.. وما بذرته أنت من حرص كبير مع أبنائك في تحفيظهم القرآن وتربيتهم التربية الإسلامية لن يذهب سداءً، وستجد عودتهم إن عاجلا أو آجلاً بإذن الله إذ العادة وهو الحاصل مع عدد كبير من الأبناء الذين في مثل حالة أولادك هو عودتهم بعد أن يمارسوا ويملوا من الأمور التي كانوا يظنون بأنفسهم الحرمان منها.. ويبقى دورك هو الدعاء المستمر لهم بالهداية والصلاح. سادساً: الأمر الأخير الذي يجب أن أذكرك بضرورة التركيز عليه وعدم إغفاله أو إهماله هو بقاء العلاقة مع أبنائك قوية فلا تجعل هذه الممارسات التي يرتكبونها سببا في مخاصمة مستمرة معهم أو نكدٍ دائم بينك وبينهم ... أنت مهما كنت فلم تعد سيطرتك عليهم قائمة كما كانت في السابق ولذلك فإن الأمر الحسن والجيد في حقك هو بقاء شعرة معاوية قائمة بينك وبينهم ... عاملهم كالأخوة أو كالأصدقاء فإن لك دور الإرشاد والتنبيه والتخوّل بالنصيحة بين الفينة والأخرى وليس أكثر من ذلك. تقبلهم كما هم وما هم عليه من السلوكيات ولا تفترض أنهم صحابة أو يجب أن يكونوا كذلك نعم هي أمنية ولكن متى كانت كل الأماني متحققة؟؟ صدقني يا عزيزي انك بالملاطفة والممازحة والمصادقة معهم سوف ترى تغيراً كبيراً ونتيجة مثمرة بإذن الله. وفقك الله وأصلح ولدك.

أختي الصغيرة تطالبنا بجوال!

أختي الصغيرة تطالبنا بجوال! المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 6/06/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أختي طالبة في المرحلة المتوسطة، تريد منّا أن نشتري لها جوالاً خاصاً بها، ومما جعل والديَّ يرضخان لطلباتها زعلها، وبكاؤها المتواصل، ويرى والداي أنه لا خوف عليها من شراء الجوال؛ وذلك لأنهما قد قاما بتربيتها تربية سليمة. والله إني في حالة نفسية سيئة، خاصة وأنه يطلب مني أن أشتري لها طلباتها؛ فأنا أخوها الأكبر. الأمر نفسه يتكرَّر مع أخي الذي يصغرها سناً.. فما الحل برأيكم؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: المشكلة الحقيقية ليست في مجرد الطلب وتحقيق الرغبة؛ لأنها نتيجة حتمية في غالب الأحوال للمشكلة الأم، وهي التقصير في ضوابط التربية المسبقة. فلو أن البنت والابن تلقيا منذ الصغر تربية متزنة ومنضبطة بضوابط تربوية صحيحة لكان بالإمكان- بعد توفيق الله- الوصول منكم إلى إقناعها بخطورة تحقيق هذه الرغبة، فشرها -لاشك- أعظم بكثير من الخير الذي يمكن أن تستفيده البنت، خاصة في مثل هذه السن، وهذه الظروف المخيفة من الحصول على جهاز الجوال، ولكن حينما يقع (الفأس بالرأس) -أو يكاد- نسعى حثيثاً للخلاص من الشر المحدق في تحقيق الرغبة. والذي أراه لحل المشكلة ما يلي: عدم العنف في رفض طلبها، وفي الوقت نفسه عدم تلبية الرغبة، لا سيما وأنها تعد صغيرة ومراهقة، وقد حصل من الكوارث والشرور لأمثالها ما يكفي للرفض التام الآن، ولكن بأسلوب ليس فيه مصادمة لعاطفتها ومشاعرها، بل بأسلوب لين فيه حكمة وإقناع ووعد بتراخ شديد جداً حتى تهدأ. فلهذه السن خصائص وسمات يلزم إدراك الأبوين لها جيداً حتى يمكنهما التعامل مع البنت والابن من خلالها. ويمكن الوصول إلى مسألة الإقناع بالطرق التالية: (1) تتصل الأم بمن تعرف من البنات المستقيمات ممن هن في مثل سنها من قريباتها عن طريق أمهاتهن - خاصة ممن ليس معهن أجهزة جوال ولم يطلبنها. (2) توجد أشرطه صوتيه لبعض الدعاة والمشايخ ممن أشبعوا الموضوع بحثاً واستقصاء، وسردوا مثله من ضياع العفة وذهاب الكرامة على أيدي ذئاب بشرية نالت مرادها وتركت فريستها تشقى بنفسها، فيقال للبنت أولاً اسمعيها، وبعدها يناقش الموضوع من جديد. (3) إقناع البنت بأن تحقيق رغبتها -حالياً- مستحيل؛ لما تعلمونه من الشرور المتربصة بها وبغيرها مما لا تدركه هي بسبب تسلط عاطفتها، ووجود الجوالات مع بعض زميلاتها. ويتم الإقناع بدون قسوة ولا شدة، ولكن بإغرائها ببدائل مفيدة، مثل جهاز حاسب، أو أدوات زينة نسائية معقولة، ويمكن أن تحدِّد هي ما تريده مما هو ممكن ومعقول ولا محاذير فيه. أما الابن فإن نجحتم معه، وإلا فإن الخطورة في تحقيق رغبته أقل بكثير من الخطر بالنسبة للفتاة. أعانكم الله ووفقكم.

الأولاد وكثرة الشجار

الأولاد وكثرة الشجار المجيب د. نادية الكليبي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 04/04/1425هـ السؤال أنا أم لثلاثة أطفال؛ الكبرى عمرها تسع سنوات، والثانية ست سنوات، والصغير عمره ثلاث سنوات، أطفالي هادئون ولله الحمد، ولكن بدأت ألاحظ أنهم أصبحوا كثيرو الشجار على أي سبب، والأمر الآخر هو أنني عندما أنهاهم عن خطأ يعيدوا فعله مرات ومرات، حتى الطفلة الكبرى، ولا أدري كيفية التعامل الصحيح معهم. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عزيزتي: الحديث عن التربية طويل جداً لا يكفي في هذه العجالة، ولكن سوف أذكر لك بعض القواعد؛ لعلها تساهم في حل بعض مشكلتك: أولاً: ليس الخطأ في عالم الصغار تكرار الخطأ؛ وإنما الخطأ - أختي - تصور أطفال بدون أخطاء، ولو كانت متكررة. ثانياً: - عزيزتي- كوني مثالية جداً جداً في أهدافك وطموحك فيما تريدين من أطفالك، ولكن كوني واقعية جداً في النتائج، فقد تكون النتيجة تشعر باليأس، ولكن لا تستعجلي؛ فلربما ترين ما يسرك ويثلج صدرك بعد حين، والمطلوب أن تستمري في العمل والتربية والتوجيه، ودعي أمر النتائج إلى الله -تعالى- فأنت مأمورة بالعمل، ولست مأمورة بثمرات ذلك العمل. ثالثاً: كون أطفالك أصبحوا كثيرو الشجار، - هذا طبيعي-؛ لأنهم كبروا وبدأت المشاكسات، وقد يكون الآتي أكثر، فوطني نفسك بذلك، واستعيني بالصبر والدعاء والاستمرارية في التربية، وسوف ترين ثماره - بإذن الله تعالى-. رابعاً: ومن الحلول العملية المفتوحة التي تساهم في التخفيف من مشكلة الشجار: أ- ابحثي عن السبب؛ فأرجو ألا تكوني ممن صوته يعلو ويثور لأتفه الأسباب، فهذا يساهم في زيادة المشاكل. ب- حاولي تفريغ الطاقات في نشاطات مفيدة سواء كانت عملية كالأعمال الفنية أو المواهب، أو اللعب الحركي مثل لعبة الحياة أو ما عداها، أو كانت نشطات ذهنية كالقراءة. ج- تجنب الألعاب التي من شأنها إثارة أعصاب الأطفال وتزيد من حدة طباعهم كألعاب الكمبيوتر، أو ما يسمى ألعاب السوني، فهذا أحد ثمراتها النكدة عدا ما تحمله من فكر دخيل وبصمة غربية واضحة، وكذلك المرئيات التي تحمل طابع العنف أو الرعب. د- أوجدي نوع من التآلف والتوافق بين الأختين من جهة، ومن جهة أخرى بين الأخ الصغير وبين الكبرى، في جو حماية ورعاية، ومع الصغرى تدريب ولعب وانسجام.

أما بالنسبة لتكرار الأخطاء فعليك بتنويع الأساليب في معالجة الخطأ، وتجنبي المباشرة في التوجيه ما أمكن، واجعليها كالملح في الطعام إن زادت أفسدت الطعم وإن نقصت ذهبت لذة الطعام، ومن الأساليب القصة فلها أثر بالغ على الناشئة، بل حتى الكبار، ويكفي أن تعرفي أن ثلث كتاب الله -تعالى- قصص، وعليك باستخدام الثواب والعقاب تارة، وأكثري من التشجيع تارة أخرى؛ فقد دلت الدراسات أنه من أفضل الطرق لتقديم الناشئة، وقبل ذلك سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، فقد كان مصدر التشجيع والإقبال على الكمالات لجميع أصحابه صغاراً وكباراً - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- وكوني قدوة لهم في ترك الخطأ فعيونهم معلقة بك وبوالدهم، فاتقي الله فيهم. وكما قلت الحديث في التربية طويل ومتشعب؛ لذا أنصحك بكثرة القراءة في مجال التربية والسماع للأشرطة التي تتحدث عن هذا الجانب فإنها تزيدك معرفة وخبرة، ومن ثم قدرة في التعامل مع المواقف، ولعل الموقع يساهم في توفير عناوين من الكتب والأشرطة المتخصصة الهادفة تنير لك الدرب وتعينك. أسأل الله -تعالى- أن يقر عينك بتربيتك؛ إنه مولى ذلك والقادر عليه.

أخي الصغير والإنترنت

أخي الصغير والإنترنت المجيب جماز عبد الرحمن الجماز مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 12/05/1426هـ السؤال لي أخ يبلغ من العمر 13 سنة، ولديه جهاز كمبيوتر غير خاص، وبدأ في الآونة الأخيرة باستخدام الإنترنت، وصدفة - ومن غير قصد- أردتُ أن أفتح الجهاز، فوجدت أن في صفحة الإنترنت عنوان موقع إباحي، رغم أن الطريقة التي كتب بها عنوان الموقع كانت بدائية، مما يدل على أنه مبتدئ بهذا الموضوع، علماً أن البيت -ولله الحمد- بيت محافظ لا توجد فيه ملهيات، فهل أفاتحه بالموضوع، أم ماذا أفعل؟ ولكم جزيل شكري. الجواب الحمد لله رب العالمين، وبعد: فالواجب مناقشة أخيك الأصغر في هذه المشكلة، وليس لك ترك محاورته، لأي سبب من الأسباب؛ لأن ذلك يؤدي إلى تفاقم الأمر، واسترسال الأخ في مثل هذه الأمور. وليكن حوارك معه بالحكمة والموعظة الحسنة، فبيِّن له -مثلاً- أن استخدام الشبكة العالمية [الإنترنت] ليس للتسلية، وإنما للتزود من المعلومات والخبرات العلمية، ومعرفة أخبار العالم والمسلمين. ووضِّح له أن هذه المواقع الإلكترونية، أول من أنشأها هم الكفار، ومهما أرادوا بها، فقد استخدمها بعضهم لتشويه الإسلام وضربه، وإفساد المسلمين وإخراجهم من دينهم، واذكرْ له بعض الأمثلة لبعض المواقع الفاسدة المفسدة، ومنها المواقع الإباحية. ثم اجتهد في إقناعه بفسادها وضلالها، وعاقبتها الوخيمة، وأنها توقع الإنسان من حيث لا يشعر في الرذيلة، وتصده بذلك عن الفضيلة، علاوة على ذلك، تجعله عبداً لها، فيمكث طوال نهاره وليلة أمامها لا يردّه في ذلك إلا النوم، بل يتسبَّب في بعض الأحيان إلى ترك الدراسة أو الوظيفة، والبحث عن مزاولة الفاحشة، وبيِّن له أنه وجد بعض الشباب قد أصابه المرض من جراء ذلك، ولا يعلم أحد السبب الحقيقي في ذلك، منهم من يقول: إن السبب جنّ، ومنهم من يقول: إنه عين، ومنهم من يقول: إنه بسبب العشق أو الغرام الذي سبّبه مشاهدة المواقع الضالة المُضِّلة، وحقيقة الأمر - مهما كان السبب- أنها عقوبة معجِّلة في الدنيا قبل الآخرة، أو قد تكون عظة وموقظة، وقد تكون تمحيصاً وتطهيراً. ثم اختم حديثك معه، وقل له: ألا تتفق معي، أن الواجب إغلاقها وعدم الدخول إليها؟ وإذا كنت لا تستطيع ذلك، فاترك الشبكة كلها. قل له: إن الشبكة [الإنترنت] أفقدت كثيراً من الشباب عقولهم في بعض المواقع الفاسدة، هل تتصّور أنها ذهبت بالعفة والشرف والمروءة؟ هل تعلم أنها سلخت بعض الشباب من دينهم؟ هل تعلم أنها أفقدت أهل الفضل فضلهم؟ وهكذا، قرِّر له فساد مثل هذه المواقع وضررها وآثارها الفجة. اذكر له حال إخوانه وأخواته، وعامة أهل البيت، وما هم عليه من خير وصلاح، أو حتى ذكِّره بالأسرة والأعمام والأخوال، وما هم عليه من سيرة طيبة، وسمعة حسنة، وأنه يسيء إلى أهل البيت أو الأسرة، حينما يذكر عنه كذا وكذا، هل يرضى بذلك. وبعد هذا أيها الأخ الكريم ...

إن كان فيه استجابة فالحمد لله، وعليك متابعة ومعرفة سلوكه، دون أن يشعر بأنك تراقبه، وهكذا، لا تتركه فترة طويلة، وإن لم يكن فيه قناعة ولا استجابة قوية، فدونك هي، الشبكة الإلكترونية العالمية [الإنترنت] امنعها من البيت منعاً باتاً، حتى تحافظ على سلامة من في البيت من الإخوان والأخوات. ومن أرادها لحاجة صحيحة فيستطيع قضاءها من أي مكان فيه الشبكة العالمية [الإنترنت] والخير كل الخير، تجده في الكتب والأشرطة في مجالس الصالحين والعلماء، وليس العلم ولا المعرفة، وقفاً على الشبكة [الإنترنت] . وهنا ألفت نظرك إلى شيء مهم: ما السبب الذي جعل أخاك، يفعل ما ذكرت؟ إن كان هو الفراغ، فاحرص على ملء فراغه، وتوجيهاته إلى كل ما يفيده وينفعه، اجتهد أن يصحب أناساً أخياراً في سنِّه. وأين أنت من نفسك وبقية أهل البيت، حصِّن نفسك وأهلك من ذلك، والله أسال، لك التوفيق والسداد، ولأخيك ولأهل بيتك الهداية والصلاح، وأن يهيئ لكم من أمركم رشداً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أنا غريبة في أسرتي

أنا غريبة في أسرتي المجيب أ. شرف النعمي عضو هيئة التدريس في كلية المجتمع بأبها التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 8/04/1426هـ السؤال لدي صديقة تشتكي من سوء معاملة أختها الصغرى لها، صديقتي هذه كانت تعيش عند خالتها، وعندما بلغت سن الثانية عشرة ذهبت إلى أهلها؛ لأن خالتها طلبت من أم صديقتي أن تأخذها كابنة لها؛ لأنها لا تنجب، فأم صديقتي وافقت على ذلك لحبها الشديد لأختها، وعندما بلغت صديقتي سن الثانية عشرة ذهبت إلى أهلها، فهم لم يتقبلوها، فاندهشت لذلك، وأصبحت يتيمة بين أسرتها لا تشعر باهتمام وحب والديها وإخوانها وأخواتها، وزيادة على ذلك أختها الصغرى معاملتها مع الناس جميلة جداً، لكن مع أختها عكس ذلك، لدرجة أنها تضربها، وتبصق عليها وتحقرها، وتسخر منها دائما ولا تحترمها، حتى إنها لا تسمح لها بدخول المطبخ؛ لكي تكون فاشلة في فنون الطبخ. اشتكت إلى أهلها من سوء معاملة أختها، لكنهم لم يساندوها؛ لأن شخصيتهم ضعيفة أمام أختها الصغرى، صديقتي تعيش في منزل أهلها، وهم متشددون في الدين، وكل شيء ممنوع، قناة المجد ممنوعة، الصحف، الكمبيوتر ممنوع، البنت ما لها إلا البيت، فصديقتي الآن أصيبت بحالة اكتئاب حادة جداً، انطوائية، معظم وقتها في غرفتها لوحدها بين أربعة جدران، فلا أحد يسأل عنها، المهم إرضاء أختها الصغرى، فإذا لم ترض أختها الصغرى ستقلب البيت رأساً على عقب، فهم لا يريدون المشاكل، عمر صديقتي 26 عاماً، وعمر أختها 22 فماذا أفعل لها؟ أريد حلاً لمشكلتها. الجواب أولاً: أحب أن أشكر لك -أيتها الصديقة الصدوقة- مشاعرك النبيلة تجاه صديقتك. ثانياً: بالنسبة لصاحبة المشكلة، والتي هي ليست بفتاة صغيرة طبعاً، فأنا أنصحها أن تحاول اللجوء إلى خالتها لتساعدها في هذا التوجه المضاد لها، لأنه لا يوجد شيء بدون سبب، فقد يكون السبب هو غيرة الأخت الصغرى من جمال أختها، أو خوفها أن تأخذ جزءاً من حنان الأم والأب إذا ما ظهرت بصورة حسنة، لذلك فإن نقطة البدء في علاج هذه المشكلة هي: أ- الخالة ومحاولتها فهم سلوك الأخت الصغرى، والوقوف على سبب ذلك. ب- على صاحبة الرسالة التفحص في أدائها؛ لأنه يمكن أن تكون ذات عادات أو سلوكيات خاصة أو غربية من حيث النظافة - التحدث ... إلخ، ولكن يضيق ويضجر منها الآخرون، خاصة وأن الرسالة المرسلة إلى موقع "الإسلام اليوم" لم يتضح من خلالها هل استمر العداء قرابة 14 سنة منذ كان عمرها 12 عاماً، أم ماذا كان موقف الأسرة في بداية استقبال ابنتهم إليهم؟. ج- أنت -أيتها الصديقة- لا بد وأن يكون لك دور في كشف النقاب عن حياة صديقتك وما يحدث فيها؛ لأن المعلومات التي سردتيها عنها كانت منقولة منها، وليس إحساسك بالظلم الذي يقع عليها، لذلك فعليك الاقتراب أكثر من حياتها؛ لتعلمي المواقف الحرجة التي مرت بالفعل في حياة صديقتك عقب ذهابها إلى أسرتها الأصلية. كل ما أنصح به هو أنه لا يوجد في الدنيا شيء يحدث بدون سبب، فإذا رغبت في العلاج لا بد وأن تحددي السبب الحقيقي وراء ما يحدث. وأخيراً: أدعوك لأن تحسني إلى أختك الصغرى بأخلاق تفوق أخلاقها؛ حتى يتسنى لها الاقتناع بأنك لست عدوة ولا منافسة لها في المنزل، بل قد تكوني مشاركة لها ومعاونة، وتذكري قول الله -تعالى- في سورة فصلت: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم".

ابنتي تعيش في عزلة

ابنتي تعيش في عزلة المجيب د. أسماء الحسين الأستاذ المشارك في الصحة النفسية والعلاج النفسي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 7/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. لدي ابنة عمرها 6سنوات، عندما كانت في الروضة لمدة سنتين لا تتكلم أبداً مع المدرسات ولا الأطفال، وهي عموماً هكذا مع الأشخاص الذين لا تراهم كثيراً، ولقد استعملوا معها جميع الوسائل للكلام ولكن دون فائدة، إلا أن هددتها المديرة بالحبس في الروضة، فتكلمت وكانت على وشك التخرج، تقريباً كان باقي لها شهران على التخرج، وقلنا: إن المشكلة انتهت والحمد لله، ولكن الآن هي في الصف الأول، ونفس الشيء لا تتكلم في الصف لا مع المُدرسة ولا مع الطالبات، وإنما تتكلم مع الطالبات في الفسحة فقط، مع العلم أنها في البيت غير ذلك، ومن كثرة كلامها نشعر بصداع ونطلب منها السكوت، وهي تقرأ وتكتب والحمد لله، ومستواها الدراسي ممتاز، ولا نعرف ما سر عدم كلامها في الصف، مجرد تحريك الشفايف دون صوت. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يطلق على حالة ابنتك سلوك الخجل أو التجنب، وهي التي لا يميل فيها الطفل إلى المشاركة الاجتماعية، أو يفضل الصمت فيها على الكلام، بالرغم من أنه طبيعي جداً بين ذويه داخل المنزل. فابنتك لديها هيبة مفرطة ووجل أو خجل، وتحتاج إلى الثقة في مجابهة الموقف، وهذا السلوك نجده يظهر بين بعض الأطفال في الروضة وبدايات المدرسة الابتدائية، ولاسيما لدى الإناث، والخجل في حد ذاته ليس خطراً، ولكن المشكلة فيما قد يترتب عليه من عدم اندماج الطفل أو مشاركته مع غيره، والشعور بالنقص المصاحب، أو الغيرة الداخلية من الاقتران، ونقص الخبرات والتفاعل، وربما ظهور الحساسية الانفعالية على الطفل، والحذر أو العصبية لأتفه الأسباب، أو الارتباك، والقلق والتوتر، أو التلعثم في الكلام.

يجب البحث - في معالجة هذه المشكلة- عن السبب الحقيقي، فقد يكون عدم الشعور بالأمان والطمأنينة، أو كثرة السخرية من الطفلة، أو كثرة الانتقادات لها، أو مستوى الذكاء والتأخر في الاستيعاب، أو إشعار الطفلة بالتبعية، وكثرة مراقبة سلوكيات الطفلة، أو تدعيم فكرة أن الطفلة خجولة، وتريد ذلك أمام الطفلة أو أمام الناس مما يثبت هذا السلوك، وهناك سبب آخر لكن أظنه ينطبق على حالة طفلتك، وهو اضطراب في النمو الجسمي، مثل اضطراب اللغة، أو بعض الأمراض الأخرى التي تؤدي بالطفل إلى التجنب، ولعلاج مثل هذه الحالة يجب الأخذ في الاعتبار أن الطفلة حساسة بإفراط، وهي بحاجة إلى إعادة بناء للثقة بالنفس، وتدعيم مفهوم الذات لديها، أعطيها مسؤولية أو حمليها أدواراً قيادية، وتقبلي نقاط الضعف فيها، وعليك بجعل الموقف أو غرفة الصف مشوقة وليست غريبة أو مفاجئة، وتشجيع التعبير عن النفس وإبداء الرأي بالتعاون مع المعلمة داخل الصف، كأن تطلب المعلمة من جميع الأطفال وصف مشهد جميل أو الحديث عن قصة ممتعة، أو الحديث عن رحلة جميلة، أو إدخال سلوك اللعب أو العمل مع الوصف والحديث، ويمكن الاستفادة من نموذج شجاع وجريء من الأطفال وتشجيعه وتشجيع الطفلة على الخطابة والتعبير، واستخدام عبارات فيها، أو توجيه أسئلة تستلزم إجاباتها، البدء بكلمة: (أنا) واستخدام مسابقات أو إكمال جمل ناقصة تمتدح الفصل أو المعلم، وتقديم مكافأة لها إذا نجحت في ذلك، وتحاشي توجيه النقد، بل امتداح الطفلة، والحديث عن الأطفال الجريئين، وبعد ذلك أصبحوا أبطالاً من خلال القصص والحكايات، وهام جداً التركيز على ردة فعل الآخرين الجميلة نتيجة هذه الجرأة. وهام جداً تعديل أسلوب معاملة الطفلة المتبع من قبل المعلمة، فقد تكون تميل إلى التهديد أو العنف، أو الاستعجال بتنفيذ الطلب، أو أن نبرة صوتها عالية ... إلخ، والطفلة بحاجة إلى تشجيع ومكافأة، وأطمئنك عموماً بأن كثيراً من الحالات تتحسن بعد ذلك، أي في المرحلة الابتدائية، ولكن لا بد من التفهم والصبر والتشجيع وعدم الانتقاد المستمر. وفقك الله.

علاقة جنسية بين الأطفال..!!!

علاقة جنسية بين الأطفال..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 19/7/1422 السؤال : هل العلاقة الجنسية بين الأطفال (5 - 9 سنوات تقريباً) أمراً عادي.. أم أن هناك خلل ما؟؟ أرجو إفادتي.. الجواب أخي الكريم.. أشكر لك تواصلك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. وأما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: العلاقة الجنسية بين الأطفال يا عزيزي ليست أمراً عادياً.. بل هي نذير سوء.. وبداية انحراف..!!! كيف ... ؟! ربما لا يجد الأطفال في هذا العمر المتعة الحقيقية لهذه العلاقة.. ولا يدركان أبعادها..!!! ولكن السؤال.. كيف عرف الأطفال هذا السلوك واستدلوا عليه.؟!! ومارسوه..؟!!! ثانياً: هناك خلل ولا شك - بل خلل خطير..!!! ربما تجاوز الأطفال إلى غيرهم..!! فهم إما قد رأوا ذلك.. وهذه مشكلة.. فمن رأوا..؟ وكيف رأوا..!! وإما قد سمعوا..؟! وإما قد غرر بأحدهم واستدرج.. فإعتاد على ذلك.. ومارسه.. دون إدراك لعواقبه..!!! والافتراضات هنا كثيرة جداً. ثالثاً: يلزم تدارك الأمر عاجلاً.. عن طريق سؤال هؤلاء الأطفال متفرقين عن هذا الأمر.. وممن عرفوه.. واكتسبوه..؟ وكيف رأوه..!! وليكن السؤال بهدوء.. وسعة بال.. لوضع اليد على مكمن الداء.. والتأكد من ذلك.. وعدم الاستعجال ثم علاج الأسباب بطريقة ((عقلانية)) وحازمة وعدم التهاون في هذا الأمر.. والتوضيح لهؤلاء الأطفال عن خطورة هذا الأمر.. وشدة عقوبته عند الله.. ومساعدتهم على تجاوزه ونسيانه. رابعاً: المتابعة - أخي الكريم - والحذر.. هما من أهم الأشياء - بعد توفيق الله وحفظه - في الحفاظ على أخلاق وأعراض المحارم من الأطفال وغيرهم وقد يؤتى الحذر من مأمنه!!! كما يقال.. فالله.. الله.. بالدعاء.. وقراءة الأوراد الشرعية فهي الحصن الحصين.. مع تعويد الأطفال على مصارحة والديهم بما يعتريهم ويعترضهم من عقبات وإخبار الأطفال بهذا السن بحيل بعض ((السفلة)) للإيقاع بهم.. والتغرير بهم ... ويلزم هنا الوضوح وتسمية الأشياء بأسمائها.. وإخبار الطفل بما يجب عليه هنا من تصرفات لمواجهة مثل ذلك ليكتسب الحصانة الداخلية.. وحتى لا يصبح صيداً سهل المنال.. وفقكما الله وحماكما من كل مكروه وجميع شباب وأطفال المسلمين.

ـــــ ثانيا: العلاقات العاطفية ـــــ

ثانيًا: العلاقات العاطفية

الحب

أرجوكم.. فرِّقوا بيننا! المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 14/01/1427هـ السؤال أرجوكم ساعدوني، لا تتركوني حائرة معذبة، فقد اكتفيت من هذا العذاب، إنه عذاب أنا من جلبته لنفسي، أنا فتاه ملتزمة، لكني وقعت -بمكالمة هاتفية- مع شخص كان هدفه التسلية فقط، لا أدري ما الذي حصل لي وجعلني أقبل تلك المكالمة؟ ولكني قبلتها هي بالذات، أحس أحياناً بأن ربي يستر علي كثيراً -فلله الحمد- فهذا الشخص ليس لئيماً، فهو لم يحاول إيذائي أبداً، بالرغم من أني أرفض له طلبات كثيرة!!! وأستطيع أن أقول: إننا أحببنا بعض إلى حد الجنون، اعترف لي بذلك وطلب مني الزواج، وافقت، لكنه لا يستطيع الآن؛ لأنه طالب بالكلية، تأثر مستواه الدراسي وحاول تركي مرات كثيرة وأنا أشجعه على ذلك، ولكنه ما إن يبدأ بذلك إلا ويرجع بعد يوم أو يومين، وأنا أحبه ولا أريد أن يصيبه شيء بسببي. قررنا أن نشجع بعضنا ونتكلم عن عظم ذنبنا أمام الله، لعل ذلك يردعنا لكن مع ذلك لا نستطيع أن نتخيل الحياة بدون أن نتصل ببعض. لا أجد أمامي غير دموع الآلام والحسرة والحب والعذاب؟ أرجوكم ساعدوني. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد تألمت لما أصابك ورثيت لحالك، وقلت في نفسي: متى تدرك بناتنا وأخواتنا الحال والواقع، متى تنتهي معاناة الفتيات من المزعجات؟ وإليك خطة الخلاص -بإذن الله- وهي تأملات وخطوات: أولها: أن ميل المرأة للذكر ميل فطري تدفعه غريزة ركبها الله سبحانه -وتعالى- في الجنسين، وكل شيء فطري فله حل لدى الفطرة التي فطر الله الناس عليها. والثانية: أن الاتصال من الرجل بالمرأة أو العكس يحكمه في جميع فصوله عاطفة جياشة غامرة مغرقة، وأن العقل يغيب في جميع فصول العرض، والعاطفة لا يمكن أن تسير الحياة أبداً، ولذا اشتطرت الشريعة في النكاح أن يكون ثمة ولي للمرأة، ولا يمكن أن تزوج نفسها مع أنها تستطيع أن تجري أعظم الصفقات المالية بدون الرجوع إلى رجل، فهي في باب تدبير المال لا ينقصها شيء فطري في أصل الخلقة والمتحكم إليه العقل، وأما باب النكاح فتقع في الفخ فقد يستدرجها من ليس لها بكفء؛ لأن العاطفة الغريزية -الميل للذكر- حاضرة في نفسها تغطي العقل أو تحجب أفضل أشعته. الثالثة: أن الخلاص من [العذاب، الحيرة، الذنب، المرارة]-كما وصفت حالك- يكون بالاتجاه المعاكس وبالتدريج. المرحلة الأولى: مخاطبة العقل في طرح هذا السؤال: شاب يتصل بفتاة قصده التسلية، فهل يكون أميناً من يأتي البيوت من غير أبوابها؟ وهل يرغب أن يُتَّصل على أخواته أو قريباته؟ ثم كم اتصل بعدك وقبلك وأثناء الاتصال بك على بنات وغرر بهن؟!! والمرحلة الثانية: يطلب طلبات كثيرة وترفضين، ومع ذلك تصفينه بعدم اللؤم، حيث إنه لم يؤذك، هذا ضرب من تغييب العقل قريب من الجنون، يطلب ما لا يحل كم هو أمين وصالح؟! وحيث إنه لم يبتزك فهو غير لئيم، وأما تعلقك به وهو سبب طلباته غير الملباة من قبلك فهو حسن وجميل.. قاتل الله الحب الأعمى كيف يجعل السيئات حسنات؟!

المرحلة الثالثة: الذئب يحاول الكف عن الافتراس بالمواعظ، والعرب تقول في أمثالها: "إذا سبح القيطوم سرق القط" فالتجاوز وانتهاك الحرمات وحرق الفضيلة وتعذب نفس مؤمنة لبس لبوس الدين والوعظ "خوش قرار" قررتموه. المرحلة الرابعة: بعد أن يقتنع العقل بأن هذا المتصل لص سارق لا أمانة لديه يتلذذ بإيذاء المؤمنات وتعذيبهن، ويطلب مالا يحل فكيف يقبل زوجاً؟ واعلمي أن جل الزيجات في الخليج التي كانت مسبوقة بلقاءات أو اتصالات -ولو بريئة- انتهت بالطلاق ومن بقي فهي تحترق بنار الشك والريبة، فالرجل يقول في نفسه: خانت هذه المبادئ وقبلت الاتصال بي فهي سوف تتصل بغيري ومثله المرأة. وأخيراً: ضعي على معصمك مطاطاً، فإذا وردت على خاطرك ذكراه فشري المطاط والسعي معصمك، وقولي بصوت مسموع لنفسك: كفي كفي، ثم أوردي على نفسك عيوبه ومساوئه، ثم انشغلي بأمر دين أو دنيا من قراءة وذكر واستعاذة وحديث وعمل في البيت يشتت هذا الوارد، فبعد أسبوعين أو ثلاثة يخف جداً وهذا مجرب. واحذري أن يعبث الشيطان أو صاحبك فيقول تنقطع العلاقة بيننا بالتدريج، بل مباشرة وبكل قوة، احرقي شريحة الجوال، وكفي عن الرد على التلفون الثابت هذه المدة على الأقل، وكما كنت قوية في الاتصال به فكوني قوية في المفارقة. أعانك الله وزرع في نفسك القوة والثقة والحرص على ما ينفعك.

ضعيف الثقة بالنفس

ضعيف الثقة بالنفس المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 17/10/1425هـ السؤال أخي مشرف النافذة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أنا شاب متعلم، لكن تصادفني بعض المشاكل في حياتي، بسبب تفكيري أو أفكار تنشأ من داخلي، وهي تتركز في علاقتي مع الجنس الآخر، فأنا أحس بإحراج كبير عندما أدخل أماكن تعج بالفتيات كالأسواق مثلاً، أحس بأن الكل يتحدث عني وعن شكلي، ويعلقون باستهزاء علي، فلا أستطيع أن أعمل شيئاً إلا أن أتضايق جداً، كذلك تربطني علاقة طاهرة مع إحدى الفتيات، لكني أحياناً أسبب المشاكل معها بسبب تفكيري وغيرتي المجنونة، فتتوارد علي أمور فتكبر في مخيلتي إلى درجة أني أحس أحياناً أنها تضحك علي، والحب الذي بيننا من طرفي فقط، أنا تعبت جداً من هذه الحالة، أفيدوني أفادكم الله. الجواب أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أشكر لك ثقتك، وأسأل الله -تعالى- لنا ولك التوفيق والسداد في الدين والدنيا، إنه ولي ذلك والقادر عليه. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: لقد قمت بتشخيص جزء من مشكلتك، وسأكمل لك الباقي، فلقد ذكرت أن سبب المشكلة لديك (أفكار تنشأ من داخلك) ، وهذا صحيح، فحياتنا النفسية - يا عزيزي- من صنع أفكارنا، ولكي تنجح لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً، أما إن حاصرت نفسك بالخوف من الفشل، وانتظار آراء الناس فيك، فثق أنك ستستمر في دوامة من الخوف وانعدام الثقة، والتهيؤات التي تفترضها من الآخرين، وهكذا، مزيداً من التعب والقلق، والعزلة التي قد تتطور إلى ما لا تحمد عقباه. ثانياً: السبب الحقيقي لكل ذلك، أن عالمك الداخلي (مشوش) ونظرتك إلى نفسك نظرة سلبية، فلماذا لا تغير هذه النظرة السلبية إلى نظرة إيجابية؟ فلست أقل من سواك، وما لا تستطيعه الآن بإمكانك أن تتعلمه غداً، فاستعن بالله وقوِ عزيمتك، وكن واثقاً بنفسك، ولا تنشغل كثيراً بآراء الآخرين تجاهك، ونظرتهم إليك صدقني كل مشغول بنفسه عما سواه. ثالثاً: لا أدري لماذا حصرت المشكلة (بالجنس الآخر) رغم أن مشكلتك عامة، ولكن يظهر أنك مغرم كثيراً بنظرة (الجنس الآخر) تجاهك؟ يا عزيزي: دع الجنس الآخر لنفسه، ولا تنشغل كثيراً بما يفكر فيه، فذاك من الشيطان، واجعل همتك عالية، ولا تلتفت للصغائر، فإن الهموم بقدر الهمم، ويظهر - والله أعلم- أن جلساءك يهتمون كثيراً بهذا الأمر، فتجاريهم أنت فيه، تذكَّر - يا عزيزي- أخواتك وقريباتك، وهل تسمح لكائن من كان بمجرد التفكير في جلب استحسانهن. رابعاً: بالنسبة (لعلاقتك الطاهرة) - كما سميتها- مع هذه الفتاة فإن تفكيرك وغيرتك، راجعة إلى (نظرتك السلبية) إلى نفسك، كما أسلفت، وستزول بمجرد أن تغيِّر هذا المنظار إلى منظار إيجابي، وثق أنك قادر على ذلك بعون الله، ولكن أنشدك بالله إن كان هدفك (سامياً) فبادر فيه فوراً، وإلا فأغلق هذا الموضوع، وانشغل بمعالي الأمور، حتى يوفقك الله وتحصن نفسك، فإني أخشى عليك من العواقب في الدنيا والدين. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

كان قرارا حازما..!! والآن..؟!

كان قراراً حازماً..!! والآن..؟! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 13/12/1422 السؤال أسأل الله تعالى لي ولكم ولجميع المسلمين الصحة والهداية والثبات على الحق إنه ولي ذلك والقادر عليه......أما بعد: أبعث إليكم بهم طالما أرقني. لعلي أجد من يشير علي ويوجهني. قبل سنتين تقريبا تعرفت على شاب من أهل بلدي واستمرت علاقتي الهاتفية معه مدة شهر واحد فقط لا غير..بعد ذلك حصل بيننا نقاش بسيط فخيرني بين البقاء معه أو العكس فاخترت الانفصال بكامل إرادتي وقناعتي في ذلك الوقت لعدة أسباب أولا: إنني طوال ما كنت أحدثه كنت أشعر بذنب. كنت أحتقر نفسي وأنني سأبلغ العشرين وتصرفاتي كأني مراهقة. أيضا كنت أشعر بالخوف لا أدري قد يكون منه أو من كثرة القصص التي أسمعها عن الفتيات اللاتي سلكن هذا الطريق. وأيضا هو رجل فيه شيء من الغرور، هذا الإحساس كنت أشعر به من خلال مكالمتي له؛ لذلك أردت أن أريه أنني قوية وأستطيع أخذ قرار ... المهم في آخر مكالمة وبعد أن أخبرته قراري وجه لي عدة نصائح في حياتي المستقبلية وفي دراستي.. كل هذا وأنا لم أندم بل العكس كنت أقول: إنني عملت الصحيح، وإنه بالتأكيد كذاب ولعاب....!! وقد مضت - الآن- ثلاث سنوات على هذا الأمر ومن الله علي بالحج. كنت وأنا حاجة أدعو له، وأقول: اللهم اعف عني، اجتمعت معه على معصية ومع ذلك أدعو له، أنا لا أريد أن أعود إلى الضلال مرة أخرى، ولكنني لا أكف عن التفكير فيه دائماً، أشعر أن هناك ارتباطاً بيني وبينه، أو هكذا أتخيل لا أعلم، لا أخفيكم سراً أنني ما صليت أو دعوت إلا ودعوت له والله إنني أخصه بالاسم وأدعو له كما أدعو لأمي وأبي..حاليا عندي أمل كبير في أنه سيأتي ويخطبني. لا أدري لماذا لكنه لا يفارق خيالي دائماً، أفكر به أصبحت أرفض أي خاطب يتقدم لي بحجة أنني أكمل دراستي لكن الواقع أنني على أمل انه سيأت يوماً..أرشدوني أرجوكم هذا الشعور يعذبني لا أعلم هل أنا على حق أم على باطل، لا أدري هل شعوري هذا حقيقي أم الشيطان يوسوس لي أنا حاليا أشعر بفراغ كبير خصوصاً أنني على الانترنت حقيقة أخشى من الفتنة، أخشى أن أنزلق في هذا التيار في الدردشة والحوار..أرجو أن تطلعوا على رسالتي، وأتمنى الرد علي وإرشادي. هل شعوري هذا حقيقي هل هو كان صادقاً معي ... وجزاكم الله عني وعن المسلمين كل خير؟ الجواب أختي الكريمة أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-أولاً: لقد كان هاجسك وقتها وخوفك وقلقك.. هو صوت الضمير الحي في داخلك.. وصوت الدين.. وصوت التربية الحقة.. صوت الخوف من الله والخشية من عقابه التي تكمن في نفسك النقية.. التي ترفض الخطأ والتجاوز والخيانة..!!

ثانياً: احمدي الله تبارك وتعالى إذ رحمك.. ودلك على الخير وهداك إليه باختيارك إنهاء هذا الأمر " وهو المكالمات الهاتفية " مع هذا الشخص.. لأنك لا تدرين إلى ماذا ستنتهي لولم تنهيها..؟! ربما انتهت إلى فضيحة أو كارثة أو غير ذلك مما يتكرر حدوثه في مثل هذه الأمور.. والضحية دائماً هي الفتاة وعائلتها..!! ثالثاً: تأكدي أن هذه العلاقة لو استمرت.. فإنها قد تنتهي إلى أي شيء.. إلا شيئاً واحداً لا يمكن أن تحققه مهما علت الوعود وتكررت العهود وهو " الزواج "..!! لماذا؟! لأن من يريد أن يختار زوجته لن يختارها بهذا الشكل ويقبلها بهذه الطريقة!! وحتى لو قبلها وهي نسبة ضئيلة لا تكاد تذكر.. فإن البدايات لن تختفي من ذاكرة الرجل وستكون هماً يؤرقه.. وهاجساً يسقط عليه الكثير من المواقف الحياتية العابرة..!! وبالتالي يتحول إلى ورم خبيث في جسد الحياة الزوجية ينتهي غالباً إلى إنهائها..؟! رابعاً: كثيرات هن المخدوعات اللاتي مررن بمثل تجربتك ولكنهن صدقن الوهم واسترسلن بالحديث.. وسرن بهذا الطريق الشائك..!! وفي النهاية.. حسرات.. وزفرات.. ودموع وآهات..!!! بل وعار وشنار!!! فانظري لهذا الأمر من هذه الزاوية.. والعاقل من وعظ بغيره لا من وعظ بنفسه!! خامساً: دعينا نتجاهل كل الاعتبارات الأخرى.. ونفترض أن هذا الإنسان كان - فعلاً - سيخطبك ويتزوجك فمن قال لك إن سيرته وأخلاقه كانت ستعجبك وستقبلينه لو تقدم لك..؟!! ربما كان شخصاً تافهاً.. مغروراً.. منحرفاً..؟! وربما.. وربما..!! علماً أن بعض الاعتبارات لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها.. لأنها تدخل ضمن الثوابت الشرعية والأخلاقية. سادساً: بغض النظر عن كل شيء فلقد تصرفت كما يجب - بعد أن كدت أن تتردي إلى طريق الهاوية.. فاحمدي الله واسأليه الثبات حتى الممات.. واحذري من كيد الشيطان ونزغاته وتلبيسه فهو الذي يسعى - أخزاه الله - إلى أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.. فالحذر.. الحذر!! سابعاً: الله.. الله باختيار الرفقة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه.. وعليك - أختي الكريمة - بصدق الالتجاء إلى الله بأن يحفظك ويوفقك ويعيذك من الشيطان.. وعليك بقراءة الأوراد اليومية.. والاستغفار.. وإحسان الظن بالله.. والانشغال بالطاعة قدر الجهد.. ووضع الجنة نصب عينيك.. والاحتياط لنفسك ودينك.. وأما ما تشعرين به من الفراغ.. فاغتنمي فيه خمساً قبل خمس كما جاء في الحديث (فراغك قبل شغلك.. وغناك قبل فقرك وشبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وحياتك قبل مماتك.. الحديث) . وفقك الله وحماك، وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

هل استمر في هذا الطريق؟!!

هل استمر في هذا الطريق؟!! المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 13/6/1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لن أطيل عليكم.. أنا فتاة غير متزوجة وقد تعرفت على شاب مسلم وهو من أحد البلاد الأجنبية.. وكانت علاقتنا مجرد حديثا بالكتابة دون الصوت.. نتحدث عن الإسلام وما شابه ذلك بدأت العلاقة تتطور فلم تعد نتحدث عن الإسلام بل عن بعض الأمور الشخصية بدأت أتضايق من هذا التطور فهل أستمر على علاقتي به علما بأنه حديث عهد بالإسلام.. ويريد معرفته بشكل أوسع.. وجزاكم الله خيرا.. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. الله سبحانه وتعالى أودع في خلقه غريزة الانجذاب بين الكائنات وهو انجذاب الذكر للأنثى لحكمة يريدها سبحانه وتعالى والبشر بذكورهم وإناثهم الانجذاب بينهم ظاهر والذي يؤطر هذا الانجذاب هو الشكل الجنسي أو الغريزة الجنسية، أي أنها القوة الدافعة لذلك، لذلك جعل الله سبحانه التزاوج بين الذكور والإناث، وجميع المخلوقات تمارس هذا التزاوج على سجيتها، أما بنو البشر فقد ضبط هذا التزاوج بالحدود الشرعية المعروفة، فإذا انفلت وتعدى هذا الانجذاب إلى ساحات أخرى غير ساحة الزواج الشرعي تحولت الحياة إلى الدرك البهيمي الذي بعده تعم الفوضى وتنتشر الأمراض. مسألتك من هذا النوع فالذي بينكما هو انجذاب ذكر لأنثى مر بمراحل مساعدة لإيجاد الأرضية المنطقية له فلا حظي قولك كان الحديث أول الأمر عن الدعوة وأمور الإسلام وهذا أمر طبيعي أن يحدث فلا يعقل أن يتم الانجذاب المؤدب بشكل عنيف أو سخيف مع العلم أنه في بعض الحالات قد يحدث!! فأنت وهو عندما يكون الحديث بينكما يؤطر ذلك لذة مشتركة بينكما تجعل الحديث يستمر لأطول فترة ممكنة (صح) والدليل هذا التحول في المسار الحديثي من الدعوة إلى أمور شخصية تسيطر عليك وعليه مما جعلك تحسين بدبيب الخوف منه، فقد يكون الحديث اتجه إلى الساحل العميق، وجيد أنك تصارعين من أجل التوقف ولكن الحيل النفسية والشيطانية، تقول لك إنه بحاجة إليك لتفقهيه في الإسلام بينما الأمر غير ذلك، والمراد هو استمرار الحديث لاطول فترة ممكنة وربما تطور الأمر إلى مالا تحمد عقباه!! عندها قل على العفة السلام. أخيراً نصيحتي لك يا بنيتي الهرب، الهرب، الهرب، وسيجد من يعلمه الإسلام غير الغزال الضعيفة. ثم احذري من هذا المنزلق والنفق وهو الانخداع بهذه الحوارات المعسولة في ظاهرها وفي باطنها السم الزعاف خاصة أنك لا زلت صغيرة فإذا وقعت فريسة لهذه الحوارات فستجدين نفسك في بحر آسن، وإن كان ولا بد منها فلتكن مع بنات مثلك.. وإياك أن يخدعك الرجل. هذه نصيحتي لك.. رعاك الله.

علاقة غير متزنة!!

علاقة غير متزنة!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 22/4/1422 السؤال في البداية أشكر القائمين على هذا الموقع على كل ما يبذلونه من جهد لخدمة أبناء الأمة الإسلامية السؤال هو: أنا شاب متعلم لكن تصادفني بعض المشاكل في حياتي بسبب تفكيري أو أفكار تنشأ من داخلي وهي تتركز في علاقتي مع الجنس الآخر فأنا أحس بإحراج كبير عندما أدخل أماكن تعج بالفتيات كالأسواق مثلاً أحس بأن الكل يتحدث عني وعن شكلي ويعلقون باستهزاء علي فلا أستطيع أن أعمل شيء إلا أن أتضايق جداً كذلك تربطني علاقة طاهرة مع أحد الفتيات. لكني أحياناً اسبب المشاكل معها بسبب تفكيري وغيرتي المجنونة تتوارد علي أمور فتكبر في مخيلتي إلى درجة أني أحس أحياناً أنها تضحك علي والحب الذي بيننا من طرفي فقط أنا تعبت جداً من هذه الحالة أفيدوني أفادكم الله.. ولكم جزيل الشكر.. الجواب أشكر لك ثقتك.. وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد في الدين والدنيا.. إنه ولي ذلك والقادر عليه. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه: - أولاً: لقد قمت بتشخيص جزء من مشكلتك.. وسأكمل لك الباقي..!! فلقد ذكرت أن سبب المشكلة لديك (أفكار تنشأ من داخلك..) !!! وهذا صحيح فحياتنا النفسية يا عزيزي من صنع أفكارنا..!! ولكي تنجح لابد أن تتخيل نفسك ناجح! أما إن حاصرت نفسك بالخوف من الفشل.. وانتظار آراء الناس فيك.. فثق أنك ستستمر في دوامة من الخوف وانعدام الثقة.. والتهيؤات التي تفترضها من الآخرين.. وهكذا.. مزيداً من التعب والقلق.. والعزلة.. التي قد تتطور إلى مالا تحمد عقباه. ثانياً: السبب الحقيقي لكل ذلك.. أن عالمك الداخلي (مشوش) ونظرتك إلى نفسك نظرة سلبية!!! فلماذا لا تغير هذه النظرة السلبية إلى نظرة إيجابية.. فلست أقل من سواك.. ومالا تستطيعه الآن.. بإمكانك أن تتعلمه فاستعن بالله وقوي عزيمتك.. وكن واثقاً بنفسك.. ولا تنشغل كثيراً بآراء الآخرين تجاهك.. ونظرتهم إليك صدقني.. كل مشغول بنفسه عما سواه!! ثالثاً: لا أدري لماذا حصرت المشكلة (بالجنس الآخر!!!) رغم أن مشكلتك عامة!! ولكن يظهر أنك مغرم كثيراً بنظرة (الجنس الآخر) تجاهك!!!؟ يا عزيزي.. دع الجنس الآخر.. لنفسه.. ولا تنشغل كثيراً بما يفكر فيه.. فذاك من الشيطان.. واجعل همتك عالية.. ولا تلتفت للصغائر.. فإن الهموم بقدر الهمم!!! ويظهر والله أعلم أن جلساؤك يهتمون كثيراً بهذا الأمر.. فتجاريهم أنت فيه..!! تذكر يا عزيزي أخواتك وقريباتك وهل تسمح لكائن من كان بمجرد التفكير في جلب استحسانهن. رابعاً: بالنسبة (لعلاقتك الطاهرة) كما سميتها مع هذه الفتاة فإن تفكيرك وغيرتك.. راجعة إلى (نظرتك السلبية) إلى نفسك.. كما أسلفت وستزول.. بمجرد أن تغير هذا المنظار إلى منظار إيجابي..!! وثق أنك قادر على ذلك بعون الله 0 ولكن.. أنشدك بالله إن كان هدفك (سامياً) فبادر فيه فوراً.. وإلا فأغلق هذا الموضوع.. وانشغل بمعالي الأمور.. حتى يوفقك الله وتحصن نفسك.. فإني أخشى عليك من العواقب في الدنيا والدين. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

لم يخطبها أحد، فهل تعذر لو تعرفت على شاب!

لم يخطبها أحد، فهل تعذر لو تعرّفت على شاب! المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 29/10/1424هـ السؤال أنا بنت يشهد كل من عرفني بأنني على خلق ودين، وأسأل الله أن يهديني إلى سواء السبيل، ولكن مشكلتي هي أنني كنت منغلقة على نفسي، ومتمسكة بشكل واضح بالدين حتى بعد عني الجميع، المشكلة هي أني لم يتقدم للخطبة إلي سوى شخص واحد، وهو غير مناسب من جميع الجوانب، وسمعت عن قصص الحب العديدة على النت فتعرفت على شاب من النت وحدثني في التلفون، ولكني غير سعيدة بما أفعل، أشعر أنه حرام، مع العلم أني في منتهى الاحترام في كل كلامي معه، أنا في حيرة شديدة، ماذا أفعل؟ أنا أريد أن أقطع هذا الكلام مع الشاب، وأن أعود إلى الله، ولكن كيف وأنا لم يتقدم لي أحد؟ مع العلم أني والحمد لله جميلة. أفيدونا جزاكم الله خيراً، وأرجو الدعاء لي ولأمثالي. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بيده الملك، يعطي من يشاء بمنِّه وفضله وكرمه، ويمنع من يشاء بحكمته وعدله، فلا معقِّب لأمره، ولا راد لقضائه وفضله، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إلى الأخت السائلة - حفظها الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، سائلين المولى - جل وعلا- أن تجدي عندنا كل ما ينفعك ويفيدك في دنياك وآخرتك، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. أختي الفاضلة: لقد قرأت رسالتك مرات عديدة، وسرني جداً التزامك بشرع الله، ولكن ساءني جداً تلاعب الشيطان بك، وانخراطك في طريق التحدث مع الشباب على النت، فهذه بداية النهاية المؤسفة لهذا الطريق، فاربئي بنفسك يا أمة الله أن تتلوثي وتقعي في هذا المستنقع الآسن، فمن الآن اقطعي علاقتك مع هذا الشاب، ولا تعودي لمثل هذا العمل السيئ، فأنت بنفسك غير راضية عن هذا العمل، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" أخرجه مسلم (2553) من حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه -. واعلمي يا أمة الله أن كل شيء بقضاء الله وقدره، فيجب علينا أن نرضى بقضاء الله، ونؤمن إيماناً جازماً، لا يعتريه أدنى شك بأن الله يقدر لنا كل خير، فعلينا الرضا والتسليم لقضاء الله وقدره، ونفوض أمرنا لله سبحانه وتعالى، ولا نجعل للشيطان علينا سبيلا. كما أود أن أوضح لك أمراً ألا وهو أن عمرك ليس بالكبير، فأنت بالمقارنة بغيرك من الفتيات سنك صغير جداً، وما دمت أنت بهذا الالتزام والتدين والخلق الجميل، والجمال الخلقي فتأكدي بأن هناك الكثير ممن يرغب في مثلك؛ لأن جميع صفاتك مؤهلة بأن يرغب فيك الرجال بإذن الله تعالى، ولكن عليك باختيار صاحب الدين والخلق القويم؛ حتى تكون حياتكما على تقوى من الله من أول يوم، وهناك بعض النصائح أود أن أزفها إليك عسى الله أن ينفعك بها ويقر عينك بالزوج الصالح والذرية الصالحة، والحياة السعيدة والعيشة الرضية اللهم آمين.

إذا كانت نفسك تواقة للزواج فعليك بالآتي: (1) صدق اللجوء إلى الله والتضرع إليه بأن ييسر أمر زواجك، وكوني على يقين باستجابة الله لك قال تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" [البقرة: من الآية186] ، وقال تعالى: "أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ" [النمل: من الآية62] . (2) عليك بكثرة الذكر والاستغفار، فالاستغفار مفتاح من مفاتيح الرزق، قال تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ" [نوح: 10-12] . (3) عليك بالحشمة والعفة، والالتزام بشرع الله قال تعالى: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" [النور: من الآية33] . (4) عليك بتقوى الله في السر والعلن، فتقوى الله أساس كل خير، ومفتاح كل بر، وإغلاق كل شر قال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً" [الطلاق:2-3] ، وقال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً" [الطلاق: من الآية4] ، وقال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً" [الطلاق: من الآية5] . (5) ينبغي على ولي أمرك إذا تقدِّم لك شاب صاحب دين وخلق أن يبادر بتزويجك ولا يضع العقبات، قال - صلى الله عليه وسلم- "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" أخرجه الترمذي (1084) من حديث أبي حاتم المزني - رضي الله عنه- وقال: حديث حسن غريب. (6) عليك بالبعد عن كل ما يثير شهوتك سواء المسموع أو المشاهد أو المقروء. (7) إذا زاد فوران الشهوة عندك فعليك بالصيام، كما أرشد إلى ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه أخرجه البخاري (5066) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-، أي وقاية من الوقوع في الحرام، والنساء في ذلك الأمر سواء بسواء مع الرجال، لقوله - صلى الله عليه وسلم- "النساء شقائق الرجال" أخرجه الترمذي (113) وأبو داود (236) وأحمد (25663) من حديث عائشة - رضي الله عنها - وعند أحمد (26577) والدارمي (764) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها-.

(8) إذا خفت على نفسك العنت والوقوع في الحرام، فلا يمنع أن تخبري أحد إخوانك أو محارمك العقلاء أو ولي أمرك بأن يعرضك على أحد الصالحين ليتزوج بك، وهذا الأمر ليس فيه غضاضة، ولا عيب، ولا أدنى إحراج لك ولا لأهلك، وقد فعل ذلك خير الناس بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم- وهم صحابته الكرام - رضوان الله عليهم- جميعاً، فقد ثبت أن عمر - رضي الله عنه- قد عرض ابنته حفصة -رضي الله عنها- على أبي بكر ليتزوج منها، ومن بعده عثمان -رضي الله عن الجميع- ثم تزوجها بعد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. (9) لا يمنع كذلك أن تخبري أحد النساء الثقات الصالحات العفيفات بأن تبحث لك عن زوج صالح يعفك عن الحرام. (10) لا يمنع إذا تقدَّم لك أحد الصالحين -وهو قد سبق له الزواج- بأن تكوني زوجة ثانية لا ضير في ذلك وهذا من السنة. هذا والله أعلم. (11) عليك بالبعد كل البعد عن التحدث مع هذا الشاب وغيره عبر النت أو أي وسيلة أخرى، واحذري مع مغبة هذا الأمر الخطير، فكم سمعنا ورأينا عن أمور يندى لها الجبين ويحترق لها كل مسلم غيور من جراء هذه المكالمات بين الشباب والفتيات غبر هذه الوسائل. (12) عليك بالتوبة إلى الله من كل معصية، واحرصي على فعل الطاعات؛ حتى يرضى عنك رب الأرض والسماوات وييسر لك كل أمر عسير فهو سبحانه تيسير العسير عليه يسير. نسأل الله أن ييسِّر أمرك، ويكشف كربك، ويذهب غمك، ويقر عينك بالزوج الصالح، والذرية الصالحة اللهم آمين. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أحبته فتركها دون مبرر

أحبته فتركها دون مبرر المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 27/11/1425هـ السؤال أنا فتاة، كنت مخطوبة لشخص وأحببته جداً حتى ملك كل كياني، ولكنه تركني فجأة دون أي مبرر، وأنا في حالة نفسية سيئة جداً، وأحاول التقرب من الله ليخفف عني، ولكني لا أتحسن، هل توجد أدعية تخفف من حبي له؟ وكيف أتصرف ليعود لي هدوئي النفسي؟. الجواب ابنتي: - وفقها الله لقوة الإيمان والاعتصام بالرحمن- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فاعلمي أن قضاء الله وقدره ماض كما أراده سبحانه، وأن الله إذا أراد لعبده الخير أمضاه وأنفذه، وإذا علم سبحانه أن الخير لعبده في خلافه أو تأخيره منع حصوله وتحققه رحمة بعبده وإرادة منه الخير له، وأن العبد المؤمن -ذكراً كان أو أنثى- مطلوب منه الاستسلام لأمر الله والرضا بقضائه وقدره، بعدما يفعل الأسباب، فإن حيل بينه وبين ما يشتهي ويرغب فإنما لأمر أراده الله وعليه التسليم والرضا، ويسأل الله الخلف والعوض بما هو خير، قال تعالى: "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة:216] ، فأنتِ وإن أحببتِ ذلك الخاطب هذا الحب الشديد، ثم انصرف عنكِ بدون مبرر كما تقولين، فلعله استخار الله، فتبيّن له صرف النظر عن إتمام العلاقة بالزواج، ولم ير من المناسب أن يبلغك بهذا.... والمسلم العاقل إذا لم يتحقق له ما يريد عليه أن يحسن الظن بالله، ويكثر من الحمد والثناء له سبحانه، وأن يكثر من قول: "إنا لله وإنا إليه راجعون" كما قال تعالى: "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" [البقرة:156] "اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها". فقد توفى أبو سلمة - رضي الله عنه- وهو من الصحابة - رضي الله عنهم- وكانت أم سلمة - رضي الله عنها- تحبه حباً عظيماً وهو زوجها، فلما مات حزنت حزناً شديداً جداً، فتذكرت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد أوصى كل من أصيب بمصيبة أن يقول: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها"، فلما تذكرت ذلك رفضت أول الأمر أن تقوله؛ لأنها كانت تعتقد أنه لا يوجد أحد خير من أبي سلمة لها، لكنها سلمَّت أمرها لله ونفذت وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالتها. فما مضت مدة يسيرة حتى خطبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتزوجها، فصارت أم المؤمنين بدلاً من أم سلمة - رضي الله عنها-، فقد أبدلها الله بهذا الدعاء، وصدق الإيمان، وقوة اليقين زوجاً ليس خيراً من أبي سلمة - رضي الله عنه- فقط، بل هو خير خلق الله أجمعين. صحيح مسلم (918) .

تعرفت على شاب نصراني فأحبته

تعرّفت على شاب نصراني فأحبته المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 23/10/1424هـ السؤال تعرّفت على شاب مسيحي غير عربي من خلال الإنترنت، ومعنى ذلك أني لن أقابله على الحقيقة وأمشي معه، وأحببته جداً جداً، ولكن هو لا يعرف، فبالتالي نحن لا نتكلم أبداً فيما يغضب الله، وأنا أحاول هدايته إلى الإسلام، ونحن الآن نراسل بعض عبر البريد الإلكتروني، فهل هذا حرام؟ مع العلم أنني الحمد لله محجبة وأصلي وأطيع الله في كل شيء، ولقد حاولت ألا أراسله لكني لم أستطع. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: ابنتي الفاضلة: لقد قرأت رسالتك وساءني جداً معرفتك بهذا الشاب الكافر، وقد آلمني جداً تعلقك به، وهذه بداية النهاية المؤلمة. ابنتي يجب أن تعلمي أن الوصف الصحيح لهؤلاء الناس أنهم نصارى؛ كما سماهم الله جل وعلا في محكم التنزيل، والآيات في ذلك كثيرة، فيجب علينا أن نسميهم ونصفهم كما وصفهم الله، أما كلمة مسيحي فلا ينبغي، لأن كلمة مسيحي في اللغة هي الصديق والأمين والمسلم، وغير ذلك، وهم يعتزون بهذه التسمية؛ لأنهم يعرفون معناها الحقيقي، وللأسف معظم المسلمين لا يعلمون ذلك، علاوة على ذلك، هذه النسبة إلى المسيح عليه السلام، والمسيح عليه السلام نبي من أنبياء الله ومن أولي العزم، فنسبتهم إليه تعني أنهم على الحق؛ لأن المسيح على حق، ومن نسب إلى الحق فهو على حق، وهذا خلاف الواقع فالنصارى كفار بنص كتاب الله قال تعالى "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المائدة:73] ، ومن هم الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة؟ إنهم النصارى قاتلهم الله أنى يوفكون، فالنصارى علاوة على كونهم كفار فهم قتلة الأنبياء، قال تعالى: "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً" [النساء:155-156] ، والآيات في ذلك كثيرة، أتدري ماذا قالوا عن مريم عليها السلام؟ قالوا: إنها زانية! تعالى الله عما يقول النصارى الظالمون علواً كبيراً.

وعلاوة على ما تقدَّم فإن النصارى ملعونون بنص كتاب الله، قال تعالى"لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" [المائدة:78] ، أتدرين يا بنيتي أن النصارى -قبحهم الله- ينسبون إلى الله الصاحبة أي الزوجة والولد، ويقولون بأن زوجته هي مريم عليها السلام وابنه هو عيسى عليه السلام تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، قال تعالى: "وقالوا اتخذ الرحمن ولداً" [مريم:88] ، هذه لمحة يسيرة من كتاب ربنا عن النصارى ومعتقدهم، وإذا أردت المزيد فعليك بالرجوع إلى قراءة كتاب ربنا وسنة نبينا، ومصنفات أهل العلم قديماً وحديثاً لكي تتعرفي عن قرب عن كفر وفسق وضلال هؤلاء الناس، وهذا الشاب الذي أنت تعلقت به يدين بهذا الدين، الدين الباطل، ويعتقد هذه العقيدة الفاسدة الضالة، فلا يحل لك بحال من الأحوال أن تكوِّني علاقة مثل هذه مع مسلم مثلك، فكيف إذا كان كافراً؟ الله المستعان! ابنتي العزيزة، كيف بك وأنت تتعلقين بشاب كافر وإخوانه من النصارى يذبحون ويقتلون إخوانك وأخواتك من المسلمين والمسلمات في كل مكان، في العراق، والشيشان، وفلسطين، والفليبين، وكشمير، وغيرها كثير من بلاد الإسلام، ألا حياء من الله! ابنتي ألا يوجد من شباب المسلمين الملتزم بدين الله والمتمسك بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْ تحبين أن ترتبطي به، ويكون لك زوجاً صالحاً. هل تعتقدين بأن مثل هذا الشاب إذا مات على ذلك سيدخل الجنة؟ بل هو في النار إذا مات على ذلك، ألم تعلمي أن الله حرم على المسلمات نكاح المشركين والكفار أمثال النصارى واليهود. فهل بعد هذا تحبين مثل هذا الكافر؟ وإلى أي مدى سينتهي هذا الحب؟ طبعاً إلى الزواج، ولكنه كافر لا يحل لك الزواج به بنص القرآن الكريم، وكذلك قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" أخرجه الترمذي (1084) من حديث أبي حاتم المزني - رضي الله عنه - وقال حديث حسن غريب، فهل ارتضيت دين وخلق هذا الكافر؟ وهل إذا ارتضيتيه هل يرتضيه أهلك لك؟ الأمر خطير جداً الأمر يتعلق بالإيمان والكفر، الهدى الضلال، الأمر أمر العقيدة أفيقي يا أمة الله. ستقولين بأنك تدعينه إلى الإسلام؟! أقول لك أنت لست مؤهلة بأن تدعيه إلى الإسلام، ليس عندك أي مؤهلات لذلك، فأنت لست طالبة علم شرعي، وليس عندك ثقافة إسلامية وافية، ولو كان عندك جزء يسير من معرفة الإسلام لما قدمت على هذا الأمر الخطير. كيف بك يا أمة الله تجعلي هذا الكافر يتكلَّم معك، ويصل بكما الأمر إلى هذا الحد، فأنت مسلمة موحدة تقولين بأن الله واحد لا شريك له، وهو كافر مشرك يقول بأن الله ثالث ثلاثة. من قال لك بأن هذا الشاب الكافر الفاجر ليس له علاقات بفتيات مغفلات من أمثالك؟ أفيقي يا بنيتي ولا تغضبي مني، فأنت مثل ابنتي تماماً أحب لك الخير والصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة، والذي أراه وأنصح به وأدين لله به في مثل حالتك الآتي: (1) عليك بالتوبة إلى الله من هذا الذنب العظيم. (2) عليك ومن الآن أن تقطعي كل صلة بهذا الشاب الكافر.

(3) عليك بغض بصرك عن الحرام وصيانة لسانك عن الحرام، والبعد عن كل ما يغضب الله تعالى. (4) عليك بكثرة الاستغفار والانشغال بما ينفعك في الدنيا والآخرة. (5) عليك بالتفكير في الزواج من مسلم يخاف الله ويتقيه؛ حتى تكوِّنا بيتاً مسلماً. (6) عليك بالابتعاد عن الإنترنت بالكلية. (7) عليك بتقوى الله في السر والعلن، واعلمي بأن الله مطَّلع عليك ويراك، فاستحي أن يراك وأنت في معصية. (8) احذري من الاستمرار في هذه العلاقة الآثمة؛ فخطرها عليك عظيم في الدنيا والآخرة. (9) عليك بالانشغال بطلب العلم الشرعي. (10) إذا كانت نفسك تواقة للزواج، لا يمنع أن يعرضك وليك على بعض الشباب الصالحين للزواج منك، وهذا لا شيء فيه، فلقد كان السلف الصالح يعرضون بناتهم للصالحين من أجل الزواج منهم، كما عرض عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ابنته حفصة - رضي الله عنها - على كل من أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان - رضي الله عنهما - لكي يتزوج بها أحدهما، ولكن تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم -. (11) عليك بكثرة الدعاء بأن يصرف الله عنك هذا الشيطان، هذا والله أعلم. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تعرفت على شاب وأبوها لا يبالي

تعرفَتْ على شاب وأبوها لا يبالي المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 6/10/1424هـ السؤال صديقي اكتشف أن أخته تقابل شاباً تعرَّفت عليه من خلال الإنترنت، ولا يعرف أحد في البيت إلا هي وأخوها صديقي، فاتورة جوالها زادت عن 2000 ريال (ألفين) البيت يعاني من بعض المشاكل، كون الأب منشغلاً بالعمل وزوجة أخرى، والأخ الثاني (غير ملتزم) ، عندما واجه صديقي أباه بفاتورة جوال أخته وصفه الأب بـ"المعقد"، صديقي الآن لا يعرف ماذا يفعل مع أخته؟، الفتاة في مقتبل العمر ولا يوجد أكبر منها إلا أخواها، العائلة نوعاً ما غنية، الأخ الكبير صديقي يعيش في مدينة أخرى غير التي يعيش بها أهله. فما هو الحل لهذه المشكلة. الجواب الأخ السائل: - سلمه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. أما جواب مشكلة صاحبك فكالتالي: أولاً: لا بد من زيادة التثبت من قبل أخي الفتاة المذكورة، وألا يكون قد بنى ذلك على ظنون أو شكوك، فإن التثبت منهج شرعي واجب حتى لا يصيب قوما بجهالة فيصبح بعد ذلك من النادمين. ثانياً: فإن تثبت وتيقن من صحة هذه العلاقة توجه بالتذكير والوعظ والنصح لأخته بأسلوب لطيف يكسب فيه قلبها، ويحاول أن يتحسس دوافع هذا الأمر، ويبذل قصارى جهده لإقناعها أنه يريد مساعدتها وحمايتها من الأشرار والذئاب، ويورد عليها النصوص الشرعية المحرمة للخلوة وللعلاقة المحرمة، مع ذكر قصص من الواقع التي انتهت بذهاب الشرف وبقاء العار والشنار، كل ذلك بأسلوب هين لين لطيف حبيب حتى يقطع على الشيطان لعبته في إبقائها معرضة مستكبرة عن الرجوع أو الإقلاع، لأننا وجدنا إن من أعظم أسباب تلفت الفتيات للشباب وإقامة العلاقات معهم أنهن يفقدن الحب والحنان والاهتمام من أهلهن، ثم يجدنه عند أولئك الشباب الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف وكيف يصطادون في الماء العكر. ثالثا: يهديها شريطاً إسلامياً مؤثراً وكتاباً عن هذا الموضوع، مع هدية كقلم أو ساعة ليكسب قلبها وتطمئن له أكثر. رابعاً: نتيجة لبعده عنها وأنه يسكن خارج مدينة أهله يوصي بها أمه أو أحد قريباته أو من يعرف من عائلته ممن يجيدون الإقناع ويملأون عليها وقتها في ذلك. خامساً: يتابعها بالاتصال المستمر، ويشعرها باهتمامه في ذلك، ويحاول توطيد علاقته بأخته حتى يكون صديقاً لها. سادساً: إذا كان عرف الشاب الذي يخرج مع أخته وجب عليه التوجه إليه ونصحه ثم تهديده بالسلطات إذا عاد واتصل أو التقى بها. سابعاً: الدعاء لها في ظهر الغيب بإلحاح على الله أن يهديها ويمن عليها بالرشاد. ثامناً- إذا كنت تعرف أحداً من أصحابك أو أقاربك يناسبها في الزواج منها فاعرض عليه التقدم لأختك؛ ليكون ذلك قطعاً لباب الفتنة دون - طبعا - ذكر الحادثة له، وذلك من باب التأسي بالسلف الصالح في ذلك، حيث كانوا يعرضون بناتهم ومولياتهم على الصالحين للزواج منهم.

تاسعاً: إذا نفع أسلوب اللين والستر فالحمد لله - وهو المؤمل مع عدم العجلة في رؤية النتيجة كاملة - وإذا لم يأت بنتيجة انتقل إلى التهديد والوعيد، وأشرك غيرك من أهلها كأبيك - وأيقظ فيه الغيرة على عرضه - وغيره ليكونوا على علم تام بالحادثة ليكون ذلك أدعى لردعها. عاشراً: ومن أساليب الردع قطع الوسائل التي يتم بها الاتصال واللقيا، مع أني أميل إلى أسلوب اللين وملء الفراغ والإكثار من جرعات الحب والحنان لها، مع إدخال من تعرف من الصالحات من أهلها أو صحيباتها ليكون لهم دور في التوجيه وسد الفراغ. وإني أجدها فرصة لأشير هنا إلى خطورة توفير أسباب الشر والفساد للبنات وتركهن يفعلن ما يشأن دون رقيب ولا حسيب، وكيف تكون بسبب ذلك النتائج وخيمة وسيئة، ألا فلنتق الله في أهلنا وبناتنا ونسائنا، ولنحمهن من أسباب الفتنة، ولنعمق الإيمان في قلوبهن ليكون لهن حصنا حصينا من الشر وأهله. والله أسال لها الهداية والرشاد والستر والعفاف، وللجميع التوفيق والرعاية. والسلام عليكم.

لماذا لا تجوز ممارسة الحب قبل الزواج؟!

لماذا لا تجوز ممارسة الحب قبل الزواج؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 21/9/1424هـ السؤال أنا نشأت كمسلمة متدينة، عندي صديق منذ أربع سنوات، ونحن غير متزوجين لكننا ننوي الزواج قريباً إن شاء الله، وبيننا علاقات حميمة من معانقة وتقبيل وتلامس، ونفعل أشياء بدنية كثيرة، لكننا لا نمارس الجماع بعد؛ لأننا نعرف أن الجماع حرام، أنا أرى أن الجماع ما هو إلا تطبيق وممارسة الحب، فكيف يغضب الله من ممارسة الحب بين شخصين متحابين؟ لماذا لا أستطيع التعبير عن حبي للشخص الذي أحبه؟. وثانياً: الإسلام أباح للرجل الاستمتاع بالسبايا والإماء بدون زواج، فإذا كنت أعتبر نفسي سبية أو أمة لصديقي (وهذا حقيقة ما أشعر به فعلاً) ، فهل يحق لنا الجماع قبل الزواج؟. أرجو توضيح الأمور لي لأنني أحتاج مساعدتكم بسرعة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن الله العليم الحكيم لا يغضب من ممارسة الحب بن الحبيبين، ولا يحرمه عليهما، ولا يريد بهما العنت والحرج؛ لكنه سبحانه اشترط لذلك شرطاً، وهو أن يكون ذلك في نطاق بيت الزوجية، بعد أن تأخذ المرأة من الرجل ميثاقاً غليظاً - وهو عقد النكاح-؛ الذي يقتضي التزام كل طرف بمسؤولياته تجاه الطرف الثاني، فيتحمل كل منهما ما يطاله من تبعات ممارسة هذا الحب في ظل الزواج - حتى لا يظل الحب دعوى مجرّدة ـ، فمثلاً إذا نشأ من هذه العلاقة الزوجية حملٌ، فالحمل منسوب للزوج، تلزمه نفقته، كما لزمته نفقة أمّه. أما ممارسة الحب بلا نكاح، فهو مدعاة إلى الفوضى والتنصل من المسؤولية، فتكون المسألة مجردَ إشباعِ رغبةٍ، وتلذذٍ بالأجساد، وربما داخله خداعٌ وكذب وتصنعٌ، فيستغل أحدهما الآخر لأجل إرضاء ذاته وشهوته. فإذا كنتما تعيشان حبّاً صادقاً ـ كما تذكرين ـ فمالذي يمنعكما أن تمارساه في ظل الحياة الزوجية المبنية على عقد نكاحٍ شرعي؟ إن عقد النكاح عقد ميسور واضح، لا لبس فيه ولا غموض ولا تعقيد؟!.فلا يشترط فيه سوى: رضا الزوجين، وحضور شاهدين، ومهر، وولي، وإيجاب وقبول؛ بأن يقول ولي المرأة للزوج: زوَّجتك ابنتي أو ولِّيتي فلانة بمهر كذا وكذا، فيقول الزوج: قبلت. فإذا تحقق ذلك فقد حلَّت له، وحلَّ لها، ولهما أن يمارسا الحب على الطريقة التي يرغبانها بشرط ألا تكون فيه مخالفة لشيء من شرع الله. أما تشبيهك نفسك بالأمة بين يديه، وأنه لا فرق بينك وبينها، فإذا جاز له أن يستمتع بأمته من غير زواج، فكذلك له أن يستمتع بك بلا زواج ـ كما تزعمين ـ، فهذا قياس فاسد؛ لأنه في مقابل نصٍ بل إجماع، وهو أن الحرة ليست كالأمة في جواز الاستمتاع، فالحرة لا يجوز الاستمتاع بها إلا بالنكاح بحيث تصبح زوجةً لها حقوق وعليها واجبات، أما الأمة فيجوز الاستمتاع بها بعد تملكها، (والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكتْ أيمانهم فإنهم غير ملومين) [المعارج:29 -30] .

والله يقول: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً" [الأحزاب:36] . فعلاقة الرجل بالمرأة الحرة الأجنبية عنه ليست مثل علاقته بأمة يشتريها وتصبح ملك يمينه، تُورث كما يُورث ماله، فهي لا تملِك، إنما هي مسخرة في خدمة سيدها. وكونك تعتبرين نفسك أمةً بين يدي صديقك فهذا لا يغيّر من الأحكام الشرعية شيئاً، فلا زلتِ في حكم الشرع حرّة أجنبية عنه، لا يحل لك ولا تحلي له حتى ولو كان يحبك وتحبينه، ما لم ينكحك نكاحاً شرعياً مستوفياً لشروطه. وأحيلُ الأخت السائلة إلى الكتب التالية: 1. (الإسلام ومشكلات الحضارة) للداعية: سيد قطب - رحمه الله- وبالتحديد فصل: المرأة وعلاقة الجنسين. 2. (الحجاب) للمودودي. 3. (الإنسان بين المادية والإسلام) وتحديداً فصل (المشكلة الجنسية) للداعية محمد قطب. والمقصود: أنه لا يجوز له أن يقربك ولا أن يخلو بك ما دام لم يتزوجك بعد، فاتقي الله، وتوبي مما كنت فيه، فهو لا يُرضي اللهَ سبحانه، بل هو موجبٌ لسخطه ومقته وعقوبته. نسأل الله أن يهديكما ويعفكما، ويوفقكما للتوبة النصوح، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

العلاقة عبر الهاتف والإيميل

العلاقة عبر الهاتف والإيميل المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 4/1/1425هـ السؤال أنا طالب جامعي على علاقة فقط عبر الهاتف مع فتاة، لم تتطور العلاقة أكثر من ذلك؛ لخوفنا من الله، الآن لقد التزمت أكثر والحمد لله، لا أستطيع أن أخطبها حالياً، أنا في حيرة: هل أقطع علاقتي بها، أو ألتزم وإياها ونبقى على علاقة أخف كالإيميل مثلاً؟ أو هذا أيضاً حرام؟ أفتونا جزاكم الله عنا كل خير، هل نستطيع أن نبقى معاً، ولكن ضمن إطار إسلامي يثبت بعضنا الآخر؟. جزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أحلَّ لنا الحلال ورغَّبنا فيه، وحرَّم علينا الحرام وحذَّرنا منه، والصلاة والسلام على معلِّم الناس الخير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: إلى الأخ السائل: - حفظه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت رسالتك وسرني جداً التزامك بشرع الله، أسأل الله لنا ولك الثبات. أخي الكريم: إن الالتزام بشرع الله ليس مجرد كلام، لكن هذا الكلام لا بد وأن يترجم إلى فعل، وأن ما أنت عليه من العلاقة مع هذه الفتاة من محادثات ورسائل أمر لا يقره دين ولا شرع، حتى ولا عرف، فكل علاقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه خارج نطاق الحياة الزوجية حرام شرعاً. أخي الكريم: أنا أعلم أنك تريد الزواج من هذه الفتاة، وأنا أقول لك إن هذا الطريق ليس بطريق شرعي، ما دمت أنك لا تستطيع الزواج بها في الوقت الحالي، فيجب عليك أن تقطع العلاقة معها وعلى الفور، وإني سائلك سؤالاً فأجب علي وبكل صراحة: هل تحب هذا الأمر لأختك؟ حتى ولو كان هذا الشاب الذي يراسلها ملتزماً مثلك ويريد الزواج بها؟ الإجابة معروفة وهي الرفض، فما دمت لا ترضى بهذا الأمر لأختك فلماذا ترضاه لبنات المسلمين، فكما أنك لا ترضاه لنفسك، فكذلك الناس لا يرضونه لأنفسهم، فاتق الله أخي الكريم، واقلع عن هذا الذنب، واقطع هذه العلاقة على الفور، وتذكر دائماً قوله -تعالى-: "ولا تتبعوا خطوات الشيطان" [البقرة: 168] ، ولم يقل - سبحانه- ولا تتبعوا الشيطان، ولكن حذَّرنا من اتباع الخطوات بداية؛ حتى لا نتبع الشيطان نهاية، وأن ما تفعله مع هذه الفتاة هو من خطوات الشيطان الذي نهانا ربنا عن اتباعها، وتذكر قوله -تعالى-: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا" [الإسراء: 32] ، ولم يقل سبحانه: ولا تزنوا، ولكن حذَّرنا من الأشياء التي توصلنا إلى هذه الجريمة، وأن ما تقوم به من مراسلة هذه الفتاة وسيلة من وسائل الوصول إلى هذه الفاحشة عياذاً بالله من ذلك. وتذكر قوله - صلى الله عليه وسلم-: "ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما" فما ظنك باثنين الشيطان ثالثهما؟ انظر ما رواه الترمذي (2165) ، وغيره من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، فأنت عندما تراسل هذه الفتاة أو تحادثها عبر الإيميل فهي كالخلوة قياساً، والشيطان هو ثالثكما، ولا تقل لي إننا ندعو بعضنا بعضاً، ونثبت بعضنا بعضاً، هذا كله من تلبيس إبليس عليك وعليها حتى تضلا عن السبيل، وعندما تقع المصيبة وتحدث الكارثة وعندها تعض أصابع الندم، ولات حين مندم.

فمن الآن أخي الكريم أقلع عن هذا وتب إلى الله، وليس هناك إطار إسلامي يجمع بينكما إلا الزواج الشرعي بشروطه المعتبرة، وعليك بفعل الآتي: (1) عليك بالندم والتوبة إلى الله وقطع الاتصال والمراسلة بهذه الفتاة. (2) عليك بالصوم، قال - صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه عند البخاري (5065) ، ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-. (3) عليك بغض البصر عن الحرام؛ امتثالاً لأمر الله - جل وعلا- حيث يقول: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" [النور: 30] . (4) عليك بالاستعفاف حتى يغنيك الله من فضله، قال -تعالى-: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله" [النور: 33] . (5) عليك بالإكثار من قراءة القرآن والسيرة العطرة، وسير السلف الصالح، وكتب التاريخ والتراجم. (6) عليك بمصاحبة أهل الخير من أهل العلم والدعاة، واحذر مصاحبة أهل الشر. (7) عليك بطلب العلم الشرعي، واجتهد بأن تكون داعية إلى الله. (8) عليك بتقوى الله في السر والعلن، فتقوى الله أساس كل خير ومغلاق لكل شر. (9) عليك بأن تشغل نفسك بما ينفعك في دنياك وآخرتك. (10) إذا دعتك نفسك لفعل الحرام تذكَّر بأن الله مطلع عليك ويراك، فاستح أن يراك وأنت على معصية. (11) عليك بسماع الأشرطة التي ترقِّق القلب وتدمع العين. (12) عليك بتكوين مكتبة متواضعة عندك في البيت، تقضي فيها أوقات فراغك. (13) عليك بأن تهتم بدراستك وتحصل على تقرير امتياز؛ حتى تستطيع أن تدخل الحياة العملية بقوة، حتى إذا تقدمت لهذه الفتاة أو غيرها تكون مؤهلاً لذلك. (14) اجعل لنفسك هدفاً في الحياة، واسعى جاهداً لتحقيقه. (15) وخاتمة القول: عليك بالدعاء، وصدق اللجوء إلى الله أن يصرف عنك الشيطان، وأن يجنبك مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلك من عباده المخلصين. والله أسأل أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أحبه حتى بعد زواجه

أحبه حتى بعد زواجه المجيب د. خالد بن حمد الجابر مستشار طب الأسرة. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 29/3/1425هـ السؤال أنا فتاة، تعلق قلبي بشاب من قريتي فألهب حبه قلبي دون أن يعلم، مع العلم أنه ملتزم، وعندما صارحته بذلك قال إنه قد خطب أخرى، ولكني لم أقتنع فظللت أتقرب منه حتى أوقعته في حبي، ولكنه تزوج وما زال يحبني، وأنا لم أقدر على نسيانه، فنصحني بحفظ القرآن، ولكن دون جدوى، فقد زدت شوقاً إليه وحباً له، وحاصرني حبه من كل مكان، وقد تقدم إلي أكثر من خاطب ولكن قلبي ما هدأ ولا قبل بأحد والشاب يتعذب معي! فأغيثوني بنصيحة تطفي لواعج قلبي وقلبه! جزاكم الله ألف خير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أصدقك القول يا أختي لقد دمعت عيني وأنا أقرأ خطابك الرقيق المتقطر عشقاً وولها.. كان الله في عونك وعون قلبك وقلب صاحبك. وقد طلبت منا نصيحة (تطفئ لواعج قلبك وقلبه) ، لأنك (لم تقدري على نسيانه) ، وأن (حبه حاصرك من كل مكان!) ، وأن (قلبك ما هدا) ، (ولم تقبلي بأحد مع كثرة الخطاب) ، ودعوت لنا بمليون خير، فأنا إن شاء الله مغيثك ليس بما يطفئ قلبك وحسب وإنما إن شاء الله بما يملؤه راحة وطمأنينة وهدوءا، والتوفيق والسداد والعون من واحد أحد جربناه مراراً فما خيب لنا سبحانه ظنا ولا رجاء!، كم تعالى وتقدس!!. غير أني أشترط عليك شرطاً واحداً إن أنت وفيت لي به، فلك بعون الله ما طلبتِ، فهل أنت على الشرط قادرة؟ وشرطي هو: هل أنت تريدين مني جواباً يرضي عشقك وولهك وهيامك وحبك؟ ، أم تريدين حلا يخلصك من "الورطة" وإن لم يرض العشق والوله والهيام؟؟ هل فهمت الشرط؟ حسناً، فلنبدأ على بركة الله.. وسيكون حديثي مفصلاً بعض الشيء وربما يطول، لكثرة الحالات المشابهة. أولاً: دراسة الحالة.. 1) يا رقة الأنثى!! قد علمت من سؤالك أنك أنثى!! ، وأنك ذات 17 ربيعاً، وهذه هي مشكلتك!! ، لأن عاطفة الفتاة تهيج في هذه السن، بصورة قوية عنيفة، فتصبح أكثر حديثاً عن الحب والمحبة، والوله والعشق. والمرأة خلقت للرجل، والرجل خلق لها، وميل أحدهما للآخر جزء من فطرة الله وناموسه في هذا الكون. لكنه في الإسلام ليس له إلا طريق واحد هو الزواج. وقد يحصل من بعض الفتيات علاقة عاطفية مع رجل آخر قبل الزواج، إما عن طريق المكالمات الهاتفية، أو اللقاء في السوق، أو كونه أحد المعارف أو الجيران، وأشباه ذلك. قد يحصل هذا، وبعضه مرفوض عرفاً وشرعاً، وبعضه قد يكون مقبولاً، كما لو أحبت الفتاة قريبها أو ابن جيرانها، كانت تعرفه أيام الطفولة والصبا، وكبرا وكبر الحب معهما، وهذا الحب لا سلطان عليه. صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا*** إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهم إنه لابد أن تعرفي أن توقد عاطفتك سببه المرحلة العمرية التي تمرين بها، وستعجبين حين يمتد بك العمر بإذن الله، ثم تتذكرين ما حصل منك أيام المراهقة فتستلقين على ظهرك من كثرة الضحك!!، هكذا حصل مع كثيرين وكثيرات! . 2) كيف دخلت المها في الشبكة؟!

عذراً يا أختي، لكن كيف دخلت في شبكة العشق والهيام؟ ، حتى صرت تردّين عنك الخُطّاب وتعزفين عن الزواج! . لقد فهمت أنك كلمتيه وكلمك، وأخبرتيه بحبك له وأخبرك بحبه لك!، وأنك جعلت تلاحقين المسكين وتتقربين منه حتى أوقعته في شباكك!!، وأن الكلام بينكما اتسع حتى ناصحك بقراءة القرآن.. ثم جئت بعد هذا كله تستنجدين بمن يخلصك من لواعج الحب!!. ألا توافقينني أنك لم تقفي عند حد الحب والتفكير، بل تعديت إلى العمل والمكالمة والمواعدة، بل ومحاولة التقرب من المعشوق، والتمادي في ذلك حتى وقع معك في الشبكة وهو لا يريد ذلك. اعذريني يا أختي، فإني وإن قلت في مطلع كلامي إن الحب لا سلطان عليه، وإن بعضه مقبول، لكني لا يمكن أن أقول إن التمادي فيه والسعي للإيقاع بالمعشوق، والتخبيب على زوجته مقبول مباح!. لقد كان سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- يحب عائشة الصديقة - رضي الله عنها - أكثر من بقية زوجاته، وكان يصرح بهذا فيما رواه البخاري (4358) ومسلم (2384) من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه- ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يتجاوز حب القلب إلى سلوكيات مرفوضة، من الجور بين الزوجات أو تفضيل عائشة - رضي الله عنها - على غيرها من أمهات المؤمنين. وهذا هو شعارنا ومذهبنا في "العشق العذري"، من وقع فيه كان الله في عونه، لكن لا يحل له أن يتعدى إلى سلوكيات غير مقبولة. واعذريني إن قلت لك يا أخية إن هذا قد وقع منك. فالمكالمة والحديث.. والمواعدة.. والتقرب والتودد.. كله سلوكيات تكتب على صاحبها، وهي مما يملك السيطرة عليه. اسألي نفسك: من يقود الآخر.. هل أنت التي تقودين عاطفتك، أم تركتي لعاطفتك الزمام؟ . 3) من أي قوافل العشاق أنتِ؟ يا أختي الكريمة! لست العاشقة الأولى ولن تكوني الأخيرة، وقافلة العاشقين طويلة وما أنت إلا واحدة في هذه القافلة. وهي في الحقيقة ليست قافلة واحدة بل قوافل: - فقافلة جسدية خسيسة. - وقافلة عذرية عفيفة. ولم تذكري لنا من أي القافلتين أنتما؟ وعذراً للسؤال!، لكني أذكر هنا إن كثيراً ممن يدّعون العشق في زماننا غير صادقين، فعشقهم عشق أجساد ورسوم وصور، وليس عشق أرواح وقلوبٌ. ولهذا يكثر من عشاق زماننا اللقاءات والمواعدات واللمس والجس وما هو أكثر من ذلك وأشنع من الفسق والفجور. وربنا سبحانه رب الليل والنجوم والظلمة هو وحده العليم بما يدور بين العشاق في مخبوء الأستار، وظلمات الليالي!!. والحب العذري النظيف، لا يكدره شيء من أوساخ الحب المعاصر، من لقاء أو مواعدة أو مهاتفة أو مراسلة مريبة، وإنما هي مشاعر في القلب جيّاشة، يحبسها الحياء أن تظهر، ويمنعها العفاف والدين أن تدنس بلقاء أو كلام. وانظري الجواب الكافي، ص (250-253) . إن العاطفة كالبئر إذا استنزفتِ ماءها؛ ثم جعلتِ تصبينها هنا وهناك لم تفلحي بشيء، وإذا استخرجتيها بقدر، وسقيت منها بستانك الذي تعرفينه، وتعرفين شجره، أثمر شجرك وأورق. وإنما بستانك أهلك وزوجك وأسرتك. ألا توافقينني أن ما تصنعه بعض الفتيات ليس إلا "إهدار عاطفي"، حيث تهدر عواطفها وتنفقها في غير طائل. وهو "تهييج عاطفي" دون تنفيس صحيح، يضر بالفتاة ومشاعرها أيما ضرر. ثانياً: الحلول الممكنة..

لمشكلتك حلول كثيرة، بعضها مقبول وبعضها مرفوض، منها: 1. الزواج من معشوقك. 2. الاستمرار في ملاحقته ومطاردته. 3. الاستسلام للعشق والانتظار في البيت، وترك الزواج نهائيا!. 4. الرضا بالقضاء والزواج بغيره ونسيانه. وعليك أن تختاري من بين هذه الحلول ما ترين فيه المصلحة!، وإن أحببتِ ساعدتك بذكر تفاصيل أكثر عن هذه الحلول قد تفيدك في اتخاذ القرار. الزواج منه قد يكون حلاً مناسباً، وقد يكون أسوأ الحلول!!. فهو حل مناسب إذا قبل بك زوجة له، ونسي كل واحد منكما ما مضى، وسارت الأمور على ما تحبون، وحسنت علاقتك مع أم أولاده، وقدر على العدل بينكما. واعذريني وسامحيني إن قلت إنه ربما لن يقبل!، لأننا معاشر الرجال "خوافون" من مثل هذا النوع من الزواج، وتضعف عندنا "الثقة" بمثل هذا النوع من الفتيات، ونحن نقول من أحبتني قد تحب غيري!! . وقد يكون زواجك بداية لمرحلة جديدة من المعاناة والشك والجحيم الذي لا يطاق، لأني لاحظت أن العاطفة التي تنشأ بين فتاة وفتى قبل الزواج لن ينسى أصحابها تفاصيلها المؤلمة في الغالب ولو تجاوزتها أعمارهم وتزوجوا فيما بعد، فستظل ذكرى تلك العلاقات العاطفية الآثمة عالقة في الأذهان، تؤرقهم وتقلق ضمائرهم، وتنغص عليهم عش الزوجية. وربما حصل ما هو أخطر من ذلك حينما تستهويهم تلك الذكريات للعودة إليها مرة أخرى، لكن مع طرف آخر!!. · أما الاستمرار في ملاحقته ومطاردته فهو أسوأ الحلول، ولا أظن أحداً سينصحك به، إلا العدو إبليس! . لكن ألا يتملكك العجب حين تلاحظين أن هذا فعلاً ما تقومين به الآن!، لأنك لا زلت تلاحقين الرجل حتى بعدما تزوج!!. انتبهي لنفسك يا أختي! , واتقي الله أن تكوني سبباً في فساد قلب صاحبك. هل تحبينه فعلاً؟، إذن اسعي لنجاته وسعادته في الدنيا والآخرة، ولا تلوعي قلبه وتفسدي عليه زوجته وتنكدي عليه حياته. وكل المتحابين ينقلبون إلى أعداء في الآخرة إلا المتقين، جعلنا الله وإياك منهم، آمين!. · أما الاستسلام للعشق والانتظار في البيت، وترك الزواج نهائيا!، فهذا حل مناسب جداً، لمن تحب أن تبقى أسيرة الأزمات، ولمن تريد ألا تتجاوز الشدائد!، ولمن يستهويها أن تعلك نفسها وتجتر ماضيها!!!. أما الفتاة الناضجة الواقعية، التي تعرف أن الحياة لا تتوقف عجلتها عند حب متعثر، ولا ينقطع سيرها لأجل أمنية لم تتحقق، فهي سرعان ما تنعتق من قيد الأزمة، لتصبح أكثر خبرة ونضجاً واستقراراً. · بقي الحل الرابع: الرضا بالقضاء والزواج بغيره ونسيان القديم. هل تريدين مني يا أختي أن أحلف لك بالله العظيم أن هذا الحل هو الذي دعوت الله لك أن ينشرح له صدرك، وتقبلي به وتسعي مباشرة لتطبيقه. لكني لا أجبرك عليه فالخيار لك، والله يحفظك ويعينك. · وهناك وسائل كثيرة تعين البنت التي تورطت في مثل هذا النوع من العلاقات وترغب في التخلص منها، منها: 1) صدق اللجأ إلى الله -تعالى-، ودعاؤه بـ (تضرع) و (إلحاح) و (صدق) ، والاستمرار على ذلك حتى يصرف الله عن قلبك حبه، ويدلك على ما هو خير لك.

2) استقباح العلاقة، والتفكر في عاقبتها: وقد أشرت إلى شيء من هذا، وأعيده هنا لأن "التفكر في عاقبة السلوك" منهج إسلامي أصيل في سياسة النفس أحب له أن ينتشر. تأملي يا أختي الكريمة في السلوك الذي تمارسينه الآن، واسألي نفسك الأسئلة التالية: - هل هو سلوك يرضاه الله -تعالى-؟ - هل هو سلوك يرضاه أبي وأمي وإخوتي لو اطلعوا عليه؟ - هل هو سلوك أرضاه لابنتي؟ - هل هذه العلاقة علاقة نظيفة 100%؟ - ماذا سأستفيد من هذه العلاقة؟ بل ماذا استفدت حتى الآن؟ - لماذا يصد عني معشوقي مع حبه لي؟ هل لأن العلاقة غير نظيفة؟ - هل المعاناة التي أعيش فيها الآن وهي ثمن غالي، هل سأجني من ورائها شيئاً؟ 3) رسم صورة المستقبل. لو تحقق لك الأمر كما تحبين، وتزوجت معشوقك، هل ستضمنين أن حياتك ستكون سعيدة؟ بالطبع لا. لكن اقرئي معي هذا المقطع من مقال لي نشر في مكان آخر: (.. مسكينات هن فتياتنا يبلغ الظن بهن أن الحب قبل الزواج بحلاوته وطلاوته سيستمر بعد الزواج، قوياً كما هو، ليت شعري كيف لو عرفوا عن الدراسة الأمريكية العجيبة، التي أثبتت أن الغالبية العظمى من الزيجات التي تنشأ عن قصة حب كبيرة، أنها تنتهي بالفشل والطلاق، والسبب ظاهر؛ فحرارة الحب قبل الزواج حرارة خداعة، سرعان ما تطفئها أمواج الواقع، وهذا معنى قول عمر - رضي الله عنه-: "وهل تبنى البيوت بالحب وحده"، خاصة أن هذا النوع من الحب يكون عادة متركزاً على جانب واحد من شخصية المحبوب، كالشكل والمظهر، أو الكلام المعسول، دون إلتفات إلى بقية صفات الشخصية، التي ستبقى فعلاً بعد الزواج. وأنا أتساءل: لو تزوج قيس بليلى أو كثير بعزة أو جميل بثينة أو عروة بعفراء، فهل سيبقى حبهم بعد الزواج كما هو؟!.) .. 4) الإشباع المحمود للعواطف: عاطفتك يا أخية جيّاشة حية متدفقة، إني أراها كموج بحر هادر يضرب في صخور الشاطئ!. الفتاة كالزهرة الندية، في صباح لطيف باسم، رقيقة المشاعر مرهفة الحس ناعمة الوجدان، تطربها الكلمة الودودة، وتنعشها الابتسامة الحانية، ويغرس الاهتمام بها في قلبها البهجة والسرور. إن الفتاة الناضجة تسعى لإشباع عواطفها وكفاية مشاعرها، بجهدها الذاتي وطرائقها الخاصة. وكما أن هناك طرقاً للإشباع العاطفي غير متزنة ولا محمودة، فإن ثمت طرقاً كثيرة محمودة مرغوبة، منها: -الإشباع في الجو العائلي: لابد للعائلة من أن تشبع عواطف الفتاة، فإذا لم تشبع في الجو العائلي تعلقت بصديقة أو معلمة، وربما ذهبت الفتاة لما هو أبعد من هذا، فأشبعت عواطفها مع أفراد الجنس الآخر من الرجال. وهذا التوجيه موجه للأسرة بالدرجة الأولى، لتحرص فيما تحرص عليه أن تلبي الحاجة العاطفية لأولادها، فالخبز واللحم لا يعرفان طريق القلب والمشاعر. ولكن الخطاب موجه أيضاً للفتاة نفسها، ذلك أن على الفتاة أن تسعى لتكون هي زهرة بيتها، وحديقة أسرتها، التي يجتمع حولها أبواها وإخوانها. البنت اللبقة المحبوبة تقترح على أهلها تعميق العلاقات فيما بينهم، وتسعى لتحقيق ذلك بما أوتيت من ذكاء نفسي ولباقة اجتماعية.

-وعلى رأس طرق الإشباع "الإشباع الروحي الوجداني". إذ ليس أقوى من العاطفة الروحية في ملء الفراغ العاطفي الذي تعيشه الفتاة. إذا امتلأ قلب الفتاة بعاطفة دينية متوهجة دافئة دائمة التوقد، فلا تسل بعد ذلك عن قلق تعانيه، فقلبها هانئ ونفسها ساكنة، والعاطفة الدينية إذا توقدت في القلب فلا تنطفئ إلا في الجنة بإذن الله. غير أني لاحظت أن بعض من نرشده إلى هذا يقول: "جربت وما فيه فايدة!! ". وكلامه قد يكون صحيحاً، لأن حلاوة القرآن والدين ليست حلوة على كل لسان، بل من لم يعتد عليها، أو قال "أجرب وأشوف" أو جربها وهو متردد، أو قلبه لا زال معلقاً بالماضي فهذا كما قال الإمام أحمد لا ينفعه شيء ولو تناطحت الجبال بين يديه!. إن تحقيق اللذة والسعادة والهناءة والهدوء والسكينة من العاطفة الدينية ممكنة ومتيسرة، إذا أقبلت عليها موقنة بفائدتها، مقتنعة بها، واستمررت على ذلك وجاهدت نفسك زمناً، فلا شك ولا ريب ستجدين من اللذة ما وجدها الواجدون. تأمليها بستاناً وارفاً في رأس جبل، لابد أن تصعدي الجبل أولاً. وفقك الله وأعانك، وأذاقك من حلاوة الإيمان ما ذاق الصالحون، آمين. -ومن طرق الإشباع العاطفي التعلق بالرموز والقدوات الصالحة، وعلى رأسهم التعلق بمن سلف من الأنبياء والصالحين.. -ومن الطرق الحب في الله لأخوات صالحات "تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه" جزء من حديث رواه البخاري (660) ومسلم (1031) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ولكن احذري مما يسمى بالإعجاب. -ومن طرق الإشباع العاطفي إشغال القلب عن طريق اللسان، بترداد ألفاظ وعبارات لها قدرة على تسكين القلب وإرضاء النفس. وهذا تماماً ما يحصل لدى القراءة الخاشعة للقرآن الكريم، والترداد المتدبر للأذكار النبوية. وهذا هو أحد معاني الأثر "من استكفى بالقرآن كفاه". ولاحظي معي يا أختي كلمة "استكفى" فصيغة الفعل تدل على المحاولة والبذل، وهذا يعني أيضاً أن القرآن لا يكفي من جاءه يريد منه أن يحل جميع مشاكله دون أن يكون منه بذل، أليس كذلك!!. - ومن طرق الإشباع "التسلي"، أي إشغال النفس والذهن بأعمال أخرى نافعة، مثل القراءة والزيارات والمشاركة في الأعمال الخيرية من رعاية الأيتام والدعوة وجمعيات حفظ القرآن وغيرها. والتسلي مهم جدا؛ ً بل وضروري، لأن النفس والقلب كالإناء لابد من ملئه بشيء. اللهم يا من قلوب العباد بين أصابعك، أطفئ لواعج قلب أختنا، واصرفه إلى طاعتك ومحبتك، واختر لها يا رب ما تكون به سعيدة هانئة في الدنيا والآخرة.. آمين.

متعلقة به وهو متزوج

متعلقة به وهو متزوج المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 24/06/1425هـ السؤال ابتليت بعلاقة ودية مع زميل منذ ثمان سنوات، تزوج من ابنة جيرانه وما زلت ألتقي به، وأشعر أني لا يمكنني أن أرتبط بغيره، وهو يحاول أن يظهر لي وده ومحبته ولكن دون وعد بالارتباط، علما أن علاقته بزوجته غير جيدة، وهو على خلق عظيم، ولكني أشعر خاصة بعد وفاة والدي ولا يوجد لدي إخوة ذكور، فقط أمي وأخواتي اثنتين في البيت، وعلما بأن أهلي يعاملوني معاملة جيدة، لكن تعلقي بهذا الشخص تعلق مرضي، أعينوني بالنصيحة أعانكم الله أنا في حيرة من أمري، وأضيف أني أصلي الاستخارة إذا خطبني غيره، ولم أستطع الموافقة عليهم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: الأخت السائلة: - حفظها الله-: 1- إن التعلق بهذا الشخص أمر محرم لا يجوز؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان" رواه الترمذي (2165) من حديث عمر -رضي الله عنه-، فهذه الخلوة التي تتم ببينك وبينه محرمة شرعاً أدت إلى هذا التعلق، كما أن المكالمات الهاتفية إذا كان فيها فتنة وتعلق بشخص أجنبي لا تجوز قطعاً. 2- إن هذا الشعور الذي تشعرين به يزينه لك الشيطان، بحيث تشعرين بأنك لا تستطيعين العيش بدونه أو مع أحد غيره؛ وكما قال صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ... " رواه البخاري (7171) ، ومسلم (2175) من حديث صفية بنت حيي -رضي الله عنها-، وأنا على يقين أن هذا الشخص لو تزوجتيه لخدعك ولم يثق بك؛ لأنه خادع زوجته الأولى الآن، وكيف يثق بامرأة كانت تفعل ذلك، ومن الممكن أن تفعل هذا مع غيره؛ ولذا أقول لك: توبي إلى الله من هذا الفعل، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. وإذا تم ذلك بتوبتك فلو أتى لك أحد بعد ذلك ثم استخرت ستكون النتيجة في صالحك - إن شاء الله-. 3 - إعلمي أن حياتك أثمن من أن تكون تسلية للآخرين، وهذا الشخص لا يتعامل معك إلا على أنك تسلية له وإلا فما معنى إظهار الحب، وعدم الوعد بالارتباط. 4 - تداركي أمرك قبل تلوث سمعتك وفقدان رصيدك من ثقة الناس واحترامهم. 5 - عند ما يتقدم إليك أحد فلا تجعلي نفسك في حال مقارنة بينه وبين هذا الشخص، ولكن فكري واستخيري وأنت تنظرين نظرة متجردة فهذا ادعى لاتخاذ القرار الصحيح. أسأل الله لي ولك العون والسداد، ونعوذ بالله من غمزات الشيطان.

كيف الخلاص من حبها؟!

كيف الخلاص من حبها؟! المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 15/6/1425هـ السؤال فتاة تحب شخصاً بجنون، وهو لا يبادلها هذه المشاعر، بل يكره ذلك، ويريد حلاً، وألا يكون من ضمن الحلول الابتعاد عن الفتاة؛ لأنه لا يستطيع ذلك؛ لأن عمله يحتِّم عليه أن يلتقيها -على الأقل- مرتين في الأسبوع؛ لطبيعة عمله، وهو حائر في الموضوع، ويريد النصيحة لمثل هذه الحالة، وهي إلى الآن لم تصارحه بذلك، وإنما علم به من شخص موثوق، وهو يريد قطع الطريق عليها قبل أن تبادر إلى مصارحته، أو أن تتمادى في هذه المعصية، وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: الأخ الفاضل: سعدت كثيراً وأنا أقرأ رسالتك، وسر ذلك بأني التمست فيك من خلال رسالتك نبل أخلاقك، وكريم خصالك النابعة من الوازع الديني لديك، ولو وقعت هذه الفتاة في شراك أحد ذئاب البشر لأكلها لحماً ورماها عظماً كما يقال. إذا ما مكنته من نفسها. أخي العزيز: لقد تعاملت مع الموقف بكل نبل وأخلاق نبيلة، وبوعي كبير منك، وحل هذه المسألة ميسور جداً مع من يتحلَّى بهذا الخلق، وعليه، سأضع بين يديك الاستشارة التالية، والله أسأل أن ينفع بها: أولاً: يجب عليك يا -أخي الكريم- أن تتجاهل الموقف تماماً، وتبتعد عن الخلوة بهذه الفتاة سواء في العمل أو غيره؛ لأن الخلوة منهي عنها شرعاً, فذلك قد يؤدي إلى مزالق السوء. ثانيا: تجنب الحديث مع هذه الفتاة، وإياك أن تلين لها بالقول، أو يصدر منك أي سلوك قد تفسره برسالة مودة لها. ثالثاً: لا تتح الفرصة للآخرين في الحديث لك عن مدى حبها لك، وموقفك من ذلك، وابتر الحديث من أوله. رابعاً: إذا تمادت هذه الفتاة بذلك، فأنصحك بعدم الحديث معها، والابتعاد عن المواقف التي قد تتيح لها الفرصة بذلك، خاصة وأنك لا تراها إلا مرتين في الأسبوع، وهنا قد يتيسر لك تحقيق ذلك. والله أسأل أن يحفظنا وإياكم من كل مكروه.

يمنعني من زواجها العلم وصغر السن

يمنعني من زواجها العلم وصغر السن المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 10/04/1425هـ السؤال أنا شاب، أبلغ من العمر 19 سنة، ومنذ الصغر وأنا مفارقٌ لبيتي؛ ابتغاءَ العلم، والآن أعيش في الغربة في بلد اعتاد الناس فيه على فعل المنكرات وفرصها كثيرة جداً؛ بحيث لا تعد ولا تحصى، إلا أنني وقفت صامداً أمام كل هذه المنكرات, حتى فكرت في مستقبلي، فاخترت لنفسي شريكة عمري، ولكن ما يحول بين زواجي هو العلم وصغر السن، وقد تعلق قلبي بحبها، ولكن ليس بالقدر الذي يحول دون دراستي. فهل يجوز هذه العلاقة؟ فأنا أتكلم معها في بعض الأحيان على "النت"، لكن الكلام لا يتجاوز حدود الأدب، هل من حل أو مشورة؟ الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين.. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نسأل الله لك الثبات ولجميع المسلمين. إن في رسالتك يا أخي أموراً سرتني، وأموراً أخرى أحزنتني، ولعلي أبين ذلك من خلال النقاط التالية: 1- ذهابك بقصد طلب العلم مقصد طيب، لكنه يحتاج إلى شيء من التوضيح، فلو كنت في بلد يقل فيها العلم الشرعي وذهبت إلى بلد يكثر فيها العلماء فهذا أمر طيب، أما إن كان العلم دنيوياً، فإن ذهابك لطلبه في غير بلدك - إن كان البلد كافراً أو تكثر فيه المعاصي - يحتاج إلى استفتاء لأحد العلماء الثقات؛ لأن المسألة فيها شروط وضوابط لابد من توفرها قبل وأثناء السفر. 2- إن المسلم إذا خشي على نفسه الفتنة بسبب وجوده في بلد ما فإنه يجب عليه ترك ذلك البلد إذا قدر على ذلك. 3- من الجميل أن يرسم الإنسان لنفسه خطة مستقبلية، يبني فيها أسرته، ويختار فيها شريكة حياته، ولكني أخذت على السائل أموراً، أتمنى أن لا يقع فيها ومنها: أ - من قال أن صغر السن أو طلب العلم مانع من الزواج؟ بل على العكس، الزواج المبكر أفضل من تأخيره إلا بمانع شرعي. ثم الزواج الموفق يكون عوناً للإنسان في طلب العلم وفي طلب الرزق، فإن كنت قادراً على الزواج جسمياً ومادياً فلا تتأخر، لا سيما أنك في بلد تكثر فيه المنكرات. ب _ أفهم من سؤالك أنك تعلقت بفتاة أجنبية، وهذا ولا ريب أمر محرم، فلا يجوز للإنسان ذكراً أو أنثى أن يتعلق بقرين أو قرينة ممن ليست من محارمه. فإما أن تتزوجها إن كانت مناسبة لك، أو تتركها وتنساها، وإلا فإنك ستقع في الحرام. ج - الشيطان له خططه وطرائقه الكثيرة لإغواء بني آدم دون أن يشعروا. كثير من الشباب الذين يبدؤون علاقات محرمة بمهاتفات أو مراسلات يسمونها (بالبريئة) ، استدراجاً من الشيطان لهم حتى يتمادوا - وهم لا يشعرون - ويقعوا في الحرام ـ نسأل الله العافية ـ. فإما أن تتزوج هذه الفتاة بالطرق الشرعية، أو تتركها بلا رجعة. 4- عليك أخي بمراجعة كتب وأشرطة تتحدث عن الثبات على الطاعة، فإني والله أخشى على نفسي وعليك الانزلاق في مهاوي الردى، والحور بعد الكور. أسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه.

يمرض إذا لم تراسله

يمرض إذا لم تراسله المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 21/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أرجو أن تفهموا قصدي من كلامي، أنا شاب، أبلغ من العمر 25 عاماً، قضيتها في حياة بسيطة والتزام ضعيف، بالرغم من أني أصلي منذ الصغر، وأقوم ببعض العبادات، ويمنعني من المحرمات المحافظة والأخلاق والحياء، إلى أن تعرَّفت على فتاة ملتزمة جداً، وتخشى الله، ولا أعلم كيف أصبحنا نراسل بعضاً على الجوال فقط، دون حديث أو أي شيء يغضب الله، وأصبحت النور في حياتي، وعرَّفتني على الله، وأعادت رغبتي في الحياة، وأصبحت أغلى شيء في حياتي، ولا أستطيع تركها، ولقد أفهمتني أن هذا حرام، وقد يكون سبباً في غضب الله علينا، ولكن حاجتي إليها جعلتها تساعدني، ويشهد الله أني كنت الاستثناء في حياتها، وحاولنا أن ننهي ما بيننا، ولكن ما يجمعنا حب طاهر لا يدنسه شيء، نسير به إلى الله، ولكن أنا أخاف عليها من الله؛ لأني أنا السبب، وخوفها علي جعلها تستمر معي؛ لأني أمرض عندما لا تراسلني. ماذا أفعل؟. أرجوكم ساعدوني. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: إلى الأخ السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت رسالتك الرقيقة أكثر من مرة، وجعلت أتأمل فيها عدة أيام، ليس لأني لم أواجه حالة تشبهها من قبل، كلا، فالحالات المشابهة لحالتك كثيرة، لا تعد ولا تحصى، لكن كان سبب تأملي هو ما لمسته من معاناتك وتألمك، فأنت عاشق، ولا يعرف نار العشق إلا من اكتوى بها، وذاق حرارتها، فلقد وصفت حالتك بأنك لا تستطيع أن تفارق محبوبتك، فهي أصبحت النور في حياتك، وهي أغلى شيء عندك، وأن الذي يجمعكما هو حب طاهر لا يدنسه شيء، تسيرا به إلى الله - هكذا قلت-، ولكن تخاف عليها من الله لأنك تعلم بأن هذا الطريق غير صحيح، ومن شدة كلفك وهيامك أنك تمرض إذا لم تراسلك، الله أكبر، لقد بلغ منك الحب مبلغاً عظيماً، وحالك كما قال القائل: أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى***فصادف قلباً خالياً فتمكنا مسكين والله - يا أخي الكريم-، وبعد ذلك طلبت منا المساعدة والعون في حالتك هذه. حسناً، ما دمت أنت الذي طرقت علينا الباب، وطلبت منا المساعدة، فدعنا نبدأ على بركة الله، سائلين المولى - جل وعلا- أن يوفقنا في إسداء الرأي، وتقديم النصح المنشود، ولكن أود منك أن تنتبه لأمر هام - يا أخي الكريم- ألا وهو أننا لا نعطي حلولاً سحرية؛ لأننا -وببساطة- لا نملكها، ولكن كل ما نفعله أن نجعل الصورة أمامك أكثر وضوحاً وشفافية، والحلول المتاحة أكثر بياناً؛ بحيث لا تسيطر العاطفة ويزيغ العقل، ومن ثم تختار أنت من بين هذه الحلول ما يناسبك، وعلى حسب ظروفك، وكعادتنا في حل مثل هذه المشاكل نتناولها في جزئيتين: الأولى: دراسة الحالة بشكل أفضل. الثانية: طرح الحلول المتاحة لاختيار أفضلها، فمستعيناً بالله أقول: أولاً: دراسة الحالة بشكل أفضل: لقد لخصت مشكلتك في النقاط التالية: (1) لقد قضيت حياة بسيطة والتزاماً ضعيفاً. (2) تصلي وتقوم ببعض العبادات.

(3) يمنعك من فعل الحرام المحافظة على الأخلاق والحياء. (4) فجأة وبدون مقدمات تعرَّفت على فتاة ملتزمة جداً وتخشى الله، واصبحتما تراسلان بعضكما على الجوال فقط. (5) لم تفعلا شيئاً يغضب الله. (6) أصبحت هذه الفتاة هي النور في حياتك، وعرّفتك على الله، وأعادت رغبتك في الحياة. (7) أرادت منك قطع هذه العلاقة؛ لأنها حرام. (8) الحب الذي يجمعكما هو حب طاهر لا يدنسه شيء. (9) لا تستطيع فراقها. (10) تمرض إذا لم تراسلها وتراسلك. هذا ما عرضته لنا في رسالتك، ومن خلال تأملي في هذه النقاط أرى أنك في الجملة أعطيت الموضوع أكثر من حقه، فمثلاً قولك: بأنكما لا تفعلان شيئاً يغضب الله، من قال لك بأن مراسلتك لها -وهي كذلك- أن هذا لم يغضب الله؟! بل هذا لا يجوز لك ولا لها، والفتاة تعلم ذلك؛ بدليل أنها قالت لك: لا بد من قطع العلاقة؛ لأن هذا حرام، وقولك بأن هذه الفتاة أصبحت هي النور في حياتك، فهل كانت حياتك قبل معرفة هذه الفتاة ظلاماً حالِكاً؟! ويبدو أنك لم تقابلها ولم ترها، حيث إنك لم تشر لنا بذلك، فبمجرد أن عبثت في جوالك، واتصلت على رقم عشوائي، وسمعت صوتاً تجاوب معك، أصبح صاحب هذا الصوت النور في حياتك! ألم أقل لك بأنك مبالغ في كلامك، لقد ذكرتني بقول بشار بن برد: يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة*** والأذن تعشق قبل العين أحياناً فبشار بن برد هذا أعمى البصر والبصيرة، ومع ذلك كان يقول من الشعر أعذبه. قولك بأن الحب الذي يجمعكما هو حب طاهر لا يدنسه شيء، ما هو الحب في نظرك - يا عزيزي-؟ هل هذا الحب الذي بينكما حب نفس لنفس وروح لروح؟ أم هو حب صور وأشكال وأصوات وجسوم؟ هل هي محبة عرضية أو ذاتية؟ وهل هو استحسان روحي وامتزاج نفسي، أم هو استحسان مادي جسدي؟. إن إجابتك على هذه الأسئلة بنفسك وبكل صراحة سيعينك -بفضل الله كثيراً- على اتخاذ القرار المناسب. قولك: يشهد الله أني كنت الاستثناء في حياتها، من أدراك بذلك - يا أخي الحبيب-؟!. أرى أنك أدخلت نفسك دائرة مغلقة، وأحكمت غلقها بنفسك، ولا تريد أن تخرج منها، حتى ظننت أنك لا تستطيع الخروج منها، مع أن مفتاح هذه الدائرة معك أنت- وهذا ظهر لي من كلامك عندما تقول: أمرض عندما لا تراسلني-، إلى هذا الحد بلغ بك الهيام والعشق، وهل هي بهذا الشعور؟ لا أظن؛ بدليل أنها تريد أن تقطع العلاقة معك. ثانياً: الحلول المتاحة: بعد عرض مشكلتك على النحو الذي سبق، والوقوف مع بعض عناصرها، أقدم لك الحلول المتاحة، وأنت الحكم، فاختر أنسبها وأمثلها طريقة: (1) الزواج من هذه الفتاة: وهذا هو الأمر الطبيعي لأي علاقة سوية تقوم بين رجل وامرأة أجنبية عنه، فهل أنت قادر على الزواج من هذه الفتاة؟ قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أحصن للفرج، وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" متفق عليه أخرجه البخاري (5065) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، فهل أنت مستطيع لأمر الزواج، سواء من الناحية المادية، أو النفسية، أو الجسدية، أو غير ذلك، فإن كنت مستطيعاً فأسرع في إتمام أمر الزواج، وإلا فعليك أن تعد العدة لذلك، وبعدها خض غمار هذا الأمر.

(2) الاستمرار في العلاقة مع هذه الفتاة دون زواج: قد تقول: أنا يا شيخ لا أستطيع الزواج من هذه الفتاة، والأسباب في ذلك كثيرة، وأريد أن أستمر معها في هذه العلاقة الحميمة؛ لأن حبنا طاهر لا يدنسه شيء - كما ذكرت لك سابقاً-، أقول: إلى متى تستمر هذه العلاقة، سنة، سنتين، ثلاث، غير ذلك، ثم ماذا بعد؟ أنت تقول بأنك تسير بهذا الحب إلى الله، فهل هذا هو الطريق إلى الله؟ كلا والله، بل إنه طريق يوصل إلى غضب الله وسخطه. الأمر الآخر: هل ترضى هذا لأختك، أو لأحدٍ من أقاربك، حتى ولو كان حبهما طاهراً مثل حبكما تماماً - كما زعمت-؟ أنا متأكد أنك لا ترضى هذا لأحد من أقاربك، فلماذا ترضاه لغيرك من بنات المسلمين؟. إذاً ما الحل يا شيخ؟ أقول: الحل هو: (3) البعد عن الفتاة وقطع هذه العلاقة: هذا هو الحل الأفضل والأمثل إذا تعذَّر الحل الأول، ولا يصلح الحل الثاني، فالحل الثالث هو البعد عن هذه الفتاة، وقطع العلاقة معها، والتوبة مما حدث سلفاً، والله يتوب على من تاب، فإن وفقك الله، وأخذت بنصحي فعليك بالخطوات التالية: 1- الاجتهاد في العبادة وعمل الخيرات، والبعد عن المنكرات؛ حتى ييسِّر الله أمرك، ويفرج كربك، وينفس همك، ويبدلك من ضيق إلى سعة، ومن حزن إلى فرح وسرور. 2- العمل على تأمين متطلبات الحياة الزوجية، وما يلزمها من أمور لا يستغني عنها من أراد الزواج. 3- إذا ازدادت جذوة الشهوة عندك فعليك بالصوم، كما أرشد لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المذكور آنفاً. 4- أكثر من الاستغفار؛ فالاستغفار شأنه عظيم، وهو من أهم أسباب الرزق، قال تعالى: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً" [نوح: 10-12] . 5- الجأ إلى الله بصدق، وتضرع إليه بالدعاء الخالص أن يفرِّج الله كربك وينفس همّك، ويزيل غمّك، وييسر أمرك، فهو -سبحانه- يجيب دعاء المضطر إذا دعاه، قال تعالى: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل:62] . هذا والله أسأل أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ومرة أخرى أحببت

ومرة أخرى أحببت المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 13/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة أحببت شاباً حباً شديداً وهو أيضاً يحبني، واستمر هذا الحب عدة سنوات، وبعدها تقدم لي وطلبني من الوالد، ولكن الوالد رفضه، وتقدم بعد ذلك مرات عديدة، ولكن واجه نفس القرار، تعبت نفسيتي وتعب كل شيء فيّ، علماً بأن الشاب طيب ومهذب وخلوق ويصلي ويعرف ربه، ودائماً يذكرني بالصلاة وأوقاتها، وهذا ما علقني به أكثر، المهم تزوج هو بعد إلحاح وإصرار من والده، وقد التحقت بالدراسة بالمعهد لكي أشغل وقت فراغي، ولكن ظهر لي شخص ثان بعد مكالمة واحدة، لا أعرفه ولا يعرفني، ترجاني أفهمه وأسمعه، وأنا من طبعي طيبة وحساسة جداً، قلت: آمر، فقال لي أنا واحد مهموم وأريد إنسانة تفهمني وتعطف علي، وقتها ضاق صدري عليه، ووافقت أبقى معه، وأنا معاهدة نفسي ألا أعمل أي علاقات أخرى، ولكن لا أدري لقد وقعت في حب هذا الشخص، وأنا لا أريد العذاب مرة ثانية، ولا أدري كيف أترك هذا الشخص يا شيخ أرجوك ترشدني للطريق الصحيح جزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ابنتي الكريمة! واضح من سياقك مشكلتك أنك فتاة حساسة وعاطفية، شديدة التأثر والانسياق مع عاطفتك، ولذلك فإنك تحبين بعنف، دون أن يكون لهذا الحب ما يبرره، كان تصرف الشاب الأول الذي تعلقت به تصرفاً صحيحاً، حيث تقدم إلى والدك، وأتى البيوت من أبوابها، وهذا تصرف صحيح، ولكن لم يقدر الله -عز وجل- بينكما صلة، ولا تدرين لعل الخيرة فيما اختاره الله -عز وجل- لكما جميعاً. أما الشخص الثاني فهو -يا ابنتي- شاب عابث، وذئب يعض ولا يأكل، يريد أن يعبث بك ويتسلى ويستمتع ما شاء الله أن يستمتع بك، ويستغل طيبتك ورقة مشاعرك، ثم يذهب ويتركك ليبدأ المشوار الجديد مع فريسة أخرى. كلا -يا بنيتي- لا تكوني على هذا المستوى من السذاجة والطيبة، واعلمي أن الإنسان المهموم يبحث عن رجل مثله يسري عنه الهموم ويساعده في حل مشاكله، ولا يتلصص على بيوت الناس وعورات الناس وحرمات الناس بهذه الطريقة التي يقتنص بها فرائسه، إن كل ما يتشكى لك ليست معاناة حقيقية، ولكنها شبكة يريد أن يصيدك بها، ولو كان صادقاً لفعل كما فعل الشاب الأول، وأتى البيوت من أبوابها، وتقدم إلى والدك؛ ولذا أحذرك مرة أخرى من الرد عليه أو الاتصال به، أو وجود أي علاقة معه، وعليك أن تتخلصي من شريحة جوالك، وأن تتلفيها، وتخرجي شريحة جديدة حتى لا يبقى بينك وبينه أي اتصال.

بل أقول حتى لو تقدم إليك فإني لا أنصحك بقبوله خاطباً؛ فتصرفه يدل على أنه إنسان صاحب سوابق، وهذا الأسلوب نعرفه عند الشباب الذين يتصيدون الفرائس السهلة من الفتيات ذوات العاطفة الجياشة والقلوب الطيبة، فاحذري منه ثم احذري منه ثم احذري منه، واقطعي كل طريق للتواصل معه، واستأنفي حياتك، وأسأل الله -عز وجل- أن يرزقك الزوج الصالح، الذي يستحق -فعلاً- طيبة قلبك، ونبل مشاعرك، ورقة عواطفك. ثم إني أنصحك أن تملئي حياتك بالأمور المهمة، فتدخلين داراً لتحفيظ القرآن، وتربطين علاقتك بفتيات صالحات، وتندمجين مع مجتمع الفتيات الجادات، فإن هذا يبعدك عن منطقة الخطر التي أنت الآن تقفين على مشارفها، استمعي إلى أشرطة نافعة، اقرئي الكتب المفيدة، فذلك يملأ حياتك، واجعلي عندك مشاريع جادة مثل حفظ القرآن، قراءة الكتب الدينية ونحو ذلك، المشاركة في الجمعيات والأنشطة الخيرية، فإن ذلك يجعل لحياتك مذاقاً ومتعة، واجعلي لنفسك ورداً من قيام الليل، وحافظي على أذكار الصباح والمساء، فيحفظك الله -عز وجل- من السيئين والسيئات، قوي علاقتك مع والديك، ومع أخواتك، وبادليهم حباً بحب ومودة بمودة فإن ذلك يلبي حاجتك إلى المشاعر والحب والحنان والله يوفقك ويعينك ويحفظك ويرعاك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحبه وهو لا يدري

أحبه وهو لا يدري المجيب عبد الله السهلي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 05/08/1425هـ السؤال أحببت شخصاً منذ سنوات فهل الحب والتفكير فيه حرام؟ مع العلم أني لا أعرف هل الشخص الذي أحبه يعرف بهذا الحب أم لا، فأنا لم أخبره بذلك، ولا أحاول أن أخبره؛ لأن هذا حتى لو لم يكن حراماً فأنا لم أستطع التخلي عن حيائي وكرامتي، ولكني في بعض الأحيان أشعر أنه يعرف؛ لأني بمجرد أن أراه يحمر وجهي، وهذا ما لا يحدث مع أي شخص آخر، ولكني لم أستطع التخلي عن التفكير فيه، فهو يجبرني على حبه؛ لما أراه من تدينه وحسن أخلاقه، ومدى احترامه لوالديه وحبهما له؛ لأنه باستمرار متفوق حتى في تعاملاته مع الآخرين، لا يختلف في احترامه وحبه اثنان، وأنا منذ 7 سنوات -أي سن مراهقتي- أفكر فيه، ولا أعرف ماذا أفعل لإيقاف هذا التفكير، فأنا سئمت من هذا الأمر، أرشدوني ماذا أفعل؟ . الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الكريمة المستشيرة: يتضح من كلامك استشعار المشكلة، وهذه خطوة أولى في حلها، والمؤمن كما ورد في الأثر تسره حسنته وتسوؤه سيئته؛ جزء من حديث أخرجه أحمد (178) من حديث عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذا فإني أشير عليك بعدم التسليم لهذه المشاعر، ومحاولة مناقشتها مناقشة علمية ذاتية بعيدة عن العواطف؛ لأن الغالب أن المشاعر والأحاسيس تكون في فترة الشباب جياشة، خاصة فترة المراهقة، ثم ما تلبث أن تزول ويبقى العقل والاتزان، والنظر في الأمور وعواقبها، أما مسألة هل الحب حرام؟ فالحب كلمة تحتاج تحديداً، فإن كان يقصد بها الحب الذي تُسوق له المسلسلات والأفلام العربية فهو -لا شك- محرم، وأما إن كان الحب المقصود به المشاعر القلبية التي لا يملكها الإنسان، ولا يبوح بها، إلا ما أحل الله له؛ كحب الزوج زوجته، أو الزوجة، أو الوالدين والأولاد فهذا مباح، ومن الأمور المهمة التي تعينك على التخلص من هذه المشكلة: 1- تذكر محبة الله بمعرفة أسبابها، كالتفكير في آلائه ونعمه، وهذا سيشغلك عن محبة غيره. 2- الحرص على عدم اللقاء به والجلوس معه والنظر إليه. 3- التخلص من التفكير فيه، بإشغال النفس بالتفكير في الأمور المفيدة في الدين والدنيا. 4- إذا كنت تستطيعين الزواج منه - إذا كان مستقيماً- فهذا حل لهذه المشكلة. وعليك بالدعاء فالله سبحانه يجيب من يدعوه وهو صادق في دعائه، في مثل: "اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي، ولو قلت: اللهم طهِّر قلبي، أو قلت: يا مقلب القلوب ثبِّت قلبي على طاعتك، أو قلت: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

أحببته ولكن خطب غيري

أحببتُه ولكن خطب غيري المجيب سعد الرعوجي مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 06/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. منذ فترة أعجبت بزميل لي بالكلية (أصبح معيدًا الآن، وأنا ما زلت طالبة) لحسن خلقه واستقامته وتفوقه، وشيئًا فشيئًا تأكدت أنني أحبه، وأتمنى أن يقدِّر لي الله الارتباط به، ودعوت الله كثيرًا بذلك خاصة في رمضان، حيث كنت أدعو الله بذلك يوميًّا في صلاة التراويح، وأنا موقنة بالإجابة، خاصة وأنني كنت أراعي في تعاملي معه حدود الله تعالى، وكنت أتحاشى الحديث معه إلا لضرورة. وبعد رمضان بفترة قصيرة وجدته قد خطب فتاة أخرى، فحمدت ربي وشكرته على كل حال، ولكن مشكلتي الآن تكمن في شيئين: 1- أحسب أنني قد دعوت الله في ليلة القدر (فقد دعوته في كل ليالي رمضان، والحمد لله) ، وأخشى أن يكون في نسياني لهذا الأمر عدم يقين بالإجابة فأكون آثمة. 2- أشعر الآن بعدم الاستعداد النفسي وعدم الرغبة مطلقًا في الشروع في أي ارتباط الآن، مما دفعني لرفض عدة خطاب، فهل آثم لذلك؟ وهل من حق الفتاة- شرعًا- أن ترفض الزواج لأي سبب خاص بها، كعدم الرغبة أو عدم الاستعداد النفسي له؟ وشكرًا لكم، وجزاكم الله خيرًا. الجواب أختي الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. شكرًا لثقتك واتصالك بنا في موقع (الإسلام اليوم) . أختي الكريمة: أولًا: أسال الله لك التوفيق والسداد، وأن يرزقك زوجًا صالحًا يكون لك عونًا على طاعة الله، وتبنين معه أسرة مسلمة صالحة، بإذن الله. ثانيًا: لي ملاحظات أردت هنا إيرادها، ومن ثم الإجابة عليها، وهي: 1- تعرَّفتِ على هذا الرجل من خلال الكلية، وهذه مشكلة نعانيها، يا أختي الكريمة، في عالمنا الإسلامي والعربي، وهي مشكلة الاختلاط بين الرجال والنساء، هذه المشكلة التي قادت إلى كثير من المشاكل والبلايا والمصائب، فأنت- يا أختي- رزقك الله دينًا منعك من الاحتكاك معه إلا لضرورة، على رغم ما تكنينه له، ولكن- يا أختي- كم امرأة غيرك متى ما أحسَّت بهذا الشعور استسلمت له حتى غلبها وسلمت نفسها لهذا الرجل أو غيره يفعل ما يشاء، وأنت تعلمين العاطفة الجياشة والقوية عند النساء؛ ولذلك- يا أختي- تعلمين مدى انتشار هذه العلاقات المحرمة في محيط الجامعة، فاحمدي الله سبحانه وتعالى- على ما رزقك من دين، ولعل هذا خير لك، فانظري للأمر من هذه الزاوية الجيدة. 2- تقولين إنك دعوت الله سبحانه وتعالى- كثيرًا، وخاصة في شهر رمضان، ولم يستجب لك، فاعلمي- يا أختي- أن الله سبحانه وتعالى لا يخلف وعده بالاستجابة، ولكن كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- بحال الداعي إذا دعا أن الله إما أن يستجيب له، وإما أن دعوته هذه يدفع بها الله سبحانه وتعالى- عن الداعي ضررًا كتب عليه، أو أن الله سبحانه وتعالى يؤخرها إلى يوم القيامة. انظر مسند أحمد (11133) والأدب المفرد (710) . والله لا يسأل عما يفعل وهو أحكم الحاكمين.

فهذه- يا أختي الكريمة- هي أحوال الدعاء والاستجابة، وأنت لا تعلمين أين الخير، فقد يكون هو أن الله لم يرد لك زواجًا من الرجل، قال تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216] . فربما لو كتب الله لك الزواج من الرجل لانقلبت حياتك تعاسة وشقاء، أو حدث لك من الأشياء المحزنة ما ينغص حياتك، وهكذا. . . فاتركي الأمر له، وقولي رضينا بقضاء الله وقدره، وهكذا- ولله الحمد- نحن المسلمين ميزنا الله عن غيرنا بهذه الصفة الجميلة، فأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ! إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ". أخرجه مسلم (2999) . وهذا هو أعظم منهاج في التعامل مع أقدار الحياة. 3- أما بالنسبة للزواج فأقول لك، أيضًا، ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ". أخرجه البخاري (5066) ومسلم (1400) . والرسول صلى الله عليه وسلم يقصد الشباب من الرجال والنساء. كذلك- يا أختي الكريمة- فإن الزواج فطرة للإنسان يحتاجها ولا يستغني عنها، وأنت بذلك ستكوِّنين أسرة مسلمة متدينة صالحة- بإذن الله- ولا تنسي أن الله سبحانه وتعالى لن ينساك بدعائك له، وبإذنه سيرزقك زوجًا صالحًا محبًّا لك ومشفقًا عليك يكون به سعادتك، فلا تيأسي، والحب- يا أختي الكريمة- دائمًا يأتي بعد الزواج، وهو الحب الراسخ الثابت، بإذن الله. أما الحب السابق للزواج فكثير منه كفقاعة الصابون. وفقك الله لما يحب ويرضى.

هل الحب حرام؟

هل الحب حرام؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 17/8/1424هـ السؤال أنا فتاة أحببت شاباً في السادسة عشرة من عمره، وهو لا يعرف بأنني أحبه، وهو لا يحبني، هل هذا الحب حرام؟ وجزاك الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد: إلى ابنتي السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) . بنيتي العزيزة: لقد قرأت رسالتك مرة تلو أخرى، وبكل صراحة وقفت أمام هذه الرسالة طويلاً أتساءل وأقول: ما الذي دفع هذه الزهرة الجميلة إلى أن تنساق وراء هذا التيار الجارف الذي لا يحافظ على مبادئ، ولا قيم، ولا عرض، ولا شرف، باسم (الحب) ؟ بنيتي: إنك ما زلتِ في بداية الصبا، وريعان الشباب، فالحياة ما زالت أمامك مفتوحة، وهي تريد منك أن تدخليها بكل ما تتمتعين به من براءة الطفولة، والتي ما زالت فيك، فلا تلوثي حياتك الطاهرة بهذا الرجس النتن الذي يسمونه (الحب) . صغيرتي: أود أن أسألك سؤالاً وأريد أن تجاوبيني بكل صراحة وصدق. إذا علم أهلك بهذا الحب لهذا الشاب ماذا سيكون موقفهم معك؟ الإجابة معروفة، إنهم سينهالون عليك ضرباً وسباً، وشتماً، وحبساً إلى غير ذلك من ألوان التعذيب، لماذا؟ أهم يكرهونك؟ لا، أهم لا يحبون لك الخير؟ لا، أهم أعداؤك؟ لا، إذاً لماذا فعلوا معك هذا الفعل عندما علموا بحبك لهذا الشاب؟؛لأن هذا الطريق طريق الشيطان، وهل طريق الشيطان حرام أو حلال؟ الإجابة: طريق الشيطان حرام. إذاً هذا الحب الذي تتوهمينه أنت حرام، ولا يرضى الله سبحانه. سؤال آخر: لماذا أنت قمت بإرسال هذا السؤال لنا؟ لأنك عندك شك فيه، ولو كان الأمر حلالاً لم ترسلي إلينا؟ هل أنت تسألين أحداً هل تصلين أم لا؟ أو هل تأكلين أو لا؟ أو هل تشربين أو لا؟ أو أو أو ... إلخ، لكنك لا تسألي إلا عن شيء تعلمين أنه حرام أو فيه شك عندك. هل تستطيعين أن تبوحي لأحد بأنك تحبين هذا الشاب؟ لماذا؟ لأنه حرام، قال - صلى الله عليه وسلم-: "الإثم ما حال في صدرك وكرهت أن يطَّلع عليه الناس" أخرجه مسلم (2553) من حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه-. فيا صغيرتي هذا الحب الذي أنت واقعة فيه حرام، فابتعدي عن هذا الطريق، والحياة أمامك مفتوحة، ومستقبلك إن شاء الله طيب، والعمر أمامك طويل، وإني أقدم لك بعض النصائح فاقبليها من أب لك ناصح، وعليك مشفق، فأقول: (1) عليك بالالتحاق بإحدى حلقات التحفيظ النسائية، وهي متوفرة بكثرة ولله الحمد. (2) عليك بالقراءة في السيرة النبوية وسيرة سلفنا الصالح، وخصوصاً سيرة الصحابيات رضوان الله عليهن جميعاً. (3) عليك بسماع الأشرطة الإسلامية النافعة. (4) عليك بغض البصر، وعدم مشاهدة الدش وسماع الأغاني. (5) عليك بكثرة الاستغفار، والتسبيح، والتهليل، والذكر. (6) عليك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها. (7) عليك بمصاحبة أهل الخير من الفتيات الملتزمات، وإذا استطعتِ أن تتعرفي على أخت داعية من الداعيات، وتطلبي على يديها العلم أفضل وأحسن لك في الدنيا والآخرة.

(8) اجتهدي بأن تكوني متفوقة في الدراسة، ولا تجعلي أي شيء يشغلك عنها. (9) احرصي على حضور المحاضرات والندوات الإسلامية النافعة. (10) عليك بكثرة الدعاء بأن يهديك الله إلى طريق الخير، ويبعدك عن طريق الشر. (11) ابتعدي عن الأماكن التي يتواجد فيها هذا الشاب وغيره. (12) املئي قلبك بحب الله وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم-، وحب صحابته الكرام - رضي الله عنهم- فهذا هو الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة. هذا والله أعلم. وتقبلي مني يا صغيرتي وافر التقدير والاحترام، وأتمنى من الله أن يحفظنا وإياك وجميع المسلمين من كل شر، وأن ييسِّر لنا كل خير وبر. وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زواجي قريب..وبكاؤها يحزنني!!!

زواجي قريب..وبكاؤها يحزنني!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 9/10/1422 السؤال أنا شاب مقدم على الزواج قريبا جداً، وأعترف أنه كان لي بعض العلاقات قبل الزواج مع بعض البنات، ولكن هذه العلاقات لم تصل إلى أكثر من الهاتف أو النظرة من بعيد، كانت هناك لي علاقة مميزة جداً من هذه العلاقات واستمرت أكثرمن السنة. هذه العلاقة كانت مجرد صداقة وتحولت إلى شبه حب وكان شرط هذه العلاقة هو: إذا وفق أي منا بزواج من شخص آخر أن نقطع هذه العلاقة فورا وإلى الأبد. وكانت الدهشة أنه تقدم لها شخص وخطبت وكذلك أنا بعد أسبوع تقدمت وخطبت فتاة أخرى. حاولت أن أخفف من الاتصالات وكذلك هي وقد صبرت ولم أتصل بها أكثر من أسبوعين وهي كذلك، لكن بعد الأسبوع الثاني اتصلت وأخذت تبكي كأنها فقدت أمها أو أباها وقالت كلاماً يصعب أن أتحمله، وقد حاولت أن أهدئ من الوضع لكن كان بكاؤها مؤلما، والله لقد أحسست بالذنب العظيم الذي اقترفته وهو هذه العلاقة غير الشرعية. أستاذي، ما الحل؟ أنا أنوي أن أقطع العلاقة إلى الأبد، ومصمم على أن أبدأ حياة زوجية نظيفة إلى الأبد - إن شاء الله - لكن والله إني خائف على هذه الفتاة من التهور أو أن يحصل لها مكروه.. صدقني أرجو منكم الحل السريع، وجزاكم الله كل خير. الجواب أخي الفاضل.. اشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: مشكلتنا يا عزيزي أننا كثيراً ما ننساق وراء رغباتنا وأهوائنا، وننسى أن البر لا يبلى وأن الذنب لا ينسى، وأن الديان لا يموت، وأن من نعبث أو نلهو معهن هن من بنات المسلمين ومحارمهم وعوراتهم..!!!!!! فكيف نسمح لأنفسنا بتجاوز تلك المحرمات، وتحطيم تلك الممنوعات بدعاوى فارغة إلا من بقايا زيف، وتجاوزات وعبارات نجترها ونرددها على أسماع تلك المخدوعات بمنظر السراب الكاذب.. الهائمات على وجوههن بانتظار مالا يأتي؟! ولا تسأل هنا عن الثمن الذي يدفع.. وعن الوقت الذي يضيع وعن.. وعن..!! وعند الله تجتمع الخصوم. فهل كنت ترضاه لأحد محارمك؟! أو قريباتك..؟! وماذا لو علمت أن من تنوي الزواج منها ـ لا قدر الله ـ كان لها مثل هذه التجارب.. ما موقفك الآن، أو في المستقبل؟!! فلماذا نرضى للناس مالا نرضاه لأنفسنا؟!! اعرف أخي الكريم أنني وضعت مدخلاً في إجابتي عن سؤالك أكثر مما تريد أن تقرأ.. ولكني أشعر بمرارة كبيرة تجاه هذه المآسي التي تكرر نفسها، وتخلف ضحاياها في مشهد عبثي " حزين " يعرض أمام جمهور صامت في مجمله، وكأن الأمر لا يعنيه.. لثقته "العمياء" بأنه لن يكتوي بناره..!! وما علم أن الجميع يحملون نفس القنا عات.. ونفس الثقة ومع ذلك تتكرر المآسي، وتقع الضحايا في المصائد، ويستمر المشهد، ويظل السؤال الحائر..!!!

ثانياً: اعتقد ـ أخي الكريم ـ أنك _ إن شاء الله - قد تجاوزت هذه المرحلة.. وندمت عليها.. وتبت منها.. واستغفرت الله عليها.. وأردت البدء في حياة جديدة كما ينبغي وهي الزواج وبناء الأسرة المسلمة، وتقدمت في ذلك خطوات إلى الإمام، إذ خطبت وتنتظر الوقت المحدد للزواج.. ولكن ما يربطك بالماضي هو " بكاء ونحيب " هذه الفتاة التي "عشمتها" أنت أو "تعشمت" هي بإنهاء " العبث الهاتفي " المغلف زيفاً بغلاف الصداقة..!! بالزواج. ثالثاً: لتعلم يا عزيزي أن الكثير من هذه التجارب التي بدأت عن طريق " العبث الهاتفي " وانتهت بالزواج (على ندرتها) غير مشجعة..!! بل إنها تحمل في طياتها ونسيجها عوامل فشلها.. فمن البديهي أن المدخلات الخاطئة ينتج عنها مخرجات خاطئة.. والأمثلة هنا لا تعد..!! ومع إدراكي ومعرفتي بما يعنيه ألم المشاعر وجراحها.. إلا أننا نحن المسؤولون غالباً عنها؛ باندفاعنا وتهورنا، وجموحنا وعدم إدراكنا بل.. وعبثنا!! كمن يسير في حقل مليء بالأشواك وجحور الأفاعي والعقارب.. مستعجلاً الوصول إلى هدفه.. فإن لدغ أو تألم أو تعطل مسيره بين الأشواك بكى وانتحب ولام غيره..!! رغم أنه هو الملوم.. فهو الذي يملك قرار نفسه إلى حد كبير.. وهو الذي اختار هذا الطريق طمعاً في سرعة الوصول رغم تحذيرات العقلاء والصادقين ونصح الناصحين؛ بأن هذه الطريق شائكة وغير مأمونة وأنها لن تؤدي إلى الهدف..وخسائرها أكبر بكثير من أرباحها..!! ولذلك كله.. فليرض من الغنيمة بالإياب.. وليحمد الله ـ كما أسلفت ـ على كل حال.. وأن الخسائر لم تتعد المشاعر إلى الجسد.. وهنا تكون الكارثة!! رابعاً: دعك من بكائها، واستغفر الله لك ولها، وادع الله لها بالتوفيق والسداد والرشاد، وأن يرينا وإياك وإياها الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. متمنياً لها أن تستفيد من هذه التجربة، وتفيق من هذه الغفلة، وتحمد الله أنها لم تتورط في أمر قد يترتب عليه تبعات كبيرة.. وخطيرة!! ولتحسن الظن بالله، وتتوب إليه، وتستغفره، وتستهديه، وتسأل الله أن يوفقها إلى ما فيه صلاحها في دينها ودنياها إنه سبحانه على ذلك قدير وبالإجابة جدير. وتأكد أن الأيام مليئة بالعبر لمن أراد أن يعتبر، والله سبحانه الهادي إلى سواء السبيل. خامساً: اسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يجعلنا الله وإياك مفاتيح للخير مغاليق للشر، وأن يهدينا لصالح الأعمال ويصلحنا ويصلح بنا ويصلح لنا.. كما اسأله تبارك وتعالى أن يهدي شباب المسلمين وفتياتهم، وأن يردهم إلى الحق رداً جميلا وأن يحفظهم من كل سوء ويقيهم كل مكروه إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ماذا أفعل مع أختي..؟

ماذا أفعل مع أختي..؟ المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 10/11/1422 السؤال أنا فتاة في السابعة عشرة من عمري الكبرى في أسرتي.. ملتزمة دينياً.. فوالديّ ملتزمان ولله الحمد نعيش في بلد عربي إسلامي لا يوجد لدينا أي قريب فيها.. والمشكلة أن لدي أخت في السادسة عشر من عمرها على علاقة مع شاب في التاسعة عشر من عمره، وقد بدأت هذه العلاقة منذ سنة وشهرين تقريباً. ولم تخبر أحداً عن هذه العلاقة إلا صديقاتها المقربات جداً.. وأنا أختها لم تخبرني بأي شيئ خوفاً من أن أمنعها أو أصدها أو أخبر والدي.. إلا أن تصرفاتها واضحة جداً جدا..ثم تكلمت مع إحدى صديقاتها وعرفت منها ما عرفت!! فقد خلعت حجابها أمامه، كما أن لديها صورة، وهو يتملك صورها بدون حجاب طبعاً.. وأنها تثق فيه ثقة عمياء.. وهما متفقان على الزواج ولديهما الخطة للوصول إلى ذلك. وقد نست - أو بالأصح تجاهلت - جميع مبادئها الإسلامية السامية التي كانت جزءاً من حياتها في سبيل ما تسميه الحب، وقد كانت ترفض هذه الفكرة وتستنكر من يخالل الشباب من صديقاتها.. وحاولت بعض الصديقات التحدث معها ونصحها لكن بدون جدوى فمن طباعها العناد وعدم السماع لأحد إذا كانت مقتنعة بما تفعل.. وهي تعترف أمامهن بأنها على خطأ وأنها ستنهي العلاقة تدريجياً وقد أكدت لهن هذا الشيء منذ فترة ولكنها نسيت أنني (أختها) في البيت أراقب ما تفعل. وما لاحظته أن العلاقة قويت والمكالمات ازدادت!! ويجب إنهاء هذه العلاقة لأني أنا وأختي نعلم أن والديّ لن يقبلا بذلك؛ فصفات الشاب الدينية لا تؤهله بأن يتقبله والداي لابنتهما التي يريدان لها كل الخير، كما أن والده سيئ الخلق جداً..!! حاولت عندما أحسست بأن الوضع أصبح معقداً للغاية أن أخبر أخواتي في الله لكي يساعدنني، ولكننا وقفنا مكتوفي الأيدي دون جدوى.. علماً بأننا نريد حلاً لهذه المشكلة دون الوصول لوالديّ؛ لأنهما لو علما فسيذبحونها أو تنهار أسرتنا بالكامل.. مع أنني وقفت للحظات يائسة من القدرة على حل هذه المشكلة ولكن قال تعالى (لا تقنطوا من رحمة الله) ، والآن غير الدعاء لا أدري ماذا أفعل، وإني الآن بدأت أشعر بالنفور منها ومن تصرفاتها ولم أعد أطيق الكلام معها.. أفيدوني جزاكم الله خيراً..؟ الجواب أختي الكريمة أشكر لك ثقتك، واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. كما اسأله تعالى أن يحفظك من كل سوء ويسدد خطاك.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: أهنئك على هذا العقل وهذه الهمة زادك الله صلاحاً وتوفيقاً وتقوى وثباتاً.. وجعلنا وإياك مفاتيح للخير، ومغاليق للشر إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه. ثانياً: بادري - أختي الكريمة - ولا تترددي لحظة واحدة في إبلاغ والدك بما تعرفينه.. لإيقاف هذا الأمر عند حده قبل أن يقع الفأس في الرأس كما يقال.. وعندها ستكون المصيبة كبيرة وعظيمة وعلاجها أصعب بكثير.

ثالثاً: لا تفكري بمسألة ردود فعل والدك.. وخشيتك من أن " يذبحها " أو أن " تنهار" أسرتكم.. فهذا - بإذن الله - لن يحصل؛ لأن ما قامت به أختك أمر متوقع في هذا الزمن.. ويمكن تداركه وعلاجه، وهي -بإذن الله- ستتوب منه وتقلع عنه ولا دخل للأسرة في ذلك..!! ثم مهما كانت ردود الفعل الحالية لوالدك تجاهها.. فماذا تتوقعين له أو لأسرتك -لا قدر الله - لو أنها اكتشفت في يوم من الأيام هروب ابنتها وعدم عودتها للبيت..؟! أعتقد أن المصيبة هنا ستكون عظيمة جداً.. ولن يمكننا عندها تدارك الأمر؟!! رابعاً: أنت لم تقصري وقد نصحتها.. وأوعزت إلى من ينصحها ولكنها - هداها الله- لم تزل في سفهها..!! إذا ًَ أنت معذورة أمام نفسك وأمامها.. وستعرف مدى حرصك عليها عندما تبلغ سن الرشد ويكتمل عقلها. خامساً: هذا الشاب - صدقيني - لا ينوي الارتباط بها إطلاقاً ولو أراد لتصرف بشكل آخر..!! بل إنه يتلاعب بعواطفها حتى ينال " مراده السيئ " وربما ابتزها وجعلها ألعوبة له أو لغيره.. فالأمر خطير..!! سادساً: مرة أخرى.. لا تترددي ... وأبلغي والدك فوراًَ بالموضوع، واتركي له معرفة التفاصيل الدقيقة وحدود العلاقة وغير ذلك، وثقي أنك تتصرفين كما يمليه عليك واجب الأخوة والعقل والدين. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

انحراف أخواتي.... ما العلاج؟؟

انحراف أخواتي.... ما العلاج؟؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 24-8-1423 السؤال أنا شاب مستقيم ولله الحمد لي في الاستقامة أربع سنوات وقد كانت لي اتصالات سابقة مع الفتيات ولكن الحمد لله أنعم الله عليه بالتوبة وأنا الآن أعاني من مشكلة بعض أخواتي حيث أني اشك في بعض الأحيان أنهن يكلمن أشخاصاً من غير محارمهن وأنا الآن محتار لا أدري ماذا افعل حتى أزيل هذا الشك عني وأدلهن على الطريق الصحيح؟ وما البرامج التي تنصحون بها حتى يبتعدن عن مثل هذه الأمور. الجواب الأخ الكريم شكراً لثقتك واتصالك بنا في " موقع الإسلام اليوم " أولاً:- يجب أن تحمد الله تعالى أن هيأ لك أسباب الهداية والصلاح بعد أن كانت لك علاقات نسائية محرمة. ومن صور حمد الله تعالى على هذه النعمة هو الدعوة إلى الله باللين والهدوء والخلق الحسن. ثانياً:- الحقيقة أنني أنا أشك في شكك بأخواتك بأنهن يقمن بما كنت تقوم به في السابق من كلام مع أناس هم من غير محارمهن ولا من قراباتهن. الذي أتصوره أن من آثار خبراتك السابقة هو تفريغ ذلك المرض وإسقاطه على أخواتك وما هو إلا حركة شيطانية للوقيعة بينك وبين أهلك حتى يتضايقوا من التزامك لأنهم سوف يوقنون أن ما جرهم إلى هذا العذاب إلا يوم أن صلحت واستقمت بل أصبحت استقامتك وبالاً عليهم وسوءاً جرك إلى التشكيك فيهم ولهذا فإني أرجوك رجاءاً في الإقلاع عن مثل هذه التصورات والتهيؤات خاصة أنك لم تطلع يقيناً على شيء مريب يقع منهن بل هي مجرد شكوك والإنسان مطلوب منه التثبت وعدم الخوض في هذه الأمور ما دامت واقعة في دائرة الشك والظن ولم تصل بعد إلى دائرة اليقين. ثالثاً:- وجود أختين لديك ملتزمتين ومتدينتين هو فرصة عظيمة يمكن لك من خلالهما أن يكونا معبراً تعبر به إلى إيصال رسالتك السامية إلى بقية أخواتك. لقد أثبتت التجارب الكثيرة في مجتمعنا أن أفضل وسيلة إلى إرشاد الأهل ودعوتهم إلى الخير هي طرق باب المحبة والمودة معهم. حينما يحبك أخواتك ويودون الجلوس معك والتحدث إليك اعلم أنها بداية النجاح بالنسبة إلى مشروعك الدعوي. ابتعد عن الدكتاتورية والسلطوية والعنف والأمر والنهي في التعامل معهن. كن ليناً ودوداً وعطوفاً ورحيماً واسع في قضاء حاجاتهن واخرج معهن وأكثر من ذلك في السوق والزيارات ونظم لهن حلقات ترويحية ليلية مستمرة كيما تملئ فراغهن العاطفي والنفسي والجسدي ولتعلم أن أي بنت تحاول الوقوع في مستنقع الاتصالات بالشباب إنما هو نتيجة لحبها في ملئ فراغها العاطفي والنفسي لديها إذ والداها مشغولان عنها وإخوانها لا يأبهون بها بل هم في سياراتهم وخروجهم ودخولهم واستراحاتهم ورياضاتهم ولا مكان إطلاقاً لأخواتهم والترويح عنهن وأخذهن بنزهات دورية فأصبحت الفتاة المسكينة وبتشجيع من بنات السوء لا تمانع من الخوض في مثل هذه المسائل وذلك من باب التجربة والتعرف.

يخطئ كثير من الناس حينما يرجعون أسباب مثل هذه المشاكل إلى قلة الرقيب وقلة صرامتها على الفتيات من قبل الآباء والأخوة والحقيقة أن منع مثل هذه التصرفات لا يأتي بالتخويف والإرهاب بقدر ما يأتي من خلال زيادة الجرعات بالاهتمام بهؤلاء الأخوات أو البنات. ما الذي يمنعك يا أخي من أخذ أخواتك في نزهة برية في أحد ليالي الصيف وتكرار مثل هذه العملية مع التنوع بالطبع فمرة في البر ومرة يكون عشاء في أحد المطاعم المحتشمة ومرة تذهبون سوية إلى السوق وهكذا بحيث تقتطع من نفسك لهن نصيباً أسبوعياً مثلاً تحاول الالتقاء بهن بشكل أريحي وتستمع إليهن وتمازحهن وتتجاذب أطراف الحديث معهن وغير ذلك من الأمور المحببة للنساء في العادة. كما أنك من خلال هذه اللقاءات الودية المتكررة معهن تستطيع أن توصل لهن رسائل مفيدة ينتفعن بها كعمل حلقة ذكر أو تثقيف شرعي بأمور نسائية مهمة ووضع برنامج تسيرون عليه جميعاً في ذلك وستجد في النهاية التغير الإيجابي الكبير الذي طرأ عليهن بإذن الله تعالى. أعانك الله وسدد خطاك،،،

علاقة عن طريق النت

علاقة عن طريق النت المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 22-8-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله أنا طالبة في الكلية مشكلتي أنني تعرفت على شاب من طريق النت (الشات) كانت العلاقة في بادئ الأمر علاقة احترام وتبادل معلومات إلى أن انقلبت إلى حب وغرام. والدتي رافضة فكرة الزواج منه وتهددني بإخبار والدي بهذه العلاقة وأنا لا أستطيع الصبر عنه وهو كذلك إذ أخبرني أنه سوف ينتحر إذا لم يتم الزواج بيننا أرجو إرشادي فأنا لا أستطيع الابتعاد عنه ولا أريد الزواج من غيره فهل من حلٍّ أرجوكم؟ الجواب الحمد لله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي في الله، اعلمي - وفقك الله - أنَّ ديننا العظيم قد حذرنا أشد تحذير من إقامة العلاقات بين الجنسين خارج نطاق الزواج، وأوصد الباب بشدة أمام مصيبة برامج التعارف التي ذاعت وانتشرت عبر الصحف والمجلات وشبكة الإنترنت، وما ذلك إلا درءاً للفتنة، ومنعاً لحوادث العشق والغرام التي تؤول بأصحابها غالباً إلى الفواحش الخطيرة، وانتهاك حرمات الله، والعياذ بالله. أو تؤدي بهم إلى زيجات فاشلة محفوفة بالشك وفقدان الثقة. وأنت - وفقك الله - أخطأت بادئ الأمر حين دخلت غرفة المحادثة (الشات) قبل أن تعرفي حكمها الشرعي، ثم وقعتِ في خطأ آخر، حين أقمت علاقة تعارف وصداقة محرمة مع شاب لا يمت لك بصلة. فاحذري أن تقعي في خطأ ثالث حين تصرين على إبرام عقد الزواج معه بحجة إخلاصه لك في الحب وخوفاً عليه من الانتحار!!! فالزواج الذي قام على غير أسس شرعية سليمة مصيرُه الفشل الذريع، وعضُ أصابع الندم، كما أنَّ الشاب الذي ظل طوال هذه المدة الطويلة يقيم علاقة مع فتاة أجنبية عبر الشات والهاتف، هو في الواقع شابٌّ يفتقد الوازع الديني والحياء والأدب، ولا يؤتمن على أعراض المسلمين، كما أنَّ تهديده بالانتحار هو أحد أمرين: أولهما: إما أن يكون صادقاً في تهديده، وهذا يعني ضعفاً شديداً في الإيمان إذ إنَّ قتل النفس من أكبر الكبائر نسأل الله العافية. وثانيها: أن يكون كاذبا ً، وهذا يعني انتهازية مقيتة وابتزازاً سخيفاً تنمُّ عن أنانية فجة، وتقديساً للمصالح الشخصية، ولو قُدّر لكِ الزواج بهذا الإنسان، فلن يمضي كبير وقت إلا وتبدأ مرحلة الشكوك، وسيظل فاقداً الثقةَ بكِ، أو الاطمئنان لحياته معك، فالفتاة التي حصل عليها عبر المحادثة أو الهاتف وغرف الإنترنت، غير مأمونة في نظره أن تسعى ثانية لإقامة علاقات مشابهة مع الآخرين، هذا ما سيشغل تفكيره ويثير قلقه كل حين.

وأخيراً: اعلمي - أختي في الله - أنَّ هذا الكلام الذي نصحتك به إنّما دافعه الحرص عليك وإخلاص المشورة لك، واتعظي بغيرك ممّن وقعن ضحايا العلاقات الغرامية فخسرن الكرامة والمروءة والشرف، وتخلصي - حالاً - من هذا الشاب وأمثاله، وتوبي إلى الله واستغفريه واحمديه أن حفظك من الوقوع في الفاحشة مع توافر أسبابها، واحمديه ثانية أن أوجد العقبات في طريق هذا الزواج من رفض الأهل، وبعد الديار، وابدئي - حرسك الله - حياة جديدة ملأى بالطهر والعفة، والندم والاستغفار، والبعد عن أسباب الفتن والفواحش، وأكثري من العمل الصالح وقراءة القرآن، ومجالسة الصالحات، ومع الوقت ستذوب علاقتك بذاك الإنسان؛ لأنها قائمة على العواطف غير المنضبطة بضوابط الشرع، أو زمام العقل الرشيد، واحذري أن يستخفنك الشيطان، ويصور لك استحالة النسيان أو قطع العلاقة للأبد، فما ذلك إلاَّ وساوس كيدية، ومحاولات إبليسية لإبقائك في جحيم العشق والغرام، ومن ثم صرفك عن معالي الأمور من صدق العبودية لله، ودوام العمل في مرضاته سبحانه، هذا والله أسأل أن يجعل لك من همك فرجاً، ومن ضيقك مخرجاً ونأمل أن تظلي معنا على صلة، فتسألين عن كل ما تحتاجين إليه أو يشكل عليك فهمه.

الحب من خلال الإنترنت

الحب من خلال الإنترنت المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 7-8-1423 السؤال كنت أعاني مشاكل نفسية وتغلبت عليها بحمد الله ومنها مشكلة التأتأة. تعرفت على فتاة عن طريق الإنترنت وقويت هذه العلاقة إلى حد الحب.. هي مريضة في القلب ويتيمة الأب وتعاني قسوة الأم وزاد تعلقها بي إلى درجة خوفي عليها من الانهيار، أنا لا أريد الزواج منها فهو شيء مستحيل لأنها من بلد وأنا من بلد آخر ولكني أريد مخرجاً أخرج من حياة هذه الفتاة من غير أن أضرها. أعينوني أعانكم الله. الجواب بداية أحيي فيك أخي الكريم هذه النخوة والرجولة التي جعلتك تفكر في الابتعاد عن هذه الفتاة، بعد أن تملكت قلبها بما تذكر - في حين أننا نرى بعض شبابنا - هداهم الله - يتبعون عورات المسلمين ويتصيدون أعراضهم، ويسعون للإيقاع بفتياتهم، ناسين أنهم يستدينون ديونا سوف يكون وفاؤها من أعراضهم عاجلاً أو آجلاً. وأريد أن تعي أخي الكريم أمراً مهماً، وهو أن هناك نوع من العلاقة التي تتكون بين الشباب من الجنسين دافعها ظروف معينة يعيشها أحدهما - وغالباً ما تكون الفتاة - فيشعر أنه يهرب من هذه الظروف التي يمر بها في الواقع الذي يعيشه ببناء علاقة مع الآخر، ولذلك تجده يتعلق به كما يتعلق المريض بالدواء الذي سيجد فيه الشفاء، ولكن هذه العلاقة في حقيقتها أوهى من بيت العنكبوت، فلا تلبث أن تزول بزوال الظروف التي يمر بها الإنسان، أو حين يفقد الأمل في أن يجد سلوته ومهربه في صاحبه. وهذه الفتاة التي تتحدث عنها هي من هذا الصنف، فأنت قد ذكرت في رسالتك أنها (يتيمة توفي والدها وهي صغيرة) ، وأن أمها قاسية عليها، وتميز بينها وبين أختها، كما أنها تعاني من ظروف صحية غير سوية، ولذلك أطمئنك على صحتها وحياتها، فلن تتأثر، حتى لو فارقتها هذه اللحظة، فلست بالنسبة لها قيساً ولا روميور إنما هو طوق نجاة موهوم. والمشكلة في نظري ليس فيها وإنما فيك أنت!! نعم أنت!! فالذي يظهر لي أنك ركنت إلى هذه العلاقة، وتمكنت نوعاً ما من قلبك!! فها أنت - بالرغم من أنك يائس من ارتباطك بها - تسميها (حبيبتي) ، وأصبح نومك خفيفاً، ورسالة منها تطير النوم من عينيك!! فالذي يظهر أن تعلقك بها أكبر من تعلقها بك. قد أجد لك عذرا فأنت - فيما يظهر - جديد على عالم الجنس اللطيف، وقد جاءت هذه العلاقة في وقت كنت تعاني فيه من عدم الثقة بالنفس، وكثرة التلعثم والتأتأة، الذي هو عرض من أعراضه، فوجدت مجالاً رحباً للانطلاق، كما قال الشاعر: أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى *** فوافق قلباً خاليا فتمكنا

والذي أخشاه أن تكون الرغبة الحقيقية في عدم قطع العلاقة صادرة من أعماق قلبك، وإن كنت تحاول أن تظهر غير ذلك، ولهذا أرى - أخي الكريم - أن أفضل علاج هو قطع هذه العلاقة بدون مقدمات وبدون تأخير، فلا ترد على إيملاتها ولا على رسائلها واتصالاتها، وسوف تجد أن هذه العلاقة ذابت كما يذوب الملح في الماء، ولا تلتفت إلى ما تقوله هي، والأهم ألا تستجيب لنداءات قلبك، وستنتهي هذه العلاقة كما ينتهي الحلم المزعج بالاستيقاظ. وإياك أن تتمادى في هذه العلاقة وأن تتهاون بقطعها، فقد تتحول إلى عشق يكلفك الكثير من المعاناة والألم: تولع بالعشق حتى عشق *** فلما استقل به لم يطق رأى لجة ظنها موجة *** فلما تمكن منها غرق ولما رأى أدمعا تستمد *** وأبصر أحشاءه تحترق تمنى الإفاقة من سكره *** فلم يستطعها ولم يستفق أسأل الله أن يحفظ قلبك وسمعك وبصرك، وأن يفتح قلبك لطاعته، وأن يوفقك لمرضاته.

علاقة خاطئة

علاقة خاطئة المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 23-3-1424 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتوجه إليكم وأنا في حيرة من أمري فأنا طالبة في الكلية ومشكلتي أني تعرفت على شاب عن طريق الشات، وبدأ الشاب يتقرب مني ويصارحني بإعجابه وحبه لي، وهو من بلد آخر، المهم بادلته الحب، وتمت علاقتنا مع بعض على الهاتف، مضى عام وهو يحبني جداً وأنا كذلك، ويريد أن يتقدم لخطبتي ويتزوجني وقال: إن قصده شريف وهو جاد في كلامه، وقال إذا لم يتزوجني سوف ينتحر وأنا أحبه أيضاً، والمشكلة الأهل فأمي قد أعلنت رفضها لذلك الحب، وأنا رفضت كل من يتقدم لي؛ لأني أحبه، أرجوك لا تقل لي اتركيه لأن ذلك مستحيل، أرجوك أنا لا أنام الليل وفي حيرة من أمري، أرجو أن تساعدني وتقدم لي الحل المناسب، وأكون شاكرة لك وآسفة على الإطالة الجواب الحمد لله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي في الله، اعلمي - وفقك الله - أنَّ ديننا العظيم قد حذرنا أشد تحذير من إقامة العلاقات بين الجنسين خارج نطاق الزواج، وأوصد الباب بشدة أمام مصيبة برامج التعارف التي ذاعت وانتشرت عبر الصحف والمجلات وشبكة الإنترنت، وما ذلك إلا درءاً للفتنة، ومنعاً لحوادث العشق والغرام التي تؤول بأصحابها غالباً إلى الفواحش الخطيرة، وانتهاك حرمات الله، والعياذ بالله. أو تؤدي بهم إلى زيجات فاشلة محفوفة بالشك وفقدان الثقة. وأنت - وفقك الله - أخطأت بادئ الأمر حين دخلت غرفة المحادثة (الشات) قبل أن تعرفي حكمها الشرعي، ثم وقعتِ في خطأ آخر، حين أقمت علاقة تعارف وصداقة محرمة مع شاب لا يمت لك بصلة. فاحذري أن تقعي في خطأ ثالث حين تصرين على إبرام عقد الزواج معه بحجة إخلاصه لك في الحب وخوفاً عليه من الانتحار!!! فالزواج الذي قام على غير أسس شرعية سليمه مصيره الفشل الذريع، وعض أصابع الندم، كما أنَّ الشاب الذي ظل طوال هذه المدة الطويلة يقيم علاقة مع فتاة أجنبية عبر الشات والهاتف، هو في الواقع شاب يفتقد الوازع الديني والحياء والأدب، ولا يؤتمن على أعراض المسلمين، كما أنَّ تهديده بالانتحار هو أحد أمرين: أولهما: إما أن يكون صادقاً في تهديده، وهذا يعني ضعفاً شديداً في الإيمان إذ إنَّ قتل النفس من أكبر الكبائر نسأل الله العافية. وثانيها: أن يكون كاذباً، وهذا يعني انتهازية مقيتة وابتزازاً سخيفاً تنمُّ عن أنانية فجة، وتقديساً للمصالح الشخصية، ولو قُدّر لكِ الزواج بهذا الإنسان، فلن يمضي كبير وقت إلا وتبدأ مرحلة الشكوك، وسيظل فاقداً الثقة بك، أو الاطمئنان لحياته معك، فالفتاة التي حصل عليها عبر المحادثة أو الهاتف وغرف الإنترنت، غير مأمونة في نظره أن تسعى ثانية لإقامة علاقات مشابهة مع الآخرين، هذا ما سيشغل تفكيره ويثير قلقه كل حين.

وأخيراً اعلمي - أختي في الله - أنَّ هذا الكلام الذي نصحتك به إنّما دافعه الحرص عليك وإخلاص المشورة لك، واتعظي بغيرك ممّن وقعن ضحايا العلاقات الغرامية فخسرن الكرامة والمروءة والشرف، وتخلصي - حالاً - من هذا الشاب وأمثاله، وتوبي إلى الله واستغفريه واحمديه أن حفظك من الوقوع في الفاحشة مع توافر أسبابها، واحمديه ثانية أن أوجد العقبات في طريق هذا الزواج من رفض الأهل، وبعد الديار، وابدئي - حرسك الله - حياة جديدة ملأى بالطهر والعفة، والندم والاستغفار، والبعد عن أسباب الفتن والفواحش، وأكثري من العمل الصالح وقراءة القرآن، ومجالسة الصالحات، ومع الوقت ستذوب علاقتك بذاك الإنسان؛ لأنها قائمة على العواطف غير المنضبطة بضوابط الشرع، أو زمام العقل الرشيد، واحذري أن يستخفنك الشيطان، ويصور لك استحالة النسيان أو قطع العلاقة للأبد، فما ذلك إلاَّ وساوس كيدية، ومحاولات إبليسية لإبقائك في جحيم العشق والغرام، ومن ثم صرفك عن معالي الأمور من صدق العبودية لله، ودوام العمل في مرضاته سبحانه، هذا والله أسأل أن يجعل لك من همك فرجاً، ومن ضيقك مخرجاً ونأمل أن تظلي معنا على صلة، فتسألين عن كل ما تحتاجين إليه أو يشكل عليك فهمه.

أريد التعرف عليه!!

أريد التعرف عليه!! المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 3-2-1424 السؤال أنا فتاة جامعية وعلى خلق ودين بشهادة الجميع ولله الحمد وأخاف الله في الخفاء والعلانية، مشكلتي تكمن في حيرتي والخوف من عصيان الله، فلقد أحببت شاباً عن طريق الإنترنت، وكنا نتناصح كثيراً وأحببته حباً صادقاً وهو كذلك وهو يخاف علي من كل سوء، ففي يوم طلب مني أن يحادثني فلم أقبل وقلت إني أخاف الله ففرح لردي وقال نعم الفتاه أنت، وهاهي علاقتنا مستمرة وقد مرت عليها سنة كاملة وعدة شهور وقد تعلق بي أكثر عندما رفضت أن أحادثه هاتفياً ولم يطلب مني ذلك مرة أخرى. ولكن سؤالي وسؤاله كيف نستطيع أن نصل إلي بعضنا من غير أن نغضب الله عز وجل فأنا غير مقتنعة تماماً بمسألة المحادثة الهاتفية أو المقابلات الشخصية لأني لا أقبلها على نفسي كفتاة مسلمة. ولكن كيف لي أن أتعرف عليه عن قرب لأنكم كما تعلمون أن الإنترنت يخفي الكثير والكثير وراءه وأنا أتمنى أن أعرف صفاته أكثر رغم تعلقه بي. الجواب أختي في الله.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم". لقد حدد الشارع الكريم حدوداً وضوابط تنظم علاقة الذكور بالإناث، وبين المجال الوحيد الذي يباح من خلاله التقاء الجنسين، وتبادل الحب بينهما، وهو الزواج الشرعي فقط، وكل علاقة تنشأ بين الطرفين خارج حدود الزواج فهي علاقة محرمة مهما زعم أحد الطرفين أو كلاهما نظافة العلاقة أو مصداقيتها أو بقاءها في حيز النصيحة، وتبادل المواعظ والفوائد، فتلك لعمري حيلة إبليسية لإيقاع الطرفين في وحل الفاحشة ولو بعد حين. وها أنت قد رأيت كيف تجرأ هذا (الصديق!!) فطلب رقم هاتفك فلما عصمك الله ادعى إعجابه بك، وحبه لك لاحتواء الموقف بالضرب على الوتر الحساس!! ولست أفهم كيف تسمحين لنفسك وأنت - والحمد لله - على خلق ودين وسمعة طيبة بالتعرف على الشباب عبر الإنترنت وغيره؟ فاتق الله أختي الكريمة، واحمدي ربك أن حفظك وسترك إلى اليوم، واقطعي علاقتك بهذا الإنسان وغيره، واحذري أن تخدعك عباراته المعسولة، وحبه المزعوم فلو قدر بينكما زواج فمصيره الفشل المؤكد - والله أعلم - إذ ستظل ثقة كل منكما بالآخر مهزوزة، وسيظل هاجس التوجس والشك ديدن الجميع خاصة الزوج إذ لن يبقى أبداً مع زوجة أغضبت ربها فأقامت علاقة محرمة مع شاب لا يمت لها بصلة. هذه نصيحتي، لا أبتغي من ورائها أجراً ولا شكوراً فعضي عليها بالنواجذ قبل أن تزل بك القدم فإن أبيت إلا الارتباط بهذا الشاب فلا أعلم لك إلا طريقاً واحداً وهو أن تعطيه رقم هاتف والدك أو أخيك وتطلبي منه أن يتقدم إليه خاطباً كما يتقدم كل رجل شريف جاد واحذري ثم أحذري من اتصال مباشر قبل هذه الخطوة فإن تقدم وخطب وعرف بنفسه فعليكم السؤال عن دينه وصلاته وخلقه وهذا تمحيص لا يصح بعده إلا الصحيح، والله يحفظك.

تعشق شابا وسيما!

تعشق شاباً وسيماً! المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 14/9/1424هـ السؤال كنت وأنا فتاة أعشق فتى قد أجمع النساء إلا قليلا على حسنه وصباحته وأخذه بالألباب، وكان النساء الصغيرات والكبيرات يتحدثن على أنه قد أوتي حظاً وافراً من الجمال، وكان مع حسنه وجماله عفيفاً حيياً غير متجانف لإثم أو مائلا مع خطيئة، وأشهد أن الفتيات في المدرسة كن يتبارين في إيقاعه في حبائلهن فلا يفلحن فقد نجاه الله منهن، إلا أني كنت أقدرهن على استمالته بما وهبني الله من حسن الصورة وكمال الخلقة، فلم يملك إلا أن ينقاد لي بقلبه وبدنه، ثم يشاء الله ويقدر أن نفترق، فأتزوج أنا ويرتحل هو إلى بلد آخر، وقد سمعت أنه تاب وأناب وتزوج ورزق الذرية، وسلك سبيل المتقين وأصبح من الدعاة إلى الله رب العالمين ثبتنا الله وإياه على الصراط المستقيم. مضى على هذا العبث الصبياني سنين لكن المشكلة أني لا أزال أحفظ له في قلبي شيئا مما كنت أشعر به فيما مضى، نعم لا أزال أحبه على رغم كوني مع زوج يحبني ويرعاني أشد رعاية، حاولت الاتصال به كثيراً، لكنه كان يعظني ويخوفني بالله ويطلب ألا أحادثه خوفاً علي وعليه من الله ثم من الناس، لا تزال صورته السابقة تتراءى أمام أعيني، فلا أملك إلا أن أحدث نفسي بالحديث معه فأقدم تارة وأحجم أخرى. أيها الفضلاء أتجدون لي من حيلة أو مخرج مما أنا فيه، فلعل الله أن ينفع بكم عليلا أو يشفي مريضا؟ أختكم الحائرة الوجلة. الجواب الأخت الفاضلة الحائرة الوجلة: -سلمها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. ثم إني أبارك لك صدقك ومصارحتك بما يجول في نفسك، ولا ريب يا أختي أن ما فعلتيه مع ذلك الرجل من محاولة استمالته أيام الدراسة- مع أنه أمر مضى ولعلك تبت منه، لكن لا بد من الإشارة أن هذا أمر لا يجوز شرعاً، ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تفعل ذلك، فواجب عليك أن تصدقي التوبة من ذلك الفعل بأن تجددي التأكيد في قلبك على ندمك لذلك الفعل المحرم، ولو أن كل امرأة وفتاة خافت ربها ولم تغوِ الرجال لسلم المجتمع من كثير من الشرور والفتن، وقد قال: - صلى الله عليه وسلم- فيما ثبت عنه في الصحيح: "ما تركت فتنة هي أضر على الرجال من النساء" متفق عليه البخاري (5096) ، ومسلم (2741) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - ثم إن محاولتك الاتصال به بعد افتراقكما وتزوج كل واحد منكم بآخر فعل لا يجوز، وهو تجديد للذنب الأول وفتح لباب الشر والفتنة والخيانة والحرام، ولا ينبغي أن يصور لك الشيطان أنه مجرد اتصال ومجرد سماع صوت، فإن هذه هي طرقه وخطواته التي نهانا الله عن اتباعها في قوله: "وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" [البقرة:168-169] ، وإن فعل الشاب في صدك ووعظك هو عين الصواب وهو من توفيق الله له، وأرجو الله له الثبات، وواجب عليك أن تنتفعي بذلك الوعظ لأنه جزء من علاج هذا التعلق، ويضاف إلى ذلك ما يلي: (1) عليك بكثرة الدعاء والسؤال واللجوء إلى الله أن يصرف قلبك عن هذا الرجل، وأن يعلق قلبك به هو سبحانه، وما أحب من الأحوال والأقوال. (2) انشغلي كثيراً بأسرتك من زوجك وأولادك، فإن هذا صارف عن هذا التفكير، تذكري عاقبة الذنب لو أنك واصلت المحاولة في إرجاع تلك العلاقة فإن الذنب له شؤم قد يكون مدمراً لحياة الإنسان وآخرته فاحذري. (3) ماذا لو أن زوجك علم بهذه العلاقة ألا يكون ذلك سبباً في إنهاء علاقتك الطيبة به والتي أثنيت كثيراً عليها، حيث قلت: (على رغم كوني مع زوج يحبني ويرعاني أشد رعاية) ، ألا تخافي على هذه العلاقة، ألا يسوؤك أن تنقلب إلى عداوة وشحناء وحرب؛ بل طلاق وتكوني بدلت نعمة الله عليك كفراً، هل جزاء الإحسان إلا الإحسان. (4) ماذا يكون شعورك لو أن زوجك هو من يحاول تجديد علاقة سابقة مع امرأة كان يحبها وقد بذلت له الحب والتقدير؟ سائلي نفسك ما شعورك؟ وكيف ستكون نظرتك له؟. (5) أكثري من ذكر أحوال القبر والآخرة، فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم-، كما في صحيح ابن حبان (2992) وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أكثروا ذكر هاذم - بالذال وهو القاطع-، اللذات الموت"، وقوله - صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح ابن حبان (2293) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكثروا ذكر هاذم اللذات فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه"

قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هادم اللذات، ومفرق الجماعات، وميتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه، واستحكمت فيه دواعي الذنب فإن مشاهدة المحتضرين، وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير. (6) حاولي الاطلاع الكثير على أحوال المسلمين المضطهدين والمشردين والمعذبين، والفقراء والمساكين الذي يتعرضون للحروب والقهر والظلم من أعداء المسلمين، ثم حاولي أن تساهمي في التخفيف عليهم والسعي في إعانة القريبين منهم لك في بلدك أو حولك، فإن في ذلك علاج للقلب وإيقاظ له وسلوة عن الهم الحرام. (7) لا تفتري من سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير، فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع. (8) اصحبي الصالحات القانتات الطيبات فإنهن عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء. (9) أكثري من قولك: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مع استشعارك للحاجة إلى الله في دفع هذا الهم وعلاجه. (10) أنصحك بقراءة كتاب روضة المحبين للعلامة ابن القيم، وخاصة فصل في علاج الهوى؛ فإنه نافع جداً لحالتك، وإني لأتوجه إلى الله بأن يمن عليك بالهداية والرشاد والسداد، وأن يصرف عنك هذا الحب ويجعله سبحانه فيما أحب من الطيبات، ويبدلك عنه حباً له سبحانه ثم حباً لزوجك وأولادك وللخير، وأن يملأ قلبك إيماناً وتقوى، وأن يهديك سواء السبيل إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

أحبه ... وأريد أن أكون زوجته الثانية..!!

أحبه ... وأريد أن أكون زوجته الثانية..!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 13-3-1423 السؤال أنا فتاة عازبة أحب رجلا يكبرني بعشر سنوات ولكنه متزوج ولديه بعض الأبناء وزوجته مغتربة في وظيفتها في منطقة بعيدة ومعها أبنائها وهو يعيش وحيدا.. وعلاقتي به علاقة رسمية ولا يعلم بحقيقة مشاعري تجاهه.. وكذلك أنا لا أعلم بمشاعره تجاهي..!! إلا أنني اسمع انه يهتم بي كثيرا ويغمرني بعطفه وحنانه..! كان يكرر دائما بأنه يفتقد للحنان والحب وأنه محتاج لهما. أحلم أن أكون زوجته الثانية ولكن أخشى أن أصارحه بما أكنه له وألاقي ردة فعل ليست من صالحي فهو حتى الآن لا يعلم بأني أحبه. مع العلم بأني فتاة فاهمة وواعية وتلك المشاعر ليست مشاعر مراهقة طارئة سرعان ما تزول بل إني متأكدة من مشاعري تجاهه. فأرجو أن تفيدوني وفقكم الله. الجواب أيها الأخت الكريمة.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في هذا الموقع.. لن أتكلم معك بشأن لقاءاتك مع هذا الإنسان الذي تحملين تجاهه الكثير من مشاعر الحب والود كما تقولين.. ولن أتحدث عن مدى مشروعية مثل هذه العلاقة معه ومحاذيرها..!! حيث أني لا أظنها تخفى عليك..!!! ولكني سأقصر حديثي إليك حول عدة تساؤلات ونقاط مهمة يجب أن تحاولي الإجابة عليها.. يجب أن تصارحي نفسك بها يجب أن لا تخدعي عقلك في هذه القضية وتتركين للعواطف الحرية الكاملة في حمل لواء اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية الحاسمة. ذكرتِ أنه في هذا البلد يقيم وحده وهو بعيد عن زوجه وأطفاله ويفتقد الحنان والحب.. صدقيني أن هذا هو شعور الكثير من الأزواج حينما يبتعدون عن أزواجهم وأطفالهم.. هو في هذا الوقت وفي هذه الظروف محتاج إلى من يملأ كيانه ونفسيته بالود والعطف الذي افتقده بابتعاده عن زوجه وأطفاله. الكثير من الأزواج تزول عنه مثل هذه المشاعر حالما يلتم شمله مع أفراد أسرته ويعود الحنان والمودة والحب بالتدفق إلى قلبه في أول يوم يلقى فيه زوجته ويجتمع فيه مع أبنائه. وعلى هذا فسؤالي لك أيتها الأخت الكريمة هو كيف تضمنين مواصلة اهتمامه بك بعد أن يجتمع بأسرته؟ وهل سيعاني من الحاجة إلى الحب والحنان آنذاك؟. يجب عليك عدم التسرع.. وأقولها صادقا في ذلك.. إذ كيف لك الضمان أن لا يكون محتاجاً لك بعضاً من الوقت طالما هو على هذه الحال وسرعان ما يلفظك بعد عودة شمله مع زوجته الأولى. أقول لك هذا الكلام وأنا مؤمن تماما أن الزوج له الحق في الزواج بزوجة ثانية فالمولى أباح له ذلك.. ولا ضير أن يتقدم لخطبتك والزواج منك. ولكن السؤال الذي يبقى ملحاً بالنسبة إليك يا ترى هل هذا هو الزوج المناسب الذي طالما انتظرته؟؟

نعم لو كان هذا حاله حتى مع وجود أسرته برفقته ولم يكونوا بعيدين عنه بل هم يعيشون معه وزوجته قريبة منه ولكنه مع ذلك مفتقد إلى الحنان والحب وأراد الزواج منك فهنا يمكن أن تكون مشاعره أصدق وأبلغ.. إن علمت ذلك وكنت عازمة على إبلاغه بمشاعرك نحوه فلتكن بطريق غير مباشرة فهذا أقوى لموقفك منه.. وصدقيني إن كان صادقاً في رغبته ووجد الحنان والحب فيك فلن يتردد في التقدم لخطبتك. أخيراً أعود وأكرر أنه يجب عليك التنبه إلى الأمور الشرعية في علاقتك بذلك الإنسان فالله وحده الموفق للسعادة وهو وحده المرتجى فالجئي إليه بالابتعاد عما نهى عنه من الاجتماع والاختلاط بالأجانب أولاً وبالدعاء بالسعادة في الدارين ثانياً. رزقك الله الزوج الصالح والسعادة الزوجية.

علاقة هاتفية!

علاقة هاتفية! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 27-6-1423 السؤال السلام عليم ورحمة الله وبركاته منذ فترة قصيرة أتصل شخص وهو يعمل عند والدي وكنت أرد على المكالمات ولاحظت كثرة اتصالاته ومنذ أسبوعين من اليوم قال لي كلام حب وكلام صراحة أخجل من كتابته ودائما أتهرب من مكالماته ولكن ترد أختي الصغير مما يضطرني إلى مكالمته قال بأنه مستعد لتقدم لي ولكن بعد أن يتعرف علي تماما وأخذ يسأل عن شكلي وبعض الأمور الخاصة وكنت أرد على بعضها وأتجاهل الذي يحرجني فبماذا تنصحونني هل أستمر معه أم أقطع المكالمات معه لربما كان قصده شريف. أرجو الإفادة في أسرع وقت ولكم كل التوفيق. الجواب الأخت الكريمة وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لاتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" ماذا عساي أن أقو لك.. وأنت كأني ألمس منك الرضوخ لهذا الرجل الخديعة بكلامه وربما قد لا تصدقين أنه يأتينا الكثير والكثير جداً من رسائل الحزن والشكوى من أخوات خدعن من مثل هذا الذي يتعامل معك بل ويخدعك ويغشك. إن للبيوت أبواباً فليطرقها إن كان صادقاً وليتعرف عليك حينئذ ولن يلومه أحد إذا دخل المدخل الرسمي ولم يكن خلف الأسوار والهواتف يهاتفك ويبث ألا عيبه عليك. كم هي رقيقة هذه المرأة حينما يسهل خداعها من رجل لا يراها إلا من خلال عينين شهوانيتين يبذل لها المعسول من الكلام..فترتاح إليه وتصدقه وترسم في مخيلتها أحلى الأماني معه.. وتتصور الحياة عذابا من دونه.. تتمايل في عينها أجمل الصور والخيالات مع ذلك الفارس الذي نزل لها من السماء من خلال سماعة الهاتف.. فلا يزال يغذيها بالكلام العاطفي والرومانسي والجميل.. وهي لا تزال صورة الخيالات تكبر في عينيها.. وصدقه وإخلاصه يتعاظم في ناظريها.. وحلاوة العيش معه تسيطر على عقلها فلا تكاد المسكينة تريد الابتعاد عنه ولو للحظة.. وهكذا يستمران - الرجل والمرأة- على هذه الحالة حتى يحصل المراد وينتهك الشرف ويلوذ المخادع بالفرار ويرمي المرأة بالخطيئة والعار بعد ما رمى قلبها بالحرقة والنار. بعض النساء أو الغالب منهن تعرف تماماً وتجزم بدرجة كبيرة أن ما تسمعه إنما هو كذب وهراء ويعلم الكثير ممن دخلن وجربن هذه المجالات أن ما يسمعنه من معسول الكلام ليس له من الحق والصدق حبة خردل ولكنهن بدافع حب العبث وتمضية الوقت يلجن هذا المجال.. الآخر منهن يستمرون في هذا المجال بدافع قلة العاطفة الموجودة في حياتهن.. أو انعدامها فتحب أن تملأ فراغ العاطفة لديها من خلال ذلك الشاب حتى ولو كان الأمر برمته كذباً في كذب مع علمها التام بذلك. ولكن المصيبة العظمى حينما نأتي للنتائج لمثل هذه الأعمال.. حينما ينتهك العرض.. وتفض البكارة ويزول الشرف وتعيش حينها الفتاة أشد فترات الحياة عذابا وألماً وحسرةً، أما ذلك الفارس الذي طالما أطلق الكلام المعسول فقد ولى هرباً ولسان حاله يقول: لست أريد التي تبيع عرضها لرجل أعطاها كلاماً وما أرخصه وأعطته عذريتها وما أغلاها وشتان بين الثمن والبضاعة.. وبين الكلام والعذرية.

فيا أيتها الأخت الكريمة الخلاص.. الخلاص.. والهرب الهرب من فعل هذه الأعمال التي لن تجنين منها إلا الحسرة المضاعفة. بادري أولاً بتجاهل هذا الرجل، فإن استمر فأخبريه بأن للبيوت أبواباً يجب إن كان جاداً طرقها فإن لم يمتثل لهذا ولا لذلك فهدديه بإخبار والدك بذلك. وسأهمس في أذنيك علامة جديته وصدقه من لعبه وكذبه. إنها المخاطبة الرسمية من قبله لوالدك حول الزواج منك، إنني أكاد أجزم أنه لن يقدم وسوف يذكر لك العديد من المبررات التي تمنعه من مصارحة والدك بهذا الأمر والتقدم لخطبتك وستجدين منه تهرباً مستمراً من طرق مثل هذا الموضوع الجاد معك. ولتكتشفي في النهاية أنه لا يراك إلا من خلال عينين شهوانيتين يرى بهما جسدك الأنثوي ويتصور الجنس الحرام ويمني نفسه ممارسة الحرام معك وإن كان قد غلفه بغلاف الحب والزواج الذي هو من متطلبات الوقوع في الحرام واصطياد الفريسة. حرسك الله وحرس شرفك وعفافك من عبث العابثين.

أنا.. وأخت زوجتي!

أنا.. وأخت زوجتي! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 1-7-1423 السؤال أنا رجل متزوج ولي أطفال وناجح في زواجي ولكن المشكلة لدي أنه يوجد لدى زوجتي أخت هي على وشك الزواج وأشعر بعاطفة قوية تجاهها مع علمي أنها محرمة علي بحكم أنني زوج أختها، ولكن هذا الميل وهذا الشعور يعاودني لدرجة بكائي أحياناً وربما أدعو الله أن لا يتم هذا الزواج كي لا تبتعد علماً أنها وللحقيقة إنها إنسانة محافظة جداً ولا تعلم بمشاعري تجاهها ولا أتهمها بشيء فهي على قدر من الطاعة لربها والالتزام بالحجاب. أرشدوني كيف أتغلب على هذه المشاعر فأنا خائف على نفسي وديني وأسرتي. والسلام عليكم. الجواب الأخ الكريم.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع" الإسلام اليوم " صدقني أن أغلب المشاكل العاطفية الموجودة في مجتمعاتنا هي ناتجة عن أمر واحدٍ يكاد يكون قاسماً مشتركاً لدى جميع الحالات. هذا القاسم المشترك هو السبب الرئيسي المولّد لمثل هذه المشاعر الفياضة تجاه أحدٍ من الناس. قد لا أجد كلمة مناسبة يمكن أن تختزل المعاني الكثيرة لهذا القاسم المشترك لكن هناك كلمة ربما تقرب الموضوع لك وتساعدك على فهمه. إنه في نظري أيها الأخ العزيز" التمادي" والاستمرار أنت أعجبت بهذه الفتاة لأول مرّة فأصبح يحلو لك سماع صوتها أو الحديث عنها بل ربما تحب الاتصال بأهل زوجتك كي يتسنى لك سماع صوت هذه الفتاة. التمادي والاستمرار هنا أنك لم تتوقف أو تحاول إيقاف مشاعرك هذه في أول الأمر وقطعت الموضوع بل تماديت واستمررت لأنك لم تكن تشعر أن هذا الأمر سيصبح تعلقاً مرضياً ربما يصعب عليك الفكاك منه. ألا ترى معي أنها حقاً أنانية وحب للذات مفرط أن لا تحب لها النجاح في زواجها من أجل أن لا تغادر البيت ويستمر سماعك لصوتها وشعورك بقربها: أليست حقاً أنانية أيها الأخ العزيز أن تود لها الفشل في مشروع زواجها لا لشيء إلا لأجل أن ترتاح أنت أيضاً أليست أنانية فجة أن تحب أن تتعذب هي بفشل زواجها أو بعنوستها لا لشيء إلا من أجل ذلك أنت.. أي أنانية من هذا النوع وأي قسوة في القلب تحملها تجاه الآخرين إذا كان ذلك مانعاً لراحتك الكاذبة ومشاعرك القاسية. وفي ظني أن العلاج هو الوقوف عاجلا عن هذا التمادي والتفكير بهذه الفتاة.. نعم ستجد صعوبة في بادئ الأمر ولكنها ستتيسر بعد ذلك صدقني. ثانياً: عليك دائماً بالدعاء لها بالتوفيق فالهجوم كما يقال هو الوسيلة الأنجح للدفاع ادع لها بالنجاح وافرح لفرحها واشعر نفسك بذلك.. واستشعر أنك بهذه المشاعر تجاهها ستكون مأجوراً عند الله لأنك أحببت الخير لأختك المسلمة. ثالثاً: ابتعد قليلاً عن الجو الذي يذكرك بها.. قلل من ذهابك إلى بيت أنسابك ولا تحاول الاتصال هاتفياً بهم كي لا تمكن نفسك من سماع صوتها فتشعل بذلك مكامن عواطفك تجاهها. رابعاً: عود نفسك بذل الخير للناس والدعاء لهم بالخير دائماً لان ذلك سوف ينمي في قلبك الحب والعاطفة للناس وليس لنفسك فقط على حسابهم.. إنك بذلك العمل ستنمي لديك وفي قلبك قضية البذل للآخرين ومن ثم الحب لهم وما يمكن أن يسعدهم وفي نفس الوقت هذا الأمر يساعد على كبت مشاعر الحسد والأنانية لدى الفرد التي تجول في أعماقه وهو غير شاعر بذلك. أعانك الله ووفقك

علاقتي مع هذه الفتاة

علاقتي مع هذه الفتاة المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 20-5-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أنا شاب في الثامنة عشرة من العمر، مشكلتي وبصراحة وبعيداً عن أمور المراهقة والنزوات، تبدأ من معرفتي لفتاة في مثل عمري، لكن هذه الفتاة كانت تتصرف الكثير من التصرفات الطائشة التي لا تليق بها كفتاة، وكانت تخطئ كثيراً في حق أهلها ونفسها بسبب تلك التصرفات لكن دون أن تدري متأثرة بالمقربات لها، وعندما جمعتنا الصداقة أحسست أن هذه الفتاة ليست إنسانة سيئة لكنها كانت مشوشة، وبدأت بالكلام معها تدريجياً عن تصرفاتها الطائشة ورغبتي في أن تصبح إنسانة مهذبة وراقية تحظى باحترام الجميع، واقتنعت بكلامي شيئاً فشيئاً، فصرت أعلمها كل ما هو مبني على أسس الاحترام، إحساساً مني بأني أفعل الخير لها ولأهلها " علماً بأني على معرفة بسيطة بهم " والله وحده يعلم كيف صارت هي الآن، إنسانة ذات مبادئ قريبة من الله، وأنا وجدت نفسي متعلقاً بها وهي كذلك، فكما تعلمت هي مني، تعلمت أنا أيضاً منها، وأصبحت علاقتنا مبنية على الاحترام والمودة والمحبة. لكن أنا لا أدري هل أنا مخطئ في هذه العلاقة التي تطورت دون علم أهلها الذين من الصعب أن يتفهموا لمثل تلك الأمور، هل من الصحيح أن تستمر هذه العلاقة، هل كل هذه أمور مراهقة وأنا أكابر، هل أنا تصرفت التصرف الصحيح، وإن لم يكن كذلك أرجو أن تقوموني على الصحيح فأنا أحس أني أخون ثقة الناس وضميري يؤنبني! الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أيها الأخ الكريم أحمد.. أشكر لك ثقتك واتصالك بنا في موقع الإسلام اليوم.. من أجمل ما كتبت في استفسارك قولك " هل كل هذه أمور مراهقة وأنا أكابر؟ وهل تصرفت التصرف الصحيح؟ وكان بودي لو أخبرتني عن حالك ووضعك الاجتماعي أكثر وكيفية التعرف على هذه الفتاة.. ولكن سأفترض من خلال كلامك أنك لا زلت شاباً طالباً على مقاعد الدراسة.. عملك مع هذه الفتاة بتوجيهها إلى الطريق الصحيح لا شك أنه عمل محمودٌ بحد ذاته ولكن ليس بالصورة التي وصفتها.

الشباب والشابات في مثل هذا العمر يكون الاندفاع لديهم تجاه الجنس الآخر اندفاعاً قوياً يحاول كل واحد منهم أن يظهر للآخر أجمل ما لديه من صفات خلْقية أو خُلقية.. ولعلك قد تفاجئ إن قلت لك أن التحسن الذي طرأ على هذه الفتاة قد لا يكون إيماناً منها بضرورة التغيير وإصلاح الذات والقناعة التامة بأن ما كانت عليه من أخلاق سيئة يجب أن تغيرها للأفضل نتيجة اقتناعها بكلامك.. بل هو محاولة للاحتفاظ بهذه العلاقة معك حتى ولو كانت دوافعها بريئة ولم تضمر سوءً أو فاحشة.. هي تجاهد لتحافظ على هذه العلاقة لما وجدته هي في نفسها من ملأ لرغبات لديها في جذب الجنس الآخر والأنس بالجلوس معه.. هي تشعر كما تشعر أنت تماماً.. اسأل نفسك عن شعورك تجاهها وتجاه الكلام معها والجلوس بقربها.. ستجده بالتأكيد شعوراً قوياً بل إنه أصبح من الصعب عليك تركه ومفارقته وصدقني أن هذا الشعور هو لديها بنفس الحجم.. لا تظن أن ذلك هو الحب فهذه خديعة نفسية ومغالطة ذاتية مكشوفة وأنت نفسك سوف تكتشف ذلك إن عاجلاً أو آجلاً.. هذا التعلق منك بها وهذه العلاقة هي كما قلت مدفوعة وبقوة من غريزة حب الجنس المقابل وحب التعرف عليه والكلام معه والاستئناس به، وهي غريزة فطرية فطرها الله فينا ليستمر إعمار هذه الأرض ويحصل الانتشار والاستخلاف الذي حكم به الله عزوجل. إذا علمت هذا الأمر فلتكن لديك الشجاعة القوية بتصحيح المسار الذي أنت عليه.. هذه العلاقة يجب أن لا تستمر إذا كنت حريصاً على نفسك وحريصاً على هذه الفتاة.. الناس وضعوا فيك ثقتهم فلا تهدمها بهذا الأمر.. ضميرك يؤنبك لأنك وبفضل رجاحة عقلك تعلم أن مثل هذه العلاقة ما كان يجب لها أن تستمر وتصل إلى هذا الحد.. نحن أمة مسلمة ولله الحمد ونعلم جميعاً أن العلاقة بين الرجل والمرأة ما يكون لها أن تقوم إلا في نطاق الزوجية أو النطاق الذي يؤدي إلى الزواج.. فهل تساءلت مع نفسك أيها الأخ الكريم إن كانت لديك الرغبة في الزواج من هذه الفتاة أم لا؟ ..فإن كانت الإجابة بالنفي فلا تعليق لدي إذ لا حاجة لدينا إلى زيادة القول في هذا الأمر.. وأما إن كانت الإجابة بنعم وأنت راغب بصدق بالارتباط بها فلم لا تتقدم إن كانت الأمور مناسبة لديك وترى أنك فعلاً مؤهل للزواج وظروفك مهيأة تماماً لذلك؟ خاصة وأنك كما تصف نفسك قد تحولت لديك هذه العلاقة إلى علاقة حب بينكما.. أما إذا لم تكن الظروف مناسبة للتقدم لخطبتها الآن وتعتقد أنك لم تتأهل بعد للزواج والإقدام عليه بل تحتاج إلى مزيد من الوقت وتحتاج إلى إكمال الدراسة أو ما شابه ذلك.. فإن الأمر هنا يحتاج منك إلى عزيمة قوية وشجاعة ناضجة وخلوة مع النفس صادقة تفكر فيها بحالك وحال هذه الفتاة لتقرر بوجوب وقف مثل هذه العلاقة على أمل أن يقضي الله أمراً يكون فيه الخير لك ولهذه الفتاة فإن كانت من نصيبك فلن تذهب عنك وإن لم تكن كذلك فالنزول من أسفل السلم أسلم وأسهل وانجح وآمن من النزول أو السقوط من أعلاه.. وفقك الله لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

أنا متهم بأنني عاطفي!

أنا متهم بأنني عاطفي! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 17-5-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله عزيزي المستشار ليست لدي مشكلة وهي أنني متهم بأني عاطفي فهل العاطفية عيب؟ وعندما يكون الشخص يدعو بالحب فهل الطريقة خطأ علما بأنني والحمد لله محبوب وأحب كل من حولي. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" الحب والعاطفة شيئان جميلان حقاً وليستا عيباً البتة. صدقني أننا في هذا الوقت بحاجة ماسة للحب والعاطفة. يجب أن نعلم جميعاً أثر هذه الموضوع في حياتنا، فبهما تلين القلوب كثيراً.. وبها ينتشر التسامح بين الناس.. وبهما تصفو القلوب فيما بينها.. نحن في مجتمع كان لظروفه الطبيعية وأحواله المناخية وتركيبته الجغرافية وصحراويته القاسية أثر واضح في ضمور هذه الخاصية الجميلة في ذواتنا واضمحلالها من تركيباتنا النفسية. ونتيجة لذلك قست قلوبنا وغلظت تصرفاتنا.. وجلفت طبائعنا.. فأصبحنا نبخل بالحس المرهف حتى عن أقرب الناس إلينا وهم الوالدان والزوجة والأبناء وسائل الأهل. أنني يا عزيزي أغبطك على هذه الخاصية الموجودة لديك فهي ميزة حسنة وخاصية طيبة عليك المحافظة عليها واستخدامها في مواقعها الصحيحة لكن يجب أن لا تختلط عليك الأمور والتصرفات أو السلوكيات فتفشل في التعامل معها فتظن ذلك سببه هو عاطفيتك الزائدة.. تذكر أيها الأخ الكريم أن هناك سلوكيات وحوادث أو تعاملات يجب أن يكون موقفنا منها هو العقل والفكر البعيدان عن العاطفة أو السلوك المحكوم بالعاطفة.. إذ العاطفة في بعض الأحيان لا تكون وسيلة ناجعة لاستخدامها في مواجهة أمور يمكن أن تصادفنا. ألم تر أننا نتعاطى العلاجات والتطعيمات لأبنائنا الصغار على ما فيها من ألم إلا أن المصلحة ملحة في تجنب العواطف التي تمنعنا بدافع الرحمة من ممارسة هذه الوسائل، فالمصلحة هنا هو عدم الانجرار مع العواطف بعكس العقل الذي يجب أن يكون سيد الموقف في مثل هذه الحالات والممارسات. أختم هذه الاستشارة وأقول استمر على هذه الصفة ولكن بالشرط الذي ذكرت لك وادع إلى الله بالحب وبالذوق وبالعطف فهي بحق أشياء جميلة. وفقك الله ورعاك

علاقاتي الغرامية والمستقبل

علاقاتي الغرامية والمستقبل المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 17/02/1426هـ السؤال مشكلتي أنني منذ أن كنت صغيرة تعرضت للتحرش الجنسي من قبل فتاة لم تضرني، إلا أنني في فترة المراهقة كنت أقرأ قصص الحب وغيره، مما أدى إلى أنني لا أملك إلى حد ما العفة، ومما زاد الأمر سوءاً أنني كنت مدمنة مكالمات جنسية، ولكن الحمد لله لم أقع في الفاحشة مع أي أحد، وبعدها هداني الله فلم أقم بهذا، ومشكلتي أنني في الفترة الماضية كنت على علاقة مع شاب ذي دين وخلق، ومما زاد رغبته في الزواج مني أنني ذات قدر كافٍ من الثقافة الدينية، وأصلي وأقرأ القرآن، ومحجبة، ولكن للأسف أنني في يوم طلبت منه أن نلتقي في خلوة، والمشكلة أنني أنا التي بدأت في التقرب ولمس الأيادي، ومما زاد الطين بلة أنه حاول أن يقبلني فلم يجد عندي أي نوع من الرفض بل العكس وجدني أجيد التقبيل، ولا أملك الحياء أو الطهر أعيد وأقول لكم: إنني لم أقع في الكبيرة إلا أنني أحب الرومانسية والتقبيل، أما عن الشاب فقد ابتعد وأنهى العلاقة، وكان معه الحق، ولكن هذا سبَّب عندي أن حياتي الزوجية ستكون صعبة إذا لم يجد زوجي عندي الحياء الذي هو أجمل ما يزين المرأة، علمًا أنني تبت عن المكالمات حتى العلاقات العابرة، وأطلب من الله في كل صلاة أن يرزقني الطهر. وشكرًا. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: ابنتي الكريمة: أولاً: أهنئك على فضل الله -عز وجل- عليك بالإقلاع عن هذه المعاصي الخطيرة، كالمكالمات الجنسية أو العلاقات العابثة، فإن هذا منحدر خطير، وقد كان من فضل الله عليك أنك خرجت من هذا المستنقع قبل أن تفقدي أغلى ما لديك، هنيئاً لك توبتك وهنيئاً لك حفظ الله لك. ثانياً: عليك أن تكوني واثقة أن الله -عز وجل- يتوب على من تاب، وأن من تاب من الذنب فهو كمن لا ذنب له، وأن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، بل ويبدلها حسنات، فكوني واثقة من مغفرة الله وتوبة الله وقبول الله، وتجاوزي هذا الماضي، ولا تفكري فيه. ثالثاً: ما ذكرته من علاقتك بالشاب الذي رغب الزواج منك، ثم ذهب وتركك هذا أمر تتعرض له فتيات كثيرات، أن يتقدم لها شاب ثم يغير وجهة نظره لأسباب كثيرة؛ ولذلك فإن عليك أن تحمدي الله أن هذه العلاقة لم تستمر إلى الزواج ثم الإنجاب، بل انتهت قبل ذلك، وربما كان السبب في ترك هذا الشاب لك هو ما رأى منك من جرأة قبل عقد الزواج، فأورث ذلك لديه شعوراً بأن لك تاريخًا في العلاقات الخاطئة ولذلك انسحب، ولكن هذا ينبغي ألا يسبِّب لك إحباطاً نفسياً، بل عليك معرفة الخطأ وتجنبه بعد ذلك.

رابعاً: عليك ألا تعيشي هذا المعنى في مستقبل حياتك، فالزوج يحب أن يخطب ويتزوج بالزوجة الطاهرة العفيفة، ولكنه إذا تزوج فإنه يرغب في الزوجة التي تتفاعل معه وتشبع حاجته العاطفية والجسدية، ولذلك فإنك يمكن أن تتزوجي وأن تبدئي بالتعبير عن رغباتك شيئًا فشيئاً، وحينها سيتقبلك زوجك، وسيشعر بأنه متفاعل معك، ومندمج بهذا التفاعل الذي تبادلينه إياه، وإذا حصل هذا الشيء بالتدريج فإن الرجل يتقبله، ويشعر أنه نتيجة للعشرة والعلاقة، فلا خوف من ذلك، والعلاقة الزوجية هي الوعاء الطبيعي للتعبير عن رغبات المشاعر والعواطف والحاجات الجنسية، وهذا أمر مشترك بين الرجل والمرأة. وسوف أدعو الله لك أن يوفقك في مستقبل حياتك، ويرزقك بالزوج الصالح الذي يبادلك حباً بحب وصدقاً بصدق ورحمة برحمة وإحساناً بإحسان، وأن يرزقك الذرية الصالحة الذين تقر بهم عينك، وأن يجعل بيتك بيتاً مؤسساً على التقوى والإيمان، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

وأنا أيضا عاشقة

وأنا أيضاً عاشقة المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 11/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أنا أيضا عاشقة، وأتمنى أن تدرك قدر المعاناة التي أعانيها والآلام التي أعيشها ... أنا عاشقة أقولها ولست أخشى أحدا إلا الله؛ لأن حبي له حب نظيف حب راق، حب من نوع آخر غير الذي نسمع عنه، حب كانت بدايته من خمس عشرة سنة تقريباً، هو داعية معروف كنت أتصل عليه لأخذ الرأي ليس إلا، وكان كلامه معي فيه شيء من اللطف واللين، ثم وبسبب هذا اللطف أصبحت أشعر أنني أحبه وأصبح اتصالي عليه بدافع الإعجاب ليس كما كان في السابق حتى شعرت أنه يبادلني حبا بحب، وأخذ يلمح لي بالزواج حتى كأنه صرح بذلك (هناك من الأهل من يريد التعرف عليك) ، وكان هذا كله عن طريق الهاتف، عندها توقفت عن الاتصال عليه، وكان يمنعني من الاتصال العادات والتقاليد، وانتظرته مدة من الزمن تقدم لي خلال هذه المدة عدد ممن يرغب في الزواج مني من بينهم أصحاب دين وخلق، وكنت أرفض؛ وكان السبب تعلق قلبي بهذا الرجل الداعية الذي لعب بعواطفي وعبث بقلبي، وكنت وفية له رغم أني حينها لم أكن أعرف عنه سوى ما أسمع من الناس حتى شكله، لونه، عمره حتى قدَّر الله لي أن يتقدم لخطبتي من استطاع إقناع أهلي به فتم الزواج وأنا كارهة بعد انقطاع أخبار حبيبي، واستمرت حياتي مع هذا الزوج حتى قدَّر الله لي أن يظهر فجأة في حياتي وعاد الحب من جديد، فخلعت نفسي من زوجي ليس طمعاً في أن أتزوج من أحب، لا؛ لكن لأني لم أكن أحب زوجي ولأني أكره الخيانة، فعودته في حياتي حركت حباً كنت قد تناسيته فأصبح هو كل شيء في حياتي، فصورته لا تفارق عيني حتى عندما أغمض عيني أراه, صوته يرن في أذني كأني أراه الآن وأسمع صوته، هو السبب في كل ما صرنا إليه من قبل ومن بعد، فبعد خمس عشرة سنة يعود هو ويعود الحب من جديد، لا، بل العشق لا أستطيع نسيانه، حاولت ودعيت الله أن يخلصني من حبه ولكني أراني أزداد حبا وعشقا، فضيلة الشيخ: لا تقل إعجاب أو أنها سحابة وتمر، أو أنه حب سرعان ما ينطفئ، لا، إنني أشعر وكأنه يسري بدمي أني أحبه وبيني وبينه مسافات ومسافات أحبه لذاته، أحب شخصه! أشعر بألم لأنه لا ينبغي أن أصرح بهذه التصريحات إلا له لكني ذكرتها لربما لا يكتب الله ذلك. فضيلة الشيخ: هل لديكم من حل لي؟! أسأل الله ألا يصيب مسلماً ولا مسلمة بمثل ما أصابني. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ابنتي: تأثرت كثيراً بقراءة رسالتك بما فيها من العاطفة الصارخة، والعشق المشبوب الذي كنت واضحة في بيانه. وتأثرت - أيضاً- بالمصير المؤسف الذي اصطدمت به حياتك بسبب هذا التعلق والعشق، والذي انتهى بمخالعة من زواج رأيت أنه لم يكن سعيداً ولم يحقق لك ما تصبو إليه مشاعرك وعواطفك، وأحب أن أعلق على مشكلتك بالنقاط التالية:

أولاً: اعلمي - يا بنيتي- أنه ليس كل لطف ولين في الخطاب من المشايخ والدعاة مع من يتصل بهم من الرجال والنساء والفتيات تعريضاً بالزواج، ولا محاولة جذب أو احتواء أو محاولة بناء جسور لأهداف خاصة. إن اللين واللطف في الخطاب هو تأس بالهدي النبوي؛ "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك". إننا نشعر أن الذي اتصل ملهوف، فينبغي أن تقابل لهفته بالحنان والرحمة واللين والعطف، وهذا ليس خاصاً بالفتيات بل والنساء الكبيرات والشباب والرجال كباراً وصغاراً يحاول الداعية أن يكون من خلال إجابته عن السؤال لطيفاً يحتوي مشاعرهم ويداوي آلامهم ويرفق بهم؛ وقد قال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف". ثانياً: لم أشعر من خلال ما ذكرته عن هذا الداعية أنه لمح لك بالزواج، بل أقوى كلمة نقلتها عنه لا تدل على ذلك، وهي قوله: (هناك من الأهل من يريد أن يتعرف عليك) ، وإن هذه ليست عرضاً بالزواج ولا تلميحاً له، ولكن نوع من إظهار الإعجاب بجوانب من شخصيتك، والكثير من الدعاة - يا بنيتي - يقول مثل هذه الكلمة للفتيات اللائي يتصلن به لرفع معنوياتهن وتعزيز ثقتهن بأنفسهن، وقد يقول لهن عبارات من مثل: - ما شاء الله- تفكيرك ناضج، - ما شاء الله- شخصيتك قوية، - ما شاء الله- مؤهلاتك عالية، ونحو هذه العبارات التي ربما لو فسرت على طريقتك لفسرت بأنها إعلان الإعجاب بقصد الزواج، وهو لم يقصد هذا ولا ذاك، ولم يفكر فيه وإنما يقول لهن مثل هذا الكلام على أنهن كبناته يريد معالجة ما عندهن من أزمة أو مشكلة بإشعارهن بالاعتزاز بالشخصية، وإشعارهن بالثقة بالنفس، وإشعارهن بقدر من الوثوق أمام المشكلات، فلا أحسب أن مثل هذه العبارة أو مثل هذا اللطف مما يمكن أن تفهمي منه عرضاً من هذا الداعية بالزواج. ثالثاً: أرى أنك وقعت في خطأ حينما رددت الخُطَّاب الذين تقدموا إليك وكانوا على قدر من الدين والصلاح والخير - كما ذكرت-، وكان عليك اتخاذ خطوات جريئة وهي الاتصال بهذا الشيخ وسؤاله هل له بك حاجة أو لا؟ هل يمكن أن تسمح ظروفه بالزواج منك أو لا؟ وتقطعين مثل هذه الآمال التي كنت تتبعين نفسك إياها بوضوح اليقين، فإن كان له بك رغبة طلبت منه المبادرة بالتقدم وإن لم يكن به رغبة فإذا بك تحزمين أمرك ولا تعيشين بانتظار ما لا يأتي، كانت هذه الخطوة التي ينبغي أن تتخذ، ولكنني أظن أنك لم تتخذيها ليس لضعف فيك ولا لجبن ولا لخور؛ لكن كنت خائفة أن يفجأك الجواب بالرفض وهو ما لا تحبين سماعه فآثرت الانتظار على أمنية خير من مصادمة الواقع على حد قول القائل: أماني إن كانت فمن أحسن المنى*** وإلا فقد عشنا بها زمنا رغداً. رابعاً: لم أكن أتمنى لك مخالعة زوجك لمجرد أنك أحسست أنك لا تحبينه؛ وإنما عليك التفكير قبل اتخاذ هذه الخطوة، هل أنت بانتظار من تحبينه؟ وهل سيجيء؟ وإذا لم يجيء هل هناك من سيعوضك عنه؟ وإلا فإن بقاءك مع زوج يكون لك منه أولاد تعيشين معهم بقية عمرك شيء لا يقل أهمية عن التنعم بعاطفة الحب مع الزوج، وستعوضينها بعاطفة الحب مع الأبناء، والعمر -خصوصاً الشباب- يمضي سريعاً ولا يقبل الانتظار والتأجيل.

خامساً: أما إذ وقع ما وقع وخالعت زوجك ومضى ما مضى من عمرك وانتهى أمرك إلى هذه النهاية، فإني أعتقد أن عليك الآن أن تفعلي ما لم تفعليه من قبل بأن تسألي هذا الرجل أو توصي إليه من يسأله هل له رغبة في الزواج منك؟ ولو بصورة معينة تناسب الظروف، فإن قبل فقد أحل الله الزواج وفعلت وادركت ما تأملين، وإن لم تكن ظروفه تسمح بالزواج، ولم تكن لديه الرغبة تكونين أنت قد حسمت أمرك، وحدّدتِ خيارك، ولذا فإما أن ترجعي إلى زوجك الذي خالعته أو على الأقل تتزوجين غيره وتعيشين بقية حياتك مع رجل، فلا يعوض الرجل إلا رجل، ولا يعوض الحب إلا حب؛ وكما قيل: مثلما تدفع الغيوم الغيوما*** الغرام الجديد يمحو القديما. ولا أرى لك - بارك الله فيك - أن تعيشي على هذه الحال من التحرق والتأسف فضلاً عن تحميل رجل غافل مسؤولية أمر ليس له فيه مسؤولية، فلم أجد من خلال كل حرف قرأته في رسالتك ما يحمل هذا الشيخ الداعية ما قلت (أنه هو السبب في كل ما صرنا إليه من قبل) ، أبداً، هو ليس السبب ولكن السبب هو تراخيك في معالجة موضوعك في صورة جلية صريحة واضحة. أسأل الله - عز وجل- أن يهديك ويسددك ويوفقك لاتخاذ القرار الصائب الرشيد، واعلمي أن العمر يمضي سريعاً، والحياة تنتهي جميعاً، ولا يصح أن نجعل حياتنا محطات تجارب أو الانتظار لما لا يأتي، وإنما علينا أن نعيش كل فترة من عمرنا بكامل الاستمتاع بالحياة، إن الحياة لذيذة وممتعة عندما نستمتع بها، ونعيش ما قدر لنا فيها لا ما نتمناه ونتخيله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أفلتت من بين أنياب الذئب

أفلتت من بين أنياب الذئب المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 29/12/1425هـ السؤال أنا فتاة، أبلغ من العمر 18سنة، تعرفت على شخص عن طريق الجوال، وتعلقت به تعلقاً شديداً، جلست فترة وأنا أتحدث معه، فقال لي: أريد مقابلتك، فوافقت، وجاء الموعد وذهبت إليه، وفعلنا مثل ما يفعل الأزواج إلا الزنا، وجلست فترة وأنا أتحدث معه، ثم علمت والدتي بالموضوع، وأخذت مني الجوال، وأخذت شريحة أخرى وتحدثت معه، علماً أنه متزوج ولديه أطفال، فماذا أفعل لأمحو ذنبي، وهل سيعاقبني الله ويفعل بي مثل ما فعلت بزوجته، بمعنى أصح هل سيطبق علي المثل (كما تدين تدان) ؟ أرجوكم أفيدوني. الجواب قبل أن أعاتبك -يا ابنتي- أهنئك بأن الله عز وجل قد أنقذك من هذا الوحش المفترس، بعد أن أصبحتِ بين مخالبه وأنيابه، وخرجت وأنت لا زلتِ تحتفظين بعفتك وشرفك. ابنتي الكريمة، إن دخولك في علاقة مع رجل لا يحل لك جريمة، فكيف إذا كان متزوجاً وله أطفال، إن هذا لدليل ظاهر على أنَّ هذه العلاقة علاقة عابثة، وشهوانية، وليست علاقة جادة يمكن أن تنتهي بالزواج، فأنت تستمتعين بمعسول الحديث الذي يصبه في أذنيك، وهو يستمتع بك شهوة ولذة، وهذا الأمر محرم عليكما جميعاً، ولكن عواقبه التدميرية تقع عليك أنت، وأما هو فإنه يذهب بعد أن ينال منك ما يريد، وكأن شيئاً لم يكن. ابنتي الحبيبة إن عليك اتخاذ قرار حازم في قطع العلاقة مع هذا الشخص أو غيره، فهذه العلاقات العابثة تنتهي بمآسٍ مدمرة، واعلمي -يا ابنتي الكريمة- أنك لست أول من يرسل مشكلة من هذا النوع، ولكنك أرسلت رسالتك قبل أن يقع الخراب والدمار لمستقبلك، إن رسائل كثيرة تأتينا من فتيات فقدن أعز ما يملكن، ثم أصبحن يعشن في وضع مأسوي، -أسأل الله ألا تعيشي مثله- فقدن الشرف وعبث بهن من عبث، ثم تلفتن يمنة ويسرة فإذا هذا الذي افترسها وأخذ شرفها أول من يتنكر لها ويتخلى عنها ويحتقرها ويزهد فيها بعد أن أسكرها بمعسول الكلام، وزيف الوعود. ابنتي الكريمة، إن عليك أن تحافظي على عفتك وشرفك وأخلاقك، وتسارعي بالزواج من شاب عفيف مستقيم يعيش لك وتعيشين له، وتنالان مع بعضكما اللذة والمتعة المباحة التي أحلها الله، وسوف تتذوقين دفء المشاعر، وحميمية اللقاء، مع سكينة الأمان، وترين كل يوم بناء لبنة في مشروع العمر، حيث بهجة الأمومة، ونعمة الاستقرار في كنف علاقة شريفة مباركة.

أي بنيتي: إن أول خطوة عملية في طريق توبتك أن تتخلصي من هاتفك الجوال ومن أي شريحة معك، تحطمينها وتحطمين كل رقم يعرفه هذا الشخص فلا تستعملينه إطلاقاً؛ لأن عزيمتك قد تنهار إذا رأيت رقمه أو سمعت نغمة صوته، ولست بحاجة إلى أن تعرضي نفسك لهذا الامتحان، فالحذر الحذر قبل أن تفقدي -بالاستدراج الماكر- أعز ما تملكين، فإذا عزمت على ذلك فاعلمي أن التوبة تمحو الذنوب والخطايا مهما عظمت، وأن الله يتوب على من تاب، وإنك إذا تبت توبة صادقة عزمت فيها على عدم العودة، فإن الله -عز وجل- سيتقبل توبتك ويوفقك ويعفو عنك، ولن يقع لك في حياتك -بإذن الله- ما تخافين منه، وهو أن تتكرر العلاقة الآثمة مع من تتزوجين في المستقبل. فإن الندم توبة، والتوبة تهدم ما كان قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. واعلمي أن مما يعينك على الاستمرار في الاستقامة إعادة النظر في علاقاتك وبالارتباط بصحبة صالحة تعينك على الخير، وملء وقتك بالمشاريع النافعة التي تستهلك طاقتك وتفكيرك، ووضع برنامج جاد للقراءة المفيدة النافعة، والدخول في برامج تطوير الذات، واكتساب المهارات مع تقوية صلتك بربك بالمحافظة على الأذكار وسنن الصلوات، وصوم النوافل، وقراءة القرآن. وفقك الله وتولاك.

انقلب التعارف إلى حب

انقلب التعارف إلى حب المجيب د. فؤاد العبد الكريم العبد الكريم عضو هيئة التدريس بكلية الملك فيصل الجوية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 1/6/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. منذ حوالي سنتين تعرفت على شاب من بلدنا على الإنترنت، وكان تعارفنا من أجل وازع ديني، ولكن انقلب التعارف إلى حب، حب أخفيته ولم أصارحه به، ولقد حاولت من خلال دردشتنا على الإنترنت ألا أسمح له بقول ما يغضب الله، وإن لم أفلح أحياناً، أحببته دون أن أراه، وكوني أعرف أن هذه طريقة خطرة، دعوت الله كثيراً أن يرشدني إلى الصواب، ونتيجة لكلامي الكثير معه عن خطأ ما نفعل، وخوفي من أن يخدعني، وخصوصاً بعد مصارحته لي برغبته في الزواج مني، ولكن دون أن يقدم على أي خطوة إيجابية منه، وهذا ما زاد شكوكي وخوفي، وانفصلنا بعد ذلك بعد أن ملَّ من أسلوب حديثي معه بخصوص غضب الله وما شابه والله أعلم، بعد حوالي السنتان كلما أذكره أبكي بشدة، وأحس بشوق له، ومن جهة أغضب من نفسي، كيف وأنا الملتزمة سمحت لنفسي بذلك أن يحدث؟! لا أعرف كيف أتخلص من عدة أحاسيس تنتابني، ومنها ندمي أحياناً على أسلوبي الجاف معه ومنه خوفي من الله ومنه، أريد أن أعرفه، أعرف أن سؤالي ربما يكون غير واضح أو غير كامل التفاصيل، ولكن هل لي بكلمة توقظني من وهم اسمه الحب. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ د. فؤاد العبد الكريم الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فأنصح جميع - الأخوات الفاضلات- بعدم التخاطب والدردشة عن طريق الإنترنت أو غيره مع الرجال، إلا في حدود ضيقة جداً؛ لأن هذه الدردشة قد تبدأ بريئة، بل من أجل الخير، ثم تنتهي نهايات مأساوية محرمة. وما ذكرته السائلة يؤكد هذا الأمر، فقد بدأت العلاقة بوازع ديني، ثم وصلت إلى حب مزعوم، ثم وعد بالزواج، دون خطوات حقيقية، ثم انتهى بالانفصال، ولا أرى هذا الشاب إلا ماكر خداع، أراد أن يوقعك - أختي- السائلة في شباكه، ولما عرف منك الالتزام والخوف من الله ترك الاتصال بك! بعد أن تلاعب بعواطفك وزعمه حبه لك، فأرى أيتها - الأخت الفاضلة- أن تنسي ذلك المخادع، وأن تستغفري الله -تعالى-، وألا تكرري الأمر مرة أخرى، وألحي على الله - تبارك وتعالى- بالدعاء أن يرزقك الزوج الصالح، واصرفي وقتك فيما يفيد. سدد الله على طريق الخير خطاك، والله أعلم.

لقد ابتلاني الله بحبها

لقد ابتلاني الله بحبها المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 27/12/1424هـ السؤال جزاكم الله خير واثابكم وادخلكم جناته انا شاب ابلغ من العمر 25 سنه وقد تعرفت على انسانه وبلاني الله بحبها ولم اجد وسيله للفراق عنها حاولت بشتي انواع السبل الخلاص منها ولكني لم استطع فاستشرت اهلي بخطبتها ولكنهم رفضوا علما انني لم اقطع الاتصال معها يوميا فافيدوني جزاكم الله خير اااا الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- أما بعد: إلى الأخ خالد الجهلاني - سلمه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعد قراءة رسالتك أقول بعد عون الله -تعالى-: 1- عليك بقطع الاتصال بهذه الفتاة في الوقت الحالي؛ حتى ييسر الله أمرك بالزواج منها. 2- إذا كانت هذه الفتاة صاحبة دين وخلق، واستقامة، فعاود الكلام مع أهلك؛ حتى ترتبط بها، وإن كانت غير ذلك، فعليك أن تحرص على ذات الدين كما أوصى بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه. 3- عليك بكثرة الدعاء والذكر والاستغفار، فهذه الأشياء وغيرها من الطاعات سبب في تيسير الأمور. 4- عليك ببر والديك، والسمع والطاعة لهما، وسيعوضك الله خيراً مما فقدت لبرك بهما. 5- ننصح بقراءة كتاب الجواب الكافي والمسمى كذلك، باسم: (الداء والدواء) ، وكذلك كتاب روضة المحبين كلاهما للإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-. 6- عليك بالاستخارة قبل إقدامك على هذا الأمر الهام. هذا، والله أعلم، والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ترفض الزواج من ابن خالتها لأنها....

ترفض الزواج من ابن خالتها لأنها.... المجيب.......... التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب التاريخ 8/6/1424هـ السؤال كنت أعتبر ابن خالتي أخاً لي، وعندما فاتحني في الارتباط كنت مستعجبة، ولكن بضغط أهلي وافقت وقرأت فاتحتي عليه، ولكن لم أكن مقتنعة به وعندما سافرت إلى أحد المصايف قابلت إنساناً ذا خلق ودين، وأعجبت به كثيراً وأعجب بي وكلم أهلي علي وأنا الآن في حيرة من أمري مَنْ أختار، وأهلي متمسكون بابن خالتي ويضغطون علي بالموافقة، وأنا لم أستطع أن أحبه لأني شعرت أكثر بأنه مجرد أخ لا غير، فأرجو إفادتي في أمري بسرعة ولكم الشكر. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ / خالد حسين عبد الرحمن الجواب: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير الخلق قاطبة، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إلى الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نشكر لك ثقتك واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم ونتمنى منك مداومة الاتصال بالموقع ومراسلته. قد قرأت رسالتك أكثر من مرة وعلمت أنك في حيرة من أمرك، ولكن قبل أن أشرع لك في الإجابة على سؤالك أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات عسى الله أن ينفعك بها، فارعني سمعك يا رعاك الله. أولاً: كونك ذهبت إلى المصيف أنت وأهلك وتقابلت مع هذا الشخص الذي زعمت أنه صاحب دين وخلق، من أين لك معرفة هذا كله، وأنت لم تتعرفي عليه إلا من مدة يسيرة جداً لا تستطيعين من خلال هذه الفترة الوجيزة أن تكتشفي كل عيوبه ومزاياه. ثانياً: من أجاز لك الذهاب إلى هذا المصيف فإن هذه الأماكن مليئة بالشر من تبرج النساء واختلاطهن بالرجال، ويحدث فيها من المفاسد ما لا يخفى على أحد، فيجب عليك وعلى أهلك أن تتقوا الله ولا تذهبوا إلى مثل هذه الأماكن إلا إذا أمنتم الفتنة وأظن ذلك لا يحدث "ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه" جزء من حديث متفق عليه من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -. ثالثاً: من أجاز لك أن تقابلي هذا الشخص وتتحدثي معه وأكيد أن ذلك حدث في خلوة بينك وبينه، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، ولا أريد أن أدخل معك في تفاصيل ما يحدث في الخلوة بين الشاب والفتاة. فعليك أيتها الأخت المسلمة أن تبادري بالتوبة إلى الله من كل هذه المخالفات الشرعية والتي وقعت فيها، نسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يوفقنا وإياك لكل خير وبر ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر اللهم آمين. أما وقد حدث المحظور، وقد وقعت في حب هذا الشاب، مع وجود صدود منك لابن خالتك وشعورك نحوه بأنه مثل أخيك فعليك الآتي: 1. عليك بصلاة الاستخارة في أمرك هذا، وبعد ذلك استشيري أهل الخبرة والصلاح والصدق والأمانة، وانظري ماذا يشيرون عليك به. 2. إذا كان ابن خالتك فيه دين وخلق فلا بأس بالارتباط به، ومسألة الحب ربما تأتي بعد ذلك مع حسن العشرة وغيرها. 3. عليك بعدم عصيان أهلك، ومناقشتهم بالتي هي أحسن، لأن أهلك يحبون لك الخير، وهم ما اختاروا لك ابن خالتك إلاّ حرصاً منهم على مصلحتك فارفقي بهم.

4. إذا لم تجدي استجابة من نفسك والقناعة من أن يكون ابن خالتك هذا زوجاً لك، فالأولى عدم إتمام هذا الزواج لأن مآله إلى الفشل، وتكون المصيبة أعظم، وقد شاهدنا مثل ذلك كثيراً. 5. عليك أن تصارحي أقرب الناس إليك من أم أو أب أو أخ أكبر أو أخت أو من تثقين به بكل ما يدور بخاطرك تجاه هذا الموضوع الهام، وأنك غير مستعدة لإتمام هذا الزواج، وأنك تخشين عواقب وخيمة إذا تم الزواج بهذه الصورة وأنت غير راضية. 6. لا يمنع أن تكلمي ابن خالتك بشرط وجود محرم معكما وتصارحيه بكل مشاعرك وأحاسيسك تجاهه وأنه بالنسبة لك لا يعدو أن يكون أكثر من أخ، وأخ فقط، وأنا أظن أنه سيقتنع بذلك، ويدعو لك بالتوفيق في حياتك مع من يقدره الله لك إن شاء الله سبحانه. 7. وفي الختام أقول لك عليك بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله واسأليه سبحانه أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الرضا بما قسمه لك سبحانه، فهو أعلم بما يصلحك في دنياك وآخرتك، هذا والله أعلم وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

خطأ سببه الأهل

خطأ سببه الأهل المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى التاريخ 24-2-1424 السؤال أنا فتاة نشئت بحمد الله نشأة طيبة ومتدينة وأحفظ ما يقارب نصف القرآن ومتخرجة من كلية شرعية. مشكلتي بدأت مع أهلي الذين يرفضون كل من يتقدم إلى خطبتي، حتى جاء اليوم وتقدم إليّ شاب ووافق الأهل وكان لي معه مهاتفات للتفاهم حول أمور الزواج، ثم حصل بعد زمن أن رفض أهلي هذا الشاب من دون ذكر أسباب واضحة، ولكنه هو كان متعلقاً بي كثيراً ورفض الاستسلام إلى أن حصل بيني وبينه لقاء وحصل اتصال وعلاقة محرمة من دون جماع كامل. أنا الآن نادمة وتائبة ولا أعلم كيف حصل هذا معي وألوم أهلي كثيراً حين منعوني حقي في الحياة. أنا خائفة جداً من ربي وكيف ألقاه بهذا الذنب وهل يقبل توبتي وندمي؟. الجواب أختي الكريمة أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: أذكرك أختي الكريمة بقوله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) وقوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم [من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر] .وفي رواية: [وإن فر من الزحف] وقوله صلوات الله وسلامه عليه [ ... واتبع السيئة الحسنة تمحها ... ] الحديث. ولذلك فعليك بالتوبة والاستغفار فقد قال تعالى على لسان نوح عليه السلام مخاطباً قومه (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً) . ثانياً: احمدي الله - أختي -إن انتهى الأمر عند هذه الحد ولم يتجاوزه إلى ما هو أخطر منه " واعتبري هذه تجربة مؤلمه استفيدي منها واحذري أشد الحذر من أن تنساقي وراء أيٍّ كان ولأيِّ سبب كان.. فالعاقل من وعظ بغيره!!! والتوبة تجب ما قبلها. ثالثاً: أكثري أختي الكريمة من الدعاء بأن يوفقك الله ويحرسك من كل سوء وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يدلك على الخير ويعينك عليه.. وثقي أنك مطالبة بفعل الأسباب والاتكال بعدها على رب الأرباب الذي خلقك من عدم وكتب لك رزقك ونصيبك وأجلك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما جاء في الحديث الصحيح. وتحري في دعائك مواطن الإجابة كالسجود وآخر ساعة من يوم الجمعة وفي ثلث الليل الأخير. رابعاً: يمكنك أن تسرِّي إلى والدتك أو أحد أقاربك لكي يفاتح والدك أو وليك بمسألة الزواج وعدم رفضهم للمتقدم واحرصي رعاك الله على من ترضين دينه وخلقه ليكون لك عوناً على الخير. وفقك الله وحماك من كل سوء وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

الإعجاب والتعلق

اجتهدت في إرشادهنَّ فتعلقن بي! المجيب هياء الدكان التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 29/04/1427هـ السؤال أشرف حالياً على قسم الاستشارات النفسية في أحد المنتديات، وتواجهني مشاكل نفسية لفتيات في سن المراهقة ناتجة عن حرمانهن من حنان الأم! أيضا أقوم بنفس الدور لبعض زميلاتي اللاتي يعانين من نفس المشكلة، وأحاول دائماً دعمهن معنوياً كي يستطعن تجاوز أزماتهن. لكن للأسف وجدت بعض الفتيات يتعلقن بي ويستبدلنني بمكان أمهاتهن, وأيضا ينادينني بكلمة الأم! علماً أني لا أبين لهن عاطفة زائدة، ولا أشعرهن باهتمام زائد فقط أقوم بتوجيههن والسؤال عنهن من فترة لفترة. أعلم أن الفتيات في هذا السن يتعلقن بأي إنسان يبدي لهن التوجيه، أو الاهتمام، لكن ما السبيل إلى نصحهن وإرشادهن، ودعمهن معنوياً، دون أن يسبب ذلك تعلقهن بي؟ الجواب إلى الأخت الفاضلة التي اهتمت لهموم الآخرين، وجعلت من نفسها الكريمة مجالاً لتنفيس شكوى أخواتها، وبث همومهن ومشاعرهن، اعلمي أختي أن (البلاء) من الله جل وعلا الكريم الرحيم وهو أعلم الناس بخلقه وأرحم بعباده منّا، بل وأرحم بهم من الأم على وليدها، ولا يقدر سبحانه إلا خيرا، كما أن الابتلاء بل وحتى الهم يؤجر عليه الصابر "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رواه مسلم (2999) ، فاحتسبي يا أختي في عملك ولكني أنصحك أن يكون بحدود، فدورك عظيم، وهو التنسيق للاستشارات وأخذ المواعيد وإيجاد الطريقة المناسبة لاتصال صاحبة المشكلة بالمستشارة، فعملك هذا جليل بل هو نصف العمل الذي تقوم به المستشارة فبدونك لن تتم الاستشارة، فاعملي على القيام بدورك هذا دون زيادة حتى تنجزي وتستطيعي الاستمرار، وتذكري أن لكل إنسان قدرة، فالمستشارة مؤهلة ولديها خبرة كبيرة في مجالها فلا يؤثر عليها -غالباً- سماع الشكاية وأحوال الناس والمآسي التي يمرون بها، لكن أنت إذا قمت بدورها لن تستطيعي إكمال المسير بل تستمر معك المعاناة والمشكلة حتى تعيشي معها، وقد تنعكس عليك كما حدث الآن فتوقفي إلى حد سماع نوع الشكوى فقط هل هي مرضية، زوجية، تربوية ... ؟ وهكذا دون أخذ تفاصيل، ودعي المستشارة تكمل العمل الذي بدأت فيه أنت، نريدك كما بدأت قوية تستمرين، وستجدين الثمرات -إن شاء الله- لما بذرتيه أنت فلقد وصفت أول بذرة نافعة بتقبلك بقلب حنون، وأذن صاغية، وترحيب بالمتصلة، وإشعارها بأهميتها، وأنك ستجدين -بإذن الله- من يساعدها، ويعبر بها إلى شاطئ الأمان والله يحفظك ويبارك فيك، ويجعلك قدوة مباركة أينما ذهبت وحللت.

انقذوني من خالي!

انقذوني من خالي! المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 03/04/1427هـ السؤال مشكلتي مع خالي، سأحكى لكم القصة من بدايتها: أولا: خالي هذا هو أخ أمي من أبيها فقط، في البداية كنا نسمع عنه فقط، فنحن لم نذهب لزيارتهم منذ ولادتي، وهم لم يأتوا لزيارتنا، إلى أن جاء يوم، سمعت فيه الجميع يتحدثون، ويقولون: (سوف يأتي خالكم لزيارتكم) كان ذلك وأنا مازلت في الصف الثالث المتوسط، وكان خالي في الصف الثاني الثانوي، وعندما جاء لزيارتنا في المنزل كنت متخوفة من لقائه، لكن عندما نظرت إليه ارتاحت نفسي، وهدأ قلقي، وعندما جاء موعد رحيله عنا طلبت منه طلبًا، حيث قلت له: أريدك أن تصبح أخي الأكبر؛ لأنني ليس لدي إخوة من الذكور، فقال: حسنًا عزيزتي؟ لا أستطيع أن أشرح لك كيف كان شعوري في تلك اللحظة، كدت أطير من الفرح، لقد أصبح عندي أخ أكبر مني، وأحببت خالي على هذا الأساس، أحببته حبًا أخويًا، لكنه عندما زارنا في المرة الأخيرة تغيرت نظرته إلي، فلم يعد ينظر لي على أنني شقيقته أو ابنة أخته، بل أصبح يعاملني وكأنني خليلته، بل عشيقته! يطيل النظر إلي دائما، يقبلني كثيرا، يضمني إلى صدره كثيراً وبدون سبب، يقول لي: أنا لا أستطيع العيش بدونك، أصبحت أخاف منه كثيرًا، حتى إن أمي لاحظت الوضع ووبختني، فقلت لها أنا لا أعرف لماذا يتعامل معي هكذا. المهم بعد سفره أصبح يكلمني على جوالي يوميا، ويقول لي كلاما غريبا، لقد صار يرسل لي رسائل عشق لا تليق. فأرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت السائلة الكريمة: زادك الله حرصًا ونفع بك. قرأت مشكلتك، وفهمت ما جاء فيها، وتفهمت ما تعانينه من مشكلة متداخلة، ورثيتُ لحال الرجولة حين يتحول الحارس إلى لص. الأصل أن تبدأ العلاقة بين المحارم في وقت مبكر، فيتعامل بعضهم مع بعض بمسؤولية وعلاقة رحم وغَيرةٍ، ولا تتطرق إليها خطرات الشهوة؛ لمنافاة ذلك للفطرة والجبلّة، وفي قصة الأخت السائلة اجتمع أمران أفسدا هذه الطبيعة: 1- أن اللقاء بين القريبين تم على حين كبر من الطرفين، ولم ينمُ نموًّا طبيعيًا، فأصبح الشاب ينظر إليها كأنها أجنبية لا يستشعر الرحم بينهما. 2- أن الخال وقعت عينه على الفتاة حين بدوّ أنوثتها، وهجوم طيش المراهقة عليه، التي يصاحبها شهوة أعنف ما تكون، وربما يكون الخال مرّ في فترة سابقة بسلوك منحرف زاد من فرص النظرة السيئة التي أصبح ينظر بها إلى السائلة. لقد بدأت بذرة النظرة السيئة تنمو لديه في وقت مبكر، حين كانت هي تسقي (ببراءة) تلك النظرة المنحرفة، من خلال تواصلها معه، والرسائل التي تعبر فيها عن محبتها له، فيقرؤها بصورة مشوهة بسبب غشاء الهوى، ويتوهم علاقة غرامية بينهما، ثم كان اللقاء الذي حول الخيالات إلى حقيقة، وتحول النظر إليها من صورة في الذهن إلى واقع، فتوقع أنه سيجد الوهم الذي كان غارقًا فيه، وأنا أحيِّي في الفتاة ثباتها وعدم انجرارها مع مشاعرها الفطرية، عصمها الله من كل سوء. تتلخص المشكلة فيما يلي:

§الشاب خال يمكنه النظر للفتاة والخلوة بها. §على الشاب مؤشرات سلوك منحرف. §الفتاة تحبه (حبًا أخويًا) . §تريد الفتاة حلاً، وتشترط ألا يكون على حساب جرح كرامته!! في المثل الصحي المشهور: "الوقاية خير من العلاج"، وفي القواعد الفقهية (الدفع أسهل من الرفع) ، وهو ما يتعين علينا فعله، على الأخت السائلة أن تتبع الخطوات الآتية: 1- على الفتاة أن تقطع الاتصال به، مهما كانت وسيلة الاتصال، ومع ما في هذا القرار الصعب من مرارة على الفتاة؛ فلا بدّ أن تتحمله لصالحه ولصالحها، لأن انقطاعها عنه سيخفف من غلواء مشاعره تجاهها، ويعيده إلى جادة الصواب بإذن الله. 2- تتجنب الفتاة الخلوة به إذا حضر لزيارتهم، ولو كانت لدقائق، ولْتحرص ألا يكون بينهما أية أحاديث (فضلاً عما هو أكثر من ذلك) إلا بحضرة آخرين راشدين. 3- أن تبدو بحضرته أكثر استتارًا من المعتاد مع محارمها، فتختار من ملابسها القميص الذي تغطي أكمامه كامل ذراعيها، ولا يبقي إلا قدرًا يسيرًا جدًا من صدرها، وتضع فوق رأسها طرحة أو منديلاً لتخفي جاذبية شعرها، ولو لم يصل الأمر إلى حد التحجب؛ وكل ذلك يحمل رسالة هو يفهمها (دون أن تجرح كرامته) ، كما قال الله تعالى: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) ، ومعنى الآية: ذلك أحرى أن تعرف النساء بعفتهن فلا يصل إلى أيٍّ منهن أذى. وفي ذلك منفعة أخرى وهي أن تسهم الفتاة مشكورة في قطع أسباب الفتنة التي تأججت في صدره. 4- أن تتجنب الجلوس مقابلَ الخال (فضلاً عن جانبه) ، بل تختار الجلوس في الناحية التي يصعب عليه رؤيتها إلا بتكلف. 5- أن ترسل له نسخة من كتاب (كيف تواجه الشهوة، حديث إلى الشباب والفتيات للشيخ محمد الدويش، وهو موجود بكامله على الرابط (كيف تواجه الشهوة، حديث إلى الشباب والفتيات) ؛ لتسهم في إعادته لجادة الصواب، ولكن دون أن تقدم رسالتها (أو أية رسالة أخرى) بعبارات المودة والحب الأخوي؛ فليس المقام مناسبًا للتصريح بهذه المشاعر، ولو كانت صادقة وبريئة، لأنه قد لا يفهمها على وجهها العفيف. ولتحتفظ دائمًا بنسخ من تلك الرسائل احتياطًا للمستقبل. 6- إذا لم تُجدِ المحاولات السابقة، فلتطلع والدتها على ما يجري، ولتطلعها على رسالتها التي أرسلتها إليكِ، والرسالة التي تلقتها منكِ، ورسائل المناصحة التي بعثت بها مصحوبة بالتاريخ الفعلي، ثم لتصغِ إلى نصائح أمّها إذا كانت في اتجاه يحميها، وإلا فلتستنجد بوالدها، ولتطلعْه على ما أطلعتْ عليه والدتها. وثمة خطوات أخرى أرجو ألا تكون بحاجة إليها، لكن على الفتاة أن تراعي نصائح من نوع آخر، وهي على النحو الآتي: أ- أن تعمل على تقوية شخصيتها، وتدرب نفسها على ما يسمَّى سلوك (الرفض) فتعبر بشجاعة ووضوح عن موقفها الرافض لأي تصرفات مشينة أو محرمة أو تؤدي إلى محرم. ب- أن تدرب نفسها كذلك على أن تكون هي أقوى من مشاعر الحب التي تكنُّها لخالها ما دام أن مشاعره هو لا تسير في الاتجاه الصحيح؛ ولتحاول أن تتناساها حتى يعود الخال إلى رشده، وإلا فإنه لا يستحق المحبة التي منحتها له. جـ- أن تكون واعية بحقيقة المحبة التي تجدها تجاه خالها، فإن الإنسان قد يختلط عليه بعض المشاعر الوجدانية؛ لأسباب متعددة. فقد تكون مشاعر المحبة التي تجدها الفتاة خليطًا من مشاعر المحبة الفطرية، مع مشاعر الانجذاب لجنس الرجل، مع مشاعر البحث عن الصداقات الحميمة التي تنمو عادة في المرحلة المتوسطة والثانوية. حمى الله الفتاة، ورزقها الثبات والعفة، وهدى خالها إلى جادة الصواب. والحمد لله رب العالمين.

تعرفت عليه.. وعلاقتنا جادة، فما المحظور؟!

تعرفت عليه.. وعلاقتنا جادة، فما المحظور؟! المجيب سميرة حمزة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 19/02/1427هـ السؤال أنا شابة مسلمة أقيم في بلاد الغرب. أصلي وأقرأ القرآن لكني لست محجبة، فأنا أتابع دراستي، وأخاف ألا يتقبل المجتمع تحجبي وبالتالي يضيع مستقبلي المهني. لذلك أجَّلت التوبة الفعلية إلى حين عودتي إلى بلدي، لكن الأمر يتطلب وقتاً فماذا أفعل؟ مشكلتي الأخرى أنني تعرفت على شاب عن طريق الشات، وقد تطورت علاقتنا، فهو خلوق ومتدين وخجول، ينصحني بالحجاب والحياء، وهو يعيش في بلد آخر فنتكلم أحياناً بالهاتف، ويجمعنا الاحترام والمودة. العلاقة بيننا جادة، وأنا لا أريد أن أخسره لأنه إنسان جيد. أرشدوني. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد ذكرت في خطابك أنك فتاة مسلمة ملتزمة بكافة أوامر الشرع ما عدا الحجاب الذي تقرين بوجوبه على كل مسلمة، وأراك -يا أختي- قد وضعت يديك على موضع الجرح، فالشيطان حريص على إهلاك بني آدم، ولذلك يوسوس لك بأن ارتداءك للحجاب سوف يؤثر على مستقبلك المهني، ويخوفك بنظرة المجتمع لك، وهذا كله من كيد الشيطان وتدليسه. ونصيحتي لك -يا أختي- أن تحذري من وساوس الشيطان، وتتمسكي بما أمرك الله به دون النظر إلى المخلوقين، وتذكري قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن طلب رضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس" ثم يا عزيزتي من الذي ضمن لك المستقبل المهني الذي تتعلمين من أجله، وتتخوفين من الحجاب لأجله؟! فنحن لا نضمن أشياء كثيرة قد تقف عائقاً أمام طموحاتنا وأحلامنا، ولكن الشيء الوحيد الذي نضمنه هو أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وأن الله إذا أحب العبد حبب فيه عباده، ويسَّر له أموره وبلغه مراده. أما القضية الثانية التي طرحتيها، وهي علاقتك بشاب عن طريق الشات، فالذي أراه أن مثل هذه العلاقات لا يمكن الاطمئنان لها، وهي ذات خطر كبير؛ حيث لا يمكن معرفة حقيقة هذا الإنسان الذي تتكلمين معه عن طريق الشات. وكم من المشكلات التي وقعت نتيجة لمثل هذه العلاقات، ولا أدري ما الفرق بين الفتاة التي تتعرف على شاب عن طريق الهاتف، والتي تتعرف على شاب عن طريق الشات، ولو قدر الله أن تتوج هذه العلاقة بالزواج فسيعتريها نفس المشكلات التي تعتري العلاقات التي تبدأ بداية خاطئة. أختي الحبيبة، أو بمعنى أصح بنيتي، نصيحتي لك بأن تعيدي الأمور إلى نصابها؛ (ليتوجه هذا الشاب إلى أبيك ويتقدم بصورة رسمية؛ حتى تتأكدي من جديته في هذا الأمر، وإلا فالأولى لك أن تقطعي علاقتك بهذا الشاب فوراً. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحفظك ويلهمك الصواب.

حب مثلي

حُبٌ مثلي المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 12/11/1426هـ السؤال لدي مشكلة أعاني منها كثيراً، ألا وهي أنني أحب شخصاً أكثر من حبي لله ولنفسي، فو الله لا أهنأ بنوم، بل لقد نقص وزني كثيراً لقلة الأكل؛ والسبب في ذلك التفكير في هذا الشخص، مع أن عمره مثل عمري، وكلما توجهت إلى الله لم أستمر يوماً أو يومين ثم أعود إلى ما كنت عليه. والله إني أحبه بجنون، بل أحب أن أراه كل يوم، بل كل ساعة. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: أولاً نبارك لك احترامك للصداقة والمحبة، ولكن أرى في نوعية صداقتك منحى لا يتناسب مع قيمنا وما يأمرنا به ربنا عز وجل، ففي ألفاظك بعض المصطلحات التي لا أدري كيف كتبتها، فهل في الكون إنسان أحب للنفس من الله عز وجل؟! معاذ الله- أو من النفس؟ فلا يوجد شخص بهذه الصفة، والمحبة الأولى لله -عز وجل- ثم لرسوله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين والصالحين من عباده. هذه قاعدة رئيسة، أو قيمة كبرى يجب أن تعمل بها إذا كنت من أبناء الإسلام. ثم أجدك -أخي الحبيب- تثقل على نفسك بهذا الحب الذي أثر على صحتك وعلى قيامك بأداء عبادتك، فأي حب هذا الذي تظلم به نفسك؟! ولكن أعذرك -أخي الحبيب- فأنت في سن لا تدرك المنظور الشمولي للسلوك والقواعد الكبرى للحياة، فاسترشد بمن يفيدك في ذلك. وارجع لمن يوجهك للموجهات الكبرى للعلاقة الإنسانية في الكون، فلها حدود لا يجب على أية علاقة تخطيها. ثم إني أراك لديك الكثير من الفراغ لم تستثمره بالطرق السليمة، وهذا الذي أشكل عليك، ووجه تفكيرك لمثل هذا التفكير. فإذا كنت طالباً جامعياً فالمناشط الجامعية كثيرة ومتعددة. ومناشط المساجد كثيرة، والأندية والمراكز الشبابية والصحبة الصالحة كلها قد تعينك على القيام بأداء واجباتك الحياتية الرئيسة لدينك ثم أسرتك ثم صحبتك. أما أن تفكر بهذا التفكير فمن حبي لك أقول: لا أتفق معك على الإطلاق، فانهض بنفسك من الثرى للثريا، وادرس ما يفيدك على الحياة أكثر وأكثر، وأنصحك بالقراءة الفكرية وليست التخصصية؛ ففيها فوائد لإشغال ملكات التفكير، ونوِّع في القراءة لتملأ ذاكرتك بالكثير من المعلومات، اجعل عقلك يشتغل بما يفيد؛ حتى لا يكون فارغاً لتتلقفه الأفكار السيئة. عليك أن تعطي نفسك اعتزازها بذاتها، وأن تسمو بها للأعلى، بدلاً من أن تهينها هكذا من أجل شخص ما، لا تكن عاطفياً فتسكر مثل ما حصل لك.. أسأل الله -عز وحل- أن يشفيك، وأن يوفقك لعمل الخير، وأن يعود الوئام والصفاء لحياتك.

تعلقت بدكتور نصراني ... !

تعلقت بدكتور نصراني ... ! المجيب سلوى بنت صالح بابقي مساعد إدارة النشاط الثقافي بتعليم البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 01/11/1425هـ السؤال أنا طالبة في السنة الأولى الجامعية، قبل فترة قليلة بدأت الدراسة، وانتقلت من جوٍّ لا يوجد فيه سوى مدرسات وطالبات، آخذ راحتي في الأخذ والرد معهن إلى جو كله مدرسين بل وأجانب، ومن غير المسلمين أحيانا، لا أدري كيف أشرح لكم حالي، أشعر أن قلبي يرتاح لأحد الأساتذة الذين يدرسونني، صدقوني سأصارحكم ليس لأوهم نفسي، ولكن لكي تعينوني على تدارك أمري في بدايته قبل فوات الأوان، هو دكتور أجنبي نصراني، وأنا لا أكثر الحديث معه بل في إطار الدرس فقط، ولكن لا أدري لماذا صورته تلاحقني في نومي وفي يقظتي، بل حتى في صلاتي، ربما لو أستطيع الابتعاد عنه قد يزول هذا الشعور؛ لأنني أعرف أنه مجرد شعور عارض سيزول -بإذن الله-، ولكن كيف أبتعد عنه وأنا أراه يومياً لمدة ساعتين متواصلتين، فمادته مقررة علينا يومياً ساعتين، فما العمل إذن؟ لا أريد أن يتلاعب الشيطان بي، ثم إنني يجب ألا أحب إنساناً ليس من ملتي وديني؛ فأنا أحب ديني ولن أجامل فيه، ولكنني أحاول دفع هذه الخواطر دون جدوى، فقدموا لي النصيحة في أقرب فرصة. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم

يا ابنة الإسلام يا أخت العقيدة: قرأت رسالتك، وآلمني الحال الذي تعيشه أخواتنا في بعض الجامعات، كما سرني ما أنت عليه من تعقل واتزان في التفكير، رغم أنك ابنة الثامنة عشرة من العمر، فقولك: أنا أحب ديني ولن أجامل فيه، ويجب ألا أحب إنساناً ليس من ديني، فهذه دلائل خير وصلاح، كما أنك قد أكدت بكلامك من وراء هذه المشكلة، أنه الشيطان، لا أريد أن يتلاعب بي الشيطان ... هنا أقف معك وقفة مناقشة، ما الذي سهَّل للشيطان أن يزين المعصية ويرغبها في القلب؟ أليست البيئة الدراسية التي تعيشينها سبباً رئيسياً؟ فقد خرجت من مدرسة محيطك فيها طالبات ومعلمات، وهذا من دواعي وأسباب حماية القلب والجوارح من أن تقع في معصية الله التي تجر إلى الويلات من خزي الدنيا والآخرة، فإنه الشيطان يكدحنا في الخير والشر، لذا وأنت في عمر الزهور المتفتحة الريانة مطمع لكل مفسد ومضل، من شياطين الإنس والجن، خاصة وإن كنت في المواطن التي تزين المعصية وتسهلها، وتقدم دواعيها وتفتح أبوابها، فهذه هي خطوات عدو الله وعدونا، الشيطان وجنوده، لقد جاء قولك يؤكد ذلك، ربما لو أستطيع الابتعاد عنه قد يزول هذا الشعور، إنه شعور عارض، أنا أراه يومياً ... لذا جاء شرع الله يحرم الاختلاط في جميع المجالات. إن الدراسة ليست غاية في حد ذاتها، بل هي إحدى الوسائل إلى بلوغ غايات أسمى وأجل، فإن وجد ما يخل بأحكام الدين والشرع فلا نساوم على ديننا "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم.." [الأحزاب: 36] ، "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما" [النساء:65] . وأنت بين عدوين، الشيطان، وتزيين المعصية لك، ودكتور (رجل أجنبي) ومن غير دينك، فإن أردت دينك والدار الآخرة فاطلبي العلم في جامعات لا اختلاط فيها، وإن تعذر ذلك، فلك في الانتساب مخرج - بإذن الله- واعلمي أن أمتك أمة التوحيد لا تنتظر لزاما نساء يحملن شهادات علمية حصلن عليها بعد تنازلات لا يرضاها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، ولكن الأمة تفتقر إلى نساء عارفات بأمور دينهن حقاً، لا يساومن في ذلك بأي حال، نساء تقلدن بحق مسؤولية صناعة الأجيال وإخراج عدة الأمة من رجال أمناء على الدين أو أبناء له، وإن هذا الدكتور سيظل أجنبياً بالنسبة لك ولو لم يكن نصرانياً، ولا شك أن ميل أحد الجنسين إلى الآخر هو ميل فطري، إلا أن في ديننا - ولله الحمد- حفظاً لهذا الميل بضابط، ومنهج رباني، فيه السمو والنزاهة والعفة برباط شرعي (الزواج) يتم في العلن لا في الخفاء، وإن من يستحق صفاءك ومشاعرك ومودتك هو من تربطك به هذه الرابطة التي أحلها الله وحرم سواها، بل هو من دينك، فحافظي على قوة الحق في قلبك وصدقي ذلك بفعلك، هنا ستنكسر سهام إبليس وكيده، ووالله إن كيده لضعيف، واختاري المحيط الصالح، ولا تغفلي عن صدق اللجوء والدعاء بإلحاح على رب البريات أن يلهمك الرشد، ويوجد لك المخرج، ويثبتك على دينك، إنه قريب مجيب دعوة الداع إذا دعاه.

هل هذا الحب طبيعي؟

هل هذا الحب طبيعي؟ المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 12/09/1425هـ السؤال أنا أدرس في أحد مراكز تحفيظ القرآن الكريم، ولي صديقة أحبها وتحبني، وما يقلقني أنها أصبحت تستحوذ على كل تفكيري، وأتخيلها أمامي في كل وقت، وأشتاق لرؤيتها إذا ابتعدنا عن بعضنا ولو لفترة قصيرة، هي إنسانة ملتزمة، وأنا أتمنى أن أكون مثلها، وما ألاحظه أنها تحبني بنفس القدر (أحيانا أحتقر نفسي، وأتهم نفسي بالشذوذ العاطفي، وأحيانا أرى أن ذلك شيء طبيعي، وأقارن وضعي بوضع الصحابي الذي من شدَّة حبه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- تمنى أن يقبله، وعندما جاءت الفرصة وقبله على صدره لم ينكر الرسول- صلى الله عليه وسلم- عليه ذلك، ربما لأن هذا الحب حب احترام وإكبار، هذا ما تسمونه بالإعجاب لا، هو حب؛ لأنه يولد الرجفة والارتباك لمجرد رؤيتها، أو الاقتراب منها، وما أريد أن أعرفه هو الحكم الشرعي لهذا الحب وما أسبابه؟، فإذا كان محرماً كيف أتخلص منه؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخت الطالبة: - حفظها الله- ذكرت في رسالتك أنكِ تدرسين في أحد مراكز تحفيظ القرآن، ولك صديقة أحببتها واستحوذت كل تفكيرك، وتسألين الآن كيف تتخلصين من هذا الحب؟ وما هو الحكم الشرعي لهذا الحب؟. عزيزتي الطالبة: الحب الذي وصفتيه مبالغ فيه، فانتبهي فقد يصل بك الاستمرار فيه إلى أمور محرمة، ولا بد أن تتعرفي على الأسباب التي جعلتك تقعين في مثل ذلك حتى تتمكني من علاج الأمر، فالحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، لكن الحب في الله لا يجعل تفكير المحب يستحوذ عليه المحبوب، ويصل إلى هذه الدرجة من التخيل، ويولد اللقاء به الرجفة والارتباك لمجرد الرؤية أو الاقتراب.....إلخ. فإن هذا ليس حباً في الله، بل حب في سبيل الشيطان، ويقع فيه الكثيرات بسبب الفراغ العاطفي الموجود لديهن، فإن لم يكن هناك إشباع للفتاة من والديها بإغراق الحب والحنان عليها، بحثت عنه عند غيرهما، وهذا الجفاف موجود في غالب البيوت، ولذلك تكثر مثل هذه الحالات خاصة في المرحلة المتوسطة والثانوية، حتى بين أهل تحفيظ القرآن، لأننا نقرأ القرآن -للأسف الشديد- بأفواهنا، ولا تتشربه قلوبنا وتعمل به جوارحنا، ولو فعلنا ذلك لأصبح مجتمعنا كمجتمع صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي همومهم أكبر من همومنا، ورجاؤهم دائماً رضا الله - عز وجل- وخوفهم من غضب الله، ولكننا لو جاهدنا أنفسنا فسنصل - بإذن الله تعالى- لهذه المنزلة من السعادة والاطمئنان والاستقرار النفسي، فنصيحتي يا - عزيزتي- لك التالية: 1- البعد تدريجياً عن هذه الصديقة. 2- املئي فراغك ببرامج جيدة تجدين فيها المتعة والفائدة، مثل برنامج لمراجعة الحفظ، دورات في الحاسب الآلي، تفريغ أشرطة مفيدة وإلقاؤها على الطالبات، وهناك برامج جديدة في هوايات معينة، اعتني بهواياتك ونمي مواهبك. 3- اطلعي واقرئي في الكتب التي تناولت موضوع الإعجاب، سواء من كتب السلف أو كتب الخلف؛ ففي ذلك فائدة كبيرة لك. 4-حاولي أن تحضري موضوع الإعجاب ومعالجته، وتلقيه في درس على الطالبات، فكم من الطالبات من يعانين من هذا الأمر. 5- عليك بالدعاء أن يخلصك الله من هذا الأمر الذي استحوذ على تفكيرك، وسيأتي اليوم الذي تضحكين فيه على نفسك، وتحمدي الله على ما وصلت إليه. أسأل الله أن يعينك على نفسك.

معجبة بداعية

معجبة بداعية المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 2/9/1424هـ السؤال أنا فتاة غير متزوجة وملتزمة -ولله الحمد- وأفكر برجل معين وهو معروف بأنه رجل صالح وهو أحد الدعاة المعروفين في هذا البلد، ولكني لا أتحدث معه ولا أراسله ولا يعرف عني شيئاً، فهل يجوز ذلك أم لا؟ وماذا يجب علي أن أفعل؟ جزاكم الله خيراً. الجواب هذا التفكير أمر عارض على الذهن وليس مما تؤاخذين به، ولكن أحب أن أذكرك بأمور مهمة. (1) أن سنك الآن سن توهج عاطفي ربما تتعلق بشخصية ثم تبالغ جداً في التعلق بها، ولكن يتغير هذا بمرور الوقت وتقلب أطوار العمر، وعندما تكبرين قليلاً تتغير آراؤك كثيراً. (2) ليست الشخصية الجذابة عن بعد جذابة عن قرب دائماً، وكثيراً ما يتضح أن من أعجبك عن بعد له وضع وحال لا تلائمك، سواء نفسية أو أخلاقية أو غير ذلك. (3) عليك بالواقعية والبعد عن الخيال الشاطح، فلو فرضنا أن هذا الشخص مناسب بكل المقاييس، فهل يعني ذلك أنه سيلبي رغبتك، وهل سيكون مأوى لكل المعجبات. (4) أنصحك ابنتي بالحذر من الأسباب التي تهيج التعلق، كالنظر إلى الصور والقنوات أو الاستماع إلى الأشرطة والمحاضرات لتحقيق رغبة خاصة، وهي التعلق بشخصية المتكلم فإن هذا ربما انحدر بك إلى أزمات نفسية صعبة. (5) أنصحك أيضاً بالجد في أمورك، وإشغال عقلك وقلبك بالأنشطة النافعة كالقراءة والحفظ ومذاكرة الدروس، والاشتراك في الأنشطة المفيدة في المدرسة ومع الأقارب ونحو ذلك؛ فإن هذا مما يوجه طاقتك وعواطفك بالاتجاه الصحيح. وفقك الله وأعانك وسددك.

كيف أنصح هذه الفتاة؟

كيف أنصح هذه الفتاة؟ المجيب د. شيخة بنت المفرج المفرج عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 21/7/1425هـ السؤال أنا طالبة في الكلية، متزوجة وعندي بنت، عندما ذهبت للتطبيق العملي على التدريس في إحدى المدارس المتوسطة فوجئت بإحدى الطالبات اللاتي درستهن، وقد كانت مشاغبة، وحاولت تنبيهها، لكنها كانت تنظر لي نظرات اشمئزاز، وهي تبلغ من العمر 20 سنة، الغريب في الأمر أنها بعد ذلك تعلَّقت بي تعلقاً شديداً، وأصبحت تأتي لتحدثني في كل وقت، وأنا أحاول منعها بأدب؛ حتى لا أتعرض للإحراج من المراقبات أو المعلمات، وكانت تحضر لي هدايا ورسائل معطرة، وكل ما خرجت من مكاني وجدتها تتلصص وتحاول النظر إلي، وتخرج من الحصص لتمر من أمامي وتنظر إلي، أحسست أنها تعاني من فراغ عاطفي، مما أدى بها إلى هذا الفعل، وهي في مثل هذا العمر، وقد نصحتها بأن هذه الحركات لا تليق، لكنها لم تستمع إلي، تشاجرت أكثر من مرة مع المعلمات لأجل أن تأتي إلي، فهي معروفة بين المعلمات بمشاكلها وكثرة مشاجراتها مع الطالبات والمعلمات، لكن الذي لا يعرفنه أنها فتاة حساسة ورقيقة، رغم أنها ترد على كل من يتكلم معها وبقوة، ولا يهمها أن كتبوا لها تعهداً أو حتى فصلت من المدرسة، فهي لا تحب الدراسة، ولكن أمها تجبرها على ذلك، ومن خلال حديثي معها اكتشفت أنها غير ملتزمة بتاتاً، لا بالحجاب، ولا باللبس الشرعي، ولا بقصات الشعر، وهي تفتخر بذلك، حيث تعتبر الالتزام بالحجاب والملابس المحتشمة عادات وتقاليد، فقد كانت تسكن خارج المملكة في بلد غير ملتزم، وكانت المدة التي قضيناها في المدرسة أسبوعين فقط، لكنها أحبتني حباً شديداً، وقد حاولت المراقبات منعها من الحديث معي، فأعطتني رقم هاتفها، وقد وافقت على أخذه وكلمتها؛ لأنني أريد مساعدتها وإنقاذها مما هي فيه من الضياع، فهل ما فعلته صحيحاً؟ وكيف يمكن أن أنصحها بأسلوب متدرج؟ هل أخرج معها إلى أماكن عامة، وأهديها أشرطة، وأكلمها بشكل مستمر؟ أم أبتعد عنها وأحذر منها؟. الجواب اختي الكريمة: سلام الله عليك ورحمته وبركاته. وبعد: فأهنئك على نيتك الطيبة باستصلاح هذه الإنسانة، وتذكري قوله تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" [العنكبوت:69] ، وإليكِ هذه الخطوات المقترحة؛ لعل الله ينفع بها: 1- ألحي في الدعاء بأن يهديها الله ويصلح من حالها. 2- لا تقدمي على أي تصرُّف معها إلا بعد الاستخارة. 3- أنصحك بعدم الخروج معها إلى الأماكن العامة؛ لأنه قد يترتب على ذلك مفاسد، مثل: التعلق المفضي إلى الشذوذ، نسأل الله السلامة والعافية، وتبرجها الذي قد يؤثر على سمعتك. 4- اجعلي اتصالك بها يكون بعد دراسة مكتوبة للنقاط المراد مناقشتها في المكالمة؛ حتى لا تضيع المكالمة فيما لا ينفع. 5- حاولي ربطها بكتاب الله؛ لتستغني به عما يغضب الله. 6- انصحيها بصيام الأيام الفاضلة؛ فهذا يخفف من حدة الفراغ العاطفي عندها.

7- أشيري عليها ببعض الأشرطة التي تتضمن ما يرقِّق القلوب، كشريط (المحرومون د/ إبراهيم الدويش) ، (يا سامعاً كل شكوى، د. إبراهيم الدويش) ، (المشتاقون إلى الجنة) د. محمد العريفي، (الحجاب أو النار) للشيخ المنجد، (رحلة إلى الدار الآخرة) د. أحمد المورعي، وغيرها كثير. 8- داومي على تذكيرها بأوقات البرامج المفيدة والنافعة في الإذاعة أو قناة المجد. 9- أشعريها بأن ما تقومين به رغبة في إنقاذها من النار، والاجتماع بها في الجنة. 10- ذكِّريها بقصص الموتى، وحسن خاتمة أهل الخير، وسوء خاتمة أهل الشر، وهناك كتب في ذلك كثيرة. نفع الله بك، وجعلنا وإياك مفاتيح للخير مغاليق للشر.

هل هذا حب في الله أم تعلق قلبي؟

هل هذا حب في الله أم تعلق قلبي؟ المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 9/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة أحب إحدى صديقاتي في الله حباً شديداً، فأحب منها طاعتها لله التي ألاحظ أنها كثيرة ولله الحمد، وهي متدينة وتشجعني على فعل الطاعات, وأنا أجاهد نفسي، ليكون هذا الحب خالصاً لله، وأخشى أن يتغير هذا القصد، ولكن عندما لاحظت هذه الأخت حبي لها وجدت منها بعض التصرفات التي أقلقتني، مثل أنها تكثر إمساك يدي وضمي إليها والقبلات، وأخبرتني أنها تحبني في الله، وأنها تشعر أني ابنتها، وتريد أن تضمني مثل الطفل الرضيع، وأشكو لها همومي حتى أستريح، فأنا في قلق وهم شديدين، هل هذا حب في الله أم تعلُّق؟ وماذا أفعل؟ وإذا كان تعلقاً كيف أعالج هذا؟ وهل أتركها، وإن تركتها فيمكن أن تعود لتلك التصرفات مع غيري، فأنا أريد مساعدتها؛ فهي حبيبتي وأختي في الله، هل أتركها لمثل هذا الفعل؟ أشيروا علي وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخت أمة الله: ذكرت في رسالتك إعجابك بصديقتك وإعجابها بك، وتسألين هل هذا حب في الله أم تعلق؟ والوصف الذي ذكرتيه لهذا الحب يدل على أنه تعلق، وقلقك يكفي لهذا التفسير، كما أنه من الواضح من البيانات المسجلة أن عمرك فوق العشرين سنة، فكيف تعتبرك صديقتك ابنة لها، وكم عمرها إذاً؟!. حيرتك في ماذا تفعلين، يبدو عليك استطاعتك تركها وهذا جيد، ولكنك تخشين أن تعود بتلك التصرفات مع غيرك. أولاً: اعلمي يا - عزيزتي- أن هذا الأمر شاع كثيراً بين أوساط الشباب، وكذلك الفتيات، وغالباً ما ينتشر بين من لديهم فراغ عاطفي ونقص في الحنان، كما يقع فيه من يعاني من الإهمال، ويفتقد التوجيه الأبوي الحاني، لذا عليك مسؤولية كبيرة في معرفة الأسباب، حتى تتمكني من علاج هذا الأمر. ثانياً: حاولي القراءة حول هذا الموضوع، واستمعي للأشرطة السمعية والمرئية التي تحدثت حول الإعجاب؛ حتى تتمكني من المساهمة في القضاء عليه.

ثالثاً: حاولي الصمود وعدم الاستسلام لحركاتها، واظهري لها انزعاجك من هذا التميع، واحتقارك لمن يتصرف هذه التصرفات الشاذة، ولا تستخدمي التصريح في أسلوبك إلا إذا رأيت أن التلميح لم يعد نافعاً في تماديها في بعض حركاتها، وبإمكانك انتقاد حركات الفتيات الشاذات حتى تفهم تلميحاً، وذلك الأسلوب أفضل من الأسلوب المباشر والتجريح، كوني قوية ومحترمة في موقفك، وافهميها أن الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، والمتحابون في الله على منابر من نور يوم القيامة، لكن المتحابين في الله ليس لديهم هذا التميع والهيام، وعلامتهم التناصح في الخير، بل إنهم يعرفون أخطاء بعضهم، ويخدم بعضهم بعضا، ويحب بعضهم لبعض الخير، ويكره له الشر ويرده عنه، وكم أتمنى أن تلقي درساً حول هذا الموضوع وتحذري الفتيات، وتكون هي من الحاضرات تستمع لك، وأن تأتي بأمثلة مشوقة تدلل على سخف هذا الإعجاب، وتفرقي في هذه الأمثلة بين الحب في الله والحب في سبيل الشيطان (الإعجاب) ؛ لأنه مما عمت به البلوى، كما ذكرت لك في بداية حديثي معك، كوني فعالة في مجتمعك ومدرستك وعملك، وسيعود نفعك للآخرين بالخير عليك أولاً، فتعزز أفكارك وتقوى شخصيتك، وستستقر نفسيتك، ويحصل لك الاطمئنان والرضا عن نفسك بدل احتقارها، وكل ذلك إذا أخلصت النية لله - عز وجل- في جميع تصرفاتك. أعانك الله على إيجاد الحلول المناسبة، ووفقك لكل خير.

صديقي فيه رقه!!!

صديقي فيه رقه!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 27/9/1422 السؤال أخي مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد.. أعاني منذ مدة من مشكلة تجاه صديق لي وهي أني أشعر تجاهه أحياناً بلذة بسبب كونه رقيقا، وفيه بعض الشبه بالنساء، ولكن كما قال لي هو لا يفعل ذلك عن قصد.. فماذا أفعل؟ هل أهجره بعد كل هذه السنوات من التعاهد والأخوة في الله؟ الجواب أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما. استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: لم أفهم " معنى الّلذة " التي تذكرها وتشعر بها حيال صديقك.. هل هي حسية أم معنوية؟! وكيف تشعر بها، وهل صارحته بذلك حتى يخبرك أنه لا يفعل ذلك عن قصد؟! ثانياً: هناك تناقض بين أخُوتَك له في الله، وشعورك تجاهه باللذة..!!! أرجو أن لا تخلط في الأمور..!! فإن كان شعورك تجاهه قد سبق أخُوّتَك له.. فذلك لعمري "مصيبة"!! لأننا هنا غلفنا رغباتنا وملذاتنا بغلاف مقبول، وقناع شرعي وهو " الأخوة في الله "!! وإن كانت الأخوة قد سبقت ذلك الشعور " الشاذ " فالمصيبة هنا أعظم..!! إذ انحرف الهدف السامي، وبدأ يأخذ منحى آخر.. يتمثل في هذا الشعور باللذة!! ثالثاً: لذلك كله فأنت هنا الحكم، ويقيني وثقتي - أخي الكريم- بعقلك هي التي جعلتني أصدق معك، وأضع النقط فوق الحروف.. أنصح هذا الأخ بتغيير سلوكه وعنفه، ولا تكثر من مجالسته، وجاهد نفسك واحذر كيد الشيطان، واستعذ بالله منه. فالأمر خطير!! رابعاً: لم تذكر لي عمر هذا الأخ، ولا مرحلته، ولذلك فإني اقترح أن تحيطه بأناس اصغر منه، وتكثر من نصحه في هذا الشأن للتخلص من هذا الأمر. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

الصداقة والحب العاطفي

الصداقة والحب العاطفي المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 10-11-1423 السؤال لدي زميل في الكلية حصلت لديه مشكلة فوقفت معه فيها مما زاد في ارتباطي به وجعلني كثيراً ما أتصل به وأحس براحة نفسية أثناء جلوسي بجواره، إلى أن اتصلت به مرة فما كان منه إلا أن غضب وقال يا أخي (كف عني خيرك وشرك) فجلست أفكر فيها طوال الوقت، ولم يتصل علي بعدها وقال: دع معرفتي بك في الكلية فقط. المشكلة أن أخلاقه طيبة وهو وسيم جداً ولا أعلم هل تعلقي فيه لأنه وسيم أم لا؟ ماذا أفعل مع هذا الصديق وكيف أتخلص من الحب الذي من هذا النوع؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" الذي أعجبني فيك من خلال سؤالك هو قولك " أنا جلست أفكر فيها طول الوقت".. وكنت تقصد بذلك كلام ذلك الزميل وطلبه منك أن تكف عنه خيرك وشرك. جميل جداً منك هذه المراجعة مع الذات وهذه المحاسبة للنفس. نعم يجب علينا جميعاً التفكر ملياً في حالنا حينما يدق جرس الإنذار، والغباء كل الغباء، والعناد كل العناد، والجهل كل الجهل هو التعامي عن مثل هذه الإنذارات إذا دقت بالخطر والتمادي بالأخطار حتى تقع المشكلة ويتعذر العلاج ويصعب إن لم يستحيل التصحيح والعودة إلى الطريق الصواب. علاقتك بذلك الشخص كان يشوبها بعض الشوائب. ويعتريها بعض الشبهات على الأقل أمام الناس حتى وإن كنت أنت نفسك بريء كل البراءة من مثل هذه الشوائب، ولكن يبقى أن هذا الزميل فيه شيء من الوسامة الظاهرة وهذه وحدها تكفي بأن تجعل الإنسان يتبصر في حاله وحال العلاقة والصداقة مع مثل هذا الشخص هل هي لحسن صورته ونظارة مظهره وشكله ووسامة ملامحه أم هي لحسن خلقه ودماثة تصرفاته. والذي يبدو لي أن الأمر قد حدد مساره في هذه الصداقة وقد طلب منك ذلك الصديق قطعها فلا حيلة أمامك إلا الاستجابة لمطلب هذا الشخص إن كنت تحب له الخير والسعادة فهو ربما قد سمع كلاماً أو تعليقاً من أحد الناس يتهم فيها علاقتك به لوسامته وجماله فأراد بذلك إغلاق الأبواب التي يأتي إليه الشر من خلالها. الأمر الآخر أنني أؤيد فعل هذا الصديق بطلب الابتعاد بينكما حتى ولو لم يكن بينكما إلا كل خير، لأننا نعيش في مجتمع أمر الشرف لديه عظيم. والأمور الأخلاقية عنده مقدمة على كل أمر بجانب الدين طبعاً. ولا يوجد أمر ناجع في الأمور الأخلاقية وأمور الشرف مثل التجاهل والإغفال المطلق والهدوء التام في التعامل معها، لأنها في الحقيقة أمر حساس وكل حركة يزاولها الإنسان في سبيل العلاج والتعامل معها قد ينشرها ويفضحها من غير قصد فتجده يسيء من حيث أراد الإحسان، ويضاعف المشكلة من حيث يريد علاجها.. وما فعله ذلك الزميل هو من قبيل التجاهل بالهدوء والإغفال التام ولذلك طلب منك الانقطاع عن الاتصال ولم يكابر أو يحاول تبيين الأمر لك أو لغيرك لأن مثل هذا الفعل في مثل هذا الأمر سيزيد المشكلة وسيؤججها وكأنما سكب الوقود على النار. ما فعله هذا الزميل هو لمصلحتك ولمصلحته فاستجب لطلبه واصبر وسترى نور الله يهديك لما هو خير لك في مستقبلك. استعن بالله ولا تغفل الدعاء بالعصمة والستر في الدنيا والآخرة. وفقك الله وسدد خطاك.

الفتيات والتعلق القلبي

الفتيات والتعلق القلبي المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 25-9-1423 السؤال أيها الفضلاء في موقع الإسلام اليوم أنا من أسرة محافظة حصل بيني وبين إحدى قريباتي شيء من التعلق الذي لا يرضاه الله وهي إنسانة ملتزمة ومتزوجة وذات عقل وأحترمها كثيراً بل قد أصبحت هي ملاذاً لي في هذه الدنيا أبث إليها همومي. ولكن المشكلة أنني بدأت أرى منها بعض الحركات الغريبة مثل الحديث العاطفي الشديد والضم وغير ذلك. نفسي أجد راحة في ذلك ولكني أعود وأستغفر الله ثم ما تلبث نفسي أن تعاودني عند رؤيتها. أريد التفسير لمثل هذه التصرفات الجواب الأخت الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم" مع الأسف أصبح أمور التعلق بين الفتيات بعضهم مع البعض لكثرته يشغل بال العديد من الداعيات والمستبصرات بأمور النساء وخاصة فيما يتعلق بالطالبات في المدارس والجامعات. التعلق القلبي هذا أول ما ينشأ هو عبارة عن علاقة راحة قلبية تجدها الفتاة تجاه فتاة أخرى، هذه الراحة غالباً ما يكون منشأها إما وسامة وجمال ظاهري أو حسن في المظهر والملبس وأناقة أو في طريقة الكلام ووجود أدب جم يأسر المشاهدين، إلى هذا الحد والأمر يبدو عادياً ولا يحتوى على أية مشكلة. لكن للأسف حينما يتواصل هذا الأمر وتتمادى الفتاة بالتفكير بالفتاة الأخرى يتحول إلى هيام وعجب ومن نتائج ذلك وهي النتيجة الحتمية لمن هم في سن الشباب أن تتطور الأمور إلى حب شهواني من غير ما تشعر الفتاة بذلك إلا أنه يبقى أمراً ملحاً عليها يجذب قلبها وروحها إليه فلا تسكن حتى يحصل لها المراد من الضم والعناق والالتصاق بتلك الفتاة. إنه بكل تأكيد مرض بل ومعصية توجب غضب الله ولا أظن ذلك خافياً على من يمارس مثل هذه الأعمال الشاذة. ولكن الذي قد يخفى هو السبب لهذه الأعمال وهذه المشاعر ولعلّي أختصر ذلك وأوجزه في سببين رئيسين هما: أولاً:- التمادي والاستمرار في تقبل مثل هذه المشاعر. فلو قطعت الفتاة خيط هذه المشاعر مباشرة ولم تعط نفسها الحق في الاستمرار أول الأمر لانقطع هذا الإحساس لديها ولكان يسيراً عليها التخلص منه. ولكنه للأسف أن الكثير من الناس يتمادى ويستمر في استشعار مثل هذه الأحاسيس والتفكير بها حتى تصبح مرضاً يصعب التخلص منه بل يصبح حاله كالذي يشرب الماء المالح كلما شرب زاد عطشه. ثانياً:- أن الولوج في مثل هذه الأمراض العاطفية ناتج عن غيابه مشاعر الثقة بالنفس وفقدان العاطفة السليمة من قبل الوالدين والأهل تجاه هذا الإنسان فيظل يبحث عن إنسان آخر يجد لديه ما افتقدته من عاطفة جياشة فتهواه نفسه ثم ما تلبث أن تتطور حتى تصبح عشقاً وهياماً ثم مرضاً يصعب الفكاك منه. يجب أن تدركي أيتها الأخت الكريمة أن النهاية لمثل هذا الأمر هي نهاية مؤلمة حقاً صدقيني ولذلك فالعاقل إذا عرف أن النهاية ليست في صالحة فإنه يقلع من أول الطريق فهو أسلم وأصلح. رزقك الله الصلاح والتقى وحرسك من السوء وأهله،،،

ما رأيكم في هذه العلاقة؟

ما رأيكم في هذه العلاقة؟ المجيب سلوى بنت صالح بابقي مساعد إدارة النشاط الثقافي بتعليم البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 29/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدى أختي صديقة تعينها -بإذن الله- على الخير، وتكن لها محبة كحبي لها، وأختي أيضاً تحبها وتحادثها باستمرار، وهما دائما عندما يتحدثان تناديها يا حبيبتي، وعندما يحدث خلاف بسيط بينهما تحاول أن تراضيها إن كانت هي المخطئة، وتعبِّر بقولها: (يا عمري لا تزعلي أنا أحبك، ووو..) ، وعندما تغيب عنها لفترة طويلة تقول لها: (اشتقت لك، وتضمها) عندما ناقشتها قالت لي: إني أعتبرها مثلك يا أختي، وليس هناك شي سيئ بيننا، فنحن نعين نفسنا على تحمل صعاب هذه الدنيا، ونفرح لفرح بعضنا البعض، سؤالي ما رأيكم في هذه العلاقة؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. شكر الله لك حرصك واهتمامك بأختك، وهذا حق الأخوة لا عذر بتركه، وقد تكون صداقة أختك لتلك الإنسانة مما لا بأس منها، ولا ريب فيها، فقد ذكرت أن تلك الصديقة تعينها على فعل الخير، ولكن هذا لا يمنع -بل هو واجب- أن تحظى أختك ومن تصاحبها منك بالتوجيه المباشر وغير المباشر بأن تكون لك مشاركة معهما في بعض الأمور التي تعزز ارتباطهما بك ورجوعهما إليك والثقة برأيك، وأتوقع أن أختك في سن صغيرة مما يجعلها عاطفية جداً، ومهيأة للميل إلى أي اتجاه يقوى على جذبها ما لم تكن هناك يد راشدة حانية حكيمة تحيطها عن أن تحيد عن المسلك السوي، وهذا ما أتوسمه فيك. ولا يخفاك ما شاع وغلب من العلاقات التي تبدأ تحت مسمى صداقة صدوقة، ثم تنقلب إلى إعجاب جانح شاذ، وإن الوسائل والأسباب المعينة لوجود هذه العلاقة الشاذة كثيرة وقوية مع الانفتاح الإعلامي السيئ، وضعف الرقابة ما لم نبذل الجهد في إيجاد الوسائل الصحيحة لقيام أخوة وصداقة نقية نافعة، ونتحمل مسؤولية أداء واجب النصيحة، وعدم إطلاق الثقة لمن هم ضمن مسؤوليتنا واهتمامنا، بل تكون ثقة واعية يقظة موجهة. خلاصة ما سبق أن تتعرفي على اهتمامات أختك، وتتقربي إليها أكثر حتى تضعك في دائرة الصديقة، وليس مجرد أخت بهذا ستكشف عن أفكارها وتشركك في آمالها وأمانيها، وتصارحك برغباتها أياً كانت، وتكون صداقتك لها أقوى من أي صداقة أخرى، حينها يسهل عليك التوجيه لها، وإحاطتها بأساليب الحماية من أي مزلق، بشرط أن يكون كل ما سبق يقدم في وعاء المودة والرحمة والبشر والإيثار. وأسأل الله أن يسدد رأيك ويبارك جهدك.

تعلق الفتيات بالداعية

تعلق الفتيات بالداعية المجيب سعدى بنت يحيى التوم مندوبة المؤسسة العالمية للإعمار والتنمية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 25/01/1426هـ السؤال أنا مدرسة وأعمل في حقل الدعوة إلى الله - والحمد لله - لي تأثير على الفتيات بشكل كبير، ولكن أحياناً تصادفني مشكلة أن بعض الفتيات يتعلقن بي، وهذا أعزوه لفراغ عاطفي بداخلهن، أرشدوني ماذا أفعل حيال هذه القضية، هل الخلل فيَّ أنا أم فيهن، وكيف أتعامل مع من تكون لديها فراغ أو نقص عاطفي؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الأخت السائلة: وفقها الله. أشكر فيك حسك الدعوي، وأسأل الله أن يجعلك من مفاتيح الخير، وأن ينفع بك، ومما شكوتِ منه في مقالك يغفل عنه كثير من الدعاة والداعيات وهو ما يسمى بخطر الدعوة إلى الذات، وهذا شأنه عظيم؛ لأن المدعو يربط نفسه بالداعية في وجوده وعدمه، وكثير من حالات الانتكاسة - والعياذ بالله - سببها التعلق الشديد بالداعية، فما أن يغضب أو يحدث بينه وبين المدعو سوء فهم إلا وتجد المدعو يتزعزع ويتراجع عن استقامته. وحل هذه المشكلة - والله أعلم - ما يلي: (1) إخلاص الداعية لله - تعالى - والدعاء بأن يجعله ممن يدعو إليه على بصيرة وهدى، والمدعو يدعو لنفسه بالثبات. (2) متابعة المدعو، ولكن بطريقة غير مباشرة، نعم المدعو في البداية يحتاج إلى من يتابعه، لكن لا يحسسه الداعية بمراقبته له، فلا يربط وجوده في محاضرة أو درس ضرورة لوجود المدعو، بل يعوده أن يحضر حتى لو لم يحضر هو، يحثه على قيام الليل ويحفزه لذلك، لكن لا يسأله دائماً وباستمرار، هل قمت الليل أم لا؟ لأن هذا قد يفقد المدعو الإخلاص - والعياذ بالله - فالمتابعة مطلوبة لكن بدون مبالغة. (3) تأكيد مبدأ مراقبة الله - عز وجل - وأنه يرى العبد، وحتى إنه يعلم خطرات قلبه وما يفكر به، فيحث الداعية المدعوين على مراقبة الله - تعالى - في كل أعمالهم، راجعي تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه - رضي الله عنهم -. (4) ترسيخ معاني الدين الحنيف في نفس المدعو، وجعله يلم بحقيقة الالتزام بهذا الدين ليحس ويتذوق بنفسه أنه يسلك طريق النور، فيتولد لديه صدق الالتزام والصلابة، وأنت تحتاجين إلى اللين معها والصدق والتودد إليها، قال تعالى: "واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين" [الشعراء: 215] . (5) وأنت - يا أختي العزيزة - تحتاجين إلى رفقة صالحة يكونون معك في هذا الطريق؛ للاستفادة من تجاربهم، والتعاون معهم سوياً في التناصح والعمل؛ لأن الدعوة تحتاج إلى قلب جامع أمام العواطف، وعلم غزير، ومعرفة بنفوس المدعوين، مع الإخلاص لله - تعالى - تقبل الله منك ورزقك خدمته، آمين.

صديقي كثير الشكوك فيمن حوله!

صديقي كثير الشكوك فيمن حوله! المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 18/5/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: لي صديق وسيم، وقعت له حادثة أول التزامه، وهي أن أحد الشباب قد تعلق به تعلقاً شديداً، فصدم بعدها، فلذلك أصبح همه الشاغل هو أمر التعلق، وأصبح يشك في كل من يحسن إليه على أنه متعلق به، لدرجة أنه في الآونة الأخيرة كاد أن يسألني صراحة: هل أنت متعلق بي أم لا؟ فضيلة الشيخ: إذا كان يعتقد صديقي أنني متعلق به، ماذا أفعل معه؟ وثانياً: كيف نعالج أمر التعلق عنده؛ لأنه أصبح يشك في كل من يحسن إليه على أنه متعلق به؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أخي العزيز: -حفظك الله- إن الحالة التي ذكرت قد تتكرر -للأسف الشديد- بين بعض الصالحين في فترة المراهقة بالذات، فإذا كان غيرهم قد وقعوا تحت التأثيرات الإعلامية التي تعرض عليهم صور النساء، فتشغل عقولهم وقلوبهم بها عمن حولهم، وتلك -ولا شك- داهية دهياء دخل بها الشيطان عليهم فصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة. فإن الشيطان قد يدخل على أحد الشباب الصالح، من باب العزلة الإيمانية التي أرادوا بها التخلص من آثار الاختلاط بعامة الناس، مما جعلهم في محيط خاص، له مشكلاته، ومنها دخول السلوك غير السوي لدى ندرة منهم، بسبب النظرة المريضة، وضعف الرقابة الربانية في النفوس أمام سلطة الشهوة. التعلق مرض موجود في الجنسين الذكر والأنثى، وإعجاب الفتيات ببعضهن أكثر من إعجاب الشباب ببعضهم، فإذا وجد بين شاب ومن يدعوه إلى الله ـ لا قدر الله ـ فإنني أنصح من يقع في قلبه شيء من ذلك أن يعرف أحد الصالحين أو أكثر من أهل الإيمان والثقة بهذا الشاب، وينسحب هو من ميدانه، ليختار ميدانا آخر. على أني لا أرى أن يصحب الشاب الداعية شاباً وسيماً معه دائماً، وإنما يسعى إلى التأثير عليه إيمانياً، ضمن مجموعة من الشباب؛ كمكتبة مسجد، أو نشاط مدرسة. وقد كان السلف الصالح ينفرون من صحبة الأمرد الوسيم بالذات؛ لأنه محل تهمة، ويحذرون منها. وأما علاج هذا الشاب فبالآتي: 1ـ أن يذكر له أن تجربته الأولى لا تعني التكرار مع الآخرين. 2ـ أن يشار إليه بأن يحفظ نفسه من كثرة التجمل والتميع والتغنج؛ حتى لا يفتتن به الآخرون، ما دام وسيما، وألا يقبل أن يركب مع أي شخص لا يثق به. 3ـ أن يصاحب من هو في سنه، ولا بأس بأن يستفيد ممن يكبره، إذا كان في مجموعة من الناس لا بمفرده بأي عذر كان. 4ـ أن يوعظ في حسن الظن وسوئه، وأن الناس ليسوا سواء. 5ـ ليتق الله من يصحبه، فلا يثق في نفسه ثقة عمياء، فيعرضها للفتنة، فإن هذا الشاب إذا اكتشف تعلقه، فقد يفقد باقي ثقته في الصالحين، فإذا انقلب على عقبيه فإن فتنته عظيمة، أسأل الله - تعالى - أن يوفقك وإياه.

ـــــ ثالثا: انحرافات سلوكية ـــــ

ثالثا: انحرافات سلوكية

المخدرات

أخشى أن أعود للهروين!! المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/المخدرات التاريخ 17/9/1422 السؤال كنت أستعمل الهروين والحشيش وتبت منه ولله الحمد - إلا أنني بعد سنتين رجعت للدخان بسبب ظروف العمل، وقد حاولت أن أحضر مجالس الخير, وأسمع الأشرطة النافعة ولكني أحس أني لا أستفيد وأني قد طمس على قلبي والعياذ بالله وأتذكر الموت قبل أن أستعمل الهروين مثلاً ثم لا أنتهي بل أبادر بأخذ الجرعة. فما نصيحتكم لي؟ وهل أستمر أعمل خير أم لا؟ لأني أصبحت في تدن مستمر ولا تنسونا بدعوة خاص. الجواب رداً على استفسارك المرسل لنا بشأن انتكاستك ورجوعك لتعاطي الهروين، بعد أن منّ الله عليك بالتعافي وظللت سنتين متعافياً، ولكنك تقول بأنك رجعت إلى التدخين أولاً بسبب العمل، وبسبب الذين لا يحترمون مشاعرك " هذا هو الجزء الأول من استفسارك ". والجزء الثاني: تقول فيه إنك تحب أهل الخير والصلاح، تسمع الأشرطة النافعة إلا أنك كما تقول: لا تستفيد منها خاصة بعد أن أصابتك الانتكاسة. الجزء الثالث: وهو طلبك للنصيحة بشأن هل تستمر في عمل الخير أم لا؟ خاصة وأنك تشعر بأنك أصبحت تتراجع من الأعلى إلى الأسفل. الأخ العزيز: في بداية الرد على استفسارك ككل أقول لك قول الله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) فأنت كما تقول شاب تحب أهل الخير والصلاح، وهذا يدل على أنك من بيئة صالحة طيبة، والخير فيك وفي أهلك من قبل إذ إن الإدمان ظاهرة مستحدثة على هذا المجتمع ولا يعرف أجدادك تلك الآفة المدمرة، وما كان أبوك امرأ سوء، وإنما قد دخل هذا الشيء لمجتمعنا وأصاب البعض كما دخل مجتمعات أخرى لم تكن تعرف الإدمان من قبل بصرف النظر عن كيفية معرفتك بالتدخين أو الحشيش والهروين وتعاطيك لهذه العقاقير فأنت قد تبت - كما تقول - ومنّ الله عليك بالتعافي، وكنت تحضر مجالس الخير، وهذا شيء طيب وظللت على هذا الحال سنتين متعافياً إلا أنك - كما تقول - انتكست ورجعت للدخان بسبب العمل. الأخ العزيز: أنت لست الشخص الأول الذي تعافى وحدث له انتكاسة..فالانتكاسة واردة، ولكن اسمح لي أيها الأخ العزيز - أن أحملك بعض اللوم في عودتك أولاً للتدخين الذي يُعد النافذة المباشرة للدخول في عالم المخدرات ـ خاصة وأنت صاحب تجربة سابقة إذ يعقب تدخين السيجارة تعاطي الحشيش لأن السيجارة لم تعط اللذة المنشودة التي سبق أن حصلت عليها من تعاطي الحشيش فتضطر تعاطي الحشيش.

وأنت تقول إن سبب عودتك للدخان هو العمل، والذين لا يحترمون شعورك ـ فأنا أقول: لك لا - أيها الأخ العزيز ـ فالعمل حثنا عليه ديننا الحنيف ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم , وإذا كنت لا تستطيع أن تواجه ضغوط العمل أو الأشخاص الذين لا يحترمون شعورك إلا بالتدخين فتكون مخطئاً خطأً كبيرا، ً وكل العملية تكمن في أنك محتاج إلى إعادة ثقتك بذاتك لأنها تبدو مهزوزة والدليل إنك عدت للتدخين لمجرد شيء بسيط كان بمثابة بوابة للانتكاسة، وأود أن أزودك بمعلومة هامة وهي: إن إدمان الهيروين يوقع بك في السلوك المضاد للمجتمع، ويجعلك متدهوراً اجتماعيا، والفشل المستمر في العمل وما يترتب عليه من أشياء أخرى مثل القلق، وعدم القدرة على الاستقرار, والإحساس بالتوتر العصبية ولآلام بكل الجسم في حالة مرور عدة ساعات من تعاطيك للجرعة , مما يدفعك للعودة مرة أخرى إليه لتعيش مع الانشراح الاصطناعي وتبدو وكأنك في حلم , وغير مبال وكأنك منفصلاً عن العالم الواقعي. أما عند سماعك للأشرطة النافعة وإحساسك بأنك لا تستفيد منها، وإحساسك بأنه قد طمس على قلبك، كل المشكلة تكمن هنا في ضعف " الأنا " لديك و "الأنا" قسم من أقسام جهاز النفس البشرية , كما يقول صاحب النظرية التحليلية إن "الأنا" هو مركز الشعور والإدراك الحسي الخارجي والداخلي، والعمليات العقلية ويعمل على التوافق مع البيئة ـ وإحداث التكامل وحل الصراع بين المطالب الملحة طبقاً للغرائز والشهوات، وبين الضمير الأخلاقي " للأنا الأعلى " واليك أقسام الجهاز النفسي: (الهو - الأنا - الأنا الأعلى) فالأنا هنا يقف موقف الوسط للتوفيق بين مطالب القسم الأول في ضوء الضمير والقيم الأخلاقية فإذا فشل في عملية التوفيق (أي حدث له ضعف) فإن الشهوات والغرائز تنتصر وتسيطر على مسرح النفس ويقوم الفرد بارتكاب أي شيء مخالف للضمير الأخلاقي عزيزي الأخ: إن كل ما حدث لك من مشكلات ناجم عن ضعف "الأنا" لديك, وعدم قدرته على التوفيق بين المطالب الغريزية الشهوانية وبين ضميرك, بصرف النظر عن الأسباب, فأنت تعلمها أكثر من أي شخص آخر خاصة إذا كان السبب أصحاب السوء, أو تذكرك للماضي وما يجلبه المخدر من لذة ومتعة وهمية خيالية كل ذلك أضعف "الأنا" لديك وجعلك تعود للتعاطي. الأخ العزيز: حينما تقول أنك تتذكر الموت قبل الاستعمال فهو شيء من لوم الضمير لك إلا أنه من شدة اللوم ـ تريد معاقبة ذاتك فتقبل على التعاطي لأن "الأنا" لديك ضعيف ولم تستطيع تحمل الصراع، ولكي يقوي أناك إذن فعليك بالتوبة النصوح، والشعور بالذنب، لأن الشعور بالذنب بعد التوبة النصوح يعد استبصاراً حقيقياً لمعرفة الفرد بذاته وهنا يقوى "الأنا" في ضوء الإيمان بالله والرغبة الصادقة في التخلص من المشكلة، وكما قلت في البداية قول الله تعالى: (لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا (.

وعليك بعد تذكر اللذة والمتعة الوهمية من جراء التعاطي بل إذا راودتك فتذكر على الفور المشكلات التي حدثت لك جراء ذلك واستغفر الله، ولا تحاول أن تجلس في مكان كنت تتعاطى فيه ما كنت تتعاطاه ـ وإذا حدث لك اشتياق فعليك الاستعانة بصديق خير لمعاونتك، وللتعافي الصادق عليك أن تركز على أربعة أهداف هامة: الهدف الأول: الاستمرار نظيفاً من المخدرات وذلك من خلال: 1-الكف عن الإدمان ومواجهة الإلحاح والرغبة في العودة إليه. 2-تفهم المواقف التي قد تدفعك للإدمان مرة أخرى. 3-استبصر خطورة العودة إلى ما يعتبره البعض بسيطاً (يعنى سيجارة واحدة لن تضر) 4-كيفية التعامل مع الأعراض والآلام التي تظهر في الفترة الأولى من التوقف. 5-كيفية التعامل مع ضغوط من يتعاطون المخدرات. 6-التغلب على الإلحاح والعودة للمخدرات خاصة الفترة الأولى. الهدف الثاني: كيفية التعامل مع الأحداث الحزينة والمفرحة: الأخ العزيز إن التدريب على مواجهة هذه المواقف هام جداً، فهناك من يعود للمخدرات فوراً بعد أول مشكلة أو موقف، والبعض يعود للمخدرات نتيجة مناسبة سعيدة كالأفراح، فعليك هنا أن تبحث عن السعادة بدون المخدر أن تواجه المواقف الشديدة بدون مخدر. الهدف الثالث: العلاقات الاجتماعية: خاصة في الأيام الأولى بعد التوقف مما لا شك فيه أن المجتمع خاصة الأهل والأقارب لن يثقوا مباشرة بمجرد إبلاغهم بتوقفك فالثقة في البداية تكون ليست على درجة عالية فيك ويجب عليك أن تقبل ذلك حتى تثبت لهم صدق تعافيك ـ وعليك بعمل صداقات جديدة ـ عليك بمصادقة إمام مسجد والحفاظ على الصلوات الخمس ـ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. الهدف الرابع: العود للعمل والنضوج لأن العودة للعمل ستقضي على الفراغ لديك ـ فالفراغ آفة البشر ـ ويدفع بالفرد للحنين إلى الماضي ـ خاصة في ظروف مثل ظروفك ـ ومن ثم فالفراغ مشكلة كبرى علينا أن نستثمر هذا الفراغ فيما يعود علينا وعلى مجتمعنا بالخير. وعن النصيحة التي تطلبها بشأن استمرارك في عمل الخير أم لا ـ فنقول لك استعن بالله، واستمر في تقديم عمل الخير، فالصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. وكونك تتألم لظن الناس فيك خيراً وأنت على عكس ذلك، فهذا شيء جيد ويعني أن ضميرك بدأ يستيقظ، وشعورك بالذنب لهو خير دليل على بداية القوة التي جاءت "للأنا" مرة أخرى بعد ضعفها، وإننا لمتفائلون لك بالخير بإذن الله، وفي نهاية الاستشارة يا صديقنا العزيز ندعو الله لك بالهداية والتعافي الصادق. والله الموفق

والدي يتعاطى المشروبات الكحولية

والدي يتعاطى المشروبات الكحولية المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/المخدرات التاريخ 14-4-1423 السؤال إخوتي الكرام وفقهم الله ورعاهم إذا كان والدي يتعاطى المشروبات " الكحولية " ثم تاب ثم عاد ماذا أفعل معه..؟ الجواب أخي الفاضل فهد شكر الله لك ثقتك وجعلنا عند حسن ظنك ورزقنا وإياك الصدق والاحتساب ووفقنا جميعاً لأحسن الأقوال والأفعال لا يهدي لأحسنها إلا الله. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً - الدعاء الصادق لوالدكم بالهداية والتوفيق والسداد والرشاد.. وتحرو في دعائكم مواطن الإجابة عند السجود وعند الفراغ من الصلاة وفي آخر ساعة من يوم الجمعة وفي الثلث الأخير من الليل..فالله تعالى قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. ثانياً - المناصحة الهادئة الصادقة.. واختياركم الوقت الملائم لها.. ربما كان لها بعض الأثر.. ولا بأس من عرض فكرة العلاج الطبي عليه عل وعسى أن يستجيب فيكون لكم بذلك سعادة الدارين. ثالثاً - توفير بعض الأشرطة الهادفة " مثلاً بعض القراء المجودين وبعض الخطباء الذين يتكلمون عن نعيم الجنة وعذاب النار.. وجعلها بمتناوله أو تشغيلها أحياناً بحجة الاستماع إليها بالقرب منه عسى أن توافق منه قلباً حاضراً فتجد لديه قبولاً وتأثراً ومن ثم توبة وإقلاعا عما يقترفه. ربعاً- البر به حسب الاستطاعة مهما بدا منه من جفوة والدعاء له وحسن الخطاب قد يلين قلبه.. فيقبل النصح. خامساً- عدم تركه لفترات طويلة وحيداً لأن الوحدة قد تجلب له بعض الأفكار أو الهواجس وبالتالي يعود إلى ما كان عليه. ومحاولة ملء وقته بالزيارات أو البرامج التي ترونها حسب ظروفكم وظروفه.. وثقوا أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.. وإن الدين محفوظ وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله فلا تيئسوا.. وأعينوا والدكم على الشيطان بالذكر والنصح والكلام الهادي والرفق في المعاملة وقبله وبعده الدعاء.. الدعاء فهو سهام الليل.. وسلاح المؤمن. وفقكم الله وحماكم وحفظكم وسدد على طريق الخير والحق خطاكم

أخي يتعاطى الحشيش

أخي يتعاطى الحشيش المجيب د. صالح بن علي الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/المخدرات التاريخ 27/09/1425هـ السؤال أخي يشرب الدخان والحشيش، وعصبي جداً، فكيف أتعامل معه؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم قد تظهر العصبية وموجات الغضب عند المراهقين أكثر من غيرهم؛ فالمراهق يمر بتغير سريع في نموه الجسمي والعقلي والانفعالي، وتنقصه الخبرة والتجربة، وقد يكون من الصعب عليه أن يضع الأشياء في موضعها، ولا يستطيع أن يتحكَّم في حالاته الانفعالية، فتجده مثلاً يغضب بسرعة، ولأتفه الأسباب، ولا يسيطر على غضبه، فقد يشتم ويكسر ويضرب، ومثل هذه الغزارة في الانفعالات يمكن أن توجه التوجيه السليم، وتستثمر في تربيته تربية صحيحة، ويمكن أن تستغل لاستثارته واستهوائه، وهذا ما يفسِّر وقوع بعض المراهقين في التدخين والمخدرات، وسلوكيات أخرى غير مرغوبة، فعليك بالعمل على إبعاده عن الرفقة السيئة، وأماكن الغواية والاستهواء، وتعويده على المصارحة وتبادل الرأي. ناقش معه هذه العادة السيئة والسلوك الخطير، وتجنب التهديد، وركِّز على فائدة الإقلاع عن هذه الأمور، وتخير الوقت المناسب للحديث في ذلك. أظهر له اهتمامك به وتعاطفك معه، ودعمك له. تعرف على مشاعره وما يحيط به من مشاكل وصعوبات، فالبعض قد يلجأ إلى التدخين، أو المخدرات، ظناً منهم أنها تساعد على التخلص من مشاعر معينة، أو لتجنب المسؤولية. خطط لبعض الأنشطة الترويحية والرياضية التي تساعد في إبعاده عن هذه الأمور. شجعه وأوجد لديه الدافعية والرغبة في مراجعة العيادات المتخصصة للمساعدة في الإقلاع عن التدخين وتعاطي الحشيش. شجع كل استجابة إيجابية تصدر منه وامتدحه، وأثني عليه. والله الموفق.

اخوتي مدمنون!

اخوتي مدمنون! المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/المخدرات التاريخ 9/9/1422 السؤال لدي مشكلة خطيرة، وهي أني اكتشفت أن إخواني الثلاثة مدمنو حشيش وأعمارهم بين عشرين إلى ثلاثين سنة بأنهم يسكنون مع والدتي وأنا في سكن مستقل قريب منهم. أرجو إرشادي بما ينبغي أن أفعله علماً بأني المسئول عنهم، كما أرجو أن تدعو لهم بأن يقلعوا عن هذه المشكلة الخطيرة وأن يتبعوا الصراط المستقيم شاكراً - سلفاً -تعاونكم لما فيه الخير. الجواب عزيزي الأخ: رداً على استفسارك، والذي تقول فيه إنك قد اكتشفت أن اخوتك الثلاثة مدمنو حشيش، وأعمارهم تتراوح ما بين 20 - 30 عاما وهم يسكنون مع والدتك، وكما تقول بأنك ساكن بالقرب منهم في سكن مستقل. وتقول ماذا أفعل علماً بأنك المسؤول عنهم؟ الأخ العزيز: في البداية أقول لك أنت نعم الأخ، حيث من خلال عرضك للمشكلة تبيّن لنا أنك أخ بار بإخوانه تحمل لهم بين طياتك كل الحب والحنان، وبخصوص المشكلة أقول لك إنه في استطاعة كل من أخطأ ووقع في براثن الإدمان أو التعاطي أن يتعافى منها بشرط أن يكون لديه الرغبة والإرادة القوية في التخلص من المشكلة، ولكن أغلبية من وقعوا في المشكلة تكون درجة الاستبصار لديهم محطمة ويغلب عليهم الإنكار (عدم الاعتراف بأنه مدمن) ويوهم نفسه بأنه قادر على الإقلاع في أي وقت يحب، ولكن نتيجة عدم استبصاره بالحقيقة تجعله يعيش تحت وطأة تأثير المخدرات نظراً لما لها من تأثير نفسي وجسمي كبير. ولكي تأخذ بيد أخوتك فإن الأمر سيحتاج منك إلى جهد طيب، ومعاونة أهل الخير من الأقارب وطالما أنت المسؤول عنهم فاسمح لي أيها الأخ العزيز أن أقول لك كان يجب عليك حمايتهم قبل وقوعهم في المشكلة - لكن طالما ان لديك الإرادة في إخراجهم من هذا الداء - أقول لك قم وانهض ولا تتردد في مساعدتهم وذلك باتباعك الآتي: أولاً: كما تقول بأنك المسؤول عنهم وأنت في مكانة الأب، فيجب أن تواجههم بمعرفتك لهذا السلوك والوضع السيئ، ولا بد أن تظهر لهم بأنك لن ترضى أبداً عن هذا الوضع ولا بد من تغييره، وكن حازماً في ضرورة الانتهاء من ذلك. ثانيا ً: وضح لهم هلعك واهتمامك بهم لما للمخدرات من آثار صحية ونفسية وعصبية خطيرة، ولتحريم الله لها، وكن معهم متفهماً للأسباب التي يذكرها كل منهم لمشكلته - وحاول عدم إهانة أحدهم؛ حتى لا يتحول إلى الإنكار والدفاع عن نفسه ورفضه للمساعدة. ثالثاً: إن غضبك وانفعالك الشديد سوف يشغلهم عن حزمك، واهتمامك بإصلاحهم كذلك حاول استخدام الأحاديث التي لا تؤدي إلى رفض المساعدة - خاصة وأن فيهم من بلغ ثلاثين عاما. لذلك تجنب: *- الأحاديث الساخرة التي تلحق العار. *- الأحاديث السلبية مثل (إنني اعرف حقيقتكم منذ فترة ولم أرغب في أن أحدثكم) *- تجنب الأحاديث الخاصة بالضعف مثل (أنتم لا تشعرون إلى أي درجة تحرجونني ولم تلتفتوا إلى معاناة والدتكم) ؟ *- تجنب أحاديث لوم النفس مثل (إنها غلطتي حيث لم أحسن تربيتكم.. خاصة إذا كان الأب متوفى)

بدلاً من ذلك كله كن حازماً معهم، وأظهر لهم أن استمرار ذلك مستحيل، ولن تقبله ولن ترضاه بحال من الأحوال. وكن عطوفاً في إظهار وقوفك بجانبهم حتى تنتهي من هذه الكارثة، وأعطهم الكثير من الحنان ليشعروا بمدى قلقك عليهم. الأخ العزيز إن توقفهم دون مساعدة منك ومن أهل الخير من الأقارب سيكون صعباً عليهم خاصة وأنك لا تعلم منذ متى بدءوا في التعاطي وكذلك ما حجم ما يتعاطونه - وهل حالتهم الصحية كلها في مستوى واحد؟ بالطبع لا لذا حاول أن تقنعهم - أولاً - بما قلناه لك في البداية من أضرار ورفض المجتمع للمخدرات وموقف الدين. حاول أن توقظ ضمائرهم وأن تجعلهم يشعرون بالذنب - فإذا تحقق ذلك كانت الخطوة الأولى لاستبصارهم بالمشكلة وهنا أقول لك لا بد من إقناعهم بالذهاب إلى أحد مستشفيات الأمل المتخصصة في علاج الإدمان - مع العلم بأن من يذهب من نفسه أو بصحبة الأهل للعلاج لن يعاقب قانوناً وفقاً لأنظمة هذه المستشفيات ومجرد الانتهاء من العلاج يخرج بمفرده دون أي عقاب. وستجد من يحاول منهم أن يقوم بإقناعك بأنه سيتوقف، ويقلع عن التعاطي والإدمان ولكن أيها الأخ العزيز ليس من اليسير على المدمن التوقف والإقلاع بمفرده دون مساعدة من قبل فريق علاجي متخصص لأن التوقف سيصاحبه أعراض انسحابية، ولن يتحملها إذا كان بعيداً عن مركز متخصص، فيضطر للعودة للمخدرات مرة أخرى، اعتقادا منه أنه يستطيع أن يقلع كما حدث وتوقف يوما أو أسبوعا وبمعاونة المركز الطبي (الأمل) أو أحد المراكز المتخصصة، ولكن أيها الأخ العزيز في حالة الرفض من قبل أحدهم أو من قبلهم جميعاً -لا قدر الله - ولم يستجب لموقفك في الخروج من الكارثة وقبوله لمعاونتك بطريقة مباشرة وجهاً لوجه فأنصحك أيها الأخ العزيز أن تقوم بتبليغ أقرب مكان به وحدة مكافحة المخدرات وتخطر عنهم وأنه لديك الرغبة في تعافيهم، وكن على يقين بأنهم سيبادرون بنقلهم لأقرب مستشفى أمل للعلاج - وفي هذه الحالة - لن يوقع بهم عقاب طالما أنت القائم بالتبليغ وأنك من أقارب الدرجة الأولى بالنسبة لهم، ومجرد الانتهاء من العلاج يمكنهم الخروج بمفردهم. وأحب أن أحيطك علما بأنه إذا كان من بين إخوتك من يعمل بالحكومة، فيقوم المستشفى بإرسال تقرير على أنه منوم في أحد المستشفيات التخصصية منذ دخوله بتاريخ / / - وحتى خروجه بتاريخ / / _ ولا يذكر في التقرير اسم مستشفى أمل على الإطلاق، حرصاً على مكانته ودرجة المعنوية بين الزملاء في العمل. الأخ العزيز: عندا يوفقك الله في الوقوف بجوار إخوانك، وتقوم بتحقيق ما ذكرناه لك، يمكنك الاتصال بإرسال فاكس آخر؛ حتى يمكننا أن نقوم برسم الخطة العلمية اللازمة إزاء المتعافى بعد خروجه من مستشفى الأمل، حتى لا يقع في الانتكاسة مرة أخرى. نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن نكون قد وفقنا في الرد على استفسارك أيها الأخ العزيز وندعو الله لهم الهداية والعودة إلى الصواب إنه نعم المولى ونعم النصير.

هل أقاطع هذا الصديق أم أستمر في نصحه؟

هل أقاطع هذا الصديق أم أستمر في نصحه؟ المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/المخدرات التاريخ 21/12/1425هـ السؤال لي صديق طيب القلب ولكنه يتعاطى أموراً مريعة، مثل الدخان والحشيش والخمور، ولا يتورع عن مواعدة وترقيم النساء، يكره المتدينين عموماً، وهو يصلي ويصوم، ومع أني من الملتزمين إلا أنه يرتاح إلي جداً، ويقص علي كل مشاكله، ويستشيرني في كثير من أموره، حاولت نصحه مباشرة وغير مباشرة، وأرى في وجهه في بعض الأحيان التأثر، وفي أحيان أخرى الرغبة في التهرب، لديه رفقة فاسدة جداً، حاولت إبعاده عنهم ولكني فشلت تماماً، تراودني أفكار في الابتعاد عنه، فلقد تعبت من نصحه وتوجيهه، وأحياناً أخرى أقول لا بد من المتابعة، هو الآن يريد السفر للخارج، اعترضت على سفره وهو مصر، سؤالي هل أقاطعه أم أستمر معه؟ مع العلم أنه يحاول جاهداً التستر عني أثناء فعله لمعاصيه ويجاهد بحيث لا أراه، ولم أره أبداً يفعل أي شيء منها. أشيروا علي رحمنا الله وإياكم. الجواب الأخ الكريم المحتار وفقه الله ودفع عنه الحيرة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إنه شعور طيب منك أن تكون حريصاً على هداية صديقك، فأسأل الله أن يرزقك النجاح في هذا الأمر. أخي الكريم: أوصيك بما يلي: 1- أنت مكلّف شرعاً بالمناصحة لإخوانك المسلمين، كما أنك مكلف شرعاً بوقاية نفسك من مصاحبة المنحرفين، قال النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم-: "لا تصاحب إلا مؤمناً" حديث حسن رواه الإمام أحمد - رحمه الله- (11337) ، وأبو داود (4832) ، والترمذي (2395) وحتى تجمع بين الأمرين أقول لك: (اترك المصاحبة ولكن لا تترك المناصحة) ، فبإمكانك أن تنسحب من مصاحبة هذا الأخ تدريجياً ودون مواجهة صريحة حتى لا تفقد قناة الاتصال والمناصحة، وتكون مناصحتك له بالوسائل الممكنة ومنها: أ- لقاء للمناصحة تعده أنت، ويكون في أماكن مناسبة للنصح بعيدة عن احتمال وقوع الشر. ب- الاتصال الهاتفي الذي يجمع بين التواصل الاجتماعي والنصح الشرعي. ج- رسائل الجوال. د- إعطاؤه الكتيبات والأشرطة المناسبة، واحرص على أشرطة التائبين من الخمور والمخدرات مثل: (يوسف الصالح) ، وله أشرطة مسموعة ومرئية، ومثل: (أبو مشهور) الذي أجرت قناة المجد معه لقاء مفيداً، وشريط شجاعة تائب. هـ- أخذه إلى صلاة الجنائز، أو للمشاركة في الدفن أو التغسيل إن كان يرغب أو يوافق. أخي الفاضل: لا تنس وسائل تقوية المحبة مثل الرسائل اللطيفة عبر الجوال، الهدايا ولو كانت رمزية يسيرة، دعوته في المناسبات العامة. 2- أما بخصوص المقاطعة والهجر: فالمقاطعة والهجر نوعان: الأول: هجر للصديق من باب الفرار من مصاحبة المنحرفين ووقاية النفس من شرهم. الثاني: هجر للصديق من باب التأديب والعتاب ومحاولة الإصلاح. فالهجر الأول أدعوك إليه مع هذا الصديق، وقاية لنفسك ودينك، ولكن بالطريقة التي ذكرتها أعلاه، وأما الهجر الثاني، وهو هجر الإصلاح والتأديب فإنه يستخدم إذا كان يؤثر في الصديق ويجعله يرتدع ويتوب، أما إذا كان لا يؤثر ولا يسبب توبة وهداية، بل قد يسبب زيادة في النفور والغواية فإنه لا يستخدم؛ لأن المصلحة الشرعية حينئذ لا تتحقق. أسأل الله أن يفتح عليك بما يكون سبباً في هداية صديقك، كما أسأل الله أن يفتح قلبه لقبول الحق والعمل به. والله يتولاكم جميعاً.

التدخين

ابني المراهق يدخن! المجيب محمد محمود الأمين باحث بموقع الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/التدخين التاريخ 04/05/1427هـ السؤال ابني البالغ من العمر17 سنة ويدرس في الصف الثالث ثانوي اكتشفت أنه يدخن في الخفية، علماً أنه إنسان يصلي ويصوم الاثنين والخميس، كل أسبوع! فماذا أفعل معه؟ علماً أنني قد حذرته أكثر من مرة ويعد ثم لا يفي بوعده، فما هو الحل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهذه المشكلة التي يعاني منها ولدك ليست مشكلة مستعصية -بحمد الله- فولدك -إن كان كما ذكرت- فيه خير كثير، ولكنه يمر بمرحلة عمرية صعبة، تحتاج إلى قدر من حسن التعامل، والتوجيه الإيجابي الذي يعتمد منهج الحوار والهدوء، ويبتعد كل البعد عن أساليب التوبيخ، والتهديد، والصراخ، وسأقدم لك بعض النقاط المهمة في علاج مثل هذه الحالة التي يعاني منها ولدك، فاحرص على تطبيقها في هدوء ودون عجلة على النتائج. - مع تقديري للحالة النفسية التي يعاني منها أي أب، عند شعوره بأن ابنه قد وقع في مثل هذه المزالق الخطرة: 1- عليك بكثرة الدعاء له بأن يصرف الله عنه هذا الداء. 2- الصدقة وهي نافعة لجميع الأمراض -بإذن الله- ومنها التدخين. 3- تجنب الاصطدام المباشر به. 4- عليك أن تشعره بعدم رضاك عنه -بطريقة غير مباشرة- وليكن ذلك عن طريق أحب الناس إليه في العائلة -وعادة تكون الأم أنسب الناس للقيام بمثل هذه المهمة-. 5- ليكن لك درس في البيت عن بر الوالدين وأهميته في حياة المسلم، مع التذكير بأن المخالفات والأضرار التي يجلبها الأبناء لأنفسهم داخلة في عقوق الوالدين. 6- الكلام عن الرفقة الصالحة وأهميتها. 7- تنبيه الأبناء إلى العناية بمعالي الأمور، والترفع عن سفسافها. ولا شك أن العاقل يدرك بفطرته أن التدخين من سفساف الأمور. 8- إرشاده -بطريق غير مباشر- إلى المصحات التي تعنى بمعالجة إدمان التدخين، ومساعدته على ذلك مالياً. 9- الترحيب بكل خطوة تلاحظ أن ابنك يخطوها في الطريق الصحيح. وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، ويأخذ بنواصينا جميعاً إلى البر والتقوى.

زوجي يدخن..

زوجي يدخن.. المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/التدخين التاريخ 27/8/1422 السؤال زوجي رحل متدين , والحمد لله يخشى الله , في سره وعلنه , ويحاول الالتزام واتباع السنة , وملتحي منذ 16 سنة واحسبه على الخير ولكنه يدخن وكلما حاول الإقلاع يعود مرة أخرى , وهو عالم بالحكم جيداً ولكنه يجاهد نفسه ويعود مرة أخرى , ولكنه لا يدخن أمام الأحفاد , لأنهم - والحمد لله - على خير ويعلمون الحكم وهم بعد أطفال في السادسة والتاسعة من العمر , ما حكمه , وما العمل؟ أرجو إفادتي لأنني أتعذب وما زلت أنصحه وهو مقتنع أنه يجب أن يقلع عن التدخين وجزاكم الله خيراً -. الجواب أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: أُهنئك - أختي الكريمة - على هذا الهم وهذه الهمة.. وأسأل الله أن يجعلنا وإياك هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين , مفاتيح للخير مغاليق للشر , كما اسأله - تعالى - أن يهدينا ويهدي بنا ويهدي لنا.. إنه - سبحانه - ولي ذلك والقادر عليه. ثانياً: الحمد لله على كل حال , فما دام زوجك ملتزماً مدركاً لحكم هذا الأمر , متجنباً ممارسته أمام الأطفال باذلاً كل الأسباب للتخلص منه , فهو - هنا - يسير على الطريق الصحيح , فكوني معه , وآزريه وشجعيه.. بقدر المستطاع. ثالثاً: أكثري - أختي الكريمة - من الدعاء له بالعون والتوفيق والسداد والهداية , وأن يرينا وإياه الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه , وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل , وذكريه بالدعاء كذلك والاستعاذة من الشيطان وكيده قائماً وقاعداً. رابعاً: حبّذا لو استكمل فعل الأسباب.. باللجوء إلى العلاج الدوائي لهذه المشكلة وهو متوفر.. ومع الإرادة القوية فإنه - بإذن الله - سيتخلص من هذه المشكلة إلى الأبد.. خامساً: من الممكن أن يلجأ إلى التخلص منه تدريجياً عبر برنامج معد لذلك.. وحبذا لو عقد مع نفسه اتفاقاً ووعداً يبرُّ به , وهو أنه يعقب أي " سيجارة " القيام بأداء عبادة , إما قراءة حزب من القرآن , أو أداء بعض السنن , أو صدقة أو غيرها من الأذكار , وبذلك يدحر الشيطان باستزادته من العبادة , ويذهب سيئاته " إن الحسنات يذهبن السيئات ". ويستعد لآخرته.. وفقكما الله وسدد على طريق الخير والحق خطاكما..

ابني يدخن، أريد الحل

ابني يدخن، أريد الحل المجيب جماز عبد الرحمن الجماز مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/التدخين التاريخ 17/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا أشكو من مشكلة عارضة، وهي أن ابني الذي لم يكمل السادسة عشر صار يدخن بالرغم من اجتهادنا في تربيته تربية صالحة. أعلم أن أصدقاء السوء هم السبب في ذلك ورغم تحذيرنا له منهم ومن الوقوع في الخطأ إلا أنه لا يستجيب، فقد تعلق بهم كثيرا وقد تعرف عليهم في المدرسة، أريد أن ترشدني خطوة خطوة في كيفية توجيهه وإرشاده مع العلم أننا كثيري النصح والتوجيه له لكنه أمامنا شخص وأمامهم شخص آخر، أريده أن يقلع عن التدخين في أسرع وقت فأنا مصدومة فيه كثيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. فإن التدخين ليس مشكلة فحسب، بل هو عمل محرم، وعادة سيئة، تدق مسامير نعش الشباب، وتنهش في جسد الشعوب، وتقودهم إلى دائرة الهلاك. ونرى لك من الحلول ما يلي:- 1- الاستعانة بالله - عز وجل - واللجوء إليه، ودعائه بأن يقلع ولدك عن التدخين، وأن يبارك الله في الجهود لحل المشكلة، فإن الدعاء سلاح غفل عنه كثير من الناس. 2- التوكل على الله - تبارك وتعالى -، وتفويض الأمر إليه، وتعليق القلب به في حل المشكلة، وما ظنك، وقد ضمن الله - جل وعلا - لمن توكل عليه، القيام بأمره، وكفايته همه، قال - تعالى -: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه.." [الطلاق:3] أي كافيه، ومن لم يكفه الله، لا كفاه الله؛ لأن كثيراً من الناس إذا وقع في مصيبة، علق آماله على غير الله [فلان + طبيب + دواء + شهادة + شفاعة + مال + وظيفة + ... ] والواجب أن نعلق قلوبنا بالله، ونجأر إليه، و [الطبيب + الدواء + ... ] كلها أسباب نستعملها ونجتهد في تحصيلها، لكن قد ينفع الله بها لحكمة أرادها، وقد لا ينفع الله بها لحكمة لا يريدها. فافهمي ذلك جيداً. 3- ضرورة تعاون الأسرة جميعاً، وإشعارهم بخطر المشكلة، وإقناعهم بذلك، بدءاً بوالده وانتهاءاً بإخوانه وأخواته؛ حتى يكون أهل البيت يداً واحدة ضد المشكلة. 4- من الأساليب الأولية النافعة، نصيحة الابن من الجميع بترك التدخين، منعه من الدخول به في البيت، معاتبته بالحسنى، وإظهار عدم الرضى إذا شُمت منه رائحته، التنفير من مرافقته لفلان وعلان ممن يدخنون، منع بعض الأمور المحببة إليه إذا دخن، إظهار الامتعاض من والديه تجاه المشكلة.

5- بذل الجهد في محاورة الابن، وإقناعه بأن التدخين محرّم، ويخوف بالنصوص، مثل قوله -صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه: "من تحسى سماً فقتل نفسه، فسمّه في يده، يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا" رواه البخاري (5778) ، ومسلم (109) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وأنه ضار بصحته وبدنه، بل هو قاتل بطئ من حيث لا يشعر. وأن الدراسات أثبت أن المشكلة تبدأ من التدخين، وتنتهي بالمخدرات. وأنه يجب تركه، والإقلاع عنه نهائياً، خوفاً من الله - عز وجل -، ثم خوفاً من الأمراض الناتجة عنه، وقد أثبتت الدراسات أن من يتركه خوفاً من الأمراض فقط، لا يلبث إلا مدة يسيرة ثم يعود إليه، فانتبهي لذلك، لكن تركه له خوفاً من الأمراض يعتبر خطوة كبيرة، يجب أن تستثمر وتكون محل الانطلاقة. ويحسن بعد ذلك الحوار، إعطاءه شريطاً مسموعاً، ليستمع له بعنوان "قرارك بيدك" لسعيد بن مسفر، فهو شريط بديع أبدع فيه صاحبه. وعليك متابعته حتى يستمع له كاملاً. 6- شجعوه على تركه إياه، بالثناء عليه بالقول أو بالفعل، كإهدائه هديه معينة أو مكافئته برحلة خاصة له مع أهل البيت، أو ما يكون عظيماً عنده يحبه، ولا ضرر عليه فيه، وإن كان مالاً كبيراً فالأنفس تروح ولا تجئ، والمال يروح ويجئ، وكل بحسبه. 7- أعلموه أنه وإن كان الإقلاع عن التدخين عمليه صعبة، فإن الملايين من المدخنين قد أفلحوا في الإقلاع عنه. 8- أشعروه أن المشكلة مشكلة الجميع، وأن ضررها على البيت كبير، وأن العدوى قد تنتقل إلى والدك، إلى إخوانك، أخواتك. 9- ليقم والده أو غيره، بزيارة المرشد الطلابي في مدرسته، والبحث معه في سبيل إقلاع الابن عن التدخين، وربطه ببعض المعلمين الأخيار الأكفاء، والتحاقه بنشاط أو غيره. 10- لا تترددي إن احتاج الأمر أن تنقلوه إلى مدرسة أخرى، ليرتبط بصحبة طبيبة، ولكم عليها أحد من الناس تثقون به. 11- إذا لم يتوفر شيء من ذلك، فابحثوا له عن رفقاء صالحين أو أخيار لا يدخنون، وأقنعوه بصحبتهم، وأنه لن يجد مثلهم في محبتهم له، ونفعه بكل ما يستطيعون. 12- حاولي البحث عن رجل يقتنع به، ويقبل منه، ويباشر هو بنفسه توجيهه ومناصحته، فقد يكون تركه للتدخين على يدي ذلك الرجل المنتظر. 13- أثناء تلك الفترة، حاولي جاهدة أن يقلل من التدخين بقدر المستطاع، ولو كان مكرهاً. 14- خلصيه من كل أدواته التي تذكره بالتدخين [الغرفة + الحمام + الملابس جميعا + المدرسة + الرفقة ولو كانوا أقارب + استراحات محددة + ملاعب محددة + أماكن تنزه محددة + زيارة بيوت محددة + جيران، أقارب، زملاء + مشروبات محددة + مأكولات محددة، اعتادها مع التدخين] . 15- استبدلي ما منعته منه بمثله أو أحسن منه. 16- لا تجعليه وحده في غرفته لساعات طويلة بلا مبرر، فإن ذلك يعينه على ترك التدخين، وهكذا ليصحبه والده معه في قضاء حاجاته أو زياراته أو تنزهه أو تمشيه، ليعينه على نفسه. 17- اجعلوه يحدد موعداً نهائياً للإقلاع عن التدخين، حتى يتهيأ نفسياً وبدنياً لتركه، وذكروه بشهر رمضان وأنه يقضي الساعات الطويلة بلا دخان.

18- إذا صار يتكلم بأنه لا يستطيع تركه، أو دائما ً يفكر في التدخين، فتحدثوا معه بأن هذا ابتلاء من الله، ولا بد من الصبر، واضربوا له مثلاً، كمن به مرض مزمن خطير، فهو يخاف دائماً من الموت، ومع ذلك يصبر ويحتسب، فلماذا لا تصبر أنت؟ 19- أرشدوه إلى ممارسة بعض أنواع الرياضة إن كان يطيقها، أو قراءة كتاب إن كان يرغب ذلك بهدف إشغاله عن التدخين، أو صرف تفكيره إلى شيء آخر ينسيه التدخين. 20- حاولوا جميعاً عدم تعريضه للأوضاع والسلوكيات التي تجعله يرغب في التدخين، مثل الانفعال، والغضب، والملل، والوحدة. 21- في تلك الأثناء، إن كان مصراً على التدخين، فهناك بعض الإجراءات تجعله يخفف من المداومة عليه، ويكرهه، وإن كان راغب في تركه، فهي تساعده على التخلص من التعلق به. 22- هذه الإجراءات، هي علاج للاضطرابات البدنية أو النفسية أو في النظام الغذائي، فينبغي ألا تقلقوا من الاضطراب لديه، فهو شيء طبيعي، لكن أرشدوه إلى بعض الأساليب الناجحة في مكافحة الاضطرابات تلك، وأنه متى التزم بها فهي تختفي - بإذن الله - في خمسة أيام تلقائياً. الأعراض / الحلول التشوق والتفكير في السيجارة / ليمارس هوايته المفضلة والمفيدة، وليشغل فمه بالسواك أو ببعض الحلوى الشعور بتغير المزاج / ليتنفس بعمق الشعور بالتعب والإنهاك / لينم وقتاً كافياً جفاف الفم والحلق / ليشرب كميات وفيرة من الماء والعصيرات الكحة وإضرابات / النوم ليتناول حماماً دافئا يومياً الشعور بالدوخة / ليذهب حيث الهواء المنعش الشعور بالملل في / الفترة المسائية ليذهب للتسوق أو الزيارة الشعور بالجوع / ليستعمل العلكة"اللبان". الشعور بالتوتر / ليمارس التمرينات الرياضية الملل أثناء القيادة / ليستمع إلى القرآن والمحاضرات والأناشيد ضعف التركيز / ليغير عمله أو يتنشط في عمل آخر الإمساك / ليتناول الفاكهة بكثرة 24- أرشدوه إلى الإكثار من تناول الماء لتطهير الجسم من النيكوتين والمواد الضارة، مع التقليل من شرب الشاي والقهوة. 25- لا بد أن يتناول كوباً من عصير البرتقال أو الليمون بعد الإفطار يومياً، لأنه يثبط الرغبة في التدخين. 26- ليهتم بالاسترخاء خلال الأيام الأولى من الإقلاع عن التدخين مع الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات، والحرص على تجنب الأطعمة الدسمة. 27- ليكثر من شرب السوائل وخصوصاً الماء، لتساعد الرئتين في تنظيفها من باقي التدخين. 28- نشير عليكم إذا لم يستجب الابن، أو كانت استجابته ضعيفة، زيارة الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين أو أحد فروعها المنتشرة في المملكة العربية السعودية، وذلك بغرض الاستفادة من إمكانياتها وطرق العلاج لديها النفسي والعضوي. وعنوانها / المملكة العربية السعودية - الرياض الرمز البريدي 11525 ص. ب. 59225 هاتف: 2780006 01 فاكس: 2780006 01 البريد الإلكتروني: www.sqs.s.orq وبالله التوفيق، وصل الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

كيف أتعامل مع هذا الطالب؟

كيف أتعامل مع هذا الطالب؟ المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/التدخين التاريخ 16/1/1425هـ السؤال كيف أتعامل مع طالب يدخن، ويهرب من المدرسة لكي يدخن؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن مرحلة الشباب، وخاصة في سنيِّة الأولى، مرحلة حرجة، لها خصائصها ومزاياها التي ينبغي للمربي أن يكون عنده إلمام بها، ولذلك أنصح نفسي والأخ السائل بالقراءة في هذا الفن وسؤال المختصين عما يشكل عليه، أما عن هذا الطالب، فالذي أراه في أمره أموراً: 1- إن كان الطالب لا يعلم بأن المدرس يعلم أنه يدخن، فلا تخبره بذلك؛ لئلا ينكسر حاجز الحياء، وعلى المعلم أن يكثف النصح غير المباشر حول هذا الموضوع، واستخدام الوسائل المتاحة له من مطويات وملصقات، وأشرطة تخدم هذا الهدف. 2- على إدارة المدرسة الحرص على منع الطلاب من الخروج من المدرسة، أو الهروب منها إلا في ضيق الحدود؛ لما يترتب عليها من إشكاليات أخلاقية وأمنية كثيرة. 3- متابعة الطالب، والتعرف على أصدقائه، ومدى تأثره بهم، ثم النظر في كيفية إبعاده عنهم بأسلوب لا يؤدي لمفسدة أعظم. 4- إن كان الطالب يعلم أن معلمه يعلم عنه، فليحاول المعلم أن يجلس معه جلسات إرشادية يبين له فيها أضرار التدخين، وخطر جليس السوء، وذلك بالطبع بعد استشارةٍ من الناصحين في طريقة مخاطبته وكيفية إقناعه. 5- إن كان ولي أمر الطالب لا يعلم بحال ابنه، فأرى إخباره بالطريقة المناسبة؛ ليتابعه خارج وقت الدوام، ولعله يتعاون معك في إصلاحه. 6- إن كانت ظاهرة التدخين منتشرة عندكم فلا بد من القيام بحملة توعية حول هذا الموضوع بالتعاون مع بعض الجهات المعنية. أسأل الله أن يصلح لنا النية والذرية، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف أقلع عن التدخين

كيف أقلع عن التدخين المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/التدخين التاريخ 03/05/1425هـ السؤال كنت شاباً كثير اللهو، كنت مفرطاً في جنب الله، ثم منَّ الله علي بالهداية، وتعرفت على أحد المشايخ، وكان السبب في التزامي، وبفضل من الله تركت الاستماع إلى الأغاني، وتركت أصحاب السوء، والتلفاز، ومن كنت أتوهم بأني أحبها، تغيرت نظرتي إلى الحياة، أخذت أقرأ في الكتب الدينية، أستمع إلى أشرطة الوعظ، وبدأت أتعرف على شكل المسلم، وكيف يتصرف، فنصحني الشيخ بقراءة كتب السيرة، والاستماع إلى أشرطة العلماء. لقد استطعت أن اقلع عن أكثر المعاصي التي كنت قد ابتليتُ بها ماعدا التدخين، فما زلت في صراع مع هذه المعصية، كلما ابتعدت عنه وعاهدت الله، نفسي تضعف أمامه، لماذا؟ لا أدري، حياتي أشبه بالجحيم، أفكر أني لو مت على هذه المعصية، ماذا سأقول لربي؟ ويلي، ويلي، ويلي، ساعدوني في أن أجد الحل وأن أترك هذه المعصية. -وجزاكم الله خيراً- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الأخ المكرم: -ثبتنا الله وإياك على الحق، وجعلنا وإياك هداة مهتدين-. أخي الفاضل: هناك عيادات متخصصة في مكافحة التدخين، وأدوية تساعد على ترك التدخين، يمكن أن تستفيد منها، فإذا لم تكن عندكم في بلدكم فيمكنك أن تراسلها عبر الإنترنت، فتبحث أولاً في أحد محركات البحث عن (جمعية مكافحة التدخين) ، وستجد في نتيجة البحث جمعيات كثيرة، فراسلهم بالبريد الإلكتروني، وخذ منهم المعلومات، واطلب منهم مساعدتك. ولا تنس الإكثار من الدعاء بأن يعينك الله على ترك الدخان وبغضه، واجتنب الجلوس مع المدخنين. وأخيراً: فإن -التدخين وإن كان من الخبائث ومحرماً-، فإن معصية شربه لا ينبغي أن تدفعك إلى اليأس من حالتك، والظن بأنك إنسان غير صالح، فإنك - ولله الحمد- حسب ما ذكرت في رسالتك- على خير، وفيك صلاح واستقامة، فاستقم على ما أنت عليه من الخير، وأكثر من الاستغفار، ولا يضرك - بإذن الله- هذه المعصية، فلا ينبغي أن يتلاعب بك الشيطان، فيدفعك إلى الضعف، وترك طريق الاستقامة بسبب شربك للدخان، واعلم أن الله غفور رحيم، وسعت رحمته كل شيء، وحاول، ولا تيأس في سبيل ترك هذا الشراب الضار المؤذي المسبب للأمراض. أسأل الله أن يعينك على ذلك، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على نبينا محمد.

العادة السرية

علاج الشهوة المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/العادة السرية التاريخ 21-12-1423 السؤال أنا شاب أبلغ من العمر تسع عشرة سنة، وكنت أمارس العادة السرية منذ أن بلغت، ولم أكن أعلم بحرمتها ولا مضارها إلا منذ زمن قريب، وبعد ذلك حاولت التخلص منها بشتى الوسائل، ولكن دون جدوى، فكرت في الزواج، ولكن حالتي المادية لم تسمح بذلك فأنا أمتلك القوة الجسمية أما المالية فلا. بدأت أبحث عن المواقع الإباحية في الإنترنت، وكلما خرجت منها أو استخدمت العادة السرية بكيت ودعوت الله بالمغفرة، ولكن سرعان ما أرجع إليها في اليوم التالي، مستواي الدراسي انخفض وآثار العادة بدأت تظهر عليَّ، وأملي فيكم كبير بعد الله أن تساعدوني في حل هذه المشكلة وجزاكم الله خيراً. الجواب أخي الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" قرأت رسالتك، وآلمني ما أصابك، واعتصر قلبي وأنا أقرأ حزنك من وقع الكلمات - أعانك الله وربط على قلبك -، وقد أدركت معاناتك، وإليك الجواب: أولاً: يجب أن تعلم أن ما أصابك من الذنوب هو مقدر عليك، ولعل ذلك بسبب تقصيرك في أمر ربك، وذلك أن تكون عقوبات لذنوب سبقت أو لتقصير في حمل النفس على الطاعات. ثانياً: أنت على خير -إن شاء الله - في محاولاتك، وحزنك، وتألمك على ما حصل منك، وهذا يدل على إيمانك ورجائك لما عند الله، وخوفك من عقابه. ثالثاً: أنت قادر وتملك جميع الوسائل لإصلاح نفسك، وإياك أن تعتقد أن محاولاتك السابقة الفاشلة أفقدتك القدرة، فإن الشيطان يريد منك أن تصل إلى مرحلة اليأس من صلاح حالك، وعند ذلك تفرح عدوك على نفسك. رابعاً: أنت وصلت إلى هذا المنحدر بالتدرج، فالصعود إلى القمة سيكون بالتدرج أيضاً، أغمض عينيك واسترخِ في مكان خالٍ، وقل في قرارة نفسك أنا قادر على إصلاح نفسي، أنا رجل، ولدي القدرة على النجاح (عشرين مرة) يستوطن في عقلك الباطن قدرة تخرج عقدة الفشل، وغيِّر حالك ونظامك في جميع ساعات الاستيقاظ، وابتعد عن الإنترنت، وقل: " سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينْ " [القصص:55] ارتبط بعمل يشغل وقت فراغك سواء في أمر دين أو دنيا، صارح نفسك، وخاطب عقلك كم مرة فعلت هذه الفعلة، وكانت البداية شهوة فأصبحت عادة مالكة لك تقوم بها بلا لذة، فأصبحتَ عبداً لها، فهل يفعل العاقل ما يضره ولا ينفعه؟ كنت تمارسها وأنت ثائر تغالبك الشهوة، واليوم عادة تسيرك فتمارسها فتدفعك إلى مثلها، وهكذا تدور في حلقة مفرغة، تذكر اللذَّات الماضية، هل تسعدك الآن أم تشقيك؟ فهل من العقل والحكمة أن يفعل ما يندم المسلم عليه في الدنيا قبل الآخرة، فالصبر عن الشهوة أيسر من الحزن ومعالجة التوبة.

أخي أراك تسكب الزيت على النار، وتقول: لماذا تشتعل هذه النار؟ كيف تقوم باستدعاء المواقف والصور من خيالك وأرشيف عقلك وتتلذذ بذلك فيعظم سلطان الشهوة ويثور بركان الرغبة لهذه الفعلة - سبحان الله ما هكذا يكون العلاج إذا مر بخاطرك مشهد يؤثر عليك فاقطع حبل الخيال، وقم واخرج من المكان، واعمل ما يصرفك كأن تتصل بالهاتف أو تخرج بالسيارة، وأما مشاهدتك للصور عبر الإنترنت فهذا يحتاج إلى استئصال، غض بصرك عن النظر إلى من تحب، ولا تغشى المواقف التي تستثار فيها شهوتك كالأسواق، وأمام المدارس، أو في مدرستك أو في المناسبات، احرص على قراءة القرآن، وطول المكث في المسجد والمبادرة إلى الصلاة، وكثرة زيارة القبور وتشييع الموتى، وحاول أن تربط نفسك بالصالحين من عباد الله تجد في أخلاقهم حُسناً، أكثر من ذكر الله في خلوتك، وصل على محمد - صلى الله عليه وسلم- وأكثر من ذلك. وهناك وسائل خاصة جداً: لا تأوِ إلى الفراش إلا إذا غلبك النوم، لا تنم وحدك، ولا تجلس في الحمام إلا بقدر الحاجة، وادخل وأنت خائف، فإذا خرجت وسلمت فافرح، واحمد ربك، ولا تنم إلا على طهارة وعلى جنبك الأيمن، ولا تنم على بطنك، والبس من السراويل ما هو واسع، وإياك والضيق والقصير، وابتعد عن جميع الكتب والمجلات والصور والمحالّ التي تذكر بما فيك، وإياك والتحدث للآخرين عن عملك، واستتر يستر الله عليك. وإني أختم رسالتي إليك بآية من كتاب الله، وحديث من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقد قال - تعالى-: " قُل يا عِبادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً " [الزمر:53] بل يبدلها لك حسنات - إن صدقت توبتك -، والذِّينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ باِلحَقِّ ولاَ يَزْنوُنَ ومَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثاَماً " إلى قوله " إلاَّ مَنْ تاَبَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صاَلِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاَتِهِمْ حَسَناَتٍ وكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً " [الفرقان: 86-70] . وأما الحديث فهو بشرى لك ما دمت تجاهد نفسك. ولفظه: " أذنب عبد ذنباً، فقال: اللهمَّ اغفر لي ذنبي، فقال الله: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي ربِ اغفر لي ذنبي، فقال الله - سبحانه -: عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربِ اغفر لي ذنبي فقال الله: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت، فقد غفرت لك " أخرجه مسلم (2758) . والله أسأل أن يحفظك من نفسك والشيطان، ويقر عينك بالاستقامة على الصراط المستقيم. ملاحظة: في حكم استعمال العادة السرية خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إنها مباحة، وقال آخرون: إنها مكروهة، وقال جمع: إنها محرمة، والراجح أنها مكروهة وعند الاضطرار إليها فهي في حكم المباح، لكن الإدمان عليها له عواقب سيئة جداً.

ابني مراهق

ابني مراهق المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/العادة السرية التاريخ 4/1/1425هـ السؤال ابني مراهق، وعمره 14 سنة، وأشك أنه يمارس العادة السرية، فماذا أعمل معه؟ الجواب الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، أما بعد: فمن المعلوم أن الشاب في أول شبابه يعيش مرحلة تسمى بالمراهقة على حد تعبير التربويين، وهذه المرحلة تحتاج إلى عناية خاصة من المجتمع عموماً، ومن الأسرة خصوصاً، ولذلك فإني أرى أن يوسع المربي اطلاعه فيما يتعلق بالتعامل مع المراهق؛ نظراً لطبيعته الخاصة التي - أحياناً- تحتاج إلى مهارة في التعامل معها. وأنت - أخي السائل- ينبغي لك النظر في حال هذا المراهق الذي تتحدث عنه، ومحاولة الوصول إلى أنسب الحلول لهذه القضية، ومنها: 1- عدم إشعاره بأنك تشك فيه؛ حتى لا ينكسر حاجز الحياء من ناحية، وحتى لا ينتبه لأمر قد يكون غافلاً عنه من ناحية أخرى. 2- هناك كتب، وأشرطة تتناول بعض القضايا المتعلقة بالشباب، ومنها هذه القضايا: (العادة السرية) ، لكن ينبغي أن يحرص على المواد التي لا تخدش الحياء ولا تخل بالمروءة. 3- حاول إبعاد هذا الشاب عن كل ما قد يسبب له إثارة، سواء أكان ذلك عن طريق البصر أو السمع، أو غير ذلك. 4- الوقت إن لم تشغله بالطاعة شغلته بالمعصية، حاول إشغال وقت ابنك بكل نافع ومفيد ديناً ودنيا. 5- الحرص على عدم تمكين الشاب بصورة لا يحس بها من إطالة الخلوة بنفسه إلا إن عُلِمَ منه الاستفادة من ذلك. 6- عدم إرغام الشاب للذهاب للنوم قبل إحساسه بحاجته للنوم؛ لأن ذلك الوقت أكثر وقت تحصل فيه الأفكار والخواطر. 7- النظر في جلساء الشاب، مع الحرص على إشراكه في مجموعة ملتزمة بواجبات الدين. 8- الدعاء للشاب بظهر الغيب بأن يصلحه الله. أسأل الله أن يصلح النية والذرية، والله أعلم، وصل الله على نبينا محمد.

العادة السرية

العادة السرية المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/العادة السرية التاريخ 1-11-1423 السؤال فضيلة الشيخ سلمان حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرجو التكرم بإيضاح حكم العادة السرية بالتفصيل وطرق الخلاص منها. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله , والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وبعد: شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع" الإسلام اليوم" الاستمناء في اللغة: استفعال من المني، وهو: استدعاء المني بإخراجه، ويطلق عليه أيضاً: الخَضْخَضَة , ويكون أيضاً بأي وسيلة أخرى، وهو ما يسمى اليوم: العادة السرية. وللعلماء في حكم الاستمناء ثلاثة أقوال , وهي كالتالي: القول الأول: التحريم مطلقاً، وعلى ذلك: أكثر الشافعية , والمالكية , والحنابلة في قول لهم في المذهب. وقد استدلوا بأدلة أهمها: 1- قوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (المؤمنون) 2- حديث: "ناكح اليد ملعون" 3- حديث: "سبعة لا يكلمهم الله , ولا ينظر إليهم ... وذكر منهم: الناكح يده " 4- الاستمناء ينافي تحصيل منفعة التناسل التي عُلم محافظة الشرع عليها. 5- الاستمناء ينافي ما ورد في الشرع من الترغيب في النكاح. 6- يقاس الاستمناء على اللواط بجامع قطع النسل , وعلى العزل , وأنه استمتاع بالنفس. 7- واحتجوا أيضاً بأن الاستمناء له مضار طبية. القول الثاني: الإباحة مطلقاً، وممن قال بذلك: أحمد بن حنبل - رحمه الله - في رواية عنه، وبعض الأحناف، وابن حزم، وهو قول: مجاهد وعمرو بن دينار، وابن جريج، وابن عباس فيما يفهم من كلامه. قال الإمام أحمد رحمه الله: المني إخراج فضله من البدن فجاز إخراجه. وقال ابن حزم رحمه الله: لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، ومس المرأة فرجها كذلك مباح بإجماع الأمة كلها، فليس هناك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المني، فليس ذلك حراماً أصلاً. وقد تعقب الشوكاني -رحمه الله- أدلة المحرمين للاستمناء، في كتابه: بلوغ المُنى- تعقيبات أهمها: - بالنسبة للآية , فلا عموم لصيغتها بكل ما هو مغاير للأزواج , أو ملك اليمين , وإلا لزم كل ما يبتغيه الإنسان , وهو مغاير لذلك , وأن لا يبتغي لمنفعة في المنافع التي تتعلق بالنكاح , ومع تقييده بذلك , لابد من تقييده بكونه في فرج من قُبُلٍ أو دبر.. فيكون ما في الآية في قوة قولنا: فمن ابتغى نكاح فرج غير فرج الزوجات والمملوكات فأولئك هم العادون. - الأحاديث التي استدل بها المحرمون ضعيفة أو موضوعة ولا يصح منها شيء. - أما منافاة الاستمناء للشرع بقطعه للنسل؛ فيُرَدّ بأن ذلك يُسلّم به إذا استمنى من له زوجة حاضرة، لا من كان أعزباً، ويضره ترك الاستمناء. - وأما منافاته للترغيب في الزواج؛ هذا إن قدر على الزواج وعزف عنه بالاستمناء. - وقياس الاستمناء على اللواط قياس مع الفارق؛ فاللواط في فرج , والاستمناء ليس في فرج.

- قياسه على العزل لا يصح؛ لأن الأصل وهو العزل مختلف في تحريمه؛ فلا يصح القياس عليه , والراجح جواز العزل بشرطه , كما بيناه في بحث مفرد. القول الثالث: التفصيل , وهو التحريم في حالة عدم الضرورة , والإباحة في حالة تقتضي ذلك , وهي الضرورة , كخوف من زنا , أو مرض , أو فتنة , وعلى ذلك بعض الحنابلة والحنفية. قال البهوتي في شرح المنتهي: ومن استمنى من رجل أو امرأة لغير حاجة حَرُمَ فعلُه ذلك، وعُزّر عليه؛ لأنه معصية , وإن فعله خوفاً من الزنا أو اللواط؛ فلا شيء عليه كما لو فعله خوفاً على بدنه، بل أولى. وفي حاشية ابن عابدين: ويجب - أي: الاستمناء- لو خاف الزنا. وفي تحفة الحبيب: وهو وجه عند الإمام أحمد , أي الجواز، عند هيجان الشهوة. وفي مجموع الفتاوى: وعند خشية الزنا , فلا يُعصم إلا به , ومثل أن يخاف إن لم يفعله يمرض. وقال ابن القيم في البدائع: وهو أيضاً- أي الاستمناء- رخص فيه في هذه الحالة عند طوائف من السلف والخلف. الأضرار الصحية: تكلم كثير من المعاصرين في أضرار الاستمناء الصحية على جميع أجهزة الجسم: التنفسي , والدوري , والعضلي , والعصبي , والتناسلي.. والحقيقة أنه لم يثبت طبياً إلى الآن في بحث علمي أكاديمي موثق بتجارب علمية أن الاستمناء له أضرار طبية. وقد حكى الشوكاني الإجماع على جواز الاستمناء بيد الزوجة , وكل ما يعرض في المضار الطبية في الاستمناء بكف الإنسان نفسه فكذلك بكف الزوجة!! الأضرار النفسية للعادة السرية: وأسوأ ما في العادة السرية هو: هذا الأثر النفسي الذي تحدثه عند من يدمن القيام بها؛ فهي تحدث أثراً سلبياً على الشخص يؤدي به إلى: 1- إحساس بالدناءة ومنافاة المروءة. قال القرطبي رحمه: (الاستمناءُ عارٌ بالرجل الدنيء؛ فكيف بالرجل الكبير!!) 2- قال ابن حزم -رحمه الله - بعد إباحته للاستمناء: (إلا أننا نكرهه؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق , ولا من الفضائل) . 3- مقت النفس. 4- الشعور بالنفاق. 5- الإحباط خاصة بعد الإنزال مباشرة؛ لإحساس الشخص أنه خسر ولم يضف جديداً إلا لذة وقتية. 6- الخجل من النفس , خاصة أن هذه العادة تمارس سراً في خفاء. 7- القلق والتوتر. 8- تصل بعض الحالات إلى الانتكاس والتنكّب عن الطريق السوي؛ لشعوره بازدواجية الشخصية. 9- صعوبة الإقلاع عنها لمن أدمنها حتى بعد الزواج , وكثيراً ما يحصل شقاق بين الزوجين من رواسبها. 10- الكآبة النفسية, والانطواء , والبعد عن الحياة الاجتماعية؛ مما يؤدي إلى شرود الذهن. 11- أيضاً توقع الأضرار المستقبلية يظل كامناً في النفس بعد كل ممارسة؛ مما يؤدي إلى انعكاسات نفسية خطيرة.

ومما تقدم من أقوال الأئمة والعلماء فالذي نميل إليه هو: قول من فصّل من العلماء فالمنع والتحريم للعادة السرية أولى , إلا إذا اضطر الإنسان إليها؛ لعدم قدرته على الزواج أو الصوم , بعد الاجتهاد فيهما، وكمسافر بعيد عن زوجته , وما أشبه هذا , مع الحرص على عدم الإكثار منها؛ لما يترتب عليها من أضرار كما سبق , وحتى لا تتحول إلى طريق للبحث عن الشهوة بدلاً من إطفائها , أو الحد منها , وينبغي اللجوء إلى الله عز وجل والإنابة إليه والدعاء بالاستعفاف؛ فهو سبحانه العاصم من كل سوء والموفق لكل خير. وهنا نذكر أنه حتى على القول بتحريمها فإنها ذنب كغيره من الذنوب تكفره التوبة والاستغفار، وينبغي ألا يستسلم الشاب للحزن واليأس، والشدة على النفس في التقريع مما يعوقها عن كثير من سبل الخير بعد ذلك، والعجيب أن كثيرين يقعون في ذنوب هي أعظم من العادة السرية كالكذب في الحديث، والغيبة، والنوم عن صلاة الفجر ... ، وهكذا، ومع ذلك لا يلومون أنفسهم بعض هذا اللوم، ولا يحسون بشيء من تأنيب الذات، بينما يتعاملون مع موضوع العادة السرية بحساسية مفرطة، بحيث تؤثر على كثير من نواحي حياتهم السلوكية والدراسية والتعبدية. والمطلوب وضع الأمور بحجمها الحقيقي، وقد جعل الله لكل شيء قدراً. ثم إن الوقوع في هذه العادة له أسباب، منها: 1- تأخير الزواج: فكثير من الشباب لا يقدمون على الزواج المبكر، بسبب عقبات كثيرة قد تواجه الشاب في بيته أو مجتمعه، أو غير ذلك. 2- ضعف الوازع الديني: فإن ضعيف الإيمان، كلما تحركت في نفسه شهوة أو نزوة، سارع إلى قضائها، وأما قوي الإيمان، فإن عنده الصبر والعفة، والخوف من الله تعالى؛ فينهى النفس عن الهوى. 3- الشَّبَق: شدة الغُلْمة وطلب النكاح: لسان العرب (10/171) .والإثارة الجنسية: حيث إن الرجل إذا شاهد ما يثيره، سواء رأى امرأةً، أو صورةً، أو غير ذلك، فإنها تولد لديه ما يسمى بالشبق والإثارة. 4-التعود: فإن الشاب إذا وقع في العادة السرية بعض المرات؛ فإنها تصبح عادةً -كما سميت- ويصبح الشخص يفعلها، وإن لم يكن هناك دافع كبير لها، ولكن بمقتضى العادة التي هيمنت عليه؛ بل إن بعضهم -والعياذ بالله- بعد أن يتزوج، وييسر الله له الحلال؛ لا يجد لذة إلا في ممارسة هذه العادة الشائنة. 5-أنها تتحول -مع التعود- من قضاء للشهوة إلى رغبة في تحصيل اللذة: ذلك أن الشاب يفعل هذه العادة أول مرة؛ ليتخلص من الشهوة التي تفور في جسده كالنار، لكنه بعدما يعتادها يصبح يفعلها لمجرد تحصيل اللذة -وإن لم يكن هناك شهوة تتأجج في جسمه-. 6- الخلوة والانفراد: وبخاصة الذين يكثرون من مشاهدة الصور المحرمة، فإن أحدهم إذا خلا وانفرد بدأت الصور التي سبق أن رآها تعود إلى ذاكرته، ويستعرضها ذهنه، وتتراقص في عينيه؛ ثم يدعوه ذلك إلى الوقوع في العادة السرية. فإلى كل شاب وقع في هذه العادة وأصبح أسيراً لها متشوفاً إلى الانعتاق منها أقول: أنت قادر على ذلك، وتملك جميع الوسائل لإصلاح نفسك، وإياك أن تعتقد أن محاولاتك السابقة الفاشلة أفقدتك القدرة، فإن الشيطان يريد منك أن تصل إلى مرحلة اليأس من صلاح حالك، وعند ذلك تفرح عدوك على نفسك.

اسلك منهجاً رشيداً في التغيير، فأنت وصلت إلى هذا المنحدر بالتدرج، فالصعود إلى القمة سيكون بالتدرج أيضاً، غير حالك ونظامك في جميع ساعات الاستيقاظ، ارتبط بعمل يشغل وقت فراغك سواء في أمر دين أو دنيا، صارح نفسك، وخاطب عقلك: كم مرة فعلت هذه الفعلة، وكانت البداية شهوة فأصبحت عادة مالكة لك تقوم بها بلا لذة، أصبحت عبداً لها، كنت تمارسها وأنت ثائر تغالبك الشهوة، واليوم صارت عادة تسيرك فتمارسها ثم تدفعك إلى مثلها، وهكذا تدور في حلقة مفرغة.

العادة السرية حطمتني

العادة السرية حطمتني المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/العادة السرية التاريخ 07/01/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعاني منذ سنوات من العادة السرية، ولم أستطع أن أفك نفسي من أسرها، مع علمي التام بأضرارها من جميع الجوانب، وقبل ذلك حكمها الشرعي، ولكني الآن في صراع محموم مع هذه السيئة، خصوصًا وأنه يسألني طلابي أكثر من مرة عن حكمها وأضرارها، وأجيبهم بما علمت من الأدلة الشرعية والطبية والنفسية، وبعد هذا أرى أني أتجرأ على الله بوقاحة، عندما أمنع غيري وأحذرهم من هذه العادة وأنا أمارسها منذ سنوات، وبصراحة يا شيخ أرى أني لا أصلح لأن أكون مدرسًا في المسجد وأنا على هذه الحال، المصيبة أني أعرف أن هذا من مداخل الشيطان حتى أترك الاستقامة، ولكني لا أستطيع الاستمرار على هذه الحال! وأريد إخبارك أني استخدمت جميع طرق مكافحة هذه العادة من صيام، أو غض البصر، أو العلم الشرعي، ولم أستطع، وأشعر الآن أني أسير سراعًا في طريق لا أعرف ما نهايته، وإلى أين سينتهي بي المطاف، فأسألك بالله، وأستحلفك به أن تساعدني، ولك من الله أجري، وأجر من هم تحت يدي من شباب المسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: أولًا- أحبك الله الذي أحببتنا فيه، وجعلنا وإياك من المتحابين في الله، فيظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وجزاك الله خيرًا على ثنائك، ونرجو أن نكون جميعًا من العاملين لهذا الدين العظيم الذي أكرمنا الله به، وإن من أعظم نعم الله على العبد أن يستعمله في مرضاته، وإذا أحب الله عبدًا استعمله في عمل الخير ثم قبضه عليه، وإني لأرجو الله أن يجعلنا جميعًا من هؤلاء. ثانيًا- أعجبني فيك صراحتك وإحاطتك بالمشكلة وطبيعتها. ثالثًا- إن إدراك الإنسان لطبيعة مشكلته، وعلمه بالأسباب الموقعة فيها يسهل الوصول للحل ما دام جادًّا في ذلك، وقد لمحت من كلامك وحديثك ضيقك الكبير من هذا التناقض الذي تعيشه، أو الازدواجية في جانب من جوانب شخصيتك، حيث تنهى عن أمر وتأتيه، وهذا في حد ذاته بداية الحل، واعلم أنه علامة على إيمانك الصادق، واستقامتك الجادة؛ لأن كراهية المنكر وإتيانه دليل على إيمان العبد وصدق توجهه إلى الله سبحانه، ولذلك أقترح عليك -كحل لهذه المعضلة -ما يلي:

- إن كنت تستطيع الزواج فعليك بالمسارعة في ذلك، وإذا كنت تقول ظروفي المادية لا تسمح أقول لك: اتق الله وابدأ مشوار الزواج؛ من خطبة وغيره، وسوف تتسهل الأمور، بإذن الله، وفي الحديث الصحيح: "ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ". أخرجه الترمذي (1655) والنسائي (3120) . فاعزم على الأمر وتوكل على الله، يعينك ربك ويسهل عليك الصعب. وأعرفُ مَن كانت حالته شبيهة بحالتك وكان من أفقر خلق الله، ولما أشير عليه بالزواج قال: ومن أين أملك قوت يومي حتى أملك مالًا للزواج. فقيل له: ابدأ المشوار وستتسهل الأمور، بإذن الله، يقينًا بالوعد المذكور في الحديث النبوي الشريف. وسبحان الله جاءته الإعانة من كل مكان، فتوكل على الله يا أخي، واطرق الأبواب المشروعة وستُعان- إن شاء الله. ولو فرضنا صعوبة الأمر في ذلك، وتخشى على نفسك الوقوع في الحرام، فلا بأس بارتكاب أدنى المفسدتين اتقاء أعلاهما، فارتكاب العادة السرية أو نكاح اليد أهون من الوقوع في الزنى أو اللواط، واستشعر عند فعلها بارتكاب المعصية، وخوفك من الله أن يغضب عليك، ثم ألح عليه أن يجنبك الفتنة، والشر، والمعصية، ويحبب إليك الإيمان والطاعة، وأن يسهل عليك الحلال؛ فإنه قريب من عبده لا يخذله ولا يرده خائبًا. ثم عليك- بارك الله فيك- التقليل من الأكل، وغيره من أسباب إثارة الشهوة؛ فإنه سبب مهم في التخفيف من هذه المعصية وكرهها. وأقترح عليك إشغال أكثر وقتك في عمل خير كالدعوة إلى الله، أو السعي على الأرملة والمسكين، أو ما شابهه، أو في عمل مباح من الأعمال التي تكسب بها رزقًا؛ حتى تجهد وتصل إلى بيتك لا تجد وقتًا للتفكير في مثل هذه المعصية. اصبر، وما صبرك إلا بالله، ومن تصبَّر يصبره الله، والله معك، وندعو الله لي ولك أن يرزقنا فعل الخيرات وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أراد بعباده فتنة أن يقبضنا إليه غير مفتونين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماذا أقول له ليلة الدخلة؟

ماذا أقول له ليلة الدخلة؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/العادة السرية التاريخ 2/12/1424هـ السؤال السلام عليكم: فضيلة الشيخ: أنا شابة أبلغ من العمر 23 سنة، أتى إلي أكثر من خطيب في الآونة الأخيرة، لكن رفضتهم كلهم؛ لأني لم أكن أريد الزواج بعد، ولكن بعد يومين أو ثلاثة أيام سوف يأتي رجل سمعت عنه، وربما أوافق عليه، لكن مشكلتي هي أني قد مارست العادة السرية -أجلكم الله-، وأظن أني قد فقدت بكارتي. أولاً: كيف أعرف هل فعلاً فقدتها؟ أريد الزواج من الرجل، ولكن ما أقول له ليلة الدخلة؟ لا أستطيع أن أصارح أحداً من أقاربي أو أهلي؛ لأنهم سوف يزيدون المشكلة. الله يستر علينا وعليكم، ويتوب علينا وعليكم، يا رب. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه- وبعد: إلى الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بعد قراءتي رسالتك فهذا الجواب: الأصل بقاء عذريتك وبقاء غشاء البكارة سليماً، إلا أن تكوني استعملتِ شيئاً حاداً أثناء قيامك بهذا الذنب القبيح. ولفقد غشاء البكارة علامات تعرفها الفتاة، وقولك: (أظن) لا يفيد اليقين في ذلك، فالذي عندك مجرد ظن، أو احتمال، وغالباً يكون ذلك ضعيفاً، ولإزالة هذا الشك لا يمنع أن تعرضي نفسك للكشف الطبي بواسطة طبيبة مسلمة ثقة مأمونة، وهي التي تقرر لك هل فقدت غشاء البكارة أم لا؟ وعلى كل حال عليك بالتوبة إلى الله، والبعد عن كل ما يثيرك، وعليك بغض بصرك، والتحلي بالعفة، وأكثري من الدعاء، هذا، والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الزنا

افتض بكارتها فهل يجب شيء غير التوبة؟! المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا التاريخ 05/04/1427هـ السؤال لدي صديق عزيز علي يبلغ من العمر 27 عاماً وهو متزوج -ولله الحمد- ولكن هناك ذكرى نغصت عليه ذاكرته وحياته هذه الذكرى كما قال لي أنه عندما كان في 13-15 عاما كانت تربطه علاقة قويه بفتاة صغيرة تبلغ من العمر السابعة أو الثامنة فكان صديقي يداعبها كما يداعب المرء حرمته ولكنه لم يدخل الميل في المكحلة ولكنه في إحدى الأيام فض بكارتها بإصبعه وهو لا يعلم ماذا يعني هذا أو ما عواقب هذا الفعل وكل هذه الأعمال عملها ولم يبلغ سن الرشد بعد. شيخنا الفاضل أرجو أن تفيدوني في هذا هل يطلب من البنت الزواج؟ أم أن فترة ما قبل الحلم لم يكن محاسبا عليها؟ ونعتذر الإطالة ولكني أرجو الجواب الشافي من فضيلتكم. بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد: فالواجب على صديقك المذكور في السؤال التوبة مما حصل منه وذلك بالندم على ما فات والعزم على عدم العودة إليه. وكونه منزعج من ذلك هذا يدل على ندمه، والندم توبة. ولا يلزمه مع ذلك أن يطلب هذه البنت للزواج كما أني لا أرى له أن يتحدث معها في هذا الأمر وكونه يقول إنه قد فض بكارتها هذا ظن منه قد لا يصح. المهم أن ينصرف عن هذا الأمر ويقبل على الله تعالى بالتوبة والاستغفار والطاعة والبعد عن الاختلاط بالنساء. وإن فيما حصل من هذا الشاب لدرس وعبرة في خطر الاختلاط حتى بين الأطفال ولذا جاء في الحديث: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ... " أخرجه أبو داود (495) وغيره بإسناد حسن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنه- فالواجب على الآباء والأمهات أن ينتبهوا لأولادهم ذكورًا وإناثا وأن يربوهم على الأدب وحفظ العورات وحسن الكلام والأخلاق وأداء الصلاة وغيرها مما يحتاجون إليه. أصلح الله الحال والعيال وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.

زنت وتريد أن تتوب

زنت وتريد أن تتوب المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا التاريخ 6/12/1424هـ السؤال هل يقبل الله توبتي بعد الزنا؟ وهل يغفر لي؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو، إليه المصير، والصلاة والسلام على إمام التائبين القائل: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" أخرجه البخاري (11/85) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، صلى الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إلى الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. أختي السائلة، لقد قرأت رسالتك بكل مرارة وحزن، ويعلم الله أنه قد ساءني جداً ما وقعت فيه من جريمة الزنا، تلك الجريمة المنكرة، والكبيرة الموبقة المهلكة، والتي هي عدوان آثم على العرض، وهتك للستر، وتدنيس للشرف، وقتل للفضيلة، وإماتة للعفاف والحشمة، ونشر للرذيلة، وإضاعة للأحساب والأنساب، وعار وشنار على صاحبها، فهذه الجريمة البغيضة تنافي الإيمان وتجافيه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" متفق عليه البخاري (2475) ، ومسلم (57) ، وعنه - صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان كالظلة، فإذا خرج من ذلك العمل عاد إليه الإيمان" أخرجه الترمذي (2625) ، وأبو داود (4690) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ومع هذا كله وفوق هذا كله من تاب إلى الله تاب الله عليه، بل إذا صدق في توبته فإن الله يبدل هذه السيئات إلى حسنات، وإن شئت فاقرئي قوله - تعالى -: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان: 68-70] . أرأيتِ - يا أمة الله - كيف أن الله - جلَّت قدرته ووسعت رحمته - لطيف بعباده: "يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً"، بل قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله -سبحانه وتعالى وتقدس في عليائه - يفرح بتوبة العبد حين يتوب إليه، عن أنس -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" متفق عليه البخاري (6309) ، ومسلم (2747) ، واللفظ لمسلم. فيا أمة الله، البدار البدار إلى التوبة النصوح، والرجوع إلى الله والندم على ما حدث، ولقد وضع أهل العلم شروطاً للتوبة النصوح وهي: (1) الإقلاع عن الذنب. (2) الندم على فعل هذا الذنب والبكاء عند تذكره.

(3) العزم الأكيد على عدم العودة إليه مرة أخرى. فسارعي بالتوبة يا أمة الله بمجرد قراءتك لهذه الكلمات، وأذرفي الدمع سخيناً سخياً على ما فات، عسى الله أن يطلع عليك بعين الرضا، فيتوب عليك ويقبلك، فلا تقنطي من رحمة الله. عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله -تعالى- يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" أخرجه مسلم (2759) . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" أخرجه مسلم (2703) ، وهناك أمور يجب عليك أن تراعيها وهي: (1) البعد كل البعد عن مصاحبة أهل الشر والفجور من نساء ورجال، فيجب أن تقطعي علاقتك بكل صاحب سوء وخصوصاً من كانت لك معه علاقات آثمة. (2) البعد عن كل شيء يثير شهوتك، ويزيد من فورانها، سواء كان هذا مسموعاً أو مشاهداً أو مقروءاً. (3) الإكثار من الاستغفار والمحافظة على الصلاة، وقيام الليل، وقراءة القرآن وقراءة ما ينفعك في دينك ودنياك وسماع الأشرطة الإسلامية النافعة. (4) عليك دائماً أن تتذكري أن الله يطلع عليك ويراك، فاحرصي أن يراك حيث أمرك ويفتقدك حيث نهاك. (5) عليك بمصاحبة أهل الخير، وحضور مجالس العلم والذكر. (6) عليك الإسراع بالزواج إذا تقدم لك شاب صاحب دين وخلق، فهذا أجمل لك وأستر. (7) عليك بغض البصر عن كل ما حرم الله عليك من النظر إلى الرجال وكل ما يثير شهوتك؛ امتثالاً لأمر الله - تعالى-: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن" [النور: 31] . (8) عليك أن تشغلي نفسك بطاعة الله؛ لأن النفس إذا لم تشغليها بطاعة الله شغلتك بالمعصية. (9) إذا كان عندك شهوة قوية ولم يتيسر لك الزواج بعد فعليك بالصوم؛ لأن الصوم يحد من لهيب الشهوة، ويطفئ من نارها، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" متفق عليه البخاري (1905-5065) ، ومسلم (1400) ، ومعنى قوله: "فإنه له وجاء" أي وقاية له من الوقوع في الحرام، والنساء في ذلك مثل الرجال؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إن النساء شقائق الرجال" رواه الترمذي (113) وأبو داود (236) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. (10) عليك بالتحلي بالعفاف والحشمة والوقار حتى ييسر الله أمر زواجك قال -تعالى-: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنهم الله من فضله" [النور: 33] . (11) عليك بالالتزام بشرع الله في كل كبيرة وصغيرة، وعليك بارتداء الحجاب الشرعي والمحافظة على سمعتك وسمعة أهلك. (12) عليك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله واللجوء إليه بأن يقبل الله توبتك ويغفر زلتك، ويستر عيبتك، ويعفو عن خطيئتك، ويطهر قلبك، ويحفظ فرجك، وييسر أمرك بالزواج، وأبشري بخير فهو - سبحانه - القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة: 186] ، وقال -تعالى-: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62] .

(13) وأخيراً أقول لك إذا يسَّر الله أمر زواجك احذري ثم احذري ثم احذري أن تخبري زوجك بما كان منك في سالف زمنك، فاستري على نفسك كما ستر الله عليك، وأكرر وأقول: إياك ثم إياك ثم إياك أن تخبري زوجك أو أي أحد مهما كان قريباً منك أو حبيباً إلى قلبك، فلربما انقلب هذا القريب إلى بعيد والحبيب إلى عدو بغيض، فاحذري - يا أمة الله - أن تخبري أحداً بذلك، فكم من بيوت هدمت بسبب ذلك. هذا والله أعلم، والله أسأل أن يستر علينا وعليك وعلى سائر المسلمين في الدنيا والآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقع فيما يوجب الرجم

وقع فيما يوجب الرجم المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا التاريخ 2/12/1424هـ السؤال وقعت فيما يوجب الرجم بالرغم من كوني محل ثقة الناس وتقديرهم، ولا أدري ما أصنع؟ فقد انهارت أعصابي للتناقض الذي أشعر به. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: ما وقعت فيه إثم كبير، وجرم عظيم، يقول الإمام أحمد - رحمه الله-: "لا أعلم ذنباً أعظم بعد الشرك، وقتل النفس من الزنا"، ولذا قرنه الله بهما في كتابه: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً" [الفرقان: 68] . يجب أن تشعر بحرقة الذنب، وألم المنكر، بل وبشاعته، ويجب أن تشعر كذلك بوخزة الضمير على التناقض الذي تعيشه؛ فأنت محل ثقة الناس وتقديرهم ... لكن يجب ألا يصل بك هذا الشعور إلى حد القنوط واليأس من رحمة الله، فإياك أن يظفر الشيطان منك بهذا، فترتكب خطيئتين، ليست الثانية (القنوط من رحمة الله) بأهون من الأولى (الوقوع في الفاحشة) ، فالله أمر نبيه أن يدعو عباده إلى الأوبة إليه غير قانطين ولا يائسين: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله" [الزمر:53] . إنه ليس بينك وبين رحمة الله إلا أن تلجأ إلى التوبة، فتتفيأ ظلالها، وتتقي بها عذاب الله ومقته. إن هذا الشعور يجب أن تستشعره؛ لأنه أول خطوة للتصحيح، فما التوبة إلا ندم يعقبه إصلاح للحال، وتكفير للخطيئة بالإكثار من عمل الصالحات، ولذا كثيراً ما يقرن الله التوبة بعمل الصالحات،؛ كقوله: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً.." [الفرقان:68، 69] ، وكقوله: "فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً ... " [مريم:59 -60] ، وكقوله: "إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم" [آل عمران:89] ، وكقوله: "فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين" [القصص:67] ،وكقوله: "إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم" [البقرة: 160] . وما أحدث عبد ذنباً إلا وجعل الله له إلى التوبة مخرجاً ميسراً، ولو كانت التوبة مُعجِزَةً أحداً أن يسلك سبيلها لكان الله قد كلف عباده ما لا طاقة لهم به، والله -سبحانه- منزه عن ذلك أعظم التنزيه. فخذ بأسباب الهداية، واستعن بالله ثم بما يعينك على عدم العود إلى سابق عهدك، والزم صحبة صالحة تعينك على طاعة الله، وتملأ قلبك من محبته وخشيته، وابتعد عن مواطن الفساد والفتنة، وطهِّر بيتك من مهيجات الفتنة، وداعيات السوء والفحشاء. وقاك الله شر نفسك وشر الشيطان وشركه، وصلى لله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أعينوني على صديقي!

أعينوني على صديقي! المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا التاريخ 26/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: لي صديق منحرف، وانحرافه يتمثل في الزنا ومغازلة النساء - الله المستعان- هل يمكن إرشاده؟ وما هي الطرق المعينة على ذلك؟ وهل توجد مراجع (كتب أو مواقع) أسترشد بها لمثل هذه الأمور؟ والله الموفق. الجواب أخي الفاضل -سلمه الله-: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فأشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، وحرصك على أمر دينك، وأرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.. نعم يمكن إرشاده ونصحه، ولا يجوز أن تيأس من صلاح الناس وهدايتهم مهما بلغ فسادهم وانحرافهم، والواجب الاجتهاد في الدعوة وسلوك أحسن السبل والوسائل الشرعية لتحبيب قلبه للطاعة وكره المعصية، ولا شك أنك بحاجة إلى من يعينك من الدعاة والمصلحين وما أكثرهم ولله الحمد والمنة، فأشير عليك أن تتحدث مع من تراه قريباً من بيتك، أو عملك، أو من قرابتك من أهل الصلاح، فسيدلوك على كثير من الوسائل المعينة، ولا بأس أن أذكر لك بعضاً منها: - إهداؤه شريطاً دعوياً وعظياً مناسباً ومؤثراً، وهذا تجده في التسجيلات الإسلامية. - إعطاؤه كتاباً أو كتيباً صغيراً يدور حديثه عن الإيمان وتقويته، أو عن الموت، أو عن خطورة الزنا وطرق الانحراف، وهي كثيرة جداً في المكتبات. - تشير على بعض أهل الدعوة والصلاح أن يقوموا بزيارته. - تحاول أن تصحبه معك في محاضرة أو زيارة لعالم أو داعية. - ذكِّره بالصلاة؛ فإنها مفتاح كل خير. - ادع له بالهداية في ظهر الغيب، واصدق في دعائك. - تحدّث معه بحوار هادٍ عن مغبة هذا الطريق وخطورته عليه في الدنيا والآخرة. - اصحبه للمقابر؛ ليتذكّر الموت وسكرته، والقبر وظلمته، ولو تيسَّر لك إهداء شريط يتحدث عن الموت وتغسيل الموتى والعبر التي يذكرها من يقومون بذلك فحسن. - تذكّر أن لك في دعوته ونصحه أجراً عظيماً، واعلم أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال كما في الصحيح: "لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم". - لا تستعظم هدايته أو توبته، ولا تتصور أنها بعيدة عنه أو مستحيلة أبداً، فكل إنسان فيه بذرة صالحة يحتاج من يحييها في قلبه ويوقظها في روحه، وتذكّر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- كان من أعدى أعداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحاول قتله، حتى لما طمع بعض الناس في هدايته استبعدها آخرون، حتى قال قائلهم: (لو أسلم حمار آل الخطاب ما أسلم عمر) ، وشاء الله أن يسلم، ويصبح حصناً من حصون الإسلام المنيعة، فليس هناك شيء عظيم على الله، فتأمل. - وأشير عليك بزيارة لأي مكتبة قريبة منك، وانظر في ركن كتب الدعوة، وستجد ضالتك في هذا الباب. وفقك الله لكل خير، وجعلك من الدعاة الناصحين، والهداة المهديين إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

أخي والخادمة

أخي والخادمة المجيب سعد بن عبد الله الماجد عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا التاريخ 03/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي أني أشك في علاقة أحد إخوتي بالخادمة، فلقد رأيته في غرفتها، وعندما واجهته أمي ادَّعى أنه يبحث عن غرض له، وهذا الأمر يتكرر كثيراً معي، فدائما أشاهده إما يحادثها أو خارجا من غرفتها ليلاً، كما أن الخادمة تقضي وقتاً طويلاً في تنظيف غرفته ومكتبته الخاصة, أفعاله هذه في ازدياد، حتى بعد زواجه، وإحدى الخادمات رفضت العمل بسببه، والأخرى اشتكت لي من تحرشه بها، أنا بدوري أخبرت والديَّ بكل ما يحصل، ولكني لم أر أنهم فعلوا شيئاً، بل أحس أنهما يخجلان من الحديث معه مباشرة، ويكتفيان بلمزه بالكلام، أنا في حيرة من أمري معه، ومشاعر الكره والاشمئزاز تزيد في نفسي تجاهه، ومللت من التكتم على الموضوع والمداراة عليه، والوساوس تتسلل لنفسي، فلماذا أنا الوحيدة بالعائلة التي أراه وأكتشفه بهذا الوضع؟ حتى أن أمي ملّت من شكواي منه، وبدأت تتهمني بالمبالغة والوسوسة، وأنا لا أملك القدرة على مواجهته، فدموعي تسبقني، أرجو المساعدة منكم، وتوجيهي للتصرف السليم تجاه هذا الأمر، خصوصا وأن مشاعر الكراهية لأخي تزداد، وبدأت أشك في كل تصرفاته، ولم أعد أرتاح للجلوس معه ولا بوجوده بالبيت، وخاصة إذا كنت لوحدي، ولكم مني صادق الدعوات وجزيل الشكر. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه إحدى مشاكل استقدام الخادمات بلا محرم، وعدم تحجبهن عن الرجال سواء كان الكفيل أو أولاده من الذكور، أيضا كثير من الأسر لا ترفع عوداً من الأرض إلا وتطلب الخادمة لرفعه، حتى غرف النوم تنظفها وتدخل إليها كما في هذه المشكلة. وجود امرأة أجنبية عن البيت من أسباب الفساد الأخلاقي، ووقوع كثير من المشكلات الأخلاقية والأمنية، وعدم تفهم الآباء والأمهات لمكمن الخطر في استقدام الخادمات يزيد من تفاقم المشكلة، وتحل المصائب على البيت ومن فيه. أرى بأنه في سبيل حل المشكلة فلا بد من الأمور التالية: -إذا كان هذا الأخ يبغض الخادمة ثم تغير فجأة فهذا نذير خطر فقد يكون مسحوراً. أو إذا كان يبحث عن الخادمة ويطلبها من غير اختيار فكذلك. -.إذا كان العكس فيكون مبتلى بحبها والعياذ بالله، وفي جميع الأحوال لابد من اتصالك بركن شديد في البيت، الأب واطلاعه على ذلك وعلى الوقت حتى ينظر في القضية، فإن لم يكن فأخ لك حتى يوقف فساد هذا المد. فإذا تبين بعد ذلك أن هذا الأخ جاء الفساد من قبله فأرى تسفير هذه الخادمة بغير رجعة، وعدم استقدام أخرى والاعتماد على أنفسكم، وترك الكسل الذي يجر المصائب. أما إذا تبين أن رغبته هذه في الخادمة بغير استطاعة فيقرأ عليه، فقد يكون مسحوراً ويمنع من البيت إلى وقت، ويحقق مع الخادمة حتى تعترف ويخرج السحر حتى يتلف، وتسلم للجهات الأمنية حتى تحاسب على فعلتها الشنيعة. وعدم تسفيرها فيه مصلحة؛ لأنها قد تكون سحرته فتخرج هذا السحر، أما إذا سافرت فيتفاقم الوضع إلى ما لا يحمد عقباه ... أيضا قللي من مضايقتها أو مكاشفتها بذلك لتعترف، فقد تجرك إلى مهاوي الرذيلة من حيث لا تشعرين والسلامة لا يعدلها شيء. في الأخير عليك بدعاء الله - تعالى - في حل هذه المصيبة، وأن يجنب أهله الفساد والشقاق وأهل السوء. والله يحفظكم ويرعاكم.

أدمن على الزنى فرغب عن الزواج

أدمن على الزنى فرغب عن الزواج المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا التاريخ 28/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ابتليت وأنا في صغري بكثرة الزنا حتى قبل أشهر، حيث كانت حياتي مرتبطة بالنساء، حيث تدربت على يد بنت الجيران؛ كانت تكبرني بخمس عشرة سنة، وأنا حينها في السادسة عشرة من عمري، وبعدها عرفت طريق الزنى، وأرى كل بنت يسهل التعرف عليها أو يمكن أن تخون، لقد عشعش هذا التفكير على حياتي، ولم أستطع تغييره بكل السبل، لا أخاف من الزواج بل كرهته، وكرهت الكلام والجلوس حتى في العمل، بل أعاملهن أقل درجة (إلا الجنس فهو لغريزتي) ، لجأت لديني بعد أن منَّ الله علي بالهداية. فهل من حل؟ الجواب الأخ الكريم سلمه الله ورعاه، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: - فأبارك لك توبتك ورجوعك إلى الله، وهنيئًا لك فرح الله بك وبعودتك إليه، ونرجو الله أن يقبلنا جميعًا عنده ويغفر لنا، ويعفو عنا، ويثبتنا جميعًا على الإيمان والطاعة حتى نلقاه وهو راض عنا. - نعم، هناك حل ودواء لما تشكو منه؛ فإن الله ما أنزل من داء إلا وله دواء، ونحمد الله أن شرح صدرك للطاعة، ولبغض المعصية، وهذا أول الطريق الذي يسلكه العبد الجاد في التوبة والبعد عن المعصية، إن وجود الرغبة الملحة لترك المعصية ولبغضها هو الوقود- بعد عون الله- للانتصار على النفس الأمارة بالسوء، فأبشِرْ بخير، واعلم أنك بحاجة إلى أن تنتبه لبعض الأمور التي سوف أقترحها عليك للفوز بالنفس المطمئنة، وانشراح الصدر بالطاعة وكراهية المعصية، ومن ذلك: 1- أكثر من تذكر بشاعة تلك الجريمة؛ ليزداد بغضك لها ونفورك منها، لاسيما إذا تذكرت لو أن المزني بها أمك، أو أختك، أو زوجتك، أو بنتك، فهل ترضاه لهن؟ لاشك أنك لا ترضاه، وكذلك الناس لا يرضونه لنسائهم. 2- أؤكد عليك أهمية الزواج ووجوبه عليك؛ ليعصمك من الرجوع إلى ذلك الذنب مرة أخرى؛ لأن فيه غنية وعفافًا، وليس بصحيحٍ نظرتك إلى الزواج وكراهيتك بناء على نظرتك السوداء للنساء بحكم تجاربك معهن، فإن النساء ليسوا سواء، وكذلك الرجال، والناس يقولون: أصابعك ليست سواءً. وكذلك الحال في الناس؛ ليس كل من وقع في فاحشة أو خيانة يكون الناس كلهم كحاله، فتأمل هذا جيدًا، واعلم أن في الأمة من النساء الخيرات الصالحات القانتات من يسرك عفافهن وحشمتهن ودينهن، فلا بد من أن تقدم على الزواج عاجلًا وليس بآجل.

3- تذكر أن الإخلاص لله عز وجل- في التوبة النصوح، والعمل الصالح واجب، وأن العبد إذا لجأ إلى ربه بإخلاص وصدق وفَّقه الله وأعانه وصرف عنه السوء والفحشاء، قال سبحانه عن يوسف عليه السلام: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [سورة يوسف: 24] . فأخبر سبحانه أنه صرف عن يوسف السوء من العشق والفحشاء من الفعل؛ بإخلاصه، فإن القلب إذا أُخلص وأَخلص عمله لله لم يتمكن منه عشق الصور، فإنه إنما يتمكن من القلب الفارغ. 4- لابد من توطين النفس على الصبر فالصبر خصلة محمودة، وسجية مطلوبة، وعواقبه جميلة، وآثاره حميدة، وهو علاج ناجع، ودواء نافع، وأكثر الناس له حاجة من يتعرض لفتن الشهوات خاصة فهو أحوج الناس إليه، فلابد من التذرع به، وأن تتكلفه وتوطن النفس عليه وتتجرع مرارته في بداية الأمر لتذوق حلاوته في النهاية، ومن ثم يصبح لك سجية وعادة. وفي صحيح البخاري (1469) ومسلم (1053) عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنْ الصَّبْرِ". 5- املأ قلبك بمحبة الله عز وجل، من خلال تذكر نعمه عليك، وستره لك على ما فعلت، ومع ذلك يقبلك إذا عدت إليه، ويحبك ويقربك، ولا يخفى عليك أن في القلب فقرًا ذاتيًّا، وجوعًا، وشعثًا، وتفرقًا لا يلمه ولا يسده إلا محبة الله والتوجه إليه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله: (فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه، ومن حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة) . فإذا خلا القلب من محبة الله تناوشته الأخطار، وتسلطت عليه سائر المحبوبات، فشتتته وفرقته وذهبت به كل مذهب. 6- حافظ على الصلاة مع جماعة المسلمين، فإن الله يقول: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ واللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون) [العنكبوت: 45] . فكم في ترداد المسلم إلى المسجد من تزكية لنفسه وصلاح لقلبه. 7- احرص على غض البصر ما استطعت إلى ذلك سبيلًا؛ فمن غض بصره أطاع ربه وأراح قلبه، وسلِم من تبعات إطلاق البصر، ونجا من التعلق بحب الصور التي يراها، وقد قيل: (إن حبس اللحظات أيسر من دوام الحسرات) . 8- لابد من البعد عن المثيرات التي تحرك كوامن الشهوة، وتدعو إلى فعلها من الاختلاط بالنساء، ومشاهدة الأفلام، وسماع الأغاني، ولابد من قطع صلتك بما يذكرك بالفاحشة. 9- اشتغل بما ينفعك وتجنب الوحدة والفراغ ما استطعت. 10- أكثر من الدعاء والابتهال إلى الله بأن يصرفك عن السوء والفحشاء، وأن يحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك، فإنه على كل شيء قدير. 11- احرص على الصحبة الصالحة فإنها مفتاح كل خير، وتجنب صحبة الأشرار فإنها مفتاح كل شر وبلاء.

12- تذكر العواقب السيئة من فعل هذه الفاحشة؛ من الأمراض المستعصية، ومن الفضيحة وغير ذلك، وليكن لك عبرة بمن ابتلوا بالفضيحة أو الأمراض، ومعلوم أن الشهوة الخاطئة، والنزوة العابرة سيعقبها حسرة وندامة، وخزي وعار، وذلة وشنار، وأن لذتها ستصير عذابًا فتذهب اللذات وتبقى التبعات والحسرات. تَفْنَى اللَّذَائِذُ مِمَّنْ نَالَ صَفْوَتَهَا*** مِنَ الحَرَامِ وَيَبْقَى الإِثْمُ والعَارُ تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ فِي مَغَبَّتِهَا *** لَا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِن بَعْدِهَا النَّارُ 13- أكثر من زيارة القبور لتذكرك الآخرة فتتعظ وتزهد في المنكر. هذا، وأسأل الله لي ولك الهداية والرشاد، والعفو والعافية، والتوفيق والسداد، إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

الشذوذ الجنسي

كيف أنقذ هذا الطفل من الاغتصاب؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي التاريخ 16-12-1423 السؤال مجموعة من شباب الحي المجرمين يغتصبون أحد أطفال الجيران ويمارسون ذلك معه مراراً وهو كاره لكنهم يهددونه بالضرب وبالفضيحة، والأعجب من ذلك أن والد الطفل لا يعلم، والطفل نفسه يخاف من أبيه إذا علم بذلك الموضوع، وعمر الطفل الآن10 سنوات. سؤالي: ما هو واجبي أنا؟ وهل هناك جوانب في التربية كانت السبب في تلك المأساة؟ أرجو التوجيه جزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " أيها الأخ الكريم: إن هذا الطفل في الحقيقة واقع بين ثلاث دوائر كل واحدة منها تعتبر إشكالية بحدّ ذاتها، فالدائرة الأولى هي دائرة ذلك الأب بعنفه وقسوته مع أبنائه حتى بدت المشاكل التي تعصف بهم أهون عليهم من علم أبيهم بها ومن ثم تلقي اللوم القاسي وربما العقاب الأليم. هذه النوعية التربوية عند بعض الآباء لا يمكن لها أن تولّد إلا أبناءً يغلب الخوف عليهم وتتحطم نفسياتهم وتضعف ثقتهم بذواتهم فلا يستطيع الواحد منهم أن يقول ما يريد أو على الأقل أن يدافع عن نفسه إذا ظُلم أو اعتدى عليه أحد. الإشكالية الثانية التي يعيشها ذلك الطفل هي ضعفه وخوفه سواء من والده أو من هؤلاء المجرمين فأصبح ألعوبة بأيديهم نتيجة لذلك الخوف عنده وقلة الثقة لديه ودنو همته وما ذلك إلا نتيجة كما قلت إلى نوعية التربية التي تلقاها من والديه، فهذه النفسية جعلته دائم الخوف من والده ونتيجة لذلك رضي بأن ينخرط في ذلك العمل المشين وبأن يكون أداةً يجد العابثون فيها بغيتهم من ارتكاب الفاحشة فيه ويرى أن ذلك أيسر عذاباً وأهون شراً من معرفة والده بحقيقة معاناته. أما الإشكالية الأخيرة فهي تلك البيئة السيئة وذلك المجتمع العفن وهذا الحي القذر الذي يعيش فيه هذا الطفل والذي ولّد مثل هؤلاء المراهقين المجرمين فأصبحوا هماً لا يطاق على الساكنين وجرماً يجرمون به في حق أنفسهم وحق الآخرين. والإنسان العاقل حينما يشاهد مثل هذا العفن في الحي فالارتحال عنه يكون أنجح وسيلة وأهم طريقة للخلاص بالنفس والأولاد من براثن هذا الوحل الذي تنتشر فيه جراثيم الفاحشة ومعاول الهدم للأخلاق وللفضيلة أيها الأخ الكريم إن اهتمامك بهذا الأمر وبهذا الطفل الصغير لهو دليل وعي وشعور بالمسؤولية تجاه أبناء جيرانك وهو أمر تؤجر عليه بإذن الله تعالى والنفع والفائدة تتم إذا واصلت عملك وخلّصت ذلك الطفل من هذا الوحل الذي وقع فيه. ولذلك فإن الواجب عليك عمله هو القيام بعمل يتكون في الحقيقة من مرحلتين هما في غاية الأهمية: الأمر الأول هو انتشال ذلك الطفل البريء من بين أيدي هؤلاء الشباب الذئاب المجرمين كما وصفتهم في سؤالك وذلك إما بإيقافهم عند حدهم والتكلّم معهم وتوبيخهم أو بتهديدهم إن لم ينتهوا عن مضايقة ذلك الطفل والاعتداء عليه بإخبار الجهات المختصة والمسؤولة عن مثل هذه القضايا.

وأما الطفل فيجب عليك الالتقاء به والتحدث معه والتحبب إليه بالكلمة اللطيفة والابتسامة الجميلة حتى يرتاح إليك ويثق بك ومن ثم يسهل عليك مصارحته بأفعاله وإعطائه جرعة أكبر من الثقة بالنفس ليثق في نفسه وتعلوا همته ومن ثم يستطيع رفض مطالب هؤلاء المجرمين وكراهيتهم وأنهم لا يستطيعون إخافته أو تهديده. المرحلة الثانية من العلاج وهي مرحلة متأخرة عن الأولى قليلاً خاصة إذا رأيت تمادياً في ذلك العبث وهذا الجرم بحق هذا الطفل وهو التدخل في الأمر وإيصال خبره إلى والد الطفل فهذا من الأمانة ومن حقه عليك كأخ مسلم لك. دورك هنا ليس فقط إيصال الخبر للأب بل بالجلوس معه ومناقشته والتوضيح له أن أسلوب العقاب والزجر القاسي الذي يتبعه مع أبنائه هو الذي أوجد مثل هذه المشكلة إذ لو كان هذا الطفل لا يخاف من أبيه لأخبره بالأمر من حين البداية وقبل الدخول إلى أوحال اللواط والفاحشة. إن شدة الأب وقسوته يجب أن تتغير وتتبدل إلى اللين والمفاهمة والمناقشة مع الأبناء كي يشعروا بالأمان معه وليس بالخوف والفزع والرهبة منه. هذه المفاهيم يجب عليك إيصالها إلى ذلك الأب كي يتعدل سلوكه ويحنوا على أولاده إذ القسوة لم تكن أبداً وسيلة تربوية ناجحة مع الأولاد. شكر الله لك سعيك ووفقك. وأعلم وفقك الله أن مشكلة اللواط من المشاكل التي توجد في الكثير من المجتمعات وعلى مر التاريخ حتى أن الله سبحانه وتعالى أرسل أحد رسله إلى قومه لا لشيء إلا لعلاج هذه المشكلة التي أصبحت بحكم الظاهرة المشاهدة والمتفشية في كل مكان وعند كل مجموعة من الأفراد في ذلك المجتمع المريض، أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه لوطاً عليه الصلاة والسلام إلى قومه لأنهم بانحراف طباعهم جاءوا بشيء لم يسبقهم إليه أحد وهو فاحشة اللواط والتخلي عن الاستمتاع بالنساء بل المتعة لا يرونها إلا في هذا العمل المشين. وقد ظلت النظرة إلى هذا العمل نظرة ريبة ومقت وازدراء في كثير من المجتمعات لما تتسم به من مخالفة ظاهرة وواضحة للفطرة السليمة التي خلق الله الخلق عليها، ولذلك بقيت هذه الفاحشة محل تستر وخفاء ومكان مظلم لا يجرؤ الإنسان المنحرف أو الشاذ إلى فعله إلا مختفياً عن الأنظار ومبتعداً عن الضوء كي لا يفتضح أمره أمام الملأ، ولشدة مقتها وبعدها عن النظرة السليمة والخلق المستقيم والذوق المعتدل قد لا يتصور الإنسان النظيف أنه يمكن أن تكون لديه الشهوة الجنسية مع إنسان ذكر، ولذلك يقول عبد الملك بن مروان " والله لولا أن أمر اللواط " الشذوذ الجنسي" ورد ذكره في القرآن لما صدّقت أن ذكراً يعلو ذكراً " ولسوء هذه العلة القبيحة كان جزاء المرتكب لها في جميع الأديان هو القتل إذ هو يعتبر كالجرثومة التي تنخر في جسد الأمة وفي جسم المجتمع ولا صلاح لها إلا بالخلاص منه واجتثاث أصوله.

وفي هذا الزمن ومع انتشار الحرية المغلفة بالديمقراطية ومن ثم الموجات التحررية المتتالية التي نشأت في المجتمعات الغربية وكإحدى ثمار الحداثة وما بعد الحداثة النافية للحقيقة المطلقة وأنه لا أحد يمتلك الحق وما يكون حقاً في نظر الإنسان قد لا يكون هو الحق بذاته أو هو حق عند الآخرين وعليه فكلٌّ له الحق في عمل ما يريد وما يشاء حتى ولو كان ذلك العمل فيه اعتداء على الفكر أو الدين أو الأخلاق أو الفطرة السليمة. ونتيجة لذلك برز الشذاذ في المجتمعات الغربية وعلا صوتهم بعد أن كانوا مقموعين ومنبوذين وشكلوا الجمعيات باسهم وأنشئوا الرابطات التي تجمعهم وتتكلم باسمهم بل وتناضل من أجلهم، ثم ما لبثوا أن اخترعوا أمراً جديداً وهو محاولة التلبيس على الآخرين بأنهم ليسوا شذاذاً، واللواط إنما هو أمر فطري خَلقي " بفتح الخاء" بمعنى أن الميل نحو نفس الجنس ليس ناشئاً بسبب انتكاسٍ في الفطرة أو الخُلُق بقدر ما هو استجابة لنوعية معينة من الهرمونات الموجودة في الجسد بحيث تجعل صاحبها لا يميل جنسياً إلى الجنس الآخر بل إلى نفس الجنس، وكل هذا لا لشيء إلا لمحاولة إبراز الشاذين إلى المجتمع كأسوياء، والتخلص من نظرة الناس الطبيعيين السيئة تجاههم المستقبحة لفعلهم والماقتة لشذوذهم. يقول الدكتور منتصر أبو الهيجاء في رسالة له إلى هذا الموقع حول هذا الموضوع " وأفيدكم بأنه لم يثبت طبياً أن للهرمونات علاقة بهذا المرض الأخلاقي العضال والذي يكون سببه الرئيسي هو الانحلال الأخلاقي لا غير " انتهى كلامه. ويعضد هذا الكلام أن نسبة كبيرة من الشذاذ لا يكون تلذذهم الجنسي إلا تجاه الأطفال من الذكور ويكرهون الكبار ولو كان الأمر مسألة هرمونات لتساوى الأمر. أيضاً الشاذ في أغلب الأحوال يتمتع بالنظر واللمس وليس الاتصال الكامل مع الأطفال الذكور وهذا يدل على أن المسألة هي مسألة بحث عن جمال وحسن منظر وقد تعمق لدى الشاذ أنها موجودة في ذلك الطفل فلا تحصل له المتعة الجنسية والشهوة الغريزية إلا حينما يديم النظر إليه أو يقترب منه ومن ثم ارتكاب الفاحشة معه. أما عن أسباب الوقوع في هذه الخاصية المقيتة وهذا الخلق السيئ فكثيرة جداً لعل أبرزها: أولاً: عدم الخوف من الله والتورع عن معصيته وإذا ما أمن الإنسان عقوبة الله ولم يخف منه عمل الشنائع وصنع الأهوال. ثانياً: وهو في نظري مفتاح الولوج إلى هذه الآفة وهي النظر المتتابع وإطلاقه على من حباه الله الجمال وحسن المنظر، فالإنسان إذا لم ينه نفسه ويزجرها عند بداية وجود ذلك الهاجس لديه تجاه الآخر نمى ذلك الحس عنده حتى يصبح في قلبه كالجبل فلا يستطيع له حراكاً ولا يرى لنفسه لذةً إلا بالوصال مع ذلك الإنسان واقتراف الفاحشة معه والعياذ بالله. وكذلك أيضاً نوعية الجلساء والخلان والأصدقاء ونوعية التربية المتلقاة في البيت وفي المدرسة وكذلك البيئة المحيطة بالإنسان مثل الجيرة والحي وتفشى هذه الفاحشة القبيحة فيه كلها عوامل وأمور مساعدة على إمكانية ولوج الشاب إلى هذا العالم الفاسد والعفن.

مشكلة الشذوذ

مشكلة الشذوذ المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي التاريخ 27-8-1423 السؤال مشكلتي أنني شاب أسعى بكل جهدي أن أكون طبيعياً ولكن لدي هرمونات تجعلني في حال انخفاضها أنقلب إلى إنسان شاذ. أنا محافظ على صلاتي وحججت واعتمرت وعلاقتي بزوجتي جيدة.. حاولت الذهاب إلى طبيب فنصحني بالخروج للشارع ومصاحبة الشباب الفاسد. أنا أخاف الله وأريد الحل أرجوكم. الجواب لا أستطيع أن أساعدك فيما يتعلق بالجانب العضوي لمشكلتك، فلست متخصصاً، ولا أدري عن مدى تأثير الهرمونات عليك، فمن الممكن مراجعة طبيب متخصص يستطيع تشخيص حالتك ووصف العلاج، إن كان ذلك ممكنا. حقيقة يعيش الإنسان في قلق وهو يرى إعصار الشهوات يجتاح كل الحدود، ويستهتر بكل الأعراف، ويتنكر لكل الفطر، ولا يزيد مع الأيام إلا شدة وضراماً، يؤججه شياطين الإنس والجنس، وعبدة الدرهم والدينار، والضحية هم شباب أمتنا. والشذوذ هو مثال حي من مجموعة أمثلة مظلمة شاهدة على الانحطاط الأخلاقي الذي استشرى في هذا العصر. وغالباً ما يكون الشذوذ مرتبطاً بماض غير سوى يمر به من ابتلى بذلك، إذ لا يصل إليه الإنسان إلا بعد مرحلة متقدمة من الممارسة. ولكونه مخالفة للفطرة، وعملاً مقززا وانتكاسة خطيرة جاء في ذمه وبيان بشاعته نصوص كثيرة. فما عوقبت أمة من الأمم السابقة بمثل ما عوقب به قوم لوط - عليه الصلاة والسلام -، فقد حملهم جبريل عليه الصلاة والسلام بجناحه حتى جعل عالي قريتهم سافلها واتبعهم حجارة من سجيل منضود، قلبهم لأنهم قلبوا فطرهم السليمة، والجزاء من جنس العمل. لذلك رأى بعض الفقهاء أن عقاب الشاذ أن يلقى من مكان عل ثم يتبع بالحجارة حتى يهلك. وأخرج الإمام أحمد - رحمه الله - في المسند والحاكم وصححه ووافقه الذهبي - رحمهم الله جميعاً - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله من عمل عمل قوم لوط". وقد أورد البدري في كتابه (ذم اللواط) بإسناد حسن قول الفضيل بن عياض (لو أن لوطياً اغتسل بكل قطرة من السماء لقي الله غير طاهر) ولعل هذا محمول على أنه إذا لم يتب. وإضافة إلى أضرار الشذوذ الدينية مثل كونه كبيرة من كبائر الذنوب، ومدعاة لمحبة الفاحشة وبغض التعفف، وأضراره الخلقية كذهاب الحياء وقلة المروءة والرجولة، وذهاب النخوة والكرامة والأنفة، وزوال الغيرة فإن أضراره الصحية مخوفة، كالعزوف عن الزوجة، والإصابة بالأمراض الجنسية المختلفة كالزهري والسيلان، والإيدز، والأيام حافلة بكل جديد من هذه الأمراض ما دامت هذه الفعلة العفنة تزداد، بل وتسن القوانين لحماية أصحابها، وآخر انحطاط أن يعترف بشرعية نكاح الشاذين لبعضهم. وبالرغم من أنه كبيرة وأنه انتكاسة فلم ينقطع باب الأمل في الشفاء من هذا الداء، نعم؛ فما أنزل الله من داء إلا أنزل معه دواء، علمه من علمه وجهله من جهله. فمن أعظم وسائل العلاج:

1. الإقبال على الله تعالى بالصدق والتوبة النصوح إليه والانطراح بين يديه، وما أقبل أحد على ربه صادقاً منيباً إلا وجده تواباً رحيماً، ولئن كان الشرك وهو أعظم ذنب يغفره الله بالتوبة فكيف بما دونه؟ 2. مجاهدة النفس الأمارة بالسوء، فإن مثل هذا الداء المتأصل في النفس لا يمكن أن يزول بسهولة، ولا يتوقع من يصاب به أن يشفى في طرفة عين، بل الأمر يحتاج إلى مجاهدة وصبر ومصابره، حتى يتم الشفاء بإذن الله تعالى، قال سبحانه " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" [العنكبوت:69] . 3. البعد عن الأجواء التي تدعو الإنسان وتثيره لهذا العمل من أصدقاء السوء، والأفلام، والمجلات، والقنوات الفضائية وغيرها. 4. الدعاء، فهو سلاح ماض، ودرع واق، فكم من ضيق وسعه، وحزن أزاله، وكرب كشفه، (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) . أسأل الله أن يمن عليك وعلى من ابتلي بذلك بالشفاء والتوبة.

كيف أتصرف مع من أذنبت معهم؟

كيف أتصرف مع من أذنبت معهم؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي التاريخ 23/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في الحقيقة لا أعلم من أين أبدأ؟ حيث إنني مسرف على نفسي في ارتكاب المعاصي، من لواط، وزنا، وغيبة، ونميمة، ولقد منَّ الله علي بالتوبة، فلله الحمد، سؤالي: كيف أتصرف مع من قمت بعملية اللواط معه؟ وماذا يجب علي تجاه المفعول به إذا كان حياً وإذا كان ميتاً؟ مع العلم أن كليهما واقع الآن، وما هو الواجب نحو والد أحدهما الذي توفى وهو غاضب علي؟ لعلمه بما حدث لابنه، وقوبل ذلك بجحود مني؟ وما هو الواجب الديني تجاه ما قلته سابقاً؟ -وجزاكم الله خيراً-، وأرجو من كل من قرأ هذا الموضوع ألا ينسانا من الدعاء بالثبات، وللقائمين على الموقع بالسداد والإخلاص، وحسن الخاتمة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. الجواب الحمد لله القائل: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر:53] ، والصلاة والسلام على النبي القائل: "إن الله يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار؛ ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه مسلم (2759) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه - أما بعد: فإلى الأخ التائب: - وفقه الله للخير- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت رسالتك، وسرني جداً توبتك إلى الله، وشعرت من خلال الرسالة ندمك على ما فات من إسرافك على نفسك، وهذه من علامات صدق التوبة، كذلك حرصك على إبراء ذمتك مما فعلت معهم المعاصي، فالله أسأل أن يتقبل توبتك، ويغفر زلتك، ويستر عيبك، ويطهِّر قلبك، ويحصن فرجك، ويقيك شر نفسك والهوى والشيطان، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أما جواب ما سألت عنه فإليك بعد عون الله أقول: لقد ذكر أهل العلم شروطاً للتوبة، قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى- في كتابه القيم: (رياض الصالحين) (24-25) ، [قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله - تعالى- لا تتعلق بحق آدمي، فلها ثلاثة شروط: أحدهم: أن يقلع عن المعصية. والثاني: أن يندم على فعلها. والثالث: أن يعزم ألا يعود إليها أبداً.

فإن فقد أحد الثلاثة لا تصلح التوبة، وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالاً أو نحوه رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه مكَّنه منه، أو طلب منه عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها ... ] ا. هـ، وعلى هذا أقول: يجب عليك أن تطلب العفو من كل من اغتبته أو سعيت بينه وبين الناس بالنميمة، وربما لو ذهبت لأحد من هؤلاء كي تستحله لا يحلك، ولعل هناك مشاكل أخرى تحدث، فالذي أراه في حقك تجاه هؤلاء الناس الأحياء منهم والأموات، أن تستغفر لهم، وتذكرهم بالخير، والثناء الحسن، وكل مجلس اغتبت فيه أحداً تحرَّ أن تذكره بالخير في المجلس نفسه، وهذا القول هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم الجوزية - رحمهما الله تعالى-، فهذا جواب ما سألت عنه، والعلم عند الله، وإليك هذه النصائح فتقبلها مني بقبول حسن؛ فإني أحب لك الخير كما أحبه لنفسي علم الله ذلك: (1) عليك دائماً وأبداً بتجديد التوبة والإنابة إلى الله -تعالى-. (2) عليك بالبعد عن كل ما يذكرك بماضيك. (3) عليك بمصاحبة أهل الخير من طلبة العلم، والدعاة، والصالحين. (4) عليك بحضور مجالس العلم والذكر، والبعد كل البعد عن قرنا السوء. (5) عليك بكثرة القراءة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وسير السلف الصالح. (6) يفضل تكوين مكتبة في بيتك؛ تأوي إليها من حين لآخر، تحتوي على بعض المراجع التي لا غنى للمسلم عنها. (7) عليك بغض البصر عن الحرام سواء كان ذلك مقروءاً أو مسموعاً، أو مشاهداً؛ امتثالاً لقول الحق: - جل وعلا-: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم" [النور:30] . (8) عليك بالمبادرة بالزواج إذا كنت مستطيعاً لذلك، وإن لم تكن مستطيعاً فعليك بالصوم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" متفق عليه عند البخاري (1905) ، ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه- ومعنى: "فإنه له وجاء" أي: وقاية من الوقوع في الحرام. (9) عليك بالحياء والعفة حتى ييسر الله أمر زواجك، إن لم تكن متزوجاً، قال -تعالى-: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله" [النور:33] . (10) عليك بممارسة الرياضة النافعة لك. (11) عليك بالمحافظة على الطاعات والإكثار منها؛ فالحسنات يذهبن السيئات. (12) عليك بكثرة القراءة في كتب المواعظ والرقائق. (13) عليك بكثرة ذكر الموت وشدائده، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، والحساب وشدته، والصراط وحدته، والجنة ونعيم أهلها، والنار وعذاب وهوان أهلها، فاحرص أن تكون من أهل الجنة، فاعمل لهذا اليوم ما دمت في زمن الإمهال؛ حتى إذا انتقلت من هذه الحياة إلى الآخرة تجد ما يسرك "يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد" [آل عمران: 30] . (14) عليك بصدق اللجوء إلى الله، وأكثر من الدعاء أن يتقبل الله توبتك، ويثبتك على الحق، وييسر أمرك، ويقضي حاجتك، ويفرج همك، وكن على يقين بأن الله سيستجيب لدعائك فهو - سبحانه- القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ... "الآية [البقرة:186] ، وقال -تعالى-: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ... " الآية [النمل:62] فثق بالله، وأخلص النية، وأحسن العمل فالله قريب من المحسنين، وهو يتولاك، ولا يترك عملك. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ابني والفاحشة!

ابني والفاحشة! المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي التاريخ 29/5/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: نرجو منكم إخواني أن تعرضوا هذه المشكلة على المختصين من أهل العلم في التربية، حيث إنها قد شغلتني كثيراً، فأريد منكم حلاً تربوياً شاملاً لها يستأصل المشكلة، وإن كان طويلا ويستغرق وقتاً، فالمهم عندي أن تحل المشكلة: مشكلتي هي أني ملتزم بديني -والحمد لله-، أبلغ من العمر43 سنة، ولي أولاد ذكور وإناث، أحاول أن أربيهم تربية إسلامية شرعية، إلا أن أحد أبنائي يبلغ من العمر 13سنة فوجئت بأنه يُفعل به فاحشة (اللواط) ، ويمارسها مع غيره، فكدت أجن، فسجنته ستة أشهر، ثم ظننت أنه شفي من هذا المرض الخبيث، ولكن الآن اكتشفت أنه عاوده مرة أخرى. إخواني: أخاف أن أستعمل معه الشدة فيخرج عن طوعي ويتفاقم مرضه. أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خيراً. الجواب رعاك الله أخي السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فإن سؤالك هذا آلمني كثيرا وأنا أقلب فيه النظر، فإني والله لا ألومك على حزنك الشديد على ولدك، وعلى عرضك، ولكني قبل الحل لا بد أن أقول لك: إن ما حدث لولدك ربما كان نتيجة إهمال له بوجه خفي، مثل: أن تكون مشغولاً عنه النهار كله وجزءاً من الليل، فلا تدري أين يذهب، ومن يصاحب، وربما تركته مع بعض أقربائه، أو أصدقاء الدراسة، وفيهم صديق سوء، يندس بينهم كالحية الرقطاء، يعلمهم الفتن، ويروضهم على تقبل المهانة، ليستذلهم متى أراد!! ولا حول ولا قوة إلا بالله. أخي الكريم: إن اللواط من أشنع الفواحش، وخطورته تكمن في شوق من يتعود عليه إليه حتى إذا كبر كما ذكر بعض العلماء، وقد وردت إلي استشارة من رجل متوجه للصلاح كان يبكي وهو يخبرني بوسوسة الشيطان له أن يعود إلى ما كان يفعل من تمكين شياطين الإنس من شرفه وعرضه، وأنه يدافع ذلك مدافعة شديدة حتى كاد أن يقع في ذلك لولا رفض من طلب منه الفعل أن يفعل إجلالاً لقدره وكبر سنه!! أخي: إن أسلوبك الذي قمت به مع ولدك من حرمانه من الخروج من المنزل ليس أسلوباً صحيحاً وغير مجد البتة، كما لاحظت؛ ذلك؛ لأنه كان ـ ولا يزال ـ يحتاج منك التالي: 1- مصاحبته في ذهابك وإيابك بالترغيب لا الترهيب. 2- إعادة الثقة إلى نفسه، وإشعاره بأنك تقبله مهما عمل، دون أن ترضى عمله المشين. 3- اكسب ولدك بالهدية، والكلمة الجميلة، والقبلة البريئة، والاحتضان الأبوي مهما كبر. 4- كنه باسمك، إشارة لقربه من قلبك. 5- لا تجعل خوفه منك، بل من الله -تعالى-، كان أحد السلف يقول لولده إذا رآه على معصية أو تقصير: إن الله يراك. 6- حمله مسؤولية وساعده على القيام بها؛ لينشغل بها. 7- قطع صلاته مع أهل الفساد مهما كثروا، ومهما أصر على الارتباط بهم. 8- دعه يسمع أشرطة مؤثرة في تربية قلبه. 9- أدخل في دائرة اهتمامه بعض الأمور الجادة؛ كالقراءة، والتجارة، والرجولة بشتى صنوف مردوداتها. 10- لا تنس أن تدعو له كثيرا، ولا تدع عليه، فدعاء الوالدين للولد وعلى الولد مستجاب. 11- اصنع له أصدقاء صالحين، عن طريق تعريفه على ثلة منهم تحت إشراف دقيق منك، ولا تستعجل في هذه النقطة، بل اجعلها هدية له إذا استقام على الخير من خلال ما ذكرت سابقا. أسأل الله أن يهديه، ويصلحه، ويغفر له، ويجعله لك قرة عين في الدنيا والآخرة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل من مخرج من هذه المصيبة؟

هل من مخرج من هذه المصيبة؟ المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي التاريخ 07/04/1425هـ السؤال أعرض عليكم مشكلتي: التي أكتبها بحروف من دم، فواصلها اليأس، وعنوانها الندم، يعلم الله أني مظلوم بهذه المصيبة, بسب إهمال والدي في تربيتي وبحثه ليل ونهار وراء المال، وغيابه عن البيت لمدة تصل حتى الشهر؛ ونحن أطفال، والحمد لله الذي رزقنا أم صالحة دينة، (ولكن اليد الواحدة التي لا تصفق) . بدأت مشكلتي وأنا في السابعة من عمري، وهبني الله حسن الخلقة التي أُحسد عليها من قبل النساء قبل الرجال، فقد كنت مثل الوردة التي تعيش بين الأشواك، ففي ذلك الزمان كان هنالك تحرشاً جنسياً من قبل أولاد الحارة، ولكن -الحمد لله- سلمني من تلك الأمور، وسارت الأيام حتى وصلت التاسعة من عمري حتى تمكن مني رجل، وكان ذلك الرجل بداية النهاية، ومن بعد ذلك الرجل تمكن مني وللأسف ـ وكما كانت الطعنة من الخلف ـ خالي، ومن بعده ابن خالتي، وأنا في العاشرة من عمري، وكانت كل همومي في ذلك الوقت كيف أن أخفي وأستر على نفسي من هذا العمل المشين على والدتي وعلى إخوتي. ومع مرور الوقت وأنا أحاول أن أستر عن نفسي، ويعلم الله أني كنت أحاول منعهما بكل ما أستطيع، وكانا يغتصباني! وكنت أقول لهما إني أخاف الله، وأني تبت من ذلك، ولكن لا حياة لمن تنادي، ومرت الأيام حتى أصبحت أتلذذ بالأمر (أستغفر الله) . الآن تبت، ولكن تحدثني نفسي أنه لا توبة لي، حتى قرأت حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما معناه: "من فَعَلَ فعل قوم لوط أقتلوا الفاعل والمفعول به"، وقد كان هذا الحديث بالنسبة لي بمثابة الصدمة يعني لا أمل لي في التوبة حتى ... هل هنالك حل يا شيخ؟ هل هنالك مخرج من هذه المصيبة؟ هل الجهاد في سبيل الله هو الحل؟ هل أسلِّم نفسي إلى أقرب محكمة وأعترف بهذا الفعل المشين؟. أكتب لك يا شيخ هذه الرسالة وأنا الآن أبلغ 23 من عمري والله المستعان. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع الإسلام اليوم؛ سائلا الله تعالى أن يرينا وإياك الحق حقاً، ويرزقنا إتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يعينك وييسر لك أمورك في دنياك وآخرتك ويقيك شر نفسك والشيطان إنه جواد كريم. أخي الكريم.. بقدر ما أحزنني الوضع السيئ الذي قد عشته وأثر على سلوكك بالسلب وهو نتاج الغفلة عن الأبناء مما جعلهم فريسة سهلة للأشرار وأحدث لك مشاكل كثيرة ومنها وقوعك في فاحشة اللواط -حماك الله منها وحفظك- أقول بقدر ما أحزنني ذلك فقد سعدت كثيراً بقوة الإرادة لديك وتصميمك الأكيد على التخلص منها والتوبة إلى الله -عز وجل- وقدرتك على إظهار الرفض الداخلي لها من خلال عرض مشكلتك والبحث عن حلٍّ لها وتلك وأيم الله بداية التصحيح التي أنت بحاجة لها.. وكثير من الناس لا زال لا يستطيع تفجير تلك القوة الداخلية للبحث عن الطريق القويم طريق المؤمنين الذي رسمه لهم الإسلام، ووضع ضوابط لكل شؤون الحياة..

أخي -حفظك الله- لا تقنط من رحمة الله -عز وجل- بتاتاً فإن الله غفورٌ رحيم.. مَنْ مِنَّا لا يخطي مَنْ مِنَّا لم يرتكب طوال حياته معصية تختلف قدراً من شخص لآخر ولكن الدين لم يغفل عن ذلك فأوجد باباً يقال له باب التوبة، وهو مفتوح ما لم تغرغر الروح ... ! قال تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيماً" [الفرقان:68-70] فتأمل -حفظك الله- الآية وتأمل قوله تعالى: "فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات" يتبين لك فضل الله العظيم تجاه المذنب التائب، فجميع سيئاتك ستبدل إلى حسنات وقد قال المفسرون: أن التبديل يشمل تبديل الصفات السيئة بصفات حسنة. وكيف أخي الحبيب تقاس معصيتك بمن قتل مائة نفس فتاب؛ فتاب الله عليه، ومن ارتكب جرائم كبيرة وندم ورجع للحق وصحح مساره فوفقه الله، وأصبح من الدعاة بعد أن كان من أهل الشر وأنت ولله الحمد والمنة قد وضعت قدمك على أول عتبة من عتبات التصحيح والطريق المستقيم ألا وهي الندم على الذنب، ومن ثم الإقلاع عنه، ومن ثم عقد النية على عدم الرجوع إليه. وسأورد لك عدد من الطرق المناسبة التي ستعينك بعون الله على سلك الطريق الصحيح: 1- اعزم على ترك تلك الفاحشة البغيطة التي أفسدت عليك دينك ودنياك وأخلص النية لله -عز وجل- واحذر من العودة لسابق عهدك بعد أن يرزقك الله توبة وكن صادقاً مع نفسك واحذر من تلبيس الشيطان وتحقيره لأعمالك الصالحة وزرع اليأس في نفسك من رحمة الله. قال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر:53] . 2- حافظ على أداء الصلوات بأوقاتها وأحرص على التبكير للمسجد وأداء السنن الرواتب وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم واجعل لك برنامجاً للقراءة بحيث تستطيع ختم القرآن الكريم كل شهر أو شهرين. 3- إلتحق برفقة صالحة من أهل الخير والصلاح ولازمهم في حلق الذكر ودروس العلم. وألزم أحد المشايخ في دروسه العلمية فهي من الأماكن النافعة لك ... 4- أشغل نفسك بتعلم أحد العلوم التي تجد نفسك تهواها كتعلم الحاسب الآلي والإكثار من حضور الدورات التي تعقد بين الحين والآخر حول طرق النجاح واكتشاف الشخصية.. وغيرها! 5- ابتعد بقدر الإمكان عن الأماكن التي قد ارتبطت بماضيك حتى تقطع الروابط التي تعيد ذكريات ماضيك كالصحبة والحارة وإن أمكن البلد بكامله! فأحرص على ذلك بقدر استطاعتك وعدم تعارضها مع أهم منها في حياتك كالبر بالوالدين وعدم تركهم.

6- ما سبق يجب أن تكون بداية انطلاقة التغيير العاجل بلا تأني ولا تسويف وهي أمور مهمة أن تكون الخطوات الأولى في طريق التصحيح لكي تشعر -حفظك الله- بالحلاوة الإيمانية التي قد انحرمت منها سابقاً وتعمل القياس النفسي لذاتك حول التغيرات الداخلية حينما نقلت وضعك من حالٍ إلى حالٍ. واعمل مقارنة بين اللذة التي تشعر فيها حين ممارسة الفاحشة وما يعقبها من ندم وقلق وحيرة تدوم معك طويلاً وهواجس الأمراض المصاحبة!!! وبين فراغك من أداء صلاة مفروضة، وتسبيح، وتهليل يعقبها، وأداء سنن، وقراءة القرآن، وحفظه وتدبر لآياته والدعاء للنفس بالثبات على الطاعة: "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك" جزء من حديث رواه الترمذي (2140) وابن ماجة (3834) . وكذلك فراغك من حضور أحد الدروس العلمية النافعة.. وستجد الفرق واضحاً وجلياً ممّا سيساعدك على الإقبال على الطاعات والتلذذ بها والإكثار منها. 7- ضع لحياتك خطة مستقبلية ترسم فيها أهدافاً تسعى لتحقيقها فضع في أهدافك تأمين الوظيفة المناسبة التي ستوفر لك دخلاً معيناً لك، ثم هدفاً آخر وهو الزواج من زوجة صالحة تعينك على نفسك بالطاعة وهدفًا مستقبلياً وهو تأمين المسكن الخاص ... ولتكن تلك الخطة تلي النقاط السابقة. 8- أشغل نفسك دائماً بما ينفعك في دينك ودنياك، ولا تترك للفراغ مساحة يستغلّها الشيطان فيغويك، فتنقل من عملٍ لآخر. 9- احرص على الإكثار من قراءة الكتب النافعة ومن الكتب التي أنصحك بقراءتها كتاب ابن القيم رحمه الله "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي"، وأحرص كذلك على الأوراد الصباحية والمسائية. أسأل الله العظيم جلت قدرته أن يصلح حالك ويهديك إلى صراطه المستقيم وأن يتوب عليك ويجنبك سوء الأعمال والأخلاق ... ،،،

أنا شاذ فأنقذوني

أنا شاذ فأنقذوني المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي التاريخ 07/02/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم الأستاذ الفاضل أعرض عليك مشكلة استعصت علي أشد الاستعصاء ولا أظن أحدا من خلق الله بقادر على أن ينفعني فيها بشيء موضوعي واقعي ولكن مع ذلك وجدت انه لا بد من عرضها على أهل العلم ليشاركوني الرأي وليدلي كل منهم بدلوه في هذه المسألة الشائكة جدا والتي دمرت حياتي النفسية وجعلتني أعاني وأتيه في بحار الغربة تيها لا رشد فيه، ولا أجرؤ حتى على مواجهة أحد في مشكلتي وجها لوجه ومشكلتي تسبب لأصحابها الحرج الشديد في مجتمعنا المسلم، ولست الوحيد الذي أعاني منها بل يوجد الآلاف المؤلفة من الناس ولكن أحدا منهم لا يجرؤ على البوح بما يعانيه لأن الدين والمجتمع وثقافتنا السائدة تحرم علينا التحدث عن مشكلتنا. وقبل أن أطرح مشكلتي لا بد من إعطاء لمحة موجزة عني حتى يتسنى للمفتي أن يفتي بما يفيد وينفع إن كان عنده منه شيء وذلك أنني لست كسائل عابر بل إنني سائل لي خصوصيتي وتميزي وأهمها معرفتي بسائر الأحكام الشرعية مما قال به فقهاؤنا، وقد درست العلوم الشرعية في المعاهد الإسلامية وعلى أيدي علماء متميزين، ولكن مشكلتي التي أنا بصدد شرحها تؤرقني في عملي، وقد اضطررت أن أتنحى عن مجال الدعوة وأن أتهرب من طلاب العلم، كما دعتني مشكلتي هذه لدراسة كافة ما يتعلق بها من محاولات العلاج العلمية المطروحة فدرست علم النفس ومدارسه وأعجبت بمدرسة التحليل النفسي وأخضعت نفسي للتحليل النفسي على يد خبير، ولكنني تأكدت من فشل تلك المحاولات جميعها في حل مشكلتي، وقد وجدت رأي العلماء والفقهاء المسلمين عبر العصور لا يرحم من هم في مثل حالتي، بل لم يكن منهم إلا الإنكار واللعن والطرد من رحمة الله، ويقيسون ذلك بأدلة وجدتها بعد التحقيق غير منطقية ونظرت إلى الأدلة التي يوردونها من الأحاديث والأخبار فإذا أكثرها موضوعات واهيات وأخبار إسرائيليات. وقد حان الوقت بعد هذه المقدمة أن أقدم مشكلتي إلى أهل العلم والدعوة لأرى ما تنضح به أقلامهم من حلول لهذه المشكلة المستحيلة على الحل، والأمر الذي أطلت في التقديم له هو المثلية الجنسية. وكانت بداية قصتي أني نشأت منذ نعومة أظفاري وليس بي أي ميل للنساء وكان أول إحساس برغبتي تجاه الذكور وأنا في سن العاشرة وكان إحساسا غامضا غير مفهوم بالنسبة لي ولم يكن له عنوان جنسي ولكنه ارتبط عن طريق الأحلام بالأعضاء الجنسية بشكل مبهم ولم أكن أدرك أن الأمر سيتطور إلى رغبة جنسية فيما بعد ولم أتيقن من نفسي أني مثلي الرغبة الجنسية حتى بلغت الثامنة عشرة أو أكثر. ولم يختلط ذلك بأي ممارسة جنسية من أي نوع، أي أنني لم أتعرض للتحرش الجنسي من أحد كي لا يظن متحذلق أن التحرش أو الاعتداء الجنسي له علاقة بالأمر، بل حقيقته هي مجرد شعور ينمو تدريجيا كما ينمو شعور الذكور تجاه الإناث، وكانت لا تثيرني الإناث مطلقا ولا زالت، وكنت دائما احرص على منع نفسي من الوقوع فيما اعتقد أنه خطأ من الاتصال بالشباب، وكنت قدوة لزملائي في أيام الدراسة من الناحية الدينية والأخلاقية وما زلت، ودائما أبدو بمظهر المتعفف، ولا يعلمون أن حقيقة نفسي لا ترغب بالنساء أصلا وإنما قد تميل لبعض من يظن بي العفاف، ثم ابتعدت عن الجميع هاربا باحثا عن الحل فلم

أجده، وصرت إذا اجتمعت مع من يشاطرني مشكلتي لا املك إلا ندب حظي من الحياة الدنيا والتأمل في الآخرة، ولكن كيف وأنا مقتنع حاليا أن وضعي من خلق الله وان الله يعلم ما خلق [ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير] وبالتالي وبحسب فهمي لروح التشريع الإسلامي لا يمكنني أن أؤمن بأن أدفن نفسي في الحياة أو أن أتخلص من حياتي أو خدمتي للدين والمجتمع والمساهمة في بناء الحياة من أجل شيء ليس لي به ذنب لا من قريب ولا من بعيد، فقد نشأت في بيئة متدينة وكنت مؤمنا منذ طفولتي، ملتزما داعيا إلى الإيمان منذ نعومة أظفاري ولما درست الإسلام بشكل علمي وجدته أصلح الأديان وأنفعها، ولما قرأت القرآن وجدته الكتاب الوحيد الذي يستحق الحفظ كاملا، ولكن أثارتني فيه آية تصب في مشكلتي وهي قوله تعالى في سورة الروم [ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون] والآية تدعونا للتفكر في مسألة العلاقة الحميمة بين الذكر والأنثى والتي تؤدي بهما إلى السكن النفسي وهو الشعور بالحب كما هو واضح، ولكن أين أنا وأمثالي من هذه الآية. وتطبيقا لهذا الحل ورطت نفسي وتزوجت من امرأة لا تناسبني من حيث الكفاءة بسبب عدم رغبتي بالنساء، وكنت قد حاولت قبل ذلك خطبة بعض النساء المكافئات ولكنهن اكتشفن أني لا أميل إليهن إذ لا تصدر مني أي بادرة تدل على ذلك بل يكون لقائي معهن جامدا وأنا لا أقدر على الكذب والتمثيل فأعرضن عني، إلى أن اجتمعت بزوجتي الحالية، ووجدت في الاقتران بها فرصة لي وذلك لأنها رغبت في زوج كيفما اتفق لتتخلص من عناء كانت تعيش فيه، فأخرجتها من عنائها المادي والاجتماعي لتقع معي في عناء نفسي وكانت هي السبب في ذلك لأنها زعمت أنها تريد زوجا بلا معاشرة جنسية أو التزام زوجي، أي أنها أسقطت حقها الجنسي فرأيتها فرصة سانحة لأرى نفسي مع النساء فإن اعتدل حالي وصلح استمريت معها إن كانت صالحة وإن لم يعتدل تكون هي التي وضعت الشرط على نفسها، وقلت في نفسي لا بد أن أتزوج لأمنع نفسي من الجنوح، ومع تقدم السنين لم أزدد إلا اغترابا، فقد وجدت المرأة صالحة فلم يسمح لي إيماني تركها ولم أجد معها نفسي لا من حيث الكفاءة ولا من حيث المعاشرة الجنسية بسبب مشكلتي وكنت آمل أن أتقدم مع الأيام في طريق الحل، ولكن للأسف كلما أتقدم يوم في حياتي أجد نفسي أبعد عن النساء ولا تثيرني زوجتي بشيء مع أنها فاتنة كما يقولون ورزقت منها أولاداً وكانت معاشرتي لها بلا رغبة من نفسي وأنا سليم جسديا بكامل ذكورتي، وذلك كي لا أمنعها حقها من الحياة الزوجية. وما دعاني للزواج هو الناحية الشرعية فقط في محاولة لإيجاد حل قد طرحه القرآن الكريم أو هكذا فهمته كما سيأتي، وكان الأولاد سلوان لي كبير وأمل أكبر في الحياة قدما، ولكن المعاناة مستمرة.

الجواب بسم الله الرحمن الرحيم أخي الكريم الحائر، وقاك الله شر الحيرة ونفعك بما علمت، قرأت كلامك كله، وتعايشت مع كل سطر كتبته، بل مع كل كلمة، وكنت في غاية التفهم لمعاناتك، وكنت ألتقي وإياك في بعض المواطن التي تذكرها، وأفترق عنك في مواطن أخرى، أوافقك وجهة النظر في موضع، وأخالفك في مواضع، ومما وافقتك فيه ما أشرت إليه من ضعف كثير من الأحاديث التي تساق في الاستشهاد على هذه المشكلة، ومما وافقتك فيه الرأي أن بعض المعالجات قاصرة وإن كانت من علماء كبار، لكن تعاملهم مع هذه المشكلة لم يكن تعاملاً واقعيًا. أخي الكريم: لا أحسب أن لدي مزيد علم على ما تعلم حتى أذكره لك، ولكني مشارك لك في علاج هذه المشكلة، أركز ذلك في نقاط محددة: أولها: مهما قلنا عن ضعف الأحاديث والآثار والأخبار المذكورة في مسألة الشذوذ الجنسي وعمل قوم لوط، فإن دلالة آيات القرآن واضحة، وهي قطعية الثبوت قطعية الدلالة في شناعة وحرمة هذا الأمر، ولذا فلا مجال لفتح نقب في هذا السد العظيم، سد حرمة هذا العمل، وتطريق أي احتمال أو تعذير لهذه الفاحشة. ثانيًا: أختلف معك أخي في أن هذه المشكلة مما يتعلق بالجينات أو التكوين الخَلْقي للإنسان في أصل فطرته، بل لابد أن لها تأثرًا بأمر طارئ، والدليل على ذلك قول الله -عز وجل- على لسان نبيه لوط -عليه السلام-: "أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين"، فدل على أن هذا الأمر لم يكن موجودًا في تاريخ البشرية قبل قوم لوط، وأنهم أول من مارس هذا الفحش، وأنه أمر طارئ في تاريخ البشر وليس أمرًا موجودًا منذ وجودهم ومصاحبًا لتكوينهم، وإذا كان أمرًا طارئًا فلا بد أنه طارئ لأسباب مؤثرة فيه، ولذا فلا ينفي هذه الحقيقة جهلنا بتلك الأسباب المؤثرة، ولو أنك ذكرت أنك لا تعرفها في تكوينك، فعدم معرفتك لها لا يعني عدم وجودها. ثالثًا: اعلم أنك تعيش هذا الميل وتجد نفسك أمام مشكلة لا يد لك في صنعها داخل نفسك، وأمام حظر شرعي لا يمكنك بما تفضل الله به عليك من إيمان وعلم أن تتجاوزه، وهنا توجد المجاهدة. إنه من البدهي أن نعلم، -ولا أحسبك إلا على علم- بأن عفاف وصبر من يجاهد ما تجاهد، ويعاني ما تعاني أعظم أجرًا ومثوبة عند الله -عز وجل- من إعراض من لا يوجد هذا الأمر عنده أصلاً، وهذا الأمر ليس خاصًا بمشكلتك فعفاف الشاب السوي القوي عن الزنى مع قوة الدافع إليه، وقوة المجاهدة في الكف عنه ليس كعفاف العنِّين، أو الشيخ الكبير الذي همدت هذه الجذوة في نفسه، وكل ما ذكرته عن معاناتك ينطبق تمامًا على الشاب السوي الذي يجد الميل إلى المرأة ولا يستطيع الزواج، فإن كان هناك من يمكن أن يعذرك، فهناك من يمكن أن يعذر هذا الشاب بميله إلى المرأة والوقوع في الزنا إذا عجز عن الزواج، وقد قال الله -تعالى-: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا"، فالشاب الذي لا يجد نكاحًا يعيش ذات المعاناة التي تعيشها وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال لأمنا عائشة -رضي الله عنه- في شأن العمرة: "أجرك على قدر نصبك"، فكذلك العفاف الأجر فيه على قدر المجاهدة والنصب، ولذا كان أحد الذين سيظلون بظل العرش يوم القيامة رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله.

إني أحتسب عند الله -عز وجل- أن لك من الأجر على صبرك ومعاناتك ومجاهدتك ما ليس لمن لا يعيش هذه المعاناة، ولذلك تذكر قول الله -عز وجل-: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"، فمع المجاهدة تنال الهداية. رابعًا: إذا علمت أن وجود هذه المعاناة في داخل نفسك مما لا تستطيع تجاوزه، وثبوت الحكم في هذه المسألة مما لا يمكن تسوره، فإن علينا بذل الجهد في العلاج، ولعل من العلاج تجنب الإثارات التي تواجه الإنسان في حياته العامة، فيتجنب المثيرات من خلطة الفتيان الوسيمين، أو النظر إليهم، أو التبسط معهم، ويعلي من علاقاته بحيث تكون مع من لا يشعر تجاههم بأي جاذبية أو انجذاب من هذا النوع، ومن الأسباب إنهاك الطاقة الجنسية في المباح -أي مع الزوجة- والتمتع معها بكافة أنواع الاستمتاع ومحاولة استفراغ الطاقة الجنسية كامل الاستفراغ، حتى لا تبقى للنفس مآرب أخرى تلفتك يمنة ويسره، ومن ذلك الانهماك في أعمال منوعة دعوية وشرعية، وتعليمية دينية ودنيوية، بحيث يكون وقت الإنسان وعقله مشغولاً فلا يبقى في فكره فضول لهذه الميول، أو على الأقل تخفت هذه الميول وتصبح مزحومة بقضايا أكبر منها. خامساً: إنك لست في حداثة السن ولا في يفاعة الشباب، فأنت تقترب في تسارع كبير إلى الكهولة، وأحسب أن الله قد حفظك فيما مضى، ولذا فإن صبرك فيما تستقبل من حياتك أسهل بكثير من صبرك فيما مضى من عمرك، وحتى إن كان وقع منك شيء من الماضي وتبت منه فإنك تستقبل أهدأ مراحل العمر، إنها فترة الكهولة والنضج، وهدوء جميع الغرائز والعواطف الثائرة، ولذلك تأمل خيراً، واجعل مرور كل يوم من حياتك تقضيه وقد عصمك الله مما تكره إنجازاً ضخماً تفرح به، وهنا تكثر البشائر في حياتك بدل المحبطات وما أسرع أن تحين لحظة المغادرة لهذه الحياة فإن اللبث فيها يسير. سادساً: أختلف معك أخي الكريم في ابتعادك عن مجالات التعليم والدعوة لما تشعر به من مقت لنفسك، فإن هذا شرك شيطاني يستجمع الشيطان ضحكاً إذا رآك وقعت فيه، إنه يريد أن يشعرك أنك لست من هذا الشأن في شيء، وأن عليك أن تعيش بعيداً عن المجالات السامية؛ لأنها لا تليق بك. وهذه أحبولة شيطانية ينبغي أن تنتبه لها وأن تستعلي عليها، وأن تقول لنفسك سأبذل جهدي في كل مجال أستطيع العمل فيه، وأغالب وأجاهد هذه الميول بمزيد ومزيد من العطاء، وربي خلقني وهو أعلم بي، وأعذر، فعد إلى أنشطتك كلها واستأنف حياتك بكل جد، وابتعد عن هذا الشرك الذي يريد به الشيطان أن يشعرك بمقت الذات، بل إن ذاتك تستحق من الاحترام والإكرام بهذه المجاهدة ما ليس لمن لا يعيش وضعك ولا يعاني معاناتك.

سابعاً: ذكرت في رسالتك أنك جربت العلاج بالتحليل النفسي في وقت من الأوقات وذكرت شيئاً من التحسن في فهم معاناتك وكيف نشأت جذورها من الطفولة، وأنا هنا أعرض عليك أن تذهب إلى أحد الأطباء النفسانيين الموثوقين ممن لهم تخصص دقيق في جانب المشكلات الجنسية ولا شك أنه بعد تقييم المشكلة بشكل دقيق سيعمد هذا الطبيب إلى استعمال وسائل العلاج المعروفة ما بين جلسات نفسية تعتمد غالباً على الجانب المعرفي السلوكي وبين علاجات دوائية أثبت كفاءتها في هذا المجال. وأنا هنا أود أن أبعث الأمل في نفسك من جديد في تخطي هذه المشكلة والانطلاق في دروب الحياة، وما يبعث الأمل هنا هو وجود حالات كثيرة مشابهة استفادت كثيراً من خدمات الطب النفسي في هذا المجال. أخيراً.. أسأل الله أن يجعلك مباركاً أينما كنت، موفقاً حيثما توجهت، وأن يجري الخير على يديك، ويدلك ويبصرك، ويعصمك وأعيذك بالله من كل سوء، وأسأله أن يفيض الطمأنينة وبرد اليقين على قلبك والله يتولاني وإياك ويهدينا سواء السبيل، وأوصيك بوصاة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- لابن عمه علي -رضي الله عنه -لا تدع أن تقول:"اللهم اهدني وسددني"، وتذكر بالهداية هداية الطريق، وبالسداد سداد السهم. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

السرقة

لا علاقة للجن بسرقة أخيك..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/السرقة التاريخ 23-3-1423 السؤال أخي الفاضل، في الواقع لدىّ استفسار حول مس الجن للإنسان. لدي أخ في السادسة عشر من عمره مبتلى بالسرقة حتى أنه في الآونة الأخيرة سرق لوالدي بطاقة ائتمانه البنكية دون أن يشعر الوالد وسحب من الحساب أكثر من 3200 يورو على دفعات متفرقة في أقل من أسبوعين والوالد لم يشعر بذلك إلا عند مجيئه إلى هولندا حيث يوجد حسابه البنكي، فكاد أن يجن بعد معرفته بسحب النقود لكن للأسف مع علم الوالد بأن أخي يده طويلة وسبق أن سرق له مبالغ كبيرة إلا أن والدي يقول دائما إن هذا ليس بإرادته وإنما هو مسخر من الجن..!! وليس في مقدوره أن يمتنع عن تلبية طلبهم. مع العلم أنه سبق لأخي أن سرق من غرفة نوم والدي أموالاً ولم يلمس ذهب والدتي الذي كان بجوار النقود، ونحن والله في حيرة من أمرنا فنحن الإخوة الكبار نعلم يقيناً أن أخلاق أخينا فاسدة بسبب مرافقته لأصدقاء السوء لكن والدي يؤول دائما أن هذا من فعل الجن..!! وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الجواب أخي الفاضل: أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً- لا أعتقد أن للجن علاقة في مسألة السرقة التي يقوم بها أخوك..!!! لأن مس الجن له أعراض واضحة تظهر في مواضع عديدة..!! أما اقتصارها على مسألة سرقة بطاقة الائتمان وسحب النقود على فترات مختلفة فهذا مما لا يقبله العقل..!!! ثانياً - الأمر الخطير هنا هو أين تذهب هذه المبالغ؟! وكيف يصرفها؟!! لا بد من تتبع هذا الموضوع.. ودراسة الأمر بجد.. فقد يترتب على ذلك أمور خطيرة يصعب في المستقبل السيطرة عليها أو علاجها.!!!. ثالثاً - لا بد من إبلاغ والدك بهذه الحقيقة بهدوء وتروي.. فربما كانت عاطفته تغلبه في مثل هذا الأمر وتجعله يبحث لأخيك عن بعض المبررات حتى ولو كانت غير منطقية..!! وتبصيره وشرح الأمر له واطلاعه على بعض الشواهد التي تدعم وجهة نظركم من ناحية "فساد أخلاقه".. أمر مهم جداً لإيصال الصورة وإيضاح الفكرة لوالدك. رابعاً - هناك الكثير من التفاصيل الناقصة حول أخيكم ودراسته ونضجه العقلي والنفسي. ومدى العلاقة بينكم وحجم التفاهم..!! وظروفكم إجمالاً في هذا البلد "الغربي"! إلا أن المطلوب هنا هو الاقتراب قدر المستطاع من هذا "المراهق" وتقبله وإشعاره بذاته ومنحه بعض الثقة ومصارحته بوضوح بما تلاحظونه عليه.. والطريقة المثلى للتخلص من ذلك.. والاستماع إليه بإنصات.. واحترام وجهة نظره المقبولة.. ثم متابعته قدر المستطاع ومصادقته ومحاولة اختيار الرفقة الطيبة له ومحاولة إشغال وقته بأمور نافعة حسب الجهد والطاقة والإمكانية.. وجميل لو قمت وإياه بزيارة أحد المراكز الإسلامية لديكم فربما وجدت فيها أو وجد فيها من يناسبه فيرتبط بها بشكل أو بآخر. خامساً - بعض حالات السرقة المتكررة قد تكون نوعا من المشكلات النفسية التي تحتاج لمراجعة أحد العيادات النفسية المتخصصة..!! سادساً- قبل هذا وبعده أخي الكريم صدق الالتجاء إلى الله بأن يصلح لكم ويصلح بكم ويهديكم ويهدي بكم وأن يحفظكم جميعاً من كل سوء وأن يسدد على طريق الخير والحق خطاكم.

ابنتي تسرق

ابنتي تسرق المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/السرقة التاريخ 20/5/1425هـ السؤال أشك في أن ابنتي تسرق أموالاً من أبيها، ولعلمي بدقته الشديدة فلا أشك أنه أضاعها أو أخطأ مكانها، لم أجد لديها نقوداً في المنزل، ولكني أشك أنها تخفيها في دولابها المدرسي، أرشدوني ماذا عساي أن أفعل؟ ولكم جزيل الشكر. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: سوف أجيب على تساؤل الأخت بناء على تصوري؛ لأن السؤال ناقص ومختصر؛ لأنها لم تذكر سن ابنتها، ولم توضح ما الأسباب التي دفعتها إلى أن تشك بابنتها، هل هناك تغير لاحظته عليها من ناحية ملبسها، أو مصرفها، وهل لا يوجد غير هذه الفتاة حتى يلقى بالشك عليها دون سواها، عموماً في البداية يجب أن نسأل أنفسنا ما السبب الذي جعل الفتاة تتصرف هذا التصرف؟. يفترض أن الوالدين يوفران حاجة أولادهما المادية والعاطفية، حيث هناك حالات يتم توفير الناحية المادية وتُنسى العاطفة لإنشغالهم، أو البرود في إبراز عواطفهم وإظهار مشاعرهم تجاه الأبناء، عند ذلك يلجأ بعضهم إلى تعويض ما يفقده من حاجاته العاطفية بهذا التصرف أو غيره، بالرغم من توفر المادية لديه من قبل والديه. كذلك هناك سبب آخر، وهو دافع الانتقام من شخص تسبب بنوع من الإزعاج والألم والظلم، أيضاً ربما تلجأ إلى السرقة بدافع كسب حب وصداقة بعض الأصحاب والأقران؛ وذلك بتوفير بعض الحاجيات لهم، وكل ذلك؛ لأن الفتاة غير واثقة من نفسها، ومن قيمتها بين أقرانها. وقد يكون دافع التقليد وراء تصرفها هذا، فهي قد تقوم بتقليد بعض الصديقات، أما كيفية معالجة هذا الأمر: يجب وأؤكد على كلمة يجب التأكد من أن الفتاة هي من قامت بالسرقة، وذلك بملاحظتها الملاحظة الدقيقة سواء في المنزل أو خارجه، كالمحلات مثلاً، وإذا كانت الأم تستطيع أن تذهب دون علم الفتاة إلى المدرسة، وفتح دولابها الخاص، فهذا أفضل لإزالة الشك، بعد التأكد يجب معاقبة الفتاة عقاباً مناسباً لنوع الذنب، كحرمان من أشياء تحبها وصديقات ترغب بهن، وعدم التذكير الدائم لها بما اقترفته؛ لأن ذلك قد يدفعها إلى التمادي بالحالة. أيضاً أود أن أوضح - للأخت- أن السرقة خصوصاً إذا لم يكن في ظاهرها أي داعٍ واضح، فتلك قد تكون نوعاً من أنواع الأمراض النفسية، ويجب معالجتها من قبل الطبيب النفسي المختص. والله أعلم.

أختي تسرق

أختي تسرق المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/السرقة التاريخ 28/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. عندي أخت تكبرني بخمس سنين ولها مشكلة كبيرة أرجو من المولى - عز وجل - أن أجد الحل عندكم وأعتقد أن المسألة تحتاج إلى أكثر من رسالة لكني سأحاول الإيجاز. أختي هذه متوسطة الجمال ولم يكتب لها الزواج حتى الآن وقد أتعبت والدتي كثيرا معها حيث ابتليت بداء السرقة رغم الحالة المادية الجيدة التي نعيشها ولله الحمد، وأيضا هي كثيرة الكذب واختلاق القصص لكي تقترض المال من الآخرين، وقد أحرجت أمي مع أناس كثير، حيث بدأ أصحاب المال بالاتصال بوالدتي مطالبين بأموالهم، ومنهم من يسأل عن حقيقة الأمور التي تدعيها أختي، حيث أنها قالت لإحداهن أن خالتي مصابة بالسرطان ونريد أن تقرضيني مبلغاً من المال لعلاجها وغير ذلك كثير. وللمعلومية أبي قد طلق أمنا منذ ستة وعشرين عاما مضت، ونحن نعيش عند أخوالنا الذين تعبوا مع والدتنا على تربيتنا، فأما أنا فقد تزوجت وأقطن في بيت آخر، وقد أخبرتني والدتي أن حال أختي يزداد سوءا، وقد سببت لها إحراجاً مع خالاتنا اللاتي يعشن في نفس البيت. أما أبي فعلاقتنا كانت به مادية بحتة حيث كنا نزوره بين حين وآخر وهو يعيش في مدينة أخرى بعيدة جداً عن مدينتنا التي نعيش فيها، ولكنه في الوقت الراهن أصيب بمرض مزمن وصار في حاجة إليّ حيث أني كبرت، وصار يتقرب إلينا أكثر من أي وقت مضي ولكن بعدما فقدت أختي الكثير؛ لأن تقربه مني أنا أكثر منها حيث أنه يحتاج إلي في كثير من الأمور (أسأل الله الإعانة على بره) ويعلم الله أني لم أقل هذا رياء ولكن لأتمكن قدر المستطاع وبأسلوبي الركيك إحاطتكم بالمشكلة التي نعانيها. وصدقوني أيها الأحبة أنه أحزنني منظر أمي وهي تخبرني بحالها وحال أختي وأرجو من الله أولاً ثم منكم ثانياً الإسراع بحل هذه القضية. وفقنا الله وإياكم إلى كل ما هو خير وصلاح. الجواب الأخ الفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع الإسلام اليوم سائلا الله الكريم أن يصلح لنا ولك النية والذرية وأن يعينك على مساعد أختك على أن تسلك طريق الصدق والأمانة الذي هو طريق المؤمنين إنه جواد كريم. أخي الكريم:

كما تذكر في استشارتك بأن والداك منفصلان منذ فترة طويلة أي منذ أن كنتم صغاراً مما أضطركم إلى العيش مع أخوالكم وهذا هو بداية التغير السلوكي لأختك؛ ويبدو أن سلوكها قد وجد بيئة مناسبة لينشأ ويتنامى شيئا فشيئا لاعتبارات كثيرة منها: حالة الكذب أو الضغط الذي مورس معها في صغرها أو بسبب إثبات النفس بأنها قوية وتريد أن تملك مالاً تقليداً لمن حولها!! أو بسبب الحالة الاقتصادية التي حدثت لكم بعد الانفصال، وبعدم وجود الدعم المادي المساعد والمشبع، وقد يكون العطف الزائد من الأقرباء عليكم وعليها خصوصاً من خلال إعطائها مالاً بشكل مستمر في صغرها أوجد عندها حباً له ورغبة ملحة في استمراره، والإحساس بالضعف في فقده مما يجعلها تلجأ للسرقة والحصول على المال بالسرقة.. وما سبق أسباب رئيسية قد يكون بعضها منطبقاً على وضعية أختك، والظروف التي عاشتها لا شك أن لها أثراً كبيراً في سلوكها.. وسأورد لك بعض الطرق التي أسأل الله - جل وعلا - أن تكون لك في حل مشكلة أختك. أولاً: تعامل مع أختك على أنها مريضة عضوياً تحتاج عناية مباشرة واهتمام خاص وما استشارتك إلا دليل حرصك واستشعارك لخطورة مشكلتها نفسياً واجتماعياً. ثانياً: تحدث مع أختك بصراحة متناهية وداخل جو يسوده الود والاحترام ما هي أسباب ممارستها الكذب والسرقة وما مشاعرها حينما يكشف الآخرون سلوكياتها!! فمواجهة وكشف الحقائق بداية رائعة للمساعدة.. ثالثاً: ما المانع بأن تعيش أختك معك مع والدتك بتغيير التربية التي نشأت معظم حياتها فيها ولتكون قريبة منك لممارسة أسلوب التحصين التدريجي من الكذب والسرقة. رابعاً: قدم لأختك بعض الكتب والأشرطة النافعة حول ظاهرة الكذب والسرقة ومخاطرهما النفسية والاجتماعية والدينية على المسلم، ولتقدمها على شكل هدايا ومعها بعض العطورات (والإكسسورات) المحببة لها لتكون ذات قرب أكثر لقلبها. خامسا: ما المانع بأن تبحث لأختك عن رجل صالح ليكون زوجاً لأختك خاصة وهي في عمر تحتاج فعلاً للإسراع في الزواج.. ولنا في عمر -رضي الله عنه- أسوة حسنة حينما عرض ابنته على الصحابي الجليل أبو بكر ثم عثمان بن عفان - رضي الله عنهم- ومن ثم تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم-. فاحرص -حفظك الله- على مساعدتها على الزواج؛ لأنه من وسائل العلاج المناسبة لمثل حالتها. سادساً: اشغل وقتها بإلحاقها بأحد الدور النسائية النافعة، أو تكميل تعليمها إن لم تكن متعلمة. سابعاً: إشعارها بقيمتها وزيادة ثقتها بنفسها عن طريق استشارتها بالأمور الخاصة بعائلتكم فالجلسات العائلية له آثار إيجابية على الفرد. ثامناً: تحلى بالصبر وعدم استعجال النتائج واخلص النية لله عز وجل في مساعدتها والله -تعالى- سيعينك وييسر لك الأمر. حفظك الله وهدانا وإياك إلى طريق الحق واتباعه.

السخرية والاحتقار

أختي همازة لمازة المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/السخرية والاحتقار التاريخ 19/10/1425هـ السؤال السلام عليكم. لدي أخت تبلغ من العمر 32 سنة، وهي إنسانة تتبع أسلوب إيذاء الغير بلسانها والاستهزاء والسخرية، وعدم احترام الآخرين، وعمل مشاكل بين جميع أفراد العائلة، الرجاء أن توضح لي هل هي تشكو من أي حالة نفسية، وما هو الحل معها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أشكر لك تواصلك مع موقع (الإسلام اليوم) . أختي الكريمة: إن هناك معلومات ناقصة حول أختك، وهي مهمة للتعرف بشكل أوسع عن سبب ظهور المشكلة السلوكية التي تعاني منها أختك، كتاريخ ظهور المشكلة والظروف الأسرية التي عاشتها وتعيشها، وهل هي متزوجة أم لا؟ ومدى استقرارها الأسري، ومستوى تعليمها. لذلك ستكون الإجابة بشكل عام، لعل الله أن يجعل فيها الخير. أولاً: إن التنشيئة الاجتماعية من حيث السلب والإيجاب لها تأثير كبير جداً على سلوك البنت أو الابن. ثانياً: القسوة في التعامل والحرمان والدلال الزائد والتمييز بين الأبناء من أسباب ظهور المشاكل السلوكية اللفظية والحركية. ثالثاً: معاناة أحد الوالدين من مشكلة الاستهزاء بالآخرين واحتقارهم والتقليل منهم، وزرع المشاكل لها تأثير على سلوك الابناء من حيث المحاكاة لذلك السلوك. رابعاً: التعرض لمشاكل مع الأقرباء بسبب سوء تعاملهم ينشئ السلوك العدواني لدى الشخص. وهناك أمور أخرى مسببة لتلك المشكلة، وما ذكرته سابقاً ليس للحصر، ولكن المتوقع أنها أكثر الأسباب المنشئة للسلوك غير السوي، وما تعاني منه أختك لا شك أنها مشكلة نفسية تحتاج لتعامل خاص، ومن أهم الطرق التي أرى أنها الأفضل في التعامل معها: 1- تقوية الوازع الديني لديها، بتخويفها من خطورة ما تفعله تجاه الآخرين على دنياها وآخرتها، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" [الحجرات: 11] . 2- تبصيرها بخطورة فعلها أسرياً واجتماعياً من حيث زرع الحقد والكراهية تجاهها، وتخلي الأقرباء عن مجالستها وتنامي سوء عملها بينهن. 3- أن تستشعر أنه لا أحد كامل إلا وجهه الكريم، وأنه كما للآخرين عيوب تراها فيهم، فللآخرين كذلك عيون، ولها عيوب يرونها فيها. لسانك لا تذكر به عيب امرئ ... فإن لك عيباً وللناس أعين 4- الامتناع عن مصاحبتها في الزيارات العائلية والمناسبات، وتعليل ذلك باستمرار سلوكها، ومحاولة إقناعها بالامتناع عن ذلك السلوك مقابل مرافقتها، وتكرار تلك المحاولات بهدف تعديل سلوكها للأفضل. 5- استخدام أسلوب العلاج العقلاني بتصوير موقعها مع الآخرين، (الأقرباء) حينما تبتعد عند إيذاء الآخرين وتتعامل معهم بالمثل، ويكرر ذلك معها عدة مرات لما لذلك من أثر في السلوك.

6- تكليف إحدى الأخوات الفاضلات من القريبات بكثرة مجالستها ومكالمتها، وتوجيهها الوجهة السليمة في الطرق المثلى للتعامل مع الآخرين، والمحاسن التي يجب أن تلتزم تجاههم، مقابل أن تجد منهم الاحترام والتقدير، وتكرار ذلك، والتحلي بالصبر معها. 7- تشجيعها بالالتحاق بإحدى الدور النسائية الخيرية لمجالسة الخيرات، وما له من أثر على سلوكها بعون الله. 8- إهدائها بعض الكتيبات والأشرطة النافعة التي تتحدث عن خطورة الاستهزاء بالآخرين وطرق الوقاية منها، ومن الأفضل أن تكون بشكل مسابقة يتطلب حلها السماع أو القراءة، وتكون موجهة لها بطريقة غير مباشرة. 9- الصبر معها واحتساب الأجر من الله في تبصيرها، وتعديل سلوكها وحمايتها من شر نفسها والشيطان. هذا ما تيسر لي، سائلاً الله الكريم أن يمن عليها بالهداية والصلاح، وأن يجعلها من الصالحات المصلحات، إنه جواد كريم.

اخرى

سلوك غريب من طفل صغير! المجيب د. أمين صبري نور الدين (علم النفس/ كلية العلوم جامعة الإمام) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/اخرى التاريخ 22/04/1427هـ السؤال أنا مديرة لرياض أطفال. وأواجه الآن مشكلة وهي أن أحد الأطفال الذكور يمسك أعضاء أصدقائه وقت اللعب، أرجو إفادتي بالحل الأمثل؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: الأخت الفاضلة: ينبغي قبل تقديم حل لتلك المشكلة الوقوف عليها، وبيان تفسير هذا السلوك، لأن هذا الموضوع جدير بالإجابة عليه، فالطفل في هذه السن يتسم دائما بحب الاستكشاف، وملوع بحب الاستطلاع، ولا يدرك -عادة- مغزى ما يفعله، ولا مدلول ما يرتكبه، فهو يريد أن يعرف كل شيء، ويجرب كل شيء. فالمعرفة عند الطفل بلا حدود ولا حواجز، والاستكشاف عنده لا حد له، سواء بالقول، أو بالعمل والممارسة. ولكن تكمن المشكلة في أن يخترق باستكشافه المحظور عند الكبار. فدائما نجده يسأل عن كل شيء، حتى عن الحمل، والولادة، ويسأل أيضا عن ذات الله عز وجل. ويستكشف بيديه كل شيء حتى مواطن الخطر، مثل عيدان الثقاب، ومقابس الكهرباء، وتحسس أعضائه، وأعضاء زملائه في المدرسة. هنا تكون الحيرة، كيف نجيب على أسئلة الطفل المحرجة، أو كيف نتصرف إزاء تصرفاته المحرجة؟ على الأم أو المدرِّسة في تلك الحالة منع الطفل من فعل هذا السلوك -المشين بالنسبة لنا أو العادي بالنسبة له- لكن بدون نهرٍ أو زجر له بحيث لا يشعر بالمنع وإنما صرف نظره إلى شيء آخر ولا يكون ذلك أمام الأطفال الآخرين حتى لا يلحظوا هذا فيقلدوه. ومن حسن الحظ أن الأطفال في هذه المرحلة يمكن توجيه اهتمامهم، وتشتيت انتباههم إلى شيء آخر. على الأخت الفاضلة مديرة المدرسة أن تتصل بأسرة الطفل للتشاور معهم، وسؤالهم عما إذا كان يكرر هذا السلوك في البيت أيضا، ولكي تتعاون الأم مع المدرسة في التخلص من هذا السلوك ومن الجيد أن تقوم الأم بتعديل هذا السلوك، بتوجيه الطفل إلى أن الأفضل هو فعل كذا، أو ترك كذا، دون أن يشعر أن للمدرسة دور حتى لا يشعر بنوع من الحرج أمام المدرِّسة. والله الموفق.

أعينوني على غض بصري

أعينوني على غض بصري المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/اخرى التاريخ 09/09/1426هـ السؤال أنا مبتلى بالنظر إلى النساء, مع أني ملتزم، ومحافظ على الصلاة في المسجد، وأحفظ أكثر من نصف القرآن، وأصوم ثلاثة أيام من كل شهر, وأتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، لكن هذه البلوى لم أستطع التخلص منها، فما الحل؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أبارك لك إيمانك وحفظك نصف القرآن، ومواظبتك على الصلاة والصيام، وأرجو الله لك المزيد والقبول.. وأما ما ذكرت من ضعفك أمام فتنة النظر للنساء فاعلم -بارك الله فيك- أن فتنة النساء فتنة خطيرة جداً، حذر الله منها وحذر منها رسولُه -صلى الله عليه وسلم- وحذر منها الصالحون والعلماء والناصحون، وكم أوقعت في شباكها جماعة من العباد والصالحين، حتى صرفتهم عن زهدهم وتنسكهم، وعبادتهم لله عز وجل، بل إن بعضهم مرق من دين الإسلام بسبب امرأة، وما القصة التي اشتهر ذكرها عن جمع من أهل السير والتاريخ والتفسير، ببعيدة عنا عن جمع من الصحابة والتابعين، وذكرها ابن جرير في تفسيره (28/49) من عدة أوجه، أحدها عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: إن راهباً تعبد ستين سنة، وإن الشيطان أراده فأعياه فعمد إلى امرأة فأجنّها، ولها إخوة، فقال لإخوتها: عليكم بهذا القس فيداويها، قال فجاؤوا بها إليه فداواها، وكانت عنده، فبينما هو يوماً عندها إذ أعجبته فأتاها، فحملت فعمد إليها فقتلها، فجاء إخوتها، فقال الشيطان للراهب: أنا صاحبك، إنك أعييتني، أنا صنعت هذا بك، فأطعني أنجك مما صنعت بك، اسجد لي سجدة، فسجد له، فقال: إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين، فذلك قوله: "كَمَثَلِ ?لشَّيْطَـ?نِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَـ?نِ ?كْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنّي بَرِيء مّنكَ إِنّى أَخَافُ ?للَّهَ رَبَّ ?لْعَـ?لَمِينَ" [الحشر:16] . وتأمل معي -بارك الله- فيك ما في هذه الآية من البلاغة اللغوية، وسمو التشريع، وفصاحة الخطاب، فقد قال الله عز وجل: "يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـ?رِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ" [النور:30] ، فبدأ بالأمر بحفظ البصر ثم أتبعه بحفظ الفرج، وذلك لأنّ البصر الباب الأكبر إلى القلب، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه. ولهذا قالوا: النواظر صوارم مشهورة، فأغمدها في غمد الغض والحياء من نظر المولى، وإلا جرحك بها عدو الهوى. وما أحسن قول الشاعر: وغض عن المحارم منك طرفا طموحا يفتن الرجل اللبيبا فخائنة العيون كأسد غاب إذا ما أهملت وثبت وثوبا ومن يغضض فضول الطرف عنها يجد في قلبه روحا وطيبا فإذا تأملت هذا الخطر من جراء النظر دفعك ذلك للخوف من الوقوع في شباكه، ثم زد على ذلك التمسك ببعض القواعد النافعة في غض البصر، ومنها: القاعدة الأولى: إذا نظرت نظر الفجأة فاصرف بصرك: في صحيح مسلم (2159) عن جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-قال: سَأَلْت رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- عَنْ نَظْرَة الْفُجَاءَةِ, فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِف بَصَرِي.

قال النووي في شرح مسلم: وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ, وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال, فَإِنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ, وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث, فَإِنَّهُ -صلى الله عليه وسلم-أَمَرَهُ بِأَنْ يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى: "قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أبصارهم". اصرف بصرك ولو أن تضطر لإغماض عينيك، واعلم يا عبد الله أنك إنما تتعامل مع الله، مع ربك ومولاك، من إذا غضب ألقى بك في نار وقودها الناس والحجارة، عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم. القاعدة الثانية: (يا علي! لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة) . رواه أبو داود (2149) ، والترمذي (2777) ، وهو حديث حسن. وهذه قاعدة متصلة بالقاعدة السابقة، ومكملة لها، وهي قاعدة ذهبية في غض البصر وحفظه عن الحرام، قال ابن الجوزي: وهذا لأن الأولى لم يحضرها القلب, ولا يتأمل بها المحاسن, ولا يقع الالتذاذ بها, فمتى استدامها مقدار حضور الذهن كانت كالثانية في الإثم. القاعدة الثالثة: تجنب الجلوس والتسكع في الطرقات: في صحيح البخاري (2465) ، وصحيح مسلم (2121) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- "فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّه"ُ قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: "غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ". قال النووي: هَذَا الْحَدِيث كَثِير الْفَوَائِد, وَهُوَ مِنْ الْأَحَادِيث الْجَامِعَة, وَأَحْكَامه ظَاهِرَة, وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَب الْجُلُوس فِي الطُّرُقَات لِهَذَا الْحَدِيث. فنهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الجلوس في الطرقات؛ لأنها مظنة التعرض للنظر المحرم، وارتكاب منهيات أخرى، فلذلك قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فإن كان لابد"، فأعطوا الطريق حقه، وذكر من حق الطريق غض البصر. ويشترك مع الطرقات هذه التي هي مظنة النظر المحرم، الأماكن العامة التي يكثر فيها التفسخ، كبعض الحدائق والأسواق، وللأسف إن كثيراً من المسلمين يتهاونون في هذا الأمر، فيخرجون للنزهة في مثل هذه الحدائق مع علمهم بأنها مليئة بمظاهر التفسخ والانحلال والعري، ثم بعد ذلك يطالبون بالحلول العملية المعينة على غض البصر. فإن قلت: لكن لا يستطع الإنسان حبس نفسه بالبيت، فلا بد من الخروج لشراء الحوائج، والنزهة، فأقول أولاً: لا بد أن يكون ذلك بقدر الحاجة، ولا يحدث فيه توسع، ثم ليتجنب الإنسان الأزمنة والأمكنة التي هي مظنة الفساد، وبعد ذلك أقول لك كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: "فإن كان ولا بُد فأعطوا الطريق حقه ... غض البصر، وكف الأذى".

القاعدة الرابعة: "يَعْلَمُ خَائِنَةَ الاْعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ" [غافر:19] . قال ابن عباس -رضي الله عنهما- هو الرجل يكون جالساً مع القوم فتمر المرأة فيسارقهم النظر إليها. وعنه -رضي الله عنهما- هو الرجل ينظر إلى المرأة فإذا نظر إليه أصحابه غضّ بصره, فإذا رأى منهم غفلة تدسس بالنظر, فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره, وقد علم الله -عز وجل- منه أنه يود لو نظر إلى عورتها. وقال مجاهد: هي مسارقة نظر الأعين إلى ما نهى الله عنه. وقال قتادة: هي الهمزه بعينه وإغماضه فيما لا يحب الله تعالى. سئل الجنيد: بم يستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق إلى ما تنظره. وكان الإمام أحمد ينشد: إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل على رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما يخفى عليه يغيب القاعدة الخامسة: "بَلِ الإنسان عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَه"ُ [القيامة: 14، 15] . يكثر الإنسان من البحث عن الأعذار في عدم إمكانية غض البصر، وأنه أمر غير واقعي، ويبدأ الشيطان بحياكة صور متعددة من الأعذار، ويزين له الاتكال عليها من أجل أن يطلق بصره، ويسرح بنظره، فتارة يقول له مستهزئاً: الأحسن لك أن تكون أعمى، أو أن تصطدم بالناس، وتارة يقول له: سر كالأبله الذي لا يعرف شيئاً، وأخرى يقول له المهم نظافة القلب، ولو نظرت إلى النساء، وهكذا، إلى غير هذه من الأعذار، والجواب عن كل هذا: بل الإنسان على نفسه بصير، ولو أكثر من إلقاء المعاذير، وهذا معنى تلك الآية. القاعدة السادسة: "احفظ الله يحفظك". نعم احفظ الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه، يحفظك من الانزلاق في المعاصي، كما يحفظك إذا احتجت إليه في يوم شدة، ومن حفظ الله أن تلزم ذكره حتى تكون أقرب إليه، وأبعد عن الشيطان، فإذا مر عليك منظر، أو رأيت صورة فإنك تكون متصلاً بالله، مستمداً القوة منه، فيكون ذلك أقوى لأن تغض بصرك. قال ابن تيمية: وتأمل كيف عصم الله -عز وجل- يوسف -عليه السلام- من فتنة امرأة العزيز، فقد كانت مشركة فوقعت مع تزوجها فيما وقعت فيه من السوء، ويوسف -عليه السلام- مع عزوبته ومراودتها له، واستعانتها عليه بالنسوة، وعقوبتها له بالحبس على العفة عصمه الله بإخلاصه لله تحقيقاً لقوله: "وَلاغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ?لْمُخْلَصِينَ" [الحجر:39، 40] ، قال تعالى: "إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ" [الحجر:42] . القاعدة السابعة: "وأتبع السيئة الحسنة تمحها". أيها الأخ المبارك: إن انزلاق عينيك في نظرة محرمة، واختلاسة طرفك لصورة نهيت عن النظر إليها، ينكت نكتة سوداء في قلبك، فاحذر أن تكثر هذه النقاط السود حتى يصبح قلبك أسود مرباداً كالكوز مجخياً أي منكوساً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب في هواه، فاحذر كل الحذر من هذا، وأتبع هذه السيئة بحسنة، حتى تجلو قلبك وتغسل فؤادك من ظلمة المعصية، وذلة المخالفة، وتضيق على شيطانك منافذه.

إن الشيطان يأتيك فيقول لك: ها قد وقعت، فانتهى أمرك، فلا تحمل نفسك ما لاطاقة لك به، فلا داعي لأن تعاهد نفسك بعدم النظر، وتمتنع عن شيء تعلم يقيناً أنك ستعود إليه، وهكذا ينسج الشيطان الرجيم حولك خيوطاً من الوهم، والوهن، حتى تصبح أسيره، ولا تلبث أن يصدق عليك قول الله عز وجل: "أَفَرَأَيْتَ مَنِ ?تَّخَذَ إِلَـ?هَهُ هَوَاه"ُ [الجاثية:23] . القاعدة الثامنة: "وَقَالَ رَبُّكُمْ ?دْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ?لَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ د?خِرِينَ" [غافر:60] . روى شعبة عن عبد الملك بن عمير، قال سمعت مصعب بن سعد يقول: كان سعد يعلمنا هذا الدعاء عن النبي: اللهم إني أعوذ بك من فتنة النساء وأعوذ بك من عذاب القبر". أخرجه الخرائطي في اعتلال القلوب، وانظر ضعيف الجامع الصغير (1203) . الدعاء، خير سلاح، وأقوى وسيلة، وأنفع دواء، به استعانة برب الأرض والسماء، به النصر على الأعداء، فاستعن به يا أخي. ادع الله دائماً أن يحفظ عليك إيمانك، وأن يقوي عزيمتك على غض البصر، وحفظ النظر، ادع الله في ليلك ونهارك، في أوقات الاستجابة، وفي كل وقت. القاعدة التاسعة: إن استطعت أن تعجل بالزواج فافعل؛ فإن رسولك -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في الحديث الصحيح: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج". أخرجه البخاري (5066) ، ومسلم (1400) . وأعتذر عن الإطالة في الجواب، لكنها بلوى عامة أردت أن يستفيد منها الجميع، وأرجو الله أن يوفقنا جميعا لغض أبصارنا عما حرم علينا، ويعيننا على طاعته إنه جواد كريم.

أدمنت النظر إلى الحرام!

أدمنتُ النظر إلى الحرام! المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/اخرى التاريخ 27/08/1426هـ السؤال أنا متزوج وأعمل في بلاد الغربة وأعاني من معصية النظر الحرام، حيث حاولت مراراً عدم مشاهدة البرامج الإباحية، لكن كل مرة أعود دون أن أشعر. أرجو أن توجهوني إلى كيفية الإقلاع عن هذا الذنب، وأن تدعوا لي بأن يسهل الله لي عملاً بالقرب من أهلي. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: أخي الكريم: لمست في سؤالك شعوراً بالذنب الذي وقعت فيه، فهنيئاً لك هذا الإحساس، الذي ينبغي لك أن تستفيد منه في تحولك إلى العفة وحفظ البصر. كثير ممن يقعون في الحرام يقعون فيه وهم لا يحسون بتأنيب الضمير، ولا يشعرون بالذنب، وهذا الإحساس ربما كان أشد من الذنب نفسه، أما التائب بعد الذنب فهو كمن لا ذنب له. وإليك أخي هذه التوجيهات السريعة فيما يخص موضوعك: (1) احذر أن يأتيك الشيطان يوماً ويوقعك في دائرة اليأس من ترك المعاصي، بل كلما وقعت في الذنب، كرر المحاولة بلا يأس. (2) أظن أنك تقترف هذه المعصية في أماكن أو أزمان أو أحوال معينة، تسهل عليك الوقوع في هذه المعصية، فأفضل أمر لك أن تحاول التخلص من هذه الأمور -قدر استطاعتك-. (3) لا بد أن أكون صادقاً معك، ووجه ذلك أن أقول لك: إن ترك مثل هذا النوع من المعاصي يحتاج إلى مجاهدة وصراع، في الغالب يكون المنتصر فيه الإيمان الكامن في نفسك: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" فابتدئ بالمجاهدة، وسيعينك الله بعد ذلك. (4) لعلي أثير في نفسك الحمية، هل ترضى أن تنشغل زوجتك أو إحدى محارمك برؤية مثل هذه الأفلام؟ إذن اتق الله فيهن، واحفظ حقهن، كما هن يحفظن حقك. (5) لو أن شخصاً مهيباً، وصاحب دين وخلق اطلع عليك وأنت منهمك فيما أنت فيه، كيف سيكون حالك؟ إن كنت صاحب مروءة، وأنت كذلك -لا شك أنك ستكون في وضع لا تحسد عليه. أما علمت أن الله مطلع عليك في كل أحوالك، يعلم خائنة عينك وما يخفى صدرك!! وشتان بين الخالق والمخلوق. (6) الجأ إلى الله بالدعاء الحار والمستمر، فهو الذي يعصمك من المعاصي وهو الذي يوفقك للخير، والله سميع مجيب. اللهم أهد قلبه، ووفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك.

النميمة.. فرقت بيننا!!

النميمة.. فرقت بيننا!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/اخرى التاريخ 4/5/1422 السؤال مشكلتي بدأت عندما تعرفت على فتاة تكبرني بسنة أخذتها أختاً لي واجتمعنا أنا وهي على أعمال دعوية كثيرة ومحاضرات وإن كانت قليلة إلا أنها عنت لي الكثير واستمرت أخوتنا لمدة سنة بعدها دخلت بيننا فتاة وأخبرتها عني كلاماً لا يوصف حتى زعزعت ثقتها بي وأصدقك قولاً أخي الكريم أن هذه الفتاة تملك أسلوباً قوياً في الإقناع فاستطاعت أن تفرق بيننا ومرت الأيام وحاولت أن أفهمها الحقيقة لكنها كانت دائماً تصدني مما سبب لي ألماً كبيراً حتى كرهت التعرف على أحد أو حتى أن أكلم أحد وأصبحت في عزلة كبيرة لا يعلم بها سوى ربي وبعد أن مرت فترة رجعت هذه الفتاة التي كانت أختاً لي في السابق وأرادت العودة وقالت أنها فتحت صفحة جديدة تلقيت الخبر ودموعي معي ولجأت إلى ربي فقلت يجب علي أن أكون أحسن منها وحدثت أول مكالمة لكني أحسست بشيء غريب بداخلي أحياناً أكون سعيدة لأننا عدنا وأحياناً تنتابني نوبة بكاء حالياً لا أعرف ما أفعل أنا خائفة إن عدت تفعل بي ما فعلته لأنها كما تأثرت بأختكم في الله. الجواب أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد..كما اسأله أن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. قرأت استشارتك وتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: ثقي - أختي الكريمة - أن ما حدث بينك وبين صديقتك يتكرر بكل أسف كثيراً بين بعض الأصدقاء.. ولا غرابة.. فنحن بشر يعترينا النقص.. وتؤثر فينا الحوادث حتى ولو بدت صغيرة وغير مؤثرة.. ونتكل كثيراً على أنفسنا وعلى جهدنا وتقييمنا للأشياء.. وننسى أو نتناسى أن اتكالنا على الله تعالى يريحنا ويجلب لنا الطمأنينة والراحة والانسجام التام بين ما نتمنى وما يحدث بالفعل.. فكل الأمور مقدرة.. ومكتوبة والمقدر والمكتوب كائنان لا محالة..!! ثانياً: جاء في الأثر [يفسد النمام في ساعة مالا يفسد الساحر في سنة] نسأل الله العافية.. وقد سعت تلك الفتاة بينكما بالنميمة فأفسدت أخوة كانت قائمة.. وعشرة كانت مستمرة.. فماذا كسبت..؟! اللهم إلا إشباع غلٍ أو حسدٍ في نفسها.. أو رغبة ملحة في الإفساد بين الناس..!! نسأل الله العافية.. وستسأل عن ذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون.. إلا أن تابت وأنابت واستحلت منكما فإن الله هو التواب الرحيم. ثالثاً: لا تحزني - أختي الكريمة - على ما مضى..رغم الألم الذي شعرت به.. والحزن الذي أحسسته.. فربما كان في الأمر خيراً.. والخيرة فيما اختاره الله.. ولكن يجب عليك أن تستفيدي من هذه التجربة.. فتقوي أيمانك بالله.. وتعتمدي عليه.. وتتكلي عليه حق التوكل وتكتشفي حقيقة بعض الناس.. ولا تتأثري بالنميمة.. ولا بما ينقل إليك عن فلانة بل الحق لديك ما رأيت بعينيك وما سمعت بأذنيك.. ورب ضارة نافعة.. والضربة التي لا تميتيني تقويني كما يقال..

رابعاً: أظنك بعون الله أقوى.. من أن تتأثري بموقف واحد مهما كان.. إلى الحد الذي يجعلك تكرهين التعرف بالناس وتعيشين في عزلة..!!! الناس كثر.. وتجاربهم أكثر.. ومثل هذه التجارب هي التي تصقل شخصية الإنسان.. وتعينه - بعد توفيق الله - على مواجهة الحوادث في قادم الأيام.. فضعي - أختي الكريمة - تجربتك في هذا الإطار. خامساً: تناقض مشاعرك الآن بين الفرح بعودتها.. والحزن حد البكاء الذي تشعرين به.. هو شعور طبيعي.. بين فرحتك بعودة صديقة قديمة.. وحزنك مما حدث.. وكيف حدث.. أي شعور بالغبن والظلم والألم!! وآمل ألا يطول ذلك الإحساس.. وأن تحاولي أن تتجاوزيه.. وتصفحي عما مضى.. فكل ابن آدم خطا وخير الخطاءين التوابين. سادساً: جميل هذا العفو والصفح منك.. وتقبل عودتها ولكن.. أتمنى لو كان هناك جلسة مصارحة وعتاب ومكاشفة بينكما حتى تتضح الأمور.. وتداوى الجراح ويستفاد من الماضي.. استعداداً للمستقبل ثم يغلق ملف الماضي بما فيه.. وتبدآن معاً من جديد أخوتكما في الله.. على نور من الله لا يضركما من ظل إذا اهتديتم ... وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

أمارس الجنس مع محارمي في المنام!!

أمارس الجنس مع محارمي في المنام!! المجيب د. رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/اخرى التاريخ 28/06/1426هـ السؤال دائماً ما أحلم بأني أمارس الجنس مع أمي أو أختي، بل وقد أحتلم بسبب ذلك، وأستيقظ وأنا في حالة نفسية سيئة جداً، فما سبب ذلك؟ علماً أني غير متزوج وأصلي ولا أترك فرضاً. أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الهادي الأمين، وآله وصحبه أجمعين، فأهلاً بك ـ أخي ـ في موقع "الإسلام اليوم" ونفعك الله بما فيه، وننبهك إلى أمور ثلاثة: (1) من رحمة الله تعالى بنا أنه لم يؤاخذنا بما نراه في نومنا من أحلام وخيالات وما إلى ذلك؛ لأن القلم قد رُفع عن النائم، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه سلم- أنه قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يحتلم" رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم. (2) أن الأحلام في المنام كما أنه لا يؤاخذ عليها، فإن تأويلها غالباً لا يكون على ظاهرها، ولذا كثيراً ما يؤول الحلم تأويلاً بعيداً عما يتبادر عند سماعه، وكثيراً ما يعبِّر المؤولون مثل هذه الأحلام بأنها خير توصله إلى قرابتك أو يصلهم عن طريقك. (3) ولقد بيّن لنا صلى الله عليه وسلم أن الحلم القبيح هو من أفعال الشيطان التي يكيد بها بني آدم، وأن ذلك لن يضر الرائي، فلا ينبغي أن يهتم أو يصيبه القلق، قال أبو قتادة -رضي الله عنه- سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وليتفل ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً فإنها لن تضره". أخرجه البخاري وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة: "فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس". وربما أرجع بعض علماء النفس مثل هذه الأحلام لخلافات واقعة بينك وبين أهلك، أمك وأختك، وهو نوع من التنفيس أو صورة من صور السيطرة، فإن كان ذلك فأحسن إلى أهلك "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" [النساء: 1] . وحُكي أن رجلا أتى ابن سيرين فذكر له أنه ينكح أمه، فلما فرغ منها نكح أخته وكأن يمينه قطعت، فكتب ابن سيرين جوابه في رقعة حياء من أن يكلم الرجل بذلك، فقال: هذا عاق قاطع للرحم، بخيل بالمعروف، مسيء إلى والدته وأخته. هذا فقط للتذكرة، والذكرى تنفع المؤمنين. وعموماً ننصحك ـ أخي الكريم، بالآتي: (1) لا تذهب للنوم وأنت ممتلئ البطن، حاول أن تمشي بعض الوقت بعد العشاء. (2) إذا ذهبت لفراشك عليك بالوضوء. (3) صلِّ الوتر (ركعة أو ثلاث ركعات) . (4) لا تنم على بطنك (وهي ضجعة يكرهها الله ورسوله) لكن نم على شقك الأيمن. (5) اقرأ الأذكار (أذكار النوم) وأهم شيء آية الكرسي، وإن تيسَّر لك أمر الزواج مبكراً فلا تتردَّد فهو طريق العفة.. والله أعلم.

ابني التقط ألفاظا بذيئة

ابني التقط ألفاظاً بذيئة المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/اخرى التاريخ 16/6/1425هـ السؤال لدي طفل، -والحمد لله- يبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف تقريبا، أعاني معه من قضية تأثره ببعض التصرفات والألفاظ السيئة عند اختلاطه مع أولاد أعمامه وأخواله، مثل السب وغيره، مع أن بيتي -والحمد لله- محافظ، لا يُسمع فيه مثل هذه الأمور. سؤالي: إذا سمعت منه مثل ذلك، ما الموقف السليم في التعامل معه؟ هل المناسب نهره أو ضربه؟ أم ماذا؟ وكيف السبيل للحد من تأثره بالأخلاق السيئة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: (1) يجب إهمال ما يتلفظ به وذلك بعدم معاقبته أو نهره. (2) يمكن عن طريق القصص أن تعطيه كل ما تريد من نصائح وتوجيهات. (3) الأطفال عادة ينفرون من إلقاء الأوامر لهم أو مقارنتهم بالآخرين؛ لذا ينبغي على الوالد والأهل إيجاد وسائل غير ذلك مثل إيراد القصص أو المعززات تساعد في ابتعاده عن الألفاظ الغير مرغوبة وإبدالها بكلمات طيبة. (4) يجب التقليل من الاحتكاك بهذه المجموعة وجذبه إلى مجموعة ذات آداب حسنة. (5) ويمكن أن ننمي فيه روح القيادة وذلك بأن يقوم هو بدور الناصح لهم وهذه محببة غالباً عند الأطفال. والله الموفق.

أختي منحرفة!!

أختي منحرفة!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/اخرى التاريخ 22-7-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا شاب توفي والدي وأنا أصغر إخوتي والحمد لله أنا بار بوالدتي ولكن مصيبتي هي أن لي أختاً قد تقدمت في السن ولم تتزوج وليس لي عليها كلمة أراها تخرج من دون إذن وتلبس مالا يرضى عنه دين ولا أدب تتكلم مع غير المحارم والأدهى والأمر أن والدتي تقول لا دخل لك بها فلها إخوان أكبر منك وفي بعض الأحيان تساومني برضاها علي وتلوح بأنها ستغضب وأن رضاها من رضى الله وأنا أخاف الله ولكن ما عساي أن أفعل وجزاكم الله خيرا الجواب أخي الكريم ... شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" أولاً: يجب أن تحمد الله أن هيأ لك البر بوالدتك فاسأله الثبات على ذلك وعدم التغير. ثانياً: كذلك يجب عليك أن تحمد الله أيضاً أن هيأ لك أسباب الصلاح والالتزام بدين الله عز وجل فعدم رضاك عن الأعمال التي تقوم بها أختك دليل على محافظتك والتزامك بالخلق والدين القويم والحمد لله. ثالثاً: أنا أتفهم مشكلتك تماماً وأدرك الحرج الذي أنت واقع فيه. فأنت من ناحية لا تريد إغضاب والدتك والدخول معها في مخاصمات ومشاكل قد تكون سبباً في وقوعك في عقوقها، وأنت من ناحية أخرى لا تحبذ ما تصفه أختك من أفعال مشينة وبعيدة عن الحشمة والوقار والذي يبدو لي أن الأنسب لك فعله هو العمل والتركيز فيه على هذه الأخت واترك والدتك جانباً ولا تتجادل معها بشأن أختك لأن طبيعة الأمهات في الغالب في مثل هذه الحالة هو الوقوف مع البنت حتى ولو كانت على خطأ وذلك لأن الزاوية التي تنظر الأم من خلالها لابنتها تختلف عن الزاوية التي تنظر أنت من خلالها كأخ لهذه الفتاة، ولذلك فالمخاصمة مع الوالدة في هذه المجال يكاد يكون عقيماً من وجهة نظري ولن يؤدي إلى النتيجة التي ترجوها بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية. حاول أنت فتح قنوات بنفسك مع أختك، كن ليناً وسهلاً معها. أهدها كتباً وعظية وأشرطة سمعية تبين حرمة ما يقع منها، ذكرها بالله وخوفها منه، واذكر لها أن التوفيق بالزواج هو قرين القرب من الله والبعد عن سخطه. أخبرها أن الشباب حتى غير الملتزمين يرغبون الارتباط بالفتاة المحافظة ويخافون من المتبرجة أو المتسكعة بالأسواق كل يوم. استمر في هذه الطريقة ولا تستعجل الثمرة أو النتيجة إذ التوفيق من عند الله ودورك هو الدلالة على الطريقة فقط ومنع تفاقم المشكلة قدر الإمكان. وإذا وجدت أن الأمور تسير إلى الأسوأ فلابد هنا من مخاطبتك لأخوتك الكبار حول هذا الموضوع وأطلعهم على الأمر وهم لديهم قدرة على كبح جماح المشكلة قبل أن تتفاقم ويحصل مالا تحمد عقباه. أعانك الله ويسر أمرك،،،

علاقة جنسية بين الأطفال..!!!

علاقة جنسية بين الأطفال..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 19/7/1422 السؤال : هل العلاقة الجنسية بين الأطفال (5 - 9 سنوات تقريباً) أمراً عادي.. أم أن هناك خلل ما؟؟ أرجو إفادتي.. الجواب أخي الكريم.. أشكر لك تواصلك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. وأما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: العلاقة الجنسية بين الأطفال يا عزيزي ليست أمراً عادياً.. بل هي نذير سوء.. وبداية انحراف..!!! كيف ... ؟! ربما لا يجد الأطفال في هذا العمر المتعة الحقيقية لهذه العلاقة.. ولا يدركان أبعادها..!!! ولكن السؤال.. كيف عرف الأطفال هذا السلوك واستدلوا عليه.؟!! ومارسوه..؟!!! ثانياً: هناك خلل ولا شك - بل خلل خطير..!!! ربما تجاوز الأطفال إلى غيرهم..!! فهم إما قد رأوا ذلك.. وهذه مشكلة.. فمن رأوا..؟ وكيف رأوا..!! وإما قد سمعوا..؟! وإما قد غرر بأحدهم واستدرج.. فإعتاد على ذلك.. ومارسه.. دون إدراك لعواقبه..!!! والافتراضات هنا كثيرة جداً. ثالثاً: يلزم تدارك الأمر عاجلاً.. عن طريق سؤال هؤلاء الأطفال متفرقين عن هذا الأمر.. وممن عرفوه.. واكتسبوه..؟ وكيف رأوه..!! وليكن السؤال بهدوء.. وسعة بال.. لوضع اليد على مكمن الداء.. والتأكد من ذلك.. وعدم الاستعجال ثم علاج الأسباب بطريقة ((عقلانية)) وحازمة وعدم التهاون في هذا الأمر.. والتوضيح لهؤلاء الأطفال عن خطورة هذا الأمر.. وشدة عقوبته عند الله.. ومساعدتهم على تجاوزه ونسيانه. رابعاً: المتابعة - أخي الكريم - والحذر.. هما من أهم الأشياء - بعد توفيق الله وحفظه - في الحفاظ على أخلاق وأعراض المحارم من الأطفال وغيرهم وقد يؤتى الحذر من مأمنه!!! كما يقال.. فالله.. الله.. بالدعاء.. وقراءة الأوراد الشرعية فهي الحصن الحصين.. مع تعويد الأطفال على مصارحة والديهم بما يعتريهم ويعترضهم من عقبات وإخبار الأطفال بهذا السن بحيل بعض ((السفلة)) للإيقاع بهم.. والتغرير بهم ... ويلزم هنا الوضوح وتسمية الأشياء بأسمائها.. وإخبار الطفل بما يجب عليه هنا من تصرفات لمواجهة مثل ذلك ليكتسب الحصانة الداخلية.. وحتى لا يصبح صيداً سهل المنال.. وفقكما الله وحماكما من كل مكروه وجميع شباب وأطفال المسلمين.

رابعا: مفاهيم تربوية خاطئة

الحجب والمنع في تربية الأبناء المجيب د. علي با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/مفاهيم تربوية خاطئة التاريخ 7-1-1424 السؤال هل الحجب والمنع من أسس التربية الإسلامية؟ أم يربى الأبناء على التفريق بين الخير والشر ويحضر لهم الدش والإنترنت؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: يقول الله تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) ، فهو سبحانه خالق الإنسان والعالم بفطرته وطبيعته وما يصلحه وما يفسده، وقد فطر الله تعالى الخلق منذ خلق آدم -عليه السلام- على وجود الممنوع الذي يحذر منه وتكون عاقبته وخيمة، والمطلوب الذي يرغب فيه وتكون ثمرته مفيدة، فالنفوس مفطورة على التأثر بالترغيب والترهيب الذي هو من أكثر أساسيات التربية أهمية، فعندما خلق الله آدم قال له ولزوجه: (اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) ، والمنع أساس في التكليف والاختبار، والآية واضحة في المنع بقوله تعالى: (ولا تقربا هذه الشجرة) . ويمكن أن نرسم ملامح منهج المنع من خلال هذه الآية في النقاط التالية: (1) وجود ما يسد الحاجة ويحقق رغبة النفس (اسكن أنت وزوجك الجنة) . (2) اتساع دائرة المسموح وتنوعها (وكلا منها رغداً حيث شئتما) . (3) محدودية دائرة الممنوع وضيقها (ولا تقربا هذه الشجرة) . (4) بيان سوء عاقبة الوقوع في الممنوع (فتكونا من الظالمين) ، وفي آية أخرى بيان أوسع في قوله تعالى: (فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما) . ومن هنا يمكننا القول بأن المنع أساس تربوي صحيح، بل هو على الحقيقة مما لا بد منه، ويدل على ذلك الآيات الكثيرة الواردة في النهي عن كثير من المحرمات في العقائد والعبادات والمعاملات وأنواع المطاعم والمشروبات، ويمكننا أن نلاحظ منهج المنع السالف ذكره في جملة هذه الآيات. ومن خلال التربية النبوية نلمح ذلك بصورة واضحة، فقد ورد في الصحيح أن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وهو طفل صغير مد يده ليأخذ تمراً من تمر الصدقة كان عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- فمنعه وأخذ على يده وقال:"كخ كخ أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة". قال ابن حجر في الفتح:"وفي الحديث جواز إدخال الأطفال المساجد وتأديبهم بما ينفعهم ومنعهم مما يضرهم ومن تناول المحرمات، وإن كانوا غير مكلفين ليتدربوا بذلك، ومن المعلوم أن العقول لا تستقل بالتفريق بين الخير والشر، ولا يمكن لها ذلك إلا بالاعتماد على الشرع من الخالق العالم بالإنسان وأحواله، ولئن كانت عقول الكبار تفرق بين ما يضر وما ينفع بحكم التجربة والخبرة ومعرفة المآلات والعواقب وما لديها من المعارف والعلوم فإن الصغار من الأبناء يعجزون عن ذلك لعدم اكتمال قدراتهم العقلية، ومن ثم فإن منعهم من الشر وتحذيرهم منه وبيان مساوئه أمر لا بد منه، لكنه لا يكون استقلالاً بدون تعريفهم بالخير وترغيبهم فيه وتقريبهم له وتدريبهم عليه حتى تشبع رغباتهم ويحصل لهم الاستقرار النفسي. ومن المهم أن ننبه على هذه الأمور التي يجب مراعاتها في هذا الباب:

(1) أهمية القدوة الحسنة من الآباء والأمهات في ميدان العمل بالخير والاتصاف به. (2) توفير الجوانب الإيجابية والمجالات الخيرية المحتاج إليها بقدر كاف. (3) مشاركة الآباء والأمهات لأبنائهم في الممارسات الإيجابية. (4) التشجيع على الالتزام والمشاركة في الجوانب الإيجابية من خلال الحوافز المعنوية والمادية. (5) عدم الإسراف في توفير المباحات، وعدم المبالغة في التشجيع والمكافآت. وأما بالنسبة للمنع فننبه على ما يلي: (1) استحضار المنهج السالف ذكره بتحديد الممنوع والتحذير من عاقبته. (2) الخطاب العقلي والوجداني في المنع والتحذير. (3) الاستعانة بضرب الأمثلة الواقعية والنظرية المعقولة في بيان مخاطر الممنوع. (4) ربط المنع بالمعنى الديني والثواب والعقاب والصلة بالله. (5) تربية الشخصية المتميزة المراقبة لله والمحافظة على وعدها والتزامها حتى يكون الامتناع عن قناعة وقوة إرادة. (6) استخدام بعض أساليب العقاب المناسبة المشروعة عند وجود المخالفة. (7) عدم المبالغة في التحذير بما ليس صحيحاً ولا واقعياً. (8) عدم المبالغة في العقوبات والانفعال أثناءها بما يخرج عن حد المعقول. وهذا العصر كثرت فيه المفاسد وانتشرت الملهيات وتزينت المغريات وأصبحت تلوث الأجواء بشكل عام، مما يجعل أهمية التفريق بين الخير والشر باستخدام أسلوب المنع أمراً بالغ الأهمية، فأطباق الاستقبال تجلب قنوات كثيرة تعرض كثيراً من المحظورات الدينية والخلقية والاجتماعية، ومثل ذلك شبكة الإنترنت، ولا يصلح المنع القاطع بدون إقناع وإشغال بالنافع المفيد؛ لأن ذلك يدفع إلى التماس هذا الممنوع من طرق أخرى، كما لا يصلح السماح المطلق بدون موانع ولا ضوابط بدعوى الاعتماد وبناء الثقة في الأبناء، أو بدعوى إتاحة الفرصة للتجربة حتى يكون الامتناع عن قناعة واقعية، فهذه كلها من أحابيل الشيطان، وخير الأمور ما كان محققاً لأعظم المصالح ودافعاً للمفاسد، والحمد لله رب العالمين، والله أعلم.

خامسا: عقبات في طريق التربية

صدوف الطالب عن حلقة التحفيظ المجيب عبد الإله بن سعد الصالح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/عقبات في طريق التربية التاريخ 27/02/1427هـ السؤال لدي طالب عانيت منه كثيراً من كثرة الغياب، مما يترتب عليه عدم المراجعة حال الغياب، وهو الآن يحفظ 14جزءاً من القرآن، ويدرس في الصف الأول الثانوي، وفكرت في نقله إلى حلقة ثانية، علمًا أن لديه بعض أقاربه في الحلقة نفسها، فربما يتأثر بعضهم ببعض، فما رأيكم، هل أنقله أم أن ذلك له تبعات تربوية غير محمودة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أسأل الله أن يبارك لك في أوقاتك وفي ولدك وأهلك ومالك، وأن يجعلك مباركاً أينما كنت. القيام على تربية هؤلاء الشباب من المهام العظيمة، والأجور الكبيرة لأهميتها في حفظ شبابنا والاستفادة من طاقاتهم، ثم إن الشباب في هذه المرحلة العمرية لا يستغرب التغيرات التي تطرأ عليه في الانفعالات والمشاعر وطريقة التفكير والتصرفات المتناقضة والرغبة في التأثر بالجديد والجذاب، وهذه مرحلة تحتاج منا إلى عدة أمور. 1- إيجاد البدائل المناسبة في الترفيه والأنشطة التي تساعد على تفريغ الطاقات المختزلة لديهم، جسدياً وفكرياً ومشاعرياً، وبطريقة جماعية أو فردية. 2- التعامل الأنسب في المخاطبة معهم، ومراعاة شعورهم، والرفع من قدرهم. 3- لابد من مراجعة البرنامج داخل الحلقة بأن يكون جاداً ومشوقاً، وفعالاً ومرتباً..الخ، مما يساعد على الشعور بالانتماء إلى ركن شديد. 4- النظر في الأسباب التي تجعل الطالب يغيب، حتى تستطيع أن توجد الحلول المناسبة التي تجعله أكثر انضباطاً، فقد تكون ظروفاً أسرية، أو وجود موانع في الحلقة تجعله ينصرف، أو إغراءات خارجية تجعلنا ندرسها ونوجد البدائل المناسبة. 5- أما تغير الحلقة فهذا شيء أنت أعرف به، فهل درجة القبول والتكيف في المكان الآخر مناسبة تساعده على الاستمرار والإبداع، أو أن نقله سيكون سبباً في ضعفه وتخلفه عن الحلقة، وهذا خاضع لشخصية الطالب ونفسيته، فلابد من مراعاة أمور كثيرة في ذلك. أسأل الله أن يوفقك وأن يبارك فيك.

أولاده من مطلقته النصرانية ومشكلة تربيتهم

أولاده من مطلقته النصرانية ومشكلة تربيتهم المجيب يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للإفتاء التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/عقبات في طريق التربية التاريخ 6/3/1425هـ السؤال تزوجت كندية نصرانية ثم طلقتها، ولي منها ثلاثة أولاد، بنت عمرها 16 سنة، وولد عمره 14سنة، وولد عمره 12سنة، وكلهم لا يعرفون أي شيء عن ديننا، وكلما حاولت أن أكلمهم في أمور ديننا قاطعوني، ولم يأتوا لرؤيتي، علماً أنهم يعيشون مع أمهم التي تعيش وصاحبها، وهي نصرانية الديانة، ولا يريدون أن يروني، وأنا مع زوجتي المسلمة المحجبة؛ بحجة أنهم ينحرجون من ثيابها أمام أصحابهم، فماذا أفعل معهم؟ وما هي الطريقة المثلى لتعليمهم القليل عن ديننا؟ وهل يجوز لي الاستمرار في الصرف عليهم؟ ماداموا لا يدينون بديني، وهل أنا آثم بذلك؟ مع العلم أني الآن لا أترك فرضاً وأقرأ القرآن؛ لعل ذلك يكفر عن ذنبي الكبير في تربية أولادي، أرشدوني -هدانا الله وهداكم- وهل يجوز أن أسايرهم في أمر زوجتي؟ إنهم لا يريدون أن يظهروا معها في أي مكان عام، بسبب ارتدائها الزي الشرعي؟ مع العلم أنهم لم يأتوا لزيارتي والإقامة في بيتي من شهر حزيران، ماذا أفعل؟ أنا بانتظار ردكم، وإرشاداتكم، والاستفادة من آرائكم اهتداء بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وشكراً. الجواب الأخ السائل: لا أدري بأي قضية أبدأ، ولا بأي إشكالية أجتهد في حلها، حيث تراكمت وتشابكت، وتعقدت فالله المستعان، والسؤال المهم ليس ماذا يجب عليك أن تفعل؟ ولكن ماذا تقدر أن تفعل؟ فأنت في كندا تحت سلطة الدولة، وقوانينها التي صُنعت للنساء، ولا حق للرجال لا في الحضانة، ولا في غيرها، فأنت ملزم بدفع النفقة إلى سن الـ 18 سنة، مهما كان وضع الأولاد ديناً أو خلقاً، وقد سئل الشيخ الألباني في بريطانيا عن مثل هذه القضية فأجاب بالمثل الشامي: (من بات في المقبرة وداهمته الكوابيس فلا يلومن إلا نفسه) . نعم يا أخي، ما من مسلم يعيش في هذه البلاد غير الإسلامية إلا صادفته مشاكل سواء في زوجه أو أولاده أو رزقه، - والله المستعان-. المقطوع به أن حلول العنف أو الشدة لا تأتي بخير؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "عليكم بالرفق؛ فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه" مسلم (2594) ، فكن رفيقاً سهلاً، ليناً في غير معصية لله. حالتك وحالات كثير من المسلمين تذكرني بقصة ذلك الأعرابي الذي أساء الأدب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهمَّ الصحابة - رضي الله عنهم- أن يبطشوا به، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم- عطاء حتى رضي، ثم قال لأصحابه- رضي الله عنهم- "إنما مثلي ومثلكم ومثل هذا الأعرابي كرجل كانت له دابة، فنفرت منه، فذهب يطاردها، فجاء الناس كلهم وراءه يطاردون، فما ازدادت الدابة إلا نفاراً وشراداً، فقال: دعوني ودابتي أنا أعلم بدابتي، فأخذ من خشاش الأرض، ولوح به لهذه الدابة، فما كان منها إلا أن انساقت إليه، وجاءت إليه فأمسك بها" أخرجه البزار (2476 - كشف) وضعفه ابن كثير (2/405) .

إن أولادك قد ندوا وابتعدوا عنك مؤقتاً، ولكن هذا لا يعني أنهم ابتعدوا عن الإسلام بالكلية، فكن معهم مثل الأعرابي ودابته، فإنه لا سبيل لك عليهم، وليس عندك إلا وسيلة واحدة هي وسيلة اللين والرفق. لا تجعل لقاءك بهم عبارة عن دروس دينية؛ فإن هذا الأسلوب سينفرهم منك، بل لو خرجت معهم سواء مع زوجتك الحالية المحجبة، أو بدونها للتنزه في غابة، أو رحلة، أو سياحة نافعة، وجعلتهم بالعطف والحنان، والمناقشة البسيطة الهادفة، يلتصقون ويتعلقون بك، ويحبون رؤيتك ولقياك لكانت هذه بداية العود المحمود، والحل المنشود. ثم انظر بعد ذلك في حل عملي سيحسم القضية بالكامل، واللبيب بالإشارة يفهم، ولأن يعيش الإنسان فقيراً في أرض الله، خير من أن يعيش غنياً تحت غضبه، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، والأرض كل الأرض للمسلم مسجداً وطهورا. كما عليك أولاً أو أخيراً أن تجتهد في طاعة الله، فإن الله قد حفظ مال اليتيمين بفضله، ثم بطاعة والدهما قال -تعالى-: "وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك" [الكهف:82] . كما عليك أن تجتهد في الدعاء والابتهال إلى الله أن يرد إليك أولادك بالطريقة التي ترضي ربك وتقر بها عينك. فعسى الله - سبحانه وتعالى- ألا يخزيك في ذريتك، ويجنبهم موارد الهلاك، آمين، وصلى الله على نبينا محمد.

تربية البنات بعد طلاق أمهن

تربية البنات بعد طلاق أمهن المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/عقبات في طريق التربية التاريخ 18/8/1424هـ السؤال السلام عليكم. تزوجت امرأة مسلمة، وأنجبت منها ابنتين، لفترة طويلة كنت أرى زوجتي تخالف الشرع برغم محاولاتي لإصلاحها بدون فائدة، لدرجة أنها فضَّلت الطلاق على الانصياع للشرع، كذلك فضَّلت التحاكم للمحاكم الأمريكية في موضوع الطلاق بدلاً من المحاكم الإسلامية، وقد أعطتها المحكمة حق حضانة البنتين. الآن هذه المرأة تعمل في متجر يبيع الخمور، وأنا مهتم بموضوع بناتي؛ لأنني أكره أن يأكلن من الحرام، ويجب أن يعرفن أن بيع الخمر حرام، وهذا ليس غريباً على عائلتها فأخوها يوزع الخمر على النوادي الليلية، ماذا أفعل تجاه بناتي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله. أعانك الله على ما تواجهه من آلام ومصائب، وجعل العقبى لك ولذريتك، وعوَّضك الله خيراً من هذه الزوجة. ما فات لا حيلة لتصحيحه، ولا ينبغي الالتفات إليه، وإنما أنت معني بأمرين: الأول: تربية ابنتيك، والثاني: البحث عن امرأة صالحة تحصن فرجك وتعينك على أمور دينك ودنياك، وتلد لك ذرية صالحة تدعو لك في ظهر الغيب. أما ابنتاك فاجعل من سويعات زيارتهما فرصة لتربيتهما وتعليمهما الأخلاق الفاضلة، وتعظيم الله ومحبته، وعرفهما الحرام، وبين لهما الواجبات، وفي هذا الشأن عليك أن تبدأ معهما بالأهم فالأهم، مع مراعاة صغر سنهما، وتحبَّب إليهما ببعض الهدايا والعطايا وامنحهن من حنانك وعطفك ما يشوقهما إلى لقائك. واحذر أن تجعل من هذه السويعات التي تلتقي فيها بابنتيك وقتاً للصراع والنزاع مع أمهما، فهذا عبث في حقك، ومفسدة في حق ابنتيك، ربما عاد عليك بالضرر وسبب لك جفاءهما ونفورهما عنك. دع أمهما في غفلتها، وحاول أن لا تقابلها في تلك السويعات. إن إصلاح حالك لا يكون بالرجوع إلى مناقشة الماضي مع شخص لم تعد تربطك به أي علاقة بعد أن فصل بينكما الطلاق، بل صلاح حالك بتحسس مواطئ قدميك الآن، والنظر في مستقبل حياتك، والتفكير الجاد لتصحيح المسار إلى حيث الوجهة السليمة. وأهم الخطوات في هذا هو البحث المتأني عن زوجة صالحة ترضاها أماً لأولادك كما ترضاها زوجاً صالحة لك. فابحث ولا تيئس واستعن بالله واصبر، وتعفف وألح في الدعاء وتحر مواطن الإجابة، ولا تستعجل الإجابة فتيأس وتنقطع عن الدعاء، فقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي" متفق عليه البخاري (5865) ، مسلم (4916، 4917، 4918) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. أما أكلهما من مال أمهما والذي كسبته من العمل في الحرام، فلهما غنمه وليس عليهما غرمه، فلا إثم عليهما في ذلك، إنما الإثم على أمهما. أعانك الله ووفقك، وسدَّدك وهداك وحماك من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ورزقك الزوجة المؤمنة العفيفة والذرية الصالحة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

زوجي.. وابنتي..والقلق!!!

زوجي.. وابنتي..والقلق!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/عقبات في طريق التربية التاريخ 19-12-1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كم أعاني كثيرا من ابنتي بعد أن وصلت سن الخامسة عشر من عمرها فبعد أن كانت طفلة هادئة لا تتجاوز رغباتها ما نضعه لها نحن في المنزل من الأفلام الكرتونية الإسلامية والألعاب الهادفة في الحاسب الآلي من مسابقات وبرامج متنوعة مع ما يكون في هذه البرامج من بعض التجاوزات الشرعية كالموسيقى مثلاً لأن التحكم فيها من خلال إلغائها قد اعتاد عليه أبنائي. أما الآن فابنتي قد كبرت وأصبحت تحس بالملل في بيتها وهي تطالبنا بطلبات نتحرز من تنفيذها لها لما فيها من المحظورات الشرعية فمثلا قد أجبرتنا أن نحضر لها أنتل لمشاهدة برامج الأطفال فقط في القناة الأولى وشفقة عليها وعلى أخواتها بسبب الملل الذي يحسونه نفذنا رغبتها وبالتدريج أصبحوا يشاهدون الأفلام التي تعرض في القناتين الأولى والثانية وعلى رغم مراقبتي لهذه الأفلام لحرصي ألا يشاهدوا ما يؤثر على أخلاقهم لكن ضميري بات يؤنبني وخشيت من غضب الله علي فأخذت الأنتل وحاولت إقناعهم وإحضار البديل المؤقت لهم من أفلام كرتونية إسلامية المشكلة هي أن أباهم مشغول عنهم بأمور الخير من قرآن ودروس للعلم ومساعدة الناس وقضاء حوائجهم وهو ليس عنده استعداد للجلوس معهم وتربيتهم بحجة أنني عندي بعض العلم وقادرة على التربية وقد كفيته هذا الأمر وهذا ما يردده علي كلما ناقشته بأمر التربية!!!!! علما إني أقوم ببعض الواجبات الدعوية وقد بدأت أقلص من هذه النشاطات حرصاً على بنياتي لأني أحسست أنهن وصلن مرحلة هم بأمس الحاجة إلي وخاصة ابنتي الكبيرة فإني أعاني منها كثيراً فهي تمتاز بعقلية فذة وذاكرة قوية ولله الحمد ولكن بدأت تحس بغربة بين زميلاتها وقريباتها بدعوى عدم التزامها بما يسمى كذبا وبهتانا " الموضة " من بعض الملابس والأزياء المخالفة للشرع..!!! حتى وصلت إلى درجة الانطوائية ففي الإجتماعات العائلية تنزوي في مكان ولا تذهب مع من هم في سنها وأناقشها في هذا الأمر فتبين لي بعد إلحاح أنهم لا يريدونها وهذا ليس نقص في شخصيتها أو عدم قدرة في الحديث معم أو عدم أناقتها بل إنها أذكى منهم جميعا وأشطر منهم جميعا حتى أن بعض أقاربها يتعجبون من ذكائها وفطنتها لأنهم يقارنون بينها وبين بناتهم فيجدون الفرق واسعاً كذلك أناقتها فإننا نشتري لها أفضل الملابس وأجملها حتى لا تحس بالنقص بل وتنال إعجاب الجميع بتسريحتها وأناقتها إلا أن لبسها لا يستحسنه أترابها لأنه لبسُ متحشم!! القضية هي ذكائها الذي أتعبنا أو أتعبني أنا لأن أباها مهما كلمته فهو في وادٍ ثاني كما أسلفت من طلب اعلم وتعليم الناس وقضى حوائجهم ... الخ..!!!!؟

فكرت أن أشغلها في إدخالها معهد للحاسب الآلي وهذا لا فائدة فيه لأنه تقريباً قد ألمت بجميع البرامج وتعلمت الكثير بل إن الناس يتصلون عليها إذا حدثت مشكلة في الحاسب فتحلها لهم فأصبحت تلح علي بإدخال الإنترنت وبالفعل اشتركنا وأدخلنا المواقع الإسلامية فقط وسمحت لها أن تتصفحه وكانت في البداية تصفحات بريئة فتطور الأمر إلى أشياء لم تكن بالحسبان فبحكم ذكائها استطاعت أن تضع لها موقع وإيميل وما سنجر وتدردش فتداركت الأمر وحسمته وألغيته وعاتبتها وناقشتها وأبدت أسفها لي واستغفرت وتابت والسبب يعود لتساهلي معها في هذا الأمر ولكن لم أتخيل أن تصل البنت لهذه الدرجة في استخدام الانترنت المهم الحمد لله حسمت الموضوع وانتهت هذه القضية بسلام والآن تعاني ابنتي من فراغ كبير حتى أوقات الدراسة لأنها تنتهي من واجباتها بسرعة عجيبة وتحفظ القرآن بسرعة.. وتأتي إلي تجادل وتتأفف من وضعها في البيت فهي انحر مت من الإنترنت ومن التلفزيون ولا تريد مشاهدة الفيديو ولا تريد اللعب بالحاسب ولا تريد القراءة باستثناء المجلات والقصص وقد جربت معها جميع الوسائل ولا فائدة حتى أصبحت تجلس في غرفتها ولا تخرج إلا نادراً وإذا خرجت جلست قليلاً وهي صامتة لا تتكلم أو تخلد إلى النوم وهو ليس وقتاً للنوم والأب لا يهتم بهذه القضية وإني أخشى عليها من هذا الكبت الذي تعيشة في بيتها أن يولد شيئاً آخر وهذا الشيء سيمر على إخوتها من بعدها لأن هذه طريقة حياتنا..!!!؟ فهل أعيد التلفاز لهن لعله يقضي عنهن بعض الأوقات ولا تقولوا لي أحضري البديل في الأفلام الكرتونية الإسلامية فإن الأدراج قد فاضت ولكنهن يردن الجديد والجديد فقط..!! فهل جميع طلبة العلم هذا حالهم مع أهلهم وأولادهم أم أنني وحدي أعاني أنا وبناتي من الوحدة والفراغ وماذا أفعل مع أبنائي عامة وا بنتي الكبيرة خاصة.. أريد حلاً عاجلا ولكم جزيل الشكر. الجواب أختي الكريمة أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنظل أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولا: أعانك الله ووفقك.. صدقيني استشعر ما تعانينه من هم ولكن أبشرك بأنك بإذن الله مأجورة غير مأزورة فأنت تقومين بعمل عظيم يتعلق بمتابعة أبنائك وتربيتهم التربية الصالحة.. فهل هناك أفضل من ذلك..؟! فاستمري وثقي أن ما تقدميه في هذا المجال من جهد وعرق وتعب ستجديه في وقت أحوج ما تكونين إليه.. فاحتسبي هذا الجهد وهذه الغيرة على أبناءك.. والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا.

ثانيا: أما موقف زوجك هداه الله.. فما هكذا تورد الإبل.. فقد أقر صلوات الله وسلامه عليه ما قاله سلمان الفارسي لأبي الدرداء رضي الله عنهما: إن لبدنك عليك حق ولأهلك عليك حق فأعطي كل ذي حق حقه.. الحديث، فالإسلام دين السماحة والشمولية.. والأبناء فعلا يحتاجون إلى والدهم ليلاعبهم ويؤدبهم ويستمع إليهم.. ومها كانت والدتهم متعلمة وحريصة فهي في النهاية يد واحدة واليد الواحدة لا تصفق كما يقال!!! وأقول لك جميل لو ذكرتيه مرة وأخرى..بهدوء بحاجة الأولاد إليه ليجعل لهم جزء من وقته. ثالثا: أما عن ابنتك أصلحها الله وجعلها قرة عين لوالديها هي وإخوتها.. فأقول أن ما تشعر به من ملل أمر عادي.. ويجب ألا تحملي الأمر أكثر مما يحتمل.. ولعل مرحلتها التي تمر بها ((المراهقة)) هي التي تصبغ تصرفاتها أحيانا بهذا الأمر والعزلة أحيانا وبعض المشاعر المتناقضة!! فراقبي الأمر بهدوء ولا تشعريها أن هذا الأمر يقلقك.. بل تعاملي معه وكأنه أمر عادي..لأنه فعلا أمر عادي..!!! فليس مطلوبا منا أن نحقق لأبنائنا كل ما يشتهون أو يتمنون بغض النظر عن رؤيتنا الشرعية والتربوية والإجتماعية..!! وأما ما تشاهده من قريباتها أو تسمعه.. فالواجب أن تشعريها بالثقة في النفس وأنها هي المحقة في تصرفاتها لسبب بسيط هو أن الشرع هو الذي أمرنا بذلك.. والمسالة: حلال أو حرام وليست مسالة ((موضة)) أو ((موديل)) أو ((أناقة)) وما سوى ذلك من الأمور المباحة فالحمد لله وفروا لها ما استطعتم بضوابط معينة.. تدرك معها أن الحياة لا تحقق لنا كل ما نتمناه.. ومثل هذه التربية تشعرها بأن مطالبنا وأحلامنا قد لا تتحقق.. وهذا لا يعني الإنكسار والحزن.. وطلب الشفقة..!!! وهي نقطة أساسية في بناء شخصيتها المستقبلية.. حتى ولو سمعتي منها التذمر والشكوى.. وربما البكاء فهذا أمر عادي جدا.. ففي العالم آلاف المرضى والجوعى والأيتام والمحرومين.. ماذا نقول عنهم؟!! ضعيها في الصورة لتدرك حجم النعمة التي تعيشها.. وذكريها أن الدنيا دار ممر للآخرة وأن النعيم هو نعيم الجنة..جمعنا الله وإياكم ووالدينا وذرياتنا بها. رابعا: جميل لو استغليتي ذكائها بإكسابها بعض الهوايات مثل الرسم والقراءة وسيتبع القراءة محاولة الكتابة ... فشجعيها على كتابة بعض القصص والمذكرات وهناك العديد من الكتب والقصص والمجلات المفيدة جدا لمثلها. وجميل لو أحضرت لها بعض كتب السيرة وقصص الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم وأرضاهم وغيرها من كتب التاريخ.. فستجد فيها الكثير من القيم والأفكار والعبر..إضافة إلى مجلات مثل الأسرة والشقائق ومجلة ولدي والفرحة وغيرها الكثير من المجلات الهادفة إضافة إلى بعض مجلات الأطفال كمجلة ماجد وسنان.. فهذه الأمور ستستقطع جزءا كبيرا من وقتها.

*وهناك فكرة أن تتعلم دورة في الكمبيوتر على برنامج ((الفوتوشوب)) أو ((الفرونت بيج)) وهي برامج للتصميم والرسم.. فيها جانب كبير من جوانب الإبداع تستطيع من خلالها أن تعمل على جهاز الحاسب الآلي.. وربما استفاد من جهدها وإبداعها العديد من الجهات.. وقد تستثمر هذا الأمر في الدعاية والإعلان.. فمعظم هذه الوكالات الدعائية تعتمد كليا عل برامج التصميم تلك! * أمر آخر.. ماذا لو اتفقت معها على تعلم العديد من الأطباق وصناعة الحلوى.. وغير ذلك ووضعت لذلك برنامجا أسبوعيا.. لتصنعي منها - كما يقال- امرأة مطبخ من الطراز الأول.. وشجعتيها على ذلك.. وكل هذه الأفكار وغيرها ستملأ وقتها وتستثمر ذكائها وتكسبها الثقة في نفسها.. وبالتالي بمجرد أن تتجاوز هذه المرحلة سيختفي الكثير مما تشاهدين حاليا. خامسا: لقد كدت أن تورديها الهاوية عن طريق الإنترنت وغفلتك عنها أثناء تعاملها معه فالحمد لله الذي أيقظك من هذه الغفلة..!! لماذا.. لأن لدي العشرات من القصص والمشكلات التي سببها ((الإنترنت والغفلة)) فكوني على حذر كبير. سادسا: أما مسألة لباسها واحتشامها فذاك من فضل الله.. أسأل الله لك ولها الهداية والسداد والرشاد والثبات حتى الممات.. وأوضحي لها أن كل امرىء بما كسب رهين.. وكل سيحاسب بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر.. ولا يحزنها عدم تقبلها أحيانا من بعض أقرانها.. فهذه أمور ثانوية تزول سريعا..!! والمهم ألا تتعاملوا معها أنت وهي بحساسية. سابعا: قبل هذا وبعده الدعاء بأن يوفقها الله ويصلحها ويهديها إلى كل خير وأن يحرسها ويقيها من كل شر.. وألحي على الله بالدعاء وتحري في ذلك مواطن الإجابة.. فالله قريب مجيب. ثامنا: حاولي - كما أسلفت - ألا تشعري أبنائك بأنهم مظلومين ومساكين.. وأنهم محرومين بل على العكس عددي لهم الإيجابيات الموجودة لديهم وتعاملي معهم بشكل طبيعي ولا تقلقي فالأمر إن شاء الله طبيعي ولا يدعو إلى القلق.. بل يستوجب الحذر!! وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

أهلي يعوقون تربيتي لأبني

أهلي يعوقون تربيتي لأبني المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/عقبات في طريق التربية التاريخ 09/05/1425هـ السؤال أنا أم لولدٍ عمره 11 سنة، ومنفصلة عن والده منذ ما يقارب 10 سنوات، أعيش مع أهلي، وأحاول عمل كل ما بوسعي أن أربي ولدي التربية التي يرضاها الله -سبحانه وتعالى-، وأن أصل إلى هدفي فيه؛ بأن يكون من أئمة المسلمين، الهادين المهتدين -إن شاء الله القدير- والحمد لله- أن الله هدى لي هذا الولد، وحبب له الدين والصلاة، وكان له نصيب من اسمه. لكن مشكلتي هي أهلي -وأخص والدي-، فأنا كل ما أحاول أن أسعى إلى تحقيق الهدف أجد أبي بالمرصاد، لا كرها له في الدين، بل خوفاً على ولدي ألا يستوعب هدفي، فمثلا عانيت الكثير لكي أجعله يذهب لحلقات الذكر وحفظ القرآن، والدي يقول: حرام عليك هذا صغير ودروسه أهم، لا تضغطي عليه لكي لا يكره الدين، وآخر ما حصل أنه منعه من الصلاة في المسجد، صلاة العشاء وصلاة الفجر؛ خوفاً عليه من الاختطاف، (بحجة أن طفلاً اختطف في حينا) ، مع العلم أن حيّنا راقٍ جداً، وكل من يصلي في المسجد يعرف ولدي ويحبه كثيراً، حاولت أن أشرح له وأقنعه، ومع أنه يقتنع دائماً برأيي، ويعتبر أني راجحة العقل في كل الأمور، إلا هذا الشيء، أصابني الحزن كثيراً؛ لما أجده من معارضة في كثير من هذه الأمور، ولا أريد أن أدخل في عقوق الوالدين (ووالدي استغل خوفي من العقوق خير استغلال) ، وفي نفس الوقت أريد لابني أن يحقق هدفي، فكثير من الأحيان أخجل منه عندما لا أجد مبرراً له عن فعل أبي، وأخجل من نفسي أمامه وأنا أقول له: أنت ومن مثلك سيرجع لهذه الأمة مجدها، أعلم أنه يفهمني جيداً، وأنه متحمس جداً، لكني أخاف إن سألني يوماً: لماذا يرفض جدي أن أكون كما تريدين؟ ماذا أفعل؟ وماذا أقول له؟ والله أكتب هذه الكلمات ودموع الحزن في عيني، فإلى متى؟ وما العمل؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الكريمة: -سلمها الله ورعاها- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة، والجواب على ما سألت كالتالي: أولاً: أحمد لك حرصك على ولدك، واهتمامك من أجل تربيته تربية سليمة صحيحة على الدين والخلق، وهذا بلا شك واجب عليك وعلى كل ولي من أب أو أم، ولو أن كل أم تستشعر هذا الأمر، وتفعل فعلك لكان حال أولاد المسلمين غير ما نرى، والله المستعان، لذا أنا أوصيك بالثبات على ذلك، وعدم الملل أو الكلل، واعلمي أن الله -عز وجل- يبارك هذا العمل ويحبه من عبده وأمته، فلتهنئي بحب الله ومباركته لعملك الطيب، وتذكري دائماً أنك إذا احتسبت هذا الأمر أنك على أجر عظيم وثواب كبير.

ثانياً: تدخل والدك لعله -كما تقولين- من باب الخوف على الولد؛ لذا أنصحك بالاستمرار في نقاشه، وإقناعه بخطأ تصرفه، بأسلوب مؤدب وراق؛ لأن من يكبرنا سناً وفضلا يجب التأدب معه في الحديث غاية الأدب والاحترام، وألا نظهر الاستعلاء عليه، أو أننا نفهم أحسن منه، بل ينبغي إشعاره دائماً أنه الأعلم والأفهم، ولكن هذا لا يمنع أنه بشر يخطئ ويصيب، وأن ما تفعلينه يأمر به الدين، وذكريه بالأحاديث الواردة في تربية الولد، وقربي منه كتباً تعنى ببيان ذلك ككتاب: (مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة) للدكتور عدنان باحارث؛ فإنه مفيد في بابه. ولا بأس أن تشركي معك في النقاش أو الإقناع آخرين من العائلة، لهم وزن وثقل في التأثير على أبيك في هذا الأمر، كما أنه من المفيد إشعار إمام المسجد أن يتكلم عن هذا الموضوع في خطبة أو درس عام؛ ليسمع أبوك وغيره منه، فيكون له تأثير من حدة الموقف. ثالثاً: لا تحزني ولا تيأسي من تغير الحال، وكوني أكثر ثقة وطمأنينة أنك ستصلين إلى حل بطول الصبر، واستمرار الحرص، وإظهار القناعة التامة بصحة سلوكك في التربية. رابعاً: استمري في إقناع ولدك بصحة ما يفعل، وأن الإنسان يبتلى بسبب دينه، وأن معارضة جده ليس سلوكاً صحيحاً، ولكن لا يعني كرهه أو بغضه، وإنما نحاوره ونقنعه، ونبين له خطورة مخالفة الرب في أمره، فقد أمرنا بالصلاة وأدائها في أوقاتها مع جماعة المسلمين. خامساً: اجعلي ولدك يكون له نصيب من الحوار، وعلميه الهدوء والأدب في ذلك؛ لأن سماع الجد منه له تأثير في ذلك. سادساً: من الضروري أن يكون لولدك أصحاب صالحون يعينونه على ما هو فيه، ويكونون له أعواناً على طاعة الله، وهذا عامل يساعده على الثبات، ويساعدك في تربيته. سابعاً: أكثري له من الدعاء في ظهر الغيب، وألحي على الله أن يصلحه ويحبب له الإيمان ويزينه في قلبه، ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان. ثامناً: أنصحك بالقراءة في الكتب والمجلات (كمجلة ولدي) والتي تعنى بالتربية بالأساليب الحديثة في ذلك، وكذلك سماع الأشرطة في هذا الموضوع، وخصوصاً أشرطة الدكتور محمد الثويني وأمثاله؛ فإن في ذلك تطويراً في أساليبك، واستفادة كبيرة وعظيمة من خبرات السابقين. وأسأل الله لولدك الهداية والرشاد، والثبات على الحق، ولوالدك الهداية والرجوع عن الخطأ، والاستقامة على الخير، ولكِ التوفيق والإعانة والقبول والسداد.

ابنتي والإنترنت

ابنتي والإنترنت المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/عقبات في طريق التربية التاريخ 26/07/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاكم الله خيرا على هذا التواصل الدائم. لي ابنة تبلغ السادسة عشرة من عمرها، اشتركت في إحدى المنتديات هي واثنتين من زميلاتها بأسماء مستعارة، وكنت أراقبها منذ البداية دون أن تشعر، ولم أجد شيئا يقلقني عليها، ولكني أريد استشارتكم في هذا الأمر؛ لأني أخاف أن يتطور إلى أكثر من ذلك، خصوصاً أن هناك أعضاء ذكوراً، كيف أتعامل معها؟ هل أخبر أباها لأنها؛ تسمع كلامه وتخافه؟ أم أكتفي بالكلام معها وتوجيهها؟ مع يقيني بأنها لن تقتنع بكلامي، وستعتبر أني أعطيت الموضوع أكبر من حجمه، ثم إني أخاف من ردة فعلها وقولها بأني أتجسس عليها، وبالتالي تأخذ حذرها مني، أفيدوني؛ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخت الكريمة السائلة: إن مما يسر حرصك الدائم على ابنتك، ومحاولة مراقبتها دون أن تشعر؛ لأن هذه السن (16 سنة) سن المراهقة الذي لا بد فيه من المراقبة ومن ثم التوجيه للفتاة خاصة في هذا الزمن، ومن المبادئ للتربية الناجحة الصحيحة ألا يعطى الأولاد كل ما يطلبونه إذا كنا نعرف أنه قد يجرهم إلى ما فيه الشر، ومن الخطأ أن الفتاة في مثل هذا السن يوفر لها الدخول في المنتدى؛ لأنها غير ثابتة وغير ناضجة عقلياً، فلا تعرف الخطأ من الصواب، والنافع من الضار، وهي في سن توهج عاطفي فيسهل استدراجها من قبل العابثين بعقول الصغيرات والمتلاعبين بعواطفهن، وقد تدخل على مواقع إباحية بطريقة أو بأخرى، ثم يتغير مسار الفتاة، وإن لم تعمل ذلك فلا أقل من تضييع الوقت في سفاسف الأمور غير النافعة، فأرى أن تقومي بالتوجيه المستمر لابنتك دون أن تعلم أنك اطلعت على شيء من ذلك، ومن ثم إذا انتهى الاشتراك في المنتدى عدم التجديد لها، ويمكن أن يكون الرفض من قبل الوالد لأي عذر، وأيضاً يوضع الإنترنت في موقع عام في البيت كالصالة التي يرتادها جميع من في المنزل؛ حتى لا تستطيع استعمال ما لا يليق، أو الدخول في مواقع أخرى، وأخيراً: فلا بد من الوصاة بالدعاء، ادعي الله أن يصلح الله ابنتك ويهديها ويدلها على الخير، وقد قال الله -تعالى-: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة: 186] . أسأل الله لك التوفيق.

تربية الابن في بلاد الغرب

تربية الابن في بلاد الغرب المجيب خالد بن التاهرتي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/عقبات في طريق التربية التاريخ 23/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. ابني عمره 15 سنة، وهو يمتلك قدرة رائعة على حفظ القرآن، لكنه يفعل أي شيء للابتعاد عن المسجد والصلاة، جربت معه كل شيء، وحرمته من أغراضه الشخصية مثل ألعاب الفيديو، وزيارة أصدقائه، ومشاهدة التلفاز، علماً بأن لديه كثيراً من الأصدقاء غير المسلمين، وبعض المسلمين غير الملتزمين، وعنده صديقان من المسلمين الجيدين، ونتشاجر معه أنا وزوجي في سبيل إصلاحه، (والده غير مسلم وقد تنازل لي عنه قبل إسلامي) هددته بالطرد من البيت، وأخرجته من المدرسة العادية؛ كي يدرس في البيت، ولا فائدة، بماذا تنصحونني؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد اطلعت على ما كتبت الأخت الكريمة, طالبة النصح والتوجيه في مسألة أسالت الكثير من الحبر, وأقضت مضاجع جموع غفيرة من المسلمين في بلاد الكفر, فأقول -وبالله التوفيق - أولاً: قديماً قيل: إن المصائب يجمعن المصابينا, وحالنا هنا في أوروبا لا تختلف كثيراً عن حالكم في أمريكا. فمشكاة المشكلة, وسبب المعضلة واحد، إنه مجاورة أمم ومجتمعات لا تدين بما ندين الله به, عقيدةً وسلوكاً, ومنهجاً ونظاماً, فتيارها جارف, وفسادها وارف, ليس العجب فيها ممن هلك كيف هلك, وإنما العجب ممن نجا كيف نجا، وبعيداً عن مجالس المغتربين الخائضين في الأحلام والآمال, أو المشتغلين بالخصومة والجدال, أو المشغولين بالوظائف والأعمال, نخسر في كل شوط من فلذات أكبادنا أضعاف ما نربحه بدخول بعض الكفار إلى الإسلام، وليس الخبر كالمعاينة، فالأزمة جماعية, وحلها ينبغي أن يكون جماعياً, يشارك فيه الجميع ـ في بلاد المسلمين وغيرها ـ بحثاً عن مخرج لما وقعنا فيه، وأوقعنا نسلنا فيه, والله المستعان ثانياً: إن بذلك للجهد, واستفراغك للوسع, ومكابدتك للمشاق في سبيل صلاح ابنك, هو امتثال لما أمرنا الله به في كتابه:"يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً.." [التحريم: 6] ، وأمره لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "وأمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " [طه: 132] ، وهو اقتداء بالأنبياء الكرام في تربية أهلهم, قال الله -تعالى- عن إسماعيل عليه -الصلاة والسلام-:"وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا" [مريم: 55] ، إذاً هي طريقة شاقة, لا تستلزم صبراً فقط, وإنما اصطباراً, وغاية في الجلد والمثابرة دون يأس وقنوط, ليلاً ونهاراً, سراً وجهاراً, بالترغيب تارةً, والترهيب أخرى, بالكلمة الحانية, والدعوة الخالصة, والدمعة الدافقة, والضمة الحارة, بإهداء كتاب أو شريط, أو الدلالة على موقع إسلامي نافع، ووسائل الإصلاح كثيرة لن تعدميها -إن شاء الله-، وهكذا فأنت تتحملين وظيفة عظيمة, إنها معالجة نفس بشرية بكل تعقيداتها, وما شابها من لوثة التقليد للكفار ومخالطتهم.

ثالثاً: إن خطر الانفتاح على الغرب عبر نافذة الإعلام أحدث من الشر ما لا يخفى في ديار المسلمين, فكيف بفتى صغير يعيش في عمق تلك النافذة, يرتاد المدارس التي تنتشر فيها الفواحش والمحرمات, ورفقاء السوء بالمرصاد يهدمون ما يبنيه الآباء والأمهات بكرة وعشياً، نُشِرَ تقرير هنا في سويسرا قبيل أشهر, يحذر خبراؤهم من عواقب إدمان الحشيش على التلاميذ الذين يفتتحون اليوم الدراسي بتعاطيه، والحشيشة عند هم من الصغائر. ـ من عادتي زيارة إحدى أسر المسلمين التي تشتت أوصالها بالطلاق, فاكتشفت أن الابن الأصغر قد أصبح ميالاً لعمل قوم لوط, ولا يعلم أحد من أهله بالمصيبة, فلا حول ولا قوة إلا بالله، والقصص كثيرة، ورحم الله القائل: وما ينفع الجرباء قرب صحيحة إليها ولكن الصحيحة تجرب رابعاً: اهتمامك بحال ابنك دليل على يقظة ووعي, فقده - للأسف- كثير من المغتربين لم يصحوا إلا بعد فوات الأوان، وهو إبراء لذمتك أمام الله -تعالى- وإعذار إليه, فاثبتي على النصح, واجلسي مع حبيبك جلسة الأم الحنون المشفقة على وليدها, أظهري له الحب والتقدير، اسمعي كلامه, واسأليه عن همومه وأشجانه, وأحلامه وأهدافه؛ حتى يجد العوض عما فقده من جهة الأبوة. خامساً: شجعيه على حفظ المزيد من كتاب الله -تعالى-, واسأليه عن معنى آية كذا؟ وكيف ترجم معناها إلى الإنجليزية؟ واذكري ابن فلان الذي حفظ سورة كذا، وسورة كذا, واطرحي الأمر على إخوانك في المركز الإسلامي، والمدرسة القريبة؛ ليستوصوا بابنك خيراً. سادساً: سليه:"ما أخبار أصدقائك الصالحين؟ ", واقترحي أن يدعوهم للأكل عندكم, وللمبيت أحياناً, وللاجتماع لمراجعة الواجبات المدرسية, وللخروج للنزهة والرياضة. سابعاً: حدِّثيه عن حلمك يوم ترينه رجلاً, ورب أسرة ناجحاً, معتزاً بدينه, قوي الشخصية, صلب العزيمة, ليس تابعاً لكل ناعق من أصدقائه, واصرفي نظره لما يقع لإخوانه الشباب بأرض فلسطين وغيرها، فإذا أحس حينئذ أن له موئلا يبث إليه مشاعره - ولن يجد خيراً من أمه - فلن يذهب بعيداً عنك إذا تقدمت سنه, واكتمل عقله , وسيذكر كلماتك وإرشادك , ولا تستعجلي النتيجة والثمرة, ثامناً: لتكن العقوبة بمقدار الملح في الطعام, واحذري نفوره عنك بسبب ذلك؛ فإنه يعيش في بلاد ستوفر له جراية شهرية ومسكناً مستقلاً, فإنما هي فترة المراهقة وتمر, فعليك بالصبر واحتساب الأجر. تاسعاً: الهجي بكثرة الدعاء له في السجود وجوف الليل، وأوقات الإجابة, وألحي، وتضرعي، وأيقني بالإجابة؛ فإن الله -تعالى- لن يخيب ظنك، ولن يترك سعيك. عاشراً: واعلمي ختاماً - بارك الله فيك - أنه بحسب طاعتك لله وإخلاصك سيحفظ ابنك, فإنه -سبحانه- بعث موسى والخضر - عليهما الصلاة والسلام - لبناء جدار يحفظ كنز الأيتام , والسبب ... "وكان أبوهما صالحا " [الكهف: 82] . أسأل الله -تعالى- أن يوفقك لما فيه الخير، وأن يحفظ ذرية المسلمين أجمعين, والله أعلم.

ضريبة باهظة!!

ضريبة باهظة!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/عقبات في طريق التربية التاريخ 20/11/1422 السؤال نعيش في بلد غربي بحكم الضرورة، لدينا أولاد، وأكبرهم بنت عمرها خمس عشرة سنة، ومشكلتها أنها تعيش بين حالتين متناقضتين: حالتها معنا جو إسلامي، هذا حرام وذاك حلال، وحالة خارج البيت في المدرسة حيث العكس.. تعاني لأنها لا تجد بنتا مسلمةً تتخذها رفيقة لها، رغم وجود عدد كبير من البنات المسلمات. وأخيراً وجدت بنتًا محجبة تحولت إلى مدرستها وفرحنا كثيراً، وبعد مدة تبين لنا بأنها قد تشكل خطرًا تربويًا كبيرًا على بنتنا. حاولت كثيراً معها لإصلاحها ولكن دون فائدة. وأخيراً قدّر الله أنها انتقلت مع أهلها إلى مكان بعيد عنا. والآن بنتي دون رفيقة وهي تعاني من ذلك.. وأصعب وقت عليها أيام العطل الأسبوعية، وأعيادنا , والعطل المدرسية الصيفية والشتوية. رغم هذه المشكلة فهي من التلميذات المتفوقات. حاولت كثيراً أنْ أَجد لها من تناسبها من البنات فما وجدت بنتًا مناسبة، وجرَّبت بنتًا أخرى محجبة وكانت تؤثر على ابنتي سلباً، فابتعدنا عنها..!! وأما المراكز الإسلامية فعندنا مراكز كثيرة ومختلفة على أساس حزبي، وطني، قومي، وغير ذلك. ولو زارهم أحدنا وشاركهم فإنهم يعاملونه على أساس انتمائه، والمركز ليس مخلصاً مع الأعضاء المحايدين الذين هم ليسوا أعضاء في الحزب أو الجماعة..!! فماذا أفعل في مثل هذه ظروف..؟! وجزاكم الله خيرًا. الجواب أخي الكريم، أشكر لك تواصلك وثقتك، وأسأل الله ـ تعالى ـ لنا ولك التوفيق والسّداد والرشاد. كما أسأله ـ تعالى ـ أن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضِلّ.. أما استشارتك فإنها ذات شقين: الشق الأول: يتعلق بموضوع ابنتك.. والشق الثاني يتعلق بالواقع المؤسف الذي تذكره عن بعض المراكز الإسلامية!! وأما تعليقي عليهما فمن وجوه: أولاً: ما يتعلق بابنتك.. فهو - لعمري - أمر خطير.. وهو ولا شك ضريبة باهظة يدفعها أولئك المغتربون في تلك البلاد المختلفة عنا في كل شيء!! وعليه فما تجده يجده الآلاف من الغيورين على أعراضهم ودينهم ممن ابتلوا بالعيش هناك..!! أسأل الله أن يعينهم ويسددهم ويحميهم من كل سوء. ثانياً: مشكلة ابنتك يجب أن تتعامل معها بحذر وتروٍ..!! وقد تجهد لذلك أشد الجهد.. ولكن.. هذا قدرك وهذا نصيبك.. فاسأل الله العون.. وابذل ما استطعت من الأسباب.

ثالثاً: أعرف تقريباً حجم المغريات والتحديات التي يواجهها الشباب والفتيات في تلك البلدان، وهذا ما يجعلني أؤكد على عظم المسؤولية الملقاة على أكتاف من اضطروا للعيش هناك.. إضافة إلى أهمية " التحصين الداخلي " للأبناء وتبصيرهم بما قد يواجهون وكيفية التعامل مع ذلك.. مع المتابعة وإتاحة أكبر فرصة لجلوس الوالدين معهم ومناقشتهم ومشاركتهم همومهم.. واستغلال أي فرصة لاصطحابهم إلى بعض الأماكن الترفيهية لتعويض الأوقات الطويلة التي يشعرون فيها بالملل.. مع محاولة توفير بعض وسائل الترفيه البريء داخل المنزل لملء أوقات الفراغ لديهم وربطهم ربطاً كاملاً بالله.. كأداء الصلاة في وقتها، وقراءة شيء من القرآن الكريم، وبعض الأذكار والأوراد اليومية. رابعا ً: جميل منك هذا الاهتمام بمسألة " الجليس ".. فالمرء من جليسه.. ولا تنْس يا عزيزي أن الوحدة خير من جليس السوء، فيجب أن يُبَصّر الأبناء بهذه الحقيقة.. ولعل ارتباطهم الكامل بالله يقيهم - بإذنه تعالى - كثيراً من المزالق. خامساً: الله.. الله.. بالدعاء الصادق بأن يحفظك الله، ويقيك وذريتك من كل سوء؛ فالله قريب مجيب، يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. سادساً: أما عن حكاية المراكز الإسلامية، وما تفضلتم بذكره حولها.. فالله نسأل أن يصلح الشأن، ويوحّد الكلمة ويصفّي القلوب، ويبعد عنا جميعاًُ أسباب الفرقة والاختلاف. إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير. وفقك الله وحماك، وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

سادسا: قضايا الشباب المعاصرة

تأتيها خواطر جنسية عند النوم المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا الشباب المعاصرة التاريخ 06/11/1425هـ السؤال ماذا أفعل في الخواطر الجنسية التي تأتيني، وعلى الأخص عند النوم، لا أدري ماذا أفعل، فأنا أخاف الله كثيرًا، وأدعوه كثيرًا أن يخلصني منها، ولا أدري إذا كانت ليس فيها حرمة أم أنها عوامل نفسية، فهي تأتيني عند النوم، وأتخيل ما يحصل بين المرأة والرجل في الخلوة، ولكن ليس معي، فماذا أفعل؟ أعينوني فأنا أخاف يوم الحساب. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ابنتي: أولًا: أن تأتي إليك الخواطر الجنسية فهذا شيء طبيعي، والشيء الذي ينبغي أن تقلقي منه لو لم تأتك هذه الخواطر، لأنه يدل على أن عندك برودًا في غريزتك، فمن كانت في مثل سنك فمن الطبيعي أن يكون لديها هذه الشهوة وهذه الرغبة. ثانيًا: هذه الأفكار ليست مما يحاسب الله عز وجل، العباد عليها، وليست مما يأثم الإنسان به إذا أتته من غير استدعاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ". أخرجه البخاري (5269) ومسلم (127) . فما دامت مجرد خواطر عابرة فهي ليست مما يأثم به الإنسان. ثالثًا: ليست المشكلة في هذه الخواطر، ولكن المشكلة في الاستمرار معها واستدعائها، وكثرة التفكير فيها، بحيث تتحول من خواطر عابرة إلى إدمان، وربما صاحب ذلك التفكر ثورة الغريزة الجنسية، أو الوقوع في العادة السرية، أو الوقوع فيما هو أكثر من ذلك، فلذلك إني أنصحك في اتخاذ خطوات تمنعك من الانسياق وراء هذه الخواطر والاستمرار معها، وذلك بأمور منها: 1- عدم الذهاب إلى الفراش إلا عندما يكون النوم قد استولى عليك تمامًا، ولا تذهبي إلى الفراش وأنت لا زلت في حال يقظة كاملة. 2- عليك عند الاستيقاط من النوم القيام فورًا من السرير، والذهاب لغسل الوجه واستئناف النشاط، وعدم البقاء في السرير بعد الاستيقاظ من النوم. 3- عليك بالمحافظة على الصلوات قبل النوم بأن تكوني على وضوء وتصلي صلاة الوتر وتذكري الأذكار، ثم تقومي بقراءة القرآن إلى أن يغالبك النوم، ثم تذهبي إلى فراشك وأنت على طهارة بعد قراءة القرآن. 4- عليك بإشغال نفسك بهموم وقضايا جادة في حياتك، بحيث يكون عندك ما يشغلك، فإن الذهن والعقل بطبيعته إذا لم يكن مشغولًا بأمور جادة، تشاغل بهذه الأمور كالأفكار الجنسية ونحو ذلك. 5- عليك بتقوية علاقتك بمجموعة من الفتيات الصالحات، بحيث تكون حياتك الاجتماعية مشغولة بعلاقات مفيدة ونافعة. 6- عليك بالصوم فإن الصوم مما يرفع قوتك ومعنويتك. 7- عليك بالاستعداد للزواج بحيث إذا أتاك الزوج الصالح المناسب للزواج أن تقبليه، وألا تتأخري في الزواج ما دام عندك هذه الرغبة، والله يعينك ويوفقك، وسأدعو الله لك بالتوفيق والسداد والإعانة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخي والانترنت.. والفراغ..!!!

أخي والانترنت.. والفراغ..!!! المجيب د. عبد العزيز الصمعاني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا الشباب المعاصرة التاريخ 17/3/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: مشكلتي مع أخي الصغير صاحب أل 13 عاماً فهو أصغر فرد في عائلتنا.. وفي الفترة الأخيرة زادت الساعات التي يقضيها على الشبكة لمحادثة رفقائه الذين هم في عمره ومن هم أكبر منه ولقد تعرف في الفترة الأخيرة على شخص لا أدري بالضبط كم عمره ولا من يكون بالضبط ولكن هذا الشخص بدأ يرسل لأخي الصور الخليعة على بريده الإلكتروني والمصيبة أن أخي هو من يطلب منه ذلك ولقد كشفت هذا الأمر عندما جلست دون علم أخي وفتحت بريده الإلكتروني لأفاجأ بتلك الصور اللعينة، وعندما علم أخي بذلك أنكر معرفته بذلك الشخص ولكني قرأت رسالة ذلك الشخص الذي يقر بأن أخي هو من يطلب منه هذه الصور..!! بصراحة لا أعرف كيف أتصرف مع أخي الصغير المراهق وخاصة أنني لابد أن أكون حذرة في التصرف معه لعلمي بحساسية المراهق في هذه الفترة وتمرده أفيدوني أفادكم الله. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أختي الكريمة أشكر لك ثقتك واتصالك في موقع الإسلام اليوم.. يبدوا أن أخاك يعاني من فراغ وهو من أخطر الأشياء التي تواجه الشاب أو المراهق..!!! حيث يكون وقت فراغه أكثر مما يستوعبه ولهذا _ كما ذكر أحد علماء الاجتماع _ أصبحت تقنية قضاء ساعات الفراغ والبطالة اليوم من أصعب القضايا التي واجهتها شعوب العالم..!! أخوك اختار أن يقضي فراغه بالجلوس كثيراً مع الإنترنت وحيداً بنفسه ولا يخفى عليك أن الإنترنت فيه خير وشر وأخوك في عمر حساس كما ذكرت وهو في عمر التجريب والمجازفة وهذا خطير خاصة إذا توفرت عوامل التجريب والمجازفة بدون تحكم أو مراقبة ولذلك قد لا ألوم أخاك كثيراً ولكن ألوم من حوله من الأخوة والأخوات وخاصة الأخوة القريبون من عمره حيث أنه بحاجة إلى صداقتهم مع ملاحظة وتوجيه الكبار له لذا نصيحتي لك هو بذل الجهد بأن لا يخلوا أخوك وحده على الإنترنت كثيراً وخاصة في المحادثات.. إضافة إلى تنوع وسائل ملء فراغه أي لا يقتصر على ملء فراغه على الإنترنت وهذا قد يتحقق بوجودكم حوله وتوفير وسائل مضمونة الفائدة بإذن الله. على كل حال نحن بحاجة إلى أن نربي أولادنا التربية بالإقناع وبث الثقة عند الشخص ومراقبة الله وجعل الرقيب هو الله سبحانه وتعالى وهذا ضروري جداً وخاصة في هذا العصر والذي تكثر فيه المتناقضات وعوامل اللهو والإغراء لتلبية متطلبات الهوى والنفس التي غالباً ما تميل إلى الهزل وتسعى إليه. وفقك الله لما فيه الخير وجزاك الله خيراً على حرصك على أخيك وانتباهك له.

لهذا رضيت بالمقام في بلاد الغرب!

لهذا رضيتُ بالمقام في بلاد الغرب! المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا الشباب المعاصرة التاريخ 02/05/1425هـ السؤال أنا طالب، أدرس في بلاد الغرب، وقد منَّ الله علي بالهداية، واستقمت ولله الحمد والمنة، وهذا بفضل ربي بعد حياة كئيبة مليئة بالمعاصي والفواحش فالله الحمد، في هذه البلدة يوجد عدد كبير من المسلمين، وتوجد المساجد وحلقات العلم، ودروس تحفيظ القرآن، وأصبحت مكبا على حضور هذه الحلقات وإيماني ولله الحمد يزيد فادعوا لي بالثبات. لكن تواجهني مشكلة وهي شعوري بعدم الرغبة لمجتمعي السابق، فأنا من المملكة العربية السعودية لكنني إذا ذهبت فترة الإجازة أتضايق، وأريد أن أرجع إلى بلاد الغرب، فأشعر أن هناك قيودا تقيدني عن الإبداع والإنتاجية، أشعر بأن أفراد المجتمع (محبطين) (مثبطين) وقد استغرقوا في المظاهر المادية (البحتة) فدائماً أفكر ماذا سوف أفعل إذا رجعت بعد الدراسة ينتابني إحساس بأني أريد العزلة بعيداً عن هذا المجتمع، ودائما أتذكر في بلاد الغرب المقولة (وجدت الإسلام ولم أجد مسلمين) فأراها حقيقة، مع العلم أني مدرك جيداً الأخطار التي تترتب على الجلوس في بلد الكفر وأنا على علم بالانحطاط الأخلاقي الذي هم فيه، فإذا واجهتني مشاهد أحمد الله على أن رزقني بنعمة الإسلام ومنَّ علي بالهداية وطريق الاستقامة. دلوني إلى الطريق الصحيح جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم الإسلام والمسلمين. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أسأل الله -تعالى- لك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأن يزيدك من فضله وتوفيقه، وأحسب أيها الأخ المهتدي أن الله -تعالى- أذاقك حلاوة الإيمان، فاعلم أن الإيمان درجات ومراتب، فاصعد في هذا السلَّم الشريف؛ تجد من الحلاوة والسكينة أعظم مما ذقت إن شاء الله "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات". وأما شعورك بعدم الرغبة بمجتمعك السابق للأسباب المذكورة، فمرده إلى البيئة الخاصة التي تحيط بك حين عودتك، ولو أنك أجلت النظر، ودققت البحث لوجدت في أبناء المملكة خيراً كثيراً، وعملاً دؤوباً، كيف لا وجزيرة العرب مهد الرسالة, ومأرز الإسلام. وأما مقام المسلم بين ظهراني الكفار فينبغي أن يكون بقدر الضرورة فقط، من تحصيل علم، أو دعوة إلى الله، أو قضاء حاجة لا بد منها، فقد تبرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن يقيم بين ظهراني المشركين، وأمر بالهجرة إلى بلاد الإسلام ونهى عن تعرب المهاجر؛ لما للبيئة من تأثير كبير. ونحن لا ننكر أن يكون في بلاد الغرب بعض الجوانب الإيجابية، وأن يكون في بعض بلاد المسلمين مظاهر سلبية! لكن إيجابياتهم مضمحلة بجنب سيئة الكفر والفسوق والعصيان، وسلبيات المجتمعات الإسلامية مغمورة بحسنة التوحيد والطاعة والإحسان، وحري بمن منَّ الله عليه بالهداية أن يسهم في إصلاح مجتمعه وتحصنه وتنقيته. وأما المقولة التي استشهدت بها من أن في بلاد الغرب إسلام بغير مسلمين! فغير صحيحة، إذ أن ما تشير إليه هي جملة من الأخلاق الإنسانية العامة التي يشترك البشر العقلاء في تبنيها وأما أخص خصائص الإسلام وهو توحيد الخالق وإفراده بالعبادة، والإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم- واتباعه، فمفقود في تلك المجتمعات الغربية، فأين الإسلام الذي وجده؟!. أسأل الله أن يجعلك مباركاً أينما كنت، وأن يكتب لك الهداية والتوفيق.

مفتون بالإنسان الغربي النصراني

مفتون بالإنسان الغربي النصراني المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا الشباب المعاصر ة التاريخ 29/08/1425هـ السؤال أنا أزعم أنني مؤمن مؤدٍ لواجبي تجاه الله -تعالى- وتجاه من حولي، وأحس أن نموذج الإنسان الغربي المسيحي أقرب لروح الإسلام وخلقه؛ لما امتاز به من صدق وحسن تعامل، وروح إنسانية لا أجدها عند إخواني المسلمين الذين هم الآن يعيشون في شقاق ـ واعذرني ـ ونفاق، وسوء أخلاق، فهل تراني أحاسب على هذا المعتقد؟ علماً أن هذا التفكير قد تغلَّب عليّ، بحيث أصبحت أنظر للمسلمين نظرة احتقار؛ بسبب ما يفعلونه في العالم من اضطرابات وقلاقل وفتن كما في أفغانستان وفي الشيشان وفي العراق، بل في بلاد الحرمين. أرجو مخلصاً أن تجيبوني بما هو منطقي مقنع، وليس بأسلوب الوعظ والإرشاد. والله وليّ التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الأخ الفاضل: مسألة المحاسبة سأبينها في آخر الرسالة. وأما رؤيتك السوداوية تجاه المسلمين وتجاه الغربيين ففيها تعميم واسع النطاق، فليس كل المسلمين سيئين، وليس كل الغربيين ذوي أخلاق. فنحن نقرأ الكثير من أخبار الفضائح المالية الضخمة في تلك الدول، ولعل آخرها انهيار عدد من الشركات الأمريكية بسبب الكذب والاختلاس، كما حدث في أكبر شركة للكهرباء في الولايات المتحدة، وهي شركة (إنرون) وغيرها كثير، ومن الجانب الديني لعلك قرأت ما نشرته الصحف عن عدد من رجال الدين في الكنائس الأمريكية والبريطانية وممارساتهم الشاذة، واغتصابهم للأطفال القصَّر الذين تحت رعايتهم في دور الأيتام من إثارتها بقيت كالجمر تحت الرماد. جرائم شذوذ تقود لتغييرات جذرية بكنائس فرنسا، قال مسؤولون قانونيون في فرنسا إن أوامر صدرت إلى أسقف فرنسي للمثول أمام القضاء في يونيو/حزيران المقبل، لمحاكمته جراء عدم قيامه بالإبلاغ عن قسيس تابع له أدين في تهم تتعلَّق باغتصاب وممارسة الجنس مع أطفال دون سن الخامسة عشرة. ويواجه الأسقف (بيير بيكان) عقوبة السجن ثلاث سنوات إذا ثبتت إدانته أمام المحكمة. وكان قسيس يدعى (رينيه بيزي) يعمل تحت (بيكان) حكم عليه بثماني عشرة سنة سجنا في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، لارتكابه 11عملية اغتصاب، وتحرش جنسي بأطفال قصَّر أثناء فترة عمله في أبرشية نورماندي بين عامي 1987 و1996، ويتمسك آباء الضحايا بمحاكمة بيكان لعدم تبليغه عن ممارسات بيزي الشاذة، وبدلا من ذلك قام بإرساله لتلقي العلاج النفسي لستة أشهر، مما اعتبر إساءة إلى أقارب الضحايا والرأي العام. بينما يرى محامي بيكان أن القضية تمس حق الأسقف في التكتم على أسرار معاونيه. ويقول أحد آباء الضحايا: إنهم لا يرمون من محاكمة بيكان إلى سجنه، وإنما لإجراء تغييرات جذرية في نظام الكنائس في فرنسا. وكان الأساقفة الفرنسيون قد وعدوا بعد الكشف عن ممارسات رينيه بيزي بالتبليغ عن أي قسيس يرتكب مثل هذا النوع من الجرائم.

وشهدت الآونة الأخيرة تورط العديد من القساوسة الكاثوليك في جرائم خطيرة، ففي يوم الثلاثاء الماضي رفضت محكمة الاستئناف في باريس استئنافاً تقدَّم به الأب (جيان ماري فينسان) الذي حكم عليه العام الماضي بالسجن خمس سنوات؛ لتحرشه بأحد عشر طفلاً من مرتلي القداس بين عامي 1992 و1997. كما اتهمت فتاتان توأمان الأسبوع الماضي قسيسا يبلغ من العمر الآن 76 عاما بالاعتداء عليهما قبل 14 عاما، وكان سنهما آنذاك 13 عاما. ومن المقرر أن يمثل هذا القس أمام المحكمة يوم الاثنين المقبل، ليواجه ضحيتيه وجها لوجه، كما توجهان اتهامهما لأسقف الأبرشية أيضا بالتستر على الجريمة. المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية نقلاً عن: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/767E9D8B-FA15-44DE-A451-4538086C18F3.htm أدت شكاوى العوائل المسيحية المقدمة لدوائر القضاء الكندي ضد الرهبان الفاسدين المتهمين بارتكاب انتهاكات جنسية إلى حالة شبه قطيعة مع الكنائس، وتبين حيثيات كل اعتداءات أولئك الرهبان لدى المحاكم الكندية المختصة، أن الموضوع أعقد بكثير مما كان يعتقد، إذ إن اقتران جرائم اغتصاب النساء من قبل رجال الكنيسة في كندا ليست وليدة اليوم، ويمكنك الرجوع للرابط التالي لتقف على صور من أخلاق بعض الغربيين [جرائم الاغتصاب في الكنائس] والغربيون هم الذين يثيرون الحروب في عدد من أنحاء العالم، وكيف يمكن وصفهم بالأخلاق وهم يتآمرون مع اليهود ضد الفلسطينيين، والعراقيين، والأفغان، مع أن العراقيين لم يسيؤوا لهم، ويستغرب من مثلك بالرغم مما يراه من التأييد الغربي الكبير للظلم في إسرائيل أن يرى في الغربيين كلهم قوما ذوي أخلاق. أما مسألة القتل وأعمال العنف في بلاد المسلمين فهي خطأ، ولكن أسبابها من الغربيين أنفسهم الذين تسلطوا على بلاد المسلمين (العراق) ، وانظر إلى الغربيين وما يعملون في العراق: حيث تقوم قوات الاحتلال بالآتي: 1 - تحاصر المدن بالأسلاك الشائكة. 2 -وتقطع عنها الماء والكهرباء - إن وجدت - والمواد الطبية. 3 -وتحرم الأهالي من سبل العيش. 4 -ولا تسمح بعودة الناجين من الموت إلى بيوتهم، مثلما يحدث في تلعفر والفلوجة وسامراء والكوفة والنجف والعشرات من المدن العراقية. 5 -كما أن هذه الديمقراطية تستخدم أحدث التقنية التدميرية العسكرية في دك البيوت والممتلكات والمقدسات وتدميرها وتسويتها بالأرض؛ كي توفر على السكان المدنيين تكاليف هدم البيوت قبل إعمارها وفق خطة أمريكية شمولية لإعمار العراق. 6 - ومن أهم السمات الأخلاقية والروحية والدينية للديمقراطية الأمريكية أنها توزع القتل على كافة فئات الشعب العراقي باستخدام جميع أنواع الأسلحة من دبابات وطائرات ومدفعية وكلاب بوليسية تنهش المعتقلين، ووضع الأكياس على رؤوسهم؛ كي لا يخجلوا من عورات زملائهم، وإن شحت الأكياس استخدمت السجانات الملابس الداخلية لتغطية رؤوس الرجال العراقيين في (أبو غريب) . 7 - بل إنها تقدَّمت خطوة على كافة الأديان في أنها تقتل العراقيين، كي يفخر العراقيون بأن أبناءهم استشهدوا، ولا تلقي مسؤولية التمييز بالقتل على الأمريكيين.

8 - وإذا لم يقتل لعائلة فرد خلال الستة عشر شهراً الماضية من "تحرير" العراق، فإن عليها أن تسرع بتقديم أحدهم كي يلحق بالركب قبل فوات الأوان، وقبل أن "تشك" الولايات المتحدة الأمريكية بأنه إرهابي. والديمقراطية الأمريكية, كما تصورها شاشات التلفزيون ووكالات الأنباء والعراقيون الخارجون من أتون الجحيم. 9 - بيوت مدمرة. 10 - ونساء ثكلى. 11 - وأطفال يتامى، ومساجد يذكر فيها اسم الله على أصوات القصف وزعيق طائرات الهليكوبتر، وصراخ الطائرات الحربية، ونواح المسلمات، وسيارات إسعاف مدمرة؛ لأنها تحمل جرحى من النساء والأطفال المدنيين الذين يرفضون "الشهادة" الأمريكية، ويسرعون للعلاج من جروحهم الغائرة. الديمقراطية الأمريكية قيامة الدمار والخراب والدماء المسفوكة من أجل المصالح الأمريكية البريطانية الإسرائيلية. ومن يعترض يستشهد طوعا أو كرها, ولا خيار سوى الترحيب بالديمقراطية الأمريكية، ونموذجها الذي قال المسؤولون الأمريكيون إنهم يسعون لتطبيقه في منطقة الشرق الأوسط: أي على الدول العربية. والإرهابي هو من يناهض الأجنبي الذي تجشم عناء السفر مئات آلاف الكيلومترات لينشر الديمقراطية أعلاه في عقر دارنا: إنها دارهم وإليك مقطعا من مقال آخر في الموضوع: ((إلاّ أنني أتعجب من هؤلاء الكتاب العرب الذين أصبحوا أمريكيين أكثر من الأمريكان أنفسهم، إذ اتخذ بعضهم هذا الحدث مناحة على القتلى الذين سقطوا، والحضارة التي هددت و.. .. وسقوط دولتين بدل البرجين، وكأنهم غائبون عن حقيقة أن ضرب العراق بدأ في التسعينات، حينما استدرج لضرب الكويت، ثم ضرب وحوصر حصاراً وحشياً لمدة عشر سنوات، وحين غزا الأمريكان العراق لم تكن حجتهم الإرهاب قطعاً، وإنما الزعم بوجود أسلحة دمار شامل لدى صدام وانكشف زيفها. .. وما يدور الآن ليس تداعيات سبتمبر " كما يدَّعي الجميع غرباً وشرقاً، بل هو تطبيق لسياسة مرسومة منذ عقود بشهادة واضعيها. فلماذا يلبس الجميع الثوب الأمريكي بعد أن أصبح بالياً ورمته صاحبته في قمامتها.".؟ ومن مخازي الغزو الأمريكي والدعوة لرحيل القوات عن العراق، وكف يد الولايات المتحدة عن العراق، ودعوة الحكام العرب لمقاطعة قرارات الأمم المتحدة حتى تنفذها إسرائيل، والتضامن مع أي دولة عربية يصدر بحقها قرار من الأمم المتحدة بالمقاطعة، هذا كان واجب الكتاب السعي لتقوية الجبهة الداخلية ضد العدوان لا مساندة العدو.

ومن الغريب أنه حين يتأمرك كتابنا يصدع كاتب أمريكي منصف بالحقيقة في هذا اليوم في (صحيفة الوطن) مؤنباً حكومته على تعذيب الأطفال الذي يجري في العراق، وهو الكاتب: سيمور هيرش، الصحفي في (نيويورك تايمز) الذي كان أول من كتب عن التعذيب في أبي غريب، تحدّث مؤخرًا عن المعاهدات الدولية التي تحمي الأطفال. لقد شاهد الصور وأفلام (الفيديوتيب) التي لم تعرضها وسائل الإعلام الأمريكية حتى الآن. يقول: "كان الجنود الأمريكان يلوطون بالأولاد والكاميرا تقوم بالتصوير ... أما أسوأ جزء من المشاهد فهو تلك الأصوات الصاخبة، إنها صراخات الأولاد خلال اللواط بهم." هذا ما قاله هيرش بالضبط. يضيف: "هذه هي حكومتكم خلال الحرب." وصف هيرش مشهد السجن بأنه، "سلسلة من أسلحة الجرائم الشاملة، نشاطات إجرامية يقوم بها الرئيس ونائب الرئيس بل هذه الإدارة كلها في كل الأحوال، وطبقا لضباط استخبارات التحالف (تمت الإشارة إليهم والاقتباس عنهم في تقرير صادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مايو 2004) فإن ما بين 70% إلى 90% من المحتجزين العراقيين في هذه السجون قد اعتقلوا "عن طريق الخطأ." هذا يعني أنهم أبرياء وأخيرا فإن مسألة كراهيتك لتصرفات المسلمين السيئة الخاطئة تثاب عليها؛ لأنها إنكار للمنكر، كما أن إعجابك بالأخلاق الجيدة عند الكفار لا تعاقب عليه؛ فهو محمود والنبي -صلى الله عليه وسلم- أثنى على حاتم الطائي بأنه يحب مكارم الأخلاق، لكن الخطأ أن تحب الغربيين على ما هم عليه من الكفر، وتكره جميع إخوانك المسلمين لأجل خطأ بعضهم. وفقك الله وأرشدك للحق.

كيف أتعامل مع هذا الصديق؟

كيف أتعامل مع هذا الصديق؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا الشباب المعاصر ة التاريخ 24/09/1425هـ السؤال أنا طالب، علمت أن طالباً في المرحلة الثانوية يسمع الغناء ويرفع صوته به، ونصحته على ذلك، فأخبرني أن هناك أموراً أعظم منه، ومنها ترك الصلاة، والتضايق عند سماع القرآن أو قراءته، وكذلك عدم الحرص على الطهارة، سواء للصلاة أو قراءة القرآن عندما يطلب منه ذلك مع قسوة والديه بضربه على ترك الصلاة، وإن حضر رغماً عنه إلى المسجد فلا يستطيع البقاء فيه، بل يخرج قبل إتمام الصلاة، وقد قام بإحراق أشرطة إسلامية كرد فعل على تصرف أخيه بأخذ الأشرطة المحرمة، وغرفته مليئة بالصور، بل يحملها معه في جيبه، وقد ناصحته كثيراً ولكن لا جدوى، وخصوصاً في مسألة الصلاة، ويطلب مني عدم التحدث معه في هذا الموضوع مطلقاً، وكذلك عدم إخبار أحد بمشكلته، والسؤال: كيف أتعامل معه لهدايته بإذن الله؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: جزاك الله خيراً على حرصك على أخيك المسلم، وعلى ما تحمله من هم الدعوة، وحب الخير للناس. أخي المبارك: يجب أن تدرك أن فعل أخيه معه ليس من الحكمة، ولا من الموعظة الحسنة في شيء، ومثله أيضاً فعل أبيه، إن الشاب في هذه السن محتاج إلى معاملة تختلف عن معاملة الصبيان، فهو مراهق يجب أن يعامله الناس معاملة الرجال، وما فعله من إحراق أشرطة أخيه الإسلامية أمر متوقَّع من مثله. جرب أن تعامله بالحسنى، وأن تترفق معه في الخطاب، وتلين له في الموعظة، ولا يكن الخطاب المباشر هو سلاحك الوحيد معه، ولا تكتف بإهدائه الأشرطة الإسلامية، فقد لا يسمعها أو لا ينجذب لها؛ بحكم اعتياده على سماع الغناء. أظهر له أخلاقاً حسنة، ومعاملة راقية، وبشاشة، وستجد أثر ذلك ظاهراً في أخلاقه وسلوكه، وسيتغير نظره للصالحين تبعاً لذلك، وابدأ معه بالأعظم فالأعظم، فلا أرى - مثلاً- أن تعظه في الغناء وهو بعدُ لم يحافظ على الصلوات، ولم يحقق بر والديه، ابدأ معه بأمر الصلاة، فإن استجاب فعظه بالأسلوب الأمثل في بر والديه، وهكذا. والله أعلم.

لقد تعبت كثيرا.. فماذا اصنع..!!؟

لقد تعبت كثيرا.. فماذا اصنع..!!؟ المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا الشباب المعاصر ة التاريخ 7/11/1422 السؤال يا شيخ أنا تعبت من العزوبية ولا قدرة لي على الزواج، وكما تعلم إن النفس أمارة بالسوء، ومن حولي كثير من المغريات الشديدة..!! التي تغري الشباب الذين هم مثلي. يا شيخ لا أريدك أن تقول لي الحديث الذي قال فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج...." إلخ وتقول لي صم فإنه لك وجاء!! يا شيخ، الصوم في أيام الفطر لا أستطيعه وقد تأتيني الشهوة في الليل، فماذا أفعل يا شيخ؟ جزاك الله خيراً. هل أفعل الزنا أو اللواط؟ أو هل أقوم بفعل العادة السرية لكي لا أقع فيهما؟ هذا مع أن أكثر من حولي يرضى بفعل الزنا واللواط فيه. الجواب ما أصعب أن يقترن الإنسان بالخطأ ثم يصدر على نفسه الحكم بأنه مصر على هذا الخطأ!! أنت يا أخي مع نفسك كنت القاضي والجلاد، ولكن من ملامح سؤالك أشم رائحة الخير الساكن في ثنايا نفسك. كشعلة قرب زيتها أن ينفد فاعتراها الذبول. فهي بحاجة إلى طاقة جديدة تعيد لها توهجها لتزداد إشعاعا. فأنت بحاجة لتزداد سطوعاً. فيعم نفسك الخير والسكون.. أما مشكلتك فهي متعددة الوجوه. فأنت تعبت من العزوبية وغير قادر على الزواج وضغط الغريزة الجنسية يكاد يفجر فيك كوامن اقتحام المحرمات بتبرير ما تتعرض له من مشاهد تثير فيك اللوعة والغرام فتحاصرك الشهوة وتغلق عليك منافذ التفكير..!! فتخشى الوقوع فيها. مع العلم أني أشم رائحة التعلق بأدنى سبب لتبرر الوقوع وتفريغ ما تحس به.. يا أخي الكريم، ما هكذا تورد الإبل!! فمن العقل والحكمة أن نقيس ونجعل حياتنا فيما يرضى الله لا فيما يرضى شهواتنا. فأنت تملك عقلية ناضجة لكن مع الأسف أهملتها وفكرت بغرائزك فقط، وإلا فكم هم الشباب الذين في مثل سنك. لديهم ما لديك ويعانون مما تعاني؟ أخيراً أقول لك: ابتعد عن مناطق الخطر التي تشعل غريزتك أو تزوج في أسرع وقت؛ فلا يخفى عليك ما يترتب على الزنا واللواط من عقاب أليم في الآخرة ومن مذلة وهوان، وقد تقع أسيراً ثم يقذف بك خلف القضبان بسبب هذا الفعل المشين وإن كنت صادقاً وترغب في الحل فعليك بالأمور التالية: 1-اللجوء إلى الله بكل صدق بأن يعينك على تحصين نفسك وإعفافها إما بالزواج أو أن يعصمك من الوقوع بالإثم. 2-ابتعد عن مواطن الفتنة ولا تطلق العنان لعينيك بالنظر والتفكر. 3-لا تكثر من الطعام - فالشبع مدعاة للاسترخاء والكسل ومن ثم النوم ومن ثم التفكير بالجنس. 4-الإكثار من العمل العضلي والبدني مع التفكير العقلي بأي أمر. فإذا اجهد البدن واشتغل الفكر ابتعد عن دواعي اللذة 5-لا تنعزل؛ فالعزلة لمثلك تجعلك تكثر التفكير. 6-ابتعد عن المهيجات المشاهدة في وسائل الإعلام. 7-تذكر عقاب الله، وشعورك لو وقعت وقبُضت وأنت تزني..؟ اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ذا القدرة والجبروت أن يعصمك ويحميك، وأن يزوجك ويغنيك ويبعدك عن مهاوي الردى.

سابعا: قضايا التعليم

التدرج في طلب العلم المجيب نايف بن جمعان الجريدان التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 02/06/1427هـ السؤال قررت دراسة العلم الشرعي، وأريد من فضيلتكم بيان الكتب التي أبدأ بها مع ملاحظة أني أريد أن أبدأ بالكتب السهلة الميسرة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد، وبعد: بداية أشكر لك أخي تواصلك مع موقعك موقع الإسلام اليوم، وأهنئك على اتخاذك هذا القرار الصائب السديد، دراستك للعلم الشرعي. ثم اعلم أخي بارك الله فيك أن الإنسان إذا أراد مكاناً فلا بد أن يعرف الطريق الموصلة إليه، وإذا تعددت الطرق فإنه يبحث عن أقربها وأيسرها؛ لذلك كان المهم لطالب العلم أن يبني طلبه للعلم على أُصول، ولا يتخبط خبط عشواء، فمن لم يتقن الأصول حُرِمَ الوصول، قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- في منظومته: وبعد فالعلم بحور زاخرةٍ *** لن يبلغ الكادح فيه آخره لكنَّ في أصوله تسهيلاً *** لنيله فاحرص تجد سبيلاً اغتنم القواعد الأصولا *** فمن تفته يحرم الوصولا والعلوم المتعارفة بين أهل العمران على صنفين: علوم مقصودة لذاتها؛ كالشرعيات، وعلوم آلة ووسيلة لهذه العلوم (علوم الوسائل التي يُتَوصل بها إلى فهم الكتاب والسنة) . ولا يتأتى للطالب الظفر بما يؤمله من علوم المقاصد والوسائل حتى يكون: - نهازاً للفرص. - مبتدئاً للعلم من أوله. - آتياً له من مدخله. - منصرفاً عن التشاغل بطلب مالا يضر جهله. - مُلِحًا في ابتغاء درك ما استصعب عليه، غير مهمل له، وعلوم المقاصد هي: (العقيدة، الفقه، الحديث، التفسير) ، وسأذكر لك أهم الكتب التي يَبتدئ بها طالب العلم في كل فن، وهي مرتبة ترتيباً منهجياً، فلا يُنتقل إلى الثاني إلا بعد الانتهاء من الأول وهكذا، وهي كما يلي:- م العقيدة الفقه الحديث التفسير 1 ثلاثة الأصول أحكام الصلاة الأربعين النووية منظومة مشتركات القرآن 2 القواعد الأربع شروط الصلاة عمدة الأحكام تحفة الأديب 3 كتاب التوحيد آداب المشي إلى الصلاة بلوغ المرام كلمات القرآن 4 كشف الشبهات أخصر المختصرات كشف الخفاء التفسير الوجيز 5 نواقض الإسلام دليل الطالب قنعة الأريب تفسير ابن سعدي 6 لُمعة الاعتقاد الحسبة رياض الصالحين تفسير الطبري 7 الواسطية زاد المستقنع الجامع الصغير للسيوطي الجامع للقرطبي 8 الطحاوية السياسة الشرعية جامع الأصول تفسير ابن كثير 9 الحموية الاقناع مجمع الزوائد 10 التدمرية منتهى الارادات الصحيحان 11 النونية المغنى السنن وأما علوم الوسائل التي هي آلة لغيرها -مثل العربية والمنطق فلا ينبغي لطالب العلم في بداية طلبه أن ينظر فيها إلا من حيث هي آلة لذلك الغير فقط، ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرع المسائل. وهي كثيرة متعددة، أذكر لك باختصار بعضاً منها وبعض ما يُبتدأ به عند طلبها: علوم الوسائل أهم ما يدرس فيها النحو الآجرومية، قطر الندى، شذور الذهب، ألفية ابن مالك. أصول الفقه الورقات، رفع الملام، مرتقى الوصول. مصطلح الحديث الموقظة، نخبة الفكر. القواعد الفقهية منظومة القواعد الفقهية لابن سند، نظم الأصول والقواعد لابن عثمين. السيرة المختصر الصغير لابن جماعة -ألفية العراقي، زاد المعاد.

الآداب نظم حلية طالب العلم لابن سبهان، الأدب المفرد للبخاري. الفرائض التحفة السنية، الرحبية. هذا أهم ما يذكر من علوم الوسائل، وإلا فهي كثيرة أذكرها سرداً: (المقاصد الشرعية، الرقائق والأذكار، اللغة، البلاغة، الصرف، الأدب، الشعر، الاشتقاق، أصول القراءات، الجرح والتعديل، التخريج، العلل، الإملاء، رسم القرآن، فنون الشعر، الفلك، الفلسفة، المنطق، الوضع، النسب) وكل علم له كتبه التي يبتدأ بها طالبه. وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسام ثم أختم بالتذكير بالنقاط التالية: 1- لا يُبدأ بأي علم من العلوم السابقة إلا بعد حفظ القرآن الكريم وإتقانه، حفظاً وتلاوتاً وتجويداً. 2- العلم صيد وشراكه النية، فمن صحت نيته وحسن قصده صاد من العلم دُرره، ونال منه غرره، ومن ساء قصده لم يصب من الصيد إلا أرذله، مما لا يقصده صائد، ولا يُبشر به رائد، ومن كنوز السنة: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" صحيح البخاري (1) ، وصحيح مسلم (1907) . وبتصحيح النيات تُدرك الغايات. 3- العزم مركب الصادقين، ومن لم تكن له عزيمة لم يفرح بغنيمة، فإن العزائم جلاّبة الغنائم، فاعْزَم تغنم، وإياك وأماني البطالين. 4- تؤخذ أصول الفنون حفظاً وفهماً عن شيخ عارف متصف بوصفين اثنين: أحدهما: الأهلية في الفن وتمكنه في النفس. والآخر: النصح وحسن المعرفة بطرق التعليم. وأخيراً: أسأل الله لنا ولك العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعلنا هداةً مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

طريقة جديدة في المذاكرة

طريقة جديدة في المذاكرة المجيب محمد محمود الأمين باحث بموقع الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 07/05/1427هـ السؤال نحن أربعة من الشباب نجتمع للمذاكرة بعد أن يراجع كل واحد منا الدرس المحدد ويفهمه، ويضع أسئلة عليه، وبعد اجتماعنا يبدأ كل طالب بطرح سؤال ليجيب عليه من بجانبه، فإن لم يستطع الإجابة عليه، انتقل السؤال إلى الآخر، فما رأيكم في هذه الطريقة؟ الجواب الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالطريقة التي تنتهجونها في المذاكرة طريقة جيدة، ويستحسن في المذاكرة أن يكون عدد المجتمعين لها قليلاً بحيث لا يتجاوز ثلاثة طلاب، ويتوجب أن تكون قدرتهم الذهنية متقاربة حتى لا يضيع الوقت على سَرِيعِ الفهم، أو يُسْتَعْجَلَ من لم يفهم، فيكون ذلك ضرراً عليه. والطريقة التي تنتهجونها تصلح إذا كان عدد المواد قليلاً، وفي الوقت متسع قبل الاختبارات، أما إن ضاق الوقت فالأحسن أن يذاكر كل طالب بمفرده، مع استشارة زملائه فيما أشكل عليه من مسائل. وَوَضْعُ ملخص صغير لكل مادة بحيث تكون جميع عناصرها حاضرة مع دليل لكل عنصر أمر في غاية الجودة، وهو معين على استحضار المسائل وقت الاختبار.. وقبل كل ذلك عليكم بتقوى الله عز وجل، واللجوء إليه سبحانه. والله يحفظكم.

ترك العمل للتفرغ لطلب العلم!

ترك العمل للتفرغ لطلب العلم! المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 25/04/1427هـ السؤال هل أترك عملي قصد التفرغ لطلب العلم وحفظ القرآن لإدراك ما فاتني، وأعبد الله على علم، وحتى أجنب نفسي البدع وأزكيها وأضع أساساً لحياتي ثم أعود للعمل من جديد، وهل أهجر بلادي لكثرة الفساد؟ مع عدم موافقة الوالدة فهي تبارك ذلك، لكن تقول بأنها لا تستطيع مفارقتي! أما أنا فمستعد لأن أتخلى عن الجميع مقابل ما يرضي الله أفتونا جزاكم الله خيراً؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإليك بعض الوقفات والتأملات التي أرجو أن يكون من شأنها تأصيل ما وقعت فيه شرعاً، وإرشادك في حيرتك لتخرج من الموقف راضياً مرضياً عنك من رب العالمين. 1- من ناحية تركك لعملك من أجل طلب العلم: من المهم أن تعرف الواجبات المناطة بك شرعاً "حق لربك، وحق لوالديك وأهلك، وحق لنفسك، فأعط كل ذي حق حقه" وقيامك بعملك لا ينافي أبداً طلبك للعلم. إذا سمت همتك، وحفظت وقتك. ألم يكن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقومون بأعمالهم ومصالحهم ومزارعهم ومع هذا يعكفون ركبهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل لهم اتركوا أعمالكم. بل أكثر من هذا وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه للعمل كما فعل مع الذي أمره بالاحتطاب والبيع. 2- الهجرة في الأصل: هي الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، والمسألة المعروفة هل هناك هجرة بعد الفتح أو لا؟ والصحيح بقاؤها. 3- يقول -صلى الله عليه وسلم- "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم". أخرجه أحمد (4780) ، والترمذي (2507) ، وابن ماجه (4032) . 4- الرسول -صلى الله عليه وسلم- منع رجلاً من الجهاد الواجب عندما قال له: "أحيٌ والدك؟ ". قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد". أخرجه البخاري (3004) ، ومسلم (2549) . 5- لا تنس -يا أخي- أن أولادك أمانة في عنقك كيف تتخلى عنهم وتتركهم مع أنك ستسأل عنهم يوم القيامة. 6- ألا يمكن -يا أخي- أن تجد لك رفقه طيبة من الصالحين تتشبث بهم وتتعاون معهم على البر والتقوى لتواجهوا الفتن وغربة الزمان، فمهما غفل الناس ففيهم بقية من الصالحين في كل مكان. 7- اعلم يا أخي أننا في زمان الغربة وتسلط الأعداء لتغريب المسلمين يقول -صلى الله عليه وسلم- "بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً فطوبى للغرباء". أخرجه مسلم (145) . وزاد أحمد (16094) وغيره: قيل: ومن الغرباء؟ قال: " الذين يصلحون إذا فسد الناس ". ويقول -صلى الله عليه وسلم- "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". أخرجه مسلم (156) . 8- لا تظن أن فساد الزمان أو أهله عذر لك للتخلي والغفلة، يقول -صلى الله عليه وسلم- "إذا قال الرجل: هلك الناس. فهو أهلكهم" أخرجه مسلم (2623) ، وأبو داود (4983) . قال النووي في الحديث "فهو أهلكهم" "اتفق العلماء أن هذا الذم فيمن قاله على سبيل الازدراء بالناس واحتقارهم وتفضيل نفسه عليهم". ويقول -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم (153) : "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار". والله المسؤول أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.

فتاة تريد السفر للدراسة

فتاة تريد السفر للدراسة المجيب هند بنت سالم الخنبشي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 15/04/1427هـ السؤال أنا فتاه لم أستطع إكمال دراستي بالجامعة.. بسبب مروري بظروف نفسية قاهرة..فسحبت ملفي من الجامعة.. ومن حينها وأنا عاطلة عن العمل.. ولكن خلال الفترة الأخيرة. ترجح عندي استكمال دراستي. وسأبدأ باللغات لذلك أطلب منكم.. إرشادي إلى كيفية الانضمام لإحدى الجامعات العربية.. كذلك أسأل عن السكن وظروفه في تلك الجامعات.. وهل هناك أماكن يرتادها الطلاب السعوديون إذا استعصى عليهم شيء..؟ لأني سوف أسافر لاستكمال دراستي لوحدي.. وجزاكم الله خيرًا. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي في الله قد يتعثر الإنسان في حياته بسبب ظروف تمر به وإشكالات تعكر عليه، وأحيي فيك رغبتك في النجاح وتحفزك لمواصلة المشوار بعد سنوات من الانقطاع، وهذا دليل علو همتك وقدرتك على التغلب على مصاعب الحياة، ولكن لي وقفات مع الطريق الذي تريدين سلوكه. * أختي الحبيبة ... ليست الدراسة خارج البلد الذي تعيشين فيه ... من شروط النجاح في العمل ففي بلدنا ولله الحمد الكثير من المجالات التي يمكن أن تسلكها المرأة وتبدع من خلالها، دون الحاجة إلى الخروج والسفر بعيداً عن أهلها وبلدها. * أنت يا أختي امرأة ضعيفة ولا يمكن لها أن تواجه مصاعب الحياة دون الاستعانة برجل -سواء كان زوجاً، أو أخاً، أو أباً- وأنت تريدين السفر للخارج لوحدك! فهل تظنين أنه أمر سهل؟! وقد ذكرت بنفسك أنك تريدين التوجيه بخصوص الأسعار، وبخصوص التصرف في حال الغش ... بل وهناك أمور أخرى يسهل فيها خداع الرجل، فكيف بالمرأة الوحيدة.. * هلا فكرت قليلاً في حياتك اليومية لو أقبلت فعلاً على السفر للخارج؟! أين ستسكنين؟ وكيف ستوفرين احتياجاتك؟ ومن الذي سيحميك من الأوباش الذين لا يخافون الله؟ ومن الذي سيحمي عرضك من اعتداء السفلة؟! كل هذه أمور تحتاج إلى تفكير وتمعن قبل أن تقدمي على خطوة جريئة كهذه. * ألم تفكري قبل هذه الفكرة بسلوك طريق الدورات في تطوير الذات، والارتقاء بالنفس، وتغيير بعض السلوكيات، وغيرها من الدورات التي يحتاج الناس إليها في هذا الزمن، بل ويبحثون عنها ... فكري في أخذ دورات في أي مجال تميلين إليه، حتى تتمكني من هذا المجال ومن ثم ستكونين قادرة على العطاء فيه وهذا من الأعمال الناجحة التي لا تحتاج إلى سفر، ولا خوف فيها من غش واحتيال. * ما أجمل أن تشغلي وقتك بتعلم وقراءة القرآن وحفظه، فهذه هي البركة التي تحل على المسلم إن أخلص فيها النية لله سبحانه. أخيراً أسال الله لك التوفيق والسداد وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أحبطت بسبب إكمالي الدراسة

أحبطت بسبب إكمالي الدراسة المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 12/04/1427هـ السؤال أنا فتاة أنهيت دراستي الثانوية بنسبة عالية -ولله الحمد- على أمل إكمال دراستي الجامعية، لكن كل الظروف كانت على عكس ما كنت أرجو وأتمنى، فهناك أمور قاهرة حالت بيني وبين دراستي. أصبحت حالتي النفسية سيئه جداً، وأصبحت عصبية المزاج، حادة الطبع، منعزلة عن الناس دمعتي على خدي، أتخيل كل ما حدث لي حلما أو كابوسا وسوف أصحو منه، لكنه للأسف واقع مرير أعايشه، أنا مؤمنة بالله، وأعلم أن كل شيء في هذه الدنيا من عند الله "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم" وأنا أرجو منكم أن تساعدوني كي أتخلص من الحالة التي أمر بها، وأرضى بالواقع الذي أعيشه منذ عام، وجزاكم الله كل خير. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما أجمل المسلم الطموح، الذي يسعى لتحقيق أهدافه بما أوتي من قوة -بعد توكله على الله- وقد لمست فيك أختي السائلة هذا الشعور الجميل، وإن كنت أشم رائحة اليأس -أرجو أن أكون مخطئاً- ولذلك ألخص مشورتي لك في نقاط: 1- احمدي الله على ما قضى وقدر، بل وجاهدي نفسك على الرضا به أتم الرضا، لأن الله ربما صرف عنك شراً لا تطيقينه، فكان عدم دراستك خيراً لك. 2- الدراسة الجامعية مهمة ولا شك، ولكنها ليست السبيل الوحيد لتحقيق الطموحات، فكثير من العظماء لم يكملوا دراستهم، ونجحوا في تحقيق أهدافهم. 3- فكري في الانتساب إلى إحدى الجامعات، أو الدراسة عن طريق الإنترنت. 4- لابد لك من التعايش مع واقعك بكل رحابة صدر، فالحزن يجلب الحزن، ولا يغير من الواقع شيئاً. 5- لا تنسي باب السماء المفتوح دوماً، فاطرقيه، ففيه الفرج بإذن الله. أسأل الله أن ييسر أمرك.

أسباب الفهم الخاطئ في القراءة؟

أسباب الفهم الخاطئ في القراءة؟ المجيب محمد محمود الأمين باحث بموقع الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 12/03/1427هـ السؤال ما هي أسباب الفهم الخاطئ في القراءة؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فهناك مجموعة كبيرة من أسباب الفهم الخاطئ في القراءة، نكتفي بتذكيرك بأهمها وأكثرها شيوعاً، ولا ندخل بك في التفاصيل والأسباب غير الأساسية في الموضوع: 1- عدم الإلمام بقواعد النحو والصرف الضرورية، فعلم النحو من العلوم التي لا غنى للقارئ عنها بأي حال من الأحوال؛ إذ به يستقيم اللسان في القراءة، فيستقيم لذلك العقل في الفهم والاستيعاب، فننصحك كما ننصح كل طالب علم مهما كان تخصصه أن يحرص كل الحرص على إتقان اللغة التي يقرأ بها؛ لأنه بقدر النقص في فهم قواعد اللغة وتطبيقاتها يكون النقص في الفهم، وعدم القدرة على استيعاب المقروء لأول وهلة. 2- عدم الإلمام بأساليب العرب من تقديم وتأخير وإطناب وإيجاز، وغير ذلك من الأساليب البلاغية، فلابد للقارئ باللغة العربية أن يكون على قدر لا بأس به من المعرفة بعلم (البلاغة) شاملاً فروعه الثلاثة: البيان، والمعاني، والبديع، إذ معرفة هذا العلم تمكن القارئ من إدراك الصور ودلالاتها، والتراكيب وأغراضها، ومتى يحسن الإطناب أو الإيجاز، وكيف تستخدم المحسنات اللفظية والمعنوية. 3- قلة القراءة تورث ضحالة الفكر، وضمور التصور، وتحجر الخيال، وتتسبب في عدم القدرة على إدراك الموجودات على ماهي عليه حقيقة، فينتج عن ذلك فهم خاطئ للمقروء، إما بزيادة في معناه على ما هو عليه، أو النقص عن المراد منه، ولا يخفى عليكم سوء الأمرين. والله أعلم.

مقترحات للاستفادة من القراءة

مقترحات للاستفادة من القراءة المجيب د. محمد بن عبد العزيز المسند (عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 04/03/1427هـ السؤال أريد أن أكون قارئاً أستنتج أشياء من قراءتي، علمًا أن قراءتي في العلوم الشرعية، وأنا أحس بخلل رغم أن دراستي على علماء وعلى مستويات. فأرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: سأذكر لك طريقة مجربة، وهي نافعة للاستفادة من القراءة، وتتكون من خطوتين: * الخطوة الأولى: أن تحمل معك قلماً أثناء القراءة، فإذا مررت بفائدة ترى أنّها مهمّة قد تحتاجها فيما بعد، فقم بتسجيلها في الصفحة البيضاء التي في أوّل الكتاب، أو على ظهر الغلاف، (تسجيل عنوان الفائدة مع رقم الصفحة) ، وهكذا حتى تفرغ من قراءة الكتاب، وستجد أنك قد سجلت فوائد متنوعة. * الخطوة الثانية: أن تحضر دفتراً من الدفاتر المقسّمة، فتجعل في كل قسم من هذه الأقسام باباً من الأبواب، أو فناً من الفنون: (العقيدة، التفسير، الحديث، الفقه، التاريخ، السيرة، المرأة، الجهاد، السياسة الشرعية) وهكذا حسب اهتماماتك، ثم تفرّغ عناوين الفوائد التي سجلتها على غلاف الكتاب في هذه الأقسام، مع ذكر اسم الكتاب ورقم الصفحة، وهكذا تفعل في كل كتاب تقرأه، وبعد سنوات سيجتمع لديك مادة علمية جيدة يمكنك استرجاعها في أي وقت تريد. وفقك الله وأعانك ونفع بعلمك.

يرغماني على الدراسة وأنا لها كارهة

يُرغماني على الدراسة وأنا لها كارهة المجيب هند بنت سالم الخنبشي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 28/02/1427هـ السؤال تقدم لخطبتي شاب على خلق ودين -أحسبه كذلك والله حسيبه- فقال له والداي بأني أريد إكمال دراستي دون أن يأخذا رأيي. وبعد مرور عام أو أكثر أخبرتني أمي بذلك لا لتستشيرني ولكن لتوضح لي أن أبي يهتم بأمر دراستي، علماً أني وقبل معرفتي بالموضوع لا أريد إكمال الدراسة في الجامعة؛ لأني أرى أن فيها إضعافاً لديني.. فأنا الآن أدرس في الكلية ولكن رغمًا عني، فقد أصبحت لا أطيق التحدث إليهما؛ لأني أشعر أنهما ظلماني، ولا أريد أن أكون عاقة، وكل ما أريده العفة، فأنا أعيش صراعا نفسيا مريراً. فأرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فكل فتاة ترغب في الزواج من كفء ذي خلق ودين، لكن عليك -يا أختي- أن تنظري للموضوع من جميع الأبعاد، فالوالدان أدرى بمصلحة ابنتهما من البنت نفسها، فقد يكون سبب رفض الوالدين ليس إكمال الدراسة كما تظنين، بل لعل سبباً آخر اجتمع مع هذا السبب فرفض والدك زواجك ... لعلهما علما في الشاب عيباً لم يفصحا لك عنه، أو كانا يتمنيان أن تكوني في سن أكبر من سنك الذي خطبتِ فيه؛ حتى تتمكني من تحمل مسؤولية الزواج ومواجهة أعباء الحياة، ثم إنك لا تعلمين ما الشر الذي صرف عنك، فربما لو تزوجت من هذا الشاب قد تواجهك مشاكل معه أو مع أهله، أو ينزل بك مرض أو ضائقة، فأنت لا تعلمين أين الخير، ودائماً أوصيك بسؤال الله الخير أينما كان، سواء كان في الزواج أو عدمه؛ لأن الله قد يصرف عن الإنسان سوءاً كان يظن هذا الإنسان أنه الخير بعينه، ثم اعلمي -يا أختي- أن والديك لا يرغبان في إبقائك عندهما عضلاً لك أو تحكماً فيك، إنما يفعلان ما يفعلانه لأنهما يريان أنه الأنسب.. أختي الحبيبة: لو أن شخصاً يقدم لك المساعدة لمدة طويلة، ويقدم لك كل ما تحتاجين، ويسارع في تلبية ما ترغبين، وفي يوم ما أخطأ أو قصَّر في حق، ألا تغفري له هذا الخطأ وتتذكري حسناته؟! فكيف بمن هو أعظم صاحب فضل عليك بعد الله، (والداك) ؟! هل ما حصل منهما ينسيك تعب أمك في حملها وولادتها بك، وسهرها معك ورحمتها وشفقتها بك، وتألمها لتألمك وتفضيلك على نفسها، واهتمامها بكل شؤونك وحرصها على تربيتك وتضحيتها من أجلك؟! أم أنساك ما حصل تعب والدك وجهده ليسعدك أنت وأخواتك، وتكدره إذا قصر عليك أو على إخوتك، وتألمه إذا لم يجد طلباً لك، وخوفه عليك في مرضك ورحمته وشفقته؟! هل نسيت كل هذا؟! هل الموقف جعلك تتنكرين لكل هذا وأصبحت كما تقولين: "لا تطيقين التحدث إليهما.. أين البر؟! لا تظني أن البر فقط في أوقات الرضا وأوقات الإمكان، بل البر يكون فيما يكره الإنسان ويصعب على نفسه. فعودي لنفسك واستغفري الله عما بدر منك، وتوبي توبةً نصوحاً؛ فبر الوالدين من أعظم القربات، وأخلصي النية لله، وثقي به ثقة تامة أنك إذا قمت بما عليك وأرضيت والديك فإن الله لن يخيبك.. أسأل الله أن يهدي قلبك، ويرزقك زوجاً صالحاً ... آمين.

علاقة بريئة ... فهل أقطعها؟

علاقة بريئة ... فهل أقطعها؟ المجيب د. سعيد إسماعيل علي أستاذ أصول التربية - جامعة عين شمس بمصر التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 01/02/1427هـ السؤال أنا طالبة في السنة الأولى من الجامعة، والجامعة في بلدنا مختلطة، وبطبيعة الدراسة اضطررت إلى الاختلاط بمجموعة من شباب الكلية، وأقمت صداقات عديدة مع الجنسين، ولكنها لا تتعدى حدود الزمالة والدراسة، وعلاقتي بهم أخوية، ولكني كلما تكلمت معهم أشعر بتأنيب الضمير، وأحس بأني قد ارتكبت خطيئة، وأحاول تجنبهم ولكني لم أنجح في ذلك؛ لأنهم يعاملونني كأخت لهم، وأنا بطبعي لا أستطيع أن أحرج أحدًا حتى ولو أساء إلي، ولكن الله سبحانه وتعالى حرم الاختلاط. أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقع "الإسلام اليوم".. مع رجاء النفع بكل ما يقدم فيه من خير.. بنيتي الفاضلة: أشعر من وراء سطورك بنفس رقيقة تسعى على وجل إلى مجافاة واقع تعوَّد عليه بعض الناس، فصار من قوته وسطوته بحيث أضحى تغييره والتحول عنه أمراً ثقيلاً على قلوب بعض الناس، مستغرباً في عيون وعقول آخرين؛ وهذه الدهشة الاجتماعية أو بمعنى أدق "الغربة" هي بداية سلوك الصراط المستقيم، الذي نسأله -سبحانه- أن يثبتنا عليه بقولنا في كل صلواتنا "إهدنا الصراط المستقيم"؛ وأود أن أقول لك، إن الأمر أمر عادة واعتياد، فكما تصرخ البنات اللاتي لم يجربن الاختلاط بالرجال في مدارس البنات -كما يصرخن إذا دخل عليهن أجنبي، لأنهن لم يعتدن على ذلك، فكذلك قد يُستغرب منك مجافاتك لواقع تحول فيه ما لا ينبغي -اختلاط وغيره- إلى أمر طبيعي، لكنك تستطيعين أن تجدي في جامعتك على الخير أعواناً من الطالبات الملتزمات والأخوات اللاتي يمارسن تعاليم وآداب الدين في وسط هذا الجو المختلط، فاتصلي بهن وتعاوني معهن، وبثي لهن حرجك، ولديهن الحل الواقعي الذي سيعفيك من هذا الحرج -بإذن الله تعالى-. ليس حتماً ضرورياً -يا أختاه- أن تختلطي بزملائك الشباب، ومن السهل عليك -إن أردت الله والدار الآخرة- أن تغيري من واقعك خطوة خطوة، ولكن ليكن شعارك في التزامك "خذوا ما آتيناكم بقوة".. بنيتي: يشهد الواقع -خصوصاً في هذا الزمان- على ما يجره التساهل في الاختلاط بين الفتية والفتيات من مفاسد ومآس لا ينكرها إلا جاحد أو مكابر.. وهل أنت في ورع وتقوى مَنْ قال الله تعالى لهن: "فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا".. أسأل الله تعالى أن يثبت على طريق الحق قدمك، وأن يشرح دائماً للإيمان صدرك، وأن يهدينا وإياك إلى سواء الصراط.

أرغب التحول عن التخصص الشرعي

أرغب التحول عن التخصص الشرعي المجيب د. محمد بن عبد العزيز المسند (عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 05/01/1427هـ السؤال أنا طالب في السنة الثانية في كلية الشريعة، دخلت هذه الكلية عن رغبة، لكن تأتيني أفكار بتغيير هذا التخصص إلى تخصص آخر دنيوي؛ وذلك للفرص الوظيفية المتاحة لهذا التخصص ورواتبها المرتفعة، ولأني لا أحب أن أكسب راتبي من وظيفة متعلقة بالدين، فما توجيه فضيلتكم لي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أيها الأخ الكريم، ما دمت قد دخلت هذا التخصص واخترته بمحض إرادتك، وقطعت فيه شوطاً، وهو مجالك الذي اخترته في الحياة كما تقول، فإني أنصحك بالمواصلة، وليس في كسب راتب من وظيفة متعلقة بالدين حرج -إن شاء الله- إذا صلحت النية، بل إني أخشى أن تكون بتفكيرك هذا -وهو تغيير التخصص للطمع في رواتب مرتفعة- قد آثرت الدنيا على الدين، ورغبت عن خير عظيم.. وقولك: إن التخصص الذي ستحول عليه سيبقى مجرد تخصص دراسي وليس تخصصاً في الحياة، لا أدري كيف يكون! فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، فلابد أن تختار طريقاً واضحاً في الحياة لا تناقض فيه ولا ازدواجية؛ فإن السير في طريقين مختلفين في آنٍ واحد -وإن كانا صحيحين- أمر غير ممكن.. أمّا الأرزاق فهي بيد الله -عز وجل- يهبها من يشاء، ومن اتقى الله جعل له مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب، فسر على بركة الله، ولا تتردد، وفقك الله وبارك فيك.

بأي التخصصات تنصحوني؟!

بأي التخصصات تنصحوني؟! المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 30/12/1426هـ السؤال أنا طالبة في المرحلة الجامعية أدرس في كلية الصيدلية، والمشكلة التي أعايشها الآن هي أنني دائما أشعر داخل قاعات الدراسة بأن العلم الذي أنهل منه ليس هو العلم الذي كنت أرغب في دراسته منذ سنين، فأحس أحيانا بالغربة، وأحيانا بالإحباط، وكثيراً ما أشعر عند استيقاظي صباحاً للذهاب إلى الجامعة بالهم، وأني أذهب إلى الجامعة من أجل حضور المحاضرات فقط، وكيلاً يحسب علي غياب ذلك اليوم. فأنا أميل إلى دراسة علم الحديث، وخاصة مصطلح الحديث، وعلم رجال الحديث, لكني أرغب في الوقت نفسه في دراسة الفقه, فما العمل؟ وبماذا تنصحونني؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الكريمة، وفقنا الله وإياك للعلم والعمل الصالح. يمكنك الجمع بين دراسة الصيدلة وطلب العلم الشرعي، فإن كنت لا تعانين مشكلة تتعلق بالتزامك بالشرع أثناء الدراسة مثل الحجاب والاختلاط، فما الذي يمنع من دراستك للصيدلة، وقد تبحثين بحوثاً ينفع الله بها المسلمين في مجال تخصصك، والمسلمون بحاجة إلى أن يبدعوا في أمور العلم والطب والعلاج، وألا يبقوا عالة على غيرهم. ويمكنك طلب العلم بحضور حلقات العلم في المساجد، وهذا النوع من الطلب أعظم نفعاً والطالب فيه أكثر إخلاصاً. وكذلك بمتابعة دروس العلم في قناة المجد، وإذاعة القرآن الكريم. وفي حال إصرارك على طلب العلم الشرعي بالدراسة النظامية، فأنصحك بدراسة الفقه لأسباب منها: حاجة المجتمع ولا سيما النساء للمرأة الفقيهة الداعية. وأن دراسة الفقه في كلية الشريعة يحصل معها دراسة ما هو ضروري من علم الحديث خصوصاً أحاديث الأحكام. وأما دراسة علم الحديث خصوصاً علم الرجال والجرح والتعديل فهو علم مقصود لغيره، وهو معرفة الصحيح من الحديث وغيره، وهذا الجانب من العلم قد خدم كثيراً وبأكثر من وسيلة. وبالتالي فالنفع المتوقع من مثلك بعد دراستك له لن يكون مثل النفع المتوقع إذا درست الفقه؛ لأنك لن تغيري فيما حكم عليه جهابذة علم الحديث من صحة أو ضعف. وبإمكانك معرفة ذلك بكل سهولة من خلال الكتب المتخصصة في الحكم على الأحاديث، كما أن الموسوعات الحديثية الموضوعة على الأقراص المدمجة تسهل عليك معرفة الحكم على الحديث بأسرع وقت ممكن. وبالتالي فإن دراسة الفقه -فيما أحسب- أكثر نفعاً لك ولغيرك. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

مستواي الدراسي متدن!

مستواي الدراسي متدنٍ! المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 15/09/1426هـ السؤال أنا طالب في المرحلة الجامعية، منذ المرحلة لمتوسطة وأنا أعاني من عدم استيعاب للمنهج الدراسي كاملاً (خصوصاً إذا كان المقرر طويلاً) . ففي الاختبارات النهائية لم أحصل أبداً على الدرجة الكاملة، وقد حاولت بشتى السبل والوسائل علاج هذه المشكلة لكن دون جدوى، وقد عانيت من الدراسة وأوقفت فصلاً دراسياً؛ ذلك بسبب تدني مستواي الدراسي، أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: ألحظ في سؤالك -أخي الكريم- همة عالية، وطموحاً مباركاً وعزيمة قوية، أرجو من الله أن يوفقك. ووقوفاً مع سؤالك، أقول: (1) جميل أن ينجح الإنسان في دراسته، وأن يكون مميزاً في شهاداته، ولكن من لم يكن كذلك فليس شرطاً أن يكون فاشلاً، بمعنى: هناك كثير من الناجحين في جوانب معينة في حياتهم، وليسوا من أصحاب الشهادات العليا، فالشهادة جزء من النجاح وليست هي النجاح. (2) لا بد من بذل الأسباب للحصول على الدرجات العالية، وأنت تبذل جهداً في ذلك، لكن ربما كانت هناك عوامل تجعلك تخفق، مثلاً لا تجيد الإجابة على الورق مع أنك مستوعب لما تكتب، فلا توصل المعلومة كما يجب، أو يصبح المنهج عليك طويلاً ليلة الاختبار فلا تستوعب جيداً، أو تكره القراءة والحفظ، أو تذاكر وأنت مشدود الأعصاب ومتوتر، أو غيره من الأسباب الكثيرة التي ينبغي عليك البحث فيها؛ لتعرف موطن الخلل لتصلحه. (3) من الطرق المفيدة في المذاكرة: المذاكرة طوال العام بصورة مجزأة، فلا يبقى عليك ليلة الاختبار إلا المراجعة العامة للمنهج، وهذه طريقة فيها فوائد: أ- تجعل المادة المستوعبة أكبر. ب- تقلل نسبة الضغط النفسي ليلة الاختبار. ج- تتيح لك الفرصة للمذاكرة عدة مرات بدلاً من مرة واحدة. (4) أعط نفسك وقتاً كافياً للراحة والطعام والصلاة وغيرها من الأمور الهامة، لأنها -مع أهميتها بذاتها- تعينك على الاستذكار بصورة أفضل. (5) عليك بالدعاء الصادق لله -عز وجل- بأن يوفقك. (6) إذا لم توفق بعد بذل السبب فلا تحزن، فأنت بذلك فعلت المطلوب منك، والله يفعل ما يريد لا ما تريد أنت، فما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. (7) اقرأ في الكتب أو المواقع المتخصصة في مثل هذه القضايا، فستجد فيها فوائد كثيرة حول طرق الاستذكار الصحيحة. وفقك الله لكل خير.

ذلك "الشبح" المخيف.. الامتحان..!!!

ذلك "الشبح" المخيف.. الامتحان..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 6-3-1423 السؤال أخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أنا طالب في الصف الثالث الثانوي.. وكما تعلم الاختبارات على الأبواب.. مشكلتي تكمن في أول أيام الاختبارات حيث الشبح المخيف مادة الرياضيات ليس لصعوبتها وإنما في التحكم في أعصابي إذ أفقد كثير من الوقت لتشتت الذهن وصعوبة الموقف.. آمل من سعادتكم إشارات ونصائح لي ولغيري من الطلبة بشأن هذا الموضوع؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك حول الامتحانات والمخاوف المتعلقة بها.. وكيفية الاستعداد لها.. فتعليقي علها ما يلي: أولاً: استعن بالله وتوكل عليه والجأ إليه بالدعاء بطلب التوفيق والعون.. والله تعالى قريب مجيب. ثانياً: كن متفائلاً بقوة بأنك ستحقق النجاح والتوفيق.. واحذر بشدة من " التفكير السلبي " أو الرسائل السلبية حول " الفشل " وصعوبة المنهج واستحالة النجاح..!! وغيرها من الأفكار.. الخطيرة جداً.. فمثل هذه الأفكار تعتبر رسائل سلبية ينتج عنها - غالباً - إخفاق وفشل بعكس " الأفكار الإيجابية " المبنية على الثقة والنجاح والتوفيق. ثالثاً: لا يعني ذلك التوقف عند مجرد التفكير الإيجابي وصناعة الأحلام..!! بل لابد من فعل الأسباب المتمثلة في تنظيم الوقت بطريقة معقولة تراعي فيها تقسيم وقتك بين الدراسة الجادة واستقطاع بعض الوقت للراحة بين كل فترة وأخرى.. والبدء بالمواد الدراسية حسب أهميتها، " ووضع جدول للمذاكرة يعتبر خطوة ضرورية وهامة جداً ". رابعاً: اختيار المكان المناسب للمذاكرة أمر ضروري ً للحصول على أفضل النتائج بعون الله.. واحرص فيه على توفر أمور ضرورية جداً.. وهي: 1-النظام في وجود الأشياء من حولك أثناء المذاكرة.. لأن ذلك يمنحك إحساساً بالارتياح وهدوء الأعصاب. 2-الجلوس المناسب.. لأن الجلوس المناسب والمريح يضمن لك وضعاً صحياً لأطول فترة من الجلوس.. ولكن تنبه إلى أن الراحة الزائدة أثناء الجلوس قد تبعث على الخمول والكسل..!! فحاول أن تغير من نمط جلستك بن فترة وأخرى. 3-التهوية المناسبة: وهذا أمر ضروري لإنعاش الذهن والقدرة على التركيز. 4-الإضاءة المناسبة. خامساً: يخطئ البعض فيتصور أن كثرة السهر تعني الجدية في الدراسة وهذا الأمر ليس على إطلاقه..!! إذ أن الأولى الموازنة بين احتياج الجسم للراحة التي تعين _ بعد عون الله - على الاستيعاب وبين احتياج الطالب للوقت الكافي للمذاكرة! والإنسان عموماً أعرف بظروفه الخاصة والمناسبة له.. ولكن أؤكد هنا على أهمية أن ينال الجسم حقه الكامل من الراحة.. ولعل الفترة التي تعقب صلاة الفجر هي من أثمن الأوقات وأحسنها للمذاكرة.. حيث يكون الجسم في أحسن حالاته الاستيعابية.. وكذلك الوقت " بورك لأمتي في بكورها ".

سادساً: أما عن مادة الرياضيات.. فلا تجعل منها " شبحاً " يخيفك ويؤرقك.. وابذل فيها جهدك وافعل الأسباب المأمور بها واستعن بالله.. وثق أنك ستقدم فيها أحسن ما لديك..! وإليك بعض المقترحات في مذاكرة هذه المادة: (1) أثناء المذاكرة حاول أن تسترجع في ذهنك كل النظريات التي درستها وتعلمتها طوال فترة الدراسة وقم بحل الأمثلة المطروحة لها.. واستعن في ذلك بملاحظاتك سواء في كراستك الخاصة أو كتابك المدرسي.. وضع لك نماذج افتراضية وقم بالإجابة عليها. (2) أما أثناء الإجابة على ورقة الاختبار فابدأ بذكر الله ثم اقرأ ورقة الأسئلة جيداً وحدد السؤال الذي ستبدأ بالإجابة عليه ويفضل دائماً أن يكون الأسهل.. حتى ولو كانت درجاته قليلة لأن ذلك يمنحك المزيد من الثقة والاستفادة من الوقت. (3) إذا كانت هناك أسئلة صعبة أو تحتمل أكثر من إجابة فاتركها حتى تنتهي من باقي الأسئلة.. ثم ابدأ بها مستعيناً بالله.. واقرأ السؤال جيداً وحاول أن تتفاعل مع السؤال وتسترجع بعض النماذج المشابهة التي مرت عليك أثناء الدراسة أو المذاكرة. (4) لا تترك أي سؤال.. مهما كانت صعوبته لأنك تستطيع بإذن الله اقتناص بعض الدرجات من بعض الأسئلة الصعبة حتى ولو لم تستطع استكمال حل معظم المسائل.. فكل خطوة صحيحة تقوم بها في حل أي مسألة تسجل بها بعض الدرجات لصالحك. (5) بعد الانتهاء قم بمراجعة الورقة مرة واثنتين واستكمل النقص - إن وجد - ولكن لا تتسرع في تغيير أي إجابة إلا بعد التأكد من خطأها. سابعاً: بقي أن أذكرك لأمر هام جداً.. وهو أن المذاكرة والاستعداد للاختبار تمر بثلاثة مراحل وهي مرحلة الاستذكار ثم الاستيعاب وأخيراً الاسترجاع.. وكل مرحلة تنبني على ما قبلها سلباً أو إيجاباً.. فإجادتك لكل مرحلة سيسهل لك إجادة ما بعدها.. وهكذا.. ثامناً: أما الرهبة من الاختبار فهي شعور طبيعي وإحساس شائع بين الطلبة.. فتعامل معه بشكل عادي ولا تحمله أكثر مما يحتمل.. واجعله حافزاً لك للتفوق وبذل الجهد.. تاسعاً: مرة أخرى.. قبل هذا وبعده الدعاء الصادق وطلب المعونة والتوفيق من الله وقراءة الورد أثناء خروجك من المنزل متوجهاً لمدرستك.. ثم خذ نفساً عميقاً واذكر الله (ألا بذكرالله تطمئن القلوب) وكن واثقاً أنك قد بذلت جهدك وأن التوفيق بيد الله، ولا يؤثر عليك إخفاقك في أحد المواد - لا قدر الله - فتتساهل فيما بعدها ولا تعطيها حقها من الاستعداد.. وفقك الله وأعانك وسدد خطاك،،،

والدي يعارضني في اختيار التخصص

والدي يعارضني في اختيار التخصص المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 9/10/1425هـ السؤال أنا شاب في المرحلة الثانوية، وبالتحديد ثالث ثانوي القسم الطبيعي، وأريد طلب العلم الشرعي، لكني أقابل من والديَّ وأقاربي بالرفض التام؛ بحجة أن العلوم الطبيعية أكثر فائدة مادية لكثرة مجالاتها ووفرة الوظائف، لكني أجد نفسي تميل لطلب العلم الشرعي. فماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ابني السائل- سدد الله رأيه ووفقه لطاعته- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاك الله خيراً على همتك في طلب علم سينفعك الله به دنيا وآخرة، ولكنني وإن كنت أقدر فيك حرصك على تعلم العلم الشرعي، فإنني أميل إلى ما أوصاك به أبوك وأقاربك، وإننا وإن كنا بحاجة إلى تعلم العلم الشرعي وتعليمه لإفادة الناس ونشر الخير على بصيرة، فإننا أيضاً بحاجة ماسة إلى العلم الآخر، لاسيما إذا حمله أمثالك من أهل الاستقامة والصلاح، فإننا بحاجة إلى مهندس صادق مع الله، وطبيب مخلص في طبه، وغير ذلك؛ فالأمة الإسلامية فقيرة إلى كل من له علم تام في أمور دنياه، ويقدمه بمنهج إسلامي صادق ونزيه، وأنت تستطيع أن تجمع بين الخيرين لتكسب رضا الله بطاعتك لوالدك، والإلمام بهذا العلم الطبيعي، ونفع الأمة الإسلامية به بعد تخرجك، وإلى جانب ذلك تلتحق في أوقات فراغك بالدورات العلمية الشرعية، وتحضر دروس العلماء، وتلتقي بالدعاة، وتتصل بالمشايخ، وتدرس على أيديهم أهم ما تحتاجه من كتب العلم الشرعي، فتحصل على الحسنيين، وتفوز بالأجرين - بإذن الله تعالى-، فاجتهد في دراستك في العلم الطبيعي، واحرص على العلم الشرعي من أفواه العلماء والمشايخ، والجلوس عندهم، وسماع أشرطتهم، وقراءة الكتب على من يمكنك الاتصال به، وتثق بعلمه وإخلاصه، وما دامت نيتك صادقة ومخلصة - بإذن الله- فسيوفقك الله ويعينك، وما دمت في القسم الطبيعي فأنت مجتهد، وتحصيلك بفضل الله عظيم، فلا تفوِّت هذه الفرصة لينفعك الله، وينفع بك، وما دامت نفسك تميل للعلم الشرعي، فستدركه - بإذن الله- باقتراحي لك حتى تجمع بين الفضيلتين. سهَّل الله أمرك، وسدَّد جهدك، ونفعك، ونفع بك.

أيهما أفضل.. طلب العلم أم تربية النفس؟!

أيهما أفضل.. طلب العلم أم تربية النفس؟! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 14/4/1423هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يوجد الكثير من الناس ممن يفرط في طلب العلم على تربية النفس وهناك من يفعل العكس فما توجيهكم لهؤلاء؟ الجواب الأخ الكريم.. شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " لم يكن الإنسان أحسن حالاً ولا ألطف توجهاً ولا أحكم تصرفاً منه في حال الاعتدال في أموره كلها. الاعتدال والتوازن أمران قام وتم عليهما خلق السماوات والأرض، وهما منهج الأنبياء والرسل أجمعين لم يدخلا في عمل إلا ويتم على أحسن وجه. فالاعتدال والتوازن مطلوب منا جميعاً علماء ومربين، آباء وأمهات، كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً وعلى هذا فتوجيهي إليك أيها الأخ الكريم هو الوصية بالتوازن والاعتدال في طلب العلم وفي التربية النفسية وكلاهما أمران محمودان ... ومن يرى في نفسه ميلاً لطلب عام من العلوم فالتوازن والاعتدال في حقه يكون بالتركيز على هذا الجانب اكثر من غيره ولا يعني هذا الإلغاء التام للعلوم الأخرى. ومن يرى في نفسه الميل نحو العلوم النفسية والتربوية فإن التوازن في حقه والاعتدال هو التركيز على هذه العلوم مع عدم إغفال غيرها. التركيز على الشيء الذي تميل النفس إليه أمر ضروري لمن يريد الإبداع في مجال معين إذ يستحيل أن يبدع الإنسان في نوعية معينة من العلوم مع حبّ ومتعة إن لم يكن لديه في الأصل ميلٌ نفسي إلى تلك النوعية من المعارف. ولعل هذا ما يفسر الملل لدى الكثير من الشباب في طرقهم لأبواب العلوم وتركهم لها بسرعة قبل أن يكتمل مشوار طلبهم وتمكنهم من تلك العلوم.. إذا كان الأصل في سيرهم في تلك الاتجاهات إنما هو التقليد أو الحماس الغير مدروس أو القرار المتعجل. كفى بنا تخبطاً ولينظر كل واحد منا لنفسه وما يمكن أن يبدع فيه وليطرق بابه وليسلك سبيله.. أياً كان هذا الاتجاه ما دام أنه ليس في شيء محرم عندها ستعم الفائدة وسنتخلص من الازدواجية وقلة الثقة فيما تعلمناه.. وفقك الله للعلم النافع والمفيد..

اللغة الإنجليزية.. كيف ادرسها وأتجنب محاذير الدراسة في الغرب؟؟!

اللغة الإنجليزية.. كيف ادرسها وأتجنب محاذير الدراسة في الغرب؟؟! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى التاريخ 20/5/1422 السؤال الأخ الكريم مشرف نافذة الاستشارات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ونحن نرى أهمية اللغة العالمية (الإنجليزية) في كل مناحي الحياة وخصوصاً الناحية الدعوية. هل تنصحون من لديه الرغبة الملحة في إكمال تعلم اللغة أن يسافر إلى بريطانيا في الصيف لدراسة اللغة؟ وكيف ينجو من المخاطر على دينه؟ وهل الأولى أن يسافر هو وأولاده؟ أريد رأيكم ومشكورين. الجواب يكثر مثل هذا السؤال في كل سنة مع بداية العطلة الصيفية. ومع أهمية اللغة كما أشرت إلا أنه يجب القول أنها ليست مقصورة على السفر إلى بريطانيا أو أمريكا. إن من المعلوم جداً أن السفر إلى تلك البلاد لمدة أسبوعين أو شهر أو شهرين لن يفي بالغرض المقصود وهو الحصول على اللغة فاللغة أكبر وأعمق من إمضاء مدة وجيزة في تلك البلاد. نعم قد يحصل الإنسان على ما يسمى بلغة المطار وهي اللغة التي تساعده في تسيير أموره في المطار أو الشارع ولكن هذه ليست المقصود الحصول عليها إذ يمكن التحصل عليها حتى هنا إذا وجدت العزيمة القوية. السفر يكون جيداً من الناحية اللغوية للإنسان المهتم والجاد الذي درس وتابع الدورات تلو الدورات هنا في بلده ثم يغلفها بالصيف بتطبيق عملي لكل ما درسه خلال السنة المنصرمة ومن ثم يعاود نفس النشاط والهمة في التحصيل حالما يعود إلى بلده فيعود إلى الدورات والدراسة مرة أخرى وهكذا دواليك بحيث يكون تحصيلاً مستمراً وعملاً دائماً لا لشيء إلا لينهل من معين هذه اللغة وليتفوق بشكل قوى فيها وليتحصل على فائدتها. أما ذلك الإنسان الذي لا يرى الحصول على اللغة إلا في تمضية بعض الأسابيع هناك فإنه لاحظ له في الحقيقة من هذه اللغة ولن يستفيد. والخلاصة أنها جهد مستمر " قبل وأثناء وبعد" السفر وليس غير ذلك أما كيف ينجو بدينه فهي يسيرة بإذن الله. إذ يجب أن يذهب مع رفقة صالحة وإلى مكان صالح وهي موجودة بحمد الله. ولا توجد مدينة في بريطانيا وأمريكا إلا وفيها مركزاً إسلامياً يعين الطلبة الجدد ويساعدهم ويكون معهم يحفظهم بإذن الله من المنزلقات السيئة. فالاتصال بتلك المراكز هي في الحقيقة من أولى الأشياء الواجب أخذها بالحسبان قبل المسير إلى هناك. والله الموفق

أرغمت على الدراسة في كلية لا ترغبها

أرغمت على الدراسة في كلية لا ترغبها المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 22/10/1425هـ السؤال كيف أستطيع المذاكرة في كلية الطب التي دخلتها رغماً عني، لمجموعي الكبير عندما كنت متفوقة، وأنا الآن فشلت فيها، وأصبحت أكره الدراسة بعد أن كنت الأولى دائماً وأنا صغيرة، ولقد مرضت، بل وكرهت كل شيء، وفقدت الثقة في نفسي. فماذا أفعل؟. الجواب أختي الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله. أما بعد: فإن سؤالك يدل على أنك تتمتعين بموهبة وإبداع، ذلك لأنك تمتلكين الآتي: 1ـ العقل الذكي؛ بسبب حصولك على درجات أهلتك لدخول كلية الطب، وفي بلد مثل بلدك والمعروف عنها أن مستوى التعليم فيها متقدم لدرجة قصوى. 2ـ النفس الحرة، التي لم ترضخ لإرغامك لها بالدخول في كلية لا تناسب رغباتك، ولذلك لم تستطيعي الإكمال. 3ـ حرصك على إيجاد حل لمشكلتك، وهو دليل ذكائك الاجتماعي والعاطفي. كل ذلك مما يعزز ثقتك بنفسك، وما حدث لك يحدث لكل المبدعين حين يوجهون تيار العلم والقدرة الذاتية المندفع في دواخلهم إلى غير اتجاهه، فعليك الآن أن تفعلي التالي دون أن تضيعي مزيداً من الوقت: 1ـ اغسلي عن ذهنك كل شهور الفشل الدراسي في كلية الطب. 2ـ استحضري باستمرار في جلسات هدوء كل إنجازاتك العلمية السابقة حامدة شاكرة، وعيشي لحظات القوة والتفوق كأنك تعيشينها حقيقة، وللتو حصلت لك. 3ـ غيِّري تخصصك إلى تخصص يناسب رغباتك -ما دام ذلك مما يرضى الله عنه - وأقنعي من حولك بذلك؛ حتى يكونوا عوناً لك لا عليك. فالإبداع الحقيقي لا يتحقق بالإرغام، وإنما بالرغبة. 4ـ ابدئي مشوارك العلمي الجديد بثقة وطموح كما كنت من قبل وأكثر. 5ـ توكلي على الله، "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [الطلاق:3] . وفقك الله وسدد خطاك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كان متفوقا في دراسته فانتكست حاله

كان متفوقاً في دراسته فانتكست حاله المجيب د. تركي بن حمود البطي طبيب نفسي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 15/10/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لا أعلم ما الذي أصابني، فبعد أن كنت متفوقاً لا أرضى بما دون التفوق خلال سنوات التعليم العام، وكنت أنال المركز الأول، وعندما دخلت الجامعة في التخصص الذي أحب أصبحت لا أبالي بما نلت، ويصادفني شعور بالاكتئاب عندما أحاول الاستذكار لدروسي، مع أني لا أصادف مشاكل في فهم المحاضرات، ولكن لا أعلم هل هو تغير في الأولويات، أم أنه مرض نفسي أم ماذا؟ أفيدوني جزاكم الله كل خير وسدد خطاكم على دروب الخير. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ما أصابك قد يكون نوعاً من الملل في حياتك، أو قد يكون دخولك الجامعة، وابتداؤك مرحلة جديدة أوجد عندك هذا الشعور بالاكتئاب، وهذا يكثر في الطلبة الذين يدخلون الجامعة ولا يستطيعون التكيف مع طبيعة هذه المرحلة، وجود الاكتئاب لا أستطيع أن أجزم به؛ لأن له علاقات كثيرة من اضطراب النوم والأكل والمزاج وقلة الحركة، واضطراب الوظائف اليومية والاجتماعية، أنصحك بما يلي: أولاً: لو كان لديك أحد يستطيع توجيهك صارحه بمشكلتك؛ لعلك تجد عنده حلاً. ثانياً: استشر من يكبرك في نفس التخصص، لعله يساعدك في تجاوز هذه المرحلة. ثالثاً: ثق تمام الثقة أن ما تشعر به أزمة عابرة لن تغير من أولوياتك، بل واجه هذه الأزمة بالثقة والثبات، والحرص على اكتشاف نفسك أكثر. رابعاً: احرص على الدعاء والتقرُّب إلى الله في كل وقت، ولاسيما في مثل هذه الظروف، واعلم أن اشتداد الأزمة دليل على قرب الفرج. أخيراً: لو رأيت أن حالتك قد تستفيد من زيارة طبيب نفسي للتقييم وأخذ المشورة والتوجيه، فيا - أخي- لا تترد، بل هذا عين الصواب، لعله يساعدك في تجاوز هذه الأزمة، نسأل الله لك التوفيق في حياتك العلمية والعملية، دعواتنا لك. والسلام.

استدراك وجواب حول (المشاكل التربوية التي تواجه المعلم)

استدراك وجواب حول (المشاكل التربوية التي تواجه المعلم) المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 23/7/1425هـ السؤال سبق وأن نشرنا في نافذتنا استشارة بعنوان: (مشاكل تربوية تواجه المعلم) ثم وردنا تعقيب من أحد الإخوة يعترض على الشيخ المجيب استشهاده ببعض النظريات الغربية فأرسلنا هذا التعقيب إلى الشيخ المجيب وقد أفادنا بالإجابة الشافية على هذا التعقيب وبيان الصواب في هذه المسألة بالأدلة القوية. الأخ الحبيب: السلام عليكم. وبعد: كان من المؤمل أن نرجع في حل مشاكلنا ومنها التربوية إلى رأي الإسلام قرآنا وسنة واجتهاد العلماء في إطارهما، والفكر التربوي الغربي وبشهادة أربابها أنها علوم فاشلة، فشلت في بناء الشخصية السوية، ومن هذه النظريات الفاشلة ما قاله (جيلفورد) الذي يخلط فيها بين القدرات والمحتوى في معرض تعريفه للذكاء، وادعى الذكاء المتعدد وهي نظرية أصبحت في مزبلة الفكر، وهذه إحدى سمات العلوم الإنسانية التي ترى النسبية في كل شيء حتى النظرية والأخلاق والدين، فتعدد القدرات نظرية قرآنية، "ورفعنا بعضكم فوق ... "، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "كل ميسر لما خلق له"، أما مشاكل العلم والتعليم هو الأخذ بالنظريات الحديثة، والقوانين، فهنالك المشاغل والعلائق الشاغلة الملهية، ومع ذلك نسمح للطالب أن يهذرم بما يشاء، والحسن يقول: (كنا نتعلم حسن الاستماع قبل حسن الكلام) ، وكذلك قول ابن عباس - رضي الله عنهما- الشاهد في أنه يجب الرجوع إلى فكرنا في الحل المقترح. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما يتعلق بمداخلة الأخ على (مشاكل تربوية تواجه المعلم) الملاحظة تتلخص في أن المؤمل أن نرجع في حل مشكلاتنا إلى رأي الإسلام، وأتفق مع الأخ الكريم فيما أشار إليه من حيث الأصل، وقد استوعبت فكرة المداخلة، وسأحاول الإجابة دون مناقشة تفاصيلها التي سيقت للتعبير عن الموقف من الفكر الغربي. عند النظر في حلول المشاكل الإنسانية يحسن مراعاة الملاحظ التالي: o هناك حلول اختص بها الإسلام، فالبحث عنها في غير الإسلام مهلكة وضياع للوقت. o هناك حلول لم يختص بها الإسلام، بل أشاع البحث عنها، وهي ثلاثة أنواع: - نوع يتعارض مع ما جاء به الإسلام، فهذا يرفض لمعارضته الإسلام، لا لكونه حلاً من خارج دائرة الإسلام. - نوع يتوافق مع الإسلام، وهذا يقبل لموافقته الإسلام، دون النظر لمصدره. - نوع لا يتعارض ولا يتوافق، فهي حلول محل نظر واجتهاد، والشخص يوفق فيها أو يخفق، لا لمصدرها وإنما لصحتها في نفسها، وصحتها في المحل الذي نفذت فيه ومن أجله.

وعليه فإن تحفظ الأخ الكريم حول اقتراح الإفادة مما يسمى الذكاء المتعدد؛ لمجرد كونه وافدًا من الغرب ليس في محله؛ لأنه لا يتعارض مع أصل شرعي أو قاعدة إسلامية معتبرة، بل هو نظرية تدور في فلك تعدد القدرات التي أشار إلى بعض النصوص المؤيدة لها، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة" رواه البخاري (3494) ومسلم (2638) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وطبيعة تكليفه - صلى الله عليه وسلم - الصحابة - رضي الله عنهم - ببعض الأعمال كتعلم زيد بن ثابت - رضي الله عنه - السريانية دون سواه انظر ما رواه الترمذي (2715) وأبو داود (3645) وبعث معاذ - رضي الله عنه - إلى اليمن انظر ما رواه البخاري (1395) ومسلم (19) عن ابن عباس - رضي الله عنهما- وتحميل أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قيادة الجيش مع صغره انظر ما رواه البخاري (3730) ومسلم (2426) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في مقابل مواقف (سلبية) تجاه بعض الصحابة - رضي الله عنهم - كهجره كعب بن مالك وصاحبيه - رضي الله عنهم - لما يعلم من قوة إيمانهما انظر ما رواه البخاري (4418) ومسلم (3769) ، وتحذير أبي ذر - رضي الله عنه- أن يتحمل مسؤولية الإمرة ولو على اثنين، أو يشرف على مال يتيم؛ وذلك لتعليلات مذكورة في الحديث الذي رواه مسلم (1825) . والتخبطات التي وقع ويقع فيها الغرب لا تعني عدم الإفادة مطلقًا، تبقى هي نظرية، هل الناس على ثمانية أصناف أو أقل أو أكثر هي محل اجتهاد، وابن القيم -رحمه الله- أكثر من الاعتماد على تقسيمات أن النفوس أربعة (سبعية وكلبية ... الخ) وردد مرارًا أن أصول الناس ترجع إلى أربعة أقسام (ترابية ونارية ومائية ... ) وبنى عليهما نصائح وتطبيقات، وكلتا النظريتين مأخوذتان عن أرسطو، ولم يوقف حتى الآن على أي دليل صريح في الكتاب والسنة يدعم هاتين النظريتين أو يبطلهما. وهناك عشرات النظريات التي تبحث في النفس البشرية في محاولة للاقتراب منها (أي النفس) ، والعالم يبحث في النصوص يتلمس ما يدعم هذا الرأي أو ذاك، أو يصل إلى نظرية جديدة يدعمها بالأدلة. ولا أدري هل يرحب الأخ الكريم بنشر تطبيقات (الذكاء المتعدد) بوصفها تطبيقاً لتفاوت قدرات الناس، دون الإشارة إلى أن مصدرها نظرية الذكاء المتعدد أو لا يرحب؟ وأحب أن أؤكد أن تأصيل العلوم الإنسانية أمر مهم، ولكن من التعقل ألا يكون موقفنا الرفض تمامًا ولا التسليم تماماً والتفتيش في النصوص عما يؤسلمها، بل التأمل فيها ونقاشها وفق أصول المعرفة (الوحي، العقل، الحس والملاحظة، الفطرة، التجربة) . والاقتصار على أصل واحد منها دون غيره خلل في العلم. والقرآن والسنة مصدرا تشريع، وليسا موسوعتين تقدمان كل العلوم وتجيبان على كل الأسئلة، نعم وضع الوحي قواعد عامة وأطرًا وتفصيلات، لكن ثمة أشياء تركت لاجتهادات أهلها، فظهر لنا أصول الفقه ومصطلح الحديث التي تعد جل قواعدهما عقلية، والسياسة الشرعية التي يعد جل تطبيقاتها مبنية على المصلحة والمفسدة. والكتاب والسنة جاءا ببيان أصول التربية وأسسها وغايتها الكبرى، مع بعض التطبيقات التي تصلح في مكان أو زمان ولا تصلح في مكان أو زمان، وهذه أعظم منقبة في التربية.

ويمكن القول بأن المسلمين يملكون وضوح بداية التربية ونهايتها، والغرب يملك تطبيقاتها مع ضلاله في أصولها وغايتها. والموفق من جمع بين وضوح البداية والنهاية مع التطبيقات الفاعلة. وأقترح على الأخ النظر في هذين الرابطين: http://www.islamonline.net/Tarbia/Arabic/display.asp?hquestionID=3291 http://www.almaktab-alislami.com/bookpage.asp?id=1143 وأخيرًا فإن نظرية الذكاء المتعدد ليست لجلفورد، بل هي لهاورد جاردنر، وإذا كان عند الغرب تخبطات (فيما مثل به الأخ الكريم) فإن الإجابة لم تكن نصيحة بالرجوع إلى نظريات الغرب، وإنما استفادة من تطبيقات النظرية المذكورة. والله أعلم.

مشاكل تربوية تواجه المعلم

مشاكل تربوية تواجه المعلم المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 24/1/1425هـ السؤال لدي مجموعة من المشاكل التي قد تواجه المعلِّم في غرفة الصف (وخصوصاً في المرحلة الابتدائية) ، وأتمنى أن أحصل منكم على الأساليب الناجعة لمعالجتها بأفضل صورة. تتلخص هذه المشاكل في: -الغياب. -التأخر الدراسي. -صعوبة القراءة. -الشرود الذهني. -الخجل. -ضعف الرسم الإملائي (الإملاء) . شكراً لاهتمامكم، -وجزاكم الله خيراً-. الجواب نثمن لك الجدية، التي نتوقع أنك تتمثلينها في أداء وظيفتك. الأسئلة التي وردتنا متخصصة للغاية وإجاباتها محررة بشكل واضح في الكتب التي عنيت بالإرشاد الطلابي، والذي يمكن تحريره هنا أن هذه المشكلات التعليمية ليست منفصلة عن بعضها، ويمكن حلها بأسلوب متقارب، بمعنى أنه يمكن تجاوز هذه المشكلات من خلال مزيد من منح الطالب أو الطالبة فاعلية أكبر داخل الصف، لندع للطالب مجالاً أوسع للمشاركة، ولنتح له أن يعبر عن رأيه، ونرحب بأفكاره ونطورها، ونجعل زملاءه يطورون فكرته، يقدم مقترحاته، تأملي (مثلاً) لماذا يحب الأطفال الذهاب إلى «السوبر ماركت» ، إن الحرية التي يشعرون بها أكثر؛ حيث الخيارات متعددة بين يديه. الأطفال لا يتعلمون بطريقة واحدة، هناك عدة نظريات في التعلم تفيد في هذا الجانب: هناك طلاب لا يحبون التعلم إلا من خلال الحركة والمشاركة مع الآخرين، نظمي لهم التعلم من خلال المجموعات مما له علاقة بالدرس. وهناك طلاب لا يحبون التعلم إلا من خلال الأناشيد والمرح، نظمي لهم أناشيد ذات علاقة بموضوع الدرس ويمكن أن تطلبي منهم ذلك. وهناك طلاب يحبون التعلم من خلال ربط التعلم بالطبيعة حوله، اربطيهم بالبيئة واطلبي منهم أن يحضروا بعض لوازم التعلم من الطبيعة حولهم ... من أكثر النظريات رواجًا هذه الأيام نظرية الذكاء المتعدد (لهوارد جاردنر) وفيها ـ كغيرها ـ أفكار أتوقع أن تجعل الفصل حيويًا محببًا يجعل الطالب (وبخاصة المرحلة الابتدائية) ينظر إلى المدرسة على أنها نزهة، ويشعر بالوقت الذي يقضيه داخل الفصل يمر سريعًا، يندمج الطلاب أكثر، يتعلمون التنافس في التعاون دون الاستئثار بالتعلم -إن شاء الله-. فالحاجة الملحة لحل عدد غير قليل من مشكلات التعلم هي في كيفية تنظيم النشاطات داخل الصف والتحرر من النمط التقليدي الذي يجعل الطالب متلقيًا مجردًا، والمعلم مِذْياعًا مدويًا، وبقدر ما يصمت الطالب يكون مؤدبًا، وبقدر ما يكون المعلم متدفقًا بالمعلومات يكون نشيطًا، هذه تصورات غير تامة. الصمت من الأدب لكن المشاركة والتفاعل ليست سوء أدب، الشرح وبذل المعلومات نشاط لكن إتاحة الفرصة للطالب ليست كسلاً من المعلم. يمكن تمثيل الدور الجديد للمعلم هو أن يكون كشرطي المرور الذي يوجه السائقين دون أن يتدخل في قيادة سياراتهم، وهكذا المعلم يوجه الطلاب للتعلم والوصول إلى المعلومة أو المهارة المرغوب زرعها فيه، دون أن يقدمها له دائمًا بصورة مباشرة. سأمثل بإيجاز لما تقدمت الإشارة إليه: الدرس: علوم، الصف: الثاني الابتدائي، موضوع الدرس: الجو بارد

يمكن أن يتعلم الطلاب من خلال عدد من النشاطات، منها ما يلي: 1. يكمل الطالب الفراغات التالية: الجو بارد. - الجو............... - الجو.................. - الجو.................. يتعلم الطالب ـ بنفسه ـ الأحوال والأشكال المختلفة للطقس (وهذا من أهداف الدرس) . 2. يصنف الطالب الأشياء من حيث البرودة والسخونة (مهارة التصنيف) -الشاي، الكتاب، المكيف، الثلاجة، المدفأة، العصير، الحليب..... - الأشياء الباردة - الأشياء المشتركة - أو التي لا تتميز بوصف منهما - الأشياء الحارة 3. يعدد الطالب الأشياء التي يمكن أن تكون باردة، والأشياء التي يمكن أن تكون حارة (غير ما ذكر في النشاط السابق) وهذا يعطيه فرصة توسيع الإدراك بالإضافة إلى الطلاقة والمرونة التي تعد من معايير التفكير الإبداعي. 4. يعلل الطالب بعض ما يشاهده - المظلة محدبة، وذلك من أجل....................... - المظلة لها عصا طويلة، وذلك من أجل........................ - المظلة لها يد، وذلك من أجل......................... هذا النشاط ينمي لدى الطالب الملاحظة. 5. كان على الطالب أن يخرج في يوم ممطر لمدة ساعة، وسمح له بأخذ اثنين مما يلي: حذاء مطري، طاقية، مظلة، طعام، مذياع، ماء، معطف، مدفأة صغيرة والفكرة في هذا النشاط أن يتدرب الطالب على اتخاذ القرار، يمكن لكل طالب ان يختار ما يشاء بشرط أن يعلل لماذا اختار هذين الشيئين، والمعلم لا يعد أي اختيار خطأ بل يرحب بالفكرة ويناقش. وهكذا، كان الدرس ينفذه الطلاب في حين كان دور المعلم التوجيه وإدارة الصف، طوال الوقت الطالب يشعر أن لحضوره أثرًا. ونقترح عليك ـ أخيرًا ـ الإفادة من المصادر التالية: 1. مجلة «ولدي» وهي مجلة كويتية متخصصة ولها موقع على الإنترنت هو: http://www.waldee.com/mknon/WALDI.HTM وعنوانهم في البحرين 290580 294000 البحرين مؤسسة الهلال لتوزيع الصحف 2. مجلة «بريد المعلم» وهي مجلة معنية بالطفولة المبكرة (رياض الأطفال، حتى 8 سنوات) وتقدم برامج عملية، ويمكن التواصل معها عبر العنوان التالي: ص. ب 55370 الرياض 11534 [email protected] 3. موقع «المربي» يهتم بالعمل التعليمي التربوي بصورة جيدة، www.almurabbi.com 4. دار الكتاب التربوي التابع لمدارس الظهران الأهلية، أصدر عددًا من الكتب حول ما نحن بصدده، وللتواصل معهم 096638919444 ص. ب 5162 الدمام 31422 دعاؤنا الصادق لك بالتوفيق والسداد.

خائف من الاختلاط

خائف من الاختلاط المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/قضايا التعليم التاريخ 11/1/1425هـ السؤال أنا شاب مستقيم منذ سنة -ولله الحمد-، ومع بداية هذا الفصل الدراسي التحقت بمعهد تمريض خاص، وأنا خائف من الاختلاط الموجود في المستشفيات، وما هي نصيحتكم؟ -جزاكم الله خيراً-. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلمنا الحكمة والقرآن، فله الحمد في الأولى والآخرة، فهو - سبحانه- كثير الإحسان، والصلاة والسلام على معلِّم الناس الخير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً في كل وقت وآن. إلى الأخ الكريم: - سلمه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت رسالتك وسرني جداً التزامك بشرع الله، نسأل الله أن يثبتك على الحق اللهم آمين. أما بخصوص ما سألت عنه من خوفك من الاختلاط، فحق لك ذلك، فالاختلاط بالنساء الأجنبيات شر مستطير، وبلاء عظيم، ولا سيما إذا كان في وسط كالمستشفيات، حيث التبرج والسفور، والفتنة العارمة، وقد حذَّرنا النبي - صلى الله عليه وسلم- من فتنة النساء، ولذلك أمرنا ربنا -رجالا ًونساءً- بغض البصر فقال - تعالى-: "وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن ... " [النور:30-31] ، وقد حذَّرنا النبي - صلى الله عليه وسلم- من النظر وخطره، فكم من نظرة أعقبت في قلب صاحبها ألف حسرة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرِّجل زناها الخُطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه" متفق عليه عند البخاري (6243) ، ومسلم (2657) فيا أخي الكريم عليك بأخذ الحذر من الاختلاط بالنساء؛ فهذا شر عظيم وبلاء مبين، وعليك بالآتي: (1) إذا استطعت أن تحول دراستك لمجال آخر فافعل؛ فالسلامة لا يعدلها شيء. (2) إذا لم تستطع ذلك فعليك مراقبة الله في السر والعلن، واعلم بأن الله مطلِّع عليك ويراك، فاستح أن يراك وأنت على معصية، فعليك بغض البصر عن كل ما حرم الله. (3) عليك أن تختار قسماً أو وظيفة ليس فيها نساء، أو تكون النسبة قليلة جداً على قدر المستطاع. (4) حاول قدر استطاعتك أن لا تكون بينك وبين أحد النساء العاملات معك في القسم خلوة محرمة؛ فهذا لا يجوز بحال من الأحوال. (5) إذا حدث بينك وبين إحداهن معاملة من حديث وغيره اجعل ذلك في حدود العمل، ولا يتطرق لغير ذلك، واحذر من الشيطان، فالشيطان حريص على إضلال العباد عموماً، وخاصة الملتزمين، وتذكر دائماً حديث النبي - صلى الله عليه وسلم- "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" انظر ما رواه الترمذي (2165) من حديث عمر - رضي الله عنه -، فما ظنك باثنين الشيطان ثالثهما؟.

(6) كوِّن لنفسك شخصية مميزة، وهي شخصية المسلم الملتزم بشرع الله، واجعل كل من حولك رجالاً ونساءً يعرفون عنك ذلك، فأنت لا تصافح النساء، ولا تحدثهم إلى في حدود العمل، إلى غير ذلك، لماذا؟؛ لأنك مسلم والله أمرك بذلك، فيجب عليك أن تستجيب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-. (7) إذا استطعت أن تحصن نفسك بالزواج فافعل، وإن لم تستطع فعليك بالصوم؛ فإنه لك وقاية من الوقوع في الحرام، كما أرشد لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه عند البخاري (1905) ، ومسلم (1400) ، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء". (8) عليك في الجملة بتقوى الله، والإكثار من الطاعات، والبعد عن المنكرات، وكثرة الدعاء بأن يصرف الله عنك شر الفتن ما ظهر منها وما بطن. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ثامنا: أخرى

نصائح لمعلم تحفيظ القرآن المجيب محمد محمود الأمين باحث بموقع الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى التاريخ 28/03/1427هـ السؤال أنا أحفظ القرآن -بحمد الله وفضله- وبدأت في تحفيظ بعض الأشخاص. فأرجو أن توضحوا لي بعض النصائح والتوجيهات في أول مسيرة لي في تحفيظ القرآن، وأريد أن توضحوا لي الأجر والثواب في ذلك. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأهنئك أولاً على حفظ القرآن الكريم، وأهنئك ثانياً على نعمة الله عليك أن وفقك لتعليمه للناس، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" رواه البخاري (5027) . ولا شك أن الأمة بحاجة ماسة إلى من يحفظ لها دينها، ولا يكون ذلك إلا بحفظ رسالة السماء، حِفظُها بالقلب، وباللسان، وبالعمل، والله -سبحانه وتعالى- قد تكفل بحفظ كتابه لأنه الرسالة الخالدة إلى قيام الساعة، ويؤكد ذلك وجود نجباء من الأمة في كل عصر يقومون على مهمة حفظ كتاب الله. ولا شك أن من حفظ هذا الكتاب أصبح ذا مسئوليات عظيمة، إذ أصبح واجِبُ التعليم آكد عليه من غيره، كما أنه أصبح قدوة في أخلاقه وسلوكه، إذ القرآن يربي على الخلق الكريم، والنظر المستقيم، تقول عائشة -رضي الله عنها- لما سئلت عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كان خلقه القرآن". رواه أحمد (23460) ، ومسلم (746) . ولا يفوتني هنا أخي الكريم أن أنصحك بمجموعة من النصائح، أجعلها في نقاط؛ ليسهل عليك حفظها والاستفادة منها: 1- أن تقصد بتعليمك وجه الله عز وجل: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.." 2- عليك أن تتخلَّق بأخلاق القرآن ظاهراً وباطناً -كما سبق-. 3- عليك بالرفق في تعليمك، وعليك ببذل الجهد والنصح لطلابك. 4- عليك أن تهتم بطلابك وبشؤونهم ومصالحهم اهتمام الأب بأبنائه. 5- عليك أن تحث طلابك على الأخلاق النبيلة والشيم المرضية، مثل: الصدق، والأمانة، وبر الوالدين ... إلخ. 6- كما يتحتم عليك تنبيه طلابك إلى ضرورة الأدب، وعدم العبث أثناء القراءة، سواء كان ذلك بالمصحف أو بغيره.. 7- عليك أن تعوِّد طلابك على التواضع والأدب مع معلميهم. - هذه جملة مختصرة من آداب سلفنا الصالح، أحببت أن أنبهك عليها وأنت في بدايات هذا الطريق، أسأل الله العلي العظيم أن يسلك بي وبك سبل الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة. والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.

أخي يتحرش بأختي!

أخي يتحرَّش بأختي! المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى التاريخ 09/01/1427هـ السؤال لدي أخ أكبر مني غير متزوج، ويعمل في وظيفة مناسبة، والمشكلة التي نزلت عليَّ كالصاعقة أنه يتحرش بأختي الصغيرة، حيث يقوم بلمس أعضائها!! فماذا أفعل؟ علماً بأنني لا أستطيع نصحه؛ نظراً لعصبيته الزائدة. أفيدوني أثابكم الله. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ابني العزيز: -حفظه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. * ما يتعلق بمشكلة أخيك: أولاً: أريد منك التأكد من حصول الشيء الذي ذكرته، فهل أنت متأكد أم هو ظن ظننته وتوقع بنيته على أشياء سابقة، فلا يصح أن تتصرف أي تصرف حتى تتأكد يقيناً أن المنكر واقع. ثانياً: ما دمت قد عرفت بوجود هذا المنكر فاعلم أن الأمر لن يقف عند اللمس، بل سيصل إلى ما هو أبعد، فلا بد من عمل شيء يوقف هذا المنكر. ثالثاً: اعلم أنك مسؤول الآن، وعليك حقوق كثيرة ما دمت قد عرفت أن هذا المنكر موجود، منها حق لوالديك لأن هذا شرفهما وعرضهما، وإهمال الأمر يضيع ابنتهما، ويفسد ابنهما، كما أنه حق لأختك الصغيرة؛ فإن إهمال العلاج وتأخيره يؤدي إلى إفسادها، وقد يضيع شرفها ويدنس عرضها، وهذا يضر بها في المستقبل كثيراً. وهو أيضاً حق للعائلة كلها، وهو حق لك أنت، بل ومن حق أخيك أن تنصح له. فلا تتساهل في الأمر ولا تؤجل. رابعاً: في سبيل إيقاف هذا المنكر اتخذ أولاً الخطوات التالية: الخطوة الأولى: حاول أن تمنع هذا المنكر من الوقوع دون أن تخبر أحداً؛ حتى لا تفضح أخاك، فترسل إليه رسالة خفية لا يشعر بها أحد، ولا يدري هو أنك أنت المرسل، ولتكن مكتوبة بالحاسوب؛ حتى لا يعرف خطك، ومضمون هذه الرسالة أنه يوجد من اطلع على تصرفاتك مع أختك، وأني أذكرك بالله وأذكرك بعرضك وشرفك، وأن الأمر إذا استمر فسأكون مضطراً أن أبلغ الوالدين. فإذا استطعت فعل الخطوة الأولى بمهارة وخفاء فهو أحسن كثيراً، وإن لم تستطع فعل الخطوة الأولى أو فعلتها ولم تنفع شيئاً فانتقل إلى الخطوة الثانية. الخطوة الثانية: اختر واحداً من والديك لتخبره بالأمر، ولا تخبرهما معاً، ويشترط في الذي تختاره منهما أن يكون أكثر حلماً وصبراً وحكمة ودهاءً ورفقاً وليناً، لأن الموضوع لا يحتاج إلى قوة، بقدر ما يحتاج إلى حكمة ورفق وستر، حتى لا تتزمر البنت الصغيرة، وحتى لا يتحطم أفراد الأسرة، وإذا أراد أحد الأبوين أن يستشير فأنا مستعد لذلك عن طريق الموقع، أو عن طريق هاتفي الجوال. والله يرعاك ويطمئنك على الأسرة كلها.

إرشادات معينة على التفوق

إرشادات معينة على التفوق المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى التاريخ 03/08/1426هـ السؤال ما هي أهم الأسباب للتفوق دراسياً، وما هي أفضل الوسائل للمراجعة في آخر شهرين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فيظهر لي أنك طالب في المرحلة الإعدادية، ومن المفروض أن توجه هذا السؤال إلى أحد المختصين من منسوبي المدرسة؛ فهم أعرف بحال الدراسة عندكم، وأكثر إحاطة بما هو أنسب حسب النظام والتعليمات. ولكن ما دمت وجهت السؤال إلينا فيسعدنا أن نشير عليك، ونفيدك بإذن الله. أهم الأسباب للتفوق الدراسي منها: (1) معرفة وتحديد المواد التي لم تحقق فيها درجات جيدة في الاختبارات، ثم تبحث عن أسباب الإخفاق والضعف، فإما أن تكون تقصيراً في حل الواجبات أو في المذاكرة المستمرة أو في عدم التركيز الجيد أثناء شرح الأساتذة وهكذا، ثم تضع الحل بعزيمة وهمة صادقة. (2) إن كان السبب في ضعف طريقة الأساتذة في الشرح، وعدم قدرتهم على توضيح الغامض فيها، فابذل جهدك مع معلمين بدروس خصوصية لتعويضك في البيان والشرح عما فقدته. (3) قد يكون سبب عدم التفوق أن زملاءك في الفصل هم مثلك في مستوى التحصيل أو أضعف منك، لذا يلزمك أن تنتقل إلى فصل فيه متفوقون جداً؛ حتى تحصل بينكم منافسة في تحصيل أعلى الدرجات. (4) أن يكون جلوسك في الفصل في مكان لا يغريك بالغفلة والانصراف عن الأستاذ. (5) الاجتهاد في مراجعة موضوع كل درس قبل يوم شرح الأستاذ له، ثم تراجع الشرح والمسائل في مساء اليوم الذي انتهى فيه الشرح؛ حتى تثبت أساسيات الموضوع. أما أهم وأفضل وسائل المراجعة في آخر شهرين: (1) تضع لك جدولاً للمذاكرة، بحيث توزع الأوقات على حاجة المواد إليها، فقد تكون مادة (كذا) سهلة وقليلة، فتعطيها مثلاً حصتين في الأسبوع للمراجعة والمذاكرة، أما المادة الصعبة والطويلة فتخصص لها أربع أو خمس حصص في الجدول أسبوعياً. (2) ألا تتعارض مراجعتك للمواد السابقة مع خطتك لمذاكرة المواد الجديدة. (3) أن تذاكر وتراجع في مكان هادئ وهواؤه يناسب وإضاءته جيدة، وليس في المكان أشياء تشغل بالك وتصرف بصرك وتشتت ذهنك. (4) تجعل لك كراس للملحوظات، فإذا صعب عليك شيء تسجل ملحوظة حتى تسأل المدرسين عنها. (5) يكون جدول توزيع المذاكرة والمراجعة متدرجاً، بحيث كلما قرب الامتحان تزداد المدة والفترة للمذاكرة أكثر. (6) أن يكون معك كراس لكل مادة وأنت تراجع، فتسجل مختصرات لما تفهمه أو سجل ذلك على الحاشية.

أريد منهجا أتبعه لتدريس الفتيات

أريد منهجاً أتَّبعه لتدريس الفتيات المجيب د. وفاء العساف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى التاريخ 14/05/1426هـ السؤال أنا طالبة جامعية في قسم الشريعة، وأُدرِّس في دار تحفيظ مسائية، لديّ حماس شديد وطاقة لإعطاء الفتيات الصغيرات دروساً ومحاضرات، فبماذا أبدأ معهن؟ وما الذي يصلح لفتيات هذا العصر وهذا العمر؟ وبماذا توجهوني؟ بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. بالنسبة للمنهج الذي تتبعينه لتدريس الفتيات فأرى أن يكون على النحو التالي: - لا بد من قراءة سور من القرآن الكريم، وتفسيرها بشكل ميسَّر، مما يتناسب مع أعمارهن، فالأفضل أن تبدئي بالمفصل (قصار السور) ، ويمكن أن تعتمدي على مختصر من مختصرات ابن كثير-رحمه الله- وتفسير السعدي مثلاً، ثم يتم عرض الآيات بعرض الموضوع الذي تتحدث عنه الآيات، ثم توضيح الكلمات والمعاني الغامضة، ثم الدروس المستفادة من الآيات، على أن تكون طريقة العرض مشوِّقة تتناسب مع الصغيرات، يتخللها القصص الواقعية، وضرب الأمثلة، وتقريب الصورة ما أمكن، مع تجنُّب المبالغات في القصص في جانب الترهيب أو الترغيب. - ثم التركيز على الأخلاقيات والسلوكيات، بحيث يتم تعديل السلوك أولاً من خلال الخلق أو المفهوم الإيماني الذي تعرَّضت له الآيات، ولا شك أنك القدوة في ذلك، فاستشعري ما تقولين، وليستغل هذا فرصة طيبة لتربية نفسك، وتقويم اعوجاجها. - يمكن تحديد موعد آخر، ويكون درساً في السيرة، تدرس فيه سيرة النبي-صلى الله عليه وسلم-بصورة ميسَّرة، يمكن البدء بالرحيق المختوم، والتركيز على ما ذكرنا سابقاً من الاهتمام بالجوانب التربوية، وتعظيم محبة النبي-صلى الله عليه وسلم- والاقتداء به، والمرور على شخصيات الصحابة بشيء من الترجمة الميسرة والتعريف بها، ورفع همة الطالبات في ذلك. لا بأس من تحديد موعد ثالث لحديث - النبي صلى الله عليه وسلم- ولتكن الأربعين النووية، ولها شروحات كثيرة يمكن الاستعانة بها، ويعطى من خلالها جميع المفاهيم الإيمانية العقدية، والنواحي التربوية السلوكية، ومتابعة تطبيقها مع الفتيات في أي مناسبة تحضرك. - أعيد فأركز على القدوة الحسنة، وامتثال ما تقولين، والرفق بالصغيرات، وترغيبهن في دروسك، وعدم التشديد عليهن، وعدم الاستعجال عليهن في تطبيق ما تعطيهن وتعلميهن، وينبغي الصبر عليهن ما أمكن، وستجدين الثمرة -بإذن الله-. حفظك الله وأعانك وسدَّد خطاك.

مديرة مدرستي تظلمني!

مديرة مدرستي تظلمني! المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى التاريخ 22/04/1426هـ السؤال أود استشارتكم في أمري مع مديرة المدرسة، وظلمها لي ثلاث سنوات متواصلة في تقدير الأداء الوظيفي. هل أشكوها للوزارة، أو أجعل شكواي إلى البارئ -عز وجل- ناصر المظلومين؟ وهل إذا دعوت عليها يكون هناك ملك يقول ولك مثل ذلك. أرجو الرد سريعاً، فأنا في حال لا يعلم به إلا الله سبحانه وتعالى. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد. قبل الإجابة أحب أن أوضح أن هذا العرض لموضوع المشكلة ناقص المعلومات التي يلزم توفرها حتى تكون الإجابة شافية، وذلك مثل: هل ناقشتِ المديرة في السنة الأولى ثم في الثانية بعد تحريرها تقدير الأداء، ووضحت لك أسباب تدني المستوى؟ ثم ما هو موقفك مما ذكرته من تعليلات وتبريرات مقارنة مما تعامل به المعلمات الأخريات؟ وهل بينك وبين المديرة خلاف على أمور أخرى سابقة؟ والذي أشير به عليك قبل أن ترفعي الشكوى ضد المديرة، أولاً تتأكدي من نفسك، هل أنت راضية عن أدائك الوظيفي فيما بينك وبين الله؟ وهل أنت الوحيدة المتضررة من تقدير المديرة؟ وهل سعيتِ لمعرفة الأسباب، ثم تلافي القصور، أو تصحيح المعلومة لدى المديرة؟ فلابد من اتخاذ هذه الخطوات أولاً. اجلسي مع المديرة بنفسك للمناقشة الهادئة، وبنية معرفة الصواب لا الغلبة والانتقام، وإن لم تتشجعي على ذلك فاختاري إحدى زميلاتك لمناقشة المديرة، إما نيابة عنك أو بحضورك معها. أو اكتبي تظلمك بخطاب لها هي، وليكن بأسلوب ليس فيه أذية لها، بل يكون رائدك معرفة الحق سواء لك أو عليك. فإن اتضح لك -من النقاش إن تم، أو من الخطاب إذا ردت عليك- أن لك الحق، وأنك مظلومة، ثم لم تفعل شيئاً لتصحح خطأها وظلمها، فأخبريها بأنك سترفعين خطاب شكوى للجهات الأعلى. أما قولك: (هل إذا دعوت عليها يكون هناك ملك يقول: ولك بمثل) ، فهذا يكون في حال دعاء الأخ لأخيه، أو الأخت لأختها بالخير لا بالشر. فإن دعوتِ على المديرة بشر فسيصيبها هي، إن كانت ظالمة وأنت مظلومة، أما إن لم تكن ظالمة فربما يصيبك أنت؛ لأنك تدعين على امرأة بريئة بغير حق. والله أعلم

زهد شباب الصحوة في التخصصات غير الشرعية

زهد شباب الصحوة في التخصصات غير الشرعية المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى التاريخ 28/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أريد أن أثير قضية مهمة لنا نحن -الشباب المتدين-، وخاصة ذلك الشباب الذي يدرس دراسة دنيوية، وسؤالي هو: ما حق هذه الدراسة الدنيوية "مثل التخصصات التجريبية كالهندسة والطب وغيرها من الفروع الأكاديمية" ما حق هذه الدراسات علينا نحن الشباب الملتزم؟ فنحن نرى أن هناك قطاعاً كبيراً لا بأس به من الشباب -وعلى رأسهم أنا- يفرطون في دراستهم، ولا يعطونها حقها كما يعطيها الباقون من الطلاب من ناحية المتابعة والتفوق والاجتهاد، فلذلك نطلب من فضيلتكم أن تشرحوا لنا واجباتنا نحو دراستنا في الجامعات، وكيف يقسم الطالب وقته بين طلب العلم، وقراءة الكتب الشرعية، وبين دراسته الدنيوية؟ وجزاكم الله خيراً وبارك في حسناتكم. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: أخي الكريم: أشكر لك ثقتك، وأسأل الله -تعالى- لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد، وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل، أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: لا أحد يشك في أهمية هذه التخصصات التي تفضلت بذكر بعضها، بل والضرورة الملحة لدراستها والتفوق فيها كل بحسب جهده وميوله واحتسابه، فأمتنا -يا عزيزي- تنتظر منا الكثير الكثير، ونحن -بإذن الله- قادرون على البذل والعطاء إذا استشعرنا حجم الآمال المعقودة علينا، والتحديات التي تواجهنا، وإدراكنا بصدق ما يراد بنا، وما ينتظر منا. ثانياً: أما المفرطون والمتساهلون في دراستهم، فنسأل الله لهم الهداية والتوفيق والعون؛ ليستيقظوا من هذا الرقاد، ويدركوا حجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم، وأن كلاً منهم على ثغر من ثغور الإسلام، وسنسأل جميعاً عن أعمارنا وشبابنا وأموالنا وعلمنا، ونحاسب عليها في يوم مقداره خمسون ألف سنة. ثالثاً: لا تعارض البتة بين التخصص في مثل هذه العلوم والتفوق، بل والإبداع فيها، وبين طلب العلم الشرعي، فلكل مكانه وزمانه، وإذا أحسن الإنسان النية، وعقد العزم، وتوكَّل على الله، وقسم وقته، أعانه الله ويسَّر أمره، ووفقه وسدد خطاه، والأمثلة لدينا كثيرة. رابعاً: المهم دائماً هو البدء، ومن ثم الانطلاق حسب خطة منهجية واضحة، يراعى فيها التوفيق بين متطلبات الإنسان الدراسية العلمية والاجتماعية، وعدم الاستعجال في النتائج، واستفراغ الجهد في ذلك، واختيار الرفقة الصالحة التي تدل الإنسان على الخير وتعينه عليه، وقبل هذا وبعده صدق الالتجاء إلى الله، وطلب العون والتوفيق. سائلين المولى -جلت قدرته- أن يصلح شباب المسلمين، ويوفقهم إلى كل خير، وأن يجعلهم سنداً وذخراً لأمتهم، إنه تعالى على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.

الخيالات الجنسية!

الخيالات الجنسية! المجيب نهى نبيل عاصم داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى التاريخ 25/02/1426هـ السؤال هل الفتاة إذا تخيلت أنها جامعت رجلاً في خيالها تكون مذنبة، وهل يجب عليها الاغتسال؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ورود الخواطر الجنسية والتخيلات الضاغطة على الشباب والفتيات خصوصاً في سن المراهقة وفوران الشهوة؛ فهذا شيء طبيعي، وهو من دواعي هذه المرحلة السنية، فليست المشكلة في وجود الشهوة والإحساس بضغطها، ولكن المسألة في شكل التعامل معها وضبطها.. هذا أولاً. الأمر الثاني: أن ورود هذه الخواطر والتخيلات ليست مما يحاسب الله -عز وجل- العباد عليها، وليست مما يأثم الإنسان به إذا أتته من غير استدعاء أو استجلاب أو استثارة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ". أخرجه البخاري (5269) ومسلم (127) . فما دامت مجرد خواطر عابرة فهي ليست مما يأثم به الإنسان. الأمر الثالث: ليست المشكلة ـ كما قلنا ـ في هذه الخواطر، ولكن المشكلة في الاستمرار معها واستدعائها، وكثرة التفكير فيها، بحيث تتحول من خواطر عابرة إلى إدمان، وربما صاحب ذلك التفكر ثورة الغريزة الجنسية، أو الوقوع في العادة السرية، أو الوقوع فيما هو أكثر من ذلك، وللشيطان الرجيم حيله في أخذ الإنسان إلى الفحشاء والمنكر خطوة وراء خطوة، حتى ينقله من عالم التخيلات والأحاسيس إلى ميدان الواقع والاقتراف، فأنصح الفتيات والفتيان -وقاية من هذه الهواجس وتوابعها- اتباع الخطوات التالية: أولا: التصرفات والأفعال ا - التماس عون الله -عز وجل- لك وذلك بالآتي: * بالطهارة الدائمة من الجنابة وإتقان الوضوء. * بأداء الصلوات الخمس، وفي المساجد (لأصحاب الجماعات) ولا سيما الفجر والعصر. * بأداء النوافل قدر المستطاع. * بالدعاء والخضوع الدائم لله عز وجل. * بالاستغفار الدائم في حالة وقوع المعصية وعدم اليأس من رحمته سبحانه وتعالى. * بالإكثار من صلاة وصوم التطوع، فهما خير معين على مقاومة الشهوات. 2- توفير سبل مرافقة الملائكة، وذلك بالآتي: * بإبعاد الصور والمجسمات من الغرفة والسيارة وأماكن التواجد. * بعدم الانغماس في اللهو من غناء وأفلام وتدخين ومسكرات. * بعدم التعرّي أو شبه التعرّي عند الانفراد في الغرفة ولا سيما للإناث. * بطرد الشياطين من أماكن وجودهم بالأذكار الشرعية. * بالتواجد في بيئة الملائكة كمجالس الذكر والصلاة وبقراءة القرآن وذكر الله. 3- تنظيف وتطهير خلايا المخ من العفن المتراكم فيها وذلك بالآتي: * بعدم السماح للعقل بالاسترسال في أي خيال جنسي، أو أي أمر محرك للشهوة. * باجتناب سماع الأغاني وترديدها والرقص عليها. * بالبعد عن مشاهدة الأفلام والصور الجنسية وكل محرك للشهوة. * بالبدء في ملء حيز من الذاكرة لحفظ القرآن وغيره من المحفوظات النافعة، ففي ذلك أجر وتطهير للذاكرة، واستبدال للعفن المتراكم في الذاكرة بما هو نافع ومفيد.

* بالبدء في تخصيص جزء من العقل للتفكير في الأمور الهامة، مثل واقع المسلمين في العالم والدعوة إلى الله، ومساعدة الآخرين على الهداية، ومحاربة المحرمات بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالتفكير في الفقراء والمساكين والأيتام ومشاركة الجمعيات الخيرية في أنشطتها، واستغلال الوقت والفكر لمثل هذه الغايات السامية. * زيارة الشباب الذكور للمقابر والمستشفيات، والاطلاع والتدبر في واقع المرضى والموتى، واستشعار نعمة الخالق وملء التفكير بهذه المنبهات. أما إذا تحركت الشهوة وخرج المني فقد وجب الغسل؛ لقوله تعالى: "وإن كنتم جنباً فاطهروا" [المائدة: 6] . والجنب هو الذي خرج منه المني بلذة. وقوله صلى الله عليه وسلم: "الماء من الماء" أخرجه مسلم (343) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- المراد بالماء الأول ماء الغسل عبر به، وبالماء الثاني أي: إذا خرج المني وجب الغسل. .. والله أعلم.

الشرود الذهني في الفصل الدراسي

الشرود الذهني في الفصل الدراسي المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى التاريخ 13/01/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: عندي مشكلة، وهي أني لا أستطيع التركيز في الفصل، وعندما أكون خارج الفصل أي مع أحد الزملاء في المنزل أفهم الدرس، وعندما أكون في الفصل لا أفهم. أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر لك تواصلك مع موقعنا (الإسلام اليوم) . أخي، إن ما تعاني منه أمر يعاني منه كثير من الطلاب وليس مشكلة بقدر ما هو عدم تنظيم وإدراك لأهمية التعلم والتعليم. بالإضافة إلى عوامل خارجية ولكنها ليست سبباً مباشراً، وفي استطاعتك التغلب عليها إن استطعت أن تسخِّر العوامل الداخلية لديك. ومن أهم العوامل المؤثرة على عدم التركيز في الفصل ما يلي: 1) عدم إعداد ذهني للدرس القادم. 2) كثافة الطلاب في الفصل. 3) كثرة الأسئلة المختلفة خارج الدرس. 4) موقع الطالب في الفصل. 5) عيوب صحية "ضعف سمع أو نظر". 6) ضعف التركيز لوجود مشتقات مختلفة داخل الفصل. لذلك عليك أخي أمور عدة بعون الله ستعينك على مبتغاك، وتحقق لك القدرة على الفهم والاستيعاب، وسأورد ما أستطيع ولا أزعم أنها هي كل الأسباب، ولكني سأجتهد في جمعها: 1- إخلاص النية لوجه الله في طلب العلم. 2- المحافظة على الفروض والواجبات والبعد عن المعاصي. 3- الإعداد الجيد للدرس قبل الذهاب للمدرسة. 4- مراجعة الدرس في اليوم نفسه بعد العودة للمنزل. 5- التركيز مع شرح المعلم وعدم الانشغال بأمور أخرى. 6- عمل جدول موزع بين المذاكرة والراحة والجلوس مع الأصدقاء، وأهمية ذلك في تنظيم الوقت والابتعاد عن الملل. وفقك الله وسدد على الخير خطاك , وأعانك على مبتغاك إنه جواد كريم،،،.

يكره وصفه بالوهابي

يكره وصفه بالوهابي المجيب سعد الرعوجي مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى التاريخ 21/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أكره أن يلمزنا الناس بقولهم (الوهابية) وقولهم: إننا نكفِّر المسلمين، ولا أعرف هل فعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب شيئاً مخالف للقرآن والسنة المطهرة، ولماذا يلمزوننا بهذا الوصف مع أنني لا أحبه؟ أرجو الإيضاح. وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع (الإسلام اليوم) . الشيخ / محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- من العلماء المصلحين الذي كان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في محاربة كثير من البدع والشوائب والشركيات التي لحقت بالإسلام في عصور ضعفه، وهو عَلم من أعلام هذه الأمة أسأل الله أن يجمعنا وإياه في دار الجنان، أما قولهم: إننا نكفِّر المسلمين، أو أن الشيخ -رحمه الله- قد فعل ذلك فاعلم أن ذلك من الافتراء والتزوير ولا غرابة في ذلك، فالشيخ/ محمد -رحمه الله- قد واجه حملة عنيفة في زمانه من بعض علماء عصره ومن كثير من عوام المسلمين؛ وذلك لجهل هؤلاء أو الحسد لدى بعضهم، أو الجهل بآداب الاختلاف. عموماً لا زالت هذه الحملة سارية المفعول حتى الآن؛ لأسباب مختلفة ومتعددة لا يسع المجال لذكرها، ولكن أذكرك بأن هذه الدعوة (وليست مذهباً كما يقولون) هي دعوة إصلاحية كان لها أثر كبير في الجزيرة العربية خاصة، وفي عموم بلاد المسلمين، وما نرى الآن -ولله الحمد- من انتشار مظاهر الصحوة ما هي إلا أثر من آثارها. وأبناؤها اليوم -ولله الحمد- هم من يقفون غصة في حلوق أعداء الإسلام من كفرة وعلمانية ومذاهب فاسدة باطلة. وهم يجتهدون في نشر الدين الإسلامي الصحيح السليم من الشوائب والأكدار في مختلف بقاع الأرض. وفيهم من يقدَّم أمواله ونفسه في سبيل رفعة هذا الدين ولله الحمد؛ لذا أخي المفترض عليك أن تفتخر بذلك، وليس أن تهتز أو تخجل، فلا يعيب الشيخ ولا دعوته أن يظهر من أساؤوا تطبيق دعوته أو فهموها فهماً خاطئاً. عليك -أخي الكريم- أن ترفع رأسك عالياً في زمن الذلة والخوار والضعف والهوان والبعد عن دين الله المستقيم. أسأل الله أن يغفر للشيخ/ محمد مغفرة واسعة، وأن يعيننا على أن نلعب دوره في الإصلاح والتوجيه والإرشاد والدعوة إلى الله تعالى. والله الموفق،،،

كيف يملك نفسه عند الغضب؟

كيف يملك نفسه عند الغضب؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/اخرى التاريخ 28/11/1425هـ السؤال أحيانا في أثناء الغضب تخرج مني تصرفات وكلمات لا أشعر بها مع الآخرين، ثم بعد ذلك أندم على ذلك, فهل هناك علاج شرعي، وتوجيهات قرآنية ونبوية للسيطرة على النفس وعلاج مثل هذه الحالات؟ الجواب الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: لا شك-يا أخي الفاضل- أن الحلم سيد الأخلاق، وهو يدل على ضبط النفس وعدم الاستجابة للمستفزات أو المثيرات من الناس أو النفس أو الهوى، وتذكَّر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: "إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الحِلْمُ والأَنَاةُ". أخرجه مسلم (17) . فالحلم والأناة من الأخلاق التي يحبها الله في العبد، وهي أجمل وأحسن ما تجمل العبد بها، وهي تسلمه مما يعتذر منه وتحميه من كثير من المشاكل والمواقف المؤسفة، وكم ندم العبد على مواقف غضب فيها، ولم يندم يومًا ما على حلمه وأناته. ثم اعلم أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن الغضب، كما في الحديث الصحيح أن رجلًا قال له: أوصني يا رسول الله. فقال له: "لَا تَغْضَبْ". أخرجه البخاري (6116) . فاستحضر أنك بغضبك تخالف وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويمكن أن تستعين في علاج غضبك بطريقتين: الطريق الأول: الوقاية: وتحصل الوقاية من الغضب قبل وقوعه باجتناب أسبابه، ومن هذه الأسباب التي ينبغي لكل مسلم أن يطهر نفسه منها: الكبر، والإعجاب بالنفس، والافتخار، والتيه، والحرص المذموم، والمزاح في غير مناسبة، أو الهزل وما شابه ذلك. الطريق الثاني: العلاج إذا وقع الغضب: وينحصر في أربعة أنواع كالتالي: النوع الأول: الاستعاذة بالله من الشيطان، قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [سورة الأعراف: 200] . النوع الثاني: الوضوء، عن عطية السعدي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْغَضَبَ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنْ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ". سنن أبي داود- كتاب الأدب، باب ما يقال عند الغضب- (4784) ومسند أحمد (17985) . النوع الثالث: تغير الحالة التي عليها الغضبان، عن أبي ذر، رضي الله عنه، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: "إذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ". سنن أبي داود- كتاب الأدب، باب ما يقال عند الغضب- (4782) . وجاء عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وإذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ". أخرجه أحمد (2136) والبخاري في الأدب المفرد (245) .

النوع الرابع: استحضار ما ورد في فضل كظم الغيظ من الثواب، عن معاذ بن أنس، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الْحُورِ شَاءَ ". أخرجه أحمد (15637) والترمذي (2021) وأبو داود (4777) وابن ماجة (4186) . النوع الخامس: تذكر ما ثبت اليوم طبيًّا من كثرة الأمراض التي تصيب الإنسان بسبب الغضب، ومن ذلك ارتفاع الضغط ومرض السكري، وبعض أنواع مرض السرطان، وغير ذلك. وإذا أردت في المقابل أن يذهب عنك الغضب أو يخف فعليك كذلك بتعلم الحلم وتربية النفس عليه حتى يزداد، وذلك بالحرص على الأسباب التالية: 1- الرحمة بالجهال، فإنها من أوكد أسباب الحلم. 2- القدرة على الانتصار، وذلك من سعة الصدر، وحسن الثقة. 3- الترفع عن السباب، وذلك من شرف النفس وعلو الهمة. 4- الاستهانة بالمسيء: إذَا نَطَق السَّفِيهُ فَلَا تُجِبْهُ فَخَيْرٌ مِن إجابتِهِ السُّكُوتُ 5- الاستحياء من جزاء الجواب، وهذا من صيانة النفس وكمال المروءة. 6- التفضل على السابّ، وهذا من الكرم وحب التألُّف. 7- قطع السباب، وهذا من الحزم؛ كما قال الشاعر: وفي الحِلْمِ رَدْعٌ للسَّفيهِ عَن الأَذَى وفي الخَرْقِ إِغْراءٌ فَلَا تَكُ أَخْرَقَا 8- الخوف من العقوبة على الجواب، وهذا مما يقتضيه الحزم، فقد قيل: الحلم حجاب الآفات. 9- الرعاية ليد سالفة، وحرمة لازمة، وهذا من الوفاء وحسن العهد، قال الشاعر: إنَّ الوفاءَ على الكريمِ فريضةٌ واللُّؤمُ مقرونٌ بذِي الإِخْلافِ 10- المكر وتوقع الفرص الخفية، وهذا من الدهاء، وقد قيل: من ظهر غضبه قل كيده. فإذا راعى الإنسان الوقاية من الغضب، والعلاج، وهذه الأسباب العشرة كان حليمًا- بإذن الله تعالى- وبهذا يحقق ركنًا من أركان الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرًا كثيرًا. وفقك الله لكل خير، وهدانا وإياك لحسن الخلق إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

ـــــ ثالثا: استشارات دعوية وإيمانية ـــــ

ثالثاً: استشارات دعوية وإيمانية

ـــــ أولا: أساليب الدعوة ـــــ

أولًا: أساليب الدعوة

دعوة الزوج والزوجة

زوجي يَرْشُو! المجيب مصطفى محمد الأزهري داعية وباحث إسلامي بوزارة الأوقاف المصرية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الزوج والزوجة التاريخ 21/03/1427هـ السؤال زوجي يعمل بالتجارة، ويقدم الهدايا حتى يسير عمله، علمًا أنه يتقي الله، ويصلي منذ صغره، ويستخرج زكاة المال، ويعطف على الفقراء والمحتاجين، ويشارك في كثير من الأعمال الخيرية.. فما حكم ماله؟ علمًا أني نصحته كثيرًا، ولكن دون جدوى، فأرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد: فرسالتك -أختي الفاضلة- فيها من أنفاس المرأة الصالحة في أزمنة الخير؛ إذ كانت تودع زوجها الخارج سعيا على رزقه، قائلة ناصحة:"اتق الله فينا ولا تطعمنا من حرام؛ فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على غضب الله"! وبما أن زوجك -كما تقولين- على صلة طيبة بدينه يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويتقي الله ما استطاع فهو -إن شاء الله- أقرب إلى سماع النصيحة، خصوصا إذا أدتها إليه زوجة طيبة ديِّنة تشاركه أنفاس الحياة وتحب له الخير، فلتخبريه أن إطابة الكسب والأكل من الحلال هو مما أمر الله به المرسلين والمؤمنين؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيُّها الناس، إنّ الله طيبٌ لا يقبل إلاّ طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: "يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" [المؤمنون: 51] ، وقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" [البقرة: 172] ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمُدُّ يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنّى يُستجاب لذلك؟ ". رواه مسلم (1015) . وقال -تعالى-:"وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:188] ، ولعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دافع الرشوة والمدفوعة إليه والواسطة بينهما. انظر ما رواه الإمام أحمد (21365) . لكن -أختي الكريمة- إذا لم يكن زوجك يقدم تلك الهدايا لأخذ حق غيره في العمل الذي يتحصل عليه، وستفوته فرصة هذا العمل لو لم يقدم تلك الهدايا لمن بيدهم الأمر -وهي رشوة بطبيعة الحال- فإن الإثم في هذه الضرورة يعود على من يضطرونه إلى دفعها اضطرارا. وقد رخص السلف بدفع الرشوة إلى الظالم ليرد الحق إلى صاحبه، فقد قال أبو الشعثاء جابر بن زيد: "لم نجد زمن زياد -أحد أمراء بني أمية- شيئاً أنفع لنا من الرشا". وبعد أن يحتاط لدينه في مكسبه فلا حرج عليكم جميعا.. والله تعالى أعلم.

زوجي انتكس

زوجي انتكس المجيب هند بنت سالم الخنبشي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الزوج والزوجة التاريخ 21/09/1426هـ السؤال كان زوجي مستقيماً محافظاً على الصلوات الخمس في المسجد، ولكنه منذ سنة تقريباً بدأ يتهاون في أدائها في المسجد، فهو لم يتركها لكنه يؤديها في البيت، ويؤخرها عن وقتها، أو ينام عنها، وإذا جاء وقت الصلاة يتعذَّر بأنه متعب، ويشكو من كذا وكذا، كما أنه صار يتخلف عن صلاة الجمعة لمرات عدة، وإذا نصحته يغضب مني.. أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي الفاضلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسأل الله أن يعينك ويأجرك في بلائك ويلهمك الصبر، آمين. أختي: حاولي أن تغتنمي فرص الرضا والسعادة في نصح زوجك، ففي ساعة الرضا يتقبل الإنسان أشياء لا يتقبلها في غيرها من الأوقات. - اتركي أمامه كتيبات أو نشرات عن فضل صلاة الجماعة وحكمها، ووجوب أداء الصلاة في المسجد للرجال، ووجوب أداء الصلوات في أوقاتها، ولكن دون أن تأمريه بقراءة هذه الكتيبات أو النشرات. - استعيني بمن تثقين به من أقاربك أو أقاربه الذين يتأثر بهم في نصحه لأداء الصلاة في المسجد، بأن يتظاهر بأنه قد صلى في المسجد أكثر من مرة ولم يجده، ويسأله عن السبب، ثم يناصحه حتى لا يحس بأنك أنت السبب الذي جعل ذلك الرجل يناصحه. - استغلي بعض المواقف اللطيفة في جعل زوجك يؤدي صلاته في المسجد كأوقات النزهة، وليكن ذلك بأسلوب لطيف لا يحس فيه بأنك تملين عليه الأوامر. - أكثري من الدعاء لزوجك بأن يصلح الله قلبه ويعيده إلى صوابه. والله ولي التوفيق.

دعوة الأخوة والأخوات

أخي لا يصلي! المجيب محمد محمود الأمين باحث بموقع الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأخوة والأخوات التاريخ 01/04/1427هـ السؤال لدي أخ في الخامسة عشرة من عمره متهاون في الصلاة، وخاصة صلاة الفجر، ويتطاول عليَّ وعلى والدي بالكلام، ولا يحترمني، فما نصيحتكم له؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأنت تقول: إن أخاك يبلغ من العمر خمس عشرة سنة، ولا يخفى عليك ما قد يصاحب هذا السن من تغيرات نفسية وسلوكية، يتوجب عليك وعلى أبيك مراعاتها، ومنح الفرصة اللازمة لأخيك ليصحح سلوكه، وأنتم تملكون لمساعدته على ذلك الشيء الكثير، فعليكم بإسداء النصح له، مع إظهار الاحترام وعبارات التكريم، فهو لم يعد طفلاً كما كان قبل زمن قريب، وهذه حقيقة يجب أن يستوعبها كل بيت فيه شاب في مثل سن أخيك. وعلى أية حال فالأمر -بحمد الله- ما زال في بدايته ويمكن علاجه بكثير من الوسائل والطرق المختلفة منها ما أسلفت لك، ومنها تذكيره بواجباته الشرعية، وأنه أصبح مكلفاً ومطالباً بمثل ما يطالب به الرجال من وجوب الصلاة جماعة، وبر الوالدين وإكرام الأهل والإخوان ... وينبغي في مثل هذه الحالة البعد كل البعد عن أساليب التشهير، ونشر الأمر بين الأهل والإخوان، بل الواجب معالجة هذه السلوكيات في أضيق نطاق ممكن، ثم إن ربط الشاب بحلقات تحفيظ القرآن الكريم له الأثر الجيد في نشر الوعي الديني، والسمو الأخلاقي، والانشغال بمعالي الأمور من طلب للعلم، وحفظ للقرآن، ومواظبة على الواجبات الشرعية.

صوت المنكر ينفذ إلى غرفتي

صوت المنكر ينفذ إلى غرفتي المجيب د. رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأخوة والأخوات التاريخ 20/02/1427هـ السؤال أهلي يشاهدون المسلسلات التي تعرض على القنوات الفضائية، وهي مسلسلات بعيدة كل البعد عن الإسلام؛ فهي تحتوي على موسيقى، وكذلك الممثلات الكاسيات العاريات. وأنا أغضب وأحزن كثيرًا عندما أراهم يشاهدون هذه المسلسلات، وأقوم بتغيير القناة، وعندما أفعل ذلك يقولون لي: يجب الاستئذان قبل أن تغيري القناة، وأجيبهم بأن تغيير المنكر لا يحتاج إلى استئذان، وأحياناً أكون في غرفه ثانية وأسمع صوت الموسيقى لهذه المسلسلات؛ فهل آثم لأني أسمع هذا الصوت؟ الجواب الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله، وبعد: فمرحبا بك -أختنا الفاضلة- ونسأل الله أن يبارك في غيرتك على دينك وحرصك على أهلك، وتمعرك لما ترين من لهو لا ترضينه في بيتك، لكن إذا كنا مأمورين حقا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مؤمنين ومؤمنات، فإن لهذا الأمر والنهي فقه يجب فهمه والتعرف على آدابه، وأهمه أن يكون أمرك ونهيك بالمعروف، فقد قال الله لنبيه: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل:125] . وخير ألوان الدعوة، الدعوة بالقدوة والحب والسلوك الحسن، فعليك بالتقرب منهم أكثر، وعظيهم وقولي لهم في أنفسهم قولا بليغاً، ووجهيهم إلى البرامج الإسلامية التي لا تخلو منها بعض الفضائيات، وفيها من الخير ما لا ينكره أحد، حاولي مرات عديدة ولا تيأسي من روح الله، فلك أجر ومثوبة على كل حال، وأضيفي إلى الدعوة الدعاء لهم بالهداية، وأن يشرح الله صدورهم لما شرح له صدرك، وما دمت تعتزلين سماع المنكر فلا عليك أن يترامى منه إلى سمعك بعض من رذاذه؛ فالأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى.. وأسأل الله تعالى أن يوفقك في دعوتك، وأن يحقق لك ما تقر به عينك وتسر به نفسك.. والله أعلم.

أود مناصحتها وأخشى انتقامها

أود مناصحتها وأخشى انتقامها المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأخوة والأخوات التاريخ 20/10/1426هـ السؤال مشكلتي تكمن في أختي التي تكبرني بسنة واحدة فقط، بعدما علمت أنها تهاتف شاباً تعرفت عليه عن الطريق الإنترنت (الدردشة) بالرغم من أنها كانت أكثر حرصاً مني، وأكثر شدة في هذه الأمور، احترت ماذا أفعل، وتعبت كثيراً حتى صرت أتمنى الموت، وأفضله على أن أراها تفعل ذلك، وأنا لا أستطيع أن أواجهها، لأنها ربما تفضحني أمام أهلي، فقد كنت أنا أيضاً على علاقة مثل هذه، لكنني هداني الله وتبت. أرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على محمد وصحبه، وبعد: فلا شك أن مكالمة رجل أجنبي عن طريق الهاتف أو ما يسمى بالعلاقة أو الصداقة أمر محرم، بل فعلة نكراء وداهية دهياء، إنه يتعارض مع صفات الفتاة الطيبة التي وصفها الله -تعالى- في كتابه بالغفلة عن مثل هذه الأمور "المحصنات الغافلات المؤمنات". كم سقطت من فتاة وأفسدت حياتها بسبب تلك العلاقات، أليست الفتاة تخشى الناس وعلم أهلها سبحان الله، فأين الله؟! يقول أحد السلف: "لا تجعل الله أهون الناظرين إليك" أليست تجعل ستر الله -تعالى- عليها وسيلة للتمادي في المحرم. أما من ناحية موقفك من أختك فأنصحك بالتالي: 1- حاولي أن تطلبي منها جلسة انفرادية بعيداً عن الناس، ثم ذكريها بالله -تعالى- والدار الآخرة، وخوفيها غضب الله تعالى وغضبه، ولا تنسي أن يكون ذلك بالأسلوب اللين، وبالحكمة والموعظة الحسنة. 2- يمكنك التأثير عليها من خلال الكتب والأشرطة في هذا الموضوع، وهي كثيرة. 3- لو تصارحين إحدى قريباتك ممن يمكنها التأثير عليها. 4- إذا لم ينفع ما سبق فليس لك السكوت بحجة أن تفضحك، فيمكنك مصارحة أهلك أو أحدهم بالموضوع وتطوراته. 5- حتى لا يتطور أمر أختك إلى ما لا تحمد عقباه، لا بد من متابعة الأمر حتى يمكن القضاء عليه -إن شاء الله- وفقنا الله وإياك إلى ما يحب ويرضى.

لباس أختي غير محتشم

لباس أختي غير محتشم المجيب د. عائشة الشهراني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأخوة والأخوات التاريخ 19/09/1426هـ السؤال تريد أختي أن تلبس لباساً غير محتشم في إحدى المناسبات، وقد لاحظت أنها في الآونة الأخيرة بدأت تتساهل في قضية اللباس؛ وذلك بشرائها بعض الملابس القصيرة، وغير الساترة، وهي تجاهر بذلك. كما أنها تحب بعض الفتيات المتساهلات في أمور الشرع!! كذلك لديها الرغبة في الالتحاق بإحدى الجامعات التي لا نريدها؛ لما سمعنا عنها من سمعة سيئة، وهي متخرجة منذ العام الماضي، وحاولنا إقناعها بالالتحاق بقسم آخر، ولكن لم يتيسر لها القبول في القسم الذي تريده، ومضى عام، والآن من الصعب أن نمنعها فتبقى في المنزل، ومن الصعب أن نتركها تذهب لتلك الجامعة. أرشدونا ماذا نفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: من السهل جداً أن أقدم لك نصائح مثالية بما يجب وبما لا يجب، وما هو الحلال وما هو الحرام، فالكل يعلم ما الصواب وما الخطأ، صغيراً كان هذا الشخص أم كبيراً. ولكن حتى لا أفقد مصداقيتي معك ومع غيرك أقول لك يا بنيتي: إن أختك في العشرين من عمرها، ومثل هذه السلوكيات التي تتحدثين عنها تصدر من أمثالها من بعض الفتيات والشبان أيضاً؛ وذلك لأسباب كثيرة منها صغر السن، واتباع الموضة (الإعلام) والصحبة..الخ، وإن كنا لا نتفق معها في سلوكياتها فلا يعني ذلك أن نبالغ في انتقادها، ولكن نوجهها باللين والهدوء والمحبة والتغاضي بعض الأحيان، خصوصاً إذا كانت ترتدي هذه الملابس أمام نساء فقط؛ لأني أرى أن تلبسها بعلمكم وأنتم خلال ذلك تقدمون النصح بهدوء أفضل من أن تلبسها بدون علمكم أو مع رفضكم، وبذلك تنكسر الهيبة وتصبح غير مبالية، وأنا لدي ثقة كبيرة في الله -ومن خلال متابعتي لكثير من بناتي المراهقات والشابات- أنهن يتركن هذه السلوكيات إذا ما أحسنَّا التعامل معهن بهدوء وحجة وتقدير. أما بالنسبة للجامعة فقد تألمت لهذه الفكرة التي تحملينها -يا ابنتي- عن مستوى هذه الجامعة، وسمعتها السيئة، فما هذه الفكرة السلبية سامحك الله، عندما قرأت رسالتك ظننتك تكتبين الرسالة من دولة غربية، وإذا بي أجد الرسالة من المملكة العربية السعودية، يا ابنتي إذا كان هناك "بعض الفتيات المقصرات" في تلك الجامعة فهناك آلاف الفتيات الطيبات، يا ابنتي لا توجد لدينا المدينة الفاضلة، ولا توجد المثالية التي تبحثين عنها، كل جامعة وكل مهنة وكل مؤسسة وكل مدينة فيها الطيب والرديء، فلا تحرموا أختكم من الانضمام للجامعة، بل شجعوها وساعدوها وعززوا ثقتكم بها، وإذا أخطأت فتقبلوا هذا الخطأ، وساعدوها لتجاوزه والاستفادة منه، ساعدوها أن تثق بكم وتتحدث معكم وتحاوركم، والخطأ وارد في هذه الجامعة وفي غيرها، وخوفكم عليها يزيد من حمايتكم، لها، وهذا بدوره يزيد من عنادها وأنانيتها، أعطوها مساحة من الحرية والحوار والقبول وتحمل مسؤولية تصرفاتها وقدراتها. وفقكم الله.

كيف أدعو أهلي؟

كيف أدعو أهلي؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأخوة والأخوات التاريخ 22/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرسلت لكم سؤالي لكن لم أجد الإجابة فأتمنى أن تجيبوني. أنا فتاة -ولله الحمد- من أسرة متدينة، لكن مشكلتها المسلسلات، يشتعل قلبي غضباً عندما يشاهد أهلي ما يسمى بمسلسل، ربما أحترق، عرفوا حكم المسلسلات من برنامج ديني بعدما كان النقاش أنه ليس كل المسلسلات حرام (بل جميعها حرام) ، والآن بعدما عرفوا حكمها أقول لهم أن يكفوا عن مشاهدتها فلا أجد سوى قولهم (تسلية للوقت) أو (وما دخلك أنتِ) لأني أصغرهم سناً، أكرر يا شيخ جِد لي حلاً (قد تجد المشكلة سخيفة ولكنها مهمة بالنسبة لي) فجِد لي حلاً مرة أخرى؛ لعلك تكون سبباً لهداية أهلي. جزاك الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد: إلى الابنة الفاضلة بنت الإسلام: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لقد تقبلت رسالتك الطيبة بقبول حسن، وسرني جداً التزامك بشرع الله، وحرصك على هداية أسرتك، نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق المبين، وأن يجنبنا وإياك مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن. ابنتي العزيزة: إن ما تعاني منه يعاني منه كثير من الذين أنعم الله عليهم بنعمة الهداية، فلا تذهب نفسك حسرات على أهلك، ولكن أقول: أولاً: عليك بكثرة الدعاء لهم بأن يشرح الله صدرهم للحق، ويبعدهم عن هذا الشر. ثانياً: عند نصحك لهم لا تجعليها في شكل أوامر، ولا تبدي تذمرك، ولكن اجعليها في قالب الرجاء الممزوج بالحب معهم والشفقة عليهم، وأنك تحبين لهم الخير. ثالثاً: احرصي أن يروا منك كل فعل جميل وكل قول مفيد؛ لأنك ملتزمة بشرع الله -تعالى-. رابعاً: احرصي على جلب الأشرطة الإسلامية النافعة والمؤثرة، وكذلك الكتب الدعوية التي تعالج مثل هذه المخالفات التي هم واقعون فيها. خامساً: اهتمي أولاً بأن يحافظوا على الصلاة في أوقاتها وأن يلتزموا بالزي الشرعي. سادساً: عليك بالصبر وعدم اليأس من هدايتهم وتذكري أنك في يوم من الأيام كنت مثلهم، ولكن منَّ الله عليك بالهداية، "كذلك كنتم من قبل فمنَّ الله عليكم" [النساء: 94] ، فعليك بالرفق معهم ولا تجعلي النقاش يحتد بينك وبينهم. سابعاً: انظري من منهم أشد الناس تأثراً أو قريب إلى قلبك ونفسك، وحاولي أن تأثرى عليه وتكسبيه في صفك، وهكذا، المهم اجعلي لك أعواناً في البيت. ثامناً: لا تستعجلي النتائج فقد يطول بك الأمر، لكن العاقبة ستكون خيراً - بإذن الله تعالى-. هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل أقبل هذا المال من أخي؟

هل أقبل هذا المال من أخي؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأخوة والأخوات التاريخ 04/05/1426هـ السؤال السلام عليكم. أنا شخص ملتزم ولله الحمد والمنة على ذلك، وأسكن أنا وأخي في منزل واحد، وأمي تسكن معنا، وأخي هذا الذي يسكن معي يلعب الشطرنج، وهو لاعب دولي، ويدخل المنافسات الدولية داخل الوطن وخارجه، ويفوز ويأخذ الجوائز النقدية والعينية ويتكسب من ذلك، وصارت بي ضائقة وأحتاج بعض النقود، حيث إني متزوج وعندي أولاد وعلي التزامات، فعلم أخي بذلك، فأراد أن يعطيني نقوداً، وقال: خذ هذا المال هدية، فرفضتها وقلت: لا آخذ مالاً حراماً وهي من لعب الشطرنج، مع أني بحاجة ماسة إلى هذه النقود، فهل آخذها هدية، أو آخذها قرضاً، أو أرفضها كلياً لا هدية ولا قرضاً؟.أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عليك بمناصحة أخيك عن تعامله بالحرام؛ فقد جاء في الحديث أن "أي جسم نبت من الحرام فالنار أولى به"، انظر جامع الترمذي (614) ، وفي الحديث الآخر "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن جسمه فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه". أخرجه الترمذي (2417) ، وغيرها. أما إذا كنت فقيراً أو محتاجاً فليس عليك حرج لو قبلت ما أعطاك أخوك من نقود؛ فهي وإن كانت عليه حراماً فإنها لك حلال، فلك الغنم وعليه الغرم، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل الهدايا من اليهود والنصارى مع أن غالب كسبهم حرام. كما قبل هدية المقوقس ملك مصر، وتعامل مع اليهود فأكل من شاة امرأة يهودية، وتوضأ من مزادة امرأة يهودية. والله أعلم.

أخي لم يعد مسلما ما العمل؟

أخي لم يعد مسلماً ما العمل؟ المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأخوة والأخوات التاريخ 10/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. أنا فعلاً محتارة في موضوع، وأخاف أن أقوله لأي فرد من أفراد أسرتي. مشكلتي أني أشك، أو بالأصح متأكدة بأن أخي الكبير تنصر، ولم يعد مسلماً، علماً أني أخاف أن أقول لأبي؛ لأنه سوف يطرده من البيت، وربما تحدث مشاكل كثيرة، وخاصة أن أمي مريضة، سؤالي: هل عليّ ذنب لأني عارفة وساكتة؟ أرجو الإجابة. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. مشكلة أخيك هذه كبيرة، وعظيم أمرها عند الله وعند أهلك والناس، ولعل الأمر لا يصل إلى درجة الكفر -إن شاء الله- وعليك مخاطبته ومناصحته بلين ولطف، وأشعريه بالمحبة، وذكّريه بعظم الأمر لو مات على ذلك، وذكّريه بواقع والديه وأمه خاصة وهي مريضة، كيف لو بلغهم خبر مثل هذا، أليس خطر عليهم أن يموتوا كمداً وغيظاً من ساعتهم إن لم يبدر منهم بادرة غير متوقعة؟. وسكوتك خطأ فادح، بل لا بد أن تتحركي بالنصيحة والإصلاح حسب استطاعتك، وعليك في مثل هذه الحال أن تبذلي كل جهد تملكينه مع السرية التامة بعدم وصول الخبر إلى الوالدين، واطلبي ممن ترينه قد يؤثر عليه أو يقبل منه الرأي والمشورة، وبأسلوب بعيد عن المواجهة والمكاشفة، وإن كان الأمر لم يظهر للناس والأصدقاء. وأقترح عليكِ أن تقوم الأسرة أو بعضها بما فيهم هذا الأخ -بحجة أنه يرافقهم ولا يستغنيان عنه- برحلة ولتكن إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، وفي أثناء السفر -وقبيله وبعده- ألحّوا بالدعاء إلى الله أن يهدي أخاك ويرده إلى الصواب ويثبته على الحق فعليك بالجد بالعمل بكل ما تستطيعينه حتى لا يلحقك ذنب، ولعلك تكونين سبباً لهداية أخيك ورجوعه إلى الدين الحق.

دعوة الوالدين

لهذا لا أستطيع البرَّ بوالدي المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الوالدين التاريخ 22/05/1427هـ السؤال والدي يقوم بعلاقات محرمة مع عدة نساء، وقد عثرت على ما يثبت علاقته بهن، ولأني أنا التي اكتشفت الموضوع أصبح يكرهني ويحرض إخوتي عليّ، ويضايقني بلمساته غير البريئة، وإذا طلب مني شيئاً أقوم به، ولكني أشعر أني لا أبره كما يجب، فماذا أفعل؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالظاهر من سؤالك -أختي الفاضلة- أن الذي أوقعك في الحيرة أنك أصبحت بين نارين، نار العقوق والتقصير في حق الوالد، ونار الموافقة على المنكر والسكوت عليه. ولعلي أقف معك بعض الوقفات التي تكون مساعداً لك في محنتك إن شاء الله،،، 1- لا شك في عظم حق الوالدين، وأن الله تعالى قرن حقهما بحقه جل وعلا، ولعل هذا ليس خافياً عليك. 2- كون والدك يقيم علاقات محرمة، أو له حركات غير طبيعية، فهذا أمر لا يقره الشرع، وتأباه الفطرة السليمة والعقول الصحيحة. 3- هل أنت متأكدة من تحرشاته، وهل هو يصلي ويصوم؟ أسئلة تحتاج إلى بسط. 4- ألا يمكن أن تجمعي بين الحسنيين، الإحسان إلى الوالد وإنكار المنكر، يقول الله تعالى في حق الوالدين الكافرين: "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا". [العنكبوت:8] . 5- أرى أنه ما دام في هذا العمر أنّه بإمكانك أن تكسبيه وتؤثري عليه بالمصارحة ... نعم اجلسي معه وقولي له أريد مصارحتك، أتصابيًا وأنت في هذا السن؟ إلى متى؟ حتى متى؟ كرري ذلك معه بالأسلوب الحسن، اهديه الكتاب أو الشروط، اقرئي عليه القرآن أو أسمعيه إياه، وأكثري من دعاء الله تعالى بأن يهديه، ويفتح على قلبه فحري أن يرعوي ويرجع عن غيه، ويثوب إلى رشده. 6- حاولي أن تكوني سبب خير لجميع أهل البيت، علميهم أن التفريط في أمور الدين سبب الشقاء والحرمان عياذاً بالله. 7- اجتهدي في استصلاح والدك وأهل بيتك.

أبي لا يصلي الفجر!

أبي لا يصلي الفجر! المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الوالدين التاريخ 16/09/1426هـ السؤال أنا شاب منّ الله علي بالهداية والالتحاق بركب الصالحين، ولي -ولله الحمد- بعض الأنشطة الدعوية، لكن لدي مشكلة، وهي أن والدي ضعيف في أداء الصلوات، خاصة صلاة الفجر، فهو لا يقوم لها إلا بعد طلوع الشمس حين يستيقظ لعمله، صراحة أنا لا أملك أسلوباً لكي أواجه به والدي بشأن هذا الموضوع، أرجو منكم أن تفيدوني، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أحمد الله على أنك شاب مستقيم، وأسأل الله لك الثبات على الحق ودوام الدعوة إليه بالقدوة والعمل. أما موضوع تهاون والدك بأداء الصلوات عامة وصلاة الفجر خاصة، فلا شك أنها مشكلة عظيمة، والاهتمام بحلها أمر واجب، وهو من حق الله عليك تجاه والدك، لكن - يا ابني- لا أدري كيف تعامل والدك معك، هل يسمع منك وبينك وبينه ود وتفاهم، وهل هو مقصر في الصلوات فقط، أم عنده مخالفات شرعية أخرى؟ وأسئلة أخرى يهمني معرفة الإجابة عنها جميعاً؛ حتى أصف لك ما أرى مناسبته وجدواه بإذن الله، لكن لعدم توفر هذه المعلومات عندي سأصف لك وصفة عامة أرجو أن ينفعك الله بها، وتنجح في مساعيك مع والدك، فعليك أن تأخذ من هذه المقترحات ما تراه يناسبك. (1) اكتب له رسالة فيها تلطف واحترام وبيان محبتك له وخوفك عليه، وأنك لا تجد قدرة على مواجهته شفهياً بالمناصحة، لأنه أبوك وتستحي أن تتقدم له بصفة الواعظ له، واجعل مع الرسالة شريطاً عن أهمية أداء الصلاة وعقوبة التهاون بها، وكذلك مطوية دعوية وتضع معها قارورة طيب مناسب وسواك مغلق، وتكتب عليها في غلاف يشملها: (هديتي لأبي الغالي كدليل محبة وتقدير) ، وتضعها في مكان لا يجدها فيه غيره. (2) تدعو أحد الدعاة المتميزين وتخبره بموضوع والدك، وتدعو معه اثنين أو ثلاثة من زملائك في جلسة دعوية بينكم، فلعل أباك يحضر ثم يطرح الحاضرون عليه عدة أسئلة، ويكون من ضمنها موضوع والدك كأنه أمر عام، ويتكلم الشيخ بأسلوب ذكي ويتوسع فيه؛ لعل أباك يفهمه. (3) تطلب من بعض الجيران ذوي الاستقامة والغيرة ممن هم في سن والدك أن يزوروه وينصحوه بالأسلوب المناسب، وكأنه اجتهاد منهم لا بإيعاز منك. (4) تطلب من أحد الدعاة أن يتصل به هاتفياً لينصحه، وكأن هذا أحد الجهود التي يقوم بها هذا الداعية، ويقول لوالدك: حصلت على الرقم من أحد الجماعة ممن يحبون لك الخير ويخافون عليك. أسأل الله أن يعينك، ويوفقك في مساعيك، وأن يهدي والدك لكل خير.

كيف أدعو أهلي؟

كيف أدعو أهلي؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأخوة والأخوات التاريخ 22/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرسلت لكم سؤالي لكن لم أجد الإجابة فأتمنى أن تجيبوني. أنا فتاة -ولله الحمد- من أسرة متدينة، لكن مشكلتها المسلسلات، يشتعل قلبي غضباً عندما يشاهد أهلي ما يسمى بمسلسل، ربما أحترق، عرفوا حكم المسلسلات من برنامج ديني بعدما كان النقاش أنه ليس كل المسلسلات حرام (بل جميعها حرام) ، والآن بعدما عرفوا حكمها أقول لهم أن يكفوا عن مشاهدتها فلا أجد سوى قولهم (تسلية للوقت) أو (وما دخلك أنتِ) لأني أصغرهم سناً، أكرر يا شيخ جِد لي حلاً (قد تجد المشكلة سخيفة ولكنها مهمة بالنسبة لي) فجِد لي حلاً مرة أخرى؛ لعلك تكون سبباً لهداية أهلي. جزاك الله خيرا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد: إلى الابنة الفاضلة بنت الإسلام: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لقد تقبلت رسالتك الطيبة بقبول حسن، وسرني جداً التزامك بشرع الله، وحرصك على هداية أسرتك، نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق المبين، وأن يجنبنا وإياك مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن. ابنتي العزيزة: إن ما تعاني منه يعاني منه كثير من الذين أنعم الله عليهم بنعمة الهداية، فلا تذهب نفسك حسرات على أهلك، ولكن أقول: أولاً: عليك بكثرة الدعاء لهم بأن يشرح الله صدرهم للحق، ويبعدهم عن هذا الشر. ثانياً: عند نصحك لهم لا تجعليها في شكل أوامر، ولا تبدي تذمرك، ولكن اجعليها في قالب الرجاء الممزوج بالحب معهم والشفقة عليهم، وأنك تحبين لهم الخير. ثالثاً: احرصي أن يروا منك كل فعل جميل وكل قول مفيد؛ لأنك ملتزمة بشرع الله -تعالى-. رابعاً: احرصي على جلب الأشرطة الإسلامية النافعة والمؤثرة، وكذلك الكتب الدعوية التي تعالج مثل هذه المخالفات التي هم واقعون فيها. خامساً: اهتمي أولاً بأن يحافظوا على الصلاة في أوقاتها وأن يلتزموا بالزي الشرعي. سادساً: عليك بالصبر وعدم اليأس من هدايتهم وتذكري أنك في يوم من الأيام كنت مثلهم، ولكن منَّ الله عليك بالهداية، "كذلك كنتم من قبل فمنَّ الله عليكم" [النساء: 94] ، فعليك بالرفق معهم ولا تجعلي النقاش يحتد بينك وبينهم. سابعاً: انظري من منهم أشد الناس تأثراً أو قريب إلى قلبك ونفسك، وحاولي أن تأثرى عليه وتكسبيه في صفك، وهكذا، المهم اجعلي لك أعواناً في البيت. ثامناً: لا تستعجلي النتائج فقد يطول بك الأمر، لكن العاقبة ستكون خيراً - بإذن الله تعالى-. هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

دعوة الأولاد

أفضل الأساليب في دعوة أطفال الكفار المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأولاد التاريخ 22/09/1426هـ السؤال ما هي -برأيكم- أفضل طريقة لدعوة الأطفال إلى الإسلام؟ وما هي الأشياء التي ينبغي التركيز عليها أكثر، والكلام عنها بإسهاب؟. جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: أولاً أشكر لك اهتمامك بالدعوة إلى الله، سائلاً المولى -عز وجل- أن يكون في ميزان حسناتك، وبعد: فإن دعوة الأطفال تعد من أصعب الأمور وأسهلها في الوقت نفسه، فصعوبتها تكمن في الوسائل والأساليب التي تجب الدعوة من خلالها، والسهولة تكمن في توقع سرعة تأثيرهم وتفاعلهم، لذلك أقول: الأطفال متعلقون بالتقنية الحديثة والأفلام والصور بشكل عام، فيمكن استغلال ذلك في الدعوة، على أن يتم العرض لمحتوى الموضوع بالشكل الذي يناسب الطفل وسنه، بحيث يتم التركيز على الجانب المشوق في القصص والأحداث، وما يجلب التساؤل أو يثير فضول الطفل للتساؤل. كما أن في سيرة المصطفى -صلى الله عليه سلم- كثيراً مما يمكن توظيفه في دعوة الأطفال، فالطفل هنا يجب أن يعرف ما يفيده في حياته المبكرة، وما يتقمصه من شخصيات مؤثرة، لذلك حاول أن تتدرج في المعلومة التي تريد توجيهها، وابتعد كثيراً عما يثير لديهم الرعب والخوف، بل اجعل الإسلام كما هو بالفعل دين الرحمة والإحسان والسلام. وراعي طبيعة العصر والهجمة الشرسة على الإسلام، وكذلك الثورة التقنية التي يقودها العالم اليوم. وعليك أن تراعي ثقافة المجتمع الذي أنت فيه، وتحاول الزج بين ما يشاهده الطفل في مجتمعه وما يقبله الإسلام، فلا تحاول التصادم المباشر، ودع الطفل يستنتج من ذاته الخطأ والصواب، فلا تعتقد أن الطفل لا يستطيع التفكير، بل على العكس ملكات التفكير تنمو مبكراً لدى الأطفال، لذلك لا تبرز محاسن الإسلام على حساب عقيدتهم، بل سر في نفس الاتجاه، ثم دع الطفل يطلب منك الاستفهام والتساؤل. كما أنني أقترح عرض سير للصحابة -رضوان الله عليهم- في تعاملهم مع الأطفال، وكيف يعامل الطفل في الإسلام، وكن صادقاً في سلامة عرضك، فالطفل من الصعب تعديل تفكيره إذا تقمص فكرة معينة، وللأسف فإن الكثير يعتقد أن الطفل سهل تعديله وتوجيهه، ولكن البحوث التربوية والسلوكية أثبتت عكس ذلك. أنا من المؤيدين للبدء مبكراً مع الأطفال، لكن أخشى عدم إجادة البعض لفنون التعامل مع الأطفال بشكل عام، ثم فنون دعوتهم لدين الإسلام، فالأطفال يولدون موحدين، والبيئة لها دور مؤثر في توجيههم لدينهم. أسأل الله العلي القدير لك التوفيق والسداد، وأن يجعل كل خطوة تخطوها في الدعوة إلى الله في ميزان حسناتك.

دعوة الأقارب والأصدقاء

صديقتي تطلب الشهرة بكل سبيل! المجيب جماز عبد الرحمن الجماز مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأقارب والأصدقاء التاريخ 18/02/1427هـ السؤال لي صديقة تقترف الكثير من المعاصي، فهي تخالط الرجال وتحادثهم عن طريق الهاتف والمسنجر، وتتحجج لذلك بمجال عملها، وأنه يتطلب منها ذلك، ولا تمانع في التخلي عن حجابها عند أقرب فرصة عمل ما دام المقابل المادي مجزيًا. وتلبس عباءة ملفتة لامعة. حاولت أن أحذرها من حالها، لكني وجدت منها صدودًا، فهي ترى أن لكل شخص حريته الشخصية، فهي تطلب الشهرة بأي ثمن، حتى لو كان المقابل دينها! أرشدوني كيف أتعامل معها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فاهتمامك بدعوة صديقتك اهتمام جميل تشكرين عليه، وعسى أن تؤجري عليه، وحالة صديقتك هذه حالة تستلزم معرفة السبب الرئيس في التناقضات التي تعيشها، والظاهر أن السبب هو تغلغل الشهرة في قلبها، أو عدم صدق توبتها، وألخص وصيتي لك فيما يلي. 1- إخلاص القصد، بحيث يكون الباعث على الاهتمام بأمرها هو الرغبة في هدايتها إلى الطريق المستقيم. 2- الدعاء، فاجتهدي أن تدعي لها بالهداية لسلوك الطريق المستقيم والثبات عليه، والاستقامة على هذا الدين. 3- توجيهات لكتاب الله -عز وجل- بأن تنضم إلى حلقة لتحفيظ القرآن الكريم في إحدى الدور النسائية، أو نحو ذلك من البرامج الثقافية؛ للاستفادة مما يصاحب البرامج، واجتهدي أن توثقي علاقتها مع إحدى النساء الخيّرات الصالحات اللاتي وهبهن الله قدرة على التأثير في النفوس. 4- تعاهدها بين الحين والآخر، فلا تغفلي عنها، فمرة خصّيها بهدية متميزة من لباس أو طيب، وضعي معها شريطاً مؤثراً مرققاً للقلوب، فهو أدعى لاستماعه أو كتيباً مفيداً يحكي قصصاً للتائبات، فهو أرغب لقراءته. ومرة أدعيها، لأن تزورك في بيتك، وادعي معها داعية متميزة لطيفة، وأخبري الداعية بحال صديقتك؛ عل الله تبارك وتعالى أن ييسر هدايتها على يديها. 5- الاتصال بها وعدم مقاطعتها، مثل: مراسلتها، سواء رسالة خطية قصيرة، أو رسالة بالجوال، مع اختيار العبارات الجيدة والمؤثرة، وهكذا المكالمات الهاتفية، والإشارة إلى مواقف وقصص واقعية تعالج بعض الظواهر المنكرة عندها. 6- أرشديها إلى البدائل النافعة، سواء ما يتعلق بالمرئية، مثل قناة المجد الفضائية، أو المقروءة، مثل مجلة الأسرة أو الشقائق أو حياة، أو الإلكترونية، مثل: موقع "لها أون لاين". 7- إذا لم يجد شيئاً من ذلك، فاتركيها حتى لا تؤثر عليك، ولعل الله -جل وعلا- أن ييسر لها من يدعوها غيرك. أسأل الله لكِِ التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

وصايا لداعية صغير!

وصايا لداعية صغير! المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأقارب والأصدقاء التاريخ 11/11/1426هـ السؤال أنا شاب عمري ثنتا عشرة سنة، كيف أدعو الأولاد إلى الصلاة وآداب الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ابني الفاضل: أحيي فيك هذه الروح الكريمة، والتطلع الجميل، وإذا كان الذين يحملون هذا الطموح ممن هم في مثل سنك قليل، فإن الكرام -دائماً- قليل.. لكنهم يمثلون (حبات) سبحة ذهبية، يفرد الناس حباتها بدهشة، وهم يستشعرون قيمة هؤلاء الفتية، الذين تخطوا العمر الزمني إلى العمر العقلي.. ولعلك -ابني الكريم- تذكر ذلك الشاب الذكي، الذي كان في مثل سنك، وتقدم قومه بين يدي الخليفة عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- ولكن عمر راعه أن يتكلم شاب صغير بين يدي رجال شيوخ، فقال: يا غلام، تأخر، وليتقدم من هو أكبر منك!!.. ولكن الشاب نظر في وجه الخليفة، وقال: يا أمير المؤمنين، لو كان الأمر بالسنّ لكان في الأمة من هو أولى منك بالخلافة!.. فدهش عمر لهذا الجواب المنطقي السريع، وقال للغلام: تقدم، لله أبوك.. إنما المرء بأصغريه؛ قلبه ولسانه. ابني الكريم: يمكنني أن أوجز وصاياي لك بالآتي: أولاً: أن تكون قدوة في أفعالك قبل أن تنتظر من الناس أن يسمعوا قولك، فإن الإنسان حين يكون ذا خلق فاضل، يبدي للناس الاحترام، ولا يبخسهم من حقوقهم شيئاً، ويبدي استعداده للتعاون معهم فيما يقدر عليه، فإنه بذلك يترك في نفوسهم أثراً كبيراً؛ إذ يحبه زملاؤه ومن حوله، ومن ثم يدفعهم ذلك إلى سماعهم قوله، والتزامهم فيما يدعوهم إليه.. ولعلك تذكر -ابني الكريم- أن المدرس حين يحبه الطلاب تصبح مادته سهلة في نفوسهم، ولو كانت صعبة في حقيقتها، وحين يكون المدرس ثقيل الدم على الطلاب، تصبح مادته ثقيلة صعبة، ولو كانت -في الأصل- سهلة يسيرة!! ثانياً: حاول تطوير ثقافتك في مختلف جوانبها، فقد جُبل الناس على حب الشخص الواسع الاطلاع، خاصة حين يرتدي ثوب التواضع.. ثم إن الثقافة تمنح الشخص قدرة أكبر على التأثير فيمن حوله، سواء في إجابته عن أسئلتهم، أو في كونه قرأ من الكتب والتجارب ما يكون عوناً له على إجادة الحوار والخطابة والإقناع، وقطع شوطاً جيداً في القدرة على عرض أفكاره في صورة جيدة، وأصبح يمتلك معجماً لغوياً يلوّن به خطابه، ما يعطيه تأثيراً أكبر. ثالثاً: احرص -ابني الكريم- على أن تسد كل (باب) للشيطان، يحاول الدخول منه ليفسد عليك عملك، وذلك حين يجعل هدفك من عملك هو الركض وراء مديح الناس وثنائهم؛ فإن هذا فوق كونه يذهب بركة عملك، فإن وراءه عقوبة الله، وانطفاء جذوة الحماس. رابعاً: محاولة البحث عن وسائل تتناسب مع ما يحبه زملاؤك ويهوونه، ومحاولة التأكيد على الأعمال الجماعية، فهي تستهويهم، وإشراكهم في العمل، والثناء على أداء كل منهم. ثم استخدم في التأثير عليهم مختلف الوسائل المشروعة المناسبة.

خامساً: أن تجتهد في أن يكون مستواك الدراسي جيداً، فإن له تأثيره في تحقيق هدفك الخيّر؛ ففي الوقت الذي يكنّ لك فيه عامة زملائك الاحترام بسبب ذلك، فإنك تثبت لهم أن الاستقامة طريق للتفوق، كما يمكنك مساعدتهم في شرح أمر عارض، أو السماح لهم بتصوير ملخص أو شبهه، ما يقيم بينك وبينهم جسور المحبة، التي تعبر عليها كلماتك التي قد تنفحهم بها. سادساً: حاول أن تحيل فصلك إلى خلية من النشاط، حاول أن تقنع زملاءك بأنكم ستثبتون لإدارة المدرسة أنكم فصل (متفوق) ، حاول أن تضع تقسيماً إدارياً للفصل، يتولى فيه كل مجموعة عملاً ولو كان النظافة، ويمكن أن تدور هذه المهام ولا تثبت، ثم أكِّدْ على حسن اختيار الكلمات التي يمكن أن توضع على جوانب الحائط بألوان جذابة، والمقالات التي يمكن أن تُضمَّن إياها صحيفة الفصل الحائطية، بل لو أمكن إيجاد مجلة لفصلك -ولو في بضع أوراق-، يتبارى على تحريرها طلاب فصلك كصحفيين صغار لكان جميلاً. كما أن من الجميل دعوتهم إلى إنشاء مكتبة للفصل، سواء بجمع مبلغ تشتركون في دفعه، أو دعوتهم لإحضار كتب مفيدة نافعة. أعتقد أن هذه الأفكار وأمثالها ستمتّن العلاقة بينك وبين زملائك من جهة، وتفيدهم بمضامينها، ولو بطريق غير مباشر، من جهة ثانية. ولدي الكريم: أنا متفائل أن من يحمل مثل هذا الهم في مثل سنك، ستتطور طموحاته مع تقدم عمره، فاجتهد فيما يعين على ذلك، ولعل من أهمها حسن صلتك بالله، فاتكل عليه، واضرع إليه، وأكثر من دعائه، وحسِّن علاقتك بوالديك، فبرهما، وسارع إلى إرضائهما، وحسِّن علاقتك بإخوانك، فإن ذلك من تمام برك بوالديك، وإني متفائل -بإذن الله- أن تكون غداً ممن ينفع الله بهم عامة الخلق، ويكتب نصر الإسلام على أيديهم. وفقك الله لكل خير، وأضاء لك الدرب، وضاعف لك الأجر.

التقاليد فقط تمنعه من الحرام

التقاليد فقط تمنعه من الحرام المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأقارب والأصدقاء التاريخ 14-3-1424 السؤال لدي صديق لا يمنعه من الوقاع المحرم إلا العادات والتقاليد وعدم توفر الداعرات، فكيف أنصحه؟ مع العلم أنه لا يخاف الله إلا لإرضاء والديه. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " صديقك الذي لا يمنعه من المحرمات إلا العادات والتقاليد، وعدم توفر الداعرات، ولا يخاف الله إلا لإرضاء والديه، نصيحتي له كالتالي: هذا لابد له من علاج جذري يتعلق بزرع خوف الله في قلبه وتنمية التقوى لديه ويتم ذلك بالآتي: (1) تذكيره بالموت. (2) كل إنسان له هدف في هذه الحياة وكل يسعى لتحقيق هدفه وبلوغ غايته. (3) كن مستشعراً أن الحياة مرة واحدة، فربما لم يبق من العمر إلا يوم أو ساعة، أو دقيقة، أو أكثر. (4) التداوي بدواء القرآن، فإن الله - عز وجل- الذي خلق القلوب أنزل لها ما يهديها ويشفيها، ويقودها إلى النجاة، فإن الله سمى القرآن هدى وشفاء ونوراً ورحمة، وروحاً، فعليك به قال تعالى:"يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه". (5) بما أنه صديقك فلا تكثر عليه من الكلام والتوبيخ والمعاتبة، ولكن بالتربية العملية واستغلال المواقف، وإثارة العاطفة لديه وتذكيره بمآسي المسلمين وعداوة الكافرين واعمل معه على زيارة المقابر وبعض المشايخ المؤثرين ومكاتب الجاليات وزيارة المرضى. (6) هناك كتب تحكي قصص التائبين وكيف تبدلت حياتهم وذاقوا طعم الإيمان. (7) ذكر ابن رجب - رحمه الله - في شرح الأربعين النووية أن نبياً من الأنبياء لما عصى قومُه وجاهروا بالمعاصي أوحى الله تعالى إليه فقال له: قل لقومك إن كنتم تعتقدون أن الله لا يراكم فقد كفرتم، وإن كنتم تعتقدون أن الله يراكم وتعملون ما تعملون فلم جعلتم الله أهون الناظرين إليكم". (8) لابد من الحديث معه عن السعادة التي يطلبها كل مخلوق، وهي لا تتحقق إلا بالإيمان الصحيح والاستقامة على طاعة الله. (9) الصلاة خير موضوع، وهي نور العبد الذي يخلصه من الفحشاء والمنكر، ولكنها لا تحقق للمصلي ذلك إلا إذا خشع فيها وتدبر ما يقول وحافظ عليها. (10) حضور مجالس الذكر؛ كالمحاضرات والدروس العلمية ومجالس أهل الخير فإنها مجالس مرحومة تغشاها السكينة والرحمة، والملائكة، وبالله التوفيق يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، قال الله تعالى: "قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ" [الرعد: من الآية27] ، فإن من رجع إلى ربه يريد النجاة ورضاء ربه فإن الله يهديه.

ثانيا: مفاهيم دعوية خاطئة

هذا ما يُعيقني عن الدعوة المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة التاريخ 7/3/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: -حفظك الله- أنا مسلم محب لديني، وقد منحني الله -سبحانه وتعالى- درجة عالية من العلم، وقدرة كبيرة على الإلقاء والمخاطبة والتأثير, ومن هذا المنطلق فإن لدي رغبة شديدة في الدعوة إلى الله, ولكن لدي عائق كبير وهو أني مبتلى ببعض الذنوب التي لا أستطيع الخلاص منها، وهي ذنوب بيني وبين الله لا يطلع عليها أحد ولا تصل إلى حد الكبائر, وأنا أخشى إن قمت بالدعوة أن ينطبق علي قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون"، وحديث الرجل الذي يدخل النار فيقول له أصحاب النار يا فلان: ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: بلى، كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه. أفيدوني، ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: إلى الأخ الفاضل - سلمه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أحمد إليك الله بأن منَّ عليك بالهداية إلى دينه، والدعوة إليه على بصيرة وعلم، فالله أسأل أن يثبتنا وإياك على الحق المبين حتى الممات، اللهم آمين. أخي الحبيب: إن ما تعاني منه من الوقوع في بعض المعاصي يعاني منه كثيراً من الناس، سواء كانوا من أهل العلم أو غيرهم، فلا يوجد إنسان معصوم من الخطأ والزلل إلا من عصمه الله -تعالى- من الأنبياء والرسل عليهم صلوات ربي وتسليماته، "فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"، كما صح بذلك الحديث عن المعصوم صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي (2499) وابن ماجة (4251) من حديث أنس - رضي الله عنه - فيا أخي الكريم- كلنا ذو خطأ وصدق من قال: من الذي ما ساء قط....ومن له الحسنى فقط. ولكن لا تجعل هذه الذنوب والخطايا التي أنت واقع فيها مهما بلغت أن تعوقك عن الدعوة إلى الله، فإن الشيطان حريص على تثبيطك وخذلانك، وقعودك مع القاعدين، فلا تعطيه هذه الفرصة، ولا تمكنه من نفسك، فكلما أخطأت استغفر الله وادعوه بأن يصرف عنك هذه المعاصي، المهم لا تجعل الشيطان يسيطر عليك ويدخل لك من هذا المدخل الخطير، فالمولى - جل وعلا- من رحمته بعباده جعل لهم باباً يلجون فيه إذا أخطؤوا وأذنبوا، وجعل لهذه الخطايا والذنوب مآلاً حسناً، أتدري ما هذا الباب؟ وما هو ذلك المآل؟ أما الباب فهو التوبة؛ قال تعالى: "وإني لغفار لمن تاب وآمن" [طه:82] وقال تعالى: "وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون" [النور:31] ، وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً" [التحريم:8] ، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، وأظنك على علم بها.

أما المآل الحسن لهذه الذنوب والخطايا هو أن تبدل هذه السيئات إلى حسنات! الله أكبر! كيف ذلك؟ اقرأ قوله -تعالى-: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68-69] . أبعد هذا الفضل الرباني يكون لديك مجالاً للتردد في التوبة كلما غلبت عليك نفسك واتبعت هواك، وأضلك الشيطان بفعل الحرام، فبادر بالتوبة، وعليك بأخذ الأسباب التي تبعدك عن هذه المعاصي والذنوب، وأنت أدرى بنفسك من غيرك. أخي: كم من أناس عندهم من المعاصي والذنوب، ولكنهم يحملون بين جوانحهم نفساً تواقة للعمل لهذا الدين، وإن شئت فاقرأ معي سيرة هذا الصحابي الجليل - رضي الله عنه- والذي قد ابتلاه الله بشرب الخمر، فيجلد ثم يعود، وهكذا، ولكنه يحمل بين أضلاعه نفساً أبية تواقة للجهاد في سبيل الله - جل وعلا- وقد ذهب هذا الصحابي - رضي الله عنه- مع تلك الثلة المباركة من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم من سادة التابعين، بقيادة البطل الهمام والفارس المغوار، والأسد الجسور سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- ذهبوا للقادسية لفتحها، وترفع فيها راية التوحيد، وتنكس فيها راية الشرك والإلحاد، بل وتمحى إلى الأبد، ذهب هذا الرجل معهم، وكان شارباً للخمر آنذاك، فأُصدرت الأوامر من القائد الأعلى سعد- رضي الله عنه- بأن يحرم هذا الرجل من المشاركة في الجهاد، ويوضع في القيد، ودارت المعركة، وتقابل الفريقان، وتنازل الشجعان، وتصارع الأبطال، واشتد الوطيس، فلا تسمع إلا ضربات السيوف، وطعن الرماح، ورمي السهام، ولا ترى إلا تطاير الرؤوس، وتناثر الأشلاء، وبحار من الدم تسبح فيها جثث القتلى، فهاجت نفس الرجل، واشتاقت للجهاد ومنازلة الأبطال والصناديد، فلم يملك نفسه إلا أن قال: كفى حزناً أن تطرد الخيل بالقنا***وأترك مشدوداً علي وثاقياً.

ثم نظر هذا الرجل إلى زوجة سعد - رضي الله عنها- وقال لها مستجديا: اطلقيني ولك عهد الله وميثاقه، لئن لم أقتل لأرجعن إليك حتى تجعلي الحديد في رجلي، فاستجابت له وأطلقته، وحملته على فرس لسعد - رضي الله عنه- بلقاء، وخلت سبيله، وأطلقت سراحه، وانطلق الأسد من عرينه لا يلوى على شيء، وجاس خلال صفوف العدو، وشد عليهم وكر، حتى جعلهم شذر مذر، وشتت شملهم، وأوقع الرعب في قلوبهم، وسعد رضي الله عنه- ينظر من فوق الحصن وهو مطل على أرض المعركة، ولكنه في ذهول مما يحدث أمامه، الفرس فرسه، والكر والفر من صنيع هذا الرجل، لكن الرجل في القيد والفرس في رباطها، وأخذ الرجل يفعل بالفرس الأفاعيل، لا يترك لهم شاردة ولا واردة، ولا شاذة ولا فاذة إلا اقطتعها بيمينه المباركة، وسعد - رضي الله عنه- ينظر ولا يكاد يصدق ما يرى، لكنها الحقيقة ماثلة أمام ناظريه، فلا مجال للشك، واستمرت المعركة على هذا المنوال الفريد، وتلك البسالة الفائقة من هذا الرجل العظيم، حتى انتهت المعركة بنصر المسلمين، وتم فتح القادسية، ورجع الرجل مرة أخرى إلى امرأة سعد -رضي الله عنهما- وفاءً بما أخذ على نفسه من وعد، ووُضع القيد في رجله، ونزل سعد - رضي الله عنه- من أعلى الحصن، وذهب إلى فرسه حيث تركها، فوجدها كما كانت، لكن وجد عليها العرق، فعرف أنها قد رُكبت، فسأل عن الخبر، فأخبرته زوجته بقصة هذا الرجل المقيد في الأغلال، وأنه كان من أمره ما كان، أتدري - يا رعاك الله- ما اسم هذا الرجل؟ إنه الصحابي الجليل أبي محجن الثقفي - رضي الله عنه وأرضاه-. أرأيت - أيها الحبيب- كم من أناس عندهم من المعاصي الشيء الكثير لكنهم يحملون بين جوانحهم نفساً تواقة للعمل لهذا الدين والدعوة إليه. فلا تكن أسيراً لذنوبك ومعاصيك، وتحرر من ذل المعصية وشؤم الذنب، وتب إلى الله واكمل المسير، وانطلق داعية إلى الله بكل ما أتاك الله من قوة وعلم وبصيرة. أسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير وبر، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وصمت اليهود بالإرهاب، فهل أنا مخطئ؟!

وصمتُ اليهود بالإرهاب، فهل أنا مخطئ؟! المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة التاريخ 1/2/1425هـ السؤال السلام عليكم. ألقيت كلمة عن اليهود في مدرستي، فوصفتُهم فيها بأنهم إرهابيون وسيئون، بعد ذلك خسرت الكثير من الأصدقاء لأنهم اتهموني بأني عنصري، وبأن عند المسلمين وقاحة في حق الآخرين، أريد أن أعرف هل ما قلته صواباً أم لا؟ وإذا كان الجواب بأنني مخطئ فكيف أصحح ما فعلت؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فليس كافياً أن تعرف: هل هذا الكلام الذي قلته في كلمتك أمام الطلاب صواب أم لا؟ حتى يسوغ لك الصدع به؛ بل لا يسعك أن تقول أي قول مهما كان صائباً حتى تتحقق من أن المصلحة تقتضي فعلاً أن تقول بذلك القول؛ إذ مجرد كون الكلام حقاً ليس كافياً لتسويغ الصدع به، فما كل حق يقال، بل قد تقتضي المصلحة والحكمة أحياناً كثيرة ألا يقال الحق حين تكون مفسدة الصدع به أعظم من مصلحته. وقد فقهنا هذا المنهج من القرآن الكريم، فأنت تعلم أن سبَّ آلهة المشركين عمل مشروع، وهو حقٌّ بلا شك، ومع ذلك نهى الشرع عنه إذا ترتبت عليه مفسدة أعظم من مصلحته المرجوّة، "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم.." [الأنعام:] . أخي الفاضل: زادك الله حرصاً ولا تعد؛ فكلامك عن اليهود هو حق بلا شك، وما قلت إلا صدقاً، لكنك اجتهدت فأخطأت الزمان والمكان؛ فمثل هذا الكلام لا يناسب أن يقال في مدرسة يدرس فيها طوائف شتى، وفي بلد غربي أنت فيه غريب ضعيف. وماذا ترجو من طلاب صغار لا يملكون حولاً ولا قوة- ولو اقتنعوا فعلاً بما تقول-؟ وهو بلا شك حق له شواهده المقنعة، لكن مثلهم لا يخاطب بمثله. إن كشف جرائم اليهود في فلسطين وإرهابهم وظلمهم واجب على المسلمين بلا شك، ولكنه وظيفة أهل الرأي والسياسة والفكر والمتصلين بالإعلام والقائمين عليه، الذين يستطيعون- من خلال وسائل الإعلام - أن يسمعوا العالم وينقلوا لهم جرائم اليهود وإرهابهم، وأن يؤثروا على الناس بالصورة الصادقة والكلام الموثق بالشواهد. ويعلم الله أني قد أكبرت فيك - وأنت في زهرة الشباب لم تجاوز سبعة عشر ربيعاً- هذه الغيرة على إخوانك المسلمين في فلسطين، وهذا الكره الصادق لليهود ومعاداتك لهم في الله، واعلم أنك مأجور - إن شاء الله- على هذا الشعور الإيماني، فأوثق عرى الإيمان، الحب في الله والبغض في الله. ولكن كم يحزنني أن تبدد هذه الطاقة وهذا الشعور الصادق في أعمال تفسد أكثر مما تصلح. ونصيحتي إليك: أن تعتني كثيراً بما يقوي إيمانك، ويعزز صبرك وثباتك على دين الله، ويهذب أخلاقك، وأن تبذل غاية وسعك في دعوة الناس إلى دين الله الحق بالكلمة الصادقة والموعظة الحسنة، وابدأ بأهلك ومعارفك، وكن آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر باللين والرفق، ولتجعل ابتسامتك وبشاشتك في وجوه إخوانك المسلمين سابقة لموعظتك إياهم ونصحك لهم، ولا تيأس من هداية الناس، ولا تأس على من نفر منهم تولى وأعرض عن نصحك.

واحرص على طلب العلم، فإن الدعوة إلى الله من شروطها البصيرة فيما يدعو إليه الإنسان، كما قال - سبحانه -: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني" [يوسف:108] ، فالعلم قبل الدعوة والعمل، كما أن العلم بلا عمل ولا دعوة وبال على صاحبه، وحجة عليه. وأرى ما دمت تدرس مع أولاد النصارى واليهود أن تحببهم إلى الإسلام بأخلاقك معهم، وإحسانك إليهم، وإعانتك لهم في غير المعصية، وإهدائهم بنية دعوتهم إلى الإسلام، وأن تجعل من كلماتك التي تلقيها عليهم بياناً لحقيقة الإسلام، وإظهاراً لسماحته وعدله، وأنه راحة وطمأنينة للروح، وسلام للعالم، وهداية للبشر جميعاً. ويسرني أن تكون متواصلاً مع موقع (الإسلام اليوم) ؛ لتنهل مما ينشر فيه من علم العلماء واستشارات الدعاة، وأرجو أن تكون متواصلاً مع الموقع ولا تتردد أن تستشير وتسأل، فما قام الموقع إلا لخدمة المسلمين وتبصيرهم وتعليمهم. وفقك الله لكل خير، وأعانك وسددك، وجعلك مباركاً أينما كنت، ولا تنسانا من صالح دعائك، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الاغترار بسعة عفو الله

الاغترار بسعة عفو الله المجيب محمد بن إبراهيم الحمد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة التاريخ 29/1/1425هـ السؤال لدي أصدقاء ملتزمون بالصلاة ويحاولون أن يتبعوا بعض السنن ولكنهم لا يترددون في القيام بالمعاصي الصغائر والكبائر بعذر أن الله غفور رحيم ... وحين أخوفهم بجهنم يقولون بأننا كلنا سنذوقها ... فماذا تنصحونا جزاكم الله خيرا؟ الجواب الحمد لله أما بعد: فجزاك الله خيراً على حرصك على أصدقائك، وجعل ذلك في ميزان حسناتك. أما قولهم بأنهم كلهم سيذوقون النار فذلك من سوء الظن بالله - عز وجل - فهم جمعوا بين سوء الظن في قولهم هذا، وبين حسن الظن الذي في غير محله بقولهم: "إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [البقرة:173] ، مع إصرارهم على المعاصي. ولا ريب أن التمادي في الذنوب؛ اعتماداً على سعة رحمة الله - جهل وغرور، وأماني باطلة؛ فرحمة الله قريب من المحسنين، لا من المسيئين المفرطين، المعاندين المصرين، ثم إن الله - عز وجل - مع عفوه، وسعة رحمته - شديد العقاب، ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين. قال - تعالى -: " نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ" [الحجر: 49-50] . تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي *** درك الجنان بها وفوز العابد ونسيت أن الله أخرج آدماً *** منها إلى الدنيا بذنب واحد قال أبو حامد الغزالي - رحمه الله - في شأن من يذنب، وينتظر العفو عنه؛ اتكالاً على فضل الله - تعالى - قال: " وهو كمن ينفق جميع أمواله، ويترك نفسه وعياله فقراء، منتظراً من فضل الله - تعالى - أن يرزقه العثور على كنز في أرض خربة؛ فإن إمكان العفو عن الذنب مثل هذا الإمكان، وهو مثل من يتوقع النهب من الظَّلمة في بلده وترك ذخائر أمواله في صحن داره، وقدر على دفنها فلم يفعل، وقال: انتظر من فضل الله - تعالى - أن يسلط غفلة أو عقوبة على الظالم الناهب؛ حتى لا يتفرغ إلى داري، أو إذا انتهى إلى داري مات على باب الدار؛ فإن الموت ممكن والغفلة ممكنة! وقد حكي في الأسمار أن مثل ذلك وقع؛ فأنا أنتظر من فضل الله مثله. فمنتظر هذا أمر ممكن، ولكنه في غاية الحماقة والجهل؛ إذ قد لا يمكن ولا يكون ".ثم أين تعظيم الله في قلب هذا المتمادي؟ وأين الحياء منه - عز وجل -؟ قال ابن القيم - رحمه الله - في شأن المتمادين في الذنوب اتكالاً على رحمة الله -: " وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص الرجاء واتكل عليها، وتعلق بكلتا يديه، وإذا عوتب على الخطايا والانهماك فيها - سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته، ونصوص الرجاء. وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب ".

ثم ساق - رحمه الله - أمثلة عديدة لما جاء عن أولئك. ثم قال بعد ذلك: "وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما على انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتَّى إحسان الظن. فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستندُ حُسن الظن سعة مغفرة الله، ورحمته، وعفوه، وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا يضره العفو - قيل: الأمر هكذا، والله فوق ذلك أجلُّ، وأكرم، وأجود، وأرحم. وإنما يضع ذلك في محله اللائق به؛ فإنه - سبحانه - موصوف بالحكمة، والعزة، والانتقام، وشدة البطش، وعقوبة من يستحق؛ فلو كان مُعَوَّل حسن الظن على صفاته وأسمائه لاشترك في ذلك البرُّ والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه؛ فما ينفع المجرمَ أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه، وتعرض للَعْنَته، ووقع في محارمه، وانتهك حرماته؟! بل حسن الظن ينفع من تاب، وندم، وأقلع، وبدل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة، ثم حَسَّن الظن بعدها؛ فهذا هو حسن الظن، والأول غرور والله المستعان ".

لا أستطيع العمل إلا مع جماعة

لا أستطيع العمل إلا مع جماعة المجيب جماز عبد الرحمن الجماز مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة التاريخ 20/5/1425هـ السؤال أنا شاب أبلغ من العمر عشرين عاماً، لي أهداف كثيرة في الدين والدنيا، تنتابني حالات متفاوتة من قوة الإيمان وضعفه، ومن ضعف الهمة وعلوها، ولكن النتيجة أنني لم أحقق أي هدف من قائمة الأهداف العريضة التي أضعها نصب عيني، وكثيراً ما فكرت في الأسباب، وتوصلت، لأني أريد أن أعمل في ظل فريق عمل، ولا أستطيع أن أعمل بمفردي، حتى يسألوا عني ويساعدونني في وقت ضعف الهمة، فهل هذا عيب مني أو ضعف في شخصيتي؟ وإن لم أجد فريق العمل، فماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، وبعد: فالعمل الجماعي، ومثله العمل المؤسسي، أمر محمود، وحاجة الناس إليه ملِّحة، وطبيعة النفس البشرية، النقص والخلل، فكان لا بد لها من رافد، يعينها ويسددها ويقومها، وقد صح في الحديث، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه" رواد أبو داود (4918) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وقال الحسن البصري: (إن المؤمن شعبة من المؤمن، وهو مرآة أخيه، إن رأى منه ما لا يعجبه، سدَّده وقوَّمه ووجَّهه، وحاطه في السر والعلانية، فتنقوا الإخوان والأحداب والمجالس) ، فكان العمل الجماعي ضرورة لا يستغنى عنها، ومن فوائده وآثاره: 1- اكتشاف النفس، وما فيها من قوة أو ضعف، أو كمال أو نقص، بل يتعرف الإنسان على أبعاد شخصيته معرفة دقيقة من حلم أو عجلة، أو شجاعة، أو جبن، أو صدق، أو كذب. 2- تقويم الاعوجاج، فأصحابه يصلحون ماله، إما بالنصيحة أو العتاب، أو التوبيخ، أو الهجر. 3- توظيف الطاقات: فمن خلال العمل يستفاد من العامل في كل شيء، ويقضي على أي فراغ يمكن أن يستغله شياطين الإنس والجن في إغوائه وإضلاله، وهكذا الغرائز سوف تعمل بدرجات متساوية ومتوازية، وحينها تكتمل الشخصية المتزنة المتكاملة، وقد صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة" رواه الترمذي (2165) وغيره من حديث عمر - رضي الله عنه -. 4- بث الأمل ودفع اليأس؛ لأن الذي يعمل وحده تقعده الخواطر، وتثنيه هواجس الشيطان، ويثبطه كلام الناس، وتفرقهم عنه إلى أن يدب اليأس والقنوط إلى النفس، فيترك العمل لهذا الدين. 5- تجديد النشاط والهمة: فمتى فتر الإنسان وتراخى بسبب ضخامة الأعباء ومشقة العمل، ورأى إخوانه يعملون بإتقان، وما هم عليه من خشوع وإقبال، زال الفتور والتراخي، ويروى بسند ضعيف: "ألا أنبئكم بخياركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "خياركم الذين إذا رؤوا، ذكر الله -عز وجل-" رواه ابن ماجة (4119) من حديث أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها. 6- اكتساب الخبرات والتجارب، فالعمل الجماعي مجال رحب وواسع، يكتسب فيه العامل من الخبرات والتجارب ما لا يكتسبها لو كان وحده.

7- حفظ الهيبة والكرامة، فلا يجرؤ الأعداء على إيذائه، أو التطاول عليه في دم أو مال، أو عرض، ولو فعلوا ذلك، فإن إخوانه سينصفونه وسيردون له مظلمته. 8- فتح مجالات الأجر والثواب: فهو يُسلِّم ويصافح إخوانه، وينصح لهم، ويقوم بحقوقهم، ويتفقد غائبهم، ويعين محتاجهم، ويلبي دعوتهم، ويشير عليهم ويُعلِّمهم، فالجماعة أتاحت له أجوراً عظيمة. 9- استجلاب تأييد الله وعونه ونصرته: فالأعداء قد أجلبوا بخيلهم ورجلهم، فكانت الجماعة مسددة من الله، وقد صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " ... ويد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار" رواه الترمذي (4167) وغيره من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -. وبهذا يتبين لك - أخي الكريم-أن العمل الجماعي ليس ضعفاً في شخصيتك، ولا عيباً في استقامتك، بل هو رأي حصيف اعمل به ولا تتردد، ومتى لم تجد جماعة تعمل معها، فاصنع أنت الجماعة، واسع في إنشائها، وبصِّرها بضرورة العمل والتعاون من أجل التهكين لمنهج الله في الأرض. وأذكرك بقول بعض السلف: (كدر الجماعة خير من صفو الفرد) فافهم ذلك جيداً. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

الاغترار بسعة عفو الله ورحمته

الاغترار بسعة عفو الله ورحمته المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة التاريخ 21/09/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدي أصدقاء ملتزمون، ولكنهم لا يترددون في فعل المعاصي الكبائر منها والصغائر، بعذر أن الله غفور رحيم، وحين أنصحهم وأخوفهم بالنار يقولون: (ما منا إلا ذائقها) ، فأرجو أن تعينونا على هذا الموضوع، وهل هم على حق؟ وما حكم الذي يفعلونه؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أشكر لك ثقتك، واتصالك بنا عبر موقع "الإسلام اليوم" ونتمنى أن يكون اتصالك بالموقع مستمراً. لقد قرأت رسالتك، وحيرني أمر ألا وهو: كيف الجمع بين كون أصدقاؤك ملتزمين، وبين كونهم لا يتورعون من فعل المعاصي كبيرها وصغيرها! فكلمة ملتزم تعني أن هذا الرجل ملتزم بأمر الله من حيث فعل الأوامر وترك النواهي، أما والحالة هذه، فلا يعد هؤلاء ملتزمين، أو لعلك تقصد بالالتزام هنا، المحافظة على الصلاة والصيام والزكاة وغيرها من باقي الفروض، فهذا خير، ولكن لا يسوغ لهم ذلك فعل ما حرم الله من الكبائر، نسأل الله العافية. ولكن يبدو أن عندهم شبه عظيمة، وتأولات خاطئة، وفهم سيِّئ لنصوص الشرع، وهذا قد أدى بهم إلى انتهاك حرمات الله دون أي ورع وخوف من عقاب الله وشدة بأسه -سبحانه- بمن يجترئ على فعل ما نهى عنه وحذر، ولعل ذلك ناتج عن تغليب جانب الرجاء في عفو الله على جانب الخوف منه سبحانه، مما حدى بهؤلاء على فعل المعاصي والذنوب من الكبائر والصغائر دون رادع يمنعهم، ولا زاجر يحول بينهم وبين ما يفعلون، وهم إذا استمروا على ذلك فهم على خطر عظيم. فكما أن الله غفور رحيم، فإنه شديد العذاب، والعقاب عظيم النكال بمن يرتكب مثل هذه الموبقات، قال تعالى: "نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ" [الحجر:49-50] فاستدلالهم على ما يفعلون من معاصٍ وذنوب بأن الله غفور رحيم، نقول لهم: وهو كذلك عذابه أليم، وعقابه شديد، فهل أنتم ضُمنَ أو ضمن لكم بأن الله يغفر لكم هذه الذنوب؟ فمن ظن ذلك فهو على خطر عظيم؛ لأنه أمن مكَر الله (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) [الأعراف: 99] .

ويجب أن يعلموا أن رحمة الله وعفوه لا تشمل أي أحد؛ قال تعالى: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ" [الأعراف: من الآية156] ، فرحمة الله وعفوه لا ينالها إلا من خافه واتقاه، والتقوى أن تجعل بينك وبين محارم الله وقاية؛ وذلك بفعل ما أمر، والانتهاء عما نها عنه وزجر، أما من يفعل المعاصي والذنوب من الكبائر والصغائر، وبعد ذلك يتعلَّل بعفو الله، فإنه يتمنى على الله الأماني، قال الحسن البصري: إن هناك أناساً تمنوا على الله الأماني، وقالوا: إنا نحسن الظن بالله - مع فعلهم القبيح وتركهم الجميل -. فقال - رحمه الله - لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل، فينبغي على هؤلاء -بل يجب- أن يعظموا الله في صدورهم، وأن يخافوا بطش الله وعقابه، وألا يأمنوا مكر الله، وأن يعظموا حرمات الله، وألا يكونوا مثل ما قال ابن مسعود - رضي الله عنه - إن الفاجر ليرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه، فقال به، هكذا ولكن ينبغي أن يكون كما قال: ولكن المؤمن يرى ذنوبه كجبل يريد أن يسقط عليه، فهو خائف يترقب - أو كما قال - رضي الله عنه - فعليهم أن يكونوا في منزلة بين المنزلتين بين الخوف والرجاء، فلا خوف يقنط من رحمة الله، ولا رجاء يؤمن من مكر الله، ولكن رجاء يوصل إلى حسن الظن بالله، ويرجي ما عنده من الخير والثواب، مع حسن العمل، وخوف يوصل إلى خشية الله والحذر من عقابه، مع الابتعاد عن كل ما يغضب الله ويسخطه. فمثل هؤلاء يخشى عليهم أن يكونوا ممن يعنيهم قوله تعالى: "أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ" [النحل:45-46] . ولقد حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه الكرام من فعل صغائر الذنوب، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب لهن مثلاً كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم - أي أراد القوم صنع طعام لهم - فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سواداً فأججوا ناراً، وأنضجوا ما قذفوا فيها) أخرجه أحمد في المسند (2808) . وفي رواية سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في نهاية الحديث (.... وإن محقرات الذنوب، متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه " أخرجه أحمد (22302) . وفي رواية عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله - عز وجل - طالباً) أخرجه أحمد (23894) ، وابن ماجة (4243) والدارمي (2726) . فإذا كانت محقرات الذنوب وهي التي يستحقرها الناس ولا يعدونها شيئاً ولا يتورعون من فعلها إذا كثرت وأكثر من فعلها هلكت صاحبها، فما بالك بكبائر الذنوب؟ نسأل الله العفو والعافية.

وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحذر أصحابه ونساءه من هذه الصغائر، وهم من هم في الورع والزهد، والعلم، والإيمان والتقوى وغير ذلك من أبواب البر والخير، ومع ذلك يحذرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من صغائر الذنوب، فمن باب أولى أن نكون أحق بالتحذير منهم، مع ما فينا من تقصير وجهل، وغرور ونقص، إلى غير ذلك من الآفات المهلكات، اللهم خذ بنواصينا إليك، أما احتجاجهم عندما تقوم بنصحهم وتخويفهم بالنار فيقولون: (وما منا إلا ذائقها) ، نقول لهم هل حكمتم على أنفسكم بالنار، وهذا الأمر مرجعة إلى العزيز الجبار، ولعلهم يتأولون قوله تعالى في سورة مريم: "وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً" [مريم:71] وهذا لا يعني أن الجميع يدخل النار؛ لأن هناك فرقاً بين الورود والدخول، قال تعالى عن موسى: "وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ" [القصص: من الآية23] فالمقصود من قوله: "وإن منكم إلا واردها" يعني المرور عليها؛ وذلك لأن الصراط -وهو الجسر- نصب على متن جهنم أي بين ظهريها، فيجتاز المسلمون وغيرهم هذا الجسر المنصوب على متن جهنم وهم بذلك قد وردوا على النار، ثم ينجي الله المسلمين بأعمالهم، ويذر المجرمين يتساقطون في النار تساقط الفراش؛ ولذلك قال الله تعالى بعد هذه الآية مباشرة "ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً" [مريم:72] ، وعليك أن ترجع لتفسير هذه الآيات في كتب التفسير المعروفة كابن كثير، وتفسير الطبري، والقرطبي وغيرهم. وبناء على ما تقدم ينبغي عليك الآتي تجاه هؤلاء الإخوة. (1) أن تبين لهم خطأ ما هم عليه على ضوء ما قد سبق لك بيانه. (2) لا يمنع بأن تذهب أنت وهم إلى بعض المشايخ والعلماء وطلبة العلم؛ حتى يوضحوا لهم ما التبس عليهم في هذا الأمر الهام. (3) يجب أن تذكرهم بالله وما أعده الله من العذاب الأليم والعقاب الشديد لمن يتعدَّى حدوده ويقترف الموبقات. (4) ذكرهم بأن الجنة أعدت للمتقين، والنار أعدت للمجرمين، وأنهم ضعفاء وأجسامهم على النار لا تقوى. (5) أحضر لهم الكتب والأشرطة التي تتحدث عن حال النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام، والتابعين لهم بإحسان كيف كان خوفهم من الله مع حرصهم على العمل، فلقد كان يسمع لصدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزيز كأزيز المرجل من البكاء، ولعلك تطَّلع على كتاب لنا عنوانه (الخوف من الله في ضوء الكتاب والسنة وسير سلف الأمة) فلقد عالجت فيه مثل هذه المسائل. (6) عليك بالدعاء لهم بالهداية، واحذر من كثرة مخالتطهم إذا استمروا على هذه الحالة السيئة، هذا والله أعلم. نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضى، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كثيرا ما تجنبت ذلك.. مخافة الرياء..!!

كثيرا ما تجنبت ذلك.. مخافة الرياء..!! المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة التاريخ 2-3-1423 السؤال مشكلتي تكمن في خوفي الشديد من النفاق والرياء فإذا كنت في مجلس مع بعض الأخوات وأردت إلقاء موضوع ما أو تذكرة موجزة أحجم عن ذلك لأنه يأتي في نفسي أن هدفي من ذلك الرياء ومدح الناس وكلامهم عني بالحسن وقد تكرر هذا مني كثيرا فساعدوني في حل هذه المشكلة العظيمة ولكم جزيل الشكر الجواب اختي الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: كما أن العمل من أجل الناس رياء، فترك العمل من أجل الناس هو مذموم أيضاً، والكمال والفطنة أن تقطعي النظر عن الناس مستطاعك؛ فلا تعملي من أجلهم، ولا تتركي من أجلهم. وهذه الواردات التي تعتري النفس قل من يسلم منها، وهي من الشيطان ليحزن الذين آمنوا، ويصرفهم عن عمل الخير، ويقعد هممهم عن الصالحات. ولكي تعرف الأخت إخلاصها فلها أن تفترض أنها كانت بمفردها وبمعزل عن هؤلاء الناس هل كانت ستقوم بالعمل أم ستتركه لأنه لا أحد يراها ويثني عليها؟ فإن كانت ستترك العمل إذا لم يرها الناس ويمدحوها ويحمدوها فهذا معناه أن عملها رياء ومن أجل الناس فلتصحح نيتها ولتتب إلى ربها. وإن كانت ستقوم بالعمل، وهذا هو الغالب إن شاء الله، حتى لو كانت بمعزل عن الأخريات، فهذا معناه أن النية الصالحة تستقل بإيجاد هذا العمل، وأنه عمل صالح إذا توفرت فيه المتابعة ولزوم الهدي النبوي، فلتداوم عليه ولتزدد منه. والخلاص من هذه الوساوس والخطرات يبدو أنه عسر بعيد المنال، لكن من الناس من تأتيه خفيفة عارضة، ومنهم من تلاحقه وتقلقه، والحل هو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأن تقولي: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعمله، وأستغفرك لما لا أعلمه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

جمع فظاظة وأفكارا غالية! فهل نهجره؟

جمع فظاظة وأفكارًا غالية! فهل نهجره؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة التاريخ 26/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عندنا أخ له فكر تكفيري محض، يسب العلماء والدعاة ويسخر منهم، وله أخلاق سيئة، ويتعامل بخشونة وفظاظة حتى مع والديه، ولا يقول (التي هي أحسن) إطلاقًا، في الآونة الأخيرة أراد أن يبطش بنا وأن يضربنا فدفعناه، فظن أننا قمنا لضربه، وما أردنا ذلك، ومن ثم لم يعد يكلمنا ولا نكلمه لمدة شهرين تقريبًا، ويشهد الله أن الراحة في تركه وهجره، والله يا شيخ إن الراحة في هجره، ولعلمكم إنه لا يفيد معه نصح ولا حوار، ولا يعترف بشيء، أفيدونا وانصحونا، جزاكم الله خيرًا. الجواب الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي:

لا يخفى عليك- أخي الفاضل- أن معالجة الخطأ بالخطأ تزيده تمكنًا واستقرارًا، ومثل من في حالة أخيك يحتاج الأمر في علاجه إلى علم وحلم وهدوء ورفق وليس إلى شدة وعنف، لأنك في الوقت الذي تنتقد عنف أخيك هو في نفس الوقت يواجه بعنف مضاد، ولذلك أرى أن الأمر يتطلب منكم صبرًا أكثر وتؤدة في التعامل معه، ولا تنس أنه أخوك من أقرب الناس لكم جميعًا في الأسرة، فإذا لم تتلطفوا معه وتتحملوا خشونته فمن إذًا يتحمله؟ وتذكر معي تلك القصة التي وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم- مع أحد الأعراب، وكيف واجه النبي عليه الصلاة والسلام- رعونته بلطف ورفق، وكان ذلك سببًا في حمايته من الكفر، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن أعرابيًّا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يستعينه في شيء- قال عكرمة: أراه في دم. يعني في دية- فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، ثم قال: "أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟ ". قال الأعرابي: لا، ولا أَجْمَلْتَ! فغضب بعض المسلمين وهموا أن يقوموا إليه، فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن كُفُّوا. فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغ إلى منزله دعا الأعرابي إلى البيت، فقال: "إِنَّمَا جِئْتَنا فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، فَقُلْتَ مَا قُلْتَ". فزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم- شيئًا، وقال: "أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ؟ ". فقال الأعرابي: نعم، فجزاك الله من أهل وعشير خيرًا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكَ جِئْتَنَا فَسَأَلْتَنَا فَأَعْطَيْنَاكَ، فقُلتَ ما قُلتَ، وفي أَنْفُسِ أَصْحَابِي عَلَيْكَ مِن ذَلِكَ شَيْءٌ، فإذَا جئتَ فقُلْ بينَ أَيْدِيهِم مَا قلتَ بينَ يَدَيَّ؛ حتَّى يَذْهَبَ عَن صُدُورِهِمْ". قال: نعم. فلما جاء الأعرابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ صاحبَكم كانَ جاءَنا فَسأَلَنا فأَعطَيْناهُ فَقَالَ مَا قال، وإِنَّا قَدْ دعَونَاهُ فَأَعطَيناهُ، فزَعَم أنَّه قَد رَضِيَ، كَذَلِكَ يَا أَعْرَابِيُّ؟ ". فقال الأعرابي: نَعَمْ، فجزاك الله من أهل وعشير خيرًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مَثَلِي ومَثَلُ هَذَا الأَعْرَابِيِّ كمَثَلِ رَجُلٍ كانتْ لَهُ نَاقَةٌ فَشَرَدَتْ عَلَيْهِ، فَاتَّبَعها النَّاسُ فَلَم يَزِيدُوها إِلَّا نُفُورًا، فقالَ لَهُمْ صاحبُ الناقةِ: خَلُّوا بَيْنِي وبينَ نَاقَتِي، فَأَنَا أَرْفَقُ بِهَا، وَأَنَا أَعْلَمُ بِهَا، فَتَوَجَّه إِلَيْهَا وأَخَذَ لَهَا مِن قَتَامِ الأَرْضِ ودعَاهَا حتَّى جاءَتْ واسْتَجَابَتْ وشَدَّ عَلَيْهَا رَحْلَهَا، وَإِنِّي لَوْ أَطَعْتُكُمْ حِينَ قَالَ مَا قَالَ لَدَخَلَ النَّارَ". رواه البزار (2476-كشف) ومحمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (992) بسند فيه ضعف.

فانظر كيف تلطف النبي صلى الله عليه وسلم- مع هذا الأعرابي، مع أنه جاء يسأل ويطلب مالًا، والرسول صلى الله عليه وسلم هو المحسن والمعطي، ومع ذلك أغلظ الأعرابي في العبارة، فما كان من صاحب القلب الحنون الرؤوف الرحيم بأمته إلا أن زاده مالًا وزاد في التلطف معه، فكان ذلك سببًا في حمايته من النار؛ لأن قوله: لا، ولا أجملتَ. جحود، وفيه رد على النبي صلى الله عليه وسلم، وسوء أدب، ووصف للنبي صلى الله عليه وسلم- بما لا يليق بمقامه، وفي هذا كفر، وأيضًا كان من الممكن لو لم يزده رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يرتد ويكره الإسلام فيكون مصيره إلى النار. أفليس أخوك أولى بمثل هذا اللطف، لاسيما وأن من يحمل مثل هذا الفكر التكفيري؛ أنه في الغالب الذي يدعوه لذلك حرقته على هذا الدين واستنكاره الذل الواقع في الأمة، لكنه أخطأ الفهم بسبب بعض الكتابات التي ربما قرأها، أو الشبه التي سمعها من غيره، فأوصلته إلى هذه القناعة، فهو يحتاج إلى من يناقشه بالعلم والحجة والبرهان مع اللطف والحب والمودة، ثم ما المانع إن كنت لا تملك علمًا في ذلك أن تذهب به إلى عالم أو طالب علم متمكن؛ ليبين له الحق في ذلك، أو تزوده بالكتب التي تبين عقيدة السلف في أمر التكفير، وما أكثرها اليوم في المكتبات! أوتحاول أن تجمعه بأصحاب الفكر الصحيح المستنير بهدي الكتاب والسنة على منهج سلف الأمة، ثم تزوده أيضًا ببعض الكتب والأشرطة التي تعنى بالترغيب في الخلق الحسن وطيب المعاملة ووجوب بر الوالدين وما شابهه مما يهذب خلقه ويعرف به مجانبته الحق في طريقة تعامله مع والديه وبقية أهله. وخلاصة الأمر أن الرفق واللين وطيب الكلمة والبشاشة من أهم الرسل إلى قلب أخيك، وتأكد أن من شأنها أن تخفف من حدته وخشونته، وفي هذا يقول المعصوم عليه الصلاة والسلام: "إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ". أخرجه مسلم (2594) . وأما قولك: إن الهجر لمثله راحة. فليس على إطلاقه، فلربما زاده ذلك عنفًا وانحرافًا، ثم لا أتفق معك أن مثله لا ينفع معه نصح ولا توجيه لأنه يبقى بشرًا خاضعًا للتأثر والتأثير بحسب توافر تلك الأدوات التي تعين على قوة التأثير فيه وفي فكره، والتاريخ القديم والمعاصر ممتلئ بالنماذج التي تصور كثيرًا من الناس أنه لا فائدة من نصحها أو التأثير عليها أو الطمع في هدايتها، وإذا بها تتوب وتعود وينصلح حالها، ولا يخفى ما في يأس الإنسان من هداية أحد أو رجوعه عن الباطل من سوء ظن بالله أنه لا يقدر على هداية ذلك الإنسان أو تدركه رحمته، فعليك ألا تيأس، وتحبب إلى أخيك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ولن تعدم أثر ذلك الرفق واللين أبدًا، والله معك. والله أسأل لأخيك الهداية والرشاد، ولنا جميعًا التوفيق والسداد، وشكرًا لحرصك على أمر أخيك، وتفضل بقبول تحياتي وتقديري. والسلام عليكم.

أخي وصلاة الفجر

أخي وصلاة الفجر المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة التاريخ 25/01/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله، أخ لي كان حريصاً على الحفظ، وحضور الدروس العلمية والمحاضرات وفجأة تحوَّل إلى الدعوة ونجح نجاحاً باهراً، وكسب الكثير من الشباب، ولكن بدأ يترك الكثير من الأعمال؛ وحجته الترفية عن الشباب الجدد في الاستقامة، حتى وصل الأمر به إلى التهاون في صلاة الفجر، أطلب منكم نصيحة في كيفية التعامل معه، ولقد جربت الكثير من الطرق ولم تنجح. الجواب الأخ الكريم / وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع (الإسلام اليوم) الإنسان الموفَّق في هذه الحياة الدنيا هو الذي يوفقه الله لاكتشاف مكامن النجاح لديه ومسبباته والأمور المهيأة إليه. وتحول أخيك من حقل العلم والحفظ وحضور الدروس إلى حقل الدعوة (وفي كل خير) ومن ثم نجاحه ذلك النجاح الباهر -كما تصفه أنت - في هذا المجال لهو دليل على أن مكامن النجاح لديه هي في هذا المجال. وهذا هو المفترض أن نسير عليه جميعنا سواء كان في مجال الدراسة أو العمل أو الوظيفة أو السلوك أو التوجهات أو غير ذلك من الأمور التي نعايشها بشكل يومي ما دمنا نسير في هذه الحياة ... حالة أخيك تذكرني بالكثيرين من الذين يعانون الفشل في هذه الحياة، سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى الاجتماعي المحيط، ولا يدركون أن مكمن الفشل لديهم هو عدم تبصرهم واكتشافهم لبؤرة النجاح لديهم، فلا يزالون يتخبطون يمنة ويسرة لفترة من الزمن حتى يقعوا عليها ويكتشفوها، أو قد لا يتمكنون من ذلك فتستمر لديهم دوامة الفشل ملازمة لهم وملاصقة طيلة حياتهم، فلا يخرجون من فشل وبؤس إلا ويقعون في آخر. أخي الكريم، أخوك يعلم ويدرك تماماً الواجبات الدينية وأهمية الصلاة والحفاظ عليها، كيف لا؟ وهو الداعي إليها صباحاً ومساءً من خلال برامجه الدعوية والتي انشغل بالعمل بها، ولا أظنه يخفى عليه شيء من أمرها ولذلك يبقى دورك من وجهة نظري هو التذكير والنصح بين كل فترة وأخرى، وتستمر على تخوله بالنصيحة، ولا تظن أبداً أنه لا يأبه بها، كلا فالمرة بعد المرة ستؤدي إلى نتيجة بإذن الله. كما لا أنسى أن أذكرك بأنك يجب ألاّ تجعل من هذه القضية سبباً في خصام مستديم معه، فتكون قد أسأت التصرف من حيث أردت الإحسان. أعانك الله ووفقك للبر والإحسان.

أردت نصحه.. فوقع في الزنا!!

أردت نصحه.. فوقع في الزنا!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة التاريخ 8/12/1422 السؤال في البداية أحب أن أتقدم بالشكر للقائمين على هذا الموقع الهادف..الموضوع هو أنني أحتاج إلى رأيكم في هذه المسألة وهي إذا كانت هناك فتاة متمسكة بدينها وعلى خلق تام دخلت أحد مواقع الشات.. وكانت ملتزمة بحدود مع الجميع في المخاطبة إلا أن أحد الأشخاص قد وقع في حبها واعترف لها بذلك.. أخبرته بأنها ليست من تلك الفتيات اللواتي يسعين إلى الحب عبر هذه الوسيلة،، وان "الشات" مجرد كل ما فيه من علاقات افتراضية تنتهي مع الزمن.. للأسف إن الشخص لم يقتنع بذلك الكلام وأخبرها قبل مدة أنه قد خسر شرفه بسببها إذ والعياذ بالله " زنا ".. فما موقف الدين من تلك الفتاه؟ وهل يقع اللوم عليها على ما فعل؟! مع العلم أنها كانت صريحة وصادقه وأن الشات مجرد وقت تجلس فيه للمناقشات الهادفة.. فهل هي ملومة، ويقع عليها العقاب؟ أرجو الرد وجزاكم الله خيرا. الجواب أختي الكريمة، أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد، وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولا: لتعلمي أختي الكريمة أن دخول الفتاة في مثل هذه الحوارات - على هذه المواقع - خطأ كبير.. مهما كانت الأهداف!! صدقيني..! المشاكل الناجمة عن ذلك كثيرة جداً، ولدي العشرات من القصص المؤلمة التي بدأت بنوايا حسنة، وانتهت بألم ودموع وفضائح!! وهذه ليست مبالغة بل هي الحقيقة والواقع المؤسف والمخجل..!! ثانيا: أما إن كانت الفتاة تريد إيصال رسالة حق ونصح وتوجيه.. فمجال ذلك مفتوح ومتاح وواسع في مجتمعها ومدرستها وأسرتها مع بنات جنسها؛ لأنها أعرف بهن وأدرى بظروفهن وإيجابياتهن وسلبياتهن.. وهن أحوج ما يكن إليها.. وهنا يكون التحدي الحقيقي والبذل الصحيح حسب الجهد والطاقة (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) .

ثالثا: ما رأيك بمن يحمل الماء فوق ظهره ويخرج من قريته المليئة بالعطاش متجها إلى إحدى الغابات المليئة بالألغام والشراك الخداعية والمغارات العميقة ... بل والوحوش وقطاع الطرق..ليبحث عن بعض العطاش حتى يسقيهم..!! فيقال له: لماذا لا تبدأ بقريتك وتترك أمر هذه الغابة لفريق من المختصين والمدربين على التعامل مع أمثالها؟! فيسأل: ولماذا؟! فهدفي نبيل.. ونواياي حسنة..!! فيجاب عليه.. النوايا الحسنة لا تكفي وحدها.. وكثيرون هم أولئك الذين دخلوا قبلك إلى هذا المكان.. بعضهم فقد ولم يعد.. والبعض عاد وهو مثخن بالجراح.. بل وبعضهم قد فقد أحد أطرافه.. أو تشوه جسمه!! ما رأيك - أختي الكريمة - لو أصر على الذهاب والدخول في هذا المكان؟! بماذا نحكم عليه؟!! صدقيني مواقع "الشات" أو الحوار هي أقرب الأمكنة إلى هذه الغابة.. فهي مليئة بكل الأصناف.. الصالح والطالح.. الصادق والكاذب.. المجرم والبريء.. والكثير.. الكثير من الألغام والحفر والشراك الخداعية.. والأسماء الوهمية.. وغير ذلك؛ فتجنب الفتاة لها واجب والحذر منها مطلب أساسي. رابعا: أما هذا الذي فقد شرفه بسببك كما "يزعم"!! ووقع في الزنا نسأل الله العافية.. فهو كاذب في دعواه العاطفية.. بل وأكاد أجزم أنه أحد وحوش هذه المنطقة المسعورة.. الذي يريد أن يغرر بك ويتلاعب بعواطفك ويسحبك معه إلى منطقة الخطر..وبعدها لا تسألي عن النتيجة فهي آلام ودموع.. وشر مستطير!! فتجارة العواطف في مثل هذه المواقع.. تجارة خاسرة.. وبضاعة أربابها مزجاة.. وضحاياها بالمئات!! والمآسي تكرر بعضها.. فالحذر.. الحذر..! ولا تخدعنك الأيمان الكاذبة.. والوعود الزائفة!! خامسا: أما إن كان اللوم يقع عليك لذلك.. فاللوم يقع إن استمررت في هذا الطريق الشائك فاستغفري الله.. وتوبي إليه.. وابذلي جهدك -أختي الكريمة- في محيطك العائلي والاجتماعي - كما أسلفت - وستجدين الراحة والأمن والأمان.. وستحققين النتائج الإيجابية إن شاء الله. وفقك الله وحماك من كل سوء، وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

ثالثا: مشكلات دعوية

الداعية والرد على منتقديه المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 23/12/1426هـ السؤال ما هي الطرق التي يمكن أن يرد بها الداعية على منتقديه، إذا وجد أن انتقاده سيحدث فتنة بين مؤيديه ومعارضيه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: لا ينبغي للداعية أن يجعل من نفسه رمزاً يتعصب لشخصه أتباع، ولا أن يجعل من نفسه فتنة للناس يتعادون عليه أو يتوالون. على الداعية أن يربي أتباعه على اتباع الحق حيثما كان، وأنَّ الحق قد يكون في مخالفته، وأن يحذرهم من التعصب لشخصه ورأيه، وأن يعلمهم فقه الخلاف كما يعلمهم مسائل العلم. ثانياً: لا ينبغي للداعية أن يُشغل نفسه بالدفاع عن شخصه إذا تعرض له أحد باللمز والسخرية والاستطالة في عرضه وليحتسب ذلك عند الله، لكن ينبغي أن يزيل الشبهة التي تثار حول موقف له في قضية ما، وأن يرفع الإشكال والشبهة عن آرائه التي كثرت عليها الانتقادات وجُعلت مثاراً لتشكيك الناس في ديانته وفقهه؛ حتى لا يؤثر إهمال ذلك على قبول خطابه. ثالثاً: الصبر والحلم رأس مال كل داعية، فمن لم يصبر على أذى الناس ويحلم عنهم فإنه يهلك ويُهلك معه الناس، ومن رأب الصدع ودرء الفتنة أن يشيع في أتباعه الأخلاق الفاضلة، ويجعل من نفسه قدوة لهم في التعامل مع الشانئين فيمسك لسانه عن القذع فيهم والاستطالة في أعراضهم حتى ولو ظلموه. والله الموفق.

بسبب خلافات المتدينين انتكست

بسبب خلافات المتدينين انتكستُ المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 01/12/1426هـ السؤال كنت شابًا متدينًا بقدر ما تعنيه هذه الكلمة، لكن حالي تبدّل إلى الأسوأ؛ بسبب خلافات الشباب فيما بينهم، واشتغالهم بتصنيف الدعاة، وتصيدهم لأخطائهم وتركيزهم عليها، ورمي بعضهم بالبدعة. أرشدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أشكر لك أولاً تواصلك وثقتك بموقعك، (الإسلام اليوم) . وبعد: الله سبحانه وتعالى خلق الجنس البشري، وخصه بخصوصية عظيمة، دون سائر المخلوقات الأخرى، حيث شرفه بالعبودية، وجعل لهذه الخصوصية ثواباً وعقاباً، ثم وهب الله سبحانه وتعالى بني البشر عقلاً يفكر ويقرر، وأعطي ملكة الاختيار، (إنا هديناه النجدين) إذاً نحن ننعم بحرية التفكير، فلا أحد له سلطان على عقلك الذي تفكر فيه، إلا إذا سلبت هذه الخاصية، إما بفقدها نتيجة عارض، أو إلغائها بطوعك واختيارك، فتنقاد لفكر غيرك بالتأثر والتأثير. إذا طالما أن الله -سبحانه وتعالى- قد كرمنا بحرية التفكير، وأعطانا حرية الاختيار، واتخاذ القرار، فلماذا نلغي خاصية عقلنا..؟ ونتأثر بعقول غيرنا، ونفقد بعد ذلك أجمل ما نملك، وهو الذي عليه مدار الحياة، والنجاة بعد ذلك، الاستقامة والثبات على هذا الدين. أخي الكريم، أنت ذكرت في سؤالك -القصير العبارة، الكبير المعني- أنك تبدلت بعد حسن، وانتكست بعد استقرار، وتأثرت بمن حولك، بمجرد خلافات قد لا تعنيك، ثم رحت تسلط مجهرك لترصد عليهم زلاتهم، فعوقبت بالنكوص على أعقابك، مع ملاحظة أنك قلت في صدر السؤال: عبارة لدي تحفظ عليها، (كنت ملتزما بقدر ما تعنيه هذه الكلمة) ، لا أدري قد أختلف معك في هذه العبارة، يظهر والعلم عند الله، أن لديك استعداداً أصلاً لهذا التحول، فلما جاءت الفرصة، وإذا بك تسرع بالمبادرة، وجعلت خلافات الشباب هي السفينة التي عبرت عليها إلى الضفة الأخرى، لتجد المبرر المنطقي لتقنع به نفسك، ومن حولك. وإلا من يتذوق حلاوة الإيمان والاستقامة الحقيقية -مهما يذق بعدها من طعم- لا يمكن أن يشعر بحلاوة أحسن منه، وهذا له شواهد عبر الأجيال التي مرت من سلف الأمة وخلفها، ويذكر عن بلال -رضي الله عنه- عندما سئل كيف تحملت التعذيب من قريش؟ قال مزجت حلاوة الإيمان بالعذاب فأذاب الإيمان شدة العذاب، أو كما قال رضي الله عنه. لكن لا زلت الفرصة متاحة لك بالعودة وتصحيح المسار، إذا استعنت بالله أولاً، وطلبت منه المعونة والتوفيق. ثانياً: أكثر من الاستغفار فله تأثير عجيب. ثالثاً: التفكر بهذه النعمة التي أنت فيها، وهي نعمة التفكير وحرية الاختيار، من خلال هذه الجارحة التي تملك، وهي العقل الممنوح لك، فلماذا تكن متأثراً بغيرك وبسلوك غيرك، اجعل لك شخصية مستقلة، لا تقاد بحبل التبعية لمن حولك. رابعاً: تأمل ثمن الثبات على طاعة الله، كيف سيكون..؟ خامساً: تذكر أن الشيطان لن يتركك وشأنك، بل سيأتيك، ويزين لك ما تحب من أن يصدك عن ذكر الله، بتزيين ما تحب وتشتهي، وبغض النظر هل هو موافق للشرع أم لا، والشيطان لن يكون ناصحاً لنا مهما قال، فهو لا يحب أحداً من بني آدم، حتى وإن اتبعوه، وعملوا ما يقول، فهو في نهاية الأمر سيتبرأ من الجميع، ويفرح إذا دخلوا معه النار، والله سبحانه قد حذرنا منه، حيث قال سبحانه: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً.. الآية. وأخيراً الأمر يحتاج إلى مجاهدة ومدافعة، وسؤال الله -سبحانه- المعونة والهداية، فافعل ذلك لعلك ترشد، وتعود أدراجك إلى طريق الصواب.. أعانك الله وسدد خطاك.

أريد أن أخدم ديني ولكن كيف؟

أريد أن أخدم ديني ولكن كيف؟ المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 27/09/1426هـ السؤال أنا خريجة جامعة، ولدي الرغبة في خدمة الشريعة الإسلامية، إما بنشرها أو الدفاع عنها من خلال تخصصي (اللغة الإنجليزية) ، لكني أجد صعوبة في تحقيق هدفي، فأنا لا أعرف كيف أبدأ؟ ومن أين أبدأ؟ فكرت في أخذ الماجستير في الترجمة، وعندما اطلعت على احتياج الجامعات في بلدي لم يكن هذا التخصص موجوداً. فأنا أريد أن أقدم شيئاً مبنياً على أسس علمية صحيحة؛ لأنه وبناء على ما درسته في الجامعة فذلك يفيدني كلغة، لكن كمادة أقدمها فهذا غير ممكن، وأنا أفكر حاليا في مجال توعية الجاليات، لكني أريد الدخول وأنا متمكنة ولدي خلفية أستند عليها، فهل يمكنني الاعتماد على اقتناء الكتب ومعلومات الشبكة العنكبوتية مع الخوف من عدم المصداقية؟ أم من الأفضل أن ألتحق بجامعة إسلامية. أرجو أن ترشدوني وجزيتم خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي الكريمة: أحييك بأجمل تحية، وأسأل الله العلي القدير أن يكلل نواياك الصادقة بالتوفيق والتسديد، وأهنئك على شخصيتك وحسن تفكيرك، وعلى الأهداف النبيلة لخدمة الشريعة الإسلامية، وأنه مما يثلج الصدر أن يكون من بناتنا من هي بمثل تفكيرك واتجاهاتك، ولعلي أقول لك: لا بأس مع التصميم والإصرار على النجاح، وأبواب النجاح مفتوحة وميسرة وهناك كثير من الأبواب تفتح لمن يريد الخير ونفع الإسلام والمسلمين، وأنت -بحمد الله- سعيتِ لطرق الباب الأول، وهو إكمال الدراسات، وهو توجه سليم، إلا أن عدم تحققه لا يفقدنا التصميم على النجاح. ولا شك أن توجهك للتعاون مع مكاتب الجاليات عمل طيب وتوجه سليم ولا يضرك ذلك، إذ إن الخدمات التي يحتاجونها في المكاتب -خاصة مع المسلمين الجدد- لا تحتاج لمؤهلات عليا في اللغة الإنجليزية، وهذه المكاتب -كما أعلم- بحاجة للعنصر النسائي المتخصص في اللغة الأجنبية، بل إن العمل في تلك المكاتب يتركز على اللغة بشكل مبسط وهو -كما أعتقد-يتوافر لديك، ولعلك مبدئياً تطلعين على الكتيبات التي تصدرها المكاتب باللغة الإنجليزية التي تعرف بمبادئ الإسلام ومقوماته الرئيسة؛ لتدركي أنك تجيدينها بتوفيق الله. أما عن إكمال الدراسات العليا فالذي أعرفه أن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض لديها مسار في الترجمة لمرحلة الماجستير في كلية اللغات والترجمة، كما أن بعض الجامعات المفتوحة العربية والأجنبية تدرس هذا التخصص، ثم إنني من المؤمنين بأن التعليم الذاتي له دور مهم في استزادة الفرد في مجال اختصاصه، خاصة عندما يملك القاعدة العلمية وهي مرحلة البكالوريوس كحد أدنى، وهذا متوافر لديك. أسأل الله العلي القدير لك التوفيق، وأن يعينك في القيام بما تسعين إليه، وأن يمدك عز وجل بمنه وكرمه وتوفيقه، وأن يجعل كل خطوة تخطينها في الدعوة إلى الله في ميزان حسناتك.

جدتي لا تصلي، فكيف ننصحها

جدتي لا تصلي، فكيف ننصحها المجيب أمل الجليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى التاريخ 21/08/1426هـ السؤال سؤالي بخصوص جدتي لأمي، فحالتها الصحية سيئة فهي لا تغادر السرير، ونحن نقوم بخدمتها والمشكلة أنها أصبحت تتحسس من أي كلام وتغضب بسرعة على أتفه الأسباب، وهي لا تتكلم معنا إلا إذا طلبت شيئاً، تظل معظم النهار مستلقية ومغمضة العينين، والشيء الذي يضايقنا هو أننا لا نراها تصلي مع أنها عندما كانت صحيحة كانت تصلي كل صلاة في وقتها، أما الآن فهي تقول: إنها لا تستطيع؛ لأنها مريضه وغير قادرة على الطهارة في كل وقت للصلاة، وهي تقول: إن الله يعلم بنيتها وبحالها، ولو ألححنا عليها في أمر الصلاة تغضب، وتقول: ألا ترون حالي؟ فأحياناً تقول للذي ينصحها بالصلاة لا أريد أن أرى وجهك، الله يعلم بمرضي. مع العلم أن عقلها سليم. فأرجو منكم أن تدلوني وتنصحوني بكيفية التعامل معها، سواء بإخراجها من الغضب الذي هي فيه، وكيفية نصحها للصلاة بالطريقة التي تريحها ولا تغضبها. وجزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فقد ذكرت في خطابك الحالة الصحية لجدتك الكبيرة في السن، وشدة غضبها لأتفه الأسباب، وأردفت بقضية تركها للصلاة مع كامل وعيها وقدرتها عليها ولو على جنب، وتسأل عن كيفية التعامل معها، وإخراجها من حالة الغضب الدائمة، وكيفية حثها على إقامة الصلاة دون إغضابها، فأود أن أوضح -والله المستعان- عدة نقاط مهمة، نحتاج التعرف عليها للتعامل مع المسن، أولاً يا أخي -رزقك الله البر والأجر- لابد من معرفة نفسية المسن، وكيف يفكر وماذا يريد؟ فالمسن يشعر بأنه أصبح غير قادر على العطاء، وأنه بعد أن كان المعيل والمنفق، أصبح اليوم يحتاج إلى من يعوله، ويحتاج إلى من يخدمه، وهذا يجعل لديه حساسية شديدة لأي نقد أو إرشاد أو توجيه مباشر، فهو يشعر أنه عالة على المجتمع، وأنه ثقيل على من حوله، وأنهم يرتقبون اليوم الذي يتخلصون منه فيه. ولذلك ركز الله في وصيته بالوالدين على هذه المرحلة العمرية، قال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما.....الآية" [الإسراء:23] فركز على هذه المرحلة العمرية، وهي حين يبلغ الوالدان الكبر؛ لأن الوالدين يكون لديهما حساسية شديدة، وملاحظة شديدة لأي عبارة أو حركة أو إشارة تدل على التضجر أو الضيق أو التأفف، فنهى عن كلمة بسيطة صغيرة في حجمها، كبيرة في معناها، وهي كلمة أف، للدلالة على ما هو أكبر منها، فتأمل معي -يا أخي- فلابد من ملاحظة ما يصدر من الأبناء والأحفاد من تصرفات بدقة أكثر والانتباه للغة، فالمسن يلاحظ ما لا يلاحظه الآخرون، من تعابير الوجه والعينين كعلامات الضيق، والضجر، والتقرف، والسخرية والاستعجال، وكل هذه الإشارات لها الأثر البالغ في نفسية المسن، فهو يشعر بالمهانة وعدم الاهتمام، ويفسر بعض التصرفات بقلة الاحترام، والتطاول. فلا بد من مراعاة حسن التصرف بإلانة القول واختيار العبارات وإظهار الاحترام والتوقير، وعدم الاستغناء عن الدعاء، والرضا منهما ومشاورتهما، وإظهار الفرح بنصيحتهما حتى وإن كانت شيئاً معروفاً، ومطروقاً بالنسبة للولد، وإظهار الاهتمام بسماع ما يقصان من حكايات قديمة قد تكون مكررة ومسموعة، وكأنها تسمع لأول مرة!! فهذه بضاعتهم! لا يملكون إلا اجترار الذكريات ومداومة الاعتراف بالجميل للوالدين، وتذكيرهم بالمواقف الرائعة، والتضحيات التي قدموها في تربيتهم، وعطائهم، وكأننا نقول لهم: إننا ما نسينا ما قدمتم من أجلنا وما جحدنا فضلكم علينا، وأيضاً الاهتمام بالعلاقة الجسدية التي لها الأثر الكبير في إيصال معانٍ كبيرة قد لا يستطيع اللسان التعبير عنها، مثل تقبيل الأيدي والرأس والقدمين، أيضاً اهتمام البنات بمباشرة عملية الإطعام، والتنظيف وتمشيط الشعر برفق ولطف، وعدم ترك هذه الأمور للخادمة، وتبادل الجلوس معها، وإن تيسر (دون الإضرار بها) إخراجها للتنزه والعمرة ورؤية الناس، وإحضار ما تشتهي من الطعام والتنويع في ذلك، ونقل الأخبار السارة لها، وكل هذا مع استعمال العبارات الرقيقة اللطيفة، مثل يا أمي يا حبيتي، يا تاج رأسي، الله لا يحرمني منك، الله يطول في عمرك، الله يديمك خيمة على روؤسنا يا ست الحبايب يا أغلى الحبايب. قال

تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً" [الإسراء 23-24] . ثانياً: بالنسبة لقضية الصلاة فهي داخلة تحت موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال -صلى الله عليه وسلم- " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" أخرجه مسلم (49) . فالواجب على المسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يقدر عليه بحسب قدرته بحسب التدرج المذكور في الحديث، ولكن في موضوع الوالدين فالأمر مختلف، فمقام الوالد مختلف عن غيره من الناس، حيث قرر علماؤنا أنه لا يجوز الإنكار على الوالدين بغير الرفق واللين، وفي مثل حالة الجدة هذه قد يكون الأجدى معها التعريض وليس النصح المباشر، وذلك بإدارة الحديث عندها عن فضل الصلاة وحسن الخاتمة وسرد القصص المشوقة في ذلك، وليس بتوجيه الكلام لها مباشرة، بحيث تستمع لحديثكم دون أن تشعر أن هناك نقداً مباشراً لسلوكها، ثم بعد هذا لا تملكون لها غير ذلك، والدعاء لها بظهر الغيب، فالهداية بيد الله، والله أعلم بخفايا النفوس. و" ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" وقوله تعالى: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء". وفقك الله لكل خير، فهو الهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.

كيف أتعامل مع هؤلاء؟

كيف أتعامل مع هؤلاء؟ المجيب مريم الثمالي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 15/08/1426هـ السؤال أواجه في حياتي -وخصوصاً في عملي- نماذج من الناس لا يطاقون؛ فهم مزعجون، أنانيون، متكبرون، ومعقدون، وتصرفاتهم تثير غضبي، فأرجو أن ترشدوني كيف أتعامل معهم؟ وكيف أطبق معهم الآية الكريمة التي تقول: "وجادلهم بالتي هي أحسن"، والآية الكريمة: "ادفع بالحسنة السيئة فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" خصوصاً أنهم من النوع الذي لا يعترف بالخطأ، ولا يرضى الانهزام، ومن الذين يخطئون ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً. وجزاكم الله عني كل خير. الجواب يواجه الإنسان في حياته كثيراً من المواقف، يعجز في الغالب أن يغيرها؛ لأنه في الحقيقة لا يملك هذه المواقف، ولا يملك هؤلاء الأشخاص (الذين لا يطاقون) على حد تعبير السائلة، وبالتالي عليه أن يغيّر من طريقة تفكيره تجاههم. وأكثر من يعانون من ذلك هم أولئك الأشخاص الذين ينظرون لمن حولهم دائماً بعين المثالية، ونقد أي أمر سلبي أو خاطئ. ودائماً يشعرون بمسؤولية تصحيح الأوضاع من حولهم، ولذلك فهم كثيراً ما يضطربون في علاقتهم مع من حولهم، ومع أي وضع جديد. أنا لن أوجه لك حلاً في كيف تتعاملين مع هؤلاء الذين (لا يطاقون) لأنك حتى لو نجحتِ في التعامل معهم فتصادفين غيرهم. المهم هنا -يا عزيزتي- أن تريحي نفسك، ولا تحكمي على الآخرين من خلال إطارك. حتى لو كان إطارك صحيحاً، وكل من حولك كان مخطئاً. انتبهي لما يدور في عقلك من أفكار تجاه الآخرين، وتقبليهم في الحدود التي لا تؤثر على شخصيتك، ولا على منهجك السوي. أعانك الله، وسدَّد على طريق الحق خطاك.

أجيد إسداء النصائح..واعجز عن تطبيقها..!!!

أجيد إسداء النصائح..واعجز عن تطبيقها..!!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 19-2-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته باختصار، أعانى من مشكلة لا أدري كيف أشخصها. (ممكن تسميتها "عدم القدرة على التطبيق". أستغرب من تصرفاتي وردود فعلي في كثير من المواقف. فمثلا إذا سألني أحد عن الكيفية التي عليه أن يتصرف بها في موقف ما (مع زوجته أو ابنه أو صديقه) لأرشدته إلى ما هو من الحكمة. لكني إذا وضعت في نفس الوضع الذي سئلت عنه في السابق، لا أطبق ما أعلم أنه من الحكمة. بل أتصرف بطريقة عوجاء لا حكمة فيها ولا بعد نظر. مع العلم بأني أريد التحسن إلى الأفضل وأحاول جاهدا نفسي في ذلك. والمشكلة أني أحفظ الأحاديث النبوية التي تنهى عن الغضب وتحث على حسن الخلق والعلاج بقول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" والوضوء والجلوس (إن كان واقفا) . ولكن المشكلة أنني لا أطبقها في حين ضرورتها!!! وبفضل الله علي، أحاول أن أصلي في المسجد كل الفرائض وأحاول المحافظة على أذكار الصباح والمساء. وأحاول نصح الناس (مع تقصير في ذلك) . وضميري يؤنبني جدا خصوصا من الجانب الدعوي، حيث تصرفات الإنسان لها تأثير أبلغ من كلامه وأخشى أن تكون تصرفاتي تهدم ما أريده حقيقة. هل من الممكن السيطرة على الردود الفعلية السريعة وبالتالي التريث في الكلام ووزنه وضبطه؟ (في كثير من الأحيان أعلم أني منفعل وأن ذلك ليس بالجيد) السؤال: إجمالا، كيف أطبق ما تعلمته من أحاديث سلوك المسلم؟ وجزاكم الله خيرا،،، الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد ... وأما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولا: يظهر لي من سؤالك الحرص الأكيد على النهوض والرفعة والسمو بأخلاقك وتصرفاتك وسلوكياتك، وهذا الحرص الجاد هو وأيم الله الخطوة الضرورية الأولى لانتشال سلوكياتنا مما هي فيه والرفعة بها إلى المكانة التي ترضي خالقنا أولا وترضي حاجتنا النفسية ثانيا ثم الآخرين المحيطين بنا ثالثا. صدقني انك بهذا الهم الذي تعيش فيه لإصلاح سلوكياتك وحالك أنك في الطريق الصحيح وفي الخط السليم، أما المغرور بذاته والذي يراها على حق دائما أو حتى لا يعترف بوجود نقص عنده هذا هو الذي لن يتطور ولن تصلح حاله بل وسوف يسأم المحيطون به من التعامل معه والعيش بجانبه. ثانيا: يشكو كثير من الناس كما تشكو من السهولة في إبداء الرأي حول موضوع معين والكلام فيه بل حتى الإجادة التامة في طريقة طرحه وتناوله من مختلف الزوايا، ولكن الأمر الصعب الذي يواجهونه هو في عملية العمل والتطبيق، والناس مختلفون جدا في هذه الناحية وغالبا ما يحكم هذه المسألة لدى الإنسان عدة أمور منها على سبيل المثال:- •الاستعداد النفسي ودرجة الثقة بالنفس لدى الفرد. •التنشئة الاجتماعية ومدى الاستقرار النفسي والأسري في المراحل العمرية الأولى. • الخبرات الفردية والمشاركات في شتى الأنشطة الحياتية سواء كانت اجتماعية أو نفسية أو ثقافية أو غير ذلك.

• درجة الاندماج في المجتمع من حولنا والتفاعل الوجداني والنفسي أو الجسدي والحركي مع البيئة المعيشية المحيطة. • الجرأة وعدم الخوف من الزلل أو الوقوع في الخطأ أو الخوف من انتقاد الآخرين. هذه وغيرها تساعد الفرد في الحقيقة على القدرة في عملية السرعة في التطبيق العملي لما يمكن أن نسميه ((التفاعل المباشر والسريع)) لكل ظرف قد يمر به من حوادث سلوكية أو تصرفات مختلفة تكون مفاجئة له ولم يكن قد استعد لمواجهتها بالتصرف المطلوب أو التفاعل السليم أو المنضبط والحكيم. ثالثا: استشعارك لأهمية تطبيق ما تعلمه من آيات قرآنية وأحاديث نبوية أمر محمود، ولكي تصل إلى هذه المرحلة عليك بملازمة أمرين مهمين هما: بقاء هذا الشعور دائما في مخيلتك وحال تصرفاتك، ولكي تحافظ على هذا الشعور تحتاج إلى الأمر الآخر وهو محاولة المران والرياضة وأقصد بالرياضة هو ترويض النفس على فعل الأمور المحمودة فالنفس تحتاج دائما وباستمرار إلى معاهدة وملاحظة كي لا تغفل ولا تنسى. ذلك الشعور بضرورة العمل بالعلم وذلك التمرين المستمر ستجد نتيجته فيما بعد وتيقن أنك ستفشل مرة وتنجح أخرى ولكن في النهاية ستجد التغيير حتما، وشاهد ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما الصبر بالتصبر والحلم بالتحلم) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفقك الله لحسن المعشر وحسن الخلق،،،،

المسلمون في المهجر

المسلمون في المهجر المجيب د. حسن الحميد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 25-7-1423 السؤال لدينا في المركز الإسلامي هنا مختلف الجنسيات من الإخوة المسلمين ومختلف الطوائف الإسلامية من سنية وشيعية وغيرهم. إمام المسجد إنسان فاضل وخريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة والقانون هنا يسمح بكل شيء وقد منعنا جميع الطقوس البدعية واقتصرنا فقط على الصلوات الخمس والجمعة والعيدين منعاً للمشاكل. نرجو توجيهنا إلى الطريق الصحيحة في التعامل مع هذا الاختلاف من الجماعات؟ وما حكم تقديم أحد المسلمين إلى المحاكم القانونية إذا بدرت منه بعض الأخطاء بحق المركز الإسلامي؟. والله يحفظكم ويرعاكم،،،، الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:- فانتم - أعانكم الله وسدد خطاكم - على ثغر في هذا القطر النائي من العالم، وعليكم مسؤولية توطيد أركان الإسلام، ونشر تعاليمه، وحماية جنابه والذب عنه، ومقارعة أهل الباطل بالأساليب المناسبة التي تحقق المصالح المرجوة، وتدرأ المفاسد المتوقعة قدر الإمكان. وما ذكرته من وجود أخلاط من المنتسبين إلى الإسلام في هذا المركز يقع عادة في المناطق التي يكون المسلمون فيها قليلاً، بحيث لا تستقل كل طائفة بمساجد تخصها، وقد يكون بعض المخربين استغل القانون العام، ولم يتنبه الذين أسسوا هذا المركز إلى صياغة قانون خاص به يحميه من تدخّل أمثال هؤلاء فيه وفي سياساته ومجالسه. وفيما يلي أذكر لكم بعض التنبيهات وأرجو أن تكون عوناً لكم بعد الله في انتهاج أسلوب أمثل في التعامل مع هذا الواقع. أولا:- ينبغي لكم ملاحظة أن قدراً من الأذى الناتج عن وجود هذه الأخلاط من الناس أمر يصعب تجاوزه، ولكن يمكن تخفيفه وتحييده بالأساليب المناسبة. ثانياً:- هؤلاء المخالفون هم في الغالب جهلة رعاع، وإن تظاهروا بغير ذلك، وهم محل للدعوة، والتأثير عليهم ممكن إذا أحسنتم التعامل، فالعلاقات الشخصية، والحوار الهادئ غير المتشنج وعدم المبادرة بتخطئة آرائهم ومذاهبهم بل مناقشتهم بالحجج وعدم إغلاق الباب والمفاصلة، إلا بعد استفراغ الوسع، والوصول إلى قناعة أنهم متعصبون مشاغبون، ذوو كيد، وهذا في الغالب يكون في قيادات هذه الفرق وعلمائها، لا في العامة منهم. ولا يهولنكم حجم البدع عندهم، فهم مقلدون، ربما لم يدعوا من قبل بأسلوب علمي فيه الحكمة والرحمة والعلم، وسعة الأفق والمصابرة وإعطاء الوقت الكافي. ولا ينبغي لمن يحاورهم أن تكون بينه وبينهم مواقف سيئة مسبقة. ثالثاً:- وفي هذه الأثناء لا تشعروهم بالغربة والعزلة، بل تخيروا منكم فئة يقصدون إلى مخالطتهم ومؤانستهم، رجاء انتفاعهم وهدايتهم. واحتسبوا في ذلك الأجر عند الله. ولا حرج أثناء ذلك من شهودهم الصلوات والمناسبات في المركز. رابعاً:- وإذا اعترض أحد منهم على بعض ما يسمع، فلتكن هذه المسألة محل حوار بينكم على الصفة التي ذكرت من قبل وبهذا تجمعون بين الاستمرار في بيان الحق ونشره، وبين محاورتهم وعدم قطع الحبال بينكم وبينهم.

خامساً:- في الوقت نفسه حاولوا أن تجتمع كلمتكم، وأن تضموا إليكم الأقرب فالأقرب إلى آرائكم خاصة من المسالمين الذين لا يهتمون بمثل هذه الخلافات ... وكونوا صفاً واحداً في الدورات الانتخابية حتى تتمكنوا من الإمساك بكل المسؤوليات وتقوموا بالتوجيه، وحماية رواد المركز من الخرافات والبدع بشكل قانوني. وحتى إذا تحقق لكم ذلك فلا تتخلوا عن الحكمة في معالجة الأمور معهم، واعلموا أنهم سيخسرون يوماً بعد يوم، إذا كانت مواقفكم حكيمة وهادئة - مع تحقيق أهدافكم - ومواقفهم هم فوضية متشنجة، وبهذا سيخسر تأثيرهم في الناس، وقد يأتي اليوم الذي يطالب فيه عامة رواد المركز باتخاذ إجراءات حازمة تجاههم، وحينئذ يمكن أن يتولى غيركم مواجهتهم. سادساً:- عادة ما يكون القانون العام مرناً بحيث يسمح بحماية المؤسسات الدينية بناء على ما يتضمنه دستور هذه المؤسسة أو تلك، أي أن من حق المؤسسين للمركز الإسلامي أن ينصوا في دستور المركز أنه خاص بأهل السنة والجماعة، ولا يحق لغيرهم من الرافضة أو الصوفية مثلاً.. أن يكونوا أعضاء في مجالسه ولا أن يتولوا فيه مسؤولية - أياً كانت - فإن كان شيء من ذلك موجوداً فهو ضمانة لهذا المركز.. وينبغي أن ينص أيضاً على أنه ليس من حق أحد أن يغيّر هذه الفقرة في الدستور، وأنه لا يجوز التصويت عليها - بتعديل أو إلغاء. وهذا موجود في القوانين المنظمة للمراكز الإسلامية في أمريكا فيما أعلم. سابعاً:- وبناءاً على ما سبق فإنه في حالة عدم جدوى الحلول السابقة من الملاطفة والدعوة والصبر والمحاورة، ثم التجاهل، ثم التحذير ... إذا لم ينفع شيء من ذلك فإن الاستعانة بالسلطات في كف أذى من يعاند منهم أمر لا حرج فيه، لكن يتخذ من الإجراءات ما يكفي لكف الأذى الذي لا يحتمل، ويعاقب الشخص الأسوأ، حتى يكون عبرة لغيره، فإن مصلحة تعليم الناس دينهم وعدم التشويش عليهم، وجعل المركز مناخاً ملائماً للدعوة ... كل ذلك مصلحة عامة. وشكاية شخص أو أشخاص يتعمدون تفريق الصف وإثارة الشبه بعد استفراغ الوسع معهم - مفسدة خاصة والحفاظ على المصلحة العامة المتحققة مقدم على ما تتضمنه الشكوى من مفسدة يسيرة في حق أشخاص يستحقون العقاب. خاصة أن الطرفين محكومان بقانون وضعي، ولا سبيل إلى دفع الأذى إلا بسلوك هذا السبيل. ثامناً:- ونحن في "موقع الإسلام اليوم" يسعدنا التواصل معكم فيما يحقق المصلحة لديننا وأمتنا. ونأمل أن تبعثوا إلى الموقع ما لديكم ولدى المسلمين في "نيوز لاند " من مشاركات واستفسارات، وأن تكتبوا أو تشجعوا غيركم على الكتابة عن أحوال المسلمين هناك للتعريف بهم في الموقع. وفقكم الله وأعانكم على حمل أمانة الدعوة والإصلاح،،،،

قلة الامتثال

قلة الامتثال المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 13-8-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، الإخوة الأفاضل!! قلة الاستجابة والتأثر للتحذيرات والتوجيهات التي يطرحها المربون والدعاة والمعلمون تعتبر مشكلة تحتاج للبحث عن أسبابها فما توجيهكم يحفظكم الله. الجواب أيها الأخ الكريم.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكرً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " ليس الطلاب فقط هم الذين يتميزون بقلة الاستجابة للتوجيهات والتحذيرات التي توجه إليهم.. صحيح أن هذا أمر بارز فيهم بحكم السن والمراهقة والنشاط الحركي والدوافع السلوكية القوية التي توجد في هذه الفئة العمرية من المجتمع ولكنه يوجد وبكثرة لدى غيرهم من أفراد المجتمع. قلة الاستجابة ليست لأنهم طلاب بل لأنهم في عمر وسن معين يجب تفهمه ودراسته ومن ثم التعامل معه. للأسف يجهل كثير من الدعاة الفضلاء والمشايخ الكرام والمعلمون الأفاضل دور السن في برمجة السلوكيات والتصرفات وما تتميز به كل مرحلة من المراحل العمرية من حين الولادة إلى بلوغ الرجولة وسن الرشد من تنوع في شكلية وصفة هذه السلوكيات. سن المراهقة بأنواعها الثلاث " المبكرة والمتوسطة والمتأخرة " لكل نوع منها ما يناسبه من التعامل والتوجيه.. فما يصلح مع أحدها قد لا يصلح بالضرورة مع الأخرى. وما يتوقع من كل فئة من سلوكيات قد لا يتماثل بالضرورة مع الفئات الأخرى.. هذا من جهة. الأمر الأهم في نظري أننا مجتمع توجيه وتحذير وأمر ونهي وقهر وإجبار وتحكم، مجتمع كلامي أكثر منه مجتمعاً عملياً.. نحب الكلام والتنظير ونهرب من العمل والتطبيق نوجه الأخلاقيات لمختلف شرائح المجتمع باللسان ويغيب تماماً التوجيه بالسلوك وبالعمل بالقدوة الصادقة وليست الكاذبة وأقصد بالقدوة الكاذبة كل تصرفاتنا وسلوكياتنا مع أفراد المجتمع.. سلوكيات المدرسين والمربين مع بعضهم البعض غير متماثل بحضور الطلاب وغيابهم.. يطلق المربي والمعلم والأب لنفسه العنان في السلوكيات غير المتحفظة وغير المتزنة إذا غاب عنه الرقيب " وأقصد بالرقيب هو ذلك الطفل أو المراهق الذي يجب أن يرى في ذلك المربي القدوة الحسنة وإذا ما كان في حضرته تغير الاتجاه في السلوكيات تماماً. هذا ما أقصده بالقدوة الكاذبة إذ الصادقة هي التي تجعل النفس هي الرقيب وليس وجود القاصرين أو تغيبهم عن النظر، نحن جميعا ًفي هذا المجتمع "ولعله سبب تخلفنا " نعاني من القصور في العمل نقول ونأمر بالفضائل ونحن أبعد الناس عملياً عما نأمر ونسعى إليه، نحذّر من الغش ونحن نمارسه ليل نهار ولكن بطرق غير مباشرة كي لا نقع في الحرج، ولذلك لا نسعى في التحقق من هذه الطرق.

نحذّر من الحرام وأكل الحرام والكثير منا يتحيّن فرصة وجود طرق ملتويه تساعدنا على التعامي عن مشروعية تلك الطرق وغيرها الكثير..،والذي يزيد هذه المشكلة تفاقماً واتساعاً هو براعتنا وقدرتنا العجيبة عن البحث عن التبريرات والتعليلات حتى ولو كانت واهية، بل إنه حتى مع ارتكاب الذنب والفعل السيئ لا نجد كبير عناء في البحث عن تبريرات واهية نعلّل بها أنفسنا ولا نعلم أن إبليس هو صاحب هذه الوسيلة إذ بدأ بالتبريرات والتعليلات مبرهنا صحة عمله بمعصية الله فبدلاً من أن يستغفر ويعترف يقول " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " أما الطرف الآخر وهما آدم وحواء فكان جوابهما الاعتراف وهذا هو الأصل في الأعمال ولذلك فإن المشاكل والتخلف والتردي في الهاوية للمجتمع بأكمله لن يتوقف من وجهة نظري ما دام كل إنسان لديه الاستعداد التام للبحث عن مبررات لأعماله حتى ولو كان خطأها واضحاً كما الشمس في رابعة النهار. ومن جانب آخر فإننا نعاني أيضاً من مشكلة أراها في اتساع مع الوقت ذلك أننا نهتم بالنافلة على حساب الواجب، إذ يتثاقل المربي والمعلم عن أداء واجبه وعمله اليومي بشكل واضح.. بل ويصل بالبعض منهم إلى التحايل على العمل وأداءه.. لكننا نجده في نفس الوقت نشيطاً بارعاً بالأمور النافلة خارج وقت الدوام ووقت العمل كالأعمال الخيرية والجمعيات التوعوية والدعوية.. وكأن الأجر لا يكون إلا بالأعمال التطوعية فقط. هؤلاء الطلاب هم المرآة المعاكسة لهؤلاء المعلمين والمربين ولذلك فالسؤال يجب أن يوجه إلى المربين والمعلمين أنفسهم بمدى التزامهم في استجابتهم للتوجيهات والتحذيرات القرآنية والنبوية أم هي فقط سلوكيات آنيّة أمام الطلاب ومكاييج خارجية يلتزمون بها كإحدى متطلبات العمل سريعاً ما يتخلصون منها حالما ينعتقون من ذلك العبئ الوظيفي الذي فُرض عليهم، ولذلك فإن اليسر كل اليسر في التوجيه والتنظير ويصدق ذلك ويكذبه العمل.

الجدية مع الناشئة!!!

الجدية مع الناشئة!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 4/5/1422 السؤال أن المتأمل في حال الناس بصفة عامة والناشئة بصفة خاصة يلحظ بعدهم كل البعد عن الجدية وإغراقهم في الهزل واللعب وتافه الأمور!!! ومن أراد التغير هل يعتمد على الجدية وهو يعلم أنه بهذا لن يستمروا معه في الطريق أم يعتمد على الترويح والتلطف لهم مع بعض التجاوز عن زلاتهم في سبيل بقائهم معه وبعدهم عن الشر لكن سيكون تغيرهم متأخر وتكوينهم ركيك. ملاحظة: أنا أعمل في حقل دعوة الناشئة.. أرجو التكرم بالرد ولكم جزيل الشكر.. الجواب اشكر لك ثقتك. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد أما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: غلبة الهزل وعدم الجدية.. وربما السطحية على كثير من الناس.. هو أمر ملحوظ.. ومشاهد.. وأسباب ذلك كثيرة ومتداخلة وليس هذا مجال بسطها.. وهنا يكون التحدي أمام من يحملون هم الدعوة والإصلاح كبيراً.. ويتطلب عملهم قدر كبير من المهارة في التعامل والاستقطاب.. والتحفيز. ثانياً: التغيير يا عزيزي.. لا يأتي في يوم وليلة.. وتأكد أن الذي يأتي سريعاً يذهب سريعاً.. والعبرة هنا في النهايات والقناعات الثابتة والراسخة.. أما المسايرة والالتزام الشكلي.. دون انتماء حقيقي للمنهج واعتزاز كبير فيه واستعداد لتحمل تبعاته.. فلا يعول عليه. ثالثاً: لكل ذلك.. فالتعامل مع الناشئة يحتاج إلى سعة بال وطول نفس.. وتحمل لنزقهم وهزلهم أحيانا.. بل وفتح المجال لهم لذلك حتى لا يملوا..فهم أبناء زمانهم ومرحلتهم.. والنفس ـ أخي الكريم ـ جبلت على رفض القيود الكثيرة..!! خاصة وأن البدائل السيئة متوفرة بكثرة.. ودواعيها أكثر من أن تعد.!! رابعاً: نخطئ كثيراً بتصورنا ـ أحياناً ـ أننا نستطيع أن نبرمج حياة هؤلاء الناشئة بشكل آلي.. فيكون للحديث وقت وللدعابة وقت وللابتسامة وقت وللالتفات وقت.. وللجلوس.. وللقيام..!! هذا من دواعي نفورهم.. ولذلك هم يستمروا ما دام المقابل يملك الأريحية وسعة البال.. والتغاضي أحيانا وعدم التدقيق الصارم على كل شاردة وواردة.. خاصة في لهوهم وتعليقاتهم وضحكاتهم البرئية.. وحبذا لو وضع البرنامج مفتوحاً يتخلله أوقات الجد.. وليس العكس. خامساً: يكفيك ـ أخي الكريم ـ شرفاً.. وأجرا عند الله تعالى إبقائهم معك بعيدين عن مواطن الزلل والانحراف.. وتأكد أن للمرحلة ظروفها.. فمتى ما تجاوزوها وهم وسط هذه الأجواء الطيبة.. فسيستعدون تكوينهم الجاد الإيجابي بإذن الله. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

التردد في تربية الطلاب..!!!

التردد في تربية الطلاب..!!! المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 22/5/1422 السؤال الحمد لله الذي من علينا بنعمة الهداية وكذلك شرفنا بخدمة هذا الدين وبعد فأنا عندي مجموعة من الطلاب أسعى إلى تربيتهم التربية الإسلامية ولكن يأتيني بين فترة وأخرى هاجس بان اترك هذا العمل بدافع أني لست أهلا لهذا من حيث الإخلاص والتجرد في العمل وكذلك من حيث أنى ليس لدي خبرة كافية في هذا المجال أرجو مساعدتي وجزاكم الله خيرا الجواب هذا منصب عظيم، ومنة كبرى، وإنني أعجب، حيث قبل قليل كتبت لعدد من الأخوة يشتكون ألواناً من الانحراف والذنوب، فإذا برسالتك تعيد إليّ بعض هدوئي وتوازني، فالحمد لله، وأوصيك بالثبات والاستمرار وألا تلتفت لهذه الهواجس فهي من طبيعة البشر، وهي محدودة إذا حملتك على lمضاعفة الجهد في تصحيح النية وتجريد الإخلاص، وعلى تكميل نفسك بالعلوم النافعة والخصال الطيبة، وعلى أن تكون قدوة في قولك وفعلك … ولكنها قد تكون مذمومة إذا حملتك على ترك ما أنت عليه لأنك حينئذٍ أغلقت عن نفسك باب خير وحرمت هؤلاء الشباب من الفائدة، ولم تتحقق لك في مقابل هذا شيء نرجوه. إن الدعوة عبادة، بل هي من أعظم العبادات لمن صحت نيته. وصحة النية لا تعني أن يكون الداعية مطمئناً بالضرورة إلى حسن مقصده، فما زال السلف يتهمون نيا تهم ويخافون على أنفسهم، بل كانوا يخشون النفاق كما قاله ابن أبي مليكه وغيره. لكن لم ينقل أن أحداً منهم ترك عمل الصالحات لهذا، بل عدّوا ترك العمل الصالح خشية الرياء خطراً يجب اجتنابه، كما هو منقول عن الفضيل رحمه الله. ولا يجمل بالمرء ترك الدعوة ليكمل نفسه بالعلم أو بالعمل لأن الدعوة عون على ذلك، ولا حرج أن يعلم الإنسان شيئاً ما رزقه الله عليه، وهو ي الوقت نفسه يتعلم شيئاً خفي عليه. ومن الخطأ أن يرى الإنسان نفسه غير محتاج إلى التعليم كائناً ما كان فضله وعلمه. فواصل طريقك،، ووسع نشاطك واجتهد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا داعية ... وعندي حساسية زائدة

أنا داعية ... وعندي حساسية زائدة المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 4/7/1422 السؤال أعاني من مشكلة نغصت حياتي وهي أنني داعية معروف عند عدد كبير من الناس، وابتليت ولم أكن كذلك بالحساسية الزائدة إلى درجة أنني أتأثر بالكلام وأحلله وأحزن بسبب ذلك وقد قاطعت عدد من أصدقائي التي تربطني بهم علاقة تزيد عن عشر سنين وأنا أعلم أن هذا خطأ ولكن لا أستطيع تغيير نفسي ولا أستطع الاعتذار حيث أشعر أن ذلك نقص في شخصيتي أنني لا أنسى المواقف وأشعر أن أصدقائي لا يحبونني ولا يحترمونني فمثلاً: إذا احتجت وساطة في أي مكان ولم أجد تعاون من أصدقائي أو أقاربي أو أي عذر مقنع لي أقاطعهم يعني (أجمدهم) أما السلام والزيارة الرسمية خصوصاً الأقارب فأني لا أقاطعها لقد أصبحت أشعر أن عندي مرضاً نفسياً والمشكلة أنني متعلم وشيخ لجملة كبيرة من الناس وحتى لا أظلم نفسي تحصل معي أخطأ من الآخرين ولكني أتأثر ولا أنسى وغيري يتأثر وينسى أرجو إعطائي حلولاً عملية.. والله يحفظكم. الجواب أخي الكريم أرى أنك حكمت على نفسك بالفشل في حل المشكلة فكيف تريد أحداً أن يساعدك فالمشكلة لا تحل إلا إذا كان لديك استعداد للحل وأهم شيء للمريض إذا أراد أن يشفى من مرضه، الاعتراف بالمرض، أما إذا قال لا فلن يشفى منه وأنت اعترفت بالمرض لكن حكمت على نفسك بالموت والفشل وأغلقت نوافذ العلاج بقولك لا أستطيع تغيير نفسي من قال لك أنك لا تستطيع تغيير نفسك..؟ فإذا كنت تريد أن تغير نفسك فقل سأحاول وسأنجح أما طريقتك هذه توحي بأنك مرتاح للحالة التي أنت فيها وتحاول أن تقنع ضميرك الذي يؤنبك بأنك لا تستطيع يا عزيزي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم) فلا شيء مستحيل ولا تنتظر من أحد وصفة سحرية كما يقال لتتغير وتصير خلاف ما أنت عليه ويظهر أنك مصاب بداء العجب في نفسك حيث أنك داعية معروف حسب قولك والداعية يا أخي من سماته التواضع ولين الجانب أين أنت من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبله أين أنت من قول الحق تبارك وتعالى (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) وقوله تعالى (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) فأنت تشكو من الوسوسة التي أوردت عندك عدم الثقة في النفس بسبب شيء ماء تكبته فأردت التنفيس عن نفسك وإذا أخذت المسألة من زاوية المصلحة البحتة فإنك ستشفى بإذن الله كيف..؟ إذا نالك من أحد سوء إما بقول أو فعل ثم عفوت عنه وسامحته فلك أجر عظيم وإذا نال أحد منك أذىً بادرت إلى الاعتذار منه فإنك تكسب مرتين، الأولى أنك تزيل ما يترتب على هذا الأذى من عتاب ويرضى عليك خاصة إذا كان لا يعلم، والثاني أنك تكسب محبة قلب هذا بالاعتذار منه، ولا تقول هذا تنظير خيالي جرب وسترى النتيجة. الاعتذار يا أخي لا يحط من قيمة الرجال أبداً، وبالعكس كلما وثق المرء بنفسه زادت مساحة الاعتذار لديه دون خجل ولكن الضعيف هو الذي يجبن عن ذلك وأظن أنك تملك مقومات ذهنية وعقلية رائعة فلا تجعل نفسك فريسة لوساوس الشيطان. آمل أن نسمع منك مرة أخرى بأنك تحسنت إلى الأفضل. رعاك الله.

الشباب وجوالات الجيل الثالث.. بين المنع والتحذير

الشباب وجوالات الجيل الثالث.. بين المنع والتحذير المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 03/07/1426هـ السؤال نحن مشرفون على حلقة لتحفيظ القرآن، وكما تعلمون -حفظكم الله- أننا اليوم نعايش انفجاراً معلوماتياً رهيباً، وتكنولوجيا متطورة جعلت العالم بين يدي الشباب، وبالتحديد جوالات الجيل الثالث والإنترنت وغير ذلك، فهل ننصح الشباب ونحذرهم منها ومن مخاطرها، أم نحاول منعهم من استخدامها، ونقول لهم: إن هذا حرام؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: التحذير من استخدام تلك التقنيات في الشر واجب، وتذكيرهم بوجوب تقوى الله في استخدامها مهم، والتأكيد على ذلك كل حين ضروري، وتوعية الآباء بمخاطرها وتذكيرهم بمسؤولياتهم مما يعين في ذلك، لكن لا ينبغي أن يشعر مقتنيها منكم بنظرة سوءِ ظنٍ به في استعمالها، ولا ينبغي أن يسمع منكم كلمة تعرِّض بذلك، فهذا يحرج الشعور ولا يربي ولا يزجر، بل ربما كان ذلك منظراً ومزهداً في مصاحبتكم فتخسروا صاحبكم. أما منعهم من استخدامها فغير مُجدٍ؛ لأنه سيكون مؤقتاً بوقت حضوره معكم، فمن ذا يمنعه من ذلك إذا فارقكم؟! ومن المستحسن في هذا أن تقترحوا على من يقتني شيئاً من ذلك أن يجعله وسيلة مؤثرة في الدعوة إلى الله، والمواد في هذه كثيرة متيسَّرة لا يكلف نشرها مالاً ولا جهداً. وفقكم الله، وأصلحكم وأصلح بكم.

مشكلتي في المحرك الذاتي

مشكلتي في المحرك الذاتي المجيب د. حسن الحميد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 8-5-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا شاب ومن الله علي بالهداية منذ فترة ليست بالقصيرة، بدأت من ذلك الوقت باستدراك ما فات من العمر وكان التطور ملحوظا حتى من الله علي بالمشاركة في حقل الدعوة إلى الله، ولكن المشكلة تكمن في ضعف المحرك الذاتي لدي حيث أثر ذلك على علاقتي مع الله وكذلك التقصير في بعض المهمات الدعوية..!!! ما توجيهكم فضيلة الشيخ لعلاج هذه المشكلة؟! الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فإن العبد في جهاد مع نفسه وشيطانه وما حوله من الأشياء وبقدر يقظته لنفسه، وحزمه وحسن تأنيه للأمور يفلح ويترقى في مراقي الكمال، مصداق ذلك قوله سبحانه: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) والنفس لها شده وفترة وإقبال وإدبار، فمن كانت حاله إلى العمل والجد أقرب وهي أغلب حاله فهو على خير، ويرجى له المزيد، ومن كان بعكس ذلك فلينظر أي شيء قعد به عن العمل وتعاهد النفس بالتزكية فقد تكون شهوة خفية، وقد تكون معصية مال إليها القلب، واستمرأ المرء فعلها خفية عن الناس..فإياكم ومحقرات الذنوب. ولا تنس نفسك عن عبادة السر، وإصلاح السريرة وحسن الظن والورع، فإنها ما جاورت قلب امرئ إلا وصل إلى مقصوده، ووفق إلى كل خير حتى وإن عجزت عنه حيلته. واجتهد في العمل، فإنه يقطع الهواجس والوساوس ويعلي الهمة، وهو خير علاج لما تجد من خواطر. كيف لا وحاجات الأمة ومشاكلها لا تتناهى..فمن لم يحرك همته حال الأمة، وما يرى من مصائبها، وما عليه الناس من الجهل والغفلة والفسوق - إلا من رحم الله منهم - ويجعل من ذلك مهيجاً على الدعوة والإصلاح، والبعد عن الترف وإهدار الأوقات، والدوران حول ألذات فلن تفلح فيه موعظة عابرة أو كلمة موجزة. ولكنها الذكرى إذا وقعت من النفس موقعاً حسناً أثمرت خيراً كثيراً. فالعمل العمل.. والإخلاص الإخلاص. أسأل الله لي ولك التوفيق.

أجد هذا الأمر صعبا علي..!!

أجد هذا الأمر صعباً علي..!! المجيب د. حسن الحميد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 27-4-1423 السؤال مشكلتي حيث إنني في البيت لا أستطيع أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر بسبب إنني أصغر إخوان في البيت والوحيد من بينهم الملتزم إن شاء الله. حيث عندي إخوان يكبرونني في السن لا يصلون إلا في يوم الجمعة وأنا غير قادر على نصيحتهم أفيدوني وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فالحمد لله أن وفقك لسلوك سبيل المؤمنين، وحفظك مما وقع فيه بعض من ذكرت من أهل بيتك. وإني أذكرك بأمور: أولاً: كن قدوة حسنة لأهل البيت حتى يحترموك، ويتقبلوا منك التوجيه. فالقدوة أعظم طرق الدعوة والأمر بالمعروف. ثانياً: حاول أن تهدي عليهم أشرطة وكتيبات ومطويات فيها قصص ومواعظ مناسبة لحالهم واتركها في البيت ولا تستعجل عليهم. ثالثاً: انظر في كل فرصة اجتماعية - خاصة التي ترقّ منها القلوب - كالمصائب التي لا يخلوا منها بيت أو بلد كوفاة قريب أو جار، أو مرض.. أو غير ذلك ووجّه إليهم نصيحة بهذه المناسبة. رابعاً: قد يكون في أهل البيت من هو أقرب إلى الخير فابدأ بهم حتى يكونوا في صفك. خامساً: إذا فعلت ما تستطيع وراعيت الحكمة في ذلك فسيكون له أثر بإذن الله ولو بعد حين. وأنت مأجور على كل حال سواء استجابوا لك أم لم يستجيبوا. فلا تيأس ولا تعجل. وفقك الله

النقد..وموقفنا من الآخرين!!

النقد..وموقفنا من الآخرين!! المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 26-7-1424 السؤال والله الذي لا إله إلا هو ليس قصدي ضرب أحد بجوابكم ولا تشميت الناس بالحق الذي لا تترددون في توضيحه، لكنهم إخوة لنا هم أمل لنا ولكنهم يلخّصون كل دعوتهم في التصدي للمخالفين وشتمهم وسبهم ويعيبون على من لا يوافقهم في شن الحرب على المخالفين. لماذا يغلب على مجالسنا سب المخالفين وشتمهم، فنقول: الشيخ فلان منافق وفلان كافر بن كافر وفلان لعنه الله ولعن أباه؟؟؟. أرجوكم كلامكم هو المقبول وجهوا صوتاً يوجهنا ويرشدنا.. فوالله أوقاتنا تضيع وقلوبنا تعفنت من شتم الناس، ونشتاق لإعلان الحق بكل هدوء ونزاهة. جزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" هناك نقاط مهمة , عند الكلام على الأشخاص , ونقدهم؛ إيجاباً أو سلباً: ـ عملية النقد والتقويم عملية خطيرة جداً. إذ من بيده حق تقويم , أو نقد الآخرين , ومن الذي أعطى فلاناً حق نقد الآخرين , ولم يعط غيره هذا الحق؛ ليتسلط عليه وينقده؟ ! ـ نقد العلماء والطعن فيهم أصبح عند البعض وسيلة وغاية في نفس الوقت , وهذا منحنى خطير لم نعرفه , ولم نقرأ عنه عند سلفنا الصالح. ـ أصبح النقد والتقويم عند قوم من قبيل نشر السلبيات , وتنقص الآخرين , حتى لو كانت مسألة اجتهادية يكون المخطئ فيها له أجر؛ فأصبح الغرض هو الإسقاط , والتشهير , وتصفية الحسابات مما يقود إلى معارك كلامية طاحنة , لا تخفى على أحد. والكلام على الأشخاص نقداً وتقويماً؛ كثيراً ما يخلط فيه البعض بين الذات والفكر , فأحياناً يحاكم كل منهما بخطأ الآخر. ـ إن من أبرز الإشكاليات الآن: المغالاة في النقد والتقويم , لدى فئة الشبيبة. وهذا يدل على أن ثمة خطأ تربوياً في النشأة. ـ أيضاً: تربية الشباب على روح النقد , والتقويم؛ يبنى فيهم الاعتداد بالذات , الذي يولد الكبر والنظر للآخرين نظرة دونية , وهذا لا يخفى أثره على المجتمع الإسلامي. ـ وأرى تربية الشباب على تقدير الآخرين , واحترامهم , والاستفادة من جوانب الخير عندهم. ـ ولقد ذكر ابن كثير - رحمه الله - أن لمز العاملين لله، هي من صفات المنافقين؛ فقال: وهذه أيضاً من صفات المنافقين , لا يسلم أحد من عيبهم , ولمزهم في جميع الأحوال , حتى ولا المتصدقون يسلمون منهم، إن جاء منهم أحد بمال جزيل , قالوا: هذا مراءٍ , وإن جاء بشيء قليل , قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا. ـ ومن الإشكاليات أن الثقل الفكري للنقد والتقويم أصبح على حساب العمل , والإنتاجية الإسلامية؛ فأصبح البعض الآن بدل أن ينتج؛ نسمع منه: هذا كلام وعظي , خال من الفكر , وهذا فكر مجرد يقسي القلب , وهذا لم يقدم فكرة في كتابه , وهذا فتح الباب على مصراعيه , وهذا منغلق لا يدري ما وراء ثوبه , وهذا, وهذا.....!! ـ أخطر من هذا أن يتعدى الأمر إلى الجماعات العاملة في الساحة , فلا تَجِدُ هَمَّ بعضها إلا الحطّ من الجماعة الأخرى.

ـ إن كثيراً من النقد يكون ملوحاً, أو مصرحاً بسلامة الناقد من العيوب , أو إذا أردت أن تبرئ نفسك؛ فانقد الآخرين! إننا نريد تربية الشباب على سؤال نفسه: ماذا عندي لكي أقدمه لأمتي؟ ماذا عندي من الأخطاء؟ ما البديل , لو كان الآخرون على خطأ؟ أين الجوانب الإيجابية؛ للإشادة بها وتثميرها؟ من هنا أيها الإخوة! نعلم أننا بحاجة ماسّة لمن يغرس فسيلة في مكانها المناسب, بل ووقتها المناسب. بركلة تستطيع أن تهدم جداراً , لكن بناءه يحتاج إلى وقت وجهد! وفقك الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

التأثير في الأصدقاء

التأثير في الأصدقاء المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 12-7-1424 السؤال أنا شاب مستقيم ولله الحمد، وقد هداني الله عن قريب، وإني أتحسر كثيراً على واقع أغلب شباب الأمة من انغماسهم في الشهوات، كيف أتعامل مع هؤلاء الشباب الذين كانوا رفاق الماضي وأنقذهم مما هم فيه بأسلوب جميل؟ حيث إنني لا أستطيع أن أعبر عمّا بداخلي وأؤثر فيهم، لأنني لا أمتلك هذه الموهبة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" ما ذكرته في سؤالك عن كيفية التأثير على أصدقائك المنحرفين بعد أن أنقذك الله منهم وهداك، أولاً أسأل الله لنا ولك الثبات والتوفيق لما يحبه ويرضاه، وهذا شعور منك طيب يدل على اهتمامك وحرصك على تبليغ الدعوة والخوف على أولئك الشباب من عذاب الله، وثانياً أوصيك بما يلي: (1) ابتعد عنهم ولا تصحبهم بهدف دعوتهم، فإن الإنسان لا يأمن على نفسه الفتنة والضعف، واسأل ربك الثبات واجعل علاقتك بهم قليلة وبشكل فردي، وأعد نفسك بالذي تريد أن تتحدث فيه. (2) احرص على أن تبعث إليهم بعضاً من المشايخ وطلبة العلم المؤثرين دون أن يشعر أولئك الشباب بذلك. (3) ادفع إليهم بعض الأشرطة التي تناسبهم وتنفعهم، وبادلهم الجوانب العملية الإيجابية؛ مثل الزيارة لهم فرادى والهدية، والاتصال الهاتفي والوفاء، وإظهار الشفقة والعطف. (4) اصحب بعضهم معك عند المناسبات المفيدة؛ كالمحاضرات مثلاً أو مناسبة عندك، وعليك بالصبر وعدم الانقطاع. (5) تذكر أن الأمر بيد الله - عز وجل- فأكثر من الدعاء لنفسك ولهم ولسائر المسلمين. (6) لابد من المداواة لأصل الإيمان فإن القلب إذا حيا بنور الإيمان تغيرت الأحوال، وازداد العبد من الخيرات وابتعد عن السيئات. (7) لا تنظر لنفسك على أنك أنت المحافظ وهم المفرطون، الصحيح أن العبد ينظر لنفسه دائماً بمنظار التقصير وينظر لغيره بمنظار التفاؤل، وإحسان الظن ولا تيئس من دعوتهم فإن اليائس لا يصنع شيئاً، وبالله التوفيق.

شريعة الشباب، أفكار وأساليب

شريعة الشباب، أفكار وأساليب المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 5/10/1424هـ السؤال أنا أعمل مشرف في دار القرآن الكريم في أحد المساجد، أشرف على مجموعة من طلاب المرحلة الثانوية، مضى على التزامهم في المسجد سنتان، منذ فترة قصيرة اكتشفت أنهم يقومون بمخالفات كثيرة من تدخين، إلى مشاهدة الأفلام والصور الخليعة، وممارسة العادة السرية، إلى غير ذلك من الأمور، وبصراحة لا أعرف كيف أعالج هذه المشكلة، هل أصارحهم كل على حدة بما أعرف عنهم؟ أم أحاول إصلاح الأمور بطريقة غير مباشرة؟ وكيف أسير معهم في حل هذه المشكلة؟ علماً أنهم ملتزمون في المسجد، وهم في المسجد رائعون ومواظبون على حلقات القرآن والصلاة. الجواب أخي السائل: جزاك الله خيراً وجعلك من أنصار دينه، ومن الدعاة إليه على بصيرة. أخي الفاضل: لا يكفي في صلاح قلوب الشباب أن يترددوا على الحلقة بعد العصر، بل تحتاج تربية الشباب إلى وقت أطول وأكثر تواصلاً بين نخبة صالحة من المشرفين وبين الطلاب، كما يحتاج الأمر إلى برامج يستثمر فيها الشباب وقتاً أطول مما هو حاصل في الحلقة، فإذا أمكن أن تقنع بعض الأخيار من المدرسين ليشاركوك الإشراف على هؤلاء الطلاب فهذا أمر مفيد، وسينعكس إيجاباً على حال الطلاب ويخلق برنامجاً جيداً يستوعب وقت الشباب، وأقترح عليك ما يلي: (1) وضع دروس تقوية مجانية في المسجد بعد المغرب والعشاء في بعض الأيام. (2) تخصيص وقت لحل الواجبات والمذاكرة في المسجد، مع وجودك أو وجود مشرفين آخرين يساعدونك ويساعدون الطلاب على الدراسة. (3) تخصيص بعض أيام الإجازة الأسبوعية لرحلات تتضمن برامج وموضوعات تربوية تستهدف علاج الظواهر التي ذكرتها، مثل: قصص عن بعض الأنبياء والصالحين ممن امتنعوا عن المحرمات مع توفر دواعيها، وتيسر أسبابها، مثل يوسف عليه السلام، والفتى الحميصي، وغيرها من القصص، وموضوعات عن الموت، وعذاب القبر، واليوم الآخر، وشرح حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، ونحو ذلك من الموضوعات. (4) والتذكير بخطر المعاصي على العبد، وآثارها السيئة في الدنيا والآخرة، والتذكير بالجنة وما فيها من النعيم، وأنها حقت بالمكاره، وأن النار حفَّت بالشهوات. ولتعلم أخي الفاضل: أن الشهوة غالبة ومؤثرة ولا سيما على الشباب، ولذا ينبغي محاولة إقناعهم بالبعد عن مشاهدة هذه الأفلام، بالتذكير بخطر النظر المحرم على القدرات الجنسية مستقبلاً وكيف أنه سبب لشيوع البرود الجنسي لدى الرجال في البلاد التي أدمن رجالها رؤية النساء في أوضاع عارية أو شبه عارية. وتذكيرهم بشكل عام بفضل غض البصر، وطرح موضوعات: (مراقبة العبد لربه والخوف منه، والخشية له سبحانه) . (5) حبذا إن أمكن القيام بزيارة للمقبرة، والتذكير بالموت وما بعده، كما يمكنك طرح مسابقة في كتاب: (كيف تواجه الشهوة) للشيخ محمد الدويش فهو كتاب نافع للشباب. (6) طرح مسابقة عامة في مخاطر التدخين الصحية والدينية، وتكليف الجميع دون تخصيص بالمشاركة فيها، القيام بزيارة جمعية مكافحة التدخين أو بعض فروعها إذا كانت موجودة في بلدك، شهر رمضان على الأبواب فيمكنك تشجيع الطلاب على التخلٌّص من التدخين وغيره، باستضافة محاضر يتحدث عن هذه المشكلات التي وقع فيها الشباب، وكيفية التخلُّص منها واستغلال شهر رمضان لذلك.

فتور الملتزم

فتور الملتزم المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 8/8/1424هـ السؤال أنا شاب ملتزم على طاعة الله منذ عام تقريباً، ولقد وجدت والله السعادة واللذة الحقيقية، ولكن بعد مضي شهور أحسست بنوع من الفتور، فلم أستطع الخشوع، وبدأت أرتكب الذنوب والمعاصي حتى وقعت في الكبائر، ولقد أحسست أني بفعلي هذا منافق، أرجو نصحي وإرشادي، وأنا الآن أصبت بحالة من الإحباط والخوف من عذاب الله في الدنيا قبل الآخرة، أجيبوني جزاكم الله خيراً. الجواب السلام عليكم، وبعد: شكراً لمراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، والجواب على استفسارك كما يلي: معلوم أن الإنسان يمر بمراحل مختلفة وأحوال متنوعة، وبقاؤه على حال من الجد أو ضده تحيله طبيعة البشر من التقلب والتحول، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لحنظلة بن عامر - رضي الله عنه - يوم أن شكا له عدم ثباته على حال من الخشوع والإخبات فقال له: إنا نكون عندك يا رسول الله وكأن على رؤوسنا الطير وإذا فارقناك عافسنا النساء ولاعبنا الأولاد، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مبيناً له استحالة بقاء الإنسان على حال واحدة:" والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات" أخرجه مسلم (2750) من حديث حنظلة الأسيدي - رضي الله عنه-، فإن تغير حال الإنسان طبيعة فطرية، وليس هذا محل إنكار إنما محل الإنكار أن تنقلب الحالة من خير إلى شر، أو من طاعة إلى معصية، لذلك أخبر عليه الصلاة والسلام أن لكل عمل شرة وفترة، يعني مرحلة جد وضعف، فقال:"فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى" أحمد (22376) عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار، ففي مسند أحمد (6473) وغيره عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم إن لكل عمل شرة، وإن لكل شرة فترة، فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت شرته إلى غير ذلك فقد هلك، وفي لفظ:"إن لكل عمل شرة، وإن لكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك" أحمد (6664) ، فالواجب على العبد عند الضعف أن يحرص على التمسك بالفرائض وأصول الدين والبعد عن المحرمات، فإن وجد نفسه ثقيلة على النوافل والمستحبات فلا بأس بتركها فترة ليعود إليها بشوق وهمة أكبر، وفي نفس الوقت يعالج أسباب هذا الضعف وسبب رجوعه للذنوب مرة أخرى. إن تحسسك للأسباب يختصر عليك المسافة في معالجة ما جد من تغير، وذلك بترك تلك الأسباب والرجوع للحال التي كانت النفس فيها مقبلة، وحالة الفتور هذه يتعرض لها كثير من السائرين إلى الله، فإن أحسنوا معالجتها وإلا كانت وبالاً على بعضهم، يتردى بسببها إلى الحضيض، وإني أنصحك بالرجوع إلى كتابين عالجا أمر الفتور معالجة جيدة، الكتاب الأول: آفات على الطريق للدكتور: محمد السيد نوح، والثاني الفتور للدكتور: ناصر العمر، واحرص أخي على البعد عن الأصحاب الذين أضعفوا فيك التمسك بدينك، واحرص على لزوم الأخيار والصالحين، وأكثر من الاستعانة بالله عز وجل، والله يثبتنا وإياك على الحق حتى نلقاه وهو راض عنا إنه جواد كريم، والسلام عليكم.

صديقي كثير اللعن

صديقي كثير اللعن المجيب صالح بن درباش الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 28/3/1425هـ السؤال لي أحد أصدقائي حينما يغضب يلعن أمي أو يلعن أي شخص يقابله، وحينما تقول له: لا تلعن، يقول اللعنة أليست ترجع لي (ما دخلك) .أبلغوني الجواب جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فإن الإكثار من اللعن ليس من صفات المؤمن؛ قال صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء"، ولعن من لا يستحق اللعن من المعينين كبيرة من كبائر الذنوب (انظر الكبيرة 39من كتاب الكبائر للذهبي) ، وفي الحديث:"لعن المؤمن كقتله" رواه البخاري (6105) ومسلم (110) من حديث ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - ويعظم إثمه عندما يكون موجهاً للوالدين أو لأحدهما كما في السؤال، إذ يجتمع فيه حينئذٍ إثم اللعن وإثم عقوق الوالدين؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من لعن والديه" رواه مسلم (1978) من حديث علي - رضي الله عنه -. ومن لعن معيناً لا يستحق اللعن عاد ذلك اللعن على اللاعن؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعن فإن كان لذلك أهلاً وإلا رجعت إلى قائلها". ولا يجوز التساهل في لعن المعينين؛ لما في ذلك من الوعيد الشديد، أما اللعن على سبيل العموم لمن يستحقه فلا بأس كلعن الكافرين والظالمين وآكلي الربا ... وشاربي الخمر ... ونحو ذلك مما هو لعن لجنس الفاعلين لا لأعيانهم. وما ذكره السائل من عدم مبالاة اللاعن بعقوبة اللعن هو- والعياذ بالله- من قبيل الاستخفاف بعقاب الله ويخشى على من تعمد ذلك الكفر؛ فإن من استخف بشيء من ثواب الله أو عقابه كفر، وعليه فالواجب مناصحة المذكور بالتي هي أحسن، وبالحكمة والموعظة الحسنة حتى لا يصر على خطئه، وينبه برفق ولين على خطورة ذلك ومآل من استخف بعقاب الله؛ فلعله لا يعلم بأن ذلك يؤدي إلى الكفر. والله أعلم.

الاحتجاج بالقدر على المعاصي

الاحتجاج بالقدر على المعاصي المجيب محمد بن إبراهيم الحمد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 6/2/1425هـ السؤال لدي أصدقاء إذا قدمت لهم شيئاً من النصيحة احتجوا بأن ما يفعلونه انما هو قضاء وقدر؟ الجواب الحمد لله أما بعد: فإن الإيمان بالقدر لا يمنح العاصي حجة على ما ترك من الواجبات، أو فعل من المعاصي. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وليس لأحد أن يحتج بالقدر على الذنب باتفاق المسلمين، وسائر أهل الملل، وسائر العقلاء؛ فإن هذا لو كان مقبولاً لأمكن كل أحد أن يفعل ما يخطر له من قتل النفوس، وأخذ الأموال، وسائر أنواع الفساد في الأرض، ويحتج بالقدر. ونفس المحتجّ بالقدر إذا اعتدي عليه، واحتج المعتدي بالقدر لم يقبل منه، بل يتناقض، وتناقض القول يدل على فساد، فالاحتجاج بالقدر معلوم الفساد في بداية العقول ". مجموعة الفتاوى 8 / 179. وبما أن هذا الأمر مما يعمّ به البلاء فهذا إيراد لبعض الأدلة الشرعية والعقلية، والواقعية التي يتضح من خلالها بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي أو ترك الطاعات: 1- قال الله - تعالى -: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ) [الأنعام: 148] ، فهؤلاء المشركون احتجوا بالقدر على شركهم، ولو كان احتجاجهم مقبولاً ما أذاقهم الله بأسه. 2- أن القدر سر مكتوم، لا يعلمه أحد من الخلق إلا بعد وقوعه، وإرادة العبد لما يفعله سابقةً لفعله، فتكون إرادته للفعل غير مبنية على علمٍ بقدر الله، فادعاؤه أن الله قدَّر عليه كذا وكذا ادِّعاءٌ باطل؛ لأنه ادعاءٌ لعلم الغيب، والغيب لا يعلمه إلا الله، فحجته إذاً داحضة؛ إذ لا حجة للمرء فيما لا يعلمه. 3-ومما يرد هذا القول - أيضاً - أننا نرى الإنسان يحرص على ما يلائمه في أمور دنياه حتى يدركه، ولا يعدل عنه إلى ما لا يلائمه ثم يحتج على عدوله بالقدر. فلماذا يعدل عما ينفعه في أمور دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر؟ ! وإليك مثالاً يوضح ذلك: لو أراد إنسان السفر إلى بلد، وهذا البلد له طريقتان، أحدهما آمن مطمئن، والآخر كله فوضى واضطراب، وقتل، وسلب، فأيهما سيسلك؟ لا شك أنه سيسلك الطريق الأول، فلماذا لا يسلك في أمر الآخرة طريق الجنة دون طريق النار؟

4- ومما يمكن أن يرد به على هذا المحتج - بناء على مذهبه - أن يقال له: لا تتزوج؛ فإن كان الله قد قضى لك بولد فسيأتيك، وإلا فلن، ولا تأكل ولا تشرب فإن قدَّر الله لك شبعاً وريَّاً فسيكون، وإلا فلن، وإذا هاجمك سَبُعٌ ضارٍ فلا تفر منه؛ فإن قدَّر الله لك النجاة فستنجو، وإن لم يقدرها لك فلن ينفعك الفرار، وإذا مرضت فلا تتداوَ؛ فإن قدَّر الله لك شفاءً شفيت، وإلا فلن ينفعك الدواء. فهل سيوافقنا على هذا القول أم لا؟ إن وافقنا عَلِمْنا فساد عقله، وإن خالفنا علمنا فساد قوله، وبطلان حجته. ومما تجدر الإشارة إليه - أن احتجاج كثير من هؤلاء ليس ناتجاً عن قناعة وإيمان، وإنما هو ناتج عن نوع هوى ومعاندة؛ ولهذا قال بعض العلماء فيمن هذا شأنه: " أنت عند الله الطاعة قدري؛ وعند المعصية جبري، أي مذهب وافق هواك تمذهبت به " مجموع الفتاوى (8/107) . يعني أنه إذا فعل الطاعة نسب ذلك إلى نفسه، وأنكر أن يكون الله قدر ذلك له، وإذا فعل المعصية احتج بالقدر. وبالجملة فإن الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي، أو ترك الطاعات احتجاج باطل في الشرع، والعقل، والواقع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - عن المحتجين بالقدر: " هؤلاء القوم إذا أصروا على هذا الاعتقاد كانوا أكفر من اليهود والنصارى ". مجموع الفتاوى (8/262) .

بين الدعوة ومواصلة التعليم

بين الدعوة ومواصلة التعليم المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 18/06/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا معلم من مكة، وأعمل في منطقة أخرى، ولدي نشاطات دعوية وتربوية، وزوجتي كذلك، وأرغب في النقل إلى مكة لأكمل دراستي العليا، وأقترب من والدي -حفظهما الله- ولكي أخالط العلماء؛ لأنني أظن أن تفرغي لطلب العلم فيه نفع عام للمسلمين، ولكنني أخشى أن أترك ثغرة هناك لا أجد من يسدها عني أو عن زوجتي، فبماذا تشيرون عليّ؟ حفظكم الله. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين.. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن شعور المسلم بعظم مسؤولية الدعوة إلى الله شعور جليل، وفيه دليل على حياة قلب هذا المؤمن. وسؤالك -أخي المبارك- يكثر في أوساط الشباب الحريصين على الخير، ولي معه وقفات: 1- إن تحمل أعباء الدعوة ـ على صعيدي الرجال والنساء - لا يتعارض مع طلب العلم الشرعي، فالعلم يدعو للدعوة، والدعوة لا بد لها من علم، فلا تعارض أبدا، ً بل هما جانبان يكمل أحدهما الآخر. 2- ذهابك للدراسة العليا التي يأمل نفعها، أمر جيد، لكن لا يعني أن تنقطع في هذه المدة عن زيارة هذه البلد باستمرار، وتقديم ما يمكن تقديمه لأهلها. 3- إن كان والداك في حاجتك، أو يرغبان بقربك منهما، ففيهما فجاهد. 4- في حال استمرارك في البلدة كثف لنفسك البرامج العلمية، من قراءة للكتب وسماع للدروس وحضور للدورات المكثفة القصيرة، ودخول على مواقع الإنترنت التي تعنى بنقل الدروس، وغير ذلك من وسائل لتلقي العلم. 5- في أثناء إقامتك في هذه البلد حاول تأسيس قاعدة من الشباب تكون عوناً لك في تحمل أعباء الدعوة في ذلك البلد، حتى إذا سافرت أو شغلت أو حتى مت، تستمر ثمرة عملك. 6- عليك باستشارة بعض طلبة العلم الملمين بحاجات البلدة، ولهم دراية بك وبقدارتك، فهم أقرب إلى الصواب من رؤيتنا، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره. وربما اختلفت أحوال البلدان أو السائلين فتختلف عليها الإجابة. أسأل الله أن ينفع بك، وأن يجعلك مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر.

دعوتهم ولم يستجيبوا

دعوتهم ولم يستجيبوا المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 11/6/1425هـ السؤال ما رأيك: لي أربع سنوات وأنا أدرس في قرية، وأرى في استجابتهم ضعف، فهل أبحث عن قرية أخرى أقيم فيها بعض المناشط الدعوية؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم أخي الحبيب: سلام الله عليك ورحمته وبركاته. لقد قرأت رسالتك الطيبة بطيبك، المباركة بما خطته يمينك، ولا أخفيك سراً أنه انتابني شعوران متناقضان: أما الأول: فهو فرحي وسروري بأنك تعمل في حقل الدعوة إلى الله، فالدعوة إلى الله فضلها عظيم، وأجرها كبير، فهي طريق الأنبياء والمرسلين، ومن سار على نهجهم من العلماء والمصلحين عبر الأزمنة والعصور، فهنيئاً لك أن سلكت هذا الطريق القويم، فاحمد الله على هذه النعمة العظيمة، "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين" [فصلت: 33] . أما الشعور الثاني: وهو الحزن والأسى لضعف استجابة هؤلاء الناس لك، والذين هم في أمس الحاجة إليك؛ لتأخذ بأيديهم إلى طريق الهداية الذي امتن الله عليك بسلوكه، فكم كنت أتمنى منك أن تسأل عن الأساليب المتنوعة والمختلفة؛ حتى تستطيع أن تصل إلى قلوبَهم، بدلاً من أن تسأل عن الفرار وترك الساحة للجهل والشيطان. أخي: هل تذكرت كم جلس نبي الله نوح - عليه السلام- يدعو قومه؟ ألفاً إلا خمسين عاماً، هل تذكرت كيف كان يدعوهم؟ استمع إليه وهو يناجي ربه، فيقول: " ... رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً" [نوح: 5] ، ويقول: "ثم إني دعوتهم جهاراً ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً" [نوح: 8-9] ، الله أكبر، الليل والنهار، الجهر والكتمان، الإسرار والإعلان، لم يترك وسيلة إلا واتخذها، ولا طريقاً إلا وسلكه، ولا باباً إلا وطرقه من أجل هداية قومه إلى الله، إنه العمل الدائم الذي لا يعرف التوقُّف، والجهد المستمر الذي لا يعرف الانقطاع، إنه العطاء الذي لا يعرف المنع، إنه البذل الذي لا يعرف الشح، إنه الإقدام الذي لا يعرف الجبن، إنها التضحية في أسمى معانيها؛ فالحياة كلها بليلها ونهارها موقوفة لله والدعوة إليه، ومع ذلك كيف كانت النتيجة؟ استمع إليه وهو يشكو بثه وحزنه إلى الله: "فلم يزدهم دعائي إلا فراراً وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً" [نوح: 6-7] ، بل وفوق هذا كله توعده قومه بأنه إذا لم يكف عن دعوتهم لينزلن به العقاب، فاستمع إليهم وهم يقولون له: "لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين" [الشعراء: 116] .

أخي الحبيب: سرِّح طرفك، وأمعن النظر في تاريخ تلك القافلة المباركة، قافلة الأنبياء والرسل - صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً-، وهم يبذلون المهج والأفئدة، والدماء، والمال، والأنفس، وكل غال ونفيس، وبذله بسخاوة نفس في الدعوة إلى الله، وهداية البشر إلى طريق الهدى والنور، بكل ثقة وثبات، ويقين بنصر الله -تعالى- لهم، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى أتاهم الله بالنصر المبين، تجد العجب العجاب، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يذهب إلى الطائف، ويحدث له ما هو معلوم للجميع، حتى دعا بهذا الدعاء المشهور، فما كانت النتيجة؟ نزل جبريل - عليه السلام- بأمر من الملك العلام - سبحانه وتعالى- على سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه ملك الجبال، وقال جبريل - عليه السلام- للرسول - صلى الله عليه وسلم- بعد أن قرأ عليه السلام إن الله قد سمع مقالة قومك لك، وهذا ملك الجبال قد أرسله الله لك، فأمُره بأمرك، فلو شئت أن يطبق عليهم الأخشبين- أي الجبلين العظيمين- لفعل، فماذا كان جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يوحده لا يشرك به شيئاً" متفق عليه أخرجه البخاري (3231-7389) ، ومسلم (1795) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، وكان صلى الله عليه وسلم يقول حكاية عن نبي من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" البخاري (3477) ، ومسلم (1792) ، وصدق الله حيث قال: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ" [التوبة:128] . فيا - أخي الحبيب- ليكن لك في هؤلاء الثلة المباركة من أنبياء الله ورسله الأسوة الحسنة، والقدوة الطيبة، فلا تترك هذه القرية وتذهب إلى غيرها، وتذكَّر دائماً قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي -رضي الله عنه- عندما دفع إليه الراية يوم خيبر لفتحها: "لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم" متفق عليه عند البخاري (3701) ، ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد-رضي الله عنه-. أخي الحبيب: إذا نظرت إلى أهل الباطل من نصارى وغيرهم من أهل الكفر والإلحاد، والفسق والزندقة تجد عندهم من الصبر والجلد الشيء العظيم، من أجل نشر باطلهم وعقائدهم الفاسدة، فلزاماً على أهل الحق والخير أن يكونوا كذلك وأشد؛ لأنهم يدعون إلى الحق المبين، وكان سيدنا عمر -رضي الله عنه- يقول: "أعوذ بالله من عجز الثقة وجلد الفاجر". أخي الكريم: أرى لزاماً علي أن أنصحك بما يلي: 1- الاستمرار مع هؤلاء الناس في الدعوة إلى الله، حتى وإن كانت استجابتهم ضعيفة. 2- العمل الجاد على أن تجعل لك طلبة علم يحملون هم هذه الدعوة، حتى إذا خرجت من عندهم، كان هناك من يسد هذه الثغرة المهمة. 3- فتش في نفسك؛ فلعل هناك خللاً ما في أسلوب دعوتك، قد يكون السبب في عدم استجابتهم لك. 4- لا تستعجل قطف الثمار قبل الأوان؛ فتصاب بالحرمان. 5- أكثر من القراءة في كتاب ربنا، وسنة نبينا- صلى الله عليه وسلم-، وخصوصاً في الجوانب الدعوية.

6- الدخول في دورات تطوير الذات كالخطابة، وأساليب الإقناع والتأثير، ونحو ذلك فإنها ترفع من كفاءتك في إيصال المعاني إلى الناس. 7- عليك بالإكثار من مطالعة سير الصالحين من الأنبياء والرسل، والصحابة الكرام - رضي الله عنهم- ومن سار على نهجهم من العلماء الربانيين، ولعلك تقرأ سيرة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى-؛ ففيها النفع الكثير. 8- عليك بالإكثار من القراءة في الكتب التي عنيت بالدعوة من حيث الطرق والأساليب. 9- عليك باستشارة أهل العلم والدعاة، ومن عندهم خبرة في هذا المجال. 10- عليك بصدق اللجوء إلى الله والتضرع إليه بالدعاء بأن ييسر أمرك، ويشرح صدرك، ويطلق لسانك، ويلهمك الحجة البالغة. 11- وأخيراً أود أن أهمس في أذنك وأقول: نحن الدعاة إلى الله أمرنا بالدعوة والتبليغ، أما استجابة الآخرين فهذا ليس من شأننا، فمن يشأ الله أن يهديه يشرح صدره للدعوة وسلوك طريقها، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيِّقاً حرجاً كأنما يصعّد في السماء، ولله الحكمة البالغة في ذلك، فما علينا إلا البلاغ المبين، وكذلك لا يشترط وليس من الضروري أن نرى ثمرة دعوتنا في القريب العاجل، أو نرى ذلك ونحن أحياء، بل قد يجنى هذه الثمار الأجيال القادمة، فكم من أناس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قتلوا وماتوا وهم لم يروا أي ثمرة لهذا الدين الجديد، ولكن أبناءهم ومن جاء بعدهم جنوا هذه الثمرة المباركة، فهذا ياسر وسمية وغيرهما - رضي الله عنهم جميعاً- ممن قتلوا في بداية الدعوة لم يشاهدوا هذا الفتح المبين، ولم يجنوا ثمرة دعوتهم وجهادهم في سبيل الله، لكن عمار وخباب وبلال رأوا هذا كله، فليكن لنا فيهم - رضوان الله عليهم جميعاً- الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة، وهذه سنة الله في كونه "وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً" [الأحزاب: من الآية62] . هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الدعوة إلى الله وصعوبة التكلم

الدعوة إلى الله وصعوبة التكلم المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 15/10/1425هـ السؤال عندما أدعو الآخرين إلى الله أجد صعوبة في التكلُّم، فكيف أواجه هذه المشكلة؟. الجواب الأخ الكريم:-سلمه الله ورعاه-: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: أولا: أشكر لك حرصك على حمل هم الدعوة إلى الله، وهذا فضل عظيم يجدر بالعبد الحرص عليه؛ ليكون من أحسن الناس قولاً، كما قال سبحانه:"ومن أحسن قولاً، ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً" [فصلت:33] . ثانياً: مع اتفاقي معك على أهمية استخدام الوسائل المؤثرة في الدعوة، والقدرة على الحديث الجيد، ولكن هذا لا يمنع أن يتحدث الإنسان مع الناس بسجيته، وليس في الدعوة إلى الله ما يستحى منه حتى نتردد فيها، ويكفي ما في التردد والتلكؤ من هزيمة نفسية يشعر بها الداعي والمدعو، في حين أهل الشر والباطل لا يبالون من الصدع بباطلهم، وأهل الحق أولى بذلك، قال تعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-:"فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين" [الحجر:94] ، وقد قال عمر -رضي الله عنه-: "أعوذ بالله من عجز الثقة وجلد الفاجر" أخرجه ابن سعد في الطبقات. ثالثاً: أقترح عليك مراجعة الكتب المعنية في التعامل مع النفس البشرية وأعظمها كتاب الله -عز وجل- فكم فيه من وسائل الإقناع التي تؤثر على القلب والعقل والروح، وكذلك سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتأمل في طرق دعوته، ووسائل حديثه مع الآخرين، وكيفية دعوته لهم، وكيف ملك القلوب والعقول، ودخل الناس في دينه أفواجاً، وكذلك النظر في الكتب الحديثة، والتي كتبها كُتَّاب متخصصون عندهم اطلاع جيد، وإدراك عميق لأسرار النفس، والقدرة على الدخول عليها، ومعرفة التأثير فيها، ومن تلك الكتب التي اطلعت عليها: - كيف تؤثر في الآخرين. كيف تقنع الآخرين. أسرار النفس البشرية. وغيرها من الكتب الشبيهة بهذا الفن، وزيارة قصيرة للمكتبات العلمية توصلك إلى مثل هذا.. ولي أن أذكرك ببعض ما في ذهني من هذه الجوانب المفيدة في هذا الموضوع: - إن من طرق إقناع الآخرين بفكرة ما، محاولة جعل الفكرة فكرتهم من خلال توظيف أدنى كلمة يقولونها للفكرة المراد إقناعهم بها. - الهدوء في الحديث، والسكينة في المنطق، مع الابتسامة المتكررة، والتي توحي بالأنس بالحديث معه. - إشعاره بحبك أثناء الحديث؛ فإن هذا يسهل قناعته بأفكارك، ولو لم يسبق له سماعها. - أن تظهر اهتمامك بما يتكلَّم به، وأن تُقبل عليه بكلك وأنت تسمع لحديثه؛ فإن هذا رسول إلى عقله وقلبه يمهد قبول حديثك وقناعته بما تطرح. - أن تثني على حديثه، ولو لم يكن بذاك الحديث القوي الذي يستحق الثناء منك، لكن من باب كسبه والوصول إلى قلبه. - لا بد أن تدرك أن قناعتك أنت بما تطرح أمر ضروري، ولكنه غير كافٍ، إذا لم يكن مدعما بالأدلة والبراهين.

- يمكنك أن تجعل الفكرة المطروحة مجرد فكرة يطرحها آخرون، وتذكر ما لها وما عليها، وتزيد في الذي لها من الأدلة والبراهين والقناعات دون أن تتبناها؛ لتنظر ردود فعله بعد ذلك. - ومن الوسائل المهمة في ذلك الصدق في الحديث والتوازن، وعدم المبالغة في الأسلوب أو المعلومة. - إن عملك بما أنت مقتنع به وتطبيقك له، وحرصك على أن تكون فيه قدوة من أقوى الوسائل التي تقنع الآخرين بمصداقيته. - أن تظهر التواضع في الطرح، وعدم النظرة الاستعلائية على المقابل؛ لأن الكبر من شأنه أن يفسد الطريق الموصل للقلوب. - أن تسأل الله دائماً وأبداً أن يمن عليك بالبيان الذي تنصر به الحق وتدعو به إلى الله، وتذكَّر قول موسى -عليه السلام- لربه: "قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي" [طه:25 -28] . - شارك ما تيَّسر لك ذلك في الدورات المعنية بتعليم طرق التعامل مع النفس، وفي تطوير الذات، وغيرها من الدورات النافعة التي تدور في هذا الفلك. - استمع كثيراً للعلماء والدعاة المؤثرين والمقنعين؛ فإن هذا يعطيك ملكة في ذلك. - اقرأ كثيراً لمن عرف بأسلوبه القوي في الطرح والنقاش؛ لتستفيد من طريقته. وفقك الله لكل خير، وأعانك الله على طاعته والدعوة إلى دينه.

أصحابي يسخرون مني!

أصحابي يسخرون منِّي! المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 27/05/1426هـ السؤال عندي مشكلة، وهي أنني أخجل من دعوة أصدقائي إلى طاعة الله؛ لأنني عندما أدعوهم يسخرون منِّي، ويصفون لحيتي -بسخرية- بأنها عسل، وكل ما أريده وصفة تجعلني لا أعبأ ولا أهتم بهذا الكلام، وأن أتشجَّع وأتحمس لدعوة الله عز وجل. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء وسيد المرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه، وبعد: أولاً: أهلاً بك وسهلاً في موقع (الإسلام اليوم) ، وأتمنى لك ـ معه ـ وقتاً مفيداً مباركاً ثانياً: واضح من رسالتك ـ الكريمة ـ أنك في بداية طريق الدعوة إلى الله تعالى، وهو ـ يا أخي ـ ثبت الله قدميك ـ طريق الأنبياء والمرسلين، ومن سار على دربهم، ويكفي من اقتفى آثارهم شرفاً ومنزلة قول الله تعالى: "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقّاها إلاَّ الذين صبروا وما يلقَّاها إلاَّ ذو حظ عظيم" [فصلت:33- 35] . ومع جلال الدعوة وجمالها، وحلو مذاقها إلا إنها سبيل وعرة، وطريق غير مفروش بالحرير ولا محفوفة بالزهور، بل مشقَّة وجهد وجهاد، وصد وإعراض وغربة مرة، يذوق مرارتها أهل الحق في كل زمان ومكان..

وكم حكى لنا القرآن من قصص المرسلين مع أقوامهم، وما لاقوه منهم من كل صنوف الأذى، بداية من الغمز، نهاية إلى القتل وسفك دماء الأنبياء، فقال تعالى عن بني إسرائيل: "أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون" [البقرة: 87] ، وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: "ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين ... " [الأنعام: 35] ، والأدلة على ذلك كثيرة جداً؛ فقط أريدك أن تتأمل قوله تعالى: "إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون * وإذا مروا بهم يتغامزون * وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين * وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون * وما أرسلوا عليهم حافظين * فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون * هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون" [المطففين:29 - 36] ، ومع هذا ـ يا بني ـ فأصحابك ليسوا كفاراً؛ بل هم كغيرهم، ومثلك قبل أن تتذوق حلاوة الإيمان "كذلك كنتم من قبل فمنَّ الله عليكم".. هم فقط جاهلون بالحق، غرباء عنه، وأنت إذا أحسنت إليهم وبششت وهششت لهم، وتحببت إليهم بحسن الخلق، ثم رأوا منك ثباتاً على مبادئك وما هديت إليه من حق، فإما أن يشرح الله ـ بإذنه ـ صدورهم كما شرح لك صدرك، أو على الأقل يكفيك شرهم، ويمنعك سخريتهم وأذى قولهم، وحتى لو قالوها ـ سخرية ـ فأنت يا صاحب اللحية "حقاً لحيتك كالعسل"، فما أحلى التحلِّي بالسنة، فلا تحزن فأصحابك مدحوك إذ أرادوا مذمتك، وأخيراً.. أنصحك ـ أيها الداعية الصغير ـ أن تستعين على الخروج من خجلك هذا بالعلم، فتعلَّم أحكام دينك، وتعرَّف على طرائق الدعوة وتجارب الدعاة إلى الله، وتدرَّب على "فن الدعوة"، واختلط بالناس، وكن واثقاً بنفسك، وكن صاحب المبادرة في بدء أصحابك بالحديث، بعد ذلك أنصحك ـ ومن خلال تجربتي الشخصية وأنا في مثل سنك ـ أن تشارك أهل "التبليغ والدعوة" بعض جولاتهم على الناس؛ فقد يساعدك هذا ـ إن شاء الله ـ على الجرأة في الدعوة، ويدربك على فن المبادرة، ويرفع عنك حالة الخجل والتردُّد.. وفقك الله وثبَّتك.

صديقتي لم تعد كما كانت

صديقتي لم تعد كما كانت المجيب د. وفاء العساف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 6/05/1426هـ السؤال لي صديقة كانت خير معينة لي على طاعة ربي وحفظ كتابه، وبعد أن أكملنا الدراسة الثانوية التحقت بكلية وهي في أخرى، ولم أتركها بل استمرت المكالمات بيننا، وكنا نلتقي في الدار في العصر، ولكنني بدأت ألاحظ عليها تغيراً كبيراً في تعاملها معي وفي سلوكياتها، وعندما أصارحها بالتغير تقول: أنا لم أتغير لكن أنت حساسة.. وبعد أن بحثت في الموضوع وسألت عنها في الكلية فوجئت بأنها تقوم بسلوكيات لم أعهدها عنها، فهي تتظاهر بالتعب والإغماء، كما أنها تتعمد الكذب على أهلها، فهي تقول لزميلتها في الكلية: إن والدها قاسٍ وأمها كذلك، وأن حالتها في البيت سيئة، وأنا أعلم يقيناً أنها تعيش في بيت كل أفراده صالحون، بل يقل نظيره في وقتنا الحاضر، فالوالدان مثقفان ومتفاهمان وحريصان على أبنائهم أشد الحرص، ولكن لا أدري ما سبب هذه الأكاذيب، مع أنها ما زالت ترافق الصالحات، وقد حرصت أن أتصل بزميلتها هذه وهي إنسانة مستقيمة واعية لتحل المشكلة، ونعيدها إلى صوابها، وهي إلى الآن لا تعلم بأني على اتصال مع زميلتها تلك..فماذا أفعل؟ لقد استشرت الكثيرات فمنهن من قالت: استمري على اتصالك بها، وتجاهلي ما يصلك من أخبار عنها؛ حتى لا تفقد ثقتها فيك، ولكنني أعاني حقاً ولا أستطيع تجاهل تصرفاتها تلك، خاصة وأنها تركت الدار، وعندما طلبت منها الحضور، قالت: لا أحب الدار ولا يشرفني الانتماء لها، كما أني أخشى أن تكون قد وقعت في حبائل المعاكسات، فقد كانت تقول: إنها تعاني من الكثير من الإزعاج على الجوال، وبعضها يكون في وقت متأخر من الليل، وقد صارحت أختها التي تكبرها بتغيرها، فقالت: إنها لاحظت ذلك، فما الحل؟ أرشدوني لطريقة مثلى للتعامل معها؛ لتعود كما كانت تلك الصوامة القوامة حافظة القرآن، ثبتنا الله وإياكم على الحق. الجواب عزيزتي: بالنسبة لصديقتك قد تكون هناك أسباب كثيرة لانتكاسها وتغير حالها، على سبيل المثال: (1) انتقالها إلى جو الجامعة وهو مغاير لما كانت عليه، فتأثرت ببعض الرفيقات ذوات الميول المتنوعة، خاصة إذا لم يكن لدى رفيقتك رصيد من القناعة القوية لما كانت عليه وقت المرحلة الثانوية. (2) قد يكون هروباً من أعباء وثقل المحاضرات وتحمل المسئولية، وهذا ينمي عن خلل في الشخصية واستعداد لما تقوم به، ولكن لم تظهر هذه الحالة إلا في المرحلة الجامعية، فحالات الإغماء والتعب والحديث عن الوالدين مظاهر ليس إلا لهذه الحالة. على أية حال ما دام الأمر كما تذكرين أن بيتها بيت فاضل، وأختها على صلة معك أرى والله أعلم اتخاذ الخطوات التالية: 1) الاستمرار في علاقتك معها دون أن تشعريها بما تعرفين، واذكري لها بعض القصص شبيهة بالقصص التي تصلك عنها، واسترشدي برأيها. 2) تواصلي مع زميلتها (العاقلة) دونما تشعر، ولا تلحي عليها في النصح المباشر واللوم.

3) يمكن توثيق مدى الصلة مع أختها، بدون أن تكون العلاقة ملفتة للنظر، بل بذكاء وحرص ومتابعة ووضعها في البيت من قبل أختها، ويمكن أن تشعر والديها بطريقة غير مباشرة ليكونا على علم ومتابعة. 4) حافظي على علاقتك معها ما دامت ترغب في ذلك، وإبقائها طيبة لكن دون تقديم تنازلات من قبلك، وكوني حذرة في نفس الوقت، وأشعريها أنك على أتم الاستعداد للوقوف معها ومساعدتها. 5) يمكن مد الجسور مع زميلتها العاقلة، لتكوين صداقات أخرى ومحاولة احتوائها. 6) الدعاء لها في ظهر الغيب، والله -عز وجل- قادر على أن يهدي العبد ورحمته واسعة، وما عليك إلا النصح لها، وبذل ما تستطيعين. والله ييسر لك ولها.

حين تكون المدرسة بيئة فاسدة!

حين تكون المَدرسة بيئة فاسدة! المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 6/04/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أود من فضيلتكم التكرم وإيجاد حل عملي لهذه المشكلة الكبرى، وإن شئت قل الطامة العظمى، والتي انتشرت في أوساط طلاب المدارس في المراحل المختلفة، ألا وهي الفساد الأخلاقي من اللواط وغيره، أريد التركيز على معالجة المشكلة من بدايتها عند طلاب المرحلة الابتدائية، وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه المشكلة وغيرها من المشكلات -سواء في مدارس البنين أو في مدارس البنات- مرتبط بعضها ببعض كالدخان والمخدرات، وسماع الأغاني، وجلسات السهر في المقاهي بأنواعها المختلفة، والمواقع المشبوهة بالإنترنت، والقنوات الفضائية ذات الأهداف السيئة والمجلات الهابطة وأقراص الـ (سي دي) ، وأفلام الفيديو ذات المحتوى المشبوه، كلها سبب مباشر أو غير مباشر للوقوع في كثير من التصرفات اللا أخلاقية، فمتى ابتلي بها الشاب أو الشابة بسبب إهمال الوالدين، وضعف الوازع الديني عند الأسرة، وتخلي المعلمين والمعلمات عن رسالتهم السامية، وتساهل الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتهاون الجهات الرسمية ذات العلاقة بمسئوليتها، فإن هذه الحال -والعياذ بالله- تكون بيئة خصبة لحصول وانتشار المشكلات اللا أخلاقية لكلا الجنسين، ونحن - ولله الحمد- في هذا البلد لم نصل -وأسأل الله ألا نصل- إلى هذا المستوى المنحط من السفالة والوقاحة، لكن المؤشرات محبطة ومهددة ما لم يتدارك ذوو الغيرة الحال قبل الوقوع في المآل. هذا على المستوى العام مما يلزم تداركه في الحال، أما على المستوى الخاص فهو ذو شقين: الأول: من مسئولية الآباء والأمهات أن يتقوا الله بإحسان رعايتهم لأولادهم، وعدم إدخال ما يكون سبباً في الإعانة على المنكرات في بيوتهم من وسائل إعلامية مختلفة ذات أهداف مفسدة، وأن يكون تعاملهم مع أبنائهم بحسب مقتضيات الحال، فلا شدة تنفر، ولا ليونة تكون سبباً في الضياع، وأن يكون الأب على علم ودراية بأصحاب ابنه، والأم تكون على دراية بصويحبات ابنتها، وأن يحرص الأب والأم على كل ما فيه منفعة دينية ودنيوية بقدر استطاعتهما لتوفيره للأبناء والبنات، وأن يحرصا على اختيار محاضن تربوية سليمة ليتلقى فيها الأولاد والبنات تعليمهم وتربيتهم. الثاني: المدرسة بجميع منسوبيها - وخاصة المدير والمعلمين- أن يتقوا الله، فيكونوا قدوة خير، وأسوة حسنة للطلاب والطالبات، وألا يتم اختيار من يتولى التعلم إلا من يعرف للأمانة أهميتها وقيمها، ويحمل هم الأمة وهم الدين؛ حتى تكون هذه المحاضن التربوية ذات وجهة سليمة وأهداف سامية نبيلة. والله الموفق والمعين.

شباب الدعوة وحب الرياسة

شباب الدعوة وحب الرياسة المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 10/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أنا أحد المشاركين في المحاضن التربوية، ومن العاملين في حقل الدعوة، ولكن هناك مشكلة تواجهنا، وهي التطلع للقيادة والرئاسة، فيطغى حب النفس في هذا الجانب، فتحصل بعض المشكلات وربما تتطور إلى أن تحصل جفوة بين الإخوة وبين الدعاة، أفيدونا مأجورين. الجواب وعليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: تذكَّر في سؤالك أنك من العاملين في المحاضن التربوية أنت وغيرك، وأنه يطغى عليكم حب القيادة، والتنافس على حب نفوذ الكلمة والرأي مما يسبب الجفوة. هذه المشكلة من المخاطر الكبيرة التي تنافي الإخلاص، وفيها الرياء والسمعة، لأن الداعي إلى الله لا يدعو لنفسه، ولا لنيل مركز أو جاهٍ أو منزلة، "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني" [يوسف: 108] ، وأول من تسعر به النار يوم القيامة ثلاثة، وذكر منهم رجل تعلم العلم وقرأ القرآن ليقال هو عالم وقارئ، فالحذر الحذر أن يكون الجزاء النار، والواجب علينا جميعاً أن نلغي حظوظ أنفسنا، وأن نهتم بالإخلاص، ونراجع حساباتنا، وأن نستحضر النية في كل قول أو عمل، وليكن الشعار "إن كان في الحراسة، كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة"، والحذر من الأعمال القيادية؛ لأن فيها الخطورة على دين الإنسان، والحرص على أن تكون من الأخفياء الذين يعملون لله، لا لأجل أن يعلم الناس، ولا لأجل حظ النفس والهوى، ولا لأجل الضرر والمنافسة. اقرأ كتاب الإخلاص ومعالم في السلوك للشيخ عبد العزيز العبد اللطيف، وداو قلبك بالأعمال الخفية والقرآن وكثرة الذكر، والإحسان، وزيارة القبور، ومجالسة الصالحين، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.

كيف أستثمر مواهبي؟

كيف أستثمر مواهبي؟ المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 8/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أنا شاب حافظ للقرآن ولله الحمد، ولدي مواهب وطاقات كثيرة جداً (على سبيل المثال: أملك ذكاءً متوقداً وحافظة جيدة، وحصيلتي اللغوية ممتازة، سواء في اللغة العربية أو الإنجليزية، كما أن عندي مهارات أخرى كالحاسب الآلي والكتابة، وربما الخطابة أيضاً رغم أني لم أجربها.. وغير ذلك الكثير) ، ومع كل هذه الطاقات إلا أني لا أعرف كيف أستخدمها لخدمة الإسلام، علماً أن هذا الأمر يشغلني دائماً. أريد أن أعمل شيئاً ولكن لا أعرف ما هو، ربما يكون سبب هذه الحيرة كثرة المواهب التي عندي مما يشتت تفكيري ويجعلني لا أعرف ماذا أختار، وأقول أحياناً لنفسي: (خسارة أن تضيع كل ما آتاك الله من قدرات في عمل كذا الذي يمكن أن يقوم به أي أحد، وربما يكون السبب في حيرتي أنه ليس عندي صحبة صالحة يشاركونني همي في نصرة الإسلام والعمل الدعوي، ولا أعرف كيف أتعرف على هذه الصحبة التي أتمناها، وربما يكون السبب في قلة العلم الشرعي عندي، رغم امتلاكي لجميع مؤهلات تحصيله، أفيدوني جزاكم الله خيراً، وأنا على استعداد للقيام بما تطلبونه مني، حتى لو اقتضى ذلك أن آتي لمقابلة أي شخص يساعدني على الوصول لمرادي. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: الأخ المكرم أشكر لك ثقتك، وأسأل الله -تعالى- لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد، وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. وأما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: الحمد لله الذي أعطاك كل هذه المواهب فاشكر الله على ذلك "ولئن شكرتم لأزيدنكم" [إبراهيم: 7] ، وعليك أن تسخرها في طاعته ونشر دينه؛ فإنك ستسأل عنها حفظتها أم ضيعتها. ثانياً: أهنئك على هذه الهمة العالية التي تسمو للفضيلة وتسعى لنشر الخير، وأبشرك - أخي الكريم - أن أبواب الخير واسعة وليست مقصورة على مكان دون آخر، أو موقع دون آخر، خاصة في ظل ثورة المعلومات والاتصالات التي جعلت الإنسان يستطيع مخاطبة من يشاء بما يشاء وهو في مكتبه أو غرفة نومه. ثالثاً: أقترح عليك أن تسأل نفسك ماذا تريد أن تكون، وتكتب ذلك على الورق (أي تحدِّد لك هدفاً واضحاً ذا أولوية، ثم تسعى لتحقيق هذا الهدف) . ولا بأس من تحديد أكثر من هدف، وتقسيم الوقت بشكل يحقق لك الاستفادة منه بصورة كاملة، ويحقق لك أهدافك، فمثلاً - يكون لك وقت لمراجعة حفظك للقرآن الكريم والاطلاع على تفسيره، وليكن لذلك مثلاً ساعة في اليوم، وتحدد ساعة أخرى -حسب ظروفك- لحفظ الحديث، وتبدأ بالصحيحين (البخاري ومسلم) ، وتضع لك وقتاً آخر للقراءة الحرة، ووقتاًَ لتنمية بعض مهاراتك الحركية أو الذهنية أو المهارية عن طريق الالتحاق ببعض الدورات الخاصة بذلك، ووقتاً لممارسة هواياتك والقيام بالتزاماتك الأسرية، وهكذا..

رابعاً: أما عن الصحبة الصالحة فهي من أهم المطالب، وأظنك ستجد ذلك في المسجد؛ فقد ترى أحد الشباب الصالح وربما تعرفت به، وعن طريقه تتعرف بغيره. خامساً: لديكم في بلدكم (مركز التفكير الإبداعي) ، ويقوم عليه رجل كفء رائع، هكذا نحسبه والله حسيبه، فلو اتصلت بهذا المركز؛ فربما كان هناك إمكانية للاستفادة من مواهبك وتنمية قدراتك بشكل منهجي علمي، بدل الحيرة والتردد. سادساً: وقبل هذا وبعده صدق الالتجاء إلى الله بأن يوفقك إلى الحق وإلى الخير، وأن يسدِّد خطاك ويعينك ويسهل أمرك. وفقك الله وسدَّد على طريق الخير والحق خطاك.

نصائح في دعوة غير المسلم

نصائح في دعوة غير المسلم المجيب خالد بن عبد العزيز السيف (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) . التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 4/02/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم سؤالي يتعلّق بالدعوة إلى الإسلام، لي زميل في العمل نصراني، أريد أن أدعوه إلى الإسلام، وأرى أنه إنسان جيد، ولكني لا أعرف كيف يمكن لي أن أبين له أنه على الدين الخطأ، أرجو أن تساعدوني، ولكم إن شاء الله الثواب. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد: جميل أن يهتم الإنسان بالدعوة للإسلام، والدعوة هي منهاج الأنبياء والرسل، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال لعلي بن أبي طالب-رضي الله عنه-: "والله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم " أما عن كيفية الدعوة فراع فيها أموراً: - احرص أن يكون الوقت مناسباً، والطرف الآخر متهيئاً. - تجنَّب ما يثير انزعاج الخصم، وأظهر له اللين وأنك باحث عن الحق. - إياك والتهجم على ما يعتقده؛ فإن هذا ليس من الحكمة، وقد يصر على باطله وخصوصاً أنه زميل لك في العمل. - إياك والدخول في الجزئيات، ومهما حاول الخصم جرك إليها فبيِّن له أن الأصل الكليات والأصول، وليس من المناسب الكلام في الجزئيات قبل الكليات، فمثلاً لا تتكلم في مسألة تعدد زوجات الرسول- صلى الله عليه وسلم- قبل الكلام عن نبوته، وهكذا. - احرص على الاطلاع على الشبه التي يثيرها النصارى ضد الإسلام مع معرفة الجواب عليها، وهذه الشبه معروفة يتناقلها النصارى جيلاً بعد جيل. - ابدأ مع الخصم في طريقة إثبات نبوة الأنبياء مثل موسى وغيره من أنبياء بني إسرائيل، ثم انتقل إلى إثبات نبوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن نبوته ثبتت بما ثبتت به نبوة من قبله، وإذا ثبتت نبوته كان كل ما يقوله صدق. هذا أفضل -في نظري- من الكلام حول الثالوث، وخصوصاً مع الأشخاص غير المختصين بالمسيحية كغالب النصارى اليوم. ويمكن الرجوع إلى بعض الكتب في ذلك، وأفضلها ما ذكره الإمام ابن تيمية في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح حول إثبات نبوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المجلد السادس (ص 214) . أعانك الله.

هل يباهلونه؟

هل يباهلونه؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 21/11/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: حفظكم الله ورعاكم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أنا شاب، أقوم بالدعوة إلى الله تعالى على ضوء المنهج السلفي في سريلانكا، وجنوب الهند، ويكون بين أيدينا داعية متحمس، وأعطاه الله قوة في لسانه يقنع الناس بها، ولكنه للأسف يقول في بعض الأحيان أقوالا، شاذة تخالف معتقد أهل السنة فإذا بينا خطأه لا يقبل إلا أنه يدعوننا دائما للمباهلة. وسؤالي: هل يجوز لنا شرعا أن نقوم بالمباهلة معه؟ وهل هناك أدلة وأمثلة للمباهلة مع المسلمين؟ أفيدونا مع المصادر بارك الله فيكم. الجواب أخي الكريم ننصحك أولاً بالرفق مع هذا الداعية المتحمس، ومحاولة كسبه واستثمار مواهبه التي أشرت إلى شيء منها، وتوجيهه والتعاون معه في الأمر المشترك بينكما وأما الأمور التي بينك وبينه فيها اختلاف فإني أنصحكم بمحاولة إصلاحه بطريقة طويلة المدى هادئة تبدأ من الأساس، وليس بالمواجهة ولا بإثارة الخلافات كلما التقيتم، وليكن بينكم، كلام كثير في الأمر المتفق عليه، وكلام قليل في الأمر المختلف فيه. ثالثاً: لا ننصحك بالمباهلة ولا الاستجابة لطلبه وإذا طلب منكم المباهلة فأخبروه أن المباهلة لم تقع في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا مرة واحدة بينه وبين النصارى، وأنتم مسلمون يجمعكم الإسلام ومحبة الخير بعضكم لبعض، ولا يصح أن يجرؤ أحد منكم على الآخر بأن يسأل الله أن يحل الله نقمته عليه، أو يصفه بالكذب، فإن حقيقة المباهلة هي الدعاء بنزول لعنة الله على الكاذبين، وأنتم بينكم الإسلام والرحمة ولا يتهم بعضكم بعضاً بالكذب حتى يستنزل عليه لعنة الله، وإنما يستنزل بعضكم لبعض رحمة الله وهدايته، فما اتفقتم فيه فتعاونوا عليه، وما اختلفتم فيه فتناقشوا فيه بهدوء، واسألوا الله لأنفسكم جميعاً الهداية والرحمة. فأتمنى أن تشرح له معنى المباهلة قال تعالى: "…نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين" [آل عمران:61] فهل تقبل أن تحل علينا لعنة الله وأن نوصف بالكذب؟ أو نقبل أن تحل عليك لعنة الله ونصفك بالكذب؟ هذا لا يكون بين المسلمين أبداً، وإنما نسأل الله أن يهدينا وإياك فيما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يهدينا جميعاً فيمن هدى، وأن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الناس في رمضان

الناس في رمضان المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية التاريخ 4-9-1423 السؤال السلام عليكم أولاً: أهنئكم بحلول هذا الشهر الكريم، ولكنه في نظري أصبح هماً أحمله مع ما فيه من الخير العميم والغفران والرحمات من الله سبحانه تعالى. ولكن الناس لا يشكرون. إنني أشكو في هذا الشهر من التغيير الكبير الذي يطرأ على الناس عموماً وأفراد أسرتي جزء منهم فالزوج والإخوان والأولاد هم في أربع خصال اثنتان في النهار والأخريان في الليل أما اللتان في النهار فالكسل والغضب المستمر وأما اللتان في الليل فالسهر بغير ما ينفع ومشاهدة ما يغضب الله تعالى من القنوات الفضائية والأفلام، فهل من سبيل إلى تغيير هذه الحال؟؟ الجواب الأخت الكريمة.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" ونحن بدورنا نبادلك التهنئة بهذا الشهر الكريم سائلين المولى أن يعمنا بعفوه وكرمه وعتقه من النار وجميع المسلمين. وأما ما ذكرتيه من أن هذا الشهر الكريم أصبح هماً لدى العقلاء من الناس لما يرونه من الجرئة الدائمة في التصرفات مع المولى سبحانه والتغير المبرمج في السلوكيات والتصرفات الفردية والجماعية فأنا مثلك أوافقك تماماً في هذا الهم ولكن في إطاره الصحيح والذي من المفترض أن لا نتجاوزه فننتقل بعد ذلك إلى القنوط واليأس من فضل الله ورحمته. المشكلة في ظني وفي رأيي تكمن في البرمجة العقلية للسلوكيات الفردية والجماعية في التصرفات اليومية التي تنقلب رأساً على عقب بمجرد رؤية هلال هذا الشهر الكريم. هذا التبرمج وهذا الانقلاب في السلوكيات حظي بالاعتراف والقبول المجتمعي على ما فيه من السوء والخطأ ولكنه للأسف أصبح وكأنه أمر عادي ولا غضاضة فيه. وهذه النظرة ما كان لها أن تتأتى لولا تواطئ المجتمع بجميع فئاته على الاعتراف به وتلقيه لها بالقبول والتسليم. والذي يلفت النظر أن هذا الانقلاب يحدث لجميع فئات المجمع رجالاً ونساءاً آباءاً وأمهاتٍ صغاراً وكباراً لكل فئة طابعها الخاص في هذا التحول المفاجئ وهذا الانقلاب السلوكي الكبير والمصيبة أن المهتم الوحيد والمجمع على اتهامه بالوقوف خلف هذا التغير إنما هو ذلك الشهر الكريم.

لقد ارتبط شهر الخير عند الكثيرين من الناس بأنه مفتاح التغير السلوكي والاجتماعي السيئ للأسف الشديد ولذلك فالنصائح والكلمات والمحاضرات والإرشادات والتذكير والتوجيه ليس لها مردود إيجابي إلا من الناحية الفردية فقط وثمارها تبقى محدودة بالتزام الأفراد مع قلتهم بها. الأمر في نظري أعظم من ذلك بكثير لأننا لا نتعامل مع أفراد قلائل يمكن أن توجه إليهم مثل هذه الأساليب وتصبح ناجعة معهم، وإنما نحن أمام معضلة أكبر من ذلك بكثير إنها مسألة مجتمع بأكمله يشكو المرض وسوء الأحوال لدى أفراده جميعهم ولذلك تبقى المسألة محصورة في كيفية انتشال هذا المجتمع المريض من هذه البراثين التي يغرق فيها وهذه الأوحال التي يخوض فيها وهذا الآلام التي يشكو منها وانتشاله إلى روضة الصحة والعافية وإلى طيب العيش والاستقامة وإلى شعاع النور والهدى وإلى الحيوية والنشاط والاستفادة من الطاقات المهدرة والأوقات الضائعة وإلى تغيير بوصلة التيه المجتمعي العام وتوجيهها إلى ما فيه الخير العميم والنفع الشامل والحياة المتحركة بكل ما يفيد وبكل ما يجعله موصلاً لتحقيق الخيرية لهذا الأمة (كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس) . المسألة في نظري ليست من السهولة بمكان بأن تُحل وتُعالج لأنها تراكمات مجتمعية تطاولت مع الزمن حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن ولذلك فلا نتوقع أن العلاج يمكن أن يتم بين عشية وضحاها ونحن لا نملك عصاً سحرية تكفينا منها هزة واحدة لتنقلب معها حالنا وتنحل جميع مشاكلنا، إنها في نظري ذات جوانب متعددة وفروع كثيرة تتشاكل فيها وتنصهر فيما بينها جميع المؤسسات الاجتماعية مع بعضها البعض وتتظافر كلها خطوة بخطوة في انتشال ذلك المرض المجتمعي السائد. فالأسرة ودورها في التنشأة وما يمكن أن يمارسه الوالدان في منزلهما ومع أبنائهما، والمدرسة وما يفعله المعلمون مع تلاميذهم والمسجد وما يقوم به الإمام والمؤذن وجماعة المصلين مع بعضهم البعض والإعلام بأشكالها المتنوعة مع جمهورها ومؤسسات الضبط الأمني مع الأفراد الخارجين عن سلك الجماعة. كل هذه المؤسسات الاجتماعية يجب أن تعمل معاً بحيث لا يكون البعض منها يبني والآخر يهدم. الأمر الآخر هو الالتفات بجدية للأفراد الناشئة في هذا المجتمع إذ هو يشكل أغلبية الأفراد في هذا المجتمع وهم الرقم الصعب الذي يستحق المراهنة عليه. الكبار قد تشكلت طباعهم والجهد معهم قد لا يؤتي من الثمار كما لو كان ذلك الجهد موجهاً ومبذولاً مع الصغار والناشئة.

لنعمق لديهم قيمة العمل والوقت، لم لا يكون رمضان وسيلة يمكن استغلالها على تدريبهم على العمل واحترامهم للوقت وفتح الفرص أمامهم خاصة أثناء الليل وبعد التراويح. الملاحظ أن المناشط جميعها منصبة على الرياضة والرياضة فقط ولا شيء آخر حتى لدى الصالحين أنفسهم فالرياضة والمناشط الرياضية هي طابع برامجهم جميعها. إنني موقن أننا كمجتمع لواستطعنا أن نغرس في أبنائنا حب العمل حتى ولو كان ذلك بالأجر وبالساعة وفي أماكن عامة لأصبحت لدينا مفاهيم محترمة تنقل ذلك الشاب من مضيعة الوقت والتسكع في الشوارع إلى محلات البيع ودكاكين الأسواق. إن غرس حب العمل واحترامه والقائمين به يجب أن لا يكون مقصوراً على فئة معينة في المجتمع دون غيرها كالفئة المحتاجة مثلاً لا بل هي أمينة نتمنى أن تكون مغروسة عند الجميع، والشاب يعمل حينئذ ليس لأنه محتاج إلى المال بل لأنه يريد أن يعمل ولا يكون كلاً على والديه يسألهما المال ليلاً ونهاراً فيصرفها بالباطل واللهو ثم ما يلبث أن ينتهي دوره بعد ذلك ليصبح جيفة هامدة يغط في سبات عميق في مأواه في نهار رمضان بعد أن أخذ اللهو واللعب من جسمه كل مأخذ. إنها كما قلت هموم ما لبث قدوم هذا الشهر الكريم أن نبشها وقد كانت خامدة ليعطي لنا صورة واضحة من صور تخلفنا وذلتنا على الناس أجمعين ثم بعد ذلك نتساءل من أين لنا هذا الذي نحن فيه؟

رابعا: عقبات في طريق الهداية

هل لي من توبة؟ المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 13/11/1424هـ السؤال أنا شاب متزوج، وأحسب نفسي كنت مستقيماً، ولكن للأسف زنيت قبل عدة أشهر ولم أحس بالندم إلا قبل عدة أيام، فحاولت أن أتوب توبة نصوحاً من تلك الفاحشة، ولكني واقع فيما هو دونها.... في مشاهدة الأفلام الإباحية، وكلما حاولت الإقلاع عدت، ولهذا السبب أحس بأن الله لم يقبل توبتي، وحتى إن استغفرت لن يغفر لي، وأظنني وصلت مرحلة القنوط، أدركوني قبل أن أهلك، أدعو بالدعاء وأنا في قرارة نفسي أحسه مردوداً علي، ومن ثم بدأت أفكر بقول الشافعي وهو أن الزنا دين، وأن من يزن يزن بأهله. فما هو ذنبها (الزوجة) ؟ إن كانت صالحة أن تؤخذ بجريرة زوجها، هل يقبل الله توبتي ويستجيب دعوتي وإن كنت عاصيا؟.وما هي علامات قبول التوبة؟. ولقد دعوت الله أن يرزقني ذرية صالحة خلال شهر رمضان وقبله أيضاً، ولكن لم تحمل زوجتي، فانهارت معنوياتي، وأحسب بأن الله لم يقبل صيامي ولا دعائي ولا أي شيء مني غضباً منه علي، أغيثوني أدركوني أريد أن أعود صالحاً كما كنت أو أفضل، أريد أن أعود وأحب عمل الصالحات بدلاً من تثاقلها. أفتوني مأجورين. الجواب ربما وجدت من يبدأ جوابه معك بفتح باب الرجاء لك، وسعة مغفرة الله للمذنبين، ويسوق أحاديث التوبة وآياتها، وهي أمور تدعو الحاجة إليها، ومع ذلك فالأنفع أن نؤخرها قليلاً؛ لأنك إذا كنت ترى أن المشكلة متركزة في أمر واحد، وهو وقوعك في «الزنا» وما ترتب عليه من مخاوف على نفسك وأهلك؛ فإن المشكلة في تقديري تتمثل في شخصك قبل أي شيء آخر. يغلب على ظني أنك تعيش نوعًا من التطرف مع نفسك، ولونًا من التقلب الذي لا يحسن بالرجل السويّ أن يسلكه: فبعد أن كنت مستقيمًا ـ حسب وصفك ـ وقعت في «الزنا» ! وبعد أن لم تكن مباليًا بوقوعك في كبيرة «الزنا» أصبحت أسيرًا للخوف المنهك منها! وبعد أن زهدت في إعفاف زوجتك لك، أصبحت تعيش تحت وطأة الخوف عليها! لا يسعني التقليل من شأن وقوعك في جريمة «الزنا» ؛ لأنك خائف تستغيث وتستنجد، وبخاصة أنك محصن (متزوج) فأي شيء بحثت عنه في غير زوجك التي أحلها الله لك؟! إن الخوف الذي هجم عليك له ما يسوغه، وهي علامة صحة، ونرجو أن تكون سببًا في التوبة وفي قبولها، لكن قدر الخوف الذي وصفته هو زيادة من الشيطان، فإذا أردت السلامة من المبالغة في الخوف فاستعذ بالله من الشيطان أولاً. وعلامة الخوف الذي يحبه الله هو الخوف الذي يقربك إليه، ويوقظك لفعل الطاعة والإقلاع عن المعصية، فإذا تسلل إلى نفسك خوف يقنطك في رحمة الله وفي قبول الله لتوبتك فاعلم أنه وارد من الشيطان، رأى تعبدك لله بالخوف منه، وتوقع إقلاعك عن الذنب فأراد أن يوقعك في ذنبٍ أشد من ذنبك الأول، وهي كبيرة القنوط من رحمة الله.

ومع يقيني أن هذا القدر من الخوف الذي غشيك إنما هو من الشيطان، فإن ذلك لا يمنع أن يكون عقوبة عجّلها الله لك، تتناسب بوجه ما مع اللذة التي غمرتك أثناء مواقعة الفاحشة، «والجزاء من جنس العمل» ونرجو أن تكون كفارة، فإن ما يصيب القلبَ من الهمّ والحزن والخوف والقلق هي عقوبات بما كسبت أيدي الناس، قال الله - تعالى -: "وما أصابك من سيئة فمن نفسك" [النساء:79] ومع ذلك فإن من كرم الله وفضله علينا أن الله يكفر بها عمن يشاء من عباده إذا هم احتسبوا وصبروا. مصداق ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه عند البخاري (5642) ، ومسلم (2573) ، ومن حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما -. ولا أدري ما الذي أشعرك بأن الله لم يقبل توبتك؟!. إن معاودتك لمشاهدة الصور الإباحية دليل على أن خوفك لم يكن صادقًا بما فيه الكفاية، لكنه ليس دليلاً على عدم قبول التوبة مطلقاً، كما يؤكد استمرارك في المشاهدة أنك تشكو من ضعف في نفسك التي تتغلب عليك، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» متفق عليه. عند البخاري (6114) ومسلم (2609) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فالقوي في المنظور الشرعي وعلم النفس الحديث، هو الذي يقوى نفسه ويديرها لا أن تديره وتوجهه إلى ما فيه هلاكه، وليس ذلك خاصاً بالغضب الذي مثّل به النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل يقوى نفسه حتى عند الشهوة، فإنهما (الغضب والشهوة) مغروزان في الإنسان لكن الشيطان يستغلهما للانحراف بالإنسان، من خلال الإفراط (وهو الأكثر) والتفريط. إن معرفتك خطأ فعلك وشعورك بالندم عليه وإعلان توبتك هي علامات لصحة الاتجاه الذي سلكته مع نفسك إلى الله، لكن ذلك لا يكفي، فعليك مجاهدة نفسك أولاً وقبل كل شيء، بأن تقطع الأسباب التي دفعتك (أو جذبتك للفاحشة) وهي مداومة النظر للصور المحرمة، ويغلب على ظني أن الفعلة التي وقعت فيها لم تكن عن لذة تبحث عنها بقدر ما هي شهوة تسببت في استثارتها، فأردت أن تطفئها فازدادت اشتعالاً. وربما كان أول العقوبة التي يقع فيها من يشاهد الأفلام الإباحية هي عدم شعوره باللذة مع زوجته التي أحلها الله له، وذلك أن تلك المشاهدات نقلت اللذة الطبيعية التي يجدها الإنسان في القرب من أهله وغشيانهم إلى لذة وهمية لا يجدها إلا من طريق عينيه، بما تتضمنه وسائل العرض الإجرامية من محاولات استثارة غير حقيقية لا يمكن أن يجدها الإنسان في الواقع، ولذلك ربما أتعب بعض الذين يشاهدون زوجاتهم بحركات قد لا يحسنّها؛ طمعاً منهم أن يجدوا هيجان الشهوة التي تغمرهم أثناء المشاهدة، وهذه والله عقوبة. وإذا كنت تشعر بشفقة على زوجتك أن يصيبها مكروه (أعيذها بالله من ذلك) ، فإن الشفقة على زوجات من يشاهدون الأفلام ويجبرونهن بمحاكاة البغايا والمومسات في اللباس والحركات والموضات والجماع لا تقل عن ذلك.

إن التوفيق في مجاهدة نفسك عن مشاهدة الأفلام لا تتبين من أولى المحاولات، فإن الرجل يكون قد فتل على نفسه حبلاً من الفولاذ من خلال التكرار والمداومة، وعليه أن يحاول قطعه بتكرار الإقلاع والمجاهدة على عفة النظر؛ والله قادر على أن يسلب منك التعلق بالأفلام في أقل من لحظة، ولكن ليستبين صحة نيتك وصدق عزيمتك، فلو كان المرء يبلغ المعالي بمجرد الأماني لكان أوفر الناس حظًا أكثرهم خيالاً. ومن يحفظ بصره عن الحرام فليترقب أوفر الخير من الله تعالى، قال - صلى الله عليه وسلم -: «النظرة سهم من سهام إبليس، مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه - عز وجل - إيماناً يجد حلاوته في قلبه" حديث حسن رواه الحاكم (7875) من حديث حذيفة - رضي الله عنه - وقد أعقب الله - تعالى - آيات غض البصر المذكورة في سورة النور بقوله تعالى:"الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ... " [النور:35] ، قال أبي بن كعب: «مثل نوره في قلب عبده المؤمن» . فوازن بين لذة عابرة ولذة إيمان بها صلاح الدنيا والآخرة. وتذكر أن الاستقامة النموذجية، - وهي ما تسمى بالإمامة في الدين - تحصل بالصبر واليقين، فالصبر دواء الشهوات، واليقين دواء الشبهات، قال الله - تعالى -: "وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون" [السجدة:24] . وتذكر أن الصالحين لم يصلحوا لكونهم لا شهوة لهم، ولكنهم وضعوها في الحلال، أو صبروا عن الحرام فعليك أن تكثر من الاستغفار فإنه من أشد ما يكره الشيطان، جاء في الأثر عن الشيطان قوله: «أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار» رواه ابن أبي عاصم في السنة (1/9) ، وهو يجلو القلوب بإذن الله، وداوم على قراءة القرآن، فإنه شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين. واستعذ بالله من الشيطان؛ فإنه سبب نظرك ووقوعك في المحرم وإتلاف قلبك بالخوف، قال الله - تعالى -: "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم" [الأعراف:200] أنصحك أن تطالع في أحاديث التوبة، كتاب «رياض الصالحين» مثلاً، واستشعر أنها أحاديث لا تدعو لمعاودة المعصية، بقدر ما هي مبشّرة للتائبين الصادقين. ولا تستعجل فضل الله بتأخر الإنجاب؛ "فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا" [النساء: 19] والدعاء مع بذل الأسباب الشرعية والطبيعية هو سلوك المؤمنين، ولا تقلق على زوجتك أن يصيبها مكروه (حماها الله) ما صدقت توبتك وصحت عزيمتك.

من الممكن أن تكون الإجابة مختلفة لو كنت لم تصف نفسك بالتدين في وقت سابق، فما عساي أقول لشخص عرف الحق وسلكه، وهذا يدعو للتنبيه إلى أن الثبات على طريق الحق مضمون، - بإذن الله -، للذي «ذاق طعم الإيمان» و «وجد طعم الإيمان» وأسباب ذلك نجدها في حديث: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار" رواه البخاري (16) ومسلم (43) من حديث أنس - رضي الله عنه -، وهو الوصف الذي ذكره هرقل في حديث أبي سفيان بعدما سأله عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه؟ " فقال لا، قال هرقل: «وكذلك الإيمان حيث تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد" رواه البخاري (51) ومسلم (1773) من حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أسأل الله أن يرزقك عفة النفس، ويقنعك بأهلك، ويجعلهم لك قرة عين، وأن يلهمك رشدك، ويقيك شر نفسك، ويعيذك من شر الشيطان وشركه، ويجعلنا وإياك من عباده الصالحين الأوابين.

التزم ويريد العودة للمعاصي!

التزم ويريد العودة للمعاصي! المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 07/10/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب التزمت على يد بعض الإخوان قبل حوالي سنتين ونصف، مشكلتي أنني أفكر الآن جدياً في العودة إلى حالي السابق، وذلك لعدة أسباب: (1) شوقي الكبير للعودة إلى ما كنت عليه. (2) استيائي الكبير من وضع الشباب الملتزم الذي يقوم على التفرقة بينهم بالمسميات وادعاء كل فرقة أنها الأفضل وأنها على الحق، ونعتها للفرق الأخرى بأنها بعيدة عن الصواب. (3) قبل التزامي كان لي قصة حب مع فتاة، وأنا أشتاق لهذه الفتاة بشكل كبير، فأنا أفكر فيها ليل نهار وأحلم بها أثناء نومي. (4) تعلقي الشديد قبل الالتزام بالأغاني، حيث كنت مولعاً بالطرب. أنا الآن مظهري مظهر الشباب الملتزم الملتحي قصير الثوب، ولكني أتمنى لو أنني لم أعف لحيتي؛ كي يسهل علي أمر العودة إلى ما كنت عليه. حالي الآن: (1) متهاون بالصلاة بشكل كبير، وإذا فاتني فرض لا أقضيه، وأتعمد ترك الصلاة غالباً. (2) أستمع للأغاني كلما وجدت فرصة لذلك. (3) أختلس النظرات لكل ما تقع عليه عيني من صور نساء وما شابه. في الختام ... أحتاج إلى توجيه من قلب صادق. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إلى الأخ الفاضل: ثبته الله وألهمه رشده ووقاه شر نفسه والشيطان-. جميل إحساسك بخطر ما أنت مقدم عليه، وهذا دليل إحساسك بأنك على وشك فقدان شيء عزيز ومهم وضروري، وهو الثبات على الإيمان. إن مما يعينك أخي على الاستمرار في طريق الهداية والعلاج والاستقامة أن تتذكر أن الموت قريب، وقد يفاجئك في أي وقت، فها هو يتخطف شباباً من حولك بحوادث السيارات وغيرها، بعضهم مات على نغمات الأغاني الفاجرة يرددها بدلاً من قول: (لا إله إلا الله) ، وآخر بعد أن ترك طريق الصلاح مات مدمناً للمخدرات، وثالث أكرمك الله مات وهو يهم بالزنا من إحدى الفاجرات، فهل تأمن أن تكون موتتك مثلهم إن أنت انقلبت على عقبيك وهجرت الطاعة إلى المعصية، أعيذك بالله من ذلك. تذكر أخي أن الجنة حفَّت بالمكاره أي بما يشق على النفوس وتكرهه، ولا يصل إلى الجنة إلا من صبر على تلك المكاره، أما النار فطريقها محفوف بالشهوات، ولذا فكر جيداً أي الطريقين تحب أن تسلك؟!. وفكر جيداً بما تحب أن تلقى الله به، وبما يختم لك به، هل تحب أن تموت صالحاً مستغفراً من ذنبك؟ أم مضيعاً للصلوات متبعاً للشهوات؟. قال تعالى:"فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً" [مريم:59-60] ، لا شك أن ما تعانيه من رغبة في العودة إلى المعصية داء قلبي ولكل داء دواء، كما قال ذلك الصادق المصدوق نبينا محمد عليه وآله أفضل الصلاة وأزكى السلام، ومن الأدوية التي أقترحها عليك:

(1) الإقبال على سماع الأشرطة الوعظية المؤثرة ومنها: شريط: (الجنة والنار) للمورعي، شريط: (الأماني والمنون) ، إبراهيم الدويش، أشرطة د. خالد الجبير، أشرطة عبد المحسن الأحمد، شريط: (الرحيل) د. سعد البريك، شريط: (وإذا الجنة أزلفت) لمحمد المحيسني، وقبل ذلك الاستماع لبعض التلاوات القرآنية المؤثرة لكل من القراء: محمد المحيسني - عادل الكلباني - عبد العزيز الأحمد وغيرهم. (2) القراءة في الكتب التي تذكرك بعظمة الله وقدرته وبديع صنعه في خلقه مثل: كتاب النملة تسبح الله، كتاب غريزة أم تقدير إلهي لشوقي أبو خليل، كتاب التوحيد عبد المجيد الزنداني. (3) حضور المحاضرات الوعظية التي يلقيها الشيخ (الرسي) ؛ لما فيها من تذكر وترقيق للقلوب. (4) أخي الفاضل: لو جاءك أحد الكفار وعرض عليك أن تذهب معه إلى بلاده ووعدك بأن يتيح لك كلما تشتهيه من المعاصي من الزنا وشرب الخمر، ومشاهدة الأفلام الإباحية، وأن يترك لك حرية تامة، ويوفر لك كل ما تريد مدة شهرين، ثم يعاقبك بقية عمرك ويسجنك ويعذبك بأنواع العذاب هل تقبل هذا العرض؟. لا شك أنك سترفض إذا كان عقلك غالباً لشهوتك، إذاً كيف ترضى بأن تتمتع شهرين ثم يعاقبك بقية عمرك، فلتعلم أخي أن الشيطان قد قدم لك هذا العرض حيث أوهمك بالسعادة في معصية الله في عمرك القصير الفاني، لأجل أن تتعذَّب معه في النار أحقاباً طويلة، إذا مت على ترك للصلاة واقتراف الكبائر ولم تتب إلى الله فالأسباب التي ذكرتها ليست مسوغة لانتكاستك وتركك طاعة ربك وتفريطك في صلاتك. فأنت لم تعذب ولم تؤذ لترك دينك، ألم تقرأ قصة بلال وعمار وخباب وسمية وغيرهم من الأصحاب الكرام - رضي الله عنهم جميعاً-؟! ألا تعلم أنه يوجد في بعض الدول الكافرة شباب صالحون سجنوا وعذبوا ليتركوا الصلاة والالتزام بالدين، ومع ذلك صبروا على العذاب في ذات الله؟ قارن بين حالك وحالهم واحمد الله على العافية، فكر إذا هممت في سلوك طريق المعصية في احتمال حصول حادث سير لك يسبب لك شللاً كما حصل لبعض من الناس، ما شعورك وأنت عاجز عن إبعاد ذبابة عن عينك وعن كل ما تشتهي من المحرمات؟ كيف سيكون ألمك وبؤسك؟. حبذا لو زرت مركز النقاهة الذي فيه هذا النوع من المصابين بالشلل بعد الحوادث؛ لتدرك عظيم نعمة الله عليك وتشمر في طاعته ومرضاته وشكره. تذكر قصة ذلك المؤذن الذي ارتد عن الإسلام لأجل فتاة نصرانية تعلق قلبه بها ولم توافق على زواجه بها إلا أن يتنصر، فلما أعلن ردته مات بعد أيام وقبل أن يدخل بها؟!!. تعلقك بالفتاة الذي ذكرته في سؤالك له حل شرعي، وهو أن تسعى جاداً في الزواج بها فاخطبها، واسع لتحصيل المهر وثق بعون الله، والمحسنون لن يقصروا - بإذن الله- في مساعدتك إن كنت محتاجاً، فإذا عقدت عليها فهي زوجتك شرعاً، فيمكنك محادثتها ثم الخلوة بها، ولو قبل إقامة حفل الزواج والاستقرار في منزل الزوجية، ولكن ينبغي أن لا تستمتع بها إلا بعد الدخول.

بالنسبة للأغاني ورؤية النساء والأفلام فهي لا شك معصية، ولكن ليست كمعصية ترك الصلاة، فلا تربط بين الصغيرة والكبيرة، ولا يتلاعب بك الشيطان فتكفر بترك الصلاة لأجل هذه المعاصي، فإن غلبتك نفسك والشيطان على الأغاني والنظر المحرم فاستغفر لله وتب إليه، واعلم أن الوضوء والصلاة والحسنات تكفر الصغائر. أخي الفاضل: إن العمر قصير مهما طال، لأن ما بعد البعث والجنة والنار خلود لا موت فيه فكيف ترضى بمتابعة الشيطان في متعة شهوة قصيرة تورث عذاباً طويلاً؟!. أخي في الله: لا تظن أن المعصية طريق سعادة بل طريق ضنك وشقاء، قال تعالى: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً" [طه: من الآية124] ، وخبر الله صادق ووعده حق. وها أنت ترى العصاة والمعرضين يرتادون العيادات النفسية ويقدمون على الانتحار، والصالحون يسعدون بطاعة ربهم ويحيون الحياة الطيبة التي وعدها الله، ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة، أسأل الله لي ولك الثبات، وصلى الله على نبينا محمد.

اهتديت فناصبوني العداوة!

اهتديت فناصبوني العداوة! المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 23/09/1426هـ السؤال لدي إخوة لا يلتزمون بالدين، فهم يأكلون لحم الخنزير واللحوم الأخرى التي لا تحل، ويدخنون ويشربون الخمور، ويتجرأون بالحكم على القرآن وعلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وعندما ناقشتهم في ذلك جعلوا يذمون التغيير الذي حصل في نمط حياتي منذ اليوم الذي التزمت فيه، وصاروا يشتمونني ويعبِّرونني ويلمزونني، وهذا يحزنني كثيراً. ولقد استمر هذا الوضع لأكثر من أربع سنوات. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: أسأل الله لي ولك الثبات على دينه حتى نلقاه، وما حصل لك يحصل للآلاف غيرك ممن وفقهم الله للهداية في مجتمعات لا تعرف النور والهداية، فهذه نعمة عظيمة أنعم الله بها عليك، فله الحمد والشكر على ذلك، ولعلك في مثل هذه الحالة تكون ممن ينطبق عليهم حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- "القابض على دينه كالقابض على جمر" لكنني أوصيك بعدة وصايا، أهمها: أولاً: أن تكثر من الدعاء بالثبات؛ فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رغم أنه نبي لا يفتر لسانه في السجود أن يقول: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على طاعتك. ثانياً: أن تبحث عن الصالحين الذين يعينونك على العيش في الزمن الصعب، وتصبح معهم وبهم أصحاب هم واحد، فيسلي كل منكم صاحبه، وتصبرون على مرارة الحياة حتى تلقوا ربكم. ثالثاً: أوصيك بزيادة التواصل مع العلوم الشرعية، مثل تفسير القرآن الكريم وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، فهما سبيل النجاة والفلاح، وبهما يجد المرء الطمأنينة في قلبه وروحه. رابعاً: أكثر من مطالعة قصص الأنبياء، لأن الله -جل وعلا- ذكر قصصهم تسلية لعباده المؤمنين، وتصبيراً لهم على ما يواجههم من أذى، وأن هذا الطريق لا بد فيه من الصبر، ولكن النصر مع الصبر بإذن الله. خامساً: أوصيك بمطالعة قصص الصحابة، وخاصة المهاجرين منهم، والذين كانوا في صدر الإسلام، أي في السنوات الأولى من بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- عندها ستعرف الكثير من قصص الصحابة الذين لم يصل لنا الدين إلا بصبرهم وقوة إيمانهم. سادساً: تواصل مع أقربائك وزملائك بالشكل الذي لا يحدث معه نقص في دينك، وإذا كان في مجلس من المجالس منكر ظاهر أو سخرية بدين الله -عز وجل- فلا تجلس في ذلك المجلس، وانتقل منه لغيره. سابعاً: اشتغل بالهوايات والأعمال المفيدة التي تزيد بها معارفك وعلومك وتكمّل بها شخصيتك، وتبتعد بها عن الفراغ الذي هو طريق لكثير من الشرور، وخير ما تقضي به الأوقات طلب العلم وطلب الرزق. أسأل الله -عز وجل- لي ولك الثبات على دينه، وأن يوفقني وإياك لكل خير، والله يحفظك.

أخاف أن أعود إلى الفاحشة

أخاف أن أعود إلى الفاحشة المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 28/10/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا والحمد لله التزمت من فترة قصيرة ربما 4شهور تعلمت فيها الشيء الكثير، ولكني بعد هذه الفترة بدأت نفسي تميل إلى العصيان، ولكني تحملت وصبرت، وعندما انفجر زمام الصبر عندي رجعت إلى ما كنت عليه وحسبي الله ونعم الوكيل رجعت إلى نكاح اليد والعياذ بالله، وفي كل مرة نكحت فيها يدي أتوب إلى الله وأصلي ركعتين كما أمرنا الحبيب عليه الصلاة والسلام، ثم بدأت نفسي تأمرني بفعل أكبر من هذا وهي أن أنظر إلى المحرم، وفعلا فعلت ما أمرت به نفسي دون أي مقاومة ثم تبت إلى الله وصليت ركعتين، ثم والعياذ بالله فعلت الطامة الكبرى ألا وهي جريمة اللواط، ولكن فعلتها دون شخص آخر وبصورة واضحة أدخلت جسم في الدبر ثم صليت ركعتين مع الندم والخشية من عقاب الله، والآن بعد ما فعلت أريد أن يقام علي حد اللواط (الرجم) ، أنا لم أقنط من رحمة ربي ولا أفكر بالانتحار وليس بي مرض نفسي، ولكني أخشى أن أعود مرة أخرى إلى اللواط، ولكن مع شخص آخر وربي جل في علاه يمهل ولا يهمل ربما هذه المرة أمهلني ولكن ربما في المرة القادمة يتوفاني ربي ثم لا أجد لي منقذ ينقذني من بأس الله، أنا وبصراحة شديدة مستعد أن أجود بنفسي لله، أريد أن يقام علي عقوبة التعزير بالرجم أو أي شيء آخر مثل الرجم، ومستعد أن أفضح أمام الملأ لأني إن لم أفضح في هذه الحياة الدنيا فسوف أفضح في الآخرة، وأرجو من الله العفو والسماح على ما فعلت وأنا وبحق مصمم على ما قلت. والصلاة والسلام على رسول الله. لي مواضيع في منتدى في الإنترنت فيها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، هل أطلب حذفها خوفا أن أُعذب لأني آمر الناس بالمعروف ولا آتيه؟. الجواب أحمد الله - تعالى - الذي منَّ عليك بالهداية، وأسأله سبحانه أن يثبتك على طاعته. في البداية أود أن أنبهك أخي الكريم إلى بعض القضايا المهمة: الأولى: أن المسلم مطالب بالتوبة كلما وقع في الذنب، ومهما تكرر منه الذنب وهو يتوب بعده مباشرة توبة صادقة فهو على خير إن شاء الله، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما يحكي عن ربه - عز وجل - قال: "أذنب عبدٌ ذنباً، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال - تبارك وتعالى -: أذنب عبدي ذنباً، فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب! اغفر لي ذنبي، فقال - تبارك وتعالى -: عبدي أذنب ذنباً، فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال - تبارك وتعالى - أذنب عبدي ذنباً، فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك" رواه البخاري (7507) ومسلم (2758) واللفظ له. قال النووي - رحمه الله- في معنى الحديث: قوله - عز وجل - للذي تكرر ذنبه: "اعمل ما شئت، فقد غفرت لك" معناه: ما دمت تذنب ثم تتوب غفرت لك.

الثانية: أنه ليس من شروط التوبة أن يقيم المسلم الحد على نفسه إذا ارتكب ما يوجبه، أو أن يعترف بذنبه أمام غيره أو أن يفضح نفسه، كلا، بل هذا من الجهل، فإن المذنب - وإن ارتكب ما يوجب الحد- إذا تاب توبة صادقة فإن الله - عز وجل - يتوب عليه وإن لم يقم عليه الحد، وإن لم يدر بمعصيته مخلوق، وقد حدث في عهد النبوة ما يدل على ذلك ففي الصحيح أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له إني زنيت فأعرض عنه فقال إني زنيت كررها أربع مرات والرسول - صلى الله عليه وسلم- يعرض عنه، ثم لقنه النبي - صلى الله عليه وسلم- ما يسقط عنه الحد، فسأله أبك جنون، هل أحصنت هل شربت الخمر، لعلك قبلت، لعلك غمزت، ثم لما لم يجد له مخرجاً أمر به ليرجم، فلما أوجعته الحجارة هرب فأدركه الصحابة - رضي الله عنهم- فرجموه، فلما علم النبي - صلى الله عليه وسلم- بذلك قال لهم: "هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه" انظر ما رواه البخاري (6826) ، ومسلم (1691) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفي مسلم (1695) من حديث بريدة - رضي الله عنه - أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال إني زنيت فطهرني، ثم لما أعرض عنها قالت: لعلك تريد أن تردني كما رددت ماعزاً والله إني لحبلى من الزنى، فأمرها أن تأتيه بعد أن تضع وليدها، ثم لما وضعته ردها وأمرها أن تأتيه بعد أن تفطمه، ومع هذه المدة الطويلة لم يضع عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حارساً لكي لا تهرب!! ومن هاتين القصتين يتبين لك ما ذكرت أن المسلم وإن أصاب ما يوجب الحد فإن تاب تاب الله عليه وإن لم يقم عليه. ثالثاً: ما فعلته أنت بنفسك لا يعد لواطاً؛ إذ اللواط إتيان ذكر لذكر، وهذا لم يحدث معك فلا يكون له حكم اللواط ولا يحد فاعله حد اللواط، وإن كان فعلك في حقيقته قبيحاً، وهو سبيل لأن تعتاد على مثل هذا الفعل، فيقودك لما هو أعظم في حياتك. رابعاً: لا أعلم نصاً صحيحاً يسمى العادة السرية نكاح اليد، وقد تداول الناس أثراً في ذلك لكنه لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وقد اختلف أهل العلم في حكمها ما بين محرم ومن يرى الكراهة ومبيح، ولكنهم متفقون على أنها ليست من كبائر الذنوب، ولا يجوز أبداً أن تكون هذه العادة مقعدة للمسلم عن أن يستمر في طريق الاستقامة والصلاح. قدمت بهذه المقدمة لكي أثبت لك وللقراء الكرام أن كثيراً من المفاهيم التي تحجب الناس عن طريق الاستقامة هي مفاهيم مغلوطة ليس لها من الشرع ما يسندها، وإنما هي أخطاء ينفخ فيها الشيطان لتكبر في نفس المسلم وتجعله يقنط من رحمة ربه، أو يستحقر نفسه أو لا يصاحب الأخيار ويمضي في طريق الهداية. وبعد أخي الكريم: لا أحتاج إلى الإسهاب في الحديث عن التوبة وفضلها وعلو منزلة التائبين عند الله، فأنت قلت عن نفسك التزمت فترة قصيرة..، وهذا معناه أنك علمت ما تعنيه التوبة، ثم إنك كلما قصرت عدت وتبت، وفي كلامك من التحرق للتوبة الشيء الكثير، لذلك سأتجاوز هذه القضية لأقدم لك النصائح التالية:

(1) حتى تنجح في بعدك عن المعصية لا بد أن تبتعد عن كل ما يذكرك بها، سواء كانوا أصدقاء، أم كان جهازاً، وغير ذلك، فأنت لا زلت في بداية الطريق لم يصلب عودك بعد، وهذه نقطة مهمة احرص على تنفيذها بدقة. (2) وبما أنك لا زلت في بداية الطريق فلا بد لك من رفقاء أخيار يعينونك على الخير ويدلونك على أبوابه، ولا غنى لأي إنسان عن ذلك فهي فطرة في بني آدم، وقد وصى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم- بذلك فقال: "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا" [الكهف:28] ، فابحث عنهم واصبر نفسك معهم. (3) نَمِّ الجوانب المشرقة في حياتك، ففي سؤالك ذكرت أنك تكتب موضوعات فيها أمر بمعروف ونهي عن منكر، فإن هذا من سبل تقوية الإيمان في قلبك، ولا تطلب حذفها فإنك على خير بلا شك. (4) أكثر من الدعاء وبالذات في الأوقات الفاضلة مثل آخر الليل وبين الأذان والإقامة فحري بأن يفتح الله بابه لك، وأن يقبل توبتك ويعصمك من الشيطان. دعائي لك بالتوفيق والثبات.

معاناتي مع صلاة الفجر

معاناتي مع صلاة الفجر المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 27/8/1422هـ السؤال مشكلتي أنني لا أقوم لصلاة الفجر إلا بعد شروق الشمس , فماذا أفعل علماً بأنني أضع منبهاً للصلاة ولكن من غير فائدة , ويقع ذلك دائماً؟ الجواب الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،، مدخل: إذا اهتم الإنسان بشيء فإنه يضحّي من أجله، فأنا أسألك صادقاً , وأريد منك الإجابة بكل صدق بينك وبين نفسك.. كم تبلغ درجة الصلاة في نفسك؟؟ ومن خلال إجابتك تحدد أنت مدى قيامك في صلاة الفجر ولا تنتظر مني أن أمنحك فتوى تحل لك أن تصليها متى ما قمت؛ لأني متأكد أن لو كان لديك موعد هام عليه يتحدد مصير حياتك فإنك تستيقظ له مرات قبل موعده، فما بالك بعمل تتحدد عليه نجاتك وقبول سائر عملك. كما أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته....إلخ " الحديث. وأظن أنك لست بحاجة إلى أن أخبرك بسواعد تعين على الاستيقاظ ولكن لا يمنع من ذكر بعضها: 1- النوم باكراً. 2- النوم على نية الاستيقاظ لها بوقتها. 3- النوم على طهارة. 4- عدم الإكثار من الأكل. 5- عدم النظر إلى ملهيات الذهن التي تشغل الغريزة. 6- عدم اقتراف شيء من المعاصي حال اليقظة. 7- كثرة الذكر لله، مع الالتجاء إليه بطلب الإعانة. 8- اطلب من أحد يهاتفك مع الأذان. وأخيراً أنت حكم نفسك.. فضعها كما تحب واعلم أنه لا نجاه لأحد إلا بإقامة هذه الصلاة متكاملة بأوقاتها التي فرضت من الله - سبحانه وتعالى -:" إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا" ولاحظ كلمة المؤمنين , أي أن من يؤديها في وقتها تشمله هذه الصفة. والله أعلم، أعانك الله.

إخوتي منحرفون

إخوتي منحرفون المجيب د. صالح بن حسن المبعوث عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 2/1/1424هـ السؤال لي سؤال يتعلق باثنين من إخواني، أولهما شخص متزوج وعنده أولاد، ولكنه يتحدث مع فتاة أخرى بالسر عن طريق الإنترنت، وكل هذا يحصل بمنزلي وأمام عيني ولا أعلم ماذا أفعل؟ وهو أكبر مني، والآخر أصغر مني وقلبه متعلق بالمعاصي، وهو لا يصلي مع محاولاتي الكثيرة التي باءت بالفشل لهدايته، ولديه علاقة مع فتاة أجنبية فماذا أفعل؟ وكيف أهديه إلى صراط الله المستقيم؟ مع العلم أنني حاولت معه كثيراً. الجواب الأخت الكريمة ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" ما يتعلق بأخيك الأول: الذي هو متزوج وله علاقة بفتاة أخرى بالسر عن طريق الإنترنت وتعلمين أنت بذلك ... إلخ، فالواجب عليك نحوه أن تخلصي له في النصيحة فإنها من الدين الذي قال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله، قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" وأخوك هذا من عامة المسلمين وأقربهم إليك، فتبينين له أن ما يقوم به من عمل هو خيانة لزوجته، وأنه قد يؤدي به إلى الوقوع في المحظور وهو الزنا فإن العينين تزنيان وزناهما النظر، والأذنان تزنيان وزناهما السماع، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه، وتخبريه أنه مسؤول أمام الله عما يقوله ويكتبه ويرسله، قال تعالى:"ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" وقال تعالى:"إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً" فانصحي أخاك أن يتوب إلى الله قبل أن يوافيه الأجل أو يقع في الحرام، وعندئذ لا تنفع الندامة ولا التوبة. وعليك إذا كنت لست بحاجة إلى الإنترنت الاستغناء عنه طالما أنه يجلب عليك مفاسد، أو تقيديه باستعمالك أنت فقط أو تحت رقابتك فإن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة. وبالنسبة لأخيك الآخر: فلا تيأسي من هدايته وادعي الله أن يهديه، واعملي على هدايته بخطوات دعوية مرتبة الأهم فالأهم فيمكنك دعوته من خلال ما يحبه من الأصدقاء والأقرباء والمحبوبات من الكفاءات ونحوها فتستثمرينها في دعوته للإقلاع عن الذنوب والمعاصي والإقبال على الطاعات والصلوات وتحببيه في الأعمال الصالحة وجعلها سبباً أمامه في تفريج كرباته وذهاب همه وغمه، وذلك بإهدائه الكتب النافعة والأشرطة المؤثرة، والبحث عن أصدقاء صالحين يسير معهم والتقرب إليه بالهدايا وكل ما يحببه فيك فإن المحب لمن يحب مطيع، وتحذيره من مغبة الذهاب إلى النساء الأجانب وتبيني حرمة ذلك وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وأن الرجل إذا خلى بامرأة أجنبية كان الشيطان ثالثهما، وأن ذلك مدعاة للوقوع في الزنا والشبهات والمحرمات، وقد لا يفيق ذلك الشاب إلا وهو ميت لدى تلك الفتاة وتحببيه في التوبة والإنابة، وأن الله مع أنه شديد العقاب غفور رحيم يقبل التوبة من عباده وتذكيره بتفسير قوله تعالى:"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم". كما تذكريه بخطورة تركه للصلاة وأن من تركها عامداً متعمداً يؤدي به إلى الكفر الذي قال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". وإذا رأيتِ منه إصراراً على ترك الصلاة، وانغماساً في الرذيلة فاحذري هذا الأخ، وابتعدي عنه وأنصحك بعدم مساكنته لأنه لا يؤمن جانبه طالما أنه مضيع لحقوق الله وأهمها الصلاة ويخشى عليك أن يفتنك وربما جلب لك ما يسوؤك. أسأل الله تعالى أن يهدي أخويك وأن يوفقك لدعوتهما ويعينك عليهما وبالله التوفيق والسداد.

كيف أحافظ على الصلاة؟؟

كيف أحافظ على الصلاة؟؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 26-6-1423 السؤال أنا فتاة أبلغ العشرين من العمر لدي العديد من الإخوة والأخوات، والداي صالحان ومحافظان على الصلاة بل وقيام الليل. ولكن المشكلة أنهما لا يهتمان بهذا الأمر معنا نحن الأولاد مما نتج عنه عدم اهتمامنا بالصلاة. أنا ناجحة في حياتي وحاولت كثيراً المحافظة على الصلاة لكن لم أستطع فأنا أصلي يوماً أو يومين ثم أنقطع حيث لا أجد من يتابعني ويرشدني أنا متعبة جداً من هذا الأمر وخائفة من الله عز وجل ساعدوني رجاءً،،، الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتك بكل خير. أيتها السائلة الكريمة، لدي تفاؤل كبير، وشعور عميق بقرب هدايتك -إن شاء الله تعالى- ذلك أن الاعتراف بوجود مشكلة ما، والبحث لها عن حل عند ذوي الاختصاص والخبرة يعد خطوة أولى ومهمة في الطريق الصحيح. لقد قرأت رسالتك بعناية أكثر من مرة فأحسست بأنك فتاة جادة، لا زلت تحتفظين برصيد جيد من نداء الفطرة والإيمان، ويبدو أن فترة الشباب التي تعيشينها، وإعجاب صديقاتك بك لم يلهك عن النظر في علاقتك بربك -سبحانه- الذي أمهلك طويلاً، ومنحك الفرص المتتابعة لمراجعة نفسك ومعرفة أين تكونين وإلى أين تسيرين؟ أيتها الفاضلة، دعيني أصارحك بلا نفاق أو مجاملة -أنتِ في غنى عنها- فاعلمي -حفظك الله- أن أداء الصلاة في وقتها المحدد ركن أساس من أركان ديننا العظيم، بدونها يصبح الإنسان خارجاً عن دائرة الإسلام شاء أم أبى، ولا ينفعه انتماؤه لأمة المسلمين بموجب هويته الشخصية أو إصراره الذاتي أن يقال له: مسلم!! قال الله -تعالى-:"فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين" ومعنى ذلك: أنهم إن لم يقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا في الدين!! وفي صحيح مسلم من حديث جابر -رضي الله عنه- قال -عليه الصلاة والسلام-:"بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" وفي السنن من حديث بريدة -رضي الله عنه- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". فالمسألة -بارك الله فيك- بالغة الخطورة، إنها مسألة كفر وإسلام، ونار وجنة ورب الكعبة، إن تارك الصلاة يُعرّض نفسه لذات المصير الذي ينتظر أبا لهب وأبا جهل وفرعون وهامان وقارون بل وإبليس، ألا وهو الخلود الأبدي في النار؟!! فهل تحبين أن تواجهي هذا المصير المشؤوم؟ حاشاك وأنت ابنة لأبوين ساجدين راكعين يخافان الله. إن الفرصة الآن بيدك، ما دامت أنفاسك تتردد بين جنبيك، لكن أحداً في هذا الكون لا يستطيع أن يحدد كم بقي لك من الأنفاس فملك الموت لا يعرف الاستئذان!! جميل جداً أن نعترف بأخطائنا، لكن ذلك الجمال يذوب حين يظل الاعتراف مجرد تنفيس وبث للآهات دون أن ننتقل إلى مرحلة الإصلاح والتغيير الفعلي!! أليس كذلك؟

تفكري في نعم الله عليك، ستعجزين عن العد والحصر، فهل تقابلين الإحسان بالجحود والنكران؟ أمرٌ لا ترضين أن يقابلك به أحد من الخلق فكيف تقابلين به الخالق؟ ذكرت -بارك الله فيك- أن أبويك لم يبذلا جهداً يذكر في أمرك وإخوانك بالصلاة، وذلك خطأ بلا شك، لكن لا عذر لك الآن وقد عرفت خطورة المسألة فماذا أنتِ فاعلة؟ لا يغرنك حب الأخريات لك وافتخارهن بك، فالمهم أن تنالي محبة الله ورضاه. هل تريدين أن تعرفي كيف؟ اقرئي قوله -تعالى-:"إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين". فأسرعي إلى التوبة، وتطهري وصلي وحافظي على الصلاة تكوني محبوبة لله، نعم محبوبة لله، وياله من فضل عظيم! أما كيف تحافظين على الصلاة فكما يلي: 1- إذا حان وقت الصلاة اتركي كل ما في يدك وتطهري وابدئي في الصلاة بخشوع ما أمكن. 2- أطيلي الركوع والسجود وأكثري من الدعاء حال سجودك خاصة بأن يعينك الله ويسهل الصلاة عليك ويحببها لك. 3- احذري من التأخير ولو لبضع دقائق؛ لأن ذلك سيبدد كل جهودك الماضية. 4- سيوسوس لك الشيطان، وتحدثك نفسك الأمارة بالسوء: اصبري خمس دقائق، اصبري عشر دقائق، ابدئي الصلاة الشهر القادم، أو مع بداية رمضان، إلى غير ذلك من الوساوس الجهنمية فلا تلتفتي لكل ذلك وواصلي المسير. 5- ربما وجدت ممن حولك شيئاً من المضايقات أو الاستهزاء أو التخذيل فلا تسمعي لهم. 6- ضعي المنبه لصلاة الفجر أو غيرها حين تكونين نائمة، فإذا شعرت بحلاوة النوم عند حلول الوقت فتذكري قوله -تعالى-:"تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً" وتذكري أن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة. 7- كلما شعرت بالتعب أو الملل فاعلمي أن ذلك من الشيطان فاستعيذي بالله من وسوسته وجاهدي، واحذري أن ينتصر عليك فهو ضعيف حقير قال الله عنه:"إن كيد الشيطان كان ضعيفاً"، ثم ألست ناجحة في حياتك وتكرهين الفشل؟! 8- اقرئي كثيراً في كتاب الله وحاولي أن تتدبري في قراءتك؛ ليرق قلبك، وتطمئن نفسك. 9- ابحثي عن زميلات وصديقات طيبات في مجالس الذكر لقراءة القرآن ومطالعة كتب السيرة النبوية. 10- استمعي للأشرطة الإسلامية، واقرئي الكتيبات الدعوية الجيدة، وستجدين في المواقع الإسلامية في الإنترنت الكثير من ذلك، لكن يحسن بك أن تبحثي عن المواقع الجيدة والكتب المفيدة بسؤال أهل الاختصاص والمعرفة من الموثوقين في علمهم وأمانتهم. 11- ابتعدي عن سماع الأغاني ومشاهدة الأفلام والتبرج في اللباس وغيرها من المعاصي حتى يزيد إيمانك وتسهل عليك الطاعات. وختاماً نرجو لك التوفيق والسداد، والفوز والفلاح، وأن يحفظك الله ويرعاك، ويأخذ بيدك إلى البر والتقوى إنه جواد كريم، والسلام عليك.

سفري.. أثر على ديني!!!

سفري.. أثر على ديني!!! المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 5/6/1422 السؤال أنا رجل متدين أحافظ على جميع الصلوات في المسجد ومسلكي طيب وجميع معاملاتي وفق التعاليم الإسلامية والحمد لله. مشكلتي أنني مرتبط بأصدقاء بعضهم لا يصلون ولا يتورعون عن عمل المعاصي والمنكرات خاصة إذا سافرنا خارج البلاد واحياناً أتأثر بهم واعمل ما يعملون!!! وعندما أعود من السفر..أندم وأتألم كثيراً واستغفر وأتوب وأقوم الليل وأعتمر.. واتضرع إلى الله بأن يغفر لي. ولكن.. وبعد مرور سنة وعند مقدم الإجازة.. يخطط الشباب لرحلة أخرى.. فأحاول التهرب منهم وتقديم الأعذار ولكنهم يستطيعون في كل مره إقناعي فلهم طرقهم الخاصة في ذلك.. خاصة وانه لا يوجد لي أصدقاء غيرهم أرشدوني.. وانصحوني.. وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب ما أسهل الثناء على النفس، فهو لا يكلف شيئاً، وبه نحاول أن نضفي على أنفسنا ستار الإقناع لنبرر بعد ذلك ما يصدر منا من أفعال تخالف ما ندعي أننا متمسكون به. يا أخي بارك الله فيك حل المشكلة بيدك ولكن مع الأسف أنت لا تريده والسبب وحسبما يظهر لي من تعبيرك أنك تتلذذ فيما يفعلون وتريده وترغبه وتخادع نفسك بحيل وهي أنك إذا عدت استغفرت وذهبت إلى مكة ثم تظن أن كل شيء قد انتهى وكأني أحس بخطرات الشيطان في نفسك يقول لك لا عليك أنت رافض لما تفعل وكاره له وإذا عدت إلى وطنك إذهب إلى مكة وينتهي كل شيء، فإذا مرت سنة أتى الشيطان مرة أخرى وزين ما كرهت ودغدغ مشاعرك بالغسيل بعد العودة يقول لك إذا عدت فاذهب إلى مكة وتنتهي المشكلة وهكذا دواليك.. يا أخي ويا حبيبي ربنا يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور , والتوبة بابها مفتوح ولكن من يظمن لك أنك إذا سافرت ستعود مرة أخرى وتسافر إلى مكة للغسيل الدوري، فقد يختم لك وأنت على تلك المعصية [فانتبه لذلك] أما قولك أنهم يقررون رأيك ويؤثرون عليك فتضعف هذا ليس بصحيح فأنت في عقلك الباطن أصلاً تريد ذلك والدليل أنهم لو أكرهوك على الدخول في صفقة تجارية خاسرة فلن توافق أبداً، أو لو طلب أحدهم منك طلباً مثل أن يهاتف زوجتك أو أختك وأنتم هناك تقترفون ما حرم الله فستظهر عضلات عقلك المسلوبة وقد تقاتلهم فما هو الفرق إذاً. ومشكلتك أنك قد حكمت على نفسك وهو قولك أني لا أستطيع أن أفارقهم ألم أقل لك أنك ترغب فيهم. لذا إذا أردت النجاة والشفاء والإقلاع فما عليك بكل بساطة إلا التخلي عن رغبتك المرتبطة بصداقتك لهم. والصدق مع النفس. ثم تتركهم إلى غير رجعة إذا كنت صادقاً في طلبك وأظن أننا جميعاً نتفق أننا لا نقدم أحداً على أنفسنا بالمغانم والنجاة. ارأيت لو كنت في سفينة وأحاطت الأمواج بهذه السفينة من كل جهة وشارفت على الغرق ثم قرر قائد السفينة أن يلقي بواحد منكم لتنجوا السفينة ثم جعل الخيار في يدك بحيث تختار أنت من يلقى في البحر لتنجوا السفينة هل تتوقع أننا سنصدقك إذا قلت ألقي نفسي، أظن أن هذا ضرب من الخيال بل ستعمد إلى أقرب واحد منهم ثم تلقيه، هكذا نحن دائماً لا نحب إلا أنفسنا. إذاً يا أخي الفرصة متاحة لك بأن تنجو بنفسك من هذا اليم الآسن ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفقك الله ورعاك.

سأعود للطريق.. رغما عنهن!!

سأعود للطريق.. رغماً عنهن!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 14/9/1422 السؤال أنا ولله الحمد قررت أن أعود للطريق الحق وأترك المعاصي ولكن (شلتي) القديمة يضايقوني وإذا أخبرتهم بقراري يبكون ويقولون ما نقدر نفارقك، وأنت أهم شيء بيننا وما ندري كيف نصبح بدونك، وما نقدر ننساك، وإذا قلت لهم: إذا كونوا مثلي حتى أبقى معكم، يقولون: لا يعني نصير "نكديين"! أتمنى أن تخبروني بالطريقة التي أتصرف بها معهم؟ وجعل كل ما تقدمه في موازين حسناتك؟ الجواب أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل كما اسأله تعالى أن يوفقك إلى الحق ويثبتك عليه. أما عن استشارتك.. فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: الحمد لله الذي هداك إلى الرشد.. ودلك على طريق الحق.. وأهنئك على ذلك.. فاسألي الله الثبات حتى الممات واستعيذي بالله من كيد الشيطان) إن كيد الشيطان كان ضعيفا (ولا تلتفتي أختي الكريمة لما تقوله لك تلك الرفيقات من تثبيط لهمتك أو إيعاز لك بالرجوع إلى ما كنت عليه من تساهل..!! وتذكري " أن العاقبة للمتقين.. وتعاملي معهن بالرفق واللين جعلنا الله وإياك منهم. ثانياً: قد يعتقد البعض - واهماً - أن الالتزام يعني الدخول إلى عالم من الوجوم والصمت والحزن والوحدة.. ومفارقة الأصحاب والأحباب.. والجدية التامة في كل شئون الحياة..!!! وهذا ولا شك فهم خاطئ، ولا داعي له، حتى وأن فعله البعض مجتهداً. بل ربما صور الشيطان للمرء عندما ينوي الالتزام أن الالتزام يعني كل ذلك.. ليصرفه ويبعده عن المنهج الصحيح والصراط المستقيم.. فالنفوس تمل وتحتاج أحياناً إلى الترفيه.. وذاك أمر متاح ومباح والحمد لله.. والأمر أيسر من ذلك وكل ما عليك المحافظة على الصلوات المكتوبة في وقتها.. واجتناب المحرمات.. والاستزادة ما استطعت من الحسنات إن كان في قراءة قرأن أو تسبيح أو ذكر الله أو صلاة على نبيه أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر (حسب القدرة) .. مع استمرارك على ما أنت عليه من علاقات اجتماعية.. ومشاركة في الأفراح والمناسبات العامة.. والتودد إلى الناس.. والمرح.. وما إلى ذلك.. ثالثاً: ولذلك كله فأخبري رفيقاتك: أنك قد اخترت الطريق وستظلين عليه بإذن الله.. وأن المجال متاح لهن الآن للحاق بالقافلة ما دمن في زمن المهلة وأن الموت يأتي بغتة.. فلا يضيعن على أنفسهن أكثر مما ضاع.. ولا يعني ذلك أن يتحولن - كما يزعمن - إلى " نكديات " بل أن الإسلام أيسر من ذلك ولله الحمد والأمر فيه سعة.. وما ذاك لعمري إلا من الشيطان لينفرهن ويبعدهن عن الحق. رابعاً: جميل لو وضعت لك برنامجاً يومياً تبدئين فيه بصلاة الفجر وراتبتها وتنتهين بصلاة العشاء وراتبتها.. والشفع والوتر.. مروراً ببقية الفروض مع تخصيص شيء _ حتى ولو كان يسيراً _ من القران الكريم تقرئيه بشكل يومي.. مع أذكار الصباح والمساء

وذكر الله على كل حال، وممارسه حياتك بعد ذلك بشكل طبيعي جداً أن كان في ممارسة بعض الهوايات أو القراءة الحرة التي أقترح عليك أن تضمنيها بعض قصص السيرة النبوية العطرة.. أو كان في القيام ببعض الالتزامات أو الواجبات.. الخاصة أو العامة.. وستجدين أثر ذلك جلياً في انشراح صدرك.. ويقينك ورضاك عن نفسك.. وسعادتك_ بإذن الله _ في الدارين. خامسا: قد نتجاوز أحياناً أو ننسى أو نتساهل في بعض الأمور.. وقد نحزن لذلك.. وربما أو عز لنا أحد شياطين الجن أو الإنس أننا قد خسرنا الرهان ولم نلتزم كما ينبغي..!!! وهذا خطأ كبير.. والصواب أن نتذكر حديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، (كل بني آدم خطأ وخير الخطاءين التوابون) .. ونتذكر قوله تعالى) إن الحسنات يُذهبن السيئات (.. ونستمر على طريقنا ومنهجنا.. إن أخطأنا استغفرنا.. وإن أطعنا حمدنا الله وازددنا.. وقلوبنا معلقة دائماً وأبداً في الفردوس الأعلى من الجنة.. جعلها الله مستقرنا جميعاً ووالدينا وجميع المسلمين. سادسا: الله.. الله.. بالرفقة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه. وفقك الله وحماك من كل سوء.. وجعلنا جميعاً مفاتيح للخير مغاليق للشر إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ابتليت ببعض المعاصي والكثير من العقوق

ابتليت ببعض المعاصي والكثير من العقوق المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 12/9/1422 السؤال أخي مشرف النافذة،، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،، أنا شاب في العشرينات مشكلتي التي أثقلتني وأفقدتني طعم الحياة أنني مبتلى ببعض المعاصي.. والكثير من التفريط والعقوق.. حتى أنني تجرأت على والدتي وأسمعتها من الكلام ما لا يليق رغم علمي بعظم حقها، بل وقاطعت بعض أهلي لا لشيء إلا لأنهم لا يرضون عن الطريق الذي أسلكه..!! والآن أشعر بِهَمٍّ كبير يخنقني.. ويأس.. وألم صامت.. ووضعي يسوء.. ومعاناتي تزداد فماذا أعمل خاصة ونحن في هذا الشهر الفضيل؟ الجواب :- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد،،، أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لن ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: أن ما تشعر به أخي الكريم من هَمٍ وغم أثقلا كاهلك كما تقول.. دليل على إحساسك الداخلي بعدم الرضى عما أنت عليه والرفض الكبير لهذا التفريط والتجاوز.. وهو صراع داخلي عنيف بين ما تتمنى أن تعمله وما تعمله بالفعل ... بين حقيقتك وواقعك، وهذا مبدئياً شيء طيب سيساعدك كثيراً في تجاوز هذا الأمر.. لأن رفضنا لواقعنا السلبي هو بداية مهمة وضرورية جداً لتجاوزه ومواجهته. أما قبوله وتبريره فهو الخطأ الفادح والخطر الكبير. ثانياً: لذلك كله.. فإني واثق أن ما تعانيه هو دليل رفض وعدم رضى عما تقترفه بحق نفسك وحق والدتك وأهلك.. بل ودينك وأمتك.. لأن الخلل أينما وجد في الفرد أو الأسرة يعتبر نقطة ضعف في جدار قيم المجتمع وترابطه وتكاتفه، بل هو سوس ينخر في بنيانه ونسيجه بشكل أو بآخر، وأمتنا أخي الكريم تحتاج إلى كل أبنائها رجالاً ونساءاً.. صغاراً وكباراً لتواجه بهم أعداءها وتحقق رسالتها.. وتستكمل مسيرتها. ثالثاً: أما العقوق، والجرأة على الأم، ومقاطعة الأهل الذين يحترقون لأجلك، ويتمنون لك الخير، ويرفضون واقعك " المؤلم والمحزن والخاطئ " فذاك وربي أمر غريب.. ولا أظنك بحاجة إلى تذكيرك بعظم حق الوالدين عامة والأم خاصة.. فقد ذكرت في سؤالك ما يدل على إدراكك لعظم حقها.. ولكنك بحاجة إلى من يذكرك بأن كل ذلك من عمل إبليس وتدبيره وكيده.. فهو العدو المبين الذي أقسم بعزة الله أن يغوي جميع خلقه واستثنى من ذلك عباد الله المخلصين جعلنا الله وإياك منهم. ولذلك فاستعذ بالله قائماً وقاعداً من كيد الشيطان) إن كيد الشيطان كان ضعيفا (.

رابعاً: إنها فرصتك أخي الكريم لتنال سعادة الدارين بإذن الله.. خاصة ونحن في هذا الشهر الفضيل الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فابدأ منذ الآن بتصحيح المسيرة، والتوبة والاستغفار عما سلف وابدأ بوالدتك فتحلل منها وقبل جبينها واطلبها الصفح عما بدر والدعاء لك بالهداية ثم اصلح ما بينك وبين أهلك.. وتذكر قوله تعالى) ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم * وإما يَنْزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم.. (. خامساً: احسن الظن بالله.. وبادر بالتوبة النصوح واحمد الله الذي ردك إلى الحق رداً جميلاً.. وتذكر قوله تعالى) قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا ... (وقوله تعالى) إن الحسنات يذهبن السيئات (واسأل الله الهداية والتوفيق والسداد والثبات حتى الممات. سادساً: لا تنسى أخي الكريم الأهمية الكبيرة للجلساء وتأثيرهم الكبير والخطير على الإنسان، سواء في الخير أو في غيره. فبادر أخي باختيار الرفقة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه، وتأكد أن المرء من قرينه، وأننا نحشر يوم القيامة مع من نحب [من أحب قوماً حشر معهم] .. والحمد لله الذي هداك وردك إلى الحق قبل أن تقول نفس يا حسرتاً على ما فرطت في جنب الله. وتأكد أنك بفضل الله وتوفيقه مقبل.. وما حزنك الذي تجد وهمك الذي تكابد إلا دليل أكيد على عدم رضاك ورفضك لهذا الواقع الذي تعيشه - كما أسلفت - فاحمد الله وبادر.. ما دام في العمر بقية..) ولا تدري نفس ماذا تكسب غداً ولا تدري نفس بأي أرض تموت (. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

هددها بإسماع أهلها مكالماتها معه

هددها بإسماع أهلها مكالماتها معه المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 17/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أنا فتاة كنت أحسب نفسي ملتزمة بتعاليم ديني، وكنت قدر المستطاع أحافظ على واجباتي، وتأخر بي سن الزواج، وتقدم لي شخص من عائلة معروفة، لكنه كان يطلب مني نزع الحجاب، فرفضته قبل أن أراه، لكن وسط ضغوطات المجتمع والأهل واتهامهم لي بالعنوسة، دخلت إحدى مواقع الدردشة، وكنت أبحث عن زوج تقي, تعرفت على شاب، وكان يظهر أنه على خلق ودين، المهم أعطيته هاتفي وبدأ يكلمني، ثم بدأ كلام الحب والغزل، وانجرفت وراءه متناسية كل ما كنت أرفضه من قبل؛ فقد كان همي أن أتزوج، ولكن في أحد الأيام أحسست بذنبي، فأرسلت له رسالة وطلبت منه أن نتوقف عن كل هذه الأحاديث، وأن نعين بعضاً على طاعة الله، ففوجئت برسالة منه يقول عني معقدة وأحسن لي أن أتصوف، وأنه يتخيل حياته معي كلها عقدًا، فأجبته إذا كنت تعتبر ذلك عقداً، فأنا فخورة بكوني معقدة، فوصلتني رسالة منه يهددني بأنه كان يسجل مكالماتي معه، وأنه سيتصل بأهلي ويسمعها لهم، أنا أريد أن أتوب وقلت له ذلك، ولكن أنا خائفة جدا من هذا الشيطان الذي يهددني، أرجوكم أدعو لي أن يتقبل الله توبتي ويثبتني، ويبعد عني كيد هذا الفاسق أرجوكم أدعوا لي. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: إلى الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بعد قراءة رسالتك، شعرت بالمرارة والأسى والحزن مما حدث لك، وازداد حزني؛ لأن ذلك يصدر من فتاة يفترض فيها الالتزام بشرع الله، والاستقامة على دين الله، لكن قدَّر الله وما شاء فعل، وإنا لله وإنا إليه راجعون. أختي العزيزة: إن ما يحزنني ويثقل كاهلي، ويضيق علي الدنيا برحابتها أن هذه المأساة تتكرر بشكل يومي، وبنفس الأحداث، وبنفس الطريقة، والنتائج متفاوتة، وكلها تصب في معين واحد ألا وهو قتل العفة ووأد الفضيلة عند الفتاة. أختاه: ألم تسمعي عن قصص الفتيات اللاتي سرن في هذا الطريق الخطير، وسقطن في هذا المستنقع الآسن، وغرقن في بحر الشهوات والملذات الآثمة؟ والنتيجة عار وشنار، وفضيحة تلاحق الفتاة أينما حلت وارتحلت، كم من كتب ألفت في هذا المضمار؟ وكم من أشرطة سجلت لتحكي لنا تلك المآسي والمخازي والآلام؟ ومما يزيد من عجبي وهمي في آن واحد، ألا من معتبر؟ فما زال السائرون والسائرات على هذا الدرب كثر، وكأن هذه القصص لا تعنيهم في شيء، وكأني بهم يقولون: نريد أن ننضم إلى تلك القافلة الآثمة، ونزيد من رصيد هذه القصص المؤلمة، سبحان ربي العظيم "إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" [الحج:46] . أختاه: أي شيء أحب إليك، أن يقولوا: عانساً أو يقولوا..... أعيذك بالله من شر الفسق والخنا والفجور.

أختي العزيزة: احمدي الله أن تداركتك رحمة الله في الوقت المناسب، ولم يتطور الأمر إلى أكثر من ذلك، فكم من القصص التي قرأناها وسمعناها، وبعضها رأينا أحداثها عن قرب كانت نتائجها خزياً وعاراً، وفضيحة تلاحق أصحابها ليل نهار، نسأل الله السلامة والعافية. أختاه: لا تكوني عبرة لغيرك، ولكن اعتبري أنت بغيرك، فالمحظوظ من اعتبر بغيره، والمغبون من كان عبرة لغيره. أختي العزيزة: لا يستبعد عن مثل هذا الشاب الفاسق الفاجر، والذي همه العبث بأعراض المسلمين، فهو كالذئب يخنق ولا يأكل، أقول ليس بغريب على من هذا شأنه وتلك أخلاقه أن يساومك بما ساومك به، ولكن لا تستسلمي لأي ضغوط له، ولا تعبئي بأي تهديد منه، واقطعي كل صلة به، ومن الآن، وربما أنه لم يسجل لك شيئاً - وهذا هو الراجح بإذن الله تعالى- وابتعدي عن عالم الإنترنت بالكلية، واحذفي الإيميل الخاص بك وغيري رقم جوالك، وأكثري من الاستغفار والذكر والعبادة، وأقبلي على الله، وأكثري من الدعاء أن يصرف الله عنك شر الأشرار، وكيد الفجار، وأن ييسر أمرك، ويرزقك الزوج الصالح الذي تقر عينك به، وكم من فتيات في مثل سنك وأكثر لم يتزوجن ولم يصلن إلى مرحلة اليأس والقنوط، فتوكلي على الله وأحسني الظن بربك؛ فإن الله لا يخيب رجاء من رجاه سبحانه وتعالى. أما بخصوص زواجك فهناك بعض النصائح نرفقها لك مع هذه الإجابة فاعملي بها؛ عسى الله أن ينفعك بها. هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

بسبب الإنترنت انحرف وضعف إيمانه

بسبب الإنترنت انحرف وضعف إيمانه المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 21/11/1424هـ السؤال أكتب إليكم سؤالي هذا وفي صدري هم لا يعلم مداه إلا الله، حيث إني أعيش حياة ضنكا، وأكابد لوعة وحزناَ، حياتي تجري وفق معادلة يتناقص فيها منحنى الإيمان من يوم إلى آخر، أحفظ ستة وعشرين جزءاً من القرآن، وأشعر أني أنساها تدريجيا، أما عن السبب فهو الإنترنت، نعم الإنترنت الشات والمواقع الإباحية، ولا أدري كيف انزلقت فيها، حاولت الرجوع ولكني ما إن أقوم حتى أنزلق، فجواد إيماني كَلٌ ضعيف، ودافع الشهوات أقوى منه بكثير، وكنت قد أقسمت بالله وعاهدته أن أترك الإنترنت لمدة ثلاثة أشهر، ولكني عدت بعد شهر واحد فقط، وعدت أشد من سابق عهدي، وقد خسرت بهذا ديني، ودراستي، وعلاقتي مع الآخرين، بل خسرت ثقتي بنفسي، وخسرت شخصيتي التي أصبحت مهزوزة وضعيفة، خسرت حلاوة كنت أجدها في قلبي، خسرت اللذة التي كنت أجدها في قراءة القرآن، وخسرت أشياء لا أعلمها. فأناشدكم الله أن تجيبوا عن سؤالي في أقرب وقت، وترشدوني ماذا أعمل، فهنا بقية قلب أخشى عليه الموت. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله الذي يهدي من يشاء بفضله ومنه وكرمه، ويضل من يشاء بعدله، والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..وبعد: إلى الأخ السائل. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نشكرك شكراً كثيراً على ثقتك بموقع الإسلام اليوم، نسأل الله أن نكون عند حسن ظنك وزيادة. لقد سرني كثيراً - عندما قرأت رسالتك - حفظك لكتاب الله - عز وجل- فهذا دليل خير وإيمان فيك، نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق. اعلم أخي الكريم أن ما وقعت فيه وقع فيه كثير مثلك، والإنسان ليس بمعصوم وعرضه للخطأ والزلل، وليس هذا بعيب، ولكن العيب والخطأ والمصيبة الكبرى أن يستمر الإنسان على خطئه وضلاله. اعلم أخي الحبيب أن رحمة الله واسعة، وستره جميل على عباده، فوالله ثم والله لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم أقبلت على الله موحداً لا تشرك به شيئاً غفر لك ذنوبك ولا يبالي. اعلم أنه قد استهواك الشيطان واستخف بك، وأقبل عليك بخيله ورجله، ونصب حولك الشباك ليضلك عن السبيل، لكن اعلم أن فضل الله عليك عظيم، وقد مد لك في العمر حتى تتوب وتؤوب إليه، فهو سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها الحديث أخرجه مسلم (2759) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-. وقال - صلى الله عليه وسلم-: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" أخرجه مسلم (2703) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وقال أيضاً: "إن الله - عز وجل- يقبل توبة العبد ما لم يغرغر". أخرجه الترمذي (3537) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.

فأقبل على الله وبادر بالتوبة ولا تقنط من رحمة الله فرحمة الله واسعة، يقول عز شأنه: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر:53] فبادر بالتوبة ولا تلتفت لنداء الشيطان، واصغ لنداء الرحمن، وقف على عتبة التوبة بذل وانكسار، وخضوع وإخبات، وقل يا رب يا غافر الذنب ويا قابل التوب، يا منجي الهلكى، ومنقذ الغرقى، ويا مجيباً لكل دعوى، وسامعاً لكل شكوى، يا من وسعت رحمتك كل شيء، جئت تائباً راجياً نادماً على ما اقترفت يداي، فاقبل توبتي واغفر زلتي، واستر عيبتي، واقض حاجتي، وأقل عثرتي، ولا تكلني لنفسي طرفة عين، يا من تجيب المضطر إذا دعاك، أنا المضطر وأنت المجيب. واعلم رعاك الله أن المولى - جل وعلا- لم يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا فعل قبيح أن يستره، ولا دعوة أن يجيبها، ولا مسألة أن يردها، فهو سبحانه قاضي الحاجات، ومجيب الدعوات، ومقيل العثرات، وماحي السيئات سبحانه من إله عظيم، ما أحلمه وما أكرمه، وما أجوده وما أجمل ستره على عباده. لكن عليك أخي الكريم الأخذ بالأسباب ومنها: (1) البعد عن هذه المواقع بكل عزم وإصرار، والتوكُّل على الله والاستعانة به أن يعينك على ذلك. (2) مراقبة الله في السر والعلن، واعلم أن الله مطَّلع عليك ويراك، فاجتهد أن يراك حيث أمرك، ويفتقدك حيث نهاك، واحذره أن يراك وأنت تبارزه بالمعاصي، وقد أنعم عليك بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، فلا يكون ردك لهذا الجميل وهذا الإحسان التعدي على حدود الله وانتهاك محارمه، واعلم بأن الله يغار أن تنتهك محارمه. (3) اشغل نفسك بقراءة القرآن وتأكيد حفظك حتى لا يتفلت منك، وكذلك احرص على طلب العلم ومصاحبة أهل الخير من العلماء وطلبة العلم، وليكن لك برنامج دعوي مع أهل بيتك ومع الآخرين. (4) أكثر دائماً من ذكر الموت وما فيه من شدائد عظام، ومن ذكر القبر، وما فيه من ظلمة ووحشة وسؤال الملكين، والبعث والنشور، وما فيه من أهوال وشدائد يشيب من أجلها الولدان، والحساب وما فيه من شدة، والصراط وما فيه من حدة، وتذكر منصرف القوم بين يدي الجبار - جل جلاله- فريق في الجنة وفريق في السعير، فأي الفريقين تحب أن تكون منهم. (5) كلما دعتك نفسك وشيطانك للمعصية تذكر بأن الله يطلع عليك، وملك الموت واقف ينتظر الأمر من الله ليقبض روحك، فانتبه أن تموت وأنت على هذه الحالة، فالمرء يبعث على ما مات عليه. (6) عليك بالمبادرة بالزواج إذا كنت مستطيعاً لذلك، وإن لم تستطع فعليك بالصوم كما أرشد لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -. هذا والله أعلم نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وإياك كل شر، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أريد الالتزام وأخاف منهم

أريد الالتزام وأخاف منهم المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 13/3/1425هـ السؤال لقد فعلت موقف مخزي، وأخشى من الفضيحة، ودائماً أخاف من أناس أن يفضحوني، وكيف أستطيع أن أستر على نفسي في الدنيا والآخرة، أريد أن ألتزم وأخاف منهم، وأريد أن أطلق لحيتي وأخاف منهم. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. إلى الأخ الكريم: - سلمه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اعلم - أخي الحبيب - أن رحمة الله واسعة، وليس هناك من البشر أحد معصوم إلا من عصمه الله- تعالى- من الأنبياء والرسل صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً، ولو قلبت الطرف لا تجد أحد يسلم من الخطأ. من الذي ما ساء قط.... ومن له الحسنى فقط. فكلنا - يا أخي الكريم- ذو خطأ، ولكن "خير الخطائين التوابون"، كما صح بذلك الحديث عن المعصوم صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي (2499) وابن ماجة (4251) عن أنس - رضي الله عنه -، ذكر الإمام الذهبي في كتابه القيم (سير أعلام النبلاء) في ترجمة الإمام العالم المجاهد العابد صلة بن أشيم -رحمه الله تعالى-، أنه قال لرجل جاء ليسأله، فقال له صلة ادن مني يا رجل، فدنا الرجل، ثم قال: ادن مني يا رجل، فدنا الرجل حتى اقترب جداً من صلة، فقال له الإمام صلة: والله لو أن للذنوب رائحةما استطعت أن تدنو مني، الله أكبر، هذا كلام، الإمام العالم العابد المجاهد، فما بالك بمن هو دونه في الفضل والعلم، والزهد والعبادة، ولذلك يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (لولا جميل ستر الله علينا، ما استطعنا أن يجالس بعضنا بعضاً من كثرة الذنوب) . فيا أخي الحبيب: دع هذا الماضي البغيض وطلقه ثلاثاً، طلاقاً بائناً لا رجعة فيه، ولا تذكره ولا تفكر فيه، واعلم بأن الله اللطيف الخبير إذا صدقت معه في التوبة والإنابة، وأقبلت عليه سبحانه بكل جارحة من جوارحك يجعل لك هذا الماضي بكل سيئاته وتبعاته حسنات تسر بها يوم أن تلقاه، وإن شئت فاقرأ معي قوله تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان: 68-70] . أرأيت يا عبد الله مدى سعة رحمة الله بعباده التائبين النادمين "يبدل الله سيئاتهم حسنات". فيا أخي: دع عنك هذا الخوف ولا تلتفت وراءك وامض قدماً، وأقبل على الله وبكل ثقة بالله وبموعوده، ولا تخش أحداً، ولا تخف من أحد، وإذا علم الله فيك من صدق النية وإخلاص التوبة، يمنع عنك كل سوء وشر، ولا أحد يستطيع أن ينال منك شيء؛ لأن الله معك، فمن كان الله معه فمن يخاف إذاً؟ والذي أراه أن تفعل الآتي: 1- التوبة إلى الله والندم على ما فرطت في جنب الله. 2- إخلاص النية لله في القصد والإرادة.

3- الثقة بالله وحسن التوكل عليه، وحسن الظن به سبحانه. 4- عدم الالتفات إلى الماضي القبيح. 5- البعد كل البعد عن كل شيء يذكرك بهذا الماضي المؤسف. 6- الحرص على مجالسة الصالحين من طلبة العلم والدعاة، والبعد عن مجالسة أهل السوء والشر والفساد، فمجالسة الفريق الأول فوز ونجاة في الدارين، ومجالسة الفريق الثاني هلاك ودمار وضياع في الدارين. 7- الحرص على طلب العلم الشرعي. 8- الحرص على حضور مجالس العلم والذكر والاستقامة. 9- الإكثار من فعل الطاعات والبعد عن المعاصي والمنكرات، وتذكر قوله تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" [هود:114] . 10- المشاركة في المجالات الدعوية المتعددة. 11- احرص على أن تلتحق بإحدى حلقات التحفيظ. 12- عليك بممارسة الرياضة البدنية لتقوية جسمك وعقلك. 13- الحرص على مزاولة أي عمل أو البحث عن وظيفة تناسبك إذا لم تكن طالباً جامعياً، فإن كنت طالباً فاجتهد في دراستك حتى تتخرج بنتيجة مرضية للجميع. 14- لا تستجب لنداء الشيطان سواء من الجن أو الإنس، فلا تتأثر بأي ضغط من ضغوط الفاسقين، ولا تعبأ بهم، ولا تلتفت إليهم، وأشعرهم بأنهم لم ولن يعوقوا طريقك في الالتزام بشرع الله. 15- من الآن إذا وصلت رسالتي قم بتنفيذ ما قلته لك، وقم بإعفاء لحيتك وتقصير ثوبك وتشبه بالصالحين. 16- أكثر من الدعاء، وأبشر بالخير؛ فإنه سبحانه القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي" [البقرة:186] ، وهو القائل سبحانه: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ... "الآية، [النمل:62] . 17- إذا دعتك نفسك وهواك وشيطانك وقرناء السوء للرجوع للمعصية مرة أخرى أعلم بأن الله يراك ومطلع عليك فاستحي من نظر الإله ولا تجعله سبحانه أهون الناظرين إليك. 18- عليك بالقراءة في الكتب الوعظية والتي ترقق القلب، وكذلك الكتب التي تتكلم عن التوبة وبيان سعة رحمة الله تعالى. 19- وكذلك عليك الاستماع إلى الأشرطة الإسلامية المؤثرة النافعة والتي تعينك على طاعة الله، وتقوي فيك روح الخشية والمراقبة له سبحانه. وأخيراً أقول لك - أخي الكريم- توكل على الله فهو حسبك ونعم الوكيل. فالزم يدك بحبل الله معتصماً *** فإنه الركن إن خانتك أركان هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إعراض الخطاب عني، هل هو عقوبة على خطيئتي؟

إعراض الخطّاب عني، هل هو عقوبة على خطيئتي؟ المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 30/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي -يا شيخ- بأنني وقعت في ذنب من الكبائر، إنني مطلقة، وتعرفت على شاب، حاول أن يجرني للمعصية، وفعلتها كذا مرة، وأنا الآن نادمة ندماً عظيماً على ما فعلته في السابق، وأسأل الله أن يغفر لي، ويتقبل توبتي، -ولله الحمد- أكثر حالياً من الأعمال الخيرة حتى أُكفِّر عن سيئاتي؛ لأنني واثقة من مغفرة ربي -سبحانه- وقابل التوبة -بإذن الله- ولكن شعوري الآن هو أنني مهما أفعل أحس أن ربي غاضب علي، مهما أفعل من عمل فيه خير، وأرى مرات بأن كذا شخص يتقدم لخطبتي يذهب ولا يرجع، أي: يرفض هذه الخطبة، مع أنه يعجب بشكلي لكن أرى الخطبة تنتهي، ولا تكتمل، إنني خائفة جداً يا شيخ، هل الشخص الذي شجعني للخطأ شوَّه سمعتي؟ وأنا أطلب من الله دائماً، وأدعوه بأن يستر علي بعد التوبة، أم هذا غضب من رب العالمين على ما فعلته في السابق حتى لو تبت واستغفرت؟ الرجاء الاستعجال؛ لأنني تعبانة جداً نفسياً، ومتحطمة؛ لشعوري بالذنب وعدم التوفيق في الزواج. الجواب الأخت التائبة:- وفقها الله وثبتها على الحق-. أختي الفاضلة: إحساسك وشعورك بأن الله غاضب مهما فعلت من خير شعور مخالف لما دل عليه القرآن الكريم، والسنة المطهرة، فإن الأدلة الشرعية فيها واضحة الدلالة على محبة الله للتائب من الذنب رجلاً كان أو امرأة "إن الله يحب التوابين ويحب المطهرين" [البقرة:222] وعلى فرح الله بتوبة التائبة من الذنب. وتدل على أن الله يبدل سيئات التائبة حسنات قال - تعالى-: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68 -69] ،ويدل على أن الله يقبل توبة التائب ما لم يكن في حال غرغرة الموت. ولكن هذا الشعور الذي ذكرت في سؤالك فإنه من الشيطان يحاول إفساد توبتك، ويحاول إعانتك إلى طريق المعصية، فلا تتبعي خطواته، واحذري طاعته، ولا تقنطي من رحمة الله؛ فإنه لا يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون، كما أخبر - سبحانه - في كتابه. أختي الكريمة: وبما أنك راغبة في الزواج، ولم يتيسر مرة أخرى بالسرعة التي تأملينها، فأدى ذلك بك على أن تفسري هذا بأنه غضب من الله، وهذا لا ينبغي، لماذا لا تنظرين إلى تأخر الزواج على أنه تكفير للخطيئة، ورفع للدرجات، وزيادة في الثواب، فتفرحين بذلك وتصبرين؟.

أختي الكريمة: يمكنك أن تخبري إحدى النساء الفاضلات ممن لهن عناية بالتوثيق بين الرجال والنساء في الزواج (خاطبة) ، وتكون هذه المرأة معروفة بالصلاح والاستقامة على شرع الله، وتكون ثقة في نفسها، مأمونة على غيرها، وتذكري لها الصفات التي ترغبين فيها من الرجال؛ فلعل الله ييسر عن طريقها لك زوجا، ً تقر به عينك، فإن لم يتيسر الزواج فتذكري الحقائق التالية: * لستِ وحدك التي لم تتزوج، هناك الكثيرات من النساء والفتيات يتمنين الزواج، ولم يحصل، ففي ذلك عزاء وتسليه. *هناك من تزوجت وابتليت بزوج لا يخاف الله، يعذبها ويهينها، ويأبى أن يطلقها. *هناك الكثير ممن تزوجن وطلقن لأسباب لا تحصى، واحرصي - وفقك الله- على إشغال نفسك بالأعمال النافعة، فإن كنت موظفة في قطاع فيه اختلاط مع الرجال فانتقلي إلى غيره، وجدي واجتهدي في عملك، وحاولي أن تنتقلي إلى وظيفة أكثر عملاً وجهداً. *إن كان لديك فضل وقت فحاولي الالتحاق ببعض جمعيات النفع العام، الجمعيات الخيرية؛ لتساهمي في عمل نافع يشغلك عن التفكير والوسواس والضيق. * ابحثي عن صحبة صالحة من النساء تجتمعن معا، ً وتواصين معهن بالحق والصبر، ويكن عوناً لك على الطاعة والثبات. ما ذكرتيه من أنك ترين رجالاً يتقدمون لخطبتك ثم لا يتم الزواج، فهذه الرؤى إن كانت مناماً فهي أمنيات لم تتحقق في واقعك، فأنت تتمنين الزواج ولم يتحقق، فينعكس ذلك على أحلامك في المنام، وأما كون الشاب ربما يسعى لتشويه سمعتك فهذا أمر لا يمكن أن نعلمه نحن وأنت أعلم به، ولكن إذا صدقت التوبة وقطعت صلتك به، وظهر للناس صلاحك وصدقك، فإن ما يقوم به لا يضرك -بإذن الله-. أسأل الله لك الثبات والاستقامة على الحق، وأن يرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك.

هذه خطيئتي.. فهل تقبل صلاتي؟

هذه خطيئتي.. فهل تُقبل صلاتي؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 14/7/1425هـ السؤال السلام عليكم. أحببت رجلاً حباً لا يوصف، لكنه كان يجبرني على أن يقبلني ويلمسني في جسدي، وكنت أشعر بنشوة ولذة، أعرف أني ارتكبت ذنباً وأريد أن أُكفِّر عنه، لكن هناك هاتفاً يقول لي إن صلاتي لا تقبل، وكل ما أحاول أن أسبِّح وأستغفر أتذكر أن الله غفور رحيم لكنه شديد العقاب. أفيدوني يرحمكم الله. الجواب إن عليك أن تعلمي أن ما فعلتيه مع هذا الرجل خطأ كبير، وطريق إلى الوقوع في الفاحشة الكبرى، والتي بحمد الله لم تقعي فيها إلى الآن، ولكنك لو استمريتِ مع هذا الرجل فإنك ستقعين في الفاحشة الكبرى لا محالة، وهذا ما يمهد له هذا الرجل؛ بتقبيلك وما يلمس من جسدك ليثيرك حتى تستسلمي في آخر المطاف لنزواته وشهواته، فإذا نال منك ما يريد وحصل شهوته الكبرى وقضى حاجته ألقاك كما تلقى قشرة البرتقال بعد امتصاصها. إن هذه النوعية من الرجال -يا ابنتي- ذئاب تخنق ولا تأكل، يستمتع بك ولكن لا يرضى بك أبداً شريكة لحياته أو زوجة في مستقبل أيامه، وكلما نال منك شيئاً يستمتع به سقطت من عينه، وأصبحت قيمتك عنده في غاية الانحطاط، ولذلك أنصحك بالابتعاد عنه، وقطع الصلة به نهائياً، والحذر من أي علاقة معه. عليك بالتوبة إلى الله عز وجل، وتذكري أن الله تواب يتوب على من تاب، فمن أقلع عن الذنب وندم عليه تاب الله عليه وفرح به، تذكري رحمة الله التي وسعت كل شيء، وأن الله أرحم بنا من أمهاتنا اللائي ولدننا، إذا أقبلنا عليه قبلنا، وإذا تبنا إليه تاب علينا، وإذا استغفرنا غفر لنا. عليك باتخاذ الأسباب المعينة على قطع هذه العلاقة ونسيان هذا الرجل الأثيم، وذلك بتقوية علاقتك بصحبة صالحة من الفتيات الصالحات المستقيمات العفيفات. عليك بالإكثار من العبادة، عليك بالصيام، وعليك بقراءة القرآن. عليك بذكر الله عز وجل بأذكار الصباح والمساء وأذكار النوم. عليك بقراءة الكتب النافعة. عليك بإشغال نفسك بالأعمال الجادة ودعاء الله عز وجل أن يرزقك بالزوج الصالح الذي تقر به عينك وتصلح به حالك، والله يتولاك ويرعاك.

أصبحت عنيفا سيئ التعامل

أصبحت عنيفاً سيئ التعامل المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 02/07/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا رجل متزوج منذ أربع سنوات، وقد بدأ زواجي جيداً وأنجبت طفلين، وفي الثماني أشهر الأخيرة ازدادت علي مشاكل العمل وأصبحت عنيفاً جداً، وبدأت في ضرب أطفالي، ولا أجد أي متعة في الجماع مع زوجتي، وقد طردت من العمل لمعاملتي السيئة مع الناس، ولجأت إلى مشاهدة الأفلام الخليعة حتى تركتني زوجتي وأدمنت الدخان، وعندما أحاول التوبة أعود كما كنت. ماذا أفعل؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم.. مشكلتك طارئة كما يظهر من سؤالك، مما يدل على أن الحال التي ذكرت لا تمثلك في الحقيقة، بل هي بسبب عوارض طرأت على حياتك، وعلاجك ليس التوبة فقط دون أن تبدأ بطرد تلك الطوارئ من حياتك، فإذا كنت قد التحقت بصحبة غير طيبة فبادر بالانعتاق من حبالها الشائكة فهي أم الضلال، وإن كنت قد أوهمت نفسك ببعض الأحلام الشيطانية، فاطرد هذه الأوهام بالذكر والدعاء. أخي: إن حياتك الحقيقية، هي في سعادتك مع أسرتك، واستقامة سلوكك في عملك، فإذا كنت ذا فهم لواقعك كما يظهر من سؤالك، فبقي عليك أن تكون ذا عزيمة وإرادة قوية على المضي قدما في التغيير الواقعي، والثبات الذي يتطلب الآتي: أولاً: الإخلاص لله -تعالى- في توبتك. ثانياً: أن تحيط نفسك بالخيرين، يذكرونك إذا نسيت، ويعلمونك إذا جهلت، ويدفعون عنك الشبهات والشهوات بإذن الله. ثالثا: العنف في السلوك لا يأتي إلا من البعد عن الجو الآمن في المساجد، والإحساس بالراحة، فاقترب من بيوت الله، وتحنن على أولادك، وعلى زوجتك؛ لتكون سكنك. رابعا: أنت طبيب نفسك، والإرادة القوية الصلبة من سيماء الرجال، فلا تدع الضعف يتسرب إلى نفسك، فأنت قوي جدا، ولكنك لم تكتشف قوتك، فحاول أن تطلق هذا المخبوء في صدرك.. لا تدع الشيطان يسيطر على سلوكك، بل استعذ بالله منه، وتحرك للتغيير ولا تنتظره، أعلن لمن حولك أنك تغيرت فعلا، وأنك لن تعود إن شاء الله، وأن عليهم أن يعينوك على نفسك، فإن عدت فإنك لست أول من عاد لمعصية تركها، فعد فورا إلى التوبة واستغفر الله ولا تعجز. خامسا: أنصحك باستشارة أحد المختصين في الاستشارات النفسية والأسرية مباشرة؛ لتعرض عليه مشكلتك كلها، فرب معلومة لم تذكرها هنا هي مفتاح الحل. وفقك الله وسدد خطاك، وأعانك على نفسك والشيطان والهوى.

الاستهزاء بالملتزم

الاستهزاء بالملتزم المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 17-5-1424 السؤال فضيلة الشيخ أنا شاب حديث عهد بالتوبة، وهنالك مشكلة تؤرقني فأكاد أفقد الراحة في بعض الأحيان بسببها، مشكلتي باختصار: حين أذهب لأقضي بعض الوقت مع أقاربي (أبناء خالي، وأبناء عمي) أرى منهم بعض المضايقات ومنها: (1) احلق لحيتك، أو خففها، أو هذبها. (2) كل ما أفعل شيئاً يقولون: انتبه حرام كيف تفعل هذا (وهي أشياء عاديه) . (3) المطوع جاء والمطوع راح وحلال وحرام هذا هو أسلوبهم في أغلب الوقت معي، إذ الاستهزاء بالملتزمين هو ديدنهم، كأنهم يريدون إبعادي عما أنا فيه، ولا يصبرني سواء واحد منهم وهو ملتزم. فأرجوك يا شيخ إرشادي لما فيه مصلحتي وثباتي. الجواب إلى أخي الكريم ... التائب وفقه الله، ذكرت في سؤالك أنك جديد عهد بالتوبة، وأنه يوجد من يضايقك باللحية، والمطوع، والحرام والحلال، والجواب: اعلم أخي العزيز أن طريق الجنة عزيز وغال، ويحتاج إلى صبر وتضحيات، ولقد أوذي الأنبياء والصحابة والعلماء، ولا بد من هذا، والمؤمن الحق هو الذي لا تزيده الابتلاءات والاستهزاء إلا ثباتاً، ورجوعاً إلى ربه، وتمسكا بدينه، واعتزازاً به، والمسلم مطلوبه عظيم لا يبيعه لو عرضت عليه الدنيا كلها بحذافيرها،، وأما طريق التعامل فعليك بالآتي: 1.عليك بطلب العلم بالتدريج به. 2.كثرة العبادات من صلاة النوافل والصيام والحج والعمرة. 3.قراءة القرآن بتدبر وتدرج في الحفظ. 4.مجالسة رفقة صالحة تعينك وتذكرك وتثبتك. 5.لا تجلس مع هؤلاء المستهزئين إلا في حال عارضة كالمناسبات. 6.إذا سمعت الاستهزاء فعليك بالرد اللين، وتجمل بالصبر، واترك عنك الشدة وردود الأفعال، وإذا ضاق بك المقام فقم واترك المجالسة. 7.الشيطان يكيد لك، فيوسوس لك بالرجوع والانتكاس لتسلم من الاهتزاء، فالحذر الحذر، وأسأل ربك الثبات، وألح عليه بكثرة الدعاء. 8.حاول أن تجلب لهؤلاء المستهزئين من يبصرهم ويتحبب إليهم ويحذرهم من مغبة الاستهزاء وأنه قد يصل بالإنسان إلى الكفر، لأن هذا دين الله: اللحية وغيرها. 9.لا تقلق وانظر لهؤلاء بمنظار الرحمة، كيف أن الشيطان أغواهم، وافرح بما أنت عليه من عمل الصالحات، وأن الله منّ عليك بالاستقامة، وجدد إيمانك بشكر الله، وكن عزيزاً بدينك، واثقاً بربك، تحمل هم الإسلام والمسلمين ودعوتهم. أسأل الله لك الثبات والتوفيق.

الحجاب في الظروف الراهنة

الحجاب في الظروف الراهنة المجيب علي الجمعة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 30-3-1424 السؤال أنا فتاة متحجبة والحمد لله، ولكن بعد أن قرأت كثيراً، واستمعت إلى كثير من الشيوخ والعلماء يتحدثون عن الحجاب الشرعي للمرأة المسلم أصبح لدي دافع قوي للتمسك بالحجاب الشرعي، ولكن اتخاذ هذه الخطوة يعتبر أمراً فيه صعوبة، نظراً للظروف الاجتماعية "وغير الاجتماعية" التي تحيط بنا في مجتمعنا شيخنا الفاضل: هل رضا الله أصبح جريمة - هل عندما نحاول أن نطيع أمر الله ورسوله - عليه الصلاة والسلام - نصبح وكأننا شواذ أو خطر على المجتمع - ما نراه حولنا من معاصي وأشياء تشمئز منها النفس، وتقلق الإنسان المسلم أرجو النصيحة مع الدعاء لي أن يعينني الله. الجواب بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فجوابنا على سؤال السائلة حول الحجاب للمرأة المسلمة، في الحقيقة لم يظهر لنا هل هو استشارة أو شكوى حال؟ وعلى أي حال فإنا نشكرها على مشاعرها الفياضة حيال دينها وتعاليمه، كما نشكرها على رغبتها في الحجاب واعتزازها به، ونقول لها: لا؛ ليست مرضاة الله جريمة، ولا امتثال أوامره واجتناب نواهيه جريمة، ولا ارتداء الحجاب جريمة إلا إذا انعكست الموازين وتغيرت المفاهيم، قال تعالى: "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً". وقال الشاعر: يقضى على المرء في أيام محنته *** حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن والأخت الكريمة تحب الحجاب وترغب بارتدائه، لكنها لا تفعل خوفاً أن يجر عليها ذلك نقد المجتمع، وربما يعود عليها بضرر جسمي أو معنوي أو حرمان مما تطمع في تحقيقه، فنقول لها: عليك أن تتقي الله - عز وجل - بصدق وإخلاص، ولن يضرك بعد ذلك شيء، لأن الله - عز وجل - وعد بذلك، ووعده حق، قال تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً"، وقال تعالى: "ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا"، وقال تعالى: "إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً" [الأنفال: 29] ، فعليك العمل بأوامر الله، واصبري واحتسبي، فللصبر آثار جميلة وعواقب محمودة وفوز وظفر، قال تعال: "وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط" أختي المؤمنة؛ لا ريب أن الحجاب ثابت بالكتاب والسنة الصحيحة، فلا يبطله جور جائر، ولا قول مفتر. فلله الأمر من قبل ومن بعد، حفظك الله ورعاك من كل سوء. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حديث عهد بالتوبة

حديث عهد بالتوبة المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 2-4-1424 السؤال أنا شاب حديث عهد بالتوبة، وهناك أمور لا أستطيع التغلب عليها، فأنا أعاني منها كثيراً، في بدايتي كنت محافظاً على قيام الليل وتلاوة ما تيسر من القرآن، وقد خف ذلك كثيراً لضيق الوقت بسبب الجامعة ومواعيد محاضراتها. وهناك أمران هما أشد علي مما سبق، ألا وهما. أولاً: الصلاة تفوتني عندما أكون نائماً، علماً بأنني أضبط المنبه، وأستقيظ لأقفله، وأكمل نومي. ثانياً: التدخين (فلم أستطع تركه) . فأريد منك فضيلة الشيخ نصحي وإرشادي إلى طريق الحق والصواب، ودعواتك لي بالثبات والإصلاح. والسلام خير ختام. الجواب الأخ الكريم ... شكراً على سؤالك وحرصك وحسن ظنك بأخيك، كما نشكر لك مواصلتك على موقعنا، ونرجو الله أن نكون من المتناصحين فيه، ثم إني أبارك لك توبتك ورجوعك إلى الله، وأبشر بما يسرك إذا ما ثبت على توبتك، فإن الله يحب التوابين، ويفرح بتوبة عبده ويتقرب منه بقدر تقرب عبده منه، إلا أن الأمر يتطلب من العبد ثباتا وصبرا وإصرارا، لذلك حتى يفوت إبليس علينا فضل التوبة والرجوع إلى الله يزيد من فتنته للعبد، ويهون عليه المعصية، ويرغبه فيها، ويزهده في الطاعة، وهي معركة لا تقف ولا تنتهي حتى يوضع العبد في قبره، وبقدر ما تتصور حقيقة المعركة تفوت على الشيطان جهده في جعلك ضحية من ضحاياه، والأمر يتطلب منك جهدا مضاعفا للحفاظ على مكتسبات التوبة، ويتطلب منك حذرا وفطنة من كل باب يفتح أمامك تكون عاقبته سوء، ولذلك أنصحك بأمور لعلها تكون سببا في تقوية إيمانك وتثبيت توبتك، ومنها: (1) أكثر الاستعانة بالله عز وجل، فإنه وحده هو المعين على الإيمان والطاعة. (2) أكثر من قولك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. (3) اكثر من الدعاء في أن يشرح الله صدرك، وينور قلبك، ويزيدك إيمانا وخيرا وطاعة. (4) اصحب الأخيار والصالحين، فانهم صمام أمان لك من كثير من السوء والشر والفساد. (5) اهجر أصحاب السوء والأماكن التي كنت تعصي الله فيها سابقا، وإن استطعت أن تنتقل من البيئة التي أنت فيها إلى بيئة أخرى صالحة فافعل، فإنها مهمة لثبات العبد. (6) اقرأ كثيرا في سير الصالحين والسلف، فإنها من أعظم الزاد. (7) نم مبكرا ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ثم استعن بالآخرين في إيقاظك للصلاة. (8) لا تجعل المنبه قريبا منك بل اجعله في مكان بعيد حتى تضطر للقيام له، ثم لا تعد للنوم بعدها. (9) ذكر نفسك بخطورة المعصية أنى كانت، فإن لها أثراً سيئا على العبد عاجلا وآجلا. (10) أكثر من حضور مجالس الذكر والموعظة، وسماع أشرطة المشايخ والدعاة، فإنها سياط القلوب. (11) عليك باستشارة أهل العلم فيما يخص بعض الأمور التي تطرأ عليك، حتى تكون على بينة من أمرك، وختاما أدعو الله لك بالتوفيق والسداد والثبات والإيمان والتقوى، وآمل مواصلتنا لنحقق المزيد من التناصح والتآخي، وشكرا مرة ثانية على رسالتك.

العودة إلى سابق عهدي!!

العودة إلى سابق عهدي!! المجيب سعد الرعوجي مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 17-3-1424 السؤال أنا شاب متزوج ولله الحمد وعندي ولد, ونشأت في أسرة متدينة كثيرا ولكن لم التزم معهم في الباطن بل كان في الظاهر فقط. قبل الزواج كنت قد عثت في الأرض فسادا من علاقات محرمة مع نساء وفتيات وبعد أن تزوجت منّ الله علي بالتوبة فصرت أبكي كثيرا وأحافظ على الصلوات في المسجد وصرت أحب أن أقرأ القرآن وأتلذذ بقراءته حتى أصبحت أصلي بالناس في أحيان كثيرة. وقطعت كل علاقة لي بالمحرمات حتى كان العام الماضي حيث أحسست بفتور وبدأت أحس بالانهيار وبدأت أذنب ولكن بعد أن انتهي من الذنب أعود فابكي وأحترق وبدأت فتنة النساء تراودني مرة أخرى ولكني أدعو الله دائما أن ينقذني مما أنا فيه. الرجاء أدركوني بنصحكم. الجواب شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" أخي الكريم ... لا تيأس بهذه السرعة واعلم أن الله سبحانه ليس بظلام للعبيد فإن علم منهم صدقاً في التوبة كان أسرع منهم في قبولها وإن تقرب إليه عبده شبراً تقرب إليه ذراعاً وقد امتلأ كتاب الله الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بالحث على التوبة والإنابة وبشّرهم بسعة رحمة الله سبحانه وتعالى حتى ذلك الرجل الذي قتل مائة نفس وعلم منه التوبة قبلها وأدخله الله الجنة فكيف أخي الكريم تسرب إلى قلبك اليأس والقنوط من رحمة الله حتى وإن وقع منك ما وقع فكلنا ذو خطأ لكن أخي الكريم يتبقى عليك تلك الخطوات العملية في التوبة والإنابة وليس مجرد التمني وسأذكر هنا بعض الأمور التي تحتاجها:- 1-دع عنك الوساوس وتعوذ منها. 2-ابتعد عن التسويف والتأجيل فهي مرض خطير لابد من استئصاله. 3-ابدأ بالاقتراب من الله سبحانه وتعالى بالتركيز على الصلاة أولاً ومحاولة الخشوع فيها فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر. 4-عليك بالقرآن العظيم هذا الكتاب الذي بقراءته تأنس القلوب فتذهب الهموم. 5-أكثر من النوافل فإنها تقربك إلى الله سبحانه وتعالى. 6-حاول أن تراقب الله واترك الناس فإنهم لا ينفعون ولا يضرون وأصلح سريرتك فهي من أعظم الأمور 7-التصق بأصدقاء طيبين يعينونك على تقوى الله فإن الإنسان قليل بنفسه كثير بغيره والصديق الطيب كحامل المسك إما أن يحذيك أو تجد عنده ريحاً طيبة. 8-أكثر من الاستماع إلى كلام الله سبحانه أولاً ثم الأشرطة المفيدة التي تزيد من منسوب الإيمان بإذن الله. 9-حاول الالتصاق بالمشائخ وأهل العلم والفضل فإنهم عونً بإذن الله على طاعته ولديهم أشياء كثيرة يستطيعون تقديمها لك يا أخي الكريم. 10-استمتع بزوجتك وحاول أن تجعلها تملأ عليك حياتك وتلبي رغباتك خاصة الجنسية منها واطلب منها ذلك وحثها على الظهور أمامك بكل جميل ترنو له النفس. 11-اجعل لك مع أسرتك برنامجاً عائلياً تلبي فيه طلباتك الأسرية واحتياجاتها وبرنامجاً علمياً وشرعياً مع الزوجة تزداد فيه معرفتك بجوانب الشريعة. 12-الدعاء ثم الدعاء فإنه سلاح عظيم وتحرّ مواطن الإجابة فالله واسع الفضل. وفقنا لله وإياك لما يحب ويرضى،،،

أشعر بفتور

أشعر بفتور المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 6/11/1424هـ السؤال السلام عليكم. أنا ملتزم من حوالي سنتين، وكنت في الماضي بعيداً جداً عن الله تعالى، فكنت أتعاطى المخدرات وأشاهد الصور الإباحية وأمارس العادة السرية، ولكني بفضل من الله تخلصت من هذه الأشياء عندما التزمت، ولكن بعد مرور وقت على الالتزام أمُر الآن بمرحلة فتور قوية جداً يا شيخ، وأني مستاء جداً من نفسي، فلقد رجعت إلى مشاهدة الصور وممارسة العادة السرية فلم تنفع الكتب الوعظية ولا الأشرطة، ولا حتى المقالات التي تتحدث عن الحلول، حتى آيات القرآن التي تتحدث عن الموت وعن عظمة الله لم تنفع معي يا شيخ، وأني الآن أبكي وأنا أكتب رسالتي؛ لأني أريد أن أعود إلى الله، ولكن قلبي أصبح مريضاً؛ بل لقد مات قلبي, وإني أشكو بثي وحزني إلى الله وأريد منكم أن تساعدوني في مصيبتي؛ لأني أخاف أن أموت وأنا في حالتي هذه التي لم أكن أتوقع أبداً أن أصل إليها, وجزاكم الله خيراً. الجواب أخي الفاضل: أسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك بقوله الثابت في الدنيا والآخرة. ذكرت في رسالتك أنك حاولت علاج نفسك بالمواعظ والأشرطة وغير ذلك، ولكن كما تتصور لا فائدة، ومشكلتك تتركز في النظر والعادة السرية. أخي الكريم: لم تذكر هل أنت متزوج أم لا؟!. ويغلب على ظني أنك غير متزوج، وربما أنك غير مستطيع الآن للزواج. حينئذ لا تجعل تنفيسك عن نفسك بالعادة السرية كبيرة مثل كبيرة الزنا، وبادر بالسعي إلى الزواج فهو حصن حصين من الفاحشة بإذن الله، واقرأ ما ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد عن الاستمناء، فقد قال: (إن كان مغلوباً على شهوته يخاف العنت أو الزنا أو الضرر في دينه وبدنه جاز له ذلك) ابن جرير الطبري جامع البيان عن تأويل أي القرآن (ج4ص28ط دار الكتب العلمية) ، نص عليه أحمد في بدائع الفوائد ج (4ص96ط دار الفكر، يعني الإمام أحمد بن حنبل. وليس الاستمناء مثل الزنا بحيث يكون قلقك وخوفك من ارتكابه مثل كبيرة الزنا، فلا ينبغي أن يتدرج بك الشيطان إلى ما هو أعظم وأكبر من ضعف العبادة أو تركها. بل بادر بعد كل نظر محرم أو استمناء إلى الاستغفار وفعل الطاعات مثل نوافل الصلوات، والصدقات، والذكر وغير ذلك، قال تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود:114] ، وأكثر من الصيام تطوعاً، وحاول إشغال وقتك بالمفيد من الأعمال، واعلم أن الأمة بحاجة إلى الإصلاح والعمل من كل فرد بحسب قدرته وطاقته. أخي الفاضل: لا أوافقك على قولك بأن لا فائدة من سماع المواعظ، فها أنت تطلب الإرشاد، وتطلب المساعدة وتخاف من الانتكاس وما ذلك إلى لما في قلبك من الخير. فاستمر في سماع المواعظ، وزيارة القبور، وزيارة المرضى وتذكر عظيم منة الله عليك بالطاعة والاستقامة، وكونها سبب الحياة الطيبة.

واعلم أن الدعاء من أعظم ما يعين على الثبات فاكثر من الدعاء بالثبات، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا" [آل عمران:8] وأكثر من قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله) ، والدعاء: "رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون" [المؤمنون:98] . لا تهيج نفسك على المعاصي بالنظر المحرم، وإذا وقع منك النظر فتوضأ لتزيل أثره وتتطهر منه، فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم-: حيث قال: "إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه على الماء، أو على آخر قطر الماء ... " أخرج مسلم (244) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه. أكثر من الجلوس مع الصالحين والمكثرين الذكر والعبادة للتأثر بهم، وتقل نوازع الشر في النفس. أكرر الدعاء بالثبات لي ولك: (اللهم ثبتني وأخي السائل على قولك الثابت في الدنيا والآخرة) ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

مبتلى بالنظر إلى النساء

مبتلى بالنظر إلى النساء المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 26/10/1424هـ السؤال إني مبتلى بفتنة النظر إلى النساء وصورهن مع أني أصلي وأحفظ الكثير من القرآن، فهل لي من طريق إلى التخلص من هذا؟ ونسألكم الدعاء. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أحلَّ لنا الطيبات، وحرَّم علينا الخبائث والمنكرات، والصلاة والسلام على معلّم الناس الخير نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. أخي الكريم: لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة، وسرني جداً محافظتك على الصلاة في أوقاتها، وكذلك حفظك لكثير من كتاب الله - جل وعلا- نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق اللهم آمين. ولكن ساءني جداً ما ابتليت به من فتنة النظر إلى النساء، الله أسأل أن يعصمنا وإياك وكل مسلم من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، ولكن سعدت كثيراً بكونك غير راضٍ على ما أنت فيه من هذا البلاء العظيم والشر المستطير، فالنظر إلى النساء فتنة عظيمة وبلية عظمى، وقد حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من فتنة النساء، فعن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء" متفق عليه البخاري (5096) ، ومسلم (2741) . وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" أخرجه مسلم (2742) . فيا أخي الكريم: تب إلى الله وبادر بالإقلاع عن هذا الفعل المحرم فإنه من خطوات الشيطان الذي أمرنا المولى - جل وعلا- بعدم اتباعه فقال تعالى: "ولا تتبعوا خطوات الشيطان" [البقرة:168] ، وتذكر وأنت تنظر إلى حرمات المسلمين تذكر نساء أهل بيتك وكل من تمتٌّ لك بصلة، هل ترضى أن ينظر أحد إليهم ويتلذَّذ بذلك النظر المحرم، الجواب معروف، فكما أنك لا تحب ذلك لأهلك وأقاربك فكذلك الناس لا يحبون ذلك لأهليهم ولا لأقاربهم، فاتق الله في حرمات الناس يتقي الناس الله في حرماتك، والجزاء من جنس العمل، وإني ناصحك بأمور تعينك بعد فضل الله على أن تقلع عن هذا الشر العظيم فمستعيناً بالله أقول: (1) الامتثال لأمر الله - جل وعلا-؛ وذلك بغض البصر، قال تعالى: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" [النور:30) ] .

(2) المبادرة بالتوبة والإسراع فيها وإياك والتسويف، والعزم الأكيد على عدم العودة إلى هذه المنكرات مرة أخرى، وعليك بالندم على ما قدمت يداك في سالف دهرك، واعلم بأن الله يفرح بتوبة العبد إذا تاب إليه ورجع نادماً على ما اقترف من معاص وذنوب، عن أنس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" متفق عليه البخاري (6309) ، ومسلم (2747) وهذا لفظ مسلم. (3) إذا همت نفسك بفعل المنكر والقبيح من النظر إلى هذا العفن القذر فتذكر بأن لله يراك ومطلع عليك، فاستح أن يراك وأنت في معصية، فلا تجعل الله أهون الناظرين إليك، فاجتهد -يا رعاك الله- أن يراك ربك حيث أمرك، ويفتقدك حيث نهاك، فإذا دعتك نفسك وزين لك الشيطان فعل المعصية فاعلم بأن الله "يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ" [غافر:19] ، وصدق من قال: إذا ما خلوت الدهر يوماً *** فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل طرفة *** ولا أن ما يخفى عليه يغيب. وقال آخر: إذا ما خلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى العصيان فاستح من نظر الإله وقل لها*** يا نفس إن الذي خلق الظلام يراني. (4) استبدل هذه القاذورات بالذي هو خير لك في دينك ودنياك، وفي حياتك وبعد موتك، وذلك بطلب العلم الشرعي والاجتهاد في حفظ كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وليكن عندك همة عالية، وليكن لك هدفاً نبيلاً في هذه الحياة بأن تكون داعية إلى الله على بصيرة وعلم. (5) عليك بالإكثار من القراءة في الكتب التي ترقق القلب وتحفِّز على فعل الطاعات وترك المنكرات، وكذلك الإكثار من الأشرطة الإسلامية النافعة والتي تتحدث عن الموت وشدته، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، والحساب وصعوبته، والصراط وحدته، والجنة ونعيمها، والنار وعذابها، فاحرص أن تكون من أهل الجنة، واحذر أن تكون من أهل النار. (6) عليك أن تستحضر دائماً وأبداً بأنك إلى الله راحل، وبين يديه واقف، وهو سبحانه سائلك عن كل كبيرة وصغيرة فعلتها، في حياتك فماذا ستقول له عندما يسألك عن هذه الأوقات التي ضيعتها وأنت تشاهد هذا العفن وتفعل هذه المنكرات؟. فيا بني احرص أن تلقى الله وأنت على طاعة، واحذر أن يأتيك الموت وأنت على معصية، عن ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" فكان ابن عمر رضي الله عنهما- يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" أخرجه البخاري (6416) . (7) عليك أن تشغل نفسك بالطاعة وفعل الخير، وفعل كل ما يقربك لله؛ لأن النفس إذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.

(8) عليك بمصاحبة الصالحين والأخيار من طلبة العلم والدعاة، وحضور مجالس العلم والذكر، والبعد عن مصاحبة أهل الشر والفجور والضلال والغواية، والبعد عن مجالس الشر والسوء، فمصاحبة الفريق الأول شفاء ونجاة وفلاح وفوز في الدنيا والآخرة، ومصاحبة الفريق الثاني: داء وهلاك وخسران في الدنيا والآخرة، قال تعالى: "الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ" [الزخرف:67] . وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "مثل الجليس الصالح كبائع المسك إذا لم تشتر منه شممت منه رائحة طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير إذا لم يحرقك لجلوسك معه شممت منه رائحة كريهة" متفق عليه البخاري (2101-5534) ، ومسلم (2628) . (9) إذا همت نفسك بالنظر إلى الحرام فتذكر بأن الله هو الذي أنعم عليك بهذه النعمة وهو سبحانه قادر أن يسلبها منك، ولا أحد يستطيع أن يردها لك، فهل يكون ذلك هو شكرك لهذه النعمة العظيمة والتي قد حرم منها فئام من البشر؟ وكل واحد منهم يتمنى أن ينفق كل ما عنده ويرد إليه بصره ولو ساعة واحدة يرى بها من يحب، - فيا رعاك الله- احفظ بصرك واتق ربك يحفظك الله،"هَلْ جَزَاءُ الإحسان إِلَّا الإحسان" [الرحمن:60] ، والجزاء من جنس العمل، قال - صلى الله عليه وسلم-: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك"جزء من حديث أخرجه الترمذي (2518) ، وغيره من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- وقال عنه: هذا حديث حسن صحيح، والرجاء أن ترجع إلى شرح هذا الحديث في المصدر المشار إليه، وهناك شريط بهذا الاسم لفضيلة الشيخ عائض القرني، وكذلك شريط بنفس الاسم لفضيلة الشيخ وحيد بالي فاحرص على سماع مثل هذه الأشرطة النافعة - بإذن الله تعالى-. (10) وفي الختام أقول لك عليك بكثرة الذكر والاستغفار، وأكثر من الدعاء والجأ إلى الله بصدق بأن يصرف عنك هذا الشر المستطير من هذه الفتن الفتاكة القاتلة، فالله سبحانه هو الذي يعصم عباده من الخطأ والزلل، "رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" [البقرة: من الآية286] . هذا والله أعلم، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهداية والرشاد، وأن يجنبنا وإياك مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه، وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أهله يريدون أن يلبس الجنز ويحلق لحيته

أهله يريدون أن يلبس الجنز ويحلق لحيته المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 6/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب أعيش مع أهلي ومنذ فترة وأنا أحاول الاقتداء برسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- وأهلي لم يعترضوا إلا على تغيير هيأتي وشكلي من ناحية الملبس وإعفاء اللحية، وهم يريدونني أن أعود إلى ما كنت عليه من اللبس وحلق اللحية، مع ملاحظة أني كنت ألبس الجينز وأن لحيتي لم تكتمل بعد وهم يرونها سيئة المنظر، أفتوني أثابكم الله. الجواب الابن العزيز: حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أولاً: اعتذر عن تأخر الجواب، رغم أني قد تفاعلت مع رسالتك وتأثرت بها كما أني سررت بك كثيراً، فحيا الله محمداً الذي اسمه كاسم سيد البشر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهنيئاً لك الحرص على الاقتداء به -صلى الله عليه وسلم-. ثانياً: هذا جواب سؤالك: (1) المسلم عبدٌ لله خاضع له عز وجل في ظاهره وباطنه، لذلك حين يتوب المسلم إلى الله يترك كل معصية ظاهرة أو باطنة قال الله تعالى:"وذروا ظاهر الإثم وباطنه" [الأنعام:120] . وصلاح الظاهر مطلوب كما أن صلاح الباطن مطلوب، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" رواه الإمام البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -، فالقلب هو الباطن، والجسد هو الظاهر، ومن الظاهر: الأقوال والأعمال واللباس والزينة واللحية. (2) إذا كان أهلك يريدون منك أن تعود إلى شيء محرم كنت عليه سابقاً فلا يجوز أن تطيعهم في ذلك، فإذا أمروك بحلق اللحية أو أمروك بلبس ملابس محرمة، مثل: الملابس التي تكشف العورة والملابس الضيقة جداً فلا تطعهم في ذلك؛ لأن المخلوق لا يطاع في معصية الخالق تعالى، أما إذا كانوا يريدون منك أن تعود إلى شيء ليس بمحرم فأطعهم في ذلك. ملاحظة: البنطلون إذا كان واسعاً واعتاد الناس لبسه في بلدكم فلا بأس بأن تلبسه، أما الجينز فأرى ألا تلبسه. (3) في كل الأحوال احرص على ما يلي: أ. كُن مؤدباً معهم أكثر مما كنت سابقاً في الأقوال والأفعال حتى إذا أساء أحد إليك. ب. حاول إقناعهم بالأحكام الشرعية بلطف وحسن عبارة مع الاهتمام بذكر الأدلة وفتاوى العلماء. ج. احرص على أخذ الأحكام من أهل العلم حتى تنجو من الإفراط والتفريط وتبتعد عن الغلو والتمييع، لأن الذي يقع في الغلو ينفر منه الناس ولا يرضى الله عن عمله. أسأل الله أن يثبتك ويسددك، اللهم أعنه على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفهوم التدين

مفهوم التدين المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 26/8/1424هـ السؤال السلام عليكم. أريد أن أصبح متديناً، لكنني أشعر بقليل من الخوف، ما هو تعريف الشخص المتدين؟ وكيف يصبح المرء كذلك؟ وفيما إذا أصبحت متديناً، هل يجوز لي أن ألعب وألهو مع أصدقائي؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلمنا الحكمة والقرآن، وما كنا لنهتدي لولانا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: إلى الأخ السائل: - حفظه الله ورعاه- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع، ومرحباً بك أخاً في الله على طريق الحق. لقد قرأت سؤالك وسرني جداً حبك للدين وحرصك على أن تكون من المتدينين الملتزمين بشريعة رب العالمين، والمتمسكين بهدى سيد المرسلين نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-. ولكن لماذا الخوف؟ ومن أي شيء تخاف؟ يبدو أن فكرتك عن الالتزام والتدين فكرة خاطئة، هذا يظهر من سؤالك وخصوصاً الفقرة الأخيرة منه. يا أخي الكريم: أتخاف لأنك تريد أن تسلك طريق الحق، طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا. أتخاف لأنك تريد أن تكون من عباد الله المخلصين، الذي هم للخير فاعلون وللشر تاركون؟ أتخاف لأنك تريد أن تسير في ركب محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم- وتلحق بأولئك الصحب الكرام، ومن تبعهم بإحسان؟ لماذا تخاف إذاً وأنت قدوتك محمد - صلى الله عليه وسلم- إن هذا الخوف الذي عندك إنه من الشيطان ليثبطك حتى لا تسير مع تلك القافلة المباركة، وتلك الثلة الطيبة، قال تعالى: "إنما ذلك الشيطان يخوف أولياؤه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين" [آل عمران: 175] . فدع عنك هذا الخوف، وامتط صهوة جوادك والتحق بالركب المبارك ثبتنا الله وإياك. أما عن سؤالك ما هو الشخص المتدين فهو باختصار شديد: هو من يفعل الخير، ويترك الشر، ويبعد عن الخلاف، وعندما تصبح متديناً يجوز لك أن تلعب وتمرح وتمزح مع أصدقائك، وكان هذا هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه الكرام رضوان الله عليهم جميعاً، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، فالتدين لا يمنعك من فعل هذا كله، لكن بضوابطه الشرعية، فعليك بقراءة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم- وسيرة سلفنا الصالح وسترى ما يشرح صدرك. هذا والله أعلم. نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل باب التوبة مفتوح؟

هل باب التوبة مفتوح؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 16/8/1424هـ السؤال لقد ضاجعت أختي الصغيرة من خلال الملابس، فهل باب التوبة مفتوح؟. الجواب الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، والصلاة والسلام على النبي القائل: "أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة" أخرجه مسلم (2702) من حديث الأغر بن يسار المزني -رضي الله عنه- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: إلى الأخ التائب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة، واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. أخي التائب: لقد قرأت رسالتك القصيرة مرات عديدة، ويعلم الله أنه قد ساءني ما ألمّ بك، وأحزنني ما وقعت فيه، لكن سرَّني سؤالك: هل باب التوبة مفتوح؟ فأقول لك أخي التائب: نعم باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها، وليس هناك ما يحول بينك وبين التوبة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" أخرجه مسلم (2703) وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" أخرجه مسلم (2760) ، فرحمة الله واسعة، وباب التوبة مفتوح، وما عليك إلا أن تبادر وتسارع بالتوبة إلى الله، وأبشر بخير، فإن الله يتوب على من تاب، وإن شئت فاقرأ قوله تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم* وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون" [الزمر: 53-54] ،وقوله تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماًَ ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متابا" [الفرقان: 68-71] .

وإليك هذا الحديث الرائع والذي يوضح لنا مدى سعة رحمة الله بعبده التائب مهما فعل من الذنوب والمعاصي، المهم أنه يقبل على الله بقلب خاشع ونفس منكسرة ذليلة، ويكون صادق النية في توبته، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً، فهل من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم قال سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم- أي حكماً - فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد أن يذهب إليها ليتوب فيها، فقبضته ملائكة الرحمة" متفق عليه البخاري (6/373-374) ، ومسلم (2766) ، وفي رواية في الصحيح: "فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها، وفي رواية أيضاً في الصحيح: "فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي، وقال: قيسوا ما بينهما فوجدوه إلى هذه أقرب، أي إلى القرية الصالحة بشبر فغفر له" وفي رواية: "فنأ أي فقرب بصدره نحوها" أرأيت يا عبد الله مدى سعة رحمة الله بعباده التائبين، أضف إلى ذلك بأنك إذا تبت إلى الله ورجعت إليه، وأقلعت عن المعاصي والذنوب فإن الله يفرح بك فرحاً شديداً، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاةٍ، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" متفق عليه، البخاري (1/91-92) ، ومسلم (2747) واللفظ له. فبادر بالتوبة أخي الكريم ولا تعد لما فعلت، فإن ما فعلته أمر عظيم، وجرم كبير، وذنب فادح، وفعلة قبيحة وشنيعة يستقذرها أهل المروءة والنخوة، ويستقبحها أهل الفطر السليمة، ويستعظمها أهل الإيمان والتقى. والتوبة لها شروط وضعها أهل العلم حتى تكون التوبة توبة نصوح وهذه الشروط هي: (1) الإقلاع عن المعصية فوراً. (2) الندم على فعل هذه المعصية. (3) العزم الأكيد على عدم العودة إلى المعصية مرة أخرى. وهناك أمور تعينك بإذن الله تعالى على التوبة من هذه المعصية وغيرها ومنها: (1) مصاحبة أهل الخير من طلبة العلم والدعاة وغيرهم. (2) الحرص على مجالس الذكر والعلم. (3) عدم مخالطة أهل السوء والشر والفسق والابتعاد عنهم. (4) الحرص على قراءة القرآن بتدبُّر والحرص على طلب العلم.

(5) سماع الأشرطة الإسلامية النافعة التي ترقق القلب وتقوي الإيمان، وتربي في النفس روح المراقبة لله - جل وعلا-. (6) البعد عن كل ما يثير شهوتك من مسموع ومقروء ومشاهد. (7) عدم الخلوة بمن يثير شهوتك ويجعل للشيطان عليك سبيلا. (8) عليك بالصيام فإن الصيام يطفئ الشهوة، كما في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-. (9) عليك بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله بأن يصرف عنك الفتن ما ظهر منها وما بطن. (10) عليك أن تشغل نفسك بطاعة الله؛ لأنه كما قيل النفس إذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية. نسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يزني ويتوب ثم يعود وهكذا ...

يزني ويتوب ثم يعود وهكذا ... المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 15/8/1424هـ السؤال الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: سؤالي: وبما أنني أعرف الإجابة، ولكن لراحة القلب كتبت هذا السؤال، والذي أتمنى الإجابة عنه من قبل أحد الشيوخ، وأدعو الله أن يجعل ذلك في موازين أعمالكم، بصراحة أنا إنسان أنعم الله علي بكل شيء، بالزوجة، والأولاد، والوظيفة، والحمد لله، ولكن - وللأسف الشديد - ذهبت إلى إحدى الكبائر وهي الزنا، وكلما أرتكبها أعود وأبكي واستغفر الله، وأقوم الليل وأصلي وأدعو الله أن يغفر ذنوبي، إلا أني وبعد فترة أقوم وأعيد الكرة مره ثانية، وبعدها أقوم بنفس العمل من الاستغفار والتوبة، وفعلاً بدأت أتعب نفسياً، وأخاف من تلك العهود التي عاهدت الله وأخلفته أن ينزل الله علي غضباً، وهو أن لا يغفر لي تلك الكبيرة، فأرجو من الله ثم منكم مساعدتي، فوالله إن هذه الدنيا لا تساوي لدي شيئاً، وأتمنى جنة الفردوس، وأخاف عذابه وعذاب النار، فأفتوني عن الطريقة التي تساعدني على ترك هذه الكبيرة وكل كبيرة. وجزاكم الله ألف خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد التائبين نبينا محمد القائل: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" أخرجه البخاري (11/85) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. وبعد: إلى الأخ السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. لقد قرأت رسالتك مرات عديدة، وساءني جداً - يعلم الله- ما أساءك، وأحزنني ما أنت فيه، وعلمت أن الشيطان لعنه الله قد أقبل عليك بخيله ورجله، وأحاط بك إحاطة السوار بالمعصم؛ ليضلك عن السبيل القويم، ويجعلك تغرق في هذا المستنقع الآسن، مستنقع الشهوات واللذات المحرمة. لكن أقول لك أخي: اعلم أن رحمة الله واسعة بعباده، وأن رحمته سبقت غضبه سبحانه، وهو يقبل توبة التائبين، عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" أخرجه مسلم (2760) ، والآيات والأحاديث كثيرة، ويبدو من سؤالك أنك تعرفها فلا حاجة إذاً لإعادتها. أما قولك بأن الدنيا لا تساوي عندك شيء وأنك تتمنى جنة الفردوس، وتخاف عذاب الله وعذاب النار، فهذا كلام نظري جميل ورائع، لكن أين الفعل والتنفيذ، والترجمة العملية لهذه الدعوى العريضة؟. إن كنت حقاً صادقاً في دعواك لانعكس ذلك في تصرفاتك وأفعالك، وصدق الإمام الشافعي حيث قال: تعصي الإله وأنت تظهر حبه*** هذا لعمري في القياس بديع لو كان حبك صادقاً لأطعته*** إن المحب لمن يحب مطيع

قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" [آل عمران: 31] ، يقول الإمام الحسن البصري - رحمه الله- كما ذكر ذلك ابن كثير - رحمه الله- في تفسيره: (أن هناك أناس ادَّعو محبة الله فابتلاهم الله بهذه الآية" اهـ. فيا أخي الكريم: إن الترجمة الفعلية لما تدعيه وتزعمه هو تقوى الله في السر والعلن، وتقوى الله أن تجعل بينك وبين محارم الله وقاية، وذلك بفعل ما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر. أخي الكريم: أتظن أن الجنة سلعة رخيصة، لا والله، سلعة الله غالية جداً، ولا يقوى على ثمنها إلا أصحاب الهمم العالية، إن الجنة أعدها الله لعباده المتقين الذين يراقبونه في السر والعلن، فهم دائماً وأبداً يعلمون بأن الله يراهم ومطلع عليهم في سرهم وجهرهم، فهم مراقبون له سبحانه في جميع أحوالهم، نسأل الله أن نكون منهم، وإني أستعين بالله وأرشدك على أمور عسى الله أن ينفعك بها، وتعينك على التخلص من هذه الكبيرة وكل كبيرة بإذن الله، فيا رعاك الله أرعني سمعك، واحضر قلبك فإني محدثك فأقول: (1) عليك أولاً بالبعد عن كل أسباب هذه المعصية، سواء منها المسموع أو المقروء أو المشاهد، أو الصحبة، فعليك أن تقلع عن مصاحبة أهل الشر والفساد والفجور، وعليك بمصاحبة أهل الخير والبر والتقوى من طلبة العلم والدعاة والصالحين. (2) تذكَّر نعم الله عليك من زوجة وأولاد وصحة وعافية، ومال، ووظيفة، أهكذا يكون شكر النعم؟. هذا المال وتلك الصحة التي أنعم الله عليك بها، تكون هذه النعم هي وسيلتك لمعصية الله. اعلم أن الله قادر أن يسلب منك كل شيء، ويدعك وليس معك أي شيء. (3) عليك بغض البصر، وإذا دعتك نفسك للحرام فاذهب إلى زوجتك واقضي منها وطرك وحاجتك، فإن هذا أفضل لك في دينك ودنياك، وآخرتك، كما أرشد لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم-. (4) إذا همَّت نفسك بفعل هذه المعصية القبيحة وغيرها تذكَّر بأن هناك ناراً تلظى لا يصلاها إلا الأشقى، أُعدت للفجار والفساق والزناة، فهل تقوى على هذه النار؟. (5) تذكَّر بأن عاقبة الزنا وخيمة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا عار وشقاء، ووحشة في القلب، وبغض من الخلق، وربما طالك الأذى في أهلك. أخي! أترضى هذا الأمر المنكر والفعل القبيح لأمك؟ أو لأختك؟ أو لعمتك؟ أو لخالتك؟ أو لزوجتك؟ أو لابنتك؟ أو لأي قريبة لك؟ فإن كنت لا ترضاه لهؤلاء كلهم، فلماذا ترضاه لغيرك؟. أما في الآخرة فعذاب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. (6) تذكَّر وأنت تمارس هذا العفن أن الله مطَّلع عليك ويراك، فهل استهنت بنظر الله إليك، وجعلته سبحانه أهون الناظرين إليك، اعلم بأن الله قادر على أن يقبض روحك وأنت على هذه الحالة فماذا تفعل؟ والمرء يحشر يوم القيامة على ما مات عليه.

(7) تذكَّر الموت وما فيه من شدائد وكربات، والقبر وما فيه من أهوال وظلمات، وتذكَّر يوم القيامة وما فيه من شدائد عظام، وتذكَّر حالك عندما تتطاير الصحف، فمنهم من أخذ كتابه باليمين فكان من الفائزين، ومنهم من أخذ كتابه بشماله فكان من الخاسرين الهالكين، وتذكَّر في ساعة الحساب والعرض على أحكم الحاكمين، وتذكَّر الصراط الذي نصب على متن جهنم وهو أحدّ من السيف وأدقّ من الشعرة، وتذكَّر منصرف القوم فريق في الجنة يتنعمون، وفريق في النار يعذبون ويصرخون، فأهل الجنة في نعيم دائم مقيم، وأهل النار في عذاب قائم مهين، فمع أي الفريقين تحب أن تكون؟ والعاقل بصير نفسه، والظمآن يكفيه من الماء اليسير. (8) عليك بصدق اللجوء إلى الله والتوبة إليه، وكثرة الدعاء بأن يصرف عنك هذه المعاصي والمنكرات، ويوفقك لعمل البر والخيرات، إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه. هذا والله أعلم. والله أسأل أن يجنبنا وإياك شر المعاصي والفتن ما ظهر منها وما بطن. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

صراع مع النفس

صراعٌ مع النفس المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 18/1/1425هـ السؤال احترت وحار بي الدليل مع نفسي، أدعوها للطريق المستقيم الذي يؤدي إلى الجنة، وتأبى إلا أن تطيع الشيطان، الذي يتلاعب بها كيف يشاء يمنة ويسرى، تحب الغناء وأنهاها عن ذلك بشدة وأقول لها: ألم تعلمي بأنه حرام؟ وأقرأ لها الآية: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ"، وأؤكد لها بأن ابن مسعود - رضي الله عنه- قد أقسم بأن المقصود في الآية الغناء، ولكنها تقول لي -أي نفسي-: إن الله غفور رحيم، وأنهاها عن النظر إلى المحرمات، وأقول لها الآية: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ" وكلما حاولت أن تغريني إلى الفواحش والحرام أستدل لها بالآيات أو الأحاديث، ولكن دون جدوى، ترفض إلا أن تدعوني إلى المحرَّم، ومع هذا كله إذا ذكر اسم الله وجلت وخافت، وإذا سمعت كلام الله اطمأنت، ومع هذا كله فإني أصلي وأصوم، فاكتشفت أن لدي انفصاماً في الشخصية، واحدة دينية وأخرى دنيوية، سؤالي: هل لانفصام الشخصية علاج؟ أرجو الشرح والتوضيح. الجواب أسأل الله تعالى أن يربط على قلبك وأن يلهمك رشدك ويقيك شر نفسك، وبعد: ما تشتكي منه يعاني منه أناس كثيرون، وعانى منه المتقدمون، والتوفيق كله من الله -تعالى-، لا أتفق معك بأنك تعاني انفصامًا في الشخصية بناء على ما أشرت إليه من حال نفسك، بل هذا صراع طبيعي بين النفس والهوى الذي يديره غالبًا الشيطان. اطمئن من حال نفسك، وتأكد أنك قادر على تجاوز هذه المشكلة عبر الوسائل التالية: 1- التوجه إلى الله -تعالى- وطلب العون منه ـ جل وعلا ـ في التغلب على ميل النفس إلى الهوى. 2- تدريب النفس على قوة الإرادة، وضبط الانفعال والميول والرغبات، ولذلك فأنا أتوقع أنك تعاني من عدم قدرتك على الاستيقاظ متى ما أردت، وربما تترد في قول (لا) للشيء يطلب منك ولا تريد. هذان المظهران (مثلاً) إن وجدا فيك فأنت تعاني من ضعف الإرادة وسيكون علاجها بالتدريب -إن شاء الله-. 3- أكثر من الذكر وقراءة القرآن، وبخاصة أن نفسك تتأثر بذلك وترق له. 4- فكر في العواقب؛ فإن الغناء والنظر إلى النساء بداية طريق موحش لنهاية يكرهها الله ويغضب عليها. 5- تأكد أن ما تعاني منه أمر جبلي في كثير من الناس، فلا تقلق نفسك؛ لكونه أمرًا غريبًا، ولكن ركّز على سبل التخلص منه والوقاية من أسبابه. 6-اجتهد في قطع الأسباب (الفرص) التي تتيح لك استماع الأغاني من خلال احتفاظك بأشرطة الغناء القديمة أو مجالسة من يستمع إليها دون مراعاة، وكذلك الأماكن التي يكثر فيها النساء أو مشاهدة البرامج التي تعتمد عليهن أو زيارة مواقع الإنترنت التي تروج لصور النساء، وإلا أصبحت كمن يرمي بنفسه في الماء ويحذرها أن تبتل.

ولك في نبي الله يوسف -عليه السلام- عبرة، حيث إنه خرج من مكان الفتنة حين راودته امرأة العزيز ولم يقل في نفسه أقف معها وأنصحها وأذكرها بالله -تعالى- ونحوه موقف الصحابي كعب بن مالك - رضي الله عنه - حين وصله خطاب من ملك غسان الكافر يدعوه للحاق به وأن يرفع من محنته وقد هجره النبي - صلى الله عليه وسلم- وصحابته بعد تخلفه عن غزوة تبوك، فقد سارع إلى إحراق الرسالة حتى لا يتيح لنفسه فرصة النظر فيها ويقطع عنه وسوسة الشيطان أن يغريه باللحاق بالكفار وهجران المسلمين مع ما هو عليه من المحنة انظر ما رواه البخاري (4418) ومسلم (2769) من حديث كعب بن مالك - رضي الله عنه-. 7- حاول أن ترتقي باهتمامك وأن تجعل همك رضا الله -تعالى-. 8- اجعل لنفسك مشروعًا كبيرًا يشغل بالك عن هذه الترهات، وليكن مشروعًا ينفع الله به من حولك من أهلك وإخوانك، أو أمتك، وكلما كان مشروعًا يقودك إلى الله -تعالى- فإنه أنفع لك، وإذا لم تجد مشروعًا محددًا فاجعل مشروعك الوصول إلى أعلى درجة في الجنة، إن هذا الشعور سينسيك دوافع نفسك وسيشغلك الأهم عن ما هو دونه، فلا تكاد تفكر فيه. 9- لا تستسلم لنفسك ولا لرغباتها ولا تيأس؛ فإن اليأس لا يصنع شيئًا. 10-أكثر من الطاعات؛ فإنها كفارات لصغائر الذنوب، ومن شأنها إصلاح القلب والنفس. 11-تذكر أنك مهما وقعت في شيء من ذلك فإن باب التوبة مفتوح، والله ـ جل وعلا أشد فرحًا بك، من فرحك أنت بالتوبة نفسها.

أسباب الهداية والتوبة

أسباب الهداية والتوبة المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 2/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شخص منَّ الله عليَّ بالهداية بعد أن كنت في ضلال وتيه، ولكني أفعل المعاصي، فماذا أفعل لأتخلص من الذنوب وأرضي الله - سبحانه وتعالى-؟. الجواب الأخ الكريم: - سلمه الله - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو أن تجد منَّا النفع والفائدة، ثم إني أبارك لك التوبة والهداية، وأسأل الله لي ولك الثبات على الحق؛ حتى نلقى الله، ومن المعلوم أن الثبات على الطاعة، والبعد عن المعصية يتطلب جهداً من العبد؛ ليكون على طريق التوبة الصحيح، ومن ذلك ما يلي: 1- عليك بكثرة الاستعانة بالله - عز وجل- في كل أمر من أمورك. 2- عليك بالابتعاد عن الأسباب التي توقعك في المعصية مرة أخرى، أو تسهل عليك الوقوع فيها. 3- عليك بالإكثار من قراءة القرآن، والدخول في حلقة من حلقات التحفيظ؛ لتعيش مع القرآن تلاوةً، وحفظاً، ومدارسة. 4- أكثر من حضور مجالس الذكر من حلقات العلم، والمحاضرات العامة، وسماعة الأشرطة التي تعنى بذلك. 5- تأمل سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليكن لك جدولٌ من الوقت في قراءتها، والعيش معها، وأقترح عليك كتاب الرحيق المختوم، وكتاب السيرة النبوية - دروس وعبر-. 6- الزم الصحبة الصالحة، ولا تعد عيناك عنها؛ فإنها الأمان بعد الله من الوقوع في مزالق الشهوات والشبهات. 7- احرص على الصلوات الخمس في المسجد جماعة، ولا تفوتنك صلاة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وإن فاتتك فألزم نفسك بصيام يوم، أو التصدق بصدقة. 8- بر والديك، وصل أرحامك؛ فإنها من الطاعة التي يحبها الله، وهي طريق للثبات. 9- استمع، أو اقرأ قصص الأنبياء، والمرسلين، والصالحين، والعُبَّاد؛ فإن فيها سلوة وعبرة. 10- عليك بكثرة الدعاء وسؤالك الله الثبات على دينه. 11- قم بالدعوة في أوساط أهلك، وأصحابك بما علمت من الحق؛ فإن في ذلك إلزاماً للنفس بما تدعو إليه. هذا، بعض ما تيسر، وأرجو الله لي ولك الثبات على دينه، وحياك الله أخاً في الله، وصاحباً في طريق الحق، والسلام عليكم.

بسبب الحجاب يضطهدونها، فهل تتركه؟

بسبب الحجاب يضطهدونها، فهل تتركه؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 27/11/1424هـ السؤال أنا مسلمة جديدة، أدرس الآن وأعمل نصف دوام في مستشفى، وأنا محتاجة للعمل؛ لأساعد زوجي في أمورنا المعيشية، مشكلتي في الحجاب، أود أن ألبسه لكنني لا استطيع، لو علم والداي بإسلامي فسيستهزئون بي، ويكون مصير زوجي الخروج من المدينة، فهو بالطبع الذي سيُلام على "إفسادي"،نحن نعيش في مدينة أهلها من الكاثوليك المتشددين، وكل الناس هنا معروفون، وزوجي رجل بسيط ومسالم، أشعر بأنني منافقة لخروجي إلى المسجد بالعباءة، وخروجي بالملابس العادية إلى الكلية أو السوق، اليوم على سبيل المثال رأيت امرأة متحجبة بالكامل مع النقاب وزوجها معها ووقعت نظرات زوجها المسمومة علي (بسبب ملابسي) مباشرة في قلبي، لا أستطيع لبس الحجاب لكنني متألمة من وضعي أكثر فأكثر. أرجو توجيه نصيحة لي ولزوجي. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: إن كانت المضايقة لا تعدو كلمات الهمز واللمز والسخرية فلا أجد لك رخصةً في التبرج ونبذ الحجاب؛ ومجرد الاستهزاء والسخرية والهمز واللمز لا يبيح للمسلم أن يترك شعيرة من شعائر دينه، ولا أن يرتكب محظوراً من المحظورات، فما من بلد من البلدان في مشارق الأرض ومغاربها ـ الإسلامية وغير الإسلامية ـ إلا وفيها من يستهزئ ببعض الشرائع والشعائر، وما من نبي إلا وقد استُهزئ به ولُمز وسُخر منه، وهذه هي طبيعة الدين، وهي ابتلاء من الله وتمحيص، "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" [العنكبوت:2 -3] . ولو لم يكن في التزام صراط الله المستقيم فتنةٌ لما تميّز المؤمن من المنافق، ولسهل على كل دَعيٍّ أن يدعي الإيمان والإسلام، ولكن اقتضت حكمة الله -سبحانه- أن يُبتلى الناس في دينهم، ليُعلم الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق. والمقصود: أن ما تذكرينه من مخاوف تخافينها إن ارتديتِ الحجاب الشرعي ليس عذراً يبيح لك التبرج ونبذ الحجاب، فارتديه، ولْتكوني عزيزةً بدينك، وارفعي به رأساً، واشمخي به أنفاً، ولا تلتفتي لاعتذارات المهزومين ودعاوى المتشككين، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: "من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس, ومن التمس رضا الناس بسخط الله وَكَلَه الله إلى الناس" أخرجه الترمذي (2414) بسند حسن. لكن إذا ترتّب على خروجك بالحجاب اعتداءٌ عليك بضربٍ، أو تهديد بقتلٍ أو طردٍ من بلدك إلى بلد آخر لا تجدين فيه عملاً، فأرجو أن تكوني معذورةً حينئذ لو خرجتِ بلا حجاب، لكن يجب أن تقصري خروجك على ما تدعو إليه الحاجة، كالعمل ونحوه، واجتهدي وسعك بألا يبدو من بدنك إلا ما تقتضي الحاجة إبداءه ويدفع عنك الأذى والمضايقة؛ ككشف الوجه فقط، أو الوجه والشعر، وليس ثمَّ حاجة إلى كشف العضد أو الساق أو الذراع أو العنق أو النحر، فإن الحاجة تقدّر بقدرها. أسأل الله أن يملأ قلبك بالإيمان، وأن يثبتكِ على طاعته ودينه، وأن يوفقك لمرضاته، وأن يحفظك بحفظه، وأن يرزقك الذرية الصالحة، وأن يُقرَّ عينك بصلاح زوجك وولدك، وأن يهدي أبويك لدينه القويم. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تصفح المواقع الجنسية

تصفح المواقع الجنسية المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 15/11/1424هـ السؤال إنني مولع بالإنترنت، وأبحث فيه عن المواضيع الإسلامية من فتاوى وغيرها، غير أني مولع كذلك بالبحث عن المواقع الخليعة، ولكني ما إن أنتهي حتى أجد نفسي نادماً أشد الندم إلى درجة البكاء والسهر خوفاً من الله، وأترك الإنترنت عدة أيام، ولكن عندما أعود مرة أخرى أجد نفسي أبحث عن تلك المواقع. فأرجوكم دلوني على ما ينقذني من هذا الأمر. الجواب الحمد لله، أخي السائل الكريم، إن النفس البشرية تتجاذبها نوازع الخير من جهة، ونوازع الشر من جهة أخرى، فأيهما تغلب على الأخرى كان الإنسان تبعاً لها، إما خيَّراً وإما شريرًا. قال الله تعالى:" إنا هديناه السبيل، إما شاكراً وإما كفورا" [الإنسان:3] ، وللأسف الشديد فأكثر الناس يستجيبون لنوازع الشر، ودوافع الهوى، فيغلب الشر على طباعهم، وتتشكل من خلاله شخصياتهم، فيسرفون على أنفسهم بالمعاصي، ويضيعون أعمارهم في اللهو والعبث ومطاردة الشهوات. وأنت أخي الكريم قد أنعم الله عليك، فأدركت شؤم المعصية ومرارتها بعد الفراغ منها، وعاينت وخز الضمير وسياط الندم عند اللحظة الأولى التي تعود فيها إلى رشدك، وتستيقظ من سكرة الشهوة وغيبوبة الغفلة، فلتسأل نفسك بصراحة هل تستحق تلك المشاهد الداعرة التي تبحث عنها كل هذه الآلام التي تلازمك بعدها؟. بل سل نفسك أيليق بك وأنت المسلم الموحد، الناطق بالشهادتين صباح مساء أن تنظر إلى تلك المشاهد القذرة، والجبار - جل جلاله- ينظر إليك فأين الحياء من نظر الإله؟! أهكذا تكافئ ربك الذي منحك البصر والسمع والفؤاد؟ إن مشكلة الكثير منا - أخي في الله - أننا نغتر بإمهال الله وستره وحلمه، ونسينا أو تناسينا أن الله يمهل ولا يهمل، وأنه - سبحانه - يغار ويغضب إذا انتهكت محارمه، فهل تأمن من غضبة إلهية تكون أنت ضحيتها، فلا ينفعك ساعتها ندم، ولا يفيدك اعتذار. إن الفرصة يا أخي بيدك اليوم، وقد تفقدها غداً، فبادر إلى التوبة النصوح قبل فوات الأوان، وإني أنصحك بصدق ومن أعماق قلبي أن تترك الإنترنت إلى الأبد، فقد جربت بنفسك مراراً فلم تقو على مقاومة إغراء المواقع الخليعة باعترافك! فما الذي ستخسره حين تتخلص من الإنترنت والعكوف عليه، فمواقع الشر تُقدر بعشرات الألوف وأكثر، وليس بينك وبينها سوى لمسات بإصبع أو بإصبعين!! إن الخير تجده في الكتب النافعة والأشرطة المفيدة ومجالسة الصالحين، وليس وقفاً على الإنترنت الذي تقصم بعض مواقعه الظهور، وتُذهل العقول، وتذهب بالعفة والشرف والمروءة، وكم فقد ذو فضل فضله، وذو دين دينه، وذو عقل عقله أمام صفحات المواقع الطافحة بكل سيء وقبيح، والمعصوم من عصمه الله، والسعيد من وعظ بغيره. هذا وأسأل الله لي ولك ولعموم المسلمين الهداية والثبات والله يحفظك. والسلام.

يعاني من الرياء والعجب

يعاني من الرياء والعجب المجيب د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 11/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أعاني من الرياء والإعجاب بالنفس والكبر واحتقار أعمال الآخرين، فما الحل؟ أرجو التفصيل، وجزاكم الله خيراً عنا وعن المسلمين. الجواب الحل هو أن تصحح مفهومك لأعمالك، وأن تتعرف على نفسك فيجب عليك أن تعرف بنفسك بأن ما ذكرته من صفات يدل على أنك لا تعرف نفسك، وكون الإنسان يتكبر على الآخرين فإن هذا من العيوب والذنوب الكبيرة، والله - جل وعلا- وعد من نازعه بالكبر بأن يعذبه ويقصمه، لأن الكبرياء لله - جل وعلا- وكون الإنسان يحتقر الآخرين هذا دليل على جهله بنفسه، والواجب على الإنسان أن يتعامل مع الآخرين تعامل احترام وإحقاق للحق، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "الكبر بطر الحق وغمط الناس" أخرجه مسلم (91) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - وبطر الحق أي: جحد الحق، وغمط الناس: يعني احتقارهم، فالواجب عليك أن تتأدب بآداب الإسلام، وأن ترجع إلى صفات أهل الإيمان مما وجه إليه الرسول عليه الصلاة والسلام وكان يتصف به في تعامله مع الآخرين، وأما سؤالك عن الرياء وأنك تعاني منه فهذا مرض وبيل حذرنا منه النبي - صلى الله عليه وسلم- وسماه شركاً خفياً، فالمطلوب من العبد المؤمن أن يعمل الأعمال لله وحده لا يشرك فيها أحداً من المخلوقين، لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يخلق وهو الذي يرزق وهو الذي يحيي وهو الذي يميت، وإليه المرد، ومنه يحصل الإنسان الثواب أو يقع عليه العقاب، وإذا كان هذا هو حالك مع ربك فيجب أن تتعامل مع الله - جل وعلا- على أنه هو الذي يجب أن يُراعى، ولا يكون للمخلوق دخل في هذا، لأن المخلوق الذي تريد أن ترائيه وتعمل العمل لأجله لم يخلقك ولم يرزقك، وليس له عليك طريق لا من قريب ولا من بعيد، فيجب على الإنسان أن يراجع حساباته مع ربه، ويتنبه لأخطائه، والرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي قال: قلنا بلى، قال الشرك الخفي، أن يقوم الرجل يعمل لمكان الرجل" أخرجه أحمد (10859) ، وابن ماجة (4204) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ومثَّل له: بأن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل إليه، نسأل الله - جل وعلا- التوفيق للجميع.

الفتاة والقنوات الفضائية

الفتاة والقنوات الفضائية المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 24/2/1425هـ السؤال شيخنا الفاضل: سؤالي يخص الفتيات وما يمرون به في مرحلة المراهقة كما يقال، وهو من المعلوم لديكم ما يسبب الجلوس المتواصل على التلفاز وما يسبب من أحلام يقظة لدى بنات عمرنا، وأنا من هؤلاء، والحمد لله عرفت الداء ونويت أن أمنعه، والحمد لله تركت التلفاز بشكل عام، واقتصرت على مشاهدة الأخبار والبرامج السياسية فقط (قناة الجزيرة) ، لكن المشكلة ما ورثته لي المرحلة السابقة من تخيلات بقيت محشوة في مخيلتي ولا أعرف كيف الخلاص منها، وأرسلت هذا السؤال الآن لأني سأمتحن امتحانات الثانوية العامة واجلس في البيت بعض الوقت، وأخاف أن تعود لي هذه التخيلات وتراودني نفسي وأعود، فقد تعبت والله مع نفسي حتى تخلصت منها. أرجو منكم أن تساعدوني بأي توجيه، وأن تدعو لي بالهداية والتوفيق خلال الامتحانات. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي الكريمة وابنتي العزيزة: لقد أفصحت عن مرض خطير أصاب كثيراً جداً من بنات جنسك، وهو ينمو في الجسد كما ينمو السرطان، ولا يتنبه له الإنسان إلا بعد أن يكون قد تمكن منه، وإذا كان الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، يقول: " النظرة سهم من سهام إبليس" رواه الحاكم في المستدرك (7875) من حذيفة - رضي الله عنه- فتلك نظرة واحدة، فكيف بمن جعل نفسه هدفا للشيطان، يرهقه كل يوم بمختلف أنواع النظرات؟!! ولكني أهنئك على التوبة، وأسأل الله تعالى لي ولك الثبات. وسؤالك في مكانه، وكما يعاني منه الفتيات فإن الشباب أيضا يعانون منه كذلك، والحل هو استبدال تلك المناظر التي عاشت في الذاكرة، وذلك بمشاهدة مناظر النور كالقرآن الكريم، ومجالسة الوالدين وإيناسهما، ومجالسة الصالحات، وقراءة الكتب النافعة، والترفيه بكل حشمة مع محرم في الأماكن البرية والبحرية في ستر وحشمة. ثم إذا عرضت تلك الصور المحرمة في صلاة أو قراءة أو مذاكرة، فحسن أن تبادري للاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والإسراع إلى الوضوء والصلاة ركعتين تحرصين فيهما على حسن الأداء وعدم إعارة الشيطان أي جزء منهما. ثم إن نسيان تلك الصور يتوقف على احتقارك لها، والندم الحقيقي على الزمن الضائع فيها، ورجاء التوبة بصدق وإنابة. ولا تستحدثي صورا جديدة البتة، وتذكري حديث:"يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَة"ُ قَالَ أَبُو عِيسَى [هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ] رواه الترمذي (2777) وأبو داود (2149) من حديث بريدة بن الحصيب - رضي الله عنه - فما جر النظرات المتتابعة إلا التساهل في النظرة الأولى التي كررت وأتبعت نظرة أخرى بل نظرات، اتقي الله واحرصي على طهارة قلبك، وادعي الله كثيرا أن يذهب عنك تلك الصور، وأنصحك بالاستماع إلى شريط جيد في هذا الإطار للشيخ الدكتور إبراهيم الدويش بعنوان: (السهم المسموم) ، فقد عرض لمشكلتك هذه بتفصيل أكثر. وفقك الله وستر عليك.

الحور بعد الكور

الحور بعد الكور المجيب محمد بن إبراهيم الحمد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 9/2/1425هـ السؤال بحمد الله كثر من يستقيم على طريق الخير وكثر التائبون ولكن هناك طائفة منهم لا تملك نفسا طويلا على الاستقامة فتعود كما كانت فما هو السبب فضيلة الشيخ وما هو توجيهكم للدعاة حيال ذلك. الجواب ليس السبب واحداً، وإنما هي عدة أسباب منها: (1) أن تكون البداية ضعيفة، وأن يكون الأصحاب من ذوي الهمم الدانية. (2) ومنها ضغط العادة، وقلة الصبر، وقلة المعين، وترك الاستشارة والسؤالِ. (3) ومنها ضعف التحصيل العلمي، وضعف التعبد، وقلة التفقد للنفس وعيوبها وقلة السعي في إصلاحها. (4) ومنها استطالة الطريق، والنظر إلى من هو أقل. (5) ومنها كثرة القيل والقال، والجدال، وقلة الاشتغال بما يعني. (6) ومنها الفتن التي تمر بها الأمة؛ فهي تحتاج إلى تأمل وروية وبعد نظر. ومن كان ضعيفاً في العلم والعمل أوشك ألا يصمد، خصوصاً إذا لم يجد أو لم يبحث عمن يأخذ بيده إلى بر الأمان.

وبالجملة فالأسباب كثيرة. أما ما ينبغي فعله حيال ذلك الأمر فيحتاج إلى بسط وتفصيل. ومما يفيد في هذا الشأن أن يحرص المربون والدعاة على تربية من تحت أيديهم تربية متوازنة متكاملة، وأن يشرحو صدورهم لما يرد عليهم من أسئلة وإشكالات، وألا يستعجلوا النتائج. ومن ذلك ألا يشغلوا الناشئة فيما لا يعنيهم، بل يحرصوا على تزكيتهم بالعلم والعمل، والبعد عن مواطن الخلاف. وهذا ما يؤكد حاجة الأمة إلى وجود المربين الأفذاذ، والمعلمين القدوات الذين يستحضرون عظم المسؤولية، ويستشعرون ضخامة الأمانة، والذين يتسمون ببعد النظرة، وعلو الهمة، وسعة الأفق، وحسن الخلق، والذين يتحلون بالحلم والعلم، والصبر والشجاعة، وكرم النفس والسماحة. فأثر هؤلاء في التربية كبير، ودورهم الذي يقومون به غير يسير؛ فالواحد من هؤلاء الأفذاذ ممن اجتمع له ما اجتمع من خصال الخير، ومن معاني السمو والألمعية - لا بد أن يتأثر به طلابه، وأن ينطبعوا بطابعه؛ لأنه سيربيهم على معالي الأمور، ومكارم الأخلاق، والتطلع للكمالات. فإن أتيت للعلم وجدته يفتح لهم أبوابه، ويشحذ قرائحهم لفهم معانيه، وإدراك مراميه، ورأيته يطلق لهم العنان في البحث، ويردهم إلى الصواب برفق إن أخطأوا، ويثني عليهم إن ناقشوا فأصابوا. بل إنه سيحرص جهده على أن يكون من تحت يده خيراً منه، فلن يقف حجر عثرة أمام طلابه، ولن يجد في نفسه غضاضة أن يتفوق أحدٌ مهم عليه. وما ذلك إلا لكرم نفسه، وعلو همته، وسعة أفقه، ولأنه يسعى للإصلاح، ويروم رفع الغشاوة عن الناس، ولإنه يعمل للآخرة، ويعلم أن أجره سيدوم ويتضاعف إذا هو خرَّج طلاباً يخلفونه في العلم، وينشرون ما تلقوه على يديه. يقص علينا التاريخ أن في الأساتذة من يحرص على أن يرتقي تلاميذه في العلم إلى الذروة، ولا يجد في نفسه حرجاً من أن يظهر عليه أحدهم في بحث أو محاورة. يذكرون أن العلامة أبا عبد الله الشريف التلمساني كان يحمل كلام الطلبة على أحسن وجوهه، ويبرز في أحسن صوره. ويروى أن أبا عبد الله هذا كان قد تجاذب مع أستاذه أبي زيد ابن الإمام الكلام في مسألة، وطال البحث اعتراضاً وجواباً، حتى ظهر أبو عبد الله على أستاذه أبي زيد، فاعترف له الأستاذ بالإصابة، وأنشد مداعباً: أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني وإن أتيت للمجالات الأخرى رأيت هذا المربي الفاضل يربيهم على خلق العدل، وفضيلة الإنصاف، والتجافي عن ساقط القول ومرذوله. وستجده - أيضاً - يربيهم على خلق الشجاعة، وصرامة العزم، وعزة النفس، وأباءة الضيم، كما أنه سيربيهم على التواضع الجم، والبعد عن الإعجاب والتعالي على عباد الله. فإذا تربى الطلاب على الدين القويم، ووصلت معانيه إليهم من طريقها الصحيح، وقام على التربية معلمون ربانيون مخلصون - رسخت الفضائل في نفوسهم، وَقَّرتْ بها قرار ذات الصدع تحت ذات الرجع، فلا ترى من جراء تلك التربية إلا حياءً وعفافاً، وأمانة وصدقاً، واستصغار للعضائم، وغيرة على المصالح، وما شئت بعدُ من عزة النفس، وكبر الهمة. تلك الخصال التي لا تنبت أصولها، ولا تعلو فروعها إلا أن يتفيأ عليها ظلال الهداية ذات اليمين وذات الشمال؛ فالإسلام دين ينير العقول بالحجة، ويزكي النفوس بالحكمة. وكم أخرجت مدارسه، أو

مجالس القوامين على هدايته من رجال يلاقون الأسود فيصرعونها، ويجارون الرياح فيسبقونها، يخفضون أجنحتهم؛ تواضعاً للمستضعفين، ويرفعون رؤوسهم؛ عزة على الجبارين، تعترضهم الأخطار فيخوضون غمارها، وتعتل قلوب أو عقول فيضعون الدواء موضع عللها، عدل كأنه القسطاس المستقيم، وسخاء كأنه الغيث النافع العميم، وجدٌّ في طلب العلم وإن كان بمناط الثريا، وطموح إلى المعالي وإن انتبذت وراء الفلك الدَّوار مكاناً قضياً. قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي - رحمه الله - في وصيته للمعلمين: (ثم احرصوا على أن يكون ما تلقونه لتلاميذكم من الأقوال منطبقاً على ما يرونه ويشهدونه منكم من الأعمال؛ فإن الناشئ الصغير مرهف الحس، طُلَعَةٌ إلى مثل هذه الدقائق التي تغفلون عنها، ولا ينالها اهتمامكم. وإنه قوي الإدراك للمعاييب والكمالات، فإذا زيَّنتم له الصدق فكونوا صادقين، وإذا حسنتم له الصبر فكونوا من الصابرين. واعلموا أن كل نقْشٍ تنقشونه في نفوس تلامذتكم من غير أن يكون منقوشاً في نفوسكم - فهو زائل، وأن كل صبغ تنفضونه على أرواحهم من قبل أن يكون متغلغلاً في أرواحكم فهو - لا محالة - ناصل حائل، وأن كل سحر تنفثونه لاستنزالهم غير الصدق فهو باطل. ألا إن رأس مال التلميذ هو ما يأخذه عنكم من الأخلاق الصالحة بالقدوة، وأما ما يأخذه عنكم بالتلقين من العلم والمعرفة - فهو ربح وفائدة) أ. هـ. هذا والله أعلم وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف أتوب؟

كيف أتوب؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 05/07/1425هـ السؤال كيف أتوب إلى الله توبة نصوحاً تجعلني أحبُّ لله واكره لله؟ وأنا أعيش في مجتمع منحلّ، والدنيا ورئي وأمامي؟ أريد أن أعود إلى الله. أرشدوني بالله عليكم. الجواب الحمد لله - تعالى-، وبعد: فأهنئ الأخ السائل من أعماق قلبي على رغبته الجادة في التوبة والاستقامة، وأبشره بما أعدَّه الله -سبحانه - للتائبين الصادقين، قال الله - تعالى-: "إنَّ الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" [البقرة: 122] ، ويقول: "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإنَّ الله يتوب عليه إنَّ الله غفور رحيم" [المائدة: 39] ، ويقول: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلاَّ بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان: 68-70] . وأحيطك علماً -أيها الأخ الكريم- أنه يشترط لقبول التوبة وصحتها خمسة شروط، وهي: (1) الإخلاص في التوبة رغبة فيما عند الله من الجزاء الأوفى، وخشية ما عنده من العذاب الأنكى، وحباً لإرضائه -عز وجل-. (2) المبادرة إلى التوبة في زمن الإمهال أي: قبل الموت قال الله - تعالى-: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ... " [السماء: 18] (3) الإقلاع عن الذنب ومجانبته. (4) الندم على وقوع الذنب ندماً شديداً. (5) العزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى. وإن كان الذنب يتعلق بحقوق الآخرين وجب إعادة الحق لأصحابه - إن أمكن -. وأنصحك -أيها المبارك- أن تجتهد في غض البصر، والبعد عن أماكن الفتن، وأن تحرص على قراءة القرآن، وتفسير ابن كثير، وكتب العقيدة السلفية، والمحافظة على الصلوات المفروضة، والبعد عن قرناء السوء، وأن تكون على صلة دائمة بموقعنا على الإنترنت (الإسلام اليوم) لتطالع ما يفيدك وتسأل عمّا يشكل عليك في سائر أمورك. وفقك الله لما يحب ويرضى، وأخذ بنواصينا وناصيتك إلى البر والتقوى، ونستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

الغناء مهنتي

الغناء مهنتي المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 29/06/1425هـ السؤال أنا شاب، عمري23 سنة، أعمل في أحد الملاهي الليلية كمغن، أريد أن أتوب، ووجدت أن الحل الوحيد هو الزواج، لكني لا أتقن أي عمل آخر، فقررت جمع المال من هذا العمل الحرام، ثم أنجز بهذه الأموال مشروعاً صغيراً يمكِّنني من العيش من الحلال. هل يجوز ذلك؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: سلام الله يا عبد الله ورحمته وبركاته. - وأسعدك الله، وزادك من هذا الشعور بالذنب الذي تمارسه-، وقد استيقظ ضميرك، واستنارت جذوة الإيمان في قلبك، وقد علمت بأن ما أنت فيه من العمل الذي يجلب لك المال محرم في الشريعة الإسلامية، ولست شاكاً في هذا - والحمد لله- ألا فلتعلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً"، وفي آخر الحديث ذكر مثالاً: "الرجل أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك" رواه مسلم (1015) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يربو لحمٌ نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" رواه الترمذي (614) من حديث كعب بن عجرة -رضي الله عنه-، فالواجب الصدق في التوبة، وعدم الالتفات أو التردد حتى يعلم الله ذلك من قلبك، فيسهل لك طريقاً تكتسب منه الحلال، وربك يقول: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [الطلاق: 2-3] ، فعليك التوكل والتقوى، وعليه - سبحانه- رزقك وكفايتك، واعلم أن الله لم يجعل رزق عباده فيما حرم عليهم، وإن الرب رزقك وأنت تعصيه لا يخذلك إذا أطعته وأقبلت عليه، فتوجه إلى الله بصدق، وابحث عن العمل الشريف بجد، واحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. أسأل الله أن يحقق لك التوبة.

يتوب ثم يعود

يتوب ثم يعود المجيب د. عبد الله بركات وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 28/06/1425هـ السؤال السلام عليكم. يا شيخ: لم أزن إلا مرة واحدة في حياتي، وبعد أن أنهيت وطري طردتها وبكيت، وتبت، وشربت مسكراً مرة واحدة، وجرعة واحدة، ولم يكن مسكراً يؤدي إلى السكر وإنما به قليل من الخمر -أكرمكم الله- وبعد الجرعة رميت الكأس ورجعت لبيتي، وتبت، ولم أر هذا المسكر مرة أخرى ولله الحمد-، ولم أبحث عنه ولا أريده، لكن يا شيخ ألاحظ أني أول يومين من التوبة أحس أني جاد وأواظب على الصلوات وقراءة القرآن، وبعدها أهمل، صحيح أني ولله الحمد- لا أفكر أن أعود إلى الكبائر لكن حماسي وندمي يقل، وأقسم لك بالله يا شيخ أني أحب الدين لكني يا شيخ أنا لست مواظباً على الصلوات، وبصراحة أدخن، وقد تركت التدخين وتبت منه أكثر من مائة مرة وأرجع، يا شيخ كل أموري النفسية تدهورت، والله يا شيخ أخاف أن ينطبق علي حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إنه في آخر الزمان يصبح المرء مؤمناً ويمسى كافراً، إلى آخر الحديث"، وذلك لأني أتوب في الليل وأعزم أن أترك التدخين وأواظب على الصلوات، وأقرأ القرآن، وأعمل ما أستطيع من الصالحات، لكن يا شيخ لا يأتي الصباح إلا وأنا شخص آخر، أقوم بتأخير الصلاة باليوم واليومين، وبعض الأيام أدخن في نهار رمضان، وأقسم لك بالله -يا شيخ- أنني في كل ليلة أتوب وأعزم وفي الصباح تخور قواي ويتمكن مني الشيطان، في أحسن الحالات تدوم معي يومين أو أسبوع لكن إذا دامت كذلك فلا بد أن أجيب الطامة في اليوم الرابع، إما بإفطار يوم من رمضان إذا كانت التوبة في رمضان أو بترك صلوات يوم كامل، يا شيخ أنا الآن متزوج، والحمد لله عندي خير كثير، وصحة وشباب، وزوجة صالحة وغنية، وقبل زواجي كنت فقيراً، ووالله في بعض الأيام أفكر أن أدعو الله أن يأخذ نعمي هذه ويردني مثل أول؛ لأني لا أستحق، زوجتي دائماً أشرح لها وضعي، وهي حاولت مساعدتي، لكن تقول لست طفلاً، هل تريدني أن أضربك؟ مثلاً الصلاة، تقول لي قم صلِّ، لأني أصلي في البيت؛ لأن المسجد يبعد تقريباً عشرين دقيقه بالسيارة ذهاباً فقط، وإمام المسجد قال لي: لا تجب عليك الصلاة جماعة إلا الجمعة، أقول لها طيب بعد شوي، تذهب هي وتحضر الطعام أو تعمل بالبيت، وترجع تقول لي لماذا لم تصلِّ؟ أقول الآن، يعني يا شيخ عندي كسل فظيع مو فقط في أمور الدين وإنما حتى في أمور الدنيا، يا شيخ أنا لا أريد أن أطيل عليك، لكن لي سؤالين ما هي الطريقة التي تعينني على الثبات في طريق التوبة؟ وهل لو عدت يوم عن التوبة التي تبتها أستغفر وأكمل أم تجب علي توبة جديدة؟ السؤال الثاني: قبل زواجي كما ذكرت لك زنيت وتبت ولم أعد ولله الحمد، لكني لا أحس بتأنيب ضميري الآن على ما فعلت لأنه مضى عليه أكثر من خمس سنوات، مع العلم أن العودة له مرة أخرى كانت ميسرة لي لكن حفظ الله ثم كرهي لهذه إلى أن تزوجت، وما أجمل الحلال، ثالثاً: لي علاقات مع بنات بعضهن متزوجات عن طريق الإنترنت، لكنها عادية، فقط أرسل لهن رسائل إسلامية ونشرات، وهن كذلك، وتوجد بعض الفتيات المحجبات معي بالجامعة (بريطانيا) لكن العلاقة فقط السلام، وإذا أردنا خدمة تكلمن معي وأحياناً أقابلهن بالمسجد ويسلمن ويسألن عن حالي وعن الدراسة فقط، وكل يذهب في طريقه. فهل في هذا شيء؟ وجزاكم الله خيراً على ما تقدمون.

الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: اشكر ربك على ما وهبك من صدق اللهجة، وسلامة الفطرة، وقلق الإيمان ما جعلك نادمًا؛ غير راض عن نفسك ولا مستسلمًا للآفات التي تحاول أن تنهش دينك، فالإقرار بالذنب، والاعتراف بالمعصية، والتألم لذلك والشعور بالضيق من هذه الحال هو علامة خير ينبغي أن تنمى داخل النفس وتترجم إلى عزيمة ثم إلى عمل صالح. فبرغم الكبائر التي أوقعك الشيطان فيها والتي وردت في رسالتك إلا أنك تحاول أن تتلمس شعاع النور لتنعتق من هذه الظلمات؛ لكنك -يا أخي - بحاجة ماسة إلى العوامل المساعدة التي تعينك على صدق التوبة وتوهج الإيمان، وأولها: أن تتفق وزوجتك التي ذكرت أنها صالحة بأن عليكما واجبًا شرعيًا هو التعاون على البر والتقوى، والعمل الصالح، والإقبال على طاعة الله والنفور من معصيته -جل وعلا - ومعنى هذا أن تأخذك بالرغبة والرهبة حتى لا تُترك لنفسك الأمارة بالسوء، فهل لو أصابك داء - لا سمح الله - هل كانت ستهملك أو تتركك وشأنك؛ فكذلك أمراض القلوب واتباع الهوى هو طريق الهلاك فليكن لها معك دور أكثر إيجابية في إعانتك على نفسك، ولها بإذن الله أجر ومثوبة؛ فالدال على الخير كفاعله. ثانيًا: خذ نفسك بالجد بأن تذهب للصلاة في المسجد ولو ثلاثة أوقات في اليوم على الأقل في الجماعة الأولى عازمًا بينك وبين نفسك ألا تفوتك مع الإمام تكبيرة الإحرام؛ فصلاة الجماعة في المسجد فيها دواء وشفاء لما تشكو منه إن شاء الله تعالى. ثالثًا: عليك أن تتفق مع بعض إخوانك في الله من الرجال بأن يتفقد كل منكما حالة صاحبه؛ فيعينه إذا ذكر، ويذكره إذا نسي حتى لا تترك فرضًا واحدًا أبدًا، كما تتعاهدوا على التناصح والتواصي بترك التدخين إطلاقًًا، ومنه عدم شربه - أي كل منكم - في وجود صاحبه. رابعًا: احرص على صيام بعض النوافل كصيام الاثنين والخميس، والثالث والرابع والخامس عشر من شهر عربي، واجعلها تقربًا إلى الله -عز وجل - وتنمية المراقبة لله الذي يعلم سرك وعلانيتك. خامسًا: اقطع علاقتك بالنساء وإن كان من تناصح في الله بينكما فليكن بين زوجتك وبينهن ... وأخيرًا: لا يتم ما نصحنا به إلا بمحاسبة للنفس وتذكر الموت والقبر والوقوف للسؤال بين يدي الحي القيوم، فقد تنام ولا تقوم والآجال بيد الله تعالى.. وكن على يقين أن الله غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى.

أشعر بالفراغ الروحي

أشعر بالفراغ الروحي المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 15/05/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله، أما بعد: أنا شاب مسلم، أعيش في إحدى الدول الأوربية، حيث إني أتابع تحصيلي العلمي هناك، أعيش بين الفينة والأخرى حالة من الفراغ الروحي الشديد، مع أني أحاول المواظبة على أمور الدين، هذا الفراغ أجده نتيجة افتقاد الأهل والصديق، وبشكل أدق أفتقد من يقف إلى جانبي بصدق ومودة، اعتقدت أنه ينبغي علي إيجاد صديقة لتكون بقربي، وهذا ما يتناقض جذرياً كوني رجلاً مسلماً، فأرجو منكم إرشادي لملء هذا الفراغ الروحي القاسي. والسلام عليكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخ الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع "الإسلام اليوم" سائلاً الله -تعالى- أن يدوم تواصلك، وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يسهل لك أمرك، ويعينك على تحقيق مبتغاك، وأن ينفع بك الإسلام والمسلمين، وأن يجعلك مفتاحاً للخير، مغلاقاً للشر ... أخي الفاضل: لا شك أن البعد عن الأهل والمجتمع الذي اعتدت أن تعايشه وتعودت على نمط الحياة فيه من محافظة على القيم والأخلاق، والخشية من الله -عز وجل- في السر والعلن، والتكافل والتعاون جعلك تشعر بوحدة في مجتمع مادي بحت، المنكرات في كل مكان، والفتن كثيرة، ومع كل ذلك تجد نفسك تجاهد وسط هذا المجتمع لكي لا تقع في الزلات، وأنت بفضل الله ومنته لك الأجر العظيم، فيما تفعله من محافظة على الفروض، وتجنب مواقع الفساد، وكل ما يكدر صفاء دينك وأخلاقك، وما تشعر به نوع من أنواع القلق يسمى القلق الوجودي، لذلك - أخي الفاضل- سأورد لك بعض الطرق التي أسأل الله -تعالى- أن تجد فيها ما يعينك ويثبتك على طاعته ويزيل قلقك: 1- اللجوء إلى الله -عز وجل- والتضرع إليه حال السجود بأن يثبتك على دينه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دائماً يقول في حال الحيرة: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" رواه الترمذي (2140) وابن ماجة (3834) من حديث أنس - رضي الله عنه -. فطلب الثبات مهم جداً. 2- المداومة على الذكر في كل حال وزمن، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال لسانك رطباً من بذكر الله" رواه الترمذي (3375) وابن ماجة (3793) من حديث عبد الله بن بسر - رضي الله عنه -.. 3- الحرص على أداء الفرائض على وجهها كما أمر الله خاصة الصلاة، فلا تعلم ما للصلاة من أهمية وتأثير، وانشراح للصدر. 4- لا تجعل في وقتك فراغاً؛ فإن الفراغ مدعاة للتفكير السلبي المسبب للوقوع في الزلات، فاهتم بإشغال وقتك دائماً فيما ينفعك من الاشتغال بالدعوة لغير المسلمين "لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حُمر النعم" رواه البخاري (3009) ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -.

5- التحق بدورات تنمي اهتمامك، واجعلها إضافة لتخصصك، فكم من شاب مسلم جاء من الغرب بشهادة تخصصه، وأضاف لها بعض العلوم الأخرى، وأصبح في مجتمعه عضواً فاعلاً ذا صيت ونفع، وخير على أهله ووطنه. 6- إن أمكن لك أن تعود إلى بلدك وتتزوج ثم تعود إلى دراستك فهو أمر خير وبركة، فستجد من يؤنس غربتك، ويشبع غريزتك الجنسية في إطار صبغة شرعية تبتغي فيها وجه الله - عز وجل-؛ قال تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" الآية [الطلاق:2-3] . وستجد ـ إن شاء الله ـ أن المعاناة التي تشعر فيها قد زالت تماماً في ظل وجود زوجة تماثلك اللغة والعادات والتقاليد، فاحرص أخي - حفظك الله - على تلك الخطوة، فاعقلها وتوكل. حفظك الله من كل شر، وأعانك على نفسك والشيطان، وهداك إلى طريق الحق وأهله ويسر لك الأمر.

مشكلتي في حجابي!

مشكلتي في حجابي! المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 11/05/1425هـ السؤال أنا إنسانة متدينة والحمد لله، ولكن مشكلتي الحجاب، فلم أستطع أن أتحمل الغطاء حول رقبتي بالذات وجانبي وجهي، وقد حاولت أن أضعه على رأسي فلا أستطيع أن أطيقه، وأشعر أني أكاد أختنق، ولا أستطيع حتى التركيز في عملي، وأنا لم أتوقف عن المحاولة رغم أنني محتشمة في كلامي وملابسي وتصرفاتي، أرجو أن تساعدوني للتوصل للحل، فإن هذا الأمر يحيرني ويقلقني، أشكركم سلفاً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت السائلة - حفظها الله-: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- على قريش، وقد كانوا يعبدون الأصنام، وكانت آلهتهم المعظمة، فلما دعاهم للإسلام وحرم عليهم عبادة الأصنام امتثلوا لأمره، وتركوا الأهل والدار والولد، وهاجروا معهم وتحملوا معه الأذى، ولما حرمت الخمر وقد أشربت نفوسهم حبها، وكانوا يحبونها حباً جماً، ونزل تحريمها في القرآن تحريماً قطعياً امتثلوا لذلك، وسكبوا الخمر في الشوارع والطرقات، حتى قيل إنها سالت شوارع المدينة عند ذلك، كل هذا امتثالاً لشرع الله لما آمنوا بالله رباً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم- نبياً، وبالإسلام ديناً. فإذا علمت ذلك، وعرفت أن الله -تعالى- قال: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" [النور:31] ، وما قالته عائشة - رضي الله عنها- لما أحرمت بالحج، فقالت: كن نمشي كاشفات الوجه (لا الرأس فإذا مر بنا الركبان، أي الرجال الأجانب غير المحارم) سدلت إحدانا حجابها على وجهها رواه أبو داود (1833) وابن ماجة (2935) ومن هذا تعرفين أن الحجاب أمر شرعي فرضه الله -تعالى- لا لينظر فيه للهوى، وهل المرأة تريده أم لا؟!، وأنها محاسبة عليه يوم القيامة، وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فهو الذي يصور لكِ أنكِ لا تتحملين هذا الحجاب، فلذا على الإنسان أن يتعوذ دائماً من الشيطان؛ لأنه يصعب عليك الأمر الواجب اليسير، وأن يدعو بأن يلتزم بشرع الله ومن ذلك الحجاب، وقد قال تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" [الطلاق:2] ، فإذا اتقيت الله وعملت بأمره وشرعه، فثقي أن الله سيكون معك، ويسهل عليك ذلك، وإذا لبست الحجاب على أنه عبادة أحسست بحبه والتمسك به. أعانك الله على التمسك بشرعه، وننصحك بأن تستمعي إلى شريط: (الحجاب أو النار) للشيخ المنجد، وكذلك قراءة كتاب: (يا فتاة الإسلام اقرأئي حتى لا تنخدعي) ، وهناك كتب وأشرطة كثيرة تناولت هذا الأمر الهام، فعليك -أختي الفاضلة- بصدق اللجوء إلى الله -تعالى- واسأليه أن يعينك على ذلك، ويصرف عنك شر الشيطان إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه. وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف أحافظ على صلاتي؟

كيف أحافظ على صلاتي؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 10/05/1425هـ السؤال كيف أحافظ على صلواتي الخمس؟ حيث إني مقصرة جدا تجاه ربي، ولا أؤدي فرائضي كاملة، وأشعر أن ربي غاضب عليَّ من تصرفاتي، وأريد دعاءً يقربني من طاعة ربي، ويبعدني عن المعاصي والفتن، وكذلك كيفية الاستغفار من الذنب العظيم، وما هي كفارة الكبائر؟ والسلام عليكم ورحمه الله. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الكريمة: -سلمها الله ورعاها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة، والجواب على ما سألت كالتالي: أولاً- أحب أن أهنئك على الاعتراف بالتقصير في حق ربك، وشعورك بالذنب، فإن هذا يعد أول خطوة صحيحة لتغيير الذات من حال سيئ إلى حال حسن، لا سيما إذا اتبع ذلك بخطوات عملية جادة للاستقامة والصلاح. ثانياً- نبدأ بأمر الصلاة وكيفية المحافظة على أدائها في أوقاتها، ولذلك وسائل معينة أذكرها: 1- التذكير دائماً وأبداً بما ورد من النصوص الشرعية المرغبة في الصلاة وبيان فضلها؛ لأن ذلك مما يعطي النفس دفعة قوية لأدائها، والنصوص في ذلك كثيرة جداً، وسأذكر بعضها، وأنصح بمراجعة كتاب (الترغيب والترهيب) للإمام المنذري؛ فإنه مفيد جداً في هذا الأمر، نصوص في الترغيب في أداء الصلاة والمحافظة عليها: - أخرج الشيخان البخاري (528) ومسلم (667) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟! قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا". - وأخرج البخاري (527) ومسلم (85) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- (أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها"، قال: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين"، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله") . - وأخرج أبو داود (1420) والنسائي (461) وابن ماجة (1401) عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: (سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة". - وأخرج الإمام أحمد (14135) والترمذي (4) بسند حسن عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مفتاح الجنة الصلاة، ومفتاح الصلاة الوضوء". - وأخرج الطبراني في الأوسط (1859) والمقدسي في المختارة (2578) بسند حسن عن أنس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله". والأحاديث في ذلك كثيرة جداً. نصوص في الترهيب من التفريط في الصلاة:

- أخرج مسلم (82) عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة". - وفي الترمذي (2616) وغيره عن معاذ -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة"، فجعل الصلاة كعمود الفسطاط الذي لا يقوم الفسطاط إلا به، ولا يثبت إلا به، ولو سقط العمود لسقط الفسطاط ولم يثبت بدونه. - وأخرج الترمذي (2621) والنسائي (463) وغيرهما بسند صحيح عن بريدة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". - وأخرج أحمد (26818) وغيره بسند حسن عن أم أيمن -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تترك الصلاة متعمداً؛ فإنه من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله ورسوله". - وقال عمر -رضي الله عنه-: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة" رواه مالك في الموطأ (84) . - وقال سعد وعلي ابن أبي طالب -رضي الله عنهما- قالا عن الصلاة: "من تركها فقد كفر". - وقال عبد الله بن شقيق كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا يعدون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة) ، وقال أبو أيوب السختياني: (ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه) ، وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف، وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق. والأحاديث في ذلك كثيرة. ثالثاً: اجعلي لك منبهاً خاصاً بأوقات الصلاة، وذلك مثل الساعة التي بها أذان لكل وقت؛ من أجل تذكيرك وتنبيهك على أوقات الصلاة. رابعاً: استعيني بالله -عز وجل- كثيراً؛ فإنه وحده هو المعين والمسدد جل في علاه، وأكثري من قولك: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مع استشعارك للحاجة إلى الله في أداء الصلاة وغيرها. خامساً: أكثري من ذكر أحوال القبر والآخرة، فقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم-; كما في الترمذي (2307) والنسائي (1824) وابن ماجة (4258) وغيرهما، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكثروا ذكر هاذم - بالذال وهو القاطع- اللذات" يعني الموت، فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه، ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه". قال العلماء: (ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات، ومؤتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين، وزيارة قبور أموات المسلمين) ، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه، ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه، واستحكمت فيه دواعي الذنب، فإن مشاهدة المحتضرين، وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير. سادساً: لا تفتري من سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير؛ فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع. سابعاً: اصحبي الصالحات القانتات الطيبات المصليات؛ فإنهن عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء.

ثامناً: تذكري أن من أفضل الأعمال التي يحبها الله حفاظ الإنسان على الصلاة وأدائها في أوقاتها، وسيجد بعدها الصحة في البدن، والسعة في الرزق، وهدوء البال، والأنس بالله، وغير ذلك من الآثار العظيمة في الدنيا والآخرة. أما بشأن الدعاء الذي يقربك للطاعة ويبعدك عن الفتن والمعاصي، فليس هناك دعاء خاص بذلك، فلكِ أن تتخيري من صيغ الدعاء المباشر، والذي تسألين فيه ربك ذلك، ولو دعوت بالدعاء الوارد جيد وحسن، ومن تلك الأدعية الواردة: - اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبِّت قلبي على دينك وطاعتك - اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات. - اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك. - اللهم حبب إليّ الإيمان وزينه في قلبي، وكره إليّ الكفر والفسوق والعصيان. - اللهم يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أو أقل من ذلك. أما عن كيفية الاستغفار من الذنب فيكون بترك الذنب أولاً، ثم الندم على فعله ثم العزم على عدم فعله مرة أخرى، وتقولين: أستغفر الله العظيم ما شاء الله لك أن تقوليه، أو تقولي: (رب اغفر لي وتكريرها) ، وأفضل صيغ الاستغفار هو سيد الاستغفار، وذلك أن تقولي: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) . أما تكفير الكبائر فيكون أولاً: بالتوبة الصادقة منها؛ وذلك بتركها والندم على فعلها، والعزم على عدم العودة إليها، ثم الإكثار من نوافل الطاعات ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. وأسأل الله لي ولك الهداية والرشاد، والثبات على الحق، والاستقامة على الخير، والتوفيق والإعانة، والقبول والسداد.

ماذا أفعل أمام هذه المغريات؟

ماذا أفعل أمام هذه المغريات؟ المجيب د. فؤاد العبد الكريم العبد الكريم عضو هيئة التدريس بكلية الملك فيصل الجوية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 23/09/1425هـ السؤال ماذا أفعل وأنا أرى العري والمحرَّمات أمامي يومياً في الفضائيات والإنترنت، وغير ذلك، وأنا الآن أسير على هدى الله؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: الحل يا - أخي الفاضل- ألاَّ ترى هذا العري، وهذه الفضائيات والمحرمات التي تكون في الإنترنت وغيرها؛ فالمسلم مأمور بغض البصر عما حرم الله، قال الله -تعالى-: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" [النور: 30] . والنبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بصرف البصر عند رؤية المحرم، فقد سأله علي - رضي الله عنه- عن نظر الفجأة فقال: "اصرف بصرك" أخرجه أبو داود (2148) ، وغيره من حديث جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه-. ولا شك أن إطلاق البصر للنظر في المحرمات يورث ظلمة في القلب تجعله يستثقل الالتزام بشرع الله - عز وجل-، ثم أوصي - أخي السائل- بالصبر، ودعاء الله -تعالى- بإلحاح بأن يصرف عنه السوء والفحشاء، كما فعل ذلك نبي الله يوسف - عليه السلام-، وإن كنت يا - أخي - تستطيع الزواج فبادر بذلك، وإن لم يكن فأوصيك بكثرة الصيام، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه أخرجه البخاري (5065) ، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وأخيراً: أوصيك بقضاء وقتك فيما يفيد، والارتباط بصحبة صالحة يقربونك للخير، ويبعدونك عن الشر.

هل لي من توبة؟

هل لي من توبة؟ المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 02/09/1425هـ السؤال أنا شاب أعيش صراعاً مع فتنة النساء، وللأسف لم تخبو هذه الشهوة حتى بعد الزواج، وإنما أشعر أنها زادت بحكم توفر الإنترنت والقنوات الفضائية، وقعت أخيراً في الزنا وأنا محصن، ثم تبت وحججت، وبعد فترة عاودتني هذه الشهوة، حتى وقعت مرة أخرى في الزنا في إحدى سفراتي، تم ندمت وعاهدت الله على التوبة، أنا الآن في صراع شديد مع نفسي، وأشعر بندم شديد، ولكن المشكلة أنني لا أشعر بالحرقة مثل ما سمعت من قصص التائبين الآخرين، وأخاف أن تكون هذه التوبة مزيفة. سؤالي: ما حكمي مع أنني محصن؟ وما المكفِّر لذنبي في الدنيا والآخرة؟ وهل لي توبة دون إقامة الحد علي؟ وهل هناك أي حقوق بخصوص النساء المسلمات اللاتي مارست معهن الفاحشة؟ وأرجو منكم الدعاء والتوجيه. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخ الحبيب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: قلت: الأخ الحبيب، نعم الحبيب لأننا نحب من يحبه الله، والله يحب التوابين، وأرجو أن تكون من التوابين الذين يحبهم الله، وأسأل الله أن يجعل توبتك مقبولة. (1) أخي العزيز: لا تنس ما يلي حين ترغب النفس في تلك المعصية: أ- إذا رغبت النفس في المعصية استشعر أن الله يراك وأنه قريب منك، فهل تطيق فعل المعصية والله يراك؟! فاحذر -حفظك الله-. ب- تخيل لو أن بعض من تجلهم وتحترمهم ينظرون إليك، أكنت تفعل تلك المعصية؟! فاستحيي من الله أكثر من استحيائك من الخلق، فعظِّم الله- رعاك الله-. ج- فكِّر وتخيل عقاب الله للزناة، وأنهم يحرقون في تنّور - فرن- أسأل الله أن يتوب عليك وأن يحميك. د- تذكّر أنك بذلك العمل تشوِّه صورة الدين وأهله، فهل ترضى أن تكون صاداً عن سبيل الله، والله - عز وجل- يقول عن الصادين عن سبيله: "زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ" [النحل: من الآية88] . هـ- تأمل الحديث التالي: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله هباءً منثوراً". ثم وصفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" رواه ابن ماجة (4245) عن ثوبان، وهو صحيح، واحذر يا - أخي- هذا المصير - حرسك الله-. وانظر ملياً في الأمر التالي: لو حصل ما يوصل أمرك إلى القضاء ماذا يكون عقابك في الدنيا وأنت رجل محصن؟! أسأل الله أن يعافيك من ذلك. ز- تذكَّر دائماً أنه ربما تكون لك أخوات أو بنات، أو زوجة، أو قريبات، أترضى أن يفعل بهن ما تفعله أنت مع نساء الناس -ولو كان برضاهن-؟. ح- أحذرك تحذيراً عظيماً من أن يأتيك الموت وأنت على تلك الحال، وهذا الأمر الفظيع قد وقع لشخص مسلم، حيث جاءه الموت وهو على الزانية، فجعلت تصرخ وتستغيث حتى أنقذوها من تحته، فاحذر.. احذر.. احذر - سترك الله-.

ط- خوِّف نفسك من انتقال الأمراض الخبيثة بسبب ممارسة هذه المعصية. ي- احذر قاعدة الجزاء من جنس العمل. من يزن في بيت بألفي درهم ... في بيته يُزْنَ بغير الدرهم من يَزْنِ يزنى ولو بجداره ... إن كنت يا هذا لبيباً فافهم إن الزنا دين إذا أقرضته ... كان الوفا من أهل بيتك فاعلم. (2) أخي التائب - تاب الله عليك-: إن الشهوة كامنة إلا إذا وجدت ما يحركها ويثيرها، فانظر أي شيء يحركك إلى ذلك ويثيرك فابتعد عنه، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما يؤدي إلى الحرام فهو حرام، ومن ذلك ما يلي: أ- الإنترنت: بمواقعه المثيرة، حتى البريد الإلكتروني الذي يرسل صوراً جنسية فاتركه واجعل بريدك على موقع نظيف كموقع الإسلام [www.al-islam.com] ، أو إسلام واي [www.islamway.com] ، والهوتميل - كما أعلم- تأتي عن طريقه تلك الرسائل المصورة القذرة. ب- القنوات الفضائية: إن كان في بيتك دش فأخرجه، وإن كنت تذهب إلى حيث القنوات فلا تذهب. ج- السفر إلى الخارج: اتركه نهائياً وإن اضطررت إليه فلا تسافر وحدك ولكن خذ معك زوجتك أو سافر مع رجل صالح. د- الأصدقاء الذين يسهلون هذا الأمر إن وجدوا. هـ - ابتعد عن محادثة النساء حتى لو في الأعمال الحسنة والخيرية، وإن اضطررت إلى مكالمتهن فليكن بحضور شخص ثالث حتى تحمي نفسك. (3) اعتن بالأمرين التاليين: أ- الإكثار من الصيام؛ لأنه وجاء للشهوة. ب- شغل الأوقات بالنافع من الأمور، وبخاصة المشاركة في الأنشطة الإسلامية الإغاثية والدعوية؛ فإن ذلك ينسيك الشهوة كثيراً. (4) سؤالك الذي قلت فيه: (أنا الآن أشعر بندم شديد، ولكن المشكلة أني لا أشعر بالحرقة مثل ما سمعت من قصص التائبين، وأخاف أن تكون التوبة مزيفة) . أقول: أخي العزيز: شعورك بالندم الشديد دليل على صدق التوبة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الندم توبة" رواه الإمام أحمد (3568) ، وابن ماجة (4252) ، فتوبتك - إن شاء الله- ليست مزيفة، لكن قوِّ هذا الندم والألم والحرقة بالتعرف على عظمة الله - عز وجل- وعظيم قدرته وشدة عقابه، وذلك بالقراءة في القرآن العظيم، والسنة الشريفة، وكلام العلماء حول هذه الأمور. (5) المكفِّر لذنبك في الحياة الدنيا والآخرة من المكفرات ما يلي: أ- التوبة الصادقة الصحيحة الكاملة بشروطها المعروفة. ب- كثرة الاستغفار باللسان مع القلب، وعليك بألفاظ الاستغفار الواردة في القرآن العظيم والأحاديث الشريفة مثل: "رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [لأعراف: 23] . "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا" [آل عمران: من الآية147] . "رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" [البقرة: من الآية286] .

"اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" صحيح البخاري (834) ، وصحيح مسلم (2704) . "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ... وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت" صحيح مسلم (771) . (سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) صحيح البخاري (6306) . ج- الإكثار من الأعمال الصالحة عموماً، وبخاصة تلك الأعمال التي أخبر الشرع أنها تكفِّر الذنوب (اقرأ رسالة حول مكفرات الذنوب) . (6) حكمك في الدنيا: حكم الشرع في الزاني المحصن هو إقامة الحد عليه وهو الرجم، والدليل على هذا موجود في كتب أهل العلم، وهذا هو الحكم إذا وصل أمر الزاني إلى القضاء، وثبت عليه فعل الزنى بطرق الإثبات الشرعية. وأما إن لم يصل أمره إلى القاضي فإنه يتوب إلى الله -تعالى- توبة صادقة، ولا ينبغي له أن يذهب إلى القاضي بل يستر نفسه؛ لأن الله يحب الحياء والستر، وفي هذا الحكم أدلة أخرى ليس هذا مجال سردها، وتوبتك دون إقامة الحد عليك توبة صحيحة مقبولة - إن شاء الله-، قال الله -تعالى-: "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه ... ". أما حقوق النساء اللاتي وقع الزنا معهن فالأمر فيه تفصيل: فإن كان الزنا اغتصاباً بالقوة فلهن حقوق، وإن كان الزنا بالرضا منهن فليس لهن حقوق. اللهم طهِّر قلبه، وحصِّن فرجه، واحفظ بصره، اللهم ارزقه التقوى، والخشية والمراقبة حتى لا يقع في معصيتك، اللهم أشغله بطاعتك عن معصيتك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

يتردد في ذهنه أنه سيعذب ...

يتردد في ذهنه أنه سيعذب ... المجيب د. عبد الله بركات وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 13/08/1425هـ السؤال يتردد على فكري وذهني أني (راح أعذب في يوم القيامة، وأني مبتلى وأني منافق) وأريد الانتحار. أنقذوني. الجواب الحمد لله ينجي من خافه، ويرحم من رجاه.. والصلاة والسلام على رسول الله الرحمة المهداة.. يقول الله تعالى:"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون" [سورة الزمر: 53-54] . إن الإحساس بالذنب والشعور بخطورة المعصية، وتصور المرء عدم قدرته على تحمل عقوبة الإثم الذي اقترفه هو أمر طيب يحمل العاصي على المسارعة إلى الإقلاع عن المعصية وتجديد التوبة إلى الله مما فعلت يداه، وفرق بينه وبين وساوس الشيطان التي توقع الإنسان في غضب الله وتدفعه إلى القنوط أو اليأس من رحمة الله، فالمؤمن يتذكر عذاب الله لتنفعه الذكرى وتمنعه عن المعصية وتحول بينه وبين الوقوع فيما يغضب منه خالقه، فإن حدث ووقعت منه مخالفة سارع بالتوبة والندم وأكثر من أعمال الخير طالباً عفو ربه وهو يظن بلا اغترار بأن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، والله تعالى عند حسن ظن عبده به، وليتذكر العبد أيضًا أن الله تعالى وعد أصحاب التوبة من الذنوب والمعاصي بأنه -سبحانه - سوف يبدل سيئاتهم حسنات كما قال تعالى: بعد أن عدد أنواع الذنوب وذكر أصحابها، قال عن التائبين"إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا * ومن تاب وعمل صالحًا فإنه يتوب إلى الله متابًا" [الفرقان:70-71] ، أما إذا تحول تذكُّر عذاب الله والوقوع في المعصية إلى يأس وقنوط -وهما أيضًا من كبائر الذنوب- أقول إذا دفعك ذلك إلى التفكير في الانتحار فكن على يقين أنه من نزغات الشيطان فاستعذ بالله منه، فإن (اللعين) يريد أن يأخذك من حفرة صغيرة إلى هاوية أعظم، فاحذر ذلك، وأحدث لكل ذنب توبة، وكن وسطًا بين الخوف من عذاب الله والرجاء لرحمته.. أسأل الله أن يحفظك من همزات الشياطين، وأن يعينك على الإقبال على ما فيه الخير لدينك ودنياك.

الوحدة أم الرفقة السيئة؟!

الوحدة أم الرفقة السيئة؟! المجيب د. خالد بن عبد الرحمن القريشي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام - كلية الدعوة والإعلام التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 07/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا بعد أن منَّ الله -سبحانه وتعالى- عليَّ بالهداية قاطعت مصاحبة رفقاء السوء، ولكن المشكلة هي أنني أصبحت أعاني من الملل الشديد الناتج عن الوحدة, مع العلم أنني لم أجد أصدقاء متدينين، فكل الشباب المحيطين بي من أهل السوء والمنكرات، ماذا أفعل؟ هل أرجع لمصاحبة رفقائي القدماء مع ما هم فيه من ضلال، أم ألتزم الوحدة؟ أرجو أن تنصحوني. وشكراً. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيقول الله - سبحانه وتعالى-: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" [العنكبوت:2] الآية ... بيَّن الله - سبحانه وتعالى- أنه لا بد أن يتعرض الإنسان للابتلاء في إيمانه، ليظهر الصادق من الكاذب، وقوي الإيمان من ضعيفه، فقوي الإيمان الصادق بصبره ينال الأجر العظيم، والمنزلة العالية عند الله، وأما ضعيف الإيمان وغير الصادق فبتعرضه للابتلاء ينكشف ويظهر على حقيقته؛ لأن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة، ولن يفوز بهذه السلعة إلا من يصبر على الابتلاء ويحافظ على إيمانه. فلذا أنصح أخي السائل بالصبر في مقاطعة أصدقاء السوء والحذر منهم، وليعلم أن عاقبة الصبر - بإذن الله- ستكون توفيقاً وسعادة في الحياة الدنيا والآخرة، ومن ذلك وجود الصحبة الصالحة وتوفيقه إليهم. كما أنصح أخي السائل بالجد والمثابرة في البحث عن الصديق والصحبة الصالحة في أماكن وجودهم، كالمساجد وحلقات تحفيظ القرآن، ومجالس الذكر، وكذلك عليه أن يطرح قضيته ومشكلته على إمام المسجد أو بعض الدعاة في بلده، ممن يستطيع أن يلتقي بهم؛ لمساعدته في إيجاد هذه الصحبة. هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

هل يغفر الله لي؟

هل يغفر الله لي؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 26/10/1425هـ السؤال إلى فضيلة الشيخ الجليل: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. مشكلتي أني قمت بعمل ذنوب كثيرة منذ أن بدأ العمل، وذلك منذ 12 عاماً في شركة خاصة، فعلت كل ما يغضب الله لدرجة أني يصعب عليَّ الآن ذكر ما فعلته؛ لأنه مشين، حتى إني أكتب الآن وأشعر بالخزي والعار، أحببت صاحب العمل حباً جماً لا يوصف، وهو أيضاً، ولكن كان يصعب زواجنا لفارق السن الكبير، ولكني لم أكن أشعر بفارق السن، أغمرني بعطفه وحبه، وقمنا بعمل يغضب الله كثيراً، فقد حملت وأجهضت، وقمت بعمل عملية غشاء البكارة، أعتذر جداً عما تقرأه -يا فضيلة الشيخ-، لقد مات الآن هذا الرجل -وللأسف- أكن له كل مشاعر الحب، مات بالسرطان، ولكني متضايقة مما فعلت؛ لأنه يغضب ربي كثيراً، الآن أنا تحجبت منذ 4 سنوات، وأصوم كثيراً جدًا، وأصلي، وأستغفر الله في الليل وفى الصباح، وأقوم بالتسبيح صباحاً ومساءً، وتركت كل شيء آثم كنت أفعله، والآن أنا في عمل جديد، ولكن إلى الآن لم أتزوج، وأيضاً مكافأة نهاية الخدمة في العمل السابق، اقترضها مني أصدقاء لي، وإلى الآن لم يردوها لي منذ 3 سنوات، وأنا الآن لا أملك غير راتب العمل الجديد، وأحمد الله عليه كثيراً، ولم أتزوج إلى الآن رغم هذا السن، وأعلم أن هذا عقاب ربي وأنا راضيه به تماماً، ولكن أريد أن أعلم -يا فضيلة الشيخ- هل ما حدث لي وهو ضياع نقودي كلها، ولا يوجد معي أي شيء أستعين به على الحياة، وأيضاً تأخري في الزواج هل هو العقاب فعلاً؟ وهل ربي يغفر لي، أم يوجد عقاب ينتظرني يوم الحساب؟ لقد فعلت أشياء مخزية جداً في كل شيء أيام حياتي السابقة أتمنى ألا تعود، أرجو منك إرشادي، وأبلغني بأي حديث أدعو الله به صباحاً ومساء؛ ليغفر لي ما اقترفت من ذنوب، وهل سوف يغفر لي ما فعلت، أم ماذا؟ بالله أرجو أن تطمئنني، هل أنا مازلت عاصية إلى يوم الحساب، أم ماذا؟. والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته. الجواب الأخت الكريمة: -سلمها الله ورعاها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة، والجواب على ما سألت كالتالي: *فأبارك لك توبتك ورجوعك إلى الله، وهنيئاً لك فرح الله بك وبعودتك إليه، ونرجو الله أن يقبلنا جميعاً عنده، ويغفر لنا، ويعفو عنا، ويثبتنا جميعاً على الإيمان والطاعة؛ حتى نلقاه وهو راض عنا. *ولا شك أن الذي قمت به مع الرجل المذكور كبيرة من كبائر الذنوب التي تغضب الله ولا ترضيه، ولكن من تاب -بصدق وإخلاص- تاب الله عليه وغفر له، وأصبح كمن لا ذنب له، وفي البخاري (2661) من حديث عائشة الطويل قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه".

*تفاءلي وأحسني الظن بالله؛ فإنه القائل: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [سورة الزمر 39/53] . فكوني أكثر ثقة بمغفرة الله ورضوانه وقربه من عباده التوابين المستغفرين. *لا تكثري من التفكير بالماضي إلا بالقدر الذي يدفعك للإكثار من العمل الصالح، وفي نفس الوقت اجعلي ذلك الماضي دافعاً لخلق حياة جديدة ملؤها النشاط في فعل الخير والدعوة إليه والانخراط في العمل المفيد، والذي يجعلك تشعرين بسعادة الدنيا والآخرة. * لا ريب أن للذنوب عقوبة ولها حسرات وتبعات، وفي هذا يقول المولى جل وعز: "وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ" [سورة الشورى:30] ، فالذنوب تورث المصائب والبلايا والرزايا، ومن ذلك حرمان الرزق، وفي الحديث: "لا يزيد في العمر إلا البر ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها" أخرجه ابن ماجة (90) ، وغيره من حديث ثوبان -رضي الله عنه-، فلا يبعد أن ما ذهب عليك من مال يكون بسبب الذنب، ولكن هذا لا يعني أنه ليس من حقك المطالبة به، بل يجوز لك أن تطالبي به بالمعروف. * أكثري من الدعاء واللجوء إلى الله أن يثبتك على الحق، ويشرح صدرك للإيمان، ويحبب لك الطاعة ويربط قلبك عليها، وليس هناك دعاء محدَّد، بل كل دعاء فيه افتقار وذل بين يدي الله مع طلب المغفرة والعفو فهو مطلوب ومحبوب إلى الله، وهو سبحانه يجيب دعوة الداع إذا دعاه، وإن شئت فأكثري من سيد الاستغفار، وهو (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة) أخرجه البخاري ح (6306) من حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه-، ومن الدعاء الذي علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- وهو: (أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) أخرجه البخاري (799) . * اصبري على تأخر مجيء الرجل الصالح، وسيجعل الله لك مخرجا، وتذكري قول الحق سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين" [البقرة: 153] ، وقوله سبحانه: "فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون" [الروم: 60] .

* املئي قلبك بمحبة الله -عز وجل- من خلال تذكر نعمه عليك، وستره لك على ما فعلت، ومع ذلك يقبلك إذا عدت إليه ويحبك ويقربك، ولا يخفى عليك أن في القلب فقراً ذاتياً وجوعة وشعثاً وتفرقاً لا يلمه ولا يسده إلا محبة الله والتوجه إليه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه، ومن حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة) ا. هـ. فإذا خلا القلب من محبة الله تناوشته الأخطار، وتسلطت عليه سائر المحبوبات فشتتته وفرقته وذهبت به كل مذهب. *اشتغلي بما ينفعك، وتجنبي الوحدة والفراغ ما استطعت. * احرصي على الصحبة الصالحة فإنها مفتاح كل خير، وتجنبي صحبة الأشرار فإنها مفتاح لكل شر وبلاء. * انغمسي في عمل صالح للمسلمين يدخل به السرور عليهم، فإن من شأن ذلك أن يدخل السرور عليك. والله معك، وهو المسؤول أن يأخذ بأيدينا جميعا لما فيه الخير والصلاح والاستقامة والرشاد، وأن يقبلنا في عباده الصالحين إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

هل لي من توبة؟

هل لي من توبة؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 26/09/1425هـ السؤال أنا في صراع مع شهوة النساء، وللأسف لم تخبو هذه الشهوة حتى بعد الزواج، وإنما أشعر أنها زادت بحكم توفر الإنترنت والقنوات الفضائية، وقعت في الزنا وأنا محصن ثم تبت وحججت، وبعد فترة عاودتني هذه الشهوة حتى وقعت مرة أخرى في الزنا في إحدى سفراتي، تم ندمت وعاهدت الله على التوبة، أنا الآن في صراع شديد مع نفسي، حيث إن شكلي الخارجي متدين وكذلك علاقاتي، أنا الآن أشعر بندم شديد، ولكن المشكلة أنني لا أشعر بالحرقة مثل ما سمعت من قصص التائبين الآخرين، وأخاف أن تكون هذه التوبة مزيفة، سؤالي: ما حكمي مع أنني محصن؟ وما المكفر لذنبي في الدنيا والآخرة؟ وهل لي توبة دون إقامة الحد علي؟ وهل هناك أي حقوق بخصوص النساء المسلمات اللاتي مارست معهن الفاحشة؟ أرجو منكم الدعاء والتوجيه. الجواب الأخ الكريم: -سلمه الله ورعاه-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة، والجواب على ما سألت كالتالي: لا شك يا أخي أن جريمة الزنا جريمة عظيمة وكبيرة وقبيحة، وقد قال الله عنه: "إنه كان فاحشة وساء سبيلاً" [الإسراء: 32] ، وقال تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً" [الفرقان:68-70] ، وفي الصحيحين البخاري (4761) ، ومسلم (86) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قال: قلت له إن ذلك لعظيم، قال قلت: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك"، قال: قلت ثم أي؟ قال "ثم أن تزاني حليلة جارك"، وعظم الزنى بحليلة الجار لعظم أمر الجار؛ ولأنه يفترض أن يكون محل الستر والأمان لجاره. وجاء في الصحيحين البخاري (2475) ، ومسلم (57) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن"، وفي سنن أبي داود (4690) والترمذي (2625) والبيهقي (4/5364) ، "إذا زنى الرجل أخرج منه الإيمان وكان عليه كالظلمة فإذا أقلع رجع إليه الإيمان". وقد جاءت أحاديث كثيرة تنفر من هذه الفاحشة وترهب من الاقتراب منها فضلا عن ارتكابها. وشعرت من سؤالك أنك شاعر بفداحة ارتكابك لهذا الذنب؛ لكنك تتوب منه ثم تعود إليه، والسبب ذكرته بنفسك أنك تعرض نفسك لرؤية المثيرات للشهوة، وهي المواقع الخبيثة على الإنترنت والقنوات الفضائية الساقطة، ومن هنا لا تجد نفسك تقف عن هذا الذنب وقديماً قال الشاعر: ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء

وهذا لا يكون أبداً، وكذلك الحال فيمن يعرض نفسه للفتن ويرجو النجاة منها، ورغم ثباتك على الطاعة إلا أن وقوعك في المعصية سوف يضعفها ويضعف أثرها، ويصبح حالك كحال من هوى من قمة جبل سامق إلى عمق واد سحيق، ولا شك أن شكواك من هذا الحال يدل على أن ضميرك ما يزال حياً ويصرخ متألماً تحت وقع هذه الخطيئة التي ينوء بعذابها. وللخلاص من الوقوع في هذا الذنب مرة أخرى أقترح عليك ما يلي: 1- أكثر الاستعانة بالله وحده، فإنه هو القادر على حماية عبده وتوفيقه للخير والبعد عن المعصية، وأكثر من قولك لا حول ولا قوة إلا الله. 2- ألح بالدعاء لله وحده أن يشرح صدرك للخير والحلال، وأن يغنيك بما أحل لك عما حرم عليك، وأن يعفك عن الفاحشة، وأن يملأ قلبك إيمانا ورضا. 3- إذا كانت زوجة واحدة لا تكفيك فتزوج بثانية، فإن الله أباح أربعاً للرجل، ومثلك أولى الناس بذلك. 4- ابتعد عن أسباب الفتنة والإثارة من مشاهدة الإنترنت أو القنوات أو غير ذلك، واعلم أن ذلك سب رئيس في حماية نفسك من الوقوع في المعاصي والموبقات. 5- عليك بالصوم ما استطعت إلى ذلك سبيلا؛ فإنه وجاء وسد لمجاري الشهوة في الجسم، كما أوصى بذلك المعصوم عليه الصلاة والسلام. 6- قلِّل من الطعام ومن الوجبات المثيرة للشهوة في الجسم، فإن نوعية الطعام لها أثر في قوة الشهوة والرغبة في النساء. 7- أشغل نفسك بالدعوة وبقضايا المسلمين وبهم الدين؛ فإن ذلك يضعف التفكير في الشهوة ويقلل الرغبة فيها. 8- اصحب المشتغلين بمعالي الأمور من الشباب أو الشيوخ أو الدعاة، فإن ذلك له أثر عظيم على النفس البشرية، وفي مسند الإمام أحمد (7968) وسنن الترمذي (2378) وأبو داود (4833) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل". 9- أوصيك بالقيام في ظلام الليل وعند الأسحار ولو بركعتين، وتلجأ إلى الله وتدعوه وتتقرب منه ليرحمك ويقوي إيمانك. 10-أكثر من ذكر الله في البكور والآصال وقبل شروق الشمس وقبل غروبها، وذلك بقلب خاشع حاضر. 11- اجتنب أكل الحرام؛ فإنه يغلف القلب بالران، وهو مانع من قبول الدعاء. 12- الإكثار من قراءة القرآن مع التدبر والتفكر. أما عدم شعورك بالحرقة من ارتكاب الذنب؛ لأن القلب لم يعد صافيا كما كان من قبل، بل لبدت الذنوب سماءه بالغيوم التي تحول عنه الرقة والخشوع، ومعلوم أن المعاصي تترك ندوباً في قلب صاحبها، فلا يعود القلب صافيا رائقاً، وتمنعه تلك النكت من تذوق حلاوة الإيمان ولذة الطاعة كما كان يشعر بها من قبل، ولو تاب يحتاج معها فترة طويلة من الطاعة حتى يعود للقلب صفاؤه. ومن هنا فأنت تحتاج أن تثابر على الطاعة وتصبر نفسك عليها، وتمنع نفسك من أي معصية حتى يرزقك الله قلباً صافيا ولا تعجل، ومن أدام قرع الباب أوشك أن يفتح له ويلج. ولا يلزم من توبتك إقامة الحد عليك، بل استر على نفسك كما سترك الله عن الناس، والتوبة تصح وتقبل بشروطها المعروفة من الإقلاع عن الذنب والندم على فعله، والعزم على عدم الرجوع إليه مرة أخرى، ثم الإكثار من الاستغفار والتوبة والعمل الصالح من مختلف النوافل والمستحبات. وأما من فعلت معهن الزنا من النساء المسلمات فيجب عليك نصحهن؛ ليتبن من تلك الفاحشة ويتقين الله ويخفن عذابه. والله أسأل أن يغفر لي ولك وأن يعفو عنا جميعاً ويستر علينا في الدنيا والآخرة، ويطهر قلوبنا من النفاق والفحش، ويملأها إيمانا وتقوى إنه جواد كريم.

الإنترنت.. والفراغ..!!!

الإنترنت.. والفراغ..!!! المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 1/6/1422 السؤال أنا امرأة متزوجة وبصراحة اجلس على الإنترنت بشكل كبير واغلب الأحيان على المنتديات ومناقشة مواضيع مختلفة وبعض المواقع المفيدة ومرات مواقع الشعر والأغاني وفي ما ندر محادثة مع بعض الأصدقاء على الايسكيو.. على فترات بعيدة جدا هل في ذلك ذنب علي خاصة وأني أقوم بكافة متطلباتي الدينية والأسرية وأنا أجلس أساساً على الإنترنت حتى ابعد نفسي عن أشياء أخرى كثيرة تضرني بسبب الفراغ.. خاصة وأن زوجي كثير المشاغل ولا يجلس معي كثيراً رغم محاولاتي معه. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أولاً: مسألتك ذات شقين:- الأول: إدمان الجلوس على الإنترنت. الثاني: انشغال الزوج عنك. فالأولى: وهو إدمانك على الإنترنت فيه أضرار وفيه من المنافع. أما الأضرار فقد يشكل لدى نفسك رغبة تلتصق بها خدعة حب الاطلاع فتصل سفينتك لسواحل قد يكون فيها غرقك - لا سمح الله - مع تذكر أنك قلت أن زوجك مشغول عنك..؟! وتأملي قولك أنك تعملين أعمالك البيتية بسرعة ثم تعودين مرة أخرى إليه، هذا أكبر دليل على الرغبة الجامحة لديك والسبب أنك قد وجدت مواقع معينة تنجذبين إليها..!! وأنت تجلسين إليه لملء الفراغ الكبير لديك.. ليس إلا!! أنت قلتي هذا!! إذا ليس هناك هدف دعوي أو معرفي!؟ وهذه المواقع فيها أشياء قد تهزم الإنسان مهما كان قوياً. فما بالك بمن أهملت في المنزل ولديها فراغ كبير ولديها إحساس خفي من الخوف، أنها ستقع في شيء مضر. لذلك نصيحتي لك أولاً لا أستطيع أن أمنعك أو أن أقول اتركيه لأن من يريد الشيء سيسعى إليه مهما كلف الأمر، ولذلك أقول لك تأملي الفترة الماضية وأنت تجلسين أمام الجهاز وقيميها ماذا استفدت وماذا أضافت لك من علم شرعي يقربك إلى الله، أو حتى أعطتك معلومة تفيدك، لقتل وقت الفراغ لديك، أو أعطتك وسيلة لجذب الزوج بأن يجلس معك، بل بالعكس قد تكونين من شدة الانبهار تتمنين أن يأتيك ما يشغلك عن هذا الموضوع. أما الناحية الثانية من المشكلة وهو الزوج ولماذا هو منشغل عنك؟ فأولا: ما هو عمل الزوج..؟ وثانياً: بعض الرجال إذا لم يجد ما يجذبه في منزله، فإنه يفضل أن يبقى خارج المنزل أكبر وقت ممكن، وبالطبع هذا السؤال لا يستطيع أن يجيب عليه إلا الزوج وهو ما سبب خروجه كثيراً من البيت؟ أخيراً: ما الذي دعاك إلى هذا السؤال؟ هل أنت خائفة من شيء.. ماء؟ هل تحسين أنك مذنبة..؟ هل ارتكبت شيئاً ماء، عبر الإنترنت.؟ أمل الإجابة ومن ثم نكمل الإجابة.. رعاك الله.

التزم فغضب منه أبواه

التزم فغضب منه أبواه المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 9/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب أدرس في جامعة فيها اختلاط فمنّ الله علي بالهداية، لذا قررت أن أخرج من الجامعة، وأيضاً أخاف على نفسي أن انتكس؛ لأن فتنة النساء فتنة عظيمة، ولا أطيق الدراسة، وإيماني يضعف شيئاً فشيئاً، وصبرت تقريباً سنة، ولكن المشكلة أن الوالدين غير راضيين تماماً، ووالدتي قالت بأن الحليب الذي أرضعتك إياه حرام عليك، ووالدي هددني بطردي من البيت، والوالدان غير ملتزمين، ولما أكلم والدتي عن الدين تقول لا أريد أن أسمع منك وعظا، وفي بعض المرات تعاتبني بلا سبب ولا أدري ماذا أفعل؟ (الإيمان أو إرضاء الوالدين) ؟ هل من الممكن أن أهاجر؟ أرجو أن تجاوبني يا شيخ لأن المسألة مهمة وأن يكون الجواب واضحاً ودقيقاً، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أخي في الله، أهنئك بكل صدق أن منّ الله عليك بالهداية والاستقامة، وأسأله سبحانه أن يثبتنا وإياك وسائر المسلمين على الحق حتى نلقاه. أخي الكريم: حسناً فعلت حين تركت الدراسة المختلطة في الجامعة، فالاختلاط - ورب الكعبة - شر مستطير، وفتنة ساحقة، نسأل الله السلامة والعافية. ومن نعمة الله أن البديل موجود في بلاد شتى في العالم الإسلامي، وبإمكانك أن تحاول الحصول على منحة دراسية في إحدى جامعات المملكة العربية السعودية أو غيرها أو الدراسة عبر المراسلة أو غيرها من الوسائل. وبذلك تسلم من آفة الاختلاط، وترضي والديك بالمعروف، واعلم - حفظك الله - أن بعدك عن الحرام وفرارك من الفتن من أعظم ما تتقرب به إلى الله وتبر به والديك، وليس من برهما طاعتهما في معصية الله، وغضبهما عليك لا يضرك، بيد أن معاملتهما برفق ولين واجب عليك مهما أظهرا لك من الجفاء والقسوة. وتذكر أن قسوتهما عليك نابعة من حبهما إياك وحرصهما على تفوقك واستمرارك في الجامعة، لكنهما لم يحالفا التوفيق حين أصرا على دراستك في جامعة مختلطة، فعليك مناصحتهما، وبرهما والصبر على أذاهما مع الحذر التام كما أسلفت من تقديم طاعتهما على طاعة الله جلّ جلاله. وأما قولك (الإيمان أو إرضاء الوالدين) فأقول: إرضاء الوالدين بالمعروف من الإيمان، وأنصحك بهذه المناسبة - حفظك الله - أن تعنى بدراسة العلم الشرعي، وقراءة ما أمكنك من كتب السلف لتعبد الله على بصيرة، وتتخذ مواقفك - بعلم وفهم. وأما سؤالك عن إمكانية الهجرة، فلا أدري ما تعني بالهجرة؟ فإن قصدت بالهجرة معناها العرفي أي الرحيل من بلدك إلى بلد آخر، فأقول لا مانع إن كان رحيلك سيكون إلى بلد إسلامي. وإن قصدت بالهجرة معناها الشرعي أي الهجرة من بلاد الكفر إلى بلد إسلامي فلا وجه للهجرة في هذه الحالة؛ لأنك بلدكم بلد إسلامي معروف، وفقك الله وأعانك والسلام.

أبي لا يحب الملتزمين

أبي لا يحب الملتزمين المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 20/12/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال: أنا شاب وعمري خمس عشرة سنة، وأنا متدين، ولكن المشكلة في أبي؛ لأنه لا يحب المتدينين، ويضايقني في حياتي؛ لكي أترك تديني، فماذا أفعل؟ وللعلم فإن أبي سيأتي يوم يضربني فيه لكي أترك تديني، فإنه يتضايق مني إذا وجدني أقرأ القرآن، ويتضايق إذا وجدني أقوم الليل، ويريدني أن أقوم بفرضي فقط، ولكني رفضت؛ لأنني أخاف عذاب يوم عظيم، وأريد أن أستغل عدم انشغالي في طاعة الله، وأبي لا يضايقني أنا فقط بل يضايق أهل البيت كلهم وخاصةً أمي، فماذا فعل؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الجواب إلى الأخ الكريم- حفظه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: ذكرت عن والدك أنه يضايقك بسبب تدينك، وجميع أهل البيت وخاصة أمك والجواب: (1) يا أخي، قدوتك نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- الذي ذاق أصناف الأذى والاتهام والسخرية، فلا بد من الصبر والتحمل، والذي يعين على ذلك الاستعانة بالله، وسؤاله التوفيق والثبات والقبول. (2) عليك بالاحتساب في كل ما يأتيك، فإذا صبرت محتسباً أثابك الله ورفع درجاتك وقربك، وأعانك على ما تلقاه في ذات الله -تعالى-. (3) ادع لوالدك بالهداية، ولا ير منك إلا خيراً، فَبُرَّ به، واخدمه، وأحسن عشرته، وابحث عمن ينصحه، ولا تدخل معه في أي جدال. (4) كن قدوة لأهلك في تثبيتهم وحثهم على الصبر، وأن ما يأتيهم في سبيل الله هو عزٌّ لهم، وطريق إلى الجنة -إن شاء الله- وأن يضمروا للوالد الخير والبر، ومقابلة إساءته بالإحسان. (5) عليكم بكثرة الدعاء، والتضرع إلى الله، والإلحاح بتفريج الكرب، ورفع المعاناة والثبات، والهداية للوالد، والله المستعان، وعليه التكلان، فهو نعم المولى ونعم النصير.

يمنع أولاده الخروج لصلاة الجماعة، فهل هو محق؟!

يمنع أولاده الخروج لصلاة الجماعة، فهل هو محق؟! المجيب عبد العزيز الشبل المعيد بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 20/2/1425هـ السؤال لدينا أب يمنع أولاده من الصلاة في المسجد، وأعمارهم: الكبير 13 سنة، والأوسط 10 سنوات، والأصغر 7 سنوات؛ بسبب كثرة مشاكلهم، فهم يضربون الأولاد، ويعملون كثيراً من المشاكل لأهلهم مع الجيران، والأب ليس دائماً يصلي في المسجد، وليس دائماً يكون في الحي، فهو يخرج أحياناً من العصر إلى ما قبل الساعة 12 ليلاً، فهل تجعلهم يصلون في البيت لتكف شرهم عن الناس وشر الناس عنهم؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. مرحلة الطفولة مرحلة خصبة لتعليم الأبناء العبادات والأخلاق الفاضلة، وهي الوقت المناسب لغرس القيم الإسلامية في الطفل. وقد مدح الله نبيه إسماعيل بقوله:"وكان يأمر أهله بالصلاة ... " [مريم:55] ، وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم-:"وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها.." [طه:132] . وقد جاء الأمر لأولياء الأبناء بأمر أبنائهم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين، وضربهم عليها إذا بلغوا العاشرة (كما عند الإمام أحمد (6717) وأبي داود (495) وغيرهما) ، وإذا فوّت ولي الصبية هذه الفرصة فإنه سيتعب معهم إذا كبروا؛ لأنهم لم يعتادوا على هذا الأمر، وقد روى البيهقي في السنن الكبرى (4874) عن ابن مسعود - رضي الله عنه- أنه قال:"حافظوا على أولادكم في الصلاة، وعلموهم الخير، فإنما الخير عادة". وقال ابن عمر - رضي الله عنهما- لرجل:"أدِّب ابنك؛ فإنك مسؤول عن ولدك ماذا أدبته، وماذا علمته؟ " رواه البيهقي في السنن الكبرى (4878) . وقد قيل: وينشأ ناشئ الفتيان فينا:: على ما كان عوّده أبوه وكلما كبر الابن كان الأمر بالنسبة له آكد، فابن الثالثة عشرة، ليس كابن السابعة، وإني أنصح أختك أن تواصل جهادها مع أبنائها، وتحثهم على الصلاة، وترغبهم فيها بسائر المرغبات، وأن تحاول مع زوجها لكي يساعدها على هذه المهمة، كما أنصحها بأن تتصل بإمام المسجد وأن توصيه بأبنائها. وأما المشاكل التي تحدث بين الأبناء وأبناء الجيران، فهي مشاكل يندر أن ينفكّ عنها الأبناء، وليس معنى ذلك ألا تقوم الأم بدورها في تربيتهم، ولكن قصدي ألا يضايقها هذا كثيراً، لأن مثل هذه الأمور تكثر عند الأطفال، بسبب طبيعة الطفل ونفسيته في هذه المرحلة، وحتى لو منعتهم من الذهاب إلى المسجد من أجل ذلك فهل ستمنعهم من الذهاب إلى المدرسة لكي لا يحدث منهم مشاكل داخل المدرسة أو حال خروجهم منها؟ ولكن إذا كان هناك مشاكل كبيرة فعلاً، أوخطر على الأطفال حال ذهابهم إلى المسجد ورجوعهم منه فإنها تجعلهم يصلون عندها في البيت حفاظاً عليهم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أريد الالتزام.. ولكن..!!

أريد الالتزام.. ولكن..!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 16/10/1422 السؤال الإخوة المشرفون على النافذة إنه من الجميل أن يكون هناك مثل هذه المواقع البناءة التي تخدم المسلمين أما سؤالي فهو: أحس بتردد كبير عندما أريد الالتزام مع أني أحب أهل الخير، وأحب قربهم ودائماً أمني نفسي أنه عندما أتزوج سوف ألتزم، وأبعد عن كثير من الملهيات. فهل هناك من نصيحة لي؟ وجزاكم الله خيراً؟ الجواب أخي الكريم، أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضِلّ. أما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: جميل أن يكون لك هذا الميل إلى الخير وأهل الخير، وهذا يدل على ما تحتويه نفسك من خير كبير زادك الله حرصاً وثباتاً وتوفيقاً وسداداً. ثانياً: أما ترددك فهذا من الشيطان.. أعاذنا الله وإياك منه؛ لأن هذا يغيظه. وقد أقسم لرب العزة والجلال أن يغوي الناس أجمعين حيث قال (فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) . فاستعذ بالله قائماً وقاعداً من كيد الشيطان وتوهيمه وتلبيسه وتثبيطه؛ فهو العدو المبين.. قال تعالى (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) . ثالثاً: تأجيلك الالتزام حتى الزواج هو نوع من التسويف ليؤخرك الشيطان عن كسب الخير وجمع الحسنات.. ثم الأعمار بيد الله فمن يضمن لك عمرك حتى تتزوج..؟! رابعاًَ: بادر أخي الكريم بالالتزام، وهذا لا يعني أنك ستصبح إنساناً مختلفاً، وستقاطع الناس، وتنعزل عنهم!! بل مارس هواياتك، وعلاقاتك الاجتماعية كما كنت.. ولكن حافظ على الصلوات في وقتها، وأكثر من ذكر الله قائماً وقاعداً، واستغفر الله واستعذ به من الشيطان الرجيم، وأد الرواتب وضع لك مقداراً من القرآن تقرؤه كل يوم.. وتجنب المعاصي.. وإن غلبتك نفسك على شيء منها فبادر بالتوبة والاستغفار وأتبع السيئة الحسنة تمحها (إن الحسنات يذهبن السيئات) . خامساً: اسأل الله التوفيق والثبات حتى الممات، وعليك باختيار الرفقة الصالحة الناصحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

أريد أن أتحجب

أريد أن أتحجب المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 8-11-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة لم أكن متنقبة مما جعلني غير مرتاحة، المهم أنني قررت أن أتنقب ولكن مشكلتي الآن أنني أعتبر من الصغيرات في العائلة، وفوق ذلك لا توجد واحدة من عائلتي تلبس النقاب فهل من الممكن نصيحتي وتشجيعي؟ الجواب الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" 1-حقاً إن الفتاة سليمة الفطرة إذا لم تكن متحجبة الحجاب الشرعي فإنها تكون غير مرتاحة وهذا لأن طاعة الله هي التي تجلب الراحة والطمأنينة والسعادة قال الله تعالى "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد:28] وقال تعالى: "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة" [النمل:97] ، وأنت بارك الله فيك إذا داومت على الطاعات ستجدين الأنس بالله ولذة طاعة الله أسأل الله أن يرزقك حلاوة الإيمان. 2- أهنئك على هذا القرار المبارك وهذا يدل إنشاء الله على الصدق مع الله والعزم الجازم على الاستجابة لأمره أتوجه إلى الله بأسمائه الحسنى أن يجعل هذا القرار مفتاح خير عظيم لك في الدنيا والآخرة. 3- أختي الفاضلة - حرسك الله. إن أي أمر لم يعتد عليه الإنسان يكون صعباً في أوله لكن ذلك ينتهي عاجلاً - إن شاء الله - مع التمرين والمراس وتعويد النفس وأنا أوجهك إلى فعل ما يلي: أولاً: الدعاء ... عليك بدعاء الله - عز وجل - أن يسهل عليك هذا الأمر وأن يرزقك الرغبة الصادقة فيه والثبات عليه، واعلمي أن من استعان بالله صابراً أعانه الله، والله علمنا أن نستعين به فقال (إياك نعبد وإياك نستعين) [الفاتحة:5] ، فعليك بالدعاء بصدق وإلحاح فقولي مثلاً "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" أحمد (22119) أبو داود (1522) ، والنسائي (1303) ،"اللهم اهدني ويسر الهدى لي" الترمذي (3551) وأبو داود (1510) وابن ماجة (3830) وأحمد (1997) ، "اللهم اهدني لأحسن الأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت" مسلم (771) . ثانياً- تذكري دائماً الأجر العظيم في الحجاب الشرعي وكيف يفتح الله لك باب الحسنات وتذكري ثمرة الحجاب في الدنيا: طهارة وعفاف وسعادة وهناء.

ثالثاً- تذكري دائماً أنك لست وحدك على هذا الطريق بل عليه ملايين المسلمات الصالحات في هذا الزمان وفي ما مضى من الأزمنة بل هو طريق أمهات المؤمنين وطريق الصحابيات الجليلات - رضي الله عنهن - وهن اللاتي لما نزلت آية الحجاب شققن مروطهن فاختمرن بها (والمرط: مثل المسفع) فلما خرجن من بيوتهن خرجن كأنهن الغربان من الأكسية (أي: الملابس) انظر أبو داود (4102) فهنيئاً لك حين سلكت طريق الذين أنعم الله عليهم بالهداية طريق الصالحين والصالحات واسمعي الآية التالية (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم) [الفاتحة:706] [الصراط هو: الطريق] "والذين أنعمت عليهم: هم المذكورون في قوله تعالى: "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا" [النساء:69] . رابعاً- تذكري دائماً أن المرأة المتبرجة والمتكشفة مذمومة في الشرع قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "شر نسائكم المتبرجات" حديث صحيح رواه البيهقي، وتذكري أن من يعصي الله - عز وجل - معرض لعقابه قال الله - عز وجل - "ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين". 4- أختي الكريمة وفقك الله: لا تبالي بكونك من الصغيرات في العائلة فإن الصغير قد يسبق الكبار إلى الهداية ثم إلى الجنة كما أسلم عدد كبير من الصحابة الصغار - رضوان الله عليهم - قبل آبائهم وأمهاتهم والكبار من أقوامهم، وعليك بالثبات والصبر كما عليك التزام الأدب مع الكبيرات حتى يكن عونا لك ولا يكن ضدك. 5- أختي الفاضلة: ثبتك الله لا تجزعي أنك الوحيدة التي تتحجبين من عائلتك فمعك ملايين المسلمات كما ذكرت لك سابقاً، ثم إنك إن صبرت كنت ممن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده. 6- وأخيراً هذه وصايا أخرى لك: - أقبلي على العبادات كقراءة القرآن والصلاة والأذكار يكن ذلك عوناً لك وأنساً. - عليك بالصاحبات الصالحات والجليسات التقيات يكن لك عوناً على الثبات. - اقرئي الكتب الشرعية المناسبة لك يزيد إيمانك وعلمك. أسأل الله الكريم العظيم أن يثبتك على الطاعات كلها.

زوجي ووالدي يرفضان الحجاب

زوجي ووالدي يرفضان الحجاب المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 2/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا امرأة ملتزمة بدين الله -ولله الحمد والمنّة- وكذلك لباسي شرعي، وأمنيتي أن أكمل لباسي الشرعي بالنقاب، ولكني أجد معارضة من والدي وزوجي بشأن النقاب، فماذا أفعل؟ مع العلم إني حاولت إقناعهم، فما الحل؟. -وجزاك الله خيراً-. الجواب إلى الأخت الفاضلة: - حفظها الله ورعاها- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: أحمد الله حمداً كثيراً على أن جعلك حريصة على الالتزام بالدين، ورزقك الالتزام باللباس الشرعي، وهذا من فضل الله عليك، كما أهنئك على الأمنية الطيبة باكتمال التستر واللباس الشرعي، واعلمي - ثبتك الله - أن المسلم إذا تمنى الخير ثم لم يستطع فعله فإن الله - عز وجل- يكتب له الأجر كأنه عمله. ثانياً: فهمت من سؤالك أنك تسترين جميع البدن إلا الوجه، وأنت تريدين تغطية الوجه أيضاً، ولكن والدك وزوجك يمنعانك من تغطية الوجه. أختي الكريمة: أنصحك بما يلي: 1- الثبات على هذا الحرص على اكتمال التستر، واللباس الشرعي، حتى إن لم تستطيعي العمل فليبق الحرص في قلبك؛ فلعل الله أن يكتب لك التيسير يوماً ما. 2- استمري في محاولة إقناع والدك وزوجك، ولأجل ذلك لا بد أن تزيدي علمك الشرعي حتى تكوني أكثر اقتناعاً وإقناعاً. 3- احرصي كثيراً على الرفق فإنه وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (6030) ومسلم (2165) من حديث عائشة - رضي الله عنها - والرفق سبب في الثبات على الهداية، والرفق يحفظ لك المكتسبات والمنجزات بدلاً من أن تضيع بسبب ترك الرفق، والرفق هو الذي يسهل لك كسب الآخرين وإقناعهم بما تريدين، فالتزمي الرفق مع والدك وزوجك حتى تستطيعي إقناعهم، والتزمي الرفق مع الأخوات المحجبات غير المنقبات، واعلمي أنهن على خير وصلاح، والتزمي الرفق مع نفسك فعوديها على الخير بالتدريج، ولا تتقدمي بها خطوة إلى الأمام إلا حين تطمئني إلى عدم حصول مفسدة، فتغطية وجه المرأة قد يكون سهلاً وميسوراً في بعض البلاد، فيجب على المرأة أن تسارع إلى الالتزام به، لكنه في بعض البلدان قد يكون عسيراً وصعباً جداً فلتترفق المرأة المسلمة ولتتريث حتى يفرج الله عنها، وييسر لها الالتزام بتغطية الوجه. أسأل الله بأسمائه الحسنى أن يسهل لك هذا العمل المبارك، وأن يجعل والدك وزوجك، ومجتمعك عوناً لك. والله أعلم.

أريد أن أرتدي النقاب ولكن ...

أريد أن أرتدي النقاب ولكن ... المجيب جماز عبد الرحمن الجماز مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 25/04/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا امرأة متزوجة ومحافظة -والحمد لله-، ولا أزكي نفسي، أعيش حالياً خارج بلدي مع زوجي الذي يدرس الماجستير، منذ فترة كنت لا أرتدي النقاب مع التزامي ولكني أخيراً قررت ارتداءه بعد سماعي وقراءتي لفتاوى العلماء بضرورة تغطية المرأة لوجهها، وزوجي وافق -والحمد لله- المشكلة في عائلتي وعلى رأسهم أبي وأمي لم يوافقا على هذا القرار -وهو لبس النقاب-؛ لأنه برأيهم سوف يفقدني وظيفتي وهي (طبيبة) ، عند رجوعي لبلدي -إن شاء الله- وحيث إن الحكومة هناك قد لا تسمح بعملي وأنا منقبة، ولا أنكر محاربة الحكومة هناك للتيار السلفي المستقيم، وكذلك مراقبتهم للعائلات الملتزمة بالمنهج السلفي ومضايقتهم. أنا في حيرة من أمري، هذه الأيام فلقد قالت لي أختي أنهم حزينون من ضياع سنوات الدراسة في الطب، وكذلك قالوا سوف تضطرين إلى كشف وجهك في المطار لمعرفة هويتك، فرددت بأنه لو حدث هذا سوف يكون ضرورة والضرورات تبيح المحظورات، وهي قاعدة فقهية معروفة، وقالوا كذلك إن ظروف الحياة صعبة وتلتزم مشاركتك لزوجك في العمل، وأنا أعرف أن الله هو الرزاق ولا أحد غيره, أنا ليس لدي رغبة في ترك عملي لو أنه لم يتعارض مع الموانع الشرعية، بل بالعكس أريد أن أخدم النساء الملتزمات اللائي يبحثن عن طبيبة لمعالجتهن، وأريد أيضاً أن يكون أبي وأمي راضيين عني تماماً، خصوصاً أن علاقتي بهم مميزة، ولكن في نفس الوقت لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أنا حائرة في أمري، أفيدوني أفادكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين-. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إنا نرى لك استمرارك في لبس الحجاب، وهو ستر وجهك عن أعين الرجال مع الحشمة في اللباس والمظهر والعباءة. وما حدث لك من معارضة والديك في لبسه، يجب ألا تسمعي له؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما صح عنه " لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل " رواه أحمد (1098) من حديث علي - رضي الله عنه -. ومع هذا ابذلي جهدك في إقناعهم بضرورة لبس الحجاب، وليكن ذلك باللين واللطف، وهذا يحميك من التعرض لك بالأذى أو الكلام البذيء من الرجال، ومع ذلك فهو شيء خاص بك، لا ضرر فيه على أحد، قولي ذلك لهما، وأشعريهم أنكِ راضية بكل تبعاته، وماضية في ذلك، بل لديك الرغبة التامة في مزاولة مهنتك الطبية بالضوابط الشرعية، حتى لو كلف الأمر ترك العمل الحكومي، والعمل في عيادات أهلية أو خاصة.

وخذي ما قرأتِ أو سمعتِ من فتاوى العلماء وكلامهم حول وجوب لبس الحجاب، وبينيه لهما أو أسمعيهما إياه، وليكن لزوجك نصيب من هذا العمل؛ حتى يعلم والداك أن الأمر مجمع عليه من قبلكما، وأنه لا مجال للرجوع فيه، أو التفاوض في التنازل عنه، وما ذكرتيه من أنك قد تتعرضين لكشف الوجه في بعض الأحوال اضطراراً فهذا لا شيء فيه، ولكن مع وجود محرم لك مثل زوجك أو ابنك أو أخيك أو والدك أو امرأة أخرى مثلك؛ حتى لا يتعدى الأمر إلى غير الوجه، فقد تتعرضين لشيء آخر مهين. وعليكِ سؤال الله - عز وجل- أن يرضى والداك عنك وأن يرزقكِ برهما، وأيقني باستجابة الله لك وانتظري، ولتكن علاقتك بوالديك بعد هذه النقلة في حياتك أكثر من ذي قبل، ومعارضتهما لك، لا تحملك على سلوك تصرف مشين معهما، احسني صحبتهما بالمعروف قولاً وعملاً، أليني لهما القول، واحرصي على إهدائهما الهدية؛ كل ذلك كفيل أن تكوني مقبولة عندهما بل ومحبوبة لديهما، بل آمرة ناهية عليهما، أسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتك على دينه، وأن يمنحك الفقه فيه، وأن يهيئ لك من أمرك رشداً. والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

أريد أن أعفي لحيتي ... ولكن!

أريد أن أعفي لحيتي ... ولكن! المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 15/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أنا شاب محب للخير، ومحافظ على الصلوات، ولكني أحلق لحيتي، ويراودني شعور أن أترك لحيتي دون حلق، ولكن يأتيني شعور آخر بأن شكلي سيتغيَّر ويصبح غير مقبول عند الناس، وخاصة أصدقائي، فيا شيخ: كيف أجزم باتخاذ القرار السليم، وأترك لحيتي دون حلق؟ والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. الجواب أخي الفاضل سلمه الله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فأشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، وحرصك على أمر دينك، وأرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة، ثم إني أبارك لك حبك للخير، ومحافظتك على الصلاة، وأسأل الله لي ولك الثبات على الحق، وأن يزيدنا إيمانًا وتقوى وفضلاً، وأنصحك أن تجزم بإطلاق لحيتك تعبداً لله واتباعاً لهدي نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يطلق لحيته، حتى إنها كانت ترى من خلفه، لاسيما وقد أمرنا بذلك في قوله: "قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين" متفق على صحته، وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس"، فهذان الحديثان الصحيحان وما جاء في معناهما كلها تدل على وجوب إعفاء اللحية وإرخائها، وعدم التعرض لها بقص أو حلق، وعلى وجوب قص الشارب. وما قلت من أن ذلك سيغير شكلك ولو يكن فتأكد أنه سيكون إلى الأحسن والأفضل، لاسيما وأن إطلاق اللحى أصبح منتشراً -بفضل الله- مع انتشار الصحوة واليقظة، فما الذي يمنعك أن تكون مع قافلة المتمسكين بهدي نبيهم-صلى الله عليه وسلم- فتحظى برضا الله وتوفيقه وإعانته. ثم اعلم أن رضا أصحابك لا يهم، بل المهم رضا الله عنك، وقد جاء في سنن الترمذي (2414) بسند صحيح، أن معاوية -رضي الله عنه- كتب إلى عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أن اكتبي إلي كتاباً توصيني فيه، ولا تكثري عليّ، فكتبت عائشة -رضي الله تعالى عنها- إلى معاوية: سلام عليك، أما بعد: فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من التمس رضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام عليك". وتأكد أن رضا الناس غاية لا تدرك، اليوم يرضون، وغداً يسخطون أو العكس، لكن ربك إذا أرضيته طوع لك الناس، وتذكّر أنهم لن يسألوا عنك في قبرك وأمام ربك، وإنما أنت المسؤول، فأعد لذلك السؤال جواباً وللجواب صواباً، ثم لماذا لا تكون لك شخصيتك المستقلة التي لا تخضع فيها لغيرك من الناس، وإنما لرب الناس؟ واسمع ماذا يقول الإمام الأوزاعي رحمه الله: (عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول) . فتوكّل على الله واعزم في طاعة الله، والاقتداء بهدي نبيك محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإطلاق لحيتك، واعلم أنه أمر مفترض من الشارع الحكيم، والواجب على المسلم أن يمتثل أمر الله سبحانه، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن ينتهي عمّا نهى الله عنه، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن الخير كل الخير في الطاعة، وستجدها أحسن ما يكون من هذه الحياة. وفقنا الله جميعاً لكل خير وطاعة، وأعاننا على طاعته واتباع سنة نبيه-صلى الله عليه وسلم- والسلام عليكم.

أعينونني على صلاة الفجر

أعينونني على صلاة الفجر المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 07/03/1426هـ السؤال والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ... وبعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ: أنا شاب حديث عهد بالتوبة، وهناك أمور لا أستطيع التغلب عليها، فأنا أعاني منها كثيراً، في بدايتي كنت محافظاً على قيام الليل وتلاوة ما تيَّسر من القرآن، وقد خف ذلك كثيراً لضيق الوقت بسبب الجامعة ومواعيد محاضراتها. وهناك أمران هما أشد علي مما سبق، ألا وهما. أولاً: الصلاة تفوتني عندما أكون نائماً، علماً بأنني أضبط المنبه، وأستقيظ لأقفله، وأكمل نومي. ثانياً: التدخين (فلم أستطع تركه) . فأريد منك -فضيلة الشيخ- نصحي وإرشادي إلى طريق الحق والصواب، ودعواتك لي بالثبات والإصلاح. والسلام خير ختام. الجواب شكرًا على سؤالك وحرصك وحسن ظنك بأخيك، كما نشكر لك مواصلتك على موقعنا، ونرجو الله أن نكون من المتناصحين فيه، ثم إني أبارك لك توبتك ورجوعك إلى الله، وأبشر بما يسرك إذا ما ثبت على توبتك، فإن الله يحب التوابين، ويفرح بتوبة عبده ويتقرب منه بقدر تقرب عبده منه، إلا أن الأمر يتطلب من العبد ثباتا وصبرا وإصرارا لذلك، وحتى يفوت إبليس علينا فضل التوبة والرجوع إلى الله يزيد من فتنته للعبد، ويهون عليه المعصية، ويرغبه فيها، ويزهده في الطاعة، وهي معركة لا تقف ولا تنتهي حتى يوضع العبد في قبره، وبقدر ما تتصور حقيقة المعركة تفوت على الشيطان جهده في جعلك ضحية من ضحاياه، والأمر يتطلب منك جهدا مضاعفا للحفاظ على مكتسبات التوبة، ويتطلب منك حذرا وفطنة من كل باب يفتح أمامك تكون عاقبته سوءا، ولذلك أنصحك بأمور لعلها تكون سببا في تقوية إيمانك وتثبيت توبتك، ومنها: (1) أكثر الاستعانة بالله عز وجل، فإنه وحده هو المعين على الإيمان والطاعة. (2) أكثر من قولك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. (3) اكثر من الدعاء في أن يشرح الله صدرك، وينور قلبك، ويزيدك إيمانا وخيرا وطاعة. (4) اصحب الأخيار والصالحين، فإنهم صمام أمان لك من كثير من السوء والشر والفساد. (5) اهجر أصحاب السوء والأماكن التي كنت تعصي الله فيها سابقا، وإن استطعت أن تنتقل من البيئة التي أنت فيها إلى بيئة أخرى صالحة فافعل، فإنها مهمة لثبات العبد. (6) اقرأ كثيرا في سير الصالحين والسلف، فإنها من أعظم الزاد. (7) نم مبكرا ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ثم استعن بالآخرين في إيقاظك للصلاة. (8) لا تجعل المنبه قريبا منك، بل اجعله في مكان بعيد؛ حتى تضطر للقيام له، ثم لا تعد للنوم بعدها (9) ذكر نفسك بخطورة المعصية مهما كانت، فإن لها أثراً سيئا على العبد عاجلا وآجلا. (10) أكثر من حضور مجالس الذكر والموعظة، وسماع أشرطة المشايخ والدعاة، فإنها سياط القلوب. (11) عليك باستشارة أهل العلم فيما يخص بعض الأمور التي تطرأ عليك، حتى تكون على بينة من أمرك، وختاما أدعو الله لك بالتوفيق والسداد والثبات والإيمان والتقوى، وآمل مواصلتنا لنحقق المزيد من التناصح والتآخي، وشكرًا مرة ثانية على رسالتك.

فوجئت بتناقضات الساحة الدعوية

فوجئت بتناقضات الساحة الدعوية المجيب سعد بن عبد الله الماجد عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 20/01/1426هـ السؤال مشكلتي أني التزمت قبل سنة، وكنت أعتقد أن أهل الالتزام ملة واحدة، ثم بدأت بالإنترنت، وأتابع بعض المواقع التي كنت أحسبها إسلامية، وإذا بها وضعت للنيل من الدعاة، والأعجب أن الذي يكتب بها مشايخ، وأنا الآن ساخط على المجتمع، وفكَّرت بالعدول عن الالتزام. فما نصيحتكم لي؟. الجواب سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد. فاعلم -يا أخي الكريم - بأنك حديث عهد بالاستقامة، والرجوع إلى الله يحتاج إلى فقه في الدين، حتى تعبد الله على بصيرة. البعض من الشباب في أول أيام استقامته يريد تغييراً جذرياً لكل ما هو حادث في العالم من تسلط الأعداء على المسلمين، كما هو حادث، ويريد جمع المسلمين في صف واحد دون علم بمذاهبهم العقدية والفكرية وغيرها. نعم.. التغيير يريده كل مسلم، لكن الله خلق الشر والخير، والإيمان والكفر، فيحتاج ذلك إلى صبر ومصابرة في جهاد النفس على الطاعة، وجهاد للشيطان حتى لا يتسلَّط على الإنسان، وكذلك شياطين الإنس والجن يحتاجون إلى مجاهدة ومراغمة حتى تكون الطاعة والخشية لله سبحانه وتعالى. والحاصل أن كل ما سبق يحتاج إلى تفقه في الدين مما يورث الإيمان وخشية الله تعالى، فلا يُبالى بعد ذلك بالشر وأهله، ويقام شرع الله، ولا يخاف في الله لومة لائم. -قضية ما يحدث في الإنترنت من حوارات ساخنة بين الشباب ليس دليلاً على الخلاف بين المسلمين، فهذه الأشباح المجهولة لا تمثل واقع المسلمين، ففيهم المفرط وفيهم الجاهل وفيهم الكائد، ولذا فإن المعتبر من الخلاف ما كان بين أهل العلم والبصيرة. وإذا حدث خلاف بين معروفين بين المسلمين في مواقع معتبرة، فاعلم بأن كلاً يؤخذ من قوله ويرد إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد عصمه الله تعالى فيما يبلغ من هذا الدين. كما أن الخلاف قد يكون مرده قلة العلم بالمسألة، أو بما جاء فيها من نصوص شرعية، أو الاختلاف في حديث هو عند قوم ضعيف، وعند آخرين صحيح ... هذا عند أهل العلم وطلابه، أما غيرهم فالاختلاف ينشأ في العادة لشبهة أو شهوة، فإذا تخلصوا منها كان الرجوع للحق والتوبة؛ والعود حميد. - أيضا إذا لم يكن عندك محصلة علمية بالاختلاف، وما يطرح في ساحات الإنترنت فعليك تجنبه، فليس متابعة ذلك من الدين في شيء، بل قد يعلق في ذهنك بعض شبههم واختلافهم فتشاركهم ضلالهم (والعياذ بالله) . - وفي الختام أوصيك بأمور منها: 1- مصاحبة الأخيار من المستقيمين على طاعته. 2- الجلوس إلى حلق العلم، والتفقه في دين الله على العلماء الراسخين. 3- سماع الدروس والأشرطة النافعة التي تدل على الخير وتنهى عن الشر. 4- السعي لحفظ شيء من القرآن الكريم 5- إقامة العبادات التطوعية مثل: السنن الراتبة، صيام الاثنين والخميس من كل شهر، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، القيام لصلاة الليل، المحافظة على صلاة الوتر، مساعدة المساكين والفقراء.

6- التخلق بالأخلاق الحميدة: من صدق الحديث، والوفاء بالوعد والعهد ... 7- دعاء الله - عز وجل- بيا مصرِّف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك، وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، يقول إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك" رواه مسلم (2654) . 8- عدم تضييع الوقت فيما لا ينفع، فالوقت عمرك فأنى تضيعه؟ 9- عدم القنوط واليأس من رحمة الله تعالى، فإن الله تعالى معل كلمته وناصر دينه بعز عزيز أو بذل ذليل، ففي الحديث عن تميم الداري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر". وكان تميم الداري يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية) رواه أحمد في مسنده (16509) . 10- يفيدك قراءة الكتب التي عالجت هذه القضية، مثل كتاب تصنيف الناس للشيخ بكر أبو زيد، أو مقالة بيني وبين ابن جبرين وهي منشورة في هذا الموقع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلات في الرحلات الجماعية

مشكلات في الرحلات الجماعية المجيب على صالح الجبر مدير مركز الإشراف التربوي بالبدائع التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 13/01/1426هـ السؤال نحن مجموعة من الشباب القائمين على نشاط صيفي إسلامي، وقد بدأنا في النشاط منذ بداية الصيف، ثم ظهر لدينا بعض المشاكل عند بعض الطلاب في هذا النشاط، وخصوصاً بعد رحلة العمرة التي ذهبنا إليها؛ حيث اكتشفنا أن بعض الشباب مشغول بالمعاكسات في الأسواق وإضاعة الأوقات فيما لا فائدة فيه؛ ولأجل ذلك فكَّرنا في إيقاف النشاط، فما رأيكم وما الحلول المناسبة لمثل هذه المشاكل؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:- أولاً: شكر الله جهودكم مع الشباب تربيةً وتعاهداً وغرساً. ثانياً: يظهر لي أن برنامج الرحلة مليء بفجوات الفراغ، ولا يخفى ما يصنعه الفراغ. ثالثاً: الرحلة التي يشارك فيها مجموعة من الشباب -أقل التزاماً- تحتاج إلى برمجة جادة ومدروسة بعناية، حتى لا يحصل مثل هذا. رابعاً: أعتقد أن رحلةً مثل هذه تحتاج إلى تخطيط دقيق، حتى لو تطلب الأمر الاستشارة، ومن ثم تحتاج إلى تنفيذ جاد ومتابعة. خامساً: يستحسن في هذه الرحلة أن توضحوا لأفرادها حرمة البيت الحرام، وأن.... وأن.... حتى تقع هيبة البقعة في نفوسهم. سادساً: التفكير في إيقاف النشاط ليس حلاً وإنما هو هروب لا داعي له، فاصبروا أعانكم الله فما لا يدرك كله لا يترك جله، وأثابكم الله على جهودكم. سابعاً: يفترض - أيضاً - أن ننتقي من يشرف على الرحلة بعناية. ثامناً: ربط أفراد الرحلة بالحرم عن طريق برنامج القرآن الكريم وختمه. تاسعاً: أشعروا أفراد الرحلة بأنكم حملة رسالة في كل مكان وفي هذا البلد، إذا رأيتم من وقع في مخالفات شرعية. وفقكم الله.

أريد أن أهتدي ولكن

أريد أن أهتدي ولكن المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 22/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد التكرم منكم وأريد حلاً، أنا شخص أريد أن أهتدي لله، لكن لا أعرف كيف، كل ما أبدأ أصلي يوسوس لي الشيطان وأترك الصلاة، فمرت علي مدة ما دخلت فيها المسجد حوالي أربع سنين، وأريد حلاً عاجلاً لو تكرمتم. الجواب أخي الفاضل -سلمه الله-: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فأشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، وحرصك على أمر دينك، وأرجو الله أن تجد مني النفع والفائدة. أولاً- أحب أن أهنئك على الاعتراف بالتقصير في حق ربك، وشعورك بالذنب فإن هذا يعد أول خطوة صحيحة لتغيير الذات من حال سيئ إلى حال حسن، لا سيما إذا اتبع ذلك بخطوات عملية جادة للاستقامة والصلاح، ونحمد الله -تعالى- أن حبّب إليك الهداية وتلك نعمة عظيمة تتطلب من صاحبها رعايتها والحفاظ عليها. ثانياً: من الخطأ أن تسيء الظن بنفسك وأنك لن تلتزم حقيقة، على العكس أنت مهيأ كثيراً للالتزام، وفيك خير كثير، وبإمكانك أن تكون من خير الناس إذا صدقت مع الله وأقبلت عليه بفعل ما يحب وترك ما يبغض ويكره. ثالثاً: عليك بكثرة الدعاء والسؤال واللجوء إلى الله أن يصرف قلبك إلى طاعته بصدق، وأن يعلق قلبك به سبحانه، وأن يعينك على الاستقامة الحقة. رابعاً: اعلم أن النجاة في الدنيا والآخرة والتوفيق والسداد متوقف على مدى استقامتك على دين الله تعالى، وقد أمر الله -عز وجل- عباده بالاستقامة في غير ما موطن في كتابه للتأكيد على وجوبها وأهميتها في حياة المسلم، قال تعالى: "فاستقم كما أمرت ومن تاب معك" [هود:112] ، وقال: "فاستقيموا إليه واستغفروه" [فصلت:6] ، وقال في بيان عاقبة الاستقامة: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون" [فصلت:30] ، فذكِّر نفسك بهذا لتتقوى على الاستقامة الجادة، ومن تلك الاستقامة أداء الفرائض والواجبات. خامساً: تذكَّر عاقبة الذنب على صاحبه، فإن له شؤماً قد يكون مدمراً لحياة الإنسان وآخرته، فاحذر الاستهانة به، خاصة التهاون بأمر الله -تعالى- لا سيما الصلاة؛ فإنها عمود الدين ولا حظ للإنسان في دين الإسلام إذا لم يصل. سادساً: ثم ماذا لو كان عاقبة ذنوبك أن الله قلب حبك للهداية إلى كرهك لها، ماذا أنت فاعل؟ قد يصل بك الأمر إلى الخروج من الدين بالكلية، ألا يسوؤك أن ينقلب قلبك إلى ذلك، وتكون من الذين بدلوا نعمة الله عليك كفرا، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟.

سابعاً: أكثر من ذكر أحوال القبر والآخرة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم; كما عند الترمذي (2307) ، وابن ماجه (4258) ، والنسائي (1824) ، وابن حبان (2992) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكثروا ذكر هاذم - بالذال وهو القاطع - اللذات الموت"، وقوله صلى الله عليه وسلم-; كما في صحيح ابن حبان (2993) عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أكثروا ذكر هاذم اللذات فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه". قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات، ومفرق الجماعات، ومؤتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه واستحكمت فيه دواعي الذنب، فإن مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير. ثامناً: حاول الاطلاع الكثير على أحوال المسلمين المضطهدين والمشردين والمعذبين والفقراء والمساكين الذين يتعرضون للحروب والقهر والظلم من أعداء المسلمين، ثم حاول أن تساهم في التخفيف عليهم والسعي في إعانة القريبين منهم لك في بلدك أو حولك، فإن في ذلك علاجاً للقلب وإيقاظاً له. تاسعاً: لا تفتر من سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير؛ فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع. عاشراً: اصحب الصالحين القانتين الطيبين؛ فإنهم عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء، وقد قال تعالى: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" [سورة الكهف: 18/28] الحادي عشر: أكثر من قولك: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مع استشعارك للحاجة إلى الله في دفع هذا الضعف والتهاون بدينك. الثاني عشر: التزم بحلقة تحفيظ للقرآن الكريم، واحفظ ما يتيسر لك من كتاب الله -عز وجل- فإنها مجلس من مجالس الذكر التي تصقل القلب وتحيي الروح، وتجعلك أكثر حباً لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- ولدينه، وفيها سبب لنجاتك فتدارك أمرك وفقك الله. الثالث عشر: من الضروري أن تقرأ في فضل الصلاة وكيفية المحافظة على أدائها في أوقاتها، ولذلك وسائل معينة ومنها: - التذكير دائماً وأبداً بما ورد من النصوص الشرعية المرغبة في الصلاة وبيان فضلها؛ لأن ذلك مما يعطي النفس دفعة قوية لأدائها، والنصوص في ذلك كثيرة جداً، وسأذكر بعضها وأنصح بمراجعة كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري؛ فإنه مفيد جداً في هذا الأمر. نصوص في الترغيب في أداء الصلاة والمحافظة عليها:

- أخرج الشيخان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء! قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: "فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا" البخاري (528) ومسلم (667) . - وأخرج البخاري (527) ، ومسلم (85) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها"، قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين"، قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". - وأخرج مالك (270) ، وأبو داود (1420) ، والنسائي (461) ، وابن حبان في صحيحه (1732) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة". - وأخرج الإمام أحمد (14662) ، والترمذي (4) بسند حسن عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الجنة الصلاة، ومفتاح الصلاة الوضوء". - وأخرج الطبراني في الأوسط (1859) بسند حسن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله". والأحاديث في ذلك كثيرة جداً. نصوص في الترهيب من التفريط في الصلاة: - أخرج مسلم (82) عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة". - وفي الترمذي (2616) عن معاذ رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة"، فجعل الصلاة كعمود الفسطاط الذي لا يقوم الفسطاط إلا به ولا يثبت إلا به، ولو سقط العمود لسقط الفسطاط ولم يثبت بدونه. - وأخرج أحمد (22937) ، والترمذي (2621) ، وابن ماجه (1079) ، والنسائي (463) بسند صحيح عن بريدة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". - وأخرج أحمد (27364) وغيره بسند حسن عن أم أيمن -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تترك الصلاة متعمداً، فإنه من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله". - وقال عمر رضي الله عنه: (لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة) أخرجه مالك (84) . - وقال سعد وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما قالا عن الصلاة: (من تركها فقد كفر) . - وقال عبد الله بن شقيق كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ " أخرجه الترمذي (2622) ، وقال أبو أيوب السختياني ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه، وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف، وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق. والأحاديث في ذلك كثيرة. وإني لأتوجه إلى الله بأن يمنّ علي وعليك بالهداية والرشاد والسداد والثبات على الحق، وان يملأ قلبي وقلبك إيمانا وتقوى، وأن يهدينا سواء السبيل إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

أنى لي الهداية وهذه بيئتي

أنَّى لي الهداية وهذه بيئتي المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 27/11/1425هـ السؤال الأخ الكريم مشرف النافذة: أنا شاب عمري 17 سنة، والمشكلة أني لا أعرف ماذا أفعل، هناك أمور كثيرة في حياتي تداخلت، وضغوط تشابكت، حتى ما عدت أعرف ماذا أفعل، من المحتمل أنها مشاكل (مراهق) ، ولكن هي تزعجني، أريد أن أكون على قدر من الدين، ولكن مشكلتي أن من حولي لا يساعدني، فأنا لا أسمع الأغاني، رغم أني أحب سماعها إلا أنني عندما أذهب مع صديق في السيارة مثلًا أجده يسمع الأغاني، فأنصحه فلا يستجيب، ولا ينفع معه الحوار، حاولت سماع الأناشيد، ولكني أَمَلّ منها، وأعترف أني لست على قدر من الدين، لقد فعلت أشياء سيئة وندمت عليها، وأحاول الإقلاع، ولكن نفسي أحيانًا تشتاق لبعضها. أهوى المحادثات في الكمبيوتر، وأنا إنسان عاطفي جدًّا، وأكتب الشعر وبعض القصص، وأعيش كثيرًا في الخيال، فكرت في الزواج، ولكن من ترضى بشاب في السابعة عشرة؟ وأظن هذا الأمر غير قابل للنقاش مع الآخرين. متفوق في دراستي، وأتمنى لو أكملت دراستي في الخارج عن طريق بعثة، ولكن أعرف أني لن أحقق أحلامي، صدقني لا أدري ماذا أقول، الواقع من حولي فاسد، ولا يوجد أناس طيبون، وقد نصحني من هم أكبر مني سنًّا بألا أجامل، وقالوا: لكي تعيش لا بد أن تخادع وتكذب وتغش، وقالوا أيضًا: إذا لم تتعلم محادثة الفتيات فسوف تهرب زوجتك منك، ولن تحبك! ماذا أفعل؟ هل أطلب المستحيل؟ لا أريد أموالًا، ولا جاهًا، أريد حياة هانئة هادئة سعيدة، فهل تراني طلبت ما لم يطلب؟ وقد أعجبني قول المتنبي: رماني الدهر بالأرزاء حتى. . . . فؤادي في غشاء من نبال وصرت إذا أصابتني سهام. . . . تكسَّرت النِّصالُ على النِّصالِ أرجو نصحك وجزاك الله كل خير. الجواب أخي الكريم: أشكر لك ثقتك وصراحتك، وأسأل الله تعالى أن يرينا وإياك الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه، ولا يجعله ملتبسًا علينا فنضل، كما أسأل الله أن يجعلنا وإياك هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، مفاتيح للخير مغاليق للشر، إنه ولي ذلك والقادر عليه. عزيزي: قرأت رسالتك الطويلة أكثر من مرة، وتعليقي عليها بما يلي: أولًا: ما تعاني منه من الحيرة أمر وارد، وكثيرًا ما تمر بالإنسان مثل هذه الظروف، ولكن يجب علينا- لكي نتخلص منها- أن نضع لنا أهدافًا واضحة، ونحاول تحقيقها بنظام الأوليات، الأهم فالأهم؛ حتى لا تتداخل الأمور وتتشابك. ثانيًا: رائع منك هذا الحس الديني، وهذه الهمة العالية، وستجد- بإذن الله- من يعينك على ما تريد من الالتزام والتدين، فابحث يا صديقي عن مثل هذه الرفقة التي تدلك على الخير وتعينك عليه، واستعذ بالله من شياطين الجن والإنس، ومن نزغات الشيطان وتوهيمه.

ثالثًا: بالنسبة لما وقت فيه من الأخطاء، فليس العيب أن نخطئ، ولكن العيب- كل العيب- أن نستمر في أخطائنا، وأذكرك بحديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: "كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَابُونَ". أخرجه الترمذي (3499) وابن ماجه (4251) . فحاول- يا أخي- أن تبادر عندما تخطئ- بالتوبة والاستغفار؛ "وَأَتْبِعِ السَّيِّئةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا". أخرجه أحمد (21354) والترمذي (1987) . واحذر أن يوهمك الشيطان بأنك قد أخطأت وأخطأت حتى لا يرجى منك خير قط، قال تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) [هود: 114] . رابعًا: أما عن حورات (الشات) فأخشى أن الحوار يجر الحوار، والكلمة تجر الكلمة، ثم تنزلق في مهاوي الردى، فاحذر- يا عزيزي- وحاول أن تتجنب هذا الأمر، فأنت " كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ ". ثم أين إرادتك وعزيمتك، في القدرة على التخلص من هذا الأمر، صدقني أن ما يدور في هذه الحوارات في جملته ضياع وقت وحياء ودين، أما إذا لم تستطع تجنبها فعلى الأقل ضع لك هدفًا ساميًا يتلخص في الاطلاع على بعض (المطويات) و (الكتيبات) الهادفة، أو التي تحتوي على بعض الأوراد والأذكار، والأدعية، وحاول نشرها من خلال الشات، وفي الحديث: "لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ". أخرجه البخاري (2942) ومسلم (2406) . خامسًا: (الرومانسية) ليست عيبًا، بل ربما كانت ميزة أحيانًا، ولكن العيب هو أن نستبيحها ونسيء التعبير عنها، وأقترح عليك أن تحاول كتابة بعض القصص الهادفة، والخواطر، والمذكرات، خاصة وأن أسلوبك في السرد جميل ومعبر، وخيالك خصب. سادسًا: الزواج- يا عزيزي- مطلب شريف، فإذا كنت قادرًا عليه من الناحية المادية والاجتماعية، فلا تتردد، وثق أن الله سيرزقك الزوجة الصالحة، أما إن كنت غير قادر فانتظر، واصبر، وما صبرك إلا بالله. سابعًا: أهنئك على تفوقك، وأتمنى لك الاستمرار فيه، خاصة في السنة القادمة، وهي سنة التخرج والشهادة- كما تقول- وأما بالنسبة للدراسة الجامعية ورغبتك الدراسة في أمريكا، فأقول- يا أخي: لا تعبر الجسر قبل وصوله، انتظر، ولكل حادث حديث، أما رأيي الشخصي كأخ فإني أقترح عليك الدراسة هنا، في إحدى الكليات العلمية، وستجد فيها- بإذن الله- ما يغنيك، وثق ثقة كبيرة بأن المقدر لك سيأتيك، وما عليك إلا فعل الأسباب. ثامنًا: الواقع- يا عزيزي- فيه بعض الفساد وفيه بعض الصلاح، ونحن على كل حال جزء منه نؤثر فيه، وقد نتأثر به. تاسعًا: ليس صحيحًا أن الطيبين هم الأغبياء، فهناك رجال كثر طيبون جدًّا وليسوا أغبياء، صدقني- وأظنك منهم، إن شاء الله- وأما المجاملة فمطلوبة أحيانًا بحدود، ولا تعني الخداع والغش والكذب أبدًا، بل هي نوع من العرف الاجتماعي المحبب غالبًا. عاشرًا: بالنسبة لمن ربط لديك بين نجاحك في الزواج المستقبلي وقدرتك على محادثة الفتيات حاليًّا، فقد كذبك وخدعك، وأوهمك في أمور لا توجد إلا في مخيلته المريضة، وهذا كله كلام باطل، ولا أساس له، فالمستقبل في علم الغيب، والتوفيق من الله.

وأخيرًا: البكاء- يا عزيزي- نوع من التنفيس الانفعالي، وهو رحمة من الله، ننفس به عن نفوسنا ونريحها من ضغوط الحياة، فإذا شعرت برغبة في البكاء أحيانًا فلا تحجبها، وأطلق لها العنان، واستعن بالله وتوكَّل عليه، والتجئ إليه بصدق، وستجد- إن شاء الله- ما تريد، وتحقق ما تصبو إليه، وتذكّر دائمًا من هم أسوأ منك حالًا، ممن أصابهم الزمن- حقيقة- بالأرزاء والنبال، وتكسرت في قلوبهم النِّصالُ على النصالِ، واحمد الله على كل حال. وأما أمنيتك الأخيرة، فهي مصداق لحديث المصطفى صلوات الله عليه وسلامه: "حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ". أخرجه البخاري (6487) ومسلم (2823) . وستجد- بإذن الله- في الحلال ما يغنيك عن الحرام. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

والدي يرفض لبسي للنقاب

والدي يرفض لبسي للنقاب المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية التاريخ 9/11/1424هـ السؤال أريد لبس النقاب، ووالدي يرفض، ويقول لي: أنا غير راض عنك، هل عدم رضاه أولى بالاتباع أم النقاب؟ مع العلم أنه لا يستجيب لكلامي نهائياً، هل لو لبسته وكان غير راض عني، ولا يحدثني، وحصل أي شيء، هل أنا أمام الله عاقة لوالدي؟ أرجو الإجابة مع الأدلة. -وجزاكم الله خيراً-. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن. الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للإيمان، وعلَّمنا الحكمة والقرآن، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، إن ربي لما يشاء قدير، والصلاة والسلام على معلِّم الناس الخير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. إلى الأخت أمة الله: حفظها الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سرني جداً حرصك على لبس الحجاب الشرعي (النقاب) زادك الله عفة وحشمة، وثبتك الله على دينه، ولكن ساءني جداً موقف والدك منك، والذي كان الأجدر به أن يدفعك إلى ذلك، ويشجعك عليه، بدلاً من أن يقف أمامك حجر عثرة- نسأل الله الهداية-. المهم اعلمي يا أمة الله أن عدم موافقة والدك على لبسك للحجاب لا يؤثر عليك، وأنت لست عاقة له، فالحجاب أمر الله وشرعه، وطاعة الله مقدمة على أي شيء، لكن عليك أن ترفقي بوالدك، واستمري في بره، وتحملي ما يصيبك من أذى في سبيل ذلك، وعليك بالتزود بالعلم الشرعي، واعلمي أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ كما ثبت ذلك عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، فأطيعي والدك في غير معصية الله، وإلا فلا طاعة له، ولا لغيره في معصية الله، هذا والله أعلم، ونسأل الله لنا ولك الثبات حتى الممات. ونرفق لك مع هذه الإجابة ملف خاص عن الحجاب، وكل ما يدور حوله من شبهات، وتساؤلات مدعمة بالأدلة؛ فلعل في ذلك نفعاً لك - بإذن الله تعالى- واعرضي ذلك أيضاً على والدك؛ لعل الله أن يهدي قلبه للحق، وأكثري من الدعاء بالثبات والهداية، وادعي لوالدك كذلك، هذا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. http://www.islamtoday.net/hejab_f/index.htm

ـــــ خامسا: قضايا إيمانية ـــــ

خامساً: قضايا إيمانية

الأخوة في الله وضوابطها

شفاؤها.. في افتراقنا..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الأخوة في الله وضوابطها التاريخ 9/6/1422هـ السؤال ألخص مشكلتي.. في أنني قبل فترة أسقطت حملي بعد إسقاط سابق وتأزمت نفسياً لذلك.. حيث أنني لم أنجب بعد!! ومررت بظروف صعبة جداً.. وفي تلك الفترة لم يكن لدي أي صديقة تواسيني أو تقف معي..!! ثم تعرفت بأحد الصديقات ونشأت بيني وبينها علاقة حميمة وحب في الله.. فوقفت معي وساعدتني في أزمتي.. وانتشلتني بعد الله من كثير من همومي وأحزاني وباتت لي عوناً في ديني ودنياي.. نتنا صح ونقرأ في بعض الكتب الدينية. إلى هنا والأمور عادية. ولكن.. فجأة تعبت صديقة سابقة لها.. علاقتها معها متينة.. وذكرت لها أن السبب هو أنا..!!! لأني استوليت عليها منها.. وأنها تريدنا أن نقطع علاقتنا معاً..!! والله يشهد أني لم أفكر يوماًً بالإساءة إلى أي أحد.. فحاولنا أن ننقطع لبعض الوقت مراعاة لصحتها.. ولكننا عجزنا.. فعدنا إلى سابق عهدنا.. وعادت هي - كما تقول - إلى المرض..!!! والغريب أنها تسمح لصديقتي بأن تحادث من تشاء إلا أنا.. ومتى ما علمت أنها كلمتني تغتم!!! ماذا نفعل.. إنها لم تعرف بعد معنى الأخوة في الله.. وأنا لا أريد أن أسبب ألماً لأي أحد.. ولكنني بشر ولا أستطيع أن اقطع علاقتي مع صديقتي.. فماذا أفعل.. إني حائرة جداً.. أفيدوني وجزاكم الله كل خير. الجواب اشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد..وإن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ولا يجعله ملتبساً علينا فنظل. إنه ولي ذلك والقادر عليه بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: بالنسبة لإسقاطك فالحمد لله على كل حال.. وصدقيني لا نعلم جميعاً أين الخير.. والخيرة فيما اختاره الله.. فهو ـ تعالى ـ العالم القادر الرحيم.. وقد قرأت تقريراً مطولاً ذات يوم حول (الإسقاط) وفيه حقائق علمية كثيرة وعجيبة مفادها.. أن كثيراً من حالات الإسقاط يكون الجنين فيها مشوهاً أو يعتريه نقص ما.. فيكون إسقاطه رحمة لوالديه لأنه لو اكتمل وولد على ما كان عليه.. لربما كانت معاناتهما اكبر بكثير من معاناتهما بسقوطه قبل أن يكتمل.. فتبارك الله أحسن الخالقين.. فاتكلي عليه والجأئي إليه.. وأحسني الظن به.. وأكثري من الدعاء والاستغفار قال تعالى:] فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين [. ثانياً: زاد الله ما بينك وبين أختك في الله من محبة ورحمة وتعاطف.. فأحسنا النية ولا تسمحا لأي كان بأن يؤثر على هذه العلاقة.. وليكن بينكن الوضوح الدائم والشفافية والتضحية.. حتى لا يجد الشيطان أعاذنا الله جميعاً منه مدخلاً لا فساد هذه الاخوة.

ثالثاً: بالنسبة لما تطالب به هذه الصديقة الأخرى من قطع العلاقة بينكما.. فليس من حقها ذلك تحت أي مبرر.. ويجب ألا تستجيبا لها.. ولكن حاولا أن تؤثرا عليها باللين والعطف حفظاً لصداقتها الماضية ... وتستقطباها لتكمل معكما المشوار معززة مكرمة لها مالكن وعليها ما عليكن.. ولا بأس من أن تختاري لها هدية رمزية كعربون تواصل معها مع رسالة رقيقة تعبرين لها فيها عن مشاعرك الإيجابية تجاها.. وسعادتك بمعرفتها.. وذلك بالاتفاق مع صديقتك الأولى.. فإن قبلت تلك الصداقة فالحمد لله وإن رفضت وأصرت على موقفها.. فلا يستمع إليها.. ولن يصيبها إلا ما كتب الله لها.. واكثرن من الدعاء لها بالهداية.. وعمقن من اخوتكن في الله وجميل لو وضعتن لكن هدف ورسالة تسعيان إلى تحقيقه في التأثير على بعض الزميلات..وإهداء بعض المطويات والأشرطة إليهن فلعل الله يجعل على يديكن الخير.. فتفزن بسعادة الدارين. ولا تستعجلن النتائج.. وفقكن الله وسدد على طريق الخير خطاكن.

الحب في الله علاماته وفضله وشروطه

الحب في الله علاماته وفضله وشروطه المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الأخوة في الله وضوابطها التاريخ 21/12/1425هـ السؤال ما معني الحب في الله، وكيف يكون وعندما أقول لأحد: إني أحبك في الله فماذا يكون أساس تعاملي معه، وكيف يكون التعامل؟ ما علامات حب الله لي؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير، سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد فإن الحب هو من أسمى وأرقى العواطف الإنسانية، فإذا توجهت هذه العاطفة النبيلة لله تعالى، وكانت هي محور العلاقات بين المسلمين، ذللت كثيراً من الصعاب، وأثمرت كثيراً من الثمار الطيبة في حياة الأمة، ولقد جاءت أدلة عديدة تؤكد هذا المعنى الكريم، وتبين المكانة الرفيعة لمن أنعم الله به عليه، منها: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء, يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم في الله" قالوا: يا رسول الله, تخبرنا من هم؟ قال: "هم قوم تحابوا بروح الله, على غير أرحام بينهم, ولا أموال يتعاطونها, فوالله إن وجوههم لنور, وإنهم على نور, لا يخافون إذا خاف الناس, ولا يحزنون إذا حزن الناس. وقرأ هذه الآية: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" رواه أبو داود (3527) . وقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي". رواه مسلم (2566) . وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله ذكر منهم: "ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه, وتفرقا عليه" أخرجه البخاري (660) ، ومسلم (1031) . والأخوة في الله لا تنقطع بنهاية هذه الدنيا، بل هي مستمرة في الآخرة, يقول تعالى: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" [الزخرف:67] . إن التحابب في الله والأخوة في دينه من أفضل القربات, ولها شروط بها يلتحق المتصاحبون بالمتحابين في الله, وفيها حقوق بمراعاتها تصفو الأخوة عن شوائب الكدر ونزغات الشيطان, فبالقيام بحقوقها يُتقرَّب إلى الله زلفى, وبالمحافظة عليها تنال الدرجات العلا. ومن هذه الحقوق: أولاً: الحب والمناصرة والتأييد والمؤازرة ومحبة الخير لهم, كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" متفق عليه: البخاري (13) ، ومسلم (45) . ثانياً: التواصي بالحق والصبر وأداء النصيحة, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وتبيين الطريق له، وإعانته على الخير ودفعه إليه, يقول تعالى: "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" [العصر:1-3] , ويقول تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" [التوبة:71] .

ثالثاً: القيام بالأمور التي تدعو إلى التوادد وزيادة الصلة, وأداء الحقوق, قال عليه الصلاة والسلام: " حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ " رواه مسلم (2162) . رابعاً: من حقوق المسلم على المسلم: لين الجانب, وصفاء السريرة, وطلاقة الوجه, والتبسط في الحديث, قال عليه الصلاة والسلام: "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق" رواه مسلم (2626) . واحرص على نبذ الفرقة والاختلاف. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولو كان كل ما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا, لم يبق بين المسلمين عصمةٌ ولا أخوة) . خامساً: من حقوق المسلم على المسلم: دلالته على الخير, وإعانته على الطاعة, وتحذيره من المعاصي والمنكرات, وردعه عن الظلم والعدوان, قال صلى الله عليه وسلم: " لْيَنْصُرْ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ" رواه مسلم (2584) . سادساً: وتكتمل المحبة بين المؤمنين في صورة عجيبة ومحبة صادقة عندما يكونان متباعدين, وكل منهما يدعو للآخر بظهر الغيب في الحياة وبعد الممات, قال صلى الله عليه وسلم: "دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة, عند رأسه ملك موكل, كلما دعا لأخيه بخير قال الملك المُوكل به: آمين ولك بمثل" رواه مسلم (2733) . سابعاً: تلمس المعاذير لأخيك المسلم, والذب عن عرضه في المجالس, وعدم غيبته أو الاستهزاء به, وحفظ سره, والنصيحة له إذا استنصح لك, وعدم ترويعه وإيذائه بأي نوع من أنواع الأذى, قال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً" رواه أحمد (23064) ، وأبو داود (5004) . أما عن كيفية تعاملك مع من تحب في الله تعالى فهو كالتالي: (أ) من واجبات الأخوة الإسلامية إعانة الأخ المسلم ومساعدته وقضاء حاجاته, وتفريج كربته, وإدخال السرور على نفسه, قال عليه الصلاة والسلام: "أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس, وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم, أو تكشف عنه كربة, أو تقضي عنه ديناً, أو تطرد عنه جوعاً, ولأن أمشي مع أخي في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني مسجد المدينة - شهراً" رواه الطبراني في المعجم الكبير (13646) . (ب) احرص على تفقد الأحباب والإخوان والسؤال عنهم وزيارتهم, عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكاً, فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية, قال: هل لك عليه من نعمة تربُّها؟ قال: لا, غير أني أحببته في الله عز وجل, قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه" رواه مسلم (2567) .

وقال عليه الصلاة والسلام: "من عاد مريضاً, أو زار أخاً له في الله, ناداه منادٍ أن طبت وطاب ممشاك وتبوَّأت من الجنة منزلاً" رواه الترمذي (2008) ، وابن ماجه (1443) . عاشراً: تقديم الهدية والحرص على أن تكون مفيدة ونافعة, مثل إهداء الكتاب الإسلامي, أو الشريط النافع, أو مسواك أو غيره, وقد "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها" رواه البخاري (2585) . أما عن علامات محبة الله للعبد فهي كثيرة لخصها الشيخ محمد بن صالح المنجد كما يلي: 1- اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى في كتابه الكريم "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" [آل عمران:31] . 2- الذلة للمؤمنين، والعزة على الكافرين، والجهاد في سبيل الله، وعدم الخوف إلا منه سبحانه. وقد ذكر الله تعالى هذه الصفات في آية واحدة، قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم " [المائدة:54] . 3- القيام بالنوافل: قال الله عز وجل - في الحديث القدسي -: " وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه " أخرجه البخاري (6502) ، ومن النوافل: نوافل الصلاة والصدقات والعمرة والحج والصيام. 4- الحبّ، والتزاور، والتباذل، والتناصح في الله. وقد جاءت هذه الصفات في حديث واحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: " حقَّت محبتي للمتحابين فيَّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيَّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيَّ ". رواه أحمد (19438،22080) و " التناصح " عند ابن حبان (577) وصحح الحديثين الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " (3019 و 3020 و 3021) . 5- الابتلاء، فالمصائب والبلاء امتحانٌ للعبد، وهي علامة على حب الله له؛ إذ هي كالدواء، فإنَّه وإن كان مُرّاً إلا أنَّك تقدمه على مرارته لمن تحب - ولله المثل الأعلى - ففي الحديث الصحيح: " إنَّ عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإنَّ الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط " رواه الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) ، وصححه الشيخ الألباني. وبيَّن أهل العلم أن الذي يُمسَك عنه هو المنافق، فإن الله يُمسِك عنه في الدنيا ليوافيه بكامل ذنبه يوم القيامة.

تريد الإصلاح بين زميلتيها

تريد الإصلاح بين زميلتيها المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الأخوة في الله وضوابطها التاريخ 13/11/1425هـ السؤال السلام عليكم. لدينا في الفصل زميلتان متخاصمتان منذ فترة طويلة، فدخل رمضان ولم تتصالحا، أريد أن أصلح بينهما، ولكن علاقتي سطحية جدًّا معهما، فالرجاء كتابة نص الرسالة؛ لأني أريد إرسالها لهما، ولا أستطيع مواجهتهما بالنصيحة وجهًا لوجه، لأنهما ستظنان أنني فضولية. وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب ابنتي العزيزة: أشكر لك حرصك على إصلاح ذات البين، فإن هذا يدل على صلاحك واستقامتك وأرى أن ترسلي لهما هذه الرسالة وهذا نصها: أختي الفاضلة: وفقها الله لما يحبه ويرضاه، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: إنني وإن كنت مقصرة في نوعية الصحبة بيننا، إلا أنني أشعر بأهمية التواصل بكل وسيلة متى وجدت إلى ذلك سبيلًا؛ حتى يكون لتعارفنا معنى.

عزيزتي: إنني ومن خلال صلتي بك وبالأخت، وإن كانت صلة عادية قد علمت بما كدر خاطري وأحزنني أن يكون بينكما هجران وقطيعة، بل الأدهى والأكثر ألمًا استمرار هذه القطيعة رغم دخول الشهر الكريم الذي تطيب فيه نفوس المؤمنين، وتزداد صلتهم فيه بربهم، وتزداد شوقًا إلى فضله وإحسانه، وذلك بالحرص على فعل كل ما من شأنه أن يزيدهم قربًا منه وهروبًا من وساوس الشيطان- أعاذنا الله منه. قد تقولين: وما شأنك أنت فيما حصل بيني وبينها، لاسيما وأن علاقتي بكما ليست ذات جذور عميقة، فأقول معك حق في هذا التساؤل إذا كنت ترين أن صلتي على ما هي عليه من الضعف معكما مجرد صلة إنسانية دنيوية، مجردة من كل هدف أخروي، أما أنا فإنني أشعر مهما كان نوع الصلة بأنني مسؤولة أمام الله إذا لم أبذل جهدًا للإصلاح بينكما رغبة في ثواب الله، وأداءً لواجب النصيحة، وقيامًا بحق الصحبة بيننا؛ لأن انقطاع الصلة بينكما ليس مجرد ترك كل منكما صاحبتها، بل هو معصية لله، ومنع منكما من وصول الخير إليكما؛ لأنكما مسلمتان ويلزمكما التقيد بأوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم- في كل شأن من شؤون حياتكما، بصفة عامة، وفي شأن هذه المشكلة بصفة خاصة، ألا تعلمين- أيتها الأخت- أن الهجران بين المسلمين محرم ما لم يكن لأجل الله إنما لأمور دنيوية وعادية، ألا تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم ذلك بقوله: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنَّ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ. . . " الحديث. أخرجه البخاري (6065) ومسلم (2559) . وبيّن عليه الصلاة والسلام أن خيرَ المسلمَين المتهاجِرَين هو الذي يسبق إلى قطع الهجران، فيلقى السلام على صاحبه- انظر صحيح البخاري (6077) وصحيح مسلم (2560) - ويستأنف معه الصلة الطيبة، وألا تعلمين أن العمل الصالح لا يرفع لمن هجر أخاه حتى يصطلح معه، وأن هذا الشهر- الذي عم الدنيا بروحانيته- فرصة أن تسارع كل واحدة منكما إلى إغضاب الشيطان وإرضاء الرحمن، فتُسلِّم على أختها وتمسك بيدها لتودع هذه المشكلة؛ استجابة لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وإنني لآمل منكما أن تتقيا الله وتتغلبا على هوى النفس، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب: 36] . أعتذر لجرأتي، ولكن الحق أنطقني فتقبلي مني. أختك المحبة لك في الله فلانة

أريد الأخوة في الله!

أريد الأخوة في الله! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الأخوة في الله وضوابطها التاريخ 11/10/1422 السؤال أرغب في أخوة حقيقية في الله مجردة لوجهه تعالى مع أخت تنبهني إذا غفلت وتجدد همتي إذا فترت، وتسابقني المسير في الطريق المستقيم، ولقد عثرت على أخت مستقيمة - أحسبها كذلك - لها همة عالية، وهي تعرفني جيداً ودائماً كأنها تريد أن أؤاخيها لكني أخشى أن أفاتحها وأقدم على هذه الخطوة فأندم أم ترى أن الوحدة أنفع للمؤمن؟ الجواب أختي الكريمة، أشكر لك ثقتك، واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضلّ إنه ولي ذلك والقادر عليه. أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: أهنئك أختي الكريمة على هذا الهم وهذه الهمة التي تسمو بك إلى العلياء وإلى الرفعة في الدارين إن شاء الله فالهموم - أختي الكريمة - بقدر الهمم.. ويكفيك فخراً أن جعلت مطلبك في الدنيا هذا الأمر.. زادك الله ثباتاً وتوفيقاً ويقيناً. ثانياً: الحمد لله الذي وفقك فوجدت من تريدين، فبادري في مفاتحتها ولا تترددي إطلاقاً، ولن تندمي بإذن الله، فمطلبك جليل وهدفك سامٍ. فلماذا التردد..؟! أظنه من الشيطان قاتله الله. فاستعيذي بالله منه قائمة وقاعدة، وبادري بمفاتحة أختك، وابدئي معها تلك الرحلة مستمدة من الله العون والتوفيق والسداد. ثالثاً: (المرء على دين خليله ... ) لا تنسي ذلك.. ولا بأس من البحث عن أخريات لهن نفس المواصفات لتكوين رفقة صالحة تتعاون على البر والإحسان. وجميل لو وضعتن لكُنّ جدولاً مناسباً للبحث أو للتدارس في أحد المواضيع ونقاشها مع بعضكما حتى ولو عن طريق الهاتف على أن يكون هذا البرنامج متوافقاً مع ظروفكن وارتباطاتكن الأسرية والاجتماعية. رابعاً: تذكري - أختي الفاضلة - أن الدين يسر، وأن فضل الله واسع ورحمته أوسع. (فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) . خامساً: احذرن مكائد الشياطين من الجن والإنس؛ فقد يوجد من يسعى للإيقاع بِكُُنَّ بشكل أو بآخر.. فلا تسمحن له بذلك ولتعذر كل واحدة أختها، وتبحث لها عن الأعذار وتدعُ لها في ظهر الغيب. سادساً: وأخيراً.. الله.. الله بصدق الالتجاء إلى الله بأن يوفقكما ويحفظكما من كل سوء، ويهديكما ويهدي بكما، ويجعلنا وإياكن مفاتيح للخير مغاليق للشر.. ويثبتنا جميعاً على الحق حتى نلقاه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وسائل الثبات

كيف لي بالكور بعد الحور المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/وسائل الثبات التاريخ 29/05/1427هـ السؤال كنت متحجبة ملتزمة، ولكني انحرفت، وعصيت الله كثيراً، وتبت الآن وندمت على ما اقترفته. فماذا أفعل ليقبل الله توبتي وأبتعد عن المعاصي وأكرهها؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فنشكر لك اختنا الفاضلة مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: فأولاً أنا أبارك لك إحساسك بالخطأ والندم على ما فعلت من ترك الحجاب، وفعل أمور لا ترضي الرب سبحانه، فاجعليها توبة صادقة، ورجوعًا إلى الله وهنيئًا لك فرح الله بك وبعودتك إليه ونرجو الله أن يقبلنا جميعا عنده، ويغفر لنا ويعفو عنا، ويثبتنا جميعًا على الإيمان والطاعة حتى نلقاه وهو راضٍ عنا. ونحمد الله أن شرح صدرك للطاعة التي كنت عليها وبغّض إليك المعصية وهذا أول الطريق الذي يسلكه العبد الجاد في التوبة والبعد عن المعصية. إن وجود الرغبة الملحة بترك المعصية وبغضها هو الوقود -بعد عون الله- للانتصار على النفس الأمارة بالسوء فأبشري بخير، واعلمي أنك بحاجة إلى أن تنتبهي لبعض الأمور التي سوف أقترحها عليك للفوز بالنفس المطمئنة، وانشراح الصدر بالطاعة، وكراهية المعصية ومن ذلك: - أكثري من تذكر بشاعة ما كنت عليه من المعصية ليزداد بغضك لها ونفورك منها، لا سيما إذا تذكرت ماذا سيقع لك لو جاءك الموت وأنت على هذه الحال. - تذكري أن الإخلاص لله عز وجل في التوبة النصوح والعمل الصالح واجب، وأن العبد إذا لجأ إلى ربه بإخلاص وصدق وفّقه الله وأعانه، وصرف عنه السوء والفحشاء. قال سبحانه عن يوسف عليه السلام: "كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ" [سورة يوسف 12/24] فأخبر سبحانه أنه صرف عن يوسف السوء من العشق، والفحشاء من الفعل بإخلاصه، فإن القلب إذا أُخلص وأَخلص عمله لله لم يتمكن الشيطان منه. فإنه إنما يتمكن من القلب الفارغ. - لا بد من توطين النفس على الصبر فالصبر؛ خصلة حميده، وسجية مطلوبة، وعواقبه جميلة، وآثاره حميدة وهو علاج ناجع، ودواء نافع، ومن يتعرض لفتن الشهوات خاصة أحوج الناس إليه، فلابد من التسلح به، وأن تتكلفه، وتوطن النفس عليه، وتتجرع مرارته في بداية الأمر، لتذوق حلاوته في النهاية، ومن ثم يصبح لك سجية وعادة، وفي صحيح البخاري (1469) ، وصحيح مسلم (1053) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أُعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر".

- املئي قلبك بمحبة الله -عز وجل- من خلال تذكر نعمه عليك، وستره لك على ما فعلت، ومع ذلك يقبلك إذا عدت إليه، ويحبك ويقربك، ولا يخفى عليك أن في القلب فقرًا ذاتيًا وجوعًا وشعثًا وتفرقًا لا يلمه ولا يسده إلا محبة الله والتوجه إليه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه، والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن، ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه. وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة) . فإذا خلا القلب من محبة الله تناوشته الأخطار، وتسلطت عليه سائر المحبوبات فشتتته، وفرقته، وذهبت به كل مذهب. - حافظي على الصلاة في أوقاتها فإن الله يقول: "وَأَقِمِ الصَّلَو?ةَ" إِنَّ الصَّلَو?ةَ تَنْهَى? عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ" [سورة العنكبوت 29/45] فكم من صلاة أثمرت تزكية للنفس، وصلاحًا للقلب. - لابد من البعد عن مواطن التشكيك في الدين، أو بالحق أو المثيرات التي تحرك الشهوة، وتدعو إلى فعلها ليسلم للعبد دينه. - أكثري من الدعاء والابتهال إلى الله بأن يحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك، ويكره إليك الكفر والفسوق والعصيان فإنه على كل شيء قدير. - احرصي على الصحبة الصالحة فإنها مفتاح كل خير، وتجنبي صحبة الأشرار فإنها مفتاح لكل شر وبلاء. - تذكري العواقب السيئة لفعل المعصية وأن الله أعطاك الآن فرصة للتوبة والرجوع، ولم يأخذك وأنت على معصيته فاشكريه بالثبات على طاعته. - احرصي على سماع المواعظ والبرامج الدينية والأشرطة المفيدة؛ فإن فيها نفعًا عظيمًا وتجديدًا للإيمان، وبعثًا للتقوى، وتذكيرًا بالطاعة، وتحذيرًا من المعصية. هذا وأسأل الله لي ولك الهداية والرشاد والعفو والعافية والتوفيق والسداد إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

لقد ذهبت تلك الايام..!!! فكيف اعيدها..؟!!

لقد ذهبت تلك الايام..!!! فكيف اعيدها..؟!! المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/وسائل الثبات التاريخ 21-2-1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله..والصلاة والسلام على رسول الله: أنا عمري الأن27سنه منذ أن أدركت نفسي وأنا احب الخير وأهله التحقت بالتحفيظ كثيرا والتزمت إن صح التعبير كثيرا تعلمت خلالها الكثير عن ديني ... راودتني أفكار ومبادئ وخواطر عن جمال وروعة ما كنت أجده من انشراح الصدر وحب ذكر الله على لساني واستشعار جوارحي لجمال الحياة بالله ولله ... شعرت بارتقاء إيماني ولحظات جميلةمن حياتي.. أنا الآن اكتب إليك واستشعرأتذكر تلك الأيام وتدمع عيني على افتقادتلك الفتوحات الربانية.... وها أنا اليوم الثوب قصير واللحية ما أجملها كثيفة وعلي وقارمزيف يخفى حوله الكثير من الأسى والحزن على ما فرطت في جنب الله أخاف أن يدر كنىالموت وهذا حالي..!!! أمام الناس مشهود لي بالصلاح وبيني وبين نفسي اشهد عليها بالضياع والضعف والانحطاط.... -اعرف الطريق ولااعرف العزيمة..!! نفس ضعيفة هزيله حقيرة..أتصدق..؟؟! تفتر وتنتهي عزيمتي وإرادتي عندما استيقظ من النوم دائما توبة الليل يمحوها النهار وعزيمة النهار تنتهي عند أول الليل ... حقيقة السرد يطول ويطول واستشارتي: 1- أريد بناء البنية التحتية لإيماني 2- ارغب بدء حياة جديده بصدق مع الله بداية بنفسي وزوجتي ومسجدي وأهل حيي وأرجو منكم الأخذ بيدي وذلك بخطوات عمليه أو برنامج أسبوعي أو شهري لي ولأسرتي وساكون صادقا معكم لأي سؤال يطرح على أرجو أن نبدا من الصفر واحتساب الأجر من الله فقد انقدبكم أحبتي من النار وأنا جاهز وبمعنويات مرتفعه انتظر الرد عاجلا أرجو من الله أني كتبت رسالتي في المكان المناسب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين,,,,,,,,, الجواب أخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: مرحباً بك! والموقع يعتز بهذه الثقة الكبيرة التي منحتها له، ويسعد برسائلك، ولا تنزعج من التأخير؛ لأن كم الرسائل كبير ويتطلب وقتاً كافياً للرد. ولعل الشعور الذي لديك هو شعور الكثيرين ممن منّ الله عليهم بالهداية والصلاح وسلكوا الطريق المستقيم، ولكن يوجد لديهم طموح إلى الترقي والتفوق والازدياد. وهذا بحمد الله دليل على علو الهمة وصحة الإيمان، فإن القلب الحي هو الذي يعرف الخير من الشر ويحب الخير ويكره الشر، ولوكان فيه بعض الضعف فإن التدارك ممكن ما دام العبد في زمن الإمهال. 1- عليك أولاً باللجوء الدائم إلى الله وطلب الهداية بصدق والاستعانة به على ما تلقاه من العقبات والمصاعب، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأكثر من قول: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) . 2- ابحث عن الصحبة الطيبة، والرفقة الصالحة الذين يشدون من عزيمتك ويثبتونك وينصحونك، وتجد من بينهم من تبثه شكواك وتستنصحه وتستشيره فيما يعرض لك من الإشكالات.

3- درب نفسك على الالتزام الاعتيادي بالأشياء الشرعية الراتبة كصلاة الجماعة وقراءة الورد اليومي، والسنن الرواتب، وصوم ولو ثلاثة أيام من كل شهر، والصدقة ولو بالقليل. 4- حاول التخفيف من هذا الشعور الضاغط لديك، والذي ربما يسبب لك نوعاً من الانزعاج والقلق، يكفي أن يكون لديك رغبة في الخير وحرص عليه، واسع في هداية من حولك ولو بصورة تدريجية، هذا كتاب، وهذا شريط وهذه مذكرة، وهذه قصيدة، ويحسن أن تكون كالفلاح الذي يزرع الشجر، ازرع الخير في كل مكان، ليكن في البيت مكتبة، وفي الحي مشاركة، وفي العمل جلسة، وبين الأقارب صلة، ومع الزوجة برنامج ولو صغير، وللصغار، إن كان ثمت صغار حلقة تعليمية وقصص ومسابقات. 5- اجعل للقرآن من يومك نصيباً لا ينقص وإن زدت فهو خير لك، ولو أن تقرأ قبل كل صلاة وجهاً من القرآن لا يستغرق أكثر من خمس دقائق، لكن مع المداومة يصبح كثيراً. وفقك الله ورعاك وأيدك. مرحباً بك وما ترى إلا كل خير إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

وسائل الثبات على دين الله

وسائل الثبات على دين الله المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/وسائل الثبات التاريخ 8/9/1423هـ السؤال ما هي الوسائل المعينة على الثبات على الدين حيث إنني أجدني وقد تسلل إلى داخلي شيء من عدم الثقة في الدين وخصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر والبدء في الإحساس باليأس من نصر الله. وجزاكم الله خيراً الجواب الأخ الكريم.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم " هناك غيرك قد وقعوا في هذا اليم. وهو الحيرة والقلق واليأس والسبب يعود والله أعلم إلى قلة البضاعة أقصد بضاعة معرفة الله فقد تكون من القوم الذين ورثوا الإسلام وراثة [إِناَّ وَجَدْناَ آباَءَناَ ... ] الآية، ويتضح عدم فهمك للإسلام وهذا ناتج عن قصور في التفكير. أو ليس عندك استعداد للتفكير فيه. ويحمد لك محاولاتك. ولكن نفسك ضعيفة. الذي أريد أن أقول لك أن هذا الدين منصور بقوة الله وعزته. ولكن لا بد من فعل الأسباب التي تجلب النصر لأفراد الأمة الإسلامية ولا يمكن أن تنتصر الأمة إلا إذا عاد المسلمون إلى دينهم بتلقائية ومارسوه بعفوية دون تردد أو خجل أو تنقص أو اعتراض كما أمرنا بذلك ربنا في محكم التنزيل وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وصدقني أن أحداث أمريكا تصب في خانة الايجابية ولصالح الإسلام. أرأيت كيف أزاحت أمريكا اللثام ومزقت القناع وعرفت على حقيقتها النصرانية وبان حقدها على الإسلام والمسلمين؟ ورأيت كيف بدأ الغرب يدرسون الإسلام؟ ورأيت كيف بدأ بعض الناس يعودون إلى دينهم يدرسونه ويتعلقون به. وبدأ بعض طوائف من الغرب يهتمون بالإسلام. هذه عوامل دافعة للأحسن وليس للأسوأ.. أما وسائل الثبات فهي كثيرة. وكذلك لا بد من العودة إلى الذات. وتصحيح المسار. فأحياناً يريد المرء شيئاً ولا يستطيع ممارسته فيتهم من يكون سبباً في منعة بأنه غير قادر على مواكبة تطلبات النفس. فحدد أنت يا أخي طريقك. وأول الرسائل المساعدة ما يلي: 1- اللجوء إلى الله والتضرع إليه حال السجود. بأن يثبتك الله على دينه. ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم دائماً يقول في حال الحيرة: [يا مقلبَ القلوب ثبت قلبي على طاعتك] فطلب الثبات مطلب هام. 2- المداومة على الذكر على كل حال كما قال عليه الصلاة والسلام (ولا يزال لسانُك رطباً بذكر الله) الحديث. 3- التفكر بعظمة الله وذلك بتأمل مخلوقاته الظاهرة للعيان والمحسوسة: ألم تتفكر يوماً بعينيك.. جرب (غمض عينيك خمس ثوانٍ) ماذا ترى. 4- قراءة سير الصالحين من الصحابة والسلف وكيف كانوا يقومون في سبيل الله. 5- تأدية الفرائض على وجهها كما أمر الله خاصة الصلاة فلا تعلم ما للصلاة من أهمية وتأثير وانشراح للصدر.. 6- الصدقة في السر لها ثمار يانعة لا يحسها إلا من جربها كل هذه الأعمال بإذن الله تجعلك قريباً من رأيك. وإياك والابتعاد بعيداً عن هذه الأمور. ولا تُشغِّل نفسك بالملهيات التي تملأ الذاكرة بما لا يفيد. فتمنعك عن المداومة على طاعة الله ... أعانك الله

التزمت ثم عدت

التزمتُ ثم عدتُ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/وسائل الثبات التاريخ 18-6-1424 السؤال أنا شاب ملتزم على طاعة الله منذ عام تقريباً، ولقد وجدت والله السعادة واللذة الحقيقية، ولكن بعد مضي شهور أحسست بنوع من الفتور فلم أستطع الخشوع وبدأت أرتكب الذنوب والمعاصي حتى وقعت في الكبائر، ولقد أحسست أني بهذا الفعل منافق، أرجو نصحي وإرشادي وأنا الآن أصبت بحالة من الإحباط والخوف من عذاب الله في الدنيا قبل الآخرة. أجيبوني جزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم ... السلام عليكم، وبعد: شكراً لمراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم". والجواب على استفسارك كما يلي: معلوم أن الإنسان يمر بمراحل مختلفة وأحوال متنوعة، وبقاؤه على حال من الجد أو ضده تحيله طبيعة البشر من التقلب والتحول، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لحنظلة بن عامر - رضي الله عنه - يوم أن شكا له عدم ثباته على حال من الخشوع والإخبات فقال له: إنا نكون عندك يا رسول الله وكأن على رؤوسنا الطير وإذا فارقناك عافسنا النساء ولاعبنا الأولاد، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مبيناً له استحالة بقاء الإنسان على حال واحدة:"لو تكونون في بيوتكم كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات ولكن ساعة وساعة"، فإن تغير حال الإنسان طبيعة فطرية، وليس هذا محل إنكار إنما محل الإنكار أن تنقلب الحالة من خير إلى شر أو من طاعة إلى معصية، لذلك أخبر عليه الصلاة والسلام أن لكل عمل شرة وفترة يعني مرحلة جد وضعف فقال:"فمن كانت فترته إلى سنتي فقد هدي"، ففي صحيح ابن حبان وغيره عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم إن لكل عمل شرة، وإن لكل شرة فترة فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح ومن كانت شرته ذلك فقد هلك، وفي لفظ:"إن لكل عمل شرة وإن لكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح ومن كانت فترته ذلك فقد هلك"، فالواجب على العبد عند الضعف أن يحرص على التمسك بالفرائض وأصول الدين والبعد عن المحرمات، فإن وجد نفسه ثقيلة على النوافل والمستحبات فلا بأس بتركها فترة ليعود إليها بشوق وهمة أكبر، وفي نفس الوقت يعالج أسباب هذا الضعف وسبب رجوعه للذنوب مرة أخرى. إن تحسسك للأسباب يختصر عليك المسافة في معالجة ما جد من تغير، وذلك بترك تلك الأسباب والرجوع للحال التي كانت النفس فيها مقبلة، وحالة الفتور هذه يتعرض لها كثير من السائرين إلى الله فإن أحسنوا معالجتها وإلا كانت وبالاً على بعضهم يتردى بسببها إلى الحضيض، وإني أنصحك بالرجوع إلى كتابين عالجا أمر الفتور معالجة جيدة، الكتاب الأول: آفات على الطريق للدكتور: محمد السيد نوح، والثاني الفتور للدكتور: ناصر العمر، واحرص أخي على البعد عن الأصحاب الذين أضعفوا فيك التمسك بدينك، واحرص على لزوم الأخيار والصالحين وأكثر من الاستعانة بالله عز وجل، والله يثبتنا وإياك على الحق حتى نلقاه وهو راض عنا إنه جواد كريم، والسلام عليكم.

الرجوع إلى المعاصي بعد الحج

الرجوع إلى المعاصي بعد الحج المجيب محمد العبد الكريم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/وسائل الثبات التاريخ 28/3/1425هـ السؤال سماحة الشيخ: هل يمكن أن تفتوني في كيفية التعامل أو الابتعاد من الذنوب بعد الحج؟ وما هي النتائج المترتبة على ذلك؟ إذ أنني سمعت أن الإنسان لا يجب أن يقوم بأي معصية بعد الحج، وإذا عصى فإن العاقبة تكون مدمية حتى ولو كان الذنب بسيطا، فلو تفتوني بعلاقة الحج بالذنوب، غفر الله لكم. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الكريمة: سؤالك قد تضمن عدداً من الاستفسارات: وهي تُعرب عن نفس لوّامة وقلب توّاق للطهر والنقاء. فما يتعلق بالتعامل مع المعاصي والابتعاد عنها فإني أنصحك وأنصح نفسي أولاً وقبل كل شيء بأن ننظر في آثارها المترتبة عليها. يقول الله تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى:30] . ويقول المصطفى عليه -الصلاة والسلام-: "إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه" رواه أحمد (21881) ، وابن ماجة (90) من حديث ثوبان -رضي الله عنه-. والله -عز وجل- يقول: "فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا" [العنكبوت:40] ، وكل هذا بسبب الذنوب والمعاصي، وكانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تردد قوله تعالى: "وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ" [الشورى:30] . ويقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله: "إذا همّت نفسك بالمعصية فذكرها بالله، فإذا لم ترجع فذكرها بأخلاق الرجال، فإذا لم ترتدع فذكرها بالفضيحة إذا علم بها الناس، فإذا لم ترجع؛ فاعلم أنك في تلك الساعة انقلبت إلى حيوان". وفي هذا المعنى يقول نابغة بن شيبان: إن من يركب الفواحش سرا حين يخلو بسره غير خالي كيف يخلو وعنده كاتباه شاهداه وربه ذو الجلال، والمعاصي تذهب الخيرات وتزيل النعم. وقد قال العباس - رضي الله عنه- في دعائه للاستسقاء: (ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة) انظر فتح الباري (2/497) وصححه الألباني في التوسل، وانظري ـ رحمني الله وإياك ـ إلى ما حصل للمسلمين في يوم أحد عندما خالف الرماة وعصوا أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ماذا كانت الجناية عليهم، وفي ذلك يقول الله تعالى: "أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنىّ هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير" [آل عمران: 165] . وقد كتب العلامة ابن القيم في الجواب الكافي لمن سئل عن الدواء الشافي جملة من الآثار ومما ذكره رحمه الله: أن المعاصي سبب للوحشة بين العبد وربه وهي سبب لذهاب البركة وسوء الخاتمة، ونفرة الخلق، وقلة الرزق.

ثانياً: إذا أردت الابتعاد عن معصية من المعاصي التي ترين أن لا قدرة لك عن الابتعاد المباشر عنها، فابدئي بالتدريج شيئاً فشيئاً، فنفوسنا كالطفل الذي تعلق بالرضاع من أمه لا تستطيع فطمه إلا بالتدريج. وهي سنة ماضية عالج القرآن بها أم الخبائث (الخمر) التي تعتبر من أصعب ما يمكن، ومع ذلك كان التدرّج حاسماً لتسكين الفتنة بها. ثالثاً: قد ذكرت في سؤالك أن الإنسان لا يجوز له أن يعصي بعد أداءه لفريضة الحج، ولو فعل ذنباً ولو كان بسيطاً فإن الآثار المترتبة ـ على حد تعبيرك ـ تكون مدمية. والجواب: لو كان ما ذكرته صحيحاً لما صح (معنى) حديث النبي عليه الصلاة والسلام: فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة". رواه النسائي (810) والترمذي (810) وصححه فهذا دليل على أن قبل الحج وبعده ذنوب، فإذا كان الإنسان كثير الحج والعمرة فإن ذنوبه تزال بهذه المتابعة. وليس القصد أن نقول بأنه يجوز للإنسان أن يعصي بعد الحج، فإننا مأمورون بالانتهاء عن المعاصي بعد الحج وقبله، ولكن تخصيص ذلك لا دليل عليه، ولا دليل كذلك على أن المعصية ولو كانت بسيطة إذا كانت بعد الحج فإن آثارها مدمية، فمن مقاصد الحج وأسراره وحكمه أنه جاء ليكفر عن الإنسان ذنوبه، وفي الحثّ الإكثار والمتابعة كما سبق دليل على أن الإنسان قد يعصي بعد الحج ليأتي الحج القادم ويكون مكفراً له عن ذنوبه التي فعلها بعد حجه الأول دون الإشارة إلى الجواز وعدمه. ثالثاً: لا يوجد أحد من البشر معصوماً من المعاصي، فالامتناع عن فعل المعصية مستحيل شرعاً وهو أشبه بالمستحيل العقلي، ولذلك صح عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم". رواه مسلم (2749) .

الإخلاص والرياء

نفسي تتهمني بالرياء! المجيب د. عبد المهدي عبد القادر أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء التاريخ 06/02/1427هـ السؤال تدور في نفسي خواطر وأفكار، وهي أني معجب بعملي ومراءٍ للناس، وأني أبتغي بعملي نور وجهي في الدنيا، لذلك تارة أخفي وجهي خوفا من أن يرى الناس ما يمكن أن يكون فيه من النور، وتارة أعجب بهذا النور، فيصيبني هم لا يوصف، فهل أنا مراءٍ ومعجب؟ وبماذا تنصحونني؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه أجمعين، أما بعد: فما طرحته في رسالتك يشير من طرف خفي إلى قلق إيماني، ينساب من طوية تخشى حبوط العمل، فتبث عبر هذه السطور حيرة المؤمن بين تيارين يتجاذبانه، ناحية الإخلاص تارة، وإلى العُجب تارة أخرى.. وهذا -أخي الكريم- نفسه هو ما سأل عنه بعض الصحابة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ قال: "تلك عاجل بشرى المؤمن" رواه مسلم (2642) . فمن عمل عملاً أراد به وجه الله تعالى، ثمَّ حمده الناس عليه فإنَّ هذا العمل لا يفسد، بل هو من خير المؤمن.. فعليك أن تعلم أنَّ خوف المؤمن على نفسه من النفاق هي علامة خير لا شر، قال ابن أبي مليكة: أدركت سبعين صحابيًّا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كلُّ واحدٍ منهم يخشى على نفسه النفاق. ويقول أبو الدرداء رضي الله عنه: من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه، ومن فقه العبد أن يعلم: أيزداد هو أم ينتقِص؟ وأخيراً -أخي الحبيب- الزم هذين الأمرين: أكثِر من الأعمال الصالحة فيما بينك وبين الله في السرِّ، بحيث تتربَّى النفس أنَّها يكفيها نظر الله إليها. اصحب -في السر والعلن، وفي الحل والترحال- الدعاء الوارد في هذا الحديث؛ فقد روى أبو يعلى في مسنده (60) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة. قالوا: كيف ننجو منه يا رسول الله؟! قال: "قل اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم". وكان من دعاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اللهم اجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً.. رزقنا الله وإياك الإخلاص والقبول.. والله أعلم.

"يأتيني شعور بأني مرائي"

"يأتيني شعور بأني مرائي" المجيب د. سالم بن محمد القرني (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد) . التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء التاريخ 5/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أنا مؤذن في أحد المساجد، وفي بعض الأوقات أصلي بالناس، ولكن يأتيني شعور وأنا إمام بأني أصلي لأحسن صوتي ويعجب به المصلون، ويداخلني شعور بأن فعلي مراءاة للناس، فما نصيحتكم لي؟ علماً أن هذا الشك يستمر معي حتى في الأذان. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فتحسين الصوت بالقرآن مستحب؛ لما روى البخاري (5045) عن قتادة قال: سألت أنساً - رضي الله عنه- عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: كان يمد مداً إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، يمد بسم الله، ويمدّ بالرحمن، ويمدّ بالرحيم، وروى الترمذي (2927) عن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقطع قراءته يقول: "الحمد لله رب العالمين، ثم يقف، الرحمن الرحيم، ثم يقف، وكان يقرؤها ملك يوم الدين"، قال حديث غريب، وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن من أحسن الناس صوتاً من إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله" أخرجه ابن ماجة (1339) من حديث جابر -رضي الله عنه-. وأجازت طائفة رفع الصوت بالقرآن والتطريب به؛ وذلك لأنه إذا حسن الصوت به كان أوقع في النفوس، وأسمع في القلوب، واحتجوا بقوله عليه السلام: "زينوا القرآن بأصواتكم" من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه-، أخرجه أبو داود (1468) ، والنسائي (1015، 1016) ، وبقوله عليه الصلاة والسلام: "ليس منَّا من لم يتغن بالقرآن" أخرجه البخاري (7527) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وبقول أبي موسى - رضي الله عنه- للنبي - صلى الله عليه وسلم-: (لو أعلم أنك تستمع لقراءتي لحبرته لك تحبيراً) أخرجه ابن حبان (16/170) ، والحاكم (3/529) (5966) ، وغيرهما من حديث أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-، وبما رواه عبد الله بن مغفّل - رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح في مسير له سورة الفتح على راحلته، فرجَّع في قراءته. انظر تفسير القرطبي (1/11) ، وابن كثير (4/435) وغيرهما. إلا أن يخرج القراءة التي هي التلاوة عن حدها، فيكره، أو إذا كان القصد التغني فحسب، لما روي عن زياد النميري أنه جاء مع القراء إلى أنس بن مالك - رضي الله عنه- فقيل له: اقرأ، فرفع صوته وطرب، وكان رفيع الصوت، فكشف أنس- رضي الله عنه- عن وجهه، وكان على وجهه خرقة سوداء، فقال: يا هذا: ما هكذا كانوا يفعلون، وروي عن قيس بن عباد أنه قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكرهون رفع الصوت ثم الذكر) انظر تفسير القرطبي (1/10) ، ويدخل في ذلك مراءاة الناس. وقد قيل إن الأمر بالتزيين اكتساب القراءات وتزينها بأصواتنا وتقدير ذلك، أي زينوا القراءة بأصواتكم فيكون القرآن بمعنى القراءة، كما قال تعالى: "وقرآن الفجر" أي قراءة الفجر، وقوله: "فإذا قرأناه فاتبع قرآنه" أي قراءته. فعليك أن تخلص نيتك، وأن تدافع نفسك وتدفع المراءاة، وهذا التخوّف ما دمت تجده في نفسك، فهذا صريح الإيمان والحمد لله.

هل أنا منافق؟!

هل أنا منافق؟! المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء التاريخ 02/01/1427هـ السؤال أنا حائر جداً -فالحمد لله وله المنة والفضل- أنا من المحافظين على الصلوات والأذكار، أسأل الله القبول، وأختم القرآن وكلما أكملت ختمة بدأت أخرى، وهكذا، وأنا بحمد الله غير مسبل، وملتح، لا أسمع الأغاني، ولا أشاهد البرامج المحرمة، إلا أني مدخن، وينتابني شعور بالنفاق، وأني لن أثبت، وأني سأستمر في هذا المنكر، وأن أعمالي هباء منثور؛ لأني مصر على المعصية، أرجو أن ترشدوني. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا شك أن المعاصي التي فعلتها تؤثر على إيمان الشخص، وربما جعلته يتخبط، ولذلك أوجز لك مشورتي في نقاط: 1- يجب عليك السعي للإقلاع عن هذه المعاصي التي ذكرت، بأسرع وقت ممكن. 2- في حالة عدم إقلاعك عن المعاصي أو عودتك لها -وهذا أمر لا نريده- لا يعني ذلك أنك أصبحت منافقاً. فانتبه فذلك الشيطان يريد أن يقنطك من رحمة الله؛ حتى تغرق في المعاصي من شدة اليأس. 3- المعصية -كالدخان مثلاً- لا تؤثر على قبول طاعتك الأخرى كالصلاة والصيام والصدقة، بل هذه تؤجر عليها، والمعصية تؤزر عليها. 4- أرى أنك قوي الإرادة، فأنت -ولله الحمد- مداوم على القرآن، ولا ترى المحرم من البرامج، ولا تسمع الغناء إلى غير ذلك، ولم يبق عليك إلا أمور يسيرة تستطيع -بإذن الله- تركها بالمجاهدة بعد الاستعانة بالله. 5- لا تنس القراءة في موضوع الثبات على دين الله، فهو بالنسبة لكل مسلم أمر مهم جداً. يا رب اهد قلبه، وثبته على الحق.

أنا متناقض.. أفعل الطاعات والمعاصي!!

أنا متناقض.. أفعل الطاعات والمعاصي!! المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء التاريخ 29/11/1423هـ السؤال السلام عليكم. أنا شاب مسلم في الجامعة والمعاصي قد تفشت فيها بشكل كبير، حتى رمضان المبارك أصبح شهراً للسهر والحفلات للأسف، أنا في تناقض كبير في حياتي فأنا أصلي وأصوم وأحب قراءة القرآن الكريم وأسمع الكثير من الأشرطة الإسلامية وأشرطة السيرة النبوية الشريفة والقرآن الكريم وأمنيتي الأولى والأخيرة هي الشهادة في سبيل الله، وأدعو أصدقائي دائماً إلى الصلاة وقد هدى الله بعضهم على يدي، ولكن مع هذا فأنا أتكلم مع طالبات الجامعة في أمور غير محرمة وأسمع القليل من الأغاني وأحلق لحيتي وأدخن السجائر وأنظر إلى الصور الفاسقة، لذلك أرسلت لكم رسالتي لأنني أثق بكم ولأنني أريد أن أكون عبدا مؤمنا داعيا إلى الخير وأن أكون مجاهدا في سبيل الله، لكنني أحس بأنني منافق بسبب ما أفعله من محرمات فأرجو منكم أن ترشدوني إلى الطريق الصحيح، لكي أحقق ما اتمناه وهو الشهادة في سبيل الله، وأريد أن أسألكم إذا كانت الشهادة تشفع لي في ذنوبي؟ انتظر ردكم، والسلام. الجواب الحمد لله، وبعد: شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " أخي في الله لا شك أنك -كما ذكرت- تجمع في حياتك بين تناقضات شتى ومن أهم أسبابها: 1) ضعف الإرادة أو القدرة على المقاومة والصمود أمام تيار الشهوات فقد اعترفت بذلك بقولك:"لا أصبر على ما أراه في الجامعة ... "إلخ. وهذا العامل في نظري سبب رئيس في وقوعك المستمر في المعاصي والمخالفات، فأنت -بحمد الله- لا زلت تحظى باستعدادات جيدة تمكنك من صنع الأفضل، والتقدم إلى الأمام بيد أن ضعفك أمام مطارق الشهوة وأهواء النفس الأمارة بالسوء يجعلك تقع مرة بعد مرة في أوحال المعاصي ولذا لا مناص من معالجة هذا الضعف بكثرة الدعاء، ومعاندة النفس، وقهر سلطانها عليك بمداومة العبادة، وتدبر القرآن، ومطالعة سير السلف، ودوام التفكر بمراقبة الله سبحانه، وضرورة الحياء من نظره إليك متلبساً بانتهاك حرماته. 2) ومن الأسباب أيضاً في معاناتك اختلاطك بالفتيات في أروقة الجامعة، وقاعات الدراسة، فما الذي يجبرك على الدراسة المختلطة، وقد رأيت نتائجها موافقة للحرام من النظر والكلام والخلطة السيئة مع الفتيات؟! وأي فائدة يجنيها الدارس في تلك الجامعات المختلطة إذا خسر دينه وشرفه ومروءته؟! أعتقد -بارك الله فيك- أنك بأمس الحاجة إلى صدق التوبة مع الله والتخلص من هذه الأعمال التي تمارسها على الفور إن كنت جاداً في التطلع للجهاد وإقامة دولة الإسلام! فجهاد نفسك أسهل من مجالدة العدو بالسيوف والرماح فإن عجزت عن مجاهدة نفسك فكيف تقوى على منازلة الخصوم فوق ميادين القتال؟! فبادر -حفظك الله- إلى تزكية نفسك بالعمل الصالح وصيانتها من أسباب العطب والهلكة واصدق الله في طلب الشهادة يبلغك الله منازل الشهداء ولو مت على فراشك كما صح ذلك عند مسلم من حديث سهل بن حنيف -رضي الله عنه-. وأما سؤالك أخيراً عن أثر الشهادة في سبيل الله فلا شك أنه قد صح الحديث عند أبي داود وغيره إن للشهيد ست خصال أعلاها أن يغفر له من أول قطرة من دمه، فأمّل خيراً وأبشر، وفقك الله وأعانك.

أخاف الرياء.. لكني أحب الثناء!

أخاف الرياء.. لكني أحب الثناء! المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء التاريخ 08/07/1426هـ السؤال متفوقة في دراستي منذ الصغر، أغرمت بالقراءة والبحث، أكملت دراستي الجامعية وواصلت الدراسات العليا في تخصص النقد الأدبي، أكتب الشعر والقصة والمقال، مشكلتي أنني أقلق كثيراً من كون كل ما أفعله يحسب عليّ، ويشهد ضدي عند ربي. طموحي للكتابة والنشر يشغل وقتي وتفكيري، ويعلم الله أن هدفي خدمة مبادئ ديني والاحتساب، لكن أخشى الرياء والسمعة لدرجة الوسوسة والإحباط والتقاعس عن المواصلة خوف الرياء، أرشدوني ماذا أفعل؟ وكيف أوفِّق بين تخصصي ونية الاحتساب؟ وهل آثم إذا ما تمنيت الشهرة وفرحت بالإطراء في عملي الكتابي؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فمما لا شك فيه أن أشد شيء على النفس هو الإخلاص، إذ النفس البشرية مجبولة على حب المدح والثناء إلا ما ندر، ولذا نجد المؤمن يجاهد نفسه للتخلص من تلك الآفة، قال الإمام السوسي: (الإخلاص فقد رؤية الإخلاص فإن من رأى في إخلاصه الإخلاص فقد احتاج إخلاصه إلى إخلاص) . لكن لا ينبغي أن يصل الأمر لدرجة الوسوسة، فإن العمل لأجل الناس شرك، وترك العمل لأجل الناس رياء، والإخلاص أن يعافيك الله منهما"، كما قال الفضيل بن عياض، قال النووي معلقاً على كلامه: (إن من عزم على عبادة وتركها مخافة أن يراه الناس فهو مراء؛ لأنه ترك العمل لأجل الناس) . وترك العمل خوفاً من الرياء حبالة من حبالات إبليس، كما يقول ابن حزم -رحمه الله-: (لإبليس في ذم الرياء حبالة، وذلك أنه رب ممتنع من فعل خير يظن به الرياء) . ولذلك ينصح من طرقه مثل هذا ألا يلتفت إليه، وأن يمضي في عمله إغاظة للشيطان، فسيري على بركة الله، وسخِّري طاقاتك لخدمة هذا الدين، وسدِّدي وقاربي، والله يوفقك.

هل هذا تناقض أم ضعف؟!

هل هذا تناقض أم ضعف؟! المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء التاريخ 03/04/1425هـ السؤال أنا أحب الالتزام، ولذلك أنا ملتزم بالشعائر الظاهرة وبالصلاة والنوافل، لكن اشعر أني لست ملتزماً في الحقيقة، فلقد دخل الرياء في وسط قلبي في أي نوع من أنواع العبادات، وعز علي فراقه، وإن كنت في الخفاء قد أستمع إلى الأغاني....إلخ فبماذا تنصحونني؟ أريد حلا قبل أن أهلك. الجواب الأخ الكريم المسلم: -سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: أولاً: نحمد الله -تعالى- أن حبب إليك الالتزام وتلك نعمة عظيمة تتطلب من صاحبها رعايتها والحفاظ عليه. ثانياً: من الخطأ أن تسيء الظن بنفسك وانك لن تلتزم حقيقة، على العكس أنت مهيأ كثيراً للالتزام وفيك خير كثير وبإمكانك أن تكون من خير الناس إذا صدقت مع الله وأقبلت عليه بفعل ما يحب وترك ما يبغض ويكره. ثالثاً: عليك بكثرة الدعاء والسؤال واللجوء إلى الله أن يصرف قلبك إلى طاعته بصدق، وان يعلق قلبك به سبحانه، وأن يعينك على الاستقامة الحقة. رابعاً: اعلم أن النجاة في الدنيا والآخرة والتوفيق والسداد متوقف على مدى استقامتك على دين الله تعالى، وقد أمر الله عز وجل عباده بالاستقامة في غير ما موطن في كتابه للتأكيد على وجوبها وأهميتها في حياة المسلم، قال تعالى:"فاستقم كما أمرت ومن تاب معك" [هود:121] وقال:"فاستقيموا إليه واستغفروه" [فصلت:6] وقال في بيان عاقبة الاستقامة: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون" [فصلت:30] ، فذكر نفسك بهذا لتتقوى على الاستقامة الجادة. خامساً: تذكر عاقبة الذنب على صاحبه فإن له شؤماً قد يكون مدمرا لحياة الإنسان وآخرته فاحذر الاستهانة به. سادساً: ثم ماذا لو كان عاقبة ذنوبك أن الله قلب حبك للالتزام إلى كرهك له ماذا أنت فاعل قد يصل بك الأمر إلى الخروج من الدين بالكلية، ألا يسوءك أن ينقلب قلبك إلى ذلك، وتكون من الذين بدلوا نعمة الله عليك كفرا، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ سابعاً: أكثر من ذكر أحوال القبر والآخرة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم؛ كما في الترمذي (2307) والنسائي (1824) وابن ماجة (4258) عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكثروا ذكر هاذم - بالذال وهو القاطع - اللذات يعني: الموت "، وفي صحيح ابن حبان (2993) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: "أكثروا ذكر هاذم اللذات فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه".

قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات، ومفرق الجماعات ومؤتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين، وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه واستحكمت فيه دواعي الذنب فإن مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك مالا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير وقائم له مقام التخويف والتحذير. ثامناً: حاول الاطلاع الكثير على أحوال المسلمين المضطهدين والمشردين والمعذبين والفقراء والمساكين الذين يتعرضون للحروب والقهر والظلم من أعداء المسلمين، ثم حاول أن تساهم في التخفيف عليهم والسعي في إعانة القريبين منهم لك في بلدك أو حولك فإن في ذلك علاج للقلب وإيقاظ له وسلوة عن الهم الحرام. تاسعاً لا تفتر من سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع. عاشراً: اصحب الصالحين القانتين الطيبين فإنهم عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء، وقد قال تعالى: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" [الكهف 18/28] . الحادي عشر: أكثر من قولك: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" مع استشعارك للحاجة إلى الله في دفع هذا الضعف والتهاون بدينك. الثاني عشر: أنصحك بقراءة كتب للعلامة ابن القيم ومنها: مفتاح دار السعادة، طريق الهجرتين، الجواب الكافي، وكتاب لابن الجوزي اسمه ذم الهوى وخاصة فصل في علاج الهوى فإنه نافع جدا لحالتك. الثالث عشر: التزم بحلقة تحفيظ للقرآن الكريم واحفظ ما يتيسر لك من كتاب الله عز وجل؛ فإنها مجلس من مجالس الذكر التي تصقل القلب وتحي الروح، وتجعلك أكثر حباً لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- ولدينه، وفيها سبب لنجاتك فتدارك أمرك وفقك الله. وإني لأتوجه إلى الله بأن يمن علي وعليك بالهداية والرشاد والسداد والثبات على الحق، وأن يملأ قلبي وقلبك إيمانا وتقوى، وأن يهدينا سواء السبيل إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

داء العجب والرياء

داء العجب والرياء المجيب محمد بن إبراهيم الحمد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء التاريخ 12/3/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... كيف الخلاص من الرياء والإعجاب بالنفس والكبر واحتقار أعمال الآخرين (وتعظيم أعمالك القليلة) واختلاف الظاهر عن الباطن أود منكم إجابة دقيقة وواضحة تبين علاج لكل صفة بالتفصيل. وشكرا: الجواب الحمد لله أما بعد: فإن مثل هذه الأحوال قد تعتري بعض الناس خصوصاً في بداية استقامته وجدِّه في توبته وإقباله على لله - عز وجل -، حيث يتسلط عليه الشيطان، ويلقي في قلبه الوساوس. والذي يعين على التخلص منها أن يستعيذ الإنسان من الشيطان الرجيم، وأن يقبل على ربه - جل وعلا - وأن يكثر من الدعاء، ويستحضر عظمة الرب، وأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها حيث يشاء. ومما يعين على التخلص من الرياء أن يعلم المبتلى بذلك أن الناس لا ينفعون ولا يضرون، بل النافع الضار هو الله وحده. ومن أعظم ما يعين على ذلك أن يعلم الإنسان أن الرياء يحبط العمل كما جاء في صحيح مسلم (2985) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم - قال: " يقول الله - تبارك وتعالى - أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ". وخرجه ابن ماجه (4202) ولفظه: " فأنا بريءٌ، وهو للذي أشرك ".والأحاديث، والآثار في هذا يطول ذكرها، والمقام لا يتسع للإطالة، وأدلك على شروح حديث "إنما الأعمال بالنيات" وخصوصاً شرح الحافظ ابن رجب - رحمه الله - في كتابه (جامع العلوم الحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم) . والحديث المذكور هو أول حديث في ذلك الكتاب، وفيه من الفوائد واللطائف ما يكفي ويشفي. أما الإعجاب بالنفس فعلاجه بالنظر في عيوبها، وبالإكثار من الأعمال الصالحة، والتزود من العلم النافع؛ لأن الإعجاب، نتيجة للنقص؛ فإذا حرص الإنسان على تكميل نفسه سلم من هذه الآفة. وأما احتقار الآخرين فلا يليق بالعاقل، بل اللائق أن يحسن الظن بهم، وأن ينزلهم منازلهم قال التابعي الجليل - أبو حازم - رحمه الله -: " أرجى خصلة للمؤمن أن يكون أخوف الناس على نفسه، وأرجاهم لغيره ".وأما اختلاف الظاهر عن الباطن فإنه نفاق، ولكن قد يكون وسوسة تشعر بها. وقد يكون شعورك وخوفك من النفاق دليل إيمان وصدق؛ لأن النفاق لا يخافه إلا مؤمن، ولا يأمنه إلا منافق كما قال الحسن البصري - رحمه الله -.

يقدموني للصلاة وأخاف الرياء

يقدموني للصلاة وأخاف الرياء المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء التاريخ 17/06/1426هـ السؤال عندما يتأخر الإمام في مسجدنا يقوم الناس بتقديمي للصلاة، فيوسوس لي الشيطان أن صوتي جميل، بجانب أن الناس يقومون بمدح صوتي، علماً أني أسعد في خاطري، وفي الوقت نفسه أخاف الرياء، فأكره أن يقدمني الناس للإمامة، فهل هذا من الرياء؟ وإن كان -والعياذ بالله- فكيف أعالجه؟ جزاكم الله كل خير. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فإن كنت تحسن صوتك من أجل الناس ليمدحوك فقط فهذا رياء، وإن كنت تحسنه لكي يتأثر الناس بسماع الآيات فيتعظوا ويحبوا التلاوة ويأنسوا بها فأنت مأجور وليس هذا رياء، لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استمع لقراءة أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- فلما علم به أبو موسى فيما بعد قال: لو كنت أعلم أنك تستمع لتلاوتي لحبرته لك تحبيرًا أخرجه البخاري (5048) ، ومسلم (793) ، وابن حبان (7197) . أي حسنته وجملته، فلم ينكر عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا القول. والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول "زينوا القرآن بأصواتكم" أخرجه أبو داود (1468) ، والنسائي (1015) . وقال: "ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن". أخرجه البخاري (5023) ، ومسلم (792) . أي ما استمع الله كاستماعه لمن يجهر بالقرآن ويحسن صوته به، وقال الله تعالى: "ورتل القرآن ترتيلا" [المزمل: 4] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" أخرجه البخاري (7527) أي يحسن صوته به. وأعتقد أن ما تحسه وسوسة من الشيطان لك؛ حتى تترك تحسين التلاوة الحسنة، ويجعلك تتهم نفسك بالرياء، فانظر قلبك هل مدح الناس يزيدك حباً للمدح، أم حباً لتحسين الصوت؟ فإن كان للمدح فهو رياء، وإن كان لتحسين الصوت والتغني بالقرآن فليس برياء، بل لك أجر، لأنك تعين الناس على سماع القرآن. أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل، ويوفقنا وإياك للقبول.

هل هذا من الرياء؟

هل هذا من الرياء؟ المجيب د. خالد بن عبد الرحمن القريشي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام - كلية الدعوة والإعلام التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء التاريخ 17/01/1426هـ السؤال أنا شاب مستقيم -ولله الحمد-، لكن أعاني من مشكلة لا أدري هل هي مشكلة أم تهويل من إبليس؟ (أنا بكل صراحة سريع التأثر والبكاء، لذلك ابتعدت عن إلقاء الكلمات لأني أرى أن البكاء أمام الناس من الرياء) ، وكذلك أجد حرجاً شديداً إذا بكيت في صلاة التراويح والقيام (أشعر بأنني مراءٍ وكذاب، وأن هذا البكاء فقط لجلب انتباه الآخرين) أرشدني يا شيخ، ماذا أفعل؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالجواب من جانبين: الأول: أما امتناعك عن إلقاء الكلمات بسبب البكاء فهذا غير مقبول؛ لأن الخطيب والداعية إذا كان صاحب عاطفة وتأثر - كما هو حالك - يستطيع أن يؤثر في كثير من الناس الذين لا يجدي معهم إلا هذا الأسلوب، كما أن هناك فئة أخرى لا ينفع معها إلا الأسلوب العقلي، وأخرى لا ينفع معها إلا القوة والشدة، وهكذا.. الثاني: أما خوفك من الرياء بالطريقة التي ذكرت في سؤالك فليس من الدين في شيء، بل هو نوع من الوساوس الشيطانية لصرفك عن الخير الذي أنت فيه من خضوع وتأثر. كما أن عليك أن تعلم أن استسلامك بهذه الوساوس قد يقودك إلى ترك كثير من الخير والطاعات، كما عليك أن تعلم أن كثيراً من أئمة السلف نقل عن أحوالهم ما هو أشد مما ذكرت عن نفعك من البكاء والتأثر، ومع ذلك ما صدهم عن الدعوة والعبادة. ننصحك بقراءة كتاب (الرقة والبكاء) لابن أبي الدنيا، وكتاب: (عندئذ بكى النبي صلى الله عليه وسلم) لـ[خالد بن حسين بن عبد الرحمن] ، وكتاب (أين دمعتك من بكاء البكائين؟) لـ[علي بن عبد العزيز] .

الخوف والرجاء

هل الغيبة تمنع الخشوع؟ المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الخوف والرجاء التاريخ 15/1/1424هـ السؤال أنا فتاة والحمد لله حريصة على الخير وفعل الصالحات والنصح للغير، ولكن مشكلتي هي عدم الخشوع في الصلاة، فتخيل يا شيخ كم عمري الآن ولا زلت أعجز عن الخشوع، وكثير من الناس يطلقون علي الفتاة الملتزمة. ولا يدرون أني أعجز عن الخشوع في أول شيء يسألني الله عنه وهو الصلاة، وأحاول أحياناً في المجالس أن نذكر الله ولو بحديث أو قصة أو غيره، ولكن الذي يتعبني في حياتي هو أن مجالسنا تمتلئ بالغيبة وأحاول التذكير أن هذا الأمر لا يجوز، ولكن المشكلة تكمن في النساء الكبار في السن فأنا لا أستطيع نصحهن، ولو تكلمت أخاف من أن يحرجنني، وصرت أكره هذه الجلسات ومع ذلك لا أستطيع تركها، فهل يمكن أن يكون ذلك عقاب من الله أن حرمني من الخشوع في الصلاة؟ أرجوكم ردوا علي ردا شافياً وفقكم الله لكل خير. الجواب أختي الفاضلة.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" مشكلتكِ ذات شقين:- الأولى: عدم الخشوع في الصلاة والثانية: تحسرك على عدم الفاعلية عند سماعك لبعض الغيبة في بعض المجالس ناتجة عن تقصيرك في إنكارها. أقول وبالله التوفيق. أولا:- من ناحية الخشوع في الصلاة. لا شك أن الخشوع من الأمور الهامة في نجاح الصلاة وقبولها، وقد امتدح الله سبحانه الخاشعين في صلاتهم. [قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون.] (المؤمنون) ولكن الله سبحانه وتعالى [لا يكلف نفساً إلا وسعها] فإذا حرص المرء على فعل الأسباب المؤدية إلى الخشوع وسلك الطريق المؤدي لذلك فإن الله يعينه على الخشوع. وهناك أسباب ووسائل لذلك منها:- 1-كثرة ذكر الله سبحانه في الأوقات العادية 2-محاولة كثرة التفكر بعظمة الله من خلال تأمل بعض آياته ومخلوقاته المرئية والمحسوسة. فإذا استقر في نفوسنا عظمة ربنا ثم وقفنا بين يديه سنجد أن الخشوع يسلك طريقه إلى قلوبنا. 3-إذا حان وقت الصلاة عليك بفعل الآتي:- أ-الوضوء بشكل صحيح / قراءة شيء من القرآن قبل تأدية الصلاة ب- التنفل قبل الصلاة. ج- الالتجاء إلى الله سبحانه بطلب العون والمساعدة د-التعوذ من الشيطان ونزعاته. هـ- إذا أحسست بالوسوسة قبل الصلاة فانفثي عن يسارك ثلاث مرات ومن ثم التعوذ من الشيطان الرجيم. هذه الأمور تجعل الذهن يستقر عن الانشغال، لأن الذاكرة أشبة بالمروّضة وإذا تم إيقافها فإنها لا تقف بل تظل تدور حتى تقف. كذلك الذاكرة تظل متعلقة بأمر فعل أو ما شابه ذلك، فإذا عملت النقاط التي ذكرت لك، فإن الصورة المتزنة في الذاكرة التي تحول بينك وبين الخشوع تزول، والنفس تهدأ ثم تجدين أنك بإذن الله قد خشعت في صلاتك. أما المشكلة الثانية وهي الحيرة وعدم الإنكار فأقول: دائماً الشيطان يحذرك في مثل هذه المواطن ويحاول أن يثنى المسلم عن محاولة التأثير على الغير خاصة إذا كان هناك أمر بفعل أمر شرعي لأنه يهمه أن يبقى المنكر قائماً.

فبالنسبة لهؤلاء النسوة اللاتي يتجاذبن أطراف الحديث ويكون حديثهن مخلوطا بشيء من النميمة والغيبة: أولاً- لا تجبني وتقولي قد أكون ثقيلة لو أنكرت.. لا بل بالعكس، يجب أن يكون لك دور ولكنه بطريقة هادئة إما بتغيير نوعية الكلام.. أو بتذكيرهن مغبة النميمة والغيبة.. أو الاتصال فيما بعد على التي كانت تتزعم الحديث وإخبارها عن آثار النميمة.. أو محاولة أخبار إحدى صديقاتها التي تؤثِّر عليها.. أما أن يكون سبب عدم الخشوع عقاباً من الله فلا أظن ذلك. لأنك تقولين أنك حريصة والله سبحانه وتعالى كريم، ويعين عبده على طاعته، وأنت قد تأثرت بالمنكر وهذا كافٍ بحد ذاته وهو أحد الدرجات الثلاث لإنكار المنكر. أخيراً حاولي أن لا ترتبطي بعملٍ مهم قبل انصرافك لصلاتك كي لا ينشغل ذهنك بالتفكير فيه. أعانك الله،،

لا أصلي ولكني أخاف الله

لا أصلي ولكني أخاف الله المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الخوف والرجاء التاريخ 19/01/1426هـ السؤال كيف أستشعر خوف الله في قلبي، بالرغم من أني لا أصلي؟. الجواب أحمد الله تعالى، وأصلي وأسلم على نبينا محمد نبي الهدى والرحمة وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فمرحبا بك ـ أخي الكريم ـ وأرى من وراء سؤالك شابًا محبًا للخير، بدليل قولك "إني أستشعر الخوف من الله" ولكن قولك " ... بالرغم من أني لا أصلي" فهذا الذي يحتاج إلى بيان، فالصلاة فريضة من أعظم الفرائض التي فرضها الله على المسلم، قال تعالى: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" [البقرة:43] ، وقال "وأقم الصلاة لذكري" [طه:14] ، وقال أيضا"قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" [المؤمنون:1-2] , أما شعورك بالخوف من الله بالرغم من أنك لا تصلي فهذا من تزيين الشيطان، لأنه ـ لعنه الله ـ يزين للناس سوء أعمالهم، فيأتي ـ مثلاً ـ لأحد الناس فيقول له ما دمت لا تفعل الشر ولا تؤذي أحدًا فلا داعي لأن تصلي، فالمهم أن يكون قلبك نظيفًا ليس فيه غش لأحد، فاحذر ـ يا أخي ـ من حيل الشيطان ووساوسه، فليس هناك من سبيل للقرب من الله بلا أداء للفرائض، وعلى رأسها فريضة الصلاة، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله ـ تعالى ـ قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته" رواه البخاري (6502) . وأرجو أن تقف معي عند النقاط التالية: 1-لو كان يكفي حال القلب دون صلاة لكان أحق الناس بالاستغناء عن الصلاة النبي "صلى الله عليه وسلم" وصحابته-رضي الله عنهم-، ومع ذلك كانوا أشد الناس حرصا على الصلاة في وقتها في المسجد. 2- إن الله -تعالى- يقول: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56] . 3- والصلاة هي رأس العبادة. 4- الله يحب الصلاة، فإذا كنت تشعر بالخوف منه حقا سارعت إلى أدائها. 5- لو قال الناس إنما يشعرون بالخوف من الله من غير صلاة، لخربت المساجد ولما ذكر الله في الأرض. وأخيراً: إذا كان العبد لا يركع ولا يسجد فكيف يزعم حب الله، وأين الدليل على ذلك؟ إن المحب يحب قرب حبيبه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء " أخرجه مسلم (482) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. وقيل: إن كنت تزعم حبي *** فلم هجرت كتابي أما تأملت ما فيه *** من لذيذ خطابي هدانا الله وإياك إلى الخير، وجعلنا وإياك ممن هم على صلواتهم يحافظون.. والله أعلم.

لذلك فحياتي بلا معنى..!!

لذلك فحياتي بلا معنى..!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الخوف والرجاء التاريخ 15/12/1422 السؤال رغم أني في ريعان الشباب "كما يقولون" إلا أني لدي من مشاعر تجعل الحياة صعبة في عيني، أعاني من مشكلة أسرية منذ سنة ونصف تقريباً، كما أني أخاف أن أموت على المعاصي في ظل الفتن الحاضرة، كما أني أحس أن أعمالي الصالحة قليلة نسبة إلى ذنوبي، أمنيتي أن أموت شهيدة بدل من أن أموت على معصية فما النصيحة التي توجهونها لمن أرد الخلاص من الحياة لكن وفقاً لمرضاة الله؟ الجواب أختي الكريمة، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد، وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: لقد اختصرت السؤال إلى درجة كبيرة في نصفه الأول المتعلق بظروفك الشخصية والأسرية..!! فلم يتضح لي شيئاً أبدي رأيي من خلاله.. إلا أنني أسأل الله أن يعينك ويوفقك إلى الخير والصلاح والنجاح والفلاح في الدين والدنيا.. وأن يجعل لك من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ومن كل بلاء عافية. ثانياً: قال تعالى:) قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم (فبادري بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الله مما تشعرين أنك قد فرطت به.. وأحسني الظن بالله والجئي إليه وتوكلي عليه.. وإن غلبتك نفسك الأمارة إلى معصية أو تقصير.. فبادري بالتوبة والاستغفار وأتبعي ذلك بحسنة فقد جاء في الحديث (.. وأتبع السيئة الحسنة تمحها ... ) . ثالثاً: أما إحساسك بأن أعمالك الصالحة قليلة نسبة إلى ذنوبك.. فذاك توفيق من الله أن تستشعري هذا الأمر وتفكري فيه.. وبفضل الله فما زلت في زمن المهلة.. وفرص الخير كثيرة جداً.. والحسنة بعشر أمثالها إلى مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.. هذا بالإضافة إلى أن الحسنات تزيل الخطايا.. قال تعالى:) إن الحسنات يذهبن السيئات (فبادري منذ اللحظة.. واستغلي أوقاتك قدر استطاعتك بذكر الله والصلاة على رسول الله وكثرة الاستغفار وقراءة القرآن.. والأوراد والأذكار اليومية.. وكلها في النهاية تحتسب لك في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.. بل وتضاعف الحسنات بما لا يعلمه إلا الله.. فأي فرصة أعظم من ذلك لمن وفقه الله.؟! ومثل هذه الأعمال لا تحتاج إلى مكان أو زمان معين.. بل تؤدى في كل الأماكن والأوقات وعلى كل حال.. فالبدار.. البدار.. قبل أن تقول نفس يا حسرتاً على ما فرطت في جنب الله!! رابعاً: تذكري أختي الكريمة قوله تعالى:) لقد خلقنا الإنسان في كبد (فهذه هي الحياة.. دار ممر واستعداد لمن وفقه الله للخير.. ودار لهو ولعب للغافلين وبقدر ما يبتلى فيها المؤمن ويصبر.. فإنه يؤجر على ذلك الأجر العظيم.. فقد جاء في الحديث (عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير ولا يكون ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له.. وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.)

خامساً: جميل لو وضعت لك هدفاً سامياً في الحياة.. وهو نشر الخير بقدر جهدك.. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وتذكير الناس بطرق الخير المادية والمعنوية.. فالدال على الخير كفاعله. سادساً: الله.. الله باختيار الرفقة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه.. كذلك كثرة القراءة بكتب السيرة وحياة الصحابة والصحابيات رضي الله عنهم وأرضاهم.. تفتح أمام الإنسان أفاقاً واسعة ورحبة.. فأكثري منها. سابعاً: وأخيراً عليك بصدق الالتجاء إلى الله بأن يوفقك ويحميك ويسدد على طريق الخير والحق خطاك.. وأن يجعلنا جميعاً مفاتيح للخير مغاليق للشر وأن يختم لنا بالصالحات.. وتحري في دعائك مواطن الإجابة.. إنه تعالى قريب مجيب.

تربية النفس

بين قبح السريرة وصلاح الظاهر! المجيب عبد الإله بن سعد الصالح التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 24/05/1427هـ السؤال أنا شاب محافظ, عندما تراني أو تسمع لي تقول: ما شاء الله, وزادك الله علما. لكن المشكلة تكمن في أني إذا خلوت بنفسي تأتيني أفكار لا تليق بأهل الدين. فكيف يمكنني التخلص من قبح السريرة وخبثها؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأسأل الله أن يثبتك على دينه، ويرزقك التقوى في الغيب والشهادة، وزادك الله حرصاً واستشعاراً لما تعاني منه، فهذا بلا شك أول الطريق في إصلاح النفس وإدراك طريق الهاوية؛ عياذاً بالله. عليك بتذكير نفسك في حال الخلوة باستشعار مراقبة الله لك، وهذه درجة الإحسان، أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. ويقول الشاعر: وإذا خلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى الطغيان فاستحي من نظر الله وقل *** إن الذي خلق الظلام يراني تذكر أن عظم الذنب يكبر عندما يتلذذ العاصي به، ولا يحس بالهم والضيق لعصيان الله، ولذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في السبعة الذي يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه". صحيح البخاري (660) ، وصحيح مسلم (1031) . أخي الحبيب اعلم أن الحياة لا تستقر لك، ولن تجد لها لذة، ولا متعة؛ حتى تعلم من نفسك صدق التوجه إلى الله في ظاهرك وباطنك، ثم إن للإنسان الذي ظاهره غير مخبره يظهر عليه علامات، وتبرز له صفات يستشعرها الآخرين، ثم يعيش المرء في صراع مع نفسه، أو يفقد الثقة بنفسه التي هي أساس الدافعة والعطاء في الحياة. وافعل الأسباب الموصلة لكي تلازم الظاهر بالباطن ومنها: - دعاء الله بالثبات وصدق التوجه إليه في كل الأوقات لا سيما في أوقات الإجابة. - الصدقة التي خير دواء لقلبك، فقد روي في الحديث "داووا مرضاكم بالصدقات" أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3/382) والبيهقي (3/382) . - الصداقة الصالحة التي تعينك على فعل الخيرات، وترك المنكرات، وترك فعل ما هو غير نافع ومقبر. - القراءة في سير الصالحين والقصص المؤثرة لها نفع كبير. - سماع الأشرطة في السيارة والمنزل وفي كل مكان ترى أنه مناسب لك. - تذكر أن من صفات المنافقين أنهم يُظهرون غير ما يُبطنون -أعيذك بالله أن تكون منهم-. - البعد عن موطن الريبة ومواطن الشبهات ومواطن الفتن. أسأل الله لك التوفيق والهداية، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ثمرة غض البصر!

ثمرة غض البصر! المجيب د. عبد العزيز حمود الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 26/04/1427هـ السؤال هل لغض البصر فوائد على العقل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: اعلم أخي الكريم أن فوائد غض البصر كثيرة ومتنوعة ومن أهمها، تزكية النفس التي ذكرها الله تعالى عندما أمر المؤمنين بغض أبصارهم، وحفظ فروجهم "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" [النور:30] . ومن فوائد غض البصر على سبيل المثال، والتي لها علاقة بسلامة وقوة العقل ما يلي: 1-البعد عن الفتنة والتدرج في مهاوي الرذيلة، وخطوات الشيطان، الذي لا يكتفي منك بالنظر المحرم، بل يدفعك إلى تكرار النظر، ثم الزيادة على ذلك مما يصعب عليك معه التوقف والتعفف بعد ذلك. 2- البعد عن التعلق بما قد تقع عليه عينك، مما يضعف من قيمتك ويهون من احترامك لنفسك بسبب ما تتمناه ولا تحصل عليه، أو أنك تتنازل عن الكثير من أجله أو بعضه. كما ذكر الكثير من الشعراء والمغرمين، الذين تنازلوا عن كل شيء من أجل أمور تافهة، كان يمكن الحصول على أفضل منها بالطرق الشرعية. 3- الشعور بمراقبة الله لك، وتدريب نفسك على مخافة الله في الغيب والشهادة. مما يقوي الإرادة والثقة بالنفس. 4- الإحساس بأنك قد فعلت ما يرضي الله، ومن ثم الشعور بالراحة والرضا عن النفس. 5- التخلص من الشعور بالذنب وتأنيب الضمير. 6- إحساسك بقوة شخصيتك، وقدرتك على التحكم في العاطفة، والسمو فوق الغرائز. وإذا اجتمعت لك هذه الفوائد فإن هذا مما يزيد في الاتزان وقوة العقل، ورجاحة الرأي والقدرة على التحكم في العواطف، ويجعلك قادراً على توجيه سلوكك لما فيه الخير والمصلحة في الدنيا والآخرة. كما أن النفس تصفوا، وتزداد ثقة الإنسان بنفسه، ويكون قادراً على التفكير الصحيح، واتخاذ القرارات السليمة، بعكس من انشغل بسفاسف الأمور، وكان أسيراً لهواه وعاطفته، فهل تظن أن نفسه سوف تزكو، أو يقوى عقله ويستفاد من رأيه؟

أجد في قلبي وحشة وقسوة!

أجد في قلبي وحشة وقسوة! المجيب د. عبد العزيز حمود الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 190/04/1427هـ السؤال أرجو أن تجدوا لي حلا حيث أن قلبي جامد جداً ولا يميل إلى الإيمان ولا يهتز للقرآن ويقشعر بدني لذكر النار! تخيلوا أنني أكتب إليكم هذه الاستشارة بعد أن سمعت محاضرة عن عذاب النار ثم تصفحت مواقع إباحية! ماذا أفعل ليلين هذا القلب الجامد؟ الجواب اعلم أخي الكريم أن القلوب منها ما هو حي وما هو ميت وما هو مريض. وأنت إن شاء الله لست من الذين ماتت قلوبهم. بل إن في قلبك حياة وحب للخير وندم على التقصير والذنب. والدليل على ذلك هو أنك أرسلت تطلب النصيحة فيما يعين على علاج قلبك وصلاح حالك، كما أنك تستمع للمواعظ والمحاضرات وهو دليل آخر على حياة قلبك وما دمت كذلك فأبشر بالخير واستمر على المجاهدة في صلاح قلبك يقول الله تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" [العنكبوت آية 69] . ولكن الشيطان لا يزال بالعبد، يزين له ويغويه حتى يورده المهالك، ثم يقنطه من رحمة الله ويجعله ييأس من صلاح حاله. فاحذر الشيطان ولا تيأس من صلاح حالك، وعليك باتباع ما يلي: 1- المحافظة التامة على الفرائض وعدم التساهل في شيء منها، مهما كانت الظروف. 2- محاولة التقرب إلى الله تعالى بما تستطيع من النوافل كلما تيسر ذلك. 3- الحذر من مجالسة أهل الباطل ورفقاء السوء، وأنت تعلم خطرهم. 4- الابتعاد عن الوحدة والعزلة، والحذر من الجلوس في غرفة مغلقة، وخاصة إذا وجد بها أجهزة مثل التلفاز والحاسب الآلي أو حتى الهاتف. فإن النفس ضعيفة وأمارة بالسوء، والشيطان يستغل مثل هذه الفرص ويوسوس للإنسان بكل سوء. وقد كان هذا سببا في انحراف كثير من الشباب. 5- عليك بمحاولة الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته ومحاولة حفظ ما تستطيع منه، حسب طاقتك. 6- عليك أن تتذكر الموت دائما وأنه مصير كل حي ولا تعلم متى يأتيك. وعليك بحضور الجنائز وزيارة المقابر فإنها تذكر بالآخرة. 7- يجب أن تحرص على مجالسة الصالحين وحضور مجالس العلم، ولو خيل إليك أنك لا تستفيد منها، فاصبر على ذلك واحتسب الأجر ولازم الحضور، وسوف ترى النتيجة بإذن الله، إذا علم الله صدق نيتك وتوجهك إلى الخير وصبرك عليه. 8- أخيراً أكثر من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يلين قلبك ويهديك فهو سبحانه مقلب القلوب، وهو الهادي إلى سواء السبيل. ثم اسأل الله الثبات على الحق فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قوله اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. وفقك الله وهداك وجعلك من الصالحين.

كيف أزداد محبة للرسول؟!

كيف أزداد محبةً للرسول؟! المجيب لمياء قاضي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 29/02/1427هـ السؤال أريد أن أزداد محبةً للرسول -صلى الله عليه وسلم- فأرشدوني ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد: فإن الإسلام والإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، قال تعالى: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ" [آل عمران:142] . وأيضاً قوله تعالى: "أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ" [العنكبوت:2] . فلا تكون محبة الإنسان صادقة لشخص ما إلا بالعمل والاتباع، وكذلك محبة حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- تكون بالاتباع كما قال تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" [الحشر:7] . وأيضاً قوله تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ" [آل عمران:31-32] . ولك مني هذه الخطوات العملية لتعينك على محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واتباعه: 1- القراءة المستفيضة في سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنصحك بكتاب زاد المعاد لابن القيم، وكتاب (هذا الحبيب يا محب) لأبي بكر الجزائري، وكتاب مختصر الشمائل المحمدية للألباني، وكتاب الرحيق المختوم للمبار كفوري، وذلك يعينك على اتباع نهجه في حياتك. 2- الإكثار من الدعاء بأن يرزقك الله محبته، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم. 3- الحرص على الترديد وراء المؤذن لكل صلاة، ثم في نهاية الأذان قول الصلاة الإبراهيمية ثم اسال الله أن يبلغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- الوسيلة والفضيلة وأن يحشرك معه بإذن الله. وفيما يلي إحدى عشرة فكرة في تحبيب الأطفال بالسيرة النبوية: 1- زيارة الأماكن التي جرت فيها أحداث السيرة، مكة والمدينة ومواقع الغزوات، وهو أدعى لترسيخ المعلومة. 2- تسهيل السيرة النبوية للطفل منذ البداية. 3- تمثيل الأدوار التي تحتوي على أحداث من قبل الأم والأب والأبناء مجتمعين، وفي ذلك فائدة كبيرة لحفظ نصوص السيرة. 4- تبني كل فرد بالأسرة قراءة كتاب مميز من كتب السيرة، ومن ثم عرضه في لقاء على جميع أفراد الأسرة، وإعطاء جائزة لأحسن تلخيص وعرض. 5- زيارة الأخوات في الله أو الدعاة والسمر معهم في أحاديث السيرة النبوية، سواء الأب مع أولاده أو الأم مع بناتها. 6- عمل مسابقة ثقافية أثناء رحلة كلها معلومات عن السيرة النبوية. 7- تحديد مواعيد سمر ولقاءات عائلية وحتى سفر للعمرة، ويكون ذلك مرتبطاً بحادثة من السيرة (نسميها: أجندة السيرة النبوية) حدثت في نفس التاريخ، مثلاً، الوصول إلى مكة بموعد فتح مكة، أو زيارة المسجد الأقصى في ذكرى الإسراء والمعراج..".

8- من الممكن عمل لوحة صغيرة أيضاً لهذه الأجندة يعلق عليها الحديث كما روي في كتب السيرة، ويتولى هذه المهمة واحد من أفراد الأسرة. 9- عمل زاوية خاصة بالسيرة في البيت تحتوي على كتب وCD وكاسيت وقصص. 10- المحافظة على قراءة دائمة من قبل الأب والأم في كتب السيرة وإشراك الأبناء فيها، حتى يحصل التعلم والتشويق. 11- الاتفاق مع العائلات الأخرى (جيران أو أقرباء أو أصدقاء) على الاشتراك في (أجندة السيرة النبوية) ، بحيث يكون عليهم الإعداد للقاء يتحدث فيه أفراد الأسرة الواحدة للآخرين عن مواقف ذلك التاريخ، وما حصل فيه.

أجد في نفسي صدودا عن العبادة!

أجد في نفسي صدوداً عن العبادة! المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 12/01/1427هـ السؤال مشكلتي أنني كلما أردت أن أصلي وأمارس واجباتي الدينية يمنعني شيء ما في داخلي، كما أحلم بالكوابيس تقريباً كل ليلة، أريد حلاً. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأشكر لك تواصلك وثقتك بموقعك (الإسلام اليوم) ، أما بالنسبة لمشكلتك، فهي من السهل الممتنع، وحلها سهل إن شاء الله، وهي ذات اتجاهات متباينة، ويظهر أن حالتك تصب في خانة الوسوسة والخطرات التي يقذفها الشيطان للصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وأنت وقعت في مصيدته -لعنه الله- ويحاول أن يؤثر عليك أثناء العبادة، وهذا يقع فيه كثير من الناس، وهذه الخواطر تأتي عادة عند تأدية العبادة المفروضة، التي ألزم المسلم في تأديتها، وتقل حدة هذه الخطرات عند النوافل، لأن النوافل نثاب على فعلها ولا نعاقب على تركها، أما الفرائض فهي ذات اتجاهين، إلزام في التأدية، مع ثواب وعقاب، والشيطان له استراتيجية مع بني آدم، خاصة من المؤمنين المسلمين، بحكم العداوة الأزلية، فهو إن قدر أن يصرفهم للمعاصي فهذا غايته وهدفه، وهو يتبع أسلوب تحقيق الرغبات في التأثير، لأنه يأتي للشخص ويوسوس له حسبما يشتهي ويرغب، ثم يزين له ما يحب، على سبيل المثال: إذا كان من النوع الذي يحب المال وجمعه -بغض النظر عن الطريقة التي يسلكها- فإنه يأتي إليه ويزين له الربا حتى يستبيح أخذه، وهكذا في كل معصية. أما إذا وجد فريسته من النوع الصلب القوي الذي لا يمكن أن يصرفه، أو يستجيب له، فإنه يأتيه من حيث لا يحتسب، ويفتح له باباً يحبه ويرغب الدخول معه وهو لا يشعر، بل قد يتعبد في ذلك، وهذا الباب هو تزيين العبادة، حتى يجبره على الزيادة فيها، أو نقصها، أو تركها بالكلية، أو يكررها عشرات المرات، وهذا هو الفخ الذي يقع فيه أولئك الطيبون الضعفاء، فكيف الخروج من هذا المأذق..؟ الأمر سهل وصعب، أولاً عندنا قاعدة يجب أن نحفِّظها، ونحفظها أبناءنا، وهو أن الشيطان لا يمكن أن يكون صديقاً لنا، أو يصدق في القول، أو يأتي لنا بالنصح والخير، مهما كان السبب، لماذا..؟ ببساطة متناهية أنه عدو لدود، والله -سبحانه- قد قضى بهذا، حيث قال سبحانه: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا" [فاطر:6] . ثانياً: إذا أردنا أن نتخلص من خطراته ووسوسته..؟ هو أن نعمل على عكس ما يوسوس به، في أي أمر، على سبيل المثال: إذا جاء إليك بعد صلاتك، وأحسست أنك لم تصل، فلا تلتفتِ أبداً لهذا، لأنك أديتِ الصلاة، وأنت قد رأيت ذلك، كذلك في سائر العبادات، إذا أتى إليك بعد الفراغ منها، فلا تعيديها البتة، لأنك تعرفين أن الشيطان لا يمكن أن يكون البتة من الناصحين، مهما قال وأجلب بخيله ورجله عليك، وتذكري كيف أغرى الأبوين، وزين لهما "وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين" فما الذي حصل بعد ذلك..؟ إذاً كيف نصدقه يا بنيتي..؟

ونواقض العبادة، مثل الصلاة والوضوء، والتي يكثر الإشكال فيها، فإذا أحسست أن الطهارة قد انتقضت -وبالتالي قد تبطل الصلاة- فلا تلتفتي إلا إذا حصل أحد الأمور الثلاثة، إذا رأيت شيئاً قد خرج، أو سمعت صوتاً، أو شممت رائحة كريهة، وإلا لا تلتفتي للخطرات، فهي وساوس من الشيطان، أتى بها من باب النصح، وهي تفسد هذه العبادة. أما قولك: إنك تصومين ولا تصلين، فلا أدري هل هو من تأثير هذه الخطرات، أو هو وأقعك فعلاً، والذي يظهر لي أنه واقعك فعلاً، وإن كان غير ذلك فاكتبي لنا، وقد تكونين استثقلتِ الصلاة لأنها مستمرة يومياً معنا، أما الصوم فهو موسمي فصار أمره يسيراً، والإسلام بني على تراكم العبادات من حيث الأفضلية، والصلاة هي أفضل أركان الإسلام بعد الإقرار بالشهادتين، ولا يقبل الله من المسلم صرفاً ولا عدلاً إذا لم تقبل الصلاة، فالذي يصوم ولا يصلي، ليس له من صومه إلا الجوع والعطش فقط، فالصلاة هي القاسم المشترك بين أركان الإسلام، وهي الركن الوحيد الذي لا يسقط عن المسلم مهما تكن حالته، إلا إذا فقد عقله، إما بنوم أو جنون، أو كبر وهرم، أو موت، أو أغمي عليه، فطالما أن العقل يدرك فلا تسقط الصلاة. والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر". أخرجه الترمذي (2621) ، وغيره. فراجعي حساباتك يا بنيتي، ورتبي أوراقك، لأن الأمر جد خطير، وقد يكون ترك الصلاة له تأثير على ما تحسين به من الكوابيس التي ترينها في النوم، فعلاجك يكون بإقامة الصلاة، وتأديتها في وقتها على الكيفية التي شرعت، ثم بعد ذلك أكثري من الأذكار الطاردة للشيطان، وهي الأوراد الصباحية والمسائية، وعند النوم، وعلى كل حال، ثم أوصيك بكثرة الاستغفار، لأن له تأثيراً عجيباً في طرد الهموم، كما قال عليه الصلاة والسلام: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب". أخرجه أبو داود (1518) ، وابن ماجه (3819) . مع الترك الفوري لأي معصية صغيرة كانت أو كبيرة، فشؤم المعصية له تأثير عجيب على نفس المسلم وعلى سلوكه، والشيطان قد يزين لكِ المعصية فتمارسيها، ونحن نظنها هينة وهي عند الله عظيمة، وعليكِ بالصدقة، وإن كان عندك وفر من مال، فالصدقة لها تأثير عجيب أيضاً، وأخيراً إذا أحسست بهذه النزغات، فأنفثي عن يسارك ثلاث مرات وتعوذي بالله من الشيطان الرجيم، فهي نزغات شيطانية، والله سبحانه وتعالى قال: "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم" [الأعراف:200] . أسأل الله أن يوفقك ويعينك، ويشفيك، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أعاني صعوبة في الخشوع في الصلاة

أعاني صعوبة في الخشوع في الصلاة المجيب هند بنت سالم الخنبشي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 21/12/1426هـ السؤال أنا مسلمة مواظبة على الصلوات -والحمد لله- ولكن المشكلة أنني بعد أن أنتهي من الدورة الشهرية أجد صعوبة في التركيز في صلاتي، وفي بعض الأحيان أعيد صلاتي مرة ومرتين، وأتأخر عن أداء الصلاة ولا أجد في صلاتي ما أريده، وتستمر هذه المجاهدة لوقت طويل جداً، وحين أصل إلى الخشوع والتركيز في الصلاة لا يستمر أكثر من أسبوع ثم تأتيني العادة مرة أخرى، وكل الذي بنيته من التركيز والمواظبة في الصلاة يضيع. فلا تنتهي العادة إلا وقد وصلت إلى نفس الحالة التي لا أطيقها. أرجوكم -بارك الله فيكم- أن تساعدوني. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فأشكر فيك حرصك على أمور دينك وسؤالك عنها، وما ذلك إلا من خوف من الله، لكن لمحت في سؤالك أنك تحتاجين إلى توضيح لبعض الأمور: 1- أختي: أنصحك بالقراءة المكثفة في موضوع الصلاة وأهمية المحافظة عليها في أوقاتها، وفضل الصلاة على وقتها، والأجر المترتب على القيام بالصلاة، فهذا يحفز النفس للقيام بما أمر الله. وإذا كنت في أيام العادة فكثفي القراءة وأعيدي قراءة ما سبق لك قراءته؛ لأن كثرة طرق موضوع معين وإعادته على النفس يجعله من الأمور المسلّّمة التي لا تقبل النفس فيها تغييراً أو تنازلاً. 2- اقرئي في سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكيفية إقامته لصلاته وتلذذه بها كما في الحديث "أرحنا بها يا بلال" حتى تتعرفي على اللذة التي تجعل الصلاة راحة لنبينا -صلى الله عليه وسلم- اقرئي كذلك في سير الصحابة والسلف الصالح؛ فذلك يبعث على احتقار النفس المقصرة وينشط المؤمن للقيام بما أمره الله. 3- اعلمي أن ما تقومين به من محاولة التركيز في الصلاة هو من مجاهدة النفس، فلا تجعلي للشيطان مجالاً لإفساد هذا الجهاد بأن يؤخرك عن صلاتك ويلهيك عنها. 4- ضعي لنفسك عقوبة معينة تردعك عن تأخير الصلاة، فهذه الطريقة قد تدفعك لإقامة الصلاة في وقتها. 5- أوصيك بالالتجاء إلى الله بأن يعينك على الخشوع في الصلاة وعلى المحافظة عليها، وأن يثبت قلبك على دينه فهو على كل شيء قدير.

علاج قسوة القلب

علاج قسوة القلب المجيب د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 21/10/1426هـ السؤال عندما أشاهد الأخبار أو أسمع عن أي مأساة أبكي بحرارة، لكني لا أبكي عند سماع القرآن! وحتى عندما رأيت الكعبة لأول مرة لم تدمع عيناي، لذلك شعرت بالخوف، فهل أنا إنسانة سيئة؟ أريد أن أكون من الذين تلين جلودهم وقلوبهم عند ذكر الله، فماذا أفعل؟ هل هناك أدعية معينة، أو أذكار تورث رقة القلب؟. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا شك أن عدم التأثر لقراءة القرآن أو سماعه علامة ضعف في الإيمان، ومؤشر قسوة في القلب، وعلاجها فيما يلي: (1) محاولة فهم الآيات المقروءة أو المسموعة بالرجوع إلى كتب التفسير، سيما الكتب التي عُنيت بالجوانب التربوية والروحية، والغوص في بلاغة القرآن وأقواله على الواقع المعاصر، ومن أحسن ما كُتب في هذا الصدد: أ- في ظلال القرآن لسيد قطب - رحمه الله-. ب- صفوة الآثار والمفاهيم لعبد الرحمن الدوسري - رحمه الله-. ج- تيسير الكريم المنان لابن سعدي. د- كتابات ابن القيم - رحمه الله - المجموعة في بدائع التفسير. (2) قراءة السيرة النبوية، وسير الصحابة - رضي الله عنهم- ومن أجود ما كتب في ذلك. أ- سيرة ابن هشام. ب- سير أعلام النبلاء للذهبي. (3) قراءة كتب الرقائق، ومنها: أ- كتاب الرقائق في صحيح البخاري -رحمه الله-. ب- كتب الشيخ عبد العزيز السلمان -رحمه الله - ومعظمها في هذا الموضوع. (4) الإكثار من النوافل بعد الفرائض، وكثرة الذكر وقراءة الأوراد الصباحية والمسائية، وكثرة الدعاء بترقيق القلب وتليينه. (5) تذكر الآخرة، وأهوالها، وحرَّها، وطول مقامها، وتذكر النار -عياذاً بالله- وجحيمها ونكالها. (6) هجر المعاصي، وعلى رأسها النظر إلى القنوات والفضائيات، وترك التبرج والسفور وفضول النوم والطعام، والإسراف في المباحات. (7) تذكر تفاهة الدنيا وحقارتها، وأنها إلى فناء وشيك وانصرام قريب، وأنه لا عيش إلا عيش الآخرة. وفقك الله وأعانك، والسلام عليك.

الأسباب المعينة على تصحيح النية

الأسباب المعينة على تصحيح النية المجيب عبد العزيز بن عبد الله الحسين التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 20/09/1426هـ السؤال أريد أن أعلم ما إذا كنت مخلصاً في نيتي أم لا، وإذا لم أكن مخلصاً فكيف أصحح نيتي؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فنشكرك أيها الأخ المبارك على تواصلك معنا، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح. - من علامة الخير أن يوفق المرء إلى تكميل جوانب النقص في نفسه، وأن يسعى في مدراج الكمال، وحرصك -أيها الأخ الكريم- على هذا الأمر نابع من شعورك بإجلال الله وحده، وإرادته بالعمل دون سواه. - وموضوع النيات هو أساس قبول الأعمال أو ردها، وهو أساس الفوز أو الخسران، فهو طريق الجنة أو النار، ولذا كان السلف يولون هذا الأمر جل همهم، حتى قال سفيان الثوري -رحمه الله- (ما عالجت شيئاً أشد من نيتي فإنها تتقلب عليّ) ، وقال آخر: (تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد) . أيها الأخ المبارك: يعرف المرء من نفسه الإخلاص من عدمه بأمور، أبرزها: (1) المخلص لا ينسب ما هو فيه من فضل وخير ونعم إلى نفسه، بل يرجع الفضل إلى الله ولا تهمه مقاييس البشر: "إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً" [الإنسان:9] . (2) إذا قام بالعمل على الوجه المناسب يستوي عنده المدح والذم من الناس، وذلك لأنه ينتظر ثواب الله ورضاه: "وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى" [الليل:19-20] . (3) ستر العمل عن أعين الناس، خصوصاً في الجوانب التي ليس لهم فيها متعلق. (4) الشعور بالتقصير في حق الله مع القيام بالعمل على أكمل وجه. أيها الأخ المبارك: أما كيفية تصحيح النية فيحصل بأمور، من أهمها: 1- أن تستشعر أنه لا راحة للقلب ولا طمأنينة ولا حياة إلا بالإخلاص لله، فإن هذا الشعور يورث في القلب تجديد النية في كل حين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وإذا لم يكن العبد مخلصاً لله استعبدته الكائنات، واستولت على قلبه الشياطين. أ. هـ بتصرف. 2- أن يسأل المرء نفسه عند قيامه بكل عمل: هل هو لله أم أراد به محمدة الناس وثناءهم عليه، فإن كان لله تقدم، وإن كان لغيره تأخر، ولا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصاً وأريد به وجهه. 3- شعورك أن الله مطلع على ما في قلبك، وما يمر في خاطرك يدفعك إلى تصحيح النية، وهذه من سمات صفوة الخلق، كما جاء في حديث جبريل عليه السلام: "الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". أخرجه البخاري (50) ، ومسلم (9) . 4- الدعاء: وقد جاء في الحديث الثابت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل "فقيل له: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: قولوا: "اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم" رواه أحمد (19606) وصححه الألباني. وكان عمر -رضي الله عنه- يقول في دعائه: "اللهم اجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحدٍ فيه شيئاً". وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

أشعر أن كل عبادة أفعلها لن يقبلها الله

أشعر أن كل عبادة أفعلُها لن يقبلها الله المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 17/9/1424هـ السؤال السلام عليكم. بدأت مشكلتي منذ بداية الصيف، حيث أصبحت أرى أن عبادتي غير كافية، وأن كل عمل وعبادة أفعلها غير متقبلة، مثل الصلاة والاغتسال، وأحس أن الله لن يغفر لي ذنوبي، وأنه لن يدخلني الجنة على الرغم من أنني كنت استمتع بأداء العبادات، وكنت أحس أن الله سيدخلني الجنة، فما الحل؟. الجواب أختي الفاضلة: لا بد أن هناك سبباً معيناً وراء هذا الشعور الذي بدأ معك هذا الصيف، فابحثي عن السبب، وتذكري ما الذي حصل بالضبط واذكريه إن كان ذلك ممكناً في سؤال آخر لأتمكن من الإجابة عليه، وسافترض بعض الافتراضات في حالتك: قد تكونين سمعت محاضرة فيها شيء من التشديد في شروط قبول الأعمال، وكلام من كلام المتصوفة في عدم إمكان الإخلاص وصعوبة قبول الأعمال عند الله، ونحو ذلك من الكلام. فاعلمي أختي أن رحمة الله واسعة وأنه سبحانه قد وعد عباده بحسن الجزاء على أعمالهم فقال: "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره" [الزلزلة:7] ، وقال تعالى في كتابه الكريم: "فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون" [الأنبياء:92] ، والله سبحانه كريم إذا وعد وفى، وإذا (توعد) عفا، فتأملي أختي في آيات رحمة الله وأقرئيها كثيراً ومنها: "وربك الغفور ذو الرحمة" [الكهف:58] ، وقوله: "فقل ربكم ذو رحمة واسعة" [الأنعام:147] . فاكثري القراءة للقرآن، وقفي كثيراً مع آيات الرحمة، واسألي الله من فضله واقرئي ما ورد في السنة في باب سعة مغفرة الله ورحمته في كتاب رياض الصالحين أو غيره، وقد يكون لهذه الحالة سبب آخر وهو وقوعك في معصية كبيرة، فسعى إبليس لإيقاعك في القنوط من رحمة الله واليأس منها، فاستعيذي بالله من شر الشيطان وكيده، واستغفري الله، وثقي بعظيم عفوه وسعة مغفرته فهو سبحانه يغفر الذنوب جميعاً، ولم يستثن إلا الشرك لمن مات عليه أعاذنا الله من ذلك، فهو سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين، ويفرح بتوبة عبده، وقد غفر لامرأة بغي (تؤجر نفسها للزنا) ، بسبب رحمتها لكلب سقته، فكيف بمؤمنة، إن رحمة الله واسعة، واعلمي - حفظك الله- أنه لا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون، فهل تريدين أن تكوني منهم؟ أعاذك الله من ذلك. إذا لم يكن للأمرين السابقين والسببين اللذين ذكرتهما أي حقيقة في واقعك، فالوضع قد يكون بداية وسواس مرض يحتاج إلى البدء في علاجه، وعدم التأخر، فأقترح عليك زيارة طبيبة نفسية مسلمة ثقة، أو طبيب مسلم نفساني ثقة في دينه وخلقه بحضور أحد محارمك، واعرضي حالتك بوضوح، وستجدين بإذن الله العلاج المناسب. أسأل الله لك التوفيق والسداد والثبات، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يعاني سرعة الغضب والشجار مع والديه

يعاني سرعة الغضب والشجار مع والديه المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 8/1/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بالنسبة لمشكلتي هي أنني كثير الشجار مع والديّ، وأنا من الشباب الحريصين على الخير والطاعة، لكن لا أعلم ماذا أفعل؟ فأنا سريع الغضب، ولا أقوى على إمساك غضبي، مع أنني أعرف حق المعرفة التهديد والوعيد الإلهي لعاق الوالدين، وكذلك فإنني أشعر بالملل، والسأم، وأقوم بإهمال دراسة العلوم الدنيوية مع اهتمامي بالعلوم الشرعية، والطامة الكبرى التي أعاني منها هي أنني أريد الارتقاء بإيماني، لكني أشعر أن إيماني في الحضيض، فأنا لا أخشع كثيراً في الصلاة، وعند قراءة القرآن لا تدمع عيناي، وكأني أحس بأن قلبي كالصخر الشديد التصلب، وكذلك فإني لا أجد بركة في الوقت، هذا بالنسبة لمشكلتي، وأرجوكم كل الرجاء ألا تبخلوا عليَّ بدواء أو نصيحة؛ لعل الله أن يكتب الشفاء لي على أيديكم ... -وجزاكم الله خيراً-. الجواب الأخ الفاضل: - وفقه الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أهنئك على الالتزام بالدين، وأسأل الله أن يزيدك إيماناً وهدى. أولاً: بخصوص الشجار مع والديك، وسرعة الغضب معهم لا شك أن هذا السلوك ناشئ عن قصور معين لديك، لذلك أنصحك بما يلي: - كثرة القراءة، والسماع حول موضوع بر الوالدين وعقوقهما فإن كثرة ذلك تسبب تأثيراً طيباً، وسداً لنقص وقصور موجود في قلبك، وهذا الأمر مجرب. - تذكَّر في كل تعامل مع والدك الآثار الحسنة لبر الوالدين، والآثار السيئة لعقوق الوالدين فمن ذلك: تذكر أن البار موفق في دنياه وأخراه، بينما العاق يحرم من خير كثير، وتذكر أن الجزاء من جنس العمل، فمن قام ببر والديه هيأ الله له أولاداً يقومون ببره، ومن عق والديه أسخط الله عليه أولاده، وتذكر أنك بعقوق والديك تشوه سمعة المتمسكين بالدين، وسمعة الملتزمين بالدين، وهذا صد عن سبيل الله، وتذكر أنك ببرك لوالديك تكون داعياً إلى الله بعملك، ومحبباً للناس في الالتزام بدين الله، وهذه دعوة إلى الإسلام والالتزام، ولكن بصمت، وتذكر أنهما بابان تدخل منهما إلى الجنة. - صاحب أناساً بارين بوالديهم، وجالسهم، واقرأ قصصهم، وسيكون لذلك أثر طيب عليك - إن شاء الله-. ثانياً: بخصوص إهمالك العلوم الدنيوية مع اهتمامك بالعلوم الشرعية. -الاهتمام بالعلم الشرعي أمر حسن، وتشكر عليه. - عدم اهتمامك بالأمور الدنيوية له حالات: فإذا كنت متخصصاً في العلوم الدنيوية كالطب والهندسة، والحاسوب، والزراعة، والفيزياء، وغير ذلك، ومع ذلك لا تهتم بهذا التخصص، فهذا لا شك أنه خطأ؛ لأن اهتمامك يرفع مستواك، وهذا أمر تحتاج إليه الأمة المسلمة؛ ولأن اهتمامك يعطي صورة حسنة عن المتمسكين بالدين؛ ولأن عدم اهتمامك بتخصصك قد يؤثر على أمانتك في عملك، وبالتالي قد يؤثر على شرعية مالك الذي تكسبه من العمل في هذا التخصص، أما إذا لم تكن متخصصاً في هذه العلوم الدنيوية فالأمر سهل. ثالثاً: بخصوص ضعف الإيمان: - يجب أن تعرف أن هذا الشعور يشعر به عدد كبير من الناس، فلا تظن أن المشكلة مصيبة لم تحدث من قبل، وأنا أحب أن تعطي الموضوع حجمه المناسب. - هناك أشياء تزيد الإيمان، وترقق القلب، فاحرص عليها، وإذا عملتها، ولم تجد تحسناً فاصبر؛ حتى يأتي الله بالفرج. - حاول واجتهد، وكرر المحاولة، ولا تيأس. أسأل الله أن يجعلك من عباده الصالحين، والسلام عليكم ورحمة الله.

أعاني قسوة قلبي

أعاني قسوة قلبي المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 1/1/1425هـ السؤال السلام عليكم. مات قلبي، ولا أدري ماذا أفعل؟ فأصبحت الطاعات ثقيلة على قلبي، فأنا لم أعد كما كنت سابقاً، أرجوكم أريد خطوات عملية؛ لكي أعود كما كنت، وما حل استثقال الطاعات الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً-، وبعد: إلى الأخ الفاضل: - سلمه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن ما تجده في نفسك الآن من ثقل الطاعة، وموت القلب هو بداية العلاج الصحيح لهذه الحالة المرضية التي تعاني منها، ولكن هذه الحالة لم تكن وليدة اليوم، بل نتيجة موجة عارمة من فيروس المعاصي والمنكرات هجم عليك، وصادف غيبة من جنود المناعة التي عندك، والمتمثلة في الطاعات، وأخذ هذا الفيروس منك مأخذاً عظيماً حتى كاد أن يقضي عليك، ولكن رحمة الله بك كانت أوسع، فما زال فيك الخير متأصلاً، فاتقدت جذوة الإيمان في قلبك، فقام بتجميع ما بقي من جنود، لكي يهاجم هذا العدو الكاسح، وهو يريد المدد والعون، فعليك بإمداده بتلك الجنود: (1) الدعاء وبإلحاح، وخضوع واستكانة لله - جل وعلا- وتحري أوقات الإجابة. (2) تذكر الموت وشدته، وسكراته، ويفضل حضور الموتى ساعة الاحتضار؛ لكي تعاين الأمر بنفسك، وتخيل بأنك ستصير على هذه المصير، وقد قيل: ليس من سمع كمن رأى. (3) تذكر القبر وظلمته، ووحشته، وسؤال منكر ونكير، وما في ذلك من شدائد عظام وأهوال جسام. (4) زيارة القبور، وتذكر أهلها، وكيف كانوا؟ وإلى أين صاروا؟ فانتبه، فهم لك سلف وفرط، وأنت عما قريب بهم لاحق. (5) تذكر يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة، يوم الطامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين، وأنت منهم، وقد دنت الشمس من رؤوس العباد، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد. (6) تذكر الحساب والعرض على الجبار - جل جلاله- وتذكر الذنوب والمعاصي التي اقترفتها فماذا تكون حالك في ذلك الموقف الرهيب؟ وربك سائلك عن كل شيء، عن كل كبير وصغير، عن الفتيل والقطمير، فأعد للسؤال جواباً، وللجواب صواباً. (7) تذكر شخوص الأبصار والناس ينتظرون لفصل القضاء، فماذا يكون قلبك، وأنت تنتظر الجواب، إما بالبشارة بالجنة وإما بغيرها، نسأل الله لنا ولك العافية.

(8) تذكر تطاير الصحف فمنهم من يأخذ الكتاب باليمين، ومنهم من يأخذه بالشمال، "فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ" فما جزاؤه يا رب؟ "خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ" لماذا يا جبار السماوات والأرض؟ "إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ" فماذا له عندك اليوم يا الله؟ "فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ" [الحاقة:19-37] . (9) تذكر الصراط وحدته، وأنه نصب على متن جهنم، والناس في اجتيازه متفاوتون منهم من يجوزه كالبرق، ومنهم يجوزه كالريح، ومنهم من كأجواد الخيل، ومنهم يمشي سالماً، ومنهم من تأخذه الكلاليب تارة وتدعه أخرى، ومنهم من ينكب على وجهه في نار جهنم -والعياذ بالله-. (10) تذكر منصرف القوم بين يدي الله "فريق في الجنة وفريق في السعير" [الشورى: 7] ، "فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ" [هود: 106-108] ، فيا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت. (11) تذكر أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم، والسعادة الأبدية، وما لا يخطر لك ببال ولا يتصوره الخيال، نسأل الله من فضله، فاعمل؛ لتكون من أهل الجنة، وعليك أن تقرأ في هذا الجانب كتاب (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) لابن القيم - رحمه الله تعالى-. (12) تذكر أهل النار وما هم فيه من العذاب المهين، والعقاب الأليم، حتى يتمنوا الموت وما هم بميتين، يصترخون فيها فلا يجاب عليهم إلا بقوله -تعالى-: "اخسؤا فيها ولا تكلمون" [المؤمنون:108] ، وهنا ييئس أهل النار من كل خير، نسأل الله العفو والعافية، وإن شئت المزيد في هذا الباب، فاقرأ كتاب: (التخويف من النار) لابن رجب الحنبلي - رحمه الله تعالى-. (13) أكثر من زيارة المرضى، وأهل المصائب؛ لكي تعرف مدى نعمة الله عليك بالصحة والعافية. (14) تذكر أهل الحاجات من الأيتام، والأرامل، والمساكين، والفقراء؛ لتعرف مدى نعمة الله عليك بالمال. (15) اسع في قضاء حوائج من تستطيع من أهل الحاجة والفقراء. (16) أقبل على الله بفعل الخير من إقامة الصلاة وحضور مجالس الذكر، والصدقة، وصلة الرحم، وإعانة الضعيف، والمظلوم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغيرها كثير.

(17) اجعل لنفسك برنامجاً دعوياً، ونشاطاً في الحي الذي تسكن فيه؛ وذلك بالمشاركة مع أهل الخير عندكم كإمام المسجد، وطلبة العلم، والصالحين. (18) اجعل لك ورد يومي مع كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وقراءة سير السلف الصالح؛ لتأخذ العبرة من حياة أولئك الأبرار، وفي مقدمتهم إمام الهدى محمد - صلى الله عليه وسلم-. (19) أكثر من قراءة الكتب الوعظية، والتي تزيد إيمانك، وكذلك سماع الأشرطة الدعوية النافعة. هذا، والله أعلم، والله أسأل أن يمن علينا وعليك، وعلى كل مسلم بالهداية والتوفيق لما يحب ويرضى من الأقوال والأفعال، والأعمال، ونسأله الثبات على الحق حتى الممات؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أريد أن أقوي إيماني

أريد أن أقوي إيماني المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 12/04/1425هـ السؤال أنا فتاة مسلمة، ولكني أحس في لحظات كثيرة أني لست كذلك، أحس وكأنني ضعيفة لا أصلح لشيء، حتى إني أكره نفسي، أعرف أن الله موجود، وهذه حقيقة مطلقة، ولكن أجد في نفسي شيئاً يقول عكس هذا، هل أنا كافرة؟ أم ماذا؟ أم إنه الشيطان؟ أعيش في عذاب، أريد أن أؤمن بالله، وأنا أصلي كثيراً، وأن أقوم الليل أريد أن أكون قوية الإيمان لا أشعر بأي ضعف أو تردد. أرجوك قل لي: ماذا أفعل؟ فأنا أعيش في حيرة ساعدني خير. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. الجواب الأخت الكريمة: -سلمها الله ورعاها-. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: أولاً- إن هذا الشعور الذي تذكرينه يدل على بداية صحوة إيمانية في قلبك، ذلك أن كره المعصية والحالة المتردية في نفس الإنسان من الشك وما شابهه دليل صادق على بداية التحرر من اتباع الشهوات وتمكن الشبهات والعيش في الغفلات. ثانياً- وإن هذا الشعور المذكور آنفا يحتاج إلى توجيه ليكون مثمراً نافعاً لصاحبه، وإن ما تذكرينه بلا شك ناتج عن قلة وعي وفهم للدين وبعد عن سماع العلم، والمواعظ، والذكر، ومن هنا أنصحك بما يلي: أ- أن تقبلي على كتاب الله قراءة ومدارسة وحفظاً ولو شعرت في البداية بثقل في الأمر، لكن الاستمرار والإصرار على أنه دواء وشفاء يوصلك إلى درجة الاطمئنان والسكينة عند قراءته، وإذا تيسر لك أن تلتزمي بحلقة تحفيظ للقرآن الكريم، وحفظ ما يتيسر لك من كتاب الله -عز وجل- فحسن ورائع فإنها مجلس من مجالس الذكر التي تصقل القلب وتحي الروح، وتجعلك أكثر حباً لله ورسوله ولدينه، وفيها سبب لنجاتك فتدارك أمرك وفقك الله. ب- إذا تعذر قراءة القرآن فلا أقل من سماعه من قاري تحبين سماع صوته فإن ذلك مفيد جداً وهو عبادة يؤجر عليها الإنسان. ت- من المهم جداً أن تقرئي في كتب العلم النافع المقوية للإيمان، واليوم أدنى زيارة لأي مكتبة تجدين فيها أنواعاً من الكتب الدينية النافعة فانظري أقربها إلى فكرك وعقلك فخذيه واقرئيه. ث- عليك بسماع الأشرطة المشتملة على الوعظ والإرشاد وتقوية الإيمان، وما عاد خافياً كثرة تلك الأشرطة سواء في التسجيلات الإسلامية أو عبر المواقع المختلفة التي تعنى بالشريط الإسلامي المفيد، فأقبلي عليها واكثري من سماعها. ج- أنصحك بمشاهدة فيلم الوعد الحق الذي أعده فضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني؛ فإنه رائع في مادته، وكذلك الكتب والمجلات المتعلقة بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة؛ وهي كثيرة اليوم.

ثالثاً: ابحثي عن صحبة صالحة تستعينين بها بعد الله على تقوية إيمانك والقيام بالأعمال الصالحة فإن الصحبة الخيرة والصالحة مما أمر الله بلزومها في قوله:"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" [سورة الكهف: 18/28] ، كما أنها صمام أمان في عصر كثر فيه المخذلون عن الخير والمفسدون في الأرض. رابعاً: أكثري من قولك: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" مع استشعارك للحاجة إلى الله في دفع هذا الضعف والشك والحيرة. خامساً: من الخطأ أن تسيء الظن بنفسك وأنك لا تصلحي لشيء، على العكس أنت مهيئة كثيراً للالتزام وفيك خير كثير وبإمكانك أن تكون من خير الناس إذا صدقت مع الله وأقبلت عليه بفعل ما يحب وترك ما يبغض ويكره، وأخرجت قدراتك في الإصلاح والتوجيه فسينفع الله بك غيرك، وما ذلك على الله بعزيز. سادساً: عليك بكثرة الدعاء، والسؤال، واللجوء إلى الله أن يصرف قلبك إلى طاعته بصدق، وأن يعلق قلبك به سبحانه، وأن يعينك على الاستقامة الحقة، ويبعد عنك وساوس الشيطان فإنه قادر على كل شيء، وبيده مقادير السماوات والأرض. سابعاً: اعلمي أن النجاة في الدنيا والآخرة والتوفيق والسداد متوقف على مدى استقامتك على دين الله -تعالى-، وقد أمر الله -عز وجل- عباده بالاستقامة في غير ما موطن في كتابه للتأكيد على وجوبها وأهميتها في حياة المسلم، قال تعالى: "فاستقم كما أمرت ومن تاب معك"، وقال: "فاستقيموا إليه واستغفروه"، وقال في بيان عاقبة الاستقامة: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون"، فذكري نفسك بهذا لتتقوى على الاستقامة الجادة. ثامناً: تذكري عاقبة الغفلة والبعد عن الله على صاحبه فإن لها شؤماً قد يكون مدمرا لحياة الإنسان وآخرته فاحذري الاستهانة بذلك. أخيراً- لا تملي ولا تكلي من التوجه إلى الله أن يثبت قلبك ويربط عليه بالحق. ولا تيأسي؛ فإن الله معك، واعلمي أنك لست وحدك الذي يعاني من ذلك؛ بل الكثير، ومنهم من انتصر على ذلك وأصبح داعيا لله، قانتا، وتائباً، ومنهم من صار منارة للإسلام والمسلمين، وحينما تنظرين إلى ما أنت فيه تعلمين يقيناً انك في نعمة عظيمة ورخاء شديد لكنك مقصرة في استثمارها في طاعة الله -عز وجل-. وإني لأتوجه إلى الله بأن يمن علي وعليك بالهداية والرشاد والسداد والثبات على الحق، وأن يملأ قلبي وقلبك إيمانا وتقوى، وأن يهدينا سواء السبيل إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

لا يهتم بقبول العبادة من عدمه

لا يهتم بقبول العبادة من عدمه المجيب د. هاني عبد الشكور عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز - قسم الدراسات الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 03/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب، عمري 20 سنة، أذكر الله بعد صلاة الفجر، وأصلي أغلب الصلوات في المسجد، وأقوم بحفظ القرآن ... إلخ، ولكن يا شيخ أعاني من مشكلة، وهي أنني عندما أقوم بالعبادة لا أخاف ألاَّ تقبل مني أو لا، ووالله يا شيخ إنني أحمل هذا الهم وأفكر فيه كثيراً، وأريد أن أتخلص منه، وأتذكر عبادة السلف الصالح وخوفهم من ألا يتقبل منهم، وأعلم أنني مقصر، ولكنني أعاني من هذه المشكلة، وأعلم أنني لو عبدت الله الدهر كله لم ولن أفي بجزء بسيط من نعمة الله، فيا شيخنا أرجو أن تحل لي هذه المشكلة. إذا أردت أن أدعو الله أن يذهب مني ما أجد فماذا أقول في دعائي؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فأسأل الله لك -أيها الأخ السائل- الثبات على طريق الاستقامة، والقبول لجميع أعمالك الصالحة، أما بالنسبة لما ذكرت في سؤالك من حملك لهمِّ القبول فهو شعور طيب، وهو من صفات المؤمنين، حيث وصفهم الحق - سبحانه- بقوله: "والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون" [المؤمنون:60] ، وقد فسرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم الذين يعملون الأعمال الصالحة، ثم يقع عليهم الهم ألا تقبل منهم أعمالهم، كما في المسند (25705) وجامع الترمذي (3175) وتفسير الطبري (17/70-71) . لكن ينبغي لك أن تعلم - أيها الأخ-: (1) أن هذا الشعور لم ينقلب عندهم إلى حد الوسوسة، والتي ربما كانت مدخلاً للشيطان لصرف المؤمن عن العمل الصالح، ولا يخفاك أن اللعين يتفنن في أساليبه لصرف الصالحين عن طاعة الله، فاحذر من هذا. (2) إن هذا الشعور لا يمنع أن يكون المؤمن حسن الظن بالله، فقد وعد الله عباده الصالحين بأن يتقبل منهم أحسن ما عملوا، ويزيدهم من فضله، ونحن مأمورون بحسن الظن بالله، والله عند ظن عبده به، كما جاء في الحديث عند البخاري (7405) ، ومسلم (2675) . (3) المسلم حينما يعبد الله ويطيعه فإنه يقوم بما أمره الله، وبما حثه عليه الشرع الحنيف، وهو بعد ذلك يفوض الأمر إلى الله في قبول الأعمال "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [الطلاق:3] . ومما سبق يظهر لك أيها السائل أنه لا بد من الاستمرار في طريق الطاعة وحسن الظن بالله والاعتماد عليه، وطرد وساوس الشيطان، ولزوم الدعاء وسؤال المولى - سبحانه- الثبات. أما بالنسبة لصيغ الدعاء فبإمكانك الرجوع إلى الكتب المؤلفة في ذلك، كالأذكار للنووي والوابل الصيب لابن القيم، وتحفة الذاكرين للشوكاني، وغيرها. والله الموفق.

لقد قسا قلبي

لقد قسا قلبي المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس التاريخ 24/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو: أنني أحب الدين والملتزمين به، -والله يعلم-، ولكنني ضعيفة في نفسي، كثيراً ما أقع في ذنوب، وربما أعلم أنها معاص، ولكنني أستمر فيها، بالرغم من أنني أحفظ الكثير من القرآن الكريم، بل شارفت على ختمه حفظاً، ومما يزيد همي أن الناس من حولي يظنون بي الخير والصلاح، والله يعلم عصياني وسيئاتي، كم أحب أن أقوم الليل وأحفظ لساني، وأحافظ على الأذكار، إنني أشعر كأنني في بحر لجي، يغشاه موج، من فوقه موج، من فوقه سحاب، خاصة وقد كنت أقوم من الليل، وأصوم، ولي أذكار أحافظ عليها، ففقدت من هذا الكثير حتى قسا قلبي، وجفت عيني، وضاقت علي الأرض. فأفيدوني -مأجورين جزاكم الله خيراً-. الجواب إلى الأخت السائلة: - وفقها الله - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: تذكرين أنك تحبين الدين والملتزمين، وأنك قاربت حفظ القرآن، وأنك تعملين المعاصي، ومستمرة عليها، وأنك كنت تقومين الليل، وتصومين ... ثم فقدت كثيراً من ذلك الخير فقسا قلبك، والجواب: 1- يا أختي الكريمة لتعلمي أن الذنوب لها ضريبة وعاقبة، ومن عواقبها الحرمان من الخير، وقسوة القلب، وغضب الرحمن، وفرح الشيطان، وضيق الصدر، وفقدان التوفيق في الدنيا والآخرة، "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا" [طه: 124] ، "ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين" [النساء: 14] . 2- إن المعاصي يأخذ بعضها برقاب بعض، فتجر بعضها بعضاً، فالسيئة تجر إلى مثيلاتها. 3- إن كل طاعة من صلاة، وقرآن وذكر، وإحسان، وخشوع، وبر، هذا الخير لا يهبه الله إلا لمن أحب، ولا يحبه الله إلا إذا صدق مع ربه ووالاه، وأحبه ورجاه، أما الدنيا من المال والجاه، فإن الله يهبها لمن يحب، ومن لا يحب، فإذا أردت أن يوفقك الله للطاعة فجدي في طلب الإعانة من الله؛ لأن العبد لا يستطيع تحصيل حسنة واحدة إلا بإعانة الله وتوفيقه. 4- إن غالب الذنوب دافعها الشهوات، فتألفها النفس، ولا يسهل تركها إلا من تركها جميعاً لوجه الله -تعالى- ولا يقطع الشهوات من القلب، وترك محبوبات النفس إلا التعلق بالله، والدار الآخرة، واحفظ الله يحفظك. 5- تعوَّذ النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحور بعد الكور، يعني من الرجوع بعد الإقدام، أنرجع من الطاعة إلى المعصية؟ لهذه حال سيئة، وسبيل للشيطان يزين للعبد؛ ليعرض عن كلام ربه، وحلاوة مناجاته ... لا بد -من الآن- من توبة نصوح، ودموع صادقة، وإقبال بندم، وانكسار على الله، ثم أبشري بالخير.

الصبر

مصائبنا والصبر عليها..!! المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الصبر التاريخ 25-3-1423 السؤال فضيلة الشيخ /سلمان العودة ... حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة أود أن ترشدني يا شيخ إلى كيفية التعامل مع المصائب إذا وقعت كموت قريب مثلا وهل لقوة الإيمان علاقة مباشرة بشدة الصبر؟ خاصة وأنه عند وقوع المصائب يصعب- في رأيي -استحضار ما أعده الله من أجر للصابرين، وأن هذه المصيبة ابتلاء وامتحان، وأنها قدر كتبه الله قبل خلق السماوات والأرض، وماهي أهم الأسباب لزيادة قوة الإيمان الجواب الأخت الكريمة: وفقها الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أعظم وسيلة لمواجهة المصائب هي: الصبر، ولذا عظمت وصية الله به، والحياة الدنيا مبناها على المخاطرة وكثرة الأعراض والحوادث، وقد مدح الله تعالى الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا" إنا لله وإنا إليه راجعون " ووعدهم، بالصلوات والرحمة والهداية، فنعم الحملان ونعمت العلاوة كما قال عمر رضي الله عنه. والناس يتفاوتون في الصبر. 1-فمنهم من لديه صبر وإيمان. 2-ومنهم من ليس له إيمان ولا صبر. 3-ومنهم من عنده صبر بلا إيمان. 4-ومنهم من عنده إيمان بلا صبر. وأكملهم هو من استجمع الصبر والإيمان، قال تعالى: "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين" وعلى العبد أن يتذكر نعم الله تعالى عليه في نفسه وأهله وولده وماله. وأن يحمده سبحانه أنه المصيبة لم تكن في دينه، فإن كل مصيبة دون الدين فهي تهون. وأنها لم تكن أشد مما كانت، فلا شك أن كل مصيبة فثمت مصيبة أعظم منها تهونها لو وقعت. وأن يتذكر عظيم الأجر والمثوبة للصابرين. وأن يعلم أن الجزع لا يدفع من القدر شيئاً، والأمر الذي وقع وقع ولا سبيل إلى رده، فلم يبق إلا أن يحافظ على أجره وثوابه. والله مالك الملك وكل شيء له ومنه وإليه، فله ما أخذ، وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، وإنما يعطي الصابرون أجرهم بغير حساب، فلهم الجنات والدرجات والنعيم المقيم. رزقنا الله، وإياكم الصبر ولا حرمنا عظيم الأجر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

الصبر

الصبر المجيب يوسف السيف مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الصبر التاريخ 27-2-1424هـ السؤال كيف نجسد الصبر على الواقع (الصبر على المعصية، على الطاعة، على البلاء) ؟ حبذا أن يكون الجواب مفصلاً وبشكل معمق وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نشكر لك تواصلك معنا في موقع "الإسلام اليوم" والجواب على سؤالك ما يلي: • إن الله تعالى جعل الصبر جواداً لا يكبو، وصارماً لا ينبو، وجنداً لا يهزم، فهو والنصر أخوان شقيقان، فالنصر مع الصبر والفرج مع الكرب. وجعل الله الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين قال تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) . • ولقد بشر الله الصابرين بثلاث خصال كل واحدة منها خير مما عليه أهل الدنيا يتحاسدون فقال تعالى (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وألئك هم المهتدون) البقرة7. • وأوصى الله تعالى عباده بالاستعانة بالصبر والصلاة على نوائب الدنيا والدين فقال تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) البقرة آية 45. • والصبر قسمان. قسم بدني، وقسم نفساني وكل منهما نوعان: اختياري واضطراري. فهذه أربعة أقسام:- الأول: البدني الاختياري: كتعاطي الأعمال الشاقة على البدن اختياراً وإرادة. الثاني: البدني الاضطراري: كالصبر على ألم الضرب والمرض والبرد والحر وغيرها. الثالث: النفساني الاختياري: كصبر النفس عن فعل ما لا يَحْسُنُ فعله شرعاً ولا عقلاً:- وهو صبر عن مشتهيات الطبع ومقتضيات الهوى. وهذا النوع إن كان صبراً عن شهوة البطن والفرج سمي عفة، وإن كان صبراً في القتال سمي شجاعة، وإن كان في كظم الغيظ سمي حلماً، وإن كان نائبة أو مصيبة سمي سعة صدر، وإن كان في إخفاء أمر من الأمور سمي كتمان سر، وإن كان في فضول عيش سمي زهداً، وإن كان صبراً على قدر يسير وجزء قليل من الحظوظ والمتع المباحة سمي قناعة، ومن هنا يتضح لنا كيف أن الصبر حوى مجامع الأخلاق وأنواع السلوك النفسي الحسن المرضي لله عز وجل. الرابع / النفساني الاضطراري: كصبر النفس عن محبوبها قهراً إذا حيل بينها وبينه كأي محبوب للنفس لا يمكن الاستغناء عنه مثل الذي يفقد ولده فهذا يضطر أن يصبر نفسياً على فقد فلذة كبده. وقد قسم العلماء الصبر باعتبار متعلقه إلى ثلاثة أقسام:- أولاً:- الصبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها:- فيصبر المسلم على الطاعة لأنه يعلم أن الله خلقه لعبادته [وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون] فيصبر على العبادة صبر المحبِّ لها الراغب فيها الذي يرجو بصبره ثواب الله، يصبر على إخلاص الدين لله، يصبر على فرائض الإسلام كلها، فهو صابر على الصلوات الخمس صبر المحب لها الراغب فيها، يؤديها عن طمأنينة ورغبة فيها ومحبة لها وتعظيماً لشأنها وهكذا في جميع العبادة البدنية والقلبية ...

ثانياً:- الصبر على المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها:- فالمسلم يصبر على معاصي الله، يصبر عن الأمور التي حرمها الله عليه، يكف نفسه عنها، ويلزمها الصبر والتحمل، ويتذكر مقامه بين يدي الله [ولمن خاف مقام ربه جنتان] يصبر عن مشتهيات النفس التي تدعوه إلى المخالفة، يصبر فيغض بصره، يصبر فيحصن فرجه، يصبر فيمتنع عن الحرام وكل المغريات التي تدعوه إلى المخالفة، صابر في كونه يؤدي الأمانة ويؤدي الحقوق إلى أهلها، صابر في حسن تعامله. ثالثاً / صبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها:- المسلم كذلك يصبر على أقدار الله المؤلمة التي قد تناله في جسده أو في ماله أو في ولده يؤمن حق الإيمان بأن الله على كل شيء قدير وأن الله علم الأشياء قبل كونها وكتبَها وشاءَها وقدرَها (جاء في الحديث) [عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، أو أصابته سراء شكر فكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن وقال تعالى {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال علقمة:- وهو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. وأختتم جوابي بهذه الآية الكريمة التي لو قرأها الإنسان وتدبرها لهانت عليه مصائب الدنيا قال تعالى {ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} (سورة البقرة) وهذه الأنواع الثلاثة (أقسام الصبر) هي التي قال فيها الشيخ عبد القادر في [فتوح الغيب] لا بد للعبد من أمر يفعله، ونهي يتجنبه وقدر يصبر عليه] وأخيراً من أراد الاستزادة فليراجع الكتب التي تتحدث عن الصبر والصابرين. وأنفس شيء في هذا هو كتاب [عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين] للإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى ... أسأل الله تعالى أن يفقهنا في دينه إنه سميع مجيب الدعاء،،،

فجع بولده ويخاف أن يضعف صبره

فُجِعَ بولده ويخاف أن يضعف صبرُه المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الصبر التاريخ 19/11/1424هـ السؤال السلام عليكم. توفي لي ولد، وكنت أحبه حباً جما، فتصبرت طمعاً في الأجر من الله، والله لا يخلف الميعاد، لكن بعد مرور ثلاثة أو أربعة أشهر على وفاته أخذت تنتابني موجات من الحزن العميق كلما ذكرته، وأمور لا أستطيع وصفها حتى إنني أتمنى الموت حتى أراه، وغالباً ما ألوم نفسي على ذلك، وأخاف أن يذهب أجر الصبر، ولا أعلم إن كان ذلك من الجزع أم هي مجرد عاطفة الأبوة؟ أتحرج كثيرا من الشكوى للمقربين؛ خوفاً من أن يدخل ذلك في الجزع والتذمر من قدر الله. أرجو منكم توجيهي لما يجب عمله. وفقكم الله لكل خير. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فبداية أقول لك: "إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب" جزء من حديث متفق عليه عند البخاري (6602) ، ومسلم (923) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما-. وعن أنس - رضي الله عنه- قال: مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بامرأة تبكي عند قبر فقال: "اتقي الله واصبري" فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي - صلى الله عليه وسلم-، فأتت باب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك، فقال: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" متفق عليه عند البخاري (1283) ، ومسلم (926) . فيا أخي الكريم: اصبر واحتسب ابنك عند الله، فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، قال تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" [البقرة:155-157] . واعلم - وفقني الله وإياك- أنك إذا احتسبت ابنك فسوف يجزيك الله الجزاء الأوفى، أتدري ما هو الجزاء الأوفى؟ إنها الجنة التي أعدها الله لعباده المتقين فيها ما لا عين رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يقول الله - تعالى - ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" أخرجه البخاري (6424) .

أما ما أنت فيه من حزنك على ابنك، وما يعتريك من ألوان الأسى والحزن كلما هبت عليك رياح ذكراه فهذا من الرحمة التي أودعها الله قلوب عباده، فلقد بكى النبي -صلى الله عليه وسلم- عند وفاة ابنه إبراهيم انظر ما رواه البخاري (1303) ، ومسلم (2315) من حديث أنس - رضي الله عنه - وعند وفاة بعض بناته، بل عندما رأى ابن ابنة له يجود بنفسه دمعت عيناه - صلى الله عليه وسلم-، ولما عوتب في ذلك قال - صلى الله عليه وسلم- "هذه رحمة جعلها الله - تعالى - في قلوب عباده"، وفي رواية "هذه رحمة جعلها الله - تعالى - في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" متفق عليه عند البخاري (1284) ، ومسلم (923) من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه. ولقد بكت فاطمة - رضي الله عنها- وأرضاها لما رأت ما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم- من سكرات الموت وشدته. فعن أنس -رضي الله عنه- قال: لما ثقل النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة - رضي الله عنها-: واكرب أبتاه فقال: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم" فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه، فلما دفن قالت فاطمة -رضي الله عنها-: "يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التراب" أخرجه البخاري (4462) . واعلم كذلك أن في صبرك على وفاة ابنك خير عظيم، عن صهيب بن سنان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" أخرجه مسلم (2999) . أما كونك تتمنى الموت من أجل أن ترى ابنك، فهذا لا يجوز لك بحال من الأحوال، فقد ورد النهي عن ذلك. عن أنس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنين أحدكم الموت من ضرِّ أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي" متفق عليه عند البخاري (5671) ، ومسلم (2680) . واعلم أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من يرد الله به خيراً يصب منه" أخرجه البخاري (5645) . فعليك أخي الحبيب أن تتحلى بالصبر والتسليم لقضاء الله وقدره، فإن في ذلك الخير العظيم والجزاء الكبير لك في الدنيا والآخرة، قال - صلى الله عليه وسلم-: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (2396) عن أنس - رضي الله عنه - وقال: حديث حسن. ولكن إذا اشتد عليك الوجد، وأقبل عليك الحزن، وضاقت عليك الأرض بما رحبت، فعليك بالآتي: (1) الجأ إلى الرب - جل وعلا- واسأله أن يرزقك الصبر على ما ابتلاك به، وأن يثبت قلبك ويخلفك خيراً مما فقدت. (2) إذا اشتد حزنك لفقد ابنك، فتذكر مصابك بالحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم- وصدق من قال: وهل عدلت يوماً رزية هالك *** رزية يوم مات فيه محمد وما فقد الماضون مثل محمد *** ولا مثله حتى القيامة يفقد

ولقد أصيب جميع أمته به *** من كان مولوداً ومن لم يولد والناس كلهم بما قد عالهم*** يرجو شفاعته بذاك المشهد يا رب فاجمعنا معاً بنبينا *** في جنة تثني عيون الحسد (3) إذا تذكرت ابنك وما آل إليه، اعلم بأنك إلى هذا المصير صائر، وإلى تلك النهاية تذهب، وقد صدق الله حيث يقول: "كل نفس ذائقة الموت" الآية [الأنبياء:35] نعم كل نفس ذائقة الموت لا فرق بين صغير وكبير، وعظيم وحقير، ورئيس ومرؤوس، فالكل ذاهب، وكل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، ولقد كان سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات: لا شيء مما ترى يبقى بشاشته *** يبقى الله ويود المال والولد لم تغن عن هرمز يوماً خزائنه *** والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا ولا سليمان إذ تجري الرياح له *** والإنس والجن إليه من كل وافد يفد حوض هناك مورود بلا كذب *** لا بد من ورده يوماً كما وردوا (4) عليك دائماً أن تستشعر عظمة الصبر، وما أعده الله للصابرين من الجنة ونعيمها، وهذا مما يهون عليك كثيراً، واعلم أنه من كمال العبودية لله -جل وعلا- الرضا بالقضاء والصبر على البلاء والتسليم لكل ما يجري عليك من الله - جل وعلا- يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (إن للرب على العبد عبوديتان عبودية في الرخاء، وعبودية في الشدة، أما عبودية الرخاء فالشكر، وعبودية الشدة الصبر) ، اهـ. والصبر هو حبس النفس عن الجزع واللسان عن التسخط، والجوارح عن فعل المحرم من لطم الخدود وشق الجيوب. (5) عليك بقراءة سيرة السلف الصالح، وكيف كان حالهم إذا حلَّت بساحتهم المصائب، واعترتهم النكبات.

فقد ثبت في الصحيحين البخاري (5470) ، ومسلم (2144) من حديث أنس - رضي الله عنه- أنه كان لأبي طلحة الأنصاري - رضي الله عنه - ابناً من أم سليم -رضي الله عنها-،ومرض الغلام مرضاً شديداً، وكان أبو طلحة يتعاهده - رضي الله عنه - بالسؤال كلما دخل البيت وخرج، وفي يوم من الأيام مات الصبي وأبو طلحة - رضي الله عنه - خارج البيت، فقالت أم سليم - رضي الله عنها-: لا تخبروا أبا طلحة - رضي الله عنه - حتى أكون أول من يخبر به، وجاء أبو طلحة وسأل عن ابنه كعادته، فقالت أم سليم بعد أن دفنت ابنها: هو أهدأ أو أسكن ما يكون، فظن أبو طلحة - رضي الله عنه - أن الغلام قد عوفي ولم يرد أن يقلقه، وتهيأت أم سليم لزوجها أحسن ما تكون تصنع من قبل، وقربت إليه طعامه، وأصاب منها ما يصيب الرجل من أهله، فلما رأت أنه قد شبع وأصاب قالت: يا أبا طلحة: أرأيت لو أن قوماً أعار عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، فقالت: إن ابنك كان عارية من الله وقد استرد الله عاريته، فاحتسب ابنك عند الله يا أبا طلحة، فغضب عليها، وقال لها: تركتيني حتى تلطخت ثم تخبريني بأمر ابني؟ وما زالت به -رضي الله عنها- حتى هدأ وذهب عنه الغضب واسترجع، ثم غدا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الصبح، وأخبره بما كان من شأنه وشأن أم سليم - رضي الله عنهما- فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بارك الله لكما في ليلتكما" فحملت أم سليم -رضي الله عنها- بعد ذلك بولد سموه عبد الله، يقول أحد رواة الحديث: فلقد رأيت من صلب هذا الغلام سبعة أو تسعة كلهم حفظوا القرآن. هذا الحديث ذكرته بالمعنى لتتضح الصورة، فيا أخي الكريم: احتسب ابنك عند الله، فقد استرد الله عاريته. (6) عليك بقراءة كتاب برد الأكباد عند فقد الأولاد، وكذلك كتاب لفتة الكبد عند فقد الولد، للإمام ابن الجوزي - رحمه الله تعالى -، وكذلك كتاب عندئذ بكى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو من تأليفي، وقد جمعت فيه معظم المواقف التي أبكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وخصوصاً عند فقد الأحبة كأولاده، وجده وعمه، وأصحابه - رضي الله عنهم -، وكذلك عند تذكر الأحبة كأمه، وغير ذلك مما تجده مبسوطاً في الكتاب، وكذلك عليك بسماع شريط: كشف الكربة عند فقد الأحبة، لفضيلة الشيخ: علي القرني - حفظه الله تعالى-. وأخيراً أسأل المولى جلت قدرته أن يرزقك الصبر على فقد ابنك، وأن يجعله لك ولأمه وجاءً من النار، وأن يأخذ بأيديكما إلى الجنة، وأن يكون فرطاً لك ولأمه على الحوض، وأن يرزقكما خيراً منه زكاة وأقرب رحما..إن ربي لطيف مجيب الدعاء. هذا والله أعلم. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ماذا أفعل مع هذا الملحد؟

ماذا أفعل مع هذا الملحد؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الصبر التاريخ 14/3/1425هـ السؤال أنا طالب في المدرسة الثانوية في الصف الثالث؟، عمري 17 سنة، كان لي في السنة الماضية صديق تعرفت عليه حديثاً، ولم أكن أعرف عنه شيئاً حتى اكتشفت أنه (ملحد) ، فناقشته وأقمت عليه الحجة مرة أو مرتين، فما كان رده إلا الهروب، ومن حينها قاطعته، وتبرأت منه؛ امتثالاً لأمر الله، وتزايدت معه الأمور حتى أنه أصبح الآن يستهزأ بالقرآن، ويؤلف النكات الساخرة من الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- والقرآن، وكل ما يتعلق بهذا الدين الحنيف، بكل جرأة، ولقد فتن كثيراً من الشباب، وأصبحوا تقريباً مثله، والذي لم يفتن فإنه يستمع لنكاته فيضحك، وإن لم يضحك فإنه لا يبدي ردة فعل من غيرة على هذا الدين، سألت أخي عن وضعه، فقرأ لي من سورة (ق) ما معناه أن أذكر بالقرآن من يخاف وعيد وأصبر، أنا الآن صابر ولكنني سأنفجر؛ إذ كل يوم يؤلف ويفتن، وما من أحد يرد عليه من رفاقه المسلمين، ولكنني لا أستطيع أن أرى حرمات الله تهدم أمامي ولا أحرك ساكناً، هل أضربه؟ ماذا أفعل؟ هل أضع له حداً؟ أرجوكم أفتوني نحن هنا في بلد علمانية ليس هناك من أشتكي إليه من مدرسين أو إداريين، وحرمات الله تنتهك وليس هناك من يدافع عنها. أفتوني مأجورين الجواب الأخ الكريم/ سلمه الله ورعاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: أولاً: أشكر لك غيرتك على محارم الله وعلى دينه وأرجو الله أن يثيبك عليها أحسن الثواب وأجزله، وأكثر الله من أمثالك في الأمة. ثانياً: حسن من العبد أن يحمل هم دعوة الآخرين وأن يكون سببا في هدايتهم، وهذا ما لمسته من جوابك فاستمر في حمل هم الدعوة فإنها واجبة على كل مسلم بحسب حاله وقدرته، وتذكر معي قول الله -عز وجل-: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ" [فصلت: 41/33] . ثالثاً: ليس بغريب أن تجد من الناس معاندين للدعوة، وساخرين بالدين وجاحدين للحق، فهذا أمر طبعي في الناس يقول -سبحانه-: "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" [يوسف:103] . رابعاً: الدعوة إلى الله تتطلب صبر ومصابرة حتى يصل الإنسان إلى نتاج دعوته، وتأمل معي حال الأنبياء والرسل كيف دعوا أقوامهم وتفننوا في وسائل دعوتهم وصبروا على ذلك حتى أتم الله أمره، واقرأ إن شئت سورة نوح وتأمل ما صنع، فليكن عندك بارك الله فيك من الصبر وعدم العجلة في الوصول للنتيجة والحلم وحسن الخلق ما يوصلك إن شاء الله إلى أحسن النتائج، ولتحمد على دعوتك بعد ذلك عند الله وعند الناس.

خامساً: من يسخر بالدين ويستهزأ وهو ملحد فليس بغريب لأنه لا دين له، وهذا في الأصل لو كان تحت حكم بلد إسلامي ينهر وينهى عن ذلك من قبل ولي الأمر أو من ينوب عنه، ويهدد بالقتل إذا استمر على ذلك، أو يرحل من بلاد المسلمين، أما والحال ما تذكر من وجودك في بلد لا يحكم بالشريعة فممكن الشكوى عليه عند السلطات على أساس أنه يسخر بالأديان، وهذا ممنوع في حكم الدول العلمانية، لكن قد لا يكون هذا سائغا إلا عند الوصول إلى قناعة تامة من خلال الاستمرار في دعوته بالتي هي أحسن وتحبيبه للدين وكسب قلبه للحق، فأن يكون مسلماً موحدا مناصراً للحق خير من أن يبقى على هذه الحال، فإذا استمر على حاله تلك فممكن التشاور مع أهل العلم في بلدك في شأنه فلعلهم يدلوك على المنهج الصحيح في ذلك. أما إذا كان هذا مسلماً لكن يصدر منه تلك الأقوال والتصرفات فهذا يحتاج إلى وعظ وتخويف من عقاب الله، وأنه يخشى عليه الكفر والردة عن الدين نسأل الله السلامة، ولا بأس أن تهدي له كتاباً في ذلك أو أشرطة تتحدث عن خطورة ما يصنع لتكون له واعظاً في ذلك. فإذا استجاب فالحمد لله وإلا فاعرض الموضوع على أهل العلم في بلدك يشيرون عليك بما هو أنسب في حاله. سادساً: تحذيرك لبقية زملائك وإخوانك منه منهج صحيح لخطورة تأثيره عليهم وذكرهم بقول الله -عز وجل-:"وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" [الأنعام: /68] . سابعاً: حاول أن تقرأ في كتب الدعوة لتزداد بينة عن وسائل الدعوة النافعة والمفيدة وتستعين بالله على ما القيام بهذه المهمة العظيمة. ثامناً: الزم من تراه أهلا من أهل العلم ليزيدك بصيرة في العلم والدعوة. وفقك الله لكل خير وزادك من فضله وجعلك مفتاحاً للخير إلى يوم القيامة، وحشرك في زمرة الأنبياء والرسل أنه جواد كريم.

كثرة الحوادث عقوبة أم ابتلاء؟

كثرة الحوادث عقوبة أم ابتلاء؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الصبر التاريخ 09/09/1425هـ السؤال رجل يعمل سائقاً على سيارته منذ عام 94، وركب عدَّة سيارات، وكلما اشترى سيارة إما أن يحدث له حادث أو جميع الدخل من السيارة يصرف في تصليحها، علماً بأن بيته لا ينتفع منه بشيء، فهل هذا غضب من الله أم ابتلاء؟ نرجو الإفادة، وكيف التصرُّف؟. الجواب ما ذكرته من تكرر المصائب على هذا الشخص الذي يعمل سائق سيارة ودائماً تتعطل، فنقول: إن تكرر المصائب على الإنسان لا يدل على غضب الله -عز وجل- عليه، بل إذا كان هذا الرجل مستقيماً فربما يكون هذا ابتلاء من الله -عز وجل- يرفع به درجاته ويمحو به ذنوبه، كما في الحديث: أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل؛ يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً أشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة" أخرجه الترمذي (2398) ، وابن ماجة (4023) . فانظر كيف وصفه - صلى الله عليه وسلم - بالإيمان مع توالي البلاء عليه. وعندما مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني أوعك كما يوعك رجلان منكم" قالوا: يا رسول الله ذلك أن لك أجرين قال: "أجل" صحيح البخاري (5648) ، وصحيح مسلم (2571) . أخي الكريم: هذه المصائب والكوارث يصاب بها الأخيار والفجار والصالحون والأشرار؛ ليميز الله الخبيث من الطيب، ولا يمكن الجزم بأنها دلالة على غضب الله، ولا رضاه، ولكنها أقدار من الله -عز وجل- يبتلي بها عباده ويختبرهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط. ولكن ننصح هذا الرجل الذي تكرر له الإخفاق في هذا المجال أن يبحث عن مجال آخر، فربما كان السبب أنه دخل في عمل لا يناسبه ولا يحسنه، وأنه لو توجه إلى مهنة أخرى وعمل آخر فربما فتح عليه فيه، وتيسَّر أمره ووجد العمل الذي يناسبه. نسأل الله -عز وجل- له التوفيق والسداد والصلاح، وأن يهديه للخير. والصلاة والسلام على نبينا محمد.

حائر.. مع أخي!

حائر.. مع أخي! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الصبر التاريخ 1/5/1422 السؤال إخواني القائمين على هذا الموقع.. أحب استشارتكم بأمر لا أعرف كيف أتعامل معه.. ولكن لثقتي وتقديري لكم رأيت استشارتكم. نحن أسرة عربية تسكن في أحد البلدان الخليجية.. ولي أخ شقيق قضى حوالي سبع سنوات في دولة أوربية.. كانت تلك السنين شاقة عليه.. وواجه فيه كثيراً من الصعاب والمشاكل التي سببها الرئيسي أنه كان يعيش هناك بلا إقامة شرعية.. تلك الظروف تركت في نفسه أثراً واضحاً من الضيق والتذمر على الدنيا وعلى حظوظه فيها.. وكثيراً ما يردد ذلك في أحاديثه00 استطعنا من فترة قريبة استصدار كرت زيارة له في البلد الذي نحن فيه.. وترك تلك الدولة الأوربية وحضر إلينا ولكنه دائم القلق على مصيره.. خاصة وأنه لا يستطيع الآن العودة إلى الدولة الأوربية التي كان فيها.. ولا يستطيع استخراج إقامة دائمة في البلد الذي نحن فيها.. ويشعر أنه معلق.. وأنه لا يملك إقامة شرعية في أي بلد في العالم..!!! حدثني أكثر من مرة.. بان ما يحدث له.. هو انتقام من الله حيث ذكر لي أنه وأثناء إقامته في البلد الأوربي.. ونتيجة للضغوط والظروف التي مرت عليه.. كان كثيراً ما يتجاوز في الكلمات والعبارات حد الكفر.. ويتطاول بسب الإله..!! ولكنه ندم على ذلك وتركه منذ أربع سنوات.. ولم يعد له مرة أخرى. وفي الفترة الأخيرة هداه الله إلى الصلاة.. فأصبح يصلي.. ويحافظ على الصلوات الخمس.. إلا أنه ما زال قلقاً.. متوتراً.. وقد ذكر لي أنه يسمع في نفسه أحياناً أصواتاً ((مسببات الكفر)) التي كان يقولها من قبل.. وعندها يشعر بخوف شديد وتحدثه نفسه بأن الله لن يغفر له.. ولن يسامحه وأنه سيزيد من انتقامه له.. فتعود له هواجسه ويتذكر أنه معلق..ولا مكان له.. فيحزن.... وهكذا 000 أفيدوني.. أنني في حيرة.. وحزن على حال أخي.. كيف أتصرف معه..؟! كيف احمله على الالتزام.. والهدوء والثقة بالله.. اشعر أني لا أملك الطريقة المناسبة لإقناعه.. ولا المهارة المطلوبة للتأثير عليه.. وما يحزنني أنني أشعر أنه يحتاج فقط إلى دفعة بسيطة لإيصاله إلى الالتزام وراحة البال.. فهل من شيء تساعدونني فيه؟! وجزاكم الله خيراً.. الجواب أخي الكريم محمد اشكر لك ثقتك.. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً - مشكلتنا يا عزيزي أننا نتعلق بالعباد وننسى رب العباد القادر القوي الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون فهل يتذكر أخاك هذه الحقيقة؟ هل التجأ إلى الله بصدق ودعاه بإلحاح وتضرع..؟ وحاول أن يتحرى في ذلك مواطن الإجابة كالسجود وأدبار الصلوات وآخر ساعة من يوم الجمعة؟ هل قام في آخر الليل حين ينزل ربنا تعالى إلى السماء الدنيا فينادي (هل من داعٍ فأستجيب له هل من مستغفر فأغفر له) هل جرب ذلك؟ وطرق باب

من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء] هل أدرك حقيقة الإيمان بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه وأن الجن والإنس لو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يكتبه الله عليه ما ضروه، ولو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء لم يكتبه الله له ما نفعوه، كما جاء في الحديث الصحيح وهل قرأ الحديث النبوي الآخر الذي يقول فيه نبي الهدى صلوات الله وسلامه عليه [لو اتكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتعود بطاناً، أو كما قال] أي تغدوا في الصباح جائعة وتعود في المساء ممتلئة البطون. هل تدبر في كل ذلك وغيره الكثير من الآيات والأحاديث التي تؤكد أن الإنسان ضعيف بنفسه قوي بإيمانه ويقينه وتوكله [قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا] . ثانياً - بالنسبة لما بدر منه سابقاً فأسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق والحمد لله الذي هداه للتوبة والإنابة وعليه بكثرة الاستغفار فلقد ورد في الحديث الصحيح [من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب] . وعليه بكثرة عمل الحسنات ما ستطاع إلى ذلك سبيلا قال تعالى: [إن الحسنات يذهبن السيئات] وجاء في الحديث [واتبع السيئة الحسنة تمحها..] والشاهد هنا أن فرص التوبة ولله الحمد مفتوحة ومتاحة على أوسع الأبواب ولكن الشيطان أعاذنا الله منه يريد من ابن آدم اليأس من رحمة الله ومن ثم يهوي به في مكان سحيق قال تعالى: [قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً.. الآية] . ثالثاً - ما يجده في نفسه أحياناً من أصوات مسببات الكفر كما أسميتها هي من الشيطان فليستعذ بالله منه وليذكر الله [إن كيد الشيطان كان ضعيفا] وليأخذ على نفسه وعداً بأن يعقب كل هاجس شيطاني يرده قراءة حزب من المصحف أو صلاة راتبه وسيجد نتيجتها سعة في الرزق وانشراحاً في الصدر وثقة بفرج الله. رابعاً - أما عن إحساسه بأنه ((معلق)) لا يستطيع العودة إلى مكانه السابق ولا الإقامة في مكانه الحالي فإلي الله المشتكى وعليه التكلان!! وضع مؤلم ولا شك ولكن هل اخترناه بأنفسنا أو فرض علينا وهل نستطيع تغييره بقوانا الذاتية؟!! إذا فليترك الأمر لصاحب الأمر وليتكل عليه فهو سبحانه القادر على كل شيء.. ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أضنها لا تفرج وليكثر من دعاء يونس عليه السلام في بطن الحوت وهو دعاء المكروب [لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين] حيث قال تعالى [ولولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون] . والخيرة دائماً فيما اختاره الله. خامساً - رائع منه هذه العودة إلى الله ففي شاطئه الأمان وعليه التكلان وهو سبحانه الحليم المنان فليزدد وليتكل على الله كما أسلفت حق التوكل ويعتمد عليه ويثق به متيقناً أن الدنيا دار ممر وليست دار مقر. وأن الدنيا لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر فيها شربة ماء، وأن الأنبياء عليهم السلام وهم أشرف الخلق عند الله أوذوا وعذبوا وكذبوا ومع ذلك صبروا حتى أتاهم نصر الله فليصبر وليحتسب ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. سادساً - كيف تقنعه وتؤثر عليه أقترح أن تجعله يقرأ هذه الرسالة أو أعد كتابتها له بشكل آخر تراه.. وسلمها له والهادي هو الله فادع الله لأخيك والله الهادي إلى سواء السبيل. وفقكما الله وفرج لكما وأعانكما وجميع المسلمين وسدد على طريق الخير والحق خطى الجميع.

فترت همتي المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 10/04/1427هـ السؤال أنا طالبة أدرس دراسات عليا في مجال الهندسة الداخلية، ونيتي من هذا العلم ليس الرياء، بل مساعدة الفقراء، وقبل دراستي استخرت ودعيت الله في مكة، وعند الكعبة -إن كان راضي بما أنويه- أن ييسره لي. وتيسرت لي الأمور والحمد لله. مشكلتي أن شعلة الهمة التي كانت بداخلي. قد أصابها الفتور. استكملت سنتين بمعدل ممتاز ولا زلت بنفس المعدل. لكنني افتقدت الهمة، وقوة الإرادة والعزيمة والإبداع. فكيف أعود لهمتي؟ علماً بأن حياتي كلها صلاة، وسماع للمحاضرات، وقيام لليل، وحفظ أو تلاوة للقرآن، لا شيء غير. ولا أخرج إلا للضرورة فقط. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فما ذكرت أختي الكريمة من فتور الهمة، هو أمر عادي ومتوقع، ففي جامع الترمذي وصححه (2453) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن لكل شيء شِرَّة، ولكل شِرَّةٍ فترة، فإنْ كان صاحِبُها سدَّد وقارب فارجوه، وإن أُشِير إليه بالأصابع فلا تعدُّوه". شِرَّة بكسر الشين وتشديد الراء: حرصاً ونشاطاً. فترة: وهنا وضعفا. والمعنى أن لكل شيء أي من الأعمال نشاط وله فتور وضعف، وفي المعنى أحاديث أخرى، ولذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ بالله من العجز والكسل كثيراً كما في صحيح البخاري (2893) . فعليك أن تكثري من هذا الدعاء ونحوه مما ورد في الصلاة وغيرها في الصباح والمساء، وأكثري من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" فإنها كنز من كنوز الجنة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري (2992) وصحيح مسلم (2704) ، وما دامت نيتك من طلب هذا العلم صالحة، وأنت من أهل الخير والطاعة، والستر والعفة، فإن الله عز وعلا ييسر لك ويقوي همتك مرة أخرى، المهم أن يكون هذا العلم مما يناسب جنسك، والحاجة إليه ماسة. كما أن من أسباب تجدد الهمة؛ وضوح الهدف في العمل الذي يعمله الإنسان وقناعته به، وأيضاً من الأسباب الابتعاد عن ذوي الإرادات الضعيفة، والهمم الدنية الذاتية، وأيضاً من الأسباب تنظيم الوقت، ومحاسبة النفس عند التقصير، واستدراك ما فات، والصبر على ذلك، فالصبر ضياء وليس نوراً فقط!! بل هو ضياء يشع ويضيء طريق السالكين، قال صلى الله عليه وسلم: "ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً خيراً وأوسع من الصبر" أخرجه البخاري (1469) ومسلم (1052) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. وأحيلك أختي للفصل الثامن من كتاب "صلاح الأمة في علو الهمة" (7/283) للدكتور سيد بن حسين العفاني، وكتاب "علو الهمة" للدكتور محمد بن إسماعيل المقدم، وخلاصة ذلك تجدينها في كتيب نافع مفيد اسمه "الفتور مظاهرة، أسبابه، وعلاجه" للدكتور ناصر العمر، وهو موجود على موقع المسلم (www.almoslim.net) . والله ولي التوفيق.

فتر عن طلب العلم بعد الزواج المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 03/12/1426هـ السؤال اجتمعت علي مشكلات الحياة، فتركت طلب العلم، ولم أستطع متابعة الطلب مع ما حباني الله به من حفظ للقرآن وللمتون وإجادة فن الخطابة والأنشطة الدعوية، فقد تركت طلب العلم لما تزوجت وكثرت المشكلات، وأنا غير راض عن هذا الوضع، فبم تنصحوني؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إلى الأخ الكريم -وفقه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالمشكلات ملازمة للبشر، وهي درس وامتحان من الله للعباد هل يصبرون ويثبتون ويشكرونه أم لا، وأنت في نعمة عظيمة قد لا تشعر بها، وأعظمها نعمة الهداية على الصراط المستقيم، فاشكر الله على ذلك، والأصل أن المشكلات لا تحول بين العبد والدعوة إلى الله إذا لم يستطع، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ورجوع الإنسان بعد الدعوة وطلب العلم والجد إلى الكسل والتثاقل والغفلة أمر خطير. والتعامل مع المشكلات لا يكون بالضجر وترك الدعوة والبحث عن الأعذار، فإن ذلك استجابة سلبية لرحى المشكلات، ويجب أن يكون التعامل مع المشكلات إيجابياً بالتغلب عليها قدر الإمكان، واللجوء إلى الله والفزع إليه، والإلحاح الصادق في طلب الفرج منه تعالى. وعدم رضاك عن وضعك يدل -إن شاء الله- على حبك للخير وحرصك عليه. فجدد الآمال عندك وطب نفساً بقضاء الله، وقدم لدينك تجد الفرج وطرد الهموم، وضع لنفسك برنامجاً سهلاً بالعلم والعودة إلى الدعوة إلى الله من جديد بنفس تواقة وأمل طموح، واطلب رضا الله بكل سبيل، واسع لربك كما قال الشاعر: نعم أسعى إليك على الجفون ولو بعدت لمسراك الطريقُ وأعظم الأعمال عند الله -بعد التوحيد والإخلاص- هو نشر العلم وتعليمه والسعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتربية النفس على الخير، وهذه مهمة الرسل. أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويستعملك في طاعته، ويثبتنا وإياك على الحق إنه سميع مجيب.

يئست من صلاحي! المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 06/09/1426هـ السؤال كنت من حملة كتاب الله، وكنت أدرس في الثانوية الشرعية، ولكني انتكست وتركتها؛ وذلك بسبب ضعف همتي وكسلي، وتسبب ذلك في نسياني القراءة وإدماني على المناظر الإباحية والعادة السرية، فالآن أقراني متفوقون علي في كل شيء، والمصيبة أنني بدأت أبغض نفسي وأقراني ويئست من إصلاح نفسي، فهل هناك أمل في الإصلاح؟ وهل هناك أمل في الالتحاق بأقراني؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فهناك آمال في صلاح الحال وليس أملاً واحداً، فأما أخطاؤك الماضية فقد وعدك الله بالعفو إن تبت واستقمت ورجعت إلى ربك: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر: 53] . فما بينك وبين ربك من النظر للمحرمات وممارسة العادة السرية يمحوه الله بالتوبة، ويكفر بالصلاة والأعمال الصالحة الأخرى، قال تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود: 114] ، وليست ممارسة العادة السرية مثل الفواحش الكبيرة كالزنا واللواط أعاذك الله منها، وبالتالي فإن ممارستها لا تعني أنك تنقطع عن العلم الشرعي أو الصحبة الصالحة، بل حاول تركها وإن لم تستطع تركها فاجعلها من الذنوب التي تستغفر منها وتخشى الإثم بسببها، وادع الله أن يعينك على تركها. وبالنسبة لرؤية الصور المحرمة والأفلام ونحوها فهي من الذنوب التي تكفرها الصلاة والأعمال الصالحة، ولكن أثر إدمانها خطير جدًّا على مستقبل حياتك؛ لأنها قد تؤثر على سلوكك مستقبلاً حتى بعد زواجك، ولتقرأ ما قاله أحد التائبين عن مشكلة إدمانه للمناظر الإباحية: لن أتكلم عن أثر هذه الموقع على قلبي وما فعلته بي في علاقتي مع ربي، فلن أستطيع أن أصف ما فعلته بي في هذا الأمر، ولكن أريد أن أبيِّن أمراً آخر، فقد كنت مدمناً لهذه المواقع قبل زواجي، وكان الشيطان يسول لي الدخول عليها بدوافع عدة، كان منها ما ظننته الفضول وحب الاستكشاف لهذه العلاقات، إلى آخر تلك الحجج الواهية التي بدت لي في وقتها مقبولة، والتي لم تكن إلا اتباعاً للشهوات، وها أنا ذا أتجرّع ألم المعصية، فقد عاد ذلك عليّ بالسلب في علاقتي مع زوجتي، فما شرعت في معاشرة زوجتي إلا وتواردت على ذهني تلك الصور وأفسدت علي حالي، وما أن أتذكرها حتى أفقد حلاوة اللقاء، ولولا حرصي على مشاعر زوجتي لأنهيته في التو، وكأن الله يعاقبني على ما قدمت يداي، وكأنه يقول لي: قد استعجلت بالحرام، فها أنا ذا أفسد عليك الحلال.

فيا أخي احرص على أن تعود إلى ربك -جل وعلا- وأن تعود إلى الدراسة، أو تنشغل بعمل دنيوي نافع، ولتثق بقدراتك، واعلم أن عددًا من الشباب أصابهم ما أصابك ثم عادوا إلى جادة الطريق، ووفقوا لتوبة نصوح أنقذتهم من الانتكاس، ولا يتلاعب بك الشيطان بسبب هذين الذنبين -النظر والعادة السرية- فيريك من نفسك مجرماً أو منافقاً لا أمل في صلاحه ولا يصلح للصلاة ولا لصحبة الأخيار، فذلك من أخطر الأمور عليك، فتعوذ بالله من الشيطان، وقل لنفسك: إنني شاب مسلم وإن عصيت في بعض الأمور فلا أكفر بالله ولا أضيع الصلاة ولا أفرط في الأعمال الصالحة، بل أحاول التوبة وأستمر في الفرائض وأصحب الصالحين؛ لعل الله أن يمن علي بتوبة من هذه المعاصي، وأكثر من سماع الأشرطة المؤثرة في صلاح القلب من تلاوة للقرآن الكريم مؤثرة خاشعة، وسماع محاضرات عن اليوم الآخر والموت. وأكثر من نوافل الطاعات والصيام. أسأل الله أن يمن علي وعليك بتوبة صادقة وأن يغفر لنا ذنوبنا، ويرزقنا التوبة دائما وأبداً مما اجترحنا، وأن يعيذنا من همزات الشياطين.

نصيحة لمن اهتدى ثم انتكس المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 15/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: شيخنا الفاضل: أرجو التكرم بكتابة رسالة لشخص كان ملتزماً مع صحبة صالحة ثم ترك الالتزام، تدعوه فيها للرجوع للالتزام والرفقة الصالحة وتذكره بالآخرة، وأيضا لا يفوته فضل شهر رمضان. وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي يهدي من يشاء بفضله، ويضل من يشاء بحكمته وعدله، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على الهادي البشير، والسراج المنير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد: إلى الأخ: السائل: - حفظه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. لقد قرأت رسالتك وسرني جداً حرصك على تقديم النصح لهذا الأخ الذي انتكس على عقبيه واستبدل الذي هو أدني بالذي هو خير، نسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين الثبات حتى الممات، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور. ولكن قبل الشروع في كتابة هذه النصيحة أود أن أتساءل معك بصفتك قريب من هذا الشخص المنتكس، ما هي الأسباب التي جعلته يترك الرفقة الصالحة ويذهب إلى غيرها، فمعرفة هذه الأسباب يساعدك كثيراً في علاج المشكلة، والعمل على إرجاعه مرة أخرى إلى تلك الثلة المباركة – بإذن الله تعالى- أما بالنسبة للنصيحة لهذا الشخص فمستعيناً بالله أقول: أيها الأخ المبارك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إن من نظر إلى الدنيا بعين البصيرة لا بعين البصر المبهرج أيقن أن نعيمها ابتلاء، وحياتها عناء، وعيشتها نكد، وصفوها كدر، جديدها يبلى، وملكها يفنى، وودها منقطع، وخيرها ينتزع، والمتعلقون بها على وجل، فالدنيا إما نعمة زائلة، أو بلية نازلة، أو منية قاضية، "يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ" [غافر:39] . أخي الكريم: هل تذكرت الموت وسكراته، وشدة هوله وكرباته، وشدة نزع الروح منك؟، فالموت كما قيل: أشد من ضرب بالسيوف ونشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض. فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله، فالموت لا يخشى أحد ولا يبقي على أحد، ولا تأخذه شفقة على أحد، فقف مع نفسك وقفة صادقة وقل لها: يا نفس قد أزف الرحيل *** وأظلك الخطب الجليل فتأهبي يا نفس لا يلعب *** بك الأمل الطويل فلتنزلن بمنزل ينسى *** الخليل فيه الخليل وليركبن عليك فيه من *** الثرى ثقل ثقيل قرن الفناء بنا جميعاً *** فلا يبقى العزيز ولا الذليل أخي: هل تذكرت القبر وظلمته؟ وضيقه ووحشته؟، هل تذكرت ذلك المكان الضيق الذي يضم بين جوانبه جثث الموتى من عظيم وحقير؟ وحكيم وسفيه؟ وصالح وطالح؟ وبر وفاجر؟ فالقبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.

فيا أخي الحبيب: تخيل نفسك بعد ثلاثة أيام وأنت في قبرك، وقد جردت من الثياب وتوسدت التراب، وفارقت الأهل والأحباب وتركت الأصحاب، ولم يكن معك جليس ولا أنيس إلا عملك الذي قدمته في الدنيا، فماذا تحب أن تقدم لنفسك وأنت في زمن الإمهال حتى تجده في انتظارك يوم انتقالك إلى قبرك؟ "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ" [آل عمران:30] . والله لو عاش الفتى في عمره *** ألفاً من الأعوام مالك أمره متمتعاً فيها بكل لذيذة *** متلذذاً فيها بسكنى قصره لا يعتريه الهم طول حياته *** كلا ولا ترد الهموم بصدره ما كان ذلك كله في أن *** يفي فيها بأول ليلة في قبره هل تذكرت أخي الكريم أول ليلة في القبر؟ حيث لا أنيس ولا جليس ولا صديق ولا رفيق ولا زوجة ولا أولاد، ولا أقارب، ولا أعوان، "ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ" [الأنعام:62] . فارقت موضع مرقدي *** يوماً ففارقني السكون القبر أول ليلة *** بالله قل ما يكون؟ أخي: هل تذكرت النفخ في الصور؟ والبعث يوم النشور؟ وتطاير الصحف؟ والعرض على الجبار – جل وجلاله-؟ والسؤال عن القليل والكثير؟ والصغير والكبير؟ والفتيل والقطمير؟ ونصب الموازين لمعرفة المقادير؟ ثم جواز الصراط، ثم انتظار النداء عند فصل القضاء إما بالسعادة وإما بالشقاوة، "فريق في الجنة وفريق في السعير" [الشورى: 7] ، "فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ. وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ" [هود:106-108] . فيا أخي الكريم: من أي الفرقين تحب أن تكون؟ فجدير بمن الموت مصرعه، والتراب مضجعه والدود أنيسه، ومنكر ونكير جليسه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده، أن لا يكون له فكر إلا في ذلك، ولا استعداد إلا له. فيا أخي الكريم: إن العمر قصير، والسفر طويل، والزاد قليل، والخطر محدق وكبير، والعبد بين حالين: حال قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه؟ وآجل قد بقى لا يدري ما الله قاض فيه؟.

فإذا كان الأمر كذلك، فعلى صاحب البصر النافذ أن يتزود من نفسه لنفسه، ومن حياته لموته، ومن شبابه لهرمه، ومن صحته لمرضه، ومن فراغه لشغله، ومن غناه لفقره، ومن قوته لضعفه، فما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار سوى الجنة أو النار، "فأما من ثقلت موازينه. فهو في عيشة راضية. وأما من خفت موازينه. فأمه هاوية. وما أدراك ما هيه. نار حامية" [القارعة: 6-11] ، فمن أصلح ما بينه وبين ربه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن صدق في سريرته حسنت علانيته، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه فلا بد من وقفة جادة وصادقة لمحاسبة النفس، فالمحاسبة الصادقة هي ما أورثت عملاً صادقاً ينجيك من هول المطلع. عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- قال: أخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" فكان ابن عمر –رضي الله عنهما- يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" أخرجه البخاري (6416) أتدري كم كان عُمْر عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما عندما قال له النبي ذلك كان عمره عشرون سنة! فيا غافلاً عن مصيره، يا واقفاً مع تقصيره، سبقك أهل العزائم وأنت في بحر الغفلة عائم، قف على باب التوبة وقوف نادم، ونكس الرأس بذل وقل: أنا ظالم، وناد في الأسحار، مذنب وراحم، وتشبه بالصالحين إن لم تكن منهم وزاحم، وابعث بريح الزفرات سحاب ودمع ساجم، وقم في الدجى داعياً، وقف على باب مولاك تائباً، واستدرك من العمر ما بقي ودع اللهو جانباً، وطلق الدنيا والمعاصي والمنكرات إن كنت للآخرة طالباً. أتراك بعدما ذقت حلاوة الطاعة والعبادة تعود إلى مرارة العصيان؟ أتراك بعدما ذقت لذة الأنس والقرب والمناجاة تعود إلى لوعة البعد والهجر والحرمان؟ أتراك بعدما صرت من حزب الرحمن تنقلب على عقبيك فتنضم إلى حزب الشيطان؟ أتراك بعدما حسبت في عداد المصلين تترك الصلاة وهي عماد الدين، والفارق بين الكفار والمؤمنين، وتكتب من الغافلين؟ هل يليق بك بعدما كنت براً تقياً أن تصبح جباراً شقياً؟ ما هكذا يكون المؤمن، بل ما هكذا يكون العاقل المتبصِّر. قال تعالى: "وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً" [النحل: من الآية92] ، فإياك ثم إياك من نقض الغزل بعد غزله ... أرأيت لو أن إنساناً غزل غزلاً ثم صنع منه قميصاً أو ثوباً جميلاً.. فلما نظر إليه وأعجبه ... جعل يقطع خيوط هذا الثوب وينقضها خيطاً خيطا وبدون سبب.. فماذا يقول عنه الناس؟ ... فهذا حال من يرجع إلى المعاصي والفسق والمجون، ويترك الطاعات والأعمال الصالحة، وفعل الخير ومصاحبة الصالحين، فإياك أن تكون من هذا الصنف المغبون.

أخي الكريم: ما هي إلا أيام قلائل حتى تكتمل دورة الفلك، ويشرق على الدنيا كلها هلال شهر رمضان المبارك، الذي تهفو إليه قلوب المؤمنين، وتتشوق إليه نفوسهم، وتتطلع شوقاً إلى بلوغه، فإن بلوغ شهر رمضان أمنية غالية كان يتمناها النبي – صلى الله عليه وسلم- ويسأل ربه أن يبلغه إياها، فعن أنس – رضي الله عنه- قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- إذا دخل رجب يقول: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير انظر المشكاة (1/432) (1369) . فشهر رمضان شهر مغفرة الذنوب، وستر العيوب، ومضاعفة الأجور، شهر تعتق فيه الرقاب من النيران، وتفتح فيه أبواب الجنان، شهر تتنزل فيه الرحمات وتتضاعف فيه الحسنات، شهر كله خير وأفضال، وفرصة للتنافس فيه بصالح الأقوال والأعمال والأفعال، شهر قد أظلنا زمانه، وأدركنا أوانه، قال فيه النبي –صلى الله عليه وسلم- ملفتاً الأنظار إلى فضله، ويحث المخاطبين واللاحقين إلى اغتنام وقته فقال: "أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه برحمته، ويحط فيه الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل" قال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني في الكبير فشهر هذا فضله وشرفه وقدره، وتلك منزلته، وعلو مكانته عند الله فقل لي بالله عليك: كيف يستقبل هذا الوافد الكريم، وهذا الشهر العظيم؟ أخي: إن من نعم الله عليك العظيمة أن مدَّ في عمرك وجعلك تدرك هذا الشهر العظيم، فكم غيِّب الموت من صاحب، ووارى الثرى من حبيب، فإن طول العمر والبقاء على قيد الحياة فرصة للتزود من الطاعات، والتقرب إلى الله – عز وجل- بالعمل الصالح، فرأس مال المسلم هو عمره، لذا فاحرص على أوقاتك وساعاتك حتى لا تضيع هباءً منثوراً، وتذكر من صام معك العام الماضي، وصلى معك العيد، أين هو الآن بعد أن غيَّبه الموت؟ وتخيل أنه خرج إلى الدنيا مرة أخرى فماذا يصنع؟ هل سيسارع إلى المعاصي والمنكرات؟ أو ينغمس في مستنقع الشهوات والملذات؟ أو سيحرص على فعل المحرمات وارتكاب الكبائر والموبقات؟ كلا والله، بل سيبحث عن حسنة واحدة، ولو بتكبير أو تهليل أو تسبيح، فإن الحساب شديد، والميزان دقيق، "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" [الزلزلة: 7-8] . فيا أخي الكريم: أنا أدعوك وأدعو نفسي وكل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها بأن نفتح صفحة جديدة بيضاء ناصعة مع ربنا وخالقنا، وأن نسدل الستار على ماض نسيناه وأحصاه الله علينا، وأن نتوب -ومن الآن- إلى الله التواب الرحيم من كل ذنب وتقصير وخطيئة، وأن لا ندع هذه الفرصة العظيمة تفوتنا، فهذا رمضان موسم خصب من مواسم العمل الصالح، والتنافس في الخيرات والإكثار من النوافل والصدقات، وغيرها من القربات التي تقربنا من المولى – جل جلاله- ثم إلى متى الغفلة والتسويف؟ وطول الأمل؟ واتباع النفس والهوى والشيطان؟. دع عنك ما قد فات في زمن الصبا **** واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب لم ينسه الملكان حين نسيته **** بل أثبتاه وأنت لاه تلعب وغرور دنياك التي تسعى لها **** دار حقيقتها متاع يذهب

نعم صدق الله إذ يقول: "وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" [آل عمران: 185] . هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف يعالج الفتور الذي انتابه؟ المجيب د. عبد الله بركات وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 25/08/1425هـ السؤال أنا شاب منَّ الله علي بالالتزام منذ أربعة أشهر، لكن منذ شهر تقريباً أحس أني تساهلت بالسنن والرواتب وبالمعاصي، أريد علاجاً لهذا الفتور لو سمحتم معددا لي كذا وكذا ... إلخ. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.. فالمؤمن -أخي السائل - هو من تسره حسنته وتسيئه سيئته، والشعور بالتقصير في الطاعات والاهتمام بذلك والقلق على حالة الإيمان هو علامة خير ودليل رشد؛ لذا فأهم ما يلزمك في حالك هذه: 1-المسارعة للطاعة وعدم التسويف فيها ما وسعك الجهد. 2-دفع خاطرة السوء بمجرد ورودها على ذهنك. 3-الالتزام بورد من الأذكار المسنونة ومداومة قراءة القرآن الكريم. 4- أن تقطع علاقتك بأصدقاء السوء الذين يذكرونك بالمعصية أو يبثون في نفسك التراخي في الطاعة والتكاسل عن أدائها. 5- الحرص على حضور حلقات العلم. هذه خمسة، إن التزمت بها، أسأل الله أن يربط على قلبي وقلبك برباط الإيمان، وأن يرزقنا وإياك علو الهمة في طلب الخير والمبادرة إليه. والله أعلم.

أخي يزداد انحرافاً المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 2/12/1424هـ السؤال أخي يزداد في الانحراف يوماً بعد يوم، وقد كان من طلبة العلم لكن لا أعلم ما الذي أصابه، بدأ يؤخر الصلاة، ولا يهتم بها، أكثر من متابعة القنوات الفضائية والمسلسلات، أنا لم أعتد على الجلوس معه كثيراً فكيف أرسل له النصيحة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الأخت.... -سلمها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. أما جواب مشكلة أخيك فكالتالي: أولاً- جزاك الله خيراً على عنايتك بأمر أخيك وحرصك على دينه وإيمانه، وهذا هو الواجب على المؤمنين أن يوالي بعضهم بعضاً، ويحرص بعضهم على بعض خاصة في أمر الدين. ثانياً- اعلمي - أختي الفاضلة - أن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، فأخوك هو من جملة بني آدم المعرضين للتغير والتبدل والانحراف، ولو كان بعد استقامة ودين، وكل منا عرضة لذلك إذا لم نتمسك بأسباب الثبات والاستقامة. ثالثاً- لا بد من إيصال النصيحة له عبر وسائل عديدة، خاصة وأنتِ تقولين إنك بعيدة عنه في السكن ومنها: (1) المكالمة الهاتفية التي تكون برفق ولين وإشعار بالحب والحنان والرحمة. (2) الرسالة المكتوبة. (3) توصية أخ صالح محب للقيام بنصحه وتذكيره بالله. (4) إهداؤه شريطاً إسلامياً وكتاباً نافعاً في مقام زيادة الإيمان وتقوية اليقين. (5) أن يزوره من يكون محلاً للتأثير عليه، كداعية معروف بالنسبة له أو إمام مسجد أو صديق طيب. رابعاً: لا بد من متابعة أثر النصيحة والتذكير وعدم الاستعجال في رؤية الأثر أو اليأس من صلاحه وعودته للحق، فإن الشأن في المؤمن أنه إذا ذكر تذكَّر، وإذا وعظ اتّعظ، فواجب أن نصبر، ولا نمل، ولا نكل من متابعة النصح والتذكير. خامساً: من الضرورة النظر في أسباب التغير ومحاولة إبعادها عنه إن أمكن، أو إبدالها خيراً منها. سادساً: احرصي على الدعاء له بظهر الغيب، فالله -سبحانه- لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو أرحم بعبده من نفسه. والله أسأل أن يصلح أخاك وأن يصلحنا جميعاً، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وأن يثبت قلوبنا على دينه إنه جواد كريم.

أخي قد تغير كثيراً!! المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 1/8/1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي كان في مقتبل عمره طائعاً لله ـ عز وجل ـ وكان مضرب المثل في الالتزام والجد والاجتهاد والنصح، وهو ـ الآن ـ تغير من حاله إلى حال أقل بكثير. فلقد أسبل ثوبه وخفف لحيته جداً!! وأصبح لا يبالي بالدعوة، ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر …الخ بعد التزامي كنت أؤمل فيه أن يساعدني في الدعوة إلى الله في وسط أهلي (والداي وإخواني) لكن لم أجد له أثراً في ذلك. هو لا يزال ـ ولله الحمد ـ يصلي مع جماعة المسلمين، ويتصدق لمؤسسات دعوية، ولكنه في مجال النصح والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والغيرة على الأعراض وغيرها من العبادات لا تكاد تجد له جهد! زملاؤه الكثير منهم تجد في مظهره الاستقامة والصلاح، ولكنهم يضيعون أوقاتهم فيما لا فائدة فيه بل ربما فيه ضرر!! فضيلة الشيخ كيف يمكن أن أتعامل مع هذا الأخ؟ وجهوني بما ترونه. وجزاكم الله خيراً. الجواب أخي الكريم، إذا كان من الجميل أن نعود أنفسنا رؤية الجوانب الطيبة في حياة الناس وأحوالهم، فلقد سرني ما ذكرته عن أخيك من محافظته على الصلوات مع جماعة المسلمين؛ فإن هذه علامات الإيمان، إذ لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن، وهذه من شعائر الإسلام الظاهرة العظيمة. ومثله ما ذكرته من أن أصدقاءه من الملتزمين المحافظين، فإن المرء على دين خليله. أما ما ذكرته من النقص الذي حدث فيه فقد يكون سببه طول العهد مع عدم تجديد الإيمان وصقله، فإن القلوب تمل، ويعتريها من الآفات شيء عظيم، يشبه ما يعرض للثياب من الأوساخ وغيرها، فتحتاج إلى تعاهد، وتجديد وغسل؛ ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يقول في استفتاح الصلاة - كما في الصحيحين - من حديث أبي هريرة: اللهم نقني من خطاياي، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. وقد نعى الله على بني إسرائيل طول العهد، وقسوة القلب فقال: " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:16) . ولم يكن بين إيمان الصحابة، وخطابهم بهذه الآية المكية إلا أربع سنين، كما في الصحيح عن ابن مسعود. وأعقب هذا بقوله: "اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها.." إشارة إلى أن يحرصوا على أن تحيا قلوبهم بنور الوحي، كما تحيا الأرض بالمطر النازل من السماء، وألا ييأسوا من روح الله.. بل يسألون الله أن يجدد الإيمان في قلوبهم. إن الاسترسال وراء متاع الحياة ومباهجها، وشهواتها وملذاتها يشغل القلب ويفتر اللهمة. وإن التوسع في حقول المباحات، والاقتراب من المكروهات يفضي إلى الجراءة على المحرمات القريبة، ثم البعيدة؛ ولهذا جاء عن بعض السلف: اجعل بينك وبين الحرام جنّة من المباح.

ولا بد للمرء من وقفة بعد وقفة ينظر فيها في أمره، ويراجع حسابه، ويستدرك ما فرط، ويلوم نفسه على التقصير والغفلة. وأخوك وإن كان على خير إلا أنه يحتاج إلى منادٍ يصيح فيه: أن تدارك قبل الفوات، ويا حبذا أن يكون هذا الصائح المنادي اختيارياً بطوعه، ورضاه، وانجفاله إلى ربه، قبل أن يكون اضطرارياً قدرياً، لا حيلة فيه ولا منفع. ويحسن منك النصح له بما لا يخدش نفسه، ولا يعكر صفاء الإخاء بينك وبينه، ولا يشعر بالتعالي والأستاذية، بل بدافع الشفقة والرحمة والاقتداء. وربما كان هذا على هيئة سؤال تطرحه عليه مستفتيا ًمستفيداً مستبصراًَ، أو مشكلة تطلب إليه حلها.. أو نصيحة عبر صديق عاقل لبق. ولا تتأخر عن صالح الدعاء. وفق الله الجميع لرضاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

زوجي.. تغير كثيرا..!! المجيب سعد الرعوجي مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 30-2-1423 السؤال اخوتي الكرام السلام عليكم ورحمة الله: مشكلتي في زوجي لا اعرف كيف أصفه وتكمن مشكلتي معه من وجهين الأول شدته في معاملة ابنائة وغلظته حتى في ابسط الأمور فهو لا يكلمهم إلا في أسوأ ما عملوا وفي تعداد عيوبهم..!! لا يشكر لأحد منا على شيء.. كثير الضجر منا رغم حسن أخلاقي وأخلاق أبنائي..!! نحترمه ونقدره ونستشيره في كل شيء ومع هذا لا نجد إلا الرفض والتنقيص منا ... أما عن معاملته لمن هم خارج البيت فالنقيض تماما فالابتسامة لهم والاحترام لهم والانبساط وانشراح الأسارير لهم ويقول هذه إنسانية وحسن معاملة مع الناس..!!!!! أما الأمر الثاني فهو تغير أحواله الدينية فقد كان ممن يرتاد الدروس والمحاضرات ويسمع الخطب والمواعظ ويطلب العلم في الكتب ثم بدأ يتركها شيئا فشيئا حتى انقطع عنها تماما وأغلق على نفسه الباب.. لا اعرف كيف أتعامل معه.. عنيد غليظ لا يسمع نصيحة وربما ظن أنها انتقاص له.. يحاول إصلاح أبنائه وهو لا يسعى إلى إصلاح نفسه ويرى نفسه على صواب دائما لذلك فأبناؤه لا يتقبلون نصحه وأنا كنت لا أخالفه أبدا وأسعى إلى إرضائه دائما ولكني مللت فلم يزد مع الأيام إلا سوء وغلظة فلا يذكر لي خيرا قط..!! أحسست أن طاعتي له بهذه الصورة سلبية مني أثرت على أبنائي فأصبحت لا أستطيع الدفاع عنهم أمامه.. لا اعرف ماذا افعل؟ وجهوني كيف أستطيع تغيير شخصيته مع العلم أن اللين والكلام الطيب لم يجدي معه وجزاكم الله خيرا. الجواب أختي الكريمة:. لعلك تعلمين أن التغيير الذي نريد أن يحدث في شخص ما يحتاج إلى عدة أمور منها:- أولاً: معرفته المسبقة بخطئه وبعيوبه. ثانياً: إرادته ورغبته بالتغيير. ثالثا ً: مستوى ثقافته ونوعية قناعاته. وغير ذلك من الأمور التي تحتاج إلى تفصيل كثير. وبالتالي فإن تغيير شخص ما ليست بالبساطة التي يتصورها الإنسان؛ لأنها تغيير في جبله وطبع موروث أو مكتسب والجبلة والطبع راسخان غالباً رسوخ الجبال، فهذا الأقرع بن حابس رضي الله عنه صحابي لكنه لم يقبل أحداً من أولاده، وهذا أبو سفيان رضي الله عنه رجل شحيح كما وصفته زوجته هند بنت عتبة التي كانت تشتكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من شحه وبخله.

إذاً نخلص أن الإنسان لابد أن يعمل على التكييف مع بيئته ومحيطه قدر الإمكان خاصة إن لم يكن هناك ضرر على دينه والابتعاد قدر الإمكان أيضاً عن التصورات المثالية والحياة السعيدة الخالية من المشاكل، فنحن نحتاج أن نستفيد من أقصى إمكانياتنا وطاقاتنا وليس فوق ذلك مما يورثنا التعب والنصب فهذا الرجل الذي ذكرتيه أختي العزيزة لابد أن يكون لديه من الصفات الإيجابية والحسنة التي لو استثمر تيها واستفدت منها لكان هناك أمر آخر، ولعل زوجك يا أختي قد تلقى تربيه في صغره أورثته هذا الجفاء وهذه الغلظة ولو كُتب للرجل أن يخبرك بماضيه وهو صغير لربما رحمتيه وعذرتيه عن خلقه ثم انك قد رزقتي منه أولاد إضافة أن الله قد رزقك الخلق الحسن. فأنتي لا تخالفيه كما تقولين وقليل من النساء من يفعل ذلك،،،،، فلعل من الحلول الآتي:- 1.الرضا بالواقع وأن هناك من يشابهه في الغلظة والجفاء من خلق الله واعلمي أنه قد يكون تلقى تربية خاطئة فاعذريه وسامحيه واصبري على قدر الله واحتسبي. 2.محاولة تغيير الصورة المثالية للحياة العامة " لقد خلقنا الإنسان في كبد" والحياة الزوجية خاصة فليس من بيت دون مشاكل حتى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم. 3.التدين جميل جداً لكنه رزق مقسوم قسمة الله تعالى فلن تستطيعي جعله عابداً زاهداً فإذا كان رجلاً يؤدي الذي فرضه الله عليه فإن غير ذلك نافلة. 4.الدعاء إلى الله تعالى وتخير الأوقات الفاضلة التي وعد الله بها عبادة بالإجابة، وركزي أختي على هذا الجانب فالله ليس ببعيد عن عباده وهو ارحم الراحمين. 5.محاولة الاستفادة من الإيجابيات والحسنات التي به واستثمارها الاستثمار الأفضل ومن المستحيل ألا يكون لديه إيجابيات وحسنات.

يعتريني الملل بقراءة أوراد السور المجيب د. رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 11/03/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. سؤالي إلى فضيلتكم هو كالتالي: ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحاديث عن فضائل بعض سور القرآن الكريم, كقراءة سورة تبارك (الملك) كل ليلة, وكذلك الدخان والواقعة، وغيرها ... وأنا -ولله الحمد- أداوم عليها، ولكن قد يعتريني بعض الملل، فأحب أن أقرأ سوراً أخرى، فبماذا تنصحونني؟ وهل يعقل للمسلم أن يبقى مداوماً على هذه السور، وأن يترك بقية السور الأخرى؟. جزاكم الله كل خير ونفعنا بكم. الجواب الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، وأصلي وأسلم على نبي الهدى والرحمة وعلى آله وصحبه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فنشكرك ـ أختنا الكريمة ـ على تواصلك مع موقع (الإسلام اليوم) ، ونأمل أن يكون باباً من أبواب العلم النافع تلجينه ولوجاً نافعاً -إن شاء الله تعالى-. فتلاوة القرآن الكريم هي من أفضل العبادات وأحبها إلى الله تعالى، فقد ورد في ذلك آثار عديدة، منها ما جاء عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" رواه مسلم (804) . وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر" متفق عليه. أخرجه البخاري (5427) ، ومسلم (797) . وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب" رواه الترمذي (2913) ، وقال حديث حسن صحيح. وكما قلت في سؤالك فهناك أحاديث وردت في فضائل سور القرآن الكريم ومنها: (1) سورة الفاتحة: عن رافع بن المعلى قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ " فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت يا رسول الله: إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرآن؟ قال: "الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" رواه البخاري (4474) . وتسمى سورة الفاتحة بسورة (أم الكتاب، وسورة الصلاة، وسورة المناجاة، وسورة الكافية، وسورة الشافية) . (2) سورة البقرة وآل عمران: عن أبي أمامة-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران؛ فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما من طير صواف تحاجان عن صاحبهما، اقرؤوا البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلة" رواه مسلم (804) .

الغياية: هي ما أظلك من فوقك، البَطَلة: أي السحرة، فهي حصن منهم. هذا ومن الآيات الفضيلة في سورة البقرة آية الكرسي أعظم آية في القرآن، وخواتيم هذه السورة. ومن الآيات الفضيلة في سورة آل عمران أولها، وآية (شهد الله) ، وآية (قل اللهم) وآيات (إن في خلق) . (3) سورة الكهف: عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين" رواه الدارمي (3407) . (4) سورة يس: عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن لكل شيء قلباً، وقلب القرآن يس" رواه الترمذي (2887) ، ولكنه ضعيف. وعن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله تعالى غفر له" رواه الدارمي (3415) . (5) سورة الواقعة: عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً" رواه البيهقي في شعب الإيمان (2500) . (6) سورة تبارك: عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي تبارك الذي بيده الملك". رواه الترمذي (2891) ، وأبو داود (1400) ، وابن ماجة (2786) . وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "هي المانعة، هي المنجية، تنجيه من عذاب القبر يعني تبارك" رواه الترمذي (2890) . (7) سورة الإخلاص: عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في: "قل هو الله أحد، والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن" رواه البخاري (5014) . وعن أنس-رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله: إني أحب هذه السورة: قل هو الله أحد، قال: "إن حبها أدخلك الجنة" رواه الترمذي (2901) . (8) المعوذتان: عن عقبة بن عامر-رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: "ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس" رواه مسلم (814) . وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- قال: كان رسول الله لم يتعوذ من الجان، وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما" رواه الترمذي (2058) . ومع ذلك -أختاه- فقراءة هذه السور ليست بواجبة، بل ذلك من المستحب، وأظن أن الشيطان هو الذي يلبِّس عليك، فهذه السور ليست بالطويلة، والأفضل المحافظة عليها، وإن لم يكن فالمحافظة على السور التي يترتب على قراءتها ثواب كبير مثل سورة الزلزلة وآية الكرسي والإخلاص (ثلث القرآن) وغيرها.. ونصيحتي لك -أختي الفاضلة- ألا تتركي قراءتها، وقراءتك لهذه السور لا تمنع من قراءة غيرها. فلتداومي على ما تقرئين، وإن أردت الزيادة فخيراً؛ لأنك لو تركت قراءة هذه السور فربما تكسلين عن قراءة غيرها، فالشيطان -لعنه الله- يريد أن يفسد عليك نعمة المداومة على العمل ـ بمثل هذه الحيلة. وختاماً: أذكرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل" رواه مسلم (782) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وفقك الله ...

أحاول المواظبة على الجماعة، ولكن. . . المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 12/01/1426هـ السؤال أحاول المحافظة على الصلاة في المسجد مع الجماعة، ثم أنتكس بعد مدة من المواظبة، ثم أشعر بالندم وأتوب وأستغفر، ثم أواظب مرة أخرى، ثم أنتكس وهكذا. . . آمل توجيهي ونصحي حتى أستمر على المحافظة على الصلاة مع الجماعة، وفي بيوت الله، وجزاكم الله خيرًا. الجواب الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: في البداية أسأل الله لي ولك الثبات والصلاح والاستقامة، ثم اعلم أن الثبات على الدين وفعل الصالحات يتطلب منك جدًّا واجتهادًا ومجاهدة؛ حتى تظفر بمعية الله وتوفيقه والثبات على دينه وحسن الختام، وإني عارض عليك أمورًا أرجو أن تكون مفيدة لك في الثبات على أمر الصلاة، وغيرها من صالح الأعمال (وهي من إجابة سابقة) : أولًا: عليك بتذكير نفسك دائمًا وأبدًا بما ورد من النصوص الشرعية المرغبة في الصلاة وبيان فضلها؛ لأن ذلك مما يعطي النفس دفعة قوية لأدائها، والنصوص في ذلك كثيرة جدًّا، وسأذكر بعضها، وأنصح بمراجعة كتاب (الترغيب والترهيب) للإمام المنذري؛ فإنه مفيد جدًّا في هذا الأمر: نصوص في الترغيب في أداء الصلاة والمحافظة عليها: - أخرج الشيخان عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ ". قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ: "فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا". البخاري (528) ومسلم (667) . - وأخرج البخاري (527) ومسلم (85) عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا". قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ". قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". - وأخرج مالك (270) وأبو داود (1420) والنسائي (461) وابن حبان في صحيحه (1732) عن عبادة بن الصامت، رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ؛ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ".

- وأخرج الإمام أحمد (14662) والترمذي (4) بسند حسن، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِفْتَاحُ الجَنَّةِ الصَّلَاةُ، ومِفْتَاحُ الصَّلاةِ الوُضُوءُ". - وأخرج الطبراني في الأوسط (1859) بسند حسن، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ العَبْدُ عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامةِ الصَّلاةُ، فإنْ صَلَحَتْ صَلَحْ سَائِرُ عَمَلِهِ، وإنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِه". والأحاديث في ذلك كثيرة جدًّا. نصوص في الترهيب من التفريط في الصلاة: - أخرج مسلم (82) عن جابر، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بَيْنَ الرَّجُلِ والكُفْرِ أَوْ الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلاةِ". - وفي الترمذي (2616) عن معاذ، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "رَأْسُ الأَمْرِ الإسلامُ وعَمُودُه الصَّلَاةُ". فجعل الصلاة كعمود الفسطاط الذي لا يقوم الفسطاط إلا به ولا يثبت إلا به، ولو سقط العمود لسقط الفسطاط ولم يثبت بدونه. - وأخرج أحمد (22937) والترمذي (2621) وابن ماجه (1079) والنسائي (463) بسند صحيح، عن بريدة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ العَهْدَ الذي بينَنا وبينَهم الصَّلاةُ فَمَن ترَكَها فَقَدْ كَفَرَ". - وأخرج أحمد (27364) وغيره بسند حسن، عن أم أيمن، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَتْرُكْ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ". - وقال عمر، رضي الله عنه: (لَا حَظَّ في الإسلامِ لِمَن ترَك الصلاةَ) . أخرجه مالك (84) . - وقال سعد وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، قالا عن الصلاة: (من تركها فقد كفر) . - وقال عبد الله بن شقيق: (كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ) . أخرجه الترمذي (2622) . - وقال أبو أيوب السختياني: (ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه) . وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق. والأحاديث في ذلك كثيرة. ثانيًا: أكثِرْ من قراءة القرآن وسماعه بخشوع وتأثُّر، فإنه موعظة الله لخلقه. ثالثًا: اجعل لك منبهًا خاصًّا بأوقات الصلاة، وذلك مثل الساعة التي بها أذان لكل وقت؛ من أجل تذكيرك وتنبيهك على أوقات الصلاة. رابعًا: استعن بالله عز وجل- كثيرًا، فإنه وحده هو المعين والمسدد جل في علاه، وأكثر من قولك: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) . مع استشعارك للحاجة إلى الله في أداء الصلاة وغيرها.

خامسًا: أكثر من ذكر أحوال القبر والآخرة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم، كما في سنن الترمذي (2307) وابن ماجه (4258) والنسائي (1824) وصحيح ابن حبان (2992) وغيرهم، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ- بالذال وهو القاطع - اللَّذَّاتِ المَوْتِ". وقوله صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح ابن حبان (2993) ، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ، فَمَا ذَكَرَهُ عَبْدٌ قَطُّ وَهُوَ فِي ضِيقٍ إِلَّا وسَّعَه عَلَيْهِ، وَلَا ذكَرهُ وَهُوَ في سَعَةٍ إِلَّا ضَيَّقَه عَلَيْهِ". قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات ومؤتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه رانُ قلبِه واستحكمت فيه دواعي الذنب فإن مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك مالا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير. سادسًا: لا تفتر عن سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع. سابعًا: اصحب الصالحين القانتين الطيبين المصلين؛ فإنهم عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء. ثامنًا: تذكَّر أنَّ من أفضل الأعمال التي يحبها الله حفاظ الإنسان على الصلاة وأدائها في أوقاتها، وسيجد بعدها الصحة في البدن، والسعة في الرزق، وهدوء البال، والأنس بالله، وغير ذلك من الآثار العظيمة في الدنيا والآخرة. والله أسأل لي ولك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن يغفر لنا، وأن يرحمنا، وإذا أراد بعباده فتنة أن يقبضنا إليه غير مفتونين. والسلام عليكم.

يعاني فتورًا عن الطاعة! المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 15/12/1425هـ السؤال نحن نظن بأنفسنا خيرًا، فنقول: إننا لم نقارف الحرام، ولم نقع في أمور محرمة، كالزنى، أو شرب المسكر، أو التدخين، أو المخدرات، أو. . .، ومع ذلك توجد لدينا أخطاء، فنحن لا نحافظ على الصلاة، ولا قراءة القرآن، ولا بر والدينا ... إلخ. مع علمنا بأهمية معالجة هذا الخلل، أو محاولاتنا الكثيرة، ولكن النتيجة: لم نستطع أن نعالج هذا الخلل، فما الحل؟ نعم ثقتنا بأنفسنا كبيرة في تجاوز هذه الحال، ولكن لم نوفق في معرفة الطريقة. آمل التوجيه، وجزاكم الله خيرًا. الجواب الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: إن من صور التربية للنفس: المجاهدة، وهي تعني محاربة النفس الأمارة بالسوء بتحميلها مما هو مطلوب في الشرع، أو هي حمل النفس على المشاق البدنية الشرعية ومخالفة الهوى، والمؤمن لا يكل ولا يمل وهو يبذل ما في وسعه لصيانة نفسه وحمايتها من الشرور المهلكة، وحملها على ما فيه تزكية لها، ونجاة في الدنيا والآخرة، ودونك حياة السلف الصالح من الصحابة الأطهار والتابعين لهم بإحسان تجدها مليئة بصور من المجاهدة الذاتية لأنفسهم حتى فطموها عن الشر، وأصبحت مطواعة لهم في الخير، مروضة على المسابقة للخيرات والعجلة في إرضاء الرب سبحانه- من كل محابِّه وما يقرب منه.

وهكذا ينبغي أن نجاهد أنفسنا ونراقبها ونأخذها بالجادة ونعرضها لأنواع من الرياضة القلبية والمجاهدة الروحية لصقلها من كل شائبة وكشف معدنها الطاهر، وهو الجانب الآخر للنفس التي خلقها الله: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) [الشمس:7، 8] . فلا بد من استخراج تلك التقوى بالأعمال الصالحة، والمواظبة على الأذكار وقراءة القرآن وما شابه من القربات. . ولا ينبغي الاستهانة بالذنب، ولو لم يكن من الذنوب التي رتب على فعلها حد؛ لأن الكبائر غير محصورة في ذلك، وما ذكرت من الأخطاء من عدم المحافظة على الصلاة وعدم بر الوالدين ليس من الذنوب الصغيرة حتى يستهان بها، بل هي إلى الكبائر أقرب منها إلى الصغائر، لا سيما إذا أردت بعدم المحافظة على الصلاة عدم تأديتها أحيانًا، بمعنى ترك بعض الصلوات وتضييعها، فهذا عظيم، فإن من أهل العلم من حكم بكفر من ترك صلاة واحدة عامدًا متعمدًا حتى يخرج وقتها، وعدم البر بالوالدين يعني العقوق، والعقوق ذكره النبي صلى الله عليه وسلم- من أكبر الكبائر، ففي الصحيحين: عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ". ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ". وَجَلَسَ -وَكَانَ مُتَّكِئًا- فَقَالَ: "أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ". أخرجه البخاري (2654) ومسلم (87) . فالواجب على العبد منا أن يتقي الذنوب صغيرها وكبيرها، ويخشى عقوبتها وآثارها، فإن للذنوب آثارًا مدمرة على حياة الإنسان وصلاحية قلبه، وتعد حائلاً بين العبد وربه، ويُحرَم بسببها الكثيرَ من التوفيق والسداد والإعانة وكثيرًا من الخيرات؛ وأشعر أن أصل البلاء في القلب، إذ إن القلب المحصن من الشيطان، تسهل عليه إرادة فعل الخيرات لأنه قلب صحيح قوي، والقلب الذي يمكن الشيطان أن يدخله فيتجول فيه كما يشاء، يتوصل الشيطان بسهولة أن يجعل فيه إرادة السيئات، بعدما يزينها له؛ لأنه قلب مريض. ومن الناس من لا يدخل الشيطان قلبه إلا مرورًا سريعًا، لقوة التحصينات حوله، فهذا مثل الذين يفعلون الصغائر أحيانًا وسرعان ما يتوبون منها، وهم الذين قال الله تعالى عنهم: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) [الأعراف: 201] . ومن الناس من لا يقترب الشيطان من قلبه أبدًا؛ لأن قلبه مثل السماء المحروسة بالشهب، من الشياطين، فقلبه كذلك محروس من الشيطان، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم- عن هذا القلب: "أَبْيضُ مِثْلُ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دامَتِ السَّمَاواتُ والأَرْضُ". رواه مسلم (144) من حديث حذيفة، رضي الله عنه. ومن الناس من دخل الشيطان قلبه، فاتخذ فيه بيتًا، وجعل له فيه عشًّا يبيض فيه ويفرخ، فاستحوذ عليه، يأمر القلب بالشهوات المحرمة، فيريدها قلبه، فيأمر الجوارح بفعلها فتفعله؛ لأن الشيطان وجده قلبًا خاليًا عن التحصينات، مفتح الأبواب، ضعيفًا مريضًا بفعل السيئات، ولهذا قال الله تعالى، عن هذا النوع: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ

الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ) [المجادلة: 19] . لأن ذكر الله تعالى- هو الحصن من الشيطان، فأنساهم إياه ليستحوذ على قلوبهم فيقودها لتنقاد جوراحهم له تبعًا. والقلب لا يحصن من الشيطان إلا بذكر الله تعالى، ولا يقوى على إرادة الخير إلا بالعمل الصالح، ولا يغلبه الشيطان إلا إن كان غافلًا عن ذكر الله تعالى، ضعيفًا بسبب فعل السيئات والمنكرات. واسمح لي أن أقترح عليك برنامجًا إيمانيًّا مفيدًا للقلب أرجو أن يكون نافعًا وعونًا لك على استعادة حلاوة الإيمان، ولذة المناجاة، والقرب من الله عز وجل: 1- احرص على إقامة الصلوات الخمس في جماعة، لاسيما صلاة الفجر، فإياك أن تفوتك أبدًا، قال الله تعالى: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء: 78] . أي: صلاة الفجر تشهدها الملائكة. 2- بعد صلاة الفجر امكث في المسجد لقراءة القرآن إلى طلوع الشمس، ثم صل ركعتين بعد ارتفاعها قيد رمح (وقيد الرمح: مقدار عشر دقائق من أول الشروق) . 3- قل: (سبحان الله وبحمده) . مائة مرة كل يوم، في أي وقت، في المسجد أو البيت، ماشيًا، أو قاعدًا، أو في السيارة. . إلخ، وهذا الذكر يَحُتُّ الخطايا حتًّا. صحيح البخاري (6405) ومسلم (2692) . 4- استغفر الله تعالى- مائة مرة كل يوم، قائلاً: (أستغفر الله وأتوب إليه) . كذلك في أي وقت شئت، وعلى أي حال تكون. انظر صحيح مسلم (2702) . 5- قل هذا الذكر مائة مرة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) . صحيح البخاري (3293) ومسلم (2691) . مائة مرة كل يوم كذلك، في أي وقت شئت، وعلى أي حال تكون، ولا يشترط في المسجد. وهذه الأذكار كان يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم- فهي حياة القلب وغذاؤه الذي لا يستغني عنه. 6- بين صلاتي المغرب والعشاء رابطْ في المسجد فلا تخرج منه، واقرأ ما تيسر من القرآن بالتدبر. 7- يجب عليك الحمية التامة من النظر إلى التلفزيون، أو المجلات، أو الذهاب إلى أي مكان فيه منكرات، فأنت في حجر صحي لكي ترجع إلى قلبك عافيته، ولن ينفعك الدواء وهي الحسنات، إن كنت تدخل عليه الداء في أثناء فترة العلاج، والداء هو السيئات. 8- استمر على هذا البرنامج شهرًا كاملاً على الأقل، تعيش فيه مع القرآن تقرؤه بالتدبر، وتعمل بما فيه، وتخلو بنفسك لذكر الله تعالى- الساعات الطوال، والدليل على الشهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بذلك فقال: "اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ". متفق عليه: صحيح البخاري (5052) وصحيح مسلم (1159) من حديث ابن عمرو، رضي الله عنهما.

9- إن كانت البيئة التي تعيش فيها لا تساعدك على تطبيق هذا البرنامج فغيِّر بيئتك، اترك أصحاب السوء، وابتعد عن الأماكن التي تقضي فيها أوقات فراغك إن كانت تشجع على المعاصي، ولو استطعت أن تسافر إلى مكة مثلًا لتطبق هذا البرنامج فافعل. 10- تصدق بجزء من مالك، توبة إلى الله تعالى، صدقة سر لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالى، فقد صح في الحديث: "إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ عَنْ مِيتَةِ السُّوءِ". رواه الترمذي (664) من حديث أنس، رضي الله عنه. 11- حاول أن تذهب إلى العمرة ناويًا تجديد إيمانك وغسل ماضيك بماء هذه الرحلة المباركة، قال صلى الله عليه وسلم: "العُمْرَةُ إلى العمرةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ". متفق عليه: البخاري (1773) ومسلم (1349) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه. 12- إن كانت لديك حقوق للناس فرُدَّها كلها، ولا تترك منها شيئًا في ذمتك؛ توبة إلى الله. 13- ادع الله تعالى- كل ليلة في وقت السحر، قبل صلاة الفجر بهذا الدعاء: "اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". أخرجه البخاري (834) ومسلم (2705) . وهذا الدعاء: "اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وأَعِذْنِي مِن نَفْسِي". أخرجه الترمذي (3483) . وهذان علمهما الرسول صلى الله عليه وسلم- لبعض أصحابه، رضي الله عنهم، وأكثر من الاستغفار والدعاء في السَّحَر فإن السحر (قبل الفجر) وقت يستجاب فيه الدعاء. والله أسأل أن ينفعني وإياك بالعلم النافع، والعمل الصالح، وأن يشرح صدورنا، وينوِّر قلوبنا، ويأخذ بأيدينا لما فيه الخير والصلاح والسداد، إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

سؤال الله الصبر

سؤال الله الصبر المجيب د. عبد المهدي عبد القادر أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الصبر التاريخ 16/02/1426هـ السؤال السلام عليكم. قرأت دعاءً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أورده ابن القيم في كتاب الصبر وشكر النعمة، وفيه ما معناه: "اللهم أسألك الصبر في شأني كله، وأن تجعلني على الصراط المستقيم"، أرجو ذكر مصدر هذا الدعاء. صديق لي يقول: إننا لا ينبغي أن نسأل الله الصبر؛ لأن ذلك يعني أننا نسأله تعالى أن يبتلينا، فهل هذا صحيح؟ لكن هناك نصوصاً في القرآن الكريم تحث على الصبر. كما ورد في قصة النبي داود -عليه السلام- في سورة البقرة (الآية 250) ، وطلب السحرة من الله أن يفرغ عليهم الصبر على فرعون في سورة الأعراف (آية رقم 126) . أرجو توضيح المسألة. الجواب الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على النبي الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان ويقين، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أهلاً بك ـ أخي الكريم ـ على صفحات موقع "الإسلام اليوم" ونأمل أن يكون الموقع وما يقدم فيه عند حسن ظنك إن شاء الله تعالى.. وأما عن الدعاء الذي ذكرت أن الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ أورده في كتاب الصبر وشكر النعمة، ولعلك تقصد كتابه (عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين) ؛ فلم نعثر على دعاء بهذا النص الوارد في سؤالك وهو (اللهم أسألك الصبر في شأني كله وأن تجعلني على الصراط المستقيم) . وأما قول صديقك (إننا لا ينبغي أن نسأل الله الصبر؛ لأن ذلك يعني أننا نسأله البلاء" فهذا الكلام له وجه من الصحة، فالأصل أن يسأل المرء ربه العفو والعافية في الدنيا والآخرة. فعن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول:"سلوا الله اليقين والمعافاة، فما أوتي أحد بعد اليقين خيراً من العافية" أخرجه أحمد (5) و (17) ، والنسائي في الكبرى (10717) ، وابن ماجة (3849) وهو حديث صحيح، وفي ضعيف الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو يقول: اللهم إني أسألك تمام النعمة فقال: أي شيء تمام النعمة؟ . قال: دعوة دعوت بها أرجو بها الخير، قال: فإن من تمام النعمة دخول الجنة، والفوز من النار. وسمع رجلاً وهو يقول: يا ذا الجلال والإكرام، فقال: قد استجيب لك فسل. وسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً وهو يقول: اللهم إني أسألك الصبر. قال: سألت الله البلاء، فاسأله العافية" ضعيف الألباني ـ الترمذي برقم (706) .

وجاء في (زاد المعاد) لابن القيم. قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: عن أبي الدرداء، قلت: يا رسول الله، لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ورسول الله يحب معك العافية". أما ما ورد في سؤالك ـ أخي الكريم ـ من شبهة تعارض بين ما سبق من أحاديث بطلب العافية، وما ورد في القرآن الكريم من الدعاء بالصبر، مثل قوله تعالى في الآية (250) من سورة البقرة وهو قوله تعالى حكاية عن قصة داود مع جالوت "ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"، وكذلك قوله تعالى في الآية (126) من سورة الأعراف حكاية عن قول سحرة فرعون بعد إيمانهم "وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين"، فما جاء في هاتين الآيتين الكريمتين من دعاء وطلب للصبر هو عند لقاء العدو واحتدام البلاء، وقد جاء في الحديث الصحيح: "لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف" متفق عليه، أخرجه البخاري (2819) ، ومسلم (1742) من حديث عبد الله بن أبى أوفى. وحين وقوع البلاء فعلى المسلم أن يصبر ويرضى بقدر الله -تعالى- ولا يجزع لما أصابه؛ ففي مسند الإمام أحمد (23129) ، والترمذي (2396) ، من حديث محمود بن لبيد يرفعه: "إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط". زاد أحمد: "ومن جزع فله الجزع". قال أبو الدرداء-رضي الله عنه-: إن الله إذا قضى قضاء، أحب أن يرضى به"، وكان عمران بن حصين-رضي الله عنهما- يقول في علَّته: أَحبَُه إليّ أحبه إليه، وكذلك قال أبو العالية. وقال الحسن: دخلنا على عمران بن الحصين -رضي الله عنهما- فقال رجل: لا بد أن أسألك عما أرى بك من الوجع، فقال عمران يا أخي لا تفعل، فو الله إني لأحب الوجع ومن أحبه كان أحب الناس إلى الله. قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى: 30] ، فهذا مما كسبت يدي، وعفو ربي عما بقي أكثر". وهذا وأمثاله هو من أدب الصالحين إذا نزل بهم البلاء، لا قبل وقوعه. كما أنه على المعافى إن رأى مبتلى أن يحمد الله على المعافاة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما من رجل رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً إلا لم يصبه ذلك البلاء كائناً ما كان" أخرجه الترمذي (3428) في الدعوات من حديث أبي هريرة وحسنه. على أن هناك أنواعاً من الصبر يحتاجها المسلم ويحمل عليها الدعاء به، وهي الصبر على طاعة الله، والصبر عن معاصي الله، فهذه لا بد منها؛ لتحقيق العبودية لله -عز وجل-، كما قال عز وجل: "واستعينوا بالصبر والصلاة" [البقرة: 45] . هذا.. وأسأل الله لنا ولك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

سادسا: الفتور وعلاجه

فترت همتي المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 10/04/1427هـ السؤال أنا طالبة أدرس دراسات عليا في مجال الهندسة الداخلية، ونيتي من هذا العلم ليس الرياء، بل مساعدة الفقراء، وقبل دراستي استخرت ودعيت الله في مكة، وعند الكعبة -إن كان راضي بما أنويه- أن ييسره لي. وتيسرت لي الأمور والحمد لله. مشكلتي أن شعلة الهمة التي كانت بداخلي. قد أصابها الفتور. استكملت سنتين بمعدل ممتاز ولا زلت بنفس المعدل. لكنني افتقدت الهمة، وقوة الإرادة والعزيمة والإبداع. فكيف أعود لهمتي؟ علماً بأن حياتي كلها صلاة، وسماع للمحاضرات، وقيام لليل، وحفظ أو تلاوة للقرآن، لا شيء غير. ولا أخرج إلا للضرورة فقط. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فما ذكرت أختي الكريمة من فتور الهمة، هو أمر عادي ومتوقع، ففي جامع الترمذي وصححه (2453) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن لكل شيء شِرَّة، ولكل شِرَّةٍ فترة، فإنْ كان صاحِبُها سدَّد وقارب فارجوه، وإن أُشِير إليه بالأصابع فلا تعدُّوه". شِرَّة بكسر الشين وتشديد الراء: حرصاً ونشاطاً. فترة: وهنا وضعفا. والمعنى أن لكل شيء أي من الأعمال نشاط وله فتور وضعف، وفي المعنى أحاديث أخرى، ولذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ بالله من العجز والكسل كثيراً كما في صحيح البخاري (2893) . فعليك أن تكثري من هذا الدعاء ونحوه مما ورد في الصلاة وغيرها في الصباح والمساء، وأكثري من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" فإنها كنز من كنوز الجنة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري (2992) وصحيح مسلم (2704) ، وما دامت نيتك من طلب هذا العلم صالحة، وأنت من أهل الخير والطاعة، والستر والعفة، فإن الله عز وعلا ييسر لك ويقوي همتك مرة أخرى، المهم أن يكون هذا العلم مما يناسب جنسك، والحاجة إليه ماسة. كما أن من أسباب تجدد الهمة؛ وضوح الهدف في العمل الذي يعمله الإنسان وقناعته به، وأيضاً من الأسباب الابتعاد عن ذوي الإرادات الضعيفة، والهمم الدنية الذاتية، وأيضاً من الأسباب تنظيم الوقت، ومحاسبة النفس عند التقصير، واستدراك ما فات، والصبر على ذلك، فالصبر ضياء وليس نوراً فقط!! بل هو ضياء يشع ويضيء طريق السالكين، قال صلى الله عليه وسلم: "ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً خيراً وأوسع من الصبر" أخرجه البخاري (1469) ومسلم (1052) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. وأحيلك أختي للفصل الثامن من كتاب "صلاح الأمة في علو الهمة" (7/283) للدكتور سيد بن حسين العفاني، وكتاب "علو الهمة" للدكتور محمد بن إسماعيل المقدم، وخلاصة ذلك تجدينها في كتيب نافع مفيد اسمه "الفتور مظاهرة، أسبابه، وعلاجه" للدكتور ناصر العمر، وهو موجود على موقع المسلم (www.almoslim.net) . والله ولي التوفيق.

فتر عن طلب العلم بعد الزواج المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 03/12/1426هـ السؤال اجتمعت علي مشكلات الحياة، فتركت طلب العلم، ولم أستطع متابعة الطلب مع ما حباني الله به من حفظ للقرآن وللمتون وإجادة فن الخطابة والأنشطة الدعوية، فقد تركت طلب العلم لما تزوجت وكثرت المشكلات، وأنا غير راض عن هذا الوضع، فبم تنصحوني؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إلى الأخ الكريم -وفقه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فالمشكلات ملازمة للبشر، وهي درس وامتحان من الله للعباد هل يصبرون ويثبتون ويشكرونه أم لا، وأنت في نعمة عظيمة قد لا تشعر بها، وأعظمها نعمة الهداية على الصراط المستقيم، فاشكر الله على ذلك، والأصل أن المشكلات لا تحول بين العبد والدعوة إلى الله إذا لم يستطع، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ورجوع الإنسان بعد الدعوة وطلب العلم والجد إلى الكسل والتثاقل والغفلة أمر خطير. والتعامل مع المشكلات لا يكون بالضجر وترك الدعوة والبحث عن الأعذار، فإن ذلك استجابة سلبية لرحى المشكلات، ويجب أن يكون التعامل مع المشكلات إيجابياً بالتغلب عليها قدر الإمكان، واللجوء إلى الله والفزع إليه، والإلحاح الصادق في طلب الفرج منه تعالى. وعدم رضاك عن وضعك يدل -إن شاء الله- على حبك للخير وحرصك عليه. فجدد الآمال عندك وطب نفساً بقضاء الله، وقدم لدينك تجد الفرج وطرد الهموم، وضع لنفسك برنامجاً سهلاً بالعلم والعودة إلى الدعوة إلى الله من جديد بنفس تواقة وأمل طموح، واطلب رضا الله بكل سبيل، واسع لربك كما قال الشاعر: نعم أسعى إليك على الجفون ولو بعدت لمسراك الطريقُ وأعظم الأعمال عند الله -بعد التوحيد والإخلاص- هو نشر العلم وتعليمه والسعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتربية النفس على الخير، وهذه مهمة الرسل. أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويستعملك في طاعته، ويثبتنا وإياك على الحق إنه سميع مجيب.

يئست من صلاحي!

يئست من صلاحي! المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 06/09/1426هـ السؤال كنت من حملة كتاب الله، وكنت أدرس في الثانوية الشرعية، ولكني انتكست وتركتها؛ وذلك بسبب ضعف همتي وكسلي، وتسبب ذلك في نسياني القراءة وإدماني على المناظر الإباحية والعادة السرية، فالآن أقراني متفوقون علي في كل شيء، والمصيبة أنني بدأت أبغض نفسي وأقراني ويئست من إصلاح نفسي، فهل هناك أمل في الإصلاح؟ وهل هناك أمل في الالتحاق بأقراني؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فهناك آمال في صلاح الحال وليس أملاً واحداً، فأما أخطاؤك الماضية فقد وعدك الله بالعفو إن تبت واستقمت ورجعت إلى ربك: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر: 53] . فما بينك وبين ربك من النظر للمحرمات وممارسة العادة السرية يمحوه الله بالتوبة، ويكفر بالصلاة والأعمال الصالحة الأخرى، قال تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود: 114] ، وليست ممارسة العادة السرية مثل الفواحش الكبيرة كالزنا واللواط أعاذك الله منها، وبالتالي فإن ممارستها لا تعني أنك تنقطع عن العلم الشرعي أو الصحبة الصالحة، بل حاول تركها وإن لم تستطع تركها فاجعلها من الذنوب التي تستغفر منها وتخشى الإثم بسببها، وادع الله أن يعينك على تركها. وبالنسبة لرؤية الصور المحرمة والأفلام ونحوها فهي من الذنوب التي تكفرها الصلاة والأعمال الصالحة، ولكن أثر إدمانها خطير جدًّا على مستقبل حياتك؛ لأنها قد تؤثر على سلوكك مستقبلاً حتى بعد زواجك، ولتقرأ ما قاله أحد التائبين عن مشكلة إدمانه للمناظر الإباحية: لن أتكلم عن أثر هذه الموقع على قلبي وما فعلته بي في علاقتي مع ربي، فلن أستطيع أن أصف ما فعلته بي في هذا الأمر، ولكن أريد أن أبيِّن أمراً آخر، فقد كنت مدمناً لهذه المواقع قبل زواجي، وكان الشيطان يسول لي الدخول عليها بدوافع عدة، كان منها ما ظننته الفضول وحب الاستكشاف لهذه العلاقات، إلى آخر تلك الحجج الواهية التي بدت لي في وقتها مقبولة، والتي لم تكن إلا اتباعاً للشهوات، وها أنا ذا أتجرّع ألم المعصية، فقد عاد ذلك عليّ بالسلب في علاقتي مع زوجتي، فما شرعت في معاشرة زوجتي إلا وتواردت على ذهني تلك الصور وأفسدت علي حالي، وما أن أتذكرها حتى أفقد حلاوة اللقاء، ولولا حرصي على مشاعر زوجتي لأنهيته في التو، وكأن الله يعاقبني على ما قدمت يداي، وكأنه يقول لي: قد استعجلت بالحرام، فها أنا ذا أفسد عليك الحلال.

فيا أخي احرص على أن تعود إلى ربك -جل وعلا- وأن تعود إلى الدراسة، أو تنشغل بعمل دنيوي نافع، ولتثق بقدراتك، واعلم أن عددًا من الشباب أصابهم ما أصابك ثم عادوا إلى جادة الطريق، ووفقوا لتوبة نصوح أنقذتهم من الانتكاس، ولا يتلاعب بك الشيطان بسبب هذين الذنبين -النظر والعادة السرية- فيريك من نفسك مجرماً أو منافقاً لا أمل في صلاحه ولا يصلح للصلاة ولا لصحبة الأخيار، فذلك من أخطر الأمور عليك، فتعوذ بالله من الشيطان، وقل لنفسك: إنني شاب مسلم وإن عصيت في بعض الأمور فلا أكفر بالله ولا أضيع الصلاة ولا أفرط في الأعمال الصالحة، بل أحاول التوبة وأستمر في الفرائض وأصحب الصالحين؛ لعل الله أن يمن علي بتوبة من هذه المعاصي، وأكثر من سماع الأشرطة المؤثرة في صلاح القلب من تلاوة للقرآن الكريم مؤثرة خاشعة، وسماع محاضرات عن اليوم الآخر والموت. وأكثر من نوافل الطاعات والصيام. أسأل الله أن يمن علي وعليك بتوبة صادقة وأن يغفر لنا ذنوبنا، ويرزقنا التوبة دائما وأبداً مما اجترحنا، وأن يعيذنا من همزات الشياطين.

نصيحة لمن اهتدى ثم انتكس

نصيحة لمن اهتدى ثم انتكس المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 15/9/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: شيخنا الفاضل: أرجو التكرم بكتابة رسالة لشخص كان ملتزماً مع صحبة صالحة ثم ترك الالتزام، تدعوه فيها للرجوع للالتزام والرفقة الصالحة وتذكره بالآخرة، وأيضا لا يفوته فضل شهر رمضان. وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي يهدي من يشاء بفضله، ويضل من يشاء بحكمته وعدله، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على الهادي البشير، والسراج المنير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد: إلى الأخ: السائل: - حفظه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع. لقد قرأت رسالتك وسرني جداً حرصك على تقديم النصح لهذا الأخ الذي انتكس على عقبيه واستبدل الذي هو أدني بالذي هو خير، نسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين الثبات حتى الممات، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور. ولكن قبل الشروع في كتابة هذه النصيحة أود أن أتساءل معك بصفتك قريب من هذا الشخص المنتكس، ما هي الأسباب التي جعلته يترك الرفقة الصالحة ويذهب إلى غيرها، فمعرفة هذه الأسباب يساعدك كثيراً في علاج المشكلة، والعمل على إرجاعه مرة أخرى إلى تلك الثلة المباركة - بإذن الله تعالى- أما بالنسبة للنصيحة لهذا الشخص فمستعيناً بالله أقول: أيها الأخ المبارك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إن من نظر إلى الدنيا بعين البصيرة لا بعين البصر المبهرج أيقن أن نعيمها ابتلاء، وحياتها عناء، وعيشتها نكد، وصفوها كدر، جديدها يبلى، وملكها يفنى، وودها منقطع، وخيرها ينتزع، والمتعلقون بها على وجل، فالدنيا إما نعمة زائلة، أو بلية نازلة، أو منية قاضية، "يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ" [غافر:39] . أخي الكريم: هل تذكرت الموت وسكراته، وشدة هوله وكرباته، وشدة نزع الروح منك؟، فالموت كما قيل: أشد من ضرب بالسيوف ونشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض. فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله، فالموت لا يخشى أحد ولا يبقي على أحد، ولا تأخذه شفقة على أحد، فقف مع نفسك وقفة صادقة وقل لها: يا نفس قد أزف الرحيل *** وأظلك الخطب الجليل فتأهبي يا نفس لا يلعب *** بك الأمل الطويل فلتنزلن بمنزل ينسى *** الخليل فيه الخليل وليركبن عليك فيه من *** الثرى ثقل ثقيل قرن الفناء بنا جميعاً *** فلا يبقى العزيز ولا الذليل أخي: هل تذكرت القبر وظلمته؟ وضيقه ووحشته؟، هل تذكرت ذلك المكان الضيق الذي يضم بين جوانبه جثث الموتى من عظيم وحقير؟ وحكيم وسفيه؟ وصالح وطالح؟ وبر وفاجر؟ فالقبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.

فيا أخي الحبيب: تخيل نفسك بعد ثلاثة أيام وأنت في قبرك، وقد جردت من الثياب وتوسدت التراب، وفارقت الأهل والأحباب وتركت الأصحاب، ولم يكن معك جليس ولا أنيس إلا عملك الذي قدمته في الدنيا، فماذا تحب أن تقدم لنفسك وأنت في زمن الإمهال حتى تجده في انتظارك يوم انتقالك إلى قبرك؟ "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ" [آل عمران:30] . والله لو عاش الفتى في عمره *** ألفاً من الأعوام مالك أمره متمتعاً فيها بكل لذيذة *** متلذذاً فيها بسكنى قصره لا يعتريه الهم طول حياته *** كلا ولا ترد الهموم بصدره ما كان ذلك كله في أن *** يفي فيها بأول ليلة في قبره هل تذكرت أخي الكريم أول ليلة في القبر؟ حيث لا أنيس ولا جليس ولا صديق ولا رفيق ولا زوجة ولا أولاد، ولا أقارب، ولا أعوان، "ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ" [الأنعام:62] . فارقت موضع مرقدي *** يوماً ففارقني السكون القبر أول ليلة *** بالله قل ما يكون؟ أخي: هل تذكرت النفخ في الصور؟ والبعث يوم النشور؟ وتطاير الصحف؟ والعرض على الجبار - جل وجلاله-؟ والسؤال عن القليل والكثير؟ والصغير والكبير؟ والفتيل والقطمير؟ ونصب الموازين لمعرفة المقادير؟ ثم جواز الصراط، ثم انتظار النداء عند فصل القضاء إما بالسعادة وإما بالشقاوة، "فريق في الجنة وفريق في السعير" [الشورى: 7] ، "فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ. وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ" [هود:106-108] . فيا أخي الكريم: من أي الفرقين تحب أن تكون؟ فجدير بمن الموت مصرعه، والتراب مضجعه والدود أنيسه، ومنكر ونكير جليسه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده، أن لا يكون له فكر إلا في ذلك، ولا استعداد إلا له. فيا أخي الكريم: إن العمر قصير، والسفر طويل، والزاد قليل، والخطر محدق وكبير، والعبد بين حالين: حال قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه؟ وآجل قد بقى لا يدري ما الله قاض فيه؟.

فإذا كان الأمر كذلك، فعلى صاحب البصر النافذ أن يتزود من نفسه لنفسه، ومن حياته لموته، ومن شبابه لهرمه، ومن صحته لمرضه، ومن فراغه لشغله، ومن غناه لفقره، ومن قوته لضعفه، فما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار سوى الجنة أو النار، "فأما من ثقلت موازينه. فهو في عيشة راضية. وأما من خفت موازينه. فأمه هاوية. وما أدراك ما هيه. نار حامية" [القارعة: 6-11] ، فمن أصلح ما بينه وبين ربه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن صدق في سريرته حسنت علانيته، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه فلا بد من وقفة جادة وصادقة لمحاسبة النفس، فالمحاسبة الصادقة هي ما أورثت عملاً صادقاً ينجيك من هول المطلع. عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" فكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" أخرجه البخاري (6416) أتدري كم كان عُمْر عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما عندما قال له النبي ذلك كان عمره عشرون سنة! فيا غافلاً عن مصيره، يا واقفاً مع تقصيره، سبقك أهل العزائم وأنت في بحر الغفلة عائم، قف على باب التوبة وقوف نادم، ونكس الرأس بذل وقل: أنا ظالم، وناد في الأسحار، مذنب وراحم، وتشبه بالصالحين إن لم تكن منهم وزاحم، وابعث بريح الزفرات سحاب ودمع ساجم، وقم في الدجى داعياً، وقف على باب مولاك تائباً، واستدرك من العمر ما بقي ودع اللهو جانباً، وطلق الدنيا والمعاصي والمنكرات إن كنت للآخرة طالباً. أتراك بعدما ذقت حلاوة الطاعة والعبادة تعود إلى مرارة العصيان؟ أتراك بعدما ذقت لذة الأنس والقرب والمناجاة تعود إلى لوعة البعد والهجر والحرمان؟ أتراك بعدما صرت من حزب الرحمن تنقلب على عقبيك فتنضم إلى حزب الشيطان؟ أتراك بعدما حسبت في عداد المصلين تترك الصلاة وهي عماد الدين، والفارق بين الكفار والمؤمنين، وتكتب من الغافلين؟ هل يليق بك بعدما كنت براً تقياً أن تصبح جباراً شقياً؟ ما هكذا يكون المؤمن، بل ما هكذا يكون العاقل المتبصِّر. قال تعالى: "وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً" [النحل: من الآية92] ، فإياك ثم إياك من نقض الغزل بعد غزله ... أرأيت لو أن إنساناً غزل غزلاً ثم صنع منه قميصاً أو ثوباً جميلاً.. فلما نظر إليه وأعجبه ... جعل يقطع خيوط هذا الثوب وينقضها خيطاً خيطا وبدون سبب.. فماذا يقول عنه الناس؟ ... فهذا حال من يرجع إلى المعاصي والفسق والمجون، ويترك الطاعات والأعمال الصالحة، وفعل الخير ومصاحبة الصالحين، فإياك أن تكون من هذا الصنف المغبون.

أخي الكريم: ما هي إلا أيام قلائل حتى تكتمل دورة الفلك، ويشرق على الدنيا كلها هلال شهر رمضان المبارك، الذي تهفو إليه قلوب المؤمنين، وتتشوق إليه نفوسهم، وتتطلع شوقاً إلى بلوغه، فإن بلوغ شهر رمضان أمنية غالية كان يتمناها النبي - صلى الله عليه وسلم- ويسأل ربه أن يبلغه إياها، فعن أنس - رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا دخل رجب يقول: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير انظر المشكاة (1/432) (1369) . فشهر رمضان شهر مغفرة الذنوب، وستر العيوب، ومضاعفة الأجور، شهر تعتق فيه الرقاب من النيران، وتفتح فيه أبواب الجنان، شهر تتنزل فيه الرحمات وتتضاعف فيه الحسنات، شهر كله خير وأفضال، وفرصة للتنافس فيه بصالح الأقوال والأعمال والأفعال، شهر قد أظلنا زمانه، وأدركنا أوانه، قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- ملفتاً الأنظار إلى فضله، ويحث المخاطبين واللاحقين إلى اغتنام وقته فقال: "أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه برحمته، ويحط فيه الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل" قال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني في الكبير فشهر هذا فضله وشرفه وقدره، وتلك منزلته، وعلو مكانته عند الله فقل لي بالله عليك: كيف يستقبل هذا الوافد الكريم، وهذا الشهر العظيم؟ أخي: إن من نعم الله عليك العظيمة أن مدَّ في عمرك وجعلك تدرك هذا الشهر العظيم، فكم غيِّب الموت من صاحب، ووارى الثرى من حبيب، فإن طول العمر والبقاء على قيد الحياة فرصة للتزود من الطاعات، والتقرب إلى الله - عز وجل- بالعمل الصالح، فرأس مال المسلم هو عمره، لذا فاحرص على أوقاتك وساعاتك حتى لا تضيع هباءً منثوراً، وتذكر من صام معك العام الماضي، وصلى معك العيد، أين هو الآن بعد أن غيَّبه الموت؟ وتخيل أنه خرج إلى الدنيا مرة أخرى فماذا يصنع؟ هل سيسارع إلى المعاصي والمنكرات؟ أو ينغمس في مستنقع الشهوات والملذات؟ أو سيحرص على فعل المحرمات وارتكاب الكبائر والموبقات؟ كلا والله، بل سيبحث عن حسنة واحدة، ولو بتكبير أو تهليل أو تسبيح، فإن الحساب شديد، والميزان دقيق، "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" [الزلزلة: 7-8] . فيا أخي الكريم: أنا أدعوك وأدعو نفسي وكل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها بأن نفتح صفحة جديدة بيضاء ناصعة مع ربنا وخالقنا، وأن نسدل الستار على ماض نسيناه وأحصاه الله علينا، وأن نتوب -ومن الآن- إلى الله التواب الرحيم من كل ذنب وتقصير وخطيئة، وأن لا ندع هذه الفرصة العظيمة تفوتنا، فهذا رمضان موسم خصب من مواسم العمل الصالح، والتنافس في الخيرات والإكثار من النوافل والصدقات، وغيرها من القربات التي تقربنا من المولى - جل جلاله- ثم إلى متى الغفلة والتسويف؟ وطول الأمل؟ واتباع النفس والهوى والشيطان؟. دع عنك ما قد فات في زمن الصبا **** واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب لم ينسه الملكان حين نسيته **** بل أثبتاه وأنت لاه تلعب وغرور دنياك التي تسعى لها **** دار حقيقتها متاع يذهب نعم صدق الله إذ يقول: "وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" [آل عمران: 185] . هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف يعالج الفتور الذي انتابه؟

كيف يعالج الفتور الذي انتابه؟ المجيب د. عبد الله بركات وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 25/08/1425هـ السؤال أنا شاب منَّ الله علي بالالتزام منذ أربعة أشهر، لكن منذ شهر تقريباً أحس أني تساهلت بالسنن والرواتب وبالمعاصي، أريد علاجاً لهذا الفتور لو سمحتم معددا لي كذا وكذا ... إلخ. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.. فالمؤمن -أخي السائل - هو من تسره حسنته وتسيئه سيئته، والشعور بالتقصير في الطاعات والاهتمام بذلك والقلق على حالة الإيمان هو علامة خير ودليل رشد؛ لذا فأهم ما يلزمك في حالك هذه: 1-المسارعة للطاعة وعدم التسويف فيها ما وسعك الجهد. 2-دفع خاطرة السوء بمجرد ورودها على ذهنك. 3-الالتزام بورد من الأذكار المسنونة ومداومة قراءة القرآن الكريم. 4- أن تقطع علاقتك بأصدقاء السوء الذين يذكرونك بالمعصية أو يبثون في نفسك التراخي في الطاعة والتكاسل عن أدائها. 5- الحرص على حضور حلقات العلم. هذه خمسة، إن التزمت بها، أسأل الله أن يربط على قلبي وقلبك برباط الإيمان، وأن يرزقنا وإياك علو الهمة في طلب الخير والمبادرة إليه. والله أعلم.

أخي يزداد انحرافا

أخي يزداد انحرافاً المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 2/12/1424هـ السؤال أخي يزداد في الانحراف يوماً بعد يوم، وقد كان من طلبة العلم لكن لا أعلم ما الذي أصابه، بدأ يؤخر الصلاة، ولا يهتم بها، أكثر من متابعة القنوات الفضائية والمسلسلات، أنا لم أعتد على الجلوس معه كثيراً فكيف أرسل له النصيحة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الأخت.... -سلمها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. أما جواب مشكلة أخيك فكالتالي: أولاً- جزاك الله خيراً على عنايتك بأمر أخيك وحرصك على دينه وإيمانه، وهذا هو الواجب على المؤمنين أن يوالي بعضهم بعضاً، ويحرص بعضهم على بعض خاصة في أمر الدين. ثانياً- اعلمي - أختي الفاضلة - أن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، فأخوك هو من جملة بني آدم المعرضين للتغير والتبدل والانحراف، ولو كان بعد استقامة ودين، وكل منا عرضة لذلك إذا لم نتمسك بأسباب الثبات والاستقامة. ثالثاً- لا بد من إيصال النصيحة له عبر وسائل عديدة، خاصة وأنتِ تقولين إنك بعيدة عنه في السكن ومنها: (1) المكالمة الهاتفية التي تكون برفق ولين وإشعار بالحب والحنان والرحمة. (2) الرسالة المكتوبة. (3) توصية أخ صالح محب للقيام بنصحه وتذكيره بالله. (4) إهداؤه شريطاً إسلامياً وكتاباً نافعاً في مقام زيادة الإيمان وتقوية اليقين. (5) أن يزوره من يكون محلاً للتأثير عليه، كداعية معروف بالنسبة له أو إمام مسجد أو صديق طيب. رابعاً: لا بد من متابعة أثر النصيحة والتذكير وعدم الاستعجال في رؤية الأثر أو اليأس من صلاحه وعودته للحق، فإن الشأن في المؤمن أنه إذا ذكر تذكَّر، وإذا وعظ اتّعظ، فواجب أن نصبر، ولا نمل، ولا نكل من متابعة النصح والتذكير. خامساً: من الضرورة النظر في أسباب التغير ومحاولة إبعادها عنه إن أمكن، أو إبدالها خيراً منها. سادساً: احرصي على الدعاء له بظهر الغيب، فالله -سبحانه- لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو أرحم بعبده من نفسه. والله أسأل أن يصلح أخاك وأن يصلحنا جميعاً، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وأن يثبت قلوبنا على دينه إنه جواد كريم.

أخي قد تغير كثيرا!!

أخي قد تغير كثيراً!! المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 1/8/1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي كان في مقتبل عمره طائعاً لله ـ عز وجل ـ وكان مضرب المثل في الالتزام والجد والاجتهاد والنصح، وهو ـ الآن ـ تغير من حاله إلى حال أقل بكثير. فلقد أسبل ثوبه وخفف لحيته جداً!! وأصبح لا يبالي بالدعوة، ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر …الخ بعد التزامي كنت أؤمل فيه أن يساعدني في الدعوة إلى الله في وسط أهلي (والداي وإخواني) لكن لم أجد له أثراً في ذلك. هو لا يزال ـ ولله الحمد ـ يصلي مع جماعة المسلمين، ويتصدق لمؤسسات دعوية، ولكنه في مجال النصح والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والغيرة على الأعراض وغيرها من العبادات لا تكاد تجد له جهد! زملاؤه الكثير منهم تجد في مظهره الاستقامة والصلاح، ولكنهم يضيعون أوقاتهم فيما لا فائدة فيه بل ربما فيه ضرر!! فضيلة الشيخ كيف يمكن أن أتعامل مع هذا الأخ؟ وجهوني بما ترونه. وجزاكم الله خيراً. الجواب أخي الكريم، إذا كان من الجميل أن نعود أنفسنا رؤية الجوانب الطيبة في حياة الناس وأحوالهم، فلقد سرني ما ذكرته عن أخيك من محافظته على الصلوات مع جماعة المسلمين؛ فإن هذه علامات الإيمان، إذ لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن، وهذه من شعائر الإسلام الظاهرة العظيمة. ومثله ما ذكرته من أن أصدقاءه من الملتزمين المحافظين، فإن المرء على دين خليله. أما ما ذكرته من النقص الذي حدث فيه فقد يكون سببه طول العهد مع عدم تجديد الإيمان وصقله، فإن القلوب تمل، ويعتريها من الآفات شيء عظيم، يشبه ما يعرض للثياب من الأوساخ وغيرها، فتحتاج إلى تعاهد، وتجديد وغسل؛ ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يقول في استفتاح الصلاة - كما في الصحيحين - من حديث أبي هريرة: اللهم نقني من خطاياي، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. وقد نعى الله على بني إسرائيل طول العهد، وقسوة القلب فقال: " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:16) . ولم يكن بين إيمان الصحابة، وخطابهم بهذه الآية المكية إلا أربع سنين، كما في الصحيح عن ابن مسعود. وأعقب هذا بقوله: "اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها.." إشارة إلى أن يحرصوا على أن تحيا قلوبهم بنور الوحي، كما تحيا الأرض بالمطر النازل من السماء، وألا ييأسوا من روح الله.. بل يسألون الله أن يجدد الإيمان في قلوبهم. إن الاسترسال وراء متاع الحياة ومباهجها، وشهواتها وملذاتها يشغل القلب ويفتر اللهمة. وإن التوسع في حقول المباحات، والاقتراب من المكروهات يفضي إلى الجراءة على المحرمات القريبة، ثم البعيدة؛ ولهذا جاء عن بعض السلف: اجعل بينك وبين الحرام جنّة من المباح.

ولا بد للمرء من وقفة بعد وقفة ينظر فيها في أمره، ويراجع حسابه، ويستدرك ما فرط، ويلوم نفسه على التقصير والغفلة. وأخوك وإن كان على خير إلا أنه يحتاج إلى منادٍ يصيح فيه: أن تدارك قبل الفوات، ويا حبذا أن يكون هذا الصائح المنادي اختيارياً بطوعه، ورضاه، وانجفاله إلى ربه، قبل أن يكون اضطرارياً قدرياً، لا حيلة فيه ولا منفع. ويحسن منك النصح له بما لا يخدش نفسه، ولا يعكر صفاء الإخاء بينك وبينه، ولا يشعر بالتعالي والأستاذية، بل بدافع الشفقة والرحمة والاقتداء. وربما كان هذا على هيئة سؤال تطرحه عليه مستفتيا ًمستفيداً مستبصراًَ، أو مشكلة تطلب إليه حلها.. أو نصيحة عبر صديق عاقل لبق. ولا تتأخر عن صالح الدعاء. وفق الله الجميع لرضاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

زوجي.. تغير كثيرا..!!

زوجي.. تغير كثيرا..!! المجيب سعد الرعوجي مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 30-2-1423 السؤال اخوتي الكرام السلام عليكم ورحمة الله: مشكلتي في زوجي لا اعرف كيف أصفه وتكمن مشكلتي معه من وجهين الأول شدته في معاملة ابنائة وغلظته حتى في ابسط الأمور فهو لا يكلمهم إلا في أسوأ ما عملوا وفي تعداد عيوبهم..!! لا يشكر لأحد منا على شيء.. كثير الضجر منا رغم حسن أخلاقي وأخلاق أبنائي..!! نحترمه ونقدره ونستشيره في كل شيء ومع هذا لا نجد إلا الرفض والتنقيص منا ... أما عن معاملته لمن هم خارج البيت فالنقيض تماما فالابتسامة لهم والاحترام لهم والانبساط وانشراح الأسارير لهم ويقول هذه إنسانية وحسن معاملة مع الناس..!!!!! أما الأمر الثاني فهو تغير أحواله الدينية فقد كان ممن يرتاد الدروس والمحاضرات ويسمع الخطب والمواعظ ويطلب العلم في الكتب ثم بدأ يتركها شيئا فشيئا حتى انقطع عنها تماما وأغلق على نفسه الباب.. لا اعرف كيف أتعامل معه.. عنيد غليظ لا يسمع نصيحة وربما ظن أنها انتقاص له.. يحاول إصلاح أبنائه وهو لا يسعى إلى إصلاح نفسه ويرى نفسه على صواب دائما لذلك فأبناؤه لا يتقبلون نصحه وأنا كنت لا أخالفه أبدا وأسعى إلى إرضائه دائما ولكني مللت فلم يزد مع الأيام إلا سوء وغلظة فلا يذكر لي خيرا قط..!! أحسست أن طاعتي له بهذه الصورة سلبية مني أثرت على أبنائي فأصبحت لا أستطيع الدفاع عنهم أمامه.. لا اعرف ماذا افعل؟ وجهوني كيف أستطيع تغيير شخصيته مع العلم أن اللين والكلام الطيب لم يجدي معه وجزاكم الله خيرا. الجواب أختي الكريمة:. لعلك تعلمين أن التغيير الذي نريد أن يحدث في شخص ما يحتاج إلى عدة أمور منها:- أولاً: معرفته المسبقة بخطئه وبعيوبه. ثانياً: إرادته ورغبته بالتغيير. ثالثا ً: مستوى ثقافته ونوعية قناعاته. وغير ذلك من الأمور التي تحتاج إلى تفصيل كثير. وبالتالي فإن تغيير شخص ما ليست بالبساطة التي يتصورها الإنسان؛ لأنها تغيير في جبله وطبع موروث أو مكتسب والجبلة والطبع راسخان غالباً رسوخ الجبال، فهذا الأقرع بن حابس رضي الله عنه صحابي لكنه لم يقبل أحداً من أولاده، وهذا أبو سفيان رضي الله عنه رجل شحيح كما وصفته زوجته هند بنت عتبة التي كانت تشتكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من شحه وبخله.

إذاً نخلص أن الإنسان لابد أن يعمل على التكييف مع بيئته ومحيطه قدر الإمكان خاصة إن لم يكن هناك ضرر على دينه والابتعاد قدر الإمكان أيضاً عن التصورات المثالية والحياة السعيدة الخالية من المشاكل، فنحن نحتاج أن نستفيد من أقصى إمكانياتنا وطاقاتنا وليس فوق ذلك مما يورثنا التعب والنصب فهذا الرجل الذي ذكرتيه أختي العزيزة لابد أن يكون لديه من الصفات الإيجابية والحسنة التي لو استثمر تيها واستفدت منها لكان هناك أمر آخر، ولعل زوجك يا أختي قد تلقى تربيه في صغره أورثته هذا الجفاء وهذه الغلظة ولو كُتب للرجل أن يخبرك بماضيه وهو صغير لربما رحمتيه وعذرتيه عن خلقه ثم انك قد رزقتي منه أولاد إضافة أن الله قد رزقك الخلق الحسن. فأنتي لا تخالفيه كما تقولين وقليل من النساء من يفعل ذلك،،،،، فلعل من الحلول الآتي:- 1.الرضا بالواقع وأن هناك من يشابهه في الغلظة والجفاء من خلق الله واعلمي أنه قد يكون تلقى تربية خاطئة فاعذريه وسامحيه واصبري على قدر الله واحتسبي. 2.محاولة تغيير الصورة المثالية للحياة العامة " لقد خلقنا الإنسان في كبد" والحياة الزوجية خاصة فليس من بيت دون مشاكل حتى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم. 3.التدين جميل جداً لكنه رزق مقسوم قسمة الله تعالى فلن تستطيعي جعله عابداً زاهداً فإذا كان رجلاً يؤدي الذي فرضه الله عليه فإن غير ذلك نافلة. 4.الدعاء إلى الله تعالى وتخير الأوقات الفاضلة التي وعد الله بها عبادة بالإجابة، وركزي أختي على هذا الجانب فالله ليس ببعيد عن عباده وهو ارحم الراحمين. 5.محاولة الاستفادة من الإيجابيات والحسنات التي به واستثمارها الاستثمار الأفضل ومن المستحيل ألا يكون لديه إيجابيات وحسنات.

يعتريني الملل بقراءة أوراد السور

يعتريني الملل بقراءة أوراد السور المجيب د. رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 11/03/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. سؤالي إلى فضيلتكم هو كالتالي: ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحاديث عن فضائل بعض سور القرآن الكريم, كقراءة سورة تبارك (الملك) كل ليلة, وكذلك الدخان والواقعة، وغيرها ... وأنا -ولله الحمد- أداوم عليها، ولكن قد يعتريني بعض الملل، فأحب أن أقرأ سوراً أخرى، فبماذا تنصحونني؟ وهل يعقل للمسلم أن يبقى مداوماً على هذه السور، وأن يترك بقية السور الأخرى؟. جزاكم الله كل خير ونفعنا بكم. الجواب الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، وأصلي وأسلم على نبي الهدى والرحمة وعلى آله وصحبه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فنشكرك ـ أختنا الكريمة ـ على تواصلك مع موقع (الإسلام اليوم) ، ونأمل أن يكون باباً من أبواب العلم النافع تلجينه ولوجاً نافعاً -إن شاء الله تعالى-. فتلاوة القرآن الكريم هي من أفضل العبادات وأحبها إلى الله تعالى، فقد ورد في ذلك آثار عديدة، منها ما جاء عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" رواه مسلم (804) . وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر" متفق عليه. أخرجه البخاري (5427) ، ومسلم (797) . وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب" رواه الترمذي (2913) ، وقال حديث حسن صحيح. وكما قلت في سؤالك فهناك أحاديث وردت في فضائل سور القرآن الكريم ومنها: (1) سورة الفاتحة: عن رافع بن المعلى قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ " فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت يا رسول الله: إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرآن؟ قال: "الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" رواه البخاري (4474) . وتسمى سورة الفاتحة بسورة (أم الكتاب، وسورة الصلاة، وسورة المناجاة، وسورة الكافية، وسورة الشافية) . (2) سورة البقرة وآل عمران: عن أبي أمامة-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران؛ فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما من طير صواف تحاجان عن صاحبهما، اقرؤوا البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلة" رواه مسلم (804) .

الغياية: هي ما أظلك من فوقك، البَطَلة: أي السحرة، فهي حصن منهم. هذا ومن الآيات الفضيلة في سورة البقرة آية الكرسي أعظم آية في القرآن، وخواتيم هذه السورة. ومن الآيات الفضيلة في سورة آل عمران أولها، وآية (شهد الله) ، وآية (قل اللهم) وآيات (إن في خلق) . (3) سورة الكهف: عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين" رواه الدارمي (3407) . (4) سورة يس: عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن لكل شيء قلباً، وقلب القرآن يس" رواه الترمذي (2887) ، ولكنه ضعيف. وعن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله تعالى غفر له" رواه الدارمي (3415) . (5) سورة الواقعة: عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً" رواه البيهقي في شعب الإيمان (2500) . (6) سورة تبارك: عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي تبارك الذي بيده الملك". رواه الترمذي (2891) ، وأبو داود (1400) ، وابن ماجة (2786) . وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "هي المانعة، هي المنجية، تنجيه من عذاب القبر يعني تبارك" رواه الترمذي (2890) . (7) سورة الإخلاص: عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في: "قل هو الله أحد، والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن" رواه البخاري (5014) . وعن أنس-رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله: إني أحب هذه السورة: قل هو الله أحد، قال: "إن حبها أدخلك الجنة" رواه الترمذي (2901) . (8) المعوذتان: عن عقبة بن عامر-رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: "ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس" رواه مسلم (814) . وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- قال: كان رسول الله لم يتعوذ من الجان، وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما" رواه الترمذي (2058) . ومع ذلك -أختاه- فقراءة هذه السور ليست بواجبة، بل ذلك من المستحب، وأظن أن الشيطان هو الذي يلبِّس عليك، فهذه السور ليست بالطويلة، والأفضل المحافظة عليها، وإن لم يكن فالمحافظة على السور التي يترتب على قراءتها ثواب كبير مثل سورة الزلزلة وآية الكرسي والإخلاص (ثلث القرآن) وغيرها.. ونصيحتي لك -أختي الفاضلة- ألا تتركي قراءتها، وقراءتك لهذه السور لا تمنع من قراءة غيرها. فلتداومي على ما تقرئين، وإن أردت الزيادة فخيراً؛ لأنك لو تركت قراءة هذه السور فربما تكسلين عن قراءة غيرها، فالشيطان -لعنه الله- يريد أن يفسد عليك نعمة المداومة على العمل ـ بمثل هذه الحيلة. وختاماً: أذكرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل" رواه مسلم (782) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وفقك الله ...

أحاول المواظبة على الجماعة، ولكن. . .

أحاول المواظبة على الجماعة، ولكن. . . المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 12/01/1426هـ السؤال أحاول المحافظة على الصلاة في المسجد مع الجماعة، ثم أنتكس بعد مدة من المواظبة، ثم أشعر بالندم وأتوب وأستغفر، ثم أواظب مرة أخرى، ثم أنتكس وهكذا. . . آمل توجيهي ونصحي حتى أستمر على المحافظة على الصلاة مع الجماعة، وفي بيوت الله، وجزاكم الله خيرًا. الجواب الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: في البداية أسأل الله لي ولك الثبات والصلاح والاستقامة، ثم اعلم أن الثبات على الدين وفعل الصالحات يتطلب منك جدًّا واجتهادًا ومجاهدة؛ حتى تظفر بمعية الله وتوفيقه والثبات على دينه وحسن الختام، وإني عارض عليك أمورًا أرجو أن تكون مفيدة لك في الثبات على أمر الصلاة، وغيرها من صالح الأعمال (وهي من إجابة سابقة) : أولًا: عليك بتذكير نفسك دائمًا وأبدًا بما ورد من النصوص الشرعية المرغبة في الصلاة وبيان فضلها؛ لأن ذلك مما يعطي النفس دفعة قوية لأدائها، والنصوص في ذلك كثيرة جدًّا، وسأذكر بعضها، وأنصح بمراجعة كتاب (الترغيب والترهيب) للإمام المنذري؛ فإنه مفيد جدًّا في هذا الأمر: نصوص في الترغيب في أداء الصلاة والمحافظة عليها: - أخرج الشيخان عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ ". قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ: "فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا". البخاري (528) ومسلم (667) . - وأخرج البخاري (527) ومسلم (85) عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا". قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ". قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". - وأخرج مالك (270) وأبو داود (1420) والنسائي (461) وابن حبان في صحيحه (1732) عن عبادة بن الصامت، رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ؛ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ".

- وأخرج الإمام أحمد (14662) والترمذي (4) بسند حسن، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِفْتَاحُ الجَنَّةِ الصَّلَاةُ، ومِفْتَاحُ الصَّلاةِ الوُضُوءُ". - وأخرج الطبراني في الأوسط (1859) بسند حسن، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ العَبْدُ عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامةِ الصَّلاةُ، فإنْ صَلَحَتْ صَلَحْ سَائِرُ عَمَلِهِ، وإنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِه". والأحاديث في ذلك كثيرة جدًّا. نصوص في الترهيب من التفريط في الصلاة: - أخرج مسلم (82) عن جابر، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بَيْنَ الرَّجُلِ والكُفْرِ أَوْ الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلاةِ". - وفي الترمذي (2616) عن معاذ، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "رَأْسُ الأَمْرِ الإسلامُ وعَمُودُه الصَّلَاةُ". فجعل الصلاة كعمود الفسطاط الذي لا يقوم الفسطاط إلا به ولا يثبت إلا به، ولو سقط العمود لسقط الفسطاط ولم يثبت بدونه. - وأخرج أحمد (22937) والترمذي (2621) وابن ماجه (1079) والنسائي (463) بسند صحيح، عن بريدة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ العَهْدَ الذي بينَنا وبينَهم الصَّلاةُ فَمَن ترَكَها فَقَدْ كَفَرَ". - وأخرج أحمد (27364) وغيره بسند حسن، عن أم أيمن، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَتْرُكْ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ". - وقال عمر، رضي الله عنه: (لَا حَظَّ في الإسلامِ لِمَن ترَك الصلاةَ) . أخرجه مالك (84) . - وقال سعد وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، قالا عن الصلاة: (من تركها فقد كفر) . - وقال عبد الله بن شقيق: (كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ) . أخرجه الترمذي (2622) . - وقال أبو أيوب السختياني: (ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه) . وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق. والأحاديث في ذلك كثيرة. ثانيًا: أكثِرْ من قراءة القرآن وسماعه بخشوع وتأثُّر، فإنه موعظة الله لخلقه. ثالثًا: اجعل لك منبهًا خاصًّا بأوقات الصلاة، وذلك مثل الساعة التي بها أذان لكل وقت؛ من أجل تذكيرك وتنبيهك على أوقات الصلاة. رابعًا: استعن بالله عز وجل- كثيرًا، فإنه وحده هو المعين والمسدد جل في علاه، وأكثر من قولك: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) . مع استشعارك للحاجة إلى الله في أداء الصلاة وغيرها.

خامسًا: أكثر من ذكر أحوال القبر والآخرة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم، كما في سنن الترمذي (2307) وابن ماجه (4258) والنسائي (1824) وصحيح ابن حبان (2992) وغيرهم، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ- بالذال وهو القاطع - اللَّذَّاتِ المَوْتِ". وقوله صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح ابن حبان (2993) ، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ، فَمَا ذَكَرَهُ عَبْدٌ قَطُّ وَهُوَ فِي ضِيقٍ إِلَّا وسَّعَه عَلَيْهِ، وَلَا ذكَرهُ وَهُوَ في سَعَةٍ إِلَّا ضَيَّقَه عَلَيْهِ". قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات ومؤتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه رانُ قلبِه واستحكمت فيه دواعي الذنب فإن مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك مالا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير. سادسًا: لا تفتر عن سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع. سابعًا: اصحب الصالحين القانتين الطيبين المصلين؛ فإنهم عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء. ثامنًا: تذكَّر أنَّ من أفضل الأعمال التي يحبها الله حفاظ الإنسان على الصلاة وأدائها في أوقاتها، وسيجد بعدها الصحة في البدن، والسعة في الرزق، وهدوء البال، والأنس بالله، وغير ذلك من الآثار العظيمة في الدنيا والآخرة. والله أسأل لي ولك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن يغفر لنا، وأن يرحمنا، وإذا أراد بعباده فتنة أن يقبضنا إليه غير مفتونين. والسلام عليكم.

يعاني فتورا عن الطاعة!

يعاني فتورًا عن الطاعة! المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه التاريخ 15/12/1425هـ السؤال نحن نظن بأنفسنا خيرًا، فنقول: إننا لم نقارف الحرام، ولم نقع في أمور محرمة، كالزنى، أو شرب المسكر، أو التدخين، أو المخدرات، أو. . .، ومع ذلك توجد لدينا أخطاء، فنحن لا نحافظ على الصلاة، ولا قراءة القرآن، ولا بر والدينا ... إلخ. مع علمنا بأهمية معالجة هذا الخلل، أو محاولاتنا الكثيرة، ولكن النتيجة: لم نستطع أن نعالج هذا الخلل، فما الحل؟ نعم ثقتنا بأنفسنا كبيرة في تجاوز هذه الحال، ولكن لم نوفق في معرفة الطريقة. آمل التوجيه، وجزاكم الله خيرًا. الجواب الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: إن من صور التربية للنفس: المجاهدة، وهي تعني محاربة النفس الأمارة بالسوء بتحميلها مما هو مطلوب في الشرع، أو هي حمل النفس على المشاق البدنية الشرعية ومخالفة الهوى، والمؤمن لا يكل ولا يمل وهو يبذل ما في وسعه لصيانة نفسه وحمايتها من الشرور المهلكة، وحملها على ما فيه تزكية لها، ونجاة في الدنيا والآخرة، ودونك حياة السلف الصالح من الصحابة الأطهار والتابعين لهم بإحسان تجدها مليئة بصور من المجاهدة الذاتية لأنفسهم حتى فطموها عن الشر، وأصبحت مطواعة لهم في الخير، مروضة على المسابقة للخيرات والعجلة في إرضاء الرب سبحانه- من كل محابِّه وما يقرب منه.

وهكذا ينبغي أن نجاهد أنفسنا ونراقبها ونأخذها بالجادة ونعرضها لأنواع من الرياضة القلبية والمجاهدة الروحية لصقلها من كل شائبة وكشف معدنها الطاهر، وهو الجانب الآخر للنفس التي خلقها الله: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) [الشمس:7، 8] . فلا بد من استخراج تلك التقوى بالأعمال الصالحة، والمواظبة على الأذكار وقراءة القرآن وما شابه من القربات. . ولا ينبغي الاستهانة بالذنب، ولو لم يكن من الذنوب التي رتب على فعلها حد؛ لأن الكبائر غير محصورة في ذلك، وما ذكرت من الأخطاء من عدم المحافظة على الصلاة وعدم بر الوالدين ليس من الذنوب الصغيرة حتى يستهان بها، بل هي إلى الكبائر أقرب منها إلى الصغائر، لا سيما إذا أردت بعدم المحافظة على الصلاة عدم تأديتها أحيانًا، بمعنى ترك بعض الصلوات وتضييعها، فهذا عظيم، فإن من أهل العلم من حكم بكفر من ترك صلاة واحدة عامدًا متعمدًا حتى يخرج وقتها، وعدم البر بالوالدين يعني العقوق، والعقوق ذكره النبي صلى الله عليه وسلم- من أكبر الكبائر، ففي الصحيحين: عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ". ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ". وَجَلَسَ -وَكَانَ مُتَّكِئًا- فَقَالَ: "أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ". أخرجه البخاري (2654) ومسلم (87) . فالواجب على العبد منا أن يتقي الذنوب صغيرها وكبيرها، ويخشى عقوبتها وآثارها، فإن للذنوب آثارًا مدمرة على حياة الإنسان وصلاحية قلبه، وتعد حائلاً بين العبد وربه، ويُحرَم بسببها الكثيرَ من التوفيق والسداد والإعانة وكثيرًا من الخيرات؛ وأشعر أن أصل البلاء في القلب، إذ إن القلب المحصن من الشيطان، تسهل عليه إرادة فعل الخيرات لأنه قلب صحيح قوي، والقلب الذي يمكن الشيطان أن يدخله فيتجول فيه كما يشاء، يتوصل الشيطان بسهولة أن يجعل فيه إرادة السيئات، بعدما يزينها له؛ لأنه قلب مريض. ومن الناس من لا يدخل الشيطان قلبه إلا مرورًا سريعًا، لقوة التحصينات حوله، فهذا مثل الذين يفعلون الصغائر أحيانًا وسرعان ما يتوبون منها، وهم الذين قال الله تعالى عنهم: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) [الأعراف: 201] . ومن الناس من لا يقترب الشيطان من قلبه أبدًا؛ لأن قلبه مثل السماء المحروسة بالشهب، من الشياطين، فقلبه كذلك محروس من الشيطان، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم- عن هذا القلب: "أَبْيضُ مِثْلُ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دامَتِ السَّمَاواتُ والأَرْضُ". رواه مسلم (144) من حديث حذيفة، رضي الله عنه. ومن الناس من دخل الشيطان قلبه، فاتخذ فيه بيتًا، وجعل له فيه عشًّا يبيض فيه ويفرخ، فاستحوذ عليه، يأمر القلب بالشهوات المحرمة، فيريدها قلبه، فيأمر الجوارح بفعلها فتفعله؛ لأن الشيطان وجده قلبًا خاليًا عن التحصينات، مفتح الأبواب، ضعيفًا مريضًا بفعل السيئات، ولهذا قال الله تعالى، عن هذا النوع: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ

الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ) [المجادلة: 19] . لأن ذكر الله تعالى- هو الحصن من الشيطان، فأنساهم إياه ليستحوذ على قلوبهم فيقودها لتنقاد جوراحهم له تبعًا. والقلب لا يحصن من الشيطان إلا بذكر الله تعالى، ولا يقوى على إرادة الخير إلا بالعمل الصالح، ولا يغلبه الشيطان إلا إن كان غافلًا عن ذكر الله تعالى، ضعيفًا بسبب فعل السيئات والمنكرات. واسمح لي أن أقترح عليك برنامجًا إيمانيًّا مفيدًا للقلب أرجو أن يكون نافعًا وعونًا لك على استعادة حلاوة الإيمان، ولذة المناجاة، والقرب من الله عز وجل: 1- احرص على إقامة الصلوات الخمس في جماعة، لاسيما صلاة الفجر، فإياك أن تفوتك أبدًا، قال الله تعالى: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء: 78] . أي: صلاة الفجر تشهدها الملائكة. 2- بعد صلاة الفجر امكث في المسجد لقراءة القرآن إلى طلوع الشمس، ثم صل ركعتين بعد ارتفاعها قيد رمح (وقيد الرمح: مقدار عشر دقائق من أول الشروق) . 3- قل: (سبحان الله وبحمده) . مائة مرة كل يوم، في أي وقت، في المسجد أو البيت، ماشيًا، أو قاعدًا، أو في السيارة. . إلخ، وهذا الذكر يَحُتُّ الخطايا حتًّا. صحيح البخاري (6405) ومسلم (2692) . 4- استغفر الله تعالى- مائة مرة كل يوم، قائلاً: (أستغفر الله وأتوب إليه) . كذلك في أي وقت شئت، وعلى أي حال تكون. انظر صحيح مسلم (2702) . 5- قل هذا الذكر مائة مرة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) . صحيح البخاري (3293) ومسلم (2691) . مائة مرة كل يوم كذلك، في أي وقت شئت، وعلى أي حال تكون، ولا يشترط في المسجد. وهذه الأذكار كان يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم- فهي حياة القلب وغذاؤه الذي لا يستغني عنه. 6- بين صلاتي المغرب والعشاء رابطْ في المسجد فلا تخرج منه، واقرأ ما تيسر من القرآن بالتدبر. 7- يجب عليك الحمية التامة من النظر إلى التلفزيون، أو المجلات، أو الذهاب إلى أي مكان فيه منكرات، فأنت في حجر صحي لكي ترجع إلى قلبك عافيته، ولن ينفعك الدواء وهي الحسنات، إن كنت تدخل عليه الداء في أثناء فترة العلاج، والداء هو السيئات. 8- استمر على هذا البرنامج شهرًا كاملاً على الأقل، تعيش فيه مع القرآن تقرؤه بالتدبر، وتعمل بما فيه، وتخلو بنفسك لذكر الله تعالى- الساعات الطوال، والدليل على الشهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بذلك فقال: "اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ". متفق عليه: صحيح البخاري (5052) وصحيح مسلم (1159) من حديث ابن عمرو، رضي الله عنهما.

9- إن كانت البيئة التي تعيش فيها لا تساعدك على تطبيق هذا البرنامج فغيِّر بيئتك، اترك أصحاب السوء، وابتعد عن الأماكن التي تقضي فيها أوقات فراغك إن كانت تشجع على المعاصي، ولو استطعت أن تسافر إلى مكة مثلًا لتطبق هذا البرنامج فافعل. 10- تصدق بجزء من مالك، توبة إلى الله تعالى، صدقة سر لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالى، فقد صح في الحديث: "إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ عَنْ مِيتَةِ السُّوءِ". رواه الترمذي (664) من حديث أنس، رضي الله عنه. 11- حاول أن تذهب إلى العمرة ناويًا تجديد إيمانك وغسل ماضيك بماء هذه الرحلة المباركة، قال صلى الله عليه وسلم: "العُمْرَةُ إلى العمرةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ". متفق عليه: البخاري (1773) ومسلم (1349) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه. 12- إن كانت لديك حقوق للناس فرُدَّها كلها، ولا تترك منها شيئًا في ذمتك؛ توبة إلى الله. 13- ادع الله تعالى- كل ليلة في وقت السحر، قبل صلاة الفجر بهذا الدعاء: "اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". أخرجه البخاري (834) ومسلم (2705) . وهذا الدعاء: "اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وأَعِذْنِي مِن نَفْسِي". أخرجه الترمذي (3483) . وهذان علمهما الرسول صلى الله عليه وسلم- لبعض أصحابه، رضي الله عنهم، وأكثر من الاستغفار والدعاء في السَّحَر فإن السحر (قبل الفجر) وقت يستجاب فيه الدعاء. والله أسأل أن ينفعني وإياك بالعلم النافع، والعمل الصالح، وأن يشرح صدورنا، وينوِّر قلوبنا، ويأخذ بأيدينا لما فيه الخير والصلاح والسداد، إنه جواد كريم. والسلام عليكم.

سابعا: أخرى

الخلاص من الغموم، وهموم المستقبل المجيب حصة الصغير التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 09/11/1426هـ السؤال كيف أكون متوكلة على الله؟ وكيف أتخلص من الهم والغم والتفكير بالغد وما يحمله من مصائب؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة السلام على من لا نبي بعده، وبعد: ما هو التوكل؟ هو الاعتماد على الله -سبحانه وتعالى- في جلب المطلوب، وزوال المكروه، مع فعل الأسباب المأذون بها. ما الذي يعينك على تحقيق التوكل على الله تعالى، والتخلص من الهم والتفكير بالغد وما يحمله؟ 1- معرفة الرب -سبحانه وتعالى- وصفاته، من قدرته، وكفايته، وقيوميته، وانتهاء الأمور إلى علمه، وصدورها عن مشيئته، واليقين بكفايته -سبحانه- لعبده. 2- العمل بالأسباب المشروعة مثل الدعاء، فالله يقول: "ادعوني أستجب لكم" [سورة: غافر:60] ، مع العمل الصالح، ومنه الإكثار من تلاوة القرآن ليطمئن قلبك. 3- رسوخ القلب في مقام التوحيد: أي توحيد القلب، والتجرد من علائق الشرك، والعلم بأن الأسباب المادية لا تجلب النفع أو الضر، وإنما هي أسباب فقط، يحصل من الله بسببها ما يريد سبحانه للعبد. 4- الاعتماد على الله وحده في جميع الأمور، فلا يبقى في القلب تشويش واضطراب: فلا تكون الدنيا أكبر همه، وغاية فكره، بل يعلم أن ما عند الله خير وأبقى، وإذا فاته شيء من الدنيا فلا يحزن الحزن المبالغ فيه بل يصبر ويحتسب، فعليك توطين نفسك على الصبر على أقدار الله -عز وجل- والرضا عنه سبحانه. 5- حسن الظن -بالله عز وجل- وهذا مهم جداً فلا تسيئ الظن بالله، وتتوقعي المصائب قبل حصولها، بل أحسني الظن بربك، وأحسني أملك، ثم عندما ينزل القدر بمصيبة ما، روضي نفسك -كما سبق- على الرضا والتسليم. 6- استسلام القلب لله -عز وجل- فالأمور كلها بيده سبحانه، ونحن ملك لله سبحانه، وإذا حل بنا ما نكره فالله بنا رحيم، ومن رحمته بعبده أنه قد يبتليه بمصيبة؛ ليكون أكثر خضوعاً لله، ورجوعاً عن ذنوبه، وانكساراً بين يدي الله -عز وجل-. 7- التفويض: فوضي أمرك إلى الله، وابرئي من حولك وقوتك، لأنك قد تتوهمين أنك لو فعلت كذا لاندفع عنك كذا، ولو أكلت مثلاً هذا الطعام دفعت عنك الإصابة بهذا المرض، فهذه الأسباب لو قمت بها فلا مانع، لكن لابد أن يقوم بقلبك أن كل شيء بيد الله -عز وجل- وهذا روح التوكل ولبه وحقيقته. من الكتب النافعة في هذا الموضوع: التوكل على الله تعالى: للدكتور عبد الله الدميجي، وكتاب التوكل على الله: للدكتور سالم القرني، وفقنا الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح.

الوظيفة أم طلب العلم؟

الوظيفة أم طلب العلم؟ المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 23/08/1426هـ السؤال هل أترك الوظيفة من أجل أنها تعيقني عن طلب العلم وعن الدعوة، حيث إنها دوامان في الصباح وفي المساء؟ علماً أني مجبور عليها من قِبل أبي. أفيدونا فتح الله عليكم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: إذا كانت هذه الوظيفة هي مصدر رزقك، بحيث لو تركتها لأحوجك ذلك إلى سؤال والدك النفقة، فإنه لا يجوز لك تركها ولو بقصد طلب العلم، فربما قصد الإنسان ذلك أول الأمر، ثم فترت نفسه عن الطلب فأصبح عاطلاً كسلان عالة على غيره. أما إذا كانت الوظيفة إنما التحقت بها سداً للفراغ، ورغبة في كسب الخبرة والمعرفة وليس استرزاقاً منها، ورزقك يأتيك من مورد آخر، بحيث لو تركت هذه الوظيفة لم يترتب على ذلك أن تكون عالة على أحد، وتجد في نفسك رغبة صادقة في طلب العلم، فلك أن تتركها إلى طلب العلم، مع مراعاة إرضاء والدك، أو الجمع بين الأمرين؛ بأن تعمل أول النهار وتتفرغ لطلب العلم آخره. والله الموفق.

مقترحات لتفعيل دور المساجد

مقترحات لتفعيل دور المساجد المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 14/08/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نريد منكم أن ترشدونا للقيام برسالة المسجد، وتفعيل دوره في كافة المجالات. وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: من الصعب تحديد برنامج يصلح لمسجدكم؛ لأن لكل بلد ظروفها وعاداتها، أما من ناحيتنا في مساجدنا فإن الإمام والمؤذن يتعاونان في تحويل مهمة المسجد ورسالته من مجرد بيت لتأدية الصلاة فقط، إلى جامعة يتخرج منها المرتادون له رجالاً أو شباباً أو أطفالاً، وحتى النساء، فيتعاون مع الإمام والمؤذن أهلُ الحي، حيث تعقد جلسات أسبوعية كل مرة في بيت أحدهم؛ لتدارس متطلبات الحي الاجتماعية التربوية والدينية وغيرها، فيتم في غالب المساجد -وبحمد الله تعالى- برامج عديدة، مثل: 1- يلتقي رجال وشباب الحي في المسجد أو حوله في أيام العيدين، ويقيمون المناسبة السعيدة. 2- إقامة محاضرات مختلفة للرجال والشباب والنساء. 3- إنشاء حلقات لتحفيظ القرآن الكريم للكبار والصغار. 4- إلقاء المواعظ والدروس بعد الصلوات. 5- إعداد برامج مناسبة لشهر رمضان تناسب روحانية الشهر. 6- التنسيق بين جماعة المسجد لزيارة المرضى في الحي. 7- زيارة المقصرين في أداء الصلاة مع الجماعة لنصحهم. 8- إقامة مسابقات عملية وبحثية، وتوزع الجوائز على الفائزين. 9- جمع صدقة الفطر لتوزع على المحتاجين. 10- مشروع موائد الإفطار للصائمين. 11- إقامة وسائل الخدمة الكاملة عن وعي الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان وغيرها.

أسلمن ... وأريدهن داعيات!!

أسلمن ... وأريدهنَّ داعيات!! المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 01/08/1426هـ السؤال أنا متزوج من دولة أوروبية، وزوجتي عندها بنتان من زوجها السابق، وقد أسلمن وأريد أن أعلمهنّ دينهنّ بشكل صحيح في أحد البلدان الإسلامية؛ ليدرسن العلوم الشرعية، وعلوم القرآن، والسنة النبوية، لكي يكنَّ داعيات للدين في بلدهن. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله، أما بعد: فنسأل الله -تعالى- أن يكتب لك الأجر في إسلام هاتين البنتين، وأول ما يجب عليك فعله تجاههما أن تكون لهما قدوة بأفعالك قبل أقوالك، ثم أنصحك بأن تستشير أقرب مركز إسلامي إليك، فسيرشدوك إلى ما فيه الخير، ثم كاتب المؤسسات الإسلامية المعتمدة؛ فلعل عندها ما يرشدك، كرابطة العالم الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وبعض المؤسسات الخيرية، في دول الخليج ومصر أو في بلد تجد فيه مؤسسة إسلامية موثوق بها، كما أنصحك بمتابعة بعض الإذاعات والقنوات الإسلامية كإذاعة القرآن الكريم في السعودية والكويت، وكقناة المجد، وبعض برامج اقرأ، وبعض المواقع الإسلامية في الإنترنت. والله يحفظك ويرعاك.

مقصر في العلم ... هل يترك الدعوة؟

مقصر في العلم ... هل يترك الدعوة؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 26/07/1426هـ السؤال هل يترك العمل الدعوي بسبب أنه مقصر في العلم؟ مع أنه يسعى جاهداً لتحصيله، وهل لمدرس حلقة القرآن للمرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية أن يقيم برامج هادفة للطلاب؟ وما الضوابط؟. الجواب أخي الفاضل -سلمه الله-: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فأشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) وحرصك على أمر دينك، وأرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.. ثم إنه لا شك في ضرورة العلم الشرعي للداعي إلى الله؛ لأن ذلك من البصيرة التي وصف الله بها طريقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الدعوة في قوله: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني" [يوسف: 108] ولا يتصور نجاح دعوة وقبولها من غير علم وهدى وبصيرة؛ لأن خلاف ذلك يعني الدعوة إلى الجهل والضلال والانحراف، لذلك أوجب العلماء على من يدعو إلى أي أمر من أمور الدين أن يكون عالماً به، لكن ذلك لا يعني ألاّ يقوم بالدعوة إلا من كان ملماً بجميع العلوم الشرعية أصولها وفروعها، ولكن يكفي أن يكون عالماً بما يدعو إليه على وجه الخصوص، فلا يجوز أن يدعو أحد غيره إلى دفع زكاة ماله، وهو لا يعلم هل الزكاة وجبت على هذا الإنسان، بمعنى هل المال الذي عنده بلغ النصاب واستوفى شروط الوجوب أم لا؟ وهكذا الأمر في كل ما يدعى إليه الناس. وعلى هذا ليس بصحيح قول من قال بأنه لا يدعو إلى الله إلا من كان عالماً ملماً بجميع المسائل. ولمدرس حلقة التحفيظ للمرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية أن يقيم البرامج الهادفة كالرحلات والمخيمات للطلاب، بشرط أن يكون صاحب دين وخلق وعلم ودراية في كيفية التعامل مع الطلاب وتوجيههم التوجيه السليم، ويبذل قصارى جهده في تحبيب الدين والخلق للطلاب عبر القصة والموقف والمشهد والطرفة، ويستعين ببعض الإخوة الطيبين ليتعاونوا معهم في ذلك.. وعلى مدرس حلقة التحفيظ (حلقات المساجد) دور لا يقل عن غيره في الدعوة بل يزيد، لأن النفوس مقبلة عليه لسماع التوجيه والتربية لا سيما ومعه القرآن الذي هو مأدبة الله لخلقه، وعليه أن يجتهد في الأساليب المحببة للنفوس للتأثير على الطلبة حتى يستقيموا على الجادة، ويكونوا مثالاً في الخلق والحفظ والأدب، وعلى المعلم أن يتابع الكتب والأشرطة المعنية بأمور الدعوة والتربية والتوجيه لتصقل موهبته وتزيد من قدراته. ولا يحل له أن يترك العمل الدعوي بسبب أنه مقصر في العلم، طالما أنه يدعو لما يعلم وهو ممن يسعى جاهداً لتحصيل العلم والازدياد منه، ولو فعل ذلك كل أحد لأنه مقصر ما قام بالدعوة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد، فاتق الله وواصل مسيرة الدعوة والتوجيه، فإن الجيل الصاعد متعطش للدعوة، ومحتاج لأمثالك من الغيورين والناصحين. وفقك الله لكل خير ونفع بك، وجعلك مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر إلى يوم القيامة. وتفضل بقبول احترامي وتقديري، والسلام عليكم.

كيف أكون إيجابيا؟

كيف أكون إيجابياً؟ المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 25/07/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما السبيل إلى النجاح، وكيف يكون الشخص إيجابياً في حياته مع ربه ومع الناس؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فإن مبادرتك بالسؤال عن النجاح هو أول خطوات النجاح؛ لأن هذا السؤال ناتج عن التفكير الذي أمر الله به عباده في أكثر من موضع من القرآن الكريم. وهناك خطوات لتحقيق النجاح تتمثل فيما يلي: (1) البدء بالعلم قبل القول والعمل. (2) الشروع بالعمل والتوكل على الله سبحانه. (3) ترتيب الأولويات، بحيث إذا تعارض واجبان قدمت الأولى منهما. (4) الاستفادة من الأخطاء لتصحيح المسار. (5) عدم اليأس عند الخطأ، فالخطأ أول خطوات النجاح. (6) إذا تعارض واجبان ديني ودنيوي يُقدَّم الواجب الديني على الدنيوي. (7) التخطيط للعمل قبل البدء فيه. (8) العمل الجماعي له آثار حميدة في النجاح، وبناء العلاقات الإنسانية. وفقك الله.

بماذا أبدأ حتى أتقرب لله؟

بماذا أبدأ حتى أتقرب لله؟ المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 24-5-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المتميز. مشكلتي: لا أعرف بماذا أبدأ بالأعمال والعبادات حتى أتقرب إلى الله.. اشعر أن مصيبتي في ديني..اشعر بإقبالي الشديد على الدنيا والسعي لها.. وعلى الطرف الآخر فأنا أحب الخير وأهله وأنا أفكر دائما بالتوبة ولكن مع قليل جدا من الإرادة أحاول ترك المحرمات وفعل الخيرات ولكن الإرادة ضعيفة ... أنا في صراع دائم..وعدم رضى على النفس..الوحدة والفراغ يدفعاني إلى المعاصي وليس لي معين غير الله أرجو منكم إرشادي بماذا ابدأ؟؟ وما هي مقويات الإيمان؟؟ جزاكم الله خيرا الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد ما أصعب أن يحس الإنسان أنه في صحراء قاحلة لا ماء ولا شجر فإن نظر أمامه ورأى أن المسافة طويلة وبعيدة حتى يصل إلى الماء والشجر ثم جلس سيجد أن الموت سيداهمه. ولكن إذا سعى ومشى فإنه سيقترب إلى بحيرة الماء. شيئاً فشيئاً. وأنت يا أختي كذلك. ترين أمامك الطريق طويلاً. وتفضلين الوصول بأسرع وقت. إذا قومي وانهضي من الآن وانفضي عنك الغبار وضعي قدميك على أول الطريق. وستجدين صعوبة في السير في أول الأمر ولكن بعد ما تمشين مسافة سيزول التعب. فأول خطوة هي محاسبة النفس هل أدت ما عليها. وأنت قد فعلت شيئا من هذه. ولكن الذي أريده أن تحاسبي نفسك ماذا لو هجم عليها الموت. هل ستنجو أم لا؟ إذن عليك بالفرائض، أولاً أصلحي من شأنها، فيظهر أن عليك بعض التقصير في الفرائض. تأملي حالك مع الصلاة. كيف أنت فيها؟ هل أديتها كما يجب..؟ ثم ضعي السياج الواقي على النفس وهو الذكر وتلاوة القرآن. فهما بلسم الحياة وأسيد الهموم والوساوس. وهذه هي البطاقة التي ستدخلين منها إلى رحاب الاطمئنان ثم تجدين أرضك تعشب بإذن الله فإذا ما رأيت ذلك، فابدئي بالنوافل السهلة التنفيذ مثل سنن الرواتب. واجعلي لك حصة من تلاوة القرآن بشكل يومي موزعة على أوقات الصلوات الخمس لو خصصت (10) دقائق بعد كل صلاة لوجدت أنك خلال اليوم تقرئين لمدة 50 دقيقة وهذا وقت كثير.. وستحصلين على الخير العظيم استمري على هذا العمل. حتى تثبت أقدامك. بعدها تنفلي حسب قدرتك. واعلمي أنه كلما زادت النوافل زادت المنزلة في الجنة واجمل شيء في النوافل بعد الفرائض هو ذكر الله. التسبيح، الحمد، التكبير، التهليل، الاستغفار أسأل الله أن يتقبل منا جميعاً،،،،

أنكر عليهم وينفرون مني

أنكر عليهم وينفرون مني المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 26/06/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا شاب ملتزم، ومحافظ على الصلاة وتارك لسماع الأغاني، ولكن طبيعة عملي تستدعي أن أبقى لساعات طويلة في السيارة أنا ومجموعة من الموظفين، وأنا بصفتي ملتزم فأمنعهم من تشغيل الأغاني، وقد بينت لهم حرمتها أكثر من مرة، وقد أدى ذلك إلى كرههم لي، وأصبحوا يتهربون من العمل معي بسبب أنهم يريدون سماع الأغاني، فهل يجوز لي أن أسمح لهم بسماع الأغاني مع إنكاري لهذا الشيء؛ وذلك لكي لا يكرهني الجميع؟ أفتوني مأجورين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن المرء المسلم الذي رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولاً، يحرص على رضا ربه - عز وجل- وإن سخط عليه كل من على ظهرها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "من التمس رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه، وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس". أخرجه الترمذي (2414) ، وابن حبان (276) . والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يغضب لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله غضب لله لا لنفسه، فالمسلم يغضب لله -تعالى- عندما تنتهك حرماته، وإن سخط عليه الناس، فسر على ما أنت عليه ولا يضرك كرههم، وإياك والمداهنة في دين الله وهي بذل الدين للدنيا، فلا تبذل شيئاً من دينك من أجل أن يرضوا عنك، واعلم أن العاقبة - بإذن الله تعالى- ستكون لك، وسيعلم رفقاؤك أنهم مخطئون، واعلم أن رضا الناس غاية لا تدرك، فليكن همتك إرضاء ربك وخالقك وإن كرهك بعض الناس، فالأغاني من المحرمات التي لا يجوز المداهنة فيها. والله يحفظك ويرعاك.

أنا عاشقة

أنا عاشقة المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 20/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أتمنى وأرجو أن تقرأ مشكلتي وكل ما أكتب، حيث إنني فتاة ملتزمة ومحافظة، ومنذ صغري وأنا كذلك، تركت الدنيا بجميع شهواتها وملذاتها، وكرهتها، واتجهت إلى ربي، وأحبه حباً لا يفوقه حب أحد، وحيث إني داعية من إحدى الداعيات -ولله الحمد- ومعروفة، ولكن يا فضيلة الشيخ: وبعد كل هذا سوف أسرد مشكلتي ومعاناتي: يا شيخ: أنا عاشقة! فسوف يخالجك بعض الاستغراب أو التعجب، ولكن أقول نعم، أنا عاشقة! هل من مجيب؟ وهل من معين لي؟ بلغ مني الحزن مبلغه؛ لأني محرومة من ذلك العشيق، وكيف أحصل عليه، وكلما مر الزمن وكلما مرت السنين أزداد عشقاً، وحرارةًَ، وألماً حتى أصبحت أحب الوحدة والتفكير في ذلك العشيق، وكيف الوصول إليه، والذي يزيدني ووالله ما ندري أنفرح أو نحزن على ذلك، فمنذ الصغر وأنا أقرأ مجلات، وأسمع عنه، فيأخذني الحزن مبلغه؛ لأني حرمت من ذلك الذي عشقته! ولا أدري هل يعذبني الله على ذلك أو سيرحمني؟ كم كنت أحلم به.. وأستمتع بحديثه.. كم كنت أشدو به.. وأطرب لذكره، لست أدري ماذا أكتب؟ .. ولمن أكتب.. ولماذا أكتب! نفسي شاردة! قلبي تائه! .. عقلي حائر! .. قلمي عاجز! كيف لا نعشق الذي تجاوز العلياء في همته العالية! طريق الجهاد، مبتغاه الاستشهاد الذي عجز الأدباء والشعراء أن يوفوه حقه، وعجزت الأفئدة عن فهم ما يتحشرج في دواخله، بلغ مني الحنين والألم مبلغه! يا من غبتم عن أعيننا وما زلتم بقلوبنا وعقولنا تلكم الأرواح الطاهرة التي ضربت لنا أروع الأمثلة في البطولة والإقدام، وفي العزة والشهامة والبسالة، قلوبهم تغشاها السعادة، ووجوههم تعلوها الابتسامة، تلك الابتسامة المشرقة التي ملأت السماء والأرض نوراً، والأفئدة والقلوب حباً ويقيناً،

سطروا بسلاحهم أعظم قصص البطولات، ورفعوا رؤوسهم عالية فوق هامة الطغاة، أعلوا دينهم بدمائهم، فأعلى الله شأنهم، وخلد ذكرهم، عطروا بدمائهم الأرجاء، وأنبتوا رياحيق الزهور الغناء، سأذكركم عند كل شروق وغروب، سأبكيكم عند كل ركوع وسجود، سأناديكم عند تغاريد البلابل في البكور، وتكون قطرات الندى في الزهور، فعند وحدتي أتذكر ذلك الذي أحببته، وهو في أعلى الجنان، عند أطيب مقام، وإذا اجتمعنا أتذكره هو مع أصدقائه المجاهدين مجتمعون، ويتبادلون القصص الجهادية، والأحاديث الطيبة، والطرائف الندية، وإذا خرجنا أتذكر وهو يخرج من بيته في لحظات الوداع، في آخر نظرة لأهله، وعند النوم أتذكره وهو ينام على الحصير، وفي جسمه آثار حبيبات الرمل والصخور، نائم وهو تحت -رحمة الله-فبعد دقائق سوف ينام النومة التي لا موت بعدها، فينعم بالحور والقصور، وعند ركوب السيارة أتذكره وهو راكب دبابته، ومتجه إلى إحدى العمليات، والهواء يداعب خصلات شعره، وزغاريد الطيور ترفع من همته، ويزيد من شوقه لملاقاة ربه، راكب دبابته وصدى أناشيدهم البطولية ترهب أعداءه، وتكبيرات أصدقائه تهزم أعداءه، أعشق كلمة (الشهداء) يا شيخ: وأسمع فتيات بمثل سني، وربما أصغر مني، يقمن بعمليات فدائية من فلسطين والشيشان وغيرها، فيأخذ مني الحزن مبلغه، وأبكي بكاءً مراً أن حرمت من هذا الشيء، وأنا أتمناه منذ سنوات طوال، وأبكي غبطة على ما ينلن من جزاء من ربهن، وعلى الاستشهاد في سبيل الله، فلماذا نحن لا نقوم بمثلهن؟ أليس ديننا واحد وربنا واحد وحتى الجنس واحد! هل الأجر مقتصر لهن؟ ألسنا كلنا تحت شعار واحد وإسلامنا واحد، وأريد مشورتكم وآراءكم، وربما تعجبون من ذلك، ولكن وكما أدركتموه خلال السطور السابقة، وتعرفون جيداً عن ما يفعل العاشق وجنونه! حيث إني من الجزيرة العربية، ولكن نأخذ رأيكم أن نهب أنفسنا لأحد الفلسطينيين من حماس، ويكون مهرنا هو تدريبنا، والأخذ بأيدينا، والسماح لنا بقيام بعمليات فدائية! فهناك اللقاء في الجنان الذي لا فراق بعده، وهناك الأنس الذي لا حزن بعده، وهناك السعادة التي لا هم بعدها، فإننا قادمات نحن حفيدات الخنساء وخديجة وسمية! كيف لا والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول في الصحيحين: "والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل؟! " وهل أُعاقب على بكائي أني خلقت فتاة، والرجال أخذوا هذا الفضل الكبير! أخذه الرجال عنا، فهنيئا لكم أيها الرجال على ما فضلكم الله به، وأتمنى الإجابة على تساؤلاتي. وأنتظركم وجزاكم الله خيراً-. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أولاً: للأخت الكريمة التهنئة على هذا الشعور النبيل الذي يملأ جوانحها، وهو عشقها للشهادة، وأشواقها الحرّى للجهاد، وتلهفها إلى الخوض في ميدانه، وبذل النفس في ذات الله -عز وجل- وإن الأمة التي يوجد فيها مثل هؤلاء الفتيات لأمة خير، وأمة معطاءة، والجود بالنفس أقصى غاية الجود.

إننا أيتها الأخت نهنئك على هذا الشعور، ونذكرك أن هذه المشاعر هي من العمل الصالح المبرور، الذي يثيب الله - عز وجل- من كان صادقاً في تشوفه له؛ كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه" أخرجه مسلم (1909) . ثانياً: نذكرك أيتها الأخت الكريمة أن الأدوار في هذه الأمة موزعة، وبناء الأمة بناء متكامل، يتولى فيه الرجال ما يناسبهم، ويليق بهم، وتتولى فيه النساء ما يناسبهن، ويليق بهن، والله - عز وجل- لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى، كما قال - جل وعلا-: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ" [آل عمران: من الآية195] . ولذلك كانت المرأة شريكة في جميع الإنجازات التي حققتها الأمة من خلال قيامها بدورها المنوط بها فهي التي أعدت الرجال الذين خاضوا المعارك، وهي التي أعدت الرجال الذين كان لهم رسوخ في العلم، وهي التي أعدت للأمة الرجال الذين أحدثوا تجديداً في منعطفات الأمة التاريخية. كما أن المرأة كانت مأوى للرجال العاملين، والمجاهدين في سبيل الله -عز وجل-؛ ولذلك فلا يصحُّ أن تختصر صورة جهاد المرأة بأن تشارك في العمليات العسكرية، فإن جهادها في القيام بدور آخر يتناسب مع طبيعتها وما هيأها الله له، وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك عندما سألته عائشة -رضي الله عنها-: هل على النساء من جهاد؟ قال: "نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة" أخرجه ابن ماجة (2901) ، وأصله في البخاري (2875) ، فقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عليهن جهاد لا قتال فيه"، يبيِّن أن جهاد المرأة جهاد لا قتال فيه، منه الحج والعمرة، وليس فقط محصوراً في الحج والعمرة، ولكن منه الحج والعمرة، ومنه تربية الأبناء، ومنه القيام بحقوق الزوج، ومنه حماية الأمة في جبهتها الداخلية، فإن المرأة تتصدى لحماية هذه الجبهة، وإلا فإن حصوننا مهددة من داخلها ما لم توجد حراسة ساهرة على المجتمعات الإسلامية لحمايتها من الداخل، والمرأة قديرة على ذلك، ولذا فلا بد أن تتصدى لهذا الأمر. أيتها الأخت المباركة: أذكرك بقول الله - عز وجل-: "وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً" [النساء:32] ، وقد ذكر الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية أخباراً في سبب نزول هذه الآية، مجملها أن بعض النساء سألن فقلن: ليتنا مثل الرجال فنجاهد كما يجاهدون، ونغزو في سبيل الله كما يغزون، فأنزل الله هذه الآية، إن هذه الآية تبين أن للنساء نصيباً مما اكتسبن، وأن على الجميع رجالاً، ونساء أن يسألوا الله من فضله، فعلى المرأة أن تكتسب من نصيبها الذي يناسبها، وتسأل الله -عز وجل- من فضله، والله - جل وعلا- لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى.

فيا أيتها الأخت المباركة: إنك لو أجلت النظر لوجدتِ أمامك ميادين فسيحة للدعوة إلى الله - عز وجل-، والجهاد في سبيل الله بمعناه العام، وليس فقط بالقتال، وإنما الجهاد بالدعوة، والتعليم، والإصلاح، وتقوية بناء الأمة من داخلها، وكل هذه ميادين شاغرة. ثالثاً: وأحذرك أيضاً من أن يكون مثل هذا الشعور النبيل العظيم عندك سبب قعود ونكوص عن مشاريع خيرة هي في إمكانك ومتناولك، فإن للشيطان كيده في إقعاد بني الإنسان عن ميادين الخير، وذلك بأن يعلق طموحه بما لا يستطيع حتى يستهين بما يستطيع، ويقعد عنه، ويكون بالتالي لم يفعل هذا، ولا ذاك، وإنما اجعلي من شعورك النبيل هذا دافعاً إلى أن تعملي ما يمكنك عمله، وما تستطيعينه، والله يتولاك ويختار لك ما فيه الخير. وصلى الله على نبينا محمد.

دعوت كثيرا ولم يستجب لي

دعوت كثيراً ولم يستجب لي المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 05/09/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حضرات الشيوخ الكرام رعاكم الله. لدي مشكلة خاصة تسيطر على تفكيري، ولا أستطيع البوح بها -حياء- لأحد، فضلا على أن أحداً لن يستطيع أن يحلها لي سوى الله - سبحانه-. المشكلة لا تكمن هنا، بل في أنني أدعو الله باستمرار، وبطريقة معينة من الإلحاح تنشط حينا وتكسل حينا آخر، وأنا على ذلك فترة من الزمن تقاس بالسنين. لقد صبرت طويلاً، ولكن في الفترة الأخيرة بت أخشى أن أقع في مشاكل لا نهاية لها إن لم تحل مشكلتي، وقرأت كثيراً عن أسباب استجابة الدعاء، وحكمة عدم استجابته في أحيان كثيرة، ولدي خلفية واسعة عن ذلك. بدأت الآن تسيطر علي فكرة واحدة هي أنني لا أصلح للدعاء؛ لأنني أفعل ذنباً عظيماً، لكنني مغفلة بحيث يغفل علي، وأصبحت أتمنى من الله أن يظهره لي وأن يبصرني به، لكن حتى هذه الأمنية لم تتحقق بعد، وأكاد أشعر باليأس يخنقني لا سمح الله، وأعرف أنه لو لحقني القنوط من أمل الله فإن هذا شر كبير أكبر من كل شر، وأطلب منكم أن تعطوني أملاً في وضعي، لماذا لم يستجب الله لي حتى الآن، وكيف أعرف ذنبي الذي أجهله؟ أتمنى أن تعطوني شيئاً جديداً، نابعاً من تأملات أحوال الناس في هذا العصر؛ لأنني قرأت كثيراً.. هل تستطيعون مساعدتي، أم أستمر في المحاولة ولو ضئيلة في الأمل، ولو كان بلا أصل؟ عذراً للإطالة، لكنها ومضة قلب جريح. الجواب الحمد لله الذي يجيب دعاء المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء عمن ناجاه، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. وبعد: إلى الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، ونأمل أن يكون اتصالك بالموقع متواصلاً. لقد قرأت رسالتك، وبعد إمعان النظر فيها وجدت أنها رسالة مركبة تحتوي على أكثر من نقطة، وأنا أود أن أسير معك نقطة نقطة عبر رسالتك فمستعينا بالله أقول: أولاً: بالنسبة للمشكلة التي أنت تعانين منها، ولا تريدين أن تبوحي لأحد بها حياءً منك فهذا أمر طيب تشكرين عليه، أما قولك: إنه لا يستطيع أحد أن يحل هذه المشكلة إلا الله وحده، هذه مبالغة منك، نعم كل شيء بإرادة الله، وهو القادر وحده على تفريج الكربات وقضاء الحاجات، لكن الله جلت قدرته جعل لكل شيء سبباً، ومن أسباب حل هذه المشكلة - بإذن الله تعالى - أن تعرض هذه المشكلة على أهل الاختصاص على أن يكونوا كذلك من أهل الدين والخلق الحسن والأمانة والصدق والستر والخبرة؛ حتى تضمني وتطمئني أن مشكلتك هذه - والتي أظن أنها سر أيضاً -قد وضعت في أيدٍ أمينة، وعندها من الحلول ما يشفي غليلك في هذه المشكلة.

ثانياً: قولك بأنه في تلك الفترة الأخيرة أصبح يسيطر عليك فكرة أنك لم تصلحي للدعاء، فهذا كلام مردود جملة وتفصيلاً؛ وذلك لأن الموعِد وعد -ووعده حق وصدق- أنه يستجيب لمن دعاه، قال تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" [البقرة:186] ، تأملي قول المولى جل وعلا (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) فالمولى -سبحانه- تكفَّل بإجابة دعوة الداع شريطة إذا دعاه، ولكن بشرط توفر شروط الإجابة وانتفاء موانعها - وأنت زعمت في رسالتك أنك تعرفين شيئاً كثيراً من ذلك؛ فلذا فلا داعي لذكره هنا. فهل توفرت فيك شروط استجابة الدعاء، وانتفت عنك موانع الاستجابة، أم لا؟ أنت أدرى بنفسك من غيرك، فالعاقل بصير نفسه. ولذا كان سيدنا عمر - رضي الله عنه وأرضاه -من فقهه بكتاب الله يقول: (أنا لا أحمل هم الإجابة، لكن أحمل هم الدعاء) ، أي أنه لا يحمل هم استجابة دعائه؛ لأن الله وعد بذلك، لكن المهم هل نحن مؤهلون لكي نكون أهلاً للإجابة أم لا؟ ويقول تبارك وتعالى: "أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء"، فهل أنت دعوت الله دعاء المضطر؟. وأضيفي إلى ما تقدَّم أن من شروط استجابة الدعاء عدم الاستعجال، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي) متفق عليه أخرجه البخاري (6340) ، ومسلم (2735) وفي رواية لمسلم (2735) : (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء) ، ومعنى قوله (فيستحسر) أي ينقطع عن الدعاء. ثالثاً: أما قولك بأنك تفعلين ذنباً عظيماً، ويبدو من كلامك أنك مستمرة على هذا الذنب العظيم، وترجعين عدم استجابة الله لك لهذا الذنب، فهذا الكلام قد يحتمل الصحة والخطأ، ومرجع ذلك إلى معرفة الذنب نفسه. رابعاً: وأما قولك بأنك غافلة عن هذا الذنب، فهذا كلام غير مقبول؛ لأن الإنسان أدرى بنفسه، وخصوصاً إذا كان مقترفاً ذنباً عظيماً - كما ذكرت- فمعرفة هذا الذنب يرجع إليك وحدك، ففتشي في نفسك تجدي ضالتك، ومن ثم تقلعين عن هذا الذنب؛ لأن للذنوب والمعاصي أضراراً عظيمة، ومن بين هذه الأضرار عدم استجابة الدعاء، كأكل الحرام ونحوه. خامساً: يجب عليك أن تعلمي أمراً مهماً بالنسبة للدعاء، ألا وهو أن الدعاء بين ثلاث حالات: الأولى: أن يستجيب الله لصاحبه في الدنيا. الثانية: أن الله يدفع بهذا الدعاء بلاءً قد كان يقع على هذا الداع، فالدعاء صاعد والبلاء نازل فيتعالجان - أي يتصارعان، فمن رحمة الله بعبده أن يصرع الدعاء البلاء، فلا يقع على هذا العبد هذا البلاء بسبب دعائه. الثالثة: أن الله يدخر لهذا العبد تلك الدعوة في الآخرة، ويعوضه عن ذلك خير عوض، وحينها يتمنى العبد أن لو لم يستجب الله له في الدنيا بكل دعوة دعا بها؛ لما عاين من الخير العظيم، والفضل الكبير، إذاً فليطمئن قلبك وأحسني الظن بربك.

سادساً: بالنسبة لمساعدتك في ذلك فأستمد العون من الله وأقول: 1. عليك ألا تقنطي من رحمة الله، وادعيه بقلب خاشع مستحضر عظمته، وعليك بالأخلاص الشديد في ذلك، ألم تقرئي قوله تعالى: "فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ" [العنكبوت:65] ، فهؤلاء المشركون لما تجردوا لله وأخلصوا له في الدعاء، ونفوا عن أنفسهم الشرك استجاب الله لهم، فعليك بالإخلاص مع تحقيق التوحيد، وأبشري باستجابة الله لك. 2. عليك بعدم الاستعجال، وعليك أن تدعي الله دعاء المضطر، وتسأليه سؤال المسكين، وتدعيه دعاء الخائف الضرير، دعاء من خضعت له الرقاب، وذلَّت له الأنوف، وانكسرت له الأعناق، فهو سبحانه أهلاً لكل تعظيم وثناء، وخوف ورجاء. 3. عليك أن تعلمي أن رحمة الله واسعة وسعت كل شيء، وأنه أرحم بك من أمك وأبيك، وأنه لا يقدر لك إلا الخير، ولا تجعلي الذنوب تحجبك عن رحمته، فهو سبحانه وتعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا عيب أن يستره، ولا دعوة أن يستجيب لها، فهو سبحانه قاضي الحاجات، ومفرج الكربات، ومجيب الدعوات، منقذ الغرقى، سامع لكل شكوى، مجيب لكل دعوى، فعليك المبادرة بالتوبة إليه -سبحانه- من عظائم الذنوب وصغارها. 4. عليك بقراءة الآيات التي تتحدث عن استجابة الدعاء، وكيف أن الله استجاب لأنبيائه ورسله صلوات ربي وتسليمه عليهم جميعاً، وعليك بقراءة سيرة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - وكذلك سير السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغيرهم، وعليك بقراءة كتاب الإمام التنوخي الفرج بعد الشدة، فقد تناول عدداً كثيراً من سيرة السلف، وكيف أن الله استجاب لهم، وكشف عنهم الكرب وفرَّج عنهم الهم، وأبدلهم سعة بعد ضيق، وفرحاً بعد حزن، فهو على ما يشاء قدير سبحانه وتعالى. 5. لو تتبعت سير بعض الناس المعاصرين وقد استجاب الله لهم وفرج عنهم، وقد تناول شيئاً من ذلك كتاب (الفرج بعد الشدة) لإبراهيم الحازمي، وكتاب آخر اسمه (أعاجيب الدعاء) طبع ونشر دار القاسم. وأخيراً لا يسعني إلا أن أقول لك كما قال الأول: يا صاحب الهم إن الهم منفرج*** أبشر بخير فإن الفارج الله وإذا بليت فثق بالله وارض به *** إن الذي يكشف البلوى هو الله الله يحدث بعد العسر ميسرة *** لا تجزعن فإن الصانع الله والله ما لك غير الله من أحد*** فحسبك الله في كل لك الله هذا والله أعلم، والله أسأل أن يجعل لنا ولك من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق سعة ومخرجاً، ومن كل عسر يسراً، إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف أعرض دلائل وجود الله

كيف أعرض دلائل وجود الله المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 05/05/1426هـ السؤال (1) ما هي الأدوات والوسائل التي أعدت منها الأرض؟ (2) يعتقد كفار اليوم أن خالقهم هو الوثن الجديد المسمى (طبيعة) السؤال: ما هي الطبيعة، وكيف نرد عليهم؟ وكيف تم خلقهم بواسطة الطبيعة؟ (3) هل هناك وسيلة نعرف بها ربنا غير وسيلة مشاهدة آياته في الكون؟ (4) كيف نصدق ونؤمن بما وقع خارج حدود بصرنا؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد. فإن هذه الأسئلة لا يمكن بسط الإجابة عليها في جواب من شأنه الاختصار، ونوصي السائل أن يراجع الكتب التي عنيت بالرد على الملاحدة، وما أكثر ما كتب في هذا، خاصة إبّان هيمنة المد الشيوعي، غير أنا سنجيب بما يتيسر مما يناسب المقام في ذلك، فنقول ومن االله نستمد العون والتوفيق. أما سؤالك عن الأرض، فيمكن القول بأنها جزء صغير يسبح في هذا الكون العظيم الذي أنشأه الله، وأبدعه وأوجده من العدم بقدرته وإرادته، وحسب المؤمن أن يؤمن أنها خلق من مخلوقات الله خلقها وسخرها ضمن ما سخر من مخلوقاته، وذللها وحثنا على المشي في مناكبها، والسعي في طلب الرزق فيها، ومن وجد في نفسه القدرة على اكتشاف ما أودعه الله فيها من أسرار فليفعل. *وأما ما ذكرت من أن كفار اليوم يعتقدون أن خالقهم هو الوثن الجديد المسمى "طبيعة" فنقول لك: إن هذا الاعتقاد إنما هو في طائفة من الكفار، وهم الملاحدة المنكرون لوجود الله -تعالى- وهم في ذلك مكابرون ومغالطون لحقيقة ما يجدونه في أنفسهم من نوازع الفطرة التي تحملهم على الإيمان بوجود الله، وأما غالب الكفار فهم معترفون بوجود الخالق، ولا ينكرونه وإن كانوا لا يعرفونه المعرفة التي عليها أهل الحق من المسلمين. ولكن هذا لا يكفي في حقهم، بل لابد لهم مع ذلك من تحقيق العبودية الخالصة لله، وهذا ما يعرف بتحقيق توحيد الألوهية. * وأما ما سألت عنه من تعريف الطبيعة، فيمكن القول بأن الطبيعة مصطلح يطلقه الفلاسفة الغربيون، وكثير من الكتاب المحدثين على مجموعة العناصر والعوالم الكونية التي يزعمون أنها تؤثر في بعضها تأثيراً مستقلاً عن إرادة الخالق سبحانه، أو كما يزعم الملاحدة أنها هي وحدها الوجود، وهي وحدها المؤثر فيه، وليس لها خالق مدبر متصرف. وأما في المفهوم الإسلامي، فهي هذا الكون الفسيح بجزئياته الصغيرة والكبيرة، وقد خلقها الله من العدم، وما زال هو الذي يسيرها من خلال ما أودعه فيها من قوانين ونواميس خاصة بها، وأن ما يحدثه فيها من أحداث يخضع لمشيئته المطلقة. وقد أرشدنا المنهج الإسلامي في التعامل مع الطبيعة إلى التأمل والتدبر في عجيب صنع الله الذي يقود إلى زيادة الإيمان وقوة اليقين، كما يرشدنا إلى السعي في إعمارها واستثمار خيراتها، على أن الحياة الدنيا -بما فيها الطبيعة- ما هي إلا مزرعة للآخرة"انظر موسوعة الأديان والمذاهب المعاصرة ج2/1097-1098) .

* وأما سؤالك عن وسيلة أخرى غير مشاهدة الآيات الكونية بها نعرف ربنا -جل وعلا- فهذه نصوص الوحيين من الكتاب والسنة مليئة بالدلالات والحجج والبراهين على ربوبية الله وألوهيته، ثم إنا نذكِّر بدليل الفطرة، فإن الإنسان ينزع بفطرته إلى الاعتراف بوجود الله وربوبيته وسلطانه على هذا الكون، وما أكثر من شرح الله صدورهم إلى معرفة الله والإيمان به، وحبب إليهم ذلك وزينه في قلوبهم دونما حاجة إلى تكلف استدلال، وقد ذكر العلماء أن من كانت نفسه تنازعه إلى الاستدلال وطلب البرهان، ولا تستقر إلا بذلك وجب عليه طلب الدلائل، وأما من استقرت نفسه، وسكن قلبه إلى الإيمان ولم تنازعه نفسه إلى طلب دليل توفيقاً من الله وتيسيراً لما خلق له فهؤلاء لا يحتاجون إلى برهان ولا تكلف استدلال، وهؤلاء هم جماهير الناس ممن حبب الله إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون. قال ابن حزم رحمه الله (وهذا أمر قد عرفناه من أنفسنا حساً، وشاهدناه في ذواتنا يقيناً، فلقد بقينا سنين كثيرة ولا نعرف الاستدلال ولا وجوهه، ونحن -والحمد لله- في غاية اليقين بدين الإسلام، وكل ما جاء به محمد-صلى الله عليه وسلم- نجد أنفسنا في غاية السكون إليه، وفي غاية النفاد عن كل ما يعترض فيه شك، ولقد كانت تخطر في قلوبنا خطرات سوء في خلال ذلك ينبذها الشيطان، فنكاد لشدة نفارنا عنها أن نسمع خفقان قلوبنا استبشاعاً لها، كما أخبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- إذ سئل عن ذلك، فقالوا: إن أحدنا ليحدث نفسه بالشيء ما أنه يقدم فتضرب عنقه أحب إليه أن يتكلم به، فأخبر رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بأن ذلك محض الإيمان، وأخبر أنه من وسوسة الشيطان، وأمر -صلى الله عليه وسلم- في ذلك بما أمر به من التعوّذ والقراءة والتفل عن اليسار، وقال ابن حزم- ثم تعلمنا طرق الاستدلال وأحكمناها -ولله الحمد- فما زادنا يقيناً على ما كنا، بل عرفنا أننا كنا ميسرين للحق) . (انظر الفصل في الملل والأهواء والنحل بهامشه الملل والنحل4/32-33) * وأما السؤال عن كيفية التصديق بما وقع خارج حدود بصرنا، فإن هذا من إيرادات الملاحدة الذين لا يؤمنون إلا بما يحسونه بوسائل الحس المعهودة، وهم في واقع الأمر مكابرون ومغالطون للحقائق، فما أكثر ما يسلمون بوجوده مما لا يقع تحت طائلة حواسهم، وقد تراجع كثير منهم عن هذه المزاعم، وننصح السائل -إن كان قد ابتلي بمناقشة هؤلاء- أن يراجع الكتب التي عنيت بالرد على النظريات الإلحادية. والله أعلم.

علامات النصر والتمكين

علامات النصر والتمكين المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 16/04/1426هـ السؤال السلام عليكم. أرجو منكم أن تعطوني خمس أو ست من علامات النصر والتمكين، مع التوضيح لكل علامة منها بدليل من القرآن الكريم أو السنة. وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اقرئي وتدبري هاتين الآيتين من سورة الحج، وستجدين فيهما خمس فوائد من علامات النصر للمؤمنين: "الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز* الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور" [الحج: 40-41] . فالعلامة الأولى لنصر المظلوم: تعدي الظالم وتكبره وغطرسته على المؤمنين المستضعفين. والثانية: إقامة الصلاة والمداومة عليها. الثالثة: إخراج الزكاة من الأموال المفروضة إلى مستحقيها. والرابعة: الأمر بالمعروف، ويعني القيام بالدعوة إلى الله، وتبليغها للناس كافة. الخامسة: النهي عن المنكر، ويعني الاحتساب على العصاة من المسلمين فيما بينهم، وإذا تدبرت ما قبل هاتين الآيتين وما بعدهما من الآيات ظهرت لك معانٍ كثيرة، أرجو الله أن ينفعك بها. والله الموفق.

مترددة في التزام الحجاب

مترددة في التزام الحجاب المجيب نهى نبيل عاصم داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 17/03/1426هـ السؤال ما حكم خلع المرأة للحجاب، وما عاقبته في الآخرة، وهل له عواقب في الدنيا؟. الجواب الحمد لله، وأصلي وأسلم على نبينا محمد رسول الله، وبعد: يجب العلم أولاً بأن المسلم والمسلمة يجب عليهما أن ينقادا لأوامر الله ورسوله-صلى الله عليه وسلم-، مهما كانت صعبة وشاقة على النفس، دون خجل من أحدٍ من الناس، فإن المؤمن الصادق في إيمانه هو الذي يصدق في تحقيق طاعة ربه -سبحانه وتعالى- وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يتلكآ أو يترددا في الأمر، بل يجب السمع والطاعة مباشرة؛ عملاً بقوله جل وعلا: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36] ، وهذا هو دأب المؤمنين الذين مدحهم ربهم -سبحانه وتعالى- بقوله: "إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون" [النور:50 -51] . ثم إن المسلم لا ينظر إلى صغر الذنب وكبره، بل ينظر إلى عظمة من عصاه سبحانه وتعالى فهو الكبير المتعال، وهو شديد المحال، وهو جل وعلا شديد البطش، أخذه أليم، وعذابه مهين، وإذا انتقم سبحانه ممن عصاه فالهلاك هو مصيره، قال عزّ وجلّ: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود" [هود:102-103] . وقد تصغر المعصية في نظر العبد وهي عند الله عظيمة؛ كما قال الله تعالى: "وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم" [النور: 15] ، والأمر كما قال بعض أهل العلم: (لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت) ، والواجب علينا طاعة الله وتنفيذ أوامره، ومراقبته في السر والعلانية، واجتناب نواهيه وزواجره. أما من جهة الاعتقاد فإن المسلم المصلي إذا صدرت منه بعض المعاصي والسيئات فإنه باق على الإسلام ما لم يرتكب أمراً مخرجاً عن الملة ويقع في ناقض من نواقض الإسلام، وهذا المسلم العاصي تحت مشيئة الله في الآخرة، إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له، ولو دخل النار في الآخرة فإنه لا يخلد فيها، ولا يستطيع أحدٌ من الناس أن يجزم بمصيره من ناحية وقوع العذاب عليه أو عدم وقوعه؛ لأنّ هذا أمر مردّه إلى الله وعلمه عنده سبحانه وتعالى. والذنوب تنقسم إلى قسمين: (صغيرة - وكبيرة) ، فالصغيرة تكفّرها الصلاة والصيام والأعمال الصالحة، والكبيرة (وهي التي ورد فيها وعيد خاص، أو حَدٌّ في الدنيا، أو عذاب في الآخرة) لا تكفّرها الأعمال الصالحة، بل لا بد لمن وقع فيها أن يحدث لها توبة نصوحاً، ومن تاب تاب الله عليه، والكبائر أنواع كثيرة منها مثلاً (الكذب، والزنا، والربا، والسرقة، وترك الحجاب بالكلية، ونحوها) .

وبناءً على ما تقدّم فلا يمكن الجزم بأن من تركت الحجاب سوف تدخل النار، ولكنها مستحقّة لعقوبة الله؛ لأنها عصت ما أمرها به، وأما مصيرها على التعيين فالله أعلم به، وليس لنا أن نتكلم فيما لا نعلمه؛ قال تعالى: "ولا تقف ما ليس لكَ به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً" [الإسراء: 36] . ويكفي المسلم صاحب القلب الحيّ أن ينفر من عمل يعلم بأنّه إذا فعله سيكون معرّضا لعقوبة الربّ -عزّ وجلّ-؛ لأنّ عقابه شديد، وعذابه أليم، وناره حامية، "نار الله الموقدة التي تطّلع على الأفئدة" [الهمزة: 6-7] . وفي المقابل فإن من أطاعت ربها فيما أمرها به - ومن ذلك الالتزام بالحجاب الشرعي- فإننا نرجو لها الجنة والفوز بها والنجاة من النار وعذابها. وغريب حقاً في امرأة صفاتها حميدة، وتصلي وتصوم ولا تنظر للفتيان، وتجتنب الغيبة والنميمة ثم بعد هذا لا تلتزم بالحجاب؛ وذلك لأن من تمسكت حقاً بهذه الأعمال الصالحة الحسنة فإن هذا مؤشر كبير على حبها للخير، ونفورها من الشر، ثمّ لا ننسى أنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والحسنة تأتي بأختها، ومن اتقى الله تعالى في نفسه وفقه الله وأعانه على نفسه، ويبدو أن هذه المسلمة فيها خير كثير، وهي قريبة من طريق الاستقامة، فلتحرص على الحجاب الذي أمرها به ربها -تبارك وتعالى-، ولتترك الشبهات، وتقاوم ضغوط أهلها، ولا تستسلم لكلام الناس والمنتقدين، ولتترك مشابهة العاصيات اللاتي يردن التبرّج على حسب الموضة والموديلات، ولتقاوم هوى النفس الذي يدعوها لإظهار الزينة والتباهي بها، وتتمسك بما فيه صون لها وستر وحماية، وتترفّع عن أن تكون سلعة يتمتع بها الغادي والرائح من الأشرار، وتأبى أن تكون سبباً لفتنة عباد الله، ونحن نخاطب فيها إيمانها وحبها لله ورسوله-صلى الله عليه وسلم-، ونناشدها أن تحافظ على ما أُمرت به من الحجاب، وأن تلتزم بقول الله تعالى: "ولا يبدين زينتهن" [النور: 31] ، وبقوله "ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى وأطعن الله ورسوله" [الأحزاب: 33] . وعواقب التبرج في الدنيا كثيرة، يكفي منها أن من خلعت حجابها وكشفت عوراتها صارت سلعة رخيصة غير مصونة، تلتهمها أعين الذئاب، فهي بتبرجها تدل على ضلالة، وتدعو إلى فتنة، وتيسر السبيل للمعصية.. والله أعلم.

هذه مجالسهن فهل أعتزلهن؟

هذه مجالسهن فهل أعتزلهن؟ المجيب سلوى بنت صالح بابقي مساعد إدارة النشاط الثقافي بتعليم البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 14/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. صديقاتي ونساء عائلتي يختلفن عني اختلافاً تاماً في الأفكار والاهتمامات، لذلك لا أحب مجالستهن ولا التحدث معهن، وإن جمعنا مكان أو حديث أتضايق وأثور عليهن بالنقد واللوم؛ لأنهن نامصات، ولتشبهن بلبس الكافرات، ولإسرافهن في الزينة من مساحيق وإكسسوارات، وضياع الراتب في التباهي في السفر، أو قضاء الإجازات في الملاهي ونحوه، فكيف أتعامل معهن، وأنقذهن مما هن فيه؟ وهل أخطأت إن تجنبت الجلوس معهن، أو أكثرت من اللوم والعتاب لهن؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. سؤالك من شقين: الأول: كيف تتعاملين معهن؟. الثاني: هل أخطأت إن تجنبت الجلوس معهن؟. الجواب: يقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم-: "المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم" أخرجه الترمذي (2507) ، وابن ماجة (4032) ، وغيرهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وهذا لفظ ابن ماجة. فالخلطة نوعان: نوع يعين على الخير، نوع يعين على الشر، فالأول مطلوب مرغب فيه، والثاني منهي عن الاستجابة له، بمعنى أن المرء يخالط هذا الصنف بغية النصح لا التأثر، والمسلم الواجب عليه صلة رحمه وبرهم والإحسان إليهم، وهم أولى الناس بالنصح، وكونهم على معاصٍ فهذا ليس من أسباب القطيعة، بل الواجب إنقاذهم منها ولكن بالتي هي أحسن، قال تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125] ، وقال سبحانه في حق نبيه: "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" [آل عمران: 159] . فالنصح حتى يكون مثمراً لا بد له من أمور: (1) العلم بما تدعو إليه. (2) العلم بحال المدعو. (3) الصبر على ذلك. فعليك بالمثابرة والمصابرة في إصلاح حال من تجالسين؛ لأن ذلك فيه خير لك، أما عدم المجالسة أو كثرة اللوم فلا ينبغي أن تصدر من مسلم عرف ما له وما عليه. أسأل الله لك التوفيق والسداد.

كيف أتخلص من هذه الأمراض؟

كيف أتخلص من هذه الأمراض؟ المجيب نهى نبيل عاصم داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 07/03/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 1- كيف أستطيع التخلص من الغل والحقد والحسد والرياء؟ 2- كيف أستطيع الرضا بما قسمه لي الله -عز وجل- وأكسب حبه ومرضاته؟. 3- أريد خطة عملية أستطيع من خلالها حفظ القرآن الكريم خلال سنتين؛ لأنه لا يتوفر مركز أستطيع الالتحاق به. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: نشكرك -أختنا الكريمة- على تواصلك مع موقع (الإسلام اليوم) ونتمنى لك وقتاً مليئاً بالبركة والنفع والفائدة معه وبين مواده، ثم دعيني أقول لك: إنني أشعر من وراء سؤالك بأنك ـ نحسبك والله حسيبك ـ تسعين نحو ربك ورضاه على طريقة سلوك أهل الزهد والرقائق مما يعرف "بالتخلية قبل التحلية" ومعناه تخلية القلب والنفس أولاً، وتنقيتهما من شوائب الدنيا وسيئ الأخلاق ـ كالغل والحسد وغيرها من الآفات ـ ثم القيام بتزكيتها وحثها على الخير، وعلى رأس ذلك الإقبال على كتاب الله -تعالى- ومعايشته من خلال برنامج للحفط خلال سنتين كما ترجين بإذن الله تعالى، لكن دعيني أيضاً أبين لك أعراض هذه الأمراض الفتاكة، أمراض الغل والحقد والحسد، وصاحبها يتصف بما يلي: 1- إيمانه بالقدر خيره وشره فيه خلل. 2- صاحب غيبة ونميمة وكذب. 3- يحب لنفسه ما لا يحبه لغيره. 4- التدخل وحب معرفة أخبار الناس. 5- بعده عن الأذكار والقرآن. 6- السرور بمصائب الغير. 7- الانزعاج من نجاح الآخرين. 8- التعامل بالسحر والشعوذة. إذاً ما العلاج؟ 1- الذكر، وأفضل الذكر الصلاة وفي وقتها، يقول الله تعالى: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" [العنكبوت: 45] . 2- الالتزام بالنوافل فإن ربي يقول في الحديث القدسي "ما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه إلخ" أخرجه البخاري (6502) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فرجل أو امرأة يحبه الله لا يمكن أن يكون هناك مكان في قلبه إلى حقد وحسد، وعليك بالأذكار صباحاً ومساءً وكل وقت؛ فإن ربي يقول: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد:28] ، فإذا اطمأن القلب شكر، وابتعد عن الحقد والحسد. 3- الإكثار من الاستغفار فهو علاج لكل أمة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال فيه "من لزم الاستغفار كان له من كل حزن مخرجاً، ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب" أخرجه أبو داود (1518) ، وابن ماجة (3819) ، وغيرهما من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، ومن أعظم الرزق أن ترزق قلباً سليماً مطمئناً. 4- الإيمان بالقدر خيره وشره، وللتطبيق الفعلي العملي لحديثه صلى الله عليه وسلم المشهور، والذي نقوله بعد كل صلاة" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " متفق عليه أخرجه البخاري (844) ، ومسلم (593) من حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-.

5- أن نحب للناس ما نحب لأنفسنا، وليس هذا فقط، ولكن يجب أن نعوِّد أنفسنا أن نفرح فرحاً حقيقياً لنجاحات غيرنا، وإن كان لابد من الغيرة فيجب أن تكون غيرة إيجابية تدفعنا إلى النجاح مثله، ولكن لا نتمنى الفشل له، أو نحقد عليه، أو نقلل من نجاحه، ومن التجربة أنه إذا أصابك شيء من الغل على أخ أو صديق لنجاح ما كان له، فإذا وجدت في قلبك شيئاً من الغل فردد قوله تعالى "ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا" [الحشر: 10] ؛ فقد جربها كثير من الصالحين فوجد -بأمر الله وتوفيقه- أن الغل الذي في القلب انقلب إلى طمأنينة ورضا وتفاؤل وحب لنجاح غيرنا. أما قولك بأنك تريدين حفظ القرآن الكريم خلال سنتين فهي رغبة عظيمة تتطلب همة عالية، وبالأخص إن جهدك فردي، فأخلصي النية أولاً، واصدقي الله ثانياً، واجعلي هدفك هذا (حفظ القرآن في سنتين) أعلى أهدافك، وعموماً فهناك تجارب عديدة لإخوة وأخوات وفقوا -بفضل الله- في هذه المهمة العظيمة، وحفظوا القرآن في مدد وجيزة، وأنجز الله لهم والحمد لله. وإليك واحدة من هذه التجارب الناجحة: حَفِظ أحد الإخوة القرآن الكريم في مدَّة عامين ونصف العام، حيث قرَّر أن يحفظ جزءاً في الشهر، أي بمعدَّل رُبعَيْ حزبٍ في الأسبوع، ويقوم في الأسبوع الذي يليه بمراجعة الربعَيْن السابقَيْن مع حفظ ربعَيْن جديدَيْن، وكان يقوم آخر كلِّ شهرٍ بتسميع ما حفظه خلال الشهر كلِّه، ثمَّ يسمِّع بعد كلِّ ثلاثة شهورٍ ما حفظه خلال هذه المدَّة، وهكذا حتى أتمَّ حفظ كتاب الله تعالى، وخلال ذلك كان يعتمد في المراجعة عموماً على الاستماع لقراءة أحد القرَّاء المتقنين. . فهل تفعلين مثله؟ وفقك الله.

تتجاذبني في خدمة الإسلام رغبات فوجهوني

تتجاذبني في خدمة الإسلام رغبات فوجهوني المجيب د. سعيد إسماعيل علي أستاذ أصول التربية - جامعة عين شمس بمصر التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 02/03/1426هـ السؤال السلام عليكم. عندي رغبة في أن أصبح سياسياً أو عالماً. أما رغبتي في السياسة فهي لكي أقدم قوانين كثيرة تعين المسلمين وتساعدهم في أمور حياتهم حتى يعودوا أقوياء كما كانوا. ويكون ذلك عن طريق السعي في محاورة السياسيين الآخرين في الدول المختلفة والوصول إلى حل لمشاكل الأمة (في فلسطين والعراق وغيرهما) . ورغبتي الأخرى أن أصبح عالما وذلك لإرشاد الكثير من الشباب للدين والعمل على تحسين وضع أمتنا. علماً بأنني الآن لا أضيع وقتي في الأشياء المتدنية مثل الموسيقى والأفلام أو اتخاذ صديقات.. وما إلى ذلك. وأقضي جل وقتي في أمور تنفع الإسلام والمسلمين. أريد أن أكون أبا بكر الثاني. أريد أن آتي يوم القيامة فأقول لربي: ليس لي الكثير من العبادة لكنني بذلت جهدي في رفع راية (لا إله إلا الله) عاليا في الأرض فأدخلني بعملي هذا في الجنة. فبأي عمل تنصحونني؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء وسيد المرسلين محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فمرحباً بك ـ أخي الحبيب ـ ونشكرك على مرورك بموقع (الإسلام اليوم) . ونرجو أن يكون الموقع بما يحويه موطن النفع والفائدة لك ولكل مسلم سائر على درب الخير. ثم دعني أصارحك ـ أخي بارك الله فيك ـ بتأثري برسالتك الكريمة التي تشير في مبناها ومعناها إلى شوق مشبوب للعمل للإسلام، وحماسة فوارة لخدمة الدين الحنيف، وصدقني فإن الأمة وخصوصاً في مرحلتها الراهنة التي يمر بها الإسلام وأهله ـ وآه لو كانت تلك هي همة شباب الأمة إذن لصنعوا الأعاجيب.. أخي الكريم: رسالتك تبعث على أمل بابه لم يغلق بعد، فعلى همة أمثالك من الشباب نحسبك والله حسيبك ـ يأتي الخير ويقترب النصر، أما أمثل الطرق وأولاها بالبدء في السير فيها هي أن تضيف إلى حبك للإسلام ورغبتك في خدمته، بأن تسلك سبيل العلم النافع.. أن تتعرف على قواعد الدين وأن تسير على طريق الهدى. طريق طلبة العلم، وأقصد بالعلم هنا.. العلم الشرعي ثم إن شئت ـ بعد ذلك أن تتخصص أو تتعلم أي علم آخر في مجالات الحياة المتعددة فلا بأس فعلوم الدنيا ـ إن أحسن المسلم تعلمها ـ تكون خادمة لعلم الدين. قال العلامة الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله " ... وبإمكان طالب العلم أن يدعو وهو يطلب العلم، ولا يمكن أن يقوم بالدعوة إلى الله وهو على غير علم، قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف: الآية 108] ، فكيف يكون هناك دعوة بلا علم؟ ولا أحد دعا بدون علم أبداً، ومن يدعو بدون علم لا يوفق. (ابن عثيمين ـ كتاب العلم) . وعلى العموم فهناك نصائح حددها العلماء لمن أراد أن يخدم الإسلام أضعها بين يديك:

1- تخدم الإسلام إذا صح منك العزم وصدقت النية: فإن الله عز وجل يبارك في العمل الخالص لوجهه الكريم حتى وإن كان قليلاً، والإخلاص إذا تمكن من طاعة ما حتى وإن كانت قليلة أو يسيرة في عين صاحبها ولكنها خالصة لله تعالى يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر الله به كبائر كما في حديث البطاقة. 2- تخدم الإسلام إذا عرفت الطريق وسرت معه: الطريق المستقيم هو سلوك طريق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أمر الدعوة ومبتدئها ووسائلها وطرقها والصبر على ذلك مع الرفق بالناس ورحمتهم فهم مرضى المعاصي والذنوب. 3- تخدم الإسلام: إذا استفدت من جميع الظروف المتاحة والإمكانيات المتوفرة: وهذه نعمة عظيمة فكل الوسائل مباحة إلا ما حرمها الله عز وجل، ونحن ندعو بكل الوسائل المشروعة مراعين الأدلة الشرعية والآداب المرعية. 4- تخدم الإسلام: إذا قدمت حظ الإسلام على حظوظك النفسية والمادية: خدمة هذا الدين معناه قيامك ببذل الغالي والنفيس من مال وجهد ووقت وفكر وغيرها، أرأيت من يحب رياضة (كرة القدم) مثلاً، كيف يُفرغ جهده ووقته وماله لمحبوبته تلك! وأنت أولى بذلك منه ولا شك. 5- تخدم الإسلام: إذا سلكت سبل العلماء والدعاة والمصلحين: فاستصحب الصبر وتحمل التعب والنصب فأنت في عبادة عظيمة هي مهمة الأنبياء والمرسلين ومن سار على أثرهم. 6- تخدم الإسلام: إذا ابتعدت عن الكسل والضعف والخور: فإن هذا الدين دين العزيمة والهمة والشجاعة والإقدام، ولا يضر الدعوة إلا خمول كسول، أو متهور جهول. 7- تخدم الإسلام: إذا ربطت قلبك بالله عز وجل وأكثرت من الدعاء والاستغفار ومداومة قراءة القرآن، فليس أنفع في جلاء القلوب وصقل الأرواح وجعلها تعمل ولا تكل، وتكدح ولا تمل من الإكثار من ذكر الله عز وجل والتقرب إليه بالطاعات ونوافل العبادات. 8- تخدم الإسلام: إذا ارتبطت بالعلماء العاملين: الذين لهم قدم صدق وجهاد معلوم في نصرة هذا الدين، فإن السير تحت علمهم وتوجيههم فيه خير عظيم، ونفع عميم. 9- تخدم الإسلام: إذا نظمت الوقت بشكل يومي وأسبوعي وشهري: فهناك أعمال تقضيها في اليوم، وأخرى في الأسبوع، وثالثة شهرية، ورابعة سنوية. مثال اليومي: دعوة من تراهم كل يوم، وأسبوعي: من تقابلهم كل أسبوع، وشهري: مثل اجتماع الأسرة العائلي الشهري، وسنوي: مثل اللقاءات الكبيرة السنوية أو السفر إلى الحج أو العمرة وهكذا. 10- تخدم الإسلام: إذا وهبته جزءاً من همك، وأعطيته جزءاً من وقتك وعقلك وفكرك ومالك، وأصبح هو شغلك الشاغل وهمك وديدنك، فإن قمت فللإسلام، وإن سرت فللإسلام، وإن فكرت فللإسلام، وإن دفعت فللإسلام، وإن جلست فللإسلام. 11- تخدم الإسلام: كلما وجدت باباً من أبواب الخير سابقت إليه وسرت إلى الإسهام بالعمل فيه ... لا تتردد ولا تؤخر ولا تُسوف. نسأل الله تعالى لنا ولك صادق النية وصالح العمل وحسن الثواب.. والله أعلم.

يزدري المسلمين لتخلفهم

يزدري المسلمين لتخلفهم المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 18/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشعر دائماً بأن صدري مملوء مغلول، وعقلي مليء بالأفكار الشريرة، وخاصة ضد المسلمين، فأنا متضايق جداً لحالهم، وأشعر أنهم جبناء وأغبياء "غثاء كغثاء السيل" لا يبالون بما هو مخطط لهم من أعدائهم، فهل لي من سبيل للخلاص مما أنا فيه، أو أن أصبح مثلهم؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اعلم - علّمك الله ما ينفعك ونفعك بما علّمك- أن هذا الشعور لن يزيد الأمر إلا سوءاً، وقد يتمادى بك هذا الشعور إلى درجة الإحباط واليأس، فتنكف يدك عن كل محاولة للإصلاح، فتصبح أنت الآخر -من حيث لا تشعر- غثاءً يضاف إلى ذلك الغثاء!. هذا الشعور هو -بلا شك- إدراك منك بالخطر وبمرارة الواقع السيئ، فلا يغلبنك عليه اليأس فيصبح هذا الشعور هماً مثقلاً كالمرض المُقعد الذي يحوِّل صاحبه من عضو فاعل في مجتمعه إلى معطل عالة على أهله. حسناً المسلمون اليوم جبناء، متخلفون، غثاء كغثاء السيل، ثم ماذا؟ ما العمل؟ هل ستقف أنت وأمثالك -ممن يُحسّون مرارة التخلف- مكتوفي الأيدي؟!. أخي: اجعل من شعورك هذا منطلقاً لتصحيح الخطأ وإصلاح الفاسد وتسديد الفرج، وتوجيه المجتمع نحو المسار الصحيح، وتحريك دفة الإصلاح. وفقك الله.

كيفية علاج النسيان

كيفية علاج النسيان المجيب د. صلاح العادلي أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 16/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي عن نفسي، حيث إنني طالب علم شرعي، وأحاول الدراسة، ولكني كثير النسيان بسبب المعاصي، فكيف أقضي عليها؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد النبي والأمي وعلى آله وصحبه، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إجابة السؤال من شقين، الأول: كيفية الانتهاء عن المعاصي. الشق الثاني: معالجة النسيان. أما أولها فلتتبع الآتي: 1) الدعاء مع العزم على الترك والنية الصادقة. 2) تجنب الأسباب المؤدية للمعاصي كرفيق السوء، وإليه يشير قوله تعالى:"وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين" [الأنعام:68] . 3) مجالسة الصالحين؛ ففي ذلك تشجيع على الطاعة، وابتعاد النفس عن المعصية، مع تجنب الجلوس منفرداً؛ لأن الجالس وحده عرضة لوسوسة الشيطان، والخلطة الصالحة عون على الخير. 4) تحديث النفس بآثار الطاعة من رضا الله، وما يستتبعه من كثرة الأرزاق والتيسير في الأمور. 5) الانشغال بالنافع من الأمور، هذا بعض ما ينبغي في كيفية القضاء على المعصية. وأهم من ذلك: ـ بذل الجهد في مجاهدة النفس حتى تترفَّع عن ارتكاب المعصية، وتتهيأ لفعل الطاعة. ـ كذلك النظر في عواقب العصاة في الدنيا؛ فهذا أدعى لزجر النفس عن المعاصي ودعوتها إلى الطاعة. الشق الثاني وهو (علاج النسيان) . (1) يبدأ أيضا بالدعاء لحديث أبي هريرة-رضي الله عنه- الذي طلب فيه من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو له بعدم النسيان، فصار سيدنا أبو هريرة -رضي الله عنه- أحفظ الصحابة لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأكثرهم رواية له. (2) الذكر لقوله تعالى:"واذكر ربك إذا نسيت.." [الكهف: 24] ، ومن الذكر (لا إله إلا الله) ، (سبحان الله وبحمده) ، (والصلاة على النبي) . (3) الاستعاذة من الشيطان، لقوله تعالى:"فأنساه الشيطان ذكر ربه.." [يوسف: 42] . (4) ترك المعاصي، وقد أشار إليها الإمام الشافعي حين قال: شكوت إلى وكيع سوء حفظي*** فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخبرني بأن العلم نور *** ونور الله لا يهدى لعاصي (5) تفريغ القلب من الشواغل الدنيوية، وهناك أمور أخرى تساعد على التذكر وعدم النسيان، منها: 1) تكرار قراءة الشيء بوعي، وخصوصا القرآن الكريم؛ فإن القارئ الذي لا يتعاهد القرآن يتفلت منه. 2) كتابة ما يريد حفظه أو تذكره، فتقييد العلم بالكتابة. 3) التؤدة والتأني أو التمهل. 4) الراحة العقلية والقلبية والبدنية، وعدم الإجهاد الذي يكون بإفراط، وفي أول الأمر وآخره. تجمع بين شيئين، الطاعة مع الاهتمام والجد والاجتهاد فذلك يجعل الإنسان ذاكراً متذكراً.. والله أعلم.. نسأل الله الهداية والتوفيق.

لا أريد أن أخسر آخرتي أيضا

لا أريد أن أخسر آخرتي أيضاً المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 13/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود أن أتكلم عما أعانيه وما قد يعانيه شباب كثيرون، أنا شاب، عمري فوق العشرين سنة، أعيش في بلد متحرر جداً، ولكن مع ذلك ملتزم (أرفض أي علاقة مع أي فتاة برغم كثرتهن وسهولة الحصول عليهن، وما إلى ذلك من حب وغرام وتسلية، وصولا إلى الزنا بأنواعه- أصلي، أدعو، أستغفر، بار بالوالدين، صادق، أمين، وذو أخلاق حميدة.

تركني أهلي وسافروا للغربة للعمل في إحدى الدول، وبقيت وحدي في بيت جميل ونقود كثيرة، ومع ذلك حافظت على نفسي، وبالعكس زاد التزامي ومحافظتي على الصلاة، وامتدت إلى المحافظة على السنن والوتر، وأصبحت مواظباً على الدعاء بشدة، وأحسست بقربي من الله بشكل رائع، واعتقدت أني أمنت شر الدنيا ووحشيتها؛ لشدة قربي من الله وروعة علاقتي معه، ولكن اصطدمت منذ حوالي سنة وثلاثة أشهر بحادثة مروعة: راح ضحيتها أعز أهلي عليَّ، عندما سمعت بالحادثة حمدت الله على قضائه وقدره ولم أعترض، بل استغفرت وحمدت وصليت ركعتين لله رغم مصابي، مرت الحادثة بعون من الله، ولكن آثارها مازالت ولن تزول. الأمر الآخر أنني أدعو الله بتسهيل زواجي منذ حوالي 4 سنوات، وحاولت أن أستقل بنفسي مادياً، واستخرت الله في مشروع كنت أفكر أن أبدأ به حياتي، وبالتالي أستطيع الزواج، وكان أن سألت وشاورت وهممت بالمشروع، واستخرت ربي 5 أو 6 مرات، ولكن لم تأتني إجابة، ولم أشعر أن استفدت من الاستخارة أبدا، إلى أن جاء وقت العمل بالمشروع فتوقف لسبب من الأسباب، فقلت بنفسي علها إجابة الاستخارة، ورضيت بهذه النتيجة على أمل أن يعوضني الله خيرا منها، ولكن ذلك لم يحدث إلى الآن رغم حاجتي الشديدة لهذا المشروع؛ لأن زواجي وستري رهن به. الشيخ الكريم: أتعرض يومياً للكثير من الإغراءات وأرفض؛ بمعنى التالي (زنا حرام، عادة سرية حرام، زواج لا يوجد) لا الصيام نفع ولا الدعاء استجيب، وأموري تزداد تعاسة وسوءاً، أو لا فرج من الله أبدا، كنت أتوقع من الله -عز وجل- أن يفرج علي ويعوض مصيبتي بزواج أو بعمل أو أي شيء يخفِّف عني ما أصابني، ولكن من يوم الحادثة وأموري تزداد سوءاً، آسف على الإطالة، ما زلت أصلي ولكن الفروض فقط، لم يعد لي أمل باستجابة الدعاء. عندما ذهبت للعلاج النفسي من جراء ما حدث لي، قلت للطبيب عن كل ما حدث ووضعي كاملا، ففاجأني بكلمة لم أكن أعلم أنها حقيقتي، ولم أكن أريد الاعتراف بها، ولكنها هي ما أشعر به فعلا قال: (أنت ناقم على ربك مما فعله بك، وتشعر بالخيانة وخيبة الأمل من ربك الذي وثقت به كثيراً) ، صدمت واستغفرت الله على ذلك الكلام، ولكن للحقيقة هذا ما أشعر به، اليوم لم يعد لي أمل ولم أعد أنتظر خيراً أبداً، ومع ذلك لا زلت أصلي وسأبقى أصلي وأستغفر وأحمد، ولكن الله يعلم ما في القلوب، وشعوري ليس خافيا عليه، أريد أن أعيد علاقتي مع الله قوية كما كانت؛ لأنني أشعر بالضياع وبعدم فهم ما حدث ولماذا حدث، وأصبحت أخشى على نفسي الكفر والإلحاد أيضا بأنه لا يوجد رب ولا إله، ماذا أفعل؟ فأنا لا أريد أن أخسر آخرتي. الجواب أخي الفاضل -سلمه الله-: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد:

فأشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، وحرصك على أمر دينك، وأرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. ونعتذر عن التأخر في الإجابة على سؤالك.. ثم إنك بحاجة إلى أن تتذكر أن الله -سبحانه وتعالى- الذي خلقنا من عدم وأسبغ علينا وافر النعم، وهدانا من ضلالة، وعلّمنا من جهالة، وستر علينا إنه قدر علينا الابتلاء في هذه الحياة، وإنه لا يسلم منه أحد، وفي هذا يقول سبحانه "إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً" [سورة الإنسان: 2] ، ويقول سبحانه: "ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" [سورة العنكبوت 29/3] وقال سبحانه: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" [سورة البقرة 2/214] وقال سبحانه: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ" [سورة آل عمران 3/142] ، وقال سبحانه: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ" [سورة محمد 47/31] ، وغيرها كثير من آيات القرآن الكريم التي يذكر الله فيها هذه الحقيقة التي قد تغيب عن الإنسان ويغفل عنها، وأكدها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأقواله، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام كما في المسند (1555) وصحيح ابن حبان (2900، 2921) وغيرهما بسند صحيح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (يا رسول الله من أشد الناس بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى العبد على حسب دينه إن كان صلب الدين اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يدعه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) . وأخرج الترمذي (2402) والبيهقي (6345) عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض". وحياته صلى الله عليه وسلم مليئة بصور الابتلاء فمن فقد أمّه وجدّه ثم عمّه ثم زوجته خديجة، ثم طرده من بلده، ثم صور لا تخفى عليك من صور المعاناة والبلاء العظيم، وقد كان صلى الله عليه وسلم يوعك كما يوعك رجلان منا، انظر ما أخرجه البخاري (5324) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، وقد فقد أبناءه الذكور كلهم في حياته، وكذلك ثلاث من بناته عليه الصلاة والسلام. وهكذا حال صحابته وإخوانه من الأنبياء والمرسلين.

وقد كان نبي الله أيوب -عليه السلام- غاية في الصبر وبه يضرب المثل في ذلك، وقد ابتلاه الله بذهاب الأهل والمال والولد ولم يبق شيء له ومع ذلك أحسن الذكر والدعاء لربه، وقال: "إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" [الأنبياء 83] . فعليك أن تتذكر ذلك لا سيما وأنت ترى الناس من حولك من منهم لم يبتلَ ببلية، فعليك أن تدرك أن ذلك ليس خاصاً بك، وأنه لا يعني أن الله يكرهك أو أنه سبحانه ناقم عليك على العكس، فإن الله إذا أحب عبدا ابتلاه ثم واجب عليك أن تحسن الظن بربك، وتدرك أن ما يقدره الله على العبد خير له من تقديره لنفسه، وكم من قدر أصاب العبد وكرهه عند وقوعه فتبيّن له بعد حين أنه خير له، وصدق الله "وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" (216) ، [سورة البقرة 2/216] . ثم موضوع الاستخارة ذكرت فيه أنك لم تر شيئا بعد الصلاة، وليس من شرط صحة صلاة الاستخارة رؤية شيء في المنام أو غيره، بل إذا رأيت الأمر المستخار من أجله تيسر فهو خيرة الله لك، وإذا لم يتيسر فهو من خيرة الله لك. فأنصحك أن تكثر من التوبة والاستغفار مما تكلمت به واعتقدته في حق خالقك الرحيم بك وبخلقه الرؤوف الودود سبحانه، وينبغي عليك أن تتصور أن ما أصابك من ضر أو فقد حبيب يهون أمام مصائب الآخرين ممن فقد أهله كلهم، وأصبح شريدا وحيدا يفترش الأرض ويلتحف السماء، ثم أليس حالك أحسن من حال من أصبح مشلولا أو مصاباً بمرض عضال، أو لا يملك البتة من حطام الدنيا شيئاً؟، إن الإنسان منا إذا رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته، وعلم أن الله حكيم عليم خبير. ثم إني أبارك لك ثباتك على الصلاة مع ما أصابك؛ لأن هذا هو الواجب والمتعين على المسلم ألا يدع أمر ربه وطاعته مهما أصابه من بلايا ومصائب، بل على العكس العبد يزداد لجوءاً إلى الله إذا ضاقت به الدنيا وازدادت معاناته منها كما كان يفعل ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، ثم إني أنصحك بعد هذا بأمور ومنها: 1- تذكَّر فضل الله عليك بالنعمة التي أنت فيها، في حين غيرك محروم من أكثرها. 2- أنصحك بقراءة كتاب تسلية أهل المصائب لابن رجب الحنبلي فإنه مفيد في بابه. 3- اجلس مع الصالحين الطيبين من أهل العلم، أو إمام مسجد ترتاح له أو شاب صالح؛ فإنهم يعينوك على ما أنت فيه. 4- لا يفتر لسانك من الاستغفار والتوبة؛ فإنهما باب عظيم للرزق والفرج. 5- إذا تعذَّر عليك الزواج وما منعك الصيام من التفكير في الشهوة فلا بأس بالعادة السرية للضرورة طالما أنها ستمنعك من الوقوع في الزنا، على أن تعجل بالزواج ولو باليسير مما معك، وتذكَّر أن ثلاثة حق على الله أن يعينهم ومنهم طالب النكاح. 6- احضر مجالس الذكر والوعظ والعلم؛ فإنها تغسل أدران النفوس والقلوب. 7- أكثر من سؤال الله الثبات على دينه وردد ما كان يردده المصطفى -صلى الله عليه وسلم- من قوله: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" أخرجه ابن حبان (943) ، وغيره من حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه-.

8- أكثر من الفأل الحسن فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه الفأل، والله عند ظن عبده به. 9- الدنيا لا زالت بخير وبإمكانك استدراك ما فاتك، وتذكّر أن مرضى فيهم صور من العجز الكبير تجاوزوا محنتهم بالهمة والعزم، وتغلّبوا على مأساتهم ومعاناتهم بشق الحياة من جديد، وانتصروا على حالهم البئيس بعون من الله وتوفيقه، وفي ظني أنك تملك الكثير من الإمكانيات والهمة العالية التي ستعينك على التغلب على مأساتك. - ولك مني الدعاء في ظهر الغيب، والله معك وهو المسؤول أن يوفقك ويفتح عليك وييسر أمرك ويشرح صدرك ويثبتك على دينه. والسلام عليكم.

يزعم أننا نعبد الحجر الأسود، فكيف أقنعه؟!

يزعم أننا نعبد الحجر الأسود، فكيف أقنعه؟! المجيب خالد بن عبد العزيز السيف (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) . التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 10/02/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: أثناء مناقشتي مع زميل غير مسلم سألني: لماذا يعبد المسلمون حجراً أسود يحفظونه في الكعبة ويتفاخرون بلمسه، فلم يقتنع بأننا نعبد الله الواحد الأحد، حيث إنه يقول إننا نتوجه إلى هذا الحجر بالعبادة, فكيف أشرح له؟ أفيدونا أفادكم الله، علماً بأنه لا يعتقد بوجود الله، ولا يمكنني أن أقنعه بالقرآن الكريم؛ لأنه لا يصدق بالله ولا بالقرآن. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد: من أصول الحوار والمناقشة مع من لا يؤمن بالإسلام سواء كان يتبع أديان كتابية أو غير كتابية، أو لا يتبع ديناً أصلاً؛ ألا يُناقش في الجزئيات والفرعيات، لأن النقاش فيها يضيع الوقت ولا يجلب فائدة تُذكر، والأصل في ذلك البداءة في الأصول الكلية، فمثلاً عند مناقشة اليهود والنصارى الأفضل البداءة بالقضايا الأساسية في هذه الأديان كنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وختم النبوة به، ومسائل ألوهية المسيح والكتاب المقدس، ومثل ذلك من الأصول الكلية في هذه الأديان، وأيضاً الأديان غير السماوية مثل البوذية والهندوسية يحاورون في أصول دينهم، كأصل بوذا وأصل الهندوسية وآلهتهم وغيرها. أما إذا كان المحاج لا يؤمن بالله أصلاً فالأولى أن يُبدأ فيه في الأصل وهو إثبات وجود الله ومناقشته، فيه فإذا أثبت وجود الله ينتقل إلى المرحلة الثانية، وهو أثبات أن هذا الإله لما خلق الخلق لم يتركهم هملاً بل أرشدهم إلى الطريق الصحيح وذلك بوساطة رسل وأنبياء، وهؤلاء الأنبياء كان مصداق نبوتهم إتيانهم بالمعجزات الخارقة لمجرى الطبيعة التي تبين أنهم أنبياء، ومعجزاتهم حفظتها البشرية من أقدم العصور، ومن هؤلاء الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أتى بالدين الإسلامي. وهذه الأدلة كلها عقلية تنفع مع من لا يؤمن بالقرآن. أما ما ذكرت من اعتقاد زميلك من أن المسلمين يعبدون الحجر الأسود فهذه دعوى لا تقبل إلا بالدليل، وعلى المدعي أن يأتي بالدليل وإلا سقطت دعواه ـ إن كان المدعي موضوعياً ـ وهذا الدليل يجب أن يكون من كتب المسلمين ومن مراجعهم العلمية المعتبرة، وأما الادعاء فمن السهولة أن يدعي أحد على أي أحد أنواعاً من الأقوال الكاذبة، ولكن يبقى المحك الأساسي هو الإثبات والتوثيق. أما ما يعتقده المسلمون في الحجر الأسود حقيقة فكما جاء عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في صحيح مسلم (1210) من حديث عبد الله بن سرجس قال: (رأيت عمر بن الخطاب يقبِّل الحجر الأسود ويقول: والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ". فالمسلمون لا يعبدون الحجر، ولا يقبلونه لكونه شيئاً آخر؛ بل امتثالاً لسنة من يعتقدون أنه نبي، وأنه صادق من عند الله.

ماذا يفعل المظلوم؟

ماذا يفعل المظلوم؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 28/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. إذا وقع ظلم كبير على شخص، وأهينت كرامته، وذلَّه شخص آخر، ومن الممكن له الانتقام، ولكن سيعاقب على انتقامه، مع العلم أنه منحط نفسيًّا حتى الموت، فما السبيل؟ وما هي الأدعية المستجابة -بإذن الله- على الظالم؟ أفيدوني بواقعية ودقَّة. وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله قاضي الحاجات، ومفرج الكربات، ومجيب الدعوات، ناصر المظلومين، وخاذل الظالمين، وهو القوي العزيز، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: إلى الأخ السائل: - سلمه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. اعلم -أخي الكريم- أن الظلم داء خطير، يعصف بالظالم قبل المظلوم، وينذر بالخراب المحتوم، ولهذا قيل: إن الظلم مرتعة وخيم، وقال بعضهم: لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكاً *** جنوده ضاق عنها السهل والجبل ومن بشاعة الظلم أن الجبار -جل جلاله- حرّمه على نفسه؛ فقال عز من قائل -سبحانه- في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ... " أخرجه مسلم [2577] من حديث أبي ذر- رضي الله عنه-، فالظلم من كبائر الذنوب، ومن أشنع المحرمات وأبشعها، ما أحله دين من الأديان، ولم تقره شريعة من الشرائع، ولم يبحه عرف من الأعراف؛ لأن عاقبته وخيمة في الدنيا قبل الآخرة، فالظلم سبب لنزول النقم، وسلب النعم، ومدعاة للمحق والبغض من الرب جل جلاله. ولخطورة هذا الشر المستطير، وشناعة آثاره، وبشاعة نتائجه، وخبث ثماره، لم يمهل الرب -جل وعلا- فاعله إلى الدار الآخرة ليذيقه الهوان العظيم، والعذاب الأليم، والنكال المبين، بل يعجل له العقوبة والعذاب في الدنيا، ويريه شر ما جنت يداه ليشفي صدور قوم مظلومين مقهورين، فوضوا الأمر إلى رب العالمين. قال صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم" أخرجه أبو داود (4902) ، والترمذي (2511) ، وابن ماجة (4211) من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-. والبغي هو الظلم.

فالظالم خاسر مغبون؛ لأن الله هو الذي يقتص منه، فمهما أوتي الظالم من قوة وجبروت، فهذا كله لا يمنعه من عقاب الله جل وعلا " ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار* مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء" [إبراهيم: 42-43] ، وقد تواترت الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الظلم والتحذير منه والنهي عنه، وبيان عواقبه الوخيمة، فمن ذلك قوله تعالى: "والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير" [الشورى: 8] وقال تعالى: "ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع"، وقال تعالى: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً ويصلون سعيراً" [النساء: 10] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) [هود: 102] الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري (4686) واللفظ له، ومسلم (2583) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- والآيات والأحاديث في بيان عاقبة الظلم والتحذير منه، والنهي عنه كثيرة، لكن فيما ذكر كفاية لمن أراد الهداية، فماذا يجب على المظلوم فعله؟. ينبغي للمظلوم أن يفوض أمره إلى الله ويقول: "وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد" [غافر: 44] ، ويكثر من قوله: "حسبنا الله ونعم الوكيل" [آل عمران: 173] ، وعليه أن يكثر من الدعاء على من ظلمه ويبشر بالخير؛ فقد أخذ الجبار -جل جلاله- بإجابة دعوة المظلوم؛ قال صلى الله عليه وسلم: "اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" متفق عليه. أخرجه البخاري (1496) ، ومسلم (19) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم، تُحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب - عز وجل-: "وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين"أخرجه أحمد في المسند (7983) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وصدق من قال: لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم آخره يأتيك بالندم تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم على المظلوم أن يستعين على الظالم بسهام الليل، فما هي سهام الليل؟ إنها الدعاء.. وقف أحد الرعية أمام أحد الطغاة، وقد أوقع عليه ظلماً شديداً، فقال الرجل للطاغية لأستعين عليك بسهام الليل! قال الطاغية: ما سهام الليل؟ قال الرجل: الدعاء.

فيا أيها المظلوم أبشر بنصر الله لك في الدنيا قبل الآخرة، وقبل أن أغادر هذا المقام أود أن أهمس في أذن كل ظالم ببعض الكلمات؛ لعله يرجع عن ظلمه، ويقف عند حده، أيها الظالم! احذر أن تأتي يوم القيامة مفلساً، قال صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا ما لا درهم له ولا متاع، قال صلى الله عليه وسلم: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة ومعه صلاة وزكاة وصيام، ولكن قد شتم هذا، وسفك دم هذا، وأكل مال هذا، وظلم هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته، وبقي عليه شيء أخذت من سيئات من ظلمهم فطرحت على سيئاته ثم طرح في النار" أخرجه مسلم (2581) وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فاحذر يا مسكين من نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى. فما هو الحل إذاً؟ قال صلى الله وسلم: "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" أخرجه البخاري (2449) . وعلى المظلوم أن يقرأ الآيات والأحاديث والقصص التي جاءت في نهاية الظالمين؛ لكي يكون على يقين بأن الله سيأخذ له بحقه، ومن أفضل ما كتب في ذلك كتاب (الجزاء من جنس العمل) للشيخ العفافي. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كيف أحب في الله

كيف أحب في الله المجيب د. عبد الله بركات وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 26/01/1426هـ السؤال أرجو من فضيلتكم ضرب بعض الشواهد بالأدلة عن كيفية الحب في الله، وبالذات للمستقيمين على شرع الله؛ لأن منهم من يدخل عليه الشيطان من هذا الشيء وخاصة الذي تاب؛ لأنه لا يعرف كيف يتعامل مع هذا الحب الصافي النقي الطاهر. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فأسأل الله بأسمائه وصفاته أن يرزقنا حبّه وحب من يحبه، وحب عمل يقربنا إلى حبه. آمين. 1- أخي الكريم، اعلم -يرحمني الله وإياك- أن الحب في الله لا يزيد بالبر، ولا ينقص بالجفاء، وعليه فليس من الحب في الله أية علاقة فيها التبادل واحدة مقابل واحدة؛ إذ ليس الواصل بالمكافئ. ولعل المثال الحي في قصة مسطح مع الصدّيق رضي الله عنه، وأمر الله فيها كما ورد في سورة النور (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله - وليعفوا وليصفحوا. . ."الآية [النور:22] . 2- الحب في الله لا يتعدى حدود الله، فليس فيه علاقة جسدية بين ذكر وأنثى. ولا حتى ما يوصّل إليها. وإنما حب خير ودفع شر في إطار من دين وخلق قويم. 3- الحب في الله إيثار بالخير على النفس ولو كان بها خصاصة، ولعل فيما ورد بشأن الأنصار وحبّهم للمهاجرين المثل الحي لذلك كما ورد في سورة الحشر: "والذين تبو ءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" الآية [الحشر:9] .... فابذل من الخير لمن أحببته في الله بالقدر الذي تحبه لنفسك، وهذا هو الحد الأدنى، أو قدّمه على نفسك ابتغاء مرضاة الله وهذا حدّك الأعلى، وحقق هذا البعد في دفع المضار، دون تجاوز لحدود الله أو تفريط في إقامتها، والتزام حقوق الأخ المسلم على أخيه من أوليات مقام الحب في الله تعالى والله المستعان. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تائه في صحراء الفكر

تائه في صحراء الفكر المجيب د. حسن الحميد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 14/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. بعد التحية أورد لكم رسالتي هذه بكلام أرقني كثيراًً لا أعرف حقيقة ما أقول، ولكن سأروي لكم جزءاً من قصتي علها تفي بالغرض: كنت عضواً في إحدى حلق القرآن الكريم المنتشرة في ذلك الوقت، وحفظت القرآن كغيري من الطلاب، وكنت في تلك الفترة أقرأ في بعض الكتب مثل مدارج السالكين والأجرومية والرسائل والأصول في علم الأصول والظلال، فنهرني مدرس الحلقة في ذلك الوقت، وقال إن مثل هذه الكتب يصعب عليك فهمها، والحقيقة لم يكن لذلك الخلاف أن يفسد ما بيننا من قضية، فقد رحلت إلى إحدى المدن لأكمل دراستي، وتخصصت في الأدب ولا أخفيكم سراً فقد أتاح لي هذا التخصص التعرف على آداب اللغات الأخرى، فتعلمت اثنتين منها وأتقنتهما، وبدأت القراءة فيها، فقرأت في شتى العلوم في الأدب واللغة والأديان والفلسفة وتعمقت في تلك الأخيرة، فقرأت لآبائهم (سرتر) في الوجودية، وأرسطو وإشكالاته التقليدية والبنيوية، وتعرفت على الفلسفة العربية كالإمام الغزالي وأجيال الفلاسفة الأندلسيين ثم مقولاتهم في الإحلال والترقي، وهنا بدأت مشكلتي، قرأت في الصوفية الشيء الكثير، والأشعرية، والأسماء والصفات، حتى إني أحس بظلمة في قلبي، دائماً أحس بالهم، لا أكف عن البكاء طوال الليل أنا - بكل اختصار- تائه، ولكني من جانب آخر أحس أني أملك مقدرة على تحليل الأشياء تكونت وترسبت من تلك القراءات، ويعترف بها الجميع لا سيما الذين اطلعوا على أطروحاتي الأدبية، عرفت أن الحكمة ضالة المؤمن، ولكني أعترف أنني لست مؤمناً، وأنظر إلى طرق إخواننا الذين يحاولون صرفي عن هذه المواضيع، فأراها وهي تحمل كثيراً من السطحية، وأرى برامجهم وما تحويها من تخلُّف، ولكني -مثل ما أوردت أعتقد أني أيضاً شطحت عن الطريق قليلاً. أرجو أن تساعدوني. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فلعلك قد أوتيت قدراً من الذكاء والطموح فوق ما كان يتصوره أستاذك في الحلقة، ولعل أستاذك أيضاً لم يكن لديه من سعة الأفق ما يمكنه من تفهم تطلعاتك.. وهذا يحصل لعدد من الطلاب. لكن يختلفون في التعامل مع هذه الحالة، فمنهم من يكمل نفسه بطريقته الخاصة، ويبقى محافظاً على أوليّات التربية وأدبياتها، يحفظ للأستاذ المربي الودّ، ويعترف له بالفضل، حتى ولو أصبح التلميذ شيخاً، والمربي الشيخ طالب علم في حلقته. وقد يوجد بين الطلاب من يقلل من شأن مربيه بحجة قلة علمه أو محدودية قدراته، أو لكونه أخطأ في حقه مرة أو مرات! وقد يتجاوز به الأمر حد الشعور بالندية والمساواة إلى مرحلة الاستعلاء والشعور بالفوقية، وهذا المسلك ينتهي بصاحبه غالباً إلى نوع من نكران الجميل، وربما إلى الذم ونسبة ما آل إليه أمر الطالب من نقص إلى مسلك شيخه ومربيه، وما ظفر من معرفة وتفوق إلى ذاته ونفسه وجهده، بل إلى بعده عن شيخه ومربيه، وهذا غلوّ في الجحود، وغرور في النفس لا تسلم من عواقبه غالباً، وقد يمعن الأخ في الهروب من واقعه السابق؛ بحجة البعد عن معوقات الانطلاق فيعاقب نفسه من حيث لا يشعر، وربما فضّل أنواعاً من السلوك المنحرف بغية التخلص من شبح التعلُّق بالماضي، ولو أنه فكَّر ملياً، وقدّر العواقب، لنظر إلى كل مرحلة بما يناسبها، وحاول التخلص من سلبياتها والإفادة من إيجابياتها، ولم يعرّض ثوابت التدين وأصل الالتزام للمقامرة فإنه رأس المال، وليس من العقل المقامرة به، بل تنميته وزكاته. أخي الكريم، إن المعرفة مبذولة للجميع، يأخذون منها بقدر ما يمنحونها وبقدر ما تؤهلهم ملكاتهم، ولكن الشأن في المعرفة الهادفة الإيجابية، التي تساعد في بناء شخصية متوازنة، والتي تبنى على قاعدة من التدبر الواعي، والوعي المنضبط. أما المعرفة التي تتجه بصاحبها إلى القلق أو الشك، أو التحلل من الضوابط الأخلاقية، وكلما أمعن فيها ازداد بُعداًَ عن الأهداف التي يفترض أنه طلب المعرفة لأجلها، بحيث يتمنى أن يعود إلى نقطة الصفر، ليستعيد ثقته بنفسه، وهدوئه، وإيمانه البسيط، وأن يدفع ثمناً لذلك كل مكتسباته الجديدة، بما فيها ألقاب المديح، وإعجاب الآخر.. إن هذه معرفة عقيمة لا بركة فيها، كريح عادٍ التي ما تذر من شيء إلا جعلته كالرميم، ولعل في حكاية المرأة العجوز وجوابها لمن قال لها بفخر: أن فلاناً - أحد الفلاسفة - أحصى ألف دليل على وجود الله. قالت: يا هذا لو لم يكن عنده ألف شك لما احتاج إلى ألف دليل!. إن القراءة الواعية في أبواب المعرفة المختلفة تغني عن الارتماء في أحضان كتب الفلسفة وأسفار علم الكلام، وما أحسن قول شيخ الإسلام ابن تيمية عن علم الكلام: لا يحتاج إليه الذكي، ولا يستفيد منه البليد.

إني أدعوك إلى الرجوع القهقري شيئاً حتى تضع حداً لهذا التيه الذي أوصلتك إليه هذه المعرفة العقيم. ارجع إلى القرآن الكريم، اقرأه بهدوء وتأمل، واقرأ في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وما أشكل عليك فراجع كتب التفسير والشروح.. استفد من مخزون المعرفة المشوش لديك في تطوير أسلوب الفهم. واعترف بشجاعة أنك بقدر ما كسبت المعرفة خسرت نفسك، فكأنك خسرت الاثنين معاً لأن هذه المعرفة صارت شيئاً تدفع ثمنه، بدلاً من الاستمتاع بها. أعد النظر في أصحابك وندمائك، وأغلب الظن أنك إما منقطع عن الأصدقاء، أو متخير لأصدقاء على شاكلتك في التفكير، وهؤلاء يصعب عليك التصحيح معهم، فتخير جلساء يجمعون بين الاستقامة شاكلتك وهدوء النفس وسلامة التدين. وما تعانيه من شكوك هو ثمرة طبيعية لإقحام العقل في غير مجاله، واستحسان طرائق الفلاسفة والمتكلمين الشكاك الذين تجاوزوا بالعقل قدره بحجة المعرفة، حتى بلغ ببعضهم أن أصبح الشك والإلحاد، والحلول، والفوضى الفكرية ... أصبح كل ذلك ثقافة!! فأنت قد سمحت لنفسك - تحت ظروف معينة - أن تكون مقلداً لهم دون أدنى خصوصية لنفسك. وأقرب مخرج للنجاة أن تتذكر ما قيل في ذم التقليد، ولعلك قد لجأت إليهم فراراً من تقليد شيخك ومربيك، ففرت من النقيض إلى النقيض. وأخيراً أقول لك: توقف فوراً، وتذكر قيمة الحياة والمعرفة ونهاية الأشياء وبداياتها، وحكمة الخالق وقدرته وآثار أسمائه وصفاته. ولا تسمح لنفسك بتفوق غير طبيعي، واعلم أنك سائر إلى الله وافد عليه، فأحسن وفادتك. وإنما المرء حديث بعده، فكن حديثاً حسناً لمن روى، وطوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه. ولا تجعل المعرفة التي هي وسيلة هادمة للغاية التي هي الإيمان والسعادة في الدارين، فتكون كمن بنى قصراً وهدم مصراً. وفقك الله ونوّر بصيرتك.

أعيدوا لي الأمل في الحياة

أعيدوا لي الأمل في الحياة المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 10/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أخشى الموت وما بعد الموت، مع العلم أنني في عمل الخير وتقوى الله، لقد فقدت والدي، وبعده بنتي في مدة شهرين، مما زاد يقيني بأن الحياة تمر بسرعة، وأن الحياة الحقيقية هي التي بعد الموت، فأرجو أن تدلني على كتاب يعيد لي الأمل في الحياة، ويمنحني التوازن بين العمل للدنيا والعمل للآخرة. وجزاكم الله كل خير. الجواب الأخ الكريم/ -سلمه الله ورعاه- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: أولا- أوصيك بالصبر والاحتساب، فإن الموت حق على كل نفس، وقد قال الله -تعالى-: "كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ" [سورة آل عمران:185] ، وذكر نفسك بمصيبة فقد النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنها أعظم مصيبة، ثم قل هذا الدعاء الذي وجه به النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: " مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَقَالَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ "إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ " موطأ الإمام مالك كتاب الجنائز باب جامع الحسبة في المصيبة (558) ومسلم (918) . ثانياً- في تصوري أنك لا زلت حديث عهد بالمصيبة، وليس من السهل النسيان في هذه الفترة، ولذلك أقترح عليك أن تجعل الوقت هو الكفيل بتخفيف حدة هذا التفكير لديك، وإن كنت أقترح عليك ألا تجلس وحدك ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وأن تشغل وقتك بالمفيد النافع كلما تيسر لك الأمر؛ لأن في الانشغال سلوة ومدعاة للنسيان. ثالثاً- حاول أن تذكر نفسك مآسي غيرك من المسلمين الذين فقدوا الأهل والمال والوطن والأمن، ولا زالوا يتجرعون ألوانا من الأسى والمعاناة واحمد الله كثيراً أنك أحسن من غيرك بكثير.

رابعاً- أكثر من اللجوء إلى الله أن يصرف عنك الهم والغم وأن يملأ قلبك سكونا وطمأنينة ورضا وعليك بهذا الدعاء: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ) صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير باب من غزا بصبي للخدمة (2893) ، وهذا الدعاء الذي يقول فيه الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-: " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا"مسند الإمام أحمد بن حنبل مسند عبد الله بن مسعود -رضى الله تعالى عنه- (3712) . والله معك وهو المسؤول أن يوفقك لكل خير ويصرف عنك كل شر إنه جواد كريم.

لم أجد لدعائي أثرا

لم أجد لدعائي أثراً المجيب محمد بن إبراهيم الحمد عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 04/01/1426هـ السؤال السلام عليكم. أنا بحمد الله إنسانة مسلمة، أصلي وأصوم، ودائماً أكمل فروض الله، وأعيش مع زوجي على الحلوة والمرة، مشكلتي أني أحس دائماً أن كل شيء مسدود في وجهي، وحتى الحاجة التي قريبة مني أشعر بأنها بعيدة عني، ودائماً أدعو وأدعو، وأشعر أن الله لا يستجيب دعائي، لماذا لا يستجيب الله دعائي؟ هل هذا من عمل السحر؟ وهل فك التبيعه أو إبطال السحر حلال أم حرام؟ السلام عليكم. الجواب احمدي الله أنك مسلمة تصومين وتصلين، وتؤدين الفرائض. وعليك مع ذلك أن تحسني الظن بربك؛ لأن الله - عز وجل - يقول في الحديث القدسي الصحيح: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" أخرجه أحمد (16976) . وعليك أن تكوني متفائلة محسنة الظن بربك بعيدة عن التشاؤم؛ لأن المتشائم - كما يقول ابن القيم رحمه الله - متعب القلب، مُنَكَّد الصدر، كاسف البال، سيء الخلق، أشد الناس خوفاً، وأنكدهم عيشاً، وأضيقهم صدراً، وأحزنهم قلباً. وكم حرم نفسه بذلك من حظ، ومنعها من رزق، وقطع عليها من فائدة. وعلى العكس من ذلك المتفائل؛ فهو واسع النظرة، فسيح الصدر، عالي الهمة، موفور النشاط. ومما يعينك على التحلي بالتفاؤل، والسلامة من التطير والتشاؤم ما يلي: 1- استحضار ضرر الطيرة: فهي نقص في العقل، وفساد في التصور، وانحراف عن سوء الصراط. وهي موجبة لانقباض النفس، وسوء الخلق، وفوات الخير. وهي من كيد الشيطان، وتخويفه، ووسوسته، وإغوائه. وهي مفسدة للتدبير، منغصة للعيش، مسببة للخذلان. وأعظم من ذلك أن الطيرة باب إلى الشرك؛ إذ هي منازعة لله في شرعه وقدره، وهي مفضية إلى أبواب الدجل والخرافة. فإذا استحضر العاقل ضرر الطيرة أقصر عنها، ولم يعد يلتفت إليها. 2- المجاهدة: فقد تكون الطيرة مستحكمة في الإنسان، متمكنة من عقله. وعلاج ذلك بالمجاهدة، وترك الاسترسال مع ما يلقيه الشيطان في روعه، وبتكلف ذلك مرة إثر مرة حتى يزول أثر الطيرة من قلبه. 3- الإيمان بالقضاء والقدر: وذلك بأن يعلم الإنسان علم اليقين بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأنه لن يصيبه إلا ما كتب له؛ فذلك يحسم مادة الطيرة، ويزيل أثرها من القلب؛ فمن سلم لله واستسلم له لم يبق للخوف في قلبه موضع. (وفي التسليم- أيضاً- فائدة لطيفة، وهي أنه إذا سلمها لله فقد أودعها عنده، وأحرزها في حرزه، وجعلها تحت كنفه؛ حيث لا تنالها يدُ عدوٍّ عادٍ، ولا بغي باغٍ عاتٍ) (1) . 4- إحسان الظن بالله: فذلك موجب لراحة القلب، وطمأنينة النفس، فالله-عز وجل-عند ظن العبد به؛ فالمؤمن الحق يحسن ظنه بربه، ويعلم بأنه-عز وجل-لا يقضي قضاء إلا وفيه تمام العدل، والرحمة، والحكمة؛ فلا يتهم ربَّه فيما يجريه عليه من أقضيته وأقداره. وذلك يوجب له استواء الحالات عنده، ورضاه بما يختار له سيده، كما يوجب انتظار الفرج، وترقَّبه. وذلك يخفف حمل المشقة، ولا سيما مع قوة الرجاء، أو القطع بالفرج؛ فإنه يجد في حشو البلاء من رَوْح الفرج ونسيمه وراحته ما هو من خفي الألطاف، وما هو فرج مُعَجَّل.

5- التوكل على الله - عز وجل -: والتوكل في لسان الشرع إنما يراد به توجه القلب إلى الله حال العمل، واستمداد المعونة منه، والاعتماد عليه وحده؛ فذلك سر التوكل وحقيقته. والشريعة أمرت العامل بأن يكون قلبه مطوياً على سراج من التوكل والتفويض، والذي يحقق التوكل هو القيام بالأسباب المأمور بها؛ فمن عطَّلها لم يصحَّ توكله. فإذا توكل العبد على ربه، وسلم له، وفوض إليه أمره-أمده الله بالقوة، والعزيمة، والصبر، وصرف عنه الآفات التي هي عُرْضةُ اختيار العبد لنفسه، وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه. وهذا يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات، ويفرغ قلبه من التقديرات، والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة، وينزل في أخرى. ومتى صح تفويضه، ورضاه اكتنفه في المقدورِ العطفُ عليه، واللطف فيه؛ فيصير بين عطفه ولطفه؛ فعطفه يقيه ما يحذره، ولطفه يهوِّن عليه ما قدِّر له. ومع هذا فلا خروج للعبد عما قدر عليه؛ فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود، مشكور، ملطوف به. وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به. وصدق الله إذ يقول: [فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ] (آل عمران: 159) . 6-الاستعاذة بالله: فالطيرة-كما مر-من وساوس الشيطان، وتخويفه. فإذا استعاذ الإنسان بالله من الشيطان أعاذه الله منه، ووقاه من كيده ووسوسته. قال- تعالى-: [وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ] (فصلت: 36) . هذه بعض الأمور التي تعينك على التفاؤل، وتجنب التشاؤم. أما شعورك بأن دعاءك لا يستجاب فذلك بسبب تشاؤمك وسوء ظنك. وإلا فما الذي أدراك أن دعاءك لم يجب، أو ما علمت أن للدعاء شروطاً، وآداباً، وأن من أعظمها إحسان الظن بالله، وانتظار الفرج، وتجنب الاستعجال، والجزم في الدعاء، والعزم في المسألة، والإلحاح على الله - عز وجل -. ولا ريب أن من البلاء على المؤمن أن يدعو فلا يجاب، فيكرر الدعاء، ويبالغ فيه، وتطول المدة، فلا يرى أثرًا للإجابة. ومن هنا يجد الشيطان فرصته، فيبدأ بالوسوسة له، وإساءة ظنه بربه، وإيقاعه بالاعتراض على حكمته. فينبغي لمن وقعت له هذه الحال ألا يختلج في قلبه شيء مما يلقيه الشيطان؛ ذلك أن تأخر الإجابة مع المبالغة في الدعاء يحمل في طياته حكمًا باهرةً، وأسرارًا بديعة، لو تدبرها الداعي لما دار في خَلَدِه تضجر من تأخر الإجابة. وفيما يلي ذكر لبعض تلك الحكم والأسرار، والتي يجمل بالداعي أن يتدبرها، ويحسن به أن يستحضرها. 1- أن تأخر الإجابة من البلاء الذي يحتاج إلى صبر: فتأخر الإجابة من الابتلاء، كما أن سرعة الإجابة من الابتلاء. قال - تعالى -:"وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" [الأنبياء: 35] . فالابتلاء بالخير يحتاج إلى شكر، والابتلاء بالشر يحتاج إلى صبر؛ فإياك أن تستطيل زمان البلاء، وتَضْجَرَ من كثرة الدعاء؛ فإنك ممتحن بالبلاء، مُتَعَبَّدٌ بالصبر والدعاء.

فلا تيأسن من روح الله وإن طال البلاء؛ فإن الله - عز وجل - يبتليك؛ ليبلو أخبارك، وهل الابتلاء إلا الإعراض وعكس المقاصد؟ قال عمر بن عبد العزيز- رحمه الله -: (أصبحت ومالي سرور إلا في انتظار مواقع القدر؛ إن تكن السراء فعندي الشكر، وإن تكن الضراء فعندي الصبر) (2) . 2- أن الله - عز وجل - هو مالك الملك: فله التصرف المطلق بالعطاء والمنع، فلا راد لفضله، ولا معقب لحكمه، ولا اعتراض على عطائه ومَنْعِه؛ إن أعطى فبفضل، وإن منع فبعدل. قال ابن ناصر الدين الدمشقي- رحمه الله -: (فإنه ليس لأحد مفر عن أمر الله وقضائه، ولا محيد له عن حكمه النافذ وابتلائه، إنَّا لله ملكه وعبيده، يتصرف فينا كما يشاؤه وما يريده) (3) . 3- أنه لا حق للمخلوق على الخالق: فالمخلوق مربوب، مملوك، مقهور، مُدَبَّر، والخالق ربٌّ، قاهر، مُدَبِّر. والمملوك العاقل مطالب بأداء حق المالك، ويعلم أنه لا يجب على المالك تبليغه ما يهوى؛ فكيف يُقَصِّر المملوك ثم يطلب حقه كاملاً مع أنه لا حق له أصلاً؟! قال ابن القيم- رحمه الله -: (فمن أنفع ما للقلب النظرُ في حق الله على العباد؛ فإن ذلك يورث مقت نفسه، والإزراء عليها، ويخلصه من العجب ورؤية العمل، ويفتح له باب الخضوع والذل، والانكسار بين يدي ربه، واليأس من نفسه، وأن النجاة لا تحصل إلا بعفو الله، ومغفرته، ورحمته؛ فإن حقه أن يطاع ولا يعصى، وأن يذكر ولا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر. فمن نظر في هذا الحق الذي لربه عَلِمَ عِلْمَ اليقين أنه غير مؤدٍ له كما ينبغي، وأنه لا يسعه إلا العفو والمغفرة، وأنه إن أحيل على عمله هلك. فهذا محل نظر أهل المعرفة بالله - تعالى - وبنفوسهم، وهذا الذي أيأسهم من أنفسهم، وعلق رجاءهم كله بعفو الله ومغفرته) (4) . ثم قال- رحمه الله -: (وإذا تأملت حال أكثر الناس وجدتهم بضد ذلك؛ ينظرون في حقهم على الله، ولا ينظرون في حق الله عليهم. ومن ههنا انقطعوا عن الله، وحُجبت قلوبهم عن معرفته، ومحبته، والشوق إلى لقائه، والتنعم بذكره. وهذا غاية جهل الإنسان بربه وبنفسه) (5) . 4- أن الله - عز وجل - له الحكمة البالغة: فلا يعطي إلا لحكمة، ولا يمنع إلا لحكمة، وقد ترى الشيء مصلحة ظاهرة، ولكن الحكمة لا تقتضيه؛ فقد يخفى في الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر يقصد بها المصلحة؛ فلعل هذا من ذاك. ثم إن الله - عز وجل - له الحكمة البالغة، فأسماؤه الحسنى وأفعاله تمنع نسبة الظلم إليه، وتقتضي ألا يفعل إلا ما هو مطابق للحكمة، موافق لها؛ فتأخر الإجابة قد يكون عين المصلحة للداعي كما سيأتي بيانه في الفقرات التالية. 5- قد يكون في تحقق المطلوب زيادة في الشر: فربما تحقق للداعي مطلوبه، وأجيب له سؤله، فكان ذلك سببًا في زيادة إثم، أو تأخر عن مرتبة، أو كان ذلك حملاً على الأشر والبطر؛ فكان التأخير أو المنع أصلح. (وقد روي عن بعض السلف أنه كان يسأل الله الغزو، فهتف به هاتف: إنك إن غزوت أُسِرْتَ، وإن أسرت تَنَصَّرْتَ) (6) . قال ابن القيم- رحمه الله -: (فقضاؤه لعبده المؤمن عطاء وإن كان في صورة المنع، ونعمة وإن كان في صورة محنة، وبلاؤه عافية وإن كان في صورة بلية.

ولكن لجهل العبد وظلمه لا يعد العطاء والنعمة والعافية إلا ما التذ به في العاجل، وكان ملائمًا لطبعه. ولو رزق من المعرفة حَظًّا وافرًا لعدَّ المنع نعمة، والبلاء رحمة، وتلذذ بالبلاء أكثر من لذته بالعافية، وتلذذ بالفقر أكثر من لذته بالغنى، وكان في حال القلة أعظم شكرًا من حال الكثرة) (7) . 6- أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه: وهذا سر بديع يحسن بالعبد أن يتفطن له حال دعائه لربه؛ ذلك أن الله - عز وجل - أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، فهو أعلم بمصالح عباده منهم، وأرحم بهم من أنفسهم وآبائهم وأمهاتهم. وإذا أنزل بهم ما يكرهون كان خيرًا لهم من ألا ينزل بهم؛ نظرًا منه لهم، وإحسانًا إليهم، ولطفًا بهم. ولو مُكِّنُوا من الاختيار لأنفسهم لعجزوا عن القيام بمصالحهم علمًا، وإرادةً، وعملاً. لكنه - عز وجل - تولى تدبير أمورهم بموجب علمه، وعدله، وحكمته، ورحمته أَحَبُّوا أم كرهوا. فإذا سلَّم العبد لله، وأيقن بأن الملك ملكه، والأمر أمره، وأنه أرحم به من نفسه - طاب قلبه، قضيت حاجته أو لم تُقضَ. وإذا فوض العبد ربه، ورضي بما يختاره له - أَمَدَّه فيما يختاره له بالقوة عليه، والعزيمة، والصبر، وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه، وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه. وهذا يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة، وينزل في أخرى. ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه، فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به، وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به. ومتى صح تفويضه ورضاه اكتنفه في المقدور العطفُ عليه، واللطف فيه، فيصير بين عطفه ولطفه؛ فعطفه يقيه ما يحذره، ولطفه يُهَوِّن عليه ما قدر له. قال سفيان الثوري- رحمه الله -: (منعه عطاء؛ وذلك أنه لم يمنع عن بخل ولا عدم، وإنما نظر في خير العبد فمنعه اختيارًا وحسن نظر) . (8) 7- أن الإنسان لا يعلم عاقبة أمره: فربما يطلب ما لا يَحْمد عاقبته، وربما كان فيه ضرره، كمثل طفل محموم يطلب الحلوى وهي لا تناسبه. والمدبر للإنسان أعلم بمصالحه، وعاقبةِ أمره، كيف وقد قال:"وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ" [البقرة:216] . ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور، والرضا بما يقضيه عليه؛ لما يرجوه من حسن العاقبة. ومن أسرارها ألا يقترح على ربه، ولا يسأله ما ليس له به علم؛ فلعل فيه مضرَّتَه وهو لا يعلم؛ فلا يختار على ربه، بل يسأله حسن العاقبة فيما يختار له؛ فلا أنفع له من ذلك. (ولهذا من لطف الله - تعالى - لعبده أنه ربما طمحت نفسه لسبب من الأسباب الدنيوية، التي يظن بها إدراك بغيته، فيعلم الله أنها تضره، وتصده عما ينفعه، فيحول بينه وبينها، فيظل العبد كارهًا، ولم يدْرِ أن ربه قد لطف به؛ حيث أبقى له الأمر النافع، وصرف عنه الأمر الضار) . (9)

8- الدخول في زمرة المحبوبين لله - عز وجل -: فالذين يدعون ربهم، ويبتلون بتأخر الإجابة عنهم - يدخلون في زمرة المحبوبين، المُشَرَّفِين بمحبة رب العالمين؛ فهو - سبحانه - إذا أحب قومًا ابتلاهم (10) . وقد جاء في السنة ما يشير إلى أن الابتلاء دليل على محبة الله للعبد؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام -: "إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ" (11) . 9- أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والعكس بالعكس: فإذا صحت معرفة العبد بربه علم يقينًا أن المكروهات التي تصيبه، والمحن التي تنزل به، والتي منها تأخر إجابة الدعاء - أنها تحمل في طياتها ضروبًا من المصالح والمنافع لا يحصيها علمه، ولا تحيط بها فكرته. بل إن مصلحة العبد فيما يكره أعظم منها فيما يحب؛ فعامة مصالح النفوس في مكروهاتها، كما أن عامة مضارها وأسباب هلكتها في محبوباتها. قال - تعالى -:" فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً" [النساء: 19] . وقال: [وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ] [البقرة: 216] . فإذا علم العبد أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، وأن المحبوب قد يأتي بالمكروه - لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة؛ فإن الله يعلم ما لا يعلمه العبد. وما أجمل قول من قال: لله في طيِّ المكاره كامنه (12) *** كم نعمةٍ لا تستقلُّ بشكرها ومن قال: طيِّ الحوادث محبوب ومكروه *** تجري الأمور على حكم القضاء وفي وربما ساءني ما كنت أرجوه (13) *** وربما سرني ما كنت أحذره قال سفيان بن عيينة- رحمه الله -: (ما يكره العبد خير له مما يحب؛ لأن ما يكرهه يهيجه للدعاء، وما يحبه يلهيه) (14) . وقال ابن ناصر الدين الدمشقي- رحمه الله -: عن الله قد فاز الرَّضيُّ المراقبُ *** إذا اشتدت البلوى تحَفَّفْ بالرضا على الناس تخفى والبلايا مواهب (15) *** وكم نعمةٍ مقرونة ببلية 10- تأخر الإجابة سبب لتفقد العبد لنفسه: فقد يكون امتناع الإجابة لآفة في الداعي؛ فربما كان في مطعومه شبهة، أو في قلبه وقت الدعاء غفلة، أو كان متلبسًا بذنوب مانعة. وتأخر الإجابة قد يبعث الداعي إلى تفقد نفسه، والنظر في حاله مع ربه، فيحصل له من جراء ذلك المحاسبةُ، والتوبةُ، والأوبةُ. ولو عجلت له دعوته لربما غفل عن نفسه، فظن أنه على خير وهدى، فأهلكه العجب، وفاتته هذه الفائدة.

11- قد تكون الدعوة مستجابة دون علم الداعي: فقد مر بنا عند الحديث عن فضائل الدعاء أن ثمرة الدعاء مضمونة إذا أتى الإنسان بأسباب الإجابة، وسلم من موانعها؛ فالداعي لا يخلو من أن يستجاب له دعاؤه فيرى أثره في الدنيا، أو لا يستجاب له لوجود أحد الموانع، فلا يرى أثرًا لدعائه في الدنيا، أو أن يستجاب له ولكن لا يرى أثرًا للإجابة في الدنيا وإنما يؤخر له من الأجر مثل دعوته يوم القيامة، أو أن يستجاب له الدعاء فلا يرى أثرًا للإجابة، ولكن يصرف الله عنه من السوء مثل دعوته وهو لا يعلم (16) . إذا تقرر هذا فكيف يستبطئ الداعي الإجابة طالما أن الثمرة مضمونة؟ ولماذا لا يحسن العبد ظنه بربه ويقول: لعله استجيب لي من حيث لا أعلم؟. 12- قد يكون الدعاء ضعيفًا فلا يقاوم البلاء: قال ابن القيم- رحمه الله -: (وله (17) مع البلاء ثلاث مقامات: أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه. الثاني: أن يكون أضعف من البلاء، فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفًا. الثالث: أن يتقاوما، ويمنع كل واحد منهما صاحبه) (18) . 13- قد يكون الإنسان سد طريق الإجابة بالمعاصي: فلو فتحها بالتقوى لحصل على مراده؛ فكيف يستبطئ الإجابة وقد سد طريقها بالمعاصي؟. أما علم أن التقوى سبب الراحة، وأنها مفتاح كل خير؟ أما سمع قوله - تعالى -: [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ] [التحريم: 2-3] ، وقوله - تعالى -: [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً] [التحريم: 4] . أَوَ ما فهم أن العكس بالعكس؟. 14- ظهور آثار أسماء الله - تعالى -: فمن أسماء الله - عز وجل - المعطي، المانع، الحكم، العدل، الكريم، العليم، البر، الرحيم، المالك، الحكيم. وهذه الأسماء تستدعي متعلقات تظهر فيها أحكامها، ومقتضياتها، وآثارها؛ فتأخر الإجابة من أسباب ظهور تلك الآثار، والمقتضيات والأحكام. فقد يمنع - عز وجل - أحدًا من الناس؛ لحكمته، وعدله، وعلمه. وقد يعطي برحمته - عز وجل -، وحكمته، وبره، وعلمه. 15- تكميل مراتب العبودية للأولياء: فالله - عز وجل - يحب أولياءه، ويريد أن يكمل لهم مراتب العبودية، فيبتليهم بأنواع من البلاء، ومنها تأخر إجابة الدعاء؛ كي يتَرَقَّوا في مدارج الكمال ومراتب العبودية؛ (فكمال المخلوق في تحقيق عبوديته، وكلما ازداد العبد تحقيقًا للعبودية ازداد كماله، وعلت درجته) . (19) فأنفع الأشياء للعبد على الإطلاق طاعته لربه بظاهره وباطنه، وأضر الأشياء عليه معصيته لربه بظاهره وباطنه. فإذا قام بطاعته وعبوديته مخلصًا له - فكل ما يجري عليه مما يكرهه يكون خيرًا له. وإذا تخلى عن طاعته وعبوديته - فكل ما هو فيه من محبوبٍ شرٌّ له. فإذا تدبر العبد ذلك تشاغل بما هو أنفع له من حصول ما فاته. هذا ومن تلك العبوديات التي تحصل من جراء تأخر إجابة الدعاء ما يلي: أ- انتظار الفرج: فانتظار الفرج من أجل العبوديات وأعظمها، فكلما اشتد انتظار الفرج كلما ازدادت ثقة العبد بربه، فيزداد بذلك قربًا من الله، وأُنْسًا به -عز وجل -. ولو عجلت له الإجابة لربما فاتته هذه العبودية.

قال ابن القيم- رحمه الله -: (انتظار روح الفرج يعني راحته، ونسيمه، ولذته؛ فإن انتظاره، ومطالعته، وترقبه يخفف حمل المشقة ولاسيما عند قوة الرجاء، أو القطع بالفرج؛ فإنه يجد في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه وراحته - ما هو من خفي الألطاف، وما هو فرج معجل) (20) . ب- حصول الاضطرار والافتقار إلى الله: فهذا لب العبادة ومقصودها الأعظم؛ فالافتقار إلى الله دون سواه هو عين الغنى، والتذللُ له - عز وجل - هو العز الذي لا يدانيه عز. ثم إن حاجة الإنسان بل ضرورته إلى الافتقار والاضطرار إلى الله - لا تدانيها حاجة أو ضرورة. ولو أجيب دعاؤه مباشرة لربما أصابه التيه بالنفس، والإدلال على الله بالعمل، ولربما شعر بالغنى عن الله - تبارك وتعالى -. وبذلك يخرج العبد عن وصفه الذي لا ينفك عنه، والذي فيه جماله وكماله ألا وهو افتقاره إلى ربه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله -: (والعبد هو فقير دائمًا إلى الله من كل وجه؛ من جهة أنه معبوده، وأنه مستعانه، فلا يأتي بالنعم إلا هو، ولا يَصْلُح حال العبد إلا بعبادته. وهو مذنب - أيضًا - لا بد له من الذنوب فهو دائمًا فقير مذنب؛ فيحتاج دائمًا إلى الغفور الرحيم؛ الغفور الذي يغفر ذنوبه، والرحيم الذي يرحمه فينعم عليه، ويحسن إليه؛ فهو دائمًا بين إنعام ربه وذنوب نفسه) (21) . جـ- حصول عبودية الرضا: (فالرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، وبستان العارفين) (22) . فمن رضي عن الله وبالله رضي الله عنه وأرضاه؛ فالمؤمن حين تنزل به النازلة يدعو ربه، ويبالغ في ذلك، فلا يرى أثرًا للإجابة، فإذا قارب اليأس نُظِرَ حينئذٍ في قلبه، فإن كان راضيًا بالأقدار، غير قنوط من فضل الله فالغالب تعجيل الإجابة؛ فهناك يصلح الإيمان، ويهزم الشيطان، وتتبين مقادير الرجال. وقد أشير إلى هذا في قوله - تعالى -: [حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ] [البقرة: 214] . وكذلك جرى ليعقوب - عليه السلام - مع أولاده كما مر قريبًا. أما الاعتراض وقلة الرضا عن الله فخروج عن صفة العبودية. قال بعضهم: (ارض عن الله في جميع ما يفعله بك؛ فإنه ما منعك إلا ليعطيك، ولا ابتلاك إلا ليعافيك، ولا أمرضك إلا ليشفيك، ولا أماتك إلا ليحييك؛ فإياك أن تفارق الرضا عنه طرفة عين، فتسقط من عينه) (1) . قال ابن ناصر الدين الدمشقي- رحمه الله -: لمؤمن واثق بالله لا لاهي *** يجري القضاءُ وفيه الخير نافلة في الحالتين يقول الحمد لله (24) *** إن جاءه فرح أو نابه ترح د- الانكسار بين يدي جبار السماوات والأرض: فالله - عز وجل - يحب المنكسرين بين يديه، فيدنيهم، ويقرب منهم، بل هو - عز وجل - عند المنكسرة قلوبهم. ذكر عن عمران بن موسى القصير قال: قال موسى - عليه السلام -: (يا رب، أين أبغيك؟ قال: ابغني عند المنكسرة قلوبهم؛ فإني أدنو منهم كل يوم باعًا، ولولا ذلك انهدموا) (1) . فربما كان تأخر الإجابة سببًا لإطالة الوقوف على باب الله، وانكسار العبد بين يديه، وكثرة اللجأ إليه، والاعتصام به.

بدليل أنه لولا هذه النازلة لم يُرَ على باب اللجأ والمسكنة؛ فالله - عز وجل - علم من الخلق اشتغالهم بالبشر عنه، فابتلاهم من خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه يستغيثون به. فهذا من النعم في طي البلاء، وإنما البلاء المحض ما يشغلك عن ربك، وأما ما يقيمك بين يديه - عز وجل - ففيه جمالك، وكمالك، وعزك، وفلاحك. هـ- التمتع بطول المناجاة: فقد مرَّ بنا عند الحديث عن فضائل الدعاء أن العبد قد يقوم لمناجاة ربه، وإنزال حاجاته ببابه، فيُفتح على قلبه حال السؤال والدعاء من محبة الله، ومعرفته، والخضوع له، والتذلل بين يديه - ما ينسيه حاجته، فيكون ما فتح له من ذلك أحبَّ إليه من قضاء حاجته التي سألها، فيحب أن تدوم له تلك الحال، وتكون عنده آثر من حاجته، ويكون فرحه بها أعظم من فرحه بحاجته لو عجلت له وفاتته تلك الحال. وعلى هذا فكلما تأخرت الإجابة كلما طالت المناجاة، وحصلت اللذة، وزاد القرب. ولو عجلت الإجابة لربما فاتت تلك الثمرة. قال سفيان الثوري- رحمه الله -: (ما أنعم الله على عبد في حاجة أكثر من تَضَرُّعه إليه فيها) (26) . ومجاهدة الشيطان ومراغمته: فالشيطان عدو مبين للإنسان، يتربص به الدوائر، ويسعى في إضلاله وصدِّه عن صراط الله المستقيم، فإذا صادف منه غرة أصابه من خلالها. فالعبد إذا دعا ربه، وتأخر وقت الإجابة - بدأ الشيطان يجول في خاطره؛ ليسيء ظنه بربه، وصار يُلقي في رعه أن لا فائدة من دعائه. فإذا جاهده العبد، وراغمه، وأغاظه بكثرة الدعاء، وإحسان الظن بالله - حصل على أجر عظيم؛ فمجاهدة الشيطان ومراغمته من أجل العبوديات. ولو لم يأت العبد من تأخر الإجابة إلا هذه الفائدة - لكان حريًا به ألا ينزعج من تأخرها. هذه بعض الحكم المتلمسة من جراء تأخر الدعاء، والتي يجدر بالعبد أن يستحضرها إذا دعا وتأخرت إجابة الدعاء. أما بالنسبة للسحر، وكونه بسبب سحر أو نحوه فذلك لا معنى ولا صحة له، فالمدعو هو الله، وإجابة الدعاء بيده وحده - عز وجل -. أما إبطال السحر فيجوز إذا كان بالرقية الشرعية التي تكون بالآيات القرآنية، والأدعية النبوية. أما إذا كان بالسحر فلا يجوز. وأخيراً أوصيك بالصبر، والاحتساب، واللجوء إلى الله، وأكرر عليك مسألة إحسان الظن بالله.

_______ (1) مدارج السالكين 2/32. (2) الكتاب الجامع لسيرة عمر بن عبد العزيز الخليفة الخائف الخاشع لعمر بن محمد الخضر المعروف بالملاء، تحقيق د. محمد صدقي البورنو 2/432-433، وانظر سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ص97. (3) برد الأكباد عند فقد الأولاد لابن ناصر الدين الدمشقي ص38. (4) ، (5) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان لابن القيم تحقيق مجدي السيد ص97-98. (6) صيد الخاطر 1/109. (7) مدارج السالكين 2/215-216. (8) مدارج السالكين 2/215. (9) المواهب الربانية من الآيات القرآنية للشيخ ابن سعدي، اعتنى بها سمير الماضي ص151. (10) انظر برد الأكباد ص39. (11) أخرجه الترمذي (2396) وابن ماجة (4031) من حديث أنس، وحسنه الترمذي، والألباني في صحيح الترمذي 2/286.

(12) جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى للغرناطي، تحقيق د. صلاح جرار 3/52. (13) جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى للغرناطي، تحقيق د. صلاح جرار 3/52. (14) الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا ص22. (15) برد الأكباد عند فقد الأولاد لابن ناصر الدين الدمشقي ص37. (16) علق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله - في هذا الموضوع فقال: (وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: ما من مسلم يدعو ليس بإثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدَّخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، قالوا: يا رسول الله، إذًا نكثر؟ قال: الله أكثر) أ-هـ. والحديث مضى تخريجه عند الحديث عن فضائل الدعاء. (17) يعني الدعاء. (18) الجواب الكافي ص9 - 10. (19) العبودية لابن تيمية ص80. (20) مدارج السالكين 2/167. (21) جامع الرسائل لابن تيمية 1/116. (22) جامع العلوم والحكم 2/476. (23) مدارج السالكين 2/216. (24) برد الأكباد ص9. (25) أخرجه أحمد في الزهد ص95 وأورده ابن القيم في إغاثة اللهفان ص97. (26) عدة الصابرين لابن القيم ص161.

كيف نستقبل عاما جديدا؟

كيف نستقبل عاماً جديداً؟ المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 29/12/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نحن الآن على مشارف استقبال عام هجري جديد -كل عام وأنتم بخير-، وإذ بنا نودع عاماً هجرياً آذن بالرحيل، ذهبت لذته، وبقيت حسرته وتبعته، فما نصيحتكم لكل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، يستقبل عاماً هجرياً جديداً؟ -وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء-. الجواب الحمد لله على نعمه الكثيرة، وآلائه الجسيمة، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: أخي الكريم: إن ذهاب عام، ومجيء آخر أمر يستدعي منا الوقوف مع أنفسنا وقفة جدية للمحاسبة الصادقة؛ وذلك لأن من غفل عن نفسه تصرمت أوقاته، واشتدت عليه حسراته، وأي حسرة على العبد أعظم من أن يكون عمره عليه حجة، وتقوده أيامه إلى مزيد من الردى والشقوة، إن الزمان وتقلباته أنصح المؤدبين، وإن الدهر بقوارعه أفصح المتكلمين، فانتبهوا بإيقاظه، واعتبروا بألفاظه، ورد في الأثر: (أربعة من الشقاء: جمود العين، وقسوة القلب، وطول الأمل، والحرص على الدنيا) . أخي الكريم: إن من نظر إلى الدنيا بعين البصيرة لا بعين البصر المبهرج أيقن أن نعيمها ابتلاء، وحياتها عناء، عيشها نكد، وصفوها كدر، جديدها يبلى، وملكها يفنى، وودها منقطع، وخيرها ينتزع، والمتعلقون بها على وجل؛ فالدنيا إما نعمة زائلة، أو بلية نازلة، أو منية قاضية، "يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار" [غافر: 39] . أخي الكريم: هل تذكرت الموت وسكراته؟ وشدة هوله وكرباته؟ وشدة نزاع الروح منك؟ فالموت كما قيل: أشد من ضرب بالسيوف، ونشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض، فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله، فالموت لا يخشى أحد، ولا يبقى على أحد، ولا تأخذه شفقة على أحد، فقف مع نفسك وقفة صادقة للمحاسبة، وقل لها: يا نفس قد أزف الرحيل *** وأظلك الخطب الجليل فتأهبي يا نفس لا يلعب *** بك الأمل الطويل فلتنزلن بمنزلٍ ينسى *** الخليل فيه الخليل وليركبن عليك فيه من *** الثرى ثقل ثقيل قرن الفناء بنا جميعاً *** فلا يبقى العزيز ولا الذليل أخي الكريم: هل تذكرت القبر وظلمته؟ وضيقه ووحشته؟ هل تذكرت ذلك المكان الضيق الذي يضم بين جوانبه جثث الموتى من عظيم وحقير؟ وحكيم وسفيه؟ وصالح وطالح؟ وبر وفاجر؟ ورئيس ومرؤوس؟ فالقبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.

أخي الحبيب: تخيل نفسك بعد ثلاثة أيام وأنت في قبرك، وقد جُردت من الثياب، وتوسدت التراب، وفارقت الأهل والأحباب، وتركت الأصحاب، ولم يكن معك جليس ولا أنيس إلا عملك الذي قدمته في الدنيا، فماذا تحب أن تقدم لنفسك وأنت في زمن الإمهال حتى تجده في انتظارك يوم انتقالك إلى قبرك؟ "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ" [آل عمران:30] . وصدق من قال: ومن لو عاش الفتى في عمره *** ألفاً من الأعوام مالك أمره متمتعاً فيها بكل لذيذة *** متلذذاً فيها بسكنى قصره لا يعتريه الهم طول حياته *** كلا ولا ترد الهموم بصدره ما كان ذلك كله في أن *** يفي بأول ليلة في قبره نعم أخي الكريم، هل تذكرت أول ليلة في القبر؟ حيث لا أنس، ولا جليس، ولا صديق، ولا رفيق، ولا زوجة، ولا أولاد، ولا أقارب، ولا أحباب، "ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ" [الأنعام:62] . فارقت موضع مرقدي *** يوماً ففارقني السكون القبر أول ليلة *** بالله قل لي ما يكون؟ أخي المبارك: هل تذكرت النفخ في الصور؟ والبعث يوم النشور؟ وتطاير الصحف؟ والعرض على الجبار - جل وجلاله؟ - والسؤال عن القليل والكثير؟ والصغير والكبير؟ والفتيل والقطمير؟ ونصب الموازين لمعرفة المقادير؟ ثم جواز الصراط، ثم انتظار النداء عند فصل القضاء إما بالسعادة، وإما بالشقاوة، "فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ" [الشورى: من الآية7] ، "فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود:106-108] . فيا أخي الكريم: من أي الفريقين تحب أن تكون؟ فجدير بمن الموت مصرعه، والتراب مضجعه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده، ألاَّ يكون له فكر إلا في ذلك، ولا استعداد إلا له. فيا أخي الحبيب، إن العمر قصير، والسفر طويل، والزاد قليل، والعقبة كؤود، والعبد بين حالين: حال مضى لا يدري ما الله صانع فيه؟ وحال آت لا يدري ما الله قاضٍ فيه؟ فإن كان الأمر كذلك، فعلى صاحب البصر النافذ أن يتزود من نفسه لنفسه، ومن حياته لموته، ومن شبابه لهرمه، ومن صحته لمرضه، ومن فراغه لشغله، ومن غناه لفقره، ومن قوته لضعفه، فما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار، "فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ" [القارعة:6-11] .

فمن أصلح ما بينه وبين ربه كفاه الله ما بينه وما بين الناس، ومن صدق في سريرته حسنت علانيته، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه، فلا بد من وقفة جادة للمحاسبة مع مطلع هذا العام الهجري الجديد، فالمحاسبة الصادقة هي ما أورثت عملاً صادقاً ينجيك من هول المطلع في ساحة العرض على أحكم الحاكمين. عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، فكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" أخرجه البخاري (6416) . فيا غافلاً عن مصيره، يا واقفاً مع تقصيره، سبقك أهل العزائم وأنت في بحر الغفلة عائم، وقف على باب التوبة وقوف نادم، ونكس الرأس بذل وقل: أنا ظالم، وناد في الأسحار، وقل: مذنب وراحم، وتشبه بالصالحين إن لم تكن منهم وزاحم، وابعث بريح الزفرات سحاباً ودمعاً ساجماً، وقم في الدجى داعياً، وقف على باب مولاك تائباً، واستدرك من العمر ما بقي ودع اللهو جانباً، وطلق الدنيا والمعاصي والمنكرات إن كنت للآخرة طالباً. فيا أخي الحبيب: اخل بنفسك وحاسبها حساباً عسيراً، عن كل إساءة صدرت منك في هذا العام، واجتهد في التخلص من تلك العيوب واستبدلها بما يزينك من كل جميل وحسن، وافتح صفحة جديدة مع الله؛ عسى الله أن يتحمل عنك التبعات. كتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى بعض عماله يقول له: (حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة؛ فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة عاد أمره إلى الرضاء والغبطة، ومن ألهته حياته وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة) . وقال الحسن البصري - رحمه الله تعالى-: (لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه، ماذا أردت أن تعملي؟ ماذا أردت أن تأكلي؟ وماذا أردت أن تشربي؟ والفاجر يمضي قدماً لا يحاسب نفسه) . وقال ميمون بن مهران - رحمه الله تعالى-: (لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه ذهب بمالك) . وقال مالك بن دينار - رحمه الله تعالى-: (رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله - عز وجل- فكان لها قائداً) ، ومحاسبة النفس تنقسم إلى قسمين، قسم قبل العمل، وقسم بعده. أما الأول: فهو أن يقف العبد عند أول همه وإرادته، ولا يبادر بالعمل حتى يتبين له أيمضي أم يترك، قال الحسن البصري - رحمه الله تعالى-: (رحم الله عبداً وقف عند همه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره توقف) . أما القسم الثاني: وهو محاسبة النفس بعد العمل وهو ثلاثة أنواع: أحدهما: محاسبة النفس على طاعة قصرت فيها في حق الله -تعالى-فلم تؤدها على الوجه المطلوب، وحق الله في الطاعة ستة أمور وهي: 1- الإخلاص. 2- متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم-. 3- النصيحة لله. 4- شهود ومشهد الإحسان في هذه الطاعة. 5- شهود منة الله عليك في توفيقك لهذه الطاعة. 6- شهود تقصيرك فيها. فيحاسب العبد نفسه: هل وفىّ هذه المقامات كلها في كل طاعة يقوم بها؟ أم لا؟.

الثاني: أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيراً من فعله. الثالث: أن يحاسب نفسه على أمر مباح، أو معتاد لم فعله؟ وهل أراد به الله والدار الآخرة؟ فيكون ذلك رابحاً، أو أراد به الدنيا وعاجلها؟ فيخسر ذلك الربح، ويفوته الظفر به. وتكون محاسبة النفس على هذا النحو الذي ذكره الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى-: أولاً: البدء بالفرائض، فإذا رأى فيها نقصاً تداركه. ثانياً: ثم المناهي، فإذا عرف أنه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية. ثالثاً: محاسبة النفس على الغفلة، ويتدارك ذلك بالذكر والإقبال على الله - جل جلاله-. رابعاً: محاسبة النفس على حركات الجوارح من كلام اللسان ومشي الرجلين، وبطش اليدين، ونظر العينين، وسماع الأذنين، وغيرها، ماذا أردت بهذا؟ ولمن فعلت؟ وعلى أي وجه فعلته؟. أخي الكريم: إن محاسبة النفس أمر عسير لكنه يسير لمن يسره الله لذلك، وهناك أمور تعين العبد على محاسبة النفس، ومن أبرزها وأهمها: (1) استشعار رقابة الله على العبد واطلاعه على خطاياه، فإذا علم العبد ذلك استيقظ من غفلته وقام من رقاده، وقويت إرادته على محاسبة نفسه ومجاهدتها. (2) معرفة العبد أنه كلما اجتهد في محاسبة نفسه اليوم استراح من ذلك غداً، وكلما أهملها اليوم اشتد عليه الحساب غداً. (3) بذكر الحساب الأكبر والسؤال بين يدي الجبار -جل جلاله- يوم القيامة فإذا علم العبد أنه مسؤول بين يدي الله فيجب أن يعد لكل سؤال جواباً، ومن هنا كان العبد أشد محاسبة لنفسه. (4) معرفة العبد ربح محاسبة النفس، ومراقبتها وهي سكنى الفردوس الأعلى، والنظر إلى وجه الرب - سبحانه- ومجاورة الأنبياء، والصالحين، وأهل الفضل، وأن عدم المحاسبة تفقده هذا كله، وتفوته عليه وليس بعد ذلك خسارة. (5) النظر فيما يؤول إليه من ترك محاسبة النفس ومراقبتها من الهلاك والدمار، ودخول النار، والحجاب عن رؤية الرب - سبحانه- ومجاورة أهل الكفر والضلال والخبث - عياذاً بالله-. (6) صحبة الأخيار الذين يحاسبون أنفسهم ويطلعونه على عيوب نفسه، وترك صحبة من عداهم. (7) النظر في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم- وصحابته - رضي الله عنهم- ومعرفة أخبار وسير أهل المحاسبة، والمراقبة في سلفنا الصالح. (8) زيارة القبور والتأمل في أحوال الموتى الذين لا يستطيعون محاسبة أنفسهم أو تدارك ما فاتهم. (9) حضور مجالس العلم والوعظ والتذكير، فإنها تدعو إلى محاسبة النفس. (10) قيام الليل، وقراءة القرآن بتدبر وخشوع، وحضور قلب، والتقرب إلى الله -تعالى- بأنواع الطاعات. (11) البعد عن أماكن اللهو والغفلة والمجون والعربدة فإنها تنسي الإنسان محاسبة نفسه. (12) ذكر الله -تعالى- ودعاؤه بأن يجعلك من أهل المحاسبة والمراقبة. (13) سوء الظن بالنفس، فإن من حسن ظنه بنفسه نسي محاسبتها، أو غفل عن ذلك، وربما إذا رأى العبد بسبب حسن ظنه بنفسه أن عيوبه ومساوئه كمالاً، وهذا أدعى لعدم المحاسبة. أخي في الله: إن من التزم بما سبق فإنه وبفضل الله لا يعدم بأن يجني ثمار تلك المحاسبة سواء في الدنيا أو في الآخرة، وفوائد محاسبة النفس كثيرة جداً منها على سبيل المثال لا الحصر:

(1) الاطلاع على عيوب النفس وآفاتها، ومن لم يطلع على عيوب نفسه لم يتمكن من إزالتها. (2) التوبة والندم وتدارك ما فات في زمن الإمكان. (3) معرفة حق الله -تعالى- فإن أصل محاسبة النفس هو محاسبتها على تفريطها في حق الله -تعالى-. (4) انكسار العبد وزلته بين يدي ربه -تبارك وتعالى-. (5) معرفة كرم الله -تعالى وعفوه ورحمته بعباده في أنه لم يُعجل عقوبتهم مع ما هم عليه من المعاصي والمخالفات. (6) مقت النفس والإزراء عليها، والتخلص من العجب والرياء والسمعة. (7) الاجتهاد في الطاعة وترك العصيان لتسهل عليه المحاسبة فيما بعد. (8) رد الحقوق إلى أهلها، وحسن الخلق، وهذه من أعظم محاسبة النفس. أخي الكريم: فحق على الحازم العاقل، المؤمن بالله واليوم الآخر ألا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها في حركاتها، وسكناتها، وخطراتها، وخطواتها، فكل نَفَسٍ من أنفاس العمر جوهرة نفيسة يمكن أن يشترى بها كنز من الكنوز، لا يتناهى نعيمه أبد الآباد، وإضاعة هذه الأنفاس أو شراء صاحبها ما يجلب هلاكه خسران عظيم، لا يسمح بمثله إلا جاهل، بل هو من أجهل الناس وأحمقهم، وأقلهم عقلاً وفهماً، وإنما يظهر له حقيقة هذا الخسران يوم التغابن "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ" [آل عمران:30] . وبهذه الروح الإيمانية، والنفس اليقظة نستقبل عامنا الهجري الجديد، وكلنا عزم على استدراك ما فات، والعمل على إرضاء الله - جل وعلا- في جميع أحوالنا هذا، والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أسباب الكياسة والعجز

أسباب الكياسة والعجز المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر التاريخ 28/12/1425هـ السؤال السلام عليكم. عيدكم مبارك. إذا كان كل شيء بقدر حتى العجز والكيس، فما هي أسباب العجز وأسباب الكيس؟. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين. وبعد: فأهلا وسهلا بك ـ أخانا الكريم ـ وسعدنا بمرورك بموقع "الإسلام اليوم"، ونرجو لك الخير حيث كان، أما سؤالك هذا عن القدر والأسباب فهو سؤال قديم جديد، سأله قوم أقدمون، ويتجدد كل حين في أذهان بعض المسلمين، ومن ثم فقد تمت الإجابة عليه من علماء الإسلام كل على حسب أسلوبه في الإجابة، فمنهم من أجاب على منهج الفلاسفة، ومنهم على طريقة أهل المنطق، وآخرون على طريقة علماء الكلام، وكل ذلك يصب في إجابة واحدة دارت عليها كثير من الأدلة الشرعية، فاعلم أخي الكريم: (أ) أن الأخذ بالأسباب لا ينافي القدر بل هو من القدر أيضًا. ولهذا حين سئل - صلى الله عليه وسلم - عن الأدوية والأسباب التي يتقى بها المكروه، هل ترد من قدر الله شيئًا، كان جوابه الحاسم: " هي من قدر الله " أخرجه رواه أحمد (15472) ، والترمذي (2065) ، وابن ماجه (3437) ، وحسنه الترمذي. ولما انتشر الوباء في بلاد الشام قرر عمر بمشورة الصحابة العدول عن دخولها، والرجوع بمن معه من المسلمين. فقيل له: أتفر من قدر الله يا أمير المؤمنين؟ قال: نَعَمْ، نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصْبَةٌ وَالْأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟!. أخرجه مسلم (2219)

(ب) إن القدر أمر مغيب مستور عنا: فنحن لا نعرف أن الشيء مقدر إلا بعد وقوعه، أما قبل الوقوع فنحن مأمورون أن نتبع السنن الكونية، والتوجيهات الشرعية لنحرز الخير لديننا ودنيانا. إنما الغيب كتاب صانه عن عيون الخلق رب العالمين. ليس يبدو منه للناس سوى صفحة الحاضر حينًا بعد حين. وسنن الله في كونه وشرعه تحتم علينا الأخذ بالأسباب، كما فعل ذلك أقوى الناس إيمانًا بالله وقضائه وقدره، وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخذ الحذر، وأعد الجيوش، وبعث الطلائع والعيون، وقاتل بين درعين، ولبس المغفر على رأسه، وأقعد الرماة على فم الشعب، وخندق حول المدينة، وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة وهاجر هو بنفسه، واتخذ أسباب الحيطة في هجرته، واختبأ في الغار، وتعاطى أسباب الأكل والشرب، وادخر لأهله قوت سنة، ولم ينتظر أن ينزل عليه الرزق من السماء، وقال للذي سأله أيعقل ناقته أم يتركها ويتوكل: "اعقلها وتوكل" (رواه ابن حبان (731) بإسناد صحيح عن عمرو بن أمية الضمري ورواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (971) ، والحاكم 3/722 بإسناد جيد بلفظ "قيدها وتوكل") ، وقال: " فرّ من المجذوم فرارك من الأسد " أخرجه البخاري معلقا في كتاب الطب، باب الجذام، ووصله أحمد (9722) ، و" لا يورد ممرض على مصح " أخرجه البخاري (5771) ، ومسلم (2221) أي لا يخلط صاحب الإبل المريضة إبله بالإبل السليمة، اتقاء العدوى. (ج) الإيمان بالقدر إذن لا ينافي العمل والسعي والجد في جلب ما نحب، واتقاء ما نكره. فليس لمتراخ أو كسلان أن يلقي على القدر كل أوزاره وأثقاله، وأخطائه وخطاياه، فهذا دليل العجز والهرب من المسئولية، ورحم الله الدكتور محمد إقبال إذ قال: "المسلم الضعيف يحتج بقضاء الله وقدره، أما المسلم القوي فهو يعتقد أنه قضاء الله الذي لا يرد، وقدره الذي لا يغلب". وهكذا كان المسلمون الأولون يعتقدون:.ففي معارك الفتح الإسلامي دخل المغيرة بن شعبة على قائد من قواد الروم فقال له: من أنتم؟ قال: نحن قدر الله، ابتلاكم الله بنا، فلو كنتم في سحابة لصعدنا إليكم، أو لهبطتم إلينا!!. ولا ينبغي أن يلجأ الإنسان إلى الاعتذار بالقدر إلا حينما يبذل وسعه، ويفرغ جهده وطاقته، وبعد ذلك يقول: هذا قضاء الله. والقضاء الإلهي ينقسم إلى قسمين: القضاء ينقسم إلى قسمين: قضاء مبرم مثل الموت فلا محيد عنه، والقضاء المعلق يرفع بالدعاء أو بالأسباب، فالرزق تسعى إليه وتلك أسباب.. والمرض تذهب عنده للطبيب فيصف لك الدواء لتأخذ فيحدث الشفاء، وإذا لم يتم الشفاء نتضرع إلى الله بالدعاء، فقد يتم الشفاء وإلا فيصبح الداء قضاء مبرما لحكمة وعلة يعلمها الله، وقطعا ستكون لصالحك في دينك ودنياك وآخرتك. هناك قضاء يستوجب منك الصبر أو الشكر (فقد مال أو سعة في الرزق أو ضيق في الرزق مثلا) . قضاء يستلزم المعالجة بالأخذ بالأسباب أو بالدعاء أو بهما معا. قضاء أنت حر فيه وفي حدود حريتك أنت محاسب تصلي أولا تصلي تفعل الخير أو لا تفعل تنفق أو لا تنفق. وهكذا قس على ذلك. فعلى العبد أن يرضى بما أقامه الله فيه من الأسباب والتجريد ما لم يكن في مباشرة أحدهما تضييع أمر من أوامر الله أو ارتكاب ما نهى عنه الله، وإلا وجب عليه المسارعة في الانتقال والطلب من الله بالدعاء لينقله مما يغضبه إلى ما يرضيه. إن عقيدة القضاء والقدر إذا فهمت على وجهها الصحيح، وحسب فهم سلفنا الصالح للشرع الشريف ستوجه سلوك المسلم توجيها صحيحا لا عوج فيه، وسينعم باله معها ـ بإذن الله ـ وهو يواجه أحداث الحياة وتقلبات الزمان.. والله تعالى أعلم.

هؤلاء تصلي عليهم الملائكة

هؤلاء تصلي عليهم الملائكة المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 20/12/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: تحية واحتراماً من هم السعداء الذين تصلي عليهم الملائكة؟ أرجو توضيحهم. الجواب الحمد لله القائل: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" [الأحزاب:56] . اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد الهادي البشير، والسراج المنير، وعلى آل بيته الطيبين، وصحابته الغر الميامين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد: إلى الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى دوام الاتصال والمراسلة بالموقع. أختي الفاضلة: جعلنا الله وإياك من السعداء الذين تصلي عليهم الملائكة عليهم السلام اللهم آمين. لقد سرني سؤالك جداً، سؤال مختصر وجيز، لكنه عظيم القدر له مكانة عالية. فالذين تصلي عليهم الملائكة أصناف كثر من البشر، ولقد جاءت الأدلة من كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم- لتبين لنا تلك الصفوة المباركة التي تصلي عليهم الملائكة، وتبين لنا ما هي المؤهلات التي أهلتهم حتى يصلوا إلى تلك المنزلة الرفيعة والمكانة العليا، وإليك بيان ذلك باختصار: (1) تصلي الملائكة وتستغفر لمن بات طاهراً. (2) تصلي الملائكة على القاعد في المسجد ينتظر الصلاة. (3) تصلي الملائكة على أهل الصفوف المتقدمة في الصلاة. (4) تصلي الملائكة على ميامن الصفوف. (5) تصلي الملائكة على من يَصِلون الصفوف. (6) تصلي الملائكة على من جلس في مصلاه بعد الصلاة مالم يحدث. (7) تصلي الملائكة وتستغفر لمن صلى الفجر والعصر في جماعة. (8) تصلي الملائكة على من يصلي على النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم-. (9) دعاء الملك لمن يدعى له بظهر الغيب والداعي له. (10) دعاء الملك للمنفق بالخلف. (11) تصلي الملائكة على المتسحرين. (12) تصلي الملائكة على معلم الناس الخير. (13) دعاء الملائكة (حملة العرش) ومن حوله لمن تاب وآمن واتبع سبيل الله تعالى ولأقاربه. فهذه جملة من الناس الذين تصلي عليهم الملائكة نسأل الله من فضله. فنرجو من الأخت السائلة أن تكون صاحبة همة عالية، ولتحرص على أن تكون ممن يصلى عليهم الملائكة فأبواب الخيرة كثيرة، فإن أخطأها باب، فلا يخطؤها آخر. أما الأدلة على ما تقدم فهي كثيرة ولا يتسع المقام لسردها، ولكن نحيل الأخت السائلة على كتاب فضيلة الشيخ أ. د. فضل آلهى ظهير -حفظه الله- والمسمى (من تصلي عليهم الملائكة ومن تلعنهم) هذا، والله أعلم. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مناصحة أهل العلم

مناصحة أهل العلم المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى التاريخ 10/11/1425هـ السؤال كيف يكون بذل النصح لأهل العلم وطلبته دون انتقاص لعلمهم ومكانتهم على ضوء الكتاب والسنة؟. الجواب الأخت الكريمة -سلمها الله ورعاها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي: أقدر لك حرصك على معرفة الأسلوب المناسب واللائق في مناصحة أهل العلم، وهذا -إن شاء الله- يدل على دين وإيمان وحرقة على الحق وسعي في نصرته. ولا ريب أن احترام العلماء وتقديرهم من الأمور الواجبة شرعاً وإن خالفناهم الرأي؛ فالعلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء قد ورثوا العلم، وأهل العلم لهم حرمة. وقد وردت نصوص كثيرة في تقدير العلماء واحترامهم، قال الإمام النووي: (باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم) . ثم ذكر قول الله -تعالى-: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" [سورة الزمر الآية 9] ، ثم ساق الإمام النووي طائفة من الأحاديث في إكرام العلماء والكبار، وأحيل القارئ إلى كتاب (رياض الصالحين) للإمام النووي (ص 187-192) . ومع كل هذه النصوص التي تحث على ما سبق وغيرها من النصوص الشرعية التي تحرم السب والشتم واللعن، والوقوع في أعراض المسلمين إلا أن بعض الناس من أشباه طلبة العلم ليس لهم شغل إلا شتم العلماء وسبهم على رؤوس الأشهاد في المساجد وفي الصحف والمجلات، ويحاول هؤلاء الصبية تشويه صورة العلماء وتنفير عامة الناس منهم؟ وأتساءل لمصلحة من يهاجم علماء الأمة؟ ولمصلحة من يشتم العلماء؟ هل هذه هي الطريق لإقامة الدين؟ هل علماء الأمة حالوا دون إقامة دولة الخلافة؟ أم أن بعض الناس يعلق فشله وعجزه على الآخرين؟ لماذا يوصف العلماء بالخيانة أو السذاجة والبلاهة؟ هل يصح أن يقال في علماء الأمة: (ومن الملمَّعين المنافقين؟) كيف عرفتم أنهم منافقون؟ هل شققتم على قلوبهم؟ ألم تسمعوا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لأسامة بن زيد -رضي الله عنه- لما قتل رجلاً بعد أن قال لا إله إلا الله: "أفلا شققت على قلبه؟ " رواه مسلم. ألم تسمعوا قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" رواه البخاري ومسلم. قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: (لا يزال الناس مشتملين بخير ما أتاهم العلم من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- ومن أكابرهم فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم وتفرقت أهواؤهم هلكوا) رواه أبو عبيد والطبراني في الكبير والأوسط، وقال الهيثمي رجاله موثقون. ورواه أبو نعيم في الحلية، ولفظه قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- (لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من علمائهم وكبرائهم وذوي أسنانهم، فإذا أتاهم العلم عن صغارهم وسفهائهم فقد هلكوا) .

وورد في رواية أخرى عند الخطيب في تاريخه بلفظ (فإذا أتاهم العلم عن صغارهم وسفلتهم فقد هلكوا) . (إتحاف الجماعة 2/ 105) . أهكذا يكون النقد العلمي؟ قال الإمام الذهبي يرحمه الله: (ما زال الأئمة يخالف بعضهم بعضاً، ويرد هذا على هذا، ولسنا ممن يذم العالم بالهوى والجهل) سير أعلام النبلاء (19/342) . فلا بد من التأدب مع العلماء، وأن نعرف لهم مكانتهم، فما فاز من فاز إلا بالأدب، وما سقط من سقط إلا بسوء الأدب. واعلموا أن الأمة لا تحترم ولا تقدر إلا من يحترم العلماء والأئمة. قال الحافظ ابن عساكر يرحمه الله مخاطباً رجلاً تجرأ على العلماء: (إنما نحترمك ما احترمت الأئمة) ، ولا شك أن أهل العلم أولى الناس، بالاحترام والأدب معهم وحسن الخلق في معاملتهم، ولين الجانب لهم وتقديرهم؛ لأن كل ذلك من الدين ولأجل الدين، وإذا كان العبد مطالب شرعاً بحسن الخلق مع عامة الناس فإن خاصتهم من أهل العلم والديانة أولى بذلك وأحرى. ويمكن أن أجمل المنهج في التعامل مع العلماء وأهل العلم عند رغبة النصح لهم في التالي: 1- يجب الرفق واللين عند تقديم النصح لهم أو تذكيرهم بأمر غفلوا عنه، وهذا أمر مطالب به العبد مع كل الناس، فكيف بالعلماء؟ وقد قال -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه) ، وذلك أيضاً لما تقدم من عظيم مكانتهم وعلو منزلتهم، وتأملي معي هذا الحديث للوقوف على تلك المنزلة لهم، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) سنن أبي داود ح (3641) . 2- التثبت قبل النقد أو النصح في أمر بلغه عنهم أو سمعه منهم ولم يتحقق مقصودهم منه، والتثبت منهج شرعي أمرنا الله به في كتابه في قوله:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" [سورة الحجرات 49/6] . وإن العلماء بشر يخطئون، ولكن اتهامهم بالخطأ دون تثبت يوقع الإنسان في أمرين خطيرين: الأول: أن يكون اتهامهم بالخطأ غير صحيح، فيخطئهم المخطئ فيما هم فيه مصيبون، أو يتهمهم بما ليس فيهم. إذ من الناس من تأخذه العجلة والنظرة الخاطئة للأمور فيحمل كلام الناس على الشر أو الخطأ، ومن الناس من يكون إنكاره على عالم بسبب جهله بحال ذلك العالم، فيسمع منه شيئاً محتملاً أو مجملاً ويجهل أشياء مبينة لتلك المجملات المحتملات فلا تجده يرجع للعالم يتثبت منه أو من غيره، فيطير بالأمر الذي سمعه على أنه خطأ شنيع وجرم فظيع وهو ليس كذلك.

الثاني: أن يحكم بالخطأ على العالم غير العالم فيبني الشخص تخطئته للعالم على جهل، فيقول على الله -عز وجل- وخلقه بلا علم، ومرد زلات العلماء أو ما يظن أنه خطأ من العالم ليس إلى العوام وأنصاف المتعلمين، بل إلى العلماء أنفسهم فذلك كما يقول الإمام الشاطبي: (من وظائف المجتهدين فهم العارفون بما وافق أو خالف وأما غيرهم فلا تمييز لهم في هذا المقام) الموافقات (4/173) . 3- اختيار أحسن العبارات وأجمل الكلمات لإيصال ذلك النصح أو النقد. 4- التماس العذر للعلماء فإنهم -كما تقدم- خير أمة محمد-صلى الله عليه وسلم-، وإذا كانت تلك الخيرية أصلاً فيهم، فإن من الواجب التماس العذر لهم وإحسان الظن بهم. 5- احذري من تصيد زلات العلماء، فقد تقرر أنهم غير معصومين وأنهم عرضة للخطأ والسهو والغفلة والتقصير، فتقع منهم الزلات والأخطاء، والواجب حين ذلك أمران: - عدم اعتبار تلك الزلة والأخذ بها، لأنها جاءت على خلاف الشريعة. - العدل في الحكم على صاحبها فلا ينسب إلى التقصير، ولا يشنع عليه من أجلها ولا ترد بقية أقواله وآرائه وفتاويه بسببها. 6- يجب أن يكون نصحك له سراً بينك وبينه ليحصل المقصود من ذلك، وإذا تعذَّر لقاؤه فيمكن مراسلته وإيصال تلك الملاحظات له. 7- اتهمي رأيك واتركي المبادرة إلى الاعتراض على العلماء فإن ذلك محمود، وذلك أن اتهام الإنسان رأيه عند رأي الأجلة من العلماء من حسن الظن بهم، فينبغي عدم المبادرة بالاعتراض قبل التوثق، يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: (إن العالم المعلوم بالأمانة والصدق والجري على سنن أهل الورع إذا سئل عن نازلة فأجاب، أو عرضت له حالة يبعد العهد بمثلها، أولا تقع من فهم السامع موقعها ألا يواجه بالاعتراض والنقد فإن عرض إشكال فالتوقف أولى بالنجاح وأحرى بادراك البغية إن شاء الله تعالى) الموافقات (4/324) . 8- إن أكثر الناس استحقاقاً للثقة هم العلماء، فعلى المسلم أن يضع ثقته في أهل العلم، ويواليهم ويحبهم، فإن محبة العلماء المشهود لهم في الأمة بالأهلية والورع والتقوى عنوان رشد وسلامة في المعتقد والمنهج. وأخيراً أختم بكلمة نيرة مضيئة قالها الحافظ ابن عساكر يرحمه الله (اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) . تلك بعض المعالم في التعامل، مع العلماء ولم استقص في ذلك، وأنصح الأخت الفاضلة بالاستفادة من كتاب (قواعد في التعامل مع العلماء) للشيخ الفاضل عبد الرحمن بن معلا اللويحق. والله أسأل لي ولك التوفيق والسداد والعلم النافع والعمل الصالح. والسلام عليكم.

ـــــ رابعا: استشارات نفسية ـــــ

رابعاً: استشارات نفسية

الخجل

مشكلة الرهبة من التحدث في جموع الناس المجيب د. أمين صبري نور الدين (علم النفس/ كلية العلوم جامعة الإمام) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل التاريخ 19/01/1427هـ السؤال عندي هَمٌّ يقلقني، وهو رغم ثقافتي إلا أني لا أعرف التحدث والإفصاح عما أعرف، فما الحل؟ وكيف أكوِّن الثقافة العلمية المتميزة التي تمكنني من حسن الحديث، والرد السريع، والتفكير المميز، والتخطيط السليم؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فيعتري بعض الناس الخجل الشديد من التحدث مع الناس، ويتفاوت هذا الأمر مع طبيعة الموقف، فقد يخجل الإنسان إذا وقف وتحدث إلى جمهور من المستمعين أو المشاهدين، ويزداد خجله كلما علقت الجماهير أبصارها به، وقد يعتريه الخجل الشديد أيضا إذا تحدث في جلسة، ويقل كلما تحدثوا أثناء حديثه، وتزداد درجة الخجل إذا توقفوا عن الكلام واستمعوا له، وقد يكون الشخص مفهومه عن نفسه سِّيئًا ومنخفضًا مما يجعل كل ما يتكلم به غير راضٍ به، أعني أنه قد يكون الشخص غير خجول بالفعل، ولكن غير راضٍ عن نفسه، وفي جميع الأحوال يكون سبب هذا عدم ثقة الشخص في نفسه، فإذا كانت ثقته بنفسه عالية زال خوفه، وإذا كانت ثقته بنفسه منخفضة ازداد خوفه، ولعلاج هذا الخجل أنصح بما يلي: ابدأ بنفسك، بمعنى اغلق باب غرفتك، وتكلم بينك وبين نفسك أولاً، ثم تكلم أمام المرآة، ولاحظ ما تقول، وترقَّب إشاراتك وإيماءاتك، وسجِّل ما تقوله على شريط كاسيت، واسمع ما سبق أن قلته، وقوِّم ما قلته، ثم أعد مرة أخرى، ثم تكلَّم مع مجموعات صغيرة من الناس كلاماً مقتضبًا قصيرًا، ثم زد مساحة كلامك شيئًا فشيئًا. عليك أن تقرأ في شتى الموضوعات قراءة عامة، وزد معلوماتك من الصحف والكتب غير المتخصصة، وسماع نشرات الأخبار؛ حتى تكون على دراية بقضايا الرأي العام، وتستطيع أن تتكلم دون خجل أو مواربة. نسأل الله العظيم أن يجعلك جريئًا في الحق، واثقًا من نفسك، مستعيناً بالله. والله الموفق.

طفلتي خجولة وعنيدة

طفلتي خجولة وعنيدة المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد التاريخ 26/10/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ابنتي تبلغ من العمر 5 سنوات، تبكي كثيراً، وخجولة في نفس الوقت. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وددت من الأخ السائل، لو ذكر درجة الخجل لدى الطفلة، ومم تخجل؛ لأن الخجل طبيعي في بعض المراحل وليس دائماً سيِّئاً، فعلينا أن نميز بين الخجل السوي والخجل الشديد الذي يعيق الثقة عند الفرد. والخجل خاصية شائعة لدى الإنسان، ففي كثير من الدراسات الحديثة بينت أن غالبية من طبقت عليهم الدراسة قد مروا بالخجل في إحدى مراحل حياتهم، وخاصة الخجل والخوف عند معظم الناس هو التحدث عند مجموعة، وللوراثة دور أيضاً في الخجل، ويختلف الخجل عند الأطفال عنه عند الراشد، حيث يظهر لدى الطفل بينما يستطيع الراشد إخفاءه، ولعلاج الخجل يجب أولاً تدعيم الثقة بالنفس عن طريق حب الفرد النفسية وشعوره بقيمته، وتقبله لنفسه مهما كان، وتطلعه للمستقبل. والطفل في سن الرابعة والخامسة تقريباً كثير المقارنة مع من هم في سنه، فمتى رأى من يفوقه في أي شيء بدأت ثقته في نفسه تقل. وللتعامل مع الطفل الخجول يمكن اتباع بعض الإرشادات الآتية: 1- تدعيم ثقته بنفسه عن طريق الاستقلالية، وتشجيعه على الأعمال التي يقوم بها. 2- الابتعاد عن النقد للطفل كانتقاد الملبس أو المظهر، أو العادة، وعدم وصفهم بصفات غير لائقة مثل الغباء وغيره من الصفات السيئة. 3- تشجيعه على التعبير عن نفسه. 4- تنمية بعض المهارات والجوانب الإيجابية لديه. 5- عدم المغالاة والحرص في الحماية الزائدة للطفل. 6- عدم وصف الطفل بالخجل أمامه، أو أمام الآخرين.

خجل وحساسيه!!

خجل وحساسيه!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل التاريخ 27/9/1422 السؤال الرجاء الرد على السؤال: إنني أواجه مشكلة الخجل الزائد عن اللزوم وانجرح من أتفه الأسباب، إنني إذا وجّه إليّ سؤال وأنا في وسط الناس فأول شعور يواجهني: تزيد دقات قلبي، ويتصبب عرقي، ويتغير كلامي أرجو منكم توجيهي، وحل مشكلتي، ولكم مني الدعاء وجزيل الشكر. الجواب أخي الكريم، أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: لا شك أن الخجل مشكلة كبيرة قد تستبد بصاحبها إلى درجة تشل مواهبه وقدراته، وتجعله عرضة للاضطراب الاجتماعي وربما النفسي، بل وقد تدفعه إلى العزلة عن محيطه بشكل يؤثر على عطائه واندماجه فيه. ثانياً: يتباين الناس الذين يعانون من الخجل في مدى إحساسهم فيه، ومعاناتهم منه، فالخجل عند هذا غيره عند ذاك، وأسبابه هنا تختلف عن أسبابه هناك.. إلا أن الأسباب تقريباً تنحصر في ثلاثة عوامل تبدأ منها وتتفرع عنها. وهذه العوامل هي: أ-عوامل تربوية تتعلق بالتنشئة الاجتماعية: كالحماية الزائدة أو القسوة الزائدة، وما يترتب على ذلك من انعدام الثقة في النفس وبالتالي الخجل في مواجهة الآخرين. ب-عوامل جسمية تتعلق إما بعاهة جسمية بارزة، أو نحول زائد أو سمنة زائدة، أو تشوه معين. كل ذلك قد يدفع بصاحبه إلى نوع من أنواع الخجل. ج-عوامل نفسية مثل: الحساسية الزائدة، أو سرعة الانفعال أو سعة الحيز الشخصي الخاص الذي لا يسمح لأحد بتجاوزه تحت دعاوى المس بالكرامة، والخوف الكبير من الخطأ. كل ذلك عوامل تسبب للإنسان تفاعلات داخلية عنيفة من أعراضها زيادة الخفقان، وتصبب العرق، واحمرار الوجه، اضطراب الكلام وغير ذلك. ثالثاً: لو أردنا الغوص أكثر في أعماقنا لمعرفة ما وراء كل ذلك لوجدنا الأسباب ترتبط إلى حد كبير بما يسمى [المبالغة في البحث عن الاستحسان!!] أي اهتمام المرء بما يقال عنه، والأحكام التي يصدرها الآخرون على سلوكه وتصرفه وأعماله وكلامه!! وهذا الاهتمام بما يقوله الآخرين هو الذي يوجد حاله نفسية هي إلى الخوف أقرب.. فإن من يخشى أن لا يقدر كما يريد، أو كما يتمنى.. فإنه ينتهي حتماً إلى الخجل!! رابعاً: مشكلة الخجول أنه يتصور أنه محور انتباه العالم، وأن الجميع يراقب حركاته وسكناته، ولذلك تراه غارقاً في تفسير "الأفعال وما وراءها والنظرات ومغزاها" والكلمات ومرادها. وبالتالي هو متوتر من الخارج، ومضطرب من الداخل بصورة مرهقة تدفعه إلى تجنب مثل هذه اللقاءات الاجتماعية حتى لا ينشغل كثيراً بتفاصيلها، وتفسيرها، ومكاسبها وخسائرها..!! وما علم أن تجنبه لها يزيد وطأتها وأن الحل الأمثل لمواجهتها هو عدم تحميلها أكثر مما تحتمل، واليقين بأن الناس لا يشغلهم منه إلا بعض الدقائق التي تكون غالباً من باب المجاملة، ثم يعود كل منهم إلى دائرته الخاصة.. ومشاغله الخاصة!!

خامساً: من الخطوات الأساسية للتغلب على الخجل هنا.. الابتعاد قدر المستطاع عن " الحساسية الزائدة " بما قد يقال عنك أو يقال فعلاً.. وعدم تحميله أكثر مما يحتمل.. أو أن تربط رضاك عن نفسك برضاء الآخرين عنك.. أو فكرتهم عنك.. ونشدان استحسانهم بأي طريقة.. والتأكد بأن مواقفنا من الأشياء دائماً ما تخضع لزاوية رؤيتنا لها.. واهتمامنا بها.. فإذا جعلت من الآخرين مقياساً وحيداً لرضاك عن نفسك وقناعتك بها.. وبحثت عن استحسانهم ورضاهم حد الاستجداء..!!! فإنك ولا ريب ستتحول إلى شخصية مهزوزة.. غير قادرة على المواجهة الإيجابية.. وبالتالي سيغلبك الخجل.. وسترتقي في مدارجه شيئاً فشيئاً.. حتى تنحصر في دائرة ضيقة لا فكاك منها..!!! وتأكد.. أنك حتى وإن كنت تعاني من نقص ما.. بدني أو نفسي فإن لديك من الإيجابيات ما يكمل هذا النقص لو استثمرتها جيداً..!! فارض بواقعك واصلح منها ما يمكنك إصلاحه.. وتأكد أنك كما تفكر.. تكون!! سادساً: كن على طبيعتك بقدر المستطاع.. لا تخش النقد إلى حد الانسحاب حتى من إبداء الرأي إذا طلب منك.. والرضاء من الغنيمة بالصمت!!! تفاعل مع من حولك.. حاور.. وثق أنك لست أقل قدراً وقدرة من الآخرين.. ولا يكن رأي الآخرين بك.. أهم من رأيك بنفسك.. فلكل منا إيجابياته وسلبياته.. ونقاط قوته ونقاط ضعفه.. ولدينا جميعاً ما نحب وما نكره.. وما نريد وما لا نريد..!! تعامل مع محيطك على هذا الأساس.. وابدأ شيئاً فشيئاً.. وتأكد أن إرضاء كل الناس ليس دائماً هو الصواب.. وأن إسخاط كل الناس ليس دائماً هو الخطأ..!!! ولكن الصواب والخطأ هو: أي نوع أرضيت وأي صنف أسخطت؟!! سابعاً: اكسر دائرة الخجل.. ولا تفكر فيها طويلاً.. واخرج منها.. عبر الحوار والتفاعل مع محيطك.. ولا بأس من البداية بدوائر صغيرة في كل من محيط العمل أو محيط الأسرة.. ثم توسيع الدوائر وزيادتها.. وانظر دائماً إلى ما تقوله أنت عن الآخر.. لا ما يقوله عنك الآخر.. ولتكن ركيزتك الأساسية في البداية محاولة الاسترخاء.. والتدرب على التنفس العميق.. والثقة بالله ثم بنفسك بأنك ستتغلب على هذه المشكلة وتواجهها.. ولن تنشغل بها طويلاً..!!! وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

خجل.. وحساسيه!!!

خجل.. وحساسيه!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل التاريخ 20/5/1422 السؤال أخي مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد ... الرجاء الرد على السؤال إنني أواجه مشكلة الخجل الزائد عن اللزوم وانجرح من اتفه الأسباب إنني إذا وجه إلي سؤال وأنا في وسط ناس أول شعور يواجهني تزيد دقات قلبي ويتصبب عرقي ويتغير كلامي أرجو منكم توجيهي وحل مشكلتي ولكم مني الدعاء وجزيل الشكر؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. وبعد.. أخي الكريم اشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: لا شك أن الخجل مشكلة كبيرة قد تستبد بصاحبها إلى درجة تشل بها مواهبه وقدراته.. وتجعله عرضة للاضطراب الاجتماعي وربما النفسي.. بل وقد تدفعه إلى العزلة عن محيطه بشكل يؤثر على عطائه واندماجه فيه. ثانياً: يتباين الناس الذي يعانون من الخجل في مدى إحساسهم فيه ومعاناتهم منه.. .. فالخجل عند هذا غيره عند ذاك وأسبابه هنا تختلف عن أسبابه هناك.. إلا أن الأسباب تقريباً تنحصر في ثلاثة عوامل.. تبدأ منها.. وتتفرع عنها ... وهذه العوامل هي:- أ- عوامل تربوية.. تتعلق بالتنشئة الاجتماعية.. كالحماية الزائدة أو القسوة الزائدة.. وما يترتب على ذلك من انعدام الثقة في النفس وبالتالي الخجل في مواجهة الآخرين. ب- عوامل جسمية.. تتعلق إما بعاهة جسمية بارزة.. أو نحول زائد أو سمنة زائدة.. أو تشوه معين.. كل ذلك قد يدفع بصاحبه إلى نوع من أنواع الخجل. ج- عوامل نفسية.. مثل الحساسية الزائدة.. أو سرعة الانفعال أو سعة الحيز الشخصي الخاص الذي لا يسمح لأحد بتجاوزه تحت دعاوى المس بالكرامة.. والخوف الكبير من الخطأ.. كل ذلك عوامل تسبب للإنسان تفاعلات داخلية عنيفة من أعراضها زيادة الخفقان.. وتصبب العرق واحمرار الوجه..واضطراب الكلام وغير ذلك. ثالثاً: لو أردنا الغوص أكثر من أعماقنا لمعرفة ما وراء كل ذلك.. لوجدنا الأسباب ترتبط إلى حد كبير بما يسمى [المبالغة في البحث عن الاستحسان!!!] أي اهتمام المرء بما يقال عنه والأحكام التي يصدرها الآخرون على سلوكه وتصرفه واعماله وكلامه!!! وهذا الاهتمام بما يقوله الآخرين.. هو الذي يوجد حاله نفسية هي إلى الخوف أقرب.. فإن من يخشى أن لا يقدر كما يريد.. أو كما يتمنى.. فإنه ينتهي حتماً إلى الخجل!!!

رابعاً: مشكلة الخجول إنه يتصور أنه محور انتباه العالم.. وإن الجميع يراقب حركاته وسكناته.. ولذلك تراه غارقاً في تفسير الأفعال وما راءها والنظرات ومغزاها.. والكلمات ومرادها.. وبالتالي هو متوتر من الخارج ومضطرب من الداخل.. بصورة مرهقة تدفعه إلى تجنب مثل هذه اللقاءات الاجتماعية حتى لا ينشغل كثيراً بتفاصيلها.. وتفسيرها.. ومكاسبها وخسائرها..!! وما علم أن تجنبه لها يزيد وطأتها.. وأن الحل الأمثل لمواجهتها.. هو عدم تحميلها أكثر مما تحتمل.. واليقين بأن الناس لا يشغلهم منه إلا بعض الدقائق التي تكون غالباً من باب المجاملة.. وبالتالي يعود كل منهم إلى دائرته الخاصة.. ومشاغله الخاصة!!! خامساً: من الخطوات الأساسية للتغلب على الخجل هنا.. الابتعاد قدر المستطاع عن " الحساسية الزائدة " بما قد يقال عنك أو يقال فعلاً.. وعدم تحميله أكثر مما يحتمل.. أو رضاك عن نفسك برضاء الآخرين عنك.. أو فكرتهم عنك.. ونشدان استحسانهم بأي طريقة.. والتأكد بأن مواقفنا من الأشياء دائماً ما تخضع لزاوية رؤيتنا لها.. واهتمامنا بها.. فإذا جعلت من الآخرين مقياساً وحيداً لرضاك عن نفسك وقناعتك بها.. وبحثت عن استحسانهم ورضاهم حد الاستجداء..!!! فإنك ولا ريب ستتحول إلى شخصية مهزوزة.. غير قادرة على المواجهة الإيجابية.. وبالتالي سيغلبك الخجل.. وسترتقي في مدارجه شيئاً فشيئاً.. حتى تنحصر في دائرة ضيقة لا فكاك منها..!!! وتأكد.. أنك حتى وإن كنت تعاني من نقص ما.. بدني أو نفسي فإن لديك من الإيجابيات ما يكمل هذا النقص لو استثمرتها جيداً..!! فارض بواقعك واصلح منها ما يمكنك إصلاحه.. وتأكد أنك كما تفكر.. تكون!! سادساً: كن على طبيعتك بقدر المستطاع.. لا تخش النقد إلى حد الانسحاب حتى من إبداء الرأي إذا طلب منك.. والرضاء من الغنيمة بالصمت!!! تفاعل مع من حولك.. حاور.. وثق أنك لست أقل قدراً وقدرة من الآخرين.. ولا يكن رأي الآخرين بك.. أهم من رأيك بنفسك.. فلكل منا إيجابياته وسلبياته.. ونقاط قوته ونقاط ضعفه.. ولدينا جميعاً ما نحب وما نكره.. وما نريد وما لا نريد..!! تعامل مع محيطك على هذا الأساس.. وابدأ شيئاً فشيئاً.. وتأكد أن إرضاء كل الناس ليس دائماً هو الصواب.. وأن إسخاط كل الناس ليس دائماً هو الخطأ..!!! ولكن الصواب والخطأ هو: أي نوع أرضيت وأي صنف أسخطت؟!! سابعاً: اكسر دائرة الخجل.. ولا تفكر فيها طويلاً.. واخرج منها.. عبر الحوار والتفاعل مع محيطك.. ولا بأس من البداية بدوائر صغيرة في محيط العمل أو محيط الأسرة.. ثم توسيع الدوائر وزيادتها.. وانظر دائماً إلى ما تقوله أنت عن الآخر.. لا ما يقوله عنك الآخر.. ولتكن ركيزتك الأساسية في البداية محاولة الاسترخاء.. والتدرب على التنفس العميق.. والثقة بالله ثم بنفسك بأنك ستتغلب على هذه المشكلة وتواجهها.. ولن تنشغل بها طويلاً..!!! وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

أعاني من الخجل الشديد

أعاني من الخجل الشديد المجيب د. صالح بن علي الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل التاريخ 15/05/1425هـ السؤال شخص في مقتبل العمر يعاني من الخجل الشديد الذي يمنعه من ممارسة العلاقات العادية مع الآخرين في العمل، وفي المناسبات الاجتماعية عموماً، هل هناك علاج في الدين لهذه المشكلة، مثل دعاء معين؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الخجل يؤثر على قدرة الفرد في تفاعله مع الآخرين، ويؤدي به إلى العجز عن المشاركة بصورة مناسبة في المواقف الاجتماعية. والشخص الخجول يفتقر إلى المهارات الاجتماعية، ولا يعرف كيف يتصرف في مواقف محددة، لديه تقدير ذات منخفض، ويخاف من التقويم السلبي. وللتغلب على المشكلة من المهم فهمها جيداً، وغالباً ما يحافظ عليها أفكار واعتقادات خاطئة، مثل تفكيره بأن الآخرين يقيمونه تقييماً سالباً، وتحقير ولوم للذات. وأشعريه بأن الخجل لا يصف كل شخصيته، وإنما يصف جانباً من جوانب سلوكه، وإذا كان لديه جانب سلبي فإن لديه الكثير من الإيجابيات. ينبغي أن يبذل جهداً لإيقاف التفكير السلبي ومهاجمة الأفكار الخاطئة ودحضها، ويستبدل ذلك بأفكار إيجابية، سواء حول نفسه أو الآخرين. وشجاعة على مواجهة المواقف الاجتماعية بدلاً من تجنبها، فالتجنب يجعل المشكلة أكثر صعوبة، وليواجهها تدريجياً بدءاً بأقلها إثارة للخوف، ويستعد بأن يكون لديه شيء يقوله في تلك المواقف ولو كان بسيطاً، والبداية قد تكون صعبة، لكن إذا استمر على ذلك فسوف يجد نتائج إيجابية، عليه أن يرسم لنفسه أهدافا واقعية، وأن يسلك لتحقيقها بثقة ومرونة. والدين الإسلامي دين شامل فيه ما يفيد في التغلب على الكثير من الشدائد والاضطرابات التي تصيب الفرد، قال الله -تعالى-: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا" [الإسراء:82] ، فالإيمان بالله هو أساس الاطمئنان النفسي، والوقاية من كل المشكلات والاضطرابات التي تصيب الإنسان. والإسلام يدعو الإنسان أن يكون إيجابياً في علاقاته مع نفسه ومع الآخرين، وقد حث على كثير من الآداب والسلوكيات التي تزيد الروابط الاجتماعية بين الأفراد، ومن خلالها ينمي الفرد كثيراً من المهارات الاجتماعية، وتؤدي إلى التفاعل الاجتماعي، وبالتالي وقاية الإنسان من أي صورة من صور العزلة، والصلاة صلة بين العبد وربه، تبعث في نفس الإنسان الهدوء والطمأنينة، وتخلصه من الشعور بالذنب، وتقضي على الخوف، والقلق الذي لديه. وقراءة القرآن تحقق هدوء النفس، وتبعث السكينة في النفس، وتزيد معنوية الفرد، فتزول الأوهام والأمراض، فعليك أخي بتلاوة القرآن، والتركيز على بعض الآيات والسور، مثل فاتحة الكتاب، وأواخر سورة البقرة، وآية الكرسي، وسورة الإخلاص، والمعوذتين. ووجهيه إلى الدعاء، والإلحاح فيه؛ ففيه شفاء للنفس من الهم، والغم، والأرق، والفزع، والكرب، وهو عدو البلاء، وسلاح المؤمن، ومن الأدعية: دعاء الهم والحزن، ودعاء الأرق والفزع.

" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز، والكسل، والبخل، والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال"، " اللهم آت نفسي تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها"، " اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي، وآمن روعتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بك أن أغتال من تحتي"، وليتحين أوقات إجابة الدعاء، ويدعو الله بما يعينه على مواجهة مشكلته والتغلب عليها، وليلزم الاستغفار؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب" رواه أبو داود (1518) وابن ماجة (3819) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-.

أخشى سخرية الآخرين بتديني

أخشى سخرية الآخرين بتديني المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل التاريخ 21/06/1425هـ السؤال صدقوني إنني بدأت أشك في عبادتي، حيث إنني والحمد لله من الذين يحبون قراءة القرآن والحمد لله أني أحس بانشراح في صدري، ولكن ما يتعبني هو أنني عندما أقرأ القرآن ويدخل علي أحد فجأة في الغرفة فإنني أخفض صوتي، ولا أحب أن يسمعني أحد وأنا أقرأ، وكنت أتساءل لماذا أفعل ذلك؟ لأنني أشعر بعض الأحيان أن الجواب هو أنني أخشى في الله لومة لائم؛ لأن هناك بعضهم يتمسخرون على أي شيء، وبعض الأحيان يأتي الجواب أنني أستحي.....، وفي بعض الأحيان عندما أرى برنامجا دينيا فإنني بعض الأحيان أبدله إذا أتى أحد من هؤلاء المستهزئين، (علما بأنهم لا يستهزئون بالقرآن ولا بالبرامج الدينية، بل على الشخص نفسه ويقولون أوووووه المطاوعة والمطاوعة، والمطوع عندهم إنسان معقد، وعندما يطلع شخص في التلفزيون ويكون في تلك الساعة يدعو الله فإنني أقول آمين في قرارة نفسي، ولا أرفع يدي، ولكن إذا لم يكن أحد عندي فإنني أفعل العكس، لدرجة أنه في يوم ما كنا نشاهد البرنامج الذي يقدمه عمرو خالد، وفي الختام كان يدعو الله والكل رفع يديه إلا أنا، وكنت أقول آمين في قرارة نفسي لدرجة أنني شعرت بالذنب وأحسست بأني متكبرة، أو أتكابر عن رفع يدي لربي، فهل أنا فعلا أعتبر بذلك أنني أخشى في الله لومة لائم وأنني ضعيفة الإيمان؟؟ الجواب الأخت الكريمة: فيك صفة حسنة وهي محبة الخير والرغبة فيه، ومع ذلك تعانين من مشكلة الخجل المرضي الذي أوصلك إلى هذا الحد من ترك المشاركة في الخير. ولعل هذه المشكلة تزول إذا أدركت الأمور التالية: (1) تأكدي من أن الناس لن يرضوا عنك مهما جاريتهم في أهوائهم فاحرصي على رضى الله، وهو سبحانه يرضي عنك الناس، فقد جاء في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس" رواه الترمذي (2414) من حديث عائشة-رضي الله عنها-. (2) أن هؤلاء المستهزئين بك أو بغيرك من المتمسكين بالدين ليسوا أهلاً أن يقدروا وأن يستحيا منهم فهم عصاة بهذا الاستهزاء، وهم في الغالب مقصرون في أمور الدين، فأنت العزيزة وهم أهل الذلة، "وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [آل عمران:139] . فلا ينبغي أن تهني أمامهم ولا تضعفي، فهم لا يستحقون الاحترام والتقدير فضلاً أن تستحي منهم. وكما قال الشاعر: لا تخش كثرتهم فهم همج الورى *** وذبابه أتخاف من ذبان (3) لا بد من الصبر والثبات على الدين، فإذا كنت تخافين مجرد الاستهزاء فكيف لو ابتليت بما هو أكثر من أنواع الأذى؟! وكيف ستنكرين المنكر وأنت تخجلين من إظهار العبادة؟! قال تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ" [العنكبوت: من الآية10] . (4) قد نهاك ربك -تعالى- عن خشية الناس وأمرك بخشيته وحده -سبحانه وتعالى-، فقال: "فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ واخشون" [المائدة: من الآية44] .

الخجل يمنعني من حقوقي..!!

الخجل يمنعني من حقوقي..!! المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل التاريخ 12/10/1422 السؤال مشكلتي هي أنني شديد الخجل، ولربما وصل بي الأمر إلى أن يكون الحق لي ولا أستطيع أن أبوح به مراعاة لمشاعر الحاضرين، وإذا كلفت بأمر ثم لم أقم به على الوجه المطلوب تجدني أخجل أن أقدم عذراً للآخر. الجواب الأخ صاحب المشكلة، اعلم يا أخي أن الخجل يمكن أن يصيب المشهورين والموهوبين كما يصيب الشخص العادي أيضاً، ومثل معظم المشكلات العقلية والانفعالية فإن الخجل لا يحترم طبقة الفرد الاجتماعية، ولكن ما مدى وجود الخجل لديك؟ الأخ صاحب المشكلة.. يسمى الشعور بالخجل في بعض المواقف الاجتماعية باسم "الخجل الموقفي" وهو لا يعد مشكلة سلوكية. أما الشعور بالخجل في كل المواقف التي تواجه الفرد فيسمى "الخجل المزمن" وهو بالطبع مشكلة. وهذا النوع من الخجل يمكن تسميته باسم "الخجل المزاجي" وهو سمة من سمات الشخصية. ومن الممكن أن نوسع من سمة الخجل إلى مجال المرض، وهو ما يعرف باسم "الخجل المرضي" وهو نوع من الخجل يبدو لدى الشخص الذي يصبح شديد الانسحاب من الآخرين، ويتجنب كل التواصلات غير الضرورية معهم - وهناك اصطلاح " الانطواء الاجتماعي " وهو يدل على الميل للتحرك بعيداً عن الناس. فكنا نود أن نعرف منك الكثير عن طبيعة خجلك إلا أننا من خلال ملخص مشكلتك سنحاول جاهدين لعلنا نصل بك إلى الأمان من خلال تقديم المشورة والعون طبقاً للملخص غير الكافي عن موضوع خجلك. الأخ صاحب المشكلة! هناك مرادفات للخجل تشيع في الأوساط الاجتماعية مثل: مؤدب - شديد الكسوف - عاطفي - منسحب - متردد. فإذا كنت تعتقد بأن ذلك - وأقصد الخجل في المواقف التي تواجهك - نوع من التواضع والأدب، وهما ما يجعلان شخصيتك جذابة، فأقول لك: إن ذلك صحيح إلى حد ما - ولكن الغياب المطلق للحديث المتمركز حول ذاتك يصدم الآخرين في النهاية، وتبدو عندهم أنك غير متزن. وإذا كان خجلك من النوع المزاجي، وهو أنك تبدو متحفظاً مع الآخرين وباردا تجاههم فاقول لك: إن ذلك نوع من الأقنعة التي يرتديها الفرد؛ لأنه غير واثق بذاته وفي ذهنه أنه سيفتضح لو تحدث برأيه - فأنت في هذه الحالة تحاول الهروب خشية الإحراج وخوفاً من آراء الآخرين. وإذا كنت تعانى من الخجل بسبب طول قامتك أو ملامح وجهك أو مهاراتك اللفظية فنقول لك: إنه يجب عليك في هذه الحالة أن تضع في ذهنك أن الآخرين ليسوا أكفأ منك، وأنك على ما يرام، ولا تضع لمثل هذه الأمور أي حساسية. عزيزي صاحب المشكلة، إن من يعانى من الخجل لا بد وأنه كان في سنوات عمره الباكرة شديد الحساسة للنقد وأحكام الآخرين. إن سمة الخجل هي اختباء من الآخرين. إلا أننا نقول لك لكي تتغلب على هذه المشكلة عليك باتباع الآتي: 1-استكشف خبرات طفولتك (أي استرجع ذكريات الطفولة) وستجد أن كثيراً من ذكريات طفولتك نحو نفسك اليوم قد تشكلت وذلك من خلال تفاعلك مع والديك وإخوتك.

2-اختبر مشاعر الدونية لديك - فكثيراً ما تكون هذه المشاعر خاطئة - إنها في الغالب خيالات عن نفسك، وإذا تفحصتها بمنطقية في ضوء ذكائك الأشد ستكون قادراً على رفضها، وبالتالي سيقل تأثيرها عليك. 3-كن على ثقة أن عادة الخجل هي عادة متعلمة ونقول لك إن ما يمكن تعلمه يمكن إبطال تعلمه - وكن على وعي بأن سلوك التجنب والانسحاب من جانبك يقوي خجلك؛ لأنه يزودك بالراحة من القلق. فحينما تواجه الموقف تكتسب قوة، وتتعلم تحمل القلق ومع المواقف سيتضاءل هذا القلق بفعل ظاهرة الاعتياد وهي تعني أنك تتكيف تدريجياً مع المواقف. 4-اكتسب مهارات توكيد الذات، أي تعلم أن تطلب ما تريد وأن تضع نفسك في المقدمة في بعض الوقت، وتحقق أن لك الحق في أن تكون الأول مثل الآخرين؛ فالآخرون لهم مشاعر كما لك مشاعر، وأن مطالبتك بحقك في الأول عند ما تكون الصاحب يضفي احترام الآخرين لك. عزيزي صاحب المشكلة وكونك تقول: إنك إذا كلفت بأمر ولم تقُم بعمله على الوجه المطلوب فإنك تستحيي تقديم العذر للآخر - فهذا شيء طيب يدل على أنك إنسان جيد ولديك أعلى (ضمير) قوي يؤنبك في حالة التقصير، وفي الأثر: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" فالإتقان سمة من السمات التي أوصى بها الدين عند ما يقوم الإنسان بعمل ما. ندعو الله لك أن تظل متقناً لأعمالك، ولا تقدم أعذاراً عن عدم إتقانك لتلك الأعمال.

الخوف من إمامة الناس في الصلاة!!

الخوف من إمامة الناس في الصلاة!! المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل التاريخ 1/8/1422 السؤال مشكلتي أنني أشكو من الخوف وعدم القدرة على الإمامة في الصلاة الجهرية. فما العلاج لذلك؟ وجزاكم الله كل خير الجواب وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. أما عن سؤالك فإليك الجواب عنه البدع تختلف في نوعها وأصحابها. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أولاً: هل أنت ملزم بالإمامة أم لديك رغبة في ذلك ولكن تجد هذا الحاجز..؟ عموماً: هذا الخوف يعتبر طبيعياً في أول الأمر , فكل إنسان تقدم أمام الناس سواء ليتحدث أو يقرأ أو يؤم.. يحصل له هذا الخوف.. ومن أهم أسباب التغلب عليه ـ والعلم عند الله ـ ما يلي: 1- تعلم الشجاعة وأنه لن يحصل لك شيء إذا أخطأت. 2- الممارسة.. الممارسة.. الممارسة طريقك إلى الشجاعة. 3- حاول أن تقرأ أمام والديك في المنزل أو تؤم بعض أصدقائك إذا خرجت في نزهة. 4- الذي يريد أن يتعلم السباحة لا بد له أن يبتل بالماء.. ثق أنك لن تكون شجاعاً وتؤم الناس مثل المشهورين حتى تمر بمراحل الخوف. 5- هب أنك أخطأت في صلاتك. لست الوحيد بهذا العالم الذي يخطئ وكثيراً ما يخطئ الذين لهم باع بهذا لأن المحراب والصلاة ليست بالأمر اليسير. 6- لا أظن أنه يوجد علاج مباشر للخوف في مثل هذه الأمور , ولكن العلاج بيدك أنت أولا , وتأكد أن الذي يريد أن يصل إلى الساحل لا بد أن يقاوم الأمواج العاتية. 7- إذا وقفت في المحراب فتخيل أنك وحدك. 8- إذا وقفت في المحراب استعداداً للصلاة حاول ألا تنظر في وجوه المصلين. 9- لا تقرأ السور التي لم تتقن حفظها في الصلاة الجهرية. 10- إذا أردت أن تنجح في هذا فتأمل كيف تعلمت قيادة السيارة , كيف كانت السيارة أول الأمر.. ثم كيف أصبحت بعد ذلك. 11- احذر من التقليد الأعمى في القراءة. 12- احضر للمسجد قبل الصلاة بوقت كاف.. وصلِّ ما كتب لك ثم اقرأ شيئاً من القرآن بتمعن ليبعد عنك التفكير بالإمامة. هذه بعض الخطوات العملية التي أتمنى لك الاستفادة منها وإن لم تجد الفائدة المرجوة فقد يكون ما تعاني منه نوع من الخوف المرضي الذي طرق كثيراً في هذه النافذة

رهبة الإمامة

رهبة الإمامة المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل التاريخ 15/03/1426هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: المشكلة التي تؤرقني منذ زمن بعيد، وتمنعني من حضور الجماعة في المسجد أنه عندما أحضر إلى المسجد للصلاة يطلبون مني أن أتقدمهم للإمامة؛ لأنني أفضل الموجودين علماً وشهادة، وقراءة للقرآن وأحكام التجويد، حتى إنه من يصلي بهم في رمضان عليه أخطاء كثيرة في التلاوة، ونطق الكلمات والتجويد، وباقي الأحكام الأخرى، وأنا لا أستطيع تصحيحه؛ خوفاً من أنه يطلب مني أن أصلي بهم، وأنا أخجل كثيراً جداً، وأتلعثم بالقراءة، ويتصبَّب عرقي، ولا أستطيع البوح لهم بذلك أو لأحد غيرهم، مما يسبب لي حرجاً شديداً، وهذا بدوره جعلني أبتعد عن الصلاة بالمسجد، وعن صلاة التراويح، وأصلي بالبيت خوفاً من ذلك، علماً أنني أتمنى أن أستطيع الصلاة مع الجماعة في المسجد، أرجو أن تدعوا لي بأن يمن الله عليّ بالصلاة مع الجماعة بالمسجد، وهذه مشكلتي بين أيديكم وأمانة لديكم، أرجو مساعدتي في حل مشكلتي؛ لأنها تخنقني يوماً بعد يوم، أنصحوني ماذا أفعل؟ أريد حلاً جذرياً. جزاكم الله خير الجزاء، وأجزل لكم الأجر والمثوبة، وشكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب الأخ الكريم:- سلمه الله-. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. أما جواب مشكلتك فكالتالي: أولا: أخي الكريم ترك الصلاة في الجماعة -بحجة الخوف من تقديمك للإمامة- لا يجوز شرعاً، وهو من تلبيس إبليس وتخويفه لك ليصدك عن سبيل الله، ومع فرض الحالة النفسية التي تصيبك من جراء الإمامة في مسجدكم فإنه يمكنك الذهاب إلى مسجد آخر لتصلي به مأموما تدرك فيه الجماعة، أما أن تصلي في البيت مع إمكانية إدراكها في مسجد آخر قريب فلا يجوز. ثانياً: ألا تعلم -أخي الكريم- فضل الإمامة وأجرها؟ ألا يكفيك فخراً واعتزازاً أن تكون في مكان كان يقف فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يؤم الناس في زمانه، ثم انظر -أخي الكريم- ماذا قال الله في وصف عباد الرحمن في سورة الفرقان، لقد أخبر الله -سبحانه- أن من دعائهم: "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً" [الفرقان 25/74] ، ألا تحب أن تكون للمتقين إماماً؟.

ثالثاً: أن هذه الحالة النفسية التي تصيبك جراء التقدم للإمامة هي طبيعة لكل مبتدئ، ولا زلت أذكر في بداية إمامتي للجامع منذ أكثر من عشرين سنة كيف كنت أرتجف واضطرب كلما تقدمت للصلاة بالناس، وأنسى أيسر السور، وشيئاً فشيئاً حتى تغلبت على ذلك بالمواصلة وليس بالتخفي والهروب، فعلاج حالتك لا يكون بالاعتزال ولكن يكون بمواجهة الأمر والعيش في غماره، وتحمل تلك الفترة التي سرعان ما تزول مع الأيام، ثم يا أخي أنت رجل، ومن طبيعة الرجل مواجهة الناس والتعايش معهم بثقة ورباطة جأش، فكن واثقاً من نفسك، واطرح وساوس الشيطان التي يريد بها عزلك عن الخير والاستفراد بك؛ حتى لا يبقى لك من معاني الخير شيئاً. رابعاً: تذكَّر -أخي الكريم- أن ما منَّ الله عليك -من قراءة القرآن الصحيحة والعلم بأحكام الصلاة- هو من العلم الذي لا يجوز لك أن تكتمه وتحجزه عن الناس، بل الأصل أن تبثه وتسعى في نشره، وإعانة الناس على تعلمه وتلقيه عنك. خامساً: أنت تحتاج أن تعرض نفسك لمواجهة الجمهور كثيراً، كإلقاء كلمة أو قراءة خطاب أو كتاب؛ لتعتاد على مقابلة الجمهور. سادساً: أكثر من الاستعانة بالله -عز وجل-؛ فإنه وحده هو المعين والمسدد جل في علاه. سابعاً: أسمعُ بين الفينة والأخرى عن دورات في الخطابة ومقابلة الجمهور، لم لا تدخلها لتتدرب على ذلك؛ حتى تكون داعية خير في هذه الأمة، وعنوان صلاح ومنبر طاعة؟! أفلا تحب أن تنصر دينك، وتعلي كلمته بين الناس؟! ثامناً: توكَّل على الله -يا أخي- بصدق، وستجد -بإذن الله- العون، فالناس بحاجة إليك وإلى قدراتك، فاطرح الخجل المميت وراء ظهرك، وانتصر على نفسك الضعيفة لتكون من الأقوياء والأسوياء. والله معك ولن يضيعك. والسلام عليكم.

كيف نوظف طاقات هذا الشاب الخجول؟ !

كيف نوظف طاقات هذا الشاب الخجول؟ ! المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل التاريخ 20/11/1425هـ السؤال أحسن الله إليك يا شيخ، لدينا شاب في الحلقة والنشاط، مجتهد، ويحضر ومواظب، وله معنا قرابة الأربع سنوات، والآن هو في الصف الثاني الثانوي، لكنه غير فعَّال، كلمته المشهورة: لا أريد شيئًا (ما أبغى أشارك) . لا يتكلم كثيرًا مع الطلاب، شديد الحياء، أعطي مهام ولم ينفذها، والسؤال: ما الأسلوب الأمثل للتعامل مع هذه النوعية بحيث نستفيد ويستفيد من نفسه وإمكاناته لخدمة الدين؟ والله الموفق. الجواب الأخ الكريم - سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة. ونعتذر عن التأخير في إجابة سؤالك، والجواب على ما سألت عنه كالتالي: أولًا: أشكر لك استشعارك المسؤولية عن إخوانك من الشباب لإعانتهم على أنفسهم، ليكونوا أكثر إيجابية في الخير، والبر، والرشاد، وأسأل الله أن يكتب لك أجره، وأن ينفع بجهدك وعطائك وحرصك. ثانيًا: ما رأيك لو جعلناه يختار العمل المناسب له، والذي يشعر أنه أقرب لقدراته؛ فإن هذا نافع، بإذن الله. ثالثًا: حاول ربطه بالشاب الأكثر تفاعلًا ليتعلَّم منه ويتأثر. رابعًا: اصنع فيه الثقة بالتالي: 1- علّقه بالله، من تعلق بشيء وُكل إليه. .! فما أعظم أن يوكل الإنسان إلى ربه الرحمن الرحيم. . القوي القدير. . اللطيف الخبير. . علّمه كيف يحسن التعلق بالله. . الفزع إليه. 2- اشحذ همّته بذكر قصص الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعين، ومن سار في فلكهم وعلى طريقتهم من العلماء، والعباد، والزهاد، والقادة، والمجاهدين، وغيرهم. 3- عزز جانب النقص فيه بالعبارات والكلمات التي من شأنها رفع المعنويات، والنقص قد يكون نقصًا فطريًّا، وجِبِليًّا، عزّزه بما يكمله، وإن كان هذا التعزيز شعوريًّا نفسيًّا، وكم كلمة وحديث قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم- يؤكد هذا المنهج في تعزيز النقص الفطري، كمثل قوله عليه الصلاة والسلام في حق المرأة - والتي فيها نقص فطري: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ". أخرجه ابن ماجه (3678) . وقال: "مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ". وَضَمَّ أَصَابِعَهُ. أخرجه مسلم (2631) . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ الْبَنَاتِ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ". أخرجه الترمذي (1913) . وقال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ؛ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ". أخرجه أحمد (1661) . إنه تكميل وتعزيز لتكون أكثر ثقة بنفسها حين تتعامل مع معطيات الحياة بهذه النفسية والمعنويات الواثقة المرتفعة!

4 - احترم جهده، لا تتجاهل أو تحقّر. . لكن. . احترم وقدّر. . وتذكر قصة الشابين الفتيين. . يختصمان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّهما قتل أبا جهل! فيطلب صلى الله عليه وسلم سيوفهما. . فيرى عليها آثار الدماء. . فيقول: "كِلَاكُمَا قَتَلَهُ". أخرجه البخاري (3141) ومسلم (1752) . ويوصي النساء، رضي الله عنهن، كما في الحديث الصحيح: "يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ ". أخرجه البخاري (2566) ومسلم (1030) . إن احترام جهود الآخرين. . مهما قلّت أو دقّت، تبعث في قلوب الآخرين الثقة فيما يقدمون ويعطون ويبدعون. . . فأنت جزاك الله خيرًا احترم جهد هذا الشاب مهما قلَّ. . تصنع فيه الثقة. 5- كلّفه بالمستطاع؛ حتى لا يصاب بالإحباط. . أو الفتور، وحتى لا يصير أسير الضجر والملل، أسير التخبّط والفشل، كلّفه بالمستطاع من خلال معرفتك بقدراته وإمكاناته، ثم اختر المناسب في المكان المناسب، وفي الوقت المناسب. تأمل معي في منهجية رسول الله صلى الله عليه وسلم- في تربيته وتقوية جوانب العطاء في صحابته، رضي الله عنهم: حذيفة أمين السر، وخالد بن الوليد سيف الله المسلول، وأبو هريرة المحدّث الحافظ.. يوم الخندق ينتدب حذيفة، وفي القوم أبو بكر وعمر، رضي الله عنهم جميعًا- انظر صحيح مسلم (1788) . حين تطلب من الآخرين ما لا يمكن أن ينجزوه أو يعملوه توقعهم في حبائل الضعف والخور والفشل. كلفه بالمستطاع لتجده أكثر ثقة في إبداعه. 6- ثق به؛ ليكون أوثق بنفسه، امنحه ثقتك وأحسن الظن به، لا تعامله بالشك والريبة، وتأويل الأفعال، وإلزام النيات والمقاصد ما لا يلزم. وفي الصحيح: رسول الله صلى الله عليه وسلم- يجعل أسامة بن زيد، رضي الله عنه، على جيش يسيّره إلى الروم، وفي الجيش كبار الصحابة، وأميرهم أسامة! انظر صحيح البخاري (3730) ومسلم (2426) . يُرسل معاذًا، رضي الله عنه، إلى اليمن. أخرجه البخاري (1458) ومسلم (19) . ومصعب، رضي الله عنه، الشاب المترف يرسله سفيرًا للإسلام إلى المدينة- انظر صحيح البخاري (3924) . إن الثقة بالآخرين من أعظم ما يولّد الثقة عندهم، ثقة في أنفسهم، وثقة بك. 7- صارحه، لا تزين له ولا تتكلّف له، اسْتُرْ عَيْبَهُ عن أن تفضحه، لكن لا تستر عيبه عن أن تنصحه، صارحه بأخطائه مصارحة الحريص المشفق من غير تشهير أو تحقير أو إذلال، وتذكر أسلوب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "مَا بَالَ أَقْوَامٍ...." أخرجه البخاري (456) مسلم (1504) . و:"نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ". أخرجه البخاري (1122) ومسلم (2479) . وكما صارحته بعيبه، صارحه بحبك، وفي الحديث الصحيح: "إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ". أخرجه أبو داود (5124) والترمذي (2392) .

8- امنحه فرصة التعبير عن شعوره وأفكاره بكل أريحية، لا تزجر، أو تضجر، وفي الصحيح: يدخل شاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: يا رسول الله، ائذن لي في الزنى. يا الله! تأمل معي، يريد الزنا! ويريده حلالاً أيضًا! فيدنيه منه صلى الله عليه وسلم وهو يقول في شفقة وحب: "أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ. . لِأُخْتِكَ. .". حتى يقول له: "وَهَكَذَا النَّاسُ لَا يُحِبُّونَه لِأُمَّهَاتِهِمْ. . . وَأَخَوَاتِهِمْ". أخرجه أحمد (22211) . فيقوم الشاب من عنده وهو أوثق بنفسه من أن يقع في هذه الكبيرة بعد هذا الحوار الهادئ. هذا الشاب وأمثاله بحاجة إلى أن تعطيه فرصة- أريحية- للتعبير عن أفكاره، مشاعره، عواطفه، خلجات دواخله. . من غير أن تكبح، أو تَذَمَّرَ، أو تزجر! إنك حين تحرمه هذه الفرصة سيكون أضعف من أن يواجه نفسه بصراحة. لتبني الثقة فيه، امنحه فرصة التعبير. 9- لا تسخر به. وفي الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ. . . قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ. قَالَ: "لَا تَقُولُوا هَكَذَا، لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ". أخرجه البخاري (6777) . هذه الكلمات لهي أشد وقعًا في نفس ذلك الرجل من سياط الجلد، إنها تربية النبوة. لا تسخر من طالبك حين يخطئ، أو حين يحاول الإبداع، إنك تغتال طموحه، تقتل فيه الإبداع، المبادرة، الإنجاز. . (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ) [الحجرات: 11] . 10- علّمه كيف يبدع، كيف ينجز، كيف يتخلص من مشاكله، وجّه، انصح، ساعد، أَغِثْ. ويَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتْيَانُ مِنّا عَلَى مَا كَانَ عَوّدَهُ أَبُوهُ

وكن به رحيمًا؛ (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [التوبة: 128] . أخرج ابن جرير 12/137 بسنده، عن أبي اليَسَرِ (كعب بن عمرو الأنصاري) قال: (أتتني امرأة تبتاع مني بدرهم تمرًا، فقلت إن في البيت تمرًا أجود من هذا، فدخلتْ فأهويتُ إليها فقبَّلتُهاُ فأتيتُ أبا بكر، فقال: استر على نفسك، وتب واستغفر الله. فأتيت رسول الله فقال: "أَخَلَفْتَ رَجُلًا غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ فِي أَهْلِهِ بِمِثْلِ هَذَا؟ ". حتى ظننت أني من أهل النار، حتى تمنيت أني أسلمت ساعتئذ، قال: فأطرق رسول الله ساعة، فنزل جبرئيل، فقال: "أين أبو اليَسَرِ؟ ". فجئت فقرأ علي: (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [هود: 114] . قال إنسانٌ له: يا رسول الله، خاصة أم للناس عامة؟ قال: "لِلنَّاسِ عَامَّةً". وأصله في الصحيحين من حديث ابن مسعود- البخاري (526) ومسلم (2763) . وعن أبي ذر، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ". أخرجه الإمام أحمد (21354) والترمذي (1987) . لقد خرج هذا المذنب الخطّاء من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أشد عزمًا على أن لا يقرب هذه المعصية، خرج من عنده، وهو أكثر أملًا وتفاؤلًا. إنك حين تعلّم غيرك، كيف يبدع، كيف يسمو، كيف يتخلّص من مشاكله وهمومه، يكون أقدر وأوثق من نفسه على أن يقضي دهره في ظل أمل بعمل! لا حُرمتَ الأجرَ أيها المبارك، وسدد الله على الخير خطاك.

عاطفي جدا تجاه الآخرين

عاطفي جداً تجاه الآخرين المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل التاريخ 08/05/1425هـ السؤال أنا شاب أعاني من عاطفة وحساسية مفرطة جداً، حيث إني أقدم مصلحة الغير على مصلحتي، وردود فعلي كثيرة، حاولت أكثر من مرة أن أتخلص من هذه العاطفة، ولكن بغير جدوى، أرجو المساعدة، وأفكر دائماً بالتفوق، ولكن كثرة ردود الفعل تجعلني أحس بالإحباط، وأفكر بالذي يرضي الشباب دائماً، وأخشى أي شيء يخدش شعورهم أرجو المساعدة، والله يحفظكم. الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين.. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. كم هو جميل -يا أخي- أن يكون لديك هذا الإحساس تجاه إخوانك، فأنت تحب إدخال السعادة على الآخرين، ولك في ذلك أجر إذا احتسبت الأجر عند الله. ولكني أود أن أنبهك إلى قضايا اجعلها دائماً أمام عينيك؛ حتى لا تقع في بعض الأخطاء في هذا الباب: 1- ينبغي أن يكون الشيء الذي تقدمه لإخوانك شيئا مباحاً، فلا يجوز لك إدخال السعادة عليهم بأمر محرم، حتى وإن غضبوا منك وهجروك، فرضا الله هو الواجب عليك. 2- العاطفة ليست عيباً إلا إذا طغت على العقل، فأنت عندما تقدم للآخرين معروفاً على حساب نفسك، فإنك تنظر: هل هذا الأمر فيه ضرر بين وكبير عليك، في حين المنفعة المترتبة عليه للآخرين قليلة؟ إن كان الجواب: نعم. فلا تضر نفسك، وحاول نفع إخوانك بأمر آخر. 3- من قال إن نفع الآخرين لا بد أن يكون على حساب نفسك؟! إننا ننظر في واقعنا المحيط بنا فنرى رجالاً متفوقين لامعين، وهم من أكثر الناس نفعاً للناس، إذن فليس هناك تعارض بين نفع الناس والتفوق. 4- إن رغبتك في التخلص من العاطفة رغبة خاطئة، والمطلوب توظيف هذه العاطفة توظيفاً مناسباً، منضبطة بضابطي الشرع والعقل. 5- إذا واجهتك مسائل معينة ولم تستطع اتخاذ قرار حاسم فيها، فلا مانع من استشارة الغير، من أهل الدين والعقل. أسأل الله لك الثبات على دينه.

القلق

كيف أتحرر من الخوف؟! المجيب محمد محمود الأمين باحث بموقع الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق التاريخ 18/05/1427هـ السؤال أنا شاب عمري 25 عاما وأعمل مهندس صيانة، منذ فترة تزيد على السنة، وأنا أعيش هما وكدرا لا يطاق، حتى أنني أحس أنني لن أبدع في عملي وخطواتي التي أخطوها في العمل مليئة بالخوف والارتباك، وكلما قرأت فيما هو متعلق بعملي لا أعي إلا اليسير منه، حتى خطيبتي التي خطبتها عن قناعة مني أصبحت أخاف من الاقتران بها، أفيدوني رحمكم الله؟ الجواب أخي الكريم/ أنصحك بأن تتقي الله في نفسك، فأنت -بحمد الله- شاب تتمتع بكافة مقومات النجاح، ولكنك تُحجِّمُ نفسك وتهضم حقها. - نقاط يسيرة أدونها لك، إن التزمت بها تجاوزت هذا الشعور القاتل -إن شاء الله- وهي: 1- عليك بتقوى الله عز وجل، وداوم على أمور دينك من صلاة، وصيام، وقيام بكافة الواجبات الاجتماعية المناطة بك ... 2- لا ترفع الذين تتعامل معهم فوق ما يستحقون، وعامل الجميع باحترام. 3- حاول بناء رأي خاص بك في كل المواقف، وعليك أن تدافع عنه دون تعصب له، بحيث يمكنك قبول الحق إذا تبين لك. 4- بالنسبة للموضوعات التي تقرؤها عن مجال عملك، عليك أن تفكر وأنت تقرأ، وتعيد التفكير والنظر ... أما أن تحكم لأول وهلة أنك لم تفهم فهذا غير سليم.. 5- الخوف من الله سبحانه وتعالى يعلم الشجاعة في أمور الدنيا، فافهم ذلك ولا تخف إلا من الله عز وجل.. 6- كثير ممن حولك تظن أنهم خير منك، والحق أنك ربما كنت خيراً منهم بشيء كثير ... 7- لا تجعل أوقات راحتك أوقات تفكير في العمل ومشاكله.. 8- مارس الرياضة، وناقش الآخرين، وتعلم تحمل النقد.. ملحوظة: بعض السلوكيات الضارة يكون الواحد منا قد تعلمها أيام طفولته بسبب غياب التربية الصحيحة، لكن العاقل يحاول إصلاح نفسه وتقويم سلوكياته حتى يصبح قادراً على التفاعل الإيجابي مع من حوله. - بالنسبة لإلغاء الخطوبة لا أنصحك به بل عليك بالمضي قدما في إنهاء أمر زواجك، وستجد لذلك فائدة كبيرة على حياتك، وفقني الله وإياك لما فيه خير الدنيا والآخرة. والله أعلم.

خوف الرياء أتعبني!

خوف الرياء أتعبني! المجيب أ. د. صالح إبراهيم الصنيع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق التاريخ 08/05/1427هـ السؤال أنا شاب مصاب بشلل الأطفال -والحمد لله- أنا أصلي في المسجد ولكنني أشعر أن صلاتي رياء ونفاق، نفسي تحدثني أن صلاتي في المسجد لأجل نيل ثناء المصلين، وكسب إعجابهم ليس إلا! ويعلم الله أنني أتعذب حين تنتابني هذه الوساوس. ما العمل أفيدونى أثابكم الله؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فكونك معاقًا وتصلي في المسجد فهذه نعمة أشكر الله عليها، أما الوسوسة التي تأتي في القول بأنك تذهب للمسجد ويقول الناس معاق ويصلي في المسجد، فهذه وسوسة شيطانية استعذ بالله منها كلما وردت على خاطرك، فإنه لو كسب منك عدم حضورك للمسجد فهذا نصر عظيم له، فلا تعطيه هذه الفرصة، ثم قل لنفسك هل أنا المعاق الوحيد الذي يصلي بالمساجد؟ وقطعاً ستكون الإجابة بالنفي، فهناك الكثيرون ممن يعانون مما تعاني منه ومع ذلك يصلون في المساجد، فاحرص حفظك الله وشفاك على الجماعة ففيها زيادة الإيمان، والذي كلما زاد زادت ثقة الإنسان بنفسه وتوكله على الله، وضعف سلطان الشيطان عليه، فالحكمة الذهبية تقول: كلما كثرت طاعاتك، وصالح الأعمال لديك، كلما قربت من الله وبعدت عن الشيطان، والعكس صحيح. وفق الله الجميع لكل خير، وأعاننا على أنفسنا، وهوى النفس الأمارة بالسوء، وعلى الشيطان المسلط علينا ليصرفنا عن الحق والخير، فالله المستعان وهو خير معين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا ... أسير الوساوس والقلق!

أنا ... أسير الوساوس والقلق! المجيب أ. د. صالح إبراهيم الصنيع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق التاريخ 03/05/1427هـ السؤال أنا مقيم في الغرب منذ عدة سنوات، متزوج وليس لديّ أطفال، كنت منحرفًا بسبب البيئة التي أعيش فيها وفقني الله إلى التوبة، نسأل الله أن يتقبل من الجميع، أعاني من مرض أرقني كثيراً وهو (القلق) أو نسميه (الحُزن) علما بأنني أصلي وابتعد عن الحرام بقدر المستطاع وهذا الضيق قد سبب لي الآتي: - حالة عصبية تلازمني في كل وقت، أغضب لأتفه الأسباب، وبالأخص مع زوجتي. - النسيان المفرط حتى أنني أنسى أسماء أصدقائي. - عدم تحمل أخطاء الآخرين. - البعد عن الاختلاط بالناس -الخوف من الموت-. آمل أن تجدوا حلاً لمشكلتي؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فسؤالك يدور ويتمحور حول حالة الوسواس التي تعاني منها واتضحت معالمها من خلال رسالتك. وعلاج الوسواس يختلف باختلاف درجته، فإذا كان في بدايته فيمكن علاجه بإذن الله تعالى، ويحتاج إلى مشاركة فاعلة من صاحب المشكلة، ولعلنا في السطور القادمة نرسم لك بعض المعالم المعينة -بإذن الله- على تجاوز مشكلتك، ونضعها في النقاط التالية: - استعن بالله وتوكل عليه في كل ما تريد القيام به. - أكثر من الطاعات وتجنب المعاصي. - اعلم أن لك عدوا هو الشيطان وهو حريص على أذيتك وتخذيلك فلا تترك له فرصة في تحقيق ما يريد. -علم نفسك الحزم وعدم الالتفات وتكرار ما سبقت أن قمت به، حتى لو خطر في نفسك أنك لم تقم به، فمثلاً إذا كنت أغلقت الباب ثم جاء هاجس أنك لم تغلقه، فقل في نفسك قد أغلقته ولا تعد للتأكد من إغلاقه بل انصرف لعمل آخر، وهكذا في كل عمل، حتى وإن وجدت في مرة من المرات أن ما تركته لم تكن بالفعل عملته، فهذا لا يضر ولا يحسب في جانب الفائدة المرجوة من عدم الالتفات للوسوسة. - لا تشغل فكرك بالوسوسة بل انشغل عنها بالصالح من الأعمال أو القراءة. - داوم على ذكر الله، وليكن لسانك رطباً من ذكر الله، ففيه طرد للشيطان، وحفظ من الله لك وطمأنينة للقلب. - اقرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك السلف الصالح من الأمة، وحاول ترسم خطاهم في حسن الخلق مع الأهل والناس أجمعين. - درب نفسك على كتابة ما تريد القيام به في ورقة على شكل خطوات متتالية، وراجعها قبل أن تباشر ما تريد عمله، فهي طريقة معينة على التذكر وعدم نسيان ما تريد القيام به. - أعط جسمك حقه من الراحة والنوم لفترة مناسبة، واحرص على أدعية النوم والاستيقاظ، وأذكار اليوم والليلة. - إذا تحدثت مع الآخرين فلا تلتفت للأفكار التي تأتيك حول ماذا سيقولون عنك، ولكن ركز على حسن الكلام معهم، ولا تلتفت لأي تفسير يرد على ذهنك حول طريقة كلامهم أو أنهم يتحدثون عنك، بل امض في حديثك ولا تقبل في ذهنك أي خواطر تتعلق بسلوكهم، وافترض حسن النية فيهم وفيما يقولون.

- لتكن علاقتك مع زوجتك قائمة على البر والتقوى، وحسن المعاملة، ولتكن هي سندك في ما تواجهه من مهام الحياة، واجعلها تشعر بحبك لها وحرصك عليها،، وأنكما شريكان في حياة واحدة، واجعلها تشترك في القرارات المتعلقة بحياتكما الزوجية، وأظهر الاحترام لرأيها، وتقبله أحياناً وإن كنت تراه غير مناسب، حتى تشعر بأنها مشتركة معك في مركب واحد، وتقف معك عندما تحتاج لوقوفها بجانبك في هذه الحياة. أما فيما يتعلق بالخوف من المصائب والموت، لتقل في نفسك إن جزءا من إيماني هو ركن الإيمان بالقضاء والقدر، وأن ما أصابني لم يكن ليخطئني وما أخطأني لم يكن ليصيبني، وأن كل شئ مقدر من الله، ولا تلتفت لهذه الهواجس وحاربها بهذ الركن من أركان الإيمان. - بالنسبة لأمور الآخرة، ليكن أملك في الله عظيم وتذكر أنه واسع المغفرة، رحيم بعباده، ورحمته وسعت كل شئ، واحرص على تصحيح توحيدك، واعلم أن كل موحد يدخل الجنة برحمة الله وفضله، ولا تفكر في دخول النار لأنها مصير غير الموحدين، وليكن رجاؤك بالله كبير فهو عند حسن ظن عبده به. - لا تنس في كل عمل هام الاستشارة من صديق صدوق، والاستخارة من رب العالمين ليدلك على الصواب، فلا خاب من استشار ولا ندم من استخار. - ختاماً لا تنس الدعاء، فهو سلاح المؤمنين في كل وقت وحين، والله يحفظك ويسدد على درب الهدى خطاك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

توتري..يمنعني من الاتصال بالآخرين!!

توتري..يمنعني من الاتصال بالآخرين!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق التاريخ 1/8/1422 السؤال أخي مشرف نافذة الاستشارات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. السؤال: أنا أعاني من مشكلة تؤرقني وهي صعوبة الاتصال بالآخرين أو بالأحرى عدم تمكني من توصيل ما أريد على الرغم من أني جامعية ـ ولله الحمد ـ ولكني أجد نفسي متوترة وأحياناً أشعر بالنقص والكمال لله وحده، وقد أثر ذلك على علاقاتي، مع أني لا أحب الانفراد بنفسي كما أني مرحة نوعاً ما ولكن يراودني أحياناً شعور بالخوف أفيدوني وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخت الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ذكرت في استفسارك أنك تعانين من صعوبة الاتصال بالآخرين، وعدم القدرة في توصيل ما تريدين قوله إليهم بالسهولة المطلوبة، وهذا فيما يبدو لي واضح في طريقة عرضك للسؤال إذ جمعت أشياء وقضايا مختلفة في آن واحد، فإلى جانب صعوبة الاتصال بالآخرين، ذكرت أنك تجدين نفسك متوترة أحياناً ولديك الشعور بالنقص وحب الحياة الاجتماعية وتحبين المرح وفي نفس الوقت لديك شعور بالخوف، ولكن لم توضحي ممّا يكون هذا الخوف؟ وهذه كلها ـ كما تلاحظين ـ هي مزيج من القضايا المختلفة اجتمعت جميعاً في سؤالك، ومما سبق يتضح وجود هذه المشكلة لديك أقصد مشكلة تداخل الأفكار عليك وهجومها على ذهنك حينما تريدين الإفصاح عن قضية معينة أو المشاركة في حوار مع شخص معين أو شرح مسألة ما لصديقة أو زميلة وهذا التداخل في الأفكار والمزيج من العبارات المختلفة والمواضيع المتباينة يجعل المقابل لك يتيه في الأمر الذي تريدين أنت الكلام عنه أو التعليق عليه وربما يفصح لك عن ذلك وإذا ما تكرر هذا المشهد مع أكثر من شخص وفي أكثر من موقع أو مناسبة جعلك تشعرين بنوع من الإحباط والشعور بالنقص؛ لأن الناس لا يريدون فهمك أو أنك عاجزة عن إيصال ما تريدينه إليهم. ولا أقول إن هناك علاجاً يمكنك تناوله وبذلك تنتهي مشكلتك، وإنما هناك طرق وأسباب عملية يمكن أن تساعدك على التخلص منها، وهي أيضاً ليست مقصورة عليها إذ ربما يوجد غيرها كثير، ولكن النقطة الأساس التي تجمعها أنها تحتاج إلى تدريب وممارسة مستمرة لتؤتي ثمارها. فأول هذه الطرق: هو حسن الإصغاء والاستماع للآخر، وعدم العجلة في الرد والمحاورة، إذ من المؤكد أن التداخل في الأفكار إنما هو نتيجة طبيعية للمحاورة السريعة والكلام المتعجل، حاولي الإنصات جيداً للآخرين وتفهم أقوالهم، ومن ثم يمكنك تمييز أفضل الكلمات التي يمكن أن تحاوري بها. الثاني: أيضاً وعدم العجلة في الكلام يساعد على ترتيب الأفكار، ومن خلاله أيضاً ـ أقصد الأناة ـ في الكلام يمكنك من التوقف متى ما أحسست أن الأفكار بدأت تتزاحم على مخيلتك، وتشعرين بالرغبة عن الإفصاح عنها، وبذلك تتجنبين الوقوع في المشكلة. أخيراً يجب أن تعلمي أنه ليس مهماً وضرورياً أن يقتنع كل أحد بأقوالك، لأن من أسباب هجوم الكثير من الأفكار عليك أثناء كلا مك هو ربما نتاج محاولتك القوية بإقناع المقابل بما تريدين، وهذا قد يكون متعذراً حصوله في جميع الأحوال وفي كل الأوقات. هذه بعض الإرشادات التي يمكن أن تساعدك وبالممارسة والتدريب المستمر ـ ولو بعد حين ـ قد تزول عنك مثل هذه المشكللة، ولكن إن رأيت أنها لم تثمر فلا بأس من عرض مشكلتك على المختصين فهم في النهاية أهل هذا الشأن.. والله الموفق.

تخشى من العودة للحرام في الإجازة

تخشى من العودة للحرام في الإجازة المجيب سلوى بنت صالح بابقي مساعد إدارة النشاط الثقافي بتعليم البنات. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق التاريخ 19/07/1426هـ السؤال قالت لي إحدى صديقاتي -بعد أن هداها الله- وهي حديثة عهد بتوبة: إنها تخشى على نفسها من العودة إلى الوقوع في المعصية من مشاهدة للأفلام وسماع الأغاني في الإجازة، فقد دخلت الإجازة، وهي لم تثبت بعد على طاعتها، فتخشى أن يزين لها الشيطان هذه المعاصي. فدلني يا شيخ على طريقة حتى تثبت على إيمانها, علماً أن أهل بيتها ليسوا متدينين. الجواب ابنتي العزيزة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إنه لعمل يثلج الصدر، ويبشر بخير كثير، فأنت ابنة الخمسة عشر ربيعاً قد يسَّر الله لك ووفقك أن تكوني داعية للخير، وسبباً في هداية إحدى صديقاتك. وإن أمامك من أبواب الأجر الكثير بعد أن هدى الله تلك الصديقة، وحيث ذكرت أنها حديثة عهد بتوبة، والمحيط الأسري حولها غير معين على الثبات، إضافة إلى فراغ الإجازة الصيفية، فلا تحرمي نفسك من عظيم الأجر، واستمري في التواصل معها بحيث تستغل أوقات الإجازة في برنامج نافع يحقق لكما الترويح المباح، واحرصي على تقوية روابط المودة معها؛ حتى تتأكد ثقتها بك ومحبتها لك، ويجعل الله لقولك وفعلك معها القبول، وحتى تصرف تلك الصديقة عن الملهيات المحرمة، اجعلا لكما برنامجاً للإجازة يتضمن العديد من الأنشطة والخدمات النافعة، فهناك حفظ القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، وممارسة بعض الهوايات في دائرة الحلال، الانضمام إلى صحبة من الفتيات الصالحات للقيام بمشروع دعوي ينتفع منه الأهل والأقارب والجيران بل والحي، صلة الأرحام، تعلم ما يجب تعلمه من أمور الدين من مصادرها الصحيحة، إلى غير ذلك من أنشطة وبرامج متنوعة تحقق الفائدة والمتعة المباحة، ولا تنسي أن توجهي صديقتك إلى ضرورة كسب رضى الوالدين بتقديم الخدمات لهما، ومعرفة ما يسرهما وتجنب مصادمتهما؛ حتى لا يعارضا ما هي عليه من أمور الهداية والاستقامة، بل يجدا منها بعد الهداية من البر والإحسان إليهما ما هو أعظم مما كانت عليه، وعمادُ ما سبق أن توجهي حاجتك إلى قاضي الحاجات ومجيب الدعوات، وتسأليه أن يثبتك ويعينك ويجعل لك من لدنه سلطاناً نصيرا، ثم اطلبي المشورة والرأي من أهل الدين والصلاح فهم أكبر منك سناً وأسبق تجربة وعلماً، وثقي أنك قد وفقت إلى طريق السعادة حقاً "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين"، "فوالله لئن يُهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم". أسأل الله العظيم ربِّ العرش العظيم أن يبارك في علمك وعملك.

الكآبة والأرق تؤثران على تفكيري..!!

الكآبة والأرق تؤثران على تفكيري..!! المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق التاريخ 23/11/1422 السؤال أنا كثيرة التفكير في مستقبلي حتى إنه في بعض الأحيان تخيم عليّ الكآبة ويصيبني الأرق بالليل ويؤثر على تفكيري بالأشياء الأخرى وأحياناً أبكي علماً بأني لست متزوجة. الرجاء التكرم بالإجابة؛ لأنني سئمت الحياة بهذه الطريقة. والله الموفق. الجواب الأخت الكريمة، رداً على استفسارك نقول: لك كنا نود أن نعرف بعض الأعراض الأخرى المصاحبة لما ذكرتِ حتى نستطيع أن نضع النقاط على الأحرف فتقرأ بسهولة، وعموماً كنا نود أن نعرف أشياء مثل: هل تشعرين بالذنب نتيجة عمل ما؟ كذلك ما نظرتك للمستقبل، وماذا يعني لك؟ وأيضاً هل تستمتعين بالحياة أم مجرد أن تخيم عليك الكآبة في أوقاتٍ معينة؟ فإذا كانت هذه الأعراض مصاحبة لمشكلتك فأقول لك: أنت بحاجة إلى طبيب نفسي أو معالج نفسي ليستطيع مساعدتك في حل مشكلتك حتى لا تزيد الأمور عليك سوءاً. أما إذا كانت المشكلة مجرد تفكيرك في المستقبل يسبب الكآبة والأرق ولا توجد الأعراض السابق ذكرها فما هذا إلا قلق ينتابك ويسيطر عليك خاصة في ظل ظروفك العمرية والاجتماعية، هنا يكون هذا الأرق والكآبة المخيَمة نتيجة الخوف وكثرة التفكير في المستقبل المجهول، ومعلوم أن كل فتاة تفكر يا عزيزتي في المستقبل - فإذا كان الأمر كذلك وتظنين أنك بلغتِ من العمر ثلاثين سنة دون زواج فأتمنى ألا تقلقي فمازال المستقبل مشرقاً أمامك وكم من فتيات أكبر منك عمراً كانت لهن ظروف حالت دون الزواج في مثل سنك وانتظرن إلى أن أراد الله وتزوجن زيجات موفقة وأشبعن رغباتهن، وفي نفس الوقت حققن طموحاتهن.. فاصبري فإن مع العسر يسراً ويقول الحق تبارك وتعالى) واصبروا إن الله مع الصابرين (. بالإضافة لما قدمناه لك من نصائح واستشارة نقول لك: عليك عدم التفكير الشديد في المستقبل؛ فكل شيء بقضاء، وفكري بمنطق وواقعية؛ فالمستقبل لا يعلمه إلا الله فهذا عالم مجهول مصداقأً لقوله تعالى) وما تدري نفس ماذا تكسب غداً (لقمان:34 وعيشي حياتك طبيعية دون دواعٍ للتفكير الشديد الذي يجلب القلق، والذي ترتب عليه الأرق والكآبة ونسأل الله لكِ ولنا التوفيق، ونرجوه سبحانه أن نكون قد وفقنا في تقديم العون لك. والله الموفق..

معاناة نفسية بسبب تخصصي الشرعي!

معاناة نفسية بسبب تخصصي الشرعي! المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق التاريخ 09/07/1426هـ السؤال أنا ملتزم منذ فترة طويلة، والتحقت في الجامعة بقسم الدراسات الإسلامية، وأعاني من حالة نفسية صعبة؛ حيث إن كل من يسألني عن قسمي يوهن من عزمي، وينصحني بالتحويل إلى قسم آخر؛ بحجة أنه لا أجد وظيفة بعد التخرج، وأتتني فرص للتحويل إلى أقسام أفضل في الحصول على وظيفة بعد التخرج، ووالدي يصر عليّ بالتحويل، وأنا بين نارين: نار ما بعد التخرج وفرص الوظيفة، ونار التحويل، فربما يضعف التزامي بعد التحويل، أرجو أن ترشدوني ماذا أفعل؟ علماً أني على وشك التخرج. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد. اعلم -أيها الابن الحبيب- أن الأمر أهون مما تتصور، فأنت تضخمه وهو لا يحتاج إلى شيء من ذلك، فلا تشغل بالك وتعطي الأمر أكثر مما يستحق، خاصة إذا اتضحت لك الأمور التالية: (1) إنك -بحمد الله- مستقيم، ومن علامات الاستقامة التامة حسن الظن بالله والثقة به والاتكال عليه في شأن الرزق بعد فعل الأسباب. فأنت فعلت السبب فلست عاطلاً، بل تدرس ما سيكون له فيما بعد شأن مهم بإذن الله. (2) دخلت للكلية باختيارك ورغبتك وهذا مما سيكون له الأثر الأكبر في نجاحك بإذن الله، فلم تدخل برغبة غيرك، أو بمشورة لست مقتنعاً بها كل الاقتناع. (3) هل أنت الوحيد الذي تدرس في الكلية، بل معك طلاب كثيرون، ولو كانوا لا يتوقعون الحصول على الوظيفة بالشهادة لما دخلوها. فلماذا تنفرد أنت بهذا الظن فقط؟!. لذا أوصيك بتقوية ثقتك بالله وإحسان الظن به، فلا يشغلك طلب الرزق قبل أوانه، وعليك أن تكون معتصماً بإيمانك بالله، ثابتاً كالجبال الرواسي، وليس كالشجرة تلعب الرياح بأغصانها. وأوصيك باستشارة خير المدرسين ممن تثق بدينه وخلقه وحسن مشورته، وكذلك استشر زملاءك ممن لهم صلة بالله، واجتهاد بدراستهم. ووالدك بإمكانك إقناعه بأسلوب فيه تقدير واحترام، وتشعره بأنك حريص على طاعته، ولكنك تحب أن تكون دراستك فيما يناسب ويوافق ميولك. إليك هذه الأبيات للإمام الشافعي- رحمه الله-: توكلت في رزقي على الله خالقي *** وأيقنت أن الله لاشك رازقِ وما يك من رزقي فليس يفوتني *** ولو كان في قاع البحار العوامقِ سيأتي به الله العظيم بفضله *** ولو لم يكن مني اللسان بناطقِ ففي أي شيء تذهب النفس حسرة *** وقد قسم الرحمن رزق الخلائقِ

يعاني من الخوف والتوتر العصبي

يعاني من الخوف والتوتر العصبي المجيب د. محمد بن عبد الخالق شحاته استشاري الأمراض النفسية بالقصر العيني بمصر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق التاريخ 21/09/1425هـ السؤال السلام عليكم. بصراحة دائماً ينتابني خوف وتوتر أعصاب، خاصة بالصلاة والدوام، ليتكم تفيدوني في هذا الموضوع. الجواب الحمد لله الهادي إلى سواء السبيل، والصلاة والسلام على نبينا الكريم، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فما تشعر به ـ أخي الكريم ـ هو من أعراض (القلق) ، والقلق من المشاعر النفسية المضطربة، التي تنتج عنها في الغالب آثار سيئة مثل: التوتر والانقباض والخوف وعدم الطمأنينة والكآبة، وقد ينتج عن القلق آثار مرضية عضوية، كاضطراب القلب وتقلص المعدة والشعور بالإرهاق وغير ذلك. وعليك أن تعلم ـ يا أخي ـ أن مثيرات القلق لها أسباب كثيرة جامع القول فيها إنها غالباً ما تتعلَّق بالخوف من المجهول أو المستقبل، ومنها: أسباب خاصة كخوف الطالب وقلقه من الامتحان، وخوف الوالدين على أولادهما عند مرضهم وقلقهم عليهم، والخوف من الموت ونحو ذلك. وهذا القلق يكون محموداً ومندوباً إليه إذا كان وسيلة لدفع الإنسان إلى الخوف من الآخرة وإحسان العمل، ويكون سوياً إذا كان في حجمه الطبيعي الذي يحفظ قدرات الإنسان على العطاء والحرص المتوازن، ويكون مذموماً إذا تعدَّى حدوده إلى إعاقة عطائه وقدراته, وهناك أسباب عامة حين يتحول القلق إلى مرض نفسي يلازم الفرد في معظم تصرفاته، دون أن يكون لديه من الإيمان التحصين الكافي لدفع خطر المرض أو الوقاية منه. وعلاج القلق، لابد أن يركز على الجذور، باجتثاث الأسباب التي أسهمت في ظهوره، وهذا العلاج ممكن بعدة وسائل، لعل أهمها: (1) من أهم وسائل العلاج تقوية إيمان الإنسان بربه؛ لأن الإيمان حصن منيع يحجز طوفان هذه المشكلة من العبور إلى نفس الإنسان، فلا تستطيع بواعث القلق أن تتسلقه أو تخترقه، وإذا حدثت شقوق في هذا الحصن أمكن السيطرة عليها وعلاجها. وكيف يستبد به القلق، ولماذا يقلق أساساً من يعرف إنما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما كتب له لن يذهب لغيره، وما لم يكتب له لن يحصل عليه بقوته. وإذا ضعف الوازع الإيماني عند الإنسان، أو اعتراه شيء من الران، مع وجود الفطرة السليمة، فإن إيقاظ هذا الوازع أمر لا يصعب على المصلحين والدعاة عبر وسائل لا حصر لها. (2) من أسباب إزالة القلق والاكتئاب: الإحسان إلى الخلق بالقول وبالفعل، فبهذا الإحسان يدفع الله عن البر والفاجر الغم والهم في الدنيا، ولكن للمؤمن منه أكمل الحظ والنصيب في الدنيا والآخرة، قال تعالى: "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً", [النساء: 114] . (3) ومن الأسباب التي تحد من الاكتئاب والقلق والتوتر وغيرهم: الاشتغال بعمل من الأعمال أو بعلم من العلوم، لأن إشغال الناس بالمفيد يحجز عنها غير المفيد من قلق ونحوه.

(4) الحرص على الانتفاع بثمار العبادات المختلفة، والمداومة على الأذكار الشرعية المأثورة من الكتاب والسنة؛ لأن المشاعر النفسية لا تتحكم إلا في القلب الفارغ مما ينفع؛ ولأن الذكر سبب من أسباب طمأنينة القلب، حيث قال سبحانه وتعالى: "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد: 28] . ومما لا ريب فيه أن قراءة القرآن الكريم من أفضل العبادات والأذكار التي يحسن بالمسلم أن يتعاهدها، وأن يشغل نفسه بها، وهو وقاية وشفاء للأنفس والأبدان، من كل الأمراض، قال المولى عز وجل: "قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء" [فصلت: 44] . (5) من الأسباب المعينة على طرد الاكتئاب والقلق ونحوهما: الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطع القلب عن الخوف من المستقبل، وقد ورد في صحيحي البخاري (6369) ، ومسلم (2706) -رحمهما الله- من حديث أنس بن مالك-رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم: استعاذ من الهم والحَزنَ، فالحَزَن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها، والهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل.

حالي.. وأحلامي.. وتشاؤمي ... !!!

حالي.. وأحلامي.. وتشاؤمي ... !!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق التاريخ 17-2-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أنا شاب أدرس بالجامعة وعندي سيارة ومرتاح وحالي ميسور ولكن عندي مشكلة هي أني متشائم بالمستقبل وحائر في دنيتي.. مع أني أصلي ومحافظ على الصلاة.. ولكن أتمنى الزواج والراتب وسداد ديوني.. أحس في نفسي نقص أتمنى إكماله وأتمنى أن أرتاح وأتمنى ألا أمد يدي للحرام خوفاً من رب العالمين ولكن ظروفي لا تساعد وكل مرة يوسوس لي الشيطان ويريدني أن أفعل عمل أخالف فيه رب العالمين.. أحياناً أقبل وأحياناً لا.. أرجو أن أجد الحل لمشكلتي وأتمنى أن أرتاح وأريح ضيق النفس والقلب. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: التفاؤل والتشاؤم - أخي الكريم - شعور داخلي نحن مسؤولون عنه.. ولا أحد غيرنا..! ونحن الذين نوجده أو العكس.. وأنت كما تذكر - بحمد الله - ميسور الحال وظروفك إلى حد كبير مناسبة.. ومتعلم.. وصحتك جيدة.. والمستقبل - بإذن الله - أمامك مفتوح.. فلماذا كل هذا التشاؤم..؟!! ثانيا ً: صدقني.. كثيراً ما تنتابنا مثل هذه المشاعر " السوداوية" " والحزن الغامض" الذي هو بقايا من صور ومشاهد علقت في "عقلنا الباطن" وتجمعت في أكثر من موقف وأكثر من مناسبة.. وبالتالي ظهرت الصورة أمامنا مشوشة وكئيبة!!! كما تتجمع الأوساخ والأتربة على زجاج السيارة الأمامي شيئاً فشيئاً حتى تحجب الرؤية..!! والحل هنا إزالة مثل هذه الأوساخ والأتربة بين فترة وأخرى.. والتعامل معها على أنها شيء طبيعي يمكننا إزالته والتخلص منه ببساطة!! ثالثاً: إن مجرد شعورنا بقدراتنا على التعامل مع ذلك الشعور.. وعدم التوقف أمامه طويلاً.. يزيل جزءاً كبيراً منه..! ويبقى جزء يسير نستكمل إزالته بالتفاؤل.." تفاءلوا بالخير تجدوه " وهذه حقيقة.. وليست مجرد شعار.. فقانون " التداعي" قانون مهم مؤثر وخطير.. وهو قانون نفسي معروف مفاده أن الأفكار الإيجابية تستدعي مواقف إيجابية والأفكار السلبية تستدعي مواقف سلبية!!! رابعاً: الحمد لله الذي وفقك للمحافظة على الصلاة.. وهي نعمة كبيرة اسأل الله لي ولك الثبات عليها حتى الممات.. وأما حيرتك وشعورك - أحياناً - بالنقص.. والرغبة في استكماله فهو شعور رائع.. يعني "الطموح" والرغبة في الارتقاء.. واكتساب المهارات الاجتماعية.. وهو أمر متوفر أثق أنك قادر عليه - بعون الله - فلا تقلل من قدرتك.. ولا تتوقف طويلاً أمام تلك الهواجس التي تنتابك أحياناً.. وحدد هدفك بوضوح وحاول تحقيقه.. متكلاً على الله ومستعيذاً من نزغات الشيطان الرجيم قائماً وقاعداً (إن الشيطان لكم عدواً فاتخذوه عدواً) .

خامساً: أما مسألة الزواج فإن كنت قادراً عليه من الناحية المادية والاجتماعية فأقدم وسيعينك الله ويوفقك.. وإن لم تكن قادراً عليه في هذه المرحلة فاصبر وأحسن النية والجأ إلى الله بالدعاء وكثرة الاستغفار قال تعالى (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) . سادساً: عليك - أخي الكريم - باختيار الرفقة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه.. وابدأ منذ الآن بالبحث عنها.. والتفاؤل بوجودها.. مع إحسان الظن بالله والثقة به.. ثم الثقة بنفسك وبقدرتك على تحقيق آمالك وطموحاتك بالعمل والصبر والتفاؤل. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

أفكر بالانتحار

أفكر بالانتحار المجيب د. تركي بن حمود البطي طبيب نفسي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق التاريخ 23/11/1425هـ السؤال أحس أن الدنيا ملل لدرجة أني أفكر بالانتحار، مع كل هذا فأنا لدي مشاكل كبيرة مع التعامل في العائلة وفي أي مكان، وعندما يحصل لي أي شيء حتى لو كان تافهاً أحس أن الدنيا وقعت كلها على رأسي، وأحس أني سأنفجر من الضغط، وأحس أن لدي أمراضاً نفسية، مع العلم أني شاب متدين. أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي السائل الكريم: الأعراض التي ذكرتها تتوافق مع اضطرابات الشخصية من نوع الشخصية الحساسة، القلقلة وخلافها، نصيحتي لك بمراجعة طبيب نفسي موثوق به؛ لعله يساعدك في تجاوز هذه المرحلة، سواء بالأدوية أو الجلسات للعلاج السلوكي والمعرفي، قد يكون ما تعاني منه هو نوع من تقلب المزاج واضطرابات المراهقة، أو عدم التكيف مع التغيرات التي تحصل في هذه المرحلة، كونك شاباً ملتزماً لا يعطيك هذا مناعة ضد الأمراض النفسية، بل يساعدك على تجاوز هذه المرحلة بثقة وثبات أكثر من غيرك، ولا يجب أن تلوم نفسك بوجود هذه المشاكل مع كونك ملتزماً، بل هذه إيجابية لك في حل المشكلة إذا استفدت منها ولم تجعلها عبئاً على نفسك باللوم وجلد الذات. أخي الكريم: موضوع الانتحار موضوع يراود الكثير ممن هم في مثل حالتك، ولكن لو تأملت نفسك لو أقدمت على هذا العمل ماذا سوف تجني؟ أعتقد أن هذه النقطة وحدها كافية لإقفال هذا الموضوع، وفتح صفحة جديدة من التفاؤل والنظرة المشرفة للحياة، تقول لي: لكني أفعل هذا للهروب مما أنا فيه، أقول لك: أوافقك على المبدأ، لكن أختلف معك على الطريقة، بمعنى هل الحل لمشكلتك هو بالهروب منها، أم بمواجهتها ومعرفة أصل المشكلة وإيجاد حلول لها. أخي السائل: تحتاج أن تعرف أن الحياة فيها الحلو والمر، السراء والضراء، الضيق والرخاء السعادة والشقاء، لكن من يستطيع أن يأخذ الجانب المضيء من هذه الحياة، ويبتعد أو يقلل من ضريبة الحياة والمدنية، أعرف أربعة جوانب من حياتك وحدِّد مشكلتك في أيها. علاقتك مع ربك- علاقتك مع نفسك- علاقتك بمن حولك (العائلة - المجتمع..) وأخيراً نظرتك المتفائلة للمستقبل. انظر في أي هذه الأرباع يوجد النقص، واعمل على مواجهته وإصلاح الخلل الذي فيه، احرص على اللجوء إلى الله، وشاور من حولك ممن تثق بهم، وراجع طبيبك وصارحه بمشاكلك، ولا تستعجل النتيجة، وتحلَّ بالصبر، وبمشيئة الله سوف تجد الفرج والسعادة في نهاية المطاف. والله يحفظك ويرعاك.

الاكتئاب

أنا أسيرة الكآبة والحزن المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاكتئاب التاريخ 27/03/1427هـ السؤال أنا فتاة عمري ثمان عشرة سنة، مررت بمشكلات عِدّة، ومنذ الصغر وأنا أعاني من هذه الكلمة، وأن الكل لا يقدرني لا في البيت، ولا في المدرسة، وأحس أني مقصرة كذلك مع الله -سبحانه وتعالى- مما يعذبني أكثر، ويزيد من ألمي وبكائي، كلمة واحدة أرددها الآن كل يوم وهي أني: تعبت؛ وتعبت كثيرًا، من ماذا؟ لا أدري! لكني أحس بالخمول وعدم الرغبة في أي شيء، لا في الدراسة ولا في العمل بالبيت، ولا حتى في ديني. دائما أقول: غداً سأفعل هذا إن شاء الله، لكني أعود إلى حالتي، ولم أعد أستطيع الإحساس بأي شيء، وكأني أمر بحالة من أحوال الكاَبة المرة، فأريد أن أتغير، وأدعو الله دائما أن يهديني، إلا أنني سلبية أحب الانطواء والاختلاء بنفسي كثيرًا، وأنام فقط لأني أعتبر النوم وسيلة للهرب، حتى أصبحت أمرض كثيراً، والأطباء يقولون لي: أنتِ لست مريضة، ويشيرون إلى نفسيتي، وينصحونني بطبيب نفسي، فأرجو المساعدة. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد تعجبت كثيراً وأنا أقرأ هذا السؤال، والذي يتضمن حاله من التعب والكآبة والحزن والهم والغم لامرأة في شبابها وصحتها. بل مما يزيد عجبي أنها مؤمنة تريد رضا الله جل وعلا، عجيب كيف تصل الحال بالمؤمنة إلى هذه الكآبة والحزن ومن ماذا؟ من لا شيء! لو قال ذلك كافر -لا يؤمن بالله ولا اليوم الآخر ولا يرجو ثوباً ولا يخاف الله من عقاب الله- لكان متوقعاً؛ لأنه لا يعرف لماذا خلق وإلى اين سيذهب؟ أما المؤمن فإنه يعلم لماذا خلق وإلى أين مصيره، ويعلم أن الله تعالى لا يقدر له إلا ما فيه خير. حتى المصائب حتى البلايا لله فيها حكم وغايات سامية عامة كنت أو خاصة، والمؤمن بذلك يتعامل مع الله تعالى يرجو الثواب، ويخشى العقاب، يحتسب الأجر فيما يعمل ويطمع في مغفرة السيئات، والمؤمن مشغول بما ينفعه من الأقوال والأفعال ليس عنده وقت للوساوس والخواطر الرديئة، المؤمن بين مقامين مقام الشكر ومقام الصبر، ويشكر عند النعمة ويصبر عند البلاء.

إن ما أصابك -أيتها الأخت السائلة- وما تعيشينه من تعب هو سبب ضعف الإيمان، فعليك بتقوية إيمانك بالله تعالى بتلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه، ومداومة ذكر الله فبذكر الله تطمئن القلوب، والمحافظة على التحصينات الشرعية والأذكار النبوية عند النوم واليقظة وعند خروج والدخول، وعند الأكل والشرب وفي جميع الأحوال، كما أن عليك البعد عن أسباب ضعف الإتيان من المعاصي بأنواعها، وانطري -أيتها الأخت- إلى ما أنعم الله عليك من النعم المتعددة، واشتغلي بشكرها وتأملي كيف سلبت هذه النعم من أناس كُثُر بينما بقيت لك. واعلمي أن حزنك لن يرد غائباً ولن يأتي بجديد ولن يعيد الزمن، فلا فائدة منه، وكلها أيام معدودة ثم تنتهي هذه الدنيا بما فيها، وينتقل منها المؤمن إلى سعادة لا شقاء بعدها، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ بالنار يقال يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول لا يا رب. ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيضع صبغة في الجنة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط" أخرجه مسلم (2807) من حديث أنس -رضي الله عنه- صبغة: أي (غمسة) فاقبلي على الله تعالى وتوبي إليه، واستغفري واشتغلي بعبادته ونوعي من العبادات بما جاء في الشريعة، وأعطى النفس حقها من الراحة والمتعة والنزهة، ولا بأس من الاستفادة من أهل التخصص من أطباء أو غيرهم، ومما يفيدك في ذلك كتيب: ظاهرة ضعف الإيمان للمنجد، وكتيب: ثلاثون وسيلة للسعادة، وكتيب لا تحزن كلاهما للشيخ عائض القرني، وكتيب الوسائل المفيدة للحياة السعيدة للسعدي. ففيها توجيهات وإرشادات مفيدة. أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك ويذهب همك وينور صدرك ويجلي حزنك ويسعدك في الدنيا والآخرة.

اكتئاب ... وهلع!! وأمور أخرى!!

اكتئاب ... وهلع!! وأمور أخرى!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاكتئاب التاريخ 26/4/1422 السؤال زوجتي تعاني من ما يسمى عند الأطباء بنوبات الهلع والاكتئاب والأفكار السوداوية زوجتي تعاني من الخوف من الموت والمستقبل وتأتي لها أفكار عن الذات الإلاهية ودائماً ما تشعر بحزن وضيقة، علماً بأنها تصلي وتقرأ في بعض الأحيان القرآن. الأطباء ينصحون باستخدام الأدوية، ولكن ما هي الطريقة الدينية للتخلص من هذا المرض. الجواب أعانك الله على ما أنت فيه وشفى الله زوجتك وعافاها وجميع مرضى المسلمين. بالنسبة لاستشارتك فرأيي فيها ما يلي: أولاً - بالنسبة لتشخيصك لوضع زوجتك فلا أدري عن دقته وصحته وإن صح فلا أدري ما نسبته ولكن الذي يظهر من سؤالك أنك قد استشرت بعض الأطباء النفسيين وكما تقول اقترحوا عليك العلاج بالأدوية فإن كان كذلك فهذا يعني أن تشخيصك دقيقاً وعلمياً. ثانياً - اعلم يا أخي أن الاكتئاب النفسي من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً ويتباين في شدته بين إحساس المريض بالحزن العميق والضيق والهم والغم الشديدين وبين الشعور الكبير باليأس من الحياة وربما محاولة التخلص منها وتصاب به النساء عادة أكثر من الرجال بنسبة قد تصل إلى الضعف تقريباً أما أعراضه فهي الشعور بالحزن والكآبة والانطواء والعزلة والتشاؤم وعدم الرغبة في عمل أي شيء أو الاستماع في أي شيء والشعور المستمر بالذنب وتأنيب الضمير ولوم النفس وقلة النشاط والاضطراب في نظام النوم والطعام أحياناً بالزيادة وأحياناً بالنقص!!! والسوداوية الكثيرة في النظرة للحياة والناس والإحساس الكبير أحياناً بالظلم وقد يتطور الأمر إلى كثرة النسيان وبعض الهلاوس السمعية وربما البصرية!! واما القلق فيعتبر بشكل عام أحد المشاعر الأساسية في تكوين النفس الانسانية وهو يعني الإحساس بالخطر وعدم الاطمئنان!! ويمكننا القول إن القلق في حدود معقولة مطلب ضروري وشعور إيجابي لانه يساعد الإنسان على الاستعداد لمواجهة الحياة ومتطلباتها بشرط ألا يتجاوز حدوده ويتحول إلى قلق مرضي مزعج للشخص المصاب به ولمن حوله!! وقد يتطور إلى أمراض نفسية اكثر عمقا وخطورة!! أو يصل إلى ما يسمى بنوبات القلق أو الهلع الحاد حيث يشعر المريض خلالها بالتوتر والانزعاج والخوف وتزداد ضربات قلبه ويشعر بضيق في التنفس وفي الصدر وربما بعض الألم!؟ وقد يحدث لديه نوع من الشعور با لاغماء وقد يشعر بان نهايته قد اقتربت وانه سيموت مما يزيد من حالته سوءا حتى يصل إلى إحساس طاغ بأنه سيفقد عقله وقدرته في السيطرة على نفسه وافعاله!!! وهذه النوبات قد تتكرر في اليوم الواحد اكثر من مرة ولأوقات متفاوتة. ثالثاً - يخلط بعض الناس بين الاكتئاب المرضي والحزن الطبيعي الذي يحدث عند الإنسان نتيجة موقف معين وهو يشبه في بعض أعراضه الاكتئاب المرضي!! إلا أنه يعتبر طبيعياً ويتلاشى تدريجياً مع الأيام دون الحاجة إلى تدخل علاجي.

رابعاً - لكل ما سبق فإني ارجح أن يكون ما تعاني منه زوجتك ((اكتئاب حاد)) و ((نوبات قلق وهلع)) فقط وما سوى ذلك أعراض مرضية وتبعات طبيعية لهذا المرض!! فما هي أسباب الاكتئاب..والقلق؟؟ قد تكون هناك أسباب بيولوجية ووراثية.. وقد يكون له أسباب نفسية او اجتماعية اوتربوية تتعلق بالتنشئة التي مر بها المريض!! وقد يكون له أسباب خاصة بطبيعة المريض وتركيبته النفسية والعقلية وقد ترتبط أسباب الاكتئاب بظروف الحياة وتقلبات الزمن. خامساً - اقترح عليك أخي الكريم ضرورة عرض زوجتك على أحد الأطباء النفسيين الثقات وهم كثر ولله الحمد ولا تتردد في ذلك فهو القادر بإذن الله على تشخيص الداء ووصف الدواء وهو بحمد الله دواء مجرب ومأمون إلى حد كبير ولا يؤدي إلى الإدمان ولكن يجب الالتزام بتوصيات الطبيب والمعالج النفسي سواء أكان العلاج الذي رأوه علاجا دوائيا قد يستمر استعماله لعدة اشهر او كان علاجا نفسيا يعتمد على فنيات تعديل السلوك عن طريق الجلسات النفسية العلاجية وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة لدى المريض وأبشرك أن النتائج في مثل هذه الأدوية والجلسات كبيرة وإيجابية بفضل الله. سادساً - مع كل ذلك على مريضك إحسان الظن بالله والثقة فيه بأنه الشافي المعافي والإكثار من قراءة القرآن والأوراد اليومية المعروفة وأذكار الصباح والمساء وهي بفضل الله متوفرة في كتيبات ومطويات في كثير من المكتبات وكذلك الدعاء الصادق بالشفاء وتحري مواطن الإجابة كالسجود وأدبار الصلوات وآخر الليل وعند ختم القرآن والإلحاح بالدعاء فإن الله تعالى قريب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ولا بأس في الرقية الشرعية وطرقها معروفة.. سابعاً - لا تعارض أخي الكريم بين كل ما سبق فنحن مطالبون بفعل الأسباب فلا بأس هنا بين زيارة الطبيب النفسي والالتزام بتوصياته والقيام بالأمور الشرعية الأخرى من أدعية وأوراد ورقية وفقك الله إلى ما فيه الخير وشفى مريضك وجميع مرضى المسلمين عاجلاً غير آجل إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أعاني من الاكتئاب

أعاني من الاكتئاب المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاكتئاب التاريخ 27/9/1422 السؤال أنا فتاة عمري تسعة عشرعاما باختصار أعاني من التردد وعدم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، وأعاني من تشتت الذهن والتفكير بسبب حالة التناقضات التي أعيشها بعد دخولي الجامعة. (تدني تحصيلي الدراسي وعدم القدرة على الحفظ وربط المعلومات، كثيرة النسيان) مع أنني كنت من المتفوقات تحولت من الفتاة المحبة لكل الناس الاجتماعية المبتسمة إلى العبوس المنطوية التي لا تحب أحداً حتى والديها وإخوتها!. أتمنى السعادة ولكن أخشاها وأخاف من الأحداث المفرحة وأرتاح للبكاء (وهذا الشعور كان لدي في طفولتي وحتى الآن) . تمنيت أن لو أستطيع الانتحار ولكن أخشى غضب الله ونار جهنم وأتمنى أحياناً أن لو كنت نسياً منسيا. صرت أخشى التعرف على صديقات، وأتمنى أن لو كنت مع كتبي وحيدة بعيدة عن هذه الدنيا. أشعر بفقدان الثقة في نفسي. أحياناً لا أود الاستيقاظ من النوم، وأرغب في أن أكمل أحلامي هربا من الحياة الواقعية التي أعيشها. لا إرادياً أجد نفسي أقلد حركة أو كلمة شخص ما دون قصد مني.. هل أنا مريضة نفسياً أم لا؟ وإن كان هناك دواء يرسم البسمة على ملامحي الكئيبة أرجوكم دلوني عليه. الجواب أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: لم تذكري لي شيئاً عن ظروفك الأسرية والاجتماعية.. حتى يكون تصوري للموضوع أكثر شمولية، وأعمق فهما، وبالتالي يكون التشخيص أكثر دقة والإرشاد أكبر نفعاً.. ولكني سأجيب بقدر المستطاع على الجانب النفسي للمشكلة، وآلية التعامل معها. ثانياً: جميع الحيثيات التي ذكرتِها بدءاً من التردد وعدم وضوح الرؤية وتشتت الذهن وانخفاظ المستوى الدراسي، والعبوس والانطواء، والرغبة في البكاء والوحدة، والهروب من الواقع، والرغبة أحياناً في الانتحار لولا خوف الله وعذاب جهنم كما تقولين.. وفقدان الثقة في النفس.. إلخ.. هي خليط متداخل بعضها سبب وبعضها نتيجة لشيء واحد وهو الاكتئاب..!! فأنت هناـ والله أعلم ـ تعانين من الاكتئاب بشكل واضح أثر على مجمل حياتك الوجدانية والدراسية والاجتماعية بشكل كبير!! . ثالثاً: ولعلك تتساءلين: وما هو الاكتئاب..؟ وما الكيفية التي أتخلص بها منه..؟! فأقول لك: إن الاكتئاب يعتبر من الأمراض الشائعة نسبياً في العصر الحديث.. إذ تقدر أحدث الدراسات أن نسبة المصابين به بحدود 5% من الرجال و 8% من النساء مع التفاوت في حدته وعمقه من شخص لآخر.. علماً أن هذا المرض لا يقتصر على مجتمع دون آخر أو مرحلة عمرية دون أخرى.. إذ يتصف المصاب به بتقلب المزاج بين الحزن والضجر والاستياء، وربما الحزن العميق والهم والغم، وانعدام الحماس والرغبة لأي شيء وانعدام الثقة بالنفس وتوهم الفشل والشعور بالنقص، ونوبات البكاء الحادة أحياناً، والإجهاد الكبير والتعب.. وربما وصل الأمر إلى التفكير بإنهاء الحياة نسأل الله السلامة!!

رابعاً: لا بد أن نفرق هنا بين الحزن الطبيعي والاكتئاب.. إذ يعتبر الأول شعور مفهوم يصيب الإنسان لسبب أو لآخر نتيجة لموقف أو مشكلة أو مصيبة، ويقل شيئاً فشيئاً حتى يتلاشى.. أما الاكتئاب فهو حزن عميق دائم.. غير مفهوم يؤدي إلى بعض أو كل الأعراض السالفة الذكر.. مع استمرار الشعور الاكتئابي أغلب ساعات اليوم والتغير في الوزن إما بالزيادة أو بالنقص مع قلة ساعات النوم أو زيادتها.!! خامساً: أما عن أسبابه فإن للعوامل الوراثية أحياناً كتغير كيمياء الجسم دوراً مباشراً في ذلك، وللعوامل البيئية والاجتماعية أيضاً دور.. كما أن لنوع الشخصية أحياناً دوراً في سرعة الإصابة بالاكتئاب وحدتها وعمقها. سادساً: أما عن العلاج.. فهناك علاج ذاتي يقوم به المريض لمواجهة مثل هذا الأمر.. وقد يحتاج الأمر إلى مراجعة أحد الأطباء النفسيين الذي يقوم عادة بتقديم العلاج النفسي للمريض عبر جلسات الاسترخاء والتنفيس الانفعالي.. وتدعيم الذّات.. وتبصير المريض بواقعه.. إلى غير ذلك من فنيات العلاج النفسي، وقد يحتاج الأمر إلى علاج دوائي.. وهو علاج مجرب ولا يؤدي إلى الإدمان..وله نتائج إيجابية ـ بإذن الله ـ وكل هذا يتوقف على مدى ودرجة الاكتئاب وتعاون المريض واستجابته للتوصيات. سابعاً: أُذكرك أختي الكريمة بالدور الكبير الذي يمكنك القيام به لمواجهة هذا الأمر عبر قراءة القرآن الكريم.. والإكثار من ذكر الله [ألا بذكر الله تطمئن القلوب] والثقة به.. واليقين بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك.. مصداقاً للحديث النبوي الشريف.. وكثرة الاستغفار.. حيث جاء في الحديث (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب) .. وتأدية الفروض في أوقاتها، إضافة إلى التفاعل الإيجابي مع محيطك، وعدم الاستسلام لنوبات الاكتئاب والانعزال بل المشاركة في المناسبات الاجتماعية بشكل إيجابي، والتفاعل مع الأقارب والأصدقاء، والخروج من الدائرة الذاتية الضيقة إلى دوائر أخرى أكثر سعة ورحابة، والتفاؤل دائماً بأن مع العسر يسراً.. وبأن فرج الله قريب. ثامناً: سبق أن تمت الإجابة أكثر من مرة على مشكلة الاكتئاب وستجدين منها في خزانة الاستشارات تحت قسم المشكلات النفسية ـ الاكتئاب ـ " آمل أن تطلعي عليها لمزيد من الفائدة " وفقك الله وشفاك وأعانك، وسدد على طريق الخير خطاك.

حزني.. وتشاؤمي قد يدفعاني للهاوية..!!

حزني.. وتشاؤمي قد يدفعاني للهاوية..!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاكتئاب التاريخ 11/6/1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل.. اعرض عليك مشكلتي والتي ملخصها إنني أحس بحزن شديد وحياة كئيبة.. وارى الدنيا بمنظار اسود ومتشائمة إلى ابعد درجة!! واكره نفسي واحتقرها جدا وأفكر كثيرا في إنهاء حياتي لولا الخوف من الله. فماهي مشكلتي وماذا افعل ... أنافي حيرة شديدة. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد.. أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. أما عن مشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: ما تعانينه نوع من أنواع الاكتئاب المرضي والذي يعد من أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في المجتمعات عموماً.. والمجتمعات المتحضرة خصوصاً..!! حيث تكثر ضغوط الحياة وتتشابك وتتداخل وتتعقد!!؟ وتتباين درجة الإصابة به والإحساس فيه بين الشعور بالحزن والغم والهم.. وبين الشعور باليأس من الحياة وربما الرغبة الملحة في انتهائها..!!؟ وتدل الإحصاءات العلمية أنه يصيب الشباب أكثر من الأطفال أو كبار السن.. وكذلك يصيب النساء ضعف الرجال..!!! ثانياً: أما أعراضه إجمالاً.. فهي التشاؤم والسوداوية والشعور القاتل بالحزن العميق.. وفقدان الرغبة والانطواء والعزلة.. وقلة النشاط والتركيز.. وربما صاحب ذلك لوم للنفس وتأنيب للضمير.. مما يزيد في درجة الحزن والكآبة وربما فقد رغبته في الطعام والنوم.. أو زاد فيهما بإفراط كبير فحالته النفسية تجعله بين إفراط وتفريط وقد تتطور الحالة.. فتصل إلى بعض التهيؤات المرضية والهلاوس السمعية أو البصرية..!!! ثالثاً يجب أن نفرق هنا بين الحزن الطبيعي الذي قد يصيب الإنسان لسبب طارئ.. كأن يفقد شخص عزيز عليه بموت أو غيره.. وقد يشتد عليه الحزن والجزع لبعض الوقت.. إلا أنه يزول تدريجياً مع الوقت.. وبين الاكتئاب.. وهو استمرار الحزن العميق لفترة طويلة مع ظهور بعض الأعراض التي ذكرنا سابقاً.. وأهمية التفريق هنا.. هو ألا نحمل الأمور أكثر مما تحتمل.. ونتفهم أسبابها بشكل واضح.. رابعاً: لقد أو جزت - أختي الكريمة - في السؤال.. فلم تذكري مثلاً الكثير من التفاصيل.. حول ظروفك الأسرية.. ووضعك الاجتماعي.. ومستواك الدراسي.. والمشكلات التي تواجهينها في المنزل أو خارجه.. وتاريخ شعورك بهذا الأمر وغيرها من التفاصيل الهامة جداً لتشخيص الأسباب الحقيقية التي تكمن خلف هذه المشكلة.. ومعرفتها.. ومن ثم وضع الآلية المناسبة للتعامل معها.. بل وربما الاستفادة منها للتغلب على هذا الإحساس بالحزن المسيطر عليك.. بل ربما كانت الأسباب الحقيقية لهذا الشعور.. لا توازي الأثر الناجم عنه وبالتالي عرفنا هذا الأمر.. ووضعناها في حجمها الحقيقي.. وقبلناها.. بل وتجاوزناها دون توقف!!!

خامساً: هناك طريقة علمية مجربة للتعامل مع المشكلات والضغوط التي تواجهنا.. وهي أن نحضر مجموعة من الأوراق.. ثم نبدأ بكتابة السؤال التالي: بماذا أشعر الآن؟ الجواب: أذكر فيه التفاصيل الكاملة لواقعي النفسي من اكتئاب وقلق..وحزن.. ويكون السؤال التالي: لماذا أنا حزين؟ ثم أكتب الإجابة كاملة بتفاصيلها على هذا النحو: الجواب: أنا حزين لهذا الأسباب.. أولاً.. ثانياً.. ثالثاً وهكذا ... وبعد ذلك يكون السؤال الثالث: وهل تستحق هذه الأشياء.. كل هذا الحزن؟ وأعود لأقرأها من جديد واحداً واحداً.. وأضع تصوري عنها من ناحية الأهمية والاستحقاق..!!! ثم اسأل السؤال الرابع.. وما هي الحلول المفترضة لها..؟ أو كيف التعامل معها..؟! واجتهد في الإجابة عليها واحداً. واحداً..!!! وهكذا ... وقد استغرق في ذلك وقتاً.. ولكن جهدي ووقتي لن يضيعان.. فأنا أحاول أن أعالج مجموعة من المشاكل التي تراكمت علي وكادت أن تؤدي بي إلى الهاوية..!!! لقد وجد الباحثون أننا إذا طبقنا هذه الطريقة فإننا نخرج منها بنتائج رائعة.. أولها أننا مارسنا نوع من التنفيس الانفعالي.. المهم جداً في مثل ذلك والثانية هي أننا سنكتشف بمجرد أن نضع مشاكلنا على الورق ونواجهها وجهاً لوجه.. أن اغلبها مشاكل عادية جداً يسهل التعامل معها والتخلص منها ببساطة وأن قوتها السابقة جاءت بسبب تجمعها وتداخلها مع بعضها البعض.. وأننا نحن من حملها أكثر مما تحتمل وأعطاها هذا العمق الكبير..!!! وبمجرد أن واجهناها منفردة.. ظهرت واهية وسهل التعامل معها. سادساً: إن لم تثمر هذه الطريقة في إزالة الشعور بالحزن والاكتئاب.. فلا بأس من زيارة أحد الأطباء النفسيين الثقات.. وهم موجودون بفضل الله.. وذلك لأنه قد يكون للاكتئاب أسباب وراثية أو تربوية.. أو اضطرابات شخصية.. لا ينفع معها بعد الله إلا تشخيص المختصين وعلاجهم.. وهو على نوعين.. إما علاج دوائي مثل مضادات الاكتئاب.. وهي أدوية مأمونة إلى حد كبير ومجربة.. وذات أثر إيجابي واضح.. وقد يكون العلاج نفسيا.. تستخدم فيه الجلسات النفسية العلاجية.. كتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة لدى المريض.. أو تعديل بعض السلوكيات السلبية بأخرى إيجابية عبر طريق وآليات علمية معروفة شريطة تعاون المريض.. والتزامه بتعليمات الطبيب المعالج.. حيث يحقق علاج الاكتئاب نتائج رائعة جداً وسريعة.. سابعاً: قبل ذاك وبعده - أختي الكريمة - صدق الالتجاء إلى الله.. بقراءة القرآن والأوراد الشرعية الصباحية والمسائية.. والمحافظة على الصلاة في أوقاتها وأداء الرواتب.. وذكر الله في كل حين [ألا بذكر الله تطمئن القلوب] وكثرة الاستغفار.. فقد جاء في الحديث الصحيح: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب) ، واليقين بأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.. وكثرة الدعاء.. وتحري مواطن الإجابة.. فالله تعالى قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.. ثامناً: حاولي أن تخرجي من دائرتك الضيقة.. وعالمك الخاص.. إلى دائرة الآخرين وعوالمهم.. شاركيهم في أحاديثهم واهتماماتهم ومناسباتهم بقدر المستطاع كوني صاحبة مبادرة في ذلك.. ومارسي بعض الهوايات كالقراءة والرسم والكتابة وستجدين أنك مع الوقت قد تجاوزت هذا الأمر.. بإذنه وعونه وتوفيقه.. وفقك الله وأعانك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

نداء.. يائس!!!

نداء.. يائس!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاكتئاب التاريخ 25/4/1422 السؤال هذا نداء أوجهه إليكم من قلب يئس من الحياة فلم يعد لها طعم عنده أحس بالكآبة القاتلة رغم أني متزوج وأب لطفل أعينوني أرجوكم.. الجواب وصل ندائك المختصر والمعبر عن معاناتك ولقد آلمتني آلامك ومعاناتك وتعليقي عليها من وجوه:- أولاً - ما تعاني منه يا أخ محمد نوع من أنواع الاكتئاب الذي يبدأ أحياناً بشكل فجائي وأحياناً أخرى يزحف تدريجياً من اكتئاب بسيط ((اضطراب نفسي)) إلى اكتئاب شديد أو ما يسمى ((اكتئاب ذهاني)) . ويمكننا التعرف على هذا الاضطراب من خلال أعراضه الأولية المتمثلة فيما يلي:- أ- اضطرابات العاطفة وتبدأ بشكوى المريض من فقدان القدرة على التمتع بمباهج الحياة مع انكسار النفس وهبوط الروح المعنوية والإحساس باليأس والجزع وقد يصاحبها نوبات من البكاء المتكرر وقد تزيد وطأة الاكتئاب لتصل إلى رفض المكتئب لاستمرار الحياة، نسأل الله العافية. ب-اضطرابات التفكير والإدراك حيث تتأثر الوظائف العقلية لدى المصاب فتبدوا عليه قلة الانتباه والسرحان وعدم القدرة على التركيز والإجهاد الشديد في التفكير في ابسط الأشياء، والإحساس بتأنيب الضمير لأتفه الأسباب، والصراع الدائم مع النفس وربما اتهام نفسه بالخطيئة.. والطنين في الأذان، والإحساس في انعدام القيمة عند الآخرين!!؟ ج- اضطرابات النشاط الحركي والنفسي حيث تقل قدرته على العمل ويهمل بيته وينتابه الخمول والكسل الذي قد يصل إلى حد الشلل التام ويكثر الشكوى. د- الأعراض الجسدية مثل فقدان الشهية واضطرابات النوم وبعض الآلام الجسمية والدوار.. الخ. هـ- الميول الانتحارية حيث يعتبر الانتحار من أكثر الأعراض خطورة في هذا الاضطراب فقد وجد ما نسبته 50-70% من حالات الانتحار تكون بسبب الاكتئاب عافانا الله وإياك منه. أما أسباب الاكتئاب فهي نتاج مجموعة من العوامل الوراثية إي أن المورثات المسببة لهذا الاضطراب تكون موجودة أصلاً لدى الإنسان بشكل أو بآخر، وقد تكون عوامل بيئية تتعلق بتعرض الفرد للإحباط لفشله في إشباع حاجاته المختلفة أو إلى تحد لقدراته أو عدم توافق بين طموحاته وإمكاناته أو بين قدراته وإنجازاته وما يطلب منه.. الخ. وقد تكون عوامل كيميائية مرتبطة بكيمياء الجسم وإفرازات الغدد.. الخ. أما علاج الاكتئاب بدرجاته فهو بفضل الله متوفر وموجود وله نتائج إيجابية كبيرة إذا تعاون المريض والتزم بتعليمات الطبيب النفسي وهذا العلاج هو:- (أ) - العلاج الدوائي عن طريق العقاقير المضادة للاكتئاب أو بعض الجلسات العلاجية الخاصة. (ب) - العلاج النفسي ويعتمد على بعض الجلسات النفسية ومحاولة فهم مشاكل المريض وصراعاته الداخلية ومن ثم تشجيعه على مقاومة الأفكار السوداوية والسلبية تجاه الحياة والناس وربما نفسه، وتبصيره بطبيعة انفعالاته ووضع برنامج نفسي للمريض حسب فنيات علاجية خاصة، والنتائج غالباً مشجعة. ثانياً - أخي الكريم.. مع كل ما سبق هناك العلاج الديني فهل وضعته في الاعتبار..؟!

تخيل نفسك تصحوا لصلاة الفجر تملأ رئتيك مع ((تنفس الصباح)) وتؤدي الراتبه ثم الصلاة وبعدها تقرأ أذكار الصباح والورد اليومي وشيء من القرآن الكريم وكل ذلك في وقت لا يتجاوز ثلاثون دقيقة، ثم تتفرغ لبرنامجك اليومي المعتاد، مؤدياً الرواتب والصلوات المفروضة في أوقاتها ومنهياً يومك بالوتر وأذكار المساء وشيء من القرآن الكريم تذكر الله على كل حال (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وتصلي على رسوله موقناً أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن الجن والإنس لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يقدره الله لك ما نفعوك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يقدره الله عليك ما ضروك كما جاء في الحديث الصحيح.. منشرح الصدر.. مدركاً أن الدنيا لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء!! وأنها دار ممر وليست دار مقر , وأن الآخرة هي الغبطة والفوز لمن وفقه الله وعمل لما بعد الموت جعلنا الله وإياك منهم ورزقنا السداد والتوفيق والرشد. ثالثاً - أكثر يا أخي الكريم من الدعاء بأن ينزل الله عليك شفائاً لا يغادر سقماً، وأن يعافيك ويشفيك.. وألح في الدعاء وتحر - أخي الكريم - مواطن الإجابة ولا تستبطيء الإجابة فإن الله قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. واستعذ بالله قائماً وقاعداً من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبيسه فإنه عدو مبين، لا يزال في الإنسان يخيل إليه، ويلبس عليه ويرجف فيه حتى يخرجه عن دينه إن استطاع أو يدفعه إلى مواطن الهلاك أعاذنا الله منه. رابعاً - أخي الكريم.. صدقني حياتك ليست بذلك السوء.. حاول أن تعيد النظر فيها، أنظر إلى الأشياء الجميلة أطفالك أقاربك أصدقائك اقترب منهم شاركهم في أفراحهم ومناسباتهم وضع لك هدفاً في الحياة ستحققه، وحاول تحقيقه، ستجد أن للحياة معنى وأن للنجاح طعم رائع، لا تحاصر نفسك بنفسك، وأبدأ بطرد المصائب الخيالية من تفكيرك، وعش في حدود يومك فما مضى قد مضى، والمستقبل في علم الغيب: ما فات قد مات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها

هل صادفتك متاعب، هل عاكستك الظروف، هل خدعك صديق أو قريب، أنا سأفرض ذلك جدلاً، ولكن، من منا لم يتعرض في حياته لمثل ذلك؟!! أو قريب منه، ولكن الأقوياء - وأراك منهم إن شاء الله - يتجاوزون تلك الظروف ولا يتوقفون عندها، بل يستمدون منها خبرة تعينهم بعد الله في مستقبلهم، فإذا شعرت ببعض الضيق حاول أن تضحك وجرب ذلك ستفاجئك النتيجة، صدقني المواقف والمشاكل لا تضيرنا بل ما يضيرنا فعلاً تفسيرنا لها وتعاملنا معها أي بعبارة أخرى، اتجاهنا الذهني الذي نفسر من خلاله المشاكل والمواقف، وهناك مثل يساق لبيان أثر الاتجاه الذهني في تحويل المواقف المتشابهة وتفسيرها بين السلب والإيجاب، براكبين على طائرة واحدة وفي رحلة واحدة أحدهما ينظر من النافذة إلى زرقة السماء وقطع السحب ويتفكر في جمالها، وبديع صنعها، والآخر ينظر من النافذة ويتخيل لحظة سقوط الطائرة، وكيف تهوي وصوت الانفجار والأشلاء المتناثرة ثم يتذكر عائلته وأبناءه وكيف سيفقدهم إلى الأبد، وتتداعى في داخله تلك الأفكار السوداء، وينقبض ويعيش في جحيم طوال الرحلة، بعكس صاحبه الذي ربما جلس بجواره، وكان طوال رحلته مستمتعاً هانئ البال مستريح النفس!! وهكذا نحن نعيش حياة واحدة، وربما متقاربة في ظروفها وتفاصيلها ومشاكلها فلا يضرنا فيا إلا تفسيرنا لها واتجاهنا الذهني حيالها. خامساً - وأخيراً ثق بنفسك ثقة مستمدة من ثقتك بربك، وليكن لك - كما أسلفت - هدف في الحياة حاول أن تحققه حسب طاقتك وجهدك (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) . وتعاون مع غيرك، ولا تعط الأمور أكثر مما تستحق ولا تلتفت للتوافه، وعش في حدود يومك مع فعل الأسباب ففرق بين أن تهتم بمستقبلك وبين أن تقلق على نفسك، وتوكل على الله في سرك وعلانيتك، وستجد الراحة النفسية بإذن الله. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

إني مكتئبة..!! ماذا أفعل؟!!

إني مكتئبة..!! ماذا أفعل؟!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاكتئاب التاريخ 27/5/1422 السؤال أنا فتاة في الثامنة عشر من عمري وغير متزوجة، حالتي المادية متوسطة، مشكلتي أني أعاني من اكتئاب بين فترة وأخرى ولا أدري ما أسباب هذا الاكتئاب، وقد بحثت في جميع الكتب ولم أصل إلى نتيجة مع العلم أني أقرأ القرآن وأحافظ على الصلوات والسنن ولكن أحياناً عندما تأتيني هذه الحالة - الاكتئاب - أحس بضيق عندما أقرأ القرآن وأتكاسل عن أداء السنن وأحياناً أرغم نفسي عليها، وكذلك لا أحب الاختلاط بالناس مع أنني اجتماعية، وإذا تكلمت مع الناس أتلعثم وأفقد الثقة في نفسي مع أنني جريئة عادة، كما أغضب بسرعة مع أنني لست عصبية، وكذلك عندما تصيبني هذه الحالة لا أشعر برغبة في ممارسة هواياتي المفضلة، وأشعر بكراهية لمن أحب، تنتابني رغبة في البكاء دون سبب، وتراودني أفكار وخيالات مخيفة، فمثلاً إذا رأيت موقفاً أو سمعت عن شئ يضايقني أخشى أن يصيبني مثله مستقبلاً، وأحاول أن أطرد هذه الأفكار ولكن لا أستطيع وأظل متضايقة وكأنني متأكدة من أنه سيحدث لي ما أخشاه. فأرجو أن تفيدوني بحل عملي للمشكلة وبأسرع وقت ممكن وجزاكم الله خير. الجواب لقد أجدت التشخيص لحالتك ووصف الأعراض التي تنتابك جراء هذا (الاكتئاب!!) فكل ما ذكرتيه من أعراض الضيق والإحباط.. والرغبة في البكاء..!! وفقدان الثقة في النفس أحياناً وهذه الأفكار والخيالات المخيفة..!! هي بالضبط بعض من أعراض الاكتئاب..!! فما هو الاكتئاب..؟ الحقيقة أنه لا توجد نظرية واحدة تفسر الاكتئاب بشكل واضح وبسيط.. وانما مجموعة من الأفكار والتعريفات والنظريات.. فالبعض يرجع الأمر إلى تغييرات في الكيمياء" الحيوية" للمخ ويرجع الآخرون الاكتئاب إلى خبرات الطفولة المبكرة..!! وبعض النظريات لا تركز إلا على وضع الإنسان الحالي.. وظروفه المحيطة به..!! عموماً.. قد تتداخل كل هذه العوامل لتوجد لدى البعض استجابة أكثر من غيره للإصابة بما يسمى (الاكتئاب) حسب ظروفه المختلفة وتركيبته النفسية الخاصة. ولعل الذي يهمنا أكثر هو.. كيف نتعامل مع الاكتئاب.. ونضع له حداً لا يتجاوزه!! وسأحاول - أختي الكريمة - أن أضع إجابتي على شكل نقاط: - أولاً: كوني واثقة أنك ستتخلصين من هذه المشكلة عاجلاً غير آجل.. وأنك أقوى منها.. وأن الأمر لا يتجاوز (حالة هبوط مزاجي) قد تتكرر.. ولكنها سرعان ما تتلاشى.. لتستعيدي صفاءك الذهني والنفسي.. وأنك متيقنة أن كل هذه السحب القاتمة في نفسك.. هي سحابة صيف عابرة.. سرعان ما تنقشع..!! هذا الأمر وهذه القناعة هامة جداً.. لأنها تعيد لك زمام الأمر.. فإذا شعرت بالضيق.. والحزن.. فأخرجيه من أعماق النفس وابسطيه أمامك.. على شكل سحابة صيف.. وراقبيها حتى تزول. ولا تخرجي الأمر من هذه الدائرة بقدر المستطاع.

ثانياً: كثيراً ما تنتابنا أعراض شبيهة بأعراض الاكتئاب مثلما ذكرت.. فإذا توقفنا عندها طويلاً.. وحملناها أكثر مما تحتمل.. زادت وترسخت.. واصبحت مع الوقت سحباً ثقيلة متراكمة.. تحجب عنا ضوء الشمس وتشعرنا بالبرد.. النفسي..!!! والكآبة والسأم..!! أما إذا فهمنا آلية تكون هذه السحب.. وأن مآلها إلى الزوال.. وأنها كما أسلفنا (لن تتجاوز سحب الصيف) سرعان ما تنقشع.. وانشغلنا عن مراقبتها بأمور حياتنا وتفاصيلها. . ولم نتوقف عندها طويلاً.. فإنها بإذن الله ستزول وسيصبح أمر وجودها وعدمه لديك سيان.. بل هما أمران ضمن عشرات الأمور الحياتية المتباينة.. ما بين الهناء والسرور.. والحزن والحبور!!! سنة الله في خلقه.. ثالثاً: أحياناً يكون الاكتئاب استجابة أو رد فعل للضياع أو الفقدان.. والمعنى هنا أن اكتئابك مرده لفقدان مكانه.. أو ضياع أمل.. أو عدم قدرة على تحقيق مكانه ما!!! وربما كان نتيجة لتوجه (سلبي) تجاه الذات.. أي أن الإنسان يرى ويعتقد أنه إنسان فاشل بشكل أو بآخر.. وأنه غير قادر على النجاح المهني والاجتماعي!! وهذا ما يسبب له الإحباط.. ومن ثم الاكتئاب..!! والرأي هنا.. أن تثقي أن الكمال لله وحده.. وأنك مطالبة بفعل الأسباب وأن المقدر لك أو عليك كائن لا محالة.. وأنك لست أقل قدراً وقدرة من الآخرين.. بل ربما تفوقتي عليهم في كثير من الأشياء!! د والخلاصة.. أنظري لنفسك بشكل إيجابي.. وتفاعلي مع الآخرين.. وستجدين بإذن الله نتائج رائعة.. (فكما تفكرين تكونين) تلك حقيقة مجربة. رابعا: الشخص المصاب بالاكتئاب قريب جداً للشخص الذي ينظر للعالم من منظار أسود..!!! وسواء أكنت تفكرين في نفسك.. أو في الدنيا والناس.. أو في المستقبل.. فإن كل الأشياء ستظهر أمامك مصبوغة في هذا اللون الأسود الكئيب..!! والحل هنا بسيط. وهو تغيير هذا المنظار إلى لون آخر.. وسترين الأشياء من خلاله بشكل آخر.. بل وتعيدين اكتشاف نفسك.. ورؤيتك لها وللعالم المحيط بك. خامساً: من واقع حياتك.. أرى أنك إلى حد كبير ناجحة اجتماعياً بل ومتميزة.. محافظة ولله الحمد على فروضك ورواتبك.. اجتماعية.. لك هوايات مختلفة.. وهذا شئ رائع.. حاولي تنميتها واستثمارها.. ولا بأس من إعادة ترتيب حياتك بشكل آخر.. وبرمجة وقتك من جديد.. وإعادة ترتيب غرفتك.. وإن استطعت صياغة وترتيب بعض الأشياء الأخرى داخل المنزل كل هذه الأمور - صدقيني - على بساطتها - تعطي للحياة معنى وطعم.. وتساعدنا على مقاومة أي شعور بالكسل يسبب لنا الاكتئاب.. ولا تتوقعي أنك ستجدين كل المتعة التي تجدينها وأنت بوضعك الطبيعي.. بل ستقل بعض الشيء.. وربما تلاشت..!! ولكن المهم هنا هو ألا تتوقفي عن برامجك.. الخاصة والعامة.. ولا تستسلمي لهذا الشيء.. بل تقاوميه وستنتصرين عليه - بعون الله - ببساطة. وجميل منك لو وضعت مفكرة صغيرة.. تدونين فيها أعمالك التي ستنجزينها في هذا اليوم.. وفي نهاية الأسبوع تقومين هذه الأعمال.. وأكثرها لك إبهاجا.. وما الذي أبدعت فيه.. أو أخفقت فيه.. ثم تضعين خطتك للأسبوع المقبل على ضوء تقييمك لهذا الأسبوع. سادساً: هناك أكثر من مشكلة طرحت في الموقع حول الاكتئاب بزوايا مختلفة آمل الاطلاع عليها.. فربما وجدت فيها أشياء أخرى.. تبحثين عنها.. ومنها ما نشر تحت عنوان (اكتئاب وهلع.. وأمور أخرى) و (نداء يائس) وهي استشارات نفسية. سابعاً: لا تنسي أختي الكريمة قبل هذا وبعده.. صدق الالتجاء إلى الله.. والدعاء الصادق بأن يعينك الله.. ويلهمك طريق الرشد والصواب.. واذكري الله قائمة وقاعدة (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وفقك الله وسدد على طريق الحق خطاك.

هل نحن في آخر الزمان؟

هل نحن في آخر الزمان؟ المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاكتئاب التاريخ 7-12-1423 السؤال أصبحت أشعر باقتراب الفتن وأشراط الساعة الكبرى والحروب والجوع مما سبب لي ذلك اكتئاباً من كثرة التفكير ليس في نفسي فقط بل في والدي وإخواني، وأتسائل وكيف سيكون حالهم عندها؟ لم أعد أحس بمتعة الحياة، كرهت حتى الزواج لأني أقول ما الفائدة من السعادة الوقتية وكل هذا سيزول، أرجو من الله ثم منكم مساعدتي. الجواب الأخت الكريمة ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أولاً: لقد سرني في خطابك ما شعرت به من حرصك على أمر الساعة وقيامها وأشراطها، كما سرني أيضاً اهتمامك بوالديك وإخوتك، زادك الله من كل أمر حسن وحماك من كل سوء. ثانياً: أختي المسلمة هذا جواب سؤالك: (أ) إن عقيدة الإيمان بيوم القيامة والساعة وأشراطها عقيدة إسلامية صحيحة مباركة، وهذه العقيدة تغرس في المسلم أشياء كثيرة منها الحذر الذي ينشئ العمل ويدفع للقيام به، ولا تسبب الهلع ولا القلق ولا الاكتئاب الذي يسبب ترك العمل وترك التمتع بالطيبات المباحة، لكن الإنسان قد لا يستوعب بعض جوانب العقيدة، ولا يفهم مقاصدها فيحصل له هذا الهلع والاكتئاب، وربما يكون هناك من أساء الشرح والعرض لهذه العقيدة فنتج بسبب ذلك هلع واكتئاب. (ب) إن الساعة مهما اقتربت فإننا ينبغي أن نمارس حياتنا ونقوم بواجباتنا، فنقوم بالعبادات ونتمتع بالطيبات المباحة لأن الشرع لا يريد منا أن نقع في هلع وخوف سلبي (أي ليس معه عمل) بل الشرع حين يخبرنا بقرب الساعة يريد منا أن نحذر المعاصي ونقوم بالطاعات، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعلم أن الساعة قريبة ومع هذا لم ييأس ولم يصب بالاكتئاب والهلع ولم يترك الطيبات المباحة. (ج) اقرئي هذه الآثار لتتعرفي على طريقة تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والسلف عموماً مع قضية قرب الساعة: (1) عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليفعل" رواه الإمام أحد وغيره، انظر: السلسلة الصحيحة (جـ1) والفسيلة: النخلة الصغيرة. (2) عن الحارث بن لقيط قال: كان الرجل منا تنتج فرسه فينحرها، ويقول: هل أنا أعيش حتى أركب هذه؟ فجاءنا كتاب عمر -رضي الله عنه- أن أصلحوا ما رزقكم الله فإن في الأمر تنفساً. (3) قال عبد الله بن سلام -رضي الله عنه-:"إن سمعت بالدجال قد خرج وأنت على ودية تغرسها فلا تعجل أن تصلحه فإن للناس بعد ذلك عيشاً. (4) قال عمر -رضي الله عنه- لخزيمة بن ثابت: ما يمنعك أن تغرس أرضك فقال: أنا شيخ كبير أموت غداً، فقال عمر -رضي الله عنه-: أعزم عليك لتغرسنها. فقام عمر -رضي الله عنه- معه فغرسها. أرأيت أختي المسلمة كيف تعاملوا مع قضية قرب قيام الساعة. أرأيت الأمل الذي لديهم؟ أرأيت حرصهم على العمل؟ أرأيت كيف أنه لا يأس مع الحياة حتى إذا سمع بخروج الدجال، حتى حين تكون القيامة بعد لحظات، حتى حين لا تكون هناك ثمرة لهذا العمل، نعم حتى عندئذ لا يكف الناس عن العمل وعن التطلع للمستقبل.

إنها دفعة عجيبة للعمل والاستمرار فيه، ولاحظي أختي الكريمة أن دعوتهم إلى العمل تعني الدعوة إلى ترك اليأس والاكتئاب لأن هذا العمل يحتاج إلى إنسان متفائل منشرح الصدر فالعمل لا يقوم به إنسان محطم يائس. د) كوني حسنة الظن بالله عز وجل متعلقة مطمئنة إلى رحمة الله تعالى، وأنه لن يجعلك من شرار الخلق الذين تقوم الساعة وهم أحياء. هـ) أكثري من قراءة القرآن وأنت قاصدة أن يذهب الله به الأحزان عنك. وكذلك أكثري من ذكر الله -عز وجل- قال تبارك وتعالى:"ألا بذكر الله تطمئن القلوب" فمثلاً قولي: لا إله إلا الله، وقولي: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وكذلك أكثري من الأدعية التي يفرج الله بها الهموم، وكوني عند الدعاء في حالة من الخشوع واليقين، فقولي مثلاً:"اللهم إني عبدك، ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي" رواه الإمام أحمد وصححه الألباني، وكذلك من الأدعية التي يفرج الله بها الهموم "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن". و) لقد بقي من العلامات الصغرى للساعة شيء لم يقع بعد مثل: * عودة جزيرة العرب مروجاً وأنهاراً (حديث رواه مسلم) . * تكليم السباع للإنس (حديث صحيح رواه الحاكم) * انحسار الفرات عن جبل من ذهب (حديث رواه البخاري) * محاصرة المسلمين إلى المدينة (حديث صحيح رواه أبو داود) إذن لقد بقيت أحداث ضخمة وكثيرة لم تقع بعد حتى الآن، فلتطمئن نفسك وليهدأ روعك ولتنطلقي في هذه الحياة عابدة قانتة عاملة الخير لك وللآخرين، وخذي من الطيبات المباحة ما أذن الله به من طعام وشراب ولباس وزينة وزواج وذرية وغير ذلك. ز) ولا يفوتني في النهاية أن أحذرك من الوقوع في الطرف المقابل وهو حال بعض الذين نسوا الله، ونسوا قرب الساعة ووقعوا في المعاصي. اللهم أحي قلبها بالإيمان، اللهم ارزقها الطمأنينة والسكينة والاستقرار النفسي، اللهم اجعلها صالحة مصلحة تقية نقية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كثير البكاء دائم الحزن على حال الأمة

كثير البكاء دائم الحزن على حال الأمة المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاكتئاب التاريخ 7/11/1424هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أرجو منكم إفادتي: أنا فتاة منذ أن كان عمري 12عام وأنا أحس بكآبة، دائمة الانعزال، أحب الجلوس لوحدي، لكن كثيراً ما أفكر وأبكي على حال أمتي الضعيفة وأتقطع حسرة، وأحيانا ألوم نفسي لماذا أنت تأكلين وتنامين براحة وأمن، وإخوة لك هناك يموتون جوعاً وعيونهم لم تذق طعم النوم، فازداد غيظاً وأعزم على الجهاد من أجل تحرير، ولكن هذا الأمر يضايقني، وقد نحل جسمي من كثرة الهموم. هل هذا يعتبر مرضاً نفسياً؟ أم أنه شيء طبيعي؟. الجواب الأخت السائلة: -سلمها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. أما جواب مشكلتك فكالتالي: أولاً- أنا أشكرك على هذا الإحساس والشعور وحمل هم المسلمين، ولا ريب أنها حالة محمودة ومرضية في وقت انعدم فيه هذا الإحساس عند كثير من المسلمين. ولعلك سمعت بالنصوص الشرعية التي تؤكد على أهمية هذا الواجب في حياة المسلمين ومنها: - قوله سبحانه: "إنما المؤمنون إخوة" [الحجرات:10] ، وقوله: "إن هذه أمتكم أمة واحدة" [الأنبياء:92] . - وجاء في الصحيح من حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قوله: صلى الله عليه وسلم:" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه" انظر صحيح البخاري (2446) ، وصحيح مسلم (2585) ، وفي الصحيح أيضا من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قوله: صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " انظر صحيح البخاري (6011) ، وصحيح مسلم (2586) . وجاء في معجم الطبراني الأوسط (7473) عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ومن لم يصبح ويمس ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم"، وغيرها من النصوص الكثيرة. فأهنئك يا أختي الفاضلة بالأجر والثواب على هذا الهم المبارك، إلا أنه لا يكفي وحده بمعنى لا ينبغي أن يكون غاية ما يفعله المسلم لإخوانه أن يفكر فيهم ويتألم لألمهم فحسب، بل ينبغي أن يدفعه ذلك لأمور منها: (1) أن يقف معهم فيساعدهم بما يستطيع من جهد بدني. (2) أن ينفق من ماله مما في وسعه، ليجاهد بذلك في سبيل الله. (3) أن يخلف إخوانه المسلمين في أهليهم وأولادهم، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله"، وفي لفظ: "كالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر" انظر صحيح البخاري (6007) وصحيح مسلم (2982) . (4) أن يكثر الدعاء لهم والتبتل إلى الله أن ينصرهم ويخفف عنهم. (5) أن يتحدث عند الآخرين عن مأساة إخوانه ليشاركوا بالواجب تجاه إخوانهم المسلمين.

(6) أن يضاعف الجهد في الدعوة إلى الله وبث الوعي، حتى يعود الناس إلى ربهم ليسلك بهم سبحانه طريق النصر والتمكين. إن ترجمة ذلك الهم والألم لحال الأمة بمثل هذه الأمور يجعل ذلك الهم إيجابياً نافعاً يغير من واقع الأمة من حال سيِّئ إلى حال حسن، لا سيما إذا أصبح ذلك الأمر شعوراً جماعياً وجهداً جماعياً على مستوى الأمة يشعر به كل مسلم ومسلمة، ومما أذكره من قصة وحادثة في هذا الباب: ما جاء عن أحد الدعاة أنه تكلَّم في أحد المجامع للناس عن حال إخوانهم في ألبانيا، وذلك في الأربعينيات من القرن الماضي إبان احتلال السوفيت لأراضيهم، فأجاد وأبدع وأثر كثيراً وحاول استنهاض همة الناس لنصرة إخوانهم فبكى الناس، وكان منهم رجل بكى كثيراً وبدأ يصرخ بأعلى صوته متأثرا لحال إخوانه، وجاء لذلك الداعية وقال له: لم نحن ساكتون؟ لماذا لا نتحرك؟ لماذا لا ننصر إخواننا؟ فقال له ذلك الداعية الفطن: إذا استطعت أن تنقل هذا الشعور لإخوانك المسلمين، فأنت بذلك تشق الطريق للوصول إليهم ونجدتهم. نعم إن جعل الأمة تعيش هذا الهم مدعاة لتحركها وبذلها جميعاً لدينها ونصرة قضاياها. أسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا جميعاً من أنصار دينه، وأن يستعملنا فيما يرضيه ولا يشغلنا فيما يباعدنا عنه إنه جواد كريم.

الخوف والرهاب

الخوف أثر على صحتي! المجيب د. نزار بن حسين الصالح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 29/11/1426هـ السؤال ينتابني خوف شديد من الآخرة ومن عذاب القبر، وعندما أرى الرهائن يذبحون والدماء وأشياء من هذا القبيل يؤدي بي ذلك -في أغلب الأحيان- إلى صعوبة كبيرة في التنفس، فلم أترك طبيباً إلا وزرته، ولكن دون جدوى، فأغلبهم يقول: إن الأعصاب هي التي تسبب لي ذلك. أرشدوني جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن الخوف المرضي يحتاج إلى عدة خطوات لعلاجه، منها: 1- البعد عن التفكير السلبي نحو الأمور، والتركيز على النواحي الإيجابية من رحمة الله وعطفه، والجنة، والثواب. 2- الحرص على الاستقامة وتأدية الشعائر الإسلامية وخصوصاً الصلاة والدعاء، والحرص على اجتناب المنكرات. 3- زيارة طبيب نفسي؛ لوصف العلاج المناسب لمثل هذا المرض، والحرص على أخذ العلاج حسب إشارة الطبيب لفترات طويلة قد تصل إلى سنة. 4- البحث عن وسائل لتغيير طبيعة حياتك، ومحاولة إدخال نوع من البهجة والفرح فيها قدر الإمكان، وذلك من خلال قراءة السيرة النبوية لمعرفة كيفية حياة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وكذلك سيرة أصحابه، وهكذا، ولابد من ممارسة نوع من أنواع الرياضة، والانخراط في عمل تطوعي لمساعدة المحتاجين إذا أمكن، والله الموفق.

أخاف ... وأتحمل أعباء الغير

أخاف ... وأتحمل أعباء الغير المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 6-6-1423 السؤال أخي الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عندي مشكلة كبيرة وهي الخوف من كل شخص يواجهني حتى لو يأخذ حقي ويعتدي علي بغير حق..!!! وكذلك تحميل نفسي أعباء الناس الذين يطلبون مني أشياء وأنا لا أقدر عليها ولا أستطيع الاعتذار منهم..!!! الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولا: لقد أوجزت كثيرا في سؤالك فلم تذكر لي ظروفك الأسرية وعدد إخوتك.. وترتيبك بينهم.. وهل ما تعاني منه من خوف خاص بك أم يشاركك فيه أحد من أسرتك..؟ ومنذ متى بدأت تشعر بهذا الخوف..؟! وما هي الأعراض التي تنتابك عندما تشعر بهذا الخوف؟!!! وهل يستمر.. أو يزول بنهاية الموقف المسبب له؟!! وكيف تتعامل معه..؟! وهل يشعر غيرك بهذا الخوف الذي يعتريك.. أم أنه شعور داخلي يبدأ في أعماقك وينتهي فيها.. وما هو مستواك العلمي..؟! إلى آخر هذه التفاصيل الهامة جدا لمعرفة أبعاد المشكلة وأسبابها وعمقها.. ومن ثم الآلية المناسبة للتعامل معها. ثانيا: لتعلم يا عزيزي أن الخوف سلوك مكتسب يمكننا التعامل معه بشكل إيجابي.. واكتساب السلوك المضاد له عبر " فنيات تعديل السلوك ".. والتدرب عليها.. وقد نحتاج أحيانا إلى بعض الجلسات النفسية العلاجية (العلاج السلوكي) وربما (العلاج الدوائي) حسب الحالة..! إلا أن ما أحب أن أطمئنك عليه أن مشكلة الخوف سلوك شائع وله أكثر من طريقة للعلاج.. والنتائج دائما مشجعة. ثالثا: تكلمت كثيرا حول مشكلة الخوف من أكثر من زاوية وستجد في (خزانة الاستشارات - استشارات نفسية - الخوف) أكثر من سؤال وجواب حول هذا الأمر وكذلك في منتدى (زوايا المشكلة) بعنوان (الخوف المرضي) آمل الإطلاع عليها. رابعا: حاول أن تجلس مع نفسك جلسة هادئة وتكتب السؤال التالي: ماهو الشيء الذي يخيفني بكثرة؟ ثم اكتب الأشياء حسب أهميتها.. وبعد ذلك اسأل نفسك: ولماذا أخاف منها؟ ثم اكتب الإجابة بالتفصيل.. وستكتشف أن الكثير منها أمور (تافهة) بمرد أن نخرجها من أنفسنا ونضعها على الورق!!! حاول بعد ذلك التخلص منها واحدا واحدا.. ولا بأس من زيارة أحد العيادات النفسية المتخصصة.. فستجد فيها - بإذن الله - الفائدة المرجوة. المهم أن تثق أنك ستتخلص من هذه المشكلة عاجلا غير آجل. خامسا: عليك أخي الكريم بصدق الالتجاء إلى الله بأن يعينك ويشفيك ويعافيك ويوفقك ويسدد خطاك.. فهو سبحانه وتعالى المولى وهو النصير. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،،

خوفي عليهم.. يقتلني!!

خوفي عليهم.. يقتلني!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 6/11/1422 السؤال منذ صغري.. ينتابني شعور مخيف بالخوف على الصغار والنساء والضعفاء بشكل عام. عندما أتأمل زوجتي أو طفلتي أتخيل لو أن أحداً من اللصوص أو المجرمين يذبحهما. أكاد أجن!! أتخيل طفلتي وهي تبكي إن تركتها في العراء تواجه مصيرها.. لا أخفيك أنا ممن يتحملون المصائب.. وقد مررت بأوقات عصيبة واختبارات كثيرة لشخصيتي.. مع أنني فيّ من القدرة على التخاصم قدر كبير.. لا أدري إن كنت قد استطعت أن أوصل هذه المشاعر المخيفة التي ربما تظهر على ملامح وجهي وتنعكس في استغراقي للحظات.. أجهل العالم من حولي تقريباً! الجواب أخي الكريم، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: يا عزيزي لتعلم أن ما تعاني منه أمر مزعج جداً وخطير..!! وفي نفس الوقت يسهل العلاج منه - بعون الله وتوفيقه - أتدري لماذا..؟! لأنك أنت من يضع هذه الهواجس السلبية.. وأنت من يملك القدرة على إزالتها، واستبدالها بهواجس ومشاعر إيجابية!! ثانياً: حياتنا النفسية من صنع أفكارنا.. هذه حقيقة واضحة ومجربة وصادقة 100%.. فالحوادث يا عزيزي لا تضيرنا، وإنما الذي يضيرنا هو موقفنا النفسي من تلك الحوادث، وتفسيرنا لها..!! ثالثاً: هناك مثل يضرب في تقريب هذه الفكرة.. وهي قصة مسافرين على متن إحدى السفن السياحية في رحلة بحرية حول إحدى الجزر.. جلسا في مقصورة واحدة، وكل منهما ينظر إلى البحر.. أما أحدهما فكان طوال الساعات التي استغرقتها الرحلة يستمتع بمنظر البحر والطيور.. والأجواء الساحرة حوله، ويعيش معها في سعادة وهناء، ويحدث نفسه بتكرارها في مكان آخر.. وزمان آخر..! وأما المسافر الآخر، فكان ينظر إلى البحر.. ((ويتخيل)) أعماقه وآلاف الأسماك الشرسة فيه.. ثم ((يتخيل)) اصطدام السفينة بإحدى الصخور، والشعاب المرجانية، وتحطمها.. وغرقها و ((يتصور)) نفسه وهو يصارع الأمواج، وقد بُحّ صوته، وتلاشت قوته، وبدأ يغرق شيئاً فشيئاً.. وأمامه شريط سريع لأطفاله من بعده وهم يبكون.. ويتشردون بلا مأوى.. وقد قسا عليهم الزمان.. وتركهم القريب..!! ويشعر حيال هذه الخواطر بحزن عميق، ويبكي بصمت.. ثم ((يتخيل)) أسماك القرش وهي تنتهبه فيما بينها: فتقطعه إرباً، فيقشعر بدنه، وتتداعى إليه آلاف الصور..!! وفجأة يعلن مسؤول الرحلة عن انتهائها ووصولهم إلى الهدف ويهنئهم بسلامة الوصول.. بعد هذه الرحلة الجميلة!! قارن بينهما - أخي الكريم - في نفس المكان ونفس الزمان ونفس الظرف تقريباً.. أحدهما قضى تلك الساعات بسعادة ونشوة والآخر.. قضاها تعيساً حزيناً.. محبطاً..!!! من المسؤول عن ذلك..؟!! المسؤول هو " التوجه الذهني " لكل منهما فالأول كان توجهه " إيجابياً " والآخر كان توجهه " سلبياً " فمن أيهما أنت يا ترى..؟

أنت - أخي الكريم - الآخر.. صاحب التوجه السلبي وببساطه تستطيع أن تقلبه إلى توجه إيجابي.. وتتعامل مع الحياة بهذه الروح.. وستجد الفرق شاسعاً بينهما. رابعاً: تفاءلوا بالخير تجدوه.. فلماذا أنت متشائم وقانط ومحبط.. ولماذا هذه المخاوف التي تملأ بها نفسك وتتألم لها..؟! أنت ولا شك مؤمن بأن المقَدَّر كائن، وبأننا مسؤولون في هذه الحياة عن فعل الأسباب ولسنا مسؤولين عن النتائج، لأنها مرتبطة بأقدارها وبمقدرها - سبحانه - فأحسن الظن فيه وتوكل عليه (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) . خامساً: أين أنت من الأوراد فهي حصن المسلم؟ وأين أنت من أذكار الصباح والمساء؟ وقبل هذا ذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) . والاستعاذة من الشيطان الرجيم؛ لأنه هو الذي ((ينفخ)) في مثل هذه الهواجس إن وجدت.. ليقنط المسلم.. ويعيش في صراع دائم لن يخرج منه إلا بصدق الالتجاء إلى الله.. والتوكل عليه والركون إليه.. (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..) سادساً: الحمد لله الذي جعلك قوياً.. وذا قدرة على التحمل ولكن مشكلتك - كما أسلفت - ليست مشكلة بدنية بل هي " مشكلة نفسية " بسيطة إن تداركتها وهي غلبة "المشاعر السلبية " عليك.. وتأثرك بها.. واستسلامك لها..!! والحل أن تستبدلها - كما أسلفت - بمشاعر إيجابية متفائلة واثقة بالله أولاً.. وملتجئة إليه.. ومتكلة عليه.. وتذكر قبل الختام المقولة التي ذكرتها في البدء [حياتنا النفسية من صنع أفكارنا] وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

اضطراب.. وخوف.. وشدة خفقان!!

اضطراب.. وخوف.. وشدة خفقان!! المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 8/11/1422 السؤال مشكلتي هي أنني منذ ما يقارب الستة أشهر أعيش في حالة اضطراب وخوف شديد وأشعر بالخفقان الشديد بكل موقف يحصل أمامي سواء أكان مفرحاً أم محزناً وحتى عند صراخ أي طفل أو أي مناقشة بين أشخاص أمامي أو أي حركة قوية، حتى عند سماعي لفرملة السيارات أو أي صوت قد يكون - أحياناً - عادياً جداً إلا أنني أشعر بهذا الخفقان والاضطراب والخوف، والغريب أن ذلك الشعور يأتيني حتى من تكرار بعض الأعمال أو حتى عند مشاهدة بعض المشاهد المتكررة حتى إنني فقدت الإحساس بكل ما هو جميل حولي، ودائماً ما أشعر بالرعب والخوف والاضطراب عندما أفكر في المستقبل وبالذات في الشيخوخة وفي الكبر، وكثيراً ما تراودني الأفكار السوداء حول هذا الموضوع، وقد حاولت أن أبعد هذا التفكير من رأسي خوفاً من الله - عز وجل -، إلا أنني لم أستطيع ذلك وقد أثر ذلك على نفسيتي وشعوري بعدم الراحة والسكينة والطمأنينة.. علماً بأنني - ولله الحمد - إنسانة ملتزمة ومتمسكة بديني ومواظبة على قيام الليل للتضرع إلى الله سبحانه وتعالى لإخراجي من هذه الأزمة كما أنني مواظبة على قراءة الأذكار، وكذلك قراءة جزء كامل من القرآن في اليوم وكذا حضور مجالس الذكر والحمد لله فإنني عندما أقوم بهذه الأعمال أشعر بالراحة والسكينة والطمأنينة إلا أن هذه الحالة سرعان ما تأتيني وأصبحت تراودني بين فترة وأخرى، وهذا يؤثر على أعصابي وتفكيري وكذلك يشعرني بالإحباط واليأس وبعدم الشعور بالأمان. بقي أن أخبركم بأنني إنسانة حساسة جداً وأشعر بالإحباط واليأس ودائماً ما أبكي لأتفه الأسباب أو عند رؤيتي للظلم أو القهر.. كذلك فإنني منذ أن وعيت على هذه الدنيا وما زلت وأنا أخاف من أشياء كثيرة مثل الأماكن العالية والظلام وبعض الحشرات وقلاع الطائرات وحتى السيارات والأماكن المزدحمة مثل الحفلات والتجمعات.. وأخشى أن يكون ما أشعر به الآن بسبب ذلك. أرجو منكم تشخيص حالتي بصورة مفصلة، وهل أنا بحاجة إلى زيارة طبيب نفسي أم أن هذه الحالة هي طبيعية أو مؤقتة، وما هو العلاج في رأيكم؟ أرجو ردكم بصورة سريعة على هذا الموضوع.. الجواب رداً أيتها الأخت العزيزة على مشكلتك فإننا نقول لك كم كنا نود قبل إعطاء الاستشارة أن نعرف أشياء عن طفولتك، وكذلك كيف كانت تنشئتك الاجتماعية - إلا أننا سنضع لك الاستشارة من خلال خبرتنا في هذا المجال، وعسى الله أن يوفقنا فيما سنقدمه بعونه تعالى إليك ...

الأخت العزيزة، إنك تعانين من مرض عصابي يعرف باسم "المخاوف المرضية غير المنطقية"، وهذا النوع يكثر لدى الإناث أكثر منه لدى الذكور، فمن حيث الخوف الموجود لديك مثلاً من الأماكن العالية فإن ذلك قد يرتبط بخبرة سيئة سابقة قد حدثت لك في الطفولة وعلى سبيل المثال قد تكونين قد انزلقت أو وقعت من على سلم أثناء طفولتك وأحسست بألم شديد أو قد تكونين جرحت جرحاً بالغاً - وهو ما بدا واضحاً عليك في الخوف من الأماكن المرتفعة وهكذا كل الأشياء التي ذكرتها فإنها ترمز لأشياء في الوجود سواء كانت الطائرات أو الحشرات. فأنت مصابة بخوف غير منطقي هو رمز لخوف على المستوى اللاشعوري كما ذكرت. الأخت صاحبة المشكلة لقد ذكرت لنا في عرض المشكلة أنك ملتزمة ومتمسكة بالدين ومواظبة على قيام الليل وهذا شيء طيب وهو نوع من المحافظة - إلا أننا نقول لك: يبدو أنك منطوية على نفسك أكثر من اللازم، وهنا فإن ما يحدث لك نتيجة المزاج الفطري الولادي، وانشغالك بأفكارك الخاصة فإنك تضخمين الأفكار أكثر من اللازم (المخاوف) . ونتيجة لتضخيمك لهذه المخاوف وتلك الأفكار تعيشين حالة من القلق والخوف من المستقبل خاصة مرحلة الشيخوخة - وهنا أسألك سؤالاً مؤداه: هل رأيت أو سمعت قصة لكائن حي قد يكون حيواناً أو إنساناً ماذا حدث له في كبره من مخاطر وآلام؟ فإذا كان الأمر كذلك فعليك بتصحيح الفكرة مقنعة نفسك بأن للإنسان دورة حياة لا بد أن يمر بها حتى يصل إلى هذه المرحلة وهي سنة الحياة وعليك أن تتقبلي الأمر. إلا أننا نقول لك بعض النصائح للتغلب على تلك المخاوف غير المنطقية: • ضعي قائمة بمخاوفك غير المنطقية واسم تلك المخاوف ووصفها؛ لأن ذلك يساعد على وضعها تحت السيطرة الشعورية الإرادية. • افحصي مخاوفك واسألي نفسك ما الذي ترمز إليه هذه المخاوف (الأشياء) ؟ لأنك قد تكتشفين أن بعض هذه المخاوف الظاهرة هي مجرد أشباح لها مادة حقيقية - وحاولي أن تتعاملي معها بواقعية فإن تلك الصراعات قد تكون هي جذور المخاوف. • بالنسبة للخوف من الحفلات فهذا يعرف "بالمخاوف الاجتماعية" وللتغلب عليها فهذا يتطلب منك أن تستخدمي العلاج المعرفي السلوكي بنفسك وذلك من خلال تصور نفسك بصرياً وتخيلي أنك ستقومين بإلقاء كلمة تحيين فيها الحاضرين - صحيح سيكون فيه قلق عندما تتخيلين ذلك مع نفسك - إلا أنك مع زيادة تكرار هذه الصورة البصرية مع نفسك سينخفض القلق لديك - وستجدين بعد ذلك أن بإمكانك الذهاب للحفلات والاجتماعات ولا أخفي عليك أنه في المرة الأولى سيكون فيه كم من القلق إلا أنه ضئيل ومع تكرار الموقف بمواجهة الناس سيزول القلق وتزداد الثقة بالذات ومن ثم يزول الخوف. وإذا كنت قد تعينت ذاتياً بوالديك (التوحد) اللذين يخافان من الأشياء في الوجود فعليك ألا تتعيني بهما أو تتوحدي بأي منهما، وعليك أن تقولي لنفسك أنا لست مثلهما - لو كان لديهما مخاوف غير منطقية فتلك مشكلتهما، ولا حاجة بي من أن أقلدهما، وأنا شخصية مختلفة عن أي منهما، وأخيراً أسأل الله أن أكون قد وفقت في تقديم ما ينفعك أيتها الأخت السائلة، وبعون الله ستتخلصين مما يؤرقك، والله الموفق.

أرتعد وأخاف.. وأشعر بكراهية الناس!!

أرتعد وأخاف.. وأشعر بكراهية الناس!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 1/12/1422 السؤال عندي مشكلة وهي أنني ارتعد وأرتجف عندما أؤم بالناس ويظهر ذلك في صوتي، علماً أنني صليت بهم كثيراً في المسجد ولكن دون فائدة. فما سبب ذلك؟ لديّ إحساس بعض الأيام أو دائماً بأن الناس يكرهونني؛ علما أني لا أرى ذلك في أفعالهم ولكن مجرد إحساس. فما الحل؟ جزاكم الله الجنة. إنني احبكم في الله. الجواب أخي الكريم، أحبك الله الذي أحببتنا فيه، وجمعنا وإياك في الفردوس الأعلى من الجنة ووالدينا وذرياتنا.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولا: مشكلة الإمامة في الناس، وما يصاحبها أحيانا من مشاعر هي مشكلة الكثيرين بل انك أحسن من كثير منهم.. إذ يمتنع البعض مطلقاً عن تأدية الصلاة بغيره مهما كانت الأسباب..!! ولذلك فإني أعتقد أنك قطعت شوطا مهما فيها بقبولك المبدأ مع بقاء بعض الأعراض التي تظهر عليك كالارتجاف وغيره. ثانيا: صدقني الشعور يسبق الإحساس؛ فأنت إذا شعرت أنك ستخاف وترتعد فإنك حتماً ستخاف وترتعد.. أما إن شعرت بالثقة، وطردت هاجس الخوف فستشعر بالثقة المطلقة!! وعليه فإني آمل منك التدرب على إيجاد المشاعر الإيجابية التي تمنحك الثقة بالنفس، والتدرب على الإمامة شيئا فشيئاً.. مع يقينك بأن الناس لا يشعرون بما يدور في نفسك، بل إن أغلبهم يغبطك على قدرتك على الإمامة وتقدمك لها. وربما لم يلاحظ تلك الرعدة والارتجاف في صوتك.. والذي يلحظ ذلك قد يظن أن طبيعة صوتك هكذا..!! ثالثاً: لقد نشر في الموقع الكثير من الإجابات حول هذا الأمر.. تجدها في (خزانة الاستشارات) تحت عناوين مختلفة.. إضافة إلى الملف الرئيس في (منتدى زوايا المشكلة) في نافذة الاستشارات آمل الاطلاع عليها والاستفادة منها قدر الإمكان. رابعا: أما إحساسك بأن الناس.. (يكرهونك)) فهو إحساس وهمي لا أصل له، والدليل ما تراه من أفعالهم كما تقول!! علماً بأن الأفعال أحيانا ما نفسرها بحسب حالتنا النفسية؛ فلو جاءنا الفعل ممن نتوقع منه مشاعر إيجابية تجاهنا فإننا نفسره تفسيراً إيجابياً.. ولو جاءنا نفس الفعل ممن نتوقع منه مشاعر سلبية فإننا نفسره تفسيراً سلبياً. وأضرب لذلك مثالا: ((الابتسام)) فلو رأينا الأول ينظر إلينا وهو يبتسم ويتكلم مع جليسه.. لفسرنا ذلك إيجابياً بأنه يثني علينا، وأن مشاعره تجاهنا رائعة.. ولو قام من ((نتوقعه)) سلبياً تجاهنا بنفس الفعل ((لظنناه)) يسخر منا ويتكلم عنا بسوء!! . إذ الفعل نفس الفعل.. ولكن مشاعرنا هي التي جعلتنا نفسر تصرف الأول تفسيراً إيجابياً، ونفسر تصرف الثاني تفسيرا سلبيا وعليه فنحن المسؤولون عن مشاعرنا وأحاسيسنا، وبالتالي ما يترتب على ذلك من سعادة أو تعاسة.

خامسا: أما أسباب شعورك ذلك (أن الناس يكرهونك) فهو نظرتك السالبة إلى نفسك.. والواجب هنا أن تتأكد أنك لست أقل من غيرك؛ فقد يفوقك بعضهم بشيء، وتفوقهم أنت بشيء آخر..!! وعليك من الآن أن تنظر إلى نفسك نظرة إيجابية، وتتعامل على ضوئها.. شارك الآخرين في أحاديثهم وحواراتهم، وإن لم تملك ما تقول فشاركهم في إنصاتك لما يقولون وطرح بعض الأسئلة، والتعقيب على بعض المواضيع.. وشيئا فشيئا ستجد نفسك قد نسيت تلك الهواجس السلبية. سادسا: كن إيجابياً مع زملائك وأصدقائك، وبادر بتقديم بعض الخدمات واقتراح بعض الأفكار حول بعض الأنشطة، وبقدر ما تتعامل مع الآخرين بشكل إيجابي سينعكس ذلك على رضاك عن نفسك وثقتك بها. وفقك الله وحماك، وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

حزني عليها.. وخوفي من الموت!!

حزني عليها.. وخوفي من الموت!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 7/12/1422 السؤال لا أريد سوى النصيحة.. توفيت والدتي أمامي ولم أنس ذلك المنظر حتى هذه الساعة علماً بأنه مضى أربع سنوات على وفاة والدتي مشكلتي أنني دائمة التفكير بالموت، وأخاف منه مع العلم أنني ولله الحمد على قدر من الاستقامة والصلاح والحمد لله تعالى.. أريد أن أحج هذه السنة لكن يطاردني شبح الموت الذي أفسد عليّ حياتي، وتركني أعيش في أركان بيتنا أفكر فيه وأشعر الخوف.. لا أريد الإطالة ما أريده فقط النصيحة العاجلة؛ لأنني حقاً أحتاجها؟ الجواب أختي الكريمة أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: يا عزيزتي الموت حق وكلنا مؤمنون بذلك ونعرفه.. وندركه.. ولو كان أحد سيخلد.. لخلد أشرف الخلق عند الله نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه.. الذي ما فجعت الأمة بمثل فجيعتها يوم مات) إنك ميت وإنهم ميتون (. ثانياً: ما تجدينه من حزن على والدتك التي توفيت أمامك هو شعور مفهوم.. وقد وجده الآلاف قبلك وبعدك ولكن الأمر الغريب أن تستمري على هذا الحزن حتى هذا اليوم..!! بل وتخافي من الموت.. وتكثري من التفكير فيه حتى يفسد عليك حياتك.. بل وأراه قد كاد أن يفسد عليك آخرتك!! ثالثاً: أين الإيمان بالقضاء والقدر..؟! أين الاحتساب؟!! أين اليقين؟!! صدقيني - أختي الكريمة - كل ما تجدينه هو من الشيطان الرجيم الذي يسعى أخزاه الله وأذله إلى تعكير صفو حياة المؤمن.. وجعله عرضة للوساوس والأحزان.. وربما دفعه إلى اليأس والضيق بالحياة.. حتى تتداعى لديه الأحزان فينقبض..!! وربما أنهى حياته فأصبح مآله النار وهذا ما يتمناه إبليس قاتله الله. رابعاً: أكثري أختي الكريمة من ذكر الله) ألا بذكر الله تطمئن القلوب (. وتذكري الجنة وما فيها من النعيم واستعدي لذلك بالإكثار من الأعمال الصالحة.. وأكثري من الدعاء لوالدتك رحمها الله وجمعكما بها ووالدينا وذرياتنا في الجنة. خامساً: ربما كان ما تعانين منه من مقدمات الاكتئاب.. وهو الحزن العميق الذي قد يسيطر على المرء فيدفعه إلى العزلة وفقدان الحماس لأي شيء.. وربما تداعى الأمر إلى أخطر من ذلك.. فبادري فوراً للخروج من ذلك واحمدي الله على نعمه الظاهرة والباطنة، وشاركي الآخرين في مناسباتهم وأفراحهم.. وكوني إيجابية في حياتك، وأكثري من الدعاء بأن يوفقك الله ويعينك ويسهل أمرك، وتذكري حديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب) . وقوله تعالى) فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين * ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا (. سادساً: ابدئي منذ اللحظة: اعزمي على الحج، واذهبي إلى البيت الحرام، واسألي الله القبول، وتأكدي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. رفعت الأقلام وجفت الصحف. مصداقاً للحديث الصحيح.. وأكثري من قراءة القرآن والأذكار والأوراد اليومية.. وتفاءلي بالخير تجديه. وفقك الله وحماك من كل سوء، وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

أرى الموت في كل مكان..!!!

أرى الموت في كل مكان..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 21-12-1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أنا شاب جزائري أعاني من مشاكل أسرية عميقة كما أعاني من الخوف وعدم التكيف مع الوقائع ومسايرتها مع المجتمع وعدم مسايرتي لنمط واحد من السلوكيات كما أنني عشت اضطرابات لا مثيل لها نتيجة الأزمة الأمنية حيث أصبحت أخاف كثيراً وتتراءى لي صور الموت بمختلف أشكالها. إضافة إلى هذا فقد أردت تكوين عائلة وهذا لتحقيق نوع من الاستقرار النفسي غير أنني لم أستطع لظروف كثيرة أهمها رفض الوالد القاطع حسب قوله أنني غير قادر على المسؤولية وأنا الحامل لشهادة جامعية، وأبلغ من العمر 28 سنة ورجاء أعينوني أعانكم الله؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: لقد أوجزت كثيراً في رسالتك فلم تذكر لي نوعية الاضطرابات العميقة التي تعيشها مع أسرتك ولم تذكر ظروفك الأسرية بدقة ومع من تسكن وهل أنت موظف أم لا.. وكم عدد إخوانك.. إلخ وهي أمور هامة لتحديد سبب مشكلتك وكيفية التعامل معها. ثانياً: أما مسألة الخوف وترائي صور الموت لك في كل مكان..!! فدعني أسألك سؤالاً هاماً جداً.. ما هي علاقتك بربك.. وما مدى اتكالك عليه ويقينك بأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله عليك.. وأين أنت من قراءة القرآن الكريم وذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) . وقراءة الأوراد اليومية وهي " حصن المسلم " كما جاء في الحديث.. إذاًَ صدقني راحتك هي في العودة إلى الله والالتجاء إليه والثقة به.. ودعاءه بصدق وتضرع وتذلل أن يوفقك الله ويحفظك ويعينك ويهديك ويهدي لك ويهدي بك والله تعالى قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. ثالثاً: أما مسألة زواجك فكما أسلفت لا أعرف الكثير من التفاصيل حول ظروفك.. ولكن الزواج - أخي الكريم - يحتاج إلى قدرة مادية تستطيع من خلالها تكوين أسرة والإنفاق عليها والاستقلالية في سكنك إذا لزم الأمر.. وغير ذلك مما تدركه.. وأنت أدرى بظروفك.. فاسأل الله العون والتوفيق. رابعاً: الله.. الله بكثرة الاستغفار فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) وجاء في الحديث [من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ٍ] .

خامساً: وأما عدم مسايرتك للواقع.. فلم أفهم ما تعني بعدم مسايرتك للواقع.. ولكني أخبرك - أخي الفاضل- أن الحياة قد لا تناسبنا ولا تتماشى مع أهوائنا.. ولكنها في النهاية تسير.. ولا تتوقف فيجب أن نتعامل معها من خلال هذا الفهم.. ونكيف أنفسنا معها بأي طريقة مع إدراكنا أنها دار ممر واستعداد للآخرة.. فلا ننتظر منها الكثير.. وتذكر قوله تعالى (لقد خلقنا الانسان في كبد) واعلم أن هذه الحياة لم تصف قبلنا للأنبياء والرسل وهم صفوة الخلق عليهم السلام.. وأنها لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء.. كما جاء في الحديث. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

عدم رغبة للأماكن المزدحمة!!!

عدم رغبة للأماكن المزدحمة!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 2/6/1422 السؤال لماذا أحس بعدم رغبتي في الذهاب إلى الأماكن المزدحمة حتى أماكن الصلاة أو العزاء مع علمي بعدم شرعية هذا العمل؟ الجواب أخي الكريم سؤالك مجمل إلى حد كبير.. والتفصيل هنا مهم.. حتى نستطيع أن نشخص المشكلة ودرجة عمقها وحدتها.. وأسبابها.. ومن ثم نتعاون معك في وضع البرنامج العلاجي المناسب. فمثلاً.. ظروفك الأسرية والاجتماعية والاقتصادية لها دور كبير في تشكيل حياتك.. وكذلك نوع المهنة ومنذ متى أحسست بهذه المشكلة.. وكيف كانت البدايات لهذا الإحساس؟! أسئلة كثيرة.. وهامة جداً تحدد لنا بوضوح نوعية المشكلة.. والطريقة الملائمة للتعامل معها. إلا أنني سأتكلم هنا بشكل عام حسب ما اتضح لي من عرضك لمشكلتك:- أولاً يظهر لي والله أعلم أن ما تعاني منه هو نوع من الخوف المرضي.. من الأماكن المزدحمة أو ما يسمى بـ..الفوبيا.. أو.. الرهاب.. وهو مرض نفسي معروف.. يعاني منه البعض بدرجات متفاوتة.. تصل أحياناً إلى حدٍ خطيرٍ تجبر الإنسان على الانزواء في منزله وعدم الخروج إلى أي مكان مهما كانت الأسباب..!! وإن كان ما يظهر لي مما ذكرته عن واقعك.. يشير إلى أن الموضوع في بدايته.. وهذا ما يسهل إمكانية التخلص منه إلى الأبد إن شاء الله. ثانياً: ترجع أسباب هذا الأمر.. إلى عوامل كثيرة تتعلق بالمراحل الأولى لحياة الإنسان.. وتنشئته الاجتماعية.. وظروف معيشته وتربيته وعلاقته بوالديه - حتى وهو راشد - فبعضها قد يسبب نوعاً من الخوف المرضي.. لدى الإنسان!؟ ثالثاً: تركيزي على مصطلح.. الخوف المرضي.. هو لتفريقه عن.. الخوف الفطري.. أو العادي.. وهو خوف الإنسان من أمور تسبب الخوف للجميع..مثلاً الثعابين - بعض الحيوانات المفترسة.. بعض الأحداث المرعبة.. إلخ وهي هنا أمور عادية لو لم يخف منها الإنسان بشكل يدفعه للتعامل معها بحذر!!! لحكمنا عليه بالمرض!!!؟ أما الخوف من الأماكن المرتفعة.. أو الأماكن المزدحمة.. أو المغلقة.. أو الظلام.. أو ركوب الطائرات.. أو غيرها.. فهو.. خوف مرضي.. لأنه لا يشعر به إلا البعض. وتصل النسبة في الرجال إلى 10% و 20% عند النساء تقريباً. وهناك أيضاً.. الرهاب الاجتماعي.. حيث يخاف المصاب به خوفاً شديداً عند لقاءه بعدد من الناس فيضطرب.. ويتلعثم.. ويحمر وجهه.. ويجف ريقه.. وقد يضطر إلى الخروج مسرعاً لتجنب الإحراج.. بالتالي يتجنب هذه اللقاءات مستقبلاً.. وينقطع عن المناسبات واللقاءات الاجتماعية!!!

رابعاً: للإنسان المصاب بهذه المشكلة دور كبير في التخلص منها.. عن طريق تغيير أفكاره السلبية تجاه نفسه إلى أفكار إيجابية.. مفادها أنه ليس أقل قدراً وقدرة من الآخرين.. وأنه ليس محوراً لاهتماماتهم.. حتى وإن توجهت أنظار بعضهم إليه.. فإنها في الغالب الأعم نظرات شاردة لا تعني أي شيء بل إن كثيراً من أصحابها لا يعون مما تقع أعينهم عليه إلا أقل القليل.. وكل منهم مشغول بنفسه وبمشاكله الخاصة.. ولذا فيجب على المرء الذي يعاني أن يكون واقعياً وعقلانياً في تفكيره.. وألا يحمل الأشياء أكثر مما تحتمل.. وأن يبادر بالهجوم على هذه المواقع التي يخشاها.. ولا يضع خيار الانسحاب دائماً في المقدمة.. فالانسحاب يعني الهزيمة والتراجع..والتراجع الأول يعني مزيداً من التراجع.. وهكذا..!!! خامساً: لعلاج هذه المشكلة.. هناك نوعين من العلاج وهما: أ- العلاج الدوائي.. ويعتمد على بعض العقاقير الطبية التي تخفف من بعض أعراض الخوف.. وبالتالي يمكن التعامل مع المواقف بشكل طبيعي.. حتى يتغلب الإنسان على خوفه ويواجه الواقع بشكل طبيعي. ب- العلاج السلوكي.. المعرفي.. ويعتمد فنيات الاسترخاء والإيحاء الذاتي.. والتدرج في مواجهة المواقف المشكلة أو المزعجة!!! ويتم ذلك في البداية على شكل جلسات مع الطبيب أو الأخصائي النفسي ويلزم تعاون المريض واستجابته للتعليمات. سادساً مشكلتك يا أخي الكريم.. في بداياتها.. فلا تردد أبداً في استشارة الطبيب النفسي.. وثق أنك قادر بإذن الله على تجاوزها.. فنسبة من يشفى من هذه الأمور عالية جداً.. والنتائج مشجعة. سابعاً: قبل هذا وبعده.. أوصيك ونفسي.. أن تذكر الله على كل حال.. وأن تبدأ يومك بقراءة الورد الصباحي وشيء من القرآن الكريم.. ثم تأخذ نفساً عميقاً وتستمد من ثقتك بربك.. ثقة بنفسك.. وتتفاءل بيومك هذا بثقة المؤمن وعزته.. وتنطلق إلى أعمالك مطمئن البال ولا تسمح لأي كان بأن يفسد عليك صفاءك النفسي وثقتك بأنك لست أقل من غيرك.. بل ربما تفوقت على غيرك بأمور كثيرة.. وأحسن نيتك.. وأصلح سريرتك.. وأستعذ بالله - قائماً وقاعداً - من نزغات الشيطان.. ولا يزال لسانك رطباً بذكر الله والصلاة على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.. ولا تنسى وردك المسائي.. ثم أختم يومك بالوتر.. وقبل النوم.. خذ نفساً عميقاً مرة أخرى وتفاءل بغدك.. وذكر نفسك مرة أخرى.. إنك قادر بإذن الله على مواجهة الحياة بهمة عالية.. وتفاؤل كبير. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

الخوف من الناس

الخوف من الناس المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 5/7/1422 السؤال أرجو منكم مساعدتي في التخلص من الخوف من الناس، كيف يكون ذلك، وهل لا بد من الذهاب إلى الطبيب النفسي، علماً بأني أحب الله عز وجل وأحب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأحبكم في الله. الجواب بالنسبة لمشكلتك التي ذكرتها وهي " الخوف من الناس "!! فإنك قد ذكرتها إجمالاً.. والتفصيل هنا مهم..!! حيث لم تذكر - أخي أحمد - متى بدأت تلك المشكلة معك..؟ وكيف بدأت..؟! ومدى حدتها.. وعمقها منذ بدأت..؟!! أي [التاريخ التطوري للمشكلة] كما أنك لم تحدد أي نوع من الخوف يعتريك من الناس..؟ هل هو مقابلتهم..؟ أم التحدث أمامهم..؟ أم ماذا..؟!! وما هي الأعراض المصاحبة لهذا الخوف..؟ ولم تذكر لنا هل أنت تعمل..؟ وما هي طبيعة عملك..؟!! هذه أمور هامة جداً.. يجب معرفتها لتحديد كنه المشكلة وأسبابها.. والتعاون معك على علاجها. فالخوف المرضي أنواع ودرجات.. ولكنه بشكل عام - وبتوفيق الله - ثم باستشارة أهل الاختصاص.. والالتزام بتوصياتهم تم التغلب على الكثير جداً من أنواعه.. ولذلك فاستشارة ((الطبيب النفسي)) المسؤول والمختص هامة جداً.. ولا بأس بها ولا حرج.. بل هي في مثل هذه الحال ((ضرورة ملحة)) خاصةً وأن الكثير من الأطباء النفسيين يتعاملون مع كم كبير من مثل هذه المخاوف.. ويحققون - بفضل الله - نتائج إيجابية رائعة. وبشكل عام.. فأن الكثير من الناس لا يفرق بين " الخوف " و " القلق ".. والحقيقة أنهما مختلفان.. فالقلق يعني التوتر وتوقع الخطر بشكل عام وعائم!! بينما يعني الخوف.. القلق والرهبة من موضوع معين ومحدد!!! وفيما يتعلق بالخوف من الظهور أو الحديث أمام جمع من الناس فهو ما يعرف بـ"الخوف الاجتماعي" أو "الرهاب الاجتماعي" وهو واسع الانتشار في مجتمعاتنا..والعديد من الذين يراجعون العيادات النفسية يشكون من هذا الاضطراب (تصل نسبتهم تقريباً إلى 15% من المراجعين) وهذا الاضطراب له درجات من الشدة بعضها معطل للإنسان وطاقاته وقدراته..!! حيث يمتنع المريض من المشاركة في المناسبات الاجتماعية..!؟ أو انه يجلس صامتاً مرتبكاً ومتوتراً يتحين الفرصة للانسحاب.. وهو يبتعد عن الأضواء قدر الإمكان خشية أن يتكلم أو يُحرج إذا ما توجهت إليه الأنظار..!! والمعاناة هنا شديدة ومؤلمة.. خاصة وأن الكثيرين من هؤلاء لديهم إمكانات عقلية ومهارات رائعة ولكنهم لا يستطيعون التعبير عنها أمام الآخرين..!! وفي ذلك هدر للطاقات وضياع للمهارات والآراء المفيدة..؟!! وتلعب التربية دوراً هاماً في تثبيت عدد من المخاوف واستمراريتها وأيضاً في نشوء بعضها الآخر.. حيث تساعد الاعتمادية الزائدة على الآخرين في ضعف الثقة في النفس وعدم تطوير قدرات التكيف والتعامل مع الأمور التي تبعث على القلق والخوف.!! كما أن التخويف المستمر ووسائل العقاب الشديدة تترك آثارا عميقة ومستمرة في التكوين العصبي والنفسي للفرد حيث يستقبل معها أحداث الحياة وموضوعاتها بدرجة عالية من الترقب والتوجس وعدم الأمان!!!

وتعتمد أساليب العلاج بشكل أساسي على التعرض التدريجي أو الكامل للموقف المثير للخوف.. وهو ما يسمى (بإزالة الحساسية) .. ويمكن للفرد نفسه أن يعالج نفسه بنفسه بأن يتبنى موقف المواجه والمهاجم بدلاً من الهروب والتجنب والدفاع.. ويبدو أن التدريب البسيط على التحكم بالتنفس.. والتنفس العميق الهادي.. أو إخراج الهواء من الصدر ثم سحب كمية كبيرة من الشهيق يساعد كثيراً على تماسك الإنسان.. وتخفيف قلقه وخوفه لأن الهواء مادة مهدئة تعاكس تأثير الخوف الذي يزيد من ضربات القلب ويجعل التنفس سطحياً غير عميق.. ويشكل ذلك سلاحاً طبيعياً فيسيولوجيا ً لمقاومة الخوف. كما أن التفكير الإيجابي والتحكم بالأفكار التلقائية السلبية التي تظهر عند مواجهة الموقف المخيف.. له أكبر الأثر في مساعدة المريض على التخلي عن مخاوفه وتعديل أفكاره عنها.!!! كما أن العلاج السلوكي النفسي يفيد كثيراً في مثل هذه الأمور.. ويستمر تأثيره الإيجابي أمداً طويلاً.. ويتضمن عدداً من التدريبات النفسية منها.. التدريب على الاسترخاء وتنمية القدرات الاجتماعية.. والتمرين على المواجهة العملية والتخيلية.. وغيرها.. وهي تدريبات طبقت كثيراً.. وذات نتائج إيجابية كبيرة. أخي أحمد.. لا تجعل من نفسك محوراً للكون.. ولا تشغل نفسك عند لقاءك بالآخرين.. بمدى أهميتك عندهم وماذا يتصورونه عنك.. وأي انطباع ستتركه لديهم..!!؟ وهل تراك أحسنت التصرف كما يجب أم لا..؟!! ولا تنشغل كثيراً بنفسك..!! اخرج من دائرتك الضيقة إلى دوائر أخرى أكثر سعة ورحابة.. شارك في بعض الأحاديث والحوارات المطروحة.. حتى ولو بشكل جزئي.. ولا تعتقد أن من تلتقيهم لا يشغلهم إلا أنت.. هيئتك وطريقة حديثك..!! بل أن عند كل منهم من خصوصياته ما يشغله عما سواه..حتى وأن انشغل بغيره قليلاً..!!! ثق بالله.. ثم بنفسك.. وتأكد أنك لست أقل قدراً من الآخرين.. وأن لديك من الإيجابيات ما يجعلك تفوق أكثرهم قيمة وقدراً ولا تتردد يا أخي أبداً في استشارة ((الطبيب النفسي)) .. وفقك الله.. وثبتك على الحق.. وزادك من اليقين والتوفيق والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه.

خوفي من قريبي.. يقلقني..!!!

خوفي من قريبي.. يقلقني..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 9/4/1422 السؤال مشكلتي هي الخوف.. أنا كثير الخوف، وهذا الخوف يؤثر على عدة نواح من حياتي. فأنا أخاف من الاختبارات فلا أؤدي فيها الأداء المطلوب مع استعدادي الجيد لها، أو أن الخوف يسبب لي ارتباكاً يمنعني من الإعداد الجيد. وأنا أخاف من أحد الأقارب الأكبر مني سناً منذ نعومة أظفاري، ربما لأنه عصبي، ونتيجة هذا الخوف أنني أسرح كثيراً وأنا أتخيل نفسي في مواجهة معه، كلامية أو قتالية. أنا طالب والحمد لله متوفق، وأظنني ناجح اجتماعياً، ولكن هذه المشكلة تؤرقني. فهل من نصيحة لديكم. الجواب أخي الكريم.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته قرأت مشكلتك من واقع ما كتبت.. ولم أعرف منها أشياء كثيرة وهامة..!! مثلاً منذ متى بدأ معك الخوف.. وما هي أعراضه لنعرف من خلالها درجة عمقه وحدته لديك؟! وما هي ظروفك الأسرية.. ونشأتك..؟! كل هذه أمور ربما أوضحت لنا أسباب ما تعاني منه.. وإذا عرف السبب بطل العجب كما يقال.. وشخص الداء وعرف الدواء إن شاء الله. ولكن بشكل عام يظهر.. أن مشكلتك من النوع البسيط بدليل أنها محصورة في مسألتين.. الخوف من الامتحانات.. والخوف من أحد الأقارب الأكبر منك سناً..!! أما في الأمور الأخرى فأنت ولله الحمد متفوق.. وناجح اجتماعياً.. ولذلك فتعليقي عليها ما يلي: - أولاً: الخوف يا عزيزي.. هو شعور بالعجز عن مواجهة حالة معينة!! وهو مطلوب.. بل ضروري لأنه يدفعنا إلى الحذر والاستعداد.. ويحفز في داخلنا عوامل كثيرة تدفعنا - عادة - إلى مواجهته.. والتغلب عليه.. بشرط ألا يتعدى حدوده المعقولة والمقبولة.. فما هي الضوابط للخوف المقبول.. وغير المقبول..؟ الخوف المقبول - أخي الكريم - هو الخوف الطبيعي من الأشياء التي يخافها عامة الناس.. كالخوف من الحيوانات المفترسة.. وبعض المخلوقات السامة والأخطار بشكل عام.. فهذا شعور طبيعي ومقبول.. بل ومطلوب.. لأنه يدفعنا - كما أسلفت - إلى الحذر.. والبحث عن الطرق المناسبة للتعامل مع هذه الأخطار..!! أما الخوف المرضي.. غير المقبول.. فهو الخوف من الأمور العادية التي لا يخافها أغلب الناس.. مثل الخوف من الأماكن المغلقة.. أو المرتفعة أو المزدحمة.. أو ركوب الطائرات....إلخ وإجمالا هو الخوف المعطل لملكات الإنسان وقدراته.. أو الذي يدفعها إلى الانطواء أو الانزواء بعيداً عن الآخرين!! ثانياً مما سبق.. يظهر لي والله أعلم أن خوفك يدخل ضمن الخوف الطبيعي.. بشرط ألا يتجاوز حدوده.. وأن تتفهمه وتسيطر عليه..!!

فمثلاً - خوفك من الاختبارات هو خوف من الفشل.. وهذا الخوف إذا كان يدفعك إلى الاستعداد المبكر للاختبارات.. فهذا شيء إيجابي ومطلوب.. أما إذا كان يوصلك إلى درجة القلق والاضطراب.. ومن ثم ضياع المعلومات.. فهذا قد يتجاوز المرغوب إلى غير المرغوب.. والمطلوب هنا إعادته إلى حدوده المعقولة.. فمادمت قد بذلت جهدك بالمذاكرة الجادة والاستعداد الكامل فعلام الخوف إذاً..؟؟ خاصة إذا فهمت الآلية الذهنية للمذاكرة بمراحلها الثلاث (الاستذكار - الاستيعاب - الاسترجاع) فأعط كل مرحلة ما تستحقه من جهد.. وستسرك النتائج بإذن الله.. وكن دائماً متفائلاً بالنجاح.. لما لهذه الصورة الذهنية الإيجابية من نتائج كبيرة ولذلك قيل (تفاءلوا بالخير تجدوه) ثالثاً: - أما بالنسبة لخوفك من أحد الأقارب الأكبر منك سناً.. فهذا مفهوم ومقدر.. خاصة وأن هذا الخوف بدأ منذ نعومة أظفارك كما تقول.. وأن هذا القريب عصبي المزاج وحاد الطباع.. فالأمر هنا عادي ومفهوم.. ولكن هل أثر ذلك على علاقاتك بالآخرين..؟ وهل أثر على طبيعتك وسلوكك..؟ بشكل مرضي بحيث تجنبت الناس.. وأصبحت وحيداً منطوياً..؟ بالتأكيد لا.. وأنا واثق من ذلك.. لأن تشخيصك لمشكلتك يدل على أنك إنسان ناجح ومتوازن من الناحية الانفعالية.. ولذلك فلا تعطي هذا الأمر اكثر مما يستحق.. ولا تسمح له أن يخرج عن دائرة علاقاتك مع هذا الشخص أو أن يؤثر عليك سلباً في حياتك.. بل افترضه أمراً طبيعياً يدخل من ضمن ظروف القدر التي كتب عليك أن تتعامل معها حتى وإن كنت غير راضٍ بها أو مقتنعاً!! وهي فعلاً أمر عادي.. كثيراً ما يحدث.. أما الأقوياء - وأظنك منهم - فلا يخرجونها عن الدائرة السابقة.. وأما الضعفاء.. فتؤثر عليهم في حياتهم.. وتصبح أمام أعينهم جبلاً لا يرون إلا هي فتكتم أنفاسهم.. وتتداعى السلبيات تبعاً لذلك.. ولذلك أقترح عليك ما يلي:- 1. تعامل مع هذا الخوف تجاه هذا الإنسان على أنه شيء طبيعي - وهو فعلاً طبيعي - ولا تكثر من التهيؤات والخيالات فيما قد يحدث بينكما من مشاكل بل حاول ألا تنشغل كثيراً فيه.. وأغلق ملفه بمجرد أن يغيب عن ناظريك.. وافتح ملفات الأشخاص الآخرين.. وكذا الاهتمامات الخاصة بك والهوايات.. وهكذا.. وبعبارة أخرى.. إن كان تواجده معك يؤثر عليك.. فلا تسمح له أيضاً أن يؤثر عليك حتى بغيابه.. وشيئاً فشيئاً ستجدك قد اعتدت حتى على التعامل بهذه الآلية.. واسترحت كثيراً. 2. إن كان قريبك هذا عاقلاً ومتعلماً.. فحاول أن تقترب منه.. وتزيل هذا الحاجز بالمعاشرة والمعروف والعتب الهادئ.. وقد تجد ما يسرك منه.. أما إن كان ذا شخصية منغلقة.. ويصعب التعامل معها.. فاحصر تعاملك معه على الأشياء الرسمية ولا تحتك به بشكل مستمر.. وواصل علاقاتك الاجتماعية بشكل عادي.. بل حاول تطويرها بكل ما تستطيع ولن يضيرك هذا القريب وما تجده في نفسك حياله..!! أبداً.. لأنه أمر يتكرر كثيراً وسينتهي لصالحك بإذن الله.

3. لا تكثر - أخي الكريم - من السرحان.. فيما قد يحدث بينكما من مواجهات كلامية أو قتالية.. ولا تعبر الجسر قبل وصوله.. وكن واثقاً بنفسك.. متكلاً على ربك متفائلاً.. وادفع السيئة بالحسنة.. وعاشر بالمعروف وبادر بالخير ما استطعت.. وعاجلاً أو آجلاً ستتجاوز هذا الأمر.. صدقني - كن واثقاً من ذلك - خاصة وقد بلغت هذه المرحلة العمرية والعقلية.. فلا تحمل هذا الأمر أكثر مما يحتمل. وأخيراً.. لكي تقضي على الخوف بشكل نهائي ينبغي لك وأنت تعيش هذه اللحظات ذهنياً أن ترى نفسك وقد سيطرت على عواطفك.. واستبدلت الصور الذهنية التي اختزنها عقلك عن فشلك في الماضي في السيطرة على مخاوفك.. بصورة ذهنية أخرى.. استطعت فيها أن تسيطر على مخاوفك سيطرة تامة..!! درب نفسك يومياً.. قبل أن تنام.. وفي بداية نهارك بالاسترخاء.. ثم خذ نفساً عميقاً.. واستعرض العديد من الصور الذهنية الجريئة التي واجهت فيها مواقف الحياة بشكل رائع.. وأزل الصور السلبية من عقلك.. وبمرور الوقت ستجد أنك قد أقمت صرحاً متيناً تتحطم خارجه كل مخاوفك وفقك الله وهداك.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

خوف اجتماعي

خوف اجتماعي المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 4/4/1422 السؤال معاناتي حقيقية - ولله الحمد على كل حال - وتتلخص في خوفي الشديد وسرعة ضربات القلب عند دخولي عند أناس مجتمعين!! سواء أكانوا معارف أم لم يكونوا كذلك وهذا الخوف يزول تدريجيا خلال جلوسي معهم كما أنني لا احب أبدا الدخول على المجلس لوحدي بل احب دائما أن أكون برفقة أحد فماهي مشكلتي؟ وهل أجد لديكم حلا لها؟؟ وجزاكم الله كل خير الجواب أخي الكريم.. ما تعاني منه هو ما يسمى بـ" الخوف الاجتماعي" أو"الخجل الاجتماعي" وهذه الإعراض التي نلاحظها من سرعة خفقان القلب.. والتعرق.. وربما جفاف الحلق.. والاضطراب وغيرها.. هي من ضمن أعراضه..!! والخوف الاجتماعي..تصل نسبته في مجتمعاتنا إلي حدود 15%.. وتتفاوت حدته وعمقه لدى الأفراد من خوف بسيط مثل حالتك.. إلى خوف مرضي شديد يتجنب الإنسان بسببه المجتمع..وينزوي بعيداً عن أي نشاط أو مناسبة اجتماعية.. وقد يتطور الأمر إلى تراكمات نفسية ومشاكل..تزيد الأمر سوءاً..!!! أما في مثل حالتك.. فإن الأمر بحمد الله يسير.. بدليل انه يتلاشى بمجرد تجاوزك " رهبة البداية" واندماجك في المجلس.. ولذلك فإني أوصيك بمايلي:- أولا: تأكد أن مشكلتك بسيطة وأنها ستزول..واقنع نفسك بذلك.. عن طريق الإيحاء لها.. بأنك لست أقل قدراً من سواك.. وأن ماتشعربه.. يشعربه كثيرون غيرك.. وأنك ستتغلب على هذا الإحساس وتسحقه.!! وردد ذلك في سرك واقنع نفسك فيه. ثانيا: عندما تقابل شخص أو مجموعة أشخاص.. في موقف ما.. فلا تنشغل كثيرا في نفسك.. بل ركز على الموقف نفسه.. وتأكد أن الآخرين مشغولون بأنفسهم عنك!!! ثالثا: حاول أن تشارك في الحديث بشكل إيجابي.. حاور.. وانصت.. وتفاعل بنشاط.. وستتفاجأ بالنتيجة.... فكما تفكر تكون! رابعاً: أخرج من دائرتك الضيقة.. إلى دوائر أخرى اكثر سعه.. ورحابه.. وشارك الآخرين في هواياتهم ومناسباتهم.. وحواراتهم..ونم هواياتك.. وحاول أتقانها.. وستجد نفسك مع الوقت وقد ازددت ثقة بنفسك وأطمئناناً لوضعك وواقعك. خامساً: هناك أجابه في الموقع حول هذا الأمر ربما وجدت فيها تفصيلاً اكثر.. وهي بعنوان [خوف من الأماكن المزدحمة] تحياتي.. ودعائي بأن يوفقك الله ويسدد خطاك.

لا أستطيع المناقشة..!!

لا أستطيع المناقشة..!! المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 21-1-1424 السؤال السلام عليكم ورحمة الله مشكلتي أنني لا أستطيع أن أجادل وأناقش الآخرين في أموري الشخصية, وعندما أناقش أحداً أبكي بسرعة أرجو المساعدة، وجزاكم الله خيراً الجواب الأخت الفاضلة ... أشكر لك تواصلك مع موقع" الإسلام اليوم" عبر البريد الإلكتروني. إن ما تعانين منه هو الخوف الاجتماعي وهو خوف من التعرض للتحقير أو النقد في مواقف تكونين فيها موضع انتباه الآخرين وأدى بالتالي إلى تجنبك المواجهة مع الآخرين وتجنب المناسبات الاجتماعية. وهذا ناشئ من عوامل كثيرة منها:- -عوامل في التنشئة الاجتماعية كالتعرض للتحقير والعقاب بكثرة. -الاستعداد الو راثي لظهور الخوف. -الارتباط بمثيرات مشابهة في مرحلة سابقة " الأشراط الكلاسيكي " - التعزير السلبي بتجنب موقف أو مثير الخوف. -التشويش المعرفي للمواقف. وللمساعدة في التخلص من مشكلة الخوف عليك باتباع النقاط التالية. 1 - الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يعينك على التخلص مما تعانين منه والإلحاح بالدعاء مع المحافظة على الصلوات والأوراد اليومية. 2- يجب أن تقنعي نفسك بأن الخوف والهلع الذي يمتلك مشاعرك عند التفكير فيما قد يحدث من أشياء سيئة هي في الحقيقة أسوأ بكثير من الأشياء التي ستحدث فعلاً. أقنعي نفسك بأن التفكير بصعوبة الموقف سيؤدي إلى ما هو أسوأ من البكاء. 3- أقنعي نفسك بشتى الطرق أن المواجهة التي تعتقدين أنها صعبة ستتحول إلى مواجهة سهلة وممكنة بلا بكاء. 4 - اقتنعي تماماً بأن التوتر سيحدث ولكن مع تكرار الموقف سيخف إلى أن ينتهي تماماً. أختي إن الحوار المنطقي العاقل مع النفس لدحض الأفكار الخاطئة التي تثير المخاوف والاكتئاب وتعويد النفس على التفكير في نقاط القوة كل ذلك سيؤدي دون شك في تخلصك من مخاوفك المزعومة. 5- تدربي على الاسترخاء إذ هو من الأساليب المضادة للقلق والتوتر وهو عبارة عن جملة من التمارين البسيطة تهدف إلى راحة الجسم والنفس ويعطيك قدرة عل التحكم بنفسك ومساعدتها بعد انتهاء التدريب. وللاستزادة من ذلك تجدينه في موضوع:" عدم الثقة بالنفس ... حطمني " (النقطة الرابعة) 6- التدريب على أسلوب التحصين التدريجي بتعريض نفسك لمواقف اجتماعية ولتبدأ بحلقة صغيرة ثم تكبر لمجموعة أكبر ولتكن البداية مع الأسرة باختيار موضوع معين وإعداده ذهنياً ثم التحدث عنه أمام الأسرة مع تنقل البصر لجميع الأفراد والتركيز على عناصر الموضوع وعليك تكرار تلك الطريقة عدة مرات ومن ثم توسيع الدائرة لتشمل مجموعة الصديقات وهكذا.

7 - الحرص على اختيار قدوة في التحدث بمهارة من المعلمات ومحاولة تقليدها في طريقة كلامها وحركاتها. أو اختيار أي شخصية أخرى في ذهنك أعجبتك طريقة كلامها وإعجاب المستمعات لها وقدرتها على إيصال الموضوع بسلاسة مطلقة. عليك بمراقبتها بشكل دقيق طريقة كلامها.. حركة يديها.. نبرات صوتها.. نظرات الحاضرات لها.. حتى تصل إلى الحالة المثلي التي تريدينها!! ثم ضعي نفسك مكانها ولاحظي استجابة الحاضرات لك وإعجابهم بك ونظراتهم إليك. كرر هذا المشهد في ذهنك حتى تتكون الحالة الذهنية المطلوبة ثم مباشرة اربط هذا المشهد بحركة بضغط إصبعك لمدة عشر ثوان هنا تستطيعين أن تعملي عملية ترسيخ لتلك الحالة الإيجابية وتستطيعين إحضارها في الوقت المناسب حال الضرورة بضغط إصبعك. وهذه العملية تسمى " مولّد السلوك الجديد "، كرري تلك الطريقة عدة مرات ستجدين أن حالتك في تحسن بعون الله تعالى. 8- استخدمي طريقة ملاحظة الذات وهي تتطلب أن تضعي لديك كراسة تسجلي فيها عدد المرات اليومية التي حينما تكلمت تغلب عليك البكاء. وكيف تصرفت إزاء هذا الموقف. 9 - للاستزادة يمكنك الرجوع لموضوع " خوف اجتماعي " حرسك الله وأعانك الله على مبتغاك إنه جواد كريم،،،

مرض الخوف

مرض الخوف المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 12-5-1424 السؤال أنا منذ حوالي سنه ونصف أصبت بمرض الخوف، أخاف من شيء لم يحدث وأظن أنه سوف يحدث، وسيطر عليّ الخوف مثل كم ساعة نمت وهل هي كافية؟ تأتيني الوساوس حتى أتخيل أني لا أستطيع أن أنام إلا بحبوب منومة وأتخيل أن حياتي سوف تنهار. أنا الآن طبيعي وبحمد الله ولا أستعمل أي نوع من المخدرات. الرجاء المساعدة من الله أولا ثم منكم ماذا افعل؟ هل أذهب إلى شيخ لكي يرقيني؟ أم أن الوساوس لابد لها من طبيب نفسي وأنا لا أستطيع أن اذهب إلى طبيب نفساني لأن الناس ما ترحم والكلام يكثر أخاف أن يقول الناس هذا مسكين أو مجنون، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيني ويشفي مرضى المسلمين أجمعين. الجواب الأخ الكريم ... أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع " الإسلام اليوم ". إن ما تعاني منه هو القلق وقد وصل لديك إلى مرحلة القلق الحاد " الهلع " وفيه يشعر الشخص بأعراض كثيرة منها الانزعاج والتوتر وضيق في الصدر أو الألم فيه ويشعر الشخص بأنه نهايته قريبة ويخاف خوفاً شديداً من الموت وفي حالات يشعر بفقدان السيطرة على النفس والتصرف بحكمة ورويه وقد تتكرر هذه النوبات في اليوم الواحد وقد تطول عدة ساعة أو أكثر في بعض الأحيان!!! ولأنك أخي الفاضل لم تضع حداً قاطعاً لهذا الخوف من البداية من خلال السيطرة عليه وتغليب الثقة بالنفس وطرده بطرق سلوكية عديدة ترسخ في داخلك وأثر على حياتك وجعلك في حيرة من أمرك ولا زال القضاء عليه ممكناً جداً في متناول يدك متى ما كان لديك الإصرار والعزيمة وقوة الإرادة لغرس الثقة والأمن والقدرة على مسايرة الآخرين والتفاؤل بالمستقبل والإيمان الكامل بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطاءك لم يكن ليصيبك!! وحتى لا تصل الأمور إلى ما هو أسوأ من ذلك كمرحلة الوسواس القهري حماك الله منه!! أخي الكريم سأورد لك بعض الطرق التي أسأل الله الكريم أن يجعل فيها لك الخير: أولاً:- الالتجاء إلى الله عز وجل بالدعاء والاستغفار والإكثار من ذلك وتحري أوقات الإجابة فهو الملجأ والملتجأ والمنجي سبحانه وتعالى. وكذلك المحافظة على الأوراد اليومية الصباحية والمسائية ففيها حفظ من الشيطان وشركه!! وابدأ بالذكر عند أول فكرة سلبية ونوع أذكارك لتعطيها حلاوة التنويع!! ثانياً:- عود نفسك على الاسترخاء كالتنفس العميق بدلاً من السطحي وكذلك مارس الاسترخاء لكافة أجزاء الجسم وفي حالة الزفير العميق تخيل أنه هناك أفكار ومخاوف مؤذية لك تخرج من صدرك ولاحظ المشاعر اللطيفة التي ترافق ذلك الاسترخاء!! كرر تلك الطريقة مع أهمية أن تركز تفكيرك وانتباهك في الهواء في الدخول والخروج للصدر ومن الأفضل حينما تصل إلى قمة المشاعر الجميلة والراحة النفسية أن تضع مرساة لربطها بالأفكار المحببة لك كأن تضغط عل إبهامك بقوة لمدة عشر ثوان حينما تكون في راحة شعورية بعد عملية الاسترخاء!!

ثالثاً:- مارس عملية تدوين تلك المخاوف التي سببت لك قلقاً مما سيحدث مستقبلاً وحاول استبدال تلك المخاوف بأشياء إيجابية تساعدك على القضاء على السلبيات المؤثرة عليك!! وهي طريقة لتعديل الأفكار المرتبطة بالمخاطر عند حدوث أعراض جسمية!! لأن رؤيتك هي واقعك!! وكذلك كي تدرك تفاهتها وعدم استحقاقها درجة القلق العالية التي تعاني منها!! وعليك إضافة أفكار مرعبة ومخيفة حول ما يمكن أي يقع في حالة استمرار الخوف!! رابعاً:- عليك أن تدرك أنك بشر تصيب وتخطي وأنك غير معصوم من الخطأ والنسيان فإن فاتك موعد أو لقاء أو حضور مناسبة فالأمر عادي جداً لأنك قد تعرضت لأمر ضروري حبسك عن الحضور في الموعد المناسب فالصلاة وغيرها من العبادات قد عذر الله عز وجل العبد حينما يؤخرها عن وقتها بسبب نومٍ أونسيان قال تعالى: [لا يكلف الله نفساً إلا وسعها] . فلتدرك أخي الفاضل إن المثالية والدقة أمر حث عليه ديننا الحنيف ولكن الإنسان معرض لأمور قد تعيق أدائه الدنيوي!! فإياك أن تحمل نفسك ما لا طاقة لها من هم وخوف وحرص زائد عن الحد المعقول مما ينعكس على راحتك النفسية وبالتالي تعرضك لقلق مستمر يؤثر على سلوكك وتفاعلك مع الآخرين!! وبث في نفسك روح التفاؤل والإيجاب وخالط الناجحين وجدد ما حولك وتبادل وجهات النظر مع الناس. خامساً:- نصيحتي لك أخي المبارك مراجعة طبيب نفسي وعرض حالتك عليه في حالة استمرارها على وضعها لوجود أدوية تساعد على خفض درجة القلق وهي تستعمل لمدة ليست طويلة!! ولا تخجل من ذلك لصحتك فليس العيب في ذهابك لطبيب نفسي ولكن العيب أن تترك وضعك على هذه الحالة فيزداد سوءاً حفظك الله!! وأخيراً تذكر أن معظم المخاوف لا حقيقة لها وكن شجاعاً لمواجهة المصاعب لكي لا تصل للأسوأ!! حفظك الله من كل سوء ويسر لك الأمر!!

خائفة من الجن

خائفة من الجن المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 21/10/1424هـ السؤال السلام عليكم. قال لي بعض الأشخاص إن الجان يتلبس بالناس حتى بالصالحين منهم، وقالوا إن من يصلي لا يخاف منهم، وقد صرت أخاف بعد سماع الكلام عن الجان، وأنا أصلي لكني أخاف من كل شيء وألجأ إلى غرفة أختي. ماذا أفعل للتخلص من هذا الخوف؟. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. إلى الأخت السائلة: - سلمها الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت رسالتك باهتمام بالغ، وشعرت بمدى الخوف الذي يعتريك نتيجة سماعك لمثل هذا الكلام، فمجيباً على سؤالك بعد عون الله أقول: اعلمي يا أمة الله أن الجن مخلوق أقل قدراً، وأدنى كرامة من الإنسان، يقول الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله تعالى: (إن الجن حتى الصالحين منهم لأقل قدراً، وأدنى كرامة وأنقص شرفاً من الإنسان، إذ قرر الخالق عز وجل كرامة الإنسان، وأثبتها في قوله تعالى في سورة الإسراء: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا"، ولم يثبت مثل هذا التكريم للجان لا في كتاب من كتب الله ولا على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ورسله عليهم السلام، فتبين بذلك أن الإنسان أشرف قدراً وأعلى مكانة من الجان، ويدل على ذلك أيضاً شعور الجن أنفسهم بنقصانهم وضعفهم أمام الإنسان، يدل على ذلك أنهم كانوا إذا استعاذ الإنس بهم تعاظموا وترفعوا، لما في استعاذة الإنسان بهم من تعظيمهم وإكبارهم وهم ليسوا كذلك فيزيدون رهقاً أي طغياناً وكفراً ... ) ا. هـ انظر عقيدة المؤمن (228) . علاوة على ما تقدم فالجن يخاف من الإنس، وخصوصاً الذي يكون عنده إيمان قوي بالله، فقد ثبت أن الشيطان كان يخاف من عمر - رضي الله عنه-، فإذا سلك عمر - رضي الله عنه- طريقاً سلك الشيطان طريقاً آخر، وكذلك ثبت أيضاً كما عند البخاري وغيره في قصة الجن مع أبي هريرة -رضي الله عنه- وخوف الجن منه، وهذا الأمر منتشر عند السلف، فمن ذلك ما رواه ابن أبي الدنيا عن مجاهد قال: (بينما أنا ذات ليلة أصلي إذا قام مثل الغلام - أي الجن- بين يدي، قال مجاهد: فشددت عليه لآخذه، فقام فوثب خلف الحائط حتى سمعت وقعته فما عاد إلي بعد ذلك، قال مجاهد: إنهم - أي الجن- يهابونكم كما تهابونهم، وروى أيضاً عن مجاهد قال: الشيطان أشد فرقاً - أي خوفاً- من أحدكم منه، فإن تعرض لكم فلا تفرقوا منه فيركبكم، ولكن شدوا عليه فإنه يذهب) ا. هـ نقلاً من كتاب وقاية الإنسان من الجن والشيطان ص (33) . فإذا علم ذلك فلا تخافي منهم يا أمة الله قال تعالى: "وإنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين" [آل عمران: 175] ، وللتخلص من الخوف من الجن عليك الآتي: (1) عليك بالاستعانة بالله وكثرة الاستعاذة به سبحانه من شر الشيطان الرجيم وأعوانه من الجن. (2) عليك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها. (3) عليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم وباقي الأذكار المعروفة. (4) عليك بقراءة أو سماع سورة البقرة كاملة في كل ثلاثة أيام مرة على الأقل. (5) عليك بالمحافظة على قراءة آية الكرسي يومياً وخصوصاً قبل النوم. (6) عليك بالمحافظة على فعل الطاعات وترك المحرمات. (7) عليك باللجوء الصادق إلى الله ودعاءه سبحانه وتعالى بأن يصرف عنك هذا الخوف، ويصرف عنك كل سوء وشر ويقدر لك خير وبر. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الخوف الاجتماعي

الخوف الاجتماعي المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 19/8/1424هـ السؤال هل هناك حل لمشكلة الخوف الاجتماعي، خاصة أمام مجموعة من الناس أو أمام النساء؟ وماذا عن الأبعاد الشرعية؟. الجواب الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بداية أشكر لك ثقتك البالغة، واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام المراسلة والاتصال على الموقع. أخي الكريم: لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة، وكل مرة أشعر بأن هذا الأمر يسيطر على تفكيرك، ويسبب لك حرجاً في حياتك إذا كنت أنت المعني بالسؤال، المهم هذه المشكلة التي ذكرتها في سؤالك هي في الحقيقة -وللأسف الشديد- يعاني منها فئات كثيرة من الناس ومنتشرة بكثرة في الرجال وبخاصة في الشباب، والنساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض كما ذكر ذلك في الدراسات الميدانية المعنية بهذا الشأن، ويرجع السبب في الإصابة بهذا المرض -بعد قضاء الله وقدره- إلى أمور كثيرة منها: (1) البيئة التي نشأ فيها الإنسان المصاب بهذا المرض. (2) أسلوب التربية الخاطئ الذي تربى عليه المصاب بهذا المرض، إما شدة وغلظة في التعامل مع الطفل في صغره، أو حنان شديد وتسيب مفرط. (3) عدم علاج المشاكل التي تعتري الطفل أو الشاب في حياته علاجاً صحيحاً. (4) ضعف الإيمان والفقر الديني والذي يصيب أكبر شريحة في المجتمع. (5) عدم الثقة في النفس، وتوقع الفشل في أي وقت، مما يجعل الإنسان يحجم عن الإقدام في معظم الأمور. (6) التأثر السلبي بما يحدث للآخرين من مصائب ونكبات. (7) الاتكالية والكسل المفرط وحب الدعة والاستسلام للأحداث، والهروب من مواجهة المشاكل وحلها بشكل صحيح. إلى غير ذلك من الأسباب التي تعمل بدورها في الإصابة بهذا المرض، ولعلاج هذا المرض يجب معرفة أسبابه والعمل على تجنبها بداية، وإذا حدث وأصيب الإنسان بهذا المرض الخطير فعليه معالجة النقاط سالفة الذكر، وغيرها من الأسباب، والتي تؤدي للإصابة بهذا المرض، هذا والله أعلم. نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، ونسأله سبحانه أن يجنبنا أسباب الضلال والغواية، ويرشدنا إلى أسباب الإيمان والهداية، إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رهاب اجتماعي

رهاب اجتماعي المجيب د. عبد الحميد اليحيى (طبيب نفسي) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 15/08/1425هـ السؤال أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاماً، متخرجة -ولله الحمد- من الجامعة منذ سنتين، مشكلتي هي أني أعاني من عدم القدرة على التواصل مع الآخرين، متردِّدة، معدومة الثقة، خجولة ومنطوية على نفسي، حتى مع أهلي قليلة الحديث جداً، وهذا ما جعلني أترك وظيفتي (التدريس) ، فقد عملت لمدة فصل دراسي واحد فقط، أشعر بالكآبة والملل، ولا أرى في قادم الأيام ما يسعد، أتمنى أن أتزوج وأرزق بأطفال، ولكن كيف مع شخصيتي المنطوية، فكرت بمراجعة طبيبة نفسية، وبعد سيل من الترجِّي والتوُّسل لوالدي وافق، وشخصت الحالة على أنها رهاب اجتماعي، وتم صرف عدَّة أدوية، وما زلت أستخدمها منذ سنة وثلاثة أشهر دون فائدة! أحيانا أرجع سبب حالتي إلى أهلي؛ فأمي قليلة التواصل مع الأقارب، وبصريح العبارة قليلاً ما نخرج من البيت أو يزورنا أحد، أشعر أني أموت ببطء، وأني على حافة الجنون. ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لكل إنسان قدرات جيدة في جوانب من شخصيته، ولديه نقص في قدرات أخرى، وما تعانين منه - الرهاب الاجتماعي-، وما وصفتيه عن قدراتك يبين أنك تحتاجين إلى علاج بالجلسات النفسية التي تفيدك في التعرف على جوانب الضعف، وتصحيح ذلك ببرامج عملية. أما عن العلاج الدوائي فربما يحتاج الطبيب إلى مراجعة نوعية الدواء والجرعة الدوائية؛ فالناس يختلفون في استجابتهم للعلاج باختلاف نوعية العلاج، وقد لا تحدث استجابة لعدد من الأدوية عند بعضهم، كذلك بالنسبة للجرعة الدوائية، فقد لا يستجيب بعضهم إلا عند جرعات أعلى من الجرعة المعتادة، ولا بد في مثل حالتك من الدمج بين العلاج الدوائي والجلسات. مرة أخرى، يرجع سبب تأخر التحسن أو ضعفه إلى أسباب عديدة، منها ما ذكرته آنفاً، ومنها راجع إلى ما يشكو منه المريض، وهو جزء من صفات شخصية مكتسبة بالتربية، مثلا، أو موروثة، كأن يجد بعض من حوله لديهم هذه الصفات، وكثيراً ما تكون خليطاً بين الاثنين، أي صفات شخصية موروثة، وضعف في المهارات الاجتماعية اللازمة، ولذلك قد يحتاج التحسُّن إلى وقت أكبر من المعتاد في غيرها من الحالات، من جانب آخر في مثل عمرك ودرجتك العلمية تكون الاستجابة أفضل مع الجلسات، فأنصحك بالتوكل على الله، واستخدام العلاج بالجلسات النفسية مع العلاج الدوائي، ومحاولة إقناع أهلك بالطريقة الممكنة. نسأل الله أن يفتح لك أبواب الخير ويوفقك. ويمن عليك بالشفاء والطمأنينة.

شيء عن الرهاب الاجتماعي

شيء عن الرهاب الاجتماعي المجيب د. محمد بن عبد الخالق شحاته استشاري الأمراض النفسية بالقصر العيني بمصر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 01/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أعاني - عندما أقابل بعض الأشخاص - من رعشة قوية تصيبني، علماً أنهم أشخاص عاديون، حيث إنني لكثرة هذه الرعشة لا أستطيع أن أمسك كوباً أو كأساً لأقدمه لهذا الشخص؛ لكثرة هذه الرعشة في يدي بالذات، صدقوني أجد ألماً وحرجاً في نفسي من ذلك، وأطلب من الله ثم منكم مساعدتي. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله الهادي إلى سبيل الهدى، والصلاة والسلام على نبيه المجتبى وآله وصحبه وسلم، وبعد: فما تعانيه أخي الكريم، يسمى (الرهاب الاجتماعي) أو (الفوبيا الاجتماعية) ، وهي نوع من الخجل السلبي الزائد عن الحد، وله أسباب كثيرة يعود معظمها إلى فترة الطفولة والتعود، ويظهر الرهاب الاجتماعي عندما يقوم المرء بالحديث أو عمل شيء في مجموعة من الناس، مثل المناسبات أو قاعات الدرس، أو التقدم للإمامة في الصلاة، أو نحو ذلك- من المواقف التي يشعر فيها المرء أنه تحت المجهر أو في دائرة الضوء وكأن الكل ينظر إليه. ما يحدث في مثل هذه الأحوال أنه يخاف أن يظهر عليه الخجل أو الخوف أو أن يخطئ أو يتلعثم، وذلك ما يؤدي به للارتجاف، والخفقان، وضيق التنفس، وجفاف الحلق والتعرق، وهو ما شكوت منه ـ أخي السائل ـ. لكنها مشكلة لها حل وعلاج، وبالاستمرار والمحاولة واتباع خطوات العلاج يتحقق الشفاء منها والتغلب عليها ـ بإذن الله تعالى ـ وعليك قبل الانتظام في خطوات العلاج أن توقن بالآتي: 1.أن الناس سواسية كأسنان المشط، ولا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى.. كما في الحديث الصحيح. 2.ثق بأنك تحمل مميزات ربما لا تكون فيمن ترتجف عند لقائهم. 3.أنك ستكون أول من يلقي السلام على من تقابل وبصوت واضح مسموع. 4.أنك قادر على الإمساك بأول أطراف الحديث. كذلك لا غنى في العلاج عن جلسات العلاج النفسي التي تعتمد على الاسترخاء والمواجهة المتدرجة، وتأكيد الذات، وبناء الثقة بالنفس، ويدعى ذلك العلاج السلوكي المعرفي. وهناك خطوات لعلاج هذا العرض تتمثل في الآتي: إذا كنت تعاني خوفاً كهذا, اطمئن. ثمة تمارين سهلة ترفع معنوياتك وتزيد ثقتك بنفسك. جربها يومياً طوال شهر أو أقل تحصل على نتيجة طيبة. أبرز هذه التمارين: 1- اقتن دفتراً صغيراً للملاحظات، واجعله دوماً معك متى اعتراك خوفُ لدى الكلام، سجل ما يحدث لك, صف انفعالاتك, والأفكار التي ساورتك قبلها وخلالها وبعدها. وهذه الرقابة الذاتية أولى الخطوات التي قد تنأى بك عن دائرة القلق. 2- واجه الموقف بدلاً من الهروب. تعوّد إجراء محادثة مع غرباء، وادخل في نقاش يدور بين أشخاص لا تعرفهم. هذه طريقة تضبط خجلك وتحثك على الكلام بلا رهبة وخوف. 3- اجعل صوتك على وتيرة معينة هذا يُتيح لك التعبير بوضوح عما تفكر فيه, ويسمح تالياً للآخرين بفهمك جيداً. كرر ما تريد قوله أمام أصدقاء مقربين إليك. أو سجله على شريط، متحدثاً بصوت يعلو رويداً رويداً. ثم تنفّس عميقاً في نهاية كل جملة. كلما هدّأت إيقاع تنفسك شعرت بالهدوء أكثر فأكثر, وتبددت علامات القلق من ملامح وجهك وتصرفاتك. 4- انظر مباشرة إلى عيني مُحدثك. تفاد تجوال نظرك على المستمعين إليك. ركِّز على الرسالة التي تريد قولها، ولا تدع تفكيرك عرضة للتشتت، في أثناء الاجتماع اجلس قرب شخص ترتاح إليه. قم بهذه التمارين جيداً، ومع الأيام ستأخذ دورك ودور غيرك في الكلام، وستتكون داخلك رغبة في مقاومة ما تعاني.. والله المستعان.

كيفية التخلص من ضيق النفس والاضطراب والخوف

كيفية التخلص من ضيق النفس والاضطراب والخوف المجيب د. تركي بن حمود البطي طبيب نفسي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 01/11/1425هـ السؤال كيف يتخلَّص المرء من ضيق النفس، ومن الارتباك والاضطراب، والخوف الذي يعتريه وقت الشدَّة؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أختي الكريمة: هذا سؤال عام يحتاج إلى تفصيل لكل حالة لوحدها، لكن ما يعتري الإنسان في مثل هذه الأوقات الشديدة قد يكون في حدوده الطبيعية أو في حدوده غير الطبيعيية. فإذا كان في حدوده الطبيعية فهذا لا يؤثر على إنتاجية الشخص، وإنما يتغلب عليه بالدعاء والتوكل على الله، وكسب الثقة بالنفس، والجرأة، وإن حصل خطأ أو ارتباك فهذا يتلاشى مع الخبرة والاحتكاك. أما لو كان هذا الخوف أو الضيقة تمنع الإنسان من إنتاج عمل، أو تنقص من كفاءته فقد تجاوزت الحد الطبيعي إلى الحد المرضي، وفي هذه الحالة أنصح بزيارة الطبيب النفسي؛ فقد ينفع في مثل هذه الحالات كثيراً، وإليك - أختي - السائلة هذا التوضيح: الخوف أو الارتباك غير المرضي: - يكون متناسباً مع المثير الخارجي وبالحدود الطبيعية، كالخوف من الامتحان أو مقابلة مسؤول، أو غيرها. - هذا الخوف يكون غير مستمر وليس شديداً، بمعنى أن يكون في بداية الأمر ثم يتلاشى تدريجياً. - أعراض الخوف والارتباك تكون قليلة، وتحت سيطرة الإنسان. الخوف والارتباك المرضي: - يكون غير متناسباً مع شدة المثير الخارجي، فقد يكون المثير الخارجي بسيطاً، أو قابلاً للسيطرة عند الأشخاص العاديين، لكن عند المريض يتفاعل معه بدرجة أشد، مثال الخوف من الأماكن العالية. - يصاحب هذا الخوف والارتباك أعراض عضوية ونفسية شديدة، وخذ على سبيل المثال: الأعراض النفسية: - قلق في التفكير زائد عن حده. - خوف وفزع. - ترقُّب وتوقُّع للخوف قبل حدوثه. - اليقظة الزائدة والحذر. - نقص التركيز وضعف الذاكرة. -شدة التأثير بالأصوات الخارجية البسيطة. - الارتباك. الأعراض العضوية: - صعوبة التنفس (خفقان - دوخة) . - ألم في الصدر (صداع، تشوش في النظر) . - تنميل (التعرق، برودة الأطراف) . - جفاف الحلق (صعوبة في البلع، ألم في البطن) . - إمساك أو إسهال، رجفان. - يؤدي هذا الخوف أو الاضطراب إلى اضطراب في وظيفة الشخص. العلاج: بالنسبة للخوف الطبيعي علاجه يكون بالمواجهة والتدرج للتغلب عليه والحرص على عدم التردد، حتى وإن حصل بسيط، فهذا يتغلب عليه بالخبرة وتكرار الموقف حتى يتعود عليه الإنسان. أما بالنسبة للخوف المرضي: فالعلاج على شقين: الأول: دوائي - عبارة عن حبوب تساعد على زيادة إفراز بعض المواد في الدماغ لتساعد الإنسان على التغلب على الخوف. الثاني: نفسي: أي بالجلسات النفسية، وهذه يقوم بها الأخصائي النفسي عن طريق برنامج محدد لكل مراجع يستطيع من خلاله المريض وضع جدول أو هيكل لشدة الخوف والموقف المحدد؛ حتى يتجاوز هذه الصعوبة، وهذا يكون بالتدرج للتعرض للمثير حتى يتلاشى الخوف. وكلا العلاجان مهمان وهما مكملان لبعضهما ولا يستغنى أحد عن الآخر. آمل أن تكوني قد استفدت من الإجابة، ولو أردت المزيد فلا تترددي بالتواصل معنا.

خائفة ومترددة!!!

خائفة ومترددة!!! المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 23-5-1424 السؤال مشكلتي هي إحساسي أنني فاشلة وغبية وخائفة ومترددة في كل شيء من مواجهة المشاكل وأجد صعوبة في التفاعل مع المجتمع حاولت كثيراً أن أجد حلاً لذلك وتغيير نفسي ولم أستطع. ماذا أفعل لأعيش حياة سعيدة من غير قيود وخوف؟. وشكراً لكم. الجواب أختي الكريمة ... أشكر تواصلك الإلكتروني مع موقع "الإسلام اليوم" وأسأل الله لنا ولك أن يهدينا ويرزقنا حسن القول والعمل به ويهدينا إلى سواء السبيل إنه سميع مجيب الدعاء. إن ما تشعرين به أختي الفاضلة نوع من أنواع القلق وهذا ناتج نتيجة التفكير السلبي فإحساسك بأنك فاشلة غبية خائفة هي من تلك الأفكار المحبطة لجميع أنواع التفاعل مع الآخرين فأنت أصبحت تدورين في حلقة مفرغة وتلك الأفكار غالباً ما يترافق بأحاسيس وتغيرات وأعراض جسمية كالإحساس بالتوتر العام وارتعاش اليدين وازدياد التعرق وسرعة ضربات القلب وبالتالي يتخذ الشخص نظرة سلبية تجاه قدراته وشخصيته وحينما يترك الشخص تلك الأفكار تتنامى داخله تتطور إلى أشد أنواع القلق!!. ولكي تواجهي تلك الأفكار التي تسببت فيما أنت عليه لا بد من اتباع الطرق التالية لعل الله أن يجعل فيها خيراً لك: أولاً:- الالتجاء إلى الله عز وجل بأن يعينك على التخلص مما أنت فيه وكذلك المحافظة على الفروض وكذلك الأذكار اليومية. ثانياً:- عليك بتحديد تلك الأفكار التي تجدين صعوبة في التخلص منها لكي تحققي التفاعل الطبيعي مع الآخرين " أي المواقف التي ترين أنك فاشلة وخائفة في مواجهتها"،وكتابتها على ورقة ومن ثم البحث عن فكرة صحيحة ووضعها بدلاً منها!! ثالثاً:- إبدال التفكير السلبي الناتج من عدة مواقف سلبية بتفكير إيجابي ومن ثم تحقيقه على أرض الواقع تدريجياً وهذا ما يسمى بالتحصين التدريجي. رابعاً:- ربّي أفكارك السلبية تجاه الموقف إلى أفكار إيجابية من خلال اتباع المراحل التالية. 1-مرحلة الترقب وهي التي تسبق حدث الموقف. حدّثي نفسك بأنك ستفكرين بالموقف فقط "سأفكر تفكيراً إيجابياً وسأتصرف بشكل مقبول!! " 2-مرحلة ما قبل الموقف "أتوقع أن يحدث لي قليلاً من القلق ولكن سأنجح في التغلب عليه" "سآخذ الأمور خطوة خطوة وسأسيطر على نفسي والموقف" 3-مرحلة الموقف "سأفكر بما هو حالي وليس فيما سيحدث" "سيكون لدي قلق بسيط ولكن سأتركه يمر بسلام" 4-مرحلة ما بعد الموقف. "لقد نجحت في التغلب على الموقف بدون قلق" "إن المشكلة أصبحت أسهل وأخف من السابق" خامساً:- مارسي عملية الاسترخاء ومن ثم وضع مرساة لذلك فهي من الطرق المفيدة جداً لحالتك لمساعدتك في مواجهة المواقف بشجاعة!

وهو أن تستلقي على ظهرك في سريرك وتغمضي عينيك وتأخذي نفساً وتخرجيه ببطء وتحاولي إرخاء عضلات الجسم من الرأس حتى القدمين، ثم تتخيلي موقفاً أنت فيه في أفضل حالتك التفاعلية مع الآخرين وتتحدثين بطلاقة والجميع يصغي لك باهتمام لما تقولين وكذلك مشاركاتك في التداخل في المواضيع المطروحة!!، وكرري تلك العملية عدة مرات يومياً، وحينما تكونين في أوج استرخائك وسعادتك بالمشهد اضغطي على إبهامك لمدة عشر ثوان ثم اتركيه، وهكذا كلما تخيلتِ المشهد افعلي بإبهامك مثلما سبق وهنا تكونين قد وضعتِ مرساة تساعدك عل مواجهة المواقف الاجتماعية!! وحينما تكونين في موقف حقيقي تضغطين على إبهامك فمباشرة تأتيك الأفكار الإيجابية السابقة والتخيلات الجميلة فتساعدك بعون الله على مواجهة تلك المواقف والقضاء تماماً على اعتقاد الخوف!! سادساً:- ثقي بنفسك بأن لديك قدرات وإمكانيات لا تختلف عن الآخرين وستجدينها متى ما تخلصتِ من تلك الأفكار السلبية تجاه نفسك!! سابعاً:- لا تشغلي نفسك كثيراً بنظرات الآخرين تجاهك بأنها نظرات إحتقار أو دونية فحاولي قدر الإمكان تجاوزها وعدم إعطاءها مساحة تفكير أكبر مما تستحق وإلا سببت لك مشاكل نفسية أكبر!! ثامناً:- حاولي تدريب نفسك بالمشاركة بالحوارات القصيرة التي تشجعك على القضاء على القلق وابدئي بدوائر صغيرة ثم وسعي الدوائر إلى تجمعات أكبر وستجدين نتيجة إيجابية بإذن الله تعالى. حفظك الله ورعاك،،،

خوف شديد

خوف شديد المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 5-6-1423 السؤال سؤالي هو: منذ فتره وقبل عشرة سنوات أصبت بحادثة نتج عنها أعراض نفسيه وبدأت هذه الأعراض تتكرر معي بين فتره وأخرى وتشتمل هذه الأعراض على ما يلي: الإحساس بالخوف الشديد ويصل إلى حد الذعر والهلع, الإحساس بألم في القلب وألام بالمعدة مع حرقان وحموضة وسرعة ضربات القلب مع الإحساس بالاختناق, وأحس بأنى سوف أموت بالحال, مع دوخه ودوار وصداع وألام في جسدي كله. المهم أني راجعت جميع الأطباء وكلهم أخبرونى بأنى سليم وهنا ذهبت إلى الأطباء النفسيين وأخبروني بأني أعاني من حالة قلق وخوف وهلع وبدؤوا معي بالعلاج وبعد مضي فتره خفت الأعراض ولكن المشكلة التي بقيت هي الخوف لقد أصبح لدي خوف من كل شئ من الذهاب إلى الطبيب, من السفر, من الأماكن العامة والمغلقة ومن الأماكن المرتفعة ومن الناس حتى من قيادة السيارة, أصبح الخوف لدى من كل شئ وأصبحت أسير المنزل لا أحب أن أغادره إلا للضرورة القصوى وأصابني بعد فتره تشنجات وأنا نائم أرجو من سيادتكم التكرم بإعطائي الحل وبأسرع ما يمكن لأنني أعيش على أحر من الجمر, ودمتم. الجواب أخي الكريم.. أعانك الله من يريد أن يتعلم السباحة لا بد أن يبتل بالماء. وأنت ذكرت مشكلتك وأنك استنفذت منها جميع الوسائل ولم تجد حلاً. أقول لك أنك لم تستنفذ الوسائل بعد. بقي أهم وسيلة على الإطلاق. وهي اللجوء إلى الله سبحاه وتعالى فيظهر أنك فقير بهذا الجانب قصد جانب اتصالك بالله سبحانه. كيف أنت في أمور العبادة المفروضة. ما هو نصيبك من النوافل وما مدى قربك من الحي القيوم القادر على كل شيء. الذي يجيب المضطر إذا دعاه [أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء] أين أنت عن بحر ونهر الدعاء أين أنت عن ظلمة الليل إذا الناس هجعوا أو لهو في دنياهم. والله سبحانه ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا. ويفتح بابه سبحانه لمن يسأله [وقال ربكم ادعوني أستجب لكم] [وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان..] جرب هذه الوصفة ولكن يجب أن تمر على صيدلية العزيمة الصادقة وتأخذ منها علاج التخلص من شوائب الدنيا. وستجد ما يسرك بإذن الله وأقول لك شيئاً آخر يقال في الأمثال خير وسيلة للدفاع هو الهجوم.. فلا يمكن أن تنقلب على ما تخاف منه حتى تواجهه وتهزمه وإلا ستبقى في دائرة الخوف ما حييت اخرج إلى الدنيا. وصارع جبال الخوف وستجد أن في داخلك قوة تفجر هذه الجبال وأنت لا تدري عنها. فقط حاول.. وحاول.. وحاول - ولا تدع اليأس يقهرك. فأنت رجل قوي ولكنك لم تفطن لذلك. أعانك الله.

عزلة شبه تامة.. ألم كبير..!!..

عزلة شبه تامة.. ألم كبير..!!.. المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 9/5/1422 السؤال أعيش في عزلة شبه تامة من الأصدقاء والأقارب وأعاني من بعض الحالات المرضية مثل أحس أني كلما ذهبت إلى أي مكان أو لبست شيء جديد أو أتكلم أمام جمهور أو تكلمت أمام شخص كبير ومرموق أني....؟؟؟ مراقب والكل ينظر إلي وأنهم يدققون في كل كلمة تخرج مني، ويأتيني بعض الأفكار التي لا معنى لها مثل: أني لا أملك أي قدرات واستحقر نفسي في كل شيء حتى في فكرة الزواج، وتحمل أي مسؤولية وكلما أقوم بشيء مثل لعب الكرة أو السباحة أفكر كثيرا بأني لا اعرف السباحة وشكلي الجسمي (غلط) و..و..و..و..وحتى تنعدم الثقة بالنفس تماما ثم لا أعرف أفعل أي شيء مع أني إذا صرت إنسان عادي أكون غير ذلك الإنسان المريض هذا نادر ما يحدث لي، مع أني والله أحب الحياة الاجتماعية والأسرية ولكن أخاف من هذه الأفكار الخبيثة التي حطمت حياتي، نسأل الله العافية والسلامة من كل شر، فكم كان لي من أصدقاء ولكن بعد فترة من الزمن انقطعت عنهم فصار حالي حال وحيد لا أدري لماذا ولكن الحمد لله على كل حال وما كتبت هذا السؤال إلا لفعل السبب، وأرجو أن تكون رسالتي هذه محط اهتمام المختصين والرد علي في أقرب وقت ممكن، واعتذر على طول هذه الرسالة ولكن نرجو من الله أن يشفينا الجواب عزيزي صاحب السؤال: تقول أنك تعيش في عزلة شبه تامة كنا نود أن نعرف منذ متى هذه العزلة؟ ولكنك قلت عزلة من الأصدقاء والأقارب وهذا يعني أن العزلة فرضت عليك قريباً.. وكذلك كنا نود أن نعرف الكثير عن تاريخك السابق بمعنى هل أنت منعزل عن الأقارب والأصدقاء من الطفولة؟ أم حديثاً؟

فإذا كانت العزلة حديثا فإن ذلك يعني أن هناك شيء حديث في حياتك أو موقف جعلك تبتعد عن هؤلاء.. خاصة الأصدقاء والأقارب.. أما بشأن إرتداءك ملبسا جديدا أو عندما تتحدث أمام الجمهور أو أمام شخص كبير أو مرموق تشعر أنك مراقب ويدققون إلى ما تقوله فهذا يعني شعورك بعدم ثقتك في نفسك والدليل على ذلك أنك قلت أنك تستحقر نفسك حتى من فكرة الزواج.. كيف يا عزيزي وأنت في مرحلة تبلغ من العمر كما تقول 23 عام وهو السن الذي يحاول فيه الشاب أن تكتمل هويته الإيجابية والنضج بالارتباط من شريكة الحياة وليشعر بأن له دور في المجتمع وهذا الدور من وجهة نظر الشباب يأتي بتحمل المسؤولية بالارتباط بشريكة الحياة ولقد قلت انك تشعر بان شكل جسمك خطأ فهذا يدل على أن صورة الذات مهزوزة لديك وفي أمس الحاجة إلى أن تشعر بهويتك المفقودة والتي لم تستطع إيجادها من خلال الأصدقاء، والأقارب نتيجة شعورك بعدم ثقتك في نفسك والتي فرضت عليك العزلة لذلك أقول لك.. واجه الحياة بشجاعة وحاول أن تجد الأصدقاء الذين يشعرونك بالراحة والذين ترتاح إليهم كلما واجهتهم أو جلست معهم.. كذلك اذهب وزر الأقارب بصحبة والدك أو أخوك أو والدتك وحاول أن تندمج معهم في الحديث ولا تنسحب من اجتماعاتهم وأحاديثهم لعلك تشترك معهم في الحديث مرة بعد الأخرى وتصبح عادة أصيلة في حياتك وتكتمل هويتك المفقودة وبالنسبة للناس المرموقين عندما تجلس معهم ضع في اعتبارك أنهم ناس عاديين ولا تضع في ذهنك أنك مراقب لأن الشعور بأن الشخص مراقب من الآخرين سيفرض عليك أن تغير من حقيقتك وحقيقة كلامك.. بل كن عاديا وتحدث وكأنك تتحدث مع العاديين حتى لا تهتز ثقتك بذاتك والله يرعاك..

الخوف يحيط بي

الخوف يحيط بي المجيب د. أماني سعيدة طبيبة نفسية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 29/03/1426هـ السؤال كنت امرأة طبيعية، أعيش مع زوجي وأولادي، وأحياناً أنام وحدي في البيت ولا أخاف، لكن بعد أن قتل اللصوص ابنة عمي صرت أشعر بالخوف المستمر حتى في ساعات النهار، ونحن نعيش في دولة أوروبية، وكل يوم نسمع الجديد من الحوادث المزعجة، حفظت سورة البقرة وسوراً أخرى، لكنني لا زلت أشعر بالخوف الشديد، ولا أريد أن أكدر صفو زوجي، لذلك هو لا يعلم مدى الخوف الذي أعيشه. فماذا أفعل؟. الجواب أيتها الأخت المسلمة: تذكري قول الله -تعالى- في سورة البقرة: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" [البقرة: 155-156] ، لعل ما مر بك لم يكن مفاجأة أو حدث جاء على غرة؛ لأن الله تعالى أخبرنا بذلك مسبقاً في سورة البقرة وسور عديدة، لذلك فأنت توهمي نفسك أن هذا الحدث كان صدمة كبيرة، على الرغم من أنه يحدث على صفحات الجرائد يومياً، وبأشكال وصور أبشع، ولكن أشك أن تكوني قد خفت أو تأثرت من هذه الأحداث، غير أن الحدث الذي مررت به كان لإحدى قريباتك، وأنا أخاطب فيك الأم المسلمة القارئة للقرآن، وأذكرك بأن كل إنسان ستكون نهايته في موعد محدد، وإن اختلفت أسباب الموت، ولكن ما يدعوني لأن أتفاءل لحل هذه المشكلة هو قدرتك على الصمود فترة طويلة بعد هذا الحدث، دون إثارة خوف أو ذعر في منزلك، فإن هذا مؤشر لقوة شخصيتك، وقدرتك على التصدي لهذا الخوف، ولعلك تعلمين أن صدمة الإنسان عند الحدث تكون أكبر منها بعد أن يمضي بعض الوقت، وكل شيء يولد صغيراً ثم يكبر إلا المصيبة فهي تولد كبيرة ثم تصغر، وما أنت فيه ما هو إلا نمو طبيعي للخوف، خاصة وأنت لم تشركي فيه أحداً، ولكن هذا النمو وصل إلى ذروته، والتي يليها انحدار وانخفاض وتضاؤل له بالتأكيد. أنصحك بألا تسيطر عليك هذه المخاوف، ولا تستسلمي لها، ويكون ذلك بمحاولة تغيير الواقع أو البيئة التي تعيشين فيها، سواء بتغيير بعض عاداتك، كأن تبدئي بالخروج أو ممارسة بعض الأنشطة الرياضية أو الاجتماعية، كما أنصحك أن تتبادلي هذه الأفكار مع صديقة لك في الغربة، لعلها تكون أقرب من هذه الكلمات المسطورة على الورقة؛ حتى تشعري بالمشاركة الوجدانية والتعاطف، كما تشعري بالحجم الطبيعي للمشكلة التي تمرين بها، والتي قمت بتصحيحها لفترة طويلة. أوصيك بذكر الله كثيراً، والتدبر في كونه وفي حكمته في تنسيق مجريات الأحداث، ولعل حكمته من هذا الموقف الذي تمرين به هو زيادة إيمانك بالله، وليس زعزعة هذا الإيمان.

أعاني شدة الخوف

أعاني شدة الخوف المجيب د. صالح بن علي الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب التاريخ 14/2/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمه الله. مشكلتي مشكله نفسية، فقد تعالجت على أيدي أطباء نفسيين، وشيوخ دين، والآن أنا أعاني منذ سبع سنوات من الخوف والهلع الشديد، أنا أخاف من الغيوم والرياح، وكل ما يتعلق بتغيير الجو، ومن كثرة الخوف عند تغير الجو أشعر بتخدير بجسمي وألم في معدتي، واستفراغ وإسهال، والآن تخرجت من الجامعة ولا أستطيع أن أخرج من البيت من شدة الخوف، ولا أن أقدم على وظيفة أو أي شيء في حياتي، توقفت، وقد كنت في الجامعة أتغيب في أيام تغيير الجو، وأشعر بالاكتئاب الشديد، ولا أعلم ماذا أفعل. أرجو المساعدة، وأشكركم. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. القلق يمكن أن يكون استجابة طبيعية في بعض المواقف، واستجابة القلق تتراوح في مداها بين البسيطة أو الطبيعية التي يمكن السيطرة عليها إلى الهلع والخوف الشديد، القلق قد يكون دافعاً للإنسان ومساعداً له على الأداء الجيد إذا كان في مستواه الطبيعي، وقد يكون معيقاً إذا كان شديدا تصعب السيطرة عليه. والقلق يشتمل على ثلاثة مكونات هي، المكون الانفعالي (مثل الخوف) والمكون الجسمي (مثل الارتعاش، جفاف الفم، زيادة ضربات القلب، وآلام في المعدة ... ) والمكون العقلي (مثل الأفكار السالبة، والتخيلات المرعبة) ، وكل هذه يمكن أن تؤثر على سلوكنا، مثل التوقف عن العمل، أو عدم الخروج من البيت، أو تجنب الناس، أو عدم النوم أو عدم الأكل وما شابه ذلك. وبالنسبة لحالتك يا أختنا الكريمة فإن من المهم أولاً معرفة أننا قد نستجيب بدرجة طبيعية من القلق أو الخوف للتغير في حالة الجو ووجود غيوم أو رياح، وفي حديث عائشة -رضى الله عنها- ما معناه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اختلف الجو يتغير وجهه، ويدخل ويخرج خشية أن يحدث مكروه انظر صحيح البخاري (3206) ، وصحيح مسلم (899) . ولكن قد نبالغ في ذلك حتى يصبح مشكلة كما هو بالنسبة لك، مصدر الخوف والهلع الذي تمرين به ليس التغير في حالة الجو وما يحدث من حولك، مصدره تفكيرك وما تقولينه لنفسك حول تلك التغيرات، أنت تفسرين الأشياء بشكل مأساوي، تفسرين التغير في حالة الجو على أن خطراً ما سوف يحدث، وبهذا تضعين نفسك في دائرة من التوتر والقلق، وفيما يلي بعض التوجيهات التي يمكن أن تساعدك: 1. أكثري من الذكر والدعاء وخصوصاً عند تغير حالة الجو، فبذكر الله تطمئن القلوب. 2. تعلمي استبدال أفكارك السلبية بأفكار إيجابية وواقعية وفيها مرونة، وضعي الأمور في نصابها الطبيعي، والهي نفسك عن الأفكار المأساوية بأشياء أخرى، مثل ترديد بعض الآيات والأدعية، أو العد التنازلي، واصرفي انتباهك عن التغيرات الداخلية التي تحدث لك إلى الأشياء الخارجية من حولك (أشكالها، ألوانها، أصواته) . 3. ذكري نفسك بأن حالة الهلع التي تمرين بها سوف تنتهي، وأن ما تمرين به ليس أكثر من تضخيم ومبالغة للموقف ولاستجابات الجسم الطبيعية فيه.

4. ذكري نفسك بأن التغير في الجو لا يحدث دائماً، وأن حالات الجو في كثير من الأحيان ليست خطيرة. 5. تذكري المواقف السابقة المشابهة والتي استطعت أن تمرين بها دون خطر يحدث. 6. لاحظي الناس من حولك وهم يتصرفون بشكل طبيعي في مثل هذا الموقف دون أن يحدث لهم شئ. 7. تدربي على الاسترخاء والتنفس العميق. الأعراض الجسمية للخوف تحدث لأن نسبة الأدرينالين تزداد في الجسم عن حدوث الخوف وتؤثر على الأعضاء مثل القلب والمعدة والعضلات، وتمرينات الاسترخاء والتنفس يمكن أن تساعد في السيطرة على هذه الأعراض الجسمية. 8. واجهي الموقف تدريجيا، لأن استجابة الخوف أصبحت متعلمة في هذا الموقف، والمواجهة التدريجية تنقص من قدرة هذا الموقف على إحداث الخوف، وحين تدركين أنك تستطيعين السيطرة على النوبة إلى درجة ما، وليس هناك خطر يحدث سوف تشعرين بأنك قادرة على مواجهة الموقف مرة أخرى، وإذا كنت قادرة قومي ببعض التمرينات الرياضية البسيطة، وتمرينات الاسترخاء قبل خروجك من المنزل، واصطحبي معك من تثقين به وترتاحين له كمصدر تشجيع ومساندة لك عند خروجك من المنزل. 9. وإذا استمرت المشكلة في منعك من ممارسة حياتك الطبيعية فمن المهم مراجعة معالج نفسي للوصول إلى فهم أعمق للمشكلة وتعلم إستراتيجيات مناسبة للسيطرة عليها. أسأل الله أن يعينك وأن يبعث في نفسك الأمن والطمأنينة.

الوساوس

يلازمني هذا الشعور عند التلاوة، فهل بي مسٌّ؟ المجيب هاشم الأهدل التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 15/05/1427هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم لدي مشكله في قراءة القرآن وهي أنني بعد القراءة بوقت قليل أشعر بتعب وإرهاق وعندما أتوقف للحظات أهدأ ثم أستمر. قال لي بعض الأصدقاء أن بي مساً من الشيطان. علماً أنني من المواظبين على الصلاة وأستمع إلى القرآن لساعات دون أن أحس بضيق بل العكس أجد فيه الراحة والخشوع وبعض الأحيان أبكي عند سماع بعض الآيات. وأنا من المواظبين على الأذكار الصباحية والمسائية. وقد حرمت على نفسي سماع الأغاني منذ زمن، ولكن سؤالي هو هل صحيح أن بي مساً من الشيطان؟ ولماذا أتعب من قراءة القرآن؟ وما هي نصيحتكم وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الفاضل سلام حفظك الله ورعاك. اعلم رحمك الله أن الإصابة بأي مرض ما لا تثبت إلا بظهور الأعراض المصاحبة له فتجد الطبيب أحياناً يُجري الكثير من الفحوصات على المريض حتى يتيقن نوع المرض ودرجته كذلك، ولكني أوصيك أخي الحبيب بأمور: 1- إن ما تشعر به لا يزال بالنسبة لك ظناً وليس يقيناً فإن الإنسان إذا بذل مجهوداً فيه قراءة أي كتاب يشعر بالإجهاد والتعب، فالظن هذا لابد له من وسائل حتى تتبين صحته من بطلانه. 2- في بعض الأحيان قد يستسلم الإنسان للوساوس ويشعر نفسه قهراً بأنه مريض خاصةً إذا كان من حوله يشعرونه بذلك أيضاً. 3- كما ذكرتُ لك سابقاً فإن هناك مظاهر ودلائل تدل على وجود المس في الإنسان. لذلك احرص على استشارة أحد القراء الموثوقين وصف له حالتك بالتفصيل حتى يفيدك واحذر من بعض الجهلة الذين يمارسون الرقية على غير علم وهدى. 4- أوصيك أخي بعدم الاستسلام لهذا الوهم ولتعلم كذلك أن المس درجات فأنت تقول أنك تقرأ الأذكار وتخشع عند سماع الآيات فلو فرضنا أن بك مساً فهو ضعيف جداً حسبما ذكرت من حالك. 5- هناك شريط رائع للشيخ عبد الرحمن العايد بعنوان (الرقية الشرعية) سيفيدك كثيراً. آمل أن تسمعه. وفقك الله لكل خير.

يئست من صلاحي!

يئست من صلاحي! المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 16/07/1426هـ السؤال أنا شاب اهتديت منذ سنة ونصف، ولكن الحال لم يستمر، فبدأت منذ ثلاثة أشهر أقصر في بعض الجوانب، حتى جاءتني قناعة بأني لا أصلح للالتزام، وأنه لا رجاء من صلاحي، ولكني عازم خلال هذه الإجازة الصيفية على الذهاب إلى أحد المراكز لحفظ القرآن، ولكن - للأسف - أشعر أحيانا أن ما سأقوم به رياء، وأني أريد من حفظ القرآن أن أنشط ذاكرتي وأقويها وأنه ليس لله، أرجو منكم أن توضحوا لي كيف أطرد الوساوس التي تشعرني بأن ما أقوم به رياء؟. الجواب الحمد لله وحده، وبعد. فالهداية إلى الخير والاستقامة على الصلاح فضل من الله يستحق الشكر، لا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه المغريات والملهيات ووسائل الشر. والقابض على دينه كالقابض على الجمر، فأسأل الله أن يديم عليك الهداية ويمن عليك بالثبات على الاستقامة، وإن من دلائل توفيق الله لك -الآن- أنك تشعر بهذا الشعور، وهو خوفك من نقصان مستوى الطاعة. أما شعورك الذي - وللأسف - تحول إلى قناعة بأنك لا تصلح للاستقامة فهو شعور خاطئ، وتفكير أعوج. واعلم أن النفوس تختلف من حيث ارتياحها للعمل الصالح، فأحياناً تكون نشيطة جداً وراغبة فيه ومقبلة عليه، وأحياناً أخرى تجد النفس مللاً وكسلاً، فيقل اهتمامها وتضعف في صلتها بالله، لكن هذا الضعف لا يدوم، فإن مؤثرات الحياة متغيرة، وقد قال أحد السلف: (إن للنفوس إقبالاً وأدباراً فإذا هي أقبلت (يعني رغبت في الخير) فألزموها بالطاعة، وإن هي أدبرت فاحجزوها عن المعصية. وأنت كغيرك ستجد نفسك مرة مرتاحاً للطاعة وتحب المزيد منها، ثم تجد كسلاً أحياناً أخرى. فلا تيأس، ودع القناعة التي تدعيها بأنك لا تصلح للاستقامة، فهذا تثبيط من النفس الأمارة بالسوء، وتشجيع من الشيطان الحريص على ضلالك، لكن اعقد العزم الصادق على غلبة الهوى والنفس، واستعن بالله وواظب على ما تستطيع من نوافل، ولا تتأخر أو تقصر في واجبات أوجبها الله، والذي أنصحك به الآن -حتى لا تغلبك نفسك، ولا يسيطر عليك هذا الوسواس فيوحي لك بأنك لا تصلح للصلاح- أن تبحث عن صحبة صالحة وحلقة تحفيظ ولو كانت بعيدة عن بيتك، وتكثر من تلاوة القرآن، وتبكر في المجيء إلى المسجد، وتكثر من الدعاء وأنت ساجد بأن يثبتك الله على الحق، ويعينك على نفسك والشيطان، وأكثر من قول: (يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك) ، قل هذا الدعاء في السجود وقبل السلام. أما قولك بأن حرصك على حفظ القرآن يوحي لك الشعور بأنه ليس لله، فهذا ليس صحيحاً، بل ادخل بعزيمة ونية صادقة، ولا تهمك هذه الوساوس والخيالات.

الوسواس القهري ولا يزال السؤال مستمرا!!!

الوسواس القهري ولا يزال السؤال مستمرا!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 25-2-1423 السؤال السؤال الأول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أثابكم الله على جهودكم.. وسؤالي حول الوساوس التي تنتابني كثيراً.. حول نفسي.. وطهارتي.. وربما ديني.. أكرر العمل الواحد عشرات المرات..!! أعيش في كربة عظيمة.. وادرك معاناتي وأسبابها ولكني غير قادر على اتخاذ أي قرار.. فهل ما أعاني منه هو الوسواس.. أم هو مقدمة للجنون وفقدان السيطرة على النفس..؟ وما هي حقيقة الوسواس وأسبابه وعلاجه.. وفقكم الله. السؤال الثاني: أخي الكريم.. أشكركم على هذا الموقع واسأل الله أن يبارك في جهودكم ويثيبكم.. وأرجو المعذرة على سؤالي وموضوعي:- كما آمل منكم أن تنصحوني.. ومشكلتي أنني أعاني منذ خمسة عشر عاماً من تقطير البول.. وكان معه الوسواس القهري.. الذي زاد معاناتي بدرجة كبيرة وزاد مع الوقت.. فعندما أذهب إلى دورة المياه أجلس بالساعات.. وابلل نفسي بالماء كثيرا ً مما أوجد لدي التهاباً موضعياً اضطررت معه أحياناً لأن أتبول - أعزكم الله - ولا أغتسل.. إلا للصلاة!! (.... تفاصيل كثيرة) والآن ومع مرور الوقت أصبح عندي إحساس أن كثير من الأشياء نجسة.. وسؤالي هل أغسل الأشياء التي لمستها أو جلست عليها أو أمسكتها.. علماًَ أني كثيراً ما اغسل يدي بعد لمسي لها وأغير ملابسي.. أم أنه لا شيء بها؟ مع العلم أنني إذا اضطررت لغسلها فسأغسل كل أثاث البيت ولوازمه وغرفة.. والوسواس لدي شديد.. وقد ذهبت للعديد من المشائخ ولم أجد ما يشفي غليلي.. أفيدوني مأجورين. السؤال الثالث:- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أختي في العشرين من عمرها وتعاني كثيراً من الوسواس.. حتى أنها تعيش وضعاً لا يمكن احتماله.. إذا ذهبت للوضوء جلست وقتاً طويلاً.. وإذا أرادت الصلاة عجزت عن التكبير وترددت كثيراً فيه.. حيث تذكر أنه يعرض لها ساعتها ألف عارض وتنتابها أفكار غريبة حول صلاتها ووضوئها ودينها ... الخ وتغسل يديها عشرات المرات بعد أي عمل.. وقد ذكر لنا بعض من سألناهم أن هذا نوع من الوساوس.. وبعضهم قال: انه نوع من تلبيس الشياطين وأنها ((مسكونة في الجن)) وقال غيرهم كلاماً كثيراً.. فما هي مشكلة أختي.. وهل لها علاج.. وجزاكم الله كل خير. الجواب اخوتي الكرام.. أشكر لكم ثقتكم واسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد والرشاد.. كما اسأله تعالى بمنه وكرمه وجوده واحسانه أن ينزل عليكم شفاءً لا يغادر سقما.. عاجلاً غير آجل.. وجميع مرضى المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه:- أما عن استشارتكم.. فقد جمعتها لتشابه موضوعها وحيثياتها إلى حد كبير.. وتعليقي عليها من وجوه:-

أولاً: يجمع بين كل هذه الاستشارات أن أصحابها يعانون من ((الوسواس القهري)) أعاذنا الله جميعاً منه وشفا كل مبتلى.. أما التفاصيل الأخرى حول الالتهابات الموضعية وغيرها فهي أعراض لن تعدم العلاج الموضعي المناسب..وهو متوفر ولله الحمد.. ولكن الأهم هنا السبب الرئيسي لكل ذلك وهو الوسواس القهري..! فما هو الوسواس القهري..؟ ‍! ثانياً: يعرف الوسواس بأنه أفكار وخواطر وتهيئوات تتوالى وتتكرر على ذهن الإنسان رغماً عنه..!! مع علمه ويقينه بأنها أفكار سخيفة وغير منطقية.. إلا أنها تستمر لديه.. وتسبب له الانزعاج الكبير والألم والإحراج!! ثالثاً: يمكننا بشكل عام تقسيم الوسواس القهري.. إلى نوعين: •النوع الأول: الأفكار الو سواسية القهرية.. وهي الأفكار التي تتكرر على ذهن المصاب.. ولا يستطيع دفعها رغم غرابتها أحياناً..ومع ذلك فإنها تفرض نفسها عليه وعلى تفكيره رغماً عنه.. ودون إرادته..!! وترتبط كثيرا بأمور الإيمان أو الاعتقاد أو الخلق.. وكثير من المسلمات البديهية.. في حياة المرء.. وغيرها.. •النوع الثاني: الأعمال الو سواسية القهرية. حيث يشعر المصاب برغبة ملحة للقيام ببعض الأعمال أو اللزمات السخيفة أحياناً وغير المنطقية.. بل ويكررها بشكل غريب.. وربما شعر بالرغبة الملحة في تكرار أعمال يكفيه منها إجراءها أول مرة.. كتكرار غسل اليدين أو الوجه أو الوضوء أو إغلاق الأبواب والتأكد منه أكثر من مرة.... الخ وغيرها الكثير.. وتتباين الدرجة بين المصابين بذلك بين مقل ومكثر إلا أن الجدير ذكره هنا.. هو أن هذا الأمر إن لم يعالج ويوقف عند حد معين.. فإنه يزداد مع الوقت شيئاً فشيئاً..! والغريب هنا.. أنه في كلا النوعين يكون المريض على إدراك بالوسواس.. ويعرف أن هذه الأفكار والأعمال سخيفة وربما مضحكة وغير معقولة.. ولذلك فإنه قد يحاول دفعها ومقاومتها ولكن دون جدوى.. وهذه المحاولة المتكررة والفشل فيها.. تسبب للمريض توتراً شديداً يبقى معه حتى بعد قيامه بأعماله وتصرفاته المعتادة.

رابعاً: تختلف هذه الأعمال الو سواسية من مريض إلى آخر.. وتأخذ أشكالاً عدة.. إلا أن أكثرها انتشاراً هو ((وسواس التلوث)) حيث يشعر المصاب بأنه قد تلوث بشيء ما من أوساخ وجراثيم وربما بنجاسة.. ولذلك فإننا نراه يغسل.. ويغسل.. ويكرر ذلك كثيراً.. حتى لربما أصيب بحالة من التهابات الجلد..!! وقد يسيطر على المريض هوس النظافة للمنزل أو للمتعلقات الأخرى.. فتراه لا يهدأ حتى يبدأ بتنظيفها وترتيبها.. ولا يكاد ينتهي.. حتى يبدأ من جديد..!! وهكذا ... وقد تكون الوساوس القهرية مرتبطة بالحاجة للأمن.. والخوف من المجهول.. بشكل يتعدى المألوف.. فترى المصاب يكرر قفل الأبواب والنوافذ.. ويتأكد من ذلك مرات ومرات في الليلة الواحدة.. وينظر لمصادر الكهرباء أو الغاز أو غيرها.. ويعيد النظر عشرات المرات.. بشكل مزعج له ولمن معه وقد يكون الوسواس القهري مرتبط بالأفكار.. وربما كانت ذات طابع ديني أو فلسفي.. بحيث يتجاوز فيها كل حدود المعقول والمقبول إلى أفكار غريبة ومتناقضة أحياناً.. وربما شكك المريض بإيمانه ومعتقداته وأخلاقه.. وربما تجاوز ذلك بكثير!! وقد يصاب المريض نتيجة ذلك التناقض بين واقعه وسلوكه الاجتماعي المعتاد.. وبين تلك الأفكار والتصرفات الغريبة.. بالحزن والاكتئاب والألم والمعاناة!! خامساً: تبدأ هذه الأفكار والوساوس القهرية - عادة - بشكل بطيء وخفي.. حتى تحتسب ضمن خصائص الشخصية.. ولذلك فقد لا يشعر المريض بأن لديه مشكلة أو مرض.. ومع الوقت تزداد.. وتشتد الأعراض.. ويدرك المريض بأنه يحتاج فعلاً إلى المساعدة.. وقد يدرك ذلك ولكنه يخفي هذا الأمر لفترة طويلة حتى يصل الأمر إلى درجة كبيرة لا تطاق.. فيطلب المساعدة في وقت تكون المشكلة قد تعقدت..!! سادساً: أما عن أسباب هذا المرض أعاذنا الله جميعاً منه.. وشفا مرضانا ومرضى المسلمين.. .. فإنه لا يعلم سبب محدد لهذا المرض وإن كان يبدوا أن القلق يلعب دوراً رئيساً في ذلك.. وكذلك بعض الأزمات والصعوبات الحياتية.. وهناك بعض الدراسات التي ترجع الأمر إلى أسباب عضوية مختلفة إلا أن المتفق عليه أن للعوامل النفسية دوراً كبيراً في ذلك.. سابعا: لابد من التفريق هنا بين الوسواس القهري كمرض نفسي له علاجه السلوكي والدوائي المعروف.. وبين الوساوس الشيطانية التي قد تزول مع قراءة الأوراد والاستعاذة من الشيطان الرجيم، ومجاهدة النفس، حيث يخلط بينهما البعض..!!! ثامنا: قد لا يفيد بشكل جذري في النوع الأول أن يطلب من المريض أن يعالج نفسه ويتمالك نفسه ويبعد هذه الأفكار عن مخيلته فقط.. رغم الأهمية الكبيرة لهذه الخطوة كجزء أساسي من العلاج.. بالإضافة إلى العلاج السلوكي حيث يقوم الطبيب المعالج بالتعاون مع المريض في تحديد الأفكار والأفعال القهرية التي يعاني منها المصاب ثم يقوم الطبيب بوضع خطة العلاج.. حسب مقتضى الحال ومن الطرق المستخدمة في ذلك..

•وضع المصاب في جو يشعر فيه بالحاجة الشديدة إلى تكرار غسل اليدين مثلاً.. ولكنه يمنعه من ذلك.. أو يشغله بأمر آخر يطلب منه القيام به.. ولا شك أن المنع سيزيد من قلق المصاب.. ولكنه بعد فترة من الوقت.. وبعد تكرار هذا الأمر بأكثر من جلسة يشعر المصاب بنوع من الارتياح والاطمئنان..ويتأكد أن عدم غسل اليدين لم ينتج عنه أي مشكلة أو كارثة!!! •ومن الطرق التي تستعمل في العلاج أحياناً.. ما يسمى بـ ((المعالجة المتناقضة)) حيث يطلب من المريض أن يحضر أفكاره القهرية ويكررها في ذهنه بدل أن يطلب منه إبعادها ومقاومتها.. ومع تكراره لها واسترساله معها تتقلص هذه الأفكار في ذهنه شيئاً فشيئاً..!! • ومن الطرق المفيدة أحياناً أن يطلب من المصاب أن يبحث عن بعض الأعمال المفيدة ليملأ بها وقت فراغه بدل الانشغال في الأعمال والوساوس القهرية.. وقد تفيد أحياناً بعض الأدوية الخاصة.. وكذلك بعض التوجيهات الخاصة بأسرة المصاب.. حول الطريقة المثلى للتعامل معه.. وإعانته على مواجهة مشكلته! تاسعا: قبل هذا وبعده.. صدق الالتجاء إلى الله بالدعاء وقراءة القرآن والأوراد اليومية.. والاستعاذة من كيد الشيطان وهمزه ولمزه (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) . وفقكم الله وشفاكم.. وسدد على طريق الخير والحق خطاكم..

والدتي تعاني من كره شديد للأكل

والدتي تعاني من كره شديد للأكل المجيب د. محمد الحامد استشاري الطب النفسي بمستشفى بخش بجده. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 3/11/1422 السؤال والدتي تعاني من كره شديد للأكل، وذلك لأسباب غريبة منها أنها رأت طفلا يأكل بطريقة خاطئة.. أو إنها تعتقد أنها لم تغسل يديها جيدا، أو لأنها عملت على تنظيف الحوش فهي تحس بقشعريرة في جلدها حتى تغتسل جيدا..!! فما سبب ذلك..؟! الجواب يبدو أن السؤال غير واضح وبحاجة إلى تفاصيل أكثر ولكن مما ورد في السؤال يبدو أن والدتك قد تعانى من مرض (الوسواس القهري) والذي من أعراضه وجود أفكار أو سلوكيات متكررة تفرض نفسها بقوة على المريض. ويعلم المريض جيدًا أن هذه الفكرة أو السلوك سخيف ولكنه لا يستطيع مقاومته ومثال على ذلك أن تتكون لدى المريض فكرة متكررة تفرض نفسها عليه بأنه لو لامس أي أحد أو أي شيء قد يتسخ وتمتلئ يداه بالجراثيم والميكروبات (وهذا هو الوسواس) ورغم علم المريض بسخف هذه الفكرة وعدم صحتها إلا انه لا يستطيع مقاومتها ويحس بتوتر شديد لذلك ولا يزول ذلك التوتر حتى يقوم المريض بفعل (قهري) بغسل يديه كلما لامس شخصاً أو أي جسم آخر لمرات عديدة ومتكررة حتى تصاب يديه بتسلخات شديدة من جراء ذلك الفعل وقد يستخدم لهذا الغرض العديد والعديد من مواد التنظيف والتعقيم والمواد المطهرة ويصيب الوسواس القهري العديد من الناس ذكوراً أو إناثاً على حد سواء ويخلط كثير من الناس بين الوسواس القهري كمرض نفسي معروف وله علاج ووسوسة الشيطان التي قد تزول بالاستعاذة بالله من الشيطان إذ ثبت علمياً أن الوسواس القهري له خلفية عضوية على مستوى النواقل العصبية في المخ كما أنه ينتقل وراثياً ولا أعتقد أن وسوسة الشيطان تنتقل وراثياً (والله أعلم) كما أثبتت الأدوية العديدة المستخدمة في علاج هذا المرض نجاحاً كبيراً مما يؤكد كونه مرضاً نفسياً له مسبباته العضوية وليس مجرد وسوسة من الشيطان وأود أن أذكر هنا بأن الأدوية التي تستخدم في علاج هذا المرض شديدة الفاعلية ولا تسبب أي نوع من الإدمان وبإمكان المريض الاستغناء عن الدواء بعد زوال الأعراض بفترة معينة يحددها الطبيب المختص حسب الحالة. كما أن لهذا المرض علاجاً سلوكياً قد يستخدم في نفس الوقت مع العلاج الدوائي وهذا يعطي نتائج أفضل في حالة استخدام الاثنين معاً إذا دعت الحاجة لذلك. أرجو أن أكون قد أجبت عن استفسارك يا أخ عبد الله، وفي حالة الرغبة في معرفة تفاصيل أكثر لا تتردد في طرح ما تريد من أسئلة. مع تمنياتي للجميع بالصحة والعافية

مشكلة نفسية..؟ أم وسواس؟!!!

مشكلة نفسية..؟ أم وسواس؟!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 9/5/1422 السؤال أنا عندي مشكلة أعتقد أنها نفسية وهذا الأكيد لأني حاولت كثيراً أن أتغلب عليها ولم أفلح وهي أنني عندما اقفل علي الغرفة لا أستطيع أن أجلس فيها أو أنام إلا إذا تأكدت أن الدواليب لا يوجد فيها أحد مختبئاً وأن الباب مقفل جيداً حيث أنني أتأكد من ذلك عدة مرات. وأحياناً أحاول أن أنام فلا أستطيع إلا إذا تتبعت هذا الوتين القاتل يعني تخيل أنني أفعل ذلك مرتين يومياً عند الظهر وعند الليل أي في كل وقت نوم، طبعاً أنا أعرف ما أسباب هذا الوسواس أو القلق من وجود أحد لكن الذي لا أعرفه هو كيف أتخلص من ذلك وجزاكم الله خيراً. الجواب أولاً: رائع منك هذا التحليل لمشكلتك.. وهذا يدل على نضج كافي لتتفهمي مشكلتك.. وكيف يمكنك التخلص منها.. ثانياً: صدقيني لا أحد يملك القدرة على مساعدتك إلا نفسك..!! بمعنى أنك تدركين الآن أن لا أساس أو ضرورة لمثل ذلك.. فلماذا تفعلينه إذاً..!؟ ثالثاً: ذلك الشيطان - أختي الكريمة - يريد أن يفسد عليك دينك ودنياك.. فاستعيذي بالله قائمة وقاعدة من نزغات الشيطان وهمزه ولمزه وتلبيسه وتوهيمه.. واستعيني بالله سبحانه على هذا الأمر إنه نعم المولى ونعم النصير. رابعاً: تأكدي أنك إذا لم توقفي هذا الأمر عند هذا الحد.. وتتخلصي منه.. فلن يقف الشيطان أعاذنا الله وإياك منه عند أي حد.. بل سيظل يلبس عليك.. ويخيل إليك حتى يردك عن دينك إن استطاع.. فاحذري - أختي الكريمة - كل الحذر.. ولا تستجيبي لنداءه.. وبمجرد أن تجدي رغبة في فتح الدواليب.. للتأكد منها فوراً اذكري الله.. واستعيذي من الشيطان.. واشرعي بقراءة آية الكرسي والمعوذات.. ولا تلتفتي لذلك النداء الذي يلح عليك بالتأكد منها وفتحها للاطمئنان فقط.. لأنه شيئاً فشيئاً سيستدرجك إلى أمور أخرى.. ولن يقف - كما اسفلت - عند حد. خامساً: كوني واثقة أ، ك ستتغلبين على ذلك.. واعملي من واقع هذه الثقة.. وأنا واثق أنك بإذن الله ستتغلبين عليه.. وفقك الله وحماك من كل سوء وأعاذنا وإياك من نزغت الشيطان وتوهيمه وتلبيسه إنه ولي ذلك والقادر عليه.. قال تعالى: [وأما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم * إنه ليس له سلطان على الذين اتقوا وعلى ربهم يتوكلون] .

ذلك الهاجس الشيطاني

ذلك الهاجس الشيطاني المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 8/5/1422 السؤال اكتب لكم معاناتي.. لعلي أحد لديكم الحل.. أنا فتاة انطوائية إلى درجة كبيرة..!! ولعل للظروف الأسرية التي مررت بها ((نوع من التفكك الأسرى)) دور في ذلك.. إلا أنني ـ وبفضل الله ـ حفظت ديني.. وحميت نفسي وتجنبت المعاصي بقدر المستطاع.. ومع مرور الأيام.. وكثرة الضغوط.. نشأت في داخلي وساوس.. كنت في البداية أتجاهلها.. إلا أنها زادت فأرقتني ـ خاصة في أمور ديني ـ ويعلم الله أني بذلت كل ما أستطيع لمحاربتها.. وجربت كل الطرق الشرعية خوفاً على عقيدتي.. ولكن دون جدوى. الآن يزداد الأمر سوءاً.. فلقد تدهورت حالتي.. اشعر أحيانا إنني منافقة.. اظهر غير ما أبطن.. وأتألم لذلك كثيراً!! ومهما كتبت عن معاناتي.. فلن يصلكم إلا جزءاً منها.. أفيدوني جزاكم الله خيراً فلقد بلغ بي الألم والمعاناة حداً كبيراً حتى أني تمنيت الموت.. فهل هذا بسبب الوحدة.. أم الخوف من الله.. أم هي وساوس قهرية. أم ماذا؟!!! الجواب أختي الكريمة.. اشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاًَ ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل إنه ولي ذلك والقادر عليه. قرأت استشارتك.. واستشعرت معاناتك.. فأعانك الله.. وحماك من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبيسه وتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: الحمد لله الذي حماك من السوء والانحراف والمعاصي وحفظ لك دينك الذي هو عصمة أمرك.. وهذا يدل على أن الله هو الحافظ.. وأننا متى التجأنا إليه أعاننا وحمانا ووقانا.. مهما كانت الظروف التي تحيط بنا.. فله الحمد وعليه التكلان.. ثانياً: يظهر لي - والله أعلم - من أسلوبك وعرضك لواقعك مدى ما تتمتعين به من عقل راجح وإيمان راسخ ويقين بأن الله تعالى قادر على كل شيء.. ولذلك فإنني متفائل بإذن الله إلى حد كبير بأنك قادرة على مواجهة مشكلتك والانتصار عليها بعون الله وتوفيقه.. فالجئي إليه بصدق.. واكثري من الدعاء.. وتحري مواطن الإجابة.. كأدبار الصلوات وفي السجود.. وفي آخر الليل.. وآخر ساعة من يوم الجمعة.. وثقي بأنه - تعالى - قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاة ويكشف السوء.

ثالثاً: ما تجدينه هو جزء من كيد الشيطان وتلبيسه فإنه - لعنه الله - إذا فشل في الدخول على المرء عن طريق المعصية.. دخله عن طريق الطاعة.. ملبساً عليه ومشككاً فيه.. ولا يزال به حتى يرده عن دينه إن استطاع.. فاستعيذي بالله من كيده وهمزه ولمزه.. وتوهيمه وتلبيسه [إن كيد الشيطان كان ضعيفا] وإذا حدثتك نفسك بأمر تجدينه في أحد العبادات.. إما لإعادته أو لتأكيده.. فتجاهليها ولا تنفذي ذلك الأمر.. واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم [فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إن ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون] وقد تجدين صعوبة في البداية.. ولكن مع الإصرار والدعاء.. وصدق الالتجاء إلى الله.. سيخف الأمر كثيراً.. بإذن الله.. رابعاً: لا تيئسي - أختي الكريمة - من روح الله ورحمته واحذري ذلك الهاجس الشيطاني بأنك [تعملين الخير في الظاهر والباطن لا يعلمه إلا الله وأنك منافقة!!!] حاشا لله.. ذاك وربي كيد الشيطان ليؤثر عليك..!!! استمري بطاعتك.. واحسني الظن بربك.. وتذكري الآخرة.. ولا تنسي نصيبك من الدنيا.. وحاولي - فعلاً - أن تخرجي من أحزانك فرحمة الله واسعة.. وشاركي في بعض المناسبات وبعض الحوارات.. وأخرجي من دائرتك الذاتية الضيقة.. إلى دوائر أخرى أكثر اتساعاً وأقرئي في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة والصحابيات.. فذاك يدعم عزة الإيمان في قلبك.. ويعينك على نفسك.. خامساً: لا أستطيع الجزم بسبب ذلك.. وإن كنت أتوقع أنه ربما يكون خوف من الله والدار الآخرة وهذه بفضل الله.. طريقها معروف فمن استعد له وعمل لما بعد الموت.. فلم الخوف.. وعلام الحزن.؟!!! إن ذلك هو ما يدفع الشيطان للغيض ومحاولة التأثير عليك بهذه الأفكار.. ولكني استنتج من أسلوبك وطريقتك في العرض أنك بإذن الله أقوى من كيده.. فاستعيذي بالله قائمة وقاعدة منه.. واستبعدي فكرة أنها وساوس قهرية.. لأنك قادرة بإذن الله على تجاوزها مهما كانت. سادساً: أقترح عليك.. وضع برنامج أسري ((واقعي)) للتأثير على قريباتك وزميلاتك.. عن طريق بعض المسابقات وتوزيع المطويات.. وتوسعي بهذا النشاط شيئاً فشيئاً حسب الوقت والجهد المتاح.. ولا تستعجلي النتائج أو تحزني لعدم التجاوب.. بل استمري.. فلعل الله أن يهدي بك رجلا واحداً يكون خير لك من حمر النعم.!! وأخيراً.. اسأل الله تعالى أن يحفظك من كل سوء وأن يصلحك ويصلح بك ويهديك ويهدك بك.. وأن يعيذنا وإياك وجميع المسلمين من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبسه.. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

أدعية الوسواس والقلق

أدعية الوسواس والقلق المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 05/07/1426هـ السؤال ما هو الذكر المناسب -غير القرآن- في حال كثرة القلق والوسواس والخوف؟ ودعواتكم أن يفرِّج الله عنا كرب الدنيا. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم". صحيح البخاري (6346) ، وصحيح مسلم (2730) ، ومثل دعاء ذي النون: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له"، أخرجه الترمذي (3505) . ومن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- "اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، أصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت" أخرجه أبو داود (5090) ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله -عز وجل- همه وغمه وأبدله مكان حزنه فرحاًً"، أخرجه أحمد (1091) . وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب". أخرجه أبو داود (1518) ، وتقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، وقراءة آية الكرسي قبل النوم والمعوذتين، وآخر سورة البقرة، اللهم فرج همه ونفث كربه، ويسر أمره، واشرح صدره لطاعتك، وحبك وجودك ورجائك، اللهم ارحم الجسم العليل، والقلب الغافل، والعبد المسكين، والنفس الضعيفة، اللهم هوِّن علينا من فضلك وشفائك وجودك.

ينتابني وساوس خطيرة

ينتابني وساوس خطيرة المجيب د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 13-10-1423 السؤال فضيلة الشيخ، أنا فتاة مستقيمة - والحمد لله - ومنذ أكثر من عامين بدأ ينهار هذا الصرح الجميل الذي أشيده بقلبي وروحي وإيماناً بالله وطلباً للآخرة، وفجأة وبدون مقدمات بدأت أعاني من وسواس يلازمني ليلاً ونهاراً، ويجعل الدنيا سوداء بعيني فلا أحس بمباهج الحياة، ومفاد هذا الوسواس: أن جميع ما لدي من أولاد ونعمة أشعر أنها ليست من الله، بل مني أنا ومن تعبي، ولا يقف عند هذا الحد، بل تطاول ووصل إلى مسبة ذات الله، والتهجم عليه - تعالى الله علواً كبيراً سبحانه وتعالى - وكان هذا الشيطان اللعين يأتيني بشكل متصل ومتكرر يومياً، وهذا ما جعلني أتعذب كثيراً وتتغير حياتي، وتنقلب رأساً على عقب، كما لحق الأذى أيضاً ببيتي وزوجي، فقد تغيرت عليه كثيراً، وقد حاولت طلب العلاج عن طريق القراءة وكذلك الطب النفسي ووجدت تحسناً ولله الحمد. هل يؤاخذني ربي على ما ينتابني من وسواس لعينة ليست بمحض إرادتي؟ والله أعلم بما في صدري. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما شرحته من حالك، والأوهام التي تنتابك، هو كما شرح لك الأطباء داخل في الوسواس القهري، فلا يضيرك هذا ولا يؤاخذك الله عليه، لأنه خارج عن إرادتك، وقد قال الله تعالى:- (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) الآية [البقرة: 286] وقال: (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ماَ آتاَهاَ) الآية، [الطلاق 7] وقال: (فَاتَّقُوا الَله مَا اسْتَطَعْتُمْ) الآية [التغابن: 16] وقال - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة:" إن الله تجاوز لأمتي عما حدّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم "، أخرجه البخاري (6664) ، ومسلم (127) . وهذا في الحالات العادية، فكيف بالمبتلى بالوسواس الذي قد توسوس له نفسه أنه تكلم أو عمل فيدخل في متاهة لا قرار لها. فعليك أولاً: بالاستمرار فيما أنت عليه من القراءة، والأذكار، والأوراد، والصلوات، والأدعية ونحوها من الأسباب الشرعية التي تحصن الإنسان من الشيطان، وتعينه على مقاومة الأمراض النفسية. وعليك ثانياً: بمتابعة العلاجات النافعة التي يصرفها لك الأطباء الموثقون، خصوصاً ما تجدين له أثراً في حالتك. وعليك ثالثاً: بالحرص على الانهماك والانشغال بالأعمال المختلفة، التي تستنزف طاقتك وتستفرغ جهدك، سواء كان ذلك في عمل المنزل أو الوظيفة - إن كانت - أو غير ذلك.

وأوصيك بالعناية بأن تعيشي حياتك كأحسن ما تكون، عناية بملبسك، وتبعلاً لزوجك، واهتمامك بأطفالك، وأن تعتبري هذا قربة وزلفى إلى الله - تعالى - وستجدين لذلك أثراً طيباً. كما أوصيك بالمشاركة في المجالس الطيبة، من حلق العلم والذكر، والجلسات الخيرية، والمراكز، والمنتديات النافعة، ومثلها تجمعات الأقارب، والجيران، والأصدقاء، ولعل ذلك أن يصرف تفكيرك بعض الشيء عن هذه الأفكار، وتذكري دائماً أن ضيقك وتبرمك أكبر دليل على عدم تقبلك لهذه الوسواس، وبالتالي فهذا الضيق علامة الإيمان، وفيه رفعة لدرجاتك، وتكثير لحسناتك، ومهما خطر ببالك، فالله ليس كذلك، لا تدركه الأوهام ولا تحيط به العقول، ولا تناله الظنون - سبحانه وبحمده - كفاك الله ما أهمك ورفع بحوله وقوته عناءك وشفاك وعافاك، وأصلحك لنفسك وولدك وأخيراً ننصحك بالإكثار من الدعاء في أن يفرج الله همك ويزيل غمك، كما ننصحك بمراجعة طبيب نفسي لتعرض عليه حالك،،، ومرحباً بك زائرةً للنافذة.

كيف ننسى الماضي؟

كيف ننسى الماضي؟ المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 26/12/1424هـ السؤال السلام عليكم. عندي مشكلة مشكلة كبيرة جداً، أنني أذكر الماضي، وماضي الذي مضى ماضٍ متعب، ماضٍ أرى الحياة فيه مظلمة، فالعين تدمع، والقلب ينجرح، والمرض يزداد والصداع يشتد، سؤالي هو: كيف ننسى الماضي؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد: أخي الحبيب: دع هذه الوساوس والذكريات في مخازن الأمس تحترق بالتوبة وإن كثرت وعظمت فلقد جعل الله لها مآلاً حسناً هو أن يجعلها لك حسنات، يقول الله تعالى: "إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان: 70] ، فهنيئاً لك هذه الحسنات إذا صدقت في توبتك، وإن سؤالك لينضح بالندم والعزم على عدم العودة إلى الماضي المؤلم، استر على نفسك ولا تحدث أحداً بشيء من ذلك، أشغل نفسك بالعمل لا بالتفكير، كلما عادت الذكريات الأليمة تصورها وقد نبتت زهوراً من الأجر على قبر من الآثام، أكثر من ذكر الله ومن الصلاة، يقول الله تعالى: "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين" [البقرة: 45] ، وأنصحك أن تدخل دورة في علم البرمجة اللغوية (NLP) ففيه مهارات رائعة لنسيان الماضي، واستئناف الحياة من جديد، واقرأ إذا شئت كتاب الشيخ محمد الغزالي: جدد حياتك. وفقك الله وأسعدك.

مصابة بداء الشك

مصابة بداء الشك المجيب د. محمد المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 24/2/1425هـ السؤال أنا مصابة بداء الشك وأصبح هذا الداء يلازمني حتى أني أصبحت أشك في الدين، أشعر بكآبة ويقين أني خسرت الدنيا والآخرة. فماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يقول الله - تعالى - في محكم التنزيل: "وإمِّا ينزغنَّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله" [الأعراف:20] ، روى البخاري (3276) ، ومسلم (134) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ولفظ مسلم: "فمن وجد من ذلك شيئاً، فليقل: آمنت بالله"، وروى أحمد (21393) والطبراني في الكبير (3633) بسنده عن خزيمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي الشيطان الإنسان فيقول: من خلق السموات؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، حتى يقول: من خلق الله؟ فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت بالله ورسله"، وعلى ذلك فكلما شعرت بهذا الشك وداخلك الوسواس فأكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ومن قول: آمنت بالله ورسله، ولتنصرفي عن الاسترسال مع الشيطان في ذلك ولتنته عن هذا الشك وعليك بالإكثار من الذكر، فإن النفس إن لم تشغليها بالطاعة شغلتك بالمعصية. والذكر مرضاة للرحمن مطردة للشيطان، ثم اعلمي أن هذا قد وجده صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلما تقدم في الحديثين وعلى ذلك، فلا تقلقي ولا تنزعجي، بل اعلمي أن ذلك من محض الإيمان، كما روى مسلم (132) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: "وقد وجدتموه؟ " قالوا: نعم قال: "ذاك صريح الإيمان" وعند مسلم أيضاً (133) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوسوسة؟ قال: "تلك محض الإيمان روى أحمد (24231) بسنده عن عائشة رضي الله عنها أنهم شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يجدون من الوسوسة، وقالوا: يا رسول الله إنّا نجد شيئاً لو أن أحدنا خرّ من السماء كان أحب إليه من أن يتكلم به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك محض الإيمان".

مريضة بالوسواس القهري

مريضة بالوسواس القهري المجيب د. عبد الحميد اليحيى (طبيب نفسي) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 25/06/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: أنا فتاة متفوقة في المدرسة، وفي الصف الثالث الثانوي، وحصلت على نسبة عالية -ولله الحمد- في الفصل الدراسي الأول، ولكني مريضة بمرض الوسواس القهري، وبصراحة أحيانا ينتابني قرار، وهو أني لن أتزوج إذا كبرت؛ وذلك لعدة أسباب وهي: 1- ليس عندي شهوة سوى في النظر. 2- إذا تزوجت فإن جميع أحلامي ستذهب. 3- أحس أن الزواج ذل للرجل. 4- ما عندي من الوسواس يجعلني أجد بعض الحرج في التعامل مع نجاسة الأطفال. 5- أحس بالاشمئزاز من الأشياء الجنسية أحياناً. 6- لم أر زوجاً يحب زوجته، وزوجة تحب زوجها إلا في حالة واحدة فقط، وبصراحة أتمنى أن أنبغ في العلم وخاصة اللغة العربية؛ فأنا موهوبة في الشعر والنثر ولله الحمد-، وأحلم أن أصير دكتورة في الجامعة ... ما رأيكم؟ وهذه ليست دعوة مني للبنات أن يتركن الزواج، لكن حالتي ربما استثناء، وأتمنى أن تكون الإجابة مقنعة. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الوسواس القهري يؤذي جوانب من حياة الإنسان بشكل مباشر وغير مباشر، والأسباب التي ذكرتيها هي أعراض معروفة تصاحب هذا المرض، شدة الأعراض - بلا شك- قد تجعل الإنسان يتخذ قرارات ناتجة من معاناته كقرارك بعدم الزواج، معرفة ذلك يجعل الإنسان يستنتج أن هذه مرحلة سيمر بها وسيجتازها- بإذن الله-. الوسواس القهري يحتاج إلى علاج منتظم بجرعات دوائية أعلى من المعتاد في أمراض أخرى، كذلك أنت بحاجة إلى علاج سلوكي معرفي يساعدك في التخلص من الأفكار والأحاسيس التي ذكرتيها، وهذا شيء مهم للوصول إلى نتائج مرضية لك، فأنصحك بزيارة طبيب نفسي لمراجعة الأعراض بشمولية أكثر، والبدء ببرنامج علاجي سلوكي معرفي مع أخصائي نفسي عيادي؛ - وبإذن الله- ستحققين ما تسعين إليه من طموحات، نسأل الله لك التوفيق.

أعاني من السلبية والتردد وعدم التركيز

أعاني من السلبية والتردد وعدم التركيز المجيب أ. د. صالح إبراهيم الصنيع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 23/5/1425هـ السؤال أرجو مساعدتي في معرفة طبيعة هذه النفس، وإيجاد الحل المناسب، فأختصر الأمر بهذه العبارة، ثم أفصل الأمر (لا أدري أني لا أدري) أولاً: قد تسألني 100 سؤال، وقد يكون منها 90 جواباً لا أدري، ولماذا لا أدري لأني لا أدري!، هذا بعض ما عرفته من نفسي (ضعف التركيز) ، بمعنى إن قرأت كتاباً أو شاهدت منظراً فإني قد لا أخرج منه على الأكثر بنسبه 1%إلى 2,5%. 2- كثرة النسيان وسرعته، لدرجة أنه لو قرأت صفحة واحدة من كتاب، ثم سئلت بعدها بقليل لكانت الإجابة الصحيحة هي الأقل والخطأ هو الأكثر. 3- انعدام وجود النية في 95% من الأعمال التي أقوم بها، فأنا لا أدري لماذا فعلتها. 4-عدم وجود الصراحة بيني وبين الناس حتى مع الأقربين؛ وذلك لتجنب الإحراج لي ولغيري، ووجود المجاملة في كثير من الأحيان، حتى ولو من غير رضا بها وتحسر على فعلها. 5- حب وجود العذر للتخلص من أي أمر دون اللجوء إلى الكذب. 6- سلبي ليس لي دور اجتماعي ولا فكري، ولا إنساني في الحياة غير عملي المكلف به. 7- بطيء التأقلم مع الآخرين، وضعيف في معرفة جذب الآخرين، والتعرف عليهم. 8- أناني، أشعر بحب التملك، والبخل على الآخرين بما عندي. 9- أشعر بقساوة في القلب. 10- التناقض البين في أمر واحد (الحب والكره، الرضاء والغضب، السرعة والبطء) دون معرفة سبب حقيقي وواضح لهذا التناقض وتفسيره. 11- التخبط والعشوائية في اتخاذ القرار، والسرعة أحياناً، والبطء أحياناً أخرى في غير مكانها الصحيح. 12- الخجل من إبداء الرأي، والتعلل النفسي الخفي بالخشية من الوقوع في الخطأ أو الكذب أو تعويد اللسان على السكوت الطويل، وعدم التحدث إلا بما هو مفيد. 13- الحب والبغض على مزاجية، وهواء النفس، وليس على سبب حقيقي إسلامي. 14- الضعف في كسب الأصدقاء دون معرفة السبب الحقيقي لذلك، والرغبة في تجاوز هذا الأمر. 15- التفكير في الدنيا أكثر من التفكير في الآخرة والتعلق بها. 16- الرغبة في أن يكسب الناس ودي، والسؤال عني دائماً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخ الكريم -حفظه الله-. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

استلمت رسالتك التي تتحدث فيها عن مجموعة كبيرة من القضايا النفسية والاجتماعية التي تقول إنك تعاني منها، وفي البداية لا بد من التأكيد أن أول درجات سلم الحل هو الاعتراف بوجود المشكلة، ولكن هذا الاعتراف يجب أن يتسم بدرجة كبيرة من التحديد لنوع المشكلة بشكل يعزلها عن غيرها؛ حتى يمكن التعامل معها بشكل يساعد على حلها، لذا أرى فيما عرضته في رسالتك سرداً لعدد متداخل من المشكلات، تبدأ من التردد في التعامل مع المشكلات، وتكرار عبارة لا أدري (وهي من عبارات الهروب من الإجابة المباشرة) على الموقف الذي يواجهه الفرد، ثم مشكلة النسيان وهي في الحقيقة من طبيعة الإنسان ما دامت في حدود معقولة خصوصاً في مجال الكتب الجادة، ثم تنتقل لمشكلة النية وهو موضوع يجب ألا ينشغل به المسلم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ومسلم (1907) من حديث عمر - رضي الله عنه-. وعليه فلا تشغل نفسك بالتفكير بالنية؛ فأنت مسلم تسير على هدي ما جاء في الكتاب والسنة، فيكون قصدك دائماً رضا الله ولا تنشغل بالنية؛ لأن ذلك من عدوك الشيطان، ثم تنتقل للمجاملة في سلوكياتك وهي مقبولة في حدود المباح، وتنقل بعد ذلك للحديث عن عدم وجود دور لك في الحياة، مع أن عبارات رسالتك تقول غير ذلك، ثم تنقل للعلاقات مع الآخرين، ووجود المتضادات لديك، ثم تعليل التردد والمزاجية وعدم كسب الأصدقاء، وأخيراً التعلق بالدنيا. ويمكن أن نجد رابطاً بين ما ذكرته وهو ما يعرف بالوسواس، حيث يبدو أنها الرابط بين ما ذكرت من مشكلات، لذا أقترح عليك: أولاً: الإكثار من الطاعات وخصوصاً الدعاء. ثانياً: تعويد نفسك على الحزم في الأمور النفسية والاجتماعية بلا تردد، وعدم النظر إلى الوراء في المواقف والأحداث. ثالثاً: البحث عن صديق صدوق تبوح له بمشكلاتك اليومية وتطلب منه النصح، وتحاول حل المشكلات اليومية في وقتها، ولا تأخرها إلى ما بعد. أخيراً: البعد عن مصادر الضغوط النفسية في العمل والمنزل، ومحاولة البحث عن حلول للمشكلات بشكل متأنٍ. والله الموفق.

وساوس تحاصرني

وساوس تحاصرني المجيب د. تركي بن حمود البطي طبيب نفسي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 18/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أشعر بوسوسة شديدة مصاب بها، ليست في النظافة حصراً، بل أخف حالاتها بالنظافة، وإنما الوسوسة التي أصابتني هي بالتفكير الدائم والقلق، والخوف من عواقب كثير من الأفعال، وقد تكون هذه الأفعال عادية، والتفكير كثيراً في أمور لا تستحق وقتا طويلاً للتفكير بها، فمثلاً إذا سمعت الأطباء يتكلمون عن أحد الأمراض المستعصية أو قرأت عنه، أصبح كثير الخشية من الإصابة به، وأحيانا أشك في أني مصاب به، ويصاحب هذا حالة من الاكتئاب أشعر بها، فلا أشعر براحة نفسية، علما بأني أحافظ على أذكار الصباح والمساء دائماً، إلا إذا نسيت -وغالباً ما أنسى أذكار المساء-، والكثير يلومونني؛ لأني كثير التفكير والقلق، ويقولون: عش حياتك ولا تفكر، وقد تعلمت العلوم الشرعية، وأعرف أن الوسوسة من الشيطان، فما الحل الشرعي لمثل هذه الوسوسة والتخلص منها، والحصول على الراحة النفسية في الحياة؟ جزاكم الله خيراً. الجواب أخي الكريم: أتمنى أن تكون بخير وصحة وعافية، وبعد: فبالنسبة لسؤالك، أعتقد أنك تعاني من أعراض وسواس، وقلق عام، مشتركة مع بعض، وهذا الأمر يصيب كل الأجناس الصغار والكبار، الذكور والإناث، أصحاب الطبقة العالية والفقيرة، أصحاب الشهادات العليا والجهال. المقصد يا - أخي الكريم- أن هذا الأمر لا يعيب الإنسان، ولا ينقص من قدره، أو يحط من معنوياته، بل هو مرض كغيره من الأمراض، كالضغط والسكري، وغيرها، والأعراض التي تشكو منها لا تقلل من إيمانك، ولا تدل على أنك ضعيف الإيمان، بل هي ابتلاء من الله ليرى أتصبر وتحتسب، وتطلب السبب في العلاج؟ أم لا؟ بل قد يكون أعلى من ذلك، وهي من درجة تكفير الذنوب، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، نصيحتي يا- أخي- لك كالتالي: 1- راجع طبيباً نفسياً، واشرح له حالتك بالتفصيل، فقد تحتاج إلى علاج دوائي، وبعض الجلسات مع الأخصائي النفسي للعلاج السلوكي والمعرفي. 2- لا تسمع لكلام الناس من حولك، ولا تلتفت للومهم. 3- حالة الاكتئاب التي لديك مرتبطة بالداء الأساسي، فإذا عالجته زال الاكتئاب - بإذن الله-. 4- حالتك ليست بالصعبة، بل هناك حالات أصعب منها بكثير وتحسنت بالعلاج. 5- لا تيأس، واصبر واحتسب، وعليك بالدعاء. 6- لا يمنع أن تجمع بين العلاج الدوائي والعلاج الروحي بالرقية على نفسك، واحرص على الطاعة والأذكار، وقراءة القرآن إذا وجدت لنفسك تقبلاً لذلك. 7- نصيحتي الأخيرة لك ألا تيأس، هناك أمل، والحياة فيها خير كثير، وتستحق أن ترى منك نظرة مشرقة ومتفائلة. 8- اجعل من قراءتك لهذه الرسالة بداية صفحة جديدة، واعزم، وتوكَّل، وإذا واجهتك أي صعوبة فلا تتردد بالتواصل معنا. مع تمنياتي لك بحياة سعيدة وطيبة.

علاج الوساوس

علاج الوساوس المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 30-1-1424 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا شاب مررت بمرحلة من الضياع والجهل ولكن الحمد لله بدأت استيقظ وأرجع إلى ربي سبحانه وتعالى، فقد تركت كل المنكرات الظاهرة ولم يعد لي اهتمامات في الأمور المحرمة، ولكن إلى الآن لم ألتزم الالتزام المطلق، والله يا شيخ إن الوساوس ذبحتني وأكاد أجن من الوساوس، فتارة أحس بأنني منافق وتارة أحس بأنني كافر -والعياذ بالله- وتارة أحس بأنني فاشل في ديني وأن مصيري إلى النار فيضيق صدري، مع أنني ولله الحمد لا أترك الصلاة ولا أترك قيام الليل ودائماً أذكر الله ولكني أريد أن ألتزم بهذا الطريق إلى الأبد فأن أريد الجنة. الجواب أخي الكريم ... أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: أهنئك من الإعماق على هذا الاستيقاظ من الغفلة وأسأل الله تعالى لك الثبات على الحق حتى الممات. ثانياً: أذكرك بقوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ... الآية) وأذكرك أيضا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: [من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه. غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر وفي رواية: وإن فر من الزحف] ثالثاً: ما تجده - أخي الفاضل - من هذه الأفكار هو من الشيطان الرجيم ليردك عن دينك إن استطاع أو على الأقل ليفسد عليك استقامتك..!! فاستعذ بالله قائماً وقاعداً منه ومن همزه ولمزه (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً. ولا تلتفت إلى أي من هذه الهواجس أو الأفكار التي تعتريك بل استمر في طريق الهداية واسأل الله الثبات والتوفيق. رابعاً: أكثر أخي الكريم من قراءة القرآن والأذكار الصباحية والمسائية (أذكار الصباح والمساء) واحمد الله الذي ردك إلى الحق رداً جميلاً.. وأحسن الظن بالله فهو سبحانه الحافظ والمعين والموفق والهادي إلى سواء السبيل. خامساً: اختر أخي الكريم رفقة صالحة تدلك على الخير وتعينك عليه.. وستجد بعون الله في رفقتهم ما تبحث عنه.. فالمرء من جليسه.. ويوم القيامة يكون مع من أحب. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.. وحفظك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ومن فوقك ومن تحتك إنه تعالى نعم المولى ونعم النصير.

الوساوس والإغراق في التفكير تحاصره

الوساوس والإغراق في التفكير تحاصره المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 10/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب في المرحلة الجامعية، أعاني منذ حوالي سنة من مشكلة نفسية تؤلمني بشكل لا يطاق، فعقلي لا يتوقف عن التفكير بصورة لا إرادية، وعلى شكل وساوس لا تتوقف ولا لحظة واحدة، رغم أنني أصلي وأقرأ القرآن والأذكار، وأحاول الخشوع، ولكنني أغرق في الخيالات والتفكير، ولا استطيع التركيز في أي شيء، وفي الليل وأنا نائم، وكأن عقلاً آخر داخل عقلي قد بدأ في العمل، أصل إلى مرحلة وكأن عقلي سينفجر من كثرة التفكير اللا إرادي، تعالجت لفترة طويلة بعقار يسمى (بروزاك) دون جدوى، كما أن أحد أصدقائي قال لي: هذا يسمى (القرين الدائم) ، وقد رقاني أحد الشيوخ. كيف الطريق إلى الراحة وصفاء البال من جديد؟. دلوني جزاكم الله كل الخير. الجواب الأخ الفاضل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أشكر لك تواصلك معنا في موقع (الإسلام اليوم) . أسأل الله لنا ولك الصلاح والهداية في القول والعمل، وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل. أخي: مما يتضح لي - حفظك الله - أن حساسيتك تجاه الآخرين وتصرفاتهم وتأويلاتك السلبية تجاه نفسك سبَّبت لك مشاكل كثيرة، وجعلتك تعيش في دوامة الأفكار السلبية، وتنامي تلك الأفكار في عقلك الباطن، وأوجد ترسبات كثيرة كلما ازدادت سببت لك سوء توافق مع الآخرين. فالعقل الباطن يتعلَّق بالذات أي لعلم الشخص الداخلي، وهو لا يفهم المنطق ولا يميز بين الخطأ والصواب، ويمكن أن يغيِّر حياة الإنسان نحو الأفضل أو نحو الأسوأ، ويعتمد ذلك على ما يستقر فيه من معلومات وخبرات، وسأقدم لك بعضاً من أفضل الطرق المناسبة لمثل حالتك، سائلاً الله - عز وجل - أن يجعل لك فيها الخير والصحة. (1) الحرص على المحافظة على أداء الفروض الخمسة جماعة في المسجد، والمحافظة على الأذكار دبر كل صلاة، وكذلك على الأوراد الصباحية والمسائية. (2) الابتعاد عن الحساسية الزائدة تجاه ما يقوله وما يفعله الآخرون بأن تحملها أكثر من حجمها، أي لا تبالغ في تأويل كلمة عابرة إلى تأويلات خاطئة تتنامى في عقلك لتكوّن فكرة سلبية نتيجة إعطائها أكبر من حجمها. (3) ابتعد عن وضع نفسك بأنك محور انتباه العالم، وأن الجميع يراقب حركاتك وتصرفاتك، فأنت شخص كحال الآخرين ممن هم يعيشون معك وليسوا بأفضل منك! (4) مارس عملية الاسترخاء، ومن ثم وضع مرساة تساعدك على التخلص من حساسيتك ومن تسربات الأفكار السلبية في عقلك الباطن، وطريقة الاسترخاء كما يلي:

أن تستلقي على ظهرك في سريرك وتغمض عينيك، وتأخذ نفساً وتخرجه ببطء، وتحاول إرخاء عضلات الجسم من الرأس حتى القدمين، ثم تتخيل موقفاً أنت فيه في أفضل حالتك التفاعلية مع الآخرين، وتتحدث بطلاقة والجميع يصغي لك باهتمام لما تقول، وكذلك مشاركاتك في التداخل في المواضيع المطروحة، وكرر تلك العملية عدة مرات يويماً، وحينما تكون في أوج استرخائك وسعادتك بالمشهد اضغط على إبهامك لمدة عشر ثوانٍ ثم اتركه، وهكذا كلما تخيلت المشهد افعل بإبهامك مثلما سبق، وهنا تكون قد وضعت مرساة تساعدك على مواجهة المواقف الاجتماعية، وحينما تكون في موقف حقيقي تضغط على إبهامك فمباشرة تأتيك الأفكار الإيجابية السابقة والتخيلات الجميلة، فتساعدك - -بعون الله - على مواجهة تلك المواقف. (5) يمكنك التأثير في العقل الباطن بشكل إيجابي، وذلك عن طرق التكرار، وهي من الطرق المفيدة، وهو أن تقوم بتكرار كلمات أو عبارات كثيرة في اليوم والليلة لفترة من الوقت، وليكن ذلك بالذكر والدعاء، فهي أفضل ما يزيد الإيمان ويرتقي بالنفس في مدارس الفضائل، فيتهذب السلوك، وتسمو الأعمال، قال تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد:28] ، فكرر الأذكار والأدعية ففيها العلاج الناجح لسيطرة الأفكار السلبية من العقل الباطن على الاستقرار النفسي، وتساعدك على التخلص منها، وإحلال الأذكار والأدعية مكانها. (6) أنصحك بالحرص على الالتحاق بإحدى الدورات التي كثيراً ما تعقد حول بناء الذات، وطرق النجاح في الحياة وعلم البرمجة اللغوية العصبية، وغيرها الكثير؛ فهي ستساعدك- بعون الله - على اكتشاف الكثير حول نفسك، والرقي بها إلى معالي الأمور.

أشعر أنني شريرة

أشعر أنني شريرة المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس التاريخ 07/11/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تنتابني أفكار أحيانا أشعر أنها شيطانية، وأستغفر الله منها، وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ولكنها متكررة، وتأتيني دون أن أشعر، مثل أن أتمنى لصديقتي التي أحبها مصيبة أو كارثة، مع أنني أحبها في الله، وأدعو الله لها دائما بالخير، أحياناً تأتيني أفكار بأن أعمل لابنتي ما يؤذيها لا قدر الله! مع أنها قرة عيني وحبيبتي، الحمد لله أنها مجرد أفكار، ولم تكن في يوم من الأيام حقيقة، وأعوذ بالله أن أجر على مسلم سوء، لكن ما يحزنني أنني أشعر أنني شريرة، أو أن بي نفس شريرة توسوس لي بما أكره، مع العلم أنني أدعو الله أن يأتي نفسي تقواها ويزكيها، فهو خير من زكاها، هو وليها ومولاها. أفيدونا وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخت الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فإن الله -تعالى- قد جبل معظم النفوس على الخير، ولكن البيئة لها دور كبير في تبديل هذه الفطرة، وتغيير مجراها، ولعلك تعرضت خلال تربيتك في الصغر إلى نوع من الخلل في التربية؛ كالعسف والظلم والضرب، أو التدليل المفرط، وإتاحة الفرصة للتعدي على الآخرين دون رادع. ولم يلحظ علماء النفس سوى قليل من البشر لديهم نوازع عدوانية، قد لا يتعدون 4-7 في المليون، وذلك دليل على أن ذلك شاذ لا حكم له. ولا يعني ذلك أنك لا تستطيعين أن تتخلصي من هذه التركة النفسية السيئة، بل احرصي على تزكية نفسك، وادعي الله كثيراً أن ينزع من تفكيرك هذا الوهم، واحرصي على نفع الآخرين والبر والصدقة والعمل الخيري بشكل عام، ففي ذلك تربية للنفس وتطهير، وما يحدث لك من الوساوس هو من الشيطان الرجيم. والله -تعالى- لا يؤاخذ العبد إلا إذا قال أو فعل، أما مجرد التفكير فهو معفو عنه، ودعي التفكير في هذا الموضوع نهائيا؛ حتى لا يسيطر على حياتك ويؤذيك. وفَّقك الله وسدَّد خطاك.

كيف أحب رسول الله؟

كيف أحب رسول الله؟ المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/أخرى التاريخ 14/6/1425هـ السؤال أشعر أحياناً بأني لا أحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فهل هذا وسواس أم لا؟ وكيف أبتعد عن هذا الوسواس وأحب الرسول - صلى الله عليه وسلم-؟ وكذلك أريد وصفاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وجزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم: -سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة، ونعتذر عن التأخير في إجابة سؤالك، والجواب على ما سألت كالتالي: حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان، وبغضه كفر ونفاق، ولا يكتمل إيمان عبد حتى يحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر من ماله وولده ونفسه التي بين جنبيه. قال تعالى: "قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره" [التوبة: 24] . وفي البخاري (15) ، ومسلم (44) من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين". وروى البخاري (6632) عن عبد الله بن هشام -رضي الله عنه-: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو آخذ بيد عمر-رضي الله عنه- فقال له عمر-رضي الله عنه-: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك"، فقال له عمر-رضي الله عنه-: فإنه الآن، والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الآن يا عمر". وكيف لا يحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحبه تابع لحب الله -عز وجل- والله -تعالى- اختاره وأحبه. روى مسلم (2276) عن واثلة بن الأسقع-رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم". وروى البخاري (3209) ، ومسلم (2637) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض".

كيف لا يحب وهو الذي بلغ الكمال في رأفته ورحمته بأمته وحرصه على هدايتها: يقول تعالى: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" [التوبة: 128] ، وقال سبحانه: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" [الأنفال: 33] ، وروى مسلم (202) عن ابن عمرو-رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تلا قول الله -عز وجل- في إبراهيم- عليه السلام-: "رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم" [إبراهيم: 36] ، وقال عيسى- عليه السلام-: "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" [المائدة: 118] . فرفع يديه وقال: "اللهم أمتي أمتي" وبكى، فقال الله-عز وجل- يا جبريل، اذهب إلى محمد وربك أعلم، فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل - عليه السلام- فسأله، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بما قال: وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد - صلى الله عليه وسلم- فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك". وروى البخاري (6304) ، ومسلم (199) ، واللفظ له عن أبي هريرة-رضي الله عنه- مرفوعاً: "لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة، فهي نائلةٌ إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً". كيف لا يحب يا أخي الكريم وهو الذي حقق الكمال في نصحه للأمة. "لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" [آل عمران: 164] ، وقال تعالى: "كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون" [البقرة: 151] . كيف لا يحب وهو صاحب الأخلاق العالية. "وإنك لعلى خلق عظيم" [القلم: 4] . فيا أخي الفاضل: ذكر نفسك بهذه النصوص في وجوب حب الرسول -صلى الله عليه وسلم-وخطورة تسرب شيء خلاف ذلك، وأحسب أنك مؤمن وأن هذه وساوس شيطانية، يريد بها إبليس أن يصدك عن الدين ويدخلك في عالم الشك والريب ليصل بك إلى الكفر، فإذا وجدت شيء من ذلك فعليك بالتالي: 1- كثرة التعوذ بالله من الشيطان الرجيم. 2- الإلحاح على الله أن يثبت قلبك على الإيمان والدين، كما كان يدعو سيد الخلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله:"يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" رواه الترمذي (2140) ، وابن ماجة (3834) من حديث أنس -رضي الله عنه-. 3- ذكر نفسك أن إيمانك يقوم على أركان من أعظمها حب الله وحب رسوله -صلى الله عليه وسلم- فاحذر أن تتجاوزهما؛ حتى لا تفقد إيمانك. 4- اقرأ في سيرته -صلى الله عليه وسلم- وشمائله؛ حتى يقوى حبك له. 5- اجلس بين يدي العلماء وطلبة العلم مستفيداً من علمهم، راغباً في صيانة دينك وعقلك وقلبك من نزغات الشيطان.

6- اصحب الصالحين والأخيار الذين أمرنا الله بلزومهم في قوله: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" [سورة الكهف: 18-28] . 7- اقنع نفسك بعمق أنه لا نجاة لك في الدنيا والآخرة إلا باتباع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وحبه والتأسي بسيرته وأخلاقه. 8- احذرك من القراءة في كتب المفسدين للعقائد، أو السماع لمن يهمهم صرفك عن الحق وإدخالك في عالم الضلال. 9- أنصحك بقراءة كتاب الله -عز وجل- والإكثار من ذلك، وليكن لك منه نصيب يوميا كورد تلزمه فإنه شفاء لما في الصدور. 10- أشير عليك بقراءة كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري، وكتاب الصارم المسلول لابن تيمية، وكتاب (جلاء الإفهام) لابن القيم فإنها نافعة بإذن الله. 11- أكثر من قولك: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مع استشعارك للحاجة إلى الله في دفع هذا الضعف والوساوس. وإليك شيء من صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخلاقه: قال هند بن أبي هالة -رضي الله عنه- في حديثه الطويل وفيه: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتدل الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر) ، أخرجه الطبراني في الكبير (22/155) ، والترمذي في الشمائل (ص329-344) ، والبغوي في شرح السنة (13/274) ، وابن سعد في الطبقات (1/422) وغيرهم. قال البراء بن عازب -رضي الله عنه-: (كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنه خَلقاً، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير) رواه البخاري (3549) ، ومسلم (2337) . وجاء أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر -رضي الله عنه- ومولاه ودليلهما، خرجوا من مكة ومَرّوا على خيمة امرأة عجوز تُسمَّى (أم مَعْبد) ، كانت تجلس قرب الخيمة تسقي وتُطعِم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا عندها شيئاً. نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى شاة في جانب الخيمة، وكان قد نَفِدَ زادهم وجاعوا. سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- أم معبد: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ فأجابت أم معبد: شاة خلَّفها الجهد والضعف عن الغنم.

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "هل بها من لبن؟ ". ردت أم معبد: بأبي أنت وأمي، إن رأيتَ بها حلباً فاحلبها!. فدعا النبي -عليه الصلاة والسلام- الشاة، ومسح بيده ضرعها، وسمَّى الله جلَّ ثناؤه ثم دعا لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رِجليها، ودَرَّت. فدعا بإناء كبير، فحلب فيه حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رَوُوا (أي شبعوا) ، ثم شرب آخرهم، ثم حلبَ في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه عندها وارتحلوا عنها ... وبعد قليل أتى زوج المرأة (أبو معبد) يسوق أعنُزاً يتمايلن من الضعف، فرأى اللبن!!. قال لزوجته: من أين لكِ هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب (حائل) ولا حلوب في البيت؟!!. أجابته: لا والله، إلا أنه مَرَّ بنا رجل مُبارَك من حالِه كذا وكذا. فقال لها أبو معبد: صِفيه لي يا أم معبد!!. فأخذت أم معبد تَصِفُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلَجَ الوجهِ (أي مُشرِقَ الوجه) حسن الخلق، لم تَعِبه نُحلَة (أي نُحول الجسم) ولم تزريه صعلة (وهي صفر الرأس) (أنه ليس بِناحِلٍ ولا سمين) ، وسيمٌ قسيم (أي حسن وضيء) ، في عينيه دَعَج (أي سواد) ، وفي أشفاره وَطَف (طويل شعر العين) ، وفي صوته صَهَلٌ (حدة وصلابة) ، وفي عنقه سَطع (طول) ، وفي لحيته كثاثة (كثرة شعر) ، أزَجُّ أقرَن (حاجباه طويلان ومقوَّسان ومُتَّصِلان) ، إن صَمَتَ فعليه الوقار، وإن تَكلم سماه وعلاهُ البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلوُ المنطق، فصل لا نزْر ولا هذَر (كلامه بَيِّن وسط ليس بالقليل ولا بالكثير) ، كأنَّ منطقه خرزات نظم يتحَدَّرن، رَبعة (ليس بالطويل البائن ولا بالقصير) ، لا تشنأه من طول، ولا تقتَحِمُه عين من قِصر، غُصن بين غصنين، فهو أنضَرُ الثلاثة منظراً، وأحسنهم قَدراً، له رُفَقاء يَحُفون به، إن قال سمعوا لقوله، وإن أمَرَ تبادروا إلى أمره، محشود محفود (أي عنده جماعة من أصحابه يطيعونه) ، لا عابس ولا مُفَنَّد (غير عابس الوجه، وكلامه خالٍ من الخُرافة) . قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذُكِرَ لنا من أمره ما ذُكِر بمكة، ولقد همَمتُ أن أصحبه، ولأفعَلَنَّ إن وَجدتُ إلى ذلك سبيلا. وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعه الناس، ولا يدرون من صاحبه وهو يقول: جزى الله رب الناس خيرَ جزائه*** رفيقين حلاّ خيمتي أم معبد هما نزلاها بالهدى واهتدت به*** فقد فاز من أمسى رفيق محمد حديث حسن قوي أخرجه الحاكم (4333) وصححه، ووافقه الذهبي، وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ليلة إضحيان، وعليه حُلَّة حمراء، فجعلتُ أنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإلى القمر، فإذا هو عندي أحسنُ من القمر". (إضحِيان هي الليلة المقمرة من أولها إلى آخرها) والحديث رواه الترمذي (2811) وغيره. - وما أحسن ما قيل في وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم-: وأبيض يُستَسقى الغمام بوجهه ثِمال اليتامى عِصمة للأرامل

(ثِمال: مُطعِم، عصمة: مانع من ظُلمهم) . لقد وُصِفَ بأنه كان مشرباً بحمرة، وقد صدق من نعته بذلك، ولكن إنما كان المشرب منه حُمرة، ما ضحا للشمس والرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر ... يعرف رضاه وغضبه وسروره في وجهه، وكان لا يغضب إلا لله، كان إذا رضي أو سُرّ استنار وجهه فكأن وجهه المرآة، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " استعرت من حفصة بنت رواحة-رضي الله عنها- إبرة كنت أخيط بها ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتبينت الإبرة لشعاع وجهه ... "، أخرجه ابن عساكر والأصبهاني في الدلائل (1/113) والديلمي في مسند الفردوس كما في الجامع الكبير للسيوطي. ولا بد من الإشارة إلى أن تمام الإيمان بالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو الإيمان بأن الله -سبحانه وتعالى- خلق بدنه الشريف في غاية الحسن والكمال على وجه لم يظهر لآدمي مثله. ويرحم الله القائل: فهو الذي تم معناه وصورت*** ثم اصطفاه حبيباً بارئ النسم منزه عن شريك في محاسنه*** فجوهر الحسن فيه غير منقسم وقيل في شأنه -صلى الله عليه وسلم- أيضاً: بلغ العلى بكماله، كشف الدجى بجماله، حسنت جميع خصاله، صلوا عليه وآله. ومن أخلاقه -صلى الله عليه وسلم-: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " ما خُيِّرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين قط إلا آخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنفسه في شيء قط إلا أن تُنهَكَ حُرمة الله، فينتقم لها لله"رواه البخاري (6126) ، ومسلم (2327) . وعن عائشة -رضي الله عنها- أيضاً قالت: " ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً قط بيده، ولا امرأة، ولا خادماً إلاّ أن يجاهد في سبيل الله، وما نيلَ منه شيء قط، فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيءٌ من محارِم الله، فينتقم لله- عز وجل-"رواه مسلم (2328) وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أحسن الناس خُلُقاً، فأرسلني يوماً لِحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لِما أمرني به نبي الله -صلى الله عليه وسلم-. فخرجتُ حتى أمُرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقفاي قد قبض من ورائي، فنظرتُ إليه وهو يضحك. فقال: "يا أُنَيس أذهبتَ حيث أمرتُك"، فقلت: أنا أذهب يا رسول الله!. قال أنس -رضي الله عنه-: والله لقد خدمته تسع سنين ما عَلِمْتُهُ قال لشيء صنعتُه: لم فعلتَ كذا وكذا؟ أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا، رواه مسلم (2309) . قلت: فكم من مرة قلنا لوالدينا أفٍّ أما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما قال لخادمه: أفٍّ قط!!.

وفي حديث هند بن أبي هالة -رضي الله عنه-السابق أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان خافض الطرف (من الخفض ضد الرفع فكان إذا نظر لم ينظر إلى شيء يخفض بصره؛ لأن هذا من شأن من يكون دائم الفكرة لاشتغال قلبه بربه) ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، وكان جل نظره الملاحظة (المراد أنه لم يكن نظره إلى الأشياء كنظر أهل الحرص والشره بل بقدر الحاجة) ، يسوق أصحابه أمامه (أي يقدمهم أمامه، ويمشي خلفهم تواضعاً، أو إشارة إلى أنه كالمربي، فينظر في أحوالهم وهيئتهم، أو رعاية للضعفاء وإغاثة للفقراء، أو تشريعاً، وتعليماً، وفي ذلك رد على أرباب الجاه وأصحاب التكبر والخيلاء) ، وكان صلى الله عليه وسلم يبدر من لقي بالسلام. لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- من أكمل الناس شرفاً، وألطفهم طبعاً، وأعدلهم مزاجاً، وأسمحهم صلة، وأنداهم يداً؛ لأنه مستغن عن الفانيات بالباقيات الصالحات. وأقترح عليك أن تقرأ كتاب الشمائل المحمدية للإمام الترمذي مع شرحها للإمام الباجوري، والمسمى المواهب اللدنية على الشمائل المحمدية، ويمكنك الاستفادة من هذا الرابط: (صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الخلقية) وأرجو الله أن يجعلنا جميعاً من المحبين الصادقين لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن المتبعين له ومن المقربين منه يوم القيامة إنه جواد كريم.

السحر والمس

كيف أتقي سحرهم؟ المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 26/10/1426هـ السؤال مشكلتي أن لي قريبًا يرغب بالزواج مني وأنا رفضت؛ لأنه غير مناسب لي، وأُخبرت بأن والدته ذهبت لإحدى العرافات لتعمل لي عملاً يبطل أي مشروع زواج لي؛ حتى أضطر للقبول بابنها، وأنا أصلي وأقرأ القرآن وأعرف أن العمل هو عمل رب العالمين، فأنا بالفعل قد تعطلت لي عدة مشاريع خطبة دون سبب، ولا أعلم هل هو مما تفعل، أم لا؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالجواب يتوقف على سبب رفضك الزواج من قريبك، فإن كان قريبك ذا خلق ودين فاستخيري الله واقبلي به زوجاً، عسى الله أن يبارك لكما، أما إن كان رفضك بسبب خلقه أو دينه فنسأل المولى - عز وجل- أن يبدلك خيراً منه. وأما بالنسبة لما ذُكر لك من أن أمه ذهبت إلى إحدى العرافات لتعمل لك سحراً يحول دون زواجك من غيره، فلا شك أن السحر له تأثير بإذن الله - عز وجل - وقد قال الله تعالى: "فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" [البقرة:102] ، ولكن هذا الأمر مازال في دائرة الظن، وليس هناك ما يدل على صحة هذه الدعوى، ولكن عليك بالاستمرار على ما أنت عليه من العبادة والصلاة وقراءة القرآن وخاصة سورة البقرة، ولو كانت في كل يوم فهو أفضل، ولن يضرك ذلك بإذن الله، واحرصي على المبادرة بالموافقة إذا تقدم إليك من ترضين دينه وخلقه، ودعي عنك بعض المثاليات والكماليات، أسأل المولى -عز وجل- أن يختار لك ما فيه الخير والصلاح، وأن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه.

هل أنا مصاب بالجن؟؟

هل أنا مصاب بالجن؟؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 16-7-1423 السؤال كنت أقرأ في كتاب عن السحر اشتريته من المكتبة ولا أعلم أن كان حقيقياً وكنت طفلا ولا أعلم ما أفعل وجربت طرقاً على سبيل اللعب و (لم يحدث شيء) وبعد فترة وفي أحد الأيام كانت الساعة حوالي العاشرة عندما غلبني الشيطان وشربت نوعا من أنواع المخدرات لأول مرة وبعدها شعرت بخوف شديد وكأنني أحتضر نتيجة للكمية الزائدة بعد ذلك ذهبت إلى البيت ودخلت دورة المياه وفعلت (العادة السرية) وبعد الخروج من دورة المياه بفترة بدأت رعشة شديدة وبرودة زاد ضغط الدم عندي وتسلسلت الحالة حتى الآن، وأصبحت أعاني من حالة نفسية غريبة ولم أستجيب للعلاج إلا قليلاً. وقد قال لي البعض إنه ربما يكون هذا بسبب أذى من الجن وأنا لا أعلم مدى صحة هذا الكلام وأريد أن أعرف. أسأل الله العلي القدير أن يغفر لي هذا الذنب وأن يوفقكم على مساعدة المسلمين. الجواب الأخ الكريم.. شكراً: لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" أولاً: يجب أن تشكر الله أن بصرك بأن ما كنت تفعله إنما هو خطيئة وذنب يوجب التوبة والاستغفار فلا تقصر في ذلك واستمر على الاستغفار فإنه خير معين قال عليه الصلاة والسلام " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود وابن ماجة. ثانياً: الذي تعاني منه ليس بسبب أذى الجن كلا أبداًَ بل هو مما اقترفته وعملته من التعاطي لمثل هذه المخدرات. والذي يوحي لك بأنه من الجن هو عملية المحاولة للهروب من الشعور بالمسؤولية تجاه ما تعانيه وما تواجهه من آلام نفسية أن أخطأت فيجب أن تتحمل النتيجة وتواجهها وتحاول الصمود في الخلاص منها ومن آثارها، إذ هذه هي طريقة الأقوياء والعظماء والرجال الأشداء أما الضعفاء والمتهالكون فإنهم لا يفتأون ولا يقصرون في محاولة الاختباء عن المواجهة وتعليق الفشل أو المرض بأمور خارجية ليرتاحوا بذلك من تأنيب الضمير والإحراج من الناس المحيطين. أنت لديك مشكلة ويجب أن تواجهها بكل قوة وأن تقنع نفسك انك قادر على المواجهة ولست أضعف من غيرك وتعترف لنفسك بذلك. وأول هذه المواجهة هو الاتصال بطبيب نفسي تكون أنت متقنعاً به وتطمئن إليه كثيراً وتعرض عليه مشكلتك وتستمر معه في الجلسات العلاجية وتحاول أن تسبر وتسجل التطورات التي تطرأ عليك أولاً بأول كي تتمكن بعد فترة من الزمن من المقارنة بين حالتك في الماضي مع ما أنت فيه في الحاضر وخلال ذلك كله لا تدع الدعاء والالتجاء إلى الله بالذكر والاستغفار والقيام بالواجبات والإيقان بقرب الفرج من عند الله. أعانك الله وشفاك.,,,

المس ... الأعراض والأسباب، الوقاية والعلاج

المس ... الأعراض والأسباب، الوقاية والعلاج المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 15/10/1424هـ السؤال ما هو المس؟ وما هي أعراضه وعلاجه؟. الجواب الأخ الكريم: لقد قرأت رسالتك وفهمت مرادك، وهذا جواب سؤالك، ويكون ذلك في النقاط التالية: أولاً: ما هو المس؟ هو عبارة عن اختلال يصيب الإنسان في عقله، بحيث لا يعي المصاب ما يقول، فلا يستطيع أن يربط بين ما قاله وما سيقوله، ويصاب صاحبه بفقدان الذاكرة حال المس، نتيجة اختلال في أعصاب المخ، ويصاحب هذا الاختلال العقلي اختلال في حركات الممسوس، فيتخبط في حركاته وتصرفاته، فلا يستطيع أن يتحكم في سيره، وقد يفقد القدرة على تقدير الخطوات المتزنة لقدميه، أو حساب المسافة الصحيحة لها، ويكون ذلك بتلبس الجن بالإنس، ولا يصدر ذلك إلا من الخبيث منهم لأسباب عدة، انظر فتح الباري لابن حجر (10/114) عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة ص (252) ، عالم الجن والملائكة ص (76) ، ووقاية الإنسان من الجن والشيطان ص (55) مع الجمع والتصرف. ثانياً: ما هي أسباب المس الشيطاني؟. هناك أسباب يرجع إليها مس الجن للإنس ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- في رسالته الموسومة بـ (الجن) ، ويمكن لنا أن نلخص هذه الأسباب في الآتي: (1) عشق الجن للإنس. (2) ظلم الإنس للجني بدون قصد من الإنس، كأن يصب عليه ماءً حاراً أو يسقط عليه من مكان عال، وغير ذلك، فيقوم الجن بإيذاء الإنسي ظناً منه أن الأنسي تعمد إيذاءه، والجن فيهم جهل عظيم، فيعاقبون الإنسي بأكثر مما يستحق. (3) ظلم الجن للإنسي كأن يمسه دون سبب، ولكن لا يتسنى له ذلك إلا في إحدى الحالات الأربع التالية: أولها: الغضب الشديد، ثانيها: الخوف الشديد، ثالثها: الانكباب على الشهوات وفعل المحرمات، ورابعها: الغفلة الشديدة والإعراض عن الله من عدم صلاة وذكر وتسبيح واستغفار وغير ذلك من مظاهر الغفلة والإعراض، انظر: (وقاية الإنسان من الجن والشيطان) (75-76) بتصرف وزيادة. ثالثاً: ما هي أعراض المس الشيطاني للإنس؟. هناك أعراض للمس الشيطاني يعرف بها إذا كان هذا الشخص ممسوساً أم لا، وهذه الأعراض تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: وهي أعراض تكون في المنام وهي: (1) الأرق الشديد، وهو أن لا يستطيع الإنسان أن ينام إلا بعد مدة طويلة من الاسترخاء. (2) القلق: وهو كثرة الاستيقاظ بالليل. (3) الكوابيس: وهو أن يرى الإنسان في منامه شيئاً يضايقه أو يزعجه، وهو يريد أن يستغيث فلا يستطيع. (4) الأحلام المفزعة المورعة. (5) رؤية الحيوانات في المنام، كالقط والكلب والبعير والثعبان والأسد وغيرها. (6) القرض على الأنياب في المنام. (7) الضحك أو البكاء أو الصراخ في المنام. (8) التأوه في المنام. (9) أن يقوم ويمشي وهو نائم دون أن يشعر. (10) أن يرى في منامه وكأنه سيسقط من مكان عال. (11) أن يرى نفسه في مقبرة، أو مزبلة، أو طريق موحش. (12) أن يرى أناساً بصفات غريبة، كأن يلاحظ عليهم طولاً مفرطاً، أو قصراً مفرطاً، أو يراهم بأشكال مرعبة سوداء. (13) أن يرى أشباحاً في منامه. القسم الثاني: وهي أعراض تكون في اليقظة وهي:

(1) الصداع الدائم: بشرط أن لا يكون سببه مر ض عضوي، كأن يكون عنده مرضاً في عينيه أو أذنيه أو أنفه أو أسنانه، أو غير ذلك مما يسبب صداعاً. (2) الصدود عن ذكر الله وعن الصلاة، وعن فعل الطاعات، بالجملة. (3) الشرود الذهني وعدم التركيز في شيء. (4) الخمول والكسل والفتور الجسدي والرغبة للنوم دائماً. (5) الصرع: وهو ما يسمى بالتشنجات العصبية. (6) آلام في الجسم أو في بعض أعضاء الجسم عجز الطب البشري عن علاجها أو تشخيصها بدقة. انظر وقاية الإنسان من الجن والشيطان ص (77-78) مع الزيادة والتصرف. ثالثاً: كيفية الوقاية من المس الشيطاني. قد قيل إن الوقاية خير من العلاج، وللوقاية من المس الشيطاني عدة أشياء منها: (1) الإخلاص لله جل وعلا في كل الأقوال والأعمال والأفعال. (2) اتباع السنة والتمسك بها في كل شيء. (3) تحقيق العبودية لله. (4) الاستعانة بالله على الشيطان. (5) المحافظة على الصلاة في جماعة. (6) المحافظة على قراءة ورد يومي من القرآن الكريم إذا لم يتيسر الحفظ. (7) سماع سورة البقرة أو قراءتها كل ثلاث أيام على الأقل. (8) المحافظة على أذكار النوم والصباح والمساء، والطعام والشراب وغيرها من الأذكار وهي كثيرة. (9) في الجملة فعل الطاعات وترك المنكرات. (10) كثرة الدعاء وصدق اللجوء إلى الله بأن يصرف عنا شر الشيطان وحزبه، وهناك تحصينات أخرى ذكرها الشيخ/ وحيد عبد السلام بالي في كتابه القيم: وقاية الإنسان من الجن والشيطان، ص (267-401) فارجع إليها إن شئت غير مأمور. رابعاً: العلاج: كيفية العلاج من المس الشيطاني. بداية يجب أن يعلم بأن العلاج من المس الشيطاني لا تختص به فئة دون غيرها من الناس، كما هو منتشر اليوم في شتى بقاع العالم، ولكن الأصل في العلاج أن يعالج المرء نفسه، وذلك بالرقية الشرعية الثابتة بالأدلة من الكتاب والسنة، وإن عجز الإنسان عن معالجة نفسه فلا يمنع أن يستعين بغيره من أهل العلم والصلاح في علاجه، وهذا كله ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يحصن الحسن والحسين بالمعوذات، وكذلك كان جبريل يرقى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك ثبت كما عند البخاري وغيره رقية النبي -صلى الله عليه وسلم- لثابت بن قيس بن شماس - رضي الله عنه-، المهم العلاج لا يخرج عن الكتاب والسنة جملة وتفصيلاً، ومن وسائل العلاج أن يتحصن المريض بالأشياء التي سبق وأن قد ذكرناها في البند الثالث من هذا الجواب. ولكني أود أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى الشروط التي ينبغي أن يتحلى بها المعالج بالقرآن الكريم ومنها: (1) أن يكون معتقداً عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة، تلك العقيدة الصافية البيضاء النقية. (2) أن يكون محققاً التوحيد الخالص في قوله وعمله وفعله. (3) أن يكون نيته في العلاج بالرقية الشرعية الشفاء، وليس مقصده تحضير الجن والكلام معه وغير ذلك مما يقع فيه كثير من المعالجين إلا من رحم ربي سواء بقصد أو بدون. (4) أن يكون معتقداً أن لكلام الله تأثيراً على الجن والشياطين. (5) أن يكون عالماً بأحوال الجن والشياطين.

(6) أن يكون عالماً بمداخل الشيطان في إفساد القلوب، وإفساد الأعمال حتى يكون على حذر من ذلك ويحذر منه. (7) يستحب أن يكون المعالج متزوجا، ً وهذا أدعى لأن يكون عفيفاً. (8) أن يكون مجتنباً للمحرمات التي يستطيل بها الشيطان على الإنسان. (9) أن يكون مواظباً على الطاعات والتي يرغم بها أنف الشيطان. (10) أن يكون ملازماً للذكر والاستغفار والتكبير وغير ذلك من الأذكار والتي هي الحصن الحصين من الشيطان الرجيم. وهذه الأذكار تجعله قريباً من الله تعالى، وكلما كان العبد قريباً من الله كان الشيطان منه أبعد والعكس صحيح، انظر وقاية الإنسان من الجن والشيطان، ص (78-79) مع التصرف والزيادة. هذا والله أعلم، ونسأل الله للجميع العفو والعافية، والتوفيق في الدنيا والآخرة، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل هذا ساحر؟!

هل هذا ساحر؟! المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 15/11/1424هـ السؤال فهنالك شاب أثق به، وإيمانياته عالية، قال لي: إنه هناك قصة عنده في البيت مع السحر، وأنه يتعاون مع شيوخ منذ فترة طويلة، المهم أن هناك مشاكل في المسجد مع بعض الشباب فبطرق ما، وبالتعاون مع أكثر من شيخ كل واحد من منطقة أجمعوا أن هناك شاباً من شباب المسجد يتعامل بالسحر ومتعمق به، ويستخدمه مع بعض الشباب والطلاب، فلذلك أنا وقعت في حيرة كبيرة والله المستعان، هل أقف مع الشباب القلة الذين يريدون متابعة القصة مع شيوخ؟ أم أعتزل الفتنة؟ مع أني لم أطلب معرفة الدلائل المادية الدالة على تورط الشاب، وأخاف - إن فعلت ذلك - أن أندم يوم القيامة أنني لم أساعد الشباب، مع العلم أن الشاب المتهم خطير وعنده معارف كثيرة. فهل من الممكن أن يكون المتعامل بالسحر يصلي الصلوات الخمس في المسجد ويقرأ القرآن للتمويه؟ هل ممكن أن يرى نفسه على أنه شيخ أمام الناس؟ أنا طبعاً أقرأ المأثورات، ولكن السؤال هل السحر ممكن أن يحدث بكل سهولة؟ وهل قراءة الطلاسم تؤثر على الأشخاص بسهولة؟ كيف يمكن أن أعرف أن هذا الشخص يتعامل بالسحر؟ وهذا ضروري جداً. دعواتكم الصالحات وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، المبدلين لشريعة أحكم الحاكمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إلى الأخ السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت رسالتك مرات عدة، وعلمت بأنك أمام مشكلة ليست بالهينة، وأنك في حيرة من أمرك، فمستعيناً بالله أقول: (1) ينبغي عليك أن تتأكد من صحة هذه الأقوال التي نسبت إلى هذا الشاب، حتى لا تسيء الظن بهذا الرجل وأنت على غير بينة، وربما ظهر لك عكس ما قيل عنه، فتصبح على ما فعلت نادماً. (2) إذا تبين لك صدق الأقوال التي نسبت إلى هذا الشخص فينبغي عليك أن تقف بجانب هؤلاء الشباب والمشايخ الذين يحاربون هذا الشاب الساحر، ولا تهاب من شيء. (3) عليكم بالذهاب إلى هذا الشاب، بعد التأكد التام بأنه يتعاطى السحر، وتذكيره بالله ونصحه، وبيان خطر ما هو عليه من السحر، وأن هذا الأمر من أعظم الكبائر، بل هو من الكفر، كما قال ربنا - جل وعلا - في السحرة: "وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر" [البقرة: 102] . (4) إذا لم يستجب لنصحكم ويتوب إلى الله - تعالى - فيُهدَّد بأنكم ستفضحون أمره، وترفعون ذلك إلى الجهات المختصة. (5) إذا لم يستجب لهذا كله فعليكم بفضحه أمام الناس وكشف خبثه، ورفع أمره إلى الجهات الشرعية المختصة، حتى يروا فيه رأيهم، ويكفيكم شره، هذا بالنسبة لما ينبغي عليك فعله حيال هذه المشكلة. أما بالنسبة للإجابة عن أسئلتك الأخرى، فنقول بعد عون الله - تعالى -: (1) هل من الممكن أن يكون المتعامل بالسحر يصلي الصلوات الخمس في المسجد، ويقرأ القرآن للتمويه؟ الجواب: نعم هذا كله يمكن حصوله.

(2) هل ممكن أن يرى نفسه على أنه شيخ أمام الناس؟ الجواب: نعم، وللأسف الشديد الساحر يطلق عليه العامة من الناس كلمة شيخ، وهو بالفعل شيخ، ولكن شيخ ضلالة وفتنة وزندقة وإلحاد- نعوذ بالله من حاله-. (3) هل السحر ممكن أن يحدث بكل سهولة؟ وهل قراءة الطلاسم تؤثر على الأشخاص بسهولة؟ الجواب: الأمر فيه بعض التفصيل، فالسحر يمكن أن يحدث وبكل سهولة وخصوصاً لمن يكون مؤهلاً لذلك، أي أنه غير محصن بالأذكار اليومية، أما إذا كان محصناً فلا سبيل للسحر عليه بإذن الله - تعالى -، وكذلك قراءة الطلاسم تؤثر على الشخص إذا لم يكن محصناً، لكن لا بد وأن تعلم أنه لا يضر ولا ينفع إلا بإذن الله - تعالى -، كما قال ربنا: "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" [البقرة: 102] . (4) كيف تعرف أن هذا الشخص يتعامل بالسحر؟ هذا الأمر لا يعرفه إلا من كان عالماً بأحوال السحرة, وعلى دراية ومعرفة بالسحر وأنواعه وغير ذلك، ويكون قريباً من هذا الشخص نفسه، ولكن لكي تعرف ذلك عليك بقراءة الكتب الشرعية التي تناولت هذه القضية الخطيرة، على سبيل المثال كتاب: عالم السحر والشعوذة، للدكتور عمر الأشقر، والصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار للشيخ وحيد بالي، وغير ذلك كثير. هذا والله أعلم، ونسأل الله أن يحفظنا وإياكم من شر السحرة والمشعوذين، ومن شر شياطين الإنس والجن إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

هل أنا مسحور؟

هل أنا مسحور؟ المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 21-3-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد في البداية أشكر لكم فتح هذا المجال للاستشارات لعلي إن شاء الله أجد في مشورتكم الرد الشافي فحالي لا أجد لها تفسيًر اواضحاً هل أنا سبب مشاكلي..؟ أم حياتي الزوجية..؟! أو شيء آخر لا أعلمه..؟! ولذلك سوف أذكر لكم ما أعانيه أنا متزوج ولديّ أبناء ولكن لا أشعر بسعادة في بيتي ولا أتحمل الجلوس كثيرا في المنزل وهذا منذ أكثر من نصف مدة زواجي، وحالتي تتفاقم وأحس أحيانا باكتئاب، إضافة إلى عصبيتي السريعة والمستمرة في المنزل وفي العمل ومع الأخوان وكذلك الزملاء حتى بدأ الناس وحتى المقربين مني يبتعدون عني لعدم ارتياحهم من طباعي، وكذلك لكثرة قلقي وعدم الشعور بالسعادة وشعوري أنني بلا هدف وأغبط بعض معارفي على سعادتهم مع أبنائهم وأحس أنهم سعداء جداً أكثر مني أما أنا فالابتسامة اختفت أو كادت منذ زواجي علماً أنني متزوج منذ أكثر من عشرة أعوام، وبالسنوات الأخيرة بدأت أكره زوجتي وصراحة أكره سماع صوتها بالمنزل..!! وأكره وأتفادى النظر إلى وجهها وأكره أن تأكل معي، أكره أن تشاركني بالغرفة للنوم وأكره مجامعتها وكل ذلك من غير إرادتي المهم حالي تتفاقم وأريد الحل علماً أن زوجتي كلامها كثير وشكواها دائمة وتخالف رغباتي دائما من ناحية التربية للأبناء مثلا.. إضافة إلى كرهها لأهلي وإخوتي مع أنها في بيت مستقل، وعدم مجيء إخوتي لي إلا بالشهر مرة ومع ذلك أرى التذمر بادي من تصرفاتها ولقد تكدرت حالي من ذلك ورغبتها بعزلي عن إخوتي وعدم ترحيبها بذهاب أبنائي لأعمامهم إلا لسويعات قليلة ولقد انعكس ذلك على أبنائي وألاحظ عدم انسجامهم مع أعمامهم ولكن العكس مع أخوالهم مع ملاحظة إن أم زوجتي مسيطرة على بيت زوجها وأبنائها وزوجها وزوجتي..!! ولم أكتشف ذلك إلا متأخرا. أخيرا أرجو مشورتكم من غير أن أحاول نصح زوجتي أو أهلها فلقد فعلت كل ذلك وزيادة ولكن دون جدوى فأسبوع وتعود الأمور كما كانت. لذا رغم استشارتي لبعض من يعزون علي فان فيهم من قال إن ما ذكرت عين أو سحر ووالدتي وأخواتي وبعض من المقربين قال سبب علتك زوجتك غير عتبة بيتك تتبدل حالك من شقاء إلى سعادة. هل هذا صحيح شاكرا لكم سعة صدوركم وآسف على الإطالة وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب أيها الأخ الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: بادئ ذي بدئ نشكر لك ثقتك واتصالك بنا في موقع الإسلام اليوم. لقد تساءلت أنت في بداية استفسارك عن سبب ما أنت فيه من المشاكل هل هي راجعة وعائدة إليك أم إلى زوجتك.. أنت تشكو من سوء حالك في بيتك مع زوجتك ومع أولادك وفي خارج بيتك في عملك ومع زملائك وإخوانك.. عصبيتك مستمرة..السعادة مفقودة عندك.. القريبون بد ؤا بالابتعاد عنك.. الزملاء بدؤا بالنفور من الجلوس والاستماع إليك تشتكي من وضعك مع زوجتك وأنك بدأت لا تطيقها..!

زوجتك هي أيضا لديها مشاكلها الكثيرة معك من وجهة نظرك.. هي لا تطيق أهلك وإخوتك.. لم تستطع إصلاح حالها معك..إنها أيها الأخ الكريم شبكة متراكبة ومتداخلة من المشاكل النفسية والأسرية مشاكل يجر بعضها بعضاً. وفي رأيي أنها لن تنتهي على هذا الحد بل سوف تزيد وتستمر وستتعقد أكثر فأكثر إن لم تسع جاهدا في النظر الجاد إلى حالك وحال حياتك مع أسرتك والمحيطين معك ومع نفسك قبل كل شيء.. يجب أن تعرف أولا وقبل كل شيء أن المرتبة الأولى ألمستوجبه لعنايتك بعد حق الله وحق الوالدين هم أهل بيتك من زوجة وأولاد.. والمشكلة التي يبدو لي وقوعك فيها هي اختلاط الأوراق لديك فأصبحت مشتتا بين أهل وزوجة وأولاد وزملاء وغيرهم كثير.. فأصبحت في حيص بيص.. تريد السعادة والهناء في التعامل من الجميع وأنت لا تعطي ما تطلبه من غيرك أن يقدمه لك ... يجب أن تعلم أن ما يكون مع الأصدقاء والزملاء ليس مثل ما يكون مع الأولاد وما يكون مع الزوجة ليس مثل ما يكون مع الأهل.. حتى الأهل أنفسهم ما يكون مع الوالدة ليس مثل الذي يكون مع الأخوات والإخوة فلكلٍ حق مختلف عن الآخر ومعاملتهم جميعاُ كأصحاب حق واحد ومتساوي هو أحد منابع المشاكل التي تعصف بك الآن. هذا السوء بإدارة حياتك ومن ثم بإدارة أزماتك جعلها تستفحل وتكبر حتى بدأت في حال الضياع الذهني والتشتت الفكري فلا تدري من أين يأتيك البؤس والحزن. أنت تغبط بعض معارفك لسعادتهم مع أبنائهم لأنهم عرفوا كيف يتغلبون على ما يواجههم من مشاكل مختلفة.. لا تظن أنهم بلا مشاكل لا.. وإنما الفرق أنهم حاولوا إدارتها والتعامل معها في نطاقها الصحيح ولم يعظموا أمرها أو ينشروها للجميع فتصبح مرتعاً لكل رأي أعوج أو نصح غير مسدّد أو مشورة كاذبة أو على الأقل غير موفقة. أيها الأخ الكريم.. هذه بعض الأمور التي يمكن أن تبدأ العمل بها علها أن تكون عاملاً مساعداً ينتشل حالك من الوضع الذي هي فيه. أولاً: واضح تماماً أنك تعاني مشكلة في شخصيتك وفي تعاملك مع الآخرين وصدقني أن أول خطوة في طريق التصحيح هو الاعتراف الصادق مع نفسك وعدم المكابرة أو تعليق ما يحيط بك من مشاكل بشماعة الآخرين من زوجة وأبناء أو غيرهم.. وإذا ما حصل ذلك الاعتراف واليقين بأن لديك مثل هذه المسألة أصبحت مخلصاً في طرق أبواب العلاج حتى وإن كان فيها شيء من القسوة أو الصعوبة. ثانياً: لا أظن أنك صادقٌ بأنك فقدت الابتسامة والسعادة من حين زواجك قبل أكثر من عشرة أعوام.. صدقني أن هذا غير صحيح ولو كان ذلك حقاً لتم الانفصال بينك وبين زوجك منذ زمن طويل.. إنما هو وهم التعاسة ووهم فقدان السعادة.. أنت تتصور أنك غير سعيد.. وتتصور أن سبب ذلك هو زوجتك لا لشيء إلا لتريح ضميرك وشعورك الداخلي أنك سليم وأنك فعلت ما بوسعك ولكن لا توجد نتيجة. ثالثاً: لا تختلط الواجبات عليك ولا تختلط الحقوق لديك فما لزوجتك وأبنائك لا يكون مماثلاً لأهلك.. وما لوالدتك لا يكون مماثلاً لأخوتك وأخواتك وسائر أقاربك، أيضاً ما يكون للزملاء في العمل ليس مماثلاً لما يكون للأصدقاء والمعارف وهكذا..

حاول أن تفصل في هذه الدوائر من الواجبات والحقوق وليكنْ مثلك في ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم أما تراه في معاملته مع نسائه مختلفاً عنه مع أصحابه وهو أيضاً مع الصحابة أنفسهم يعاملهم معاملة تليق بقدر كل واحد منهم ومتوافقة مع طبائعهم ونفسيا تهم. رابعاً: وهو أمر مرتبط بالسابق ولكني تألمت منك عند قولك بأن والدتك واخوتك يأمرونك بتغيير عتبة بابك أي بتطليق زوجتك ... وفي رأيي انك بذلك فتحت بابا عليك ما كان يجب عليك فتحه إذ هو مصدر القلق لديك والتعاسة عندك. صدقني أن الأنسب لك ولكل زوج هو إبعاد الآخرين عن ما يحدث من مشاكل داخل الأسرة.. يا أخي لماذا يعلم أهلك بحالك مع أسرتك ومع زوجتك.. هي تكره أهلك لأنهم لا يجيدون نصحا غير الطلاق لها والانفصال عن زوجها يسدونها لك.. هل تلومها يا أخي إن هي أبغضتهم بعد ذلك.. أما أنا فلا ألومها.. خامساً: لا أعلم مدى ثقافتك ونوعية طباعك ومستواك التعليمي أو ألتفكيري لكن الذي أعمله أنك أب ولديك أبناء فأنا أخاطبك من خلال أُبوتك وحنانك عليهم أن لا لن تكون سبباً في تعاستهم ومصدراً لقلقهم الدائم ومنبعاً لتشتتهم الذهني والفكري.. احرص عليهم.. تودّد لهم حتى ولو كان في البداية مجاملة لهم.. حتى وإن شق عليك ذلك في بداية الأمر وصدقني انه سوف يتحول بعد ذلك إلى لذّة تسعى لها دائماً وفي كل وقت. هذه أمور أرجو منك أن تفكر بها جيداً لتبدأ بعد ذلك بخطوات الترميم والبداية الحقيقة للسعادة الأسرية.. فالوقت ما زال يسمح بذلك ولا تظن أن الأمر متأخر أو متعذر..لا فلا تزال الفرصة قوية بإذن الله وسترى - إن كنت صادقاً في طلبك العلاج - أن النهاية ستكون جداً سعيدة. لتكن البداية مع زوجتك.. أنا لا أطالبك بحبها أو التودّد لها.. لا ليس هذا ما أريد منك في هذا الوقت بالذات إذ الحب والمودّة هما ثمرتان ونتاج يأتيان عادة متأخران بعد العمل والجهد.. لتكن البداية بالمصارحة لزوجك والمكاشفة بأن لديكما مشكلة ويجب التصحيح.. والتصحيح من قبلك يأتي عن طريق الهدية والزيارة والسفر والنزهة إذ كلها أمور أرجو منك الحرص عليها إذ غالباً ما تتجاهلها وهي "الخلطة الإسمنتية" إن صح التعبير التي تعيد إلى الأسرة التماسك والترابط.. لا تبخل على أسرتك بمثل هذه الأعمال وخاصة السفر والنزهات ولا تنظر إلى الآخرين وكيف يمكن أن يقولوا عنك إذ كم تدمّرت الأسر وكم انهار زواج بسبب نظر الزوجين أو أحدهما إلى الآخر من خلال عيون الآخرين..إذا كنت واثقاً من صحة عملك فلا تلتفت إلى الخلف ولا يهمك الآخرون وما يقولون أو بالأصح ما يتقولون به عليك أو يرمونك به. لا تنس الهدية لزوجتك ولأولادك فهي أيضاً المرطب والمنعش للحياة الأسرية وقد يستغرب أولادك أو زوجتك هذا العمل منك في البداية ولذا عليك إفهامهم أنك أدركت أن التغير قد حان وأنك أن ما تقوم به الآن هو بداية المشوار في مسيرة الترميم.

والدتك وأهلك حافظ على علاقتك بهم وتودّد إليهم لكن ليس على حساب واجباتك الأخرى.. إن تكلموا في زوجتك اطلب منهم إغلاق الموضوع.. ولتعلم أنه ليس واجباً عليك إحضار زوجتك لهم كل يوم أو كل أسبوع..أنت ابنهم لكن هي ليست كذلك.. يخطئ كثير من الأزواج حينما يطلب من زوجته وضع أهله في نفس الدرجة من الحب والمودة كما لديه هو أو كما تجده هي في محبتها لأهلها.. لا هذا غير صحيح وغير متحتم.. لك عليها تجاههم الاحترام والتعامل بالحسنى وهو كذلك نحوها أما غير ذلك فإن أتى فهذا أمر حسن وخير وإلا فلا لوم على الطرفين معاً. أختم استشارتي لك بالقول بان الطلاق أو على الأقل الزواج بامرأة أخرى أمران لم يغيبا عن ذهني إذ هما معاً أمران مشروعان بالنسبة لك كحل يمكن لك اتخاذ أحدها لكن الذي أراه وأؤمن به من خلال سؤالك أن كلا هذين الأمرين لن يكونا أمرين ناجحين إذا سوف تستمر المشاكل معك ولن تنقطع لأني موقن بأن المشاكل هي فيك أنت وليست فيمن حولك من زوجة أو أولاد أو غيرهم ويجب أن أصارحك بذلك وهذا بطبيعة الحال هو الذي أراه من خلال سؤالك الآن وقد أكون مخطأً وفقك الله لكل خير وأصلح شأنك في حياتك الخاصة والعامة ولا تتردد في الاتصال إن احتجت إلى المزيد والسلام عليكم

سحروني بطريقة خفية!!!

سحروني بطريقة خفية!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 9-1-1424 السؤال إذا قام أحد من الأقارب بعمل سحر لنا بعدم الزواج فكيف نتخلص منه؟ وماذا نقول للشيخ المعالج ونحن لم نر ذلك السحر؟ ولكن أحسسنا بمفعوله عندما يتقدم الشباب للخطبة فيكون هناك شيء ما يمنعهم من إتمام الزواج؟ نحن والحمد لله ملتزمات بديننا، ولكن الناس أصبحت لها قلوب مريضة ومليئة بالحسد أرجو منكم إفادتنا ولكم جزيل الشكر. الجواب الأخت الكريمة ... أشكر لك تواصلك وأسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد ... وأن يرزقك كل خير ويحفظك من كل شر إنه جواد كريم. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً:- لا أدري - حقيقة - لماذا أرجعت ذلك الأمر إلى مسألة "السحر"؟!! وأن هناك من تسبب به حتى يمنع عنكن " الخطاّب " أو يبعدكن عن الزواج..؟!! رغم أن هذا الأمر كثيراً ما يحدث..!!! أي أن الناس قد يرغبون بهذه الفتاة لابنهم ولا يتقدمون لها.. وقد يتقدمون ويُرفضون.. وقد يُقبلون ولكن لسبب خفي لا يتم موضوع الزواج..!!! ومرد ذلك ببساطة أن هذا الأمر الذي هو ارتباط هذا الشاب بهذه الفتاة.. أو وجود النسب بين هاتين الأسرتين لم يكتب في " اللوح المحفوظ " وبالتالي لن يتم هذا الأمر مهما كانت المقدمات أو الرغبات أو التهيؤات!! ثانياً:- لتعلمي - أختي الفاضلة - أن رزقك ونصيبك وأجلك.. بل وحياتك كلها بدقها وجلّها قد كتبت لك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما جاء في الحديث..!! وأننا مطالبون بفعل الأسباب والاتكال بعدها على رب الأرباب فهو سبحانه القادر والرازق والمحيي والمميت والموفق.. ولا أحد سواه فالتجئي إليه وتوكلي عليه وأكثري من الدعاء بأن يوفقك الله الزوج الصالح الذي يدلك على الخير ويعينك عليه.. وتحري في دعائك مواطن الإجابة كآخر ساعة من يوم الجمعة.. وفي أثناء السجود وفي ثلث الليل الآخر.. فالله تعالى قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. ثالثاً:- ليكن إيمانك بالله أكبر وأقوى وأعمق.. وثقي أنه لو اجتمعت الجن والإنس على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك ما نفعوك.. ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يقدره الله عليك ما ضروك.. فلقد رفعت الأقلام وجفت الصحف كما جاء في الحديث ... وأكثري من الاستغفار فقد جاء في الحديث {من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب ... } واسألي الله الثبات على الحق ... وفقك الله وحماك من كل سوء ورزقك الزوج الصالح وهداك وهدا بك وهدا لك.. إنه تعالى جواد كريم وهو حسبنا ونعم الوكيل.

هل أنا مسحورة؟!

هل أنا مسحورة؟! المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 29/8/1424هـ السؤال أنا عربية متزوجة منذ ست سنوات، اكتشفت أنا وزوجي أننا مسحوران، ذهبت إلى شيخين مختلفين، وقرؤوا علي القرآن، الشيخ الأول قرأ ثلاث أو أربع مرات وأخرج الجني مني، لكن عاد إلي جني آخر، ولم أعط الشيخ أي شيء من المال؛ لأنه كان يفعل ذلك لوجه الله، وتكرر ذلك يقرأ الشيخ علي فيخرج الجني ويعود جني آخر إلى جسمي، ثم دلني الشيخ على شيخ آخر أكثر خبرة منه، لكنه يأخذ مقابل عمله، وقد دفعنا له أجرة وأخرج الحجاب المعمول من مكانه، والظاهر أنه ما زال علي تأثير من ذلك السحر، وعندما ينتابني هذا الإحساس أرى وجوههم على السجاد أمامي، وأرى كذلك وميضاً منهم أمامي، وأشعر بهم داخل جسمي مثل الرعشة تسير داخل جسمي، وأرى كوابيس مخيفة عنهم، ولا أستطيع أن أنام وحدي حيث أشد ما يكون الأمر علي في الليل، وقد ذكر لي الشيخان أن من فعل ذلك بي أناس يريدون زوجي أن يطلقني ليتزوج من ابنتهم، نظراً لوضعه المالي الممتاز، الحمد لله أنا وزوجي في وئام وليس بيننا سوى بعض المشاكل ونعامل بعضنا كما يريد الله، ماذا أفعل للتخلص من السحر الواقع علي؟ أمي تقرأ القرآن على ماء لأشربه، وعلمت أنه يجب علي أن أغسل شعري وجسمي من هذا الماء كل أسبوع، وأتلو الأذكار، وأقرأ القرآن والرقية، هل هناك ما ينقصني؟ قريباً سأنتقل مع زوجي إلى منطقة القصيم بالسعودية، فهل ترشدوني إلى أحد المشايخ هناك؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فأسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية من كل داء، بالنسبة لما ذكرت من تشخيص وعلاج حول حالة السحر التي مرت بك، وأنك قد شفيت منها فأود أولاً أن أبين أن أوهام الناس في هذا الباب كثيرة جداً، ومما يزيد رسوخ هذه الأوهام ما يقوم به بعض القراء من أعمال وتشخيصات ووصفات، وأخطر من ذلك ما يقوم به الدجالون والكهنة والسحرة، حتى يصبح المريض في حالة من اللبس والشك واختلاط الأمور عليه والتحسس والارتياب، ثم ينتقل إلى درجة اليقين بأنه مريض بالسحر أو المس، وهكذا يدخل في دوامة غير متناهية من الأمراض والعلل والأوهام، ولا يعني قولي هذا أنه لا يوجد مس أو سحر أو عين، ولكن وجوده بهذه الكثرة وتلك التفصيلات، وتلك الأحوال التي يتحدث بها بعض الرقاة غير متطابق مع الشرع والعلم والعقل والواقع، وتاريخ الأمة من عهد الرسالة إلى أزمنتنا هذه التي أضحى السحر والمس مطية للتكسب عند البعض، وسبباً للتخلص من تبعات بعض التصرفات عند المخفقين في حياتهم، وعموداً يعلقون عليه اخفاقاتهم وكسلهم وضعفهم، لا يعلم كل هؤلاء أن النفس تمرض كما يمرض الجسد، وأن هناك أمراضاً عصبية، وأمراضاً جسدية لها تأثيرات نفسية، ما دمت أيتها السائلة قد شفيت من المرض بلا رقية فاحمدي الله واستمري على الأذكار والتحصينات الشرعية، وابتعدي عن الأسباب التي تؤدي إلى ضعف الدين والإيمان، ولا تكثري التفكير في المرض الذي أصابك، فإن كثرة التفكير فيه ترسخه وتقويه في نفسك، وثقي بالله وعونه وحمايته، وكوني شديدة التعلق به، عظيمة التوكل عليه، فإن ذلك من أهم أسباب الشفاء - بإذن الله-، وإذا أصابك شيء فيمكنك رقية نفسك أو يرقيك أحد ممن حولك من الأقارب، فليست الرقية مختصة بفئة أو بشخص معين. نسأل الله تعالى لنا ولك العافية.

الاتهام بعمل السحر

الاتهام بعمل السحر المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 11-9-1423 السؤال كيف يستطيع الإنسان أن يكتشف أن فلاناً قد قام بعمل سحر له؟ خاصة أن لديه علامات، ولكنها ليست يقينية، ويخاف الواحد أن يكون ظالماً. إني في حيرة، أرجو إجابتي. والله يحفظكم. الجواب الأخ الكريم.. شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم" المبتلى بالسحر، أو بما يظن أن سحر، لا طريق إلى اكتشاف الساحر الذي سحره أو دبره له السحر إلا بإقراره، أو ببينة تشهد بأن فلانا عملا سحراً لفلان، أو سعى إلى من يسحره، وأما مجرد الظنون، والقرائن الضعيفة فلا يجوز أن يعول عليها، فلا يجوز أن يعتمد على هذه الظنون والأوهام بلا برهان تؤدي إلى ظلم المتهم، كما لا يجوز الاعتماد في هذا على أخبار الجن الذين في بعض المصروعين، كما لو قال بعضهم إنه مربوط بسحر من فلان أو فلان؛ فإن الجن الذي في الملموس فاسق أو كافر، فلا يجوز تصديقه إذا قال: إن فلاناً عمل سحراً لفلان، فإن قوله ليس بحجة، فالواجب الحذر من الانسياق مع الظنون وأقوال فسقة الجن، أو السحرة، فإن من السحرة من يخبر بمحل السحر وبمن قال به وهو يعتمد في ذلك على أخبار الشياطين، أو يكون كذاباً يقول ذلك من عند نفسه، وعلى كل حال فالجزم بتعيين الساحر بأنه هو الذي قام وعمل السحر لذلك المبتلى من أصعب الأشياء. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

هل مس الجان ولدي؟!

هل مسَّ الجان ولدي؟! المجيب يوسف صديق البدري داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 07/06/1426هـ السؤال كان ابني في السابعة عشرة من عمره، أيقظته صباحاًَ ليذهب إلى المدرسة، كان ذكياً وسيماً، متفوقاً ومحبوباً لدى جميع المدرسين، والمفاجأة المذهلة أني عندما أيقظته وجدت وجهه كأنه قناع قد أميل على جنب، إذا وقف على قدميه ترنَّح واختلَّ توازنه. سارعت به إلى الطبيب لكن دون فائدة، ذهبت به إلى ساحر فكتب له شيئاً وقرأ عليه، وبعد أيام عاد وجهه كما كان لكنه فقد الذاكرة, ثم بعد ذلك بأيام نام نومة طويلة (أربعة أيام متواصلة) ، ثم استيقظ بعدها يحدثنا بأشياء غريبة، حيث يقول إنه رأى كذا وكذا في بعض البلدان فكأنه طاف الدنيا, ثم أخذت حالته تزداد سوءاً، يتحدّث مع شيء حوله، وأحياناً يرمي له الطعام. أخذناه إلى المدينة الطبية، وأجري له مخطط للدماغ، فلم تعرف العلة ولم يتبين شيء، ثم ازدادت حالته سوءاً حتى صار يصيح بأعلى صوته، وكأنه يقاتل عدداً من الناس، وتارة يكسِّر أشياء من البيت ويلقي بأشياء أخرى، وتارة يسكت، ويكره أشخاصاً معينين ويطردهم من البيت أحياناً، ولا زال يصرخ ويصيح في اليوم أربع ساعات متواصلة أو أكثر، وأحياناً يكون هادئاً. ذهبنا به إلى مشايخ يرقون بالقرآن، ومنهم دكاترة شريعة في الجامعة، وذهبنا به إلى مشايخ يتعاملون مع الجان، ولكنه ما زال على حاله، ولم نقطع قراءة القرآن، فأنا مداومة على قراءة القرآن عند الفجر على ماء وأسقيه منه. أرشدونا حفظكم الله. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، نبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه. وبعد: فأهلاًُ بكِ -أيتها الأخت الكريمة- ونشكرك على مخاطبتنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، ونسأل الله أن يفرج كربك، وأن يشفي ولدك، وأن يجزل لك المثوبة على طول صبرك.. ولتعلمي -يا أمَةَ الله- أن الابتلاء في هذه الدنيا له أشكال وأنواع عديدة، وهو من سنن الله في خلقه، وله سبحانه في خلقه شؤون، وهو أعلم بأهل ابتلائه، قال تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة:216] ، ويقول أيضاً: "ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم" [محمد:31] . حقاً ـ يا أختنا ـ قد يبتلى المرء في نفسه فيتحمل ويصبر، لكن أن يكون البلاء في ولده، فلذة كبده. فـ"إن هذا لهو البلاء المبين"، ولكني أذكرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين، عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قال: "ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه". وعن أبي يحيى صهيب بن سنان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم.

وأنا أنصحك بأن تستمري في علاج ولدك ـ شفاه الله ـ على مستويين، الأول: متابعة العلاج النفسي عند طبيب حاذق ماهر، ولو حتى بالمهدئات. الثاني: قراءة القرآن، مع اصطحابه -إن أمكن- إلى بعض المتنزهات، والتردُّد به على المسجد؛ فربما يكون أصيب بأذى من الجن، وهذا من الأمور المثبتة والمشاهدة في دنيا الناس، مع مداومة ترديد الرقية الشرعية، مع تحري أوقات الإجابة للدعاء له. أختي الكريمة: ما دمت بذلت الجهد في عرض ولدك على الأطباء، فقرروا بعد الفحوصات سلامة عقله، فما زال الميل إلى أنه في حاجة إلى خبير في المداواة بالأدوية الشرعية، فقد يكون هناك تشابه في الأعراض بين المرض النفسي ومس الجن، وعلماء الغرب يؤكدون على وجود تلك الظاهرة؛ ففي كتاب "عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة" يقول العالم (كارنجتون) عضو جمعية البحوث النفسية الأمريكية عن حالة المس ... "واضح أن حالة المس هي على الأقل حالة واقعية لا يستطيع العلم بعد أن يهمل أمرها ما دامت توجد حقائق كثيرة مدهشة تؤيدها، وما دام الأمر كذلك فإن دراستها أصبحت لازمة وواجبة لا من الوجهة الأكاديمية فقط، بل لأن مئات من الناس وألوفاً يعانون في الوقت الحاضر من هذه الحالة، ولأن شفاءهم يستلزم الفحص السريع والعلاج الفوري، وإذا ما نحن قررنا إمكانية المس من الوجهة النظرية انفتح أمامنا مجال فسيح للبحث والتقصي، ويتطلب كل ما يتطلبه العلم الحديث والتفكير السيكولوجي من العناية والخدمة والجَلَد" ا. هـ. نعم. كرري ـ يا أختاه ـ محاولة العلاج النفسي والشرعي مع ولدك، مع حسن صلة بالله، فهو وحده الذي بيده النفع والضر والعفو والعافية.. ولا يفوتني ـ شفى الله ولدك ـ أن أذكرك -بل وأحذرك- من الذهاب إلى السحرة أو العرافين والدجالين ـ مهما كان الأمر ـ ففي ذلك خطورة على دين المرء وعقيدته؛ إذ يقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام:"من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم". رواه أحمد والحاكم، وصحَّحه الألباني، كما في صحيح الجامع (5939) .

أشك أني مسحور

أشك أني مسحور المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 22/12/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو أنني أصبحت أشكو كأن إنسان سحرني فقد كثرت المشاكل والأمراض بشكل كثير جدًا مع أنني، والحمد لله ملتزم نسأل الله الثبات فقد كنت من أول الواصلين المسجد قبل الأذاّن أما الآن فعندما تقام الصلاة أذهب مع أني عندي مشاكل مع الصوفية في المسجد الذي أصلي فيه لأننا والحمد لله ننشر عقيدة التوحيد في المنطقة التي أسكن فيها التي مليئة بالقبوريين، فما هو توجيهكم لي حفظكم الله تعالى. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم! دعني أكون صريحاً معك. إن الإنسان عندما يصيبه فتور أو ملل من الالتزام بوضع جاد وصارم على نحو ما كنت عليه من المحافظة على الصلوات قبل الأذان ونحو ذلك، ثم يبدأ في التقاعس والفتور يبحث في نفسه عن المعاذير التي تخفف عنه لوم النفس، وكثيراً ما يلجأ إلى الأمور الغيبية التي لا يمكن التعامل معها أو السيطرة عليها كالحسد والسحر، وتلبس الجان ونحو ذلك، ويعطي لنفسه المعذرة لأنه غير ملوم في ما جرى لو ضعه من هبوط وهذا كله هروب من المشكلة ومخادعة للنفس، ولذا فنصيحتي إليك أن تتجاوز كل هذه الأفكار، وتعلم أن أمر الصلاة والالتزام عليها أمر يحتاج إلى مجاهدة، وأن السحرة لا يستهدفون هذا الجانب في حياة الإنسان، وإنما يستهدفون أموره الدنيوية التي هي مجال للتحاسد والتنافس بين الناس، أما جانب العبادة فلا يستهدفه السحرة ولا الحساد بالعين، ولا يعوق عنه تلبس الجان، فالجن لا يستطيعون الحيلولة دون الإنسان وعبادة ربه ولن يجعل الله لهم على المؤمنين سبيلاً، ولو كان هذا الباب مفتوحًا لكفر الكفرة وعصى العصاة وأجرم المجرمون وادعوا أنهم تحت تأثير سحر أو عين أو جن. كلا يا بني احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك هذا النوع من الفتور فتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- " لِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ.." أخرجه أحمد (6958) .

فمن الطبيعي للإنسان سواء في أموره الدينية أو الدنيوية أن تأتيه حالات جدية وإبداع وتألق، ويعقبها حالات من الفتور، وهذه طبيعة النفس التي لا يدوم على حال لها حال، ولكن ينبغي أن يكون عند الإنسان قدر من المجاهدة لنفسه، والمحافظة على قدر من التوازن في عمله، وهو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وسنته فقد سئلت عائشة عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: وأيكم يطيق ذلك؟ يعني كان عمله شيئاً شاقاً، فما هو هذا العمل الشاق الذي لا يستطيعه أكثر الناس؟ قالت رضي الله عنها:"كان عمله ديمة" أخرجه البخاري (1987) ، ومسلم (783) أي كان عمله له طابع الاستمرارية والانضباط، وليس النزوات والتقطع، وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ" أخرجه مسلم (2818) ، فعليك أن تجعل لنفسك البرنامج الذي تستطيع أن تستمر فيه، وتتحمل الانضباط عليه، ثم تستمر عليه بالمجاهدة، وعليك أولاً معرفة معيار نفسك، فالناس يختلفون في قدراتهم وفراغهم، وعليك عندما تعرف معيار نفسك أن تجاهدها على الاستمرار في هذا المعيار، وأحذرك مرة أخرى من الاستمرار وراء أوهام العوائق التي من هذا النوع الذي تفكر فيه.

الجن أسقطوا حملي

الجن أسقطوا حملي المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 30/11/1425هـ السؤال في أول حمل لي سقطت داخل الحمام، ولهذا سقط الحمل، ومنذ تلك الحادثة وكل حمل أحمله يسقط، ولكن الغريب أنني أحلم بأن أحداً ينتزع مني الجنين، وعندما أصحو من نومي بالفعل يحدث السقوط، أشعر وكأن هذا مس من الجان. رجاء إفادتي بما يمليه الشرع والعلم. الجواب اعلمي يا بنيتي إننا حين نتصور تأثير الجن في كل ما يصيبنا، وأنهم يتحكمون فينا ويؤذوننا متى ما أرادوا، وكيفما أرادوا، فإن هذا تصور خاطئ، فالجن أضعف من أن يتحكموا بنا أو يؤذوننا كلما أرادوا. لقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الشيطان يكفه عن الإنسان أن يعرض عوداً على إنائه، أو أن يغلق عليه بابه، ففي صحيح البخاري (3280) ، ومسلم (2012) من حديث جابر رضي الله عنه: "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - أَوْ أَمْسَيْتُمْ- فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ". وتمثل الشيطان لأبي هريرة فأمسكه فجعل يتضرع له ويشتكي إليه حاله حتى أطلقه أبو هريرة. صحيح البخاري (3275) . إن الجن لا يتسلطون إلا على من يخافهم ويخشاهم، كما قال عز وجل: "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا" [الجن:6] . أي بنيتي إن ذكر الله حصن حصين وإن الجن لا يتسلطون على من يذكر الله، وأنت مؤمنة مصلية ذاكرة لله، فليس لهم عليك سلطان وليس لهم إليك سبيل، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يقربه شيطان، وأن من قرأ آخر آيتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه، فإذا حافظت على ذلك فأنت في حفظ الله ورعايته، أن يخلص إليك شيطان أو يصيبك بسوء. أي ابنتي: لا يصح أيضاً أن تسيرك الأحلام وتحكم تفكيرك رؤى ترينها في منامك، فأحلامك ورؤاك في النوم قد تكون نتيجة خوفك على الجنين وحديث نفسك بذلك. وختاماً أنصحك باتخاذ الأسباب المشروعة بمراجعة طبيبة مختصة بعلاج أمراض النساء والولادة للكشف على حالتك وتشخيصها وعلاج حالات الإسقاط المتكرر. والله يحفظك ويتولاك، وأسأل الله عز وجل أن يقر عينك بالذرية الصالحة.

هل بي مس من الجن؟!

هل بي مسٌّ من الجن؟! المجيب جماز عبد الرحمن الجماز مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس التاريخ 29/04/1425هـ السؤال مشكلتي تكمن في التغيير الجذري في تصرفاتي، القلق الشديد, الصراخ لأتفه الأسباب, ترك الصلاة, الفزع والخوف الشديد أثناء الليل, كثرة ارتكاب المعاصي، عدم الرغبة لا في العمل ولا في الدراسة, سيطرة اليأس, العزلة, التفكير الدائم, القيام بأفعال لا أشعر كلياً بأنني أنا من قام بها، أحياناً أكون عادياً ولكن في لحظات يتغير كل شيء، مع العلم أنه يتكرر معي عدة مرات في اليوم، أشعر وكأنني أعيش صراعاً داخليا عنيفاً، أشعر وكأنني شخصيتان متناقضتان في جسد واحد، مخاوفي أن يكون بي مس من الجن, -أعوذ بالله-، فهل هذا صحيح؟ وإن كان كذلك فهل سأتمكن من التخلص منه أم سيتمكن مني وأعيش حياتي هكذا في هذا الصراع؟ هل الأمر يستوجب الرقية أم هنالك علاج آخر؟ وهل استطيع الرقية بنفسي وكيف يتم ذلك؟ وبماذا تنصحونني في وضعي هذا؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فعصرنا الذي نعيش فيه قد كثرت فيه مغرياته، وشغلت الناس، ونقصت كثيراً من عرى الإيمان، وقلَّت الأذكار، وانصرف فئام من الناس، عن طاعة الله - عز وجل-، فكانت العاقبة أن تسلط الشياطين، وانقضت على القلوب الفارغة من ذكر الله -تعالى-، فكثرت الأمراض، وانتشرت الوساوس وراج سوق السحرة والكهنة، وهذا بلاء كبير، وشر مستطير. واعلم - أخي الكريم- أن ما أصابك فهو من الله، وقدرة الله فوق كل شيء، ومهما كانت الأحوال والظروف والملابسات فالله - جل وعلا- لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وكان أمر الله قدراً مقدوراً. وما تشتكي منه قد يكون سببه تسلط الشياطين عليك، حتى أصابتك بشيء أوصلك إلى ما أوصلك إليه، واعلم أن ما يصيب الناس بسبب الأرواح الشيطانية ثلاث؛ وهي: السحر، والصرع، والعين. فأما السحر والصرع فهما مس داخلي يؤثر في الجسم تأثيراً واضحاً، ويظهر ذلك أثره في الأقوال والأفعال والأفكار والتصورات لدى الممسوس حتى أن من يراه يظن أنه شخصية أخرى. وأما العين فهي مس خارجي يضايق ويؤذي من الخارج، وله نفوذ جزئي داخل الجسم فتتغير معه كيمائية الجسم من برودة الأطراف وحرارة الظهر والعينين وجفاف في الفم، وانفعالات زائدة، وتحدث أموراً ظاهرة في بدن الإنسان مثل: صفرة الوجه وتغير لونه المعتاد، وصداع غير منقطع لا يعرف سببه، وتبول كثير، وضعف شهية، ورطوبة اليدين والرجلين مع تنمل، وارق بالليل، وأثر تلك الأمراض الثلاثة على الإنسان متفاوت، فبعضهم تنهار نفسه، وبعضهم يصاب باليأس من الشفاء، وبعضهم يترك كل شيء وينتظر الموت، وبعضهم الآخر يقف مستبسلاً أمامها، واثقاً بالله - عز وجل- محسناً ظنه بربه - تبارك وتعالى-مؤمناً بقضاء الله وقدره، ساعياً في علاج نفسه بكل ما يستطيع، وهذا هو الواجب؛ لا أن يسلم أمره إلى الشيطان ويقنط من حرمة الله - تبارك وتعالى- وقوة المرض على الإنسان من ضعفه، راجعة إلى أمور: ومنها:

1- قوة الجان المتلبس بالإنسان، فقد يكون كافراً أو مسلماً فاجراً ظالماً باغياً، معينها يكون أثره كبيراً. 2- ضعف الإيمان بالله - عز وجل- بالنسبة للإنسان ويصاحب ذلك. وقوعه في حمأة الرذيلة، وإقامته على المعصية، فحينها لا سلاح معه يدافع به الجان. 3- ضعف الشخصية للإنسان وعدم قدرته على التعامل مع المواقف والناس بشيء مقبول. 4- طبيعة القبيلة أو الأسرة حيث لديها قابلية لتلك الأمراض، وغير ذلك. وأنت أيها - الأخ الكريم- سوف تتخلص - بإذن الله- من ذلك، وتعيش عيشة هنيئة خالية من تلك الصراعات؛ فالأمر سهل ميسور - إن شاء الله- وإليك البيان: 1- الجأ إلى الله -تعالى- وتعلق به وحده، وألح في الدعاء أن يشفيك. 2- أيقن أن الله هو الشافي وحده، وما تستخدمه من أسباب كأدوية ونحوها قد ينفع الله بها لحكمة أرادها، وقد لا ينفع الله بها؛ لحكمة يريدها. 3- ما عند الله لا ينال بمعصية الله، فأتِ البيوت من أبوابها. 4- طهر بيتك من المنكرات، وخاصة مزامير الشيطان (الغناء وآلات الطرب والموسيقى، والصور الفاضحة المحرمة؛ فهي محبوبة للشيطان، جالبة له، لا تنفك عنه. 5- الأصل في التداوي أن يكون بالقرآن الكريم ثم بالأسباب الدوائية المتاحة. 6- اعلم أن المداومة على ذكر الله على كل حال قائماً وقاعداً ومضطجعاً وأدبار الصلوات وأوقات الخلوات، وإذا أصبحت وإذا أمسيت (أذكار الصباح والمساء) مطردة للشيطان، مزعجة له، لا يقر له قرار، حتى يهرب من ذلك البدن أو البيت فاحرص على ذكر الله -تعالى- واستكثر منه. 7- اعلم أن المحافظة على الصلاة المكتوبة، والحرص على صلاة النافلة ليلاً ونهاراً هي راحة للأبدان المتعبة، والأنفس المجتهدة، وكم من مريض فشلت العقاقير الطبية في علاجه فلما اتجه إلى الصلاة برأت علته، وشفي الله مرضه، فالصلاة تحصين. 8- اعلم أن: (القرآن الكريم هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وتبرك تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهماً في كتابه، فمن لم يشفه القرآن، فلا شفاه الله، ومن لم يكفه فلا كفاه الله) ، قال ابن القيم: [فقل لي بربك كيف حالك مع كتاب ربك، قد تكون ناسياً له، مهملاً له، غير مهتم به، لا تعرف القراءة فيه إلا لضرورة أو في رمضان، فافهم ذلك جيداً] . 9- اعلم أنك لا زلت تتقلب في نعمة الله -تعالى-، والله - تبارك وتعالى- ابتلاك بهذا الأمر اختباراً لك، فما أنت صانع فيه، كن مؤمناً لا منافقاً، صابراً محتسباً لا متضجراً متأنفاً.

10- عالج نفسك بالرقية الشرعية، وتول أمرك بنفسك، فالنائحة الثكلى ليست كالنائحة المستأجرة، وما حك جلدك مثل ظفرك، فتول أنت جميع أمرك، وفي ذلك إحياء لسنة الرقية، الأساس (رقية الإنسان نفسه) ، وشعور الناس بعظمة هذا القرآن، وأن بمقدور كل مسلم كائناً من كان الاستشفاء به دون واسطة، وفيه بروز معلم عقدي غائب، وهو التوكل على الله -تعالى-، حيث لم يلتفت قلبه إلى غير الله -تعالى-، وفيه إيجاد أناس في كل بيت يرقون بكتاب الله ويحبون ذلك، فلا يكون الأمر مقصوراً على أناس بأعيانهم هم الذين يرقون فقط. 11- إذا لم تستطع فعل ذلك بنفسك لأي سبب، فلا مانع من الذهاب إلى أناس موثوقين في دينهم وعبادتهم، وطلب الرقية منهم. 12- اعلم أنه قد تتكامل الأسباب من الرقية الشرعية وتعاطي الأسباب الدوائية، ومع ذلك لا يبرأ؛ لأنه فوق كل هذه الأسباب إرادة المسبب وهو الله - عز وجل-، فالشفاء بيد الله وحده متى ما أراد. 13- الرقية هي العزيمة، والمراد بهما قراءة الآيات والدعوات على المريض بدون نفث، ويمكن فعل الرقية ومعها نفث، وهو جمع الريق والنفخ به نفخاً لطيفاً أثناء الرقية أو بعد كل جملة أو بعدها مباشرة. 14- إذا كنت ترقي نفسك فاجمع كفيك واقرأ فيهما، وبعد الانتهاء أنفث فيهما وامسح بهما سائر جسدك. 15- إذا كنت ترقي غيرك فليكن المريض بين يديك- يعني أمامك-. 16- عندما تريد الرقية (ليكن في نيتك) إصلاح العضو المريض، والشفاء من المرض، ودعوة الجان المتلبس؛ لأن يترك ظلمه واعتدائه، ويغادر جسم المريض، ولا يعود إليه أبداً، وهذا التصور له أثر كبير على الجان فيتأثر وعلى المرض العضوي فيشفى. 17- قد يحدث لك أثناء الرقية أو بعدها وأثناء النوم، أن ترى رؤيا ويغلب على ظنك أنها لا تعني شيئاً، والحال ليس كذلك، بل اسأل أهل التعبير عنها، فقد تعرف منها ما أصابك أو من أصابك، وكيف تستطيع معالجة نفسك. 18- إذا أردت الرقية، فاحضر ماء وزيت زيتون وعسل، واقرأ فيها كلها ثم اجعلها عندك، واشرب من هذا الماء ما شئت كل يوم، وادهن من الزيت لكل بدنك كل ليلة، واخلط العسل بماء واشربه كل يوم على الريق، وإن وضعت معه وخلطته بالحبة السوداء فهو أفضل، فإن في ذلك شفاء بإذن الله. 19- احرص على الجري أو المشي كل يوم، فإذا تعرق بدنك اغتسل بالماء البارد واشرب منه قال -تعالى-: "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ* ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ" [صّ:41-42] . 20- القرآن كله شفاء، ومن الآيات والدعوات التي يرقي بها الإنسان نفسه بعامة وهي نافعة في السحر والصرع والعين والأمراض العضوية ما يلي: * سورة الفاتحة. * أول سورة البقرة من الآية (1) إلى الآية (5) . * آية الكرسي (من سورة البقرة الآية: 255) . * آخر آيتين من البقرة (من الآية 285- 286) . * أول سورة آل عمران (من الآية: 1-2) . * ابدأ من سورة الأنعام (رقم 107) "وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم". * بعض آية من سورة الأنبياء (رقم 87) " ... لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".

* آخر سورة الحشر (الآية 22- 24) . * آية من سورة الأنبياء (رقم 69) "قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم". * بعض آية من سورة البقرة (رقم 137) "فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم". * سورة الإخلاص كاملة. * سورة الفلق كاملة. * سورة الناس كاملة. * باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك". * بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم. * حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. ومن أيقن أن به سحراً قال ما أعلاه وزاد عليه. - آيات من سورة الأعراف "فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ" [لأعراف:118-121] . آيتان من سورة يونس " ... قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ*وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ" [يونس:81-82] . - بعض آية من سورة طه " ... إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى" [طه: من الآية69] . وليحرص كل الحرص على معرفة مكان السحر وماهية السحر، ثم يقوم بإتلافه، والطريقة المثلى لإتلافه، أن يضعه في إناء وفيه ماء وملح ليذوب ما فيه، ويقرأ بعض الآيات كالفاتحة وآية الكرسي والمعوذات، والآيات الخاصة بالسحر بنية إبطاله، ثم يقوم بدفنه ويسمى الله - عز وجل- عليه. ومن أيقن أنَّ به صرعاً مساً من الجن قال ما أعلاه، وزاد عليه. * آيتان من سورة البقرة (163-164) "وإلهكم إله واحد ... لقوم يعقلون". * أربع آيات من سورة المؤمنون (115-118) "أفحسبتم أنما ... وأنت خير الراحمين". * أربع آيات من سورة الأحقاف (29-32) "وإذ صرفنا إليك نفراً.. أولئك في ضلال مبين". * أول الصافات (1-10) "والصافات ... فأتبعه شهاب ثاقب". * آية من الحديد (3) "هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم". * ويدعوه بـ "اخرج عدو الله، أعوذ بالله منك". ومن أيقن أن به عيناً (نظرة) قال ما أعلاه وزاد عليه. - آية من النساء: (54) "أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله ... ". - آيتان من الملك (3-4) "فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر ... وهو حسير". - آيتان من القلم (51- 52) "وإن يكاد الذين كفروا ... وما هو إلا ذكر للعالمين". فإذا رقى الإنسان نفسه بهذا على التفصيل كما تقدم أو رقى غيره، توقف قليلاً، ثم قرأ رقية ينوي بها إلباس الصحة والعافية وحصول تمام الشفاء. * " ... ويشف صدور قوم مؤمنين" [التوبة من الآية: 14] . * " ... وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين" [يونس من الآية: 57] . * " ... فيه شفاء للناس ... " [النحل من الآية: 69] . * " ... وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً" [الإسراء من الآية: 82] . * "وإذا مرضت فهو يشفين" [الشعراء من الآية: 80] . * " ... قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء.." [فصلت من الآية: 44] .

* "وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا..وهو الولي الحميد" [الشورى من الآية: 28] . "رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري" [طه: 25-26] . * سورة الشرح كاملة "ألم نشرح لك صدرك ... وإلى ربك فارغب". * ويدعو بـ "أذهب الباس، رب الناس، بيدك الشفاء لا كاشف له إلا أنت" * واللهم رب الناس، اذهب الباس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً". * و "أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك" (أن يشفيني) . ثم يتوقف قليلاً، ثم يرقى بنية التعويذ والتحصين له أو لمن يقرأ عليه، وأن الأذى لا يعود إليه أبداً إن شاء الله. * آيتان من سورة المؤمنون (97 -98) "وقل رب أعوذ بك من همزات الشيطاين وأعوذ بك رب أن يحضرون" * بعض آية من البقرة: " [من الآية:137] ... فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم". * ويدعو بـ "أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون". * وبـ "أعوذ بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة". * وبـ "أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرا، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن". * وبـ "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق". * وبـ "تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو، إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الذي هو حسبي، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله مولى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. وإن كان يرقي غيره فعند التعوذات النبوية يبدل الضمير ويجعله للمخاطب "أعيذه" أو "أعيذها" أو "أعيذكم"، وعند التحصين يقول: (حصنت نفسي ومالي وأهلي وكل شيء أعطانيه ربي، بالحي القيوم الذي لا يموت أبداً، ودفعت عنهم السوء بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم". وأما الأمراض العضوية والنفسية فتعالج بالقرآن أيضاً، وللسلف تجارب نافعة في هذا الباب كابن تيمية وابن القيم وغيرهما. تنبيه: لا يفهم مما سبق ترك الأسباب الدوائية، إذ فعل الأسباب من الأمور التي ينبغي العمل بها، فيحرص الإنسان على التداوي فهو مشروع، بل هو في منزلة مدافعة ألم الجوع والعطش، وحقيقة التوحيد لا تتم إلا بمباشرة الأسباب، وتعطليها يقدح في التوكل، فالتداوي ليس كالاسترقاء.

الاسترقاء طلبه مباح وتركه أفضل، بخلاف التداوي فإنه مسنون وقد يكون واجباً، وهذا هو المشهور عن الشافعية، ومذهب جمهور السلف وعامة الخلف، واختاره ابن تيمية وابن القيم، وهو ما يفتي به أئمة الدعوة في الديار النجدية بعامة، ومن التداوي التداوي بالطب النبوي أو الطب الشعبي أو الطب الكيميائي الحديث، ومنه الذهاب إلى العيادات والمستشفيات والمصحات، في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لكل داءِ دواءٌ، فإذا أصيب دواءُ الداء برأ بإذن الله - عز وجل-" رواه مسلم (2204) عن جابر - رضي الله عنه -. ولذا فلا بأس بأن تجمع مع ذلك مراجعة طبيب نفسي فربما كان ما لديك حالة نفسية مرضية تستجيب للعلاج والنفس تمرض كما يمرض البدن، ولكل داءً دواء. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، وأن يهيئ لله من أمرك رشداً، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحسد والعين

الحسد ... الأسباب/الوقاية والعلاج المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحسد والعين التاريخ 9/1/1425هـ السؤال ما هو علاج الحسد؟. الجواب الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على الهادي البشير، والسراج المنير، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: إلى الأخ السائل: - سلمه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم: لقد سرني جداً سؤالك، على الرغم من إيجازه، لكنه موضوع من الأهمية بمكان، وجدير بالاعتناء، وقد كثرت الكتابة فيه؛ وذلك لأنه تفشى في المجتمع بصورة رهيبة تدعو لوقفة جادة لعلاج هذا الداء العضال. فالحسد داء عضال، وخصلة ذميمة تفتك بالمجتمعات والأفراد، بل والشعوب على حد سواء، فالمجتمع الذي تسود فيه هذه الصفة الدنيئة مجتمع ينعدم فيه التعاون والحب، ويسري فيه الأمراض الفتاكة، كمرض الشحناء والكره، والفرقة، والتباغض، وغيرها من الأمراض التي تفتك بكيان الأمة كلها. تعريف الحسد لغة واصطلاحاً: فالحسد كما عرفه علماء اللغة: هو أن يرى المرء لأخيه نعمة، فيتمنى زوالها عنه، وتكون له من دونه. وقد عرف علماء الشريعة الحسد بتعريفات عدة، كلها تدور في فلك واحد، ألا وهو تمني زوال النعمة من الغير، قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى-: الحسد هو تمني زوال النعمة عن صاحبها، سواء كانت نعمة دين أو دنيا) ا. هـ. وقال الإمام الغزالي - رحمه الله تعالى-: (أما الحسد عند علماء الشريعة فحده كراهية النعمة، وحب زوالها عن المنعم عليه) ، ا. هـ. وقال الإمام ابن الجوزي - رحمه الله تعالى-: (الحسد: هو تمني زوال نعمة المحسود، وإن لم يصل للحاسد مثلها) ا. هـ. أدلة الحسد من الكتاب والسنة: والحسد حقيقة واقعة، وأدلة وجوده قاطعة، وهي كثيرة في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- فمن ذلك: قوله -تعالى-: "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله" [النساء: 54] . وقال -تعالى-: "ومن شر حاسد إذا حسد" [الفلق:5] ، وقال -تعالى-: "فسيقولون بل تحسدوننا" [الفتح:15] ، وكذلك قصة يوسف عليه السلام مع أخوته مشهورة في هذا الباب، عن أبي هريرة -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" رواه أبو داود (4903) وعن بن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء" رواه الترمذي (2510) . ولذلك حذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم- من الحسد؛ وذلك لخطره وسوء عاقبته في الدنيا والآخرة. فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم، أن يهجر أخاه فوق ثلاث" متفق عليه عند البخاري (6065) ، ومسلم (2559) . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد" رواه النسائي (3109) .

فالحسد شره عظيم، وخطره جسيم، إذا هجم فتك، وإذا ضرب قضى، وإذا صوب أصاب في مقتل، ولهذا المرض الخبيث أسباب يحسن بنا معرفتها؛ لتجنبها والوقاية منها. أسباب الحسد: للحسد أسباب عدة، ويمكن أن نجملها في النقاط التالية: 1- ضعف الإيمان، وعدم الرضا بما قسمه الله: فالذي حرم القناعة وعدم الرضا، فقلبه يحترق ويتمزق أسفاً كلما رأى أحداً في نعمة، وهو يرى نفسه محروماً منها، ولا يدري المسكين أن الله قدر هذه الأشياء وقسم الأرزاق، ونحن في عالم الغيب، فالرضا بما قسمه الله يريح النفس، ويطمئن القلب؛ لأن كل شيء بقضاء وقدر. 2- الجهل بعواقب الحسد، فالحاسد لا يدرك شناعة وعواقب الحسد الوخيمة، وما يترتب عليه من نتائج عظيمة على الدين، والنفس، والمجتمع، ففي الدين: الحاسد ساخط على أقدار الله، وهو بذلك يصف المولى -جل وعلا- بعدم العدل، تعالى الله عما يصفه الحاسدون علواً كبيراً، حيث إنه يرى أن الله أعطى هذا ومنعه هو، فهو ساخط لذلك، وهذا أمر خطير، أما على النفس، فالحاسد دائم التفكير بما أنعم الله على غيره، يعيش في كآبة وحزن كلما رأى غيره يتقلب في نعمة الله، وهو المحروم، فهو دائم الحزن، تعلو وجهه الكآبة، متعكر المزاج، لا يهنأ بعيش، ولا يهدأ له بال، ولا يستقر له قرار، الحسرة ملازمة له، ولا يجني من وراء ذلك إلا الندامة، وتشتت القلب، وفزع النفس، فأمر الله نافذ لا راد له، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. أما على المجتمع، فالحاسد شخص منبوذ من المجتمع، يبغضه الصغير والكبير، والقريب قبل البعيد، ينفر منه الناس، ولا يألفونه، فهو بذلك يشعر بالغربة في وسط أقرب الأقربين له، ويكون لذلك الآثار السيئة عليه، حيث يهبط مستواه الاجتماعي، ويتدنى مستواه في العمل والإنتاج، ويكون بذلك عضواً غير فعَّال في المجتمع الأولى بتره واستئصاله؛ خوفاً من تسرب العدوى منه لغيره. 3- الحقد والعداوة والبغضاء، وهذه الأشياء من أشد أسباب الحسد، وأخطرها، فتجد الإنسان الذي تأصلت فيه هذه الخصال السيئة ونمت، تولد عنده الحسد تلقائياً لكل صاحب نعمة فهو لا يحب أن يرى نعمة على من يبغضه، ويكن له الشحناء والكره، بل قد يدفعه الحسد والحقد، والعداوة على إلحاق الضرر بمن يبغض على تفاوت في درجاته. 4- التعجب: حيث أخبر الله - جل جلاله- في كتابه الكريم عن الأمم السابقة لما قالوا لأنبيائهم ورسلهم: "ما أنتم إلا بشر مثلنا.." [يس:15] ، وقالوا: "أنؤمن لبشرين مثلنا" [المؤمنون: 47] ، فتعجبوا من أن يفوز برتبة الرسالة والوحي، والقرب من الله -تعالى- بشر مثلهم، فحسدوهم على ذلك مما أدى إلى كفرهم -عياذاً بالله من حالهم-. 5- الكبر: ومنه كان حسد الكفار لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ قالوا: "لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم" [الزخرف: 31] ؛ ولذلك علل أبو جهل -لعنه الله- كفره برسول الله - صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (تنازعنا وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه، والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه) .

قلت: فما حمله على الكفر برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا الحسد الذي ملأ قلبه من نعمة الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم- وتشريفه بالوحي والرسالة. 6- خبث النفس: - والعياذ بالله- وشحها بالخير لعباد الله، فمن الناس من يحزن إذا رأى أو سمع بحسن حال عبد من عباد الله، ويفرح إذا حلت بساحته المصائب والنكبات، لا لشيء، ولكن لخبث نفسه، وسوء نيته، وفساد طويته، كما قال ربنا عن مثل هؤلاء: "وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها" [آل عمران: 120] . 7- وجود القاسم المشترك بين بعض الفئات من المجتمع أو ما يسمى التنافس بين الأقران في مجال مشترك بينهم ويسميه الغزالي في الإحياء بالخوف من فوت المقاصد، فيقول: (وذلك مختص بمتزاحمين على مقصود واحد، فإن كل واحد يحسد صاحبه في كل نعمة تكون عوناً له في الانفراد بمقصوده، ومن هذا الجنس تحاسد الضرات في التزاحم على مقاصد الزوجية، ومنه أيضاً حسد إخوة يوسف - عليه السلام - له؛ لفوزه بقلب أبيهم، كمال قال -تعالى-: "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا") [يوسف: 8] ا. هـ. هذه بعض الأسباب التي تؤدي إلى هذا المرض الفتاك. علاج الحسد والوقاية منه: بعد معرفتنا للأسباب التي تؤدي للحسد يجدر بنا معرفة العلاج والوقاية من هذا الداء: أولاً: تجنب الأسباب التي تؤدي إليه، والعمل على إزالتها بالكلية، وسد الطريق أمام أي شيء يؤدي إلى ذلك. ثانياً: قراءة الفاتحة وآية الكرسي، فعن عمران بن حصين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فاتحة الكتاب وآية الكرسي لا يقرؤهما عبد في دار فلا تصيبهم في ذلك اليوم عين أنس أو جن" رواه الديلمي. ثالثاً: قول ما شاء الله لا قوة إلا بالله، عندما يخشى العائن إصابة عينه لغيره، أو لماله، أو أبنائه، فليقل: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"؛ لما روي عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره". رابعاً: قراءة المعوذتين، والتحصينات، والأدعية النبوية، للوقاية من حسد الجن، وعورات بني آدم فقد روي عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم أن يقول الرجل المسلم إذا أراد أن يطرح ثيابه بسم الله الذي لا إله إلا هو" رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (273) وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله" رواه الترمذي (606) وابن ماجة (297) من حديث علي - رضي الله عنه -. وقال - صلى الله عليه وسلم-: "ستر ما يبن أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: بسم الله " رواه الطبراني في الأوسط (7066) من حديث أنس - رضي الله عنه -. خامساً: الرقية الشرعية: فقد ثبت أنْ رقى جبريل - عليه السلام - النبي -صلى الله عليه وسلم- برقية هي: "بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك" رواه مسلم (2186) من حديث أبي سعيد الخدري.

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعوذ الحسن والحسين -رضي الله عنهما-، ويقول: "أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"، ويقول: "إن أباكم إبراهيم كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق" رواه البخاري (3371) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -. للمريض أن يقرأ على نفسه الفاتحة وقل هو الله أحد، والمعوذتين، وينفث في يديه، ويمسح بهما جسده. فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه، وأمسحه بيد نفسه؛ لأنها كانت أعظم بركة من يدي. رواه البخاري (4439) ومسلم (2192) واللفظ له. سادساً: قول (اللهم بارك) : أي أنك إذا رأيت من أخيك ما يعجبك فادعو له بالبركة، عن أبي أمامة سهل بن حنيف قال: مر عامر بن ربيعة بسهل بن - رضي الله عنهما - وهو يغتسل، فقال: لم أر كاليوم، ولا جلد مخبأة فما لبث أن لبط به، فأتى به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقيل: أدرك سهلاً صريعاً، قال: "من تتهمون به؟ " قالوا: عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - قال: "علام يقتل أحدكم أخاه، إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة"، ثم دعا بماء، فأمر عامراً - رضي الله عنه - أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، وركبتيه وداخلة إزاره، وأمره أن يصب عليه الحديث رواه ابن ماجة (3509) وأحمد (15550) . سابعاً: الاغتسال بماء وضوء الحاسد أو العائن، وقد تقدم ذلك في الحديث السابق، وفي رواية أحمد تفصيل حيث قال: "ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه يكفئ القدح وراءه" ففعل به ذلك، فراح سهل - رضي الله عنه - مع الناس ليس به بأس. هذا، والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أرواح شريرة!!

أرواح شريرة!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحسد والعين التاريخ 5/12/1422 السؤال أخي الكريم، أود السؤال عن موضوع لم يحيّر عائلتي فقط بل عائلات الحي وهو ما يسمى " بالطب الروحي ". تعرفنا على رجل قد درس الدكتوراه في الشريعة من الأزهر ويقول: إنه يعالج الأرواح ويطردها وذلك بذكر الله عز وجل واستخدام البخور وغذاء ملكات النحل.. أنا لا أشك فيه، ولكني لست مقتنعة بهذه الأحاديث وسأعرض لكم الحالة: لي قريبة كان نصيبها من الجمال لا يوصف، وعندما أرادت الزواج كان أهل العريس وبخاصة النساء لا يريدون حدوث ذلك، وبعد إنجاب أول طفل كانت صحتها ممتازة، ثم أصبحت تأكل بنهم كمية لا يقوى عليها أربعة رجال، لا نعلم كيف ولماذا أو حتى أين تذهب بالطعام الذي تأكله؟ ولو ترى شكلها لقلت إنها لا تأكل أبداً؛ فهي نحيفة جداً. أجرينا لها فحوصات طبية وعجز الأطباء عن تشخيص حالتها. وقال هذا الشيخ الذي كلمتكم عنه: إنه قد اكتشف أن هناك ثمانية أرواح تأكل معها وهي لا تستفيد أبداً من الطعام. قال: إن هناك أشخاصاً أسقوها شيئاً مقروءاً فيه وقد تموت بعد خمس إلى ثماني سنوات. أرجوك أيها الأخ الكريم، أرشدنا، مع العلم أنها متدينة ولا يفوتها فرض. أرجوك دلنا بأسرع وقت، وهل ما قلته صحيح؟ المستشار مؤتمن وأنا أستشيرك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الجواب أختي الفاضلة؛ أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسّداد والرشاد وأن يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل. أما عن استشارتك فتعليقي عليها مايلي: أولا: لا أحد ينكر أو يقلل من الأهمية العظيمة للرقية الشرعية بالكتاب والسنة.. وقد ورد في ذلك الكثير من الأحاديث الصحيحة.. وكذلك العسل حيث قال تعالى} يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس.. {أما البخور فلا أدري ما علاقته بذلك..!! وليس له أصل شرعي!! ثانيا: وأما ((تلبس الشياطين بالإنس)) فهو أمر وارد وله شواهد كثيرة..وأسبابه أيضاً كثيرة.. وللرقية الشرعية أثر كبير بإذن الله في شفاء المريض من ذلك. ثالثا: السحر والعين أمران واقعان - نسأل الله السلامة - وقد يصاب الإنسان بهما أو بأحدهما بفعل فاعل..!! والعلاج منهما يكون كذلك بالرقية الشرعية.. إضافة إلى بعض الطرق الشرعية الواردة في بعض الأحاديث (راجعي كتاب: الطب النبوي) .

رابعا: أما أن يقرر أحد ما.. كائناً مَنْ كان، ويحدد تاريخاً معيناً مستقبلياً لوفاة إنسان أو أي أمر يتعلق بمستقبله..!!! فهو كاذب.. كاذب.. فلا يعلم الغيب إلا الله.. وهذا مما اختصه الله تعالى بعلمه} إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافي الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت.. {. ولذلك فمتى ما حدثكم من أمامكم بأمر من أمور الغيب المستقبلي فاعلموا أنه كاذب ومنجم.. حتى ولو أخبركم من أمر الماضي بعض الصدق.. فالماضي قد يوحى إليه من بعض شياطين الجن..! ومن ثم يلبس على من أمامه بأنه ما دام قد أخبره بأسراره وأخباره الماضية فإنه يعلم أموره الغيبية المستقبلية.. نسأل الله العافية. خامسا: مشكلتنا في هذا الزمن أن الأمور تشابهت وتداخلت إلى حد كبير.. وبما أن العافية ترتجى فقد ظهر المئات من المدعين بالعلاج بالرقية الشرعية.. استغلالا لمشاعر وعواطف المسلمين الدينية التي تحيط هذا الأمر بهالة من القدسية..! ومن ثم خلطوا في هذه الأمور ولبسوا على المسلمين وخلطوا الحلال بالحرام والإيمان بالكفر..!؟! والطب الشرعي بالكهانة المحرمة!!! سادسا: وهذا لاينفي وجود بعض الرقاة الثقاة المحتسبين - هكذا نحسبهم والله حسيبهم - فانصحوا قريبتكم بمراجعة أحدهم.. وأنتم أعلم بمن عندكم؛ فكونوا على حذر.. واختاروا الأصلح.. ولن تعدموه بإذن الله.. ثم انصحي قريبتك بكثرة الدعاء وصدق الالتجاء إلى الله؛ فالله تعالى قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. وفقكم الله.

الحقد

نفسي تراودني على قتلهم المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد التاريخ 14/12/1426هـ السؤال يوجد أشخاص أكرههم كثيراً؛ لأنهم فعلوا ما حرم الله مع أمي وأنا صغير، وكلما أراهم أود لو أقتلهم كما آلموني، حتى أني اشتريت سكيناً ذات يوم لأقتلهم به، لكنني أخاف الله. فبم ترشدوني؟ بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أسأل الله تعالى أن يزيدك قوةً وصبراً واحتساباً لما تواجهه من مشكلة وامتحان في هذه الدنيا، وهذا دليل قوي على تحملك ما أصابك والبعد عن نزوات الشيطان، والتي سيكون حريصاً جداً على المعاودة لك باستمرار لارتكاب أمراً مخالفاً لشرع الله، وبالتالي يؤدي بك إلى أن تخسر دنياك ودينك. أخي الحبيب إن ما ارتكبه هؤلاء لا شك أنها جريمة في حق والدتك -هداها الله وتجاوز عنها خطأها-. ولكن أن نعالج الخطأ بخطأ آخر هنا تكون المصيبة الكبرى، فالتعرض لهؤلاء العصاة -هداهم الله- بطريقتك التي تنوي عملها مدعاة لأن تكون أنت الخاسر الأكبر بتلك النهاية التي لا يحمد عقباها. فيا أخي أنت لا زلت في عمر صغير، ومقبل على مستقبل مزهر -بإذن الله تعالى- لذا سأورد بعض الوصايا؛ لعلها تعينك في دنياك وتحفظ لك آخرتك: 1- احرص أخي الكريم على التزود من العلم الشرعي من خلال حفظ القرآن الكريم، وقراءة الأحاديث الصحيحة، وسيرة الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم، ومجالسة الصالحين، وأكثر من الاختلاط بهم؛ فهم العون لك -بعد الله عز وجل- على مواجهة الفتن وهمزات الشيطان والتغلب عليها. 2- اهتم بمستقبلك التعليمي، وارسم أهدافاً قصيرة كتجاوز المرحلة التي تدرس بها والتفوق، وأهدافاً بعيدة كوضع هدف تسعى لأن تحققه من خلال دراستك "مهندساً، ومعلماً طبيباً، طياراً" ومن ثم مواصلة الدراسة متى ما سنحت لك الفرصة لأن تكون دكتوراً بعون الله وقوته.. وهي أهداف ضروري أن ترسمها داخل مخيلتك وتكتبها، ومن ثم تعمل على تحقيقها هادفاً من ذلك خدمة دينك أولاً ثم أمتك وبلدك. 3- احرص على الاشتراك في الجمعيات الخيرة وهي كثيرة وبقدر ما تستطيع، وإشغال نفسك عن التفكير بالماضي الأليم لك. 4- إن كانت والدتك على قيد الحياة فاحرص على المحافظة عليها ومساعدتها على تعلم العلم الشرعي، وإشعارها بأنك تحبها وتسعى إلى أن تترافقا في الجنة -بإذن الله- كما كنتم في الدنيا.. وزودها ببعض الكتيبات المناسبة بهدف تحصينها، والاستماع إلى المحاضرات والخطب الخاصة بالمرأة، فهي أمور فيها الخير الكثير لك ولها وستؤجر على ذلك. 5- إن كان باستطاعتك القدرة على تغيير البيئة التي تعيش فيها فهي من الأمور الناجحة، فلا تتردد في ذلك حينما تسنح لك فرصة الابتعاد عن ماضيك.

6- إن غيرتك على انتهاك حرمات الله من أجل الأعمال التي حث عليها ديننا الحنيف، ولنا فيما جاء في الحديث الصحيح: "من رأى زوجته تفعل الزنا فعليه بإحضار أربعة شهود على ذلك، وقد قال أحد الصحابة وهو سعد بن معاذ والله لو وجدتهما لقتلتهما فقال الرسول الرحيم بالأمة: (أتعجبون من غيرة سعد والله إني لأغير منه والله أغير مني ومنه) أو كما جاء في الحديث الشريف. فعليك بالحديث والتعامل الحسن مع والدتك والرحمة بها ومساعدتها بقدر استطاعتك على هدايتها إلى طريق الحق والصواب، وابعد تماماً عن تسليم نفسك إلى نزوات الشيطان لارتكاب جريمة تهدم حياتك وتفسدها. فهذا أخي المبارك عدد من النقاط التي تيسر لي ذكرها لك؛ لعلها تكون عوناً على مواجهة مشكلتك. سائلاً الله تعالى أن يبارك فيك ويجنبك الشيطان وخطواته ومزالقه، وأن يحفظك من كل مكروه ويقيك شر نفسك، ويحفظ لك والدتك ويبارك لك في عمرك ويجعلك مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر إنه ولي ذلك والقادر عليه.

قلبي مليء بالغل والحقد فكيف الخلاص؟!

قلبي مليء بالغل والحقد فكيف الخلاص؟! المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد التاريخ 13/08/1426هـ السؤال أود أن أستشيركم في قول الله تعالى: "ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره"، وقد أخبرنا الرسول -عليه الصلاة والسلام- أن الحقد والغل في القلب يحلق الدين ويذيب الحسنات، وبصراحة أنا أود أن أتخلص من غل في قلبي على بعض الأشخاص، لكني لم أستطع، وأخاف كثيراً على الحسنات التي أعملها ليلاً ونهاراً ولله الحمد. أفيدوني بارك الله فيكم. الجواب الحمد لله وحده، وبعد: أخي الفاضل: كم أعجبتني هذه الحساسية التي تعمر قلبك، فأنت في الوقت الذي تعترف فيه بأن قدراً من (الغل) يحتل مساحة من قلبك تفزع (جداً) لإدراكك أنه سيكون له تأثير على ما اجتهدت في جمعه وتحصيله من الحسنات.. ولعلك تستحضر سؤال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- أصحابه: "أتدرون ما المفلس؟! ". وسارع الصحابة بالإجابة مشيرين إلى المصطلح العام المعروف للمفلس: (المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع) . ولكنهم فوجئوا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يشير إلى تعريف غير متداول لمصطلح المفلس، ولكنه يمثل القيمة الحقيقية لـ (الإفلاس) ، فيقول: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار"! صحيح مسلم (2581) . إنه أمر مفزع حقاً أن يفاجأ الإنسان -الذي كان يشعر باغتباط لمحافظته على أعمال الخير، وحرصه عليها- أن تلك الأعمال التي تعب في جمعها وتحصيلها قد انتقلت منه إلى غيره، بل وحلَّت محلها أوزار استحق بها النار، ومن أجل ماذا حدث هذا المصير المؤلم؟.. إرضاء لنزوة عاطفية، وتجاوباً مع انفعال عارض! أخي الكريم: إن الغل والحقد له آثاره النفسية السيئة على صاحبه، وتخيل إنساناً يحمل فوق رأسه حملاً ثقيلاً أينما راح، وحيثما حل ماذا يناله من الضيق والتعب، ولتعلم أن المنطوي على الغل أشدُّ تعباً، وأكثر إجهاداً منه!.. حين يعلم بنعمة أصابت صاحبه يظل إعصار الغل يدور داخله بقوة، ينسيه طموحاته، ويشغله عن همومه وأعماله، ليظل خصمه هو (محور) اهتمامه، وكأنما هو ماثل أمامه يثيره ويستفزه!! ومن ثم فهو في عذاب دونه الكثير من العذاب، ولذا أخبر (الله -عز وجل- أنه ينقى قلوب ساكني الجنة من الغل والحقد، وذلك أن صاحب الغل معذب به، ولا عذاب في الجنة) [تفسير الثعالبي (2/191) ] .

أخي الكريم: سيرة النبي الكريم صفحة مشرقة للفضائل، ولو رحت تلتمس موقفه - صلى الله عليه وسلم- ممن آذاه لرأيت عجباً، فهو -صلى الله عليه وسلم- يكاد يقتل نفسه من الغم حين يرى إعراضهم عن الهدى والحق، رغم خلو ساحته من المسؤولية بالتبليغ، حتى أشفق عليه ربه -عز وجل- فقال: "فلا تذهب نفسك عليهم حسرات" [فاطر:8] وحين نصره الله عليهم، بعد حروب طويلة، حرصوا في كل واحدة منها على قتله، نراهم -كما ورد في السيرة، وليس له إسناد ثابت- يقفون بِذِلَّةٍ بين يديه، وهو يسألهم: "ما تظنون أني فاعل بكم؟ "، ولأنهم يدركون تأصّل التسامح في قلبه، وتجرده من حظوظ نفسه لمبدئه ودينه، قالوا: أخ كريم، وابن أخ كريم!!، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أقول كما قال أخي يوسف: "لا تثريب عليكم اليوم"، اذهبوا فأنتم الطلقاء!! ". وحين نتأمل في كلمة: (لا تثريب عليكم) نجدها اختيرت بعناية، لتتناسب مع النفس الكريمة الكبيرة، فهي تحمل معاني تدور حول: (أي لا تأنيب عليكم، ولا عتب عليكم اليوم، ولا أعيد عليكم ذنبكم في حقي بعد اليوم) [تفسير ابن كثير (2/642) ] !! إنه طيٌّ كامل لصفحة، وفتح لصفحة أخرى جديدة، إنه وعد بنسيان (تام) لكل ما جرى من أمور (سلبية) تشعرهم بمجرد (الخجل) منه!.. وصفحة حياته العطرة - صلى الله عليه وسلم - مليئة بسطور العفو والصفح، خاصة وقد أكد هذا المعنى عنده ربه -عز وجل- في وصيته له: (فاصفح الصفح الجميل) [الحجر:85] ، أي: (فأعرضْ عنهم إعراضا جميلا، ولا تعجل عليهم، وعاملهم معاملة الصفوح الحليم) [فتح القدير للشوكاني (3/201) ] . والصفح الجميل: (هو - كما قال عليٌّ وابن عباس - رضي الله عنهما-: الرضا بغير عتاب) [الدر المنثور في التفسير بالمأثور (5/94) ] . أخي الكريم: لعل من الوسائل العملية التي يمكن أن تساعد في التخلص من الغل والحقد ما يلي: (1) أهمية استشعار أن الإنسان لا يبلغ حقيقة الإيمان حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، كما أخبر بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم-: (ولا يتم ذلك إلا بترك الحسد والغل والحقد والغش وكلها خصال مذمومة) [فتح الباري (1/58] . (2) استشعار الإنسان أن تخلصه من الغل والحقد يمنحه راحة نفسية كبيرة؛ عاجلة وآجلة، (وقد أثنى الله تعالى على خليله إبراهيم - عليه السلام - بسلامة القلب، فقال: (وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم) ، وقال -حاكياً عنه- أنه قال: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) ، والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرياسة، فسلم من كل آفة تبعده من الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطعه عن الله. فهذا القلب السليم في جنة معجلة في الدنيا وفي جنة في البرزخ وفي جنة يوم المعاد) [الجواب الكافي (84) ] .

(3) إن المسلم ينبغي له أن يتسامى عن الأخلاق الدنيئة، وعلى رأسها الغل والحقد، وأن يغلب عليه العفو والصفح، وقد أدَّب الله عز وجل رسوله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "ولا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" [فصلت: 34] (قال ابن عباس: أمره الله تعالى في هذا الآية بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعل الناس ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم) [الجامع لأحكام القرآن (15/314) ] . وذلك الأمر ليس سهلاً أو يسيراً، فهو يحتاج إلى صدق ومجاهدة، ولذا جاء بعد الآية السابقة قوله تعالى: (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت:35] ، أي وما يلقى (هذه الفعلة الكريمة والخصلة الشريفة "إلا الذين صبروا" بكظم الغيظ واحتمال الأذى، "وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم" أي نصيب وافر من الخير. قاله ابن عباس) [الجامع لأحكام القرآن (15/316) ] . وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه للتسامي والترفع، ابتغاء ما عند الله، فقال لهم: "ألا أدلكم على مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك" أخرجه أحمد (17334) والبيهقي في الشعب (8080) ، وأصله في صحيح مسلم (814) . وقد ضرب أبو بكر -رضي الله عنه- نموذجاً رائعاً في العفو والصفح، فقد شقَّ عليه ما رُميتْ به ابنته عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- من الإفك، وشقَّ عليه أكثر أن يكون ممن خاض في الإفك مسطح بن أثاثة -رضي الله عنه- وكان أبو بكر -رضي الله عنه-ينفق عليه لقرابته منه وحاجته. فلما نزلت الآيات ببراءة عائشة -رضي الله عنها- قال أبو بكر -رضي الله عنه- والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً، ولا أنفعه بنفع أبداً بعد الذي قال لعائشة ما قال، وأدخل عليها ما أدخل، فأنزل الله في ذلك: "ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم" [النور:22] ، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبداً [تفسير الطبري (9/288) ] . وما أجمل تلك المشاعر التي حملتها تلك الأبيات: إني شَكوتُ لِظالِمي ظُلمي وَغَفَرتُ ذاكَ لَهُ عَلى عِلمِ رَأَيتُهُ أَسدى إِلي يَداً لَما أَبانَ بِجَهلِهِ حِلمي رَجَعت إِساءَته عَلَيه وَإِحساني فَآَب مُضاعَفا تَجرُمي وَغَدوتُ ذا أَجرٍ وَمحمَدَةٍ وَغدا بِكَسب الذَمِ وَالإِثمِ مازالَ يَظلِمُني وَأَرحَمَهُ حَتى بَكيت لَهُ مِنَ الظُلمِ (4) التحلي بالصفات التي يغلب على الظن أنها تسهم بقوة في إزالة الغل والحقد، ومن ذلك ما ما رُوي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم: "تصافحوا يذهب عنكم الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء" [قال ابن عبد البر في التمهيد (21/11) : وهذا يتصل من وجوه شتى، حسان كلها] . ورُوي عنه -صلى الله عليه وسلم-: "تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر". أخرجه الترمذي (2130) .

(5) استشعار أثر الإحن والضغائن في حجب المغفرة عن المسلم، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلح" أخرجه مسلم (2565) . هذا بعض ما يساعد في التخلص من الغل والحقد، ويدفع إلى (تنظيف) القلب منهما. أسأل الله أن يمنّ عليك بالهداية والثبات، ويعينك على التخلص من كل ما ينقص إيمانك، أو يحبط أعمالك.

سوف أنتقم

سوف أنتقم المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد التاريخ 21/06/1426هـ السؤال أنا شاب مسلم، ابتليت بمصيبة كبيرة جداً، واتهمت في شرفي بتهمة أنا بريء منها، كان عمري حينها 19عاماً، وأعتبر نفسي مسؤولاً مسؤولية كبيرة عمّا حصل لي، فلقلة خبرتي -آنذاك- اعتقدت أن الأمر لن يكون بهذه الخطورة، حيث كنت أعرف أن أشخاصاً معينين يثيرون الشائعات حولي، لكنني تجاهلتهم، والآن عمري 23 سنة، وقد انطويت على نفسي انطواءً شديداً، إلى درجة أنني ما عدت أرغب في الخروج من المنزل إلا لحاجة أو ضرورة، مما زاد الطين بلة وأثار الشبهة والشكوك حولي، فهل انتقامي لشرفي من أولئك الأشخاص مباح شرعاً؟ وهل قتلهم -دفاعاً عن شرفي -ليس مخالفاً للدين؟ أريد نصحكم ومشورتكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. الجواب أخي الكريم، لقد تفهَّمتُ ما ذكرته من الشائعة التي أشيعت عنك بالباطل، ولكن دعني أكون صريحاً معك، وأقول: إنك ضخَّمت الأمر أكثر مما ينبغي، وكان عليك أن تكون قوياً أمام هذه الشائعات وألا تؤثر في مستقبلك ولا في نفسيتك وأن تصمد لها. ألا تتذكر أن نبيك -صلى الله عليه وسلم- اتهم بالسحر واتهم بالكهانة ووصف بالكذب، ومع ذلك كان أقوى من هذه التهم كلها، وتجاوزها صلى الله عليه وسلم. ولذلك فإن هناك جزءاً من المشكلة أنت صنعته بتضخيمك لها وتفاعلك السلبي معها، وكنت حساساً أكثر مما ينبغي، وكان عليك تجاوز هذا الأمر. أما ما ذكرته من أنك أصبحت انطوائياً، وأنك لا ترغب في الخروج من المنزل، فإن هذا نوع من الهروب الذي كان عليك أن تتجاوزه، اخرج إلى الناس، اقتحمهم بشخصيتك ونظراتك، وستجد أنك كنت تعيش في وهم، وأن الناس مشغولون بقضاياهم وهمومهم ومشاكلهم، وليسوا منشغلين بقضيتك ومشكلتك والحديث عنك. أما ما ذكرت عن هؤلاء الأشخاص، وأنك تريد أن تنتقم لشرفك منهم -ولو بالقتل- فهذا تصرف غير صحيح، وخطيئة كبيرة وجريمة شنيعة ترتكبها، فإنه لا يتولى أحد الانتقام وتطبيق الحدود وتنفيذ العقوبات بنفسه، وإلا لأصبحت الحياة فوضى، وكل يستطيع أن يبطش بغيره، بحجة أنه قد أساء إليه أو ظلمه، أو ارتكب جريمة في حقه. وصيتي لك تتلخص في التالي: أولاً: اخرج من عزلتك واقتحم المجتمع، وكن واثقاً من نفسك، ولا تكن ضعيفاً أمام ما تتوهمه من نظرة الناس إليك. ثانياً: تحرَّر من الأوهام، وإياك أن تحبس نفسك في وهم أن الناس يتحدثون عنك أو يشكُّون فيك أو يحتقرونك، فالناس في شغل شاغل بهمومهم وقضاياهم عن التفكير فيك.

ثالثاً: انس هذا الموضوع تماماً، سواء ما يتعلق بمن أثار هذه الزوبعة في وقتها أو تداعياتها، واجعل لك قضايا ومشاريع وهموماً جديدة، وستجد أن أعمارنا قصيرة إذا لم نستفد منها، وأن علينا ألا نقصر أعمارنا في البحث في الماضي، وجعل الماضي يحبسنا ويجرنا إليه، انطلق إلى الأمام وانظر أمامك، وتساءل ما هي مشاريعك للمستقبل؟! ما هي خططك للمستقبل؟.. ما هي أعمالك التي تعملها، ما هي المشاريع التي تنجزها؟ وستجد أن هناك من القضايا ما يستهلك جهدك ووقتك وتفكيرك وعمرك، ويجعل الماضي يتضاءل أمامك. - خطّط لمستقبلك، اكتب رسالة تتخيل فيها أهدافك وإنجازاتك التي تتمنى تحقيقها بعد عشر سنين على مستوى شخصك (عقلياً، ومادياً، وروحياً) وأسرتك، وعملك، وكرر قراءتها وتنقيحها يومياً. - اكتب خطة لتحقيق أهدافك وتقسيمها إلى مراحل، وتابع تنفيذ أهدافك. - خطط أسبوعياً، وأنجز يومياً، وسترى نتيجة تراكم الإنجازات -بإذن الله- مما يجعلك في شغل شاغل بالتفكير في المستقبل واستدبار الماضي. -التحق بدورة لدى مدرب معتمد (للعادات السبع للأشخاص ذوي الفعالية العالية) وستفيدك كثيراً بتحسين خططك، وتغيير استراتيجياتك وقدراتك الذهنية. - اقرأ كتاب "فقه السيرة" للشيخ محمد الغزالي. - وكتاب "جدد حياتك" لمحمد الغزالي. - وكتاب "لا تحزن" للدكتور عائض القرني. - وكتاب "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة" للشيخ السعدي. - وكتاب "دع القلق وابدأ الحياة" لديل كارنجي. - وكتاب أيقظ قواك الخفية. - وكتاب "العادات السبع للمراهقين" لشين كوفي. - وكتاب "ابدأ بالأهم أولاً" لستيفن كوفي. - حافظ على أورادك العبادية من صلاة الضحى وصلاة الوتر، والسنن الرواتب، وأذكار الصباح والمساء، وجزءٍ من القرآن في كل يوم. - حافظ على هذا كله يومياً، وأرسل رسالة بعد ستة أشهر تطمئنني فيها على حالك، وسوف أدعو لك ربي وأنتظر منك ما يطمئنني. أسأل الله لك التوفيق والهدى والسداد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كيف أتخلص من الأحقاد

كيف أتخلص من الأحقاد المجيب د. صالح بن عواد المغامسي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالمدينة المنورة. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد التاريخ 16/7/1425هـ السؤال أريد الابتعاد عن الحقد والكراهية، كيف؟. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: حسن منك - أيتها الأخت السائلة- أن تسعي إلى تزكية نفسكِ بسؤالك عن طرائق البعد عن الحقد والكراهية، ولتحقيق ذلك يحسن بنا أن نعلم أن منشأ الحقد والكراهية عادة موقف غضب، يدفع الإنسان للانتقام فيسعى لرد مكانته التي يعتقد أنها تأثرت، وحتى ندفع ذلك عن أنفسنا وقلوبنا، يجب أن ننظر إلى الأمور من حولنا نظرة واثق كبير في نفسه، تقول العرب: (وليس كبير القوم من يحمل الحقدا) . العظماء أيتها - الأخت- لا يبالون بأقاويل السفهاء، ولا يلقون لها بالاً، بل إنهم يقولون: وأتعب من عاداك من لا تشاكله، والمعنى: أنك كلما تجاهلت عدوك، كلما كان موقفك أعلى وأفضل، هذا كله جواب تقتضيه الأعراف الأدبية، أما شرعياً فالمسلم يعفو ابتداءً، ويتغافل عما لا يعجبه، ويتأسى بالقرآن؛ "ادفع بالتي هي أحسن" [فصلت:34] ، ثم لماذا نكره بعض من حولنا؟ أليس فيهم شيء إيجابي؟ بل أليس فينا أشياء سلبية؟ فلنكن منصفين، ننظر للأمور بميزان من يعرف الدنيا، وعدم خلوها من الأكدار، فتطمئن نفوسنا، وتستريح قلوبنا، فلنجرب الإحسان إلى من يعادينا، وللننظر إلى أثر ذلك عليه، فإن تغيروا إلى الأحسن فقد كافانا الله مؤونة الكراهية، وإن بقوا على عداوتهم، وأصروا، فأمثال هؤلاء لا يستحقون أن نشغل أنفسنا بهم. ختاماً: يا - أختاه- لا أشك أنك تطلبين الجنة، ولا تنال الجنة بشيء أعظم من سلامة القلب. "إلا من أتى الله بقلب سليم" [البقرة:89] . والله أعلم.

فكرة الانتقام تؤرقني!!!!

فكرة الانتقام تؤرقني!!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد التاريخ 18/7/1422 السؤال الأخ المستشار السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كثيرا ما تؤرقني وتعذبني فكرة الانتقام ممن اساؤا إلي في الماضي حيث تلح علي الفكرة بشكل كبير فماذا افعل!؟؟ إني اتالم لتلك الإساءات وتلح علي هذه الأفكار 0 الجواب أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.. وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: لا شك أن بعض الإساءات هي من القسوة بحيث تترك في النفس ألماً عميقاً وجرحاً لا يندمل.. ولكننا لو نظرنا إليها من زاوية أخرى.. لقلنا لأنفسنا.. ولماذا نسمح لمن أساءوا إلينا في السابق وسببوا لنا وقتها كل ذلك الألم.. أن يسيئوا إلينا الآن باستمرار معاناتنا بسببهم؟! أليس من الأولى لنا أن نتجاوز الماضي بألمه ومعاناته.. على الأقل لكي ترتاح نفوسنا وتهدأ سرائرنا.. وتشفى جراحنا؟ ثانياً: الإساءة - أختي الكريمة - أنواع.. بعضها عرضي.. وبعضها مع إصرار وترصد.. وبعضها عميق.. وبعضها سطحي.. ومن الإساءات ما نكون نحن من تسبب لأنفسنا فيه..!! بشكل أو بآخر.. ولذلك.. فاقتراحي هنا.. أن تراجعي تلك الإساءات.. وتستفيدي منها.. وتتقوى بها ولا تحمليها أكثر مما تحتمل.. فالشجرة المثمرة هي التي تقذف بالحجارة.. كما يقال.. والضربة التي لا تميتني تقويني.. ثالثاً: أتمنى أن تعيشي في الحاضر.. وتستعدي للمستقبل وتدفني الماضي.. حتى لا تعيشي كل أيامك مرتبطة بخيوطه وآلامه..!! رابعاً: قال تعالى: [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم] فهل وضعتي هذه الآية نصب عينيك وجعلتيها نبراساً يضيء لك الطريق.. خامساً: تأكدي - أختي الكريمة - أن الله سبحانه لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى.. وأنه تعالى سيحاسب كل بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر.. فاطمئني لذلك.. واتكلي على الله.. واكثري من ذكره.. [ألا بذكر الله تطمئن القلوب] . واستعيذي من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبيسه. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

الاحباط

كيف أتغلب على شعوري بالفشل؟! المجيب مريم الثمالي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 22/01/1427هـ السؤال عندي إحساس كبير بالفشل، فلا أستطيع عمل أي شيء مفيد، بالرغم من أني أعمل بجهة خيرية، ولكني أذهب وأرجع من العمل ولا أعمل شيئاً. أرشدوني مأجورين. الجواب الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فيرتبط الإحساس بالفشل بالشعور بتدني تقدير الذات، ويرتبط تدني تقدير الذات بالبعد عن الذات وقلة المعرفة والدراية. فالإنسان مزيج من الرغبات والدوافع والحاجات والقيم والمبادئ والمشاعر والصفات السلبية والإيجابية، والاعتقادات -أكرر والاعتقادات- السلبية والإيجابية عن نفسه وعن الآخرين، وبقدر معرفة الإنسان لكل ما سبق بقدر معرفته لذاته وفهمه إياها، الأمر الذي ينعكس على أن يحسن تقديره لذاته فيعطيها حقها من الرعاية والإكرام والمحبة. على الإنسان أن ينطلق في تعديله وتغييره لمشاعره السلبية واعتقاداته السلبية عن ذاته أن ينطلق أولاً من حبه لذاته بلا شروط، فلا يعني وقوع الخطأ رمي اللوم على الذات، وفي المقابل لا يعني عمل الشيء المرغوب مزيداً من استحسان الذات. ثم أنتقل إلى الجلوس مع الذات بتأمل صادق عادل لا يبخس حق الإيجابيات مقابل تحد واضح للسلبيات، فالإيجابيات أعززها وأنميها، والسلبيات أتعامل معها بلطف وجدية لأتخلص منها ولا أعطيها أكبر من حجمها. عزيزتي: وبما أنك تعتقدين عن نفسك أنك فاشلة؛ لكثرة سماعك هذه العبارات وترددها على ذهنك منذ الصغر، سواء من نفسك أو ممن يحيط بك، ومن ثَمَّ تشرب الذهن هذا الاعتقاد مع التكرار وتوقعتِ هذا الأمر في سائر شؤون حياتك. [حتى وإن كان هذا الاعتقاد واقعياً] . وأنا أقول لك في المقابل تعاملي مع نفسك بإيجابية، وتوقعي منها النجاح دائماً حتى وإن تعثرت كثيراً وترددت أكثر فقوّيها بالتشجيع والحب وحثها على المثابرة حتى تنجح، وكرري دائماً مع نفسك مقولة أنا ناجحة، أنا سعيدة، سأصبح اليوم أكثر إنجازاً من الأمس [خاصة وقت الصباح] ، وتحدثي عن نفسك مع الآخرين بإيجابية، وسيثمر ذلك عاجلاً عير آجل.. فقط تفاءلي خيراً في نفسك وفي إنجازاتك المستقبلية وفي الآخرين، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- أمرنا بذلك، واستشعري الأجر في وظيفتك وفي تعاملك مع الأيتام قلّ هذا التعامل أو كثر؛ فهو باب خير عظيم.. دعواتي لك بحياة أكثر إشراقاً وإنجازاً.

محبط بسبب عملي الجديد

محبط بسبب عملي الجديد المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني مدرس بمدارس رياض الصالحين. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 8/12/1426هـ السؤال أنا موظف عينت في أحدى مناطق بلدنا وقضيت أربع سنوات، هناك كانت أروع سنوات عمري، فقد وجدت نفسي في عملي، بل وتميزت فيه وتقلدت مناصب, وفي سنتي الرابعة هناك كنت قد تزوجت وأحضرت زوجتي لتعيش معي في هذه المنطقة علماً بأنني من أهل منطقة أخرى وأهلي فيها، وزوجتي كذلك. بعد مرور السنة الرابعة وذلك لأنني شعرت بالغربة التي تعيشها زوجتي. وتم نقلي وكانت المشكلة. صدمت بوضعي في العمل فقد فقدت كل مميزاتي السابقة، وأصبحت مجرد موظف عادي، بل كرهت زملائي ومقر عملي، وزاد غيابي وإهمالي وتحولت من إنسان منتج مستمتع في عمله إلى إنسان كسول غير منتج وغير معروف، فأصابني الإحباط واعتراني الاكتئاب وأصبحت حياتي مملة جداً. فهل أعود إلى المنطقة السابقة وأجمع ما ضيعت أم أبقى هنا وأتحمل عملي وزملائي والمجتمع الذي أعيش فيه؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: ما أجمل أن يكون الإنسان المسلم طموحاً، مجداً، محباً للإنتاج، وهذا في الحقيقة قد لمسته من سؤالك. فدعني أصارحك قليلاً، فهدفي وهدفك الوصول إلى حل. في كثير من الأحيان نصيب أنفسنا بالإحباط، ونفترض العراقيل لأنفسنا ثم نجعلها حقائق. لا شك أن بعض البيئات أعون من بعض على الإنتاج والعمل، لكن لا يعني ذلك أن البيئة الأخرى ليست مناسبة، بمعنى: ربما كانت هناك عوامل جيدة تشجع على العمل والإنتاج، وهذه العوامل تقل أو تعدم في مكان آخر، فيصاب الإنسان بالإحباط، مع أن الإنسان لو تعامل مع بيئته بواقعية وبنفسية منشرحة لما أصيب بالإحباط، أما أن نفترض أن كل بيئة نعمل فيها لابد أن تكون كسابقتها أو أفضل، فهذا أمر يصعب، فكل بيئة لها ظروفها، المهم أن نتعايش معها بانشراح، وكأنها أفضل بيئة، ونحاول إصلاح ما كان فيها من أخطاء. فأرى يا أخي أن تبقى في بلدك، وتحاول إزالة حال الإحباط التي بك، ولا تكن مثالياً في طموحك، بل كن واقعياً، إذا ذهبت لعملك اذهب وأنت مبتسم وسعيد بعملك، إذا انتجت فيه شيئاً فاشكر نفسك وأثنِ عليها دون انتظار لشكر الناس. عندها ستحس أنك انسجمت مع عملك ومع زملائك، وستتغير نظرتك. فائدة: إذا لبست نظارة سوداء فسترى كل شيء حولك أسود!. وفقك الله لكل خير.

فشلت في تحقيق الهدف!!!

فشلت في تحقيق الهدف!!! المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 19-5-1424 السؤال مستشاري الفاضل ... أنا فتاة محطمة حيث كانت رغبتي هي التخصص في العلم الشرعي ولكنني عندما التحقت بالكلية ولظروف الكسل وغيره من الأسباب الواهية تركت الدراسة بعد سنة وجلست في البيت سنة كاملة ثم التحقت بعدها بكلية أخرى وبعد سنتين مع الإهمال والزواج تركت الدراسة أيضاً، وقد تكرر هذا العمل معي مرة ثالثة. وبعد أن من الله عليّ بالحمل والولد يريدني زوجي أن أتفرغ لتربية ابني وأنا الآن كلي حسرة حيث لم أستطع نيل ما كنت أتمناه وهو طلب العلم الشرعي. أنا فعلاً أشعر بالإحباط والعجز وعدم الثقة بالنفس حيث لم أنجز شيئاً في حياتي، بل إنه يأتيني شعور وعذاب إذ كيف أربي ابني على طلب العلم وأنا قد عجزت عنه بنفسي. أنا فعلاً أشعر بالعذاب والإحباط.. أرشدوني كيف أعمل جزاكم الله خيراً. الجواب أختي الكريمة ... سلام الله عليك ورحمته وبركاته أما بعد:

فإني مثلك إنسان يحب النجاح في الحياة، ويرى أن من أقرب أوجه النجاح إلى قلبه هو تحقيق آماله، ولكني.. أبدا لا أرى أن الحلم الذي لم يتحقق هو ناتج عن ضعف أو عدم ثقة في النفس، وإنما أنظر إليه أنه تجربة مرت بي لتعلمني شيئا جديدا في الحياة لم أكن قد عرفته.. الفشل طريق النجاح والذي لم يفشل هو إنسان خامل لم يجرب حتى يقع له الفشل.. المقدام دائما هو الذي قد يعثر.. فاتكلي على الله.. واجعلي من الماضي المتعثر دافعا قويا لغد مليء بالنجاحات.. الدراسة ليست وحدها التي تحقق وجودنا في هذه الحياة العبادة.. عبادة الله وحده لا شريك له هي وجودنا الحقيقي، ورسالتنا التي جئنا من أجل أن نعيشها ونبلغها وليست الدراسة النظامية هي سبيلها الوحيد فنصيحتي لك أن تطيعي زوجك بأن تهتمي بتربية ولدك، وحاولي أن تحققي فيه ما لم تحققيه في نفسك! لا تقولي فاقد الشيء لا يعطيه.. بل قولي سوف أدفع بابني في مراقي العلم والعمل، حتى يكون على يدي عملاقا من عمالقة الإسلام في العصر الحاضر اصنعي منه عالما ربانيا، حافظا لكتاب الله، داعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. وعندما تحققين ذلك فسوف تقدمين للإسلام خدمة عظيمة جليلة، ربما تكون أعظم وأجل مما لو انشغلت عنه بالدراسة النظامية.. لتكن أمهات الصحابة والتابعين قدوات حية لك بل انظري ماذا صنعت أمهات عاميات أميات لا يقرأن ولا يكتبن حين صنعن الأجيال التي لا تعرف الموت بالموت، ولكنها خلدت عبر الزمن.. وراء كل رجل عظيم امرأة.. وأنا أقول: وراء كل رجل عظيم أم واسألي عن أم أبي الحسن الندوى كيف اصطنعت من طفل لم يكن ذا مستقبل مرجو في حينه، عالما يعد في طليعة علماء الإسلام في العصر الحديث بارك الله لك في مهمتك الجديدة.. وأرجو لك ولابنك التوفيق والنجاح.. على أني لا أريد أن أختم رسالتي إليك إلا إذا همست في أذنك.. عليك بكتاب الله وسنة رسوله، وفي كتب العلم الميسرة، وأشرطة العلماء والدعاء، لتواصلي ثقافتك الشرعية التي كنت تتمنين الاختصاص فيها، فإنك لا تدرين في أي الطريقتين في التعلم تكون البركة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأمور لا تتيسر لي دائما

الأمور لا تتيسر لي دائماً المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 7/2/1425هـ السؤال أنا متعبة جداً، كل شيء أعمله لا ينضبط معي، أو يضبط بعد تعب، منذ زمان بعيد أي شيء أريده ينقلب ضدي ويفسد، وليس ذلك في شيء واحد بل في كثير من الأشياء، أنا دائما أصلي، وأدعو، وأسبح، ورغم ذلك لا تضبط الأمور معي، أحياناً أتمنى شيئاً يأخذني ويريحني؛ لأني أتمنى أن أرتاح من كل شيء، حتى أقرب الناس إلي لاحظوا سوء حظي، أود فعل شيء حتى تتيسر أموري، وتسير الأشياء من غير صعوبة، أنصحوني بشيء أعمله مثل قراءة آيات معينة من القرآن أو - أي شيء- أتمنى التوفيق كي تنضبط أموري. الجواب أختي الكريمة: سلام من الله عليك ورحمة وبركة، وأمن وأمان، أما بعد: فإن ما تذكرينه من عدم تحقق مرادك في كثير من الأمور مرده إلى أمور كثيرة، سأسرد عليك شيئا منها من أجل أن تصنفي نفسك، وتعرفي الخلل الموجود في حياتك: 1ـ ليس صحيحا أن نطمع في أن تكون الحياة من حولنا وفق مشتهياتنا نحن، فأنا أريد وأنت تريدين، والله يفعل ما يريد، وعلينا أن نوقن بأن الخير هو ما اختاره الله لنا "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" [التوبة:51] . 2ـ الذنوب والمعاصي هي أعظم ما يصيب الإنسان في حياته، والقرآن الكريم مليء بالآيات التي تدل على أن العبد قد يحرم التوفيق في حياته بسببها، وقد كان السلف الصالح يخافونها، ويرون أن ما يصيبهم من أمر يكرهونه في أنفسهم، وأهليهم، ودوابهم، وسائر حياتهم هو من ذنوبهم فيستغفرون، والله -تعالى- امتدح أمثالهم فقال -عز وجل-: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" [آل عمران:135] . وقد وعد الله تعالى من يطيعه أن يحيا حياة طيبة "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [النحل 16/97] ، بينما قال لغيرهم: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" [سورة طه 20/124] . 3ـ بعض الناس لا يرضيهم أي شيء، ولا ينظرون إلا للنقص، ولا يعرفون سوى نصف الكأس الفارغ، يقول الشاعر: إن شر النفوس في الناس نفساً تتوقى قبل الرحيل الرحيلا وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقها الندى إكليلا ولذلك فإن الشاعر يقول لنا: كن جميلاً تر الوجود جميلا. 4ـ إن كثيراً من الأمور التي نطلبها ولا تتحقق هي أمور قد تكون ليس من حقنا أن نطلبها، أو أن في منع الله تحقيقها لنا خيراً لنا ولكن لسنا دائما نستطيع أن نصل إلى الحكمة منها، ولك أن تقرئي سورة الكهف ـ قصة الخضر مع موسى، فكيف يقتل طفل لم يبلغ دون جريرة، وحين انكشف الأمر لموسى وهو أن هذا الطفل سيكون بقاؤه وبالاً عليه وعلى والديه أصبح الموت خيراً له ولوالديه، فإنه لن يؤاخذ إذا مات طفلاً، ولن يصيب والديه منه سوء.

5ـ من قال أن أمورك كلها ليست طيبة؟ ها أنت فتاة مسلمة، فأنت أفضل من ملايين من البشر لا يزالون كفاراً، وها أنت تنطقين وتسمعين، وتنظرين، وتمشين، فأنت أفضل من ألوف الناس الذين فقدوا هذه النعم.... أختي الكريمة: أنا أدعوك أن تصلحي ما بينك وبين الله أولا، وأن تقلعي عن جميع ما يسخط الله به عليك، وأن تعلمي بأن الله -تعالى- سوف يوفقك لما فيه الخير لك، وأن ما تحرمين منه ربما كان في صالحك، ولا تستبطئي إجابة الدعاء فربما كان في ذلك الخير الذي لا ترين، "وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" [النساء:19] . أختي: إن من موانع إجابة الدعاء أن تقولي دعوت فلم يجب لي، فقد ورد مثل ذلك في حديث رواه مسلم (2735) بسنده عن رسولنا - صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ" قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ قَالَ" يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ". ولتعلمي بأن دعاءك عبادة في ذاته، فاستمري وفقك الله، وحاولي أن تطرقي كل الأبواب المباحة لما تريدين، فربما فُتح لك باب منها، وإذا لم يفتح غيري الطريقة، والأسلوب، والجهة، وإذا لم يفتح فاعلمي أن ذلك ما اختاره الله لك فارضي بما قسم الله -تعالى-. وفقك الله.

أصبت بالقنوط مما يصيب إخواننا

أصبت بالقنوط مما يصيب إخواننا المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 25-1-1424 السؤال إنني أشعر باضطراب في المشاعر تجاه هذا الغزو البريطاني الأمريكي على العراق وأشعر بالقلق المتواصل حتى أنني بدأت أحس بنوع من القنوط والألم لما يصيب إخواننا المسلمين هناك. أرجو المساعدة وفقكم الله،،، الجواب أيها الأخ الكريم شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم " الإنسان على هذه البسيطة قد حكم الله عليه عندما أنزله إليها أن لا تكون حياته حياة نعيم وهناء وسعادة بشكل مستمر وبدون انقطاع بل لابد وأن يكتنفها الكثير من الضيق في العيش والآلام الجسدية والنفسية والاجتماعية ولا بد أن يعتريها الهم والنكد والغم.. فهذه سنة قدرية قدرها الله سبحانه وتعالى وحكم بها لأنه سبحانه لم يعدها دار نعيم لبني البشر بل دار شقاء وكبد في العيش وأما الدار الخالدة المشتملة على النعيم والسعادة فهي دار الخلد، دار الجنان. ولعلك أخي الكريم تدرك بعد ذلك أن الشقاء والأحزان التي تصيب الإنسان في هذه الحياة الدنيا إنما تكون على نوعين هما: الأول: هو ناتج عن مصائب ذاتية وشخصية وفردية. الثاني: ناتج عن مصائب جماعية تصيب الجماعة والأمة وقد لا تصيب الفرد الواحد بعينه وإنما تصيب الأمة بأكملها وتضايق الفرد الواحد كثيراً ويتألم لها ألماً نفسياً شديداً حتى وإن لم تقترب منه تلك المصائب وكان بمنأى عنها بذاته. والمتفكر في هذين النوعين من المصائب يجد أن أثره وتأثيره على الفرد لا يكاد يختلف بل إن طريقة التلقي لهذين النوعين من المصائب تكاد تكون واحدة عند الكثير من الناس والذي يتمثل في أمرين هامين جداً هما: الأول: هو عدم القدرة على امتصاص تلك المصيبة بل والاستسلام لها والذي ربما لا يقف عند حد حتى يصل إلى درجة التسخط والغضب على الله سبحانه وتعالى والاعتراض عليه لما أنزل من تلك المصائب وأحلها به والعياذ بالله. النوع الثاني: وهم المؤمنون الصابرون الذين يحتسبون الأجر عند الله ويدركون أن ما وقع بهم لم يكن إلا وخلفه حكمة عظيمة من الله تعالى حتى وإن بدا من شكلها الظاهري أنها مسيئة وشيء مزعج ومؤلم. أصحاب النوع الأول لا يجنون إلا غضب الله واكتساب الإثم والوزر ولم ينفعهم تسخطهم عند ربهم شيئاً بل إنها لم تؤدي إلى نتيجة إيجابية عليهم. وأما أصحاب النوع الآخر فكان الرضى والاطمئنان حليتهم وكسب الثواب ومغفرة الرحمن نصيبهم. أيها الأخ الكريم.. إننا في مثل هذه الأزمات مطالبون بعدة أمور يجدر بنا التنبه لها والعمل بها وهي:-

أولاً:- أن كل ما يصيبنا سواء على المستوى الفردي أو الجماعي والذي يصيب الأمة جميعها إنما هو قد كان بقضاء الله وقدرة وأن الله قد قدره قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما ثبت ذلك عن المصطفي صلى الله عليه وسلم. الله حينما أمرنا بالإيمان بالقدر خيره وشره وجعله الركن السادس من أركان الإيمان إنما يكون هذا وقته وهذا أوان إظهاره. فإظهاره لا يكون وقت الدعة والراحة بل في وقت الأزمة والمصيبة، ولذلك فيكون التسخط منا قضاً تماماً لهذا المبدأ ومعطلاً له ومبطلاً العمل به. إننا ونحن نرى هذه الحرب على إخواننا المسلمين في العراق يجب أن ندرك أن ذلك لم يكن ليتم لولا أن الله قد قدره وكتبه وأنها مصيبة لم تكن لتخطئنا حين أصابتنا ولم تكن لتصيبنا لو أخطئنا. ثانياً: أن كل ما يصيب الأمة على المستوى الجماعي وما يصيب الإنسان على المستوى الشخصي إنما يأتيها وينالها بما كسبت أيدي الناس بل هو من عند أنفسهم وبسبب أفعالهم. {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} آل عمران. فالأمة اليوم لا يشك أحد أنها قد تجاوزت كثيراً وقصرت في حق الله تعالى وانتشر الظلم فيما بينها فالقوي يسيطر على الضعيف ويسلبه حقه ... والفساد المالي من الرشاوي والربا قد أثقل كاهل المستضعفين الجهل وقلة التعليم وبغي الناس بعضهم على بعض هي فقط مظهر من مظاهر البؤس والظلم الذي حل بأفراد هذه الأمة حتى صار حق الفرد والمواطن في البلاد الإسلامية من أبخس الحقوق على هذه الأرض ... أليست هذه كلها مصائب نجلبها نحن على أنفسنا؟ ألسنا نستحق عقاب الله سبحانه وتعالى حينما تنزل بالأمة مثل هذه الأزمات التي لا تكاد تنفك عنها؟ ثالثاً: الأمل لا بد أن يكون موجوداً على الدوام والثقة بالله وبنصره لابد أن تكون حاضرة يستشعرها كل شخص وكل إنسان فهذا هو مقتضى الإيمان لقضاء الله وقدره كما أسلفنا. الأحاديث الواردة على النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جداً التي تذكر بنصرة هذا الدين والتمكين له وانتشاره في أرجاء المعمورة. المسلمون اليوم يشكلون خمس العالم وهم يتضاعفون كل ثلاثين سنة كما تشير البيانات الدولية بذلك وما ذلك إلا مصداقاً لأقوال النبي عليه الصلاة والسلام. الإسلام والمسلمون وهم في هذه الحالة المزرية والهوان الشديد إلا انه تكثر مكتسباته يوماً بعد آخر وهذا كله مما يبعث على الثقة بالله تعالى وعلى الطمأنينة وزيادة الفرحة والبهجة والسرور التي تملئ قلب الإنسان المسلم. أيها الأخ الكريم ... قد تتسائل عن الدور الذي يمكن أن يعمله الشخص العادي في مثل هذه الأزمات فأقول هناك أمور أساسية يجب أن لا يغفل عنها المرأ وهي: 1- الدعاء المتواصل والإلحاح على الله بأن يكفي المسلمين شر هذه المحن وأن يصلح أحوالهم ويبدلها بخير منها. الدعاء سلاح يجهله الكثيرون لقلة بصيرتهم وعجلتهم في الأمر ولا يدركون أن الأحوال يغيرها الله ربما بسبب دعوة صادقة من قلب مخلص لله سبحانه. 2- الإيمان التام أن هذه المصائب وإن بدا ظاهراً أنها شر على المسلمين إلا أنها تبقى في حقيقتها تحمل الكثير من الخير للمسلمين على المدى البعيد والتاريخ شاهد بذلك.

3- البعد عن القيل والقال وكثرة الشائعات لأنه قد تبث أنها تسبب الكثير من الأزمات النفسية من القلق والهم والحزن والنبي عليه السلام يقول " كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع " حاول أن تكون أخي الكريم في المجالس أقل القوم كلاماً وأكثرهم حلماً.. ولا تدخل في نقاشات عقيمة لا طائل من ورائها إلا الزيادة في الخصومات والمراء والفحش في الكلام. أخيراً أشعر نفسك بالطمأنينة والسكنية من خلال الإيمان الجازم بأن الله أرحم بعباده منك ومن كل أحد فلست أكثر رأفة ورحمة ومحبة للمسلمين من خالقهم فهو رؤوف رحيم وقد يكون ما يصيب المسلمين من هذا البلاء العظيم إنما هو من مقتضى رحمته عز وجل لأمر غيبي لا يعلمه إلا هو سبحانه. اسأل الله تعالى أن يقي المسلمين شر البلاء والفتن ما ظهر منها وما بطن. كما أسأله تعالى أن يصلح حالهم ويبدلها إلى أحسن حال المستوى الجماعي والفردي.

وظيفتي.. أحبطتني وأدخلتني في دوامة نفسية..!!!

وظيفتي.. أحبطتني وأدخلتني في دوامة نفسية..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى التاريخ 20/5/1422 السؤال أخي الكريم مشرف نافذة الاستشارات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا معلم لدي ابنة تبلغ من العمر سنه وبضعة اشهر، اعمل في هذه المهنة منذ ما يقارب ن التسع سنوات المشكلة باختصار لست مقتنعاً بهذه المهنة لا أدري هل السبب أني دخلت هذا التخصص عندما اعتقدت أن الخيارات انتهت من أمامي وأن فوات فرصة الدراسة في الجامعة يعني ضياع الفرصة في الوظيفة فقد أو ربما أن بقائي في مدرسة واحدة لمدة سبع سنوات جلب لي الشعور بالإحباط أو ربما أن غلاء المعيشة ومحدودية المعاش (الراتب) زادت من تعقيد الأمور حتى أني بدأت أحس أن هذا الإحساس السيئ بدأ يؤثر في إيماني وحياتي اليومية بشكل عام مع نفسي ومع القريب قبل البعيد مع الجميع؟ ما هو الحل لإرضاء نفسي وإرضاء الآخرين حتى أن وساوس الشيطان بدأت توحي لي أني منافق كذاب متملق للآخرين.؟ ــــــــ الجواب أراك اجتهدت في ذكر ((بعض)) الأسباب لمشكلتك.. و ((تطرفت)) كثيراً في ذكر الأعراض..!!!؟ فقد تكون كل هذه الأسباب مجتمعة هي سبب عدم اقتناعك.. وقد يكون بعضها.. وربما غيرها.. والمهم هنا ألا نحمل الأشياء أكثر مما تحتمل.. وألا نكون ((سوداويون)) في نظرتنا للحياة بألوانها المختلفة.. وألا نكتفي بالنظر إلى الجانب الفارغ من الكأس..!!! ولذلك - أخي الكريم - اسمح لي أن أقف معك هنا بعض الوقفات:- أولاً - صدقني.. للحياة أكثر من زاوية.. وأكثر من وجه أراك اخترت الوجه ((السلبي)) لها..!! أو الزاوية التي تشعرك بأنك تعاني.. وبأن ظروفك صعبة ومزعجة وقد وصلت بك إلى حد التأثير على إيمانك وحياتك بشكل عام..!!! بل وعلى علاقتك مع نفسك ومع الآخرين..؟!! وحقيقة أراك متشائماً بطريقة غريبة جداً رغم أن حيثيات حياتك كما يبدو من رسالتك.. لا أقول مستقرة.. ولكنها - على الأقل - عادية..!! لا تتوجب كل هذه النظرة التشاؤمية.. وهذا الإحباط القاتل..!! الذي سيوجد بيئة خصبة لوساوس الشيطان أعاذنا الله وإياك منه. فأنت شاب.. يظهر أن صحتك سليمة.. وقواك سليمة.. لأنك لم تشر إلى غير ذلك.. متزوج.. ومستقر ولديك طفلة - أصلحها الله وحفظها لوالديها - ولديك مهنة شريفة ومناسبة فما الذي ينقصك..؟! يا عزيزي هذا هو الجانب المليء من الكأس..!! فلماذا لا تراه؟!! ثانياً - مشكلتك الحقيقية تكمن في ما يسمى بـ ((قناع إدراك الواقع)) !! فقناع إدراك الواقع لديك.. ممزق.. ومهلهل..!! ولذلك هو يعطيك صورة رمادية للحياة.. صورة بلا ألوان.. ولا طعم.. ولا رائحة..!!! وهذه مشكلة كبيرة..!! إلا أنها بفضل الله يمكن تجاوزها.. وببساطة وذلك عن طريق تغيير هذا القناع الذي ترى من خلاله واقعك. واستبداله بقناع آخر..يعطيك صورة الواقع بألوانه الحقيقية.!! فما هو قناع إدراك الواقع.. هذا؟!! إنه باختصار مجموعة من الأفكار والرؤى ووجهات النظر الذي نفسر من خلالها واقعنا.. أو هو نظرتنا وفلسفتنا للحياة والواقع الذي نحياه!!

ثالثاً - ((كن جميلاً ترى الوجود جميلاً)) هذه مقولة.. تلخص كلاماً طويلاً.. أحد عناصره.. أننا نرى الواقع من خلال أنفسنا.. وأفكارنا.. فإذا رأيناه بنفس جميلة متفائلة.. منفتحة.. أصبح - بإذن الله - كما نراه.. جميلاً.. ومليئاً بالتفاؤل.. واتسع أمامنا مدى الرؤية الإيجابية بطول الأفق وعرضة..!! فلماذا نضيق على أنفسنا مجال الرؤية الإيجابية المليئة بالتفاؤل.. ونحصرها في أحد الزوايا المظلمة!!!؟ رابعاً - " أيه الشاكي وما بك داء كيف تبدوا إذا غدوت عليلا؟ " نعم.. إن كنت.. وصلت إلى هذه الحال.. وأنت تعيش هذا الوضع.. فماذا ستصنع.. لو ساء وضعك فعلاً؟ - لا قدر الله - أخي الكريم.. تأكد أنك بخير.. وأن ما تشكو منه مجرد عارض نفسي.. أو وسوسة شيطان صادفت منك لحظة ضعف.. فتركت أثراً..!!! وأنا واثق - بإذن الله - أنك أقوى.. منها.. وقادر - بعون الله - على تجاوزها ومحو أثارها.. وتذكر يا أخي.. من يعاني من الام عضوية أو نفسية فضيعة.. يتقلَّب من أثارها على فراشه ليل نهار.. لا يهدأ ولا يستقر..!! وتذكر من يمر بظروف أسرية واجتماعية رهيبة.. أو ضائقة مالية.. أو عليه دين أو قهر رجال..!! وتذكر من لم يجد مأوى أو طعاماً لأبناءه وأسرته..!!! وتأكد أنهم بالمئات.. بل والآلاف.. وتذكر.. وتذكر.. وتذكر..... فذلك أجدر أن تعرف نعمة الله عليك.. فتذكرها وتشكرها. خامساً - حاول أخي أن تكون إيجابياً.. وذلك عن طريق التكيف مع واقعك.. وأعني هنا واقعك الوظيفي.. حتى تجد البديل المناسب له.. وأعني بالإيجابية هنا.. أن تجعل لك دوراً في مدرستك.. إما بالمشاركة في بعض الأنشطة المنهجية أو غير المنهجية.. وبعض الرحلات والمسابقات.. واجعل لك هدفاً سامياً تسعى من خلاله للنهوض بهذا الجيل.. بقدر استطاعتك فلربما زرعت بذرة في عقل أو نفس أحد الطلبة قدر لها أن تثمر ولو بعد حين.. يكون لك بها عند الله منزلة عظيمة.. ولا تحقر يا أخي من المعروف شيئاً. سادساً - أقولها لك بصدق.. لقد وفقت إلى مهنة عظيمة ورسالة سامية.. رسالة التعليم.. والتربية وإضاءة النفوس والعقول بنور العلم.. مهنة الأنبياء والرسل.. عليهم الصلاة والسلام.. فهل أنت مستعدٌ للاستفادة والإفادة..؟!! أظنك كذلك إن شاء الله ولا مانع يا أخي من تغيير مدرستك الحالية.. فربما وجدت في المدرسة الجديدة أجواء مناسبة لطبيعتك تكون دافعاً لك.. للتأقلم الإيجابي.. والانتماء للمهنة.. والعطاء الذي تتمناه.. سابعاً - منذ الآن.. إذا خرجت باكراً إلى عملك.. فخذ نفساً عميقاً.. واملأ رئتيك بالهواء.. واذكر ربك.. وأقرأ وردك.. وتفاءل بهذا اليوم.. واعقد اتفاقاً صامتاً بينك وبين نفسك بأن تعينك على تقديم كل ما تستطيعه من جهد وعطاء في عملك.. وبدورك لا تسمح لكائن من كان بأن يسيء إليها أو يخرجها عن هدوئها.. وتوكل على الله في ذلك.. وابتسم.. صدقني. مع الأيام ستفاجئك النتيجة. وفقك الله.. ورزقنا جميعاً الصدق في القول والاحتساب في العمل.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

استغلوا براءتي.. لتدميري!!!

استغلوا براءتي.. لتدميري!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 26/7/1422 السؤال أخي مشرف نافذة الاستشارات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا فتاة أبلغ من العمر 22 سنة قد أنهيت دراستي الجامعية التي لم أجني منها سوى الدمار تجاه أسرتي واتجاه نفسي لأنني مررت خلالها بصداقات فاشلة وفي غفلة مني وهبتها كل معاني الحب الأخوي والإخلاص والثقة العمياء ولكنني لم أجد منهم بمرور الوقت وبعد أن اتضحت الأمور بالنسبة لي سوى الخداع والمكر والاستغلال والحقد والاحتقار فقد استغلوا براءتي وحماقتي لتدميري نفسياً، ولذلك لجأوا إلى نشر إشاعات خاطئة لا أدري حتى الآن بمحتواها أدت الى أن ينظر إلي الأساتذة وزميلاتي في السكن والجامعة نظرة احتقار وكره واضح ويتضح ذلك في صدهم عني وتعاملهم السيئ معي ولم أكن أعرف حينها سبب كل هذا مما أثر في نفسي هذه المرة وانخفض معدلي الدراسي بشكل ملحوظ وتغيرت طباعي للأسوأ، ماذا أفعل.. إني في حيرة كبيرة أخشى من أثارها علي وعلى مستقبلي. الجواب أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل. بالنسبة لمشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: لا شك أن الأيام تعلم من لم يتعلم.. ولكنها غالباً لا تعلمه إلا بثمن باهض يدفعه من صحته أو سمعته أو ماله أو علاقاته.. وربما كان الثمن أكبر من ذلك..!!! والمهم الآن.. هل فهمنا الدرس 00؟؟! واستفدنا من التجربة.. وقيمنا مسيرتنا السابقة وشخصنا الأخطاء واستوعبنا أسبابها وكيفية تجاوزها وتحاشيها مستقبلاً..!؟ ثانياً: ليس العيب - أختي الكريمة - أن نخطئ.. ولكن العيب كل العيب أن تستمر أخطاءنا.. وتتبلد أحاسيسنا وتتساوى لدينا كل الألوان. ونستمرئ التجاوز بحجة أن ما حصل قد حصل.. وأننا قد تجاوزنا خط الرجعة.. وشمت بنا الأعداء.. وحزن لأجلنا الأصدقاء فلماذا العودة بعد كل ذلك..؟!!! وهل تجدي مثل تلك العودة؟!! نعم تجدي.. فلكل جواد كبوة.. ومعركة الحياة طويلة.. وجهاد النفس من أعظم الجهاد.. وقد نسقط في هذه المعركة أكثر من مرة.. ولكننا يجب أن ننهض من جديد لمواصلة المسيرة.. وتحقيق أهدافنا السامية مستمدين العون من الله.. ومستفيدين من أخطائنا.. وباب التوبة مفتوح حتى تغرغر الروح أما القنوط واليأس فماذاك وربي إلا إيحاء شيطاني يريد به إبليس أعاذنا الله جميعاً منه تيئيس ابن آدم من رحمة الله.. ليستمر في طريق الهاوية وبئس المصير. ثالثاً: أحسني الظن بالله.. والتجئي إليه.. وتوكلي عليه.. واسأليه الهداية والتوفيق والثبات.. ولا يزال لسانك رطباً من ذكر الله [ألا بذكر الله تطمئن القلوب] . وابدئي منذ اللحظة بتصحيح المسيرة.. ودفن الماضي بعد الاستفادة من تجاربه.. قال تعالى [إن الحسنات يذهبن السيئات] .

رابعاً: لا شك أنك مسؤولة بشكل أو بأخر عما حصل منهم.. تجاهك من إساءة واستغلال لبراءتك كما تقولين.. ومع كل ذلك.. فالحياة - فعلاً - تجارب لمن أراد أن يستفيد.. وأظنك منهم إن شاء الله.. فلا تلتفتي كثيراً للوراء.. ولا تهتمي بما يقال إذا كنت واثقة أنك اخترت الطريق الصحيح.. واستفدت من تجاربك.. فمن راقب أقوال الناس مات هماً.. ولا يصح في النهاية إلا الصحيح. خامساً: تسامي في كل شئونك.. وكوني صاحبة همة عالية.. واسعي إلى تحقيق طموحاتك.. وأنت - بإذن الله- أقوى من تلك التجربة فلا تجعليها تأسرك بخيوطها إلى الوراء.. بل أثبتي للجميع عن طريق التفوق والجدية والاستقامة.. أنك الأقوى.. وأن سقوطك في الماضي سقوط فارس سرعان ما استعاد الزمام ونهض من كبوته وواصل مسيرته غير عابئ بنظرات الحقد أو الغيرة أو الشفقة!!! مفضلاً الرد على أعدائه بالأفعال لا بالأقوال.. ومتيقناً أنه متى ما أحسن النية واتكل على ربه بصدق فإن العاقبة له. والنجاح سيكون حليفه. سادساً: الله.. الله باختيار الرفقة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه.. ولا أظنه يخفاك - أختي الكريمة - أثر الجليس على حياتنا.. فقد قيل (أخبرني من تصاحب وأخبرك من أنت) وكل قرين بالمقارن يقتدي..!!! ولا تنسي حديث الجليس الصالح والجليس السيئ.. فضعي هذا الأمر نصب عينيك.. في بداية مسيرتك الجديدة في تصحيح حياتك. سابعاً: أما ما حصل من سوء فهم بينك وبين إحداهن.. فلا بأس من توضيح الصورة لها وإبداء نوع من العتب عليها لما بدر منها عبر جلسة مصارحة ومصالحة تتوسط فيها إحدى الصديقات.. ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا قال تعالى: [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.] . وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

أنا والفساد الإداري والمالي في عملي

أنا والفساد الإداري والمالي في عملي المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله- التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 22/05/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أنا شاب طموح جداً، أحلم دائماً أن أكون ذا شأن في المستقبل، ولم يفارقني هذا الحلم يومًا من الأيام، كنت متفوقاً في دراستي، وتخرجت في كلية الهندسة، وكنت من العشرة الأوائل على الدفعة، وبعد التخرج بدأت رحلة البحث عن عمل، تقدمت مع بعض زملائي لشركة من الشركات الكبيرة، وكنا خمسة، وكان ترتيبي الرابع بينهم، تفاجأت أنهم قبلوا ثلاثة أعلى مني معدلاً، وعندما أرادوا أن يقبلوا الرابع اختاروا الأخير الأقل مني معدلاً، تعبت نفسياً، متسائلاً: لِمَ قبل هو واستبعدت أنا؟ بعدها -ولله الحمد- توظَّفت في شركة أخرى، كنت -ولا أزال- مثال المهندس المخلص والمتقن لعمله بشهادة زملائي، ولكن ينتابني شعور بالإحباط وخيبة الأمل، أحس وكأن أحلامي تحوَّلت إلى سراب. أحترق لما أرى كثيراً من الموظفين يُقدَّمون عليَّ في كل شيء، في الدورات، في الدرجات الوظيفية، في العطايا. ألحظ أن الواسطة عندنا منتشرة، والأمانة ضعيفة، لكن هل ذنبي أني أمين ولا واسطة لي؟ حقيقة الإحباط يحيط بي من كل جانب، والشعور بأنني سأظل رجلاً عاديًا طوال حياتي قد تملَّكني أشدّ التملك. أنا شاب ملتزم وأخاف الله، ولا أريد أن أرتكب محرماً، فأرجو أن ترشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: جزاك الله خيراً على هذه الغيرة، وعلى ثباتك على المبادئ، وتمسُّكك بالقيم، واحترامك لأخلاقيات دينك، وما حصل من عدم قبولك مع زملائك -لا شك- دخلت فيه الواسطة البغيضة الظالمة، وهو امتحان من الله لك. والحمد لله أنك لم تيأس، ثم إن الله وفَّقك لوظيفة أخرى. وإن ما تشاهده في هذه الشركة من فساد إداري، وتضييع للأمانة، وارتفاع الفاشلين، وحصولهم على ما لا يستحقون، بينما أنت أهل لأفضل مما هم فيه، ولكن لم تحصل عليه بسبب هذا الفساد، فهو -لا شك- هضم لحقوقك وظلم لك. فعليك بالآتي: (1) أن تصبر وتحتسب؛ لعل الله يصلح على يديك ما فسد في الشركة، فاصبر على هذه المبادئ وأثبت جدارتك، وفي الوقت نفسه طالب -بالطرق النظامية- بما تستحقه كغيرك، ولا تتنازل عنه، لكن بالطرق السليمة، وإياك أن تتنازل عن شيء من دينك أبداً، فثباتك عليه لك فيه عز وشرف، وإن لم تحصل على ما تريده، فبسبب صمودك وثباتك سيبارك الله لك في مالك، ويعوِّضك خيراً مما ستفقده، وربما هو امتحان لفترة وجيزة، ثم يجعل الله لك من الهم فرجاً، ومن الضيق مخرجاً، وبعد العسر يسرين. (2) اكتم أمرك، واجعل سرك في نفسك، وخطِّط للانتقال إلى وظيفة خير منها، وستجد -بإذن الله- لكن لا تبلغ أحداً حتى تنتقل إليها، ولا تترك الوظيفة الحالية، ولا تشعر المسؤولين إلا بعد ما تستوثق من العمل الجديد. وإن وجدت واسطة خير تعينك -وليس فيها مضرة على أحد، أو ليس فيها تقديمك على من هو خير منك- فلا بأس. أعانك الله، وبارك فيك.

طموحي يتهشم

طموحي يتهشم المجيب د. نادية الكليبي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 24/01/1426هـ السؤال مشكلتي باختصار أني أملك طاقات إبداعية عالية جداً، ومتعددة النواحي أيضاً، لكني -للأسف- لا أستمر في أي مجال أبدع فيه لأكثر من ستة أشهر تقريباً، أي أني أشعر بالملل، وفي بعض الأحيان تقل هذه الفترة عند مقابلة أي عقبة في طريق هذا الإبداع ولو كانت العقبة بسيطة؛ لأني من نوع الذين يستمرون بالتشجيع المستمر، فعند صدور تعليق ساخر على ما أفعله أجد جميع طموحاتي منهارة، لا أعلم إذا ما كان سبب هذا الشيء انعدام الثقة بالنفس أم ماذا؟ قبل أربع سنوات تقريباً بعثت بإحدى مشاركاتي الأدبية إلى إحدى الصحف، ولما لم يتم نشرها أصابني إحباط بدل الإصرار على إثبات الذات، وانقطعت عن المراسلة والكتابة فترة طويلة، حتى هذا العام تقريبا، والآن أفكر جدياً في معاودة المراسلة، حيث إن طموحي عالٍ لكنه هش سريع التهشم، وأخاف أن يعاودني الإحباط والإحساس بالهزيمة. أرشدوني إلى الحل. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخت الكريمة: أرجو من الله -تعالى- أن يجعلك موفقة مسددة، إياك - بارك الله فيك- من مشاعر اليأس والإحباط، فالإبداع نعمة لا تضيعيها بمشاعر سلبية، وإن كنت لا أعرف على وجه التحديد المجالات التي تتميزين بها، ولكن سأذكر لك قواعد عامة أرجو من الله -تعالى- أن تنفعك وتحقّق ما تصبو إليه نفسك: أولاً: حدّدي طاقتك، وأعني - حجمها- لا نوعيتها. ثانياً: ابحثي عن السبب، فلا تكفي العقبات في وقف سيل الإبداع، فتأملي الأسباب وفتشي عنها، فقد تكون في داخلك، ومن ذلك قد تكون البدايات كبيرة جداً، أو الأعمال كثيرة، مما يصيبك - كما ذكرت- بالملل، أو قد يكون المجال ضيّقاً ومحدوداً لا يسع إلا قلائل فتأتيك العقبات، أو غيرها من الفوضوية، أو عدم القدرة على التركيز ... إلخ.. المهم من الضروري أن تبحثي بجد عن السبب؛ لأنه إذا عُرف السبب استطعت - بإذن الله- أن تعالجي الموضوع. ثالثاً: من المحزن أن تكوني مبدعة ذات طموح وتغتالينه بيدك، وحتى لا يتهشم -كما وصفت- عليك بما يلي: 1- الإخلاص، فاجعلي لك نية صالحة في إبداعك وتميزك، فلا تبالي بالشهرة أو بالعطاء في حد ذاته، بل بما يترتب عليه من ثمرات وأجور، فلا تهتمي مطلقاً (نشروا أو لم ينشروا) ، يكفي أنك كتبت كلمات صالحة تستحق البقاء، وستجد يوماً ما طريقها إلى النور ما دمت تملكين إخلاصاً لله واحتساباً لموعود الله، ولا تلتفتي للتشجيع، ولا تستندي على عصا عدا توكلك على الله والاستعانة به. 2- اجعلي التشجيع والمساندة قائمة - بعد الاستعانة بالله- على الإكثار من الدخول في التجارب العملية؛ فهي مما يصقل الإبداع ويهذبه، بل قد يكون فتيل إشعاله، وحتى لو كانت أعمالاً تطوعية، ومن ميزات التجارب العملية أنها تدرب على الانضباط والاستمرار والجدية. 3- حاولي أن تحدّدي المجال الأكثر والأقرب إلى نفسك، ومن ثم تنتظمين في عمل ثابت - ولو قليل- ولا تشاركي في أكثر من عمل في وقت واحد. أسأل الله -تعالى- أن يسدد خطاك، وأن يجعلك مباركة حيثما كنت.

طموحي وغلبة الإحباط

طموحي وغلبة الإحباط المجيب د. لطيفة المشيقح عميدة كلية المجتمع بأبها التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 3/01/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. مشكلتي باختصار أني أملك طاقات إبداعية عالية جداً ومتعددة النواحي أيضاً، لكني -للأسف- لا أستمر في أي مجال أبدع فيه لأكثر من 6 أشهر تقريباً، أي أني أشعر بالملل، وفي بعض الأحيان تقل هذه الفترة عند مقابلة أي عقبة في طريق هذا الإبداع ولو كانت العقبة بسيطة؛ لأني من نوع الذين يستمرون بالتشجيع المستمر، فعند صدور تعليق ساخر على ما أفعله أجد جميع طموحاتي منهارة، لا أعلم إذا ما كان سبب هذا الشيء انعدام الثقة بالنفس أم ماذا؟ قبل أربع سنوات تقريباً بعثت بإحدى مشاركاتي الأدبية إلى إحدى الصحف، ولما لم يتم نشرها أصابني إحباط بدل الإصرار على إثبات الذات، وانقطعت عن المراسلة والكتابة فترة طويلة، حتى هذا العام تقريبا، والآن أفكر جدياً في معاودة المراسلة، حيث إن طموحي عالٍ لكنه هش سريع التهشم، لكني أخاف أن يعاودني الإحباط والإحساس بالهزيمة. أرشدوني إلى الحل. الجواب الأخت الفاضلة- سلمها الله-: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: تكلمت في البداية وقلت إن لديك طاقات إبداعية، فهل سبق أن دخلت برامج لقياس الإبداع؟ لأن الإبداع له محاور وصفات، مثل المرونة والطلاقة، والأصالة، وبالمقابل هل تم أن أجريت أي تدريب على مواهب الإبداع؟ إذا كانت الإجابة بلا، فأعتقد - والله أعلم- أنك فقط وحدك تعتبرين نفسك مبدعة، في حين أن هذا غير صحيح؛ لذلك أنصحك بأن تتلقي أي تدريب، وأن تمارسي أي هواية أو حتى وظيفة بسيطة لتثبتي من خلالها لنفسك قبل كل الناس أنك قادرة على الإبداع، وقبل ذلك تخلصي نيتك لله في أي عمل؛ لأن الإخلاص وتوجيه الأعمال لله تجازين عليها خير الجزاء في الدنيا والآخرة، وبالمقابل لا تعبئي بنظرة الناس لك؛ لأن رضا الناس غاية لا تدرك. اثبتي واستعيني بالله ولا تعجزي وكرري محاولاتك، وجددي عزيمتك، وفقك الله لكل أمر خير.

التغلب على اليأس

التغلب على اليأس المجيب سليمان بن سعد الخضير مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 30/3/1425هـ السؤال كيف يتغلب المسلم على اليأس؟. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: (اليأس) شعور نفسي يتعرَّض له الإنسان نتيجة ضغوط نفسية (ما) ، سواء كان سبب تلك الضغوط أزمات ومشكلات لم يتمكن ذلك الإنسان من التعامل معها بطريقة ناجحة، أم كان سببها تقلبات مزاجية وعاطفية، أم مغالطات في فهم الأمور وتصورها على الوجه الصحيح ... الخ. حين تصادف الأسباب المشار إليها وغيرها نفسيةً غير سوية فلا تستطع أن تتكيف معها، ويتأثر نتيجة لذلك ـ استقرارها وهدوؤها؛ حيث إن الشخصية السوية والنفسية المعتدلة تستطيع ـ بتوفيق الله ـ تحمُّل الضغوط النفسية والأزمات والصراعات والتقلبات بأنواعها، والتعامل معها بالأسلوب الذي تتجاوز به المشكلة بثبات. واليأس هو درجة من فقدان الأمل بحل مشكلة ما أو النجاح في أمر ما، والشعور بالإحباط، يصاحب ذلك ـ أو يسبقه ـ نوع من القلق والتوتر والاضطراب. وقد يدفع اليأس صاحبه إلى ممارسات خاطئة يحاول بها الهروب من تلك المشاعر التي سيطرت عليه (مع أنها قد تكون مشاعر وهمية) ، فيلجأ إلى مشاعر وهمية أخرى وحيل نفسية تخالف الواقع، أو الهروب من الواقع بالانطواء والعزلة، أو إيذاء نفسه أو تناول مسكرات أو الانتحار، أو الهروب من الاهتمام الذي سبب له الأزمة كالذي تنتابه مشاعر اليأس من حال أمته فيترك الاهتمام بها جملة وتفصيلاً وربما ترك التدين وانغمس في الشهوة التي تنسيه ذلك الهم. وتجدر الإشارة ـ قبل البدء بوسائل دفع اليأس ـ أن اليأس ليس خاصًا بفئة من الناس بعينها دون غيرها، وليس خاصًا بموقف دون موقف، بل إنه يتطرق إلى كل إنسان توفرت لديه الأسباب الداعية لذلك ولم يملك القدرة على دفعه. ومن وسائل دفع اليأس: 1. تعميق الإيمان بالقدر خيره وشره، واليقين بأن كل ما يصيب الإنسان فهو بعلم الله وتقديره، والعبد في مشيئة الله. وتحقيق هذه الوسيلة ـ كأكثر الوسائل ـ بيد الإنسان بعد توفيق الله، فعليه أن يقرأ النصوص الشرعية الدالة على هذا المعنى بتفهم وعمق، مع الاطلاع على أقوال السلف وسلوكهم في التعامل مع الأحداث. فما معنى ترديد المسلم في الصلاة وبعدها: «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه البخاري (6330) ومسلم (593) من حديث معاوية - رضي الله عنه -، وفي آثر ضعيف رواه الطبراني: «إن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر ولو أغنيته لطغى، وإن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى ولو أفقرته لطغى ... » انظر تفسير ابن كثير (3/49) وموسوعة الأحاديث الضعيفة (4059) ، وأكثر ما يشتكى من اليأس بسبب نسيان هذه الحقيقة وضعف الإيمان؛ ولذلك كان توجيه يعقوب ـ عليه السلام ـ وهو من هو في معايشته لصنوف من الضغوط النفسية حينما فقد ابنيه يوسف وبنيامين ـ عليهما السلام ـ: "يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" [يوسف:87] .

2. قوة اليقين بقدرة الله، وهذا معنى زائد على مجرد الإيمان بالقدر، فالإيمان بالقدر هو استسلام لقضاء الله الكوني مع الاحتساب، ولكن اليقين بقدرة الله على تغيير الحال إلى حال أحسن هو تطلع لفضل الله وحسن الظن به والتوكل عليه؛ ولذا فإن إبراهيم ـ عليه السلام ـ كشف عن قوة يقينه بقدرة الله حين جاءته البشرى بالولد فقال: "ومن يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون" [الحجر:56] أي: لم أكن لأيأس من رحمة الله، بل كان كثير الدعاء بأن يرزقه الله ذرية صالحة، ووفق المقاييس المادية لا يمكن لعجوز عقيم أن تلد من شيخ كبير، لكن حصل خلاف تلك المقاييس. 3. أن يتفهم الشخص أن المشكلة مهما كانت من التعقيد، أو أن الحال مهما كان من السوء فإن حلهما لا يكون بغير حلهما، أو الإسهام بحلهما، وكما قيل (أن تضيء شمعة، خير من أن تلعن الظلام ألف مرة) ، وهذا يقودنا إلى الوسيلة الرابعة وهي: 4. أن يركز على العمل، أما الاقتصار على مجرد الهموم وتقليب المشاعر وتهييجها فلن يغني شيئًا، وفي المثل العربي (أوسعتهم شتمًا وساقوا بالإبل) . 5. أن يعتدل في نظره للأسباب التي يتحقق من خلالها ما يطلب؛ فإن التعلق بالأسباب أو المبالغة في اعتقاد أنها الأسباب الوحيدة يولد ردّ فعل باليأس وشعورًا بالإحباط. 6. أن يعتدل في نظره للمشكلات والأزمات وسوء الأحوال، فقد لا تكون بالصورة الموجودة في ذهن الإنسان، وكم كبَّرت النفسية المتطرفة أمرًا صغيرًا أو مواقف يسيرة فجعلت منها فاجعة أو كارثة، فتصورت أن حلها من الصعوبة بمكان. 7. أن يعتدل في نظره لذاته وإمكاناتها، فقد ينشأ اليأس نتيجة احتقار النفس وبالتالي لا يفعل ما يمكنه فعله لتجاوز المشكلة أو سببِها؛ توهمًا أنه غير قادر على ذلك، فيقع أسيرًا لليأس، أو تصور النفس فوق قدراتها فيحمّلها ما لا تحتمل ثم يقاوم ثم ينهار. وأمر آخر له صلة بالاعتدال وهو تفهم أن الله لم يكلف الإنسان إلا ما يستطيع وعليه أن يفعل ما يستطيع، وبالتالي فإن ما ينتاب بعض الناس من اليأس لكونه لا يستطيع أن يصلح كل الأحوال هو نتيجة توهم أنها مسؤوليته بنفسه، دون أن يفهم أن مسؤوليته أن يسهم فقط. 8. التنفيس عن المشاعر السلبية بطريقة معتبرة شرعًا، كالاتجاه إلى الله بالدعاء والشكوى "قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله" [يوسف:86] ، أو عرض المشكلة على أهل العلم والمختصين، وطلب الرأي منهم والتحاور معهم؛ شرط أن يكون ذلك طلبًا للحل لا محاولة لإقناع الناس بالفكرة اليائسة. ما تقدم من شأنه ـ بإذن الله ـ دفع اليأس، أما حينما يصاب شخص بهذا الداء فإن هناك علاجات نفسية تعرف في حينها من أهلها.

أحلام اليقظة حطمتني

أحلام اليقظة حطمتني المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث شرعي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 22/2/1425هـ السؤال أنا امرأة متزوجة، ولكن أعيش عالماً مختلفاً عن الناس، وهو عالم أحلام اليقظة! عطلت هذه الأحلام حياتي، كنت أطمح لأشياء كثيرة ولكن الأحلام تكفيني دون أن أحقق شيئاً، بل وصل الأمر إلى أنني حرمت من قيام الليل بسببها، بل وحتى من أداء الصلاة في وقتها؛ ناهيكم عن الخشوع في الصلاة وقراءة الأذكار وتدبر القرآن، إنها مأساة، وأنا أعلم أن من يريد الفردوس لا تكون هذه حياته، فماذا أصنع كي أتحرر من أسر هذه الأحلام التي قيدتني منذ أن عرفت الحياة. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: إلى الأخت الفاضلة: - أصلح الله حالها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. علاج ما أنت فيه أن تطرحي هذا كله عن نفسك وتعيشي واقعك الذي تحيين فيه، وذلك بعدة أمور منها: 1- كثرة الذكر والدعاء والاستغفار. 2- كثرة قراءة القرآن بتدبر، وقراءة السيرة العطرة. 3- المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والقراءة في الكتب التي تتكلم عن الصلاة وفضلها، والثواب المترتب عليها، وكذلك العقاب والجزاء المترتب على تركها أو تضيعها، وهذا يكون محفزاً لك على الحفاظ عليها. 4- اجعلي لنفسك هدفاً في الحياة واجتهدي في تحقيقه كأن تجعلي من أبناءك نماذج طيبة يشرف بهم المجتمع. 5- حاولي أن تترجمي أحلامك إلى واقع ملموس. 6- يمكنك الالتحاق بإحدى دور التحفيظ النسائية. 7- حاولي أن تشاركي في العمل الدعوي. 8- يمكن لك أن تأخذي دورات في اكتشاف مهاراتك والعمل على تنميتها. 9- اجتهدي في تعلم بعض الأعمال المنزلية اليدوية من النسيج وغيره. 10- يمكن لك أن تتعلمي فن الخياطة والتفصيل. 11- عليك بالقراءة في الكتب التي تكلمت عن علو الهمة، مثل كتاب علو الهمة للشيخ محمد إسماعيل المقدم، وكتاب (الهمة العالية) للشيخ محمد الحمد، وكتاب (صلاح الأمة في علو الهمة) للشيخ سيد عفانى، وكذلك القراءة في كتاب كيف تكوني ناجحة، وكتاب (حتى لا تكون كلاً) ، وكتاب (كيف تنمي مهاراتك) ، وغيرها كثير. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مشكلات النطق

"ابنتي وصعوبة الكلام" المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النطق التاريخ 26-10-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ابنتي الوحيدة عمرها ثلاث سنوات إلا شهراً ونصفاً، انطلقت في الكلام وتكوين الجمل منذ فترة ليس بالقصيرة، ولكنني منذ أيام لاحظت عليها تأتأة وصعوبة في إخراج الحرف الأول في بداية كل جملة وبشكل ملفت، ما الحل؟ أرجو الإفادة عاجلاً أثابكم الله الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنافي موقع " الإسلام اليوم" في الحقيقة أن التأتأة هي أحد أشكال الاضطرابات النفسية وهي أكثر الأنواع شيوعاً كأحد صعوبات النطق، وتنتشر بصورة واضحة في سن الثالثة أو الرابعة أثناء اكتساب الطفل الكلام، أو من سن الخامسة أو السادسة عند دخول الطفل المدرسة، وأحياناً تبدأ في سن البلوغ والمراهقة. وعن أسباب التأتأة في الفترة ما بين الثالثة والسابعة هناك عدة احتمالات. أولاً: إن هذه الفترة معروف عنها أن الطفل يبذل مجهوداً كبيراً ليتعلم الكلام فعندما كان في مرحلة أقل كان يتعلم جملاً قصيرة متقطعة لا يحتاج إلى تفكير لإخراجها، ولكن حينما يبلغ سناً أكبر فإنه يحاول أن يكوّن جملاً أطول للتعبير عن أفكار جديدة، عندئذ سيبدأ الطفل في ترديد جملة من ثلاث أو أربع كلامات ولن يكشف إلا عند ما يصبح غير قادر على العثور على الكلمات الصحيحة، وأن أمه لا تعيره التفاتاً كبيراً بسبب كلامه المستمر فتقول له (هيه، هيه) وهي سارحة وتكون مشغولة بأعمال المنزل. وهكذا تزداد خيبة ذلك الطفل بسبب عدم تمكنه من استرعاء انتباه من يرعاه ويسمعه. ثانياً: وهو احتمال كبير من أن التوتر النفسي والعناد الذي يظهر أحياناً على الطفل في المرحلة الابتدائية نتيجة الظروف البيئية التي تحيط به تؤثر في كلامه. ثالثاً: الوراثة: فالتأتأة أحياناً تكون وراثية في الأسرة، وهي تكثر عند الذكور عنها عند الإناث، وهذا يعني أن بعض الأشخاص لديهم استعداد أكبر نحو هذه الظاهرة. رابعاً: محاولة تغيير الطفل الأشول الذي يعتمد على يده اليسرى في كافة أعماله ... إلى أيمن فإن ذلك يسبب بدء التأتأة في بعض الإصابة، لأن ذلك الجزء من المخ هو الذي يتحكم في الكلام، ويتصل أيضاً اتصالاً مباشراً بذلك الجزء الذي يتحكم في اليد التي ينقلها الشخص. فإذا أجبره الأب أو الأم أو المعلم على استعمال اليد الأخرى فإن ذلك فيما يبدو يؤدي إلى إضطراب الجهاز العصبي الخاص بالكلام أخيراً: حالة الطفل النفسية لها علاقة كبيرة بالتأتأة فمعظم الحالات (التأتأة) تظهر وتحدث لدى الأطفال المتوترين، وتظهر التأتأة عند إثارتهم فقط. وهناك أسباب نفسية للتأتأة:- 1. عدم إحساس الطفل بالأمن والاطمئنان. 2. مبالغة الوالدين في رعاية الابن والاستحواذ عليه بدلاً من إعطائه الفرصة للاستقلال والاعتماد على النفس. 3. افتقار الطفل إلى عطف أحد الوالدين أو كليهما. 4. التعاسة والشقاء العائلي، والخلافات بين الزوجين، ومشاهدة الطفل لها. 5. تعارض التيارات وتنازع الأهواء في الأسرة. 6.الإخفاق في التحصيل الدراسي. هناك علل جسمية تكون سبباً في التأتأة.

1.وجود عطب وظيفي خلقي في مراكز الكلام في المخ. 2.اضطراب الجهاز التنفسي، وتضخم اللوزتين ولحمية الأنف. ملاحظة هامة: إن أغلب حالات التأتأة عند الأطفال في المرحة الابتدائية يكون سببها نفسياً، وتحدث حالات التأتأة أيضاً بصورة ملحوظة عندما تكون الأمهات متوترات نفسياً فإن ذلك ينعكس على أطفالهن، وتظهر التأتأة لدى أطفالهن. مظاهرة التأتأة تظهر التأتأة على شكلين مختلفين: (1) حركات ارتعاشية متكررة. (2) تشنج يكون على شكل احتباس في الكلام يعقبه انفجار. بعد بداية التأتأة بفترة زمنية تقدر بحوالي سنة تقريباً تظهر بوضوح " التشنجات التوقيفية " إذ يبذل الطفل عن تحريك عضلاته الكلامية جهد ومحاولات، فتبدو بوادر الضغط على شفتيه، وعلى عضلات الجهاز الكلامي، وبذلك تحتبس طلاقة لسانه. وعند ما تشتد وطأة التأتأة على المصاب تظهر بوادر جديدة على شكل حركات مصاحبة للمرض الأصلي منها: 1. تحريك الكتفين أو اليدين، الضغط باليدين على الأرض. 2. ارتعاش الرموش وجفون العين. 3. إخراج اللسان من الفم. 4. الميل بالرأس إلى الوراء أو إلى الجانب ... الخ. ويلجأ المصاب لكل هذه الحركات أو أحدها لعلة يجد فيها معين يساعده على التخلص من احتباس الكلام. طرق العلاج والوقاية. (1) لا تحاول تصحيح كلام الطفل، وعدم المبالغة والضغط عليه لتعليمه الكلام قبل سن عامين. (2) البحث عن الأسباب التي تسبب التوتر للطفل والعمل على إنهائها والقضاء عليها. (3) عدم توجيه الحديث إليه كثيراً في سن مبكرة وعدم إرغامه والضغط عليه ليتحدث، إلا أنه يمكن ملاعبته عن طريق عمل أشياء بدلاً من التحدث عنها. (4) إتاحة الفرصة للطفل ليقوم باللعب مع الأطفال الآخرين الذين يرتاح لهم. (5) في المرحلة المبكرة يجب على الوالدين توفير كم من الدمى، وأدوات اللعب الكافية في المنزل حتى يتمكن من تكوين ألعابه بدون كثرة الكلام وليس معنى هذا أنه يجب أن نهجر الطفل أو تجاهله، ولكن عندما تكون معه ينبغي أن تكون هادئ الأعصاب. (6) يجب على المحيطين به في مرحلة ما قبل المدرسة ترك الفرصة له وعدم قيادته في كل عمل يعمله بل اترك الفرصة له ليكون هو القائد. (7) على المحيطين به إعطائه الاهتمام عندما يتحدث حتى لا يثور. (8) إذا شعر أحد الوالدين بأن الطفل يحدث له غيره من مجيء أو قدوم أخ أصغر فعليهما بذل مجهود أكبر لمنع الغيرة وتوفير الحب والحنان والرعاية النفسية للطفل. (9) إذا اكتشف أحد الوالدين الأسباب الحقيقة للتأتأة فعليه استشارة أحد المعالجين النفسيين أو الطبيب النفسي علماً بأن أربطة اللسان ليس لها علاقة بالتأتأة لذا ننصح بعدم قطعها. الخلاصة: إن التأتأة تحدث نتيجة ما سبق ذكره أي أنها ليست فطرية بصفة قاطعة إلا أن للوراثة دور والبيئة عليها دور أكبر لذا يراعى كل ما سبق الحديث عنه من مسببات. طرق العلاج: 1- على الوالدين التأكيد من أن الطفل لا يعاني من أسباب عضوية. 2-العلاج النفسي وذلك لتقليل الأثر الانفعالي والتوتر النفسي للطفل ووضع حد لخجله وشعوره بالنقص، والانطواء في البيئة التي يعيش فيها.

3- ينبغي أن يتعاون الآباء والأمهات وتفهمهم الهدف من العلاج النفسي مع من محاولتهم المعاونة ومساعدة الطفل على أن يعتمد على نفسه، وعلى رفع روحه المعنوية بحيث يشعر بالأمن والأمان والدفء العاطفي، البعد عن التدليل. 4- العلاج الكلامي: ويتلخص في تدريب الطفل المريض على الكلام وذلك عند بداية النطق للحروف ويكون بهدوء وطريقة سليمة لنطق الحرف وعدم الضغط عليه. 5- العلاج البيئي: وذلك عن طريق دمج الطفل المريض في أنشطة اجتماعية تدريجياً كي تتاح له فرصة التفاعل الاجتماعي مما يساعد على تنمية شخصيته اجتماعياً عن طريق العلاج باللعب، الاشتراك في الأنشطة الاجتماعية. 6- تعاون الوالدين مع المدرسة، وذلك لخلق الجو الصالح في البيت والمدرسة بحيث لا يشعر بالحرج سواء عن طريق أسئلة المدرس له أمام التلاميذ أو تسميع الدرس منه أو عن طريق اعتداء وسخرية تلاميذ الفصل منه. والله الموفق،،،

كيف أتخلص من التلعثم في الكلام؟

كيف أتخلص من التلعثم في الكلام؟ المجيب د. محمد بن عبد الخالق شحاته استشاري الأمراض النفسية بالقصر العيني بمصر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النطق التاريخ 29/08/1425هـ السؤال السلام عليكم. أنا أعاني من حبسة في الكلام، ولا أعلم كيف أتخلص منها، هل ممكن الشفاء أم لا؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أرجو عرض حالتك على طبيب أمراض نفسية، فربما قد يكون ما تعانيه هو حالة قلق نفسي، يؤدي إلى نوع من أنواع اضطراب النطق والكلام، وهو صعوبة النطق، وهي حالة بسيطة، ولها علاج نفسي، وبعض العقاقير الطبية من مضادات القلق النفسي التي تؤخذ تحت إشراف الطبيب المتخصص. وعلاج حالات التلعثم أصبح سهلاً ميسورًا، ويحقق ـ بإذن الله ـ نتائج إيجابية، وفي مدة وجيزة، وهناك طرق عديدة لعلاج هذا العرض.. ومشكلة التأتأة أو الحبسة في النطق تحتاج إلى تدريبات على النطق أساساً، ويمكنك مراجعة "اختصاصي نطق". كما يمكنك القيام بعدد من التدريبات التي تساعدك على التحكم بالتنفس والنطق بشكل أفضل من خلال الاسترخاء وتدريبات أخرى، وهناك عدد من العلاجات النفسية المساعدة يخفف من القلق والتوتر، ويعطي درجة من الجرأة.. أما الطريقة الحديثة المؤثرة والتي حازت القبول عند جمهور العلماء والمعالجين فهي علاج جسم المشكلة، وهذا يعني المشاعر والأحاسيس التي تحكم النشاط التخاطبي المصاحب للتعامل بين المصاب والشخص العادي، وذلك من خلال برنامج علاجي جيد، وهذا البرنامج العلاجي معروف لدى الأطباء المختصين، فلا داعي للقلق، فما تعانيه من التلعثم في النطق أمام الناس هو عرض يزول بزوال السبب، كما أن التلعثم أحياناً يصاب به أناس من كبار الكتاب والأدباء والساسة والمفكرين.

طفلي.. وصعوبة النطق!!!

طفلي.. وصعوبة النطق!!! المجيب د. محمد الحامد استشاري الطب النفسي بمستشفى بخش بجده. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النطق التاريخ 27-1-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: لدي طفل عمره بحدود سنتان ونصف السنة.. ما زال حتى الآن لا ينطق إلا بضع كلمات غير مفهومة إطلاقاً.. هي أقرب للأصوات.. ولا أدري هل هذا وضع طبيعي أم لا..؟ وما هو العمل؟ أرجو إفادتي ولكم جزيل الشكر. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أشكر لك ثقتك وأسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. عندما يبلغ الطفل سن سنة ونصف فإنه تكون لديه القدرة على نطق عدة كلمات تتراوح ما بين عشرة إلى عشرين كلمة ولكن يحدث أن يتأخر النطق قليلاً في بعض الأطفال إما لعوامل تكوينية خاصة بالتركيب الدماغي وإما لأسباب نفسية مثل بعض الأمراض والاضطرابات النفسية التي تكون فيها القدرة على النطق والتعلم محدودة. وفي مثل حالة طفلك ننصحك بعرضه على الأطباء المختصين وذلك للاطمئنان على صحته مثل طبيب الأنف والأذن والحنجرة للتأكد من سلامة السمع والطبيب النفسي للتأكد من عدم وجود مرض نفسي وأخصائي النطق للوقوف على المشكلة مبكراً. والطريقة المثلى لتعليم النطق للأطفال هي بكثرة المحادثة معهم ورواية القصص لهم وملاغاتهم ببعض الكلمات البسيطة التي يتمكن الطفل من استخدامها مع ضرورة تكرار هذه الأمور بشكل يومي. مع تمنياتي للجميع بالصحة والعافية،،،

مشكلات النوم

أعاني من النوم أثناء الامتحان المجيب اللجنة العلمية بموقع الإسلام اليوم أعضاء اللجنة: * الشيخ/ د. عبد الوهاب الطريري [نائب المشرف العام على الموقع] * الشيخ/ سامي الماجد [عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام] * د. محمد الشنقيطي [باحث شرعي في المكتب العلمي] * محمود شعبان [باحث شرعي في المكتب العلمي] . * محمد عَبد الودود [ماجستير في الفقه - باحث شرعي في المكتب العلمي] . التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النوم التاريخ 1/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله. أعاني من النوم الشديد الذي يصاحبني أثناء الامتحان فقط منذ سنتين، وبدأت قصة نومي في الامتحان كالآتي: أدخل إلى اللجنة وأمسك الورقة والقلم، وأشرع في الإجابة، وبعد عدة دقائق يسقط القلم مني، وأذهب في نوم عميق، يكون أحيانا متصلاً وأحياناً متقطعاً، وأستيقظ في أواخر الامتحان، وأحاول حل شيء منه. الجواب الأخ الفاضل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. مشكلتك التي تعاني منها قد تكون مرضاً من أمراض النوم المعروفة عند الأطباء النفسانيين، وقد تكون مجرد عرض لمرض آخر، وهي مشكلة تحتاج إلى تقييم، بداية من طبيعة نومك ونهاية بطبيعة حياتك ككل؛ فالنوم له اضطرابات كثيرة، كأن ينام الإنسان قهرياً في غير الوقت المعتاد، إلا أن الطريقة التي ذكرتها في شكواك تبين أن شدَّة، أو بالأصح كثرة النوم وغلبته عليك تكون في أوقات محددة، وقد بدأت منذ سنتين فقط، ولم تكن موجودة قبل ذلك، وهذا قد يرجع لوجود سبب آخر غير اضطرابات النوم، كاضطراب التأقلم مثلاً (أو القلق والاكتئاب) ومن أعراضه ما ذكرت من ضعف التركيز، وغير ذلك، وسبب هذا المرض قد يكون ضغوطات في حياتك استبدت في وقت بداية شكواك أو قبلها بقليل، كأن تكلف بعمل لا تحبه أو ليس من اهتماماتك، أو ضغوط أخرى خارجة عن قدرتك. نصيحتي لك أن تزور طبيباً نفسياً؛ ليتعرف على قصتك، ويرشدك لما تستطيع. نسأل الله لك التوفيق واختيار ما ينفعك في دنياك وأخراك.

الجاثوم يحبس أنفاسي

الجاثوم يحبس أنفاسي المجيب د. تركي بن حمود البطي طبيب نفسي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النوم التاريخ 16/7/1425هـ السؤال أخي في الله: سؤالي هو: كثير ما يأتيني شيء عند النوم، ومنذ سنوات شيء يسمّى بـ (الياثوم) أو الجاثوم، وقيل لي إنه شيطان أو جان، وما يقوم به هو أنّه يحبس عنّي الحركة ويضايقني في التنفس كثيراً، ويجعلني أسبح في الفضاء، ويتخيل لي أماكن وأناس وأشكال مختلفة، حتى أنّني أحياناً أرى الأشخاص حولي يتحدثون ويتحركون، ولا أستطيع أن أكلمهم أو ألمسهم، مع أنني أحاول جاهداً أن أنبّههم بحالي، فلا أستطيع ولأنهم لا يعلمون ما أنا فيه فهم لا يلتفتون إلي لأنّهم يحسبون أنني نائم، وفي بعض الأحيان تكون عيني مفتوحة وأراهم، ولا يذهب عنّي " الياثوم " إلا إذا حرّكني أحدهم بقوّة، بعدها يذهب عنّي. وأخيرا فإن (الياثوم) كان يأتيني أحياناً بقوّة وأحياناً بأقل قوّة، مع ملاحظة أنّه غالباً ما يأتيني عندما أذهب إلى النوم بعد الأكل حتّى ولو بعد ساعتين أو خمس، ويكون لدي إحساس بأن الأكل لم يحترق في معدتي بعد حتى ولو كانت الفترة طويلة، ولكن الأكل لا زال في معدتي، أفيدوني جزاكم الله كل خير عنّا وعن المسلمين أجمعين. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: ما تعاني من ظاهرة تسمى شلل النوم، وهي حالة معروفة عند الأطباء المتخصصين في اضطرابات النوم، والحالة تأتي تماماً كما وصفتها، ولعلنا في الأيام القادمة نسعى لإخراج مقال يشرح هذه الحالة بالتفصيل، ويتطرق إلى أسبابها ما أستطيع قوله وأطمئنك به أن هذه الحالة حميدة وليس منها خطورة، وغالباً ما تختفي بتقدم العمر ولم تسجل حتى الآن في الأبحاث والدراسات حالات اختناق أو موت أو مرض خطير ناتج عن هذه الحالة، ولكن هناك علاقة بين شلل النوم ومرض آخر يسمى النوم القهري، وهو عبارة عن نوم مفاجئ في غير ساعات النوم المعتادة، فهذا المرض يجب أن يعالج بواسطة طبيب متخصص في اضطرابات النوم إذا ثبت التشخيص والعلاج يتلخص في التالي: أولاً: أن يطمئن الشخص المصاب أن هذه حالة سهلة ولا يوجد منها خطورة. ثانياً: طرق لتقصير مدة الشلل وعودة الإنسان لحالته الطبيعية مثل حاول أن تحرك العينين إلى اليمين واليسار بشكل سريع ومتتابع إلى أن تستطيع الحركة، ركز كل تفكيرك في أحد أصابعك في يدك اليمنى أو اليسرى، وحاول تحريكه هو فقط. غالباً ما تنتهي نوبة الشلل بلمس المصاب أو حدوث صوت خارجي بواسطة شخص آخر، وهذه بعض الإرشادات العامة لتقليل نوبة شلل النوم. 1- حاول تنظيم جدول النوم اليومي قدر المستطاع واجعله ثابتاً. 2- ابتعد عن السهر والانقطاع عن النوم لفترات طويلة. 3- القيلولة القصيرة في فترة الظهيرة قد تفيد. 4- مارس الرياضة بانتظام. 5- حاول التقليل من الضغوط النفسية والجسدية قدر الإمكان. 6- لا تنس أذكار النوم وكذلك النوم على طهارة. 7- نم على جانبك الأيمن. أخي الكريم: إذا تكررت الحالة أو أثرت على حياتك الخاصة فعليك استشارة طبيب متخصص في اضطرابات النوم فهناك بعض العلاجات التي قد تفيد.

غضب وأحلام مزعجة!!!

غضب وأحلام مزعجة!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النوم التاريخ 18/10/1422 السؤال لدي مشكلة كبيرة وهي قلة النوم والأرق في الليل والنهار..!! مشكلاتي الأخرى أنني كثير الكوابيس والأحلام المزعجة والمخيفة جدا!! وشديد الخصومة مع زوجتي، وقد حصلت لي هذه المشكلة بعد الزواج..!! إنني لا أستطيع النوم في الليل أو النهار أريد حلا عاجلا.. فهل أجده عندكم..؟! أفيدوني جزاكم الله خيراً. الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد الرشاد.. أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً - مسألة الأرق والأحلام المخيفة.. ربما كانت نتيجة لضغوط نفسية ومشكلات اجتماعية تعايشها في حياتك العامة. وهذا ما يؤثر عليك سلباً عند نومك وأثناءه!! وأنت هنا لم تذكر أي تفاصيل حول حياتك الأسرية والاجتماعية والوظيفية، ومدى انسجامك وتوافقك معها. ثانياً- تأكد يا أخي أننا كثيراً ما نحمل أنفسنا أكثر مما تحتمل، ونهتم لأمور قد سار بها القلم ولن يقدم فيها اهتمامنا شيئاً أو يؤخر..!! فنفكر كثيراً في الماضي رغم ذهابه وانقضائه ونقلق للمستقبل رغم أننا لا ندري ما يكون فيه.. ونتحسر على أمور لم تكتب لنا، ونجزع من أمور قد كتبت علينا..!! ولو تركنا الأمر لصاحب الأمر ومدبره، وأخذنا بالأسباب دون اتكال عليها لأرحنا واسترحنا. ثالثاً- الاتكال على الله لا يعني بأي حال " التواكل " والسلبية واللامبالاة..!! أبداً بل يعني: فعل الأسباب المأمور بها شرعاً، والرضا بما قسم الله، وعدم الجزع (فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرًا) . رابعاً - كل ذلك سيجعلك بمشيئة الله هادئ البال وهانئ النفس، مطمئناً في تعاملك مع من حولك.. وبالتالي ستتخلص من كثير من عوامل الغضب والتوتر اليومية، وسيتولد لديك الرضا المطلوب والمحفز لأنزيمات الهدوء والسعادة!! فتوترنا وعصبيتنا هي في الغالب الوجه الآخر لعدم رضانا عن أنفسنا.. وربما تأنيب "ضمائرنا " لسبب أو لآخر!! خامساً- إن وجدت نفسك ستغضب لسبب أو لآخر فاستعذ بالله قائما وقاعداً من نزغات الشيطان.. (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) وبادر إلى الماء وتوضأ. واذكر الله؛ فالغضب من الشيطان.. وقد خلق - أعاذنا الله وإياك منه - من النار.. والماء يطفئ النار كما ورد، ثم اجلس إن كنت قائماً، وخذ نفساً عميقاً.. وستجد نفسك قد هدأت كثيراً، وزالت عنك غشاوة الغضب..! سادساً - ربما وجدت ذلك ثقيلاً في البداية ولكن مع الوقت وبذل الجهد في جهاد النفس ستستسهله ويصبح جزءاً من طبيعتك.

سابعاً - ماذا عن برنامجك اليومي..؟! أعد النظر في ترتيبه لتبدأه بذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) مروراً بالصلوات المكتوبة وأداء الرواتب وقراءة شيء ولو يسير من القرآن الكريم مع الأوراد اليومية المعروفة، وعند ما تأوي إلى فراشك فاحرص أن تكون متوضئاً، واذكر الله، وصل على رسوله صلوات الله وسلامه عليه، واقرأ وردك والمعوذات وآية الكرسي, وشيئاً مما تحفظه من القرآن الكريم ونم على شقك الأيمن، وثق أنك في ذمة الله حتى تصبح وأنه لن يقربك شيطان في ليلتك تلك. وإن رأيت في نومك ما تكره فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وانفث عن شمالك ثلاث مرات، ونم على شقك الآخر، ولا تخبر أحداً برؤياك فإنها لا تضرك.. كما جاء في الحديث الصحيح. ثامناً - درب نفسك على الاسترخاء وعدم التوتر، لأن الأرق نتاج للتوتر، والتوتر نتاج للقلق وأبسط حالات الاسترخاء عند النوم هو أن تشغل مخيلتك ببعض أحلام اليقظة الهادئة والجميلة، وتسترسل بها، وستجد أنك قد غفوت قبل أن تستكمل مشاهدها الأخرى. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

ـــــ الثقة ـــــ

الثقة

بالنفس

الرهبة عند المقابلات الشخصية! المجيب أ. د. صالح إبراهيم الصنيع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 18/12/1426هـ السؤال أنا موظف وتستدعى الترقية إلى الدرجة التالية مقابلة شخصية من قبل لجنة مشكلة لهذا الغرض، أثناء المقابلة انتابني توتر شديد من جراء الأسئلة المطروحة، ولم أستطع لملمة أفكاري، رغم أن الأسئلة لو طرحت على شكل امتحان يكتب لقمت بحل جميع الأسئلة بنجاح. أرجو التكرم والإفادة ما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك رغم أنني اجتماعي ومطلع أشارك الآخرين وعندي القدرة على التحدث؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فسؤالك عن التوتر والارتباك الذي أصابك عندما قابلتك لجنة الترقية في عملك، مع أنك شخص اجتماعي ومطلع وتشارك الآخرين، والسبب في ذلك يعود على ما تعودت عليه في محيط عملك، وما يتوفر لديك من معلومات عن اللجنة وأعضائها، فأحياناً تكون مصادر معلوماتنا عن مثل تلك اللجنة من أشخاص لم تكن لهم خبرة حسنة في مقابلتها لتلك اللجنة فتصورها بصورة منفرة، وأن أفرادها يعتمدون التقليل من الشخص محل المقابلة مهما كانت كفاءته، وغير ذلك من العبارات التي تجعل من يسمع هذا الكلام يتخوف من مقابلة تلك اللجنة، ويتخذ مواقف سلبية مسبقة مبنية على المعلومات التي تلقاها من ذلك الفرد، وقد يكون السبب السمعة المتدوالة بين الموظفين عن اللجنة وأفرادها بأنهم يتصفون بالشدة، وغير ذلك من المواقف المسبقة السلبية التي ننصحك وغيرك ألا يعتمد عليها عند المقابلة بل استعد ذهنياً ومعلوماتياً للمقابلة دون مواقف مسبقة حيال اللجنة وأعضائها، فذلك مما يعين على تجاوز المقابلة بشكل ميسر. فعليك الاستفادة من هذه الخبرة في المرات القادمة، بحيث تدخل إلى أي لجنة بصدر مفتوح ودون مواقف سلبية معيقة وموترة ومشتتة للذهن، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

أتولى المناصب.. ولا أثق بقدراتي!!

أتولى المناصب.. ولا أثق بقدراتي!! المجيب د. عبد اللطيف الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 29/09/1426هـ السؤال أنا موظف حكومي أحب عملي ومحافظ على الدوام، وأتقن العمل الموكل إلي، ومحبوب لدى رؤسائي وزملائي، أحس ذلك من احترامهم وتقديرهم لي. مشكلتي أنني عديم الثقة بقدراتي، حيث أرفض رفضاً تاماً تولي المناصب التي تعرض علي، وضميري يؤنبني؛ لأنني أخاف أن يتولى هذه المناصب أشخاص غير جديرين، أرجو مساعدتكم، والله أسأل أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فشكر الله لك -أخي السائل الكريم- على تواصلك معنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، وما طرحته من تساؤل ينبع من إحساسك العميق بواجبك تجاه دينك ومجتمعك، وأحيِّي فيك محافظتك على الدوام ومحبتك لعملك وإتقانك لواجباتك الوظيفية، فهذه صفات المؤمن الصادق الأمين في أداء واجباته الوظيفية. وبخصوص ما ذكرته عن شعورك بعدم الثقة في قدراتك، فأتصور أن هذا مدخلٌ شيطاني لإبعادك عن الخير في تولية المناصب والمهام والواجبات، ومن ثم نفعك للمسلمين، لا سيما وأنت كفء في قدراتك العملية، ولم تسأل المنصب ولكن رئيسك رشَّحَك لذلك، وأنت من المحبوبين لدى رؤسائك وزملائك. ومن هنا فينبغي أن تقبل العمل الموكل إليك، وتخلص لله تعالى فيه، وتجدَّ وتجتهد لتنفع الناس بما تقدمه من أعمال فيها مصالح العباد والبلاد، والله تعالى خير عون لك. واعلم أنك بتخليك عن قبول المناصب ربما تفسح المجال لغير الأَكْفَاء؛ الذين يتقلدون المهام والأعمال، وهم ليسوا أهلاً لها، فيضروا بالمصالح العامة، وذلك نتيجة تقاعس الأمناء الأَكْفَاء في قبول المناصب والوظائف التي يرجى نفعها العام. أسأل الله للجميع التوفيق والسداد.

مشكلتي ... عدم الثقة بنفسي!

مشكلتي ... عدم الثقة بنفسي! المجيب يحيى بن إبراهيم اليحيى (عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية) التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 12/09/1426هـ السؤال أنا موظف حكومي، أحب عملي ومحافظ على الدوام، محبوب من رؤسائي وزملائي، أحس ذلك من احترامهم وتقديرهم لي، أتقن العمل الموكل إلي، مشكلتي أنني عديم الثقة بقدراتي، حيث أرفض رفضاً تاماً تولي المناصب التي تعرض علي، وضميري يؤنبني لأنني أخاف أن يتولى هذه المناصب أشخاص غير أكفاء، فأنا بين نارين، أرجو مساعدتكم، والله أسأل أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: زادك الله توفيقاً، وعليك أن تحافظ على هذه الإيجابيات، وتحرص على تنميتها. ثانياً: عليك أن تنمي ثقتك بقدراتك، وأن تبدأ بمهام صغيرة ولو خارج العمل في برامج أسرية أو اجتماعية. ثالثاً: عليك أن تتولى بعض المهام بالنيابة، في حال غياب زميل أو إجازته لتحتكّ بالمسؤولية المباشرة، وتعتاد على ممارسة الإدارة، ثم بعد ذلك سيسهل عليك -بإذن الله- أن تتولى أي منصب مهما كان، وخاصة أنك لا ترغب في تولي المناصب، ومن تولى المناصب بدون طلب منه أعين عليه. رابعاً: إليك هذه التوجيهات الغالية في بناء الثقة: أهمية الثقة بالنفس: للثقة بالنفس أهمية كبرى للإنسان من الناحية النفسية والاعتدال والتوازن الشخصي، إذ بفقدانها يحدث الاضطراب والقلق والشعور بالنقص، واتهام الآخرين، ويتصور أن كل شيء يتربص به، ويتصرف مع القضايا والأحوال التي تمر به تصرف السفيه الذي يعمل ما يضره ويقوده إلى المهالك. والثقة بالنفس مهمة أيضاً لاكتساب الخبرات وتطوير المهارات، إذ إن من ترك خبرات الآخرين وتجاربهم يبقى في مؤخرة الركب، قال أحد السلف: من حق العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العلماء، ويجمع إلى عقله عقول الحكماء، فالرأي الفذ ربما زل، والعقل الفرد ربما ضل. الرأي كالليل مسود جوانبه *** والليل لا ينجلي إلا بإصباح فاضمم مصابيح آراء الرجال إلى *** رأيك تزدد ضوء مصباح ومن أخفق في مهمة فأصيب بالإحباط فهذه دلالة على اهتزاز الثقة بالنفس. محمد بن المنكدر جاهد نفسه أربعين سنة حتى استقامت، ولم ييأس في المرة الأولى ولا في السنوات العشر الأولى. فالواثق من نفسه يطور ويجدد من عمله، ولا يخاف من النقد، وعنده الشجاعة بأن يقول: لا أعرف، لكي يعرف ويتعلم. والثقة مهمة في مواجهة الصعاب والمصائب، والمشكلات، فهو صاحب رؤية بعيدة راشدة، يعرف السنن الإلهية، يكيف ظروفه مع المشاكل والصعاب والمصائب، قد يتأثر تأثراً موقفياً، ولكن لا تتحطم ثقته الأصلية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

كيف أتدبر القرآن وأثق بنفسي؟؟

كيف أتدبر القرآن وأثق بنفسي؟؟ المجيب ناصر الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 4-12-1423 السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. كيف نتدبر القرآن الكريم؟ كيف أثق بنفسي؛ لأنه ليس عندي ثقة بنفسي البتة؟ الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يقول تعالى:"كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب"، فالمقصود من إنزال هذا الكتاب العظيم أن يتدبره الخلق ويعملوا بما دل عليه من هداية وإرشاد، وإن مما يعين على تدبر القرآن الكريم جملة أمور منها: *يقرأه المؤمن على أكمل حالة وأهيئها، من حيث أن يقرأه في مكان مهيأ لذلك، وأن يكون على حال حسنة من طهارة ونظافة، وأن يكون خالي الذهن من الشواغل والصوارف التي تقطع الفكر وتشتت الذهن. *إتقان تلاوته وترتيله، فأول ما يجب على المرء ليتدبر القرآن الكريم أن يحسن تلاوته وترتيله؛ لأن ذلك من الأسباب المعينة على تدبره، يقول تعالى: (ورتل القرآن ترتيلاً) . *ومما يعين على حسن التدبر للقرآن الكريم فهم معانيه ومراميه، وذلك بالنظر في كتب التفسير ولا سيما المختصرة منها، واستصحابها عند تلاوة القرآن الكريم. *ومن أبلغ ما يعين على التدبر أن يعرض المؤمن نفسه على كتاب ربه وينظر كيف هو مما جاء به القرآن، فإذا قرأ آية فيها أمر أو نهي نظر في حاله كيف هو مما دلت عليه الآية فإذا كان ممتثلاً لما دلت عليه فليحمد الله وليسأله التثبيت، وإن كان مقصراً فليتدارك نفسه، ومتى ما التزم ذلك في كل حاله مع القرآن الكريم كان حقاً قد جمع بين التدبر له والعلم به والعمل بما دل عليه، وتلك كانت طريقة السلف -رضي الله عنهم- من الصحابة ومن بعدهم في فهم القرآن وتدبره، يقول أبو عبد الرحمن السلمي:"حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم، قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً"، وفي الأثر من اتقى الله فيما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم. أما عن السؤال حول الثقة بالنفس وكيفية بنائها: فهذه بعض النصائح أقدمها للسائلة الكريمة في النقاط الآتية: *تكمن المشكلة عند كثير ممن يشكون من التردد وعدم الثقة بالنفس في عدم وضوح الأهداف عندهم فيما يواجهونه من أمور الحياة مما يتطلب اتخاذ قرار ما أو تصرف معين، وتفهمك أختي السائلة لهذا الأمر يساعدك بشكل كبير في اكتساب الثقة ونزع التردد من نفسك لأن وضوح الهدف يساعد كثيراً على اتخاذ القرار بشكل صحيح، فعندما يواجهك أي موقف في الحياة يجب قبل أن تتخذي قراراً ما أن تنظري في أهدافك من القرار الذي تريدين اتخاذه، وكثرة التدرب على هذه الطريقة يكسبك منهجية منطقية في التفكير، وهذا يساعدك على اتخاذ القرار بثقة وبغير تردد. *كثيراً ما يواجه المرء مواقف يصعب عليه اتخاذ قرار فيها لأنها تحتمل أكثر من رأي وقرار، وفي مثل هذه المواقف على المرء أن يأخذ بمبدأ الموازنة بين خير الخيرين وشر الشرين، فيوازن بين الأمرين فيأخذ بأكثرها خيراً ويدع أكثرها شراً.

*إذا أدركت هذين الأمرين فعليك عند اتخاذ قرار ما أن تقطعي التردد من نفسك وأن تتخذي قرارك، مهما كانت النتائج المترتبة عليه. *أنصح السائلة أن تنظر في تجاربها السابقة - فقط - كي تستفيد مما تضمنه من صواب وخطأ، ويجب عليها ألا تقف طويلاً عندها، لأن كثرة استرجاعها لها ونظرها فيها سيجعلها حاضرة في ذهنها عندما تريد اتخاذ قرارات جديدة وهذا ربما زاد من ترددها وعدم ثقتها بنفسها. *كثرة الاحتكاك بالناس ومخالطتهم ولا سيما من يكبرك سنا ممن لهم تجارب في الحياة والاستفادة من خبراتهم، لأن صغر سن المرء يجعله غير قادر في بعض المواقف على اتخاذ القرار لعدم وجود تجارب سابقة تساعده على اتخاذ قرار ما في الموقف الذي يمر به، ولا بد هنا -وفي مثل حالتك- ألا تكثري من سؤال الناس، كما لا تكثري من عدد الأشخاص الذين تسألينهم وتطلبين رأيهم، لأن هذا يعرضك مرة أخرى للتردد وعدم الثقة فيما تقدمين عليه. *وقبل هذا كله على السائلة أن تأخذ بالمنهج النبوي الذي أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - والمتمثل في الاستخارة وهي طلب خير الأمرين فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعلم صحابته -رضوان الله عليهم- الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال:"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به، قال: ويسمي حاجته". والله المرجو أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

كيف أستعيد ثقتي بنفسي؟

كيف أستعيد ثقتي بنفسي؟ المجيب د. تركي بن حمود البطي طبيب نفسي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 02/09/1425هـ السؤال أحس بأن لي انفصاماً في الشخصية، فتارة أكون على رأي، ومرة على غيره، أقول سأذهب إلى المكتبة، فلا أذهب، وغير ذلك، أحياناً أقول إني قوي الشخصية، ومرة أخرى أقول أحتاج لتقويتها، وأريد أن أكون قوي الشخصية وأول الدفعة، هناك أسباب أخرى لعدم ثباتي النفسي واستقراري أن لي أختاً تحب دائماً الشجار معي، وأظن لأني متفوق عليها، وهي لا تحترمني، أعتقد أنه بسبب شيء في الماضي، فعندما كنا صغاراً كاد أن يحدث بيننا, أمر يغضب الله، ولكن لم يحدث شيء، فكيف لي أن أجعلها تحترمني كما كانت؟ وكيف أستعيد ثقتي بنفسي لأني أدرس في أفضل جامعات بلادي، وأريد أن أكون أول الدفعة. فبماذا ترشدوني؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أخي الكريم: أنت طرحت عدة مواضيع، كل واحد منها يحتاج لتفاصيل أكثر من قبلك، لكن بالنسبة لموضوع الثقة بالنفس فالحمد لله مستواك وطموحك يبشر بخير، لكن قد تحتاج لترتيب الأولويات، وتنظيم وقتك، وأن تكون جاداً مع نفسك، وتجعل لك رؤية واضحة كل يوم، بمعنى ضع جدولاً يومياً لأنشطتك، وفي نهاية اليوم راجعه وحدد النقاط السلبية التي لم تساعدك في تحقيق هدفك، وحاول تلافيها، لا تجعل اليأس يدخل إلى حياتك، وحصولك على قوة الشخصية يحتاج إلى مثابرة وعدم تردد في تطبيق الأهداف والأولويات، وجود الهمة العالية مهم لمن هم في مستواك، فهذا دافع قوي للوصول للقمة، لكن يجب أن يرتبط بوضوح الهدف. بالنسبة لموضوع أختك - أخي الكريم- نحن لا نستطيع أن نعيد الماضي، ولكن نستطيع الاستفادة من تجاربنا لتصحيح مستقبلنا، حاول ألا تجعل لمثل هذه القضايا العائلية تأثير على مستواك ودراستك، حاول كسب أختك بالمودة والرحمة، وعدم الصدام، أوافقك الرأي أنه قد يكون لما حدث في الماضي تأثير على نظرة أختك لك، لكن هذا لا يجعلنا مكتوفي الأيدي ونلوم الماضي؛ لأن هذه حقبة من الزمن وانتهت، ولسنا مطالبين بدفع فواتير الماضي، لكن تقبل هذا الأمر ومحاولة فهم طبيعة أفكار أختك يخفف من حدة موضوع عدم احترامها لك، أقول وأكرر أنت قدوة لأختك، ولا تستطيع كسبها إلا بالاحترام والتقدير، ومراعاة نفسيتها، أتمنى لك حياة سعيدة وناجحة، واعلم أن الوصول للمجد صعب، ولكن ليس بمستحيل، اجعل ذكر الله والطاعات والدعاء زاداً لك في هذا الطريق.

ضعيف الثقة بالنفس

ضعيف الثقة بالنفس المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 17/10/1425هـ السؤال أخي مشرف النافذة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أنا شاب متعلم، لكن تصادفني بعض المشاكل في حياتي، بسبب تفكيري أو أفكار تنشأ من داخلي، وهي تتركز في علاقتي مع الجنس الآخر، فأنا أحس بإحراج كبير عندما أدخل أماكن تعج بالفتيات كالأسواق مثلاً، أحس بأن الكل يتحدث عني وعن شكلي، ويعلقون باستهزاء علي، فلا أستطيع أن أعمل شيئاً إلا أن أتضايق جداً، كذلك تربطني علاقة طاهرة مع إحدى الفتيات، لكني أحياناً أسبب المشاكل معها بسبب تفكيري وغيرتي المجنونة، فتتوارد علي أمور فتكبر في مخيلتي إلى درجة أني أحس أحياناً أنها تضحك علي، والحب الذي بيننا من طرفي فقط، أنا تعبت جداً من هذه الحالة، أفيدوني أفادكم الله. الجواب أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أشكر لك ثقتك، وأسأل الله -تعالى- لنا ولك التوفيق والسداد في الدين والدنيا، إنه ولي ذلك والقادر عليه. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: لقد قمت بتشخيص جزء من مشكلتك، وسأكمل لك الباقي، فلقد ذكرت أن سبب المشكلة لديك (أفكار تنشأ من داخلك) ، وهذا صحيح، فحياتنا النفسية - يا عزيزي- من صنع أفكارنا، ولكي تنجح لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً، أما إن حاصرت نفسك بالخوف من الفشل، وانتظار آراء الناس فيك، فثق أنك ستستمر في دوامة من الخوف وانعدام الثقة، والتهيؤات التي تفترضها من الآخرين، وهكذا، مزيداً من التعب والقلق، والعزلة التي قد تتطور إلى ما لا تحمد عقباه. ثانياً: السبب الحقيقي لكل ذلك، أن عالمك الداخلي (مشوش) ونظرتك إلى نفسك نظرة سلبية، فلماذا لا تغير هذه النظرة السلبية إلى نظرة إيجابية؟ فلست أقل من سواك، وما لا تستطيعه الآن بإمكانك أن تتعلمه غداً، فاستعن بالله وقوِ عزيمتك، وكن واثقاً بنفسك، ولا تنشغل كثيراً بآراء الآخرين تجاهك، ونظرتهم إليك صدقني كل مشغول بنفسه عما سواه. ثالثاً: لا أدري لماذا حصرت المشكلة (بالجنس الآخر) رغم أن مشكلتك عامة، ولكن يظهر أنك مغرم كثيراً بنظرة (الجنس الآخر) تجاهك؟ يا عزيزي: دع الجنس الآخر لنفسه، ولا تنشغل كثيراً بما يفكر فيه، فذاك من الشيطان، واجعل همتك عالية، ولا تلتفت للصغائر، فإن الهموم بقدر الهمم، ويظهر - والله أعلم- أن جلساءك يهتمون كثيراً بهذا الأمر، فتجاريهم أنت فيه، تذكَّر - يا عزيزي- أخواتك وقريباتك، وهل تسمح لكائن من كان بمجرد التفكير في جلب استحسانهن. رابعاً: بالنسبة (لعلاقتك الطاهرة) - كما سميتها- مع هذه الفتاة فإن تفكيرك وغيرتك، راجعة إلى (نظرتك السلبية) إلى نفسك، كما أسلفت، وستزول بمجرد أن تغيِّر هذا المنظار إلى منظار إيجابي، وثق أنك قادر على ذلك بعون الله، ولكن أنشدك بالله إن كان هدفك (سامياً) فبادر فيه فوراً، وإلا فأغلق هذا الموضوع، وانشغل بمعالي الأمور، حتى يوفقك الله وتحصن نفسك، فإني أخشى عليك من العواقب في الدنيا والدين. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

التعامل مع الموظفين الأكبر سنا!!

التعامل مع الموظفين الأكبر سناً!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 1/4/1422 السؤال لا أريد الإطالة وهذا السؤال باختصار أنا أعمل في مؤسسة حكومية وقد ترقيت إلى رتبة رئيس قسم قبل فترة قصيرة والموظفين الذين هم تحت إمرتي كانوا زملائي من قبل السنين وهم يكبرونني في السن والمشكلة أنني أخجل من أمر أحدهم بعمل ما، أيضاً عند خطأ أحدهم استحيي من التنبيه عليه فلا ادري ما هي المشكلة عندي هل عدم الثقة أم ضعف الشخصية..؟ الجواب أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته لتعلم يا أخي أن إصدار أي حكم على الإنسان في الأمور النفسية حتى وهو قريب منك " يحتاج إلى وقت وإلى ملاحظة وثيقة ومتقنة. عندها قد تصدر حكما فرضيا " يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ.. ويتم التأكد منه وفق منهجية علمية مقننة.. ثم بعد ذلك تأتي مرحلة تحديد عمق المشكلة - إن وجدت - وحدتها وأخيرا البرنامج العلاجي المقترح لها. هذا بشكل عام.. ذكرته هنا لأبين لك أخي الكريم صعوبة القطع بأي مشكلة من وراء حجاب.. وهو هنا حجاب الإنترنت!!! أما ما يظهر لي مما ذكرته - باختصار - عن واقعك في العمل مع مرؤسيك فإني أولا: أهنئك بهذا الترقية وأبارك لك ... وأدعو الله أن يجعلها عوناً لك على الطاعة والخير.. وأن يسدد خطاك وأن يصلح لك وأن يصلح بك وأن يجعلك وإيانا مفاتيح للخير مغاليق للشر. وثانيا لا أعتقد - أخي الكريم - أن ما تذكره عدم ثقة أو ضعف شخصية..!! ولكن - ربما - هو نوع من عدم الاعتياد.. والتقدير لهم خاصة وهم كما ذكرت يكبرونك في السن وقد يكونوا سبقوك في الموقع ذاته!! على أية حال.. يحسب لك هذا الشعور النبيل تجاه زملائك ومرؤسيك.. في هذه الحدود ما لم يتجاوز ذلك إلى إخلال واضح من قبلهم في وقت العمل وآلياته.. وتساهل منك وخجل عن التنبيه والتوضيح والضبط والربط..!! مما يترتب عليه تأخر عن أداء العمل.. وتسيب في إنجاز المعاملات المطلوبة..!! هنا يحتاج الأمر إلى وقفة..!! بل وقفات جادة لوضع الأمور في نصابها الصحيح. وتذكر يا أخي الكريم.. أننا نتعامل مع أناس مختلفين في مستوياتهم العلمية.. وقدراتهم الفكرية.. وبيئاتهم الاجتماعية.. فما يناسب هذا في التعامل قد لا يناسب ذاك،..!! وما يفهمه هذا على أنه نوع من التقدير.. يفهمه الآخر على أنه نوع من الضعف والعجز..!! وهذه سنة الله في خلقه.. متفاوتون في أشياء كثيرة تصل أحيانا إلى التناقض التام.!! ولذلك فإني أقترح عليك ما يلي: أولا: أعتقد - جازما - أن الكثير من الناس لا يهمهم ولا يشكلهم التكليف أو الأمر. لأي عمل كان.. بقدر ما يشكلهم ويهمهم طريقته أو أسلوبه!!! ولذلك فاختيار العبارة المناسبة واللطيفة في التكليف أو التنبيه أو السؤال.. لها أبلغ الأثر في النفس البشرية.

ثانيا: تحديد المهام بشكل واضح.. له أثر بالغ في تأدية الأدوار ومعرفة المهام.. وبالتالي مساءلة المقصر - إن وجد - عن أسباب تقصيره. فلا يتحجج حينها بأنها ليست من مهامه.. أو أنه ظنها كذلك!! ولا بأس من الاتفاق على آلية " معينة " للتكليف بالعمل " ومن ثم متابعة تنفيذه ويفضل أن تكون عبر نموذج " تحريري " متفق عليه!! وخصوصاً في بعض المهام التي تحتاج إلى إنجاز ومتابعة. ثالثا: تذكر دائما أن الإدارة الإيجابية تعتمد على توقعاتنا لما يمكن أن يحدث.. لا على رد فعلنا عند حدوثه.!! فالمدير الناجح يحاول استباق المشاكل لمنع حدوثها.. فينظر للأمور أحيانا من زاوية مرؤسيه. لا من زاويته فقط..!! وبالتالي يضع نفسه مكانهم.. ويتوقع ردود أفعالهم.. ويحاول منع السالب منها.. وأن وقع استغله بقدر المستطاع - لمصلحة العمل. رابعا: " المرونة " بحدودها المناسبة " مطلب ضروري " فنحن نتعامل مع بشر..!! بشرط ألا يساء فهمها من قبل الآخرين.!!! خامسا: وضع مدد محددة لإنجاز الأعمال.. وعليك بمناقشة المقصر- إن وجد - بشكل فردي وهادي.. فذاك ابلغ واكثر جدوى " مع الكثير من الناس. وتوقع وجود الطرف " المشكل " وهيئ نفسك للتعامل معه.. ولا بأس من الاستعانة أحياناً ببعض زملاءه الثقات.. واستشارتهم في طريقة إيصال الفكرة إليه.. فأنت هنا تحقق مبدأ المشاركة في القرار عندهم..! وهي طريقة مجربة وذات نتائج إيجابية. سادساً: وأخيراً.. استعن بالله قبل هذا وبعده.. وأحسن النية.. وحاول تطوير قدراتك الإدارية بالاستشارة لأهل الخبرة.. والاطلاع على بعض الكتب الخاصة بهذا المجال وهي بالمناسبة متوفرة عند كثير من المكتبات.. وفي بعضها الكثير من الأفكار الرائعة والعملية.. وثق بالله ثم بنفسك.. والإنسان - أخي الكريم - لم يولد عالماً. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

الناس..يحتقرونني!!

الناس..يحتقرونني!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 22/6/1422 السؤال أخي مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. السؤال: أني أعاني من مشكلة احتقار الآخرين لشخصي مع العلم أني لست صاحب مزاح.. الجواب أخي الكريم أنت تشكو من احتقار الناس لك حتى وأنت كما ذكرت لست صاحب مزاح. والحقيقة أنك أجملت جداً في شكواك ولم تفصِّل، حيث لم تفصح عن ما هية هذا الاحتقار من الآخرين ولم تذكر صوراً منه كنت قد لاقيته منهم، ولعلي في إجابتي لك على هذا السؤال المجمل أن أذكر لك أن حالك لا يخلو من حالين هما: · - إما أن هذا الاحتقار كما تسميه أنت إنما هو وهم أو توهم إن صح التعبير علق في نفسيتك وهو ليس له وجود على أرض معاملاتك مع الآخرين ولكنه شعور نفسي تجده وتتوهمه في مخيلتك وتستشعره حين تتعامل مع بعض الناس مما يُوَلِّد لديك شعور بالضيق وربما بالكره الشديد تجاه من بدر منه ذلك التصرف الذي ترى أنت أن فيه إهانة لك واحتقار. · الحال الثانية أنه بالفعل هناك من يحتقرك أو شيئاًَ من تصرفاتك ومعاملاتك. هذا احتمال أيضا ً وارد، فهذه الإهانات واحتقار الناس أو الآخرين ممن تتعامل معهم أنت تجلب لك الشقاء والمعاناة وهذا بلا شك أمر مقدر ومعاناتك إنما هي رد فعل طبيعي إزاء مثل هذه التصرفات. إذاً هذا الاحتقار من الآخرين لك ناشئ كما قلت لك إما عن وهم تشعر به أنت وإن لم يكن صحيحاً، أو هو فعلاً واقع تراه وتعايشه أينما ذهبت وتعاملت مع غيرك من الناس. وفي كلا الحالتين يتمركز محور العلاج فيك أنت قبل كل شيء. فإن صدق الاحتمال الأول وكان ما تشعر به من احتقار الغير لك إنما هو وهم فأنت في هذه الحالة تعيش حالة من الحساسية الزائدة تجاه تصرفات الآخرين نحوك بحيث يكون التفسير السلبي والهجومي هو أول ما يتبادر إلى ذهنك حينما تريد وتحاول أن ترى سبباً لتصرف الناس معك. أنت لا تحاول إمرار تلك التصرفات على ما هي وكما هي، لا، وإنما تحاول جاهداً أن تجد تفسيراً لكل تصرف لا ليس ذلك فحسب بل تبحث عن التفسير الأسوأ وتجعله دافعاً وراء ذلك التصرف من الآخرين تجاهك. أنت في هذه الحالة توجب أن لكل تصرف دافع سلبي ولكل سلوك وحركة - قد تكون لا إرادية - سلوكاً خفياً يكمن خلف هذه الحركة وذلك التصرف من هؤلاء الآخرين تجاهك. وهذه هي الحساسية بعينها وهي مدمرة لك ولصداقاتك جميعها إن لم تتنبه لها وتعالجها في أسرع وقت. ولم أرى قنبلة تفجر العلاقات الاجتماعية والصداقات الفردية أو الجماعية مثل الحساسية الزائدة تجاه التصرفات البادرة من الآخرين ومحاولة تفسيرها بعيداً جداً عن الإطار التي خرجت من خلاله. هي قنبلة تفسد الصداقات لأنها تفضي للشك وإذا حضرت الشكوك حضر معها أصناف التفاسير والتأويل لتصرفات الآخرين ومع الأسف لا يوجد بينها مكان للمحمل الحسن.

أما إن لم يكن مصدر مثل هذه التصرفات الموحية بالاحتقار ناشئ عن وهم وإنما هو حقيقة واقعة وملموسة فعلاً تصدر من الآخرين فإن السؤال المتبادر للذهن والذي يجب أن توجهه إلى نفسك أنت هو لماذا هذا العمل تجاهي وليس غيرك من الناس. إنني في هذه الحالة أتسائل أليس فعلاً في بعض تصرفاتك وسلوكياتك ما يوجب احتقار الآخرين لك هل سألت نفسك وكاشفتها في هذا السؤال. إن بدر سلوك مشين من أحد الناس تجاهك مرة واحدة فربما يوجد لها سبب معين يكمن خلف هذا التصرف، ولكن إن كان هذا ديدن الناس معك باحتقار ما تفعله وتعمله من مختلف السلوكيات فإن أصابع الاتهام هنا تتجه نحوك أنت إذا لا يمكن أن يجتمع الناس على فعل شيء يكونون فيه من الظالمين لك. أليس يمكن أن يكون الظلم منك أنت أخي ألم تحاول جاهداً أن تجعل نفسك ملاحظاً دقيقاً على سلوكياتك وتحاول الحكم بنفسك فربما وجدت الإجابة الشافية. أما إن عجزت من اكتشاف اية أخطأ عندك فلا بأس بالمكاشفة مع من يصدر منه ما تتصور أنت أنه احتقار لك، هلاّ صارحته وكاشفته وسألته عن دافع سلوكه معك فلربما بصّرك بعيبك وأرشدك إلى مكمن الخطأ الذي عجزت عن اكتشافه بنفسك وإن كان في تقديري أنه سوف يتبين لك أنه لم يكن سِوَى شعور وهمي لم يكن له أي أساس من الصحة. وفي النهاية كما رأيت أخي أرى أنك أنت محور المشكلة التي تعاني منها فزن الأمور بعين العقل وحاول اكتشاف مكمن الخلل ولا بأس باستشارة صديق تثق منه وتستطيع بث ما في نفسك عليه علّه يعينك في الخروج من مأزقك هذا، وإن استفحلت وعظمت أو كبر هذه المشكلة فالأجدر باستشارة أخصائي نفسي أو اجتماعي فهو المعين بعد الله في معالجة مثل هذه المشاكل التي قد نواجهها في حياتنا اليومية. ولك مني الدعاء بالتوفيق والسداد.

عدم الثقة بالنفس..حطمني!!!

عدم الثقة بالنفس..حطمني!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 29-6-1423 السؤال إخواني الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لدي مشكلة كبيرة تسبب لي الكثير من الإحراج والإحباط والقلق والخوف من المستقبل وأتمنى أن أجد لديكم الرأي والمشورة التي تعينني بعد الله على التغلب على مشكلتي ولكم دعائي وشكري. أنا طالب في المرحة الثانوية وملتحق في إحدى حلق القرآن الكريم ومتفوق في دراستي.. ومشكلتي التي تؤرقني هي عدم ثقتي في نفسي واهتزازي بشكل كبير.. حتى أنني كثيراً ما أتردد من السؤال أمام الآخرين.."مجرد طرح السؤال" فما بالك بالحديث!! وأخشى أن يؤثر ذلك على مستقبلي الدراسي والاجتماعي!! ربما كان لنشأتي الاجتماعية دور في ذلك حيث تنقصني القدوة التي أتخذها نبراساً لي لوفاة والدي منذ الصغر.! وظروف سكني (....!!) صدقني كثيرا ما أغبط أولئك الزملاء الذي يملكون " الجرأة الكبيرة" في طرح أراءهم والتعبير عن وجهة نظرهم بكل حرية دون أن يرمش لهم جفن!!! أفكر كثيراً في نفسي وأندب حالي.. وأخشى ألا أتمكن من تحقيق طموحاتي الكبيرة جداً بسبب هذه المشكلة التي أرقتني وعذبتني..بل وحطمتني لدرجة أني أشعر أحياناً باحتقار نفسي وأني لا أستحق أن أحلم أو أطمح بأي شيء.. وأني لن أتمكن من تحقيق أي نجاح!!! تحرجني نظرات الآخرين.. وتزعجني همساتهم والمشكلة أنني لا أستطيع المشاركة معهم في أي حديث أو النظر في عيونهم.. ولذلك تراني مملاً وهامشياً في كل مجلس.. ولا قيمة لي.. وأعتقد أن الجميع سيلفظني في النهاية!!! أشعر بالمرارة الكبيرة.. والحزن ولا أعرف كيف أخرج من كل ذلك..!! كيف أثق بنفسي.. كيف أكون كما أتمنى؟ كيف أحقق طموحاتي؟!! أفيدوني ولكم دعائي وشكري الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. حقيقة قرأت استشارتك أكثر من مرة محاولاً فيها قراءة السطور وما بينها.. وتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: مشكلتنا أننا كثيراً ما نضع العقبات "النفسية" الافتراضية أمام أنفسنا.. ونتعامل معها كمسلمات بديهية!! وكحقائق ثقيلة نحملها فوق أكتافنا وربما كتمت أنفاسنا.. أو كادت..!!! ثم نجعلها - شعرنا بذلك أم لم نشعر - نقطة تجمع الكثير من الإحباطات والقلق والتوتر.. والخوف من الفشل.. بل الفشل..!!! رغم أن الخيارات الأخرى متاحة أمامنا.. ونستطيع أن نملكها ببساطة.. وأعني بالخيارات الأخرى.. هي" خيارات النجاح والثقة.. والتوهج.. والإبداع ... إلخ ". ثانياً: ما أريد قوله ببساطة.. أنك حكمت على نفسك الآن بأنك [لن تحقق أي من طموحاتك المستقبلية] بسبب هذه الأعراض التي ذكرتها.. وهذه مشكلة كبيرة أن تنهزم قبل أن تدخل المعركة.. إلا أننا سنتعاون سوياً أنا وأنت لبناء المقومات الذاتية التي تجعلك واثقاً من نفسك.. وقادراً بإذن الله على تحقيق طموحاتك.. ومواجهتها بل.. وعلاج مشكلتك وعلاجها سهل جداً بمشيئة الله.

ثالثاً: لا بد لك في البداية أن تغير من قناعاتك "السلبية" ونظرتك "الدونية " إلى نفسك.. وتستبدلها بقناعات " إيجابية " ونظرة " موضوعية " وموجبة إلى نفسك.. فأنت تمتلك الكثير من القدرات والإيجابيات.. بل ربما تفوق في بعضها الكثير من أقرانك.. وهذا يتضح لي كثيراً من خلال عرضك لمشكلتك وتشخيصك لها.. فكن واثقاً من ذلك أولاً.. وأما ما تشعر به أحياناً من خوف وقلق واضطراب.. فذلك أمر عادي.. يشعر به الآلاف من الكبار والصغار.. والفرق بينهم في التعامل معه.. هو أن الإنسان الواثق من نفسه يعلم علم اليقين بأنه سيتجاوز هذه المشاعر يوماً ما.. ولا يقف عندها طويلاً أو يستسلم لها.. بل يتجاهلها.. وإنه سيتغلب على هذه الأمور.. وسيتجاوزها.. بعون الله.. وفعلاً يتجاوزها..!! لماذا..؟! لأنه تعامل معها بشكل إيجابي وأوحى إلى "عقله الباطن " بإيحاءات وإشارات إيجابية أما الإنسان القلق المتوتر المهزوز والمهزوم.. فإنه يفكر في هذا الأمر كثيراً.. ويقلق بسبب هذه المشاعر ويتخوف منها.. ويضخمها.. حتى تنتصر عليه.. والسبب ببساطة: أنه أوحى إلى عقله الباطن بإشارات " سلبية " ولا تنسى المثل الذي يقول [كما تفكر تكون..!!] فإذا فكرت بأن لك قيمة أمام الناس.. فإنك ستتصرف من وحي هذه الفكرة وبالتالي سيقدرك الناس وتكون لك قيمة عندهم.. أما إن فكرت بعكس ذلك.. فستتعامل مع الناس من وحي هذه الفكرة السلبية وستتجنبهم ولن تشاركهم في أمورهم ومناسباتهم بطريقة مناسبة.. وبالتالي ستخسرهم فعلاً ولن يكون لك بينهم قيمة ... !!! ولذلك [فلكي تنجح.. لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً] . رابعاً: هناك طريقة علمية لاكتساب الشعور الإيجابي الذي يولد بدوره الإحساس الغامر بالثقة بالنفس وهي ما تسمى بطريقة " المرساة.. وهي أحد فنيات الهندسة النفسية وتتلخص فكرتها بوضع مرساة للثقة تستدعيها متى شئت وفي أي وقت.. تحتاجها..!! ولكي تنشئ مثل هذه "المرساة" النفسية عليك باتباع الآتي:- اجلس في مكان هادئ جلسة استرخاء.. بعيداً عن أي ضوضاء أو ضجيج.. ثم خذ نفساً عميقاً (زفير وشهيق) حتى تشعر بالهدوء التام.. وبعد ذلك حاول أن تتذكر نفسك في أحد المواقف التي مررت بها وكنت في أحسن حالاتك النفسية من حيث الثقة في النفس.. تذكر هذا الموقف بتفاصيله الدقيقة لحظة بلحظة.. وقربه إلى ذاكرتك كصورة مشاهدة تعيشها في هذه اللحظة.. وعندما تشعر أن المشهد في أوضح صوره لك.. قم بعمل "مرساة" معينة.. أي قم بأي حركة مثلاً اضغط إصبعك الإبهام بقوة وأنت تعش في ذاكرتك تفاصيل هذه اللحظة الإيجابية.. واستمر بالضغط لمدة 10- 15 ثانية ثم ابدأ بالخروج من حالة التذكر إلى الواقع كرر المحاولة مرة أخرى في نفس المشهد ونفس الحركة وتدرب عليها بضعة أيام في وقت محدد.. وليكن قبل النوم.. ومع الأيام ستجد نفسك بمجرد أن تضغط على إبهامك تلك الضغطة فإنك تستعيد لنفسك ذلك الشعور الإيجابي المليء بالثقة..!!! وبعدها استخدم هذه "المرساة" قبل أي موقف تشعر حياله بانعدام الثقة في نفسك أو تلاشيها!!! .

خامساً: إن ما تعاني منه بشكل أو بآخر هو في مجمله " خوف من فقدان قيمتك لدى الآخر..!!! أو أن تتغير نظرته إليك إلي السلب بدل الإيجاب.. بسبب أو بآخر..!!! والأخر هذا..سواء أكان صديقاً أو قريباً.. صغيراً أو كثيراً.. فرداً أو جماعة.. ربما لا يعنيه من أمرك إلا القليل.. ولديه ما يشغله عنك.. وعما تقوم به.. حتى وأن لقيت نظرة بعض الوقت.. إلا أنه سرعان ما ينسى.. وينشغل في أموره الخاصة..!!! ولذلك فلا تنشغل كثيراً بموهبة الأثر الذي تركته لدى الآخر.. طالما أنك قمت بالتعامل كما يجب.. علماً أنك لن تنال الرضى من كل الناس وفي كل الأحوال..!!! فالناس يتباينون في عقولهم وأهدافهم وفهمهم.. ولا بد أن تقدر ما تثير إعجاب البعض.. فإنك تثير سخط البعض..!!! ثم لنفترض - جدلاً - أنك استطعت أن ترضي جميع الناس وتكسبهم.. ولكنك خسرت تقديرك لنفسك.. واحترامك لذاتك..!! فهل ستكون سعيداً..؟!! يا عزيزي.. يجب أن تقف مع نفسك وقفة صادقة.. لتسألها بوضوح.. من يمسك بزمام نفسك؟ أنت.. أم الآخر..؟ وعليك أن تختار من هذه اللحظة.. هل ستكون الرافض..؟! أم المرفوض..؟!! أعتقد - جازماً - أنك ستمسك أنت بزمام نفسك.. ولن ترضى أن تكون المرفوض..!!! بل ستتعامل مع الآخر بموضوعية.. وثقة.. متيقناًً من قدراتك وإمكاناتك مع ذاتك بحسناتها وسيئاتها فأنت في النهاية بشر.. لم ولن تبلغ درجة الكمال..! سادساً لتعلم - أخي الكريم - أن الإنسان.. معرض بحياته لجوانب عديدة من النجاح والفشل.. والفرح والحزن.. والثقة والإحباط.. والتفاؤل والتشاؤم.. والأمل واليأس ... وغير ذلك.. من تجاذبات نفسية متناقضة.. وغريبة!!! والطريقة المثلى للتعامل مع لحظات الضعف البشري والاهتزاز النفسي هي الثقة المطلقة.. بأن هذه الهواجس مؤقتة وستزول سريعاً.. وعدم التوقف أمامها طويلاً أو التأثر بها على أنها واقع الحال لشخصيتنا..!!! سابعاً: أما ما تجده عند اجتماعك بزملائك.. ومحاولتك الحديث.. وعدم قدرتك عليه.. وتوقعك لنظرتهم إليك.. فهذه " هواجس سلبية!! " أنت المسؤول عن إيجادها في نفسك.. ولا حقيقة لها في واقع الأمر..!!! ثم لا تعتقد أنك مطالب في أي جلسة بأن تكون المتحدث الرسمي بها.. وألا اعتبروك إنساناً هامشيا ً..!!! هذا يا عزيزي غير صحيح إطلاقاً.. لأن المشاركة لا تعني الحديث فقط.. بل مجرد الاستماع وإظهار ما يدل على التفاعل مع الحديث إما بعلامات الإيجاب أن الاستغراب أو التعجب.. أو السؤال عما خفي عنك هذه كلها مشاركات تحسب لك.. وتسر جليسك وتخرجك من دائرتك الضيقة إلى دوائر أكثر اتساعاً وشمولية وتفاعلاً..!! ثامناً: لا تفكر كثيراً بما يقوله الآخرون عنك.. وتبحث عن أي تفسير لنظراتهم..!! صدقني كل مشغول بنفسه حتى الذي ينظر إليك قد يكون يفكر بأمر يخصه ذاتياً.. وحتى لو فكر بك قليلاً فسرعان ما ينشغل عنك بأموره الخاصة.. فلا يشغلك هذا الأمر كثيراً.. وانقل تفكيرك إلى طريقة "هجومية " فحواها " ماذا تفكر أنت به عن الآخرين.. وما هو تقييمك لهم.. ومدى رضاك عنهم.."

تاسعاً: مسألة سكوتك.. وظروفك الحالية.. دورها محدود جداً.. فأنت في مرحلة عمرية وعقلية.. تستطيع فيها أن تضع لك هدفاً وتحققه بمشيئة الله.. عن طريق مخالطتك لأصدقائك ومعلميك واكتساب صفات إيجابية كثيرة.. والتخلص من صفات أخرى سلبية.. وهكذا..!! أما وضعك الاجتماعي الحالي.. فلا تأثير له عليك.. فهو مستقر والحمد لله.. ومثلك الأعلى قد تجده في كثيرين.. وخبرتك قد تستمدها من كثيرين أيضاً إضافة إلى القراءة وما أدراك ما القراءة.. فهي نعم المعين والرافد لبناء شخصية فذة مدركة واثقة.. ولعلي أقترح عليك مجموعة كتب منها: [حتى لا تكون كلا..] و [السلسلة السيكولوجية] وهي عبارة عن كتيبات ذات مواضع مختلفة وسهلة الأسلوب.. وكتاب [دع القلق وابدأ الحياة] وجميع هذه الكتب موجودة في المكتبات. عاشراً: أما عن جرأة بعض زملاءك.. فالجرأة ليست دائماً محمودة.. بل قد تعد أحياناً نوع من التهور وعدم إدراك للعواقب.. ثم إنك مع التدريب شيئاً فشيئاً بالتحدث والقراءة من كتاب بصوت مسموع إما إخوانك سواء الصغار أو الكبار.. أو أمام أقرانك في الحلقة سيزيل عنك هذا " حاجز الرهبة " فابدأ منذ الآن وأختر " كتيباً " صغيراً لتقرأ منه.. أو اقرأ حديثاً واحداً.. وتدرج في ذلك شيئاً فشيئاً.. وتأكد أن من يتحدث أمام الناس.. أو يسأل ليس أحسن منك بل أنه تدرب على ذلك.. ولم يضع فرصة الفشل كما وضعتها أنت!!! ولذلك نجح..!!! فابدأ منذ الآن.. وشيئاً فشيئاً ستحقق النجاح بإذن الله. الحادي عشر: تفاءل بالخير تجده إن شاء الله.. ولا تعبر الجسر قبل وصوله.. وثق أنك بحول الله ستحقق كل طموحاتك.. فمن يملك همتك وقدراتك التي استشفها من عباراتك.. سيحقق بعون الله كل آماله.. ولن يعيقه أي هاجس مهما كان فهو أقوى من ذلك.. خاصة وأنت كما تذكر.. تملك قدرات كامنة.. ولك سابق إبداع في طفولتك.. فأخرج هذا الإبداع من مكمنه وفجر هذه الطاقات شيئاً فشيئاً.. واستغل تواجدك في الحلقة.. وتعاون معلمها جزاه الله خيراً.. بالتدريب على إلقاء الحديث وبإمكانك الإشراف على بعض الطلبة الصغار بشكل أو بآخر.. ثم التدرب على نصحهم وتوجيههم وتعليمهم والانفعال بعدها إلى مستويات أعلى.. وأنا واثق أنك بعد فترة لن تطول إذا طبقت ما اقترحته عليك في هذه الأوراق - ستقرأ مشكلتك.. وستعجب أنك عانيت منها في يوم من الأيام - وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،,

طموحي يتهشم

طموحي يتهشم المجيب د. نادية الكليبي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط التاريخ 24/01/1426هـ السؤال مشكلتي باختصار أني أملك طاقات إبداعية عالية جداً، ومتعددة النواحي أيضاً، لكني -للأسف- لا أستمر في أي مجال أبدع فيه لأكثر من ستة أشهر تقريباً، أي أني أشعر بالملل، وفي بعض الأحيان تقل هذه الفترة عند مقابلة أي عقبة في طريق هذا الإبداع ولو كانت العقبة بسيطة؛ لأني من نوع الذين يستمرون بالتشجيع المستمر، فعند صدور تعليق ساخر على ما أفعله أجد جميع طموحاتي منهارة، لا أعلم إذا ما كان سبب هذا الشيء انعدام الثقة بالنفس أم ماذا؟ قبل أربع سنوات تقريباً بعثت بإحدى مشاركاتي الأدبية إلى إحدى الصحف، ولما لم يتم نشرها أصابني إحباط بدل الإصرار على إثبات الذات، وانقطعت عن المراسلة والكتابة فترة طويلة، حتى هذا العام تقريبا، والآن أفكر جدياً في معاودة المراسلة، حيث إن طموحي عالٍ لكنه هش سريع التهشم، وأخاف أن يعاودني الإحباط والإحساس بالهزيمة. أرشدوني إلى الحل. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الأخت الكريمة: أرجو من الله -تعالى- أن يجعلك موفقة مسددة، إياك - بارك الله فيك- من مشاعر اليأس والإحباط، فالإبداع نعمة لا تضيعيها بمشاعر سلبية، وإن كنت لا أعرف على وجه التحديد المجالات التي تتميزين بها، ولكن سأذكر لك قواعد عامة أرجو من الله -تعالى- أن تنفعك وتحقّق ما تصبو إليه نفسك: أولاً: حدّدي طاقتك، وأعني - حجمها- لا نوعيتها. ثانياً: ابحثي عن السبب، فلا تكفي العقبات في وقف سيل الإبداع، فتأملي الأسباب وفتشي عنها، فقد تكون في داخلك، ومن ذلك قد تكون البدايات كبيرة جداً، أو الأعمال كثيرة، مما يصيبك - كما ذكرت- بالملل، أو قد يكون المجال ضيّقاً ومحدوداً لا يسع إلا قلائل فتأتيك العقبات، أو غيرها من الفوضوية، أو عدم القدرة على التركيز ... إلخ.. المهم من الضروري أن تبحثي بجد عن السبب؛ لأنه إذا عُرف السبب استطعت - بإذن الله- أن تعالجي الموضوع. ثالثاً: من المحزن أن تكوني مبدعة ذات طموح وتغتالينه بيدك، وحتى لا يتهشم -كما وصفت- عليك بما يلي: 1- الإخلاص، فاجعلي لك نية صالحة في إبداعك وتميزك، فلا تبالي بالشهرة أو بالعطاء في حد ذاته، بل بما يترتب عليه من ثمرات وأجور، فلا تهتمي مطلقاً (نشروا أو لم ينشروا) ، يكفي أنك كتبت كلمات صالحة تستحق البقاء، وستجد يوماً ما طريقها إلى النور ما دمت تملكين إخلاصاً لله واحتساباً لموعود الله، ولا تلتفتي للتشجيع، ولا تستندي على عصا عدا توكلك على الله والاستعانة به. 2- اجعلي التشجيع والمساندة قائمة - بعد الاستعانة بالله- على الإكثار من الدخول في التجارب العملية؛ فهي مما يصقل الإبداع ويهذبه، بل قد يكون فتيل إشعاله، وحتى لو كانت أعمالاً تطوعية، ومن ميزات التجارب العملية أنها تدرب على الانضباط والاستمرار والجدية. 3- حاولي أن تحدّدي المجال الأكثر والأقرب إلى نفسك، ومن ثم تنتظمين في عمل ثابت - ولو قليل- ولا تشاركي في أكثر من عمل في وقت واحد. أسأل الله -تعالى- أن يسدد خطاك، وأن يجعلك مباركة حيثما كنت.

أعاني من ضعف الثقة بالنفس

أعاني من ضعف الثقة بالنفس المجيب د. صالح بن علي الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 12/3/1425هـ السؤال أعاني من عدم الثقة بالنفس، وأخجل من الناس، وفي حالة اجتماعي مع الناس أرتبك وأخاف أن يقول الناس لي شيء، ودائم القلق، وسريع التأثر بأي كلمة قيلت لي، ولا أقدر على المواجهة، وعمري 24سنة، فأرجو الحل للمشكلة؛ لأني أعاني منها منذ 10سنوات. الجواب الشعور بعدم الثقة وهذا الخوف أو القلق الذي تعاني منه يحدث نتيجة الخوف من تقييم الآخرين السلبي، وعدم تقدير الذات، والحرص الشديد على رضا الآخرين وقبولهم، والخوف من الرفض. وهذا الخوف عند الناس يتراوح من البسيط إلى الشديد. الشخص الذي لديه هذه المشكلة يكون مرتاح عندما يكون بمفرده أو مع أناس يعرفهم جيدا أو يثق بهم، ولكن يشعر بالتوتر عندما يكون مع أناس لا يعرفهم، أو عند مقابلة مسؤولين ذوي سلطة، أو عندما يكون في محط انتباه الآخرين، وهذه من المشكلات الشائعة، وملايين الناس في العالم يعانون من هذه المشكلة بدرجة أو بأخرى. وعدم مواجهة المشكلة والتعامل معها تجعل الشخص يعيش وحيدا وقد تسبب له الشعور بالعزلة والاكتئاب، وتؤثر على علاقاته بالآخرين وعلى حياته بشكل عام. فلا تجعل هذه المشكلة تتفاقم وتؤثر على حياتك. أنا واثق من أنك قادر على التغلب والسيطرة عليها. كم من أناس كانوا يعانون من هذه المشكلة فتغلبوا عليها وأصبحوا يقفون أمام الناس في الخطب والمحاضرات وفي المدارس والجامعات. اقرأ عن أولئك الناس واقرأ عن نماذج الجراءة والمبادأة، واجعل منهم نموذج تقتدي به، انظر إلى ما لديك من جوانب القوة والجوانب الإيجابية، وانطلق منها واستحضرها في ذهنك عند مخالطة الناس، لا تقارن نفسك بالآخرين، وتجنب لوم النفس وتحقيرها. وكن مرنا ومتسامحا مع الآخرين. تعرف على الأفكار السلبية وغير المنطقية وما تقوله لنفسك في تلك المواقف واستبدلها بأفكار إيجابية وواقعية. واجه تلك المواقف بدلا من تجنبها، فالتجنب يجعل المشكلة أكثر صعوبة، وواجهها تدريجيا بدءا بأقلها إثارة للخوف، وردد دائما دعاء "رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي" [طه:25،28] واستعد بأن يكون لديك شيء تقوله في تلك المواقف ولو كان بسيطا، ويمكن أن تبدأ بتعليق بسيط على ما يتحدث فيه من حولك، وكن مطلعا على الأحداث المستجدة التي يتحدث فيها الناس، وأعمل على تنمية مهاراتك الاجتماعية. وفقك الله وأعانك.

كلهم يحتقرونني..!!!

كلهم يحتقرونني..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 20-4-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ماذا يفعل المرء إذا شعر بان من يتعامل معهم سواء من زملاء في العمل أو أحد أقاربه ينظرون إليه بالدونية والاحتقار ولو ما يظهرون ذلك ولكن من خلال تحليله لأقوالهم وأفعالهم له..!! فما هو العمل لهذه الحالة وشكرا..؟! الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: حقيقة لا أدري كيف حكمت على من تتعامل معهم أو بعضهم بهذا الحكم..؟ خاصة وأنك تقول إنهم لا يظهرون ذلك!!! وأما التحليل للأقوال والأفعال فهي مشكلة خطيرة..!! أتدري لماذا؟ لأننا ببساطة نستطيع أن نسقط على كل كلمة أو فعل ما نشاء.. إيجاباً أو سلباً..!! بحسب حالتنا النفسية وفهمنا ونظرتنا للقائل أو لأنفسنا..!!! وبالتالي فمسألة التحليل هذه لا يعول عليها إطلاقاً.. بل هي نوع من العبث والتهيؤات التي نجلد بها ذواتنا!!! ثانياً: صدقني أخي -الفاضل- هذا الشعور ليس على إطلاقه.. بل يتداخل فيه الوهم بالحقيقة وغالباً لا يصدق على الإطلاق..!! بل يكون بقايا من نظرة سلبية ودونية إلى الذات.. وسرعان ما يزول إذا عد لنا هذه النظرة إلى ذواتنا بشكل إيجابي..!! ثالثاً: المشكلة من وجهة نظري..هي لديك.. وليست لدى المحيطين بك.. فأنت الذي "تشعر " وأنت الذي " تحلل" وهم غالباً غافلون عنك بمشاغلهم وظروفهم الخاصة التي بالتأكيد ليست أنت من ضمنها. فلكل منا مشاغله الخاصة وهمومه الخاصة وحياته الخاصة.. ولا يشغلنا الآخرون إلا بالقدر الذي نكون فيه معهم بحديث مباشر أو بموضوع مشترك حتى نفترق فنغرق في التفاصيل الصغيرة لحياتنا. رابعاً: هناك ما يسمى "قناع إدراك الواقع" وهو قناع وهمي ندرك العالم من خلاله.. فإذا كان هذا القناع إيجابياً..فإن نظرتنا للعالم ستكون إيجابية وتعاملنا معه سيكون إيجابياً وتفسيرنا له سيكون إيجابياً.. أما إن كان سلبياً فإن العكس هو ما يحدث!!! ولذلك فإني آمل منك استبدال قناعك السلبي بقناع إيجابي.. كن متفائلا مع الآخرين.. وأحسن الظن بهم.. وحطم تلك الهواجس السلبية التي توحي إليك بهذا الشعور.. واخرج من دائرتك الضيقة إلى دوائر أكثر سعة.. وكن إيجابياً.. مع الآخرين.. وشاركهم في مواضيعهم وأطروحاتهم ونقاشهم.. وانشغل بهم عن نفسك وستجد نفسك بعد فترة تستغرب هذا الشعور وكيف وجد عندك يوماً ما..!!! خامساً: لا تجعل - أخي الكريم - من الآخرين مقياساً لدرجة رضاك عن نفسك.. فما دمت واثقا من خطواتك.. مستفيداً من أخطائك.. مستنيراً بتجاربك وتجارب غيرك..مستعيناً بربك.. محدداً لهدفك بوضوح جاداً في سعيك لتحقيقه مهما كانت العقبات.. فستجد في نفسك الطمأنينة والثقة والثبات الذي سينعكس على تعاملك مع الآ خرين. وفقك الله وأعانك وسدد على طريق الخير والحق خطاك

زوجي مهزوز الثقة بالنفس..!!!

زوجي مهزوز الثقة بالنفس..!!! المجيب فاطمة الرشودي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 25-3-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أنا متزوجة من عدة سنوات مشكلتي تكمن أن زوجي مهزوز الثقة بالنفس وحذر جداً وجبان.. يخاف أن أشترك بأي نشاط ولو حتى بمظاهرة سلمية خوفاً أن يكتب أسمه!!! فضلاً عن أن يشارك هو. هو ييأس من العمل بسرعة إذا واجهته فيه المشاكل وغير مبادر ويجب على تحفيزه..!! دائماً يحس أن الناس لا يحبونه وعندما ألمح له بذلك يبرر الجبن بالحرص والحذر والخوف من مخالطة الناس وبأن العزلة أفضل لأيمانه يواجه المشاكل بالاكتئاب وليس بالعمل. دلوني على طرق التعامل البناء معه وكيفية تغييره لأني أريده رجل البيت وقدوة لأطفالي فأنا من داخلي لا أشعر باحترامه وتقديره فالمرأة تحب الأقوى، وأنا طموحة جداً لا أرضى بالأقل أبداً.. أعشق العمل والإنتاج وشخصيتي قوية، ومن باب العدل فهو مستقيم، نزيه لا يخادع ملتزم محب لي مثقف عادل مخلص ولقد تعرض في مراهقته لألم نفسي شديد..!! وكان يلاقي سخرية شديدة من زملائه. أفيدوني مشكورين. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: الأخت الفاضلة: حفظك الله ووفقك وزوجك لكل خير ورشاد لقد نعت زوجك بعدة صفات فقلت أنه: 1- مهزوز الثقة بالنفس 2- حذر جداً 3- جبان 4- يخاف 5- ييأس من حل أي مشكلة 6- يشعر بعدم محبة الناس له هذه المشكلات أختي الكريمة تدخل ضمن الاضطرابات الانفعالية في مشكلات الطفولة والمراهقة. والاضطراب الانفعالي حالة تكون فيها ردود الفعل الانفعالية غير مناسبة لمثيرها بالزيادة أو بالنقصان. فالخوف الشديد كاستجابة لمثير مخيف فعلاً لا يعتبر اضطراباً انفعالياً بل يعتبر استجابة انفعالية عادية وضرورية للمحافظة على الحياة. أما الخوف الشديد من مثير غير مخيف فإنه يعتبر اضطراباً انفعالياً. وتلك الاضطرابات الانفعالية لها أسبابها ولعلك ذكرت شيئاً منها وهو معاناته النفسية..!! وتعرضه للسخرية الشديدة من قبل زملائه وهذا يسبب اهتزاز الثقة بالنفس، ومن الأسباب أيضاً بالنسبة للخوف الخبرات الأليمة في الطفولة والحكايات المخيفة للأطفال والإحباط والفشل إضافة إلى البيئة المنزلية المضطربة. أما عن العلاج فهو كما يلي: 1-البحث عن الأسباب الحقيقية للاضطراب الانفعالي وإزالتها. 2-علاج البيئة المحيطة به بإزالة كل ما من شأنه أن يسبب المخاوف لزوجك ليشعر بالاطمئنان والأمن. 3-بعد ذلك تكريس الجهود على البحث في السيرة وخاصة فيما يتعلق بالشجاعة والتوكل إضافة إلى قراءة سير الصحابة والتابعين والعلماء والأبطال وجعل ذلك بجلسة أسرية يومية فهذه القصص نافعة للكبار والصغار.. ففيها تربية لأطفالك أيضاً. 4-العلاج النفسي بالتشجيع وإبراز نواحي القوة والإيجابية لدى زوجك وتنمية الثقة في النفس واعتماده على نفسه وتشجيع النجاح وتحمل المسؤولية. (يمكنك الإيحاء إليه بشكل غير مباشر لمراجعة احد العيادات النفسية لتقديم الاستشارة المناسبة) .

5-عدم ذكر صفات زوجك السلبية السابقة أمامه وإبراز ما هو عليه من اضطرابات انفعالية فإن ذكرك لها ومصارحته بذلك يعزز من توغل تلك الصفات فيه. أخيراً احمدي الله على صفات زوجك الإيجابية من الاستقامة والنزاهة والحب والثقافة فهذه نعمة عظيمة تفقدها كثير من الزوجات ممن ابتلين بأزواج فيهم من الغلظة والحدة والقسوة وتتمنى إحداهن الكلمة الطيبة أو الابتسامة الصادقة. فالنظر إلى الإيجابيات يزيد الألفة بين الزوجين ويقرب بعضهما لبعض وخير شاهد في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي آخر ". معنى " لا يفرك" أي لا يبغض. وفقنا الله وإياك للصواب.

الثقة بالنفس..مرة أخرى..!!

الثقة بالنفس..مرة أخرى..!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 2-2-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا فتاة متعلمة جامعية مشكلتي أن ثقتي في نفسي مهزوزة وهذا الأمر يتعبني كثيرا ويجعلني أتردد كثيرا عند اتخاذ أي قرار سواء كان مهما أو تافها، وأي نقد يوجه إلي يشعرني بأنني فاشلة وللأسف فإن أخي الأكبر كثيرا ما يوبخني حتى على أتفه الأخطاء ويشعرني بأني لا زلت غير قادرة على تحمل المسؤولية وأنا الآن لا أحسن التصرف بالفعل في كثير من الأمور رغم محاولاتي الدائمة بأن أرفع من ثقتي بنفسي. الجواب أيتها الأخت الكريمة أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- الثقة بالنفس أمر يكثر الحديث عنه بين الناس عامة والمهتمين بالنفس البشرية خاصة. ولا نستطيع هنا أن نتناول هذا الموضوع على أهميته بالتفصيل ولكن سوف نشير إشارات لعلها تبرز أهم صفاتها لتجسد لنا بذلك مفهوما يسهل معه التعرف على هذه النقطة النفسية التي تهم الجميع، ولعلي أبدأ هنا بالتعريف بأشكال الثقة بالنفس وأصناف الناس فيها ثم أعرج إلى أهم مكوناتها وصفاتها. والثقة بالنفس نوعان مثلها مثل كثير من الخصائص النفسية إذ هناك نوع فطري وهو أمر يولد مع الإنسان وتكون خاصية الثقة بالنفس مستقرة في تركيبته الشخصية مع أول يوم يهبط فيه إلى هذه الدنيا. والنوع الثاني هو نوع مكتسب بمعنى أن الإنسان يكتسب خاصية الثقة بالنفس أثناء نموه المبكر ونتيجة لتعامل والديه والمحيطين به في مختلف السلوكيات التربوية والذهنية التي يمر بها أثناء فترة التنشئة. وعلى هذا فيمكن تقسيم الناس هنا وفي مدى ثقتهم بأنفسهم إلى أربعة أصناف هي كالتالي: الصنف الأول: وهم الذين لديهم خاصية الثقة بالنفس بالفطرة بمعنى أنهم ولدوا وهي مجبولة في شخصياتهم وفي نفس الوقت وجدوا في محيط جيد من الناحية التربوية من خلال الأسرة والمدرسة والجيرة وغيرها حيث قامت هذه المؤسسات بالدور المطلوب وسعت إلى تنمية هذه الخاصية لدى الطفل بالتشجيع وفتح المجال أمامه بدون كوابح محبطة ومهلكة لكل عمل ناجح يقوم به. هذا الصنف أو هذا النوع من الأطفال تكون الثقة بالنفس لديهم في أبهى صورها وأجل صفاتها ولذلك فإن النجاح غالبا بإذن الله ما يكون حليفا لهم سواء في حياتهم المعيشية أو في ممارساتهم وتعاملاتهم مع الآخرين ... لا بل إنهم غالبا ما يتميزون بصفة القيادة والسعي نحو معالي الأمور والابتعاد عن سفا سفها ولا يرضون لأنفسهم إلا بالمنازل العالية في إدارتهم لجميع شئون حياتهم.

الصنف الثاني: وهم الذين ولدوا وفيهم جبلة وخاصية الثقة بالنفس، بمعنى أنها مفطورة في نفسيا تهم، فهم هنا مثل الصنف الأول، لكن المشكلة لديهم أن المجتمع المحيط بهم على مختلف مؤسساته بدءا بالوالدين والأسرة والمدرسة والجيرة والأصدقاء وغيرها ونهاية بالمجتمع الكبير الذي يوجدون فيه. هذا المجتمع المحيط بهؤلاء الأطفال أو الأشخاص قد يكون سببا في قتل أو على الأقل بتهميش هذه الخاصية لديهم من خلال المرور بالعديد من التجارب الحياتية التي يواجهون من خلالها التحطيم والاستهزاء والسخرية وكذلك قلة أو انعدام التشجيع والتحفيز لهم فيما يمكن أن يكونوا مبدعين في عمله. مثل هذه البيئة يمكن أن تكون سببا رئيسا في انعدام الثقة لدى الإنسان فينشأ مهزوزا مترددا حتى في اتخاذ أبسط القرارات لديه وهذه نتيجة مباشرة لتلك التربية التي مر بها. الصنف الثالث: وهم الأشخاص الذين ولدوا ولم توجد لديهم فطريا خاصية الثقة بالنفس ولكنهم ولحسن حظهم نشئوا في جو متميز في تعاملاته معهم وملاحظ لهم ويهتم في تنمية شتى الخصائص النفسية الجيدة لديهم، فلديهم والدان يحرصان على تنمية شعور الثقة بالنفس، يتقبلان منهم الأخطاء ويوجهانها لديهم، حريصان على ملاحظة مسلكهم في طريقة أدائهم لسلوكهم مع أنفسهم ومع الآخرين، والخصائص الجيدة لديهم يحاولان تنميتها أما السيئة فيسعيان إلى تهذيبها فيهم حتى يتم التخلص منها. ويساهم هذا النوع من البيئة المحيطة بالطفل بشكل كبير جدا على زرع الثقة بالنفس وغيرها من الخصائص النفسية الجيدة، حتى وإن كان الطفل قد ولد وهي غير موجودة في تركيبته العقلية والنفسية من الناحية الفطرية. الصنف الرابع والأخير: وهم أولئك الذين لم توجد لديهم غريزة الثقة بالنفس فطريا بمعنى أنهم ولدوا وتنقصهم هذه الخصلة ولكن المشكلة الأكبر لديهم أنهم نشئوا في مجتمع كما المجتمع لدى الأشخاص من الصنف الثاني، بمعنى أن الجو المحيط والبيئة التي يعيشون في كنفها بيئة ومحيط لا يعلم كيف يتعامل مع شخصيات وأطفال من مثل حالتهم، إن انعدام الوالدين والمربين الحاذقين الذين يمكن أن يستشعروا ويكتشفوا مكامن الخلل لدى مثل هؤلاء الأطفال يميت فرص النجاح في إمكانية زرع الخصائص النفسية الجيدة لديهم فينشئون وهم آخر الركب في مسيرة الحياة ومع المحيطين بهم، كثيرة مشاكلهم النفسية والاضطرابات الحياتية لديهم. هم من فشل إلى فشل آخر، غير راضين عن حالهم في أغلب الأحوال، لا يحبون الاندماج مع الناس بل العزلة هي مكانهم المفضل، تقل نسبة نجاحاتهم في حياتهم العملية فيما بعد بشكل كبير، وقد يتطلب الأمر في بعض الأحوال إلى التعامل مع الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين إن لزم الأمر. ومن منطلق التصنيف السابق لأنواع الناس وخصائصهم النفسية ندرك هنا مدى أهمية التنشئة التربوية والعناية الأسرية المطلوبة في تعاملها مع أطفالها. فلا يعني وجود الثقة بالنفس مفطورة لدى الإنسان أن الأمر كذلك وأنها لا يمكن أن تقل أو تنعدم بسبب نوعية التنشئة التي عاشها ذلك الإنسان في مرحلة الطفولة.

أيضا لا يعني انعدامها فطريا في مكمن النفس البشرية أنه لا أمل في زرعها في هذه النفس فيما بعد من خلال التربية السلوكية والتنشئة الأسرية.. لا بل هذا ممكن جدا ولكنه يتطلب كما ذكرنا جوا ومحيطا يدرك تماما مدى أهمية وإمكانية زرعها وإيجاد بذرتها لدى الطفل ومن ثم رعايتها حتى ينشأ وتصبح ناضجة ونامية مع نموه. أمر آخر يتعلق بموضوع الثقة بالنفس ويجهله كثير من الناس حينما يتناولون مثل هذا الموضوع. هذا الأمر هو أن الثقة بالنفس هي منزلة رقيقة تقع بين منازل مختلفة في النفس البشرية والإفراط في الثقة بالنفس يمكن أن ينقلها من منزلتها إلى منزلة الغرور والكبر فتنتقل هذه الخاصية من أمر محمود إلى أمر مكروه ومذموم وللأسف فإن الكثير من الناس وبالتحديد أولئك الذين توجد لديهم ثقة مفرطة بأنفسهم يفشلون في ضبط هذا الفارق الرقيق والدقيق في نفس الوقت بين هذه المنازل فتجده يتكبر ويغتر وهو يظن أنما ذلك هو عين الثقة بالنفس. وفي الناحية المقابلة وفي سبيل الإفراط في الهروب من هذا المنزلق نجد كثيرا من الناس وبدافع الرغبة في عدم الولوج إلى منزلة الكبر والغرور يبالغ في التواضع إلى حد منزلة الذل أو حتى ممارسة التواضع الكاذب وهو في الحقيقة عملية هروب وقلة في الثقة بالنفس تجعله يتكئ على خاصية التواضع وهي منه بريئة بل ضعف في الشخصية وانعدام في الثقة بالنفس أدى به ذلك إلى ممارسة هذا النوع من السلوكيات لأن التواضع الكاذب لم يكن أبدا حلا لضعف الثقة بالنفس.. لا بل الحل هو المكاشفة الصريحة مع النفس ومعرفة مكامن الخلل ومن ثم السعي الحثيث إلى التعامل معها لانتشالها مما هي قابعة فيه. ولعله من المفيد أن نشير هنا إلى تساؤل قد يطرحه بعض الناس وهو هل الثقة بالنفس شيء كلي أم هو متجزئ؟ بمعنى هل الإنسان الواثق من نفسه هو كذلك في جميع أموره وشئون حياته أو هو كذلك في بعضها وليس في كلها؟ وكذلك عديم الثقة بنفسه هل تلازمه هذه الخصلة في جميع شئون حياته أم هي فقط عند ممارسته نوعا من التصرفات والسلوكيات؟ وللإجابة على هذا التساؤل يجب أن نعود إلى الأصناف الأربعة من الناس السالفة الذكر وعلى ذلك فإن الواثق من نفسه هو غالبا على هذه الحال في جميع شؤونه إلا أن هذه الخصلة تختلف في قوتها وكمال هيئتها بحسب الظروف والمواقف التي يواجهها الإنسان، فقد يجد الإنسان الواثق من نفسه تزعزعا واهتزازا في شخصيته لم يعهده منها ولكنه وبسبب موقف وتجربة كان قد مر بها أثناء الفترات الأولى من التنشئة جعل خللا لديه في أعماق نفسه ينفجر حالما يمر بموقف مشابه لذلك الموقف فتخور قواه وتهتز ثقته بنفسه نتيجة لذلك فيكون السبب هنا في الحقيقة ليس الضعف في الشخصية بقدر ما هو أثر ذلك الأمر البالغ الذي تركته تلك التجربة الطفولية السابقة.

وفي مقابل هذا النوع من الناس قد نجد إنسانا يغلب عليه انعدام الثقة بالنفس ولكنه في موقف معين نراه تبدو عليه أمارات الواثق المطمئن ولو تأملنا الأمر مليا لربما وجدنا ذلك الشخص قد مر بتجربة مماثلة سابقة وكانت آثارها طيبة جدا في نفسه من ذلك الوقت وكان قد أسترّ بها كثيرا ولذلك تركت هذه الحادثة في نفسيته ذلك الانطباع الجميل فأصبح يشعر بالسعادة والاغتباط والثقة بالنفس عند كل حادثة مشابهة حيث ينتقل معها من عالم العديم الثقة بالنفس ليتحول أثناء القيام بها وممارستها إلى إنسان مختلف تماما من الناحية النفسية. ولذلك نكرر مرة أخرى ونحن نجد الأهمية الكبيرة التي تمثلها لنا في حياتنا وشخصياتنا وتركيبتنا النفسية تلك البيئة المحيطة بنا من أسرة ومدرسة وجيرة وغيرها من المؤسسات التربوية ضرورة التنبه إلى مدى مساهمتها في استقرار نفسياتنا وتنمية خصائصنا النفسية الجميلة. حسنا ... وها نحن تكلمنا عن الثقة بالنفس وأصناف الناس فيها فإنه.. يتسنّى لنا الآن أن نسأل سؤالاً وهو كيف لنا أن نعرف الثقة بالنفس نفسها؟ ما علاماتها؟ وما أشكالها؟ والسؤال أيضاً مطروح للنقيض من ذلك بمعنى كيفية معرفة انعدام الثقة وما أماراتها؟ وهذه تساؤلات مهمة جداً وضرورية في نفس الوقت لأنها تسمح لنا وتساعدنا على تقييم ذواتنا لتصبح بذلك كالميزان لنا يمكن أن نعرض عليه صفاتنا وسلوكياتنا لنعرف درجة ثقتنا بأنفسنا. وهنا يمكن أن نصف الواثق من نفسه اختصاراً بعدد من الصفات الجيدة كالإقدام وعدم التردد والقدرة على اتخاذ القرار وتحمل مسؤولية ذلك والاعتداد بالرأي وربما يصل الأمر بعض الأحيان إلى التصلب فيه، لا يخاف من النقد، ليس لديه حساسية زائدة تحسب للدقيق جداً من الأمور بل هم أهل هيبة للناس من غيرهم فلا يخشون المكاشفة والمصارحة في الأمور. أما عديموا الثقة بالنفس فإن عملية اتخذ القرار هي من أصعب الأمور لديهم، ليس عجزاً في حقيقة ذلك وإنما في الدرجة الأولى خوفاً من النقد وخوفاً من الآخرين وخوفاً من الوقوع في الخطأ ولذلك نجدهم دائماً ما يحرصون على إسناد مثل هذه الأمور إلى الآخرين ليكونوا في مأمن من تبعات ذلك وما يمكن أن تجرهم إليه. نجدهم دائماً ما يحاولون العيش في الظل وفي كنف أناس آخرين وليس في المواجهة أو في المقدمة. هم حساسون بدرجة مفرطة ربما تمنعهم من القيام بالكثير من الأمور. الواحد منهم يحتاج إلى مدة زمنية طويلة ليتجاوز خطأ أو مشكلة تكون قد مرت به، ويبقى أثرها عالقاً في نفسيته مدة ليست قصيرة. التردد وضعف الشخصية واضحة في سلوكياتهم، روح الانهزامية أسبق إليهم من الإقدام والصبر والتجلد على مواجهة الآخرين، لا يستطيعون في بعض الأحيان المكاشفة مع الآخرين، نفسيا تهم كثيراً ما تكون كتابا مغلفا وموصدا لا يعرف مكنونه غيرهم بعكس الصنف الأول الذين هم عبارة عن كتابٍ مفتوح حيث ثقتهم بأنفسهم تحول بينهم والخوف من الآخرين.

هذه بعض من الصفات لكلا الصنفين لدينا وإن كنا ندرك أن الناس متفاوتون في درجاتهم فقد لا تجتمع الخصال الحسنة جميعها في الواثق بنفسه كما أنه يمكن أن لا تجتمع الخصال السيئة جميعها في عديم الثقة بالنفس وأصابع اليد كما يقال ليست متساوية بل فيها التفاوت وكذلك النفسيات البشرية ففيها من جمع المولى له أحسن الصفات وأجودها وأكملها ومنهم من جرّده منها ولله في خلقه شؤون وحكم عز وجل. أما كيف ننمي الثقة بالنفس لدينا فهذا موضوع يمكن أن نتعرض إليه مستقبلاً إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حكاية الصمت..!!!

حكاية الصمت..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 10-1-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: ما هي أسباب الصمت عند كثير من الشباب وعدم القدرة على التعبير عن رغباتهم ومطالبهم وخاصة مع من يكبرونهم في السن أو في المنصب أرجو توضيح الأسباب النفسية والاجتماعية ووسائل العلاج؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً: قد تكون للصمت أسباب نفسية تتعلق بعدم ثقة الإنسان بنفسه وخوفه من الإحراج أو عدم القدرة على التحدث أمام الناس لسبب أو لآخر.. ثانياً: وقد تكون للصمت أسبابه التربوية المتعلقة بالتنشئة الأولى في حياة الإنسان..!! حيث يعمد بعض الآباء والمربون إلى التقليل من قيمة آراء الطفل ورغبته في التعبير عن نفسه وعن مشاعره فينشأ الطفل مهزوماً منكسراً غير قادر على التعبير عن مشاعره وآراءه.. وبالتالي يلزم الصمت. ثالثاً: وقد تكون الأسباب اجتماعية تتعلق ببعض العادات والتقاليد التي تلغي حق الصغير في الحديث أمام الكبير مهما كانت الأسباب.. وقصر مشاركته على الاستماع فقط..!!! فينشأ الإنسان وقد فقد روح المبادرة في الحديث.. بل أنه يضطرب بمجرد أن يفكر أنه قد يضطر إلى الحديث عند من يكبره منصباً أو مكانة.. بل والحديث أمام الآخرين حتى لو كانوا أقراناً له. رابعاً: أما علاج مثل هذه الحالة.. فذات شقين: الشق الأول يتعلق بأولياء الأمور والمربون عموماً حيث يجب عليهم عدم قمع رغبة الطفل على الحديث والتعبير عن رأيه.. بل وتشجيعه على ذلك وتدريبه على الحديث أما الآخرين ولذلك طرقاً كثيرة.. لأن ذلك مما يدعم ثقته في نفسه ويوجد لديه روح المبادرة في الحديث. أما الشق الثاني فيتعلق بالإنسان نفسه أي المراهق أو الشاب.. حيث يجب عليه المشاركة في الحديث والنقاش حتى ولو كان بشكل جزئي.. كإثارة بعض الأسئلة أو الإنصات الإيجابي.. وتدريب نفسه على ذلك شيئاً فشيئاً.. ومع الوقت سيجد نفسه وقد تجاوز حاجز الصمت السلبي.. واعتاد على المشاركة الإيجابية في الأحاديث والحوارات..! وفق الله الجميع لما فيه الخير والسداد.

هذا الأمر.. أفقدني احترامي لذاتي!!!

هذا الأمر.. أفقدني احترامي لذاتي!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 30-12-1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أنا شاب طيب ومحترم أعمل في وظيفة محترمة متزوج ولي أولاد , أصحابي كلهم ولله الحمد صالحون أستحي وأقدر الناس كثيراً ولكن عندي عقدة النقص حيث أسعى دائما " لتوكيد الذات" لكن محاولاتي تبؤ بالفشل..!! أجامل الناس حتى على حساب نفسي.. أرى أن هناك أناس أسعد وأهنأ عيشاً مني أتمنى أن أصبح مثلهم وأسعى أن تكون لي مكانة اجتماعية.. ومشكلتي الكبيرة التي حطمتني ولا زالت تقتات سعادتي هي أني أهتم كثيراً برأي الآخرين في شخصي وإنجازاتي.. أحس أن سعادتي مرتبطة بهم أو بمعنى أصح ببعضهم..!! هؤلاء الأشخاص أهتم بهم اهتمام شديد اجداًَ واعتقد أن الصواب هو الذي يقولون عليه هم صواباً لذلك أحاول استشارتهم دائماً وأغلب الأحيان أجد منهم التجاهل واللامبالاة.. بل والتعالي..!!! أحتقر نفسي إذا جلست معهم.. صدقوني أنني أشعر بالتعاسة.. دلوني كيف النجاة من هذه الدوامة المزعجة حتى أشعر بطعم الحياة!!؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:- أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: " تأكيد الذات" مطلب هام وضروري للجميع.. ولا أحد يزعم أنه لا يهتم لتأكيد ذاته أمام الآخرين.. ووضعها بالصورة التي يتمناها لنفسه.. وان اختلفت الطرق والوسائل بحسب الأشخاص والظروف والإمكانات والقدرات..! وكذلك إصابة الهدف المرجو أو مجانبته بين هؤلاء الناس.. لخلل في المرسل أو المتلقي أو الرسالة التي يراد من خلالها تحقيق هذا الهدف!!! وهذه الرغبة بـ"توكيد الذات" مسألة إيجابية.. متى ما تعاملنا معها بالطريقة المناسبة.. لأنها تعني الطموح.. والرغبة في الارتقاء بشكل أو بآخر. ثانياً: يجب أن نفرق بين رغبتنا بالارتقاء بأنفسنا اجتماعياً أو نفسياً أو علمياً أو مادياً.. وبين إحساسنا بالنقص!! فالأول تفكير إيجابي يدفعنا إلى الأمام لنحقق لأنفسنا المكانة التي نتمناها.. والثاني إحساس سلبي يجلب لنا التعاسة ويشدنا إلى الوراء ويقتل فينا أشياء كثيرة من بينها " روح المبادرة والإبداع ". ثالثاً: نحن جميعاً محتاجون - فعلاً - للارتقاء بأنفسنا بشكل أو بآخر.. ولا أحد منا يدعي الكمال.. فنحن بشر!! ولا يعني ذلك أننا نشعر بالنقص.. ونرثي لحالنا.. بل نسعى لاستكمال ما ينقصنا بشكل موضوعي نركز فيه على قدراتنا وإمكاناتنا.. واثقين بأننا سنحقق ما نريد بعون الله وتوفيقه.. بالإصرار والعمل وبذل الجهد.. وبأننا لسنا أقل قدراً وقدرة من الآخرين.. وبأن لدينا الإيجابيات والسلبيات.. ودورنا هو في تنمية إيجابياتنا والتخلص من سلبياتنا.. شيئاً فشيئاً.

رابعاً: إن إدراكنا لهذه الحقيقة يجعلنا متفائلين دائماً بالوصول إلى أهدافنا.. وواثقين من قدراتنا.. وهذا التفاؤل والثقة هو ما يسمى بـ "التفكير الإيجابي" الذي يعتبر الركيزة الأساسية لبناء الذات. خامساً: أما عن تقديرك للآخرين.. ومجاملتك لهم وحيائك منهم فهو نوع من نبل الأخلاق.. يجب أن تعتز به وتضيفه إلى رصيدك الإيجابي.. على ألا يتحول هذا الحياء وهذا التقدير إلى انقياد كامل لا إرادي أو استجداء واضح لنيل استحسانهم وثناءهم..!! والفرق هنا واضح وشاسع..! فإذا كنت تتعامل مع الجميع بنفس الطريقة ونفس الأسلوب.. فهناك خلل ما..! لأن الناس يتباينون ويختلفون في أحقيتهم لهذا الاحترام والتقدير إن في المساحة أو الدرجة!!! وإن كنت تهتز فرحاً لأي إطراء أو كلمة ثناء من أي كان.. وتنقبض حزناً.. لأي كلمة أو موقف سلبي من أي كان.. وتحاول دائماً إرضاء الجميع حتى ولو على حساب نفسك أو أسرتك أو عملك فهناك أيضاً خلل..!! لماذا؟! لأنه ليس من الصواب إرضاء كل الناس وليس من الخطأ إسخاط كل الناس ولكن المعول الحقيقي هو على أي نوع منهم أرضيت وأي نوع أسخطت..!! إذاً فالمعادلة يسيرة.. وفهمها يسير.. والبدء بتطبيقها يسير أيضاً.. وإن كان إتقانها قد يحتاج إلى بعض الوقت ولكن المهم هنا أن نبدأ بمراجعة الذات..!! سادساً: ابدأ منذ الآن واكتب جميع إيجابياتك بموضوعية وتجرد في صفحة.. وفي الصفحة الثانية اكتب جميع سلبياتك وهذه خطوة هامة جداً لنقل تلك الأفكار المتداخلة لديك من عالمك الداخلي إلى عالمك الخارجي.. ووضعها أمامك على الورق..! ثم قارن بينهما.. واستعمل ما يسمى بقانون " ماذا ولماذا وكيف" حيث تسأل نفسك السؤال التالي:- ماذا ينقصني؟ ثم أجب بوضوح وتجرد عن طريق الكتابة.. واجعلها على شكل نقاط.. وبعدها اطرح السؤال الثاني: لماذا؟ وأجب عن كل نقطة مهما كانت التفاصيل من وجهة نظرك. وأخيراً ضع السؤال الثالث: كيف أتغلب على كل ذلك؟ وستجد أنك تضع إجابات جيدة هي أقرب ما تكون إلى " التوصيات " حاول أن تلتزم بها وتطبقها.. وشيئاً فشيئاً ستجد أنك تستطيع أن تواجه الأمور بشكل أكثر إيجابية وفاعلية.. بل وأن الكثير من الصفات التي كنت تستبعد امتلاكها قد أصبحت جزءاً من شخصيتك بلا أي تكلف. سابعاً: أما رأي الناس واهتمامك الكبير فيه..! فالوسطية هنا مطلب ضروري.. والتطرف فيه مرفوض سواء بطلبه والاهتمام فيه بشكل كبير تذوب فيه شخصية الإنسان ورأيه الخاص في أموره الخاصة..!! أو بتجاهله إلى الحد الذي ينسى معه الإنسان نفسه ويتعامل بفردية مطلقة وكأنه لا أحد معه على هذا الكون!!! فكلا الأمرين خاطئ..!!! ثم إن الأمور تتفاوت فيما بينها من ناحية الوضوح والأثر والنوع والعلاقة بالناس.. وكل ذلك يؤثر في تقييمنا لها ولرأي الناس حولها..!!

ثامناً: صدقني - أخي الكريم - أنت تملك الكثير من الإيجابيات وعوامل النجاح الذاتي والاجتماعي.. فلا تتعامل مع نفسك بهذا " الشكل " وتتحدث عنها بهذه " اللغة "!! وكل ما عليك هو أن تكون إيجابياً - كما أسلفت- مع نفسك أولاً.. لأن " الأفكار الإيجابية" تستدعي مواقف إيجابية.. حسب " قانون التداعي النفسي" ثم تكون إيجابياً مع من حولك.. تشاركهم في أحاديثهم ومناسباتهم.. ولا تفكر كثيراً بالأثر أو الانطباع الذي تتركه لديهم عندما تقابلهم.. أو بعد ما تغادرهم.. بل تتعامل معهم بوضوح وتقدير.. ولا تنشغل كثيراً بما تعنيه نظراتهم لك.. أو مشاعرهم تجاهك.. وثق أنك لن تستطيع أن ترضي كل الناس.. إلا بشرط واحد.. وهو أن تتحول إلا إنسان متلون متذبذب لا موقف لك ولا مبدأ.. وبالتالي ستخسر نفسك.. وستخسر بخسارتها الجميع..!! فكن واثقاً من ذلك.. واخرج يا عزيزي من دائرتك الخاصة إلى دوائر الآخرين.. ولا تفكر كثيراً بذاتك.. فأنت تملك الكثير مما يملكه غيرك بل ربما تفوقهم في أمور.. ويفوقونك في أمور.. والفرق بينكما أنك تحاملت على نفسك وتعاملت معها بحساسية كبيرة أما الآخر فتعامل في نفسه بإيجابية وثقة..!! تاسعاً: أنت قادر على أن تبدأ منذ الآن.. وتتخذ القرار وتعامل الناس بحسب أقدارهم وفئاتهم من أصدقاء وزملاء ومعارف.. كل بحسب قدره ومكانته.. دون أن يسعدك التبسم أو يقنطك التجهم.. فأنت الذي يملك زمام نفسك.. وأنت أدرى بصحبك.. وأقدر على التعامل مع كل منهم بما يستحق. عاشراً: قبل هذا وبعده.. صدق الالتجاء إلى الله.. وطلب العون منه والتوفيق.. والقرب منه والتذلل إليه.. والثقة فيه ستنعكس عليك ثقة في نفسك ويقيناً واطمئناناً بقدرتك على التعامل مع الحياة والناس كما تتمنى.. وفقك الله وأعانك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

أحب المبادرة.. أكره النقد..!!

أحب المبادرة.. أكره النقد..!! المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 15/11/1422 السؤال الحمد لله تعالى أن هيأ للشباب هذا البرنامج الاستشاري لاستيعاب مشكلاتهم ومحاولة الوصول للحلول العملية.. أخي الكريم إن المشكلة التي أود طرحها هي مشكلة نفسية، في الحقيقة أجد أنني أنزعج جداً من توجيه النقد من الآخرين أو عند شعوري بالاستنقاص منهم وإن كان على سبيل المزاح وأخشى القيام بأي تجربة معرضة للفشل أمام الآخرين خشية النظرة الشامتة مع أنني أقدر النصيحة التي في القالب المقبول ولو نوعاً ما، وأحاول ذلك تجنباً للوقوع في الكبر، وأحب الإقدام والمبادرة في أكثر جوانب الحياة مع أنني لا أقدم على عمل إلا بعد التصور ولو المبدئي عنه وكثيراً من وراء الآخرين، وأتمنى أن أصل إلى استقرار نفسي بحيث لا يمكن للآخرين أن يخرجوني عنه بنظراتهم وكلماتهم التي تحمل العتاب والتأنيب خاصة من الاخوة الذين يهمني نظرتهم من المربين المقربين، وأنا أحمل بين جنبي طموحاً كبيراً في الدعوة وتطوير الذات وأرسم أهدافاً أستطيع تحقيقها بأفضل الوسائل إلا أن من العوائق التي استمرت معي هي هذه المشكلة مع أنها تخفت كثيراً إلا أن لها ظهوراً في بعض المواقف.. أرجو مساعدتي بالحل الذي يظهر لكم جزاكم الله أحسن ما تعملون؟ الجواب أخي العزيز صاحب المشكلة باختصار نقول لك بناءً على ما ذكرت من معلومات ومقدمات عن المشكلة فهذا ما يعرف بالاضطراب العصابي، ونمط من هزيمة الذات مع وجود قدر محدود من الفاعلية. ومشكلتك تتسم بأنها صراع الإقدام واالإحجام وهو صراع يكون له هدف - أو موضوع الرغبة فيه لها قيمة موجبة وسالبة معاً لديك - والوصول لأهدافك له فوائد - لكنه يرتبط بخسائر تخاف منها فأنت تقول أنك حين تقدم على عمل ما - فإنك تقوم بعمل تصور مبدئي له - فهذا شيء طيب وهو ما يفعله الأسوياء - إلا أنك تتردد وتخاف من القيام بالعمل خوفاً من شماتة الآخرين - أو توجيه نظرات من اللوم لمن يعنيك أمرهم من المربين والأقارب إليك - فحرصاً منك على أن تتفادى السخرية أو الضحك أو اللوم فإنك تحجم بعد أن أقدمت على العمل وقمت بعمله وهذه هي الخسارة التي تخشاها وذكرتها لك من قبل - فخوفك من الفشل هو أحد أسباب الإحجام عن القيام بعمل ما - وذكرت لنا أيها الأخ العزيز أنك تحب الإقدام والمبادرة في أكثر جوانب الحياة إلا أنك لا تستطيع الإقدام رغم أنك تعمل تصور مبدئي، وهو ما يتفق مع تشخيص مشكلتك والتي قد نوهنا لك بها في مقدمة الاستشارة - وعلى العموم أيها الأخ العزيز هذه المشكلة بسيطة يسيرة لها حلول عديدة لا تضخمها عند قراءتك إنها اضطراب عصابي - فكثير من الناس يعانون من الاضطرابات العصابية ولكي تتغلب على هذه المشكلة وما تعيشه من آلام نتيجة ما يحدث لك فعليك أن تتبع الخطوات البسيطة الآتية وعلى الله قصد السبيل: · كن على وعي بأن جذور التردد والإحجام تؤدي إلى الاضطراب بالذات على المدى الطويل.

· عند قيامك أو بمعنى آخر إذا أردت أن تقوم بعمل ما - كن على ثقة بذاتك ولا تقلل من شأنك واحصل على بعض الحقائق المهمة عن هذا العمل ولا تحاول أن تجمع كثير من المعلومات لأن المعلومات الكثيرة جداً تؤدي للإحجام خشية الفشل. · تحمل مسئوليتك كرائد لأنك في النهاية تتقبلها على أية حال - إذن لماذا تهرب منها أو تدور في دوائر مغلقة - إن الأمر يا عزيزي يتطلب الشجاعة وعليك أن تتقبل بعض الأثقال التي تضعها الحياة على أكتافك وعلى أي حال طالما تجمعت لديك الشجاعة على أن تتصرف وتقوم بالعمل بلا أحجام ستشعر إنك أفضل. · ونقول لك إن جميع القرارات مهما كانت يمكن إلغاؤها تماماً إلا القليل منها وإنك لست مضطر أن تعيش كل حياتك مع قرار خاطئ. نعم هناك ثمن لا بد أن تدفعه لاتخاذ قرار خاطئ، ولكن ماذا يمكنك أن تفعل غير ذلك. الأخر العزيز عليك أن تستمر وتفعل كل ما في وسعك، وكما يقول أحد علماء النفس " افعل ما من وسعك ثم حاول أن تتلمس طريقك خارجاً، كلنا نفعل ذلك ". وأخيراًُ يا عزيزي صاحب المشكلة نقول لك تحقق أن المخاوف التي تربط بينها وبين النجاح هي من معظم الحالات هي تخيلات غير واقعية. وللعلم فإن من النجاح ما تكسبه يكون أكثر بكثير مما تخسره. إن الخوف من النجاح يقع في فئة ما يسمى أحياناً الخوف من الخوف أو الخوف من لا شيء على الإطلاق، وعلى كل حال ندعو الله لك بالتوفيق.. سائلينه سبحانه أن نكون قد وفقنا لإيجاد حل لمشكلتك إنه نعم المولى ونعم النصير،،

ثقتي بنفسي مهزوزة!!

ثقتي بنفسي مهزوزة!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 17/10/1422 السؤال أقدر لكم جهودكم وأتمنى لكم مزيداً من النجاح أريد أن أعرف كيف أكون شخصية واثقة من نفسها، وما هي الخطوات لأكون كذلك؟ الجواب أختي الكريمة، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد. أما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: لقد اختصرت السؤال كثيراً؛ ولا أدري كيف حكمت على نفسك بأنك "غير واثقة " من نفسك..؟! وما هي الأعراض التي حكمت على ضوئها..؟!! بمعنى هل أنت مترددة في قراراتك؟ وهل أنت غير قادرة على المبادرة في الحديث أو إقامة العلاقات الاجتماعية مثلاً..؟ أو أنك خجولة.. أو غير ذلك من المواقف التي تشعرين حيالها بعدم الرضا وعدم القناعة وتردينها في النهاية إلى عدم الثقة في النفس..!! ثانياً: لم تذكري أي شيء عن ظروفك الأسرية وعلاقاتك الاجتماعية لمحاولة الربط بينها وبين الأعراض السابقة، ثم محاولة استنباط الأسباب وكيفية تجاوزها والتغلب عليها. ثالثاً: يخلط كثير من الناس في مشاعرهم وأحاسيسهم وأفكارهم، ويتسرعون في إصدار الأحكام الجائرة - ربما - على أنفسهم أو على غيرهم.. بتهم " التعقيد" و"الاضطراب " و"الفشل " و"انعدام الثقة " و"عدم الاتزان " و" ضعف الشخصية " وغير ذلك من الكلمات الكبيرة والعميقة.. دون أي إدراك لمعناها الحقيقي وأعراضها، ومتى نحكم بوجودها من عدمه..!! رابعاً: النفس البشرية عالم واسع يمر بفصول كثيرة وظروف متغيرة ومشاعر متقلبة بين الرضا الكامل عن النفس في بعض المواقف والسخط الكامل في مواقف أخرى..!! وهذا شيء طبيعي يجب ألا نعطيه أكثر من حجمه، ونتهم أنفسنا بأننا مهزوزون وغير واثقين من أنفسنا؛ فقليل من التردد أو الخجل أو انعدام المبادرة لا يعني انعدام الثقة بقدر ما يرتبط بظروف أخرى، وقد يكون مطلوباً ومرغوباً في وقته، والاندفاع والمبادرة في بعض المواقف قد تكون سلبية وقد يصنف صاحبها على أنه متهور لا يعقل ولا يحسب حساب الأمور..!! وهكذا تتغير الأحكام والمواقف بتغير الظروف والأشخاص والأحداث. خامساً: أما كيف تكتسبي الثقة إجمالاً وتنميها، فلا شك أن للعوامل التربوية والتنشئة الأولى في حياتنا أثراً كبيراً في ذلك..!! إلا أننا نستطيع - بتوفيق الله- اكتساب الثقة وتنميتها في أعماقنا بشكل كبير قد نستصعبه في البداية إلا أننا مع الوقت سنبنيها لبنة لبنة مستمدين من الله العون والتوفيق، وإليك بعض الاقتراحات: أ-لا بد أن تبدأ الخطوة الأولى في عقلك وفكرك بحيث تتخذي القرار على مواجهة هذا الإحساس الداخلي بالنقص وتحطيمه وإزالة ركامه ومن ثم بناء صرح الثقة في نفسك شامخاً لا تهزه الرياح، وعندما تداهمك - أحياناً- بعض الأفكار السلبية حول ذاتك فأوقفيها مباشرة، وأزيليها من مخيلتك بتاتاً، ولا تسمحي لها بالبقاء في أعماقك إطلاقاً..!!

ب-تأكدي أنك تملكين كل مقومات الثقة، وأنك لست أقل من الآخرين بأي حال، وما تشعرين بفقده حسياً أو معنوياً وترينه عند غيرك فإنه بالمقابل يوجد لديك ما لا يوجد لدى غيرك.. وهكذا فالكمال لله وحده. جـ-ازرعي بذرة الثقة بالله أولاً ثم بنفسك، وابدئي بمواجهة النفس مباشرة.. واسأليها: ماذا ينقصني لأصبح واثقة من نفسي؟! (يلزم أن يكون ذلك كتابة) ثم ابدئي بسرد الأشياء التي تعتقدين أنها تنقصك واحداً واحداً. ثم اسأليها: وكيف أكتسب تلك الأشياء..؟! وأجيبي بشكل موضوعي، وستكتشفين أن أغلب هذه الأمور مكتسب، ويمكن تنميته، والبعض الآخر لا حيلة لنا فيه، ولكنه جزء من الصورة فنستطيع أن نعوضه بالتركيز على الأمور الأخرى المكتسبة.. وهكذا شيئاً فشيئاًَ ومع الوقت والتدرج والتدريب البسيط تجدين نفسك وقد قطعت شوطاً كبيراً في بناء صرح الثقة. د-لا بأس من اكتساب صداقات جديدة وتنميتها، فللأصدقاء أثر كبير في بناء شخصياتنا سلباً أو إيجاباً. فإذا كان من صديقاتك من هي متسلطة مثلاً وتحاول التقليل من قيمة المحيطين بها بشكل أو بآخر فالأولى تركها والابتعاد عنها وبناء صداقات جديدة مبنية على الاحترام المتبادل، وتبادل الآراء بحيادية وموضوعية. فهذا مما ينمي لديك الثقة ويقوي إحساسك بذاتك. هـ-أديري بعض الحوارات، وكوني صاحبة مبادرة في بعض المواقف - ولو بشكل متدرج في البداية - ولا تعتقدي أن أي عمل تقومين به يلزمه إرضاء كل الناس، فالناس مشارب، ولست ملزمة بتقديم تبرير أو تفسير لكل قرار تتخذينه أو خطوة تخطينها إلا لوالديك أو لوليك. واتكلي على الله، وأحسني الظن به، واستعيني بحوله وقوته، واسأليه التوفيق والسداد والقوة؛ فالله قريب مجيب. وفقك الله وسدد على طريق الخير خطاك.

مشكلتي الكبرى.. التردد!!

مشكلتي الكبرى.. التردد!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس التاريخ 27/9/1422 السؤال هناك مشكلة كبيرة تؤرقني كثيرا وتفسد علي الكثير من الفرص بل وتجعلني غالبا في مواقف صعبة مما اثر على علاقاتي بل وثقتي نفسي وكثيرًا ما اضطررت لإلغاء برامجي أو قراراتي نتيجة لذلك..!! هذه المشكلة هي التردد الكبير عند محاولة اتخاذ أي قرار حتى ولو كان قرارًا بسيطا لا يترتب عليه أي شيء..!!؟ فماذا افعل وكيف أتغلب على ذلك؟؟ (أريد حلولا عملية.. جزاكم الله خيرًا) الجواب أخي الكريم.. اشكر لك ثقتك، واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد. وأما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: لا شك أن التردد هو السبب الحقيقي خلف الكثير من حالات الفشل التي تواجه الإنسان في حياته.. لأن التردد يعني عدم الثقة في النفس وعدم القطع في الرأي وضياع الفرص المتاحة وتوالي حالات الفشل ومن ثم الإحباط!! ... ألخ. وهذه أمور تنعكس بدورها على حياة الإنسان بطريقة أو بأخرى.. فتنتج شخصية مشوشة، مضطربة، غير واضحة المعالم..!! ثانياً: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي.. أن تتردداهذه هي الحقيقة، فإذا كان الاستعجال في القرارات أحياناً مذموم فإن التردد فيها غالباً مدمر!! ولذلك فعندما تكون أمام موقف يستوجب منك اتخاذ قرار ما.. فضع حداً زمنياً لاتخاذ قرار حيال هذا الموقف يعتمد على نوعية الموقف والوقت المتاح أمامك وبالتالي التزم بهذا الموعد، واتخذ القرار، بعد أن توازن أمورك بطريقة مناسبة، وتضع أسوأ الاحتمالات، وتهيئ نفسك لقبولها أو مواجهتها..!! ثم تتفاءل وتتكل على الله وتستعين به. ثالثاً: أعتقد أنك تتفق معي - أخي الكريم - إن كثيراً من قراراتنا الحياتية هي من البساطة.. بحيث ِإنها لا تحتاج إلى كل هذا التردد الذي يحبط البعض.. فالقيام برحلة مثلاً.. أو زيارة.. أو شراء سلعة معينة تظل في أسواء الحالات أمورا لا يترتب على أدائها.. تبعات مستقبلية قد تؤثر في حياة المرء أو مستقبله، وبالتالي فالقرار فيها لا يحتاج إلى الكثير من التردد والاستشارات المتعددة. رابعاً: هناك توجيه شرعي في هذا الأمر وهو الاستخارة الشرعية، خاصة قبل اتخاذ بعض القرارات المصيرية التي تتعلق بحياة الإنسان أو مستقبله.. ولا تنس الاستشارة.. فما خاب من استخار ولا ندم من استشار.. وإذا فعل الإنسان الأسباب الشرعية المأمور بها.. فليتكل على الله.. [ومن يتكل على الله فهو حسبه] .

خامساً: عود نفسك على اتخاذ القرارات، وعدم التردد بها وابدأ في الأشياء البسيطة جداً.. كقرار الذهاب أو الإياب.. الدخول أو الخروج وتدرج فيها شيئاً فشيئاً، وستجد نفسك مع الوقت وقد قطعت مرحلة مهمة جداً في بناء مزية اتخاذ القرارات لديك.. وأصبحت أمراً عادياً في الكثير من شئون حياتك الخاصة. انتقل منها إلى التدريب على اتخاذ القرارات المتعلقة ببعض المحيطين بك، والمعول عليك اتخاذ قرار بشأنها.. وهكذا رويداً.. رويداً.. يتلاشى هذا التردد غير مبرر إطلاقاً، والنابع أصلاً من أعماقنا، ومن خوفنا من الفشل!! سادساً: غالباً لا يأتي التردد إلا بسبب الخوف من الفشل -كما أسلفت - أو الإخفاق.. ولذلك فلكي تتجاوز هذه المشكلة فضع فرضية الفشل في آخر القائمة وهيئ نفسك بأن الفشل والإخفاق لا يعنيان نهاية العالم.. بل هما زيادة لرصيد الخيرة التراكمية في الشخصية.. وبالتالي النهوض والبدء من جديد بشكل آخر وطريقة جديدة..!! هنا قد تفاجأ بأن مواطن النجاح لديك قد فاقت كثيرا مواطن الإخفاق.. وبالتالي ملكت مزية القرار، ومزية النجاح. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

بالآخرين

وأنا في هذه الحالة ... لا أثق بأصدقائي المجيب عبد الله بن فهد السلوم مدرس بثانوية الملك سعود التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين التاريخ 15-6-1424 السؤال بعد السلام والتحية، أتقدم بسؤال الآتي: في بعض الأحيان يضيق صدري، وأنا في هذه الحالة أخاف من وسوسة الشيطان فأتجه إلى قراءة القرآن والصلاة والتسبيح والاستغفار، وأنا في هذه الحالة أصبح لا أثق بأي شخص وخاصة أصدقائي، حيث إني أصبح لا أحسن التصرف فأخاف أن أصيبهم بسوء، فأرجو منكم أن توجهوني لأجد حلاً لمشكلتي؟ لأن من صفات الإنسان المسلم حسن التصرف إلى الأصدقاء، وشكرا. الجواب الأخ الكريم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: تذكر في رسالتك أنه يضيق صدرك أحياناً فتخاف من وساوس الشيطان ثم تتجه إلى قراءة القرآن والتسبيح، وتصبح لا تثق بأحد فلا تحسن التصرف فتخاف أن تصيب أصدقاءك بسوء. أولاً: يا أخي الكريم إذا ضاق صدرك فلا تخف ولا تحزن من وساوس الشيطان، وإن الشيطان إذا خفت منه فإنه يتسلط عليك بالوساوس وضيق الصدر، لكن عليك بالاستعاذة منه وصرف الفكر إلى ما ينفعك في دنياك وأخراك بقراءة القرآن والدعاء والاستغفار وبذل الخير للناس. ثانياً: أخي الكريم.. تقول إنك تصبح لا تثق بأحد فهذا خطأ كبير، لأن الذي لا يثق بأحد تكثر أوهامه ومخاوفه، ثم إن الناس قد يبتعدون عنه لأنه يسيء الظن فيهم، لا يا أخي اقترب من أصدقائك الصادقين الطيبين، وبادلهم المشاكل واستعن بالله ثم بهم، وكن على ثقة واحترام منهم، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلاً ولا للأحزان فتثقل عليك الحياة، ولكن اطمئن وتفاءل فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب الفأل، وأحسن الظن بإخوانك وتعود على المرح المباح فإنه به إجمام القلب وشرح الصدر والبعد عما يحزن، وإليك هذا الحديث فاحفظه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أصاب عبداً هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فِيَّ حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي إلاّ أبدله الله بعد الهم فرجاً وبعد الغم فرحاً" رواه البخاري أو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -. أسأل الله لك شرح الصدر وقرة العين والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة وجميع المسلمين.

فقد الثقة في الرجال، ورفض الخطاب

فقْدِ الثقة في الرجال، ورفض الخُطّاب المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج /اختيار الزوج أو الزوجة التاريخ 14/3/1425هـ السؤال أشعر باليأس والإحباط؛ حيث أنني تعرضت لتجربتي خطوبة فاشلتين، الأولى لشخص مخادع عديم المروءة، والثانية لشخص على قدر من الاحترام والتدين، ولكن كنت قد فقدت الثقة في الرجال جميعاً، فلذلك لم أستطع التوافق معه، ماذا أفعل كي أثق في الرجال مرة أخرى؟ وكيف أتغلب على الحالة التي تصيبني كلما تقدم لخطبتي أي شخص أشعر بمغالبة البكاء وأشعر بمرارة الفشل. الجواب أختي الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله. أما بعد: فإني استمعت إلى شكواك.. وهي متكررة لدى عدد من الفتيات بسبب فشو ظاهرة (الخطوبة) والتي تعني فترة يقضيها الشاب مع فتاة يخطبها فيخلو بها دون مساس، ويذهب ويأتي معها باسم التعرف على نفسيتها، تمثل مرحلة من الزواج كما يزعمون أو هي مقدمة له. وهي في الواقع بدعة منكرة، ومحرمة شرعا؛ ذلك لأن الذي يحل الاختلاء بالمرأة هو عقد الزواج فقط، وليس دبلة في اليد أو عقد على الصدر. أيتها الفتاة الكريمة.. إن الرضا بمثل هذه المنكرات هو الذي شجع أهل السوء أن يلعبوا بأعراض المسلمين، ويخدعوهم، وكما سمعت بعضهم فإنهم يعدونها فترة لعب ولهو وتسلية وتمضية للوقت فقط. ولكن لتعلمي علم اليقين بأن الرجال ليسوا سواء، وإنما فيهم الكريم الشهم، وفيهم الطيب القلب، وفيهم عظيم الخصال، وفيهم الأمين المتحبب إلى زوجته، وليسوا كلهم على شاكلة من رأيت، فإذا تقدم إليك من يخطبك فلا تلتفتي إلى تسويل الشيطان؛ لأنه يتمنى ألا يقع زواج بين مسلمين، وإذا وقع سعى ليفسد بينهما حتى يفترقا، نعوذ بالله منه ومن أوليائه. أخيتي.. إن الحياة كلها مبنية على الخير والشر، والنور والظلمة، ورؤية الشيء من جانب واحد خطأ جسيم، ولك أن تعرفي بأن الناجحين هم الذين لا يعرفون شيئا اسمه الفشل، بل يعدون ما يمرون به مجرد تجربة يمر بها غيرهم فيفشل، ويمرون بها هم فيتزودون منها معرفة بالحياة. إنك إذا تزوجت بشاب آخر صاحب دين وخلق، فإنك ستنسين هذا الشاب المخادع تماما، وسوف تستمتعين أكثر لأنك جربت المر فيزداد الحلو في لسانك حلاة وطعما. وفقك الله وسدد خطاك.

أساؤوا الظن بي

أساؤوا الظن بي المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين التاريخ 10/6/1425هـ السؤال يا شيخ: أنا طالب في الحلقة، ولي صديق عمره 13 سنة، وهو وسيم المظهر، وإني والله يا شيخ لم أصحبه وفي قلبي شيء، فأنا قد رباني الوالد تربية صالحة ولله الحمد-، لكن بعض الشباب أساء الظن بي، واتهمني بما لم أكن أعرفه من الكلمات السوقية، فماذا أفعل؟ جزاك الله خيراً. الجواب أخي الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع "الإسلام اليوم"، سائلاً الله -تعالى- أن يدوم تواصلك، وأن يثبتنا وإياك على الطاعة، ويكفينا وإياك شر أنفسنا والشيطان، وأن يقيك الفتن، ويهدينا وإياك إلى الصراط المستقيم. أخي: مما لا شك فيه أن كثيراً من الناس وقع بمثل هذا المرض، ألا وهو سوء الظن وتقديمه على حسنه، فقد يكون ذلك ناتجاً من عدة عوامل أثرت على الشخص، ومن أهمها الحسد، وتنامي ذلك في بيئة تساعد على نشوئه، بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني. ولمواجهة مشكلتك - أخي الكريم- إليك عدداً من التوجيهات، التي أسأل الله الكريم أن تكون عوناً لك: 1- أنصحك - حفظك الله- بالتقليل قدر الإمكان من لقاءات صديقك؛ لأنه كما وصفته بالوسامة، مما يدل على أن مظهره قد أثر عليك نوعاً ما، ولذلك طلبي منك التقليل من لقاءاته؛ لأن الشيطان حريص جداً مما قد يوقعك في المحظور من حب ثم عشق، وهكذا، خاصة وأنت في عمر يتطلب منك الحذر كثيراً -حفظك الله- فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. 2- "رحم الله امرأً كفَّ الغيبة عن نفسه"، عبارة اجعلها مناراً لك في علاقاتك مع الآخرين. 3- لا تلتفت لما يثار حولك؛ لأن ذلك قد يشغلك عن حفظ القرآن الكريم، وطلب العلم، وابتعد عما يثير في نفوس الآخرين، الشك والريبة في مواقف قد تحدث لك مع أصدقائك؛ لأن النفس البشرية كثيراً ما يصيبها ما قد يعلق فيها من ذلك، فالرسول - صلى الله عليه وسلم- وهو أشرف الخلق قد أزال ما قد يعلق في نفوس صحابته - رضي الله عنهم- حينما قال: " ... على رِسلِكُما إنها صفية" رواه البخاري (3281) ومسلم (2175) . 4- اجعل لقاءاتك مع صديقك ومع أصدقائك الآخرين لا تتغير، ولا تكثر بحسب صغره وحسنه، لئلا تقع في شبهات وظن من الآخرين. وفقك الله وسدد خطاك، وحفظك الله من شر الشيطان وشركه، إنه جواد كريم.

أشك في أسرتي

أشك في أسرتي المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين التاريخ 11/6/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: كيف يتخلص الإنسان من مرض الشك المدمر للأسرة؟. الجواب بعيداً عن التعريفات المرتبطة باتجاهات معينة، وفي ضوء المفهوم العالمي، فإن الأسرة هي الوحدة الاجتماعية الأولى التي تهدف إلى المحافظة على النوع الإنساني، وتقوم على المقتضيات التي يرتضيها الفعل الجماعي، والقواعد التي تقررها المجتمعات المختلفة. وتقدم الدراسات الحديثة في المجالات التربوية، والنفسية، والاجتماعية المزيد من الأدلة العلمية التي تدعم أهمية دور الأسرة بوصفه من أهم العوامل التي تحدد مستوى فاعلية الفرد في الحياة، وتبين البحوث أيضاً أن أصدق متغير للتنبؤ بالنمو المستقبلي لأي طفل هو طبيعة علاقاته مع والديه؛ ولذلك يتم التأكيد دائماً على أنه ليس من الحكمة في شيء أن تتخذ الأسرة موقفاً سلبياً من عملية تنشئة طفلها، فتكتفي بمراقبة ما يتم تقديمه له من خدمات تربوية وغيره، فالأبناء امتداد للآباء، وقدراتهم، واتجاهاتهم تعكس تأثيرات آبائهم عليهم، وقد بينت العديد من الدراسات المسحية والارتباطية بما لا يدع مجالاً للشك أن مستوى تكيف الأفراد ونموهم وتحصيلهم يتأثر بعوامل مختلفة، ومنها العوامل الأسرية، وبخاصة منها: المستوى الاقتصادي- الأسري، وأنماط التنشئة، واتجاهات الآباء وقيمهم، والسمات الشخصية للآباء، والعلاقة الزوجية، والاستقرار والترابط الأسري، وحجم الأسرة (عدد أفرادها) ، ودخل الأسرة، والخلفية الثقافية للأسرة، والأسرة ليست مركز التأثير الرئيسي على نمو الطفل فحسب، ولكنها أيضاً حلقة الوصل بين الطفل والعالم الخارجي، وعلى الرغم من أن معنى الأسرة قد تغير تماماً في بعض المجتمعات، فإن كل المجتمعات البشرية تدرك وتدعم هيمنة الأسرة على صعيد تنشئة الطفل وحمايته، والأسرة تشكل الثقافة وتتشكل بفعلها، فالثقافة لا تقوم بتعريف الأسرة، وبتحديد أنماط تفاعلاتها فقط، ولكنها أيضاً تقرر الخطوط العريضة لأساليب الرعاية الوالدية، والأنماط السلوكية، والتقاليد والقيم، واللغة، وحجم الأسرة، وطرق قيامها بوظائفها، ودورها في المجتمع الكبير. إن الأسرة صاحبة الدور الأول والأهم في تشكيل شخصية الفرد وسلوكه وكفايته، فالبيئة الأسرية تؤثر في تحديد ملامح النمو اللغوي للأبناء. ومن هذا المنطلق - أخي الكريم- لعلك تدرك معي الدور الكبير الذي يلعبه الاستقرار والرضا الأسري على صحة الفرد وأسلوبه في الحياة, ومدى تمتعه بها من عدمه، وأسباب الشك أو الرضا الأسري بشكل عام كثيرة، قد نعرضها عليك؛ لعلك تحدد أي الأسباب قد يكون متوافراً لديك، إذ إن المعلومات عن تاريخك الاجتماعي التطوري لا تعيننا في تحديد أسباب مشكلتك على وجه الخصوص، فمن أسباب الشك في الأسرة سواء كوحدة واحدة أو في إحدى الأسر ما يلي: 1- الفراغ الروحي وضعف الوازع الديني:

حيث إن الإنسان البعيد عن الله وعن قيامه بأداء واجباته الدينية تكون حياته كئيبة أو ضنكا، كما وردت في القرآن الكريم، خاصة في سن الشباب الذي يتميز بازدياد أوقات الفراغ، فتخيل إنسان لا يؤدي الصلاة على الوجه المطلوب، أو يتأخر ويتكاسل بها، وهي عمود الدين، أو يكون عاقاً لوالديه، كيف هي نفسيته؟! هل تجده مطمئناً؟ هل يكون هادئ الطبع؟ الإجابة بالتأكيد لا، حتى لو تظاهر بغير ذلك، لذلك فالدراسات أشارت أن هناك علاقة وثيقة بين درجة التدين والمرض النفسي، أو بين التدين والانحراف بشكل عام. 2- البيئة المحيطة: لا شك أن للبيئة دوراً رئيساً في إكساب الفرد القيم الإيجابية أو السلبية، وكلما كانت البيئة المحيطة -وبخاصة المسؤولة عن التنشئة الاجتماعية- متزنة، كلما كان الإنسان أقرب للصحة النفسية السليمة، فانظر - أخي الكريم- في صداقاتك وعلاقاتك الخاصة، هل تصادق أصدقاء السوء؟ هل تقيم علاقات محرمة؟ هل ترتكب الكبائر؟ لتعرف أن تأثيرهم في الهم والغم كثير. 3- التعاطي للمسكرات أو المخدرات: فقد أشارت الدراسات إلى أن الإدمان يؤدي إلى المرض النفسي أو العقلي؛ فكثير من حالات الإدمان تحولت إلى حالات ذهنية تأتيها الهلوسات والخيالات بكثرة، ومنها الشك في أفراد الأسرة، فهناك حالات من جراء التعاطي تبدأ تشك في الزوجة أو الأخوات، أو الأم أحياناً، وهذا قد يدفعه لارتكاب الجريمة بحقهن أو الانتحار، وبخاصة الحبوب المنشطة، أو ما يسمى بـ (الكبتاكون) أو (البرشام) ، فهي تحمل مواد كيماوية متلفة للخلايا، تؤثر على مستوى ونمط الاتزان النفسي والعقلي للفرد. 4- المرض النفسي: فقد تكون - أخي- مصاباً بمرض الشك الذي يعد مرضاً نفسياً كغيره من الأمراض النفسية الشائعة، كالقلق والرهاب الاجتماعي والوسواس القهري بأنواعه وغيره، مما يستوجب عرض حالاتك على مختص في الطب النفسي، أو الإرشاد النفسي لصياغة علاج مناسب لك، أو برنامج جلسات نفسية. 5- الأسرة: قد تسهم الأسرة في زيادة الشك لدى أحد أفرادها، خاصة في المجتمعات المحافظة، وبخاصة فيما يتعلق بسلوك الإناث، خاصة إذا كان الشاب هو نفسه واقع في علاقات محرمة أو يمارسها، أو هي شائعة في جماعته وأصدقائه؛ لذلك تجد الصورة لديه عامة، بحيث قد يرى في النساء الانحراف حتى في محارمه هو. لذلك - أخي الكريم- عليك بما يلي: 1- التقرب إلى الله - عز وجل-، وأداء الواجبات الدينية، والتمتع بأدائها؛ خشية من الله - عز وجل-، وطمعاً في مخافته. 2- البعد عن العلاقات المحرمة وأصدقاء السوء. 3- التأكد من عدم وصولك لمرحلة الإدمان إذا كنت من المتعاطين لأي نوع من المسكرات والمخدرات، بعرض نفسك على متخصص في الإدمان أو قياس القدرة الانفعالية والنفسية. 4- التأكد من عدم وجود الشك كمرض نفسي لديك، بعرض نفسك على استشاري أو طبيب نفسي. أسأل الله أن يحفظ شباب المسلمين، وأن يردهم رداً جميلاً، وأن يعز بهم دينه، ويعلي شأن أمة الإسلام، وصلى الله على نبينا محمد.

أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين

أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين التاريخ 05/08/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم. أريد أن أستشيركم في موضوع يعذبني، أحس بأنني سأنفجر إذا لم أتحدث مع شخص يساعدني، أخاف أن أحكي لإحدى صديقاتي، ومن ثم أندم؛ أنا فتاة عاملة ولي أخت أصغر مني، والدي طيب جداً ومكافح، يتعب طوال اليوم ليريحنا من هموم الدنيا، والدتي طيبة جداً، وذات قلب أبيض، وعلى نياتها، المشكلة هي أختي، فقد دمرت حياتي وثقتي بالناس، أصبحت أكره كل شيء ولا أثق بأحد، كنت مخطوبة لأحد الزملاء في العمل، اعتقدته طيباً وعلى خلق ويحبني، ولكن الصدمة كانت كبرى، لم أتحملها، أصبت بانهيار ودخلت المستشفى لمدة أسبوعيين، وبعدها استقلت من العمل، ووجدت عملاً آخر، ولكن لا أستطيع نسيان ما حدث، ففي أحد الأيام أحسست بتعب في العمل، واستأذنت حتى أعود للمنزل وأرتاح، عندما دخلت لم يكن يوجد أحد، أبي في العمل وأمي عند أختها، فدخلت إلى الغرفة، وتمنيت أنني مت في تلك اللحظة، فقد وجدت أختي مع خطيبي في سريري، لم أصدق ما رأيت، تجمدت مكاني حتى أحسّا بي، فقام وخرج من المنزل، لم أعرف ماذا أفعل، أخذت أضرب أختي وسحبتها من شعرها وذهبت بها للطبيبة، وتأكدت من أنها ما زالت عذراء، خفت عليها وهي لم تهتم لمشاعري، وعندما اطمأنيت لم أحس بنفسي إلا وأنا في المستشفى، لا أحد يعلم بما حدث، الكل يعتقدون أن سبب الانهيار أنني تركت خطيبي، لا أحد يعلم بشيء، لكني منذ ذلك اليوم لم أتحدث مع أختي، واهتزت ثقتي بالناس، وأصبحت خائفة من كل شيء حولي، أحس بالخيانة في الهواء حولي، لاحظ أبي وأمي أنني لم أعد أتحدث مع أختي، حاولا أن يحلا المشكلة، ولكن لا أستطيع أن أسامح أو أغفر لها؛ فهي ليست طفلة ليلعب بعقلها، وهي تعلم كم كنت أحبه، كم غضبت عندما أراد أن يرى شعري ورفضت؛ فأنا متحجبة، كيف تفعل بي هذا وأنا أعتبرها كنفسي لا أمنع عنها شيئاً؛ فهي أختي الوحيدة التي أحببتها، لا أستطيع أن أسامحها، والآن أفكر بالسفر بعيداً عنها؛ حتى لا أراها ثانية. أرجوكم ساعدوني.. ماذا أفعل؟ الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: الأخت الكريمة: - حفظها الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أسأل الله - عز وجل- أن يرزقنا وإياك العفاف والرضا والغنى، ما حصل لا شك أنه أمر خطير، ولكن يجب أن نصفه في حجمه الطبيعي؛ حتى نحسن التعامل معه، إذ المبالغة في أي شيء قد تقود إلى ضد المراد حتى في الدين، فإن دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه؛ ولذا فإني أذكرك ببعض النقاط، ومنها: 1- الإيمان الكامل، واليقين الجازم بأن ما حصل هو من قضاء الله وقدره، ولا بد للإنسان في تغييره بعد حدوثه، والمسلم إذا وقع له من أمثال ذلك يقول: "قدَّر الله وما شاء فعل"، وهذا - أي الإيمان بالقضاء والقدر- أحد أركان الإيمان الستة.

2- على المؤمن أن يتفاءل لما حصل، وألا يكره، فكثير من الأشياء نكرهها ونفاجأ بأن الخير العظيم فيها، وأحياناً نتمنى أشياء ونسعى لها ونفاجأ بأن فيها أحزاننا ومآسينا. 3- من أعظم فوائد هذه الحادثة أن هذا الخطيب شر صرفه الله عنك، وهذه نعمة عظيمة لو جلست طول حياتك تحمدين الله عليها، لما أديت حقها، وكما يقال: (كم وراء المحن من منح) ، بل كما قال الله - عز وجل-: "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:19] . 4- أختك أخطأت، وكلنا ذو خطأ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" أخرجه مسلم (2749) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، والتصرف الصحيح هو أن تحاولي دعوة أختك للحق، وتدلينها عليه، وألا تعيني الشيطان عليها، وأن تفتحي لها طريق الخير والتوبة، لا طريق اليأس والقنوط. 5- يجب على الإنسان أن يكون عادلاً في حكمه على المجتمع، فكلما رأى مظاهر الفجور والفسق تذكر الخير والدعوة، بل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه الفأل، إن التفاؤل والنظر للمستقبل بإشراق -والثقة بنصر الله - له مردود عجيب على النفس، وخاصة عند تعاظم الشر، وهذا ما حصل للمسلمين في غزوة الخندق. 6- لعلك تأخذين العبرة من هذه التجربة، وأن تتعاملي بصبر وأناة، وعدم استعجال في حل ما يعتريك من أذى، بل المسلم سيستفيد من أخطاءٍ حصلت له في الحاضر ليسخرها في خدمة المستقبل. والله يحفظك ويرعاك.

أشك في أختي

أشك في أختي المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين التاريخ 29/07/1425هـ السؤال أختي الأرملة تقوم ببعض السلوكيات المشبوهة، وتخبرني أختي بممارسات غريبة نقلاً عن بنتها، من خروج من الساعة 12 منتصف الليل، وعودة في الثانية فجراً، ورفع صوت المسجل بالقرآن في منتصف الليل، وسماع أصوات غريبة في الغرفة، مع ملاحظة حملها لجهازي جوال، وخروجها عند تلقي اتصالاتها من المجلس لفناء المنزل، والتحدث لساعات طوال، لم أكن أعلم عن هذا إلا اليوم، وإني والله أفكر بمراقبة بيتها والتأكد، ولكني أخاف إن تأكدت أن أقوم بعمل تعلمونه (وهو قتلها ومن معها) ؛ لذا أرجو منكم توجيهي لما تنصحوني به، علماً أن حياتي أصبحت أشبه بجحيم بعد ما سمعت بالخبر. ساعدوني. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: بعد اطلاعي على رسالتك أقول مستعينا بالله ما يلي: أولاً: من خلال رسالتك تبين أن ما ذهبت إليه بشأن أختك الأرملة خبر تناقلته الأفواه من أختك ومنسوب إلى ابنة أختك، وكان مثار شبهة، ولم يأخذ صفة التأكيد، ومن هنا فالخبر مبني على أساس ضعيف. ثانياً: لا تجعل سوء الظن يهوي بك إلى مزالق السوء والجهل، مستندا بذلك إلى قول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات الآية6] ، ولكن ينبغي أن تتعامل مع الأمر بحكمة، فشقيقتك الأرملة قد تكون بأمس الحاجة إليك، فمد يديك لمساعدتها والوقوف بجانبها، فبدلا أن تتلمَّس الإيقاع بها بأمر قد يكون فيه سوء ظن وجهالة، فاحرص على تفقد أحوالها وأبنائها، واجعل للبيت حرمة ونظاماً، وستجد -بإذن الله - ما يسرك. ثالثاً: أنصحك بتكرار الزيارات المنزلية لشقيقتك، ومساعدتها على تحمل أعباء الأسرة دون أن تتقمص دور الباحث الأمني لخفايا الأمور، واعمل بطريقة مقبولة على مناصحة أختك بعدم الخروج المتكرر دون حاجة ماسة، وخاصة في الأوقات المتأخرة، وأبدِ استعدادك لمرافقتها إذا لزم الأمر في الخروج، وإذا لزم الأمر امنع السائق من الخروج ليلا إلا بعد الرجوع إليك، كما يمكن أن يكون هناك دور هام لأمك في إصلاح أمر الخروج في الأوقات غير المناسبة، وبعض التصرفات غير المقبولة، والتي قد تثير الأقاويل والشبهات. والله أسأل أن يهدينا إلى سواء السبيل.

صديقي كثير الشكوك فيمن حوله!

صديقي كثير الشكوك فيمن حوله! المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق التاريخ 18/5/1425هـ السؤال فضيلة الشيخ: لي صديق وسيم، وقعت له حادثة أول التزامه، وهي أن أحد الشباب قد تعلق به تعلقاً شديداً، فصدم بعدها، فلذلك أصبح همه الشاغل هو أمر التعلق، وأصبح يشك في كل من يحسن إليه على أنه متعلق به، لدرجة أنه في الآونة الأخيرة كاد أن يسألني صراحة: هل أنت متعلق بي أم لا؟ فضيلة الشيخ: إذا كان يعتقد صديقي أنني متعلق به، ماذا أفعل معه؟ وثانياً: كيف نعالج أمر التعلق عنده؛ لأنه أصبح يشك في كل من يحسن إليه على أنه متعلق به؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب أخي العزيز: -حفظك الله- إن الحالة التي ذكرت قد تتكرر -للأسف الشديد- بين بعض الصالحين في فترة المراهقة بالذات، فإذا كان غيرهم قد وقعوا تحت التأثيرات الإعلامية التي تعرض عليهم صور النساء، فتشغل عقولهم وقلوبهم بها عمن حولهم، وتلك -ولا شك- داهية دهياء دخل بها الشيطان عليهم فصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة. فإن الشيطان قد يدخل على أحد الشباب الصالح، من باب العزلة الإيمانية التي أرادوا بها التخلص من آثار الاختلاط بعامة الناس، مما جعلهم في محيط خاص، له مشكلاته، ومنها دخول السلوك غير السوي لدى ندرة منهم، بسبب النظرة المريضة، وضعف الرقابة الربانية في النفوس أمام سلطة الشهوة. التعلق مرض موجود في الجنسين الذكر والأنثى، وإعجاب الفتيات ببعضهن أكثر من إعجاب الشباب ببعضهم، فإذا وجد بين شاب ومن يدعوه إلى الله ـ لا قدر الله ـ فإنني أنصح من يقع في قلبه شيء من ذلك أن يعرف أحد الصالحين أو أكثر من أهل الإيمان والثقة بهذا الشاب، وينسحب هو من ميدانه، ليختار ميدانا آخر. على أني لا أرى أن يصحب الشاب الداعية شاباً وسيماً معه دائماً، وإنما يسعى إلى التأثير عليه إيمانياً، ضمن مجموعة من الشباب؛ كمكتبة مسجد، أو نشاط مدرسة. وقد كان السلف الصالح ينفرون من صحبة الأمرد الوسيم بالذات؛ لأنه محل تهمة، ويحذرون منها. وأما علاج هذا الشاب فبالآتي: 1ـ أن يذكر له أن تجربته الأولى لا تعني التكرار مع الآخرين. 2ـ أن يشار إليه بأن يحفظ نفسه من كثرة التجمل والتميع والتغنج؛ حتى لا يفتتن به الآخرون، ما دام وسيما، وألا يقبل أن يركب مع أي شخص لا يثق به. 3ـ أن يصاحب من هو في سنه، ولا بأس بأن يستفيد ممن يكبره، إذا كان في مجموعة من الناس لا بمفرده بأي عذر كان. 4ـ أن يوعظ في حسن الظن وسوئه، وأن الناس ليسوا سواء. 5ـ ليتق الله من يصحبه، فلا يثق في نفسه ثقة عمياء، فيعرضها للفتنة، فإن هذا الشاب إذا اكتشف تعلقه، فقد يفقد باقي ثقته في الصالحين، فإذا انقلب على عقبيه فإن فتنته عظيمة، أسأل الله - تعالى - أن يوفقك وإياه.

أخرى

سوء الحفظ.. وكثرة النسيان!! المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/أخرى التاريخ 27/04/1427هـ السؤال مشكلتي أنني سيئ الحفظ إنني أنسى بسرعة ما الطريقة لحل هذه المشكلة مع أنني أتمنى حفظ القرآن وطلب العلم؟ الجواب الأخ العزيز صاحب المشكلة، نقول لك: إنك لست سيئ الحفظ ولا شيء من هذا القبيل فالذاكرة يمكن تدريبها وتحسينها مثلها مثل أي عضلة في الجسم. ونقول لك: إن أسباب مشكلات الذاكرة على وجه العموم تقع في فئتين: أولها: أسباب عضوية. ثانيها: أسباب نفسية. لذا كنا نود أن نعرف بعض الأشياء عما إذا كنت تعاني من أمراض مثل السكر - على سبيل المثال - إذ تتأثر الذاكرة بالضعف نتيجة النقص الكبير في تغذية المخ بالكمية اللازمة من السكر، وعلى هذا تتأثر خلايا المخ نتيجة لذلك وينعكس سلبا على الذاكرة؛ لأن انخفاض (الجلوكوز) في الدم إلى أقل من المستوى الطبيعي يترتب عليه جوع الخلايا العصبية، فتفتقر إلى الغذاء ولا تعمل بكفاءة كما ينبغي. أما إذا كان السبب نفسياً فإن ذلك يوحي بأنه لا يوجد لديك إعاقة على المستوى البيولوجي (الجهاز لم يصب بشيء) ولكن يكون الأداء فيه شذوذ بسبب الصراعات الانفعالية التي تعيشها، وكذلك القلق إذا كنت تعاني منه، أيضا الاكتئاب - لا قدر الله -، أما إذا كنت سليماً عضوياً فيمكنك التغلب على النسيان باتباع الآتي: 1- حاول أيها الأخ العزيز أن تتصور المكان والجو الذي كان محيطاً بك أثناء استذكار هذه المعلومات، وإن شاء الله غالبا ما سوف تتذكر؛ لأن الرأي العلمي في ذلك يقول: إن المعلومات لا تختفي تماما من عقل الإنسان إلا في الحالات العضوية فقط، وطالما أنت سليم عضويا فسوف تتذكرها. 2- عليك إذا كنت تعاني من القلق أو التوتر أن تبعد القلق عنك؛ فلا يوجد هناك داعٍ يصل بك إلى هذه الدرجة. لأن القلق لا يساعد على التذكر. 3- عليك عند قراءة سورة مثلا أن تقرأها بتركيز وتمعن حتى تثبت جيداً وتختزن في الذاكرة دائماً، وحاول ألا تجهد نفسك في عملية الحفظ طالما هذه قدرتك، فلا تتحدَّ ذاتك لأن المعلومات عندما تدخل إلى الذاكرة تظل بعض الوقت غير مستقرة، وعندما تدخل إليها معلومات أخرى قبل أن تثبت المعلومات الأولى فإن المعلومات الجديدة تزيل تلك المعلومات التي لم تثبت بالذاكرة الدائمة لتحل محلها أو تتداخل معها خصوصا إذا كانت المعلومات من نفس الجنس أي متشابهة مثل سور القرآن الكريم أو نظرية هندسية، لذا نقول لك: ركز جيداً في الجزء الذي تحفظه، ولا تحاول إجهاد نفسك أكثر مما ينبغي من حفظ، وانتظر لفترة من الوقت حتى تشعر بالراحة ثم أعد ما حفظته وما استذكرته وستجد نفسك قادراً على استرجاع المعلومات، وكذلك يجب ألا تقرأ نظرية هندسية دون التركيز ثم تستذكر أخرى، فهنا يحدث الخلط وعدم القدرة على الاسترجاع. الأخ صاحب الاستشارة، أسأل الله أن أكون قد وفقت فيما قدمت وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق.

شرود ذهني.. وأرق!!!

شرود ذهني.. وأرق!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 27/04/1427هـ السؤال أخي مشرف نافذة الاستشارات،، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، أما بعد.. انا أعاني من شرود ذهني وعدم تركيز خصوصاً عند الدراسة وأرق. ما الحل.. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. وبعد. أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: لقد أوجزت كثيراً في السؤال رغم أهمية التفصيل أحياناً.. فلم تذكر لي أي تفاصيل حول حياتك الأسرية والاجتماعية وظروفك المادية.. ووالديك واخوتك.. وكلها أمور هامة جداً لمعرفة أساس المشكلة وبالتالي تشخيصها ووضع العلاج المناسب لها. ثانياً: لم تذكر منذ متى وأنت تعاني من هذا ((الشرود)) وعدم التركيز.. وما هي أعراضه.. وهل هو دائم أم وقتي..؟ ثالثاً: سأحاول أن أذكر لك إجمالاً.. بعض الأمور الهامة هنا.. فمثلاً.. هل وضعت جدولاً تنظم به وقتك لكي توائم بين مذاكرة دروسك وأداء واجباتك.. وفي نفس الوقت ممارسة هواياتك.. والقيام بمهامك الأسرية..؟! قد لا تتصور الأهمية الكبيرة لمثل هذا الجدول.. ولذلك فبادر بوضعه متكلاً على الله.. والتزم فيه بصدق وجدية. رابعاً: حاول أن تعطي جسمك حقه من الراحة.. والتغذية المناسبة.. فذلك من دواعي النشاط وعدم تشتت الذهن.. وأختر لمذاكرتك بعض الأوقات الهادئة.. وغير مكان وطريقة المذاكرة حتى لا تتشتت وتمل. خامساً: ابحث مع نفسك بصدق عن مشكلة معينة قد تكون هي التي تشغل بالك كثيراً.. وحاول إيجاد مخارج وحلول لها.. ولا بأس من استشارة من تثق به من أصدقائك أو أقاربك. سادساً: حافظ على أورادك اليومية. وأداء الصلواة المكتوبة في أوقاتها..وكذلك الرواتب.. واقرأ القرآن بشكل يومي.. حتى ولو كان شيئاً يسيراً.. واكثر من ذكر الله {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وستجد أثر ذلك راحة في نفسك وانشراحاً في صدرك.. وهدوءاً وسكينة. سابعاً: بمجرد أن تأوي إلى فراشك.. فتناول المصحف أو أحد الكتب وابدأ بالقراءة الحرة.. وستجد أن القلق أو الأرق قد زال عنك تلقائياً..! ثامناً: أكثر من الالتجاء إلى الله بالدعاء الصادق بأن يوفقك ويعينك ويسدد خطاك..

كيف أتخلص من الغيرة

كيف أتخلص من الغيرة المجيب هند بنت سالم الخنبشي التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 04/12/1426هـ السؤال أنا أفعل الخير وأساعد الآخرين، وعندما أعلم أنهم سعداء يصيبني القهر والغيرة، وإذا علمت أن قريبة أو صاحبة لي خطبها رجل أغتم وأبكي، كما حصل لصاحبتي المقربة، فلا أريد أن تتعلق بأحد أكثر مني! لا أدري ما مشكلتي. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فاعلمي أختي أن الغيرة طبع سائر في النساء إلا من رحم الله، وشيء موجود في طبيعة المرأة، لكن على المؤمنة ألا تفتح المجال أمام هذه الطبيعة لتكون باباً من أبواب الشيطان عليها، بل لابد أن تجاهد نفسها لمنع هذه الغيرة ومنع آثارها على النفس وعلى غيرها من أخوتك المسلمات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ما خلا جسد من حسد ولكن الكريم يخفيه واللئيم يبديه "فكل إنسان قد يجد في نفسه شيئاً من الحسد أو الغيرة، لكن المؤمن الكريم يجاهد نفسه ويدافع الإحساس بالحسد، ويحاول أن يطهر نفسه من هذا الشعور الدنيء بأن يستشعر نعمة الله عليه، ويعلم أن الأرزاق والنعم كلها مقسمة من عند الله وبحكمة من الله، فعلى المؤمن أن يرضى بما قسمه الله له، ويعلم أن المال والنعم ما هي إلا ابتلاء للعبد ليعلم الله أيشكر أم يكفر، وقد أرشدنا رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- لعلاج هذا الأمر فأمرنا -صلى الله عليه وسلم- بأن ننظر في أمور دنيانا إلى من هو أدنى منا، ولا ننظر لمن هو أعلى منا؛ حتى لا نزدري نعمة الله علينا، أما في أمور العبادة والطاعة فعلى المرء أن ينظر إلى من هو أعلى منه شأناً؛ حتى تنشط نفسه للعبادة وتزداد همته. ثم عليك أختي أن تذكري الله سبحانه عند رؤيتك للنعم على غيرك حتى لا تضريهم بجسدك فتزول عنهم النعمة بسبب هذا الحسد، بل عليك الدعاء لهم بالبركة فيما رزقهم الله، واعلمي أن حرمانك من نعمة ما قد يكون ابتلاءً واختباراً لك هل تصبرين على البلاء وهل تلتجئين إلى ربك في هذه المحنة، أم أنك تقنطين من رحمة الله وتيأسين. وقد يكون هذا الحرمان بسبب ذنب أصبتيه، فعليك الاستغفار والتوبة من الذنوب والرجوع إلى الله. وأخيراً أوصيك باللجوء إلى الله بأن ينقي قلبك من الحسد "ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا". أما ما يتعلق بخشيتك من بُعد صديقتك عنك أو من تعلقها بغيرك فهذا أمر يحصل كثيراً عند الفتيات، لكن عليك أن تفكري في الأمر بعقلك لا بعاطفتك، فأنت وهي لابد وأن تعيش كل منكما حياتها، لكن المهم هو أن تبقى العلاقة طيبة بينكما. والله أعلم.

انتقادات مستفزة!

انتقادات مستفزَّة! المجيب أ. د. صالح إبراهيم الصنيع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 02/12/1426هـ السؤال كيف أواجه الانتقادات من الأقارب وغيرهم، فهذه الانتقادات تستنزف طاقتي؟ فأريد أن أعرف المنهج الشرعي في كيفية مواجهة الانتقادات، وتقوية النفس تجاهها أمام من ينتقدون. وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: عليك بعدم التعجل؛ (ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة) ، فعودي نفسك على تحمل ما يقال لك، والتفكير فيه قبل الرد عليه ثانياً: تأملي في النقد الموجه إليك، فإن كان حقيقياً ومنطقياً فاقبليه بصدر رحب، وحاولي تصحيح ما لديك مما انتقدت فيه، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. ثالثاً: دربي نفسك على الصبر تجاه ما تسمعينه من الآخرين، (فالصبر بالتصبر، والحلم بالتحلم) . رابعاً: حاولي تعويد نفسك على الظهور بالمظهر الحسن، والخطاب الحسن أمام الآخرين. خامساً: تدربي على مقابلة هجوم الآخرين عليك بالابتسامة وحسن اختيار الكلمات الموجهة للآخرين المستندة للحقائق. وأخيراً احرصي على مصاحبة الرفقة الصالحة في الأماكن التي ترتادينها؛ فهي خير معين في الشدائد والأزمات، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

أصبحت انطوائية!

أصبحت انطوائية! المجيب د. عائشة الشهراني التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 10/11/1426هـ السؤال أنا أبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً، معاناتي هي أنني منذ خمس سنوات تغيرت أحوالي تماماً، لجأت إلى الوحدة والصمت الرهيب بدون سبب، ازداد كرهي للرجال كثيراً حتى أني لا أثق فيهم أبداً حتى الوالد، والأصعب أني أشعر برغبة ملحة في البكاء وخاصة في المناسبات السعيدة، ولم أعرف للعيد معنى غير الفراغ الكبير الذي يحاصرني، وعشقي الشديد للانطوائية والغربة التي أشعر فيها وأنا مع أهلي وبين أسرتي، بينما أجد راحتي مع صديقتي. أرشدوني فمعاناتي تزداد يوماً بعد يوم، وأصبحت أهرب كثيراً من كل شيء. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فما ذكرتيه -يا ابنتي- هو مظهر من مظاهر الاضطرابات العاطفية التي تصاحب فترة المراهقة؛ نتيجة التغيرات الهرمونية والنمو والتغيرات السنية، فيصبح المراهق كثير الحساسية والعزلة، مندفعاً -شديد الغيرة- يعاني من إحساس بالفزع، والرغبة في الحب، والعزلة، والخوف، والتوحد مع الأصدقاء أو صديق واحد، والإهمال في الدراسة ... الخ. وهذه المشاعر تتحسن مع الوقت إذا أدركنا أنها مجرد مرحلة عمرية وتنتهي، ولكن إذا ضخمناها واعتبرناها مشكلة مرضية فقد تزداد سوءاً، وتصبح سمة من سمات الشخصية، لذا من الأفضل في هذه المرحلة حُسن استغلالها، وملء وقت الفراغ فيما هو نافع، والقراءة في مراحل النمو (مرحلة المراهقة) ، وكيف نستطيع أن نتجاوزها. أنصحك بقراءة كتاب د. أكرم رضا (مراهقة بلا أزمة) وعليك كذلك بزيارة طبيبة نفسيه للتأكد من عدم إصابتك بالكآبة المرضية.

هل أمي مصابة بمرض نفسي؟!

هل أمي مصابة بمرض نفسي؟! المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 19/10/1426هـ السؤال منذ طفولتي وأنا أرى أمي إنسانة اجتماعية لا ينفض مجلسها من الصديقات والجيران والأقارب، وبالرغم من كثرة انتقادها لهم في بعض تصرفاتهم إلا أنهم كانوا متمسكين بعلاقتهم بها، ولكن في السنوات القليلة الماضية العلاقات لم تستمر كما كانت في السابق، فقد أصبحت أمي عصبية جداً، بل وأصبحت تتصرف بطريقة غريبة في بعض الأحيان، مثلاً عندما نكون مجتمعين حولها يرن هاتف المنزل فترد عليه، وفي الوقت نفسه يرن هاتفها الجوال، وعندما تكرر هذا الأمر اكتشفنا أنها هي من يقوم بإجراء الاتصال من هاتفها الجوال على هاتف المنزل، ومن هاتف المنزل على هاتفها الجوال، فأدركنا حينها أنها تحتاج إلى مساعدة؟ فأرجو أن ترشدونا مأجورين. الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: بنتي الكريمة: أنت لم تشيري إطلاقاً إلى والدك، هل إن كان موجوداً أم لا؟. وهل كان يعاني من مشكلة ما، ولم تفصحي -بنتي الكريمة- إن كان لأمك أخوات، ولا إن كنت أنت متزوجة أم لا؟ والمعلومات السابقة قد تعطي بعض التصور، ربما يكون وسيلة جيدة لتفسير (وضع والدتك) . بنتي الكريمة: تقولين في رسالتك: (إنني وإخوتي دائماً حولها لم نتركها يوماً بالرغم من أننا جميعاً متزوجون) وفرق كبير بين كونكم تدورون (حول) والدتك، وبين كونكم قد دخلتم إلى (أعماقها) . إن هناك من يكون قربه من والده (المسن) عاملاً في (عمق) مأساة ذلك الوالد؛ حين يحاصر (شكواه) بمحاولاته الإقناعية بأنه على مختلف حالاته أفضل من غيره بكثير، وأن ما يشعر به هو مجرد (أوهام) يفترض أن يصرف (وجه) اهتمامه عنها.. أي أن ذلك الابن أو البنت قد يكون في قمة الصدق والإخلاص والاجتهاد مع والده، لكن يفوته أن من الجيد أن يترك للوالد -خاصة في مرحلة التقدم في السن- فرصة كافية للتعبير عن مشاعره، دونما مقاطعة أو رد أو حماس للنفي والإقناع، وقد يقول الابن أو البنت: إن سبب ردنا والدنا أو والدتنا هو أنه يوجه إصبع الاتهام لنا بالتقصير تجاهه، وهو ما يدفعنا إلى عدم الصبر، ومحاولة إيضاح الحقيقة له، وتبرئة الذات. وفي ظني أن الولد أو البنت العاقلين يفترض أن يتحملا بعض الشيء، وليعطيا نفسيهما فرصة للتحليق في الخيال، وأنهما هما من يجلس مكان والدهما أو والدتهما وما مشاعرهما حينذاك، إننا حين نطمئن إلى أننا غير مقصرين في (حق) والدينا لا يهمنا -في سبيل إراحتهم -أن نترك لهم فرصة لنقدنا، ونشعرهم بالاعتراف، وأننا سنحاول تلافي ذلك التقصير، وفي المقابل نحاول تعداد (أفضالهم) علينا، مؤكدين لهم أننا لا يمكن أن ننساها.

بنتي الكريمة: إن شعوركم بضرورة تواجدكم حول أمك، وقربكم منها هو شعور غاية في النبل، والاعتراف بالجميل.. ولكني آمل منك -خاصة وأمك اجتماعية كما هو واضح- أن يكون لك دور، وأن تحرضي من يعقل إخوتك على ممارسة مثله في إشعار أمك (العمق) أنكم لا تزالون بحاجة (ماسة) إليها، وأنكم لا تتخيلون أنفسكم دونها، وأنكم تسألون الله تعالى -دائماً- أن يمد في عمرها، ويفترض ألا ينتهي الأمر عند هذا الحد، وإنما تحاولون استشارتها، خاصة فيما تعلمون مسبقاً رأيها فيه، ثم تثنون على رأيها ذاك. كما أنه من الجميل تذكيرها بماضيها (الجميل) ، وكيف أنها -حين كانت شابة لم تكن في مثل كسل شابات هذا (الوقت) !!، وكيف كانت (فائقة) في الكلام والتأثير، وفي جوانب كثيرة، مما كان يستدعي إعجاب الآخرين بها، والتفافهم حولها، وقربهم منها. وأن (الكثيرين) لا يزالون يحبونها، ويتمنون القرب منها، لكن ظروف الحياة، ومشاغل الناس، وتباعد الديار لا يتيح لهم فرصة التواصل. بنتي الكريمة: لعلك تلاحظين أن كل ما ذكرته لا يحتاج إلى (تبضع) ، ولا يترتب عليه دفع (فواتير) ، وكل ما يحتاجه لون من (ترويض) النفس! وباختصار فالذي يبدو لي أن والدتك -التي كانت يوماً ما في (عين) العاصفة وبؤرة الاهتمام، ثم رأت بعينها أن (جليد) ذلك الاهتمام مستمر في الذوبان، وأن دوائر الاهتمام بدأت تضيق، لتجد نفسها (شبه) وحيدة في بيتها، ولتثور من داخلها (عاصفة) حنق على نفسها ومن حولها -هي بحاجة إلى من يعيد لها (شريط) الذكريات، ويشعرها بـ (قيمة) وجودها العائلي والاجتماعي من جهة ثانية، وأعتقد أنك بإذن الله- من خلال ما سبق التحدي أمامك- قادرة على القيام بدور (كبير) معها.. ليبقى السؤال في المستقبل: هل ستفيدين من (درس) أمك بين أولادك في المستقبل!؟ أعانك الله على بر أمك، وفقك وإياها الصراط المستقيم.

الديون أثقلت كاهلي

الديون أثقلت كاهلي المجيب د. رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 26/09/1426هـ السؤال أنا في حالة ضغط نفسي مستمر لكثرة الديون علي، مع أني -ولله الحمد- ملتزم بديني ومحافظ على صلواتي، وعازم على سداد جميع ديوني، لكن أصحاب الديون لا يصبرون، وهم معذورون فهذا حقهم. فماذا أفعل في هذه المشكلة التي تؤرق علي حياتي؟ وجزاكم الله خير الجزاء. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: حقاً -أخي الكريم- إن "الدَّين" هو من أثقل هموم العبد، وهو سبب لكل أرق، ومما يزيده هماً وحزناً أن يقع المدين تحت إلحاح طالبي الحقوق، لذلك -يا أخي- قضى الله دينك- وردت أحاديث كثيرة في التحذير من الاستدانة إلا ما اضطر المرء إليه، لكن لا يصح أن يجاري الإنسان شهوة الاستدانة بداع أو بغير داع، وكونك مهموماً بقضاء دينك ومؤرقاً بسببه فهذا يدل على حرصك على سداده، وإلا لما اهتممت أو لماطلت، فعليك أن تعلم أن العبد إذا اتقى الله وأراد أن يأخذ مالاً ليرفع ضيقاً عن نفسه وأهله، وصدق العزم في رده عند تيسره لقي من الله الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، قال الله تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً" [الطلاق: من الآية4] . وقال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: من الآية2- 3] . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أخذ أموال الناس يُريدُ أداءها أدّى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله" رواه البخاري في صحيحه، (5/54) لذلك عليك -أخي الكريم- أن تجعل سداد الدين همك الأول، وتحاول ترتيب نفسك على ذلك بنية خالصة، وعزم لا يقبل التردد، مع الدعاء والاستعانة بالله تعالى من قبل ومن بعد. وإن مما يساعد على تقليل الديون -بل القضاء عليها- التخطيط لسدادها والجدولة الشهرية لذلك، سدد بالتقسيط ولا تستقلل المدفوع، وهذا أدعى أن يُذهب عنك همها وغمها وسيجعلك تشعر ببعض الرضا، وسيقلل كثيراً عنك تأنيب الضمير. وقد جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "لو كان لي مثلُ أحد ذهباً ما يسرُّني أن لا يُمرَّ عليَّ ثلاثٌ وعندي منه شيءٌ إلا شيءٌ أرصدُهْ لدين" رواه البخاري في صحيحه (5 /55) . وكذلك لا تتحرج من قبول الزكاة لتقضي بها دينك، فأنت من مصارف الزكاة "الغارمين"، فالحرج كل الحرج من قبول مذلة الدين لا من قبول الزكاة، وعلى مثل هذا أفتى الشيخ محمد العثيمين - يرحمه الله - بقوله: "إن الإنسان إذا بلغ به الحد إلى الحاجة الملحة للزواج، وليس عنده شيء، وليس له أبٌ ينفق عليه ويُزوِّجُه فإن له أن يأخذ من الزكاة، ويجوز للغني أن يُعطيه جميع زكاته حتى يتزوج بها ... ". كما نذكِّر أصحاب الديون، أو من يستطيع قضاءها عنك تعاوناً على البر وتنفيساً للكرب، نذكرهم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: "من نفّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة". والله أعلم.

ملل من الدراسة.. وضغوط الحياة!!!

ملل من الدراسة.. وضغوط الحياة!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 2/8/1422 السؤال أخي مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد.. إخواني يا من تقرأون مشكلتي أنا بحاجة شديدة إليكم وفعلاً أن محتاجكم فأفيدوني بما تستطيعون وجزاكم الله خيراً.. مشكلتي.. أنا طالب في الثانوية العامة وأعاني من (خربطه) في الدراسة ولا أستطيع التركيز على الدراسة والمتابعة مع المدرس أثناء الشرح ولا أستطيع في بعض الأوقات أن أتمالك نفسي عن الغضب..أشعر أن هناك شيئاً ما يكرهني في الدراسة.. أكرهها ولا أحبها وأشعر أني أحمل هموم كثيرة من الصعب معرفتها.. لا أعرف ما مشكلتي مع الدراسة رغم أنني في السنوات الماضية كنت أواظب على الدراسة ومن المتفوقين.. أشعر أن لا أحد يفهمني ويفهم مشكلتي أرجو المساعدة لأننا بعد فترة سندخل الامتحانات ولا أريد أن أكون هكذا.. أصف نفسي بأنني مجرد (مجنون نفسي) الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،، وبعد.. أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما تعليقي على استشارتك.. أولاً: كثرة الغضب.. وعدم السيطرة على النفس.. ربما كان نتيجة (ضغوط نفسية) معينة.. فهل سألت نفسك بصدق ما هي هذه الضغوط؟! .. احضر ورقة وقلم.. واسأل نفسك السؤال السابق.. ثم أجب بالتفصيل.. ((كتابة)) وناقش كل فكرة لوحدها.. وستكشف أن كثيراً من هذه الضغوط لا يستحق حتى مجرد ذكره..!! ولكن لأنه تجمع مع غيره في أعماقك.. شكل لك ذلك الهاجس وأزعجك بدون أن تعرف سبباً حقيقياً لكل ذلك..!! ثانياً: الدراسة عموماً.. ثقيلة على البعض..!!! بسبب الكثير من الالتزامات فيها مثل الحضور والانصراف وبعض الواجبات.. وغير ذلك..!! ولكن تأكد أن ذلك إحساس الآلاف مثلك سابقاً ولاحقاً.. ومع ذلك كيفوا أنفسهم.. وسارت بهم الأيام وتخرجوا وتزوجوا.. ورزقوا بالأبناء.. وهكذا.. ولذلك لا تعتقد أنك الوحيد الذي يعاني.. بل وازن أمورك.. وانظر للأشياء الإيجابية في حياتك.. وتأكد أن الحياة مليئة بالمنغصات..! ولا اعتقد أن الدراسة من ضمنها بأي حال من الأحوال فتعامل معها على هذا الأساس كرسالة واجبة التحقيق ثالثاً: أتمنى لو وضعت لنفسك جدولاً تنظم به وقتك.. بين المذاكرة وممارسة بعض الهوايات.. والالتقاء بالأصدقاء والالتزام بهذا الجدول.. بشكل يومي.. وستجد أنك قد لحقت بالقافلة.. وأصبحت ممن يشارك داخل الصف.. وبالتالي أحسست بقيمة الدراسة وبقيمتك داخل المدرسة.. لأن الإحساس بعدم الفهم والاستيعاب وعدم مسايرة الزملاء يخلق في داخلك هذا الملل.. فتخلص من ذلك وستجد النتيجة. رابعاً: حبذا لو كان لك داخل المدرسة دور ما.. في النشاط أو الإذاعة أو إحدى الجماعات الأخرى.. فالمشاركة إيجابية في جميع النواحي. خامساً: حافظ أخي الكريم على أورادك اليومية.. وقراءة شيء ولو يسير من القرآن.. والمحافظة على الصلاة في أوقاتها وستجد نتيجة ذلك سعة في الرزق وانشراحاً في الصدر وتوفيقاً دائماً. سادساً: اقترب من والديك.. وبرهما واسألهما الدعاء لك بالتوفيق والسداد.. وأكثر أنت أيضاً من الدعاء.. فالله قريب مجيب. سابعاً: عليك باختيار ((رفقة صالحة)) تدلك على الخير وتعينك عليه. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

أرتبك عندما أتكلم أمام الناس!

أرتبك عندما أتكلم أمام الناس! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 18/4/1422 السؤال مشكلتي حفظكم الله هي الخوف من مواجهة الناس في حالة أن أكون متحدثاً فقط حيث أنني أتلعثم في الكلام وتزيد دقات قلبي وأشعر أن الجميع يراقبون تصرفاتي وأنهم يشعرون بما أعاني منه وقد ذهبت إلى طبيب نفسي صرف لي دواء له بعض التأثيرات الجانبية مثل كثرة النوم واحتباس البول - أكرمكم الله - استمريت في أخذه مدة ثلاثة شهور تقريباً ثم تركته علماً بأني شعرت بنوع من التحسن ثم صرف لي الدكتور دواء آخر يستعمل عند اللزوم واستمريت في أخذه فترة أطول إلى أن وجدت أن مفعوله بدأ يقل فوصف لي الدكتور علاج آخر يقول أن مفعوله أشد من الدواء الأول إلا أني لم ألحظ ذلك بعد ذلك توقفت عن زيارة الدكتور وحالتي لم تتغير وما زلت أبحث عن حل لذا كتبت إليكم راجياً من الله أن أجد لديكم ما يفيدني وجزاكم الله خيراً.. ملحوظة: أنا الآن على وشك التخرج من كلية مستلزمات التخرج فيها التطبيق العملي - التدريس - لذا أرجو منكم سرعة الرد والله يحفظكم.. الجواب أشكر لك ثقتك.. وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد في الدين والدنيا.. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه: - بداية الجواب: أولاً: أعانك الله.. على ما أنت فيه.. وإن كان ولله الحمد لم يصل إلى حدود " الرهاب الاجتماعي " أو الخوف الاجتماعي المرضي.. ولكنه أحد أعراضه..!! فالخوف الاجتماعي.. يعني الخوف من مواجهة الناس ومقابلتهم.. وقد يتطور إلى اعتزالهم كلياً.. وربما تنقطع الكثير من مصالح الإنسان وتضيع عليه الكثير من الفرص بسبب هذا الخوف..!! أما أعراضه.. فتشمل جفاف الحلق.. وزيادة خفقان القلب.. واحمرار الوجه.. واللعثمة في الكلام.. والتعرق وزغللة النظر.. وشئ من الدوار.. واحياناً الشعور بعدم القدرة على الاستمرار واقفاً.. وربما الغثيان!! ثانياً: صعوبة الحديث أمام الناس.. هي أحد أعراض الخوف الاجتماعي كما أسلفت.. وهي منتشرة في مجتمعنا بدرجة كبيرة.. اكثر مما تتوقع.. ربما بسبب عوامل كثيرة اجتماعية وتربوية..!! ولكنه ـ بفضل الله ـ يمكن تخفيفها أو التخلص منها إلى حدٍ كبير.. وللشخص الذي يعاني منها دور كبير وحاسم في علاجها.

ثالثاً: للأفكار المسيطرة علينا تأثير كبير على سلوكنا.. فكما نفكر نكون.. ولذلك تأمل نفسك.. تجد انك كثيراً ما تحدثت بطلاقة أمام بعض الناس.. ولم تتوقف أو تتلعثم..!! بغض النظر عن هؤلاء الناس.. هل هم أقارب أو زملاء.. صغار أو كبار.. وهذا بسبب انك منشغل عن نفسك.. وعن تغذية عقلك الباطن بأفكار سلبية حول خوفك من الفشل والإخفاق أو الخطأ.. وبما يقولونه عنك.. ويتأملونه فيك.. وتقييمهم لك.. ورضاهم عنك..!! أقول منشغل عن كل ذلك بأفكارك وبما تطرحه وتقوله من وجهة نظر.. أو حكاية ما.. أي أن أسلوبك وطريقتك النفسية هنا " هجومية " إن جازت العبارة..!! وبمجرد أن تتراجع قليلاً إلى الأسلوب " الدفاعي " فتنشغل بنفسك.. عنهم.. وبما قد يقولونه عنك.. عما تقوله أنت لهم.. وبرضاهم عنك وتقييمهم لك.. وتحاول تفسير نظراتهم.. ولفتاتهم..!! تتشتت قواك.. ويتم اختراق خطوطك الدفاعية وتضطرب.. وتتراجع و.. تنهزم!!! إذاً.. المسالة واضحة.. نحن الذين نتحكم إلى حد كبير في هذا الأمر.. أما أن ننطلق واثقين بأننا إن لم نكن من احسن الناس فلسنا أسوأهم وبأننا لسنا اقل قدراً وقدرة من الآخرين.. وبأن الناس مشغولون عنا بأنفسهم.. وبهمومهم.. وأما أن نحاصر أنفسنا ـ كما أسلفت ـ ونحمل الأمور والمواقف.. والكلمات اكثر مما تحتمل.. فنتراجع وننهزم حتى قبل أن ندخل المواجهة!!! رابعاً: حاول ـ أخي الكريم ـ منذ الآن أن تتدرب على الحديث أمام الآخرين بالتدريج.. مثلاً: ابدأ بأقاربك وزملاءك.. وابدأ بأعداد قليلة حتى لو كانوا واحد أو اثنان.. ولا تجعل حديثك يتخذ طابع الرسمية.. بل اجعله حديثا ًودياً.. تناقش معهم من خلاله فكرة أو تطرح قضية ... أو تروي لهم واقعة.. وهكذا.. ولا تنشغل كثيراً بنفسك أمامهم.... بل ركز على ما تقول.. لا على ما قد يقولونه أو يفكرون فيه.. أو ما قد يضنون..!! وإياك وأن تنشغل بالخوف من الخطأ.. أو النسيان.. لأن العقل الباطن هنا يترجم هواجسك السلبية إلى واقع ينفذه عقلك الواعي.. فتخطئ فعلاً.. ولذلك قالوا.. [لكي تنجح لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً..] وتفسير ذلك أن التفكير الإيجابي يدفع ويحفز الداوفع الإيجابية للعطاء أو النجاح.. بعكس التفكير السلبي!! وهب أنك أخطأت في كلمة أو جملة أو نسيت عبارة!!؟ الأمر عادي جداً.. لن ينقصك.. ولن يقلل من قيمتك.... إلا بقدر ما تسمح له أنت بذلك.. فلا تعطه اكثر من حجمه.. وتعامل معه بشكل عادي وتدرج بعد ذلك.. من ناحية الكم والكيف.. وستفاجئك النتيجة.. وهي نتيجة إيجابية بإذن الله. ولا يعني ذلك انك في يوم وليلة.. ستكون خطيباً مفوهاً يهز المنابر.. أبداً رغم أن هذا وارد..!! ولكن المهم هنا هو ألا تصبح هذه المشكلة حجر عثرة أمامك.. وقد تتطور بشكل سلبي إلى ما لا تحمد عقباه!! خامساً: الناس يا عزيزي.. لا يعرفون ماذا يدور بخلدك..ولا يشغلهم هذا الأمر كثيراً.. وحتى لو أرادوا معرفته ما استطاعوا.. وبعضهم ينظر إليك.. وقلبه وفكره في مكان آخر..!! وبعضهم قد يجد لو وقف موقفك أضعاف أضعاف ما تجد..!! فلا تعطي هذا الأمر اكثر مما يستحق!!

سادساً: هناك العديد من الأدوية النفسية التي تنفع في مثل هذه الأمور.. والأهم منها هو العلاج السلوكي المعرفي.. وفنيات تعديل السلوك..والاسترخاء وهي أمور يحددها.. ويساعد عليها الطبيب النفسي وكثيراً ـ بل وغالباً ـ ما تؤدي نتائج إيجابية.. شريطة التزام المراجع بتوصيات الطبيب.. وتحتاج إلى وقت لتؤتي ثمارها. سابعاً: مسألة " الوظيفة " والتدريس.. فصدقني.. ما تجده وتشعر به من تخوف حيالها..وحيال التطبيق العملي الميداني فيها.. قد وجده عشرات الآلاف قبلك..!! ولا أبالغ هنا.. فهذا أمر طبيعي.. يتخوف منه الإنسان في البداية..وهناك مئات القصص الطريفة التي يرويها أصحابها عن تلك التجربة..!! ولكن ثق بأنك ستتجاوزها بعون الله.. وستتذكرها مع الوقت.. وتتعجب كيف أعطيتها كل هذا الاهتمام.. والترقب.. والوجل.. وهي في النهاية أمر عادي..!! فكن على ثقة كبيرة من ذلك. ثامناً: أخيراً لا تنسى أخي الكريم.. الالتجاء إلى الله بقلب حاضر ودعاء صادق.. بأن يعينك ويوفقك ويسدد على طريق الخير والحق خطاك. فهو تعالى المستعان.. وعليه التكلان.

أشعر بملل وأفضل الوحدة ... وعصبي!!

أشعر بملل وأفضل الوحدة ... وعصبي!! المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 29/4/1422 السؤال مشكلتي أنني دائماً اشعر بملل وطفش ولا أحب أحد يكلمني ولا أحب كثرة الاجتماع مع الناس وأحب أجلس كثيراً لوحدي وأحياناً أعصب على من يكلمني بدون أن أرغب في ذلك وحتى الوالدة اعصب معها رغم أنني رحيم بها ولكن غصب عني..أرجو الرد والله يرعاكم ويحفظكم من كل مكروه. الجواب كنا نود أن نعرف أشياء أخرى قد تساعدنا على وضع واختيار حلًّ أمثل لمشكلتك بين حلول كثيرة مثل: العمل - الدخل - الحالة الاجتماعية - عدد الأولاد لأنه قد يكون أحد هذه العوامل هو الذي يسبب لك ما يعرف بضيق الصدر واعتزال الناس ويسبب لك العصبية. وعلى سبيل المثال قد تكون لا تعمل ولديك زوجة وأبناء ووالدتك ومسؤوليات الحياة كثيرة ولا تجد وسيلة دخل تنفق على هؤلاء وبالتالي الفراغ يسبب لك الملل والسأم ويجعلك عدوانياً نتيجة عدم وجود ما يسد احتياجات الأسرة. وقولك حتى الوالدة تتعصب عليها رغم أنك رحيم بها - فكيف يا صديقي العزيز يكون الإنسان رحيم بأمة وفي نفس الوقت يتعصب عليها (إنها تناقضات في الوقت نفسه) . الأخ العزيز: كن على علاقة قوية بالله واستغفر ربك واطلب من والدتك الصفح الجميل واجعلها تدعوا لك ونل رضاها - فرضا الوالدين من رضا الله. وإذا كنت غير محافظ على الصلوات - فاستغفر لذنبك وابدأ من اللحظة في الحفاظ على الصلاة فإنها وسيلة علاجية استرضائية تجلب الأمن والاستقرار النفسي للإنسان وتزيل العنف - وإذا كنت لا تعمل فابحث عن عمل مهما كان الأجر وكان درجة الراتب فلا بد أن تعمل حتى تستثمر وقت فراغك وفي نفس الوقت تستطيع الإنفاق على أسرتك وبالتالي تخفف عليك ضغوط الحياة وستشعر بإذن الله بالرضى النفسي وستصبح شخصاً طبيعياً وستذهب عنك كل مشاعر الضيق التي كانت تدفعك للعصبية.

تقلبات نفسية ... متعاقبة!!

تقلبات نفسية ... متعاقبة!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 6/5/1422 السؤال هل يمر الإنسان بدورات نفسية متعاقبة ليس لها علاقة بالظروف؟ الجواب نعم يا أخي الكريم الإنسان في هذه الحياة معرض لتقلبات ودورات نفسية وصحية واجتماعية متعاقبة..!! قد يكون لها أسباب واضحة ووجيهة.. وقد لا نجد لها تفسيراً شافياً وكافياً ومناسباً ... !! أما تفسير الأمور الاجتماعية.. والصحية ... فهو أيسر إلى حد كبير لوضوحها ـ النسبي ـ تقريباً.. ولتأصيل دراستها.. وأسبقيتها مقارنة بالدراسات النفسية..!! ولغرابة النفس البشرية.. وعمقها.. واتساعها بشكل كبير.. لم يعرف منه حتى الآن ـ رغم الدراسات العلمية.. والبحوث الدقيقة.. التي تجري منذ عشرات السنين.. وحتى الآن ـ إلا اقل القليل..!!! وهناك فرضيات ونظريات هائلة حول النفس البشرية ... مازالت قيد الدراسة والتجريب.. تتثبت إلى أي مدى.. سعة هذا العالم الداخلي.. ودقة صنعه.. وأسراره العظيمة.. وقدراته الفذة..!! " فتبارك الله أحسن الخالقين". ولذلك فوجود الدورات النفسية المتعاقبة ـ كما أسميتها أنت ـ شيء وارد.. وطبيعي.. فعالمنا الداخلي عالم هائل ـ كما أسلفت ـ بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى..!!؟ ومشاعرنا لها مد وجزر..!! بل ولها تقلبات تشبه أحياناً تقلبات المناخ..؟!! فقد يصبح الجو حاراً.. (وهو هنا انزعاج وغضب صامت..؟! إما لسبب واضح أو خفي..؟!) ... أحيانا يصبح الجو عاصفاً ومزمجراً..!! (وهي هنا ثورة الغضب الظاهرة.. والمعبر عنها بشكل أو بآخر..!؟!) وأحياناً يكون الجو بارداً حد الصقيع..!! (وهو هنا الحزن العميق.. الصامت..!! والفراغ النفسي الذي يجعلنا نلملم أطرافنا وننكمش.. بانتظار الدفء العاطفي..!!) وربما تراكمت الغيوم.. والسحب الثقيلة.. (وهي هنا الضغوط النفسية الهائلة.. التي قد ندرك مصدرها واسبابها.. وقد لا ندرك ذلك..؟!) وقد تمطر تلك السحب بغزارة..!! (وهي هنا الدموع..!) فتعود السماء الى الصحو مرة أخرى..!! وقد تصبح الأجواء ربيعية.. هادئة.. (وهي هنا الارتياح الكامل. . والرضى.. والثقة بالنفس.. والإقبال على الحياة..) وهكذا.. أما لماذا هذا التقلب الغريب..؟! وكيف يحدث..؟!! ففي الظواهر الطبيعية والمناخية.. درسوا وعرفوا كثيراً من الأسباب.. واصبحوا يتوقعون بعضها.. قبل حدوثه..!! واما في الظواهر النفسية "فما زالوا يدرسون" ويختبرون.. ولكن النفس البشرية اكثر تعقيداً من الظواهر الطبيعية..!! فلم يعرفوا بعد الا القليل.. بل والقليل جداً..!! وربما أجادوا في وصف الأعراض.. أخفقوا في معرفة الكثير من الأسباب!!

ومن اقرب التفاسير التي ذكرت لهذا " التقلب" النفسي الغريب الذي يحدث أحياناً لدينا.. ولا نعرف له أسباباً.. ولا مصدراً..!! هو أن"العقل الباطن" للإنسان.. له إمكانات هائلة على التقاط الأشياء وتوثيقها لديه بطريقة معينه. قد تخلو من الترتيب أو التصنيف العقلاني..!! وبالتالي.. ومع الوقت تتراكم الكثير من الأشياء.. وتزدحم الرفوف بكم هائل من المواقف العابرة.. التي نسيناها " بعقولنا الواعية"!!؟ وفجأة تثقل كاهلنا.. وتضيِّق مجال الرؤية " الصافية " لدينا..فنتضايق.. وقد نحزن.. بدون أن نعرف أسبابا واضحة لكل هذا..!! والحل: هو بمعرفة هذه الآلية الغريبة لعلاقة " العقل الواعي " بـ " العقل الباطن" لدينا.. وتفهم هذا الأمر.. وعدم إعطاء الأمور أكثر من حجمها.. بل تتبعها بجلسة هادئة مع النفس.. وتصنيفها.. واعادة ترتيبها.. ووضع كل منها في حجمه الطبيعي.. ومكانه المناسب..!! وعدم الانشغال بها كثيراً ... لأنها ستزول في النهاية..!! والتنفيس الانفعالي بطريقه المختلفة!! والفرق بين الناس هنا.. كبير في منهجيتهم للتعامل مع مثل هذا الأمر ... فالبعض يتعامل معه كما أسلفنا ويثق أنه زائل ولا يفقد لأجله ثقته في نفسه..!! وبالتالي ـ فعلاً ـ تتعاقب الدورات.. وتنتهي.. وهو يسير بهدوء غير آبه بها..!! والبعض الأخر.. لا يفهمها كما يجب.. بل يتأثر بها..!! وقد يفقد ثقته بنفسه..بدعاوى أنه إنسان مهزوز.. وغير واثق من نفسه.. وربما هو " مسحور..؟! " أو غير ذلك. فيعطي الأمر اكثر من حجمه.. ويتجنب الناس.. ويحاصر نفسه بمزيد من الأوهام.. وبالتالي يتطور الأمر لديه إلى مشكلة حقيقية.. تحتاج ـ فعلاً ـ إلى علاج. والله تعالى اعلم. وهو الهادي والمعين.

هل أنا مريضة.. نفسيا؟؟

هل أنا مريضة.. نفسياً؟؟ المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 1/5/1422 السؤال هل أنا مريضة.. نفسياً.. لا أحب الناس ولا مقابلتهم أيا كانوا أو إذا قابلتهم أشعر بضيق شديد وملل وسكوت ومجاملة. وإن أحببت أحداً أو تقربت أنا منه أشعر بعدها فوراً بنفور منه علما أني لا أحب الناس بسرعة. وأكثر الناس وخصوصاً في العمل يصفونني بالعقل ورجاحة الرأي لكني أشعر بتعب مستمر في نفسي وعدم لذة لأي شيء في الحياة مهما كان جميلاً حتى السفر لا يغير في نفسي شيئاً وكل شئ أشعر أنه عبء ثقيل علي حتى عمل المنزل أو زيارة أو نزهة أو حتى سماع فكاهة. الجواب اشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. إنه ولي ذلك والقادر عليه. بالنسبة لاستشارتك. فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: هناك مرض نفسي.. وهناك اضطراب نفسي.. وهناك خلل نفسي.. منها ما هو دائم ومنها ما هو وقتي.. وبعضها عميق وبعضها سطحي.. والناس يتفاوتون في تقبلهم وتأثرهم واستجابتهم.. وعلاجهم في كل منها..!! ولذلك فإن مسألة إن كنت مريضة نفسية أم لا..؟! لا يجاب عليها ببساطة.. بل لا بد من الفحص الاكلينكي والتشخيص..وإن كنت أرى في أسلوبك ووصفك لمشكلتك اتزان ونضج واضحين. ثانياً: يظهر لي والله أعلم.. أن مشكلتك.. تكمن في منظارك للحياة والناس.. حيث تنظرين إليهم بمنظار قاتم.. جعل الأشياء تبدو في عينيك قاتمة مملة.. سيئة..!! فحصرت نفسك في دائرة ضيقة من الرفض والنفور والملل..!!؟ ومن ثم التعب.. وانعدام اللذة.. ففقدت الحياة لديك طعمها وتشابهت ألوانها ومع مرور الأيام تزداد قتامة الألوان.. حتى تغطي نور الشمس. وهنا مكمن الخطر..!! ثالثاً: أختي الكريمة.. الناس يتوقفون عندك للحظات وربما أيام.. فإذا لم يجدوا ترحيباً ومشاركة وجدانية غادروا إلى محطات أخرى.. ومع الوقت تبقي وحيدة. فتجتمع لديك قتامة الرؤية.. ومرارة الوحدة وهما ثنائي قاتل أعاذنا الله وإياك منه..!! ولذلك فلا بد لك.. من الخروج من تلك الدائرة الرمادية الضيقة التي حصرت نفسك فيها إلى دوائر أخرى اكثر سعة وانشراحاً.. وأنت بإذن الله قادرة على ذلك.. فشاركي الآخرين اهتماماتهم ومناسباتهم وحواراتهم.. وكوني صاحبة مبادرة إيجابية هنا أو هناك.. وقابلي الآخرين دائماً بوجه بشوش غير عابس.. وسترين كيف ينعكس ذلك كضوء في نفسك.. فتنشرح.. وتتفاءل وتقبل على الحياة غير عابئة بأحزانها..!! وفقك الله وسدد على طريق الحق والخير خطاك.

فقدت كل شيء حتى الأمل..!!!

فقدت كل شيء حتى الأمل..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 10-5-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:- امرأة مؤمنة بقضاء الله وقدرة ولله الحمد.. وعلى الرغم مما أصابها من مصائب ومعاناة من موت والدها رحمه الله وبعض أبناءها جعلهم الله شفعاء مقبولون في فترة وجيزة بين كل واحد والآخر.. إلا أنها صبرت واحتسبت الأجر من الله تعالى ولكن مازالت تشعر بخواء في قلبها ورغبة في ترك هذه الدنيا عاجلاً غير آجل.. وما أكثر الليالي التي بكت فيها رغبة في الموت.. ليس يأسا والعياذ بالله بل كرهاً في الحياة وحبا في لقاء الله عز وجل لأن هذه الدنيا ليس فيها خير.. قد تقول أنها على خير، نعم هذا صحيح ولكن نفسيتها هذه منعكسة على بيتها وأولادها فهي حزينة غالب الوقت دمعتها جاهزة لأدنى شيء، قوة تحملها تغيرت، أصبحت تكره عملها تريد الخلاص من كل شيء حولها تريد وبصدق الموت لتنتهي من هذه الحياة الملعونة التي لعنها الرسول صلى الله عليه وسلم. تشعر أنها متشائمة نوعا ما عندما يكلمها زوجها عن أحلامهم المستقبلية تشعر أنها لن تعيش حتى ترى تحقق هذه الأحلام..!!! فتبكي وتبكي من حولها ليس خوفا بل رغبة وتأكيدا للقاء الله عز وجل مما جعل زوجها يخاف عليها كثيراً هي دائماً تردد لزوجها أنها تعلم أنها لن تعيش طويلاً وهذا الإحساس فعلا يراودها في جميع أوقاتها.. لا أعلم هل هي بهذا الإحساس إنسانة سوية؟ أم تعاني من مشكلة ما؟ هي تقول أن طريقها واضح أمامها وهو الموت على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله أفيدونا مأجورين؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أختي الكريمة اشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: الحمد لله على كل حال.. على نعمه الظاهرة والباطنة وأهمها نعمة الإسلام.. نسأل الله الثبات عليه حتى الممات. ثانياً: أذكرك - أختي الكريمة - بحديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه حيث قال [عجبت لأمر المؤمن أن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر.. فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.... الحديث] ثم إنه جاء في الأثر أن الله تعالى قد يريد للعبد مكاناً ودرجة رفيعة في الجنة لن يبلغها بعمله فيبتليه في المصائب رفعة لدرجته.. فالله الله في الاحتساب فأنت - فعلاً - على خير عظيم. ثالثاً: ما تذكريه من أعراض يؤكد لي أن ما تعانين منه نوع من أنواع الاكتئاب وهو الحزن العميق الدائم.. وبفضل الله فإن لهذه المشكلة علاج دوائي مجرب وفعَّال.. فلا بأس من مراجعة أحد العيادات النفسية المتخصصة.. ومثل هذه الحالة تتكرر كثيرا ًفي مثل ظروفك.. وعلاجها بفضل الله - كما أسلفت - يسير.. ولا تعارض هنا بين الصبر والاحتساب وبين طلب العلاج.

رابعاً: لا بد أن تخرجي من دائرتك الضيقة إلى أخرى أكثر سعة.. وهذا مطلب ضروري في مثل حالتك.. فشاركي الآخرين في مناسباتهم وأفراحهم.. وتفاءلي.. بالخير والسعادة.. وستجدينها ماثلة أمامك بإذن الله.. وحاولي أن تقبلي على عملك بحماس واحتساب فهو رسالة تؤدينها وتؤجرين عليها. خامساً: هناك ما يسمى " بقانون الجذب " ومعناه أن الأفكار الحزينة تجذب الحزن الدائم.. والأفكار السعيدة تجذب السعادة.. ولا تعارض البتة بين أن تكوني سعيدة.. ومتفائلة.. وبين شوقك إلى لقاء الله.. جمعنا الله وإياك ووالدينا في الفردوس الأعلى من الجنة. سادساً: الله.. الله بالدعاء وكثرة الاستغفار فقد جاء في الحديث [من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب] اسأل الله العلي القدير أن يفرج هم المهمومين ويفرج كرب المكروبين وأن ييسر لك أمرك ويعينك ويوفقك ويسدد خطاك.

حب الانعزال عن الآخرين

حب الانعزال عن الآخرين المجيب د. سيد زكي خريبة استشاري صحة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 22-9-1423 السؤال السلام عليكم وحرمة الله وبركاته وبعد أنا شاب ولله الحمد والمنة على دين وخلق وراتبي جيد ولله الحمد ولا ينقصني شيء إلا الزواج حيث عمري كبير ولم أتزوج وتأخرت فيه لأنني بعض الأيام يأتيني تفكير في أمور زواجي وأقول إنه ارتباط ومسؤولية كبيرة وأنا لا أحب المسؤولية، حتى في العمل أتهرب منها، وتأتيني بعض الوساوس وضيقة الصدر مما جعلني أحرص كل أسبوع في نهايته أسافر إلى خارج المدينة التي أسكن فيه ولا أجلس مع الأهل. وأنا أحب السفر وحدي بعيداً عن المشاكل من الإخوة. أريد الإجابة على هذا الموضوع. وفقكم الله الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم" أنت بحاجة إلى التفكير بوضوح في مشاعرك، وأول خطوة في التغلب على هذه المشكلة أن تدخل عنصراً من التفكير العقلاني والمنطق إلى استجابتك حين ما تأتي فكرة الزواج. إنك بحاجة إلى أن تأخذ خطوة سيكولوجية إلى الخلق وأن تتأمل نفسك ومن أين جئت للحياة وللوجود؟ وكذلك كل الناس؟ فأنت وكل الناس أتيتم نتيجة ارتباط شرعي بين الأب والأم هدفه في المقام الأول الحفاظ على النوع، إشباع الرغبات بطرق مشروعة، والرغبة في تكوين أسرة وإنجاب أطفال والسعي على تنشئتهم تنشئة طيبة حتى تحقق ذاتك من خلال إنجازاتك في الوجود. الأخ العزيز أما ما ذكرت بشأن عدم حبك للمسؤولية فلتعلم أنه في بعض الحالات يكون انعدام المسؤولية هو تردد والشخص المتردد قد لا يكون راغبا في تقبل المسؤوليات التي هي جزء لا يتجزأ من كل أمور حياته (الهروب من العمل) وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية. الأخ العزيز إن من أسباب عدم الرغبة في تحمل المسؤولية الخوف من الفشل وعدم الثقة الكافية بالنفس، والاعتقاد الخاطئ بأن القرارات نهائية ولا رجعة فيها وهو ما بدا واضحاً في قولك أنه يأتيك بعض الوساوس وضيق الصدر حينما يأتيك التفكير بشأن الزواج وتحمل المسؤولية، وهذا أكبر دليل على خوفك، ولنا أن نقرر أن الخوف من المسؤولية هو أحد أسباب ترددك وهذا بالطبع صحيح. لأنك إذا نجحت فإن النجاح سيجلب معه مجموعة كبيرة من المسؤوليات والفرص والمخاطر الجديدة. الأخ العزيز أرجو أن تسأل نفسك هل لك شخصية قهرية:؟ هل تميل إلى التنظيم في حياتك تنظيماً زائداً؟ كن على وعي بأن جذور ترددك من الخوف من المسؤولية الخاصة بالزواج تقع في ذلك السلوك (عدم تحمل المسؤولية والخوف منها) وهذا على المدى الطويل يكون غير فعاّل ويؤدي إلى الإضرار بالذات (ذاتك) . - تحمل مسؤولياتك كرجل تبلغ كما قلت من العمر 34 عاماً لأنك في النهاية سترتبط بها على أية حال. إذن لماذا تهرب منها أو تدور في دائرة مغلقة؟ أو تهرب من العمل خشية المسؤولية فهذا كله خوف من الفشل. -إن أمرك يتطلب شجاعة في تقبل بعض الأثقال التي تضعها الحياة على الأكتاف وعلى أي حال طالما تجمعت لديك الشجاعة على تحمل المسؤولية وتتصرف بلا تردد ستشعر أنك أفضل. ولا تنس الحديث الشريف ("يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر ") فالزواج وقاية عن الانحراف وحصن من الحصون القوية التي تمنع الإصابة بأمراض عديدة. والله الموفق

أحس أنني لا أفكر!!

أحس أنني لا أفكر!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/أخرى التاريخ 18-11-23 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أحس في نفسي أنني لا أفكر..!! وأحس أن هذا ناتج عن الحسد.. فما هو العلاج؟ جزاكم الله خيراً،،،، الجواب أخي الكريم / ... أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألاّ يجعله ملتبساً علينا فنضل. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً:- لا أدري ماذا تعني بقولك " أحس نفسي أنني لا أفكر " ولم أستوعب - حقيقة - كيف أنك لا تفكر..!! أو بأي شيء تريد أن تفكر؟ ولماذا لا تفكر..؟! ومنذ متى لا تفكر..؟!! وكيف خالجك هذا الإحساس.. وكيف بدأ معك..؟!!! وما هي الأعراض التي تصاحب هذا الإحساس..؟!! ثانياً:- لماذا ربطت أخي الكريم ذلك بالحسد مباشرة.. وبدأت تبحث عن علاجه..!! فربما كان ذلك الإحساس وقتي وارتبط لديك بانشغال.. أو توتر.. أو خمول.. لأسباب نفسية أو اجتماعية أو جسدية " وقتية " وسيزول بزوالها..!! وهذا ما يحدث كثيراً لنا.. فإن أي تغير في كيمياء الجسم لأي سبب عارض..يؤدي غالباً إلى تغيرات وتأثيرات " فسيولوجية " (نفسية وجسدية) ولكنها ما تلبث أن تزول بزوال أسبابها..!! ثالثاً:- الخطورة هنا -أخي الفاضل - ليست ذلك الإحساس العارض.. فهذا مما يتكرر حدوثه لبني الإنسان.. ولكن الخطورة -كل الخطورة- هي تلك الإسقاطات أو التفسيرات التي نسقطها على أنفسنا أو نفسر بها ما يعترينا من نقص أو توتر أو قلق " وقتي " وما قد يعترض طريقنا من أمور " عارضة " "قدرية " وبالتالي ندخل أنفسنا في دائرة من " الأوهام المرضية " التي تبدأ بهاجس أو سؤال.. وتنتهي بمتاهة عظيمة قد لا يخرج منها المرء إلا مثخناً بالجروح والتشوهات النفسية.. وربما لا يخرج منها أبداً..!! فالحذر.. الحذر!!! رابعاً:- ليكن إيمانك بالله أقوى من ذلك.. ويقينك به أكبر.. وثقتك به أكثر.. وتأكد أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك وأنه لو اجتمعت الجن والإنس على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك.. فإنهم لن يضروك.. ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك ما نفعوك.. فلقد رفعت الأقلام وجفت الصحف.. كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي. فأحسن الظن بالله وتوكل عليه والتجئ إليه.. وعليك بقراءة الأوراد الشرعية وأذكار الصباح والمساء.. وأكثر من ذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،،

صديقي ومرض الفصام

صديقي ومرض الفصام المجيب د. محمد الحامد استشاري الطب النفسي بمستشفى بخش بجده. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 21-7-1423 السؤال لي زميل في السنة النهائية من الجامعة وقد حصل له تغير مفاجئ مثل الاهتمام غير الطبيعي بالأمور السياسية مما جعله يصل إلى درجة أن يترك الدراسة. . حالته النفسية تغيرت كثيراً وأصبح يسأل عن المهدي المنتظر كثيراً.. بدأ بالتدخين بعد ما كان من أشد الناس تنفيراً منه، يحس باكتئاب مستديم ويحب العزلة ويشكو ألماً في الرأس. أرجو المساعدة جزاكم الله خيراً. الجواب الأخ الكريم ... شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم " يبدو أن صديقك الذي تتحدث عنه يعاني من مرض الفصام وهو أحد الأمراض العقلية والذي يصيب ما نسبته 1% من سكان العالم. والذي يعاني من هذا المرض تكون لديه بعض الأفكار الخاطئة والتي يكون المريض متيقناً من صحتها وتسمى في لغة الطب النفسي بالضلالات وفي الحالة المذكورة فإن سؤال صديقك المتكرر عن المهدي المنتظر ما هو في الغالب إلى الاعتقاد بأنه هو المهدي المنتظر. ومن أعراض المرض أيضاً وجود هلاوس سمعية أو بصرية أو غيرها.. والهلاوس السمعية هي عبارة عن سماع المريض لأصوات لا يسمعها غيره.. هذه الأصوات قد تعطيه بعض الأوامر أو تعليق على تصرفاته وقد يفسرها بعض المرضى على أنها وحي من السماء. كذلك فإن المريض يقوم بأفعال غير متزنة مثل ما يقوم به صاحبك من النصح بعدم التدخين ومن ثم يقوم بإشعال سيجاره. ويصاحب هذا كله تدهور عام في حالة المريض مثل انقطاعه عن العمل أو الدراسة والميل للعزلة والانطواء وإهمال النظافة الشخصية والاعتقاد بأن المجتمع ضده وأن البعض قد يحيك ضده المؤامرات. عليه أرجو منك يا أخي سرعة عرض صديقك على طبيب نفسي. فهذا المرض له علاج ناجح بإذن الله.

أعاني من أمراض نفسية

أعاني من أمراض نفسية المجيب د. نزار بن حسين الصالح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 25/06/1425هـ السؤال بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: فلدي مشكلة نفسية -أسأل الله تعالى أن يفرج كربتي وكرب المسلمين أجمعين- فقد ابتدأ المرض النفسي معي باكتئاب وانتهى بالخوف والوساوس، وقد بدأ المرض بنوبة الهلع والتنميل ذهبت عند طبيب نفسي وصف لي الدواء وبدأت بتناوله وتحسنت قليلا، إلا أن الوساوس وأفكار الموت وتقلصات عضلية بالجهة اليسرى من الصدر ظهرت، وأفكار شديدة لا أستطيع السيطرة عليها مثل أن أحد أفراد العائلة سوف يموت قريبا أو أخي أو أبي ... ، ذهبت بعدها عند معالج نفسي، بدأت حالتي بالتحسن أكثر فأكثر حتى أنني أنهض في الصباح الباكر وأقوم بصلاة الصبح في موعدها، وذهبت الوساوس وانشرح صدري، والله كنت فرحة ومسرورة بديني إلا أنه كان يؤرقني شيء واحد وهو أنني لست متزوجة بعد، ولكني في الأخير صدمت من المعالج النفسي الذي بدأ يتغزل بي ويجرني إلي متاهات أنا في غنى عنها، هنا عاد المرض أكثر مما كان، وبدأت أختنق في النوم، وجاءت الوساوس، وأخاف من قراءة القرآن وخاصة عند ذكر الموت؛ لأن نفسي لا تكون مطمئنة بل إنني في خوف وانزعاج، هذه مشكلتي باختصار، أما التفاصيل فتحتاج إلى جلسات، أريد من فضلكم توجيهي ووصف العلاج المناسب لحالتي، وأطلب منكم الدعاء لي بتفريج هذه الكربة التي أعاني منها، وفقكم الله وسدد خطاكم وجعلكم في خدمة الإسلام والمسلمين، وجزاكم الله كل خير. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. بداية أسأل الله الكريم، رب العرش الكريم أن يفرج كربك، وأن يمن عليك بالصحة والعافية. في الحقيقة أن القلق والاكتئاب والوسواس من الأمراض النفسية المنتشرة في المجتمعات؛ نتيجة الضغوط اليومية التي نواجهها، وتزداد هذه الأمراض سوءاً إذا لم يقدم العلاج المناسب في الوقت المناسب. وهي أحسنت لما ذهبت إلى المعالج النفسي الذي ساعدها على العودة لطبيعتها البشرية وحسن تعبدها لله، لكن المشكلة سوء تصرف الطبيب المعالج وقلة خوفه من الله جعل - الأخت السائلة- تنتكس حالتها، وتصبح أكثر سوءً، وكل ما تشعر به من اختناق في النوم والخوف وبرودة الأطراف وغيره هو أعراض للقلق والاكتئاب والوسواس الذي يسيطر عليها حالياً، وهي بحاجة إلى تلقي العلاج المناسب مرة أخرى من معالج - يفضل أن تكون امرأة-، وأن يتزامن العلاج النفسي الدوائي مع العلاج النفسي السلوكي والمعرفي وفق برنامج زمني محدد، ونتائجه - بإذن الله - مشجعة. في الختام نقول: لا بأس - إن شاء الله- وبتوكلك على الله وأخذك بالأسباب سوف تشفين بمشيئته -تعالى-. والله المستعان.

أفضل الهروب على المواجهة

أفضل الهروب على المواجهة المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 06/04/1425هـ السؤال أكتب هذه المشاركة وأنا في قمة التعب النفسي، ليس بيدي هذا الشيء، أنا أعرف أنكم ستقولون عليك باللجوء إلى الله والدعاء، أنا مؤمنة بهذا الشيء، ولكن ماذا أقول؟ لا أستطيع التعبير بشكل دقيق عما في نفسي، ظروفي الاجتماعية أكثر من جيدة، لكن هذا الشيء ينبع من داخلي، ولا أستطيع التخلص منه، منذ صغري وأنا أخشى المواجهة، مواجهة أي شيء، أخطائي، مشاكلي، مشاكل الآخرين، أحاول الهروب منها، قديما وأنا صغيرة أهرب منها إلى مستقبل صنعته بنفسي، أنا فيه البطلة! والآن أهرب إلى الماضي، مع أني كنت أكره ذلك الزمن الذي عشته وأتطلع إلى ما هو أفضل، أعرف أنني سأحن فيما بعد إلى هذا الزمن؛ لأنني أشعر أننا مقبلين على ما هو أسوأ من هذا، وربما ستكون حالنا أفضل مما هي عليه الآن، أنا أتكلم عن حال المسلمين وما هم عليه اليوم، قد تقولون أنكِ من المثبطين، لكن هذا شعوري، وأتمنى أن يخيب، أكره الانهزامية التي نحن فيها الآن، وفرض السيطرة من قبل الكافرين، أنهم يريدون أن يطمسوا هويتنا، وسيتحقق لهم ذلك مع الأسف إذا استمر الوضع على ما هو عليه، أتمنى ألا أرى ذلك اليوم، أنا متعبة. أما على الصعيد الداخلي، فأنا يضيق صدري إذا رأيت أحد من أقربائي مريضاً؛ لا أريد أن أفقد أحداً من أقربائي، قد لا تصدقوني إذا قلت لكم: أنني أخشى لحظات السعادة؛ لأني أعرف أنه سوف تعقبها لحظات تعاسة، وهنا لدي الكثير أود قوله، لكن لا أستطيع؛ أحس أنه بركان، أريد أن أخرجه، لكن شيء ما يمنعه من الخروج، أتمنى أن أجد العصا السحرية التي تنسيني كل أحزاني، قد أعاود السؤال لكم مرة أخرى؛ لأني لم أقل كل ما في نفسي. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أي خاطر أو ضيق مؤلم يمر في النفس عبر أيام حياتها، يكون عادة له سبب ذو علاقة بالاتصال بالله، -أي يكون بسبب تقصير تجاه عبادة معينة-، وأحياناً نغفل ولا نحس بهذا التقصير، ويكون نتاجه ضيق يحيط بالنفس، وقد يمتد معه فترة طويلة، تأتيه على شكل نوبات قلق لأي عارض يطرأ عليه، وأحيانا قد لا يعرف المصدر أو السبب، دائما مفتاح أي قضية، مهما تكن كبيرة أو صغيرة يجب أن تمر عبر الطريق المؤدي إلى الله، وإذا لم يكن هذا الهاجس مغروس في النفس، منذ التعرف الأولي على تفاصيل الحياة من حولنا -مثل معرفة أن السقوط من الدرج قد يؤدي إلى الإصابة بألم - بعدما نعرف بالتلقين أن الله -سبحانه وتعالى- قادر على كل شيء، وإلا ستكون الحياة أشبه بالمقبرة المظلمة. وقد وضعت نفسك في أول نفق العتمة والغم والهم، عندما ذكرت أنكِ مؤمنة، وتقولين: أعرف أنكم ستقولون.........؟ نعم، هذا هو الطريق الصحيح لتعديل مسار الهموم، وكسح لجليد الغم. والذي أفشل التجربة لديك، باضمحلال سحب الغيوم التي ادلهمت فوق سماؤك، هو حالة التردي والتشكك من هذا المعنى، فلو كان اليقين ضاربا إطنابه في صحراء حياتك لوجدت أن أرضك ستعشب أزاهير الربيع.

جربي مرة أخرى، ولكن من طريق آخر، وهو طريق اليقين الصادق بالله، وأنه هو القادر وحده على إزاحة هذه الكوابيس التي أحاطت بالقلب والنفس. وما هذه الهموم التي تحيط بك من مشاهدة بعض أقاربك عندما تصيبهم بعض المصائب، إلا خوفك من أن تداهمك أنت؛ لأن نفسك صار لديها استعداد لتشرب هذه الهموم، وذلك للحساسية المفرطة، ولأنك صرت مثل الإسفنجية، التي تمتص الهم؛ لأنها خالية من كوابح الدفع اليقيني المرتبط بقبول القضاء والقدر، وقد يظهر في الأفق البعيد من صحراء النفس بوادر علامة استفهام، لماذا هذا؟ أو لماذا يحصل لي أنا بالذات؟! كما قلت: آمل أن تعاودي مرة أخرى، ولكن بعدما تتأملي ما قلت. أعانك الله ... والسلام عليكم ورحمة الله.

معاناتي تتضاعف عندما أرى معاناة الآخرين!!

معاناتي تتضاعف عندما أرى معاناة الآخرين!! المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 27/8/1422هـ السؤال مشكلتي هي أنني أعاني نفسياً عندما أرى مريضاً أو ميتاً , فما الحل - في نظركم -؟ الجواب أيها الأخت الكريمة ... لا أظن أنه من السليم أن تصفي حالتك بالمشكلة بمجرد أنك تُعانين من أتعاب نفسية حينما ترين مريضاً أو ميتاً، إذ هذا هو الأصل , والمشكلة حقيقة لو كان العكس هو الذي يحصل معك، بمعنى أنك لا تجدين أي شعور بالتعب النفسي والألم القلبي حال رؤيتك لمثل هذه المشاهد. إن وجود مثل هذه المشاعر والأحاسيس لديك إنما هو دليل على رقّةٍ في القلب وإحساسٍ بالآخرين , وما يعانون من آلام مرضية تعصف بهم. فنحن في هذا العالم اليوم بأشد الحاجة إلى مثل هذه القلوب اللينة والمشاعر النبيلة، التي تتألم لتألم الآخرين , وتحس بهم , وتشعر بجراحهم، بل هو المصداق التطبيقي لقول الرسول:"مثلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ". رواه مسلم وأحمد. الغالب على كثيرٍ من الناس في عالم اليوم هو التبلّد في المشاعر والقساوة في الأحاسيس حتى أصبحت القلوب كالحجارة في قسوتها وشدّتها , وانطفأ جراء ذلك نور الحنان والرأفة والرحمة من صدورهم إلا من رحم الله , وأصبح الواحد منهم يسمع ويرى غيره من إخوانه المسلمين يعاني الآلام المرضية أو غيرها ولا يهز ذلك من مشاعره بل ربما يبخل حتى بالدعاء له بالعافية والشفاء، هذه في الحقيقة هي المشكلة التي يحتاج صاحبها لحلٍ يساعده على انتشال حاله القاسية ونفسيَّته المتبلدة من براثن هذا المرض العضال. أما حالتك - أختي السائلة - فهي حالة صحّية طبيعة تنم - كما قلت - عن قلب نابضٍ بالرقة والمحبة للآخرين وشعورٍ بالرأفة بهم وما يعانون من آلام، هذا من جانب. الجانب الآخر - أختي الكريمة - والذي أرى وجوب التنبيه إليه هو ألاّ تطغى هذه المشاعر على قلبك وفؤادك حتى تتجاوز الحد المطلوب، وتتعدى المساحة المسموح بها في قلبك , فتنقلب بذلك إلى تطرّفٍ يعود عليك بالتعب والمرض النفسي المتواصل. التوسط في الأشياء المادية والمعنوية هو المطلوب، فلا يكن قلبك قاسياً لا يشعر بالآخرين وما يعانون، وفي الوقت نفسه لا تتجاوزي الحد المطلوب في الشعور بالآخرين حتى كأنك أنت المريضة , أو تعانين من آلام نفسية ربما تكون أعظم ألماً من آلام المريض نفسه. أنتِ لم تُبَيْني في سؤالك - بالدقة - كيف هي معاناتك النفسية جراء مشاهدتك لمعاناة الآخرين، هل هي معاناة نفسية تدوم وتصل حد المرض النفسي المؤرّق والمتعب والمتواصل لفترة زمنية طويلة وهذا بحد ذاته يتطلب منك مراجعة أو زيارة طبيب مختص للنظر في حالك. أما إن لم يكن كذلك فهو - كما قلت - مظهر صحي , وعلامة واضحة على نبض قلبك وامتلائه بالرأفة والرحمة. والله يحفظك.

مشكلة نفسية.. أم عقلية..؟!!

مشكلة نفسية.. أم عقلية..؟!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 4/7/1422هـ السؤال أعاني من مشكلة نفسية وقد أثرت علي في دراستي الجامعية وقد ذهبت إلى أكثر من طبيب نفسي ولم تتحسن حالتي والآن أصبحت أشك في عقلي وأخاف على نفسي الجنون مما سبب لي العزلة عن الناس فبماذا ترشدونني وجزاكم الله خيراً.. الجواب بالنسبة لمشكلتك النفسية التي تذكر.. وتعتقد أنها عقلية أيضاً.. فإنك في الحقيقة لم تذكر أي شيء عن أعراض هذه المشكلة.. لكي نحدد نوعها..بل ذكرتها بشكل عام.. وإيجاز مُخل..!! ولذلك فإننا والحال كذلك نحتاج إلى مزيد من التفصيل؟. ولكن الذي لفت نظري في رسالتك أنك تذكر فيها ذهابك إلى أكثر من طبيب نفسي.. ولم تتحسن حالتك..!!؟ وفي هذه الحالة أكاد أجزم.. أنك أنت سبب مشكلتك..!! نعم أنت..!!؟ وأعتقد كذلك أنك لم تلتزم مع أي من الأطباء النفسيين الذين ذهبت إليهم..!! بل وربما لم تواصل معهم الجلسات النفسية.. وربما أنك لم تقتنع أصلاً بهم أو بما يقولونه..!! يا عزيزي.. تأكد أن الطبيب النفسي لا يملك علاجاً خاصاً وفورياً.. يعطيه المريض.. فيشفى من ساعته ويتعافى في لحظته..!! أبداً.. بل أن علاقة الطبيب النفسي بالمراجع.. ولا أقول المريض.. فبعض المراجعين ليسوا مرضى حقيقة.. بل هم أناس يتوهمون المرض..!!! أقول:- أنها علاقة مبنية على الصدق والالتزام.. وأن الطرف الأساسي فيها هو المراجع فهو المطالب بالتنفيذ والاستمرار مع البرنامج العلاجي الذي يضعه الطبيب..!! أعود مرة أخرى.. لأوكد على أنك - قد - تتحمل الجزء الأكبر من مشكلتك.. أياً كانت.. ومن أي كان..!! لماذا..؟!! لأنك يا عزيزي انهزمت أمامها.. وأظهرت نفسك ضعيفاً.. مهزوزاً على الرغم من أنك تبدوا ناضجاً من أسلوبك.. وقوياً في عرضك لواقعك.. وعلى أية حال.. أقترح عليك أخي الكريم مجموعة من الاقتراحات.. علها تجلب لك الطمأنينة.. والراحة النفسية المطلوبة.. وتخرجك بإذن الله من هذه الدائرة المغلقة التي تعيش فيها.. أولاً - كن صادقاً مع نفسك.. هل التجأت إلى الله بدعاء صادق.. وقلب خاشع.. وإلحاح في الدعاء لكي يعينك الله على ما أنت فيه.. وتحريت في ذلك مواطن الإجابة.. كالسجود وأدبار الصلوات.. والثلث الأخير من الليل حين ينزل ربنا تعالى إلى السماء الدنيا وينادي ((هل من داعٍ فأستجيب له.. هل من مستغفر فأغفر له)) !!؟! ثانياً - هل أنت ممن يحافظ على الصلوات في وقتها والرواتب وأذكار الصباح والمساء.. ويقرأ شيئاً ولو يسيراً من القرآن الكريم في يومه وليلته..؟! صدقني ستجد في ذلك الصفاء.. والطهر.. وراحة البال والطمأنينة.. والثقة بالله.. التي تنعكس عليك بدورها ثقة بنفسك.. ويقيناً أن هذه الدنيا متاع الغرور.. وأنها دار ممر وليست دار مقر.. وأن المؤمن فيها مبتلى.. وأنها لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء.. وأننا فيها مسيرون لا مخيرون.. وأنها مزرعة للآخرة؟!

عندها تسمو همتك.. وتستصغر كل ما يسيئك في هذه الدنيا.. وترنوا إلى الآخرة.. وتنفتح لك أفاقاً أخرى للحياة..!! ثالثاً - أكثر يا أخي الكريم من ذكر الله.. قائماً وقاعداً وعلى جنبك ((ألا بذكر الله تطمئن القلوب)) واستعذ بالله من نزغات الشيطان وتوهيمه.. ((إن كيد الشيطان كان ضعيفا)) . رابعاً - تأكد يا أخي.. أن حياتك من صنع أفكارك.. كما يقال.. فإذا اعتقدت بأنك تعاني من شيء معين.. وبأن وضعك ليس على ما يرام.. وبأنك.. وأنك.. ستجد نفسك - فعلاً - محاصر بكم هائل من ((الأوهام)) و ((التهيؤات)) التي تكاد تخنقك..!!! ومن ثم ضَعُفَت مقاومتك النفسية الداخلية وسنحت الفرصة لألف شيطان ليرجف بك.. ويقنعك أن مشكلتك ليست نفسية فقط.. بل ربما عقلية..!! وازداد الضغط.. و.. كان الانفجار..!!! أما أن ملئت حياتك بالتفاؤل.. وحسن الظن بالله.. ولم تتوقف أمام الصغائر أو تهتم بها.. سارت حياتك هانئة بإذن ربها. خامساً - كما تفكر تكون هذه هي الحقيقة يا أخي.. فتفاءل واستبشر.. وحاصر هذا ((الهاجس)) النفسي المدمر في داخلك.. وثق أنك - بعون الله - أقوى منه وبأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك.. وارفع رأسك عالياً.. فأنت من يملك قرار الانتصار.. على نفسك والشيطان.. وفقك الله وأعانك.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

فراغ نفسي

فراغ نفسي المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 3/6/1422 السؤال اشعر بفراغ كبير داخل صدري!! ولا أشكو من أي مرض 0 يعني فرا غ نفسي 00 ما هو الحل؟ الجواب أشكر لك ثقتك.. وأسال الله تعالى.. أن يوفقنا وإياك إلى مافيه الخير والسداد.. أنه ولي ذلك والقادر عليه.. بالنسبة لاستشارتك.. فتعليقي عليها من وجوه:- أولاُ: لم تذكر لنا ظروفك الاجتماعية والمهنية والاقتصادية بدقه.. فربما كان في تفاصيلها بعض الجواب عما تشعر به مثلاً ما هو ترتيبك في أسرتك..!! ودورك فيها؟! وماهي مهنتك.. وهل لديك أصدقاء وما إلى ذلك …الخ. ولم تذكر لنا ايضا ما هي الأعراض التي تعايشها وشخصتها على أنها " فراغ نفسي" فربما كان التشخيص مختلفا عن الواقع 00!! ثانيا: " الفراغ النفسي " عنوان كبير يتسع بحجم آلامه الناتجة عنة..!! فإذا عرف السبب بطل العجب كما يقال..والأسباب قد تتباين وتختلف بقدر اختلاف الأشخاص وتباينهم..!! فإذا كنت تعرف السبب أو تتوقعه فأخبرنا به وسنتعاون معاً في وضع آلية مناسبة للتعامل معه..!! وإذا كنت لا تعرف السبب.. وأنت أدري الناس بواقعك وظروفك.. فربما كنت مشتركاً في أيجاد هذا الشعور أو متسبباً به.. ولحسن الطالع فإنه غالباً- شعور طبيعيي..إذا وضع في حجمه الصحيح.. فانه يمر ولا يضر..!! ثالثاً: منذ الآن 00 ضع لك هدفاً سامياً.. وحاول تحقيقه.. وشارك في المناسبات العائلية.. واللقاءات الاجتماعية وقدم المبادرة تلو المبادرة.. وستجد نفسك مع الوقت صاحب رسالة تريد إيصالها وتحقيقها وبالتالي لا وقت لديك للفراغ النفسي أو البدني. رابعاً: ابحث عن الصحبة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه.. وتيسر لك سبل ملء وقت فراعك بالمفيد.. من الهوايات والقراءات الجادة والمثمرة.. صدقني.. ستجد الوجه الآخر للحياة.. وستعرفها على حقيقتها.. دار ممر للآخرة.. وليست دار مقر.. ومجرد إدراكك لهذه الحقيقة كفيل بإشعال طاقتك 00 مما يحقق لك سعادة الدارين. خامساً: تنتابنا جميعاً- أحيانا- بعض الهواجس الغريبة.. والإحساس القاتل - ربما- بالفراغ النفسي.. ولكننا سرعان ما نتجاوز هذه المرحلة.. وننشغل عنها بتفاصيل الحياة.. فلا تحمل ما تشعر به أكثر مما يحتمل.. واخرج من دائرته إلى الدوائر الأخرى التي اقترحتها عليك وستجد بإذن الله راحتك الأبدية.. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

اضطراب وسخط.. على الجميع..!!!

اضطراب وسخط.. على الجميع..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 15/6/1422هـ السؤال أنا شاب وطبيب ممارس..مررت بطفولتي في ظروف صعبة من أقرب الناس ولكني اعتمدت على نفسي..وقررت أن ابني نفسي بناءا ًحقيقياً. لم يكن يعجبني أسلوب الشباب المراهق..!! ولا أسلوب الشباب المتشدد في الدين..لأن كليهما -من وجهة نظري - يهرب من الواقع..!!؟ بفضل الله..لم انحرف ولم أشرب الدخان ولم أعرف طريق الرذيلة مررت بتجربة عاطفية فاشلة..أثرت على نفسي وقررت بعدها أن لا اقترب من الأمور العاطفية إطلاقا.!! التزمت فترة طويلة من الزمن..ولم يهزني شيء.. حتى كانت لي سفرة خبيثة مع صديق كان قريبا إلى نفسي.. وبعد هذه السفرة قاطعته..لأنة كان سلبياً دائم الإحباطات.. واستسلم للواقع وجارى المجتمع فرفضت مصادقته. حاولت كثيراً إصلاح من حولي" ففشلت" حاولت نصحهم "ففشلت أيضا. تألمت لذلك وحاولت أن أعيش حياة سعيدة ملتفتا إلى عبادة ربي..ولكن أيضاً لم أجد العون الكافي في ذلك.. كل من حولي من الفسقة أو الملتزمين المنافقين..!!! أنا غير راضي عن واقعي ولا يعجبني شي من أنماط الحياة التي أحياها.. ولا آرى طعما لما أفعل.. وصل الحد بي الى آني زهدت باسرتي الصغيرة وعملي..وكل من حولي..والنتيجة عزلة عن الأهل.. والمجتمع.. وفشل في علاقاتي الأسرية والزوجية..وعدم اقتناع بالجميع ... !! ولم اترك سبيلاً لطلب العلاج إلا طرقته وتبعته من الآلف إلى الياء ولكن دون جدوى..!! ومشكلتي الكبرى لم تحل.. وهي النظرة السلبية للحياة والتساؤلات الفلسفية التي لم أجد لها اجابه!!! التزمت أخيرا مع أحد الأطباء النفسيين حتى هذه اللحظة وقد قال لي كلاماً حاداً.. حول اضطرابي وعدم توافقي و.... أمور أخرى أشعر أنة قالها ليستفزني!!! ولقد وصلت لمرحلة الجنون.. أو قريبا منها.. وفقدت ثقتي بهذا الطبيب.. وأنا حائر أتساءل دائماً من هي المرأة..؟ وماذا تريد من الرجل..؟ ولماذا يتزوج الإنسان..؟! ولماذا المرأة دائماً هي مصدر العار..؟ ولماذا لا يكون الرجل مثلها..؟!! ولماذا لا يصلح حال الناس حتى من يدعي الالتزام..؟ لقد سئمت هذه الحياة المزيفة.. ولا اقتنع بمسلمات الأمور وهذا ما أرهقني كثيراً وعذبني كثيراً..!! ما هذا؟ هل ذهب الحياء.. هل انتكس الناس؟!! أحس أنني وحيد.. وشاذ وغير مستمتع بالحياة الإيمانية والروحانية.. لان فيها انعزال وعدم واقعية.. وقبول لواقع ملؤه" الفسق"!!! [و00000000 تفاصيل كثيرة.....الخ] أخي الكريم.. أنني حائر ولازلت..أريد أن اقف على ارض صلبة لعلي بعدها اعبد الله على بصيرة واخشى أن تأخذني الريح لتهوى في وادي سحيق. الجواب

قرأت رسالتك الطويلة أكثر من مرة.. ولقد أعجبني فيها ذلك السرد القصصي الجميل لتفاصيلها.. وهذه اللغة الواضحة فيها والتحليل الناضج لمراحلها وتفاصيلها وهذا ما يجعلني أتفاءل بأن التقي وإياك على نقاط مشتركة في تشخيص الواقع والبحث عن أسبابه..!! وفي نفس الوقت ساكون واقعيا وصادقا معك..ليقيني انك إنما كتبت بهذه اللغة وهذا النضج بحثاً عن الحقيقة المباشرة..! عزيزي أعتقد جازماً أنك قد أسرفت على نفسك.. وظلمتها كثيراً..!! نعم..!! (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) . أنا لست قريباً منك لأعرف بالضبط طبيعتك وشخصيتك من واقع المعايشة والاحتكاك لا الوصف..!! ولا أعرف بالضبط إلى ماذا استند الدكتور النفسي الذي راجعته في تشخيصه لمشكلتك.. ولا أعرف حقيقة نواياه.. كما تحللها أنت!!! ولكني أعرف شيئاً واحداً من حيثيات ما ذكرته أنت عن واقعك.. وسأقف معك من خلاله عدة وقفات:- أولاً: أخي الكريم.. لقد أرهقت نفسك كثيراً.. وظلمتها كثيراً.. بل وظلمت كثيرين ممن حولك!!! كيف؟ أنت تحمل نفسك أكثر مما تطيق في تتبع الواقع الذي تعيشه.. وهو لاشك واقع مؤلم في بعض جوانبه..!! ولكنه واقع.. لا يعني معايشته نوع من الاستسلام له والقبول به..!! بل على العكس ربما تحاول من خلال أسرتك الصغيرة - وهي بالمناسبة خلية من خلايا المجتمع - إصلاح ما يمكن إصلاحه.. ومن خلال عملك.. وأصدقائك.. ولا يعني إخفاقك مرة أو أكثر.. كل هذا الإحباط والشعور بالهزيمة والسخط.. على من حولك..!! فهذا هو ظلمك لمن حولك. يا عزيزي أنت تريد إصلاح أناس - ربما - لم يرد الله لهم هداية (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) (فلا تذهب نفسك حسرات عليهم) . ثانياً: رغبتك في إصلاح الواقع.. وعدم رضاك عن بعض السلبيات.. شعور نبيل جعله الله في ميزان حسناتك ولكن تذكر يا أخي أنك مطالب فقط بفعل الأسباب وهي هنا النصح والتوجيه ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.. وأما النتائج فلست مسؤولاً عنها.. فهي مرتبطة بأقدارها. ثالثاً: أراك استخدمت من الألفاظ والمصطلحات ما يوحي لمن يقرأها بان كاتبها سوداوياً متشائماً إلى درجة كبيرة فلا أعتقد أن كل من حولك إما " فسقه " أو " ملتزمين منافقين " فالحكم وبالذات " بالنفاق أمر خطير.. لأنه يتعلق بالنوايا.. التي لا يعلمها إلا الله.. ولا يشترط يا عزيزي أن يكونوا ملائكة.. فالكمال لله. رابعاً: هناك من الأنبياء والرسل - عليهم السلام - من يأتي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان.. ومنهم من يأتي وليس معه أحد كما جاء في الحديث الصحيح.. أي لم يستجب له من قومه أحد..!! فلماذا تحمل نفسك وتطالبها بما لم يحصل لبعض الأنبياء والرسل.. علماً أن الأمر يومها كان مسألة إيمان وكفر.. ومن حولك مجملهم من أهل الإسلام. فلا تظلمهم يا أخي.. وأحسن النية فيهم. خامساً: لقد كلفت نفسك شططاً.. بإغراقها بتلك التساؤلات الفلسفية.. وأريد أن أسألك سؤالاً واحداً.. هب أنك وجدت إجابات على كل تساؤلاتك - ولن تجد - ولكن افترض ذلك.. وماذا بعد..!! يا عزيزي دع الخلق للخالق.. فهو أعلم بهم وأقدر عليهم. سادساً:

مشكلتك - مع نفسك.. ولعل ظروفك الأسرية وتنشئتك القاسية نوعاً ما.. جعلت لك تلك النظرة السوداوية.. وهذا المزاج الحاد..!! فهون عليك يا أخي والحمد لله.. أنت رجل عاقل ومدرك ومتعلم وتستطيع أن تبني لنفسك عالماً واقعياً.. وليس مثالياً.. وان لم تستطع فطريق العبادة متاح بينك وبين ربك فأكثر منها.. وأسأل الله أن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه. سابعاً: وأخيراً.. صدقني.. أنت من يملك القرار.. فاتخذ قراراً إيجابياً.. وانظر للحياة بتفاؤل.. ولا تجعل الماضي وما حصل لك فيه يشدك بخيوطه.. وغير نظرتك للحياة والكون والناس.. إلى الأحسن.. (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبين عداوة كأنه ولي حميمٍ) . وفقك الله وسدد على الطريق الخير خطاك.

خيال واسع.. ومؤلم..!!!

خيال واسع.. ومؤلم..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 8/6/1422هـ السؤال أنا أريد أن أطرح مشكلة لا أستطيع الاستغناء عنها بتاتاً وهي تتكرر معي كلما هممت بالنوم فلا أستطيع أن أنام إلا بها وهي أنني اولف قصة ودائماً تكون هذه القصص فيها أنواع الحزن والألم والمأساة لا أعلم لماذا فأنا لا أرتاح إلا بها وعندما أنسجها وأمثلها في مخيلتي وأكون معذبة فيها أبكي رغم أنني أعلم أنها قصة من مخيلتي نعم أبكي وبحرقة والدموع فيني صادقة كما لو أني في الحقيقة ويحترق قلبي لذلك وأنهم وأيضاً عندما تفرج " في القصة " أفرح كثيراً رغم أن القصة لا تنتهي الا بعد عناء من الحزن والقهر والألم أرجو إيجاد حل لذلك. الجواب أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل إنه ولي ذلك والقادر عليه. قرأت استشارتك وتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: الخيال نعمة من الله نخرج به أحياناً عن واقعنا فنتصور عوالم أخرى وأشياء أخرى.. ونتصور أحداثاً ووقائع فنعايشها.. وربما استمتعنا بها..!! وبعد أن نعود إلى واقعنا ربما نسعى إلى تحقيق ما حلمنا به في يقضتنا أو تصورناه في خيالنا. وجل الاختراعات العلمية ولدت في الخيال قبل الواقع.. وكثير من الإبداعات الإنسانية إن في الأدب أو في غيره.. هي مجرد خيالات في عقول مبدعيها..!! كل ذلك والأمر عادي.. والقصة معروفة!! . ثانياً: قد يتحول هذا الخيال إلى نقمه على صاحبها.. فيعيش بسببها في اضطراب وقلق وتعاسة.. وحزن..!!! لماذا..؟! لأنه يعيش دائماً وسط خيالات مؤذبة.. ومؤلمة - وربما - مرعبة!!! فيضيق صدره.. وتبهت ابتسامته..!! ويعايش هماً لم يقتربه.. وذنباً لم يقترفه..!! كل ذلك في خياله..!! رغم أن الدراسات النفسية أثبتت بعد تجارب كثيرة مدى تأثير الخيال على واقع الإنسان بشكل غير عادي.. ولذلك قالوا: [لكي تنجح لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً] وقالوا: [سعادتنا وتعاستنا من صنع أفكارنا..!!] وهو كلام صحيح.. والدليل على ذلك أنك تستطيعين أن تجلسي أنت وأختك في نفس الغرفة.. بل ونفس المقعد.. وتشغلي خيالك بأشياء سعيدة.. فتسرين لها طول جلستك التي قد تستمر ساعات.. أما هي فقد تشغل تفكيرها بأشياء تعيسة فتكتئب طوال جلستها..!! فلاحظي المكان واحد والمقعد واحد والظرف تقريباً واحد.. ولكن الخيال وتبعاته.. بين مشرق ومغرب!!! وعلى ذلك فقيسي..

ثالثاً: أقترح عليك - جاداً - مادمت تملكين ملكة الخيال الواسع الذي تؤلفين فيه القصص.. وربما تأثرت بها.. أن تنقلي هذا الخيال إلى الورق..! بمعنى أن تبدأي بتأليف بعض القصص القصيرة.. وتستكملي تفاصيلها المؤثرة.. وأحداثها.. ومؤثراتها المختلفة.. على الورق.. هنا ستغيري أفكارك إلى أفكار بناءة.. وستنقلين عالمك الداخلي.. من غموض عقلك الباطن.. إلى بياض الورق.. فتطلعي عليه.. وتبدعي فيه.. ولا بأس من اختيار فترة ما قبل النوم للكتابة وأنا متأكد أنك ستبدعين في ذلك.. وستحققين أكثر من هدف إيجابي في بناء شخصيتك وتدعيم نفسيتك.. بخطوة واحدة.. وهي الكتابة.. فاستعيني بالله وأطلقي لخيالك العنان على الورق.. وشيئاً فشيئاً ستفاجئك النتيجة.. وهي نتيجة إيجابية بإذن الله.. رابعاً: يظهر لي أن في داخلك نوع من الحزن.. والمعاناة أثرت على نظرتك للحياة.. وصبغتها بلون قاتم..!! وهذا الأمر هو الذي يجعل جل خيالاتك ((سوداوية)) وحزينة.. تصل بك حد التأثر بها.. والبكاء..!! ولا أستطيع الجزم بذلك وتوقع أسبابه لأنك أجملت في السؤال.. ولم تذكري ظروفك الأسرية والاجتماعية..!!! وعلى العموم - وهذه حقيقة - فإننا إذا لم نستطيع التأثير على الأحداث أو اختيارها والتحكم بها..!! فإننا نملك إلى حدٍ كبير رد فعلنا تجاهها.. ومدى ما نسمح لها من تأثير علينا..!! ولذلك فإني آمل منك.. أن تكوني أقوى بكثير من بعض المنغصات التي تصادفك.. فهذي هي الحياة وهذا هو نصيبنا فيها [لقد خلقنا الإنسان في كبد] . د فارضي - أختي الكريمة - بما قسم الله لك.. وتأكدي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطئك لم يكن ليصيبك.. مصداقاً للحديث الصحيح.. واتكلي على الله والجئي إليه.. فهو المستعان وعليه التكلان. خامساً: عندما تنتهي من كتابة ما تريدين كتابته.. وتأوين إلى فراشك.. فأشغلي نفسك بقدر المستطاع بقراءة الورد.. وبعض سور القرآن الكريم.. وإن كان لا بد من بعض الخيال.. فلتكن خيالات سعيدة ومفرحة وبعيدة كل البعد عن الحزن والألم..!! وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

ثلاث خصال.. تمنعني من إنجاز أموري

ثلاث خصال.. تمنعني من إنجاز أموري المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 4/8/1422هـ السؤال أخي الكريم مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. السؤال: ثلاثة خصال تمنعني من إنجاز أي شيء وهم الخوف من المواجهة واللامبالاة والكسل ولم أفكر يوماً أن أتخلص منهم حيث لم يكن لهم علي تأثير كبير لوجودي بين أهلي ودفعهم لي ولكن الآن وأنا بمفردي في الغربة كأن الزمن توقف حيث لم أستطع أن أتقدم خطوة واحدة في الدراسة وكل يوم يمر ألوم نفسي على عدم محاولة عمل شيء وأقرر أني سأفعل اليوم التالي ولكن..!!! الرجاء مساعدتي في أقرب وقت والسلام عليكم.. الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد. أما عن مشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً - إلى متى وأنت تلوم نفسك..؟ هذا اللوم لن يجدي بل هو نوع من " جلد الذات" ولن يزيدك إلا ألماً ووهناً. وبدل الغرق في هذا الأمر.. كن إيجابياً.. وابدأ في التغيير. ثانياً - ابدأ منذ الآن.. وطبق تلك المقولة الرائعة التي ذكرها أحد القادة عندما سئل يوماً: كيف تغلبت على الصعاب.. وحفزت جنودك على ذلك..؟! فقال: من قال لا أعرف قلت له: تعلم!! ومن قال: لا أستطيع.. قلت له: حاول!! ومن قال: مستحيل.. قلت له: جرب!! ثالثاً - لتكن واثقاً أنك لست أقل من سواك.. وأن ما يعرفه غيرك.. قد تعرفه ببساطة.. بل وربما تفوقت عليه.. وكل ما في الأمر.. أنك أضعت الكثير من الأوقات على نفسك في اتكاليتك على غيرك وسلبيتك في مواجهة الحياة..!!! فلا تضع أكثر من ذلك.. وبادر فوراً في إصلاح ما يمكن إصلاحه. رابعاً - ابدأ من الأشياء الصغيرة.. وليس عيباً أن تسأل عما لا تعرفه وتتعلم من الإجابة.. بل العيب أن تستمر على جهلك واتكاليتك.. وثق يا عزيزي أن الأمر يسير جداً.. فأتكل على الله واستعن به.. وابدأ.. وضع لك قائمة بالأوليات التي تريد أن تتعلمها.. ونفذها حسب البرنامج.. ومع الوقت ستجد تقدماً كبيراً يدفعك إلى الأمام. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

الوسائل المفيدة للحياة السعيدة

الوسائل المفيدة للحياة السعيدة المجيب د. عبد المهدي عبد القادر أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 09/08/1426هـ السؤال أعاني من ضيق الصدر، وعدم التوفيق في حياتي اليومية, أرجو من فضيلتكم التكرم بإعطائي النصائح والإرشادات، وجزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام النبيين، وبعد: فلضيق الصدر وقلة التوفيق في الحياة أسباب عديدة، أبرزها ضعف الإقبال على الله -تعالى- والدار الآخرة، ومجملها التهاون باقتراف المعاصي والجرأة على ارتكابها، وقد لخصها الشيخ السعدي -رحمه الله- في رسالة سماها: "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة"، جمع فيها الشيخ أعظم أسباب علاج الأمراض النفسية وضيق الصدر باختصار، وهي كما يلي: 1- الهدى والتوحيد، كما أنَّ الضلال والشرك من أعظم أسباب ضيق الصدر، فإن الهدى وتوحيد الله تعالى من أعظم أسباب انشراح الصدر. 2- الإيمان الصادق بالله تعالى مع العمل الصالح. 3- العلم النافع، فكلَّما اتَّسع علم العبد انشرح صدره واتسع. 4- الإنابة والرُّجوع إلى الله سبحانه، ومحبَّتُه بكلِّ القلب، والإقبال عليه والتَّنعُّم بعبادته. 5- مداومة ذكر الله على كلِّ حالٍ وفي كلِّ موطنٍ، فللذِّكر تأثيرٌ عجيبٌ في انشراح الصدر، ونعيم القلب، وزوال الهم والغمِّ. 6- الإحسان إلى الخلق بأنواع الإحسان والنَّفع لهم بما يُمكن، فالكريم المحسن أشرح الناس صدراً وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً. 7- الشجاعة، فإنَّ الشجاع منُشرح الصدر، متَّسع القلب. 8- تخليص القلب من الصفِّات المذمومة التي توجب ضيقه وعذابه: كالحسد، والبغضاء، والغلِّ، والعداوة، والشَّحناء، والبغي، وقد ثبت أنَّه عليه الصلاة والسلام سُئل عن أفضل الناس، فقال: "كلُّ مخموم القلب صدوق اللسان"، فقالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: "هو التقيُّ النَّقيُّ لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غلَّ، ولا حسد". 9- ترك زيادة النظر وزيادة الكلام، وزيادة الاستماع، وزيادة المخالطة، وزيادة الأكل وزيادة النوم، فإنَّ ترك ذلك من أسباب شرح الصدر، ونعيم القلب، وزوال همه وغمِّه. 10- الاشتغال بعملٍ من الأعمال أو علمٍ من العلوم النَّافعة، فإنها تُلهي القلب عمَّا أقلقه. 11- الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل، وعن الحزن على الوقت الماضي، فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدُّنيا، ويسأل ربَّه نجاح مقصده، ويستعينه على ذلك، فإنَّ ذلك يُسلي عن الهم والحزن، لذلك كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن "،والهم يكون على المستقبل، والحزن يكون على الماضي. 12- النظرُ إلى من هو دونك، ولا تنظر إلى من هو فوقك في العافية وتوابعها، والرِّزق وتوابعه. 13- نسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يُمكنه ردَّها فلا يُفكر فيه مطلقاً. 14- إذا حصلت على العبد نكبةٌ من النَّكبات فعليه السَّعي في تخفيفها؛ بأن يُقدِّر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر، ويدافعها بحسب مقدوره.

15- قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السَّيِّئة، وعدم الغضب، ولا يتوقع زوال المحابِّ وحدوث المكاره، بل يكل الأمر إلى الله -عزَّ وجلَّ- مع القيام بالأسباب النافعة، وسؤال الله العفو والعافية. 16- اعتماد القلب على الله والتَّوكل عليه وحسن الظنُّ به سبحانه وتعالى، فإنَّ المتوكل على الله لا تؤثِّر فيه الأوهام. 17- العاقل يعلم أنَّ حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة وأنها قصيرةٌ جداً، فلا يُقصِّرها بالهمِّ والاسترسال مع الأكدار، فإنَّ ذلك ضد الحياة الصحية. 18- إذا أصابه مكروه قارن بين بقيَّة النعم الحاصلة له دينيَّة أو دنيويَّة، وبين ما أصابه من المكروه، فعند المقارنة يتَّضح كثرةٌ ما هو فيه من النِّعم، وكذلك يُقارن بين ما يخافه من حدوث ضرر عليه، وبين الاحتمالات الكثيرة في السلامة، فلا يدع الاحتمال الضعيف يغلب الاحتمالات الكثيرة القوية، وبذلك يزول همه وخوفه. 19- يعرف أنَّ أذيَّة الناس لا تضُرُّه خصوصاً في الأقوال الخبيثة بل تضرُّهم، فلا يضع لها بالاً ولا فكراً حتى لا تضرُّه. 20- يجعل الأفكار فيما يعود عليه بالنفع في الدين والدنيا. 21- أن لا يطلب العبد الشكر على المعروف الذي بذله وأحسن به إلا من الله، ويعلم أنَّ هذا معاملة منه مع الله فلا يُبال بشكر من أنعم عليه "إنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُريِدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً" ويتأكد هذا في معاملة الأهل والأولاد. 22- جعل الأمور النافعة نصب العينين، والعمل على تحقيقها وعدم الالتفات إلى الأمور الضارُّة، فلا يشغل بها ذهنه ولا فكره. 23- حسم الأعمال في الحال والتَّفرُّغ للمستقبل حتى يأتي للأعمال المستقبلة بقوة وعمل. 24- يتخير من الأعمال النافعة والعلوم النافعة الأهم فالأهم وخاصة ما تشتد الرغبة فيه ويستعين على ذلك بالله ثم بالمشاورة فإذا تحقَّقت المصلحة توكل على الله. 25- التحدُّث بنعم الله الظاهرة والباطنة، فإنَّ معرفتها والتحدُّث بها يدفع الله به الهمَّ والغمَّ ويحثُّ العبد على الشُّكر. 26- معاملة الزوجة والقريب والعامل وكلِّ من بينك وبينه علاقةٌ إذا وجدت به عيباً بمعرفة ما له من المحاسن ومقارنة ذلك بما فيه من عيب، فبملاحظة ذلك تدوم الصحبة وينشرح الصدر قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يفرك (لا يكره) مؤمنٌ مؤمنةٌ إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر". 27- الدعاء بصلاح الأمور كلها، وأعظم ذلك: "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، ودنياي التي فيها معاشي، وآخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كلِّ خير، والموت راحة لي من كلِّ شرٍّ"، وكذلك: "اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت". 28- الجهاد في سبيل الله، قال عليه الصلاة والسلام: "جاهدوا في سبيل الله، فإنَّ الجهاد في سبيل الله بابٌ من أبواب الجنة يُنجِّي الله به من الهمِّ والغمِّ". خذ هذه النصائح -أخي الكريم- منهج عمل ليومك وليلتك؛ تكون -بإذن الله وفضله- من أهل السداد والتوفيق.

حالتي.. متناقضة!!

حالتي.. متناقضة!! المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 9/9/1422 السؤال مشكلتي، أنني ما عدت أحتمل زخارف الحياة هذه، ولا أولئك الحمقى الذين يلهثون وراءها والذين أكون أحدهم أحياناً مكرها!! كلما أردت أن أتوسع في الزينة، وتغيير المركب الذي لا أشعر بالراحة فيه أقول ثم ماذا؟ الآخرة قريبة وهذه فلسطين وأهلها وغيرهم من بلاد الإسلام لا يجدون ملجأ أو مغارات.. وأنا أتقلب بالزينة؟! ولكن هذا الشعور كاذب فأنا لا أتصدق إلا بالقليل على هؤلاء.. إنني بحمد الله أجيد الرسم والخط، وأحب أن أتذوق الفن، وعندما أنوي رسم لوحة يأتيني هذا الشعور ليقول لي ثم ماذا؟ إنني أشعر بقرب الزمان.. وإن لم أستعد له إنني أقف مع هذا الشعور كالمندهش المذعور للوهلة الأولى! لا يطيب لي شيء أبداً.. وإن كنت أمتلك مشاعر فياضة من الحب ومساعدة الآخرين.. أصبحت غريبا ً عند الآخرين بل عند نفسي.. كثير ما أطلق العنان، بل هو يفك قيده ليخرج بي عن الواقع.. أصبحت كالمجنون.. كما تصور نفسي ذلك لي.. حباني الله بشيء وهو: أنني محبوب من أهل الخير- وإن كنت لست منهم - ومع ذلك فأنا مندهش مذعور من شعور النهاية، آمل منكم الرد علي، وآسف لهذا الطرح المتناقض، فأنا أكتب لكم بعفو الخاطر المنكسر.. وجزاكم الله خيرا؟ الجواب يقال إن الذين يتعذبون في تفكيرهم هم أصحاب الحس المرهف. أو التفكير الشفاف، لأنهم يقفون عند كل نقطة ولا يتجاوزونها وقد تهلكهم من التفكير والتمحيص، لذا نجدهم يصارعون التناقض الذي يعترفون فيه (الاعتراف هنا مريح، لأنه متى ما اعترف الإنسان بعلته سهل عليه الوصول لعلاجها. لذلك أنت تبحث عن السكينة وشاطئ الطمأنينة يجعلك تسير في اعتدال في التعامل في الحياة الدنيا. وعاقبتها من سراء وضراء لتسلك في هذا المأمن إلى الدار الآخرة بكل سكينة ويقين. أقول لك يا أخي: يجب أولاً أن أسلط الضوء على الإيجابيات والمزايا التي خصك الله بها عن غيرك. وما هي؟ ثانياً: هذه المزايا كيف أوضفها بالشكل الصحيح الذي يعود بالنفع في الدنيا والآخرة؟ . ولا تطلب في أن أرشدك إلى توظيف قدراتك. أو حتى اكتشافها فأنت اقدر على ذلك مني. فأنا اتفق في سؤالك بأن لديك مواهب ومزايا. قد تكون هي السبب في تشتتك إنما أحب أن أضيف إلى الهامش لديك، أن الإسلام لا يمنع أن يتقلب الإنسان بنعم الله ولكن بشرط أن يشكر ويحمد من أوجدها وحباه إياها. مهما يكن مقدار هذه النعم، مع العلم أن الزيادة تنتظرها إذا أعلن شكرها الحقيقي. (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) الآية

وقولك ثم ماذا؟ إذا هممت بفعل شئ ما وتنوي التساؤل الله - سبحانه وتعالى - أوجد هذه الدنيا وأوجدنا فيها لعمارتها. لغاية وحكمة يريدها منا سبحانه وتعالى. أي أن لكل مخلوق وجد على الأرض له غاية وحكمة ودور يؤديه ثم يرحل وموعده يوم القيامة. وقد نرى مخلوقاً حشرياً صغيراً قبيح المنظر كريه الرائحة يتحوم سفوح الجبال البعيدة مسكنا أو من مواطن القذورات بيتا. ثم تفكر فيه ـ هل تقنع أن لهذا دور وحكمة في الحياة.؟ فما بالك بالأشراف من أنواع المخلوقات؟ وهم البشر (ولقد كرمنا بني آدم.. الآية) فنتخيل هذا الإحساس الذي تجده لإخوانك في فلسطين. يجرك إلى أن تفعل شيئاً كهذا محرك للإنتاجية الإيجابية التي تجعل النفس في دائرة الاطمئنان فيدعو لهم، وقد يتطور مع الدعاء إلى البذل والإنفاق. المهم لا تطلق العنان لخيالك ونفسك بالتفكير فقطـ وانتبه إلى خطورة اليأس ـ فقد تؤدي عملاً تحس أنك لم تلمس نتيجة ـ فيصيبك الإحباط في السؤال المفزع ثم ماذا.. لذلك. تأمل هذه القاعدة ختاماً إذا كان أي عمل يصدر منك تقصد فيه وجه الله. فأبشر بالعافية. حتى ولو طال الزمان عليك ـ آمل أن أكون قد أضأت لك شمعة.

شخصية سيكوبا تيه..!!!

شخصية سيكوبا تيه..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 16/5/1422 السؤال كيف أتعامل مع شخص سيكوباتي؟ الجواب قبل أن نعرف كيفية التعامل مع الشخص (السيكوباتي) لنعرف أولاً.. الشخصية (السيكوباتية) . حتى تتضح لنا جميعاً الصورة. ولكي تتأكد أنت أيضاً من صاحبك إن كان سيكوباتياً أم لا..؟! يعرف بعض علماء النفس أصحاب الشخصية (السيكوباتية) أو الشخصية المضادة للمجتمع!! بأنهم هؤلاء الأشخاص الذين تكون حالات الخلل في سلوكهم ومشاعرهم.. ظاهرة في تصرفاتهم.. وفي طريقتهم في التوافق مع محيطهم الاجتماعي!!! ومعنى هذا.. أنه يمكن أن يدخل في هذه المجموعة.. أولئك الأشخاص الذين لا يحسنون التصرف ويعيشون عالة على غيرهم..! ويمكن أن يدخل فيها أيضاً طبقة المجرمين في المجتمع الذين تتكرر أخطاؤهم.. ويتكرر أيضاً توقيع العقوبة عليهم.. دون أن يكتسبوا من كل ذلك خبرة تؤثر في تغيير سلوكهم!!! وإجمالاً: يتميز أصحاب الشخصية (السيكوباتية) المضادة للمجتمع بالعدوانية - غالباً - وكثرة التشاجر مع المحيطين بهم.. ولا يعبئون بالنظم والقوانين التي يلتزم بها الآخرون..!! بل.. ولا يترددون في الخروج عن هذه القوانين.. كما انهم لا يحرصون على أي علاقة طيبة مع زملاءهم وليس لهم أي أصدقاء مقربين!!! فهم انتهازيون من الدرجة الأولى.. وصوليون لا يرون إلا أنفسهم.. ولا يسعون إلا لمصالحهم.. بأي طريقة كانت!!! والغريب أنهم حين يرتكبون هذه التصرفات المعيبة فإنهم لا يندمون على ذلك.. ولا يشعرون بأي تأنيب للضمير.. بل يكررون أفعالهم في أقرب فرصة!! دون رادع من حياء أو ضمير!!! وهناك حقيقتان هامتان لابد أن تقريرهما عن الانحراف السيكوباتي: كما يذكر ذلك الدكتور / مصطفى فهمي في كتابه (علم النفس الإكلينيكي) .. وهما.. 1 / أن هذه الحالات تستمر - غالباً - مدى الحياة.. وتبدأ عادة فيما لا يتعدى فترة المراهقة في أكثر الأحيان

2 / أنه يبدوا أن الانحراف السيكوباتي إنما يرجع إلى أسباب عضوية جسمانية أو وجدانية..لم تتضح بعد أصولها بشكل دقيق. ويضيف.. " أنه من المستحيل أن نعطي وصفاً دقيقاً محدداً جامعاً للشخصيات السيكوباتية لأنه يدخل في هذه المجموعة كل هؤلاء الناس الذين يظهر في سلوكهم نوع من الغرابة.. لدرجة لا تسمح لهم بالحياة والنجاح في المجتمع..!! ولكنهم فيما عدا ذلك عاديين من جهة أجسامهم وعقولهم.!! ولابد أن نذكر هنا.. أننا جميعاً نختلف اختلافاً كبيراً في تقديرنا مدى النجاح والفشل.. فقد يكون الإنسان غريب الأطوار في بيئة ما.. عادياً في أخرى.. ناجحاً جداً في نظر غيرنا ممن ينظرون إليه نظرة تختلف كثيراً عن نظرتنا إلى سلوكه!!! وبعض (السيكوباتيين) لا تنقصهم إلا القدرة على الحكم الصحيح. فقد يقعون في مشاكل لا يخرجون منها إلا بصعوبة.. ثم يعاودون الكرة.. ويقعوا في نفس المشاكل!!؟ أو قد يقومون بأعمال أخرى لا تقل عن أعمالهم الأولى تفاهة وسوءاً ... !!!؟ وإجمالا.. لا ينقص (السيكوباتيين) الذكاء.. فهم عموماً أناس عاديين.. تتباين مستويات ذكائهم.. إلا أن ما ينقصهم دائماً هو الذكاء الاجتماعي!!! أما عن علاجهم.. - أخي الكريم - فالواقع أن هؤلاء الأشخاص الذين يتصرفون على هذا النحو.. نتيجة لا ضطرابات نفسية أو بيولوجية.. لا يمكن تصنيفهم من المرضى النفسيين الذين تتطلب حالتهم العلاج.. وتستجب له.. ولا يمكن اعتبارهم أشخاص أسوياء 00!!! حيث تقاوم الشخصية (السيكوباتية) كل وسائل العلاج.. بل ولا يرى أصحاب هذه الشخصية أنهم مرضى نفسيين.. بأي حال.. ولا يستجيبون لكل محاولة علاجية في هذا الجانب.. وهذا ما يرجح الجانب الوراثي ابتداءاً في تشخيص مثل هذه الحالات.. من حيث الاستعداد الفطري للتقبل والتطبع وتزيده العوامل البيئية والاجتماعية المحيطة ظهوراً وحدة وعمقاً.. حسب الظروف المحيطة بهذه الشخصية!!!.. ويجعل إمكانية العلاج النفسي ضعيف.. واستمرارية المشكلة واردة بقوة!!! أما عن كيفية التعامل مع أصحاب هذه الشخصية 00 فاعتقد أننا في ضوء فهمنا لابعاد هذه الشخصية وصفاتها يجب أن يكون تعاملاً حذراً ويقظاً.. وأن نضع مسافة بيننا وبينه.. ولا تنسى - أخي الكريم - الدعاء له بظهر الغيب بان يعافيه الله ويشفيه ويهديه عاجلاً غير آجل وفقك الله ورعاك.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

أعيش تناقضا في حياتي

أعيش تناقضاً في حياتي المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 18/03/1426هـ السؤال فضيلة الشيخ: السلام عليكم. أنا شاب، عمري 30 سنة، متزوج ولدي أبناء، متخرج من كلية شرعية بتقدير امتياز، وذو طموح كبير جدًا، وفهم وإدراك لا بأس به، ووضعي الاقتصادي جيد، أحفظ القرآن -ولله الحمد- مشكلتي أنني أعيش حياة التناقض منذ خمس عشرة سنة، تعرَّفت على صحبة خيرة -ولله الحمد- في بداية المرحلة المتوسطة، ونشأت معهم، لكن ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش في صراع نفسي كبير جداً، لم أحسن التعامل معه بحكم صغري وقلة الفهم والعلم والإدراك، حتى نما هذا الصراع مع كل يوم وشهر وسنة، كيف ذلك؟! إليكم خبره لعلي أجد لديكم ما يشفي فؤادي، وينقلني من تعاستي إلى رحاب السعادة، بعد تعرفي على الصحبة الصالحة، وما يحثون عليه من الإيمان والطاعة ومكارم الأخلاق، كنت أرى نقيض ذلك في البيئة القريبة مني (المنزل بالتحديد) ، فالصلاة مضيعة من غالب أفراد العائلة، والتلفاز، وبعده القنوات الفضائية حديث المجلس، والغناء معتاد سماعه بين إخواني، وكل ذلك ليس هو المشكلة! المشكلة في السبيل الذي اتخذته في التعامل مع كل ذلك، ففي أحيان كنت حريصاً على الصلاة، ممتنعاً عن مشاهدة الحرام، وخلال ذلك أنصح إخواني بالصلاة والطاعة والامتناع عن مشاهدة التلفاز، ثم يغلبني الهوى والشيطان فأعود إلى التأخر عن الصلاة والنوم عنها، ومشاهدة المحرم، مع قناعتي بقبح هذا المسلك وشؤمه علي، ومحبة الخير وكراهية المعصية، بدليل حفظي للقرآن في عمر السابعة عشرة، ولكن كنت ضعيفاً وحيداً، ليس بيدي شيء، وأجد أثناء ذلك السخرية والكلام الجارح من أفراد العائلة، ولكن الأمر كان على هذا الديدن صحوة إيمانية قصيرة تتلوها غفلة ومعصية أطول وصراع ولوم، وازداد الأمر سوءاً مع انتقالنا للمدينة، وما تختلف فيه عن مجتمع القرية، وطوال خمس عشرة سنة وحتى اليوم وأنا على هذه الحالة، وقد نتج عن ذلك: ضعف في شخصيتي، أشاهد المنكر فلا أنكره، وعدم ثقة بالنفس، اتخاذ العزلة السبيل الوحيد للهروب من الواقع الذي أعيش فيه، ترتب عليه جفاء كبير مع أهلي: والدي ووالدتي وإخواني فبالكاد أحادثهم وبالكاد يحادثوني، نظراتهم لي نظرات ازدراء واحتقار، أكتفي بالصمت عند الجلوس معهم، أحس بأنني قد جنيت عليهم ونفرتهم من الخير بسوء تصرفي، ارتياحي مع الغريب عني أكثر من أهلي، قصرت مع ذلك في بري لوالدي ولأرحامي، انطوائي بدرجة كبيرة، لا أستطيع الابتسامة والحديث الودي الحنون مع أي أحد من أهلي، بل سؤال وجواب فقط، كلما حاولت النهوض ونسيان الماضي وتنظيم حياتي لم أدم على ذلك إلا يسيراً، أحس باحتقاري لنفسي أشد من احتقار غيري لي، ففي بعض الأحيان وأنا جالس وهم يشاهدون التلفاز فأطالبهم بإغلاقه؛ لأنني في قرارة نفسي لا يليق بي -وكوني مستقيماً ولو ظاهراً- الرضا بالمنكر والجلوس إليه، ثم إذا حانت الفرصة لمشاهدته لوحدي لم أتأخر عن ذلك، ثم آتي من الغد بمسوح الكراهة للمحرم، وأنا غير متعمد لذلك، ولا لاتخاذ سبيل النفاق لي سبيلا، ولكن الشيطان ونفسي والهوى والران الذي على قلبي مع مرور السنوات، ثم يحصل الهمز واللمز والانتقاد الحاد صراحة أو تعريضاً. مع ملاحظة أن طموحي في الحياة طلب العلم، خدمة الإسلام بأي سبيل، ووالله إني صادق فيما أقول؛ لما أعلمه من نفسي من محبة للخير

والاستبشار بازدياده، ورفعة أهله في كل مكان، وكره للشر والكفر والمعصية، وتنغص وتكدُّر لازديادهما، أعطيكم ملخصاً لحالتي: (1) إنسان مهزوز الثقة بنفسي. (2) محبط. (3) انطوائي. (4) كثير الصمت. (5) أعيش حالة جفاء واسع جدًا مع أهلي ووالدي. (6) لا أستطيع أن أحقق ما أتمناه. (7) لا أستطيع تقديم شيء لأمتي ولديني. (8) لا أستطيع أن أصبح عالماً شرعياً مع محبتي لذلك. (9) أعتقد أن كل زملائي في العمل وغيره قد سبقوني في كل شيء، وهم أفضل مني وأسعد مني وأولى مني بالمراتب العليا؛ لأني لا أستحق ذلك، ولديهم من الإمكانيات ما هو أفضل مني. 1. ماذا أريد؟ 2. أريد السعادة 3. أريد أن أصبح إنساناً مستقيماً على طاعة الله، ورعاً، وقافاً عند حدود الله، لا أسمع خيراً إلا شاركت فيه. 4. عالماً بالشريعة، خادماً للإسلام بكل ما أستطيع. 5. باراً بوالديّ، واصلاً لرحمي، ودوداً معهم، رحيماً بهم، مجالساً لهم، إذا غبت فُقِدت، وإذا حضرت استبشروا بي، مشاركاً لهم في أفراحهم وأحزانهم. 6. كسر جدار الخوف وعدم الثقة بالنفس، والانطلاق إلى رحاب الخير والإيمان، والهمة والنشاط، والتقدم والتطور. 7. تغيير نظرة أهلي لي من إنسان متناقض إلى إنسان جاد صاحب مبدأ وثبات. 8. أريد جنة الدنيا والآخرة، فهل أستطيع ذلك؟ وهل هناك أمل لذلك؟ صفوا لي خطوات عملية لتجاوز محنتي على كل صعيد، وآسف على طول رسالتي لطول همي خلال خمس عشرة سنة مضت، فهل لي من حياة طيبة من سبيل؟. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الحبيب: استمتعت كثيراً بقراءة رسالتك رغم إطالتها، وأبارك لك عظم ما تحمله في جوفك من القرآن الكريم، وأهنئك على إحساسك اليقظ وغيرتك على دينك، وإصرارك الملح على الالتزام بما أمر به الله - عز وجل-، وهذه نعم من الله أنعمها عليك، فأينك منها، وكيف دخل الإحباط قلبك، وأنت الذي يحفظ قوله تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد: 28] ، تبحث عن علاج وهو في جوفك، فأيقظه - سلمك الله- فحافظ القرآن كيف يعيش الحيرة كيف يدخله الإحباط. نعم - أخي الحبيب- ما ذكرته من سلوكيات صدقني كثيراً منها أوهام ووساوس تريد منك مزيدًا من الابتعاد عمَّا أنت فيه، تدفعك دفعاً للتخلي عن دورك الحقيقي في هذه الدنيا، فلماذا تأخرت في طلب مشورة من تثق بهم من المشايخ وطلبة العلم، وأنت تقول: إن هذا الحال تعانيه منذ خمس عشرة سنة. أشعر في كلامك بعض التعاطف، ولكني أشعر أحياناً بأنه ربما كنت جافاً مع إخوتك وأهلك، فلم يتقبلوا منك شيئًا، قد يكون وجدوا منك التناقض في السلوك، وهذا - للأسف- أشد خطورة مما تدعو إليه من معروف، وكثيراً ما نسمع الشباب - هداهم الله- يركزون على زلات الملتزم ولا تذكر محاسنه وهذا طبعاً في البشر. واضح من عرضك أنك مقصر في بر والديك وكأنك هجرتهم، فهل هذا بتقصير منهم أم منك؟ أكاد أجزم أنك تشعر بتقصير وتأنيب الضمير من جراء ذلك، ولكن من العيب فعل ذلك على أمثالك من طلبة العلم وحفظة القرآن.

أخي الحبيب: أحلامك جميلة، وأمانيك لا تشعر باليأس من تحقيقها، ولكن قد ينقصك مهارة التخطيط وتحديد الأولويات، وهي مهارة عليك إدراكها، فابدأ بترتيب ما تريد تحقيقه من الأسهل للأصعب، من الأهم للمهم وفق رؤيتك أنت، وما يتوافق مع إمكاناتك. أنت مثلاً تحمل مؤهلاً جامعياً بتقدير ممتاز، ووضعك الأسري -اجتماعياً واقتصادياً- جيد، لماذا لم تفكر بإكمال دراساتك العليا، وهي فرصة لإقناع من هم حولك بتميزك العلمي؟ فالناس اليوم يعتقدون بالمؤهلات أكثر من العلم المنقول. ولعلها فرصة أن تشغل بها وقتك، وتبعد كثيراً مما يتوجسك، فطلبة العلم عندما يتخصصون في حقول معينة تبدأ مهاراتهم البحثية بالنهوض، ويبدأ إدراكهم لماهية العلم الحقيقي تنضج، حتى نظرة الناس تتغير. أنت - أخي الكريم- قد تكون أثقلت على نفسك بالكثير والكثير، منها كثير مما هو بعيد عن مسئولتكم: "فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" متفق عليه، البخاري (893) ، ومسلم (1829) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، فهل أدركت رعيتكم وأوصيت بهم خيراً؟. نعم ستعيش فترة مشوبة بالحذر وأنت تراجع حساباتك، ولكن تأكد أن لديك القوة، لديك المناعة للمواجهة، فواصل مسيرتك. أعتقد أنك بحاجة ماسة لإشغال وقتك من ذلك، لديك أسرة كيف غابت عن ذهنك وأنت تسير في طريق الإحباط؟ فكّر في ذلك جيداً، انغلاقك على أحلامك وذاتك فقط، قد يكون أحبطك، شعورك الدائم بالذنب جنبك إدراك ما أنت فيه من نعم. إذا كان من بُد فاستشر متخصص في العلاج النفسي لوضع خطة علاجية على مدى ستة أشهر، تتضمن خطوات يتفق عليها، ويمكن قياس تطورك خلالها، ويمكن صرف بعض العقاقير الخافضة لدرجات القلق والحيرة، وتأكد أن هذا ليس عيباً ولكن باستشارة نفسية، أو يمكن الاكتفاء بالعلاج السلوكي أو التبصير المعرفي. استعذ بالله واستعن به، وسر بنظرة ثاقبة، لا تكن ممن فتر التزامه فانهار حماسه، دعائي لك - أخي الحبيب- بأن يسدِّد الله خطاك، وأن ينير قلبك أكثر وأكثر، وأن يجعل القرآن ربيع قلبك، وأن يحفظك وأسرتك، وابدأ طريقك للحياة، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

لهذا أكره الرجال!

لهذا أكره الرجال! المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 8/03/1426هـ السؤال أنا أكره الرجال ونفسي أقوم بقتلهم جميعاً؛ وذلك لأسباب كثيرة وأهمها نظرتهم للمرأة على أنها كائن حقير ضعيف لا داعي لوجوده على الأرض. الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد. شعورك هذا يتسم بالغرابة والنظرة السوداوية القائمة المعممة دون مبرر واضح، فقد يكون من حولك من الرجال ينظر للمرأة بهذه النظرة، لكن لا يعني بالضرورة أن كل رجل في العالم المسلم وحتى غير المسلم ينظر ذات النظرة، ولعلك تلحظين أن هذه النظرة الدونية تتزايد في المجتمعات ذات الثقافة الضحلة التي ترى الثقافة فقط التقدم المادي والتكنولوجي، لكن من كان ينطلق من دين سماوي سيما ديننا - ولله الحمد والمنّة- لا يجد مطلقاً هذه النظرة بين أفراده، لقد أتى الإسلام وأعلى مكانة المرأة بعد أن كانت تُعد من سقط المتاع عند مشركي العرب ومَنْ قبلهم من الرومان والثقافات والديانات الباطلة، لقد أعلى الإسلام شأن المرأة وقال عنهن: "النساء شقائق الرجال" أخرجه الترمذي (113) ، وأبو داود (237) ، وابن ماجة (612) ، وغيرهم من حديث عائشة -رضي الله عنها-. ولولا أن العدل فريضة لازمة وأمر محكم لكان النساء أحق بالتفضيل والتكريم من الأبناء، فقد ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: "سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء" رواه البيهقي في سننه (6/177) . أما بعض الممارسات الخاطئة والتي تعتبر نشازاً وشاذة في ديننا فلا ينبغي أن يؤبه لها؛ لأنها ناتجة عن تصور مغلوط من صاحب فكر شاذ، وما أكثر الأخطاء والتصورات المنحرفة عن جادة الصواب في صفوف الرجال أو حتى النساء في حق الرجال. فكم من امرأة تنظر إلى الرجال بمثل نظرتك نظراً لكونها لا تستطيع أن تظفر منهم بكل ما تريد. وحين نكون منصفين فإننا بنظرة عادلة لا نستطيع أن نحقق كل ما نتمناه من أفكار إيجابية فضلاً عن السلبية في صفوفنا نحن النساء، ولا حتى نصل إلى إقناعهن بها رغم أن الظروف واحدة والتجارب والمعاناة هي ذاتها، فكيف عند اختلافها! إذاً، فهذه طبيعة البشر، وفي مقابل من ينظر تلك النظرات السوداوية نجد الآلاف من الرجال ينظرون للمرأة بنظرة عادلة موقرة، فليكن هؤلاء عندك الأصل؛ لأن الأمر كذلك، أما أصحاب الفكر المغلوط فهم على خلاف الأصل - وبهذا تنقلب نظرتك للتفاؤل والإيجابية، فإن هذه من سماتنا أهل الإسلام (العدل والإنصاف) . أخيراً: آمل ألا يكون بعض النساء هن السبب في تلك النظرة لكثرة عنادها وصدودها وتصديها ومخالفتها لطبيعتها، فتريد أن تكون كالرجل، وقد جعل الله -تعالى- لها طبيعتها الخاصة ووظيفتها الملائمة بها، لكن تغفل بعض النساء فتريد أن تمارس جميع الصلاحيات دون قيود أو حدود، وحين يرفض وليها ومن حولها ترى أن هذا تحكم وتقييد عن الحرية، ولو استقبلت من أمرها ما استدبرت لما طلبت ورغبت فيما ليس لها، والذي سيثبته لها الزمان عاجلاً أو آجلاً. وفق الله أختي وكل مسلم ومسلمة إلى خير ما يحبه ويرضاه.

شكلي لا يعجبني

شكلي لا يعجبني المجيب د. فاطمة الحيدر طبيبة نفسية التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 13/02/1426هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أريد النصيحة في أمر شخصي، وهو أنني أعاني من اهتمامي الزائد في عيوب شكلي والمبالغة في ذلك، وأقول مبالغة لأني أعرف أنها كذلك، لكني لا أستطيع أن أخفف منها مثلا بشرتي غير صافية، فأصبح الموضوع يؤرقني؛ لأني أعلم أنه من المفروض أن أرضى بما قسم الله لي، ولكني ما راسلتكم إلا لكي أستطيع تجاوز الأمر؛ لأنه وبلا أدنى مبالغة كدَّر صفو حياتي، وقلّل ثقتي بنفسي، وسيطر على تفكيري، وأصبحت أراقب أشكال الناس وأقارنها بي، مع أن هذا لم يكن في السابق، بل كنت أرى نفسي جميلة، ما الطريق إلى التخلص من هذا التفكير المتعب؟ وجزاكم الله ألف خير. الجواب الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن رضا الناس عن أشكالهم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنظرتهم عن أنفسهم أكثر مما يرتبط بحقيقة أشكالهم جمالاً وقبحاً، هذه النظرة ترتبط من ناحيتها باستقرار الشخص نفسياً وانفعالياً، ولذا نجد من الشباب والشابات في فترة المراهقة يقضون أوقاتاً أمام المرآة، ويشغل تفكيرهم بعض العيوب والنواقص الشكلية التي تدفعهم أحياناً للعزلة الاجتماعية، وهذا راجع في الأصل إلى فترة تشكيل الشخصية والذات التي يرضى عنها الشخص نفسه، أو لا يرضى، كما أن النظرة ترتبط بالإنسان نفسه، فكلما كان واثقاً كان أكثر رضا، وأقل اهتماماً بالشكليات، وأكثر انتباها للإنتاج والأداء، وترتبط هذه النظرة كذلك باستقرار الشخصية ونضجها، كما ترتبط بالمزاج العام، فكلما كان الإنسان سعيداً كلما كان أكثر رضا، وبالتالي أكثر تقبلاً لشكله، بغض النظر عن جماله وقبحه، وأنت الآن - يا عزيزتي- في عمر قد تجاوزت فيه فترة المراهقة بكل تداعياتها؛ ولذا أقترح عليك ما يلي: 1) إن كان هناك بعض العيوب التي يتفق على وجودها، وتحتاجين استشارة مختصة في الجلدية فافعلي ذلك، وأنصحك بالذهاب إلى شخص مؤتمن يقدر العيب بقدره، ولا يتجاوز إلى عمليات تجميل تجارية لا نهاية لها. 2) ثم انظري إلى مزاجك، هل أنت سعيدة في غالب الوقت وليس بالضرورة دائماً أم لا؟ وهل هذا المزاج المتعكر (في حال وجوده) مرتبط بأمور يمكن حلها أم لا؟. 3) وأخيراً انظري لنفسك وليس إلى شكلك، واهتمي بالأمور الكبيرة، لماذا خلقت؟ وجدي في العبادة، وما هو دورك لتحسين حالك؟ فجدي في الدراسة أو طوري عملك وشهاداتك، وما الدور الذي ينتظرك لهذا المجتمع وهذه الأمة؟ وقتها لن تجدي وقتاً للتفكير، هل بشرتي صافة أم لا؟ فالقضية أكبر من ذلك. والله الموفق.

التبول غير الإرادي

التبول غير الإرادي المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 27/12/1425هـ السؤال أنا فتاة أعاني من التبول اللا إرادي في الليل منذ الصغر، ذهبت إلى المستشفى فأخبروني أني لا أعاني من أي أسباب عضوية، وبدأت أتناول دواء (المينيرين) والآن لي -تقريبا- سنتان أتناول الدواء، ولكن عندما أحاول التوقف عن الدواء تدريجيا فإن المشكلة تعود مرة أخرى، ما هو سبب التبول اللا إرادي إذا لم يكن عضوياً، وهل العلاج الذي آخذه صحيح أم يجب تغييره؟ رجاء أجيبوني. الجواب الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شاكراً لك تواصلك مع موقع (الإسلام اليوم) . إن التبول اللا إرادي من الاضطرابات النفسية الشائعة، وكثيراً ما يتحسن لدى كثير من الناس في مراحله العمرية المتقدمة، ونسبة قليلة تستمر معهم الحالة. ومن أسبابها:- (1) التأخر على ضبط التبول والتحكم فيه. (2) عدم التخلص من المشكلات الانفعالية مما أوجد رابطاً بينهما. (3) قلة الدافعية والإصرار على القضاء على تلك المشكلة. إن أفضل الطرق لمعاجلة التبول اللا إرادي -وهي الأكثر استعمالاً - فهي تقنيات العلاج الدوائي والأشراط والعلاج النفسي السلوكي. وهناك أفضل الأدوية استعمالاً وأثبت نجاحاً كبيراً منها " الأميبرامين " ومضادات الاكتئاب، وقد أثبتت فعالياتها في معالجة الاضطراب. وهي تصرف عن طريق الطبيب النفسي. ومن الطرق السلوكية الشائعة:- 1- استعمال جهاز الجرس الذي طوره (مورر) وهو متوفر في الأسواق، وقد بلغت نسبة الذين تحسنت حالاتهم بعد استخدامهم الجهاز 75% 2- التدريب على الضبط والتحكم الذاتي، وقد يستحسن أن تستخدمي في النهار لتدريب المثانة على الضبط وهي أقل نجاحاً من الجهاز. 3- تعويد النفس على تجنب شرب السوائل بفترة لا تقل عن ساعتين قبل النوم. 4- عليك قبل النوم ضبط المنبه لإيقاظك بعد ساعتين للذهاب إلى الحمام، ثم ضبط المنبه مرة أخرى لإيقاظك بعد فترة زمنية أخرى للذهاب للحمام، وهي تجربة قد تفيد كثيراً متى ما كان هناك إصرار وتصميم وعدم تكاسل عن حلّ المشكلة. ها هي طرق كثيرة جربيها ولا تيأسي، وليكن لديك قوة الإرادة والدافعية القوية لمعالجة التبول اللا إرادي. وأخيرا أوصيك بتقوى الله، وكثرة الدعاء بأن يعينك على مبتغاك. حفظك الله ويسر لك الأمر إنه جواد كريم.

تنتابه أحلام اليقظة

تنتابه أحلام اليقظة المجيب د. محمد بن عبد الخالق شحاته استشاري الأمراض النفسية بالقصر العيني بمصر. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 19/12/1425هـ السؤال تنتابني حالة غريبة أشعر من خلالها بأني في حلم، رغم أني أكون بكامل وعيي، فأحياناً عندما أجلس مع العائلة أو أكون في أي مكان تأتيني هذه الحالة الغريبة، وأشعر في أثنائها بالضيق والتوتر، وقد تشتد هذه الحالة لدرجة أني عندما أقوم بعمل ما -كالكتابة- أحس أن يدي لا تكتب، بالإضافة إلى شعوري بشيء في رأسي كالحرارة والحرقان، وقد عملت أشعة لرأسي -والحمد لله- لا يوجد فيه أي شيء. هل هذه حالة نفسية؟ أرجوكم ساعدني؛ لأني ما أستطيع أحتمل هذه الحياة. الجواب الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. وبعد: أهلا بك وسهلا -الأخت الكريمة - نشكرك على ثقتك بموقعنا، ومرورك الكريم به، الأعراض التي تعاني منها هيَ خليطٌ من علامات القلق والاكتئاب، وإن كان حظ الأعراض الاكتئابية أوفر، لكن قدرتك على مواصلة علاقتك بالله -عز وجل- وأداء الفروض، وقراءة القرآن والأذكار ستساعدك كثيرًا في الخروج من هذه الحالة -بإذن الله-وأنت في حاجة لزيارة طبيب نفسي يصف لك أحد مضادات القلق والاكتئاب تساعدك على المدى القصير في التغلب على الأعراض, أما على المدى الطويل فأنت تحتاجين إلى تعلم مهارة الاسترخاء، وتحتاجين لتعلم مهارة إقامة العلاقات الاجتماعية الحميمة وتجاوز حدود ذاتك, ويمكن أن يتحقق هذا من خلال عدد من جلسات العلاج النفسي تستعيدين فيها ثقتك بنفسك من خلال رؤية موضوعية لمواطن ضعفك وقوتك، كما تمارسين فيها تدريبات على الاسترخاء، وتكتسبين خلالها بعض المهارات الاجتماعية اللازمة، كما أنصحك بكثرة ذكر الله؛ فهو علاج نفسي لأعراض القلق والتوتر، قال تعالى:"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد: 28] . كما أنصحك بأن تقومي بشرب كوب حليب ساخن، عليه ربع ملعقة صغيرة من زنجبيل مطحون، مع دهن الجسم بزيت زيتون، فهو يفيد في مثل حالتك كثيرًا، مع تمنياتنا ودعائنا لك بالشفاء العاجل.

هل أنا فتاة انطوائية وغامضة؟

هل أنا فتاة انطوائية وغامضة؟ المجيب فهد بن أحمد الأحمد مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 08/12/1425هـ السؤال يقال لى: إنني فتاة انطوائية جداً وهادئة وغامضة ولست جريئة، حاولت مراراً أن أغير من نفسي ولكن دون جدوى، أصبحت أعيش في حنين للماضي وقلق من المستقبل، وأما الحاضر فهو تأمل وتفكير، أصبحت أكره نفسي أكثر من كرهي للآخرين، لا أجد من يساعدني أتمنى مساعدتكم. الجواب الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع (الإسلام اليوم) أختي الفاضلة، لقد قرأت استشارتك عدة مرات وتعجبت مما أقنعتِ نفسك بأنك فعلاً تتصفين بتلك الصفات بمجرد أنه قيل لك ذلك، وأوهمتِ نفسك بحقيقة ذلك، وبالتالي نصبت الحواجز العالية بينك وبين تفاعلك الاجتماعي!!! إنه لأمر غريب، وظلم للنفس أن ننزلها منزلة أقل ممّا تستحق!! فلماذا من خلال كلمات.. أنت انطوائية، غامضة، تنقصك الجراءة، نسلم أنفسنا للقلق بشتى أنواعه، وبالتالي تنامي الأمراض النفسية، وقد تكون تلك الكلمات قيلت بلا دليل أو حقيقة يستند عليها!. ولنفترض أنها قيلت لمجرد موقف معين اتخذه الشخص بلا قصد ومخالف لطبيعته، أو من خلال ملاحظة سلوك معين لظرف نفسي طارئ من الطبيعة أن يحدث، فليس معنى ذلك أنني أو أنت أو الآخر ... نعاني من اضطراب نفسي يجعلنا نجعل حياتنا تعيسة، عشقاً للماضي وقلقاً من المستقبل وكثرة تفكير وتأمل في حاضرنا. لذلك عليك -أختي الكريمة- أن تغيري من قناعتك بنفسك من خلال تنمية التفكير الإيجابي وإحلاله مكان الأفكار السلبية المسببة للقلق وتناميه. فحينما نشعر بأحاسيس القلق فمن الطبيعي أن تخطر في بالنا أفكار عديدة من أنه لدينا مشكلة، وأن الآخرين سيلاحظون ذلك، وهذا هو بداية لحلقة مفرغة مسببه للقلق. ولمواجهة تلك الأفكار السلبية علينا بتقسيم الموقف المسبب للقلق إلى أربع مراحل: (1) مرحلة الترقب التي تسبق القلق، وهي تتعلق بتوقع حدوث الموقف الذي يجعلك قلقة "لا للأفكار السلبية، نعم للأفكار الإيجابية ... ". (2) الوقت الذي يسبق الموقف مباشرة " أنا مرتاحة، مسيطرة على نفسي، خذي نفساً عميقاً، وأخرجيه ببطء " " سيكون هناك قلق بسيط أستطيع السيطرة عليه.." (3) أثناء الموقف " استمري بالتفكير الحالي وتجنبي ما يجب عمله ". دعي القلق داخل نفسك بلا محاربه..". (4) بعد الموقف " أحس أن الوضع طبيعي ليس كما توقعت " ملاحظة / ما وضع بين الأقواس حديث صامت مع النفس!! ومن خلال تلك المراحل ستعودين نفسك على مواجهة، المواقف، وتغيير الأفكار السلبية تجاه نفسك. وستجدين النتائج -بعون الله تعالى - كما تحبين، وأن ما أقنعتِ نفسك به هي أوهام وحواجز لا أساس لها!! حفظك الله ويسر لك الأمر،،،

عزيمتي انهزمت

عزيمتي انهزمت المجيب سعد الرعوجي مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 6/12/1425هـ السؤال شيخنا الفاضل: أنا شاب أعاني من الكسل، وعدم ترجمة الأفكار إلى عمل، وأتخوف من الإقدام إلى ما ينفعني في ديني ودنياي، وأنا أعرف أخطائي ولكن لا توجد العزيمة التي تؤهلني إلى التغلب على مشاكلي، فوجِّه لي بالنصيحة جزاك الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء. الجواب الأخ الكريم: شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع (الإسلام اليوم) أخي الكريم أنت استطعت أن تحدد المشكلة والداء، وما بقي لك إلا الدواء والعلاج، فأنت حددت مشكلة الكسل والخوف وعدم الإقدام وضعف العزيمة، هذه أربعة أشياء تحطمك وتجعلك شاباً غير نافع لنفسك وأمتك. إذاً ضد الكسل الهمة والنشاط، وضد الخوف الشجاعة والإقدام، وضد ضعف العزيمة العزيمة والحزم هذه أشياء أربعة مطلوبة حددها أمامك بوضوح فيتضح الهدف، ولوضوح الهدف معنى عظيم، فالأفضل أن تكون هذه الأهداف مكتوبة ولا تكتفي أن تكون في صدرك تعرفها ثم استعرضها كل يوم، وكل ما أمكن فإن في ذلك تذكيراً لك وربطاً لأهدافك حتى تعمل على تحقيقها، ثم بعد ذلك حدد الطرق التي توصلك لهذه الأهداف، واجعلها مرتبة الأهم فالأهم وهذا شيء ضروري ترتيب الأوليات. واجعل هناك تاريخاً لتنفيذها ومراجعة مدى ما قمت به وانقده، ثم اعلم أنه إذا فشلت طريقة أو عملية فلا يعني أن الحياة انتهت وأنك فشلت؛ لذا حاول وحاول ولا تتوقف. فـ"أديسون" مخترع الكهرباء عمل آلاف المحاولات الفاشلة حتى نجح في النهاية إلى اختراع عظيم خلد اسمه في التاريخ. كذلك -أخي الكريم- استعن بالأصدقاء المخلصين وذوي الهمة؛ فإنهم سيعينونك -بإذن الله- على تجاوز المشكلة. كذلك اعلم أن المشكلة لن تنتهي بسرعة وتحتاج إلى وقت حتى تصبح عادة وسلوكاً طبيعياً. كذلك اعمل على إيجاد قدوة لك، فالقدوة أحد الدوافع للعمل وشحذ الهمة واقرأ الكتب، فإن في قراءة الكتب دافعاً عظيماً وشحذاً كبيراً للهمة وابنذ الكسل والتهاون. كذلك اقرأ الكتب التي تتحدث عن هذه المشكلة؛ فهي ستنير -بإذن الله- لك جزءاً من ظلمة الطريق. وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى،،،،

البرمجة العصبية اللغوية مرة أخرى

البرمجة العصبية اللغوية مرة أخرى المجيب د. خالد بن سعود الحليبي وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 06/08/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: لا يخفى على فضيلتكم ما يطرح من أفكار جديدة، وآراء ومعلومات قد تكون مأخوذة من الغرب، وهذه الأفكار والمعلومات كثيرة جداً، ولكنا لا نجد من علمائنا من ينقِّحها أو يصحِّحها، أو يبيَّن لنا فيها رأياً، قد يكون رشداً لنا وإنارة، ومن هذه الأفكار التي تطرح ما يسمى بعلم البرمجة اللغوية العصبية، التي كثر الحديث عنها ما بين مؤيد لها ومنكر، فنريد من فضيلتكم توضيحاً من وجهة نظركم حول هذا العلم. وجزاكم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. الجواب أجاب عن السؤال الشيخ/ د. خالد بن سعود الحليبي (وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء) . الجواب: أخي الكريم: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. أما بعد: فقد كثر الحديث عن علم البرمجة العصبية اللغوية، ولعل بعض من تحدث لم يدخل ولا دورة واحدة من دورات الـ "nlp"، ولذلك فإن تصوره عنه ليس تاماً، ولكني أخذت دورة في هذا العلم من ثلاثين ساعة، ومنحت دبلوما فيها، وقد قدمها لنا أحد طلبة العلم، يحفظ كتاب الله بعدة قراءات، ودرس الفقه والشريعة على عدد من المشايخ الفضلاء، وكان مبدعا في ربط برنامجه بالتصور الإسلامي، دون أية محاولة للي أعناق النصوص لتطاوع ما يقول. وما يقال عن الطقوس الدينية القديمة وتداخلها مع هذا العلم، فهو من مسؤولية المدرب، بأن يتقي الله، فلا يقدم إلا ما يتفق والتصور الإسلامي. ثم إني أوصي المدربين كذلك ألا يضخموا الجانب المادي والقدرات الفردية على الجانب الروحي، والقدرة الإلهية، فمهما كان الفرد قوي الإرادة منظما في حياته، مخططاً مبرمجاً نفسه بقدرة فائقة يبقى الأمر كله لله تعالى، ولعل حادث الهجرة أوضح من أن يفصل فيه، فقد قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعدد من الإجراءات الأمنية، ومع ذلك فإن المشركين وصلوا إلى فوهة الغار، وهنا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- للصديق-رضي الله عنه-: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" متفق عليه أخرجه البخاري (3653) ، ومسلم (2381) وغيرهما من حديث أبي بكر - رضي الله عنه-. والخلاصة: إن أي علم إنساني يأتي من الغرب فعلينا غربلته والاستفادة منه، فالوقوف في وجهه لن يوقفه، بل سيجعل وباله أشد حين يقدمه غير الصالحين، أما الآن فإن هذا العلم غالب من يقدمه هم من المعدودين في المستقيمين، هكذا نحسبهم والله حسيبهم، ولا نزكي على الله أحداً، وهؤلاء وإن أخطأوا فعلينا النصيحة لهم، ولكن يبقون أولى من غيرهم لتقديم هذه العلوم. على أني أحذر من الفتنة بكل دخيل، من أن يكون بديلا عن منهاج حياتنا، وتأسينا برسولنا صلى الله عليه وسلم. يقول شاعر الأحساء الشيخ عبد العزيز آل مبارك: وخذوا من الغربي خير علومه *** وذروا قبيح خلائق وطباع وفقك الله يا أخي الكريم لما يحب ويرضى.

المرض النفسي وضعف الإيمان

المرض النفسي وضعف الإيمان المجيب د. تركي بن حمود البطي طبيب نفسي. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 04/08/1425هـ السؤال هل يوجد إنسان مسلم يعاني من مرض نفسي؟ وهل يمكن القول: إن المرضى النفسيين ضعاف الإيمان؟. الجواب أخي السائل الكريم: أتمنى أن تكون بخير وصحة وعافية، وأما بخصوص سؤالك فالإجابة عليه كالتالي: المرض النفسي مثله مثل المرض العضوي، له أسباب وأعراض، وكذلك له علاجات، والمرض النفسي يمكن أن يصيب أي إنسان، بغض النظر عن ديانته أو عرقه، ولا يمكن أن نصف الإنسان المصاب بالمرض النفسي بأنه ضعيف الإيمان، هناك دراسات أثبتت أن الأشخاص الذين لديهم إيمان قوي بالله، أقل عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، ولكن هذا لا يعني أن من أصابه مرض نفسي ضعيف الإيمان، فالشريحة التي تزور العيادات النفسية كبيرة، ومن ضمنهم يأتينا مشايخ وطلبة علم، وأئمة مساجد، ولديهم بعض الاعتلالات النفسية، فهل يعني ذلك أنهم ضعاف الإيمان، ولكن الله ابتلاهم بهذا الداء أو ذاك ليرى صبرهم واحتسابهم، كما لو أصابهم داء السكري، أو ضغط الدم، أو غيرها من الأمراض العضوية، لكن كذلك أوافقك من جهة أخرى أن من يقل الإيمان عندهم نجد أن الشيطان يتخبطهم من هنا وهناك، وبالتالي لو كان عندهم قابلية للإصابة بالمرض النفسي قد تظهر عليهم الأعراض مبكراً من غيرهم. والأمراض النفسية كثيرة جداً، وأنواعها متفرقة، جزء منها أثبتت الدراسات أن لديها جينات محددة، وتنتقل عن طريقة الوراثة، فهذه الأمراض ليس لها ارتباط بالإيمان، ولكن تنتقل عن طريق وجود تاريخ عائلي لهذا المرض أو غيره. نحن في الطب النفسي لا نغفل الجانب الإيماني، بل إن الطبعة الأخيرة من أحد كتب الطب النفسي الغربي غيرت طريقة العلاج في الطب النفسي من علاج دوائي نفسي اجتماعي، إلى دوائي نفسي اجتماعي روحي. فالغرب رغم بعدهم عن الجانب الروحي الذي يعيشه الإنسان المسلم الحق، ومع ذلك هم يعترفون به كعامل مهم في نجاح العملية العلاجية، فعندما نصف للمريض العلاج الدوائي، ونحوِّله إلى الأخصائي النفسي أو الاجتماعي إذا احتاج لا نغفل جانب تذكيره بالله، وربطه بالأدعية والأذكار، والطاعات، على حسب جهده وطاقته، لكن هذا الأمر لا يكون في كل الحالات، ولا في أي وقت من العلاج، بل نتحين الوقت المناسب لزرع هذه الإيمانيات في قلب المريض. ويجب أن تعرف -يا أخي السائل- أن الأمراض النفسية نوعان وهي: ذهانية: كالفصام والضلالات، وغيرها، وهذه الحالات يفقد المريض البصيرة بمرضه. عصابية: كالاكتئاب، والوسواس القهري، والقلق، وغيرها، وهذه الحالات يكون المريض مستبصراً بحالته، ويمكن تطبيق العلاج الروحي معه. آمل يا - أخي الكريم - أن تكون خرجت بفائدة من هذه الإجابة، وإذا أردت المزيد، أو طرأ عليك استفسار فلا تتردد بالتواصل معنا. حفظك الله ورعاك.

زوجي مريض نفسيا

زوجي مريض نفسياً المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 09/05/1425هـ السؤال عقد قراني على شاب، وبعد ما بدأت الاتصالات بيني وبينه عرفت أنه مريض بمرض نفسي، ويعاني من شعور بالنقص، ولا يريد أن يتحمل مسؤولية أهله بعد الزواج إلا من الناحية المادية، علماً بأنه أكبر إخوته، وهو العائل لهم بعد وفاة والده، وهو أيضاً متعلق بي بطريقة غريبة. وعندما يتكلم معي يخاطبني بصيغة المذكر، ولا أعرف ما السبب؟ وأشياء أخرى كثيرة جعلتني أستخير في طلب الانفصال عنه، وقد ارتحت كثيراً لهذا القرار، هل أنا محقة في اتخاذ مثل هذا القرار؟ وهل يكون علي واجبات تجاه هذا الزوج مع أنه لم يدخل علي؟ أفيدوني وجزاكم الله خيراً. الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أختي العزيزة لقد تمعنت في رسالتك، وأسال الله أن أوفَّق للطرح المبارك الذي يدلك على الخير، ويساعدك على اتخاذ القرار المناسب. بداية لقد أوضحت في رسالتك بأنه تم عقد قرانك على هذا الشاب (عقد النكاح) ، وبذلك فإن هذا الشاب يعتبر زوجاً لك على سنة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، وله كافة الحقوق الزوجية، وليس من العدل والإنصاف والحكمة أن تتخلي عنه في هذا الظرف مع قبولك به زوجاً. وقد أخبرنا نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- بأن الدنيا متاع، وخير متاعها الزوجة الصالحة فيما رواه مسلم (1467) من حديث ابن عمرو - رضي الله عنهما - فكوني صالحة، وساعدي زوجك في تجاوز هذه المشكلة، وسأطرح عليك بعضاً من الرؤى التي يمكن أن تسهم بحل هذا الأمر: أولاً: تحققي بالفعل من وضع زوجك هل لديه فعلا مرض نفسي؟ بالاعتماد على تقرير طبيب مختص. ثانياً: إذا ثبت بأن زوجك لديه مرض نفسي فينبغي عليك مساعدته والوقوف بجانبه؛ فالمرض النفسي يمكن علاجه، فابذلي كل ما في وسعك لإقناعه بزيارة الطبيب النفسي المتمكن، واستثمري بذلك تعلقه بك دون ضغوط، ولكن بأسلوب الإقناع، وأخبريه بأن الأمر مهم في سبيل حياتكم الزوجية، وعديه بأن الأمر سيبقى سراً بينكما، واستمري في متابعة جلساته النفسية، وعززي من ثقته بنفسه وتحقيق التقدم في العلاج. ثالثاً: تخيلي مدى الضرر النفسي الذي سيسببه تخليك وابتعادك عنه في هذه الأزمة دون أي محاولة للمساعدة، وتحلي بالصبر والعزيمة الجادة والصادقة في سبيل تحقيق النجاح في تحقيق الصحة النفسية لزوجك، الأمر الذي سينعكس على حياتك الزوجية السعيدة وتحقيق أحلامك الواقعية بعيداً عن الأحلام الخيالية. رابعاً: أختي العزيزة تبلغين الآن 28 عاماً، الأمر الذي أثق بأنك ستتمكنين من اتخاذ القرار المناسب، ولكن تذكري بأن الفرصة مواتية بالنسبة لك بعلاج الأمر وتكوين أسرة سعيدة بعد أن تتمكنين من مساعدة زوجك على تخطي هذه المعضلة، خاصة مع كونه متحملاً لمسؤولية رعاية إخوته، وهذا مؤشر جيد على استعداده لتحمل مسؤولية تكوين أسرة ورعايتها. والله أسأل أن يوفقك لاتخاذ القرار المناسب، والقرار لك.

تنمية التفكير

تنمية التفكير المجيب د. علي با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 1/1/1425هـ السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أنا دائماً أفكر كثيراً، أريد أن أخرج من هذا التفكير بشيء إيجابي، لكن أحس أن تفكيري محدود جداً، فإذا فكرت مثلاً في قضية من قضايا الأمة، أو مشروع من مشاريعها لا أصل إلى المطلوب أو حتى الجزء أو النتيجة؟ فأرجو توجيهي إلى ضوابط التفكير وكيف يفكر الإنسان تفكيراً صحيحاً؟ وكيف ينتج ويكون إيجابياً؟ -وجزاكم الله خيراً-. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد: فإن السائل مشكور على عنايته بأحوال أمته وتفكيره في إيجاد حلول لقضاياها أو تبني مشروعات نافعة لنهضتها، فهذا أمر محمود وله دلالات منها: (1) الغيرة الإيمانية على الأحوال السلبية في الأمة الإسلامية. (2) المتابعة والتعرف على أحوال وقضايا الأمة الإسلامية. (3) النفسية الإيجابية المقاومة لأسباب الضعف. ومن هنا فإن السائل ينبغي له أن يتفاءل، وألا يجعل لليأس طريقاً إلى نفسه، فإنه وإن لم يصل إلى نتيجة جيدة فإن مجرد تفكيره إيجابي، وإن استمرار تفكيره سيوصله إلى نتائج إيجابية - بإذن الله تعالى- وسؤاله يدل على رغبته الأكيدة في تلمس الطريق الصحيح إلى التفكير المثمر. باختصار شديد يمكن أن نخلص عملية التفكير في ثلاثة عناصر هي: وجود المعلومات والخبرات المنظمة، ثم استخدام هذه المعلومات والخبرات في معرفة الواقع، وتشخيصه والوصول إلى الأسباب وتحليل الظواهر، ثم تحويل الدراسة والتحليل إلى حلول عملية للمشكلات، وأسس علمية للنهضة والإصلاح، ونلخص أهمية وفائدة التفكير في هذه النقاط: التفكير ضرورة إنسانية: لأن المزية الكبرى للإنسان هي العقل المفكر، وكما هي الحاجة والمنفعة في استخدام الجوارح المختلفة من بصر وسمع ونحوها، فكذلك- من باب أولى- استخدام العقل وتشغيله. التفكير دعوة قرآنية: فآيات القرآن مليئة بالدعوة إلى التفكر والتدبر في الآيات المسطورة، والآيات المنظورة، "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" [النحل: 44] . التفكير بداية عملية: فإن كل مشكلة تعرض، وكل عمل يبدأ، وكل أمل يشرق لا يمكن أن يترجم إلى عمل إلا بالبدء بالتفكير والانطلاق منه. التفكير آلية إنتاجية: فإن حل المشكلات أو إطلاق المبادرات، قد يكون سحابة صيف عابرة مرتبطة بذوات الأشخاص، أو بتوفير ظروف معينة، لكن عندما يتحول التفكير إلى ثقافة وممارسة منهجية فإنه يصبح قاراً على التفاعل الإيجابي الدائم الذي لا يكون مجرد رد فعل، بل يؤسس للتعامل مع التوقعات قبل حدوثها. التفكير روح إيجابية: لأن اليأس قد سرى إلى بعض النفوس، والإحباط قد أحاط بكثير من الناس، فإذا انطلقت الدعوة للتفكير، وبدأت تؤتي ثمارها، أشعلت نور الأمل من جديد، وأعادت الثقة للنفوس لتواصل مسيرتها وجهادها في الإصلاح والتطوير. وكذلك هذه خلاصة لأنواع التفكير المنشود

التفكير العام: وهو الذي يعنى بالشأن العام للأمة، وليس مقتصراً على التفكير في الشؤون الخاصة للأشخاص أو المؤسسات، فهذا يحظى بعناية أربابه؛ لما يحقق لهم من مصالح، وقد نجد نماذج متميزة تفكر في أمورها الخاصة بكفاءة عالية، ويهمنا كيف نستثمر تفكيرها في الأحوال العامة للأمة. التفكير الشمولي: وهو الذي يتناول المسائل من جميع جوانبها، ويفكر في جميع ما يتصل بها، فالتداخل في عالم اليوم جعل العلاقات متشابكة، فالاقتصاد يؤثر على السياسة، والسياسة ترتبط بالإعلام، وكل من الاقتصاد والإعلام ينعكس على المجتمع وهكذا، ومن ثم لا بد أن يكون التفكير شاملاً لجميع العلاقات والتداخلات المتصلة بالموضوعات. التفكير المتخصص: ونحن في عصر التخصص الدقيق، فإنه ينبغي أن يعطى التخصص حقه وقدره، وأن تحال كل قضية للمتخصصين؛ لئلا يتصدى لها من لا يحسنها؛ ولئلا تتكرر مآسي واقعنا في وجود مسؤولين على رأس وزارات في غير تخصصاتهم، فالصحة مسئولها متخصص في الجيولوجيا، والصناعة مسئولها متخصص في النحو، وهكذا. التفكير الواقعي: إذ التفكير يبدأ من معلومات الواقع أساساً، والواقعية تبتعد عن الأحلام والخيالات، وعن المزايدات والمبالغات، ولكنها في الوقت نفسه لا تستسلم للواقع، بل هي تهدف إلى تغييره والتغلب على مشكلاته، وسلبياته، ومن ثم فإن الواقعية ليست قيداً يحد من التفكير، ويحول دون التغيير، كما قد يفهم بعض الناس، ويلحق بالواقعية المرونة التي لا تحمل على التصورات والحلول الآحادية، بل تضع التوقعات وتحسب حساب ردود الأفعال، ومنها إيجاد البدائل وتنويع الحلول والوسائل. التفكير التكاملي: وهو التفكير الذي تتكامل فيه الجهود، وتتضافر فيه الطاقات، ولا يكرر فيه ما سبق التفكير فيه بل يبنى عليه، ولا يكون التكامل إلا إذا وجد مبدأ التعاون، وكان هو روح العمل وأساسه، ثم إن الجوانب التخصصية المختلفة لا بد من جمعها، والتأليف بينها؛ لأن التداخل والتأثير بين الجوانب المختلفة يوجب ذلك.

وحتى يكون التفكير منهجياً صائباً فإنه لا بد أن يبنى على اليقين لا الظن "إن الظن لا يغني من الحق شيئاً" [يونس:36] ، وعلى التثبت لا التخرص "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات: 6] ، ويجب أن يقوم على الحق لا الهوى "قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين" [الأنعام: 56] ، ولا مناص أن يكون أساسه الصدق لا التلون، والصراحة لا المداراة، وبعيداً عن النفعية البراغماتية، والميكافيلية التحايلية، فالغاية لا تبرر الوسيلة "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" [التوبة: 119] ،ويلزم أن يعتمد التفكير على الدقة والتفصيل لا على الإجمال والتعميم، والمعلومات الدقيقة أساس التفكير والتخطيط، وفي قصة يوسف - عليه السلام- إشارة ودلالة "قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون. ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون. ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون" [يوسف: 47-49] ، وأخيراً لا تتحقق الجدوى الكاملة إلا بأن يكون التفكير عملاً مؤسسياً لا يعتمد كلياً على الأشخاص، وإن كان يقدر أدوارهم ويستثمر خبراتهم، فالأصل هو المنهج لا الأشخاص، والقضايا لا الأفراد، والنظام المنهجي لا المزاج الشخصي. ولا بد من إدراك أن الطريق إلى إحياء التفكير وجدية العمل، ودقة التخطيط، وأمانة التنفيذ، وكفاءة الأداء كل ذلك طريقه ملئ بالعقبات الداخلية والخارجية، فهناك الروح الانهزامية المستسلمة لتفوق الغير، وهناك العقلية النمطية الرافضة لمبدأ التغيير والتجديد، وهناك مراكز القوى النفعية التي تقوم مصالحها على الارتباط بالأجنبي، وهناك بيروقراطية الأداء في الأجهزة الحكومية، بل والخاصة أحياناً، وهناك أرباب النفوذ السياسي في الطبقات الحاكمة التي لا ترى لغيرها حقاً أو إمكانية في الإنتاج والإنجاز، هذا فضلاً عن الإغراق في الملهيات، والاستغال بالتفاهات، ولا ينبغي نسيان استهداف الأعداء لمنع عجلة التطور من الدوران؛ لأنها أكبر خطر على مصالحهم، ويزعزع نفوذهم، ولكن كل ذلك ينبغي أن يكون - لدى العقلاء والمخلصين- زاداً للتحدي وعوامل للإصرار حتى نتحرك شيئاً فشيئاً في مقاومة تلك العوائق، ونتقدم الخطوات الأولى في مسيرة آلاف الأميال نحو اليقظة والنهضة. وليعلم السائل أن التفكير الذي أثمر مشروعات، وأعمالاً كبرى إنما جاء من أشخاص لهم علم واسع، وخبرة عميقة، وتجارب متتابعة، وتعاون إيجابي مع الآخرين؛ ولذلك أنصح بمواصلة التفكير، والبحث عن مخارج الأزمات، وحلول المشكلات، ومشروعات الإصلاح مع الاستفادة بما سبق ذكره، وأحب أن أوصي السائل بهذه الخطوات العملية: (1) القراءة والتدبر في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم-والصحابة عموماً والخلفاء الراشدين منهم خصوصاً -رضي الله عنهم جميعاً-، وذلك بالنظر في عبقريتهم الذهنية وقوتهم النفسية، وإبداعاتهم العملية، ويمكن التركيز على بعض الكتب التي تعتمد مبدأ التحليل ودراسة جوانب التفكير، والفوائد من سيرتهم.

(2) القراءة في سير أعلام المسلمين في العصور المتأخرة الذين واجهوا الاستعمار، وقاوموا الانحراف، وأسسوا مشروعات، وحركات كان لها أثرها البارز، ودورها الكبير في حياة مجتمعاتهم المحلية، بل وعلى مستوى الأمة الإسلامية من أمثال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، والشيخ عبد الحميد بن باديس في الجزائر، والشيخ حسن البنا في مصر، والشيخ أبو الأعلى المودودي في الهند وباكستان، وغيرهم، وفي سيرهم وجهودهم كتب كثيرة، وهناك كتاب حافل بسير عدد كبير من الأعلام الذين لهم إسهامات في نهضة الأمة وهو كتاب (النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين) د. محمد رجب البيومي. (3) القراءة في كتب التفكير الصحيح والإبداع من وجهة النظر الإسلامية مثل الكتب التالية: (التفكير بداية الطريق إلى النهضة الإسلامية، د. محمود الخالدي، التفكير العلمي، د. فؤاد زكريا، حتى لا تكون كلاً، د. عوض القرني، خطوة نحو التفكير القويم، د. عبد الكريم بكار، فصول في التفكير الموضوعي، د/ عبد الكريم بكار، التفكير الإبداعي، د. عبد الله الصافي) . (4) القراءة المتخصصة في أحوال الأمة من خلال الدراسات الموضوعية أو الجغرافية التي قد تعنى بدراسة أحوال الاقتصاد مثلاً، أو أحوال بلد معين. (5) حضور بعض الدورات في التفكير والإبداع وطرائقهما مثل دورات التفكير الإبداعي، القبعات الست، وغيرها. (6) مقابلة أهل العلم والدعوة وأهل الفكر، والرأي البارزين في المجتمع ممن لهم كلمة مسموعة، وآراء متميزة؛ وذلك لمجالستهم ومساءلتهم والاستفادة من تجاربهم. (7) الاستعانة بالاستقامة والدعاء لله - عز وجل- بالتوفيق لما يحبه ويرضاه، وما ينفع البلاد والعباد، مع استحضار أهمية التجرد والإخلاص. والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التشتت الفكري.. والضيق يقتلاني!!

التشتت الفكري.. والضيق يقتلاني!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 11-4-1424 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكلتي الكبرى أنني أعاني من ضيق في الصدر ووجع في الجسم وتشويش في الأفكار كلما دخلت بيتي مع أني لا أختلف مع زوجي. الجواب أختي الكريمة أشكر لك تواصلك مع موقع" الإسلام اليوم" وأسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي: أولاً:- جاء سؤالك مختصراً وموجزاً، حد الإخلال.. والتفصيل هنا مهم..!! فلم تذكري شيئاً عن حياتك الأسرية وأبناءك.. وهل تعيشون في منزل مستقل أم هو مشترك مع أسرة زوجك.. وهل أنت موظفة أم ربة منزل.. وما هو عمل زوجك وطبيعة علاقتكما معاً..؟! وغير ذلك من التفاصيل الهامة جداً لتشخيص الداء ووصف الدواء..!! ثانياً: ربما كان ضيق الصدر ووجع الجسم سببا لتشوش الأفكار الذي تعانين منه. وربما كان نتيجة.. ولذلك فإن الخطوة الأهم هي معرفة أيهما السبب وأيهما النتيجة؟! وهذا ما يحدده إجراءك كشفاً طبيا لدى إحدى الجهات المختصة لمعرفة ما إذا كانت هذه الأوجاع وهذا الضيق " عضوي " أم " نفسي "!!! ثالثاً: لتعلمي - أختي الكريمة - أن المشكلة - غالباً - ليست فيما يعترينا من صعوبات أو عقبات أو مشكلات عارضة.. فهذه سنة الحياة ونحن لن نخرج بحال عن طبيعتنا البشرية ونقصنا الإنساني..!! ولكن المشكلة - كل المشكلة - هي ما نسقطه على هذه الأمور من تفسيرات أو إسقاطات.. ومن ثم يزداد قلقنا واضطرابنا.. وقد نحمل الأمور أكثر مما تحتمل.. وبالتالي تتفاقم لدينا المشكلة ويزداد الضيق.. ويتضخم الهم ككرة الثلج المنحدرة..!! فنتقلب في فرشنا ونصطلي بلهيب الهواجس والمخاوف والأوهام.. ونعيش في دوامة قد لا نخرج منها إلا بصعوبة!!! وكل ذلك بسبب ما أسقطناه على مشكلاتنا من تفسيرات وتوقعات وهمية هي أبعد ما تكون عن الواقع. رابعاً: يجب - تبعاً لذلك - ألا نعطي المسائل أكثر مما تستحق وأن نضعها في حجمها الحقيقي ونتعامل معها بشكل إيجابي مبني على التشخيص إما بشكل خاص.. أو باستشارة أهل الاختصاص.. ومن ثم البدء في علاج هذه المشكلة.. أو على الأقل التقليل من أعراضها ... أو التعايش معها كقدر مكتوب نؤجر عليه بقدر صبرنا واحتسابنا. وننظر إليه على أنه جزء من " معادلة الحياة " البشرية المليئة بالإيجابيات وفي نفس الوقت " بعض السلبيات..!! وهذا لا يعني توقف الحياة.. عند هذا الحد.. أو توقفنا عند حدود ندب حظوظنا ولطم خدودنا..!! فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير.. ومن معاني القوة الصبر والاحتساب ومجاهدة النفس والهوى.. والتفاعل الإيجابي مع التفاصيل اليومية لحياتنا.!. خامساً: هناك طريقة " علمية " وعملية في نفس الوقت للتعامل مع مثل هذا " الضيق النفسي " و" ضبابية الرؤية " وتشويش الأفكار " وهي طريقة: ماذا..؟ ولماذا؟! وكيف؟!! وملخص هذه الفكرة ما يلي:

1) اجلسي جلسة هادئة في مكان هادئ واحضري قلماً ومجموعة كبيرة من الأوراق ثم اسألي نفسك سؤالاً مكتوباً.. وهو: ماذا أعاني؟ ثم أجيبي على هذا السؤال كتابة أيضاً بكل ما تعانين منه بحسب أولوياتها لديك فعلى سبيل المثال (أولاً - مشكلتي مع زوجي.. ثانياً: مشكلتي مع قريبتي فلانة ثالثاً.. وهكذا) واكتبي كل شيء تعانين منه مهما كان صغيراً ومهما كان الوقت الذي سينقضي وأنت على هذه الحال. وبعد ذلك.. اسألي السؤال الثاني: لماذا أعاني؟! ثم ابدئي بهذه الأمور التي كتبتِها واحدة واحدة مثال: لماذا أعاني من مشكلة مع زوجي.. وما كنه المشكلة؟ وابدئي بالكتابة بالتفاصيل المملة..!! ولا تتركي شيئاً إلا واكتبيه في هذه النقطة.. ثم انتقلي إلى النقطة التي تليها (مشكلة قريبتي فلانة) وهكذا.. حتى تستكملي كل النقاط. وبعد ذلك.. أعيدي قراءة كل ما كتبتِه.. واستعملي بعض الأقلام الملونة للتوضيح.. ستكتشفين أن كثيراً من النقاط هي من البساطة واليسر بحيث أنها لا تستحق ذلك الحيز الذي شغلته وهذا الاهتمام الذي أعطيتِه إياها..!! وبمجرد أن تم تفكيكها ووضعها على الورق اتضح مدى بساطتها بل " و " تفاهتها!! " ولكن وجودها مع غيرها كتلة واحدة في " عالمك الداخلي " أعطاها هذا الحجم المبالغ فيه..!! أما وقد تم تجريدها عن غيرها فإنها أقل من أن يلتفت لها..!!! وستستفيدين أيضاً فائدة مهمة جداً.. وهي أن ما قمت به من كتابة وتفصيل هو نوع من " التنفيس الانفعالي " المهم جداً.. والضروري جداً لتفريغ هذه الشحنات الوجدانية السالبة..!! وهذا مكسب كبير ورائع. وأخيراً: اسألي السؤال الثالث: كيف أتعامل مع هذه المشكلة..؟ وعودي إلى النقطة الأولى (مشكلة الزوج مثلاً) وضعي الكثير من الحلول المقترحة.. إما مثلاً جلسة مصارحة وعتاب. أو كتابة رسالة رقيقة له.. أو توسيط أحد الثقاة.. أو غير ذلك.. ثم انتقلي إلى النقطة الثانية.. ثم الثالثة.. والرابعة.. وهكذا. وبعد ذلك ضعي التوصيات النهائية لهذا الاجتماع " الثمين جداً " مع نفسك.. وجدولاً " موضوعياً " للتنفيذ.. واستعيني بالله وتوكلي عليه وابدئي أول خطواتك..! صدقيني.. ستكتشفين أن هذا الاجتماع مهما كان وقته طويلاً وربما متعباً.. إلا أنه " أثمن اجتماع في حياتك.. وسيكون له ما بعده بعون الله. سادساً: وهناك طريقة أخرى.. وهي ما يسمى بـ " دوائر الحياة " وفائدتها أن نحدد من خلالها مكمن المشكلة.. بدل أن يظل الألم عام والرؤية مشوشة.. مثلما يحدد طبيب الأسنان أيهما المشكل.. ثم يبدأ بعلاجه.. فتنتهي مشكلات كثيرة متداخلة ومؤرقة..!! وتتلخص فكرة " دوائر الحياة " بوضع دائرة الذات في الوسط ونعني بها دائرتك أنت.. ثم نخرج منها بخطوط متوازية دوائر أخرى مثل " دائرة الأبناء ... الأصدقاء.. الزوج.. الأسرة.. المعارف.. المادة ... الوظيفة ... الخ ".

ثم نبدأ بفحص هذه الدوائر شيئاً فشيئاً وواحدة فواحدة.. أيهما مصدر القلق.. وعندما نكتشف أن مصدر القلق أو الوجع هذه الدائرة أو تلك.. نبدأ بإخراج دوائر تفصيلية أخرى منها.. مثال: لو كانت دائرة العمل أو الوظيفة هي الدائرة المزعجة لدينا فإننا نقسمهما إلى دوائر " دائرة المدير العام، زملاء العمل.. مكان العمل....الخ فإذا حددنا أي هذه الدوائر الفرعية.. قسمناها أيضاً إلى دوائر أخرى أصغر.. فلو كانت الدائرة المزعجة هي دائرة زملاء العمل.. كانت دوائرها الفرعية هي " فلانة ... فلانة ... أو فلانة.. والخ. ثم استخرجي من تلك الدوائر الفرعية..دوائر أخرى فمثلاً " فلانة ... المزعجة تكون دوائرها الفرعية.. طريقة تعاملها.. كلماتها.. تجاهلها لك.. تعاليها.. الخ وبعد ذلك.. ستكونين وضعتِ المشكلة في حجمها المناسب بدل أن كانت مشكلة عامة ومؤرقة.. أصبحت مشكلة تدور في دائرة العمل.. وليس العمل كله.. بل في دائرة زميلات العمل.. وليست كلهن.. بل دائرة " فلانة " وبشكل أدق في دائرة هذا التصرف منها أو ذاك..!!! أما بقية الدوائر فهي سليمة أو على الأقل ليست مزعجة!!! وأخيراً: " أصلحي ما يمكنك إصلاحه " من هذه الدوائر.. واستمتعي بالأشياء الإيجابية في حياتك وتذكري " أن أعقل الناس أعذرهم للناس ". سابعاً: وقبل هذا وبعده. أذكرك بحديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه الذي قال فيه (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب..) فالله الله بكثرة الاستغفار وقراءة الأوراد اليومية (أذكار الصباح والمساء) وقراءة القرآن وذكر الله (أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ) والمحافظة على الصلوات والرواتب.. والالتجاء إلى الله بالدعاء فهذا هو الحصن الحصين للمسلم.. وهو منبع الطمأنينة والاستقرار. ثامناً: كوني متفائلة.. واستقبلي يومك بذكر الله والاستعانة به والتوكل عليه.. والابتسامة الصادقة.. وبادري بالسلام وكوني إيجابية مع نفسك وأسرتك وصديقاتك ومبادرة بالخير لهم.. وضعي لك رسالة في هذه الحياة مفادها: إيصال الخير للجميع بكل ما تستطيعين.. وثقي أن الله سيعينك ويوفقك. جعلنا الله جميعاً هداة مهتدين.. ووفقنا للخير وجعلنا من مفاتيحه.. ووقانا من الشر وجعلنا من مغاليقه.. إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.

كثرة السرحان

كثرة السرحان المجيب عبد الله العيادة عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/أخرى التاريخ 18-5-1423 السؤال أنا شاب كثير السرحان اثناء الصلاة لدرجة أنني أحياناً أنسى ما قرأت في الركعة الأولى.. هل هناك طريقة للتخلص من هذا السرحان؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أخي الكريم! من هو الذي لا يعاني من هذه المشكلة وهي الهواجس في الصلاة-؟ . اعلم يا أخي أن المسلم إذا دخل في صلاته دخل في صراع مع الشيطان وخاصة في الفريضة - لأنه - أي الشيطان - يعلم مدى خطورة الصلاة ومكانتها في الإسلام ولكن بين مقل ومستكثر ودائما من يحرص على عدم الشرود فإن الله سبحانه يوفقه - وسأذكر لك بعض الطرق لعلها تعينك على الثبات: 1- النفس دائما تفكر بآخر شيء فعلته. فإذا دخلت في صلاتك تذكر ماذا فعلت. ستجد نفسك تتعلق به وتتفكر فيه. لذلك عليك أن تحضر للصلاة بوقت كاف. فهذا يجعل الراحة والسكينة وسكون العقل والفكر يخيم على ذهنك. 2- أكثر من الاستغفار. فإذا دخلت للمسجد حاول أن تكثر من النوافل ثم تكثر قراءة القرآن. 3- إذا وقفت تصلى وكبرت تكبيرة الإحرام، انظر إلى موضع سجودك واقرأ بصوت تسمعه وتحسه أنت ولا يسمعه الذي بجوارك. 4- وأنت ذاهب إلى الصلاة تأمل هذه الصلاة وأن نجاتك مدارها على تأديتها بشكلها الصحيح. فإن ذلك يجعل قيمتها في نفسك عالية. 5- ما هي الأشياء التي تكثر التفكير بها..؟ غالبا يخزن في اللاشعور صوراً أو أحاديث تشغلنا ثم نراها في حالة السكون إما في النوم أو داخل الصلاة ... فانتبه لما تراه أو تسمعه ... 6- وأنت ذاهب للمسجد انفث عن يسارك ثلاث مرات وتعوذ بالله من نزعات الشيطان الرجيم. 7- اسأل الله سبحانه المعونة وأن يحفظ لك صلاتك. 8- اعلم أن الله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها. فإذا حرصت وبذلت وقاومت الشيطان وعرفت أنه عدو لك، وإن بدا لك في صلاتك أثناء هواجسك أنك داعيه أو عالم - أو مصلح - أو تنفق الأموال في سبيل الله فكل ذلك من خداع الشيطان وتزينه..... أسأل الله أن يحفظ علينا صلاتنا ويتقبل منا،،، أعانك الله،،،،

همومنا تشغلنا كثيرا!!

همومنا تشغلنا كثيراً!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 2-1-1423 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: السؤال في مشكلة أعاني منها أنا وزوجي وهي أننا نفكر كثيراً في كل شيء ونحمل الكثير من الهم وذلك يؤثر على عباداتنا فنفكر في كل وقتنا بما يمر بنا من هموم ومشاكل فهل من حل لذلك..؟؟! ولكم جزيل الشكر. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: أختي الكريمة أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: إعمال الفكر في أمورنا الحياتية وشؤوننا الخاصة والعامة مطلب ضروري وهام لكي نتعامل معها كما يجب ونستفيد منها أيضاً كما يجب!! وقد حث القرآن الكريم - وهو كلام الله تعالى - على إعمال الفكر في أكثر من آية (ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً..) (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) (أفلا تتفكرون) (أفلا تعقلون) وغيرها من الآيات التي تحثنا على إعمال الفكر في أمورنا وشؤوننا.. بل والحياة والخلق حولنا. إذاًَ فالتفكير بحد ذاته لا يمثل مشكلة.. بل هو مطلب هام وضروري.. يأمرنا به ديننا ويحثنا عليه قرآننا. ثانياً: قد يتحول هذا الأمر " التفكير" إلى مشكلة نفسية أو اجتماعية.. إذا أصبح عائقاً للإنسان عن تأدية دوره الطبيعي والمأمول منه في الحياة..! كأن يحمل الأمور أكثر مما تحتمل.. ويشغل نفسه في التفكير في أمور لا يقدم فيها كثرة التفكير ولا يؤخر!! بل يصبح لصاحبه هماً مزعجاً ومعيقاً له عن التقدم والإبداع والمبادرة!!! ودافعاً له للتردد والحيرة.. والفشل في اتخاذ أي قرار!!! وقد يصبح التفكير مشكلة شرعية إذا تجاوز فيها الإنسان حدود قدراته العقلية والاستيعابية في التفكير فيما وراء الغيب.. مما لا يمكنه الإحاطة به.. بل ويفتح من خلاله للشيطان الرجيم أبواباً كثيرة للتأثير عليه. ثالثاً: أما ما يتعلق بتفكير كما الكثير في كل شيء.. وحملكما هماً لكل مشكلة.. فهو إلى حدٍ ما شيء طبيعي.. بشرط ألا يعيقكما عن ممارسة حياتكما بشكل طبيعي.. وأعني هنا.. هل هذا التفكير يقودكما إلى إيجاد حلول لهذه المشكلات التي تواجهكما..؟! وهل تستحق هذه المواقف الحياتية كل ما تقتطعونه لها من وقت للتفكير..؟! إذا كانت الإجابة بنعم.. فلا توجد هناك أي مشكلة..! وإن كانت الإجابة بـ لا.. فقد قطعتما بإدراككما أنها لا تستحق نصف الطريق للعلاج.. وهو تشخيص المشكلة والإقرار بها..!! لأننا متى ما عرفنا نوع المشكلة سهل علينا إيجاد الطريقة المناسبة للتعامل معها. رابعاً: التغلب على هذه المشكلة يحتاج إلى بعض التدريب.. وبعض الوقت.. وأنتما تملكان القرار للبدء.. وتملكان - بعون الله وتوفيقه - القدرة على ذلك.. ويجب أن تثقا بأنفسكما في هذا الجانب! خامساً: أقترح عليكما.. أن تقسما مشاغلكما ومشاكلكما إلى ثلاثة مستويات:-

• المستوى الأول: مشاغل أو مشاكل تؤثر تأثيراً مباشراً على حياتكما الزوجية والاجتماعية بشكل كبير قد يؤدي إلى القطيعة.. فهذه يجب إعطاءها حقها من التفكير الموضوعي.. وحسمها والتفاهم حولها.. وعدم تركها لتتراكم مع الوقت حتى يصعب التعامل معها. • المستوى الثاني: مشاغل أو مشاكل تتساوى فيها الإيجابيات والسلبيات.. وأنتما في النهاية طرف فيها.. فهذه استخيرا الله فيها ولا بأس من التشاور حولها.. ومقارنة البدائل ثم اتخاذ ما ترونه حيالها.. مراعين في ذلك المسائل الشرعية والعرفية.. دون مبالغة في التحري والاهتمام. • المستوى الثالث: مشاغل أو مشاكل لا تعنيكما بأي حال لأنها تتعلق بالآخرين.. وهذه من الأولى عدم الخوض فيها وإشغال النفس واستهلاك الوقت حولها.. لأنها ببساطة لا تعنيكما..!! ولن يقدم فيها رأيكما أو يؤخر. سادساً: أمورنا وقضايانا الحياتية لا تخرج عن ثلاثة أقسام:- • أمور قد مضت وانقضت.. وهذه يجب ألا ننشغل فيها كثيراً.. إلا بالقدر الذي يجعلنا نستفيد منها من أخطاءنا وتجاربنا للمستقبل.. فالماضي لا يعود ولا داعي للانشغال بأمور قد ذهبت. • أمور مستقبلية.. وهذه من الأولى ألا ننشغل فيها كثيراً قبل أوانها.. لأن المستقبل في علم الغيب.. وكل ما علينا هنا هو أن نضع مجموعة من الخيارات لهذا الأمر.. وعندما يحين أوانه.. نتكل على الله ونتخذ القرار. • أمور حالية نعيشها.. وهذه هي التي نحاول أن نوازن فيها بين جميع البدائل المتاحة.. ولا بأس من التشاور حولها.. وتبادل الرأي دون مبالغة أو قلق كبير.. ففي النهاية ستسير الأمور كما نتمنى بإذن الله.. وما دمنا فعلنا الأسباب من استخارة واستشارة فإن الخيرة فيما اختاره الله. سابعاً: تعويد النفس على هذا الأمر يحتاج إلى تدريب ويمكن أن تتفقي أنت وزوجك على أن تتعاونا في هذا الأمر ويذكر بعضكما بعض عندما يسرف على نفسه في الاهتمام بأي موضوع أكثر من اللازم وشيئاً فشيئاً ستجدان أنفسكما وقد أصبحتم تتعاملون مع الأمور الحياتية بموضوعية كبيرة. ثامناً: هناك كتاب جميل في موضوع القلق.. وبه طرق عملية جيدة للتعامل مع هذا الموضوع أنصحكم بقراءته وهو كتاب (دع القلق وابدأ الحياة) لمؤلفه " ديل كارنجي". تاسعاً: وقبل هذا وبعده إحضار النية والدعاء الصادق بأن يوفقكم الله ويعينكم ويسدد خطاكم.

لأجل ذلك ... تجنبتهم!!!

لأجل ذلك ... تجنبتهم!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/أخرى التاريخ 22/11/1422 السؤال أرجو منكم الجواب على هذا السؤال أنا بطبعي إنسانه لا أتكلم كثيراً وذلك الشيء جعلني أفضل البقاء في المنزل لكي أتفادى الإحراج من الناس وكثيراً من الأوقات أفكر بأن مشكلتي نفسية الرجاء مساعدتي لكي أعرف ما هي المشكلة وما هو الحل؟ الجواب أختي الكريمة أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:- أولاً: لعلك تقصدين أنك إنسانة " إنطوائية " إلى حدٍ ما.. وتفضلين العزلة أحياناً عن الاختلاط.. وهذه ليست مشكلة بذاتها.. بل ربما كانت مطلباً في بعض الأحيان..!! ولذلك قالوا " الوحدة خير من جليس السوء " ولكن المشكلة هنا إذا أفضت هذه الوحدة أو الانعزال إلى نوع من الانطواء على النفس وتجنب الناس بشكل كامل.. مع ما يترتب على ذلك - أحياناً - من هواجس وأفكار قد تفضي بالإنسان إلى نوع من الاكتئاب والوحدة!!! ثانياً: أما الهدوء والرغبة في التأمل والهرب من الضجيج وقيل وقال.. فهذه ليست مشكلة نفسية بل هي " فلسفة " في الحياة لدى البعض أو رغبة.. وكما أسلفت لا بأس بها إذا أفضت بالمرء إلى تطوير ذاته عن طريق القراءة أو الرسم أو الكتابة.. أو الاستفادة من وقته بقدر المستطاع. ثالثاً: جميل لو استفاد المرء من هذه الأوقات بزيادة رصيده في الآخرة.. وهو الرصيد المضمون.. والاحتياط الاستراتيجي الذي سيحتاجه يوم لا ينفع مال ولا بنون.. وذلك عن طريق استغفاره وقراءة القرآن والتسبيح والتهليل والصلاة على رسول الله وقراءة بعض الأذكار والأوراد.. وهو جهد لا يكلف شيئاً بل يستطيع المرء ممارسته على كل حال.. كما أنه استثمار مضمون الربح فالحسنة بعشر أمثالها إلى مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة. رابعاً: لا بأس أحياناً من محاولة مشاركة بعض الأقارب أو الأصدقاء مناسباتهم وأفراحهم.. قدر المستطاع.. ولا يتطلب ذلك أن تكوني المتحدثة الرئيسية في المناسبة.. بل مجرد المشاركة والحضور والتفاعل الإيجابي بشكل أو بآخر هي إضافة هامة للإنسان وبناء لشخصيته.. وهي مطلب ضروري لخروج المرء من دائرته الخاصة إلى دوائر الآخرين للتأثير عليهم إيجاباً حتى ولو بشكل جزئي. خامساً: لا تستثقلي صمتك أمام الآخرين.. ولا يدفعك ذلك لتجنبهم.. فعادة لا يلام "الصامت" بقدر ما يلام "الثرثار" وبعض الصمت حكمة.. ثم إن الإنصات الإيجابي للمتحدث عن طريق المشاركة البصرية وإظهار بعض علامات الموافقة اللفظية أو الحركية.. تعتبر نوع هام جداً من المشاركة.. وربما وجد المرء فرصة للتعليق أو الإضافة.. أو غير ذلك.. وهذا هو المطلوب.. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،

أعاني من التفكير بالمستقبل..!!

أعاني من التفكير بالمستقبل..!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 25/9/1422 السؤال أعاني كثيرا من التفكير في المستقبل فهل هذا مرض نفسي أم لا؟ آمل الإفادة مع الشكر الجواب أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه: أولاً: لقد أوجزت كثيراً في سؤالك، فلم تذكر لنا منذ متى وأنت تفكر في المستقبل.. وما هي أعراض هذا التفكير.. وآثاره.. ومدى حِدته..؟! وهل له أثر على مناشطك الأخرى في الحياة؟ وهل أعاقك عن القيام بدورك المأمول..؟! كل هذه أمور هامة نستطيع من خلال معرفتها وتصورها.. إدراك مدى خطورة هذا الأمر عليك، وهل دخل ضمن الأمراض أم لا..؟!! ثانياً: لتعلم يا أخي أن هناك فرقا كبيرا بين أن تفكر بمستقبلك، وأن تقلق على مستقبلك..!! فالأول إيجابي لأنه يحفزك للتخطيط والاستعداد، ووضع التصورات لما تريده وتطمح إليه. ومن ثم تسعى - بعد الاتكال على الله - لتحقيقه. أما الثاني.. فهو أمر سلبي، لأنه يعني الدخول في متاهات القلق السلبي المدمر نحو أمور لم تزل في علم الغيب ولا يزيدك القلق عليها إلا وهناً في دنياك ونقصاً في دينك؛ فهي معارضة لمبدأ التوكل على الله حق التوكل وحسن الظن به. ثالثاً: "لو اتكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " فهل أمعنا النظر في هذا الحديث وجعلناه منهاجاً لنا؟ ولا يعني ذلك _ بأي حال _ التواكل والسلبية المطلقة.. بل تطبيق المبدأ النبوي "اعقل.. واتوكل" أي افعل ما يلزمك فعله من الأسباب ثم اتكل بعد ذلك على مقدّر الأمور ومصرفها سبحانه وتعالى. رابعاً: ما فات مات، والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها هذه هي الحقيقة، فلا تفكر كثيراً بما فات، ولا تعبر الجسر قبل وصوله، وتأكد أننا مطالبون بفعل الأسباب ولسنا مسؤولين عن النتائج.. وبالمناسبة هناك الكثير من الأفكار والأقوال التي تعبر عن هذا الأمر تجدها في " زاوية لافتات ضوئية " في نافذة الاستشارات.. آمل الاطلاع عليها والاستفادة منها. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.

لقد كرهت مساعدة الناس..!!!

لقد كرهت مساعدة الناس..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 26/7/1422 السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أخي كنت فيما مضى أجد نفسي ولذتها في مساعدة الناس وقضى حوائجهم.. الا إنني تلقيت من صفعاتهم وجحود هم وغدرهم ما جعلني اكره مساعدة أي احد..!!! وبل ولا أفكر في تقديم أي مساعدة لأي كان.!! فهل تراني محقا!؟ الجواب أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. كما اسأله أن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. إنه ولي ذلك والقادر عليه. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: قال تعالى [فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره] هل أدركت ذلك يا عزيزي وتمعنت فيه جيداً..؟! هل تيقنت أن البر لا يبلى وأن الذنب لا ينسى وأن الديان لا يموت..؟! فلماذا تجزع من جحود الناس.. ومماطلتهم وسوء تعاملهم..؟! وأنت تقرأ قوله تعالى [وقالوا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحدا] ثانياً: لكل ذلك.. فكن على يقين أن عملك الخير مسجل لك عند رب العباد.. بغض النظر عن امتنان العباد أو جحودهم.. فاجعل عملك الخير لأجله.. واحضر النية في ذلك.. ولا تنتظر الشكر من أحد المخلوقين.. ثالثاً: أخي الكريم.. لا تجعل نظرتك للحياة مرتبطة بجانب واحد أو بزاوية واحدة.. فإن لقيت في هذه الحياة بعض الجحود أو الكذب والمماطلة.. فذاك أمرا متوقع..!! وربما كان مؤلماً للنفس.. ولكنه جزء من المشهد الحقيقي للحياة.. ففي الحياة مشاهد أخرى إيجابية.. حاول أن تركز عليها وتكتشفها وتجعلها مداراً لعطائك. رابعاً: أقرأ سيرة الأنبياء عليهم السلام.. والصحابة.. وكثير من المصلحين.. لتكتشف حجم الجحود والمعاناة والألم الذي واجهوه في حياتهم.. ومع ذلك استمروا في رسالتهم وعطائهم.. وكانت العاقبة لهم.. خامساً: واصل مسيرتك.. حسب جهدك وطاقتك.. وبفضل الله أبواب الخير واسعة ومتنوعة.. وتذكر قول الشاعر: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس. وفقك الله وسدد على طريق الخير خطاك..

ضغوط نفسية رهيبة.. وعدم توازن..!!!

ضغوط نفسية رهيبة.. وعدم توازن..!!! المجيب أحمد بن علي المقبل مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى التاريخ 26/7/1422 السؤال أخي مشرف النافذة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. أنا فتاة في بداية العشرينات00 أعاني من ضغوط نفسية كبيرة جداً وأشعر بعدم التوازن النفسي. كيف أستطيع أن أحل هذه المشكلة؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد.. أختي الكريمة اشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:- أولاً: لقد أوجزت في السؤال كثيراً.. رغم أهمية التفاصيل أحياناً في مثل هذه الأمور.. فمثلاً ذكرتي الأعراض "إجمالاً" وهي الضغوط النفسية الكبيرة.. وعدم التوازن النفسي.. ولم تذكري لنا الأسباب.. رغم أهميتها في العلاج أو الحل.. الذي طلبتيه..!!! ثانياً: لا أدري ما هي ظروفك الاجتماعية والأسرية.. هل الوالدين على قيد الحياة.. وكم عدد الاخوة والأخوات ومع من تعيشين.. وما هي علاقتك بوالديك وإخوانك عموماً.. وما هو وضعك المادي.. وهل مازلت طالبة.. والعديد من التفاصيل الهامة جداً في تشخيص المشكلة وبالتالي اقتراح البرنامج العلاجي لها. ثالثا ً: لو أردنا البحث عن أسباب هذه الضغوط بصفة عامة فسنجد أنها تنشأ عادة من بعض العقبات المادية أو الاجتماعية أو الأسرية أو الشخصية.. أو الصراع بين الواقع والأمل.. أو التجاذب بين الرغبات والدوافع00 والإقدام والإحجام وغيرها من أمور تبدأ عادة صغيرة ثم تكبر شيئاً فشيئاً حتى تملأ أفق الحياة والعالم الداخلي لهذا الإنسان.. فيستسلم لها وييئس تحت وطأتها!!! بينما يتخوف البعض من فقدان مركز اجتماعي.. أو شخص عزيز عليه.. وقد يتوهم البعض أموراً لا وجود لها.. بل ويقلقون لأجلها.. وبالتالي تنعكس عليهم هذه الأوهام وهذا القلق ضغوطاً نفسية لا مبرر لها..!! رابعا ً: هناك ما يسمى بـ" قناع إدراك الواقع " وهو قناع غير مرئي يدرك المرء من خلاله الأشياء ويفسر على ضوءه الأمور.. فإذا كان هذا القناع مهلهلاً وممزقاً ومشوهاً.. بالخوف والقلق والاضطراب.. والمفهوم الذاتي السالب.. فإن صاحبه يفسر الأشياء من خلاله تفسيراً سلبياً مشوهاً.. مما يزيد من كمية الضغوط النفسية التي يشعر بها..!! فإذا رأى إنساناً يبتسم ظنه يسخر منه..!! وإن رأى أناسًا يتحدثون فيما بينهم بهدوء ظنهم يتحدثون عنه بسوء..!! وهكذا.. تتوالى المواقف.. ويتوالى تفسيرها السالب عن طريق هذا القناع.. وبالتالي تتراكم الضغوط وينعدم التوازن. خامساً: لكل ذلك.. فإن الخطوة الأولى للخروج من هذه الدائرة هي بإبدال هذا القناع السلبي.. بقناع إيجابي ترين من خلاله الأشياء والأشخاص والمواقف بشكل إيجابي.. منطلقة في ذلك من حقيقة رددتها طويلاً هنا.. وهي أن الحوادث لا تضيرنا.. بقدر ما يضيرنا موقفنا من هذه الحوادث ونظرتنا إليها..!!

سادساً: من المهم جداً التعامل مع الحياة إجمالاً بواقعية توازن دائماً بين الرغبات والقدرات.. والطموحات والإمكانات.. دون أن يعني ذلك التواكل والسلبية وعدم التخطيط.. بل بذل الأسباب والاتكال على رب الأرباب.. واليقين بإن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا حتى ولو اجتمعت لذلك الجن والإنس.. كما جاء في الحديث الصحيح.. وهنا تطمئن النفس.. وتستريح..!! سابعاً: من المهم الإشارة هنا إلى أهمية اتخاذ القرار حالاً.. بمواجهة هذه الضغوط.. وعدم الاستسلام لها والانهزام أمامها.. ولا بأس بعد التوكل على الله من اختيار صديقة موثوقة عاقلة.. لكي تبثين لها همومك وتنثرين على جالها أحزانك.. وهذا أمر مهم جداً.. وهو ما يسمى: بـ " التنفيس الانفعالي " فمن جهة قد تعينك برأي أو مشورة.. ومن جهة فمجرد حديثك أمامها.. وربما بكائك يخفف كثيراً مما تشعرين به..!! وهناك طريقة أخرى.. وهي الكتابة.. حيث تحادثين نفسك عبر الورق.. عما تشعرين به كسؤال مطروح.. ثم تبدأي الإجابة بالتفصيل على شكل نقاط.. وبالتالي تحاولين تحليل هذه النقاط.. واحدة واحدة.. ووضع كل الاحتمالات لها والحلول.. وترسمين على ضوء ذلك برنامج مستقبلي لمسيرتك وعلاقاتك مع الآخرين..!! صدقيني ستفاجئك النتيجة بإذن الله.. وهي نتيجة إيجابية. ثامناً: لا تبرري أخطائك.. أو مواقفك.. خاصة أمام نفسك.. بل واجهيها بصدق وعقلانية وحلليها - كما أسلفت - وكوني إيجابية في نظرتك لها.. ولنفسك.. وللحياة عموماً..!! ولا تنهزمي عند أول سقطة.. بل انهضي وواصلي المسيرة مستعينة بالله جل وعلا. تاسعاً: لا تنسي أختي الكريمة قراءة القرآن بشكل يومي وقراءة الأوراد الصباحية والمسائية والإكثار من ذكر الله {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} . فهذه الأمور هي أكبر عون لك في انشراح الصدر وسعة البال.. والرضى بما قضى الله. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..

§1/1